السنة للمروزي

محمد بن نصر المروزي

1 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا الْمُسْتَمِرُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} [الحجرات: 7] قَالَ: §هَذَا نَبِيُّكُمْ وَخِيَارُ أُمَّتِكُمْ فَكَيْفَ أَنْتُمْ؟ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: أُولُو الْأَمْرِ أُمَرَاءُ سَرَايَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَهُوَ يُشْبِهُ مَا قَالَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ حَوْلَ مَكَّةَ مِنَ الْعَرَبِ لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُ إِمَارَةً، وَكَانَتْ تَأْنَفُ أَنْ يُعْطِيَ بَعْضُهَا بَعْضًا طَاعَةَ الْإِمَارَةِ فَلَمَّا دَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطَّاعَةِ لَمْ تَكُنْ تَرَى ذَلِكَ يَصْلُحُ لِغَيْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُمِرُوا أَنْ يُطِيعُوا أُولِي الْأَمْرِ الَّذِينَ أَمَّرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا طَاعَةً مُطْلَقَةً، بَلْ طَاعَةً مُسْتَثْنًى مِنْهَا لَهُمْ، فَقَالَ تَعَالَى: { «فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ» } [النساء: 59] يَعْنِي: إِنِ اخْتَلَفْتُمْ فِي شَيْءٍ يَعْنِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - هُمْ وَأُمَرَاؤُهُمُ الَّذِينَ أُمِرُوا بِطَاعَتِهِمْ { «فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ» } [النساء: 59] يَعْنِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِلَى مَا قَالَ اللَّهُ وَالرَّسُولُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ نَصًّا فِيهِمَا، وَلَا فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُدَّ قِيَاسًا عَلَى أَحَدِهِمَا. وسَمِعْتُ إِسْحَاقَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ { «وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» } [النساء: 59] : قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرُ الْآيَةِ عَلَى أُولِي الْعِلْمِ، وَعَلَى أُمَرَاءِ السَّرَايَا؛ لِأَنَّ الْآيَةَ الْوَاحِدَةَ يُفَسِّرُهَا الْعُلَمَاءُ عَلَى أَوْجُهٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافٍ 2 - وَقَدْ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: لَيْسَ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ اخْتِلَافٌ إِذَا صَحَّ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: أَيَكُونُ شَيْءٌ أَظْهَرَ خِلَافًا فِي الظَّاهِرِ مِنَ الْخُنَّسِ؟ -[8]- قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: هِيَ: بَقَرُ الْوَحْشِ، وَقَالَ عَلِيٌّ: هِيَ النُّجُومُ قَالَ سُفْيَانُ: وَكِلَاهُمَا وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ النُّجُومَ تَخْنَسُ بِالنَّهَارِ وَتَظْهَرُ بِاللَّيْلِ، وَالْوَحْشِيَّةُ إِذَا رَأَتْ إِنْسِيًّا خَنَسَتْ فِي الْغِيضَانِ وَغَيْرِهَا، وَإِذَا لَمْ تَرَ إِنْسِيًّا ظَهَرَتْ، قَالَ سُفْيَانُ: فَكُلٌّ خُنَّسٌ قَالَ إِسْحَاقُ: وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ مَا جَاءَ عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَاعُونِ " يَعْنِي أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: هُوَ الزَّكَاةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَارِيَةُ الْمَتَاعِ. 3 - قَالَ: وَقَالَ عِكْرِمَةُ: أَعْلَاهُ الزَّكَاةُ وَعَارِيَةُ الْمَتَاعِ مِنْهُ، قَالَ إِسْحَاقُ: وَجَهِلَ قَوْمٌ هَذِهِ الْمَعَانِيَ، فَإِذَا لَمْ تُوَافِقِ الْكَلِمَةُ الْكَلِمَةَ قَالُوا: هَذَا اخْتِلَافٌ 4 - وَقَدْ قَالَ الْحَسَنُ، وَقَدْ ذُكِرَ عِنْدَهُ الِاخْتِلَافُ فِي نَحْوِ مَا وَصَفْنَا، فَقَالَ: إِنَّمَا أُتِيَ الْقَوْمُ مِنْ قِبَلِ الْعُجْمَةِ، 5 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَكْمَلَ لِلْمُسْلِمِينَ دِينَهُمْ، فَقَالَ: { «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي، وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا» } [المائدة: 3] نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ بِعَرَفَاتٍ، فَلَمْ يَنْزِلْ بَعْدَهَا حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ، وَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَاتَ وَأَمَرَهُمُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالِاجْتِمَاعِ عَلَى مَا جَاءَهُمْ عَنْهُ، وَنَهَاهُمْ عَنِ التَّفَرُّقِ مِنْ بَعْدِ أَنْ جَاءَهُمُ الْبَيَانُ، فَقَالَ: { «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا» } [آل عمران: 103] ، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: { «وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ» } [آل عمران: 105] 6 - وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقَاطَعُوا وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا» -[9]- 7 - وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ» 8 - وَقَالَ: «مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ»

9 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ»

10 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَنَافَسُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا» وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: { «وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ» } [الأنعام: 153] فَأَخْبَرَنَا اللَّهُ أَنَّ طَرِيقَهُ وَاحِدٌ مُسْتَقِيمٌ، وَأَنَّ السُّبُلَ كَثِيرَةٌ تَصُدُّ مَنِ اتَّبَعَهَا عَنْ طَرِيقِهِ الْمُسْتَقِيمِ، ثُمَّ بَيَّنَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِسُنَّتِهِ

11 - فَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنبا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا، ثُمَّ قَالَ: «§هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ» ، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، وَقَالَ: «هَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ» وَقَرَأَ: { «وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ» } [الأنعام: 153] الْآيَةَ

12 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ، ثنا عَاصِمٌ، عَنْ زَرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: { «وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ» } [الأنعام: 153] فَخَطَّ خَطًّا فَقَالَ: «§هَذَا الصِّرَاطُ» ، وَخَطَّ حَوْلَهُ خُطُوطًا فَقَالَ: «هَذِهِ السُّبُلُ فَمَا مِنْهَا إِلَّا وَعَلَيْهِ شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ»

13 - وَحَدَّثَنَا أَبُو الشَّعْثَاءِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُلُوسًا إِذْ خَطَّ خَطًّا، فَقَالَ: «§هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ» ، وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، فَقَالَ: «هَذِهِ سُبُلُ الشَّيَاطِينِ» ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْخَطِّ الْأَوْسَطِ وَتَلَا هَذِه الْآيَةَ " {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153] فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " 14 - حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، ثنا سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَطَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ خَطًّا فِي الْأَرْضِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ:

15 - وَحَدَّثَنَا سَعِيدٌ، فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: §فَحَذَّرَنَا اللَّهُ ثُمَّ رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحْدَثَاتِ وَالْأَهْوَاءَ الصَّادَّةَ عَنِ اتِّبَاعِ أَمْرِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَخْبَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَدَعُ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ مَعَ مَا يُبَيِّنُ لَهُ فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ حَتَّى يَعِظَهُ، وَيُنَبِّهَهُ بِالْخَطَرِ بِقَلْبِهِ لِيَعْتَصِمَ بِذَلِكَ مِنْ دُعَاءِ الشَّيَاطِينِ إِلَى الصَّدِّ عَنْ سَبِيلِهِ وَعَنْ طَرِيقِ مَرْضَاتِهِ

16 - فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، وَعَلَى جَنْبَيِ الصِّرَاطِ سُورٌ فِيهِ أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ، وَعَلَى الْأَبْوَابِ أُرَاهُ قَالَ: سُتُورٌ مُرْخَاةٌ، وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعًا وَلَا تَتَعَوَّجُوا، وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ، فَإِذَا أَرَادَ فَتْحَ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ قَالَ: وَيْحَكَ لَا تَفْتَحْهُ؛ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ، فَالصِّرَاطُ الْإِسْلَامُ، وَالسُّتُورُ حُدُودُ اللَّهِ، وَالْأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ، وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ، وَالدَّاعِي مِنْ فَوْقَ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ

17 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §ضَرَبَ اللَّهُ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، وَعَلَى جَنْبَيِ الصِّرَاطِ سُورٌ فِيهِ أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ، وَعَلَى الْأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِّ دَاعٍ يَدْعُو مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ، فَإِذَا أَرَادَ فَتْحَ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ قَالَ: وَيْحَكَ لَا تَفْتَحْهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ، وَالصِّرَاطُ الْإِسْلَامُ، وَالسُّتُورُ حُدُودُ اللَّهِ، وَالْأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ، وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ، وَالدَّاعِي مِنْ فَوْقَ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ "

18 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، الرَّازِي حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ الْحِمْصِيُّ، ثنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي بُحَيْرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §إِنَّ اللَّهَ ضَرَبَ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا عَلَى كَنَفَيِ الصِّرَاطِ سُورَانِ لَهُمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ، وَعَلَى الْأَبْوَابِ سُتُورٌ وَدَاعٍ يَدْعُو عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ، وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ فَوْقِهِ، {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يونس: 25] ، فَالْأَبْوَابُ الَّتِي عَلَى كَنَفَي -[12]- الصِّرَاطِ حُدُودُ اللَّهِ، لَا يَقَعُ أَحَدٌ فِي حُدُودِ اللَّهِ حَتَّى يُكْشَفَ سِتْرُ اللَّهِ، وَالَّذِي يَدْعُو مِنْ فَوْقِهِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِهِ "

19 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ مَيْمُونٍ، ثنا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ {وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153] قَالَ: §الْبِدَعُ وَالشُّبُهَاتُ

20 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثنا رَوْحٌ، عَنْ شِبْلٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، {وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] قَالَ: §الْبِدَعُ وَالشُّبُهَاتُ

21 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنبأ جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " §الصِّرَاطُ مُحْتَضَرٌ يَحْضُرُهُ الشَّيَاطِينُ، يُنَادُونَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَلُمَّ، يَا عَبْدَ اللَّهِ هَلُمَّ، هَذَا الطَّرِيقُ؛ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، فَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ، قَالَ: حَبْلُ اللَّهِ هُوَ كِتَابُ اللَّهِ 22 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنبأ وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ

23 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنبأ سُفْيَانُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: §حَبْلُ اللَّهِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ الْقُرْآنُ

24 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا وَكِيعٌ، أَنْبَا مِسْعَرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: §الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ كِتَابُ اللَّهِ

25 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا وَكِيعٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: §الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ الْإِسْلَامُ

26 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِهِ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، قَالَ: قَالَ لَنَا أَبُو الْعَالِيَةِ: " §تَعَلَّمُوا الْإِسْلَامَ فَإِذَا تَعَلَّمْتُمُوهُ فَلَا تَرْغَبُوا عَنْهُ، وَعَلَيْكُمْ بِالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ فَإِنَّهُ الْإِسْلَامُ، وَلَا تُحَرِّفُوا الصِّرَاطَ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَعَلَيْكُمْ بِسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقْتُلُوا صَاحِبَهُمْ وَيَفْعَلُوا الَّذِي فَعَلُوا، فَإِنَّا قَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقْتُلُوا صَاحِبَهُمْ وَمِنْ قَبْلِ أَنْ يَفْعَلُوا الَّذِي فَعَلُوا بِخَمْسَةَ عَشَرَ سَنَةً، وَإِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الْأَهْوَاءَ الَّتِي تُلْقِي بَيْنَ النَّاسِ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ، فَأَخْبَرْتُ بِهِ الْحَسَنَ فَقَالَ: صَدَقَ وَنَصَحَ، وَحَدَّثْتُ بِهِ حَفْصَةَ بِنْتَ سِيرِينَ فَقَالَتْ لِي: بِأَهْلِي أَنْتَ هَلْ حَدَّثْتَ بِهَذَا مُحَمَّدًا؟ قُلْتُ: لَا، قَالَتْ: فَحَدِّثْهُ إِيَّاهُ

27 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، أَنْبَا أَبُو النَّضْرِ يَعْنِي هَاشِمَ بْنَ الْقَاسِمِ ثنا حَمْزَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ أَبُو النَّضْرِ - وَكَانَ أَعْبَدَ رَجُلٍ - بِالْكُوفَةِ قَالَ: ثنا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فِي قَوْلِ اللَّهِ {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] قَالَ: §هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَاهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلْحَسَنِ فَقَالَ: صَدَقَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَنَصَحَ

28 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ السَّمْطِ - وَكَانَ ثِقَةً - عَنِ الْوَضِينِ بْنِ عَطَا، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَرْثَدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §كُلُّ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ثَغْرَةٍ مِنْ ثُغَرِ الْإِسْلَامِ، اللَّهَ اللَّهَ لَا يُؤْتَى الْإِسْلَامُ مِنْ قِبَلِكَ

29 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، يَقُولُ: §كَانَ يُقَالُ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ إِلَّا وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى ثَغْرَةٍ مِنْ ثُغَرِ الْإِسْلَامِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَلَّا يُؤْتَى الْإِسْلَامُ مِنْ ثَغْرَتِهِ فَلْيَفْعَلْ

30 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ خَلَفٍ - وَكَانَ مِنَ الْخَائِفِينَ - قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ: §إِنَّمَا الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ بِمَنْزِلَةِ الْحِصْنِ، فَإِذَا أَحْدَثَ الْمُسْلِمُ حَدَثًا ثُغِرَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ قِبَلِهِ، فَإِنْ أَحْدَثَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ فَاثْبُتْ أَنْتَ عَلَى الْأَمْرِ الَّذِي لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ لَقَامَ الدِّينُ لِلَّهِ بِالْأَمْرِ الَّذِي أَرَادَهُ مِنْ خَلْقِهِ لَا يُؤْتَى الْإِسْلَامُ مِنْ قِبَلِكَ

31 - حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ عَمْروِ بْنِ جَابِرٍ اللَّخْمِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيِّ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105] فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا، سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: §بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، فَإِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ فَعَلَيْكَ نَفْسَكَ، وَإِيَّاكَ وَأَمْرَ الْعَوَامِّ؛ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا، الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِمْ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ، قَالَ: وَزَادَ فِي غَيْرِهِ قِيلَ لَهُ: خَمْسِينَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: «خَمْسِينَ مِنْكُمْ»

32 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ، ثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ صُبَيْحٍ الْمُرِّيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ، أَخِي بَنِي مَازِنِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَكَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ لِلْمُتَمَسِّكِ فِيهِنَّ يَوْمَئِذٍ بِمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ» ، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَوَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: «بَلْ مِنْكُمْ» ، وَمَدَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِينَ قَبِلَوَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَدَّى إِلَيْهِمْ عَنِ اللَّهِ وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ وَهُمُ الْمُهَاجِرُونَ، وَالْأَنْصَارُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَرَبَ بِهِمُ الْمَثَلَ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فَقَالَ: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29] الْآيَةَ -[15]-، وَقَالَ: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] الْآيَةَ، 33 - فَهُمْ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَدُّونَ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَدَّى إِلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ أَمَرَهُمْ، فَقَالَ: لِيُبْلِغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ، فَمَضَوْا عَلَى مِنْهَاجِ نَبِيِّهِمْ مُتَّبِعِينَ حُكْمَ الْقُرْآنِ وَسُنَّةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، 34 - وَمَدَحَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، وَأَمَرَ بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ بَعْدَهُ، وَحَذَّرَ أُمَّتَهُ الْمُحْدَثَاتِ الَّتِي أُحْدِثَتْ بَعْدَهُمْ، وَأَخْبَرَ أَنَّهَا بِدْعَةٌ، وَذَمَّ اللَّهُ مَنْ أَحْدَثَ مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ فِي دِينِ اللَّهِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، فَحَذَّرَنَا أَنْ نَكُونَ مِثْلَهُمْ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ نَهَاهُمْ أَنْ يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ، وَنَهَانَا عَنْ مِثْلِ مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ فَقَالَ: {شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] فَشَرَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّرَائِعَ وَسَنَّ السُّنَنَ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَوَحْيِهِ لَا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، وَشَهِدَ اللَّهُ لَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3] وَقَالَ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء: 171] ، وَقَالَ {أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ} -[16]- فَحَذَّرَنَا أَنْ نَكُونَ مِثْلَهُمْ؛ لِأَنَّا وَرِثْنَا الْكِتَابَ كَمَا وَرِثُوهُ وَدَرَسْنَاهُ كَمَا دَرَسُوهُ 35 - ثُمَّ أَخْبَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا سَنَسْتَنُّ بِسُنَّتِهِمْ وَنَتَّبِعُ آثَارَهُمْ، وَيَبْتَدِعُ بَعْضُنَا كَمَا ابْتَدَعُوا، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ 36 - وَقَالَ: أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي النُّجُومُ وَالتَّكْذِيبُ بِالْقَدَرِ وَأَئِمَّةٌ مُضِلُّونَ، وَبَرَّأَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ {الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: 159] وَأَمَرَ بِاتِّبَاعِ سَبِيلِهِ فِي كِتَابِهَ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ، بِذَلِكَ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ الْمُتَوَاتِرَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَهَا وَسَنَذْكُرُ بَعْضَ مَا يَحْضُرُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

