الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح

برهان الدين الأبناسي

المجلد الأول

المجلد الأول مقدمة ... بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على سيدنا محمد وآله. الحمد لله الذي ألهمنا رشدنا وصحح مقصدنا وحسن أعمالنا ولطف بضعيفنا وحمل منقطعنا وأرسل ألطافه فاتصلت بنا ووصل نعمه فرفع بها شأننا واشتد بها بأسنا وما شد سندنا فمن وقف ببابه لا يعضل ومن تمسك بسلسلة عزه فهو العزيز الذي لا يجهل ومن تغرب في محبته اشتهر وعن التدليس انفصل ومن تعلق بعنعنة الاعتبار والشواهد مع المتابعات والاندراج تحت القواعد فقد عاذ بالله من المنكر والاضطراب والعلل ومن مقلوب الأعمال إلى الوضع والخلل فنسأله القبول في القول والعمل. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تبلغنا الأمل. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا صلى الله عليه وسلم خير مبعوث وأجل. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة دائمة بدوام الأزل. وبعد. فإن علم الحديث من أجل العلوم وقد ذهب فلم يبق منه غير الرشق1 فأفلت شموعه ودرست دروبه وكان من حق كل لبيب وفقيه أن يصرف عمره فيه فهو علم السلف والخلف ومن فضل غيره فقد صدف وأحسن تصنيف فيه وأبدع وأكثر فائدة وأنفع علوم الحديث للشيخ العلامة الحافظ تقي الدين أبي عمرو بن الصلاح فإنه فتح مغلق كنوزه وحل مشكل رموزه وجعل ذلك في خمسة وستين نوعا النوع الأول معرفة الحديث الصحيح من الحديث والنوع الثاني: معرفة الحسن منه إلى آخره مما ستقف عليها إن شاء الله تعالى وقد ولع به العلماء من زمانه إلى هذا الزمان خصوصا أهل هذا الشأن.

_ 1 صوت القلم إذا كتب به. كما في "اللسان" و"المعجم الوسيط".

فمنهم من اختصره ومنهم من اعترض عليه ومنهم من نظمه وكلا بسابقة فضله يعترف ومن بحر علمه يغترف وكنت قديما قرأته على شيخنا الحافظ علاء الدين مغلطاي وأجازني به وكذا لك أجازني به الحافظ شيخنا صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي في رحلتي الأولى إلى الشام بالقدس الشريف وكذلك أجازني به شيخنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن خليل المكي القرشي بالقاهرة قالا أخبرنا بجميعه محمد بن يوسف بن المهتار الدمشقي قال: أنا به مؤلفه قراءة عليه في الخامسة من عمري والمؤلف هو الحافظ تقي الدين أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى ابن أبي نصر النصري الشهرزوري الشرخاني بفتح الشين المثلثة والراء والخاء المعجمة وبعد الألف نون والنصري نسبة إلى جده أبي نصر بفتح النون وسكون الصاد المهملة وبعد راء مولده سنة سبع وسبعين وخمسمائة بشرخان قرية من أعمال إربل قريبة من شهرزور وتوفي صبح نهار الأربعاء وصلي عليه بعد الظهر من النهار المذكور وهو الخامس والعشرون من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وستمائة ودفن بمقابر الصوفية بدمشق المحروسة رحمه الله تعالى. ثم إني نظرت فوجدت أحسن شيء عليه كلام الحافظ زين الدين العراقي أمتعنا الله تعالى به نظمه ألفية وشرحها في مجلدة وله عليه نكت في مجلدة لطيفة1 ذكر فيها اعتراضات وأجوبة عن المصنف ورد على من اعترض عليه فلخصت من كلامه وكلام غيره لنفسي جملة جمة وأمورا مهمة2 وضممت

_ 1 المراد كتاب العراقي: "التقيد والإيضاح لما أطلق وأغلق من كتاب الصلاح" منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية "36 - مصطلح حديث" ويشار إليه أيضا: "بالنكت علي ابن صلاح" للعراقي "راجع: فتح الباري 5/87، وهو مطبوع متداول باسم: التقييد والإيضاح شرح "كذا" مقدمة ابن الصلاح" والله المستعان. 2 وهذا يخالف صنيع ابن حجر في "النكت علي ابن الصلاح" فالمصنف - الأبناسي رحمه الله - لخص كلام العراقي واستوعبه وضم إليه فوائد من عنده بينما ابن حجر علي العراقي وتعقبه في أشياء من كلامه راجع "النكت علي ابن الصلاح" لابن حجر "1/133 - 171" من دراسة الشيخ ربيع بن هادي حفظه الله.

إلى ذلك فوائد حديثية ومهمات فقهية فأذكر أولا كلام المصنف بنصه من أول النوع أو المسألة إلى آخر كلامه غالبا ثم أقول في آخره انتهى ثم أردف ذلك بكلام الحافظ زين الدين1 أو كلام غيره إن وجد أو ما يسره الله تعالى من فضله وأستوفي كلام المؤلف نوعا نوعا كما رتبه ولا أغادر شيئا من أنواعه ولا من غالب كلام الحافظ زين الدين بل استوعب ما في الكتب الثلاثة2 من غير تكرار مع ما أضمه إلى ذلك من كلام غيرهما وأسأل الله العظيم أن يجعله خالصا لوجهه وسميته: "الشذى الفياح من علوم ابن الصلاح" نفع الله به كاتبه وقارئه وكل من نظر فيه والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

_ 1 يعني: العراقي رحمه الله. 2 يعني كتاب ابن الصلح، و"التقيد" و "شرح اللفية" كلاهما للعراقي.

النوع الأول: من أنواع علوم الحديث معرفة الصيحيح من الحديث

النوع الأول: من أنواع علوم الحديث معرفة الصيحيح من الحديث ... النوع الأول من أنواع علوم الحديث معرفة الصحيح من الحديث أعلم علمك الله وإياي أن الحديث عند أهله ينقسم إلى صحيح وحسن وضعيف. أما الحديث الصحيح فهو الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه ولا يكون شاذا ولا معللا وفي هذه الأوصاف احتراز عن المرسل والمنقطع والمعضل والشاذ وما فيه علة قادحة وما في راويه نوع جرح. وهذه أنواع يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى1. فهذا هو الحديث الذي يحكم له بالصحة بلا خلاف بين أهل الحديث وقد يختلفون في صحة بعض الأحاديث لاختلافهم في وجود هذه الأوصاف فيه أو لاختلافهم في اشتراط بعض هذه الأوصاف كما في المرسل ومتى قالوا هذا حديث صحيح فمعناه أنه اتصل سنده مع سائر الأوصاف المذكورة وليس من شرطه أن يكون مقطوعا به في نفس الأمر إذ منه ما ينفرد بروايته عدل واحد وليس من الأخبار التي "أجتمعت2" الأمة على تلقيها بالقبول وكذلك إذا قالوا في حديث إنه غير صحيح فليس ذلك قطعا بأنه كذب في نفس الأمر إذ قد يكون صدقا في نفس الأمر وإنما المراد به إنه لم يصح إسناده على الشرط المذكور انتهى.

_ 1 في ع: "تبارك وتعالي". 2 في ش، ع: "أجمعت".

اعترض عليه بأمور الأول: أنه قدم الدعاء لغيره على الدعاء لنفسه ففي الترمذي يرفعه إذا دعا أحدكم فليبدأ بنفسه فكان ينبغي له أن يقول علمنا الله وإياك. وجوابه: أن الذي في الترمذي إنما هو من فعله لا من قوله خرج ذلك من حديث أبي بن كعب: "كان صلي الله عليه وسلم إذا ذكر أحدا فدعا له بدأ بنفسه" ثم قال: حسن غريب صحيح. ولفظ أبي داود "كان صلي الله عليه وسلم إذا دعا بدأ بنفسه" وقال: رحمة الله علينا وعلى موسى وإذا لم يكن من قوله فهو مقيد بما إذا ذكر نبيا من الأنبياء فيبدأ بنفسه ففي مسلم من حديث أبي في قصة موسى مع الخضر وكان إذا ذكر أحدا من الأنبياء بدأ بنفسه رحمة الله علينا وعلى أخي كذا رحمة الله علينا الحديث وقد دعا صلي الله عليه وسلم لبعض الأنبياء ولم يذكر نفسه معه لقوله صلي الله عليه وسلم "يرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد" متفق1 عليه من حديث أبي هريرة وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود "يرحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر" وقد دعا صلي الله عليه وسلم لغير الأنبياء ولم يذكر نفسه ففي البخاري في قصة زمزم عن ابن عباس يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم أو لم تغترف من الماء لكانت زمزم عينا معينا وفي البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أنه صلي الله عليه وسلم سمع عبادة بن بسر يقرأ سورة بالليل فقال "يرحمه الله" وفيه من حديث سلمة بن الأكوع "من السائق" قالوا عامر قال: "يرحمه الله". الثاني: أنه قسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف وأكثر المحدثين يسقط الحسن. وجوابه: أنه ذكره بعد ذلك فقال من أهل الحديث من يجعل الحسن مندرجا في الصحيح لكونه يحتج به مع أن الخطابي قسمه إلى الثلاثة ونقله عن أهل

_ 1 بياض في خط وكتب الناسخ فوقه "صح" كأنه يشير إلي عدم ورود هذا اللفظة في الأصل الذي نسخ منه مع تفطنه لذالك.

الحديث ثم إن ذكر الحسن موجود في كلام الشافعي والبخاري وغيرهما الثالث: أن قوله في حد الصحيح هو المسند الذي يتصل إسناده إلى آخر كلامه يرد عليه المرسل فإن من يقبله لا يشترط إسناده. وجوابه: في قوله بعد ذلك وقد يختلفون في صحة بعض الأحاديث لكذا وكذا كما في المرسل. الرابع: ما أورده الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في الاقتراح أن سلامته من الشذوذ والعلة إنما شرطه المحدثون قال: وفيه نظر على مقتضى نظر الفقهاء فإن كثيرا من علل المحدثين لا تجري على أصول الفقهاء وشرط الحد أن يكون جامعا مانعا. وجوابه أن قول المصنف عند أهل الحديث يخرج نظر الفقهاء. الخامس: قوله بلا خلاف أي إذا وجدت فيه هذه الشروط عند المحدثين فيندفع بالمحدثين اعتراض من أورد شرط العدد كالشهادة كما حكاه الحازمي عن بعض متأخري المعتزلة وأشار إليه البيهقي في رسالته إلى الشيخ أبي محمد الجويني قال: له فيها رأيت في الفصول التي أملاها الشيخ حرسه الله تعالى حكاية عن بعض أصحاب الحديث أنه يشترط في قبول الأخبار أن يروى عدلان عن عدلين مثنى مثنى حتى يتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم، كالمنكر لذلك. السادس: اعترض بعضهم على قوله وقد يختلفون في صحة بعض الأحاديث إلى أخره وقال فيه نظر من حيث أن أحدا لم يذكر أن المعضل والشاذ والمنقطع صحيح. ورد بأن كلامه إنما هو في أوصاف القبول لا في الشاذ ونحوه وأيضا فمن يحتج بالمرسل لا يتقيد بكون التابعي أرسله بل لو أرسله أتباع التابعين احتج به وهو عنده صحيح وأن كان معضلا ومن يحتج بالمرسل يحتج بالمنقطع بل المنقطع والمرسل عند المتقدمين واحد وقوله: إن أحدا لم يذكر أن الشاذ صحيح مردود بقول أبي يعلى الخليلي في الإرشاد: "إن الشاذ ينقسم إلى: صحيح ومردود"

قال: فوائد مهمة أحدها 1: الصحيح يتنوع إلى متفق عليه ومختلف فيه كما سبق ذكره ويتنوع إلى مشهور وغريب وبين ذلك ثم إن درجات الصحيح تتفاوت في القوة بحسب تمكن الحديث من الصفات المذكورة التي تنبني2 الصحة عليها وتنقسم باعتبار ذلك إلى أقسام يستعصى إحصاؤها على العاد الحاصر ولهذا نرى الإمساك عن الحكم لإسناد أو حديث بأنه الأصح على الإطلاق على أن جماعة من أئمة الحديث خاضوا غمرة ذلك فاضطربت أقوالهم. فروينا عن إسحاق بن راهويه أنه قال: أصح الأسانيد كلها الزهري عن سالم عن أبيه. وروينا نحوه عن أحمد بن حنبل. وروينا عن عمرو بن علي الفلاس أنه قال: أصح الأسانيد محمد بن سيرين عن عبيدة3 عن علي وروينا نحوه عن علي بن المديني وروي ذلك عن غيرهما ثم منهم من عين4 الراوي عن محمد وجعله أيوب السختياني ومنهم من جعله ابن عون. وفيما نرويه عن يحيى بن معين أنه قال: أجودها الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله وروينا عن أبي بكر بن أبي شيبة أنه5 قال: أصح الأسانيد كلها الزهري عن

_ 1 في ش: "إحداها" 2 هكذا في خط، وش، وفي ع: "تبتني". 3 في حاشية خط: "عبيدة - بفتح العين - بن عمرو السلماني - بفتح السين وإسكان اللام وكتب عليها الناسخ "صح". 4 هكذا في خط، وع، وفي ش: "غير" براء مهملة في آخره معحمة في أوله، كذا - خطأ. 5 سقطت من ع، وهي في خط وش.

علي بن الحسين عن أبيه عن علي. وروينا عن أبي عبد الله البخاري صاحب الصحيح أنه قال: أصح الأسانيد كلها مالك عن نافع عن ابن عمر. وبنى الإمام أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي على ذلك أن أجل الأسانيد الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر واحتج بإجماع أصحاب الحديث على أنه لم يكن في الرواة عن مالك أجل من الشافعي رضي الله عنهم أجمعين انتهى. ولك أن تقول: وأجل من روى عن الشافعي أحمد بن حنبل باتفاقهم فيكون أجل الأسانيد أحمد عن الشافعي عن مالك عن نافع عن بن عمر وقد وقع ذلك في حديث أصله مفرق في البخاري من حديث مالك. حدث به عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي أحمد رحمه الله قال: حدثنا محمد بن إدريس قال: أنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبع بعضكم على بيع بعض ونهى عن النجش ونهى عن بيع حبل الحبلة ونهى عن المزابنة والمزابنة بيع التمر بالتمر كيلا وبيع الكرم بالزبيب كيلا". واعترض على المصنف بأن الحاكم وغيره ذكروا أن هذا بالنسبة إلى الأمصار أو إلى الأشخاص فلا يبقى خلاف. وجوابه: أن الحاكم لم يقيده بذلك بل ولو قيده بالأشخاص كان الخلاف موجودا أيضا فيقال في أصح أسانيد علي فقيل كذا وقيل كذا وعبارة الحاكم لا تقطع الحكم في أصح الأسانيد لصحابي واحد بل يقول أصح أسانيد أهل البيت جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي إذا كان الراوي عن جعفر ثقة. وأصح أسانيد الصديق رضي الله عنه إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر. وأصح أسانيد عمر: الزهري عن سالم عن أبيه عن جده. وأصح أسانيد أبي هريرة: الزهري عن سيعد بن المسيب عنه. وأصح أسانيد ابن عمر: مالك عن نافع عن ابن عمر.

وأصح أسانيد عائشة عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن القاسم عنها قال ابن معين هذه ترجمة مشبكة بالذهب. وأصح أسانيد ابن مسعود سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عنه. وأصح أسانيد أنس بن مالك مالك عن الزهري عنه وأصح أسانيد المكيين سفيان. بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر. وأصح أسانيد اليمنيين معمر عن همام عن أبي هريرة. وأثبت أسانيد المصريين الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة ابن عامر. وأثبت أسانيد الشاميين الأوزاعي عن حسان بن عطية عن الصحابة. وأثبت أسانيد الخراسانيين الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه. قال الثانية إذا وجدنا فيما يروى من أجزاء الحديث وغيرها حديثا صحيح الإسناد ولم نجده في أحد الصحيحين ولا منصوصا على صحته في شيء من مصنفات أئمة الحديث المعتمدة المشهورة فإنا لا نتجاسر على جزم الحكم بصحته فقد تعذر في هذه الأعصار الاستقلال بإدارك الصحيح بمجرد اعبتار الأسانيد لأنه ما من إسناد من ذلك إلا ونجد1 في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه عريا عما يشترط في الصحيح من الحفظ والضبط والإتقان فآل الأمر إذا في معرفة الصحيح والحسن إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم المعتمدة المشهورة التي يؤمن فيها لشهرتها من التغيير والتحريف وصار معظم المقصود بما يتداول من الأسانيد خارجا عن ذلك إبقاء سلسلة الإسناد التي خصت بها هذه الأمة زادها الله2 شرفا آمين انتهى3.

_ 1 هكذا في خط، وفي ش وع: "وتجد"بمثناة فوقية. 2 هكذا في خط وش، وفي ع: "الله تعالي". 3 بعد أن فرغ ابن الصلاح رحمه الله من بيان حد الصحيح، والشروط الواجبة فيه، ناسب أن يخص هذه الشروط بعصور الرواية....==

_ = فنبه رحمه الله أن الاعتماد بعد عصر الرواة على الكتب لا الرواة ومن ثم كان الاعتماد بعد عصر الرواية على الكتب المعتمد المشهورة التي يؤمن فيها لشهرتها من التغيير والتحريف كما نبه رحمه الله على أن المقصود بالأسانيد التي تتداول خارج هذه الكتب المعتمدة إبقاء سلسلة الإسناد التي خصت بها هذه الأمة. ومن ثم نبه على تعذر جزم الحكم بصحة ما لم نجده في الصحيحين وغيرهما من الكتب المعتمدة والاستقلال بإدراك الصحيح بمجرد اعتبار الأسانيد في هذه الأعصار التالية لعصر الرواية قال: لأنه ما من إسناد من ذلك إلا وتجد في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه عريا عما يشترط في الصحيح من الحفظ والضبط والإتقان. فبطل الاعتماد على الرواة في هذه الأعصار وتعذرت شرائط الصحيح في هذه الأسانيد فلم يبق إلى الاعتماد على الكتب فكان لزاما الاعتماد على الكتب المعتمدة المشهورة التي يؤمن فيها لشهرتها من التغيير والتحريف. وهذا حق لا مرية فيه فقد صارت الرواية في الحقيقة رواية للكتب وتساهل الناس في شرائط الرواية إذ صار الاعتماد على الكتب لا الرواة. قال الشيخ أبو الأشبال أحمد شاكر رحمه الله في الباعث 1: 321 – 233 ط دار العاصمة الشروط السابقة في عدالة الراوي إنما تراعى بالدقة في المتقدمين وأما المتأخرون بعد سنة ثلاثمائة تقريبا فيكفي أن يكون الراوي مسلما بالغا عاقلا غير متظاهر بفسق أو بما يخل بمروءته وأن يكون سماعه ثابتا بخط ثقة غير متهم وبرواية من أصل صحيح موافق شيخه لأن المقصود بقاء سلسلة الإسناد وإلا فإن الروايات استقرت في الكتب المعروفة وصارت الرواية في الحقيقة رواية للكتب فقط. قال الحافظ البيهقي: توسع من توسع في السماع من بعض محدثي زماننا الذين لا يحفظون حديثهم ولا يحسنون قراءته من كتبهم ولا يعرفون ما يقرأ عليهم بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم وذلك لتدوين الأحاديث في الجوامع التي جمعها أئمة الحديث1فمن جاء اليوم بحديث لا يوجد عند جميعهم لا يقبل نه ومن جاء بحديث معروف عندهم فالذي يرويه لا ينفرد بروايته والحجة قائمة بحديثه برواية غيره والقصد من روايته والسماع منه: أن يصير الحديث مسلسلا بحديثنا وأخبرنا وتبقى هذه الكرامة التي خصت بها هذه الأمة شرفا لنبينا صلى الله عليه وسلم =

.......................................

_ = وقال الذهبي في الميزان: ليس العمدة في زماننا على الرواة بل على المحدثين والمفيدين الذين عرفت عدالتهم وصدقهم في ضبط أسماء السامعين ثم من المعلوم أنه لا بد من الراوي وستره. فالعبرة في رواية المتأخرين على الكتب والأصول الصحيحة التي اشتهرت بنسبتها مؤلفيها بل تواتر بعضها إليهم وهذا شيء واضح لا يحتاج إلى بيان انتهى كلام أبي الأشبال رحمه الله. وقال الأعظمي في منهج النقد ص 7 – 1 بتصرف ينقسم تطبيق المصطلح ثلاثة أدوار رئيسية ولكل سيماه. فالدور الأول خاص بالصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. ومن أهم ميزات هذا الدور هو تعديل كافة الصحابة وقبول أحاديثهم حتى المرسلة بدون نكير. أما الدور الثاني فيبدأ بالتابعين وينتهي إلى منتصف القرن الرابع تقريبا وهذا الدور هو من أهم الأدوار بالنسبة لقوانين المصطلح وتطبيقها وكان من خصائص هذا الدور التنفير الشديد عن عدالة الرواة وضبطهم وإتقانهم. ويعتبر هذا الدور أشد الأدوار قسوة وصرامة في تطبيق قوانين المصطلح. أما الدور الثالث فيبدأ من منتصف القرن الرابع بقريبا وبدأ فيه التساهل في تلقي العلم والتهاون في تطبيق المصطلح وحصل التغيير في شروط قبول الرواية وفي التعديل والتجريح وانتفت الصرامة والقسوة اللتين كانتا ظاهرتين في الدور الثاني. وأهم الأسباب التي دعت إلى هذا التنازل هو جمع وتدوين وتصنيف الأحاديث النبوية في الكتب المعروفة بحيث أصبح الناس يتناقلون على وجه العموم كتبا مؤلفة بكاملها. فم يبق للناس مجال في جمع شتات المواد من هنا وهناك وقد يكون هذا هو السبب الأساسي في تخفيف قسوة الشروط بالنسبة للرواة ومروياتهم وعلى هذا ما كان شاذا أصبح قاعدة فيما بعد ذلك. لا شك أن البخاري رحمه الله استدل بقصة محمود بن الربيع أنه عقل مجة مجها رسول الله صلى الله عليه وسلم على أساس أنه يمكن أن يعي العلم ولد عمره خمس سنوات لكنه يصعب علينا الحصول على أمثلة من هذا النوع في الدور الثاني بل رأينا أن الطلبة كانوا يبدأون بالدراسة في حدود الخامسة عشرة من أعمارهم لكنه في الدور الثالث تطورت الأمور. قال النووي: ونقل القاضي عياض رحمه الله إن أهل الصنعة حددوا أول زمن يصح فيه السماع بخمس سنين...............................=

...................................

_ = وقال ابن الصلاح وعلى هذا استقر بين أهل الحديث فيكتبون لابن خمس فصاعدا "سمع" وإن لم يبلغ خمسا حضر أو أحضر. وأين هذا من تشدد المتقدمين؟ قال نعيم سمعت ابن عيينة يقول: لقد أتى هشام بن حسان عظيما بروايته عن الحسن قيل لنعيم: لم؟ قال لأنه كان صغيرا. وكما تساهل المحدثون في تحمل العلم وسنه تنازلوا عن الشروط التي يجب اجتماعها فيمن يوصف بأنه ثقة. قال الخطيب البغدادي عن أبي بكر بن خلاد المتوفي سنة 356 هـ إنه ما كان يعرف شيئا من العلم غير أن سماعه صحيح. قال الألباني: ومع ذلك فقد وثقه أبو نعيم وكذا ابن أبي الفوارس وقال: لم يكن يعرف من الحديث شيئا ثم ذكر الألباني بأن الذهبي علق عليه في سير أعلام النبلاء 10/160/ 1 -2 بقوله: فمن هذا الوقت بل وقبله صار الحفاظ يطلقون هذه اللفظة "ثقة" على الشيخ الذي سماعه صحيح بقراءة متقن وإثبات عدل. وترخصوا في تسميته بالثقة وإنما الثقة في عرف أئمة النقد كانت تقع على العدل في نفسه المتقن لما حمله الضابط لما نقل وله فهم ومعرفة بالفن فتوسع المتأخرون. هذه بعض الملامح العامة للأدوار الثلاثة في مجال تطبيق قواعد المصطلح وشروط الرواة والرواية انتهى كلام الأعظمي حفظه الله. وقد شرح هذا التدرج المرحلي غير واحد والمقصود بيان ما وقع في المرحلة التي تلت مرحلة الرواية من تساهل والاعتماد في هذه المرحلة المتأخرة على الكتب بدلا من الاعتماد على الرواة في المرحلة السابقة عليها. فلما آل الأمر إلى الاعتماد على الكتب بنه ابن الصلاح رحمه الله تعالى على ضرورة الاعتماد على المشهور من هذه الكتب على أكثر من أصل لتحصل الثقة بما اتفقت عليه هذه الأصول الصحيحة. قال ابن الصلاح رحمه الله في الفائدة الثامنة ص 173 ط بنت الشاطئ إذا ظهر بما قدمناه انحصار طريق معرفة الصحيح والحسن الآن في مراجعة الصحيحين وغيرهما من الكتب المعتمدة فسبيل من أراد العمل أو الاحتجاج بذلك إذا كان ممن يسوغ له العمل بالحديث أو الاحتجاج به لذي مذهب..........................=

..............................

_ = أن يرجع إلى أصل قد قابله هو أو ثقة غيره بأصول صحيحة متعددة مروية بروايات متنوعة ليحصل له بذلك مع اشتهار هذه الكتب وبعدها عن أن تقصد بالتبديل والتحريف الثقة بصحة ما اتفقت عليه تلك الأصول. وقال أيضا في صفة من تقبل روايته ص 307 المسألة الرابعة عشرة أعرض الناس في هذه الأعصار المتأخرة عن اعتبار مجموع ما بينا من الشروط في رواة الحديث ومشايخه3 فلم يتقيدوا بها في رواياتهم لتعذر الوفاء بذلك على نحو ما تقدم وكان عليه من تقدم ووجه ذلك ما قدمناه في أول كتابنا هذا من كون المقصود آل آخرا إلى المحافظة على خصيصة هذه الأمة في الأسانيد والمحاذرة من انقطاع سلسلتها3 فليعتبر من الشروط المذكورة ما يليق بهذا الغرض على تجرده وليكتف في أهلية الشيخ بكونه مسلما بالغا عاقلا غير متظاهر بالفسق والسخف وفي ضبطه بوجود سماعه مثبتا بخط غير متهم وبروايته من أصل موافق لأصل شيخه. وقد سبق إلى نحو ما ذكرناه الحافظ الفقيه أبو بكر البيهقي3 رحمه الله تعالى فإنه ذكر فيما رويناه عنه توسع من توسع في السماع من بعض محدثي زمانه الذين لا يحفظون حديثهم ولا يحسنون قراءته من كتبهم ولا يعرفون ما يقرأ عليهم بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم ووجه ذلك بأن الأحاديث التي قد صحت أو وقفت بين الصحة والسقم قد دونت وكتبت في الجوامع التي جمعها أئمة الحديث ولا يجوز أن يذهب شيء منها على جميعهم وإن جاز أن يذهب على بعضهم لضمان صاحب الشريعة حفظها قال: فمن جاء اليوم بحديث لا يوجد عند جميعهم لم يقبل منه. ومن جاء بحديث معروف عندهم فالذي يرويه لا ينفرد بروايته والحجة قائمة بحديثه برواية غيره

........................................

_ = والقصد من روايته والسماع منه أن يصير الحديث مسلسلا بحدثنا وأخبرنا وتبقى هذه الكرامة التي خصت بها هذه الأمة شرفا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وقال ابن الصلاح أيضا في معرفة كيفية سماع الحديث وتحمله ص 312 – 313 قال أبو عبد الله الزبيري يستحب كتب الحديث في العشرين.......... وقال ابن الصلاح في كلامه على الوجادة ص 360: هذا كله كلام في كيفية النقل بطريق الوجادة وأما جواز العمل اعتمادا على ما يوثق به منها فقد روينا عن بعض المالكية أن معظم المحدثين والفقهاء من المالكية وغيرهم لا يرون العمل بذلك. وحكى عن الشافعي وطائفة من نظار أصحاب جواز العمل به. قال المملي "أي ابن الصلاح" أبقاه الله قطع بعض المحققين من أصحابه في أصول الفقه بوجوب العمل به عند حصول الثقة به وقال: لو عرض ما ذكرناه على جملة المحدثين لأبوه وما قطع به هو الذي لا يتجه غيره في الأعصار المتأخرة فإنه لو توقف العمل فيها على الرواية لانسد باب العمل بالمنقول لتعذر شرط الرواية فيها على ما تقدم في النوع الأول انتهى. فهذا كله صريح في بيان مراد ابن الصلاح من كلامه في النوع الأول وأنه إنما أراد تعذر الاستقلال بجزم الحكم بصحة الأسانيد في هذه الأعصار المتأخرة اعتمادا على مجرد اعتبار الأسانيد ويبعد أن تنفرد هذه الأجزاء والمشيخات بأسانيد صحيحة لم ترد في دواوين الإسلام المعتمدة كالصحيحين وغيرهما. قال ابن عبد الهادي رحمه الله في الصارم المنكى ص 153 وليس في الأحاديث التي رويت بلفظ "زيارة قبره" حديث صحيح عند أهل المعرفة ولم يخرج أرباب الصحيح شيئا من ذلك ولا أرباب السنن المعتمدة كسنن أبي داود والنسائي والترمذي والشافعي ونحو ذلك شيء من ذلك ولا احتج إمام من أئمة المسلمين كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم بحديث ذكر "زيارة قبره" فكيف يكون في ذلك أحاديث صحيحة ولم يعرفها أحد من أئمة الدين ولا علماء الحديث؟..... اهـ. وراجع إن شئت المعرفة للحاكم ص 60 النوع التاسع عشر والكفاية للخطيب ص 35 -36, 224 ط دار التراث العربي والموضوعات لابن الجوزي 1/99 وشرح العلل لابن رجب =

.........................................

_ = 2/264 ط همام سعيد. وراجع أيضا قول ابن الأخرم عند ابن الصلاح ص 162 مع قول النووي في التقريب 1/99 مع التدريب والتعليق عليهما عند ابن حجر في النكت 1/298, 319. هذا ولم يحسن التعقب على ابن الصلاح رحمه الله والتشنيع عليه بحجة أنه يمنع من التصحيح ويدعو إلى إغلاق هذا الباب لأن ذلك لم يرد في كلامه أصلا كيف وهو يقول: إذا وجدنا..حديثا صحيح الإسناد لا نتجاسر على جزم الحكم ... فلا شك أن ذلك يحتاج إلى نظر وبصر بالتصحيح. ومثل ذلك قوله في الفائدة الأولى ص 152 ولهذا نرى الإمساك عن الحكم لإسناد أو حديث بأنه الأصح على الإطلاق. وقوله في نوع الحسن ص 180 وهذه جملة تفاصيلها تدرك بالمباشرة والبحث. وقوله في نوع الشاذ ص 343 إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه فينظر في هذا الراوي.........استحسنا حديثه ذلك ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف ... رددنا ما انفرد به ... وقوله في معرفة زيادات الثقات ص 250 وذلك فن لطيف تستحسن العناية به. وقوله في الحديث المعلل ص 259 ... وإنما يضطلع بذلك أهل الحفظ والخبرة والفهم الثاقب..... ويستعان على إدراكها بتفرد الراوي بمخالفة غيره له مع قرائن تنضم إلى ذلك تنبه العارف بهذا الشأن على إرسال في الموصول.....بحيث يغلب على ظنه ذلك فيحكم به أو يتردد فيتوفق فيه. وقوله في معرفة المضطرب ص 269 وإنما نسميه مضطربا إذا تساوت الروايات أما إذا ترجحت إحداهما.............إلخ. وقوله في معرفة الموضوع ص 279...........ولا تحل روايته إلا مقرونا ببيان وضعه ... وقوله في معرفة المقلوب ص 287 وإنما تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ظهر لك صحتخ بطريقه الذي أوضحناه أولا. فكل ذلك يدل على إعمال القواعد والبحث والتفتيش في الأسانيد والحكم عليها بما تستحق حسب القواعد وهذا خلاف ما فهمه النووي وغيره من كلام ابن الصلاح =

..........................................

_ وقد صحح ابن الصلاح وحسن في كلامه على الوسيط للغزالي3. والغريب أن النووي والعراقي وابن حجر قد وقفوا على كلامه هذا فنقل منه العراقي في مواضع منها: في تخريج الإحياء للغزالي3 1/201, 216, 225 ط الإيمان بالمنصور ونقل منه ابن حجر في مواضع لا تحصى من كتابه تلخيص الحبير منها 1/47, 63, 68, 69, 84, 90, 127, 143, ط ابن تيمية. وقد صحح ابن الصلاح رحمه الله وحسن في كلامه هذا وذكر ابن حجر متابعة النووي لابن الصلاح رحمهم الله على بعض أحكامه فكيف فاتهم ذلك؟ ففهموا أن ابن الصلاح يمنع من التصحيح والتحسين؟. ولابن الصلاح رحمه الله تعالى يتكلم فيها على الأحاديث وقفت على الجزء الثالث منها3. ومن نظر فيه رأى نفس عالم محدث يسرد الحديث وما يشهد له مع الكلام عليه. بل لماذا ألف ابن الصلاح رحمه الله مقدمته في علوم الحديث ووصف كتابه هذا بكونه أباح بأسراره يعني علم الحديث الخفية وكشف عن مشكلاته الأبية وأحكم معاقده وقواعده وأنار معالمه وبين أحكامه وفصل أقسامه وأوضح أصوله وشرح فروعه وفصوله وجمع شتات علومه وفوائده وقنص شوارده وفرائده. وذكر أن الله عز وجل من بهذا الكتاب حين كاد الباحث عن مشكله لا يلقي له كاشفا والسائل عن علمه لا يلقي به عارفا كما ذكر ذلك في مقدمة كتابه ص 146. فلماذا ألفه إذا كان لا يرى جواز التصحيح في هذه الأعصار؟ جواز ذلك لما ألف للناس كتابا يعلمهم سبيل التصحيح والتحسين والحكم على الأحاديث بما تستحق. ثم رأيت أبا الحارث علي بن حسن الحلبي حفظه الله يقول: كلام ابن الصلاح يفهم منه التعسير لا مطلق المنع كما في حاشية الباعث 1/112 ط دار العاصمة ولم يذكر دليله على ذلك. هذا وقد استشكل قول ابن الصلاح رحمه الله فآل الأمر في معرفة الصحيح والحسن إلى الاعتماد..................................=

......................................

_ =على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم المعتمدة المشهورة التي نؤمن فيها لشهرتها من التغيير والتحريف. فقال ابن حجر في النكت 1/270 فيه نظر لأنه يشعر بالاقتصار على ما يوجد منصوصا على صحته ورد ما جمع شروط الصحة إذا لم يوجد النص على صحته من الأئمة المتقدمين............الخ. وقال أيضا 1/271 كلامه يعني ابن الصلاح يقتضي الحكم بصحة ما نقل عن الأئمة المتقدمين فيما حكموا بصحته في كتبهم المعتمدة المشهورة والطريق التي وصل إلينا بها كلامهم على الحديث بالصحة وغيرها هي الطريق التي وصلت إلينا بها أحاديثهم فإن أفاد الإسناد صحة المقالة عنهم فليفد الصحة بأنهم حدثوا بذلك الحديث ويبقى النظر إنما هو في الرجال الذين فوقهم وأكثرهم رجال الصحيح كما سنقرره اهـ. وحمله الدكتور الملباري حفظه الله في كتابه تصحيح الحديث ص 26 على أن معناه معرفة صحة أو حسن أحاديث الأجزاء ونحوها وليس مطلق الأحاديث. ثم عاد فقال ص 29 على أن الأمر إذا لم يكن كما سابقا فلا يخلو قوله: فآل الأمر إذا في معرفة الصحيح والحسن إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم المعتمدة المشهورة التي يؤمن فيها لشهرتها من التغيير والتحريف من تناقض صريح كما بينه الحافظ ابن حجر....إلخ اهـ. والظاهر أن مراد ابن الصلاح من قوله: فآل الأمر إذا في معرفة الصحيح والحسن ... إلخ مطلق الأحاديث. ويكون قوله: إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم بمعنى ما ذكره أئمة الحديث في تصانيفهم المعتمدة لا ما نصوا على صحته أو حسنه ويؤيده أنه عطف على كلامه هذا قوله وصار معظم المقصود بما يتداول من الأسانيد خارجا عن ذلك إبقاء سلسلة الإسناد.........إلخ فالمراد معظم المقصود بما يتداول من الأسانيد خارجا عن المصنفات المعتمدة ويحتمل أن يعود الضمير إلى أبعد مذكور وهو قوله: إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث وهذا يحتاج إلى قرينة ومع ذلك لا يستقيم عود الضمير على قوله ما نص عليه أئمة الحديث إلا بالمعنى المذكور هنا من تفسير النص هنا بمعنى ذكر الأسانيد في مصنفاتهم لا بمعنى النص على الصحة أو الحسن إذ لم يقل أحد بان ما ورد في الكتب المعتمدة كالسنن وغيرها مما لم ينص على صحته إنما يتداول من أجل إبقاء سلسلة الإسناد التي خصت بها هذا الأمة. ويؤيد ذلك أيضا عدوله يعنى ابن الصلاح عن التعبير بالنص على الصحة واقتصاره على مجرد =

اعترض بعضهم بقول النووي في كتابه التقريب الأظهر عندي جواز ذلك لمن تمكن وقويت معرفته وما رجحه النووي هو الذي عليه عمل أهل الحديث فقد صحح جماعة من

_ = النص على هذه الأسانيد. ويؤيد قوله في الفائدة السابعة ص 169 وإذا انتهى الأمر في معرفة الصحيح إلى ما خرجه الأئمة في تصانيفهم الكافلة ببيان ذلك كما سبق ذكره وقوله في الفائدة الثامنة ص 173 إذا ظهر بما قدمناه انحصار طريق معرفة الصحيح والحسن الآن في مراجعة الصحيحين وغيرهما من الكتب المعتمدة. وقوله في كلامه جواز العمل اعتمادا على ما يوثق به من الوجادة ص 36 قطع بعض المحققين من أصحابه يعنى الشافعي في أصول الفقه بوجوب العمل به عند حصول الثقة به وقال: لو عرض ما ذكرناه على جملة المحدثين لأبوه وما قطع به هو الذي لا يتجه غيره في الأعصار المتأخرة فإنه لو توقف العمل فيها على الرواية لانسد باب العمل بالمنقول لتعذر شرط الرواية فيها على ما تقدم في النوع الأول اهـ. وعلى هذا التأويل المذكور هنا يزول التعارض الظاهري بين أجزاء كلام ابن الصلاح رحمه الله تعالى وهذا التأويل يحتاج إلى تدبر فلا تبادر بالإنكار رعاك الله. وتبقى بعض أشياء لعلي أذكرها في موضع آخر يناسبها إن شاء الله وقدره بمنه وكرمه سبحانه وتعالى. وراجع المخالفين لابن الصلاح رحمه الله النكت لابن حجر رحمه الله 1/266 – 273 ط دار الراية وإرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد للصنعاني رحمه الله ص 45 – 49 مقدمة المحقق ص 73 – 7 ط الدار السلفية بالكويت تحقيق صلاح الدين مقبول أحمد وراجع لتوجيه رأي ابن الصلاح رحمه الله رسالة تصحيح الحديث عند الإمام ابن الصلاح دراسة نقدية للدكتور حمزة بن عبد الله المليباري حفظه الله. وللسيوطي رحمه الله رسالة بعنوان التنقيح لمسألة التصحيح لإنزال مخطوطة يسر الله نشرها بفضله وكرمه........آمين. وقد حاول السيوطي رحمه الله الجمع في رسالته هذه بين رأي ابن الصلاح ورأي غيره بتأويل غيريب ليس هذا محله والله أعلم وهو حسبي والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

المتأخرين أحاديث لم نجد فيها تصحيحا لمن تقدمهم1. فمن المعاصرين للمصنف أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك بن القطان قاضي سجلماسة من الغرب2 مات بها سنة ثمان وعشرين وستمائة صحح في كتابه بيان الوهم والإيهام عدة أحاديث. منها حديث ابن عمر أنه كان يتوضأ ونعلاه في رجليه ويمسح عليهما ويقول كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل. أخرجه أبو بكر البزار في مسنده قال: ابن القطان حديث صحيح. ومنها حديث أنس كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون الصلاة فيضعون جنوبهم فمنهم من ينام ثم يقوم إلى الصلاة. رواه هكذا قاسم بن أصبغ وصححه ابن القطان. وقال وهو كما ترى صحيح. وممن صحح من المعاصرين له أيضا الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي فجمع كتابا سماه المختارة التزم فيه الصحة فصحح فيه أحاديث لم سيبق إلى تصحيحها وتوفي في السنة التي مات فيها المصنف سنة ثلاث وأربعين وستمائة. قال الحافظ ابن كثير: "وهذا الكتاب إعني المختارة لم يتم وكان بعض الحفاظ من مشايخنا يرجحه على مستدرك الحاكم". وصحح بعده أيضا الحافظ زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري حديثا في جزء له جمع فيه ما ورد فيه "غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وتوفي الزكي سنة ست وخمسين وستمائة. ثم صححت الطبقة التي تلي هذه أيضا فصحح الحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطي حديث جابر مرفوعا "ماء زمزم لما شرب له" في جزء جمعه في ذلك أورده من رواية عبد الرحمن بن أبي الموالي عن محمد بن المنكدر عن

_ 1 ومن هؤلاء الذين صححوا وحسنوا الإمام ابن الصلاح رحمه الله، فلا اعتراض عليه إذا؛ والله أعلم. 2 هكذا في خط، وفي ع: "المغرب".

جابر ومن هذه الطريق رواه البيهقي في شعب الإيمان وإنما المعروف رواية عبد الله بن المؤمل عن ابن المنكدر كما رواه ابن ماجه وضعفه النووي وغيره من هذا الوجه وطريق ابن عباس أصح من طريق جابر. ثم صححت الطبقة التي تلي هذه وهم شيوخنا فصحح الشيخ تقي الدين السبكي رحمه الله حديث ابن عمر في الزيارة في تصنيفه المشهور. ولك أن تقول وليس من تجاسر على التصحيح وصحح يكون حجة على المؤلف إذ لا يلزم أن يكون ما صححه هؤلاء المتأخرون صحيحا عند المتقدمين. قال الثالثة: أول من صنف الصحيح البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي مولاهم وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري القشيري من أنفسهم ومسلم مع أنه أخذ عن البخاري واستفاد منه يشاركه في أكثر شيوخه وكتاباهما أصح الكتب بع كتاب الله العزيز وأما ما رويناه عن الشافعي رضي الله عنه من أنه قال: ما أعلم في الأرض كتابا في العلم أكثر صوابا من كتاب مالك ومنهم من رواه بغير هذا اللفظ1 فإنما قال: ذلك قبل وجود كتابي البخاري ومسلم ثم إن كتاب البخاري أصح الكتابين صحيحا وأكثرهما فوائد. واما ما رويناه عن أبي علي الحافظ النيسابوري أستاذ الحاكم أبي عبد الله الحافظ من أنه قال: ما تحت أديم السماء كتابا أصح من كتاب مسلم بن الحجاج فهذا وقول من فضل من شيوخ المغرب كتاب مسلم على كتاب البخاري إن كان المراد به أن كتاب مسلم يترجح بأنه لم يمازجه غير الصحيح فإنه ليس فيه بعد خطبته إلا الحديث الصحيح مسرودا غير ممزوج بمثل ما في كتاب البخاري في تراجم أبوابه من الأشياء التي لم يسندها على الوصف المشروط في الصحيح2

_ 1 في حاشية خط: "قد روي عنه: ما علي الأرض بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك 2 فيه نظر، فقد روي مسلم في الشواهد عم جماعة ليسوا علي شرط الصحيح وهذا مقرر قي مقدمة صحيح مسلم رحمه الله من كلام مسلم نفسه إلا أن يقال: إن الشواهد ليست من شرط الصحيح ويجاب عنه بأن تراجم البخاري وما يقع فيها ليست من شرطه أيضا والله أعلم. وراجع: التقييد للعراقي رحمه الله.

فهذا لا بأس به وليس يلزم منه أن كتاب مسلم أرجح فيما يرجع إلى نفس الصحيح على كتاب البخاري وإن كان المراد به أن كتاب مسلم أصح صحيحا فهذا مردود على من يقوله انتهى. اعترض عليه من وجوه: أحدها: أن مالكا متقدم بالتصنيف على البخاري. وجوابه: أن مالكا وإن تقدم إلا أنه ما أفرد الصحيح والبخاري أفرده فإن في كتاب مالك المرسل والمنقطع والبلاغات حتى قال: ابن عبد البر في التمهيد عقب قول مالك بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- كان يقول "إذا نشأت1 بحرية يعني السحاب ثم تشاءمت فتلك عين غديقة. ثم قال: كل بلاغات مالك في موطأه مسندة إلا أربعة أحاديث فإنها لم توجد في شيء من كتب العلماء إلا في الموطأ أو من نلقها منه كالشافعي في كتاب الاستسقاء عن إبراهيم بن أبي يحيى عن إسحاق بن عبد الله أن النبي - قال: "إذا نشأت بحرية ثم أستحالت شامية فهو أمطر لها" الحديث. الثاني: قوله صلي الله عليه وسلم: "إني أنسى أو أنسى لأسن". الثالث: قول معاذ آخر ما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وسلم- حين وضعت رجلي في الغرز أن حسن خلقك للناس يا2 معاذ بن جبل. الرابع: "أنه صلي الله عليه وسلم رأى أعمار الناس أو ما شاء الله منها فكأنه تقاصر أعمار أمته فأعطاه الله ليلة القدر". هكذا قال: ابن عبد البر3.

_ 1 هكذا في خط، وفي "الموطأ" وكتابي ابن عبد البر "التمهيد" و "الإستذكار": "أنشأت" بإثبات الألف في أولها. 2 غير واضحة في خط وهي في "الموطأ" وكتابي ابن عبد البر. 3 لم أجد هذا القول في التمهيد "24/ 377 - 381" و "الإستذكار" "7/160 - 166" كلاهما لابن عبد البر رحمه الله تعالي عقب الأثر المذكور بهذا النص لكن ذكر ابن عبد البر في التمهيد الأثر الثاني الآتي هنا ثم قال "24/ 375" أما هذا الحديث بهذا اللفظ فلا أعلمه يروي عن النبي صلي الله عليه وسلم بوجه من الوجوه مسندا ولا مقطوعا من غير هذا الوجه والله أعلم وهو أحد الأحاديث الأربعة في الموطأ التي =

واعترض عليه الحافظ إسماعيل بن عبد المحسن الأنماطي في جزء أسندها فيه فقال أما الحديث الأول فأخرجه أبو بكر بن أبي الدنيا بإسناده إلى محمد بن يحيى بن أبي حاتم الأزدي قال: حدثنا محمد بن عمر ثنا عبد الحكم بن عبد الله بن أبي فروة قال: سمعت عوف بن الحارث يقول سمعت عائشة رضي الله عنها تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم- يقول "إذا أنشأت السماء بحرية ثم تشاءمت فتلك عين" أو قال: عام غديقة يعني مطرا كثيرا. ذكره ابن أبي الدنيا في كتابه المطر والرعد والبرق. ثم اعترض الحافظ إسماعيل أيضا على ابن عبد البر حكايته عن الشافعي عن إبراهيم بن أبي يحيى مع أن الشافعي ما صرح بإبراهيم وإنما قال: حدثني من لا أتهم وكأن ابن عبد البر اعتمد في ذلك على قول الربيع بن سليمان إن

_ = لا توجد في غيره مسندة ولا مرسلة والله أعلم. وذكر الأثر الثالث هنا ثم قال "24/300" وهو مع هذا منقطع جدا ولا يوجد مسندا عن النبي صلي الله عليه وسلم من حديث معاذ ولا غيره بهذا اللفظ والله أعلم. وذكر الأثر الرابع ثم قال "24/373" لا أعلم هذا الحديث يروي مسندا من وجه الوجوه ولا أعرفه في غير الموطأ مرسلا ولا مسندا وهذا أحد الأحاديث التي إنفرد بها مالك ولكنها رغائب وفضائل وليست أحكاما ولا بني عليها في كتاب ولا في موطئه حكما. وقال عقب الأثر الول: "هذا حديث لا أعرفه بوجه من الوجوه في غير الموطأ إلا ما ذكره الشافعي في كتاب الإستسقاء , قلت: ثم وجته ذكر الأثر الرابع هنا في ليلة القدر من كتاب الإستذكار "10/341" "688" ثم قال: "لا أعلم هذا الحديث يروي مسندا ولا مرسلا من وجه الوجوه إلا ما في الموطأ وهو أحد الأربعة الأحاديث التي لا توجد في غير الموطأ. أحدها: "إني لأنسي أة أنسي". والثاني: "إذا نشأت بحرية". والثالث: "حسن خلقك للناس يا معاذ بن جبل". والرابع هذا. وليس منها حديث منكر ولا ما يدفعه أصل "أهـ؛ والله أعلم.

الشافعي إذا قال: حدثنا الثقة يريد يحيى بن حسان وإذا قال: من لا أتهم فهو إبراهيم بن أبي يحيى وإذا قال: بعض الناس يريد أهل العراق وإذا قال: بعض أصحابنا يريد أهل الحجاز فالشافعي لم ينص على أن مراده بمن لا يتهم هو إبراهيم بن أبي يحيى فلا يحل لأحد أن ينسبه إلى الشافعي إلا أن يكون الشافعي قد نص على ذلك ولهذا اختلف العلماء في مراد الشافعي بالثقة ونحوه فقال الربيع ما تقدم وقال البيهقي1 تفطن لذلك شيخنا أبو عبد الله فقال غالب الظن أنه إذا قال: أنا الثقة قد يريد إسماعيل بن علية وقد يريد أبا أسامة وقد يريد عبد العزيز بن محمد وقد يريد هشام بن يوسف الصنعاني وقد يريد أحمد بن حنبل ولا يكاد يعرف ذلك باليقين. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي وذكر الشافعي فقال ما استفاد منا أكثر مما استفدنا منه قال: عبد الله وكل شيء في كتب الشافعي حدثني الثقة عن هشيم وعن غيره فهو أبي. وقال أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم الآبري سمعت بعض أهل المعرفة بالحديث يقول إنما يعرف مراد الشافعي رضي الله عنه بالثقة بشيخه الذي يروى عنه فإذا قال: أخبرني الثقة عن ابن أبي ذئب فهو ابن أبي فديك وإذا قال: أنا الثقة عن الليث فهو يحيى بن حسان وإذا قال: الثقة عن الوليد بن كثير فهو أبو أسامة وإذا قال: الثقة عن الأوزاعي فهو عمرو بن أبي سلمة وإذا قال: الثقة عن صالح مولى التوأمة فهو إبراهيم بن أبي يحيى. قال ابن عبد البر وإذا قال: مالك أنبا الثقة عن بكير بن عبد الله الأشج فالثقة مخرمة بن بكير وحيث قال: عن الثقة عن عمرو بن شعيب فقيل الثقة عبد الله ابن وهب وقيل الزهري. وقد اختلف العلماء في قول الراوي حدثني الثقة أو أخبرني من لا أتهم أو نحو ذلك ولم يسمه هل يكون ذلك توثيقا له أم لا فقال أبو حنيفة يكون توثقيا له وتقبل كما في المرسل والصحيح خلافه.

_ 1 راجع المعرفة للبيهقي "5/200 - 201 - ط: قلعجي" باب: "أي ريح يكون بها المطر" من كتاب الإستسقاء.

وقال الخطيب إذا قال: العالم كل من أروي لكم عنه وأسميه فهو عدل رضى مقبول الحديث كان ذلك تعديلا لكل من روى عنه وسماه واختار بعض المحققين أنه إن كان عالما كمالك والشافعي فإن ذلك يكون تعديلا وإلا فلا. وأما الحديث الثاني: فإن المعترض قال: بحثت عنه فلم أظفر به غير أن بعض طلبة الحديث ذكر لي أنه وجده مسندا ولم يحضر ما يدل على قوله. وأما الحديث الثالث: فإنه خرجه ابن أبي الدنيا أيضا في كتابه المسمى بالتقوى بسنده إلى معاذ قلت يا رسول صلي الله عليه وسلم أوصني قال: "أتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن" وأخرجه أيضا الطبراني في مسند معاذ بن جبل بسنده إلى عبد الله بن عمرو بن العاص أن معاذا أراد سفرا فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصني قال: "أعبد الله ولا تشرك به شيئا قال: زدني قال: إذا أسأت فأحسن فقال زدني قال: استقم وليحسن خلقك" وذكر له طرقا غير هذه. واما الحديث الرابع: فأخرجه أيضا ابن مندة بسنده إلى النبي صلي الله عليه وسلم. الاعتراض الثاني: على قوله وتلاه أبو الحسين مسلم اعترض بقول أبي الفضل أحمد بن سلمة كنت مع مسلم في تأليف هذا الكتاب سنة خمس ومائتين فيكون متقدما على البخاري وقد تصحف على المعترض فأسقط ياء ونونا وإنما هي خمسون ومائتان ويعرف ذلك بالتاريخ فمولد مسلم سنة أربع ومائتين وتوفي سنة إحدى وستين ومائتين ومولد البخاري سنة أربع وتسعين ومائة وتوفي سنة ست وخمسين ومائتين. الثالث: أنه أقر من فضل كتاب مسلم على البخاري بأنه لم يمازجه بعد الخطبة غير الصحيح وهذا ليس بجيد فقد مزجه بغيره قال: في كتاب الصلاة بسنده إلى يحيى بن أبي كثير أنه قال: "لا يستطاع العلم براحة الجسم". وجوابه أن هذا نادر في كتاب مسلم بخلاف البخاري1.

_ 1 راجع التعليق السابق قريبا علي كلام ابن الصلاح رحمه الله.

ثم اختلفوا في المراد بقولهم على شرط البخاري أو مسلم فقال محمد بن طاهر شرطهما أن يخرجا المجمع على ثقة نقلته إلى الصحابي. ورد بأن النسائي ضعف جماعة أخرج لهم الشيخان او أحدهما1. وقال الحازمي شرط البخاري أن يخرد ما اتصل إسناده بالثقات الملازمين لمن أخذوا عنه ملازمة طويلة ولم يشترط مسلم طول الملازمة إلا إذا لم يسلم الذي أخرج عنه من غوائل الجرح فإنه يشترط طولها كحماد بن سلمة في ثابت البناني وأيوب. وقال النووي المراد بذلك أن يكون رجال إسناده في كتابيهما لأنه ليس لهما شرط في كتابيهما ولا في غيرهما وعلى هذا جرى ابن دقيق العيد فإنه ينقل تصحيح حديث عن الحاكم ثم يستدرك عليه بأن فيه فلانا ولم يخرج له البخاري وكذلك فعل الذهبي في مختصر المستدرك وليس بجيد منهما لأن الحاكم لم

_ 1 لم بنفرد النسائي رحمه الله بذلك بل شاركه غيره من النقاد وفي الصحيحين غير واحد من الضعفاء بل بعض هؤلاء ممن أقر البخاري ومسلم بضعفهم كما في ترجمة سهيل ابن أبي صالح وعباد بن راشد التميمي وعبد الله بن جعفر بن غيلان الرقي من "هدي الساري" لابن حجر مثلا بالنسبة للبخاري وأقر مسلم رحمه الله بضعف سويد بن سعيد وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب ابن أخي عبد الله بن وهب ك1لك. وأعلم أنه لا يحسن أن تقول في رواية هؤلاء وأشباههم "ضعيف رواه البخاري" أ "ضعيف رواه مسلم" ونحو ذلك مما جري علي ألسنة بعض الناسلأمور منها أن وجود الضعيف في الإسناد يعني بالضرورة ضعيف المتن لإمكان وروده من وجه آخر وهذا مشهور وقد يحفظ الضعيف بعض الحاديث كما قد يصدق الكذوب ولربما حكم للضعيف علي من هة أوثق منه عند الإختلاف كما حكم لقيس بن الربيع علي شعبة في بعض الأحاديث راجع علل ابن أبي حاتم رحمه الله "2/95" "1777". ولذلك نظائر أخري تأتي إن شاء الله تعالي في غير هذا الموضع. وقد ينتخبا لبعض الرواة بعض الروايات دون بعض كما هو الحال بالنسبة لإسماعيل بن أبي أويس وغيره وقد يطرأ الضعف علي الراوي بعد رواية صاحب الصحيح عنه كما وقع لمسلم مع ابن أخي عبد الله بن وهب وكذلك الحال في سعيد بن أبي عروبة وغيره ممن طرأ عليهم التغير والإختلاط في آخر أمرهم فلا يقدح ذلك فيما رواه حال سلامتهم إلي آخر ما ينبغي التفطن له عند المطالعة في الصحيحين خشية الإنزلاق والله الموفق.

يلتزم أنه لايخرج إلا عن رجال مسلم والبخاري بل قال: في الخطبة أخرج أحاديث رواتها ثقات احتج بمثلها الشيخان أو أحدهما وعبارة ابن كثير والبخاري أرجح لأنه اشترط في إخراجه1 أن يكون الرواي قد عاصر شيخه وثبت عنده سماعه منه ولم يشترط مسلم الثاني: بل اكتفى بمجرد المعاصرة ومن هنا2 ينفصل النزاع في ترجيح البخاري3 كما قاله الجمهور. قال الرابعة: لم يستوعبا الصحيح في صحيحيهما ولا التزما ذلك فقد روينا عن البخاري أنه قال: ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال4 الطول وروينا عن مسلم أنه قال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهنا يعني في كتابه الصحيح إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه. قال المملي أبقاه الله تعالى5 أراد والله أعلم أنه لم يضع في كتابه إلا الأحاديث التي وجد عنده فيها شرائط الصحيح المجمع عليه وإن لم يظهر اجتماعها في بعضها عند بعضهم ثم إن أبا عبد الله بن الأخرم الحافظ قال: قلما يفوت البخاري ومسلما مما يثبت من الحديث يعني في كتابيهما ولقائل أن يقول ليس ذلك بالقليل فإن المستدرك على الصحيحين للحاكم أبي عبد الله كتاب كبير مشتمل6 مما فاتهما على شيء كثير وإن يكن عليه في بعضه مقال

_ 1 هكذا في خط وفي "إختصار علوم الحديث" لابن كثير "1/103 - مع الباعث" "في إخراجه الحديث في كتابه هذا أن" 2 هكذا في خط وعند ابن كثير "هاهنا". 3 هكذا في خط وعند ابن كثير "ترجيح تصحيح البخاري علي مسلم كما هو قول الجمهور". 4 هكذا في خط وش، وفي ع: "الملال". 5 في ع: "قلت" وفي ش: "قال الشيخ رضي الله عنه". 6 هكذا في خط وفي ش وع: "يشتمل" بمثناة تحتانية في أوله.

فإنه يصفو له منه صحيح كثير وقد قال: البخاري أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح وجملة ما في كتابه الصحيح سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثا بالأحاديث المكررة وقد قيل إنها بإسقاط المكررة أربعة آلاف حديث1 إلا أن هذه العبارة قد يندرج تحتها عندهم آثار الصحابة والتابعين وربما عد الحديث الواحد المروي بإسنادين حديثين ثم إن الزيادة في الصحيح على ما في الكتابين يتلقاها طالبها مما اشتمل عليه أحد المصنفات المعتمدة المشهورة2 لأئمة الحديث كأبي داود السجستاني وأبي عيسى الترمذي وأبي عبد الرحمن النسائي وأبي بكر بن خزيمة وأبي الحسن الدارقطني وغيرهم منصوصا على صحته فيها ولا يكفي في ذلك مجرد كونه موجودا في كتاب أبي داود وكتاب الترمذي وكتاب النسائي وسائر من جمع في كتابه بين الصحيح وغيره ويكفي مجرد كونه موجودا في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه ككتاب ابن خزيمة وكذلك ما يوجد في الكتب المخرجة على كتاب البخاري وكتاب مسلم ككتاب أبي عوانة الإسفراييني وكتاب أبي بكر الإسماعيلي وكتاب أبي بكر البرقاني وغيرها من تتمة لمحذوف أو زايدة شرح في كثير من أحاديث الصحيحين وكثير من هذا موجود في الجمع بين الصحيحين لأبي عبد الله الحميدي واعتنى الحاكم أبو عبد الله الحافظ بالزيادة في عدد الحديث الصحيح على ما في الصحيحين وجمع ذلك في كتاب سماه المستدرك أودعه ما ليس في واحد من الصحيحين مما رآه على شرط الشيخين قد أخرجا عن رواته في كتابيهما

_ 1 في حاشية خط: "قال الشيخ "وهكذا صحيح مسلم نحو أربع آلاف حديث بإسسقاط المكرر فيه روينا عن أبي موسي "هكذا في ش وفي خط: أبي قريش خطأ" الحافظ قال: كنت عند أبي زرعة الرازي فجاء مسلم بن الحجاج فسلم عليه فلما أن قام قلت له ولم ترد في ش هذا جمع أربعة حديث من في ش في الصحيح فقال: فلمن "في ش: لمن" ترك الباقي" "زاد في ش: والله أعلم". وهذه حاشية المؤلف ابن الصلاح رحمه الله وقد وردت علي إحدي نسخ المقدمة. 2 هكذا في خط وع وفي ش: "المشتهرة".

أو على شرط البخاري وحده أو على شرط مسلم وحده وما أدى اجتهاده إلى تصحيحه وإن لم يكن على شرط واحد منهما وهو واسع الخطو في شرط الصحيح متساهل في القضاء به. فالأولى أن نتوسط في أمره فنقول ما حكم بصحته ولم نجد ذلك فيه لغيره من الأئمة إن لم يكن من قبيل الصحيح فهو من قبيل الحسن يحتج به ويعمل به إلا أن تظهر فيه علة توجب ضعفه ويقاربه في حكمه صحيح أبي حاتم بن حبان البستي رحمهم الله انتهى. ابن الأخرم هو أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم شيخ الحاكم. قال النووي في التقريب والصواب أنه لم يفت الخسمة إلا اليسير يعني البخاري ومسلما وأبا داود والترمذي والنسائي. وخالفه ابن كثير فقال يوجد ذلك كثيرا في المسانيد والمعاجم كمسند أحمد وأبي يعلى ومعجم الطبراني وكذا في الأجزاء وغير ذلك لمن أمعن النظر في سنده ومتنه وكان أهلا للتصحيح وفاقا للنوري وخلافا للمصنف وقوله: في أحاديث البخاري: قيل أربعة آلاف وبالمكرر كذا هذه رواية الفربري وأما رواية حماد بن شاكر فهو دونها بمائتي حديث ودون هذه بمائة حديث أي إبراهيم بن معقل ولم يذكر عدة أحاديث مسلم1 قال: النووي هي نحو أربعة آلاف بإسقاط المكرر أي وبالمكرر اثنا عشر ألفا قاله أبو الفضل أحمد بن سلمة وهو يزيد على عدة كتاب البخاري لكثرة طرقه. وقوله: إلا أن ينص ذلك المصنف على صحته هذا بناء على مذهبه في امتناع التصحيح في هذا العصر بل لو نص أحد ممن له ذلك على صحة إسناد كما في سؤالات يحيى بن معين وسؤالات الإمام أحمد وغير ذلك كفى في صحته.

_ 1 هكذا ذكر العراقي في التقييد وتابعه الأبناسي رحمهما الله مع أن ابن الصلاح ذكر عدة صحيح مسلم في حاشية كتابه كما سبق.

وقوله: وكثير من هذا موجود في الجمع بين الصحيحين للحميدي يقتضي ان ما وجد من زيادات الحميدي على الصحيحين يحكم بصحته وليس كذلك فإن المستخرجات المذكورة قد رووها بأسانيدهم الصحيحة فكانت الزيادات التي تقع فيها صحيحة لوجودها بإسناد صحيح في كتاب مشهور وأما الذي زاده الحميدي فإنه لم يروه بإسناده حتى ننظر فيه1 ولا أظهر لنا اصطلاحا أنه يزيد فيه رواية التزم فيها الصحة فنقلده2 فيها وليست الزوائد في واحد من الكتابين فهي غير مقبولة حتى توجد في غيره بإسناد صحيح وقد نص المصنف بعد هذا على أن من نقل شيئا من زيادات الحميدي على الصحيحين أو أحدهما فهو مخطئ. واعترض بعضهم على قول المصنف: إن الحاكم اودع في المستدرك أحاديث لم تكن في واحد من الصحيحين مع أن فيه أحاديث كثيرة موجودة فيهما كما بينه الذهبي في مختصر المستدرك. من ذلك حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا لا تكتبوا عني شيئا سوى القرآن خرجه الحاكم وهو في صحيح مسلم قال: ابن كثير وفي المستدرك أنواع من الحديث كثيرة فيه الصحيح المستدرك وهو قليل وفيه صحيح خرجاه أو أحدهما لم يعلم به الحاكم وفيه الحسن والضعيف والموضوع وقد بين ذلك الذهبي وجمع ما فيه من الموضوع فبلغ قريبا من مائة حديث. وفهم بعضهم من قوله: ويقاربه في حكمه صحيح ابن حبان ترجيح كتاب الحاكم على كتاب ابن حبان وليس ذلك بمراد له بل أراد أنه يقاربه في التساهل فالحاكم أشد تساهلا منه. وقال الحازمي ابن حبان أمكن في الحديث من الحاكم. قال ابن كثير إن ابن خزيمة وابن حبان التزما الصحة وهما خير من المستدرك بكثير وأنظف أسانيد ومتونا.

_ 1 هكذا في خط وفي ع: "ينظر فيه". 2 في ع: "فيقلد فيها".

قال الخامسة: الكتب المخرجة على كتاب البخاري أو كتاب مسلم لم يلتزم مصنفوها فيها موافقتها في ألفاظ الأحاديث بعينها من غير زيادة ونقصان لكونهم رووا تلك الأحاديث من غير جهة البخاري ومسلم طلبا لعلو الإسناد فحصل فيها بعض التفاوت في الألفاظ وهكذا ما أخرجه المؤلفون في تصانيفهم المستقلة كالسنن الكبير للبيهقي وشرح السنة لأبي محمد البغوي وغيرهما مما قالوا فيه أخرجه البخاري أو مسلم فلا نستفيد1 بذلك أكثر من أن البخاري أو مسلما أخرج أصل ذلك الحديث مع احتمال أن يكون بينهما تفاوت في اللفظ وربما كان تفاوتا في بعض المعنى فقد وجدت في ذلك ما فيه بعض التفاوت من حيث المعنى. وإذا كان الأمر في ذلك على هذا فليس لك أن تنقل حديثا منها وتقول هو على هذا الوجه في كتاب البخاري أو2 كتاب مسلم إلا أن تقابل لفظة أو يكون الذي خرجه قد قال: أخرجه البخاري بهذا اللفظ بخلاف الكتب المختصرة من الصحيحين فإن مصنفيها نقلوا فيها ألفاظ الصحيحن أو أحدهما غير أن الجمع بين الصحيحن للحميدي الأندلسي منها يشتمل على زيادة تتمات لبعض الأحاديث3 كما قدمنا ذكره فربما نقل من لا يميز بعض ما يجده فيه عن الصحيحين او أحدهما وهو مخطئ لكونه من تلك الزيادات التي لا وجود لها في واحد من الصحيحين. ثم إن التخاريج المذكورة على الكتابين يستفاد منها فائدتان. إحداهما: علو الإسناد. والثانية: الزيادة في قدر الصحيح لما يقع فيها من ألفاظ زائدة وتتمات في بعض الأحاديث تثبت4 صحتها بهذه التخاريج لأنها واردة بالأسانيد الثابتة.

_ 1 في ش وع: "يستفاد". 2 في ع: "أوفي". 3 في ش "الحديث" 4 في ع: "يثبت" بمثناة تحتانية.

في الصحيحين أو أحدهما وخارجه من ذلك المخرج الثابت والله أعلم انتهى. أهمل المصنف فائدة ثالثة: وهي تكثير طرق الحديث ليرجح بها عند التعارض فالاستخراج عبارة عن أن يأتي المصنف إلى كتاب البخاري مثلا فيخرج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق البخاري فيجتمع إسناد المصنف مع إسناد البخاري في شيخه أو من فوقه كالمستخرج على صحيح البخاري لأبي بكر الإسماعيلي ولأبي بكر البرقاني ولأبي نعيم الأصبهاني والمستخرج على صحيح مسلم لأبي عوانة ولأبي نعيم أيضا ولم يلتزم المستخرج لفظ الكتاب الذي خرج عليه فلهذا لا يعزى منها شيء إلى البخاري مطلقا إلا بالشرط المتقدم. وفائدة علو الإسناد أن المستخرج لو روى حديثا من طريق البخاري لوقع أنزل من طريقه. مثاله حديث في مسند أبي داود الطيالسي فلو رواه أبو نعيم من طريق البخاري كان بينه وبين أبي داود أربعة شيخان بينه وبين البخاري والبخاري وشيخه وإذا رواه من غير طريق البخاري كان بين أبي نعيم وبين أبي داود رجلان فقط فإن أبا نعيم سمع مسند أبي داود على ابن فارس بسماعه من يونس بن حبيب بسماعه منه مع ان البخاري لم يرو عن أصحاب أبي داود عنه وإنما علق عنه ولم يسمع. قال السادسة ما أسنده البخاري ومسلم في كتابيهما بالإسناد المتصل فذلك الذي حكما بصحته بلا إشكال واما الذي1 حذف من مبتدإ إسناده واحد او أكثر وأغلب2 ما وقع ذلك في كتاب البخاري وهو في كتاب مسلم قليل جدا ففي بعضه نظر وينبغي أن نقول ما كان من ذلك ونحوه بلفظ فيه جزم وحكم به على من علقه عنه فقد حكم بصحته عنه.

_ 1 في ش: "وأما المعلق الذي" وفي بعض نسخ المقدمة وع: "وأما المعلق وهو الذي". 2 في ع: "فأغلب".

مثاله قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا قال: ابن عباس كذا قال: مجاهد كذا قال: عفان كذا قال: القعنبي كذا روى أبو هريرة كذا وكذا وما أشبه ذلك من العبارات. فكل ذلك حكم منه على من ذكره عنه بأنه قد قال: ذلك ورواه فلن يستجيز إطلاق ذلك إلا إذا صح عنده ذلك1. ثم إذا كان الذي علق الحديث عنه دون الصحابة فالحكم بصحته يتوقف على اتصال الإسناد بينه وبين الصحابي. وأما ما لم يكن فيه لفظ2 جزم وحكم مثل روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا أو روى عن فلان كذا أو في الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا فهذا وما أشبهه من الألفاظ ليس في شيء منه حكم منه بصحة ذلك عمن ذكره عنه لأن مثل هذه العبارات تستعمل في الحديث الضعيف أيضا ومع ذلك فإيراده له في أثناء الصحيح مشعر بصحة أصله إشعارا يؤنس به ويركن إليه. ثم إن ما يتقاعد من ذلك عن شرط الصحيح قليل جدا3 يوجد في كتاب البخاري في مواضع4 من تراجم الأبواب دون مقاصد الكتاب وموضوعه الذي يشعر به اسمه الذي سماه به وهو الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه وإلى الخصوص الذي بيناه5 يرجع مطلق قوله ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح وكذلك مطلق قول الحافظ أبي نصر الوائلي السجزى أجمع أهل العلم6 الفقهاء وغيرهم أن رجلا لو حلف بالطلاق أن جميع ما في كتاب البخاري مما روي عن النبي7 صلى الله عليه وسلم قد صح عنه

_ 1 في ش وع: "ذلك عنه". 2 في ش وع: "في لفظه". 3 ليست في ش وع. 4 سقطت من "ع" فلتستدرك. 5 في ع: "بينا". 6 في ع "القلم" خطأ. 7 في ش: "رسول الله".

ورسول الله صلى الله عليه وسلم- قاله: "لا شك فيه أنه1 لا يحنث والمرأة بحالها في حبالته". وكذلك ما ذكره أبو عبد الله الحميدي في كتابه الجامع بين الصحيحين2 من قوله لم نجد من الأئمة الماضين من أفصح لنا في جميع ما جمعه بالصحة إلا هذين الإمامين. فإنما المراد بكل ذلك مقاصد الكتاب وموضوعه ومتون3 الأبواب دون التراجم ونحوها لأن في بعضها ما ليس من ذلك قطعا مثل قول البخاري باب ما يذكر في الفخذ ويروى عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي صلي الله عليه وسلم: "الفخذ عورة" وقوله: في أول باب من أبواب الغسل وقال بهز4 عن أبيه عن جده عن النبي صلي الله عليه وسلم "الله أحق أن يستحيا منه". فهذا قطعا ليس من شرطه ولذلك لم يورده الحميدي في جمعه بين الصحيحين فاعلم ذلك فإنه مهم خاف والله أعلم انتهى. قال ابن حزم وما وجدنا في كتاب البخاري ومسلم سوى حديثين فيهما وهم5 مع اتقانهما وحفظهما. فذكر للبخاري حديث شريك عن أنس في الإسراء وأنه قبل أن يوحى إليه وفيه شق صدره. قال ابن حزم والآفة من شريك. وذكر لمسلم حديث عكرمة بن عمار عن أبي زميل عن ابن عباس كان

_ 1 ليست في ش وع. 2 في ش: "الجمع بين الصحيحين". 3 في ش: "وفنون". 4 في ش وع: "بهز بن حكيم". 5 طعن ابن حزم رحمه الله في أكثر من ذلك من أحاديث الصحيحين ولم يحسن بالمؤلف رحمه الله سياق كلام ابن حزم بلا تعقيب وجواب عم ذلك وقد أجبت عن ذلك في غير هذا الموضع. وحاصل الأمر: أن البخاري ومسلما لا يخرجا في أصولهما ما يتجه إليه القدح وقد يقع ذلك في الشواهد والمتابعات والتي لم يشترط فيها الصحة وهذا واضح من كلام مسلم رحمه الله في مقدمة "صحيحه"

المسلمون لا ينظرون إلي أبي سفيان فقال للنبي صلي الله عليه وسلم: "ثلاث أعطينهن" قال: "نعم" قال: عندي أحسن العرب وأجمله ام حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها قال: "نعم". قال ابن حزم هذا حديث موضوع لا شك في وضعه والآفة فيه من عكرمة بن عمار. وقوله: وذلك كثير في البخاري وقليل في مسلم جدا أي أن فيهما مواضع لم يصلاها1 بإسنادها بل قطعا أول أسانيدها مما يليهما وليس في مسلم منها سوى موضع واحد في التيمم حديث أبي الجهيم بن الحارث بن الصمة أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم- من نحو بئر جمل الحديث فقال مسلم وروى الليث ابن سعد ولم يوصل سنده إلى الليث وقد أسنده البخاري عن يحيى بن بكير عن الليث قال: حدثني جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن عمير مولى ابن عباس أنه سمعه يقول أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة حتى دخلنا على أبي الجهيم فقال أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم- من نحو بئر جمل الحديث مع أن في مسلم غير هذا مواضع يسيرة كقوله في البيوع وروى الليث بن سعد حدثني جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه أنه كان له مال على عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي الحديث. وقال مسلم في الحدود وروى الليث أيضا عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن ابن شهاب بهذا الإسناد مثله.

_ =وقد يذكر بعض الأحاديث ليبينا علتها كا أشار الشيخ بن هادي الوادعي حفظه الله أثناء تقديمه لكتابي "الإلزامات والتتبع" للدار قطني رحمه الله تعالي. وهذا إختيار القاضي عياض وغيره من شراح الصحيحين أو أحدهما وهو ما وعد به مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه فإذا رايت عندهما أو أحدهما حديثا مطعونا فيه فانظر إلي كيفية إخراج صاحب الصحيح له فأكثر ما ينتقد عليهما هو مما ذكراه في الشواهد أو ذكراه ليبينا علته فلا تهجم قبل النظر رعاك الله. 1 في خط: "يصلوها" - خطأ.

وهذان الحديثان رواهما قبل ذلك بإسناده المتصل ثم عقبهما بهذين الإسنادين المعلقين فليس ذلك من باب التعليق في شيء فليس فيه من التعليق غير حديث أبي الجهيم1 وقد وصله البخاري والنسائي أيضا قال: حدثنا الربيع بن سليمان المرادي صاحب الشافعي قال: حدثنا شعيب بن الليث عن أبيه وكذا وصله غيرهما. وأول من نبه على ما وقع في مسلم الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي التميمي المازري فنبة على أربعة عشر حديثا جمعها الحافظ رشيد الدين يحيى بن علي بن العطار وزاد عليها عشرين حديثا غير ما وقع فيه من المرسل والمكاتبة والوجادة جمع ذلك في كتاب سماه غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في مسلم من الأحاديث المقطوعة وكذا استدرك عليه الدارقطني مواضع جمع ذلك كله الحافظ العراقي فسح الله في مدته وكلها مسندة صحيحة وصلها مسلم كلها إلا حديث أبي الجهيم المتقدم واسمه عبد الله بن الحارث بن الصمة أنصاري ويقال فيه أيضا أبو الجهم بفتح الجيم والمشهور تصغيره2 ووقع في مسند مسلم عبد الرحمن بن يسار وصوابه عبد الله بن يسار كما تقدم وكما رواه البخاري وأبو داود والنسائي ويسار مولى ميمونة زوج النبي صلي اله عليه وسلم وبنوه أربعة عبد الله وعطاء وسليمان وعبد الملك3. ومن المرسل ما أورده في كتاب البيوع قال: فيه حدثني محمد بن رافع حدثنا حجين حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- نهى عن المزابنة والمحاقلة. ثم قال: وأخبرني سالم بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تبتاعوا الثمر حتى يبدو صلاحه ولا تبيعوا الثمر بالتمر" 4. وقال سالم أخبرني عبد الله عن زيد بن ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه

_ 1 في ع: "أبي الجهيم" بإسقاط المثناة. 2 في حاشية خط: "وأبو الجهيم هذا غير أبي الجهيم صاحب الإنبجانية". قلت: يشير إلي ما ورد في الحديث من ذكر: "أنبجانية أبي جهم". 3 في حاشية خط: "وقع في شرح مسلم" وهم أربعة وجعل مكان سليمان: عبد الرحمن 4 الأولي بالمثلثة بمثناة فوقية.

رخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب أو بالتمر ولم يرخص في غير ذلك. فالحديثان الأولان مرسلان والثالث: متصل وإنما ذكره مسلم لأنه سمعه حديثا واحدا من محمد بن رافع فاختار ذكر جميع الحديث بتمامه مع أنه قد أسند الحديثين فأسند الأول من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة وأسند الثاني: من حديث ابن1 عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه وكذلك وصله البخاري من الوجه الذي أرسله مسلم. وفيه من الوجادة حديث أخرجه في كتاب الفضائل قال: فيه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: وجدت في كتابي عن أبي أسامة عن هشام عن أبيه عروة عن عائشة قالت إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتفقد يقول: "أين أنا اليوم؟ أين أنا غدا؟ " استبطاء ليوم عائشة. قالت: فلما كان يومي قبضه الله تعالى بين سحري ونحري". ولم يخرجه إلا في هذا الموضع وحده وقد أخرجه البخاري متصلا من غير وجادة قال: ثنا محمد بن حرب ثنا أبو مروان ثنا يحيى بن أبي2 زكريا عن هشام عن أبيه عن عائشة. ويحيى بن أبي زكريا هذا هو الغساني شامي ربما اشتبه بيحيى بن زكريا بن أبي زائدة لاشتراكهما في الرواية عن هشام بن عروة. وكذلك حديث في الفضائل أيضا عن أبي بكر بن أبي شيبة قال: وجدت في كتابي عن أبي أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت قال: لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأعلم إذا كنت علي غضبي أو راضية" الحديث. وبه قالت: "تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم- لست وبنى بي لتسع" الحديث كلاهما وجادة لكنه وصلهما فقال حدثني أبو كريب عن ابي أسامة. قال الرشيد العطار ووقع في مسلم أيضا أحاديث فوق العشرة مروية بالمكاتبة لم يسمعها الراوي لها ممن كاتبه فهي مقطوعة سماعا متصلة مكاتبة.

_ 1 تكررت في خط: "ابن ابن". 2 سقطت من خط وسيأتي ثانية علي الصواب.

فمنهم من أجاز ذلك بشرط أن يأذن الكاتب للمكتوب له في روايتها كما نص عليه الغزالي في المستصفى وقال الإمام في النهاية كل حديث نسب إلى كتاب ولم يذكر حامله فهو مرسل والشافعي لا يعمل بالمرسل ونقل القاضي عياض عن الجمهور جواز العمل بالمكاتبة وأنها داخلة في المسند. وقد انتقد الدارقطني على مسلم إخراجه حديث مخرمة بن بكير عن أبيه فإنه لم يسمع من أبيه شيئا إنما روى عن كتب أبيه وقال أحمد مخرمة يقال لم يسمع من ابيه إنما روى من كتابه. وقد وقعت مناظرة بين الشافعي وإسحاق بن راهويه بحضرة أحمد في جلود الميتة إذا دبغت قال: الشافعي دباغها طهورها لحديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة: إنه صلي الله عليه وسلم مر بشاة ميتة فقال "هلا انتفعتم بجلدها" فقال إسحاق حديث ابن عكيم1: "كتب إلينا النبي صلي الله عليه وسلم قبل موته بشهر "لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" أشبه أن يكون ناسخا لحديث ميمونة فقال الشافعي هذا كتاب وذاك سماع قال: إسحاق: كتب النبي صلي الله عليه وسلم إلى كسرى وإلى قيصر وهو حجة عليهم عند الله تعالى فسكت الشافعي فلما سمع أحمد ذلك عمل بحديث ابن عكيم ورجع إسحاق إلى حديث الشافعي وأفتى بحديث ميمونة. واعترض بعضهم على المصنف بأنه مثل للذي حذف من مبتدإ إسناده واحد او أكثر بقوله: "قال عفان كذا قال: القعنبي كذا". قال2: وهذا لم يسقط من إسناده أحد لأن عفانا والقعنبي كلاهما من شيوخ البخاري وهذا عجيب وكيف يجهل المصنف هذا وقد نبه عليه بعد وجعله من قبيل المتصل حيث رد على ابن حزم في رابع التعريفات من النوع الحادي عشر كما سيأتي. وإنما مراده أن يذكر صيغة التعليق من حيث الجملة فقال مثاله قال: رسول الله

_ 1 في خط في الموضعين: "حديث عكيم والصواب ما أثبته وهو عبد الله بن عكيم بضم المهملة في أوله وفتح الكاف وراجع لحديثه هذا: نصب الراية للزيلعي "1/120". 2 يعني: المعترض.

صلى الله عليه وسلم كذا وكذا قال: ابن عباس كذا قال القعنبي كذا روى أبو هريرة كذا ولم يقصد البخاري ولا غيره. وقد رد الناس على ابن منده قوله1 أخرج البخاري في كتبه الصحيحة وغيرها قال: لنا فلان وهي إجازة وقال فلان وهو تدليس قال: وكذلك مسلم أخرجه على هذا انتهى. ولم يوافقه أحد على ذلك لأن مسلما لم يقل عن أحد من شيوخه قال: فلان وإنما روى عنهم بالتصريح وقوله: إذا كان الذي علق عنه الحديث دون الصحابة فالحكم بصحته يتوقف على اتصال الإسناد بينه وبين الصحابي أي إذا كان رجال الإسناد ثقات واحترز بذلك عن نحو قول البخاري وقال بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلي الله عليه وسلم: "الله أحق أن يستحيى منه". قال المصنف بعد هذا وليس ذلك من شرط البخاري قطعا ولهذا لم يذكره الحميدي في جمعه بين الصحيحين واعترض على قوله ما كان مجزوما به فقد حكم بصحته عمن علقه عنه وما لم يكن مجزوما به فليس فيه حكم بصحته بان البخاري يورد الشيء بصيغة التمريض ثم يخرجه في صحيحه مسندا وقد يجزم بالشيء ولا يكون صحيحا كما قال: في كتاب الصلاة ويذكر عن أبي موسى كنا نتناوب النبي صلي الله عليه وسلم عند صلاة العشاء ثم أسنده في "باب فضل العشاء". وقال في كتاب الطب ويذكر عن ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم في الرقى بفاتحة الكتاب2 وقد وصله بقوله ثنا سيدان بن مضارب ثنا أبو معشر البراء حدثني عبيد الله بن الأخنس عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس به. وقال في كتاب الإشخاص ويذكر عن جابر ان النبي صلي الله عليه وسلم رد على

_ 1 راجع: "التقييد" للعراقي "ص/ 34". 2 قال البخاري: "ويذكر عن ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم". وذكره في" باب الرقي بفاتحة الكتاب" من كتاب "الطب" "10/208 - مع الفتح" "باب رقم/33".

المتصدق صدقته. قال1: هو حديث صحيح عنده: "دبر رجل عبدا ليس له مال غيره فباعه النبي صلي الله عليه وسلم من نعيم بن النحام". وقال في كتاب الطلاق ويذكر عن علي بن أبي طالب وابن المسيب وذكر نحوا من ثلاثة وعشرين تابعيا كذا قال: وفيها ما هو صحيح عنده وفيها ما هو ضعيف. ثم استدل على الضعف بشيء ضعيف بأن قال: قال البخاري في كتاب التوحيد إثر حديث أبي سعيد الناس يصعقون يوم القيامة فإذا أنا بموسى. قال2: وقال الماجشون عن عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة عن أبي هريرة فأكون أول من بعث. قال3: ورد البخاري بنفسه على نفسه فذكر في أحاديث الأنبياء حديث الماجشون هذا عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن أبي هريرة وكذا رواه مسلم والنسائي ثم قال: قال أبو مسعود إنما يعرف عن الماجشون عن ابن الفضل عن الأعرج انتهى. ويالله العجب إذا كان الحديث صحيحا عند البخاري ورواه متصلا بأن جعل مكان أبي سلمة الأعرج فكيف يحكم بضعفه وكيف يقول رد البخاري بنفسه على نفسه. إذ لا مانع من أن يكون الماجشون له سندان عن شيخه ابن الفضل بأن يكون سمعه منهما ثم رواه مرة عن أبي سلمة ومرة عن الأعرج ولا يحكم على البخاري بالوهم والغلط بقول أبي مسعود الدمشقي فشتان ما بينهما مع ان المصنف لم يقل إن صيغة التمريض لا تستعمل إلا في الضعيف بل في كلامه أنها تستعمل في الصحيح أيضا فاستعمال البخاري لها في موضع الصحيح ليس

_ 1 يعني: المعترض علي الصلاح رحمه الله وراجع: فتح الباري "5/87 - ط: الريان". 2 المعترض. 3 في خطر: "أبي" والصواب ما أثبته.

مخالفا لكلام المصنف فالبخاري حيث علق ما هو صحيح يأتي بصيغة الجزم ولا يعدل عنها إلا لغرض كاختصار بعض الحديث او روايته بالمعنى كحديث أبي موسى. وأما حديث ابن عباس فإنما لم يجزم به البخاري في الأول لأن فيه والرقية بفاتحة الكتاب وليست هذه اللفظة في الحديث المتصل لا من قوله ولا من فعله صلي الله عليه وسلم ولهذا علقه في كتاب الإجارة وجزم به فقال وقال ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله. وأما حديث جابر فليس المراد به المدبر بل المراد والله اعلم حديثه في الرجل الذي دخل المسجد والنبي صلي الله عليه وسلم يخطب فأمرهم فتصدقوا عليه فجاء في الجمعة الثانية فأمر صلي الله عليه وسلم بالصدقة فتصدق المتصدق عليه بأحد ثوبيه فرده عليه النبي صلي الله عليه وسلم. وهو حديث ضعيف رواه الدارقطني وهو الذي تأول به الحنفي قصة سليك الغطفاني في أمره بتحية المسجد حين دخل حال الخطبة. وأما حديث علي فإنه لا اعتراض عليه فيه لأنه إذا جمع بين ما صح وما لم يصح أتى بصيغة التمريض لأنها تستعمل فيه وفي الصحيح أيضا وأما صيغة الجزم فإنها لا تستعمل في الضعيف. وأما قول الحافظ أبي الوائلي السجزي إنه لو حلف بالطلاق أن جميع ما في البخاري صحيح مما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم وأنه قاله إنه لا يحنث قال: الإمام وكذا ما في كتاب مسلم لا أحنثه لإجماع العلماء على صحتهما. قال المصنف: بل لو حلف على حديث في غيرهما لم يحنث وإن كان راويه فاسقا قاله في القطعة التي عملها في شرح صحيح مسلم. وقال النووي في شرح مسلم إنه لا يحنث ظاهرا ولا يستحب له التزام الحنث حتى لا1 تستحب له الرجعة بخلاف ما إذا حلف على غير الصحيحين فإنه تستحب له الرجعة2 اعترض عليه أيضا بقوله لأن في بعضها ما ليس من ذلك قطعا أي من الصحيح قال: مثل قول البخاري باب ما يذكر في

_ 1 ليست في ع ولم ترد في شرح مسلم أيضا. 2 هههكذا في خط وع وفي شرح مسلم: "كما لو حلف بمثل ذلك - في غير الصحيحين - فإنه لا نحنثه لكن تستحب له الرجعة احتياطا" "وراجع شرح مسلم".

الفخذ ويروى عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي صلي الله عليه وسلم الفخذ عورة مع أن حديث جرهد صحيح ولا يرد على المصنف لأنه لم ينف صحته مطلقا بل نفى كونه من شرط البخاري مع ان الحديث مضطرب الإسناد فقيل عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد عن أبيه عن جده وقيل عن زرعة عن جده ولم يذكر أباه وقيل عن أبيه عن النبي صلي الله عليه وسلم وقيل غير ذلك وأخرجه أبو داود وسكت عليه والترمذي من طرق وحسنه وقال البخاري حديث أنس أسند وحديث جرهد أحوط. قال السابعة وإذ انتهى الأمر في معرفة الصحيح إلى ما خرجه الأئمة في تصانيفهم1 الكافلة ببيان ذلك كما سبق ذكره فالحاجة ماسة إلى التنبيه على أقسامه باعتبار ذلك. فأولها صحيح أخرجه البخاري ومسلم جميعا. الثاني: صحيح أنفرد به البخاري2. الثالث: ما انفرد به مسلم3. الرابع: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه. الخامس: صحيح على شرط البخاري لم يخرجه. السادس: صحيح على شرط مسلم لم يخرجه. السابع: صحيح عند غيرهما وليس على شرط واحد منهما. هذه أمهات أقسامه وأعلاها الأول وهو الذي يقول فيه أهل الحديث كثيرا صحيح متفق عليه يطلقون ذلك ويعنون به اتفاق البخاري ومسلم لا اتفاق الأمة عليه.

_ 1 هكذا في ش وع وفي خط: "تصانيفهم وهم" خطأ. 2 زاد في ش وع: " أي عن مسلم". 3 زاد في ش وع: " أي عن البخاري"؛ وفيهما: "صحيح انفرد"؟

لكن اتفاق الأمة عليه لازم1 وحاصل معه بالاتفاق2 الأمة على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول. وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته والعلم اليقيني النظري واقع به خلافا لمن نفى3 ذلك وقال لا يفيد إلا4 الظن وإنما تلقته الأمة بالقبول لوجوب العمل5 بالظن والظن قد يخطئ. و6كنت أميل إلى هذا وأحسبه قويا ثم بان لي أن المذهب الذي اخترناه أولا هو الصحيح لأن الأمة معصومة7 من الخطأ ولهذا كان الإجماع المبني8 على الاجتهاد حجة مقطوعا9 بها وأكثر إجماعات العلماء كذلك. وهذه نكتة نفيسة نافعة تفيد ان ما10 انفرد به البخاري أو مسلم يقطع11 بصحته لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهما بالقبول على الوجه الذي فصلناه من حالهما فيما سبق سوى أحرف يسيرة نبه عليها الحافظ الدارقطني وغيره12 انتهى.

_ 1 في ش، ع: "لازم من ذلك" 2 في ش: "باتفاق". 3 في ش، ع: "خلافا لقوله من" 4 في ش، ع: "ذلك محتجا بأنه لا يفيد في أصله إلا" 5 في ش، ع: "لأنه يجب عليهم العمل". 6 في ش، ع: "وقد". 7 في ش، ع: "لأن ظن من هو معصوم من الخطألا يخطئ، والأمة في إجماعها معصومة" 8 في ش، ع: "المبتني". 9 في خط "مقطوع". 10 في ش، ع: "ومن فوائدها القول بأن ما" 11 في ش، ع: "مندرج في قبيل ما يقطع". 12 في ش‘ عت: "تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ كالدارقطني وغيره، وهي معروفة عند أهل هذا الشأن والله أعلم".

اعترض بعضهم بأن الأولى أن يقول أصحها ما رواه الكتب الستة فإن عني بذلك ما اتفق الستة على توثيق رواته فمسلم وإلا فلا. وقوله: مقطوع بصحته سبقه إلى ذلك الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق بن يوسف. وعاب الشيخ عز الدين بن عبد السلام هذا على المصنف لأن بعض المعتزلة يرون أن الأمة إذا عملت بحديث اقتضى ذلك القطع بصحته قال: وهو مذهب ردئ وقال النواوي خالف ابن الصلاح المحققون فقالوا يفيد الظن ما لم يتواتر ولا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيهما إجماعهم على أنه مقطوع بأنه من كلام النبي صلي الله عليه وسلم. قال الثامنة إذا ظهر بما قدمناه انحصار معرفة1 الصحيح والحسن في2 مراجعة الصحيحين وغيرهما3 فسبيل من أراد العمل أو الاحتجاج بذلك إذا كان ممن يسوغ له العمل بالحديث او الاحتجاج به لذي مذهب أن يرجع إلى أصل قد قابله هو أو ثقة بأصول4 صحيحة متعددة مروية بروايات متنوعة ليحصل له بذلك مع اشتهار هذه الكتب وبعدها عن أن تقصد بالتبديل والتحريف الثقة بصحة ما اتفقت عليه تلك الأصول انتهى. قال النووي لا يشترط التعدد والتنوع بل لو قابلها بأصل معتمد محقق أجزأه. فائدة قال: الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في كتابه المدخل إلى معرفة المستدرك عدد من أخرج لهم البخاري في صحيحه ولم يخرج لهم مسلم أربعمائة وأربعة وثلاثون شيخا وعدد من احتج بهم مسلم في صحيحه ولم يحتج بهم البخاري ستمائة وخمسة وعشرون شيخا.

_ 1 في ش، ع: "طريق معرفة". 2 في ش، ع: "الآن في". 3 في ش، ع: "الصحيحين وغيرهما من الكتب المعتمدة". 4 في ش، ع: "هو أو ثقة غيره بأصول وسقطت هو من متن المقدمة المطبوع مع التقييد للعراقي.

النوع الثاني: معرفة الحسن من الحديث

النوع الثاني: معرفة الحسن من الحديث روينا عن أبي سليمان الخطابي أنه قال1: الحسن ما عرف مخرجه واشتهر رجاله وعليه2 مدار أكثر الحديث وهو الذي يقبله أكثر العلماء ويستعمله عامة الفقهاء. وروينا عن أبي عيسى الترمذي الحسن ان لا3 يكون في إسناده من يتهم بالكذب ولا يكون شاذا4 ويروى من غير وجه نحو ذلك. وقال بعض المتأخرين الحديث الذي5 فيه ضعف قريب محتمل هو الحديث الحسن ويصلح للعمل به. وكل هذا6 مستبهم لا يشفي الغليل وليس فيما ذكره الترمذي والخطابي ما يفصل الحسن من الصحيح. وقد أمعنت النظر في ذلك والبحث جامعا بين أطراف كلامهم فتنقح7 لي واتضح ان الحسن قسمان.

_ 1 في ش، ع: "قال بعد حكايته أن الحديث عند أهله ينقسم إلي الأقسام الثلاثة التي قدمنا ذكرها. 2 في ش، ع: "قال: وعليه". 3 في ش، ع: "رضي الله عنه أنه يريد بالحسن: أن لا". 4 في ش، ع: "ولا يكون حديثا شاذا. 5 هكذا في س وع وفي خط التأخرين هو الذي. 6 في ش وع: "ذلك". 7 في ش وع: "كلامهم ملاحظا مواقع استعمالهم فتنقح لي".

أحدهما هو الذي1 لا يخلو رجال إسناده من مستور لم تحقق أهليته غير أنه ليس مغفلا كثير الخطأ فيما يرويه ومتهما بالكذب2 في الحديث يتعمد الكذب3 ولا سبب آخر مفسق ويكون متن الحديث مع ذلك قد عرف بأن روي مثله او نحوه من وجه آخر أو أكثر حتى اعتضد بمتابعة من تابع راويه على مثله أو بما له شاهد4 وهو ورود حديث آخر بنحوه فيخرج5 بذلك عن ان يكون شاذا او منكرا6. وكلام الترمذي على هذا القسم يتنزل. القسم الثاني: ان يكون راويه من المشهورين بالصدق والأمانة ولم7 يبلغ درجة رجال الصحيح لكونه يقصر8 عنهم في الحفظ والإتقان وهو مع ذلك برتفع عن حال من يعد ما ينفرد به من حديثه منكرا ويعتبر في كل هذا سلامة الحديث عن الشذوذ والإنكار والعلة9. وعلى هذا القسم10 الثاني: يتنزل كلام الخطابي. فهذا الذي ذكرته11 جامع لما تفرق في كلا من بلغنا كلامه في ذلك وكأن

_ 1 في ش وع: "الحديث الذي". 2 في ش وع: "ولا هو متهم بالكذي". 3 في ش وع: "أي لم يظهر منه تعمد الكذب في الحديث". 4 في ش وع: "بماله من شاهد". 5 في ش وع: "فخرج". 6 في ش وع: "ومنكرا". 7 في ش وع: "غير أنه لم". 8 هكذا في ش وع وفي خط "القصورة". 9 في ش وع: "هذا مع سبلامة الحديث من أن يكون شاذا ومنكرا سلامته من أن يكون معللا". 10 هكذا في ع خط وفي ش "وعلي القسم". 11 هكذا في ع وخط وفي ش: "ذكرناه".

الترمذي والخطابي ذكر كل واحد منهما احد نوعي الحسن واقتصر كل واحد منهما1 على ما رأى أنه يشكل معرضا عما راى أنه لا يشكل أو أنه غفل عن البعض وذهل. هذا تأصيل ذلك والله أعلم. انتهى. قوله واشتهر رجاله: هو المعروف ولا عبرة بما وجد بخط أبي علي الجباني ما عرف مخرجه واستقر حاله بالسين المهملة والقاف والحاء المهملة دون راء في أوله. وقال ابن دقيق العيد في الاقتراح الحد ليس بمانع لأنه يشمل الحسن والصحيح ورده التبريزي بما ذكره بعد من أن الصحيح بعض من الحسن ودخول الخاص تحت العام ضروري. وادعى بعض المتأخرين اتحاد حدى الخطابي والترمذي فقول الخطابي ما عرف مخرجه هو كقول الترمذي ويروى من غير وجه وقول الخطابي اشتهر رجاله يعني السلامة من الكذب هو كقول الترمذي ولا يكون في إسناده من يتهم بالكذب ولا حاجة إلى ما زاده الترمذي من كونه لا يكون شاذا لأن الشاذ ينافي عرفان المخرج وخرج بقوله عرف مخرجه المرسل وخبر المدلس لا ما أراده من زعم اتحاد الحدين. واعترض ابن كثير على المصنف قوله: روبنا عن الترمذي أن الحسن هو الذي لا يكون في إسناده إلى آخره فإن كان الترمذي نص عليه ففي أي كتاب وإن فهمه من اصطلاحه في جامعه فليس بصحيح فإنه يقول في كثير من الأحاديث حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه انتهى. وجوابه ان الترمذي نص على ذلك في آخر جامعه في آخر العلل من رواية عبد الجبار بن محمد الجراحي عن المحبوبي ثم اتصلت عنه بالسماع

_ 1 في ش وع: "وكأن الترمذي ذكر أحد نوعي الحسن وذكر الخطابي النوع الآخر مقتصرا كل واحد منهما".

وليست في رواية كثير من المغاربة ونصه وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث حسن إنما أردنا به حسن إسناده عندنا كل حديث يروى لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب ولا يكون الحديث شاذا ويروى من وجه غير ذاك1 فهو عندنا حديث حسن. فلا ينقل عن الترمذي الحديث الحسن بذلك مطلقا في الاصطلاح العام. وأراد بقوله قال: بعض المتأخرين هو الذي فيه ضعيف أبا الفرج ابن الجوزي قاله في كتابه2 الموضوعات والعلل المتناهية. قال ابن دقيق العيد في الاقتراح وهذا ضابط لا يتميز به القدر المحتمل من غيره وإذا اضطرب لم يحصل به التعريف المميز للحقيقة. تنبيه أنكر بعضهم قول المصنف امعنت النظر في ذلك وكذلك قول الفقهاء في التيمم أمعن في الطلب بأن3 أمعن ليست عربية. ورد بما حكاه الأزهري في تهذيب اللغة عن الليث بن المظفر أمعن الفرس وغيره إذا تباعد في عدوه وكذا قال: الجوهري في الصحاح وأمعن الماء إذا اجراه وأمعن إذا أكثر وهو من الأضداد قال: أبو عمرو والمعن الكثير والمعن القليل والمعن الطويل والمعن القصير والمعن الإقرار بالحق والمعن الجحود والكفر بالنعم. وأورد بعض المتأخرين على القسم الأول المنقطع والمرسل الذي في رجاله مستور وروي مثله أو نحوه من وجه آخر ويرد على الثاني: المرسل الذي اشتهر رواته بما ذكر قال: فالأحسن ان يقال الحسن ما في إسناده المتصل مستور له به شاهد او مشهور قاصر عن درجة الإتقان وخلا من العلة والشذوذ. نعم يرد على الترمذي حيث اشترط في الحسن أن يروى من غير وجه نحوه

_ 1 هكذا في خط وف ع: "ويروي من غير وجه نحو ذلك وهذا الذي في علل الترمذي" في آخر السنن "5/711 - ط: دار الحديث". 2 كذا 3 في خط: "إن". والصواب ما أثبته.

مع أنه حسن أحاديث لا تروى إلا من وجه واحد كحديث إسرائيل عن يوسف عن أبي بردة عن أبيه عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ خرج من الخلاء قال: غفرانك فإنه قال: فيه حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ولا نعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة. وأجاب عنه أبو الفتح اليعمري بان الذي يحتاج إلى مجيئه من غير وجه هو الذي راويه في درجة المستور ومن لم تثبت عدالته وغايته ان الترمذي عرف بنوع منه لا كل أنواعه. قال: ويوضحه تنبيهات1 وتفريعات. أحدها الحسن يتقاصر عن الصحيح لأن شرط الصحيح أن2 يكون جميع رواته قد ثبتت عدالتهم وضبطهم وإتقانهم إما بالنقل أو الاستفاضة كما سيأتي3 وذلك غير مشروط4 في الحسن فإنه يكتفى فيه بمجيئه من وجوه5 وغير ذلك مما تقدم6. وإذا استبعد ذلك شافعي7 ذكرنا له نص الشافعي رضي الله عنه في مراسيل التابعين أنه يقبل منها المرسل الذي جاء نحوه مسندا أو وافقه8 مرسل آخر أرسله من أخذ العلم من9 غير رجال التابعي الأول في كلام له ذكر فيه وجوها من الاستدلال على صحة مخرج المرسل بمجيئه من وجه آخر.

_ 1 هكذا في خط وش وفي ع: "ونوضحه بتنبيهات". 2 في ش وع: "في أن الصحيح من شرطه". 3 في ش وع: "بالنقل الصريح أو بطريق الإستفاضة علي ما سنبينه إن شاء الله تعالي". 4 في ش وع: "مشترط".. 5 في ش وع: "فيه بما سبق ذكره من مجئ الحديث من وجوه 6 في ش وع: "مم تقدم شرحه". 7 في ش وع: "ذلك من الفقهاء الشافعية مستبعدة". 8 في ش وع: "زكذالك لو وافقة". 9 في ض وع: "عن"بالمهملة في أوله بدلا من الميم.

وذكرنا له أيضا ما حكاه الإمام أبو المظفر السمعاني وغيره عن بعض أصحاب الشافعي من أنه تقبل رواية المستور لا شهادته1. وله2 وجه متجه كيف وأنا لم نكتف في الحديث الحسن بمجرد رواية المستور3 انتهى. اعترض عليه بان هذه الشروط لا توجد إلا في النزر4 اليسير من رواة الصحيح. وجوابه: ان طرق العدالة كثيرة متفاوتة بالضبط والإتقان فلا يشترط أعلاها كمالك وشعبة بل المراد أن لا يكون مغفلا كثير الغلط بان يوافق حديثه حديث أهل الضبط والإتقان غالبا. وقوله: بمجيئه من وجوه ليس شرطا بل لو جاء من وجهين كفى. وقوله: ذكرنا له نص الشافعي أهمل منه ان الشافعي لا يقبل المرسل إلا من أكابر الصحابة5 وغير ذلك من الشروط كما نبه عليه النووي في شرح الوسيط المسمى بالتنقيح ولم يكمله بقوله وأما الحديث المرسل فليس بحجة عندنا إلا أن الشافعي قال: بجواز الاحتجاج بمرسل الكبار من التابعين بشرط أن يعتضد بأحد أمور أربعة. وعبارة الشافعي في الرسالة:

_ 1 في ش وع: "وإن لم تقبل شهادة المستور". وفي حاشية خط: "وقد اكتفي بالمستور في عقد النكاح مع اعتبار العدالة في شهادته وهو يؤكد ما نقله"وقانرن ذلك بمحاسن لإصطلاح" 178 - مع المقدمة" 2 في ش وع: "ولذلك". 3 في ش وع: "المستور علي ما سبق آنفا والله أعلم" 4 في ع: "النذر بالذال المعجمة أخت الدال والصواب بالزاي المعجمة أخت الراء. 5 هكذا في خط وفي ع: "التابعين" وهو الصواب ويظهر أنها من الناسخ والله أعلم.

والمنقطع مختلف فمن شاهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من التابعين فحدث حديثا منقطعا عن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر عليه بأمور منها. أن ينظر إلى ما أرسل من الحديث فإن شركه فيه الحفاظ المأمونون فأسندوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل معنى ما روى كانت هذه دلالة على صحة من قبل1 عنه وحفظه فإن انفرد بإرسال حديث لم يشركه فيه من يسنده قبل ما ينفرد به من ذلك. ويعبتر عليه بأن ينظر هل يوافقه مرسل غيره ممن قبل العلم2 من غير رجاله الذين قبل عنهم فإن وجد ذلك كانت دلالة تقوي له مرسله وهي أضعف من الأولى. فإن لم يوجد ذلك نظر إلى بعض ما يروى عن بعض أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم قولا له فإن وجد من يوافق ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت في هذا دلالة على أنه لم يأخذ مرسله إلا عن أصل يصح إن شاء الله تعالى. وكذلك إن وجد عوام من أهل العلم يفتون بمثل معنى ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم. ثم يعتبر عليه بأن يكون إذا سمى من روى عنه لم يسم مجهولا ولا مرغوبا عن الرواية عنه فيستدل بذلك على صحته فيما روى عنه ويكون إذا شارك أحدا من الحفاظ في حديث لم يخالفه فإن خالفه وجد حديثه أنقص كانت في هذه دلائل على صحة مخرج حديثه ومتى خالف ما وصفت أضر بحديثه حتى لا يسع أحدا قبول مرسله. قال وإذا وجدت الدلائل بصحة حديثه بما وصفت أحببنا أن نقبل مرسله. ثم قال: فأما من بعد كبار التابعين فلا أعلم واحدا يقبل مرسله لأمور. أحدها أنهم أشد تجوزا فبمن يروون عنه والآخر أنه وجد عليهم الدلائل

_ 1 هكذا في خط وفي ع: "ما قيل". والذي في خط هو الموافق لما في الرسالة والكفاية للخطيب وشرح العلل لابن رجب. 2 هكذا في خط وع وفي الرسالة وشرح العلل قبل عته العلم وفي الكفاية "قبل العلم عنه".

فيما أرسلوا بضعف مخرجه والآخر كثرة الإحالة في الأخبار وإذا كثرت الإحالة كان أمكن للوهم وضعف من يقبل عنه. هذه عبارة الشافعي رحمه الله في الرسالة. قال الثاني: لعل الباحث الفهم يقول إنا نجد أحاديث محكوما بضعفها مع كونها قد رويت بأسانيد كثيرة من وجوه عديدة مثل حديث الأذنان من الرأس ونحوه فهلا جعلتم ذلك وأمثاله من نوع الحسن لأن بعضه يعضد1 بعضا كما قلتم في نوع الحسن2. وجوابه3 أنه ليس كل ضعف4 في الحديث يزول بمجيئه من وجوه بل ذلك يتفاوت فمنه ضعف يزيله ذلك بان يكون ضعفه ناشئا من ضعف حفظ راويه مع كونه من أهل الصدق والديانة فإذا رأينا ما رواه قد جاء من وجه آخر عرفنا أنه مما قد حفظه ولم يختل فيه ضبطه له وكذلك إذا كان ضعفه من حيث الإرسال زال بنحو ذلك كما في المرسل الذي يرسله إمام حافظ إذ فيه ضعف قليل يزول بروايته من وجوه أخر5. ومن ذلك ضعف لا يزول بنحو ذلك لقوة الضعف وتقاعد هذا الجابر عن جبره ومقاومته وذلك كالضعف الذي ينشأ من كون الراوي متهما بالكذب أو كون الحديث شاذا. وهذه جملة تفاصيلها تدرك بالمباشرة والبحث فاعلم ذلك فإنه من النفائس العزيزة انتهى. اعترض عليه بأن حديث الأذنان أخرجه ابن حبان في صحيحه فكيف جعله

_ 1 في ش وع: "بعض ذلك عضد". 2 في ش وع: "الحسن علي ما سبق آنفا؟ ". 3 في ش وع: "وجواب ذلك". 4 هكذا في ش وع وفي خط "ضعيف" خطأ. 5 في ش وع: "وجه آخر".

ضعيفا وجوابه1 أنه أخرجه من رواية شهر بن حوشب عن أبي أمامة وشهر ضعفه الجمهور ومع هذا فهو موقوف على أبي أمامة فهو من قوله كما نبه عليه أبو داود عقب2 تخريجه له وكذلك الترمذي قالا قال: حماد بن زيد لا أدري أهو من قول النبي صلى الله عليه وسلم: أم أبي أمامة وقال سليمان بن حرب يقولها أبو أمامة وقال الترمذي حديث ليس إسناده بذاك القائم. وروي من حديث جماعة من الصحابة جمعهم ابن الجوزي في العلل المتناهية وضعفها كلها. قال الثالث: إذا كان راوي الحديث متأخرا عن درجة اهل الحفظ والإتقان غير أنه من المشهورين بالصدق والستر3 وروي مع ذلك من غير4 وجه فقد اجتمعت له القوة من الجهتين وذلك يرقي حديثه من درجة الحسن إلى درجة الصحيح. مثاله حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" فمحمد بن عمرو

_ 1 في حاشية خط: "اعترض غيره بأنه صح من رواية عبد الله بن زيد التي خرجها ابن ماجة عن سويد بن سعيد وهوممن خرج له مسلم عن يحي بن زكريا بن أبي زائدة وهو متفق عليه عن شعبة عن حبيب بن زيد وقد وثقه جماعة عن عباد بن تميم وهو متفق عليه عن عبد الله بن زيد ولذلك صححه ابن حبان. وجوابه: أن الثمثيل وقع بطرق متعددة لم يصح شئ منها وأما حديث ابن عباس: "الأذنان من الرأس" فقد رواه الدارقطني مع كثير من الطرق السابقة وقال: كلها ضعيفة ولم يروه من حديث عبد الله ابن عباس الذي فيه: "الأذنان من الرأس" إما صحيح أو حسن". 2 هكذا في ع وفي خط: "وعقب" خطأ. 3 هكذا في ش وخط وفي ع: "والترو" خطأ. 4 في ش: "حديثه من غير" وفي ع: "حديثه من".

ابن علقمة من المشهورين بالصدق والصيانة لكنه لم يكن من أهل الإتقان حتى ضعفه بعضهم من جهة سوء حفظه ووثقه بعضهم لصدقه وجلالته فحديثه من هذه الجهة حسن فلما انضم إلى ذلك كونه روي من أوجه أخر زال بذلك ما كنا نخشاه عليه من جهة سوء حفظه وانجبر به ذلك النقص اليسير فصح هذا الإسناد والتحق بدرجة الصحيح انتهى. وقد أخذ المصنف هذا الكلام من الترمذي وقال إنما صح حديث أبي هريرة لأنه قد روي من غير وجه وأراد بذلك متابعة شيخ محمد بن عمرو وهو أبو سلمة فقد تابعه عبد الرحمن بن هرمز الأعرج وسعيد المقبري وأبوه أبو سعيد وعطاء مولى ام حبيبة وحميد بن عبد الرحمن وأبو زرعة بن عمرو بن جرير وهو متفق عليه من طريق الأعرج والمتابعة قد يراد بها متابعة الشيخ وقد يراد بها شيخ الشيخ. قال الرابع: كتاب أبي عيسى الترمذي أصل في معرفة الحديث الحسن وهو الذي نوه باسمه وأكثر من ذكره في جامعه ويوجد في متفرقات من كلام بعض مشايخه والطبقة التي قبله كأحمد بن حنبل والبخاري وغيرهما. وتختلف النسخ من كتاب الترمذي في قوله هذا حديث حسن او هذا حديث حسن صحيح ونحو ذلك فينبغي أن تصحح أصلك به بجماعة أصول وتعتمد على ما اتفقت عليه. ونص الدارقطني في سننه على كثير من ذلك. ومن مظانه سنن أبي داود السجستاني روينا عنه أنه قال: ذكرت فيه الصحيح وما يشبهه ويقاربه وروينا عنه أيضا ما معناه أنه يذكر في كل باب أصح ما عرفه فيه1 وقال: "ما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح وبعضها أصح من بعض". قلت فعلى هذا ما وجدناه في كتابه مذكورا مطلقا وليس في واحد من

_ 1 في ش وع: "في ذلك".

الصحيحين ولا نص على صحته أحد ممن يميز بين الصحيح والحسن عرفناه بأنه من الحسن عند أبي داود وقد يكون في ذلك ما ليس بحسن عند غيره ولا مندرج فيما حققنا ضبط الحسن به على ما سبق إذ حكى أبو عبد الله ابن منده الحافظ أنه سمع محمد بن سعد الباوردي1 بمصر يقول كان من مذهب أبي عبد الرحمن النسائي ان يخرج عن كل من لم يجمع على تركه قال: ابن منده وكذلك أبو داود السجستاني يأخذ مأخذه ويخرج الإسناد الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره لأنه أقوى عنده من رأي الرجال انتهى. اعترض عليه بان غير الترمذي قد أكثر ذكر الحسن أيضا كيعقوب بن شيبة في مسنده وأبي علي الطوسي شيخ أبي حاتم فيقولان حسن صحيح. وجوابه ان الترمذي أول من أكثر من ذلك لأنهما صنفا كتابيهما بعد الترمذي وكأن أبا علي خرج كتابه على كتاب الترمذي وشاركه في كثير من شيوخه. وقد وقع التعبير بالحسن في كلام الشافعي رضي الله عنه فقال في كتاب اختلاف الحديث قال: ابن عمر لقد أرتقيت على ظهر بيت لنا الحديث حديث ابن عمر مسند حسن الإسناد. وقال فيه أيضا وسمعت من يروى بإسناد حسن أن أبا بكرة ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه ركع دون الصف الحديث. واعترض على قوله ومن مظانه سنن أبي داود فقال الإمام أبو عبد الله محمد بن عمر بن محمد بن رشيد لا يلزم أن يستفاد من كون الحديث لم ينص عليه أبو داود بضعف ولا نص عليه غيره بصحة أن يكون عند أبي داود حسنا إذ قد يكون عنده صحيحا وإن لم يكن عند غيره كذلك. واستحسن هذا الاعتراض أبو الفتح اليعمري في شرح الترمذي وليس بصحيح لأن رتبة الصحيح اعلى من الحسن فليس لنا أن نقدم على التصحيح إلا بمستند

_ 1 من ش: "البارودي" بتقديم الواو علي الراء المهملة وكتب عليها في إحدي النسخ للمقدمة: مدينه بخراسان" وفي خط ع: "البارودي" بتقديم الراء.

وهو قد قال: إذا لم ينبه على ضعفه فإنه يكون صالحا أي للاحتجاج به1 ولا سيما إن كان أبو داود يرى أن بين الضعيف والصحيح مرتبة الحسن وإلا فالاحتياط أن يقال هو صالح كما قال: ابن المواق. وتعقب اليعمري ابن الصلاح بأمر آخر فقال: لم يرسم أبو داود شيئا بالحسن وعلمه بذلك شبيه بعمل مسلم أنه اجتنب الضعيف الواهي وأتى بالقسم الأول والثاني: وكلاهما موجود في كتابه فهلا ألزم أبو عمرو مسلما ما ألزم أبا داود لأن معنى كلامهما واحد. وقول أبي داود وما يشبهه يعني في الصحة وما يقاربه يعني فيها أيضا فهو نحو قول مسلم ليس كل الصحيح تجده عند مالك وشعبه وسفيان فاحتاج ان ينزل إلى مثل حديث ليث بن أبي سليم وعطاء بن السائب ويزيد بن أبي زياد لما يشمل الكل من اسم العدالة والصدق وإن تفاوتوا في الحفظ والإتقان. وفي قول أبي داود إن بعضها أصح من بعض إشارة إلى القدر المشترك بينهما في الصحة والجواب أن مسلما شرط الصحيح بل الصحيح المجمع عليه فليس لنا أن نحكم على حديث في كتابه بأنه حسن عنده لا عرف من قصور الحسن عن الصحيح وأبو داود لم يشرط ذلك فافترقا. واعترض الحافظ ابن كثير فقال: إن الروايات لسنن أبي داود كثيرة2 ويوجد في بعضها ما ليس في الأخرى ولأبي عبيد الآجري عنه أسوله3 في الجرح والتعديل ومن ذلك أحاديث ورجال قد ذكرها في سننه فقوله4: "ما

_ 1 وسيأتي بيان قول أبي داود بأمثلته إن شاء الله ذلط ويسره في "شرح رسالة أبي داود إلي أهل مكة" يسر الله إتمامه. 2 قال ابن رشيد في ملء العيبة "5/241" ورواية اللؤلؤي هي أصح الروايات وهي آخر ما أملي أبو داود وعليه مات رحمه الله ذكر ذلك الوزير أبو بكر محمد بن هشام المصحفي في برنامجه". 3 في "اختصار علوم الحديث" لابن كثير وع: "أسئلة". 4 هكذا في كتاب ابن كثير وفي ع: "فقول ابن الصلاح: ماسكت عليه في سننه فقط أو مطلقا" ووقع في خط "بقوله" خطأ.

سكت عنه فهو حسن" ما سكت عنه في سننه فقط أو مطلقا هذا مما ينبغي التنبيه عليه والتفطن له. وجوابه ان ذلك خاص بما في السنن فإن المصنف قال: إن من مظان الحسن سنن أبي داود وأبو داود نفسه قال: ذكرت في كتابي هذا الصحيح إلى آخره فكيف يحسن الاستفسار مع النص على التخصيص بالسنن. قال الخامس: ما صار إليه صاحب المصابيح من تقسيم أحاديثه إلى نوعين صحاح وحسان1 مريدا بالصحاح ما ورد في أحد الصحيحين أو فيهما وبالحسان ما في أبي داود2 والترمذي وأشباههما في تصانيفهم فهذا اصطلاح لا يعرف وليس الحسن عند أهل الحديث عبارة عن ذلك وهذه الكتب تشتمل على حسن وغير حسن3 انتهى. وأجاب بعضهم عن صاحب المصابيح وهو البغوي بأنه يبين في المصابيح عقب كل حديث كونه صحيحا أو حسنا أو غريبا فلا يرد عليه شيء. ورد بانه لا يبين الصحيح من الحسن فيما أورده من السنن وإنما يسكت عليها وإنما يبين الغريب غالبا وقد يبين الضعيف كما قال: في خطبة كتابه وما كان فيها من ضعيف أو غريب أشرت إليه وإنما سكت عن4 تمييز الصحيح من الحسن في كتابي السنن لاشتراكهما في الاحتجاج بهما. قال السادس: كتب المسانيد غير ملتحقة بالكتب الخمسة التي هي الصحيحان وسنن أبي داود وسنن النسائي وجامع الترمذي وما جرى مجراها في الاحتجاج بها والركون إلى ما يذكر فيها5 مطلقا كمسند أبي داود الطيالسي ومسند عبيد الله بن موسى ومسند أحمد بن حنبل ومسند

_ 1 في ش وع: "الصحاح والحسان". 2 كذا في خط وفي ش وع: "ما أورده أيو داود". 3 في ش وع: "حسن كما سبق بيانه" 4 الضبط من خط. 5 في ش وع: "ما يورد فيها"

إسحاق بن راهويه ومسند عبد بن حميد ومسند الدارمي ومسند أبي يعلى الموصلي ومسند الحسن بن سفيان ومسند البزار أبي بكر وأشباهها. فهذه عادتهم فيها ان يخرجوا في مسند كل صحابي ما رووه من حديثه غير متقيدين بان يكون حديثا محتجا به فلهذا تأخرت مرتبتها وإن جلت لجلالة مؤلفيها عن مرتبة الكتب الخمسة وما التحق بها من الكتب المصنفة على الأبواب انتهى. اعترض عليه: كونه عد مسند الدارمي في جملة هذه المسانيد مما أفرد فيه حديث كل صحابي وحده وليس كذلك وإنما هو مرتب على الأبواب كالكتب الخمسة وسمي بالمسند كما سمي البخاري بالمسند الجامع الصحيح وإن كان مرتبا على الأبواب لكون أحاديثه مسندة إلا أن مسند الدارمي كثير الأحاديث المرسلة والمنقطعة والمعضلة. واعترض أيضا: بصحة بعض هذه المسانيد فإن أحمد بن حنبل شرط في مسنده ألا يخرج إلا حديثا صحيحا عنده قاله أبو موسى المديني. وبأن إسحاق ابن راهويه يخرج أمثل ما ورد عن ذلك الصحابي ذكره عنه أبو زرعة الرازي وبأن مسند الدارمي أطلق عليه اسم الصحيح غير واحد من الحفاظ وبأن مسند البزار بين فيه الصحيح وغيره وجوابه أنا لا نسلم ان أحمد اشترط الصحة في كتابه والذي رواه أبو موسى بسنده إليه أنه سئل عن حديث فقال انظروه فإن كان في المسند وإلا فليس بحجة وهذا ليس صريحا في أن جميع ما فيه حجة بل فيه ان ما ليس في كتابه ليس بحجة ويرد عليه حديث أم زرع وغيره من الأحاديث الصحيحة المخرجة في الصحيح وليست في مسنده بل فيه المحقق الضعيف1 وفيه

_ 1 هكذا في خط وفي ع: "وأما وجود الضعيف فيه فهو محقق بل فيه أحاديث موضوعة وقد جمعتها في جزء وقد ضعف الإمام أحمد نفسه أحاديث فيه فمن ذلك حديث عائشة مرفوعا: "رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا" وفي إسناده".

الموضوع ما نبه عليه الإمام أحمد نفسه وابن الجوزي وغيرهما وقد جمعها الحافظ زين الدين العراقي ثم في جزء منها حديث عائشة مرفوعا "رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا" في إسناده عمارة بن زاذان قال: الإمام أحمد هذا حديث كذب منكر وعمارة يروى أحاديث مناكير وقد أورده ابن الجوزي في الموضوعات مما في المسند. وحديث عمر رضي الله عنه قال: ولد لأخي أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم غلام فسموه الوليد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "سميتموه باسم فراعينكم ليكونن في هذه الأمة رجل يقال له الوليد لهو أشر على هذه الأمة من فرعون لقومه". ذكره ابن حبان في تارخ الضعفاء في ترجمة إسماعيل بن عياش وقال هذا خبر باطل. وذكره ابن الجوزي في الموضوعات في موضعين. وحديث أنس قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من معمر يعمر في الإسلام أربعين سنة إلا صرف الله عنه أنواعا من البلاء الجنون والجذام والبرص فإذا بلغ خمسين لين الله عليه الحساب فإذا بلغ ستين رزقه الله الإنابة إليه بما يحب فإذا بلغ سبعين أحبه الله واحبه أهل السماء فإذا بلغ الثمانين قبل الله حسناته وتجاوز عن سيئاته فإذا بلغ تسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وسمي أسير الله في أرضه وشفع لأهل بيته" رواه أحمد مرفوعا ورواه موقوفا على أنس وعلة طريقة الرفع1 يوسف بن أبي ذرة قال: ابن حبان يروى المناكير التي لا أصل لها ولا يحل الاحتجاج به بحال وأورده ابن الجوزي في الموضوعات من طريق الرفع والوقف. وحديث عسقلان روى بسنده إلى أنس قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم "عسقلان

_ 1 كذا في خط وقد تحرف اسم "يوسف بن أبي ذرة" في مسند أحمد إلي: "يوسف بن أبي بردة" والصواب "ابن أبي ذرة" كما في ترجمة يوسف وهو مترجم في المجروحين لابن حبان والميزان واللسان وكذلك في الإكمال للحسني غير ذلك.

أحد1 العروسين يبعث منها يوم القيامة سبعون ألفا لا حساب عليهم ويبعث منها خمسون ألفا شهداء وفودا إلى الله تعالى وفيها2 صفوف الشهداء رؤوسهم مقطعة في أيديهم تثج أوداجهم دما يقولون ربنا آتنا ما وعدتنا" الحديث. أورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال حديث لا يصح جميع طرقه تدور على أبي عقال هلال بن زيد بن يسار قال: ابن حبان يروى عن أنس أشياء موضوعة لا يجوز الاحتجاج به بحال. وحديث الاحتكار روي بسنده إلى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من احتكر طعاما أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله تبارك وتعالى منه وأيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله تبارك وتعالى". رواه ابن عدي في الكامل في ترجمة أصبغ بن زيد وقال ليس بمحفوظ ورواه ابن الجوزي في الموضوعات من طريق أحمد وقال لا يصح وقال ابن حبان أصبغ لا يجوز الاحتجاج به وذكره أبو حفص عمر بن بدر الموصلي في موضوعاته. والإنصاف أن الحديث ليس بموضوع فإن الحاكم أخرجه في "مستدركه" من طريق أصبغ فإنه ثقة عند أحمد وابن معين والنسائي. وحديث بعث خراسان روي بسنده إلى أوس بن عبد الله بن بريدة قال: أخبرني أخي سهل عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ستكون3 بعدي بعوث كثيرة فكونوا في بعث خراسان ثم انزلوا بمدينة مرو فإنه بناها ذو القرنين ودعا لها بالبركة ولا يضر أهلها سوء". أورده أبو حاتم في الضعفاء وقال سهل بن عبد الله منكر الحديث وأخوه

_ 1 هكذا في المسند وع وفي خط أحب. 2 هكذا في خط وفي المسند "وبها". 3 في خط: "سيكون" بمثناة من أسفل والمثبت من المسند والمجروحين وغيرهما.

أوس ضعيف جدا وقال النسائي ليس بثقة وقال الداقطني متروك. ولعبد الله بن أحمد في المسند زيادات فيها الضعيف والموضوع فروى بسنده إلى عبد الله بن شريك عن عبد الله بن الرقيم قال: خرجنا إلى المدينة زمن الجمل فلقينا سعد بن مالك بها فقال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب الشاعة في المسجد وترك باب علي. قال ابن الجوزي في الموضوعات إنه حديث باطل لا يصح وضعته الرافضة ليقابلوا به الحديث المتفق على صحته في سد الأبواب غير باب أبي بكر وأعله بعبد الله بن شريك فإنه كان من أصحاب المختار وقيل إنه تاب قال: الجوزجاني هو كذاب مع ان أحمد وابن معين وثقاه. وبسنده أيضا إلى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سدوا الأبواب في المسجد إلا باب علي ذكره أيضا في الموضوعات وقال باطل لا يصح وضعته الرافضة. وحديث العير روي بسنده إلى أنس قال: بينما عائشة رضي الله عنها في بيتها سمعت صوتا في المدينة فقالت ما هذا فقالوا عير لعبد الرحمن بن عوف قدمت من الشام تحمل من كل شيء وكانت سبعمائة بعير فارتجت المدينة من الصوت فقالت عائشة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم- يقول قد رأيت عبد الرحمن يدخل الجنة حبوا فبلغ ذلك عبد الرحمن فقال إن استطعت لأدخلنها قائما فجعلها بأقتابها وأحمالها في سبيل الله عز وجل1. أورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال قال: أحمد هذا حديث كذب منكر وعمارة يروي المناكير وقال أبو حاتم عمارة بن زاذان لا يحتج به. وقد اعتذر الشيخ تقي الدين ابن تيمية عن هذه الأحاديث بأنها ليست من رواية الإمام أحمد ولا من رواية ولده عبد الله وإنما هي من رواية القطيعي وليس

_ 1 هكذا وقع عزو هـ1االحديث هنا لزيادات عبد الله وسبق قريبا عند المصنف عزوه لمسند أحمد وهو في المسند "6/115" من رواية عبد الله بن أحمد عن أبيه. والله أعلم.

كذلك بل وجدت مخرجة من روايتهما. وأما مسند إسحاق بن راهويه فإن فيه الضعيف ولا يلزم من كونه يخرج أمثل ما عند الصحابي ان يكون جميع ما خرجه صحيحا بل هو أمثل بالنسبة لما تركه. فمما فيه من الضعيف: حديث سليمان بن نافع العبدي عن أبيه قال: وفد المنذر بن ساوى من البحرين إلى المدينة ومعه أناس وأنا غليم1 أمسك جمالهم فيسلموا على النبي صلى الله عليه وسلم ووضع المنذر سلاحه ولبس ثيابه وأنا مع الجمال أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- كما أنظر إليك قال: ومات أبي وهو ابن عشرين ومائة سنة. قال الذهبي سليمان غير معروف وهو يقتضي ان نافعا عاش إلى دولة هشام والمعروف ان آخر الصحابة موتا أبو الطفيل كما قاله مسلم وغيره. وأما مسند البزار فإنه لا يبين الصحيح من الضعيف إلا قليلا إلا أنه يتكلم في تفرد بعض رواة الحديث به ومتابعة غيره عليه. قال السابع: قولهم هذا حديث صحيح الإسناد او حسن الإسناد دون قولهم هذا حديث صحيح أو حديث حسن لأنه قد يقال هذا حديث صحيح الإسناد ولا يصح لكونه شاذا أو معللا. غير ان المصنف المعتمد منهم إذا اقتصر على قوله إنه صحيح الإسناد ولم يذكر له علة ولم يقدح فيه فالظاهر منه الحكم بصحته في نفسه2 لأن عدم العلة والقادح هو الأصل والظاهر. الثامن: في قول الترمذي وغيره هذا حديث حسن صحيح إشكال لأن

_ 1 الضبط من خط. 2 في ش وع: "الحكم له بأنه صحيح في نفسه".

الحسن قاصر عن الصحيح كما سبق1 ففي الجمع بينهما في حديث واحد جمع بين نفي ذلك القصور وإثباته وجوابه ان ذلك راجع إلى الإسناد فإذا روي الحديث الواحد بإسنادين أحدهما إسناد حسن والآخر إسناد صحيح استقام ان يقال فيه إنه حديث حسن صحيح فهو حسن2 بالنسبة إلى إسناد صحيح بالنسبة إلى إسناد آخر ولا يستنكران3 يكون بعض من قال: ذلك أراد بالحسن معناه اللغوي وهو ما تميل إليه النفس ولا يأباه القلب دون المعنى الاصطلاحي انتهى. اعترض الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد على قوله: يكون له إسنادان سند للصحيح وسند للحسن فإن فيه أحاديث كثيرة يقول فيها الترمذي حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه كحديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم- "إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا" قال: أبو عيسى حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه على هذا اللفظ. وأجاب بعض المتأخرين عن المصنف بان الترمذي حيث قال: هذا يريد به تفرد أحد الرواة به عن الآخر لا التفرد المطلق. ويوضح ذلك ما ذكره في الفتن من حديث خالد الحذاء عن ابن سيرين عن أبي هريرة يرفعه من أشار إلى أخيه بحديدة الحديث قال: فيه هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه فاستغربه من حديث خالد لا مطلقا. ورد الشيخ تقي الدين الجواب الثاني: بأنه يلزم عليه أن يطلق على الحديث الموضوع إذا كان حسن اللفظ أنه حسن وذلك لا يقوله أحد.

_ 1 في ش وع: "سبق إيضاحه". 2 ف ش وع: "أي أنه حسن". 3 ف ش وع: "علي أنه غير مستنكر أن"

وجوابه: أنهم قد يطلقون على الضعيف بأنه حسن أي حسن اللفظ لا المعنى الاصطلاحي. فروى ابن عبد البر في كتاب بيان آداب العلم حديث معاذ بن جبل مرفوعا تعلموا العلم فإن تعلمه1 لله خشية وطلبه عبادة ومذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة وبذله لأهله قربة لأنه معالم الحلال والحرام ومنار سبل أهل الجنة وهو الأنيس في الوحشة والصاحب في الغربة والمحدث في الخلوة والدليل على السراء والضراء والسلاح على الأعداء والزين عند الأخلاء يرفع الله تعالى به أقواما فيجعلهم في الخير قادة وأئمة تقتص آثارهم ويقتدي بفعالهم وينتهي إلى رأيهم ترغب الملائكة في خلتهم وبأجنحتهم تمسحهم يستغفر لهم كل رطب ويابس وحيتان البحر وهوامه وسباع البر وأنعامه لأن العلم حياة القلوب من الجهل ومصابيح الأبصار من الظلم يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار والدرجات العلى في الدنيا والآخرة والتفكر فيه يعدل الصيام ومدارسته تعدل القيام وبه توصل الأرحام وبه يعرف الحلال من الحرام هو إمام العمل والعمل تابعه يلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء. قال ابن عبد البر: "وهو حديث حسن جدا ولكن ليس له إسناد قوي". فأراد بالحسن حسن اللفظ قطعا فإنه من رواية موسى بن محمد البلقاوي عن عبد الرحيم بن زيد العمى والبلقاوي كذاب كذبه أبو زرعة وأبو حاتم ونسبه ابن حبان والعقيلي إلى وضع الحديث والظاهر ان هذا الحديث مما صنعت يداه وعبد الرحيم العمى متروك. وقال أمية بن خالد قلت لشعبة تحدث عن محمد بن عبيد الله العرزمي وتدع عبد الملك بن أبي سليمان وقد كان حسن الحديث قال: من حسنها فررت. وأجاب ابن دقيق العيد بأن الحسن لا يشترط فيه قيد القصور عن الصحيح

_ 1 هكذا ف ع و" "الجامع" لابن عبد البر وغيرهما وفي خط "تعليمه" خطأ.

فالحسن حاصل لا محالة تبعا للصحة فيصح أن يقال صحيح باعتبار الصفة العليا وهي الحفظ والإتقان وحسن باعتبار الصفة التي دونها وهي مجرد الصدق. وسبقه إلى ذلك ابن المواق في كتابه بغية النقاد فقال ظهر من هذا كله ان الحسن عند أبي عيسى صفة لا تخص الحسن بل قد يشركه فيها الصحيح فكل صحيح عنده حسن ولا عكس. واعترض اليعمري على ابن المواق فقال في مقدمة شرح الترمذي بقي عليه أنه اشترط في الحسن أن يروى من وجه آخر ولم يشترط ذلك في الصحيح فانتفى أن يكون كل صحيح حسنا فعلى هذا الأفراد الصحيحة ليست بحسنة عنده كحديث "إنما الأعمال بالنيات" وحديث "السفر قطعة من العذاب" وحديث "نهى عن بيع الولاء وهبته". مع أن اليعمري خالف ذلك في أثناء الشرح عند حديث عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم- إذا خرج من الخلاء قال: "غفرانك " فإن الترمذي قال: عقبه هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة ولا يعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة. فأجاب اليعمري عن هذا الحديث بأن الذي يحتاج إلى مجيئه من غير وجه ما كان راويه في درجة المستور ومن لم تثبت عدالته فأكثر ما في الباب ان الترمذي عرف بنوع منه لا بكل أنواعه. وأجاب ابن كثير بما حاصله أن الجمع في حديث واحد بين الصحة والحسن درجة متوسطة بينهما فيقول فيها حسن صحيح وفوقها أن يقول صحيح فقط ودونها أن يقول حسن فقط. وما قاله تحكم لا دليل عليه. قال التاسع: من أهل الحديث من لا يفرد نوع الحسن ويجعله مندرجا في أنواع الصحيح لاندراجه في أنواع ما يحتج به وهو الظاهر من كلام الحاكم أبي عبد الله الحافظ في تصرفاته وإليه يومئ في تسميته كتاب الترمذي بالجامع الصحيح وأطلق الخطيب أبو بكر أيضا عليه اسم الصحيح وعلى كتاب النسائي.

وذكر الحافظ أبو الطاهر السلفي الكتب الخمسة وقال اتفق على صحتها علماء الشرق والغرب. وهذا تساهل لأن فيها ما صرحوا بكونه ضعيفا أو منكرا أو نحو ذلك من أوصاف الضعيف. وصرح أبو داود بانقسام1 ما في كتابه إلى صحيح وغيره والترمذي بالتمييز2 بين الصحيح والحسن ثم إن من سمى الحسن صحيحا لا ينكر أنه دون الصحيح المبين3 أولا فهذا إذا اختلاف في العبارة دون المعنى انتهى. اعترض المصنف على قول السلفي إن علماء الشرق والغرب اتفقوا على صحة الكتب الخمسة بقوله وهذا تساهل من السلفي إلى آخره. وإنما عنى السلفي بذلك صحة أوصولها فإنه قال: في مقدمة الخطابي4 وكتاب أبي داود أحد الكتب الخمسة التي اتفق أهل الحل والعقد من الفقهاء والحفاظ على قبولها والحكم بصحة أصولها وما يلزم من الحكم بصحة أصولها أن يكون جميع ما فيها صحيحا ولهذا قال: المصنف في التعليق إن ما لم يكن في لفظه جزم مثل روي فليس في شيء منه حكم بصحة ذلك عمن ذكره عنه لكن إيراده له في أثناء الصحيح مشعر بصحة أصله5.

_ 1 في ش وع: "فيما قدمنا روايته عنه بانقسام" 2 في ش وع: "مصرح فيما في كتابه بالتمييز". 3 في ش وع: "المقدم المبين". 4 في خط: وضع الناسخ عليها علامة "صح". 5 تتمة إختلف أهل عصرنا في "الحسن لغيره" أعني تقوية الضعيف بالضعيف من حيث العمل به ووجوده في واقع الأئمة فأثبته جماعة ونفاه آخرون واحتج النفاة بأمور منها: أن الحسن لغيره يعني وجود الضعيف في طرقه وعدم صحة الحديث عمن رواه من الصحابة فكيف يصح عن النبي صلي الله عليه وسلم؟. وشرح ذلك: أن الحديث إذا روي من خمسة أوجه كلها ضعيفة فهذا يعني أنها لا تثبت عمن رواها من الصحابة ومن ثم لا يصح ضم هذه الأوجه وجمعها وإثبات صحة الحديث عن النبي صلي الله عليه وسلم بذلك =

..........................................

_ لأنه لم يثبت عمن رواه عنه فكيف يثبت عنه؟ ومثلوا لذلك بأحاديث منها: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه". قالوا: روي هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وسعيد بن زيد وسهل بن سعد وأبي سيرة وانس وعلي بن أبي طالب وعائشة ولا يصح عن واحد من هؤلاء جميعا ففي إسناد حديث أبي سعيد الخدري ربيح بن عبد الرحمن وهو منكر الحديث كما قال البخاري والراوي عنه كثير بن زيد متكلم فيه أيضا وحديث وحديث أبي هريرة يرويه يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة قال البخاري لا يعرف لسلمة سماع من أبي هريرة ولا ليعقوب من أبيه وهكذا لا يثبت إسناد من هذه الأسانيد إلى واحد من هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم. قالوا: فإذا كان لا يثبت عن الصحابي الراوي له باتفاقكم فكيف تقرون بضعفه عن الصحابي ثم تحتجون به على إثبات نسبة الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: وإثبات نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرع على إثبات نسبته إلى الصحابي الذي يرويه فإذا لم يثبت نسبته إلى الصحابي انتفت نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم من باب أولى. قالوا: وفي مثيل لهذا قال ابن معين رحمه الله هو لم يصحح نفسه فكيف يصحح غيره كما في سؤالات ابن طهمان. وقال ابن عبد الهادي في الصارم المنكي ص 243 فلا يعتبر بكثرة الطرق وتعددها وإنما الاعتماد على ثبوتها وصحتها. قالوا: ومن ثم رأينا الأئمة يحكمون على أحاديث شتى بأنه لا يصح في الباب شيء مع كثرة طرقها كحديث "طلب العلم فريضة" وأحاديث "تخليل اللحية" وأحاديث "التسمية على الوضوء" وغير ذلك. قالوا: وعلى هذا تدل عبارات العلماء منها ما سبق عن ابن معين وابن عبد الهادي ومنها أيضا قوله الحازمي في شروط الأئمة ص 52 لأن ضم الواهي إلى الواهي لا يؤثر في اعتبار الصحة ولم يذهب إلى هذا أحد من أهل العلم قاطبة. قالوا: ولم نسمع أن أحدا قال بالحين لغيره وإثبات نسبة الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهذه =

........................................

_ = الصورة من الأئمة المتقدمين. قالوا: وأول من علمناه قال بذلك وذهب إليه هو الإمام البيهقي رحمه الله في مواضع من معرفة السنن والآثار وباقي كتبه. قالوا: وكلام الشافعي رحمه الله تعالى في قبول المرسل لا يعني ذلك كلامه في اعتبار المرسل وقبوله واستعماله في الترجيح بين الأدلة وقد نبه على ذلك ابن رجب في شرح العلل. قالوا: ويدل على صحة هذا التفسير أن الشافعي يرد المرسل ولا يعمل به بل قيل هو أول من رد العمل بالمرسل. قالوا: وقد حكى مسلم وابن عبد البر وغيرهما أن المرسل مردود في قول أهل العلم بالأخبار ونقاد الآثار. قالوا: وكذلك كلام الترمذي رحمه الله فلم يرد به ما تعارف عليه الناس الآن من الحسن لغيره وغايته أن يكون عني بالحسن المعنى إذ شروط الترمذي التي وضعها للحسن تعني أن الحسن عنده لا يثبت ولا يصح فهو والضعيف سواء فإنه شرط أن لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب فلم يحترز من الضعيف المنقطع والمرسل ورواية المختلط ونحو ذلك وشرط أن لا يكون شاذا وأن يروي من غير وجه فهذا بمعنى قول الشافعي رحمه الله تعالى وكلامه في المرسل وكذلك كلام أحمد وغيره وغاية ذلك أن يكون بمعنى تقديم المرسل والضعيف على القياس والرأي وهذا المرسل الذي يقدم على القياس والرأي هو ما وضع الشافعي شروطه وحد حدوده كما حد الترمذي حدود الضعيف الذي يقدم على القياس والرأي والذي يعمل به إذا فقدت الأدلة الثابتة الصحيحة واحتجوا بقول ابن رجب رحمه الله تعالى في شرح العلل 2/543 – 544 ط همام سعيد قال أبو داود السجستاني في رسالته إلى أهل مكة: وأما المراسيل فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس والأوزاعي حتى جاء الشافعي فتكلم فيه وتابعه على ذلك أحمد بن حنبل وغيره. قال أبو داود فإذا لم يكن مسند ضد لمراسيل ولم يوجد مسند فالمراسيل يحتج بها وليس هو مثل المتصل في القوة انتهى =

................................

_ = واعلم أنه لا تنافي بين كلام الحفاظ وكلام الفقهاء في هذا الباب فإن الحفاظ إنما يريدون صحة الحديث المعين إذا كان مرسلا وهو ليس بصحيح على طريقتهم لانقطاعه وعدم اتصال إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وأما الفقهاء فمرادهم صحة ذلك المعنى الذي دل عليه الحديث فإذا عضد ذلك المرسل قرائن تدل على أن له أصلا قوي الظن بصحة ما دل عليه فاحتج به مع ما احتف به من القرائن. وهذا هو التحقيق في الاحتجاج بالمرسل عند الأئمة كالشافعي وأحمد وغيرهما مع أن كلام الشافعي ما يقتضي صحة المرسل حينئذ. وقد سبق قول أحمد في مرسلات ابن المسيب صحاح ووقع مثله في كلام ابن المديني وغيره إلى آخر كلام ابن رجب رحمه الله في شرح العلل. وقال ابن رجب أيضا 2/553 وظاهر كلام أحمد أن المرسل عنده من نوع الضعيف لكنه يأخذ بالحديث إذا كان فيه ضعف ما لم يجيء عن النبي صلى الله عليه وسلم عن أصحابه خلافه. قال الأثرم كان أبو عبد الله ربما كان الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي إسناده شيء فيأخذ به إذا لم يجيء خلافه اثبت منه مثل حديث عمرو بن شعيب وإبراهيم الهجري وربما أخذ بالحديث المرسل إذا لم يجيء خلافه. وقال أحمد في رواية مهنا في حديث معمر عن سالم عن ابن عمر إن غيلان أسلم وعنده عشر نسوة قال أحمد ليس بصحيح والعمل عليه. كان عبد الرزاق يقول: عن معمر عن الزهري مرسلا. وظاهر هذا أنه يعمل به مع أنه مرسل وليس صحيح ويحتمل انه أراد ليس بصحيح وصله وقبله وقد نص أحمد على تقديم قول الصحابي على الحديث المرسل اهـ. قالوا: فخرج الكلام عن محل النزاع فلا حجة لكم فيه. قالوا: وأنتم تقرون معنا أن الثقات قد يتواردون على الخطأ فما بالكم بالضعفاء. قالوا: وتفرد الضعفاء بالحديث مما يزيده وهنا وكلما زادت طرقه كلما ازدادت نكارته لأن كثرة الطرق تعني شهرة الحديث فكيف يكون مشهورا ويغفل عنه الثقات؟ =

.......................................

_ = ولهم حجج أخرى يضيق بذكرها. وأما المثبتون للحسن لغيره فاحتجوا بصنيع الإمام البيهقي رحمه الله في كتبه. قالوا: وهذا هو صنيع العلماء سلفا وخلفا وهو المشهور في كلام العلماء رحمهم الله كالنووي وابن حجر وغيرهما قالوا: وهو الوارد في كتب مصطلح الحديث من لدن ابن الصلاح وحتى عصرنا. قالوا: ولم يذكره الرامهرمزي في المحدث الفاصل والخطيب في الكفاية وغيرهما من السابقين على ابن الصلاح لأنهم لم يتعرضوا لقسم الحسن أصلا. وقد كان الحسن مندرجا تحت الصحيح عند من سلف فذلك لم يفرد بالذكر عندهم. قالوا: وقد أثبت العلماء طائفة من الأحكام بناء على تقوية الضعيف بالضعيف وهو الحسن لغيره ومن هذه الأحكام التسمية عند الوضوء وهي عند أحمد إما واجبة أو مستحبة على خلاف عنه وكذلك تخليل اللحية وزكاة العسل وغير ذلك من أحكام. قالوا: وفي قول أحمد الضعيف قد يحتاج إليه في وقت والمنكر أبدا منكر ما يدل على تقوية الضعيف بالضعيف وأن ذلك خاص بالضعيف دون المنكر والمتروك. قالوا: وعلى هذا جرى البيهقي وابن الصلاح والنووي والعراقي وابن حجر وغيرهم من العلماء وهو الذي جرى عليه العمل في عصرنا. قالوا: وهو ظاهر كلام الشافعي وأحمد وغيرهما ممن قبلوا المرسل بشروطه المذكورة لدى الشافعي رحمه الله وكلام الشافعي ظاهر في تقوية المرسل بغيره مع ما علم من ضعف المرسل فدل ذلك على تقوية الضعيف بالضعيف. قالوا: وكلام الترمذي رحمه الله صريح في ذلك فإنه لم يحترز عن الضعيف المنجبر واحترز من رواية الكذاب ثم شرك أن يروى من غير وجه وهذا بعينه ما تذهب إليه من تقوية الضعيف بالضعيف وأما اشتراطه عدم الشذوذ فمسلم ولا نقول نحن ولا غيرنا بتقوية الشاذ بالشاذ. قالوا: ولو لم يكن للشواهد والمتابعات فائدة لما ذكرها العلماء ولما حرص أهل العلم على ذكر شواهد الحديث وهذا صنيع ابن رجب في جامع العلوم والحكم وهو معظم عندنا وعندكم. قالوا: وقد شرط مسلم في صحيحه أن يخرج ما صح في أصول الصحيح ثم يخرج روايات قد يقع =

...........

_ = فيها من ليس موصوفا بالحفظ وذلك منه على سبيل المتابعات والشواهد لحديث الباب وهو خلاف ما تذهبون إليه من طرح الضعيف. قالوا: ويستحيل أن تجتمع هذا الأمة في عصر من العصور على ضلالة وقد أجمعت الأمة في قرون عديدة على العمل بالحسن لغيره فكان هذا الإجتماع مقدما على قول النفاة. قالوا: والراوي إنما يستدل على حفظه للحديث بموافقته لغيره فإذا روى الضعيف حديثا ما ثم وجدناه عند غيره من الرواة الثقات أو الضعفاء علمنا أنه حفظ الحديث. قالوا: وليس شرطا أن يضعف كل ما رواه الضعيف فقد يحفظ ما لا يحفظ غيره بل قد يحكم له على الثقة في بعض الأحيان كما حكم لقيس بن الربيع مثلا على شعبة في بعض الأحاديث كما في علل ابن أبي حاتم 2/95 1777. قالوا: وقد كان الإمام أحمد رحمه الله يتهيب من زيارة مالك من المسلمين في حديث ابن عمر حتى تابعه العمري المكبر وذلك مذكور في شرح العلل لابن رجب 2/632. وهذا يدل على أن الضعيف قد يحفظ ما لا يحفظ غيره فإذا تابعه مثله فما المانع من قبول ما اجتمعا عليه فما بالك إذا تابعه جماعة. قالوا: وقد ذكر أحمد رحمه الله في ترجمة ابن لهيعة أن حديثه يقوي بعضه بعضا فما بالكم تنكرون ذلك؟ ولهم أدلة أخرى يضيق عنها المقام. قلت: ولكل من الفريقين ردود وأجوية على أدلة الخصم وفي بعض ما ذكر من أدلة خلاف بين أهل المذهب الواحد من الفريقين ولعل الله عز وجل ييسر بإفراد هذا المبحث بالبيان وذكر مذاهب الناس واختلافهم في هذا الباب مع سرد مذاهب السابقين وأقوالهم والله الميسر والمستعان. واعلم أنه قد جرت فتنة بسبب هذا الخلاف وأكثر ما يجري على لسان الطلاب في هذا الأمر مما لا يثبت عن قائله فلا تعجل بالإنكار قبل التثبت واحذر الترجيح بالطعن والقدح في أهل المذهب الآخر في دينهم وأعراضهم وفي الموافقات للشاطبي رحمه الله مزيد بيان لذلك في الطرف الثالث المسألة الثالثة 4/153 ط إحياء الكتب العربية. ولا تستطل هذا التعليق والسلام.

النوع الثالث: معرفة الضعيف من الحديث

النوع الثالث: معرفة الضعيف من الحديث. كل حديث لم تجتمع فيه صفات الحديث الصحيح ولا صفات الحديث الحسن المذكورات فيما تقدم فهو حديث ضعيف وأطنب أبو حاتم بن حبان البستي في تقسيمه فبلغ به خمسين قسما إلا واحدا وما ذكرته ضابط1 لجميع ذلك. وسبيل من أراد البسط أن يعمد إلى صفة معينة منها فيجعل ما عدمت فيه من غير ان يخلفها جابر على حسب ما تقرر في نوع الحسن قسما واحدا. ثم ما عدمت فيه تلك الصفة مع صفة أخرى معينة قسما ثانيا. ثم ما عدمت فيه مع2 صفتين معينتين قسما ثالثا. وهكذا إلى أن يستوفي الصفات المذكورات جمع ثم يعود ويعين من الابتداء صفة غير التي عينها أولا ويجعل ما عدمت فيه وحدها قسما ثم القسم الآخر ما عدمت فيه مع عدم صفة أخرى ولتكن الصفة الأخرى غير الصفة الأولى المبدوء بها لكون ذلك سبق في أقسام عدم الصفة الأولى وهكذا هلم جرا إلى آخر الصفات. ثم ما عدم فيه جميع الصفات هو القسم الآخر الأرذل وما كان من الصفات له شروط فاعمل في شروطه نحو ذلك فتتضاعف بذلك الأقسام.

_ 1 في ش وع: "ضابط جامع" 2 زيادة من ش وع وليست في خط.

والذي له لقب خاص معروف من أقسام ذلك الموضوع والمقلوب والشاذ والمعلل والمضطرب والمرسل والمنقطع والمعضل في أنواع سيأتي عليها الشرح إن شاء الله تعالى. والملحوظ فيما نورده من الأنواع عموم انواع علوم الحديث لا خصوص أنواع التقسيم الذي فرغنا الآن من أقسامه1 انتهى. قوله الضعيف لم تجتمع فيه صفات الصحيح ولا صفات الحسن لا حاجة إلى نفي صفات الصحيح لأنه يكفي فيه نفي صفات الحسن. وقوله: ما عدم فيه جميع الصفات أي صفات ما يحتج به فهو القسم الآخر بقصر الهمزة وكسر الخاء أي الأرذل وخالف ذلك في النوع الحادي والعشرين فقال الموضوع2 شر الأحاديث الضعيفة وهذا هو الصواب أن شر أقسامه الموضوع لأنه كذب بخلاف ما عدمت فيه الصفات فإنه لا يلزم من فقدها أن يكون كذبا والصفات المشار إليها ستة. اتصال السند او جبر المرسل بما يؤكده. وعدالة الرجال والسلامة من كثرة الخطأ والغفلة. ومجيء الحديث من وجه آخر حيث كان في الإسناد مستور ليس متهما كثير الغلط. والسلامة من الشذوذ. والسلامة من العلة. فما فقد فيه الاتصال قسم تحته قسمان منقطع ومرسل لم يجبر فإن انضم

_ 1 زاد في ش وع: " ونسأل الله تبارك وتعالي تعميم النفع به في الدارين آمين. 2 هكذا في ش وع وفي خط الموضع خطأ.

إليه فقده شرط آخر دخل تحته اثنا عشر قسما ستة في المرسل وستة في المنقطع: مرسل في إسناد ضعيف منقطع في إسناده ضعيف. مرسل فيه مجهول منقطع فيه مجهول. مرسل فيه مغفل كثير الخطأ وإن كان عدلا منقطع فيه ذلك. مرسل فيه مستور ولم ينجبر بمجيئه من وجه آخر منقطع فيه ذلك. مرسل شاذ منقطع شاذ. مرسل معلل منقطع معلل. فإن انضم إلى فقد الشرطين فقد شرط ثالث دخل تحته عشرة أقسام: مرسل شاذ فيه عدل مغفل كثير الخطأ منقطع شاذ فيه ذلك. مرسل معلل فيه ضعيف منقطع معلل فيه ضعيف. مرسل معلل فيه مجهول منقطع معلل فيه مجهول. مرسل معلل فيه مغفل منقطع معلل فيه مغفل. مرسل معلل فيه مستور ولم ينجبر منقطع معلل فيه ذلك. ولا تزال هكذا كلما فقد شرط زاد الوهن وانتشرت الأنواع؛ مرسل شاذ معلل فيه مغفل كثير الخطأ منقطع شاذ فيه ذلك. مرسل شاذ معلل منقطع شاذ معلل. فإن فقد شرط آخر كثقة الراوي ففيه قسمان: حديث في إسناده ضعيف حديث في إسناده مجهول. فيه ضعيف وعلة فيه مجهول وعلة. فإذا فقد شرط ثالث عد فابدأ بما فقد فيه شرط آخر غير المبدوء به والمثنى به وهو سلامة الراوي من الغفلة ثم زد عليه وجود الشذوذ أو العلة أو هما معا ثم عد فابدأ بما فقد فيه الشرط الخامس: وهو السلامة من الشذوذ ثم زد عليه وجود العلة معه ثم اختم بفقد الشرط السادس: ويدخل تحت ذلك أقسام:

شاذ معلل فيه عدل مغفل كثير الخطأ شاذ معلل ما فيه مغفل كثير الخطأ. شاذ فيه مغفل كثير الخطأ معلل فيه مغفل كذلك. شاذ معلل فيه مغفل كذلك شاذ في إسناده مستور لم تعرف أهليته ولم يرد من وجه آخر معلل فيه مستور كذلك. الحديث الشاذ الحديث الشاذ المعلل الحديث المعلل وقد تركب من الأقسام التي يظن انقسامه إليها بحسب اجتماع الأوصاف عدة وهي اجتماع الشذوذ ووجود ضعيف أو مجهول أو مستور في سنده إلا أنه لا يمكن اجتماع ذلك على الصحيح لأن الشذوذ تفرد الثقة فلا يمكن وصف ما فيه راو ضعيف أو مجهول أو مستور بأنه شاذ.

النوع الرابع: معرفة المسند

النوع الرابع: معرفة المسند ذكر أبو بكر الخطيب أن المسند عند أهل الحديث هو الذي اتصل إسناده من راويه إلى منتهاه وأكثر ما يستعمل ذلك فيما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- دون ما جاء عن الصحابة وغيرهم. وذكر ابن عبد البر أن المسند ما رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاصة وقد يكون متصلا مثل مالك عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- وقد يكون منقطعا مثل مالك عن الزهري عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- فهذا مسند لأنه قد أسند إلى سول الله صلى الله عليه وسلم- وهو منقطع لأن الزهري لم يسمع من ابن عباس رضي الله عنهم. وحكى أبو عمر عن قوم أن المسند لا يقع إلا على ما اتصل مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قلت وبهذا قطع الحاكم أبو عبد الله ولم يذكر في كتابه غيره. فهذه أقوال ثلاثة مختلفة1 انتهى. اعترض بعضهم بأنه ليس في كلام الخطيب دون ما جاء عن الصحابة وغيرهم لا في الكفاية ولا في الجامع وجوابه ان كلام المصنف يحتمل أن يكون ذلك من كلامه أو من كلام الخطيب ويدخل في حد الخطيب المرفوع والموقوف ويدخل فيه أيضا ما اتصل إسناده إلى قائله من كان فيدخل فيه المقطوع وهو قول التابعين وقول من بعدهم وكلامهم يأباه وعلى قول أبي عمر يستوي المسند والمرفوع.

_ 1 زاد في ش وع: "والقول الأول وأعدل وأولي والله أعلم".

النوع الخامس: معرفة المتصل

النوع الخامس: معرفة المتصل ويقال فيه أيضا الموصول ومطلقه يقع على المرفوع والموقوف وهو الذي اتصل إسناده فكأن1 كل واحد من رواته قد سمعه ممن فوقه حتى ينتهي إلى منتهاه. مثال المتصل المرفوع من الموطأ مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومثال المتصل الموقوف مالك عن نافع عن ابن عمر عن عمر قوله انتهى. وشرطه أن يتصل إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى أحد من الصحابة ولا يسمون ما اتصل بأقوال التابعي متصلا. وقوله: ومطلقه يقع على المرفوع والموقوف أي بخلاف ما إذا قيد المقطوع فإنه جائز وواقع في كلامهم كقولهم هذا متصل إلى سعيد بن المسيب أو إلى الزهري أو إلى مالك ونحو ذلك.

_ 1 في ش وع: "فكأن" وضبطت النون هناك بالتشديد.

النوع السادس: معرفة المرفوع

النوع السادس: معرفة المرفوع وهو ما أضيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة ولا يقع مطلقه على غير ذلك نحو الموقوف على الصحابة وغيرهم ويدخل في المرفوع المتصل والمنقطع والمرسل ونحوها. فهو والمسند عند قوم سواء والانقطاع والاتصال يدخلان عليهما جميعا1. وعند قوم يفترقان في أن الانقطاع والاتصال يدخلان على المرفوع ولا يقع المسند إلا على المتصل المضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الحافظ أبو بكر بن ثابت المرفوع ما أخبر فيه الصحابي عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم او فعله فخصصه بالصحابة فخرج عنه مرسل التابعي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت ومن جعل من أهل الحديث المرفوع في مقابلة المرسل فقد عني بالمرفوع المتصل انتهى المشهور في المرفوع أنه ما أضيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا أو فعلا سواء أضافة صحابي أو تابعي أو راو بعدهما سواء اتصل أم لا ويدخل فيه ما قاله المصنف والمعضل أيضا.

_ 1 في حاشية خط: "وفي كتاب "العلل" لابن المديني تسمية قول الحسن البصري قال رسول الله عليه وسلم مرفوعا".

النوع السابع: معرفة الموقوف

النوع السابع: معرفة الموقوف وهو ما يروى عن الصحابة رضي الله عنهم من أقوالهم وأفعالهم ونحوها فيوقف عليهم ولا يتجاوز به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم أن منه ما يتصل الإسناد فيه إلى الصحابي فيكون من الموقوف الموصول ومنه مالا يتصل إسناده فيكون من الموقوف غير الموصول على حسب ما عرف مثله في المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما ذكرناه من تخصيصه بالصحابي فذلك إذا ذكر الموقوف مطلقا وقد يستعمل مقيدا في غير الصحابي فيقال حديث كذا وكذا وقفه فلان على عطاء او على طاوس او نحو هذا. وموجود في اصطلاح الفقهاء الخراسانيين تعريف الموقوف باسم الأثر قال: أبو القاسم الفوراني منهم فيما بلغنا عنه الفقهاء يقولون الخبر ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم والأثر ما يروى عن الصحابة انتهى. قوله منهم أي الفوراني هو أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن فوران المروزي صنف الإبانه وغيرها من أصحاب أبي بكر القفال وكان مقدم أصحاب الحديث بمرو سمع علي بن عبد الله الطيفوني وشيخه أبا بكر القفال وروى عنه عبد المنعم بن أبي القاسم القشيري ومحيي السنة البغوي وتلميذه أبو سعد المتولي صاحب التتمة على الإبانة وأثنى عليه فيها وأطنب في مدحه وحط منه الإمام حين قال: في باب الأذان وكان الفوراني غير موثوق بنقله وهذا غريب من إمام الحرمين رحمهما الله جميعا.

النوع الثامن: معرفة المقطوع

النوع الثامن: معرفة المقطوع وهو غير المنقطع الذي يأتي ذكره إن شاء الله تعالى ويقال في جمعه المقاطيع والمقاطع وهو ما جاء عن التابعين موقوفا عليهم من أقوالهم وأفعالهم قال: الخطيب في جامعه من الحديث المقطوع وقال المقاطع هي الموقوفات على التابعين. قلت وقد وجدت التعبير بالمقطوع عن المنقطع غير الموصول في كلام الشافعي وأبي القاسم الطبراني وغيرهما تعريفات: أحدها قول الصحابي كنا نفعل كذا أو كنا نقول كذا إن لم يضفه إلى زمان1 رسول الله صلى الله عليه وسلم فهومن قبيل الموقوف وإن أضافه إلى زمنه2 فالذي قطع به ابن البيع وغيره من أهل الحديث وغيرهم ان ذلك من قبيل المرفوع. وبلغني عن أبي بكر البرقاني أنه سأل أبا بكر الإسماعيلي عن ذلك فأنكر كونه من المرفوع والأول هو الذي عليه الاعتماد3 لأن ظاهر ذلك مشعر بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم- اطلع على ذلك وقررهم عليه وتقريره أحد وجوه السنن المرفوعة؛

_ 1 هكذا في ش وع وفي خط "زمان من" - خطأ. 2 هكذا في خط وفي ش وع: "زمان رسول الله صلي الله عليه وسلم". 3 هكذا في خط وع وفي ش "هو الإعتماد".

فإنها أنواع منها أقواله ومنها أفعاله ومنها كنا لا نرى بأسا1 بكذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا أو كان يقال كذا وكذا على عهده أو كانوا يفعلون كذا وكذا في حياته فكل ذلك وشبهه مرفوع مسند مخرج في كتب المسانيد. وذكر الحاكم أبو عبد الله فيما رويناه عن المغيرة بن شعبة قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- يقرعون بابه بالأظافير ان هذا يتوهمه من ليس من أهل الصنعة مسندا يعني مرفوعا لذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وليس بمسند بل هو موقوف. وذكر الخطيب أيضا نحوه2 في جامعه. قلت بل هو مرفوع كما سبق3 وهو بأن يكون مرفوعا أحرى لكونه احرى باطلاعه صلى الله عليه وسلم عليه والحاكم معترف بكون ذلك من قبيل المرفوع وقد كنا عددنا هذا فيما أخذناه عليه ثم تأولناه له على أنه أراد أنه ليس بمسند لفظا بل هو موقوف لفظا وكذلك سائر ما سبق موقوف لفظا وإنما جلعناه مرفوعا من حيث المعنى انتهى قوله إن لم يضفه جزم بأنه موقوف تبعا للخطيب. وقال الحاكم والإمام فخر الدين هو مرفوع. قال ابن الصباغ وهو الظاهر ومثله بقول عائشة رضي الله عنها كانت اليد لا تقطع في الشيء التافه وحكاه في شرح المهذب عن كثير من الفقهاء قال: وهو قوي من حيث المعنى.

_ 1 هكذا في خط، وفي ش: "منها: أقواله صلي الله عليه وسلم ومنها: تقريره وسكوته عن الإنكار بعد إطلاعه. ومن هذا القبيل قول الصحابي: كنا لا نري بأسا". 2 هكذا في خط وفي ش وع: "نحو ذلك". 3 في ش وع: "سبق ذكره".

قوله: وإن أضافه إلى زمنه صلى الله عليه وسلم فهو من قبيل المرفوع وهو الذي قطع به ابن البيع وغيره من أهل الحديث وغيرهم وصححه الإمام فخر الدين والآمدي وأتباعهما كقول جابر في الصحيح كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي النسائي وابن ماجه عن جابر "كنا نأكل لحوم الخيل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم". فإن كان في القصة اطلاع فهو مرفوع إجماعا كقول ابن عمر كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر وعثمان ويسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ينكره. رواه الطبراني في المعجم الكبير وأصله في الصحيح من غير زيادة الاطلاع. قال الثاني: قول الصحابي أمرنا بكذا و1نهينا عن كذا من نوع المرفوع والمسند عند أصحاب الحديث وهو قول أكثر أهل العلم وخالف في ذلك فريق منهم أبو بكر الإسماعيلي والأول هو الصحيح لأن مطلق ذلك ينصرف بظاهره إلى من إليه الأمر والنهي وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهكذا قول الصحابي من السنة كذا فالأصح أنه مسند مرفوع لأن الظاهر أنه لا يريد به إلا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم- وما يجب اتباعه. وكذلك قول أنس رضي الله عنه أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة وسائر ما جاء من2 ذلك ولا فرق بين أن يقول ذلك في "زمنه صلى الله عليه وسلم أو بعده3" انتهى. قوله "أمرنا أو نهينا عن كذا" كقول أم عطية "أمرنا أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور" وقولها "نهينا عن اتباع الجنائز" كلاهما في الصحيح.

_ 1 في ش وع: "أو". 2 هكذا في خط "جاء من" وفي ش وع: "جانس". 3 في ش وع: "زمان رسول الله صلي الله عليه وسلم أو [هكذا في ع وفي ش "و" بالواو فقط] بعده صلي الله عليه وسلم.

فلو صرح الصحابي بالآمر كقوله أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا خلاف أنه حجة إلا ما حكاه ابن الصباغ عن داود وبعض المتكلمين أنه لا يكون حجة حتى يصرح بالوجوب لأن منهم من يقول المباح والمندوب مأمور بهما. ومثال قوله من السنة كذا قول علي رضي الله عنه من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة. رواه أبو داود وابن الأعرابي والأصح أنه مسند مرفوع وحكى ابن الصباغ عن أبي بكر الصيرفي وأبي الحسن الكرخي وغيرهما انه يحتمل أن يريد به سنة الخلفاء الراشدين. قال الثالث: ما قيل من أن تفسير الصحابي حديث مسند فإنما ذلك في تفسير يتعلق بسبب نزول آية يخبر به الصحابي او نحو ذلك كقول جابر رضي الله عنه كانت اليهود تقول من أتى امراته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول فأنزل الله عز وجل {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} الآية. فأما سائر تفاسير الصحابة التي لا تشتمل على إضافة شيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمعدودة في الموقوفات. الرابع: من قبيل المرفوع الأحاديث التي قيل في إسنادها1 عند ذكر الصحابي يرفع الحديث أو يبلغ به أو ينميه او رواية. مثال ذلك سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رواية تقاتلون قوما صغار الأعين الحديث وبه عن أبي هريرة يبلغ به قال: "الناس تبع لقريش" الحديث. فكل ذلك وأمثاله كناية عن رفع الصحابي الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكم ذلك عند أهل العلم حكم المرفوع صريحا. قلت وإذا قال: الراوي عن التابعي يرفع الحديث أو يبلغ به فذلك أيضا مرفوع ولكنه مرفوع مرسل انتهى.

_ 1 هكذا في خط الإفراد وفي ش وع: "أسانيدها".

ذكر المصنف فيما يتعلق بالصحابي أربع مسائل الأولى كنا نفعل كذا أو: كانوا يفعلون كذا. والثانية: أمرنا بكذا ونحوه. الثالثة: من السنة كذا. والرابعة: يرفعه ويبلغ به ونحوهما. ولم يذكر حكم التابعي إذا قال: ذلك إلا في الرابعة فقول التابعي كنا نفعل ليس بمرفوع قطعا ثم إنه لم يضفه إلى زمن الصحابة فليس بموقوف أيضا بل هو مقطوع وإن أضافه إلى زمنهم فيحتمل أن يقال إنه موقوف لأن الظاهر اطلاعهم على ذلك وتقريرهم ويحتمل أن يقال ليس بموقوف أيضا لأن تقرير الصحابي قد لا ينسب إليه بخلاف تقرير النبي صلى الله عليه وسلم فإنه أحد وجوه السنن فأما إذا قال: التابعي كانوا يفعلون كذا فقال النووي في شرح مسلم إنه لا يدل على فعل جميع الأمة بل على البعض فلا حجة فيه إلا ان يصرح بنقله عن أهل الإجماع وفي ثبوت الإجماع بخبر الواحد خلاف. وإذا قال: التابعي أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا فجزم ابن الصباغ بأنه مرسل وحكى وجهين فيما إذا قاله سعيد بن المسيب هل هو حجة أم لا؟. وفي المستصفى احتمالان من غير ترجيح هل هو موقوف أو مرفوع مرسل وإذا قال: التابعي من السنة كذا كقول عبيد الله بن عبد الله بن عتبة السنة تكبير الإمام يوم الفطر ويوم الأضحى حين يجلس على المنبر قبل الخطبة تسع تكبيرات رواه البيهقي في سننه هل هو مرسل مرفوع أو موقوف متصل فيه وجهان حكاهما في شرح مسلم والمهذب والوسيط أصحهما أنه موقوف وحكى الداودي في شرح مختصر المزني قولا قديما ان ذلك مرفوع ثم رجع عنه لأنهم قد يطلقونه ويريدون به سنة البلد. وذكر المصنف أن من المرفوع قول الصحابي يرفع الحديث أو يبلغ به او ينميه أو رواية بخلاف قوله من السنة لأن في هذه الألفاظ تصريحا بالرفع بخلاف السنة فإنه قد يعني بها سنة الخلفاء أو البلد.

ومثال ينمي ذلك ما رواه مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة قال: أبو حازم لا أعلم إلا أنه ينمي ذلك قال: مالك1 يرفع ذلك. ورواه البخاري عن القعنبي عن مالك فقال: "ينمي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فصرح برفعه".

_ 1 لم أر هذا القول لمالكفي الموطأ برواية يحي "1/147" ورواية محمد بن الحسن "رقم/291" والإستذكار "6/189، 197" وكذلك التمهيد "21/96" كلاهما لابن عبد البر رحمه الله والحديث عند البخاري "740" بدون قول مالك أيضا لكن حكي ابن حجر في الفتح هذا القول عن مالك من رواية اب وهب وغيره. زقال ابن حجر "2/262": "واعتراض الداني في أطراف الموطأ فقال: هذا معلول لأنه ظن من أبي حازم ورد بأن أبا حازم لولم يقل: "لا أعلمه ... إلخ" لكان في حكم المرفوع لأن قول الصحابي كنا نؤمر بكذا يصرف بظاهره إلي من له الأمر وهو النبي صلي الله عليه وسلم لأن الصحابي في مقمام تعريف الشرع فيحمل علي من صدر عنه الشرع ومثله قول عائشة: "كنا نؤمر بقضاء الصوم" فإنه محمول علي أن الآمر بذلك هو النبي صلي الله عليه وسلم. وأطق البيهقي أنه لا خلاف في ذلك بين أهل النقل والله أعلم.

النوع التاسع: معرفة المرسل

النوع التاسع: معرفة المرسل وصورته التي لا خلاف فيها حديث التابع الكبير الذي لقي جماعة من الصحابة وجالسهم كعبيد الله بن عدي بن الخيار ثم سعيد بن المسيب وأمثالهما إذا قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم- والمشهور التسوية بين التابعين أجمعين في ذلك رضي الله عنهم. وله صور اختلف فيها أهي من المرسل أم لا؟ أحدها1: إذا انقطع الإسناد قبل الوصول إلى التابعي فكان فيه رواية راو لم يسمع من المذكور فوقه فالذي قطع به الحاكم وغيره من أهل الحديث أن ذلك لا يسمى مرسلا وأن الإرسال مخصوص بالتابعين بل إن كان من سقط ذكره قبل الوصول إلى التابعي شخصا واحدا سمي منقطعا فحسب وإن كان أكثر من واحد سمي معضلا ومنقطعا وسيأتي مثاله2. والمعروف في الفقه وأصوله أن كل ذلك يسمى مرسلا وبه قطع الخطيب قال3: إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الاستعمال ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما ما رواه تابع التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيسمونه المعضل انتهى. اعترض بأن عبيد الله بن عدي مذكور من جملة الصحابة. ورد بأن ذلك جريا على القاعدة الضعيفة أن من عاصره يكون صحابيا

_ 1 في ش وع: "إحداها". 2 في ش وع: "ويسمي أيضا منقطعا وسيأتي مثال ذلك إن شاء الله تعالي". 3 في ش وع: "وإليه ذهب من أهل الحديث أبو بكر الخطيب وقطع به وقال.

كقيس بن أبي حازم وأمثاله وعبيد الله ولد في حياته صلى الله عليه وسلم ولم تثبت له رواية وإنما روى عن عمر وعثمان وعلي وغيرهم ولم يرو عن أبي بكر شيئا. وقوله: قبل الوصول إلى التابعي ليس بجيد بل الصواب قبل الوصول إلى الصحابي فإنه لو سقط التابعي أيضا كان منقطعا لا مرسلا عن من ذكر ولكن هكذا وقع في عبارة الحاكم فتبعه المصنف. قال الثانية قول الزهري وأبي حازم ويحيى بن سعيد الأنصاري وأشباههم من أصاغر التابعين قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم حكى ابن عبد البر أن قوما لا يسمونه مرسلا بل منقطعا لكونهم لم يلقوا من الصحابة إلا الواحد والاثنين1 وأكثر روايتهم عن التابعين. قلت وهذا المذهب فرغ لمذهب من لا يسمي المنقطع قبل الوصول إلى التابعي مرسلا والمشهور التسوية بين التابعين في اسم الإرسال كما تقدم انتهى. ملخص الخلاف في المرسل ثلاثة أقوال المشهور ما رفعه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم سواء التابعي الكبير والصغير. والقول الثاني: ما رفعه الكبير فقط أما الصغير فتكون روايته منقطعة على هذا القول. والثالث: ما سقط من إسناده راو فأكثر من أي موضع كان فعلى هذا المرسل والمنقطع واحد. واعترض على قوله لم يلقوا من الصحابة إلا الواحد أو الاثنين بأن الزهري

_ 1 في حاشية خط "قوله: إلا الواحد أو الإثنين كالمثال في قلة ذلك وإلا فالزهري قد قيل إنه رأي عشرة من الصحابة وسمع منهم أنسا وسهل ابن سعيد والسائب بن يزيد ومحمود بن الربيع وسنينا أبا جميلة وغيرهم ومع ذلك أكثر روايته عن التابعين وهذه حاشية ابن الصلاح كما في ش وع وستأتي الإشارة إلي ذلك هنا إن شاء الله تعالي.

لقي أكثر من ثلاثة عشر من الصحابة وهم عبد الله بن عمر وسهل بن سعد وأنس بن مالك وعبد الله بن جعفر وربيعة بن عباية بكسر العين وتخفيف الموحدة وسنين1 أبو جميلة والسائب بن يزيد وأبو الطفيل عامر بن واثلة والمسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن أزهر وعبد الله بن عامر بن ربيعة ومحمود بن الربيع وسمع منهم كلهم إلا عبد الله بن جعفر فرآه رؤية وإلا عبد الله ابن عمر فقال أحمد ويحيى بن معين لم يسمع منه وخالفهما علي بن المديني وقيل إنه سمع من جابر بن عبد الله. وسمع من جماعة مختلف في صحبتهم كمحمود بن لبيد وعبد الله بن الحارث بن نوفل وثعلبة بن أبي مالك القرظي وقد تنبه المصنف لهذا الاعتراض فأملى حاشية على كتابه فقال الواحد والاثنين كالمثال وإلا فالزهري قد قيل إنه رأى عشرة من الصحابة. قال الثالثة إذا قيل في الإسناد فلان عن رجل أو عن شيخ عن فلان أو نحو ذلك فالذي ذكره الحاكم في معرفة علوم الحديث أنه لا يسمى مرسلا بل منقطعا وهو في بعض المصنفات المعتبرة في أصول الفقه معدود من أنواع المرسل. ثم اعلم أن حكم المرسل حكم الحديث الضعيف إلا أن يصح مخرجه بمجيئه من وجه آخر كما سبق بيانه2 ولهذا احتج الشافعي بمرسلات سعيد بن المسيب فإنها وجدت مسانيد من وجوه أخر ولا يختص ذلك عنده بإرسال ابن المسيب3. ومن أنكر هذا زاعما أن الاعتماد حينئذ يقع على المسند دون المرسل فيقع لغوا

_ 1 هكذا في ع و "محاسن الإصطلاح" وحاشيتي خط وش وهو الصواب ووقع في خط سفيان هكذا رسمها الناسخ بالفاء ومثناة تحتانية بعدها ألف - خطأ. 2 في ش وع: "كما سبق بيانه في نوع الحسن". 3 زاد في ش ع: "كما سبق".

لا حاجة إليه1 فجوابه أنه بالمسند يتبين صحة الإسناد الذي فيه الإرسال حتى يحكم بأنه صحيح وإنما2 ينكر هذا من لا مذاق له في هذا الشأن. وما ذكرناه من سقوط الاحتجاج بالمرسل وأنه ضعيف هو3 المذهب الذي استقر عليه آراء جماهير الحفاظ4. وفي صدر صحيح مسلم المرسل ليس بحجة5. وحكاه ابن عبد البر عن جماعة أهل الحديث واحتج به مالك وأبو حنيفة وأصحابهما6 في طائفة. ثم إنا لم نعد في أنواع المرسل ونحوه ما يسمى في أصول الفقه مرسل الصحابي مثل ما يرويه ابن عباس وغيره من أحداث الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسمعوه منه لأن ذلك في حكم الموصول المسند لأن روايتهم عن الصحابة والجهالة بالصحابي غير قادحة لأن الصحابة كلهم عدول انتهى. أهمل المصنف قولا ثالثا هو المشهور حكاه "الحافظ: رشيد الدين ابن العطار":

_ 1 في حاشية خط: "قال مالك رضي الله عنه: ويستثمر أن الحديث الذي يقع ذلك في إسناده يكون له إسنادان صحيحان أحدهما مرسل فيكتسب بذلك قوة لا وجود لها علي تقدير المصير إلي أنه لم يصح إلا ذلك الإسناد المتصل الذي زعم أنه به يثبت الحديث لا غير فاعلم ذلك". 2 في ش وع: "حتي يحكم له مع إرساله بأنه إسناد صحيح تقوم به الحجة علي ما مهدنا سبيله في "النوع الثاني" وإنما" 3 في ش وع: "بالمرسل والحكم بضعفه هو". 4 في ش وع: "حفاظ الحديث ونقاد الأثر وقد تداولوه في تصانيفهم". 5 في ش وع: "المرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة" وفي" مقدمة مسلم" والمرسل من الروايات في". 6 في ش وع: "وابن عبد البر: حافظ المغرب ممن حكي ذلك عن جماعة أصحاب الحديث والإحتجاج به مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما.

أنه متصل في إسناده مجهول وليس بمرسل ولا بمنقطع واختره هو والعلائي صلاح الدين. وأشار بقوله: المصنفات المعتبرة إلى البرهان للإمام فإنه قال: فيه وقول الراوي أخبرني رجل أو عدل موثوق به من المرسل أيضا. وفي المحصول أن الراوي إذا سمى الأصل باسم لا يعرف به فهو كالمرسل. وروى البخاري عن الحميدي إذا صح الإسناد عن الثقات إلي رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهو حجة وإن لم يسم ذلك الرجل. وكذلك قال: أحمد وفرق أبو بكر الصيرفي الشافعي بين أن يرويه التابعي عن الصحابي معنعنا أو مع التصريح بالسماع فإن قال: سمعت رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وإن قال: عن رجل فإنه لا يقبل وهو متجه وعلى هذا التفصيل يحمل كلام من أطلق. واعترض على قوله: وفي صدر صحيح مسلم إلى آخره ان ذلك ليس من قول مسلم وإنما هو قول الخصم الذي نازعه في اشتراط اللقى في الإسناد المعنعن. وجوابه أن المصنف ما عزاه إلى قول مسلم بل إلى كتابه. واعترض أيضا على قوله ونعد1 المرسل في أصول الفقه مع أن المحدثين يذكرون مراسيل الصحابة. وجوابه إنهم لم يختلفوا في الاحتجاج بها بخلاف الأصوليين فإن الشيخ أبا إسحاق الإسفراييني لا يحتج بها وخالفه عامتهم بل في بعض شروح المنار في أصول الحنفية الاتفاق على الاحتجاج بها. واعترض على قوله لأن روايتهم عن الصحابة ينبغي أن يقول لأن غالب رواية التابعين عن الصحابة وقد روى جماعة من الصحابة عن التابعين وصنف الخطيب في ذلك جزءا فبلغوا جمعا كثيرا لكن غالبها ليست أحاديث مرفوعة.

_ 1 هكذا في خط هنا وفي ع و "متن المقدمة" ثم إنا لم نعد في أنواع المرسل"

وإنما هي من الإسرائيليات أو حكايات أو موقوفات كما روى ابن عباس والعبادلة عن كعب الأحبار وهو تابعي. وأنكر بعضهم ان يروي صحابي عن تابعي عن صحابي وقد وجد ذلك في أحاديث منها حديث سهل بن سعد عن مروان بن الحكم عن زيد بن ثابت: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أملى عليه {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} فجاء ابن أم مكتوم الحديث. رواه البخاري والنسائي والترمذي وقال: حسن صحيح. هذا إن ثبت أن مروان ليست له صحبة كما قاله الذهبي لأنه ولد في الثانية من الهجرة وقال الرشيد العطار في الغرر هو معدود في الصحابة. وحديث السائب بن يزيد عن عبد الرحمن بن عبد القاري عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نام عن حزبه او عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر إلى صلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل". رواه مسلم وأصحاب السنن الأربعة. وحديث جابر بن عبد الله عن أم مكتوم بنت أبي بكر الصديق عن عائشة: "أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع ثم يكسل هل عليهما من غسل؟ وعائشة جالسة فقال: "إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل". أخرجه مسلم. وحديث عمرو بن الحارث المصطلقي عن ابن أخي زينب امراة عبد الله بن مسعود عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن فإنكن أكثر أهل جهنم يوم القيامة". رواه الترمذي والنسائي. وحديث يعلي بن أمية عن عنبسة1 بن أبي سفيان عن أخته أم حبيبة عن

_ 1 تصحف في ع إلي "عبسة"بدون النون وصحفه بعض الرواة إلي "عائشة" راجع "تحفة الأشراف" للمزي "1/310 - 311".

النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى ثنتي عشرة ركعة بالنهار أو بالليل بني له بيت في الجنة". رواه النسائي. وحديث عبد الله بن عمر عن عبد الله بن محمد بن أبي بكر عن عائشة قالت قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألم تري أن قومك حين بنوا الكعبة قصروا عن قواعد إبراهيم" الحديث. رواه الخطيب في كتابه رواية الصحابة عن التابعين بإسناد صحيح والحديث متفق عليه من طريق مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن محمد بن أبي بكر أخبر عبد الله بن عمر عن عائشة بذلك فصح أن ابن عمر سمعه من عبد الله عن عائشة وحديث ابن عمر عن صفية بنت أبي عبيد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للنساء في الخفين عند الإحرام. رواه الخطيب في الكتاب المذكور والحديث عند أبي داود من طريق ابن إسحاق قال: ذكرت لابن شهاب فقال حدثني سالم ان عبد الله كان يصنع ذلك يعني قطع1 الخفين للمرأة المحرمة ثم حدثته صفية بنت أبي عبيد أن عائشة حدثتها: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رخص للنساء في الخفين" فترك ذلك. وحديث جابر بن عبد الله عن أبي عمرو مولى عائشة واسمه ذكوان عن عائشة: "أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يكون جنبا فيرد2 الرقاد فيتوضأ وضوءه للصلاة ثم يرقد". رواه أحمد في مسنده وفي إسناده ابن لهيعة. وحديث ابن عباس قال: أتى علي زمان وأنا أقول أولاد المسلمين مع المسلمين وأولاد المشركين مع المشركين حتى حدثني فلان عن فلان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنهم فقال: "الله أعلم بما كانوا عاملين" قال: فلقيت الرجل فأخبرني فأمسكت عن قولي. رواه أحمد والطيالسي في مسنديهما بسند صحيح وبين راويه عن الطيالسي.

_ 1 هكذا في خط وع وفي "السنن لأبي داود" "1831": "يقطع". 2 هكذا في خط وفي ع و "مسند أحمد": "فيريد".

وهو يونس بن حبيب أن الرجل الصحابي المذكور هو أبي بن كعب وكذا رواه الخطيب عن عبد الله بن عباس عن صاحب لأبي بن كعب. وحديث ابن عمر عن أسماء بنت زيد بن الخطاب عن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر: "ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر1 بالضوء لكل صلاة طاهرا أو غير طاهر فلما شق ذلك عليهم2 أمر بالسواك لكل صلاة" رواه أبو داود من طريق ابن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عبد الله بن عبد الله بن عمر قال: قلت أرأيت توضؤ3 ابن عمر لكل صلاة طاهرا أو غير4 طاهر عم ذلك5 فقال حدثته6 أسماء بنت زيد بن الخطاب ان عبد الله بن حنظلة حدثها فذكره. وفي رواية علقها أبو داود وأسندها الخطيب عبيد الله7 بن عبد الله بن عمر كذا أورده الخطيب في رواية ابن عمر عن أسماء. والظاهر أنه من رواية ابنه عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أسماء وإن كانت حدثت به ابن عمر نفسه وكذا قاله المزي8 أن الراوي عنها عبد الله بن عبد الله ابن عمر. وحديث ابن عمر أيضا عن أسماء بنت زيد بن الخطاب عن عبد الله بن حنظلة

_ 1 هكذا في ع وسنن أبي داود وفي خط: "أمرنا". 2 هكذا في خط وع وفي سنن أبي داود "عليه". 3 هكذا في ع وسنن أبي داود "48" وفي خط: "توضأ". 4 هكذا في خط وع وفي سنن أبي داود: "وغير" بدون الهمزة. 5 هكذا في خط وفي ع وسنن أبي داود: "ذاك". 6 هكذا في خط وع وفي سنن أبي داود: "حدثتنيه". 7 هكذا في خط وفي ع: "إلي عبيد الله". 8 وقع في ع: "وكذا جعل المزني في تهذيب الكمال".

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" رواه الخطيب فيه. وحديث سليمان بن صرد عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: تذاكروا غسل الجنابة عند النبي صلي الله عليه وسلم فقال: "أما أنا فأفيض على رأسي ثلاثا ... الحديث" رواه الخطيب وهو متفق عليه من رواية سليمان عن جبير ليس فيه نافع. وحديث أبي الطفيل عن بكر بن قرواش عن سعد بن أبي وقاص قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شيطان الردهة يحتدره1 رجل من بجيلة" الحديث. رواه أبو يعلي الموصلي في مسنده. قال صاحب الميزان بكر بن قرواش لا يعرف والحديث منكر. وحديث أبي هريرة عن أم عبد الله بن أبي ذباب عن ام سلمة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما ابتلى الله عبدا ببلاء وهو على طريقة2 يكرهها إلا جعل الله ذلك البلاء له كفارة". رواه ابن أبي الدنيا في كتاب المرض والكفارات ومن طريقه الخطيب. وحديث ابن عمر عن صفية بنت أبي عبيد عن حفصة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال3: "من لم يجمع الصوم قبل الصبح فلا صوم له". وحديث ابن عمر أيضا عنها عن حفصة لا يحرم من الرضاع إلا عشر رضعات فصاعدا رواهما الخطيب وفي إسنادهما محمد بن عمر الواقدي.

_ 1 هكذا في مسنده أحمد "1/179" والحميدي "74" و "السنة" لابن أبي عاصم "920" والمستدرك: "يحتذره" بالدال المهملة ووقع في خط: " يحتذره" بالدال المعجمة ومثله في كشف الأستار" "1854" وبعض نسخ مسند أحمد وفي ع: "يحذره" بالمعجمة وعند أبي يعلي "753" "784":"يحذره" بالمهملة، وراجع: "شرح المسند للشيخ شاكر رحمه الله/ 1551". 2 هكذا في خط وع وفي الترغيب "4/0280": "طريق" 3 وضح النسخ علي اللام لفظ: "خف" - كذا.

وحديث أنس عن وقاص بن ربيعة عن أبي ذر قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيما يرويه عن ربه عز وجل ابن آدم إنك إن دنوت مني شبرا دنوت منك ذراعا" الحديث. وحديث أبي الطفيل عن عبد الملك بن أخي أبي ذر عن أبي ذر: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني أنهم لن يسلطوا على قتلي ولن يفتنوني عن ديني" الحديث. وحديث أبي أمامة عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من رجل مسلم يحافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها فتمسه النار". وحديث أبي الطفيل عن حلام بن جزل عن أبي ذر مرفوعا: "الناس ثلاث طبقات" الحديث. روى هذه الأحاديث أيضا الخطيب بأسانيد ضعيفة. فهذه عشرون حديثا مرفوعة من رواية الصحابة عن التابعين عن الصحابة جمعها الحافظ زين الدين العراقي أمتع الله به.

النوع العاشر: معرفة المنقطع

النوع العاشر: معرفة المنقطع وفيه وفي الفرق بينه وبين المرسل مذاهب لأهل الحديث وغيرهم فمنها ما سبق في نوع المرسل عن الحاكم1 من ان المرسل مخصوص بالتابعي وأن المنقطع منه الإسناد الذي فيه قبل الوصول إلى التابعي راو لم يسمع من الذي فوقه والساقط بينهما غير مذكور لا معينا ولا مبهما ومنه الإسناد الذي ذكر فيه بعض رواته بلفظ مبهم نحو رجل او شيخ أو غيرهما. مثال الأول ما رويناه عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن زيد بن يثيع عن حذيفة قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن وليتموها أبا بكر فقوي أمين" الحديث. فهذا إسناد إذا تأمله الحديثي وجد صورته صورة المتصل وهو منقطع في موضعين لأن عبد الرزاق لم يسمعه من الثوري وإنما سمعه من النعمان بن أبي شيبة الجندي عن الثوري ولم يسمعه الثوري أيضا من أبي إسحاق إنما سمعه من شريك عن أبي إسحاق. ومثال الثاني: الحديث الذي رويناه عن أبي العلاء بن عبد الله بن الشخير عن رجلين عن شداد بن أوس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء في الصلاة "اللهم إني أسألك الثبات في الأمر" الحديث ومنها ما ذكره ابن عبد البر وهو ان المرسل مخصوص بالتابعين والمنقطع

_ 1 زاد في ش وع: "صاحب كتاب: معرفة أنواع علوم الحديث".

شامل له ولغيره وهو عنده كل ما لا يتصل إسناده سواء كان يعزى إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى غيره. ومنها ان المنقطع مثل المرسل وكلاهما شاملان لكل ما لا يتصل إسناده وهذا المذهب أقرب صار إليه طوائف من الفقهاء وغيرهم وهو الذي ذكره الخطيب في كفايته. إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الاستعمال ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأكثر ما يوصف بالانقطاع ما رواه من دون التابعين عن الصحابة مثل مالك عن ابن عمر ونحو ذلك. ومنها ما حكاه الخطيب عن بعض أهل العلم بالحديث ان المنقطع ما روي عن التابعي أو من دونه موقوفا عليه من قوله أو فعله. وهذا غريب بعيد انتهى. تقدم الكلام على المقطوع وذكر المصنف هناك أنه وجد التعبير بالمقطوع عن المنقطع في كلام الشافعي والطبراني وغيرهما وكذلك هو في كلام الحميدي والدارقطني. وقوله: ومنها ما حكاه الخطيب عن بعض أهل العلم يريد بذلك الحافظ أبا بكر أحمد بن هارون البرديجي البرذعي قال: ذلك في جزء له لطيف.

النوع الحادي عشر: معرفة المعضل

النوع الحادي عشر: معرفة المعضل وهو لقب لنوع خاص من المنقطع فكل معضل منقطع وليس كل منقطع معضلا وقوم يسمونه مرسلا كما سبق وهو عبارة عما سقط من إسناده اثنان فصاعدا. وأصحاب الحديث يقولون أعضله فهو معضل بفتح الضاد وهو اصطلاح مشكل المأخذ من حيث اللغة وبحثت فوجدت له قولهم أمر عضيل أي مستغلق شديد ولا التفات في ذلك إلى معضل بكسر الضاد وإن كان مثل عضيل في المعنى. ومثاله ما يرويه تابعي التابعي قائلا فيه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك ما يرويه من دون تابعي التابعي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن أبي بكر وعمر وغيرهما غير ذاكر للوسائط بينه وبينهم وذكر أبو نصر السجزي الحافظ قول الراوي بلغني نحو قول مالك بلغني عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "للمملوك طعامه وكسوته" الحديث وقال أصحاب الحديث يسمونه المعضل. قلت وقول المصنفين من الفقهاء وغيرهم قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا ونحو ذلك كله من قبيل المعضل لما تقدم وسماه الخطيب في بعض كلامه مرسلا وذلك على مذهب من يسمي كل ما لا يتصل مرسلا كما سبق. وإذا روى تابع1 عن التابع حديثا موقوفا عليه وهو حديث متصل مسند

_ 1 هكذا في خط وفي ش وع: "التابع".

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد جعله الحاكم أبو عبد الله نوعا من المعضل، مثاله ما رويناه عن الأعمش عن الشعبي1 قال: "يقال للرجل يوم القيامة عملت كذا وكذا فيقول ما عملته فيختم على فيه" الحديث فقد أعضله الأعمش وهو عند الشعبي عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متصلا مسندا. قلت هذا جيد حسن لأن هذا الانقطاع بواحد مضموما إلى الوقف يشتمل على الانقطاع باثنين الصحابي ورسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك باستحقاق اسم الإعضال أولى انتهى قال: تفريعات: أحدها الإسناد المعنعن وهو الذي يقال فيه فلان عده فلان عدة بعض الناس من قبيل المرسل والمنقطع حتى يتبين اتصاله بغيره. والصحيح والذي عليه العمل أنه من قبيل الإسناد المتصل وإلى هذا ذهب الجماهير من أئمة الحديث وغيرهم وأودعه المشترطون للصحيح في تصانيفهم فيه وقبلوه وكاد أبو عمر ابن عبد البر يدعي إجماع أئمة الحديث على ذلك وادعى أبو عمرو الداني المقرئ الحافظ إجماع أهل النقل على ذلك. وهذا بشرط أن يكون الذين أضيفت العنعنة إليهم قد ثبتت ملاقاة بعضهم بعضا مع براءتهم من وصمة التدليس فحينئذ يحمل على ظاهر الاتصال إلا ان يظهر فيه خلاف ذلك. وكثر في عصرنا وما قاربه بين المنتسبين إلى الحديث استعمال عن في الإجازة فإذا قال: أحدهم قرأت على فلان عن فلان أو نحو ذلك فظن2 أنه رواه عنه بالإجازة ولا يخرجه ذلك من قبيل الاتصال على ما لا يخفى انتهى. اعترض على قوله كاد ابن عبد البر يدعي إجماع أئمة الحديث وموضع كاد مقاربة اسمها لخبرها3 مع ان ابن عبد البر جزم بذلك في مقدمة التمهيد

_ 1 هكذا في ش وع، وفي خط: " السبيعي"،وراجع: "تحفة الأشراف" "1/249". 2 في حاشية خط: "فظن هنا أمر بالظن لا إخبار". وقارن بحاشية "المقدمة". 3 هكذا قرأتها ويحتممل أن تكون "بخبرها" فقد وضع الناسخ نقطة تحت الحرف الأول لكنه أشبه باللام منه بالباء الموحدة.

فقال أجمعوا على قبول الإسناد المعنعن لا خلاف بينهم في ذلك إذا جمع شروطا ثلاثة عدالة المحدثين ولقاء بعضهم بعضا مجالسة ومشاهدة وأن يكونوا براء من التدليس وهو قول مالك وعامة اهل العلم. والعنعنة مصدر عنعن الحديث إذا رواه بلفظ عن من غير بيان التحديث والإخبار والسماع وشرط المصنف أن تثبت ملاقاة بعضهم بعضا وقال اشتراط اللقاء قول مخترع لم يسبق قائله إليه وسيأتي ذلك قريبا في كلام المصنف في الثالث بعد هذا. وقوله: فظن أمر بالظن. قال الثاني: اختلفوا في قول الراوي أن فلانا قال: كذا وكذا هل هو بمنزلة عن في الحمل على الاتصال إذا ثبت التلاقي بينهما حتى يتبين فيه الانقطاع مثاله مالك عن الزهري أن سعيد بن المسيب قال: كذا فروينا عن مالك رضي الله عنه أنه كان يرى عن فلان وأن فلانا سواء. وعن أحمد بن حنبل أنهما ليسا سواء. وحكى ابن عبد البر عن الجمهور1 ان عن وأن سواء وأنه لا اعتبار بالحروف والألفاظ وإنما هو باللقاء والمجالسة والسماع والمشاهدة يعني مع السلامة من التدليس فإذا كان سماع بعضهم من بعض صحيحا كان حديث بعضهم عن بعض بأي اللفظ2 ورد محمولا على الاتصال حتى يتبين فيه الانقطاع. وحكى ابن عبد البر عن أبي بكر البرديجي ان حرف أن محمول على الانقطاع حتى يتبين السماع في ذلك الخبر بعينه من جهة أخرى.

_ 1 في ش وع: "عن جمهور أهل العلم". 2 في وع: "لفظ".

وقال عندي لامعنى لهذا لإجماعهم على أن الإسناد المتصل بالصحابي سواء فيه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: او عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: أو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول1. قلت ووجدت مثل ما حكاه عن البرديجي للحافظ الفحل يعقوب بن شيبة في مسنده الفحل فإنه ذكر ما رواه أبو الزبير عن ابن الحنفية2 عن عمار قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فرد علي السلام" وجعله مسندا موصولا. وذكر رواية قيس بن سعد كذلك3 عن عطاء بن أبي رباح عن ابن4 الحنفية: "أن عمارا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم وهويصلي" فجعله مرسلا من حيث كونه قال: إن عمارا فعل ولم يقل عن عمار. ثم إن الخطيب مثل هذه المسألة بحديث نافع عن ابن عمر عن عمر5 أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: "أينام أحدنا وهو جنب" الحديث. وفي رواية أخرى عن نافع عن ابن عمر ان عمر قال: "يا رسول الله صلى الله عليه وسلم" الحديث. ثم قال: ظاهر الرواية الأولى يوجب أن يكون من مسند عمر6 عن النبي صلى الله عليه وسلم والثانية ظاهرها يوجب ان يكون من مسند ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: ليس هذ المثال مماثلا لما نحن بصدده لأن الاعتماد فيه في الحكم بالاتصال على مذهب الجمهور إنما هو على اللقاء والإدراك وذلك في هذا

_ 1 هكذا في خط وع، وليست في ش. 2 هكذا في ش وع، وفي خط: "الحنيفية". 3 هكذا في خط بالكاف وفي أوله، وفي ش وع "لذلك" باللام. 4 هكذا في ش وع، وفي خط: "أبي". 5 هكذا في ش وع، وليست في خط. 6 هكذا في ش وع، وفي خط: "ابن عمر".

الحديث مشترك متردد لتعلقه بالنبي صلى الله عليه وسلم وبعمر رضي الله عنه وصحبة الراوي ابن عمر لهما فاقتضى ذلك من جهة كونه رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن جهة أخرى كونه رواه عن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى. برديج1 على وزن فعليل بفتح أوله بليدة بينها وبين برذعة نحو أربعة عشر فرسخا إليها ينسب الحافظ أبو بكر أحمد بن هارون البرديجي البرذعي. واعترض بأن ما حكاه المصنف عن احمد ويعقوب بن شيبة من تفرقتهما بين عن وأن ليس كذلك على ما فهمه من كلامهما ولم يفرقا بينهما لصيغة أن وإنما فرقا بمعنى آخر غير الذي فهمه المصنف وهو ان يعقوب إنما جعله مرسلا من حيث أن ابن الحنفية لم يسند حكاية القصة إلى عمار وإلا فلو قال: ابن الحنفية إن عمارا قال: "مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم" ما جعله يعقوب مرسلا فلما أتى به بلفظ إن عمارا مر كان محمد بن الخنفية هو الحاكي لقصة لم يذكرها لأنه لم يذكر مرور عمار بالنبي صلى الله عليه وسلم فكان نقله لذلك مرسلا وهذا أمر واضح ولا فرق بين أن يقول ابن الحنفية: "إن عمارا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم" أو "إن النبي صلى الله عليه وسلم مر به عمار" فكلاهما مرسل بالاتفاق بخلاف ما إذا قال: عن عمار قال: مررت أو ان عمارا قال: مررت فإن هاتين العبارتين متصلتان لكونهما أسندتا إلى عمار وكذلك ما حكاه المصنف عن أحمد من تفرقته بين عن وأن فهو على هذا النحو ويتضح ذلك بعبارة أحمد. روى الخطيب في الكفاية بإسناده إلى أبي2 داود قال: سمعت أحمد قيل له إن رجلا قال: قال عروة ان عائشة قالت يار سول الله وعن عروة عن عائشة سواء قال: كيف هذا سواء ليس هذا بسواء.

_ 1 في حاشية خط: "برديج معرب ... من البلد العالي ... تتدلي ... إليها حي ... البنفسج". هذا ما وضح من هذه الحاشية والله المستعان. 2 سقطت من خط وهي في ع.

وإنما فرق أحمد بين اللفظين لأن عروة في اللفظ الأول لم يسند ذلك إلى عائشة ولا أدرك القصة وإلا فلو قال: عروة إن عائشة قالت قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلملكان ذلك متصلا لأنه أسند ذلك إليها وأما اللفظ الثاني: فأسنده عروة إليها بالعنعنة فكان ذلك متصلا. فما فعله أحمد ويعقوب صواب ليس مخالفا لقول مالك ولا لقول غيره وليس في ذلك خلاف بين أهل النقل والقاعدة في معرفة المتصل من المرسل في ذلك أن الراوي إذا روى حديثا فيه قصة أو واقعة فإن كان أدرك ما رواه بأن حكى قصة وقعت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين بعض الصحابة فإن كان الراوي لها صحابيا أدرك تلك الواقعة فهي متصلة سواء شاهدها أم لا وإن لم يدركها فهو مرسل صحابي وإن كان الراوي تابعيا فهو منقطع وإن روى التابعي عن الصحابي قصة أدرك وقوعها كان متصلا وإن لم يدركها فإن أسندها إلى الصحابي كانت متصلة أيضا وإن لم يدركها ولا أسندها إلى الصحابي فهي منقطعة كرواية ابن الحنفية الثانية عن عمار. ولا بد من اعتبار السلامة من التدليس في التابعين ومن بعدهم وقد حكى أبو عبد الله بن المواق الاتفاق على ذلك في كتابه بغية النقاد عند ذكر حديث عبد الرحمن بن طرفة أن جده عرفجة قطع أنفه يوم الكلاب الحديث فقال الحديث عند أبي داود مرسل وقد نبه ابن السكن على إرساله قال: ابن المواق وهذا أمر بين ولا خلاف في انقطاع ما يروى كذلك إذا علم ان الراوي لم يدرك زمن القصة كما في هذا الحديث وذكر نحو ذلك أيضا في حديث أبي قيس أن عمرو بن العاص كان على سرية الحديث في التيمم من عند أبي داود أيضا قال الثالث: قد ذكرنا ما حكاه ابن عبد البر من تعميم الحكم بالاتصال فيما يذكره الراوي عن من لقيه بأي لفظ كان. وهكذا أطلق أبو بكر الشافعي الصيرفي ذلك فقال كل من علم له سماع من إنسان فحدث عنه فهو على السماع حتى يعلم أنه لم يسمع منه ما حكاه وكل من علم له لقاء إنسان فحدث عنه فحكمه هذا الحكم وإنما قال: هذا فيمن لم يظهر تدليسه.

ومن الحجة في ذلك وفي سائر الباب أنه لو لم يكن قد سمعه منه لكان بإطلاقه الرواية عنه من غير ذكر الواسطة بينه وبينه مدلسا والظاهر السلامة من وصمة التدليس والكلام فيمن لم يعرف بالتدليس. ومن أمثلة ذلك قوله قال: فلان كذا وكذا مثل أن يقول نافع قال: ابن عمر وكذلك لو قال: عنه ذكر أو حدث أو كان يقول كذا وكذا وما جانس ذلك. فكل ذلك محمول ظاهرا على الاتصال وأنه تلقى ذلك منه من غير واسطة بينهما مهما ثبت لقاؤه له على الجملة. ثم منهم من اقتصر في هذا الشرط المشروط في ذلك ونحوه على مطلق اللقاء أو السماع كما حكيناه آنفا وقال فيه أبو عمرو المقرئ إذا كان معروفا بالرواية عنه. وقال فيه أبو الحسن القابسي إذا أدرك المنقول عنه إدراكا بينا. وذكر أبو المظفر السمعاني في العنعنة أنه يشترط طول الصحبة بينهم. وأنكر مسلم في خطبة صحيحه على بعض أهل عصره حيث اشترط في العنعنة ثبوت اللقاء والاجتماع وادعى أنه قول مخترع لم يسبق قائله إليه وأن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار قديما وحديثا أنه يكفي في ذلك أن يثبت كونهما في عصر واحد وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا او تشافها. وفيما قاله مسلم نظر وقد قيل إن القول الذي رده مسلم هو الذي عليه أئمة هذا العلم على ابن المديني والبخاري وغيرهما. قلت وهذا الحكم لا أراه يستمر به المتقدمين فيما وجد من المصنفين في تصانيفهم مما ذكروه عن مشايخهم قائلين فيه ذكر فلان قال: فلان ونحو ذلك فافهم1 فإنه مهم عزيز انتهى. وهذا هو الذي تقدم الوعد بذكره والصيرفي أبو بكر اسمه محمد بن عبد الله أحد أصحاب الوجوه في فروع الفقه وأصوله تفقه على ابن سريج ويقال إنه

_ 1 في ش وع: "فافهم كل ذلك".

كان أعلم الناس بأصول الفقه بعد الشافعي سمع الحديث من أحمد بن منصور الرمادي وعنه علي بن محمد الحلبي توفي في رجب سنة ثلاثين وثلاثمائة له مصنفات في الفقه وغيره ومن اختياراته أن1 من وطئ في نكاح بلا ولي وهو يعتقد تحريمه حد. روى الصيرفي بسنده إلى وهب بن منبه أنه قال: الدراهم والدنانير خواتيم الله في الأرض من ذهب بخاتم الله قضيت حاجته. رواه الخطيب البغدادي بسنده إلى وهب. قال: الرابع: التعليق الذي يذكره أبو عبد الله الحميدي صاحب الجمع بين الصحيحين وغيره من المغاربة في أحاديث من صحيح البخاري قطع إسنادها وقد استعمله الدارقطني من قبل صورته صورة الانقطاع وليس حكمه حكمه ولا خارجا ما وجد ذلك فيه2 من قبيل الصحيح إلى قبيل الضعيف. وذلك لما عرف من شرطه وحكمه على ما نبهنا عليه في الفائدة السادسة من النوع الأول. ولا التفات إلى أبي محمد بن حزم الظاهري في رده ما أخرجه البخاري من حديث أبي عامر3 وأبي مالك الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحرير والخمر والمعازف" الحديث من جهة ان البخاري أورده قائلا فيه قال: هشام بن عمار وساقه بإسناده. فزعم ابن حزم أنه منقطع فيما بين البخاري وهشام وجعله جوابا عن الاحتجاج به على تحريم المعارف وأخطأ في ذلك من وجوه والحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح.

_ 1 في خط: "أنه أن". 2 في ش وع: "فيه منه". 3 في ش وع: "أو" وما فيهما هو الذي في صحيح البخاري"5590".

والبخاري رحمه الله قد يفعل مثل ذلك لكون ذلك الحديث معروفا من جهة الثقات عن ذلك الشخص الذي علقه عنه وقد يفعل ذلك لكونه قد ذكر ذلك الحديث في موضع آخر من كتابه مسندا متصلا وقد يفعل ذلك لغير ذلك من الأسباب التي لا يصحبها خلل الانقطاع. وما ذكرنا1 من الحكم في التعليق المذكور فذلك فيما أورده منه أصلا ومقصودا لا فيما اورده في معرض الاستشهاد فإن الشواهد يحتمل فيها ما ليس من شرط الصحيح معلقا كان أو موصولا. ثم إن لفظ التعليق وجدته مستعملا فيما حذف من مبتدإ إسناده واحد فأكثر حتى إن بعضهم استعمله في حذف كل الإسناد. مثال ذلك قوله: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا قال: ابن عباس كذا وكذا وروى2 أبو هريرة كذا وكذا قال: سعيد بن المسيب عن أبي هريرة كذلك قال: الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم كذاوكذا3 وهكذا إلى شيوخ شيوخه. وأما ماأورده كذلك عن شيوخه فهو من قبيل ما ذكرناه قريبا في الثالث: من هذه التفريعات. وبلغني عن بعض المتأخرين من أهل المغرب أنه جعله قسما من التعليق ثانيا وأضاف إليه قول البخاري في غير موضع من كتابه وقال لي فلان وزادنا4 فلان فوسم كل ذلك بالتعليق المتصل من حيث الظاهر المنفصل من حيث المعنى وقال متى رأيت البخاري يقول وقال لي فلان وقال لنا5 فاعلم أنه إسناد لم يذكره للاحتجاج به وإنما ذكره للاستشهاد به.

_ 1 في ش وع: "ذكرناه" بالهاء في آخره. 2 هكذا في خط بالواو قبله وفي ش وع "روي" بدون الواو. 3 هكذا في خط وفي ع: "كذا وكذا قال الزهري" وفي ش: "كذا وكذا وهكذا إلي شيوخ شيوخه" سقط ذكر: "قال الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم كذا وكذا" 4 هكذا في خط وع، وفي ش: "وروانا". 5 هكذا في ش وع، وفي خط: "وقال وقال لنا".

وكثيرا ما يعبر المحدثون بهذا اللفظ عما جرى بينهم في المذكرات والمناظرات وأحاديث المذاكرة قلما يحتجون بها. قلت وما ادعاه على البخاري مخالف لما قاله من هو أقدم منه وأعرف بالبخاري وهو العبد الصالح أبو جعفر بن حمدان النيسابوري1 فقد روينا عنه أنه قال: كل ما قال: البخاري قال: لي فلان فهو عرض ومناولة. قلت ولم أجد لفظ التعليق مستعملا فيما سقط فيه بعض رجال الإسناد من وسطه او من آخره ولا في مثل قوله يروى عن فلان ويذكر عن فلان وما أشبهه مما ليس فيه جزم على من ذكر ذلك عنه بأنه قاله وذكره. وكأن هذا التعليق مأخوذ من تعليق الجدار وتعليق الطلاق ونحوه لما يشترك الجميع فيه من قطع الاتصال انتهى. اعترض عليه بأن البخاري شرط في كتابه ما سماه به المسند الصحيح وقد وضع فيه مالم يسنده وكذا قال: ابن القطان في بيان الوهم والإيهام إن ما علقه البخاري من الأحاديث غير مبال بضعف رواتها فإنها غير معدودة فيما انتخب وإنما يعد من ذلك ما وصل الأسانيد به. والجواب أن المصنف إنما يحكم بصحتها إلى من علقها عنه إذا ذكره بصيغة الجزم ولا نظن بالبخاري أن يجزم القول فيما ليس بصحيح عمن جزم به عنه فأما إذا ذكر فيما أبرزه من السند ضعيفا فإنه ليس بصحيح عنده. قوله فزعم ابن حزم أنه منقطع فيما بين البخاري وهشام ليس كذلك وإنما قال: في المحلى منقطع لم يتصل ما بين البخاري وصدقة بن خالد. وصدقة هذا شيخ هشام بن عمار في هذا الحديث وهذا قريب إلا أن المصنف لا يجوز تغيير الألفاظ في التصانيف وإن اتفق المعنى. قوله وأما ما أورده البخاري كذلك عن شيوخه فهو من قبيل ما ذكرنا قريبا في الثالث: أي ما قال: فيه البخاري قال: فلان وسمى بعض شيوخه انه محكوم فيه بالاتصال كالإسناد المعنعن. يشكل على ما ذكره المصنف هنا أن البخاري قال: " في الجنائز" باب: "ما جاء

_ 1 تحريف في نشرة المقدمة إلي: "النسيابوري".

في قاتل النفس ":وقال حجاج بن منهال ثنا جرير بن حازم عن الحسن قال: ثنا جندب في هذا المسجد فما نسيناه وما نخاف أن يكذب جندب على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان برجل جراح فقتل نفسه الحديث. فحجاج بن منهال أحد شيوخ البخاري قد سمع منه أحاديث وقد علق عنه هذا الحديث ولم يسمعه وبينه وبينه واسطة كما ذكره في باب ما ذكر عن بني إسرائيل فقال ثنا محمد ثنا حجاج قال: ثنا جرير عن الحسن قال: حدثنا جندب فذكر الحديث. فهذا يدل على أنه لم يسمعه من حجاج وهذا تدليس فلا ينبغي أن يحمل ما علقه عن شيوخه على السماع منهم. ويجوز أن يقال إن البخاري أخذه عن حجاج بالمناولة أو في حال المذاكرة على الخلاف الذي ذكره المصنف وسمعه ممن سمعه منه فلم يستحسن التصريح باتصاله بينه وبين حجاج ما وقع من يحمله1 وهو قد صح عنده بواسطة الذي حدث به عنه فأتى به في موضع بصيغة التعليق وفي موضع آخر بزيادة الواسطة وعلى هذا فلا يسمى ما وقع من البخاري على هذا التقدير تدليسا وعلى كل حال فهو محكوم بصحته لكونه أتى به بصيغة الجزم فما قاله ابن حزم في حديث البخاري عن هشام بن عمار بحديث المعازف من أنه ليس متصلا عند البخاري يمكن أن يكون البخاري أخذه عن هشام مناولة أو في المذاكرة فلم يصرح فيه بالسماع. وقول ابن حزم إنه موضوع مردود عليه بالاتفاق فقد وصله غير البخاري من طريق هشام ومن طريق غيره. قال الإسماعيلي في صحيحه ثنا الحسن وهو ابن سفيان الإمام ثنا هشام بن عمار. وقال الطبراني في مسند الشاميين ثنا محمد بن يزيد بن عبد الصمد ثنا هشام بن عمار ثنا صدقة بن خالد. وقال أبو داود في سننه ثنا عبد الوهاب بن نجدة ثنا بشر بن بكر

_ 1 كذا في خط.

كلاهما1 عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر بإسناده. وقد ذكر المصنف فيما تقدم في النوع الأول في أمثلة تعليق البخاري قال: القعنبي والقعنبي من شيوخ البخاري فجعله هناك من باب التعليق وخالف ذلك هنا. وقد يجاب عنه بما ذكره هنا عقب الإنكار على ابن حزم وهو قوله والبخاري قد يفعل مثل ذلك لكون الحديث معروفا من جهة الثقات عن ذلك الشخص الذي علق عنه وقد يفعل ذلك لكونه قد ذكره في موضع آخر متصلا او غير ذلك من الأسباب التي لا يصحبها خلل الانقطاع. فحديث المعازف معروف من جهة الثقات عن هشام وحديث جندب ذكره في موضع آخر من كتابه مسندا وقد اعترض على المصنف في قوله وقد يفعل ذلك لسبب من الأسباب التي لا يصحبها خلل الانقطاع بأن حديث جندب المذكور في الجنائز صحبه خلل الانقطاع فإنه لم يأخذه عن حجاج بن منهال. وجوابه أنه لم يرد بقوله لا يصحبه خلل الانقطاع في غير الموضع2 الذي علقه فيه فإن التعليق منقطع قطعا بل مراده لا يصحبها في الواقع بأن يكون الحديث معروف الاتصال إما في كتابه في موضع آخر كحديث جندب او في غيره كحديث أبي مالك الأشعري فإنه إنما جزم به حيث علم صحته واتصاله في نفس الأمر كما تقدم. واختلف في محمد شيخ البخاري في حديث جندب فقيل هو محمد بن يحيى الذهلي وهو الظاهر فإنه روى عن حجاج بن منهال والبخاري عادته لا ينسبه إذا روى عنه إما لكونه من أقرانه أو لما جرى بينهما وقيل هو محمد بن جعفر السمناني. قوله: "قلت: ولم أجد لفظ التلعيق مستعملا فيما سقط فيه بعض رجال

_ 1 يعني: صدقة وبشر بن بكر. 2 كذا في خط، وصوابها: "في الموضع".

الإسناد من وسطه أو من آخره إلى آخره". وقد وجد ذلك وقد سمى غير واحد من المتأخرين ما ليس بمجزوم تعليقا منهم الحافظ أبو الحجاج المزي لقول البخاري في باب مس الحرير ويروى فيه عن الزبيدي عن الزهري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره في الأطراف وعلم عليه علامة التعليق للبخاري. وكذا فعل غير واحد من الحفاظ يقولون ذكره البخاري تعليقا مجزوما أو تعليقا غير مجزوم به إلا أنه يجوز ان هذا الاصطلاح متجدد فلا لوم على المصنف في قوله إنه لم يجده. قال الخامس: الحديث الذي رواه بعض الثقات مرسلا وبعضهم متصلا اختلف أهل الحديث في أنه ملحق بقبيل الموصول أو بقبيل المرسل. مثاله لا نكاح إلا بولي رواه إسرائيل بن يونس في آخرين عن جده أبي إسحاق السبيعي عن أبي بردة عن أبيه أبي موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- مسندا هكذا متصلا. ورواه سفيان الثوري وشعبة عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا هكذا. فحكى الخطيب الحافظ أن أكثر أصحاب الحديث يرون الحكم في هذا وأشباهه للمرسل. وعن بعضهم أن الحكم للأكثر وعن بعضهم أن الحكم للأحفظ. فإذا كان من أرسله أحفظ ممن وصله فالحكم لمن أرسله ثم لا يقدح ذلك في عدالة من وصله وأهليته1. ومنهم من قال: الحكم لمن أسنده إذا كان عدلا ضابطا فيقبل خبره وإن خالفه غيره سواء كان المخالف له واحدا او جماعة. قال الخطيب هذا القول هو الصحيح.

_ 1 زاد في ش وع: "ومنهم من قال: من أسند حديثا قد أرسله الحفاظ فإرسالهم له يقدح في مسنده وفي عدالته وأهليته..".

قلت وما صححه هو الصحيح في الفقه وأصوله وسئل البخاري عن حديث لا نكاح إلا بولي المذكور فحكم لمن وصله وقال الزيادة من الثقة مقبولة. فقال البخاري هذا مع أن من أرسله شعبة وسفيان وهما جبلان1. ويلتحق بهذا ما إذا كان الذي وصله هو الذي أرسله وصله في وقت وأرسله في وقت وهكذا إذا رفع بعضهم الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ووقفه بعضهم على الصحابي أو رفعه واحد في وقت ووقفه هو أيضا في وقت آخر فالحكم على الأصح في كل ذلك لما زاده الثقة من الوصل والرفع لأنه مثبت وغيره ساكت ولو كان نافيا فالمثبت مقدم عليه لأنه علم ما خفي عليه ولهذا الفصل تعلق بفصل زيادة الثقة في الحديث وسيأتي انتهى. قوله فالحكم على الأصح في كل ذلك لما زاده الثقة هذا مذهب المحدثين وصحح الأصوليون خلافه وهو أن الاعتبار بما وقع منه أكثر فإن وقع وصله أو رفعه أكثر من إرساله أو وقفه فالحكم للوصل والرفع وإن كان الإرسال أو الوقف أكثر فالحكم له.

_ 1 في ش وع: ".. وهما جبلان لهما من الحفظ والإتقان الدرجة العالية".

النوع الثاني عشر: معرفة التدليس وحكم المدلس

النوع الثاني عشر: معرفة التدليس وحكم المدلس التدليس قسمان: أحدهما تدليس الإسناد وهو ان يروى عمن لقيه ما لم يسمعه منه موهما أنه سمعه منه او عمن عاصره ولم يلقه موهما أنه قد لقيه وسمعه منه ثم قد يكون بينهما واحد وقد يكون أكثر. ومن شأنه ألا يقول في ذلك أخبرنا فلان ولا حدثنا وما أشبههما وإنما يقول قال: فلان أو عن فلان ونحو ذلك. مثال ذلك: ما روينا عن علي بن خشرم قال: كنا عند ابن عيينة فقال1 الزهري2 فقيل له حدثكم الزهري فسكت ثم قال: الزهري فقيل له سمعته من الزهري فقال لا لم أسمعه من الزهري ولا ممن سمعه من الزهري حدثني عبد الرزاق عن معمر عن الزهري. القسم الثاني: تدليس الشيوخ وهو ان يروى عن شيخ حديثا سمعه منه فيسميه أو يكنيه أو ينسبه أو يصفه بما لا يعرف به كي لا يعرف. مثاله ما روي لنا عن أبي بكر بن مجاهد الإمام المقرئ أنه روى عن أبي بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني3 فقال حدثنا عبد الله بن أبي عبد الله وروى عن أبي بكر محمد بن الحسن النقاش المفسر المقرئ فقال حدثنا محمد بن سند فنسبه إلى جد له انتهى.

_ 1 في ش وع: "فقال: قال.." والمثبت من خط و "الكفاية" "ص/512" وغيرهما. 2 في حاشية خط: "كذا "الزهري" ابتداؤ كلام ليس يريد الإستفهام". 3 في حاشية خط: "السين والجيم مفتوحتان ومكسورتان".

وقد ترك المصنف قسما ثالثا وهو أشر الأقسام يسمونه تدليس التسوية سماه بذلك ابن القطان وغيره وهو ان يسمع المدلس حديثا من شيخ ثقة والثقة سمعه من شيخ ضعيف وذلك الضعيف يرويه عن ثقة فيسقط المدلس شيخ شيخه الضعيف ويجعله من رواية شيخه الثقة عن الثقة الثاني: بلفظ محتمل كالعنعنة ونحوها فيصير الإسناد كله ثقات ويصرح هو بالاتصال بينه وبين شيخه لأنه قد سمعه منه فلا يظهر حينئذ في الإسناد ما يقتضي عدم قبوله إلا لأهل النقد والمعرفة بالعلل1. مثال ذلك ما ذكره أبو محمد بن أبي حاتم في كتاب العلل قال: سمعت أبي وذكر الحديث الذي رواه إسحاق بن راهويه عن بقية قال: حدثني أبو وهب الأسدي عن نافع عن ابن عمر مرفوعا لا تحمدوا إسلام المرء حتى تعرفوا عقدة رأيه فقال أبي إن هذا الحديث له أمر قل من يفهمه روى هذا الحديث عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن أبي فروة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وعبيد الله بن عمرو كنيته أبو وهب وهو أسدي فكناه بقية ونسبه إلى بني أسد لكيلا يفطن له حتى إذا ترك إسحاق بن أبي فروة من الوسط لا يهتدى له وكان بقية من أفعل الناس لهذا". وممن كان يصنع هذا النوع من التدليس الوليد بن مسلم وحكي أيضا عن الأعمش وسفيان الثوري. فأما الوليد بن مسلم فحكى الدارقطني عنه أنه كان يفعله وروى عن أبي مسهر قال: كان الوليد بن مسلم2 يحدث بأحاديث الأوزاعي عن الكذابين ثم يدلسها عنهم.

_ 1 في تأريخ الدارمي عن ابن معين؛ قال الدارمي "952": "وسمعت يحي وسئل عن الرجل يلقي الرجل الضعيف من بين ثقتين يوصل الحديث ثقة عن ثقة ويقول: "أنقص من الحديث وأصل ثقة عن ثقة يحسن الحديث بذلك؟ فقال: لا يفعل؛ لعل الحديث عن كذاب ليس بشئ، فإذا هو قد حسنه وثبته ولكن يحدث به كما روي. قال عثمان: "وكان الأعمش ربما فعل ذلك" أهـ. 2 ما بين الأقواس تكرر في خط.

وروى عن صالح جزرة قال: سمعت الهيثم بن خارجة يقول قلت للوليد بن مسلم قد أفسدت حديث الأوزاعي قال: كيف قلت تروي عن الأوزاعي عن نافع وعن الأوزاعي عن الزهري وعن الأوزاعي عن يحيى بن سعيد وغيرك يدخل بين الأوزاعي وبين نافع عبد الله بن عامر الأسلمي وبينه وبين الزهري إبراهيم بن مرة وقرة. قال: أنبل الأوزاعي أن يروى عن مثل هؤلاء. قلت فإذا روى عن هؤلاء وهم ضعفاء أحاديث مناكير فأسقطتهم أنت وصيرتها من رواية الأوزاعي عن الثقات ضعف الأوزاعي فلم يلتفت إلى قولي. وأما الأعمش والثوري فقال الخطيب في الكفاية كانا هما وبقية يفعلون ذلك. قال شيخنا الحافظ أبو سعيد العلائي في كتابه جامع التحصيل وبالجملة فهذا النوع أفحش أنواع التدليس مطلقا وأشرها انتهى. ومما يلزم عليه من الغرور الشديد أن الثقة الأول قد لا يكون معروفا بالتدليس ويكون المدلس قد صرح بسماعه عن هذا الشيخ الثقة وهو كذلك فتزول تهمة تدليسه فيقف الواقف على هذا السند فلا يرى فيه موضع علة لأن المدلس صرح باتصاله والثقة الأول ليس مدلسا وقد رواه عن ثقة آخر فيحكم له بالصحة وفيه ما فيه من الآفة المتقدمة وهذا قادح فيمن تعمده. قوله في حد القسم الأول: "هو أن يروى عمن لقيه ما لم يسمعه منه إلى آخره" هذا الحد هو المشهور عندهم وقد حده الحافظ أبو بكر البزار وغيره بما هو أخص من هذا وهو أن يروى عمن قد سمع منه ما لم يسمعه منه من غير أن يذكر أنه سمعه منه وكذا حده الحافظ أبو الحسن بن القطان قال: والفرق بينه وبين الإرسال أن الإرسال روايته عمن لم يسمع منه انتهى. ويقابل هذا القول في تضييق حد التدليس قول آخر حكاه ابن عبد البر في التمهيد1 ان التدليس أن يحدث الرجل بما لم يسمعه منه بلفظ لا يقتضي

_ 1 راجع: "التمهيد" "1/15، 27".

تصريحا بالسماع وإلا كان كذبا. قال وعلى هذا فما سلم أحد من التدليس لا مالك ولا غيره. لكنه قال: وأئمة الحديث يقبلون تدليس ابن عيينة لأنه إذا وقف أحال على ابن جريج ومعمر ونظرائهما. وهذا ما رحجه ابن حبان وقال وهذا الشيء ليس في الدنيا إلا لسفيان بن عيينة فإنه كان يدلس ولا يدلس إلا عن ثقة مثل ثقته. ثم مثل ذلك بمراسيل كبار الصحابة1 فإنهم لا يرسلون إلا عن صحابي. قال الحافظ أبو بكر البزار من كان يدلس عن الثقات كان تدليسه مقبولا عند أهل العلم وإن كان مدلسا. قال أما القسم الأول فمكروه جداذمه أكثر العلماء وكان شعبة لمن2 أشدهم ذما له فروينا عن الشافعي أنه3 قال: التدليس أخو الكذب وروينا عنه أنه قال: لأن أزني أحب إلي من أن أدلس وهذا من شعبة إفراط محمول على المبالغة في الزجر عنه والتنفير. ثم اختلفوا في قبول رواية من عرف بهذا التدليس4 فجعله فريق من أهل الحديث والفقهاء مجروحا بذلك وقالوا لا تقبل روايته بحال بين السماع او لم يبين. والصحيح التفصيل وأن ما رواه المدلس بلفظ مبين5 للاتصال نحو

_ 1 في خط: "أصحابه" والصواب ما أثبته وراجع: "صحيح ابن حبان" "1/161 - 162 - ط: الرسالة". 2 في ش وع: "من". 3 يعني: شعبة رحمه الله. 4 في حاشية خط: "ذكرالبيهقي: أن من عرف "بالتدليس" لم يقبل منه حتي يبين السماع ثم وجدته نصا للشافعي". وما بين الأقواس واضح في حاشية خط. وراجع: الرسالة للشافعي "ص/369 - 382" والمعرفة "1/132 - 133"، والدلائل "1/29 - 30" كلاهما للبيهقي رحمه الله. 5 في ش وع: "بلفظ محتمل لم يبين فيه السماع والإتصال حكمه حكم المرسل وأنواعه وما رواه بلفظ مبين..".

سمعت وحدثنا وأخبرنا وأشباهها فهو مقبول محتج به. وفي الصحيحين وغيرهما من الكتب المعتمدة من حديث هذا الضرب كثير جدا كقتادة والأعمش والسفيانين وهشيم بن بشير وغيرهم. وهذا لأن التدليس ليس كذبا وإنما هو ضرب من الإبهام بلفظ محتمل. والحكم بأنه لا يقبل من المدلس حتى يبين قد أجازه1 الشافعي فيمن عرفناه دلس مرة. وأما القسم الثاني: فأمره أخف وفيه تضييع للمروي عنه وتوعير لطريق معرفته على من يطلب الوقوف على حاله وأهليته. ويختلف الحال في كراهة ذلك بحسب الغرض الحامل عليه. فقد يحمله على ذلك كون شيخه الذي غير سمته غير ثقة او كونه متأخر الوفاة قد شاركه في السماع منه جماعة دونه او كونه أصغر سنا من الراوي عنه او كونه كثير الرواية عنه فلا يحب الإكثار من ذكر شخص واحد على صورة واحدة. وتسمح بذلك جماعة من الرواة المصنفين منهم الخطيب أبو بكر فقد كان لهجا به في تصانيفه. انتهى. في كلامه أمور منها: أنه أجرى الخلاف في الثقة المدلس وهو كذلك كما حكاه الخطيب في الكفاية وادعى أبو الحسن بن القطان أنه لا خلاف فيه قال: في كتابه الوهم والإيهام إن يحيى بن أبي كثير كان يدلس وأنه ينبغي أن يجري في معنعنه الخلاف أما إذا صرح بالسماع فإنه يقبل بلا خلاف لأنه ثقة حافظ صدوق. الثاني: أنه ذكر أن ما لم يبين فيه المدلس الاتصال حكمه حكم المرسل فاقتضى كلامه ان من يقبل المرسل يقبل معنعن المدلس وليس ذلك قول جميع من يحتج بالمرسل بل بعض من يحتج بالمرسل يرد معنعن المدلس لما فيه من

_ 1 في ش وع: "أجراه".

التهمة كما حكاه الخطيب في الكفاية فقال إن جمهور من يحتج بالمرسل لا يقبل خبر المدلس. بل زاد النووي على هذا فحكى في شرح المهذب الاتفاق على أن المدلس لا يحتج بخبره إذا عنعن وكأنه تبع البيهقي في المدخل وابن عبد البر في التمهيد فحكى البيهقي عن الشافعي وسائر أهل العلم أنهم لا يقبلون عنعنة المدلس وحكى ابن عبد البر في مقدمة التمهيد ان المعنعن يقبل بثلاثة شروط إلا أن يكون معروفا بالتدليس فلا يقبل حديثه حتى يقول حدثنا او: "سمعت". وهذا ما لا أعلم فيه أيضا خلافا وما ذكر من الاتفاق محمول على اتفاق من لا يحتج بالمرسل وإلا فالخلاف مشهور1 وممن حكاه الحاكم في المدخل فإنه قسم الصحيح إلى عشرة أقسام خمسة متفق عليها وخمسة مختلف فيها فذكر من المختلف فيه المراسيل واحاديث المدلس إذا لم يذكر سماعه وحكى الخطيب عن كثير من أهل العلم أن خبر المدلس مقبول لأن نهاية أمره أن يكون مرسلا. وفي السؤال من أصله نظر فإن قوله ما لم يبين فيه المدلس الاتصال حكمه حكم المرسل يلزم منه ان كل من يقبل المرسل يقبل معنعن المدلس وهذا الإلزام ليس بلازم لما تقرر في موضعه. الثالث: أنه لم يبين قال: القسم الثاني2 بل قال: هو أخف وقد ذكر

_ 1 ينبغي أن يقيد ذلك "بالخلاف بين المحدثين والفقهاء" وإلا فلا خلاف بين أهل الحديث في رد المرسل وفي كلام ابن رجب رحمه الله في "شرح العلل" ما يشير إلي ذلك وقد حكي ابن عبد البر وغيره: إجماع المحدثين علي رده وترك العمل به فينبغي التقييد. واعلم أن أغلب ما يجري من خلاف في قضايا الاصطلاح هو من هذا النوع - أعني: خلاف الفقهاء مع المحدثين وكذلك المتكلمين وإلا فالباحث الفطن يري أن لا خلاف بين المحدثين في أغلب قضايا الاصطلاح فتنبه. والله الموفق. 2 هكذا في خط وفي ع: "الأمرالثالث: أن المصنف بين الحكم فيمن عرف بالقسم الأول من التدليس ولم يبين الحكم في القسم الثاني وإنما قال: أمره أخف". وكأن الناسخ ترك سطرا - سهوا.

حكمه أبو نصر بن الصباغ في العدة أن من فعل ذلك لكون من روى عنه غير ثقة فإنما أراد أن يغير اسمه ليقبلوا خبره يجب ألا يقبل خبره وإن كان هو يعتقد فيه الثقة فقد غلط في ذلك لجواز أن يعرف غيره من جرحه ما لا يعرفه هو وإن كان لصغر سنه فيكون ذلك رواية عن مجهول لا يجب قبول خبره حتى يعرف من روى عنه.

النوع الثالث عشر: معرفة الشاذ

النوع الثالث عشر: معرفة الشاذ روينا عن يونس بن عبد الأعلى قال: قال: لي الشافعي: "ليس الشاذ من الحديث ان يروى الثقة ما لا يروى غيره إنما الشاذ ان يروى الثقة حديثا يخالف ما روى الناس". وحكى أبو يعلى الخليلي القزويني نحو هذا عن الشافعي وجماعة من أهل الحجاز ثم قال: الذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ بذلك شيخ ثقة كان او غير ثقة فما كان غير ثقة فمتروك ولا يقبل وما كان عن ثقة يتوقف فيه ولا يحتج به. وذكر الحاكم ان الشاذ هو الحديث الذي ينفرد به ثقة عن1 الثقات وليس له أصل بمتابع لذلك الثقة. وذكر أنه يغاير المعلل من حيث أن المعلل وقف على علته الدالة على جهة الوهم فيه والشاذ لم يوقف فيه على علة كذلك. قلت أما ما حكم الشافعي عليه بالشذوذ فلا إشكال في أنه شاذ غير مقبول وأما ما حكيناه عن غيره فيشكل بما ينفرد به العدل الضابط كحديث إنما الأعمال بالنيات فإنه حديث فرد تفرد به عمر رضي الله عنه عن النبي2 صلي الله عليه وسلم ثم تفرد به عن عمر علقمة بن وقاص ثم عن علقمة محمد بن إبراهيم ثم عنه يحيى بن سعيد على ما هو الصحيح عند أهل الحديث. وأوضح من ذلك في ذلك حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر: "أن النبي صلي الله عليه وسلم

_ 1 في ش وع: "من". 2 هكذا في خط وفي ش وع: "..رسول الله..".

نهى عن بيع الولاء وهبته تفرد به عبد الله بن دينار". وحديث مالك عن الزهري عن أنس أن النبي صلي الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المغفر تفرد به مالك عن الزهري. فكل هذه مخرجة في الصحيحين مع أنه ليس لها إلا إسناد واحد تفرد به ثقة وفي غرائب الصحيح أشباه لذلك غير قليلة. وقد قال: مسلم للزهري نحو تسعين حرفا يرويه عن النبي صلي الله عليه وسلم لا يشاركه فيه1 أحد بأسانيد جياد2. فهذا الذي ذكرناه وغيره من مذاهب أئمة الحديث يبين لك أنه ليس الأمر في ذلك على الإطلاق الذي أتى به الخليلي والحاكم بل الأمر في ذلك على تفصيل نبينه فنقول: إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه فإن كان ما انفرد به مخالفا لما رواه من هو اولى منه بالحفظ لذلك وأضبط كان ما انفرد به شاذا مردودا وإن لم يكن فيه مخالفة لما رواه غيره وإنما هو أمر رواه هو ولم يروه غيره فينظر في هذا الراوي المنفرد فإن كان عدلا حافظا موثوقا بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به ولم يقدح الانفراد فيه كما سبق3 وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه واتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده به خارما له مزحزحا له عن حيز الصحيح. ثم هو مع4 ذلك دائر بين مراتب متفاوتة بحسب الحال فيه فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الحافظ الضابط المقبول تفرده استحسنا حديثه ذلك ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف وإن كان بعيدا من ذلك رددنا ما انفرد به وكان من قبيل الشاذ المنكر. فخرج من ذلك أن الشاذ المردود قسمان:

_ 1 هكذا في خط و "صحيح"، وفي ش وع: "فيها". 2 راجع: صحيح مسلم "1647". 3 هكذا في خط، وفي ش وع: "كما سبق من الأمثلة". 4 في ش وع: "بعد".

أحدهما الحديث الفرد المخالف. والثاني: الفرد الذي ليس في رواته1 من الثقة والضبط ما يقع جابرا لما يوجبه التفرد والشذوذ من النكارة والضعف انتهى. اعترض عليه بأمرين أحدهما أن الخليلي والحاكم إنما ذكرا تفرد الثقة فلا يرد عليهما تفرد الحافظ لما بينهما من التفاوت. الثاني: أن حديث النية لم ينفرد به عمر بل رواه أبو سعيد الخدري وغيره عن النبي صلي الله عليه وسلم فيما ذكره الدارقطني وغيره. والجواب عن الأول: أن الخليلي والحاكم ذكرا تفرد مطلق الثقة فيدخل فيه الثقة الحافظ وغيره. وعن الثاني: أنه لم يصح من حديث أبي سعيد ولا غيره سوى عمر وقد أشار المصنف إلى أنه قد قيل إن له غير طريق عمر بقوله على ما هو الصحيح فلم يبق للاعتراض وجه. ثم إن حديث أبي سعيد الذي ذكره هذا المعترض صرحوا بتغليط ابن أبي رواد2 الذي رواه عن مالك وممن وهمه في ذلك الدارقطني وغيره. وأيضا فما الحكمة في اعتراضه بحديث عمر دون الحديث الذي بعده وهو حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر في النهي عن بيع الولاء وهبته. ومما يستغرب ما حكاه عبد الرحمن بن مندة ان حديث " الأعمال بالنيات" رواه سبعة عشر من الصحابة وأنه رواه عن عمر غير علقمة وعن علقمة غير محمد بن إبراهيم وعن محمد بن إبراهيم غير يحيى بن سعيد. وسئل الحافظ أبو الحجاج المزي عن كلام ابن مندة فأنكره واستبعده وهو معذور فإن أكثر الصحابة الذين ذكر حديثهم في الكتاب إنما لهم أحاديث أخرى في مطلق النية3 كحديث: "يبعثون على نياتهم" وكحديث ليس له من

_ 1 في ش وع: "رواية"بتقديم الألف علي الواو. 2 في ع: "ابن أبي داود". 3 وقع في ع: "التيه ط بمثناة فليصلح.

غزاته إلا ما نوى ونحو ذلك. وهكذا يفعل الترمذي حيث يقول وفي الباب عن فلان وفلان فإنه لا يريد ذلك الحديث المعين وإنما يريد احاديث اخر يصح أن تكتب في ذلك الباب فإن كان حديثا آخر غير الذي يرويه في أول الباب فهو عمل صحيح إلا ان كثيرا من الناس يفهمون من ذلك ان من سمى من الصحابة يروون ذلك الحديث الذي رواه في أول الباب بعينه وليس الأمر كذلك بل قد يكون كذلك وقد يكون حديثا آخر يصح إيراده في ذلك الباب وقد تتبعت الأحاديث التي ذكرها ابن مندة فلم يوجد1 منها بلفظ حديث عمر او قريبا من لفظه بمعناه إلا حديث لأبي سعيد الخدري وحديث لأبي هريرة وحديث لأنس بن مالك وحديث2 لعلي بن أبي طالب وكلها ضعيفة. ولهذا قال: الحافظ أبو بكر البزار لا يصح عن النبي صلي الله عليه وسلم إلا من حديث عمر ولا عن عمر إلا من حديث علقمة ولا عن علقمة إلا من حديث محمد بن إبراهيم ولا عن محمد بن إبراهيم إلا من حديث يحيى بن سعيد وسيأتي في "النوع الحادي والثلاثين". قوله وأوضح من ذلك في ذلك حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر: "أن النبي صلي الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وهبته" تفرد به عبد الله بن دينار. وحديث أنه عليه السلام: "دخل مكة وعلى رأسه المغفر" تفرد به مالك عن الزهري. أما حديث "النهي عن بيع الولاء" فقد روي من غير حديث عبد الله بن دينار رواه الترمذي في كتاب العلل المفردة قال: حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ثنا يحيى بن سليم عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر فذكره. ثم قال: والصحيح عن عبد الله بن دينار وعبد الله بن دينار قد تفرد بهذا الحديث عن ابن عمر ويحيى بن سليم أخطأ في حديثه وقال: الترمذي وهم3 انتهى.

_ 1 فلي ع: "فلم أجد". 2 في خط في أربعتهم: "حديث" وفي ع: "حديثا". 3 في ع: "وقال الترمذي أيضا في "الجامع" أن يحي بن سليم وهم في هذا الحديث....".

وقد ورد أيضا من غير رواية يحيى عن نافع رواه ابن عدي في الكامل فقال حدثنا عصمة بن بجماك1 البخاري قال: ثنا إبراهيم بن فهد بن حكيم2 وقال لم أسمعه إلا من عصمة عنه ثم قال: وسائر أحاديث إبراهيم بن فهد مناكير وهو مظلم الأمر وحكى أن ابن صاعد كان إذا حدث عنه يقول حدثنا إبراهيم بن حكيم ينسبه إلى جده لضعفه. والجواب عن المصنف أنه لا يصح أيضا إلامن رواية عبد الله بن دينار. وأما حديث المغفر فقد ورد من عدة طرق غير طريق مالك من رواية ابن أخي الزهري وأبي أويس عبد الله بن عبد الله بن أبي عامر ومعمر والأوزاعي كلهم عن الزهري. فأما رواية ابن أخي الزهري عنه فرواها أبو بكر البزار وأما رواية أبي أويس فرواها ابن سعد في الطبقات وابن عدي في الكامل وأما رواية معمر فذكرها ابن عدي في الكامل أيضا. وأما رواية الأوزاعي فذكرها المزي في الأطراف. وروى ابن مسدي في معجم شيوخه أن أبا بكر ابن العربي قال: لأبي جعفر ابن المرخي حين ذكر أنه لا يعرف إلا من حديث مالك عن الزهري قد رويته من ثلاثة عشر طريقا غير طريق مالك فقالوا له أفدنا هذه الفوائد فوعدهم فلم يخرج لهم شيئا. ثم تعقب ابن مسدي هذه الحكاية بأن3 شيخه فيها وهو أبو العباس العشاب كان متعصبا على ابن العربي لكونه كان متعصبا على ابن حزم.

_ 1 مترجم في "تأريخ دمشق" لابن عساكر "11/620 - 621 - المخطوط"، ووقع في نشرة "الكامل - ط: أولي/ دار الفكر": "الجمال" - كذا. 2 هكذا في خط وفي ع: " ... حدثنا إبراهيم بن فهد حدثنا مسلم عن محمد بن دينار عن يونس يعني ابن عبيد عن نافع عن عم..فذكره؛ أورده في ترجمة إبراهيم بن فهد بن حكيم ... " 3 هكذا في ع، وفي خط: "بأنه" بإثبات الهاء في آخره.

النوع الرابع عشر: معرفة المنكر من الحديث

النوع الرابع عشر 1: معرفة المنكر من الحديث بلغنا عن أبي بكر أحمد بن هارون البرديجي أنه الحديث الذي ينفرد به الرجل ولا يعرف متنه من غير روايته لا من الوجه الذي رواه منه ولا من وجه آخر. فأطلق البرديجي ذلك ولم يفصل. وإطلاق الحكم على التفرد بالرد أو النكارة أو الشذوذ موجود في كلام كثير من أهل الحديث والصواب فيه التفصيل الذي بيناه آنفا في شرح الشاذ. وعند هذا (نقول2) المنكر ينقسم قسمين على ما ذكرناه في الشاذ فإنه بمعناه مثال الأول وهو المنفرد المخالف لما رواه الثقات رواية مالك عن الزهري عن علي بن حسين عن عمر بن عثمان عن أسامة بن زيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم" فخالف مالك غيره من الثقات في قوله عمر بن عثمان بضم العين. وذكر مسلم3 في كتاب التمييز أن كل من رواه من أصحاب الزهري قال: فيه عمرو بن عثمان يعني بفتح العين. وذكر أن مالكا كان يشير بيده الى دار عمر بن عثمان كأنه علم أنهم يخالفونه وعمرو وعمر جميعا ولد4 عثمان غير أن هذا الحديث إنما هو عن

_ 1 لم يصدر الأبناسي رحمه الله هـ1االنوع بقوله: "قال" كما هي العادة. 2 هكذا في ش وع، وفي خط: "القول". 3 في ش وع: " ... مسلم صاحب الصحيح". 4 هكذا في خط وع، وفي ش: "ولدا" بألف التثنية.

عمرو بفتح العين وحكم مسلم وغيره على مالك بالوهم فيه. ومثال الثاني: وهو الفرد الذي ليس في رواته1 من الثقة والإتقان ما يحتمل معه تفرد2 ما رويناه من حديث أبي زكير يحيى بن محمد بن قيس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:: "كلوا البلح بالتمر فإن الشيطان إذا رأى ذلك غاظه" ويقول: "عاش ابن آدم حتى أكل الجديد بالخلق" تفرد به أبو زكير وهو شيخ صالح أخرج عنه مسلم في كتابه غير أنه لم يبلغ مبلغ من يحتمل تفرده انتهى. اعترض عليه بكونه جعل حديث مالك منكرا وهو لا يرث المسلم الكافر لكونه رواه عن عمر بن عثمان بضم العين وإنما رواه أصحاب الزهري عن عمرو بن عثمان بفتح العين. والحديث صحيح الإسناد وليس بمنكر لأن عمر وعمرا كلاهما ثقة والمصنف قد أشار الى نحو ذلك في النوع الثامن: عشر أن من أمثلة ما وقعت العلة في إسناده من غير قدح في متنه ما رواه الثقة يعلى بن عبيد عن سفيان الثوري عن عمرو بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البيعان بالخيار" الحديث قال: فهذا إسناد متصل بنقل العدل عن العدل وهو معلل غير صحيح والمتن على كل حال صحيح والعلة في قوله عن عمرو بن دينار وإنما هو عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر هكذا رواه الأئمة من أصحاب سفيان عنه فوهم يعلى وعدل عن عبد الله بن دينار الى عمرو بن دينار وكلاهما ثقة فجعل الوهم في الإسناد بذكر ثقة آخر لا يخرج المتن عن كونه صحيحا فكذا يكون الحكم هنا. مع أن مالكا اختلف عليه أيضا في عمرو وعمر فروى النسائي في مسنده من رواية عبد الله بن المبارك وزيد بن الحباب ومعاوية بن هشام ثلاثتهم عن مالك عن عمرو بن عثمان كما رواه أصحاب الزهري بفتح العين لكن قال: النسائي الصواب من حديث مالك عن عمر بضمها قال: ولا نعلم أحدا تابع

_ 1 في ش وع: "رواية" بالأفراد. 2 في ش وع: "تفرده" بالهاء في آخره.

مالكا على ذلك. قال ابن عبد البر إن يحيى بن بكير رواه عن مالك على الشك1 فقال عن عمرو بن عثمان أو عمر والثابت عن مالك عمر بضمها وتابعه القعنبي وأكثر الرواة. وقد رواه سفيان الثوري وشعبة عن عبد الله بن عيسى عن الزهري فخالفا الفريقين جميعا وأسقطا ذكر عمرو بن عثمان وجعلاه من رواية علي بن حسين عن2 أسامة والصواب رواية الجمهور. وإذا لم يصح هذا المثال للمنكر فالمثال له ما رواه أصحاب السنن الأربعة من رواية همام بن يحيى عن ابن جريج عن الزهري عن أنس قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه". قال أبو داود حديث منكر وإنما يعرف عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن الزهري عن أنس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ورق ثم ألقاه". قال والوهم فيه من همام ولم يروه إلا هو. وقال النسائي حديث غير محفوظ. وأما قول الترمذي حديث حسن صحيح غريب فإنه أجرى حكمه على ظاهر الإسناد. وقول أبي داود والنسائي أولى بالصواب ألا أنه قد ورد من3 غير رواية همام. رواه الحاكم والبيهقي من رواية يحيى بن المتوكل عن ابن جريج وصححه4 الحاكم وضعفه البيهقي فقال هذا شاهد ضعيف وكأن البيهقي ظن أن يحيى بن

_ 1 من ع، وليست في خط. 2 هكذا في ع، وفي خط: "بن". 3 من ع، وعليها طمس في خط. 4 من ع، وعليها طمس في خط.

المتوكل هو أبو عقيل صاحب بهية1 أي الراوي عن بهية وهو ضعيف وليس هو به وإنما هو باهلي يكنى أبا بكرة ذكره ابن حبان في الثقات. وقول ابن معين لا أعرفه لا يقدح فيه فقد روى عنه نحو من عشرين نفسا إلا أنه اشتهر تفرد همام2 به عن ابن جريج. وقوله: في أبي زكير شيخ صالح تبع فيه أبا يعلى الخليلي في كتابه الإرشاد. وقوله: أخرج عنه مسلم وهو إنما أخرج عنه في المتابعات لا فيما يحتج به مع أن الجماعة ضعفوه فروى إسحاق الكوسج عن يحيى بن معين أنه ضعفه وقال ابن حبان لا يحتج به وقال العقيلي لا يتابع على حديثه وأورد له ابن عدي أربعة أحاديث مناكير.

_ 1 الضبط من خط. 2 من ع، وفي خط: "تفردهما".

النوع الخامس عشر: معرفة الاعتبار والمتابعات والشواهد.

النوع الخامس عشر: معرفة الاعتبار والمتابعات والشواهد. هذه أمور يتداولونها في نظرهم في حال الحديث هل تفرد به راويه أو لا؟ وهل هو معروف أو لا؟. ذكر أبو حاتم محمد بن حبان1 أن طريق الاعتبار في الأخبار مثاله أن يروي حماد بن سلمة حديثا لم يتابع عليه عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم فينظر هل روى ذلك ثقة غير أيوب عن ابن سيرين فإن وجد علم أن للخبر أصلا يرجع إليه وإن لم يوجد ذلك فثقة غير ابن سيرين رواه عن أبي هريرة وإلا فصحابي غير أبي هريرة رواه عن النبي صلي الله عليه وسلم. فأي ذلك وجد يعلم به أن للحديث أصلا يرجع إليه وإلا فلا. قلت مثال2 المتابعة أن يروي ذلك الحديث بعينه عن أيوب غير3 حماد فهذه المتابعة التامة. فإن لم يروه أحد غيره عن أيوب لكن رواه بعضهم عن ابن سيرين أو عن أبي هريرة أو رواه غير أبي هريرة عن النبي4 صلي الله عليه وسلم فذلك قد يطلق عليه اسم المتابعة أيضا لكن تقصر عن المتابعة الأولى بحسب بعدها منها ويجوز أن يسمى ذلك بالشاهد أيضا. فإن لم يرو ذلك الحديث أصلا من وجه من الوجوه المذكورة لكن روي حديث آخر بمعناه فذلك الشاهد من غير متابعة.

_ 1 زاد في ش وع: "التميمي الحافظ رحمه الله". 2 في ش وع:"فمثال" بالفاء. 3 هكذا في ش وع، زفي خط "عن". 4 في ش وع: "رسول الله".

فإن لم يرو أيضا بمعناه حديث آخر فقد تحقق فيه التفرد المطلق حينئذ وينقسم عند ذلك إلى مردود منكر وغير مردود كما سبق. وإذا قالوا في مثل هذا تفرد به أبو هريرة وتفرد به عن أبي هريرة ابن سيرين وتفرد به عن ابن سيرين أيوب وتفرد به عن أيوب حماد بن سلمة كان في ذلك إشعار بانتفاء وجوه المتابعات فيه. ثم اعلم أنه قد يدخل في باب المتابعة والاستشهاد رواية من لايحتج بحديثه وحده بل يكون معدودا في الضعفاء. وفي كتابي البخاري ومسلم جماعة من الضعفاء ذكراهم في المتابعات والشواهد وليس كل ضعيف يصلح لذلك ولهذا يقول الدارقطني وغيره في الضعفاء فلان يعتبر به وفلان لا يعتبر به وقد تقدم التنبيه على نحو ذلك. مثال المتابع1 والشاهد روينا من حديث سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به". ورواه ابن جريح عن عمرو عن عطاء ولم يذكر فيه الدباغ فذكر الحافظ أحمد البيهقي لحديث ابن عيينة متابعا وشاهدا. أما المتابع فإن أسامة بن زيد تابعه عن عطاء وروى بإسناده عن أسامة عن عطاء عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا نزعتم جلدها فدبغتموه فاستمتعتم به" وأما الشاهد فحديث عبد الرحمن بن وعلة2 عن ابن عباس قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما إهاب دبغ فقد طهر3 ". انتهى.

_ 1 هكذا في خط وع، وفي ش: "للمتابع". 2 هكذا في ش وع، وفي خط: "وهلة" بالهاء مكان المهملة وضبطها الناسخ - ضبط قلم - بفتح الواو وسكون الهاء. 3 علي حاشية خط: "طهر بفتح الهاء وضمها وإهاب بكسر الهمزة والفتح أفصح" - كذا وفي حاشية المقدمة: "قال المؤلف رحمه الله: بالفتح والضم في الهاء والفتح أفصح. وإهاب بكسر الهمزة وفتحها والكسر أفصح".

مثال ما عدمت فيه المتابعات من هذا الوجه من وجه يثبت ما رواه الترمذي من رواية حماد بن سلمة عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة أراد رفعه أحبب حبيبك هونا ما الحديث. قال الترمذي حديث غريب لا نعرفه بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه انتهى. أي من وجه يثبت وقد رواه الحسن بن دينار وهو متروك الحديث عن ابن سيرين عن أبي هريرة. قال ابن عدي في الكامل ولا أعلم أحدا قال: عن ابن سيرين عن أبي هريرة إلا الحسن بن دينار. ومن حديث أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة رواه حماد بن سلمة. ويرويه الحسن بن أبي جعفر عن أيوب عن ابن سيرين عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن علي مرفوعا قال: البخاري الحسن بن أبي جعفر منكر الحديث. واعترض على تمثيله للمتابع والشاهد1 بما رواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار وبما رواه ابن جريج عنه أي عن عمرو بأن رواية ابن جريج ليست كرواية ابن عيينة فإن ابن جريج جعله من مسند ميمونة من رواية ابن عباس لا من مسند ابن عباس. وقد رواه مسلم على الوجهين معا من طريق ابن عيينة فجعله من مسند ابن عباس ومن طريق ابن جريج فجعله من مسند ميمونة وكلام المصنف يوهم اتفاقهما في المسند وأن الاختلاف الذي بينهما في ذكر الدباغ وإذا2 لم يتفقا في المسند فيحتاج الى مثال يتفق الراويان له في مسند ويختلفان في ذكر الدباغ. ومثاله ما رواه البيهقي من رواية إبراهيم بن نافع الصايغ عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس ولم يذكر الدباغ.

_ 1 من ع، وفي خط: "المشاهد". 2 هكذا في خط وفي ع "إذا".

النوع السادس عشر: معرفة زيادات الثقات وحكمها

النوع السادس عشر: معرفة زيادات الثقات وحكمها وذلك فن لطيف تستحسن العناية به وقد كان أبو بكر بن زياد النيسابوري وأبو نعيم الجرجاني وأبو الوليد القرشي الأئمة مذكورين بمعرفة زيادات الألفاظ الفقهية في الأحاديث. ومذهب الجمهور من الفقهاء وأصحاب الحديث فيما حكاه الخطيب أبو بكر أن الزيادة من الثقة مقبولة إذا تفرد بها سواء كان ذلك من شخص واحد بأن رواه ناقصا مرة ورواه مرة أخرى وفيه تلك الزيادة أو كانت الزيادة من غير من رواه ناقصا خلافا لمن رد من أهل الحديث ذلك مطلقا وخلافا لمن رد الزيادة منه وقبلها من غيره. وقد قدمنا عنه حكايته عن أكثر أهل الحديث فيما إذا وصل الحديث قوم وأرسله قوم أن الحكم لمن أرسله مع أن وصله زيادة من الثقة. وقد رأيت تقسيم ما ينفرد به الثقة الى ثلاثة أقسام: أحدها أن يقع مخالفا منافيا لما رواه سائر الثقات فهذا حكمه الرد كما سبق في الشاذ. الثاني: ألا يكون فيه منافاة ومخالفة أصلا لما رواه غيره كالحديث الذي تفرد برواية جملته ثقة ولا تعرض فيه لما رواه الغير بمخالفة أصلا فهذا مقبول. وقد أدعى الخطيب فيه الاتفاق1 وسبق مثاله في نوع الشاذ. انتهى. أبو بكر هو عبد الله بن محمد بن زياد بن واصل النيسابوري الحافظ الفقيه الشافعي مولى آل عثمان بن عفان سمع المزني والزعفراني وغيرهما وعنه

_ 1 في ش وع: "فيه إتفاق العلماء عليه.."

الشافعي مولى آل عثمان بن عفان سمع المزني والزعفراني وغيرهما وعنه جماعة أبو العباس بن عقدة وأبو علي النيسابوري والدارقطني وغيرهم من حفاظ عصره. قال الحاكم أبو عبد الله كان إمام عصره من الشافعية بالعراق ومن أحفظ الناس للفقهيات واختلاف الصحابة. قال الدارقطني ما رأيت أحفظ منه وكان يعرف زيادات الألفاظ في المتون قال: كنا في مجلس فيه أبو طالب الحافظ والجعابي وغيرهما فسأل فقيه من روى وجعلت تربتها طهورا لم يجبه أحد فسألوا أبا بكر بن زياد فساقه بسنده من حفظه وكان زاهدا أقام أربعين سنة لم ينم الليل يصلي الغداة بطهارة العشاء يتقوت كل يوم بخمس حبات توفي رابع ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وثلاثمائة. وأما أبو نعيم الجرجاني فاسمه عبد الملك بن محمد بن عدي الإستراباذي الفقيه الحافظ الرحال سمع الربيع بن سليمان وسليمان بن يوسف وأبا حاتم وأبا زرعة الرازيين وجماعة بالعراق ومصر والشام والجزيرة والحجاز وخراسان روى عنه ابن صاعد وأبو علي الحافظ وأبو علي المخلدي1 وغيرهم. قال الحاكم كان من أئمة المسلمين وسمعت الأستاذ أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه يقول لم يكن في مصرنا من الفقهاء أحفظ للفقهيات وأقاويل الصحابة بخراسان منه ولا بالعراق من أبي بكر بن زياد النيسابوري. وقال الحافظ أبو علي ما رأيت بخراسان بعد ابن خزيمة أحفظ منه كان يحفظ الموقوفات والمراسيل كما نحفظ نحن المسانيد.

_ 1 هكذا في خط وفي "الأنساب" في الرواة عن الإستراباذي: "روي عنه ... وأبو محمد الحسن بن أحمد المخلدي ... "؛ ومثله في ترجمة "أبي نعيم الجرجاني" من "السير" للذهبي، و "أبو محمد المخلدي" مترجم في السير للذهبي أيضا "16/539 – 541" وذكر هناك: رواية المخلدي عن بن نعيم بنعدي؛ والله أعلم.

مولده سنة اثنين وأربعين ومائتين ومات سنة ثنتين وعشرين وثلاثمائة1. وأما أبو الوليد القرشي فهو حسان بن محمد بن أحمد بن هارون بن حسان ابن عبد الله ينسب الى العاص بن أمية بن عبد شمس أحد الأئمة الشافعية. درس على ابن سريج وروى عن أحمد بن الحسن الصوفي وغيره ببغداد وخلق كثيرة. وعنه القاضي أبو بكر الحيري وأبو طاهر بن محمش وأبو الفضل أحمد بن محمد السهيلي الصفار وغيرهم كالحاكم وقال فيه كان إمام أهل الحديث بخراسان وأزهد من رأيت من العلماء وأعبدهم. وله كتاب على صحيح مسلم وكتاب على مذهب الشافعي وله اختيارات منها أن الحجامة تفطر الحاجم والمحجوم وأن تكرير الفاتحة يبطل الصلاة كالقديم وغير ذلك كالقنوت في جميع رمضان. قال الحاكم أرانا نقش خاتمه الله ثقة حسان بن محمد وقال أرانا عبد الملك ابن محمد بن عدي نقش خاتمه الله ثقة عبد الملك بن محمد وقال أرانا الربيع نقش خاتمه الله ثقة الربيع بن سليمان وقال كان نقش خاتم الشافعي الله ثقة محمد بن إدريس. توفي في ربيع الأول سنة تسع وأربعين وثلاثمائة عن ثنتين وسبعين سنة ومجموع ما في زيادة الثقة ستة أقوال أحدها: قبولها مطلقا حكاه الخطيب عن الجمهور من الفقهاء والمحدثين سواء تعلق بها حكم شرعي أم لا وسواء غيرت الحكم الثابت أم لا وسواء أوجبت نقصا من أحكام ثبتت بخبر ليست فيه تلك الزيادة أم لا وسواء أكان من شخص واحد أم لا على ما ذكره. قال ابن طاهر ولا خلاف تجده بين أهل الصنعة أن الزيادة من الثقة مقبولة وشرط أبو بكر الصيرفي والخطيب أن يكون راويها حافظا.

_ 1 قيد السمعاني وفاته في الأنساب في "ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة وكان ابن ثلاث وثمانين سنة" وهذا يعني أن ولادته سنة خمسين ومائتين، وهذا خلاف ما ذكره الأبناسي في مولده ووفاته؛ وراجع: سير أعلام النبلاء"14/545 – أبي نعيم الجرجاني".

وشرط ابن الصباغ في العدة أن لا يكون من نقل الزيادة واحدا ومن رواه ناقصا جماعة لا يجوز عليهم الوهم فإن كان كذلك سقطت الزيادة إن كان في مجلس فإن كان في مجلسين كان خبرين وعمل بهما. القول الثاني: أنها لا تقبل مطلقا لا ممن رواها ناقصا ولا من غيره حكاه الخطيب وابن الصباغ عن قوم من أهل الحديث. الثالث: أنها لا تقبل ممن رواه ناقصا وتقبل من غيره من الثقات حكاه الخطيب عن فرقة من الشافعية. قال في العدة إذا رواه ثانيا بزيادة فإن قال: سمعت كل واحد منهما في مجلس قبلت الزيادة وإن سمعها في مجلس واحد أو تكررت روايته بغير زيادة ثم روى الزيادة فإن قال: كنت نسيت الزيادة قبلت وإلا وجب التوقف فيها. الرابع: إن كانت الزيادة مغيرة للإعراب كان الخبران متعارضين وإن لم تغيره قبلت حكاه ابن الصباغ عن بعض المتكلمين. الخامس: أنها لا تقبل إلا إذا أفادت حكما. السادس: أنها تقبل في اللفظ دون المعنى حكاهما الخطيب1. قال الثالث: ما يقع بين هاتين2 المرتبتين مثل زيادة لفظة في حديث لم

_ 1 وليس في واحد مما ساقه من أقوال ما يصح عزوه لأهل الحديث وأرباب التحقيق فيهم كيحي القطان وأحمد وابن معين والبخاري ومسلم والرازيين وغيرهم من المحدثين. وقد شرح ابن رجب والعلائي وغيرهما مذهب النقاد في هذا الباب وذكرت طرفا منه في نقد الإجازة لقراءة السورة في الجنازة"؛ وحاصل ذلك: أنها تدور مع القرائن حيث دارت وليس لهم منهج مطرد في قبولها أو ردها بل لكل حديث نقد خاص يخضع لما يحيط به من قرائن تؤيد قبوله واعتماده. وقد صحح البخاري وغيره من السالفين زيادات كثيرة وقالوا: "الزيادة من الثقة مقبولة" ومع ذلك توقفوا عن تصحيح زيادات أخري لم تتوفر فيها شروط القبول ذكرته سلفا. وقد غفل قوم عن ذلك فاضطربوا في أحكامهم وواقعهم العلمي، وسيأتي مزيدا بيان إن شاء الله تعالي في غير هذا الموضع، والله الموفق والمستعان. 2 هكذا في ش وع، وفي خط "هاتين".

يذكرها سائر1 من روى ذلك الحديث. مثاله ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان عل كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين". فذكر "أبو عيسى الترمذي" أن مالكا تفرد من بين الثقات بزيادة قوله من المسلمين وروى عبيد الله ابن عمر وأيوب وغيرهما هذا الحديث عن نافع عن ابن عمر دون هذه الزيادة. فأخذ بها غير واحد من الأئمة واحتجوا بها منهم الشافعي وأحمد. ومن أمثلة ذلك حديث جعلت لنا الأرض مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا فهذه الزيادة تفرد بها أبو مالك سعد بن طارق الأشجعي وسائر الروايات لفظها "وجعلت لنا الأرض مسجدا وطهورا". فهذا وما أشبهه يشبه القسم الأول من حيث إن ما رواه الجماعة عام وما رواه المنفرد بالزيادة مخصوص وفي ذلك مغايرة في الصفة ونوع من المخالفة يختلف به الحكم ويشبه أيضا القسم الثاني: من حيث إنه لا منافاة بينهما2.

_ 1 هكذا في ش وع، وفي خط: "سابق". 2 في حاشية خط: "ومما يصلح أن يكون مثالا للزيادة من الثقة حديث أبي هريرة: "إذا ولغ الكلب في الإناء يغسل سبعا". روي بروايات مختلفة وليس في رواية منها لفظه: "فليرقه" وإنما روي هذه اللفظة من رواية "علي بن مسهر عن الأعمش عن أبي رزين وأبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرات". رواه مسلم وابن حبان ورواه مسلم أيضا من رواية إسماعيل بن زكريا عن الأعمش لم يقل: "فليرقه". وقال النسائي: "لا أعلم" أحدا تابع علي بن مسهر علي قوله فليرقه فالزيادة في هذا الحديث قوله: "فليرقه" "هذه زيادة علي بن مسهر وهو "...." عند أهل النقل". انتهت الحاشية وما وضعته بين معكوفتين غير واضح نهائيا في حاشية خط وراجع: صحيح مسلم "279" وسنن النسائي "66 – ط: المعرفة" وصحح ابن حبان "1296 – ط: الرسالة".

وأما زيادة الوصل مع الإرسال فإن بين الوصل والإرسال من المخالفة نحو ما ذكرناه ويزداد ذلك بأن الإرسال نوع قدح في الحديث فترجيحه وتقديمه من قبيل تقديم الجرح على التعديل ويجاب عنه بأن الجرح قدم لما فيه من زيادة العلم والزيادة ها هنا1 مع من وصل انتهى. اعترض بأن كلام الترمذي ليس فيه تصريح بتفرد مالك بالزيادة وعبارته ورب حديث إنما يستغرب لزيادة تكون في الحديث وإنما تصح إذا كانت الزيادة ممن يعتمد على حفظه مثل ما روى مالك فذكر الحديث ثم قال: وزاد مالك في هذا الحديث من المسلمين وروى أيوب وعبيد الله بن عمر وغير واحد من الأئمة هذا الحديث عن نافع عن ابن عمر ولم يذكروا فيه من المسلمين. وقد روى بعضهم عن نافع مثل رواية مالك ممن لا يعتمد على حفظه انتهى. فلم يذكر التفرد عن مالك مطلقا وإنما قيده بتفرد الحافظ كمالك ثم صرح بأنه رواه غيره عن نافع ممن لا يعتمد على حفظه فأسقط المصنف آخركلامه. وعلى كل تقدير فمالك لم ينفرد بهذه الزيادة بل تابعه عليها جماعة من الثقات: ابنه2 عمر بن نافع والضحاك وكثير بن فرقد ويونس بن يزيد والمعلى ابن إسماعيل وعبد الله بن عمر العمري. واختلف في زيادتها على أخيه عبيد الله بن عمر العمري وعلى أيوب أيضا. فأما رواية ابنه عمر عن نافع فأخرجها البخاري في صحيحه من رواية إسماعيل بن جعفر3 عن عمر بن نافع عن أبيه فقال فيه من المسلمين. وأما رواية الضحاك بن عثمان فأخرجها مسلم في صحيحه من رواية ابن أبي فديك أخبرنا الضحاك عن نافع فقال فيه أيضا من المسلمين. وأما رواية كثير بن فرقد فأخرجها الدارقطني في سننه والحاكم في المستدرك من رواية الليث بن سعد عن كثير بن فرقد عن نافع فقال فيها أيضا من المسلمين.

_ 1 هكذا في خط وع، وفي ش: "هنا"؟ 2 أي: ابن نافع. 3 هكذا في "صحيح البخاري" ووغيره، في خط: "حوض".

قال الحاكم صحيح على شرطهما وابن فرقد احتج به البخاري ووثقه ابن معين وأبو حاتم. وأما رواية يونس بن يزيد فأخرجها أبو جعفر الطحاوي في بيان المشكل من رواية يحيى بن أيوب عن يونس بن يزيد أن نافعا أخبره فذكر فيه أيضا من المسلمين. وأما رواية المعلى بن إسماعيل فأخرجها ابن حبان في صحيحه والدارقطني في سننه من رواية أرطأة بن المنذر عن المعلى بن إسماعيل عن نافع فقال عن كل مسلم وأرطأة وثقه أحمد ويحيى بن معين وغيرهما. والمعلى قال: فيه أبو حاتم ليس بحديثه بأس صالح الحديث لم يرو عنه غير أرطأة. وذكره ابن حبان في الثقات. وأما رواية عبد الله بن عمر فأخرجها الدارقطني من رواية روح وعبد الوهاب فرقهما كلاهما عن عبد الله بن عمر عن نافع فقال فيه على كل مسلم. ورواه أبو محمد بن الجارود في المنتقى ففرق بينه وبين مالك فرواه من طريق ابن وهب قال: حدثني عبد الله بن عمر ومالك وقال فيه من المسلمين. وقوله: ومن أمثلة ذلك حديث وجعلت تربتها لنا طهورا تفرد به أبو مالك والذي تفرد به أبو مالك تربة الأرض كما هو في مسلم من رواية أبي مالك الأشجعي عن ربعي عن حذيفة. واعترض على المصنف بأنه يحتمل أن يريد بالتربة الأرض نفسها لا التراب فلا يبقى فيه زيادة ولا مخالفة لمن أطلق في سائر الروايات. والجواب أن في بعض طرقه التصريح بالتراب كما في رواية البيهقي "وجعل ترابها لنا طهورا". ولم يذكر المصنف حديث حذيفة وقد وردت هذه اللفظة أيضا في مسند أحمد من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن علي الأكبر أنه سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول قال: رسول الله صلى الله عليه وسلمصلى الله عليه وسلم أعطيت ما لم يعطه أحد من الأنبياء الحديث وفيه "وجعل التراب لي طهورا". إسناده حسن ورواه البيهقي أيضا من هذا الوجه.

النوع السابع عشر: معرفة الأفراد

النوع السابع عشر: معرفة الأفراد وقد سبق بيان المهم من هذا النوع في الأنواع التي تليه قبله لكن أفردته بترجمة كما أفرده الحاكم أبو عبد الله ولما بقي منه فنقول الأفراد منقسمة الى ما هو فرد مطلقا والى ما هو فرد بالنسبة الى جهة خاصة. أما الأول فهو ما ينفرد به واحد عن كل أحد وقد سبقت أقسامه وأحكامه قريبا. وأما الثاني: وهو ما هو فرد بالنسبة فمثل1 ما ينفرد به ثقة عن كل ثقة وحكمه قريب من حكم القسم الأول ومثل ما يقال فيه هذا حديث انفرد2 به أهل مكة أو تفرد به3 أهل الشام أو أهل الكوفة أو أهل خراسان عن غيرهم أو لم يروه عن فلان غير فلان وإن كان مرويا من وجوه عن غير فلان أو تفرد به البصريون عن المدنيين أو الخراسانيون عن المكيين وما أشبه ذلك. ولسنا نطول بأمثلة ذلك فإنه مفهوم دونها وليس في شيء من هذا ما يقتضى الحكم بضعف الحديث الا أن يطلق4 قائل قوله تفرد به أهل مكة أو تفرد به البصريون عن المدنيين أو نحو ذلك على ما لم يروه الا واحد من أهل مكة أو واحد من البصريين ونحوه ويضيفه اليهم كما يضاف فعل الواحد من القبيلة اليها مجازا. وقد فعل الحاكم هذا فيما نحن فيه فيكون الحكم فيه على ما سبق في القسم الأول. انتهى.

_ 1 هكذا في ش وع، وفي خط: "قيل". 2 هكذا في خط وفي ش وع: "حديث تفرد". 3 هكذا في خط وع وفي ش: "بها". 4 هكذا في ش وع وفي خ: "مطلق".

لم يذكر المصنف أمثلة ذلك فمثال تقييد الأفراد بكونه لم يروه عن فلان الا فلان حديث رواه أصحاب السنن الأربعة من طريق سفيان بن عيينة عن وائل بن داود ابنه1 بكر بن وائل عن الزهري عن أنس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على صفية بسويق وتمر". قال الترمذي حديث غريب وقال ابن طاهر في أطراف الغرائب غريب من حديث بكر بن وائل عنه تفرد به وائل بن داود ولم يروه عنه غير سفيان بن عيينة انتهى. ولا يلزم من تفرد وائل عن ابنه2 بكر تفرده به مطلقا فقد ذكر الدارقطني في العلل أنه رواه محمد بن الصلت التوزي عن ابن عيينة عن زياد بن سعد عن الزهري قال: ولم يتابع عليه والمحفوظ عن ابن عيينة عن وائل عن ابنه ورواه جماعة عن ابن عيينة عن الزهري بغير واسطة. مثال تقييد الانفراد بالثقة حديث "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأضحى والفطر بقاف واقتربت الساعة". رواه مسلم وأصحاب السنن من رواية ضمرة بن سعيد3 المازني عن عبيد الله ابن عبد الله عن أبي واقد الليثي4 عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الحديث لم يروه أحد من الثقات الا ضمرة.

_ 1 راجع: سنن الترمذي "1095 – 1096" وابن ماجة "1909" وكذلك سنن أبي داود "3744" وتحفة الأشراف "1/377" وصحيح ابن حبان "4061" "4064".وفي خط: "أبيه". 2 في خط: "أبيه" وراجع المصادر السابقة. 3 هكذا عند مسلم "891" وغيره ةفي خط "سعد" بإغفال الياء. 4 في "صحيح مسلم": " ... أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي: ما كان يقرا به رسول الله صلي الله عليه وسلم في الضحي والفطر؟ فقال ... " وفي الرواية الأخري: ".. عن أبي واقد الليثي؛ قال: سألني عمر بن الخطاب ... ".

قال الشيخ علاء الدين التركماني مداره عليه واحترز بالثقات عما رواه الدارقطني من رواية ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن الزهري عن عروة عن عائشة1 عن النبي صلى الله عليه وسلم وابن لهيعة ضعفه الجمهور. ومثال ما انفرد به أهل بلد ما رواه أبو داود عن أبي الوليد الطيالسي عن همام عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر". قال الحاكم تفرد بذكر الأمر فيه أهل البصرة من أول الإسناد الى آخره ولم يشركهم في هذا اللفظ سواهم. ونحو حديث عبد الله بن زيد2 في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم: "ومسح رأسه بماء غير فضل يده" رواه مسلم وأبو داود والترمذي قال: الحاكم هذه سنة غريبة تفرد بها أهل مصر ولم يشركهم فيها أحد. ومثال قوله الا أن يطلق قائل قوله الى آخره ما سبق في المنكر من رواية أبي زكير3 عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا كلوا البلح بالتمر الحديث قال: الحاكم هو من أفراد البصريين عن المدنيين تفرد به أبو زكير عن هشام بن عروة4. فجعله من أفراد البصريين وأراد به واحدا منهم.

_ 1 سنن الدارقطني "2/846"، وراجع: نصب الراية "2/216". 2 هكذا في صحيح مسلم "236" و"تحفة الأشراف" "4/341"، وغيرهما. وفي خط: "يزيد". 3 هكذا في خط وزكير بضم الزاي واسمه: يحي بن محمد بن قيس؛ ترجمته في "التهذيب".ووقع المستدرك والتخليص: "زكريا". 4 قال الذهبي في تخلص المستدرك "4/121": "حديث منكر ولم يصححه المؤلف" – يعني: الحاكم فإنه لم يتكلم عليه.

النوع الثامن عشر: معرفة الحديث المعلل

النوع الثامن عشر: معرفة الحديث المعلل ويسميه أهل الحديث المعلول وذلك منهم ومن الفقهاء في قولهم في باب القياس العلة والمعلول مرذول عند أهل العربية واللغة. اعلم أن معرفة علل الحديث من أجل علوم الحديث وأدقها وأشرفها وإنما يطلع عليه1 أهل الحفظ والفهم الثاقب وهي عبارة عن أسباب خفية غامضة2 قادحة فيه فالحديث المعلل هو3 الذي اطلع فيه على علة تقدح في صحته إذ4 ظاهره السلامة منها ويتطرق ذلك الى الإسناد الذي رجاله ثقات الجامع شروط الصحة من حيث الظاهر ويستعان على إدراكها بتفرد الراوي وبمخالفة غيره له مع قرائن تنضم الى ذلك تنبه العارف بهذا الشأن على إرسال في الموصول أو وقف في المرفوع أو دخول حديث في حديث أو وهم واهم لغير5 ذلك بحيث يغلب على ظنه ذلك فيحكم به أو يتردد فيتوقف فيه وكل ذلك مانع من الحكم بصحة ما وجد ذلك فيه. وكثيرا ما يعللون الموصول بالمرسل مثل أن يجىء الحديث بإسناد موصول ويجيء أيضا بإسناد منقطع أقوى من إسناد الموصول. ولهذا اشتملت كتب علل الحديث على جميع طرقه.

_ 1 في ش وع: "يضطلع بذلك أهل الحفظ والخبرة ... ". 2 هكذا في خط وع، وليست في ش. 3 في ش وع: "هو الحديث ... ". 4 في ش وع: "مع أن". 5 هكذا في ش وع، وفي خط: "بغير" بالباء بدل اللام".

قال الخطيب أبو بكر السبيل الى معرفة علة الحديث أن يجمع بين طرقه وينظر في اختلاف رواته ويعتبر بمكانهم من الحفظ ومنزلتهم في الإتقان والضبط. وروي عن علي ابن المديني قال: الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه. ثم قد تقع العلة في إسناد الحديث وهو الأكثر وقد تقع في متنه ثم ما يقع في الإسناد قد يقدح في صحة الإسناد والمتن جميعا كما في التعليل بالإرسال والوقف وقد1 يقدح في صحة الإسناد خاصة من غير قدح في صحة المتن. فمن أمثلة ما وقعت العلة في إسناده من غير قدح في صحة المتن ما رواه الثقة يعلى بن عبيد عن سفيان الثوري عن عمرو بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البيعان بالخيار" الحديث. فهذا إسناد متصل بنقل العدل عن العدل وهو معلل غير صحيح والمتن على كل حال صحيح والعلة في قوله عن عمرو بن دينار إنما هو عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر هكذا رواه الأئمة من أصحاب سفيان عنه فوهم يعلى بن عبيد وعدل عن عبد الله بن دينار الى عمرو بن دينار وكلاهما ثقة. ومثال العلة في المتن ما انفرد مسلم بإخراجه في حديث أنس من اللفظ المصرح بنفي قراءة بسم الله الرحمن الرحيم فعلل قوم رواية اللفظ المذكور لما رأوا الأكثرين إنما قالوا فيه فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين من غير تعرض لذكر البسملة وهو الذي اتفق البخارى ومسلم على إخراجه في الصحيح ورأوا أن من رواه باللفظ المذكور رواه بالمعنى الذي وقع له وفهم2 من قوله: "كانوا يسفتحون بالحمد لله" أنهم كانوا لا يبسملون فرواه على ما فهم وأخطأ لأن معناه أن السورة التي كانوا يفتتحون بها من السور هي الفاتحة وليس فيه تعرض لذكر البسملة3 وانضم الى ذلك أمور منها أنه ثبت عن أنس أنه

_ 1 هكذا في ش وع، وفي خط تداخلت السطور في هذا الموضع فلم يتبين. 2 هكذا في خط، وفي ش وع: "ففهم". 3 هكذا في خط وفي ش وع: "البسملة".

سئل عن الأفتتاح بالتسمية فذكر أنه لا يحفظ فيه شيئا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم اعلم أنه قد يطلق اسم العلة على غير ما ذكرناه من باقي الأسباب القادحة في الحديث المخرجة له من حال الصحة الى حال الضعف المانعة من العمل به على ما هو مقتضى لفظ العلة في الأصل ولذلك نجد1 في كتب علل الحديث الكثير هكذ في خط وش، وفي ع: "كتاب علل الكثير". من الجرح بالكذب والغفلة وسوء الحفظ ونحو ذلك من أنواع الجرح وسمى الترمذي النسخ علة من علل الحديث. ثم إن بعضهم أطلق اسم العلة على ما ليس بقادح من وجوه الخلاف نحو إرسال من أرسل الحديث الذي أسنده الثقة الضابط حتى قال: من أقسام الصحيح ما هو صحيح معلول كما قال: بعضهم من الصحيح ما هو صحيح شاذ انتهى. قوله إن لفظة معلول مرذولة عند أهل العربية واللغة وتبعه على ذلك النووي وجعله لحنا اعترض عليه بأنه قد حكاه جماعة من أهل اللغة منهم قطرب فيما حكاه اللبلي2 والجوهري والمطرزي في المغرب. وجوابه أنه لا شك في ضعفه وإن كان ابن القوطية ذكره في الأفعال فقد أنكره غير واحد من أهل اللغة كابن سيده والحريري وغيرهما. قال صاحب المحكم واستعمل أبو إسحاق لفظه المعلول في المتقارب من العروض والمتكلمون يستعملون لفظة المعلول في مثل هذا كثيرا. وبالجملة فلست منها على ثقة ولا ثلج لأن المعروف إنما هو أعله الله فهو معل اللهم إلا أن يكون على ما ذهب اليه سيبويه من قولهم معجنون ومسلول من أنهما جاءا على جننته وسللته وإن لم يستعملا في الكلام استغنى عنهما بأفعلت

_ 1 هكذا في خط وع، وفي ش: "تجد" بمثناة فوقية مكان "النون". 2 نسبة إلي لبلة؛ قال قاقوت في "معجم البلدان" "4/336": "ليلة بفتح أوله ثم السكون ولام أخري قصبة كورة ل بالأندلس كبيرة يتصل عملها بعمل اكشونية، وغرب من قرطبة بينها وبين قرطبة علي طريق إشبيلية خمسة أيام أربعة وأربعون فرسخا....".

وإذا قالوا جن وسل أي جعل فيه الجنون والسل كما قالوا حرق وفسل وأنكره الحريري أيضا في درة الغواص. والأحسن أن يقال فيه معل بلام واحدة لا معلل بلامين كما قاله المصنف فإن الذي بلامين يستعمله أهل اللغة بمعنى الهاه بالشيء1 وشغله به من تعليل الصبي بالطعام وأما بلام واحدة فهو كثير كقول المحدثين أعله فلان بكذا وقياسه معل وفي المحكم أعله الله فهو معل وفي الجوهري لا أعلك الله أي لا أصابك بعلة. نعم التعبير بالمعلول وجد في كلام كثير من المحدثين كالترمذي والدارقطني وأبي أحمد بن عدي والحاكم وأبي يعلى الخليلي. وفي2 الحديث الذي يصلح أن يكون مثالا لما وقعت العلة فيه رواه الترمذي وحسنه أو صححه وابن حبان والحاكم وصححه من رواية ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه الحديث. قال الحاكم في علوم الحديث هذا حديث من تأمله لم يشك أنه من شرط الصحيح وله علة فاحشة ثم روى أن مسلما جاء الى البخاري فسأله عن علته فقال هذا حديث مليح ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث الواحد إلا أنه معلول حدثنا به موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا سهيل عن عون عن عبد الله قوله. قال البخاري هذا أولى فإنه لا يذكر لموسى بن عقبة سماعا من سهيل فقام اليه مسلم وقبل يده. هكذا أعل الحاكم في علوم الحديث هذا الحديث بهذه الحكاية والغالب على الظن عدم صحتها فإن راويها عن مسلم أحمد بن حمدون القصار متكلم فيه

_ 1 هكذا في ع، وفي خط: "بالمشي". 2 راجع: التقييد" "ص/ 118".

ويبعد أن البخاري يقول لا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث مع أنه قد ورد من حديث جماعة من الصحابة غير أبي هريرة وهم أبو برزة الأسلمي ورافع بن خديج ومطعم والزبير بن العوام وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو وأنس بن مالك والسائب بن يزيد وعائشة رضي الله عنهم. قوله ومثال العلة في المتن ما أنفرد مسلم بإخراجه اعترض عليه بأنه قال: قبل ذلك ما أخرجه أحد الشيخين مقطوع بصحته فكيف يجعل ما انفرد به ضعيفا وأيضا فإنه لم يعين من أعله من أهل العلم1 وما محله مع أن ابن الجوزي قال: إن الأئمة اتفقوا على صحته. والجواب أن هذا من الأحرف اليسيرة التي استثناها2 بقوله سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد3 من الحفاظ كالدارقطني وغيره وقد أعله الشافعي والدارقطني والبيهقي وابن عبد البر وغيرهم من الحفاظ وعبارة الشافعي في حرملة4 فإن قال: قائل قد روى مالك عن حميد عن أنس قال: صليت وراء أبي بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم قيل له خالفه سفيان بن عيينة والفزاري والثقفي وعدد لقيتهم سبعة أو ثمانية متفقين5 مخالفين له قال: والعدد الكثير أولى بالحفظ من واحد. ثم رجح روايتهم بما رواه سفيان عن أيوب عن قتادة عن أنس قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم

_ 1 في خط: "من أعله حتي ينظر وهو من أهل العلم.." وما أثبته وقد يكون المراد: "من أعله حتي ينظر هل هو من أهل العلم"؛ فالله أعلم. 2 هكذا في ع، وفي خط: "استثناها مسلم". 3 هكذا في ع، وفي خط: "النقل" باللام وما في ع هو الموفق لما سبق في "متن المقدمة" في "الفائدة السابعة – النوع الأول / معرفة الصحيح". 4 يعني: سنن حرملة، وراجع: "التقييد" "ص/ 119". 5 هكذا في "المعرفة" للبيهقي "2/380" "3117 – ط: قلعجي"، وفي خط: "مؤتفقين" وفي ع: "مؤمنين".

وأبو بكر وعمر يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين". قال الشافعي يعني يبدءون بقراءة أم القرآن قبل ما يقرأ بعدها ولا يعني أنهم يتركون بسم الله الرحمن الرحيم وحكى الترمذي عن الشافعي معناه أنهم كانوا يبدءون بقراءة فاتحة الكتاب قبل السورة لا أنهم كانوا لا يبسملون. وقد صرح الدارقطني في روايته بما أوله به الشافعي كانوا يستفتحون بأم القرآن فيما يجهر به. قال الدارقطني وهذا صحيح والمحفوظ عن قتادة وغيره عن أنس أنهم كانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين ليس فيه تعرض لنفي البسملة. وقال البيهقي أكثر أصحاب قتادة رووا عنه كذلك وهكذا رواه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وثابت البناني عن أنس. قال ابن عبد البر في الاستذكار اختلف عليهم في لفظه اختلافا كبيرا مضطربا متدافعا منهم من يقول: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر ومنهم من يذكر عثمان ومنهم من لا يذكر فكانوا لا يقرأون البسملة ومنهم من قال: فكانوا لا يجهرون بها وقال كثير منهم وكانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين وقال بعضهم كانوا يجهرون بالبسملة وقال بعضهم كانوا يقرأون بسم الله الرحمن الرحيم. قال وهذا اضطراب لا تقوم معه حجة للذي يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ولا للذي لا يقرأها لكنه قال: في كتاب الإنصاف1 بعد أن رواه من رواية أيوب وشعبة وهشام الدستوائي وشيبان بن عبد الرحمن وسعيد بن أبي عروبة وأبي عوانة فهؤلاء حفاظ أصحاب قتادة ليس في روايتهم لهذا الحديث ما يوجب سقوط بسم الله الرحمن الرحيم من أول فاتحة الكتاب. انتهى.

_ 1 هكذا في ع، وفي خط: "الإنصاف".

فكيف يقول ابن الجوزي إن الأئمة اتفقوا على صحته؟. وحينئذ فلا بد من بيان علل الرواية التي فيها نفي البسملة وقد ذكر تركها في حديث أنس من ثلاثة طرق وهي رواية حميد عن أنس ورواية قتادة عن أنس ورواية إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس. فأما رواية حميد فقد تقدم أن مالكا رواها في الموطأ عنه وأن الشافعي تكلم فيها لمخالفة سبعة أو ثمانية من شيوخه لمالك في ذلك. وأيضا فقد ذكر ابن عبد البر في كتاب الإنصاف ما يقتضي انقطاعه بين حميد وأنس فقال ويقولون إن أكثر رواية حميد عن أنس أنه سمعها من قتادة وثابت عن أنس. وقد ورد التصريح بذكر قتادة بينهما فيما رواه ابن أبي عدي عن حميد عن قتادة عن أنس فآلت رواية حميد الى رواية قتادة. وأما رواية قتادة فرواها مسلم في صحيحه من رواية الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي عن قتادة أنه كتب اليه يخبره عن أنس أنه حدثه قال: "صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين لا يذكرون {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في أول قراءة ولا في آخرها" فقد بين الأوزاعي في روايته أنه لم يسمعه من قتادة وإنما كتب اليه به وفي الكتابة ما فيها وعلى تقدير صحتها فأصحاب قتادة الذين سمعوا منه أيوب وأبو عوانة وغيرهما لم يتعرضوا لنفي البسملة. وأيضا ففي طريق مسلم الوليد بن مسلم وهو مدلس وإن كان قد صرح بسماعه من الأوزاعي فإنه يدلس تدليس التسوية أي يسقط شيخ شيخه الضعيف كما تقدم نقله عنه. نعم لمسلم من رواية شعبة عن قتادة عن أنس فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ولا يلزم من نفي السماع عدم الوقوع بخلاف الرواية المتقدمة. وأما رواية إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة فهي عند مسلم أيضا ولم يسق لفظها وإنما ذكرها بعد رواية الأوزاعي عن قتادة عن أنس.

فقال حدثنا محمد بن مهران ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي أخبرني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك يذكر ذلك فاقتضى إيراد مسلم لهذه الرواية أن لفظها مثل الرواية التي قبلها وليس كذلك فقد رواها ابن عبد البر في الإنصاف من رواية محمد بن كثير قال: حدثنا الأوزاعي فذكرها بلفظ كانوا يفتتحون القراءة ب {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ليس فيها تعرض لنفي البسملة موافقا لرواية الأكثرين وهذا موافق لما تقدم عن البيهقي من أن رواية إسحاق بن عبد الله عن أنس لهذا الحديث كرواية أكثر أصحاب قتادة أنه ليس فيها تعرض لنفي البسملة. فقد اتفق ابن عبد البر والبيهقي على مخالفة رواية إسحاق للرواية التي فيها نفي البسملة وعلى هذا فما فعله مسلم رحمه الله هنا ليس بجيد لأنه أحال بحديث على آخر وهو مخالف له بلفظه1 فذكر ذلك لم يقل نحو ذلك ولا غيره. فإن كانت الرواية التي وقعت لمسلم لفظها كالتي قبلها التي أحال عليها فترجح رواية ابن عبد البر عليها لأن رواية مسلم من طريق الوليد بن مسلم عن الأوزاعي معنعنا ورواية ابن عبد البر من طريق محمد بن كثير ثنا الأوزاعي وصرح بلفظ الرواية فهي أولى بالصحة ممن أبهم اللفظ وفي طريقه مدلس عنعنه. واعترض ابن عبد البر في الإنصاف على قوله إنه ثبت عن أنس أنه سئل عن الافتتاح بالتسمية فذكر أنه لا يحفظ فيه شيئا فقال من حفظه عنه حجة على من سأله في حال نسيانه. وأجاب أبو شامة بأنهما مسألتان فسؤال أبي مسلمة عن البسملة وتركها وسؤال قتادة عن الاستفتاح بأي سورة. وفي صحيح مسلم أن قتادة قال: نحن سألناه عنه أي عن البسملة وتركها ولوتمسكنا بما اعترض به ابن عبد البر من أن من2 حفظه عنه حجة على من سأله في حال نسيانه لقلنا قد حفظ عن قتادة وصفه لقراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رواه

_ 1 هكذا في خط، ووقهع في ع: "بلفظ" بدون الهاء. 2 هكذا في ع، وليست في خط.

البخاري من طريقين عن قتادة عن أنس قال: سئل أنس كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كانت مدا ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم يمد بسم الله ويمد الرحمن ويمد الرحيم". قال الدارقطني حديث صحيح رجاله ثقات. وقال الحازمي صحيح لا يعرف له علة. وفيه دلالة على الجهر مطلقا وإن لم يقيد بحاله الصلاة فيتناول الصلاة وغيرها. قال أبو شامة ولو كانت قراءته صلى الله عليه وسلم تختلف بالصلاة وخارجها كان أنس يقول لمن سأله عن أي قراءتيه تسأل التي في الصلاة أم التي خارجها لكنه لما أجاب مطلقا علم أن الحال لم يختلف في ذلك حيث أجاب بالبسملة دون غيرها من الآيات. قال ولنا أن نقول الظاهر أن السؤال كان عن الصلاة فإن الراوي قتادة وهو راوي حديث أنس وقال فيه نحن سألناه عنه. واعترض ابن الجوزي في التحقيق بأن حديث أبي مسلم1 ليس في الصحاح فلا يعارض بما فيها فإن الأئمة اتفقوا على صحة حديث أنس. وجوابه: أن الشافعي والدارقطني والبيهقي لا يقولون بصحة حديث أنس الذي فيه نفي البسملة فلا يصح نقل الاتفاق عليه. وأيضا فلا يلزم من كونه ليس في واحد من الصحيحين أن يكون غير صحيح لأنهما لم يستوعبا إخراج كل صحيح. مع أن حديث أبي مسلمة خرجه من التزم الصحة خرجه ابن خزيمة في صحيحه من رواية أبي مسلمة سعيد بن يزيد قال: "سألت أنس بن مالك أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح بالحمد لله رب العالمين أو ببسم الله الرحمن الرحيم؟ فقال: إنك لتسألني عن شيء ما أحفظه وما سألني عنه أحد قبلك". قال الدارقطني هذا إسناد صحيح. وقال البيهقي في المعرفة فيه دلالة على ما قاله الشافعي. فإن أراد ابن الجوزي أن ما في الصحيحين مقدم على ما في غيرهما عند

_ 1 من "التهذيب" وفي خط: "سلمة".

التعارض فجوابه أن ذلك إذا لم يمكن الجمع فإن أمكن الجمع فالعمل بهما أولى وهنا قد حمل بعض الحفاظ حديث الصحيحين على أن المراد به ابتداء الفاتحة لا نفي البسملة وحمل هذا على نفيها فلا تعارض. وأيضا إنما يرجح بما في أحد الصحيحين على غيرهما إذا كان ما في أحدهما لم يضعف وهنا قد ضعف حديث أنس بعدم الاتصال فإن قتادة كتب به الى الأوزاعي وأعله الشافعي بخطأ الراوي في فهمه وأعله ابن عبد البر بالاضطراب وقد تقدم جميع ذلك. وقوله: ثم إن بعضهم أطلق اسم العلة أشار به الى أبي يعلى الخليلي فإنه قال: في كتاب الإرشاد الأحاديث على أقسام كثيرة صحيح متفق عليه وصحيح معلول وصحيح مختلف فيه. ثم مثل الصحيح المعل بحديث رواه إبراهيم بن طهمان والنعمان بن عبد السلام عن مالك عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "للمملوك طعامه وشرابه". وقد رواه أصحاب مالك كلهم في الموطأ عن مالك قال: بلغنا عن أبي هريرة. قال الخليلي فقد صار الحديث بتبين الإسناد صحيحا يعتمد عليه وهذا من الصحيح المبين بحجة ظهرت. قال وكان مالك يرسل أحاديث لا يبين إسنادها وإذا استقصى عليه من يتجاسر أن يسأله ربما أجابه الى الإسناد.

النوع التاسع عشر: معرفة المضطرب من الحديث

النوع التاسع عشر: معرفة المضطرب من الحديث هو1 الذي تختلف الرواية فيه فيرويه بعضهم على وجه وبعضهم على وجه آخر مخالف له. وإنما نسميه مضطربا إذا تساوت الروايتان أما إذا ترجحت إحداهما بحيث لا تقاومها الأخرى بأن يكون راويها أحفظ أو أكثر صحبة للمروي عنه أو غير ذلك من وجوه الترجيحات المعتمدة فالحكم للراجحة ولا يطلق عليه حينئذ وصف المضطرب ولا له حكمه. ثم قد يقع الأضطراب في متن الحديث وقد يقع في الإسناد وقد يقع ذلك من راو واحد وقد يقع بين رواة له جماعة. والأضطراب يوجب ضعف الحديث لإشعاره بأنه لم يضبط. ومن أمثلته ما رويناه عن إسماعيل بن أمية عن أبي عمرو بن محمد بن حريث عن جده حريث عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المصلى: "إذا لم يجد عصا ينصبها بين يديه فليخط خطا". فرواه بشر بن المفضل وروح بن القاسم عن إسماعيل هكذا. ورواه سفيان الثوري عنه عن أبي عمرو بن حريث عن أبيه عن أبي هريرة ورواه حميد بن الأسود عن إسماعيل عن أبي عمرو بن محمد بن حريث بن سليم عن أبيه عن أبي هريرة. ورواه وهيب وعبد الوارث عن إسماعيل عن أبي عمرو بن حريث عن جده حريث وقال عبد الرزاق عن ابن جريج سمع إسماعيل عن حريث بن

_ 1 في ش وع: " ... المضطرب من الحديث هو..".

عمار عن أبي هريرة وفيه من الأضطراب أكثر مما ذكرناه انتهى. واعترض عليه بأنه قال: إذا ترجحت إحدى الروايتين على الأخرى فإنه يعمل بها ولا يسمى مضطربا وهنا ترجحت رواية سفيان لأنه أحفظ ممن ذكر وأيضا فإن الحاكم وغيره صحح الحديث. والجواب وإن كان سفيان أحفظ إلا أنه تفرد بقوله أبي عمرو بن حريث عن أبيه وأكثر الرواة يقولون عن جده وهم بشر بن المفضل وروح بن القاسم ووهيب بن خالد وعبد الوارث بن سعيد وهم من أئمة البصلريين وثقاتهم ووافقهم على ذلك من1 حفاظ الكوفيين سفيان بن عيينة فيرجح قولهم للكثرة ولأن إسماعيل بن أمية مكي وابن عيينة مكي أقام بمكة. وخالف الكل ابن جريج وهو مكي أيضا ومولى آل خالد بن سعيد الأموي وإسماعيل بن أمية هو ابن عمرو بن سعيد الأموي المذكور فيقتضي ذلك ترجيح روايته فتعارضت الوجوه المقتضية للترجيح. وانضم الى ذلك جهالة راوي الحديث وهو شيخ إسماعيل بن أمية فإنه لم يرو عنه غيره مع هذا الخلاف في اسمه واسم أبيه وهل يرويه عن أبيه أو عن جده أو هو نفسه عن أبي هريرة. وقال سفيان بن عيينة لم نجد شيئا نشد به هذا الحديث ولم يجىء الا من هذا الوجه حكاه أبو داود عنه وضعفه أيضا الشافعي والبيهقي وضعفه أولى من تصحيح الحاكم له لاضطرابه وجهالة راويه. قال النووي في الخلاصة ضعفه الحفاظ لاضطرابه. وقوله: في رواية حميد بن الأسود عن أبيه فيه نظر والذي قاله حميد عن جده كما رواه ابن ماجه قال: ثنا بكر بن خلف أبو بشر ثنا حميد بن الأسودح وحدثنا عمار بن خالد ثنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أمية عن أبي عمرو بن2 محمد بن عمرو بن حريث عن جده حريث بن سليم عن

_ 1 من ع، وهو في خط ملحق، لكن وضع الناسخ علامة الإلحاق بين "ذلك". 2 هكذا في ع، و"سنن ابن ماجة" "943"، وليست في خط، راجع لهذا الحديث: "تحفة الشراف" "9/314 – 315".

أبي هريرة فذكره. ولكن المصنف اعتمد على رواية البيهقي ففيها عن أبيه فيحتمل أن يكون قد اختلف فيه على حميد في قوله عن أبيه أو عن جده أو يكون ابن ماجه حمل رواية حميد على رواية سفيان ولم يبين الاختلاف بينهما. على أنه قد اختلف فيه أيضا على سفيان كما سيأتي. قوله وفيه من الاضطراب أكثر ولم يبينه فمن ذلك ما رواه أيضا عن إسماعيل بن أمية سفيان بن عيينة فاختلف عليه فيه فرواه محمد بن سلام1 البيكندي عن سفيان بن عيينة كرواية بشر وروح المتقدمة. وهكذا رواه علي بن المديني عنه فيما رواه البخاري عنه في غير الصحيح ورواه مسدد عن سفيان كرواية سفيان الثوري المتقدمة. ورواه الشافعي والحميدي عن ابن عيينة عن إسماعيل عن أبي محمد بن عمرو ابن حريث عن جده حريث العذري2. ورواه عمار بن خالد عن ابن عيينة فقال عن أبي عمرو بن محمد بن عمرو بن حريث بن سليم رواه ابن ماجه عن عمار وقد تقدم. واختلف فيه أيضا على علي بن المديني فرواه البخاري في غير الصحيح عنه عن ابن عيينة كما تقدم. ورواه أبو داود عن محمد بن يحيى بن فارس عن ابن المديني عن ابن عيينة عن إسماعيل عن أبي محمد بن عمرو بن حريث عن جده حريث رجل من بني

_ 1 كتب عليها في خط: "خف" إشارة إلي تخفيف اللام في سلام راجع تلخيص المتشابه "1/127" والإكما للابن ماكولا "4/405"، وترجمة البيكندس من الجرح والتهذيب وغيرهما وأيضا: فتح الباري شرح صحيح البخاري" لابن رجب الحنبلي رحمه الله "347/ ط: الغرباء". 2 هكذا في ترجمة: "أبي عمرو بن محمد بن حريث" أو "أبي عمرو بن محمد بن حريث" و"المعرفة" للبيهقي "3/191" "4226 – ط: قلعجي"، وفي خط: "العبدري".

عذرة ورواه أيضا دواد بن علبة1 عن إسماعيل بن أمية عن أبي عمرو بن محمد عن جده حريث بن سليمان قال أبو زرعة الدمشقي لا نعلم أحدا بينه ونسبه غير دواد بن علبة. ورد بأن ابن عيينة نسبه أيضا في رواية ابن ماجه الا أنه قال: ابن سليم كما تقدم. ولم يمثل المصنف الاضطراب في المتن ومثاله حديث فاطمة بنت قيس قالت: "سألت أو سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الزكاة؟ فقال: "إن في المال لحقا سوى الزكاة". وهذا حديث قد اضطرب لفظه ومعناه فرواه الترمذي هكذا من رواية شريك عن أبي حمزة عن الشعبي عن فاطمة. ورواه ابن ماجه من هذا الوجه بلفظ ليس في المال حق سوى الزكاة وهذا احتمال لا يقبل التأويل. وقول البيهقي إنه لا يحفظ لهذا اللفظ الثاني: إسناد معارض بما رواه ابن ماجه هكذا.

_ 1 هكذا في ع، و "التهذيب"، وفي خط: "ذواد بن علية".

النوع العشرون: معرفة المدرج في الحديث

النوع العشرون: معرفة المدرج في الحديث وهو أقسام منها ما أدرج في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلام بعض رواته بأن يذكر الصحابي أو من بعده عقيب1 ما يرويه من الحديث كلاما من عند نفسه فيرويه من بعده موصولا بالحديث غير فاصل بينهما بذكر قائله فيلتبس الأمر فيه على من لا يعلم حقيقة الحال ويتوهم أن الجميع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن أمثلته المشهورة ما رويناه في التشهد عن أبي خيثمة زهير بن معاوية عن الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيمرة عن علقمة عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه التشهد في الصلاة فقال: "قل التحيات لله فذكر التشهد وفي آخره أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قلت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد". هكذا رواه أبو خيثمة عن الحسن بن الحر فأدرج في الحديث قوله فإذا قلت هذا الى آخره وإنما هذا من كلام ابن مسعود لا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن الدليل عليه أن الثقة الزاهد عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان رواه عن رواية2 الحسن بن الحر على ترك3 ذكر هذا الكلام في آخر الحديث مع اتفاق كل من روى التشهد عن علقمة وعن غيره عن ابن مسعود على ذلك.

_ 1 هكذا في خط وع، وهو الذي في أصول "المقدمة" وكتب علي هامش بعض نسخ المقدمة: "صوابه: عقب". 2 من بعض نسخ "المقدمة"، وفي خط وع وبعض نسخ "المقدمة": "روايخ". وراجع: "علل الدارقطني" "5/ 127- 128" "رقم /766". 3 هكذا في خط، وفي ش وع: "..الحسن بن الحر كذلك، واتفق "حسين الجعفي، وابن عجلان" وغيرهما في روايتهم هم "الحسن بن الحر" علي ترك..".

ورواه شبابة عن أبي خيثمة ففصله أيضا. ومن أقسام المدرج أن يكون متن الحديث عند الراوي له بإسناد إلا طرفا منه فإنه عنده بإسناد ثان فيدرجه من رواه عنه على الإسناد الأول ويحذف الإسناد الثاني: ويروى جميعه بالإسناد الأول. مثاله حديث ابن عيينة وزائدة بن قدامة عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي آخره: "أنه جاء في الشتاء فرآهم يرفعون أيديهم من تحت الثياب". والصواب رواية من روى عن عاصم بن كليب بهذا الإسناد صفة الصلاة خاصة وفصل ذكر رفع الأيدي عنه فرواه عن عاصم عن عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله عن وائل بن حجر. ومنها أن يدرج في حديث1 بعض متن حديث آخر مخالف للأول في الإسناد. مثاله رواية سعيد بن أبي مريم عن مالك عن الزهري عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تنافسوا" الحديث. فقوله: "لا تنافسوا" أدرجه ابن أبي مريم من متن حديث آخر رواه مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة فيه: "لا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا". ومنها أن يروي الراوي حديثا عن جماعة بينهم اختلاف في إسناده فلا يذكر الاختلاف بل يدرج روايتهم على الاتفاق. مثاله رواية عبد الرحمن بن مهدي ومحمد بن كثير العبدي عن الثوري عن منصور والأعمش وواصل الأحدب عن أبي وائل عن عمرو بن شرحبيل عن ابن مسعود: "قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم؟.." الحديث. وواصل إنما رواه عن أبي وائل عن عبد الله من غير ذكر عمرو بن شرحبيل بينهما. واعلم أنه لا يجوز تعمد شيء من الإدراج المذكور.

_ 1 في ش وع: "في متن حديث".

وهذا النوع قد صنف فيه الخطيب أبو بكر كتابه الموسوم بالفصل للوصل المدرج في النقل فشفى وكفى انتهى. الحديث الأول رواه أبو داود قال: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا زهير قال: حدثه1 الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيمرة قال: أخذ علقمة بيدي فحدثني أن عبد الله بن مسعود أخذ بيده وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد عبد الله بن مسعود فعلمنا التشهد في الصلاة قال: فذكر مثل حديث الأعمش: "إذا قلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد". وصله زهير بالحديث المرفوع والصواب أنه مدرج وأنه من كلام ابن مسعود كذا قال: الحاكم والبيهقي وقال النووي في الخلاصة اتفق الحفاظ على أنها مدرجة. وقد اختلف على زهير فيه فرواه النفيلي وأبو النضر هاشم بن القاسم وموسى بن داود الضبي وأحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي وعلي بن الجعد ويحيى بن يحيى النيسابوري وعاصم بن علي وأبو داود الطيالسي ويحيى بن أبي بكير الكرماني ومالك بن إسماعيل النهدي عنه هكذا مدرجا. ورواه شبابة بن سوار عنه ففصله وبين أنه من قول عبد الله فقال قال: عبد الله فإذا قلت ذلك فقد قضيت ما عليك من الصلاة فإن شئت أن تقوم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد رواه الدارقطني وقال شبابة ثقة وقد فصل آخر الحديث جعله من قول ابن مسعود وهو أصح من رواية من أدرج آخره وقوله: أشبه بالصواب.

_ 1 كذا في خط، وفي "سنن أبي داود" "970": "ثنا" والمصنف – الأبناسي – رحمه الله يزيد في الإسناد لفظ: "قال" قيل أداة التحديث.

واعترض على قوله عقيب ما يرويه من الحديث مع أن المدرج قد يكون عقبه كما مثل وهو الأكثر وقد يكون في أوله وقد يكون في وسطه. فمثال1 ما وصل بأوله وهو مدرج ما رواه الخطيب من رواية أبي قطن وشبابة فرقهما عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار". فقوله أسبغوا الوضوء من قول أبي هريرة وصل بالحديث في أوله كذلك رواه البخاري في صحيحه عن آدم بن أبي إياس عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال: أسبغوا الوضوء فإن أبا القاسم صلي الله عليه وسلم قال: "ويل للأعقاب من النار". قال الخطيب وهم أبو قطن عمرو بن الهيثم وشبابة بن سوار في روايتهما هذا الحديث عن شعبة على ما سقناه وذلك أن قوله أسبغوا الوضوء كلام أبي هريرة وقوله: "ويل للأعقاب من النار" كلام النبي صلى الله عليه وسلم. وقد رواه أبو داود الطيالسي ووهب2 بن جرير وآدم بن أبي إياس وعاصم بن علي وعلي بن الجعد وغندر وهشيم ويزيد بن زريع والنضر بن شميل ووكيع وعيسى بن يونس ومعاذ بن معاذ كلهم عن شعبة وجعلوا الكلام الأول من قول أبي هريرة والكلام الثاني: مرفوعا. وفي رواية الطيالسي وأحمد والنسائي ويل للعقب من النار. ومثال المدرج في وسط الحديث ما رواه الدارقطني في سننه من رواية عبد الحميد ابن جعفر عن هشام بن عروة عن أبيه عن بسرة بنت صفوان قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من مس ذكره أو أنثييه أو رفغه3 فليتوضأ".

_ 1 هكذا في ع، وفي خط: "قال". 2 في خط: "ووهيب" مصغرا، وفي ع: "وذهب". 3 هكذا في خط بالإفراد، وفي سنن الدارقطني "10/148": "رفغيه" بالتثنية".

قال الدارقطني كذا رواه عبد الحميد عن هشام ووهم في ذكر الأثنيين والرفغ1 وإدراجه ذلك في حديث بسرة قال: والمحفوظ أن ذلك من قول عروة غير مرفوع وكذلك رواه الثقات عن هشام منهم أيوب السختياني وحماد بن زيد وغيرهما. ثم رواه من طريق أيوب بلفظ: "من مس ذكره فليتوضأ". قال وكان عروة يقول: "إذا مس رفغيه أو أنثييه أو ذكره فليتوضأ". وقال الخطيب عبد الحميد تفرد بذكر الأنثيين والرفغين وليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هو قول عروة بن الزبير فأدرجه الراوي في متن الحديث وقد بين ذلك حماد وأيوب. مع أن عبد الحميد لم ينفرد به فقد رواه الطبراني في الكبير من رواية أبي كامل الجحدري ولفظه: "إذا مس أحدكم ذكره أو أنثييه أو رفغه فليتوضأ". ورواه الدارقطني أيضا من رواية ابن جريج عن هشام عن أبيه ولم يذكر فيه الرفغ. وضعف ابن دقيق العيد حكم الإدراج في نحو هذا فقال في الاقتراح ومما يضعف فيه أن يكون مدرجا ولا سيما إن كان مقدما على اللفظ المروي أو معطوفا عليه كما لو قال: "من مس أنثييه أو ذكره فليتوضأ" بتقديم الأنثيين على الذكر فها هنا ضعف الإدراج لما فيه من اتصال هذه اللفظة بالعامل الذي هو من لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم. مع أن جميع طرقه ليس في شيء منها تقديم الأنثيين على الذكر وإنما ذكره مثالا. قوله مثاله حديث ابن عيينة الحديث رواه أبو داود من رواية زائدة وشريك.

_ 1 هكذا في خط وسنن الدارقطني، وفي ع: "الأنثيين والرفغين" بالتثنية في كليهما.

فرقهما1 والنسائي من رواية سفيان بن عيينة كلهم عن عاصم. وقال فيه ثم جئتهم2 بعد ذلك في زمان فيه برد شديد فرأيت الناس عليهم جل الثياب تحرك أيديهم تحت الثياب. قال موسى بن هارون الحمال وذلك عندنا وهم فقوله ثم جئت ليس هو بهذا الإسناد وإنما أدرج عليه وهو من رواية عاصم عن عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله عن وائل. وهكذا رواه مبينا زهير بن معاوية وأبو بدر شجاع بن الوليد فميزا قصة تحريك الأيدي من تحت الثياب وفصلاها من الحديث وذكرا إسنادها كما ذكرناه. قال الحمال وهذه رواية مضبوطة اتفق عليها زهير وشجاع فهما أثبت ممن روى رفع الأيدي من تحت الثياب عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل. قال: المصنف وهو الصواب. قوله: "لا تنافسوا" أدرجه ابن أبي مريم في متن حديث آخر وهو "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تنافسوا ... الى آخره". فكلا الحديثين متفق عليه من طريق مالك وليس في الأولى ولا تنافسوا وهي في الحديث الثاني: والحديثان عند رواة الموطأ. قال الخطيب وقد وهم فيها ابن أبي مريم على مالك عن أبن شهاب وإنما يرويها مالك في حديثه عن أبي الزناد. وحديث أي الذنب أعظم رواه الترمذي عن بندار عن عبد الرحمن وكذا رواه محمد بن كثير العبدي عن سفيان ورواية واصل مدرجة على رواية منصور والأعمش لأن واصلا لم يذكر فيه عمرا بل جعله عن أبي وائل عن عبد الله كذا رواه شعبة وغيره عن واصل كما ذكره الخطيب.

_ 1 في خط: "فوقهما". 2 في سنن أب. ي داود "7274": "جئت" والمصنف يسوق المتن من زائدة عند أبي داود.

وقد بين الإسنادين معا يحيى بن سعيد القطان في روايته عن سفيان وفصل أحدهما من الآخر رواه البخاري في صحيحه في كتاب المحاربين عن عمرو بن علي عن يحيى عن سفيان عن منصور والأعمش كلاهما عن أبي وائل عن عمرو عن عبد الله وعن سفيان عن واصل عن أبي وائل عن عبد الله من غير ذكر عمرو بن شرحبيل. قال عمرو بن علي فذكرته لعبد الرحمن وكان حدثنا عن سفيان عن الأعمش ومنصور وواصل عن أبي وائل عن أبي ميسرة يعني عمرا فقال دعه دعه. لكن رواه النسائي في المحاربة عن واصل وحده عن أبي وائل عن عمرو1 فزاد في السند عمرا من غير ذكر أحد أدرج عليه رواية واصل. وكأن ابن مهدي لما حدث به عن سفيان عن منصور والأعمش وواصل بإسناد واحد ظن الرواة عن ابن مهدي اتفاق طرقهم فربما اقتصر أحدهم على بعض شيوخ سفيان. ولهذا لا ينبغي لمن يروي حديثا بسند فيه جماعة في طبقة واحدة مجتمعين في الرواية عن شيخ واحد أن يحذف بعضهم أن يكون اللفظ في السند أو المتن لأحدهم وحمل رواية الباقين عليه فربما كان من حذفه هو " ... "2 اللفظ كما سيأتي.

_ 1 هكذا في سنن النسائي "4024"، وفي خط: "عمر". 2 هكذا السياق في خط، ووضع الناسخ علامة الإلحاق ولم يكتب شيئا في الحاشية، وكأنه سها عن ذلك، والظاهر أن المراد "..هو صاحب" اللفظ أو " ... راوي" والله أعلم.

النوع الحادي والعشرون: معرفة الموضوع وهو المختلق المصنوع

النوع الحادي والعشرون: معرفة الموضوع وهو المختلق المصنوع الحديث1 الموضوع شر الأحاديث الضعيفة ولا تحل روايته لأحد علم حاله في أي معنى كان إلا مقرونا ببيان وضعه. بخلاف غيره من الأحاديث الضعيفة التي يحتمل صدقها في الباطن حيث جاز روايتها في الترغيب والترهيب على ما نبينه قريبا إن شاء الله تعالى. وإنما يعرف كون الحديث موضوعا بإقرار واضعه أو ما يتنزل منزلة إقراره. وقد يفهمون الوضع من قرينة حال الراوي أو المروي فقد وضعت أحاديث طويلة يشهد بوضعها ركاكة ألفاظها ومعانيها. ولقد أكثر الذي جمع في هذا العصر الموضوعات في نحو مجلدين فأودع فيها كثيرا مما لا دليل على وضعه وإنما حقه أن يذكر في مطلق الأحاديث الضعيفة. والواضعون للحديث أصناف وأعظمهم ضررا قوم من المنسوبين الى الزهد وضعوا الحديث2 احتسابا فيما زعموا فتقبل الناس موضوعاتهم ثقة منهم بهم وركونا اليهم ثم نهضت جهابذة الحديث بكشف عوارها ومحو عارها والحمد لله. وفيما رويناه عن الإمام أبي بكر السمعاني ان بعض الكرامية ذهب إلى

_ 1 في ش وع: "اعلم أن الحديث ... " 2 هكذا في خط وع، وفي ش: "الأحاديث".

جواز1 وضع الحديث في باب الترغيب والترهيب. ثم إن الواضع ربما وضع كلاما من عند نفسه فرواه وربما أخذ كلاما لبعض الحكماء أو غيرهم فوضعه على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وربما غلط غالط فوقع في شبه الوضع من غير تعمد كما وقع لثابت بن موسى الزاهد في حديث "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار". مثال روينا عن أبي عصمة وهو نوح بن أبي مريم أنه قيل له من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة فقال: "إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق فوضعت هذه الأحاديث حسبة". وهكذا حال الحديث الطويل الذي يروى عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل القرآن سورة سورة بحث باحث عن مخرجه حتى انتهى الى من اعترف بأنه وجماعة وضعوه وإن أثر الوضع لبين عليه ولقد أخطأ الواحدي المفسر ومن ذكره من المفسرين في إيداعه تفاسيرهم انتهى. اعترض عليه بأنه جعل أرذل أقسام الحديث الضعيف ما فقدت فيه صفات الصحيح والحسن كذا ذكره في قسم الضعيف وقال هنا أشرها الموضوع وحمل كلامه هناك على ما عدا الموضوع إلا أن يريد بفقد ثقة الراوي أن يكون كذابا مع أنه لا يلزم من كونه كذابا أن يكون الحديث موضوعا2 إلا أن يعترف بوضع هذا الحديث بعينه مع أن ابن دقيق العيد استشكل إقرار الواضع بالوضع لأنه فاسق بالوضع وليس قوله ثانيا بأولى من قوله أولا.

_ 1 هكذا في ش وع، وفي خط "حوالي". 2 قال صاحبنا أبو يحي الحداد الإبراهيمي حفظه الله: "ليس من شرط الحكم علي الحديث بالوضع أن يكون فيه رجل وضاع بل الحكم علي الحديث بالوضع من أئمة النقد حتي علي أىحاديث الثقات كأن يكون مما أدخل عليهم أو لقنوه أو شبه عليهم أو.... وعندك "علل الرازي" فانظرها وانظر مقدمة المعلمي علي "الفوائد" للشوكاني وبعض تعليقات المعلمي رحمه. أبو يحي" اهـ,

قال لكن هذا كاف في رده ولا يقطع بكونه موضوعا لجواز كذبه في إقراره بالوضع وأشار بقوله ولقد أكثر الذي جمع الى موضوعات ابن الجوزي. قوله والواضعون أصناف انتهى. فمنهم ضرب من الزنادقة يضعون ليضلوا به الناس كعبد الكريم بن أبي العوجاء الذي أمر بضرب عنقه محمد بن سليمان بن علي. وكبيان الذي قتله خالد القسري1 وحرقه بالنار. قال حماد: بن زيد وضعت الزنادقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة عشر ألف حديث. وضرب يفعلونه انتصارا لمذهبهم كالخطابية والرافضة وقوم من السالمية. وضرب يتقربون2 لبعض الخلفاء والأمراء بوضع ما يوافق فعلهم وآرائهم كغياث بن إبراهيم حيث وضع للمهدي في حديث لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر فزاد فيه أو جناح وكان المهدي إذ ذاك يلعب بالحمام فتركها بعد ذلك وأمر بذبحها وقال أنا حملته على ذلك. وضرب كانوا يتكسبون بذلك ويرتزقون في قصصهم كأبي سعد المدائني. وضرب امتحنوا بأولادهم أو وراقين فوضعوا لهم أحاديث ودسوها عليهم فحدثوا بها من غير أن يشعروا كعبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي. وضرب يلجأون الى إقامة دليل على ما أفتوا به بآرائهم فيضعون كما نقل عن أبي الخطاب بن دحية إن ثبت عنه. وضرب يقلبون سند الحديث ليستغرب فيرغب سماعه منهم كما سيأتي في المقلوب. وضرب يتدينون بذلك كما ذكره المصنف. قال يحيى بن سعيد القطان ما رأيت الصالحين أكذب منهم في الحديث.

_ 1 هكذا في "الأنساب" زفي خط: "القشيري" وبيان المذكور له ترجمة في "لسان الميزان". 2 في خط: "يتقربون".

أي الصالحين الذين لا علم عندهم أو يحسنون ظنهم بالناس لسلامة صدورهم فيقعون في ذلك. وقال سفيان ما ستر الله أحدا يكذب الحديث وعن عبد الرحمن بن مهدي لو أن رجلا هم أن يكذب في الحديث لأسقطه الله. وعن ابن المبارك لو هم رجل في البحر أن يكذب الحديث لأصبح والناس يقولون: فلان كذاب فقيل له فهذه الأحاديث المصنوعة فقال تعيش لها الجهابذة {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} . وعن القاسم بن محمد: إن الله أعاننا علي الكذابين بالنسيان. وذكرالمصنف حديث ثابت بن موسى وحديث أبي عصمة وحديث أبي. فأما حديث ثابت الذي جعله المصنف شبه الوضع فرواه ابن ماجه عن إسماعيل بن محمد الطلحي عن ثابت بن موسى الزاهد عن شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار" قال: أبو حاتم الرازي كتبته عن ثابت فذكرته لابن نمير فقال لا بأس به والحديث منكر. وقال أبو حاتم: موضوع. وقال الحاكم: دخل ثابت بن موسى على شريك بن عبد الله القاضي والمستملي1 بين يديه وشريك يقول حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر المتن فلما نظر الى ثابت قال: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار". وإنما أراد ثابتا لزهده وورعه فظن ثابت أنه روى هذا الحديث مرفوعا بهذا الإسناد فكان ثابت يحدث به عن شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر. قال ابن حبان: وهذا قول شريك قاله عقب حديث الأعمش عن أبي سفيان عن جابر يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم فأدرجه ثابت في الخبر ثم

_ 1 وضع الناسخ هنا علامة إلحاق ولم يكتب شيئا في الحاشية، والسياق مستقم، وهكذا هو في ع.

سرقه منه جماعة ضعفاء وحدثوا به عن شريك. فعلى هذا هو من أقسام المدرج. وقال ابن عدي حديث منكر لا يعرف الا بثابت وسرقة منه من الضعفاء عبد الحميد بن بحر1 وعبد الله بن شبرمة الشريكي2 وإسحاق بن بشر3 الكاهلي وموسى بن محمد أبو الطاهر المقدسي4 قال: وحدثنا به بعض الضعاف5 عن زحموية6 وكذب فإن زحموية ثقة.

_ 1 من خط ومثله في "المجرمين" "2/142"، و "الكامل" "2/526"، و "المعني في الضعفاء" للذهبي "رقم/ 3483"، ووقع في ع: "بحيرة". ورواية عبد الحميد بن بحر عن شريك عند بن الجوزي في الموضوعات "2/109". 2 هكذا في خط وع ومثله في الكامل "2/526" و "كشف الخفاء للعجلوني "2/374" "2587" وهو غير "عبد الله بن شيرمة الضبي الكوفي" المترجم في "التهذيب" للمزي "15/76"؛ فالضبي أعلي رتبة وطبقة من هذا الذي يروي عم شريك وهو أيضا أرقي من أن يضعف أو ينسب إلي سرقة الحديث. وقد فرق بينهما ابن حبان لرحمه اللخ في "ثقاته" فذكر الضبي في "أتباع التابعين" "7/5 – 6" ثم ترجم للشريكي فيمن روي عن "أتباع التابعين" "8/364"، وتصرف مصحح كتاب ابن حبان في أصل الكتاب فغير مراد مصنفه رحمه الله. والشريكي هذا هو ابن عم شريك كما قال ابن عدي "6/2305" – ترجمة: محمد بن أحمد بن سهل" ورواية ابن شبرمة عن شريك عند أبي نعيم في "أخبار أصبهان" "1/358". 3 من خط ومثله في الموضوعات "1/111" والضعفاء "1/100" كلاهما لابن الجوزي واللسان لابن حجر "1/355" وغيرهم ووقع في عت: "بسر" بالمهملة وفي الكامل: "بشير" بالمعجمة ومثناة قبل آخره. 4 ذكر روايته ابن عدي في ترجمته من "الكامل" "6/2347" وقال: "وهذا حديث "ثابت بن موسي" عن شريك؛ سرقه منه: " موسي هذا مع جماعة ضعفاء" اهـ. 5 هكذا في خط و "الكلمل" وفلي ع: "الضعفاء". 6 بالزاي المعجمة في أوله هكذا ضبطه ابن ماكولا في "الإكمال" "4/179" وابن حجر في"التبصير" "2/595" و"نزهة الألباب" "1352"، واسمه: زكريا بن يحي الواسطي ووقع في خط وع بالمهلة في أوله ومثله في مواضشع من "الكامل" و "الموضوعات" وغيرهما.

قال وبلغني عن محمد بن عبد الله بن نمير أنه ذكر له هذا الحديث عن ثابت فقال باطل شبه على ثابت وذلك أن شريكا كان مزاحا وكان ثابت رجلا صالحا فدخل على شريك وهو يقول: حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم فالتفت فرأى ثابتا فقال يمازحه من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار فظن ثابت لغفلته أن هذا الكلام الذي قاله شريك هو متن الإسناد الذي ذكره. وقال العقيلي حديث باطل ليس له أصل ولا يتابعه عليه ثقة. وقال عبد الغني بن سعيد كل من حدث به عن شريك فهو غير ثقة وقال ابن معين ثابت كذاب. وأما حديث أبي عصمة المروزي قاضي مرو فرواه الحاكم بسنده الى أبي عمار المروزي. قال أبو حاتم بن حبان اسم أبي عصمة نوح الجامع جمع كل شيء الا الصدق. وأما حديث أبي فرواه المؤمل بن إسماعيل قال: حدثني شيخ به فقلت للشيخ من حدثك قال: حدثني رجل بالمدائن وهو حي فصرت اليه فقلت من حدثك قال: شيخ بواسط وهو حي فصرت1 اليه فقال حدثني شيخ بالبصرة فصرت اليه فقال حدثني شيخ بعبادان فصرت2 اليه فأخذ بيدي فأدخلني بيتا فإذا فيه قوم من المتصوفة ومعهم شيخ فقال هذا الشيخ حدثني فقلت يا شيخ من حدثك فقال لم يحدثني أحد ولكنا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم الى القرآن. وقد أخطأ كل من أودع هذا الحديث تفسيره فإن أبرز إسناده كالواحدي والثعلبي فعدده أبسط إلا أنه لا يجوز السكوت عليه وإن لم يبرزه وأورده بصيغة الجزم كالزمخشري فخطأه أفحش. وقوله: بحث باحث هو المؤمل بن إسماعيل.

_ 1 هكذا في خط، وفي ع: "فسرت" بالسين المهملة. 2 وقع في ع: "فصرت" بالموحدة.

وقوله: عن أبي بكر السمعاني هو أبو بكر محمد بن منصور روي عنه أن بعض الكرامية جوز وضع الحديث فيما لا يتعلق به ثواب ولا عقاب استدلوا بما في بعض طرق الحديث: "من كذب علي معتمدا ليضل به الناس فليتبوأ مقعده من النار". وقيل المراد من كذب علي فقال إني ساحر أو مجنون وقال بعض المخذولين إنما قال: من كذب علي ونحن نكذب له ونقوي شرعه. نسأل الله السلامه من ذلك. وروى العقيلي بإسناده إلى محمد بن سعيد كأنه المصلوب قال: لا بأس إذا كان كلام حسن أن يصنع له إسنادا، " وحكى القرطبي عن بعض أهل الرأي: أن ما وافق القياس الجلي جاز أن يعزى إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وروى ابن حبان في تاريخ الضعفاء أن رجلا من أهل البدع رجع عن بدعته فجعل يقول: انظروا هذا الحديث عمن تأخذونه فإنا كنا إذا رأينا رأيا جعلنا له حديثا. قوله: وربما أخذ كلاما لبعض الحكماء؛ أي أو بعض الزهاد أو الإسرائيليات كحديث حب الدنيا رأس كل خطيئة رواه ابن أبي الدنيا في كتاب مكائد الشيطان فإنه ليس بحديث ولا أصل له من حديث النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من كلام مالك بن دينار ساقه ابن أبي الدنيا بسنده إلى مالك أو من كلام عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم كما رواه عنه البيهقي في كتاب الزهد وجعله في شعب الإيمان من مراسيل الحسن وهي عندهم شبه الريح وكالحديث الموضوع المعده بيت الداء والحميه رأس الدواء فهذا من كلام بعض الأطباء لا أصل له عن النبي صلى الله عليه وسلم. وروى عن الربيع بن خثيم قال: إن للحديث ضوا كضوء النهار تعرفه وظلمه كظلمة الليل تنكره. وقال ابن الجوزي الحديث المنكر يقشعر له جلد الطالب وينفر منه قلبه في الغالب. قوله أو ما يتنزل منزلة إقراره أي كأن يحدث بحديث عن شيخ ثم يسأل عن مولده فيذكر تاريخا " تعلم وفاة ذلك الشيخ قبله ولا يوجد ذلك الحديث إلا عنده فهذا لم يعترف بوضعه ولكن اعترافه بوقت مولده ينزل منزلة إقراره بالوضع لأن ذلك الحديث لا يعرف إلا عند الشيخ ولا يعرف إلا برواية هذا الذي حدث به.

النوع الثاني والعشرون: معرفة المقلوب

النوع الثاني والعشرون: معرفة المقلوب هو نحو حديث مشهور عن سالم جعل عن نافع ليصير بذلك غربيا مرغوبا فيه. وكذلك ما رويناه أن البخاري رضي الله عنه قدم بغداد فاجتمع قبل مجلسه قوم من أصحاب الحديث وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر وإسناد هذا المتن لمتن آخر ثم حضروا مجلسه وألقوها عليه فلما فرغوا من إلقاء تلك الأحاديث المقلوبه التفت إليهم فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه فأذعنوا له بالفضل. ومن أمثلته ويصلح مثالا " للمعلل ما رويناه عن إسحاق بن عيسى الطباع حدثنا1 جرير بن حازم عن ثابت عن أنس قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصلاه فلا تقوموا حتى تروني" قال: إسحاق بن عيسى فأتيت حماد بن زيد فسألته عن الحديث فقال وهم أبو النضر إنما كنا جميعا " في مجلس ثابت البناني وحجاج بن أبي عثمان معنا فحدثنا حجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتاده عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أقيمت الصلاه فلا تقوموا حتى تروني" فظن أبو النضر أنه فيما حدثنا ثابت عن أنس أبو النضر هو جرير بن حازم. انتهى. المقلوب قسمان أحدهما أن يكون الحديث مشهورا " برا وفيجعل مكانه راو آخر في طبقته ليصير بذلك غربيا " كحديث مشهور بسالم فيجعل مكانه نافع أو مشهور بمالك فيجعل مكانه عبيد الله بن عمر.

_ 1 هكذا في خط، وفي ش: "قال أخبرنا"، وفي ع: قال "حدثنا".

وممن كان يفعل ذلك من الوضاعين حماد بن عمرو النصيبي وإسماعيل بن أبي حية اليسع وبهلول بن عبيد الكندي. مثاله حديث رواه عمرو بن خالد الحراني عن حماد بن عمرو النصيبي عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا: "إذا لقيتم المشركين في طريق فلا تبدؤهم بالسلام" الحديث فهذا حديث مقلوب قلبه حماد بن عمرو أحد المتروكين فجعله عن الأعمش وإنما هو معروف بسهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة كما رواه مسلم من رواية شعبة والثوري وجرير بن عبد الحميد وعبد العزيز بن محمد الدراوردي كلهم عن سهيل. قال أبو جعفر العقيلي: لا يحفظ هذا من حديث الأعمش إنما هو من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه ولهذا كره أهل الحديث تتبع الغرائب. القسم الثاني: أن يؤخذ إسناد متن فيجعل على متن آخر أو عكسه كقصة البخاري؛ قال أبو1 أحمد بن عدي: سمعت عدة مشايخ يحكون لما قدم البخاري بغداد اجتمع أهل الحديث وقلبوا إسناد مائة حديث وجعلوا كل عشرة مع رجل فسأله الأول عن أول حديث فقال لا أعرفه إلى أن انتهت العشرة ثم سأله الآخر كذلك ثم الآخر إلى آخر المائة وما يزيد على قوله لا أعرفه فأما الحذاق منهم فقالوا فهم الرجل ومن لا حذق عنده قضى عليه بالعجز عن الجواب فلما فرغوا التفت إلى الأول وقال أما حديثك الأول فهو كذا وكذا وحديثك الثاني: فهو كذا إلى أن رد متون الأحاديث كلها إلى إسنادها وإسنادها2 إلى متونها فأقروا له وأذعنوا. وهل يجوز فعل ذلك فيه نظر بحسب القصد إذا اختبره ليعلم هل يقبل التلقين3 ام لا؟ وممن فعل ذلك أبان بن أبي عياش فقال حرمي بئس ما صنع.

_ 1 من ترجمة "ابن عدي رحمه الله"، وليس في خط. 2 كذا في خط. 3 في خط: "التعليق"، والصواب ما أثبته

وحديث إذا أقيمت الصلاة انقلب إسناده على جرير بن حازم والحديث مشهور ليحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلي الله عليه وسلم هكذا رواه الأئمة الخمسة من طرق عن يحيى وهو عند مسلم والنسائي من رواية حجاج بن أبي عثمان الصواف عن يحيى وجرير إنما سمعه من الصواف فانقلب عليه. وقد بين حماد بن زيد فيما رواه أبو داود في المراسيل عن أحمد بن صالح عن يحيى بن حسان عن حماد بن زيد قال: كنت انا وجرير عند ثابت البناني فحدث حجاج بن أبي عثمان فدكره فظن جرير أنه إنما حدث به عن ثابت عن أنس كما قال: الطباع. قال فصل قد وفينا بماسبق الوعد بشرحه من الأنواع الضعيفة1 فلننبه الآن على أمور مهمة. أحدها إذا رأيت حديثا بإسناد ضعيف فلك ان تقول هذا ضعيف وتعنى أنه بذلك الإسناد ضعيف وليس لك ان تقول هذا ضعيف وتعني به ضعف متن الحديث بناء على مجرد ضعف ذلك الإسناد فقد يكون مرويا بإسناد أخر صحيح يثبت بمثله الحديث2 بل يتوقف3 جواز ذلك على حكم إمام من أئمة الحديث بأنه لم يرو بإسناد يثبت به أو بأنه حديث ضعيف أو نحو هذا مفسرا وجه القدح فيه فإن أطلق ولم يفسر ففيه كلام يأتي فاعلم ذلك فإنه مما يغلط فيه. الثاني: يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية ما سوى

_ 1 في ش وع: " ... الضعيفة والحمدلله". 2 ومن ثم لا تستنكر ورود بعض الأحاديث المخرجة في الصحيحين أو أحدهما في بعض كتب "العلل" أو كلام بعض العلماء في بعضش طرق متون الصحيحين فقد تكلم جماعة من الحفاظ في بعض طرق متون الصحيحين وهي في الصحيحين من طرق أخري فلا تهجم بالإنكار علي أحد الطرفين حتي تعلم مواقع النزال رعاك الله. 3 هكذا في ش وع، وفي خط: "يوافق".

الموضوع من أنواع الأحاديث الضعيفة من غير اهتمام ببيان ضعفها فيما سوى صفات الله تعالى وأحكام الشريعة من الحلال والحرام وغيرهما. وذلك كالمواعظ والقصص وفضائل الأعمال وسائر فنون الترغيب والترهيب وسائر ما لا تعلق له بالأحكام والعقائد وممن روينا عنه التنصيص على التساهل في نحو ذلك عبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل. الثالث: إذا أردت رواية الحديث الضعيف بغير إسناد فلا تقل فيه: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا وما أشبه هذا من الألفاظ الجازمة بأنه صلي الله عليه وسلم قال: ذلك وإنما تقول فيه روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا أو بلغنا عنه كذا وكذا أو ورد عنه او جاء عنه أو روى بعضهم وما أشبه ذلك. وهذا الحكم فيما تشك في صحته وضعفه وإنما تقول قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم- فيما ظهر لك صحته بطريقة الذي أوضحناه أولا. انتهى. قوله وممن نص على التساهل عبد الرحمن بن مهدي وأحمد وكذلك عبد الله بن المبارك وغيرهم. وقد عقد ابن عدي في مقدمة الكامل والخطيب في الكفاية باب لذلك وعبد الرحمن هو ابن مهدي بن حسان الأزدي مولاهم أبو سعيد البصري الؤلؤي الحافظ. روى عن عمر بن ذر وأبي خلدة1 خالد بن دينار وعكرمة بن عمار شعبة والسفيانين والحمادين ومالك وطبقتهم من البصريين والكوفيين والحجازيين. وعنه ابن المبارك وابن وهب وهما أكبر منه وأحمد وابن معين وابن راهويه وابن المديني وابن أبي شيبة2 والفلاس وخلق. قال ابن المديني كان أعلم الناس. قال أبو حاتم هو أثبت أصحاب حماد بن زيد وهو إمام ثقة أثبت من يحيى بن سعيد وأتقن من وكيع كان ورده كل ليلة نصف ختمة توفي بالبصرة في

_ 1 في خط: "وأبي خالد"، والصواب" ما أثبته. 2 في خط: "وابن أبي شيبة"، والصواب ما أثبته.

جمادى الآخر سنة ثمان وتسعين ومائة وهو ابن ثلاث وستين سنة وكان ثقة كثير الحديث وقال أحمد إذا حدث عن رجل فهو حجة.

النوع الثالث والعشرون: معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد1 وما يتعلق بذلك من قدح وجرح وتوثيق وتعديل

النوع الثالث والعشرون: معرفة صفة من تقبل روايته ومن ترد1 وما يتعلق بذلك من قدح وجرح وتوثيق وتعديل أجمع جماهير أئمة الفقه والحديث2 على أنه يشترط فيمن يحتج بروايته أن يكون عدلا ضابطا لما يرويه وتفصيله أن يكون مسلما بالغا عاقلا سالما من أسباب الفسق وخوارم المروءة متيقظا غير مغفل حافظا إن حدث من حفظه ضابطا لكتابه إن حدث من3هـ وإن كان يحدث بالمعنى اشترط فيه مع ذلك أن يكون عالما بما يحيل المعاني. ونوضح هذه الجملة بمسائل. إحداها عدالة الراوي تارة تثبت بتنصيص معدلين على عدالته وتارة تثبت بالاستفاضة فمن اشتهرت عدالته بين أهل النقل ونحوهم4 من أهل العلم وشاع الثناء عليه بالثقة والإمامة5 استغني فيه بذلك عن بينة شاهدة بعدالته تنصيصا وهذا هو الصحيح في مذهب الشافعي وعليه الاعتماد في فن أصول الفقه. وممن ذكر ذلك من أهل الحديث أبو بكر الخطيب الحافظ ومثل ذلك بمالك

_ 1 في ش وع: "ومن ترد روايته". 2 في ش وع: "الحديث والفقه". 3 في ش وع: "من كتابه". 4 في ش وع: "أونحوهم". 5 في ش وع: "والأمانة".

وشعبة والسفيانين والأوزاعي والليث وابن المبارك ووكيع وأحمد ويحيى بن معين وعلي ابن المديني ومن جرى مجراهم في نباهة الذكر واستقامة الأمر فلا يسأل عن عدالة هؤلاء وأمثالهم وإنما يسأل عن عدالة من خفي أمره على الطالبين. وتوسع ابن عبد البر في هذا فقال كل حامل علم معروف العناية به فهو عدل محمول في أمره أبدا على العدالة حتى يتبين جرحه لقوله صلي الله عليه وسلم: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله". وفيما قاله اتساع غير مرضي. الثانية: يعرف كون الراوي ضابطا بأن تعتبر رواياته بروايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان فإن وجدنا رواياته موافقة ولو من حيث المعنى لرواياتهم أو موافقة لها في الأغلب والمخالفة نادرة عرفنا حينئذ كونه ضابطا ثبتا وإن وجدناه كثير المخالفة لهم عرفنا اختلال ضبطه ولم نحتج بحديثه. الثالثة: التعديل مقبول من غير ذكر سببه على المذهب الصحيح المشهور لأن أسبابه كثيرة يصعب ذكرها فإن ذكرها1 يحوج المعدل إلى أن يقول لم يفعل كذا لم يرتكب كذا فعل كذا وكذا فيعدد جميع ما يفسق بفعله أو بتركه وذلك شاق جدا. وأما الجرح فإنه لا يقبل إلا مفسرا مبين السبب لأن الناس يختلفون فيما يجرح وما لا يجرح فيطلق أحدهم الجرح بناء على أمر اعتقده جرحا وليس بجرح في نفس الأمر فلا بد من بيان سببه لينظر فيه أهو جرح أم لا وهذا ظاهر مقرر في الفقه وأصوله. وذكر الخطيب الحافظ أنه مذهب الأئمة من حفاظ الحديث ونقاده مثل البخاري ومسلم وغيرهما ولذلك احتج البخاري بجماعة سبق من غيره الجرح لهم كعكرمة مولى ابن عباس وإسماعيل بن أبي أويس وعاصم بن علي

_ 1 في ش وع: "ذلك".

وعمرو بن مرزوق وغيرهم واحتج مسلم بسويد ابن سعيد وجماعة اشتهر الطعن فيهم. وهكذا فعل أبو داود السجستاني وذلك دال على أنهم ذهبوا إلى أن الجرح لا يثبت إلا إذا فسر سببه1 ومذاهب النقاد للرجال غامضة مختلفة. وعقد الخطيب بابا في بعض أخبار من استفسر في جرحه فذكر ما لا يصلح جارحا. منها عن شعبة أنه قيل له لم تركت حديث فلان فقال: "رأيته يركض على برذون فتركت حديثه" ومنها عن مسلم بن إبراهيم أنه سئل عن حديث لصالح المري2 فقال ما يصنع3 بصالح ذكروه يوما عند حماد بن سلمة فامتخط حماد. قلت ولقائل أن يقول إنما يعتمد الناس في جرح الرواة ورد حديثهم على الكتب التي صنفها أئمة الحديث في الجرح أو في الجرح والتعديل وقلما يتعرضون فيها لبيان السبب بل يقتصرون على مجرد قولهم فلان ضعيف وفلان ليس بشيء ونحو ذلك أو هذا حديث ضعيف وهذا حديث غير ثابت ونحو ذلك فاشتراط بيان السبب يفضي إلى تعطيل ذلك وسد باب الجرح في الأغلب الأكثر. وجوابه أن ذلك وإن لم نعتمده4 في إثبات الجرح والحكم به فقد اعتمدناه في أن توقفنا عن قبول حديث من قالوا فيه مثل ذلك بناء على أن ذلك أوقع عندنا

_ 1 فيه نظر، ولذلك ترجع ابن الصلاحج خطوة للوراء فقال: "ومذاهب النقاد للرجال غامضة مختلفة". وفد أخرج الشيخان لبعض من اعترافا بضعفه لكنهما انتخبا له ما حفظه وأخرجا له الأغراض ومقاصد تظهر في حينها وقد فصلت ذلك في غير هذا الموضع بما يغني عن الإعادة إن شاء الله تعالي. والله الموفق. 2 هكذا في الكفاية "ص/185" وفي ش وع: "الصالح المري" وفي خط: الصالح المزني". 3 هكذ في ش وع، وفي حاشية بعض نسخ "المقدمة": "قال المؤلف: يصنع مقيد كذا في أصل موثوق به، عليه سماع الخطيب رحمه الله"وفي نشرة "الكفاية" "تصنع"، وفي خط "تصنع" وعليها علامة "معا" إشارة إلي الوجهين: "التاء والباء". 4 هكذا في ش وع، وفي خط "يعتمده".

ف يهم ريبة قوية1 يوجب مثلها التوقف. ثم من انزاحت عنه الريبة منهم ببحث عن حاله أوجب الثقة بعدالته قبلنا حديثه ولم نتوقف كالذين احتج بهم صاحبا الصحيحين وغيرهما ممن مسهم مثل هذا الجرح من غيرهم فافهم ذلك فإنه مخلص حسن. الرابعة: اختلفوا في أنه هل يثبت الجرح والتعديل بقول واحد أو لا بد من اثنين فمنهم من قال: لا بد من اثنين2 كما في الجرح والتعديل في الشهادات ومنهم من قال: وهو الصحيح الذي أختاره وغيره إنه يثبت بواحد لأن العدد لم يشترط في قبول الخبر فلم يشترط في جرح راويه وتعديله بخلاف الشهادات. انتهى. اعترض على قوله وخوارم المروءة بأنه لم يشترط ذلك إلا الشافعي وأصحابه. ورد بأن كل من اشترط العدالة شرط فيها المروءة ولم يختلف قول مالك وأصحابه في اشتراط المروءة في العدالة. نعم يفترق الحال بين عدالة الشهادة فيشترط فيها الحرية وبين عدالة الرواية فلا يشترط ذلك فيها. قال الخطيب في الكفاية بلا خلاف ولهذا قال: القاضي أبو بكر الباقلاني هذا مما يفترق الحال فيه بين الرواية والشهادة. ويفترقان أيضا على قول في البلوغ فشهادة الصبي غير مقبولة عند أصحاب الشافعي وجمهور العلماء. وأما خبره فاختلف التصحيح فيه فحكى النووي في شرح المهذب عن الجمهور قبول خبر المميز فيما طريقه المشاهدة لا النقل كالإفتاء ورواية الأخبار ونحوه. وكأنه تبع في ذلك المتولي فإنه ذكر في استقبال القبلة أن الصبي إذا أخبر بأنه

_ 1 هكذا في خط وع، وليس في ش. 2 هكذا في خط، وفي ش وع: "لا يثبت ذلك إلا باثنتين".

شاهد محرابا فإنه يقبل لكن الرافعي نقل في هذا الباب عن الأكثرين أنه لا يقبل وتبعه عليه النووي وجعل الخلاف في المميز وقيده في التيمم بالمراهق. قوله فلا يسأل عن عدالة هؤلاء وأمثالهم؟ أي كما سئل أحمد عن إسحاق ابن راهويه فقال: مثل إسحاق يسأل عنه وسئل ابن معين عن أبي عبيد فقال مثلي يسأل عن أبي عبيد أبو عبيد يسأل عن الناس. قوله وتوسع ابن عبد البر أي ومن تبعه كأبي عبد الله بن المواق. والحديث الذي استدل به1 ضعيف رواه من طريق أبي جعفر العقيلي من رواية معان بن رفاعة السلامى عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري2 قال: قال: النبي صلي الله عليه وسلم: "يحمل3 هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين4 وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين". أورده العقيلي في الضعفاء في ترجمة معان بن رفاعة وقال لا يعرف إلا به. ورواه ابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل وابن عدي في مقدمة الكامل وهو مرسل أو معضل ضعيف وإبراهيم الذي أرسله قال: فيه ابن القطان لا نعرفه ألبتة في شيء من العلم غير هذا. وفي كتاب العلل للخلال أن أحمد سئل عن هذا الحديث فقيل له: كأنه كلام موضوع فقال: لا هو صحيح فقيل له: ممن سمعته؟ قال: من غير واحد، قيل له: من نعم؟ قال: حدثني به مسكين إلا أنه يقول عن معان عن القاسم بن عبد الرحمن قال: أحمد ومعان لا بأس به ووثقه ابن المديني ايضا. قال ابن القطان وخفي على أحمد من أمره ما علمه غيره ثم ذكر تضعيفه عن

_ 1 يهني ابن عبد البر راجع: "التمهيد" لابن عبد البر "1/28،58". 2 هكذا في التمهيد وع، وغيرهما وفي خط: "العدوي". 3 هكذا في التمهيد وع، وغيرهما وفي خط: "حمل". 4 هكذا في "التمهيد"، وغيره، وفي خط: "الغالين".

ابن معين وابن أبي حاتم1 والسعدي وابن عدي وابن حبان. مع أن هذا الحديث ورد مرفوعا مسندا من حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمرو وعلي بن أبي طالب وابن عمر وأبي أمامة وجابر بن سمرة وكلها ضعيفة فاستدلال ابن عبد البر به مردود لوجهين. أحدهما ضعفه وإرساله والثاني: أنه إنما يصح الاستدلال به أن لو كان خبرا ولا يصح حمله على الخبر لوجود من يحمل العلم وهو غير عدل وغير ثقة فلم يبق له محمل إلا الأمر فكأنه أمر الثقات بحمل العلم. وقد حكي في لام2 يحمل الرفع على الخبر والجزم على إرادة لام الأمر فعلى تقدير كونه مرفوعا فهو خبر أريد به الأمر. ويؤيد الأمر ما رواه أبو محمد ابن أبي حاتم في بعض طرقه ليحمل هذا العلم بلام الأمر. ومما يستغرب في ضبط الحديث ما حكاه المصنف في فوائد رحلته أنه وجد بنيسابور في مناقب ابن كرام جمع محمد بن الهيصم قال: فيه سمعت الشيخ أبا جعفر محمد بن أحمد بن جعفر يقول سمعت أبا عمرو محمد بن أحمد التميمي يروي هذا الحديث بإسناده فيضم الياء من قوله يحمل على أنه فعل ما3 لم يسم فاعله ويرفع الميم من العلم ويقول: "من كل خلف عدولة" مفتوح العين واللام وبالتاء ومعناه أن الخلف هو العدولة بمعنى أنه عادل كما يقال شكور بمعنى شاكرة4 ويكون الهاء للمبالغة كما يقال: رجل ضروبة. والمعنى أن العلم يحمل على كل خلف كامل في عدالته.

_ 1 هكذا في خط، وإنما نقل ابن أبي حاتم عن أبيه قوله في "معان" كما في "الجرح" "8/422". 2 في خط: "اللام" والصواب ما أثبته". 3 هكذا في خط، وليست في ع. 4 وفي ع: "شاكر".

وأما أبو بكر المفيد فإني قد حفظت عنه يحمل مفتوح الياء من كل خلف عدوله مضموم العين واللام مرفوعا انتهى كلام المصنف1. قوله ولقائل ان يقول: إنما يعتمد الناس في جرح الرواة وقوله: قبل هذا ولا يقبل الجرح إلا مفسرا هذا كله إنما يكون ممن لا يعرف الجرح والتعديل أما العارف بأسباب الجرح والتعديل فإنه لا يحتاج إلى بيان وقد حكى الباقلاني عن جمهور العلماء أنه إذا جرح من لا يعرف الجرح بأنه يجب الكشف عن ذلك فإن كان يعرفه فلا. قال2 والذي يقوي عندنا ترك الكشف عن ذلك إذا كان الجارح عالما كما يجب استفسار المعدل عما به صار عنده المزكى عدلا وقد اختلف نقل الغزالي عن الباقلاني فنقل هذا3 في المستصفى وهو الصواب4 وخالفه في المنخول فقال يجب البيان مطلقا. وقال الإمام في البرهان الحق أنه إن كان المزكي عالما بأسباب الجرح والتعديل اكتفينا بإطلاقه وإلا فلا وقد يتعمق في الجرح كما تقدم من ركض البرذون وترك شعبة حديث المنهال بن عمرو لكونه سمع منه صوتا. قال أبو حاتم سمع قراءته بألحان وقيل سمع منه صوت الطنبور فرجع فقيل له هل سألت عنه أيعلم ذلك أم لا5؟. وقال شعبة للحكم بن عتيبة6: لم تركت حديث زاذان7؟ قال: كان كثير

_ 1 يعني في: "فوائد رحلته". 2 يعني: "الباقلاني" 3 أي هذا المذهب السابق للباقلاني، وراجع: ع. 4 قال العراقي: "وهو الصواب فقد رواه الخطيب عنه بإسناد صحيح إليه وحكاه أيضا عنه الإمام فخر الدين الرازي والسيف الآمدي". "التقييد ص/141". 5 راجع الكفاية "ص/183". 6 هكذا في "الكفاية" "ص/183". وفي خط: "عيينة". 7 هكذا في "الكفاية" وفي خط: "ذكوان".

الكلام. وقد عقد الخطيب لذلك بابا في الكفاية. انتهى. قوله: واختلفوا هل يثبت الجرح والتعديل بقول واحد؟. ومجموع ما في مسألة الرواية والشهادة ثلاثة أقوال أحدها لا يقبل في التزكية إلا رجلان سواء أكانت التزكية للشهادة أو الرواية وهو الذي حكاه القاضي أبو بكر الباقلاني عن أكثر الفقهاء من أهل المدينة وغيرهم. والثاني: الاكتفاء بواحد فيهما وهو اختيار الباقلاني لأن التزكية بمثابة الخبر قال: والذي يقتضيه القياس وجوب قبول تزكية كل عدل مرضي ذكرا وأنثى حرا وعبدا لشاهد ومخبر. والثالث: التفرقة1 فيشترط اثنان في الشهادة ويكفي واحد في الرواية ورجحه الإمام فخر الدين الآمدي ونقله هو وابن الحاجب عن الأكثرين وهو مخالف لما نقله الباقلاني عنهم قال: ولا يقبل في التعديل النساء لا في الرواية ولا في الشهادة نقله عن فقهاء المدينة وغيرهم. واختار الباقلاني قبول تزكية المرأة مطلقا في الرواية والشهادة إلا تزكيتها في الحكم الذي لا تقبل شهادتها فيه وأطلق صاحب المحصول وغيره قبول تزكيتها مطلقا من غير تقييد بما قيده الباقلاني. وأما تزكية العبد فقال الباقلاني يجب قبولها في الخبر دون الشهادة لأن خبره مقبول وشهادته مردودة وكذا قاله الإمام فخر الدين وغيره. قال الخطيب في الكفاية الأصل: في هذا الباب سؤال النبي صلي الله عليه وسلم بريرة في قصة الإفك عن عائشة وجوابها السؤال رضي الله عنهما. قوله واحتج مسلم بسويد بن سعيد وجماعة اشتهر الطعن فيهم. انتهى. قال أبو حاتم وصالح جزرة ويعقوب بن شيبة وغيرهم هو صدوق في نفسه

_ 1 في خط: "التقوية" – خطأ، وراجع: ع.

وقال البخاري: حديثه منكر وضعفه النسائي ولم يفسر الجرح وأكثر من فسره بأنه لما عمي ربما قبل التلقين وهذا إنما يقدح بعد عماه ويحتمل أن مسلما إنما حدث عنه قبل عماه وأما تكذيب ابن معين له فإنه أنكر عليه ثلاثة أحاديث حديث "من عشق وعف" وحديث "من قال: في ديننا برأيه فاقتلوه" وحديثه عن أبي معاوية عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد مرفوعا "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة". فقال ابن معين: هذا باطل عن أبي معاوية قال: الدارقطني فلما دخلت مصر وجدت هذا الحديث في مسند المنجنيقي وكان ثقة عن أبي كريب عن أبي معاوية فتخلص منه سويد فأنكره عليه ابن معين لظنه أنه تفرد به عن أبي معاوية وليس كذلك وقد قال: محمد بن عيسى السومي1 سألت ابن معين عن سويد فقال ما حدثك فاكتب عنه ما حدثك به تلقينا فلا وإنما روى عنه مسلم لطلب العلو مما2 صح عنده بنزول ولم يخرج عنه ما انفرد به وقال إبراهيم بن أبي طالب قلت لمسلم كيف استجزت الرواية عن سويد في الصحيح فقال ومن أين كنت آتي بنسخة حفص بن ميسرة وذلك أن مسلما لم يرو عن أحد ممن سمع من حفص بن ميسرة في الصحيح إلا عن سويد فقط وقد روى في الصحيح عن واحد عن ابن وهب عن حفص. قال الخامسة: إذا اجتمع في شخص واحد3 جرح وتعديل فالجرح مقدم لأن المعدل يخبر عما ظهر من حاله والجارح يخبر عن باطن خفي على المعدل. فإن كان عدد المعدلين أكثر فقد قيل التعديل أولى. والصحيح والذي عليه الجمهور أن الجرح أولى لما ذكرناه. انتهى.

_ 1 كذا في خط والذي في ترجمة "سويد" من "تألريخ بغداد" "9/230" والسير للذهبي "11/412" "والتهذيب"::محمد بن يحي الخزازي السوسي" ولم ترد نسبة "السوسي" في "التهذيب" و "الخزاز" بالخاء المعجمة وزايين بينهما ألف؛ كذا في "السير" وفي "تأريخ" بغداد" الحزاز بالحاء المهملة وفي "تهذيب التهذيب" "الخزاز بالخاء المعجمة والراء المهملة وآخره زاي ولم أهتد إليه الآن؛ فليحرر؛ والله المستعان وهو حسبي. 2 كذا في خط، والأشية: "فيما". 3 هكذا في خط وليست في ش وع.

وفي المسألة ثلاثة أقوال؛ أصحها تقديم الجرح مطلقا والثاني: إن كان المعدلون أكثر قدم التعديل لأن كثرتهم تقوي جانبهم. قال الخطيب وهذا خطأ وبعد ممن توهمه لأن المعدلين وإن كثروا لا يخبرون عن عدم ما أخبر به الجارحون إذ لو أخبروا به لكانت شهادة عن نفي وهي باطلة1. والقول الثالث: أنهما متعارضان فلا يرجح أحدهما إلا بمرجح حكاه ابن الحاجب. وكلام الخطيب يقتضي نفي هذا الثالث: فإنه قال: اتفقوا على أن من جرحه واحد أو عدد وعدله مثلهم فإن الجرح أولى2. قال السادسة: لا يجزئ التعديل على الإبهام من غير تسمية المعدل فإذا قال: حدثني الثقة أو نحو ذلك مقتصرا عليه لم يكتف به فيما ذكره الخطيب والصيرفي الفقيه وغيرهما خلافا لمن اكتفى بذلك وذلك لأنه قد يكون ثقة عنده وغيره قد اطلع على جرحه بما هو جارح عنده أو بالإجماع فيحتاج إلى أن يسميه حتى يعرف بل إضرابه عن تسميته مريب موقع في القلوب فيه ترددا فإن كان القائل لذلك عالما أجزأ ذلك في حق من يوافقه في مذهبه على ما اختاره بعض المحققين. وذكر الخطيب أن العالم إذا قال: كل من رويت عنه فهو ثقة وإن لم أسمه ثم روى عن من لم يسمه فإنه يكون مزكيا له غير أنا لا نعمل بتزكيته هذه وهذا على ما قدمناه. انتهى. وافق الخطيب والصيرفي ابن الصباغ وحكى في العدة عن أبي حنيفة أنه يقبل وهو ماش على قول من يحتج بالمرسل وأولى بالقبول ولو قال: العالم كل من أروى لكم عنه وأسميه فهو عدل رضى مقبول كان تعديلا لكل من روى عنه وسماه هكذا جزم به الخطيب.

_ 1 راجع: "الكفاية" "ص/177". 2 راجع: "الكفاية"."ص/175".

قال وكان ممن سلك هذه الطريقة عبد الرحمن بن مهدي زاد البيهقي مع ابن مهدي مالك بن أنس ويحيى بن سعيد القطان. قال وقد يوجد في رواية بعضهم الرواية عن بعض الضعفاء لخفاء حاله عليه كرواية مالك عن عبد الكريم بن أبي المخارق1. قوله وفي القول الثالث: إنه إن كان القائل له عالما فإنه يقبل التعديل على الإبهام كقول مالك والشافعي حدثني الثقة فإن الثقة يعرف بالشيوخ الذين يروون عنهم. قال السابعة إذا روى العدل عن رجل وسماه لم تجعل روايته عنه تعديلا منه له عند أكثر العلماء من أهل الحديث وغيرهم وقال بعض أهل الحديث وبعض أصحاب الشافعي يجعل ذلك تعديلا منه له لأن ذلك يتضمن التعديل. والصحيح هو الأول لأنه يجوز أن يروي عن غير عدل فلم يتضمن روايته عنه تعديله وهكذا نقول إن عمل العالم أو فتياه على وفق حديث ليس حكما منه بصحة ذلك الحديث وكذلك مخالفته للحديث ليست قدحا منه في صحته ولا في راويه. انتهى. إذا روى العدل عن شيخ وسماه فهل ذلك تعديل له أم لا فيه ثلاثة أقوال أصحها وهو قول الأكثر أنه لا يكون تعديلا. والثاني: تعديل مطلقا إذ لو علم فيه جرحا لذكره حكاه الخطيب. قال الصيرفي وهو خطأ لأن الرواية تعريف والعدالة تكون بالخبرة. وأجاب الخطيب بأنه قد لا يعلم عدالته ولا جرحه. والثالث: وهوالمختار عند الأصوليين كالآمدي وابن الحاجب وغيرهما أنه إن كان لا يروي إلا عن عدل كانت روايته تعديلا وإلا فلا. واعترض الحافظ عماد الدين ابن كثير على قوله إن عمل العالم أو

_ 1 وقد يروي عنه في المذاكرة فينقل ذلك عنه يروي عنه للتجب وغير ذلك والله الموفق.

فتياه إلى آخره فقال وفي هذا نظر إذا لم يكن في الباب غير ذلك الحديث إذا1 تعرض للاحتجاج به في فتياه أو حكمه2 واستشهد به عند العمل بمقتضاه. ورد بأنه لا يلزم من كون ذلك الباب ليس فيه غير هذا الحديث أن لا يكون3 ثم دليل آخر من قياس أو إجماع ولا يلزم المفتي أو الحاكم أن يذكر جميع أدلته بل ولا بعضها. ويحتمل أن يكون له دليل آخر واستأنس بهذا الحديث معه أو يكون ممن يرى العمل بالحديث الضعيف ويقدمه على القياس كما تقدم عن أبي4 داود إذا لم يرد في الباب غيره ويراه أولى من رأي الرجال وأما ما حكي عن أحمد أنه يقدم الحديث الضعيف على القياس فالمراد الضعيف5 الحسن. قال الثامنة في رواية المجهول وهي في غرضنا ههنا أقسام. أحدها: المجهول العدالة من حيث الظاهر والباطن جميعا وروايته غير مقبولة عند الجماهير على ما نبهنا عليه أولا. والثاني: المجهول الذي جهلت عدالته الباطنة وهو عدل في الظاهر وهو المستور6 فقد قال: بعض أئمتنا المستور من يكون عدلا في الظاهر ولا تعرف عدالة باطنه. فهذا المجهول يحتج بروايته بعض من رد رواية الأول وهو قول بعض

_ 1 هكذا في خط وفي الباعت "ص/291": "أو". 2 هكذا في خط وفي الباعث "أو". 3 هكذا في خط وع ووقع في الباعث "ص291": "أن يكون بسقوط: "لا" فلتستدرك". 4 هكذا في ع وفي خط "ابن". 5 هكذا في خط وفي ع: "وحمل بعضهم هذا علي أنه أريد بالضعيف هنا: الحديث الحسن" ووقع في ع: "وحل.." وراجع الباعث "ص291". 6 هكذا في ش وع و "الباعث" وفي خط: "المشهور".

الشافعية1 وبه قطع منهم الإمام سليم بن أيوب الرازي قال: لأن أمر الأخبار مبنى على حسن الظن بالراوي ولأن رواية الأخبار تكون عند من يتعذر عليه معرفة العدالة في الباطن فاقتصر منها على معرفة ذلك في الظاهر. وتفارق الشهادة فإنها تكون عند الحكام ولا يتعذر عليهم ذلك فاعتبر فيها العدالة في الظاهر والباطن. قلت ويشبه أن يكون العمل على هذا الرأي في كثير من كتب الحديث المشهورة في غير واحد من الرواة الذين تقادم العهد بهم وتعذرت الخبرة الباطنة بهم. انتهى. قسم المجهول ثلاثة أقسام الأول مجهول العدالة ظاهرا وباطنا مع كونه معروف العين برواية عدلين عنه. وفيه ثلاثة أقوال أصحها قول الجمهور أنها لا تقبل. والثاني: تقبل والثالث: إن كان الراويان أو الرواة عنه فيهم من لا يروي عن غير عدل قبل وإلا فلا. وأشار بقوله بعض أئمتنا إلى أبي محمد البغوي صاحب التهذيب فهذا لفظه بحروفه فيه ويوافقه كلام الرافعي في الصوم قال: فيه العدالة الباطنة هي التي يرجع فيها إلى أقوال المزكين وحكى فيه أيضا في قبول رواية المستور2 وجهين من غير ترجيح وصحح النووي في شرح المهذب قبول روايته. وعبارة الشافعي في اختلاف الحديث تدل على أن التي يحكم الحاكم بها هي العدالة الظاهرة فإنه قال: في جواب سؤال أورده فلان يجوز أن يترك الحكم بشهادتهما إذا كانا عدلين في الظاهر. فعلى هذا تكون العدالة الظاهرة هي التي يحكم بها وهي التي تستند إلى قول المزكين بخلاف ما ذكره الرافعي في الصوم وهذا هو القسم الثاني: وحكى البيهقي في المدخل أن الشافعي لا يحتج بأحاديث المجهولين. قال الثالث: المجهول العين وقد يقبل رواية المجهول العدالة من لا يقبل رواية

_ 1 هكذا في خط وفي ش وع: "الشافعيين". 2 هكذا في ع وفي خط: "المشهور".