37 - حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَتَى حُنَيْنًا مَرَّ بِشَجْرَةٍ يُعَلِّقُ الْمُشْرِكُونَ عَلَيْهَا أَمْتِعَتَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ، يُقَالُ لَهَا ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ، قَالَ: " §اللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسَى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: 138] لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ "

38 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ الدَّيْلِيِّ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ حُنَيْنٍ فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْ لَنَا هَذِهِ ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لِلْكُفَّارِ ذَاتُ أَنْوَاطٍ، وَكَانَ لِلْكُفَّارِ سِدْرَةٌ يَنُوطُونَ سِلَاحَهُمْ بِهَا فَيَعْكِفُونَ حَوْلَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §قُلْتُمُوهَا كَمَا قَالُوا -[17]- {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: 138] إِنَّكُمْ تَرْكَبُونَ سَنَنَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ "

39 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءِ بْنُ عُبَيْدٍ الضَّبْعِيُّ، عَنْ جُوَيْرِيَّةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ الدَّيْلِيِّ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حُنَيْنٍ وَنَحْنُ حَدَيِثُو عَهْدٍ بِكُفْرٍ قَالَ: وَكَانَتْ لِلْكُفَّارِ سِدْرَةٌ يَعْكِفُونَ عِنْدَهَا وَيَنُوطُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ يُقَالَ لَهَا ذَاتُ أَنْوَاطٍ، قَالَ: فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §إِنَّهَا السُّنَنُ اللَّهُ أَكْبَرُ، قُلْتُمْ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ، قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: 138] لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ "

40 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي سِنَانٍ الدَّيْلِيِّ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، أَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ مَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حُنَيْنٍ، وَكَانَ لِلْكُفَّارِ سِدْرَةٌ يَعْكِفُونَ عِنْدَهَا وَيُعَلِّقُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ يُقَالُ لَهَا ذَاتُ أَنْوَاطٍ، قَالَ: فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ خَضْرَاءَ عَظِيمَةٍ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ، قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: 138] إِنَّهَا السُّنَنُ لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ "

41 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنْبَا أَبُو غَسَّانَ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ» ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فَمَنْ»

42 - حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، ثنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِهِ وَحَوْلَهُ أَصْحَابُهُ، فَجَاءَ -[18]- جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ فَتَغَشَّى رِدَاءَهُ فَمَكَثَ طَوِيلًا حَتَّى سُرِّيَ عَنْهُ، ثُمَّ كَشَفَ رِدَاءَهُ، فَإِذَا هُوَ يَعْرَقُ عَرَقًا شَدِيدًا، وَإِذَا هُوَ قَابِضٌ عَلَى شَيْءٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§هَلْ تَعْرِفُونَ كُلَّ مَا يَخْرُجُ مِنَ النَّخْلِ؟» ، فَقَالَ الْأَنْصَارُ: نَحْنُ نَعْرِفُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلَّ مَا يَخْرُجُ مِنَ النَّخْلِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» وَفَتَحَ يَدَهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَوَى، فَقَالَ: «نَوَى أَيِّ شَيْءٍ؟» فَقَالُوا: نَوَى سَنَةٍ، فَقَالَ: " صَدَقْتُمْ جَاءَكُمْ جِبْرِيلُ يَتَعَاهَدُ دِينَكُمْ، لَتَسْلُكُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَلَتَأْخُذُنَّ مِثْلَ أَخْذِهِمْ، إِنْ شِبْرٌ بِشِبْرٍ وَإِنْ ذِرَاعٌ فَذِرَاعٌ، وَإِنْ بَاعٌ فَبَاعٌ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمْ فِيهِ

43 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ الْوَرَّاقُ، ثنا أَبُو أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ الْكِنَانِيُّ، وَمُوسَى بْنُ مَيْسَرَةَ بْنِ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ وَبَاعًا بِبَاعٍ حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمْ، وَحَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ جَامَعَ أُمَّهُ بِالطَّرِيقِ لَفَعَلْتُمْ»

44 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بَاعًا بِبَاعٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ وَشِبْرًا بِشِبْرٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمْ مَعَهُمْ» ، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فَمَنْ» 45 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ، قَالَ: «فَمَنْ إِذًا»

46 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، أَنْبَا ابْنُ أَبِي ذِيبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي مَأْخَذَ الْأُمَمِ وَالْقُرُونِ قَبْلَهَا شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ» ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمَا فَعَلَتْ فَارِسُ وَالرُّومُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَلِ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِكَ؟»

47 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ»

48 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ وَبَاعًا بِبَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ» ، قَالُوا: مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فَمَنْ إِلَّا هُمْ»

49 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ، ثنا شَهْرٌ، حَدَّثَنِي ابْنُ غَنْمٍ، أَنَّ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ، حَدَّثَهُ عَنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «§لتَحْمِلَنَّ شِرَارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى سَنَنِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ»

50 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُسَاوِرٍ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَزْهَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لُحَيٍّ أَبُو عَامِرٍ الْهَوْزَنِيُّ، قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ مُعَاوِيَةَ فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أُخْبِرَ أَنَّ بِهَا قَاصًّا يُحَدِّثُ بِأَشْيَاءَ تُنْكَرُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: أُمِرْتَ بِهَذَا؟ -[20]- قَالَ: لَا، قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: عِلْمٌ نَنْشُرُهُ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: لَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ إِلَيْكَ لَفَعَلْتُ بِكَ، انْطَلِقْ فَلَا أَسْمَعُ أَنَّكَ حَدَّثْتَ شَيْئًا فَلَمَّا صَلَّى الظُّهْرَ قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ، وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ تَقُومُوا بِمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَغَيْرُكُمْ مِنَ النَّاسِ أَحْرَى أَنْ لَا يَقُومَ بِهِ إِلَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِينَا يَوْمًا فَقَالَ: «§إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً - يَعْنِي الْأَهْوَاءَ - وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، - يَعْنِي الْأَهْوَاءَ - اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ فَاعْتَصِمُوا بِهَا فَاعْتَصِمُوا بِهَا»

51 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثنا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنِي أَزْهَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَوْزَنِيُّ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لُحَيٍّ، قَالَ: حَجَجْنَا مَعَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أُخْبِرَ بِرَجُلٍ، يَقُصُّ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: أُمِرْتَ بِهَذَا الْقَصَصِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَقُصَّ بِغَيْرِ إِذْنٍ؟ قَالَ: نَنْشُرُ عِلْمًا عَلَّمَنَاهُ اللَّهُ، قَالَ: لَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ إِلَيْكَ قَبْلَ مَرَتِي هَذِهِ لَفَعَلْتُ، ثُمَّ قَامَ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ بِمَكَّةَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى دِينِهِمْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً - يَعْنِي الْأَهْوَاءَ - كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ الْجَمَاعَةُ، وَاللَّهِ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ إِنْ لَمْ تَقُومُوا بِمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَغَيْرُكُمْ مِنَ النَّاسِ أَحْرَى أَنْ لَا يَقُومَ بِهِ»

52 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، ثنا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي اخْتِلَافٌ وَفُرْقَةٌ، قَوْمٌ يُحْسِنُونَ الْقِيلَ وَيُسِيئُونَ الْفِعْلَ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لَا يَرْجِعُونَ حَتَّى -[21]- يَرْتَدَّ عَلَى فُوقِهِ، هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ، طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ، يَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لَيْسُوا مِنْهُ فِي شَيْءٍ، مَنْ قَاتَلَهُمْ كَانَ أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْهُمْ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا سِيمَاهُمْ؟ قَالَ: «التَّحْلِيقُ»

53 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، ثنا يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ، حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَذَكَرُوا قُوَّتَهُ فِي الْعَمَلِ وَاجْتِهَادَهُ فِي الْعِبَادَةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §إِنَّ هَذَا أَوَّلُ قَرْنٍ خَرَجَ فِي أُمَّتِي لَوْ قَتَلْتُهُ مَا اخْتَلَفَ اثْنَانِ بَعْدَهُ مِنْ أُمَّتِي، إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا فِرْقَةً وَاحِدَةً "، قَالَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ: وَهِيَ الْجَمَاعَةُ