المجهول العين ومن روى عنه عدلان وعيناه فقد ارتفعت عنه هذه الجهالة. ذكر أبو بكر الخطيب في أجوبة مسائل سئل عنها أن المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم يعرفه العلماء ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد مثل عمرو ذي مر وجبار الطائي وسعيد بن ذي حدان لم يرو عنهم غير أبي إسحاق السبيعي ومثل الهزهاز بن ميزن لا راوي عنه غير الشعبي ومثل جري بن كليب لم يرو عنه إلا قتادة. قلت قد روى عن الهزهاز الثوري أيضا. قال الخطيب وأقل ما ترتفع به الجهالة أن يروي عن الرجل اثنان من المشهورين بالعلم إلا أنه لا يثبت له حكم العدالة بروايتهما عنه وهذا مما قدمنا بيانه. قلت قد خرج البخاري في صحيحه حديث جماعة ليس لهم غير راو واحد منهم مرداس الأسلمي لم يرو عنه غير قيس بن أبي حازم وكذلك خرج مسلم حديث قوم لا راوي لهم غير واحد منهم ربيعة بن كعب الأسلمي لم يرو عنه غير أبي سلمة بن عبد الرحمن. وذلك منهما مصير إلى أن الراوي قد يخرج عن كونه مجهولا مردودا برواية واحد عنه والخلاف في ذلك متجه نحو اتجاه الخلاف المعروف في الاكتفاء بواحد في التعديل على ما قدمناه. انتهى. هذا القسم الثالث: وهو مجهول العين الذي لم يرو عنه إلا راو واحد وفيه خمسة أقوال أصحها وعليه الأكثر أنه لا يقبل. والثاني: يقبل مطلقا وهو قول من لم يشترط في الراوي سوى الإسلام. والثالث: إن كان المنفرد بالرواية عنه لا يروي إلا عن عدل كابن مهدي ويحيى بن سعيد ومن ذكر معهما واكتفينا في التعديل بواحد قبل وإلا فلا والرابع: إن كان مشهورا في غير العلم بالزهد أو النجدة قبل وإلا فلا. والخامس: إن زكاه أحد من أئمة الجرح والتعديل مع راويه وأخذ عنه قبل وإلا فلا. واعترض عليه بأمور منها أنه تبع الخطيب في تسمية والد هزهاز ميزن وإنما هو مازن بالألف كما قال: ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وفي بعض النسخ بالياء ولعل بعضهم أماله في اللفظ فكتب بالياء.

ومنها اعتراضه على الخطيب بأن الهزهاز قد روى عنه الثوري أيضا والثوري لم يرو عن الشعبي نفسه فكيف يروي عن شيوخه ورد بأنه لا يلزم من عدم روايته عن الشعبي عدم روايته عن الهزهاز فلعل الهزهاز تأخر بعد الشعبي ويقوي ذلك أن ابن أبي حاتم ذكر أن الجراح بن مليح روى عن الهزهاز والجراح أصغر من الثوري وتأخر بعده مدة سنين1 فكان ينبغي له أن يستثنى الجراح مع الثوري. ومنها أن ما عزاه إلى الخطيب في أجوبة مسائل سئل عنها يفهم أنه لم يذكره في الكفاية وليس كذلك فقد ذكر ذلك مع زيادة لا بأس بذكرها فقال المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه ولا عرفه العلماء به2 ولم يعرف3 حديثه إلا من جهة راو واحد مثل عمرو ذي مر وجبار الطائي وعبد الله بن أعز الهمداني والهيثم بن حنش ومالك بن أعز وسعيد بن ذي حدان4 وقيس بن كركم وخمر بن مالك قال: وهؤلاء5 كلهم لم يرو عنهم غير أبي إسحاق السبيعي ومثل سمعان بن مشنج والهزهاز بن ميزن لا يعرف عنهما راو إلا الشعبي ومثل بكر بن قرواش وحلام بن جزل لم يرو عنهما إلا أبو الطفيل عامر بن واثلة ومثل يزيد بن سحيم لم يرو عنه إلا خلاس بن عمرو ومثل جري بن كليب لم يرو عنه إلا قتادة بن دعامة ومثل عمير بن إسحاق لم يرو عنه سوى عبد الله بن عوف وغير من ذكرنا.

_ 1 هكذا في خط وع. 2 من "الكفاية""ص/149"، وع، وسقط من خط. 3 هكذا في خط وع وفي "الكفاية": "ومن لم يعرف". 4 هكذا في ع، و"الكفاية"، وفي خط: " ... وعبد الله بن ذي حدان.." وكأن النسخ ترك سطرا، وسيأتي بايدل علي ذلك. 5 وقع في ع: "وهؤء" فليصلح.

أي ممن لم يرو عنه إلا راو واحد. وقد اعترض بأنه روي عن خمر بن مالك أيضا1 عبد الله بن قيس2 وذكره ابن حبان في الثقات وسماه خميرا3 وذكر الخلاف فيه في التصغير والتكبير ابن أبن حاتم. وكذلك الهيثم بن حنش4 روى عنه أيضا سلمة بن كهيل قاله أبو حاتم الرازي. وأما عبد الله بن أعز ومالك بن أعز بالعين المهملة والزاي فقد جعلهما ابن ما كولا واحدا وأنه اختلف على أبي إسحاق في اسمه. وبكر بن قرواش بكسر القاف وسكون الراء وبالشين المعجمة روى عنه أيضا قتادة فيما ذكره البخاري وابن حبان في الثقات وسمى ابن أبي حاتم أباه قرويشا5. وحلام بن جزل ذكره البخاري في تاريخه فقال حلاب بالحاء المهملة والباء الموحدة وخطأه ابن أبي حاتم6 في كتاب جمع فيه أوهامه في التاريخ وقال إنما هو حلام بالميم.

_ 1 هذا هو الصواب ووقع في خط: "خمر أيضا ابن مالك ... " وراجع: ع. 2 هكذا في خط وع و"تعجيل المنفعة"وفي الالثقات" وكذلك "الجرح" "3/391": "عيسي". 3 هكذا في ع و "الثقات" "4/214" وغيرهما وفي خط: "ضمير"بالضاد المهعجمة. وراجع المصادر مع "التأريخ الكبير" للبخاري. 4 هكذا في "الجرح" و "الكفاية" وفي خط وع: "حنيش" وراجع تعليق المعلمي اليماني رحمه الله علي "التأريخالكبير" للبخاري "8/213". 5 كذا في خط وفي ع: "قريشا" بودن الواو والذي في الجرح" "2/391": "بكر بن قرواش ... روي عنه أبو الطفيل سمعت أبي يقول ذلك".وراجع التأريخ الكبير "2/94"، والتعجيل "ص/54" ووقع في الثقات "بكر بن قرواش يروي عن أبي الطفيل روي عنه قتادة" كذا وهو مخالف لكل ما سبق. 6 راجع: "كتاب بيان خطأ محمد بن اسماعيل البخاري في تأريخه" "ص/26"

وأما مشنج فإنه بضم الميم وفتح الشين المعجمة وفتح النون وآخره جيم. واعترض النووي على قوله وذلك منهما أي من البخاري ومسلم مصير إلى أن الراوي قد يخرج عن الجهالة برواية واحد عنه كمرداس الأسلمي وسعد بن كعب الأسلمي فقال هؤلاء صحابيان والصحابة كلهم عدول. ورد بأن كلام المصنف في أن الصحبة هل ثبتت برواية واحد عنه أم لا بد من اثنين خلاف بين أهل العلم والحق أنه إن كان معروفا بذكره في الغزوات1 أو فيمن وفد من الصحابة أو نحو ذلك فإنه تثبت صحبته وإن لم يرو عنه إلا واحد. لا شك أن مرداسا من أصحاب الشجرة وربيعة من أهل الصفة فلا يضرهما انفراد راو واحد عن كل منهما وسيأتي في النوع السابع: والأربعين أن ابن عبد البر قال: كل من2 لم يرو عنه إلا رجل واحد فهو عندهم مجهول إلا أن يكون مشهورا في غير حمل العلم كاشتهار مالك بن دينار بالزهد وعمرو بن معدي كرب بالنجدة. فشهرة مرداس وربيعة بالصحبة آكد في النقل3 من اشتهار مالك وعمرو وقد ذكر أبو مسعود إبراهيم بن محمد الدمشقي في جزء له أجاب فيه على اعتراضات الدارقطني على كتاب مسلم فقال لا أعلم روى عن أبي علي عمرو بن مالك الجنبي أحدا غير أبي هانئ قال: وبرواية أبي هانئ وحده لا يرتفع عنه اسم الجهالة إلا أن يكون معروفا في قبيلته أو يروي عنه أحد معروف مع أبي هانئ فيرتفع عنه اسم الجهالة. وأيضا فلا نسلم انفراد قيس بمرداس ولا انفراد أبي سلمة بربيعة كما قاله

_ 1 تحرف في خط إلي: "المعزوات" ومن أوله قوله: " ... بذكره في الغزوات.." وحتي المسألة التاسعة "رواية المبتدع" ساقط من ع. 2 في خط: "وإن كان" كذا والتصويت من خط وس وع فيما سيأتي إن شاء الله تعالي في "النوعالسابع والأربعون". 3 في خط: "بالنقد" بالدال المهملة.

المصنف وتبعه النووي. وهما قد تابعا أبا عبد الله الحاكم والحاكم تبع مسلما في كتاب الوحدان لمسلم وليس بجيد فقد روى عن ربيعة أيضا نعيم بن عبد الله المجمر وحنظلة بن علي وأبو عمران الجوني وذكر المزي أنه روى عنه أيضا محمد ابن عمرو بن عطاء وليس ذلك بصحيح إنما روى محمد بن عمرو عن نعيم المجمر عنه كذا رواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه الكبير. اللهم إلا أن يكون محمد بن عمرو قد أرسل عنه وأسقط نعيما. وأما مرداس فقال المزي1 في التهذيب إنه روي عنه أيضا زياد بن علاقة وتبعه الذهبي في مختصره وهو وهم منهما من حيث أن الذي روي عنه زياد إنما هو مرداس بن عروة صحابي آخر والذي يروي عنه قيس مرداس ابن مالك الأسلمي ليس في ذلك خلاف ذكره البخاري في التاريخ الكبير وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وابن حبان في الصحابة وأبو عبد الله ابن مندة في معرفة الصحابة والطبراني في الكبير وابن عبد البر في الاستيعاب وابن قانع في معجم الصحابة وغيرهم. وإذا مشينا على ما قاله النووي إن هذا لا يؤثر في الصحابة فينبغي أن يمثل بمن خرج له البخاري أو مسلم من غير الصحابة فلم يرو عنه إلا راو واحد. فمنهم عند البخاري جويرية بن قدامة تفرد عنه أبو جمرة2 نصر بن عمران الضبعي. وزياد بن رباح المدني تفرد عنه مالك. والوليد بن عبد الرحمن الجارودي3 تفرد عنه ابنه المنذر بن الوليد.

_ 1 في خط: "المزني". 2 هكذا في "التهذيب" وغيره وفي خط: "أبو حمزة" بالمهملة والزاي. 3 هكذا في التهذيب والثقات وفي خط: "الجارودي".

ومن ذلك عند مسلم جابر بن إسماعيل الحضرمي تفرد عنه عبد الله بن وهب وخباب صاحب المقصورة تفرد عنه عامر بن سعد1. قال التاسعة اختلفوا في قبول رواية المبتدع الذي لا يكفر في بدعته فمنهم من رد روايته مطلقا لأنه فاسق ببدعته وكما استوى في الكفر المتأول وغير المتأول يستوي في الفسق المتأول وغير المتأول ومنهم من قبل رواية المبتدع إذا لم يكن ممن يستحل الكذب في نصرة مذهبه أو لأهل مذهبه سواء كان داعيا إلى بدعته أو لم يكن وعزا بعضهم هذا إلى الشافعي لقوله أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم. وقال قوم تقبل روايته إذا لم يكن داعية ولا تقبل إذا كان داعية إلى بدعته وهذا مذهب الكثير أو الأكثر من العلماء. وحكى بعض أصحاب الشافعي رضي الله عنه خلافا بين أصحابه في قبول رواية المبتدع إذا لم يدع إلى بدعته وقال أما إذا كان داعية فلا خلاف بينهم في عدم قبول روايته. وقال ابن حبان أحد المصنفين من أئمة الحديث الداعية إلى البدع لا يجوز الاحتجاج به عند أئمتنا قاطبة لا أعلم بينهم فيه خلافا. وهذا المذهب الثالث: أعدلها وأولاها والأول بعيد مباعد2 للشائع عن أئمة الحديث فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة وفي الصحيحين كثير من أحاديثهم في الشواهد والأصول. انتهى. المبتدع الذي لا نكفره ببدعته فيه أربعة أقوال حكى منها ثلاثة والرابع: أنه تقبل أخباره مطلقا وإن كان كافرا أو فاسقا بالتأويل حكاه الخطيب عن جماعة من أهل النقل والمتكلمين. وفي تاريخ نيسابور للحاكم أن كتاب مسلم ثلاث من الشيعة3.

_ 1 نهاية السقط في ع. 2 هكذا في ش وع وفي خط: "متباعد". 3 كذا في خط ووضع الناسخ علامة الأشكال علي أن وفي ع: "أن كتاب مسلم ملئان من الشيعة"؛ وهذا الصواب ففي كتاب مسلم جماعة من الشيعة أكثر من ثلاثة؛ والله أعلم.

ولم يحك المصنف خلافا فيما إذا كفرناه ببدعته كالمجسمة إن قلنا بتكفيرهم وقد حكاه الأصوليون فرد القاضي أبو بكر روايته مطلقا كاالكافر المخالف والمسلم الفاسق ونقله الآمدي عن الأكثرين وبه جزم ابن الحاجب وقال في المحصول الحق أنه إن اعتقد حرمة الكذب قبلنا روايته وإلا فلا لأن اعتقاد حرمة الكذب ينفه عنه1. قوله وعزا بعضهم هذا إلى الشافعي المراد ببعضهم الخطيب أبو بكر ذكره في كتابه الكفاية. وما حكاه عن ابن حبان من الاتفاق على أنه لا يجوز الاحتجاج بالداعية ينفي الخلاف في المسألة لأنه نقل عنه أيضا الاتفاق على الاحتجاج بغير الداعية فإنه قال: في تاريخ الثقات في ترجمة جعفر بن سليمان الضبعي ليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق المتقن إذا كان فيه بدعة ولم يكن يدعو إليها أن الاحتجاج بأخباره جائز فإذا دعا إلى بدعته سقط الاحتجاج بأخباره. وفيما حكاه ابن حبان من الاتفاق نظر فإنه روي عن مالك رد روايتهم مطلقا كما قاله الخطيب في الكفاية. واعترض على قوله وفي الصحيحين كثير من أحاديثهم أي من أحاديث المبتدعة في الشواهد والأصول أي لا في الاحتجاج2 وقد احتج البخاري بعمران بن حطان وهو من دعاة الشراة واحتج الشيخان بعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني وكان داعية إلى الإرجاء. ورد بما قاله أبو داود إنه ليس في أهل الأهواء أصح حديثا من الخوارج ثم ذكر عمران بن حطان وأبا حسان الأعرج. وأيضا فمسلم لم يحتج بعبد الحميد وإنما أخرج له في المقدمة وقد وثقه ابن معين. قال العاشرة: التائب من الكذب في حديث الناس وغيره من أسباب الفسق تقبل روايته إلا التائب من الكذب متعمدا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا تقبل

_ 1 في خط: "عنه" بالمهملة" في أوله – خطأ. 2 كذا وهذا ينافي كونها في الأصول ولا اعترض.

روايته أبدا وإن حسنت توبته على ما ذكر عن غير واحد من أهل العلم منهم أحمد بن حنبل وأبو بكر الحميدي شيخ البخاري. وأطلق الإمام أبو بكر الصيرفي الشافعي فيما وجدت له في شرحه لرسالة الشافعي فقال كل من أسقطنا خبره من أهل النقل بكذب وجدناه عليه لم نعد لقبوله بتوبة تظهر ومن ضعفنا نقله لم نجعله قويا بعد ذلك فذكر1 أن ذلك مما افترقت فيه الروايه والشهادة. وذكر الإمام أبو المظفر السمعاني المروزي أن من كذب في خبر واحد وجب إسقاط ما تقدم من حديثه وهذا يضاهي من حيث المعنى ما ذكره الصيرفي. انتهى. اعترض على قوله وأطلق الصيرفي أي فلم يقيد الكذب بكونه في الحديث أو في غيره والظاهر أن الصيرفي إنما أراد الكذب في الحديث بدليل قوله من أهل النقل وقد قيده بالمحدث في كتابه الدلائل والاعلام2

_ 1 هكذا في خط وفي ش وع: "وذكر". 2 كذا وهو في "الفهرست للنديم" "ص/267" باسم: "البيان في دلائل الأعلام علي أصول الأحكام".ومثله عند الزركلي في "الأعلام" "7/96" وزاد: "في أصول الفقه. وذكره حكالة في معجم المؤلفين "10/220" باسم "دلائل الأعلام علدي أصول الأحكام في أصول الفقه".وذكره حاجي خليفة في كشف الظنون "1/873" فقال: "رسالو الشافعي في الفقه تنافسوا في شرحها فشرحها وأبوبكر محمد بن عبد الله الصيرفي المتوفي سنة 330، واسمه: دلائل الأعلام؛ ذكره في شرح الألفية". كذا قال؛ والسياق هنا يقتضي أن الدلائل غير شرح الرسالة وهو الصواب فقد ورد ذكر الكتابين في المصادر السابقة وهذا ظاهر من كلام ابن الصلاح وشرحه. واقتصر النووي في الأسماء واللغات والسبكي والإسنوي في طبقات الشافعية وابن العماد فيالشذرات علي شرح الرسالة دون الدلائل. ولم أر من تعرض لضبط همزة الأعلام وقد وردت في كتاب العراقي يالفتح وفي كتاب الزركلي بالكسر؛ والله أعلم.

فقال وليس يطعن1 على المحدث إلا أن يقول تعمدت الكذب فهو كاذب في الأول ولا يقبل خبره بعد ذلك. قال الحادية عشرة: إذا روى ثقة عن ثقة2 وروجع المروي عنه فنفاه فالمختار أنه إن كان جازما بنفيه بأن قال: ما رويته أو كذب علي أو نحو ذلك فقد تعارض الجزمان والجاحد هو الأصل فوجب رد حديث فرعه ذلك ثم لا يكون ذلك جرحا له يوجب رد باقي حديثه لأنه مكذب لشيخه أيضا في ذلك وليس قبول جرح شيخه له بأولى من قبول جرحه لشيخه فتساقطا. أما إذا قال: المروي عنه لا أعرفه أو لا أذكره أو نحو ذلك فذلك لا يوجب رد رواية الراوي عنه. ومن روى حديثا ثم نسيه لم يكن ذلك مسقطا للعمل به عند جمهور أهل الحديث وجمهور الفقهاء والمتكلمين خلافا لقوم من أصحاب أبي حنيفة صاروا إلى إسقاطه بذلك وبنوا عليه ردهم حديث سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا نكحت المرأة بغير إذن وليها فنكاحها باطل" الحديث من أجل أن ابن جريج قال: لقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه وكذا حديث ربيعة الرأي3 عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة:"أن النبي صلي الله عليه وسلم قضى بشاهد ويمين" فإن عبد العزيز ابن محمد الدراوردي قال: لقيت سهيلا فسألته عنه فلم يعرفه. والصحيح ما عليه الجمهور لأن المروي عنه بصدد السهو والنسيان والراوي عنه ثقة جازم فلا ترد بالاحتمال روايته ولهذا كان سهيل بعد ذلك يقول حدثني ربيعة عني عن أبي4 ويسوق الحديث. وقد روى كثير من الأكابر أحاديث نسوها بعدما حدثوا بها عن من سمعها.

_ 1 هكذا في ع، وفي خط: "نطعن". 2 هكذا في خط وع، وليس في ش. 3 هكذا في ش وع، وفي خط: "الراوي". 4 هكذا في ش وع، و"الكفاية" "ص/543" وفي خط "حدثني ريعة عني أني" وراجع: "تحفة الشراف". "9/401".

منهم فكان أحدهم يقول حدثني فلان عني عن فلان بكذا وكذا وجمع الحافظ الخطيب ذلك في كتاب أخبار من حدث ونسي. ولأجل أن الإنسان معرض للنسيان كره من كره من العلماء الرواية عن الأحياء منهم الشافعي قال: لابن عبد الحكم إياك والرواية عن الأحياء. انتهى. حديث سليمان بن موسى رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من رواية سليمان عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا. وذكر الترمذي أن بعض أهل الحديث ضعفه من أجل أن ابن جريج قال: ثم لقيت الزهري فسألته فأنكره انتهى. ولم يصح إنكار الزهري له فقد ذكره1 الترمذي بعده عن ابن معين أنه لم يذكر هذا الحرف عن ابن جريج إلا إسماعيل بن إبراهيم. قال وسماعه عن ابن جريج ليس بذاك إنما صحح كتبه على كتب عبد المجيد ابن عبد العزيز بن أبي رواد ما سمع من ابن جريج وضعف يحيى رواية إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جريج. واعترض بعضهم على قول المصنف فلم يعرفه والرواية فأنكره كما سبق. ورد بأن المعروف ما ذكره المصنف كما وقع في سؤالات عباس الدوري عن ابن معين وفي العلل لأحمد وفي البيهقي بسند صحيح إلى أبي حاتم الرازي قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول وذكر عنده أن ابن علية يذكر حديث ابن جريج لا نكاح إلا بولي قال: ابن جريج فلقيت الزهري فسألته عنه فلم يعرفه

_ 1 هكذا في خط والحديث عند الترمذي "1343" ولم يذكر قصة النسيان وراجع تحفة الأشراف "9/401" والقصة في سنن أبي داود والأم للشافعي والإرشاد للخليلي والكفاية للخطيب والعلل للدارقطني والمعرفة للبيهقي وقال عقبة "14/290": "وقد ينسي المحدث حديثه فلا يقدح ذلك في سماع من سمعه منه قبل النسيان. وراجع "المعرفة" أيضا "1/31".

وأثنى على سليمان بن موسى فقال أحمد إن ابن جريج له كتب مدونة وليس هذا في كتبه يعني حكاية ابن علية عن ابن جريج 1.

_ 1 هكذا في ع وفي خط وقال وراجع السنن الكبرى 7/106 والمعرفة 10/31 كلاهما للبيهقي وكذلك علل ابن أبي حاتم 1/408 1224. اعلم رحمك الله أن الإعلال بعدم وجود الحديث أو القول في مصنفات الشيخ المروي عنه منهج للأئمة رحمهم الله تعالى وفي كلامهم أمثلة لا تخفى منها: ما ذكر هنا عن الإمام رحمه الله. وفي علل الحديث لابن أبي حاتم 1/32 60 سألت أبي عن حديث رواه ابن عيينة عن سعيد بن أبي عروة عن قتادة عن حسان بن بلال عن عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم في تخليل اللحية. قال أبي لم يحدث بهذا أحد سوى ابن عيينة عن أبي عروة. قلت: صحيح قال: لو كان صحيحا لكان في مصنفات ابن أبي عروة ولم يذكر ابن عيينة في هذا الحديث [سماعا] وهذا أيضا مما يوهنه اهـ. وزيادة [سماعا] ليست في العلل المطبوع لكنها متعينة. وفي علل الرازي أيضا 1/170 487 ذكر الأحاديث عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه من وجه آخر عن ابن [أي العشرين عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة ثم قال: قلت لأبي: فأيهما أشبه عندك؟ قال: جميعا منكرين "كذا" ليس لواحد منهما معنى قلت لم؟ قال: لأن حديث ابن أبي العشرين لم يرو أحد سواه وكان الوليد صنف كتاب الصلاة وليس فيه هذا الحديث اهـ. وفي علل الرازي 1/143 144 400 قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وذكر حديث إبراهيم ابن سليمان بن إسماعيل المؤدب عن هرير بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج عن جده رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لبلال: "نور بالفجر قدر ما يبصر القوم مواقع نبلهم". قال أبي: روى أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي نعيم عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن هرير ابن عبد الرحمن عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبي: وسمعنا من أبي نعيم كتاب إبراهيم بن إسماعيل الكتاب كله فلم يكن لهذا الحديث فيه ذكر وقد حدثنا غير واحد عن أبي إسماعيل المؤدب =

000000000000

_ = قلت لأبي: الخطأ من أبي نعيم أو من أبي بكر بن أبي شيبة؟ قال أرى قد تابع أبا بكر رجل آخر إما محمد بن يحيى أو غيره فعلى هذا يدل أن الخطأ من أبي نعيم يعنى أن أبا نعيم أراد أبا إسماعيل المؤدب وغلط في نسبته ونسب إبراهيم بن سليمان إلى إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع اهـ. وفي شرح العلل لابن رجب 2/595 596 ط عتر إبراهيم بن سعد الزهري قال أحمد كان يحدث من حفظه فيخطئ وفي كتابه الصواب وقد تكلم فيه يحيى القطان روى من حفظه أحاديث أنكرت عليه منها.. "الأئمة من قريش" وسئل أحمد عنه فقال: ليس هذا في كتب إبراهيم لا ينبغي أن يكون له أصل اهـ وفي علل الأحاديث التي في كتاب الصحيح لمسلم تصنيف ابن عمار ص 109. قال: ووجدت فيه [أي في صحيح مسلم] عن يحيى بن حسان عن سليمان بن بلال عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجوع أهل بيت عندهم التمر" وروى بهذا الإسناد أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم الإدام الخل". حدثنا أحمد بن محمد بن القاسم الفسوي حدثنا أحمد بن سفيان حدثنا أحمد بن صالح يحيى بن حسان بهذين الحديثين قال أحمد بن صالح نظرت في كتاب سليمان بن بلال فلم أحد لهذين الحديثين أصلا. قال أحمد بن صالح وحدثني ابن أبي أويس قال: حدثني ابن أبي الزناد عن هشام عن رجل من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل قوما: "ما إدامكم" قالوا: الخل قال: "نعم الإدام الخل" اهـ. وأورد ابن عدي رحمه الله حديث "ما أحسن الله خلق رجل وخلقه فأطعمه النار" في ترجمة الحسن بن علي بن صالح بن زكريا بن يحيى 2/751 من طريق الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر عن عمر مرفوعا ثم قال: وهذا الحديث باطل بهذا الإسناد وعندنا نسخة الليث عن نافع عن ابن عمر عن غير واحد عن الليث وما فيه شيء من هذا اهـ. وأورد حديث "يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما" من طريق الحسن بن علي بن صالح ثنا هدبة ثنا همام عن ثابت عن أنس ... الحديث. ثم قال: وهذا حديث يحدث به عفان وحبان ومحمد بن سنان عن همام فألزقه العدوي [وهو الحسن بن علي بن صالح] على هدبة وليس الحديث عند هدبة وعندنا نسخة همام من رواية عنه عن جماعة شيوخ وليس فيه هذا الحديث اهـ =

000000000

_ = وفي المعرفة للفسوى 1/428 وحدثني الفضل قال سمعت أبا عبد الله وذكر له هشام عن أبيه عن عائشة كان يستعذب النبي صلى الله عليه وسلم الماء من بيوت السقا. فقال: ما رواه إلا الدراوردي ولم يكن في أصل كتابه اهـ. وفي السير للذهبي 15/504 قال الدارقطني حدث النجاد من كتاب غيره بما لم يكن في أصوله وهذا النص ذكره الخطيب البغدادي أيضا في تاريخ بغداد 4/191 وانظر التنكيل للمعلمي اليماني رحمه الله تعالى 1/110. وفي تاريخ الدوري 4298 قال حدثنا يحي قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن محمد قال: ليس الدرن من الدين في شيء؟ قال يحيى لم نسمع هذا إلا من الثقفي قال يحيى ولم يكن هذا في كتاب الثقفي اهـ. وفي سنن الدارقطني 3/153 نا حمزة بن القاسم الهاشمي نا حنبل بن إسحاق قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل في حديث عبد الرزاق في حديث أبي هريرة والنار جبار ليس بشيء لم يكن في اكتب باطل ليس هو بصحيح اهـ. والأمثلة على هذا الأصل كثيرة مشهورة في كتب أهل الحديث رحمهم الله. وقد تخرج بعض أشياء من هذا الأصل لقرائن تحتف بها كما أنكر ابن معين حديث عبيد الله بن معاذ عن شعبة في كون "قل هو الله أحد ثلث القرآن" مع اطلاعه يعني ابن معين عليه في أصل كتاب معاذ لكن وجدت قرائن أخرى لإعلال الحديث رغم وجوده في أصل معاذ فأنكره ابن معين على عبيد الله وراجع له حديث الستة من التابعين للخطيب رحمه الله ط مكتبة السنة بتحقيقي. وأنكر ابن معين رحمه الله تعالى بعض الأحاديث لم تكن في كتب إسحاق الأزرق فقال أبو حاتم الرازي [كما في علل ابنه 1/136 378] هو هندي صحيح وحدثنا به أحمد بن حنبل رحمه الله بالحديثين جميعا عن إسحاق الأزرق قال ابن أبي حاتم قلت لأبي: فما بال يحيى نظر في كتاب إسحاق فلم يجده؟ قال كيف نظر في كتابه في العلل كتبه كذا كله؟ إنما نظر في بعض وربما كان في موضع آخر اهـ. والذي دفع أبا حاتم رحمه الله إلى هذا المسلك إمامة أحمد رحمه الله أضف إليه أنه لم يعلم عن إسحاق أنه كان يحدث بما ليس في كتبه وإلا لو كان يحدث بما ليس في كتبه لاتجه الطعن إليه كما سبق في قول الدارقطني عن النجاد وقوله أيضا عن أحمد بن كامل بن خلف كان متساهلا وربما حدث من حفظه بما ليس عنده في كتابه اهـ كما في تاريخ بغداد 4/358. وفي الكامل لابن عدي رحمه الله ص 777 ترجمة حسين بن حميد بن الربيع الخزاز الكوفي =

وحديث ربيعة رواه أيضا الثلاثة أبو داود والترمذي وابن ماجة من رواية ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سهيل1 بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة. زاد أبو داود في رواية أن عبد العزيز الدراوردي قال: فذكرت ذلك لسهيل فقال أخبرني ربيعة وهو عندي ثقة أني حدثته إياه ولا أحفظه. قال عبد العزيز وقد كان أصابت سهيلا علة أذهبت بعض عقله ونسى بعض حديثه فكان سهيل بعد يحدثه عن ربيعة عنه عن أبيه2. ورواه أبو داود أيضا من رواية سليمان بن بلال عن ربيعة قال: سليمان فلقيت سهيلا فسألته عن هذا الحديث فقال ما أعرفه فقلت له إن ربيعة أخبرني به

_ وعنه السير للذهبي 11/76 ترجمة يحيى بن معين استنكر أبو بكر بن أبي شيبة رحمه الله حديثا رواه ابن معين عن حفص بن غياث وقال أبو بكر: من أين لابن معين هذا الحديث وهو ذا كتب حفص عندنا وكتب ابنه عمر عندنا وليس فيه من هذا شيء؟. ورد ابن عدي رحمه الله هذه الحكاية واتهم الحسين في هذه الحكاية وقال: وأما يحيى بن معين فهو أجل من أن يقال فيه شيء من هذا لأن عامة الرواة به تسبر أحوالهم اهـ. ونص العبارة في السير ويحيى أوثق وأجل من أن ينسب إليه شيء من ذلك وبه يسبر أحوال الضعفاء. اهـ. والمراد من هذه الحكاية قول ابن عدي ويحيى أوثق وأجل......... وليس المراد إثبات صحة الحكاية. ومن ثم يلوح لك أن عدم وجود الحديث في أصل الشيخ منهج من مناهج الأئمة رحمهم الله في الإعلال وقد يعلون بعض الأحاديث مع وجودها في أصل الشيخ كما سبق إنكار ابن معين لحديث عبيد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة مع اطلاعه عليه في أصل معاذ وذلك لقرئن تظهر في حينها. وللحديث بقية تأتي في تيسير علل الحديث يسر الله إتمامه بخير والسلام. وعنه "السير للذهبي "11/76" ترجمة يحي بن معين استكبر أبو بكر بن أبي شيبة رحمه الله حديثا رواه ابن معين عن حفص بن غياث وقال أبوبكر: "من أين لابن معين هذا الحديث وهو ذا كتب حفص عندنا وكتب إبنه عمر عندنا وليس فيه من هذا شئ؟! اهـ. ورد ابن عدي رحمه الله هذه الحكاية وقال: وأما يحي بن معين فهو أجل من أن يقال فيه شئ من هذا لأن عامة الرواة تسير أحوالهم" اهـ. ونص العبارة في السير "ويحي أوثق وأجل من أن ينسب إليه شئ من ذلك وبه يسبر أحوال الضعفاء" اهـ. والمراد من هذه الحكاية قول ابن عدي "ويحي أوثق وأجل ... ".وليس المراد إثبات صحة الحكاية. ومن ثم يلوح لك أن عد وجود الحديث في أصل الشيخ منهج من منهاج الأئمة رحمهم الله في الإعلال وقد يعلون بعض الحاديث مع وجودها في أصل الشيخ كما سبق إنكار ابن معين لحديث عبيد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة مع اطلاعه عليه في أصل معاذ وذلك لقرائن تظهر في حينها. وللحديث بقية تأتي في تيسير علل الحديث يسر الله إتمامه بخير. والسلام. 1 في خط "سهل" بدون الياء. 2 هكذا في سنن أبي داود "3610" وفي خط: "فكان سهيل بعد يحدث عن ربيعة عن أبيه" ولم يرد هذا الجزء في "تحفة الأشراف" فليستدرك".

عنك قال: فإن كان ربيعة أخبرك عني فحدث به عن ربيعة عني1. وقد جمع غير واحد من الأئمة أحاديث من حدث فنسى كالدارقطني والخطيب. وممن كره التحديث عن الأحياء الشعبي فإنه قال: لابن عون لا تحدثني عن الأحياء وقال معمر لعبد الرزاق إن قدرت أن لا تحدث عن رجل حي فافعل. وفي رواية البيهقي في المدخل أن الشافعي قال: لابن عبد الحكم لما حدثه بحكاية فأنكرها ثم تذكرها لا تحدثني عن حي فإن الحي لا يؤمن عليه النسيان. قال الثانية عشرة من أخذ على التحديث أجرا منع ذلك من قبول روايته عند قوم من أئمة الحديث. روينا عن إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه أنه سئل عن المحدث يحدث بالأجر فقال لا يكتب عنه. وعن أحمد بن حنبل وأبي حاتم الرازي نحو ذلك وترخص أبو نعيم الفضل بن دكين وعلي بن عبد العزيزالمكي وآخرون في أخذ العوض على التحديث وذلك شبيه بأخذ الأجرة على تعليم القرآن وغيره2. غير أن في هذا من حيث العرف خرما للمروءة والظن يساء بفاعله إلا أن يقترن ذلك بعذر ينفي ذلك عنه كمثل ما حدثنيه الشيخ أبو المظفر عن أبيه الحافظ أبي سعد السمعاني أن أبا الفضل محمد بن ناصر السلامى ذكر أن أبا الحسين بن النقور فعل ذلك لأن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي أفتاه بجواز أخذ

_ 1 قال ابن أبي حاتم رحمه الله في العلل "1/463 – 464" "1392": "قيل لأبي: يصح حديث أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم في اليمين مع الشاهد؟ فوقف وقفة، فقال: تري الدراوردي ما يقول؟ يعني قوله قلت لسهيل فلم يعرفه. قلت: فليس نسيان سهيل دافعا لما حكي عنه ربيعة وربيعة ثقة والرجل يحدث بالحديث وينسي. قال: أجل هكذا هو ولكن لم نر أن يتبعه متابع علي روايته وقد روي عن سهيل جملعة كثيرة ليس عند أحد منهم هذا الحديث. قلت: أنه يقول بخير الواحد. قال: أجل غير أني لا أدري لهذا الحديث أصلا عن أبي هريرة أعتبر به وهذا أصل من الأصول لم يتابع عليه ربيعة. 2 في ش وع: "ونحوه".

الأجرة على التحديث لأن أصحاب الحديث كانوا يمنعونه عن الكسب لعياله. انتهى. علي بن عبد العزيز المكي هو البغوي. وتشبيهه ذلك بالأجرة على القرآن يشمل ما إذا كان التعليم واجبا كالأحاديث المتعلقة بواجبات الشرع وشرائطها فينبغي أن يجري فيه الخلاف فيمن يجب عليه تعليم الفاتحة إذا تعين عليه ومحل ذلك كتب الفقه. قال الثالثة عشرة لا تقبل رواية من عرف بالتساهل في سماع الحديث أو إسماعه كمن لا يبالي بالنوم في مجلس السماع وكمن يحدث لا من أصل مقابل صحيح ومن هذا القبيل من عرف بقبول التلقين في الحديث. ولا تقبل رواية من كثرت الشواذ والمناكير في حديثه. جاء عن شعبة أنه قال: "لا يجيئك الحديث الشاذ إلا من الرجل الشاذ". ولا تقبل رواية من عرف بكثرة السهو في رواياته إذا لم يحدث من أصل صحيح. وكل هذا يخرم الثقة بالراوي وبضبطه. وورد عن ابن المبارك وأحمد والحميدي وغيرهم أن من غلط في حديث وبين له غلطه فلم يرجع عنه وأصر على رواية ذلك الحديث سقطت رواياته ولم يكتب عنه. وفي هذا نظر وهو غير مستنكر إذا ظهر أن ذلك منه على جهة العناد او نحو ذلك. انتهى. وما ذكره بحثا هو ما نص عليه ابن حبان وقال إن من بين له خطأوه1 وعلم فلم يرجع عنه وتمادى في ذلك كان كذابا بعلم صحيح2. فقيده بكونه علم خطأوه3 وإنما يكون عنادا إذا علم الحق وخالفه وقيده بعضهم بأن يكون الذي بين له غلطه عالما عند المبين له أما إذا كان ليس بهذه

_ 1 هكذا في خط وع، وفي "المجروحين": "خطأه" 2 راجع: "المجروحين" "1/78 – 79" "النوع السادس عشر" من أنواع جرح الضعفاء. 3 هكذا في خط وع.

المثابة عنده فإنه لا جرح1 إذا. ولا فرق بين نوم القارئ أو الشيخ وكذا لا فرق بين أن يكون الأصل المقروء منه مقابلا على أصل الشيخ أو على غيره كما أنه لا فرق في التساهل في حالة التحمل أو الأداء. قوله ومن هذا القبيل من عرف بالتلقين أي كموسى بن دينار فكان يلقن الشيء فيحدث به من غير أن يعلم أنه من حديثه. وقيل لشعبة من الذي يترك حديثه قال: إذا أكثر2 عن المعروف من الرواية ما لا يعرف وأكثر الغلط3.

_ 1 هكذا في خط وفي ع: "حرج" بالمهملة في أوله والجيم في آخره. 2 في خط: "كثر" والصواب: "أكثر". 3 هكذا في خط ونص العبارة في المجروحين لابن حبان "1/73 – 74" " ... سمعت نعيم بن حماد يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: قلت لشعبة: من الذي تترك الرواية عنه؟ قال: إذا أكثر عن المعروفين من الرواية ما لا يعرف ونص الكفاية للخطيب "ص225 – 226": " ... نعيم بن حماد قال سمعت ابن مهدي يذكر عن شعبة قيل له: من الذي يتك حديثه؟ قال: الذي إذا روي عن المعروفين ما لا يعرفه الوعروفون فأكثر طرح حديثه. ثم وجدت النمص في المجروحين لابن حبان "1/77": بإسناده السابق إلي عبد الرحمن بن مهدي قال: "قلت لشعبة: من الذي تترك [في "المجروحين": "يترك" كذا] الرواية عنه؟ قال: إذا أكثر المعروفين من الرواية ما لا يعرف أو أكثر الغلط". وهذا نص عبارة الأبناسي سوي "وأكثر" فصوابها: "أو أكثر" كما في المجروحين. وفي الكفاية "ص/229" " ... نعيم بن حماد قال: حدثني عبد الرحمن بن مهدي قال: كنا عند شعبة فسئل يا أبا بسطام حديث من يترك؟ قال: من يكذب في الحديث ومن يكثر الغلط ومن يخطئ في خحديث مجتمع عليه فيقيم علي غلطه فلا يرجع ومن روي عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون". وفي الجرح والتعديل لابن حاتم "2/31 – 32". من وجه آخر عن ابن مهدي قال: "قيل لشعبة متي يترك حديث الرجل؟ قال: إذا حدث عن المعروفين ما لايعرفه المعروفون وإذا أكثر الغلط وإذا اتهم بالكذب وإذا روي حديثا غلطا مجتمعا عليه فلم يتهم نفسه فيتركه طرح حديثه وما كان غيرذلك فارووا عنه".

وكذلك ترد رواية من عرف بكثرة السهو ولم يحدث من أصل صحيح فإن حدث منه قبل لأن العمدة إنما هي على الأصل لا على حفظه1. قال الشافعي في الرسالة من كثر غلطه ولم يكن له أصل لم يقبل كمن كثر غلطه في الشهادة. وقال ابن مهدي لشعبة من الذي تترك2 الرواية عنه قال: إذا تمادى في غلط مجمع عليه ولم يتهم نفسه عند اجتماعهم على خلافه أو رجل يتهم بالكذب3. قال الرابعة عشرة أعرض الناس في هذه الأعصار المتأخرة عن اعتبار ما بينا4 من الشروط في رواة الحديث ومشايخه فلم يتقيدوا بها في رواياتهم لتعذر الوفاء بذلك على نحو ما تقدم. وكان عليه من تقدم ووجه ذلك ما قدمناه في أول كتابنا هذا من كون المقصود آل آخرا إلى المحافظة على خصيصة هذه الأمة في الأسانيد والمحاذرة من انقطاع سلسلتها فليعتبر من الشروط المذكورة ما يليق بهذا الغرض على تجرده وليكتف في أهلية الشيخ بكونه مسلما بالغا عاقلا غير متظاهر بالفسق والسخف وفي ضبطه بوجود سماعه مثبتا بخط غير متهم وبروايته من أصل موافق لأصل شيخه. وقد سبق إلى نحو ما ذكرناه الحافظ أبو بكر البيهقي فإنه ذكر فيما رويناه عنه توسع من توسع في السماع من بعض محدثي زمانه الذين لا يحفظون حدثهم ولا يحسنون قراءته من كتبهم ولا يعرفون ما يقرأ عليهم بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم ووجه ذلك بأن الأحاديث التي قد صحت أو وقعت5 بين الصحة والسقم قد دونت وكتبت في الجوامع التي جمعها أئمة

_ 1 وهذا عام في كل من لا يحفظ ولا يحدث من حفظه إلا الثبت صاحب الحفظ واليقظة والمر علي ما ذكر ابن المديمي رحمه الله: "هذا أحد رجلين إما رجل يحدث من كتابه أو من حفظه" اهـ راجع: تأريخ بغداد للخطيب رحمه الله "9/229" – ترجمة: سويد بن سعيد الحدثاني". 2 وقع في "المجروحين" "1/79": "يترك". 3 هكذا في المجروحين وراجع الكفاية "ص/229". 4 هكذا في خط وفي ش وع: "مجموع ما بينا". 5 هكذا في خط وع بالعين المهملة وفي ش: "وقفت" بالفاء.

الحديث ولا يجوز أن يذهب شيء منها على جميعهم وإن جاز أن يذهب على بعضهم لضمان صاحب الشريعة حفظها قال: فمن جاء اليوم بحديث لا يوجد عند جميعهم لم يقبل منه ومن جاء بحديث معروف عندهم فالذي يرويه لا ينفرد بروايته والحجة قائمة بحديثه برواية غيره والقصد من روايته والسماع منه أن يصير الحديث مسلسلا بحدثنا وأخبرنا وتبقى هذه الكرامة التي خصت بها هذه الأمة شرفا لنبينا المصطفى صلي الله عليه وسلم. انتهى. قال السلفي: إن الشيوخ الذين لا يعرفون حديثهم الاعتماد في روايتهم على الثقة المفيد عنهم لا عليهم وإن هذا كله توسل من الحافظ إلى حفظ الأسانيد إذ ليسوا من شرط الصحيح إلا على وجه المتابعة ولولا رخصة العلماء لما جازت الكتابة عنهم ولا الرواية إلا عن قوم منهم دون آخرين وهذا هو الذي استقر عليه العمل قال الذهبي في أول الميزان العمدة في زماننا ليس على الرواة بل على المحدثين والمفيدين الذين عرفت عدالتهم وصدقهم في ضبط أسماء السامعين. قال ثم من المعلوم1 أنه لا بد من صون الراوي وستره. قال الخامسة عشرة: في بيان الألفاظ المستعملة بين2 أهل هذا الشأن في الجرح والتعديل. وقد رتبها أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في كتابه في الجرح والتعديل فأجاد وأحسن. ونحن نرتبها كذلك ونورد ما ذكره ونضيف إليه ما بلغنا في ذلك عن غيره إن شاء الله تعالى. أما ألفاظ التعديل فعلى مراتب: الأولى: قال: ابن أبي حاتم3 إذا قيل للواحد إنه ثقة أو متقن4 فهو ممن يحتج بحديثه.

_ 1 هكذا في "المبزان" و "اللسان" وفي خط: "العلوم". 2 هكذا في خط وفي ش وع: "من". 3 هكذا في ش وع، وراجع "الجرح والتعديل" "2/37". 4 هكذا في ش وع وخط وفي "الجرح": "ثقة أو متقن ثبت" ولعلها " ... أو ثبت" ويؤيد ذلك سياق الكلام وعزو الأبناسي الآتي إلي بعض نسخ الجرح والله أعلم.

قلت وكذا إذا قيل ثبت أو حجة وكذا إذا قيل في العدل إنه حافظ أو ضابط. انتهى. ما حكاه عن ابن أبي حاتم قال: به الحافظ أبو بكر الخطيب في الكفاية وزاد الذهبي في أول الميزان درجة أرفع من هذه وهي1 أن يكرر هذه الألفاظ كقوله ثقة ثقة أو ثقة ثبت أو ثبت حجة أو نحو ذلك وما قاله صحيح لأن التكرار له مزية التأكيد. واعترض على المصنف في قوله قلت وكذا إذا قيل ثبت مفهما كونها من زياداته على ابن أبي حاتم مع أنها في بعض نسخه. قال الثانية قال: ابن أبي حاتم إذا قيل إنه صدوق أو محله الصدق أو لا بأس به2 فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه وهي المنزلة الثانية. قلت هذا3 كما قال: لأن هذه العبارات لا تشعر بشريطة الضبط فينظر في حديثه ويختبر حتى يعرف ضبطه وقد تقدم بيان طريقه في أول هذا النوع وإن لم نستوف النظر المعرف لكون ذلك المحدث في نفسه ضابطا مطلقا واحتجنا إلى حديث من حديثه اعتبرنا ذلك الحديث ونظرنا هل له أصل من رواية غيره كما تقدم بيان طريق الاعتبار في النوع الخامس عشر. ومشهور عن عبد الرحمن بن مهدي القدوة في هذا الشأن أنه حدث فقال حدثنا أبو خلدة فقيل له أكان ثقة فقال كان صدوقا وكان خيرا وفي رواية وكان خيارا الثقة شعبة وسفيان4.

_ 1 هكذا في ع، وفي خط: "زهز". 2 هكذا في ش وع و "الجرح" وليست في خط. 3 هكذا في ع وخط وفي ش: "هكذا". 4 هكذا في خط وفي ش وع: "كان صدوقا وكان مأمونا وكان خيرا...." وفي الجرح "2/37": "كان صدوقا وكان مأمونا الثقة سفيان وشعبة"، وفي المجروحين "1/49": "كان صجوقا وكان خيلرا وكان مأمونا الثقة سفيان وشعبه وفي الكفاية "ص/60"" "كان صدوقا وكان مأمونا وكان خيرا وقال القاسم: وكان خيارا الثقة: شعبة سفيان ". والنقل الذي في كتابنا عن الكفاية وفيها: "..وكان مأمونا، ... ".

ثم إن ذلك مخالف لما ورد عن ابن أبي خيثمة قال: قلت ليحيى بن معين إنك تقول فلان ليس به بأس وفلان ضعيف قال: إذا قلت لك ليس به بأس فهو بثقة وإذا قلت لك هو ضعيف فليس هو ثقة لا تكتب حديثه. قلت ليس في هذا حكاية ذلك عن غيره من أهل الحديث فإنه نسبه إلى نفسه خاصة بخلاف ما ذكره ابن أبي حاتم. الثالثة: قال: ابن أبي حاتم إذا قيل شيخ فهو بالمنزلة الثالثة يكتب حديثه وينظر فيه إلا أنه دون الثانية الرابعة: قال: إذا قيل صالح الحديث فإنه يكتب حديثه للاعتبار. قلت وجاء عن أبي جعفر أحمد بن سنان قال: كان عبد الرحمن بن مهدي ربما جرى ذكر حديث الرجل فيه ضعف وهو رجل صدوق1 فيقول رجل صالح الحديث2. انتهى. مراتب التعديل على أربع طبقات: أعلاها ولم يذكرها ابن أبي حاتم ولا المصنف تكرير لفظ التوثيق كما تقدم وسواء كرر اللفظ بعينه كقوله ثقة ثقة أو مع غيره كقوله ثبت ثقة أو ثقة حجة. الثانية: أن يقول ثقة أو ثبت أو حجة ولم يكرر. الثالثة: ليس به بأس أو لا بأس به أو صدوق أو مأمون أو خيار وليس منها محله الصدق كما قاله المصنف تبعا لابن أبي حاتم والظاهر جعلها من المرتبة الرابعة كما قاله صاحب الميزان. الرابعة محله الصدق أو رووا عنه أو إلى الصدق ما هو أو شيخ وسط أو وسط أو شيخ صالح الحديث أو مقارب الحديث أو جيد الحديث أو

_ 1 هكذا في ش وع و "الجرح" "2/37" والكفاية "ص/60" وفي خط: "جري في ذكر ... " 2 هكذا في ش وو ع وخط والكفاية وقال ابن أبي حاتم "2/37": "نا أحمد بن سنان الواسطي قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي وربما جري ذكر رجل صدوق في حديثه ضعف فيقول: رجل صالح، الحديث يغلبه. يعني أن شهوة الحديث تغلبه". وهذا أشبه؛ والله أعلم.

حسن الحديث أو صويلح أو صدوق إن شاء الله أو أرجو1 أنه ليس به بأس أو نحو ذلك. وابن معين سوى بين قوله ثقة وبين قوله ليس به بأس لقوله وإذا قلت ليس به بأس فهو ثقة كذا فهم عنه المصنف وغيره. وابن معين لم يقل قولي وليس به بأس هو كقولي ثقة حتى يلزم منه التساوي وإن اشتركا في مطلق الثقة إلا أن قوله ثقة أرفع من قوله لا بأس به وفي كلام دحيم ما يوافق ابن معين؛ قال أبو زرعة قلت لعبد الرحمن بن إبراهيم ما تقول في علي بن حوشب الفزاري قال: لا بأس به قال: قلت ولم لا تقول ثقة ولا نعلم إلا خيرا قال: قد قلت لك إنه ثقة. وقال المروذي سألت أحمد عن عبد الوهاب بن عطاء؛ ثقة؟ قال تدري ما الثقة إنما الثقة يحيى بن سعيد القطان. وقول المصنف الثقة شعبة وسفيان مخالف لما في كتاب الخطيب وغيره فإن فيه الثقة شعبة ومسعر ولم يذكر سفيان البتة كذا اعترض عليه بعضهم. وجوابه أن المصنف لم ينقله عن الخطيب2 ومع هذا يحتمل غلط الناسخ وهو أولى من تغليط الشيخ مع أن المشهور عن ابن مهدي ما ذكره المصنف كما حكاه عمرو بن علي الفلاس وابن أبي حاتم والمزي في التهذيب في ترجمة أبي خلدة وخالف في ذلك في ترجمة مسعر فقال الثقة شعبة ومسعر فيحتمل أنه سئل عنه مرتين ويحتمل أنه ذكر الثلاثة فاقتصر الفلاس على التمثيل باثنين فمرة ذكر سفيان ومرة ذكر مسعرا. قال: وأما ألفاظهم في الجرح فهي أيضا على مراتب

_ 1 في خط: أرجوا" بألف في آخره – خطأ. 2 والذي عند الخطيب في الكفاية "ص/59 – 60" من وجوه عن الفلاس عن ابن مهدي: "الثقة: شعبة وسفيان" وهكذا عند ابن أبي حاتم وابن حبان كما سبق.

أولاها قولهم لين الحديث. قال ابن أبي حاتم إذا أجابوا في الرجل بلين الحديث فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه اعتبارا. قلت وسأل حمزة بن يوسف السهمي أبا الحسن الدارقطني الإمام فقال له إذا قلت فلان لين أيش تريد به قال: لا يكون ساقطا متروك الحديث ولكن مجروحا بشيء لا يسقط عن العدالة. الثانية: قال: ابن أبي حاتم إذا قالوا ليس بقوي فهو بمنزلة الأول في كتب حديثه إلا أنه دونه. الثالثة: قال: إذا قالوا ضعيف الحديث فهو دون الثاني: لا يطرح حديثه بل يعتبر به. الرابعة: قال: إذا قالوا متروك الحديث أو ذاهب الحديث أو كذاب فهو ساقط الحديث لا يكتب حديثه وهي المنزلة الرابعة. قال الخطيب أبو بكر أرفع العبارات في أحوال الرواة أن يقال حجة أو ثقة وأدونها أن يقال كذاب ساقط. أخبرنا أبو بكر بن عبد المنعم الصاعدي الفراوي1 قراءة عليه بنيسابور أنا محمد بن إسماعيل الفارسي أنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي أنا أبو الحسين بن الفضل أنا عبد الله بن جعفر ثنا يعقوب بن سفيان قال: سمعت أحمد بن صالح قال: لا يترك حديث رجل حتى يجتمع الجميع على ترك حديثه قد يقال فلان ضعيف فأما أن يقال فلان متروك فلا إلا أن يجمع الجميع على ترك حديثه. ومما لم يشرحه ابن أبي حاتم وغيره من الألفاظ المستعملة في هذا الباب قولهم فلان قد روى الناس عنه فلان وسط فلان مقارب الحديث فلان

_ 1 هكذا في ش وع، وفي خط: "أبوبكر الخطيب بن عبد الرحمن المنعم الصاعدي الفراوي".وضرب علي لفظ: "االخطيب وغفل عن الضرب علي لفظ: "عبد الرحمن.

مضطرب الحديث فلان لا يحتج به فلان مجهول فلان لا شيء فلان ليس بذاك وربما قيل ليس بذاك القوي فلان فيه أو في حديثه ضعف وهو في الجرح أقل من قولهم فلان ضعيف الحديث فلان ما أعلم به بأسا وهو في التعديل دون قولهم لا بأس به. وما من لفظة منها ومن أشباهها إلا ولها نظير شرحناه أو أصل أصلناه يتنبه1 إن شاء الله تعالى به عليها. انتهى. قوله ومما لم يشرحه ابن أبي حاتم وغيره أراد بعدم الشرح أنهم لم يبينوا ألفاظ التوثيق من أي رتبة هي من الثانية أو الثالثة مثلا وكذلك ألفاظ التجريح لم يبينوا من أي منزلة هي وليس المراد أنهم لم يبينوا هل هي من ألفاظ التوثيق أو التجريح فإن هذا أمر لا يخفى على أهل الحديث. وقد ذكر المصنف إحدى عشرة لفظة منها أربعة ألفاظ للتوثيق وهي فلان روى عنه الناس وفلان وسط وفلان مقارب الحديث وفلان ما أعلم به بأسا. وهذه الأربعة من الرتبة الرابعة من التوثيق وهي الأخيرة. ومنها سبعة ألفاظ للجرح منها أربعة في الرتبة الأولى وهي ألين ألفاظ الجرح فلان ليس بذاك فلان ليس بذاك القوي فلان فيه ضعف فلان في حديثه ضعف. وفي الرتبة الثانية لفظتان وهي أشد في الجرح من التي قبلها فلان لا يحتج به2 فلان مضطرب الحديث. وفي الثالثة لفظة واحدة وهي أشد من اللتين قبلها وهي فلان لا شيء.

_ 1 هكذا في خط وفي ش وع: "ننبه". 2 قال ابم أبي حاتم "2/133" في ترجمة "إبراهيم بن مهاجر البجلي": "سمعت أبي يقول: إبراهيم بن مهاجر ليس بقوي هو وحصين بن عبد الرحمن وعطاء بن السائب قريب بعضهم من بعض محلهم عندنا محل الصدق، يكتب حديثهم ولا يحتج بحديثهم. قلت لأبي: ما معني لا يحتج بحديثهم؟ قال: كانوا قوما لا يحفظون فيحدثون بما لغا يحفظون فيحدثون بما لا يحفظون فيغلطون تري في أحاديثهم اضطرابا ما شئت" اهـ.

وذكر فيها أيضا فلان مجهول وقد تقدم ذكر المجهول وأنه على ثلاثة أقسام فلا حاجة إلى ذكره. وقوله: مقارب الحديث بكسر الراء كذا ضبطه النووي في مختصريه1 تبعا للمصنف فيما قرئ عليه. واعترض بعضهم بأن ابن السيد حكي فيه الوجهين الكسر والفتح وجعل الكسر من ألفاظ التعديل والفتح من ألفاظ التجريح. ورد بأن الوجهين معا للتعديل وممن حكى الوجهين ابن العربي في الأحوذي شرح الترمذي2 وكذلك ضبط بالوجهين في نسخ البخاري الصحيحة. وممن ذكرهما3 في التوثيق الذهبي وكأن المعترض فهم من فتح الراء أن الشيء المقارب هو الردي وليس كذلك وإنما هي لفظة عامية. نعم هي على الوجهين من قوله سددوا وقاربوا فمن كسر قال: إن معناه أن حديثه مقاربه4 حديث غيره ومن فتح قال: معناه أن حديثه مقاربه حديث غيره إذ صيغة فاعل تقتضي المشاركة غالبا. وقال الجوهري رجل مقارب ومتاع مقارب أي ولا يقال بالفتح. وأهمل المصنف من ألفاظ التوثيق من المرتبة الثانية على رأي المصنف لا على رأي الذهبي قولهم فلان مأمون فلان خيار. ومن المرتبة الثالثة أو الرابعة فلان إلى الصدق ما هو فلان جيد الحديث فلان حسن الحديث فلان صويلح فلان صدوق إن شاء الله فلان أرجو أنه لا بأس به.

_ 1 هكذا في خط بالتثنية يعني: "الإرشاد، والتقريب" وفي ع: "مختصرة" بالإفراد". 2 هكذا في خط وع والمراد به: "عارضة الأحوذي" لابن العربي. 3 هكذا في خط علي التثنية وفي ع "ذكره". 4 هكذا في خط، وفي ع: "يقاربه".

وأما ألفاظ التجريح فمن المرتبة الأولى وهي ألين ألفاظ التجريح فلان فيه مقال فلان ضعف فلان تعرف وتنكر فلان ليس بالمتين أو ليس بحجة أو ليس بعمدة أو ليس بالمرضى وفلان للضعف ما هو وسيئ الحفظ وفيه خلف وطعنوا فيه وتكلموا فيه. ومن المرتبة الثانية وهي أشد من الأولى فلان واه فلان ضعفوه فلان منكر الحديث. ومن المرتبة الثالثة وهي أشد منهما فلان ضعيف جدا فلان واه بمرة فلان لا يساوي شيئا فلان مطرح وطرحوا حديثه وارم1 به ورد حديثه. ومن المرتبة الرابعة فلان متهم بالكذب وهالك وليس بثقة ولا يعتبر به وفيه نظر وسكتوا عنه. وهاتان العبارتان يقولهما البخاري فيمن تركوا حديثه. ومن المرتبة الخامسة ولم يذكرها المصنف فلان وضاع فلان دجال. ولهم ألفاظ أخر يستدل بهذه عليها.

_ 1 تحرف في ع إلي: "ورام".

النوع الرابع والعشرون: معرفة كيفية سماع الحديث وتحمله وصفة ضبطه

النوع الرابع والعشرون: معرفة كيفية سماع الحديث وتحمله وصفة ضبطه اعلم أن طرق نقل الحديث وتحمله على أنواع متعددة ولنقدم على بيانها بيان أمور: أحدها: يصح التحمل قبل وجود الأهلية فتقبل رواية من تحمل قبل الإسلام وروى بعده وكذلك رواية من سمع قبل البلوغ وروى بعده. ومنع من ذلك قوم فأخطئوا لأن الناس قبلوا رواية أحداث الصحابة الحسن بن علي وابن عباس وابن الزبير والنعمان بن بشير وأشباههم من غير فرق بين ما تحملوه قبل البلوغ وما بعده. ولم يزالوا قديما وحديثا يحضرون الصبيان مجالس التحديث والسماع ويعتدون بروايتهم لذلك. الثاني: قال: أبو عبد الله الزبيري يستحب كتب الحديث في العشرين لأنها مجتمع العقل قال1 وأحب أن يشتغل دونها بحفظ القرآن والفرائض. وورد عن سفيان الثوري قال: كان الرجل إذا أراد أن يطلب الحديث تعبد قبل ذلك عشرين سنة. وقيل لموسى بن إسحاق كيف لم تكتب عن أبي نعيم فقال كان أهل الكوفة لا يخرجون أولادهم في طلب الحديث صغارا حتى يستكملوا عشرين سنة. وقال موسى بن هارون أهل البصرة يكتبون لعشر سنين وأهل الكوفة لعشرين وأهل الشام لثلاثين.

_ 1 هكذا في خط وع، وليس في ش.

قلت وينبغي بعد أن صار الملحوظ إبقاء سلسلة الإسناد أن يبكر بإسماع الصغير في أول زمان يصح فيه سماعه وأما الاشتغال بكتبة الحديث وتحصيله وضبطه وتقييده فمن حين يتأهل لذلك ويستعد له. وذلك يختلف باختلاف الأشخاص وليس ينحصر في سن مخصوص كما سبق آنفا عن قوم. انتهى. مثال من تحمل قبل الإسلام وروى بعده حديث جبير بن مطعم المتفق على صحته لما جاء في فداء أسارى بدر قبل أن يسلم فسمع النبي صلي الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور. وفي البخاري: "وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي" وممن تحمل أيضا قبل البلوغ الحسن بن علي والسائب بن يزيد والمسور بن مخرمة وغيرهم. قال الثالث: اختلفوا في أول زمان يصح فيه سماع الصغير. فروينا عن موسى بن هارون الحمال1 أنه سئل متى يسمع الصبي الحديث فقال إذا فرق بين البقرة والدابة وفي رواية بين البقرة والحمار. وعن أحمد أنه سئل متى يجوز سماع الصبي للحديث فقال إذا عقل وضبط فذكر له عن رجل أنه قال: لا يجوز سماعه حتى يكون له خمس عشرة سنة فأنكر قوله وقال بئس القول. وأخبرني الشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله الأسدي عن أبي محمد عبد الله بن محمد الأشيري عن القاضي عياض بن موسى السبتي اليحصبي قال: حدد أهل الصنعة في ذلك أن أقله سن محمود بن الربيع. وذكر رواية البخاري في صحيحه بعد أن ترجم متى يصح سماع الصغير بإسناده عن محمود بن الربيع قال: "عقلت من النبي صلي الله عليه وسلم مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو".

_ 1 زاد في ش وع: "أحد الحفاظ النقاد".

وفي رواية أخرى أنه كان ابن أربع سنين. قلت التحديد بخمس هو الذي استقر عليه عمل أهل الحديث المتأخرين فيكتبون لابن خمس فصاعدا سمع ولمن لم يبلغ خمسا حضر أو أحضر. والذي ينبغي في ذلك أن نعتبر في كل صغير حاله على الخصوص فإن وجدناه مرتفعا عن حال من لا يعقل فهما للخطاب وردا للجواب1 ونحو ذلك صححنا سماعه وإن كان دون خمس وإن لم يكن كذلك لم نصحح سماعه وإن كان ابن خمس بل ابن خمسين. وقد بلغنا عن إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: رأيت صبيا ابن أربع سنين قد حمل إلى المأمون قد قرأ القرآن ونظر في الرأي غير أنه إذا جاع يبكي. وعن القاضي أبي محمد عبد الله بن محمد الأصبهاني قال: حفظت القرآن ولي خمس سنين وحملت إلى أبي بكر المقرئ لأسمع منه ولي أربع سنين فقال بعض الحاضرين لا تسمعوا له فيما قرئ فإنه صغير فقال لي ابن المقرئ اقرأ سورة الكافرون فقرأتها فقال اقرأ سورة التكوير فقرأتها فقال لي غيره اقرأ سورة المرسلات فقرأتها ولم أغلظ فيها. قال ابن المقرئ سمعوا له والعهدة2 علي. وأما حديث محمود بن الربيع فيدل على صحة ذلك من ابن خمس لمثل3 محمود ولا يدل على انتفاء الصحة فيمن لم يكن4 ابن خمس ولا على الصحة فيمن كان ابن خمس ولم يميز تمييز محمود رضي الله عنه. انتهى. اختلفوا في السن الذي يصح فيه السماع على أربعة أقوال أصحها عند الجمهور أن أقل ذلك خمس سنين لما رواه البخاري والنسائي وابن ماجة من حديث محمود بن الربيع. قال ابن عبد البر: حفظ ذلك عنه وهو ابن أربع سنين أو خمس سنين.

_ 1 هكذا في ش و، وفي خط: "الجواب" بلام واحدة. 2 هكذا في ش وع وفي خط: "العهد". 3 في ش وع: "مثل" بدون اللام. 4 طمس في خط وما هنا من ش وع.

والقول الثاني: اعتبار تمييزه على الخصوص. الثالث: خمس عشرة سنة. والرابع: إذا فرق بين البقرة والداب قاله موسى بن هارون الحمال. وأما ما حكاه عن إبراهيم بن سعيد الجوهري عن الصبي فقد أجاد بقوله وقد بلغنا إذ لم يأت بصيغة الجزم لأن الصغير كان ضئيل1 الخلقة فظن أنه صغير ابن أربع سنين وقد رواها الخطيب بسنده في كفايته وفي السند أحمد ابن كامل القاضي قال: الدارقطني كان متساهلا ربما حدث من حفظه بما ليس عنده في كتابه وأهلكه العجب فإنه كان يختار ولا يضع لأحد من العلماء الأئمة2 أصلا. وقال صاحب الميزان كان يعتمد على حفظه فيهم. فائدة كان ينبغي للمصنف أن يذكر حديث عبد الله بن الزبير فإنه أولى من ذكر حديث محمود بن الربيع. ففي البخاري ثنا أحمد بن محمد أنا عبد الله بن المبارك أنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير قال: كنت يوم الأحزاب جعلت أنا وعمر بن أبي سلمة في النساء فنظرت فإذا أنا بالزبير على فرسه يختلف إلى بني قريظة مرتين أو ثلاثا فلما رجعت قلت يا أبة3 رأيتك تختلف قال: قال4 أو هل رأيتني يا بني قلت نعم قال: كان النبي5 صلي الله عليه وسلم قال: "من يأتي6 بني قريظة فيأتني بخبرهم" فانطلقت فلما رجعت جمع لي النبي عليه السلام7 أبويه فقال: "فداك أبي وأمي". قال البخاري وغيره كانت الأحزاب وهي غزوة الخندق في شوال سنة أربع وولد عبد الله بن الزبير على ما ذكر البخاري وغيره بعد الهجرة في

_ 1 هكذا في ع وفي خط: "سبيل". 2 من خط وليس في ع. 3 هكذا في خط وفي صحيح البخاري "ابت" بالمفتوحة. 4 هكذا في خط وفي صحيح البخاري "3720": قال مرة واحدة. 5 في صحيح البخاري: "رسول الله". 6 في صحيح البخاري: "يأت". 7 في صحيح البخاري: "رسول الله صلي الله عليه وسلم.

السنة الثانية أو السنة الأولى على خلاف فيه حكاه ابن عبد البر فعلى هذا يكون حال تحمله لهذا الحديث أصغر سنا من محمود بن الربيع. فانظر لأي شيء لم يذكره البخاري أيضا في باب "متى يصح سماع الصغير" مع أنه أمضى في السماع من حديث محمود بن الربيع. قال بيان أقسام طرق نقل الحديث وتحمله ومجامعها ثمانية أقسام. الأول السماع من لفظ الشيخ وهو ينقسم إلى إملاء وتحديث من غير إملاء وسواء أكان1 من حفظه أو من كتابه وهذا القسم أرفع الأقسام عند الجماهير وفيما نرويه عن القاضي عياض2 قوله لا خلاف أنه يجوز في هذا أن يقول السامع3 حدثنا وأخبرنا وأنبأنا وسمعت فلانا يقول وقال لنا فلان وذكر لنا فلان. قلت في هذا نظر وينبغي فيما شاع استعماله من هذه الألفاظ مخصوصا بما سمع من غير لفظ الشيخ على ما نبينه إن شاء الله تعالى أن لا يطلق فيما سمع من لفظ الشيخ لما فيه من الإيهام والإلباس. وذكر أبو بكر الخطيب أن أرفع العبارات في ذلك سمعت ثم حدثنا وحدثني فإنه لا يكاد أحد يقول سمعت في أحاديث الإجازة والمكاتبة ولا في تدليس ما لم يسمعه. وكان بعض أهل العلم يقول فيما أجيز له حدثنا. وروي عن الحسن أنه كان يقول حدثنا أبو هريرة ويتأول4 أنه حدث أهل المدينة وكان الحسن إذ ذاك بها إلا أنه لم يسمع منه شيئا. قلت ومنهم من أثبت له سماعا من أبي هريرة. ثم يتلو ذلك قول أخبرنا وهو كثير في الاستعمال حتى إن جماعة من أهل العلم كانوا لا يكادون يخبرون فيما5 سمعوه من لفظ من حدثهم إلا بقولهم:

_ 1 في ش وع: "كان" بدون الهمزة. 2 في ش وع: "القاضي عياض بن موسي السبتي أحد المتأخرين المطلعين". 3 في ش وع: "السامع منه". 4 هكذا في ش وع وفي خط: "تأويل". 5 في ش وعت: "عما".

أخبرنا منهم حماد بن سلمة وعبد الله بن المبارك وهشيم بن بشير وعبيد الله بن موسى وعبد الرزاق بن همام ويزيد بن هارون وعمرو بن عون ويحيى بن يحيى التميمي وإسحاق بن راهويه وأبو مسعود أحمد بن الفرات ومحمد بن أيوب الرازيان وغيرهم. وذكر الخطيب عن محمد بن رافع قال: كان عبد الرزاق يقول أخبرنا حتى قدم أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه فقالا له قل حدثنا لكل ما1 سمعت مع هؤلاء قال: حدثنا وما كان قبل ذلك قال: أخبرنا. وعن محمد بن أبي الفوارس الحافظ قال: هشيم ويزيد بن هارون وعبد الرزاق لا يقولون إلا أخبرنا فإذا رأيت حدثنا فهو من خطأ الكاتب. قلت وكان هذا كله قبل أن يشيع تخصيص أخبرنا بما قرئ على الشيخ. ثم يتلو قول أخبرنا قول أنبأنا وهو قليل في الاستعمال. قلت حدثنا وأخبرنا أرفع من سمعت من جهة أخرى وهي أنه ليس في سمعت دلالة على أن الشيخ رواه الحديث وخاطبه به وفي حدثنا وأخبرنا دلالة على أنه خاطبه به ورواه له أو هو ممن فعل به ذلك سأل الخطيب أبو بكر شيخه أبا بكر البرقاني عن السر في كونه يقول فيما رواه لهم عن أبي القاسم عبد الله بن إبراهيم الجرجاني الآبندونى2 سمعت ولا يقول حدثنا ولا أخبرنا فذكر له أن أبا القاسم كان مع ثقته وصلاحه عسرا3 في الرواية

_ 1 هكذا في خط وفي ش وع: "فكل ما" بالفاء. 2 في حاشية خط: "أبندون من قري جرجان" وراجع حاشية "المقدمة".قلت وقد ضبطها السمعاني في الأنساب بفتح الألف الممدودة والباء الموحدة وسكون النون وضم الدال المهملة وفي آخرها النون هذه النسبة إلي آبندون وهي قرية من قري جرجان، منها: أبو القاسم عبد الله بن إبراهيم بن يوسف الآبندوني الجرجاني" غ هـ. وراجع: "معجم البلدان "1/57" والسير "616/261". 3 هكذا في خط وفي ش وع: "عسيرا".

فكان البرقاني يجلس بحيث لا يراه أبو القاسم ولا يعلم بحضوره ليسمع1 منه ما يحدث به الشخص الداخل إليه فلذلك يقول سمعت ولا يقول حدثنا ولا أخبرنا لأن قصده كان الرواية للداخل إليه وحده. وأما قوله قال: لنا فلان أو ذكر لنا فلان فهو من قبيل قوله حدثنا فلان غير أنه لائق بما سمعه منه في المذاكرة وهو به أشبه من حدثنا. وقد حكينا في فصل التعليق عقيب النوع الحادي عشر عن كثير من المحدثين استعمال ذلك معبرين به عما جرى بينهم في المذاكرات والمناظرات. وأوضع العبارات في ذلك أن يقول قال: فلان أو ذكر فلان من غير ذكر قوله لي ولنا ونحو ذلك. وقد قدمنا في فصل الإسناد المعنعن أن ذلك وما أشبهه من الألفاظ محمول عندهم على السماع إذا عرف لقاؤه له وسماعه منه على الجملة لا سيما إذا عرف من حاله أنه لا يقول قال: فلان إلا فيما سمعه منه. وقد كان حجاج بن محمد الأعور يروي عن ابن جريج كتبه ويقول فيها قال: ابن جريج فحملها الناس عنه واحتجوا برواياته وكان قد عرف من حاله أنه لا يروي إلا ما سمعه. وقد خصص الخطيب أبو بكر القول بحمل ذلك على السماع بمن عرف من عادته مثل ذلك. والمحفوظ المعروف ما قدمناه2. انتهى. قوله ومنهم من أثبت له أي للحسن سماعا من أبي هريرة وهذا ضعيف جدا فقد قال: أبو زرعة وأبو حاتم من قال: عن الحسن ثنا أبو هريرة فقد أخطأ قالا والذي عليه العمل أنه لم يسمع منه شيئا. وكذا قال: أيوب وبهز ابن أسد والترمذي والنسائي والخطيب وقال يونس ابن عبيد ما رآه قط.

_ 1 في ش وع: "فيسمع". 2 في ش وع: "قدمنا ذكره".

قال ابن القطان واعلم أن حدثنا ليست بنص في أن قائلها سمع1 ففي صحيح مسلم حديث الذي يقتله الدجال فيقول أنت الدجال الذي حدثنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ومعلوم أن ذلك الرجل متأخر الميقات. انتهى. فيكون مراده حدث أمته وهو منها. وقال معمر إنه الخضر وحينئذ فلا مانع من سماعه. وقوله: قال: لنا فلان أو ذكر لنا فلان أي ونحو ذلك مما ذكر فيه الجار والمجرور نحو قال: لي أو ذكر لي وأن ذلك من قبيل قوله ثنا فلان إلى آخره. خالف فيه أبو عبد الله بن مندة في جزء له فقال إن البخاري حيث قال: قال لي فلان فهو إجازة وحيث قال: قال فلان فهو تدليس ورد العلماء كلام ابن مندة هذا كما سيأتي. ولما ذكر أبو الحسن بن القطان تدليس الشيوخ قال: وأما البخاري فذلك عنه باطل. قال القسم الثاني: من أقسام الأخذ والتحمل القراءة على الشيخ وأكثر المحدثين يسمونها عرضا من حيث إن القارئ يعرض على الشيخ ما يقرؤه كما يعرض القرآن على المقرئ وسواء كنت أنت القارئ أو قرأ غيرك وأنت تسمع أو2 قرأت من كتاب أو من حفظك أو كان الشيخ يحفظ ما يقرأ عليه أو لا يحفظه لكن يمسك أصله هو أو ثقة غيره. ولا خلاف أنها رواية صحيحة إلا ما حكي عن بعض من لا يعتد بخلافه.

_ 1 وفي إطلاق هذا نظر فالأفضل في حدثنا أنها للسماع إلا من علم من مذهبه إطلاقا في موضع الإجازة أو المكاتبة أو نحو ذلك وهذا كله يعلم بالقرينة أو النص من الأئمة علي ذلك؛ والله أعلم. 2 هكذا في خط وع وفي ش "و" بدون الهمزة.

واختلفوا في أنها مثل السماع من لفظ الشيخ في المرتبة أو دونه أو فوقه فنقل عن أبي حنيفة وابن أبي ذئب وغيرهما ترجيح القراءة على الشيخ على السماع من لفظه وروي ذلك عن مالك أيضا وروي عن مالك وغيره أنهما سواء وقد قيل إن التسوية بينهما مذهب معظم علماء الحجاز والكوفة ومذهب مالك وأصحابه وأشياخه من علماء المدينة ومذهب البخاري وغيرهم. والصحيح ترجيح السماع من لفظ الشيخ والحكم بأن القراءة عليه مرتبة ثانية. وقد قيل إن هذا مذهب جمهور أهل المشرق. وأما العبارة عنها عند الرواية بها1 فهي على مراتب. أجودها وأسلمها أن يقول قرأت على فلان أو قرئ على فلان وأنا أسمع فأقر به فهذا سائغ من غير إشكال ويتلو ذلك ما يجوز من العبارات في السماع من لفظ الشيخ مطلقة إذا أتى بها ههنا مقيدة بأن يقول حدثنا فلان قراءة عليه أو أخبرنا قراءة عليه ونحو ذلك وكذلك أنشدنا قراءة عليه في الشعر. وأما إطلاق حدثنا وأخبرنا في القراءة على الشيخ فقد اختلفوا فيه على مذاهب فمن أهل الحديث من منع منهما جميعا. وقيل2 إنه قول ابن المبارك ويحيى بن يحيى التميمي وأحمد والنسائي وغيرهم. ومنهم من ذهب إلى تجويز ذلك وأنه كالسماع من لفظ الشيخ في جواز إطلاق حدثنا وأخبرنا وأنبأنا. وقد قيل إن هذا مذهب معظم الحجازيين والكوفيين وقول الزهري ومالك وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان في آخرين من الأئمة المتقدمين وهو مذهب البخاري في جماعة من المحدثين. ومن هؤلاء من أجاز فيها أيضا أن يقول سمعت فلانا.

_ 1 هكذا في خط وع، وفي ش "به". 2 هكذا في خط وع، وفي ش "قيل" بدون الواو.

والمذهب الثالث: الفرق بينهما في ذلك والمنع من إطلاق حدثنا وتجويز إطلاق أخبرنا وهو مذهب الشافعي وأصحابه وهو منقول عن مسلم وجمهور أهل المشرق. وذكر صاحب كتاب الإنصاف محمد بن الحسن التميمي الجوهري المصري أن هذا مذهب الأكثر من أصحاب الحديث الذين1 لا يحصيهم أحد وأنهم جعلوا أخبرنا علما يقوم مقام قول قائله أنا قرأته عليه لا أنه لفظ به لي قال: وممن كان يقول به من أهل زماننا أبو2 عبد الرحمن النسائي في آخرين من الأئمة في جماعة مثله من محدثينا. قلت وقد قيل إن أول من أحدث الفرق بين هذين اللفظين ابن وهب بمصر وهذا يدفعه أن ذلك مروي عن ابن جريج والأوزاعي حكاه عنهما الخطيب أبو بكر إلا أن يعني أنه أول من فعل ذلك بمصر. قلت الفرق بينهما صار هو الشائع الغالب على أهل الحديث والاحتجاج لذلك من حيث اللغة عنآء وتكلف وخير ما يقال فيه أنه اصطلاح بينهم3 أرادوا به التمييز بين النوعين ثم خصص النوع الأول بقول حدثنا لقوة إشعاره بالنطق والمشافهة. ومن أحسن ما يحكى عمن يذهب هذا المذهب ما حكاه أبو بكر البرقاني عن أبي حاتم محمد بن يعقوب الهروي أحد رؤسآء أهل الحديث بخراسان أنه قرأ على بعض الشيوخ عن الفربري صحيح البخاري وكان يقول له4 في كل حديث حدثكم الفربري فلما فرغ من الكتاب سمع الشيخ يذكر أنه سمع الكتاب من الفربري قراءة عليه فأعاد أبو حاتم قراءة الكتاب كله وقال له في جميعه أخبركم الفربري. انتهى.

_ 1 من ش وع وفي خط: "الذي" بالإفراد. 2 سقطت من خط وهي وفي ش وع. 3 هكذا في خط وفي ش وع: "منهم". 4 من ش وع، وفي خط: "يقوله".

أهمل المصنف صورة حكمها حكم صور العرض وهي ما إذا كان ثقة من السامعين يحفظ ما يقرأ على الشيخ والحافظ لذلك مستمع لما يقرأ غير غافل عنه فإنه يكفي أيضا. والمراد بقوله من لا يعتد بخلافه هو أبو عاصم النبيل رواه الرامهرمزي1 عنه. وروى الخطيب عن وكيع قال: ما أخذت حديثا قط عرضا وعن محمد بن سلام أنه أدرك مالك بن أنس والناس يقرأون عليه فلم يسمع منه لذلك. وكذلك عبد الرحمن بن سلام2 الجمحي لم يكتف بذلك فقال مالك أخرجوه عني. وممن قال: بصحتها من التابعين عطاء ونافع وعروة وابن جريج3 والثوري وابن أبي ذئب وشعبة والأئمة الأربعة وابن مهدي وشريك والليث وأبو عبيد والبخاري في خلق لا يحصون كثرة. واستدل البخاري على ذلك بحديث ضمام بن ثعلبة وهو في الصحيح. قوله وروى عن مالك وغيره أنهما سوآء أي القرآءة على الشيخ والسماع من لفظه وحكاه أبو بكر الصيرفي في كتاب الدلائل4 عن الشافعي فقال وباب الحديث عند الشافعي رحمه الله في القرآءة على المحدث والقرآءة منه سوآء. قوله فأعاد أبو حاتم قرآءة الكتاب كله أي لأنه يرى أنه لا بد من ذكر السند في كل حديث وإن كان الإسناد واحدا إلى صاحب الكتاب وذلك من التشديد في الرواية وإلا فالصحيح أنه لا يحتاج إلى إعادة السند في كل حديث كما سيأتي.

_ 1 في خط: "الهرمذي" خطأ وراجع: "المحدث الفاصل" للرامهرمزي "421". 2 كتب عليها في خط "خف" إشارة إلي تخفيف اللام في سلام. 3 في خط: "وعروة بن جريح" وما أثبته هو الصواب والله أعلم. 4 راجع ما سبق "ص/254".

قال: تفريعات: الأول: إذا كان أصل الشيخ عند القراءة عليه بيد غيره وهو موثوق به مراع لما يقرأ أهل لذلك فإن كان الشيخ يحفظ ما يقرأ عليه فهو كما لو كان أصله بيد نفسه بل1 أولى لتعاضد ذهنى شخصين عليه. وإن كان الشيخ لا يحفظ ما يقرأ عليه فهذا مما اختلفوا فيه فرأي بعض أئمة الأصول2 أن هذا سماع غير صحيح والمختار أن ذلك صحيح وبه عمل معظم الشيوخ وأهل الحديث. وإذا كان الأصل بيد القارئ وهو موثوق به دينا ومعرفة فكذلك الحكم فيه وأولى بالتصحيح. وأما إذا كان أصله بيد من لا يوثق بإمساكه له ولا يؤمن إهماله لما يقرأ فسواء كان بيد القارئ أو بيد غيره في أنه سماع غير معتد به إذا كان الشيخ غير حافظ للمقروء عليه. انتهى. قوله فرأى بعض أئمة الأصول هو إمام الحرمين فإنه اختار عدم الصحة وتردد الباقلاني في ذلك ومال إلى المنع كما حكاه عنه القاضي عياض. ووهن السلفي هذا الاختلاف لاتفاق العلماء على العمل بخلافه فإنه قال: إن الطالب إذا أراد أن يقرأ على شيخ شيئا من سماعه هل يجب أن يريه سماعه في ذلك الجزء أم يكفي إعلام الطالب الثقة الشيخ أن هذا الجزء سماعه على فلان؟ فقال السلفي: هما سيان على هذا عهدنا علماءنا عن آخرهم. قال: ولم يزل الحفاظ قديما وحديثا يخرجون للشيوخ من الأصول فتصير تلك الفروع بعد المقابلة أصولا وهل كانت الأصول أولا إلا فروعا؟ قال الثاني: إذا قرأ القارئ على الشيخ قائلا أخبرك فلان أو قلت أخبرنا فلان أو نحو ذلك والشيخ ساكت مصغ إليه فاهم لذلك غير منكر له فهذا

_ 1 هكذا في ش وفي خط وع: "وبل". 2 عكذا في ش وع، وفي خط: "الحديث الأصول".

كاف في ذلك. واشترط بعض الظاهرية وغيرهم إقرار الشيخ نطقا1 وبه قطع الشيخ أبو إسحاق الشيرازي وأبو الفتح سليم الرازي وأبو نصر بن الصباغ من الفقهاء الشافعيين. قال أبو نصر ليس له أن يقول حدثني أو أخبرني وله أن يعمل بما قرئ عليه وإذا أراد روايته عنه قال: قرأت عليه أو قرئ عليه وهو يسمع. وفي حكاية بعض المصنفين للخلاف في ذلك أن بعض الظاهرية شرط إقرار الشيخ عند تمام السماع بأن يقول القارئ للشيخ هو كما قرأته عليك فيقول نعم. والصحيح أن ذلك غير لازم وأن سكوت الشيخ على الوجه المذكور نازل منزلة تصريحه بتصديق القارئ اكتفاء بالقرائن الظاهرة. وهذا مذهب الجماهير من المحدثين والفقهاء وغيرهم. انتهى. قوله فهذا كاف أي مغن عن نطق الشيخ بأن يقول نعم وما أشبه ذلك وهذا مذهب الجمهور من الفقهاء والمحدثين والنظار وأن النطق عندهم ليس بشرط ولا يقول فيه حدثني وأخبرني كما قاله ابن الصباغ وصححه الغزالي والآمدي صححه أيضا وحكاه عن المتكلمين وحكى تجويزه عن الفقهاء والمحدثين وصححه ابن الحاجب وحكى عن الحاكم أنه مذهب الأئمة الأربعة. ولو أشار الشيخ برأسه أو إصبعه للإقرار به ولم يتلفظ فجزم في المحصول بأنه لا يقول في الأداء حدثني ولا أخبرني ولا سمعت وهو مشكل. قال الثالث: فيما نرويه عن الحاكم أبي عبد الله قال: الذي أختاره في الرواية وعهدت عليه أكثر مشايخي وأئمة عصري أن يقول في الذي يأخذه من المحدث لفظا وليس معه أحد حدثني فلان وما يأخذه من المحدث لفظا ومعه

_ 1 من ش وع وفي خط: "مطلقا".

غيره حدثنا فلان وما قرأ على المحدث بنفسه أخبرني فلان وما قرئ على المحدث وهو حاضر أخبرنا فلان. وقد روينا نحو ما ذكره عن عبد الله بن وهب صاحب مالك رضي الله عنهما وهو حسن رائق. فإن شك في شيء عنده أنه من قبيل حدثنا أو أخبرنا أو من قبيل حدثني أو أخبرني لتردده في أنه كان عند التحمل والسماع وحده أو مع غيره فيحتمل أن نقول ليقل حدثني أو أخبرني لأن عدم غيره هو الأصل. ولكن ذكر علي بن عبد الله المديني الإمام عن شيخه يحيى بن سعيد القطان الإمام فيما إذا شك أن الشيخ قال: حدثني فلان أو قال: حدثنا فلان أنه يقول حدثنا وهذا يقتضي فيما إذا شك في سماع نفسه في مثل ذلك أن يقول حدثنا. وهو عندي يتوجه بأن حدثني أكمل مرتبة وحدثنا أنقص مرتبة فليقتصر إذا شك على الناقص لأن عدم الزائد هو الأصل وهذا لطيف. ثم وجدت الحافظ أحمد البيهقي قد اختار بعد حكايته1 قول القطان ما قدمته. ثم إن هذا التفصيل من أصله مستحب وليس بواجب حكاه الخطيب الحافظ عن أهل العلم كافة. فجائز إذا سمع وحده أن يقول حدثنا أو نحوه لجواز ذلك للواحد في كلام العرب. وجائز إذا سمع في جماعة أن يقول حدثني لأن المحدث حدثه وحدث غيره. انتهى. عبارة ابن وهب ذكرها الترمذي في العلل فقال ما قلت ثنا فهو ما سمعت مع الناس وما قلت حدثني فهو ما سمعت وحدي وما قلت أنا فهو ما قرئ على العالم وأنا شاهد وما قلت أخبرني فهو ما قرأت على العالم.

_ 1 هكذا في خط وع، وفي ش: "حكاية".

وفي كلام الحاكم وابن وهب أن القارئ يقول أخبرني سوآء سمع معه غيره أم لا. وقال ابن دقيق العيد في الاقتراح إن القارئ إذا كان معه غيره يقول أنا فسوى بين مسألتي التحديث والإخبار. قوله فإن شك في شيء عنده إلى آخره سوى بين الشك في أنه هل سمع من لفظ الشيخ وحده أو كان معه غيره وبين ما إذا شك هل قرأ هو بنفسه على الشيخ أو سمع عليه بقراءة غيره. وما قاله ظاهر في المسألة الأولى وأما المسألة الثانية فإنه يتحقق فيها سماع نفسه ويشك هل قرأ بنفسه أم لا. والأصل أنه لم يقرأ هذا على ما ذكره المصنف تبعا للحاكم أن القارئ يقول أخبرني سوآء سمع بقراءته معه غيره أم لا أما إذا قلنا بما جزم به ابن دقيق العيد من أن القارئ إذا كان معه غيره يقول أخبرنا فيتجه أن يقال الأصل عدم الزائد. والأحسن فيما إذا شك هل قرأ بنفسه أو سمع بقرآءة غيره ما حكاه الخطيب عن البرقاني أنه ربما شك في الحديث هل قرأ هو أو قرئ وهو يسمع فيقول فيه. قرأنا على فلان فإنه يسوغ إتيانه بهذه الصيغة فيما قرأه بنفسه وفيما سمعه بقرآءة غيره بل لو تحقق أن الذي قرأ غيره فلا بأس أن يقول قرأنا قاله أحمد بن صالح المصري حين سئل عنه. وقال النفيلي قرأنا على مالك وإنما قرئ على مالك وهو يسمع. قال الرابع: روينا عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل أنه قال: اتبع لفظ الشيخ في قوله حدثنا وحدثني وسمعت وأخبرنا ولا تعدوه1. قلت ليس لك فيما تجده في الكتب المؤلفة من روايات من تقدمك أن تبدل في نفس الكتاب ما قيل فيه أخبرنا ب حدثنا ونحو ذلك وإن كان في إقامة أحدهما مقام الآخر خلاف وتفصيل سبق لاحتمال أن يكون من قال: ذلك ممن2 لا يرى التسوية بينهما.

_ 1 هكذا فييي خط وع وفي ش "ولا تعده" وراجع حاشية "المقدمة". 2 من ش وع وفي خط: "من من".

ولو وجدت من ذلك إسنادا عرفت من مذهب رجاله التسوية بينهما فإقامتك أحدهما مقام الآخر من باب تجويز الرواية بالمعنى. وذلك وإن كان فيه خلاف معروف فالذي نراه الامتناع من إجراء مثله في إبدال ما وضع في الكتب المصنفة والمجامع المجموعة على ما سنذكره إن شاء الله تعالى. وما ذكره الخطيب أبو بكر في كفايته من إجراء ذلك الخلاف في هذا فمحمول عندنا على ما يسمعه الطالب من لفظ المحدث غير موضوع في كتاب مؤلف. انتهى. ضعف ابن دقيق العيد كلام المصنف قال: وأقل ما فيه أنه يقتضي تجويز هذا فيما ينقل من المصنفات المتقدمة إلى أجزائنا وتخاريجنا فإنه ليس فيه تغيير التصنيف المتقدم. قال وليس هذا جاريا على الاصطلاح. وكلام المصنف يقتضي أنه إذا نقل حديث من كتاب وعزى إليه لا يجوز فيه الإبدال سوآء نقلناه في تأليف لنا أو لفظا. نعم تعليل المصنف المنع باحتمال أن يكون من قال: ذلك ممن لا يرى التسوية بين أخبرنا وحدثنا ليس بجيد من حيث أن الحكم لا يختلف في الجائز والممتنع بأن يكون الشيخ يرى الجائز ممتنعا أو الممتنع جائزا. وقد صرح أهل الحديث بذلك في مواضع منها أن يكون الشيخ يرى جواز إطلاق ثنا وأنا في الإجازة وأذن للطالب أن يقول ذلك إذا روى عنه بالإجازة فإنه لا يجوز ذلك للطالب وإن أذن له الشيخ وقد صرح به المصنف. ولذلك أيضا لم يشترطوا في جواز الرواية بالمعنى أن لا يكون في الإسناد من يمنع ذلك كابن سيرين بل جوزوا الرواية بالمعنى بشروط ليس منها هذا. قال الخامس: اختلف أهل العلم في صحة سماع من ينسخ وقت القراءة فورد عن الإمام إبراهيم الحربى وأبي أحمد بن عدي الحافظ والأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني الفقيه الأصولي وغيرهم نفي ذلك.

وروينا عن أبي بكر أحمد بن إسحاق الصبغي1 أحد أئمة الشافعيين بخراسان أنه سئل عمن يكتب في السماع فقال يقول حضرت ولا يقل حدثنا ولا أخبرنا. وورد عن موسى بن هارون الحمال تجويز ذلك. وعن أبي حاتم الرازي قال: كتبت عند عارم2 وهو يقرأ وكتبت عند عمرو بن مرزوق وهو يقرأ وعن عبد الله بن المبارك أنه قرئ عليه وهو ينسخ شيئا آخر غير ما يقرأ. ولا فرق بين النسخ من السامع والنسخ من المسمع. قلت وخير من هذا الإطلاق التفصيل فنقول لا يصح السماع إذا كان النسخ بحيث يمتنع معه فهم الناسخ لما يقرأ حتى يكون الواصل إلى سمعه كأنه صوت غفل ويصح إذا كان بحيث لا يمتنع معه الفهم كمثل ما روينا عن الحافظ العالم أبي الحسن الدارقطني أنه حضر في حداثته مجلس إسماعيل الصفار فجلس ينسخ جزءا كان معه وإسماعيل يملي فقال له بعض الحاضرين لا يصح سماعك وأنت تنسخ. فقال فهمي للإملاء خلاف فهمك. ثم قال: تحفظ كم أملى الشيخ من حديث إلى الآن فقال لا فقال الدارقطني أملى ثمانية عشر حديثا فعدت الأحاديث فوجدت كما قال. ثم قال: أبو الحسن الحديث الأول منها عن فلان عن فلان ومتنه كذا والحديث الثاني: عن فلان عن فلان ومتنه كذا ولم يزل يذكر أسانيد الأحاديث ومتونها على ترتيبها في الإملاء حتى أتى على آخرها فتعجب الناس منه. انتهى. قال ابن كثير وكان شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي يكتب في مجلس السماع وينعس في بعض الأحيان ويرد على القارئ ردا جيدا بينا واضحا بحيث يتعجب القارئ من نفسه أنه يغلط فيما في يده وهو مستيقظ والشيخ ناعس وهو أنبه

_ 1 في حاشية خط: "الصبغي" بكسر الصدا المهملة والغين المعجمة". 2 في حاشية خط: "عارم اسمه محمد بن الفضل وعارم لقب سوء وقع فعلي رجل صالح" ولفظ لقب لم يتضح منه سوي اللام وراجه حاشية "المقدمة".

منه ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. وأبو حاتم هو محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران الحنظلي مولى تميم من حنظلة وقيل إنما قيل له الحنظلي لأنه سكن درب حنظلة بالري. روي عن يونس بن عبد الأعلى أنه قال: أبو زرعة وأبو حاتم إماما خراسان1 وبقاؤهما صلاح للمسلمين ثم دعا لهما. توفي سنة سبع وسبعين ومائتين. قال السادس: ما ذكرناه في النسخ من التفصيل يجري مثله فيما إذا كان الشيخ أو السامع يتحدث أو كان القارئ خفيف القراءة يفرط في الإسراع أو كان يهينم بحيث يخفى بعض الكلام2 أو كان السامع بعيدا عن القارئ وما أشبه ذلك. ثم الظاهر أنه يعفى في ذلك3 عن القدر اليسير نحو الكلمة والكلمتين. ويستحب للشيخ أن يجيز لجميع السامعين رواية جميع الجزء أو الكتاب الذي سمعوه وإن جرى على كله اسم السماع. وإذا بذل4 لأحد منهم خطه بذلك كتب أنه سمع مني هذا الكتاب وأجزت له روايته عني أو نحو هذا كما كان بعض الشيوخ يفعل. وفيما5 نرويه عن الفقيه أبي محمد بن أبي عبد الله بن عتاب الفقيه الأندلسي عن أبيه أنه قال: لا غنى في السماع عن الإجازة لأنه قد يغلط القارئ ويغفل الشيخ أو يغلط الشيخ إن كان القارئ ويغفل السامع فينجبر له ما فاته بالإجازة. هذا الذي ذكرناه تحقيق حسن. وقد روينا6 عن صالح بن أحمد بن حنبل قال: قلت لأبي الشيخ

_ 1 تكررت في خط. 2 من ش وع وفي خط: "الكلكم". 3 من ش وع: "كل ذلك". 4 من ش وع وفي خط: "بدا". 5 من ش وع، وفي خط: "فيما" بدون الواو. 6 ضبطها في خط – ضبط قلم – بضم الواو.

يدغم الحرف يعرف أنه كذا وكذا ولا يفهم عنه ترى أن يروى ذلك عنه قال: أرجو ألا يضيق هذا. وبلغنا عن خلف بن سالم المخرمي قال: سمعت ابن عيينة يقول نا عمرو ابن دينار يريد حدثنا عمرو بن دينار لكن اقتصر من حدثنا على النون والألف فإذا قيل له قل حدثنا عمرو قال: لا أقول لأني لم أسمع من قوله حدثنا ثلاثة أحرف وهي حدث لكثرة الزحام. قلت قد كان كثير من أكابر المحدثين يعظم الجمع في مجالسهم جدا حتى ربما بلغ ألوفا مؤلفة ويبلغهم عنهم المستملون فيكتبون عنهم1 بواسطة تبليغ المستملين فأجاز غير واحد لهم رواية ذلك عن المملي. روينا2 عن الأعمش قال: كنا نجلس إلى إبراهيم فتتسع الحلقة فربما يحدث بالحديث فلا يسمعه من تنحى عنه فيسأل بعضهم بعضا عما قال: ثم يروونه وما سمعوه منه. وعن حماد بن زيد أنه سأله رجل في مثل ذلك فقال يا أبا إسماعيل كيف قلت فقال استفهم من يليك وعن ابن عيينة أن أبا مسلم المستملي قال: له إن الناس كثير لا يسمعون قال: تسمع أنت قال: نعم قال: فأسمعهم وأبى آخرون ذلك روينا عن خلف بن تميم قال: سمعت من سفيان الثوري عشرة آلاف حديث أو نحوها فكنت أستفهم جليسي فقلت لزائدة فقال لي لا تحدث منها إلا بما تحفظ بقلبك وسمع أذنك قال: فألقيتها. وعن أبي نعيم أنه كان يرى3 فيما سقط عنه من الحرف الواحد والاسم4 مما سمعه من سفيان والأعمش واستفهمه من أصحابه أن يرويه عن أصحابه لا يرى غير ذلك واسعا له. قلت الأول تساهل بعيد وقد روينا عن أبي عبد الله ابن منده أنه قال: لواحد

_ 1 من ش وع، وفي خط: "عنه". 2 ضبطها في خط – ضبط قلم – بضم الراء. 3 من ش وع وفي خط: "يروي". 4 من ش وع وفلي خط: "الإسم" بدون الواو.

من أصحابه يا فلان يكفيك من السماع شمه. وهذا إما متأول أو متروك على قائله. ثم وجدت عن عبد الغني بن سعيد عن حمزة بن محمد الحافظ بإسناده عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال: يكفيك من الحديث شمه1 قال: عبد الغني قال: لنا حمزة يعني إذا سئل عن أول شيء عرفه وليس يعني التسهل في السماع. انتهى. قال الجوهري الهينمة الصوت الخفي. قوله ويستحب للشيخ أن يخبر السامعين لاحتمال وقوع شيء مما تقدم فينجبر بالإجازة ولذلك ينبغي لكاتب السماع أن يكتب إجازة الشيخ عقب كتابة السماع ويقال إن أول من كتب الإجازة في طباق السماع أبو طاهر إسماعيل بن عبد المحسن الأنماطي فجزاه الله خيرا. ولقد انقطع بسبب ترك ذلك وإهماله اتصال بعض الكتب في بعض البلاد بسبب كون بعضهم كان له فوت ولم يذكر في طبقة السماع إجازة الشيخ لهم فاتفق أن كان بعض المفوتين آخر من بقي ممن سمع بعض ذلك الكتاب فتعذر قرآءة جميع الكتاب عليه كأبي الحسن بن الصواف الشاطبي راوي غالب النسائي عن ابن باقا. واعترض على المصنف بكونه أطلق ولم يفصل والصواب أن الشيخ إن كان صحيح السماع بحيث يسمع لفظ المستملي الذي يمل عليه فالسماع صحيح ويجوز له أن يرويه عن المملي دون ذكر الواسطة كما لو سمع على الشيخ بقرآءة غيره فإن القارئ والمستملي واحد. فإن كان في سمع الشيخ ثقل بحيث لا يسمع لفظ المستملي فإنه لا يسوغ لمن لم يسمع لفظ الشيخ أن يرويه عنه إلا بواسطة المستملي أو المبلغ له عن الشيخ أو المفهم للسامع ما لم يبلغه كما ثبت في الصحيحين من رواية عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول: "يكون اثنا عشر أميرا" فقال

_ 1 من ش وع، وليست في خط.

كلمة لم أسمعها فقال أبي إنه قال: كلهم من قريش لفظ البخاري. وقال مسلم ثم تكلم بكلمة خفيت علي فسألت أبي ما قال: قال كلهم من قريش. فلم يرو جابر بي؟ سمرة الكلمة التي خفيت عليه إلا بواسطة أبيه. ويمكن أن يستدل للقائلين بالجواز بما رواه مسلم في صحيحه من رواية عامر ابن سعد بن أبي وقاص قال: كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني متى سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فكتب إلي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة عشية رجم الأسلمي قال: "لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش". فلم يفصل جابر بن سمرة الكلمة التي لم يسمعها من النبي صلي الله عليه وسلم. وقد يجاب عنه بأمور أحدها: أنه يحتمل أن بعض الرواة أدرجه وفصلها الجمهور وهم عبد الملك بن عمير والشعبي وحصين وسماك بن حرب ووصله عامر. الثاني: أن الشيخين اتفقا على رواية الفصل وانفرد مسلم برواية الوصل. والثالث: أن رواية الجمهور سماع لهم من جابر بن سمرة ورواية عامر بن سعد1 كتابة ليست متصلة بالسماع. الرابع: أن الإرسال جائز خصوصا إرسال الصحابة عن بعضهم فإن الصحابة كلهم عدول ولهذا كانت مراسيلهم حجة خلافا للأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني لأن الصحابة قد يروون عن التابعين. وقال ابن كثير الواقع في زماننا اليوم أنه يحضر مجلس السماع من يفهم ومن لا يفهم والبعيد من القارئ والناعس2 والمتحدث والصبيان الذين لا ينضبط أمرهم بل يلعبون غالبا ولا يشتغلون بمجرد السماع وكل هؤلاء قد كان

_ 1 من ع، وفي خط: "بن سعيد". 2 من الللباعث "1/342" وفي خط: "والبلض".

يكتب لهم السماع بحضرة شيخنا الحافظ أبي الحجاج المزي رحمه الله. وبلغني عن القاضي تقي الدين سليمان المقدسي1 أنه زجر في مجلسه الشباب2 عن اللعب فقال لا تزجروهم فإنا إنما سمعنا مثلهم. قال السابع: يصح السماع ممن هو وراء حجاب إذا عرف صوته فيما إذا حدث بلفظه وإذا عرف حضوره بمسمع3 منه فيما إذا قرئ عليه. وينبغي أن يجوز الاعتماد في معرفة صوته وحضوره على خبر من يوثق به. وقد كانوا يسمعون من عائشة وغيرها من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء حجاب ويروونه عنهن اعتمادا على الصوت. واحتج عبد الغني بن سعيد الحافظ في ذلك بقوله صلي الله عليه وسلم: "إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم". وروى بإسناده عن شعبة أنه قال: إذا حدثك المحدث فلم تر وجهه فلا ترو عنه فلعله شيطان قد تصور في صورته يقول حدثنا وأخبرنا. الثامن: من سمع من شيخ حديثا ثم قال: له لا تروه عني أو لا آذن لك في روايته عني أو قال: لست أخبرك به أو رجعت عن إخباري إياك به فلا تروه عني غير مسند ذلك إلى أنه أخطأ فيه أو شك فيه ونحو ذلك بل منعه من روايته عنه مع جزمه بأنه حديثه وروايته فذلك4 غير مبطل لسماعه ولا مانع له من روايته عنه. وسأل الحافظ أبو سعيد بن عليك5 النيسابوري الأستاذ أبا إسحاق الإسفراييني رحمهما الله عن محدث خص بالسماع قوما فجاء غيرهم وسمع

_ 1 من الباعث وفي خط: "المقري". 2 هكذا في خط وفي الباعث: "الصبيان". 3 من ش وع، وفي خط: "المسمع". 4 منخط وع، وفي ش: حديثه فذلك". 5 هكذا في خط وضبط عليك بفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وراجع "الإكمال" "6/362 – وحاشية"، وتبصرة المنتبه "3/966". لابن حجر وهو مترجم في السير للذهبي "17/509".

منه من غير علم المحدث به هل يجوز له رواية ذلك عنه فأجاب بأنه يجوز ولو قال: المحدث إني أخبركم ولا أخبر فلانا لم يضره. انتهى. وإنما جاز من ورآء حجاب توسعا في الرواية بخلاف الشهادة لإثبات الرواية شرعا عاما بخلاف الشهادة وما أفتى به أبو إسحاق حدث به النسائي عن الحارث ابن مسكين. قال القسم الثالث: من أقسام طرق نقل الحديث وتحمله الإجازة. وهي متنوعة أنواعا. أولها: أن يجيز لمعين في معين مثل أن يقول أجزت لك الكتاب الفلاني أو ما اشتملت عليه فهرستي هذه فهذا أعلى أنواع الإجازة المجردة عن المناولة. وزعم بعضهم أنه لا خلاف في جوازها1 ولا خالف فيها أهل الظاهر وإنما خلافهم في غير هذا النوع. وزاد القاضي أبو الوليد الباجي المالكي فأطلق نفي الخلاف وقال لا خلاف في جواز الرواية بالإجازة من سلف هذه الأمة وخلفها. وادعى الإجماع من غير تفصيل وحكى الخلاف في العمل بها. قلت هذا باطل فقد خالف في جواز الرواية بالإجازة جماعات من أهل الحديث والفقهاء والأصوليين وذلك إحدى الروايتين عن الشافعي رضي الله عنه. روي عن صاحبه الربيع بن سليمان قال: كان الشافعي لا يرى الإجازة في الحديث قال: الربيع أنا أخالف الشافعي في هذا. وقد قال: بإبطالها جماعة من الشافعيين منهم القاضيان حسين بن محمد المروروذي وأبو الحسن الماوردي2 وبه قطع الماوردي في كتابه الحاوي وعزاه إلى مذهب الشافعي وقالا جميعا لو جازت الإجازة لبطلت الرحلة. وروى أيضا هذا الكلام عن شعبة وغيره. وممن أبطلها من أهل الحديث الإمام إبراهيم بن إسحاق الحربي وأبو محمد عبد الله بن محمد الأصبهاني الملقب بأبي الشيخ والحافظ أبو نصر الوائلي

_ 1 من ش وع، وفي خط: "جواز هذه". 2 من ش وع، وفي خط: "المازري".

السجزي وحكى أبو نصر فسادها عن بعض من لقيه قال: أبو نصر وسمعت جماعة من أهل العلم يقولون قول المحدث قد أجزت لك أن تروي عني تقديره أجزت لك ما لا يجوز في الشرع لأن الشرع لا يبيح رواية ما لم يسمع. قلت ويشبه هذا ما حكاه أبو بكر محمد بن ثابت الخجندي أحد من أبطل الإجازة من الشافعية عن أبي طاهر الدباس أحد أئمة الحنفية قال: من قال: لغيره أجزت لك أن تروي عني ما لم تسمع فكأنه يقول أجزت لك أن تكذب علي. ثم إن الذي استقر عليه العمل وقال به جماهير أهل العلم من أهل الحديث وغيرهم القول بتجويز الإجازة وإباحة الرواة بها. وفي الاحتجاج لذلك غموض. ويتجه أن نقول1 إذا أجاز له أن يروي عنه مروياته وقد أخبره بها جملة فهو كما لو أخبره تفصيلا. وإخباره بها غير متوقف على التصريح نطقا كما في القراءة على الشيخ كما سبق وإنما الغرض حصول الإفهام والفهم وذلك يحصل بالإجازة المفهمة. ثم إنه كما تجوز الرواية بالإجازة يجب العمل بالمروي بها خلافا لمن قال: من أهل الظاهر ومن تابعهم إنه لا يجب العمل به وإنه جار مجرى المرسل. وهذا باطل لأنه ليس في الإجازة ما يقدح في اتصال المنقول بها وفي الثقة به. انتهى. ذكر من أقسام الأخذ والتحمل: الإجازة وهي دون السماع ونوعها سبعة أنواع وعدها بعضهم تسعة كما سيأتي. أرفعها النوع الأول ما لم يكن معه مناولة فإن كانت معه فهو أعلى أنواع الإجازة على الإطلاق لاجتماع الإجازة والمناولة. قال النوع الثاني: من أنواع الإجازة: أن يجيز لمعين في غير معين مثل أن يقول أجزت لك أو لكم جميع مسموعاتي أو جميع مروياتي وما أشبه ذلك فالخلاف في هذا النوع أقوى وأكثر والجمهور من العلماء2 المحدثين والفقهاء وغيرهم على تجويز الرواية

_ 1 من ش وع، وفي خط: "يقول" وربما جعل الناسخ نقط التاء والياء بالعكس فيحتمل أن تكون: "تقول". 2 من ش وع، وفي خط: "والعلماء".

بها أيضا وعلى إيجاب العمل بما روي بها بشرطه. قال النوع الثالث: من أنواع الإجازة. أن يجيز لغير معين بوصف العموم مثل أن يقول أجزت لكل واحد1 أو أجزت لمن أدرك زماني وما أشبه ذلك فهذا نوع تكلم فيه المتأخرون ممن جوز أصل الإجازة واختلفوا في جوازه فإن كان ذلك مقيدا بوصف حاضر أو نحوه فهو إلى الجواز أقرب. وممن جوز ذلك كله الخطيب أبو بكر. وروينا عن أبي عبد الله ابن منده الحافظ أنه قال: أحزت لمن قال: لا إله إلا الله وجوز القاضي أبو الطيب الطبري أحد الفقهاء المحققين فيما حكاه عنه الخطيب الإجازة لجميع المسلمين من كان منهم موجودا عند الإجازة. وأجاز أبو محمد ابن سعيد أحد الجلة من شيوخ الأندلس لكل من دخل قرطبة من طلبة العلم ووافقه على جواز ذلك جماعة منهم أبو عبد الله بن عتاب. وأنبأني من سأل الحازمي أبا بكر عن الإجازة العامة هذه فكان من جوابه إن من أدركه من الحفاظ نحو أبي العلاء الحافظ وغيره كانوا يميلون إلى الجواز. قلت ولم نر ولم نسمع عن أحد ممن يقتدى به أنه استعمل هذه الإجازة فروى بها ولا عن الشرذمة المستأخرة2 الذين سوغوها. والإجازة في أصلها ضعف وتزداد بهذا التوسع والاسترسال ضعفا كثيرا لا ينبغي احتماله. انتهى. وممن أجاز الإجازة العامة مع من ذكر أبو الفضل أحمد بن الحسين بن خيرون البغدادي وأبو الوليد بن رشد المالكي وأبو طاهر السلفي وغيرهم. ورجحه ابن الحاجب وصححه في الروضة من زياداته وقد جمع بعضهم من أجاز هذه الإجازة العامة في تصنيف له جمع فيه خلقا كثيرا رتبهم على حروف المعجم لكثرتهم وهو الحافظ أبو جعفر محمد بن الحسين بن أبي البدر

_ 1 هكذا في خط؛ وفي ش وع: "أحد". 2 من ش وع، وفي خط "المتأخرة"، وراجع حاشية المقدمة.

الكاتب البغدادي. قوله ولم نسمع ولم نر إلى آخره فيه نظر فقد حدث بها من الحفاظ أبو بكر بن خير الأموي بفتح الهمزة الإشبيلي ومن الحفاظ المتأخرين شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطي بإجازته العامة من المؤيد الطوسي وسمع بها الحافظ أبو الحجاج المزي وأبو عبد الله الذهبي وأبو محمد البرزالي على الركن الطاوسي بإجازته العامة من أبي جعفر الصيدلاني وغيره وقرأ بها الحافظ1 أبو سعيد العلائي على أبي العباس بن نغمة بإجازته العامة من داود بن معمر بن الفاخر وأقرأ بها الوجيه عبد الرحمن العوفي بإجازته العامة من عبد اللطيف بن القبيطي وأبي إسحاق الكاشغري وابن رواح والسبط وآخرين من البغداديين والمصريين وفي النفس منها شيء. وأهل الحديث يقولون إذا كتبت فقمش وإذا حدثت ففتش فالاحتياط ترك الرواية بها. وقد اعترض على المصنف بأن الظاهر من كلام مصححها جواز الرواية بها وإلا فلا فائدة لها. ورد بأنه إنما أنكر أن يكون رأى أو سمع عن أحد أنه استعملها فروى بها ولا يلزم من ترك استعمالهم للرواية بها عدم صحتها لاستغنائهم عنها بالسماع واحتياطا للخروج من الخلاف من منع الرواية بها. قوله فإن كان مقيدا بوصف حاضر2 أو نحوه فهو إلى الجواز أقرب أي كقول أجزت لبني فلان أو لإخوة فلان أو لأولاده. ومثله القاضي بقوله أجزت لمن هو الآن من طلبة العلم ببلد كذا. وقوله: فهو إلى الجواز أقرب أي أن جواز الرواية بالوصف الحاضر3 أولى من الرواية بالإجازة العامة وتقدم أن المصنف اختار عدم صحة الإجازة العامة والصحيح في مسألة الوصف الصحة.

_ 1 من ع، وفي خط: "الحفاظ". 2 كذا في خط وصوابه: "خاص". 3 كذا في خط، وصوابه: "الخاص".

قال القاضي عياض في كتاب الإلماع ما أحسبهم اختلفوا في جوازه ممن تصح عنده الإجازة ولا رأيت منعه لأحد لأنه محصور موصوف كقوله لأولاد فلان أو أخوة فلان. قال النوع الرابع: من أنواع الإجازة. الإجازة للمجهول أو بالمجهول. وتتشبث بذيلها الإجازة المعلقة بالشرط وذلك مثل أن يقول أجزت لمحمد بن خالد الدمشقي وفي وقته ذلك جماعة مشتركون في هذا الاسم والنسب ثم لا يعين المجاز له منهم أو يقول أجزت لفلان أن يروي عني كتاب السنن وهو يروي جماعة من كتب السنن المعروفة بذلك ثم1 لا يعين فهذه إجازة فاسدة لا فائدة لها وليس من هذا القبيل ما إذا أجاز2 لجماعة مسمين معينين بأنسابهم والمجيز جاهل بأعيانهم غير عارف بهم فهذا غير قادح كما لا يقدح عدم معرفته به إذا حضر شخصه في السماع منه. وإن أجاز للمسمين المنتسبين في الاستجازة ولم يعرفهم بأعيانهم ولا بأنسابهم ولم يعرف عددهم ولم يتصفح أسماءهم واحدا فواحدا فينبغي أن يصح ذلك أيضا كما يصح سماع من حضر مجلسه للسماع منه3 وإن لم يعرفهم أصلا ولم يعرف عددهم ولا تصفح أشخاصهم واحدا واحدا. وإذا قال: أجزت لمن يشاء فلان أو نحو ذلك فهذا فيه جهالة وتعليق بشرط فالظاهر أنه لا يصح وبذلك أفتى القاضي أبو الطيب الطبري الشافعي إذ سأله الخطيب الحافظ عن ذلك وعلل بأنه إجازة لمجهول فهو كقوله أجزت لبعض الناس من غير تعيين وقد يعلل ذلك أيضا بما فيها من التعليق بالشرط فإن ما يفسد بالجهالة يفسد بالتعليق4 على ما عرف عند قوم.

_ 1 من خط وع، وليس في ش. 2 من ش وع وفي خط: "أجاب" بالباء. 3 من ش ووفي خط: "عنه" بالعين بدل الميم. 4 من خط ومثله في ع سوي "بالتعليق" ففي ع: "بتعليق" وفي ش "يفسر بالجهالة يفسر بالتعليق".

وحكى الخطيب عن أبي يعلى بن الفراء الحنبلي وأبي الفضل بن عمروس المالكي أنهما أجازا ذلك وهؤلاء الثلاثة كانوا مشايخ مذاهبهم ببغداد إذ ذاك. وهذه الجهالة ترتفع في ثاني الحال عند وجود المشيئة بخلاف الجهالة الواقعة فيما إذا أضافه1 لبعض الناس وإذا قال: أجزت لمن شاء فهو كما لو قال: أجزت لمن شاء فلان بل هذه أكثر جهالة وانتشارا من حيث إنها معلقة بمشيئة من لا يحصر عددهم بخلاف تلك. ثم هذا فيما إذا أجاز لمن شاء الإجازة له2 فإن أجاز لمن شاء الرواية عنه فهذا أولى بالجواز من حيث إن مقتضى كل إجازة تفويض الرواية بها إلى مشيئة المجاز له فكان هذا مع كونه بصيغة التعليق تصريحا بما يقتضيه الإطلاق وحكاية للحال لا تعليقا في الحقيقة ولهذا أجاز بعض أئمة الشافعيين في البيع أن يقول بعتك هذا بكذا إن شئت فيقول قبلت. ووجد بخط أبي الفتح محمد بن الحسين الأزدي الموصلي الحافظ أجزت رواية ذلك لجميع من أحب أن يروي ذلك عني. أما إذا قال: أجزت لفلان كذا وكذا إن شاء روايته عني أو لك إن شئت أو أحببت أو أردت فالأظهر الأقوى أن ذلك جائز إذ قد انتفت فيه الجهالة وحقيقة التعليق ولم يبق سوى صيغته والعلم عند الله تعالى. انتهى. قوله وتتشبث بذيلها الإجازة المعلقة بالشرط أي كما إذا قال: أجزت لمن شاء فلان وهذا هو أحد النوعين المزادين على السبعة أدرجه المصنف في نوع الإجازة للمجهول ومثل المصنف الإجازة للمجهول بقوله أجزت لمحمد بن خالد الدمشقي وفي وقته من يشركه في ذلك ومثل الإجازة بالمجهول بقوله أجزت له أن يروي عني كتاب السنن وهو يروي سننا كثيرة فإن وجدت قرينة تخصص الشخص كما لو قيل له يجيز

_ 1 هكذا في خط وفي ش وع: "أجاز". 2 هكذا في خط وفي ش وع: "الإجازة منه له".

لفلان بن فلان فقال أجزت له أو قيل له يجيز له السنن لأبى داود فقال أجزت له السنن فالظاهر صحة ذلك لأن الجواب خرج على المسؤول عنه. ثم إن التعليق قد يكون مع إبهام المجاز أو مع تعيينه وقد يعلق بمشيئة المجاز وقد يعلق بمشيئة غيره معينا وقد يكون التعليق لنفس الإجازة وقد يكون لرواية بالإجازة فأما تعليقها بمشيئة المجاز مبهما كقوله من شاء أن أجيز له فقد أجزت له أو أجزت لمن شاء فهو كتعليقها بمشيئة غيره. قال المصنف: وهذا أكثر جهالة وانتشارا. وأما تعليقها بمشيئة غير المجاز فإن كان المعلق بمشيئته مبهما فهذه باطلة قطعا كقوله أجزت لمن شاء بعض الناس أن يروي عني وإن كان معينا كقوله من شاء فلان أن أجيزه فقد أجزته أو أجزت لمن شاء فلان ونحو ذلك. قال المصنف الظاهر أن ذلك لا يصح قال: وبه أفتى أبو الطيب قال: وأجاز ذلك الحنبلي وابن عمروس وما أجازاه قال: به جماعة من المتقدمين والمتأخرين. فمن المتقدمين الحافظ أبو بكر بن أبي خيثمة زهير بن حرب صاحب يحيى بن معين وصاحب التاريخ. قال الإمام أبو الحسن محمد بن أبي الحسين بن الوزان ألفيت بخط أبي بكر ابن أبي خيثمة قد أجزت لأبي زكريا يحيى بن مسلمة أن يروي عني ما أحب من كتاب التاريخ الذي سمعه مني أبو محمد القاسم بن الأصبغ ومحمد بن عبد الأعلى كما سمعاه مني وأذنت له في ذلك ولمن أحب من أصحابه فإن أحب أن تكون الإجازة بعد هذا فأنا أجزت له ذلك بكتابي هذا وكتب أحمد بن أبي خيثمة بيده في شوال من سنة ست وسبعين ومائتين. وكذلك أجاز حفيد يعقوب بن شيبة وهذه نسختها فيما حكاه الخطيب1 يقول محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قد أجزت لعمر2 بن أحمد الخلال وابنه عبد الرحمن بن عمر ولختنه علي بن الحسن جميع ما فاته من حديثي مما لم يدرك سماعه من المسند وغيره وقد أجزت ذلك لمن أحب عمر فليرووه عني إن

_ 1 في جزء: "إجازة المجهول والمعدوم وتعليقها بشرط" "ص/57 – 58 – ط: ابن تيمية". 2 هكذا في كتاب الخطيب وفي خط: "أحمد".

شاؤا؟ كتبت ذلك بخطي1 في صفر سنة اثنتين وثلثمائة2. ثم قال: الخطيب ورأيت مثل هذه الإجازة لبعض المتقدمين إلا أن اسمه ذهب من حفظي3. وكأنه أراد بذلك ابن أبي خيثمة. وأما إذا كان المعلق هو الرواية كقوله أجزت لمن شاء الرواية عني أن يروي عني فقال المصنف هذا أولى بالجواز ثم قاسه على مسألة البيع ولم يبين تصحيحا في هذه الصورة بل جعلها أولى بالجواز والصحيح فيها عدم الصحة والقياس على البيع لا يصح لأن المتاع معين والمجاز له مبهم وإنما وزان البيع أن يقول أجزت لك أن تروي عني إن شئت وهو لو قال: كذا صح على الصحيح الأقوى كما ذكره المصنف. واعلم أن في مسألة البيع وجهين أصحهما الصحة وإن كان البيع المعلق بشرط لا يصح كما لو قال: بعتك إن شاء زيد لا يصح سوآء شاء زيد أم لا بخلاف ما إذا قال: أنت طالق أو حرة إن شاء زيد فإنه إن شاء طلقت وعتقت وكذا لو علق الطلاق أو العتق بمشيئتها بخلاف البيع فإنه إذا علقه بمشيئة المشتري أو البائع فإنه يصح لأن المشيئة تحصل في ضمن القبول فلو لم يشأ ما قبل وهذا جار في كل عقد فيه مخاطب ومخاطب4 بخلاف الطلاق والعتق ونحوهما. قال النوع الخامس: من أنواع الإجازة. الإجازة للمعدوم ولنذكر معه5 الإجازة للطفل الصغير. هذا نوع خاض فيه قوم من المتأخرين واختلفوا في جوازه. ومثاله أن تقول أجزت لمن يولد لفلان فإن عطف المعدوم في ذلك على

_ 1 في متاب الخطيب: "ذلك لهم بخطي". 2 هكذا في خط وفي كتاب الخطيب "إثنين وثلاثين "كذا" وثلاث مائة". 3 راجع: كتاب الخطيب رحمه الله. 4 ضبطها في خط ضبط قلم: الأولي بكسر الطاء المهملة والثانية بفتحها. 5 من خط وع، وفي ش: "معها".

الموجود بأن قال: أجزت لفلان ومن يولد له أو أجزت لك ولولدك وعقبك ما تناسلوا كان ذلك أقرب إلى الجواز من الأول. ولمثل ذلك أجاز أصحاب الشافعي في الوقف القسم الثاني: دون الأول. وقد أجاز أصحاب مالك وأبي حنيفة أو من قال: ذلك منهم في الوقف القسمين كليهما. وفعل هذا الثاني: في الإجازة من المحدثين المتقدمين أبو بكر بي أبي1 داود السجستاني فإنا روينا عنه أنه سئل الإجازة فقال قد أجزت لك ولأولادك ولحبل الحبلة يعني الذين لم يولدوا بعد. وأما الإجازة للمعدوم ابتداء من غير عطف على موجود فقد أجازها الخطيب أبو بكر وذكر أنه سمع أبا يعلى بن الفراء الحنبلي وأبا الفضل بن عمروس المالكي يجيزان ذلك. وحكى جواز ذلك أيضا أبو نصر ابن الصباغ الفقيه فقال ذهب قوم إلى أنه يجوز أن يجيز لمن لم يخلق قال: وهذا إنما ذهب إليه من يعتقد أن الإجازة إذن في الرواية لا محادثة ثم بين بطلان هذه الإجازة وهو الذي استقر عليه رأي شيخه القاضي أبي الطيب الطبري وذلك هو الصحيح الذي لا ينبغي غيره لأن الإجازة في حكم الإخبار جملة بالمجاز على ما قدمناه في بيان صحة أصل الإجازة فكما لا يصح الإخبار للمعدوم لا تصح الإجازة للمعدوم. ولو قدرنا أن الإجازة إذن فلا يصح أيضا ذلك للمعدوم كما لا يصح الإذن في باب الوكالة للمعدوم لوقوعه في حالة لا يصح فيها المأذون فيه من المأذون له. وهذا أيضا يوجب بطلان الإجازة للطفل الصغير الذي لا يصح سماعه. قال الخطيب سألت القاضي أبا الطيب الطبري عن الإجازة للطفل الصغير هل يعتبر في صحتها سنه أو تمييزه كما يعتبر ذلك في صحة سماعه فقال لا يعتبر ذلك قال: فقلت له إن بعض أصحابنا قال: لا تصح الإجازة لمن لا يصح

_ 1 من ش وع، وليس في خط.

سماعه فقال قد يصح أن1 يجيز للغائب عنه ولا يصح السماع له واحتج الخطيب لصحتها للطفل بأن الإجازة إنما هي إباحة المجيز لمجاز له أن يروي عنه والإباحة تصح للعاقل وغير العاقل قال: وعلى هذا رأينا كافة شيوخنا يجيزون للأطفال2 الغيب عنهم من غير أن يسألوا عن مبلغ أسنانهم وحال تمييزهم ولم نرهم أجازوا لمن لم يكن مولودا في الحال. قلت كأنهم رأوا الطفل أهلا لتحمل هذا النوع من أنواع تحمل الحديث ليؤدي به بعد3 حصول أهليته حرصا على توسيع السبيل إلى بقاء الإسناد الذي اختصت به هذه الأمة وتقربة4 من رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى. أما مسألة الوقف عليه ثم على من سيوجد من أولاده فإنها صحيحة فلو وقف على أولاد زيد ولا أولاد له بل أولاد ابن قال: المتولي وغيره يصرف لهم. وأما مسألة الصبي وهي5 أحد النوعين الزائدين وأدرجها المصنف في مسألة المعدوم. ولم يعترض المصنف لمسألة الكافر لأنه لا نقل فيها مع أن سماعه صحيح كما تقدم وقد كان يهودي طبيب بدمشق يقال له محمد بن عبد السيد بن الديان سمع الحديث في حال يهوديته على أبي عبد الله محمد بن عبد المؤمن الصوري وكتب اسمه في طبقة السماع مع السامعين وأجاز ابن عبد المؤمن لمن سمع وهو من جملتهم وكان السماع والإجازة بحضور الحافظ أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي وبعض السماع بقرآءته وذلك في غير ما جزء منها جزء ابن عترة فلولا أن المزي يرى جواز ذلك ما أقرأ عليه ثم هدى الله ابن عبد السيد المذكور للإسلام ووحدث وسمع منه جماعة من المحدثين والظاهر أنه إنما سمي محمدا بعد إسلامه.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "أنه". 2 هكذا في ش وع، وفي خط: "الأطفال". 3 من ش وع، وليس في خط. 4 هكذا في خط، وفي ش وع: "وتقريبه". 5 هكذا في خط ويشبه أن تكون: "فهي" وإلا ففي الكلام سقط. والله أعلم.

ومن صور الإجازة لغير أهل الأدآء الإجازة للمجنون وهي صحيحة. كذا الإجازة للفاسق والمبتدع الذي لا نكفره ببدعته والإجازة لهما أولى من الإجازة للكافر فإذا زال المانع من الأداء صح الأداء كالسماع سوآء. وأما الإجازة للحمل فليس فيها نقل صريح. نعم قال: الخطيب لم نرهم أجازوا لمن لم يكن مولودا في الحال ولم يتعرضوا لكونه إذا وقع يصح أم لا. وهو أولى بالصحة من المعدوم والخطيب يرى صحتها للمعدوم وسئل شيخنا أبو سعيد العلائي الإجازة لحمل بعد ذكر أبويه قبله وجماعة معهم فأجاز فيها وكان أبو الثناء محمود بن خلف المنبجي يحترز عن الإجازة للحمل ومن عمم الإجازة للحمل وغيره أعلم وأحفظ وأتقن. وبنى بعضهم الإجازة له على الخلاف في أنه هل يعلم أم لا إن قلنا لا يعلم فتكون كالإجازة للمجهول فيجري فيه الخلاف الذي فيه وإن قلنا إنه يعلم وهو الأصح صحت الإجازة. ومعنى يعلم1 أي يعامل معاملة المعلوم وقال الإمام لا خلاف أنه لا يعلم. قلت ولو فرق بين أن تنفخ فيه الروح وأن لا تنفخ فيه لم يكن بعيدا. قال النوع السادس: من أنواع الإجازة. إجازة ما لم يسمعه المجيز ولم يتحمله أصلا بعد ليرويه المجاز له إذا تحمله المجيز بعد ذلك أخبرني من أخبر عن القاضي ابن موسى من فضلاء وقته بالمغرب قال: هذا لم أر من تكلم عليه من المشايخ رأيت بعض المتأخرين والعصريين يصنعونه ثم حكى عن أبي الوليد يونس بن مغيث قاضي قرطبة أنه سئل الإجازة لجميع ما رواه إلى تاريخها وما يرويه بعد فامتنع من ذلك فغضب السائل فقال له بعض أصحابه يا هذا يعطيك ما لم يأخذه هذا محال قال: عياض وهذا هو الصحيح.

_ 1 الضبط من خط.

قلت ينبغي أن يبنى هذا على أن الإجازة في حكم الإخبار بالمجاز1 جملة أو هي إذن. فإن جعلت في حكم الإخبار لم تصح هذه الإجازة إذ كيف يخبر2 بما لا خبر عنده منه. وإن جعلت إذنا انبنى هذا على3 الخلاف في تصحيح الإذن في باب الوكالة فيما لم يملكه الآذن الموكل بعد مثل أن يوكل في بيع العبد الذي يريد أن يشتريه وقد أجاز ذلك بعض أصحاب الشافعي والصحيح بطلان هذه الإجازة. وعلى هذا يتعين على من يريد أن يروي بالإجازة عن شيخ أجاز له جميع مسموعاته مثلا أن يبحث4 حتى يعلم أن ذلك الذي يريد روايته عنه مما سمعه قبل تاريخ الإجازة. وأما إذا قال: أجزت لك ما صح ويصح عندك من مسموعاتي فهذا ليس من هذا القبيل وقد فعله5 الدارقطني وغيره. وجائز أن يروي بذلك عنه ما صح عنده بعد الإجازة أنه سمعه قبل الإجازة ويجوز ذلك وإن اقتصر على قوله ما صح عندك ولم يقل وما يصح لأن المراد أجزت لك أن تروي عني ما صح عندك فالمعتبر إذا فيه صحة ذلك عنده حالة الرواية. انتهى. وعبارة القاضي عياض في الإلماع فهذا لم أر من تكلم فيه من المشايخ قال: ورأيت بعض المتأخرين والعصريين يصنعونه إلا أنى قرأت في فهرسة أبي مروان عبد الملك بن زيادة الله الطبني قال: كنت عند القاضي بقرطبة أبي الوليد يونس بن مغيث فجاءه إنسان فسأله إلى آخره ثم قال: فنظر

_ 1 هكذا في ش وع، وفي خط: "بالمجاز له" ولعلها كانت: "بالمجاز به"، فحفها الناسخ؛ والله أعلم. 2 من ش وع، وفي خط: "يجيز". 3 من ش وع وفي خط: "علي هذا". 4 من ش وع، وفي خط: "صحت". 5 من ش وع، وفي خط: "مثله".

إلي يونس فقلت يا هذا يعطيك ما لم يأخذ فقال يونس هذا جوابي. قال القاضي عياض وهذا هو الصحيح. وصححه النووي كما صححه المصنف. ويؤيد ذلك مسألة الوكالة كما لو وكله في بيع عبد سيملكه أو في طلاق من سينكحها أو إعتاق من سيملكه أو قضاء دين سيلزمه أو تزويج ابنته إذا انقضت عدتها أو طلقها زوجها وما أشبه ذلك فإنه لا يصح في جميع ذلك على ما صححه الرافعي والنووي في أول باب الوكالة مع أن في بعضها اضطراب تصحيح قال النوع السابع: من أنواع الإجازة إجازة المجاز. مثل أن يقول الشيخ أجزت لك مجازاتي أو أجزت لك رواية ما أجيز لي روايته. فمنع من ذلك بعض من لا يعتد به من المتأخرين. والصحيح والذي عليه العمل أن ذلك جائز ولا يشبه ذلك ما إذا1 امتنع من توكيل الوكيل بغير إذن الموكل. ووجدت عن أبي عمرو السفاقسي الحافظ المغربي قال: سمعت أبا نعيم الحافظ يعني يقول الإجازة على الإجازة قوية جائزة. وحكي الخطيب الحافظ تجويز ذلك عن الحافظ الإمام أبي الحسن الدارقطني والحافظ أبي العباس المعروف بابن عقدة الكوفي وغيرهما. وقد كان الفقيه الزاهد نصر بن إبراهيم المقدسي يروي بالإجازة عن الإجازة حتى ربما والى في روايته بين إجازات ثلاث. وينبغي لمن يروي بالإجازة عن الإجازة أن يتأمل كيفية إجازة شيخ شيخه ومقتضاها حتى لا يروي بها ما لم يندرج تحتها فإذا كان مثلا صورة إجازة شيخ شيخه2 أجزت له ما صح عنده من سماعاتي فرأى شيئا من مسموعات

_ 1 من خط، وليس في ش وع. 1 من خ، وليس في ش وع. 2 هنكذا في ش وع، وفي خط: "الشيخ لشيخه".

شيخ شيخه فليس له أن يروي ذلك عن شيخه عنه حتى يستبين أنه مما كان قد1 صح عند شيخه كونه من مسموعات شيخه الذي تلك إجازته ولا يكتفي بمجرد صحة ذلك عنده الآن عملا بلفظه وتقييده. ومن لا يتفطن لهذا وأمثاله يكثر عثاره. هذه أنواع الإجازة التي تمس الحاجة إلى بيانها ويتركب منها أنواع أخر سيتعرف المتأمل حكمها مما أمليناه إن شاء الله تعالى. انتهى. أشار بقوله فمنع من ذلك بعض من لا يعتد به إلى الحافظ أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك بن الأنماطي أحد شيوخ ابن الجوزي فإنه صنف في منع ذلك جزءا وعلله بأن الإجازة ضعيفة فينضم ضعف إلى ضعف والصحيح الذي عليه العمل جوازه وفعله الحاكم في تاريخه2. قال ابن طاهر ولا يعرف بين القائلين بالإجازة خلاف في العمل بإجازة الإجازة وذكر أبو الفضل محمد بن ناصر الحافظ أن أبا الفتح بن أبي الفوارس حدث بجزء من العلل لأحمد بإجازته من أبي3 علي بن الصواف بإجازته من عبد الله بن أحمد بإجازته من أبيه. بل وجد في كلام غير واحد من الأئمة وأهل الحديث الزيادة على ثلاث أجائز فرووا بأربع أجائز متوالية وخمس وقد روى أبو محمد عبد الكريم الحلبي في تاريخ مصر عن عبد الغني بن سعيد الأزدي بخمس أجائز متوالية في عدة مواضع. قوله ومن لا يتفطن لهذا وأمثاله كثر4 عثاره كما اتفق للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد الأندرشي5 المعروف بابن اليتيم أحد من رحل وجال في البلاد وسمع ببلاد المغرب ومصر والشام والعراق وخراسان وأخذ عن السلفي

_ 1 من ش وع، وفي خط: "مما قد". 2 راجع: "شرح الألفية" للعراقي "ص/211 – 212". 3 من "شرح الألفية" للعراقي "ص/212" وفي خط: "من ابن أبي". 4 هكذا في خط في هذا الموضع ومضي في متن ابن الصلاح: "يكثر". 5 هكذا في شرح الألفية للعراقي وفي خط: "الأندي" وراجع: السير للذهبي "22/ 250".

وابن عساكر والسهيلي وابن بشكوال وعبد الحق الإشبيلي وخلق. ذكر إسناده في الترمذي عن أبي طاهر السلفي عن أحمد بن محمد بن أحمد ابن سعيد الحداد عن إسماعيل بن ينال1 المحبوبي عن أبي العباس المحبوبي عن الترمذي. هكذا ذكر الحافظ أبو جعفر بن الزيني2 أنه وجد بخط ابن اليتيم ووجه الغلط فيه أن فيه إجازتين إحداهما أن ابن ينال أجاز للحداد ولم يسمعه منه والثاني: أن الحداد أجاز للسلفي ما سمعه فقط. فلم يدخل الترمذي في إجازته للسلفي وذكر الزيني3 أن السلفي وهم في ذلك قديما ثم تذكر فرجع عن هذا السند. قال ومن هنا تكلم أبو جعفر بن البادش4 في السلفي وعذر5 الناس السلفي فقد رجع عنه. قال وتكلم الناس في ابن اليتيم. قال وما أظن الباعث لذلك إلا ما ذكرته. وقد بين السلفي صورة إجازة الحداد له في فهرسته فقال كان أبو الفرج الحداد يروي كتاب الترمذي قال: ولم يجز لي ما أجيز له بل ما سمعه فقط. قال كتب إلي إسماعيل بن ينال6 المحبوبي من مرو. ولهذا كان الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد لا يجيز رواية سماعه كله بل يقيده

_ 1 من شرح الألفية وفي خط: "نيال"بتقديم النون وراجع: "السير" للذهبي "17/376". 1 من شرح الألفية وفي خط: "نيال"بتقديم النون وراجع: "السير" للذهبي "17/376". 2 هكذا في خط وفي شرح الألفية "النريسي". 3 هكذا في خط وفي شرح الألفية "النريسي". 4 هكذا في خط بالدال المهملة وفي شرح الألفية بالذال المعجمة: "البذش". 5 من شرح الألفية وفي خط: "وعند. 6 من شرح الألفية وفي خطب نيال بتقديم النون.

بما حدث به من مسموعاته وجد ذلك بخطه في عدة إجازات1 لأنه كان يشك في بعض سماعاته فلم يحدث به ولم يجزه وهو سماعه على ابن المقيرفمن2 حدث عنه بإجازته منه بشيء مما3 حدث به من مسموعاته فهو غير صحيح فينبغي التنبه لهذا4 وأمثاله. قال ثم إنا ننبه على أمور. أحدها روينا عن أبي الحسين أحمد بن فارس الأديب المصنف رحمه الله قال: معنى الإجازة في كلام العرب مأخوذ من جواز الماء الذي يسقاه المال من الماشية والحرث يقال منه استجزت فلانا فأجازني إذا أسقاك ماء لأرضك أو ماشيتك كذلك طالب العلم يسأل العالم أن يجيزه علمه فيجيزه إياه. قلت فللمجيز على هذا أن يقول أجزت فلانا مسموعاتي أو مروياتي فيعديه بغير حرف جر من غير حاجة إلى ذكر لفظ الرواية أو نحو ذلك. ويحتاج إلى ذلك من يجعل الإجازة بمعنى التسويغ والإذن والإباحة وذلك هو المعروف فيقول أجزت لفلان رواية مسموعاتي مثلا ومن يقول منهم أجزت له مسموعاتي فعلى سبيل الحذف الذي لا يخفى نظيره. الثاني: إنما تستحسن الإجازة إذا كان المجيز عالما بما يجيز والمجاز له من أهل العلم لأنها توسيع5 وترخيص يتأهل له أهل العلم لمسيس حاجتهم إليها وبالغ بعضهم في ذلك فجعله شرطا فيها. وحكاه أبو العباس الوليد بن بكر المالكي عن مالك رضي الله عنه. وقال الحافظ أبو عمر الصحيح أنها لا تجوز إلا لماهر بالصناعة وفي شيء

_ 1 راجع: "شرح الألفية" "ص/213". 2 من "شرح الألفية 11 وفي خط"إن المعين ممن". 3 من شرح اللفية وفي خط: "ما". 4 من شرح الألفية وفي خط: "الشبه بهذا". 5 من خط وفي ش وع: "توسع".

معين لا يشكل إسناده. الثالث: ينبغي للمجيز إذا كتب إجازته أن يتلفظ بها فإن اقتصر على الكتابة كان ذلك إجازة جائزة إذا اقترن بقصد الإجازة غير أنها أنقص مرتبة من الإجازة الملفوظ بها. وغير مستبعد تصحيح ذلك بمجرد هذه الكتابة في باب الرواية التي1 جعلت فيه2 القراءة على الشيخ مع أنه لم يلفظ بما قرئ عليه إخبارا منه بما قرئ عليه على ما تقدم3. انتهى. قوله وغير مستبعد تصحيح ذلك أي إذا كتب الإجازة ولم يتلفظ ولم يقصد الإجازة الظاهر أن ذلك لا يصح لأن الكتابة كناية والكتابة شرطها القصد ولا قصد. قال القسم الرابع: من أقسام طرق تحمل الحديث وتلقيه المناولة. وهي على نوعين: أحدهما المناولة المقرونة بالإجازة وهي أعلى أنواع الإجازة على الإطلاق ولها صور؛ منها: أن يدفع الشيخ إلى الطالب أصل سماعه أو فرعا مقابلا به ويقول هذا سماعي أو روايتي عن فلان فاروه عني أو أجزت لك روايته عني ثم يملكه إياه أو يقول خذه وانسخه وقابل به ثم رده إلي أو نحو هذا. ومنها أن يجئ الطالب إلى الشيخ بكتاب أو جزء من حديثه فيعرضه عليه فيتأمله الشيخ وهو عارف متيقظ ثم يعيده إليه ويقول له وقفت على ما فيه وهو حديثي عن فلان أو روايتي عن شيوخي فيه فاروه عني أو أجزت لك روايته عني. وهذا قد سماه غير واحد من أئمة الحديث عرضا وقد سبقت حكايتنا في

_ 1 من خط وع، وفي ش: "الذي". 2 من ش وع و "شرح الألفية" وفي خط: "قيد". 3 من خط وفي ش وع: "تقدم بيانه".

القراءة على الشيخ أنها تسمى عرضا أيضا1 فلنسم ذلك عرض القراءة وهذا عرض المناولة. وهذه المناولة المقترنة2 بالإجازة حالة محل السماع عند مالك وجماعة من أئمة أصحاب الحديث. وحكى الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في عرض المناولة المذكور عن كثير من المتقدمين أنه سماع وهذا مطرد في سائر ما يماثله من صور المناولة المقرونة بالإجازة. فممن حكى الحاكم ذلك عنهم ابن شهاب الزهري وربيعة الرأي ويحيى ابن سعيد الأنصاري ومالك بن أنس الإمام في آخرين من المدنيين ومجاهد وأبو الزبير وابن عيينة في جماعة من المكيين وعلقمة وإبراهيم النخعيان والشعبي في جماعة من الكوفيين وقتادة وأبو العالية وأبو المتوكل3 الناجي في طائفة من البصريين وابن وهب وابن القاسم وأشهب4 في طائفة من المصريين وآخرون من الشاميين والخراسانيين. ورأى الحاكم طائفة من مشايخه على ذلك. وفي كلامه بعض التخليط من حيث كونه خلط بعض ما ورد في عرض القراءة بما ورد في عرض المناولة وساق الجميع مساقا واحدا والصحيح أن ذلك غير حال محل5 السماع وأنه منحط عن درجة التحديث لفظا والإخبار قراءة. وقد قال: الحاكم في هذا العرض أما فقهاء الإسلام الذين أفتوا في الحلال

_ 1 من حط وليس في ش وع. 2 من خط وع، وفي ش: "المقرونة". 3 في حاشية خط: "أبو المتوكل هو علي بن داود بضم الدال ويقال: ابن داود أيضا". وراجع: حاشية "المقدمة". 4 في حاشية خط: "أشهب: لقب له واسمه مسكين", وراجع: حاشية "المقدمة". 5 من ش وع، وفي خط: "محله".

والحرام فإنهم لم يروه سماعا وبه قال: الشافعي والأوزاعي والبويطي والمزني وأبو حنيفة وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وابن المبارك ويحيى بن يحيى وإسحاق بن راهويه. قال وعليه عهدنا أئمتنا وإليه ذهبوا وإليه تذهب انتهى. اعترض على المصنف بذكر أبي حنيفة مع المذكورين فإنهم يرون صحة المناولة وأنها دون السماع وأبو حنيفة لا يرى صحتها أصلا كما ذكره صاحب القنية فقال إذا أعطاه المحدث الكتاب وأجاز له ما فيه ولم يسمع ذلك ولم يعرفه فعند أبي حنيفة ومحمد لا يجوز روايته وعند أبي يوسف يجوز. ورد بأن صاحب القنية لم يقتصر على قوله فلم يسمع ذلك بل زاد ولم يعرفه أي المجاز له ومقتضاه أنه إذا عرف المجاز ما أجيز له أنه يصح والمعترض يقول لا يصح أصلا. فإن قال: الضمير في لم يعرفه للمجيز فقد ذكر المصنف بعد هذا أن الشيخ إذا لم ينظر فيه ولم يتحقق روايته لجميعه لا يجوز ولا يصح ثم استثنى ما إذا كان الطالب موثوقا بخبره فإنه يجوز الاعتماد عليه. وهذه الصورة لا يوافق على صحتها أبو حنيفة بل لا بد أن يكون الشيخ حافظا لحديثه أو ممسكا لأصله كما صححه إمام الحرمين. بل أطلق الآمدي النقل عن أبي حنيفة وأبي يوسف أن الإجازة غير صحيحة. ويجوز أن يكون أبو حنيفة وأبو يوسف إنما يمنعان صحة الإجازة الخالية عن المناولة فقد حكى القاضي عياض في الإلماع عن كافة أهل النقل والأدآء والتحقيق من أهل النظر القول بصحة المناولة المقرونة بالإجازة قال ومنها أن يناول الشيخ الطالب كتابه ويجيز له روايته عنه ثم يمسكه الشيخ عنده ولا يمكنه منه فهذا يتقاعد عما سبق لعدم احتواء الطالب على ما تحمله وغيبته عنه. وجائز له رواية ذلك عنه إذا ظفر بالكتاب أو بما هو مقابل به على وجه يثق معه بموافقته لما تناولته الإجازة على1 ما هو معتبر في الإجازات المجردة عن المناولة.

_ 1 من خط وع، وفي ش: "مع".

ثم إن المناولة في مثل هذا لا يكاد يظهر حصول مزية بها على الإجازة الواقعة في معين كذلك من غير مناولة وقد صار غير واحد من الفقهاء والأصوليين إلى أنه لا تأثير لها ولا فائدة. غير أن شيوخ أهل الحديث في القديم والحديث أو من حكي ذلك عنه منهم يرون لذلك مزية معتبرة. ومنها أن يأتي الطالب الشيخ بكتاب أو جزء فيقول هذا روايتك فناولنيه وأجز لي روايته فيجيبه إلى ذلك من غير أن ينظر فيه ويتحقق روايته لجميعه فهذا لا يجوز ولا يصح فإن كان الطالب موثوقا بخبره ومعرفته جاز الاعتماد عليه في ذلك وكان ذلك إجازة جائزة كما جاز في القراءة على الشيخ الاعتماد على الطالب حتى يكون هو القارئ من الأصل إذا كان موثوقا به1 معرفة ودينا. قال الخطيب أبو بكر ولو قال: حدث بما في هذا الكتاب عني إن كان من حديثي مع براءتي من الغلط والوهم كان ذلك جائزا حسنا. انتهى. قوله وقد صار غير واحد إلى آخره قال: ابن كثير هذا في الكتب والأجزاء التي ليست بمشهورة أما الكتب المشهورة كالبخاري ومسلم والسنن ونحوها فهو كما لو ملكه أو أعاره. وما قاله ظاهر. وقال القاضي عياض وعلى التحقيق فليس هذا بشئ زائد على معنى الإجازة للشيء المعين من التصانيف المشهورة والأحاديث المعروفة المعينة ولا فرق بين إجازته إياه أن يحدث عنه بكتاب الموطأ وهو غائب أو حاضر إذ المقصود تعيين ما أجازه له لكن قديما وحديثا شيوخنا من أهل الحديث يرون لهذا مزية على الإجازة قال: ولا مزية له عند مشايخنا من أهل النظر والتحقيق بخلاف الوجوه الأول. قوله فإن كان الطالب موثوقا بخبره ومعرفته جاز مفهومه أنه إذا لم يكن كذلك لم يجز. نعم إن ناوله وأجاز له ثم تبين بعد ذلك بخبر ثقة يعتمد عليه أن ذلك كان

_ 1 هكذا في خط، وفي ش وع: "كان موثوقا".

من سماع الشيخ أو من مروياته فالظاهر الصحة لأنه يتبين مع ذلك صحة سماع الشيخ لما ناوله وأجازه وزال ما كنا نخشاه من عدم ثقة المخبر ويمكن دخول هذه الصورة في كلام الخطيب وهي1 ولو قال: حدث بما في هذا الكتاب عني إلى آخره. قال الثاني: المناولة المجردة عن الإجازة بأن يناوله الكتاب كما تقدم ذكره أولا ويقتصر على قوله هذا من حديثي أو من سماعاتي ولا يقول اروه عني أو أجزت لك روايته عني ونحو ذلك فهذه مناولة مختلفة2 لا تجوز الرواية بها. وعابها غير واحد من الفقهاء والأصوليين على المحدثين الذين أجازوها وسوغوا الرواية بها. وحكى الخطيب عن طائفة من أهل العلم أنهم صححوها وأجازوا الرواية بها. وسنذكر إن شاء الله سبحانه وتعالى قول من أجاز الرواية بمجرد إعلام الشيخ الطالب أن هذا الكتاب سماعه من فلان. وهذا يزيد على ذلك ويترجح بما فيه من المناولة فإنها لا تخلو من إشعار بالإذن في الرواية. انتهى. قال النووي في التقريب والتيسير لا تجوز الرواية بها على الصحيح الذي قاله الفقهاء وأصحاب الأصول. ومقتضى كلام المصنف جوازها وهو الذي اختاره الإمام في المحصول فإنه لم يشترط فيه3 لإذن بل ولا المناولة بل إذا أشار الشيخ إلى كتاب فقال هذا سماعي من فلان كان لمن سمعه أن يرويه عنه سوآء ناوله له أم لا خلافا لبعض المحدثين وسواء قال: له اروه عني أم لا واشترط الآمدي الإذن في الرواية. قال القول في عبارة الراوي بطريق المناولة والإجازة. حكي عن قوم من المتقدمين ومن بعدهم أنهم جوزوا إطلاق حدثنا وأخبرنا في الرواية بالمناولة يحكى4 ذلك عن الزهري ومالك وغيرهما.

_ 1 كذا. 2 هكذا في خط وفي ش وع: "مناولة مختلفة". وفي شرح الألفية" "ص/219": "إجازة مختلفة". 3 كذا. 4 هكذا في خط وفي ش وع: "حكي".

وهو لائق بمذهب جميع من سبقت الحكاية عنهم أنهم جعلوا عرض المناولة المقرونة بالإجازة سماعا. وحكي1 أيضا عن قوم مثل ذلك في الرواية بالإجازة. وكان الحافظ أبو نعيم الأصبهاني2 يطلق أخبرنا فيما يرويه بالإجازة. روينا عنه أنه قال: إذا3 قلت حدثنا فهو سماعي وإذا قلت أخبرنا على الإطلاق فهو إجازة من غير أن أذكر فيه4 إجازة أو كتابة أو كتب إلي أو أذن لي في الرواية عنه. وكان أبو عبيد الله المرزباني الأخباري صاحب التصانيف في علم الخبر يروي أكثر ما في كتبه إجازة من غير سماع ويقول في الإجازة أخبرنا ولا يبينها وكان ذلك فيما حكاه الخطيب مما عيب به. والصحيح والمختار الذي عليه عمل الجمهور وإياه اختار أهل التحرير5 والورع المنع في ذلك من إطلاق حدثنا وأخبرنا ونحوهما من العبارات وتخصيص ذلك بعبارة تشعر به بأن يقيد هذه العبارات فيقول أخبرنا أو حدثنا فلان مناولة وإجازة أو أخبرنا إجازة أو أخبرنا مناولة أو أخبرنا إذنا أو في إذنه أو فيما أذن لي فيه أو فيما أطلق لي روايته عنه أو يقول أجاز لي فلان أو أجازني فلان كذا وكذا أو ناولني فلان وما أشبه ذلك من العبارات. وخصص قوم الإجازة بعبارات لم يسلموا فيها من التدليس أو طرف منه كعبارة من يقول في الإجازة أخبرنا مشافهة إذا كان قد شافهه بالإجازة لفظا وكعبارة من يقول أخبرنا فلان كتابة أو فيما كتب إلي أو في كتابه إذا كان قد أجازه بخطه.

_ 1 من خط وع وفي ش: "ويحكي". 2 في ش وع: "صاحب تالتصانيف الكثيرة في علم الحديث". 3 في ش وع: "قال: أنا إذا". 4 من خط وع؟، وليس في ش. 5 هكذا في خط وفي ش وع: "التحري".

فهذا وإن تعارفه في ذلك طائفة من المحدثين المتأخرين فلا يخلو عن طرف من التدليس لما فيه من الاشتراك والاشتباه بما إذا كتب إليه ذلك الحديث بعينه. وورد عن الأوزاعي أنه خصص الإجازة بقوله خبرنا بالتشديد والقراءة بقوله أخبرنا واصطلح قوم من المتأخرين على إطلاق أنبأنا في الإجازة وهو اختيار الوليد بن بكر صاحب الوجازة في الإجازة. وقد كان أنبأنا عند القوم فيما تقدم بمنزلة أخبرنا وإلى هذا نحا الحافظ أبو بكر البيهقي إذ كان يقول أنبأني فلان إجازة وفيه أيضا رعاية لاصطلاح المتأخرين. فروينا1 عن الحاكم أبي عبد الله قال2 الذي أختاره وعهدت عليه أكثر مشايخي وأئمة عصري أن يقول فيما عرض على المحدث فأجاز له روايته شفاها أنبأني فلان وفيما كتب إليه المحدث من مدينة ولم يشافهه بالإجازة كتب إلي فلان وروينا3 عن أبي عمرو بن أبي جعفر بن حمدان النيسابوري قال: سمعت أبي يقول كل ما قال: البخاري قال: لي فلان فهو عرض ومناولة. قلت وورد عن قوم من الرواة التعبير عن الإجازة بقوله4 أخبرنا فلان أن فلانا حدثه أو أخبره. وبلغنا ذلك عن الإمام أبي سليمان الخطابي أنه اختاره أو حكاه وهذا اصطلاح بعيد بعيد5 عن الإشعار بالإجازة وهو فيما إذا سمع منه الإسناد فحسب وأجاز له ما رواه6 قريب فإن كلمة أن في قوله أخبرني فلان أن فلانا أخبره فيها إشعار بوجود أصل الإخبار وإن أجمل المخبر به ولم يذكره

_ 1 كذا في خط وفي ش وع: "وروينا" بالواو بدل الفاء. 2 من خط وفي شو ع: "أنه قال". 3 ضبط خط بفتحات. 4 هكذا في خط وفي ش وع: "بقول" بلا هاء. 5 وضع الناسخ علامة "صح" علي كل واحدة من الكلمتين. 6 من خط وع و "شرح الألفية" "ص/222"، وفي ش: "وراءه".

تفصيلا. قلت وكثيرا ما يعبر الرواة المتأخرون عن الإجازة الواقعة في رواية من فوق الشيخ المسمع بكلمة عن فيقول أحدهم إذا سمع على شيخ بإجازته1 عن شيخه قرأت على فلان عن فلان وذلك قريب فيما إذا كان قد سمع منه بإجازته عن شيخه إن لم يكن سماعا فإنه شاك. وحرف عن مشترك بين السماع والإجازة صادق عليهم. ثم اعلم أن المنع من إطلاق حدثنا وأخبرنا في الإجازة لا يزول بإباحة المجيز لذلك كما اعتاده قوم من المشايخ من قولهم في إجازاتهم لمن يجيزون له إن شاء قال: حدثنا وإن شاء قال: أخبرنا فليعلم ذلك والعلم عند الله تعالى. انتهى. قوله وحكى أيضا عن قوم مثل ذلك أي فأجازوا إطلاق حدثنا وأخبرنا في الرواية بالإجازة مطلقا. قال القاضي عياض وحكي ذلك عن ابن جريج وجماعة من المتقدمين وحكى الوليد بن بكر أنه مذهب مالك وأحمد وذهب إلى جوازه إمام الحرمين وخالفه غيره من أهل الأصول. قال القسم الخامس: من أقسام طرق نقل الحديث وتلقيه: المكاتبة: وهي أن يكتب الشيخ إلى الطالب وهو غائب شيئا من حديثه بخطه أو يكتب له ذلك وهو حاضر. ويلتحق2 بذلك ما إذا أمر غيره بأن يكتب ذلك عنه إليه. وهذا القسم ينقسم أيضا إلى نوعين: أحدهما: أن تتجرد المكاتبة عن الإجازة.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "إجازته". 2 من خط وع، وفي ش: "ويلحق".

والثاني: أن تقترن بالإجازة1 بأن يكتب إليه ويقول أجزت لك ما كتبته أو ما كتبت به إليك أو نحو ذلك من عبارات الإجازة. أما الأول وهو ما إذا اقتصر على المكاتبة فقد أجاز الرواية بها كثير من المتقدمين والمتأخرين منهم أيوب السختياني ومنصور والليث بن سعد وقاله غير واحد من الشافعيين وجعلها أبو المظفر السمعاني منهم أقوى من الإجازة وإليه صار غير واحد من الأصوليين. وأبى ذلك قوم آخرون وإليه صار من الشافعيين القاضي الماوردي قطع به في كتابه الحاوي. والمذهب الأول هو الصحيح المشهور بين أهل الحديث وكثيرا ما يوجد في مسانيدهم ومصنفاتهم قولهم كتب إلي فلان قال: حدثنا فلان والمراد به هذا. وذلك معمول به عندهم معدود في المسند الموصول وفيها إشعار قوي بمعنى الإجازة فهي وإن لم تقترن بالإجازة لفظا فقد تضمنت الإجازة معنى. ثم يكفي في ذلك أن يعرف المكتوب إليه خط الكاتب وإن لم تقم البينة عليه. ومن الناس من قال: الخط يشبه الخط فلا يجوز الاعتماد على ذلك وهذا غير مرضي لأن ذلك نادر والظاهر أن خط الإنسان لا يشتبه بغيره ولا يقع فيه إلباس. ثم ذهب غير واحد من علماء المحدثين وأكابرهم منهم الليث بن سعد ومنصور إلى جواز إطلاق حدثنا وأخبرنا في الرواية بالمكاتبة. والمختار قول من يقول فيها كتب إلي فلان قال: حدثنا وأخبرنا في الرواية بالمكاتبة والمختار قول من يقول فيها كتب إلى فلان قال: حدثنا فلان بكذا وكذا. وهذا هو الصحيح اللائق بمذاهب أهل التحري والنزاهة. وهكذا لو قال: أخبرني به مكاتبة أو كتابة ونحو ذلك من العبارات. أما المكاتبة المقرونة بلفظ الإجازة فهي في الصحة والقوة شبيهة بالمناولة المقرونة بالإجازة. انتهى.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "الإجازة" بدون الباء.

قوله وإليه صار غير واحد من الأصوليين أي كإمام الحرمين. وفي الصحيح أحاديث من هذا النوع منها عند مسلم حديث عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فكتب إلي: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة عشية رجم الأسلمي" فذكر الحديث. وقال البخاري في كتاب الأيمان والنذور كتب إلي محمد بن بشار. وقال السيف الآمدي لا يرويه إلا بتسليط من الشيخ كقوله فاروه عني أو أجزت لك روايته. وذهب ابن القطان إلى انقطاع الرواية بالكتابة قاله عقب حديث جابر بن سمرة المذكور ورد عليه أبو عبد الله بن المواق. قال القسم السادس: من أقسام الأخذ ووجوه النقل: إعلام الراوي: للطالب بأن هذا الحديث أو هذا الكتاب سماعه من فلان أو روايته مقتصرا على ذلك من غير أن يقول اروه عني أو أذنت لك في روايته ونحو ذلك. وهذا1 عند كثيرين طريق مجوز لرواية ذلك عنه ونقله حكي ذلك عن ابن جريج وطوائف من المحدثين والفقهاء والأصوليين والظاهريين وبه قطع أبو نصر بن الصباغ من الشافعيين واختاره ونصره أبو العباس الوليد بن بكر الغمرى2 المالكي في كتاب الوجازة في تجويز3 الإجازة. وحكى القاضي أبو محمد بن خلاد الرامهرمزي صاحب كتاب الفاصل بين

_ 1 من خط، وفي ش وع: "فهذا". 2 في حاشية خط: "ذكر أبو سعد بن السمعاني منسوب إلي بني الغمر بطن من غافق". ومكان النقط لم يظهر في خط وبعد هذه الحاشية قدر ثلاث كلمات لم أتبنيهاى. وراجع: الأنساب للسمعاني "4/309 - الغمري" وكذلك: "السير"للذهبي رحمه الله تعالي "17/65 - 67". 3 من ش وع، وفي خط: "تحرير".

الراوي والواعي عن بعض أهل الظاهر أنه ذهب إلى ذلك واحتج له وزاد فقال لو قال: له هذه روايتي لكن لا تروها عني كان له أن يرويها عنه كما لو سمع منه حديثا ثم قال: له لا تروه عني ولا أجيزه لك لم يضره ذلك. ووجه مذهب هؤلاء اعتبار ذلك بالقراءة على الشيخ فإنه إذا قرأ عليه شيئا من حديثه وأقر بأنه روايته عن فلان ابن فلان جاز له أن يرويه عنه وإن لم يسمعه من لفظه ولم يقل له اروه عني أو أذنت لك في روايته عني. والمختار ما ذكر عن غير واحد من المحدثين وغيرهم من أنه لا تجوز الرواية بذلك وبه قطع الشيخ أبو حامد الطوسي من الشافعيين ولم يذكر غير ذلك. وهذا لأنه قد يكون ذلك مسموعه وروايته ثم لا يأذن في روايته عنه لكونه لا يجوز1 روايته لخلل يعرفه فيه ولم يوجد منه التلفظ به ولا ما يتنزل منزلة تلفظه به وهو تلفظ القارئ عليه وهو يسمع ويقر به حتى يكون قول الراوي عنه السامع ذلك حدثنا وأخبرنا صدقا2 وإن لم يأذن له فيه. وإنما هذا3 كالشاهد إذا ذكر في غير مجلس الحكم شهادته بشئ فليس لمن سمعه أن يشهد على شهادته إذا لم يأذن له ولم يشهده على شهادته وذلك مما تساوت فيه الشهادة والرواية لأن المعنى يجمع بينهما في ذلك وإن افترقتا في غيره. ثم إنه يجب عليه العمل بما ذكره له إذا صح إسناده وإن لم يجز له روايته عنه لأن ذلك يكفي فيه صحته في نفسه. القسم السابع: من أقسام الأخذ والتحمل: الوصية بالكتب: بأن4 يوصي الراوي بكتاب يرويه عند موته أو سفره لشخص فروي عن بعض السلف أنه جوز بذلك رواية5 الموصى له لذلك عن الموصي الراوي

_ 1 من ش وع، وفي خط: "تجوز" بمثناة فوقية. 2 من ش وع، وليس في خط. 3 من خط وع وبعض نسخ "المقدمة"، وفي ش "هو". 4 من خططط وفي ش وع: "أن". 5 من ش وع، وفي خط: "برواية".

وهذا بعيد جدا وهو إما زلة عالم أو متأول على أنه أراد الرواية على سبيل الوجادة التي يأتي شرحها وقد احتج بعضهم لذلك فشبهه بقسم الإعلام وقسم المناولة1 ولا يصح ذلك فإن لقول من جوز الرواية بمجرد الإعلام والمناولة مستندا ذكرناه لا يتقرر مثله ولا يقرب2 منه ههنا. انتهى. الغمري بالغين المعجمة والمراد بأبي حامد الطوسي الغزالي فإنه قال: في المستصفى أما إذا اقتصر على قوله هذا مسموعي من فلان فلا تجوز الرواية عنه لأنه لم يأذن في الرواية فلعله لا يجوز الرواية لخلل يعرفه فيه وإن سمعه. وهذا الذي اختاره المصنف وتقدم أن الآمدي اشترط الإذن فيه. قال النووي والصحيح ما قاله غير واحد من المحدثين وغيرهم أنه لا تجوز الرواية به لكن يجب العمل به إن صح سنده وبه قال: المصنف وحكاه القاضي عياض عن محققي أصحاب الأصول أنهم لا يختلفون في وجوب العمل به. وقياس المصنف على الشاهد رده القاضي عياض فقال قياس من قاس الإذن في الحديث في هذا الوجه وعدمه على الإذن في الشهادة وعدمه غير صحيح لأن الشهادة على الشهادة لا تصح إلا مع الإشهاد والإذن في كل حال إلا إذا سمع أداءها عند الحاكم ففيه اختلاف والحديث عن السماع والقراءة لا يحتاج فيه إلى إذن باتفاق فهذا يكسر عليهم حجتهم بالشهادة في مسألتنا هنا ولا فرق. وأيضا فالشهادة مفترقة من الرواية في أكثر الوجوه ثم عدد بعضها ثم حكى الجواز عن أكثر العلماء ثم قال: وما قاله الرامهرمزي من أنه يجوز وإن نهاه عن الرواية به صحيح لا يقتضي النظر سواه لأن منعه أن لا يحدث بما حدثه لا لعلة ولا ريبة في الحديث لا يؤثر لأنه قد حدثه فهو شيء لا يرجع فيه. قوله فروى عن بعض السلف أنه جوز ذلك أي الوصية بالكتب والرواية بما فيها. روى الرامهرمزي من رواية حماد بن زيد عن أيوب قال: قلت لمحمد بن سيرين:

_ 1 وقع في ش: "بقسم الإعلام وقسم يقسم الإعلام وقسم المناولة" فليصلح. 2 هكذا في خط وفي ش وع: "قريب".

إن فلانا أوصى لي بكتبه أفأحدث1 بها عنه قال: نعم ثم قال: لي بعد ذلك لا آمرك ولا أنهاك. قال حماد وكان أبو قلابة قال: ادفعوا كتبي إلى أيوب إن كان حيا وإلا فاحرقوها وعلله القاضي عياض بأن في دفعها له نوعا من الإذن وشبها من العرض والمناولة قال: وهو قريب من الضرب الذي قبله. قال المصنف وهو بعيد جدا إلى آخره ثم قال: النووي إنه غلط والصواب أنه لا يجوز. القسم الثامن: الوجادة وهي مصدر ل: وجد يجد2 مولد غير مسموع عن العرب. روينا عن المعافي بن زكريا النهرواني العلامة في العلوم أن المولدين فرعوا قولهم وجادة فيما أخذ من العلم من صحيفة من غير سماع ولا إجازه ولا مناولة من تفريق العرب بين مصادر وجد للتمييز بين المعاني المختلفة يعني قولهم وجد ضالته وجدانا ومطلوبه وجودا وفي الغضب موجدة وفي الغنى وجدا وفي الحب وجدا. مثال الوجاده أن يقف على كتاب شخص فيه أحاديث يرويها بخطه ولم يلقه أو لقيه ولكن لم يسمع منه ذلك الذي وجده بخطه ولا له منه إجازة ولا نحوها فله أن يقول وجدت بخط فلان أو قرأت بخط فلان أو في كتاب فلان بخطه أخبرنا فلان بن فلان ويذكر شيخه ويسوق سائر الإسناد والمتن أو يقول وجدت أو3 قرأت بخط فلان عن فلان ويذكر الذي حدثه ومن فوقه. هذا الذي استمر عليه العمل قديما وحديثا وهو من باب المنقطع والمرسل غير أنه أخذ شوبا من الاتصال بقوله وجدت بخط فلان.

_ 1 في "شرح الألفية": "فأحدث" بدون الهمزة وراجع: "المحدث الفاصل" "459"، وانظر أيضا: "الكفاية" للخطيب "503 – 504". 2 هكذا في ش وع، وغيرهما، وفي خط: "أوجد يوجد". 3 من ش وع، وفي خط "أ" سقطت الواو.

وربما دلس بعضهم فذكر الذي وجد خطه وقال فيه عن فلان أو قال: فلان وذلك تدليس قبيح إذا كان بحيث يوهم سماعه منه على ما سبق في نوع التدليس وجازف بعضهم فأطلق فيه حدثنا وأخبرنا وانتقد ذلك على فاعله. وإذا وجد حديثا في تأليف شخص وليس بخطه فله أن يقول ذكر فلان أو قال: فلان أنا1 فلان أو ذكر فلان عن فلان وهذا منقطع لم يأخذ شوبا من الاتصال. وهذا كله إذا وثق بأنه خط المذكور أو كتابه فإن لم يكن كذلك2 فليقل بلغني عن فلان أو وجدت عن فلان أو نحو ذلك من العبارات أو ليفصح بالمستند فيه بأن يقول ما قاله بعض من تقدم قرأت في3 كتاب فلان بخطه وأخبرني فلان أنه بخطه أو يقول وجدت في كتاب ظننت أنه بخط فلان أو في كتاب ذكر كاتبه أنه فلان بن فلان أو في كتاب قيل إنه بخط فلان. وإذا أراد أن ينقل من كتاب منسوب إلى مصنف فلا يقل قال: فلان كذا وكذا إلا إذا وثق بصحة النسخة بأن قابلها هو أو ثقة غيره بأصول متعددة كما نبهنا عليه في آخر النوع الأول وإذا لم يوجد ذلك ونحوه فليقل بلغني عن فلان أنه ذكر كذا وكذا أو وجدت في نسخة من الكتاب الفلاني وما أشبه هذا من العبارات. وقد تسامح أكثر الناس في هذه الزمان بإطلاق اللفظ الجازم في ذلك من غير تحر وتثبت فيطالع أحدهم كتابا منسوبا إلى مصنف معين وينقل منه عنه من غير أن يثق بصحة النسخة قائلا قال: فلان كذا وكذا و4ذكر فلان كذا وكذا والصواب ما قدمناه. فإن كان المطالع عالما فطنا بحيث لا يخفى عليه في الغالب مواضع الإسقاط5 وما أحيل عن جهته إلى6 غيرها رجونا أن يجوز له إطلاق

_ 1 هكذا في خط، وفي ش وع: "أخبرنا". 2 من ش وع، وفي خط: "ذلك". 3 من ش وع، وليس في خط. 4 هكذا في خط وفي ش وع: "أو" 5 هكذا في خط، وفي ش وع: "الإسقاط والسقط" 6 من ش وع، وفي خط: "من".

اللفظ الجازم فيما يحكيه عن1 ذلك وإلى هذا فيما أحسب أستروح كثير من المصنفين فيما نقلوه من كتب الناس والعلم عند الله تعالى. وهذا2 كله كلام في كيفية النقل بطريق الوجادة. وأما جواز العمل اعتمادا على ما يوثق به منها فقد روينا عن بعض المالكية أن معظم المحدثين والفقهاء من المالكيين وغيرهم لا يرون العمل بذلك وحكي عن الشافعي وطائفة من نظار أصحابه جواز العمل به. قلت قطع بعض المحققين من أصحابه في أصول الفقه بوجوب العمل به عند حصول الثقة به وقال لو عرض ما ذكرناه على جملة المحدثين لأبوه وما قطع به هو الذي لا يتجه غيره في الأعصار المتأخرة فإنه لو توقف العمل فيها3 على الرواية لا نسد باب العمل بالمنقول لتعذر شرط الرواية فيها على ما تقدم في النوع الأول. انتهى. ذكر المصنف خمسة مصادر مسموعة لوجد باختلاف معانيه وبقي عليه ثلاثة مصادر أحدها جدة4 في الغضب وفي الغنى أيضا. والثاني: إجدان بكسر الهمزة في الضآلة وفي المطلوب أيضا حكاها صاحب المحكم والثالث: وجد بكسر الواو في الغنى. وليس معنى من المعاني التي ذكرها مقتصرا على مصدر واحد إلا الحب فإن مصدره وجد بالفتح لا غير كما قاله ابن سيده وكذلك هو مصدر وجد بمعنى حزن قاله الجوهري وغيره. وأما في المطلوب فله مصدران وجود ووجدان حكاهما صاحب المشارق.

_ 1 هكذا في خط، وفي ش وع: "من" بالميم. 2 هكذا في خط وفي شو ع: "هذا" بدون الواوا. 3 من خط وع، وفي ش: "وفيه". 4 من خط و "شرح الألفية" وفي ع: "وجده".

وأما في الضالة فله أجدان أيضا كما تقدم. وأما بمعنى الغضب فله مصادر موجدة وجده ووجد بالفتح ووجدان. حكاها ابن سيده. وأما بمعنى الغني فله أيضا مصادر أربعة وجد مثلث الواو وجده حكاها الجوهري وابن سيده وقرئ بالثلاثة قوله تعالى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} واعترض على المصنف كونه مثل الوجادة بما إذا لم يكن معها إجازة وليس كذلك فقد استعمل جماعة من المحدثين الوجادة مع الإجازة كقوله وجدت بخط فلان وأجاز لي ولذلك لم يذكره القاضي عياض في الإلماع في مثال الوجادة. وجوابه أن مراد المصنف الكلام على الوجادة الخالية عن الإجازة هل هي مستند صحيح في الرواية أو العمل أم لا وما رجحه المصنف من جواز العمل بها هو الصحيح. قال النووي وهو الصحيح ولا يتجه في هذه الأزمان غيره. وقال ابن كثير وقد ورد ما يدل على ذلك وفي1 الحديث عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "أي الخلق أعجب إليكم إيمانا؟ " قالوا الملائكة قال: "وكيف لا يؤمنون عند2 ربهم؟ " وذكروا الأنبياء قال: "وكيف لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم" قالوا فنحن3 قال: "وكيف لا تؤمنون وأنا بين أظهركم" قالوا فمن يا رسول الله قال: "قوم يأتون بعدكم4 يجدون صحفا يؤمنون بما فيها".

_ 1 هكذا في خط وراجع: "الباعث" "ص/369 – 371". 2 هكذا في خط وفي الباعث "وهم عند". 3 من خط وفي الباعث "ونحن" بالواو بدل الفاء. 4 من خط وووفي الباعث "من بعدكم.

قال وقد ذكرنا الحديث بإسناده ولفظه في شرح البخاري فيؤخذ منه مدح من عمل بالكتب المتقدمة بمجرد الوجادة لها.

أبو المعالي الفارسي قال: أنا الحافظ أبو بكر البيهقي قال: أنا أبو الحسين بن بشران أنا1 أبو عمرو بن السماك ثنا2 حنبل بن إسحاق ثنا3 سليمان بن أحمد ثنا الوليد4 هو ابن مسلم قال: كان الأوزاعي يقول كان هذا العلم كريما يتلاقاه الرجال بينهم فلما دخل في الكتب فيه5 دخل فيه غير أهله. ثم إنه زال ذلك الخلاف وأجمع المسلمون على تسويغ ذلك وإباحته ولولا تدوينه في الكتب لدرس في الأعصر الآخرة. ثم إن على كتبة الحديث وطلبته صرف6 الهمة إلى ضبط ما يكتبونه أو يحصلونه بخط الغير من مروياتهم على الوجه الذي رووه شكلا ونقطا يؤمن معهما الالتباس وكثيرا ما يتهاون بذلك7 الواثق بذهنه وتيقظه وذلك وخيم العاقبة فإن الإنسان معرض للنسيان وأول ناس اول الناس8 وإعجام المكتوب يمنع ممن استعجامه وشكله يمنع من إشكاله. ثم لا ينبغي أن يتعنى بتقييد الواضح الذي لا يكاد يلتبس وقد أحسن من قال: إنما يشكل ما يشكل. وقرأت بخط صاحب كتاب سمات الخط ورقومه علي بن إبراهيم البغدادي فيه أن أهل العلم يكرهون الإعجام والإعراب إلا في9 الملتبس. وحكى غيره عن قوم أنه ينبغي ان يشكل ما يشكل وما لا يشكل وذلك لأن المبتدىء وغير المتجر في العلم لا يميز ما يشكل مما لا يشكل ولا صواب الإعراب من خطئه. انتهى. حديث "لا تكتبوا عني شيئا" رواه مسلم من حديث أبي سعيد.

_ 1 من خط، وفي ش: "قال: أنا"وفي ع: "أخبرنا". 2 من خط وفي ش: "قال: أنا" وفي ع: "حدثنا". 3 هكذا في خط وفي ش: "قال: أنا" وفي ع: "حدثنا". 4 من خط وفي ش: "قال: أنا" وفي ع: "حدثنا". 5 من خط وع، وفي ش: "فيهم". 6 بضم الفاء هنكذا ضبطهما في خط. 7 من خط وع، وليس في ش. 8 يعني: نبي الله آدم صلي الله عليه وسلم. 9 من خط وع، وليس في ش.

قوله وممن روينا عنه إباحة ذلك أو فعله علي وابنه إلى آخره أي وكذلك عمر وجابر وابن عباس وابن عمر والحسن وعطاء وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز وحكاه القاضي عياض عن أكثر الصحابة والتابعين. قوله ثم أجمع المسلمون على جوازها وزال ذلك الخلاف ويدل علي1 ما ذكره ما رواه أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفيه أنه ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له: "أكتب". وفي البخاري من حديث أبي هريرة قال: "ليس من2 أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر حديثا عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب". وقد ذكر ابن عبد البر في كتاب بيان آداب العلم أن أبا هريرة كان يكتب قال: والرواية الأولى أصح. قوله: يكرهون الإعجام والإعراب روي عن الأوزاعي أنه قال: العجم نور الكتاب. قال ابن خلاد هكذا الحديث والصواب الإعجام وهو النقط أن3 يبين التاء من الياء والحاء من الخاء. قال والشكل تقييد الإعراب4. وقال: القاضي عياض النقط والشكل متعين فيما يشكل ويشتبه ثم قال: والصواب شكل الجميع وقال ابن خلاد قال: أصحابنا اما النقط فلا بد منه لأنك لا تضبط الأشياء المشكلة إلا به. وقد وقع بين العلماء خلاف في مسائل مرتبة على إعراب الحديث كحديث:

_ 1 في خط: "عليه" والصواب ما أثبت وراجع: "شرح الألفية" "ص/230". 2 هكذا في خط وفي شرح الألفية "ليس أحد من" وفي صحيح البخاري "113" "ما بين أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني". 3 هكذا في خط وفي ل و "التدريب" أي بالياء. 4 هكذا في شرح الألفية والتدريب وفي خط: "يقيه الإعراب".

ذكاة الجنين ذكاة أمه فاستدل به الجمهور كالشافعية والمالكية وغيرهم على أنه لا تجب ذكاة الجنين بناء على أن قوله ذكاة امه مرفوع وهو المشهور في الرواية ورجح الحنفية الفتح على التشبيه أي يذكى مثل ذكاة أمه ونحو ذلك من الأحاديث التي ترتب الاحتجاج بها على الإعراب. قال وهذا بيان أمور مفيدة في ذلك: قال أحدها ينبغي أن يكون اعتناؤه من بين ما يلتبس بضبط الملتبس من أسماء الناس أكثر فغنها لا تستدرك بالمعنى ولا يستدل عليها بما قبل وبعد. والثاني: يستحب في الألفاظ المشكلة ان يكرر ضبطها بأن يضبطها في متن الكتاب ثم كتبها قبالة ذلك في الحاشية مفردة مضبوطة فإن ذلك أبلغ في إبانتها وأبعد من التباسها وما ضبطه في أثناء الأسطر ربما داخله نقط غيره وشكله مما فوقه وتحته لا سيما عند دقة الخط وضيق الأسطر وبهذا جرى رسم جماعة من أهل الضبط. الثالث: يكره الخط الدقيق من غير عذر يقتضيه. روينا عن حنبل بن إسحاق قال: رآني احمد بن حنبل وانا أكتب خطا دقيقا فقال لا تفعل أحوج ما تكون إليه يخونك وبلغنا عن بعض المشايخ أنه كان إذا راى خطا دقيقا قال: هذا خط من لا يوقن بالخلف من الله والعذر في ذلك هو مثل أن لا يجد في الورق سعة أو يكون رحالا يحتاج إلى تدقيق الخط ليخف عليه محمل كتابه ونحو هذا. الرابع: يختار له في خطه التحقيق دون المشق والتعليق. بلغنا عن ابن قتيبة قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه شر الكتابة المشق وشر القراءة الهذرمة واجود الخط أبينه. الخامس: كما تضبط1 الحروف المعجمة بالنقط كذلك ينبغي أن تضبط المهملات غير المعجمة بعلامة الإهمال ليدل2 على عدم إعجامها. وسبيل الناس في ضبطها مختلف فمنهم من يقلب النقط فيجعل النقط الذي

_ 1 هكذا في خط وفي ش وع: "تضبط". 1 هكذا في خط وفي ش وع: "تضبط 2هكذا في خط، وفي ش وع: "لتدل بالمثناة الفوقية".

فوق المعجمات تحت ما يشاكلها من المهملات فينقط تحت الراء والصاد والطاء والعين ونحوها من المهملات وذكر بعض هؤلاء أن النقط التي تحت السين المهملة تكون مبسوطة صفا والتي فوق الشين1 تكون كالأثافي ومن الناس من يجعل علامة الإهمال فوق الحروف المهملة كقلامة الظفر مضجعة على قفاها. ومنهم من يجعل تحت الحاء المهملة حاء مفردة صغيرة وكذا تحت الدال والطاء والصاد والسين والعين وسائر الحروف المهملة الملتبسة مثل ذلك. فهذه وجوه من علامات الإهمال شائعة معروفة وهناك من العلامات ما هو موجود في كثير من الكتب القديمة ولا يفطن له كثيرون كعلامة من يجعل فوق الحرف المهمل خطا صغيرا وكعلامة من يجعل تحت الحرف المهمل مثل الهمزة. السادس: لا ينبغي أن يصطلح مع نفسه في كتابة بما لا يفهمه2 غيره فيوقع غيره في حيرة كفعل من يجمع في كتابه بين روايات مختلفة ويرمز إلى رواية كل راو بحرف واحد من اسمه او حرفين وما أشبه ذلك. فإن بين في أول كتابه أو آخره مراده بتلك العلامات والرموز فلا بأس. ومع ذلك فالأولى أن يتجنب الرمز ويكتب عند كل رواية اسم راويها بكماله مختصرا ولا يقتصر على العلامة ببعضه. السابع: ينبغي ان يجعل بين كل حديثين دارة تفصل بينهما وتميز. وممن بلغنا عنه ذلك من الأئمة أبو الزناد واحمد بن حنبل وإبراهيم بن إسحاق الحربي ومحمد بن جرير الطبري. واستحب الخطيب ان تكون الدارات غفلا فإذا عارض فكل حديث يفرغ من عرضه ينقط في الدارة التي تليه نقطة أو يخط في وسطها خطا. قال وقد كان بعض أهل العلم لا يعتد من سماعه إلا بما كان كذلك أو في معناه. انتهى. ذكر أبو بكر الغساني ان عبد الله بن إدريس قال: لما حدثني شعبة بحديث

_ 1 من خط وفي ش: "السين المعجمة" ووقع في ع: "السين المعجمة" كذا بدون النقط. 2 من ش وعت، وفي خط: "يفهم به".

أبي الحوراء السعدي عن الحسن بن علي كتبت تحته حورعين لئلا اغلط يعني فيقرأه أبو الجوزاء بالجيم والزاي1. ولم يتعرض القاضي عياض ولا المصنف لتقطيع حروف الكلمة التي تكتب في هامش الكتاب وقد فعله غير واحد من أهل الضبط وفائدته أنه يظهر شكل الحرف بكتابته مفردا في بعض الحروف كالنون والياء المثناة تحت بخلاف ما إذا كتبت الكلمة كلها والحرف المذكور في أولها او وسطها. قال ابن دقيق العيد ومن عادة المتقنين أن يبالغوا في إيضاح المشكل فيفرقوا حروف الكلمة في الحاشية ويضبطوها حرفا حرفا. والمشق سرعة الكتابة قاله الجوهري. قال والهذرمة بالذال المعجمة السرعة في القراءة. واعترض على المصنف في قوله فمنهم من يقلب النقط فيجعل ما فوق المعجم تحت المهمل فينقط تحت الراء والصاد ونحوهما بان الحاء لا يجعل تحتها نقطة لئلا يلبس بالجيم ولم يستثنه المصنف تبعا للقاضي عياض ولا بد من استثنائه. قال عياض وعمل بعض أهل المشرق والأندلس أن يجعلوا تحت الحرف المهمل حرفا يشبهه. قوله ولا يفطن له كثيرون كعلامة من يجعل فوق المهمل خطا صغيرا كما اتفق لبعض المحدثين أنه قرأ رضوان بفتح الراء ووهم في ذلك وإنما الفتحة علامة الإهمال كما هو موجود في بعض الكتب القديمة لكن ذكر القاضي عياض عن بعض اهل المشرق أنه يعلم فوق الحرف المهمل بخط صغير يشبه النبرة. والنبرة الهمزة قاله2 الجوهري وابن سيده. ومقتضى كلام المصنف كالنصبة لا الهمزة.

_ 1 الحديث المشار إليه هو حديث الحسن بن علي الطويل في "دعاء الوتر" وغير 1لك وقد ورد "أبو الحوراء" في كثير من مصادر الحديث بالجيم والزاي والصواب بالحاء والراء المهملتين وراجع له كتابي: "دعاء الوتر" "ط: الإيمان/ المنصورة". 2 في خط: "قال" والصواب: "قاله" بالهاء، وراجع: "شرح الألفية" "ص/235".

فإن بين في أول كتابه أو آخره مراده بتلك العلامات أي كما فعل اليونيني في نسخته من صحيح البخاري فإنه بين مراده بتلك العلامات فلا بأس بذلك. قوله ويجعل بين كل حديثين دارة قال: ابن كثير كذا رأيته بخط أحمد رضي الله عنه1. الثامن: يكره له في مثل عبد الله بن فلان بن فلان أن يكتب عبد في آخر سطر والباقي في أول السطر الآخر. وكذلك يكره في عبد الرحمن بن فلان وفي سائر الأسماء المشتملة على التعبيد لله تعالى أن يكتب عبد في آخر سطر واسم الله مع سائر النسب في أول السطر الآخر. وهكذا يكره أن يكتب قال: رسول في آخر سطر ويكتب في أول السطر الذي يليه الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وما أشبه ذلك. انتهى. مقتضى كلامه: أن الكراهة للتنزيه والذي ذكره الخطيب في كتاب الجامع امتناع ذلك فإنه روى فيه عن أبي عبد الله بن بطة أنه قال: هذا كله غلط قبيح فيجب على الكاتب أن يتوقاه ويتأمله ويتحفظ منه. قال الخطيب وهذا الذي ذكره أبو عبد الله صحيح فيجب اجتنابه. فتحمل الكراهة في قول المصنف على التحريم لكن قال: ابن دقيق العيد في الاقتراح إن ذلك من باب الأدب لا الوجوب. ولا يختص ذلك بأسماء الله تعالى بل أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وأسماء الصحابة يأتي فيها مثل ذلك. مثاله لو قيل سآب النبي صلى الله عليه وسلم كافر أو قاتل ابن صفية في النار يريد الزبير بن العوام ونحو ذلك فلا يجوز أن يكتب ساب أو قاتل في سطر وما بعد ذلك في سطر آخر. وينبغي أن يجتنب أيضا ما يستبشع ولو وقع ذلك في غير المضاف إليه كقوله

_ 1 هكذا في خط وفي الباعث "2/386 – ط: العاصمة": "قد رأيته في خط الإمام أحمد بن حنيل رحمه الله تعالي".

في شارب الخمر الذي أتي به النبي صلى الله عليه وسلم وهو ثمل فقال عمر: أخزاه الله ما أكثر ما يؤتى به. فلا ينبغي ان يكتب فقال في آخر سطر وعمر وما بعده في أول السطر الذي يليه أما إذا1 لم يكن في شيء من ذلك بعد اسم الله تعالى أو اسم نبيه او اسم صحابي ما ينافيه بأن يكون الاسم في آخر الكتاب أو آخر الحديث ونحو ذلك أو يكون بعده شيء ملائم له غير مناف له فلا بأس بالفصل نحو قوله في آخر البخاري سبحان الله العظيم فإنه إذا فصل بين المضاف والمضاف إليه كان أول السطر الله العظيم ولا منافاة في ذلك ومع هذا فجمعهما في سطر واحد أولى. قال التاسع: ينبغي له2 أن يحافظ على كتبة الصلاة والتسليم3 على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذكره ولا يسأم من تكرير ذلك عند تكرره فإن ذلك من أكبر الفوائد التي يتعجلها طلبة الحديث وكتبته ومن أغفل ذلك حرم حظا عظيما. وقد روينا لأهل ذلك منامات صالحة4 وما يكتبه من ذلك فهو دعاء يثبته5 لا كلام يرويه فلذلك لا يتقيد فيه بالرواية6 ولا يقتصر فيه على ما في الأصل.

_ 1 من ل، وفي خط: "إذا". 2 من خط وع، وليس في ش. 3 هكذا في خط وش وع، وهكذا ورد "التسليم" في "التقريب" للنووي مع "التدريب" للسيوطي "2/74" وقال السيوطي في الألفية" "ص/132": " وأكتب ثناء الله والتسليما مع الصلاة "والرضي" تعظيما" فذكر التسليم مع الصلاة ثابت ومع ذلك أثبت محقق الباعث "في متن كتاب ابن كثير رحمه الله" "2/386 – ط: دار العاصمة": "....والصلاة علي رسوله ... " وقال في الحاشية: "زاد في المطبوع: "والسلام"! – كذا؛ والله المستعان. 4 ورد المر بالصلاة والسلام علي النبي صلي الله عليه وسلم في كتاب الله تعالي في قوله تعالي: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّواعَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} . فالإحتجاج بذلك أولي من "المنامات".كما لا يخفي وأولي الأماكن بالصلاة والتسليم علي رسول الله صلي الله عليه وسلم عند ذكره وسماع اسمه صلي الله عليه وسلم وقد ورد في ذلك حديث لا يصح راجعه وتخريجه في "فضائل شهر رمضان" لأبي حفص بن شاهين رحمه الله "رقم/ 1 – 9/ ط: دار الصحابة – طنطا"، وقد صححه بعضهم وحسنه غيره وفي ذلك نظر ليس هذا محله والله الموفق. 5 من ش وع، وفي خط: "يثبته". 6 من ش وع، وفي خط: "الرواية" بدون الباء.

وهكذا الأمر في الثناء على الله سبحانه ذكر اسمه نحو عز وجل وتبارك وتعالى وما ضاهى ذلك. وإذا وجد شيء من ذلك قد جاءت به الرواية1 كانت العناية بإثباته وضبطه أكثر. وما2 وجد في خط أبي عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه من إغفال ذلك عند ذكر3 النبي صلى الله عليه وسلم فلعل سببه أنه كان يرى التقيد4 في ذلك بالرواية وعز عليه اتصالها في ذلك في جميع من فوقه من الرواة قال: الخطيب أبو بكر وبلغني أنه كان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم نطقا لا خطا قال: وقد خالفه غيره من الأئمة المتقدمين في ذلك. وروى عن علي بن المديني وعباس بن عبد العظيم العنبري قالا: ما تركنا الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل حديث سمعناه وربما عجلنا فنبيض الكتاب في كل حديث حتى نرجع إليه. ثم ليتجنب في إثباتها نقصين أحدهما أن يكتبها منقوصة صورة رامزا إليها بحرفين أو نحو ذلك والثاني: ان يكتبها منقوصة معنى بان لا يكتب وسلم وإن وجد ذلك في خط بعض المتقدمين. سمعت أبا القاسم منصور بن عبد المنعم وأم المؤيد بنت أبي القاسم بقراءتي عليهما قالا سمعنا أبا البركات عبد الله بن محمد الفراوي لفظا قال: سمعت المقرىء ظريف بن محمد يقول سمعت عبد الله بن محمد بن إسحاق الحافظ قال: سمعت أبي يقول سمعت حمزة الكناني يقول كنت أكتب الحديث وكنت اكتب عند ذكر النبي صلى الله عليه5 ولا اكتب6: وسلم فرايت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي ما لك لا تتم الصلاة علي قال: فما كتبت بعد ذلك: صلى الله عليه إلا كتبت وسلم.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "للرواية" بلامين. 2 من ش وع، وفي خط: "ومما" بميمين. 3 هكذا في خط، وفي ش وع: "وذكر اسم النبي". 4 من ش وع، وفي خط ول: "التقييد". 5 من ش وع، وفي خط "عليه وسلم". 6 تكررت في خط.

وقع في الأصل في شيخ المقرىء ظريف عبد الله وإنما هو عبيد الله بالتصغير ومحمد بن إسحاق أبوه هو ابو عبد الله بن منده فقوله الحافظ إذن مجرور1. قلت ويكره أيضا الاقتصار على قوله عليه السلام. قيل في قوله صلى الله عليه وسلم: "أولى الناس أكثرهم صلاة علي2" أنهم أهل الحديث وذلك لكثرة ما يتكرر ذكره في الرواية فيصلون عليه. وقياس ذلك من يكثر من ذكر الرب جل جلاله في التصانيف التي يكثر فيها ذكر الله تعالى. ولا تظن باحمد رضي الله عنه أنه كان يفعل ذلك بلا عذر مع أن في كلام ابن دقيق العيد في الاقتراح ميلا إلى ذلك قال: فيه والذي نميل إليه أن نتبع الأصول والروايات فإذا ذكر الصلاة لفظا من غير أن يكون في الأصل فينبغي أن يصحبها قرينة تدل على ذلك من كونه يرفع رأسه عن النظر في الكتاب وينوي بقلبه أنه هو المصلي لا حاكيا عن غيره. قال النووي وكذا الترضي والترحم على الصحابة والعلماء وسائر الأخيار ولذلك يكره ان يكتب: "صلعم وصلعم3" مكان الصلاة والتسليم. قال العاشر: على الطالب مقابلة كتابه بأصل سماعه وكتاب شيخه الذي يرويه عنه وإن كان إجازة. روينا عن عروة بن الزبير رضي الله عنه4 أنه قال: لابنه هشام كتبت قال: نعم قال: عارضت كتابك قال: لا قال: لم تكتب. وروينا عن الشافعي وعن يحيى بن أبي كثير قالا من كتب ولم يعارض كمن دخل الخلاء ولم يستنج. وعن الأخفش قال: إذا نسخ الكتاب ولم يعارض ثم نسخ ولم يعارض

_ 1 من خط وع، وراجع: "ش". 2 كذا في خط، ومتن الحديث في شرح الألفية "إن أولي الناس بي أكثرهم علي صلاة". 3 كتب الناسخ علي الثانية منهما "صح". 4 كذا في خط، وفي ش وع: "عنهما" بالتثنية، وعروة: تابعي.

خرج أعجميا. ثم إن أفضل المعارضة أن يعارض الطالب بنفسه كتابه بكتاب الشيخ مع الشيخ في حال تحديثه إياه من كتابه لما يجمع ذلك من وجوه الاحتياط والإتقان من الجانبين وما لم يجتمع فيه هذه الأوصاف نقص من مرتبته بقدر ما فاته منها. وما ذكرناه أولى1 من إطلاق أبي الفضل الجارودي الحافظ الهروي قوله أصدق المعارضة مع نفسك. ويستحب أنه ينظر معه في نسخته من حضر من السامعين ممن ليس معه نسخة لا سيما إذا أراد النقل2 منها وقد روي عن يحيى بن معين أنه سئل عمن لم ينظر في الكتاب والمحدث يقرأ هل يجوز ان يحدث بذلك عنه فقال أما عندي فلا يجوز ولكن عامة الشيوخ هكذا سماعهم3. قلت وهذا من مذاهب أهل التشديد في الرواية وسيأتي ذكر مذهبهم إن شاء الله تعالى. والصحيح أن ذلك لا يشترط وأنه يصح السماع وإن لم ينظر في الكتاب أصلا4 حالة القراءة وأنه لا يشترط ان يقابله بنفسه بل يكفيه مقابلته نسخته5 بأصل الراوي وإن لم يكن ذلك حالة القراءة وإن كانت المقابلة على يدي غيره إذا كان ثقة موثوقا بضبطه. قلت وجائز أن تكون مقابلته بفرع قد قوبل المقابلة المشروطة بأصل شيخه أصل السماع وكذلك إذا قابل بأصل أصل6 الشيخ المقابل به أصل الشيخ لأن الغرض الطلوب ان يكون كتاب الطالب مطابقا لأصل سماعه وكتاب شيخه

_ 1 من ش وع، وفي خط: "أولا". 2 هكذا في ش وع وفي خط: "االنظر"، وراجع "الكفاية" "ص/ 351". 3 من ش وع و "الكفاية" "ص/351" وليس في خط. 4 هكذا في خط وفي ش وع: "ينظر أصلا في الكتاب". 5 هكذا في خط وفي ش وع: "مقابلة نسخته". 6 وضع الناسخ علي الثانية منهما: "صح".

فسواء حصل1 ذلك بواسطة أو بغير واسطة. ولا يجزىء ذلك عند من قال: لا تصح مقابلته مع أحد غير نفسه ولا يقلد غيره ولا يكون بينه وبين كتاب الشيخ واسطة وليقابل نسخته بالأصل بنفسه حرفا حرفا حتى يكون على ثقة ويقين من مطابقتها له. وهذا مذهب متروك وهو من مذاهب اهل التشديد المرفوضة في أعصارنا. اما إذا لم يعارض كتابه بالأصل أصلا2 فقد سئل الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني3 عن جواز روايته منه فأجاز ذلك. واجازه الخطيب أبو بكر أيضا وبين شرطه فذكر أنه يشترط أن يكون نسخته نقلت من الأصل وأن يبين عند الرواية أنه لم يعارض وحكى عن شيخه أبي بكر البرقاني أنه سأل أبا بكر الإسماعيلي هل للرجل أن يحدث بما كتب عن الشيخ ولم يعارض بأصله4 فقال نعم ولكن لا بد أن يبين أنه لم يعارض. قال5 وهذا هو مذهب أبي بكر البرقاني فإنه روى لنا احاديث كثيرة قال: فيها أخبرنا فلان ولم أعارض6 بالأصل قلت ولا بد من شرط ثالث وهو أن يكون ناقل النسخة من الأصل غير سقيم النقل بل صحيح النقل قليل السقط. ثم إنه ينبغي أن يراعى في كتاب شيخة بالنسبة إلى من فوقه مثل ما ذكرنا أنه يراعيه من كتابه ولا يكون7 كطائفة من الطلبة إذا رأوا سماع شيخ لكتاب قرءوه عليه من أي نسخة اتفقت. انتهى.

_ 1 من ش وع وفي خط: "فيتواصل". 2 من خط وع وليس في ش. 3 هكذا في خط "الإسفراييني" ورسمت في ش وع: "الإسفرائيني" وفي ش: "الأ....". هي نسبة إلي إسفرايين ضبطها السمعاني "بكسر الألف وسكون المهملة وفتح الفاء والراء وكسر الياء المنقوطة باثنتين من تحتها كما في الأنساب "1/143". 4 من ش وهـ و"الكفاية" "ص/353" وفي خط: "أصله" بدون الباء. 5 يعني الخطيب في الكفاية "ص/ 353". 6 هكذا في خط وش وع وفي الكفاية"يعارض". 7 من خط وع وفي ش "ولا يكون منه".

اعترض على قوله وروينا عن الشافعي ويحيى بن أبي كثير والمعروف في جميع الكتب إنما هو الأوزاعي كذا رواه ابن عبد البر في كتاب جامع بيان العلم من رواية بقية عن الأوزاعي ومن طريق ابن عبد البر رواه القاضي عياض في الإلماع بإسناده ومنه ياخذ المصنف كثيرا. وكأنه سبق قلم1 من الأوزاعي إلى الشافعي أو غلط من الناسخ. وأما قول يحيى بن ابي كثير فرواه ابن عبد البر أيضا والخطيب في الكفاية وفي كتاب الجامع من رواية أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير. وقال القاضي عياض مقابلة النسخة بأصل السماع متعينة لا بد منها ثم قال: ولا يحل للمسلم التقي الرواية مما لم يقابل بأصل شيخه أو نسخة تحقق ووثق بمقابلتها بالأصل وتكون مقابلته لذلك مع الثقة المأمون على ما ينظر فيه فإذا جاء حرف مشكل نظر معه حتى يحققوا ذلك. قال الحادي عشر: المختار في كيفية تخريج الساقط في الحواشي ويسمى اللحق بفتح الحاء وهو2 ان يخط من موضع3 سقوطه من السطر خطا صاعدا إلى فوق ثم يعطفه بين السطرين عطفة يسيرة إلى جهة الحاشية التي يكتب فيها اللحق ويبدأ في الحاشية بكتبة اللحق مقابلا للخط المنعطف وليكن ذلك في حاشية ذات اليمين وإن كانت تلي وسط الورقة إن اتسعت له وليكتبه4 صاعدا إلى أعلى الورقة لا نازلا به إلى أسفل. قلت وإذا كان اللحق سطرين أو سطورا فلا يبتدىء بسطوره من أسفل إلى أعلى بل يبتدىء بها5 من أعلى إلى أسفل بحيث يكون منتهاها إلى جهة باطن6 الورقة إذا كان التخريج في جهة اليمين وإذا كان في جهة الشمال

_ 1 هكذا في خط وفي ع: "قلمه" بالهاء؟. 2 من خط، وليس في ش وع. 3 من خط وع، وفي ش: "موضوع". 4 من خط وع، وفي ش: "فليكتبه" بالفاء بدل الواو وراجع حاشية "المقدمة" "ص/378". 5 من ش، وفي ع: "بل و ... " وفي خط: "بل يبتدئها". 6 من ش وع وفي خط: "باطن جهة".

وقع منتهاها إلى جهة طرف الورقة. ثم يكتب عند انتهاء اللحق صح ومنهم من يكتب مع صح رجع ومنهم من يكتب في آخر اللحق الكلمة المتصلة به داخل الكتاب في موضع التخريج ليؤذن باتصال الكلام وهذا اختيار بعض أهل الصنعة من أهل المغرب واختيار القاضي أبي محمد بن خلاد صاحب كتاب الفاصل بين الراوي والواعي من أهل المشرق مع طائفة. وليس ذلك بمرضي إذ رب كلمة تجيء في الكلام مكررة حقيقة فهذا التكرير يوقع بعض الناس في توهم مثل ذلك في بعضه. واختار القاضي ابن خلاد ايضا في كتابه أن يمد عطفة خط التخريج من موضعه حتى يلحقه بأول اللحق بالحاشية. وهذا أيضا غير مرضي فإنه وإن كان فيه زيادة بيان فهو تسخيم للكتاب وتسويد له لا سيما عند كثرة الإلحاقات. وإنما اخترنا كتبة اللحق صاعدا إلى اعلى الورقة لئلا يخرج بعده نقص آخر فلا يجد ما يقابله من الحاشية فارغا له لو كان كتب الأول نازلا إلى أسفل. وإذا كتب الأول صاعدا فما يجده1 بعد ذلك من نقص يجد ما يقابله من الحاشية فارغا له. وقلنا أيضا يخرجه في جهة اليمين لأنه لو أخرجه2 إلى جهة الشمال فربما ظهر بعده في السطر نفسه نقص آخر فإن خرجه قدامه إلى جهة الشمال أيضا وقع بين التخريجين إشكال وإن خرج الثاني: إلى جهة اليمين التقت عطفة تخريج جهة الشمال وعطفة تخريج جهة اليمين أو تقابلتا فأشبه ذلك الضرب على ما بينهما بخلاف ما إذا خرج الأول إلى جهة اليمين فإنه حينئذ يخرج الثاني: إلى جهة الشمال فلا يلتقيان ولا يلزم إشكال اللهم إلا أن يتأخر النقص إلى آخر السطر فلا وجه حينئذ إلا تخريجه إلى جهة الشمال لقربه منها ولانتفاء العلة المذكورة من حيث أنا لا نخشى ظهور نقص بعده.

_ 1 هكذا في خط وفي ش وع: "يجد" بدون الهاء. 2 هكذا في خط وفي ش وع: "أخرجه".

وإذا كان النقص في أول السطر تأكد تخريجه إلى جهة اليمين لما ذكرناه من القرب مع ما سبق. وأما ما يخرج في الحواشي من شرح او تنبيه على غلط أو اختلاف رواية أو نسخة او نحو ذلك مما ليس من الأصل فقد ذهب القاضي عياض رحمه الله إلى أنه لا يخرج لذلك خط تخريج لئلا يدخل اللبس ويحسب من الأصل وأنه لا يخرج إلا لما هو من نفس الأصل لكن ربما جعل على الحرف المقصود بذلك التخريج علامة كالضبة أو التصحيح إيذانا به. قلت التخريج أولى وأدل وفي نفس هذا المخرج ما يمنع الإلباس ثم هذا التخريج يخالف التخريج لما هو من نفس الأصل في أن خط ذلك التخريج يقع بين الكلمتين اللتين بينهما سقط الساقط وخط هذا التخريج يقع على نفس الكلمة التي من أجلها خرج المخرج في الحاشية. انتهى. أهل الحديث والكتابة يسمون ما سقط من أصل الكتاب وألحق بالحاشية أو بين السطور لحقا بفتح اللام والحاء المهملة. قال الجوهري واللحق بالتحريك شيء يلحق بالأول واللحق أيضا من الثمر الذي يأتي بعد الأول. وقال صاحب المحكم اللحق كل شيء لحق شيئا أو ألحق به من الحيوان والنبات وحمل النخل. وقيل اللحق مأخوذ من الزيادة. وقال صاحب المحكم واللحق الشيء الزائد. ومنهم من سكن الحاء كما وقع في شعر لأحمد بن حنبل رضي الله عنه أنشده الشريف أبو علي محمد بن احمد بن أبي موسى الهاشمي: من طلب العلم والحديث فلا ... يضجر من خمسة يقاسيها دراهم للعلوم يجمعها ... وعند نشر الحديث يفنيها يضجره الضرب في دفاتره ... وكثرة اللحق في حواشيها

يغسل أثوابه وبزته ... من أثر الحبر ليس ينقيها والظاهر أنه خفف حركة الحاء لضرورة الشعر. ولا يكتب ما سقط بين السطور لأنه يضيقها ويغلسها1 ولا سيما إذا كانت السطور ضيقة متلاصقة بل الأولى أن يكتب في الحاشية فإن كان ما يقابله من الحاشية غير خال لا يمكن كتابة اللحق فيه وكتبه في موضع آخر فيتعين جر الخط إلى اول اللحق أو يكتب قبالة موضع السقط يتلوه كذا وكذا في الموضع الفلاني ونحو ذلك ليزول الإلباس2 كما فعله غير واحد ممن يعتمد عليه فيصل الخط باللحق إذا بعد عن موضع مقابله. قال الثاني عشر: من شأن الحذاق المتقنين العناية بالتصحيح والتضبيب والتمريض اما التصحيح فهو كتابة صح على الكلام أو عنده ولا يفعل ذلك إلا فيما صح رواية ومعنى غير أنه عرضة للشك أو الخلاف فيكتب عليه صح ليعرف أنه لم يغفل3 عنه وأنه قد ضبط وصح على ذلك الوجه. وأما التضبيب ويسمى أيضا التمريض فيجعل على ما صح وروده كذلك من جهة النقل غير أنه فاسد لفظا أو معنى أو ضعيف أو ناقص مثل أن يكون غير جائز من حيث العربية أو يكون شاذا عند أهله يأباه أكثرهم أو مصحفا أو ينقص من جملة الكلام كلمة أو أكثر وما أشبه ذلك فيمد على ما هذا سبيله خط أوله مثل الصاد ولا يلزق بالكلمة المعلم عليها كيلا يظن ضربا وكأنه صاد التصحيح بمدتها دون حائها كتبت كذلك ليفرق بين ما صح مطلقا من جهة الرواية وغيرها وبين ما صح من جهة الرواية دون غيرها فلم يكمل عليه التصحيح وكتب حرف ناقص على حرف ناقص إشعارا بنقصه ومرضه مع صحة نقله وروايته وتنبيها بذلك لمن ينظر في كتابه على أنه قد وقف عليه ونقله على ما هو عليه ولعل غيره قد يخرج له وجها صحيحا أو يظهر له بعد ذلك في

_ 1 هكذا صوبتها وفي خط: "ويغسلها" وفي شرح الألفية "ويغسل مايقرأ" يريد: عدم وضوحه. 2 هكذا صوبتها في خط وفي "شرحالألفية": "لزوال اللبس". 3 ضبط خط.

صحته ما لم يظهر له الآن. ولو غير ذلك وأصلحه على ما عنده لكان متعرضا1 لما وقع فيه غير واحد من المتجاسرين الذين غيروا وظهر الصواب فيما أنكروه والفساد فيما أصلحوه. وأما تسمية ذلك ضبة فقد بلغنا عن أبي القاسم إبراهيم بن محمد اللغوي المعروف بابن الإفليلي2 أن ذلك لكون الحرف مقفلا بها لا يتجه لقراءة كما أن الضبة مقفل بها. قلت ولأنها لما كانت على كلام فيه خلل أشبهت الضبة التي تجعل على كسر أو خلل فاستعير لها اسمها ومثل ذلك غير مستنكر في باب الاستعارات. ومن مواضع التضبيب ان يقع في الإسناد إرسال أو انقطاع فمن عادتهم تضبيب موضع الإرسال والانقطاع وذلك من قبيل ما سبق ذكره من التضبيب على الكلام الناقص.

_ 1 من ش وع‘ وفي خط: "تعرضا". 2 في حاشية خط: "الإفليلي هذا بالفاء وكسر الهمزة ومن أهل الندلس كان صدرا بها في علم الأ>ب من أصحاب الزبيدي" اهـ وقال ابن خلكان في الوفيات "1/51" "14": "والإفليلي – بكسر الهمزة وسكون الفاء وكسر اللام وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها لام ثانية – هذه النسبة إلي الإفليل وهي قرية بالشام كان أصله منها" اهـ. وهكذا جاءت هذه النسبة – بالكسر – في معجم المؤلفين لكحالة "1/94ط‘ وغيره. لكن ضبطها ياقوت في معجم البلدان "1/332" بالفتح فقال: "أفليلاء – بفتح الهمزة قال ابن بشكوال قرية من قري الشام ينسب إليها أبو القاسم إبراهيم بن محمد الأديب الفاضل الأندلسي.." ترجمة الحميدي في "جذوة المقتبس" "ص/151 – 152" "262"، وابن بشكوال في "الصلة" "1/93" "206" وياقوت في معجم الدباء "2/4" وغيرهم. قال ابن بشكوال: "قال الطبني: أخبرني أن إفليلا قرية من قري الشام كأن هذا النسب إليها" اهـ. وأرخ وفاته ابن بشكوال وابن العماد في "الشذرات" "3/266" وغيرهما في سنة "إحدي وأربعين وأربعمائة". وقد تحرف في "ع" إلي "ابن الإقليلي" بالقاف – كذا في "المتن" و "التقييد" وفي "ل": "ابن الأفليلي" بالفاء وفتح الهمزة ساق الحميدي في الجذوة بإسناده إلي ابن الإفليلي قال: "كان شيوخا من أهل الأدب يتعالمون أن الحرف ==

ويوجد في بعض أصول الحديث القديمة في الإسناد الذي يجتمع فيه جماعة معطوفة أسماؤهم بعضا1 على بعض علامة تشبه الضبة فيما بين أسمائهم فيتوهم من لا خبرة له أنها ضبة وليست بضبة وكأنها علامة وصل فيما بينها أثبتت تأكيدا للعطف خوفا من أن تجعل عن مكان الواو. ثم إن بعضهم ربما اختصر علامة التصحيح فجاءت صورتها تشبه صورة التضبيب والفطنة من خير ما أوتيه الإنسان. انتهى. اعترض على قوله قلت ولأنها لما كانت أي الضبة من حيث أن ضبة القدح وضعت جبرا للكسر والضبة على المكتوب ليست جابرة وإنما جعلت علامة على المكان المغلق وجهه المستبهم أمره فهي لضبة الباب أشبه كما قاله الإفليلي لا بما قاله المصنف. ورد بأن المصنف ما منع مقالة الإفليلي بل جوزها وجوز وجها آخر له وجه من الاستعارة وغير بعيد لمن تأمله منصفا.

_ = إذا كتب عليه "صح1" "بصاد وحاء" "أن2" ذلك علامة لصقة الحرف لئلا يتوهم متوهم عليه خللا "ولا3" نقصا فوضع حرف كامل علي حرف صحيح ممدودةدون حاء؛ كان علامة أن الحرف سقيم إذ وضع عليه حرف غير تام ليدل نقص الحرف علي إختلال الحرف ويسمي ذلك الحرف أيضا: "ضبة" أي: إن الحرف مقفل بها "لا4" يتجه لقراءة كما أن "الضبة مقفل بها" انتهي. ونقل يلقوت هذا الكلام في معجم الأدباء "2/5 – 6" ثم قال: "وهذا كلام علي طلاوة من غبر فائدة تامة وإنما قصدوا بكتبهم علي الحرف "صح" أنه كان شاكا في صحة اللفظة فلما صحت له بالبحث خشي أن يعاود الشك فكتب عليها "صح" ليزول شكه فيما بعدويعلم هو أنه لم يكتب عليها "صح" إلا وقد غنقضي اجتهاده في تصحيحها وأما الضبة التي صورتها "ص" فإنما هو نصف "صح" كتبه علي شئ فيه شك ليبحث عنه فيما يستأنفه فإذا صحت له أتمها بحاد فيصير "صح" ولو علم عليها بغير هذه العلامة لتكلف الكشط وإعادة كتبه "صح" مكانها. انتهي. 1 هكذا في خط وفي ش وع: "بعضها".

واعلم أن الإفليلي حكى ما حكاه المصنف عن شيوخه من أهل الأدب وحكاه عنه القاضي عياض في الإلماع عن شيوخه من أهل المغرب بدل أهل الأدب. قال الثالث عشر إذا وقع في الكتاب ما ليس منه فإنه ينفى عنه بالضرب أو الحك أو المحو أو غير ذلك والضرب خير من الحك والمحو. روينا عن القاضي أبي محمد بن خلاد رحمه الله قال1 قال: أصحابنا الحك تهمة وأخبرني2 من أخبر3 عن القاضي عياض قال: سمعت شيخنا أبا بحر سفيان بن العاصي الأسدي يحكي عن بعض شيوخه أنه كان يقول كان الشيوخ يكرهون حضور السكين مجلس السماع حتى لا يبشر شيء لأن ما يبشر منه4 ربما يصح في رواية أخرى وقد يسمع الكتاب مرة أخرى على شيخ آخر يكون ما بشر وحك من رواية هذا صحيحا في رواية الآخر فيحتاج إلى إلحاقه بعد أن بشر وهو إذا خط عليه من رواية الأول وصح عند الآخر اكتفى بعلامة الآخر عليه بصحته. ثم إنهم اختلفوا في كيفية الضرب فروينا عن أبي محمد بن خلاد قال: أجود الضرب أن لا يطمس المضروب عليه بل يخط من فوقه خطا جيدا بينا يدل على إبطاله ويقرأ من تحته ما خط عليه. وروينا عن القاضي عياض ما معناه أن اختيارات الضابطين اختلفت في الضرب فأكثرهم على مد الخط على المضروب عليه مختلطا بالكلمات المضروب عليها ويسمى ذلك الشق أيضا. ومنهم من لا يخلطه ويثبته فوقه لكنه يعطف طرفي الخط على أول5 المضروب عليه وآخره. ومنهم من يستقبح هذا ويراه تسويدا وتطليسا بل يحوق على أول الكلام المضروب عليه بنصف دائرة وكذلك في آخره.

_ 1 وضع الناسخ عليها: "صح". 2 من ش وع، وفي خط: "فأخبرني بالفاء ووقع في شرح اللفية": "وقد أنبئت عمن أنبأني" كذا. 3 ضبط خط. 4 هكذا في خط وع، وفي ش: "فيه". 5 من ش وع، وليس في خط.

وإذا كثر الكلام المضروب عليه فقد يفعل ذلك في أول كل سطر منه وآخره وقد يكتفي بالتحويق على أول الكلام وآخره أجمع. ومن الأشياخ من يستقبح الضرب والتحويق ويكتفي بدائرة صغيرة أول الزيادة وآخرها ويسميها صفرا كما يسميها أهل الحساب. وربما كتب بعضهم عليه لا1 في أوله وإلى في آخره. ومثل هذا يحسن فيما صح في رواية وسقط في رواية أخرى. وأما الضرب على الحرف المكرر فقد تقدم بالكلام فيه القاضي أبو محمد ابن خلاد الرامهرمزي رحمه الله على تقدمه2. فروينا عنه قال3 قال: بعض أصحابنا أولاهما بأن يبطل الثاني: لأن الأول كتب على صواب والثاني: كتب على الخطأ فالخطأ أولى بالإبطال وقال آخرون إنما الكتاب علامة لما يقرأ فأولى الحرفين بالإبقاء أدلهما عليه وأجودهما صورة وجاء القاضي عياض آخرا ففصل تفصيلا حسنا فرأى أن تكرار الحرف إن كان أول4 سطر فليضرب على الثاني: صيانة لأول السطر عن التسويد والتشويه وإن كان في آخر سطر فليضرب على أولهما صيانة لآخر السطر فإن سلامة أوائل السطور وأواخرها عن ذلك أولى فإن اتفق أحدهما في آخر سطر5 والآخر في أول سطر آخر فليضرب على الذي في آخر السطر فإن أول السطر أولى بالمراعاة فإن كان التكرار6 في المضاف أو المضاف إليه أو في الصفة أو الموصوف او نحو ذلك لم نراع حينئذ أول السطر وآخره بل نراعي

_ 1 أو: "من". 2 من ش وع، وفي خط: "مقدمته". 3 من ش وع، وليس في خط. 4 هكذا في خط وفي ش: "إن تكرر الحرف إن كان في أول" ومثله في ع غير أن فيه "أن" بفتح الهمزة. 5 من خط وع، وفي ش: "السطر". 6 من خط وفي ش وع: "التكرر" وضبط في ش بتشديد الراء مع الضم.

الاتصال بين المضاف والمضاف إليه ونحوهما في الخط فلا نفصل بالضرب بينهما ونضرب1 على الحرف المتطرف من المتكرر دون المتوسط. وأما المحو فيقارب الكشط في حكمه الذي تقدم ذكره وتتنوع طرقه ومن أغربها2 مع أنه أسلمها ما روي عن سحنون بن سعيد التنوخي الإمام المالكي أنه كان ربما كتب الشيء ثم لعقه. وإلى هذا يومئ ما روينا عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه أنه كان يقول من المروءة أن يرى في ثوب الرجل وشفتيه مداد. انتهى. لما تقدم إلحاق الساقط ناسب أن يعقبه بإبطال الزائد. ويبطله إما بالكشط وهو الحك وإما بالمحو بأن تكون الكتابة في لوح أو رق أو ورق صقيل جدا في حال رطوبة المكتوب كما روى من لعق سحنون لذلك وفي كيفية الضرب خمسة أقوال الأكثرون على مد الخط إلى آخره3. قال يسمى الشق أي بفتح الشين وتشديد القاف وهذا لا يعرفه أهل المشرق بل أهل المغرب ولم يذكره الخطيب في الجامع ولا في الكفاية بل ذكره القاضي عياض في الإلماع ومنه أخذ4 المصنف وهو مأخوذ من الشق وهو الصدع أو من شق العصا وهو التفريق وكأنه فرق بين الكلمة الزائدة وبين ما قبلها وبعدها5 من الصحيح الثابت بالضرب عليها. ويوجد في بعض النسخ6 النشق بزيادة نون مفتوحة في أوله وسكون الشين فإن لم يكن تصحيفا وتغييرا من النساخ فيكون مأخوذا من نشق الطير7 في حبالته إذا علق فيها وكأنه إبطال لحركة الكلمة وإهمالها يجعلها

_ 1 من ش وع، وفي خط: "يضرب" بمثناة من تحت. 2 من ش وع، وفي خط: "أضربها" بالضاد المعجمة. 3 لم يكمل الأقوال الخمسة وهي في "شرح الألفية". 4 هكذا في خط وفي ع: أخذه بالهاء. 5 هكذا في خط وع. 6 يعني نسخ "علوم الحديث" كما في "التقييد" 7 هكذا في خط: "الطير" وفي ع: "الظبي".

في صورة وثاق يمنعها من التصرف. قال الرابع: عشر ليكن فيما تختلف فيه الروايات1 قائما بضبط ما تختلف فيه في كتابه جيد التمييز بينها كيلا تختلط وتشتبه فيفسد عليه أمرها وسبيله أن يجعل أولا متن كتابه على رواية خاصة ثم ما كانت من زيادة لرواية أخرى ألحقها او من نقص أعلم عليه أو من خلاف كتبه إما في الحاشية وإما في غيرها معينا في كل ذلك2 من رواه ذاكرا اسمه بتمامه فإن رمز إليه بحرف أو أكثر فعليه ما قدمنا ذكره من أنه يبين المراد بذلك في أول كتابه أو آخره كيلا يطول عهده به فينسى أو يقع كتابه إلى غيره فيقع من رموزه في حيرة وعمى وقد يدفع إلى الاقتصار على الرموز عند كثرة الروايات المختلفة. واكتفى بعضهم في التمييز بأن خص الرواية الملحقة بالحمرة فعل ذلك أبو ذر الهروي من المشارقة وأبو الحسن القابسي من المغاربة مع كثير من المشايخ وأهل التقييد فإذا كانت في الرواية الملحقة زيادة على التي في متن الكتاب كتبها بالحمرة وإن كان فيها نقص والزيادة في الرواية التي في متن الكتاب حوق عليها بالحمرة ثم على فاعل ذلك تبيين من له الرواية المعلمة بالحمرة في أول الكتاب أو آخره على ما سبق. انتهى. أي إذا كان الكتاب مرويا بروايتين أو أكثر ويقع الاختلاف في بعضها فينبغي لمن أراد الجمع بين الروايات في كتاب واحد ان يميز بينها فيبني الكتاب على رواية واحدة ويميز الأخرى بأن يكتبها على الحاشية ويكتب اسم راويها او غير ذلك مما ذكره. قال القاضي عياض ولا يتساهل في ذلك ولا يهمله. قال الخامس عشر: غلب على كتبة الحديث الاقتصار على الرمز في قولهم حدثنا وأخبرنا غير أنه شاع ذلك وظهر حتى كاد3 لا يكاد يلتبس.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "يختلف فيه الراويان". 2 من خط وع، وفي ش: "ذلك كل". 3 كذا في خط، وليس في ش وع.

أما حدثنا فيكتب منها شطرها الأخير وهو الثاء والنون والألف وربما اقتصر على الضمير منها وهو النون والألف. وأما اخبرنا فيكتب منها الضمير المذكور مع الألف أولا وليس بحسن1 ما تفعله طائفة من كتابة أخبرنا بألف مع علامة حدثنا المذكورة أولا وإن كان الحافظ البيهقي ممن فعله. وقد يكتب في2 علامة أخبرنا راء بعد الألف وفي علامة حدثنا دال في أولها وممن رأيت في3 خطه الدال في علامة حدثنا أبو عبد الله الحاكم وأبو عبد الرحمن السلمي والحافظ أحمد البيهقي رضي الله عنهم. وإذا كان للحديث إسنادان أو أكثر فإنهم يكتبون عند الانتقال من إسناد إلى إسناد ما صورته ح4 وهي حاء مفردة مهملة5. ولم يأتنا عن أحمد ممن يعتمد بيان لأمرها غير أني وجدت بخط الأستاذ الحافظ أبي عثمان الصابوني والحافظ أبي مسلم عمر بن علي الليثي البخاري والفقيه المحدث أبي سعد الخليلي رحمهم الله في مكانها بدلا عنها صح صريحة وهذا يشعر بكونها رمزا إلى صح وحسن إثبات صح ههنا لئلا يتوهم6 أن حديث هذا الإسناد سقط ولئلا يركب الإسناد الثاني: على الإسناد الأول فيجعلا إسنادا واحدا وحكى لي بعض من جمعتني وإياه الرحلة بخراسان عمن وصفه بالفضل من الأصفهانيين7 أنها حاء مهملة من التحويل أي من إسناد إلى إسناد آخر.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "يحسن" بمثناة من تحت وراجع: "شرح الألفية 2 من ش وع، ولي في خط. 3 من ش وع، ولي في خط. 4 هكذا في خط بعلامة المد. 5 من خط وع، وفي ش: "أنني". 6 من ش وع، وفي خط: "يوهم". 7 هكذا في خط بالفاء وفي ش وع و "الشرح": "الصبهانيين" بالباء الموحدة.

وذاكرت فيها بعض أهل العلم من أهل الغرب1 وحكيت له عن بعض من لقيت من أهل الحديث أنها حاء مهملة إشارة إلى قولنا الحديث فقال لي أهل الغرب2 وما عرفت بينهم اختلافا يجعلونها حاء مهملة ويقول أحدهم إذا وصل إليها الحديث. وذكر3 لي أنه سمع بعض البغداديين يذكر أيضا أنها حاء مهملة وأن منهم من يقول إذا انتهى إليها في القراءة حا ويمر. وسألت أنا الحافظ الرحال أبا محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي رحمه الله عنها فذكر أنها حاء من حائل أي تحول بين إسنادين قال: ولا يلفظ بشيء عند الانتهاء إليها في القراءة وأنكر كونها من الحديث وغير ذلك ولم يعرف غير هذا عن أحد من مشايخه وفيهم عدد كانوا حفاظ الحديث في وقته. واختار أنا والله الموفق أن يقول القارىء عند الانتهاء إليها حا ويمر فإنه احوط الوجوه وأعدلها. انتهى. قال ابن4 كثير ومنهم من يتوهم أنها خاء معجمة أي إسناد آخر والمشهور الأول بل حكى بعضهم فيه الإجماع. وأما حذف لفظة قال: فذكرها بعضهم هنا والمصنف أخرها فذكرها في الثالث: عشر من تفريعات النوع السادس والعشرين. قال السادس عشر: ذكر الخطيب الحافظ أنه ينبغي للطالب أن يكتب بعد البسملة اسم الشيخ الذي سمع الكتاب منه وكنيته ونسبه ثم يسوق ما سمعه منه على لفظه قال: وإذا كتب الكتاب المسموع فينبغي أن يكتب فوق سطر التسمية أسماء من سمع معه14 وتاريخ وقت السماع وإن أحب كتب ذلك في حاشية أول

_ 1 هكذا في خط وبعض نسخ المقدمة والشرح وفي باقي نسخ المقدمة ز ع: "المغرب" بإثبات الميم. 2 هكذا في خط وفي ش وع و "الشرح" "المغرب". 3 من ش وع، وفي خط: "فذكر". 4 ليس في خط فأثبتها. وراجع: "الباعث" "2/393".

ورقة من الكتاب فكلا قد فعله شيوخنا. قلت كتبة التسميع1 حيث ذكره احوط وأحرى بأن لا يخفي على من يحتاج إليه ولا بأس بكتبته آخر الكتاب وفي ظهره وحيث لا يخفي موضعه وينبغي أن يكون التسميع بخط شخص موثوق به غير مجهول الخط2 ولا ضير حينئذ في أن لا يكتب الشيخ المسمع خطه بالتصحيح. وهكذا لا بأس3 على صاحب الكتاب إذا كان موثوقا به أن يقتصر على إثبات سماعه بخط نفسه فطال ما فعل الثقات ذلك. وقد حدثني بمرو الشيخ أبو المظفر بن الحافظ أبي سعد المروزي عن أبيه عمن حدثه من الأصبهانية أن عبد الرحمن بن أبي عبد الله بن منده قرأ ببغداد جزءا على أبي أحمد الفرضي وسأله خطه ليكون حجة له فقال له أبو أحمد يا بني عليك بالصدق فإنك إذا عرفت به لا يكذبك أحد وتصدق فيما تقول وتنقل وإذا كان غير ذلك فلو قيل لك ما هذا خط أبي أحمد الفرضي ماذا تقول لهم. ثم إن على كاتب التسميع التحري والإحتياط وبيان السامع والمسموع والمسموع4 منه بلفظ غير محتمل ومجانبة التساهل فيمن يثبت اسمه والحذر من إسقاط اسم أحد منهم لغرض فاسد فإن كان مثبت السماع غير حاضر في جميعه لكن أثبته معتمدا على إخبار من يثق بخبره من حاضريه فلا بأس بذلك إن شاء الله. ثم إن من ثبت سماعه في كتابه فقبيح به كتمانه إياه ومنعه من نقل سماعه ومن نسخ الكتاب وإذا أعاره إياه فلا يبطىء به. روينا عن الزهري أنه قال: إياك وغلول الكتب قيل له وما غلول الكتب قال: حبسها على5 أصحابها.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "السمع". 1 من ش وع وفي خط: "السمع". 2 من ش وع، وفي خط: "الخطأ". 3 تحرفت في ع إلي: "يأس"بمثناة من تحت. 4 وضع الناسخ علي كل منهما علامة: "صح" وسقطت إحداهما من "ع" وراجع حاشية المقدمة. 5 كذا في خط: "علي" ورسم الناسخ عليها علامة: "صح" وفي ش وع و "الشرح": "عن".

وروينا عن الفضيل بن عياض رضي الله عنه أنه قال: ليس من فعال أهل الورع ولا من فعال الحكماء أن يأخذ سماع رجل فيحبسه عنه ومن فعل ذلك فقد ظلم نفسه وفي رواية ولا من فعال العلماء أن يأخذ سماع رجل وكتابه فيحبسه عليه. فإن منعه إياه فقد روينا أن رجلا ادعى على رجل بالكوفة سماعا منعه إياه فتحاكما إلى قاضيها حفص بن غياث فقال لصاحب الكتاب أخرج إلينا كتبك فما كان من سماع هذا الرجل بخط يدك ألزمناك وما كان بخطه أعفيناك منه. قال ابن خلاد سألت أبا عبد الله الزبيري عن هذا فقال لا يجىء في هذا الباب حكم أحسن من هذا لأن خط صاحب الكتاب دال على رضاه باستماع صاحبه معه. قال ابن خلاد وقال غيره ليس بشيء. وروي1 الخطيب أبو بكر الحافظ عن إسماعيل بن إسحاق القاضي أنه تحوكم إليه في ذلك فأطرق مليا ثم قال: للمدعي عليه إن كان سماعه في كتابك بخطك فيلزمك أن تعيره وإن كان بخط2 غيرك فأنت أعلم. قلت حفص بن غياث معدود في الطبقة الأولى من أصحاب أبي حنيفة وأبو عبد الله الزبيري من ائمة أصحاب الشافعي وإسماعيل بن إسحاق لسان أصحاب مالك وغمامهم وقد تعاضدت أقوالهم في ذلك ويرجع حاصلها إلى أن سماع غيره إذا ثبت في3 كتابه برضاه فيلزمه إعارته إياه وقد كان لا يبين لي وجهه ثم وجهته بأن ذلك بمنزلة شهادة له عنده فعليه أداؤها بما حوته وإن كان فيه بذل ماله كما يلزم متحمل الشهادة أداؤها وإن كان فيه بذل نفسه بالسعي إلى مجلس الحاكم4 لأدائها والعلم عند الله تبارك تعالى.

_ 1 من ش وع ول، وفي خط: "فروي" بالفاء بدل الواو. 2 هكذا في خط ول، وفي ش وع: "كان سماعه في كتابك بخط". 3 من ش وع ول، وليس في خط. 4 هكذا في خط وفي ش وع ل: "الحكم".

ثم إذا نسخ الكتاب فلا ينقل سماعه إلى نسخته إلا بعد المقابلة المرضية وهكذا لا ينبغي لأحد أن ينقل سماعا إلى شيء من النسخ أو يثبته فيها عند السماع ابتداء إلا بعد المقابلة المرضية بالمسموع كيلا يغتر أحد بتلك النسخة غير المقابلة إلا أن يبين مع النقل وعنده كون النسخة غير مقابلة. انتهى. اعترض على قوله فيلزمه إعارته بأن الشخص لا يجب عليه إعارة ملكه وأن كل من أعار شيئا يجوز له أن يرجع فيما أعاره وإن لم يستوف المستعير المنفعة المأذون فيها وكذلك يرجع وإن شرط أن لا يرجع. ورد بأن العارية قد تجب كما يجب بذل المال في بعض الصور كمسألة المضطر واختلاط الثمار وحمام البرج وغير ذلك على خلاف فيه وكذلك يمتنع الرجوع في العارية في مسألة دفن الميت وإعارة الجدار وغير ذلك مما هو مبين في كتب الفقه. نعم في قياس ذلك على أداء الشهادة نظر لأنه يمكنه هناك أن يكتب سماعه في ورقة يملكها او كتاب أو نحو ذلك فهو مقصر وأما أداء الشهادة فإنه متعين على المتحمل لأنه تحمل ليؤدي وليس الكاتب كتب ليعير.

النوع الخامس والعشرون: في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده

النوع الخامس والعشرون: في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده اختلف الصدر الأول في كتابة الحديث فمنهم من كره كتابة الحديث والعلم وأمروا بحفظه ومنهم من أجاز ذلك. وممن روينا عنه كراهة ذلك عمر وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبو موسى أبو سعيد الخدري في جماعة آخرين من الصحابة والتابعين وروينا عن أبي سعيد الخدري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن ومن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه1" أخرجه مسلم في صحيحه. وممن روينا عنه إباحة ذلك او فعله علي وابنه الحسن وأنس وعبد الله بن عمرو بن العاص في جمع آخرين من الصحابة والتابعين. ومن صحيح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الدال على جواز ذلك حديث أبي شاه اليمنى في التماسه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب له شيئا سمعه من خطبته عام فتح مكة وقوله صلى الله عليه وسلم: "اكتبوا لأبي شاه2". ولعله صلى الله عليه وسلم أذن في الكتابة عنه لمن خشي عليه النسيان ونهى عن الكتابة عنه من وثق بحفظه مخافة الاتكال على الكتاب أو نهى عن كتابة ذلك عنه حين خاف عليهم اختلاط ذلك بصحف القرآن العظيم وأذن في كتابته حين أمن من ذلك. وأخبرنا أبو الفتح بن عبد المنعم الفراوي قراءة عليه بنيسابور أنا3

_ 1 بسكون اللام: "فليمحه". 2 أبو شاه بالهاء المنونة. 3 من خط وووفي ش: "جبرها الله قال: أنا"، وفي ع: "جبرها الله أخبرها".

النوع السادس والعشرون: في صفة رواية الحديث وشرط أدائه وما يتعلق بذلك

النوع1 السادس والعشرون: في صفة رواية الحديث وشرط أدائه وما يتعلق بذلك وقد سبق بيان كثير منه في ضمن النوعين قبله شدد قوم في الرواية فأفرطوا وتساهل فيها آخرون ففرطوا ومن مذاهب التشديد مذهب من قال: لا حجة إلا فيما رواه الراوي من حفظه وتذكره. وذلك مروى عن مالك وأبي حنيفة رضي الله عنهما وذهب إليه2 من أصحاب الشافعي أبو بكر الصيدلاني المروزي. ومنها مذهب من أجاز الاعتماد في الرواية على كتابه غير أنه لو أعار كتابه وأخرجه من يده لم ير الرواية منه3 لغيبته عنه. وقد سبقت حكايتنا لمذاهب عن أهل التساهل وإبطالها في ضمن ما تقدم من شرح وجوه الأخذ والتحمل ومن أهل التساهل قوم سمعوا كتبا مصنفة وتهاونوا حتى إذا طعنوا في السن واحتيج إليهم حملهم الجهل والشره على أن رووها من نسخ مشتراه أو مستعارة غير مقابلة4 فعدهم الحاكم أبو عبد الله في طبقات المجروحين قال: وهم يتوهمون أنهم في روايتها صادقون وقال هذا5 مما كثر في الناس وتعاطاه قوم من أكابر العلماء والمعروفين بالصلاح. قلت ومن المتساهلين عبد الله بن لهيعة المصري ترك الاحتجاج بروايته مع

_ 1 كذا في خط لم يذكر: "قال" قيل ذكر كلام ابن الصلاح كما هي العادة. 2 من ش وع، وفي خط: "وإليه ذهب". 3 من ش وع، وليس في خط. 4 هكذا في خط وع، وفي ش: "غير صحيحة ولا مقابلة". 5 هكذا في خط، وفي ش: "وقال: وهذا" وفي ع: "قال وهذا".

جلالته لتساهله. ذكر عن يحيى بن حسان أنه رأى قوما معهم جزء سمعوه من أبي لهيعة فنظر فيه فإذا ليس فيه حديث واحد من حديث ابن لهيعة فجاء إلى1 ابن لهيعة فأخبره بذلك فقال ما أصنع يجيئوني بكتاب فيقولون هذا من حديثك فأحدثهم به. ومثل هذا واقع من شيوخ زماننا يجىء إلى أحدهم الطالب بجزء أو كتاب فيقول هذا روايتك فيمكنه من قراءته عليه مقلدا له من غير أن يبحث بحيث تحصل له الثقة بصحة ذلك. والصواب ما عليه الجمهور وهو التوسط بين الإفراط والتفريط فإذا قام الراوي في الأخذ والتحمل بالشرط الذي تقدم شرحه وقابل كتابه وضبط سماعه على الوجه الذي سبق ذكره جازت له الرواية منه وإن أعاره وغاب عنه إذا كان الغالب من أمره سلامته من التغيير والتبديل لا سيما إذا كان ممن لا يخفى عليه في الغالب لو غير شيء منه وبدل تغييره وتبديله وذاك لأن الاعتماد في باب الرواية على غالب الظن فإذا حصل أجزأ ولم يشترط مزيد عليه. انتهى. عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي ويقال الغافقي قاضي مصر سمع عبد الرحمن بن هرمز الأعرج وعطاء بن أبي رباح وعبد الله بن هبيرة السبائي2 وأبا الزبير المكي وخلقا غيرهم. قال روح بن صلاح لقي ابن لهيعة اثنين وسبعين تابعيا. ضعفه يحيى بن معين والنسائي قال: ابن أبي مريم رايت ابن لهيعة يعرض عليه ناس احاديث من أحاديث العراقيين فيجيزها لهم فقلت يا أبا عبد الرحمن هذه الأحاديث ليست من أحاديثك فقال هي أحاديث قد مرت على مسامعي. وقيل لابن مهدي تحمل3 عن عبد الله بن يزيد القصير عن ابن لهيعة قال: لا أحمل عن ابن لهيعة قليلا ولا كثيرا وقيل لابن معين أنكر أهل مصر احتراق كتب ابن لهيعة فقال: هو ضعيف

_ 1 من خط وع، وليس في ش، وتحرف "ابن لهيعة" في هذا الموضع من "ع" إلي: "أبي لهيعة". 2 بفتح المهملة والموحدة ثم همزة مقصورة من رجال "التهذيب" وفي "الأنساب" "3/209": "السبئي". 3 من "تهذيب الكمال" "15/491 – ترجمة: ابن لهيعة"، وفي خط: "يحمل" بمثناة من تحت

قبل أن تحرق وبعد ما احترقت. وقال السعدي 1 لا يحتج بروايته وكانوا يقرأون عليه ما ليس من حديثه فقيل له في ذلك فقال وما ذنبي إنما يجيئون بكتاب يقرأونه ويقومون ولو سألوني لأخبرتهم أنه ليس من حديثي2. مات سنة أربع وسبعين ومائة في خلافة هارون وصلى عليه داود بن يزيد الأمير ومولده سنة سبع وتسعين.

_ 1 كذا في خط، ولم أر للسعدي قولا في ابن لهيعة والصواب: "ابن سعد" راجع "طبقات ابن سعد" "7/516". وفي التهذيب" "قال يعقوب بن سفيان سمعت أحمد بن صالح وكان من أخبار المتقين يثني عليه. وقال لي كنت أكتب حديث أبي الأسود في الرق ما أحسن حديثه عن أبي لهيعة. قال فقلت له: يقولون سماع قديم وحديث فقال: ليس من هذا شيء. ابن لهيعة صحيح الكتاب أخرج كتبه فأملي علي الناس حتي كتبوا حديثه إملاء فمن ضبط كان حديثه حسنا إلا أنه كان يحضر من لا يحسن ولا يضبط ولا يصحح ثم لم يخرج ابن لهيعة بعد ذلك كتابا ولم ير له كتابا وطان من أراد السماع منه اسنسخ ممن كتب عنه وجاءه فقرأ عليه فمن وقع علي نسخة صحيحة فحديثه صحيح ومن كتب من نسخة لم تضبط جاء فيه خلل كثير وكل من روي عنه عن عطاء بن أبي رباح فإنه سمع من عطاء وروي عن رجل عن عطاء وعن رجلين عن عطاء وعن ثلاثة عن عطاء فتركوا من بينه وبين عطاء وجعلوه عن عطاء1. وذكر أحمد بن صالح أن ابن لهيعة "كان من الثقات إلا لقن شيئا حدث به" وقال ابن معين: "كان ضعيفا لا يحتج بحديثه كان من شاء يقول له حدثنا". وقال ابن خراش: "كان يكتب حديثه احترقت كتبه فكان من جاء بشيء قرأه عليه حتي لو وضع أحد حديثا وجاء به إليه وقرأه عليه". قال الخطيب: "فمن ثم كثرت المناكير في روايته لتساهله". وذكر ابن حبان: أنه لا يبالي ما دفع قرأه أكان من حديثه أو لم يكن. وذلك بعد احتراق كتبه وأما قبل احتراق كتبه؛ فرماه ابن حبان بالتدليس وسيأتي الكلام علي ذلك إن شاء الله. هذا وعلماء العلل يعنون بصحة مخرج الحديث ويدققون في هذا الباب حتي لا يستند إلي غير مخرجه ومن ثم قالا: هذا حديث فلان وهذا لم يحدث به فلان أو ليس من حديثه فقد يكون أدخل عليه أو علي كتبه. وقد وقع ذلك لابن لهيعة فأدخلت عليه أحاديث لقنه فحدث بها وأدخلت علي كتبه أشياء لعد الضبط =

حدث عن ابن لهيعة سفيان الثوري ومحمد بن رمح وبين وفاتيهما1 إحدى وثمانون سنة وحدث عنه عمرو بن الحريث ومحمد بن رمح وبين

_ = والتصحيح لها من قبل الرواة عنه وتساهله هو أيضا وجاءه الناس بهذه الكتب علي ما فيها من خلل فأجازها وقرأها لخفة ضبطه وعدم حفظه لحديثه وتساهله. فكثرت المناكير في روايته ومن ثم صار الاعتماد في رواية ابن لهيعة علي ما في أصوله وكتبه لأن هذه الأحاديث التي أدخلت عليه ليست من حديثه وإن لقنها فأجازها وقرأها غلطا ووهما فلا يصح إسنادها لابن لهيعة وعزوها إليه علي أنها من روايته عن شيوخه. ومن ثم يظهر معني قولهم: "ما رواه ابن المبارك مثلا عن ابن لهيعة فهو من صحيح حديثه" أو "ما رواه ابن المبارك مثلا عن ابن لهيعة صحيح".فالصحة هنا لا تعني تصحيح الحديث إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وإنما تعني صحة هذا الحديث من رواية ابن لهيعة عن شيوخه ووجوده في أصول ابن لهيعة. أي: لم يدخل عليه أو علي كتبه وإنما تلقاه عن شيوخه فهو صحيح الأصل أما هذه الأحاديث التي لقنها أو أدخلت عليه فلا أصل لها من روية ابن لهيعة عن شيوخه. ونقاد الحديث قد يطلقون الصحة ويريدون بها صحة المخرج لا صحة نسبة الحديث إلي النبي صلي الله عليه وسلم1.هذا ولا يصح وصف ابن حبان لابن لهيعة بالتدليس فقد مضي في كلام أحمد بن صالح المصري رحمه الله أن إسقاط الواسطة بينا بن لهيعة ومن فوقه من تلامذة ابن لهيعة وليس منه. وقال ابن مهدي: كتب لي ابن لهيعة كتابا فيه " ثنا" عمرو بن شعيب قال عبد الرحمن: فقرأته علي ابن المبارك فأخرجه إلي ابن المبارك من كتابه عن ابن لهيعة قال أخبرني إسحاق بن أبي فروة عن عمرو بن شعيب كما في شرح العلل لابن رجب "1/420" وفيه أيضا: " قال أحمد كان ابن لهيعة يحدث عن المثني بن الصبح عن عمرو بن شعيب وكان بعدلايحدث بها عن عمروا بن شعيب نفسه". ففي قول ابن مهدي وأحمد رحمهما الله أن ذلك من ابن لهيعة نفسه فيحمل ذلك علي أن بعض ما وقع من ذلك من هو وبعضه من تلامذته فما كان من تلامذته فظاهر أن لا ذنب له فيه ولا يرمي باتدليس بسبب ذلك وما كان منه هو فمرده إلي ضعفه وسوء حفظه. ولذلك قال الحاكم: "لم يقصد الكذب وإنما حدث من حفظه بعد احتراق كتبه فأخطأ". ولابد من التدليس من قصد الإيهام أما ابن لهيعة فقد أتي من سوء ضبطه وضعفه فلا يصح إذا اتهامه بالتدليس. وكلامهم في ترجمته يظهر لك ضعفه من بدايته لكن احتمل في أول أمره لاعتماده علي كتبه فلما احترقت كتبه صار يحدث علي الوهم والغلط فجاءت المناكير في روايته بعضها من قبله وبعضها من قبل تلامذته والله تعالي أعلم وهو حسبي. 1 يعني: الثوري وابن رمح. وراجع: تاريخ وفاتيهما في "التهذيب".

وفاتيهما أربع وسبعون سنة1. روى له أبو داود والترمذي وابن ماجة. قال تعريفات: أحدها إذا كان الراوي ضريرا ولم يحفظ حديثه من فم من حدثه واستعان بالمأمونين في2 ضبط سماعه وحفظ كتابه ثم عند روايته في القراءة منه عليه واحتاط في ذلك على حسب حاله بحيث يحصل معه الظن بالسلامة من التغيير صحت روايته غير أنه أولى بالخلاف والمنع من مثل ذلك من البصير. قال الخطيب الحافظ والسماع من البصير الأمي والضرير اللذين لم يحفظا من المحدث ما سمعاه منه لكنه كتب لهما بمثابة واحدة قد منع منه غير واحد من العلماء ورخص فيه بعضهم. الثاني: إذا سمع كتابا ثم أراد روايته من نسخة ليس فيها سماعه ولا هي مقابلة بنسخة سماعه غير أنه سمع منها على شيخه لم يجز له ذلك قطع به الأمام أبو نصر بن الصباغ الفقيه فيما بلغنا عنه. وكذلك لو كان فيها سماع شيخه أو روى منها ثقة عن شيخه فلا يجوز له الرواية منها اعتمادا على مجرد ذلك إذ لا يؤمن أن يكون فيها زوائد ليست في نسخة سماعه. ثم وجدت الخطيب قد حكى مصداق ذلك عن أكثر أهل الحديث فذكر فيما إذا وجد أصل المحدث ولم يكتب فيه سماعه أو وجد نسخة كتبت عن الشيخ تسكن نفسه إلى صحتها أن عامة أصحاب الحديث منعوا من روايته من ذلك. وجاء عن أيوب السختياني ومحمد بن بكر البرساني الترخص فيه. قلت اللهم إلا أن يكون له إجازة من شيخه عامة لمروياته أو نحو ذلك فيجوز

_ 1 كذا في خط بن الحريث وضبطها في خط – ضبط قلم بضم الحاء المهملة وكرر ذكر "محمد بن رمح" وذكر أن بين رفاتيهما "أريع وسبعونسنة" والذي في ترجمة ابن لهيعة: "عمرو بن الحارث" وهو المصري روي عن ابن لهيعة ومات قبله وتوفي عمرو سنة "148" علي ماذكره يحي بن بكير وغيره فيكون بين وفاته ووفاة ابن رمح: "94" سنة، وصحفها الناسخ إلي "أربع وسبعين" بدلا من "أربع وتسعين". والله أعلم. 2 من ش و، وفي خط: "و".

له حينئذ الرواية منها إذ ليس فيه أكثر من رواية تلك الزيادات1 بالإجازة بلفظ أخبرنا أو حدثنا من غير بيان للإجازة2 فيها والأمر في ذلك قريب يقع مثله في محل التسامح. وقد حكينا فيما تقدم أنه لا غنى في كل سماع عن الإجازة ليقع ما يسقط3 في السماع على وجه السهو وغيره من كلمات أو أكثر مرويا بالإجازة وإن لم يذكر لفظها. فإن كان الذي في النسخة سماع شيخ شيخه أو هي مسموعة على شيخ شيخه أو مروية عن شيخ شيخه فينبغي له حينئذ في4 روايته منها أن تكون له إجازة شاملة من شيخه ولشيخه إجازة شاملة من شيخه وهذا تبيين حسن5 هدانا الله له وله الحمد والحاجة إليه ماسة في زماننا جدا. الثالث: إذا وجد الحافظ في كتابه خلاف ما يحفظه نظر فإن كان إنما حفظ ذلك من كتابه فليرجع إلى ما في كتابه وإن كان حفظه من فم المحدث فليعتمد حفظه دون ما في كتابه إذا لم يتشكك. وحسن أن يذكر الأمرين في روايته فيقول حفظي كذا وفي كتابي كذا هكذا فعل شعبة وغيره. وهكذا إذا خالفه فيما يحفظه بعض الحفاظ فليقل حفظي كذا وكذا وقال فيه فلان او قال: فيه غيري كذا وكذا او شبه هذا من الكلام كذلك فعل سفيان الثوري وغيره. انتهى. اعترض على قوله إذا سمع كتابا ثم أراد روايته إلى ان قال: لم يجز له ذلك مع أنه ذكر في النوع الذي قبله أن الخطيب والإسفراييني6 جوزا الرواية من كتاب لم يقابل أصلا ولم ينكره المصنف بل أقره. ورد بأن الصورة التي تقدمت هي فيما إذا نقل كتابه من الأصل فإن الخطيب

_ 1 من ش وع ول، وفي خط: "الروايات". 2 من ش وع ول، وفي خط: "بيان الإجازة". 3 من ش وع، وفي خط: "سقط". 4 من ش وع ول، وليس في خط. 5 كذا في خط وفي ش وع ول: "تيسير حسن". 6 في خط: "والإسفريني" – كذا وراجع ذلك فيما سبق في النوع السابق "ص/340".

شرط في جواز ذلك أن تكون نسخته نقلت من الأصل وأن يبين عند الرواية أنه لم يعارض. وزاد المصنف على ذلك شرطا آخر وهو أن يكون من1 قابل النسخة من الأصل غير سقيم بل صحيح النقل قليل السقط. وأما الصورة التي في هذا النوع فإن الراوي منها ليس على ثقة من موافقتها للأصل وقد أشار المصنف هنا إلى التعليل بذلك فقال إذ لا يؤمن أن يكون فيها زوائد ليست في نسخة سماعه. الرابع: إذا وجد سماعه في كتابه وهو غير ذاكر لسماعه ذلك فعن أبي حنيفة وبعض أصحاب الشافعي أنه لا يجوز له روايته ومذهب الشافعي وأكثر أصحابه وأبي يوسف ومحمد أنه يجوز له روايته. قلت هذا الخلاف ينبغي ان يبنى على الخلاف السابق قريبا في جواز اعتماد الراوي على كتابه في ضبط ما سمعه فإن ضبط أصل السماع كضبط المسموع فكما كان الصحيح وما عليه أكثر أهل الحديث تجويز الاعتماد على الكتاب المصون في ضبط المسموع حتى يجوز له أن يروي ما فيه وإن كان لا يذكر أحاديثه حديثا حديثا كذلك ليكن هذا إذا وجد شرطه وهو ان يكون السماع بخطه او بخط من يثق به والكتاب مصون بحيث يغلب على الظن سلامة ذلك من تطرق التزوير والتغيير إليه على نحو ما سبق ذكره في ذلك وهذا إذا لم يتشكك فيه وسكنت نفسه إلى صحته فإن تشكك فيه لم يجز الاعتماد عليه. الخامس: إذا أراد رواية ما سمعه على معناه دون لفظه فإن لم يكن عالما عارفا بالألفاظ ومقاصدها خبيرا لما يحيل معانيها بصيرا بمقادير التفاوت بينها فلا خلاف أنه لا يجوز له ذلك وعليه ألا يروي ما سمعه إلا على اللفظ الذي سمعه من غير تغيير. فأما إذا كان عالما عارفا بذلك فهذا مما اختلف فيه السلف واصحاب الحديث وأرباب الفقه والأصول فجوزه اكثرهم ولم يجوزه2 بعض المحدثين وطائفة من الفقهاء والأصوليين من الشافعيين وغيرهم.

_ 1 زيادة ليست في خط وقد وردت في كلام ابن الصلاح السابق "ص/340". 2 من خط وع وليس في ش.

ومنعه بعضهم في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجازه في غيره. والأصح جواز ذلك في الجميع إذا كان عالما بما وصفناه و1 قاطعا بانه ادى معنى اللفظ الذي بلغه لأن ذلك هو الذي تشهد به احوال الصحابة والسلف الأولين وكثيرا ما كانوا ينقلون معنى واحدا في أمر واحد بألفاظ مختلفة وما ذلك إلا لأن معولهم كان على المعنى دون اللفظ. ثم إن هذا الخلاف لا نراه جاريا ولا أجراه الناس فيما نعلم فيما تضمنته بطون الكتب فليس لأحد أن يغير لفظ شيء من كتاب مصنف ويثبت بدله فيه لفظا آخر بمعناه فإن2 الرواية بالمعنى رخص فيها من رخص لما كان عليهم3 في ضبط الألفاظ والجمود عليها من الحرج والنصب وذلك غير موجود فيما اشتملت عليه بطون الأوراق والكتب ولأنه إن ملك تغيير اللفظ فليس يملك تغيير تصنيف غيره. السادس: ينبغي لمن روى حديثا بالمعنى ان يتبعه بأن يقول او كما قال: او نحو هذا وما أشبه ذلك من الألفاظ. روي ذلك من الصحابة عن أبن مسعود وأبي الدرداء وانس رضي الله عنهم. قال الخطيب والصحابة أرباب اللسان واعلم الخلق بمعاني الكلام ولم يكونوا يقولون ذلك إلا تخوفا من الزلل لمعرفتهم بما في الرواية على المعنى من الخطر. قلت وإذا اشتبه على القارىء فيما يقرؤه لفظة4 فقرأها على وجه يشك فيه5 ثم قال: او كما قال: فهذا حسن وهو الصواب في مثله لأن قوله او كما قال: يتضمن إجازة من الراوي وإذنا في رواية صوابها عنه إذا بان ثم لا يشترط إفراد ذلك بلفظ الإجازة لما بيناه قريبا. انتهى. ورد في الرواية بالمعنى حديث مرفوع رواه ابن منده في معرفة الصحابة من

_ 1 من خط وليس في ش وع. 2 من خط وع ول، وفي ش: "عليه". 3 من خط وع ول، وفي ش: "عيله". 4 من خط وع، وليس في ش. 5 من ش وع، وليس في خط.

ورد في الرواية بالمعنى حديث مرفوع رواه ابن منده في معرفة الصحابة من حديث عبد الله بن سليمان بن أكيمة الليثي قال: قلت يا رسول الله إني أسمع منك الحديث لا أستطيع أن أوديه كما أسمع منك يزيد حرفا أو ينقص حرفا فقال إذا لم تحلوا حراما ولم تحرموا حلالا وأصبتم المعنى فلا بأس فذكر ذلك للحسن فقال لولا هذا ما حدثنا. قوله ثم إن هذا الخلاف لا نراه جاريا إلى آخره تعقبه ابن دقيق العيد فقال إنه كلام فيه ضعف قال: وأقل ما فيه أنه يقتضي تجويز هذا فيما ينقل من المصنفات إلى أجزائنا أو1 تخاريجنا فإنه ليس فيه تعيين التصنيف المتقدم قال: وليس هذا جاريا على الاصطلاح فإن الاصطلاح على ان لا يغير الألفاظ بعد الانتهاء إلى الكتب المصنفة سواء رويناها فيها او نقلناها منها. قال السابع: هل يجوز اختصار الحديث الواحد ورواية بعضه دون بعض؟ اختلف أهل العلم فيه فمنهم من منع ذلك مطلقا بناء على القول بالمنع من النقل بالمعنى مطلقا ومنهم من منع من ذلك مع تجويزه النقل بالمعنى إذا لم يكن قد رواه على التمام مرة أخرى ولم يعلم ان غيره قد رواه على التمام ومنهم من جوز ذلك وأطلق ولم يفصل. وقد روينا عن مجاهد أنه قال: انقص من الحديث ما شئت ولا تزد فيه. والصحيح التفصيل وأنه يجوز ذلك من العالم العارف إذا كان ما تركه متميزا عما نقله غير متعلق به بحيث لا يختل البيان ولا تختلف الدلالة فيما نقله بترك ما تركه فهذا ينبغي ان يجوز وإن لم يجز النقل بالمعنى لأن الذي نقله و2 الذي تركه والحالة هذه بمنزلة خبرين منفصلين في أمرين لا تعلق لأحدهما بالآخر. ثم هذا إذا كان رفيع المنزلة بحيث لا يتطرق إليه في ذلك تهمة نقله أولا تماما3 ثم نقله ناقصا او نقله اولا ناقصا ثم نقله تاما.

_ 1 هكذا في خط، وفي "الشرح": "و" بدون الهجر. 2 من خط وع، وليس في ش. 3 من خط وع وبعض نسخ "المقدمة" وفي نسخة للمقدمة: "تاما" بميم واحدة".

فأما إذا لم يكن كذلك فقد ذكر الخطيب الحافظ أن من روى حديثا على التمام وخاف إن رواه مرة أخرى على النقصان أن يتهم بأنه زاد في أول1 مرة ما لم يكن سمعه أو أنه نسي في الثاني: باقي الحديث لقلة ضبطه وكثرة غلطه فواجب عليه أن ينفي هذه الظنة عن نفسه. وذكر الإمام أبو الفتح سليم بن أيوب الرازي الفقيه أن من روى بعض الخبر ثم أراد أن ينقل تمامه وكان ممن يتهم بأنه زاد في حديثه كان ذلك عذرا له في ترك الزيادة وكتمانها. قلت من كان هذا حاله فليس له من الابتداء أن يروي الحديث غير تام إذا كان قد تعين عليه اداء تمامه لأنه إذا رواه اولا ناقصا أخرج باقيه عن2 حيز الاحتجاج به ودار بين أن لا يرويه أصلا فيضيعه رأسا وبين أن يرويه متهما فيه فيضيع ثمرته لسقوط الحجة فيه والعلم عند الله تعالى. وأما تقطيع المصنف متن الحديث الواحد وتفريقه في الأبواب فهو إلى الجواز أقرب ومن المنع أبعد وقد فعله مالك والبخاري وغير واحد من أئمة الحديث ولا يخلو من كراهية. انتهى. هل يجوز حذف بعض الحديث فيه أربعة أقوال3 ومحل الخلاف إذا لم يكن4 للمحذوف تعلق بما لم يحذف كالحال والاستثناء والشرط فإنه لا يجوز بلا خلاف. قوله وقد فعله مالك والبخاري فإنه أي وأحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم. قوله ولا يخلو من كراهة قال: النووي وما أظنه يوافق عليه. قال الثامن: ينبغي للمحدث ألا يروي حديثه بقراءة لحان أو مصحف روينا عن النضر بن شميل قال: جاءت هذه الأحاديث عن الأصل معربة وأخبرنا

_ 1 من ش وع، وفي خط "ان". 2 هكذا في خط وع ول، وفي ش: "من" بالميم بدل العين. 3 ذكرها في "الشرح". 4 من ل، وليست في خط.

محمد بن الفضل الفراوي أنا1 أبو الحسين عبد الغافر بن محمد بن الفارسي أنا2 الإمام أبو سليمان حمد3 بن محمد الخطابي قال: حدثني محمد بن معاذ قال: أنا بعض أصحابنا عن أبي داود السنجي قال: سمعت الأصمعي يقول إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من كذب علي فليتبوأ4 مقعده من النار" لأنه لم5 يكن يلحن فمهما رويت عنه ولحنت6 فيه كذبت عليه. قلت فحق على طالب الحديث أن يتعلم من النحو واللغة ما يتخلص به من شين اللحن7 والتحريف ومعرتهما. و8روينا عن شعبة قال: من طلب الحديث ولم يبصر العربية فمثله مثل رجل عليه برنس ليس له رأس او كما قال. وعن حماد بن سلمة قال: مثل الذي يطلب الحديث ولا يعرف النحو مثل الحمار عليه مخلاة لا شعير فيها. وأما التصحيف فسبيل السلامة منه الأخذ من أفواه أهل العلم و9الضبط فإن من حرم ذلك وكان أخذه وتعلمه من بطون الكتب كان من شأنه التحريف ولم يفلت من التبديل والتصحيف. انتهى. روي عن حماد بن سلمة أنه قال: لإنسان إن لحنت في حديثي فقد كذبت علي فإني لا ألحن.

_ 1 هكذا في خط وفي ش وع: "قال: أنا". 2 في خط "حمد بن القاري، أنا" وفي شو ع: "محمد بن الفارسي، قال: أنا" وسقط من ع لفظ: "بن". 3 كتب الناسخ عليها علامة "صح". 4 هكذا في خط وع ول، وفي ش: "علي متعمدا فليتبوأ". 5 هكذا في خط ول، وفي ش وع: "لأنه صلي الله عليه وسلم لم". 6 هكذا في خط وع ول، وفي ش: "عنه حديثا ولحنت". 7 هكذا في ش وع ول، وفي خط: "اللحق" بالقاف. 8 من خط وع. 9 من خط وع، وفي خط: "ونقله".

علي فإني لا ألحن. وقد كان حماد إماما في ذلك وروي أن سيبويه شكاه إلى الخليل بن أحمد قال: سألته عن حديث هشام بن عروة عن أبيه في رجل رعف فانتهرني وقال لي أخطأت إنما1 هو رعف أي بفتح العين فقال له الخليل صدق أتلقى بهذا الكلام أبا سلمة. قال التاسع: إذا وقع في روايته لحن او تحريف فقد اختلفوا فمنهم من كان يرى أنه يرويه على الخطأ كما سمعه وذهب إلى ذلك من التابعين محمد بن سيرين وأبو معمر عبد الله بن سخبرة. وهذا غلو في مذهب اتباع اللفظ والمنع من الرواية بالمعنى. ومنهم من رأى تغييره وإصلاحه وروايته على الصواب روينا ذلك عن الأوزاعي وابن المبارك وغيرهما. وهو مذهب المحصلين والعلماء من المحدثين والقول به في اللحن الذي لا يختلف به المعنى وأمثاله لازم على مذهب تجويز رواية الحديث بالمعنى وقد سبق أنه قول الأكثرين. وأما إصلاح ذلك وتغييره في كتابه وأصله فالصواب تركه وتقرير ما وقع في الأصل على ما هو عليه مع التضبيب عليه وبيان الصواب خارجا في الحاشية فإن ذلك أجمع للمصلحة وأنفى للمفسدة. وقد روينا أن بعض أصحاب الحديث رئي في المنام وكانه قد مر من شفته أو لسانه شيء فقيل له في ذلك فقال لفظة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرتها برأيي ففعل بي هذا. وكثيرا ما ترى2 ما يتوهمه كثير من أهل العلم وربما غيروه صوابا ذا وجه صحيح وإن خفي واستغرب لا سيما فيما يعدونه خطأ من جهة العربية وذلك لكثرة لغات العرب وتشعبها. وروينا عن عبد الله بن احمد بن حنبل قال: كان إذا مر بأبي لحن فاحش غيره وإن3 كان لحنا سهلا تركه وقال كذا قال: الشيخ.

_ 1 هكذا في الشرح وفي خط: "إن". 2 هكذا في خط بمثناة من فوق وفي شو وع: "نري" بالنون. 3 هكذا في خط وفي ش وع: "وإذا".

وأخبرني بعض أشياخنا عمن اخبره عن القاضي عياض بما معناه واختصاره أن الذي استمر عليه عمل1 أكثر الأشياخ أن ينقلوا الرواية كما وصلت إليهم ولا يغيروها في2 كتبهم حتى في أحرف من القرآن اشتهرت3 الرواية فيها في الكتب على خلاف التلاوة المجمع عليها ومن غير أن يجىء ذلك في الشواذ ومن ذلك ما وقع في الصحيحين والموطأ وغيرها لكن أهل المعرفة منهم ينبهون على خطئها عند4 السماع والقراءة5 وفي حواشي الكتب مع تقريرهم ما في الأصول على ما بلغهم. ومنهم من جسر على تغيير الكتب وإصلاحها منهم أبو الوليد هشام بن احمد الكناني الوقهشي6 فإنه لكثرة مطالعته وافتنانه وثقوب فهمه وحدة ذهنه جسر على الإصلاح كثيرا وغلط في أشياء من ذلك وكذلك غيره ممن سلك مسلكه. والأولى سد باب التغيير والإصلاح لئلا يجسر على ذلك من لا يحسن وهو7 أسلم مع التبيين فيذكر ذلك عند السماع كما وقع ثم يذكر وجه صوابه إما من جهة العربية وإما من جهة الرواية وإن شاء قرأه اولا على الصواب ثم قال: وقع عند شيخنا أو في روايتنا او من طريق فلان كذا وكذا وهذا اولى من الأول كيلا يتقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل. وأصلح ما يعتمد عليه في8 الإصلاح ان يكون ما يصلح به الفاسد قد ورد في أحاديث أخر فإن ذاكره آمن من أن يكون متقولا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل. انتهى. ذكر ابن أبي خيثمة في كتاب الإعراب له أنه سئل الشعبي والقاسم بن محمد

_ 1 هكذا في خط وع، وفي ش: "عليه استمر عمل". 2 من ش، وفي خط وع: "إلي". 3 هكذا في خط وع، وفي ش و "الباعث"" "استمرت". 4 هكذا في خط وع وفي ش و "الباعث": "خطئها هذا عند". 5 هكذا في خط وش وفي ع: "الرواية والسماع والقراءة". 6 بتشديد القاف المفتوحة. 7 هكذا في خط وفي ش وع: "والطريق الأول"، وراجع: حاشية "المقدمة". 8 من خط وع، وفي ش: "من".

وعطاء ومحمد بن علي بن الحسين الرجل يحدث بالحديث يلحن أاحدث كما سمعت او أعربه فقالوا لا بل أعربه. واختار الشيخ عز الدين بن عبد السلام في هذه المسألة أنه لا يرويه عنه لا بالخطأ ولا بالصواب حكاه عنه ابن دقيق العيد في الاقتراح فقال سمعت أبا محمد ابن عبد السلام وكان أحد سلاطين العلماء كان يرى في هذه المسألة ما لم أره لأحد أن هذا اللفظ المحتمل لا يروى على الصواب ولا على الخطأ أما على الصواب فإنه لم يسمع من الشيخ كذلك واما على الخطأ فلأن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقله كذلك. قال العاشر: إذا كان الإصلاح بزيادة شيء قد سقط فإن لم يكن في1 ذلك مغايرة في المعنى فالأمر فيه على ما سبق وذلك كنحو ما روي عن مالك رضي الله عنه أنه قيل له أرأيت حديث النبي صلى الله عليه وسلم يزاد فيه الواو والألف والمعنى واحد فقال أرجو أن يكون خفيفا. وإن كان الإصلاح بالزيادة يشتمل على معنى مغاير لما وقع في الأصل تأكد فيه الحكم بأنه يذكر ما في الأصل مقرونا بالتنبيه على ما سقط ليسلم من معرة الخطأ ومن أن يقول على شيخه ما لم يقل. حدث أبو نعيم الفضل بن دكين عن شيخ له بحديث قال: فيه عن بحينة فقال أبو نعيم إنما هو ابن بحينة ولكنه قال: بحينة. وإذا كان من دون موضع الكلام الساقط معلوما أنه قد2 أتى به وإنما أسقطه من بعده ففيه وجه آخر وهو أن يلحق الساقط في موضعه من الكتاب مع كلمة يعنى كما فعل الخطيب الحافظ إذ3 روى عن أبي عمر بن مهدي عن القاضي المحاملي بإسناده عن عروة عن عمرة بنت عبد الرحمن يعنى عن عائشة4 أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدني إلي رأسه فأرجله. قال الخطيب كان في أصل ابن مهدي عن عمرة انها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدني إلي رأسه فألحقنا فيه ذكر عائشة إذ لم يكن منه بد وعلمنا أن المحاملي

_ 1 من خط وع، وفي ش: "من". 2 من خط وع، وليس في ش، ووقع في ع: "قد أوتي"بالواو وفي خط وش: "أتي" بدونها. 3 من ش وع، وفي خط: "إذا". 4 من خط و"الكفاية" "ص/371"، وفي شو ع: "تعني ... " بمثناة من فوق وسقط من ع لفظ "عن".

كذلك رواه وإنما سقط من كتاب شيخنا أبي عمر وقلنا فيه يعني1 عن عائشة لأجل أن ابن مهدي لم يقل لنا ذلك وهكذا رأيت غير واحد من شيوخنا يفعل في مثل هذا. ثم ذكر بإسناده عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه قال: سمعت وكيعا يقول أنا أستعين في الحديث بـ يعني قلت وهذا إذا كان شيخه قد رواه له علي الخطأ فأما إذا وجد ذلك في كتابه وغلب على ظنه أن ذلك من الكتاب لا من شيخه فيتجه ههنا إصلاح ذلك في كتابه وفي روايته عند تحديثه به معا. ذكر أبو داود أنه قال: لأحمد بن حنبل وجدت في كتابي حجاج عن جريج عن أبي الزبير يجوز لي أن أصلحه ابن جريج فقال أرجو أن يكون هذا لا بأس به. وهذا من قبيل ما إذا درس من كتابه بعض الإسناد او المتن فإنه يجوز له استدراكه من كتاب غيره إذا عرف صحته وسكنت نفسه إلى أن ذلك هو الساقط من كتابه وإن كان في المحدثين من لا يستجيز ذلك. وممن فعل ذلك نعيم بن حماد فيما روي عن يحيى بن معين عنه قال: الخطيب الحافظ ولو بين ذلك في حال الرواية كان أولى. وهكذا الحكم في استثبات الحافظ ما شك فيه من كتاب غيره او من حفظه وذلك مروي عن غير واحد من اهل الحديث منهم عاصم وأبو عوانة وأحمد بن حنبل. وكان بعضهم يبين ما ثبته فيه غيره فيقول حدثنا فلان وثبتنى فلان كما روي عن يزيد بن هارون أنه قال: أخبرنا2 عاصم وثبتني شعبة عن عبد الله بن سرجس. وهكذا الأمر فيما إذا وجد في أصل كتابه كلمة من غريب العربية أو غيرها غير

_ 1 من خط و"الكفاية" "ص/371"، وفي ش وع: "تعني.." بمثناة من فوق وسقط من ع لفظ "عن". 2 هكذا في خط وع، و"الكفاية" "ص/326": "أنا".

مقيدة وأشكلت عليه فجائز أن يسأل عنها أهل العلم بها ويرويها على ما يخبرونه به روي مثل ذلك عن إسحاق بن راهويه واحمد بن حنبل وغيرهما رضي الله عنهم. انتهى. قوله عن يزيد بن هارون كذا هو في مسند أحمد قال: ثنا يزيد بن هارون قال: انا عاصم بالكوفة فلم أكتبه فسمعت شعبة يحدث به فعرفته به عن عاصم عن عبد الله بن سرجس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر قال: "اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر" الحديث وفي غير المسند عن يزيد قال: أنا عاصم وثبتني شعبة. فإن بين أصل التثبيت ولم يبين من ثبته فلا بأس به فعله أبو داود في سننه عقيب حديث الحكم بن حزن1 فقال ثبتني في شيء منه بعض أصحابنا. قال الحادي عشر: إذا كان الحديث عند الراوي عن اثنين أو أكثر وبين روايتهما تفاوت في اللفظ والمعنى واحد كان له أن يجمع بينهما في الإسناد ثم يسوق الحديث على لفظ أحدهما خاصة ويقول أخبرنا فلان وفلان واللفظ لفلان أو2 وهذا لفظ فلان قال: أو قالا أنا3 فلان أو ما أشبه ذلك من العبارات. ول مسلم صاحب الصحيح مع هذا في ذلك عبارة أخرى حسنة مثل قوله حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو سعيد الأشج كلاهما عن أبي خالد قال: أبو بكر حدثنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش وساق الحديث فإعادته ثانيا ذكر أحدهما خاصة إشعار بأن اللفظ المذكور له. وأما إذا لم يخص أحدهما بالذكر بل أخذ من لفظ هذا ومن لفظ ذاك وقال أنا4 فلان وفلان وتقاربا في اللفظ قالا اخبرنا فلان فهذا غير ممتنع على مذهب تجويز الرواية بالمعنى. وقول أبي داود صاحب السنن حدثنا مسدد وأبو توبة المعنى قالا حدثنا

_ 1 في خطبة الجمعة راجع سنن أبي داود "1096". 2 من ش وع، وليس في خط. 3 هكذا في خط وفي ش وع: "أخبرنا". 4 هكذا في خط، وفي ش وع: "أخبرنا".

أبو الأحوص مع أشباه لهذا في كتابه يحتمل ان يكون من قبيل الأول فيكون اللفظ لمسدد ويوافقه أبو توبة1 في المعنى ويحتمل أن يكون من قبيل الثاني: فلا يكون قد أورد لفظ أحدهما خاصة بل رواه بالمعنى عن كليهما وهذا الاحتمال يقرب في قوله ثنا2 مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل المعنى واحد قالا ثنا أبان. وأما إذا جمع بين جماعة رواة قد اتفقوا في المعنى وليس ما اورده لفظ كل واحد منهم وسكت عن البيان لذلك3 فهذا مما عيب به البخاري و4 غيره ولا بأس به على مقتضى مذهب تجويز الرواية بالمعنى. وإذا سمع كتابا مصنفا من جماعة ثم قابل نسخته بأصل بعضهم دون بعض وأراد أن يذكر جميعهم في الإسناد ويقول واللفظ لفلان كما سبق فهذا يحتمل أن يجوز كالأول لأن ما أورده قد سمعه بنصه ممن ذكر5 أنه بلفظه ويحتمل ألا يجوز لأنه لا علم عنده بكيفية6 رواية الآخرين حتى يخبر عنها بخلاف ما سبق فإنه أطلع على رواية غير من نسب اللفظ إليه وعلى موافقتها7 من حيث المعنى فأخبر بذلك. انتهى. قوله فإعادته ثانيا ذكر أحدهما خاصة إشعار بان اللفظ المذكور له فيه نظر إذ يحتمل أنه أراد بإعادته بيان التصريح فيه بالتحديث وأن الأشج لم يصرح في روايته بالتحديث. وأبو خالد الأحمر هو سليمان بن حيان الجعفري الكوفي الأزدي. سمع يحيى الأنصاري وسليمان التيمي وأبا مالك الأشجعي والأعمش وخلقا غيرهم. روى عنه محمد بن يوسف وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وابو سعيد الأشج وغيرهم.

_ 1 وقع في خط "ثوبه" بالثاء المثلثة. 2 هكذا في خط وفي ش وع: "حدثنا". 2 هكذا في خط وفي ش وع: "حدثنا". 3 من ش وع، وفي خط "كذلك". 4 كذا في خط "و" وفي ش وع و"الشرح": "أو" بالهمزة"؟ 5 من خط وع ول، وفي ش: "ذكره"بالهاء. 6 من ش وع ول، "يكتفيه". 7 هكذا في خط وبعض نسخ المقدمة وفي باقي النسخ وع: "موافقتها" بالتثنية.

قال ابن معين ليس به بأس وفي رواية ثقة وقال أبو حاتم صدوق قال: ابن عدي له أحاديث صالحة وإنما أتي من سوء حفظه. مات سنة أربع وثمانين ومائة. قال الخطيب حدث عنه محمد بن إسحاق وحميد بن الربيع وبين وفاتيهما مائة وست سنين. روى له الجماعة. قال الثاني: عشر ليس له أن يزيد في نسب من فوق شيخه من رجال الإسناد على ما ذكره شيخه مدرجا عليه من غير فصل مميز. فإن اتى بفصل جاز مثل ان يقول هو ابن فلان الفلاني أو يعني ابن فلان ونحو ذلك. وذكر الحافظ أبو بكر البرقاني في كتاب اللقط له بإسناده عن علي ابن المديني قال: إذا حدثك الرجل فقال حدثنا فلان ولم ينسبه فأحببت1 أن تنسبه فقل حدثنا فلان أن فلان بن فلان حدثه. وأما إذا كان شيخه قد ذكر نسب شيخه أو صفته في أول كتاب2 أو جزء عند أول حديث منه واقتصر فيما بعده من الأحاديث على ذكر اسم الشيخ او بعض نسبه مثاله أن أروي جزءا عن الفراوي وأقول في أوله أخبرنا أبو بكر منصور بن عبد المنعم بن عبد الله الفراوي قال: أنا3 فلان وأقول في باقي أحاديثه أنا منصور أنا منصور4 فهل يجوز لمن سمع ذلك الجزء5 مني أن يروي عني الأحاديث التي بعد الحديث الأول متفرقة ويقول في كل واحد منها انا فلان قال: انا أبو بكر منصور بن عبد المنعم بن عبد الله الفراوي قال: انا فلان وإن لم أذكر له ذلك6 في كل واحد منها

_ 1 من ش وع ول، وفي خط "فاجتنب". 2 من ش وع، وفي خط: "كتابه". 3 هكذا في خط باختصار، وفي ش وع: "أخبرنا". 4 وضع الناسخ عليها علامة: "صح". 5 من خط وع، وليس في ش. 6 من خط وع،،، وليس في ش.

اعتمادا على ذكري له أولا. فهذا قد حكى الخطيب الحافظ عن أكثر أهل العلم انهم أجازوه وعن بعضهم أن الأولى أن يقول يعني ابن فلان. وروى بإسناده عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه كان إذا جاء اسم الرجل غير منسوب قال: يعني ابن فلان. وروى عن البرقاني بإسناده عن علي بن المديني ما قدمنا ذكره عنه. ثم ذكر أنه هكذا رأى أبا بكر احمد بن علي الأصبهاني نزيل نيسابور يفعل وكان أحد الحفاظ المجودين ومن اهل الورع والدين وانه سأله عن احاديث كثيرة رواها له قال: فيها اخبرنا أبو عمرو بن حمدان ان أبا يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي اخبرهم وأخبرنا أبو بكر بن المقرى أن إسحاق بن أحمد بن نافع حدثهم وأخبرنا1 أبو أحمد الحافظ ان أبا يوسف محمد بن سفيان الصفار اخبرهم فذكر له أنها احاديث سمعها قراءة على شيوخه في جملة نسخ نسبوا الذين حدثوهم بها في أولها واقتصروا في بقيتها على ذكر أسمائهم. قال وكان غيره يقول في مثل هذا أنا2 فلان قال: أخبرنا فلان3 هو ابن فلان ثم يسوق نسبه إلى منتهاه. قال وهذا الذي استحبه لأن قوما من الرواة كانوا يقولون فيما أجيز لهم أنا فلان أن فلانا حدثهم. قلت جميع هذه الوجوه جائز واولاها أن يقول هو ابن فلان أو يعني ابن فلان ثم أن يقول إن فلان بن فلان ثم أن يذكر المذكور في أول الجزء بعينه من غير فصل. الثالث عشر: جرت العادة بحذف قال: ونحوه فيما بين رجال الإسناد خطا ولا بد من ذكره حالة القراءة لفظا. ومما قد يغفل عنه من ذلك ما إذا كان في أثناء الإسناد قرىء على فلان أخبرك فلان فينبغي للقارىء ان يقول فيه قيل له أخبرك فلان ووقع في بعض

_ 1 هكذا في خط وع، وفي ش و"الكفاية" "ص/323": "وأنا". 2 هكذا في خط باختصار، وفي ش وع: "أخبرنا". 3 من ش وع و"الكفاية" وليس في خط وفي "الكفاية" "أنا" مكان "أخبرنا".

ذلك قرىء على فلان حدثنا فلان. فهذا يذكر فيه قال: فيقال قرىء على فلان قال: حدثنا فلان وقد جاء هذا مصرحا به خطا هكذا في بعض ما رويناه. وإذا تكررت كلمة قال: كما في قوله في كتاب البخاري حدثنا صالح بن حيان1 قال: قال عامر الشعبي حذفوا إحداهما في الخط وعلى القارىء أن يلفظ بهما جميعا. انتهى. هكذا قال: المصنف هنا أنه لا بد من النطق بقال لفظا ومقتضاه أنه لا يصح السماع بدونها وخالف المصنف ذلك في الفتاوي فإنه سئل فيها عن ترك القارىء قال: فقال هذا خطأ من فاعله والأظهر أنه لا يبطل السماع به لأن حذف القول جائز اختصارا جاء به القرآن. قال النووي ولو ترك القارىء قال: في هذا كله فقد أخطأ والظاهر صحة السماع. انتهى. ومنهم من يشير إلى لفظة قال: بالرمز بصورة ق ثنا ومنهم من يصلها بحدثنا فيكتب قثنا يريد قال: حدثنا وقد توهم بعضهم فيها2 أنها الواو التي يأتي بعدها التحويل وليس كذلك. قال الرابع عشر: النسخ المشهورة المشتملة على أحاديث بإسناد واحد كنسخة همام بن منبه عن أبي هريرة رواية عبد الرازق عن معمر عنه ونحوها من النسخ والأجزاء منهم من يجدد ذكر الإسناد في أول كل حديث منها. ويوجد هذا في كثير من الأصول القديمة وذلك أحوط. ومنهم من يكتفي بذكر الإسناد في أولها عند اول حديث منها أو في أول كل مجلس من مجالس سماعها ويدرج الباقي عليه ويقول في كل حديث بعده وبالإسناد او وبه وذلك هو الأغلب الأكثر. وإذا اراد من كان سماعه على هذا الوجه تفريق تلك الأحاديث ورواية كل حديث منها بالإسناد المذكور في أولها جاز له ذلك عند الأكثرين منهم وكيع

_ 1 من ش وع، وفي خط: "حبان" بموحدة. 2 في خط: "فيما" فصوبتها.

ابن الجراح ويحيى بن معين وأبو بكر الإسماعيلي. وهذا لأن الجميع معطوف على الأول فالإسناد المذكور أولا في حكم المذكور في كل حديث وهو بمثابة تقطيع المتن الواحد في أبواب بإسناده المذكور في أوله. ومن المحدثين من أبى إفراد شيء من تلك الأحاديث المدرجة بالإسناد المذكور اولا ورآه تدليسا. وسأل بعض اهل الحديث الأستاذ أبا إسحاق الإسفراييني1 الفقيه الأصولي عن ذلك فقال لا2 يجوز. وعلى هذا من كان سماعه على هذا الوجه فطريقة ان يبين ويحكي ذلك كما جرى كما فعله مسلم في صحيحه في صحيفة همام بن منبه نحو قوله حدثنا3 محمد بن رافع قال: اخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر4 عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة وذكر احاديث منها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن ادنى مقعد أحدكم في الجنة أن يقول له تمن" الحديث. وهكذا فعل كثير من المؤلفين. الخامس عشر: إذا قدم ذكر المتن على الإسناد أو ذكر المتن وبعض الإسنادثم ذكر الإسناد عقبه5 على الاتصال مثل أن يقول قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا؛ أو يقول روى عمرو بن دينار عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا؛ ثم يقول اخبرنا به فلان انا فلان ويسوق6 الإسناد إلى آخره7 حتى

_ 1 رسمت في خط بالياء آخر الحروف وفي ش وع "الأسفرائيني" بفتح الألف، وبالهمزة بدل المثناة وفي الأنساب للسمعاني: "الإسفرييني بكسر الألف وسكون السين المهملة وفتح الفاء والراء وكسر الياء المنقوطة باثنتين من تحتها هذه بالنسبة إلي إسفرايين.." 2 من ش وع، وليس في خط وراجع: "الشرح" وحاشية "المقدمة". 3 هكذا في خط وع ول، وفي ش: "أخبرنا" وفي صحيح مسلم "182/301" وحدثنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه؛ قال، هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها....." 4 هكذا في ع ول و "صحيح مسلم" وفي ش: "قال أنبأنا معمر" وفي خط: "أخبرنا معمر". 5 هكذا في خط وفي ش وع: "عقيبة". 6 من ش، وفي خط: "فلان أنا فلان، ويسوق" وفي ع: "فلان؛ ويسوق"سقط: قال أنا فلان". 7 من خط، وليس في ش وع.

يتصل بما قدمه فهذا يلتحق بما إذا قدم الإسناد في كونه يصير به مسندا للحديث لا مرسلا له فلو أراد من سمعه منه هكذا ان يقدم الإسناد ويذكر1 المتن ويلفقه كذلك فقد ورد عن بعض من تقدم من المحدثين أنه جوز ذلك. قلت ينبغي أن يكون فيه خلاف نحو الخلاف في تقديم بعض متن الحديث على بعض. وقد حكى الخطيب المنع من ذلك على القول بان الرواية على المعنى لا تجوز والجواز على القول بأن الرواية على المعنى تجوز ولا فرق بينهما في ذلك. وأما ما يفعله بعضهم من إعادة ذكر الإسناد في آخر الكتاب أو الجزء بعد ذكره أولا فهذا لا يرفع الخلاف الذي تقدم ذكره في إفراد كل حديث بذلك الإسناد عند روايتها لكونه لا يقع متصلا بكل واحد منها ولكنه يفيد تأكيدا واحتياطا ويتضمن إجازة بالغة من أعلى أنواع الإجازات. السادس عشر: إذا روى المحدث الحديث بإسناد ثم اتبعه بإسناد آخر وقال عند انتهائه مثله فأراد الراوي عنه أن يقتصر على الإسناد الثاني: ويسوق لفظ الحديث المذكور عقب2 الإسناد الأول فالأظهر المنع من ذلك. وروينا عن أبي بكر الخطيب رحمه الله قال: كان شعبة لا يجيز ذلك. وقال بعض أهل العلم يجوز ذلك إذا عرف3 أن المحدث ضابط متحفظ يذهب إلى تمييز الألفاظ وعد الحروف فإن لم يعرف ذلك منه لم يجز ذلك. وكان غير واحد من أهل العلم إذا روى مثل هذا يورد الإسناد ويقول مثل حديث قبله متنه كذا وكذا ثم يسوقه. وكذلك إذا كان المحدث قد قال: نحوه قال: وهذا هو الذي أختاره. أخبرنا أبو احمد عبد الوهاب بن أبي منصور علي بن علي البغدادي شيخ الشيوخ بها بقراءتي عليه بها قال: أنا4 والدي رحمه الله تعالى أنا5

_ 1 هكذا في خط، وفي ش وع: "ويؤخر". 2 هكذ افي خط، وفي ش وع: "عقيب". 3 علي حاشية خط: "علرف: كذا ضبط في الأصل الذي فيه سماع علي الخطيب" يعني: بضم العين 4 هكذا في خط، وفي ع، "أخبرنا" وفي ش: "أخبرني" 5 من خط، وفي ش: "قال أخبرنا"، وفي ع: "أخبرنا".

أبو محمد عبد الله بن محمد الصريفيني قال: أخبرنا أبو القاسم بن حبابة1 قال: ثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال: ثنا2 عمرو بن محمد الناقد قال: ثنا وكيع قال: قال شعبة فلان عن فلان مثله لا يجزىء قال: وكيع وقال سفيان الثوري يجزىء. وأما إذا قال: نحوه فهو في ذلك عند بعضهم كما إذا قال: مثله. و3 نبئنا بإسناد عن وكيع قال: قال سفيان إذا قال: نحوه فهو حديث وقال شعبة نحوه شك. وعن يحيى بن معين أنه اجاز ما قدمنا ذكره في قوله مثله ولم يجزه في قوله نحوه. قال الخطيب وهذا القول على مذهب من لم يجز الرواية على المعنى فأما على مذهب من اجازها فلا فرق بين مثله4 ونحوه. قلت هذا له تعلق بما رويناه عن مسعود بن علي السجزي أنه سمع الحاكم أبا عبد الله يقول أن مما يلزم الحديثي من الضبط والإتقان أن يفرق بين ان يقول مثله أو يقول نحوه فلا يحل له أن يقول مثله إلا بعد أن يعلم انهما على لفظ واحد ويحل أن يقول نحوه إذا كان على مثل معانيه. انتهى. حكى ثلاثة مذاهب فيما إذا روى الشيخ حديثا بإسناد له وذكر متن الحديث ثم أتبعه بإسناد آخر وحذف متنه وأحال به على المتن الأول بقوله مثله او نحوه فهل لمن سمع منه ذلك الحديث أن يقتصر على السند الثاني: ويسوق لفظ حديث السند الأول. أظهر المذاهب أنه لا يجوز والثاني: يجوز بشرط ان يكون الراوي لذلك ضابطا كما وصفه والثالث: يجوز في قوله مثله ولا يجوز في قوله نحوه. قال السابع: عشر إذا ذكر الشيخ إسناد الحديث ولم يذكر من متنه إلا طرفا ثم قال: وذكر الحديث او قال: وذكر الحديث بطوله فأراد الراوي عنه أن يروي عنه5

_ 1 ضبطها في خط – ضبط قلم – بفتح الحاء المهملة وفي حاشية بعض نسخ "المقدمة". "هذا صاحب البغوي". 2 هكذا في خط مختصرا وفي ش وع: "حدثنا". 2 هكذا في خط مختصرا وفي ش وع: "حدثنا". 3 من خط، وليس في ش وع. 4 من ش وع و"الكفاية" "ص/132"، وفي خط: "بين مذهب مثله". 5 من خط وع، وليس في ش.

الحديث بكماله وبطوله فهذا أولى بالمنع مما سبق ذكره في قوله مثله أو نحوه فطريقه أن يبين ذلك بأن يقتص ما ذكره الشيخ على وجهه ويقول قال: وذكر الحديث بطوله ثم يقول والحديث بطوله هو كذا وكذا ويسوقه إلى آخره. وسأل بعض أهل الحديث أبا إسحاق إبراهيم بن محمد الشافعي المقدم في الفقه والأصول عن ذلك فقال لا يجوز لمن سمع عليه هذا الوصف أن يروي الحديث بما1 فيه من الألفاظ على التفصيل. وسأل أبو بكر البرقاني الحافظ الفقيه أبا بكر الإسماعيلي الحافظ الفقيه عمن قرأ إسناد حديث على الشيخ ثم قال: وذكر الحديث هل يجوز ان يحدث بجميع الحديث. فقال إذا عرف المحدث والقارئ ذلك الحديث فأرجو أن يجوز ذلك والبيان أولى أن يقول كما كان. قلت إذا جوزنا ذلك فالتحقيق فيه أنه بطريق الإجازة فيما لم يذكره الشيخ لكنها إجازة أكيدة قوية من جهات عديدة فجاز لهذا مع كون أوله سماعا إدراج الباقي عليه من غير إفراد له بلفظ الإجازة. انتهى. قوله فهذا أولى بالمنع مما سبق ذكره أي من المسألة قبلها لأنه ساق فيها جميع المتن قبل ذلك بإسناد آخر وفي هذه الصورة لم يسق إلا بعض الحديث فكانت هذه أولى بالمنع مما سبق من المسألة قبلها. قال الثامن: عشر الظاهر أنه لا يجوز تغيير عن النبي إلى عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وكذا بالعكس وإن جازت الرواية بالمعنى فإن شرط ذلك أن لا يختلف المعنى والمعنى في هذا مختلف. وثبت عن عبد الله بن أحمد بن حنبل أنه رأى أباه إذا كان في الكتاب النبي فقال المحدث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ضرب وكتب عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال الخطيب أبو بكر هذا غير لازم وإنمااستحب أحمد اتباع المحدث في لفظه وإلا فمذهبه الترخيص في ذلك ثم ذكر بإسناده عن صالح بن أحمد بن حنبل قال: قلت لأبي يكون2 في الحديث قال: رسول الله صلي الله عليه وسلم فيجعل

_ 1 من ش وع، وفي خط "الما". 2 من ش وع، و"الكفاية" "ص/360" وفي خط: "لأبي بكر".

الإنسان: "قال النبي صلي الله عليه وسلم"؟ قال: أرجو ألا يكون به بأس وذكر الخطيب بسنده عن حماد بن سلمة أنه كان يحدث وبين يديه عفان وبهز فجعلا يغيران النبي صلي الله عليه وسلم من رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال لهما حماد أما أنتما فلا تفقهان1 أبدا. انتهى. قوله الظاهر أنه لا يجوز قال: النووي الصواب والله أعلم جوازه لأنه لا يختلف به هنا معنى وهذا مذهب الإمام احمد بن حنبل وحماد بن سلمة و2الخطيب. انتهى. وأيضا فإن لفظ النبي والرسول وإن اختلفا إلا أن المقصود هنا تعريف القائل بأي وصف عرف به واشتهر ولا سيما إذا جوزنا الرواية بالمعنى. وأما ما استدل به بعض من اختصر كلام المصنف من حديث البراء بن عازب في الصحيح حين علمه صلي الله عليه وسلم ما يدعو به عند النوم من قوله: "آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت" فقال البرآء يستذكرهن3 وبرسولك الذي أرسلت فقال صلي الله عليه وسلم: "لا بل ونبيك الذي أرسلت" فإنه لا حجة فيه على منع ذلك في الرواية لأن ألفاظ الأذكار توقيفية في تعيين اللفظ وتقدير الثواب وربما كان في اللفظ سر ليس في لفظ آخر يرادفه. وأيضا يحتمل أنه أراد الجمع بين وصفه بالنبوة وبالرسالة معا. قال التاسع: عشر إذا كان سماعه على صفة فيها بعض الوهن فعليه أن يذكرها في حالة الرواية فإن في إغفالها نوعا من التدليس وفيما مضى لنا أمثلة لذلك ومن أمثلته ما إذا حدثه المحدث من حفظه في حالة المذاكرة فليقل حدثنا فلان مذاكرة او حدثنا في المذاكرة فقد كان غير واحد من متقدمي العلماء يفعل ذلك وكان جماعة من حفاظهم4 يمنعون من أن يحمل عنهم في المذاكرة شيء منهم عبد الرحمن بن مهدي وأبو زرعة الرازي.

_ 1 ضبطها في خط يضم القاف. 2 من التقريب للنووي "2/122 – مع التدريب"، وليس في خط. 3 من ع، وهو في خطإلحاق لم يظهر منه موضع النقط: "آمنت بكتابك الذي أنزلت ... فقال البراء...." 4 من ش وع، وفي خط: "حفاظه".

ورويناه عن ابن المبارك وغيره. وذلك لما قد يقع فيها من المساهلة مع أن الحفظ خوان ولذلك امتنع جماعة من أعلام الحفاظ من رواية ما يحفظونه إلا من كتبهم منهم أحمد ابن حنبل رضي الله عنه1. العشرون إذا كان الحديث عن رجلين أحدهما مجروح مثل أن يكون عن ثابت البناني وأبان بن أبي عياش عن أنس فلا يستحسن إسقاط المجروح من الإسناد والاقتصار على ذكر الثقة خوفا من أن يكون فيه عن المجروح شيء لم يذكره الثقة. قال نحوا من ذلك أحمد بن حنبل ثم الخطيب أبو بكر قال: الخطيب وكان مسلم بن الحجاج في مثل هذا ربما أسقط المجروح من الإسناد ويذكر الثقة ثم يقول وآخر كناية عن المجروح قال: وهذا القول لا فائدة فيه. قلت وهكذا ينبغي إذا كان الحديث عن رجلين ثقتين ألا يسقط أحدهما منه لتطرق مثل الاحتمال المذكور إليه وإن كان محذور الإسقاط فيه أقل ثم لا يمتنع ذلك في الصورتين امتناع تحريم لأن الظاهر اتفاق الراويين2. وما ذكر من الاحتمال نادر بعيد فإنه من الإدراج الذي لا يجوز تعمده كما سبق في نوع المدرج. الحادي والعشرون: إذا سمع بعض حديث من شيخ وبعضه ممن شيخ آخر فخلطه ولم يميزه وعزا الحديث جملة إليهما مبينا ان عن أحدهما بعضه وعن الآخر بعضه فذلك جائز كما فعل الزهري في حديث الإفك حيث رواه عن عروة وابن3 المسيب وعلقمة بن وقاص الليثي وعبيد الله بن عبد الله ابن عتبة عن عائشة وقال وكلهم حدثني طائفة من حديثها قالوا قالت الحديث. ثم إنه ما من شيء من ذلك الحديث إلا وهو4 في الحكم كأنه رواه عن أحد

_ 1 هكذا في خط بالإفراد، وفي ش وع: "عنهم أجمعين". 2 كذا في خط وع وبعض نسخ "المقدمة"وفي ش ول: "الروايتين". 3 من ش وع، وفي خط: "عروة بن المسيب". 4 من ش وع، وفي خط "وقد".

الرجلين على الإبهام حتى إذا كان أحدهما مجروحا لم يجز الاحتجاج بشيء من ذلك الحديث. وغير جائز لأحد بعد اختلاط ذلك أن يسقط ذكر أحد الراويين ويروي الحديث عن الآخر وحده بل يجب ذكرهما جميعا مقرونا بالإفصاح بأن بعضه عن أحدهما وبعضه عن الآخر. انتهى. قوله وفيما مضى لنا أمثلة لذلك أي كأن يسمع من غير أصل أو كان هو أو شيخه يتحدث في وقت القراءة أو ينسخ أو ينعس او كان سماع شيخه أو سماعه هو بقرآءة لحان أو مصحف أو كتابة التسميع بخط من فيه نظر أو نحو ذلك. فإن لم يبين ذلك وإلا فهو نوع تدليس1. وقوله: فلا يستحسن إسقاط المجروح وهو أبان والثقة ثابت أي إذا كان الحديث عن اثنين فإنه يجوز2 ذكر ثقة منهما وإسقاط الآخر ثقة كان أو ضعيفا وهذا صنيع مسلم في ابن لهيعة غالبا وأما أحمد بن حنبل فإنه لا يسقطه بل يذكره. واعترض على قوله وغير جائز3 لأحد بعد اختلاط ذلك أن يسقط ذكر أحد الراويين بأن البخاري أسقط ذكر احد شيخيه او شيوخه في مثل هذه الصورة واقتصر على ذكر شيخ واحد وقال في كتاب الرقاق من صحيحه في باب: "كيف كان عيش النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه وتخليهم من4 الدنيا" حدثني أبو نعيم بنصف5 من هذا الحديث ثنا عمر بن ذر6 ثنا مجاهد أن أبا هريرة

_ 1 كذا في خط والظاهر أن الصواب: "فإن بين ذلك وإلا....." أو: "فإن لم يبين ذلك فهو ... ". 2 كذا في خط وراجع ما مضي، "و"الشرح" وراجع كذلك: "علوم الحديث" "2/421 – مع الباعث". 3 من ش وع، وفي خط: "وغيرهما يزا"، وسبق في "متن المقدمة" علي الصواب. 4 هكذا في خط وع، وغيرهما وفي "فتح الباري" "11:286" بالعين بدل الميم. 5 كذا في خط وع و"التدريب" "2/124"، وفي "صحيح البخاري": "بنحو من نصف". 6 من ع،،، ومثله في صحيح البخاري "6452" و"تحفة الشراف" "10/315" و"تغليق التعليق" "5/169 – 170" "6452" وهو في مسند أحمد "2/515" وأطرافه "8/21" "10166" وقد ورد من طرق عن عمر بن ذر راجعه مع تخريجه في صحيح ابن حبان "6535 – ط: الأرنؤوط". ووقع في خط و"التدريب": "عمرو بن دينار" – كذا.

كان يقول الله1 الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع الحديث. ورد بأن الممتنع إنما هو إسقاط بعض شيوخه وإيراد جميع الحديث عن بعضهم لأنه حينئذ يكون قد حدث عن المذكور ببعض ما لم يسمعه منه فأما إذا بين أنه2 لم يسمع منه إلا بعض الحديث كما فعل البخاري هنا فليس بممتنع وقد بين البخاري في موضع آخر من صحيحه القدر الذي سمعه من أبي نعيم من هذا الحديث او بعض ما سمعه منه فقال في كتاب الاستئذان حدثنا أبو نعيم حدثنا عمر3 بن ذر ح وحدثنا4 محمد بن مقاتل أنا5 عبد الله أنا عمر بن ذر حدثنا6 مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: دخلت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم فوجد لبنا في قدح فقال: "أبا الحق أهل الصفة فادعهم إلي". قال فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم فدخلوا. وهذا7 هو بعض حديث أبي نعيم الذي ذكره في الرقاق واما بقية الحديث فيحتمل ان البخاري أخذه من كتاب أبي نعيم وجادة او أجازه له أو سمعه من شيخ آخر غير أبي نعيم إما محمد بن مقاتل الذي يروي عنه في الاستئذان بعضه او غيره. ولم يبين ذلك بل اقتصر على اتصال بعض الحديث من غير بيان ولكن ما قطعة منه إلا وهي محتملة لأنها غير متصلة بالسماع إلا القطعة التي صرح

_ 1 هكذا في خط و"صحيح البخاري" وفي ع: "آلله" بالمد وفي التدريب "والله". 2 من ع و "التدريب"وفي خط: "إذا لم يبين أنه ... ". 3 من ع ووصحيح البخاري "6246" وفي خط و"التدريب" عمرو بالواو. 4 هكذا في خط وع، وفي الصحيح "ذر. وحدثني". 5 هكذا في خط و "التدريب" وفي ع: "أنبأنا" وفي "الصحيح": "أخبرنا". 6 من خط: "أنا عمرو بن دينار وحدثنا" كذا ومثله في "التدريب" وفي ع: "أنبأنا عمر بن ذر أنبأنا" وفي الصحيح أخبرنا عمر بن ذر أخبرنا وراجع ما سبق قبل خمسة حواش. 7 هكذا في خط وفي ع، و"التدريب": "فهذا" بالفاء.

البخاري في الاستئذان باتصالها. وقوله: حتى إذا كان أحدهما مجروحا لم يجز الاحتجاج بشئ من ذلك الحديث أي لأنه ما من قطعة من الحديث إلا ويجوز ان تكون عن المجروح فيجب طرح جميعه إلا أن يبين ذلك كما تقدم.

النوع السابع والعشرون: معرفة آداب المحدث

النوع السابع والعشرون: معرفة آداب المحدث وقد مضى طرف منها اقتضته الأنواع التي قبله. علم الحديث علم شريف يناسب مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم وينافر مساوئ الأخلاق ومشاين الشيم وهو من علوم الآخرة لا من علوم الدنيا فمن أراد التصدي لإسماع الحديث أو لإفادة شئ من علومه فليقدم تصحيح النية وإخلاصها وليطهر قلبه من الأغراض الدنيوية وأدناسها وليحذر بلية حب الرياسة ورعوناتها وقد اختلف في السن الذي إذا بلغه استحب له التصدي لإسماع الحديث والانتصاب لروايته. والذي نقوله إنه متى احتيج إلى ما عنده استحب له التصدي لروايته ونشره في أي سن كان. وروينا عن القاضي أبي محمد بن خلاد أنه قال: الذي يصح عندي من طريق الأثر والنظر في الحد الذي إذا بلغه الناقل أحسن به أن يحدث هو ان يستوفي الخمسين لأنها انتهاء الكهولة وفيها مجتمع الأشد. قال سحيم بن وثيل. أخو خمسين مجتمع أشدي ... ونجذني مداورة الشئون قال وليس بمنكر أن يحدث عند استيفاء الأربعين لأنهما حد الاستواء ومنتهى الكمال، نبئ رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو ابن أربعين؛ وفي الأربعين تتناهى عزيمة الإنسان وقوته ويتوفر عقله ويجود1 رأيه.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "ويجوزد".

وأنكر القاضي عياض ذلك على ابن خلاد وقال كم من السلف المتقدمين ومن بعدهم من1 المحدثين من لم ينته إلى هذا الشيء ومات قبله وقد نشر من الحديث والعلم ما لا يحصى! هذا عمر بن عبد العزيز توفي ولم يكمل الأربعين وسعيد بن جبير لم يبلغ خمسين2 وكذلك إبراهيم النخعي وهذا مالك بن أنس جلس للناس ابن نيف وعشرين سنة3 وقيل ابن سبع عشرة سنة والناس متوافرون وشيوخه أحياء وكذلك محمد بن إدريس الشافعي قد أخذ عنه العلم في سن الحداثة وانتصب لذلك. قلت ما ذكره ابن خلاد غير4 مستنكر وهو محمول على أنه قاله فيمن يتصدى للتحديث5 ابتداء من نفسه من غير براعة في العلم تعجلت له قبل السن الذي ذكره فهذا إنما ينبغي له ذلك بعد استيفاء السن المذكور فإنه مظنة الاحتياج إلى ما عنده. وأما الذين ذكرهم عياض ممن حدث قبل ذلك فالظاهر ان ذلك لبراعة منهم في العلم تقدمت ظهر لهم معها الاحتياج إليهم فحدثوا قبل ذلك أو لأنهم سئلوا ذلك إما بصريح السؤال أو بقرينة الحال. وأما السن الذي إذا بلغه المحدث انبغى له الإمساك عن التحديث فهو السن الذي يخشى عليه فيه من الهرم والخرف ويخاف عليه فيه أن يخلط ويروي ما ليس من حديثه والناس في بلوغ هذا السن يتفاوتون بحسب اختلاف أحوالهم وهكذا إذا عمي وخاف أن6 يدخل عليه ما ليس من حديثه فليمسك عن الرواية. وقال ابن خلاد و7أعجب إلي أن يمسك في الثمانين لأنه حد الهرم

_ 1 من خط وع، وليس في ش. 2 هكذا في خط وفي ش وع: "يبلغ الخمسين"، وتحرف في ش إلي "يبلغ" بباءين فليصلح. 3 من خط، وليس في ش وع. 3 من خط، وليس في ش وع. 4 من ش وع ول، وليس في خط. 5 من ش وعو ل، وفي خط"للحديث". 6 من ش وع، وفي خط" "وخاف عليه أن". 7 من خط،،، وليس في ش وع.

فإن كان عقله ثابتا ورأيه مجتمعا يعرف حديثه ويقوم به وتحرى أن يحدث احتسابا رجوت له خيرا. ووجه ما قاله أن من بلغ الثمانين ضعف حاله في الغالب وخيف عليه الاختلاط والاختلال1 وألا يفطن له إلا بعد ان يخلط كما اتفق لغير واحد من الثقات منهم2 عبد الرزاق وسعيد بن أبي عروبة وقد حدث خلق بعد مجاوزة هذا السن فساعدهم التوفيق وصحبتهم السلامة منهم أنس بن مالك وسهل بن سعد وعبد الله بن أبي أوفي من الصحابة ومالك والليث ابن سعد وابن عيينة وعلي بن الجعد في عدد جم3 من المتقدمين والمتأخرين ومنهم4 غير واحد حدثوا بعد استيفاء مائة سنة منهم الحسن بن عرفة وأبو القاسم البغوي وأبو إسحاق الهجيمي والقاضي أبو الطيب الطبري رضي الله عنهم. ثم إنه لا ينبغي للمحدث أن يحدث بحضرة من هو أولى منه بذلك وكان إبراهيم والشعبي إذا اجتمعا لم يتكلم إبراهيم بشئ. وزاد بعضهم فكره الرواية ببلد فيه من المحدثين من هو أولى منه لسنه أو لغير ذلك. روينا5 عن يحيى بن معين قال: إذا حدثت في بلد فيه مثل أبي مسهر فيجب للحيتي أن تحلق. وعنه أيضا إن الذي يحدث بالبلد6 وفيها من هو أولى بالتحديث منه أحمق. وينبغي للمحدث إذا التمس منه ما يعلمه عند غيره في بلده أو غيره بإسناد أعلى من إسناده أو7 أرجح من وجه آخر أن يعلم الطالب به ويرشده إليه فإن الدين النصيحة. ولا يمتنع من تحديث أحد لكونه غير صحيح النية فيه فإنه يرجى له حصول

_ 1 هكذا في خط، وفي ش وع: "الإختلال والإخلال". 2 هكذا في ش وع، وفي خط: "ومنهم". 3 من ش وع، وفي خط: "عدة وجم من". 4 هكذا في خط وفي ش وع: "وفيهم". 5 ضبط خط. 6 هكذا في خط، وفي ش وع: "البلدة". 7 من ش وع وفي خط: "و" بالواو فقط.

النية من بعد. روينا عن معمر قال: كان يقال إن الرجل ليطلب العلم لغير الله فيأبي عليه العلم حتى يكون لله. وليكن حريصا على نشره مبتغيا جزيل أجره وقد كان في السلف رضي الله عنهم من يتألف الناس على حديثه منهم عروة بن الزبير رضي الله عنهما. وليقتد بمالك فيما أخبرناه أبو القاسم الفراوي بنيسابورنا1 أبو المعالي الفارسي أنا2 أبو بكر البيهقي الحافظ أنا3 أبو عبد الله الحافظ أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني ثنا4 جدي ثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: كان مالك بن أنس إذا أراد أن يحدث توضأ وجلس على صدر فراشه وسرح لحيته وتمكن في جلوسه بوقار وهيبة وحدث فقيل له في ذلك فقال أحب أن أعظم حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا أحدث إلا على طهارة متمكنا. وكان يكره أن يحدث في الطريق أو وهو قائم أو يستعجل وقال أحب أن أتفهم ما أحدث به عن رسول الله صلي الله عليه وسلم. وروي أيضا عنه أنه كان يغتسل لذلك ويتبخر ويتطيب فإن رفع أحد صوته في مجلسه زجره و5قال قال: الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} فمن رفع صوته عند حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم فكأنما رفع صوته فوق صوته6. وروينا أو بلغنا عن محمد بن أحمد بن عبد الله الفقيه أنه قال: "القارئ لحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا قام لأحد فإنه تكتب عليه خطيئة". ويستحب له مع أهل مجلسه ما ورد عن حبيب بن أبي ثابت أنه قال: إن

_ 1 هكذا في خط وفي ش: "بنيسابورقال: نا" وهكذا في سائر الإسناد يذكر لفظ "قال" ولم يرد في خط، وورد في "ع"في بعض مواضع الإسناد دون أخري وفي ع: "وأخبرنا" مكان "نا". 2 هكذا في خط وش، وفي ع: "أخبرنا". 3 هكذا في خط وش، وفي ع: "أنبأنا". 4 من خط وفي ش في كليهما: "نا" وفي ع "حدثنا". 4 من خط وفي ش في كليهما: "نا" وفي ع "حدثنا". 5 من خط وع، وسقطت من ش. 6 في ش وع: " ... فوق صوت رسول الله صلي الله عليه وسلم".

من السنة إذا حدث الرجل القوم أن يقبل عليهم جميعا. ولا يسرد الحديث سردا يمنع السامع من إدراك بعضه وليفتح مجلسه وليختمه1 بذكر ودعاء يليق بالحال. ومن أبلغ ما يفتتحه2 به أن يقول الحمد لله رب العالمين أكمل الحمد على كل حال والصلاة والسلام الأتمان على سيد المرسلين كلما ذكره الذاكرون وكلما غفل عن ذكره الغافلون اللهم صل عليه وعلى آله وسائر النبيين وآل كل وسائر الصالحين نهاية ما ينبغي أن يسأله السائلون. ويستحب للمحدث العارف عقد مجلس لإملاء الحديث فإنه من أعلى مراتب الراوين والسماع فيه من أحسن وجوه التحمل وأقواها. وليتخذ مستمليا يبلغ عنه إذا كثر الجمع فذلك دأب أكابر المحدثين المتصدين لمثل ذلك. وممن روي عنه ذلك مالك وشعبة ووكيع وأبو عاصم ويزيد بن هارون في عدد كثير من الأعلام السالفين. وليكن مستمليه محصلا3 متيقظا كيلا يقع في مثل ما روينا ان يزيد بن هارون سئل عن حديث فقال حدثنا به عدة فصاح به مستمليه يا أبا خالد عدة ابن من فقال له عدة ابن فقدتك. وليستمل على موضع مرتفع من كرسي أو نحوه فإن لم يجد استملى قائما وعليه أن يتبع لفظ المحدث فيؤديه على وجهه من غير خلاف والفائدة في استملاء المستملي توصل من يسمع4 لفظ المملي على بعد منه إلى تفهمه وتحققه بإبلاغ المستملي وأما من لم يسمع إلا لفظ المستملي فليس يستفيد بذلك جواز روايته لذلك عن المملي مطلقا من غير بيان للحال فيه وفي هذا كلام قد تقدم في النوع الرابع والعشرين. ويستحب افتتاح المجلس بقراءة قارئ لشيء من القرآن العظيم فإذا فرغ استنصت

_ 1 هكذا في خط، وفي ش وع: "وليختتمه" بتاءين. 2 من خط وع، وفي ش: "يفتتح". 3 من ش وع، وليست في خط، وهي في "تقريب النووي" فراجعه. 4 من ش وع، وفي خط: "سمع".

المستملي أهل المجلس إن كان فيه لغط1 ثم يبسمل ويحمد الله تبارك وتعالى ويصلي على رسول الله صلي الله عليه وسلم ويتحرى الأبلغ في ذلك ثم يقبل على المحدث ويقول من ذكرت أو ما ذكرت رحمك الله أو غفر الله لك او نحو ذلك. وكلما انتهى إلى ذكر النبي صلي الله عليه وسلم صلي عليه وذكر الخطيب أنه يرفع صوته بذلك وإذا انتهى إلى ذكر الصحابي قال: رضي الله عنه. ويحسن بالمحدث الثناء على شيخه في حال2 الرواية عنه بما هو أهل له فقد فعل ذلك غير واحد من السلف والعلماء. كما روي عن عطاء بن أبي رباح أنه كان إذا حدث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: حدثني البحر وعن وكيع أنه قال: حدثنا سفيان أمير المؤمنين في الحديث وأهم من ذلك الدعاء له عند ذكره فلا يغفلن عنه ولا بأس بذكر من يروي عنه بما يعرف به من لقب كـ غندر لقب محمد بن جعفر صاحب شعبة ولوين لقب محمد بن سليمان المصيصي3. أو نسبته إلى أم يعرف4 بها كـ يعلي بن منية الصحابي وهو ابن أمية ومنية أمه وقيل جدته ام أبيه. أو وصف بصفة نقص في جسده عرف بها5 كـ سليمان الأعمش عاصم الأحول إلا ما يكرهه من ذلك كما في إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن علية وهي أمه وقيل أم أمه. روينا عن يحيى بن معين أنه كان يقول حدثنا إسماعيل ابن علية فنهاه أحمد بن حنبل وقال قل إسماعيل بن إبراهيم فإنه بلغني أنه كان يكره أن ينسب إلى أمه فقال قد قبلنا منك يا معلم الخير.

_ 1 في حاشية خط "لغط بالتسكين أفصح، وبالفتح أشهر" وهذه حاشية لابن الضلاح رحمه الله. راجع: حاشية "المقدمة". 2 في ش وع: "حالة". 3 في حاشية خط: "المصيصي: التحفيف أعرف عند أهل اللغة، والتثقيل أعرف عند المحدثين". 4 في ش وع: "نسبة إلي أم عرف". 5 هكذا في خط وع، وفي ش: "به".

وقد استحب للمملي أن يجمع في إملائه بين الرواية عن جماعة من شيوخه مقدما للأعلى إسنادا أو الأولى من وجه آخر ويملي عن كل شيخ منهم حديثا واحدا ويختار ما علا سنده وقصر متنه فإنه أحسن وأليق وينتقي ما يمليه1 ويتحرى المستفاد منه وينبه على ما فيه من فائدة وعلو وفضيلة ويتجنب ما لا تحتمله عقول الحاضرين وما يخشى فيه من دخول الوهم عليهم في فهمه. وكان من عادة غير واحد من المذكورين ختم الإملاء بشئ من الحكايات والنوادر والإنشادات بأسانيدها وذلك حسن2. وإذا قصر المحدث عن تخريج ما يمليه فاستعان ببعض حفاظ وقته فخرج له فلا بأس بذلك قال: الخطيب كان جماعة من شيوخنا يفعلون ذلك. وإذا نجز3 الإملاء فلا غنى عن مقابلته وإتقانه وإصلاح ما فسد منه بزيغ القلم وطغيانه. هذه عيون من آداب المحدث اجتزأنا بها معرضين عن التطويل بما ليس من مهماتها أو هو ظاهر ليس من مشتبهاتها4. انتهى. قوله فليقدم تصحيح النية وإخلاصها أي للحديث الصحيح "إنما الأعمال بالنيات". وقال سفيان الثوري قلت لحبيب بن أبي ثابت حدثنا قال: حتى تجئ النية وقيل لأبي الأحوص سلام بن سليم حدثنا فقال ليست لي نية فقالوا له إنك تؤجر فقال5: تمنوني الخير الكثير وليتني ... نجوت كفافا لا علي ولا ليا

_ 1 من ش وع، وفي خط: "يمكنه". 2 ورأيت ابن الصلاح رحمه الله بفعله في "أماليه" "الجزء الثالث – المخطوطة الزهرية"، وسبقه إلي ذلك جماعة منهم: "أبو موسي المديني" في كتابه: "الطائف المعارف" المخطوطة الظاهرية. 3 في حاشية خط: "نجز بكسر الجيم بمعني انقضي وأ/ابالفتح كما تقول العامة فمعناه حضر وليس هذا موضعه" وهذه حاشية ابن الصلاح رحمه الله راجع: حاشية "المقدمة" وستأتي الإشارة إلي ذلك إ، شاء الله تعالي. 4 من ش وع، وفي خط: "مستبهماتها". 5 من "الجامع" للخطيب "1/316"، ول و "التدريب" "2/127"، وليست في خط.

قوله فإنه يرجى له حصول النية روي عن الثوري أنه قال: ما كان في الناس أفضل من طلبة الحديث فقال له ابن مهدي يطلبونه بغير نية قال: طلبهم إياه نية. وعن حبيب بن أبي ثابت ومعمر بن راشد أنهما قالا طلبنا الحديث وما لنا فيه نية ثم رزق الله عز وجل النية بعد. قوله وشيوخه أحياء أي شيوخ مالك كربيعة وابن شهاب وابن هرمز ونافع ومحمد بن المنكدر وغيرهم وقد سمع منه ابن شهاب حديث الفريضة. قوله وأنكر القاضي عياض ذلك على ابن خلاد ويعضد ما قاله القاضي عياض ما روي عن محمد بن بشار بندار أنه حدث وهو ابن ثماني عشرة سنة. وعن أبي بكر الأعين قال: كتبنا عن محمد بن إسماعيل البخاري على باب محمد بن يوسف الفريابي وما في وجهه من شعرة. قال الخطيب وقد حدثت أنا ولي عشرون سنة1 كتب عني شيخنا أبو القاسم الأزهري أشياء في سنة اثنتي عشرة وأربعمائة. وحدث الحافظ أبو العباس أحمد بن مظفر وسنه ثماني عشرة سنة سمع منه الحافظ أبو عبد الله الذهبي سنة ثلاث وتسعين وستمائة وحدث عنه في معجمه بحديث من الأفراد للدارقطني وقال عقبه أملاه علي ابن مظفر وهو أمرد. وحدث شيخنا أبو الثناء محمد بن خليفة المنبجي وله عشرون سنة سمع منه الشيخ تقي الدين أحاديث من فضائل القرآن لأبي عبيد. قال الحافظ زين الدين العراقي وسمع علي صاحبنا أبو محمود محمد بن إبراهيم المقدمي2 ولي عشرون سنة سنة خمس وأربعين وشيخنا الحافظ عماد الدين بن كثير حدثنا من أمالي ابن شمعون ولم أكمل يومئذ ثلاثين سنة سنة أربع وخمسين بدمشق. قال: وهذا ونحوه من رواية الأكابر عن الأصاغر.

_ 1 راجع: "الجامع"للخطيب "1/325". 2 هكذا في خط وفي ل: "المقدشي" بالسين المهملة بدل الميم.

قوله في كلام ابن خلاد أن يحدث احتسابا قال: كالحضرمي وموسى وعبدان قال: ولم أر أن1 بفهم أبي خليفة وضبطه بأسا مع سنه. وحدث من الصحابة بعد الثمانين أنس وعبد الله بن أبي أوفى وسهل بن سعد في آخرين. ومن التابعين شريح القاضي ومجاهد والشعبي في آخرين. ومن أتباعهم مالك والليث وابن عيينة في آخرين. وعن مالك قال: إنما يخرف2 الكذابون. وممن حدث بعد المائة من الصحابة حكيم بن حزام. ومن التابعين شريك بن عبد الله النمري. وممن بعدهم الحسن بن عرفة وأبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي وأبو إسحاق إبراهيم بن علي الهجيمي حدث وهو ابن مائة وثلاث سنين والقاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري والحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي وغيرهم. ولم يتغير أحد منهم وقرأ القارئ يوما على الهجيمي بعد أن جاوز المائة وأراد اختباره بذلك: إن الجبان حتفه من فوقه ... كالكلب يحمي جلده بروقه فقال له الهجيمي: قل الثور يا ثور فإن الكلب لا روق له ففرح الناس بصحة عقله وجودة حسه قال الجوهري: والروق: القرن: قوله: ولا يسرد الحديث لما في الصحيحين من حديث عائشة قالت: "إن النبي صلي الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث كسردكم".

_ 1 ليست في "الشرح" وراجعه لفهم السياق 2 من ل و "التدريب" وفي خط: "يخوف".

زاد الترمذي ولكنه كان يتكلم بكلام بين فصل يحفظه من جلس إليه وقال حديث حسن صحيح. قوله وليتخذ مستمليا يبلغ عنه أي لما روينا في سنن أبي داود والنسائي من حديث رافع بن عمرو قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يخطب الناس بمنى حين ارتفع الضحى على بغلة شهباء وعلي رضي الله عنه يعبر عنه. فإن تكاثر الجمع بحيث لا يكتفي بمستمل واحد اتخذ مستمليين فأكثر. روي أن أبا مسلم الكجي أملى في رحبة حسان 1وكان في مجلسه سبعة مستمليين2 يبلغ كل واحد صاحبه الذي يليه وكتب الناس عنه قياما بأيديهم المحابر ثم فتحت الرحبة وحسب من حضر بمحبرة فبلغ ذلك نيفا وأربعين ألف محبرة سوى النظارة. وروي ان مجلس عاصم بن علي كان يحزر بأكثر من مائة ألف إنسان وكان يستملي عليه هارون الديك وهارون مكحلة. قال الخطيب ويستحب استفتاح المجلس بسورة من القرآن. ثم روى بإسناده إلى أبي نضرة قال: كان أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا اجتمعوا تذاكروا العلم وقرأوا سورة. وحيث احتيج إلى الاستنصات استنصت المملي الناس لما في الصحيحن من حديث جرير أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: له في حجة الوداع: "استنصت الناس". ثم يقبل على الشيخ قائلا له من ذكرت أي من الشيوخ أو ما ذكرت أي من الأحاديث. وقال يحيى بن أكثم نلت القضاء وقضاء القضاة والوزارة وكذا وكذا ما سررت بشيء مثل قول المستملي من ذكرت رحمك3 الله. واعترض على قوله وأما من لم يسمع إلا لفظ المستملي فليس يستفيد بذلك جواز روايته إلى آخره بانه حكى في النوع الرابع: والعشرين في جواز

_ 1 هكذا في خط وفي ل و "التدريب": "رحبة غسان" بالغين المعجمة بدل الحاء المهملة. 2 هكذا في خط وفي التدريب "سبعة مستلمون". 3 من ل و "الجامع للخطيب" "2/71"، وفي خط: "وحمد.

الرواية بذلك قولين واستبعد الجواز والصواب كما تقدم أنه إن كان المملي سمع لفظ المستملي فحكم المستملي حكم القارئ على الشيخ فيجوز لسامع المستملي أن يرويه عن الملي لكن لا يجوز أن يقول سمعت ولا أخبرني فلان إملاء إنما يجوز ذلك لمن سمع لفظ المملي ويجوز أن يقول أخبرنا فلان ويطلق ذلك على الصحيح. وهل يجوز أن يقيد ذلك بقوله قرآءة عليه. يحتمل أن يقال بالجواز لأن المستملي كالقارىء على الشيخ ويحتمل ان لا يجوز ذلك لأن موضوع1 المستملي تبليغ ألفاظ الشيخ وليس قصده القرآءة على الشيخ والأول أظهر. واعترض أيضا على قوله كيعلى بن منية وهي أمه وقيل جدته ام أبيه مع أنه اقتصر في النوع السابع والخمسين على أنها جدته وحكاه عن الزبير بن بكار وكذا جزم به أبو نصر2 بن ماكولا وخطأه ابن عبد البر فقال هي أمه وهو الصواب كما قاله الطبري وأبو الحجاج المزي فالصواب ما قاله هنا ولا اعتراض. ولا بأس بوصف شيخه بوصف حسن كقول أبي مسلم الخولاني حدثني الحبيب الأمين أما هو إلي فحبيب وأما هو عندي فأمين عوف بن مالك رواه مسلم. وكقول مسروق حدثتني الصديقة3 بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرأة. وكقول عطاء بن أبي رباح حدثني البحر يعني ابن عباس. وكقول الشعبي حدثني الربيع بن خثيم وكان من معادن الصدق. وكقول ابن عيينة حدثنا أوثق الناس أيوب. وكقول شعبة حدثني سيد الفقهاء أيوب. وقال وكيع حدثنا سفيان أمير المؤمنين في الحديث. وقال ابن خزيمة ثنا من لم تر عيناي مثله محمد بن أسلم الطوسي.

_ 1 كذا في خط وع، والأشبه: "مقصد". 2 هكذا في ع، وفي خط: "أبو نصير" بالتصغير. 3 من ل و "الجامع" "2/85"، وليس في خط وراجع: "الحلية" "2/44".

وقال شيخنا العلائي أبو سعيد ثنا الرضي أبو إسحاق الطبري وهو أجل شيخ لقيته. وكذا لا بأس بنحو قوله غندر ولوين كما تقدم ومشكدانة لعبد الله بن عمر الكوفي وعارم محمد بن الفضل السدوسي وسعدويه سعيد بن سليمان الواسطي وصاعقة محمد بن عبد الرحيم البغدادي ومطين محمد بن عبد الله الحضرمي ونفطويه إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي. ويصفه أيضا بالطول والقصر والزرقة والشقرة والحمرة والصفرة والعرج والعمى والعور والعمش والحول والإقعاد والشلل. كـ عمران القصير وأبي معاوية الضرير وهارون بن موسى الأعور وسليمان الأحمر وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج وعاصم الأحول وأبي معمر المقعد ومنصور الأشل. وكذا يصفه باسم أمه كما تقدم في يعلي بن منية كـ ابن بحينة وابن أم مكتوم والحارث بن البرصاء من الصحابة. ومن بعدهم كـ منصور ابن صفية وإسماعيل ابن علية وتقدم أنه كان يكره ذلك. قوله ويختار ما علا سنده قال الخطيب ومن أنفع ما يملى1 الأحاديث الفقهية وأحاديث الترغيب. وإذا روى حديثا فيه كلام غريب فسره أو معنى غامض بينه وأظهره2. قال وعن ابن مهدي لو استقبلت من أمري ما استدبرت لكتبت بجنب كل حديث تفسيره. قال ويبين فضل ما يرويه والمعاني التي لا يعرفها إلا الحفاظ من أمثاله وذويه3 فإن كان الحديث عاليا علوا متفاوتا وصفه بذلك وكذا إذا كان راوية غاية في الثقة والعدالة فإن كان في الحديث علة بينها أو في الإسناد اسم يشاكل

_ 1 من خط ول، وفي "الجامع للخطيب "2/110": "ما تملي" بمثناة من فوق. 2 تكررت في خط. 3 من ل ووومثله في "الجامع" "2/120"، وفي خط: "ودونه" بالمهملة والنون.

غيره في الصورة بين صورة إعجامه ونبه على تاريخ سماعه القديم وكونه انفرد على شيخه ويملي عن كل شيخ حديثا واحدا فإنه أعم للفائدة وينبغي1 من الرواة الثقات ولا يروي عن كذاب ولا متظاهر ببدعة ولا معروف بفسق ولا يروي ما لا تحتمله عقول العوام مما2 لا يؤمن عليهم فيه الخطأ والأوهام من تشبيه الله تعالى بخلقه وما يستحيل عليه من وصفه نحو أحاديث الصفات التي ظاهرها يقتضي التشبيه والتجسيم وإثبات الجوارح والأعضاء للأزلي القديم تعالى الله عن ذلك3 وإن كانت الأحاديث صحاحا ولها في التأويل طرق ووجوه إلا أن من حقها أن لا تروى إلا لأهلها4 خوفا من أنه5 يضل بها من جهل معانيها فيحملها على ظاهرها أو يستنكرها فيردها ويكذب رواتها ونقلتها. ثم روى حديث أبي هريرة6: "كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع" وقول علي تحبون7 أن يكذب الله ورسوله؟ حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون". وقول ابن مسعود إن الرجل ليحدث بالحديث فيسمعه8 من لا يبلغ عقله فهم ذلك الحديث فيكون عليه فتنة. قال ومما رأى العلماء أن الصدوف9 عن روايته للعوام أولى أحاديث الرخص كحديث الرخصة في النبيذ.

_ 1 كذا في خط ولعل الأشبه: "وينتقي" ولعل ذلك من الأبناسي رحمه الله أثناء اختصاره لقول الخطيب رحمه الله في "الجامع" "2/89": "وينبغي للراوي أن يعتمد في إملائه الرواية عن ثقات شيوخه ولا يروي عن كذاب...." فالله أعلم 2 هكذا في خط وفي ل و "الجامع "2/107" "لما" ياللام بدل الميم. 3 من زيادات الأبناسي رحمه الله. 4 من ل و "الجامع "2/108" وفي خط: "لأجلها" بالجيم. 5 كذا في خط وفي ل و "الجامع": "أن". 6 مرفوعا. 7 هكذا في خط ول، وفي "الجامع": "أيها الناس! تحبون ... ". 8 هكذا في ل و "الجامع" "2/109" وفي خط: "ويسمعه". 9 من ل و "الجامع" بالفاء في آخره وفي خط: "الصدوق" بالقاف.

ثم ذكر كراهة1 رواية أحاديث بني إسرائيل المأثورة2 عن أهل الكتاب وما نقل عن أهل الكتاب. ثم روى عن الشافعي أن معنى حديث حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج أي لا بأس أن تحدثوا عنهم ما3 سمعتم وإن استحال أن يكون في هذه الأمة مثل ما روي أن ثيابهم4 تطول والنار التي تنزل من السماء فتأكل القربان5 وقال بعض العلماء إن قوله ولا حرج في موضع الحال أي حدثوا عنهم حيث لا حرج في التحديث عنهم كما حفظ عن رسول الله صلي الله عليه وسلم من أخبارهم6. قال وعن صحابته وعن العلماء فإن روايته تجوز. قال وليجتنب ما شجر بين الصحابة انتهى كلام الخطيب7. وأما ما ذكره في كتاب النجوم له من حديث ابن مسعود عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "إذا ذكر أصحابي فأمسكوا. وكذا رواه ابن عدي من حديث ابن عمر فإنه لا يصح. قوله ختم الإملاء بشيء من الحكايات والنوادر كقول علي رضي الله عنه روحوا القلوب وابتغوا طرف8 الحكمة. وكان الزهري يقول لأصحابه هاتوا من أشعاركم هاتوا من حديثكم فإن الأذن مجة والقلب حمض.

_ 1 قيدت عندي: [هكذا في "الجامع" "2/113" وفي خط "أمية" والظاهر أنها كانت بالأصل كراهية فصحفها الناسخ كعادته] ثم وجدتها في "ل": "كراهية" فالحمدلله علي توفيقه. 2 هكذا في ل و "الجامع" في خط "المأثور". 3 هكذا في خط ول، وفي "الجامع" "2/177": "مما". 4 هكذا في ل و"الجامع" وفي خط: "نياتهم". 5 زاد في "الجامع": "ليس أن يحدث عنهم بالكذب". 6 من زيادات العراقي علي كلام الخطيب وهذا واضح في الشرح وأدرج الأبناسي رحمه الله ذلك في كلام الخطيب. 7 تصرف البناسي – رحمه الله في كلام الخطيب؛ كعادته فلا غني عن مراجعة الصول. وراجع: "جامع الخطيب" "2/117 – 119". 8 هكذال في ل و"الجامع" 2/129"، وفي خط:"طرق"بالقاف.

وعن حماد بن زيد أنه حده بأحاديث ثم قال: لتأخذوا في أبزار الجنة فحدثنا بالحكايات. وعن كثير بن أفلح قال: آخر مجلس جالسنا فيه زيد بن ثابت تناشدنا فيه الشعر. قوله وإذا قصر المحدث عن تخريج ما يمكنه أي فإنه يستعين بغيره من حفاظ وقته على تخريج الأحاديث التي يريد إملاءها وممن استعان من المتأخرين أبو الحسين بن بشران1 والقاضي أبو عمر الهاشمي وأبو القاسم السراج وغيرهم2. واعترض على قوله وإذا نجز الإملاء فلا غنى عن مقابلته إلى آخره بأنه قدم في النوع الخامس: والعشرين الترخيص في الرواية من نسخة غير مقابلة بشروط ثلاثة لم يذكرها هنا. ورد بانه يحتمل أن يكون كلامه هنا محمولا على ما تقدم هناك ويحتمل أن يفرق بين النسخ من أصل السماع والنسخ من إملاء الشيخ حفظا لأن الحفظ يخون فربما تذكر الشيخ عند المعارضة ما لعله سبق إلى لفظه3. مع أن المقابلة للإملاء إنما هي مع الشيخ أيضا من حفظه لا على أصوله. ولم يشترط الخطيب مقابلة الإملاء إلا أنه روى بسنده إلى زيد بن ثابت قال: كنت أكتب الوحي لرسول الله صلي الله عليه وسلم فإذا4 فرغت قال: "اقرأه" فإن كان فيه سقط أقامه ثم يخرج به. وقوله: نجز بكسر الجيم على المشهور وبه جزم الجوهري فقال نجز الشيء ينجز نجزا أي انقضى وفنى كذا قيده المصنف حين قرئ عليه. وقال صاحب المحكم5 نجز الكلام بالفتح أي انقطع ونجز الوعد ينجز نجزا حضر. وقال وقد يقال نجز بالكسر. وقال ابن السكيت كأن نجز فني وكأن نجز قضى حاجته.

_ 1 هكذا في ل و"الجامع" "2/88"، وفي خط: "نشوان"بالنون والواو. 2 راجع: "الجامع" للخطيب "2/88". 3 من ع، وفي خط: "يذكر.... بالعلة ... ". 4 من خط ول، ووقع في "الجامع": "وإذا" والحديث هنا مختصر مما عند الخطيب "2/132". 5 من ع، وفي خط: "الحكم".

النوع الثامن والعشرون: معرفة آداب طالب الحديث.

النوع الثامن والعشرون: معرفة آداب طالب الحديث. و1قد اندرج طرف منه في ضمن ما تقدم. فأول ما عليه تحقيق الإخلاص والحذر من أن يتخذه وصلة إلى شيء من الأغراض الدنيوية. روينا عن حماد بن سلمة أنه قال: من طلب الحديث لغير الله مكر به. وروينا عن سفيان الثوري قال: ما أعلم عملا هو أفضل من طلب الحديث لمن أراد الله به. وروينا نحوه عن ابن المبارك ومن أقرب الوجوه في إصلاح النية فيه ما روينا عن أبي عمرو إسماعيل بن نجيد أنه سأل أبا جعفر2 أحمد بن حمدان وكانا عبدين صالحين فقال له بأي نية أكتب الحديث فقال ألستم ترون3 أن عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة قال: نعم قال: فرسول الله صلي الله عليه وسلم رأس الصالحين. وليسأل الله تبارك وتعالى التيسير والتأييد والتوفيق والتسديد وليأخذ نفسه بالأخلاق الزكية والآداب الرضية فقد روينا عن أبي عاصم النبيل قال: من طلب هذا الحديث فقد طلب أعلى أمور الدين فيجب أن يكون خير الناس. وفي السن الذي يستحب فيه4 الابتداء بسماع الحديث وبكتبه اختلاف.

_ 1 من ش وع، وليس في خط. 2 من ش وع، وفي خط: "حوض". 3 هكذا في خط وع، وفي ش: "تروون أنه". 4 من خط وع، وفي ش: "التي يستحب فيها".

سبق بيانه1 في أول النوع الرابع والعشرين. وإذا أخذ فيه فليشمر عن ساق جهده واجتهاده ويبدأ بالسماع من أسند شيوخ مصره2 ومن الأولى فالأولى من حيث العلم او الشهرة او الشرف او غير ذلك. وإذا فرغ من سماع العوالي والمهمات التي ببلده فليرحل إلى غيره روينا عن يحيى بن معين أنه قال: أربعة لا تؤنس منهم رشدا حارس الدرب ومنادي القاضي وابن المحدث ورجل يكتب في بلده ولا يرحل في طلب الحديث. وروينا عن أحمد بن حنبل أنه قيل له أيرحل الرجل في طلب العلو فقال بلى والله شديدا لقد كان علقمة والأسود يبلغهما الحديث عن عمر رضي الل هـ عنه فلا يقنعهما حتى يخرجا إلى عمر فيسمعانه منه. وعن إبراهيم بن أدهم قال: إن الله تعالى يدفع البلاء عن هذه الأمة برحلة أصحاب الحديث. ولا يحملنه الحرص والشره على التساهل في السماع والتحمل والإخلال بما يشترط عليه في ذلك على ما تقدم شرحه. وليستعمل ما يسمعه من الأحاديث الواردة بالصلاة والتسبيح وغيرهما من الأعمال الصالحة فذلك زكاة الحديث على ما روينا عن العبد الصالح بشر الحافي وروينا عنه أيضا أنه قال: يا أصحاب الحديث أدوا زكاة هذا الحديث اعملوا من كل مائتي حديث بخمسة أحاديث. وروينا عن عمرو بن قيس الملائي قال: إذا بلغك شيء من الخير فاعمل به ولو مرة تكن من أهله. وروينا عن وكيع قال: إذا أردت أن تحفظ الحديث فاعمل به. وليعظم شيخه ومن يسمع منه فذلك من إجلال الحديث والعلم ولا يثقل عليه ولا يطول بحيث يضجره فإنه يخشى على فاعل ذلك ان يحرم الانتفاع.

_ 1 من ش وع، وليس في خط. 2 من ش وع، وفي خط: "عصره" بالعين.

وقد روينا عن الزهري أنه قال: إذا طال المجلس كان للشيطان فيه نصيب. ومن ظفر من الطلبة بسماع شيخ فكتمه1 غيره لينفرد به عنهم كان جديرا بألا ينتفع به وذلك من اللؤم الذي يقع فيه جهلة الطلبة الوضعاء. ومن أول فائدة طلب الحديث الإفادة. روينا عن مالك رضي الله عنه أنه قال: من بركة الحديث إفادة بعضهم بعضا. وروينا عن إسحاق بن إبراهيم بن2 راهويه أنه قال: لبعض من سمع منه في جماعة انسخ من كتابهم ما قد قرأت فقال إنهم لا يمكنونني قال: إذا والله لا يفلحون قد رأينا أقواما منعوا هذا السماع فوالله ما أفلحوا ولا أنجحوا3 قلت وقد رأينا نحن أقواما منعوا السماع فما أفلحوا ولا أنجحوا ونسأل الله العافية ولا يكن ممن يمنعه الحياء او الكبر عن كثير من الطلب. وقد روينا عن مجاهد رضي الله عنه أنه قال: لا يتعلم مستحي4 ولا مستكبر وروينا عن عمر بن الخطاب وابنه رضي الله عنهما أنهما قالا من رق وجهه رق علمه. ولا يأنف من أن يكتب عمن دونه ما يستفيده منه. روينا عن وكيع بن الجراح رضي الله عنه أنه قال: لا ينبل الرجل من أهل5 الحديث حتى يكتب عمن هو فوقه وعمن هو مثله6 وعمن هو دونه وليس بموفق من ضيع شيئا من وقته في الاستكثار من الشيوخ لمجرد اسم الكثرة وصيتها.

_ 1 من ش وع، وفي خط: يكتمه". 2 من ش وع، وليس في خط. 3 من ش ول، وفي خط وع: "نجحوا" بدون الهمزة في أوله. 4 هكذا في خط وع، وفي ش: "لا يتعلم العلم مستحي". 5 كذا في خط، وفي ش وع و"التدريب: أصحاب:. 6 من ش وع و"التدريب"، وليس في خط.

وليس من ذلك قول أبي حاتم الرازي إذا كتبت فقمش1 وإذا حدثت ففتش. وليكتب وليسمع ما يقع2 إليه من كتاب أو جزء على التمام ولا ينتخب فقد قال: ابن المبارك ما انتخبت على عالم قط إلا ندمت. وروينا عنه أنه قال: لا ينتخب على عالم إلا بذنب. وروينا أو بلغنا عن يحيى بن معين أنه قال: سيندم المنتخب في الحديث حين لا تنفعه الندامة. فإن ضاقت به الحال عن الاستيعاب وأحوج إلى الانتقاء والانتخاب تولى ذلك بنفسه إن كان أهلا مميزا عارفا بما يصلح للانتفاء والاختيار فإن3 كان قاصرا عن ذلك استعان ببعض الحفاظ لينتخب له. وقد كان جماعة من الحفاظ متصدين للانتقاء على الشيوخ والطلبة تسمع وتكتب بانتخابهم منهم إبراهيم بن أرمة4 الأصبهاني وأبو عبد الله الحسين بن محمد المعروف بعبيد العجل وأبو الحسن الدارقطني وأبو بكر الجعابي في آخرين وكانت العادة جارية برسم الحافظ علامة في أصل الشيخ على ما ينتخبه فكان5 النعيمي أبو الحسن يعلم بصاد ممدودة وأبو محمد الخلال بطاء ممدودة وأبو الفضل الفلكي بصورة همزتين وكلهم يعلم بحبر في الحاشية اليمنى من الورقة. وعلم الدارقطني في الحاشية اليسرى بخط عريض بالحمرة وكان أبو القاسم الالكائي الحافظ يعلم بخط صغير بالحمرة على أول إسناد الحديث. ولا حجر في ذلك ولكل الخيار. انتهى.

_ 1 من ش وع ول، وفي خط: "فغمش" بالغين المعجمة. 2 من ش وع، ومثله في "تقريب النووي" وشرحه: "التدريب" وفي خط "نقل". 3 هكذا في خط، وفي ش وع: "وإن"، وفي" التقريب/ وشرحه" "فإن قصر..". 4 ضبط خط. 5 من ش وع، وفي خط: "وكان".

قوله فأول ما عليه تحقيق1 الإخلاص أي لما روينا في سنن أبي داود وابن ماجة من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة". قال الخطيب ينبغي له إذا عزم على سماع الحديث أن يقدم المسألة لله تعالى أن يوفقه فيه ويعينه عليه ثم يبادر إلى السماع ولا يتأخر. ففي مسلم من حديث أبي هريرة قال2: "احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز". وليجد في طلبه فعن يحيى بن أبي كثير قال: لا ينال العلم براحة الجسد3. وعن الشافعي أنه قال: لا يطلب هذا العلم من يطلبه بالتملك وغنى النفس فيفلح ولكن من طلبه بذلة النفس وضيق العيش4 وذلة أفلح5. قال الخطيب ويعمد إلى أسند6 شيوخ عصره وأقدمهم سماعا ويديم7 الاختلاف إليه ويواصل العكوف عليه فيقدم السماع منه8 فإن تكافأت9 أسانيد جماعة في العلو وأراد الاقتصار على بعضهم تخير المشهور منهم بطلب

_ 1 وقع في هذا الموضع من خط: "تحقيق" بدون المثناة من تحت، وسبق علي الصواب. 2 وقع في خط:...."أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه مسلم" وضرب الناسخ علي قوله: "قال رسول الله صلي الله عليه وسلم" فصار الحديث موقوفا علي أبي هريرة رضي الله عنه والصواب رفعه كما في صحيح مسلم. "2664" وذكره العرقي في "الشرح" والسيوطي في التدريب علي الصواب ولم أثبت: "قال رسول الله صلي الله عليه وسلم" في "متن الشذا" مع ورودها في "الصحيح" ليقظه الناسخ في هذا الموضع مما يدل علي أن الخليل من قبل الأبناسي رحمه الله. 3 كذا في خط وفي ل و، وفي "التدريب": "الجسم". 4 من ل و "التدريب" وفي خط: "العين". 5 كذا في خط وفي ل و "التدريب": "....العيش وخدمة العلم أفلح". 6 من ل و "الجامع" "1/116" وفي خط: "أنسك". 7 من "الجامع" "1/116" وفي خط: "ثم". 8 راجع: "الجامع" "1/116، 126". 9 من ل و "الجامع" "1/126"، وفي خط: "تكافأ".

الحديث المشار إليه بالإتقان له والمعرفة فإن تساووا فذو الشرف والنسب. ويبدأ بكتب حديث بلده ومعرفة أهله منهم وبفهمه وضبطه ثم يرحل إلى البلدان. وعن أبي عبيدة من شغل نفسه بغير المهم أضر بالمهم. وقال الخطيب المقصود برحلة الحديث1 أمران أحدهما تحصيل علو الإسناد وقدم السماع والثاني: لقاء الحفاظ والمذاكرة لهم والاستفادة عنهم. فإذا وجد الأمران في بلد الطالب دون غيره فلا فائدة في الرحلة وإن وجدا فيه وفي غيره إلا ان ما في كل واحد من البلدين يختص2 به أي من العوالي والحفاظ فالمستحب للطالب الرحلة لجمع الفائدتين من علو الإسناد وعلم الطائفتين لكن بعد تحصليه حديث بلده وتمهره في المعرفة به. وإذا عزم على الرحلة فينبغي له أن لا يترك في بلده من الرواة أحدا إلا ويكتب عنه ما تيسر من الأحاديث وإن قلت لقول بعضهم3 ضيع ورقة ولا تضيعن شيخا. وعن أحمد أنه سأله ابنه عبد الله عمن طلب4 العلم ترى له أن يلزم رجلا عنده علم فيكتب عنه أو ترى له أن يرحل إلى المواضع التي فيها العلماء5 فيسمع منهم قال: يرحل يكتب عن الكوفيين والبصريين وأهل مكة والمدينة يشام6 الناس يسمع منهم.

_ 1 هكذا في خط، وفي ل: "المقصود بالرحلة في الحديث" وفي "الجامع" "2/223": "المقصود في الرحلة في الحديث". 2 من ل و"الجامع" "2/223"، وفي خط: "يختبر". 3 مثله في "التدريب" وقد حكله الخطيب في "الجامع""2/224" عن "بعض أصحابه" 4 هكذا في ل زمثله في "الجامع" "2/224" و"الحلة" "رقم/12" كلاهما للخطيب وفي خط: "عن طلب". 5 كذا في خط وفي ل و "التدريب": "العلم" ومثله في "الجامع" "2/224" "الرحلة" "رقم/12". 6 هكذا في الرحلة وفي ل: "ويشام"، وفي "الج: ع". "بشام" بالموحدة وفي خط: "وشيام"، وفي التدريب: يسام الناس لسماعه منهم".

وقال الخطيب ليعلم طالب العلم1 ان شهوة السماع لا تنتهي والنهمة من الطلب لا تنقضي والعلم كالبحار المتعذر كيلها والمعادن التي لا ينقطع نيلها فلا2 ينبغي له ان يشتغل في الغربة إلا بما تستحق3 لأجله الرحلة. قوله ويستعمل ما يسمعه من الأحاديث أي لما في حديث علي رضي الله عنه ان رجلا قال: يا رسول الله ما ينفي عني حجة الجهل قال: العلم قال: فما ينفي عني حجة العلم قال: العمل4. وعن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع قال: كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به5. وعن أحمد أنه قال: ما كتبت حديثا إلا وقد عملت به حتى مر بي في6 الحديث أن النبي صلي الله عليه وسلم احتجم وأعطى أبا طيبة دينارا فأعطيت الحجام دينار حين احتجمت. وليجل شيخه فعن مغيرة قال: كنا نهاب إبراهيم كما نهاب7 الأمير. وعن البخاري قال: ما رأيت أحدا اوقر للمحدثين من يحيى بن معين. قال الخطيب وإذا حدثه فليأخذ منه العفو ولا يضجره فالإضجار يغير الأفهام ويفسد الأخلاق ويحيل الطباع وقد كان إسماعيل بن أبي خالد من أحسن الناس خلقا فلم يزالوا به حتى ساء خلقه.

_ 1 هكذا في خط وفي ل: "ليعلم الطالب" وفي "الجامع" "2/245": "وليعلم الطالب". 2 من ل و "الجامع" وفي خط: "ولا". 3 هكذا في ل بمثناة من فوق وفي الجامع: "يستحق" بمثناة من تحت في أوله ولم ينقط الناسخ – في خط – الحرف الأول. 4 ذكره العراقي في "الشرح" وهو في "الجامع" "1/89". 5 راجع "الجامع" "1/143" "2/259". 6 من ل ومثله في الجامع "1/144" وفي خط: "مروفي". 7 هكذا في خط ولو "التدريب" وفي الجامع "1/184": "يهاب" بمثناة من تحت وعند الدارمي "1/111 – باب في توفير العلماء": " ... إبراهيم هيبة الأمير".

وعن محمد بن سيرين أنه سأله رجل عن حديث وهو يريد القيام1 فقال إنك إن كلفتني مالم أطق ساءك ما سرك مني2 من خلق. وكان أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن المرادي قد كبر وعجز عن الإسماع فأضجره بعض من سمع عليه العمدة بإجازته من ابن عبد الدائم فقال له لا أحياك الله لترويها عني وكان كذلك3. قوله فكتمه غيره أي كتم السماع أو الشيخ لينفرد به. وعن يحيى بن معين أنه قال: من بخل بالحديث وكتم على الناس سماعهم لم يفلح. قال الخطيب والذي نستحبه إفادة الحديث لمن لم يسمعه4 والدلالة على المشايخ5 والتنبيه على رواياتهم. قال فإن6 أقل ما في ذلك النصح للطالب والحفظ للمطلوب مع ما يكتسب به من جزيل الأجر وجميل الذكر ثم روى بسنده إلى ابن عباس مرفوعا قال: إخواني تناصحوا في العلم ولا يكتم بعضكم بعضا فإن خيانه الرجل في علمه أشد من خيانته في ماله. وأما ما روي عن جماعة أنهم فعلوا ذلك كـ شعبة والثوري ونعيم والليث وابن جريج وابن عيينة وابن لهيعة وعبد الرزاق فإنه إن صح ذلك عنهم فإنه محمول على كتمه عن من7 لم يروه أهلا لذلك أو على أنه لم يقبل الصواب إذا

_ 1 هكذا في خط، وفي "الجامع" "1/215": "وقد أراد القيام" وفي أول ل و "التدريب": "وقد أراد أن يقوم. 2 هكذا في ل و "التدريب" و"الجامع" وليس في خط. 3 راجع: "الشرح". 4 هكذا في ل وفي خط: "لمن سمعه". 5 كذا في خط، وفي ل: "الشيوخ" زمثله في الجامع "2/145". 6 من ل و "الجامع" "2/145" وليس في خط. 7 هكذا في خط ووصلهما في ل: "عمن".

أرشد إليه أو لنكتة اطلعوا عليها في الطالب1 وهذا هو الظن بهذه2 السادة الأعلام فقد قال: الخطيب من أداه لجهله فرط التيه والإعجاب إلى المحاماة3 عن الخطإ والمماراة في الصواب فهو بذلك الوصف مذموم مأثوم ومحتجز الفائدة عنه غير مؤنب4 ولا ملوم. وقد قال: الخليل بن أحمد لأبي عبيدة معمر بن المثنى لا تردن على معجب خطئا فيستفيد منك علما ويتخذك به عدوا. ويجتهد في تحصيل الفائدة سواء وقعت له بعلو أو نزول5. قال المصنف وليس من ذلك قول الرازي إذا كتبت فقمش والقمش والتقميش جمع الشيء من هاهنا وها هنا أي اكتب الفائدة ممن سمعتها ولا تؤخر ذلك حتى تنظر فيمن حدثك أهو اهل أن يؤخذ عنه أم لا فربما فات ذلك بموت الشيخ او سفره أو سفرك فإذا كان وقت الرواية أو وقت العمل بذلك ففتش حينئذ وقد ترجم عليه الخطيب باب من قال: يكتب عن كل أحد6. ويحتمل أن يكون مراد أبي حاتم استيعاب الكتاب المسموع وترك انتخابه أو استيعاب ما عند الشيخ وقت التحمل ويكون النظر فيه حالة الرواية. وقد يكون قصد المحدث تكثير طرق الحديث وجمع7 أطرافه فتكثر8.

_ 1 وقع في خط: "المطالب" فصوبته. 2 كذا في خط والظاهر أنها مصحفة عن": بهؤلاء". 3 هكذا في خط "الجامع" "2/145" ومثله في "ل" وفي خط: "المحافاة" بالجيم والفاء. 4 من ل و "الجامع" وفي خط: "موثب". 5 كذا في خط وفي ل: "بنزول". 6 ومن ثم لا عجب من رواية بعض الأئمة عن بعض الضعفاء بل والهلكي، ولا يعني ذلك تقوية هوؤلاء الضعفاء أو توثيقهم ومجر الكتابة عن الراوي لا يعني توثيقه سوء أكان الكاتب عنه من الأئمة أوغيرهم وكم من رجل كتب عنه أحمد رحمه الله ولم يحدث بحديث كما صرح بذلك ابنه عبد الله في مواضع من "المسند" وليس ذلك خاصا بأحمد رحمه الله؛ والله أعلم. 7 من ل، وفي خط: "وجميع". 8 هكذا في ل و "التدريب" ولم ينفط "المثناة" في خط.

لذلك شيوخه. ولا بأس بذلك فعن أبي حاتم لو لم يكتب1 الحديث من ستين وجها ما عقلناه. وقد وصف بالإكثار من الشيوخ الثوري وأبو داود الطيالسي ويونس بن محمد المؤدب ومحمد بن يونس الكديمي وأبو عبد الله بن مندة والقاسم بن داود البغدادي روي عنه قال: كتبت عن ستة الآف شيخ2 قوله ولا ينتخب أي إذا وقع له كتاب او جزء فلا ينتخب منه بل يكتبه كله ويسمعه كله فربما احتاج بعد ذلك إلى رواية شيء منه لم يكن فيما انتخب منه فيندم. وفرق الخطيب فقال إن كان الشيخ عسرا والطالب واردا غريبا فينبغي له ان ينتقي حديثه وينتخبه ويكتب عنه ما لا يجده عند غيره ويتجنب المعاد من روايته3. وهكذا حكم الواردين الغرباء4 الذين لا يمكنهم طول الإقامة والثواء. قال هذا إذا تميز الطالب معاد5 حديثه من غيره فغن لم يتميز فالأولى ان يكتب جميع حديثه ولا ينتخبه6. أي إن كان عارفا بالانتخاب. قال يحيى بن معين دفع إلي ابن وهب كتابين عن معاوية بن صالح خمس مائة او ستمائة حديث فانتقيت شرارها لم يكن بها7 يومئذ معرفة8

_ 1 كا في خط بمثناة من تحت في أوله وفي ل و "التدريب" "نكتب" بالنون. 2 راجع: "الشرح" و"الجامع" "2/221 – 222". 3 هكذا في خط وفي الجامع "2/155" "روايته". 4 هكذا في خط وفي الجامع "الواردين من الغرباء". 5 من "الجامع" وفي خط: "به أو". 6 كذا السياق في خط وفي الجامع "2/156" "وأما من لم يميز للطالب معاد حديثه من غيره وما يشارك في روايته مما يتفرد به؛ فالأولي أن يكتب حديثه علي الاستيعاب دون الانتقاء والانتخاب" 7 من الجامع "2/156" وفي خط "سوادها لم يكن بها". 8 في الجامع "2/156" "فانتقت منها شرارها ورددت عليه الكتابين قلت لأبي زكريا: لم أخذت شرارها؟ قد كنت سمعتها من إنسان قبله؟ قال: لا، ولكن لم يكن بها يومئذ معرفة".

قال ثم لا ينبغي لطالب الحديث أن يقتصر على سماع الحديث وكتبه دون معرفته وفهمه فيكون قد أتعب نفسه من غير ان يظفر بطائل وبغير أن يحصل في عداد أهل الحديث بل لم يزد على أن صار من المتشبهين المنقوصين المتحلين بما هم منه عاطلون. أنشدني أبو المظفر بن الحافظ أبي سعد1 السمعاني لفظا بمدينة مرو قال: أنشدنا والدي لفظا او قراءة عليه قال: أنشدنا محمد بن ناصر السلامي2 من لفظه قال: أنشدني الأديب الفاضل فارس بن الحسين لنفسه. يا طالب العلم الذي ... ذهبت بمدته الروايه كن في الرواية ذا العناية ... بالرواية والدرايه وارو القليل وراعه ... فالعلم ليس له نهاية وليقدم العناية بـ الصحيحين ثم بسنن3 أبي داود وسنن النسائي وكتاب الترمذي ضبطا لمشكلها وفهما لخفي معانيها ولا يخدعن عن كتاب السنن الكبير للبيهقي4 فإنا لا نعلم مثله في بابه ثم بسائر ما تمس حاجة صاحب الحديث إليه من كتب المسانيد كمسند5 أحمد ومن كتب الجوامع المصنفة في الأحكام المشتملة على المسانيد وغيرها وموطأ مالك هو المقدم منها ومن كتب علل الحديث ومن أجودها كتاب العلل عن أحمد بن حنبل وكتاب العلل عن الدارقطني ومن كتب معرفة الرجال وتواريخ المحدثين ومن أفضلها تاريخ البخاري الكبير وكتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ومن كتب الضبط

_ 1 من ش وع، وفي خط: "سعيد". 2 كتب الناسخ عليها: "خف" إشارة إلي تخفيف اللام فيها. 3 من ش وع، وفب خط: "سنن". 4 من ش وع، وفي خط: "البيهقي". 5 من ش وع، وفي خط: "مسند".

لمشكل1 الأسماء ومن أكملها كتاب الإكمال لأبي نصر بن ماكولا. وليكن كلما مر به اسم مشكل أو كلمة من2 حديث مشكلة بحث3 عنها وأودعها قلبه فإنه يجتمع له بذلك علم كثير في يسر. وليكن تحفظه للحديث على التدريج قليلا قليلا مع الأيام والليالي فذلك أحرى بأن يمتع بمحفوظه. وممن ورد ذلك عنه من حفاظ الحديث المتقدمين شعبة وابن علية ومعمر. وروينا عن معمر قال: سمعت الزهري يقول من طلب العلم جملة فاته جملة وإنما يدرك العلم حديثا وحديثين وليكن الإتقان من شأنه فقد قال: عبد الرحمن بن مهدي الحفظ الإتقان. ثم إن المذاكرة بما يتحفظه من أقوى أسباب الإمتاع به. روينا عن علقمة النخعي قال: تذاكروا الحديث فإن حياته ذكره. وعن إبراهيم النخعي قال: من سره أن يحفظ الحديث فليحدث به ولو أن يحدث به من لا يشتهيه. وليشتغل بالتخريج والتأليف والتصنيف إذا استعد لذلك وتأهل له فإنه كما قال: الخطيب الحافظ يثبت الحفظ ويذكي القلب ويشحذ الطبع ويجيد البيان ويكشف الملتبس ويكسب جميل الذكر ويخلده إلى آخر الدهر وقل ما يمهر في علم الحديث ويقف على غوامضه ويستبين الخفي من فوائده إلا من فعل ذلك. وحدثني الصوري الحافظ محمد بن علي قال: رأيت أبا محمد عبد الغني ابن سعيد الحافظ في المنام فقال لي يا أبا عبد الله خرج وصنف قبل أن يحال بينك وبينه هذا أنا تراني قد حيل بيني وبين ذلك. وللعلماء بالحديث في تصنيفهم طريقتان إحداهما التصنيف على الأبواب

_ 1 من ش وع، وفي خط: "الضبط المشكل". 2 من خط وع، وليست في ش. 3 من شش وع، وفي خط: "يبحث".

وهو تخريجه على أحكام الفقه وغيرها وتنويعه أنواعا وجمع ما ورد في كل حكم وكل نوع في باب فباب. و1الثانية تصنيفه على المسانيد وجمع حديث كل صحابي وحده وإن اختلفت أنواعه. ولمن اختار ذلك ان يرتبه على حروف المعجم في أسمائهم وله أن يرتبه على القبائل فيبدأ ببني هاشم ثم بالأقرب فالأقرب نسبا من رسول الله صلي الله عليه وسلم وله أن يرتب على سوابق الصحابة فيبدأ بالعشرة ثم بأهل بدر ثم بأهل2 الحديبية ثم بمن أسلم وهاجر بين الحديبية3 وفتح مكة ويختم بأصاغر الصحابة كأبي الطفيل ونظرائه ثم بالنساء وهذا أحسن والأول أسهل وفي ذلك من وجوه الترتيب غير ذلك. ثم إن من أعلى المراتب في تصنيفه تصنيفه4 معللا بأن يجمع في كل حديث طرقه واختلاف الرواة فيه كما فعل يعقوب بن شيبة في مسنده. ومما يعتنون به في التأليف جمع الشيوخ أي جمع حديث شيوخ مخصوصين كل واحد منهم على انفراده. قال عثمان بن سعيد الدارمي يقال5 من لم يجمع حديث هؤلاء الخمسة فهو مفلس في الحديث سفيان وشعبة ومالك وحماد بن زيد وابن عيينة وهم أصول الدين. وأصحاب الحديث يجمعون حديث خلق كثير غير الذين ذكرهم الدارمي منهم أيوب السختياني والزهري والأوزاعي. ويجمعون أيضا التراجم وهي أسانيد يخصون ما جاء بها بالجمع والتأليف مثل ترجمة مالك عن نافع عن ابن عمر وترجمة سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي

_ 1 من خط وع، وليس في ش. 2 من خط وع، وفي ش: "ثم أهل". 3 في حاشية خط: "من أهل الحديث و.....الحديبية والتي ... اختيار ال...." وموضع النقط غير ظاهرفي تصوير خط" 4 رسم الناسخ عليها علامة "صح". 5 من ش وع، وفي خط: "قال".

هريرة وترجمة هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في أشباه لذلك كثيرة. ويجمعون أيضا أبوابا من أبواب الكتب المصنفة الجامعة للأحكام فيفردونها بالتأليف فتصير كتبا مفردة نحو باب رؤية الله عز وجل وباب رفع اليدين وباب القراءة خلف الإمام وغير ذلك. ويفردون أحاديث فيجمعون طرقها في كتب مفردة نحو طرق حديث قبض العلم وحديث الغسل يوم الجمعة وغير ذلك. وكثير من أنواع كتابنا هذا قد أفردوا أحاديثه بالجمع والتصنيف. وعليه في كل ذلك تصحيح القصد والحذر من قصد المكاثرة ونحوه. بلغنا عن حمزة بن محمد الكناني أنه خرج حديثا واحدا من نحو مائتي طريق فأعجبه ذلك فرأى يحيى بن معين في منامه فذكر له ذلك فقال له أخشى أن يدخل هذا تحت {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} . ثم ليحذر أن يخرج إلى الناس ما يصنفه إلا بعد تهذيبه وتحريره وإعادة النظر فيه وتكريره. وليتق أن يجمع ما لم يتأهل بعد لاجتناء ثمرته واقتناص1 فائدة جمعه كيلا يكون حكمه ما رويناه عن علي ابن المديني قال: إذا رأيت الحدث2 أول ما يكتب الحديث يجمع حديث الغسل وحديث من كذب فاكتب على قفاه لا يفلح. ثم إن هذا الكتاب مدخل3 إلى هذا الشأن مفصح4 عن أصوله وفروعه شارح5 لمصطلحات أهله ومقاصدهم ومهماتهم التي ينقص المحدث بالجهل بها6 نقصا فاحشا فهو إن شاء الله جدير بأن تقدم العناية به ونسأل الله سبحانه فضله العظيم. انتهى

_ 1 من ش وع، وفي خط: "موته وامسا من". 2 من ش و، وفي خط: "الحديث" وفي ل: "المحدث" 3 من ش وع، وفي خط: "يفصح". 4 من ش وع، وفي خط: "يفصح". 5 من خط وع، وفي ش: "شراع" بالعين المهملة بدل الحاء. 6 من ش وع، وليس في خط.

قوله ثم لا ينبغي لطالب الحديث أي لا يقتصر على السماع والكتابة بل لا بد مع ذلك من معرفة درايته وفهمه وما يتعلق بمعانيه. وعن أبي عاصم النبيل أنه قال: الرئاسة في الحديث بلا دارية رئاسة نذلة. قال الخطيب هي1 اجتماع الطلبة على الراوي للسماع منه2 عند علو سنه. قال فإذا3 تميز الطالب بفهم الحديث ومعرفته تعجل بركة ذلك في شبيبته. قال ولو لم يكن في الاقتصار على سماع الحديث وتخليده الصحف دون التميز4 بمعرفة صحيحه من فاسده والوقوف على اختلاف وجوهه والتصرف في أنواع علومه إلا تلقيب المعتزلة القدرية5 من سلك تلك الطريقة بالحشوية لوجب على الطالب الأنفة لنفسه ودفع ذلك عنه وعن أبناء جنسه. وينبغي له أن يقدم قراءة كتاب في علوم الحديث حفظا او تفهما ليعرف مصطلح أهله ويسارع إلى المحافظة على السماع وأهم ذلك ما ذكره المصنف من المصنفات. وقال الخطيب بعد أن ذكر الكتب الخمسة6 ثم كتب المسانيد الكبار مثل مسند أحمد وابن راهويه وأبي بكر بن أبي شيبة7 وأبي خيثمة وعبد بن حميد وأحمد بن سنان والحسن بن سفيان ومحمد بن أيوب الرازي8.

_ 1 يعني الرئاسة التي أشار إليها أ [وعاصم، راجع "الجامع" "2/181". 2 من الجامع وفي خط: "بالسماع". 3 كذا في خط، وفي الجامع "إذا". 4 من الجامع "2/180" وفي خط: "التمييز". 5 هكذا في خط ول، وفي الجامع "المعتزلة للقدرية"وضبب في "الجامع" علي "للقدرية". 6 وصحيح ابن خزيمة "كما في "الجامع" "2/185" و"الشرح" لكنه أ] العراقي في الشرح عاد فقال: "وقال الخطيب بعد أن ذكر الكتب الخمسة" ومنه أخذا البناسي. 7 هكذا في خط ول وفي الجامع "2/185": "وأبي بكر عبد الله وأبي الحسن عثمان ابني أبي شيبة". 8 راجع: الجامع "2/186" وقد أهمل الأبنننناسي ذكر الموجود من مسند يعقوب بن شيبة وإسماعيل ابن إسحاق القاضي وأبي يعلي الموصلي" وهؤلاء جميعا ذكرهم الخطيب وعنه العراقيب في الشرح.