54 - حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا الصَّعْقُ بْنُ حَزْنٍ، ثنا عَقِيلٌ الْجَعْدِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «يَا ابْنَ مَسْعُودٍ» ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «أَتَدْرِي أَيَّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟» قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " فَإِنَّ §أَعْلَمَ النَّاسِ أَبْصَرُهُمْ بِالْحَقِّ إِذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ، وَإِنْ كَانَ مُقَصِّرًا فِي الْعَمَلِ وَاخْتَلَفَ مَنْ كَانَ قَبْلِي عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً نَجَا مِنْهَا ثَلَاثَةٌ وَهَلَكَ سَائِرُهَا، فِرْقَةٌ آزَتِ الْمُلُوكَ وَقَاتَلُوهُمْ عَلَى دِينِهِمْ وَدِينِ عِيسَى وَأَخَذُوهُمْ فَقَطَعُوهُمْ بِالْمَنَاشِيرِ، وَفِرْقَةٌ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ طَاقَةٌ بِمُوَازَاتِ الْمُلُوكِ وَلَا بِأَنْ يُقِيمُوا بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ وَيَدْعُونَهُمْ إِلَى دِينِ اللَّهِ وَدِينِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فَسَاحُوَا فِي الْبِلَادِ وَتَرَهَّبُوَا وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: 27] إِلَى قَوْلِهِ: {فَاسِقُونُ} [المائدة: 59] فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي وَاتَّبَعَنِي فَقَدْ رَعَاهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا، وَمَنْ لَا يَتَّبِعْنِي فَأُولَئِكَ هُمُ الْهَالِكُونَ "

55 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ثنا قَطَنٌ أَبُو الْهَيْثَمِ، ثنا أَبُو غَالِبٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي أُسَامَةَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} [آل عمران: 7] مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هُمُ الْخَوَارِجُ، ثُمَّ قَالَ: عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ، قُلْتُ: قَدْ تَعْلَمُ مَا فِيهِمْ؟ فَقَالَ: عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَأَطِيعُوَا تَهْتَدُوا، ثُمَّ قَالَ: §إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تَزِيدُ عَلَيْهَا فِرْقَةً وَهِيَ فِي الْجَنَّةِ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106] تَلَا إِلَى قَوْلِهِ: {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المجادلة: 17] فَقُلْتُ: مَنْ هُمْ؟ فَقَالَ: الْخَوَارِجُ، فَقُلْتُ: أَسَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

56 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا الْمُقْرِئُ، ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ، حَدَّثَنِي أَبُو غَالِبٍ، أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ، أَخْبَرَهُ §أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَهَذِهِ الْأُمَّةُ تَزِيدُ عَلَيْهَا وَاحِدَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا السَّوَادُ الْأَعْظَمُ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ، قُلْتُ: قَدْ تَعْلَمُ مَا فِي السَّوَادِ الْأَعْظَمِ، وَذَلِكَ فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَكَارِهٌ لِأَعْمَالِهِمْ، وَلَكِنْ عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ، وَالسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ خَيْرٌ مِنَ الْفُجُورِ وَالْمَعْصِيَةِ "

57 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ بِنْتِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهَا، سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §افْتَرَقَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَلَنْ تَذْهَبَ اللَّيَالِي، وَلَا الْأَيَّامُ حَتَّى تَفْتَرِقَ أُمَّتِي عَلَى مِثْلِهَا - أَوْ قَالَ: عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ - وَكُلُّ فِرْقَةٍ مِنْهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ الْجَمَاعَةُ "

58 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَالنَّصَارَى عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً»

59 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ الْإِفْرِيقِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§سَيَأْتِي عَلَى أُمَّتِي مَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ مِثْلًا بِمِثْلٍ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ، وَإِنَّهُمْ تَفَرَّقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَسَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ غَيْرَ وَاحِدَةً» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا تَلْكُ الْوَاحِدَةُ؟ قَالَ: «هُوَ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي»

60 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ الْبَكْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَقَدْ دَعَا رَأْسَ الْجَالُوتِ وَأُسْقُفَّ النَّصَارَى، فَقَالَ: §إِنِّي سَائِلُكُمْ عَنْ أَمْرٍ وَأَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْكُمَا فَلَا تَكْتُمَانِي يَا رَأْسَ الْجَالُوتِ أَنْشَدْتُكَ اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَأَطْعَمَكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى وَضَرَبَ لَكُمْ فِي الْبَحْرِ طَرِيقًا، وَأَخْرَجَ لَكُمْ مِنَ الْحَجَرِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ عَيْنًا، لِكُلِّ سَبْطٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَيْنٌ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي عَلَى كَمِ افْتَرَقَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى؟ فَقَالَ لَهُ: وَلَا فِرْقَةً وَاحِدَةً، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ ثَلَاثَ مِرَارٍ: كَذَبْتَ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدِ افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا فِرْقَةً، ثُمَّ دَعَا الْأُسْقُفَّ فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى وَجَعَلَ عَلَى رَحْلِهِ الْبَرَكَةَ وَأَرَاكُمُ الْعِبْرَةَ فَأَبْرَأَ الْأَكْمَهَ وَأَحْيَا الْمَوْتَى، وَصَنَعَ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ طُيُورًا وَأَنْبَأَكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ، فَقَالَ: دُونَ هَذَا أَصْدُقُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: عَلَى كَمِ افْتَرَقَتِ النَّصَارَى بَعْدَ عِيسَى مِنْ فِرْقَةٍ؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ وَلَا فِرْقَةً -[24]-، فَقَالَ ثَلَاثَ مِرَارٍ: كَذَبْتَ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدِ افْتَرَقَتْ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا فِرْقَةً، فَأَمَّا أَنْتَ يَا يَهُودِيُّ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونُ} [الأعراف: 159] فَهِيَ الَّتِي تَنْجُو وَأَمَّا أَنْتَ يَا نَصْرَانِيُّ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ} [المائدة: 66] فَهِيَ الَّتِي تَنْجُو، وَأَمَّا نَحْنُ فَيَقُولُ: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف: 181] وَهِيَ الَّتِي تَنْجُو مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ

61 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَا عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ الْحَلَبِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْعَلَاءَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، يُحَدِّثُ عَنْ شَرِيكٍ الْبُرْجُمِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي زَاذَانُ أَبُو عُمَرَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: يَا أَبَا عُمَرَ أَتَدْرِي عَلَى كَمِ افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ؟ قَالَ: قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ: §افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي الْهَاوِيَةِ إِلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ النَّاجِيَةُ وَالنَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي الْهَاوِيَةِ إِلَّا وَاحِدَةً هِيَ النَّاجِيَةُ، يَا أَبَا عُمَرَ أَتَدْرِي عَلَى كَمِ تَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: تَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي الْهَاوِيَةِ إِلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ النَّاجِيَةُ، ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ: أَتَدْرِي كَمْ تَفْتَرِقُ فِيَّ؟ قُلْتُ: وَإِنَّهُ يُفْتَرَقُ فِيكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: نَعَمِ اثْنَتَا عَشْرَةَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي الْهَاوِيَةِ إِلَّا وَاحِدَةً فِي النَّاجِيَةِ وَهِيَ تِلْكَ الْوَاحِدَةُ يَعْنِي الْفِرْقَةَ الَّتِي هِيَ مِنَ الثَّلَاثِ وَالسَّبْعِينَ وَأَنْتَ مِنْهُمْ يَا أَبَا عُمَرَ

62 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، أَنْبَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا دَاوُدُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي هِنْدَ، ثنا أَبُو مُنِيبٍ عَنْ أَبِي عَطَاءٍ الْيَحْبُورِيِّ، قَالَ: قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ: يَا أَبَا عَطَاءٍ، كَيْفَ تَصْنَعُونَ إِذَا فَرَّ قُرَّاؤُكُمْ وَعُلَمَاؤُكُمْ مِنْكُمْ حَتَّى يَصِيرُوا إِلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ مَعَ الْوَحْشِ؟ قَالَ: قُلْتُ: وَلِمَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ؟ قَالَ: خَشْيَةَ أَنْ تَقْتُلُوهُمْ، قَالَ: قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَنَقْتُلُهُمْ وَكِتَابُ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِنَا نَقْرَؤُهُ؟ قَالَ: ثَكِلَتْ أَبَا عَطَاءٍ أُمُّهُ، §أَلَمْ تُؤْتَ الْيَهُودُ التَّوْرَاةَ ثُمَّ ضَلُّوا عَنْهَا وَتَرَكُوهَا؟ أَلَمْ تُؤْتَ النَّصَارَى الْإِنْجِيلَ ثُمَّ ضَلُّوا عَنْهُ وَتَرَكُوهُ؟ إِنَّمَا هِيَ السُّنَنُ يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا، إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مِنْ شَيْءٍ كَانَ مِمَّنْ قَبْلَكُمْ إِلَّا سَيَكُونُ فِيكُمْ