ثم الكتب المصنفة1 مثل كتب ابن جريج وابن أبي عروبة وابن المبارك وابن عيينة وهشيم وابن وهب والوليد بن مسلم ووكيع وعبد الوهاب بن عطاء وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وغيرهم. قال وأما موطأ مالك فهو المقدم في هذا النوع ويجب أن يبتدأ بذكره على كل كتاب لغيره. ثم الكتب المتعلقة بعلل الحديث فمنها كتاب أحمد بن حنبل وابن المديني وابن أبي حاتم وأبي علي النيسابوري والدارقطني والتمييز لمسلم. ثم تواريخ المحدثين2 مثل كتاب ابن معين رواية عباس ورواية المفضل الغلابي ورواية الحسين بن حبان3 وتاريخ خليفة وأبي حسان الزيادي ويعقوب الفسوي وابن أبي خيثمة وأبي زرعة الدمشقي وحنبل بن إسحاق والسراج والجرح والتعديل لابن أبي حاتم. قال ويربي على هذه الكتب كلها تاريخ محمد بن إسماعيل البخاري. أي التاريخ الكبير وله ثلاثة تواريخ. قوله على التدريج قليلا قليلا أي فلا يكلف نفسه حفظ ما لا يطيقه ففي الحديث الصحيح خذوا من الأعمال ما تطيقون. وعن الثوري قال: كنت آتي الأعمش ومنصورا فأسمع أربعة أحاديث خمسة4 ثم انصرف كراهية أن تكثر وتفلت. ونحوه عن شعبة وابن علية ومعمر. وعن الزهري أنه قال: إن هذا العلم إن أخذته بالمكاثرة5 له غلبك ولكن خذه مع الليالي والأيام أخذا رفيقا تظفر به.

_ 1 هكذا في خط ول، وفي الجامع: ثم الكتب المصنفة في الأحكام الجامعة للمسانيد وغير المسانيد. 2 هكذا في خط ول، وفي الجامع: "ثم تواريخ المحدثين وكلامهم في أحوالب الرواة". 3 هكذا في خط ول، وفي الجامع بالموحدةوفي خط: "حيان" بالياء آخر الحروف. 4 هكذا في خط، وضب عليها في الجامع "1/232". 5 هكذا في خط بالمثلثة وفي الجامع "1/232" "بالمكاثرة" بموحدة.

ومما يعين على الحفظ المذاكرة1 لقول علي رضي الله عنه تذاكروا الحديث فإن حياته مذاكرته. ونحوه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وابن عباس. وعن الخليل بن أحمد ذاكر بعلمك تذكر ما عندك وتستفيد ما ليس عندك. وعن عبد الله بن المعتز قال: من أكثر مذاكرة العلماء لم ينس ما علم واستفاد ما لم يعلم. قوله وليشتغل بالتخريج أي لقول بعضهم2 من أراد الفائدة فليكسر قلم النسخ وليأخذ قلم التخريج. والتخريج يكتب الذكر إلى آخر الدهر كما قال: الشاعر: يموت قوم فيحيي العلم ذكرهم ... والجهل يلحق أمواتا3 بأموات وعن الدارقطني أول من صنف مسندا وتتبعه نعيم بن حماد. قال الخطيب وقد صنف أسد بن موسى مسندا وكان أكبر من نعيم سنا وأقدم سماعا فيحتمل أن يكون نعيم سبقه في حداثته. قال الخطيب يستحب أن يصنف المسند معللا فإن معرفة العلل أجل4 أنواع الحديث. وعن عبد الرحمن بن مهدي قال: لأن أعرف علة حديث أحب5 إلي من أن أكتب عشرين حديثا ليس عندي وقد جمع يعقوب بن شيبة مسندا معللا. قال الأزهري ولم يصنف يعقوب المسند كله قال: وسمعت الشيوخ

_ 1 في خط: "الحفاظ مذاكرة" فصوبته". 2 حكاه الخطيب في "الجامع" "2/282" عن بعض شيوخه وعنه "الشرح". 3 هكذا في "الجامع" "2/280" ونسخة من الشرح وفي خط: "اللحي أمواتا" وفي ل: "يلحق أحياء". 4 من ل و "الجامع" "2/294" وفي خط: "أصل". 5 كذا في خط وفي ل و "الجامع" 2/295" "حديث – هوعندي – أحب ... ".

يقولون لم يتمم مسند معلل قط. قال وقيل لي إن نسخة بمسند أبي هريرة شوهدت بمصر فكانت مائتي جزء قال: ولزمه على ما خرج من المسند عشرة الآف دينار. قال الخطيب والذي ظهر ليعقوب مسند العشرة وابن مسعود وعمار وعتبة بن غزوان والعباس وبعض الموالي هذا الذي رأينا من مسنده. قوله ومما يعتنون به في التأليف جمع الشيوخ أي والتراجم والأبواب والطرق وقد ذكر جميعها. مثال جمع الشيوخ ان يجمع حديث شيوخ مخصوصين كل واحد منهم على انفراده كجمع حديث الأعمش للإسماعيلي وحديث الفضيل بن عياض للنسائي وحديث محمد بن جحادة للطبراني وغير ذلك. وقد ذكر الخطيب ممن جمع1 حديثه إسماعيل بن أبي خالد وأيوب بن أبي تميمة وبيان بن بشر والحسن بن صالح بن حي وحماد بن زيد وداود بن أبي هند وربيعة بن أبي عبد الرحمن وزائدة وزهير وزياد بن سعد وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وسليمان أبو2 إسحاق الشيباني وسليمان بن طرخان3 وسليمان بن مهران الأعمش وشعبة وصفوان بن سليم وطلحة ابن مصرف وعبد الله بن عون وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي وعبيد الله بن عمر4 العمري وأبا حصين عثمان بن عاصم الكوفي وعمرو بن دينار المكي ومالك بن أنس ومحمد بن جحادة ومحمد بن سوقة ويحيى بن سعيد الأنصاري ويونس بن عبيد البصري5.

_ 1 من خط و "الجامع" وفي ل: " يجمع". 2 من "الجامع" "2/298" وفي خط ول: "بن". 3 من ل و "الجامع" وفي خط: "علي خان". 4 من ل و "الجامع" وفي خط "عمرو" بالواو. 5 فات الأبناسي ممن ذكرهم الخطيب وعنه العراقي في "الشرح " "محمد بن مسلم الزهري ومسعر بن كدام الهلالي ومحمد بن واسع الأزذي ومطر بن طمهان الخراساني".

ومثال جمع التراجم وهو جمع ما جاء بترجمة واحدة من الحديث كأيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة وذكر المصنف مالكا وسهيلا وهشاما. ومثال جمع الأبواب فتصير كتبا كباب رفع اليدين وباب القرآءة خلف الإمام أفردهما البخاري بالتصنيف وباب: التصديق بالنظر لله تعالى أفرده الآجري. وباب: النية أفرده ابن أبي الدنيا1. وباب: القضاء باليمين مع الشاهد أفرده الدارقطني. وباب: القنوت أفرده ابن مندة. وباب: البسملة أفرده ابن عبد البر وغيره. وغير ذلك. ومثال جمع الطرق وهو جمع طرق حديث واحد كطرق حديث قبض العلم للطوسي وطرق حديث من كذب علي متعمدا للطبراني وطرق حديث طلب العلم فريضة ونحو ذلك. وقد أدخل الخطيب هذال القسم في جمع الأبواب وأفرده المصنف بالذكر وهو واضح لأن هذا جمع طرق حديث واحد وذاك جمع باب وفيه أحاديث مختلفة.

_ 1 كنت قيدت عندي "في خط: "ابن أبي الزناد" وصوابه: "ابن أبي الدنيا" يدل ذلك: أن ابن أبي الدنيا هو المعروف فإفراد هذا الباب بالتصنيف ذكر كتابه ابن رجب في "جامع العلوم/ الحديث الأول" وغيره، ويؤيد ذلك أيضا: ذكر المصنف له بعد البخاري والآجري فلو كان المراد "ابن أبي الزناد" لذكره قبلهما؛ لتقدمه في الوفاء عليهما أضف إليه أن ابن أبي الزناد لم يشتهر بالتصنيف وإنما روي بعض الكتب عن أبيه وهو مترجم اسمه "عبد الرحمن" من "التهذيب" فالصواب: ابن أبي الدنيا، واللع أعلم. انتهي ما قيدته علي حاشية الكتاب قديما ثم رأينه علي الصواىب – "ابن أبي الدنا" – عند العراقي "الشرح فالحمدلله تعالي.

المجلد الثاني

المجلد الثاني النوع التاسع والعشرون ... النوع التاسع والعشرون معرفة الإسناد العالي والنازل أصل الإسناد أولا خصيصة فاضلة من خصائص هذه الأمة وسنة بالغة من السنن المؤكدة. روينا من غير وجه عان "عبد الله بن المبارك رضي الله عنه" أنه قال: الإسناد من الدين, "لولا"1 الإسناد لقال من شاء ما شاء". وطلب العلو فيه سنة أيضا ولذلك استحبت الرحلة فيه على ما سبق ذكره قال "أحمد بن حنبل رضي الله عنه: طلب الإسناد العالي سنة "عن من"2 سلف وقد روينا أن "يحيى بن معين" رضي الله عنه قيل له في مرضه الذي مات فيه ما تشتهي قال: بيت خالي وإسناد "عالي"3 قلت: العلو يبعد الإسناد من الخلل لأن كل رجل من رجاله يحتمل أن يقع الخلل من جهته سهوا أو عمدا ففي قلتهم قلة جهات الخلل وفي كثرتهم كثرة جهات الخلل, وهذا جلي واضح ثم إن العلو المطلوب في رواية الحديث على أقسام خمسة أولها: القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد نظيف غير ضعيف, وذلك من أجل أنواع العلو وقد روينا عن "محمد بن أسلم الطوسي الزاهد العالم رضي الله عنه" أنه قال:

_ 1 هكذا في خط وش وع و"التدريب" , وفي "مقدمة مسلم " "ص/15":"ولولا". 2 كذا في خط , ووصلهما في ش وع و"التدريب": "عمن". 3 كذا رسمه بإثبات الياء في " خال 000 عالي" ورسم على الأخيرة منهما "صح"

"قرب الإسناد قرب أو قربة إلى الله عز وجل". وهذا كما قال, لأن قرب الإسناد قرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, والقرب إليه قرب من الله عز وجل. الثاني: وهو الذي ذكره "الحاكم أبو عبد الله الحافظ": القرب من إمام من أئمة الحديث, وإن كثر العدد من ذلك الإمام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا وجد ذلك في إسناد وصف بالعلو نظرا إلى قربه من ذلك الإمام, وإن لم يكن عاليا بالنسبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكلام "الحاكم" يوهم أن القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعد من العلو المطلوب أصلا وهذا غلط من قائله لأن القرب منه صلى الله عليه وسلم بإسناد نظيف غير ضعيف أولى بذلك ولا ينازع في هذا من له مسكه من معرفة. وكأن "الحاكم" أراد بكلامه ذلك إثبات العلو للإسناد بقربه1 من إمام وإن لم يكن قريبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والإنكار على من يراعي في ذلك مجرد قرب الإسناد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان إسنادا ضعيفا ولهذا مثل ذلك بحديث "أبي هدبة ودينار والأشج" وأشباههم الثالث: العلو بالنسبة إلى رواية "الصحيحين" أو أحدهما أو غيرهما من الكتب المعروفة المعتمدة وذلك ما اشتهر آخرا من الموافقات والأبدال والمساواة والمصافحة. وقد كثر المحدثين اعتناء المحدثين المتأخرين بهذا النوع. وممن وجدت هذا النوع في كلامه: "أبو بكر الخطيب" وبعض شيوخه و"أبو نصر ابن ماكولا وأبو عبد الله الحميدي" وغيرهم من طبقتهم وممن جاء بعدهم أما الموافقة: فهي أن يقع لك الحديث عن شيخ "مسلم"2 فيه مثلا عاليا بعدد أقل من العدد الذي يقع لك به الحديث عن ذلك الشيخ إذا رويته عن "مسلم" عنه. وأما البدل: فمثل أن يقع لك مثل هذا العلو عن شيخ غير شيخ "مسلم" "مثل شيخ مسلم"3 في ذلك الحديث

_ 1 هكذا في خط, وفي ش: "لقربه " باللام , ووقع في ع "يقربه" بمثناه من تحت. 2 من ش وع و"التقريب مع شرحه" , وليس في خط 3 من خط و"التقريب / مع شرحه" , وفي ع:"هو مثل شيخ مسلم" , وليس في ش.

وقد يرد البدل إلي الموافقة فيقال فيما ذكرناه إنه موافقة عالية في شيخ شيخ مسلم. ولو لم يكن ذلك عاليا فهو أيضا موافقة وبدل لكن لا يطلق عليه اسم الموافقة والبدل لعدم الالتفات إليه وأما "المساواة"1 فهي في أعصارنا أن يقل العدد في إسنادك لا إلى شيخ "مسلم" وأمثاله ولا إلى شيخ شيخه بل إلي من هو أبعد من ذلك كالصحابي أو من قاربه وربما كان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث يقع بينك وبين الصحابي مثلا من العدد مثل ما وقع من العدد بين "مسلم" وبين ذلك الصحابي "فتكون"2 بذلك مساويا "لمسلم" مثلا في قرب الإسناد وعدد رجاله. وأما المصافحة: فهي أن تقع هذه المساواة التي وصفناها, لشيخك لا لك, فيقع ذلك لك مصافحة, إذ تكون كأنك لقيت "مسلما" في ذلك الحديث وصافحته به, لكونك قد لقيت شيخك المساوي لمسلم. فإن كانت المساواة لشيخ شيخك كانت المصافحة لشيخك فتقول: كأن شيخي سمع مسلما وصافحه. وإن كانت المساواة "لشيخ شيخ شيخك"3 فالمصافحة لشيخ شيخك فتقول فيها: كأن شيخ شيخي سمع مسلما وصافحه ولك أن لا تذكر لك في ذلك نسبة بل تقول كأن فلانا سمعه من مسلم من غير أن تقول فيه: شيخي أو شيخ شيخي. ثم لا يخفى على المتأمل أن في "المساواة و"4 المصافحة الواقعتين لك لا يلتقي إسنادك وإسناد "مسلم" أو نحوه إلا بعيدا عن شيخ مسلم فيلتقيان في الصحابي أو قريبا منه فإن كانت المصافحة التي تذكرها ليست لك بل لمن فوقك من رجال إسنادك أمكن التقاء الإسنادين فيها في شيخ مسلم أو أشباهه وداخلت المصافحة حينئذ الموافقة فإن معني الموافقة راجع إلى مساواة ومصافحة مخصوصة إذ

_ 1 من ش وع , وفي خط: " المساولة ". 2 من ش وع , وفي خط: "فيكون". 3 رسم الناسخ على كل واحدة من الكلمات الثلاث علامة:"صح". 4 من ش وع , وفي خط:"المساولة أو".

حاصلها أن بعض من تقدم من رواة إسنادك العالي ساوى أو صافح "مسلما أو البخاري" لكونه سمع ممن سمع من شيخهما مع تأخر طبقته عن طبقتهما ويوجد في كثير من العوالي المخرجة لمن تكلم أولا في هذا النوع وطبقتهم المصافحات مع الموافقات والأبدال لما ذكرناه. ثم اعلم أن هذا النوع من العلو علو تابع لنزول إذ لولا نزول ذلك الإمام في إسناده لم تعل أنت في إسنادك وكنت قد قرأت "بمرو"1 على شيخنا المكثر "أبي المظفر عبد الرحيم ابن الحافظ المصنف أبي سعد السمعاني رحمهما الله" في أربعي "أبي البركات الفراوي" حديثا ادعى فيه أنه كأنه سمعه هو أو شيخه من "البخاري" فقال الشيخ أو المظفر "ليس لك بعال ولكنه للبخاري نازل". وهذا حسن لطيف يخدش وجه هذا النوع من العلو انتهى قال أحمد: "طلب الإسناد العالي سنة عمن سلف". وقال الحاكم: "وفي طلب الإسناد العالي سنة صحيحة". فذكر حديث أنس في "مجىء الأعرابي" وقوله: "يا محمد أتانا رسولك فزعم كذا" الحديث قال: "ولو كان طلب العلو في الإسناد غير مستحب لأنكر عليه سؤاله عما أخبره رسوله عنه ولأمره بالاقتصار على ما أخبره الرسول عنه". ولم يحك الحاكم خلافا في تفضيل العلو وحكاه ابن خلاد ثم الخطيب فحكيا عن بعض "أهل النظر أن التنزل في الإسناد أفضل لأنه يجب على الراوي أن يجتهد في متن الحديث وتأويله وفي الناقل وتعديله وكلما زاد الاجتهاد زاد صاحبه ثوابا قال ابن خلاد "وهذا مذهب من يزعم أن الخبر أقوى من القياس". قال المصنف "وهو مذهب ضعيف الحجة". قال ابن دقيق العيد "لأن كثرة المشقة ليست مطلوبة لنفسها قال ومراعاة المعنى المقصود من الرواية وهو الصحة أولى". انتهى وهذا يصير بمثابة من يقصد المسجد لصلاة الجماعة فيسلك طريقا بعيدة لتكثير الخطا فتفوته صلاة الجماعة التي هي المقصود لأن المقصود من الحديث التوصل

_ 1 من ش وع وفي خط: "مرة".

إلى صحته وبعد الوهم وكلما كثر رجال الإسناد تطرق إليه الخطأ وكلما قصر سلم. اللهم إلا أن يكون رجال السند النازل أوثق "و"1 أحفظ أو أفقه فإنه يكون أولى كما سيأتي. وقسم المصنف العلو إلى خمسة أجزاء تبعا ل"أبي الفضل محمد بن طاهر فإنه أفرد ذلك في "جزء". القسم الأول: القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد نظيف غير ضعيف فإن كان مع العلو ضعف فلا التفات إليه ولا سيما إن كان فيه بعض الكذابين المتأخرين ممن ادعى سماعا من الصحابة كإبراهيم بن هدبة ودينار بن عبد الله وخراش و"نعيم"2 بن سالم ويعلى بن الأشدق وأبي الدنيا الأشج ونحوهم. قال الذهبي في "الميزان": متى رأيت المحدث يفرح بعوالي أبي هدبة ومن ذكرنا فاعلم أنه عامي بعد. وهذا "القسم"3 هو أفضل أنواع العلو وأجلها وأعلى ما يقع "للشيوخ"4 في هذا الزمان من الأحاديث المتصلة بالسماع ما هو تساعي الإسناد وقد يقع التساعي الصحيح ولكن "بإجازة"5 في الطريق.6 وقول الذهبي في "تاريخ الإسلام" في "ترجمة ابن البخاري": "وهو آخر من كان في الدنيا بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية رجال ثقات" إنه يريد مع اتصال

_ 1 كذا في خط , وفي ل: "أو". 2هكذا في خط وبعض نسخ "الشرح" , "نعيم" بالمهملة مصغرا, وفي بعض نسخ "الشرح": "يغم" بالياء آخر الحروف والغين المعجمة , وفي نسخة ثالثة من "الشرح": " معين". وراجع: ترجمة "نعيم بن تمام" , "نعيم بن سالم" , "ينغم بن سالم" من "اللسان" لابن حجر. 3 هكذا في خط , وفي ل: "القسم الأول". 4 هكذا في ل , وفي خط: "للشارح". 5 من ل, وفي خط:"الإجازة". 6 راجع: " الشرح".

السماع أما مع "الإجازة"1 فقد تأخر بعده جماعة القسم الثاني: القرب إلى إمام من الأئمة ك"الأعمش وهشيم وابن جريج والأوزاعي ومالك وسفيان وشعبة وزهير وحماد بن زيد وإسماعيل بن علية" وغيرهم من أئمة الحديث وأعلى ما يقع اليوم للشيوخ بينهم وبين هؤلاء الأئمة من حيث العدد مع صحة الإسناد واتصاله بالسماع أن بينهم وبين الأعمش و"هشيم"2 وابن جريج والأوزاعي ثمانية "وبينهم"3 وبين مالك والثوري وشعبة وزهير وحماد بن سلمة سبعة وبينهم وبين ابن علية ستة القسم الثالث: العلو المقيد بالنسبة إلى رواية الصحيحين وبقية الكتب الستة وسماه ابن دقيق العيد علو التنزيل ولم يذكر ابن طاهر هذا القسم وجعل القسم الثالث: علو تقدم السماع وجمع بينه وبين قسم "تقدم"4 الوفاة فجعلهما قسما واحدا وهذا النوع هو الذي يقع فيه الموافقات والأبدال والمساواة والمصافحات ف"الموافقة": أن يروي الرواي حديثا في أحد "الكتب الستة بإسناد لنفسه من غير طريقها بحيث يجتمع مع أحد"5 الستة في شيخه مع علو "الطريق"6 الذي رواه منه على ما "لو"7 رواه من طريق أحد "الكتب الستة" مثاله: حديث رواه البخاري عن محمد بن عبد الله الأنصاري عن حميد عن أنس مرفوعا "كتاب الله القصاص".

_ 1 من ل , وفي خط:"الوجادة ". 2 من ل , ولم يظهر منها في خط سوى الهاء. 3 من ل , ولم تظهر في صورة خط. 4 من ل , وفي خط: " متقدم" بالميم" في موضعين. 5 من ل , وليس في خط , وكأن الناسخ ترك سطرا. 6 من ل , وفي خط: "الطرف" 7 من ل , وليس في خط.

فإذا رويناه من "جزء الأنصاري" "يقع" 1 موافقة للبخاري في شيخه مع علو درجته والبدل: أن يوافقه في شيخ شيخه مع العلو أيضا مثاله: حديث ابن مسعود الآتي في آخر هذا القسم وقد يسمونه: موافقة مقيدة, فيقال: هو موافقة في شيخ "الترمذي" مثلا. وقيد المصنف الموافقة والبدل بصورة العلو وفي كلام غيره إطلاقهما مع عدم العلو فإن علا قالوا: موافقة عالية وبدلا عاليا قاله جمال الدين الظاهري وغيره وفي كلام الذهبي "فوافقناه بنزول" فسماه مع النزول موافقة ولكن مقيدة بالنزول كما قيدها غيره2 بالعلو والمساواة: أن يكون بين "الصحابي" وبين "الراوي" أو "من قبل الصحابي" إلى شيخ أحد "الستة" كما بين "الأئمة الستة" وبين ذلك "الصحابي" أو "من قبله" على ما ذكر. أو يكون بينه وبين "النبي صلى الله عليه وسلم" كما بين أحد "الأئمة الستة" وبين "النبي صلى الله عليه وسلم" من العدد وهذا كله كان يوجد قديما وأما اليوم فلا توجد المساواة إلا "بأن"3 يكون عد ما بين "الراوي" الآن و"بين"4النبي صلى الله عليه وسلم كعد ما بين أحد "الأئمة الستة" وبين "النبي صلى الله عليه وسلم" "ومثال"5 المساواة لشيوخنا: "حديث"6 "النهي عن نكاح المتعة" أخبرنا به "إسماعيل"7 بن عبد العزيز "إجازة إن لم يكن سماعا"8 قال: أخبرنا

_ 1 هكذا في خط , وفي ل: "تقع" بمثناه من فوق. 2 راجع: "الشرح" " ص/ 312-313" 3 هكذا في خط , وفي ل: " أن". 4 من ل , وليس في خط. 5 من ل , وفي خط "وأمثال" 6 من ل, وليس في خط. 7 كذا في خط , وفي ل: " محمد بن إسماعيل00". 8 من خط , وليس في ل.

عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني قال: أنبأنا أسعد بن سعيد بن روح وعفيفة بنت أحمد الفارقانية, واللفظ لها قالا: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله "الجوزدانية"1 قالت أنا أبو بكر بن "ريذة"2 قال أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج ثنا يحيى بن بكير حدثني الليث قال الطبراني: وثنا يوسف القاضي ثنا أبو الوليد الطيالسي ثنا ليث بن سعد حدثني الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه سبرة أنه قال: "أذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة" الحديث وفيه ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان عنده شىء من هذه النساء اللاتي يتمتع بهن فليخل سبيلها" واللفظ لحديث يحيى بن بكير هذا حديث صحيح أخرجه مسلم والنسائي عن قتيبة عن الليث فوقع بدلا لهما عاليا وورد حديث "النهي عن المتعة" من حديث جماعة من الصحابة منهم: "علي بن أبي طالب" وهو متفق عليه من حديثه من طريق مالك وقد رواه النسائي في "جمعه لحديث مالك" عن زكريا بن يحيى خياط السنة عن إبراهيم بن عبد الله الهروي عن سعيد بن محبوب عن "عبثر"3 بن القاسم عن سفيان الثوري عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي فباعتبار هذا العدد كأن شيخنا ساوى فيه النسائي وكأني لقيت النسائي وصافحته به ولله الحمد والمصافحة: أن "يعلو"4 طريق أحد "الكتب الستة" عن المساواة بدرجة فيكون الراوي كأنه سمع الحديث من "البخاري أو مسلم" مثلا فكأن الراوي لقي أحد

_ 1 من "السير" الذهبي , وضبط السمعاني هذه النسبة: " بضم الجيم وسكون الواو والرازي وبعدها الدال المهملة وفي آخرها النون" , قال: "هذه النسبة إلى جوزدان , ويقال لها كوزدان , وهي قرية على باب أصبهان كبيرة كثيرة الخير ووقع في ل: " الجوزذدانية" بالذال المعجمة وفي خط: " الجر وانية". 2 هكذ في خط , وفي ل: "زيدة". 3 هكذا في "التمهيد" لابن عبد البر "10/98" , وضبطه ابن حجر في "التقريب" بفتح أوله وسكون الموحدة وفتح المثلثة , ووقع قي خط: "عثبر " بتقديم المثلثة , وفي ل,:"عيثر"بمثناه من تحت , والراوي عنه هكذا هو في خط ول: "سعيد محبوب" , وفي "التمهيد": "سعيد بن عمرو ألأشعثي" 4 هكذا في خط , وفي ل: "تعلو" بمثناه من فوق.

"الأئمة الستة" وصافحه بذلك الحديث ومراده1: بالكتب المعتمدة "المعروفة"2: "الستة" ونحوها لأن الغالب على المخرجين استعمال ذلك بالنسبة إليهم فقط وقد استعمله الظاهري وغيره بالنسبة إلى مسند أحمد ولا "مشاححة"3 في ذلك قال الحافظ زين الدين العراقي وقد وقع لنا غير ما حديث مصافحة فمن ذلك الحديث المتقدم مثالا للمساواة فإنه مساواة لشيوخنا مصافحة لنا كما تقدم "قوله": ثم اعلم أن هذا النوع من العلو علو تابع لنزول "اعترض عليه" بإنه قد لا يكون تابعا لنزول بل قد يكون تابعا لعال أيضا فيكون العلو حصل فيه وفي تابعه فيكون ذلك الإمام وقع له عاليا أيضا مثاله حديث "ابن"4 مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان على موسى يوم كلمه الله كساء صوف وجبة صوف" الحديث رواه الترمذي عن علي بن حجر عن خلف بن خليفة عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود وقد وقع لنا عاليا بدرجتين أخبرني به أبو الفتح محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي "إجازة إن لم يكن سماعا"5 قال: أخبرنا أبو الفرج عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني قال: أخبرني عبد المنعم بن عبد الوهاب6 قال: أنا علي بن أحمد بن محمد بن بيان قال: "أنا"7 محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد قال أنا إسماعيل بن محمد الصفار قال: حدثنا الحسن بن عرفة "ثنا"خلف بن خليفة

_ 1 يعني: ابن الصلاح. 2 لم يظهر منها في خط سوى الألف واللام , ولكنها سبقت في كلام ابن الصلاح رحمة الله. 3 هكذا في خ , وفي ل: "مشاحة". 4من ع ول و "سنن الترمذي ""1734" و "تحفة الأشراف" "7/64" , وفي خط: "أبي". 5 من خط , وليس في ع. 6 راجع " التقييد" للعراقي. 7 هكذا في خط , وفي ع: "أنبأنا" في كليهما.

عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يوم كلم الله موسى عليه السلام كانت عليه جبة صوف وسراويل صوف وكساء صوف وكمه صوف ونعلاه من جلد حمار غير " مذكى"1. فهذا الحديث بهذا الإسناد لا يقع لأحد في هذه الأزمان أعلى منه على وجه الدنيا من حيث العدد وهو علو مطلق ليس تابعا لنزول فإنه عال للترمذي أيضا فإن خلف بن خليفة من التابعين وأعلى ما يقع للترمذي روايته عن أتباع التابعين. وأما علو طريقنا فأمر واضح فإن شيخنا أبا الفتح آخر من روى عن النجيب عبد اللطيف بالسماع والنجيب آخر من روى عن عبد المنعم بن كليب بالسماع وابن كليب آخر من روى عن ابن بيان وابن بيان آخر من روى عن ابن مخلد وابن مخلد آخر من روى عن الصفار والصفار آخر من روى عن ابن عرفة وابن عرفة آخر من روى عن خلف بن خليفة وخلف آخر من رأى الصحابة فهو علو مطلق. قال الرابع من أنواع العلو العلو المستفاد من تقدم وفاة الراوي. مثاله ما أرويه عن شيخ أخبرني به "عن"2 واحد عن البيهقي الحافظ عن الحاكم أبي عبد الله الحافظ أعلى من روايتي لذلك عن شيخ أخبرني به عن واحد عن أبي بكر ابن خلف عن الحاكم وإن تساوى الإسنادان في العدد لتقدم وفاة البيهقي على وفاة ابن خلف لأن البيهقي مات سنة ثمان "وخمسين"3 وأربعمائة ومات ابن خلف سنة سبع وثمانين وأربعمائة "و"4 روينا عن "أبي يعلى الخليل بن عبد الله الخليلي الحافظ"، قال: "قد يكون الإسناد يعلو على غيره بتقدم "موت"5 راوية وإن كان متساويين في العدد" ومثل ذلك من حديث نفسه بمثل ما ذكرناه.

_ 1 هكذا في خط وبعض نسخ "المجروحين" لابن حبان""1/262"، وفي ع، و"المستدرك""1/28""2/379" ونسخة من "المجروحين":"ذكى". 2 من خط وع، وليس في ش. 3 من خط وع، وفي ش:"وخمس". 4 من ش وع، وليس في خط 5 من ش وع، وفي خط:"مرتب".

ثم إن "هذا الكلام: في"1 العلو المنبني على تقدم الوفاة المستفاد من نسبة شيخ إلى شيخ وقياس راو براو. وأما العلو المستفاد من مجرد تقدم وفاة شيخك من غير نظر إلى قياسه براو آخر فقد حده بعض أهل هذا الشأن بخمسين سنة. وذلك ما رويناه عن "أبي"2 علي الحافظ النيسابوري قال: "سمعت أحمد بن عمير3 الدمشقي وكان من أركان الحديث يقول: إسناد خمسين سنة من موت الشيخ إسناد علو. وفيما نروي عن أبي عبد الله ابن منده الحافظ قال إذا مر على الإسناد ثلاثون سنة فهو عال وهذا أوسع من الأول. الخامس: العلو المستفاد من تقدم السماع"أنبؤنا"4 عن محمد بن ناصر الحافظ عن محمد بن طاهر الحافظ قال من العلو تقدم السماع. قلت: وكثير من هذا يدخل في النوع المذكور قبله وفيه ما لا يدخل في ذلك بل يمتاز عنه مثل أن يسمع شخصان من شيخ واحد وسماع أحدهما من ستين سنة مثلا وسماع الآخر من أربعين سنة فإذا تساوى السند إليهما في العدد فالإسناد إلى الأول الذي تقدم سماعه أعلى. فهذه أنواع العلو على الاستقصاء والإيضاح الشافي ولله سبحانه وتعالى الحمد كله. وأما ما رويناه عن "الحافظ أبي طاهر السلفي رحمه الله" من قوله في أبيات له: بل علو الحديث بين أولي الحفظ ... والإتقان صحة الإسناد وما رويناه عن "الوزير نظام الملك" من قوله: "عندي أن الحديث العالي ما صح

_ 1 هكذا في خط، وفي ش وع: "هذا كلام في". 2 من ش وع، وفي خط: "ابن" 3 في حاشية خط: "الحافظ ابو الحسن". ولم يظهر من الحاشية سوى ذلك وبعض حروف من كلمة أخرى هى الواو والفاء "....وف" وعلى هامش بعض نسخ "المقدمة": "قال المؤلف": ابن عمير هذا، هو ابن جوصا، الحافظ أبو الحسن الدمشقى". 4 هكذا في خط بالرسم والضبط، وفي ش وع:"أنبئنا".

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن بلغت رواته مائة". فهذا ونحوه ليس من قبيل العلو المتعارف إطلاقه بين أهل الحديث وإنما هو علو من حيث المعنى فحسب. فصل: وأما النزول فهو ضد العلو وما من قسم من أقسام العلو الخمسة إلا وضده قسم من أقسام النزول فهو إذا خمسة أقسام وتفصيلها يدرك من تفصيل أقسام العلو على نحو ما تقدم شرحه. وأما قول "الحاكم أبي عبد الله": "لعل قائلا يقول: النزول ضد العلو، "فمن"1 عرف العلو فقد عرف ضده وليس كذلك فإن للنزول مراتب لا يعرفها إلا أهل الصنعة" إلى آخر كلامه فهذا ليس نفيا لكون النزول ضدا للعلو على الوجه الذي ذكرته بل نفيا لكونه يعرف بمعرفة العلو وذلك يليق بما ذكره هو في معرفة العلو فإنه قصر في بيانه وتفصيله وليس كذلك ما ذكرناه نحن في معرفة العلو فإنه مفصل تفصيلا مفهما لمراتب النزول والعلم عند الله تعالى. ثم إن النزول مفضول مرغوب عنه والفضيلة للعلو على ما تقدم بيانه ودليله وحكى "ابن خلاد" عن بعض أهل النظر أنه قال "التنزل" في الإسناد أفضل" واحتج "له"2 بما معناه أنه يجب "الاجتهاد"3 والنظر في تعديل كل راو وتجريحه فكلما زادوا كان الاجتهاد أكثر فكان الأجر أكثر. وهذا مذهب "ضعيف الحجة"4 وقد روينا عن "علي ابن المديني وأبي عمرو المستملي النيسابوري أنهما قالا النزول شؤم". وهذا ونحوه مما جاء في ذم النزول مخصوص ببعض النزول فإن النزول إذا تعين دون العلو طريقا إلى فائدة راجحة على فائدة العلو فهو مختار غير

_ 1 من ش وع ول، وفي خط: "فمتى". 2من ش وع، وليس في خط. 3 من ش وع، وفي خط: "الاعماد". 4 هكذا في خط و"التدريب"، وفي ش وع:" ... ضعيف، ضعيف الحجة".

"مرذول"1.انتهى هذا هو القسم الرابع من أقسام العلو وهو تقدم وفاة الراوي عن شيخ على وفاة راو آخر عن ذلك الشيخ. مثاله: من سمع سنن أبي داود على الزكي عبد العظيم أعلى ممن سمعه على النجيب الحراني ومن سمعه على النجيب أعلى ممن سمعه على ابن خطيب المزة والفخر ابن البخاري وإن اشترك الأربعة في رواية الكتاب عن شيخ واحد وهو: ابن طبرزد لتقدم وفاة الزكي على النجيب وتقدم وفاة النجيب على من بعده. "هذا"2كله بنسبة شيخ إلى شيخ أما علو الإسناد بتقدم موت الشيخ لا مع التفات لأمر آخر أو شيخ آخر فمتى يوصف بالعلو؟ قيل: خمسين سنة من موت الشيخ قاله ابن "جوصا"3 وقول ابن مندة: ثلاثين سنة يحتمل أنه أراد من حين السماع وهو بعيد لأنه يجوز أن يكون شيخه إلى الآن حيا والظاهر أنه أراد إذا مضى على إسناد كتاب أو حديث ثلاثون سنة وهو في تلك المدة لا يقع أعلى من ذلك كسماع كتاب البخاري في سنة ستين وسبعمائة مثلا على "أصحاب أصحاب"4 ابن الزبيدي فإنه قد مضت عليه ثلاثون سنة من موت من كان آخر من يرويه عاليا وهو الحجار. "قوله". تقدم السماع أي ممن تقدم سماعه من شيخ كان سماعه منه أعلى ممن سمع منه بعده. وأهل الحديث مجمعون على أفضلية المتقدم في حق من اختلط شيخه أو خرف لهرم أو مرض وهو واضح.

_ 1 خشى الناسخ أن تتحرف أو يظن أنها: "مردود" فكتب في حاشية خط: "مردود" ورسم فوقها: "خ"خاء معجمة. 2 من خط، وفي ل: "وهذا". 3 هكذا في خط و"السير"، وغيرهما، وفي ل: "جوصاء" بإثبات الهمزة في اخه. 4 رسم الناسخ علامة "صح" على كل واحد منهما.

أما من لم يحصل له ذلك فربما كان السماع المتأخر أرجح بأن يكون تحديثه الأول قبل أن يبلغ درجة الضبط والإتقان ثم كان الشيخ متصفا بذلك في حالة سماع الراوي المتأخر السماع فلهذا مزية وفضل على السماع المتقدم وهو أرفع وأعلى لكنه علو معنوي. وجعل ابن طاهر وابن دقيق العيد "تقدم السماع وتقدم الوفاة" قسما واحدا وزادا بدل الساقط: "العلو إلى صاحبي الصحيحين ومصنفي الكتب المشهورة". وجعل ابن طاهر هذا قسمين أحدهما العلو إلى البخاري ومسلم وأبي داود وأبي حاتم وأبي زرعة والآخر العلو إلى كتب مصنفة لأقوام كابن أبي الدنيا والخطابي وأشباههما. قال ابن طاهر واعلم أن كل حديث عز على المحدث ولم يجده عاليا ولا بد له من إيراده في تصنيف أو احتجاج به فمن أي وجه" أورده"1 فهو عال لعزته. ثم مثل ذلك بأن البخاري روى عن أماثل أصحاب مالك ثم روى حديثا لأبي إسحاق الفزاري عن مالك لمعنى فيه فكان فيه بينه وبين مالك ثلاث رجال والله أعلم. قوله عن ابن المديني والمستملي النزول شؤم أي وكقول ابن معين الإسناد النازل قرحة في الوجه انتهى وهذا محمول على ما إذا لم يكن مع النزول ما يجبره كزيادة الثقة في رجاله على العالي أو كونهم أحفظ أو أفقه أو كونه متصلا بالسماع وفي العالي حضور أو إجازة أو مناولة أو تساهل بعض رواته في الحمل ونحو ذلك "فإن" 2العدول حينئذ إلى النزول ليس بمذموم ولا مفضول. وعن وكيع أنه قال3 الأعمش أحب إليكم عن أبي وائل عن عبد الله. أو"

_ 1 من ل، وفي خط "أورد" بدون هاء في اخره. 2 من ل، وفي خط: " كان". 3 يعني: لأصاحبه كما في "علوم الحديث" لابن كثير، و"التدريب"،وراجع: "الاعتبار" للحازمي "ص 73-74".

سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله؟ فقلنا1: الأعمش عن أبي وائل أقرب فقال الأعمش شيخ وأبو وائل شيخ وسفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة فقيه عن فقيه عنه فقيه "عن فقيه"2. وعن ابن المبارك: ليس جودة الحديث قرب الإسناد "بل جودة"3 الحديث صحة الرجال. وقال السلفي: الأصل الأخذ عن العلماء فنزولهم أولى من العلو عن الجهلة على مذهب المحققين من النقلة والنازل حينئذ هو العالي في المعنى عند النظر والتحقيق. كما ذكر المصنف عن "نظام الملك": وعن السلفي في هذه الأبيات: ليس حسن الحديث قرب رجال ... عند أرباب علمه النقاد بل علو الحديث بين أولي الحفظ ... والإتقان صحة الإسناد إذا ما تجمعا في حديث ... فاغتنمه فذاك أقصى المراد

_ 1 الكلام لأصحاب " وكيع". 2 من ل، وليس في خط، وراجع: "الاعتبار"، وزاد في "الاعتبار" و "علوم الحديث". "وحديث يتداوله الفقهاء أحب مما يتداوله الشيوخ" والسياق لابن كثير. 3 من ل و"التدريب" وغيرهما، وفي خط: "بل وجودة".

النوع الموفي ثلاثين

النوع الموفي ثلاثين معرفة المشهور من الحديث ومعنى الشهرة مفهوم وهو منقسم إلى صحيح كقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات" وأمثاله وإلى غير صحيح كحديث "طلب العلم فريضة على كل مسلم" وكما بلغنا عن "أحمد" أنه قال: "أربعة أحاديث تدور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأسواق ليس لها أصل من بشرني بخروج آذار بشرته بالجنة ومن آذى ذميا أنا خصمه يوم القيامة ونحركم يوم صومكم وللسائل حق وإن جاء على فرس". وينقسم من وجه آخر "إلى ما هو"1 مشهور بين أهل الحديث وغيرهم كقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" وأشباهه. وإلى ما هو مشهور بين أهل الحديث خاصة دون غيرهم كالذي رويناه عن محمد بن عبد الله الأنصاري عن سليمان التيمي عن أبي مجلز عن أنس "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهرا بعد الركوع يدعو على رعل وذكوان". فهذا مشهور بين أهل الحديث مخرج في الصحيح وله رواة عن أنس غير أبي مجلز "ورواة"2 عن "أبي مجلز" غير التيمي ورواة عن التيمي غير الأنصاري ولا يعلم ذلك إلا أهل "الصنعة"3 وأما غيرهم فقد يستغربونه من حيث أن التيمي يروي عن أنس وهو ها هنا يروي عن واحد عن أنس. ومن المشهور المتواتر الذي يذكره أهل الفقه وأصوله وأهل الحديث لا يذكرونه باسمه الخاص المشعر بمعناه الخاص فإن كان "الحافظ الخطيب" قد ذكره

_ 1 مكرر في خط. 2من خط، وفي ش وع:"ورواه" بالهاء. 3 من ش وع، وفي خط "للصنعة".

ففي كلامه ما يشعر بأنه اتبع فيه غير أهل الحديث ولعل ذلك لكونه لا تشمله صناعتهم ولا يكاد يوجد في رواياتهم فإنه عبارة عن الخبر الذي ينقله من يحصل العلم بصدقه ضرورة ولا بد في إسناده من استمرار هذا الشرط في رواته من أوله إلى منتهاه ومن سئل عن إبراز مثال لذلك فيما يروي من الحديث أعياه تطلبه وحديث "إنما الأعمال بالنيات" ليس من ذلك بسبيل وإن نقله عدد التواتر وزيادة لأن ذلك طرأ عليه في وسط إسناده ولم يوجد في أوائله على ما سبق ذكره. نعم حديث "من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" نراه مثالا لذلك فإنه نقله من الصحابة رضي الله عنهم العدد الجم وهو في الصحيحين مروي عن جماعة منهم وذكر أبو بكر البزاز في مسنده أنه رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو من أربعين رجلا من الصحابة. وذكر بعض الحفاظ أنه رواه "عنه صلى الله عليه وسلم"1 اثنان وستون نفسا من الصحابة وفيهم العشرة المشهود لهم بالجنة قال: "وليس في"2 الدنيا حديث اجتمع على روايته العشرة غيره ولا يعرف حديث يروى عن أكثر من ستين نفسا من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث الواحد. قلت: وبلغ بهم بعض أهل الحديث أكثر من هذا العدد وفي بعض ذلك عدد التواتر ثم لم يزل عدد رواته في ازدياد وهلم جرا على التوالي والاستمرار انتهى. "قوله": وكما بلغنا عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه قال: "أربع"3 أحاديث تدور في الأسواق ليس لها أصل. ثم ذكرها. والظاهر أن هذا لا يصح عن أحمد فإنه أخرج منها حديثا في مسنده وهو حديث "للسائل حق وإن جاء على فرس". وقد ورد من حديث الحسين بن علي وأبيه علي وابن عباس والهرماس بن زياد أما حديث الحسين بن علي بن أبي طالب فأخرجه أبو داود من رواية يعلي بن أبي يحيى عن فاطمة بنت الحسين "عن"4 حسين بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

_ 1 هكذا في خط وع، وفي ش: "عن رسول الله صلى الله عليه وسلم". 2من خط وع، وفي ش: "وليس لهم في". 3 هكذا في خط، وفي ع: "أربعة" وسبق مثله في متن "المقدمة" 4 من ع و "سنن ابي داود" 1665 و "تحفة الأشراف" 3/65 وفي خط: "ابن".

"للسائل حق وإن جاء على فرس". رواه أحمد في "مسنده" عن وكيع وعبد الرحمن "ابن مهدي"1 كلاهما عن سفيان عن مصعب "بن"2 محمد عن يعلى بن أبي يحيى. وهذا إسناد جيد وقد سكت عليه أبو داود فهو عنده صالح. ويعلى هذا ذكره ابن حبان في الثقات وجهله أبو حاتم وباقي رجاله ثقات. وأما حديث علي: فأخرجه أبو داود أيضا من رواية زهير عن شيخ قال رأيت سفيان عنده عن فاطمة بنت حسين عن "أبيها"3 عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وأما حديث ابن عباس فرواه ابن عدي في الكامل من رواية إبراهيم بن يزيد عن سليمان الأحول عن طاووس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. أورده في "ترجمة إبراهيم بن عبد السلام المكي المخزومي" "راويه"4 عن إبراهيم بن يزيد وقال هذا معروف بغير إبراهيم هذا عن إبراهيم بن يزيد سرقه ممن هو معروف به. قال وإبراهيم بن عبد السلام في جملة الضعفاء المجهولين. وأما حديث الهرماس بن زياد فرواه الطبراني من رواية عثمان بن "فائدة"5 عن عكرمة بن عمار عن الهرماس بن زياد قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره. وعثمان بن فائدة ضعفه ابن معين والبخاري وابن حبان وغيرهم. وأما حديث: "من آذى ذميا" فإنه معروف أيضا. رواه أبو داود من رواية صفوان بن سليم عن عدة من أبناء الصحابة عن آباءهم دنية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو

_ 1 من ل، وفي خط وع: "ابن محمد" 2 من ع ول و "المستند"1/201، وفي خط: "عن" بالعين. 3 من ع ول و"السنن" 1666 و "التحفة" 3/65 وفي خط: "ابنها". 4 من ع، وفي خط: "رواية". 5 كذا في خط في الموضعين، وفي ع: "فائد" ومثله في التهذيب وغيره.. وراجع: "تحفة الأشراف" 3/65 و "الضعيفة" للعلامة الألباني حفظه الله 1378.

أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة". سكت عليه أبو داود أيضا فهو عنده صالح وهو كذلك فإن إسناده جيد وهو وإن كان فيه من لم يسم فإنهم عدة من أبناء الصحابة يبلغون حد التواتر الذي لا يشترط فيه العدالة ورواه البيهقي في سننه الكبرى عن ثلاثين من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم". -نعم الحديثان الآخران لا أصل لهما. قال ابن الجوزي في الموضوعات وتذكر العوام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من بشرني بخروج آذار بشرته بالجنة". قال أحمد لا أصل لهذا. وروى الطبراني من رواية أبي شيبة القاضي عن آدم بن علي عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما هلك قوم إلا في آذار ولا تقوم الساعة إلا في آذار". أبو شيبة قاضي واسط اسمه إبراهيم بن عثمان وهو جد أبي بكر ابن أبي شيبة كذبه شعبة وقال ابن معين ليس بثقة. وبالجملة فهو متفق على ضعفه. -وأما حديث: "يوم صومكم يوم نحركم" فرواه الإمام أبو بكر محمد بن رمضان ابن شاكر الزيات في كتاب له فيه: "أخبار عن مالك والشافعي وابن وهب وابن عبد الحكم" قال قال محمد بن عبد الله "هو"1 ابن عبد الحكم الحديث الذي روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يوم صومكم يوم نحركم" قال: هذا من حديث الكذابين. واعترض على المصنف في قوله وأهل الحديث لا يذكرونه باسمه الخاص أي المتواتر بأنه قد ذكره أبو عبد الله الحاكم وأبو محمد بن حزم وأبو عمر بن عبد البر وغيرهم من أهل الحديث. والجواب عن المصنف أنه2 إنما نفى عن أهل الحديث ذكره باسمه الخاص.

_ 1 من ع، وفي خط: "فهو". 2من ع، وفي خط: "من اهل الحديث بأنه"

المشعر بمعناه الخاص "وهؤلاءلم"1 يقع في كلامهم التعبير عنه بما فسره به الأصوليون وإنما يقع في كلامهم أنه تواتر عنه صلى الله عليه وسلم كذا وكذا وأن الحديث الفلاني متواتر "كقول"2 ابن عبد البر في "حديث المسح على الخفين" إنه استفاض وتواتر. وقد يريدون الاشتهار لا المعنى الذي فسره به الأصوليون. واعترض عليه أيضا بأن حديث الأعمال بالنيات ذكر ابن مندة أن جماعة من الصحابة رووه فبلغوا العشرين. "ورد" بأنه إنما بلغ بهم ثمانية عشر فقط فذكر مجرد أسمائهم من غير رواية لشيء منها ولا عزو لمن رواه وليس هو أبا عبد الله محمد بن إسحاق ابن مندة وإنما هو "أبو القاسم"3 عبد الرحمن ذكر ذلك في كتاب له سماه المستخرج من كتب الناس للتذكرة فقال وممن رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير عمر بن "الخطاب: على"4 بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وأبو سعيد الخدري وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وأنس بن مالك وأبو هريرة ومعاوية بن أبي سفيان وعتبة بن عبد السلمي وهلال بن سويد وعبادة بن الصامت وجابر بن عبد الله وعقبة بن عامر وأبو ذر الغفاري "وعتبة بن المنذر"5 وعتبة بن مسلم فعد سبعة عشر غير عمر مع أن فيهم اثنين ليست لهما صحبة "وهما"6 هلال بن سويد وعتبة بن مسلم وقد ذكرهما ابن حبان في ثقات التابعين فبقي خمسة عشر غير عمر. وسئل الحافظ أبو الحجاج المزي عن كلام ابن مندة هذا فأنكره واستبعده. "وتتبعت"7 هذه الأحاديث فوجد أكثرها في مطلق النية لا بلفظ "إنما

_ 1 من خط، وفي ع: "وهؤلاء المذكورين لم". 2 من خط، وفي ع: "وكقول". 3 هكذا في خط، وفي ع: "هو ابنه ابو القاسم" 4 من خط، وفي ع: "الخطاب وعلي". 5 من ع، وسقط من خط. 6 من ع، وليس في خط 7 ضبطها في خط- ضبط قلم-بضم التاء الثانية.

الأعمال بالنيات" وفيها ما هو بهذا اللفظ وقد خرجها الحافظ عبد الرحيم العراقي وزاد على ابن مندة فقال: -حديث علي بن أبي طالب: رواه ابن الأشعث في سننه والحافظ أبو بكر محمد بن ياسر الجياني في الأربعين العلوي من طريق أهل البيت بلفظ "الأعمال بالنية" وفي إسناده من لا يعرف. -وحديث سعد بن أبي وقاص كأنه أراد به قوله صلى الله عليه وسلم لسعد: "إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت فيها" الحديث. رواه الأئمة الستة. -وحديث أبي سعيد الخدري رواه الدارقطني في "غرائب حديث مالك" والخطابي في "معالم السنن" بلفظ حديث عمر. -وحديث ابن مسعود: رواه الطبراني في المعجم الكبير في قصة مهاجر أم قيس وهو حديث غريب ورجاله ثقات. ولأحمد من حديثه: "إن "أكثر"1 شهداء أمتي "لأصحاب الفرش"2 ورب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته" -وحديث ابن عباس: اتفق عليه الشيخان بلفظ "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية". -وحديث أنس بن مالك: رواه البيهقي في سننه بلفظ "لا عمل لمن لا نية له" وفي إسناده من لم يسم. وقد رواه ابن عساكر في جزء من أماليه بلفظ حديث عمر من رواية يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن أنس "وقال"3: غريب جدا والمحفوظ حديث عمر وروينا في مسند الشهاب للقضاعي من حديث أنس: "نية المؤمن خير من

_ 1هكذا في المسند 1/397 وفي ع: "اكبر" بالموحدة، ولم تنقط في خط. 2 من ع، وفي "المسند": "أصحاب الفرش"، وفي خط: لأصحاب الفرس بالغين المعجمة والسين المهملة بدل الفاء والشين. 3 وقع في ع: "فقال".

عمله"1 -وحديث أبي هريرة: رويناه في جزء من تخريج الرشيد العطار بلفظ حديث عمر. ولابن ماجه من حديث أبي هريرة: "إنما يبعث الناس على نياتهم" وحديث معاوية رواه ابن ماجه بلفظ "إنما الأعمال كالوعاء إذا طاب أسفله طاب أعلاه". -وحديث عبادة بن الصامت رواه النسائي بلفظ: "من غزا في سبيل الله وهو لا ينوي إلا عقالا فله ما نوى". -وحديث جابر بن عبد الله رواه ابن ماجه بلفظ "يحشر الناس "على نياتهم"2". -وحديث عقبة بن عامر: رواه أصحاب السنن بلفظ: "إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة الجنة" فذكره وفيه "وصانعه"3 يحتسب في صنعته الأجر4. -وحديث "أبي ذر"5 رواه النسائي بلفظ: "من أتى فرشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عينه حتى "يصبح"6 كتب له ما نوى" الحديث. -قال7: وفي الباب أيضا مما لم يذكره ابن مندة عن أبي الدرداء وسهل بن سعد والنواس بن سمعان وأبي موسى الأشعري وصهيب بن سنان وأبي أمامة

_ 1 ليس في ع، فيحتمل أن تكون من زيادات الأبناسي ولم ينبه –كعادته- أو تكون من كلام العراقي وسقطت من كتابه أو مما أخذه عنه الأبناسي مشافهة. 2 من ع و "سنن ابن ماجد" "4230"، وسقط من خط. 3 من ع و "السنن"، وفي خط: "وصاحبه". 4 هكذا في خط وع، وفي "السنن": "الخير"مكان "الأجر"، وقد ذكر الحديث هنا بمعتاه، وراجع: سنن أبي داود "2513"، والنسائي "3146" "3580"، والترمذي "1637"، وابن ماجه "2811". 5 من ع، وفي خط: "أبي داود"، وراجع: سنن النسائي "3/259" "1786" "1787". 6 هكذا في خط وع، وفي سنن "النسائي": "أصبح". 7 يعني: العراقي رحمه الله.

الباهلي وزيد بن ثابت ورافع بن خديج وصفوان ابن أمية وغزية بن الحارث أو الحارث بن غزية وعائشة وأم سلمة وأم حبيبة وصفية بنت حيي. -"فحديث أبي الدرداء"1 رواه النسائي وابن ماجة بلفظ حديث أبي ذر المتقدم. -وحديث سهل بن سعد: رواه الطبراني في المعجم الكبير بلفظ "نية المؤمن خير من عمله وعمل المنافق خير من نيته وكل يعمل على نيته" -وحديث أبي موسى رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس بهذا اللفظ. -وحديث صهيب: رواه الطبراني في "الكبير"2 بلفظ: "أيما رجل تزوج امرأة فنوى أن لا يعطيها من صداقها شيئا مات يوم يموت وهو زان وأيما رجل اشترى من رجل شيئا فنوى أن لا يعطيه من ثمنه شيئا مات يوم يموت وهو خائن". -وحديث أبي أمامة: رواه الطبراني في الكبير بلفظ: "من ادان دينا وهو ينوي أن يؤديه أداه الله عنه يوم القيامة ومن ادان دينا وهو ينوي أن لا يؤديه" الحديث. -وحديث زيد بن ثابت ورافع بن خديج: رواه أحمد في مسنده في قصة لحديث أبي سعيد بحديث: "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية" وقول مروان له كذبت وعنده زيد بن ثابت ورافع بن خديج معه على السرير وأن أبا سعيد قال لو شاء هذان "لحدثاك"3 فقالا: صدق. -وحديث غزية بن الحارث: رواه الطبراني في الكبير. بلفظ: "لا هجرة بعد الفتح إنما هي ثلاث الجهاد والنية والحشر". -وحديث عائشة: رواه مسلم في قصة الجيش الذي يخسف بهم وفيه: "يبعثهم الله على نياتهم".

_ 1 من ع، وفي خط: "وحديث أبي الزناد"، وراجع: سنن النسائي "1786" "1787"، وسنن ابن ماجه "1344". 2 من خط، وفي ع: "المعجم الكبير". 3 من ع، وفي خط "لمجدناك".

-وحديث أم سلمة: رواه مسلم وأبو داود بلفظ "يبعثون على نياتهم". -وحديث أم حبيبة: رواه الطبراني في المعجم الأوسط بلفظ "ثم يبعث كل امرىء على نيته". -وحديث صفية رواه ابن ماجه بلفظ: "يبعثهم الله على ما في أنفسهم". قوله: وذكر بعض الحفاظ أي الحافظ أبو الفرج بن الجوزي فإنه ذكر ذلك في النسخة الأولى من الموضوعات أنه رواه أحد وستون أعني حديث "من كذب علي" وزاد في النسخة الأخيرة أشياء فقال فيها رواه من الصحابة ثمانية وتسعون نفسا.1 "وقد اعترض" على المصنف بأمور. منها: قوله: ليس في الدنيا حديث اجتمع على روايته العشرة إلى هذا فإنه أقر ابن الجوزي على ذلك وابن الجوزي أقر أبا بكر محمد بن أحمد بن عبد الوهاب النيسابوري على ذلك كذا حكاه عنه في الموضوعات وأقره مع أن حديث "رفع اليدين في الصلاة" وحديث: "المسح على الخفين" كذلك. -فأما حديث: "رفع اليدين" فذكر الحافظ أبو عبد الله الحاكم فيما نقل البيهقي عنه أنه سمعه يقول: لا نعلم سنة اتفق على روايتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلفاء الأربعة ثم العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة فمن بعدهم من أكابر الصحابة على تفرقهم في البلاد الشاسعة غير هذه السنة. قال البيهقي: وهو كما قال أستاذنا أبو عبد الله رضي الله عنه "فقد روي هذه"2 السنة عن العشرة وغيرهم. وكذلك ذكر أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي عبد الله بن مندة في كتاب: "المستخرج من كتب الناس للتذكرة". -وأما حديث: "المسح على الخفين" فذكر أبو القاسم بن مندة المذكور وفي الكتاب المذكور أنه رواه العشرة أيضا.

_ 1 راجع: "الشرح". 2 كذا في خط ول، وفي ع: "فقد روي عن هذه"، والأشبه: "فقد رويت هذه".

ومنها: أنه أقرهما أيضا أعني ابن الجوزي أقر النيسابوري والمصنف أقر ابن الجوزي على أنه لا يعرف حديث يروى عن أكثر من ستين من الصحابة إلا حديث: "من كذب علي"، مع أن حديث: "المسح على الخفين" رواه منهم أكثر من ذلك. قال الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد "في كتاب "الإمام" عن"1 ابن المنذر قال روينا عن الحسن أنه قال: حدثني سبعون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم"مسح على الخفين". وذكر أبو القاسم بن مندة في كتابه المستخرج عدة من رواه من الصحابة فزادوا على الستين. "قوله": وبلغ بهم بعض أهل الحديث أكثر من هذا العدد أي: أكثر من اثنين "وستين وقد"2 جمع طرقه أبو القاسم الطبراني ومن المتأخرين الحافظ أبو الحجاج يوسف بن خليل في جزأين فزاد فيه على هذا العدد. وقد رأيت "عد من روي من حديثه"3 هكذا مرتبين على حروف المعجم وهم: أسامة بن زيد وأنس بن مالك وأوس بن أوس والبراء بن عازب وبريدة بن الحصيب وجابر بن حابس وجابر بن عبد الله وحذيفة بن أسيد وحذيفة بن اليمان وخالد بن عرفطة ورافع بن خديج والزبير بن العوام وزيد بن أرقم وزيد بن ثابت والسائب بن يزيد وسعد بن "المدحاس"4 وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وسفينة وسلمان بن خالد الخزاعي وسلمان الفارسي وسلمة بن الأكوع وصهيب بن "سنان"5 وطلحة بن عبيد الله وعبد الله بن أبي أوفي وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن زغب وقيل إنه لا صحبة له وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن

_ 1 من ع، وفي خط "في كتابه الإلمام عن". 2 هكذا في خط، وفي ع: "وستين نفسا قد". 3 من خط وفي ع: "عد من روي حديثه". 4 هكذا في خط و "تجريد أسماء الصحابة" للذهبي "2277"، وفي ع: "المدحاش" بالشين المعجمة. 5 من عن وفي خط: "بشار".

مسعود وعبد الرحمن بن عوف وعتبة بن غزوان وعثمان بن عفان و"العرس"1 بن عميرة وعفان بن حبيب وعقبة بن عامر وعلي بن أبي طالب وعمار بن ياسر وعمر بن الخطاب وعمران بن حصين وعمرو بن "حريث"2 وعمرو بن عنبسة و"عمرو"3 بن عوف وعمرو بن مرة الجهني وقيس بن سعد بن عبادة وكعب بن قطبة ومعاذ بن جبل ومعاوية بن حيدة ومعاوية بن أبي سفيان والمغيرة بن شعبة والمنقع" "1 التميمي ونبيط"1" بن شريط وواثلة بن الأسقع ويزيد بن أسد ويعلى"4" بن مرة وأبو أمامة وأبو بكر الصديق وأبو الحمراء وأبو ذر وأبو رافع وأبو رمثة وأبو سعيد الخدري وأبو عبيدة بن الجراح وأبو قتادة وأبو قرصافة وأبو كبشة الأنماري وأبو موسى الأشعري وأبو موسى الغافقي وأبو ميمون الكردي وأبو هريرة وأبو العشراء"1" الدارمي عن أبيه وأبو مالك الأشجعي عن أبيه وعائشة وأم أيمن" 5" فهؤلاء خمسة وسبعون نفسا يصح من حديثهم نحو عشرين اتفق الشيخان على إخراج أحاديث أربعة منهم وانفرد البخاري بثلاثة ومسلم بواحد وإنما يصح من حديث خمسة من "العشرة" والباقي أسانيدها ضعيفة ولا يمكن التواتر في شيء من طرق هذا الحديث لأنه يتعذر وجود ذلك في الطرفين والوسط بل بعض طرقه الصحيحة إنما هي أفراد عن بعض رواتها وقد" 6"زاد بعضهم في هذا الحديث حتى جاوز المائة ولكنه ليس هذا المتن بعينه. "واعترض" عليه أيضا في قوله إن من سئل عن إبراز مثال للمتواتر أعياه تطلبه ثم لم يذكر مثالا له إلا حديث "من كذب" علي وقد ذكر غيره من

_ 1 ضبط خط. 2 من ع، وفي خط: "حرث". 3 من ع، وفي خط: "عمر" بدون واو 4 من ع، وفي خط: "وعلى". 5 من ع، وفي خط "أيبن". 6 من ع، وفي خط: "رواته أذ قد".

الأئمة عدة أحاديث متواترة فمن ذلك: -أحاديث "حوض النبي صلى الله عليه وسلم" ورد ذلك عن أزيد من ثلاثين صحابيا وأوردها البيهقي في كتاب البعث والنشور وأفرده أيضا المقدسي بالجمع. قال القاضي عياض: وحديثه متواتر بالنقل رواه خلائق من الصحابة. فذكر جماعة من رواته ثم قال: وفي بعض هذا ما يقتضي كون الحديث متواترا. -ومن ذلك: أحاديث "الشفاعة" فذكر القاضي عياض أيضا أنه بلغ مجموعها التواتر. ومن ذلك: أحاديث "المسح على الخفين" فقال ابن عبد البر: رواه نحو أربعين من الصحابة واستفاض وتواتر وكذا قال ابن حزم في المحلي أنه نقل تواتر يوجب العلم. -ومن ذلك: أحاديث "النهي عن اتخاذ القبور مساجد" قال ابن حزم: إنها متواترة. ومن ذلك: أحاديث "رفع اليدين في الصلاة للإحرام والركوع والرفع منه" قال ابن حزم إنها متواترة توجب يقين العلم. -ومن ذلك: الأحاديث الواردة في قول المصلي: "ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد" قال ابن حزم: إنها أحاديث متواترة.

لنوع الحادي والثلاثون

لنوع الحادي والثلاثون معرفة الغريب والعزيز من الحديث روينا عن أبي "عبد الله بن مندة الحافظ الأصبهاني" أنه قال: "الغريب من الحديث كحديث الزهري وقتادة وأشباههما من الأئمة ممن يجمع حديثهم إذا انفرد الرجل عنهم بالحديث يسمى غريبا فإذا روى عنهم رجلان وثلاثة واشتركوا في حديث يسمى عزيزا فإذا روى الجماعة عنهم حديثا سمي مشهورا". قلت: الحديث الذي ينفرد به بعض الرواة يوصف بالغريب وكذلك الحديث الذي ينفرد فيه بعضهم "بأمر"1 لا "يذكره"2 فيه غيره إما في متنه وإما في إسناده وليس "كل ما"3 يعد من أنواع الأفراد معدودا من أنواع الغريب كما في الأفراد المضافة إلى البلاد على ما سبق شرحه. ثم إن الغريب ينقسم إلى: صحيح كالأفراد المخرجة في الصحيح وإلى غير صحيح وذلك هو الغالب على الغرائب. روينا عن أحمد بن حنبل أنه قال غير مرة: "لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب فإنها مناكير وعامتها عن الضعفاء". وينقسم الغريب أيضا من وجه آخر فمنه ما هو غريب متنا وإسنادا وهو الحديث الذي تفرد برواية متنه راو واحد ومنه ما هو غريب إسنادا لا متنا كالحديث الذي متنه معروف مروي عن جماعة من الصحابة "إذا انفرد"4 بعضهم

_ 1 من خط وع، وفي ش: "بأمور". 2 من ش وع، وفي خط: "يذكر" بلاهاء. 3 من ش وع، وفي خط: "كلما". 4 هكذا في خط، وفي ش وع: "إذا تفرد".

بروايته عن صحابي آخر كان غريبا من ذلك الوجه مع أن متنه غير غريب. ومن ذلك غرائب الشيوخ في أسانيد المتون الصحيحة "وهذا"1 الذي يقول فيه الترمذي غريب من هذا الوجه. ولا أرى هذا النوع ينعكس فلا يوجد إذا ما هو غريب متنا وليس غريبا إسنادا إلا إذا اشتهر الحديث الفرد عمن تفرد به فرواه عنه عدد كثيرون فإنه يصير غريبا مشهورا وغريبا متنا وغير غريب إسنادا. لكن بالنظر إلى أحد طرفي الإسناد "فإن إسناده"2 متصف بالغرابة في طرفه الأول متصف بالشهرة في طرفه الآخر كحديث "إنما الأعمال بالنيات" وكسائر الغرائب التي اشتملت عليها التصانيف المشتهرة3 انتهى. وصف الحديث بكونه مشهورا أو غريبا أو عزيزا لا ينافي الصحة ولا الضعف بل قد يكون مشهورا صحيحا أو مشهورا ضعيفا أو غريبا صحيحا أو غريبا ضعيفا أو عزيزا صحيحا أو عزيزا ضعيفا. ولم يذكر المصنف كون العزيز يكون منه الصحيح والضعيف بل ذكر ذلك في المشهور والغريب فقط. مثال المشهور الصحيح: حديث "الأعمال بالنيات" كذا مثل به المصنف تبعا للحاكم وفيه نظر فإن الشهرة إنما طرأت له من عند يحيى بن سعيد وأول الإسناد فرد كما نبه عليه "فالأولى التمثيل مما مثل"4 به الحاكم. -كحديث: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا". -وحديث: "من أتى الجمعة فليغتسل". -وحديث: "رفع اليدين في الصلاة" وغير ذلك. ومثال المشهور الذي ليس بصحيح: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" كذا مثل به تبعا للحاكم أيضا مع أن بعض الأئمة صحح بعض طرقه فالأولى

_ 1 من خط وع، وفي ش: "وهو". 2 من ش وع، وليس في خط. 3 من خط وع، وفي ش: "المشهورة". 4 كذا في خط، وفي ل: "فالأولى التمثيل بغيره مما مثل".

التمثيل بما مثل به الحاكم أيضا كحديث "الأذنان من الرأس" وغيره من الأحاديث التي مثل بها إلا أن بعضها صحيح وإن لم تخرج في واحد من الصحيحين ومثل له المصنف أيضا بما بلغه عن أحمد من الأحاديث الأربعة التي تدور في الأسواق وقد تقدم الكلام عليها قريبا. ومثال الغريب الصحيح: كأفراد الصحيح وهي كثيرة منها حديث مالك "عن سمي"1 عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا "السفر قطعة من العذاب" وأما الغريب الذي ليس بصحيح فهو الغالب على الغريب وعن مالك2 قال: شر العلم الغريب وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس. وقال عبد الرزاق: كنا نرى أن غريب الحديث خير فإذا هو شر وقسم الحاكم الغريب إلى ثلاثة أنواع: غرائب الصحيح، وغرائب، الشيوخ وغرائب المتون. وقسمه ابن طاهر إلى خمسة أنواع. "واعترض" على المصنف في تقسيمه الغريب وقوله ولا أرى هذا النوع ينعكس فلا يوجد إذا ما هو غريب متنا وليس غريبا إسنادا إلى آخره بأن أبا الفتح اليعمري ذكر هذا النوع الذي أنكره من جملة أنواع الغريب فقال في شرح الترمذي الغريب على أقسام غريب سندا ومتنا ومتنا لا سندا وغريب بعض السند فقط "وغريب بعض المتن فقط".3 فالقسم الأول: واضح. والثاني: هو الذي أطلقه أبو الفتح ولم يمثله.

_ 1 من ل وسقط من خط، وهو مثبت في "الموطأ" "2/476-برواية يحيى" "977- برواية محمد بن الحسن" و "التمهيد" "22/33" و "الاستذكار" "27/279" كلاهما لابن عبد البر، ومن طريق مالك رواه البخاري "1804"، ومسلم "1927"، وغيرهما. 2 ذكر العراقي في "الشرح" "ص 319" قبل قول مالك هنا قول أحمد رحمة الله: "لاتكتبوا هذه الأحاديث الغرائب فإنها مناكير وعامتها عن الضعفاء"، ولعل الأبناسي رحمه الله أسقطه، لكونه سبق قريبا في كلام ابن الصلاح، والله أعلم. 3 من ل وع، وليس في خط.

"و"1القسم الثالث: مثاله حديث رواه الخطيب في كتاب "الرواة عن مالك" من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الأعمال بالنية". قال الخليلي في "الإرشاد": أخطأ فيه عبد المجيد وهو غير محفوظ من حديث زيد بن أسلم بوجه. قال فهذا مما أخطأ فيه الثقة عن الثقة. قال أبو الفتح: هذا إسناد غريب كله والمتن صحيح. والقسم الرابع: مثاله حديث رواه الطبراني في المعجم الكبير من رواية عبد العزيز بن محمد الدراوردي ومن رواية عباد بن منصور فرقهما كلاهما عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة بحديث أم زرع. والمحفوظ ما رواه عيسى بن يونس عن هشام بن عروة عن أخيه عبد الله بن عروة عن عائشة هكذا اتفق عليه الشيخان وكذا رواه مسلم من رواية سعيد بن سلمة بن أبي الحسام عن هشام. قال أبو الفتح: فهذه غرابة تخص موضعا من السند والحديث صحيح. وأما القسم الخامس: فإنه يصلح أن يكون مثاله ما ذكر من عند الطبراني لأن عبد العزيز وعبادا جعلا جميع الحديث مرفوعا وإنما المرفوع منه قوله صلى الله عليه وسلم: "كنت لك كأبي زرع لأم زرع". فهذه غرابة بعض المتن. وأشار أبو الفتح إلى أنه أخذ هذا التقسيم من كلام محمد بن طاهر المقدسي فإنه قسم الغرائب والأفراد إلى خمسة أنواع. خامسها: أسانيد ومتون ينفرد بها أهل بلد لا توجد إلا من روايتهم وسنن ينفرد بالعمل بها أهل مصر لا يعمل بها في غير مصرهم. ثم ذكر أبو الفتح الأقسام وقال: وأما النوع الخامس فيشمل الغريب كله سندا ومتنا أو أحدهما دون الآخر قال: وقد ذكر أبو محمد بن أبي حاتم بسند له أن

_ 1 من ل، وليس في خط

رجلا سأل مالكا عن "تخليل أصابع الرجلين في الوضوء" فقال له مالك: إن شئت خلل وإن شئت لا تخلل. وكان عبد الله بن وهب حاضرا فعجب من جواب مالك وذكر لمالك في ذلك حديثا بسند مصري صحيح وزعم أنه معروف عندهم فاستعاد مالك الحديث "واستعاد"1 السائل فأمره بالتخليل هذا أو معناه. انتهى. والحديث المذكور: رواه أبو داود "والترمذي"2 من رواية ابن لهيعة عن "يزيد"3 بن عمرو "المعافري"4 عن أبي عبد الرحمن "الحبلى"5 عن المستورد ابن شداد. قال الترمذي: "حديث غريب"6 لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة. انتهى. ولم ينفرد به ابن لهيعة "بل"7 تابعه عليه: الليث بن سعد وعمرو بن الحارث. كما رواه ابن أبي حاتم عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب عن عمه عبد الله بن وهب عن الثلاثة المذكورين. صححه ابن القطان لتوثيقه لابن أخي ابن وهب. فقد زالت الغرابة عن الإسناد بمتابعة الليث وعمرو بن الحارث لابن لهيعة والمتن غريب "ويحتمل أن يريد بكونه غريب"8 المتن لا الإسناد: أن يكون ذلك الإسناد مشهورا جادة لعدة من الأحاديث بأن يكونوا مشهورين برواية بعضهم عن بعض ويكون المتن غريبا لانفرادهم به والله أعلم.

_ 1 من ع ومثله في "التدريب" "2/183"، وفي خط: "واستفاد"، والقصة عند ابن أبي حاتم رحمه الله ف "تقدمة الجرح والتعديل" "1/31-32"بسياق اخر فراجعه. 2 من ع، وسقط من خط و "التدريب". 3 من ع و "التدريب"، وفي خط: "زيد". 4 من "التدريب"، وفي ع: "المغافري" بالغين المعجمه. 5 ضبط خط. 6 كذا في خط و "التدريب"، وفي ع: "حيث حسن غريب" ومثله في "سنن الترمذي" "40" و "تحفة الأشراف" "8/376". 7 من ع و "التدريب"، وسقط من خط. 8 تكرر في خط.

النوع الثاني والثلاثون

النوع الثاني والثلاثون معرفة غريب الحديث وهو عبارة عما وقع في متون الأحاديث من الألفاظ الغامضة البعيدة من الفهم لقلة استعمالها. هذا فن مهم يقبح جهله بأهل الحديث خاصة ثم بأهل العلم عامة. والخوض فيه ليس "بالهين"1 والخائض فيه حقيق بالتحري جدير بالتوقي. روينا عن الميموني قال: "سئل أحمد عن حرف من غريب الحديث "فقال"2" سلوا أصحاب الغريب فإني أكره أن أتكلم في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظن "فأخطىء"3. وبلغنا عن "التاريخي: محمد بن عبد الملك" قال: "حدثني أبو قلابة عبد الملك بن محمد قال قلت للأصمعي يا أبا سعيد ما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "الجار أحق بسقبه"؟ فقال أنا لا أفسر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن العرب تزعم أن السقب اللزيق". ثم إن غير واحد من العلماء صنفوا في ذلك فأحسنوا. وروينا4 عن "الحاكم أبي عبد الله قال أول من صنف الغريب في الإسلام النضر بن شميل". ومنهم من خالفه فقال: أول من صنف فيه أبو عبيدة معمر بن المثنى وكتاباهما صغيران. وصنف بعد ذلك "أبو عبيد القاسم بن سلام" كتابه المشهور فجمع وأجاد

_ 1 من ش وع، وفي خط: "بالمعين". 2 من ش وع، وفي خط: "قال". 3 من خط وع، وفي ش "فسأخطىء"، وراجع: حاشية "المقدمة". 4 من خط وع، وليس في ش.

واستقصى فوقع من أهل العلم بموقع جليل وصار قدوة في هذا الشأن. ثم تتبع القتيبي ما فات أبا عبيد فوضع فيه كتابه المشهور. ثم تتبع أبو سليمان الخطابي ما فاتهما فوضع في ذلك كتابه المشهور. فهذه الكتب الثلاثة أمهات الكتب المؤلفة في ذلك ووراءها مجامع "تشتمل من ذلك على زوائد وفوائد كثيرة ولا ينبغي أن يقلد منها إلا ما كان"1 "مصنفوها"2 أئمة جلة. وأقوى ما يعتمد عليه في تفسير غريب الحديث: أن يظفر به مفسرا في بعض روايات الحديث نحو ما روي في حديث ابن صياد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "قد خبأت "لك"3 خبيئا فما هو؟ " قال: الدخ. فهذا خفي معناه وأعضل وفسره قوم بما لا يصح وفي معرفة علوم الحديث للحاكم أنه الدخ بمعنى الزخ الذي هو الجماع وهذا تخليط فاحش يغيظ العالم والمؤمن. وإنما معنى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له قد: أضمرت لك ضميرا فما هو؟ "فقال"4 الدخ. بضم الدال يعني الدخان. والدخ هو الدخان في لغة إذ في بعض روايات الحديث ما نصه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني قد خبأت لك خبيئا" وخبأ له {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} فقال ابن صياد: هو الدخ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اخسأ فلن تعدو قدرك". وهذا ثابت صحيح خرجه الترمذي وغيره فأدرك ابن صياد من ذلك هذه الكلمة فحسب على عادة الكهان في اختطاف بعض الشيء من الشياطين من غير وقوف على تمام البيان ولهذا قال له: "اخسأ فلن تعدو قدرك" أي فلا "مزيد"5 لك على قدر إدراك الكهان. انتهى. قال الحافظ محب الدين الطبري في كتاب تقريب المرام وقد قيل إن أول من جمع في هذا الفن أبو عبيدة ثم النضر بن شميل ثم عبد الملك بن قريب الأصمعي وكان في عصر أبي عبيدة وتأخر.

_ 1 من ش وع، وليس في خط. 2 من ش وع، وفي خط: "صنفوها". 3 من خط وع، ووقعت في ش بعد "خبيئا" فصارت: "..خبيئا لك.." 4 من خط وع، وفي ش: "قال". 5 من ش وع، وفي خط: "تزيد".

وكذلك: قطرب وغيره من أئمة الفقه واللغة جمعوا أحاديث تكلموا على لغتها ومعناها في أوراق ذوات عدد ولم يكن أحد منهم ينفرد عن غيره بكثير حديث لم يذكره الآخر واستمر الحال إلى زمن أبي عبيد القاسم بن سلام وذلك بعد المائتين فجمع كتابه المشهور في "غريب1 غريب الحديث" والآثار انتهى. ثم بعد ذلك صنف أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري "القتيبي"2 كتابه المشهور فزاد على أبي عبيد مواضع وتتبعه في مواضع. ثم صنف بعده أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي كتابه في ذلك فزاد على القتبي ونبه على أغاليط له. وصنف فيه جماعة منهم: قاسم بن ثابت بن حزم السرقسطي3 وعبد الغافر الفارسي صنف فيه كتابا سماه مجمع الغرائب وصنف الزمخشري كتابه الفائق وبعده أبو الفرج بن الجوزي وكان جمع بين الغريبين غريبي القرآن والحديث أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي صاحب أبي منصور الأزهري وذيل عليه الحافظ أبو موسى المديني ذيلا حسنا ثم جمع بينهما مقتصرا على غريب الحديث فقط أبو السعادات المبارك بن محمد بن الأثير الجزري وزاد عليهما زيادات كثيرة وذلك في كتابه النهاية وقيل: إن الإمام صفي الدين محمود بن محمد بن حامد الأرموي كتب حواشي عليها ثم أفردت. "قوله": ولا ينبغي أن يقلد منها إلا ما كان مصنفوها أئمة جلة أي ولا يعتمد على الحواشي فقد قرأ بعضهم في المصابيح "حديث"4: "إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها وإذا سافرتم في الجدب فبادروا بها نقيها" فقرأها: نقبها فقيل له: إنما هي نقيها بكسر النون وسكون القاف وبمثناة من تحت فقال: كذا ضبطها بعض الشراح في طرة الكتاب وقال: النقب الطريق الضيق. وهذا خطأ والصواب نقيها والنقى المخ الذي في العظم ومنه حديث "أم زرع": "لا سمين فينتقى"، وفي الأضحية: "والعجفاء التي لا تنقى".

_ 1 من ل، وفي خط: "غرائب". 2 هكذا في خط، وفي ل: "القتبي"، وكلاهما واراد في نسبه، وليس في "الأنساب" سوى "القتبي". 3 راجع لكتاب السرقسطي: "سير أعلام النبلاء" للذهبي. "14/562-563". 4 من ل، وفي خط: "حديثا".

وحديث ابن صياد متفق: عليه والدخ: لغة في الدخان حكاها ابن دريد وابن السيد والجوهري وغيرهم. وحكى ابن السيد أيضا فيه فتح الدال. قوله: وهذا ثابت صحيح أي: زيادة الآية في الحديث رواه أبو داود والترمذي من رواية الزهري عن سالم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "إني قد خبأت لك خبيئة" وقال الترمذي: "خبيئا" وخبأ له {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} . قال الترمذي: حديث صحيح وقال أبو موسى المديني: السر في كونه خبأ له "الدخان" أن عيسى صلى الله عليه وسلم يقتله بجبل الدخان. فهذا هو الصواب في تفسير "الدخ" هنا وضد الصواب ما فسره به "الحاكم وغيره في "علوم الحديث" فإنه"1 قال فيه: سألت الأدباء عن تفسير الدخ "قال: "يدخها ويزخها" بمعنى واحد و"الدخ والزخ"""2 قال: والمعنى الذي أشار إليه "ابن صياد" وخذله الله فيه مفهوم ثم أنشد لعلي ابن أبي طالب رضي الله عنه: طوبى لمن كان له "مزخة"3 ... يزخها ثم ينام الفخة فالمزخة بالفتح هي المرأة قاله الجوهري. ومعنى يزخها: يجامعها. والفخة: أن ينام فينفخ في نومه. وليس في اللغة "أن"4 "الدخ" بالدال هو الجماع وإنما ذكروه بالزاي فقط. وممن فسره على غير الصواب - أيضا-: أبو سليمان الخطابي فرجح أن "الدخ"

_ 1 كذا في خط، وراجع: "الشرح" "ص/326". 2 هكذا في خط، وفي ل: "فقال - أي المسئولون -: يدخها ويزخها بمعنى واحد الدخ والزخ". 3 ضبط خط. 4 من ل، وليس في خط.

نبت موجود بين النخيل وقال: لا معنى للدخان ها هنا إذ ليس مما يخبأ إلا أن يريد بخبأت أضمرت وليس بجيد. قلت: ومما وقع فيه التصحيف أيضا: قوله ""تاوا في"1 الأمرين من الشفا الصبر والبفا" بالفاء فيهما وكسر الباء الموحدة وتشديد الراء في "الأمرين" فجعل الفاء قافا وسكن الموحدة وخفف الراء والصبر معروف "والبفا"2 بالفاء حب الرشاد.

_ 1 كذا في خط، بمثناه من فوق، ولم أهتد لذلك الان، فليحرر. 2 هكذا سبق قريبا، وضبطه المصنف بكسر الموحدة، ووقع في هذا الموضع من خط: "التفا" بمثناة من فوق. قلت: ثم فتشت فلم اهتد لذلك في كتب الغريب والمعاجم واسماء النبات والأمثال، التي بين يدي، والله أعلم هو المستعان.

النوع الثالث والثلاثون

النوع الثالث والثلاثون معرفة المسلسل من الحديث التسلسل من نعوت الأسانيد وهو عبارة عن تتابع رجال الإسناد وتواردهم فيه واحدا بعد واحد على صفة أو حالة واحدة. وينقسم ذلك إلى ما يكون صفة للرواية والتحمل وإلى ما يكون صفة للرواة "أو"1 حالة لهم ثم إن صفاتهم في ذلك وأحوالهم أقوالا وأفعالا ونحو ذلك تنقسم إلى ما لا نحصيه. ونوعه الحاكم أبو عبد الله إلى ثمانية أنواع والذي ذكره فيها إنما هو صور وأمثلة ثمانية. "ولا انحصار لذلك في ثمانية كما ذكرناه"2 ومثال ما يكون صفة للرواية والتحمهل ما يتسلسل بسمعت فلانا قال سمعت فلانا إلى آخر الإسناد أو "يتسلسل"3 بحدثنا أو أخبرنا إلى آخره ومن ذلك أخبرنا والله فلان قال أخبرنا والله فلان إلى آخره. ومثال ما يرجع إلى صفات الرواة وأقوالهم ونحوها إسناد حديث "اللهم أعني على شكرك وذكرك وحسن عبادتك" المتسلسل بقولهم: "إني أحبك فقل"4 وحديث التشبيك باليد وحديث العد في اليد5 في6 أشباه لذلك "نرويها"7 وتروى كثيرة.

_ 1 من خط وع، وفي ش: "و". 2 من خط وع وليس في ش. 3 من خط وع ووقع في ش: "يسلسل". 4 من ش وع، وفي خط: "إني فقال". 5 في حاشية خط: "حديث"التشبيك" هو حديث ... في تفضيل ماخلق الله في ... وحديث "العد في اليد" هو:....علي النبي صلى الله عليه وسلم وفيه خمـ....من الصلاة عليه والدعاء له.....رواته باليد". ورسم الناسخ عليها علامة: سصح". وموضع النقط سقط في "تصوير خط". 6 من خط وع، وليس في ش. 7 من ش وع، وفي خط: "يرويها" بالياء أخت الواو.

وخيرها ما كان "فيه"1 دلالة على اتصال السماع وعدم التدليس. ومن فضيلة التسلسل اشتماله على مزيد الضبط من الرواة "وقل ما"2 تسلم المسلسلات من ضعف أعنى في وصف التسلسل لا في أصل المتن. ومن "المتسلسل"3 ما نقطع تسلسله في وسط إسناده وذلك نقص فيه. وهو "كالمتسلسل"4 بأول حديث سمعته على ما هو الصحيح في ذلك انتهى. اعترض على قوله: ونوعه الحاكم ثم قال: ولا انحصار لذلك في ثمانية مع أن الحاكم ما حصرها فيها وإنما ذكر أنواع التسلسل الدالة على الاتصال لا مطلق التسلسل ويظهر ذلك بسرد عبارته فإنه قال الأول المسلسل بسمعت والثاني: المسلسل بقولهم: "قم فصب علي حتى أريك وضوء فلان" والثالث: المسلسل بمطلق ما يدل على الاتصال من سمعت أو أنا أو ثنا وإن اختلفت ألفاظ الرواة في ألفاظ الأداء والرابع المسلسل بقولهم فإن قيل لفلان من أمرك بهذا؟ قال: يقول: أمرني فلان والخامس: المسلسل بالأخذ باللحية وقولهم: آمنت بالقدر خيره وشره والسادس المسلسل بقولهم وعدهن في يدي والسابع المسلسل بقولهم شهدت على فلان والثامن المسلسل بالتشبيك باليد. ثم قال الحاكم: فهذه أنواع المسلسل من الأسانيد المتصلة التي لا يشوبها تدليس وآثار السماع بين الراويين ظاهرة انتهى. فلم يذكر الحاكم من المسلسلات إلا ما دل على الاتصال دون "استيعاب بقية"5 المسلسلات. نعم بقي على الحاكم عدة من المسلسلات الدالة على الاتصال لم يذكرها كالمسلسل بقوله أطعمنا وسقانا والمسلسل بقوله: أضافنا بالأسودين: التمر

_ 1 من خط وع، وفي ش: "فيها". 2 هكذا في خط وع، ورسمت في ش: "وقلما". 3 كذا في خط في الموضع، وفي ش وع: "المسلسل" وسيأتي مثله في كلام الأبناسي. 4 كذا في خط، وفي ش وع: "المسلس". 5 من ع، وفي خط: "استيفا ببقية".

والماء والمسلسل بقولهم: أخذ فلان بيدي والمسلسل بالمصافحة والمسلسل بقص الأظفار يوم الخميس ونحو ذلك. ومثال التسلسل بأحوال الرواة القولية: حديث معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يا معاذ إني أحبك فقل في دبر كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك". ومثال التسلسل بأحوال الرواة الفعلية: حديث أبي هريرة قال: "شبك بيدي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم وقال خلق الله الأرض يوم السبت" الحديث. وقد اجتمع تسلسل الأقوال والأفعال في حديث أنس بن مالك. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يجد العبد حلاوة الإيمان حتى يؤمن بالقدر خيره وشره". قال: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم على لحيته وقال: "آمنت بالقدر خيره وشره حلوه ومره". قال: وقبض أنس على لحيته وقال: "آمنت بالقدر خيره وشره حلوه ومره" وهكذا إلى أن انتهى إلى مشايخنا. ومثال التسلسل بصفات الرواة القولية: كالحديث المسلسل بقراءة سورة "الصف " ونحوه. وأحوال الرواة القولية وصفاتهم القولية متقاربة بل متماثلة. ومثال التسلسل بصفات الرواة "الفعلية"1: كالحديث المسلسل بالفقهاء وهو حديث ابن عمر مرفوعا: "البيعان بالخيار" فقد تسلسل برواية الفقهاء. وكالحديث المسلسل برواية الحفاظ ونحو ذلك. ومثال التسلسل بصفات الإسناد والرواية: كقول كل من رواته: "سمعت فلانا" أو "ثنا" أو "أنا" وكذلك قولهم: "شهدت على فلان قال: شهدت علا فلان" ونحو ذلك. ومثال التسلسل في وقت الرواية: حديث ابن عباس قال: "شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ 1 من ل، وفي خط: "القولية".

في يوم عيد فطر أو أضحى" الحديث ومنه حديث: "قص الأظفار في يوم الخميس". ومثال التسلسل بالمكان: الحديث المسلسل بإجابة الدعاء في الملتزم. "قوله": ومن المسلسل ما ينقطع تسلسله في وسط إسناده وكذا في أوله أو آخره كحديث عبد الله بن عمرو المسلسل بالأولية1 فإنه إنما يصح التسلسل فيه إلى "عمرو بن دينار" 2 وانقطع التسلسل بالأولية في سماع "عمرو من أبي قابوس" 3 وفي سماع أبي قابوس من عبد الله بن عمرو وفي سماع عبد الله بن عمرو من النبي صلى الله عليه وسلم. وما وقع في هذا الحديث متصل التسلسل فإنه لا يصح.

_ 1 حديث: "الراحمون يرحمهم الرحمن" كما في "التدريب". 2هكذا في خط و "التدريب"، وفي ل: "سفيان بن عيينة". 3 هكذا في خط و "التدريب"، وفي ل: "سفيان من عمرو، وفي سماع عمرو من أبي قابوس".

النوع الرابع والثلاثون

النوع الرابع والثلاثون معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه هذا "فن"1 مهم مستصعب. روينا عن "الزهري" أنه قال: "أعيا الفقهاء وأعجزهم أن يعرفوا ناسخ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من منسوخه ". وكان للشافعي رضي الله عنه فيه "يد" طولى وسابقة أولى. روينا عن "محمد بن مسلم بن وارة" أحد أئمة الحديث أن أحمد بن حنبل قال له وقد قدم من مصر "كتبت كتب الشافعي؟ "فقال"2: لا. قال: فرطت ما علمنا المجمل من المفسر ولا ناسخ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من منسوخه حتى جالسنا الشافعي". وفيمن عاناه من أهل الحديث من أدخل فيه ما ليس منه لخفاء معنى النسخ وشرطه وهو عبارة عن رفع الشارع حكما منه متقدما بحكم منه متأخر وهذا حد وقع لنا سالم من اعتراضات وردت على غيره. ثم إن ناسخ الحديث ومنسوخه ينقسم أقساما: فمنها: ما يعرف بتصريح رسول الله صلى الله عليه وسلم به كحديث بريدة الذي أخرجه مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" في أشباه لذلك. ومنها: ما يعرف بقول الصحابي كما رواه الترمذي وغيره عن أبي بن كعب أنه قال: "كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام ثم نهي عنه" وكما خرجه النسائي عن جابر بن عبد الله قال: "كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار" في أشباه لذلك.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "في". 2 من خط وع، وفي ش: "قال".

ومنها: ما عرف بالتاريخ كحديث "شداد بن أوس" وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أفطر الحاجم والمحجوم" وحديث ابن عباس: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم". "بين"1 الشافعي أن الثاني ناسخ للأول من حيث أنه روي في حديث شداد أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم زمان الفتح فرأى رجلا يحتجم في شهر رمضان فقال: "أفطر الحاجم والمحجوم" وروي في حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم صائم فبان بذلك أن الأول كان "في"2 زمن الفتح في سنة ثمان والثاني في حجة الوداع في سنة عشر. ومنها: ما يعرف بالإجماع كحديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة فإنه منسوخ عرف نسخه بانعقاد الإجماع على ترك العمل به والإجماع "لا ينسخ ولا ينسخ"3 ولكن يدل على وجود ناسخ غيره انتهى. النسخ في اللغة يطلق على الإزالة وعلى التحويل وأما نسخ الأحكام الشرعية وهو المحدود "ها هنا"4 فهو عبارة عن رفع الشارع حكما من أحكامه سابقا بحكم من أحكامه لاحق والمراد برفع الحكم قطع تعلقه عن المكلف. واحترز "بالرفع" عن: بيان المجمل فإنه ليس برفع. وبالشارع عن: إخبار من شاهد النسخ من الصحابة وأخبر به غيره. وبرفع الحكم عن: رفع الإباحة الأصلية فإنه لا يسمى نسخا. وبالسابق عن: التخصيص المتصل بالتكليف كالاستثناء ونحوه. و"بحكم من أحكامه" عن: رفع الحكم لموت المكلف أو زوال التكليف بجنون أو نحوه. و"باللاحق" عن: انتهاء الحكم بانتهاء الوقت كقوله صلى الله عليه وسلم "إنكم "لاقوا"5 العدو غدا والفطر أقوى لكم فأفطروا".

_ 1خط وع، وفي ش: "فبين". 2 من خط، وليس في ش وع. 3 ضبطهما في خط: بفتح المثناة في الأولى والضم في الثانية. 4 من خط، وفي ل: "هذا". 5 هكذا في خط ول، وهو عند مسلم "1120"، وأبي داود "2406"، وكذلك أحمد "3/35" بلفظ اخر من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، فراجعه.

فالصوم بعد ذلك ليس لنسخ متأخر. والمصنف تبع في حده القاضي أبا بكر الباقلاني فإنه حده برفع الحكم واختاره الآمدي وابن الحاجب1 "واعترض" عليه بأن الحكم قديم لا يرتفع "وربما تقدم"2 أن المراد برفع الحكم قطع تعلقه عن المكلف"1". ويعرف النسخ بأربعة أمور: بنص الشارع عليه أو بنص صحابي أو بمعرفة التاريخ أو بالإجماع. فالأول: كقوله صلى الله عليه وسلم: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها وكنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فكلوا ما بدا لكم وكنت نهيتكم عن الظروف" الحديث. أخرجه: مسلم والترمذي وصححه من حديث بريدة بن الحصيب. والثاني: كقول جابر: "كان آخر الأمرين".. إلى آخره3. "واعترض" "على"4 المصنف في جعله قول الصحابي يكون ناسخا والصحيح عن الأصوليين كالإمام والآمدي وابن الحاجب أنه لا يكتفى بقوله هذا منسوخ بل لا بد من التصريح بقوله: "هذا متأخر عن هذا" ولا يكفي قوله: "هذا منسوخ" لاحتمال أن يقوله عن اجتهاد "أو يراه"5 نعم حكي في المحصول عن الكرخي أنه يكفي ويعضده ما حكاه البيهقي في المدخل "بإسناده"6 إلى الشافعي وعبارته: "ولا يستدل على الناسخ والمنسوخ إلا بخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بوقت يدل على أن أحدهما بعد الآخر أو "بقول"7 من سمع الحديث أو العامة" فذكر الأربعة وجعل منها: "قول من سمع الحديث" وهو الصحابي وما قاله

_ 1 راجع: "التقيد". 2 هذا الاحتمال من الأبناسي، ولم يرد في "ع" وقد سبقت الإشارة إلى هذا "المراد" قريبا. 3 راحع: "التقييد" و"الشرح". 4 في خط: "عليه" والصواب ما أثبته، وراجع: "التقيد" 5 كذا في خط، وفي ع: "ونحن لانرى مايراه"، فالطاهر أنه سقط شيء على الناسخ، ولم نقل: "لعل "أو" مقحمة" وبذلك يستقيم السياق، لأنه ليس من عادة الناسخ أن يقحم شيئا، وان أسقط أشياء. 6 من ع، وفي خط: "إسناده". 7 من ع، وفي خط: "يقول".

الشافعي والمحدثون أوضح وأشهر إذ لا يصار إلى النسخ بالاجتهاد والرأي وإنما يصار إليه عند معرفة التاريخ والصحابة أورع من أن يحكم أحد منهم على حكم شرعي بنسخ من غير أن يعرف تأخر الناسخ عنه. والثالث: كحديث شداد بن أوس1 رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه. قال الشافعي: هو منسوخ بحديث ابن عباس: "أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم صائم". أخرجه: مسلم فإن ابن عباس إنما صحبه محرما في "حجة الوداع" سنة عشر. قال ابن كثير2: وإنما أسلم مع أبيه في "الفتح"3. والرابع: كحديث معاوية4: "من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه". رواه: أصحاب السنن. ورواه: أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو بن شرحبيل بن أوس ورواه الطبراني من حديث جرير بن عبد الله والشريد بن أوس5 "واعترض" على المصنف بأن هذا الحديث نسخ بنص الشارع لا بالإجماع6. روى البزار في مسنده من رواية محمد بن إسحاق عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه". قال: فأتي بالنعيمان قد شرب الرابعة فجلده ولم يقتله فكان ذلك نسخا للقتل. قال البزار: لا نعلم أحدا حدث به إلا ابن إسحاق.

_ 1 حديث: "أفطر الحاجم والمحجوم" كما في ل، وقد سبق عند ابن الصلاح. 2 راجع: "الشرح". 3 كذا قرر ابن كثير رحمه الله، وتبعه الأبناسي، ولم يتعرض محقق "الباعث" لذلك – تبعا للشيخ شاكر رحمه الله – وفيه نظر، فقد أسلم العباس قبل "الفتح"، وكان ابن عباس وأمه من "المستضعفين" وممن عذرهم الله عز وجل، كماذكر ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {ِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ....} "النساء:98". وأورد حديثه هذا البخاري في "صحيحه" في تفسير الاية المذكورة من سورة "النساء".والله أعلم 4 في ع ول: "..معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم..". 5 راجع: "الشرح" و "التقييد" 6 راجع: "ص/345" "التقييد" و "الشرح".

"وذكره"1 الترمذي تعليقا من حديث ابن إسحاق ثم قال: وكذلك "روى الزهري"2 عن قبيصة بن ذؤيب عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا. قال3: فرفع القتل وكانت رخصة. وقبيصة: ذكره ابن عبد البر في "الصحابة" وقال: ولد في أول سنة من الهجرة وقيل: ولد عام الفتح وهو الصحيح4. "واعترض" أيضا بأنه كيف يدعي الإجماع والخلاف موجود؟ وكأنه قلد الترمذي في ذلك حيث قال في آخر الجامع جميع ما في هذا الكتاب معمول به وقد أخذ به بعض أهل العلم ما خلا حديثين: - حديث: ابن عباس في الجمع بين الظهر والعصر بالمدينة والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر5. - وحديث: إذا شرب الخمر فاجلدوه فإن "عاد الرابعة"6 فاقتلوه. قال النووي في "شرح مسلم": وهذا في حديث شارب الخمر هو كما قاله فهو حديث منسوخ دل الإجماع على نسخه. قال: وأما حديث ابن عباس فلم يجمعوا على ترك العمل به. فأقر النووي الترمذي على أن الإجماع نسخه وفيه نظر. فقد قال بقتله ابن حزم. فإن قيل: خلاف الظاهرية لا يقدح في الإجماع وسلمناه فقد حكي ذلك عن الحسن البصري. ورواه أيضا أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمرو أنه قال: ائتوني برجل قد شرب الخمر في الرابعة فلكم علي أن أقتله.

_ 1 من ع، وفي خط: "وذكر". 2 من خط و "الترمذي" "1444"، وفي ع: "روي عن الزهري". 3 يعني: الترمذي. 4 راجع: "التقييد". 5 راجع: "شرح العلل" لابن رجب "1/323-324-ط: همام سعيد". 6 هكذا في خط، وفي ع والجامع للترمذي: "عاد في الرابعة".

وإذا ثبت الخلاف في هذا فالأولى أن يمثل له بحديث رواه الترمذي1 من حديث جابر قال: كنا إذا حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نلبي عن النساء ونرمي عن الصبيان. قال الترمذي: "حديث غريب"2 لا نعرفه إلا من هذا الوجه. قال: وقد أجمع أهل العلم عن أن المرأة لا يلبي عنها غيرها هي تلبي عن نفسها. فهذا حديث قد أجمعوا على ترك العمل به فكان ينبغي للترمذي أن يستثنيه مع الحديثين السابقين. والجواب عن الترمذي من "وجهين"3: أحدهما: ما أجاب به الشيخ محب الدين الطبري في كتاب القرى أن المراد أن المرأة لا ترفع صوتها ويجزىء عن رفع صوتها رفع صوت الرجال لا أنها لا تلبي مطلقا وأن فيه استعمال المجاز بجعله عن النساء للاجتزاء "بجهر"4 الرجال بالتلبية عن استحبابه في حق النساء وكأن الرجال قاموا عن النساء بهذه السنة وفيه تكلف. والثاني: أن هذا الحديث قد اختلف في لفظه على "ابن نمير"5 فرواه الترمذي عن محمد بن إسماعيل الواسطي عنه هكذا. ورواه أبو بكر بن أبي شيبة عن ابن نمير بلفظ: "حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان فلبينا عن الصبيان "ورمينا"6 عنهم. هكذا رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" ومن طريقه رواه ابن ماجه في "سننه". قال ابن القطان: وهذا أولى بالصواب وأشبه به. وإذا اضطربت رواية الترمذي7 فلا يحكم على الحديث بالنسخ عند ترك العمل به إجماعا إلا إذا علمنا صحته وقد أشار إلى ذلك الفقيه أبو بكر الصيرفي في كتاب "الدلائل" عند الكلام

_ 1 راجع: "التقييد". 2 هكذا في خط، وفي ع: "حديث حسن غريب". 3 هكذا في خط، وفي ع: "ثلاثة أوجه" 4 من ع، وفي خط: "لجهر" باللام. 5 ضبط خط. 6 من خط، وفي ع: "وروينا". 7 راجع: "التقييد".

على تعارض حديثين فقال: فإن أجمع على إبطال حكم أحدهما، فأحدهما منسوخ أو غلط، والآخر ثابت.فيمكن حمل "كلام الصيرفي" على ما إذا لم يثبت الحديث الذي أجمع على ترك العمل به فإن الحكم عليه بالنسخ فرع عن ثبوته. ويمكن حمل كلامه على ما إذا كان صحيحا أيضا وهو خبر آحاد وأجمعوا على ترك العمل به "ولا"1 يتعين المصير إلى النسخ لاحتمال وجود الغلط من رواته فهو "كما قال"2 منسوخ أو غلط. وأما من أجاب3 بأن هذا الحديث قد قال ببعضه بعض أهل العلم وهو الرمي عن الصبيان فلم يجمع على ترك العمل بجميع الحديث ففيه نظر.

_ 1 من ع، وفي خط: "فلا". 2 من ع، وفي خط: "كمال". 3 هذا هو الجواب الأول من الثلاثه لدى العراقي.

النوع الخامس والثلاثون

النوع الخامس والثلاثون معرفة المصحف من أسانيد الأحاديث ومتونها هذا فن جليل إنما ينهض بأعبائه الحذاق من الحفاظ و"الدارقطني" منهم وله فيه تصنيف مفيد. وروينا عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه قال ومن يعرى من الخطأ والتصحيف؟. فمثال التصحيف في الإسناد حديث شعبة عن العوام بن مراجم عن أبي عثمان النهدي عن عثمان بن عفان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها" ... الحديث. صحف فيه يحيى بن معين فقال ابن مزاحم بالزاي والحاء فرد عليه وإنما هو ابن مراجم بالراء المهملة والجيم. ومنه: ما رويناه عن أحمد بن حنبل قال حدثنا محمد بن جعفر1 قال: "ثنا"2 شعبة عن مالك بن عرفطة عن عبد خير عن عائشة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والمزفت" وقال أحمد صحف شعبة فيه وإنما هو خالد بن علقمة وقد رواه زائدة بن قدامة وغيره على ما قاله أحمد. وبلغنا عن الدارقطني أن ابن جرير الطبري قال فيمن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من بني سليم ومنهم عتبة بن "البذر"3 قاله بالباء والذال المعجمة وروى له حديثا وإنما هو ابن الندر بالنون والدال غير المعجمة.

_ 1 من ع، وفي خط: "حدثنا محمد بن حفص" وفي ش: "أخبرنا محمد بن جعفر". 2 من خط، وفي ش وع: "حدثنا". 3 ضبط خط.

ومثال التصحيف في المتن ما رواه ابن لهيعة عن كتاب موسى بن عقبة إليه بإسناده عن "زيد"1 بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في المسجد وإنما هو بالراء "احتجر في المسجد بخص أو حصير حجرة يصلي فيها" فصحفه ابن لهيعة لكونه أخذه من كتاب بغير سماع ذكر ذلك مسلم في كتاب التمييز له. وبلغنا عن الدارقطني في حديث أبي سفيان عن جابر قال: "رمي أبي يوم الأحزاب على أكحله فكواه رسول الله صلى الله عليه وسلم" أن غندرا قال فيه أبي وإنما هو أبي بن كعب وفي حديث أنس ""ثم"2 يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة" قال فيه شعبة ذرة بالضم والتخفيف ونسب فيه إلى التصحيف وفي حديث أبي ذر تعين الصانع قال فيه هشام بن عروة بالضاد المعجمة وهو تصحيف والصواب ما رواه الزهري الصانع بالصاد المهملة ضد الأخرق وبلغنا عن أبي زرعة الرازي أن يحيى بن سلام هو المفسر "حدث"3 عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله تعالى: {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} قال: "مصر"4 واستعظم أبو زرعة هذا واستقبحه وذكر أنه في تفسيره عن قتادة مصيرهم. وبلغنا عن الدارقطني أن محمد بن المثنى أبا موسى العنزي حدث بحديث النبي صلى الله عليه وسلم "لا يأتي أحدكم يوم القيامة ببقرة لها خوار" فقال فيه "أو شاة تنعر بالنون وإنما هو تيعر بالياء المثناة من تحت وأنه قال لهم يوما: "نحن"5 قوم لنا شرف نحن من عنزة قد صلى النبي صلى الله عليه وسلم إلينا يريد ما روي "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى عنزة" "توهم6 أنه صلى إلى قبيلتهم وإنما العنزة ها هنا حربة نصبت بين يديه فصلى إليها. وأظرف من هذا ما رويناه عن الحاكم أبي عبد الله عن أعرابي زعم أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى نصبت بين يديه شاة "أي صحفها عنزة"7 بإسكان النون.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "يزي 2 من ش وع، وليس في خط. 3 من ش وع، وفي خط "حديث". 4 ضبط خط. 5 من ش وع، وفي خط: "نحر" 6 من ش، وفي ع: "يوهم"، وفي خط: "فوهم". 7 من خط وع، وفي ش: "أي عنزة صحفها".

وعن الدارقطني أيضا أن أبا بكر الصولي أملى في الجامع حديث أبي أيوب من "صام رمضان وأتبعه ستا من شوال" فقال فيه: شيئا بالشين والياء. وأن "أبا بكر الإسماعيلي الإمام" كان فيما بلغهم عنه يقول في حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكهان: قر الزجاجة بالزاي وإنما هو "قد"1 الدجاجة بالدال. في حديث يروى عن معاوية بن أبي سفيان قال "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين يشققون "الخطب"2 تشقيق الشعر" "و"3 ذكر الدارقطني عن وكيع أنه قاله مرة بالحاء المهملة وأبو نعيم شاهد فرده "عليه"4 بالخاء المعجمة "المضمومة"5 وقرأت بخط مصنف أن ابن شاهين قال في جامع المنصور في الحديث إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تشقيق الحطب فقال بعض الملاحين يا قوم فكيف نعمل والحاجة ماسة؟ قلت: فقد انقسم التصحيف إلى قسمين: أحدهما في المتن والثاني في الإسناد. وينقسم قسمة أخرى إلى قسمين أحدهما تصحيف البصر كما سبق عن ابن لهيعة وذلك هو الأكثر والثاني تصحيف السمع نحو حديث لعاصم الأحول رواه بعضهم فقال عن واصل الأحدب فذكر الدارقطني أنه من تصحيف السمع لا من تصحيف البصر كأنه ذهب والله أعلم إلى أن ذلك مما "لا"6 يشتبه من حيث الكتابة وإنما أخطأ فيه سمع من رواه. وينقسم قسمة ثالثة إلى تصحيف اللفظ وهو الأكثر وإلى تصحيف يتعلق بالمعنى دون اللفظ كمثل ما سبق عن "محمد بن المثنى" في الصلاة إلى عنزة. وتسمية بعض ما ذكرناه تصحيفا مجاز والله أعلم.

_ 1 من خط وع، وليس في ش. 2 من ش وع، بالخاء المعجمة، وفي خط: "الحطب" بالمهملة. 3 من خط، وليس في ش وع، ولعلها كانت في الأصل: "فذكر" فصحفها الناسخ. 4 من ش وع، وليس في خط. 5 من خط وش، ووقع في ع: "الحاء المعجمة المضمونة". 6 من ش وع، وليس في خط.

وكثير من التصحيف المنقول عن الأكابر الجلة لهم فيه أعذار لم ينقلها ناقلوه". ونسأل الله التوفيق "والعصمة وهو أعلم"1 انتهى. "قوله": وله فيه تصنيف أي: الدارقطني وكذلك صنف فيه أبو محمد العسكري كتابه المشهور في ذلك مجلدا كبيرا. قال ابن كثير: وما ينقله كثير من الناس عن عثمان بن أبي شيبة أنه كان يصحف في قراءة القرآن فغريب جدا لأن له كتابا في التفسير وقد نقل عنه أشياء ولا "تصدر"2 عن صبيان المكاتب. وأما ما وقع لبعض المحدثين من ذلك "فمنه"3 ما يكاد اللبيب يضحك منه كما حكي عن بعضهم أنه جمع طرق حديث "يا أبا عمير ما فعل النغير؟ " ثم أملاه في مجلسه على من حضره من الناس فجعل يقول "يا أبا "عمير"4 ما فعل البعير" فافتضح عندهم وأرخوها عنه. وكذا اتفق لبعض مدرسي النظامية ببغداد أنه "أول"5 يوم إجلاسه أورد "حديث"6: "صلاة في إثر صلاة كتاب في عليين" فقال: "كنار كنار في غلس" فلم يفهم الحاضرون ما يقول حتى "أخبرهم"7 بعضهم بأنه تصحف عليه من "كتاب في عليين". ثم "قال":8 "وكان"9 شيخنا الحافظ الكبير الجهبذ أبو الحجاج المزي من أبعد الناس عن هذا بل لم يكن على وجه الأرض مثله فيما نعلم10 انتهى. ومن أمثلة تصحيف المعنى: ما ذكره الخطابي عن بعض شيوخه في الحديث أنه لما روى" حديث "النهي"11 عن التحليق يوم الجمعة قبل الصلاة" قال: "ما حلقت رأسي قبل الصلاة منذ أربعين سنة". فهم منه تحليق "الرأس"12 وإنما المراد تحليق الناس حلقا.

_ 1 من خط. وفي ش: "..والعصمة، هو أعلم" وفي ع: "..والعصمة، والله أعلم". 2 من "اختصار علوم الحديث"، وفي خط: "يعتذر". 3 من ابن كثير، وليس في خط. 4 ضبط خط، بفتح العين المهملة. 5 من ابن كثير، وليس في خط. 6 من ابن كثير، وليس في خط. 7 من ابن كثير، وفي خط: "أخبر". 8 يعني: ابن كثير. 9 من خط، وعند لبن كثير: "وقد كان". 10 راجع: ابن كثير. 11 من ل، وفي خط: " المنهي". 12 من خط، وفي ل: "الرؤوس" بالجمع.

النوع السادس والثلاثون

النوع السادس والثلاثون معرفة مختلف الحديث وإنما يكمل للقيام به الأئمة الجامعون بين صناعتي الحديث والفقه الغواصون على المعاني الدقيقة. اعلم أن ما يذكر في هذا الباب ينقسم إلى قسمين: أحدهما: أن يمكن الجمع بين الحديثين ولا يتعذر إبداء وجه ينفي تنافيهما فيتعين حينئذ المصير إلى ذلك والقول بهما معا ومثاله حديث "لاعدوى ولا طيرة" مع حديث: "لا يورد ممرض على مصح" وحديث "فر من المجذوم فرارك من الأسد". وجه الجمع بينهما أن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها ولكن الله تبارك وتعالى جعل مخالطة المريض بها للصحيح سببا لأعدائه مرضا ثم قد يتخلف ذلك عن سببه كما في سائر الأسباب. ففي الحديث الأول نفى صلى الله عليه وسلم ما كان يعتقده "الجاهل"1 من أن ذلك "يعدي"2 بطبعه ولهذا قال: "فمن أعدى الأول؟ " وفي الثاني أعلم "أن"3 الله سبحانه جعل ذلك سببا لذلك وحذر من الضرر الذي يغلب وجوده عند وجوده بفعل الله "سبحانه"4 وتعالى. ولهذا في الحديث أمثال كثيرة. وكتاب "مختلف الحديث لابن قتيبة" في هذا المعنى إن يكن قد أحسن فيه من وجه فقد أساء في أشياء منه قصر "2" باعه فيها وأتى بما غيره أولى وأقوى. وقد روينا عن محمد بن إسحاق بن خزيمة الإمام أنه قال لا أعرف أنه روي عن "النبي"5 صلى الله عليه وسلم حديثان بإسنادين صحيحين متضادين فمن كان عنده.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "الجاهلي". 2 ضبط خط. 3 من خط، وفي ش وع: "بأن". 4 من خط وع، وفي ش: "نبارك". 5 من خط وع، وفي ش: "رسول الله".

فليأتني به لأؤلف بينهما". القسم الثاني: أن يتضادا بحيث لا يمكن الجمع بينهما وذلك على ضربين: أحدهما: أن يظهر كون أحدهما ناسخا والآخر منسوخا فيعمل بالناسخ ويترك المنسوخ. "و"1الثاني: ألا تقوم دلالة على أن الناسخ أيهما والمنسوخ أيهما فيفرغ حينئذ في الترجيح ويعمل بالأرجح منهما والأثبت كالترجيح بكثرة الرواة أو بصفاتهم في خمسين وجها من وجوه الترجيحات وأكثر ولتفصيلها موضع "غير هذا"2 والله أعلم انتهى. أول من تكلم في هذا الفن: الشافعي رضي الله عنه في كتابه "اختلاف الحديث" ذكر فيه جملة من ذلك "نبه"3 بها على طريق الجمع ولم يقصد استيفاء ذلك ولم يفرده بالتأليف وإنما هو جزء من كتاب الأم. ثم صنف في ذلك أبو محمد بن قتيبة4 وصنف في ذلك محمد بن جرير الطبري وأبو جعفر الطحاوي كتابه مشكل الآثار وهو من أجل كتبه وكان الحافظ أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة من أحسن الناس كلاما في ذلك فقال ما تقدم"4". "قوله": وجه الجمع بينهما أي على الصحيح فإن بعضهم جعلها متعارضة"4" وبعضهم أدخلها في الناسخ والمنسوخ كأبي حفص بن شاهين. والصواب: الجمع بينهما فنفى"4" بقوله "لا عدوى": ما كانت الجاهلية تعتقده وبعض الحكماء: من أن هذه الأمراض "تعدي"5 بطبعها ولهذا قال: "فمن أعدى الأول؟ " أي: أن الله هو الخالق لذلك بسبب "وغير"6 سبب. وبين بقوله: "لا يورد ممرض" و"فر من المجذوم": أن الله هو الخالق من

_ 1 من خط وع وليس في ش. 2 من خط، وفي ش وع: "غير ذا". 3 من خط، وفي ل: "يتنبه". 4 راجع: "الشرح" 5 ضبط خط. 6 هكذا في خط، وفي ل: "وبغير".

الأسباب عند المخالطة للمريض وقد يتخلف ذلك عن سببه وهذا مذهب أهل السنة كما أن النار لا تحرق بطبعها ولا الطعام يشبع بطبعه ولا الماء يروي بطبعه وإنما يخلق الله تعالى الإحراق والشبع والري عند ذلك والقدرة وراء ذلك. وقد وجدنا من خالط المصاب بالأمراض التي اشتهرت بالإعداء ولم يتأثر بذلك "ووجدنا من برز وابتلى"1. "وقوله" في خمسين وجها تبع فيه الحازمي فإنه كذلك قال في كتاب: "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ" قال فيه: ووجوه الترجيحات كثيرة أنا أذكر معظمها فذكر خمسي وجها ثم قال: وهذا القدر كاف في ذكر الترجيحات وثم وجوه كثيرة أضربنا عن ذكرها كي لا "يطول هذا"2 المختصر انتهى. مع أن وجوه الترجيحات تزيد على المائة وقد رأيت عدها مختصرا فأبدأ بالخمسين التي عدها الحازمي ثم أسرد بقيتها على الولاء. الأول: كثرة الرواة الثاني كون "أحد"3 الروايين أتقن وأحفظ. الثالث كونه متفقا على عدالته الرابع كونه بالغا حالة التحمل الخامس: كون سماعه تحديثا والآخر عرضا السادس: كون أحدهما سماعا أو عرضا والآخر كتابة أو وجادة أو مناولة السابع: كونه مباشرا لما رواه الثامن: كونه صاحب القصة التاسع: كونه أحسن سياقا "واستيفاء"4 لحديثه العاشر: كونه أقرب مكانا من النبي صلى الله عليه وسلم حالة تحمله الحادي عشر: كونه أكثر ملازمة لشيخه الثاني عشر: كونه سمع من مشايخ بلده الثالث عشر: كون أحد الحديثين له مخارج الرابع عشر: كون إسناده حجازيا الخامس عشر: كون رواته من بلد لا يرضون "التدليس"5 السادس عشر: دلالة "الألفاظ" على الاتصال "كسمعت وثنا"6 السابع عشر:

_ 1 كذا في خط، وفي ل: "ووجدنا من احترز عن ذلك الاحتراز الممكن وأخذ بذلك المرض". 2 من خط، وفي ل وع و "الاعتبار" "ص/90-ثانية/قلعجي"، "يطول به هذا". 3 من ع ول والحازمي، وليس في خط. 4 هكذا في خط، وفي ع ول: "واستقصاء"، ووقع في ل "بالضاد المعجمة"، ووقع في "الاعتبار": "وأبلغ استقصاء". 5 من خط ول، وفي ع: "بالتدليس". 6 من خط، وفي ع ول: "كسمعت، وحدثنا".

كونه مشاهدا لشيخه عند الأخذ الثامن: عشر كون الحديث لم يختلف فيه التاسع عشر: كون راويه لم يضطرب لفظه العشرون: كون الحديث متفقا على رفعه الحادي والعشرون: كونه متفقا على اتصاله الثاني والعشرون: كون راويه لا يجيز الرواية بالمعنى الثالث والعشرون: كونه فقيها الرابع والعشرون: كونه صاحب كتاب يرجع إليه الخامس والعشرون: كون أحد الحديثين نصا وقولا والآخر ينسب استدلالا واجتهادا السادس والعشرون: كون القول "يقارنه"1 الفعل السابع والعشرون: كونه موافقا لظاهر القرآن الثامن والعشرون: كونه موافقا لسنة أخرى التاسع والعشرون: كونه موافقا للقياس الثلاثون: كونه معه حديث آخر مرسل أو منقطع الحادي والثلاثون: كونه عمل به الخلفاء الراشدون الثاني والثلاثون: كونه معه عمل الأمة الثالث والثلاثون: كون ما تضمنه من الحكم منطوقا الرابع والثلاثون: كونه مستقلا لا يحتاج إلى إضمار الخامس والثلاثون: كون حكمه مقرونا بصفة والاخر بالاسم السادس والثلاثون: كونه مقرونا بتفسير الراوي السابع والثلاثون: كون أحدهما قولا والآخر فعلا فيرجح القول الثامن والثلاثون: كونه لم يدخله التخصيص التاسع والثلاثون: كونه غير مشعر بنوع قدح في الصحابة الأربعون: كونه مطلقا والآخر ورد على سبب الحادي والأربعون: كون الاشتقاق يدل عليه دون الآخر الثاني والأربعون: كون أحد الخصمين قائلا بالخبرين الثالث والأربعون: كون أحد الحديثين فيه زيادة الرابع والأربعون: كونه فيه احتياط "للفرض"2 وبراءة الذمة الخامس والأربعون: كون أحد الحديثين له نظير متفق على حكمه السادس والأربعون كونه يدل على التحريم والآخر على الإباحة السابع والأربعون: كونه يثبت حكما موافقا لما قبل الشرع فقيل هو أولى وقيل هما سواء الثامن والأربعون: كون أحد الحديثين مسقطا للحد فقيل هو أولى وقيل لا "ترجيح"3 التاسع والأربعون: كونه إثباتا يتضمن النقل عن حكم العقل والآخر نفيا يتضمن الإقرار على حكم العقل الخمسون: كون الحديثين في الأقضية وراوي أحدهما "علي"

_ 1 من ع ول، وفي خط: "يفارقه"، وراجع: "الاعتبار". 2 من ع ول و "الاعتبار"، وفي خط: "للعرض" بالغين المهملة. 3 من خط ول، وفي ع: "يرجع"، وراجع: الحازمي.

أو في "الفرائض" وراوي أحدهما زيد أو في الحلال والحرام وراوي أحدهما معاذ وهلم جرا فالصحيح الذي عليه الأكثرون الترجيح بذلك انتهى. وقد خالفه بعض الأصوليين في بعض ما ذكره ورجح مقابل أو سوى بينهما وقد زاد الأصوليون كالإمام والآمدي وأتباعهما وجوها كثيرة زيادة على هذه نحو الستين. ويترجح بكونه: أعلى إسنادا وكون راويه عالما بالعربية وكونه عالما باللغة وكونه أفضل في الفقه أو العربية أو اللغة وكونه حسن الاعتقاد وكونه ورعا وكونه جليسا للمحدثين أو "غيرهم"1 من العلماء وكونه أكثر مجالسة لهم وكونه عرفت عدالته بالاختبار والممارسة وعرفت عدالة الآخر بالتزكية أو العمل على روايته وكون المزكي زكاه وعمل بخبره وزكى الآخرون خبره وكونه ذكر سبب تعديله وكونه ذكرا وكونه حرا وكونه أشهر وكون نسبه أشهر وكون اسمه لا يلتبس وكونه له اسم واحد والآخر له اسمان فأكثر وكون من زكاه أكثر وكون مزكيه أعلم وكونه دام عقله ولم يختلط. كذا أطلقوه وشرط في المحصول مع ذلك أن لا يعلم هل رواه في حال سلامته أو اختلاطه وكونه تأخر إسلامه وقيل عكسه وبه جزم الآمدي وكونه من أكابر الصحابة وكون الخبر حكي بسبب وروده إن كانا خاصين فإن كانا عامين "فبالعكس"2 وكونه حكى فيه لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم وكونه لم ينكره راوي الأصل أو لم يتردد فيه وكونه مشعرا بعلو شأن الرسول صلى الله عليه وسلم وتمكنه وكونه مدنيا والآخر مكيا وكونه متضمنا للتخفيف وقيل بالعكس وكونه مطلق التاريخ على المؤرخ بتاريخ متقدم وكونه مؤرخا بتاريخ مؤخر على مطلق التاريخ وكون الراوي تحمله في الإسلام على ما تحمله راويه في الكفر أو شك "فيه"3 وكون لفظ الحديث فصيحا والآخر ركيكا وكونه بلغة قريش وكون لفظه حقيقة وكونه أشبه بالحقيقة وكون أحدهما حقيقة شرعية والآخر حقيقة عرفية أو لغوية وكون أحدهما حقيقة عرفية.

_ 1 من ع، وفي خط: "غيره" بالافراد. 2 من ع، وفي خط: "وبالكس". 3 من ع، وليس في خط.

والآخر حقيقة لغوية وكونه يدل على المراد من وجهين وكونه يدل على المراد بغير واسطة وكونه يومىء إلى علة الحكم وكونه ذكر معه معارضه وكونه مقرونا بالتهديد وكونه أشد تهديدا وكون أحد الخبرين "يقل"1 فيه اللبس وكون اللفظ "متفقا"2 على وضعه لمسماه وكونه منصوصا على حكمه مع تشبيهه لمحل آخر وكونه مؤكدا بالتكرار وكون أحد الخبرين دلالته مفهوم الموافقة والآخر مفهوم المخالفة وقيل بالعكس وكونه قصد به الحكم المختلف فيه ولم يقصد بالآخر ذلك وكون أحد الخبرين مرويا بالإسناد والآخر معزوا إلى كتاب معروف وكون أحدهما معزوا إلى كتاب معروف والآخر مشهور وكون أحدهما اتفق عليه الشيخان وكون العموم في أحد الخبرين مستفادا من الشرط والجزاء والآخر من النكرة المنفية وكون وكون الخطاب في أحدهما تكليفا وفي الآخر وضعيا وكون الخطاب في أحدهما شفاهيا فيقدم على خطاب الغيبة في حق من ورد الخطاب عليه وكون الخطاب على الغيبة فيقدم على الشفاهي في حق الغائبين وكون أحد الخبرين قدم فيه ذكر العلة وقيل بالعكس وكون العموم في أحدهما مستفادا من الجمع المعرف فيقدم على المستفاد من "ما، ومن"3 وكون الحكم في أحد الخبرين معقول المعنى وكونه مستفادا من الكل فيقدم على المستفاد من الجنس المعرف لاحتمال العهد. وثم وجوه أخر فيها نظر وكذلك في بعض ما تقدم.

_ 1 من ع، وفي خط: "نقل" وضع النقط الثلاث مفردة على القاف واللام، وكأن الناسخ لم يضبطها. 2 من ع، وليس في خط. 3 ضبط خط، بفتح الميمين.

النوع السابع والثلاثون

النوع السابع والثلاثون معرفة المزيد في متصل الأسانيد مثاله ما روي عن عبد الله بن المبارك قال: "حدثنا"1 سفيان عن عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر قال حدثني "بسر"2 بن عبيد الله قال: سمعت أبا إدريس يقول سمعت واثلة بن الأسقع يقول: سمعت أبا مرثد الغنوي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها". فذكر "سفيان" في هذا الإسناد زيادة ووهم وهكذا ذكر أبي إدريس أما الوهم في ذكر سفيان "فممن"3 دون ابن المبارك لأن جماعة ثقات رووه عن ابن المبارك عن ابن جابر نفسه ومنهم من صرح فيه بلفظ الإخبار بينهما. وأما ذكر "أبي إدريس" فيه فابن المبارك منسوب فيه إلى الوهم وذلك وذلك لأن جماعة من الثقات رووه عن ابن جابر فلم يذكروا أبا إدريس بين بسر وواثلة وفيهم من صرح فيه بسماع بسر"2" من واثلة. قال: "أبو حاتم الرازي": "يرون أن ابن المبارك وهم في هذا"4 قال: وكثيرا ما يحدث بسر عن أبي إدريس فغلط ابن المبارك وظن أن "هذا مما"5 روي عن أبي إدريس عن واثلة وقد سمع هذا بسرمن واثلة نفسه".6

_ 1 من خط وع، وفي ش: "أخبرنا". 2 من ش وع، وفي خط: "بشر". 3 من ش وع، وفي خط: "فمن". 4 غفل الناسخ فكتب هنا: "عن أبي إدريس"، ثم ضرب على "أبي إدريس"، وغفل عن الضرب على "عن". 5 من ش وع و، "علل ابن أبي حاتم" "1/80" "213"، وسقط من تصوير خط. 6 زاد في "العلل": "لأن أهل الشام أعرف بحديثهم".

قلت: قد ألف الخطيب الحافظ في هذا النوع كتابا "سماه: تمييز"1 المزيد في متصل الأسانيد وفي كثير مما ذكره نظر: لأن الإسناد الخالي عن الراوي الزائد إن كان بلفظ "عن" في ذلك فينبغي أن يحكم بإرساله ويجعل معللا بالإسناد الذي ذكر فيه الزائد لما "عرف"2 في نوع المعلل وكما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في النوع الذي يليه. وإن كان فيه تصريح بالسماع أو بالإخبار كما في المثال الذي أوردناه فجائز أن يكون قد سمع ذلك من رجل عنه ثم سمعه منه نفسه فيكون "بسر"3 في هذا الحديث قد سمعه من "أبي إدريس عن واثلة"4 ثم لقي واثلة فسمعه منه كما جاء مثله مصرحا به في غير هذا. اللهم إلا أن توجد قرينة تدل على كونه وهما كنحو ما ذكره أبو حاتم في المثال المذكور. وأيضا فالظاهر ممن وقع له مثل ذلك أن يذكر السماعين فإذا لم يجيء عنه ذكر ذلك حملناه على الزيادة المذكورة والله أعلم.

_ 1 من خط، وفي ش وع: "سماه: كتاب تمييز". 2 ضبط خط. 3 ضبطها في خط بضم الموحدة، ورسمها على الصواب –بالمهملة- في هذه المرة. 4 من ش وع، وفي خط: "أبي إدريس، عن "أبي" واثلة".

النوع الثامن والثلاثون

النوع الثامن والثلاثون معرفة المراسيل الخفي إرسالها هذا نوع مهم عظيم الفائدة يدرك بالاتساع في الرواية والجمع بطرق الأحاديث مع المعرفة التامة. "وللخطيب الحافظ" فيه "كتاب التفصيل لمبهم المراسيل". والمذكور في هذا الباب منه: ما عرف فيه الإرسال بمعرفة عدم السماع من الراوي فيه أو عدم اللقاء كما في الحديث المروي عن العوام بن حوشب عن عبد الله بن أبي أوفى قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال بلال: قد قامت الصلاة نهض وكبر". روي فيه عن "أحمد بن حنبل" أنه قال: العوام لم يلق ابن أبي أوفى. ومنه: ما كان "الحكم"1 بإرساله محالا على مجيئه من وجه آخر بزيادة "شخص أو أكثر"2 في الموضع المدعى فيه الإرسال كالحديث الذي سبق ذكره في النوع العاشر عن عبد الرزاق عن الثوري عن أبي إسحاق فإنه حكم فيه بالانقطاع والإرسال بين عبد الرزاق والثوري لأنه روي عن عبد الرزاق قال: "حدثني النعمان ابن أبي شيبة "الجندي"3 عن الثوري عن أبي إسحاق". وحكم أيضا فيه بالإرسال بين الثوري وأبي إسحاق لأنه روي عن الثوري عن شريك عن "أبي إسحاق وهذا"4 وما سبق في النوع الذي قبله يتعرضان لأن يعترض "بكل"5 واحد

_ 1 من ش وع، وفي خط: "الحديث". 2 هكذا في خط، وفي ش وع،: "شخص واحد أو أكثر". 3 ضبط خط بفتح الجيم والنون. 4 هكذا في خط وع، وفي ش: "..أبي إسحاق. وما رواه بكر بن بكار وغيره عن المسعودي عن عبد الكريم بن مالك الجزري عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي: "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتصدق بلحوم البدن وجلالها وجلودها"، فهذا قد حكم فيه بالإرسال بين عبد الكريم الجزري وابن أبي ليلى، وبأن بينهما مجاهدا، ولأن ابن عيينة وإسرائيل بن يونس وغيرهما رووه عن عبد الكريم عن مجاهد عن ابن أبي ليلى. وهذا". وقالت بنت الشاطىء جزاها الله خير: "هذه الفقرة من "غ" وعلى هامشها: من قوله: "وما رواه بكر بن بكار وغيره عن المسعودي" إلى قوله: عن مجاهد عن ابن أبي ليلى هذا كله لم يثبت في نسخة الشيخ شمس الدين أيده الله ساقط من أصله، وسقط أيضا من أصل شيخنا نجم الدين نفع الله به قلت: وسقط كذلك من "ص، ومطبوعة ع". انتهى. 5 من ش وع، وفي خط: "لكل" باللام.

منهما على الآخر على ما تقدمت الإشارة إليه والله أعلم انتهى. هذان النوعان متقاربان وجعلهما المصنف نوعين تبعا للخطيب ولنقدم الكلام على النوع الثاني وليس المراد به هنا ما تقدم في حد المرسل "لهذا أفرد المصنف هذا بالذكر"1 إنما المراد به هنا مطلق الانقطاع. ثم الإرسال: ظاهر وخفي فالظاهر هو: أن يروي الرجل عمن لم يعاصره بحيث لا يشتبه إرساله باتصاله على أهل الحديث كأن يروي مالك مثلا عن سعيد بن المسيب وكحديث رواه النسائي من رواية القاسم بن محمد عن ابن مسعود قال: "أصاب النبي صلى الله عليه وسلم بعض نسائه ثم نام حتى أصبح" فإن القاسم لم يدرك ابن مسعود. والخفي: هو أن يروي "عن من"2 سمع منه ما لم يسمعه منه أو عن من"2" لقيه ولم يسمع منه أو عن من"2" عاصره ولم يلقه. فهذا قد يخفي على كثير من أهل الحديث لكونهما قد جمعهما "عصر"3 واحد. وهذا النوع أشبه بروايات المدلسين ويعرف خفي الإرسال بأمور أربعة: أحدها: أن يعرف عدم اللقاء بينهما بنص بعض الأئمة على ذلك أو يعرف ذلك بوجه صحيح كحديث رواه ابن ماجه من رواية عمر بن عبد العزيز عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رحم الله حارس الحرس". فإن عمر لم يلق عقبه كما قال المزي في "الأطراف" والثاني: بأن يعرف عدم سماعه منه مطلقا بنص إمام على ذلك أو نحوه كأحاديث أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه وهي في السنن الأربعة. فقد روى الترمذي أن عمرو بن مرة قال لأبي عبيدة هل تذكر من عبد الله شيئا؟ قال: لا. والثالث: بأن يعرف عدم سماعه منه لذلك الحديث فقط وإن سمع منه غيره إما بنص إمام أو بإخباره عن نفسه بذلك في بعض طرق الحديث أو نحو ذلك والرابع: بأن يرد في بعض طرق الحديث زيادة اسم راو بينهما كالحديث الذي

_ 1 كذا في خط وراجع: "الشرح". 2 هكذا في خط، ورسمت في ل: "عمن" بالوصل. 3 من ل، وليس في خط.

أشار إليه بقوله: "سبق ذكره في النوع العاشر" رواه عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن زيد بن "يثيع"1 عن حذيفة مرفوعا: "إن وليتموها أبا بكر فقوي أمين". فهو منقطع في موضعين لأنه روي عن عبد الرزاق قال حدثني النعمان ابن أبي شيبة عن الثوري "وروي عن"2 الثوري عن شريك عن أبي إسحاق. وهذا القسم الرابع محل نظر لا يدركه إلا الحفاظ النقاد ويشتبه ذلك على كثير من أهل الحديث لأنه ربما كان الحكم للزائد وربما كان الحكم للناقص والزائد وهم فيكون من نوع: "المزيد في متصل الأسانيد" ولهذا حسن3 الجمع بين: "خفى الإرسال ومتصل الأسانيد" في نوع واحد وإن كان الخطيب جعلهما نوعين وصنف في كل نوع كتابا لكن في كثير "من ما"4 قاله نظر والصواب ما ذكره المصنف من التفصيل وهو أن الإسناد "الخالي"5 عن الراوي.. إلى آخره. والحديث الذي مثل به رواه مسلم والترمذي من طريق ابن المبارك عن عبد الرحمن ابن يزيد "بن"6 جابر عن "بسر"7 بن عبيد الله قال: سمعت أبا إدريس الخولاني قال: سمعت واثلة يقول: سمعت أبا مرثد يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها" فذكر أبي إدريس في هذا الحديث وهم من ابن المبارك فقد رواه جماعات من الثقات بالاتصال"3" بين بسر وواثلة من غير ذكر أبي إدريس. كذا رواه

_ 1 ضبط خط، لكن وقعت هناك "يتيع" بمثناة من فوق بين ياءين والمثبت –بالمثلثة- من ل. 2 من خط، وفي ل: "وروى أيضا عن". 3 راجع: "الشرح". 4 من خط، ورسمت في ل: "مما". 5 من ل، وسبق مثله عند ابن الصلاح، وفي خط: "الخافي". 6 من ل وسبق مثله عند ابن الصلاح، وفي خط: "عن". 7 ضبط خط.

مسلم والترمذي والنسائي عن علي بن حجر "عن"1 الوليد بن مسلم عن ابن جابر عن بسر قال: سمعت واثلة. وكذا رواه أبو داود عن إبراهيم بن موسى2 وكذا حكاه الترمذي عن البخاري وقال وقال الدارقطني3: زاد ابن المبارك في هذا أبا إدريس ولا أحسبه إلا أدخل حديثا في حديث. وقوله في الوجه الآخر وهو إدخال "سفيان"4 بين ابن المبارك وابن جابر رواه جماعة عن ابن المبارك عن ابن جابر من غير ذكر سفيان أي: كعبد الرحمن ابن مهدي وحسن بن الربيع وهناد بن السري وغيرهم.

_ 1 من ل، وفي خط: "بن" 2 راجع: "الشرح". 3 هكذا في خط، وفي "الشرح": نقل حكاية الترمذي عن البخاري، ثم قول أبي حاتم الرازي، ثم قول الدارقطني، فلم يذكر هنا قول أبي حاتم لكونه سبق في كلام ابن الصلاح رحمه الله. 4 وقع في "خط" هنا: "سفينة"، وسبق –وسيأتي أيضا- على الصواب، وراجع: "الشرح".

النوع التاسع والثلاثون

النوع التاسع والثلاثون معرفة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين هذا علم كبير قد ألف الناس فيه كتبا كثيرة ومن أحلاها وأكثرها فوائد: كتاب الاستيعاب لابن عبد البر لولا ما شأنه به من إيراده كثيرا مما شجر بين الصحابة وحكاياته عن الأخباريين لا المحدثين وغالب على الأخباريين الإكثار والتخليط فيما يروونه. وأنا أورد نكتا نافعة إن شاء الله تعالى قد كان ينبغي لمصنفي كتب الصحابة أن يتوجوها بها مقدمين لها في فواتحها. إحداها اختلف أهل العلم في أن الصحابي من؟ فالمعروف من طريقة أهل الحديث أن كل مسلم رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من "الصحابة"1. قال البخاري في صحيحه من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين فهو من الصحابة وبلغنا عن أبي المظفر السمعاني المروزي أنه قال أصحاب الحديث يطلقون اسم الصحابة على كل من روى عنه حديثا أو كلمة ويتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية من الصحابة وهذا لشرف منزلة النبي صلى الله عليه وسلم أعطوا كل من رآه حكم الصحبة وذكر أن اسم الصحابي من حيث اللغة والظاهر: يقع على من طالت صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم "وكثرت له مجالسته"2 على طريق "التبع"3 له والأخذ عنه. قال: وهذا طريق الأصوليين.

_ 1 هكذا في خط، وفي ش وع: "أصحابه" ومثله في " صحيح البخاري" "7/2- مع الفتح" "ك/ فضائل الصحابة، ب/ فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ... "، وهو كذلك أيضا في "الكفاية" للخطيب "ص/ 99" عن البخاري رحمه الله. 2 كذا في خط، وفي ش وع: "وكثرت مجالسته له". 3 من ش وع، وفي خط: "البتع" بتقديم الموحدة.

قلت: وقد روينا عن سعيد بن المسيب أنه كان لا يعد الصحابي إلا من أقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة أو سنتين وغزا معه غزوة أو غزوتين. وكأن المراد بهذا إن صح عنه راجع إلى المحكي عن الأصوليين ولكن في عبارته ضيق يوجب ألا يعد من الصحابة جرير بن عبد الله البجلي ومن شاركه في فقد ظاهر ما اشترطه فيهم ممن لا "نعرف"1 خلافا في عده من الصحابة. وروينا عن شعبة عن موسى السبلاني وأثنى عليه خيرا قال: "أتيت أنس بن مالك فقلت: هل بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد غيرك؟ قال: بقي ناس من الأعراب قد رأوه فأما من صحبه فلا" إسناده جيد حدث به مسلم بحضرة أبي زرعة. ثم إن كون الواحد منهم صحابيا تارة يعرف بالتواتر وتارة بالاستفاضة القاصرة عن التواتر وتارة بأن يروى عن آحاد الصحابة أنه صحابي وتارة بقوله وإخباره عن نفسه بعد ثبوت "عدالته"2 الثانية للصحابة بأسرهم خصيصة وهي أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم بل ذلك أمر مفروغ منه لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة وإجماع من يعتد به في الإجماع من الأمة. قال الله تبارك وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} الآية. قيل: اتفق المفسرون على أنه وارد في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} وهذا خطاب مع الموجودين حينئذ. وقال سبحانه وتعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} الآية. وفي نصوص السنة الشاهدة بذلك "كثرة"3 منها: حديث أبي سعيد المتفق على صحته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه".

_ 1 من ش وع، وفي خط: "يعرف". 2 هكذا في خط، وفي ش وع: "..عدالته بأنه صحابي. والله أعلم". 3 من ش وع، وفي خط: "كثيرة".

ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة. "ومن"1 لابس الفتن منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع إحسانا للظن بهم ونظرا إلى ما تمهد لهم من المآثر وكأن الله سبحانه أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة انتهى. ألف العلماء في معرفة الصحابة كتبا كثيرة منها الصحابة لأبي حاتم بن حبان البستي "مختصرا"2 في مجلدة. ومنها: كتاب معرفة الصحابة لأبي عبد الله بن مندة وهو كتاب كبير جليل وقد ذيل عليه الحافظ أبو موسى المديني بذيل كبير. ومنها: الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني كتاب جليل. ومنها: الاستيعاب لابن عبد البر وهو كثير الفوائد وذيل عليه ابن فتحون بذيل في مجلد. ومنها: معرفة الصحابة للعسكري "على"3 غير ترتيب الحروف. وصنف "معاجم"4 الصحابة جماعة منهم: أبو القاسم البغوي "وابن قانع والطبراني"5 إلا أن من صنف المعاجم"4" لا يورد غالبا إلا من له رواية6. وقد صنف أبو الحسن علي بن محمد بن الأثير الجزري كتابا سماه أسد الغابة جمع فيه بين كتاب ابن مندة وذيل "أبو"7 موسى عليه "و"8كتاب أبي نعيم والاستيعاب وزاد من غيرها أسماء ولم يقع له ذيل ابن فتحون. وقد اختصره جماعة منهم الذهبي في مختصر لطيف وذيل عليه الحافظ العراقي.

_ 1 تكرر في خط: "ومن، ومن"، وغفل الناسخ أن يضرب على أحدهما. 2 كذا في خط، وفي ل: "مختصر". 3 من خط، وفي ل: "وهو على". 4 من ل، وفي خط: "معاجيم". 5 من ل، وفي خط: "وابن نافع الطبراني". 6 راجع: "الشرح". 7 هكذا في خط، وفي ل "أبي"، وما في خط إن كان له وجه في العربية إلا أن الظاهر أنه اشتبه على المؤلف أو الناسخ فظن أنها: "وذيل أبو موسى عليه" أي: وضع عليه ذيلا، فالله أعلم بما كان. 8 من ل، وفي خط: "في".

واختلف في حد الصحابة على ستة أقوال المعروف والمشهور: أنه من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في حال إسلامه. هكذا أطلقه كثيرون ومرادهم زوال المانع من الرواية كالعمى وإلا فمن صحبه صلى الله عليه وسلم ولم يره كابن أم مكتوم صحابي بلا خلاف. وهو يرد على المصنف. وفي دخول الأعمى الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسلما ولم يصحبه ولم يجالسه في عبارة البخاري نظر. ويرد على المصنف أيضا من ارتد عن الإسلام ومات "على رؤية"1 كافرا؟ ك"عبد الله بن خطل وربيعة بن أمية "ومقيس"2 بن صبابة" ونحوهم. "فإنه"3 ليسوا بصحابة والحد منطبق عليهم إلا أن "نقول"4 بأحد قولي الأشعري أن إطلاق اسم الكفر والإيمان هو باعتبار الخاتمة فمن ارتد ومات كافرا لم يزل كافرا ومن مات مسلما بعد كفره لم يزل مسلما وعلى هذا لا يدخلون في الحد. وأما من ارتد منهم ثم عاد إلى الإسلام في حياته صلى الله عليه وسلم فالصحبة عائدة إليهم كعبد الله بن أبي سرح فإن ارتد في حياته أو بعد موته ثم عاد إلى الإسلام بعد موته صلى الله عليه وسلم ك"الأشعث بن قيس وقرة بن هبيرة"1"5". ففي عود الصحبة له نظر عند من يقول: إن الردة محبطة للعمل وإن لم يتصل بها الموت وهو قول أبي حنيفة. وفي عبارة الشافعي في الأم ما يدل عليه والمشهور عنه ما حكاه الرافعي أنها لا تحبط إلا إذا اتصلت بالموت وحينئذ فالظاهر عود الصحبة.

_ 1 من خط، وليس في ع. 2 من ع ول، وفي خط: "ويعيس". 3 كذا في خط، ووضع الناسخ مقابلها: ":." ثلاث نقاط مثلثة، وهذا يفعله الناسخ عندما يستشكل شيئا مما في الأصل. فهو سبق قلم صوابه: "فإنهم". 4 من ع، وفي خط: "يقول". 5 من ل، وفي خط "هبير".

وبقي النظر في أمور أخر من التمييز أو البلوغ في "الرائي"1 "واشتراط"2 كون الرؤية بعد النبوة أو أعم من ذلك واشتراط كونه صلى الله عليه وسلم حيا "يخرج"3 ما لو رآه بعد موته قبل الدفن واشتراط كون الرؤية له في عالم الشهادة دون عالم الغيب. فأما التمييز ففظاهر كلامهم اشتراطه كما هو موجود في كلام يحيى بن معين وأبي زرعة وأبي حاتم وأبي داود وابن عبد البر وغيرهم وهم جماعة أتي بهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم أطفال فحنكهم ومسح وجوههم أو تفل في أفواههم "فلم يكتبوا"4 لهم "صحبة منهم محمد بن"5 حاطب بن الحارث وعبد الرحمن بن عثمان التيمي ومحمود بن الربيع وعبيد الله بن معمر وعبد الله بن الحارث بن نوفل وعبد الله بن أبي طلحة ومحمد بن ثابت بن قيس بن شماس ويحيى بن خلاد بن رافع الزرقي ومحمد بن طلحة ابن عبيد الله وعبد الله بن ثعلبة بن "صعير"6 وعبد الله بن عامر بن كريز وعبد الرحمن بن "عبد القاري"7 ونحوهم. فأما محمد بن حاطب فإنه ولد بأرض الحبشة قال يحيى بن معين: له "رؤية"8 ولا تذكر له صحبة "التيمي"9. وأما عبد الرحمن بن عثمان فقال أبو حاتم: الرازي كان صغيرا له رؤية وليست له صحبة. وأما محمود بن الربيع فهو الذي عقل منه صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهه وهو ابن خمس سنين كما ثبت في البخاري وقال أبو حاتم له رؤية وليست له صحبة. وأما عبيد الله بن معمر فقال ابن عبد البر ذكر بعضهم أن له صحبة وهو غلط بل له رؤية وهو غلام صغير. وأما عبد الله بن الحارث بن نوفل فإنه الملقب "ببه و"10ذكر ابن عبد البر أنه

_ 1 من خط، وفي ع: "الرأي". 2 من ع، وفي خط: "واشترط". 3 من خط، وفي ع: "حتى يخرج". 4 من ع، وفي خط: "لم تبتوا". 5 من خط، وفي ع: "صحبة محمد بن..". 6 من ع، وفي خط: "صغير" بالغين المعجمة. 7 من ع و"طبقات ابن سعد" "5/42" "625/ط: الكتب العلمية"، وفي خط: "الباري". 8 من خط، وفي ع: "رواية". 9 هكذا في خط، وفي "التدريب": "التميي"، ووقع في ع: "التميي". 10 هكذا في خط وضبطها بفتح الموحدة الأولى وسكون الثانية، وفي ع: "بشبة" ولم ترد الواو في ع

ولد على "عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم"1 وأتي به فحنكه ودعا له. قال العلائي في كتاب جامع التحصيل: ولا صحبة له بل ولا رؤية "أيضا"2 وحديثه مرسل قطعا. وأما عبد الله بن أبي طلحة فهو أخو أنس لأمه ثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم حنكة قال العلائي ولا "تعرف"3 له رؤية بل هو تابعي وحديثه مرسل. وأما محمد بن ثابت بن قيس بن شماس فإنه حنكه وسماه محمدا قال العلائي وليست له صحبة فحديثه مرسل. وأما ابن حبان فذكره في الصحابة. وأما يحيى بن "خلاد"4 بن رافع الزرقى فذكر ابن عبد البر أنه حنكه "وسماه"5. قال العلائي وهو تابعي لا "تثبت"6 له رؤية. وأما محمد بن طلحة بن عبيد الله فهو الملقب بالسجاد "أتي به إلى"7 النبي صلى الله عليه وسلم فمسح رأسه وسماه محمدا وكناه أبا القاسم. قال العلائي ولم يذكر أحد فيما وقفت عليه له رؤية بل هو تابعي. وأما عبد الله بن ثعلبة بن صعير وقيل ابن أبي صعير فروى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم وجهه عام الفتح. قال أبو حاتم رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير قال العلائي قيل أنه لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم كان ابن أربع سنين. وأما عبد الله بن عامر بن كريز فإن النبي صلى الله عليه وسلم أتى به وهو صغير فتفل في فيه من ريقه. قال ابن عبد البر: وما أظنه سمع منه ولا حفظ عنه بل حديثه مرسل. وأما عبد الرحمن بن عبد "القاري"8 فقال أبو داود أتي به النبي صلى الله عليه وسلم وهو طفل.

_ 1 من خط، وفي ع: "عهده صلى الله عليه وسلم". 2 من خط، وفي ع: "قطعا". 3 من خط، وفي ع: "يعرف" بمثناه من تحت. 4 من خط، وفي ع: "جلاد" بالجيم. 5 من ع، وفي خط: "وسمه". 6 من خط، وفي ع: "يثبت" بمثناة من تحت. 7 هكذا في خط، وفي ع: "أتى به أبوه إلى". 8 من ع وابن سعد، وفي خط: "الباري". وسبق قريبا.

قال ابن عبد البر: ليس له سماع ولا رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم بل هو من التابعين. وذكر أبو حاتم أن يوسف بن عبد الله بن سلام له رؤية ولا صحبة له انتهى. هذا مع كونه حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه رآه أخذ كسرة من خبز شعير ووضع عليها تمرة وقال هذه إدام هذه" رواه أبو داود والترمذي في الشمائل وروى أبو داود أيضا من "حديثه أنه"1 سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر "ما على أحدكم إن وجد أن يتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته" 2. لا جرم أن البخاري عد يوسف في الصحابة فأنكر ذلك عليه أبو حاتم وقال له رؤية ولا صحبة له. وممن أثبت له بعضهم الرؤية دون الصحبة طارق بن شهاب فقال أبو زرعة وأبو داود له رؤية وليست له صحبة. "وليس هذا من"3 باب الرؤية في الصغر فإن طارق بن شهاب هذا قد أدرك الجاهلية وغزا مع أبي بكر رضي الله عنه. وإنما يحمل هذا على أحد وجهين إما أن يكون "رآه"4 قبل أن يسلم "ولم"5 يره في حالة إسلامه ثم جاء فقاتل مع أبي بكر وإما أن يكون ذلك محمولا على أنهما لا يكتفيان في حصول الصحبة بمجرد الرؤية كما سيأتي نقله عن أهل الأصول. وعلى هذا يحمل أيضا قول عاصم الأحول أن عبد الله بن سرجس رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أنه لم يكن له صحبة. قال ابن عبد البر لا يختلفون في ذكره "من"6 الصحابة ويقولون له صحبة على مذهبهم في اللقاء والرؤية والسماع. وأما عاصم الأحول فأحسبه أراد الصحبة التي يذهب إليها العلماء وأولئك قليل. وأما تمثيل الشيخ تاج الدين التبريزي في اختصاره لكتاب ابن الصلاح لمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم كافرا ثم أسلم بعد وفاته "بعبد الله"7 بن سرجس وشريح فليس بصحيح لما ثبت في صحيح مسلم من

_ حديث عبد الله بن سرجس قال: 1 من خط، وفي ع: "حديث أنه". 2 ضبطها في خط بسكون الهاء. 3 من خط، وفي ع: "وهذا ليس من". 4 من ع، وفي خط: "يراه". 5 من خط، وفي ع: "ولم". 6 هكذا في خط، وفي ع: "في". 7 من خط، وفي ع: "كعبد الله".

"رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأكلت معه خبزا ولحما" وذكر الحديث في رؤيته لخاتم النبوة واستغفار النبي صلى الله عليه وسلم له والصحيح أيضا أن شريحا القاضي لم ير النبي صلى الله عليه وسلم قبل "النبوة وعاش بعدها"1 وهو تابعي أدرك الجاهلية وقد عده مسلم في المخضرمين وكذلك المصنف. وأما اشتراط البلوغ في حالة "الرؤية"2 فحكاه الواقدي عن أهل العلم فقال: رأيت أهل العلم يقولون كل من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أدرك الحلم فأسلم وعقل أمر الدين ورضيه فهو عندنا ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم ولو ساعة من نهار. والصحيح أن البلوغ ليس شرطا في حد الصحابي وإلا لخرج بذلك من أجمع العلماء على عدهم في الصحابة كعبد الله بن الزبير والحسن والحسين رضي الله عنهم. وأما كون المعتبر في الرؤية وقوعها بعد النبوة فلم أر من تعرض لذلك إلا "أن"3 ابن منده ذكر في "الصحابة"4 زيد بن عمرو بن نفيل وإنما رأى النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة ومات قبلها وقد روى النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنه يبعث يوم القيامة أمة واحدة". وأما كون الرؤية معتبر وقوعها وهو حي فالظاهر اشتراطه لأن النبوة انقطعت بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم5. وأما كون الرؤية في عالم الشهادة فالظاهر اشتراطه أيضا حتى لا يطلق اسم الصحبة على من رآه من الملائكة والنبيين في السماوات ليلة الإسراء أما الملائكة فلم يذكرهم أحد في الصحابة وقد استشكل ابن الأثير في كتاب أسد الغابة ذكر من ذكر منهم بعض الجن الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وذكرت أسماءهم "وأن"6 ذكر جبريل وغيره ممن رآه من الملائكة أولى بالذكر من هؤلاء وليس كما زعم

_ 1 كذا في خط، وفي ع: "النبوة ولا بعدها". 2 من ع، وفي خط: "الرواية". 3 من خط، وليس في ع. 4 من خط، وفي ع: "المعتبر في الرواية". 5 من خط، وفي ع: "وإنه قد انقطعت النبوة بوفاته صلى الله عليه وسلم". 6 من خط، وفي ع: "فإن".

لأن الجن من جملة المكلفين الذين شملتهم الرسالة والبعثة فكان ذكر من عرف اسمه ممن رآه حسنا بخلاف الملائكة. وأما الأنبياء الذين رآهم في السماوات ليلة الإسراء "فالذين"1 ماتوا منهم كإبراهيم ويوسف وموسى وهارون ويحيى لا شك أنهم لا يطلق عليهم اسم الصحبة لكون رؤيتهم له بعد الموت مع كون مقاماتهم أجل وأعظم من رتبة "أكابر"2 الصحابة. وأما من هو حي إلى الآن لم يمت عيسى صلى الله عليه وسلم فإنه سينزل إلى الأرض في آخر الزمان ويراه خلق من المسلمين فهل يوصف من يراه بأنه من التابعين لكونه رأى من له رؤية من النبي صلى الله عليه وسلم أم المراد بالصحابة من لقيه من أمته الذين أرسل إليهم حتى لا يدخل فيهم عيسى والخضر وإلياس على قول من يقول بحياتهما من الأئمة؟ هذا محل نظر ولم أر من تعرض لذلك من "أئمة"3 الحديث. والظاهر أن من رآه منهم في الأرض وهو حي له حكم الصحبة. فإن كان الخضر أو إلياس حيا أو كان قد رأى عيسى في الأرض فالظاهر إطلاق اسم الصحبة عليهم "وأما"4 رؤية عيسى له في السماء فقد يقال السماء ليست محلا للتكليف ولا لثبوت الأحكام الجارية على المكلفين فلا يثبت بذلك اسم الصحبة لمن رآه فيها وأما رؤيته لعيسى في الأرض فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي "فسألتني"5 عن اشياء من بيت المقدس لم أثبتها فكربت "له"6 كربا ما كربت مثله قط فرفعه الله لي أنظر إليه ما "يسألوني"7 عن شيء إلا أنبأتهم به وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء الحديث وفيه: وإذا عيسى بن مريم قائم يصلي الحديث وفيه فحانت الصلاة فأممتهم فلما فرغت من الصلاة قال قائل: يا محمد هذا مالك خازن النار فسلم عليه فالتفت إليه فبدأني بالسلام".

_ 1 في خط: "الذين"، والأصوب ماأثبته ووقع في ع: "ألذين" بهمزة القطع 2 من خط، وفي ع: "أكبر". 3 من خط، وفي ع: "أهل". 4 هكذا في خط، وفي ع: "فأما". 5 هكذا في خط، وفي ع: "فتسألني". 6 من خط، وليس في ع. 7 من خط، وفي ع: "يسألونني".

وظاهر هذا أنه رآه ببيت المقدس وإذا كان كذلك فلا مانع من إطلاق الصحبة عليه لأنه حين ينزل يكون مقتديا بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم لا بشريعته المتقدمة. "ورأى"1 أحمد في مسنده من حديث جابر مرفوعا "لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني". "القول الثاني" وهو المشار إليه بقوله وبلغنا عن أبي المظفر السمعاني إلى آخره. لكن في كلام السمعاني نظر من وجهين: أحدهما: أن ما حكاه عن "اللغة"2 فقد نقل القاضي أبو بكر الباقلاني إجماع أهل اللغة على خلافه كما نقل عنه الخطيب في "الكفاية" أنه قال: لا خلاف بين أهل اللغة أن الصحابي مشتق من الصحبة وأنه ليس "مشتقا"3 من قدر منها مخصوص بل هو جار على كل من صحب غيره قليلا كان أو كثيرا يقال صحبت فلانا حولا وساعة. قال وذلك يوجب في حكم اللغة إجراءها على من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار هذا هو الأصل في اشتقاق الاسم ومع ذلك فقد تقرر للأئمة عرف في أنهم لا يستعملون هذه التسمية إلا فيمن كثرت صحبته واستمر لقاءه ولا يجرون ذلك على من لقي المرء ساعة ومشى معه خطا وسمع منه حديثا فوجب أن لا يجري هذا الاسم إلا على من هذه حاله. الثاني أن ما حكاه عن "الأصوليين"4 هو قول بعضهم والذي حكاه الآمدي

_ 1 كذا في خط، وكتب الناسخ في الحاشية: "لعلها: "روى" وهذا يعني أن السهو من قبل الزبناسي، ومن ثم أثبت الأمر كما جاء، وصوابه: "روى" كما في ع. 2 من خط، وفي ع: "أهل اللغة". 3 من خط، وفي ع ول: "بمشتق". 4 من ع، وفي خط: "الأصوليون". ولعل الخلل في هذا الموضع من قبل الأبناسي أثناء اختصاره لكلام العراقي، فالله أعلم.

عن أكثر الأصحاب: أن الصحابي من رآه وقال إنه الأشبه واختاره ابن الحاجب والذي اختاره القاضي أبو بكر "و"1 نقله عن الأئمة كثرة الصحبة واستمرار اللقاء وحكاه ابن عبد البر عن العلماء وبه جزم ابن الصباغ والظاهر أن من رآه وهو كافر ثم أسلم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم أنه لا يكون صحابيا على المشهور كرسول قيصر وقد خرجه أحمد في المسند وكعبد الله بن صياد إن لم يكن هو الدجال وقد عده في الصحابة كذلك في ذيله على الاستيعاب وحكى أن الطبري وغيره ترجم به هكذا. ومما يدل على أن المراد بالرؤية بعد النبوة: أنهم ترجموا الصحابة لمن ولد للنبي صلى الله عليه وسلم بعد النبوة ك إبراهيم وعبد الله ولم يترجموا لمن ولد قبل النبوة ومات قبلها ك القاسم "القول الثالث" وهو المشار إليه بقوله قلت وقد روينا عن سعيد بن المسيب إلى آخره لكنه علقه على الصحة عنده "وهذا لا يصح عنه"2 فإن في الإسناد إليه محمد بن عمر الواقدي وهو ضعيف في الحديث. "واعترض" على المصنف بأن في الأوسط والكبير للطبراني أن جريرا أسلم في أول البعثة أورده من رواية قيس بن أبي حازم عن جرير قال لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أتيته لأبايعه فقال: "لأي شيء جئت يا جرير؟ " قلت: جئت لأ لأسلم على يديك قال: "فدعاني إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة وتؤمن بالقدر خيره وشره". قال: فألقى إلي "كساءه"3 ثم أقبل على الصحابة فقال: "إذا جاءكم كريم قوم فأكرموه" "والجواب عنه": أن هذا الحديث غير صحيح فإنه من رواية الحصين بن عمر الأحمسي وهو منكر الحديث كما "قال"4 البخاري وضعفه أيضا أحمد وابن معين

_ 1 من ع، وليس في خط. 2 في خط: "وهو الأصح عنه"، والضاهر أنه محرف من: "وهذا لايصح عنه"، وفي ل: "ةلايصح هذا عن ابن المسيب". 3 هكذا في خط، وفي ع: "كساء". 4 من خط، وفي ع: "قاله".

وأبو حاتم وغيرهم. ولو كان صحيحا لما كان فيه تقدم إسلامه لأنه لا "يلزم الفور"1 في جواب "لما" والصواب أن جريرا متأخر الإسلام فقد ثبت في الصحيحين عن إبراهيم النخعي أن إسلام جرير كان بعد نزول "المائدة". وللبخاري عن إبراهيم: أن جريرا كان من آخر من أسلم وعند أبي داود أيضا من حديث جرير أنه قال: ما أسلمت إلا بعد نزول "المائدة". وإنما يريد بذلك أنه بعد نزول قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} الآية. وإلا فقد نزل بعض المائدة بعد إسلام جرير ولكن لا يلزم من هذا أنه لم يقم معه سنة فإن نزول الآية كان في غزوة المريسيع على المشهور وكانت في سنة ست والمعروف أنه إسلامه بدون سنة من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ففي التاريخ الكبير للبخاري2 أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم في العام الذي توفي فيه وقال الواقدي كان إسلامه فيه"2". وكذلك قال الخطيب قال: وهي سنة عشر من "الهجرة"3 في رمضان وكذا "قاله"4 ابن حبان. وأما ما جزم به ابن عبد البر أن إسلامه كان قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين يوما فإن ذلك لا يصح ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في حجة الوداع "استنصت الناس" الحديث. فكان إسلامه قبل حجة الوداع في شهر رمضان على المشهور فما استشكله المصنف على قول سعيد بن المسيب في أمر جرير واضح لو صح عنه "لكنه"5 لم يصح. "والقول الرابع" أنه يشترط مع طول الصحبة الأخذ عنه حكاه الآمدي عن عمرو ابن يحيى فقال ذهب إلى أن هذا الاسم إنما "يستحق"6 به من طالت صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم وأخذ عنه العلم وحكاه ابن الحاجب قولا ولم يعزه ولكن أبدل الرواية بالأخذ عنه وبينهما فرق.

_ 1 هكذا في خط، وفي ع: "تلزم الفورية". 2 راجع: "التقيد". 3 من ع، وفي خط: "الهجرة". 4 هكذا في خط، وفي ع: "قال". 5 من خط، وفي ع: "ولكنه". 6 هكذا في خط، وفي ل: "يسمى".

وعمرو هذا الظاهر أنه: الجاحظ ففي اللمع للشيخ أبي إسحاق أن أباه اسمه يحيى "وهو وهم"1 وإنما هو عمرو بن بحر أبو عثمان الجاحظ من أئمة المعتزلة "قال ثعلب"2: إنه غير ثقة ولا مأمون ولم يعرف هذا القول لغيره وابن الحاجب أخذه من كلام الآمدي3 "والقول الخامس": أنه من رآه مسلما بالغا عاقلا حكاه الواقدي عن أهل العلم فقال رأيت أهل العلم يقولون كل من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد "أدرك"4 الحلم "فأسلم"5 وعقل أمر الدين ورضيه فهو عندنا ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم ولو ساعة من نهار انتهى. والتقييد بالبلوغ شاذ "والقول السادس" أنه من أدرك زمنه صلى الله عليه وسلم وهو مسلم وإن لم يره قاله: يحيى بن عثمان بن صالح المصري فإنه قال: وممن دفن بمصر من أصحابه صلى الله عليه وسلم ممن أدركه ولم يسمع منه: أبو تميم الجيشاني واسمه عبد الله بن مالك. وإنما هاجر أبو تميم إلى المدينة في خلافة عمر باتفاق أهل السير وهذا القول حكاه القرافي في "شرح التنقيح". وكذلك إن كان صغيرا محكوما بإسلامه "تبعا لأبويه أو أحدهما"6 وعلى هذا عمل ابن عبد البر في الاستيعاب وابن مندة في معرفة الصحابة وقد بين ابن عبد البر في ترجمة الأحنف بن قيس أن ذلك شرطه وقال في مقدمة كتابه وبهذا كله يستكمل القرن الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما قاله عبد الله بن أبي أوفى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وصوابه: زرارة بن أبي أوفى من التابعين قال: إن القرن مائة وعشرون سنة وقال الجوهري: ثمانون سنة قال: ويقال: ثلاثون. وحكى صاحب "المحكم" فيه

_ 1 من خط، وفي ل: "وذلك وهم". 2 من خط، وفي ل: "قال فيه ثعلب". 3 راجع: "الشرح". 4 من خط، وفي ل: "أدركه". 5 هكذا في خط، وفي ل: "وأسلم". 6 من خط، وفي ل: "تبعا لأحد أبويه".

ستة أقوال عشرون ثلاثون أربعون ستون سبعون. قال: وهو مقدار التوسط في أعمار أهل الزمان والقرن في كل قوم على مقدار أعمارهم فعلى هذا يكون ما بين الستين والسبعين كما رواه الترمذي في الحديث المرفوع "أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين". وأما ابتداء قرنه صلى الله عليه وسلم فالظاهر أنه من حين البعثة أو من حين فشو الإسلام فعلى قول زرارة استوعب القرن جميع من رآه. وروى ابن مندة في الصحابة من حديث عبد الله بن "بسر"1 مرفوعا "القرن مائة سنة". تنبيه: وقع في النسخ الصحيحة التي قرئت على المصنف: موسى السبلاني بفتح السين المهملة وفتح الباء الموحدة والمعروف إنما هو بسكون الياء المثناة من تحت هكذا ضبطه السمعاني في الأنساب. "قوله": تارة يعرف بالتواتر أي: الصحبة كـ"أبي بكر وعمر وبقية العشرة" في خلق منهم. وإما بالاستفاضة كـ "عكاشة بن محصن" وضمام بن ثعلبة وغيرهما. وإما بإخبار بعض الصحابة عنه أنه صحابي "كـ "حمنة بن أبي حممة"2 الدوسي" الذي مات بأصبهان مبطونا فشهد له أبو موسى الأشعري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم حكم له بالشهادة وقصته مذكورة في "تاريخ أصبهان" لأبي نعيم وفي أبي داود الطيالسي ومعجم الطبراني. على أنه يجوز "أن يكون إنما"3 أراد بذلك شهادة النبي صلى الله عليه وسلم لمن قتله بطنه وفي عمومهم حممة "لا"4 أنه سماه باسمه.

_ 1 ضبط خط. 2 هكذا في خط، وفي ل: "كحممة بن أبي حممة"، واستشكل الناسخ "حممة" الثانية بميمين بدلا من النون والميم ووضع علامته في ذلك وهي النقط الثلاث":.". وفي " ثقات ابن حبان"" 3/97": "حممة العبدي، يقال: إن له صحبة، غزا أصبهان وبها مات"، وفي "الإصابة" لابن حجر"2/39": "حممة الدوسي...."، فراجعه. 3 من خط، وفي ل: "يكون أبو موسى إنما". 4 من ل، وفي خط: "إلا".

ويعرف تارة بإخباره عن نفسه, هكذا قال المصنف تبعا للخطيب فإنه قال في "الكفاية": وقد يحكم بأنه صحابي إذا كان ثقة أمينا مقبول القول إذا قال: " صحبت النبي صلى الله عليه وسلم وكثر لقائي لقائي له" فيحكم بأنه صحابي "مع"1 الظاهر لموضع عدالته وقبول خبره وإن لم "نقطع"2 بذلك كما يعمل بروايته انتهى3. ولا بد من تقييد ما أطلق من ذلك, بأن يكون ما ادعاه لذلك يقتضيه الظاهر أما لو ادعاه بعد مضي مائة سنة من حين وفاته صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقبل وإن ثبتت عدالته قبل ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "أرأيتم ليلتكم هذه فإنه على رأس مائة سنة لا يبقى أحد ممن على وجه الأرض". وكان إخباره بذلك قبل موته بشهر ففي "مسلم" من حديث جابر سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بشهر: "تسألوني عن الساعة؟ وإنما علمها عند الله وأقسم بالله ما على الأرض من نفس منفوسة "تأتي"4 عليها مائة سنة" وفي رواية: "منفوسة اليوم تأتي"4" عليها مائة سنة وهي حية يومئذ"، وفي مسلم: ""تبلغ"5 مائة سنة" وأخذ بعضهم من هذه الرواية أن أحدا لا يعيش مائة سنة وهو مردود بما في الحديث الصحيح6: "وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم". والصواب: أن ذلك مقيد بالظرف فقد جاوز جماعة من العلماء المائة وحدثوا بعد المائة كالقاضي أبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري أحد أئمة الشافعية والحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي وغيرهما.

_ 1 كذا في خط، وفي ل و "الكفابة":"ص/100": "في". 2 هكذا في خط، وفي ل و "الكفاية": "يقطع". 3 راجع: "الشرح" و "التقيد". 4 من " صحيح مسلم" "2538"، وفي خط وع: "يأتي" بمثناة من تحت. 5 من "صحيح مسلم"، وفي خط وع: "يبلغ" بمثناة من تحت. 6 راجع: "التقييد".

والمراد بالمائة من "الهجرة"1 كما رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن أنس قال "ثنا"2 أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يأتي مائة سنة من الهجرة ومنكم عين تطرف" وهذا يرد قول من ادعى أنه تأخر بعد أبي الطفيل أحد من الصحابة وقد أجمع الناس على تكذيب من ادعى الصحبة بعد المائة كأبي الدنيا الأشج ومكلبة ابن ملكان "ورتن"3 الهندي وغيرهم. ولهذا اشترط الأصوليون أن يكون قد عرفت معاصرته للنبي صلى الله عليه وسلم. قال الآمدي في "الإحكام": فلو قال من عاصره أنا صحابي مع إسلامه وعدالته فالظاهر صدقه وحكاهما ابن الحاجب احتمالين من غير ترجيح قال: "ويحتمل"4 أن لا يصدق لكونه متهما "يدعي"5 رتبة يثبتها لنفسه. "قوله": كحديث أبي سعيد أي استدل على عدالة الصحابة بقوله: "لا تسبوا أصحابي" "واعترض" على المصنف بأن الخطاب كان لخالد بن الوليد حين تقاول مع عبد الرحمن ابن عوف وكل منهما صحابي وإنما أراد بذلك صحبة خاصة. "وجوابه": أنه لا يلزم من كونه ورد على سبب خاص في شخص معين أنه لا يعلم جميع الصحابة ولا شك أن خالدا من الصحابة وأنه منهي عن سبه وإنما درجات الصحبة متفاوتة فالعبرة إذا بعموم اللفظ في قوله: "لا تسبوا أصحابي". وإذا نهى الصحابي عن سب الصحابة فغير الصحابة أولى بالنهي عن سب الصحابي. "واعترض" عليه أيضا بحكاية الإجماع على أن الصحابة كلهم عدول وفي الإجماع نظر فقد حكى الآمدي وابن الحاجب قولا أنهم كغيرهم في لزوم البحث عن عدالتهم مطلقا وقول آخر أنهم عدول إلى وقوع الفتن وذلك في مقتل عثمان

_ 1 من ع، وفي خط: "البحرة". 2 من خط، وفي ع: "حدثنا". 3 من "التدريب"، وفي خط: "زين"، ولثلاثتهم – رتن وصاحبيه – ترجمة في "اللسان" لابن حجر. 4 من خط، وقع في ع: "ويحمل". 5 من خط ومثله في ع ول، وفي "التدريب": "بدعوى" ولعلها أشبه.

رضي الله عنه وأما بعد ذلك فلا بد من البحث عمن ليس ظاهر العدالة وذهب المعتزلة إلي تفسيق من قاتل عليا منهم. وقيل: يرد الداخلون في الفتن كلهم لأنه أحد الفريقين مخطىء من غير تعيين وقيل: "نقبل"1 الداخل في الفتن إذا انفرد لأن الأصل العدالة وشككنا "في فسقه"2. واستدل على عدالتهم أيضا بالحديث المتفق على صحته "من"3 حديث ابن مسعود: "خير الناس قرني". وقد تقدم تفسير القرن. قال: الثالثة: أكثر الصحابة حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أبو هريرة" رضي الله عنه روي ذلك عن سعيد بن أبي الحسن وأحمد بن حنبل وذلك من الظاهر الذي لا يخفى على حديثي"3". وهو أول صاحب حديث. بلغنا عن "أبي بكر بن أبي داود السجستاني" قال: "رأيت أبا هريرة في النوم وأنا بسجستان أصنف حديث أبي هريرة. فقلت: إني لأحبك. فقال: أنا أول صاحب حديث كان في الدنيا" وعن أحمد قال: "ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أكثروا الرواية عنه "وعمروا"4: أبو هريرة وابن عمر وعائشة وجابر بن عبد الله وابن عباس وأنس وأبو هريرة أكثرهم حديثا وحمل عنه الثقات" ثم إن أكثر الصحابة فتيا"4" تروى: ابن عباس بلغنا عن أحمد قال: "ليس أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يروى عنه في الفتوى أكثر من ابن عباس" وروينا عن أحمد أيضا أنه قيل له من العبادلة؟ فقال: عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمرو قيل له فابن مسعود قال لا ليس عبد الله بن مسعود من العبادلة. قال الحافظ أحمد البيهقي فيا رويناه عنه وقرأته بخطه: "وهذا لأن ابن مسعود

_ 1 من ع، ولم ينقط الحروف الأول في خط. 2 من ع، وفي خط: "فيها". 3 من ل، وليس في خط. 4 ضبط خط.

تقدم موته وهؤلاء عاشوا حتى احتيج إلى علمهم فإذا اجتمعوا على شيء قيل: هذا قول العبادلة أو: هذا فعلهم" قلت: ويلتحق بابن مسعود في ذلك سائر العبادلة المسمين بعبد الله من الصحابة "وهم"1 نحو مائتين وعشرين نفسا والله أعلم. وروينا عن "علي بن عبد الله المديني" قال: "لم يكن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد له أصحاب يقومون بقوله في الفقه إلا ثلاثة: عبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وابن عباس رضي الله عنهم. كان لكل رجل منهم أصحاب يقومون بقوله ويفتون الناس". وروينا عن مسروق قال: "وجدت علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى ستة عمر وعلي وأبي وزيد وأبي الدرداء وعبد الله بن مسعود ثم انتهى علم هؤلاء الستة إلى اثنين: علي وعبد الله". وروينا نحوه عن مطرف عن الشعبي عن مسروق لكن ذكر أبا موسى بدل أبي الدرداء. وروينا عن الشعبي قال: "كان العلم يؤخذ عن ستة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عمر وعبد الله وزيد يشبه علم بعضهم بعضا وكان يقتبس بعضهم من بعض وكان علي والأشعري وأبي يشبه علم بعضهم بعضا وكان يقتبس بعضهم من بعض" وروينا عن الحافظ أحمد البيهقي أن الشافعي ذكر الصحابة في رسالته القديمة "فأثنى"2 عليهم بما هم أهله ثم قال: "وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به علم واستنبط به وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من آرائنا عندنا لأنفسنا". الرابعة: روينا عن أبي زرعة الرازي أنه سئل عن عدة من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ومن يضبط هذا؟ شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع أربعون ألفا وشهد معه تبوك سبعون ألفا" وروينا "عن أبي زرعة" أيضا أنه قيل له: "أليس يقال حديث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة

_ 1 من ش وع، وفي خط: "وهو". 2 هكذا في خط، وفي ش وع: "وأثنى".

آلاف حديث؟ قال: ومن "قال ذا"1 قلقل الله أنيابه هذا قول الزنادقة ومن "يحصر"2 حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مائة ألف وأربعة عشر ألفا من الصحابة ممن روى عنه وسمع منه وفي رواية ممن رآه وسمع منه فقيل له يا أبا زرعة هؤلاء أين كانوا وأين سمعوا منه قال أهل المدينة وأهل مكة ومن بينهما والأعراب ومن شهد معه حجة الوداع كل رآه وسمع منه بعرفة. قلت: ثم إنه اختلف في عدد طبقاتهم وأصنافهم والنظر في ذلك إلى السبق بالإسلام والهجرة وشهود المشاهد الفاضلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بآبائنا وأمهاتنا وأنفسنا هو صلى الله عليه وسلم وجعلهم الحاكم أبو عبد الله اثنتى عشرة طبقة ومنهم من زاد على ذلك ولسنا نطول بتفصيل ذلك. الخامسة: أفضلهم على الإطلاق أبو بكر ثم عمر ثم إن جمهور السلف "على"3 تقديم عثمان على علي وقدم أهل الكوفة من أهل السنة عليا على عثمان وبه "قال منهم" 4: سفيان الثوري أولا ثم رجع إلى تقديم عثمان روى ذلك عنه وعنهم الخطابي وممن نقل عنه من أهل الحديث تقديم علي على عثمان محمد بن إسحاق بن خزيمة. وتقديم عثمان هو الذي استقرت عليه مذاهب أصحاب الحديث وأهل السنة. وأما أفضل أصنافهم صنفا؟ فقد قال أبو منصور البغدادي التميمي أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم الخلفاء الأربعة ثم الستة الباقون إلى تمام العشرة ثم البدريون ثم أصحاب أحد ثم أهل بيعة الرضوان "بالحديبية" 5. قلت: وفي نص القرآن تفضيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وهم الذين صلوا إلى القبلتين في قول سعيد بن المسيب وطائفة وفي قول الشعبي هم الذين شهدوا بيعة الرضوان وعن محمد بن كعب القرظي

_ 1 من ش وع، وفي خط: "ذا قال". 2 هكذا في خط، وفي ش وع: "يحصى". 3 من ش وع، وليس في خط. 4 هكذا في خط، وفي ش: "قال جماعة منهم"، وفي ع: "قال بعض السلف منهم". 5 من ش وع، وفي خط: "بالمدينة".

وعطاء بن يسار أنهما قالا: هم "أهل بدر" "و"1روى ذلك عنهما ابن عبد البر فيما وجدناه عنه. السادسة: اختلف السلف في أولهم إسلاما فقيل أبو بكر الصديق روي ذلك عن ابن عباس وحسان بن ثابت وإبراهيم النخعي وغيرهم وقيل علي أول من أسلم روي ذلك عن زيد بن أرقم وأبي ذر والمقداد وغيرهم. وقال الحاكم أبو عبد الله لا أعلم خلافا بين أصحاب التواريخ أن علي بن أبي طالب أولهم إسلاما واستنكر هذا من الحاكم. وقيل: أول من أسلم زيد بن حارثة وذكر معمر نحو ذلك عن الزهري. وقيل: أول من أسلم خديجة أم المؤمنين روي ذلك من وجوه عن الزهري وهو قول قتادة ومحمد بن إسحاق بن يسار وجماعة وروي أيضا عن ابن عباس وادعى الثعلبي المفسر فيما رويناه أو بلغنا عنه اتفاق العلماء على أن أول من أسلم خديجة وأن اختلافهم إنما هو في أول من أسلم بعدها. والأورع أن يقال: أول من أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر ومن الصبيان أو الأحداث علي ومن النساء خديجة ومن الموالي زيد ومن العبيد بلال. السابعة: آخرهم على الإطلاق موتا أبو الطفيل عامر بن واثلة مات سنة مائة من الهجرة. وأما بالإضافة إلي النواحي فآخر من مات "منهم"2 بالمدينة جابر بن عبد الله رواه أحمد بن حنبل عن قتادة وقيل سهل بن سعد وقيل السائب بن يزيد. وآخر من مات منهم بمكة عبد الله بن عمر وقيل جابر بن عبد الله وذكر علي ابن المديني أن أبا الطفيل بمكة مات فهو إذا الآخر بها. وآخر من مات منهم بالبصرة أنس بن مالك قال أبو عمر ابن عبد البر "ما أعلم أحدا مات بعده ممن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبا الطفيل". وآخر من مات منهم بالكوفة: "عبد الله بن أبي أوفى".

_ 1 من خط، وليس في ش وع. 2 من خط وع، وليس في ش.

وبالشام عبد الله بن بسر "وقيل"1 أبو أمامة. وتبسط بعضهم فقال: آخر من مات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمصر عبد الله ابن الحارث بن جزء الزبيدي. وبفلسطين: "أبو أبي ابن أم حرام". وبدمشق: "واثلة ابن الأسقع". وبحمص: "عبد الله بن بسر". وباليامة: "الهرماس بن زياد". وبالجزيرة: "العرس بن عميرة". وبأفريقية: "رويفع بن ثابت". وبالبادية في الأعراب: "سلمة بن الأكوع". رضي الله عنهم أجمعين. وفي بعض ما ذكرناه خلاف لم نذكره وقوله في رويفع بإفريقية لا يصح إنما مات في حاضرة برقة وقبره بها ونزل سلمة إلى المدينة قبل موته بليال فمات بها انتهى. لم يتعرض المصنف لأكثرهم حديثا قال بقي بن مخلد: أكثرهم رواية أبو هريرة روى خمسة آلاف حديث وثلاثمائة وأربعة وسبعين حديثا. ثم ابن عمر: روى ألفي حديث وستمائة حديث. ثم أنس: روى ألفين ومائتين وستة وثمانين. ثم عائشة: روت ألفين ومائتين وعشرة. ثم ابن عباس: روى ألفا وستمائة وستين حديثا. ثم جابر: روى ألفا وخمسمائة وأربعين حديثا. وليس في الصحابة من يزيد حديثه على الألف إلا هؤلاء وأبو سعيد الخدري فإنه روى ألفا ومائة وسبعين حديثا. وما حكاه عن أحمد في "العبادلة الأربعة" هو المشهور واقتصر صاحب الصحاح على ثلاثة منهم وأسقط الزبير قاله في مادة عبد وقال في

_ 1 هكذا في خط، وفي ش وع: "وقيل: بل أبو أمامة". ولعل ذلك من اختصار الأبناسي رحمه الله.

"باب الألف اللينة" في "مادة: ها": إن العبادلة ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وما نقل عنه النووي في التهذيب أنه ذكر فيهم ابن مسعود وأسقط ابن العاص فوهم. نعم في المفصل للزمخشري والشرح الكبير للرافعي في الديات أن العبادلة ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وغلطا في ذلك من حيث الاصطلاح. قوله: "ويلتحق"1 بابن مسعود سائر العبادلة وهم نحو مائتين وعشرين وكأنه أخذ ذلك من "الاستيعاب "2فإنه عد ممن اسمه عبد الله مائتين وثلاثين ومنهم من كرره للاختلاف في اسم أبيه أو اسمه هو ومنهم من لم "يصحح"3 له صحبه ومنهم من لم يرو لكن ذكره لمعاصرته على قاعدته وذلك فوق العشرة يبقى مائتان وعشرون4 وزاد عليه ابن فتحون الحافظ أبو بكر في ذيله على الاستيعاب "نحوا من"5 مائة وأربعة وستين فيهم أيضا من عاصره ولم يره والمكرر ونحو ذلك فيجتمع من المجموع نحو ثلاثمائة. "واعترض" على قول مسروق: إن علم الستة المذكورين انتهى إلى علي وعبد الله ابن مسعود من حيث إن عليا وابن مسعود ماتا قبل زيد بن ثابت وأبي موسى الأشعري بلا خلاف فكيف ينتهي علم من تأخرت وفاته إلى من مات قبله. "وجوابه": أن المراد بكون علم المذكورين انتهى إلى علي وعبد الله أنهما ضما علم المذكورين إلى علمهما وحصل لهم من العلم مثل ما حصل لهم في حياة المذكورين وإن تأخرت وفاتهم. "واستشكل": قول أبي زرعة: مائة ألف وأربعة عشر ألفا بأن هذا التحديد لا دليل عليه مع تفرق الصحابة في البوادي والقرى مع أن الثابت عن أبي زرعة

_ 1 من ع ول وسبق مثله عند ابن الصلاح، وسقط من خط في هذا الموضع. 2 في ع ول: "الاستيعاب لابن عبد البر". 3 من ع ول، وفي خط: "يصح" بحاء واحدة. 4 راجع: "التقيد" و "الشرح". 5 من خط، وليست في ع ول.

بالأسانيد المتصلة إليه ترك التحديد أنهم يزيدون على مائة ألف كما رواه أبو موسى المديني في ذيله على الصحابة لابن مندة بإسناده إلى أبي جعفر أحمد بن عيسى الهمداني قال: قال أبو زرعة الرازي: توفي النبي صلى الله عليه وسلم ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان من رجل وامرأة وكل قد روى عنه سماعا أو رؤية. وأما ما ذكره المصنف, فإنه لا يوجد في كتب التواريخ المشهورة. نعم ذكره أبو موسى المديني في "ذيله على الصحابة"1 بغير إسناد دون قوله: "قلقل الله أنيابه". وفي مناقب الشافعي للساجي عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال "أنا"2 الشافعي قال: قبض النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون ستون ألفا ثلاثون في المدينة وثلاثون ألفا في قبائل العرب وغير ذلك إسناده جيد. ومع ذلك فجميع من صنف في الصحابة لم يبلغ مجموع ما في تصانيفهم عشرة آلاف مع كونهم يذكرون من توفي في حياته صلى الله عليه وسلم في المغازي وغيرها ومن عاصره وهو مسلم وإن لم يره. وجميع من ذكره ابن مندة في الصحابة كما قال أبو موسى قريب من ثلاثة آلاف وثمان مائة ممن رآه أو صحبه أو سمع منه أو ولد في عصره أو أدرك زمانه أو اختلف فيه. ولا شك "أنه"3 لا يمكن حصرهم بعد فشو الإسلام وفي البخاري أن كعب بن مالك قال في قصة تخلفه عن تبوك وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير لا يجمعهم كتاب حافظ أي ديوان الحديث. هذا في غزوة خاصة فكيف يحصر من اتصف بالإسلام. وقول أبي زرعة: "مائة ألف وأربعة عشر ألفا" أراد بذلك من كان معه في حجة الوداع وهم أربعون ألفا ومن كان بتبوك مع زيادة أربعة آلاف وهم سبعون ألفا. قال: وجعلهم الحاكم اثنتي عشرة طبقة "الطبقة الأولى": قوم أسلموا بمكة

_ 1 وقع في ع، "ذيله على الصحابي". 2 من خط، وفي ع: "أنبأنا". 3 من ع، وفي خط: "إلا أنه".

كالخلفاء الأربعة "والثانية": أصحاب دار الندوة "والثالثة": مهاجرة الحبشة "والرابعة": أصحاب العقبة الأولى "والخامسة": أصحاب العقبة الثانية وأكثرهم من الأنصار "والسادسة": أول المهاجرين الذين وصلوا إليه بقباء قبل أن يدخل المدينة "والسابعة" أهل بدر "والثامنة": الذين هاجروا بين بدر والحديبية "والتاسعة" أهل بيعة الرضوان "والعاشرة": من هاجر بين الحديبية وفتح "مكة، كخالد"1 بن الوليد وعمرو بن "العاص"2 وأبي هريرة. وفي أبي هريرة نظر فإنه هاجر قبل الحديبية عقب خيبر "والحادية عشرة": مسلمة الفتح "والثانية عشرة": صبيان وأطفال رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم "الفتح"3 و"في"4 حجة الوداع وغيرهما كالسائب بن يزيد وعبد الله بن ثعلبة ابن أبي صعير وأبي صعير وأبي الطفيل وأبي جحيفة وجعلهم ابن سعد خمس طبقات فقط. "قوله": وأفضلهم على الإطلاق أبو بكر ثم عمر أي بإجماع أهل السنة قال القرطبي أبو العباس ولم يختلف في ذلك أحد من أئمة السلف والخلف قال ولا مبالاة بأقوال أهل التشيع5. وحكى الشافعي وغيره: إجماع الصحابة والتابعين على ذلك قال6: ما اختلف أحد من الصحابة والتابعين في تفضيل أبي بكر وعمر وتقديمهما على جميع الصحابة ومن اختلف منهم ففي عثمان وعلي. وكذا قال يحيى بن سعيد الأنصاري حين سئل عن ذلك فقال: من "أدركت"7 من الصحابة والتابعين لم يختلفوا في أبي بكر وعمر وفضلهما إنما كان الاختلاف في علي وعثمان.

_ 1 من ل، وفي خط: "مكة وكخالد". 2 من ل، وفي خط: "أبي العاص". 3 من ل، وليس في خط. 4 من خط، وليس في ل. 5 راجع: "الشرح". 6 يعني: الشافعي، وراجع: "الشرح". 7 من ل، وفي خط: "أدرك".

ومن التهافت والقول الذي لا يسمع ما حكاه المازري عن "الخطابية"1 بتفضيل عمر وعن الشيعة تفضيل علي وعن الراوندية تفضيل العباس وعن بعضهم الإمساك عن التفضيل. وحكى القاضي عياض: أن ابن عبد البر وطائفة ذهبوا إلى أن من توفي من الصحابة في حياته صلى الله عليه وسلم أفضل ممن بقي بعده لقوله صلى الله عليه وسلم في بعضهم "أنا شهيد على هؤلاء". قال النووي: وهذا غير مرضي ولا مقبول. ومردود2 أيضا بما تقدم من الإجماع وذهب الأكثرون إلى تفضيل عثمان على علي وأن ترتيبهم في الأفضلية كترتيبهم في الخلافة وإليه ذهب الشافعي وأحمد وهو المشهور عن مالك وسفيان الثوري وكافة أئمة الحديث والفقهاء وكثير من المتكلمين وأبي الحسن الأشعري والباقلاني وغيرهم. وهل التفضيل على سبيل القطع أو الظن؟ فعند الأشعري ومالك: قطعي وعند القاضي أبي بكر وإمام الحرمين: ظني وبه جزم صاحب المفهم وذهب أهل الكوفة إلى تفضيل علي على عثمان وهو أحد قولي سفيان وذهب إليه "ابن خزيمة: أبو بكر"3 وتوقف مالك وقيل: إنه رجع عن التوقف إلى القول الأول قال القرطبي: وهو "الصحيح"4 قال عياض: ويحتمل أن يكون كفه وكف من اقتدى به لما كان شجر "بينهما من الاختلاف"5. والذي استقر عليه مذهب أهل السنة: تقديم عثمان لما روى البخاري وأبو داود والترمذي من حديث ابن عمر قال: "كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان".

_ 1 من خط و "التدريب"، وفي ل: "الخطابي" – كذا. 2 راجع: "الشرح". 3 في خط: "ابن خزيمة وأبو بكر"، والصواب ما أثبته، وراجع: "الشرح". 4 هكذا في خط وفي ل و "التدريب": "الأصح إن شاء الله". 5 هكذا في خط، وفي ل: "في ذلك من الاختلاف والتعصب".

رواه الترمذي بلفظ1 "كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي: أبو بكر وعمر وعثمان". قال: "هذا حديث صحيح غريب". "و"2رواه الطبراني"1" "فيسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكره". "قوله": وفي نص القرآن تفضيل السابقين إلى أن قال: في قول سعيد وطائفة أي: منهم محمد ابن الحنفية ومحمد بن سيرين وقتادة. "وقوله": روى ذلك عنهما ابن عبد البر أي محمد بن كعب وعطاء بن يسار مع أن ابن عبد البر "لم يوصل"3 إسناده بذلك وإنما ذكره عن "سنيد"4 وساق سند سنيد"4" فقط عن شيخ له لم يسمه عن موسى بن عبيدة "الربذي"5 وضعفه الجمهور. وقد روى سنيد أيضا قول ابن المسيب وابن سيرين والشعبي بأسانيد صحيحة وكذلك رواه عن قتادة عبد الرزاق في تفسيره وفي المسألة قول رابع رواه سنيد أيضا بإسناد صحيح إلى الحسن قال: فرق ما بينهم فتح مكة. "قوله": اختلف السلف في أولهم إسلاما فقيل: أبو بكر روي ذلك عن ابن عباس أي: وقد اختلف على ابن عباس فقيل عنه: أبو بكر وقيل خديجة وقيل: علي والصحيح الأول وهو قول حسان والشعبي والنخعي وجماعة آخرين. ويدل له ما رواه مسلم في صحيحه من حديث عمرو بن عبسة في قصة إسلامه "وقوله للنبي"6 صلى الله عليه وسلم من معك على هذا؟ قال: "حر وعبد" قال: ومعه يومئذ: أبو بكر وبلال ممن آمن به. وفي "المستدرك"من رواية مجالد بن سعيد قال: سئل الشعبي من أول من أسلم؟ فقال: أما سمعت قول حسان: إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة ... فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا

_ 1 راجع: "الشرح". 2 من ل، وليس في خط. 3 كذا في خط وكتابي العراقي. 4 ضبط خط. 5 من ع، وفي خط: "الزيدي". 6 من ل و "التدريب"، وفي خط: "قول النبي".

خير البرية أتقاها "وأعلاها"1 ... بعد النبي وأوفاها بما حملا والثاني التالي المحمود مشهده ... وأول الناس ممن صدق الرسلا ورواه الطبراني من هذا الوجه وجعل المسئول هو ابن عباس وأن ابن عباس هو القائل: "أما سمعت قول حسان". وقيل 2 "علي"، روي ذلك عن زيد بن أرقم وأبي ذر والمقداد بن الأسود وأبي أيوب وأنس بن مالك ويعلى بن مرة وعفيف الكندي وخزيمة بن ثابت وسلمان الفارسي وخباب بن الأرت وجابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري وأنشد المرزباني لخزيمة بن ثابت في "علي رضي الله عنه"3: ما كنت أحسب هذا الأمر منصرفا ... عن هاشم ثم منها عن "أبي حسن"4 أليس أول من صلى لقبلتهم ... وأعلم الناس بالفرقان والسنن وفي المستدرك من رواية مسلم الملائي قال نبىء النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء. وقال الحاكم في "علوم الحديث": لا أعلم خلافا بين أصحاب التواريخ أن عليا أولهم إسلاما وإنما اختلفوا في بلوغه ثم قال والصحيح عند الجماعة أن أبا بكر أول من أسلم من الرجال البالغين لحديث عمرو بن عبسة. وقيل 5 زيد وقيل: خديجة قال النووي وهو الصواب عند جماعة المحققين وقال ابن عبد البر اتفقوا على أن خديجة أول من آمن ثم علي بعدها. وجمع بين الاختلاف في ذلك بالنسبة إلى أبي بكر وعلي بأن الصحيح أن أبا بكر أول من أظهر إسلامه وأن عليا أخفى إسلامه من أبي طالب ولذلك شبه على الناس وقال ابن إسحاق أول من آمن خديجة ثم علي وهو ابن عشر سنين ثم زيد ثم أبو بكر فأظهر إسلامه ودعى إلى الله فأسلم بدعائه: عثمان والزبير.

_ 1 هكذا في خط، وفي ل وع و "التدريب": "وأعدلها" من العدل. 2 راجع: "الشرح". 3 من ل، وفي خط: "علي بن محمد"، وراجع: "الشرح" و "التقييد" 4 من خط، وفي ع: "أبي الحسن". 5 راجع: "الشرح".

وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله فكان هؤلاء الثمانية الذين سبقوا الناس بالإسلام. وذكر عمر بن شبه: أن خالد بن سعيد بن العاص أسلم قبل علي وبهذا اعترض على الحاكم1 في قوله لا أعلم خلافا "عن"2 أصحاب التواريخ أن عليا أولهم إسلاما. وجوابه: أنه إنما دعى نفي الخلاف فيما يعلمه فلا اعتراض"1". وفي الطبراني من رواية مجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ""السبق"3 ثلاثة السابق إلى موسى: يوشع بن نون والسابق إلى عيسى: صاحب ياسين والسابق إلى محمد صلى الله عليه وسلم: علي بن أبي طالب". في إسناده: حسين الأشقر واسم أبيه: الحسن كوفي منكر الحديث قاله أبو زرعة وقال البخاري فيه نظر. وفي الطبراني أيضا عن "أبي ذر عن سلمان"4 قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد علي فقال: "إن هذا أول من آمن بي" الحديث. في إسناده: إسماعيل بن موسى السدي قال ابن عدي أنكروا "فيه"5 غلوه في التشيع وقال أبو حاتم صدوق وقال النسائي ليس به بأس. وفيه أيضا عن عليم الكندي عن سلمان قال أول هذه الأمة ورودا على نبيها أولها إسلاما علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وفيه أيضا: أنه لما تزوج فاطمة قال لها "لقد زوجتكه"3" وإنه لأول أصحابي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما".

_ 1 راجع: "التقييد". 2 هكذا في خط، وفي ع: "بين" وسبق مثله قريبا في كلام الحاكم. 3 ضبط خط. 4 هكذا في خط، وفي ع: "أبي ذر وعن سلمان" بالعطف. 5 هكذا في خط، وفي ع: "منه".

وكذا ذكره أحمد في مسنده عن نافع بن أبي نافع عن معقل بن يسار1. وفي الطبراني من رواية محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم غداة الاثنين وصلت خديجة آخر الاثنين وصلى علي يوم الثلاثاء فمكث علي يصلي مستخفيا سبع سنين وأشهرا قبل أن يصلي أحد. والتقييد بسبع سنين فيه نظر ولا يصح ذلك وفي إسناده يحيى بن عبد الحميد الحماني. وينبغي أن يقال: أول من آمن من الرجال ورقة بن نوفل لما في الصحيحين من حديث عائشة في بدء الوحي ونزول {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} وأن ورقة قال: "إن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي". ففي هذا أن الوحي تتابع في حياة ورقة وأنه آمن به وصدقة وقد عده ابن مندة في الصحابة وقال اختلف في إسلامه وقوله صلى الله عليه وسلم "لا تسبوا ورقة فإني رأيت له جنة أو جنتين" رواه البزار من حديث عائشة بإسناد صحيح رجاله كلهم ثقات وهذا يدل على إسلامه. وفيه2 أيضا وفي "أبي يعلى الموصلي" من رواية مجالد عن الشعبي عن جابر ابن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ورقة فقال: "أبصرته في "بطثان"3 الجنة عليه سندس". ولفظ البزار: "عليه حلة من سندس". "واعترض" على المصنف أن آخرهم موتا: أبو الطفيل بأن عكراش بن ذؤيب عاش بعد الجمل مائة سنة فيكون بعد أبي الطفيل كذا ذكره ابن دريد في الاشتقاق. "ورد" بأن ابن دريد لا يرجع إليه في ذلك وابن دريد أخذه من ابن قتيبة وهو كثير الغلط ومع ذلك فالحكاية بغير إسناد وهي محتملة لأنه إنما أراد أنه أكمل بعد ذلك مائة سنة وهو الظاهر لأنه حضر مع علي "وقعة الجمل" وأنه

_ 1 راجع: "التقييد". 2 يعني: البزار، وراجع: "التقييد". 3 هكذا في خط بالمثلثة، وضم الموحدة وتسكين الطاء المهملة، وفي ع: "بطنان" بالنون بعد الطاء.

مسح رأسه فعاش بعد ذلك مائة سنة "يشب"1 أي أنه عاش مائة سنة والصحيح المشهور ما جزم به المصنف ورواه في المستدرك عن شباب العصفري وهو خليفة بن خياط. وفي "مسلم": مات أبو الطفيل سنة مائة وكان آخر من مات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذا قال ابن عبد البر وقال مصعب بن عبد الله الزبيري: توفي سنة اثنتين ومائة وجزم ابن حبان وابن "قانع"2 وأبو زكريا بن مندة أنه توفي سنة سبع ومائة وجزم الذهبي في الوفيات بأنه مات سنة عشر ومائة وروى وهب بن جرير بن حازم عن أبيه قال كنت بمكة سنة عشر ومائة فرأيت جنازة فسألت عنها فقالوا هذا أبو الطفيل. وأما كونه آخر الصحابة موتا فجزم به مسلم ومصعب بن عبد الله وأبو زكريا بن مندة وأبو الحجاج المزي وغيرهم. وفي "مسلم" قال أبو الطفيل "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما على وجه الأرض رجل رأه غيري". ولم يختلف أحد من أهل الحديث أنه آخرهم موتا إلا قول جرير بن حازم: إن آخر الصحابة موتا سهل بن سعد والظاهر أنه أراد بالمدينة وأخذه من قول سهل حيث سمعه يقول "لو مت لم تسمعوا أحدا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" وكان خطابه لأهل المدينة أو أنه لم يطلق اسم الصحبة على أبي الطفيل فقد عده بعضهم في التابعين. "واعترض" عليه3 أيضا بقوله إن جابرا آخر من مات بالمدينة وصدر به كلامه وبه قال قتادة وأبو نعيم مع أن هذا قول ضعيف لأن السائب بن يزيد تأخر بعده وقد مات بالمدينة بلا خلاف والذي عليه الجمهور أن آخرهم موتا بها سهل بن سعد قاله علي بن المديني وإبراهيم بن المنذر الحزامي والواقدي

_ 1 من ع، وفي خط: "بلبت". 2 من ع، وفي خط: "نافع". 3 يعني: ابن الصلاح رحمه الله.

ومحمد بن سعد وأبو حاتم بن حبان وابن قانع وأبو زكريا بن مندة. ونقل ابن سعد: الاتفاق على ذلك وفيه نظر لأنه اختلف في وفاته هل كانت بالمدينة "أو"1 لا؟ فقال قتادة: توفي بمصر ولذلك قال قتادة: آخرهم وفاة بالمدينة جابر وقال أبو بكر بن أبي داود إنه توفي بالإسكندرية ولذلك جعل آخرهم وفاة بالمدينة السائب بن يزيد والجمهور على أنه مات بالمدينة. واختلف في سنة وفاة "سهل بن سعد"2 فقيل: سنة ثمان وثمانين قاله أبو نعيم والبخاري والترمذي وقيل إحدى وتسعين قاله الواقدي والمدائني ويحيى بن بكير وابن نمير وإبراهيم بن المنذر "الحزامي"3 وابن زبر وابن حبان. والجمهور على أن جابرا مات بالمدينة وقيل بقباء وقيل بمكة قاله أبو بكر ابن أبي داود. وقيل: السائب بن يزيد آخر من مات بالمدينة قاله أبو بكر بن أبي داود وتوفي سنة ثمانين وقيل ست وثمانين وقيل: ثمان وثمانين وقيل إحدى وتسعين قاله "الجعد"4 بن عبد الرحمن والفلاس وبه جزم ابن حبان ومولده5 في الثانية من "الهجرة"6 وقيل: الثالثة. "واعترض" عليه7 أيضا "بأنه تأخر عن هذه الثلاثة"8 اثنان من الصحابة توفيا بعد موت الثلاثة "أحدهما": محمود بن الربيع الذي عقل من النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهه وهو ابن خمس سنين فإنه توفي بالمدينة سنة تسع وتسعين بتقديم التاء على السين فيهما فهو إذا آخر الصحابة موتا بالمدينة. "والثاني": محمود بن لبيد الأشهلي مات بالمدينة سنة ست وتسعين أو خمس.

_ 1 هكذا في خط، وفي ع: "أم". 2 هكذا الصواب، وفي خط: "سعد بن سهل" مقلوب، وراجع: "الشرح"، و "التقييد". 3 من ل، وفي خط: "الخزامي" بالخاء المعجمة. 4 من ل، وفي خط: "الجعدي". 5 راجع: "الشرح". 6 من ل، وفي خط: "البحرة". 7 يعني: ابن الصلاح. 8 كذا في خط، وراجع: "التقييد".

وتسعين بتقديم التاء أيضا وله صحبة كما قاله البخاري وابن حبان وعده مسلم وجماعة من التابعين. وآخرهم موتا بمكة: عبد الله بن عمر قاله قتادة وأبو الشيخ بن "حيان"1 توفي سنة ثلاث وسبعين وقيل أربع ورجحه ابن زبر وجزم ابنه سالم أن أباه مات بمكة ودفن "بفخ"2 وكذا قاله ابن "حبان"3 وابن زبر وغير واحد. وقال مصعب بن عبد الله دفن بذي طوى هذا إن لم يكن أبو الطفيل مات بمكة لكن الصحيح أنه مات بها قاله ابن المديني وابن حبان وغيرهما فيكون متأخرا عن جابر وعن ابن عمر. "واعترض" على قوله: آخر من مات بالبصرة أنس قاله قتادة وأبو هلال والفلاس وابن المديني وابن سعد وأبو زكريا بن مندة وغيرهم وتوفي سنة ثلاث وتسعين وقيل اثنين وقيل: إحدى وقيل: سنة تسعين وعلى هذا فقد مات بعده محمود بن الربيع بلا خلاف في سنة تسع وتسعين كما تقدم وقد رآه وحدث عنه كما في البخاري وكذا تأخر بعده عبد الله بن بسر المازني في قول عبد الصمد بن سعيد "وأبو"4 عبد الله ابن مندة"4" وأبو زكريا بن مندة أنه توفي سنة "ثمان"5 وتسعين لكن المشهور سنة ثمان وثمانين. وكذلك عمرو بن حريث: توفي سنة ست6 وتسعين رواه الخطيب في "المتفق والمفترق"7 عن محمد بن الحسن الزعفراني فيكون متأخرا عن أنس وقيل مات سنة خمس وثمانين فلا يرد8

_ 1 من خط، وفي ل: "حبان" بالموحدة. 2 من خط، ومثله وفي "الطبقات" لابن سعد "4/142"، و "الثقلت" لابن حبان "3/210"، وفي ل: "بسفح". 3 من ل، وفي خط: "وأبو". 4 هكذا في خط، وراجع: "الشرح". 5هكذا في خط، وفي ل وع: "ست". 6 هكذا في خط، وفي ل وع: "ثمان". 7 من ل وع، وفي خط: "المفترق والمختلف". 8 راجع: "الشرح" و "التقييد".

وعن عكرمة بن عمار قال: لقيت الهرماس بن زياد سنة اثنين ومائة1 فإن ثبت: كان متأخرا عنه أيضا وقد ذكر المصنف بعد هذا أنه آخر من مات بالمدينة. "قوله": وآخر من مات بالكوفة عبد الله بن أبي أوفى قاله قتادة والفلاس وابن حبان وابن زبر وابن عبد البر وأبو زكريا بن مندة وذكر ابن المديني أن آخرهم موتا بها أبو جحيفة والأول أصح فإن أبا جحيفة توفي "سنة ثلاث وثمانين وقيل أربع وسبعين"2 وبقي ابن أبي أوفى بعده إلى سنة ست وثمانين وقيل: سبع وقيل ثمان. نعم بقي النظر في ابن أبي أوفى وعمرو بن حريث فإنه أيضا مات بالكوفة فإن كان عمرو بن حريث توفي سنة خمس وثمانين فقد تأخر ابن أبي أوفى بعده وإن كان توفي سنة ثمان وتسعين كما رواه الخطيب عن الزعفراني فيكون عمرو بن حريث آخرهم موتا بها وابن أبي أوفى آخر من بقي ممن شهد بيعة الرضوان. "قوله": وبالشام عبد الله بن بسر أي المازني قاله الأحوص بن حكيم وابن المديني وابن حبان وابن "قانع"3 وابن عبد البر والمزي والذهبي والمشهور: أنه توفي سنة ثمان وثمانين وقيل سنة ست وتسعين قاله عبد الصمد بن سعيد وبه جزم أبو عبد الله بن مندة وأبو زكريا بن مندة وقال إنه صلى "إلى"4 القبلتين. فعلى هذا يكون آخر من بقي ممن صلى إلى"4" القبلتين. وقيل: آخر من مات بالشام: أبو أمامة أي: صدي بن عجلان الباهلي روي ذلك عن الحسن البصري وابن عيينة وبه جزم أبو عبد الله بن مندة والصحيح الأول ففي تاريخ "البخاري الكبير"5 قال علي سمعت سفيان قلت لأحوص6: كان أبو أمامة آخر من مات عندكم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟

_ 1 راجع: "التقييد". 2 من خط، وفي ل: "ست وثمانين، وقيل سبع، وقيل ثمان". 3 من ل، وفي خط: "نافع". 4 من خط، وليس في ل. 5 كذا ورد هذا النص في خط ول بحذافيره، ولم أره في "التاريخ الكبير" للبخاري في ترجمة "أبي أمامة: صدى بن عجلان"، واخرين. فليحرر. 6 كذا في خط ول.

قال: كان بعده عبد الله بن بسر قد رأيته. توفي أبو أمامة سنة ست وثمانين وقيل: إحدى. "قوله" وتبسط بعضهم أي: هو أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة فإنه قال ذلك في "جزء جمعه في آخر من مات من الصحابة" وبقي على المصنف مما ذكره ابن مندة آخران من الصحابة "بريدة بن الحصيب"1 والعداء بن خالد بن "هوذة"2. قال3 "إن"4 ريدة آخر من مات من الصحابة بخراسان وإن العداء آخر من مات بالرخج بضم الراء وسكون الخاء المعجمة بعدها جيم من أعمال سجستان. فكان ينبغي له5 أن يذكر بقية كلامه6. ولكن في بريدة نظر فإنه توفي بخراسان سنة ثلاث وستين كما قاله محمد ابن سعد وأبو عبيد وعلى هذا فقد تأخر بعده بخراسان: أبو برزة الأسلمي فإنه مات بها سنة أربع وستين7 قاله خليفة بن خياط وممن قال إنه مات بها: الواقدي ومحمد بن سعد والخطيب وقيل: مات بنيسابور وقيل: بمفازة بين سجستان وهراة وقيل: بالبصرة حكى هذه الأقوال الحاكم في "تاريخ نيسابور". ومما لم يذكره المصنف وابن مندة أن النابغة "بن"8 الجعدي آخر من مات من الصحابة بأصبهان ذكره "أبو"9 الشيخ بن حيان في "طبقات الأصبهانيين" وأبو نعيم في تاريخ أصبهان وأنه عاش مائة وعشرين سنة.

_ 1 من ع، وفي خط: "يزيد بن الخبيب". 2 من "التهذيب" ومثله في "طبقات ابن سعد" "7/36"، و "ثقات ابن حبان" "3/311"، و "الجرح والتعديل" "7/39" وغيرهم، وفي خط: "هودة" بالدال المهملة. 3 أبو زكريا بن مندة، وراجع: "التقيد". 4 من ع، وفي خط: "ابن". 5بعني: ابن الصلاح، وراجع: "التقييد". 6 يعني: أبا زكريا بن مندة. 7 راجع: "التقييد". 8 هكذا في خط، وليس فيع ول. 9 من ع ول، وليس في خط.

وذكر عمر بن شبة عن أشياخه: أنه عاش مائة وثمانين سنة وأنشد قوله لعمر: "ثلاثة أهلين أفنيتهم" "فقال"1 له عمر: كم لبثت مع كل أهل؟ قال: ستين سنة. وقال ابن قتيبة: عمر مائتين وعشرين سنة ومات بأصبهان. قال ابن عبد البر: وهذا أيضا لا يدفع لأنه قال في الشعر الذي أنشده عمر أنه أفنى ثلاثة قرون كل قرن من ستين سنة فهذه مائة وثمانون سنة ثم "عمر"2 إلى زمان ابن الزبير وإلى أن هاجا أوس بن "مغراء"3 ثم ليلى الأخيلية. واسم النابغة: قيس بن عبد الله بن عدس هذا هو المشهور 4وقيل: حيان بن قيس بن عبد الله حكاه ابن عبد البر. وآخر من مات منهم بالطائف: عبد الله بن عباس. وآخر من مات منهم بسمرقند: قثم بن العباس. "قوله": آخر من مات منهم بمصر "عبد الرحمن"5 أي: قاله سفيان بن عيينة وعلي بن المديني وأبو زكريا بن مندة. توفي سنة ست وثمانين وقيل: خمس وقيل: سبع وقيل: ثمان وقيل: تسع وذكر الطحاوي أنه مات بسفط القدور وهي التي تعرف اليوم "بسفط أبي تراب"6 وقيل: باليمامة حكاه أبو عبد الله بن منده وقال: إنه شهد بدرا فيكون "آخر"7 البدريين موتا ولا يصح شهوده بدرا. "قوله": وبفلسطين: "أبو أبي"8 أي قاله أبو زكريا بن مندة وهو ابن امرأة

_ 1 من ع، وفي خط: "قوله فقال". 2 ضبط خط. 3 في ع: "معين". 4 راجع: "التقييد". 5 كذا في خط، وصوابه: "عبدا لله" كما في ل و "التدريب"، وسبق عند ابن الصلاح على الصواب، وهو: "عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي" كما عند ابن الصلاح والعراقي. 6 وهي الان: "صفط تراب" بالصاد المهملة وحذف "أبي"، بالقرب من المحلة الكبرى، على يسار القاصد من المحلة إلى طنطا، رأيتها مرارا. 7 من ل، وهي في خط تشبه أن تكون: "أحد". 8 من خط، وسبق مثله عند ابن الصلاح وفي ل: "ابن أبي عبد الله بن أم حرام".

عبادة بن الصامت واختلف في اسمه فقال ابن سعد وخليفة وابن عبد البر: هو عبد الله بن عمرو بن قيس وقيل عبد الله بن أبي وقيل: ابن كعب. قيل: إنه مات بدمشق وذكر ابن سميع: أنه توفي ببيت المقدس وحينئذ1 فيكون آخر من مات منهم بفلسطين قيس بن سعد بن عبادة فإنه توفي بها سنة خمس وثمانين في ولاية عبد الملك ذكره أبو الشيخ في تاريخه لكن المشهور أنه توفي بالمدينة "في خلافة"2 معاوية قاله الهيثم بن عدي "و"3الواقدي وخليفة وغيرهم. "قوله": وبدمشق: واثلة أي كذا قاله قتادة "ودحيم"4 وأبو زكريا ابن مندة وقال أبو حاتم الرازي: مات ببيت المقدس وقال ابن قانع "بحمص"5. قيل: توفي سنة خمس وثمانين وقيل: ثلاث وقيل ست. وتقدم الكلام على عبد الله بن بسر والهرماس بن زياد. "قوله": وبإفريقية رويفع أي الأنصاري قاله ابن مندة أبو زكريا قال وهو آخر من مات بها من الصحابة وقال أحمد بن البرقي توفي ببرقة وصححه المزي6 قال ابن يونس: توفي ببرقة وهو أمير عليها لمسلمة بن مخلد سنة ثلاث وخمسين وقبره ببرقة إلى اليوم. وفي "تهذيب الكمال" نقلا عن ابن يونس: أن وفاته سنة ست "وستين"7 وقيل"6" إنه مات بأنطابلس قاله الليث وقيل: بالشام. "قوله": وبالبادية سلمة بن الأكوع أي قاله أبو زكريا بن مندة والصحيح: أنه مات بالمدينة قاله ابنه إياس بن سلمة ويحيى بن بكير وأبو عبد الله ابن مندة ورجحه المصنف. توفي سنة أربع وسبعين وقيل: أربع وستين.

_ 1 راجع: "الشرح". 2 هكذا في خط، وفي ل: "في اخر خلافة". 3 من ل، وليس في خط. 4 من ل، وفي خط: "ووحيم" بواوين. 5 من ل، وفي خط: "بخمس". 6 راجع: "الشرح". 7 هكذا في خط، وفي ل: "وخمسين".

النوع الموفي أربعين

النوع الموفي أربعين معرفة التابعين هذا ومعرفة الصحابة أصل أصيل يرجع إليه في معرفة المرسل والمسند قال "الخطيب الحافظ": التابعي من صحب الصحابي. قلت: ومطلقه مخصوص بالتابع بإحسان. ويقال للواحد منهم: تابع وتابعي. وكلام "الحاكم أبي عبد الله" وغيره مشعر بأنه يكفي فيه أن يسمع من الصحابي أو يلقاه وإن لم توجد الصحبة العرفية والاكتفاء في هذا "بمجرد"1 اللقاء "والرؤية"2 أقرب منه في الصحابي نظرا إلى مقتضى اللفظين فيهما. وهذا مهمات في هذا النوع: إحداها: ذكر "الحافظ أبو عبد الله" أن التابعين على خمس عشرة طبقة الأولى: الذين لحقوا العشرة: سعيد بن المسيب وقيس بن أبي حازم وأبو عثمان النهدي وقيس بن "عباد"3 وأبو ساسان حضين"3" بن المنذر وأبو وائل وأبو رجاء العطاردي وغيرهم. وعليه في بعض هؤلاء إنكار فإن "سعيد بن المسيب" ليس بهذه المثابة لأنه ولد في خلافة عمر ولم يسمع من أكثر العشرة وقد قال بعضهم: لا تصح له رواية عن أحد من العشرة إلا "عن"4 سعد بن أبي وقاص. قلت: وكان سعد آخرهم موتا. وذكر الحاكم قبل كلامه المذكور أن سعيدا أدرك عمر فمن بعده إلى آخر

_ 1 من ش وع، وفي خط: "لمجرد". 2 من ش وع، وفي خط: "والرواية". 3 ضبط خط، و "حضين" بالضاد المعجمة كما في خط وش، وفي ع: "حصين". بالمهملة، وراجع: حاشية "المقدمة". 4 من خط، وليس في ش وع.

العشرة. وقال: "ليس في جماعة التابعين من أدركهم وسمع "منهم"1 غير سعيد وقيس بن أبي حازم". وليس ذلك على ما قال كما ذكرناه نعم قيس بن أبي حازم سمع العشرة وروى عنهم وليس في التابعين أحد روى عن العشرة سواه ذكر ذلك عبد الرحمن بن يوسف بن خراش الحافظ فيما2 روينا أو بلغنا عنه وعن أبي داود السجستاني أنه قال: روى عن التسعة ولم يرو عن عبد الرحمن بن عوف. ويلي هؤلاء "التابعين"3 الذين ولدوا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبناء الصحابة كعبد الله بن أبي طلحة وأبي أمامة "أسعد"4 بن سهل بن حنيف وأبي إدريس الخولاني وغيرهم انتهى. الصحيح الذي عليه العمل: قول الحاكم "وغيره الاكتفاء"5 في المتابعة بمجرد الرؤية دون اشتراط الصحبة وعليه عمل أهل الحديث مسلم "وأبو حاتم"6 بن "حبان وعبد الغني"7 بن سعيد وغيرهم. قال النووي: وهو الأظهر. قال صلى الله عليه وسلم8: "طوبى لمن رآني وآمن بي طوبى لمن رأى من رآني" الحديث. فاكتفى في الصحبة والمتابعة بمجرد الرؤية وقد ذكر مسلم في كتاب الطبقات الأعمش سليمان بن مهران في طبقة التابعين وكذلك ابن حبان وقال: إنما أخرجناه في هذا الطبقة لأن له لقيا وحفظا رأى أنس بن مالك وإن لم "يصح"9 له سماع

_ 1 من ش وع، وفي خط: "منه". 2 من خط وع، وليس في ش. 3 من خط وع، وفي ش "التابعون". 4 ضبط خط. 5 هكذا في خط، وفي ع: "وغيره في الاكتفاء". 6 هكذا في خط، وفي ع "وأبي حاتم". 7 هكذا في خط، وفي ع "..حبان وأبي عبد الله الحاكم وعبد الغني..". 8 راجع: "الشرح" و "التدريب". 9 من ع ول، وفي خط: "يصلح".

المسند عن أنس. وقال علي بن المديني: لم يسمع الأعمش من أنس إنما رآه رؤية بمكة يصلي خلف المقام. فأما طرق الأعمش عن أنس فإنما يرويها عن يزيد الرقاشي عن أنس وقال يحيى ابن معين "كل ما"1 رواه الأعمش عن أنس فهو مرسل وقد أنكر على أحمد بن عبد الجبار العطاردي حديثه عن ابن فضيل عن الأعمش قال رأيت أنسا بال فغسل ذكره غسلا شديدا ثم توضأ ومسح على خفيه فصلى بنا وحدثنا في بيته. وقال الترمذي: لم يسمع من أحد من الصحابة. وأما رواية الأعمش عن عبد الله بن أبي أوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الخوارج كلاب النار" فهو مرسل فقد قال أبو حاتم الرازي: إنه لم يسمع من ابن أبي أوفى. وهذا الحديث وإن رواه إسحاق الأزرق عنه هكذا كما رواه ابن ماجة في سننه فقد رواه "عبد الله"2 بن نمير عن الأعمش عن الحسين بن واقد عن أبي غالب عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس للأعمش رواية عن أحد من الصحابة في شيء من الكتب الستة إلا هذا الحديث الواحد عند ابن ماجة وكذلك عد عبد الغني بن سعيد الأزدي الأعمش في التابعين في "جزء له"3 جمع فيه من روى من التابعين عن عمرو بن شعيب. وكذلك عد فيهم أيضا يحيى بن أبي كثير لكونه لقي أنسا وقد قال أبو حاتم الرازي: إنه لم يدرك أحدا من الصحابة إلا أنس بن مالك فإنه رآه رؤية ولم يسمع منه "و"4كذا قال البخاري وأبو زرعة قال أبو زرعة وحديثه مرسل مع أن في مسلم "رواية"5 عن أبي أمامة عن عمرو بن عبسة بحديث إسلامه لكن مسلم قرن رواية يحيى مع رواية شداد أبي عمار وكان اعتماده على رواية

_ 1 من ع، وفي خط: "كلما". 2 هكذا في خط، وفي ع: "عبد الله" مصغرا. 3 من ع، وفي خط: "حرم مكة". 4 من خط، وليس في ع. 5 هكذا في خط، وفي ع: "روايته".

شداد فقط فإنه قال فيه: "قال عكرمة: ولقي شداد أبا أمامة" فذكره وسكت عن رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي أمامة وهي بصيغة العنعنة. وذكر عبد الغني بن سعيد أيضا جرير بن حازم في التابعين لكونه رأى أنسا وقد روي عن جرير أنه قال: مات أنس ولي خمس سنين. وذكر عبد الغني بن سعيد أيضا: موسى بن أبي عائشة في التابعين لكونه لقي عمرو بن حريث. وقال الحاكم1:هم خمس عشرة طبقة آخرهم من لقي أنسا من أهل البصرة ومن لقي عبد الله بن أبي أوفى من أهل الكوفة ومن لقي السائب بن يزيد من أهل المدينة. ففي كلام هؤلاء الأئمة الاكتفاء في "التابعين"2 بمجرد رؤية "الصحابة"3 "ولقيه له"4 دون اشتراط الصحبة إلا أن ابن حبان "يشترط"5 في ذلك أن تكون "رؤيته"6 له في سن من يحفظ عنه فإن كان صغيرا لم يحفظ عنه فلا عبرة برؤيته كخلف بن خليفة فإنه عده في أتباع التابعين وإن كان رأى عمرو بن حريث لكونه كان صغيرا. وروى الترمذي في الشمائل عن علي بن حجر عن خلف بن خليفة قال: رأيت عمرو بن حريث وأنا غلام صغير. إسناد صحيح. وما اختاره ابن حبان له وجه تقدم مثله في الرؤية المقتضية للصحبة هل يشترط فيها التمييز أم لا؟.

_ 1 راجع: "التقييد". 2 هكذا في خط، وفي ع: "التابعى". 3 هكذا في خط، وفي ع: "الصحابي". 4 كذا في خط وع بالإفراد، لكن لا إشكال في ع. 5 هكذا في خط، وفي ع: "اشترط". 6 هكذا في ع، وفي خط: "رؤية".

"واعترض" على قول الخطيب: التابعي من صحب الصحابي بأن منصور "بن"1 المعتمر له رؤية وليست له صحبة وهو قد عده من التابعين في "جزء له جمع فيه رواية الستة من التابعين بعضهم عن بعض" وذلك في الحديث الذي رواه الترمذي والنسائي من رواية منصور بن المعتمر عن هلال بن يساف عن ربيع ابن خثيم عن عمرو بن ميمون عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن امرأة من الأنصار عن أبي أيوب مرفوعا" {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ثلث القرآن". قال الخطيب: منصور بن المعتمر له ابن أبي أوفى. "ورد": بأن له رؤية دون صحبه وسماع ولهذا ذكره مسلم وابن حبان وغيرهما في طبقة أتباع التابعين ولم يوجد في طبقة 2التابعين بل صرح النووي في شرح مسلم بأنه ليس بتابعي قال: ولكنه من أتباع التابعين فيمكن حمل كلام الخطيب على اللقى. "قوله": ومطلقه مخصوص بالتابع بإحسان إن قصد بالإحسان الكمال في الإسلام والعدالة فإن ذلك ليس بشرط في التابعي باتفاقهم بل كل من صنف في الطبقات أدخل فيهم الثقات وغيرهم وإن أراد أنه لا يرتكب شيئا يخرجه عن الإسلام فهذا أيضا عندهم بلا خلاف3 والإحسان قدر زائد على الإيمان والإسلام كما جاء في حديث "جبريل" وليس بشرط في التابعي. "قوله" في سعيد بن المسيب وقال بعضهم لا "يصح"4 له رواية عن أحد من العشرة إلا سعد بن أبي وقاص الظاهر أنه أشار ببعضهم إلى قتادة ففي مقدمة مسلم من رواية همام قال دخل أبو داود الأعمى على قتادة فلما قام قالوا إن هذا يزعم أنه "لقي"5 ثمانية عشر بدريا فقال قتادة: هذا كان سائلا قبل "الجارف" لا يعرض في شيء في هذا ولا يتكلم فيه فوالله ما حدثنا الحسن

_ 1 من ع، وليس في خط. 2 راجع: "التقييد". 3 راجع: "التقييد". 4 هكذا في خط، وفي ع: "تصح" بمثناة من فوق. 5 من ع و "صحيح مسلم" "1/5"، وفي خط: "في".

عن بدري مشافهة ولا حدثنا سعيد بن المسيب عن بدري مشافهة إلا عن سعد بن مالك. وقد اختلف الأئمة في سماعه من عمر فأنكره الجمهور كيحيى بن سعيد الأنصاري ويحيى بن معين وأبي حاتم الرازي وأثبته أحمد فقال رآه وسمع منه وقال ابن معين رآه وهو صغير وقال أبو حاتم الرازي رآه على المنبر ينعى النعمان بن مقرن. وأما سماعه من عثمان وعلي فإنه ممكن غير ممتنع قال الحافظ أبو الحجاج المزي روايته عنهما في "الصحيحين" كأنه يشير1 إلى قول سعيد إن عمر وعثمان كانا يفعلان ذلك أي الاستلقاء في المسجد. وأما قول سعيد "1"اختلف علي وعثمان رضي الله عنهما وهما بعسفان في "المتعة"2 فقال علي: "ما تريد "إلا"3 أن "تنهى"4 عن أمر فعله النبي صلى الله عليه وسلم". الحديث فإنه حديث متفق عليه في "الصحيحين" والغريب أن المزي في الأطراف لم يعزه إلى واحد منهما وإنما عزاه "للنسائي"5 فقط. وفي مسند أحمد والبزار من رواية موسى بن وردان قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: سمعت عثمان رضي الله عنه يقول على المنبر: "كنت أبتاع التمر فأكتال في أوعيتي ثم أهبط به إلى السوق فأقول فيه كذا وكذا فآخذ ربحي وأخلي بينهم وبينه فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إذا ابتعت فاكتل وإذا بعت فكل"""1" وابن وردان وثقه العجلى وأبو داود ولكنه من رواية ابن لهيعة عنه. قال البزار: لا نعلمه يروي عن عثمان إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد. مع أن الحديث رواه ابن ماجه في "سننه" إلا أنه قال فيه: "عن عثمان" لم يصرح بسماع سعيد منه. نعم في "مسند أحمد""1" التصريح بالسماع منه قال فيه: "رأيت عثمان قاعدا

_ 1 راجع: "التقييد". 2 في "الحج". 3 من "صحيح البخاري" "1569"، وفي خط وع: "إلى"، والحديث أيضا عند مسلم "1223/159" والنسائي "2732". 4 من ع، ومثله عند البخارى، وفي خط: "تنتهى". 5 من خط، وفي ع: "النسائي".

في المقاعد فدعا بطعام مما مسته النار فأكله ثم قام إلى الصلاة فصلى ثم قال عثمان قعدت مقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكلت طعامه وصليت صلاته". وإسناده جيد. قال فيه أحمد: حدثنا الوليد بن مسلم حدثني شعيب أبو شيبة سمعت عطاء الخراساني يقول: سمعت سعيد بن المسيب يقول: رأيت عثمان. وهؤلاء كلهم محتج بهم في "الصحيح" إلا أبا شيبة وهو شعيب بن "رزيق"1 "المقدسي"2 وثقه دحيم وابن حبان والدارقطني "فثبت"3 سماعه من عثمان. وقول الحاكم: إنه أدرك العشرة غلط صريح لأنه لا خلاف أنه ولد في خلافة عمر "فكيف"4 يدرك أبا بكر؟. قال: الثانية: المخضرمون من التابعين هم الذين أدركوا الجاهلية وحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلموا ولا صحبة لهم واحدهم مخضرم بفتح الراء كأنه "خضرم"5 أي قطع عن نظرائه الذين أدركوا الصحبة وغيرها. وذكرهم "مسلم" فبلغ بهم عشرين نفسا منهم: "أبو عمرو الشيباني وسويد بن غفلة الكندي وعمرو بن ميمون الأودي وعبد خير بن يزيد6 الخيواني وأبو عثمان النهدي عبد الرحمن ابن مل7 وأبو الحلال8 العتكي ربيعة بن زرارة".

_ 1 من "تاريخ البخاري" "4/217"، و "ثقات ابن حبان" "8/308" و "التهذيب"، وفي ع: "رزيق" بتقديم الزاي على الراء، ولم تنقض في خط. 2 من ع ومثله في "التهذيب"، وفي خط: "المقدمى" بالميم. قلت: ولم ترد هذه النسبه في "تاريخ البخاري"، و "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم "4/346"، و "ثقات ابن حبان". 3 من خط، وفي ع: "وثبت". 4 من ل، وفي خط: "وكيف". 5 ضبط خط. 6 في حاشية خط: " بفتح الخاء المنقوطة من خير". ويظهر أنه سقط شيء من تصوير خط فقد ظهر جزء من حرف بعد قوله "خير". وراجع حاشية "المقدمة". 7 في حاشية خط: " مل: في الميم من الحركات الثلاث، واللام مشددة على ط.... أسكنها وهمز وكسر الميم وهو غريب" ورسم عليها: "صح". وفي حاشية "المقدمة": "قال المؤلف رحمه الله: في الميم هنا الحركات الثلاث، واللام المشددة، ومنهم من أسكنها وكسر الميم وهو غريب". قلت: وفي ع: "أبو عثمان النهدى وعبد الرحمن بن مل" بالعطف، صوابه: "أبو عثمان ألنهدي: عبدا لرحمن ابن مل" كما في خط وش، وراجع حاشية "المقدمة". 8 في حاشية خط: "هو بالحاء المهملة المفتوحة وتخفيف اللام"

وممن لم يذكره "مسلم" منهم: "أبو مسلم الخولاني عبد الله بن ثوب1 والأحنف بن قيس" انتهى. قال العسكري في كتاب "الأوائل"2: المخضرمة من الإبل: التي نتجت "بين"3 العراب واليمانية فقيل: رجل مخضرم إذا عاش في الجاهلية والإسلام قال4: وهذا أعجب القولين إلي. وكأنه5 متردد بين أمرين هل هو من هذا أو من هذا؟ قال الجوهري: لحم مخضرم بفتح الراء لا يدرى من ذكر أم أنثى. قال: والمخضرم أيضا الشاعر الذي أدرك الجاهلية والإسلام مثل: لبيد ورجل مخضرم النسب أي: دعي. وقال صاحب "المحكم": رجل مخضرم إذا كان نصف عمره في الجاهلية ونصفه في الإسلام "وشاعر مخضرم: أدرك الجاهلية والإسلام"6 ورجل مخضرم: أبوه أبيض وهو أسود ورجل مخضرم ناقص النسب وقيل هو الذي ليس بكريم النسب وقيل: هو الدعي وقيل المخضرم في نسبه المختلط من أطرافه وقيل: هو الذي لا يعرف أبواه وقيل هو الذي ولدته السراري"5". فالمخضرم على هذا متردد بين الصحابة لإدراكه زمن الجاهلية والإسلام وبين التابعين لعدم رؤية النبي صلى الله عليه وسلم فهو متردد بين أمرين. ويحتمل أنه من النقص لكونه ناقص الرتبة عن الصحابة لعدم الرؤية مع إمكانها.

_ 1 في حاشية خط: "ثوب بضم الثاء المثلثة على وزن عمر". وراجع: حاشية "المقدمة". 2 من ع و "التدريب"، وفي خط: "الدلائل". 3 هكذا في خط، وفي ع و "التدريب": "من". 4 العسكرى. 5 راجع: "التقييد". 6 من خط، وليس في ع.

وفي "النهاية": الخضرمة أن يجعل الشيء "بين بين"1 فإذا قطع بعض الأذن فهي بين الوافرة والناقصة. قال: وكان أهل الجاهلية يخضرمون نعمهم فلما جاء الإسلام أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخضرموا من غير الموضع الذي يخضرم منه أهل الجاهلية. قال: ومنه قيل لكل من أدرك الجاهلية والإسلام مخضرم لأنه أدرك الخضرمتين. وروى أبو داود من حديث "زبيب"2 العنبري أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم "قد كنا أسلمنا وخضرمنا آذان النعم" الحديث. وقد ضبط بعضهم "المخضرمين" بكسر الراء على الفاعلية فكأنهم إذا أسلموا خضرموا آذان نعمهم ليعرف بذلك إسلامهم فلا يتعرض لهم. وأغرب ابن خلكان فقال: قد سمع "محضرم"3 بالحاء المهملة وبكسر الراء. وهل يشترط إسلامه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أو يسمى مخضرما وإن أدرك الجاهلية والإسلام وأسلم بعده صلى الله عليه وسلم؟ مقتضى عبارة المصنف الثاني4 ويدل عليه: أن مسلما رحمه الله عد في "المخضرمين"5 جبير بن نفير وإنما أسلم في خلافة أبي بكر كما قاله أبو حسان "الزيادي"6 ولا يشترط أن يعيش نصف عمره في الجاهلية ونصفه في الإسلام خلافا للحاكم, كحكيم بن حزام وحسان بن ثابت وغيرهم ممن عاش ستين في الجاهلية

_ 1 رسم الناسخ علي كل منهما علامة "صح". 2 ضبطها في خط بضم الزاى، وحديثه في "تحفة المزي" "3/176". 3 من ل، وفي خط: "مخضرم" بالمعجمة. 4 راجع: "التقييد". 5 من ع، وفي خط: "المهخضرميين" بياءين. 6 من خط ومثله في "الأنساب" "3/185" وضبطها: بكسر الزى وفتح الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي اخرها الدال المهملة وفي ع: "الزنادي" بالنون بدل الياء.

وستين في الإسلام. مخضرمون في اصطلاح اللغة لا المحدثين1 ثم ما المراد بإدراك الجاهلية؟ فقيل: قبل البعثة قاله النووي في "شرح مسلم" عند قول مسلم: "وهذا أبو عثمان النهدي وأبو رافع الصايغ وهما "ممن"2 أدرك الجاهلية" أي: كانا رجلين قبل البعثة والجاهلية: ما قبل بعثته صلى الله عليه وسلم سموا بذلك لكثرة جهالاتهم3. وقيل: إدراك قومه أو "غيرهم"4 على الكفر قبل فتح مكة لزوال أمر الجاهلية حين خطب صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وأبطل الجاهلية من سقاية الحاج وسدانة الكعبة. ويشهد لذلك: ما ذكره مسلم في "المخضرمين" فإنه عد منهم: "يسير"5 بن عمرو وإنما ولد بعد زمن الجاهلية في قومه. "قوله": وذكرهم مسلم فبلغ بهم عشرين نفسا عد منهم ستة وزاد اثنين من عند نفسه"3" وأهمل أربعة عشر وهم شريح بن هانىء الحارثي والأسود بن يزيد النخعي والأسود بن هلال المحاربي والمعرور بن سويد ومسعود بن حراش أخو ربعي بن حراش ومالك بن عمير وشبيل بن عوف الأحمسي وأبو رجاء العطاردي واسمه: عمران بن ملحان وغنيم بن قيس ويكنى أبا العنبر وأبو رافع الصائغ واسمه: نفيع وخالد بن "عمير"6 العدوي وثمامة بن حزن

_ 1 عند العراقي في "التقييد": "مخضرمون من حيث اصطلاح أهل الحديث"، وراجع: "التقييد". 2 من خط وع، وفي "صحيح مسلم" "1/34": "من". 3 راجع: "التقييد". 4 من خط، وفي ع: "غيره". 5 من ع ومثله في "التهذيب" مصغرا بمثناة من تحت في أوله بعدها سين مهملة، وفي خط: "بشير" بموحدة، ثم شين معجمة. 6 من خط ول ومثله في "التهذيب"، وفي ع: "عبير" بالموحدة بدل الميم.

القشيري وجبير بن "نفير الحضرمي"1 و"يسير ويقال: أسير بن عمرو وأهل البصرة يقولون ابن جابر"2. وممن لم يذكره مسلم ولا المصنف: اسلم مولى عمر وأويس بن عامر "القرني"3 وأوسط البجلي وجبير بن الحويرث وحابس اليماني وحجر بن عنبس وشريح بن الحارث القاضي وأبو وائل شقيق بن سلمة وعبد الله بن عكيم وعبد الرحمن بن غنم وعبد الرحمن بن يربوع وعبيدة بن عمرو السلماني وعلقمة بن قيس وقيس بن أبي "حازم"4 وكعب الأحبار ومرة ابن شراحيل "الطيب"5 ومسروق بن "الأجدع"6 وأبو عنبة لخولاني وأبو فالج الأنماري ولا يعرف اسم واحد منهما كما قال أبو أحمد الحاكم7 وقيل اسم أبي عنبة عبد الله وقيل: اسمه عبارة وأبو عنبة: وأبو فالج كلاهما أكل الدم في الجاهلية وكلاهما مختلف في صحبته وكذلك اختلف في صحبة بعض من تقدمهما والصحيح أنه لا صحبة لمن ذكرناه. وفي "سنن ابن ماجة": التصريح بسماع أبي عنبة من النبي صلى الله عليه وسلم وأنه ممن صلى معه القبلتين لكن بإسناد فيه جهالة.

_ 1 من "التدريب" ومثله في "التهذيب" بالنون والفاء مصغرا، والحضرمى: بالضاد المعجمة. وفي خط ول: "نغير" بالغين المعجمة بدل الفاء، وفييل: "الخضرمى" بالخاء والضاد المعجمتين، وفي ع: بالخاء والصاد المهملتين: "الحصر مي". 2 من ع، وراجع: "التهذيب" فيمن اسمه: "يسير بن عمرو بن جابر"، وفي ل: "بسير بن عمرو بن جابر"، بالموحدة والمهملة وحذف "يقال" ومثله في "التدريب" لكن بالشين المعجمة. 3 من ع، وفي خط: "التربي". 4 من ع، وفي خط "خازم" بالخاء المعجمة. 5 من "التهذيب" وفيه "لقب بذلك لعبادته"، وفي خط وع: "الطبيب". 6 من "التهذيب" ومثله في "الجرح، والثقات" وغيرهما. وفي خط وع: "الأجذع" بالذال المعجمة. 7 راجع "التقييد".

فهؤلاء عشرون لم يذكراهم1 قال: الثالثة: من أكابر التابعين الفقهاء السبعة من أهل المدينة وهم "سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وخارجة بن زيد وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وسليمان بن يسار". روينا عن "الحافظ أبي عبد الله" أنه قال: "هؤلاء الفقهاء السبعة "عند الأكثر من علماء"2 الحجاز" وروينا عن ابن المبارك قال: "كان فقهاء أهل المدينة الذين "يصدرون"3 عن رأيهم سبعة" فذكر هؤلاء إلا أنه لم يذكر أبا سلمة بن عبد الرحمن وذكر بدله سالم بن عبد الله بن عمر. وروينا عن أبي الزناد تسميتهم في "كتابه" عنهم فذكر هؤلاء إلا أنه ذكر أبا بكر بن عبد الرحمن بدل" أبي سلمة "و"4سالم" انتهى. هؤلاء أقل فقه وصلاح وفضل وقد بلغ بهم يحيى بن سعيد اثني عشر فنقص وزاد فروى علي بن المديني عنه قال فقهاء أهل المدينة اثنا عشر سعيد بن المسيب وأبو سلمة والقاسم بن محمد وسالم وحمزة وزيد وعبد الله وبلال بنو عبد الله بن عمر وأبان بن عثمان بن عفان وقبيصة بن ذؤيب وخارجة وإسماعيل ابنا زيد بن ثابت. قال: الرابعة: ورد عن أحمد بن حنبل أنه قال: "أفضل التابعين سعيد بن المسيب" فقيل: له فعلقمة والأسود؟ فقال: "سعيد بن المسيب وعلقمة والأسود" وعنه أنه قال: "لا أعلم في التابعين مثل أبي عثمان النهدي وقيس بن أبي حازم" وعنه أيضا أنه قال: أفضل التابعين: قيس وأبو عثمان وعلقمة ومسروق هؤلاء كانوا فاضلين "ومن علية"5 التابعين". وأعجبني ما وجدته عن "الشيخ أبي عبد الله بن خفيف الزاهد الشيرازي" في

_ 1 يعني: "مسلما، وابن الصلاح"، راجع: "التقييد". 2 من ش وع، وفي خط: "عند الأكثرين علماء". 3 من ش وع، وفي خط: "يعتدرون". 4هكذا في خط وش وع، وفي كلام العراقى في "الشرح": "أو". 5 ضبط خط.

كتاب له قال: "اختلف الناس في أفضل التابعين فأهل المدينة يقولون: سعيد بن المسيب وأهل الكوفة يقولون: أويس القرني وأهل البصرة يقولون: الحسن البصري". وبلغنا عن "أحمد بن حنبل" قال: "ليس أحد أكثر في فتوى من الحسن وعطاء" يعني من التابعين. وقال أيضا: "كان عطاء مفتي مكة والحسن مفتي البصرة فهذا أكثر "الناس عنهم رأيهم"1". وبلغنا عن "أبي بكر بن أبي داود" قال: "سيدتا التابعين من النساء: حفصة بنت سيرين وعمرة بنت عبد الرحمن وثالثتهما - وليست كهما- أم الدرداء". انتهى. قال ابن حبان: سعيد بن المسيب سيد التابعين وقال ابن المديني: هو عندي أجل التابعين وقال أبو حاتم الرازي ليس في التابعين أنبل منه. والصواب2 ما ذهب إليه أهل الكوفة من تفضيل أويس لما في مسلم من حديث عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن خير التابعين رجل يقال له أويس" الحديث. فهذا الحديث لا ينبغي مع صحته نزاع وأما تفضيل أحمد وغيره لسعيد فلعله لم يبلغه الحديث أو لم يصح عنده أو أراد بالأفضلية الأفضلية في العلم لا الخيرية. ونقل الخطابي عن بعض شيوخه أنه كان يفرق بين الأفضلية والخيرية وفي تقديم المصنف حفصة على عمرة إشعار بتفضيلها فقد روى أبو بكر بن أبي داود بإسناده إلى إياس بن معاوية قال ما أدركت أحدا أفضله على حفصة بنت سيرين فقيل له الحسن وابن سيرين؟ فقال أما أنا فلا أفضل عليها أحدا. والمراد هنا بأم الدرداء: الصغرى واسمها هجيمة "وقيل"3 جهيمة فأما أم الدرداء الكبرى فإنها صحابية واسمها: خيرة.

_ 1 من خط وع، وفي ش: "الناس فتيا عنهم، وكذا رأيهم" 2 راجع: "الشرح". 3 من خط، وفي ل: "ويقلل" محرفة عن: "ويقال".

قال: الخامسة: روينا عن "الحاكم أبي عبد الله" قال: "طبقة تعد في التابعين ولم يصح سماع أحد منهم من الصحابة منهم إبراهيم بن سويد النخعي وليس بإبراهيم بن يزيد النخعي "الفقيه"1 وبكير بن أبي "السميط"2 وبكير بن عبد الله بن الأشج" وذكر غيرهم قال: "وطبقة عدادهم عند الناس في أتباع التابعين وقد لقوا الصحابة منهم: "أبو الزناد عبد الله بن ذكوان" لقي عبد الله بن عمر وأنسا وهشام بن عروة وقد "أدخل"3 على عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وموسى بن عقبة وقد أدرك أنس بن مالك وأم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاصي. وفي بعض ما قاله مقال. قلت: وقوم عدوا من التابعين وهم من الصحابة: ومن أعجب ذلك عد الحاكم أبي عبد الله النعمان وسويدا ابني مقرن المزني في التابعين عندما ذكر الإخوة من التابعين وهما صحابيان معروفان مذكوران في الصحابة. انتهى. حكى المصنف كلام الحاكم وقال في آخره: وفي بعض مقاله مقال ولم يبين المقال وكأنه يشير به إلى بكير بن عبد الله بن الأشج وأبي الزناد. وعبارة الحاكم: وبكير بن عبد الله بن الأشج لم يثبت سماعه من عبد الله بن الحارث بن جزء وإنما "رواياته"4 عن التابعين وثابت بن عجلان الأنصاري لم يصح سماعه من ابن عباس إنما يروي عن عطاء وسعيد بن جبير عن ابن عباس

_ 1 من خط وع، وليس في ش. 2 في حاشية "المقدمة": "على هامش "ص": [قال المؤلف: السميط هو بفتح السين المهملة، وبعد الميم ياء] – وفي " التقريب" اهـ. قلت: والمثبت من ش، وفي خط: "الشميط" بالشين المعجمة، وفي ع: "السمط" بالمهملة لكن سقطت الياء، وفي ل: "السميط" على الصواب وضبطه العراقى: "بفتح السين وكسر الميم" قال: "" كذا ضبطه: ابن ماكولا وغيره". قلت: وقد ضبط في حاشية خط على الصواب، ففى حاشية خط: "السميط: بفتح السين وكسر الميم وبعدها ياء" ورسم علبها الناسخ علامة: "صح". 3 ضبط خط. 4 هكذا في خط، وفي ل: "روايتهط.

وسعيد بن عبد الرحمن الرقاشي وأخوه واصل أبو حرة لم يثبت سماع واحد منهما من أنس.انتهى. فقوله في "بكير": إنما "رواياته"1 عن التابعي فيه نظر فقد روى عن جماعة من الصحابة منهم السائب بن يزيد وأبو أمامة أسعد بن سهل بن حنيف ومحمود بن لبيد كما ذكره المزي وغيره وهم معدودون في "الصحابة"2 وفي "المعجم الكبير" للطبراني: روايته عن ربيعة بن "عباد"3 بإسناد جيد أنه حدث عنه قال "رأيت أبا لهب بعكاظ وهو يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم" الحديث. لكن ليس فيه تصريح بسماع. نعم في "النسائي" بسند على شرط مسلم: أن بكير بن عبد الله قال: سمعت محمود بن لبيد يقول: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات الحديث. ومحمود عده غير واحد من "الصحابة" كأحمد والبخاري وابن حبان4 وفي مسند أحمد بإسناد صحيح: "أنه عقل مجة مجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه" مع أن هذه القصة إنما هي لمحمود بن الربيع كما هو في "صحيح البخاري". نعم عد مسلم محمود بن لبيد من التابعين وقال أبو حاتم الرازي والمزي ليست له صحبة وهو معارض بما تقدم وأما أبو الزناد فقال أبو حاتم الرازي لم يدرك ابن عمر ومراده لم يدرك السماع منه فإن أبا الزناد عاش ستا وستين سنة وتوفي سنة ثلاثين ومائة أو اثنتين وثلاثين ومات ابن عمر سنة أربع وسبعين أو ثلاث فعلى هذا أدرك من حياة ابن عمر سبع سنين أو ثمان أو تسع. وإنما عد في أتباع التابعين لكون الغالب عليه والشائع عنه: روايته عن

_ 1 هكذا في خط ول في هذا الموضع. 2 راجع: "الشرح". 3 ضبط خط. 4 راجع: "التقييد".

التابعين وحمله عنهم. وقال العجلي تابعي ثقة سمع من أنس وذكره مسلم في الطبقة الثالثة من التابعين. ووهم الحاكم في نسبة سعيد أنه الرقاشي وأنه أخو أبي "حرة"1 الرقاشي وليس واحد منهما رقاشيا وأبو حرة الرقاشي اسمه حنيفة وأما واصل فليس بأبي حرة الرقاشي. وقد وهم فيه أيضا عبد الغني المقدسي في "الكمال" فنسب واصلا أبا حرة الرقاشي وغلطه المزي وقد ذكر ابن حبان في أتباع التابعين سعيد بن عبد الرحمن البصرى وأخاه واصلا أبا حرة البصري وقال أمهما "برة"2 مولاة لبني سليم. "وقوله": وقوم عدوا من التابعين وهم من الصحابة كابني مقرن أي: وهما من المهاجرين إما3 لصغره وإما لكون روايته أو غالبها عن الصحابة كما عد مسلم في الطبقات يوسف بن عبد الله بن "سلام"4 ومحمود بن لبيد في التابعين. وقد يعد بعض التابعين في الصحابة وكثيرا ما "يقع"5 ذلك فيمن يرسل من التابعين كما عد محمد بن الربيع الجيزي "عبد الرحمن بن غنم الأشعري" فيمن دخل مصر من الصحابة وهو وهم منه. على أن الإمام أحمد "أخرج"6 حديثه في المسند وذكر ابن يونس أيضا أن له صحبة وكذا حكى ابن مندة عن يحيى بن بكير والليث وابن لهيعة.

_ 1 ضبط خط. 2 من ل، و "الثقات" "7/599"، وفي خط: "حرة". 3 راجع: "الشرح". 4 رسم عليها الناسخ علامة: "خف" إشارة إلى تخفيف اللام. 5 من خط، وفي ل: "يتبع". 6 من خط، وفي ل: "قد أخرج".

النوع الحادي والأربعون

النوع الحادي والأربعون معرفة الأكابر الرواة عن الأصاغر ومن الفائدة فيه ألا يتوهم كون المروي عنه أكبر أو أفضل من الراوي نظرا إلى أن الأغلب كون المروي عنه كذلك فيجهل بذلك منزلتهما وقد صح1 عن "عائشة" رضي الله عنها قالت: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم". ثم إن ذلك يقع على أضرب: منها: أن يكون الراوي. أكبر سنا وأقدم طبقة من المروي عنه: كالزهري ويحيى ابن سعيد الأنصاري في روايتهما عن مالك وكأبي القاسم "عبيد الله"2 بن أحمد الأزهري من المتأخرين أحد شيوخ الخطيب روى عن الخطيب في بعض تصانيفه والخطيب إذ ذاك في عنفوان شبابه وطلبه. ومنها أن يكون الراوي أكبر قدرا من المروي عنه بأن يكون حافظا عالما والمروي عنه شيخا راويا فحسب كمالك في روايته عن عبد الله بن دينار وأحمد وإسحاق بن راهويه في روايتهما عن عبيد الله بن موسى في أشباه لذلك كثيرة

_ 1 في حاشية خط: "هكذا قاله الحاكم أبو عبد الله الحافظ، صرح في كتاب: "المعرفة" بصحة ذلك عن عائشة، وذكره مسلم في خطبة "صحيحه" بغير إسناد، وذلك مما يشعر بصحة أصله، وخرجه أبو داود في "سننه" لكن ذكر ابن أبي شيبة الراوي عن عائشة لم يدركها والله أعلم". ثم رسم عليها علامة "صح". هكذا بالنص والضبط، وصواب ذلك: ".... لكن ذكرأن ابن أبي شبيب الراوي عن عائشة...." وراجع: "التقييد"، و "سنن أبي داود" "4842". 2 "عبيد الله" مصغرا هكذا في ش، ومثله في "الأنساب". للسمعاني "1/125- الأزهري" "3/329- السوادي" و "تاريخ بغداد" "10/358"، "وسير أعلام النبلاء" "17/578"، وفي خط وع: "عبد الله" مكبرا.

ومنها: أن يكون الراوي أكبر من الوجهين جميعا وذلك كرواية كثير من العلماء والحفاظ عن أصحابهم وتلامذتهم كعبد الغني الحافظ في روايته عن محمد بن علي الصوري وكرواية أبي بكر البرقاني عن أبي بكر الخطيب وكذا رواية1 الخطيب عن أبي نصر ابن ماكولا ونظائر ذلك كثيرة. ويندرج تحت هذا النوع ما يذكر من رواية الصحابي عن التابعي كرواية العبادلة وغيرهم من الصحابة عن كعب "الأحبار"2. وكذلك رواية التابعي عن تابع التابعي: كما قدمناه من رواية الزهري والأنصاري عن مالك وك عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص لم يكن من التابعين وروى عنه أكثر من عشرين نفسا من التابعين جمعهم عبد الغني بن سعيد في كتيب له. وقرأت بخط "الحافظ أبي محمد الطبسي" في تخريج له قال: "عمرو بن شعيب ليس بتابعي وقد روى عنه نيف وسبعون رجلا من التابعين" انتهى. الأصل في هذا الباب رواية النبي صلى الله عليه وسلم عن تميم الداري "حديث الجساسة" وهو عند مسلم. "قوله": في الضرب الثاني كرواية مالك أي: وكذلك ابن أبي ذئب عن ابن دينار وهو أكبر منه قدرا ورواية أحمد وإسحاق عن عبيد الله بن موسى العبسي. "قوله" كرواية العبادلة وغيرهم أي: كأبي هريرة ومعاوية بن أبي سفيان وأنس بن مالك فكلهم من الصحابة ورووا عن كعب الأحبار. "قوله": وقد صح عن عائشة الحديث جزم بصحته وفيه نظر فإن مسلما ذكره في مقدمة صحيحه بغير إسناد بصيغة التمريض فقال وقد ذكر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت الحديث. ورواه أبو داود في سننه في أفراده من رواية ميمون بن أبي شبيب عن عائشة قالت: "الحديث" ثم قال: ميمون لم يدرك عائشة.

_ 1 هكذا في خط، وفي ش وع: "وكرواية". 2 وقع في ش: "الأخبار" بالخاء المعجمة.

نعم المصنف تبع الحاكم في تصحيحه فإن قال في علوم الحديث فقد صحت الرواية عن عائشة. ولا حجة فيه للمصنف لأنه لا يرى ما انفرد الحاكم بتصحيحه صحيحا بل إن لم نجد فيه علة تقتضي رده حكمنا عليه بأنه حسن. وخرجه أيضا: البزار في مسنده من رواية ميمون بن أبي شبيب عن عائشة ثم قال: ولا نعلمه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه. قال: وقد روي عن عائشة من غير هذا الوجه موقوفا1. وكأن المصنف لم يوافق أبا داود على الانقطاع بين ميمون بن أبي شبيب وبين عائشة فإنه قال في كتاب "التحرير": فيما قال أبو داود نظر فإنه كوفي متقدم قد أدرك المغيرة بن شعبة ومات المغيرة قبل عائشة. قال: وعند مسلم التعاصر مع إمكان التلاقي كاف في ثبوت الإدراك2. "ولو"3 ورد عن ميمون أنه قال "لم ألق عائشة" استقام لأبي داود الجزم بعدم إدراكه وهيهات ذلك انتهى كلام المصنف في "التحرير"4 وليس بجيد فإنه وإن أدرك المغيرة وروى عنه فهو مدلس لا تقبل عنعنته بإجماع من لا يحتج بالمرسل فقد أرسل عن جماعة من الصحابة. قال أبو حاتم الرازي: روى عن أبي ذر مرسلا وعن علي مرسلا وعن معاذ

_ 1 راجع: "التقييد" 2نعم، لكن قال ابن الصلاح رحمه الله في "ضيانة صحيح مسلم" "ص/131": "الذى صار إليه مسلم هو المستنكر، وما أنكره قد قيل: إنه القول الذى عليه أثمة هذا العلم، على بن المدينى والبخارى وغيرهما" أ. هـ 3 هكذا في خط، وفي ع: "فلو". 4 ومنه تعلم أن ابن الصلاح رحمه الله تعالى لم يرض تضعيف الحديث، وانتضر لصحته، فكيف خفي ذلك على الناس فظنوا أن ابن الصلاح رحمه الله تعالى يدعو إلى سد باب التصحيح؟! ومن ثم قاموا عليه قومة رجل واحد! وقد مضى توجيه كلام ابن الصلاح رحمه الله وبيان مراده في صدر" النوع=

ابن جبل مرسلا. وقال عمرو بن علي الفلاس: لم "أخبر"1 أن أحدا يزعم أنه سمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وقال علي بن المديني: خفي علينا أمره وقال يحيى بن معين ضعيف. وقال أبو حاتم الرازي: صالح الحديث "و"2 ذكره ابن حبان في "الثقات". ومع ذلك فلا يقتضي ذلك"2" قبول عنعنته ولم يوجد التصريح بسماعه من المغيرة ولكن المصنف لما رأى مسلما روى في مقدمة صحيحه حديثه عن المغيرة ابن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين" حمله على الاتصال اكتفاء بمذهب مسلم ومسلم إنما رواه عنه استشهادا بعد أن رواه من حديث ابن أبي ليلى وحكم عليه مسلم بأنه مشهور والمشهور قد يكون صحيحا وقد يكون ضعيفا نعم له وجه آخر مرفوع ففي البيهقي في كتاب الأدب والخطيب في المتفق والمفترق من رواية أسامة بن زيد الليثي عن عمرو بن يحيى مخراق عن عائشة هكذا روياه من طريق الطبراني فقال فيه عمرو وإنما هو عمر بضم العين وما روى عنه إلا أسامة وبين عمر وعائشة رجل لم يسم. قال البخاري في "التاريخ الكبير": عمر بن مخارق3 عن رجل عن عائشة مرسل روى عنه أسامة بن زيد فلا يصح إسناده ويحتمل أن يكون الرجل الذي أبهمه عمرو هو ميمون بن أبي شبيب فلا يكون له إلا وجه واحد كما قاله البزار وفي كتاب مكارم الأخلاق للخرائطي من حديث معاذ بن جبل: "أنزل الناس

_ = الأول" من هذا الكتاب، فراجعه، والله الموفق. وراحع: "النكت على الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث" لأبي الأشبال أحمد محمد شاكر رحمه الله تعالى. 1 ضبط خط بضم الهمزة. 2 من خط، وليس في ع. 3 كذا في خط، وع، وفي التاريخ الكبير"6/195": "مخراق".

منازلهم من الخير والشر". قوله: ابن شعيب لم يكن من التابعين ليس بجيد فقد سمع من غير واحد من الصحابة سمع من زينب بنت أبي سلمة ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم ومن الربيع بنت معوذ وهما صحابيتان. قوله: بخط أبي محمد الطبشي فيه نظر إنما هو أبو الفضل محمد بن أحمد ابن أبي جعفر الطبسي قاله السمعاني في الأنساب ووصفه بالحافظ صاحب التصانيف الكثيرة كتب عن الحاكم أبي عبد الله وأبي طاهر ابن مخمش1 الزيادي توفي في حدود ثمانين وأربع مائة بطبس وهي بين نيسابور وأصبهان وكرمان ولم يفتح في زمان عمر من خراسان سواها. وقد سبق الطبسي إلى ذلك أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد النقاش المقري المفسر وهو ضعيف. قال الدارقطني: سمعت أبا بكر النقاش يقول: عمرو بن شعيب ليس من التابعين وقد روى عنه عشرون من التابعين قال الدارقطني فتتبعت ذلك فوجدتهم أكثر من عشرين. قال المزي: وكأن الدارقطني وافقه على أنه ليس من التابعين وليس كذلك فقد سمع الربيع وزينب. وقوله: روى عنه أكثر من عشرين نفسا جمعهم عبد الغني في كتيب الكتاب تصغيره مكروه وأيضا هم أربعون إلا واحدا وهذه أسماؤهم مرتبين على الحروف إبراهيم بن ميسرة أيوب السختياني بكير بن الأشج ثابت البناني جرير بن حازم حبيب بن أبي موسى حويز2 بن عثمان الرحبي الحكم بن عتيبة حميد الطويل داود بن قيس داود بن أبي معبد3 الزبير بن عدي سعيد بن أبي هلال أبو حازم هو سلمة بن دينار أبو إسحاق الشيباني واسمه

_ 1 كذا في خط، وفي ع، و "الأنساب": "محمش" بالحاء المهملة. 2كذا في خط، وفي ع: "جزير" وفي "تهذيب الكمال": "حريز". 3 كذا في خط، وفي ع و "تهذيب الكمال": داود بن أبي هند".

سليمان بن أبي سليمان وسليمان بن مهران وهو الأعمش وعاصم الأحول قال عبد الغني: وفيه نظر عبد الله بن عون عبد الله بن أبي مليكة عبد الرحمن بن حرملة عبد العزيز بن رفيع عبيد الله بن عمر العمري وعطاء بن أبي رباح عطاء ابن السائب عطاء الخراساني علي بن الحكم البناني عمرو بن دينار أبو إسحاق السبيعي واسمه عمرو بن عبد الله قتادة أبو الزبير وهو محمد بن مسلم محمد ابن مسلم الزهري مطر الوراق مكحول موسى بن أبي عائشة هشام بن عروة وهب بن منبه يحيى بن سعيد يحيى بن أبي كثير يزيد بن أبي حبيب وقال عبد الغني هو بيزيد بن الهاد أشبه. وممن روى عنه من التابعين ولم يذكره عبد الغني: ثابت بن عجلان وحسان ابن عطية وعبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي وعبد الملك بن عبد العزيز ابن جريج والعلاء بن الحارث الشامي ومحمد بن إسحاق بن يسار ومحمد بن جحادة ومحمد بن عجلان وأبو حنيفة النعمان بن ثابت وهشام بن الغاد ويزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد ويعقوب بن عطاء بن أبي رباح.

النوع الثاني والأربعون

النوع الثاني والأربعون معرفة المدبج وما عداه من رواية الأقران بعضهم عن بعض وهم المتقاربون في السن والإسناد. وربما اكتفى الحاكم أبو عبد الله فيه بالتقارب في الإسناد وإن لم يوجد التقارب في السن. اعلم أن رواية القرين عن القرين تنقسم: فمنها المدبج وهو أن يروي القرينان كل واحد منهما عن الآخر. مثاله في الصحابة: عائشة وأبو هريرة روى كل واحد منهما عن الاخر. وفي التابعين: رواية الزهري عن عمر بن عبد العزيز ورواية عمر عن الزهري وفي أتباع التابعين: رواية مالك عن الأوزاعي ورواية الأوزاعي عن مالك. وفي أتباع الأتباع: "رواية"1 أحمد بن حنبل عن علي ابن المديني ورواية علي عن أحمد. وذكر الحاكم في هذا رواية أحمد عن عبد الرزاق ورواية عبد الرزاق عن أحمد وليس هذا بمرضي. ومنها غير المدبج وهو: أن يروي أحد القرينين عن الآخر ولا يروي الآخر عنه فيما نعلم مثاله رواية سليمان التيمي عن مسعر وهما قرينان ولا نعلم لمسعر رواية عن التيمي ولذلك أمثال كثيرة انتهى. المدبج2 بضم الميم وسمي مدبجا لحسنه والمدبج لغة: هو المزين.

_ 1 من خط وع، وليس في ش. 2 ضبطه العراقي في "الشرح": "بضم الميم وفتح الدال وتشديد الباء الموحدة واخره جيم".

قال في المحكم: الدبج "النقش"1 والتزيين فارسي معرب. قال: وديباجة الوجه وديباجة حسن "بشرته"2 ومنه تسمية ابن مسعود الحواميم ديباج القرآن. "وكأن"3 الإسناد الذي يجتمع فيه [قرينان أو أحدهما أكبر والآخر من رواية الأصاغر عن الأكابر] 4: إنما يقع غالبا فيما إذا كانا عالمين أو حافظين أو فيهما أو في أحدهما نوع من وجوه الترجيح حتى عدل "الرواي"5 عن العلو للمساواة أو النزول لأجل ذلك فحصل "للإسناد"6 بذلك تحسين وتزيين7 ويحتمل أن يقال: إن القرينين الواقعين في المدبج في طبقة واحدة بمنزلة واحدة فشبها بالخدين فإن الخدين يقال لهما الديباجتان كما في المحكم والصحاح. ويحتمل أنه سمي بذلك لنزول الإسناد فإنهما إن كانا قرينين: "نزل درجة"8 وإن كان من رواية الأكابر عن الأصاغر نزل درجتين. وعن ابن معين: الإسناد النازل قرحة في الوجه وعن علي بن المديني وأبي عمرو المستملي أنهما قالا: النزول شؤم. وحينئذ: فلا يكون المدبج مدحا له ويكون ذلك من قولهم: رجل مدبج قبيح الوجه والهامة حكاه صاحب المحكم وفيه بعد. والظاهر: أنه مدح لهذا النوع. "واعترض" على قوله: وهو أن يروي القرينان وتقييده بالقرينين تبع فيه الحاكم وعبارته: فإنما القرينان إذا تقارب سنهما وإسنادهما وهو على ثلاثة

_ 1 من ع، وفي خط: "النقص" ورسم علامة الإهمال علي الصاد. 2 من ع، وفي خط: "بشريه". 3 ضبطها في خط بتشديد النون. 4 كذا النص في خط وع، وسيأتي فيهما قريبا: " ... إن كانا قرينين ... وإن كان من رواية الأكابر عن الأصاغر....". 5 من ع، وفي خط: "الرازي". 6 من ع، وفي خط: "الإسناد". 7 راجع: "التقييد". 8 هكذا في خط، وفي ع: "نزل كل منهما درجة".

أجناس فالجنس الأول منه الذي سماه بعض مشايخنا المدبج وهو: أن يروي قرين عن قرينه ثم يروي ذلك القرين عنه فهو المدبج انتهى. والمراد ببعض مشايخه الدارقطني1 فإنه أول من سماه المدبج وأول من صنف فيه كتابا سماه المدبج في مجلد ولم "يقيد فيه"2 بالقرينين فإنه ذكر فيه: رواية: "أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم" ورواية: "النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر" ورواية عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وروايته صلى الله عليه وسلم عن عمر ورواية سعد بن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم وروايته صلى الله عليه وسلم عن سعد. وذكر فيه أيضا: رواية الصحابة عن التابعين الذين رووا عنهم كرواية عمر عن كعب الأحبار ورواية كعب عن عمر ورواية ابن مسعود عن زر بن حبيش ورواية زر عنه ورواية ابن عمر عن عطية العوفي وبكر بن عبد الله المزني ورواية كل منهما عن ابن عمر ورواية ابن عباس عن عمرو بن دينار وأبي سلمة بن عبد الرحمن وعكرمة مولاه ورواية كل من الثلاثة عن ابن عباس [ورواية أبي سعيد الخدري عن] 3 أبي نضرة العبدي ورواية أبي نضرة عنه ورواية أنس بن مالك عن بكر بن عبد الله المزني ورواية بكر عنه. وذكر فيه أيضا: رواية التابعين عن أتباع التابعين كرواية عبد الله بن عرن ويحيى بن سعيد الأنصاري عن مالك ورواية مالك عن كل منهما ورواية عمرو بن دينار وأبي إسحاق السبيعي وسليمان بن مهران الأعمش عن سفيان بن عيينة ورواية ابن عيينة عن كل من الثلاثة ورواية أبي إسحاق السبيعي عن ابنه يونس بن أبي إسحاق ورواية يونس عن أبيه. وذكر فيه أيضا: رواية أتباع التابعين عن أتباع الأتباع كرواية: [معمر] 4 عن عبد الرزاق ورواية عبد الرزاق عن [معمر] "4".

_ 1 راجع: "التقييد". 2 هكذا في خط، وفي ع: "يتقيد في ذلك"، وقد تكون: "يتقيد فيه"، أو: "يقيده فيه": ثم رأيته في "التدريب" "إلا أنه لم يقيده بكونهما قرينين". 3 من ع، وليس في خط. 4 من ع، وفي خط: "يعمر".

وكذلك ذكر فيه: رواية: عبد الرزاق عن أحمد و"عن"1 علي بن المديني ويحيى بن معين وروايتهم عنه. وكذلك ذكر فيه: رواية أحمد عن أبي داود السجستاني وعن ابنه عبد الله بن أحمد ورواية كل منهما عن أحمد وغير ذلك. فهذا يدل على أن المدبج لا يختص بكون الراويين "الذين"2 روى كل منهما عن الآخر قرينين بل الحكم أعم من ذلك3 وحينئذ: فلا اعتراض على الحاكم في قوله: "كرواية أحمد عن عبد الرزاق وعكسه". قال المصنف: "وليس هذا بمرضي". فإن4 الحاكم تبع في ذلك شيخه: الدارقطني وهو "ممن"5 يرجع إليه في ذلك. "واعترض" عليه بتمثيله لغير المدبج برواية "سليمان التيمي عن مسعر" ثم قال: "ولا نعلم لمسعر رواية عن التيمي ولذلك أمثال كثيرة". فالمثال الذي مثل به لا يصح لأن مسعرا روى أيضا عن التيمي كما ذكره الدارقطني في كتابه المدبج ثم روى عن رواية "الحكم"6 بن مروان ثنا مسعر عن أبي المعتمر وهو سليمان التيمي عن امرأة يقال لها أم خداش قالت:

_ 1 من خط وليس في ع. 2 من ع، وفي خط: "الذي". 3 وعليه فكتاب: "لطائف المعاف" لأبي موسى المديني رحمه الله نافع جدا في هذا الباب، وقد طالعت بعضه، ولايزال مخطوط، وقد انتهي "مركز مكتبة السنة للبحث العلمي" بالقاهرة – حرسهم الله – من تحقيقه على ثلاث نسخ خطية، يسر الله نشره. 4 راجع: "التقييد"، وقارن "بالشرح". 5 في خط: "مما" فصوبته. 6 من ع، وفي خط: "الحاكم".

رأيت علي بن أبي طالب "يضطبع بخل وخمر"1 وهذا المثال: أحد أمثلة أربعة مثل بها الحاكم لغير المدبج. المثال الثاني: رواية زائدة بن قدامة عن زهير بن معاوية. قال الحاكم: زائدة بن قدامة وزهير بن معاوية قرينان إلا أني لا أحفظ لزهير عن زائدة رواية. المثال الثالث: رواية يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عوف قال الحاكم: يزيد وإن كان أسند وأقدم من إبراهيم فإنهما في أكثر الأسانيد قرينان ولا أحفظ لإبراهيم عن يزيد رواية. انتهى. وفيه نظر فقد روى عنه إبراهيم وروايته عنه في مسلم وفي النسائي. المثال الرابع: رواية سليمان بن طرخان التيمي عن "رقبة"2 بن "مصقلة"3 قال الحاكم: سليمان ورقبة"2" قرينان ولا أحفظ لرقبة"4" 4عنه رواية انتهى. وفيه نظر أيضا فقد روى رقبة"2" عن سليمان كما ذكره الدارقطني في كتاب المدبج ثم روى له من رواية أبي عوانة عن رقبة"2" عن سليمان التيمي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا حبذا المتخللون من أمتي". والحديث رواه الطبراني في المعجم الأوسط فجعله من رواية رقبة"2" عن أنس من غير ذكر "سليمان التيمي". فلم يصح من هذه الأمثلة إلا الثاني فقط5 فأين الأمثال الكثيرة؟ خاتمة: قد يجتمع جماعة من الأقران في حديث واحد كحديث رواه أحمد ابن حنبل عن أبي خيثمة عن يحيى بن معين عن علي بن المديني عن عبيد الله

_ 1 كذا في خط وضبط: "يضطبع" بفتح أوله وسكون الضاد المعجمه، وفي اخره عين مهمله، وفي ع: "يصطبغ بخل خمرة" بالصاد المهمله والغين المعجمة وزيادة الهاء في "خمرة" وهذا أصح والله أعلم. 2 من ع، وفي خط: "رقبة" بالياء اخر الحروف. 3 من ع، وفي خط: "مصطلقة". 4 من ع، وفي خط: "الرقية". 5 راجع: "التقييد".

بن معاذ عن أبيه عن "شعبة"1 عن أبي بكر بن "حفص"2 عن أبي سلمة عن عائشة قالت: "كن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يأخذن من شعورهن حتى "تكون"3 كالوفرة". فأحمد والأربعة فوقه: خمستهم أقران كما قال الخطيب.

_ 1 من ل، وفي خط: "سخبة". 2 من ل، وفي خط: "حوص". 3 من ل ومثله في "صحيح مسلم" "320" بمثناة من فوق، وفي "التدريب" وغيره بمثناة من تحت، ولم تنقط في خط.

النوع الثالث والأربعون

النوع الثالث والأربعون معرفة الإخوة والأخوات من العلماء والرواة وذلك إحدى معارف أهل الحديث المفردة بالتصنيف. صنف فيها: "علي ابن المديني وأبو عبد الرحمن النسوي وأبو العباس السراج" وغيرهم. فمن أمثلة الأخوين من الصحابة عبد الله بن مسعود "وعتبة"1 بن مسعود هما أخوان زيد بن ثابت ويزيد بن ثابت أخوان عمرو بن "العاص"2 وهشام بن العاص"2" أخوان. ومن التابعين: "عمرو بن شرحبيل أبو ميسرة وأخوه أرقم بن شرحبيل": كلاهما من من أفاضل أصحاب ابن مسعود. "هزيل بن شرحبيل، وأرقم بن شرحبيل": أخوان "آخران"3 من أصحاب ابن مسعود أيضا. ومن أمثلة ثلاثة الإخوة "سهل وعباد وعثمان بنو حنيف" إخوة ثلاثة عمرو بن شعيب "وعمر"4 وشعيب بنو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص"2" إخوة ثلاثة. ومن أمثلة الأربعة: "سهيل بن أبي صالح السمان الزيات وإخوته عبد الله الذي يقال له "عباد"5 ومحمد وصالح".

_ 1 من ش وع، وفي خط: "وعقبة". 2 من ش وع، ورسمها في خط: "العاصي". 3 رسم عليها علامة: "صح". 4 ضبطها في خط بضم العين. 5 ضبط خط بضم العين وتشديد الموحدة.

ومن أمثلة الخمسة ما نرويه عن الحاكم أبي عبد الله قال: "سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ غير مرة يقول آدم بن عيينة وعمران بن عيينة ومحمد ابن عيينة وسفيان بن عيينة وإبراهيم بن عيينة حدثوا عن آخرهم". ومثال الستة: أولاد سيرين ستة تابعيون وهم محمد وأنس ويحيى ومعبد وحفصة وكريمة ذكرهم هكذا أبو عبد الرحمن النسوي ونقلته من كتابه بخط الدارقطني فيما أحسب وروى ذلك أيضا عن يحيى بن معين وهكذا ذكرهم الحاكم في كتاب المعرفة لكن ذكر فيما "نرويه"1 من تاريخه بإسنادنا عنه أنه سمع أبا علي الحافظ يذكر بني سيرين خمسة إخوة محمد بن سيرين وأكبرهم معبد بن سيرين ويحيى بن سيرين "وخالد بن سيرين"2 وأنس بن سيرين وأصغرهم حفصة بنت سيرين. قلت: وقد روي عن محمد عن يحيى عن أنس عن "أنس"3 بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لبيك حقا حقا تعبدا ورقا وهذه غريبة "عايى بها بعضهم"4 فقال: أي ثلاثة إخوة روى بعضهم عن بعض؟ ومثال السبعة: "النعمان بن مقرن وإخوته: معقل وعقيل وسويد وسنان وعبد الرحمن وسابع لم يسم لنا بنو مقرن المزنيون" سبعة إخوة هاجروا وصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشاركهم فيما ذكره ابن عبد البر وجماعة في هذه المكرمة غيرهم وقد قيل إنهم شهدوا الخندق كلهم. وقد يقع في الإخوة ما فيه خلاف في مقدار عددهم. ولم نطول بما زاد على السبعة لندرته. ولعدم الحاجة إليه في غرضنا ها هنا "والله أعلم"5. انتهى. وممن صنف فيه مسلم وأبو داود6. "واعترض" عليه بأمور "منها": جعله أرقم بن شرحبيل "اثنين"7 أحدهما:

_ 1 من ش وع، وفي خط: "يرويه". 2 من خط وع، وليس في ش. 3 رسم عليها علامة صح. 4 من ش، وفي ع: "عايا بعضهم"، وفي خط: "عابها بعضهم". 5 كذا، خلاف العادة، وربما تكرر ذلك في الأنواع الاتية إنشاء الله تعالى. 6 راجع: "الشرح". 7 من ع، وليس في خط.

أخو عمرو بن شرحبيل والآخر: أخو هزيل بن شرحبيل وليس كذلك. وإنما أرقم واحد لا اثنان وإنما اختلف كلام أهل التاريخ والنسب: هل الثلاثة "إخوة"1: عمرو بن شرحبيل وأرقم بن شرحبيل وهزيل بن شرحبيل؟ أو أن أرقم وهزيلا أخوان وليس عمرو أخا لهما. فذهب ابن عبد البر إلى الأول فقال: هم ثلاثة إخوة والصحيح الذي عليه الجمهور أن أرقم وهزيلا أخوان فقط وهو الذي اقتصر عليه2 البخاري في التاريخ الكبير وكذلك أبو حاتم وأبو زرعة وابن حبان والحاكم والمزي في تهذيب الكمال قال وأرقم وهزيل أخوان ذكره في ترجمة أرقم وفي ترجمة هزيل ولم يتعرض لشىء من ذلك في ترجمة عمرو. ورد قول ابن عبد البر"2" "كونهم ثلاثة"3 إخوة بأن عمرو بن شرحبيل "همداني"4 وهزيل وأخوه أرقم "أوديان"5 ولا تجتمع همدان الكبرى ولا همدان الصغرى مع "أود"6 لأن همدان الكبرى ينسبون إلى همدان وهو أوسلة بن مالك بن زيد "بن"7 أوسلة بن ربيعة بن "الخيار"8 بن ملكان وقيل مالك بن زيد بن كهلان. وأما همدان الصغرى فينتسبون إلى همدان بن زياد بن حسان بن سهل بن زيد بن عمرو بن قيس بن معاوية بن "خثيم"9 بن عبد شمس وأما الذي ينسب إليه هزيل وأرقم ابنا شرحبيل الأوديان فهو: أود بن صعب ابن سعد العشيرة بن مذحج.

_ 1 في ع: "إخوة وهم: ... ". 2 راجع: "التقييد". 3 هكذا في خط، وفي ع: "من كونهم ثلاثة". 4ضبط خط بسكون الميم. 5 ضبط خط بسكون الواو وتثقيل المثناة. 6 ضبط خط. 7 من خط، وليس في ع. 8 من خط بالخاء المعجمة والمثناة من تحت، وفي ع: "الجبار" بالجيم والموحدة. 9 في ع: "خشم".

ولا يجتمع مع همدان فالصواب قول الجمهور وعلى كل "حال"1 فما ذكره المصنف لا يستقيم على قول ابن عبد البر ولا على قول الجمهور. ومما يستغرب في "الإخوة الأربعة": بنو راشد أبي إسماعيل السلمي ولدوا في بطن واحد وكانوا علماء وهم محمد وعمر وإسماعيل ولم يسم البخاري والدارقطني الرابع. "ومنها": اقتصاره على خمسة من ولد عيينة وقد ذكر عبد الغني بن "سرور"2 وغيره: أنهم عشرة3 واقتصر البخاري في التاريخ الكبير على أربعة ولم يذكر آدم وزاد الدارقطني وابن ماكولا على الخمسة سادسا وهو أحمد بن عيينة وذكر أبو بكر بن المقرىء سابعا "3"وهو: مخلد بن عيينة. فإن قيل: إنما اقتصر المصنف على الخمسة لأنهم الذين حدثوا دون الباقين كما حكاه المزي في "التهذيب""3" فقال: "قيل: كانوا"4 بنو عيينة عشرة إخوة خزازين حدث منهم خمسة فذكرهم قيل قد حدث أحمد بن عيينة أيضا كما قاله "3" الدارقطني في المؤتلف والمختلف عيينة بن أبي عمران الهلالي والد سفيان وإبراهيم وعمران وآدم ومحمد وأحمد "بن"5 عيينة المحدثون وهكذا ذكرهم ابن ماكولا وقال: كلهم محدثون. "ومنها": قوله أولاد سيرين ستة مع أن ابن سعد عدهم في الطبقات عشرة أنس وخالد ومحمد "ومعبد ويحيى"6 وحفصة وسودة وعمرة وكريمة وأم سليم فعمرة وسودة "أمهما"7 أم ولد كانت لأنس بن مالك.

_ 1 من خط، وليس في ع. 2 كذا في خط وع: "سرور" بدل: "سعيد"، وفي حاشية "المقدمة" عن "التقييد": "عبد الغني المقدسي" وهو الصواب، والله أعلم. 3 راجع: "التقييد". 4 كذا في خط، وفي ع: "وقيل: كان". 5 هكذا في خط، وفي ع: "بني". 6 من ع، وفي خط: "وعبد بن يحيى". 7 من خط ول، ووقع في ع: "أنهما".

"وجوابه": أنه ذكر من حدث منهم فعمرة وأم سليم وسودة ليست لهن رواية وأما خالد فإن المصنف ذكره. وقال الطبراني وقد عد منهم خالدا: إنهم كلهم حدثوا. نعم قال محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي إن خالدا لم يخرج حديثه "ومنها": تقريره النيسابوري على أن أصغرهم حفصة مع أن أصغرهم أنس كما قاله عمرو بن علي الفلاس وهو الصواب فإن المشهور أنه ولد "لستة"1 بقيت من خلافة عثمان وبه صدر "المزي"2 كلامه وتوفي في قول أحمد ومحمد بن أحمد المقدمي سنة عشرين ومائة قال أحمد وهو ابن ست وثمانين سنة وفي العبر للذهبي خمس وثمانين فيكون مولده سنة أربع وثلاثين. وأما حفصة: فإنها توفيت سنة إحدى ومائة وعاشت إما سبعين سنة أو تسعين سنة فهي أكبر منه على كل تقدير. وقال ابن سعد في "آخر"3 الطبقات أخبرنا بكار بن محمد من ولد محمد ابن سيرين قال كانت حفصة بنت سيرين أكبر ولد سيرين من الرجال والنساء من ولد صفية وكان ولد صفية محمدا ويحيى وحفصة وكريمة وأم سليم. "ومنها": قوله: ثلاثة إخوة روى بعضهم عن بعض وهم أربعة كما ذكره محمد بن طاهر المقدسي في تخريجه لأبي منصور عبد المحسن بن محمد بن علي الشيرازي4 فقال روى هذا الحديث محمد بن سيرين عن أخيه يحيى عن أخيه معبد عن أخيه أنس بن سيرين "عن أنس بن مالك"5. لكن المشهور: ما ذكره المصنف تبعا للدارقطني6 فإنه رواه عن ثلاثة إلا أنه

_ 1 هكذا في خط، وفي ع: "لست". 2 من ع، وفي خط: "المزني". 3 من خط، وفي ع: "أواخر". 4 راجع: "التدريب". 5 من خط، وليس في ع. 6 راجع: "التقييد".

قال: "حجا حقا" ولا "يعرف"1 ليحيى رواية عن أخيه معبد ولا لمعبد رواية عن أنس. قال ابن المديني: لم يرو عن معبد إلا أخوه أنس كذا قال وقد روى عنه أيضا أخوه محمد وروايته عنه في الصحيحين2 "ومنها": قوله: مثال السبعة النعمان بن مقرن وإخوته فعد ستة وقال:"السابع لم يسم" لنا وقد سمي السابع ومعه اثنان وهم نعيم بن مقرن ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب فقال نعيم بن مقرن أخو النعمان بن مقرن خلف أخاه حين قتل بنهاوند وكانت على يديه فتوح كثيرة وهو وإخوته من جلة الصحابة. وضرار بن مقرن ذكره الحافظ "أبو بكر بن محمد"3 بن خلف بن سليمان ابن خلف بن فتحون في ذيله على الاستيعاب وأن خالد بن الوليد لما دخل الحيرة في أيام أبي بكر أمر ضرارا على جماعة من المسلمين وقال ذكره الطبري وسيف. "وعبد الله بن مقرن ذكره"4 ابن فتحون أيضا في ذيله وقال إنه كان على ميسرة أبي بكر رضي الله عنه في خروجه لقتال أهل الردة إثر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ذكره الطبري وسيف وذكره ابن مندة وأبو نعيم أيضا في "معرفة الصحابة""2" وقال الطبري كانوا عشرة إخوة. وإنما اشتهر كونهم سبعة لما في "مسلم" من حديث سويد بن مقرن قال: "لقد رأيتني سابع سبعة من "ولد"5 مقرن مالنا من خادم إلا واحدة فلطمها أصغرنا فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعتقها. ويحتمل أن من أطلق كونهم سبعة أراد من هاجر منهم. قال مصعب بن الزبير: هاجر النعمان ومعه سبعة إخوة وسمى ابن عبد البر منهم ستة. وهم:

_ 1 من خط، وفي ع: "تعرف"، وهذه على عادة الأبناسي في التعبير عما جزم فيه العراقي رحمه الله تعالى، وسبقت أمثلة ذلك في صدر هذا الكتاب. 2 راجع: التقييد". 3 هكذا في خط، وفي ع: "أبو بكر محمد". 4 هكذا في خط، وفي ع: "وأما عبد الله......فذكره". 5 هكذا في خط، وفي ع: "بني" ومثله عند "مسلم" "1658/32".

سنان وسويد وعقيل ومعقل والنعمان ونعيم وسمى ابن فتحون في ذيله الباقين وهم ضرار وعبد الله وعبد الرحمن وقال إن عبد الرحمن ذكره في الصحابة الطبري وابن السكن1. [لومثال السبعة "من"2 التابعين: بنو عبد الله بن عمر بن الخطاب وهم: سالم وعبد الله وعبيد الله وحمزة وزيد وواقد وعبد الرحمن] 3. "ومنها": ما حكاه ابن عبد البر وجماعة من "انفراد"4 بني مقرن بهذه المكرمة "ذكره"5 ابن عبد البر في ترجمة عقل بن مقرن وعزاه إلى الواقدي ومحمد بن عبد الله بن نمير مع أنه قد شاركهم فيها أولاد الحارث بن قيس السهمي فإن كلا منهم هاجر وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وعدهم ابن إسحاق فيمن هاجر "الهجرة"6 الأولى للحبشة سبعة"1" وذكرهم ابن عبد البر في الاستيعاب كل واحد في موضعه وأنهم هاجروا إلى الحبشة وقال في ترجمة سعيد بن الحارث هاجر هو وإخوته كلهم إلى أرض الحبشة. فهؤلاء "تسعة"7 إخوة وهم بشر وتميم والحارث والحجاج والسائب وسعيد وعبد الله ومعمر وأبو قيس أولاد الحارث بن قيس السهمي وسمى الكلبي معمر بن الحارث معبدا والمشهور الأول فهؤلاء لهم صحبة وهجرة وهم أشرف نسبا في الجاهلية والإسلام وزادوا على بقية الإخوة بأن استشهد معه سبعة في سبيل الله فقتل تميم والحارث والحجاج بأجنادين وقتل سعد يوم اليرموك وقتل السائب يوم فحل وقيل: يوم الطائف وقتل عبد الله

_ 1 راجع: "التقييد". 2 من خط، وفي ع: "في". 3 أخذ الأبناسي رحمه الله هذه القرة من "الشرح"، وكان عليه أن يؤخرها، غما زال الحديث موصولا عن "أولاد مقرن" كما سيأتي، والله المستعان. 4 من خط، ووقع في ع بالقاف بدل الفاء 5 هكذا سبق في كلام ابن الصلاح، وفي خط: "ذكرها"، وفي ع: "قاله". 6 من ع، وفي خط: "البحرة". 7 من ع، وفي خط: "سبعة".

يوم الطائف وقيل باليمامة وقيل بالحبشة مهاجرا1 وقتل أبو قيس يوم اليمامة. واعترض ابن فتحون على ابن عبد البر في كتابه "التنبيه على ما أوهمه ابن عبد البر أو وهم فيه" بأن معاوية بن الحكم السلمي وإخوته الستة في مثل عددهم وفضيلتهم. ثم روى من طريق أبي علي بن السكن بإسناده إلى معاوية بن الحكم قال: "وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وستة إخوة لي "فأنزى"2 علي بن الحكم فرسه خندقا "فاقتصرت"3 الفرس فدق جدار الخندق ساقه فأتينا به النبي صلى الله عليه وسلم فمسح ساقه فما نزل عنها حتى برأ". فقال معاوية بن الحكم قصيدة: فأنزلها علي فهي تهوي ... هوي الدلو تنزعه برجل "فقضت"4 رجله فسما عليها ... سمو الصقر صادف يوم طل فقام محمد صلى عليه ... مليك الناس قولا غير فعل "لعا لك"5 فاستمهر بها سويا ... وكانت بعد ذاك أصح رجل] 6 والحديث في "الطبراني-الكبير" ولم يقل فيه إنه وفد معه ستة إخوة وأيضا ففي إسناده جهالة وأيضا فلم يقل إنهم هاجروا فلعلهم وفدوا عام قدوم الوفود ولا هجرة بعد الفتح وأيضا فلم تعرف بقية أسمائهم وإنما سمى منهم معاوية وعلي "وعمر إن"7 كان مالك حفظه وإلا فقد قال علي ابن المديني والبخاري إن مالكا وهم في قوله عمر بن الحكم وإنما هو "معاوية بن الحكم".

_ 1 راجع: "التقييد". 2 من خط ومثله في "دلائل النبوة" للبيهقي "6/185" و "الإصابة"، وفي ع: "فأبرز". 3 هكذا في خط، وفي ع: "فقصرت". 4 هكذا في خط بالفاء ثم القاف، وفي ع "ففضت" بفاءين، وفي "الإصابة": "فعصب". 5 من ع و "الإصابة"، وفي خط: "كعالك". 6 ضبط الأبيان- جميعها- من خط: "كعالك". 7 من خط، وفي ع: "عمران".

قال ابن كثير: وثم سبعة إخوة صحابة شهدوا كلهم بدرا لكنهم لأم وهي عفراء بنت عبيد تزوجت أولا بالحارث بن رفاعة الأنصاري فأولدها معاذا ومعوذا ثم تزوجت بعد طلاقه لها بالبكير بن عبد ياليل بن ناشب فأولدها إياسا وخالدا وعاقلا وعامرا ثم عادت إلى الحارث فأولدها عوفا فأربعة منهم أشقاء وهم: [بنو البكير وثلاثة أشقاء وهم1] بنو الحارث وسبعتهم شهدوا بدرا2 "ومعاذ ومعوذ"3 ابنا عفراء هما اللذان أثبتا أبا جهل عمرو بن هشام المخزومي ثم احتز رأسه وهو "مطروح"4 عبد الله بن مسعود الهذلي. "قوله": ولم نطول بما زاد على السبعة فلم يذكر الثمانية ومثالها من الصحابة بنو حارثة بن سعيد بن عبد الله الأسلميون وهم أسماء وحمران وخراش وذؤيب وسلمة وفضالة ومالك وهند أسلموا وصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهدوا معه بيعة الرضوان بالحديبية ذكر ذلك أبو القاسم البغوي وذكره ابن عبد البر في ترجمة هند قال ولم يشهدها أي بيعة الرضوان إخوة في عددهم غيرهم ولزم منهم اثنان النبي صلى الله عليه وسلم وهما أسماء وهند وكانا من أهل الصفة. ومثالهم في "التابعين": أولاد أبي بكرة هم عبد الله وعبيد الله وعبد الرحمن وعبد العزيز ومسلم ورواد ويزيد وعتبة سماهم ابن سعد في الطبقات مجتمعين وله ابنة اسماها "كيسة"5 وروايتها عن أبيها في سنن أبي داود فيكون هذا من أمثلة التسعة.

_ 1 من ابن كثير، وليس في خط. 2 "مع رسول الله صلى الله عليه وسلم" هكذا عند لبن كثير. 3 من ابن كثير، وفي خط: "ومعوذ ومعوذ". 4 هكذا في خط، وعند ابن كثير: "طريح". 5 هكذا في خط وع ومثله في "تحفة الأشراف" "9/58"، وفي "التدريب": "كبشة". قلت: وفي "سنن أبي داوود""3862": من رواية موسى بن إسماعيل عن أبي بكرة بكار بن عبد العزيز قال: "أخبرتني عمتي كبشة بنت أبي بكرة، وقال غير موسى: كيسة بنت أبي بكرة....".

قال ابن "سعد"1 توفي أبو بكرة عن أربعين ولدا من بين ذكر وأنثى فأعقب منهم سبعة2 ومثال التسعة ما تقدم بنحو ورقة وهو أولاد الحارث بن قيس السهمي وكلهم صحب النبي صلى الله عليه وسلم وهاجر ومثال العشرة: "بنو العباس بن عبد المطلب" وهم الفضل وعبد الله وعبيد الله وعبد الرحمن وقثم ومعبد وعون والحارث وكثير وتمام وكان أصغرهم وكان العباس يحمله ويقول: تموا بتمام فصاروا عشرة يا رب فاجعلهم كراما بررة واجعل لهم ذكرا وانم "الثمرة"3 وكان للعباس ثلاث بنات: أم كلثوم "وأم حبيبة"4 وأميمة وقيل: له رابعة وهي: أم قثم أوردها ابن سعد في "الطبقات" "و"5 روى لها أثرا عن علي بن أبي طالب وقال هكذا جاء في الحديث ولم نجد للعباس ابنة تسم "أم قثم" ومثال الإثنى عشر أولاد عبد الله بن أبي طلحة وهم إبراهيم وإسحاق وإسماعيل وزيد وعبد الله وعمارة وعمير وعمر والقاسم ومحمد ويعقوب ويعمر وكانوا كلهم قرأوا القرآن وقال أبو نعيم كلهم "حمل"6 عنه العلم كذا سماهم ابن الجوزي اثنى عشر وسماهم ابن عبد البر وغير واحد: عشرة

_ 1 من ع، وفي خط: "سعيد"، والنص في "طبقات" ابن سعد "7/141"ترجمة: "عبد الله بن أبي بكرة". 2 كذا عند ابن سعد وقال: "..فأعقب منهم سبعة عبد الله بن أبي بكرة احدهم" مع أنه - ابنسعد - رحمه الله عد ثمانية من أولاد أبي بكرة: كما في "الطبقات" "7/141 - 142". 3 من ع ول، وفي خط: "العشرة". 4 من خط، وفي ع: "وأم حبيب". 5 من ع، وليس من خط. 6 ضبط خط.

ومثال الثلاثة عشر "و"1 الأربعة عشر: "أولاد العباس بن عبد المطلب" الذكور والإناث وقد تقدم تسميتهم عند العشرة. وأكثر ما وجد مسمى من الإخوة والأخوات من أولاد "المشهورين"2: "أولاد"3 سعد بن أبي وقاص سمى له ابن الجوزي خمسة وثلاثين ولدا وقد روى عنه من أولاده في "الكتب الستة" أو بعضها: إبراهيم وعامر وعمر ومحمد ومصعب وعائشة. وقد كان أولاد أنس بن مالك يزيدون على المائة. وسمي لنا ممن روى عنه من أولاده لصلبه: عشرة وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له: "اللهم أكثر ماله وولده".

_ 1 هكذا في خط، وفي ع: "أو" 2 من خط، وفي ع: "المشهور". 3 من خط، وليس في ع.

النوع الرابع والأربعون

النوع الرابع والأربعون معرفة رواية الآباء عن الأبناء و"للخطيب الحافظ" في ذلك كتاب روينا فيه عن العباس بن عبد المطلب عن ابنه الفضل رضي الله عنهما "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين بالمزدلفة". وروينا فيه عن "وائل بن داود" عن ابنه بكر بن وائل" وهما ثقتان أحاديث منها1: عن ابن عيينة عن وائل بن داود عن ابنه بكر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أخروا الأحمال فإن اليد معلقة2 والرجل موثقة". قال "الخطيب": لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلمه إلا من جهة بكر وأبيه. وروينا فيه عن معتمر بن سليمان التيمي قال: "حدثني أبي قال حدثتني أنت عني عن أيوب عن الحسن قال ويح كلمة رحمة" وهذا طريف يجمع أنواعا.

_ 1 في الحاشية خط: "ولوائل بن داود عن ابنه حديث اخر في "الجامع الترمذي" قال الترمذي: ثنا ابن أبي عمر قال حدثنا سفيان بن عيينة عن وائل بن داود عن ابنه بكر عن الزهري عن أنس: "ان النبي صلى الله عليه وسلم أولم على صفية بنت حيي بسويق وتمر". قال: هذا حديث غريب" اهـ. قالت: وكان في خط: "صفية حيي" والتصويب من "سنن الترمذي". ووقع في اسناد الترمذي "1095-ط: الكتب العلمية": "عن وائل بن داود عن أبيه" كذا فليصلح. وفي "جامع الترمذي": "حسن غريب". 2 في حاشية خط: "هذه اللفظة: "اليد معلقة" هكذا في هذه النسخة، وأظنها أنها إنما هي: "فإن اليد معلقة" من عقال البعير، فالله أعلم" اهـ. قلت: ولفظة "معلقة" بالعين المهملة هكذا وردت عند ابن الصلاح والعراقي والأبناسي ومثله في "الأوسط" للطبراني "4508-ط: الحرمين"، وغيرهم، وفي نشرة كثير، وغيره بالغين المعجمة.

وروينا فيه عن "أبي عمر حفص بن عمر الدوري المقرىء عن ابنه أبي جعفر محمد ابن حفص" ستة عشر حديثا أو نحو ذلك. وذلك أكثر ما رويناه لأب عن ابنه. وآخر ما رويناه من هذا النوع وأقربه عهدا ما حدثنيه أبو المظفر عبد الرحيم ابن الحافظ أبي "سعد"1 المروزي رحمهما الله بها من "لفظه قال: أنبأني"2 والدي عني فيما قرأت بخطه قال حدثني "ولدي"3 أبو المظفر عبد الرحيم من لفظه وأصله فذكر بإسناده عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أحضروا موائدكم البقل فإنه مطردة للشيطان مع التسمية". وأما الحديث الذي رويناه عن أبي بكر الصديق عن عائشة "رضي الله عنها"4 عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "في الحبة السوداء شفاء من كل داء" فهو غلط ممن رواه إنما هو عن أبي بكر بن أبي عتيق عن عائشة وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق" وهؤلاء هم الذين قال فيهم "موسى بن عقبة": "لا نعرف أربعة أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم هم وأبناؤهم إلا هؤلاء الأربعة" فذكر: أبا بكر الصديق وأباه وابنه عبد الرحمن وابنه محمدا أبا عتيق. انتهى. "اعترض" عليه بأن حديث: "أحضروا موائدكم البقل" حديث موضوع وهو قال في "النوع الحادي والعشرين": إنه لا "تحل"5 رواية الحديث الموضوع لأحد علم حاله وقد أبهم إسناده مع أن السمعاني ذكره في الذيل من رواية العلاء ابن مسلمة الرواس عن إسماعيل بن "مغراء"6 الكرماني عن إسماعيل بن عياش عن "برد"7 عن مكحول عن أبي أمامة ورواه أبو حاتم بن حبان في تاريخ الضعفاء في ترجمة العلاء بن مسلمة بهذا الإسناد وقال العلاء يروي عن الثقات الموضوعات "لا يحل الاحتجاج"8 به "بكل حال"9. وقال أبو الفتح

_ 1 من ش وع، وفي خط: "سعيد". 2 من ش وع، وفي خط: "لفظة أنيأني". 3 من ش وع، وفي خط: "والدي". 4 من خط، وليس في ش وع. 5 من خط، وسبق مثله عند ابن الصلاح، وفي ع: "يحمل". 6 من خط و "المجروحين" "2/186"، وفي ع: "مغر". 7 ضبط خط. 8 من خط و "المجروحين"، وليس في ع. 9 كذا في خط، وفي ع"يحال" ومثله في "المجروحين".

الأزدي: كان رجل سوء لا يبالي ما روى وعلى ما أقدم لا يحل لمن عرفه أن يروي عنه. وقال محمد بن طاهر كان يضع الحديث. وذكر ابن الجوزي هذا الحديث في "الموضوعات" وقال: لا أصل له. وقد يجاب عن المصنف بأنه لا يري أنه موضوع وإن كان في إسناده وضاع فإنه ما اعترف بوضعه1 وأما حديث: "الحبة السوداء" فإنه كما قال "وكذا"2 ذكره البخاري عن أبي بكر عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر نعم ذكر ابن الجوزي في كتاب: "التلقيح" أن أبا بكر الصديق روى عن ابنته عائشة رضي الله عنها حديثين. "واعترض" عليه3 أيضا على تقريره كلام موسى بن عقبة: "لا نعرف أربعة أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم هم وبنوهم إلا هؤلاء" بأن عبد الله بن الزبير هو وأمه: أسماء وأبوها: أبو بكر وجدها أبو قحافة أدركوا بل عد ابن الزبير في الصحابة أولى من محمد بن عبد الرحمن فإن ابن حبان قال في محمد إن له رؤية وقد تقدم أن المعتبر رؤية مع التمييز. وهذه الصورة لا ترد على عبارة ابن عبد البر فإنه قال يقال إنه لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم أربعة ولا أب وبنوه إلا هؤلاء وعبارة ابن مندة عن موسى بن عقبة ما نعلم أربعة في الإسلام أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم الآباء مع "الأبناء فذكرهم"4. ومن رواية الآباء عن الأبناء العباس عن ابنه عبد الله ذكره ابن الجوزي في "التلقيح". وروى وائل عن ابنه بكر ثمانية أحاديث منها في "السنن الأربعة" "حديثه"5 عن ابنه عن الزهري عن أنس "أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على صفية بسويق وتمر".

_ 1 راجع: "التقييد". 2 هكذا في خط، وفي ع: "وهكذا". 3 يعني: ابن الصلاح رحمه الله. 4 هكذا في خط، وفي ع: "..الأباء إلابو قحافة فذكرهم"، وراجع:التقييد". 5 من ل، وفي خط: "حدثه".

وروى سليمان التيمي عن ابنه معتمر حديثين1. وروى أنس بن مالك عن ابنه غير مسمى حديثا. وروى زكريا بن أبي زائدة عن ابنه حديثا. وروى يونس بن أبي إسحاق عن ابنه إسرائيل حديثا. وروى أبو بكر بن "عياش"2 عن ابنه إبراهيم حديثا. وروى شجاع بن الوليد عن ابنه أبي هشام الوليد حديثا. وروى عمر بن يونس اليمامي عن ابنه حديثا. وروى سعيد بن الحكم المصري عن ابنه محمد حديثا. وروى إسحاق بن البهلول عن ابنه يعقوب حديثين. وروى كثير بن يحيى البصري عن ابنه يحيى حديثا. وروى يحيى بن جعفر بن "أعين"3 عن ابنه الحسين حديثين. وروى علي بن حرب الطائي عن ابنه الحسن حديثا. وروى محمد بن يحيى الذهلي عن ابنه يحيى حديثا. وروى أبو داود السجستاني عن ابنه أبي بكر عبد الله حديثين. وروى علي بن الحسن بن أبي عيسى الدرابجردي عن ابنه الحسن حديثا. وروى الحسن بن سفيان عن ابنه أبي بكر حديثين. وروى أحمد بن شاهين عن ابنه محمد حديثا. وروى أبو بكر بن أبي عاصم عن "ابنه عبد الرحمن"4 حديثا. وروى عمر بن محمد السمرقندي عن ابنه محمد حديثا.

_ 1 راجع: "الشرح". 2 من خط، وفي ل: "عباس" بالموحدة والمهملة. 3 في ل: "أغين" بالمعجمة. 4 هكذا في خط، وفي ل: "ابنه أبي عبدا لرحمن".

وروى محمد بن عبد الله بن أحمد الصفار عن ابنه أبي بكر أبياتا قالها. وروى أبو الشيخ بن "حيان"1 عن "ابنه"2 عبد الرزاق حكاية. وروى الحافظ أبو سعد بن السمعاني عن ابنه عبد الرحيم في ذيل "تاريخ بغداد" وروى قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة عن ابنه قاضي القضاة: عز الدين حكاية عجيبة.

_ 1 في ل: "حبان" بالموحدة. 2 في ل: "أبيه".

النوع الخامس والأربعون

النوع الخامس والأربعون معرفة رواية الأبناء عن الآباء و"لأبي نصر الوايلي الحافظ" في ذلك كتاب. وأهمه ما لم يسم فيه الأب "أو"1 الجد وهو نوعان: أحدهما: رواية الابن عن الأب عن الجد نحو "عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده". وله بهذا الإسناد نسخة كبيرة أكثرها فقهيات جياد وشعيب هو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن "العاص"2. وقد احتج أكثر أهل الحديث بحديثه حملا لمطلق الجد فيه على الصحابي "عبد الله بن عمرو" دون ابنه محمد والد شعيب لما ظهر لهم من إطلاقه ذلك. ونحو "بهز بن حكيم عن أبيه عن جده": روى بهذا الإسناد نسخة كبيرة حسنة وجده هو معاوية بن "حيدة"3 القشيري". و"طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده" وجده: "عمرو بن كعب اليامي ويقال كعب بن عمرو" ومن "أطرف"4 ذلك رواية ابي الفرج عبد الوهاب التميمي الفقيه الحنبلي وكانت له ببغداد في جامع المنصور حلقة للوعظ والفتوى عن أبيه في تسعة من آبائه نسقا أخبرني بذلك "الشيخ أبو الحسن مؤيد بن محمد بن علي النيسابوري"

_ 1 من خط وع، وفي ش: "و". 2 من ش وع، ورسمها في خط: "العاصي". 3 ضبط خط- بسكون الياء. 4 في خط بالمهملة ورسمها تحتها طاء صغيرة إشارة لإهمالها، وفي ش وع: "أضرف" بالظاء المعجمة.

بقراءتي "عليه أنا"1 أبو منصور عبد الرحمن بن محمد الشيباني في كتابه إلينا "أنا"2 الحافظ أبو بكر أحمد بن علي قال: "ثنا عبد الوهاب بن عبد العزيز "بن"3 الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان بن يزيد بن "أكينة"4 بن عبد الله التميمي من لفظه قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت علي بن أبي طالب وقد سئل عن الحنان المنان فقال: الحنان الذي يقبل على من أعرض عنه والمنان الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال آخرهم أكينة بالنون وهو السامع "عليا"5 رضي الله عنه". حدثني "أبو المظفر عبد الرحيم بن الحافظ أبي سعد السمعاني" "بمرو الشاهجان""4" عن "أبي النضر"6 عبد الرحمن بن عبد الجبار الفامي قال: سمعت السيد أبا القاسم منصور بن محمد العلوي يقول: الإسناد بعضه عوال وبعضه معال"4" وقول: الرجل حدثني أبي عن جدي من المعالي". "و"الثاني: رواية الابن عن أبيه دون الجد. وذلك باب واسع وهو نحو رواية أبي العشراء"4" الدارمي عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه معروف وقد اختلفوا فيه فالأشهر أن أبا العشراء"4" هو أسامة بن مالك بن قهطم وهو فيما نقلته من خط البيهقي وغيره بكسر القاف وقيل: قحطم بالحاء وقيل: هو عطارد بن "برز"7 بتسكين الراء وقيل بتحريكها أيضا وقيل: ابن بلز باللام وفي اسمه واسم أبيه من الخلاف غير ذلك. انتهى. "قوله": وهو نوعان أي الأول أن يزيد فيه بعد ذكر الأب: أبا آخر فيكون

_ 1 هكذا في خط، وفي ش: "عليه بها، قال: أنبأنا"، وفي ع: "عليه بها قال: أخبرنا". 2 في ش: "قال: انا"، وفي ع: "قال: أخبرنا" 3 من ش وع، وليس في خط. 4 ضبط خط. 5 من ش وع، وفي خط: "علي". 6 وقع في ش: "أبي النصر" بالصاد المهملة. 7 ضبطها في خط بضم الراء - ضبط قلم- كما هي عادته.

جدا لأول أو يزيد جدا للأب. ومثل لزيادة الجدين وأنه "عمرو بن شعيب". واختلف في الاحتجاج به1 على أربعة أقوال "أحدها": أنه حجة مطلقا إذا صح السند إليه قال البخاري: رأيت أحمد وعلي ابن المديني وإسحاق بن راهويه وأبا عبيد وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ما تركه أحد من المسلمين قال البخاري "فمن الناس"2 بعدهم؟ قال3: واجتمع علي ويحيى بن معين وأبو خيثمة وشيوخ من أهل العلم فتذاكروا حديث عمرو بن شعيب فثبتوه وذكروا أنه حجة وهو ما رجحه"1" المصنف. "والقول الثاني": أنه لا يحتج به وهو قول أبي داود"1" قيل له: عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده حجة عندك قال لا ولا نصف حجة وروى عباس الدوري عن يحيى بن معين قال: روايته عن أبيه عن جده كتاب فمن ها هنا جاء ضعفه وقال: ابن عدي إن روايته عن أبيه عن جده مرسلة لأن جده محمدا لا صحبة له قال"3" بن حبان عمرو ثقة إذا روى عن الثقات عن أبيه فإذا4 روى عن أبيه عن جده فإن شعيبا لم يلق عبد الله فيكون منقطعا وإن أراد جده الأدنى محمدا فلا صحبة له فيكون مرسلا. "ورد" بأنه قد صح سماع "شعيب من"5 عبد الله بن عمرو كما صرح به البخاري في التاريخ وأحمد وكما رواه الدارقطني والبيهقي في السنن بإسناد صحيح. "والقول الثالث": التفرقة بين أن يفصح بجده أنه عبد الله أو لا وهو قول الدارقطني حيث قال لعمرو بن شعيب ثلاثة أجداد الأدنى منهم محمد والأوسط عبد الله والأعلى عمرو وقد سمع يعني شعيبا من محمد ومحمد لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم وسمع من جده عبد الله فإذا بينه وكشفه فهو

_ 1 راجع: "شرح الألفية". 2 ضبط خط. 3 في ل: "وقال". 4 هكذا في خط، وفي ل: "وإذا"، وراجع: "المجروحين" "2/72". 5 من ل، وفي خط: "حبيب بن".

صحيح حينئذ ولم يترك حديثه أحد من الأئمة ولم يسمع من جده عمرو انتهى. فإذا قال عن جده: عبد الله بن عمرو فهو صحيح حينئذ وكذلك إذا قال عن جده سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك مما يدل على أن مراده عبد الله لا محمد وفي السنن عدة أحاديث كذلك. "والقول الرابع": التفرقة بين أن يستوعب ذكر آبائه بالرواية أو يقتصر على "أبيه عن جده" فإن صرح بهم كلهم فهو حجة وإلا فلا وهو رأي أبي حاتم بن حبان البستي وروى في صحيحه له حديثا واحدا هكذا "عمرو بن شعيب عن أبيه عن محمد بن عبد الله بن عمرو عن أبيه مرفوعا: "ألا أحدثكم"1 بأحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة" الحديث. وقال شيخنا الحافظ أبو سعيد العلائي2: ما جاء فيه التصريح برواية محمد عن أبيه في السند فهو شاذ نادر. قال: وذكر بعضهم أن محمدا مات في حياة أبيه وأن أباه كفل شعيبا ورباه. قال: ولم يذكر أحد من المتقدمين محمدا في كتابه ولا ترجم له. "ورد" بأنه قد ترجم له ابن "يونس"3 في "تاريخ مصر" وابن حبان في الثقات قال ابن يونس روى عن أبيه روى عنه حكيم بن الحارث الفهمي في أخبار سعيد بن عفير وابنه شعيب بن محمد. والقول الأول أصح. "قوله": ومن "أطرف"4 ذلك: رواية أبي الفرج.. إلى أن قال: في تسعة من آبائه نسقا. انتهى.

_ 1 هكذا في خط ول و "التدريب" و "الباعث"، ومثله في "مسند أحمد" "2/217-218"، وفي "صحيح ابن حبان" "485-ط: الرسالة": "أخبركم"، ومثله في "المسند" "2/185". 2 راجع: "شرح الألفية". 3 من ل، وفي خط: "إدريس". 4 بالطاء المهملة كما في خط، ورسم الناسخ تحتها طاء صغيرة، وضبطها بفتح فسكون.

وقد وقع لنا حديث مرفوع من هذا الوجه وقع فيه التسلسل باثني عشر أبا وهو أعجب مما ذكره المصنف أنبأنا به جماعة من مشايخنا1 منهم: الشيخ برهان الدين إبراهيم بن لاجين الرشيدي قال أخبرنا أحمد بن "إسحاق بن محمد الهمداني"2 قال: أخبرنا عبد الله بن "محمد الفلاس"3 قراءة عليه وأنا حاضر بشيراز "أخبرنا"4 عبد العزيز بن "منصور الآدمي"5"ثنا"6 رزق الله بن عبد الوهاب التميمي قال: سمعت أبي أبا الفرج عبد الوهاب يقول: سمعت أبي أبا الحسن عبد العزيز يقول: سمعت أبي أبا بكر الحارث يقول سمعت أبي أسدا يقول: سمعت أبي الليث يقول سمعت أبي سليمان يقول: سمعت أبي الأسود يقول: سمعت أبي سفيان يقول: سمعت أبي يزيد يقول: سمعت أبي "أكينة"7 يقول: سمعت أبي الهيثم يقول: سمعت أبي عبد الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما اجتمع قوم على ذكر إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة". قال: شيخنا العلائي في كتاب "الوشي المعلم"8: هذا إسناد غريب جدا ورزق الله كان إمام الحنابلة في زمانه من الكبار المشهورين"8" مات سنة ثمان وثمانين وأربع مائة وأبوه أبو الفرج أمام مشهور أيضا ولكن جده عبد العزيز متكلم فيه كثيرا على إمامته واشتهر بوضع الحديث وبقية آبائه مجهولون لا ذكر لهم في شيء من الكتب أصلا وقد تخبط فيهم عبد العزيز أيضا بالتغيير9 أي: فزاد في الثاني10 أبا لأكينة وهو الهيثم وجعله من روايته عن أبيه عبد الله

_ 1 راجع "شرح الألفية". 2 هكذا في خط، وفي ع: "محمد بن إسحاق الهمداني"، وفي ل: "محمد بن إسحاق الإبرقوهي". 3 هكذا في خط، وفي ع: "بن أحمد بن محمد القدنسي"، وفي ل: "بن محمد القلانسي". 4 من خط ول، وفي ع: "أنبأنا". 5 هكذا في خط وع، وفي ل: "منصور بن محمد الادمي". 6 في ل وع: "حاثنا". 7 ضبط خط. 8 راجع: "التقييد" و "الشرح". 9 إلي هنا انتهى كلام "العلائى" كما في ع، والنقل القادم من ل. 10 أي: الحديث الثاني، والأول: حديث "علي" في تفسير "الحنان، المنان" ذكره العراقي أولا ثم أتبعه بحديث "الاجتماع على الذكر" فاقتصر الأبناسي على الثاني منهما- وقد سبق حديث "علي" عند ابن الصلاح، وراجع: "شرح الألفية".

وجعله صحابيا. وأكثر ما وقع بتسلسل رواية الأبناء عن الآباء: أربعة عشر "رجلا"1 من طريق أهل البيت2 من رواية أبي محمد "الحسن"3 بن علي قال: حدثني والدي علي ابن أبي طالب قال: "حدثني أبو طالب"4 الحسن بن عبيد الله قال حدثني والدي عبيد الله بن محمد قال: حدثني والدي محمد بن عبيد الله قال: حدثني والدي "عبيد الله"5 بن علي قال: حدثني والدي علي بن الحسن قال: حدثني والدي الحسن بن الحسين قال: حدثني والدي الحسين بن جعفر أول من دخل بلخ من هذه الطائفة قال: حدثني والدي جعفر بن عبيد الله الملقب بالحجة قال: حدثني والدي عبيد الله قال: حدثني والدي "الحسين الأصغر"6 قال حدثني والدي علي زين العابدين قال: حدثني والدي الحسين قال: حدثني والدي علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "المجالس بالأمانة" 7 رواه الحافظ أبو مسعود السمعاني في الذيل قال أخبرنا أبو شجاع عمر ابن أبي الحسن البسطامي الإمام بقراءتي وأبو بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني من لفظه "قالا"8 حدثنا السيد أبو محمد "الحسن"9 بن علي بن أبي طالب فذكره. أورده في ترجمة "الحسن بن علي هذا" وقال: كان أحد الكبار المشهورين بالجود والسخاء وفعل الخيرات ومحبة أهل العلم والصلاح وداره كانت مجمع الفقهاء

_ 1 هكذا في خط وع، وفي ل: "أبا". 2 راجع: "الشرح" و "التقييد". 3 هكذا في خط وع، وفي ل: "الحسين". 4 هكذا في خط، وفي ع: "حدثني والدي أبو طالب"، وفي ل: "حدثني أبي أبو طالب". 5 من ع ول، وسبق مثله في خط ول، وفي خط- هنا-: "عبد الله" مكبر. 6 هكذا في ع، وفي ل: "الحسن الأصغر"، وفي خط: "الحسين بن الأصفر". 7 هكذا في خط وع، وفي ل: "ليس الخبر كالمعاينة". 8 من خط وع، وفي ل: "قال". 9 هكذا في خط وع، وفي ل: "الحسين".

والفضلاء توفي1 سنة "اثنين"2 وخمسين ومائة.انتهى. وفي آبائه من لا يعرف حاله وهذا الحديث من جملة أربعين حديثا "فيها"3 مناكير وقد ورد من هذا الوجه حديث "ليس الخبر كالمعاينة".

_ 1 راجع: "التقييد". 2 هكذا في خط، وفي ع: "اثنتين": 3 هكذا في خط، وفي ع: "منها".

النوع السادس والأربعون

النوع السادس والأربعون معرفة من اشترك في الرواية عنه راويان متقدم ومتأخر تباين وقت وفاتيهما تباينا شديدا فحصل بينهما أمد بعيد وإن كان المتأخر منهما غير معدود من معاصري الأول وذوي طبقته ومن فوائد ذلك تقرير حلاوة علو الإسناد في القلوب. وقد أفرده "الخطيب الحافظ" في كتاب "حسن سماه كتاب السابق واللاحق". ومن أمثلته أن محمد بن إسحاق الثقفي السراج النيسابوري روى عنه البخاري في تاريخه وروى عنه أبو الحسين أحمد بن محمد الخفاف النيسابوري وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة أو أكثر وذلك أن البخاري مات سنة ست وخمسين ومائتين ومات الخفاف سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة "وقيل: سنة"1 أربع أو خمس وتسعين وثلاثمائة. وكذلك مالك بن أنس الإمام حدث عنه الزهري وزكريا بن "دويد"2 الكندي وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة أو أكثر ومات الزهري سنة أربع وعشرين ومائة ولقد حظي مالك بكثير من هذا النوع انتهى. "اعترض" على المصنف تمثيله بالزهري وزكريا بن دويد بأن وفاة زكريا لا تعرف لكنه حدث عنه سنة نيف وستين ومائتين. "ورد" بأن المصنف ما اقتصر على قوله: "وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة" بل قال أو أكثر3 فإن كان تأخر بعد ذلك فقد أشر إليه بقوله: "أو أكثر".

_ 1 هكذا في خط، وفي ش وع: "وقيل: مات في سنة"، ولعله من اختصار الأبناسي رحمه الله. 2 ضبط خط بإسكان المثناة. 3 راجع: "التقييد".

نعم ما كان ينبغي له أن يمثل به1 لمعنى آخر وهو أنه لا يعرف سماعه من مالك لكونه كذابا وضاعا لكنه حدث عن مالك بل حدث عن بعض شيوخ مالك وهو: حميد الطويل بعد سنة ستين ومائتين وحميد توفي إما سنة أربعين ومائة أو سنة ثلاث وأربعين أو ما بينهما ولذلك لم ير الحفاظ روايته عن مالك شيئا2. وذكره ابن حبان في "الضعفاء" فقال: شيخ يضع الحديث على حميد الطويل وكان يدور بالشام ويحدثهم بها ويزعم "أن"3 له مائة وخمسة وثلاثين سنة لا "يحل"4 ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه. وقال في "الميزان": كذاب ادعى السماع من مالك والثوري والكبار وزعم أن له "مائة وثلاثين"5 سنة وذلك بعد الستين والمائتين. وإنما مثل به المصنف تبعا للخطيب فإنه مثل به في كتابه السابق واللاحق وذكره في كتاب "أسماء الرواة عن مالك" وروى له حديثا عنه وسكت عليه فتبعه المصنف. والصواب التمثيل بآخر من مات من أصحاب مالك وهو: أحمد بن إسماعيل "أبو"6 حذافة السهمي كما قاله المزي توفي سنة تسع وخمسين ومائتين فيكون بينه وبين وفاة الزهري مائة وخمس وثلاثون سنة والسهمي وإن كان ضعيفا أيضا إلا أنه قد شهد له أبو مصعب بأنه كان معهم في العرض على مالك فقد صح سماعه من مالك بخلاف زكريا. ومن أمثلة ذلك في زماننا: أن الفخر بن البخاري سمع منه الزكي عبد العظيم المنذري وروي عنه جماعة موجودون بدمشق بعد السبعين وسبعمائة منهم: شيخنا أبو حفص عمر بن الحسن بن فريد بن أصيلة المزي ونجم الدين

_ 1 يعني: زكرياء كما في "التقييد". 2 راجع: "التقييد". 3 من ع و "المجروحين"، وفي خط: "أنه". 4 من ع و "المجروحين"، ووقع في خط: "يحد" بالدال. 5 كذا في خط وع و "اللسان"، وسبق عند ابن حبان: "مائة وخمسة وثلاثين". 6 من ع، ومثله وفي "التهذيب"، وفي خط: "بن".

ابن النجم وصلاح الدين إمام مدرسة الشيخ أبي عمرو وقد توفي الزكي عبد العظيم سنة ست وخمسين وستمائة.

النوع السابع والأربعون

النوع السابع والأربعون معرفة من لم يرو عنه إلا راو واحد من الصحابة والتابعين فمن بعدهم و"لمسلم" فيه كتاب لم أره. ومثاله من الصحابة: "وهب بن خنبش"1 وهو في كتابي: الحاكم وأبي نعيم الأصبهاني في معرفة علوم الحديث: "هرم بن خنبش""1" وهو رواية داود الأودي عن الشعبي وذلك خطأ صحابي لم يرو عنه غير "الشعبي". وكذلك "عامر بن شهر وعروة بن مضرس ومحمد بن صفوان الأنصاري" ومحمد بن صيفي الأنصاري وليسا بواحد وإن قاله بعضهم: صحابيون لم يرو عنهم غير "الشعبي". وانفرد "قيس بن أبي حازم" بالرواية عن أبيه: "و"2 عن "دكين بن سعيد المزني والصنابح بن الأعسر ومرداس بن مالك الأسلمي" وكلهم صحابة. "وقدامة بن عبد الله الكلابي" منهم لم يرو عنهم غير "أيمن بن نابل"3. وفي الصحابة جماعة لم يرو عنهم غير أبنائهم منهم: ""شكل""1" بن حميد": لم يرو عنه غير ابنه "شتير". ومنهم "المسيب بن حزن "القرشي"4 لم يرو عنه غير ابنه "سعيد بن المسيب". و"معاوية بن حيدة": لم يرو عنه غير ابنه "حكيم والد بهز".

_ 1 ضبط خط. 2 من ش وع، وليس في خط. 3 وقع في ش: "نايل" بمثناة بدل الموحدة. 4 من ش وع، وفي خط: "القوشي".

و"قرة بن إياس": لم يرو عنه غير ابنه معاوية. و"أبو ليلى الأنصاري": لم يرو عنه غير ابنه عبد الرحمن بن أبي ليلى. ثم إن الحاكم أبا عبد الله حكم في المدخل إلى كتاب الإكليل بأن أحدا من هذا القبيل لم "يخرج"1 عنه البخاري ومسلم في صحيحيهما وأنكر ذلك عليه ونقض عليه بإخراج البخاري في صحيحه حديث قيس بن أبي حازم عن مرداس الأسلمى: "يذهب الصالحون الأول فالأول" ولا راوي له غير قيس وبإخراجه "بل إخراجهما"2 حديث المسيب بن حزن في وفاة أبي طالب مع أنه لا راوي له غير ابنه وبإخراجه حديث الحسن البصري عن عمرو بن تغلب: "إني لأعطي الرجل والذي أدع أحب إلي" ولم يرو عن عمرو غير الحسن. وكذلك أخرج مسلم في صحيحه حديث "رافع بن عمرو الغفاري3" ولم يرو عنه غير عبد الله بن الصامت وحديث أبي رفاعة العدوي ولم يرو عنه غير حميد بن هلال العدوي وحديث الأغر المزني: "إنه ليغان على قلبي" ولم يرو عنه غير أبي بردة. في أشياء كثيرة عندهما في كتابيهما على هذا النحو. وذلك دال على مصيرهما إلى أن الراوي قد يخرج عن كونه مجهولا مردودا برواية واحد عنه. وقد قدمت هذا في "النوع الثالث والعشرين". ثم بلغني عن "أبي عمر ابن عبد البر وجادة قال كل من لم يرو عنه إلا رجل واحد فهو عندهم مجهول إلا أن يكون رجلا مشهورا في غير حمل العلم كاشتهار مالك بن دينار بالزهد وعمرو بن معدي كرب بالنجدة واعلم أنه

_ 1 ضبط خط. 2 من خط وع، وليس في ش. 3 تحرف اسم "رافع" عند ابن كثير إلى "رفاعة"، وورد على الصواب، وراجع: حاشية كتاب "ابن كثير رحمه الله".

قد يوجد في بعض من ذكرنا تفرد راو واحد عنه خلاف في تفرده "و"1 من ذلك "قدامة بن عبد الله": ذكر ابن عبد البر أنه روى عنه أيضا حميد بن كلاب. ومثال هذا النوع في التابعين "أبو "العشراء"2 الدرامي": لم يرو عنه فيما "نعلم"3 غير حماد بن سلمة. ومثل "الحاكم" لهذا النوع في التابعين بمحمد بن أبي سفيان الثقفي وذكر أنه لم يرو عنه غير الزهري فيما "يعلم"4 قال: "وكذلك تفرد الزهري عن نيف وعشرين رجلا من التابعين لم يرو عنهم غيره وكذلك عمرو بن دينار تفرد عن جماعة من التابعين وكذلك يحيى بن سعيد الأنصاري وأبو إسحاق السبيعي وهشام بن عروة" وغيرهم. وسمى "الحاكم" منهم في بعض المواضع فيمن تفرد عنهم عمرو بن دينار عبد الرحمن بن معبد وعبد الرحمن بن فروخ وفيمن "تفرد"5 عنهم الزهري عمرو بن أبان بن عثمان وسنان بن أبي سنان الدؤلي وفيمن تفرد عنهم يحيى عبد الله بن أنيس الأنصاري. ومثل في أتباع التابعين بالمسور بن رفاعة القرظي وذكر أنه لم يرو عنه غير مالك وكذلك تفرد مالك عن زهاء عشرة من شيوخ المدينة. قلت وأخشى أن يكون الحاكم في تنزيله بعض من ذكره بالمنزلة التي جعله فيها معتمدا على الحسبان والتوهم انتهى. كتاب مسلم اسمه "المنفردات والوحدان". "واعترض" على المصنف بأمور "منها": أن عامر بن شهر الهمداني وإن كان ما روى عنه الحديث الذي يعرف به إلا الشعبي كما هو في أبي داود فإن ابن عباس قد روى عنه قصة رواها سيف بن عمر في الردة قال: حدثنا طلحة

_ 1 من ش وع، وليس في خط. 2 ضبط خط. 3 من خط وع، وفي ش: "يعلم". 4 من ش، وفي خط وع: "نعلم" بالنون. 5 من ش وع، وفي خط: "روى".

الأعلم عن عكرمة عن ابن عباس قال: ""إن"1 أول من اعترض على الأسود العنسي وكابره: عامر بن شهر في ناحيته". فهذا ابن عباس قد روى هذه القصة عنه وأيضا فهو مشهور في غير الرواية فإنه كان أحد عمال النبي صلى الله عليه وسلم على اليمين كما ذكره ابن عبد البر وغيره. "ومنها": أن "عروة بن مضرس"2 لم ينفرد بالرواية عنه الشعبي فقد روى عنه أيضا: ابن عمه حميد بن منهب"2" بن حارثة بن خريم بن أوس بن حارثة بن لام الطائي ذكره المزي في "التهذيب". نعم المصنف تبع في ذلك الحاكم والحاكم تبع3 علي ابن المديني "ومنها": أن قيس بن أبي حازم لم ينفرد بالرواية على الصنابح"2" بن الأعسر بل روى عنه أيضا: الحارث بن وهب كما ذكره الطبراني في أحاديث الصنابح بن الأعسر الأحمسي إلا أنه قال: في إسناد حديثه الصنابحي قال: أبو نعيم في معرفة الصحابة هو عندي الأحمسي ومنها أنه ذكر قبل هذا تفرد قيس عن مرداس بن مالك الأسلمي وتقدم ذكره في "النوع الثالث والعشرين""3" وأن المزي قال: إنه روى عنه أيضا: زياد بن علاقة. "ورد": بأن الذي روى عنه زياد بن علاقة إنما هو مرداس بن عروة لا خلاف في ذلك"3". "ومنها": أن قوله: إن معاوية بن حيدة لم يرو عنه غير ابنه حكيم والد بهز مع أنه روى عنه أيضا عروة بن رويم اللخمي ذكره المزي في التهذيب وروى عنه أيضا حميد المزني ذكره المزي وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل"3". "ومنها": قوله: إنه لم يرو عن أبي ليلى الأنصاري غير ابنه عبد الرحمن بن أبي ليلى وقال: المزي روى عنه أيضا: عدي بن ثابت قال: ولم يدركه. فروايته عنه مرسلة وإنما أوردناه لذكر المزي له.

_ 1 من خط ول، وليس في ع. 2 ضبط خط. 3 راجع: "التقييد".

"ومنها": أن1 عمرو بن تغلب لم يرو عنه غير "الحسن"2 والمصنف تبع مسلما مع أنه قد روى عنه أيضا: الحكم بن الأعرج كما ذكره ابن عبد البر3 وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل". "ومنها": قوله: وكذلك أخرج مسلم في صحيحه حديث: "رافع بن عمرو الغفاري" ولم يرو عنه غير عبد الله بن الصامت مع أنه قد روى عنه أيضا: ابنه عمران بن رافع كما ذكره المزي في التهذيب وروى عنه أيضا أبو جبير مولى أخيه الحكم بن عمرو الغفاري رواه الترمذي عنه في حديث: "إنه كان يرمي نخل الأنصار" قال الترمذي: حديث حسن صحيح. ورواه أبو داود وابن ماجة من رواية ابن أبي الحكم الغفاري عن جدته عن عم أبيها رافع بن عمرو فهؤلاء أربعة قد رووا عنه. "ومنها": قوله: أخرج مسلم حديث أبي رفاعة العدوي ولم يرو عنه غير حميد بن هلال العدوي مع أنه قد روى عنه أيضا: صلة بن أشيم العدوي وروايته عنه في معجم الطبراني الكبير أنه كان معه في غزاة وأن أبا رفاعة أصيب فرأى له صلة مناما وقد ذكره المزي في "التهذيب" فيمن روى عنه. "ومنها": حديث "الأغر المزني" إنه ليغان على قلبي" قال: ولم "يرو"4 عنه غير أبي بردة مع أنه روى عنه ايضا عبد الله بن عمر بن الخطاب ومعاوية بن فرة المزني وروايتهما عنه في المعجم الكبير للطبراني وذكرها "المزي"5 أيضا في "التهذيب". "ومنها": قوله: إن أبا العشراء الدارمي لم يرو عنه غير حماد بن سلمة. انتهى. فقد ذكر تمام بن محمد الرازي في "جزء له جمع فيه حديث أبي العشراء": رواية غير واحد عنه منهم: يزيد بن أبي زياد وعبد الله بن محرز كلاهما روى عنه حديث "الزكاة" متابعين لحماد بن سلمة

_ 1 كذا خط، ولعله: "ومنها: قوله إن......" وراجع: "التقييد". 2 من ع، وسبق مثله عند لبن الصلاح، وفي خط: "يروه". 3 راجع "التقييد" 4 من ع وسبق مثله عند لبن الصلاح، وفي خط: "يروه". 5 من ع، وفي خط: "المزني".

"ومنها": قوله: إنه لم يرو عن محمد بن أبي سفيان الثقفي غير الزهري أقر الحاكم على تمثيله به في "التابعين" مع أنه روى عنه أيضا ضمرة بن حبيب بن صهيب الزبيدي كما ذكره البخاري في التاريخ وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل والمزي والطبراني في "الكبير"1 وروى عنه أيضا تميم بن عطية.لعنسي وأبو عمر الأنصاري ذكره المزي في "التهذيب". "منها": نه أقر الحاكم حيث ذكر فيمن تفرد عنهم الزهري: سنان بن أبي سنان الدؤلي مع أنه روى عنه زيد بن أسلم وكأنه قلد في ذلك ابن ماكولا2 فإنه هكذا قال في "الإكمال": انه روى عنه وعن أبيه أبي سنان والمشهور أن رواية زيد بن أسلم عن أبيه أبي سنان واسمه: زيد بن أمية هكذا ذكره البخاري في التاريخ الكبير قال فيه: وقل "زيد"3 بن أسلم ثنا أبو سنان يزيد بن أمية وكذا ذكر النسائي في الكنى والحاكم أبو أحمد في الكنى في ترجمة أبي سنان والدارقطني في "المؤتلف والمختلف": أنه روى عنه زيد بن أسلم. "ومنها": أنه نقل عن الحاكم أيضا أنه ذكر فيمن تفرد عنهم يحيى بن سعيد الأنصاري عبد الله بن أنيس الأنصاري. قال الخطيب في "المتفق والمفترق": عبد الله بن أنيس ثلاثة صحابيان وتابعي ولم يذكر هو "و"4 لا غيره تفرد يحيى بن سعيد عن واحد من الثلاثة بل ولا روايته عن واحد منهم وقد ذكر البخاري في التاريخ هذا الذي أشار إليه الحاكم فقال عبد الله بن أنيس عن أمه وهي بنت كعب بن مالك: "خرج النبي صلى الله عليه وسلم على كعب بن مالك وهو ينشد" "قاله"5 ابن وهب "أنا"6 عمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد أن عبد الله بن أنيس حدثه.

_ 1 راجع: "التقييد". 2 كذا في خط، وفي ع: "قلت: قد ذكر الحافظ أبو الحجاج المزي في "التهذيب": أنه روى عنه أيضا: زيد بن أسلم، وكأنه قلد في ذلك ابن ماكولا....." فاختصره الأبناسي رحمه الله ألى ماترى، والله المستعان. 3 من ع ومثله في "التاريخ الكبير" "4/163"، وفي خط: "يزيد". 4 من ع، وليس في خط. 5 من خط ومثله في " التاريخ الكبير" "5/45"، وفي ع: "قال". 6 من خط، وفي ع: "أنبأنا"، وفي "التاريخ": "عن" وفي بعض نسخه: "أخبرنا".

ولم يذكر ابن أبي حاتم عبد الله بن أنيس هذا فإن كان هذا هو التابعي1 فلم ينفرد عنه يحيى بن سعيد بل تابعه على الرواية عنه زهرة بن معبد وإن كان غيره فكان يلزم الخطيب أن يجعلهم أربعة. ولهم أيضا خامس اسمه عبد الله بن أنيس الأنصاري صحابي روى عنه ابنه عيسى وحديثه عند أبي داود الترمذي وقد فرق بينه وبين عبد الله بن أنيس الجهني علي ابن المديني وخليفة بن خياط وغيرهما وذكره أبو موسى المديني في ذيله "في"2 الصحابة وقال في نسبه الزهري وقد ذكر الطبراني حديث هذا في حديث "عبد الله بن أنيس الجهني". "ومنها": قوله: إن المسور بن رفاعة القرظي لم يرو عنه غير مالك وقد روى عنه جماعة غير مالك منهم: إبراهيم بن سعد ومحمد بن إسحاق كما ذكره ابن أبي حاتم وذكر ابن حبان في الثقات رواية ابن إسحاق عنه وكذلك روى عنه عبد الله بن محمد الفروي وروايته عنه في كتاب: "الأدب" للبخاري ومنهم عبد الرحمن بن عروة وأبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة وداود بن سنان المدني وإبراهيم بن ثمامة. "قوله": بأن أحدا من هذا القبيل لم يخرج عنه البخاري ومسلم أي: لم يخرجا عن أحد من الصحابة أو التابعين إذا لم يكن له إلا راو واحد كذا قال الحاكم وتبعه البيهقي فقال في كتاب الزكاة من سننه عند ذكر حديث بهز عن أبيه عن جده ومن كتمها فإنا آخذوها وشطر ماله الحديث ما نصه فأما البخاري ومسلم فإنهما لم يخرجاه جريا على "عادتهما"3 فإن الصحابي أو التابعي إذا لم يكن له إلا راو واحد لم يخرجا حديثه في الصحيحين. وأنكر ذلك على الحاكم جماعة منهم محمد بن طاهر والحازمي "ونقضا"4 ذلك بما ذكره المصنف5

_ 1 راجع: االتقييد". 2 هكذا في خط، وفي ع: "على". 3 من خط، وفي ل: "قاعدتهما"، وراجع: "السنن الكبرى" "4/105" و "المعرفه" "6/58 - ط: قلعجي" كلاهما للبيهقي. 4 من خط، وفي ل: "ونقض". 5 راجع: "الشرح".

النوع الثامن والأربعون

النوع الثامن والأربعون معرفة من ذكر بأسماء مختلفة أو نعوت متعددة فظن من لا خبرة له بها أن تلك الأسماء أو النعوت لجماعة متفرقين هذا فن "عويص"1 والحاجة إليه حاقة وفيه إظهار تدليس المدلسين فإن أكثر ذلك إنما نشأ من تدليسهم وقد صنف عبد الغني بن سعيد الحافظ "المصري"2 وغيره في ذلك. مثاله: "محمد بن السائب الكلبي" صاحب التفسير هو أبو النضر الذي روى عنه محمد بن إسحاق بن يسار حديث تميم الداري وعدي بن "بداء"3 وهو حماد بن السائب الذي روى عنه أبو أسامة حديث "ذكاة كل مسك دباغه"3"" وهو أبو سعيد الذي يروي عنه عطية العوفي "التفسير"4 يدلس به موهما أنه "أبو سعيد الخدري". ومثاله أيضا: سالم الراوي عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري وعائشة رضي الله عنهم هو سالم أبو عبد الله المديني وهو سالم مولى مالك بن أوس بن الحدثان النصري وهو سالم مولى شداد بن الهاد النصري وهو في بعض الروايات مسمى بسالم مولى النصريين وفي بعضها بسالم مولى المهري"3" وهو في بعضها سالم سبلان"3" وفي بعضها أبو عبد الله مولى شداد بن الهاد وفي بعضها سالم أبو عبد الله الدوسي وفي بعضها سالم مولى دوس.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "غويص" بالغين المعجمة. 2 من ش وع، وفي خط: "المعري". 3 ضبط خط. 4 من ش وع، ولم يضهر منها في خط سوى الألف واللام وسقط الباقي من حاشية خط.

ذكر ذلك كله "عبد الغني بن سعيد". قلت: "والخطيب الحافظ" يروي في كتبه عن أبي القاسم الأزهري وعن عبيد الله بن أبي الفتح الفارسي وعن عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي والجميع شخص واحد من مشايخه1. وكذلك يروي عن الحسن بن محمد الخلال "و"2عن الحسن بن أبي طالب وعن أبي محمد الخلال والجميع عبارة عن واحد. ويروي أيضا عن أبي القاسم التنوخي وعن علي بن "المحسن"3 التنوخي عن القاضي أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي وعن علي بن أبي علي "المعدل""3" والجميع شخص واحد وله من ذلك الكثير انتهى. عبد الغني بن سعيد هو الأزدي واسم كتابه: إيضاح الإشكال وصنف فيه أيضا الخطيب البغدادي كتابا كبيرا سماه الموضح لأوهام الجمع والتفريق بدأ فيه بأوهام "البخاري"4. "قوله": مثال: محمد بن السائب الكلبي قال: البخاري في التاريخ الكبير روى محمد بن إسحاق عن أبي النضر وهو الكلبي قال: الخطيب وهذا القول صحيح قال: ورواية ابن سحاق عن الكلبي "التي"5 كناه فيها ولم يسمه ثم رواها بإسناده إلى محمد بن إسحاق عن أبي النضر عن باذان عن ابن عباس عن تميم الداري في هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} 6 وقصة "جام الفضة".

_ 1 في حاشية خط: "ومثل ذلك شيخ البخاري محمد بن الفاضل، و؟ أبو النعمان السدسي، وعارم بن الفضل، والجميع شخص واحد". اهـ 2 من ش وع، وليس في خط. 3 ضبط خط. 4 راجع: "الشرح". 5 من ل، وفي خط: "الذي". 6 المائدة: 106

وهو حماد بن السائب الذي روى عنه حماد بن أسامة "......"1 ابن السائب كما رواه عبد الغني بن سعيد عن حمزة بن محمد هو الكاني الحافظ بسنده إلى أبي أسامة عن حماد بن السائب "ثنا" إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس مرفوعا: "ذكاة كل مسك دباغه" ثم قال: قال لنا حمزة بن محمد لا أعلم أحدا روى هذا الحديث عن حماد بن السائب غير أبي أسامة وحماد هذا ثقة كوفي وله حديث آخر عن "أبي"2 إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله في "التشهد". قال عبد الغني: ثم قدم علينا الدارقطني فسألته عن هذا الحديث وعن حماد بن السائب؟ فقال لي: الذي روى عنه أبو أسامة هو محمد بن السائب الكلبي إلا أن أبا أسامة كان يسميه حمادا. قال عبد الغني: فتبين لي أن حمزة قد وهم من وجهين أحدها أنه جعل الرجلين واحدا والآخر أنه وثق من ليس بثقة لأن الكلبي عند العلماء غير ثقة. قال عبد الغني: ثم إني نظرت في كتاب "الكنى"3 لأبي عبد الرحمن النسوي فوجدته قد وهم فيه "وهما"4 أقبح من وهم حمزة رأيته قد أخرج هذا الحديث عن أحمد بن علي عن أبي معمر عن أبي أسامة حماد بن السائب وإنما هو عن حماد بن السائب فأسقط قوله عن وخفي عليه أن الصواب عن أبي أسامة حماد بن أسامة وأن حماد بن السائب هو الكلبي. قال عبد الغني: والدليل على صحة قول الدارقطني أن عيسى بن يونس رواه "عن"5 الكلبي مصرحا به غير مخفية.

_ 1 لم يظهر في خط بمقدار كلمة، ظهر منها جزء من الحرف الأول لايتبين ما هو، وفي ل: "روى عنه أبو أسامة حماد بن أسامة فسماه: حماد بن السائب". وراجع: "التدريب". 2 من ل، وليس في خط. 3 من ل، وفي خط: "الكلبي". 4 ضبط خط بإسكان الهاء. 5 من ل، وفي خط: "عنه".

وأما رواية عطية العوفي عنه فرواها الخطيب في كتاب "الموضح" قال: "أنا"1 أبو سعيد الصيرفي ثنا محمد بن يعقوب الأصم "ثنا"2 عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا أبي قال: بلغني أن عطية العوفي كان يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير قال: وكان يكنبه بأبي سعيد فيقول قال: أبو سعيد وكان هشيم يضعف حديث عطية. قال عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد الزبيري قال: سمعت سفيان الثوري قال: سمعت الكلبي قال كناني عطية أبو سعيد. قال الخطيب: إنما فعل ذلك ليوهم الناس أنه إنما يروي عن أبي سعيد الخدري ومما دلس به الكلبي ولم يذكره المصنف تكنيته بأبي هشام وقد بينه الخطيب فقال: وهو أبو هشام الذي روى عنه القاسم بن الوليد الهمداني وكان للكلبي ابن يسمى هشاما فكناه القاسم به في روايته عنه ثم روى بإسناده إلى القاسم بن الوليد عن أبي هشام عن أبي صالح عن ابن عباس قال: لما نزلت {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً} 3. فذكر الحديث ثم روى وجادة إلى ابن أبي حاتم أنه سأل أباه عن هذا الحديث فقال أبو هشام هو الكلبي [وكان كنيته "أبو"4 النضر وكان له ابن يقال له هشام بن الكلبي] 5 صاحب نحو وعربية فكناه به. قال: وهو محمد بن السائب بن "بسر"6 الذي روى عنه محمد بن إسحاق وقد وهم البخاري في التفريق بينه وبين الكلبي لأنه رجل واحد بين نسبه محمد بن سعد وخليفة بن خياط.

_ 1 من خط، وفي ل: "أخبرنا". 2 من خط، وفي ل: "حدثنا". 3 في ل: {عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ} والابة من سورة الأنعام: 65 4 من ل وفي "العلل" "أبا". 5 من ل و "العلل" لأبن أبي حاتم "2/56" "1654"، وليس في خط. 6 هكذا في خط ومثله في "التاريخ الكبير" "1/101" بالسين المهملة، وفي ل "بشر" بالمعجمة ومثله في "الجرح والتعديل" "7/270".

النوع التاسع والأربعون

النوع التاسع والأربعون معرفة المفردات الآحاد من أسماء الصحابة ورواة الحديث والعلماء وألقابهم وكناهم هذا نوع مليح عزيز يوجد في كتب الحفاظ المصنفة في الرجال مجموعا مفرقا في أواخر أبوابها وأفرد أيضا بالتصنيف. وكتاب "أحمد بن هارون البرديجي البرذعي1" المترجم بالأسماء المفردة من أشهر كتاب في ذلك ولحقه في كثير منه اعتراض واستدراك من غير واحد من الحفاظ منهم أبو عبد الله بن بكير. فمن ذلك: ما وقع في كونه ذكر أسماء كثيرة على أنها آحاد وهي مثان ومثالث وأكثر من ذلك. وعلى ما فهمناه من شرطه لا يلزمه ما يوجد من ذلك في غير أسماء الصحابة والعلماء ورواة الحديث. ومن ذلك أفراد ذكرها اعترض عليه فيها بأنها ألقاب لا أسامي منها: الأجلح الكندي إنما هو لقب "لجلحة"2 كانت به واسمه يحيى ويحيى كثير. ومنها صغدي بن سنان اسمه عمر وصغدي لقب ومع ذلك فلهم صغدي غيره3 وليس يرد هذا على ما ترجمت به هذا النوع والحق أن هذا فن يصعب الحكم فيه والحاكم فيه على خطر من الخطأ والانتقاض فإنه "حصر"4 في باب واسع

_ 1 من خط وع بإعجام الذال، وفي ش: "البردعي" بإهمالها وراجع: "حاشية "المقدمة". 2 ضبط خط بسكون اللام وتنوين اخره. 3 في حاشية خط: "صغدي بن سنان بصري: ضعيف، وصغدي الكوفي: ثقة روى عنه أبو نعيم" اهـ. 4 ضبط خط.

شديد الانتشار. فمن أمثلة ذلك المستفادة: "أجمد1 بن عجيان2 الهمداني" بالجيم صحابي ذكره ابن يونس وعجيان: كنا نعرفه بالتشديد على وزن عليان"2" ثم وجدته بخط ابن الفرات وهو حجة عجيان"2" بالتخفيف على وزن سفيان. أوسط بن عمرو البجلي تابعي. تدوم"2" بن "صبيح"3 الكلاعي عن تبيع"2" بن عامر الكلاعي ويقال فيه "يدوم"4 بالياء وصوابه بالتاء المثناة من فوق. "و"5جبيب بن الحارث صحابي بالجيم وبالباء الموحدة المكررة جيلان بن فروة بالجيم المكسورة: أبو الجلد"2" الأخباري تابعي. الدجين بن ثابت بالجيم مصغرا: أبو الغصن. قيل إنه جحا المعروف والأصح أنه غيره. زر بن حبيش: التابعي الكبير. سعير بن الخمس: انفرد في اسمه واسم أبيه. "سندر6 الخصي" مولى زنباع "الجذامي"7: له صحبة.

_ 1 من ش ومثله عند ابن كثير وكذلك النووي والسيوطي بالجيم، ووقع في ع: "أحمد" بالحاء، وفي خط: "أجمل" بالجيم واللام، وراجع: "التدريب" وكذلك "المحاسن". 2 ضبط خط. 3 "صبيح" مصغرا هكذا في خط وش وع، وهكذا ضبطها الشيخ شاكر رحمه الله في "الباعث" وهو في "الإكمال": "تدوم بن صبح" مكبرا، وراجع: "ابن كثير" والتعليق عليه. 4 من ش وع، وفي خط: "يدومه". 5 من خط، وليس في ش وع. 6 قال ابن حجر: "بالمهملة والنون بوزن جعفر" كما في "نزهة النظر" "ص/150 - ط: ابن تيمية". 7 من ش وع مثله عند ابن كثير وابن حجر، وفي خط: "الجزامي".

شكل بن حميد الصحابي بفتحتين. شمعون بن زيد أبو ريحانة بالشين المنقوطة والعين المهملة "و"1يقال: "بالغين"2 المعجمة قال أبو سعيد بن يونس وهو عندي أصح3 أحد الصحابة الفضلاء. صدي بن عجلان: أبو أمامة الصحابي. صنابح بن الأعسر: الصحابي ومن قال فيه: صنابحي فقد أخطأ. ضريب بن "نفير بن سمي4":ر بالتصغير فيها كلها أبو السليل القيسي البصري روى عن معاذة العدوية وغيرها ونقير أبوه بالنون والقاف وقيل بالفاء وقيل بالفاء واللام نفيل. عزوان بن زيد الرقاشي: بعين غير معجمة عبد صالح تابعي. قرثع الضبي: بالثاء المثلثة. كلدة بن حنبل بفتح اللام: صحابي.5 لبي بن لبا الأسدي الصحابي باللام فيهما والأول مشدد مصغر على وزن أبي والثاني مخفف مكبر على وزن عصا فاعلمه فإنه يغلط فيه. "مستمر"6 بن الريان رأى أنسا "نبيشة الخير7" صحابي.

_ 1 من ش وع، وليس في خط. 2 من خط، وفي ش وع: "وبالغين". 3 وبه جزم النووي وابن كثير. ووقع في تعليق أبي الحارث على "ابن كثير": نسبة قول ابن يونس رحمه الله "وهو عندي أصح" إلى "العين المهملة" والضاهر أن ثمة خطأ في ترتيب الحواشي هناك فلصلح وراجع: "التدريب" والله أعلم. 4 من ش وع، وفي خط: "ثغير بن شمير". 5 من ش وع، وليس في خط. 6 ضبط خط. 7 من ش وع، وقي خط: "نبيشالخير".

نوف البكالي تابعي من بكال بطن من حمير بكسر الباء وتخفيف الكاف وغلب على ألسنة أهل الحديث فيه فتح الباء وتشديد الكاف. وابصة بن "معبد"1 الصحابي "هبيب بن مغفل2" مصغر بالباء الموحدة المكررة صحابي ومغفل "بالغين"3 المنقوطة الساكنة. همذان بريد عمر بن الخطاب ضبطه ابن بكير وغيره بالذال المعجمة وضبطه بعض من ألف على "كتاب البرذعي4" بالدال المهملة وإسكان الميم. وأما الكنى المفردة فمنها: أبو "العبيدين"5 مصغر مثنى واسمه معاوية بن سبرة من أصحاب ابن مسعود له حديثان أو ثلاثة. أبو العشراء الدارمي وقد سبق. أبو المدلة: بكسر الدال المهملة وتشديد اللام ولم يوقف على اسمه روى عنه الأعمش وابن عيينة وجماعة ولا نعلم أحدا تابع أبا نعيم الحافظ في قوله إن اسمه عبيد الله "بن عبد الله"6. "أبو مراية العجلي عرفناه بضم الميم وبعد الألف ياء مثناة من تحت واسمه عبد الله7 بن عمرو" تابعي روى عنه قتادة أبو معيد مصغر مخفف الياء: حفص بن غيلان الهمداني روى عن مكحول وغيره.

_ 1 من ش وع وابن كثير، وفي خط: "معدان". 2 ضبط خط. 3 من ش وع، وليس في خط. 4 هكذا في خط، وفي ش وع: "البرديجي". 5 من ش وع ومثله عند النووي وابن كثير، وفي خط: "الغنية". 6 من خط وع ومثله عند النووي وابن كثير، وليس في ش. 7 من خط وع ومثله عند النووي وابن كثير، وفي ش: "عبد الله" بالتصغير.

وأما الأفراد من الألقاب فمثالها: سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم "من الصحابة"1 لقب فرد واسمه مهران على خلاف فيه. مندل بن علي وهو بكسر الميم عن الخطيب وغيره "ويقولونه"2 كثيرا بفتحها وهو لقب واسمه عمرو. "سحنون"3 بن سعيد التنوخي القيرواني صاحب المدونة على مذهب مالك لقب فرد واسمه عبد السلام. ومن ذلك: مطين"3" الحضرمي ومشكدانة الجعفي في جماعة آخرين سيذكرهم في نوع الألقاب إن شاء الله تعالى انتهى. "ذكر المصنف" الأسماء على حروف المعجم وقد اعترض عليه بأمور منها: صغدي"3" بن سنان قال: اسمه عمر وصغدي لقب مع أن الجمهور والمشهور"2" أن صغديا اسمه لا لقبه ذكره ابن حبان وابن أبي حاتم وابن عدي والسمعاني وصرح بأنه اسم له فقال: هذه الكلمة وردت في الأنساب والأسماء فأما في الأسماء فأبو يحيى صغدي بن سنان العقيلي بصري وهو ضعيف.4 نعم حكى العقيلي ما قاله: المصنف في تاريخ الضعفاء بصغة التمريض فقال: صغدي بن سنان أبو معاوية العقيلي يقال: اسمه عمر ثم قال ومن حديثه ما حدثناه محمد بن علي المروزي حدثنا محمد بن مرزوق جار هدبة قال: حدثنا صغدي بن سنان اسمه عمر يلقب صغدي فذكر له حديثا وقال: لا يتابع عليه5 بهذا الإسناد ولا على شيء من حديثه.

_ 1 من ش وع، وليس في خط. 2 من ش وع، وفي خط: "ويقولون له". 3 ضبط خط. 4 راجع: "التقييد". 5 من ع، وليس في خط.

وتبعه الدارقطني فقال في "الضعفاء" اسمه عمر1 "ومنها": أنه ليس بمفرد بل لهم صغديان غيره وهما: صغدي الكوفي غير منسوب لأبيه وهو ثقة ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ووثقه يحيى بن معين. وصغدي بن عبد الله: ضعيف ذكره العقيلي في الضعفاء وروى له من رواية عنبسة بن عبد الرحمن أحد الضعفاء عنه عن قتادة عن أنس مرفوعا "الشاة"2 بركة. قال: وحديثه غير محفوظ ولا يعرف إلا به. "ومنها": أنه تبع البخاري في التاريخ الكبير وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"3 في أن "الدجين"4 بن ثابت فرد وخالفهما"3" ابن عدي في الكامل فذكره في "المثاني"5 ثم قال: ودجين العريني"4" فذكره ثانيا ثم روى عن يحيى بن معين قال: حدث ابن المبارك عن شيخ يقال له الدجين العريني"4" وهو ضعيف. قال ابن عدي: وهذا الذي قاله يحيى: إن دجينا العريني روى عنه ابن المبارك "و"6هو عندي الدجين بن ثابت كما قال البخاري: الدجين بن ثابت روى عنه ابن المبارك وتبعه صاحب الميزان في إيراد الترجمتين ثم قال بعد ذكر الثاني: أراه الأول. "ومنها": أنه جزم بأن الدجين بن ثابت غير جحا كما قاله ابن عدي

_ 1 راجع: "التقييد" 2 من خط، ومثله عند "العقيلي"، وفي ع: "الشاء". 3 راجع: التقييد" 4 ضبط خط. 5 من خط، وفي ع: "الثاني". 6 هكذا في خط، وليس في ع.

وابن حبان. قال "ابن عدي"1 حدثنا ابن قتيبة حدثني محمد بن محمد الرومي "ثنا"2 يوسف بن بحر سمعت يحيى بن معين يقول: الدجين بن ثابت أبو الغصن صاحب حديث عمر: من كذب عليه متعمدا هو جحا. قال ابن عدي: وهذه الحكاية التي حكيت عن يحيى:أن:3 الدجين هذا هو جحا أخطأ عليه من حكاه عنه لأن يحيى أعلم بالرجال من أن يقول هذا والدجين بن ثابت إذا روى عنه ابن المبارك ووكيع وعبد الصمد ومسلم بن إبراهيم وغيرهم هؤلاء أعلم بالله من أن يرووا عن جحا والدجين أعرابي. قال ابن حبان: وهو الذي يتوهم أحداث أصحابنا أنه جحا وليس كذلك. وذكر الجاحظ أن جحا اسمه نوح. فالمصنف تبع هؤلاء والذي جزم به الشيرازي في الألقاب: أن الدجين بن ثابت هو جحا نفسه وكذلك قاله يحيى بن معين4 "ومنها": أن زر بن حبيش ليس فردا بل لهم زر بن عبد الله ابن كليب "الفقيمي"5 قال "الطبري"6: له صحبة وهو من المهاجرين ومن أمراء الجيوش في "فتح"7 خوزستان ذكره أبو موسى المديني في ذيله على ابن مندة وابن فتحون في ذيله على الاستيعاب وقال وفد مهاجرا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له وأمره عمر على قتال جند نيسابور ذكره سيف والطبري وزر بن أربد

_ 1 من ع، وفي خط: "الزهري". 2 من خط، وفي ع: "حدثنا". 3 من ع، وفي خط: "بن". 4 راجع كلام لبن عدي السابق هنا، والله أعلم. 5 ضبط خط. 6 هكذا في خط، وفي ع: "الطبراني". 7 من ع، وفي خط: "فج".

بن قيس بن "أخي"1 لبيد بن ربيعة وزر بن محمد "الثعلبي"2 أحد بني ثعلبة بن سعد بن ذبيان ذكر الثلاثة ابن ماكولا وقال في كل منهم إنه شاعر وفي هذا جواب عن المصنف فإنه ترجم هذا النوع لمفرد الصحابة ورواة الحديث والعلماء فخرج بذلك الشعراء الذين لا صحبة لهم فيرد عليه الأول فقط لأنه صحابي3. "ومنها": سعير بن الخمس انفرد في اسمه واسم أبيه"3" ليس كذلك فقد ذكر الباوردي في الصحابة سعير بن عداء البكائي وأن النبي صلى الله عليه وسلم كتب له: "محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعير بن عداء إني أحضرتك الرخيج وجعلت لك فضل ابن السبيل" أورده ابن فتحون في ذيله وذكره ابن مندة وأبو نعيم إلا "أنهما"4 لم ينسباه البكائي ونسباه: "الفريعي"5 وقالا: يعد في الحجازيين. وسعير بن سوادة العامري: أتى النبي صلى الله عليه وسلم ذكراه أيضا في الصحابة لكن قال أبو نعيم: قيل هو سفيان بن سوادة. "ومنها": أنه أفرد سندر مع أن في الصحابة اثنين أحدهما: سندر هذا كنيته أبو عبد الله6 والثاني: سندر كنيته: أبو الأسود ذكره المديني في ذيله على ابن مندة وذكر له حديث "أسلم سالمها الله" الحديث. وهذا يقتضي أنه عند المديني آخر والصواب: أنهما واحد له كنيتان"6". قال ابن الأثير: يغلب على ظني أنهما واحد. "ومنها": أنه أفرد صنابح بن الأعسر مع أن أبا نعيم ذكر في الصحابة آخر

_ 1 من خط و "التدريب"، وليس في ع. 2 من خط وع، ووقع في "التدريب": "التغلبي". 3 راجع: "التقييد". 4 من خط، وفي ع: "أنهم". 5 هكذا في خط بالفاء ومثله في نشرتي منم "الإصابة"، وفي ع: "القريعي" بالقاف، فليحرر. 6 راجع: "التقييد".

اسمه صنابح وذكره أيضا المديني في ذيله على ابن مندة وذكر له حديثا متنه "لا تزال هذه الأمة في "مسكة"1 من دينها مالم يكلوا الجنائز إلى أهلها" لكن قال أبو نعيم بعد أن أورده هذا عندي هو المتقدم أفرده بعض المتأخرين ترجمة. وتقدم أن الطبراني ذكر هذا الحديث في المعجم الكبير في ترجمة "الصنابح"2 لكنه قال: الصنابحي بزيادة ياء في آخره والصواب حذفها. "ومنها" أنه أفرد عزوان التابعي3 مع أن لهم عزوان آخر لم ينسب تابعي ذكره ابن ماكولا في الإكمال بعد ذكر الأول وقال: إنه من أصحاب أبي موسى روى عن أنس بن مالك "ما أصنع بالضحك" ولا يرد لأن ابن ماكولا بعد أن ذكره قال لعله ابن"زيد"4 الذي قبله ولهذا اقتصر الدارقطني على الأول وذكر البخاري وابن أبي حاتم في الأفراد. "ومنها": أنه أفرد المستمر بن الريان مع أن المستمر اثنان هذا والمستمر الناجي وكلاهما بصري وهو والد إبراهيم بن المستمر "العروقي"5 روى له ابن ماجة حديثا رواه عن أبيه إبراهيم بن المستمر عن أبيه عن "عبيس"6 بن ميمون عن "عون"7 بن أبي شداد عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من غدا إلى صلاة الصبح غدا براية الإيمان" الحديث.

_ 1 ضبط خط. 2 في ع: "التصنابح بن الأعسر". 3 راجع: "التقييد". 4 من ع، وفي خط: "يزيد"، وراجع: "الباعث"0 5 ضبط خط. 6 من "سنن ابن ماجد" "2234" و "تحفة الأشراف" "4/32-33" ومثله في "الجرح والتعديل" "7/34" بالعين المهملة والموحدة والمثناة واخره سين مهملة عبيس" وضبطه الذهبي بضم أوله، وفي خط: "أبي عبيس" وفي ع: "عيس"، وفي بعض المواضيع من "التهذيب": "عنبس" بالعين والنون والموحدة والسين، وعند البوصيري: "عيس" على مانقله عبد الباقي رحمه الله في تحقيقه "لابن ماجه". 7 من ع، ومثله في "السنن" و "التحفة" و "الجرح"، و "التهذيب". وفي خط: "عوف" بالفاء.

قال صاحب الميزان: تفرد عنه إبراهيم. "ومنها": نبيشة الخير أفرده ولهم نبيشة آخر صحابي أورده ابن مندة وأبو نعيم في الصحابة وتوفي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يلبي عنه كما في الدارقطني والبيهقي من حديث ابن عباس قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يلبي عن نبيشة فقال: "أيها الملبي عن نبيشة! هذه عن نبيشة واحجج عن نفسك". انفرد به الحسن بن عمارة وهو متروك الحديث فلا يرد والمعروف من حديث ابن عباس: "لبيك عن شبرمة". قال الدارقطني: هذا هو الصحيح عن ابن عباس والذي قبله وهم يقال إن الحسن بن عمارة كان يرويه ثم رجع عنه إلى الصواب "فحدث به على الصواب"1 موافقا لرواية غيره عن ابن عباس وهو متروك الحديث على كل حال. والمصنف تبع البخاري فإنه ذكر نبيشة الخير في الأفراد. ولهم شيخ آخر اسمه: نبيشة بن أبي سلمى2 روى عنه رشيد أبو موهب ذكره ابن أبي حاتم لكنه قال سمعت أبي يقول: هو مجهول. "ومنها": أنه أفرد نوفا البكالي وهو نوف بن فضالة كذا نسبه البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان وغيرهم وهو ابن امرأة كعب الأحبار وله ذكر في الصحيحين "من"3 حديث ابن عباس عن أبي في قصة "الخضر مع موسى عليهما السلام". وتبع المصنف البخاري فإنه ذكر نوفا هذا في "الأفراد"4. ولهم نوف آخر ذكره ابن حبان في الثقات. ذكر ترجمة الاثنين في ثقات

_ 1 من ع و "سنن الداررقطني" "2/269"، وليس في خط. 2 راجع: "الجرح والتعديل" "8/506". 3 من خط، وفي ع: "في". 4 راجع: "التقييد".

التابعين. وهو نوف بن عبد الله روى عن علي بن أبي طالب قصة طويلة ذكر ابن أبي حاتم منها: قال: "بت مع علي بن أبي طالب فقال: يا نوف أنائم أنت أم رامق" روى عنه سالم بن أبي حفصة وفرقد السبخي. وأما من قال إن لهم نوفا ثالثا اسمه أيضا "نوف بن عبد الله"1 "وقال"2 ابن أبي حاتم: جعل البخاري نوف بن عبد الله اسمين فسمعت أبي يقول: هما واحد وكتب"بخطه ذلك"3. "ومنها": قوله روى عنه أي عن أبي المدلة الأعمش وابن عيينة وجماعة وهذا وهم عجيب فإنه لم يرو عنه واحد منهما وإنما انفرد بالرواية عنه أبو مجاهد الطائي واسمه سعد لا خلاف في ذلك"1" ولم يذكر ابن أبي حاتم راويا غيره وكذلك ابن حبان وأبو أحمد الحاكم وغيرهم ممن صنف في أسماء الرجال وصرح بذلك علي بن المديني فقال: أبو المدلة مولى عائشة لا يعرف اسمه مجهول لم يرو عنه غير أبي مجاهد. نعم الذي روى عنه الأعمش وابن عيينة وغيرهما هو أبو مجاهد الطائي الراوي عنه فطغى القلم منه أو من الناسخ إلى أبي مدلة وأبو مجاهد ليس من أفراد الكنى بل لهم جماعة يكنون بأبي مجاهد. "ومنها": قوله ولا نعلم أحدا تابع أبا نعيم في قوله إن اسمه عبيد الله مع أن ابن حبان سماه بذلك في الثقات وجزم أبو أحمد الحاكم في الكني بأنه أخو سعيد بن يسار وروى بإسناده عن البخاري أنه قال أبو مدلة صاحب عائشة قال خلاد بن يحيى عن سعدان الجهني عن سعد الطائي عن أبي مدلة أخي سعيد بن يسار قال وقال الليث بن سعد: "أبو مرثد"4 ولا يصح.

_ 1 راجع: "التقييد". 2 كذا في خط، والظاهر أنها: "فقال". 3 من ع و "الجرح" "8/540-505"، وفي خط "خطه بذلك". 4 من خط، ومثله عند البخاري في "المنى" "ص 74"، وفي ع: "مزيد".

والمعروف أن أخا سعيد بن يسار إنما هو "أبو مزرد"1 لا أبو مدلة "وهي"2 أيضا من الأفراد في الكنى واسم أبي "مزرد"3: عبد الرحمن بن يسار كما ذكره أحمد بن صالح وأبو أحمد الحاكم وبه جزم المزي في "التهذيب"4 "ومنها": قوله في مندل بكسر الميم مع أن5 الحافظ أبا الفضل محمد بن ناصر قال: الصواب فيه فتح الميم. "قوله" في همدان ضبطه ابن بكير وغيره بالذال المعجمة أي: وفتح الميم نسبة إلى البلد ومن ضبطه بإسكان الميم وبالدال المهملة فهو نسبة إلى القبيلة. فائدة: قال ابن كثير قال ابن الجوزي في بعض مصنفاته. مسئلة: هل تعرفون رجلا من المحدثين لا يوجد مثل أسماء آبائه؟ فالجواب: إنه مسدد بن "مسرهد بن مسربل بن مغربل ابن مطربل""1" بن أرندل بن "عرندل"6 بن "ماسك"7 الأسدي.