63 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ أَبِي -[25]- عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا، مِنْ أَشْجَعَ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: §أَنْتُمْ أَشْبَهُ النَّاسِ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَاللَّهِ لَا تَدَعُونَ شَيْئًا عَمِلُوهُ إِلَّا عَمِلْتُمُوهُ وَلَا كَانَ فِيهِمْ شَيْءٌ إِلَّا سَيَكُونُ فِيكُمْ مِثْلُهُ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَيَكُونُ فِينَا مِثْلُ قَوْمِ لُوطٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ مِمَّنْ أَسْلَمَ وَعَرَفَ نَسَبَهُ

64 - حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنِ الْهُزَيْلِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «§إِنَّ أَشْبَهَ النَّاسِ سَمْتًا وَهَيْئَةً بِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْتُمْ تَتَّبِعُونَ آثَارَهُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، لَا يَكُونُ فِيهِمْ شَيْءٌ إِلَّا كَانَ فِيكُمْ مِثْلُهُ»

65 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ فَذَكَرُوا {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِنَّمَا هَذَا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: §نِعْمَ الْأُخْوَةُ لَكُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنْ كَانَ لَكُمُ الْحُلْوُ وَلَهُمُ الْمُرُّ، كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى تُحْذَى السُّنَّةُ بِالسُّنَّةِ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ

66 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْحَكَمِ، يَقُولُ: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ: «§لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ قَبْلَكُمْ حُلْوَهَا وَمُرَّهَا»

67 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «§لَمْ يَكُنْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ شَيْءٌ إِلَّا كَائِنٌ فِيكُمْ»

68 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي -[26]- عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ، وَعَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ الدَّيْلِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا قَوْلِي فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا فِي هَذَا الْمَوْقِفِ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ §دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا وَإِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ وَقَدِ بَلَّغْتُ» ، فَذَكَرَ كَلَامًا كَثِيرًا وَقَالَ فِي آخِرِهِ: «فَاعْقِلُوا أَيُّهَا النَّاسُ قَوْلِي فَإِنِّي قَدْ بَلَّغْتُ وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ مَا إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ فَلَنْ تَضِلُّوا أَبَدًا، كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ، أَيُّهَا النَّاسُ اسْمَعُوا مِنِّي مَا أَقُولُ لَكُمُ اعْقِلُوا تَعِيشُوَا وَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ بِالسُّيُوفِ، اللَّهُمْ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمْ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمْ هَلْ بَلَّغْتُ؟»

69 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنبا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثنا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ الْفَزَارِيِّ، وَكَانَ مِنَ الْبَاكِينَ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْغَدَاةِ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْأَعْيُنُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هَذَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَقَالَ: «§أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعَ وَالطَّاعَةَ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا مُجَدَّعًا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»

70 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُسَاوِرٍ، أَنْبَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ، وَحُجْرِ بْنِ حُجْرٍ الْكَلَاعِيِّ، قَالَا: دَخَلْنَا عَلَى عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ وَهُوَ الَّذِي نَزَلَ فِيهِ: {الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} [سورة: التوبة، آية رقم: 92] وَهُوَ مَرِيضٌ، فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّا جِئْنَاكَ زَائِرِينَ وَعَائِدِينَ وَمُقْتَبِسِينَ، فَقَالَ عِرْبَاضٌ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى لَنَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ -[27]- وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ فَقَالَ: «§أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» 71 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُسَاوِرٍ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي الْمُطَاعِ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ

72 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَنْبَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي بُحَيْرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ»

73 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ قَالَ: «§إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا»

74 - حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ -[28]- سَمِعَهُ يَقُولُ: كَانَتْ خُطْبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوْمَ الْجُمُعَةِ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَيَقُولُ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ: «§إِنَّ أَفْضَلَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»

75 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا سُفْيَانُ، عَنْ هِلَالٍ الْوَازِنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَقُولُ: «§إِنَّ أَصْدَقَ الْقِيلِ قِيلُ اللَّهِ، وَإِنَّ أَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرَّ الْأُمُورَ مُحْدَثَاتُهَا»

76 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «§إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَإِنَّمَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ، وَإِنَّ مَا بَعِيدٌ مَا لَيْسَ آتِيًا أَلَا وَعَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّهُ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا وَيَثْبُتُ الْبِرُّ فِي قَلْبِهِ فَلَا يَكُونُ لِلْفُجُورِ مَوْضِعُ إِبْرَةٍ يَسْتَقِرُّ فِيهَا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّهُ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا وَيَثْبُتُ الْفُجُورُ فِي قَلْبِهِ حَتَّى مَا يَكُونُ لِلْبِرِّ مَوْضِعُ إِبْرَةٍ يَسْتَقِرُّ فِيهَا»

77 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «§شَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، أَلَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ»

78 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «§اتَّبِعُوا وَلَا تَبْتَدِعوَا فَقَدْ كُفِيتُمْ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»

79 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ -[29]- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِرْدَاسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «§كُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ»

80 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: §إِنَّكُمُ الْيَوْمَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَإِنَّكُمْ سَتُحْدِثُونَ وَيُحْدَثُ لَكُمْ فَإِذَا رَأَيْتُمْ مُحْدَثَةٍ فَعَلَيْكُمْ بِالْهَدْيِ الْأَوَّلِ

81 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُسَاوِرٍ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ الْحِمْصِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ أَبِي شَجَرَةَ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «§خَيْرُ الدِّينِ دِينُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا اتَّبِعُوا وَلَا تَبْتَدِعوَا فَإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا مَا اتَّبَعْتُمُ الْأَثَرَ إِنْ تَتَّبِعُونَا فَقَدْ سَبَقْنَاكُمْ سَبْقًا بَعِيدًا وَإِنْ تُخَالِفُونَا فَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلَالًا كَبِيرًا، مَا أَحْدَثَتْ أُمَّةٌ فِي دِينِهَا بِدْعَةً إِلَّا رَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمْ سُنَّةَ هُدًى، ثُمَّ لَا تَعُودُ فِيهِمْ أَبَدًا وَلَأَنْ أَرَى فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ نَارًا تَشْتَعِلُ فِيهِ احْتِرَاقًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَرَى بِدْعَةً لَيْسَ فِيهِ لَهَا مُغَيِّرٌ»

82 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَازِ، أَنَّهُ سَمِعَ نَافِعًا، يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «§كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَإِنْ رَآهَا النَّاسُ حَسَنًا»

83 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا أَبُو حُذَيْفَةَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «§عَلَيْكُمْ بِالِاسْتِقَامَةِ وَاتِّبَاعِ الْأُمَرَاءِ وَالْأَثَرِ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّبَدُّعَ»

84 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا الْمُعْتَمِرُ، وَجَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: §إِنَّ أَبْغَضَ الْأُمُورِ إِلَى اللَّهِ الْبِدَعُ

85 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: " §عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ، وَقَبْضُهُ أَنْ يَذْهَبَ بِأَصْحَابِهِ - أَوْ قَالَ: بِأَهْلِهِ -[30]- عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَتَى يَفْتَقِرُ أَوْ يُفْتَقَرُ إِلَى مَا عِنْدَهُ، وَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ أَقْوَامًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَكُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ، وَقَدْ نَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ فَعَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّبَدُّعَ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَطُّعَ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّعَمُّقَ وَعَلَيْكُمْ بِالْعَتِيقِ "

86 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثنا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ: " §اتَّقُوا اللَّهَ مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ، وَخُذُوا طَرِيقَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَوَاللَّهِ لَئِنِ اسْتَقَمْتُمْ لَقَدْ سَبَقْتُمْ سَبْقًا بَعِيدًا، وَلَئِنْ تَرَكْتُمُوهُ شِمَالًا وَيَمِينًا ضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا، أَوْ قَالَ: مُبِينًا "