_ 1 من "التدريب" ومثله في "التهذيب"، وفي ع: "مزرد"، وفي خط: "أبو مرثد". 2 هكذا في خط، وفي ع و "التدريب": "وهو". 3 ضبط خط بضم الميم وفتح الزاي. 4 راجع: "التقييد" 5 راجع: "ابن الصلاح" و "التقييد". 6 ضبط خط. 7 من "ابن كثير"، وراجع: "الباعث" والتعليق عليه.

النوع الموفي خمسين

النوع الموفي خمسين معرفة الأسماء والكنى كتب الأسماء والكنى كثيرة منها كتاب علي ابن المديني وكتاب مسلم وكتاب النسائي وكتاب الحاكم الكبير أبي أحمد الحافظ ولابن عبد البر في أنواع منه كتب لطيفة رائقة. والمراد بهذه الترجمة بيان أسماء ذوي الكنى. والمصنف في ذلك يبوب كتابه على الكنى مبينا أسماء أصحابها وهذا فن مطلوب لم يزل أهل العلم بالحديث "يعنون"1 به ويتحفظونه ويتطارحونه فيما بينهم ويتنقصون من جهله. وقد ابتكرت فيه تقسيما حسنا فأقول: أصحاب الكنى فيها على ضروب: أحدها: الذين سموا بالكنى فأسماؤهم كناهم لا أسماء لهم غيرها. وينقسم هؤلاء إلى قسمين: أحدهما: من له كنية أخرى سوى الكنية التي هي اسمه فصار كأن "لكنيته"2 كنية وذلك "طريف"3 عجيب. وهذا ك أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي أحد فقهاء المدينة السبعة وكان يقال له "راهب"4 قريش اسمه أبو بكر وكنيته أبو عبد الرحمن. وكذلك أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري يقال إن اسمه أو

_ 1 ضبط خط. 2 هكذا في خط، وفي ش وع: "للكنية". 3 هكذا في ش وع بالطاء المهملة، وفي خط بالمعجمة ومثله في "التدريب". 4 من ش وع، وفي خط: "واهب".

بكر وكنيته أبو محمد. ولا نظير لهذين في ذلك قاله الخطيب. وقد قيل إنه لا كنية لابن حزم غير الكنية التي هي اسمه. الثاني: من هؤلاء: من لا كنية له غير الكنية التي هي اسمه1 مثاله: أبو بلال الأشعري الراوي عن شريك وغيره روي عنه أنه قال: "ليس لي اسم اسمي وكنيتي واحد". وهكذا أبو حصين بن يحيى بن سليمان الرازي بفتح الحاء: روى عنه جماعة منهم أبو حاتم الرازي وسأله: هل لك اسم فقال: "لا اسمي وكنيتي واحد". الضرب الثاني: الذين "عرفوا"2 بكناهم ولم يوقف على أسمائهم ولا على حالهم فيها هل هي كناهم أو غيرها مثاله من الصحابة: أبو أناس بالنون الكناني ويقال الديلي من رهط أبي الأسود الديلي. ويقال فيه: الدؤلي بالضم والهمزة مفتوحة في النسب عند بعض أهل العربية ومكسورة عند بعضهم على الشذذ فيه. وأبو "مويهبة"3 مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأبو شيبة الخدري الذي مات في حصار القسطنطينية"3" ودفن هناك مكانه. ومن غير الصحابة: أبو الأبيض: الراوي عن أنس بن مالك. أبو بكر بن نافع مولى ابن "عمر" 4: روى عنه مالك وغيره. أبو النجيب مولى عبد الله بن عمرو بن العاص: بالنون المفتوحة في أوله

_ 1 من ش وع، وليس في خط. 2 ضبط خط. 3 ضبط خط بسكون السين. 4 من ش وع، وفي خط: "عمرو".

وقيل: بالتاء المضمومة باثنتين من فوق. أبو حرب بن أبي الأسود الديلي أبو حريز الموفقي الموقف محلة بمصر روى: عنه ابن وهب وغيره. الضرب الثالث: الذين لقبوا بالكنى ولهم غير ذلك كنى وأسماء. مثاله: علي ابن أبي طالب رضي الله عنه يلقب بأبي تراب ويكنى أبا الحسن. أبو الزناد عبد الله بن ذكوان: كنيته أبو عبد الرحمن وأبو الزناد لقب وذكر الحافظ أبو الفضل الفلكي فيما بلغنا عنه أنه كان يغضب من أبي الزناد وكان عالما "مفتنا"1. أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن الأنصاري: كنيته أبو عبد الرحمن وأبو الرجال لقب "لقب"2 به لأنه كان له عشرة أولاد كلهم رجال. أبو تميلة بتاء مضمومة مثناة من فوق: يحيى بن واضح الأنصاري المروزي يكنى أبا محمد وأبو تميلة لقب وثقه يحيى بن معين وغيره. وأنكر أبو حاتم الرازي على البخاري إدخاله إياه في كتاب الضعفاء. أبو الآذان الحافظ عمر بن إبراهيم: يكنى أبا بكر وأبو الآذان لقب "لقب"3 به لأنه كان كبير الأذنين. أبو الشيخ الأصبهاني عبد الله بن محمد الحافظ: كنيته أبو محمد وأبو الشيخ "لقب"4. أبو حازم "العبدوي"5 الحافظ عمر بن أحمد كنيته أبو حفص وأبو حازم لقب وإنما استفدناه من كتاب الفلكي في الألقاب.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "مفتيا". 2 ضبطها في خط بضم اللام وتشديد القاف، ورسم فوقها علامة: "صح". 3 من خط وع، وليس في ش. 4 ضبط خط. 5 ضبط خط بفتح المهملة وسكون الموحدة وفتح وضم الدال المهملة.

الضرب الرابع: من له كنيتان أو أكثر. مثال ذلك: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج كانت له كنيتان: أبو خالد وأبو الوليد. عبد الله بن عمر بن حفص العمري أخو عبيد الله: روي أنه كان يكنى أبا القاسم فتركها "واكتنى" 1: أبا عبد الرحمن. وكان لشيخنا منصور بن أبي المعالي النيسابوري حفيد الفراوي ثلاث كنى أبو بكر وأبو الفتح وأبو القاسم الضرب الخامس: من اختلف في كنيته فذكر له على الاختلاف كنيتان أو أكثر واسمه معروف. ول عبد الله بن عطاء الإبراهيمي الهروي من المتأخرين فيه مختصر مثاله: أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل كنيته أبو زيد وقيل أبو محمد وقيل أبو عبد الله وقيل أبو خارجة. أبي بن كعب: أبو المنذر وقيل: أبو الطفيل. قبيصة بن ذؤيب أبو إسحاق وقيل: ابو سعيد. القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق أبو عبد الرحمن وقيل: أبو محمد. سليمان بن بلال المدني أبو بلال وقيل: أبو محمد. وفي بعض من ذكر في هذا القسم من هو في نفس الأمر ملتحق بالضرب الذي قبله. الضرب السادس: من عرفت كنيته واختلف في اسمه. مثاله من الصحابة: أبو بصرة الغفاري على لفظ البصرة البلدة: قيل اسمه جميل بن بصرة بالجيم وقيل: "حميل"2 بالحاء المهملة المضمومة وهو الأصح. أبو جحيفة السوائي: قيل اسمه وهب بن عبد الله وقيل وهب الله بن عبد الله.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "واكني". 2 ضبط خط.

أبو هريرة الدوسي: اختلف في اسمه واسم أبيه اختلاف كثير جدا لم يختلف مثله في اسم أحد في الجاهلية والإسلام وذكر ابن عبد البر أن فيه نحو عشرين قولة في اسمه واسم أبيه وأنه لكثرة الاضطراب لم يصح عنده في اسمه شيء يعتمد عليه إلا أن عبد الله أو عبد الرحمن هو الذي يسكن إليه القلب في اسمه في الإسلام. وذكر عن محمد بن إسحاق أن اسمه عبد الرحمن بن صخر قال: وعلى هذا اعتمدت طائفة ألفت في الأسماء والكنى قال وقال أبو أحمد الحاكم: أصح شىء عندنا في اسم أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر1

_ 1 في الحاشية خط: "ذكر ابن "الخاضبة" "1" في اسم أبي هريرة فقال: واختلف العلماء في اسم أبي هريرة واسم أبيه اختلافا كثيرا، فقال شباب: هو عمير بن عامر بن عبد ذي الشرى بن طريف بن عتاب بن "أبي صعب بن هنية" "2" بن سعد بن ثعلبة بن سليم بن فهد بن غنم بن دوس، و"يقال" "3": اسمه يزيد بن عشرقة، ويقال: سكين بن دومه "4"، وقال إبراهيم بن حرب: هو عبد الله بن عبدشمس، ويقال: عامر، وقال ابن حنبل: اسمع عبد شمس، وعبد فهم بن عامر، ويقال: عبد غنم، ويقال: سكين، ووافقه علي قوله يحيى بن معين وابن "دكين" "5". وقال "المحرر" "6" ولده: كان اسم أبي عبد عمرو بن عبد غنم. قال العلائي: هذا أصح شيء عندنا في اسمه. وقال ابن الجارود: أسمه في الجاهلية: عبد شمس، وفي الإسلام: عبد الله. وقال ابن إسحاق: كان يقول: كان اسمي في الجاهلية: عبد شمس فسميت في الإسلام: عبدا لرحمن. ويقال: المعتمد عليه: عبدا لرحمن بن صخر، قاله ابن إسحاق، ويقال: اسمه عمرو بن عبد العزى، وعمرو ابن عبد غنم، وعبد الله بن عبد العزى، وعبد الرجمن، وعمرو، ويزيد بن عبد الله. انتهى. وقال الحافظ أبو بكر بن أبي المظفر السمعاني: اختلفوا في اسم أبي هريرة على أقوال، قيل: عبدا لرحمن بن صخر، وقيل: عبد الله بن غنم، وقيل عبد شمس، وقيل: عامر بن عبدشمس، وقيل: عمرو بن عبدغنم، وقيل سعيد بن الحارث، وقيل: سكين بن "مل" وقيل: سكين بن صخر، وقيل: سكين بن هانئ، وقيل عبد الله بن عائز، وقيل غير ذلك" اهـ.

ومن غير الصحابة: أبو بردة بن أبي موسى الأشعري: أكثرهم على أن اسمه عامر وعن ابن معين أن اسمه: الحارث. أبو بكر بن عياش راوي قراءة عاصم: اختلف في اسمه على أحد عشر قولا قال ابن عبد البر: إن صح له اسم فهو شعبة لا غير. وهو الذي صححه أبو زرعة. قال ابن عبد البر: وقيل اسمه كنيته. وهذا أصح إن شاء الله لأنه روي عنه أنه قال: مالي اسم غير أبي بكر. الضرب السابع: من اختلف في كنيته واسمه معا وذلك قليل. مثاله: سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: قيل اسمه عمير وقيل صالح وقيل مهران. وكنيته أبو عبد الرحمن وقيل: أبو البختري. "الثامن"1: من لم يختلف في كنيته واسمه "وعرفا"2 جميعا واشتهرا. ومن أمثلته: أئمة المذاهب ذووا"2" أبي عبد الله: مالك ومحمد بن إدريس وأحمد بن حنبل وسفيان الثوري3 وأبو حنيفة النعمان بن ثابت في خلق كثير. "التاسع"4: من اشتهر بكنيته دون اسمه واسمه مع ذلك غير مجهول عند أهل العلم بالحديث. ولابن عبد البر تصنيف مليح فيمن بعد الصحابة منهم. مثاله أبو إدريس الخولاني اسمه: عائذ الله بن عبد الله أبو إسحاق السبيعي اسمه: عمرو بن عبد الله. أبو الأشعث الصنعاني: صنعاء دمشق اسمه شراحيل بن آدة بهمزة ممدودة بعدها دال مهملة مفتوحة مخففة ومنهم من شدد الدال ولم يمده. أبو الضحى مسلم بن صبيح: بضم الصاد المهملة. أبو حازم الأعرج الزاهد الراوي عن سهل بن سعد"2" وغيره اسمه:

_ 1 هكذا في خط وع، وفي ش: "الضرب الثامن". 2 ضبط خط. 3 من خط وع، وليس في ش. 4هكذا في خط وع، وفي ش: "الضرب التاسع".

سلمة ابن دينار. ومن لا يحصى. انتهى من فنون أصحاب الحديث: معرفة أسماء ذوي الكنى وهو هذا النوع ومعرفة كنى ذوي الأسماء وهو النوع الذي بعده. وينبغي العناية بمعرفة ذلك فربما ورد ذكر الراوي مرة بكنيته ومرة باسمه فيظنهما من لا معرفة له بذلك: رجلين وربما ذكر الراوي باسمه وكنيته معا "فتوهمه"1 بعضهم رجلين كالحديث الذي رواه الحاكم من رواية أبي يوسف عن أبي حنيفة عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن أبي الوليد عن جابر مرفوعا: "من صلى خلف الإمام فإن قراءته له قراءة". قال الحاكم: ومن تهاون بمعرفة الأسامي أورثه مثل هذا الوهم. وربما وقع عكس ذلك كما تقدم قبله بنوع في قول النسائي عن أبي أسامة حماد بن السائب فوهم في ذلك وإنما هو عن حماد بن السائب وأبو أسامة إنما اسمه حماد بن أبي أسامة وحماد بن السائب هو محمد بن السائب الكلبي "دله"2 أبو أسامة. ومما وقع في زماننا لبعض من درس في الحديث ولم يكن له به إلمام أنه عجز في الكشف عن "معرفة"3 أبي الزناد فلم يهتد إلى معرفة "اسمه"4 مع أنه معروف عند أصاغر الطلبة واسمه عبد الله بن ذكوان"4" كما تقدم. وقد صنف في ذلك جماعة منهم: علي ابن المديني ومسلم بن الحجاج والنسائي وأبو بشر الدولابي وأبو أحمد الحاكم وأبو عمر بن عبد البر وكتاب أبي أحمد الحاكم أجل ما صنف في ذلك وأكبره فإنه ذكر فيه من عرف اسمه ومن لم يعرف اسمه وكتاب مسلم والنسائي لم يذكرا فيه إلا من عرف اسمه والذين صنفوا في ذلك بوبوا الأبواب على الكنى وبينوا أسماء أصحابها إلا أن النسائي

_ 1 هكذا في خط ول. 2 هكذا في خط، وفي ل: "وكنيته"، وراجع ماسبق بهذا الشأن في "النوع قبل السابق". 3 من خط، وفي ل: "ترجمة". 4 راجع: "الشرح".

رتب حروف كتابه على ترتيب غريب1 وهي هذه أل ب ت ث ي ن س ش ر ز د ذ ك ط ظ ص ض ف ق وهـ م ع غ ج ح خ. "واعترض" على المصنف بأمور"منها": أنه جزم بأن أبا بكر بن عبد الرحمن المخزومي اسمه أبو بكر وكنيته "أبو"2 عبد الرحمن وهذا قول ضعيف رواه البخاري في التاريخ عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن "وفيه"3 قولان آخران أحدهما: أن اسمه محمد وكنيته أبو بكر ذكره البخاري في التاريخ في المحمدين من4 رواية شعيب ويونس ومعمر وصالح عن الزهري أنه سماه كذلك. والثاني - وهو الصحيح -: أن اسمه كنيته جزم به ابن أبي حاتم وابن حبان وقال المزي في "التهذيب" إنه الصحيح. "ومنها" قوله: إن أبا الأبيض الراوي عن أنس لا يعرف اسمه وما قاله مخالف لما قاله ابن أبي حاتم في الكنى في جزء جمعه فيها إن اسمه عيسى وقال في الجرح والتعديل وممن لا ينسب عيسى "ابو"5 الأبيض العنسي يروي عن أنس بن مالك وروى عنه ربعي بن حراش وإبراهيم بن أبي عبلة. وقال بعد ذلك"4": سمعت أبي يقول ذلك. سئل أبو زرعة عن أبي الأبيض الذي يروي عن أنس فقال: لا يعرف اسمه وهذا مخالف لما قاله6 أولا. قال ابن عساكر في تاريخ دمشق: ولعل سبب هذا الاضطراب الذي وقع فيه

_ 1 راجع الشرح. 2 من ل وع، وليس في خط. 3 من ع، وفي خط: "ووراه" ورسم عليها علامة إلحاق، ولم يضع شيئا في الحاشية، وكأنه أراد أن يبينها في الحاشية فغفل عن ذلك، والله أعلم. 4 راجع: "التقييد". 5 من خط و "الجرح" "6/293". 6 يعني ابن أبي حاتم، وراجع: "التقييد"، و "الجرح" "6/293" "9/336".

ابن أبي حاتم أنه وجد في بعض روايته "أبو الأبيض عنسي"1 فتصحف عليه بعيسى. "ومنها": قوله: إن ابا النجيب مولى عبد الله بن عمرو بن العاص وليس كذلك وإنما هو مولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح كما ذكره ابن يونس في تاريخ مصر وابن حبان في الثقات وابن ماكولا في الإكمال وعبد الكريم الحلبي في تاريخ مصر وبه جزم المزي في التهذيب لا خلاف في ذلك. "ومنها": أنه2 ذكره3 فيمن لا يعرف اسمه وليس كذلك فقد روى أبو عمر الكندي في موالي أهل مصر بإسناده إلى "عمرو"4 بن سواد أن اسم أبي النجيب: "ظليم"5 وبه جزم ابن ماكولا في الإكمال في موضعين من كتابه في باب الباء الموحدة وفي باب الظاء المعجمة بأنه ظليم بفتح الظاء المعجمة وكسر اللام وبه جزم عبد الكريم في تاريخ مصر وحكاه ابن يونس في تاريخ مصر فقال يقال إن اسمه ظليم ولم يصح6. "ومنها": سليمان بن بلال كناه بأبي بلال وجزم به ثم قال: وقيل: أبو محمد مع أن أحدا ممن صنف أسماء الرجال لم يكنه بذلك والمعروف إنما هو: أبو أيوب وبه جزم البخاري في التاريخ الكبير وابن أبي حاتم والنسائي في الكنى وبه صدر ابن حبان كلامه في الثقات. ومن حكى الخلاف في كنيته اقتصر على قولين إما "أبو"7 أيوب وإما أبو محمد"6" والأول أشهر كني بابنه أيوب بن سليمان بن بلال.

_ 1 صبط خط. 2 يعني: ابن الصلاح. 3 يعني: أبا النجيب، وراجع: "التقييد". 4 من ع، وفي خط "عمر". 5 هكذا ضبطه في خط بضم المعجمة وفتح اللام، وسيأتي قريبا إن شاء الله تعالى ضبطه بفتح المعجمة وكسر اللام، وراجع: "الباعث" والتعليق عليه. 6 راجع: "التقييد" 7 من خط، وليس في ع.

النوع الحادي والخمسون

النوع الحادي والخمسون معرفة كنى المعروفين بالأسماء دون لكنى وهذا من وجه ضد النوع الذي قبله. ومن شأنه أن يبوب على الأسماء ثم تبين كناها بخلاف ذاك. ومن وجه آخر يصلح لأن يجعل قسما من أقسام ذاك من حيث كونه قسما من أقسام أصحاب الكنى. وقل من أفرده بالتصنيف. وبلغنا أن لأبي حاتم بن حبان البستي فيه كتابا. ولنجمع في التمثيل جماعات في كنية واحدة تقريبا على الضابط. فممن يكنى بأبي محمد "من"1 هذا القبيل: من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين: طلحة بن عبيد الله التيمي عبد الرحمن بن عوف الزهري الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي ثابت بن قيس بن الشماس عبد الله بن زيد صاحب الأذان "الأنصاريان"2. كعب بن عجرة الأشعث بن قيس معقل بن سنان الأشجعي عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عبد الله بن بحينة عبد الله بن عمرو بن "العاص"3 عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق جبير بن مطعم الفضل بن العباس بن عبد المطلب حويطب بن عبد العزى محمود بن الربيع عبد الله

_ 1 من ش وع، وفي خط: "في". 2 من ش وع، وفي خط: "الأنصاري ان". 3 من ش وع، ورسمها في خط: "العاصي".

"بن ثعلبة"1 بن "صعير"2. وممن يكنى منهم بأبي عبد الله: الزبير "بن العوام"3 الحسين بن علي بن أبي طالب سلمان الفارسي عامر ابن ربيعة العدوي حذيفة بن اليمان كعب بن مالك رافع بن خديج عمارة بن حزم النعمان بن بشير جابر بن عبد الله عثمان بن حنيف حارثة بن النعمان وهؤلاء السبعة أنصاريون. ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة شرحبيل بن "حسنة"4 عمرو ابن العاص محمد بن عبد الله بن "جحش"5 معقل بن يسار وعمرو بن عامر المزنيان. وممن يكنى منهم بأبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود معاذ بن جبل زيد ابن الخطاب أخو عمر بن الخطاب عبد الله بن عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة الأنصاري عويم"2"بن ساعدة علي وزن نعيم زيد بن خالد الجهني بلال ابن الحارث المزني معاوية بن أبي سفيان الحارث بن هشام المخزومي المسور بن مخرمة. وفي بعض من ذكرناه من قبل في كنيته غير ما ذكرناه. انتهى. "واعترض" عليه بأمور "منها": أنه كنى ثابت بن قيس بن شماس بأبي محمد6 وقد رجح المزي في "التهذيب": أن كنيته أبو عبد الرحمن قال: ويقال أبو محمد وكذا قال ابن حبان"6": كنيته أبو عبد الرحمن وقيل

_ 1 من ش وع، وليس في خط. 2 ضبط خط. 3 من ش وع، وليس في خط. 4 من ش وع، وفي خط: "حسه 5 من ش وع، وفي خط: "ححر". 6 راجع: "التقييد".

"أبو"1 محمد ولم يكنه البخاري في التاريخ الكبير ولا ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولا النسائي في الكنى وكأن المصنف تبع في ذلك ابن مندة وابن عبد البر فإن ابن مندة جزم بأن كنيته أبو محمد وقال ابن "عبد البر يكنى"2 أبا محمد بابنه محمد وقيل: يكنى أبا عبد الرحمن وكذا فعل أبو أحمد الحاكم في الكنى فكان الأحسن أن يذكره المصنف في الضرب الخامس من النوع الذي قبله. "ومنها" أيضا: عبد الله بن جعفر كناه أيضا بأبي محمد والمعروف أنه يكنى بأبي "جعفر"3 كما حكاه البخاري وابن أبي حاتم والنسائي وابن حبان والطبراني وابن مندة وابن عبد البر في كتبهم في الصحابة. وكأن المصنف اغتر بما وقع في النسائي في الكنى في حرف الميم: أبو محمد عبد الله بن جعفر"3" ثم روى بإسناده أن الوليد بن عبد الملك قال لعبد الله بن جعفر"3": يا أبا محمد. ثم قال بعد ذلك في حرف "الجيم"4: أبو جعفر"3" عبد الله بن جعفر"3" ابن أبي طالب المدني5. وروى البخاري بسنده إلى ابن الزبير أنه قال له: يا أبا جعفر"3" وابن الزبير "أعرف"6 به من الوليد بن عبد الملك"5". "ومنها": أنه كنى عمارة بن حزم بأبي عبد الله ولم "يذكر"7 له كنية في

_ 1 من ع، وليس في خط. 2 من ع، وفي خط: "عبدا لرحمن". 3 من ع، وفي خط: "حوص" بالصاد المهملة فدا الموضع الأخير فهو: "حوض" بإعجامها. والتحريف على هذه الصورة يتكرر كثير، والله المستعان. 4 لأن الجيم بعد الميم في ترتيب النسائي رحمه الله كما سبق. 5 راجع: "التقييد". 6 من خط، ووقع في ع: "عرف" بدون الهمزة. 7 هكذا في خط بالياء اخر الحروف، وهي محتملة لأن تكون بالتاء ثالث الحروف، وراجع الكلام عن هذا الشأن في صدر هذا الكتاب، والله الموفق.

تاريخ البخاري ولا في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ولا في النسائي في الكنى وما ذكرها أبو أحمد الحاكم ولا ابن حبان ولا ابن مندة ولا ابن عبد البر فينظر في ذلك. "ومنها": أنه كنى عثمان بن حنيف أيضا: "بأبي عبد الله"1 والمشهور أن كنيته أبو عمرو2 وبه صدر ابن عبد البر كلامه في الاستيعاب مع أن كثيرا من الأئمة لم يذكروا له كنية كالبخاري وابن أبي حاتم وابن مندة. والمصنف تبع في ذلك ابن حبان وكذا ذكره أبو أحمد الحاكم في البابين معا باب: أبي عبد الله وباب: أبي عمرو. "ومنها": أنه كنى المغيرة بن شعبة بأبي عبد الله أيضا والمشهور: أن كنيته أبو عيسى جزم به النسائي وصدر أبو أحمد الحاكم كلامه به وكذلك المزي لكن صدر البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان كلامهم بما ذكره المصنف. "ومنها": أنه عد أيضا فيمن يكنى بأبي عبد الله: معقل بن يسار وعمرو بن عامر المزنيين. أما معقل: فالمشهور أن كنيته: أبو على كذا قاله الجمهور: على ابن المديني وخليفة بن خياط وعمرو بن علي الفلاس وأحمد بن عبد الله بن صالح العجلي وبه جزم ابن مندة وصدر البخاري كلامه به وكذا ابن أبي حاتم وابن حبان والنسائي. وما جزم به المصنف هو قول إبراهيم بن المنذر الحزامي حكاه عنه أبو أحمد الحاكم في الكنى قال العجلي: لا نعلم أحدا من الصحابة يكنى بأبي علي إلا معقل بن يسار. ورد"2" بأن فيهم اثنين: قيس بن عاصم وطلق بن علي صحابيان يكنى كل منهما بأبي علي ذكره النسائي وغيره. وأما عمرو بن عامر: فليس في الصحابة من يسمى بهذا الاسم إلا

_ 1 من ع، وفي خط: "بعبد الله". 2 راجع "التقييد".

شخصان1 وليس واحد منهما كنيته أبو عبد الله وليس واحد منهما مزنيا. قال أبو عبد الله بن مندة عمرو بن عامر بن مالك بن خنساء بن مبذول بن عمرو بن مازن بن النجار "فهو"2 أبو داود المازني شهد بدرا قاله محمد بن يحيى الذهلي. وقال محمد بن إسحاق"1": لا تعرف له رواية. لكن اختلف في اسمه"1" فالصواب: أنه عمير بن عامر وقيل: عمرو بن عامر وهو مشهور بكنيته وهي: أبو عبد الله وليس بمزني. وأما الثاني: فذكره ابن "فتحون"3 في ذيله على الاستيعاب فقال عمرو بن عامر بن ربيعة "هودة"4 بن ربيعة بن "عمرو بن البكاء"5 أحد بني عامر بن صعصعة. فهذا أيضا ليس بمزني ولا كنيته أبو عبد الله والظاهر: أن ما ذكره المصنف سبق قلم وإنما هو عمرو بن عوف "المزني"6 فإن كنيته: أبو عبد الله كما جزم به ابن مندة وابن عبد البر. "قوله": وفي بعض من ذكرناه من قيل في كنيته غير ما ذكرناه ولم يبين أسماءهم وهم: كعب بن عجرة ومعقل بن سنان وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وجبير بن مطعم وحويطب ابن عبد العزى ومحمود بن الربيع والفضل بن العباس ورافع بن خديج وكعب بن مالك وجابر ابن عبد الله وثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم "وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة ومعاذ بن جبل وزيد بن الخطاب ومحمد بن مسلمة"7 وزيد بن خالد وبلال ابن

_ 1 راجع التقييد". 2 من خط، وليس في ع. 3 من خط، ووقع في ع: "فلحون". 4 هكذا في خط بالدال المهملة، وفي "الإصابة" بإعجامها، وفي ع: "عودة"، وفي التدريب": "عود". 5 هكذا في خط، وفي ع: "عمر بن عامر بن البكاء". 6 من خط و "التدريب"، وفي ع: "المدني". 7 من ع، وليس في خط.

رباح فكل هؤلاء مختلف في كناهم وكان الأحسن أن "يذكرهم"1 المصنف في الضرب الخامس من "النوع الذي قبله"2. ورجح المزي أن "كنية"3 محمود بن الربيع: أبو نعيم وكنية الفضل ومحمد ابن مسلمة وبلال بن رباح: أبو عبد الله.

_ 1 في خط: "يذكر" فصوبته، وراجع: "التقييد" 2 راجع: "التقييد". 3 من ع، وفي خط: "كنيته".

النوع الثاني والخمسون

النوع الثاني والخمسون معرفة ألقاب المحدثين ومن يذكر معهم وفيها كثرة ومن لا يعرفها يوشك أن يظنها أسامي وأن يجعل من "يذكر"1 باسمه في موضع وبلقبه في موضع شخصين كما اتفق لكثير ممن ألف. وممن صنفها: أبو بكر أحمد عبد الرحمن الشيرازي الحافظ ثم أبو الفضل ابن الفلكي الحافظ. وهي تنقسم إلى ما يجوز التعريف به وهو ما لا يكرهه الملقب وإلى ما لا يجوز وهو ما يكرهه الملقب. وهذا أنموذج منها مختار: روينا عن عبد الغني بن "سعيد"2 الحافظ أنه قال: رجلان جليلان لزمهما لقبان قبيحان: معاوية بن عبد الكريم الضال وإنما "ضل"3 في طريق مكة وعبد الله بن محمد الضعيف وإنما كان ضعيفا في جسمه لا في حديثه قلت: وثالث وهو عارم أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي وكان عبدا صالحا بعيدا "عن العرامة"4. و"الضعيف" هو الطرسوسي أبو محمد سمع أبا معاوية الضرير وغيره

_ 1 هكذا في خط، وفي ش وع: "ذكر". 2 من ش وع، وفي خط: "عبد". 3 من ش وع، وفي خط: "قتل". 4 من ش وع و"ابن كثير"، وفي خط: "من الغرابة".

كتب عنه أبو حاتم الرازي وزعم أبو حاتم ابن حبان أنه قيل له: الضعيف "لإتقانه"1 وضبطه. غندر لقب محمد بن "جعفر البصري"2 أبي بكر. وسببه ما روينا أن ابن جريج قدم البصرة فحدثهم بحديث عن الحسن البصري فأنكروه عليه وشغبوا وأكثر محمد بن جعفر من "التشغيب"3 عليه فقال له: اسكت يا غندر وأهل الحجاز يسمون المشغب غندرا ثم كان بعده غنادرة كل منهم يلقب بغندر منهم: محمد بن جعفر الرازي أبو الحسين غندر روى عن أبي حاتم الرازي وغيره ومنهم محمد بن جعفر أبو بكر البغدادي غندر الحافظ الجوال حدث عنه أبو نعيم الحافظ وغيره. ومنهم محمد بن جعفر بن دران البغدادي أبو الطيب روى عن أبي خليفة الجمحي وغيره. وآخرون لقبوا بذلك ممن ليس بمحمد بن جعفر. "غنجار"4 لقب عيسى بن موسى التيمي أبي أحمد البخاري متقدم. حدث عن مالك والثوري وغيرهما: لقب بغنجار لحمرة وجنتيه. وغنجار آخر متأخر وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد البخاري الحافظ صاحب تاريخ بخارى مات سنة ثنتي عشرة وأربعمائة. صاعقة هو أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم الحافظ روى عنه البخاري وغيره قال أبو علي الحافظ: إنما لقب صاعقة لحفظه وشدة مذاكرته ومطالبته. شباب: لقب خليفة بن خياط العصفري صاحب التاريخ سمع غندرا

_ 1 من ش وع، وفي خط: "لإمعانه". 2 من ش وع، وفي خط: "جعفر بن البصري". 3 هكذا في خط، وفي ش وع: "الشغب". 4 في حاشية خط: "صرف غنجار ينبغي أن يكون على الخلاف في بندار، من أدخل الألف واللام: صرف، ومن لا: فلا"اهـ.

وغيره زنيج: بالنون والجيم لقب أبي "غسان"1 محمد بن عمرو الرازي روى عنه مسلم وغيره. "رسته"2: لقب عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني. "سنيد"3: لقب الحسين بن داود "المصيصي"4 صاحب التفسير روى "عنه"5 أبو زرعة وأبو حاتم الحافظان وغيرهما. "بندار"6 لقب محمد "بن"7 بشار البصري. روى عنه: البخاري ومسلم والناس. قال ابن الفلكي: إنما لقب بهذا لأنه كان بندار الحديث. قيصر: لقب أبي النضير هاشم بن القاسم المعروف روى عنه أحمد بن حنبل وغيره. الأخفش: لقب جماعة منهم: أحمد بن عمران البصري النحوي متقدم روى عن "زيد"8 بن الحباب وغيره وله غريب الموطأ. وفي النحويين أخافش ثلاثة مشهورون: أكبرهم أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد وهو الذي ذكره: سيبويه في كتابه.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "عنان". 2 ضبط خط، وفي حاشية خط: "رسته بلسانهم: النبات منالقمح وغيره في ابتدائه واخره". اهـ. 3 ضبط خط. 4 في حاشية خط: "إذا فتحت الميم خففت الصاد، وإذا كسرتها ثقلت الصاد". اهـ. 5 من ش وع، وفي خط: "عنهما". 6 ضبط خط، وفي حاشية خط: "بندار الحديث أي مكثر منه، والبندار: من يكون مكثرا نمن شيء يشتريه منه من هو دونه ثم يبيعه، ذكره السمعاني". اهـ. 7 من خط وع، وليس في ش. 8 من ش وع، وفي خط: "يزيد".

والثاني: سعيد بن "مسعده"1 أبو الحسن الذي "روي"2 عنه كتاب سيبويه وهو صاحبه. والثالث: أبو الحسن علي بن سليمان صاحب أبوي العباس النحوييين: أحمد ابن يحيى الملقب بثعلب ومحمد بن يزيد الملقب بالمبرد. مربع بفتح الباء المشددة: وهو محمد بن إبراهيم الحافظ البغدادي. جزرة3: لقب صالح بن "محمد الحافظ البغدادي"4 لقب بذلك من أجل أنه سمع من بعض الشيوخ ما روي عن عبد الله بن بسر أنه كان "يرقي"5 بخرزة فصحفها وقال: جزرة بالجيم فذهبت عليه وكان ظريفا له نوادر تحكى. "عبيد العجل"6: لقب أبي عبد الله "الحسين"7 بن محمد بن حاتم البغدادي الحافظ. كيلجة: هو محمد بن صالح البغدادي الحافظ. ما غمه بلفظ النفي لفعل الغم: هو لقب علان بن عبد الصمد وهو: علي ابن الحسن بن عبد الصمد البغدادي الحافظ ويجمع فيه بين اللقبين فيقالك علان ما غمه.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "مسعد". 2 هكذا في خط، وفي ش وع: "يروى". 3 ضبطها في خط بكسر الجيم وفتحها وكتب فوقها "معا" إشارة إلى صحة الوجهين فيها. وفي حاشية خط: "وفي خط أبي مسعود الدمشقي في سماعه من الدارقطني: "جزرة" بكسر الجيم والكسر والفتح لغتان فيها" اهـ. والضبط من خط. 4 هكذا في خط، وفي ش وع: "محمد البغدادي الحافظ". 5 من ش وع، وفي خط: "يوقى". 6 في حاشية خط: "عبيد بالتنوين والعجل صفة له، ولايقال بالخفض على الإضافة كما عرف في إضافة الاسم إلى اللقب في قولهم: قيس قفة" وبابه والفرق ضاهر"1" اهـ. 7 من ش وع، وفي خط: "الحسن" بلا ياء.

وهؤلاء البغداديون الخمسة روينا أن يحيى بن معين: هو لقبهم وهم من كبار أصحابه وحفاظ الحديث. "جادة"1 المشهور هو الحسن بن حماد سمع وكيعا وغيره. "مشكدانه"2: ومعناه بالفارسية حبة المسك "أو"3 وعاء المسك لقب عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان. مطين: بفتح الياء: لقب أبي جعفر الحضرمي. خاطبهما بذلك أبو نعيم الفضل بن دكين فلقبا بهما. عبدان: لقب لجماعة أكبرهم عبد الله بن عثمان المروزي صاحب ابن المبارك "وراويته"4 روينا عن محمد بن طاهر "المقدسي"5 أنه إنما قيل له عبدان لأن كنيته أبو عبد الرحمن واسمه عبد الله فاجتمع في كنيته واسمه العبدان. وهذا لا يصح بل ذلك من تغيير العامة للأسامي وكسرهم لها في زمان صغر المسمى أو نحو ذلك. كما قالوا في علي: علان وفي أحمد بن يوسف السلمي وغيره6: حمدان وفي وهب بن بقية الواسطي: وهبان انتهى. وممن صنف في ذلك أبو الوليد ابن الدباغ وأبو الفرج ابن الجوزي قوله: كما وقع لكثير ممن ألف أي: الجماعة من كبار الحفاظ؟ منهم: علي ابن المديني

_ 1 في حاشبة خط: "إنما" قلت سجادة المشهور، لأن ثم سجادة اخر اسمه: الحسين بن أحمد روى عنه ابن عدي الحافظ وغيره" اهـ. وهذه حاشية ابن الصلاح، راجع: حاشية "المقدمة". و"إنما" لم يظهر منها في خط سوى "ما" واستدركتها من حاشية "القدمة". 2 ضبط خط. 3 من ش وع، وفي خط: "و". 4 من ش، وفي خط وع: "وروايته". 5 من ش وع، وفي خط: "المقدمي". 6 في حاشية خط: "قوله: "وغيره" منهم: ابن الأصبهاني" اهـ.

وعبد الرحمن بن يوسف بن خراش فرقوا بين عبد الله بن أبي صالح أخي سهيل وبين عباد بن أبي صالح فجعلوهما اثنين قال الخطيب: وعبد الله بن أبي صالح كان يلقب عبادا وليس عباد بأخ له اتفق على ذلك الجماعة: أحمد ويحيى بن معين وأبو حاتم الرازي وأبو داود السجستاني وموسى بن هارون بن عبد الله البغدادي ومحمد بن إسحاق السراج. واختلف في صرف غنجار والظاهر أنه على الخلاف في بندار فمن أدخل عليه الألف واللام صرفه ومن لا فلا والبندار: المكثر من الشيء فيشتريه منه من هو دونه ثم يبيعه قاله السمعاني. ورسته بلسانهم النبات من القمح وغيره. وجزرة بكسر الجيم كذا وجد بخط أبي مسعود الدمشقي ويجوز فتحها وهما لغتان في الجزرة. وروى الحاكم أن صالحا سئل: لم لقب بجزرة؟ فقال: قدم عمرو بن زرارة بغداد واجتمع عليه خلق عظيم فلما كان عند الفراغ من المجلس سئلت من أين سمعت؟ فقلت: من حديث الجزرة فبقيت علي. وإضافة عبيد إلى العجل مكروهة فينون عبيد ويرفع العجل ولا يضاف عبيد إلى العجل كما يضاف الاسم إلى اللقب. واحترز1 بقوله: سجادة المشهور عن سجادة الذي ليس بمشهور وهو الحسين بن أحمد روى عنه ابن عدي الجرجاني الحافظ وغيره.

_ 1 ابن الصلاح.

النوع الثالث والخمسون

النوع الثالث والخمسون معرفة المؤتلف والمختلف من الأسماء والأنساب وما يلتحق بها وهو ما يأتلف أي يتفق في الخط صورته ويختلف في اللفظ صيغته. هذا فن جليل من لم يعرفه من المحدثين كثر عثاره ولم "يعدم"1 مخجلا. وهو منتشر لا ضابط في أكثره يفزع إليه، وإنما يضبط بالحفظ تفصيلا. وقد صنفت فيه كتب مفيدة ومن أكملها الإكمال لأبي نصر ابن ماكولا على إعواز فيه. وهذه أشياء مما دخل منه تحت الضبط مما يكثر ذكره. والضبط فيها على قسمين: على العموم وعلى الخصوص. فمن القسم الأول: "سلام، وسلام2" "و"3جميع ما يرد عليك من ذلك فهو بتشديد اللام إلا خمسة "وهم"4. "سلام"5 والد عبد الله بن سلام الإسرائيلي الصحابي. وسلام"5" والد محمد بن سلام البيكندي البخاري شيخ البخاري: لم يذكر

_ 1 ضبط خط. 2 في خط شدد لام الأولى، ورسم فوق لام الثانية علامة: "خف" إشارة إلى تخفيفها. 3 من خط، وليس في ش وع. 4 من ش وع، وفي خط: "وهو". 5 رسم عليها في خط علامة: "خف" إشارة إلى تخفيف اللام.

فيه الخطيب وابن ماكولا غير التخفيف. وقال صاحب المطالع: "منهم من خفف ومنهم من ثقل وهو الأكثر". قلت: التخفيف أثبت وهو الذي ذكره غنجار في تاريخ بخارى وهو أعلم بأهل بلاده. و"سلام1 بن محمد بن ناهض المقدسي" روى عنه أبو طالب الحافظ والطبراني. وسماه الطبراني: سلامة. و"سلام: جد محمد بن عبد الوهاب بن سلام المتكلم الجبائي أبي علي المعتزلي". وقال المبرد في كامله: "ليس في العرب سلام مخفف اللام إلا والد عبد الله ابن سلام وسلام بن أبي الحقيق" قال: وزاد آخرون "سلام مخفف بن مشكم"- "خمارا"2 كان في الجاهلية والمعروف فيه التشديد. "عمارة وعمارة3": ليس لنا عمارة بكسر العين إلا أبي بن عمارة من الصحابة ومنهم من ضمه. ومن عداه عمارة: بالضم. كريز وكريز: حكى أبو علي الغساني في كتابه تقييد المهمل عن محمد ابن وضاح أن كريزا بفتح الكاف في خزاعة وكريزا بضمها: في عبد شمس بن عبد مناف. قلت: وكريز بضمها موجود أيضا في غيرهما ولا "نستدرك"4 في المفتوح "بأيوب"5 بن كريز الراوي عن عبد الرحمن بن غنم لكون عبد الغني ذكره

_ 1 رسم عليها في خط علامة: "خف" إشارة إلى تخفيف اللام. 2 من ع، وفي خط: "خيارا"، وفي ش: "خمار". 3 ضبط خط الأولى بضم العين، والثانية بكسرها. 4 من ش وع بالنون في أوله، ولم ينقط في خط. 5 من ش وع، وفي خط: "أيوب" بلا موحدة قبله.

بالفتح لأنه بالضم كذلك ذكره الدارقطني وغيره. حزام بالزاي في قريش وحرام بالراء المهملة في الأنصار. والله أعلم1. ذكر أبو علي ابن البرداني أنه سمع الخطيب الحافظ يقول: العيشيون بصريون والعبسيون كوفيون والعنسيون شاميون. قلت: وقد قاله قبله الحاكم أبو عبد الله وهذا على الغالب الأول بالشين المعجمة والثاني بالباء الموحدة والثالث بالنون والسين فيهما غير معجمة. أبو عبيدة: كله بالضم. بلغنا عن الدارقطني أنه قال: "لا نعلم أحدا يكنى أبا عبيدة بالفتح". وهذه أشياء اجتهدت في ضبطها متتبعا من ذكرهم الدارقطني وعبد الغني وابن ماكولا منها: السفر بإسكان الفاء2 والسفر بفتحها: وجدت الكنى من ذلك بالفتح والباقي بالإسكان. ومن المغاربة من "يسكن"3 الفاء من أبي السفر سعيد بن يحمد وذلك خلاف ما يقوله أصحاب الحديث حكاه الدارقطني عنهم عسل بكسر العين المهملة وإسكان السين المهملة وعسل بفتحهما وجدت الجميع من القبيل الأول ومنهم عسل بن سفيان إلا عسل بن ذكوان الأخباري البصري فإنه بالفتح ذكره الدارقطني وغيره. ووجدته بخط الإمام أبي منصور الأزهري في كتابه تهذيب اللغة بالكسر والإسكان أيضا ولا أراه ضبطه. غنام بالغين المعجمة والنون المشددة وعثام بالعين المهملة والثاء المثلثة

_ 1 كذا في خط على غير العادة، ومضت الإشارة إلى وقوع ذلك فيما يستقبل من أنواع إن شاء الله تعالى على سبيل الندرة. 2 من ش وع، وليس في خط. 3 هكذا في خط، وفي ش وع: "سكن".

المشددة لا "يعرف"1 من القبيل الثاني غير عثام بن علي العامري الكوفي والد علي ابن عثام الزاهد. والباقون من الأول منهم: غنام بن أوس صحابي بدري. قمير وقمير: الجميع بضم القاف ومنهم "مكي"2 بن قمير عن "جعفر"3 بن سليمان إلا امرأة مسروق بن الأجدع قمير بنت عمرو فإنها بفتح القاف وكسر الميم. "مسور ومسور"4أما مسور بضم الميم وتشديد الواو وفتحها فهو مسور ابن يزيد المالكي الكاهلي له صحبة ومسور بن عبد الملك اليربوعي روى عنه معن بن عيسى ذكره البخاري. ومن سواهما فيما نعلم بكسر الميم وإسكان السين والله أعلم. الحمال والجمال لا نعرف في رواة الحديث أو فيمن ذكر منهم في كتب الحديث المتداولة الحمال بالحاء المهملة صفة لا اسما إلا هارون بن عبد الله الحمال والد موسى بن هارون الحمال الحافظ حكى عبد الغني الحافظ أنه كان بزازا فلما تزهد حمل: وزعم الخليلي وابن الفلكي أنه لقب بالحمال لكثرة ما حمل من العلم ولا أرى ما قالاه يصح. ومن عداه فالجمال بالجيم. منهم: محمد بن مهران الجمال حدث عنه البخاري ومسلم وغيرهما. وقد يوجد في هذا الباب ما يؤمن فيه من الغلط ويكون اللافظ فيه مصيبا كيف ما قال مثل:

_ 1 من خط وع، وفي ش: "نعرف" بالنون في أوله. 2 من ش وع، وفي خط: "على" 3 من ش وع، وفي خط: "حفص". 4 ضبط خط الأولى بكسر الميم وإسكان المهملة وتخفيف الواو، والثانية بضم الميم وفتح المهملة وتشغيل الواو.

عيسى بن أبي عيسى الحناط وهو أيضا: الخباط والخياط إلا أنه اشتهر بعيسى الحناط والحاء والنون. كان خياطا للثياب ثم ترك ذلك وصار حناطا يبيع الحنطة ثم ترك ذلك وصار خباطا يبيع الخبط الذي تأكله الإبل. وكذلك مسلم الخباط بالباء المنقوطة واحدة اجتمع فيه الأوصاف الثلاثة. حكى اجتماعها في هذين الشخصين الدارقطني. انتهى. "قوله": وقد صنفت فيه كتب أي: إن أول من صنف فيه عبد الغني بن سعيد ثم شيخه الدارقطني وابن "ماكولا"1 وذيل عليه الحافظ أبو بكر بن نقطة بذيل مفيد ثم ذيل على ابن نقطة بذيلين صغيرين أحدهما للحافظ جمال الدين ابن الصابوني والآخر للحافظ منصور بن سليم المعروف بابن العمادية وذيل عليهما شيخنا الحافظ علاء الدين مغلطاي بذيل كبير لكن أكثره أسماء شعراء وفي أنساب العرب وجمع فيه الحافظ أبو عبد الله الذهبي مجلد سماه مشتبه النسبة ولكنه أجحف في الاختصار واعتمد على ضبط القلم فلا يعتمد على كثير من نسخه. وفات الجميع ألفاظ كثيرة2. "واعترض" على المصنف بأمور "منها": قوله: إن سلاما كله بتشديد اللام إلا خمسة وبقي عليه أربعة آخرون أو ثلاثة بالتخفيف أيضا أحدهم: سلمة بن سلام أخو عبد الله بن سلام كما قاله ابن مندة أو ابن أخيه كما قال ابن فتحون في ذيله ولم يسم أباه. "ورد" بأن ذكر المصنف لعبد الله "بن"3 سلام كاف عن ذكر هذا لنسبتهما إلى سلام "والد"4 عبد الله5.

_ 1 من ل، وفي خط: "مالا". 2 راجع: "التقييد". 3 من خط، ووقع في ع: "ان". 4 من ع، وفي خط: "واحد" ولعله كان بالأصل: "واحد، والد....." فسقطت "والد" من نسختنا، فالله أعلم. ذ 5 راجع: "شرح الألفية".

الثاني: سلام ابن أخت عبد الله بن سلام ذكره ابن فتحون في "ذيله"1 والثالث: سلام أحد أجداد أبي نصر النسفي واسم أبي نصر: محمد بن يعقوب ابن إسحاق بن محمد بن موسى بن سلام النسفي السلامي مخفف النسب أيضا نسب إلى جده توفي بعد الثلاثين وأربعمائة ذكره الذهبي في مشتبه النسبة. والرابع "سلام جد"2 سعد بن جعفر بن سلام السيدي. مات سنة أربع عشرة وستمائة ذكره ابن نقطة في التكملة. "ومنها": قوله: قال صاحب المطالع: منهم من ثقل وهو الأكثر أي: شدد والد محمد بن سلام "البيكندي"3 وكذا قاله ابن أبي حاتم وأبو علي الجياني في تقييد المهمل وصاحب "المشارق"4. وكأنه اشتبه عليهم بشخص آخر يسمى محمد بن سلام البيكندي أيضا فإنه بالتشديد فيما ذكره الخطيب في التلخيص وغيره ويعرف بالبيكندي الصغير وهو محمد بن سلام بن السكن البيكندي حدث عن الحسن بن سواد الخراساني وعلي بن الجعد الجوهري روى عنه عبد الله بن واصل البخاري. وأما شيخ البخاري: فإنه محمد بن "سلام"5 بن الفرج البيكندي البخاري "روي عنه أنه قال: أخبرنا محمد بن سلام بالتخفيف"6 وهذا قاطع للنزاع. والبيكندي: بكسر الباء الموحدة وسكون الياء المثناة من تحت وفتح الكاف وسكون النون بعدها دال مهملة.

_ 1 راجع: "التقييد". 2 وقع في ع: "سلام بن حد......" 3 ضبط خط. 4 راجع: "التقييد". 5 رسم عليها في خط علامة: "خف" إشارة إلى تخفيف اللام. 6 كذا السياق في خط، وراجع: "الشرح"، وقارن بكتاب الخطيب: "تلخيص المتشابه" "1/127"، وراجع للخلاف في ضبط "لام": "سلام":

والنسفي: بفتح النون والسين منسوب إلى نسف فتحت للنسب كالنمري. "ومنها": قوله: ليس لنا عمارة بكسر العين إلا أبي بن عمارة ومن عداه عمارة بالضم. ويرد عليه: عمارة بفتح العين وتشديد الميم لدخولها فيما عدا الكسر فمن ذلك: عبد الله بن "ذياد"1 بن "زمزمة"2 بن عمرو بن عمارة البلوي شهد بدرا وهو المعروف "بالمجذر"3 ويزيد وبحاث وعبد الله "بنو"4 ثعلبة بن خزمة بن أصرم بن عمرو بن عمارة معدودون في الصحابة شهد يزيد العقبتين وشهد بحاث وعبد الله بدرا. وبنو عمارة البلوي بطن منهم. ومدرك بن عبد الله بن القمقام بن عمارة ولاه عمر بن عبد العزيز الجزيرة. ذكرهم الدارقطني وابن ماكولا. وجعفر بن أحمد بن علي بن عبد الله بن عمارة الحربي روى عن سعيد بن البناء وولداه: قاسم وأحمد ابنا جعفر بن أحمد بن عمارة وأبو عمر محمد بن عمر بن علي بن عمارة "الحربي"5. ذكرهم ابن نقطة في التكملة. وأبو القاسم محمد بن عمارة النجار الحربي. "ذكره"6 الذهبي. ومن النسوة: عمارة بنت عبد الوهاب بن أبي سلمة الحمصية

_ 1 بالذال المعجمة في أوله هكذا في خط، وفي ع: "زياد" بالزاي. 2 ضبط خط بفتح الزاي وسكون الميم الأولى. 3 من ع، وفي خط: "بالمخذر" بالخاء المعجمة. 4 من ع ول، وفي خط: "بن". 5 من ع ول، وفي خط: "الحرمي". 6 من خط، وفي ع: "ذكرهم".

"وعمارة"1 بنت نافع بن عمر "الجمحي"2 و"عمارة"3 جدة أبي يوسف محمد بن أحمد "الصيدناوي"4 الرقي "يروي"5 عن أبي ظلال القسملي روى عنها أبو يوسف. ذكرهن ابن ماكولا في الإكمال. وأما كون والد أبي بن عمارة فردا فهو المشهور وعليه اقتصر ابن ماكولا وغيره إلا أن الدارقطني قال: إن قريشا يقال لها: عمارة بكسر العين "وهذا لا يختص بقريش"6 وإنما قاله الدارقطني مثالا "لما"7 دون القبائل وفوق البطون العرب فإنه قال وما كان من فوق بطون العرب دون قبائلهم فهي عمارة بكسر العين قال الزبير "بن"8 بكار: العرب على ست"7" طبقات: شعب وقبيلة وعمارة وبطن وفخذ وفصيلة وما بينهما من الآباء فإنما يعرفها أهلها فمضر شعب وكنانة قبيلة وقريش عمارة وقصي بطن وهاشم فخذ وبن العباس فصيلة9. "ومنها": حزام بالزاي في قريش وبالراء في الأنصار10 أي: الغالب وإلا فقد ورد الأمران في "عدة"11 قبائل غير قريش والأنصار وأكثر ما وقع في بقية القبائل بالراء المهملة ووقع الأمران معا في خزاعة.

_ 1 ضبطها في خط بفتح المهملة وتشديد الميم. 2 من ع ول، وفي خط: "الجهني". 3 ضبط خط. 4 من "الإكمال" "6/273"، وفي خط: "الصنداتي"، وفي ع: "الصنداني" بنونين، وفي ل: "الصيدناني". 5 بمثناة من تحت هكذا في خط وع. 6 من ع، وفي خط: "وهذا الاعتراض بقريش". 7 من ع، وليس في خط. 8 وقع في ع: "كن". 9 راجع: "التقييد". 10 راجع: "التقييد" و "الشرح". 11 من ع، وفي خط: "هذه".

فمن الأول في خزاعة: أبو صخر "حبيش"1 بن خالد الأشعر بن ربيعة بن أصرم وقيل: الأشعر بن خليف بن منقذ بن أصرم ابن "خبيس"2 بن "حزام"3 بن حبيشية بن "سلول"4 بن كعب بن عمرو بن ربيعة الخزاعي5 وقتل حبيش يوم فتح مكة مع خالد بن الوليد وابن ابنه حزام بن هشام بن حبيش روى عن أبيه عن أم معبد قصتها المشهورة في "الهجرة"6 وروى عنه أبو النضر هاشم بن القاسم وابن إدريس والقعنبي. واسم أم معبد: عاتكة بنت خليف وقيل: بنت خالد بن خليف"1". ومن الثاني في خزاعة أيضا: "حرام"7 بن حبشية بن كعب بن سلول"4" ابن كعب. كذا ذكره ابن ماكولا حرام بن حبيشية بالراء ثم ذكره بالزاي والظاهر أنه واحد اختلف في ضبطه وبيان نسبه فجعله ابن حبيب"5" بالراء المهملة وجعله غيره بالزاي ويحتمل أنهما أخوان "وهو بعيد"8. ووقع حزام بالزاي في بني عامر بن صعصعة لحزام بن ربيعة بن مالك العامري أخو لبيد بن ربيعة الشاعر وابنه عبد الله بن حزام بن ربيعة قتله المختار بن أبي عبيد. وفي بني عامر بن كلاب "أم البنين بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر ابن كعب بن عامر بن كلاب"9 تزوجها علي بن أبي طالب.

_ 1 هكذا في خط، وفي ع: "خنيس"، وراجع: "ثقات ابن حبان" "3/97". 2 هكذا ف خط بالضاد المعجمة والموحدة بعدها ياء اخر الحروف وآخر سين مهملة وضبطه بضم ففتح، وفي ع: "خنيس" بالخاء المعجمة والنون، وراجع: "الإصابة" "1/324 -: دار الكتب العلمية". 3 هكذا في خط بالزاي، وفي ع: "حرام" بالمهملة. 4 من ع و"الأنساب"، وفي خط "سلوك". 5 راجع "التقييد". 6 من ع، وفي خط: "المعجزة". 7 من خط و "الأنساب"، وفي ع: "حزام" بالزاي. 8 هكذا في خط، وفي ع: "ويحتمل أن حرام........ وحزام أخوان وهو لقبه". 9 من ع وليس في خط.

وحزام بن إسماعيل العامري1. ووقع حرام بالراء في بلى وخثعم وجذام وتميم بن مر وخزاعة وعذرة وفزارة وهذيل وغفار "والنخع"2، وكنانة وبني يعمر. ففي بلى: حرام بن عوف البلوي وفي خثعم: حرام بن "عبد عمرو"3 الخثعمي. وقال ابن حبيب: في بلى حرام بن "جعل"4 بن عمرو بن "جشم"5 بن ودم. قال: وفي جذام: حرام بن جذام قال: وفي تميم بن مر: حرام بن كعب بن سعد بن زيد بن مناة بن تميم. قال: وفي عذرة: حرام بن "ضنة"6. وقال الزبير بن بكار: "حن"7 ورزاح"6" ابنا ربيعة بن حرام بن ضنة أخوا قصي بن كلاب لأمه ومن ولده: جميل بن معمر الشاعر. وفي فزارة: حرام بن وابصة الفزاري أحد بني قيس بن عمرو بن تومة بن "محاسر"8 بن لأي بن "شمخ"9 بن فزارة شاعر فارس ذكره الآمدي. وفي هذيل: الداخل بن حرام شاعر منهم وقال الأصمعي: الداخل اسمه

_ 1 راجع "التقييد". 2 ضبط خط بفتح الخاء المعجمة، وضبطها السمعاني بفتح النون والخاء. 3 من "الثقات" لابن حبان "4/186"، وفي خط: "عبد عمر"، وفي ع: "عمرو"، وراجع: "الثقات"، و"التاريخ الكبير" "3/110"، و"الجروح والتعديل" "3/293". 4 من ع، وفي خط: مغل". 5 من ع، وفي خط: "خثيم". 6 ضبط خط. 7 من ع، وفي خط: "حز" بالزاي. 8 هكذا في خط، وفي ع: "مخاش". 9 هكذا في خط، وفي ع: "سمخ".

زهير بن حرام أحد بني سهل بن معاوية بن هذيل. وفي غفار: حرام بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة من ولده: أبو ذر الغفاري وأبو سريحة الغفاري. وفي "النخع"1: حرام بن إبراهيم النخعي. وفي كنانة: حرام بن ملكان بن كنانة بن "خزيمة"2 بن مدركة. وفي بني يعمر: شبيب بن "حرام"3 بن نبهان بن وهب بن لقيط بن يعمر "ويعمر"4 هو: الشداخ شهد شبيب الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكره ابن الكلبي والطبري. "ومنها": السفر بالإسكان والتحريك أورد بعضهم5 أن لهم في الأسماء والكنى ما هو بإسكان القاف ولهم ما هو بالشين المعجمة والقاف وهذا لا يرد عليه لأن كلامه في الفاء لا في القاف فمما أورده6: سقر جماعة منهم سقر ابن عبد الرحيم وهو ابن أخي شعبة وسقر بن حبيب الغنوي حدث عن عمر ابن عبد العزيز وسقر بن حبيب آخر روى عن أبي رجاء العطاردي وسقر بن عبد الله روى عن عروة وسقر بن عبد الرحمن بن مالك بن مغول شيخ لأبي يعلى الموصلي وسقر بن حسين الحذاء شيخ لأحمد بن علي الأبار وسقر بن عباس المالكي شيخ لمطين. وأما في "الكنى": فأبو السقر يحيى بن يزداد شيخ لأحمد بن العباس البغوي.

_ 1 ضبط خط. 2 من ع، وفي خط: "طريمة". 3 من ع، وفي خط بالزاي. وراجع لاختلاف الكتب في "نيهان": حاشية" المحسن". 4 من ع، وفي خط: "بن ويعمر". 5 راجع: "التقييد". 6 في الأسماء.

وأما الشقر بفتح الشين المعجمة وكسر القاف فهو معاوية الشقر شاعر لقب بذلك "ببيت"1 قاله. وهو معاوية بن الحرث بن تميم بن مر والبيت المذكور قوله: وقد أحمل "الرمح2 الأصم كعوبه"3 "به"4 من دماء القوم كالشقرات. كذا قاله السمعاني في الأنساب وابن ماكولا في باب: السين المهملة وقال في الشين المعجمة إن "معاوية بن"5 الحرث هذا يسمى: شقرة بزيادة "هاء"6 التأنيث في آخره وهذا هو المشهور وبه جزم الدارقطني والرشاطي في الأنساب وغيرهما7. قال ابن حبيب: والشقرات الشقائق قال: وسميت شقائق النعمان لأن النعمان بنى مجلسا وسماه ضاحكا وزرع هذه الشقرات فسميت: شقائق النعمان"7". "ومنها": قوله: ووجدته بخط الأزهري في كتابه تهذيب اللغة يعني: عسل ابن ذكوان بالكسر والإسكان قال المعترض: وليس ذلك في التهذيب في باب: العين والسين مع اللام"7". "ورد" بأن المصنف مثبت وهو ثقة فهو مقدم على المعترض. "ومنها" قوله: العنسيون بالنون والمهملة شاميون مع أن عمار بن ياسر عنسي وهو معدود في الكوفيين8.

_ 1 من ع، وفي خط: "بسيت". 2 من خط، وفي ع: "الكعب". 3 ضبط خط. 4 من ع، وليس في خط. 5 من ع و"الإكمال"، وليس في خط. 6 من ع، وليس في خط. 7 راجع: "التقييد". 8 راجع: "الشرح"".

ومن الشاميين: عمير بن هانىء وبلال بن سعد تابعيان عنسيان بالنون. ومن الكوفيين: "عبيد الله"1 بن موسى عبسي بالباء الموحدة. ومن البصريين: عبد الرحمن بن المبارك عيشي بالياء المثناة والشين المعجمة2. "ومنها": قوله: ليس لهم عثام بالعين المهملة والثاء المثلثة إلا عثام بن علي العامري والد علي بن عثام الزاهد مع أن لهم عثام بن علي بن عثام بن علي العامري حفيد المذكور. "ومنها": مسور بالتشديد اثنان مسور بن يزيد "الكاهلي"3 ومسور بن عبد الملك اليربوعي ذكره البخاري والذهبي تبع المصنف في ذلك إلا أن الدارقطني وابن ماكولا لم يذكرا بالتشديد غير الأول ولم يستدرك عليهما ابن نقطة ولا من ذيل عليه. وأما ما حكاه4 عن البخاري فإن نسخه مختلفة والذي في أكثر النسخ القديمة5 أنه عنده بالتخفيف وقد ذكر في التاريخ الكبير أيضا من التابعين: مسور بن "مرزوق"6 بالتشديد. وأما ابن أبي حاتم فإنه ذكر الكل بالتخفيف في باب: المسور بن مخرمة ولم

_ 1 من ل، وفي خط: "عبد الله". 2 راجع: "الشرح". 3 هكذا في ع وسبق مثله عند ابن الصلاح، ووقع في خط: "الكاملي". قلت: واقتصر في "التهذيب" على نسبته: "الكاهلي"، واقتصر ابن سعد في "الطبقات" على نسبته: "الأسد"، ونسبه البخاري في "التاريخ" "8/40" وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" "8/197" وابن حبان في "الثقات" ط3/395": "الأسدي المالكي" ولم يذكر ابن حبان كونه كوفيا وذكره البخاري وابن أبي حاتم. وسبق عند ابن الصلاح: "المالكي الكاهلي". 4 ابن الصلاح. 5 راجع: التقييد". 6 من ع ول، وفي خط: "مزرد".

يذكر أحدا في الأفراد مشددا. "ومنها": قوله: لا يعرف في رواة الحديث الحمال بالحاء المهملة صفة لا اسما إلا هارون بن عبد الله الحمال ومن عداه بالجيم كان بزازا فلما تزهد حمل وهذا يخالف ما حكاه ولده عنه وهو أعرف بأبيه. قال ولده موسى بن هارون الحافظ: "كان"1 حمالا ثم تحول إلى البز حكاه أبو محمد بن الجارود في كتاب الكنى. واحترز المصنف بقوله: صفة "عن من2" اسمه حمال كحمال بن مالك الأسدي شهد القادسية وأبيض ابن حمال المازني صحابي له في السنن أحاديث والأغر بن عبيد الله بن الحارث بن حمال شاعر فارس "من"3 بكر ابن وائل. وقد روى الحديث جماعة يوصفون بالحمال منهم "بنان"4 بن محمد الحمال الزاهد أحد أولياء مصر سمع الحديث من: يونس بن عبد الأعلى والربيع بن سليمان المرادي والحسن بن عرفة والحسن بن محمد الزعفراني وبحر بن نصر ويزيد بن سنان في آخرين وروى عنه أبو بكر المقري في معجم شيوخه والحسن بن رشيق وبكار بن قتيبة وآخرون. ومن حديثه5 عن أبي بكر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سعد: "اللهم سدد رميته وأجب دعوته" 6. وقال ابن يونس في تاريخ الغرباء: كان زاهدا متعبدا ثقة وقال الخطيب كان يضرب"6" به المثل7.

_ 1 هكذا في خط، وفي ع: إن أباه كان. 2 كذا في خط بالقطع، وفي ع: "عمن" بالوصل. 3 من خط، وفي خط: "بن". 4 ضبط خط بضم أوله. 5 راجع: "التقييد". 6 ضبط خط. 7 هكذا في خط، وفي ع: "كان عابدا يضرب به المثل".

ومنهم: حفيد المذكور أبو القاسم مكي بن "علي بن بنان بن محمد"1 الحمال حدث عن: أبي الحسن علي بن الحسين الأدنى حدث عنه: سعد بن علي الزنجاني نزيل مكة ذكره ابن نقطة في التكملة. ومنهم: أبو العباس أحمد بن محمد بن "الدبس"2 الحمال أحد شيوخ "أبي"3 النرسي ذكره في معجم شيوخه حدث عن أحمد بن أبي دارة الضبي ذكره في التكملة أيضا. ومنهم: الفقيه أبو الحسن رافع بن نصر البغدادي الحمال الفقيه نزيل مكة كان يفتي بها روى عن أبي عمر بن مهدي وغيره ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق وقال: حكى عنه عبد العزيز بن أحمد وأبو عبد الله محمد بن موسى بن عمار الكلاعي المايرقي وزكاه. توفي بمكة سنة سبع وأربعين وأربعمائة"3" ذكره ابن نقطة. "قوله": مثل عيسى بن أبي عيسى الحناط أي: أنه اشتهر عنه بالحاء المهملة والنون كما اشتهر مسلم بن أبي مسلم بالخاء المعجمة والباء الموحدة ورجح الذهبي في كل واحد ما اشتهر به. وممن قال بالأوصاف الثلاثة في عيسى: يحيى بن معين وقاله هو "أيضا عن"4 نفسه فيما حكاه ابن سعد. قال: القسم الثاني: ضبط ما في الصحيحين أو ما فيهما مع الموطأ من ذلك على الخصوص. فمن ذلك: بشار بالشين المنقوطة: والد بندار محمد بن بشار وسائر من في الكتابين: يسار بالياء المثناة في أوله والسين المهملة ذكر ذلك

_ 1 هكذا في خط، وفي ع: "علي بن محمد بن بنان بن محمد". 2 ضبط خط. 3 من ع ومثله في "تاريخ دمشق" "18/14-ط: الفكر" عن أبي الفضل بن خيرون، وفي خط: "سبع وأربعمائة". 4 في ل: "عن"، وفي خط: "يباب" والظاهر أنها محرفة عن: "أيضا عن" والله أعلم.

أبو علي الغساني في كتابه. وفيهما جميعا: "سيار بن سلامة وسيار بن أبي سيار وردان" ولكن ليسا على هذه الصورة وإن قاربا. جميع ما في الصحيحين والموطأ مما هو على صورة بشر فهو بالشين المنقوطة وكسر الباء إلا أربعة فإنهم بالسين المهملة وضم الباء وهم: عبد الله ابن بسر المازني من الصحابة وبسر بن سعيد وبسر بن عبيد الله الحضرمي وبسر بن محجن الديلي. وقد قيل في ابن محجن بشر بالشين المنقوطة حكاه أحمد بن صالح المصري عن جماعة من ولده ورهطه. وبالأول قال مالك والأكثر. وجميع ما فيها على صورة بشير بالياء المثناة من تحت قبل الراء فهو بالشين المنقوطة والباء الموحدة المفتوحة إلا أربعة: فاثنان منهم بضم الباء وفتح الشين المعجمة وهما: بشير بن كعب العدوي وبشير بن يسار. والثالث: يسير بن عمرو وهو بالسين المهملة وأوله ياء مثناة من تحت مضمومة ويقال فيه ايضا: "أسير"1. والرابع: قطن بن نسير وهو بالنون المضمومة والسين المهملة. وكل ما فيها على صورة يزيد فهو بالزاي والياء المثناة من تحت إلا ثلاثة: أحدها: بريد بن عبد الله بن أبي بردة فإنه بضم الباء الموحدة وبالراء المهملة. والثاني محمد بن عرعرة بن البرند فإنه بالباء الموحدة والراء المهملة المكسورتين وبعدهما نون ساكنة وفي كتاب عمدة المحدثين وغيره أنه بفتح الباء والراء. والأول أشهر ولم يذكر ابن ماكولا غيره. والثالث: علي بن هاشم بن البريد فإنه بفتح الباء الموحدة والراء المهملة المكسورة والياء المثناة من تحت والله أعلم.

_ 1 ضبط خط.

"كل ما يأتي فيها"1 من البراء فهو بتخفيف الراء إلا أبا معشر البراء "وأبا"2 العالية البراء. فإنهما بتشديد الراء والبراء الذي يبري العود. ليس في الصحيحين والموطأ جارية بالجيم إلا جارية بن قدامة ويزيد ابن جارية. ومن عداهما فهو حارثة بالحاء "والثاء"3. ليس فيها حريز بالحاء في أوله والزاي في آخره إلا حريز بن عثمان الرحبي4 الحمصي وأبو حريز عبد الله بن الحسين القاضي الراوي عن عكرمة وغيره ومن عداهما: جرير بالجيم. وربما اشتبها ب: حدير بالدال وهو فيها والد عمران بن حدير ووالد زيد وزياد ابني حدير. وليس فيها حراش بالحاء المهملة إلا والد ربعي بن حراش. ومن بقي ممن اسمه على هذه الصورة فهو خراش بالخاء المعجمة. ليس فيها حصين بفتح الحاء إلا في أبي حصين عثمان بن عاصم الأسدي ومن عداه حصين "بضم"5 الحاء. وجميعه بالصاد المهملة إلا حضين بن المنذر أبا ساسان فإنه بالضاد المعجمة. "كل ما"6 فيها من حازم وأبي حازم فهو بالحاء المهملة إلا محمد بن خازم أبا معاوية الضرير فإنه بخاء معجمة. الذي فيها من حبان بالحاء المفتوحة والباء الموحدة المشددة: حبان بن منقذ والد واسع بن حبان وجد محمد بن يحيى بن حبان وجد حبان بن واسع بن

_ 1 من ع، وفي ش: "كل ما يأتي منها"، وفي خط: "كلما فيها". 2 من ش وع، وفي خط "أما". 3 هكذا في خط وع، وفي ش: "والثاء المثلثة". 4 في حاشية خط: "الحبي بالفتح والإسكان وهو منسوب إلى قبيلة". اهـ. 5 من ش وع، وفي خط: "فضم". 6 من ش وع، وفي خط: "كلما".

حبان1 وحبان بن هلال منسوبا وغير منسوب: عن شعبة وعن وهيب وعن همام بن يحيى وعن أبان بن يزيد وعن سليمان بن المغيرة وعن أبي عوانة. والذي فيها من حبان بكسر الحاء: حبان بن عطية وحبان بن موسى وهو حبان غير منسوب: عن عبد الله هو ابن المبارك. وابن "العرقة"2 اسمه أيضا: حبان. ومن عدا هؤلاء "فهو"3: حيان بالياء المثناة من تحت. الذي في هذه الكتب من خبيب بالخاء المعجمة المضمومة: خبيب بن عدي وخبيب بن عبد الرحمن بن خبيب بن يساف وهو خبيب غير منسوب عن حفص "بن"4 عاصم وعن عبد الله بن محمد بن معن. وأبو خبيب عبد الله ابن الزبير ومن عداهم "فبالحاء"5 المهملة. ليس فيها حكيم بالضم إلا حكيم بن عبد الله ورزيق بن حكيم. "كل ما"6 فيها من رباح فهو بالباء الموحدة إلا زياد بن رياح وهو أبو قيس الراوي عن أبي هريرة في "أشراط"7 الساعة ومفارقة الجماعة فإنه بالياء المثناة من تحت عند الأكثرين. وقد حكى البخاري فيه الوجهين: بالباء وبالياء. زبيد وزييد ليس في الصحيحين إلا زبيد بالباء الموحدة وهو زبيد بن الحارث اليامي وليس في الموطأ من ذلك إلا زييد بياءين مثناتين من تحت. وهو زييد بن الصلت بكسر أوله ويضم. فيها: سليم بفتح السين واحد وهو سليم بن حيان. ومن عداه فيها فهو

_ 1 من ش وع، وليس في خط. 2 ضبط خط بفتح الراء. 3 من خط وع، وليس في ش. 4 من خط وع، وفي ش: "عن". 5 من ش وع، وفي خط: "بالحاء". 6 من ش وع، وفي خط: "كلما". 7 من ش وع، وفي خط: "اشتراط".

سليم بالضم. وفيها: سلم بن زرير وسلم بن قتيبة وسلم بن أبي الذيال وسلم بن عبد الرحمن: هؤلاء الأربعة بإسكان اللام. ومن عداهم: سالم بالألف. وفيها: سريج بن يونس وسريج بن النعمان وأحمد بن أبي سريج: هؤلاء الثلاثة بالجيم والسين المهملة. ومن عداهم فيها فهو بالشين المنقوطة والحاء المهملة. وفيها: سلمان الفارسي وسلمان بن عامر وسلمان الأغر وعبد الرحمن ابن سلمان. ومن عدا هؤلاء الأربعة "فهو"1 سليمان بالياء. وأبو حازم الأشجعي الراوي عن أبي هريرة وأبو رجاء مولى أبي قلابة كل واحد منهما اسمه سلمان بغير ياء لكن ذكرا بالكنية. فيها: سلمة بكسر اللام: عمرو بن سلمة الجرمي إمام قومه. وبنو سلمة: القبيلة من الأنصار. والباقي: سلمة بفتح اللام غير أن عبد الخالق بن سلمة في كتاب مسلم ذكر فيه الفتح "والكسر"2. وفيها: سنان بن أبي سنان الدؤلي وسنان بن سلمة وسنان أبو ربيعة وأحمد ابن سنان3 وأم سنان وأبو سنان ضرار بن مرة الشيباني. ومن عدا هؤلاء الستة: شيبان بالشين المنقوطة والياء. عبيدة بفتح العين: ليس في الكتب الثلاثة إلا: "عبيدة السلماني وعبيدة ابن حميد وعبيدة بن سفيان وعامر بن عبيدة الباهلي".

_ 1 من خط، وليس في ش وع. 2 من ش وع، وفي خط: "والفتح". 3 من ش وع، وليس في خط.

ومن عدا هؤلاء الأربعة ف عبيدة بالضم عبيد بغير هاء التأنيث: هو بالضم حيث وقع فيها. وكذلك عبادة بالضم حيث وقع إلا محمد بن عبادة الواسطي من شيوخ البخاري فإنه بفتح العين وتخفيف الباء. عبدة: هو بإسكان الباء حيث وقع في هذه الكتب إلا عامر بن عبدة في خطبة كتاب مسلم وإلا بجالة بن عبدة على أن فيهما خلافا: منهم من سكن الباء منهما أيضا. وعند بعض رواة مسلم: عامر بن عبد بلا هاء ولا يصح. عباد: هو فيها بفتح العين وتشديد الباء إلا قيس بن عباد فإنه بضم العين وتخفيف الباء. ليس فيها عقيل بضم العين إلا عقيل بن خالد ويحيى بن عقيل وبنو عقيل للقبيلة. ومن عدا هؤلاء: عقيل بفتح العين. وليس فيها: وافد بالفاء أصلا. وجميع ما فيها واقد بالقاف. ومن الأنساب ذكر القاضي عياض: أنه ليس في هذه الكتب الأبلي بالباء الموحدة "أي المضمومة"1 وجميع ما "فيها على"2 هذه الصورة "فإنه"3 الأيلي بالياء المنقوطة باثنتين من تحت. قلت: روى مسلم الكثير عن شيبان بن فروخ وهو أبلي بالباء الموحدة. لكن إذا لم يكن في شىء من ذلك منسوبا لم يلحق عياضا منه تخطئة. لا نعلم في الصحيحين البزار بالراء المهملة في آخره إلا خلف بن هشام البزار والحسن بن "صباح"4 البزار.

_ 1 من ش وع، وليس في خط. 2 من خط وع، وفي ش: "في". 3 هكذا في خط، وفي ش وع: "فإنما هو". 4 هكذا في خط، وفي ش وع: "الصباح".

وأما محمد بن الصباح البزاز وغيره فيهما فهو بزايين. "و"1 ليس في الصحيحين والموطأ: النصري بالنون والصاد المهملة إلا ثلاثة: مالك بن أوس بن الحدثان النصري وعبد الواحد بن عبد الله النصري وسالم مولى النصريين. وسائر ما فيها على هذه الصورة فهو: بصري بالباء الموحدة. ليس فيها: التوزي بفتح التاء المثناة من فوق والواو المشددة المفتوحة والزاي إلا أبو يعلى التوزي: محمد بن الصلت في كتاب البخاري في باب الردة. ومن عداه فهو: "الثوري"2 والثاء المثلثة "و"3 منهم أبو يعلى منذر بن يعلى الثوري: خرجا عنه. سعيد الجريري وعباس "الجريري"4 والجريري غير مسمى عن أبي نضرة: هذا ما فيها بالجيم المضمومة. "وفيها"5 الحريري بالحاء المهملة يحيى بن بشر شيخ البخاري ومسلم6

_ 1 من ش وع، وليس في خط. 2 في حاشية خط: "وثور أيضا من همدان. عياض" اهـ. وهكذا في "الأنساب" وغيره ووقع في خط: "وتوز". 3 من ش وع، وليس في خط. 4 من ش وع، وفي خط: "الحريري"، بالحاء المهملة، ورسم تحتها حاء صغيرة إشارة لإهمالها، والسياق يأباه. والله أعلم. 5 من ش وع، وسقط من حاشية خط من "التصوير". 6 في ش وع بعد هذه الفقرة: "وفيها الجريري، بفتح الجيم "يحيى بن أيوب الجريري" في كتاب البخاري، من ولد "جريري بن عبد الله" زاد في ع: "والله أعلم". قالت بنت الشاطئ: "مابين الحاصرتين من "ع، ز، هـ" وسقط من "ص، غ" اهـ. ولم ترد هذه الفقرة في خط، بل صنيع العراقي في "القييد" "ص/405" و "الشرح" "ص/422-423" وعنه الأبناسي كما سيأتي إن شاء الله تعالى، يدل على وجودها أيضا في نسخة العراقي من "ابن الصلاح"، فإنه قال في "التقييد": "..إن المصنف اقتصر في هذه الترجم علي الجريري بضم الجيم =

الجاري فيها بالجيم: شخص واحد وهو سعد منسوب إلى الجار: مرفأ السفن بساحل المدينة "بحدة"1. ومن عداه: "الحارثي"2 بالحاء والثاء. "الحزامي": حيث وقع فيها فهو بالزاي غير المهملة3. "السلمي": إذا جاء في الأنصار فهو بفتح السين نسبة إلى بني سلمة منهم ومنهم جابر بن عبد الله وأبو قتادة. ثم إن أهل العربية يفتحون اللام منه في النسب كما في النمري والصدفي وبابهما وأكثر أهل الحديث يقولونه بكسر اللام على الأصل وهو لحن. ليس في "الصحيحين والموطأ": الهمذاني بالذال المنقوطة.

_ = والحريري بفتح الحاء المهملة، وزاد فيها علي الجياني في "تقييد المهملة" والقاضي عياض في "المشارق": "الجريري بفتح الجيم ... قلت: لايرد هذا على ابن الصلاح...."، وقال في "شرح الألفية": "اقتصر ابن الصلاح في هذه الترجمة على الجريري والحريري، وزاد الجياني في كتاب "تقييد المهمل": الجريري بفتح الجيم وكسر الراء وهو يحيى بن أيوب..... ولم أستدركه على ابن الصلاح......"أضف إلى ذلك أنها لم ترد في أوثق نسخ المقدمة وأولاها بالتقديم وهي: "ص، غ" كما أشارت بنت الشاطئ. نعم، وردت هذه الفقرة في نسخة "ع، ز، هـ"، والعين المهملة إشارة إلى "النسخة العراقية" من متن ابن الصلاح للحافظ العراقي مع كتابه "التقييد"، وهذا يعني أن هذا الجزء كان موجودا في كتاب العراقي، وليس كذلك. ولا يوثق بالرموز المتشابهة في مثل هذا، وهذا مما يؤكد ضرورة اختيار مالايشتبه من الرموز عند الإقدام على مثل عملنا. هذا.. وللعراقي عناية خاصة بابن الصلاح يبعد معها أن يغفل عن شئ منه والله أعلم. 1 من ش، وليس في خط وع. 2 من ش وع، وفي خط: "الحارث". 3 في حاشية خط: "قال الشيخ: لايرد على هذا قوله في كتاب "مسلم" في حديث أبي اليسر: "كان لي على فلان بن فلان: الحرامي" "لأن""1" المراد بكلامنا المذكور: ما وقع من ذلك في أنساب الرواة، على أنهم اختلفوا "فمنهم""1" من رواه بالزاي المعجمة، ومنهم من رواه الجذامي بالذال المنقوطة" اهـ. وراجع: حاشية "المقدمة".

وجميع ما فيها على هذه الصورة فهو الهمداني بالدال المهملة وسكون الميم. وقد قال أبو نصر بن ماكولا: الهمداني: في المتقدمين بسكون الميم أكثر وبفتح الميم في المتأخرين أكثر وهو كما قال. هذه جملة لو رحل الطالب فيها لكانت رحلة رابحة إن شاء الله تعالى. ويحق على الحديثي إيداعها في "سويداء"1 قلبه. وفي بعضها من خوف الانتقاض ما تقدم في الأسماء المفردة وأنا في بعضها مقلد كتاب القاضي عياض ومعتصم بالله فيه وفي جميع أمري وهو سبحانه أعلم. انتهى. "قوله": بشار والد بندار أي وهو أحد شيوخهما"2" واسمه: محمد بن بشار وهو بدل من والد بندار. قال الذهبي: وبشار نادر في التابعين معدوم في الصحابة. "وسيار"3 بتقديم السين على الياء في الصحيحين منه: سيار بن سلامة وسيار بن أبي سيار وردان وكنيته أبو الحكم. وأما يسار بتقديم الياء فكثير فيها. "واعترض" عليه بأمور "منها": قوله: إلا أربعة فإنهم بالسين المهملة أي: في بشر فإنهم كثير وبسر بضم الياء والسين المهملة: أربعة وأهمل خامسا وهو بسر بن أبي "بسر"4 قال المزي في تهذيب الكمال: إنه روى له مسلم ورقم له علامة مسلم في روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواية ولده عبد الله بن بسر عنه"5".

_ 1 ضبط خط بضم ففتح. 2 راجع: "شرح الألفية". 3 من ل، وفي خط: "وسفيان" واستشكلها الناسخ، فكأن ذلك من طغيان قلم الأبناسي رحمه الله. والله أعلم. 4 من ع ول و "التهذيب"، وليس في خط. 5 راجع: "الشرح".

"ورد" 1 بأن مسلما لم يخرج له شيئا وإنما خرج لولده عبد الله قال: "نزل النبي صلى الله عليه وسلم على أبي"2" فقدمنا له طعاما". وليس لأبيه بسر فيه رواية ولا ذكر باسمه إلا في نسب ابنه عبد الله بن بسر والمزي قلد في ذلك صاحب الكمال. نعم يرد على قوله: وما عدا الأربعة فبالمعجمة: أبو اليسر هو بفتح الياء والسين والمهملة روى له مسلم حديث: "من أنظر معسرا أو وضع له3" الحديث. وقد يجاب بأن هذه الكنية ملازمة لأداة التعريف فلا يشتبه. واسم أبي اليسر: كعب بن عمرو الأنصاري السلمي. "ومنها": حصره بريدا بضم الباء الموحدة وبالراء المهملة في "ثلاثة"4 ورد عليه أو "بريد"5 عمرو بن سلمة ففي البخاري من حديث مالك بن الحويرث في "صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم" وقال في آخره: "كصلاة شيخنا أبي بريد" فذكر أبو ذر الهروي عن أبي محمد "الحموي"6 عن الفربري عن البخاري أنه بريد بضم الموحدة وفتح الراء وكذلك ذكره مسلم في الكنى في الباء الموحدة وكذلك النسائي والدارقطني وابن ماكولا ثم قال: وقيل: أبو يزيد أي بالزاي كما رواه بقية رواة البخاري "وكذلك وقال"7 عبد الغني بن سعيد: لم أسمعه من أحد بالزاي ومسلم أعلم. وبه جزم "الذهبي"8 في مشتبه النسبة.

_ 1 راجع: "التقييد". 2 من ع، وليس في خط. 3 هكذا في خط وع، وفي "صحيح مسلم" "3006": عنه". 4 من ع، وفي خط: "لامه" واستشكلها الناسخ. 5 ضبط خط بضم ففتح. 6 من ع، وفي خط: "الحمري". 7 كذا في خط. 8 من ع، وفي خط: "القاضي".

"ومنها": حصره جارية بالجيم في اثنين مع أن في الصحيح: جارية بالجيم اثنان آخران أحدهما: الأسود بن العلاء بن جارية الثقفي روى له مسلم في كتاب: الحدود عن أبي هريرة حديث "البئر جبار". والآخر: عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن جارية الثقفي روى له البخاري عن أبي هريرة: "قصة قتل خبيب بن عدي" وروى له مسلم عن أبي هريرة حديث الكل نبي دعوة يدعو بها الحديث. وأما اللذان ذكرهما المصنف فليست لهما رواية في الصحيحين ولا في الموطأ وإنما لجارية بن قدامة ذكر في صحيح البخاري في كتاب الفتن قال فيه: فلما كان يوم حرق ابن الحضرمي حرقه جارية بن قدامة. "وليزيد بن جارية ذكر في الموطأ وإنما لولديه عبد الرحمن ومجمع"1 رواية في الموطأ والبخاري وهو مذكور في نسبهما فقد أخرج مالك والبخاري: قصة خنساء بنت "خدام"2 من رواية عبد الرحمن ومجمع "ابني"3 زيد بن جارية عنها وأخرج النسائي فقط حديثا ليزيد بن جارية عن معاوية. وأما حارثة بالحاء فكثير كزيد بن حارثة الحب وحارثة بن وهب الخزاعي وحارثة بن النعمان وحارثة بن سراقة. "ومنها": قوله: ليس فيها رياح بالياء المثناة وكسر الراء إلا: "زياد بن رياح"4 وهو أبو قيس وقد خالفه المزي في "التهذيب" فرجح أن كنيته: أبو رياح بالمثناة كاسم أبيه. قال: ويقال أبو قيس ورد ما قاله في "التهذيب"5 وأن الصواب ما ذكره

_ 1 كذا السياق في خط وع، وراجع: "الشرح". 2 من "التهذيب" بالدال المهملة، وفي ع ول: بالخاء والذال المعجمتين، ولم تنقط في خط. 3 من ل وع، وفي خط: "بن". 4 من ع وسبق مثله عند ابن الصلاح، وفي خط: "رياح بن بادح". 5 راجع: التقييد".

المصنف ففي مسلم في المغازي من رواية غيلان بن جرير عن أبي قيس بن رياح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية" الحديث. ولم يقع مكنى بأبي قيس في موضع من الصحيح إلا هنا عند مسلم وله فيه حديث آخر في الفتن وقع فيه مسمى غير مكنى. وبأبي قيس كناه البخاري وابن أبي حاتم ومسلم والنسائي وأبو أحمد الحاكم وابن حبان والدارقطني والخطيب وابن ماكولا وصاحب المشارق وغيرهم والمزي"1" في الأطراف ولم يكنه أحد من المتقدمين بأبي رياح والمزي تبع صاحب الكمال في ذلك وسبب الوهم أن لهم شيخا آخر يسمى زياد بن رياح أيضا وهو "بصري"2 كالأول ولكنه متأخر الطبقة عن ذاك رأي "أنسا"3 وروى عن الحسن البصري وكنيته: أبو رياح كما كناه البخاري في التاريخ الكبير وابن أبي حاتم والنسائي في الكنى وابن حبان في الثقات وأبو أحمد الحاكم والدارقطني وابن ماكولا والخطيب. "وقوله": إن البخاري حكى فيه الوجهين أي: الموحدة أو المثناة وتبع في ذلك صاحب المشارق فإنه حكى عن البخاري الوجهين وحكى عن ابن الجارود أنه ضبطه بالموحدة مع أن البخاري لم يحك الخلاف في ذلك وإنما حكاه في أنه بالاسم أو الكنية والاختلاف في اسم أبيه كذا في التاريخ الكبير. وأما في صحيحه فإنه لم يخرج له فيه شيئا. "قوله": وحبان بن هلال أي: الباهلي حديثه في الصحيحين وقد يرد غير منسوب إلى أبيه فيتميز بشيوخه وذلك "حبان"4 عن شعبة وحبان"4" عن "وهيب"5 وحبان"4" عن همام إلى آخره كذا قاله عياض في

_ 1 راجع "التقييد". 2 من ع، وفي خط: "مصري". 3 من ع، وفي خط: "النسائي". 4 من ل، وفي خط: "حبان". 5 من خط، وفي ل: "وهب".

المشارق فتبعه عليه. "قوله" في حبان بن عطية بكسر الحاء: هو السلمي له ذكر في البخاري في قصة حاطب بن أبي بلتعة ووهم من قال: إنه بفتحها. وحبان بن موسى بكسرها هو السلمي المروزي روى عنه الشيخان. وحبان بكسرها أيضا هو ابن العرقة قيل لها ذلك لطيب رائحتها واسمها: قلابة"1" بنت سعيد بضم السين ابن سهم وكنيتها: أم فاطمة واسم أبيه: "حبان بن قيس"2 وقيل: ابن أبي قيس. ولابن العرقة ذكر في الصحيحين "من"3 حديث عائشة أن سعد بن معاذ "رماه"4 رجل من قريش يقال له: حبان بن "العرقة"5 هذا هو المشهور وما حكاه ابن ماكولا عن ابن عقبة أنه بالجيم"6" لا يصح. ومما يشتبه بهذه المادة ولم يذكره: "جبار"7 وخيار فالأول بفتح الجيم وتشديد الباء الموحدة وآخره راء: جبار بن صخر شهد بدرا حديثه في مسلم في آخره"8": "خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار". والثاني: بكسر الخاء المعجمة بعدها ياء مثناة من تحت وآخره راء وهو: "عبيد الله"9 بن عدي بن الخيار حديثه في الصحيحين.

_ 1 بكسر القاف كما ذكر العراقي في "الشرح". 2 كذا، وراجع: "الشرح". 3 من خط، وفي ل: "في". 4 من ل، وفي خط: "رثاه". 5 ضبط خط بكسر العين وفتح الراء، وقال العراقي في "الشرح": "واختلف في ضبط هذا الحرف، فالمشهور أنه بعين مفتوحة ثم راء مكسورة بعدها قاف، وحكى ابن ماكولا عن الواقدي أنه بفتح الراء والأول أشهر". أهـ. 6 يعني "جبان"، وراجع: "الشرح". 7 من ل، وفي خط: "جبان" بالنون في اخره. 8 راجع: "الشرح". 9 من ل، وفي خط: "عبد الله".

"قوله": ومن عداهم فبالحاء المهملة المفتوحة كحبيب بن أبي ثابت وحبيب بن الشهيد وحبيب المعلم ويزيد بن أبي حبيب وغيرهم"1". "ومنها": انه ذكر سالما مع سلم في المؤتلف ومن صنف في "ذلك"2 لا يذكر هذه الترجمة لتميز سالم عن سلم بالألف. نعم تبع المصنف صاحب المشارق مع أنه فاتهما أن يستثنيا حكام بن سلم الرازي فقد روى له مسلم في الصحيح في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم حديث أنس "قبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين". وذكره البخاري في البيوع غير منسوب عند حديث: "النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها" فقال: ورواه علي بن بحر عن حكام عن عنبسة عن زكريا بن خالد عن أبي الزناد. "قوله": ليس فيها حكيم بالضم إلا حكيم بن عبد الله أي: ابن قيس بن مخرمة القرشي المصري روى له مسلم ثلاثة أحاديث ويسمى أيضا: الحكيم بالألف واللام كما في بعض طرق حديثه. ورزيق بن حكيم الأيلي "والي"3 أيلة لعمر بن عبد العزيز وقيل: كان حاكما بالمدينة ورزيق مصغر بتقديم الراء على الزاي ويكنى بأبي حكيم كاسم أبيه له ذكر في الموطأ في الحدود روى مالك عن رزيق بن حكيم أن رجلا يقال له مصباح فذكر القصة وله ذكر في البخاري في باب الجمعة في القرى والمدن قال يونس كتب رزيق بن حكيم إلى ابن شهاب وأنا معه يومئذ بوادي القرى: هل ترى أن أجمع ورزيق يومئذ على أيلة فذكر القصة. والمشهور فيه ضم الحاء"1" وكان ابن عيينة كثيرا ما يقوله بفتحها وما عدا هذين الاسمين فبفتحها كحكيم بن حزام وحكيم بن أبي حرة له عند البخاري حديث واحد وبهز بن حكيم علق له البخاري وغير ذلك.

_ 1 راجع "الشرح". 2 في خط: "تلك" فصوبته، وراجع: "التقييد". 3 من خط، وفي ل: "وإلى".

"ومنها": قوله: أبيد بالباء الموحدة ولهم أيضا"1" أبو أبيد "عبثر"2 بن القاسم. وأما زييد بياءين مثناتين من تحت فهو: زييد بن الصلت"3" أي: ابن معدي كرب الكندي له ذكر في الموطأ من رواية هشام بن عروة عنه أنه قال: "خرجت مع عمر بن الخطاب إلى الجرف فنظر فإذا هو قد احتلم وصلى" فذكر القصة. وروى مالك أيضا عن الصلت بن زييد"3" عن غير واحد من أهله: أن عمر بن الخطاب وجد ريح طيب وهو بالشجرة وإلى جنبه كثير بن الصلت قال عمر: "ممن ريح"4" هذا الطيب"5"؟ ". فذكر القصة. "ولي"6 الصلت بن زييد قضاء المدينة وقول ابن الحذاء: إن أباه زييد بن

_ 1 يعن مع "زبيد بن الحارث اليامي" المذكور عند ابن الصلاح رحمه الله. 2 من "التهذيب"، وفي خط: "عنتر"، وفي ل: "عمر". 3 هكذا في خط ول، وفي "شرح الألفية" عقب ذلك: "قال عبد الغني بن سعيد: إن الصلت بن زييد هو ابن زييد بن الصلت المتقدم ذكره، وحكى علي بن الحذاء قولين اخرين فيهما بعد". ورواية "زييد بن الصلت" عن عمر عند مالك "1/68" باب: "إعادة الجنب الصلاة. وغسله إذا صلى"، ولم يذكر "وغسله ثوبه". ورواية "الصلت بن زييد" في "الطيب" عند مالك في "الحج" "1/269" باب "ماجاء في الصيب في الحج". وتحرف هناك إلى "بيد" بالموحدة ثم المثناة ومثله في "الاستذكار" لابن عبد البر"11/54-ط: قلعجي"، وكذا ورد- بالموحدة في ثانيه في نسخ "موطأ محمد بن الحسن" "403" فصوبه محققه إلى زييد بالياء اخر الحروف في ثانيه وثالثه، وهو الصواب. هذا ولمالك رواية أخرى عن "الصلت بن زييد" "1/63" في باب: "الرخصة في ترك الوضوء من المذي" وتحرف هناك إلى "بيد" بموحدة ومثناة ومثله في "الاستذكار" "3/21" وكذا في كل نسخ "موطأ محمد بن الحسن" "44" وصوبه محققه إلى "زييد" بياءين تحتانيتين، وهو الصواب. 4 ضبط خط. 5 من خط و "الموطأ"، وفي ل: "ممن هذا الريح الطيب". 6 من ل، وفي خط: "وفي".

الصلت وليها في زمان هشام بن عبد الملك وهم. "قوله": سليم بفتح السين واحد سليم بن حيان أي: حديثه في الصحيحين وليس فيها غيره. وأما سليم بضمها فكثير كسليم بن عامر الخبائري وأبو "الشعثاء"1 سليم بن أسود المحاربي وسليم بن أخضر وسليم بن جبير وغيرهم. "قوله": سريج بالسين المهملة وبالجيم ثلاثة سريج بن يونس أي: حديثه في الصحيحين سمع منه مسلم وروى عنه البخاري بواسطة. وسريج بن النعمان أي: وروى عنه البخاري وذكر الجياني أن مسلما روى عن رجل عنه. وأحمد بن أبي سريج أي: روى عنه البخاري واسم أبي سريج: الصباح وقيل هو: أحمد بن عمر بن أبي سريج. وأما شريح بالشين المعجمة وبالحاء المهملة فكثيركشريح القاضي وأبو شريح الخزاعي"وعبد الرحمن"2 بن شريح أبو شريح الإسكندراني وغيرهم. "ومنها": أنه جعل سلمان وسليمان من المؤتلف وإنما تبع صاحب المشارق ولم يذكرها "غيرهما"3 لتمييز سليمان بالياء. "وقوله": سلمان أربعة أهمل خامسا وهو سلمان بن ربيعة الباهلي روى له مسلم من رواية أبي وائل عن سلمان بن ربيعة قال: قال عمر: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما فقلت: والله لغير هؤلاء أحق منهم قال: "إنهم خيروني بين أن يسألوني بالفحش "أو"4 يبخلوني "ولست"5 بباخل".

_ 1 من ل، وفي خط: "الشعرا". 2 من ل، وفي خط: "وأبو عبدا لرحمن". 3 في خط: "عندهما" فصوبته، وراجع: "التقييد". 4 من ع و "صحيح مسلم" "1056"، وفي خط: "و". 5 هكذا في خط وع، وفي "صحيح مسلم": "فلست".

ذكره في الزكاة وذكر في الإيمان من رواية صفوان بن سليم عن عبد الله ابن سلمان عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث ريحا من اليمن ألين من الحرير فلا تدع أحدا في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته" ووقع في الأطراف لخلف "عبيد الله"1 وصوابه: عدم التصغير وعبد الله ابن سلمان هذا: أبوه هو سلمان الأغر وكان ينبغي للمصنف أن يذكره أيضا لأن أباه لم ينسب في هذا الحديث فربما ظن أنه آخر. نعم له أخ آخر يسمى "عبيد الله"2 بن سلمان روى مالك والبخاري من طريقه"3" عن زيد بن رباح وعبيد الله بن أبي عبد الله الأغر كلاهما عن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام". فأبو عبد الله الأغر هو: سلمان"1". "ومنها" أيضا: أنه ترجم لشيبان وسنان في ترجمة واحدة وإنما تبع أيضا صاحب المشارق فقط لتميز شيبان عن سنان بالياء وإنما يذكرون "سنان وشبان"4 زاد ابن ماكولا: شبان مع أن في الصحيح "أسماء أخر"5 بالسين المهملة والنون غير الستة الذين ذكرهم منهم الهيثم بن أبي سنان روى له البخاري في صلاة الليل أنه سمع أبا هريرة وهو يقص "قصصه"6 وهو يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أخا لكم لا يقول: الرفث يعني بذلك: عبد الله بن رواحة".

_ 1 راجع: "التقييد". 2 من ع، وفي خط: "عبد الله". 3 أي من طريق مالك عن زيد بن رباح، راجع: "موطأ مالك" "1/174" و "صحيح البخاري" "1190". 4 هكذا في خط، وفي ع: "سنان ويسار وشبان". 5 وقع في ع: "اسما اخر". 6 من ع. ومثله عند "البخاري" "1155"، وفي خط: "قصته".

ومنهم: "محمد بن"1 سنان العوق0ي بفتح الواو وبالقاف حديثه في صحيح البخاري روى في كتاب الجنائز عنه عن سليم بن حيان عن سعيد بن ميناء عن جابر "أنه النبي صلى الله عليه وسلم صلى على أصحمة". وروى عنه بهذا الإسناد حديث: "مثلي ومثل الأنبياء قبلي" الحديث. ومنهم: أبو سنان الشيباني وهو غير ضرار بن مرة روى مسلم في كتاب: الصلاة من رواية وكيع عن أبي سنان الشيباني عن علقمة بن "مرثد"2 عن سليمان بن بريدة عن أبيه سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا في المسجد قال: "من دعا إلى الجمل الأحمر" الحديث. وأبو سنان الشيباني هذا اسمه سعيد بن سنان هكذا سماه أحمد في مسنده عن وكيع في هذا الحديث وقد ذكره أبو القاسم اللالكائي في رجال مسلم وخالفه أبو بكر بن منجويه فلم يذكر فيهم إلا أبا سنان ضرار بن مرة وهو أبو سنان الشيباني الأكبر وأما أبو سنان الشيباني الأصغر فهو: سعيد بن سنان. قال المزي والأول أولى بالصواب أي: ما فعله اللالكائي. ولهم راو آخر يقال له سعيد بن سنان روى له ابن ماجة حديثا عن أبي الزاهرية. ثم إن المصنف عد من الستة أم سنان مع أنه لا رواية لها في الصحيحين "ولا"3 في الموطأ. نعم لها ذكر في الصحيحين في حديث ابن عباس قال: لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجته قال لأم سنان الأنصارية: "ما منعك من الحج؟ " الحديث. وفيه قال:

_ 1 من ع، وليس في خط. 2 من ع، وفي خط: "زيد". 3 من ع، وفي خط: "إلا".

"عمرة"1 في رمضان تقضي "حجة"2. فذكره لها مع من اسمه سنان صواب لأنه ذكر في هذا القسم غير واحد ممن ليس له رواية بل مجرد ذكر كما سيأتي3 في باب "حزام وحرام".4 "قوله": عبيدة بفتح العين أربعة عبيدة السلماني وهو: عبيدة بن عمرو ويقال: ابن قيس حديثه في الصحيحين. وعبيدة بن حميد روى له البخاري وعبيدة بن سفيان الحضرمي حديثه في الموطأ وصحيح مسلم وليس له عندهما إلا حديث واحد وهو حديث أبي هريرة: "في تحريم كل ذي ناب من السباع". وعامر بن عبيدة ووهم المهلب فضبطه بضم العين ذكره البخاري في كتاب: الأحكام فقال: قال معاوية بن عبد الكريم: "شهدت عبد الملك بن يعلى قاضي البصرة"5" وإياس بن معاوية والحسن وثمامة بن عبد الله بن أنس وبلال بن أبي بردة"6" وعبد الله بن بريدة الأسلمي وعامر بن "عبيدة"7 وعباد بن منصور يجيزون كتب القضاة بغير محضر من الشهود". وعبيدة بالضم كثير كعبيدة بن الحارث بن المطلب وعبيدة بن معتب وسعد ابن عبيدة وعبد الله بن عبيدة بن نشيط وغيرهم. وجميع ما في الكتب الثلاثة من عبيد بلا هاء فهو بضم العين وليس فيها

_ 1 هكذا في خط، وفي ع: وفيه: "فإن عمرة ... "، وعند ""البخاري": "..قال: فأن عمرة.."، وراجع: "صحيح مسلم" "1256". 2 هكذا في خط وع، وعند "البخاري": "حجة معي"، وعند "مسلم": "..تقضي حجة. أو حجة معي". 3 كذا في خط وع. 4 راجع: "التقييد". 5 من ل و "صحيح البخاري" "13/50" كتاب "الأحكام" باب": "الشهادة على الخط المختوم.......". 6 من ل و "صحيح البخاري"، وليس في خط. 7 من خط ول، ووقع في "الصحيح": "عبده" بلا ياء.

"عبيد" بفتحها "ووقع في الشعراء"1: عبيد بن الأبرص وعبيد بن زهير وعبيد بن قماص. وفي الصحابة جماعة ينسبون إلى عوف بن عبيد بن عويج. "قوله": وليس فيها عباد بضم العين المهملة وفتح الباء الموحدة المخففة إلا عباد والد قيس أي: الضبعي البصري حديثه في الصحيحين وليس فيها غيره إلا أن صاحب المشارق حكى أنه وقع عند أبي عبد الله محمد ابن مطرف بن المرابط في "الموطأ": "عباد بن الوليد بن عبادة" قال: وهو خطأ. وأما عباد بفتح العين وتشديد الباء فكثير كعباد بن تميم المازني وعباد بن عبد الله بن الزبير وابن أخيه: عباد بن حمزة وعباد بن العوام وغيرهم. "قوله": عبدة بإسكان الباء حيث وقع فيها إلا عامر بن عبدة أي: البجلي الكوفي روى له مسلم في مقدمته عن ابن مسعود قوله: "إن الشيطان ليتمثل في صورة الرجل فيأتي القوم فيحدثهم" الحديث. هكذا ذكره بالفتح علي ابن المديني ويحيى بن معين "وغيرهم"2. وصدر الدارقطني وابن ماكولا كلاميهما به وحكيا أنه قيل فيه: عبدة بسكون الباء قال صاحب المشارق: وحكي لنا عن بعض شيوخنا: عبد بغير هاء قال: وهو وهم. أما عامر بن عبدة الذي روى عنه أبو أسامة فهو بإسكان الباء لكن ليس له رواية في الكتب الثلاثة وفي بقية الستة وقول الذهبي: إنه يشتبه بعامر بن "عبدة"3 الباهلي وهم إنما الباهلي: عامر بن عبيدة بزيادة ياء مثناة بعد الباء

_ 1 في خط: "ووقع في "إبي" الشعراء"، وفي ل: " ... وهو اسم جماعة من الشعراء ... ". 2 كذا في خط، واستشكلها الناسخ، وقد يكون المراد: "على، ويحيى" مع "ابن الصلاح" فالله أعلم. وترك الأبناسي اخرين ذكرهم العراقي فراجع: "شرح الألفية". 3 من ل، وفي خط: "عبد".

الموحدة المكسورة. وإلا بجالة بن عبدة أي: بفتحهما أيضا وهو بجالة بن "عبدة"1 التميمي ثم العنبري البصري روى له البخاري في كتاب: الجزية قال: "كنت كاتبا لجزء بن معاوية فجاءنا كتاب عمر قبل موته بسنة" الحديث. كذا قيده بالفتح الدارقطني وابن ماكولا والجياني"2" وقال الباجي: عبدة بالإسكان ونقله عن البخاري قال: ويقال فيه أيضا: عبد بلا هاء. وبقية ما في الكتب الثلاثة: عبدة بالإسكان كعبدة بن سليمان الكلابي وعبدة بن أبي لبابة وغيرهما. "قوله": وليس فيها عقيل بضم العين إلا عقيل بن خالد أي: الأيلي حديثه في الصحيحين. ويحيى بن عقيل أي: الخزاعي البصري روى له مسلم. وبنو عقيل القبيلة المعروفة لهم ذكر في حديث عمران بن حصين عند مسلم كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل فذكر حديث: "العضباء وأنها كانت لرجل من بني عقيل". "قوله" وليس فيها وافد بالفاء كذا قاله صاحب المشارق وتبعه المصنف. ولهم وافد بن موسى الدارع ووافد بن سلامة ذكرهما الزمير وغيره. وأما واقد بالقاف فكثير كواقد بن "عبد الله بن عمر وابن"3 ابن أخيه: واقد بن محمد بن زيد وغيرهما. "قوله " عن القاضي عياض: ليس فيها أبلي؟ أي بضم الهمزة وبالباء الموحدة

_ 1 ضبط خط بفتح أوله وثانيه. 2 راجع: "الشرح". 3 من ل، وفي خط: "عبيد الله بن عمرو ابن" ووردت: "عمرو" - في خط- في نهاية سطر وما بعدها في بداية سطر اخر.

المضمومة وباللام المشددة ثم تعقب كلام القاضي فقال: روى مسلم الكثير عن شيبان بن فروخ وهو أبلي أي: بالموحدة قال: لكن إذا لم يكن في شيء من ذلك منسوبا لم يلحق عياضا منه تخطئة. انتهى. وقد تتبع كلام مسلم"1" فلم يوجد فيه شيبان بن فروخ منسوبا فلا تخطئة على القاضي عياض حيئذ. والذي فيها إنما هو الأيلي: بفتح الهمزة وسكون الياء المثناة من تحت كهارون بن سعيد الأيلي ويونس بن يزيد الأيلي وعقيل بن خالد الأيلي وغيرهم. "وقوله": لا نعلم في الصحيحين البزار بالراء المهملة في آخره إلا خلف بن "هشام"2 البزار أي: وهو من شيوخ مسلم. والحسن بن الصباح البزار أي: من شيوخ البخاري. مع أن الجياني في تقييد المهمل ذكر اثنين آخرين: يحيى بن محمد بن السكن البزار من شيوخ البخاري.في صحيحه وبشر بن ثابت البزار استشهد به البخاري ولا يردان لأنهما وقعا في البخاري غير منسوبين. وأما البزار بالزاي في آخره فهو جميع من في الصحيحين غير هذين كمحمد ابن "الصباح"3 "البزاز"4 ومحمد بن عبد الرحيم البزاز المعروف بصاعقة وغيرهما. "قوله": ليس فيها النصري بالنون والصاد المهملة إلا ثلاثة. مالك بن أوس أي: وهو مخضرم واختلف في صحبته وحديثه في الموطأ والصحيحين.

_ 1 راجع: "التقييد". 2 من ل، وسبق مثله عند ابن الصلاح، وفي خط: "هذام". 3 من ل، وفي خط: "المصباح". 4 من ل، وليس في خط.

وعبد الواحد بن عبد الله النصري له في البخاري حديث واحد عن واثلة ابن الأسقع في أعظم القرى. وسالم مولى النصريين وهو سالم النصري وهو مولى مالك بن أوس النصري المتقدم روى له مسلم"1". "قوله": سعيد الجريري أي: بضم الجيم وفتح الراء وسكون الياء من تحت بعدها راء أيضا نسبة إلى جرير مصغرا وهو جرير بن عباد بضم العين وتخفيف الموحدة. وذكر منهم: سعيد بن إياس الجريري حديثه في الصحيحين وعباس بن فروخ الجريري حديثه فيهما أيضا. ثم قال: والجريري غير مسمى عن أبي نضرة أي أن "كل ما"2 ورد في الصحيحين غير مسمى كقوله الجريري فإنما هو أبي نضرة ويكون المراد به: سعيد الجريري. واقتصر المصنف على ذلك تبعا لصاحب المشارق مع أنه قد ورد في الصحيح غير مسمى في غير روايته عن أبي نضرة في عدة مواضع منها: في كتاب الصلاة عندهما رواية الجريري غير مسمى عن عبد الله بن "بريدة"3 عن عبد الله بن "مغفل"4 مرفوعا: "بين كل أذانين صلاة" الحديث. ومنها: عند مسلم في الأطعمة رواية الجريري غير مسمى عن أبي عثمان النهدي عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال: "نزل علينا اضياف لنا" الحديث. "و"5 رواه البخاري في الأدب مصرحا بتسمية الجريري أنه سعيد.

_ 1 راجع: "الشرح". 2 في خط: "كلما". 3 من ع، وفي خط: "بردة". 4 ضبط خط. 5 من خط، وليس في ع.

ومنها: عند البخاري في الأحكام رواية الجريري غير مسمى عن طريف أبي تميمة عن جندب مرفوعا: "من سمع سمع الله به" الحديث. ومنها: عند مسلم في الكسوف رواية الجريري غير مسمى عن حيان ابن عمير عن عبد الرحمن بن سمرة قال: "بينما أنا أترامى بأسهمي في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كسفت الشمس" الحديث. ومنها: عند مسلم في الصلاة رواية الجريري غير مسمى عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخي"1" أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فتنخع فدلكها بنعله اليسرى". ومنها: عند مسلم في الحج رواية الجريري غير مسمى عن أبي الطفيل قال: قلت لابن عباس: "أرأيت هذا الرمل بالبيت ثلاثة أطواف". ومنها: عنده أيضا في المناقب رواية الجريري غير مسمى عن أبي الطفيل قال: قلت له: "أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم كان أبيض مليح الوجه". "واعترض" عليه بأنه أهمل اسمين آخرين: حيان بن عمير الجريري له عند مسلم عن عبد الرحمن بن سمرة حديثه المتقدم: "إذ كسفت الشمس". وأبان بن "تغلب"2 الجريري مولاهم روى له أيضا: مسلم. ولا يردان لأنهما في كتاب مسلم باسميهما غير منسوبين. "قوله": وفيها الحريري أي: "بفتح الحاء المهملة وكسر الراء"3 وهو يحيى ابن بشر بن كثير الأسدي الحريري الكوفي.

_ 1 كذا في خط وع: "عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير أنه صلى ... " والذي عند "مسلم" "554": "يزيد بن عبد الله بن الشخير عن "ابيه" قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم...."، ومثله عند "أبي داود" "483"، ورواه أبو داود أيضا "482" من رواية " أبي العلاء، عن مطرف، عن أبيه....."، وذكره المزي في "تحفة الأشراف" "4/359" في مسند: "عبد الله بن الشخير". 2 من خط و "التهذيب"، وفي ع ول: "ثعلب". 3 من ل، وفي خط: "بالحاء المهملة وتكرير الراء".

"قال": وهو شيخ البخاري ومسلم وتبع في كونه شيخا للبخاري صاحب المشارق وهو تبع الجياني وسبقهما إلى ذلك "أبو"1 أحمد بن عدي في كتاب له "جمع فيه من اتفق الشيخان على إخراج حديثه"2 أن الشيخين أخرجا له وذكره الكلاباذي في رجال البخاري ولم يصنعوا كلهم شيئا وإنما روى عنه مسلم وحده حديثا واحدا عن معاوية بن سلام. وأما الذي روى عنه البخاري فهو: يحيى بن بشر البلخي الفلاس في موضعين من صحيحه غير منسوب الأول: في باب الحج في "باب"3: قول الله تعالى {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} . والثاني: في باب: "هجرة النبي صلى الله عليه وسلم" في حديث عمر إذ قال لأبي موسى: "هل يسرك إسلامنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم" الحديث. وقد وهم الجياني والكلاباذي في جمعهما بين الترجمتين وقد فرق بينهما ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وابن حبان في الثقات وأبو بكر الخطيب في المتفق والمفترق وبه جزم المزي في التهذيب وهو الصواب. وهما رجلان معروفان مختلفا البلدة والوفاة فأما "الحريري"4 فهو كوفي توفي سنة تسع وعشرين ومائتين في جمادى الأولى في خلافة الواثق قاله محمد ابن سعد"5". وأما الذي روى عنه البخاري فإنه بلخي توفي سنة "اثنين"6 وثلاثين ومائتين قاله البخاري في التاريخ وأبو حاتم الرازي وابن حبان زاد البخاري: لخمس

_ 1 من ع، وليس في خط. 2 هكذا في خط تبعا "للتقييد"، وفي ل: " ... وسبقهم إلى ذلك الحاكم أبو غبدالله فذكر يحيى بن بشر الحريري فيمن اتفق على إخراجه البخاري ومسلم....". 3 كذا في خط وع. 4 بالحاء المهملة وهو: "يحيى بن بشر"، ووقع في خط وع هنا: "الجريري" بالجيم، وهو في "الطبقات" لابن سعد "6/375". 5 راجع: "التقييد". 6 هكذا في خط، وفي ع: "اثنتين".

مضين من المحرم ولم يذكر البخاري في تاريخه من هذين الرجلين إلا البلخي ولم يذكر "الحريري"1. نعم ذكر "أبو"2 أحمد بن عدي في شيوخ البخاري: يحيى بن بشر "المروزي"3 وقال: إنه روى عن عبد الله بن المبارك ووهم في ذلك لم يرو البخاري عنه ولم يرو هو عن ابن المبارك وهو متقدم الطبقة. روى عنه ابن المبارك وروى "هو"4 عن عكرمة وكنيته أبو وهب"5". وذكره الأزدي في الضعفاء ورد"1" بأن ابن معين وثقه وذكره ابن حبان في الثقات. وذكر الخطيب في المتفق والمفترق: أن يحيى بن بشر أربعة هؤلاء الثلاثة والرابع يحيى بن "بشر"6 بن عبد الله يكنى أبا صعصعة روى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري روى عنه سعيد بن "كثير"7 بن عفير المصري ووهم الخطيب في ذلك. وإنما هو يحيى بن قيس بن عبد الله كما قاله ابن يونس في تاريخ الغرباء وأبو أحمد الحاكم في الكنى وصاحب الميزان وهو الصواب فتحرر أن يحيى ابن بشر ثلاثة لا أربعة. وأهمل"8" من الترجمة ما ذكره أبو علي الجياني والقاضي عياض في المشارق

_ 1 بالحاء المهملة وهو: "يحيى بن بشر"، ووقع في خط وع هنا: "الجريري" بالجيم، وهو في "الطبقات" لابن سعد "6/375". 2 من ع، وليس في خط. 3 من ع، ورسمت في خط: "المرون ي" طالت مدة الزاي لأعلى فصارت نونا. 4 من ع، وفي خط "عنه". وروايته عن عكرمة ذكرها البخاري في "التاريخ" "8/263"، وابن أبي حاتم في "الجرح" "9/131" عن أبيه. 5 راجع "التقييد". 6 وقع في خط: "بشير"، وفي ع: "يشر" بمثناة في أوله. 7 من خط و "التهذيب"، ووقع في ع: "كبير". 8 يعني: ابن الصلاح، وراجع التعليق على هذا الموضع أثناء كلام ابن الصلاح رحمه الله.

قال: "والجريري بفتح الجيم وكسر الراء"1 روى له البخاري في أول كتاب: الأدب وقال الجياني"2": ذكره البخاري مستشهدا به. ولا يرد فإنه ليس مذكورا في البخاري بهذه النسبة وإنما قال: وقال ابن شبرمة ويحيى بن أيوب: حدثنا أبو زرعة مثله. "قوله": الجاري فيها بالجيم أي: والراء وبعدها ياء النسبة وهو: "سعد الجاري"3 روى له مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم عن سعد الجاري مولى عمر بن الخطاب: "سألت عمر عن "الحيتان يقتل"4 بعضها بعضا". الحديث. قال صاحب المشارق: ينسب إلى جده. والمرفأ: بضم الميم وسكون الراء وفتح الفاء مهموز مقصور قال الجوهري: أرفأت السفينة قربتها من الشط قال: وذلك الموضع مرفأ. وقال الذهبي في مشتبه النسبة: الجار موضع بالمدينة. قال أبو علي الجياني: ويشتبه بهذه المادة الخارفي بالخاء المعجمة وبالفاء مكان "الياء"5 منهم: عبد الله بن مرة الخارفي وقد لا "يلتبس"6. "قوله" الحزامي"7" حيث وقع فيها فهو بالزاي أي: كإبراهيم بن المنذر الحزامي والضحاك بن عثمان الحزامي وغيرهما. واعترض عليه بحديث أبي "اليسر"8 الذي في أواخر مسلم قال: "كان

_ 1 من ل، وفي خط: "والجريري بضم الجيم وتكرار الراء". 2 راجع: "التقييد". 3 من خط، ووقع في ل: "سعيد الحاري". 4 من ل ومثله في "الموطأ" "ص395- برواية يحيى" و "650- برواية محمد بن الحسن". وفي خط: "الحيان تقتل". 5 من خط، وفي ل: "الشاء". 6 من خط، وفي ل: "يلبس". 7 "بكسر الحاء المهملة وبالزاي"، قاله العراقي في "الشرح". 8 ضبط خط.

لي على فلان بن فلان الحزامي "مال"1 فأتيت أهله" الحديث. فاختلفوا في ضبط الحزامي فقال القاضي عياض: الأكثرون رووه بحاء مهملة مفتوحة وراء قال: وعند الطبري بكسرها وبالزاي. قال: "وعند"2 ابن ماهان: الجذامي بضم الجيم وذال معجمة. وقد اعتذر المصنف عن هذا الاعتراض حين قرىء عليه علوم الحديث في حاشية "أملاها"3 على كتابه"4" بأنه قال: لا يرد هذا لأن المراد بكلامنا ما وقع من ذلك في أنساب الرواة. وهكذا قال النووي في الإرشاد وهذا لا يحسن جوابا لأن المصنف والنووي قد ذكرا في هذا القسم غير واحد ليس لهم في "الصحيح"5 ولا في الموطأ رواية بل مجرد ذكر منهم بنو عقيل القبيلة وبنو سلمة القبيلة وخبيب بن عدي له ذكر في البخاري دون رواية وكذلك "حبان"6 بن "العرقة"7 له ذكر في الصحيحين من غير رواية وكذلك أم سنان المذكورة في حديث: عمرة في رمضان "وقد تقدم الوعد به8". وأما الحرامي بالراء وفتح الحاء فمثاله: ما تقدم من حديث أبي "اليسر"9: "فلان بن فلان الحرامي" على ما قاله الأكثرون.

_ 1 من ل وع، وفي خط: "قال". 2 من ل وع وخط: "وعياض" وضرب عليها، وكأنه سها فكتب: "عياض" بدلا من "وعند"، ثم تنبه إلى خطأ ذلك فضرب على "عياض" وغفل عن كتابة الصواب. 3 من ع ول، وفي خط: "أعلاها". 4 راجع: حاشية "المقدمة". 5 من خط ول، وفي ع: "الصحيحين". 6 من ع، وفي خط: "حيان" بالمثناة. 7 ضبط خط بفتح الراء، وراجع ما سبق بشأنه. 8 هكذا في خط، وفي ع: "كما تقدم ذكره كذلك". 9 ضبط خط بإسكان الهاء.

وعد أبو علي الجياني في هذا القسم من ينسب إلى بني حرام من الأنصار منهم: جابر بن عبد الله بن عمرو بن "حرام"1 الحرامي وجماعة سواهم. ورد بأنه لم ترد هذه النسبة في واحد من الصحيحين عند ذكره وإنما تذكر أسماؤهم غير منسوبة. قال القاضي عياض: ومما يشتبه بهذه المادة: الجذامي بضم الجين وبالذال المعجمة فذكر فروة بن نعامة الجذامي وهو الذي أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم بغلة"2". "قوله": ليس فيها همذاني بالذال المنقوطة وجميع ما فيها همداني بسكون الميم وبالدال المهملة نسبة إلى قبيلة همدان لكن قال صاحب المشارق: فيها من هو من مدينة همذان ببلاد الجبل "إلا"3 أنه غير منسوب في شيء من هذه الكتب. قال: إلا أن في البخاري: مسلم بن "سالم"4 الهمداني ضبطه الأصلي بسكون الميم بخط يده وهو الصحيح. قال: "ووجدته في بعض النسخ للنسفي بفتح الميم وذال معجمة وهو وهم وإنما نسبه نهدي ويعرف بالجهيني لأنه كان نازلا فيهم". وهذا الاسم وقع عند البخاري في كتاب: الأنبياء في ذكر: إبراهيم في حديث كعب بن عجرة: "ألا أهدي لك هدية؟ " وفيه: "حدثنا أبو فروة مسلم بن سالم الهمداني". قال الجياني: وأراه "وهما"5. قال أحمد بن حنبل: أبو فروة الهمداني اسمه:

_ 1 من خط، وفي ل: "حزم". 2 راجع "الشرح". 3 من ل، وفي خط: "لها". 4 من ل، و"التهذيب"، وفي خط: "مسلم". 5 ضبط خط بإسكان الهاء.

عروة وأبو فروة النهدي اسمه مسلم بن سالم. قال: وكان ابن مهدي لا يفصل بين هذين. وهذا اللفظ في الجملة وقع في البخاري على الوهم وليس "بهمداني"1 على الوجهين معا. وقد ذكر ابن أبي خيثمة حديث البخاري هذا فقال فيه: أبو فروة الجهني وهو الصواب. وأما الهمذاني بفتح الميم وبالذال المعجمة قال أبو علي الجياني: "منهم"2: أبو أحمد المرار بن حمويه الهمذاني فقال: إن البخاري حدث عنه عن أبي غسان في كتاب: الشروط. ورد بأنه ليس في جميع نسخ البخاري ذكر نسبه والذي في أكثر الروايات حدثنا أبو أحمد لم يزد على كنيته وفي رواية أبي ذر: "حدثنا أبو أحمد مرار ابن حمويه" ويؤيد كونه المرار بن حمويه أن موسى بن هارون الحمال روى هذا الحديث عن "مرار"3 بن حمويه عن أبي غسان: محمد بن يحيى كرواية البخاري. وقد قيل: إن أبا أحمد غير المرار. "قوله" عن ابن ماكولا: الهمداني "بسكون"4 الميم في المتقدمين أكثر قال الذهبي: فالصحابة والتابعون وتابعوهم من القبيلة وأكثر المتأخرين من المدينة. قال: ولا يمكن استيعاب هؤلاء ولا هؤلاء وقد أدخل "شيرويه بن شهر دار"5 الديلمي في تاريخ همذان له خلقا من القبيلة "وهما"6.

_ 1 من ل، وفي خط: "همداني" وضبطه في خط بإسكان الميم. 2 من ل، وفي خط: "فيهم". 3 ضبط خط. 4 من ل، وسبق مثله عند ابن الصلاح، وفي خط: "فيكون". 5 من ل، وفي خط: "عيرويه بن شهردان"، وراجع: "الشرح". 6 ضبط خط بإسكان الهاء.

ومما"1" خرج عن الغالب: أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الهمداني بالسكون وهو متأخر وأبو الفضل "محمد بن عطاف"2 الهمداني بعد الخمسمائة وجعفر بن علي الهمداني وعلي بن عبد الصمد السخاوي الهمداني وعبد الحكم بن حاتم الهمداني وعبد المعطي بن فتوح الهمداني أربعتهم من أصحاب السلفي وأبو إسحاق "بن"3 أبي الدم الهمداني قاضي حماة ومنصور بن سليم الهمداني الحافظ المعروف بابن العمادية وغيرهم.

_ 1 راجع: "الشرح". 2 هكذا في خط، وفي ل: "محمد بن محمد بن عطاف". 3 مكرر في خط.

النوع الرابع والخمسون

النوع الرابع والخمسون معرفة المتفق والمفترق من الأسماء والأنساب ونحوها هذا النوع متفق لفظا وخطا بخلاف النوع الذي قبله فإن فيه الاتفاق في صورة الخط مع الافتراق في اللفظ وهذا من قبيل ما يسمى في أصول الفقه المشترك. وزلق "بسببه"1 غير واحد من الأكابر ولم يزل الاشتراك من مظان الغلط في كل علم. وللخطيب فيه كتاب المتفق والمفترق وهو مع أنه كتاب حفيل غير مستوف للأقسام التي أذكرها إن شاء الله تعالى. فأحدها: المفترق ممن اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم. مثاله: الخليل بن أحمد: ستة "وفات"2 الخطيب منهم الأربعة الأخيرة فأولهم النحوي البصري صاحب العروض حدث عن عاصم الأحول وغيره. قال أبو العباس المبرد: فتش المفتشون فما وجد بعد نبينا صلى الله عليه وسلم "من"3 اسمه أحمد قبل أبي الخليل بن أحمد. وذكر التاريخي أبو بكر أنه لم يزل يسمع النسابين والأخباريين يقولون إنهم لم يعرفوا غيره. واعترض عليه بأبي السفر سعيد بن أحمد احتجاجا بقول يحيى بن معين في اسم أبيه فإنه أقدم. وأجاب بأن أكثر أهل العلم إنما قالوا فيه: سعيد بن يحمد. والثاني: أبو بشر المزني بصري أيضا حدث عن المستنير بن أخضر عن معاوية بن قرة. روي عنه العباس العنبري وجماعة.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "نسبة". 2 من ش وع، وفي خط: "قال". 3 من ش وع، وليس في خط.

والثالث: أصبهاني روى عن روح بن عبادة "وغيره"1. والرابع: أبو سعيد السجزي القاضي الفقيه الحنفي المشهور بخراسان حدث عن ابن خزيمة وابن صاعد والبغوي وغيرهم من الحفاظ المسندين. والخامس: أبو سعيد البستي القاضي المهلبي فاضل روى عن الخليل السجزي المذكور وحدث عن أحمد بن المظفر البكري عن ابن أبي خيثمة بتاريخه وعن غيرهما. حدث عنه البيهقي الحافظ. والسادس: أبو سعيد البستي أيضا الشافعي فاضل متصرف في علوم. دخل الأندلس وحدث ولد سنة ستين وثلاثمائة روى عن أبي حامد الإسفراييني وغيره وحدث عنه أبو العباس "العذري"2 وغيره القسم الثاني: المفترق ممن اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم وأجدادهم أو أكثر من ذلك. ومن أمثلته: أحمد بن جعفر بن حمدان أربعة كلهم في عصر واحد: أحدهم: القطيعي البغدادي أبو بكر الراوي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل. الثاني: السقطي البصري أبو بكر يروي أيضا عن عبد الله بن أحمد "ولكنه"3 عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي. والثالث: "دينوري"4 روى عن عبد الله بن محمد بن سنان عن محمد بن كثير صاحب سفيان الثوري. والرابع: طرسوسي روى عن "عبد الله"5 بن جابر الطرسوسي تاريخ محمد ابن عيسى الطباع.

_ 1 من خط، وليس في ش وع. 2 من ش وع، وفي خط: "العدوي". 3 من خط وع، وفي ش: "ولكن". 4 من ش وع، وفي خط: "ديفوري". 5 من ش وع، وفي خط: "عبد الله".

محمد بن يعقوب بن يوسف النيسابوري اثنان كلاهما في عصر واحد وكلاهما يروي عنه الحاكم أبو عبد الله وغيره. فأحدهما: هو المعروف بأبي العباس الأصم. والثاني: هو أبو عبد الله"1" بن الأخرم الشيباني ويعرف بالحافظ دون الأول. القسم الثالث: ما اتفق من ذلك في الكنية والنسبة معا. مثاله: أبو عمران الجوني اثنان: أحدهما: التابعي عبد الملك بن حبيب. والثاني: اسمه موسى بن سهل "بصري"2 سكن بغداد روى عن هشام بن عمار وغيره. روى عنه دعلج بن أحمد وغيره. ومما يقاربه أبو بكر بن عياش ثلاثة: أولهم القارىء المحدث وقد سبق ذكر الخلاف في اسمه. والثاني أبو بكر بن عياش الحمصي الذي حدث عنه جعفر بن عبد الواحد الهاشمي وهو مجهول وجعفر غير ثقة. والثالث أبو بكر بن عياش السلمي "الباجدائي"3 صاحب كتاب غريب الحديث واسمه حسين بن عياش مات "سنة"4 أربع ومائتين بباجداء"3" روى عنه علي بن جميل الرقي وغيره. القسم الرابع: عكس هذا ومثاله: صالح بن أبي صالح أربعة: أحدهم: مولى التوأمة بنت أمية بن خلف.

_ 1 من ش وع، وليس في خط. 2 من ش وع، وفي خط: "مصري". 3 ضبط خط بضم الجيم وتثقيل المهملة، وراجع: حاشية "المقدمة"، وكذلك: "الباعث". 4 من خط وع، ووقع في ش: "ستة".

والثاني: أبوه أبو صالح السمان ذكوان الراوي عن أبي هريرة. والثالث: صالح بن أبي صالح السدوسي روى عن علي وعائشة روى عنه خلاد بن "عمرو"1. الرابع: صالح بن أبي صالح مولى عمرو بن حريث روى عن أبي هريرة "و"2 روى عنه أبو بكر بن عياش. القسم الخامس: المفترق ممن اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم ونسبتهم. مثاله: محمد بن عبد الله الأنصاري اثنان متقاربان في الطبقة: أحدهما: هو الأنصاري المشهور القاضي أبو عبد الله الذي روى عنه البخاري والناس. والثاني: كنيته أبو سلمة ضعيف الحديث. القسم السادس: ما وقع فيه الاشتراك في الاسم خاصة أو الكنية خاصة. وأشكل مع ذلك لكونه لم "يذكر"3 بغير ذلك. مثاله: ما رويناه عن ابن خلاد القاضي الحافظ قال: إذا قال عارم "حدثنا"4 حماد فهو حماد بن زيد وكذلك سليمان بن حرب وإذا قال التبوذكي حدثنا حماد فهو حماد بن سلمة وكذلك الحجاج بن منهال. وإذا قال عفان حدثنا"4" حماد أمكن أن يكون أحدهما. ثم وجدت عن محمد بن يحيى الذهلي عن عفان قال: إذا قلت لكم: حدثنا"4" حماد ولم أنسبه فهو ابن سلمة. وذكر محمد بن يحيى فيمن سوى التبوذكي ما ذكره ابن خلاد.

_ 1 من خط، ومثله في "التاريخ الكبير" "4/283" و "الجرح والتعديل" "4/406"، وفي ش وع: "عمر"، وراجع "ثقات ابن حبان" "4/377" أيضا. 2 من خط، وليس في ش وع. 3 من ش وع، وليس في خط. 4 من خط وع، وفي ش: "أخبرنا".

ومن ذلك ما رويناه عن سلمة بن سليمان أنه حدث يوما فقال "أخبرنا"1 عبد الله فقيل له ابن من فقال: "يا"2 سبحان الله أما ترضون في كل حديث حتى أقول "حدثنا"3 عبد الله بن المبارك أبو عبد الرحمن الحنظلي الذي منزله في سكة صغد؟ ثم قال سلمة: إذا قيل بمكة: عبد الله فهو ابن الأبير. وإذا قيل بالمدينة عبد الله فهو ابن عمر. وإذا قيل بالكوفة: عبد الله فهو ابن مسعود. وإذا قيل بالبصرة: عبد الله فهو ابن عباس. وإذا قيل بخراسان: عبد الله فهو ابن المبارك. وقال الحافظ أبو "يعلي"4 الخليلي القزويني: إذا قال المصري: عن عبد الله ولا ينسبه فهو ابن عمرو يعني ابن العاص وإذا قال المكي عن عبد الله ولا ينسبه فهو ابن عباس. ومن ذلك: أبو حمزة بالحاء والزاي: عن ابن عباس إذا أطلق. وذكر بعض الحفاظ أن شعبة روى عن سبعة كلهم: أبو حمزة عن ابن عباس وكلهم: أبو حمزة بالحاء والزاي إلا واحدا فإنه بالجيم وهو أبو جمرة نصر بن عمران الضبعي. ويدرك فيه الفرق بينهم بأن شعبة إذا قال: عن أبي جمرة عن ابن عباس وأطلق فهو عن نصر بن عمران وإذا روى عن غيره فهو يذكر اسمه أو نسبه. القسم السابع: المشترك المتفق في النسبة "خاصة"5 ومن أمثلته: الأملي"6" والآملي: فالأول: إلى آمل طبرستان قال أبو سعد السمعاني: أكثر أهل العلم من أهل

_ 1 من خط وع، وفي ش: "أنبأنا". 2 من خط وع، وليس في ش. 3 من خط وع، وفي ش: "أخبرنا". 4 من ش وع، وفي خط: "يحيى". 5 من ش وع، وليس في خط. 6 ضبط خط.

طبرستان من آمل. والثاني: "إلى"1 آمل جيحون شهر بالنسبة إليها عبد الله بن "حماد الآملي"2 روى عنه البخاري في صحيحه وما ذكره الحافظ أبو علي الغساني ثم القاضي عياض المغربيان من أنه منسوب إلى آمل طبرستان فهو خطأ. ومن ذلك الحنفي والحنفي: فالأول نسبة إلى: بني حنيفة والثاني نسبة إلى مذهب أبي حنيفة. وفي كل منهما كثرة وشهرة. وكان محمد بن طاهر المقدسي وكثير من أهل الحديث وغيرهم يفرقون بينهما فيقولون في المذهب: حنيفي بالياء. ولم أجد ذلك عن أحد من النحويين إلا عن أبي بكر بن الأنباري الإمام قاله في كتابه الكافي. ول محمد بن طاهر في هذا القسم كتاب الأنساب المتفقة. ووراء هذه الأقسام أقسام أخر لا حاجة "بنا"3 إلى ذكرها. ثم إن ما يوجد من المتفق والمفترق غير مقرون ببيان فالمراد به قد يدرك بالنظر في رواياته فكثيرا ما يأتي "مميزا"4 في بعضهما وقد يدرك بالنظر في حال الراوي والمروي "عنه"5. وربما قالوا في ذلك بظن لا يقوي. حدث القاسم المطرز يوما بحديث عن أبي همام أو غيره عن الوليد بن مسلم عن سفيان فقال له أبو طالب بن نصر الحافظ: من سفيان هذا؟ فقال: "هذا"6 الثوري فقال له أبو طالب: "لا"7 بل هو ابن عيينة. فقال له المطرز: من

_ 1 من ش وع، وليس في خط. 2 من ش وع، وفي خط: "حماد والاملي". 3 من ش وع، وليس في خط. 4 من ش وع، وفي خط: "ضميرا". 5 من ش وع، وليس في خط. 6 من ش وع، وليس في خط. 7 هكذا في خط، وليس في ش وع.

أين "قلت"1 فقال: "لأن الوليد قد روى عن الثوري أحاديث معدودة محفوظة وهو "مليء"2 بابن عيينة" انتهى. الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم أبو عبد الرحمن الأزدي الفراهيدي البصري النحوي وهو أول من استخرج علم العروض وله كتاب: "العين"3 وهو شيخ سيبويه ذكره ابن حبان في الثقات مولده سنة مائة توفي سنة سبعين ومائة وقيل: خمس وسبعين وقيل بضع وستين"3" الثاني: الخليل بن أحمد أبو بشر المزني ويقال: السلمي"3" روى عن "المستنير بن أخضر روى عنه"4 محمد بن يحيى بن أبي سمينة وعبد الله بن محمد المسندي"2" والعباس بن عبد العظيم العنبري ذكره ابن حبان في الثقات"3" قال الخطيب: ورأيت شيخا "من أصحاب"5 الحديث جمع أخبار الخليل بن أحمد العروضي"3". وأدخل فيه حديث الخليل بن أحمد هذا. قال: ولو أمعن النظر لعلم أن ابن أبي سمينة والمسندي وعباسا يصغرون عن إدراك العروضي لأنه قديم. ورد"3" بما ذكره البخاري في التاريخ"3" أن المسندي سمع من العروضي عن عثمان بن حاضر وكلام البخاري يقتضي: أنهما واحد والظاهر: أنهما اثنان كما قاله النسائي وابن حبان والخطيب. الثالث: الخليل بن أحمد أصبهاني روى عن روح بن عبادة وتبع المصنف في ذلك: ابن الجوزي في التلقيح وسبقهما أبو الفضل الهروي في كتاب مشتبه أسماء المحدثين وإنما هو: الخليل بن محمد العجلي يكنى بأبي العباس وقيل: بأبي محمد هكذا سماه أبو الشيخ بن حيان في كتاب: طبقات الأصبهانيين وأبو نعيم الأصبهاني في تاريخ أصبهان وروى له أحاديث في

_ 1 ضبط خط بفتح اخره. 2 ضبط خط. 3 راجع: "الشرح". 4 من ل، وليس في خط. 5 من خط، وفي ل: "من شيوخ أصحاب" ولعله من اختصار الأبناسي رحمه الله.

ترجمته عن روح بن عبادة وغيره فقال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن جعفر "ثنا"1 أبو الأسود عبد الرحمن بن محمد بن الفيض ثنا"1" الخليل بن محمد ثنا"1" روح بن عبادة ثنا"1" موسى بن "عبيدة"2 أخبرني عبد الله بن دينار قال: قال عبد الله بن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مشت أمتي "الخطيطا" " 3 الحديث. وروى له حديثين "آخرين"4 من روايته عن عبد العزيز بن أبان "وحديثا"5 من روايته عن أبي بكر الواسطي وهكذا "ذكره"6 المزي في" الرواة"7 عن روح بن عبادة: الخليل بن محمد العجلي الأصبهاني ولم يذكره أحد في تاريخ الأصبهانيين"8" ولم يذكر أبو نعيم في تاريخ أصبهان أحدا ممن اسمه الخليل إلا: الخليل بن محمد العجلي"9". وقد وقع نظير هذا في صحيح ابن حبان في النوع التاسع والمائة من القسم الثاني: أخبرنا الخليل بن أحمد بواسط "ثنا"10 جابر بن الكردي فذكر

_ 1 من خط، وفي ع: "حدثنا". 2 هكذا في خط، وفي ع: "عبيد". 3 هكذا في خط، وفي ع: "المطيطاء". 4 من ع، وليس في خط. 5 من خط، وفي ع: "وحدثنا". 6 هكذا في خط، وفي ع: "ذكر". 7 من خط، وفي ع: "الوفاة". 8 راجع: "التقييد". 9 راجع: "التقييد" و "تهذيب التهذيب" لابن حجر، ترجمة: "الخليل بن أحمد، أبي بشر المزني". 10 من خط، وفي ع: "حدثنا".

حديثا"1" وإنما"2" هو الخليل بن محمد بن الخليل الواسطي "البزاز"3 أحد الحفاظ وهو ابن بنت تميم بن المنتصر سمع منه ابن حبان بواسط عدة أحاديث متفرقة في أنواع الكتاب"2". الرابع: الخليل بن أحمد بن الخليل أبو سعيد السجزي الفقيه الحنفي قاضي سمرقند توفي بها سنة ثمان وسبعين وثلثمائة حدث عن ابن خزيمة وابن صاعد والبغوي وغيرهم سمع منه الحاكم وذكره في تاريخ نيسابور. الخامس: الخليل بن أحمد أبو سعيد البستي"4". السادس: الخليل بن أحمد بن "عبيد الله"5 بن أحمد الشافعي ذكره الحميدي في تاريخ الأندلس وذكر ابن بشكوال في الصلة: أنه قدم الأندلس من العراق في سنة "اثنتين"6 وعشرين وأربعمائة وروى عن أبي محمد بن النحاس بمصر وأبي "سعد"7 الماليني وأبي حامد الإسفراييني وغيرهم وحكى

_ 1 وهو وحديث "أبي هريرة" مرفوعا: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبسة المرأة ... " الحديث. رواه ابن حبان "5752- ط: الرسالة". وثم رواية أخرى له عند حبان "5466": "أخبرنا الخليل بن أحمد ابن بنت تميم بن المنتصر بواسط، قال: حدثنا جابر بن الكردي......." فذكر حديث "ابن مسعود" مرفوعا: "لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان....." الحديث. وورد في بقية رواياته عنه على الصواب، وقد روى عنه ابن حبان رحمه الله تعالى في تسعة مواضع من "صحيحه"- على ما ورد في فهرس شيوخ ابن حبان رحمه الله - في أثناء المجلد الثامن عشر من نشرة الأرنؤوط لكتاب ابن حبان رحمه الله، والله الموفق. 2 راجع: "التقييد".. 3هكذا في خط وع: "البزاز" بزايين، وفي مواضع من "صحيح ابن حبان": "البزاز" بزاي وراء. 4 راجع: "الشرح". 5 هكذا في خط، وفي ل: "عبد الله". 6 هكذا في خط، وفي ل: "اثنين". 7 من ل، وفي خط: "سعيد".

عن أبي محمد بن "خزرج"1: أن مولده سنة ستين وثلثمائة وروى أبو العباس أحمد بن "عمر العذري"2. ويحتمل أن يكون هذا هو الذي قبله"3" فيسقط من الستة هذا والذي تقدم وهو الأصبهاني الراوي عن روح بن عبادة فيسلم من الستة: أربعة مع أنه أهمل جماعة يسمون بذلك منهم: الخليل بن أحمد بصري أيضا روى عن عكرمة ذكره أبو الفضل الهروي في كتاب: "مشتبه اسماء المحدثين"4 فيما حكاه ابن الجوزي في التلقيح عن خط شيخه: عبد الوهاب الأنماطي عنه. ومنهم: الخليل بن أحمد بن إسماعيل القاضي أبو سعيد السجزي الحنفي روى عنه أبو عبد الله "الفارسي"5 وهذا غير الخليل بن أحمد السجزي الحنفي القاضي فإن هذا ذكره الحاكم في تاريخ نيسابور واسم جده: الخليل وأما الذي تقدم فاسم جده إسماعيل ذكره عبد الغافر في السياق وهو ذيله على تاريخ الحاكم. ومنهم: الخليل بن أحمد أبو سليمان بن أبي "جعفر"6 الخالدي الفقيه سمع من أبي بكر "بن"7 أحمد بن منصور بن خلف والقضاة الصاعدية توفي في صفر سنة ثلاث وخمسمائة ذكره عبد الغافر أيضا في السياق. ومنهم: الخليل بن أحمد أبو القاسم المصري ذكره أبو القاسم بن الطحان في ذيله على تاريخ مصر وقال: توفي سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة. ومنهم: الخليل بن أحمد البغدادي روى عن "سيار"8 بن حاتم ذكره ابن النجار في ذيله على تاريخ بغداد.

_ 1 هكذا في خط، وفي ل: "حزرج" بالحاء المهملة. 2 ضبط خط. 3 راجع: "التقييد". 4 راجع: "تهذيب التذيب" لابن حجر، ترجمة "الخلييل بن أحمد المزني". 5 من ع، وفي خط: "القاري". 6 من ع، وفي خط: "حوص". 7 هكذا في خط، وليس في ع.

ومنهم: الخليل بن أحمد بن علي أبو طاهر "الجوسقي"1 الصرصري "سمع من ابن"2 "البطي"3 و"شهدة"4 وروى عنه الحافظان: ابن النجار وابن "الدبيثي"5 وذكره كل منهما في الذيل. قال ابن النجار: توفي سنة أربع وثلاثين وستمائة. "قوله": أحمد بن جعفر بن حمدان أربعة الأول: أحمد بن جعفر بن مالك أبو بكر البغدادي القطيعي سمع من عبد الله بن أحمد المسند والزهد توفي سنة ثمان وستين وثلاثمائة روى عنه أبو نعيم الأصبهاني وكثيرون. والثاني: أحمد بن جعفر بن حمدان بن عيسى "السقطي"6 البصري يكنى بأبي بكر أيضا يروي عن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي وغيره "و"7 روى عنه أيضا: أبو نعيم وغيره توفي سنة أربع وستين وثلاثمائة وقد جاوز المائة. والثالث: الدينوري حدث عن عبد الله بن محمد بن سنان الروحي روى عنه علي بن القاسم بين شاذان "الرازي"8 وغيره. والرابع: أبو الحسن الطرسوسي روى عن عبد الله بن جابر ومحمد ابن "جعفر"9 بن خالد الطرسوسيين روى عنه القاضي أبو الحسن: الخصيب بن عبد الله بن محمد الخصيب المصري.

_ 1 من ع ول، وفي خط: "الجوسعي". 2 من خط وع، وفي ل: سمع من أبيه وابن". 3 من ع ول، وفي خط: "البسطي". 4 ضبط خط بضم فسكون. 5 من ل وع، وفي خط: "الدشني". 6 من ل، وفي خط: "المقسطي". 7 من خط، وليس في ل. 8 من ل، وفي خط: "المزي". 9 هكذا في خط، وفي ل: "حصن".

ومن غرائب الاتفاق في ذلك"1": محمد بن جعفر بن محمد بن الهيثم الأنباري البندار والحافظ: أبو عمرو محمد بن جعفر بن محمد بن مطر النيسابوري وأبو بكر محمد "بن"2 جعفر بن محمد بن كنانة البغدادي ماتوا في سنة ستين وثلاثمائة. "قوله": أبو عمران "الجوني"3 اثنان أحدهما: التابعي عبد الملك أي وسماه الفلاس عبد الرحمن ولم يتابع عليه توفي سنة تسع وعشرين ومائة وقيل: سنة ثمان وعشرين وقيل: ثلاث وعشرين وهو بصري. والثاني: متأخر الطبقة عنه وهو: أبو عمران موسى بن "سهل"4 بن عبد الحميد الجوني"3" روى عن الربيع بن سليمان وطبقته روى عنه الإسماعيي والطبراني وغيرهما. ومن ذلك: أبو عمر الحوضي اثنان ذكرهما الخطيب. "قوله": ومما يقاربه أبو بكر بن عياش ثلاثة هذا قسم آخر أفرده بعضهم"5" وأدخله المصنف "فيمن"6 اتفقت كناهم وأسماء آبائهم. الأول: أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي المقرىء راوي قراءة عاصم اختلف في اسمه على أحد عشر قولا تقدم في القسم الأول"7" وصحح أبو زرعة: أن اسمه شعبة وصحح المصنف والمزي أن اسمه كنيته.

_ 1 راجع: "الشرح". 2 من خط، ووقع في ل: "به". 3 من ل وسبق مثله عند ابن الصلاح، وفي خط: "الجويني". 4 من خط وسبق مثله عند ابن الصلاح، وفي ل: "سهيل". 5 راجع: "الشرح". 6 في خط: "في من". 7 كذا في خط، وراجع: "الشرح".

مات في عشر المائة قبل سنة "اثنين"1 وتسعين ومائة وقيل: ثلاث وقيل أربع. والثاني: الحمصي روى عن عثمان بن شباك الشامي روى عنه جعفر بن عبد الواحد الهاشمي قال الخطيب: وعثمان وأبو بكر مجهولان وجعفر كان غير ثقة. والثالث: ابن حازم السلمي مولاهم روى عن جعفر بن برقان"2". قال الخطيب: كان فاضلا "أديبا"3 له كتاب مصنف في غريب الحديث"2". "قوله": صالح بن أبي صالح أربعة أي كلهم من التابعين. الأول: صالح بن أبي صالح أبو محمد المدني واسم أبي صالح: نبهان وقال أبو زرعة: هو صالح بن أبي صالح بن نبهان: وكنية نبهان أبو صالح وهو صالح مولى التوءمة بنت أمية بن خلف الجمحي روى عن أبي هريرة وابن عباس وأنس وغيرهم من الصحابة مختلف في الاحتجاج به توفي سنة خمس وعشرين ومائة. الثاني: صالح بن أبي صالح السمان واسم أبي صالح: ذكوان أبو عبد الرحمن المدني روى عن أنس روى له مسلم والترمذي حديثا واحدا. والثالث: السدوسي روى عن علي وعائشة روى عنه خلاد بن "عمرو"4 ذكره البخاري في التاريخ وابن حبان في الثقات. والرابع: المخزومي الكوفي مولى عمرو بن حريث واسم أبي صالح: مهران روى عن أبي هريرة روى عنه أبو بكر بن عياش ذكره البخاري في التاريخ وله عند الترمذي حديث ضعفه يحيى بن معين وجهله النسائي.

_ 1 من خط، وفي ل: "اثنتين". 2 راجع: "الشرح". 3 من ل، وفي خط: "دينار". 4 من خط، ووقع في ل: "عمر، وذكره"، وراجع ما سبق قريبا بشأنه.

"واعترض" عليه بأنه ترك خامسا"1" وهو: صالح بن أبي صالح الأسدي روى عن الشعبي روى عنه زكريا بن أبي زائدة ذكره البخاري في التاريخ وروى له النسائي حديثا. "ورد" بأن هذا متأخر الطبقة عن الأربعة وأيضا اختلف فيه فقال ابن أبي حاتم: هو صالح بن صالح وحكى البخاري الاختلاف فيه في التاريخ الكبير قال: وصالح بن أبي صالح أصح. "قوله": مثاله: محمد بن عبد الله الأنصاري اثنان أي: الأول: القاضي أبو عبد الله: محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري البصري شيخ البخاري وصاحب الجزء المشهور توفي سنة خمس عشرة ومائتين عن سبع وتسعين سنة. والثاني: أبو سلمة محمد بن عبد الله بن زياد الأنصاري مولاهم بصري أيضا ضعفه العقيلي وأبو أحمد الحاكم وابن حبان وغيرهم قيل: إنه جاوز المائة. "واعترض" عليه"1" بأنه ترك ثالثا ورابعا قال المزي في التهذيب: هم ثلاثة فذكر هذين والثالث: محمد بن عبد الله بن حفص بن هشام بن "زيد"2 بن أنس بن مالك الأنصاري وهو بصري أيضا روى عنه ابن ماجة"3" وذكره ابن حبان في الثقات. والرابع: محمد بن عبد الله بن زيد"2" بن عبد ربه الأنصاري"4". ولا يردان لأن الأولين إنما ذكرا لتقارب طبقتهما لأنهما اشتركا في الرواية عن حميد الطويل وسليمان التيمي ومالك بن دينار وقرة بن "خالد"5. وأما الثالث: فإنه متأخر الطبقة عنهما روى عن محمد بن عبد الله بن المثنى

_ 1 راجع: "فتح المغيث" و "التقييد والإيضاح". 2 من ع ول، وفي خط: "يزيد". 3 راجع: "التقييد". 4 من ل، وفي خط: "أبي خالد.

الأنصاري المذكور أولا. وأما الرابع: فمتقدم الطبقة عليهما ذكره ابن حبان في "ثقات التابعين"1. "واعترض" عليه أيضا في قوله: "وإذا قال التبوذكي: ثنا حماد فهو حماد بن سلمة" بأن ابن الجوزي ذكر في التلقيح: أن موسى بن إسماعيل التبوذكي ليس يروي إلا عن حماد بن سلمة خاصة وإذا كان كذلك فلا حاجة لتقييد ذلك بما إذا أطلقه"2". "ورد" بأنه قد روى عن حماد بن زيد أيضا قال المزي في تهذيب الكمال: روى عن حماد بن زيد أيضا ويقال: روى عنه حديثا واحدا. وخالف ذلك في فصل ذكره في آخر ترجمة حماد بن سلمة فقال وممن انفرد بالرواية عن حماد بن سلمة أو اشتهر بالرواية عنه بهز بن أسد وموسى بن إسماعيل وعامة من ذكرناه في ترجمته دون ترجمة حماد بن زيد. وقد جمع بين كلاميه"2" بأنه قال هنا: أو اشتهر بالرواية عنه فيكون أراد أن موسى بن إسماعيل اشتهر بالرواية عنه دون الانفراد عنه. وقد اقتصر المصنف على ثلاثة رواة ممن يحمل إطلاقهم حدثنا حماد على حماد بن سلمة وهم التبوذكي وحجاج بن منهال وعفان على قول محمد بن يحيى الذهلي وزاد المزي في التهذيب هدبة بن خالد فإذا أطلق حمادا فهو ابن سلمة. فائدة"2" قد يطلق بعض الرواة حمادا غير منسوب ولا مميز فيعرف بالراوي عنه فجماعة لا يروون إلا عن حماد بن زيد دون حماد بن سلمة وهم أحمد بن إبراهيم الموصلي وأحمد بن عبد الملك الحراني وأحمد بن عبدة الضبي وأحمد بن المقدام العجلي وأزهر بن مروان الرقاشي وإسحاق بن "إسرائيل"3 وإسحاق بن عيسى الطباع والأشعث بن إسحاق والد أبي داود وبشر بن معاذ "وجبارة"4 بن المغلس وحامد بن عمر البكراوي والحسن بن الربيع

_ 1 من ل، وفي خط: "طبقات التابعين". 2 راجع: "التقييد". 3 من خط، وفي ع: "أبي إسرائيل". 4 من ع، وفي خط: "وجنادة".

"والحسين"1 بن الوليد وحفص بن عمر الحوضي وحماد بن أسامة وحميد ابن "مسعدة"2 وحوثرة بن محمد المنقري وخالد بن خداش وخلف بن هشام البزار وداود بن عمرو وداود بن معاذ وزكريا بن عدي وسعيد بن عمرو الأشعثي وسعيد بن منصور وسعيد بن يعقوب الطالقاني وسفيان بن "عيينة"3 وسليمان بن داود الزهراني وصالح بن عبد الله الترمذي والصلت ابن محمد الحاركي والضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل وعبد الله بن الجراح "القهستاني"4 وعبد الله بن داود التمار الواسطي وعبد الله بن عبد االوهاب الحجبي وعبد الله بن وهب وعبد الرحمن بن المبارك العيشي وعبد العزيز بن المغيرة وعبيد الله بن سعيد السرخسي وعبيد الله بن عمر القواريري وعلي بن المديني وعمر بن "يزيد السياري"5 وعمرو بن عون الواسطي وعمران بن موسى القزاز وغسان بن الفضل السجستاني "وفضيل"6 بن عبد الوهاب القناد وفطر ابن حماد وقتيبة بن سعيد وليث بن حماد الصفار وليث بن خالد البلخي ومحمد بن إسماعيل السكري ومحمد بن أبي بكر المقدمي ومحمد بن زنبور المكي ومحمد بن زياد الزيادي ومحمد بن سليمان لوين ومحمد بن عبد الله الرقاشي ومحمد بن عبيد بن حساب ومحمد بن عيسى بن الطباع ومحمد ابن موسى "الحرشي"7 ومحمد بن النضر بن مساور المروزي ومحمد بن أبي نعيم الواسطي ومخلد بن الحسن البصري ومخلد خداش البصري ومسدد بن مسرهد ويعلي بن منصور الرازي الرازي ومهدي بن حفص وهلال بن "بشر"8

_ 1 من خط، وفي ع: "الحسن". 2 من ع، وفي خط: "سعدة". 3 من ع، وفي خط: "عنبسة" 4 من ع، ومثله في "التهذيب"، وفي خط بالشين المعجمة. 5 من "التهذيب" ومثله في خط لكن بالدال المهملة بدل الراء في نسبته فوقعت في خط: "السيادي"، وفي ع: "زيد السياري". 6 من ع، وفي خط: "فضل". 7 من "التهذيب"، وفي خط: "الحريثي" وفي ع: "الخرشي" بالخاء المعجمة. 8 من ع، وفي خط: "يسر".

والهيثم بن سهل التستري وهو آخر من روى عنه ووهب بن جرير بن حازم ويحيى بن بحر الكرماني ويحيى بن "حبيب بن عربي الحارثي ويحيى بن درست البصري ويحيى بن"1 عبد الله بن "بكر"2 المصري ويحيى بن يحيى النيسابوري ويوسف بن حماد "المعني"3. وأما الجماعة الذين رووا عن حماد بن سلمة دون حماد بن زيد فهم إبراهيم ابن الحجاج السامي وإبراهيم ابن أبي سويد الذارع وأحمد بن إسحاق الحضرمي وآدم بن أبي إياس وإسحاق بن عمر بن سليط وإسحاق بن منصور السلولي وأسد بن موسى وبشر بن السري وبشر بن عمر الزهراني وبهز بن أسد وحبان"3" بن هلال والحسن بن بلال والحسن بن موسى الأشيب والحسين بن عروة وخليفة بن خياط وداود بن شبيب وزيد بن الحباب وزيد بن "أبي الزرقاء"4 "وسريج"5 بن النعمان وسعيد بن عبد الجبار البصري وسعيد ابن يحيى اللخمي وأبو داود سليمان بن داود "الطيالسي"6 وشعبة وشهاب ابن "معمر"7 البلخي وطالوت بن عباد والعباس بن بكار الضبي وعبد الله ابن صالح العجلي وعبد الرحمن بن سلام الجمحي وعبد الصمد بن حسان وعبد الصمد بن عبد الوارث وعبد الغفار بن داود الحراني وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج وهو من شيوخه وعبد الملك بن عبد العزيز أبو نصر التمار وعبد الواحد بن غياث وعبيد الله بن محمد العيشي وعمرو بن خالد الحراني وعمرو بن عاصم الكلابي والعلاء بن عبد الجبار وغسان بن الربيع وأبو نعيم الفضل بن دكين والفضل بن عنبسة الواسطي وقبيصة بن "عقبة"8.

_ 1 من ع، وليس في خط. 2 هكذا في خط، واستشكلها الناسخ، وفي ع: "بكير". 3 ضبط خط بفتح المهملة. 4 من خط، وفي ع: "الورقاء". 5 من خط، وفي ع: "شريح". 6 من خط، وفي ع: "المصري". 7 من ع، وفي خط: "مسمر". 8 من ع، وفي خط: "عصبة".

وقريش بن أنس وكامل بن طلحة الجحدري ومالك بن أنس وهو من أقرانه ومحمد بن إسحاق ابن يسار وهو من شيوخه ومحمد بن بكر "البرساني"1 ومحمد بن عبد الله الخزاعي ومحمد بن كثير المصيصي ومسلم بن أبي عاصم النبيل وأبو كامل مظفر بن "مدرك"2 ومعاذ بن خالد بن شقيق ومعاذ بن معاذ ومهنا بن عبد الحميد وموسى بن داود الضبي والنضر بن شميل والنضر بن محمد الخرشي والنعمان ابن عبد السلام وهشام بن عبد الملك الطيالسي والهيثم بن جميل ويحيى بن إسحاق "السيلحيني"3 ويحيى بن حماد الشيباني ويحيى بن الضريس الرازي ويعقوب بن إسحاق الحضرمي وأبو سعيد مولى أبي هاشم وأبو عامر العقدي. قال المزي في التهذيب: وعامة من ذكرناه في ترجمة حماد بن زيد دون ترجمة حماد بن سلمة فإنه لم يرو واحد منهم عن حماد بن سلمة ثم قال: "وممن انفرد بالرواية عن حماد بن سلمة أو اشتهر بالرواية عنه: بهز بن أسد وموسى بن إسماعيل وعامة من ذكرناه في ترجمته دون ترجمة حماد بن زيد فإذا جاءك عن أحد من هؤلاء عن حماد غير منسوب فهو ابن سلمة"4. "قوله": وقال أبو يعلي الخليلي: إذا قال المصري عن عبد الله فهو: ابن عمرو ابن العاص أي: وكذلك الشامي كما قاله النضر بن شميل"5": إذا قال"6" عبد الله

_ 1 من ع، وفي خط: "البرسناني". 2 من ع، وفي خط: "مدركة". 3 من ع، وفي خط: "السلحيني". 4 عقب العراقي في "التقييد" "ص/413" على كلام المزي المذكور بقوله: "وما أدري لم فرق المزي بين من ذكرهم في ترجمة: "حماد بن زبد" دون "ابن سلمة"، وبين من ذكرهم في ترجمة "حماد بن سلمة" دون: "ابن زيد" فقال في الأولين: إنهم انفردوا بالرواية عن حماد بن زيد، وقال في الاحرين: إنهم انفردوا - أو اشتهروا - بالرواية عن حماد بن سلمة، فزاد في الاخرين: "أو اشتهروا بذلك" فيفهم منه: أن بعضهم زووا عن حماد بن زيد، ولكن لم يشتهروا بالرواية عنه، فما أدري وقع ذلك منه قصدا، للتفرقة بين الترجمتين أو اتفاقا والله أعلم" اهـ. 5 راجع: "التقييد". 6 يعني: "الشامي" وراجع: "التقييد".

فهو ابن عمرو بن العاص وإذا قال المدني: عبد الله فهو ابن عمر. قال الخطيب: وهذا القول صحيح وكذلك يفعل بعض المصريين في عبد الله بن عمرو بن العاص. وهذا الكلام من الخطيب يدل على أن ذلك في الشاميين أكثر منه في المصريين "واعترض" 1 على قوله بأن شعبة إذا قال: عن أبي جمرة عن ابن عباس وأطلق فهو: نصر بن عمران وإذا روى عن غيره ذكر اسمه أو نسبه بأن شعبة قد روى عن غير نصر بن عمران وأطلقه كما رواه أحمد في مسنده قال حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي حمزة قال: سمعت ابن عباس يقول: "مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان فاختبأت منه خلف باب" الحديث. فأطلق الرواية عن "أبي حمزة"2 وليس هو نصر بن عمران وإنما هو أبو حمزة بالحاء المهملة والزاي القصاب واسمه: عمران بن أبي عطاء وقد نسبه مسلم في روايته في هذا الحديث فرواه من رواية أمية بن خالد ثنا شعبة عن أبي حمزة القصاب عن ابن عباس فذكره. ولم يسمه مسلم في روايته وسماه النسائي في روايته لهذا الحديث في كتاب الكنى فقال: أنا عمرو بن علي "قال"3 حدثني سهل بن يوسف قال: ثنا شعبة عن أبي حمزة عمران بن أبي عطاء عن ابن عباس فذكره. وكان ينبغي لمسلم أن يسميه في روايته وإن لم يكن "شيخه سماه"4 بقوله: هو عمران بن أبي عطاء"1" أن أبا حمزة القصاب اثنان أحدهما: هذا والآخر: اسمه ميمون القصاب الأعور. والجواب عن مسلم"1": أن ميمون القصاب لا يروي عن ابن عباس ولا يروي عنه شعبة وإنما روى عنه سفيان الثوري وشريك بن عبد الله النخعي وآخرون

_ 1 راجع: "التقييد". 2 من ع و "المسند" "1/240،338"، وفي خط: "أبي جمرة" بالجيم. 3 من خط، وليس في ع. 4 هكذا في خط، وفي ع: "سماه شيخه".

وروى هو عن إبراهيم النخعي والحسن البصري في آخرين من التابعين. وهو ضعيف عندهم والأول: ثقة من التابعين وميمون من أتباع التابعين فلا يلتبس. وقد يروي شعبة عن الضبعي وينسبه ففي الحج "عند"1 مسلم من رواية محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت أبا جمرة الضبعي "قال"2 "تمتعت فنهاني ناس عن ذلك فأتيت ابن عباس" الحديث. فقد روى"3" عن الضبعي ونسبه وروى عن غيره ولم ينسبه وهو أبو حمزة بالحاء كما تقدم. وللخطيب في ذلك كتاب مفيد سماه: "المكمل في بيان المهمل". "قوله": روى عنه البخاري في صحيحه أي: عن عبد الله بن حماد"الآملي"4 ليس بجيد فإن البخاري لم يصرح بالرواية عنه وإنما روى في صحيحه عن عبد الله غير منسوب حديثين أحدهما عن عبد الله عن يحيى بن معين والآخر عن عبد الله عن سليمان بن عبد الرحمن وموسى ابن هارون "البردي"5. فاختلف في مراده بعبد الله فقال الكلاباذي: هو الآملي. والظاهر: أنه عبد الله ابن أبي القاضي الخوارزمي فإنه"6" روى عنه في كتاب: الضعفاء الكبير مصرحا به في عدة أحاديث عن سليمان بن عبد الرحمن وغيره سماعا وتعليقا"7".

_ 1 في خط: "عن" فصوبته، وراجع: "التقييد". 2 هكذا في خط، وفي ع: "يقول". 3 يعني: شعبة، وراجع: "التقييد". 4 ضبط خط. 5 من خط وضبطه بضم الموحدة، وفي ع: "البرقي". 6 يعني: البخاري، وراجع: التقييد". 7 راجع: "هدي الساري" "ص246" و "صحيح البخاري" "3857" "4640ط و "فتح الباري" "7/207" "8/154".

"قوله" فالأول نسبة إلى بني حنيفة أي: ومنهم أبو بكر عبد الكبير بن عبد المجيد الحنفي وأخوه: أبو علي عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي أخرج لهما الشيخان. "واعترض" على المصنف"1" في تصويب كلام أبي طالب أحمد بن نصر على كلام المطرز مع أن الصواب مع المطرز لأنه لا يلزم مع كون الوليد بن مسلم مليئا أي كثير الرواية عن ابن عيينة أن لا يكون هذا الحديث من الأحاديث المعدودة التي يرويها عن الثوري هذا على تقدير ثبوت ما ادعاه أبو طالب"2" مع أن الذي ادعاه لا أصل له إذ لم يوجد"1" في كتب التواريخ وأسماء الرجال زواية الوليد بن مسلم عن سفيان بن عيينة البتة وإنما فيها روايته عن سفيان الثوري وممن ذكر ذلك: البخاري في التاريخ الكبير وابن عساكر في تاريخ دمشق والمزي في التهذيب. وأما كتب الحديث فليس فيها رواية الوليد عن ابن عيينة"1" لا في الكتب الستة ولا في غيرها مع أن روايته عن الثوري في "السنن الكبير"3 للنسائي فروى في اليوم والليلة حديثا عن الجارود بن معاذ الترمذي عن الوليد بن مسلم عن سفيان الثوري. ومما "رجح"4 ذلك أيضا: وفاة الوليد بن مسلم قبل سفيان بن عيينة بزمن فإن الوليد حج سنة أربع وتسعين ومائة ومات بعد انصرافه من الحج قبل أن يصل إلى دمشق في المحرم سنة خمس وتسعين "وتأخر سفيان بن عيينة إلى سنة ثمان وتسعين"5 وتوفي الثوري سنة إحدى وستين ومائة. فالظاهر: ما قاله القاسم بن زكريا المطرز.

_ 1 راجع: "التقييد". 2 يعني: قول أبي طالب ".....وهو ملئ بابن عيينة". 3 هكذا في خط، وفي ع: "السنن الكبرى". 4 هكذا في خط، وع: "يرجح". 5 من ع، وليس في خط.

النوع الخامس والخمسون

النوع الخامس والخمسون نوع يتركب من النوعين اللذين قبله وهو أن يوجد الاتفاق المذكور في النوع الذي فرغنا منه آنفا في اسمى شخصين أو كنيتهما التي عرفا بها "أو"1 يوجد في نسبهما أو نسبتهما الاختلاف والائتلاف المذكوران في النوع الذي قبله أو على العكس من هذا بأن يختلف ويأتلف أسماؤهما وتتفق "نسبتهما"2 أو "نسبهما"3 اسما أو كنية. ويلتحق بالمؤتلف والمختلف فيه: ما يتقارب ويشتبه وإن كان مختلفا في بعض حروفه في صورة الخط. وصنف الخطيب في ذلك كتابه الذي أسماه كتاب تلخيص المتشابه في الرسم وهو من أحسن كتبه لكن لم يعرب باسمه الذي سماه به عن موضوعه كما أعربنا "عنه"4. فمن أمثلة الأول: موسى بن علي بفتح العين وموسى بن علي بضم العين. فمن الأول جماعة منهم: أبو عيسى الختلي الذي روى عنه أبو بكر بن مقسم المقرىء وأبو علي الصواف وغيرهما. وأما الثاني فهو موسى بن علي بن رباح اللخمي المصري عرف بالضم في

_ 1 من ش وع، وفي خط: "و". 2 من ش وع، وفي خط: "ييشيها". 3 من ش وع، وفي خط "يشبها"، وفي ع: "ويتفق نسبهما أو نسبتهما". 4 من خط وع، وليس في ش.

اسم أبيه. وقد روينا عنه تحريجه من يقوله بالضم. ويقال: إن أهل مصر كانوا يقولونه بالفتح لذلك وأهل العراق كانوا يقولونه بالضم. وكان بعض الحفاظ يجعله بالفتح اسما له وبالضم لقبا. ومن المتفق من ذلك المختلف والمؤتلف في النسبة: محمد بن عبد الله المخرمي بضم الميم الأولى وكسر الراء المشددة مشهور صاحب حديث نسب إلى المخرم من بغداد. ومحمد بن عبد الله المخرمي بفتح الميم الأولى وإسكان الخاء المعجمة غير مشهور روى عن الشافعي الإمام. ومما يتقارب ويشتبه مع الاختلاف في الصورة: ثور بن يزيد الكلاعي الكلاعي الشامي وثور بن زيد بلا ياء في أوله الديلي المدني وهو الذي روى عنه مالك وحديثه في الصحيحين معا. والأول حديثه عند مسلم خاصة. ومن المتفق في الكنية المختلف والمؤتلف في النسبة: أبو عمرو الشيباني وأبو عمرو السيباني: تابعيان يفترقان في أن الأول بالشين المعجمة والثاني بالسين المهملة: واسم الأول سعد بن إياس ويشاركه في ذلك "أبو عمرو الشيباني اللغوي إسحاق بن مرار"1. وأما الثاني فاسمه زرعة. وهو والد يحيى بن أبي عمرو "السيباني"2 الشامي. وأما القسم الثاني الذي هو على العكس فمن أمثلته بأنواعه: عمرو بن زرارة بفتح العين وعمر بن زرارة بضم العين.

_ 1 في خاشية خط: "مرار على وزن ضرار عند بعضهم، وقيل فيه: مرار على وزن: شرار، ومنهم من فتح وشدد الراء على وزن عمار" اهـ، وهذه حاشية ابن الصلاح كما في حاشية: "المقدمة". 2 من ش وع بالسين المهملة، وفي خط: "الشيباني" بإعجامها، وراجع: حاشية "المقدمة".

فالأول جماعة منهم: أبو محمد النيسابوري الذي روى عنه مسلم. والثاني يعرف "بالحدثي"1 وهو الذي "روى"2 عنه البغوي المنيعي وبلغنا عن الدارقطني أنه من مدينة في الثغر يقال لها الحدث وروينا عن أبي أحمد الحافظ الحاكم أنه من أهل الحديثة منسوب إليها والله أعلم. عبيد الله بن أبي عبد الله وعبد الله بن أبي عبد الله الأول هو ابن الأغر سلمان أبي عبد الله صاحب أبي هريرة. روى عنه مالك. والثاني جماعة منهم: عبد الله بن أبي عبد الله المقري الأصبهاني روى عنه أبو الشيخ الأصبهاني. حيان الأسدي بالياء المشددة المثناة من تحت وحنان بالنون الخفيفة الأسدي. فمن الأول: حيان بن حصين التابعي الراوي عن عمار بن ياسر. والثاني هو حنان الأسدي من بين أسد بن شريك بضم الشين وهو عم "مسرهد والد مسدد"3 ذكره الدارقطني يروي عن أبي عثمان النهدي انتهى. "قوله" وأبو علي الصواف هو معطوف على أبي بكر بن مقسم لا على أبي عيسى وقد "توهم"4 بعض من اختصر ابن الصلاح وهو العلامة "علاء الدين التركماني"5 فجعله معطوفا على أبي عيسى وعد موسى بن علي اثنين مع أن الصواف ليس اسمه موسى بن علي وإنما اسمه: محمد بن

_ 1 ضبط خط بفتح الدال المهملة. 2 هكذا في خط، وفي ش وع: "يروي". 3 ضبط خط. 4 من ع، وفي خط: "ضم".. 5 راجع: "التقييد".

أحمد بن الحسن. وأما قول النووي في الإرشاد: موسى بن علي كثيرون"1" وفيه نظر إذ ليس في المتقدمين أحد يسمى بموسى بن علي لا في رجال الكتب الستة ولا في تاريخ البخاري ولا في كتاب ابن أبي حاتم ولا ثقات ابن حبان ولا في كثير من التواريخ أمهات تواريخ الإسلام كتاريخ أبي بكر بن أبي خيثمة والطبقات لمحمد بن سعد وتاريخ مصر لابن يونس والكامل لابن عدي وتاريخ نيسابور للحاكم وتاريخ أصبهان لأبي نعيم. وفي كتاب: تاريخ بغداد للخطيب رجلان متأخران وفي تاريخ دمشق رجل واحد. وهذه الكتب العشرة المذكورة بعد تاريخ البخاري هي أمهات الكتب المصنفة في هذا الفن كما قال المزي في التهذيب. وجملة من وقع ذكره في "التواريخ"2 من القسم الأول: سبعة: الأول: موسى بن علي بن موسى أبو عيسى "الختلي"3 وهو أقدمهم روى عنه أبو بكر بن الأنباري النحوي وابن مقسم والصواف ذكره الخطيب في التاريخ وكان ثقة. الثاني: موسى بن علي بن موسى أبو بكر الأحول "البزاز"4 روى عن جعفر بن محمد "الفريابي"5 روى عنه محمد بن "عمر"6 بن "بكير"7

_ 1 كذا في خط، وراجع: "التقييد" 2 من ع، وفي خط: "التاريخ"، وراجع: "التقييد". 3 ضبط خط بتشديد التاء المثناة من فوق. 4 هكذا في خط وع بزايين، وفي "تاريخ بغداد" براء في اخره. 5 من ع، وفي خط: "الفرياني" بالنون. 6 ضبط خط بضم المهملة. 7 من خط ومثله في "تاريخ بغداد"، وفي ع: "بكر".

المقرىء ذكره الخطيب أيضا. الثالث: موسى بن علي بن محمد أبو عمران النحوي الصقلي سكن دمشق مرة روى عن أبي ذر الهروي روى عنه عبد العزيز الكتاني وغيره وتوفي سنة سبعين وأربعمائة ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق. الرابع: موسى بن علي بن "قداح"1 أبو الفضل المؤذن الخياط سمع منه الحافظان: أبو المظفر السمعاني وأبو القاسم بن عساكر توفي سنة سبع "وثلاثين"2 وخمسمائة. الخامس: موسى بن علي القرشي أحد المجهولين ذكره الخطيب في تلخيص المتشابه في ترجمة: قنبر بن أحمد وروى له الحديث الآتي ذكره وذكره ابن ماكولا"3" وقال الذهبي في الميزان: لا "ندري"4 من ذا والخبر كذب عن قنبر بن أحمد بن قنبر عن أبيه عن جده عن كعب بن نوفل عن بلال مرفوعا "كان نثار عرس فاطمة وعلي "صكاك"5 بأسماء محبيهما "بعتقهم"6 من النار". قال: إسناده ظلمات. السادس: موسى بن علي بن غالب أبو عمران الأموي من أهل غرب الأندلس روى عن أحمد بن طارق بن سنان وغيره ذكره ابن حوط الله وقال: توفي في ثالث رمضان سنة ثمان وتسعين وخمسمائة ذكره ابن الأبار في التكملة.

_ 1 ضبط خط. 2 هكذا في ع، وفي خط: "وثمانين". 3 راجع: "التقييد". 4 هكذا في خط، وفي ع: "بدرى". 5 من ع و "اللسان" وفي خط: "مصكاكا". 6 من خط و "اللسان"، وفي ع: "يعتقهم" بالياء اخر الحروف في أوله.

السابع: موسى بن علي بن عامر أبو عمران "الجزيري"1 أصله من الجزيرة الخضراء وهو من أهل "إشبيلية"2 له مصنفات منها: شرح الإيضاح وشرح التبصرة للصميري ذكره ابن الأبار في التكملة أيضا. فهؤلاء المذكورون في تواريخ الإسلام من الشرق والغرب إلى زمن المصنف لم يبلغوا حد الكثرة. وقول النووي: هو كثيرون فيه تجوز. وأما الثاني: فهو موسى بن علي بضم العين مصغرا هو أمير مصر والمشهور فيه الضم وصحح البخاري وصاحب المشارق: الفتح روي عنه أنه قال""3: اسم أبي علي بالفتح ولكن بنو أمية قالوا: علي بن رباح ومن قالها لا أجعله في حل. وعن أبيه أنه قال: لا أجعل أحدا في حل "مصغر"4 اسمي"5". وقيل: سبب تصغيره: أن بني أمية كانوا إذا سمعوا "بمولود"6 اسمه علي قتلوه فبلغ ذلك رباحا فقال: هو علي. وقال ابن حبان"7": كان أهل الشام يجعلون كل علي عندهم عليا لبغضهم عليا رضي الله عنه ولهذا قيل لعلي بن رباح: "علي"8 ولمسلمة بن علي: مسلمة بن علي.

_ 1 من ع، وفي خط: "الحريري". 2 من ع، وفي خط: "اشبيله". 3 راجع: "فتح المغيث" و "التقييد". 4 هكذا في خط، وفي ل: "يصغر". 5 راجع: الشرح. 6 من ل، وفي خط: "المولود". 7 راجع: "الشرح" و "الثقات". 8 ضبط خط بضم ففتح.

"وأشار1 بقوله":ويقال إن أهل مصر إلى أن قائل ذلك هو محمد بن سعد قاله في "الطبقات"2. "وبقوله": وكان بعض الحفاظ يجعله بالفتح هو الدارقطني. ومثال عكس ذلك: "سريج بن النعمان وشريح بن النعمان" وكلاهما مصغر فالأول: بالسين المهملة والجيم: سريج بن النعمان بن مروان اللؤلؤي البغدادي روى عنه البخاري وروى له أصحاب السنن. والثاني: بالشين المعجمة والحاء المهملة: شريح بن النعمان الصائدي الكوفي تابعي له في السنن الأربعة حديث واحد عن علي بن أبي طالب. "قوله": المخرمي أي: بتشديد الراء هو: محمد بن عبد الله بن المبارك أبو جعفر القرشي البغدادي الحافظ قاضي حلوان روى عنه البخاري وأبو داود والنسائي. والثاني: المخرمي "بفتح الخاء والراء"3: محمد بن عبد الله المكي قال ابن ماكولا لعله من ولد مخرمة بن نوفل روى عن الشافعي وروى عنه عبد العزيز بن محمد بن الحسن بن زبالة ليس بالمشهور. "قوله": وهذا الذي روى عنه مالك يعني ثور بن "زيد"4 ومفهومه: أنه"5" لم يرو عن ثور بن يزيد وقد ذكر صاحب الكمال: أن مالكا روى "عن"6 ثور بن يزيد أيضا وتبعه المزي في تهذيب الكمال على ذلك وما

_ 1 يعني: ابن الصلاح رحمه الله. 2 راجع: "التقييد". 3 كذا في خط، واستشكلها الناسخ، وفي ل: "بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الراء" فطغى قلم الأبناسي فكتبها كما ترى، وقد مضى على الصواب عند ابن الصلاح رحمه الله، والله أعلم. 4 من ع، وسبق مثله عند ابن الصلاح، وضبطه بلا ياء في أوله، وفي خط: "يزيد". 5 يعني: مالكا، وراجع: "التقييد". 6 من ع، وليس في خط.

قالاه مردود"1" إذ ليس له رواية عنه لافي الموطأ ولا في غرائب مالك للدارقطني بل ولا في شيء من الكتب الستة ولا غيرها. نعم قوله: حديث ثور بن يزيد "عند"2 مسلم خاصة "وهم"3 فإن مسلما لم يخرج له شيئا في الصحيح وإنما أخرج له البخاري خاصة فروى له في كتاب الأطعمة عن خالد بن معدان عن أبي أمامة قال" "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع مائدته قال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه". وعن خالد عن المقدام بن معدي كرب مرفوعا: "كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه". وحديث: "ما أكل أحد طعاما خيرا من عمل يديه" بهذا الإسناد. وروى له في الجهاد عن عمير بن الأسود عن أم حرام أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا". "قوله": واسم الأول سعد بن إياس أي: الكوفي تابعي مخضرم حديثه في الكتب الستة توفي سنة ثمان وتسعين. "قوله": ويشاركه في ذلك أبو عمرو الشيباني اللغوي إسحاق بن مرار"4" أي: بكسر الميم عند عبد الغني وبفتحها عند الدارقطني وشدد بعضهم الراء على وزن: عمار له ذكر في صحيح مسلم بكنيته فقط في تفسير حديث: "أخنع اسم عند الله"5 توفي سنة عشر ومائتين.

_ 1 راجع: "التقييد". 2 في خط: "عنه عند" وهذا يوهم أن: "حديث ثور بن يزيد عن مالك عند مسلم"، وليس كذالك، وكأن الناسخ كتب "عنه" وغفل عن الضرب على "عنه"، والله أعلم. 3 ضبط خط بإسكان الهاء. 4 راجع: حاشية "المقدمة"، وما سبق بشأنه هنا. 5 راجع: "الشرح" و "صحيح مسلم" "2143".

وأهمل"1" ثالثا هو أولى بالذكر من اللغوي"2" لكونه أقدم منه وهو هارون بن "عنترة"3 بن عبد الرحمن كوفي أيضا من أتباع التابعين حديثه في سنن أبي داود والنسائي وهو المشهور بأن كنيته أبو عمره كما كناه يحيى بن سعيد وابن المديني وأحمد والبخاري والنسائي وأبو أحمد الحاكم والخطيب وغيرهم ووهم المزي في تهذيب الكمال فكناه: بأبي عبد الرحمن. وأما اللغوي فإنه ليس له حديث في شىء من الكتب الستة إنما له عند مسلم "أن"4 أحمد بن حنبل سأله عن أخنع اسم فقال: "أوضع". "قوله": عمرو بن زرارة بفتح العين الذي روى عنه مسلم مفهومه"2": أن البخاري لم يرو عنه وليس كذلك فقد روى له في صحيحه أحاديث كثيرة من روايته عن إسماعيل بن علية وهشيم وعبد العزيز بن أبي حازم "وأبي عبيدة"5 الحداد والقاسم بن مالك المزني وزياد بن عبد الله البكائي. وإنما روى له مسلم من رواية ابن علية وهشيم وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف فقط. وكأن المصنف تبع الخطيب في اقتصاره على مسلم فإنه قال في كتابه المسمى بتالي التلخيص روى عنه مسلم ومحمد بن إسحاق السراج. "واعترض" "2" على قوله: والثاني وهو عمر بن زرارة بضم العين يروي عنه البغوي المنيعي بأن المنيعي وهو ابن منيع وهو ابن منيع روى عنهما أي: "عن عمر"6 كما قاله الحافظ أبو بكر البرقاني.

_ 1 يعني ابن الصلاح. 2 راجع: "التقييد". 3 من ل وع، وفي خط: "عنثرة". 4 من ع، وفي خط: "الى". 5 من ع، وفي خط: "وأبي عبد الله". 6 كذا في خط، وضبطه بضم العين، ولعله: "عن عمرو، وعمر" فسقطت الأولى، أو: "وعن عمر"كما هي عادة الأبناسي في الاختصار، وسقطت الواو، فالله أعلم.

ورد بأن الخطيب قد بين وهم البرقاني في ذلك فقال"1" في كتابه تالي التلخيص: إنه لم يرو إلا عن عمر بن زرارة ولم يرو عن عمرو شيئا. "قوله": فمن الأول "حيان بن حصين"2 أي: الأسدي الكوفي "أبو"3 الهياح تابعي له في صحيح مسلم حديث عن علي في الجنائز. وحيان الأسدي شامي تابعي أيضا له في صحيح ابن حبان حديث عن واثلة بن الأسقع ويعرف بحيان أبي النضر ولم يذكره المصنف. "والثاني": حنان بفتح الحاء المهملة والنون المخففة أسدي "بصري"4 روى عن أبي عثمان النهدي حديث مرسلا روى عنه حجاج الصواف ويعرف "بصاحب الرقيق"5. ومما "يشبه"6 هذه الأقسام: ابن عفير المصري وابن غفير المصري وكلاهما مصغر فالأول: بالعين المهملة: سعيد بن كثير بن "عفير"7 أبو عثمان المصري وقد ينسب إلى جده روى عنه البخاري وروى مسلم عن واحد عنه. والثاني: بالغين المعجمة واسمه: الحسن بن غفير المصري قال الدارقطني: متروك"5".

_ 1 كذا، وراجع: "التقييد. 2 ضبط خط. 3 في خط: "وأبو" والصواب بلا واو. 4 من خط، ووقع في ل: "البسري". 5 راجع: "الشرح". 6 ضبط خط. 7 من خط، ووقع في ل: "عقير" بالقاف.

النوع السادس والخمسون

النوع السادس والخمسون معرفة الرواة المتشابهين في الاسم والنسب المتمايزين بالتقديم والتأخير في الابن والأب مثاله: يزيد بن الأسود والأسود بن يزيد. فالأول: يزيد بن الأسود الصحابي الخزاعي ويزيد بن الأسود "الجرشي"1 أدرك الجاهلية وأسلم وسكن الشام وذكر بالصلاح حتى استسقى به معاوية في أهل دمشق فقال: "اللهم "إنا"2 نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا" فسقوا للوقت حتى كادوا لا يبلغون منازلهم. والثاني: الأسود بن يزيد النخعي التابعي الفاضل. ومن ذلك: الوليد بن مسلم ومسلم بن الوليد. فمن الأول: الوليد بن مسلم البصري التابعي الراوي عن جندب بن عبد الله البجلي. والوليد بن مسلم الدمشقي المشهور صاحب الأوزاعي روى عنه أحمد بن حنبل والناس. والثاني: مسلم بن الوليد بن رباح المدني حدث عن أبيه وغيره روى عنه عبد العزيز الدراوردي وغيره وذكره البخاري في تاريخه "فقلب"3 اسمه ونسبه فقال: الوليد بن مسلم وأخذ عليه ذلك.

_ 1 ضبط خط بضم الجيم. 2 من خط وع، وليس في ش. 3 من ش وع، وفي خط: "معلت".

وصنف الخطيب الحافظ في هذا النوع كتابا سماه كتاب رافع الارتياب في المقلوب من الأسماء والأنساب. وهذا الاسم ربما أوهم اختصاصه بما وقع "فيه"1 مثل الغلط المذكور في هذا المثال الثاني وليس ذلك شرطا فيه وأكثره ليس كذلك "فما"2 ترجمناه به إذا أولى. انتهى. "قوله": فالأول يزيد بن الأسود الصحابي الخزاعي أي له في السنن حديث واحد. قال ابن حبان عداده في أهل "مكة"3 وقال المزي في الكوفيين. ويزيد بن الأسود الجرشي تابعي مخضرم يكنى أبا الأسود. وأما الأسود بن يزيد النخعي فهو خال إبراهيم النخعي من كبار التابعين وعلمائهم حديثه في الكتب الستة كان يصلي كل يوم سبعمائة ركعة وسافر ثمانين حجة وعمرة من الكوفة لم يجمع بينهما.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "عنه". 2 من ش وع، وفي خط: "فيما". 3 من ل و "الثقات" "3/442"، وفي خط: "الكوفة".

النوع السابع والخمسون

النوع السابع والخمسون معرفة المنسوبين إلى غير آبائهم وذلك على ضروب: أحدها من نسب إلى أمه منهم: معاذ ومعوذ: وعوذ بنوعفراء. هي أمهم. وأبوهم: الحارث بن رفاعة الأنصاري. وذكر ابن عبد البر أنه يقال في عوذ: عوف وأنه الأكثر. بلال بن حمامة المؤذن: حمامة أمه وأبوه رباح. سهيل وأخواه سهل وصفوان: بنو بيضاء هي أمهم واسمها: "دعد"1. واسم أبيهم: وهب. شرحبيل بن حسنة هي أمه. وأبوه: عبد الله بن المطاع الكندي. عبد الله بن بحينة هي أمه. وأبوه: مالك بن القشب"2" الأزدي الأسدي. سعد بن "حبتة"3 الأنصاري هي أمه. وأبوه بحير بن معاوية جد أبي يوسف القاضي. هؤلاء صحابة رضي الله عنهم. ومن غيرهم:

_ 1 ضبط خط. 2 في حاشية خط: "القشب" بفتح القاف مع كسر الشين، وبكسر القاف مع إسكان الشين"اهـ. 3 من ش وع، وفي خط: "حبنه".

محمد بن الحنفية هي أمه واسمها خولة. وأبوه: علي بن أبي طالب رضي الله عنه. إسماعيل بن علية هي أمه وأبوه: إبراهيم أبو إسحاق. إبراهيم بن هراسة قال عبد الغني بن سعيد: هي أمه وأبوه: سلمة. الثاني: من نسب إلى جدته منهم: "يعلي بن منية"1 "الصحابي"2 هي في قول الزبير بن بكار جدته أم أبيه وأبوه: أمية. ومنهم بشير بن الخصاصية الصحابي هو بشير بن معبد والخصاصية: هي "أم"3 الثالث من أجداده. ومن أحدث ذلك عهدا"4": شيخنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي البغدادي يعرف بابن سكينة وهي أم أبيه. الثالث: من نسب إلى جده منهم: أبو عبيدة ابن الجراح أحد العشرة هو: عامر بن عبد الله بن الجراح. حمل بن النابغة الهذلي الصحابي هو: حمل بن مالك بن النابغة. مجمع بن "جارية"5 الصحابي هو: مجمع بن يزيد بن جارية"5". ابن جريج هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج. بنو الماجشون بكسر الجيم منهم: يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة الماجشون. قال أبو علي الغساني هو لقب يعقوب بن أبي سلمة وجرى على بنيه وبني أخيه عبد الله بن أبي سلمة.

_ 1 ضبط خط. 2 من ش وع، وليس في خط. 3 من ش وع، وفي خط: "أمه". 4 من ش وع، وفي خط: "عبدا". 5 من ش وع، وفي خط: "حارثة".

قلت: والمختار في معناه أنه الأبيض الأحمر. ابن أبي ذئب هو: محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب. ابن أبي ليلى الفقيه هو: محمد بن عبد الرحمن"1" بن أبي ليلى. ابن أبي مليكة هو: عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة. أحمد بن حنبل الإمام هو: أحمد بن محمد بن حنبل أبو عبد الله. بنو أبي شيبة: أبو بكر وعثمان الحافظان وأخوهما القاسم. أبو شيبة هو جدهم واسمه: إبراهيم بن عثمان واسطي. وأبوهم: محمد بن أبي شيبة. ومن المتأخرين: أبو سعيد ابن يونس صاحب تاريخ مصر هو: عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي. الرابع: من نسب إلى رجل غير أبيه هو منه بسبب منهم: المقداد ابن الأسود هو: المقداد بن عمرو بن ثعلبة الكندي وقيل البهراني "كان"2 في حجر الأسود بن عبد يغوث الزهري وتبناه فنسب إليه. الحسن بن دينار هو: ابن واصل ودينار: زوج أمه. وكأن هذا خفي على ابن أبي حاتم حيث قاله فيه: الحسن بن دينار بن واصل فجعل واصلا جده انتهى. "قوله": بنو عفراء هي أمهم أي: وهي عفراء بنت عبيد بن ثعلبة من بني النجار وأبوهم: الحارث بن رفاعة بن الحارث من بني "النجار"3 أيضا. شهد "بنوا"4 عفراء بدرا فقتل منهم اثنان بها: "عوف"5 ومعوذ وبقي "معاذ إلى"6

_ 1 من ش وع، وليس في خط. 2 هكذا في خط، وفي ش: "وكان". 3 من ل، وفي خط: "اللجان". 4 هكذا في خط بالألف. 5 هكذا في خط ول، وراجع: نقل ابن الصلاح السابق عن "ابن عبد البر" رحمه الله، و "مختصر ابن كثير". 6 من ل، وفي خط: "معاذا في".

زمن عثمان وقيل: إلى زمن علي فتوفي بصفين وقيل: إنه "جرح"1 أيضا ببدر ورجع إلى المدينة فمات بها. وقد صنف شيخنا الحافظ علاء الدين مغلطاي تصنيفا حسنا فيمن عرف بأمه. "واعترض" على المصنف في اقتصاره على قول الزبير بن بكار: إن منية هي جده يعلي"2" والصواب الذي عليه الجمهور: أنها أمه وهو قول علي بن المديني وعبد الله بن مسلمة القعنبي ويعقوب بن شيبة وبه جزم البخاري في التاريخ الكبير وابن أبي حاتم ومحمد بن جرير الطبري وابن قانع والطبراني وابن حبان وابن مندة في معرفة الصحابة وآخرون. وحكاه الدارقطني عن أصحاب الحديث ورجحه ابن عبد البر والمزي قال في التهذيب وفي الأطراف: وهي أمه ويقال: جدته وكذا ذكره المصنف في النوع السابع والعشرين على الصواب"3". ولكنه هنا تبع ابن ماكولا فإنه جزم بما قاله الأبير بن بكار قال ابن عبد البر: لم يصب الأبير. وأبو يعلي اسمه: امية بن أبي "عبيدة"4 وأما قول ابن وضاح: إن "منية"5 أبوه فوهم حكاه صاحب المشارق. واختلف في نسب منية"4" فقيل: بنت الحارث بن "جابر"6 قاله ابن ماكولا وقيل: منية بنت جابر عم عتبة بن غزوان قاله الطبري وقيل: منية بنت غزوان أخت عتبة بن غزوان حكاه الدارقطني عن أصحاب الحديث وأصحاب التاريخ ورجحه المزي.

_ 1 من خط، وفي ل: "خرج". 2 راجع: "التقييد". 3 قارن: "بشرح الألفية". 4 من ل، وفي خط: "عبدة" بلاياء. 5 ضبط خط. 6 من ل، وفي خط: "حبان".

"قوله": في بشير بن الخصاصية: واسم أبيه معبد أي: وقيل: نذير وقيل: زيد وقيل: شراحيل. "قوله": والخصاصية أم الثالث من أجداده أي ويقال: هي أمه حكاه ابن الجوزي في التلقيح واسمها: كبشة قاله الرامهرمزي وقيل اسمها: "مارية"1 بنت عمرو بن "الحارث الغطريف"2. ومن ذلك: ما قيل في الشيخ "مجد"3 الدين بن تيمية صاحب المنتقى وبقية أهل بيته فقيل: إن جدته من وادي التيم. ومن مثال من "ينسب"4 إلى جده: قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب" وكذلك قول الأعرابي في الحديث الصحيح: "أيكم ابن عبد المطلب". وكذلك بنو مسكين من بيوت المصريين اشتهروا بذلك من زمن النسائي إلى زماننا هذا وجدهم الحارث بن مسكين أحد شيوخ النسائي. "قوله" في الحسن بن دينار أي: وهو أحد الضعفاء. "وكأن" هذا خفي على ابن أبي حاتم حيث جعل واصلا جده أي: ولم يجعله أباه ودينارا زوج أمه كما اختاره المصنف وهو قول يحيى بن معين والفلاس والجوزجاني وابن حبان وغيرهم وجعل بعضهم دينارا "جده"5 رواه أبو العرب في كتاب الضعفاء عن يحيى بن محمد بن يحيى بن سلام عن أبيه "عن الحسن جده"6 قال: الحسن بن واصل بن دينار ودينار جده.

_ 1 هكذا في خط و "التدريب"، وفي ل "وتهذيب" ابن حجر "ماوية". 2 هكذا في خط و "التدريب" ومثله عني ابن حجر في "التهذيب"، وفي ل: "الحارث بن الغطريف". 3 من ل، وفي خط: "محب". 4 من خط، وفي ل: "نسب". 5 من ل، وفي خط: "حد" بلاهاء. 6 كذا في خط ول، والظاهر أن صوابه: "عن جده" و "الحسن": مقحمة، والله أعلم.

النوع الثامن والخمسون

النوع الثامن والخمسون معرفة النسب التي باطنها على خلاف ظاهرها الذي هو السابق إلى الفهم منها من ذلك: أبو مسعود البدري عقبة بن عمرو لم يشهد بدرا في قول الأكثر ولكن نزل بدرا فنسب إليها. سليمان بن طرخان التيمي: نزل في تيم وليس منهم وهو مولى بني مرة. أبو خالد الدالاني يزيد بن "عبد الرحمن"1: هو أسدي مولى لبني أسد نزل في بني دالان بطن من همدان فنسب إليهم. إبراهيم بن يزيد الخوزي: ليس من الخوز إنما نزل شعب الخوز بمكة. عبد الملك بن أبي سليمان "العرزمي"2: نزل جبانة عرزم"2" بالكوفة وهي قبيلة معدودة في فزارة فقيل: عرزمي بتقديم الراء المهملة على الزاي. محمد بن سنان "العوقي"3 أبو بكر البصري: باهلي نزل في العوقة بالقاف والفتح وهم بطن من عبد القيس فنسب إليهم.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "عبد الرحيم". 2 ضبط خط. 3 من ش وع، وفي خط: "العوفي" بالفاء، وفتح المهملة وإسكان الواو.

أحمد بن يوسف السلمي جليل روى عنه مسلم وغيره: هو أزدي عرف بالسلمي لأن أمه كانت سلمية. ثبت ذلك عنه. وأبو عمرو بن نجيد السلمي: عرف كذلك فإنه حافده. وأبو عبد الرحمن السلمي مصنف الكتب للصوفية: كانت أمه ابنة أبي عمرو المذكور فنسب سلميا وهو أزدي أيضا: جده ابن عم أحمد بن يوسف. ويقرب من ذلك ويلتحق به: مقسم مولى ابن عباس "هو"1: مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل. لزم ابن عباس فقيل "له"2: مولى ابن عباس للزومه إياه. يزيد الفقير أحد التابعين: وصف بذلك لأنه أصيب في فقار ظهره فكان يألم منه حتى ينحني له. خالد الحذاء: لم يكن حذاء ووصف بذلك لجلوسه في الحذائين. انتهى. "قوله" أبو مسعود لم يشهد بدرا أي: على قول الأكثر وبه قال ابن شهاب ومحمد بن إسحاق والواقدي ويحيى بن معين وإبراهيم "الحربي"3 وبه جزم السمعاني. وخالفهم البخاري فعده في الصحيح ممن شهد بدرا وروى في صحيحه حديث عروة بن الزبير: "أخر المغيرة بن شعبة العصر وهو أمير الكوفة فدخل عليه أبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري جد زيد بن حسن شهد بدرا" الحديث وقال شعبة عن الحكم كان أبو مسعود بدريا وقال محمد بن سعد: شهد أحدا وما بعدها ولم يشهد بدرا قال: وليس بين أصحابنا في ذلك اختلاف وقال ابن عبد البر: لا يصح شهوده بدرا وقال إبراهيم "الحربي"4 كان ساكنا ببدر "وقيل"5: شهد العقبة مع السبعين وكان أصغر من شهدها.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "فهو". 2 من ش وع، وليس في خط. 3 من ل، وفي خط: "الحرمي". 4 من ل، وفي خط" الحرمي". 5 هكذا في خط، وفي ل: "وقد".

"قوله": سليمان بن طرخان التيمي أي: أبو المعتمر قال البخاري في التاريخ عرف"1" بالتيمي لأنه كان ينزل بني تيم وهو مولى بني مرة وروى السمعاني أن ابنه المعتمر قال له: يا أبت تكتب التيمي ولست "بتيمي"2؟ قال: تيمي الدار. وروى الأصمعي عن "ابنه"3 المعتمر "قال: قال"4 أبي: إذا كتبت فلا تكتب التيمي ولا تكتب "المري"5 فإن أبي كان مكاتبا "لجبير"6 بن حمران وإن أمي كانت مولاة لبني "سليم"7 فإن كان أدى الكتابة فالولاء لبني مرة وهو مرة بن عبادة بن ضبيعة بن قيس فاكتب القيسي وإن لم يكن أدى الكتابة فالولاء لبني سليم وهم من قيس غيلان فاكتب القيسي""8. "قوله" خالد الحذاء أي: ابن مهران واختلف في سبب انتسابه فقال يزيد بن هارون فيما حكاه البخاري عنه في التاريخ: ما حذا نعلا قط إنما كان يجلس إلى حذاء فنسب إليه. وقال محمد بن سعد: كان"8" يجلس إليهم. وقال فهد بن حيان: لم يحذ خالد قط إنما كان يقول "أحذ"9 على هذا النحو فلقب الحذاء"8".

_ 1 راجع: "الشرح". 2 من خط، وفي ل: "بالتيمي". 3 من ل، وفي خط: "أبيه". 4 من ل، وليس في خط. 5 من ل، وفي خط: "المزني". 6 هكذا في خط وضبطه بضم الجيم، وفي ل: "لبجير". 7 ضبط خط بضم ففتح. 8 راجع: "الشرح". 9 لم تنقط في خط، وفي ل: "أخذ" بإعجام الخاء والذال، والصواب بالحاء المهملة والذال المعجمة، والله أعلم.

النوع التاسع والخمسون

النوع التاسع والخمسون معرفة المبهمات أي معرفة أسماء من أبهم ذكره في الحديث من الرجال "والنساء"1. وصنف في ذلك: عبد الغني بن سعيد الحافظ والخطيب وغيرهما. ويعرف ذلك بوروده مسمى في بعض الروايات. وكثير منهم لم يوقف على أسمائهم. وهو على أقسام: منها وهو من أبهمها ما قيل فيه رجل أو: امرأة. ومن أمثلته: حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا قال: "يا رسول الله الحج كل عام؟ " "وهذا"2 الرجل هو الأقرع بن حابس بينه ابن عباس في رواية أخرى. حديث أبي سعيد الخدري في ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا بحي "فلم"3 "يضيفوهم"4 فلدغ "سيد الحي"5 فرقاه رجل منهم بفاتحة الكتاب على ثلاثين شاة. الحديث. الراقي هو الراوي: أبو سعيد الخدري.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "أو النساء". 2 من ش وع، وفي خط: "هذا" بلا واو. 3 من ش وع، وليس في خط. 4 من ش وع، وفي خط: "فضيفوهم". 5 هكذا في خط، وفي ش وع: "سيدهم".

حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "رأى حبلا ممدودا بين ساريتين في المسجد فسأل عنه فقالوا: فلانة تصلي فإذا غلبت تعلقت" قيل: إنها "زينب بنت جحش" زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل: أختها حمنة بنت جحش وقيل: ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين. المرأة التي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغسل من الحيض فقال: "خذي فرصة من مسك: هي أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية وكان يقال لها: خطيبة النساء. وفي رواية لمسلم تسميتها: أسماء بنت شكل. ومنها: ما أبهم بأن قيل فيه: ابن فلان أو: ابن الفلاني أو: ابنة فلان أو: نحو ذلك. من ذلك: "حديث"1 أم عطية: "ماتت إحدى بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اغسلنها بماء وسدر" الحديث. هي "زينب زوجة أبي العاص"2 بن الربيع أكبر بناته صلى الله "عليه وسلم"3. وإن كان قد قيل: أكبرهن رقية. ابن اللتبية: ذكر صاحب الطبقات محمد بن سعد أن اسمه عبد الله وهذه نسبة إلى بني لتب بضم اللام وإسكان التاء المثناة من فوق بطن من الأسد بإسكان السين وهم الأزد. وقيل فيه: "ابن الأتبية"4 بالهمزة ولا صحة له. ابن مربع"4" الأنصاري الذي أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل عرفة وقال: "كونوا على مشاعركم": اسمه زيد وقال الواقدي "وكاتبه"5 ابن سعد اسمه عبد الله. بن أم مكتوم الأعمى المؤذن: اسمه عبد الله بن زائدة وقيل: عمرو بن قيس وقيل غير ذلك. وأم مكتوم اسمها: عاتكة بنت عبد الله.

_ 1 مكرر في خط. 2 من خط وع، وفي ش: "العاصي". 3 من خط وع، وفي ش: "عليه وعلى اله وسلم". 4 ضبط خط. 5 من ش وع، وفي خط: "ومكاتبه".

الابنة التي أراد بنو هشام بن المغيرة أن يزوجوها من علي بن أبي طالب رضي الله عنه هي: "العوراء بنت أبي جهل بن هشام". ومنها العم والعمة ونحوهما. من ذلك: رافع بن خديج عن عمه في حديث المخابرة. عمه هو ظهير بن رافع الحارثي الأنصاري. زياد بن علاقة عن عمه: هو قطبة بن مالك الثعلبي بالثاء المثلثة. "عمة"1 جابر بن عبد الله التي جعلت تبكي أباه يوم أحد: اسمها فاطمة بنت عمرو بن حرام وسماها الواقدي هندا. ومنها الزوج والزوجة من ذلك: حديث سبيعة الأسلمية أنها ولدت بعد وفاة زوجها بليال: "زوجها"2 هو سعد بن خولة الذي رثى له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة وكان بدريا. بروع بنت واشق وهي بفتح الباء عند أهل اللغة وشاع في ألسنة أهل الحديث كسرها زوجها اسمه هلال بن مرة الأشجعي على ما رويناه من غير وجه. زوجة عبد الرحمن بن الزبير بفتح الزاي التي كانت تحت رفاعة بن "سموءل"3 القرظي فطلقها اسمها تميمة بنت وهب وقيل تميمة بضم التاء وقيل "سهيمة"4. انتهى. "قوله" وصنف فيه عبد الغني والخطيب وغيرهما أي: كأبي القاسم بن بشكوال وهو أكبر "كتاب جمع"5 فيه ثلاثمائة حديث "و"6 واحدا وعشرين

_ 1 من ش وع، وفي خط: "وعمه". 2 من خط، وليس في ش وع. 3 من ش، وفي ع: "سموال"، وفي خط: "شموال". 4 ضبط خط بضم المهملة وفتح الهاء. 5 هكذا في خط، وف ل: "كتاب فيه، جمع". 6 من ل، وليس في خط.

حديثا لكنه على غير ترتيب. ورتب الخطيب كتابه على الحروف في الشخص المبهم وجملة ما في كتاب الخطيب مائة "و"1 واحد وسبعون حديثا واختصره النووي ورتبه على الحروف في راوي الحديث وهو أسهل للكشف وزاد فيه بعض أسماء. ويستدل على معرفة الشخص المبهم بوروده مسمى في بعض طرق الحديث أو تنصيص أهل السير"2" أو بورود حديث آخر أسند فيه لمعين ما أسند لذلك الراوي المبهم في ذلك الحديث وفيه نظر من حيث أنه يجوز وقوع تلك الواقعة لشخصين. "قوله": الراقي هو الراوي أبو سعيد الخدري كذا جزم به المصنف تبعا للخطيب فإنه قال ذلك في كتاب المبهمات له وتبعه النووي في مختصره وفي شرح مسلم أيضا. واستدلوا بما رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة من رواية جعفر بن إياس عن أبي نضرة عن أبي سعيد وفيه: "فقالوا: هل منكم من يرقي من العقرب؟ قلت: نعم أنا. ولكن لا أرقيه حتى تعطونا غنما. قالوا: فإنا نعطيكم ثلاثين شاة. فقبلنا. فقرأت عليه: الحمد سبع مرات فبرأ" الحديث. لفظ الترمذي وقال: حسن صحيح. وقد تكلموا في هذه الرواية مع أن الترمذي بعد هذا من رواية جعفر عن أبي المتوكل عن أبي سعيد وقال فيه: فجعل رجل منا يقرأ عليه بفاتحة الكتاب وقال: هذا أصح من حديث الأعمش عن جعفر بن إياس أي: الرواية المتقدمة. وكذا ضعفها ابن ماجة وقال: الصواب رواية أبي المتوكل. فهذا يدل على أن الراقي غير أبي سعيد ويؤيد ذلك: أن في بعض طرق حديث أبي سعيد في الصحيحين من رواية معبد بن سيرين عن أبي سعيد:

_ 1 من ل وليس في خط. 2 راجع: "الشرح".

فقام معها رجل منا ما كنا "نأبنه"1 برقية "فرقاه"2 فبرأ فأمر له بثلاثين شاة وسقانا لبنا فلما رجع قلنا له: أكنت تحسم رقية؟ أو كنت ترقي؟ قال: ما رقيت إلا بأم الكتاب". وفي رواية لمسلم: "فقام معها رجل ما كنا نظنه يحسن رقية" الحديث. "والجواب" عن المصنف من وجهين أحدهما ولم أره منقولا ولا تكلم عليه الشارح"3": أنه عبر عن نفسه بقوله فقام منا واحد لأنه صدق أن يقال: قام منهم واحد والحامل له على ذلك: أن هذه منقبة وكرامة فأراد أن لا يسمي نفسه ولا يتبجح بذلك لعلو مقامه رضي الله عنه ويؤيد هذا: قوله: "وسقانا لبنا فلما رجع". والثاني: أنه يحتمل أن ذلك وقع مرتين مرة لأبي سعيد ومرة لغيره وقد وقع نظير ذلك مع شخص آخر من الصحابة يقال: إن اسمه "علاقة"4 بن "صحار"5 وهو عم خارجة بن الصلت رواه أبو داود والنسائي إلا أن "ذلك الذي رقاه"6 عم خارجة كان معتوها. مع أنه ورد في حديث أبي سعيد الخدري المتقدم عند النسائي: "فعرض"7

_ 1 من ع وفي خط: "نابته" وفي ل: "تأتيه"، ومعنى "نأبنه" -بكسر الباء الموحدة وضمها- أي: نظنه. وراجع: "صحيح مسلم". "2201". 2 من خط، وليس في ع. 3 يعني: العراقي رحمه الله. 4 ضبط خط بكسر المهملة. 5 من ع، وفي خط "صحاب" بالموحدة في اخر، وهو مترجم في "التهذيب"، وحديثه في "تحفة الأشراف" "8/249" ونسبته "التميمي"، ويشتبه به "علاثه بن صحار البرجمي السليطي" صحبه، حديثه عند الحسن، ويقال في اسم أبيه: "صحار" و"شجار" بالصاد المهملة والشين المعجمة ترجمته عند البخاري في "التاريخ" "7/97" وابن حبان في "الثقات" "3/314،316"، وغيرهما. وله ترجمة في "الإصابة". وهو بالثاء المثلثة لا القاف، والله أعلم. 6 من خط، وفي ع: "ذاك الذي رواه". 7ضبط خط بضم الراء المهملة.

لإنسان منهم في عقله أو لدغ هكذا على الشك ولا مانع أن يقع ذلك لجماعة. "قوله": ابن مربع الأنصاري أي: بكسر الميم وسكون الراء وفتح الباء الموحدة وآخره عين مهملة. اسمه: زيد وقيل: عبد الله أي قاله الواقدي ومحمد بن سعد حديثه عند أصحاب السنن الأربعة من حديث "يزيد بن شيبان"1 قال: "أتانا ابن مربع الأنصاري ونحن بعرفة فقال: إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم يقول لكم: "قفوا على مشاعركم" الحديث. وذكره أحمد في المسند والطبراني في المعجم. قال الترمذي: وإنما يعرف له هذا الحديث"2". واقتصر المصنف على اسمين له وأهمل ثالثا مشهورا وهو يزيد بزيادة ياء مثناة من تحت في أوله وبه جزم المحب الطبري في كتاب القرى ورجحه ابن عساكر في الأطراف فذكر الحديث من مسند يزيد قال ويقال عبد الله بن مربع بن قيظي وساق نسبه وتبعه المزي في الأطراف في فصل من انتسب إلى أبيه أو جده منهم ابن مربع واسمه يزيد وكذا قال في التهذيب

_ 1 هكذا عند "النسائي" "3014" و"الترمذي" "883" و "أبي داود" "1919" و "ابن ماجه" "3011" وعنهم: "تحفة الأشراف" "11/121- 122"، ومثله في "مسند أحمد" "4/137"، وفي خط: "زيد بن سنان". والسياق لأبي داود، وللباقين: "كونوا على مشاعركم...." الحديث. 2 في "سنن الترمذي": "حديث ابن مربع الأنصاري حدبث حسن صحيح، لانعرفه إلا من حديث ابن عيينة عن عمرو بن دينار. وابن مربع اسمه يزيد بن مربع الأنصاري وإنما يعرف له هذا الحذيث الواحد".اهـ

وقال الدارقطني في المؤتلف والمختلف وابن عبد البر في الاستيعاب وابن ماكولا: في الإكمال أن بني مربع "أربعة"1: عبد الله وعبد الرحمن وزيد ومرارة. واختلف في المرسل فقيل: زيد وقيل: عبد الله. وكان أبوهم: مربع بن قيظي من المنافقين ذكره الدارقطني وابن ماكولا وذكر ابن حبان في "الصحابة"2: زيد بن مربع ويزيد بن مربع كل واحد في بابه. "واعترض" 3 على ترجيحه في ابن أم مكتوم أن اسمه: عبد الله بن زائدة مع أن جمهور المحدثين على أن اسمه: عمرو حكاه عنهم ابن عبد البر في الاستيعاب في باب عبد الله وفي باب عمرو وقال المزي في التهذيب: إنه الأكثر والأشهر وبه"3" قال الزهري وموسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق"3" والأبير بن بكار. وأحمد بن حنبل"3" قال في المسند من رواية أبي رزين عن عمرو بن أم مكتوم قال: "جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! كنت ضريرا شاسع الدار ولي قائد" الحديث. وكذا رواه الطبراني في المعجم الكبير من رواية زر بن حبيش عن عمرو بن أم مكتوم. "والحديث عند أبي داود وابن ماجة"4 من الطريق الأول. واختلف أيضا في اسم أبيه فذهب الجمهور إلى أنه: عمرو بن قيس قاله "الزهري"5 وموسى بن عقبة والزبير بن بكار ورجحه ابن عساكر في الأطراف والمزي أيضا في الأطراف فقال: واسمه عمرو بن قيس بن زائدة ويقال:

_ 1 في ع: "أربعة إخرة". 2 من ع، وفي خط: "صحيحه". 3 راجع: "التقييد". 4 من ع، وليس في خط. 5 من ع، وفي خط: "الأزهري"، ولعل ذلك من الأبناسي لا شتغاله باللغة، والأزهري مشهور هناك، فالله أعلم.

عمرو بن زائدة ويقال: "عبد الله بن زائدة"1. وما ذكره المصنف من أنه عبد الله بن زائدة هو قول قتادة. قال ابن أبي حاتم: يشبه أن يكون قتادة نسبه إلى جده وكذا قال ابن عبد البر أظنه نسبه إلى جده وقال"1" ابن حبان أيضا. وقال البخاري في التاريخ: هو عبد الله بن زائدة قال: ويقال: "عمرو بن قيس بن شريح بن مالك""1". وقال محمد بن سعد: أما أهل المدينة فيقولون: اسمه عبد الله وأهل العراق "يقولون عمرا"2 وأجمعوا على نسبه فقالوا: هو ابن قيس بن زائدة بن الأصم. قال "ابن أبي حاتم"3: كيف "أجمعوا"4 وقد حكينا عن ثلاثة نفر: محمد بن إسحاق وعلي بن المديني والحسين بن واقد أنه عبد الله بن شريح. وقال ابن حبان: هو عبد الله بن عمرو بن شريح بن قيس بن زائدة قال: وكان اسمه الحصين فسماه النبي صلى الله عليه وسلم: عبد الله"1". كما وقع مصرحا به في حديث جابر في الطبراني قال: "طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجته بالبيت على ناقته الجدعاء وعبد الله بن أم مكتوم آخذ بخطامها يرتجز". وهذا حديث ضعيف في إسناده "عمر"5 بن قيس وهو الملقب: سندل أو سندول وهو أحد المتروكين"1".. "قوله": ومنها العم مثل رافع بن خديج وحديثه في الصحيح.

_ 1 راجع: "التقييد". 2 طمس في خط أذهب بعض الحروف، ولم يبق منها سوى: "..............مرا"، وفي ع: "يقولون اسمه عمرو". 3 هكذا في خط وع، وراجع "التدريب" أيضا. 4 من ع، وطمست في خط عدا الحروف الأول وجزء من الواو. 5 ضبط خط.

ومن ذلك: ما رواه النسائي من رواية علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عم له بدري في حديث: المسىء صلاته وقوله: ارجع فصل فإنك لم تصل "غير"1 حديث أبي هريرة. العم المبهم في الحديث هو رفاعة بن رافع "الزرقي"2 كما في سنن أبي داود وغيرها. وحديث زياد بن علاقة: في الترمذي عن عمه مرفوعا: "اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق" الحديث. عم "زياد بن"3 علاقة هو: قطبة بن مالك كما في صحيح مسلم في حديث آخر. ومثال عمه فلان: عمه جابر حديثه في الصحيحين وقعت مسماة بفاطمة في "مسند أبي داود الطيالسي4". ومثاله أيضا: ما رواه النسائي عن رواية "حصين"5 بن محصن عن عمة له: "أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم لحاجة فلما فرغت قال: "أذات زوج أنت؟ قالت: نعم" الحديث. واسم عمته هذه: أسماء قاله أبو علي بن السكن وابن ماكولا وابن بشكوال في المبهمات. "قوله": ومنها الزوج والزوجة؟ أي: كحديث عقبة بن الحارث قال: "تزوجت امرأة فجاءتنا امرأة سوداء فقالت: إني قد أرضعتكما" الحديث. ووقع في البخاري تكنيتها بأم يحيى بنت أبي إهاب ولم تسم فيه. قال ابن

_ 1 هكذا في خط، وفي ل: "نحو". 2 من خط، وفي ع: "الدرقي". 3 ليس في خط ولا بد منه، وراجع: "الشرح" وحاشية "المقدمة". 4 راجع: "الشرح" وحاشية "المقدمة". 5 ضبط خط.

بشكوال: واسمها "عبية"1 بنت أبي إهاب بن عزيز بن قيس. ووقع في بعض طرق الحديث من رواية إسماعيل بن أمية عن ابن أبي مليكة عن عقبة بن الحارث قال: "تزوجت زينب بنت أبي إهاب". ومن ذلك: ابن أم فلان نحو حديث أم هانىء: "أنها قالت: زعم ابن أمي أنه قاتل رجلا أجرته" الحديث. ابن أمها هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما هو مسمى في رواية مالك في الموطأ.

_ 1 من خط، وفي ل: "غنية".

النوع الموفي ستين

النوع الموفي ستين معرفة تواريخ الرواة وفيها معرفة وفيات الصحابة والمحدثين والعلماء ومواليدهم ومقادير أعمارهم ونحو ذلك. روينا عن سفيان الثوري أنه قال: لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ "أو كما قال"1 وروينا عن حفص بن غياث أنه قال: إذا اتهمتم الشيخ فحاسبوه بالسنين يعني: احسبوا سنة وسن من كتب عنه. وهذا كنحو ما رويناه عن إسماعيل بن عياش قال: كنت بالعراق فأتاني أهل الحديث فقالوا: ههنا رجل يحدث عن خالد بن معدان فأتيته فقلت: أي سنة كتبت عن خالد بن معدان؟ فقال سنة ثلاث عشرة يعني ومائة فقلت: أنت تزعم أنك سمعت من خالد بن معدان بعد موته بسبع سنين! قال إسماعيل: مات خالد سنة ست ومائة. قلت: وقد روينا عن عفير بن معدان قصة نحو هذه جرت له مع بعض من حدث عن خالد بن معدان ذكر عفير "فيها"2 أن خالدا مات سنة أربع ومائة. وروينا عن الحاكم أبي عبد الله قال: لما قدم علينا أبو جعفر محمد بن حاتم

_ 1 من خط وع، وليس في ش. 2 من خط وع، وفي ش: "منها".

"الكشي"1 وحدث عن عبد بن حميد سألته عن مولده فذكر أنه ولد سنة ستين ومائتين. فقلت لأصحابنا: "سمع هذا الشيخ من عبد بن حميد بعد موته بثلاث عشرة سنة". وبلغنا عن أبي عبد الله الحميدي الأندلسي أنه قال ما تحريره: "ثلاثة أشياء من علوم الحديث يجب تقديم التهمم بها"2: العلل وأحسن كتاب وضع فيه: كتاب "الدارقطني"3. والمؤتلف والمختلف وأحسن كتاب وضع فيه كتاب ابن ماكولا ووفيات الشيوخ وليس فيه كتاب. قلت فيها غير كتاب ولكن من غير استقصاء وتعميم. وتواريخ المحدثين مشتملة على ذكر الوفيات ولذلك ونحوه سميت: تواريخ. وأما ما فيها من الجرح والتعديل ونحوهما فلا يناسب هذا الاسم. ولنذكر من ذلك عيونا: أحدها: الصحيح في سن سيدنا سيد البشر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر ثلاث وستون سنة. وقبض صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ضحى لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة.

_ 1 في حاشية خط: "الكشي: نسبته إلى كش، بلدة قريبة من سمرقند، والمشهور فيها: كش بفتح الكاف والشين المنقوطة، وذكر قوم من الحفاظ أنها بكسر الكاف وبا "لسين" المهملة، قرأت ذلك بخط أبي سعد "لسمعاني". وما بين المعكوفتين لم يظهر في تصوير خط واستدرك من حلشية "المقدمة"، وهذه حاشية ابن الصلاح رحمه الله، راجع: حاشية "المقدمة". ووقع في خط: "المكشي". 2 في حاشية "المقدمة": "التهم: الطلب، يقال: ذهبت أتهممه، أي: أطلبه" من هامش غ." 3 من ش وع، وفي خط: "للدارقطني".

وتوفي أبو بكر في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة. وعمر في ذي الحجة سنة: ثلاث وعشرين. وعثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وهو ابن "اثنين"1 وثمانين سنة وقيل: ابن تسعين وقيل غير ذلك. وعلي في شهر رمضان سنة أربعين وهو ابن ثلاث وستين وقيل: ابن أربع وستين وقيل: ابن خمس وستين. وطلحة والزبير جميعا في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين. وروينا عن الحاكم أبي عبد الله أن سنهما "كان واحدا"2: كانا "ابني"3 أربع وستين و"قيل"4 غير ما ذكره الحاكم. وسعد بن أبي وقاص سنة خمس وخمسين على الأصح وهو ابن "ثلاث وسبعين"5. "وسعيد بن زيد سنة إحدى وخمسين وهو ابن ثلاث أو أربع وسبعين"6. وعبد الرحمن بن عوف سنة "اثنين"7 وثلاثين وهو ابن خمس وسبعين سنة.

_ 1 من خط، وفي ش وع: "اثنتين". 2 من خط وع، وش: "كانت واحدة". 3 من ش وع، وفي خط: "ابن". 4 من خط، وش: "وقد قيل"، وفي ع: "وقد وقيل". 5 من ع، وفي ش: "ثلاث وسبعين سنة"، وفي خط: "ثلاث أو أربع وسبعين" كذا، وهذا سن سعيد بن زيد الآتي بعده، والظاهر أن الناسخ تحول بصره إلى "ثلاث أو أربع وسبعين" الواردة في "سعيد بن زيد" بدلا من "ثلاث وسبعين" الواردة في "سعد بن أبي وقاص"، ومن ثم أسقط ذكر "سعيد بن زيد" كما أسقط سن "يعد بن أبي وقاص"، فأتى سن "سعيد" وكأنه سن "سعد بن أبي وقاص". والله أعلم. 6 من ش وع، وليس في خط. 7 هكذا في خط، وفي ش وع: "أثنتين".

وأبو عبيدة بن الجراح سنة "ثماني"1 عشرة وهو ابن ثمان وخمسين سنة وفي بعض ما ذكرته خلاف لم أذكره. الثاني: شخصان من الصحابة عاشا في الجاهلية ستين "سنة"2 وفي الإسلام ستين سنة وماتا بالمدينة سنة أربع وخمسين: أحدهما: حكيم بن حزام وكان مولده في جوف الكعبة قبل عام الفيل بثلاث عشرة سنة. والثاني: حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام الأنصاري. وروى ابن إسحاق أنه "وأباه"3: ثابتا والمنذر وحراما: عاش كل واحد منهم عشرين ومائة سنة. وذكر أبو نعيم الحافظ أنه لا يعرف في العرب مثل ذلك لغيرهم وقد قيل: إن حسان مات سنة خمسين. الثالث: أصحاب المذاهب الخمسة المتبوعة: "فسفيان"4 بن سعيد الثوري أبو عبد الله: مات بلا خلاف بالبصرة سنة إحدى وستين ومائة وكان مولده سنة سبع وتسعين. ومالك بن أنس: توفي بالمدينة سنة تسع وسبعين ومائة قبل الثمانين بسنة واختلف في ميلاده فقيل: في سنة ثلاث وتسعين وقيل: سنة إحدى وقيل: سنة أربع وقيل: سنة سبع. وأبو حنيفة: مات سنة خمسين ومائة ببغداد وهو ابن "ستين"5 سنة. والشافعي: مات في آخر رجب سنة أربع ومائتين بمصر وولد سنة خمسين ومائة.

_ 1 من ش وع، وفي خط: "ثمان". 2 من ش وع ول، وليس في خط. 3 من خط وع، وفي ش: "واباءه". 4 من خط وع، وفي ش:"سفيان". 5 هكذا في خط، وفي ش وع: "سبعين"، فليحرر.

وأحمد بن محمد بن حنبل: مات ببغداد في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين ومائتين وولد سنة أربع وستين ومائة. الرابع: أصحاب كتب الحديث الخمسة المعتمدة رضي الله عنهم: فالبخاري أبو عبد الله: ولد يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة لثلاث عشرة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة. ومات "بخرتنك"1 قريبا من سمرقند ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين ومائتين فكان عمره "اثنين"2 وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوما. ومسلم بن الحجاج النيسابوري: مات بها لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين وهو ابن خمس وخمسين سنة. وأبو داود السجستاني سليمان بن الأشعث: مات بالبصرة في شوال سنة خمس وسبعين ومائتين. وأبو عيسى محمد بن عيسى السلمي"1" الترمذي مات بها لثلاث عشرة مضت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين. وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب "النسوي"3 مات سنة ثلاث وثلثمائة. الخامس: سبعة من الحفاظ في "ساقتهم"4 أحسنوا التصنيف وعظم الانتفاع بتصانيفهم في أعصارنا. أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني البغدادي: مات بها في ذي القعدة سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. ولد في ذي القعدة سنة ست وثلاثمائة. ثم الحاكم أبو عبد الله بن البيع النيسابوري: مات بها في صفر سنة خمس

_ 1 ضبط خط. 2 هكذا في خط، وفي ش وع "الثنتين".. 3 من خط وع، وفي ش: "النسائي". 4 من ش وع ول، وفي خط: "ساقهم" بإسقاط المثناة ثالث الحروف.

وأربعمائة. وولد بها في شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة. ثم أبو محمد عبد الغني بن سعيد الأزدي حافظ مصر: ولد في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة. ومات بمصر في "صفر"1 سنة تسع وأربعمائة. ثم أبو نعيم أحمذ بن عبد الله الأصبهاني الحافظ: ولد سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة ومات في صفر سنة ثلاثين وأربعمائة بأصبهان. ومن الطبقة الأخرى: أبو عمر ابن عبد البر النمري حافظ أهل المغرب. ولد في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة. ومات بشاطبة من بلاد الأندلس في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وأربعمائة. ثم أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي: ولد سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. ومات بنيسابور في جمادى الأولى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة ونقل إلى بيهق فدفن بها. ثم أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي ولد في جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة. ومات ببغداد في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وأربعمائة. رحمهم الله وإيانا والمسلمين أجمعين. انتهى. "قوله": بالسنين أي: بفتح النون المشددة تثنية سن وهو العمر. واختلف في السنة التي مات فيها خالد بن معدان فقيل: سنة ست ومائة وقيل: أربع وهو قول دحيم ومعاوية بن صالح وسليمان الجنائزي ويزيد بن عبد ربه ورجحه ابن حبان وجزم به الذهبي وقيل: سنة خمس وقيل: سنة ثلاث قاله ابن سعد وحكى فيه الإجماع وهو قول الهيثم بن عدي والمدائني ويحيى بن معين والفلاس ويعقوب بن شيبة في آخرين وقال أبو

_ 1 من خط وع، وليس في ش.

عبيدة وخليفة بن "خياط"1: إنه بقي إلى سنة ثمان ومائة ورجحه ابن قانع. "قوله": قلت: فيها غير كتاب أي: كالوفيات لابن "زبر"2 والوفيات لابن قانع وقد اتصلت الذيول على ابن زبر إلى زماننا هذا فذيل عليه الحافظ أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكناني وذيل على الكناني أبو محمد هبة الله بن أحمد الألفاني ذيلا صغيرا نحو عشرين سنة وذيل على الألفاني: الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل وذيل على ابن المفضل: الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري بذيل كبير مفيد وذيل على المنذري: الشريف: عز الدين أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسيني وذيل على الشريف المحدث شهاب الدين أحمد بن "أيبك"3 الدمياطي إلى الطاعون سنة تسع وأربعين وسبعمائة وذيل على ابن أيبك"3" الحافظ زين الدين العراقي. والذيول المتأخرة أبسط من الأصل"4". "واعترض" على المصنف بأمور "منها": قوله: وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ضحى لاثنتي عشرة من ربيع الأول وفيه: اسشكال السهيلي المشهور وهو: أنه لا يصح أن يكون الثاني عشر من ربيع الأول سنة إحدى عشرة: يوم الاثنين بوجه من الوجوه وذلك لاتفاقهم على أن حجة الوداع كان يوم عرفة فيها يوم الجمعة لحديث عمر المتفق عليه وإذا كان كذلك فإن كانت الأشهر الثلاثة وهي: ذو الحجة والمحرم وصفر كوامل فيكون ثاني عشر ربيع الأول: يوم الأحد وإن كانت أو بعضها: ناقصة فيكون الثاني عشر من ربيع: إما الخميس أو الجمعة أو السبت ذكره في الروض وقال: لم أر أحدا تفطن له وهو استشكال لا محيص عنه.

_ 1 من ل، وفي خط: "حناط" بالمهملة بعدها نون. 2 ضبط خط. 3 من ل و "التدريب"، وفي خط: "انبك". 4 راجع: "الشرح".

"وأجاب"1 القاضي بدر الدين بن جماعة بأن وفاته صلى الله عليه وسلم "كانت"2 بعد استكمال اثنتي عشرة ليلة خلت بأيامها والدخول في اليوم الثالث عشر و"تفرض"3 الشهور الثلاثة كوامل وفيه نظر من حيث إن كلام أهل السير يدل على وقوع الأشهر الثلاثة نواقص أو على نقص اثنين منها ويدل على نقصها: ما رواه البيهقي في دلائل النبوة بإسناد صحيح إلى سليمان التيمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض لاثنتين وعشرين ليلة من صفر وكان أول يوم مرض فيه: يوم السبت وكانت وفاته: اليوم العاشر يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول أي: العاشر من مرضه ويدل عليه أيضا: ما روى الواقدي عن أبي معشر عن محمد بن قيس قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأربعاء؟ لإحدى عشرة بقيت من صفر إلى أن قال: اشتكى ثلاثة عشر يوما وتوفي يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول. ويجمع بين "قول"4 سليمان التيمي ومحمد بن قيس في مدة المرض "بأن"5 المراد بالأول: اشتداده وبالثاني: "ابتداؤه وكذلك"6 ما رواه الخطيب في كتاب: أسماء الرواة عن مالك من رواية سعيد بن "سلمة"7 بن قتيبة"8" عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال: "لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض ثمانية "أيام"9 فتوفي لليلتين خلتا من ربيع الأول" الحديث فجعل مدة مرضه ثمانية أيام فلو ثبت حملناه على قوة المرض إلا أنه لا يصح لأن في "سنده"10:

_ 1 راجع: "التقييد". 2 في خط: "كان" والصواب ما أثبت. 3 من ع و "التدريب"، ولم تنقط المثناة في خط. 4 من خط، وفي ع: "قولي". 5 من "التدريب"، وفي خط وع: "أن". 6 هكذا في خط وع، وراجع: "الشرح" و "التدريب". 7 من ع ول وفي التدريب "مسلمة". 8 مابين المعكوفتين ساقط من خط، وهو في ع ول و "التدريب". 9 من خط وع، وليس في ل و "التدريب". 10حرفها الناسخ في خط إلى: "مسنده"، والظاهر أنها كانت في "الأصل": "سنده" فحرفها إلى "مسنده"، وفي ع: "إسناده".

أبو بشر أحمد بن محمد بن مصعب بن بشر المصعبي المروزي وقد اتهمه ابن حبان والدارقطني بوضع الحديث والعمدة على قول سليمان التيمي أنه كانت وفاته في ثاني الشهر وحكاه الطبري عن ابن الكلبي "وأبي مخنف"1 وهو راجح من حيث التاريخ وكذلك القائلون بأنه يوم الاثنين مستهل ربيع الأول وهو قول موسى بن عقبة والليث بن سعد وبه جزم ابن زبر في الوفيات وحكاه السهيلي عن الخوارزمي. قال السهيلي: هذا أقرب في القياس مما ذكره الطبري عن ابن الكلبي وأبي مخنف. لكن"2" سليمان التيمي ثقة والإسناد إليه صحيح فقوله أولى ولا يمتنع نقص ثلاثة أشهر متواليه. وأشكل من ذلك أيضا: قول ابن حبان وابن عبد البر أنه بدأ به مرضه الذي مات منه يوم: الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر "وهذا"3 مما لا يمكن. وسببه: أنهما قالا: توفي يوم الاثنين ثاني "عشر"4 وجعلا مدة مرضه ثلاثة عشر يوما فأنتج لهما هذا التاريخ الفاسد وهما في ذلك موافقان للجمهور فهو قول ابن إسحاق ومحمد بن سعد وسعيد بن عفير وصححه ابن الجوزي وتبعهم المصنف والنووي في: شرح مسلم والمزي في: التهذيب والذهبي في: العبر وفيه ما تقدم. "ومنها" أنه يشكل على قوله: مات ضحى ما رواه مسلم عن أنس قال: "آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم" الحديث وفيه: "فألقى السجف وتوفي من آخر ذلك اليوم" فهذا الحديث يدل على أنه تأخر بعد الضحى وقد يجمع بينهما بأن المراد: أول النصف الثاني من النهار فهو آخر وقت الضحى وهو من آخر النهار باعتباره أنه النصف الثاني. ويدل عليه: ما رواه ابن عبد البر بإسناده إلى عائشة قال: "مات رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ 1 ضبط خط. 2 راجع: "التقييد". 3 هكذا في خط، وفي ع: "فهذا". 4 هكذا في خط، وفي ع: "عشرة".

وإنا لله وإنا إليه راجعون ارتفاع الضحى وانتصاف النهار يوم الاثنين". وذكر موسى بن عقبة في مغازيه عن ابن شهاب: توفي يوم الاثنين حين زاغت الشمس. وهو جمع حسن ولا خلاف أن وفاته كانت يوم الاثنين ولا خلاف أن ذلك كان في شهر ربيع الأول. واختلف في مقدار سنه صلى الله عليه وسلم وصاحبيه وابن عمه فالصحيح في سنه صلى الله عليه وسلم ما جزم به المصنف وهو قول عائشة ومعاوية وجرير بن عبد الله البجلي وابن عباس وأنس في المشهور عنهما وصح عن أنس أنه توفي على رأس الستين "والعرب"1 قد تترك الكسور وتقتصر على رؤوس الأعداد وقال به من التابعين ومن بعدهم: ابن المسيب والقاسم والشعبي وأبو إسحاق السبيعي وأبو جعفر محمد بن علي بن الحسين ومحمد بن إسحاق وصححه ابن عبد البر والجمهور. وقيل: ستون سنة وهو قول فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم وأنس كما تقدم وعروة بن الزبير ومالك. وقيل: خمس وستون روي ذلك عن ابن عباس وعن أنس أيضا "ودغفل"2 بن حنظلة. وقيل: "اثنتان"3 وستون رواه ابن أبي خيثمة عن قتادة. وأما أبو بكر رضي الله عنه: فالأصح فيه أيضا ثلاث وستون وبه قال معاوية وأنس وبه قال الأكثرون وجزم به: ابن قانع والمزي والذهبي"4". وقيل: عاش خمسا وستين؟ حكاه ابن الجوزي. وقال ابن حبان في كتاب: الخلفاء: عاش اثنين وستين سنة وثلاثة أشهر

_ 1 من خط، وفي ل: "فالعرب". 2 ضبط خط. 3 من خط، وفي ل: "اثنان". 4 راجع: "التقييد".

واثنين وعشرين يوما. وأما عمر رضي الله عنه: فالأصح فيه أيضا كذلك وهو قول الجمهور ومعاوية وأنس وبه جزم: ابن إسحاق. ويدل عليه: أنه ولد "بعد"1 الفيل بثلاث عشرة سنة. وقيل: ست وستون وهو قول ابن عباس. وقيل: خمس وستون وهو قول ابنه عبد الله بن عمر والزهري"2". وقيل: "إحدى"3 وستون وهو قول قتادة. وقيل: ستون وبه جزم ابن قانع في الوفيات. وقيل: تسع وخمسون. وقيل: سبع وخمسون. وقيل: ست وخمسون. وهذه الأقوال الثلاثة: رويت عن نافع مولى ابن عمر. وقيل: خمس وخمسون رواه البخاري في التاريخ عن ابن عمر وبه جزم ابن حبان في كتاب الخلفاء. وأما علي رضي الله عنه: فقال أبو نعيم الفضل بن دكين وغير واحد: إنه قتل وهو ابن ثلاث وستين وكذا قال عبد الله بن عمر وصححه ابن عبد البر وهو أحد الأقوال المروية عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين"2". وقيل: سنة أربع وستين. وقيل: "خمس"4 رويا عن أبي جعفر أيضا"5".

_ 1 من ل، وفي خط: "قبل". 2 راجع: "الشرح". 3 من ل، وفي خط: "احد". 4 هكذا في خط، وفي ل: "خمس وستون". 5 راجع: "التقييد".

وقيل: اثنان وستون وبه جزم ابن حبان في كتاب: الخلفاء. وقيل: ثمان وخمسون وهو المذكور في تاريخ البخاري عن محمد بن علي. وقيل: سبع وخمسون وبه صدر ابن قانع كلامه وقدمه ابن الجوزي والمزي"1". "ومنها": قوله وتوفي أبو بكر رضي الله عنه سنة ثلاث عشرة واختلف في أي شهر منها فقال المؤلف في جمادى الأولى وبه قال الواقدي وعمرو بن علي الفلاس وكذا جزم به المزي في "التهذيب"2. فقيل: يوم الاثنين وقيل: ليلة الثلاثاء لثمان وقيل: لثلاث بقين منه. والذي رجحه الأكثرون وبه جزم ابن إسحاق وابن "زبر"3 وابن قانع وابن حبان وابن عبد البر وابن الجوزي والذهبي في العبر: أنه في جمادى الآخرة. ليلة الاثنين لسبع عشرة مضت منه قاله ابن حبان"1". وقال ابن إسحاق: يوم الجمعة لسبع ليال بقين منه. وقال الباقون: لثمان بقين منه وحكاه ابن عبد البر عن أكثر أهل السير. إما عشية يوم الاثنين أو ليلة الثلاثاء أو عشية ليلة الثلاثاء أقوال حكاها ابن عبد البر. زاد ابن الجوزي: بين المغرب والعشاء من ليلة الثلاثاء. وتوفي عمر رضي الله عنه في آخر يوم من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وقول المزي والذهبي: قيل: لأربع أو ثلاث بقين من ذي الحجة "أرادا"4

_ 1 راجع "الشرح". 2 راجع: "التقييد". 3 ضبط خط. 4 هكذا أثبته، وفي خط: "أراد"، وفي ل: "فأرادا".

بذلك: لما طعنه أبو لؤلؤة فإنه طعنه يوم الأربعاء عند صلاة الصبح لأربع وقيل: لثلاث بقين منه وعاش ثلاثة أيام بعد ذلك. واتفقوا على أنه دفن مستهل المحرم سنة أربع وعشرين وقال الفلاس: إنه مات يوم السبت غرة المحرم سنة أربع وعشرين. وتوفي "عثمان رضي الله عنه" شهيدا مقتولا سنة خمس وثلاثين في ذي الحجة يوم الجمعة "ثامن عشر"1 على المشهور وادعى ابن ناصر الإجماع على ذلك وليس بجيد فقد قيل: إنه قتل يوم التروية لثمان خلت منه قاله الواقدي وادعى الإجماع عليه عندهم. وقيل: لليلتين بقيتا منه وقال أبو عثمان النهدي قتل في وسط أيام التشريق. وقيل: لثنتي عشرة خلت منه قاله الليث بن سعد. وقيل: ثلاث عشرة خلت منه وبه صدر ابن الجوزي كلامه. وقيل: في أول سنة ست وثلاثين. والأول أشهر. وأما ما وقع في تاريخ البخاري من أنه "سنة"2 أربع وثلاثين فقال ابن ناصر: هو خطأ من راوية. واختلف في الذي قتله فقيل: جبلة بن الأيهم وقيل: سودان بن حمران وقيل: رومان اليماني وقيل: رومان رجل من بني أسد بن خزيمة وقيل غير ذلك. واختلف في مبلغ سنة فقيل: ثمانون قاله ابن إسحاق وقيل: ست وثمانون قاله قتادة ومعاذ بن هشام عن أبيه وقال اثنان وثمانون قاله أبو

_ 1 من خط، وفي ل: "الثامن عشر منه". 2 من خط، وفي ل: "مات سنة".

اليقظان وادعى الواقدي: اتفاق أهل السير عليه وقيل ثمان وثمانون وقيل: تسعون. وتوفي علي بن أبي طالب رضي الله عنه مقتولا شهيدا في رمضان سنة أربعين. واختلف في أي أيام الشهر أو لياليه قتل فقال أبو الطفيل والشعبي وزيد بن وهب: ضرب "لثماني عشرة"1 ليلة خلت من رمضان وقبض في أول ليلة من العشر الآواخر وقال ابن إسحاق: يوم الجمعة لسبع عشرة خلت منه وقال ابن حبان ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت منه فمات غداة يوم الجمعة وبه جزم الذهبي في العبر وقيل: ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت منه وبه صدر ابن عبد البر كلامه وقيل: "لإحدى عشرة بقيت منه قاله الفلاس"2 وقال ابن الجوزي: ضرب يوم الجمعة لثلاث عشرة بقيت منه وقيل: إحدى وعشرين فبقى الجمعة والسبت ومات ليلة الأحد قاله ابن أبي شيبة. وقيل: مات يوم الأحد. وأما قول ابن زبر: قتل ليلة الجمعة "لتسع"3 عشرة مضت منه سنة تسع وثلاثين فوهم لم يتابع عليه. وكان الذي قتله: عبد الرحمن بن ملجم المرادي أشقى الآخرين كما في حديث صهيب. وذكر النسائي من حديث عمار بن ياسر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي: "أشقى الناس الذي عقر الناقة والذي يضربك على هذا ووضع يده على رأسه حتى يخضب"4" هذه" يعني: لحيته. "ومنها": قوله: وطلحة الزبير جميعا في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين

_ 1 من ل، وفي خط: "لثمان عشر". 2 من خط، وفي ل: "لأحدى عشر خلت منه. حكاه ابن عبد البر أيضا، وقيل لإحدى عشرة بقيت منه، قال الفلاس". 3 من ع، وفي ل: "لسبع". 4 من ل، وفي خط: "غضب".

وذلك مخالف لما عليه الجمهور فإنهما قتلا في وقعة الجمل وكانت في جمادى الآخرة لعشر خلون منه هكذا جزم به الواقدي وكاتبه: محمد بن سعد وخليفة بن خياط وابن زبر وابن عبد البر وابن الجوزي وبه جزم المزي في التهذيب في ترجمة طلحة وخالف ذلك في ترجمة الزبير فقال: كان "قتله في جمادى"1 الأولى سنة ست وثلاثين وسبب وقوعه في ذلك: تقليده لابن عبد البر فإنه اختلف كلامه في الترجمتين فقال في كل منهما: إنه قتل يوم الجمل فقال في طلحة: في جمادى الآخرة وقال في الزبير: في جمادى الأولى "وهو ممن"2 لا يمشي إلا على قول من جعل وقعة الجمل في جمادى الأولى وهو قول الليث بن سعد وأبي حاتم بن حبان وعبد الغني في "الكمال"3. وقيل: إنهما ماتا في يوم واحد قال خليفة: يوم الجمعة وقال"4" ابن سعد وابن زبر وابن الجوزي والجمهور: يوم الخميس وقال أبو نعيم: قتل طلحة في رجب وقال سليمان بن حرب: في ربيع أو نحوه وهما قولان مرجوحان. والصحيح: أن الذي رمى طلحة هو مروان بن الحكم وأما الزبير فقتله: "عمر"5 بن جرموز يوم الجمل قاله الواقدي وابن عبد البر وابن الجوزي والمزي وقال البخاري في التاريخ: قتل في رجب وكذا قال ابن حبان في أول كلامه ثم قال: إنه قتل من آخر يوم صبيحة الجمل وهذا يقتضي أنه في الحادي عشر من جمادى الآخرة. وأما مبلغ سنهما: فقال ابن حبان والحاكم إنهما كانا ابني أربع وستين سنة

_ 1 من خط، وفي ع: "قتله يوم الجمل في جمادى". 2 هكذا في خط، وفي ع: "وهوهم". 3 من ع، وفي خط: "لإكمال". 4 راجع: "الشرح". 5 ضبط خط، وفي ل: "عمرو" بالواو.

وهو قول الواقدي"1" في طلحة وقيل فيهما غير ذلك فقيل: كان لطحة ثلاث وستون. قاله أبو نعيم وقيل: "ثمان"2 وستون قاله عيسى بن طلحة وهو قول الواقدي"1" وقيل: ستون قاله المدائني وبه صدر ابن عبد البر كلامه"3" وقيل خمس وسبعون حكاه ابن عبد البر قال ما أظن ذلك وقيل كانت للزبير سبع وستون وبه صدر ابن عبد البر كلامه"3" "وقيل ست وستون وقيل: بضع"4 وخمسون وقيل "و"5 خمس وخمسون. "ومنها": قوله وهو ابن ثلاث وسبعين سنة في سعد بن أبي وقاص وهذا هو الذي صدر به عبد الغني كلامه في الكمال لكن المشهور والذي عليه الجمهور أنه كان ابن أربع وسبعين سنة وهو الذي جزم به عمرو بن علي الفلاس وابن زبر وابن قانع وابن حبان.. وتوفي سنة خمس وخمسين كما قاله المصنف والواقدي والهيثم بن عدي وابن نمير وأبو موسى الزمن "والمدائني"6 وحكاه ابن زبر عن الفلاس ورجحه ابن حبان وقال المزي إنه المشهور. وقيل: سنة خمسين وقيل: إحدى وخمسين وقيل: أربع وخمسين حكاه ابن عبد البر عن الفلاس والزبير بن بكار والحسن بن عثمان وقيل: ست وخمسين وقيل سبع وخمسين وقيل: ثمان وخمسين قاله أبو نعيم. وكانت وفاته في قصره بالعقيق وحمل على أعناق الرجال فدفن بالبقيع. واختلف في مبلغ سنه فقيل: ثلاث وسبعون وقيل: أربع كما تقدم وقيل:

_ 1 كذا في خط ول. 2 هكذا في خط، وفي ل: "اثنتان". 3 كذا في خط ول بالنسبة لابن عبد البر، وسبق مثله للواقدي. 4 من خط، وفي ل: " ... وستون، وقيل ستون، وقيل: بضع". 5 من خط، وليس في ل. 6 من خط، وليس في ل.

"اثنان"1 وثمانون وقيل ثلاث وثمانون قاله أحمد بن حنبل. وهو آخر العشرة موتا رضي الله عنهم. وأما سعيد بن زيد: فتوفي سنة إحدى وخمسين كما جزم به المصنف وبه قال الواقدي والهيثم بن عدي والمدائني ويحيى بن بكير وابن نمير وخليفة بن خياط. وقال ابن عبد البر: سنة خمسين أو إحدى وخمسين وكذا حكاه الواقدي عن بعض ولد سعيد بن زيد وقال "عبيد الله"2 بن سعد الزهري سنة اثنين"3" وخمسين وقال البخاري في التاريخ الكبير سنة: ثمان وخمسين ولا يصح فإن سعد بن أبي وقاص شهده "ونزل"4 في حفرته وتوفي سنة ثمان على الصحيح وكانت وفاته أيضا بالعقيق وحمل إلى المدينة وقيل: مات بالكوفة ودفن بها ولا يصح. واختلف في مبلغ سنه فقال المدائني: ثلاث وسبعون وقال الفلاس أربع وسبعون. وأما عبد الرحمن بن عوف: فتوفي سنة اثنتين وثلاثين كما جزم المصنف وبه قال عروة بن الزبير والهيثم بن عدي والفلاس وأبو موسى الزمن والمدائني والواقدي وخليفة بن خياط وابن بكير في رواية بن البرقي وابن قانع وابن الجوزي وقيل توفي سنة إحدى وثلاثين وبه صدر ابن عبد البر كلامه وقال يحيى بن بكير في رواية الذهلي وأبو نعيم الأصبهاني سنة إحدى أو اثنتين وقيل توفي سنة ثلاث وثلاثين. واختلف في مبلغ سنه فقيل: خمس وسبعون قاله يعقوب بن إبراهيم بن سعد والواقدي وابن زبر وابن قانع وابن حبان وأبو نعيم وبه صدر ابن.

_ 1 هكذا في خط، وفي ل: "اثنتان". 2 هكذا في خط، وفي ل: "عبد الله" مكبرا. 3هكذا في خط، وفي ل: "اثنين". 4 هكذا في خط، وفي ل: "وبرز".

عبد البر كلامه وقيل: "اثنان"1 وسبعون روي ذلك عن ابنه أبي سلمة بن عبد الرحمن وقيل ثمان وسبعون قاله إبراهيم بن سعد والأول أشهر. وأما أبو عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة واسمه: عامر بن عبد الله بن الجراح فإنه توفي سنة ثمان عشرة في طاعون عمواس وهو ابن ثمان وخمسين سنة قاله الواقدي ومحمد بن سعد والفلاس وابن قانع وابن حبان وابن عبد البر وغيرهم وهو متفق عليه. "ومنها": حصره من عاش مائة وعشرين سنة في حكيم وحسان مع أنهم أكثر من ذلك بأربعة"2" " فالأول": حكيم بن حزام بن خويلد وهو ابن أخي خديجة بنت خويلد أسلم في الفتح وعاش ستين سنة في الجاهلية "وستين"3 في الإسلام قاله البخاري حكاية عن إبراهيم بن المنذر "الحزامي"4 وقاله أيضا مصعب بن عبد الله الزبيري وابن حبان وابن عبد البر. واختلف في وفاته فقيل سنة أربع وخمسين قاله الواقدي والهيثم بن عدي وابن نمير والمدائني ومصعب الزبيري وإبراهيم بن المنذر "الحزامي"5 وخليفة بن خياط وأبو عبيد القاسم بن سلام ويحيى بن بكير وابن قانع وقال ابن حبان إنه الصحيح وبه جزم ابن عبد البر وقيل سنة ستين قاله البخاري وقيل سنة ثمان وخمسين وقيل سنة خمسين وكانت وفاته بالمدينة

_ 1 هكذا في خط، وفي ل: "الثنتان". 2 راجع: "التقييد" و "الشرح". 3 من ل وع، وفي خط: "تسين" بتقديم المثناة على المهملة. 4 من "التهذيب" بالحاء المهملة والزي، وفي ل: "الخزامي" بالخاء المعجمة، وما ثم نقط في خط. 5 من خط، وما ثم نقط في ل وراجع قبله.

"والثاني": حسان بن ثابت الأنصاري عاش كذلك"1" قاله الواقدي وحكى ابن عبد البر الاتفاق عليه فقال لم يختلفوا أنه عاش مائة وعشرين سنة منها ستون في الجاهلية وستون في الإسلام وخالفه ابن حبان فقال مات وهو ابن مائة وأربع سنين ومات أبوه وهو ابن مائة وأربع سنين ومات جده وهو ابن مائة وأربع سنين. قال: وقد قيل لكل واحد منهم عشرون ومائة سنة فضعف ما قاله المصنف. واختلف في وفاته فقيل: سنة أربع وخمسين قاله أبو عبيد القاسم بن سلام وبه جزم الذهبي في العبر وقيل سنة خمسين حكاه ابن عبد البر وقيل: سنة أربعين قاله الهيثم بن عدي والمدائني وأبو موسى الزمن وابن قانع وكذا قال ابن حبان "مات أيام قتل"2 علي بن أبي طالب وقيل إنه مات قبل الأربعين في خلافة علي وبه صدر ابن عبد البر كلامه. "والثالث": حويطب بن عبد العزى القرشي العامري من مسلمة الفتح. روى الواقدي عن إبراهيم بن جعفر بن محمود عن أبيه قال كان حويطب قد بلغ عشرين ومائة سنة ستين في الجاهلية وستين في الإسلام. وقال ابن حبان سنه سن حكيم بن حزام عاش ستين في الجاهلية وستين في الإسلام وقال ابن عبد البر أدركه الإسلام وهو ابن ستين سنة أو نحوها وكانت وفاته"3" سنة أربع وخمسين قاله الهيثم بن عدي وأبو موسى الزمن ويحيى بن بكير وخليفة بن خياط وأبو عبيد القاسم بن سلام وابن قانع وابن حبان وغيرهم. وقيل: إنه مات سنة اثنتين وخمسين وكانت وفاته بالمدينة. "والرابع": سعيد بن يربوع القرشي من مسلمة الفتح مات بالمدينة سنة أربع

_ 1 يعني: "ستين في الجاهلية وستين في الإسلام". 2 من ل، وفي خط: "مات قبل". 3 راجع: "التقييد".

وخمسين وله مائة وعشرون سنة قاله الواقدي وخليفة بن خياط وابن حبان وكذا قال أبو عبيد وابن عبد البر وقيل بلغ مائة وأربعا وعشرين سنة وبه صدر ابن عبد البر كلامه كلامه مات بالمدينة وقيل بمكة. "والخامس": حمنن بن عوف القرشي الزهري أخو عبد الرحمن بن عوف وهو بفتح الحاء المهملة وسكون الميم وفتح النون الأولى. قال الدارقطني في كتاب الإخوة والأخوات أسلم ولم يهاجر إلى المدينة وعاش في الجاهلية ستين سنة ومثلها في الإسلام وكذا قال ابن عبد البر"1" وذكر بعض أهل التاريخ أنه توفي سنة أربع وخمسين "والسادس": مخرمة بن نوفل القرشي الزهري والد المسور بن مخرمة من مسلمة الفتح توفي سنة أربع وخمسين قاله الهيثم بن عدي وابن نمير والمدائني وابن قانع وابن حبان. واختلف في مبلغ سنه فقال الواقدي يقال إنه كان له حين مات مائة وعشرون سنة وهكذا جزم به أبو زكريا بن مندة في جزء له جمع فيه من عاش مائة وعشرين من الصحابة وجزم ابن زبر وابن حبان وابن عبد البر بأنه بلغ مائة وخمس عشرة سنة وكانت وفاته بالمدينة. وقد ذكر ابن مندة في الجزء المذكور: جماعة آخرين من الصحابة عاشوا مائة وعشرين سنة لكن لم يعلم كون نصفها في الجاهلية ونصفها في الإسلام لتقدم وفاتهم على المذكورين أو تأخرها أو عدم "معرفة"2 التاريخ لموتهم فمنهم عاصم بن عدي بن الجد العجلاني صاحب عويمر العجلاني في قصة اللعان حكى ابن عبد البر عن عبد العزيز بن عمران عن أبيه عن جده أنه عاش مائة وعشرين سنة وكذا ذكر أبو زكريا بن مندة وقال ابن عبد البر توفي سنة خمس وأربعين وقد بلغ قريبا من عشرين ومائة سنة وقال الواقدي وابن حبان بلغ مائة وخمس عشرة سنة.

_ 1 في "إلاستيعاب" كما في ع. 2 من ل، وفي خط: "بعض".

"ومنهم": المتنجع جد ناجية ذكره العسكري في الصحابة وقال كان له مائة وعشرون سنة ولا يصح حديثه. "ومنهم": نافع أبو سليمان العبدي روى إسحاق بن راهويه عن ابنه سليمان قال مات أبي وله عشرون ومائة سنة وكذا ذكر ابن قانع. "ومنهم": اللجلاج العامري ذكر ابن "سميع"1 وابن حبان أيضا أنه عاش مائة وعشرين سنة وكذا حكاه ابن عبد البر عن بعض بني اللجلاج. "ومنهم": سعد بن جنادة العوفي الأنصاري وهو والد عطية العوفي ذكره ابن مندة في الصحابة ولم يذكر عمره وذكره أبو زكريا بن مندة فيمن عاش كذلك. ومنهم عدي بن حاتم الطائي. توفي سنة ثمان وستين عن مائة وعشرين سنة قاله ابن سعد وخليفة وقيل سنة ست وستين وقيل سنة سبع وستين ولم يذكره ابن مندة في الجزء المذكور. وعد المصنف من أصحاب المذاهب المتبوعة: سفيان الثوري لأنه كان معدودا فيهم له مقلدون إلى بعد الخمسمائة وممن ذكره معهم الغزالي في الإحياء. توفي سنة إحدى وستين ومائة بالبصرة قاله أبو داود الطيالسي وابن معين وادعى ابن سعد الاتفاق عليه وكذا ابن حبان وزاد في شعبان في دار عبد الرحمن بن مهدي وقال يحيى بن سعيد في أولها. واختلف في مولده فقال العجلي وغير واحد سنة سبع وتسعين وقال ابن حبان سنة خمس وتسعين وتوفي أبو عبد الله مالك بن أنس سنة تسع وسبعين ومائة قاله الواقدي والمدائني وأبو نعيم ومصعب بن عبد الله وزاد في صفر وإسماعيل بن أبي أويس وقال في صبيحة أربع عشرة من شهر ربيع الأول وبه جزم الذهبي في العبر.

_ 1 ضبط خط.

واختلف في مولده فقيل: سنة تسعين وقيل إحدى وقيل ثلاث وقيل أربع وبه جزم الذهبي وقيل:.سبع وتوفي أبو حنيفة النعمان بن ثابت سنة خمسين ومائة قاله روح بن عبادة والهيثم بن عدي وقعنب بن المحرر وأبو نعيم الفضل بن دكين وسعيد بن كثير بن عفير وزاد في رجب وكذا قال ابن حبان وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين سنة إحدى وخمسين وقال مكي بن إبراهيم البلخي: سنة ثلاث وخمسين والمحفوظ الأول. وكانت وفاته ببغداد وكان مولده سنة ثمانين قاله حفيده إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة. وتوفي أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي سنة أربع ومائتين. قاله الفلاس ويوسف "القراطيسي"1 ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وزاد في آخر يوم من رجب وقال ابن يونس: في ليلة الخميس آخر ليلة من رجب وأما ابن حبان فقال في شهر ربيع الأول ودفن عند مغيربان الشمس "بالفسطاط"2 "فرجعوا ورأوا"3 هلال ربيع الآخر والأول أشهر وقال ابن عدي إنه "قرأه"4 على لوح عند قبره وكان مولده سنة خمسين ومائة فعاش أربعا وخمسين سنة قاله ابن عبد الحكم والفلاس وابن حبان وقال ابن زبر مات وهو ابن اثنتين وخمسين سنة والأول أشهر وأصح. وتوفي أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ببغداد سنة إحدى وأربعين ومائتين على الصحيح المشهور ولكن اختلفوا في الشهر الذي مات فيه وفي اليوم فقال ابنه عبد الله بن أحمد توفي يوم الجمعة ضحوة ودفناه بعد العصر لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر "و"5 هكذا قال الفضل بن زياد وقال

_ 1 من ل، وفي خط: "القراطسي". 2 من ل، وفي خط: "بالغطاس". 3 من خط، وفي ل: "ورجعوا فرأوا". 4 من ل، وفي خط: "قرأ". 5 من ل، وليس في خط.

نصر بن القاسم "الفرائضي"1: يوم الجمعة لثلاث عشرة بقين منه وقال ابن عمه حنبل بن إسحاق بن حنبل مات يوم الجمعة في شهر ربيع الأول وقال عباس الدوري ومطين لاثنتي عشرة خلت منه زاد "عباس"2: يوم الجمعة ببغداد. وأما مولده فكان في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة نقله ابناه عبد الله وصالح عنه. وتوفي البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل "ليلة"3 السبت عند صلاة العشاء ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين ومائتين قاله الحسن بن الحسين البزار قال وولد يوم الجمعة بعد الصلاة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة وكانت وفاته "بخرتنك"4. قرية بقرب سمرقند وذكر ابن دقيق العيد في شرح الإلمام أنها بكسر الخاء والمعروف فتحها وكذا ذكره السمعاني وجزم هو"5" وغيره بموته في خرتنك كما هو الصحيح خلافا لما توهمه ابن يونس في تاريخ الغرباء أنه مات "بمصر بعد"6 الخمسين ومائتين"7". وتوفي أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري عشية يوم الأحد ودفن يوم الاثنين لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين قاله محمد بن يعقوب الأحزم فيما حكاه الحاكم عنه. واختلف في مبلغ سنه فقيل: خمس وخمسون وبه جزم المصنف تبعا

_ 1 من ل وضبطها السمعاني "بفتح الفاء والراء والياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفي اخرها الضاد المعجمة"، وفي خط بالصاء المهملة. 2 من ل، وفي خط: "عياش". 3 من ل، ورسمها في خط بفتح التاء: "ليلت. 4 ضبط خط. 5 أي السمعاني، راجع: "الشرح". 6 هكذا في خط، وفي ل: "بمصر ودفن بعد". 7 راجع: "الشرح".

للحاكم "فإنه"1 قال كذلك في كتاب المزكين لرواة الأخبار"2" وقيل ستون وبه جزم الذهبي في العبر والمعروف أن مولده سنة أربع ومائتين فعلى هذا يكون عمره سبعا وخمسين سنة وعليه اقتصر المزي في التهذيب وجزم الذهبي في العبر بأنه عاش ستين سنة"3". وكانت وفاته بنيسابور. وتوفي أبو داود"4" يوم الجمعة سادس عشر شوال سنة خمس وسبعين ومائتين وكان مولده فيما حكاه أبو عبيد الآجري عنه في سنة ثنتين ومائتين. وتوفي الترمذي ليلة الاثنين "لثلاث عشرة ليلة مضت من شهر رجب"5 سنة تسع وسبعين ومائتين أي كما قاله الحافظ أبو العباس جعفر بن محمد المستغفري وغنجار في تاريخ بخارى وابن ماكولا في الإكمال وقال الخليلي في الإرشاد مات بعد الثمانين ومائتين وليس بصحيح"4". وتوفي النسائي بفلسطين في صفر سنة ثلاث وثلثمائة قاله الطحاوي وابن يونس وزاد يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت منه وكذا قال الحافظ أبو عامر "العبدري"6 وزاد بالرملة مدينة فلسطين ودفن ببيت المقدس وقال أبو علي الغساني ليلة الاثنين وقال الدارقطني حمل إلى مكة فتوفي بها في شعبان سنة ثلاث وقال أبو عبد الله بن مندة عن مشايخه إنه مات سنة ثلاث وكان مولده سنة أربع عشر ومائتين. و"نسا"7 من كور نيسابور وقيل من أرض فاس قال الرشاطي والقياس النسوي وسبب موته أنه سئل بدمشق عن معاوية وماروي من فضائله فقال ألا

_ 1 من ع، وفي خط: "بأنه". 2 راجع: "التقييد". 3 كذا كرر الأبناسي ذكر قول الذهبي. 4 راجع: "الشرح". 5 من ل، وسبق نحوه في كلام ابن الصلاح، وليس في خط. 6 هكذا في خط، وفي ل: "العبدي". 7 من ل، وفي خط: "ونشا".

يرضى معاوية رأسا برأس حتى يفضل؟ فما زالوا يرفسونه في خصيتيه حتى "أخرج"1 من المسجد ثم حمل إلى مكة ومات بها حكاه ابن مندة عن مشايخه وذكر الدارقطني أن ذلك كان بالرملة. وعاش النسائي ثمانيا وثمانين سنة. وأهمل المصنف وفاة ابن ماجة وكانت وفاته سنة ثلاث وسبعين ومائتين يوم الثلاثاء لثمان بقين من شهر رمضان قاله جعفر بن إدريس قال وسمعته يقول ولدت سنة تسع ومائتين وكذا قال الخليلي في الإرشاد إنه مات سنة ثلاث وسبعين وقيل سنة خمس وسبعين. وتوفي الدارقطني يوم الأربعاء لثمان خلون من ذي القعدة إلى آخره قاله عبد العزيز "الأزجي"2 ومولده سنة ست وثلثمائة فعاش ثمانين سنة"3". ثم توفي الحاكم أبو عبد الله محمد بن محمد النيسابوري المعروف بابن البيع صاحب المستدرك والتاريخ وعلوم الحديث وغيرها سنة خمس وأربعمائة بنيسابور قاله الأزهري وعبد الغافر في السياق ومحمد بن يحيى "المزكي"4 وزاد في صفر وكان مولده أيضا بنيسابور في شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة. ثم توفي أبو محمد عبد الغني بن سعيد بن علي الأزدي المصري لسبع خلون من صفر سنة تسع وأربعمائة قاله أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي وعاش سبعا وسبعين سنة. ثم توفي أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد "الأصبهاني"5 صاحب الحلية ومعرفة الصحابة وغير ذلك بكرة يوم الاثنين العشرين من المحرم سنة

_ 1 من خط، وفي ل: "أخرجوه". 2 من ل، وفي خط: "الأرجي". 3 راجع: "الشرح". 4 من خط، وفي ل: "المذكي" بالذال المعجمة. 5 من خط، وفي ل: "الأصفهاني".

ثلاثين وأربع مائة قاله يحيى بن عبد الوهاب بن مندة وسئل عن مولده فقال في شهر رجب سنة ست وثلاثين وثلاثمائة. ثم توفي أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي صاحب التصانيف المشهورة بنيسابور عاشر جمادى الأولى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة ونقل تابوته إلى بيهق قاله السمعاني قال وكان مولده سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. ثم توفي الخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي ببغداد في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وأربعمائة قاله ابن شافع وقال غيره في سابع ذي الحجة قال ومولده في جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة وقيل سنة اثنتين وهو المحكي عن الخطيب نفسه. وفي هذه السنة توفي ابن عبد البر أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمود بن عبد البر النمري "القرطبي"1 في سلخ شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وأربعمائة بشاطبة من الأندلس عن خمس وتسعين سنة وخمسة أيام وكان مولده فيما حكاه عنه طاهر بن مفوز يوم الجمعة والإمام يخطب لخمس بقين من ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة.

_ 1 من "الأنساب"، وغيرها، وفي خط: "القرظي" وكتب الناسخ على الحاشية: "لعله: القرطبي".

النوع الحادي والستون

النوع الحادي والستون معرفة الثقات والضعفاء من رواة الحديث هذا من أجل نوع وأفخمه فإنه المرقاة1 إلى معرفة صحة الحديث وسقمه. ولأهل المعرفة بالحديث فيه تصانيف كثيرة منها ما أفرد في الضعفاء ككتاب الضعفاء للبخاري والضعفاء للنسائي والضعفاء للعقيلي وغيرها. ومنها في الثقات فحسب ككتاب الثقات لأبي حاتم بن حبان. ومنها ما جمع فيه بين الثقات والضعفاء كتاريخ البخاري وتاريخ ابن أبي خيثمة وما أغزر فوائده وكتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي. روينا عن "صالح بن محمد الحافظ جزرة"2 "قال"3 أول من تكلم في الرجال شعبة بن الحجاج ثم تبعه يحيى بن سعيد القطان ثم بعده أحمد بن حنبل ويحيى بن "معين وهؤلاء قلت يعني أنه"4 أول من تصدى لذلك

_ 1 راجع: حاشية "المقدمة". 2 ضبطها في خط بفتحات ثلاث على الجيم والزاي والراء. 3 من خط وع، وليس في ش. 4 من خط، وفي ش وع: "..معين. قلت: زهؤلاء. يعني أنه". قلت بنت الشاطئ: " [وهؤلاء] كذا موضعها في النسخ، وقد تؤنس فائدة البلقيني إلى أنها في سياق قول صالح جزرة، يعني: "نقاد عصره"اهـ قلت: وهي في خط على الصواب والحمد لله تعالى، وقول صالح جزرة رواه الخطيب في "الجامع" "2/ 201": "أول من تكلم في الرجال........ويحيى بن معين وهؤلاء". وفي "شرح الألفية" للعراقي، "ص/464": "وأما قول صالح جزرة: أول.........وهؤلاء فإنه=

"وعني"1 به وإلا فالكلام فيهم جرحا وتعديلا متقدم ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عن كثير من الصحابة والتابعين فمن بعدهم. "وجوز "1" ذلك صونا للشريعة "ونفيا"1" للخطأ والكذب عنها. وكما جاز الجرح في الشهود جاز في الرواة ورويت عن أبي بكر بن خلاد قال قلت ليحيى بن سعيد أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله يوم القيامة فقال لأن يكونوا خصمائي أحب إلي من أن يكون خصمي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لي لم لم تذب الكذب عن حديثي؟ "2" وروينا أو بلغنا أن أبا تراب النخشبي الزاهد سمع من أحمد بن حنبل شيئا من ذلك فقال له يا شيخ "لا تغتاب العلماء"3. فقال له: "ويحك هذا نصيحة ليس هذا غيبة". ثم إن على الآخذ في ذلك أن يتقي الله تبارك وتعالى ويتثبت ويتوقى التساهل كيلا يجرح سليما ويسم بريئا بسمة "سوء"1" يبقى عليه الدهر عارها وأحسب أبا محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم وقد قيل إنه كان "يعد""1" من الأبدال من مثل ما ذكرناه خاف فيما رويناه أو بلغنا أن يوسف بن الحسين الرازي وهو الصوفي دخل عليه وهو يقرأ كتابه في "الجرح والتعديل" فقال له "كم من هؤلاء القوم قد حطوا رواحلهم في الجنة منذ مائة سنة ومائتي سنة وأنت تذكرهم وتغتابهم فبكى عبد الرحمن وبلغنا أيضا أنه "حدث""1" وهو يقرأ كتابه ذلك

_ =يريد........." وفائدة البلقيني التي أشارت إليها بنت الشاطئ- جزاها الله خيرا - هي قوله في "المحاسن" "ص/ 655" "فائدة: بعد ذكر "أحمد، ويحي بن معين" وهؤلاء: يعني ك "علي بن المديني...... وقبل هؤلاء يكلم في ذلك: مالك، و.......". فلا إشكال والحمد لله. 1 ضبط خط. 2 الحكاية في "الكفاية" "ص/90" بسياق اخر، فراجعه. 3 هكذا في خط و "الكافية" "ص/92"، وش وع، ووقع في "مختصر ابن كثير": "أتغتاب العلماء؟ ".

على الناس عن يحيى بن معين أنه قال "إنا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطوا "رواحلهم"1 في الجنة منذ أكثر من مائتي سنة فبكى عبد الرحمن وارتعدت يداه حتى سقط الكتاب من يده". قلت: وقد أخطأ فيه غير واحد على غير واحد فجرحوهم بما لا صحة له من ذلك جرح أبي عبد الرحمن النسائي لأحمد بن صالح وهو حافظ إمام ثقة لا يعلق به جرح أخرج عنه البخاري في صحيحه وقد كان من أحمد إلى النسائي جفاء أفسد قلبه عليه وروينا عن أبي يعلي الخليلي الحافظ قال: "اتفق الحفاظ على أن كلامه فيه تحامل ولا يقدح كلام أمثاله فيه".قلت: النسائي إمام حجة في الجرح والتعديل وإذا نسب مثله إلى مثل هذا كان وجهه أن عين السخط تبدي مساوي لها في الباطن مخارج صحيحة تعمي عنها بحجاب "السخط"2 لا أن ذلك يقع من مثله "تعمدا"3 لقدح يعلم بطلانه فاعلم هذا فإنه من النكت النفيسة المهمة. وقد مضى الكلام في أحكام الجرح والتعديل في النوع الثالث والعشرين انتهى. وممن صنف في الضعفاء أيضا الساجي وابن حبان والدارقطني والأزدي وابن عدي ولكنه ذكر في كتابه الكامل كل من تكلم فيه وإن كان ثقة وتبعه على ذلك الذهبي في الميزان إلا أنه لم يذكر أحدا من الصحابة"4" والأئمة المتبوعين وفاته جماعة ذيل عليه الحافظ زين الدين العراقي بذيل حسن في مجلد. وممن صنف أيضا في الثقات ابن شاهين ومن المتأخرين شمس الدين محمد بن أيبك "المروجي"5 ولم يكمله.

_ 1 هكذا في خط، وفي ش وع: "رحالهم". 2 ضبط خط. 3 من خط، وفي ش: "متعمدا"، وفي ع: "تعبدا". 4 كذا، وهو غريب جدا. 5 هكذا في خط، وفي ل: "السروجي" بالسين المهملة بدل الميم، فليحرر.

وممن صنف في الجمع بينهما أيضا ابن سعد كتاب الطبقات وصنف ابن أبي حاتم الجرح والتعديل والنسائي التمييز وليحذر المتصدي لذلك الأغراض والهوى قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد أعراض المسلمين حفرة من حفر النار وقف على شفيرها طائفتان من الناس المحدثون والحكام لكن النصيحة في الدين مطلوبة وقد أوجب الله الكشف "والبيان"1 عن خبر الفاسق بقوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} . وقال صلى الله عليه وسلم: في الجرح "بئس أخو العشيرة" "و" 2غير ذلك من الأحاديث الصحيحة وقال في التعديل إن عبد الله رجل صالح "و"2 غير ذلك من صحيح الأخبار وقد تكلم في الرجال جماعة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم ذكرهم الخطيب قوله: من ذلك جرح النسائي لأحمد بن صالح أي المصري فإنه قال فيه غير ثقة ولا مأمون قال "البخاري"3 ثقة ما رأيت أحدا يتكلم فيه بحجة ووثقه أبو حاتم الرازي والعجلي "وآخرون"3 وقد بين ابن عدي سبب كلام النسائي فيه فقال سمعت محمد بن هارون البرقي يقول حضرت مجلس أحمد فطرده من مجلسه فحمله ذلك على أن تكلم فيه قال الذهبي في الميزان آذى النسائي نفسه "بكلامه"4 فيه

_ 1 من خط وفي ل: والتبين. 2 من خط وفي ل: إلى. 3 راجع: الشرح؟ 4 من ل، وفي خط: بكلام.

وقال ابن يونس لم يكن أحمد عندنا كما قال النسائي لم تكن له "آفة"1 غير الكبر وقد تكلم فيه يحيى بن معين فيما رواه معاوية بن صالح عنه وفي كلامه ما يشير إلى الكبر الكبر فقال كذاب يتفلسف رأيته يخطر في جامع مصر فنسبه إلى الفلسفة وأنه يخطر في "مشيته"2 ولعل ابن معين لا يدري ما الفلسفة فإنه ليس من أهلها وقد ذكر الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد الوجوه التي تدخل الآفة منها في ذلك وهي خمسة أحدها الهوى والغرض وهو "شرها"3 وهو في "تواريخ"4 لمتأخرين كثير والثاني المخالفة في العقائد والثالث الاختلاف بين المتصوفة وأهل "علم"5 الظاهر والرابع الكلام بسبب الجهل بمراتب العلوم وأكثر ذلك في المتأخرين لاشتغالهم بعلوم الأوائل وفيها الحق كالحساب والهندسة والطب وفيها الباطل كالطبيعيات وكثير من الإلهيات وأحكام النجوم والخامس الأخذ بالتوهم مع عدم الورع وقد "عقد"6 ابن عبد البر في كتاب العلم بابا لكلام الأقران المتعاصرين بعضهم في بعض ورأى أن أهل العلم لا يقبل جرحهم إلا ببيان واضح.

_ 1 من ل وفي خط: أنه. 2 من خط وفي ل: مشيه. 3 من خط وفي ل: أشرها. 4 من خط وفي ل تاريخ. 5 من خط وفي ل العلم. 6 من ل وفي خط: عد.

النوع الثاني والستون

النوع الثاني والستون معرفة من خلط في آخر عمره من الثقات هذا فن عزيز مهم لم أعلم أحدا أفرده بالتصنيف واعتنى به مع كونه حقيقا بذلك جدا وهم منقسمون فمنهم من خلط لاختلاطه "وخرفه"1 ومنهم من خلط لذهاب بصره أو لغير ذلك والحكم فيهم أنه يقبل حديث من أخذ عنهم قبل الاختلاط ولا يقبل حديث من أخذ عنهم بعد "الاختلاط"2 أو اشكل أمره فلم يدر هل أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده فمنهم عطاء بن السائب اختلط في آخر عمره فاحتج أهل العلم برواية الأكابر عنه مثل سفيان الثوري وشعبة لأن سماعهم منه كان في الصحة وتركوا الاحتجاج برواية من سمع منه آخرا وقال يحيى بن سعيد القطان في شعبة إلا حديثين كان شعبة يقول سمعتهما بأخرة عن زاذان أبو إسحاق السبيعي اختلط أيضا ويقال إن سماع سفيان بن عيينة منه بعدما "اختلط"3 ذكر ذلك أبو يعلي الخليلي سعيد بن إياس الجريري "اختلط"4 وتغير حفظه "قبل"5 موته قال أبو

_ 1 ضبط خط بفتح الراء. 2 من ش وع وفي خط: اختلاطه. 3 زاد في ن: وتغير حفظه قبل موته. 4 من ش وع، وليس في خط. 5 وقع في ع: قل.

الوليد الباجي المالكي قال النسائي أنكر أيام الطاعون وهو أثبت عندنا من خالد الحذاء "ما"1 سمع منه "قبل"2 أيام الطاعون سعيد بن أبي عروبة قال يحيى بن معين خلط سعيد بن أبي عروبة بعد هزيمة إبراهيم بن عبد الله بن "حسن بن حسن"3 سنة "ثنتين"4 وأربعين يعني ومائة ومن سمع منه بعد ذلك فليس بشيء ويزيد بن هارون صحيح السماع منه سمع منه بواسط وهو يريد الكوفة وأثبت الناس سماعا منه "عبدة"5 بن سليمان قلت: "وممن عرف"6 أنه سمع منه بعد اختلاطه وكيع والمعافى بن عمران الموصلي بلغنا عن ابن عمار الموصلي أحد الحفاظ أنه قال ليست روايتهما عنه بشىء إنما سماعهما بعد ما اختلط وقد روينا عن يحيى بن معين أنه قال لوكيع تحدث عن سعيد بن أبي عروبة وإنما سمعت منه في الاختلاط فقال رأيتني حدثت عنه إلا بحديث مستو المسعودي ممن اختلط وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذلي وهو أخو أبي "العميس"7 عتبة المسعودي ذكر الحاكم أبو عبد الله في كتاب المزكين للرواة عن يحيى بن معين أنه قال من سمع من المسعودي في زمان أبي جعفر فهو صحيح السماع ومن سمع منه في أيام المهدي فليس سماعه بشىء وذكر حنبل بن إسحاق عن أحمد بن حنبل أنه قال سماع عاصم هو ابن

_ 1 من خط وع، وفي ش: كذا ما. 2 من ش وع وفي خط: قلل. 3 رسم الناسخ على كل منهما علامة: صح. 4 من خط وش، وفي ع: اثنتين. 5 من ش وع وفي خط: عنده. 6 من خط وش ع، وليس في ن. 7 ضبط خط بضم العين المهملة.

علي وأبي النضر وهؤلاء من المسعودي بعد ما اختلط. ربيعة الرأي بن أبي عبد الرحمن أستاذ "مالك"1 قيل إنه تغير في آخر عمره وترك الاعتماد عليه "لذلك"2 صالح بن نبهان مولى التوأمة بنت أمية بن خلف روى عنه ابن أبي ذئب والناس قال أبو حاتم بن حبان تغير في سنة خمس وعشرين ومائة واختلط حديثه الأخير بحديثه القديم ولم يتميز فاستحق الترك حصين بن عبد الرحمن الكوفي "ممن"3 اختلط وتغير ذكره النسائي وغيره عبد الوهاب الثقفي ذكر ابن أبي حاتم الرازي عن يحيى بن معين أنه قال اختلط بأخرة سفيان بن عيينة "وجدت"4 عن محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي أنه سمع يحيى بن سعيد القطان يقول أشهد أن سفيان بن عيينة "اختلط"5 سنة سبع وتسعين فمن سمع منه في هذه السنة وبعد هذا فسماعه لا شىء قلت: توفي بعد ذلك بنحو سنتين سنة تسع وتسعين ومائة عبد الرزاق بن همام ذكر أحمد بن حنبل أنه عمي في آخر عمره فكان يلقن فيتلقن فسماع من سمع منه بعد ما عمي لا شىء "و"6 قال النسائي فيه نظر لمن كتب عنه بأخرة

_ 1 من ش وع وفي خط: مكة. 2 من ش وع ون وفي خط كذلك. 3 من خط وش وع وليس في ن. 4 من ش وع وفي خط: وحدث. 5 من ش وع ون وفي خط كتب الناسخ موضعها: بن عمار ثم ضرب عليها وغفل عن كتابة اختلط. 6 من خط ون وليس في ش وع.

قلت: و"على"1 هذا يحمل قول عباس بن عبد العظيم لما رجع من صنعاء والله لقد تجشمت إلى عبد الرزاق وإنه لكذاب والواقدي أصدق منه قلت وقد وجدت فيما روي عن الطبراني عن إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق أحاديث "استنكرتها"2 جدا "فأحلت"3 أمرها على ذلك فإن سماع الدبري "منه"4 متأخر جدا قال إبراهيم الحربي مات عبد الرزاق وللدبري ست سنين أو سبع سنين ويحصل أيضا في نظر "في"5 كثير من العوالي الواقعة "عن من"6 تأخر سماعه من سفيان بن عيينة وأشباهه7 عارم محمد بن الفضل أبو النعمان اختلط بأخرة "فما"8 رواه عنه البخاري ومحمد بن يحيى الذهلي وغيرهما من الحفاظ ينبغي أن يكون مأخوذا عنه قبل اختلاطه. أبو قلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي روينا عن الإمام ابن خزيمة أنه قال حدثنا أبو قلابة بالبصرة "قبل"9 أن يختلط ويخرج إلى بغداد. وممن بلغنا عنه ذلك من المتأخرين

_ 1 من خط وش وع وسقطت من أصل ن. 2 من خط وش وع وفي اصل ن: استكثرتها. 3 من الثلاثة ووقع في أصل ن: فأحملت. 4 من الثلاثة وليس في ن. 5 من خط ون وفي ش وع: من. 6 من خط وفي ن وش وع: عمن. 7 ما بين المعكوفتين من خط وش وع ووقع في أصل الكواكب: ويحتمل أيضا في نظر......وأشباههم. 8 من ش وع وفي خط "فيما" بالموحدة وفي أصل ن "فيما" بالمثناة من تحت. 9 من ش وع ون وفي خط قتلى.

أبو أحمد "الغطريفي"1 الجرجاني وأبو طاهر حفيد الإمام ابن خزيمة ذكر الحافظ أبو علي "البردعي"2 ثم السمرقندي في معجمه أنه بلغه أنهما اختلطا في آخر عمرهما وأبو بكر بن مالك القطيعي راوي مسند أحمد وغيره "اختل"3 في آخر عمره وخرف حتى كان لا يعرف شيئا مما يقرأ عليه واعلم أن من كان من هذا القبيل محتجا بروايته في الصحيحين أو أحدهما فإنا نعرف على الجملة أن ذلك مما تميز وكان مأخوذا عنه قبل الاختلاط انتهى صنف شيخنا الحافظ صلاح الدين العلائي في هذا النوع تصنيفا مختصرا رتبه على حروف المعجم لما وقف على كلام المصنف ثم إن المصنف ذكر في هذا النوع سنة عشر ترجمة ممن ذكر اختلاطهم منهم عطاء بن السائب روى عنه مثل سفيان "وشعبة"4 فيفهم من "قوله"5 مثل أن غيرهما روى عنه قبل اختلاطه وقد قال يحيى بن معين جميع من روى عن عطاء روى في الاختلاط إلا شعبة وسفيان وقال أحمد سمع منه قديما شعبة وسفيان وقال أبو حاتم الرازي قديم السماع من عطاء سفيان وشعبة وقد استثنى غير واحد من الأئمة معهما حماد بن زيد قال يحيى بن سعيد القطان سمع حماد بن زيد من عطاء قبل اختلاطه وقال النسائي رواية حماد بن زيد وشعبة وسفيان عنه "جيدة"6

_ 1 ضبطها في خط بسكون الطاء المهملة وضبط السمعاني هذه النسبة "بكسر الغين المعجمة وسكون الطاء وكسر الراء وسكون الياء المنقوطة من تحتها بنقطتين وفي آخرها الفاء". 2 هكذا في خط بالدال المهملة وفي ش وع ون بالذال المعجمة. 3 من خط وش وع وفي ن: اختلط. 4 راجع التقييد وهذا نص ابن الصلاح رحمه الله. 5 يعني ابن الصلاح. 6 راجع التقييد.

وصحح أيضا حديثه عنه أبو داود والطحاوي كما سيأتي ونقل أبو عبد الله بن "المواق"1 الاتفاق على أنه سمع منه قديما وكذلك استثنى الجمهور رواية حماد بن سلمة عنه أيضا قاله ابن معين وأبو داود والطحاوي وحمزة "الكناني"2 وذكر ذلك عن ابن معين ابن عدي في الكامل وعباس الدوري وأبو بكر بن أبي خيثمة وقال الطحاوي وإنما حديث عطاء الذي كان منه قبل تغيره يؤخذ من أربعة لا من سواهم وهم "شعبة"3 وسفيان والثوري وحماد بن سلمة وحماد بن زيد قال حمزة بن محمد "الكناني"2 في أماليه حماد بن سلمة قديم السماع من عطاء بن السائب وقال عبد الحق في الأحكام إن حماد بن سلمة سمع منه بعد الاختلاط كما قاله "العقيلي"4 "وقد"5 تعقب الحافظ أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن المواق كلام عبد الحق وقال لا نعلم من قاله غير العقيلي قال وقوله لأنه إنما قدم عليهم في آخر عمره غلط بل قدم6 عليهم مرتين فمن سمع منه في القدمة الأولى صح حديثه منه واستثنى أبو داود أيضا هشاما الدستوائي فقال وقال أحمد7 قدم عطاء البصرة قدمتين8 سمع في القدمة9 الأولى منه الحمادان وهشام

_ 1 من ع ون وفي خط المورق. 2 من خط وفي ع الكتاني بالمثناة من فوق وفيه نظر ورجع الأنساب/ الكناني. 3 من ع ون وفي خط شعبان. 4 راجع التقييد. 5 قال ابن الكيال هنا: قال الأبناسي: وقد تعقب....إلى آخره والكلام للعراقي في التقييد. 6 من خط وع وفي ن: إنه قدم في آخر عمره إلى البصرة وإنما قدم. 7 من ع ون وفي خط: وقال غير واحد أحمد وضرب على واحد وغفل عن الضرب على غير. 8 زاد في ع: فالقدمة الأولى سماعهم صحيح. 9 وقع في ع المقدمة.

والقدمة الثانية كان تغير فيها سمع منه وهيب وإسماعيل بن علية وعبد الوارث فسماعهم منه ضعيف1 وينبغي أن يستثني2 أيضا سفيان بن عيينة فقد روى الحميدي عنه قال كنت سمعت من عطاء بن السائب قديما ثم قدم علينا قدمة فسمعته يحدث ببعض ما كنت سمعت فخلط فيه فاتقيته3 واعتزلته4 فينبغي أن تكون5 روايته عنه صحيحة و6 قال العقيلي إنما ينبغي أن7 يقبل من حديثه8 ما روى عنه مثل شعبة وسفيان وأما جرير وخالد ابن عبد الله وابن علية وعلي بن عاصم وحماد بن سلمة وأهل9 البصرة فأحاديثهم عنه مما سمع منه بعد الاختلاط لأنه إنما قدم عليهم في آخر عمره فهؤلاء وأمثالهم ممن روى عنه بعد الاختلاط لا يقبل حديثهم وكذلك من روى عنه قبله و10 بعده كأبي عوانة كما رواه عباس الدوري عن يحيى بن معين11

_ 1 في ع "سماعهم منه فيه ضعف". 2 من ن ولم ينقط الحرف الأولى في خط وفي ع "وينبغي استثناء سفيان بن عيينة أيضا". 3 من ن وع وفي خط "فاتعيته" بالعين المهملة واستشكلها الناسخ فلعله سبق قلم من الأنباسي رحمه الله. 4 راجع "التقييد". 5 من ع وفي ن "يكون" بمثناة من تحت ولم تنقط في خط. 6 من ن وليس في خط. 7 من خط وع وليس في ن. 8 من خط وع وفي ن "حديث عطاء". 9 في ع "وبالجملة أهل البصرة". 10 من خط وفي ن "أو". 11 راجع "التقييد".

وممن سمع منه بأخرة هشيم وليس له عند البخاري غير حديث واحد عن عمرو الناقد1 عن هشيم عن أبي بشر وعطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال الكوثر الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه إلا أنه قرنه بأبي بشر كما تقدم وممن سمع أيضا بأخرة من البصريين جعفر بن سليمان الضبعي وروح بن القاسم وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي وعبد الوارث بن سعيد قال2 أبو حاتم الرازي وفي حديث البصريين الذين يحدثون عنه تخاليط كثيرة3 قوله: أبو إسحاق السبيعي أي واسمه عمرو بن عبد الله ثقة احتج به الشيخان قال أحمد ثقة لكن هؤلاء الذين حملوا عنه بأخره قال الفسوي4 قال5 بعض أهل العلم كان قد اختلط وإنما تركوه مع ابن عيينة لاختلاطه6 ولم يخرج له الشيخان من رواية ابن عيينة عنه عنه شيئا إنما أخرج له من طريقه الترمذي وكذلك النسائي في عمل اليوم والليلة وأنكر صاحب الميزان اختلاطه فقال شاخ ونسي ولم يختلط قال وقد سمع منه سفيان بن عيينة وقد تغير قليلا

_ 1 من خط وع وفي ن "ابن الناقد". 2 من خط وع وفي ن "وقال". 3 راجع التقييد. 4 من ل وفي خط: "قال النسوي" بالنون والمراد يعقوب كما في ل وراجع الشرح. 5 قال ابن الكيال "قال الأبناسي قال بعض أهل العلم.." والكلام للعراقي في الشرح نقلا عن الفسوي بالفاء. 6 راجع الشرح.

واختلف في وفاته1 فقيل سنة ست وعشرين ومائة وقيل سبع وقيل ثمان وقيل تسع واقتصر المصنف على من روى عنه بعد الاختلاط على ابن عيينة2 وقد ذكر ذلك عن إسرائيل بن يونس وزكريا3 بن أبي زائدة وزهير بن معاوية وفي رواية زائدة بن قدامة عنه كلام2 وقال أبو زرعة زهير بن معاوية ثقة إلا أنه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط وروي عن أحمد أنه قال إذا سمعت الحديث عن زائدة وزهير فلا تبال أن لا تسمعه من غيرهما إلا حديث أبي إسحاق وروايته عنه في سنن أبي داود فقط وقد أخرج الشيخان في الصحيحين لجماعة4 من روايتهم عن أبي إسحاق وهم إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق وزكريا بن أبي زائدة وزهير بن معاوية وسفيان الثوري وأبو الأحوص سلام بن سليم5 وشعبة وعمر بن أبي زائدة ويوسف بن إسحاق6 وأخرج البخاري من رواية جرير بن حازم عنه وأخرج مسلم من رواية إسماعيل بن أبي خالد ورقبة7 بن

_ 1 من خط وفي ع "في تاريخ وفاته" ولم يرد الجزء الخاص بالوفاة في ن. 2 راجع التقييد. 3 من خط ون ووقع في ع وذكريا بالذال المعجمة. 4 من خط ون وفي ع "جماعة". 5 ضبط خط. 6 من خط وفي ن "ويوسف بن إسحاق وفي ع "يوسف بن أبي إسحاق" وفي التهذيب "يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي وقد ينسب إلى جده روى عن أبيه وجده....". 7 من خط ون ومثله في صحيح مسلم 2380/171 2661/29 بقاف وموحدة مفتوحتين وفي خط رقية بمثناة من تحت.

مصقلة1 وسليمان بن مهران الأعمش وسليمان بن معاذ وعمار بن رزيق2 ومالك بن مغول3 ومسعر بن كدام عنه قوله سعيد بن إياس الجريري4 أي أبو مسعود وهو ثقة احتج به الشيخان ولم يشتد تغيره قال كهمس5 أنكرنا الجريري أيام الطاعون وقال النسائي ثقة أنكر أيام الطاعون وممن6 سمع منه قبل التغير7 شعبة وسفيان الثوري والحمادان وإسماعيل بن علية ومعمر وعبد الوارث بن سعيد ويزيد بن زريع ووهيب ابن خالد وعبد الوهاب بن عبد المجيد8 الثقفي9 وذلك لأن هؤلاء كلهم سمعوا من أيوب السختياني وقد قال أبو داود فيما رواه عنه أبو عبيد الآجري كل من أدرك أيوب فسماعه من الجريري جيد وممن سمع منه بعد التغير10 محمد بن أبي عدي وإسحاق الأزرق

_ 1 من خط وع ون بالصاد المهملة ومثله في التهذيب وفي تاريخ البخاري 3/342 "رقية بن مسقلة" بالسين المهملة بدل "الصاد" ومثله في الجرح والتعديل 3/342 وثقات ابن حبان 6/311 وصحيح مسلم 2661. 2 في الكواكب بتقديم الراء المهملة يعني الضبي. 3 في الكواكب بكسر الميم. 4 في الكواكب بكسر الميم في "مسعر" وكسر الكاف في "كدام". 5 راجع الشرح. 6 في الكواكب "قال الأبناسي: وممن سمع منه.........." والكلام للعراقي في الشرح. 7 من خط وع وفي ن "التغيير". 8 من ل ون وفي خط "عبد الحميد". 9 قال محقق كتاب ابن الكيال ص 183 "اقتصر الأبناسي على العشرة الذين سمعوا منه قبل الاختلاط وسنزيد عليهم في آخر الترجمة.." وسبق أن الكلام للعراقي رحمه الله في الشرح وسيأتي ذكر رواة آخرين أيضا. 10 من خط ول وفي ن التغيير.

ويحيى بن سعيد القطان ولذلك لم يحدث عنه شيئا وقد روى الشيخان للجريري من رواية بشر بن المفضل وخالد بن عبد الله وعبد الأعلى بن عبد الأعلى وعبد الوارث بن سعيد عنه وروى له مسلم فقط من رواية محمد بن عبد الله الأنصاري عنه1 وروى له مسلم فقط2 من رواية جعفر بن سليمان الضبعي وحماد بن أسامة وحماد بن سلمة وشعبة وسفيان الثوري وسالم بن نوح وابن المبارك وعبد الوهاب الثقفي ووهيب بن خالد ويزيد بن زريع3 وعبد الواحد بن زياد ويزيد بن هارون وقد قيل إن يزيد بن هارون إنما سمع منه بعد التغير4 فقد روى ابن سعد عنه قال سمعت منه سنة اثنتين وأربعين ومائة وهي أول سنة دخلت البصرة ولم ننكر5 منه شيئا قال وكان قيل لنا إنه قد اختلط وقال ابن حبان كان قد اختلط قبل أن يموت بثلاث سنين قال وقد رآه يحيى القطان وهو مختلط ولم يكن اختلاطه فاحشا مات سنة أربع وأربعين ومائة قوله: سعيد بن أبي عروبة أي واسم أبي عروبة مهران ثقة6 احتج به الشيخان لكنه اختلط وطالت مدة اختلاطه فوق العشر سنين قال أبو حاتم هو قبل أن يختلط ثقة7

_ 1 من خط ون وليس في ل وع. 2 سرد الأبناسي كلام العراقي في الشرح وزاد العراقي في التقييد مع هؤلاء إسماعيل بن علية وسليمان بن المغيرة. 3 من خط ول وليس في ن. 4 من خط ول وفي ن التغيير. 5 من ل ومثله في طبقات ابن سعد 7/193 وفي خط "ينكر" بمثناة من تحت بدل النون. 6 في الكواكب "قال الأبناسي ثقة..............." والكلام للعراقي في الشرح. 7 زاد في ن "وكان أعلم الناس بحديث قتادة" ومثله في الجرح والتعديل 4/66.

وقد اختلف في ابتداء1 اختلاطه فقال دحيم2 اختلط مخرج إبراهيم سنة خمس وأربعين ومائة وكذا قال ابن حبان وزاد وبقي خمس سنين في اختلاطه. "واعترض" على المصنف في اقتصاره على أن هزيمة إبراهيم سنة اثنين3 وأربعين مع أن المشهور في التواريخ أن خروجه وقتله4 في سنة خمس وأربعين قتل فيها يوم الاثنين لخمس بقين من ذي القعدة احتز5 رأسه وممن6 سمع منه7 قبل اختلاطه عبد الله بن المبارك ويزيد بن زريع قاله ابن حبان وغيره وكذلك شعيب بن إسحاق سمع منه سنة أربع وأربعين قبل أن يختلط بسنة وكذلك8 يزيد بن هارون صحيح9 السماع منه قاله ابن معين وكذلك عبدة10 بن سليمان قال ابن معين إنه أثبت الناس سماعا منه وقال ابن عدي أرواهم عنه عبد الأعلى السامي11 ثم شعيب بن إسحاق وعبدة بن سليمان وعبد الوهاب الخفاف وأثبتهم فيه يزيد بن زريع وخالد بن الحارث ويحيى القطان

_ 1 من خط ول وفي ن "مدة". 2 من خط ول وفي ن "بعضهم". 3 هكذا في خط وفي ع ول ون "اثنين". 4 راجع الشرح والتقييد. 5 هكذا في خط ول وأصل ن وفي ع "وأنه احتز رأسه". 6 من خط وفي ل "فممن". 7 وقع في ل "من أبي عروبة". 8 من ل ون وفي خط "لذلك". 9 من ل ون وفي خط "صحح" سقطت المثناة. 10 من ل ون وفي خط "عبد". 11 من خط ون قال ابن الكيال ص 196 "السامي بالسين المهملة ليس إلا" وفي ل "الشامي" بالمعجمة.

وقال عبدة بن سليمان عن نفسه إنه سمع منه في الاختلاط إلا أنه يريد بذلك بيان اختلاطه وأنه لم يحدث بما سمعه منه في الاختلاط1 وممن سمع منه في الاختلاط أبو نعيم الفضل بن دكين ووكيع و2 المعافى ابن عمران الموصلي روى له الشيخان من رواية خالد بن الحارث وروح بن عبادة وعبد الأعلى السامي3 وعبد الرحمن بن عثمان البكراوي ومحمد بن سواء السدوسي ومحمد بن أبي عدي ويزيد بن زريع يحيى بن سعيد القطان عنه وروى البخاري4 فقط من رواية بشر بن المفضل وسهل بن يوسف وابن المبارك وعبد الوارث بن سعيد ومحمد بن عبد الله الأنصاري وكهمس بن المنهال عنه وروى له مسلم فقط من رواية ابن علية وأبي أسامة وسعيد5 بن عامر الضبعي وسالم بن نوح6 وأبي خالد الأحمر وعبد الوهاب بن عطاء وعبدة بن سليمان وعلي بن مسهر وعيسى بن يونس ومحمد بن بكر البرساني وغندر عنه وقال ابن مهدي سمع غندر منه في الاختلاط7 وأما مدة اختلاطه فقيل خمس سنين كما تقدم8 وقال صاحب الميزان ثلاث عشرة سنة وقال في العبر عشر سنين مع قوله فيهما إنه توفي سنة

_ 1 راجع الشرح والتقييد. 2 من ل ون ليس في خط. 3 من ن وفي خط ول "الشامي" وسبق قريبا وعبد الأعلى بصري. 4 هكذا في خط وفي ل وروى له البخاري". 5 من ل ون وسقط ومن ثم صار "كهمس بن عامر الضبعي". 6 من خط ول وليس في ن. 7 زاد ابن الكيال هنا أربعة أقوال لأبي نعيم والنسائي وأبي زرعة وأحمد وأحمد ثم عاد ثانية للأبناسي فراجعه. 8 راجع الشرح.

ست وخمسين وكذا قال الفلاس وأبو موسى الزمن1 وغير واحد في وفاته وقيل سنة سبع وخمسين ومائة2. قوله 3: المسعودي ممن4 اختلط إلى آخره. "اعترض" عليه بأمور منها أنه اقتصر على ذكر اثنين ممن سمع منه بعد الاختلاط وهما عاصم بن علي وأبو النضر هاشم بن القاسم وقد5 سمع منه بعد الاختلاط أيضا عبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون وحجاج بن محمد الأعور وأبو داود الطيالسي وعلي بن الجعد قال محمد بن عبد الله بن نمير كان المسعودي ثقة فلما كان بأخرة اختلط سمع منه عبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون أحاديث مختلطة وما روى عنه الشيوخ فهو مستقيم وقال عمرو بن علي الفلاس سمعت يحيى بن سعيد يقول رأيت المسعودي سنة رآه عبد الرحمن بن مهدي فلم أكلمه قال الطيالسي6 سمع ابن مهدي من المسعودي بمكة شيئا يسيرا7 وقال الفلاس سمعت أبا قتيبة هو سالم بن قتيبة يقول رأيت المسعودي سنة ثلاث وخمسين وكتبت عنه وهو صحيح ثم رأيته سنة سبع وخمسين8

_ 1 من خط ول وليس في ن. 2 من خط ول ليس في ن. 3 من ع وفي خط "قول". 4 من ع وسبق مثله وفي خط "من". 5 من خط وفي ع "وممن". 6 أبو الوليد كما في التقييد. 7 راجع التقييد. 8 زاد في ع "أي ومائة".

والذر1 يدخل في أذنه وأبو داود يكتب عنه فقلت له أتطمع أن تحدث عنه وأنا حي وقال عثمان بن عمر بن فارس كتبنا عن المسعودي وأبو داود جرو يلعب بالتراب وأما علي بن الجعد فإن سماعه منه أيضا في بغداد فإن علي بن الجعد إنما قدم البصرة سنة ست وخمسين ومائة والمسعودي يومئذ ببغداد ومنها اقتصاره على حكاية كلام ابن معين أن من سمع منه في زمن أبي جعفر فهو صحيح وكانت وفاة أبي جعفر المنصور بظاهر مكة في سادس ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة وكانت وفاة المسعودي على المشهور سنة ستين ومائة فتكون مدة اختلاطه سنة أو سنتين وقيل إنه اختلط قبل ذلك2 وقال معاذ بن معاذ رأيت المسعودي سنة أربع وخمسين يطالع الكتاب يعني أنه قد تغير حفظه وهذا موافق لما حكي عن أحمد أنه إنما اختلط ببغداد ومن سمع منه بالكوفة والبصرة فسماعه جيد وقدومه بغداد سنة أربع وخمسين ولكن لم يختلط في أول قدومه فقد سمع منه شعبة بها وعلى هذا فقد طالت مدة اختلاطه لا سيما على قول من قال إنه مات سنة خمس وستين وهو قول يعقوب بن شيبة رواه الخطيب في التاريخ2 وقال معاذ بن معاذ قدم علينا المسعودي البصرة قدمتين يملي علينا إملاء ثم لقيت المسعودي ببغداد سنة أربع وخمسين وما أنكر منه قليلا ولا كثيرا فجعل يملي3 علي ثم أذن لي في بيته ومعي عبد الله بن عثمان ما ننكر منه قليلا ولا كثيرا ثم قدمت عليه قدمة أخرى مع عبد الله بن حسن فقلت لمعاذ

_ 1 من ع وفي خط "والذي". 2 راجع التقييد. 3 ضبط خط ربضم المثناة.

سنة كم قال سنة إحدى وستين قال ثم لقيته يوما فسألته عن حديث للقاسم فأنكره وقال ليس من حديثي قال ثم رأيت رجلا جاءه بكتاب عمرو بن مرة عن إبراهيم فقال كيف هو في كتابك قال عن علقمة وجعل يلاحظ كتابه قال معاذ فقلت إنك إنما حدثتناه عن عمرو بن مرة عن إبراهيم عن عبد الله قال هو عن علقمة فهذا يدل على أنه تأخر إلى سنة إحدى وستين1 ومنها في بيان من سمع منه قبل اختلاطه قال أحمد سماع وكيع من المسعودي بالكوفة قديم وأبو نعيم قال إنه اختلط2 ببغداد وعلى هذا تقبل3 رواية كل من سمع منه بالكوفة والبصرة قبل أن يقدم بغداد كأمية بن خالد وبشر بن المفضل وجعفر بن عون وخالد بن الحارث وسفيان بن حبيب وسفيان الثوري وأبو قتيبة سلم بن قتيبة وطلق بن غنام وعبد الله بن رجاء الغداني4 وعثمان بن عمر بن فارس وعمرو بن مرزوق وعمرو بن الهيثم والقاسم بن معن بن عبد الرحمن ومعاذ بن معاذ العنبري والنضر بن شميل ويزيد بن زريع ومنها أن بعضهم قد شدد في أمر المسعودي ورد حديثه كله لأنه لا يتميز حديثه القديم من حديثه الأخير قال ابن حبان في تاريخ الضعفاء كان المسعودي صدوقا إلا أنه اختلط في5 آخر عمره اختلاطا شديدا حتى ذهب عقله وكان يحدث بما يحب6

_ 1 راجع التقييد. 2 كذا في خط وفي ع "قديم وأبو نعيم أيضا قال وإنما اختلط المسعودي". 3 من خط وفي ع "فتقبل". 4 من ع وفي خط "العداي" وضبط النسبة من الأنساب قال "بضم الغين المعجمة وفتح الدال المخففة وفي آخرها النون هذه النسبة إلى غدانة.........". 5 من ع ومثله في المجروحين 2/48 وليس في خط. 6 هكذا في خط وع وفي المجروحين "يجيئه".

فحمل عنه1 ولم يتميز فاستحق الترك والصحيح ما تقدم من التفصيل قبل الاختلاط فيقبل وبعده فلا2 قوله: ربيعة الرأي قيل أنه تغير أي واسم أبيه فروخ وهو أحد الأئمة الثقات احتج به الشيخان وما3 تعرض أحد لاختلاطه إلا المصنف ووثقه أحمد وأبو حاتم الرازي ومحمد بن سعد4 والنسائي وابن حبان وابن عبد البر وغيرهم إلا أن النباتي أورده في ذيل الكامل وقال إن البستي5 وهو ابن حبان ذكره في الزيادات مقتصرا على قول ربيعة لابن شهاب إن حالي ليست تشبه حالك أنا أقول برأي من شاء أخذه قال البستي وهو ثقة توفي سنة ست وثلاثين ومائة وذكر البخاري قول ربيعة هذا في التاريخ الكبير وقال ابن سعد بعد توثيقه كانوا يتقونه لموضع6 الرأي وقال ابن عبد البر في التمهيد وقد ذمه جماعة من أهل الحديث لإغراقه7 في الرأي ورووا8 في ذلك أخبار قال وكان سفيان بن عيينة

_ 1 من خط وع وليس في المجروحين/ ت: محمود إبراهيم زايد. 2 راجع التقييد. 3 في الكواكب ص 173 "قال الأبناسي وما تعرض أحد لاختلاطه....." والكلام للعراقي في التقييد وفيه قال العراقي وما حكاه المصنف من تغير ربيعة.... لم أره لغيره" فذكر ذلك الأبناسي - على عادته – بمعناه وراجع ما سبق بهذا الشأن في الحديث على منهج الأبناسي في كتابه. 4 من خط وفي ع "ويحيى بن سعيد". 5 ضبط خط. 6 من خط وع وفي ن "لوضع" وفي طبقات ابن سعد 5/417 "........وكان ثقة كثير الحديث وكأنهم يتقونه للرأي". 7 من التمهيد 3/5 وفي خط وع "لاعترافه". 8 هكذا في خط وع وفي التمهيد "فرووا".

والشافعي وأحمد1 لا يرضون عن رأيه لأن كثيرا منه يوجد له بخلاف المسند الصحيح لأنه لم يتسع فيه وروى ابن عبد البر في كتاب جامع بيان العلم بإسناده إلى مالك قال قال لي ابن هرمز لا تمسك علي شيء مما سمعت مني2 من هذا الرأي فإنما أفتخر به3 أنا وربيعة فلا تتمسك به قال والذين4 ابتدعوا الرأي ثلاثة وكلهم من أبناء سبايا الأمم وهم ربيعة بالمدينة وعثمان البتي5 بالبصرة وفلان بالكوفة قال وذكر العقيلي في التاريخ الكبير بإسناده إلى الليث قال رأيت ربيعة في المنام فقلت له ما حالك فقال صرت إلى خير إلا أني لم أحمد6 على كثير مما خرج مني من الرأي فلم7 يتكلم فيه أحد إلا من جهة الرأي لا من جهة الاختلاط مع أنه قد برأه8 غير واحد من الرأي روي9 عن عبد العزيز بن أبي سلمة أنه قال يا أهل العراق تقولون ربيعة

_ 1 من خط وفي ع "وأحمد بن حنبل" ومثله في التمهيد. 2 من ع ون وليس في خط. 3 هكذا في خط وفي ن "فأنا أفتخر به" وفي ع "فإنما افتخرته". 4 كذا في خط وفي ن وفي ع "وروى ابن عبد البر أيضا فيه عن موسى بن هارون قال: الذين ابتدعوا الرأي..". 5 من ع ون وفي خط: "السى" بدون نقط وقد ضبط السمعاني هذه النسبة "البتى: بفتح الباء الموحدة وفي آخرها التاء المنقوطة باثنتين من فوقها هذه النسبة إلى البت وهو موضع أظن بنواحي البصرة.....". 6 ضبط خط. 7 في الكواكب "قال الأبناسي "لم" يتكلم ... " والكلام للعراقي في التقييد وذكره الأبناسي بمعناه على عادته في مثل هذا. 8 ضبطها في خط بتشديد الراء ووقع في ن "يراه" بمثناة من تحت وفي ع "على أن غير واحد قد برأوه من الرأي". 9 في ع "فروينا".

الرأي والله ما رأيت أحدا أحفظ لسنة1 منه ولما حضرته الوفاة قال له عبد العزيز يا أبا عثمان إنا قد تعلمنا منك وربما جاءنا من يستفتينا في الشىء لم نسمع فيه شيئا فترى2 إن رأينا له خير من رأيه لنفسه فنفتيه3 فقال ربيعة أجلسوني فجلس ثم قال ويحك يا عبد العزيز لأن تموت جاهلا خير لك من أن تقول في شىء بغير علم لا لا لا ثلاث مرات4 "قوله": صالح بن نبهان5 أي اختلف في الاحتجاج به قال أحمد أدركه مالك وقد اختلط وهو كبير وما أعلم به بأسا من6 سمع منه قديما فذاك7 فقد روى عنه أكابر أهل المدينة وقال ابن معين ثقة خرف قبل أن يموت فمن سمع منه قبل فهو ثبت8 وقيل له إن مالكا تركه فقال إنما أدركه بعد أن خرف9

_ 1 من ع ومثله في التهذيب وفي خط "لمثنه". 2 هكذا في ع وفي التمهيد 3/4 "فنرى" بالنون ولم تنقط في خط. 3 ضبط خط. 4 وفي التمهيد 3/5 "وقال مالك وجدت ربيعة يوما يبكي فقيل له: ما الذي أبكاك؟ أمصيبة نزلت بك؟ فقال: لا ولكن أبكاني أنه استفتى من لا علم له وقال "لبعض من يفتي ها هنا أحق بالسجن من السارق" فرحم الله ربيعة والله المستعان. 5 من ع ول ون وسبق مثله عند ابن الصلاح ووقع في هذا الموضع من خط "منهال". 6 من خط ومثله في الجرح والتعديل 4/417 وفي ل "ممن" وفي التهذيب "فمن". 7 من الجرح والتهذيب وليس في خط ول وفي النص هنا تقديم وتأخير وراجع الجرح والتهذيب. 8 هكذا في خط وفي ل "قبل ذلك فهو ثبت" وفي الجرح والمجروحين 2/362 "قبل أن يختلط فهو ثبت" وقال ابن حبان رحمه الله في المجروحين "هذا الذي قاله أبو زكريا رحمه الله عليه هو كذلك لو تميز حديثه القديم من حديثه الأخير فأما عند عدم التمييز لذلك واختلاط البعض بالبعض يرتفع به عدالة الإنسان حتى يصير غير محتج به ولا معتبر بما يرويه. وراجع ما سيأتي إن شاء الله تعالى وكذلك شرح علل الترمذي 749 – 57 /ط: همام سعيد. 9 راجع التهذيب والشرح.

وقال ابن حبان تغير في سنة خمس وعشرين ومائة وجعل يأتي بما يشبه1 الموضوعات عن الثقات2 فاختلط حديثه الأخير بالمتقدم3 ولم يتميز فاستحق الترك4 كذا اقتصر المصنف على كلام ابن حبان فيه وليس كذلك فقد ميز غير واحد من الأئمة بعض من سمع منه في صحته ممن سمع منه بعد اختلاطه فمن سمع منه قديما محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب قاله علي بن المديني ويحيى بن معين والجوزجاني وأبو أحمد بن عدي وسمع منه قديما أيضا عبد الملك بن جريج وزياد بن سعد قاله ابن عدي وكذلك سمع منه قديما أسيد بن أبي أسيد وسعيد بن أبي أيوب وعبد الله بن علي الإفريقي وعمارة بن غزية وموسى بن عقبة وممن سمع منه بعد الاختلاط مالك بن أنس والسفيانان ومات سنة خمس وعشرين ومائة5 "قوله": حصين بن عبد الرحمن الكوفي أي السلمي أحد الثقات الأثبات احتج بن الشيخان ووثقه أحمد وأبو زرعة والعجلي وغيرهم وقال أبو حاتم ثقة ساء حفظه في الآخر وكذا قال يزيد بن هارون إنه اختلط وقال النسائي تغير. وقال علي بن عاصم إنه لم يختلط حكاه صاحب الميزان عنه "واعترض" 6 على المصنف من وجهين

_ 1 هكذا في خط ول وفي المجروحين 2/362 "بالأشياء التي تشبه". 2 من خط ول وفي المجروحين "عن الأئمة الثقات". 3 من خط وفي ل والمجروحين "بحديثه القديم". 4 سقطت من أصل ن وهي في خط ول والمجروحين. 5 زاد في ل "وقيل سنة ست". 6 في الكواكب ص 134 "اعترض عليه الحافظ الأبناسي من وجهين........." وقال محققه...............=

أحدهما أن من تسمى1 بهذا الاسم أربعة كل منهم اسمه حصين بن عبد الرحمن الكوفي ويتميز كل واحد منهم بنسبه2 أو كنيته وقد ذكر الأربعة الخطيب في المتفق والمفترق والمزي في التهذيب والذهبي في الميزان وميزوا بينهم فكان ينبغي للمصنف أن يميز بينهم فأما هذا المتكلم فيه المختلط فهو حصين بن عبد الرحمن الكوفي كنيته أبو الهذيل وهو سلمي3 وروايته4 في الكتب الستة وليس لغيره من بقية الأربعة المذكورين رواية5 في شىء من الكتب الستة وإنما ذكرهم المزي في التهذيب للتمييز وهذا ثقة حافظ وثقة أحمد وابن معين وأبو زرعة6 والعجلي والنسائي في الكنى وابن حبان وغيرهم وقال أبو حاتم الرازي ثقة ساء حفظه في الآخر وقال يزيد بن هارون طلبت الحديث وحصين حي كان يقرأ7 عليه وكان قد نسي واختلط وذكره البخاري في الضعفاء وكذلك العقيلي وابن عدي ولم يذكروا فيه تضعيفا عير أنه كبر ونسي8

_ = اعترض الحافظ الأبناسي في كتابه الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح في النوع الثاني والستون والاعتراض للعراقي رحمه الله تعالى في التقييد. 1 من ن بمثناة من فوق ولم تنقط في خط. 2 هكذا في خط وفي ع "بذكر نسبة" وفي ن "بنسبته". 3 ضبط خط. 4 من ن وع وفي خط "وروايته". 5 من خط وع وليس في ن. 6 بتقديم "ابن معين" هكذا في خط وع وفي ن "وأبو زرعة وابن معين". 7 ضبط خط. 8 راجع التقييد.

الثاني أنه لم يذكر في ترجمة هذا من سمع منه قبل الاختلاط أو بعده كما فعل في أكثر من ذكره ممن اختلط1 وقد سمع منه قديما أن يتغير سليمان التيمي وسليمان الأعمش وشعبة وسفيان والمشهور أنه توفي سنة ست وثلاثين ومائة قاله محمد بن عبد الله الحضرمي الملقب بمطين [وعليه اقتصر الخطيب والمزي] 2 وقال ابن حبان سنة ثلاث وستين ومائة3 كذا ذكره في طبقة التابعين ثم ذكره في طبقة أتباع التابعين وقال سنة ست وستين ومائة3 وهذا هو المشهور الذي جزم به الذهبي في العبر وأما حصين4 الثاني فهو [حصين بن عبد الرحمن الكوفي أيضا نسبه5 الحارثي حدث عن الشعبي روى عنه إسماعيل بن أبي خالد والحجاج بن أرطاه ذكره البخاري في التاريخ وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وحكى6 عن أحمد أنه قال فيه ليس يعرف ما روى عنه غير الحجاج و7 إسماعيل بن أبي خالد8 وذكره ابن حبان في الثقات وقال ليس هذا بالأول مات سنة تسع وثلاثين ومائة

_ 1 من خط وع وليس في ن. 2 من خط وع وليس في ن وراجع التقييد. 3 من خط وع وليس في ن وراجع التقييد. 4 من خط وع وفي ن "الحصين". 5 هكذا في خط وفي ن "نسبته". 6 يعني: ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 3/193 – 194. 7 من خط وع والجرح وسقطت من أصل ن. 8 في الجرح "......وإسماعيل بن أبي خالد روى عنه حديثا واحدا أحاديثه مناكير".

والثالث حصين بن عبد الرحمن الكوفي النخعي أخو سلم1 بن عبد الرحمن النخعي روى عن الشعبي أيضا روى عنه حفص2 بن غياث ذكره البخاري في التاريخ وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل والخطيب3 وروى عن أحمد أنه قال هذا رجل لا يعرف وقال الخطيب لم يرو عنه غير حفص بن غياث وذكره ابن حبان في الثقات قال وليس هذا بالأولين والثلاثة من أهل الكوفة وقد رووا ثلاثتهم عن الشعبي روى عنهم أهل الكوفة قال وربما يتوهم المتوهم أنهم4 واحد وليس كذلك أحدهما سلمي والآخر حارثي والثالث نخعي والرابع حصين بن عبد الرحمن الكوفي الجعفي أخو إسماعيل بن عبد الرحمن روى عن عبد الله بن علي بن الحسين بن علي بن5 أبي طالب روى عنه طعمة بن غيلان6 الكوفي ذكره الخطيب في المتفق والمفترق وتبعه المزي في التهذيب والذهبي في الميزان وقال مجهول7 قوله عبد الوهاب أي ابن عبد المجيد الثقفي أحد الثقات الذي احتج بهم الشيخان قال عباس الدوري عن ابن معين اختلط بأخرة

_ 1 هكذا في الجرح 3/194 والثقات 6/211 ومثله في التهذيب في ترجمة حصين وكذلك ترجمة سلم من الجرح والتهذيب وغيرهما في باب السين وفي خط وع "مسلم" بالميم في أوله. 2 من ع ون ومثله في الجرح والثقات وغيرهما وفي خط جعفر. 3 راجع حاشية الكواكب. 4 من ن وع ومثله في الثقات 6/211 وفي خط "أنهما". 5 من خط وع وليس في ن. 6 هكذا في خط بالغين المعجمة ومثله في التاريخ الكبير للبخاري والجرح لابن أبي حاتم والثقات لابن حبان وفي ع: "عيلان" بالمهملة وفي أصل ن: "علان" بالمهملة وإسقاط المثناة. 7 قال محقق الكواكب ص 14 "هذا وقد اقتصر الأبناسي على الأربعة ممن سمع من حصين من....................=

وقال عقبة بن مكرم العمي اختلط قبل موته بثلاث سنين أو أربع سنين قال1 صاحب الميزان لكنه ما ضر تغيره حديثه فإنه ما حدث بحديث في زمن التغير2 ثم استدل بقول أبي داود تغير جرير بن حازم وعبد الوهاب الثقفي فحجب الناس عنهم3 مات سنة أربع وتسعين ومائة وقيل سنة أربع وثمانين "قوله"4: سفيان بن عيينة إلى آخره فيه أمور منها أن صاحب الميزان استبعد مقالة ابن عمار وعدها غلطا من ابن عمار5 لأن القطان مات في صفر سنة ثمان وتسعين وقت قدوم الحاج ووقت تحدثهم عن أخبار الحجاز فمتى تمكن يحيى بن سعيد من أن يسمع اختلاط سفيان ثم يشهد عليه بذلك والموت قد نزل به ثم قال فلعله قد بلغه ذلك في أثناء سنة سبع وتسعين وقد6 سمع منه في هذه السنة محمد بن عاصم صاحب7 الجزء العالي

_ = عبد الرحمن قبل اختلاطه وهو........مع أن هشيم بن بشير و..............سمعوا منه قبل تغيره......" اهـ والكلام للعراقي رحمه الله في التقييد. 1 في الكواكب قال الأبناسي قال صاحب الميزان..................." والكلام للعراقي في الشرح. 2 من خط ول وفي ن "التغيير". 3 كذا في خط وفي ل "عنهما". 4 في الكواكب قال الأبناسي "قوله سفيان..............." والكلام للعراقي في التقييد. 5 من خط وع وفي ن "منه". 6 هذا هو الأمر الأول من ثلاثة أمور لدى العراقي رحمه الله. 7 في ع "صاحب ذاك الجزء.."

كما هو مؤرخ في الجزء المذكور1 وهكذا ذكره صاحب الميزان قال فأما2 سنة ثمان وتسعين فإنه مات فيها ولم يلقه فيها أحد يحدث عنه3 فإنه توفي قبل قدوم الحاج بأربعة أشهر قال ويغلب على الظن أن سائر شيوخ الأئمة الستة سمعوا منه4 قبل سنة سبع ومنها قوله إنه توفي سنة تسع وتسعين5 والمشهور سنة ثمان6 ومنها قوله إنه بقي بعد اختلاطه نحو7 سنتين وهذا بناء على8 ما صححه في وفاته أنها سنة تسع9 وإلا فالمشهور أنها سنة ثمان فتكون مدة اختلاطه نحو سنة لأن وفاته كانت يوم السبت أول شهر رجب سنة ثمان وتسعين قاله محمد بن سعد وابن زبر وابن حبان إلا أنه قال10 آخر يوم من جمادى الآخرة "قوله": عبد الرزاق بن همام أي الصنعاني احتج بن الشيخان قال أحمد أتيناه قبل المائتين وهو صحيح البصر ومن سمع منه بعدما ذهب بصره فهو ضعيف السماع وقال أيضا كان يلقن بعدما عمي وقال النسائي فيه نظر لمن كتب عنه بأخرة

_ 1 قال محقق الكواكب ص 231 وقد رأيت في حلية أبي نعيم رواية يصرح فيها محمد بن عاصم بسماعه – [في الأصل لسماعه باللام] – من ابن عيينة سنة سبع وتسعين ولعل تلك الرواية من الجزء المذكور والله أعلم انظر الحلية 7/308 اهـ. 2 من خط وع وفي ن "فلما كان". 3 من خط وليس في ن. 4 من خط وع وليس في ن. 5 ليس من ن. 6 راجع التقييد. 7 من خط وسبق مثله عند ابن الصلاح رحمه الله وليس في ن. 8 من خط وفي ن "ينافي". 9 راجع حاشية الكواكب. 10 كذا في خط وفي ع "وابن قانع وقال ابن حبان".

واقتصر1 المصنف على من سمع منه بعد تغيره على إسحاق الدبري مع أنه سمع منه بعد عماه جماعة منهم أحمد بن محمد بن شبويه قاله أحمد بن حنبل ومنهم محمد بن حماد الطهراني2 وإبراهيم بن منصور الرمادي ومنهم الجماعة الذين سمع منهم الطبراني في رحلته إلى صنعاء من أصحاب عبد الرزاق منهم الدبري3 الذي تقدم وكان سماعه من عبد الرزاق سنة عشر ومائتين وكانت وفاة الدبري سنة أربع وثمانين ومائتين4 ومنهم إبراهيم بن محمد بن برة5 الصنعاني ومنهم إبراهيم بن محمد عبد الله بن سويد الشبامي6 ومنهم الحسن بن عبد الأعلى البوسي7 الصنعاني فهؤلاء الأربعة سمع منهم الطبراني سنة اثنين وثمانين وسماعهم من عبد الرزاق بأخرة

_ 1 في الكواكب "قال الأبناسي واقتصر...." والكلام للعراقي في التقييد. 2 من خط وع ومثله في الأنساب وضبطها السمعاني بكسر الطاء المهملة وسكون الهاء وفتح الراء وفي آخرها النون وقع في ل "الظهراني" بالظاء المعجمة. 3 ضبط خط بفتح الدال المهملة والموحدة. 4 من خط وع وليس في ن. 5 من ع ون بفتح الموحدة والراء وفي خط "مرة" بالميم. 6 من ع لكن تحرف "الشبامي" إلى "الشنابي" بالنون والباء بدل الباء والميم وفي خط "إبراهيم بن عبد الله بن سويد السباي" و"الشبامي" نسبة إلى "شبام" باليمن ضبطها السمعاني بكسر الشين المعجمة وفتح الباء الموحدة وفي آخرها الميم بعد الألف. وقال السمعاني: وحكى عن الطبراني أنه قال: كنت مريضا في بعض يبعض الحوانيت بمدينة شبام فسمعت واحدا يقرأ هذه الآية "إن عليا جمعه وقرأ به فإذا قرأناه فاتبع قراءته" وأهلها كانوا من غلاة الشيعة فأردت أن أراد عليه فمنعني بعض الغرباء عن ذلك قال أهل هذه المدينة كلها روافض لو قلت شيئا لسعيت في إراقة دمك فالزم السكوت. 7 من خط وع وليس في ن وضبطها الأبناسي بفتح الباء الموحدة والواو الساكنة ثم السين المهملة في آخرها....

وممن سمع من عبد الرزاق قبل أحمد1 وإسحاق بن راهويه وعلي بن المديني ويحيى بن معين ووكيع بن الجراح في آخرين2 أخرج لهم الشيخان من رواياتهم عن عبد الرزاق فممن اتفق الشيخان على الإخراج له عن عبد الرزاق مع إسحاق بن راهويه إسحاق3 بن منصور الكوسج ومحمود بن غيلان وممن أخرج له البخاري فقط عن عبد الرزاق مع علي بن المديني إسحاق بن إبراهيم السعدي وعبد الله بن محمد المسندي [ومحمد بن يحيى الذهلي] 4 ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني ويحيى بن جعفر البيكندي ويحيى بن موسى البلخي الملقب خت5 وممن أخرج له مسلم عن عبد الرزاق مع أحمد بن حنبل أحمد بن يوسف السلمي وحجاج بن يوسف الشاعر والحسن بن علي الخلال6 وسلمة بن شبيب وعبد الرحمن بن بشر بن الحكم وعبد بن حميد وعمرو بن محمد الناقد ومحمد بن رافع ومحمد بن مهران الجمال7 واستصغر الدبري في

_ 1 هكذا في خط وفي ن وع "قبل الاختلاط أحمد ... ". 2 من ع ون وليس في خط. 3 هكذا في خط ع وأصل ن وأضاف محقق الكواكب واو العطف فأصبحت العبارة ".....راهويه وإسحاق ... " وفيه نظر والله المستعان. 4 من خط وع وليس في ن وذكر محقق الكواكب ص 278 أن المصنف – ابن الكيال – أغفله قلت لعله سقط في الأصل فليحرر والله أعلم. 5 هكذا في خط ون وضبطها في خط بتشديد المثناة من فوق وفي التقريب بفتح الخاء المعجمة وتشديد المثناة وفي ع "خب" بالموحدة بدل المثناة. 6 من خط وفي ع "الحلال" بالمهملة وقد ضبطه السمعاني هذه النسبة بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام ألف. 7 من التهذيب وضبطه في التقريب بالجيم وفي ن وع "الحمال" بالمهملة وفي خط "الجماني".............=

عبد الرزاق1 لأنه مات وللدبري ست سنين أو سبع قال الذهبي اعتنى به أبوه فأسمعه من2 تصانيفه وعمره سبع سنين أو نحوها واحتج به أبو عوانة في صحيحه وغيره ومن احتج به لا يبالي بتغيره لأنه إنما حدث من كتبه لا من حفظه3 "قوله": عارم بن الفضل أي واسمه محمد بن الفضل أبو النعمان السدوسي وعارم لقب له وهو أحد الثقات الأثبات روى4 عنه البخاري في صحيحه ومسلم بواسطة قال البخاري تغير في آخر5 عمره وقال أبو حاتم اختلط في آخر عمره وزال عقله فمن سمع منه قبل الاختلاط فسماعه صحيح قال وكتبت عنه قبل الاختلاط سنة أربع عشرة ومائتين6 ولم أسمع منه بعدما اختلط فمن سمع

_ = بالجيم لكن بالنون والياء آخر الحروف بدل اللام وله رواية عن عبد الرزاق عند مسلم في الحج 131/337 وأرشد إليها محقق الكواكب جزاه الله خيرا. 1 راجع الشرح. 2 من خط ول وليس في ن. 3 هكذا في خط وفي ل "وكان – [كذا والصواب وكأن] من احتج به لم يبال بتغييره لكونه إنما حدثه من كتبه لا من حفظه" اهـ فأصبح الاعتماد على الكتاب لا الحفظ ومن ثم قبل الناس ما رواه الدبري عن عبد الرزاق واعتمدوه في مصنفاتهم ما لم يظهر لهم ما يوجب رده وهذا أصل ينبغي تحريره والله الموفق والمستعان. 4 في الكواكب قال الأبناسي العلامة عارم بن الفضل روى عنه البخاري........" والكلام للعراقي في الشرح ثم التقييد. 5 في ل "أواخر" والمثبت من خط ومثله في التهذيب وفي تاريخ البخاري 1/80 "تغير بأخرة". 6 من خط وليس في ل والجرح 8/59.

منه1 قبل سنة عشرين ومائتين فسماعه جيد وأبو زرعة لقيه سنة اثنتين وعشرين وقال الحسن بن عبد الله الذارع2 عن أبي داود بلغنا أن عارما أنكر سنة ثلاث عشرة ثم راجعه عقله واستحكم به الاختلاط سنة ست عشرة] 3 وقال ابن حبان اختلط في آخر عمره وتغير حتى كان لا يدري ما يحدث به فوقع في حديثه المناكير الكثيرة فيجب التنكب4 عن حديثه فيما رواه المتأخرون فإذا لم يعلم هذا من هذا ترك الكل5 وأنكر صاحب الميزان هذا القول من ابن حبان ووصفه بالتخسيف والتهوير6 وحكى قول الدارقطني تغيره7 بأخرة وما ظهر له بعد اختلاطه حديث منكر وهو ثقة ومات عارم سنة أربع وعشرين ومائتين فيكون اختلاطه ثمان سنين على قول أبي داود وأربع سنين على قول أبي حاتم8

_ 1 من خط ول ومثله في التهذيب وفي الجرح "فمن كتب عنه". 2 هكذا في خط وفي ل "الحسين بن عبد الله الزارع" مصغرا وبالزاي في نسبته. 3 ما بين المعكوفين من خط ول وليس في ن. 4 من خط ول وع ومثله في المجروحين 2/295 وفي أصل ن "التنكر" بالراء في آخره والنص هنا باختصار وراجع ع والمجروحين. 5 عقب ابن حبان بعد ذلك بقوله: هذا حكم كل من تغير [آخر] عمره واختلط إذا كان قبل الاختلاط صدوقا [وهو] مما يعرف بالكتابة والجمع والإتقان وما بين معكوفين من زيادات المحقق لكتاب ابن حبان وقد وقعت لكتابه هذا على نسخة خطية موثقة عليها تعقبات للدارقطني رحمه الله تعالى على ابن حبان واطلعت على بعضها في مكتبة بعض إخواننا وأسعى الآن للاحتفاظ بصورة منها فنظرة إلى ميسرة. 6 من خط ول وع وليس في ن. 7 هكذا في خط وفي ل "تغير" بإسقاط الهاء ومثله في التهذيب. 8 راجع التقييد.

وممن سمع منه قبل الاختلاط أحمد وعبد الله بن محمد المسندي وأبو حاتم الرازي وأبو علي محمد بن أحمد بن خالد الزريقي1 وكذلك ينبغي أن يكون من حدث عنه من شيوخ البخاري أو مسلم وروى عنه في الصحيح شيئا من حديثه ومع كون البخاري روى عنه في الصحيح فقد روى في الصحيح أيضا عن عبد الله بن محمد المسندي عنه وروى مسلم في الصحيح عن جماعة عنه وهم أحمد بن سعيد الدارمي وحجاج بن الشاعر وأبو داود سليمان بن معبد2 السنجي وعبد بن حميد وهارون بن عبد الله الحمال وممن سمع منه بعد الاختلاط أبو زرعة الرازي كما قال أبو حاتم وعلي بن عبد العزيز البغوي على قول أبي داود إنه استحكم به الاختلاط سنة ست عشرة لأن سماع علي كان في سنة سبع عشرة كما قاله العقيلي وعلى قول أبي حاتم يكون سماعه منه قبل اختلاطه وجاء إليه أبو داود ولم يسمع منه لما رأى من اختلاطه وكذلك إبراهيم الحربي قوله أبو قلابة أي أحد3 شيوخ ابن خزيمة وظاهر كلامه4 أن من سمع منه بالبصرة قبل أن يخرج إلى بغداد فسماعه صحيح ومن سمع منه ببغداد فهو بعد الاختلاط أو مشكوك فيه فممن سمع منه بالبصرة أبو داود السجستاني وابن ماجة

_ 1 هكذا في خط ول وع وفي ن "الذريقي" بالذال المعجمة بدل الزاي. 2 من خط ون ومثله في الأنساب وفي ع "سعيد" و"السنجي" ضبطها السمعاني بكسر السين المهملة وسكون النون وفي آخرها جيم. 3 في الكواكب "قال الأبناسي أحد شيوخ ... " والكلام. 4 يعني ابن خزيمة رحمه الله كما في التقييد وهذا الجزء ليس في ن وهو في خط وع.

وأبو مسلم الكجي وأبو بكر بن أبي داود ومحمد بن إسحاق الصاغاني1 وأحمد بن يحيى بن جابر البلاذري2 وأبو عروبة الحسين بن محمد الحراني وممن سمع منه آخرا ببغداد أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك وأحمد بن سليمان3 النجاد وأحمد بن كامل بن شجرة القاضي وأحمد بن عثمان بن يحيى الآدمي وأبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان وإسماعيل بن محمد الصفار [وحبشون بن موسى الخلال] 4 وعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن الخراساني البغوي5 وأبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة السدوسي وأبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي وأبو عيسى محمد بن علي بن الحسين التخاري6 بالتاء المثناة من فوق المضمومة وأبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري7 ومحمد بن مخلد الدوري وأبو العباس محمد بن يعقوب الأصم8 قال الحاكم إن الأصم لم

_ 1 من ع ومثله في الأنساب وضبطها بفتح الصاد المهملة والغين المعجمة وفي آخرها النون قال " ... والنسبة إليها الصغاني والصاغاني أيضا.." وفي خط "الصنعاني". 2 البلاذري قال السمعاني بفتح الباء الموحدة وبعدها اللام ألف وضم الذال المعجمة وفي آخرها الراء هذه النسبة إلى البلاذر وهو معروف....". 3 كذا في خط ومثله في التهذيب ترجمة: أبي قلابة وغيرهما وفي ع "سليمان" بسكون اللام وإسقاط المثناة ومثله في الأنساب/ النجاد واللسان وغيرهما. والنجاذ: ضبطها السمعاني بفتح النون والجيم والمشددة وفي آخرها الدال المهملة هذه الحرفة مشهورة..". 4 من خط وع وليس في ن. 5 من خط وع وليس في ن. 6 ضبطها السمعاني بضم التاء ثالث الحروف وفتح الخاء المعجمة والراء بعد الألف ... 7 من خط ون ومثله في الأنساب وضبطه بالباء المنقوطة من تحتها بنقطة والخاء المنقوطة الساكنة وبعدها التاء المفتوحة المنقوطة من فوقها بنقطتين بعدها راء مهملة وهذا اسم يشبه النسبة. 8 راجع التقييد.

يسمع بالبصرة حديثا واحدا وإن1 أباه رحل به سنة خمس وستين على طريق أصبهان ثم دخل بغداد سنة تسع وستين وتوفي أبو قلابة سنة ست وسبعين ومائتين ببغداد "قوله": وممن بلغنا عنه أي اختلطا الغطريفي والحفيد فأما الغطريفي فهو أبو أحمد محمد بن أحمد بن الحسين الجرجاني الغطريفي ولم يعرف له اختلاط2 إلا ما رواه المصنف عن أبي علي البرذعي3 وقد ترجمه الحافظ حمزة السهمي4 في تاريخ جرجان فلم يذكر عنه شيئا من ذلك وهو أعرف به فإنه أحد شيوخه وقد حدث عنه الحافظ أبو بكر الإسماعيلي في صحيحه إلا أنه دلس اسمه فقال مرة حدثنا محمد بن أبي حامد النيسابوري وقال مرة حدثنا محمد بن أحمد العبقشي5 وقال مرة حدثنا محمد بن أحمد الوردي وقال مرة حدثنا محمد بن أحمد البغوي وقال مرة حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين ولم ينسبه ونسبة6 الغطريفي إلى أحد أجداده فإنه محمد بن أحمد بن الحسين بن القاسم بن السري بن الغطريف الغطريفي الجرجاني الرباطي ولم يدلسه الإسماعيلي لضعفه ولكن لكونه ليس في مرتبة شيوخه وإنما هو من أقرانه وكان نازلا في منزل الإسماعيلي

_ 1 من خط وع وليس في ن. 2 من خط وفي ن "نعرف له اختلاط" وراجع التقييد. 3 هكذا في هذا الموضع من خط بالذال المعجمة وفي ع بالمهملة ووقع في ل "البراعي" بالمهملة وتقديم الألف وراجع ما سبق أثنا سياق كلام ابن الصلاح رحمه الله تعالى. 4 من ن وع وفي خط البيهقي وضبط السمعاني السهمي بفتح السين المهملة وسكون الهاء وفي آخرها الميم. 5 هكذا في خط بالشين المعجمة وضبطها في خط – ضبط قلم – بفتح العين وسكون الباء الموحدة وفتح القاف وفي ع "العبقسي" بالسين المهملة ومثله في الأنساب/ الغطريفي. 6 من ن وفي ع "ونسبته" وفي خط "ونسبه".

وتوفي الإسماعيلي قبله في سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة في غرة رجب وتأخر الغطريفي ست سنين1 فتوفي سنة سبع وسبعين في شهر رجب أيضا فلذلك أبهم نسبه فإن كان قد حصل2 للغطريفي تغير فهو بعد موت الإسماعيلي وآخر من بقي من أصحاب الغطريفي القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري وهو أيضا سمع منه قبل التغير إن كان حصل له تغير3 فإن4 القاضي أبا5 الطيب رحل6 إلى جرجان سنة إحدى وسبعين في حياة الإسماعيلي فقدمها يوم خميس7 فاشتغل بدخول الحمام ثم أصبح فأراد الاجتماع بالإسماعيلي والسماع عليه فقال له ابنه أبو سعد إنه شرب دواء لمرض حصل له فتعال غدا للسماع عليه فجاء8 من الغد يوم السبت فوجده قد مات فلم يحصل للقاضي أبي الطيب لقي الإسماعيلي وسمع في تلك السنة من الغطريفي فإنه كان نازلا في منزل الإسماعيلي ولم يذكر الذهبي في الميزان الغطريفي فيمن تغير ولكن ذكر السمعاني في الأنساب أنهم أنكروا على الغطريفي حديثا رواه من طريق مالك عن الزهري عن أنس أن9 النبي صلى الله عليه وسلم أهدى جملا لأبي جهل

_ 1 من ن وع وفي خط "منه سنين". 2 من وع وفي خط "تحصل". 3 من خط وع وفين "للغطريفي". 4 من خط وع وليس في ن. 5 من خط وع وفي ن "أبو". 6 من ن وع وفي خط "وحل" بالواو. 7 من خط وع وليس في ن. 8 من خط وع وليس في ن. 9 هكذا في خط ون وع وفي الأنساب 4/301 ".....عن أنس عن أبي بكر أن....".

قال السمعاني: وكان يذكر أن ابن صاعد وابن مظفر1 أفادا عن الصوفي هذا الحديث قال ولا يبعد2 أن يكون قد سمع إلا أنه لم يخرج أصله قال وقد حدث غير واحد من المتقدمين والمتأخرين بهذا الحديث عن الصوفي3 قال السمعاني وأنكروا عليه أيضا أنه حدث بمسند إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن ابن شيرويه من غير الأصل4 الذي سمع فيه وقال حمزة السهمي سمعت أبا عمرو الرزجاهي5 يقول رأيت سماع الغطريفي في جميع كتاب ابن شيرويه3 وإذا لم يثبت له اختلاط فيحتمل أنه اشتبه بشخص آخر معاصر له وافقه في اسمه واسم أبيه وبلده وهو محمد بن أحمد بن الحسن الجرجاني وهذا بين الحاكم اختلاطه في تاريخ نيسابور فقال سافر معي وسبرته في الحضر والسفرنيفا وأربعين سنة ما6 اتهمته في الحديث قط ثم تغير بأخرة وخلط والله تعالى7 يغفر لنا وله وينتقم ممن أفسد علمه وهذا توفي عشية الاثنين الرابع من جمادى الأولى سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة وأما الحفيد8 فهو محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة

_ 1 من خط وع وأصل ن ووقع في هذا الموضع من الأنساب "ابن مظاهر" واعتمده محقق الكواكب. 2 منن وع ومثله في الأنساب وفي خط "بعد". 3 راجع الأنساب. 4 من خط ون وع وفي الأنساب "غير أصله". 5 من ن وع والأنساب وقال السمعاني الرزجاهي: بفتح الراء وسكون الزاي وفتح الجيم وفي آخرها الهاء وفي خط الذرداهي بالذال المعجمة بعدها راء مهملة. 6 هكذا في خط ون وفي ع "فما". 7 من خط وع وليس في ن. 8 سقط من اختصار علوم الحديث لابن كثير رحمه الله ولم ينبه على ذلك الشيخ شاكر رحمه الله في الباعث وتبعه أبو الحارث علي بن حسن الحلبي حفظه الله في تحقيقه له.

فقد1 اختلط قبل موته بثلاث سنين وتجنب الناس حديثه و2 الرواية عنه وتوفي ليلة الجمعة الثامن عشر من جمادى الأولى سنة سبع وثمانين3 وثلاثمائة وقد4 بين الحاكم في تاريخ نيسابور مدة اختلاطه فقال إنه مرض وتغير بزوال العقل في ذي الحجة من سنة أربع وثمانين وثلاثمائة فإني5 قصدته بعد ذلك غير مرة فوجدته لا يعقل وكل من أخذ عنه بعد ذلك فلقلة مبالاته بالدين فيكون مدة اختلاطه سنتين وخمسة أشهر أو مع زيادة بعض شهر6 آخر وأما نقل صاحب الميزان عن الحاكم أنه عاش بعد تغيره ثلاث سنين فهو نقل7 غير محرر قال وما عرفت أحدا سمع منه أيام عدم عقله "قوله": وأبو بكر بن مالك القطيعي أي واسمه أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك8 القطيعي راوي مسند أحمد والزهد له والمصنف تبع فيما قاله عن القطيعي إما أبو9 الحسن بن الفرات فإنه حكى ذلك عن القطيعي ولم تثبت هذه المقالة عن القطيعي وقد ذكرها الخطيب في التاريخ فقال حدثت عن أبي الحسن بن الفرات قال كان ابن مالك القطيعي مستورا صاحب سنة كثير السماع من عبد الله بن أحمد

_ 1 من ل وليس في خط. 2 من خط وليس في ل. 3 من خط ول وفي ع فقد بين الحاكم ... إنه مرض.... في ذي الحجة من سنة أربع وثمانين وثلاثمائة ... وتوفي ليلة الجمعة....من سنة سبع وسبعين كذا وثلاثمائة.......". 4 في الكواكب ص/ 411 قال الحافظ العراقي فيما ذكره الأبناسي عنه: وقد بين....". 5 من خط وع وفي ن "فإنه". 6 من خط وع وفي أصل ن "أشهر". 7 من خط وفي ع "فنقل". 8 من ترجمة "القطيعي" في الأنساب وغيرها وهو مشهور وفي خط "أحمد بن مالك بن جعفر بن حمدان". 9 من ع ومثله في ترجمة القطيعي من اللسان وغيره.

وغيره إلا أنه خلط1 في آخر عمره وكف بصره وخرف حتى كان لا يعرف شيئا مما يقرأ عليه وقد2 أنكر صاحب الميزان هذا على ابن الفرات وقال هذا غلو وإسراف وقال أبو عبد الرحمن السلمي إنه سأل الدارقطني عنه فقال ثقة زاهد سمعت أنه مجاب الدعوة وقال الحاكم ثقة مأمون وسئل عنه البرقاني فقال كان شيخا صالحا غرقت بعض كتبه فنسخها من كتاب ذكروا أنه لم يكن3 سماعه فغمزوه لأجل ذلك وإلا فهو ثقة قال البرقاني وكنت شديد التنقير عن4 حاله حتى ثبت عندي أنه صدوق لا شك5 في سماعه وإنما كان فيه بله فلما غرقت القطيعة بالماء الأسود غرق شىء من كتبه فنسخ بدل ما غرق من كتاب لم يكن فيه سماعه قال ولما اجتمعت مع الحاكم أبي عبد الله بن البيع بنيسابور ذكرت ابن مالك ولينته فأنكر علي وقال الخطيب لم أر6 أحدا امتنع عن الرواية عنه ولا ترك الاحتجاج به وقال أبو بكر بن نقطة كان ثقة7

_ 1 من خط وع ومثله في تاريخ بغداد 4/74 وفي ن "اختلط". 2 في الكواكب ص 94 قال الأبناسي وقد....." والكلام للعراقي في التقييد. 3 من خط ون ومثله في اللسان وفي ل "تكن" بمثناة من فوق. 4 من ع ون ومثله عند الخطيب في التاريخ وفي خط "..التنفير.." وفي نشرة اللسان "....التنقير والتنفير ... ". 5 هكذا في خط وع وعند الخطيب "يشك" ومثله في اللسان. 6 هكذا في خط وع وعند الخطيب " ... لو نر ... " وفي ن "....لم أجد..". 7 راجع حاشية الكواكب.

وتوفي القطيعي لسبع بقين من ذي الحجة سنة ثمان وستين وثلاثمائة وعلى تقدير ثبوت ما ذكره أبو الحسن بن الفرات من التغير وتبعه المصنف فممن سمع منه في الصحة أبو الحسن الدارقطني وأبو حفص1 بن شاهين وأبو عبد الله الحاكم وأبو بكر البرقاني وأبو وأبو نعيم الأصبهاني وأبو علي بن المذهب راوي المسند عنه فإنه سمعه عليه في سنة ست وستين

_ 1 من ع وفي خط "وأبو جعفر".

النوع الثالث والستون

النوع الثالث والستون معرفة طبقات الرواة والعلماء وذلك من المهمات التي افتضح بسبب الجهل بها غير واحد من المصنفين وغيرهم وكتاب الطبقات الكبير لمحمد بن سعد كاتب الواقدي كتاب حفيل كثير الفوائد وهو ثقة غير أنه كثير الرواية فيه عن الضعفاء ومنهم الواقدي وهو محمد بن عمر الذي لا ينسبه والطبقة في اللغة عبارة عن القوم المتشابهين وعند هذا فرب شخصين يكونان من طبقة واحدة لتشابههما بالنسبة إلى جهة ومن طبقتين بالنسبة إلى جهة أخرى لا يتشابهان فيها فأنس بن مالك الأنصاري وغيره من أصاغر الصحابة مع العشرة وغيرهم من أكابر الصحابة من طبقة واحدة إذا نظرنا إلى تشابههم في أصل صفة الصحبة وعلى هذا فالصحابة بأسرهم طبقة أولى والتابعون طبقة ثانية وأتباع التابعين طبقة ثالثة وهلم جرا وإذا نظرنا إلى تفاوت الصحابة في سوابقهم ومراتبهم كانوا على ما سبق ذكره بضع عشرة طبقة ولا يكون عند هذا أنس وغيره من أصاغر الصحابة من طبقة العشرة من الصحابة بل دونهم بطبقات والباحث الناظر في هذا الفن يحتاج إلى معرفة المواليد والوفيات ومن أخذوا عنه ومن أخذ عنهم ونحو ذلك والله أعلم. انتهى. ويعرف كون الراويين أو الرواة من طبقة واحدة بتقاربهم في السن وفي

الشيوخ الآخذين عنهم إما بكون1 شيوخ هذا هم شيوخ هذا أو تقارب شيوخ هذا من شيوخ شيوخ هذا في الأخذ كما تقدم في رواية الأقران فالطبقة لغة القوم المتشابهون واصطلاحا التشابه في الأسنان والإسناد وربما اكتفوا بالتشابه في الإسناد وبسبب الجهل بمعرفة الطبقات غلط غير واحد من المصنفين فربما ظن راويا راويا آخر غيره وربما أدخل راويا في غير طبقته وتقدمت لذلك أمثلة في معرفة التابعين وقد صنف في الطبقات جماعة منهم من اختصر كخليفة بن خياط ومسلم بن الحجاج ومنهم من طول كمحمد بن سعد في الطبقات الكبرى وله ثلاثة تصانيف في ذلك وكتابه الكبير جليل كثير الفائدة وابن سعد ثقة وثقة أبو حاتم وغيره ولكنه كثير الرواية عن الضعفاء كمحمد بن عمر بن واقد الأسلمي الواقدي ويقتصر كثيرا على اسمه واسم أبيه من غير نسب وكهشام بن محمد بن السائب الكلبي ونصر بن باب الخراساني في آخرين منهم على أن أكثر شيوخه أئمة ثقات كسفيان بن عيينة وابن علية ويزيد بن هارون ومعن بن عيسى وهشيم وأبي الوليد الطيالسي وأبي أحمد الأبيري وأنس بن عياض وغيرهم ولكنه أكثر الرواية في الكتاب المذكور عن شيخيه الأولين ثم إنه قد يكون الراوي من طبقة لمشابهته لتلك الطبقة من وجه ومن طبقة أخرى غيرها لمشابهته لها من وجه آخر وممن جعل الصحابة كلهم طبقة واحدة أصاغرهم وأكابرهم ابن حبان في الثقات وممن جعلهم طباقا ابن سعد في الطبقات2

_ 1 من خط وفي ل "إما أن يكون". 2 راجع الشرح.

النوع الرابع والستون

النوع الرابع والستون معرفة الموالي من الرواة والعلماء وأهم ذلك معرفة الموالي المنسوبين إلى القبائل بوصف الإطلاق فإن الظاهر في المنسوب إلى قبيلة كما إذا قيل فلان القرشي1 أنه منهم صليبة فإذا بيان من قيل فيه قرشي من أجل كونه مولى لهم مهم واعلم أن منهم2 من يقال فيه مولى فلان أو لبني فلان والمراد به مولى العتاقة وهذا هو الأغلب في ذلك ومنهم من أطلق عليه لفظ المولى والمراد به ولاء الإسلام ومنهم أبو عبد الله البخاري فهو محمد بن إسماعيل الجعفي مولاهم نسب إلى ولاء الجعفيين لأن جده وأظنه الذي يقال له الأحنف3 أسلم وكان مجوسيا على يد اليمان بن أخنس4 الجعفي جد عبد الله بن محمد المسندي الجعفي أحد شيوخ البخاري وكذلك الحسن بن عيسى الماسرجسي مولى عبد الله بن المبارك إنما ولاؤه له من حيث كونه أسلم وكان نصرانيا على يديه ومنهم من هو مولى بولاء الحلف والموالاة كمالك بن أنس الإمام ونفره هم أصبحيون حميريون صليبة وهم موال ليتم قريش بالحلف وقيل

_ 1 من ش وع وفي خط "شيء". 2 هكذا في خط وفي ش وع "فيهم". 3 من ش وع وفي خط "الأخنس". 4 ذكر السمعاني وابن حجر وغيره أن جد البخاري المغيرة كان مجوسيا فأسلم على يدي يمان الجعفي فيحرر هذا الظن الذي ظنه ابن الصلاح رحمه الله.

لأن جده مالك بن أبي عامر كان عسيفا على طلحة بن عبيد الله التيمي أي أجيرا وطلحة يختلف بالتجارة فقيل مولى التيميين لكونه مع طلحة بن عبيد الله التيمي وهذا قسم رابع في ذلك وهو نحو ما أسلفناه في مقسم أنه قيل فيه مولى ابن عباس للزومه إياه وهذه أمثلة للمنسوبين إلى القبائل من مواليهم أبو البختري1 الطائي سعيد بن فيروز التابعي هو مولى طيىء أبو العالية رفيع الرياحي التميمي2 التابعي كان مولى امرأة من بني رياح عبد الرحمن بن هرمز الأعرج الهاشمي أبو داود الراوي عن أبي هريرة وابن بحينة وغيرهما هو مولى بني هاشم الليث بن سعد المصري الفهمي مولاهم عبد الله بن المبارك المروزي الحنظلي مولاهم عبد الله بن وهب المصري القرشي مولاهم عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث الجهني مولاهم وربما نسب إلى القبيلة مولى مولاها كأبي الحباب سعيد بن يسار الهاشمي3 الراوي عن أبي هريرة وابن عمر كان مولى لمولى لبني هاشم لأنه

_ 1 ضبط خط. 2 من ش وع وفي خط "التيمي" وفي الجرح والتعديل "....من بني تميم ... ". 3 في حاشية خط قال الشيخ ذكر الحميدي في جمعه – وشنعه1 أبو مسعود الدمشقي – وقبله محمد...........=

مولى شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم روينا عن الزهري قال قدمت على عبد الملك بن مروان فقال من أين قدمت يا زهري قلت من مكة قال فمن خلفت بها يسود أهلها قلت عطاء ابن أبي رباح قال فمن العرب أم من الموالي قال قلت من الموالي قال وبم سادهم قلت بالديانة والرواية قال إن أهل الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا فمن يسود أهل اليمن قال قلت طاووس بن كيسان قال فمن العرب أم من الموالي قال قلت من الموالي قال وبم سادهم قلت بما سادهم به عطاء قال إنه لينبغي فمن يسود أهل مصر قال قلت يزيد بن أبي حبيب قال فمن العرب أم من الموالي قال قلت من الموالي عبد نوبي أعتقته امرأة من هذيل1 قال فمن يسود أهل الشام قال قلت مكحول قال فمن العرب أم من الموالي قال قلت من الموالي قال فمن يسود أهل الجزيرة قال قلت ميمون بن مهران قال فمن العرب أم من الموالي قال قلت من الموالي قال فمن يسود أهل خراسان قال قلت الضحاك بن مزاحم قال فمن

_ = ابن يحيى الذهلي أن سعيد بن يسار هذا هو سعيد بن مرجانة الراوي عن أبي هريرة حديث العتق2 مرجانة أمه وهذا غلط بل هما اثنان وابن مرجانة أبوه3 عبد الله وكنيته أبو عثمان ووفاته قبل وفاة ابن يسار بنحو عشرين سنة وقيل أكثر ومات ابن يسار سنة سبع عشرة ومائة وممن نبه على أنهما اثنان: الكلاباذي و"......"4 وابن طاهر اهـ. 1 هكذا في خط بعد "يزيد بن أبي حبيب" ووردت هذه العبارة في ش وع متأخرة بعد "مكحول". فليحرر والله المستعان.

العرب أم من الموالي قال قلت من الموالي قال فمن يسود أهل البصرة قال قلت الحسن بن أبي الحسن قال فمن العرب أم من الموالي قال قلت من الموالي قال ويلك فمن يسود أهل الكوفة قال قلت إبراهيم النخعي قال فمن العرب أم من الموالي قال قلت من العرب قال ويلك يا زهري فرجت عني والله لتسودن الموالي على العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها قال قلت يا أمير المؤمنين إنما هو أمر الله ودينه من حفظه ساد ومن ضيعه سقط وفيما نرويه عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال لما مات العبادلة صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي إلا المدينة فإن الله خصها بقرشي فكان فقيه أهل المدينة سعيد بن المسيب غير مدافع قلت وفي هذا بعض الميل فقد كان حينئذ من العرب غير ابن المسيب فقهاء أئمة مشاهير منهم الشعبي والنخعي وجميع الفقهاء السبعة الذين منهم ابن المسيب عرب إلا سليمان بن يسار انتهى "قوله": كما إذا قيل فلان القرشي أي فإنه يفهم منه عند الإطلاق أنه منهم صليبة وليس بمولى ففائدة ذلك التمييز بين الصليبة والمولى وقد تظهر فائدته في الأحكام الشرعية كاشتراط النسب في الإمامة العظمى والكفاءة في النكاح وفي مواضع الاستحباب كالتقديم في الصلاة ونحو ذلك وقد صنف في الموالي أبو عمر الكندي ولكن بالنسبة إلى المصريين لا مطلقا واعترض على المصنف في كونه جعل عبد الله بن وهب فيمن ينسب إلى القبائل من مواليهم فإن ظاهر كلامه يقتضي أنه مولى قريش وإنما هو مولى مولاها فكان ينبغي له أن يذكره1 مع سعيد بن يسار

_ 1 من خط وفي ع يذكر بإسقاط الهاء.

"قال": وربما نسب إلى القبيلة مولى مولاها فهو مولى مولى قريش لا مولاها لأنه عبد الله بن وهب القرشي الفهري مولى يزيد بن رمانة1 ويزيد ابن رمانة مولى أبي عبد الرحمن يزيد2 بن أنيس الفهري ذكر ذلك جماعة منهم ابن يونس في تاريخ مصر وبه جزم المزي في تهذيب الكمال وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل والسمعاني في الأنساب مولى رمانة وقال البخاري في التاريخ الكبير مولى بني رمانة كما قال ابن يونس وهو الصواب وإلى فهر تنسب قريش ومحارب والحارث بن فهر قال الشاعر به جمع الله القبائل من فهر واقتصر المصنف على أن أبا الحباب سعيد بن يسار قيل به الهاشمي لأنه مولى شقران وأهمل ثلاثة أقوال أحدها أنه مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم والثاني أنه مولى الحسن بن علي والثالث أنه مولى لبني النجار وعلى هذا لا يكون مولى لبني هاشم وأما قول عبد الملك للزهري لتسودن الموالي على العرب فإنه يحتمل أنه قاله فراسة أو اطلع عليه بطريق من الطرق3

_ 1 ضبط خط ووقع في بعض مصادر ترجمة ابن وهب ريحانة. 2 من ع ول وفي خط "زيد". 3 راجع الشرح.

النوع الخامس والستون

النوع الخامس والستون معرفة أوطان الرواة وبلدانهم وذلك مما يفتقر حفاظ الحديث إلى معرفته في كثير من تصرفاتهم ومن مظان ذكره الطبقات لابن سعد وقد كانت العرب إنما تنتسب إلى قبائلها فلما جاء الإسلام وغلب عليهم سكنى القرى والمدائن حدث فيما بينهم الانتساب إلى الأوطان كما كانت العجم تنتسب إلى أوطانهم وأضاع كثير منهم أنسابهم فلم يبق لهم1 غير الانتساب إلى أوطانهم ومن كان من الناقلة من بلد إلى بلد وأراد الجمع بينهما في الانتساب فليبدأ بالأول ثم بالثاني المنتقل إليه وحسن أن يدخل2 على الثاني كلمة ثم فيقال في الناقلة من مصر إلى الشام مثلا فلان المصري ثم الدمشقي ومن كان من أهل قرية من قرى بلدة فجائز أن ينتسب إلى القرية وإلى البلدة أيضا وإلى الناحية التي منها تلك البلدة أيضا ولنقتد بالحاكم أبي عبد الله الحافظ فنروي أحاديث بأسانيدها منبهين على بلاد رواتها ومستحسن2 من الحافظ أن يورد الحديث بإسناده ثم يذكر أوطان رجاله واحدا فواحدا وهكذا غير ذلك من أحوالهم أخبرني الشيخ المسند المعمر أبو حفص عمر بن محمد بن المعمر رحمه الله

_ 1 من ش وع وفي خط "لي". 2 ضبط خط.

تعالى بقراءتي عليه ببغداد أنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري أنا1 أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي2 أنا1 أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماس ثنا3 أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي ثنا4 محمد بن عبد الله الأنصاري ثنا5 سليمان التيمي عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا هجرة بين المسلمين فوق ثلاثة أيام أو قال ثلاث ليال أخبرني الشيخ المسند أبو الحسن المؤيد محمد6 بن علي المقرىء رحمه الله تعالى7 بقراءتي عليه بنيسابور عودا على بدء2 من ذلك مرة على رأس قبر مسلم بن الحجاج أنبأ8 فقيه الحرم أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي عند قبر مسلم9 ح وأخبرتني أم المؤيد زينب بنت أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن الشعري10 بقراءتي عليها بنيسابور مرة وبقراءة غيري مرة أخرى قلت أخبرك إسماعيل بن أبي القاسم بن أبي بكر القارىء قراءة عليه قالا أنا أبو حفص عمر بن أحمد بن مسرور أنا أبو عمرو إسماعيل بن نجيد السلمي أنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي ثنا11 محمد بن عبد الله

_ 1 من خط وفي ش "قال أنا" وفي ع "قال أخبرنا". 2 ضبط خط. 3 من خط وفي ش "ماسي قال أنا" وفي ع "ماسي قال حدثنا". 4 من خط وفي ش "قال أنا" وفي ع "قال حدثنا". 5 من خط وفي ش "أنا" وفي ع "قال حدثنا". 6 من ش وع وفي خط "المؤيد بن محمد". 7 من خط وليس في ش وع. 8 من خط وفي ش "أنا" وفي ع "قال أخبرنا". 9 في ش وع "مسلم أيضا". 10 من ش وع ولم تنقط المعجمة في خط وضبطها في خط بسكون العين المهملة. 11 من خط وفي ش "أنا" وفي ع "قال حدثنا".

الأنصاري حدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" قلت يا رسول الله أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما قال: "تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه" الحديثان عاليان في السماع1 مع نظافة السند وصحة المتن وأنس في الأول فمن دونه إلى أبي مسلم بصريون ومن بعد أبي مسلم إلى شيخنا فيه بغداديون وفي الحديث الثاني أنس فمن دونه إلى أبي مسلم كما ذكرناه بصريون ومن بعده من ابن نجيد2 إلى شيخينا3 نيسابوريون أخبرني الشيخ الزكي4 أبو الفتح منصور بن عبد المنعم بن أبي البركات بن الإمام أبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي بقراءتي عليه بنيسابور أنا جدي أبو عبد الله محمد بن الفضل أنا أبو عثمان سعيد بن محمد البحيري2 رحمه الله أنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون أنا5 أبو حاتم مكي بن عبدان أنا عبد الرحمن بن بشر أنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني6 عبدة بن أبي لبابة أن ورادا7 مولى المغيرة بن شعبة أخبره أن المغيرة بن شعبة كتب إلى معاوية كتب ذلك الكتاب له وراد8 إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين يسلم لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد

_ 1 من ش وع وفي خط "السما" بدون العين واستشكلها الناسخ وترك بعدها فراغا يسع لإضافة حرف العين لكن لم يلحقه وكأنه سهو قلم من الأبناسي رحمه الله فالله أعلم. 2 ضبط خط. 3 من خط وفي ش وع "شيخنا" بالإفراد. 4 من ش وع وفي خط "المزكي". 5 من خط وفي ع "قال أخبرنا" ومثله في ش لكن وقع هناك "قال أخبرنا أنا". 6 من ش وع "قال أخبرني". 7 رسم الناسخ عليها علامة "صح". 8 من ش وع وفي خط "وزاد" بالزاي.

المغيرة بن شعبة ووراد وعبدة كوفيون وابن جريج مكي وعبد الرزاق صنعاني يماني1 وعبد الرحمن بن بشر فشيخنا ومن بينهما أجمعون نيسابوريون ولله سبحانه الحمد الأتم على ما أسبغ من إفضاله والصلاة والسلام الأفضلان على سيدنا محمد وآله وعلى سائر النبيين وآل كل نهاية ما يسأل السائلون وغاية ما يأمل2 الآملون انتهى أي معرفة أوطان الرواة وبلدانهم أمر مهم فإن ذلك ربما ميز بين الاسمين المتفقين في اللفظ فينظر في شيخه وتلميذه الذي روى عنه فربما كان أو أحدهما من بلد أحد المتفقين في الاسم فيغلب على الظن أن بلديهما3 هو المذكور في السند لا سيما إذا لم يعرف له سماع بغير بلده وأيضا ربما استدل بذكر وطن الشيخ أو ذكر مكان السماع على الإرسال بين الراويين إذا لم يعرف لهما اجتماع عند من لا يكتفي بالمعاصرة وكان4 شيخنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبي بكر القرشي يقول غير مرة كنت أسمع بقراءة الحافظ أبي الحجاج المزي كتاب5 عمل اليوم والليلة للحسن بن علي بن شبيب المعمري فمر حديث من رواية الليث بن سعد عن يونس بن محمد المؤدب6 قال فقلت للمزي في أين7 سمع الليث من يونس8

_ 1 هكذا في خط بإثبات الياء وفي ش وع سبحان. 2 ضبط خط. 3 من ل وفي خط "بلديها" بإسقاط الميم. 4 راجع الشرح. 5 من خط وفي ل في كتاب. 6 من خط وفي ل "من رواية يونس بن محمد المؤذن عن الليث بن سعد" بالقلب وتحريف المؤدب بالمهملة والموحدة إلى "المؤذن" بالمعجمة والنون. 7 هكذا في خط ول. 8 من خط وفي ل "يونس من الليث".

فقال لعله سمع منه في الحج ثم استمر في القراءة ثم قال لا1 الليث اذهب في الرسلية2 إلى بغداد فسمع منه هناك "قوله": ومن كان من قرية من قرى بلدة فجائز أن ينسب إلى القرية والبلدة والناحية التي منها تلك البلدة فيقال لمن سكن المعابدة معابدي مكي حجازي وقد يزيد على ثلاثة فيقال لمن سكن الخصوص قرية من قرى منية بني خصيب خصوصي مناوي صعيدي مصري فإن أفردته بواحد منها جاز وإن أردت أن تجمع بين الجميع فابدأ بالأعم منها فتقول المصري الصعيدي المناوي الخصوصي والله أعلم

_ 1 من خط وفي ل "إلا". 2 من خط وفي ل "الوسيلة".

§1/1