87 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، قَالَ: مَرَّ عَلَيْنَا حُذَيْفَةُ وَنَحْنُ فِي حَلْقَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ §اسْلُكُوا الطَّرِيقَ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ سَلَكْتُمُوهُ لَقَدْ سَبَقْتُمْ سَبْقًا بَيِّنًا، وَإِنْ أَخَذْتُمْ يَمِينًا وَشِمَالًا لَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا»

88 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§عَمَلٌ قَلِيلٌ فِي سُنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ فِي بِدْعَةٍ»

ثنا يَحْيَى، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «§الِاقْتِصَادُ فِي السُّنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الِاجْتِهَادِ فِي بِدْعَةٍ»

89 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَنْبَا عَبْثَرٌ أَبُو زُبَيْدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنِ الْمُسَيَّبِ، عَنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «§اقْتِصَادٌ فِي سُنَّةٍ خَيْرٌ مِنَ اجْتِهَادٍ فِي بِدْعَةٍ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»

90 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ حَزْمٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «§لوْ كَانَ بِكُلِّ بِدْعَةٍ يُمِيتُهَا اللَّهُ عَلَى يَدِي، وَكُلِّ سُنَّةٍ يُنْعِشُهَا اللَّهُ عَلَى يَدِي، بِضْعَةٌ مِنْ لَحْمِي حَتَّى يَأْتِيَ آخِرُ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِي لَكَانَ فِي اللَّهِ يَسِيرًا»

91 - حَدَّثَنَا الدَّوْرَقِيُّ أَحْمَدُ، حَدَّثَنِي عَلَاءٌ الْعَطَّارُ، ثنا حَزْمٌ، سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عُبَيْدٍ، يَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، كَانَ يَقُولُ: «§لَوْ كَانَتْ كُلُّ سُنَّةٍ أُمِيتَتْ فَأَحْيَاهَا اللَّهُ عَلَى يَدِي وَكُلُّ بِدْعَةٍ مَعْمُولٌ بِهَا فَأَمَاتَهَا اللَّهُ عَلَى يَدِي بَضْعَةً مِنْ لَحْمِي كَانَ ذَلِكَ قَلِيلًا»

92 - حَدَّثَنِي الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ مَحْمُودٍ، ثنا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، أَنْبَا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، كَانَ يَقُولُ: «§وَاللَّهِ لَوْلَا أَنْ أُنْعِشَ سُنَّةً وَأُمِيتَ بِدْعَةً لَمَا سَرَّنِي أَنْ أَعِيشَ فِي الدُّنْيَا فَوَاقًا وَلَوَدِدتُ أَنِّي كُلَّمَا أَنْعَشْتُ سُنَّةً أَمَتُّ بِدْعَةً أَنَّ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِي سَقَطَ مَعَهَا»

93 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَهْزَاذِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، أَنْبَا خَارِجَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عِنْدَنَا فَكُنَّا نُؤْذِيهِ فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُوهُ قَدِمَ عَلَيْهِ وَهُوَ ابْنُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَبُوهُ يُرَوِّضُ النَّاسَ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَقَدْ قَطَعَ بِذَلِكَ فَهُوَ يُدَارِيهِمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَا تُمْضِي كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ، ثُمَّ وَاللَّهِ مَا أُبَالِي أَنْ تَغْلِيَ بِي وَبِكَ الْقُدُورُ، فَقَالَ لَهُ: «§يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرُوضُ النَّاسَ رِيَاضَةَ الصَّعْبِ، أُخْرِجُ الْبَابَ مِنَ السُّنَّةِ فأَضَعُ الْبَابَ مِنَ الطَّمَعِ فَإِنْ نَفَروَا لِلسُّنَّةِ سَكَنُوا لِلطَّمَعِ وَلوْ عُمِّرْتُ خَمْسِينَ سَنَةً لَظَنَنْتُ أَنِّي لَا أَبْلُغُ فِيهِمْ كُلَّ الَّذِي أُرِيدُ فَإِنْ أَعِشْ أَبْلُغْ حَاجَتِي وَإِنْ مِتُّ فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِي»

94 - حَدَّثَنِي ابْنُ الْقَهْزَاذِ، قَالَ: ثنا حَاتِمٌ الْجَلَّابُ ابْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، ثنا بِشْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ السُّلَمِيِّ، وَسَوَادَةُ بْنُ زِيَادٍ، وَعَمْرُو بْنُ مُهَاجِرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، كَتَبَ إِلَى النَّاسِ «أَنَّهُ §لَا رَأْيَ لِأَحَدٍ مَعَ سُنَّةٍ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

95 - حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْبَاهِلِيُّ، ثنا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، ثنا الْمُعَافَى، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ «§لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ بَعْدَ السُّنَّةِ فِي ضَلَالَةٍ رَكِبَهَا يَحْسَبُ أَنَّهَا هُدًى»

96 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ مُوسَى بْنِ أَبِي غَلِيظِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ «أَنِ §انْظُرُوا إِلَى مَا كَانَ مِنْ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاكْتُبُوهُ؛ فَإِنِّي قَدْ خِفْتُ دُرُوسَ الْعِلْمِ وَذَهَابَ الْعُلَمَاءِ»

97 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ غُطَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ الثُّمَالِيِّ، أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، سَأَلَهُ عَنْ رَفْعِ الْأَيْدِي، عَلَى الْمَنَابِرِ وَالْقَصَصِ فَقَالَ غُطَيْفٌ: أَمَا إِنَّهَا لَمِنْ أَمْثَلِ مَا أَحْدَثْتُمْ أَمَّا أَنَا فَلَا أُجِيبُكَ إِلَيْهَا إِنِّي حَدَّثْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§مَا مِنْ أُمَّةٍ تُحْدِثُ فِي دِينِهَا بِدْعَةً إِلَّا أَضَاعَتْ مِثْلَهَا مِنَ السُّنَّةِ» فَالتَّمَسُّكُ بِالسُّنَّةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِحْدَاثِ الْبِدْعَةِ

98 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمُؤْمِنِ، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ أَبِي الْمَهْدِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «§مَا مِنْ عَامٍ إِلَّا يُحْيَا فِيهِ بِدْعَةٌ وَيُمَاتُ فِيهِ سُنَّةٌ حَتَّى تَحْيَا الْبِدَعُ وَتَمُوتَ السُّنَنُ»

99 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، قَالَ: «§لَأَنْ أَرَى فِي الْمَسْجِدِ نَارًا لَا أَسْتَطِيعُ إِطْفَاءَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَرَى فِيهِ بِدْعَةً لَا أَسْتَطِيعُ تَغْيِيرَهَا»

100 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا الْمَشْيَخَةُ، عَنْ أَبِي الدَرْدَاءِ، قَالَ: «§اقْتِصَادٌ فِي سُنَّةٍ خَيْرٌ مِنَ اجْتِهَادٍ فِي بِدْعَةٍ إِنَّكَ إِنْ تَتَّبِعْ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَبْتَدِعَ وَلَنْ تُخْطِئَ الطَّرِيقَ مَا اتَّبَعْتَ الْأَثَرَ»

101 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: " §يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَحْفَظَ مَا جَاءَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] فَهُوَ عِنْدَنَا بِمَنْزِلَةِ الْقُرْآنِ "

102 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَأَ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ -[33]-، قَالَ: «§كَانَ جِبْرِيلُ يَنْزِلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسُّنَّةِ كَمَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ وَيُعَلِّمُهُ إِيَّاهَا كَمَا يُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ»

103 - وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: «§السُّنَّةُ قَاضِيَةٌ عَلَى الْكِتَابِ وَلَيْسَ الْكِتَابُ قَاضِيًا عَلَى السُّنَّةِ»

104 - قَالَ: وَقَالَ مَكْحُولٌ: «§الْقُرْآنُ أَحْوَجُ إِلَى السُّنَّةِ مِنَ السُّنَّةِ إِلَى الْقُرْآنِ»

105 - قَالَ: وَقَالَ مَكْحُولٌ: " §السُّنَّةُ سُنَّتَانِ: سُنَّةٌ الْأَخْذُ بِهَا فَضِيلَةٌ وَتَرْكُهَا إِلَى غَيْرِها حَرَجٍ، وَسُنَّةٌ الْأَخْذُ بِهَا فَرِيضَةٌ "

106 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ، يَقُولُ غَيْرَ مَرَّةٍ: " §ثَلَاثٌ أَرْضَاهَا لِنَفْسِي وَلِإِخْوَانِي: أَنْ يَنْظُرَ هَذَا الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ الْقُرْآنَ فيَتَعَلَّمَهُ وَيَقْرَأَهُ وَيَتَدبَّرَهُ وَيَنْظُرَ فِيهِ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَنْظُرَ ذَاكَ الْأَثَرَ وَالسُّنَّةَ فَيَسْأَلَ عَنْهُ وَيَتَّبِعَهُ جُهْدَهُ، وَالثَّالِثَةُ أَنْ يَدَعَ هَؤُلَاءِ النَّاسَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ "

107 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ثنا دَاوُدُ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي هِنْدٍ - عَنْ أَبِي مُنِيبٍ، عَنْ أَبِي عَطَاءٍ الْيَحْبُورِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ: " يَا أَبَا عَطَاءٍ §كَيْفَ تَصْنَعُونَ إِذَا فَرَّ قُرَّاؤُكُمْ وَعُلَمَاؤُكُمْ مِنْكُمْ حَتَّى يَصِيرُوا فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ مَعَ الْوَحْشِ، قَالَ: قُلْتُ وَلِمَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ؟ قَالَ: خَشْيَةَ أَنْ تَقْتُلُوهُمْ، قَالَ: قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَنَقْتُلُهُمْ وَكِتَابُ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِنَا نَقْرَؤُهُ؟ قَالَ: ثَكِلَتْكَ أَبَا عَطَاءٍ أُمُّكَ، أَلَمْ تَرِثِ الْيَهُودُ التَّوْرَاةَ ثُمَّ ضَلُّوا عَنْهَا وَتَرَكُوهَا؟ أَلَمْ تَرِثِ النَّصَارَى الْإِنْجِيلَ ثُمَّ ضَلُّوا عَنْهُ وَتَرَكُوهُ؟ إِنَّمَا هِيَ السُّنَنُ يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا، إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مِنْ شَيْءٍ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ إِلَّا سَيَكُونُ فِيكُمْ "

108 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنِ -[34]- الْهُزَيْلِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «§أَنْتُمْ أَشْبَهُ النَّاسِ سَمْتًا وَهَيْئَةً بِبَنِي إِسْرَائِيلَ تَتَّبِعُونَ آثَارَهُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهِمْ شَيْءٌ إِلَّا كَانَ فِيكُمْ مِثْلُهُ»

109 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثنا رَيْحَانُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَطِيَّةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ الْجَرْشِيَّ يَقُولُ: أُتِيَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ: §لِتَنَمْ عَيْنُكَ وَلْتَسْمَعْ أُذُنُكَ وَلْيَعْقِلْ قَلْبُكَ، قَالَ: " فنَامَتْ عَيْنِي وَسَمِعتْ أُذُني وَعَقَلَ قَلْبِي فَقِيلَ لِي: سَيِّدٌ بَنَى دَارًا وَصَنَعَ مَأْدُبَةً، وَأَرْسَلَ دَاعِيًا فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الدَّارَ، وَأَكَلَ مِنَ الْمَأْدُبَةِ وَرَضِيَ عَنْهُ السَّيِّدُ، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّاعِيَ لَمْ يَدْخُلِ الدَّارَ، وَلَمْ يَطْعَمْ مِنَ الْمَأْدُبَةِ، وَسَخِطَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ، فَاللَّهُ السَّيِّدُ وَمُحَمَّدٌ الدَّاعِي، وَالدَّارُ الْإِسْلَامُ، وَالْمَأْدُبَةُ الْجَنَّةُ "

110 - حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، ثنا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ، أَنْبَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «§السُّنَنَ السُّنَنَ فَإِنَّ السُّنَنَ قِوَامُ الدِّينِ»

111 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ ثَوْرِ بْنِ عَوْنِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحَلَالِ الْعَتَكِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَلَّالُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ وَهْبٍ، وَعَنْ أَبِي الْحَلَالِ، قَالَ: «§إِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَقُومُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ عَنْ سُنَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَجِدُ أَحَدًا يُخْبِرُهُ بِهَا»

112 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْقَهْزَاذِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، أَنْبَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: «§كَانَ جِبْرِيلُ إِذَا نَزَلَ بِالْقُرْآنِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُهُ كَالْغَشْوَةِ فَيُلْقِيهِ عَلَى قَلْبِهِ فَيُسَرَّى عَنْهُ وَقَدْ حَفِظَهُ فَيَقْرَؤُهُ وَأَمَّا السُّنَنُ فَكَانَ يُعَلِّمُهُ جِبْرِيلُ وَيُشَافِهُهُ بِهِ»

113 - وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا أَبُو عُبَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ -[35]-، ثنا الزُّهْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجُحْفَةِ فَخَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ: «§أَلَيْسَ نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؟» قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: «فَأَبْشِرُوا فَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنُ طَرَفٌ بِيَدِ اللَّهِ وَطَرَفٌ بِأَيْدِيكُمْ، فَتَمَسَّكُوا بِهِ فَلَا تَهْلِكُوا وَلَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا»

ذكر السنة على كم تتصرف قال أبو عبد الله: فالسنة تتصرف على أوجه: سنة اجتمع العلماء على أنها واجبة، وسنة اجتمعوا على أنها نافلة، وسنة اختلفوا فيها أواجبة هي أم نافلة؟ ، ثم السنة التي اجتمعوا أنها واجبة تتصرف على وجهين: أحدهما عمل والآخر إيمان، فالذي

§ذِكْرُ السُّنَّةِ عَلَى كَمْ تَتَصَرَّفُ 114 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَالسُّنَّةُ تَتَصَرَّفُ عَلَى أَوْجُهٍ: سُنَّةٌ اجْتَمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ، وَسُنَّةٌ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنَّهَا نَافِلَةٌ، وَسُنَّةٌ اخْتَلَفُوا فِيهَا أَوَاجِبَةٌ هِيَ أَمْ نَافِلَةٌ؟، ثُمَّ السُّنَّةُ الَّتِي اجْتَمَعوا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ تَتَصَرَّفُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا عَمَلٌ وَالْآخَرُ إِيمَانٌ، فَالَّذِي هُوَ عَمَلٌ يَتَصَرَّفُ عَلَى أَوْجُهٍ: سُنَّةٌ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنَّهَا تَفْسِيرٌ لِمَا افْتَرَضَهُ اللَّهُ مُجْمَلًا فِي كِتَابِهِ فَلَمْ يُفَسِّرْهُ وَجَعَلَ تَفْسِيرَهُ وَبَيَانَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي سُنَّةٌ اخْتَلَفُوا فِيهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ نَاسِخَةٌ لِبَعْضِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا بَلْ هِيَ مُبَيَّنَةٌ فِي خَاصِّ الْقُرْآنِ وَعَامِّهِ وَلَيْسَتْ نَاسِخَةً لَهُ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ لَا تَنْسَخُ الْقُرْآنَ وَلَكِنَّهَا تُبَيِّنُ عَنْ خَاصِّهِ، وَعَامِّهِ وَتُفَسِّرُ مُجْمَلَهَ وَمُبْهَمَهُ، وَالْوَجْهُ الثَّالثُ سُنَّةٌ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنَّهَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا حَكَمَ اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ، وَسُنَّةٌ هِيَ زِيَادَةٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ إِلَّا جُمْلَةَ الْأَمْرِ بِطَاعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّسْلِيمِ لِحُكْمِهِ وَقَضَائِهِ وَالِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ، وَسَأُفَسِّرُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ أَهْلُ الْفَهْمِ عَلَى مَا وَرَاءَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

ذكر السنن التي هي تفسير لما افترضه الله مجملا مما لا يعرف معناه بلفظ التنزيل دون بيان النبي صلى الله عليه وسلم وترجمته قال أبو عبد الله: وجدت أصول الفرائض كلها لا يعرف تفسيرها ولا تنكر تأديتها ولا العمل بها إلا بترجمة من النبي صلى الله عليه وسلم وتفسير

§ذِكْرُ السُّنَنِ الَّتِي هِيَ تَفْسِيرٌ لِمَا افْتَرَضَهُ اللَّهُ مُجْمَلًا مِمَّا لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ بِلَفْظِ التَّنْزِيلِ دُونَ بَيَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرْجَمتِهِ 115 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَجَدْتُ أُصُولَ الْفَرَائِضِ كُلَّهَا لَا يُعْرَفُ تَفْسِيرُهَا وَلَا تُنْكَرُ تَأْدِيَتُهَا وَلَا الْعَمَلُ بِهَا إِلَّا بِتَرْجَمةٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَفْسِيرٍ مِنْهُ، مِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالصِّيَامُ وَالْحَجُّ وَالْجِهَادُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] فَأَجْمَلَ فَرْضَهَا فِي كِتَابِهِ وَلَمْ يُفَسِّرْهَا وَلَمْ يُخْبِرْ بِعَدَدِهَا وَأَوْقَاتِهَا فَجَعَلَ رَسُولَهُ هُوَ الْمُفَسِّرَ لَهَا وَالْمُبَيِّنَ عَنْ خُصُوصِهَا وَعُمُومِهَا، وَعَدَدِهَا وَأَوْقَاتِهَا، وَحُدُودِهَا، وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي افْتَرَضَهَا اللَّهُ هِيَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي بَيَّنَهَا وَحَدَّدَهَا فَجَعَلَ صَلَاةَ الْغَدَاةِ رَكعَتَيْنِ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ أَرْبَعًا أَرْبَعًا وَالْمَغْرِبَ ثَلَاثًا وَأَخْبَرَ أَنَّهَا عَلَى الْعُقَلَاءِ الْبَالِغِينَ مِنَ الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ إِلَّا الْحُيَّضَ، فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ عَلَيْهِنَّ، وَفَرَّقَ بَيْنَ صَلَاةِ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَفَسَّرَ عَدَدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِرَاءَةِ وَمَا يُعْمَلُ فِيهَا مِنَ التَّحْرِيمِ بِهَا وَهُوَ التَّكْبِيرُ إِلَى التَّحْلِيلِ مِنْهَا وَهُوَ التَّسْلِيمُ وَكَذَلِكَ فَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ بِسُنَّتِهِ فأَخْبَرَ أَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا تَجِبُ فِي بَعْضِ الْأَمْوَالِ دُونَ بَعْضٍ عَلَى الْأَوْقَاتِ وَالْحُدُودِ الَّتِي حَدَّهَا وَبَيَّنَهَا، فَأَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي الْعَيْنِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمَوَاشِي مِنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْبَقَرِ السَّائِمَةِ وَفِي بَعْضِ مَا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ دُونَ بَعْضٍ وَعَفَا عَنْ سَائِرِ الْأَمْوَالِ فَلَمْ يُوجِبْ فِيهَا الزَّكَاةَ 116 - وَلَمْ يُوجِبِ الزَّكَاةَ فِيمَا أَوْجَبَهَا فِيهِ مِنَ الْأَمْوَالِ مَا لَمْ تَبْلُغِ الْحُدُودَ الَّتِي حَدَّهَا، فَقَالَ: «لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ وَلَا فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ وَلَا فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ وَلَا فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ -[37]- صَدَقَةٌ وَلَا فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِينَ مِنَ الْبَقَرِ صَدَقَةٌ» وَبَيَّنَ أَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ إِذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ يَمْلِكُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ ثُمَّ تَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقبَلِ مِنْ حَوْلٍ إِلَى حَوْلٍ إِلَّا مَا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ فَإِنْ كَانَ الزَّكَاةُ تُؤْخَذُ مِمَّا وَجَبَ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْهُ عِنْدَ الْحَصَادِ وَالْجِذَاذِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْحَوْلُ حَالَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَنْ بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ سِنِينَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَيْرُ الزَّكَاةِ الْأُولَى، كُلُّ ذَلِكَ مَأْخُوذٌ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِهَذَا التَّفْسِيرِ وَكَذَلِكَ الصِّيَامُ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] فَجَعَلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْضَ الصِّيَامَ عَلَى الْبَالِغِينَ مِنَ الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ إِلَّا الْحُيَّضَ، فَإِنَّهُنَّ رُفِعَ عَنْهُنَّ الصِّيَامُ، فَسَوَّى بَيْنَ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ فِي رَفْعِهَا عَنِ الْحَائِضِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْقَضَاءِ فَأَوْجَبَ عَلَيْهِنَّ قَضَاءَ الصِّيَامِ وَرَفَعَ عَنْهُنَّ قَضَاءَ الصَّلَاةِ وَبَيَّنَ أَنَّ الصِّيَامَ هُوَ الْإِمْسَاكُ بِالْعَزْمِ عَلَى الْإِمْسَاكُ عَمَّا أُمِرَ بِالْإِمْسَاكِ عَنْهُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى دُخُولِ اللَّيْلِ

117 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنْبَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: §مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ

118 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي -[38]- بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: §مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ، قَالَ أَبُو صَالِحٍ: رَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَسَمِعْتُهُ مِنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْهُ

119 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَنْبَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، ثنا عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: 187] عَمِدْتُ إِلَى عِقَالَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْيَضُ وَالْآخَرُ أَسْوَدُ فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وَسَادَتِي ثُمَّ جَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهَا فَلَا يَتَبَيَّنُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْأَسْوَدِ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ فَقَالَ: §إِنْ كَانَ وَسَادُكَ إِذًا لَعَرِيضًا، وَقَالَ: إِنَّمَا ذَاكَ بَيَاضُ النَّهَارِ وَسَوَادُ اللَّيْلِ

120 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَنْبَا هُشَيْمٌ، أَنْبَا مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §إِنَّمَا ذَاكَ بَيَاضُ النَّهَارِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ، وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] فَفَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُنَّتِهِ كَيْفَ يَجِيءُ اللَّيْلُ لِتَمَامِ الصِّيَامِ

121 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ -[39]- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فِي شَهْرِ رَمضَانَ، فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ، قَالَ: يَا فُلَانُ، انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا، قَالَ: فنَزَلَ فَجَدَحَ فَأَتَاهُ بِهِ فَشَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ بِيَدِهِ: §إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ مِنْ هَا هُنَا وَجَاءَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ

حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ وَأَدْبَرَ النَّهَارُ وَغَابَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ»

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: §إِذَا أَدْبَرَ النَّهَارُ وَأَقْبَلَ اللَّيْلُ وَغَابَتِ الشَّمْسُ أَفْطَرَ الصَّائِمُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَكَذَلِكَ الْحَجُّ افْتَرَضَ اللَّهُ الْحَجَّ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] فَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ مُرَادَهُ - أَنَّ الْحَجَّ لَا يَجِبُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً

124 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ، قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ §فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ» فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: فِي كُلِّ عَامٍ؟ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ يُعْرِضُ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلوْ وَجَبَتْ لَمَا قُمْتُمْ -[40]- بِهَا» ثُمَّ قَالَ: " ذَرُوني مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاختِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَمَا أَمَرْتُكُمْ مِنْ شَيْءٍ فأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ

125 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا فَرَضَ اللَّهُ الْحَجَّ قَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فأَعْرَضَ عَنْهُ ثَلَاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ قَالَ: «§لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ عَلَيْكُمْ وَلَوْ وَجَبَتْ عَلَيْكُمْ لَمَا أَطَقْتُمُوهَا» ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101]

126 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحَجِّ فِي كُلِّ عَامٍ فَقَالَ: «§عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حَجَّةٌ وَلَوْ قُلْتُ فِي كُلِّ عَامٍ لَكَانَ»

127 - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، ثنا مَنْصُورُ بْنُ وَرْدَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَسْدِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْبُحْتُرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حَجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ فَسَكَتَ، قَالُوا: أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ قَالَ: «§لَا وَلَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ» فَنَزلتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} [البقرة: 197] فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُنَّتِهِ أَنَّ فَرْضَ الْحَجَّ هُوَ الْإِهْلَالُ، وَفَسَّرَ الْإِهْلَالَ وَمَوَاقِيتَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ -[41]- جَمِيعَا وَبَيَّنَ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِمَّا لَا يَلْبَسُهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِ الْحَجِّ مِمَّا لَيْسَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ

128 - مِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: أَنْبَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى مَدَ بَصرِي مِنْ بَيْنِ يَدَيْهُ مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَعَلَيْهِ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ وَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ، فأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: §لَبَّيْكَ اللَّهُمْ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْحَجِّ الْإِهْلَالُ

129 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ فَقَالَ: «§لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْقَمِيصَ وَلَا الْعِمَامَةَ وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ وَلَا الْخُفَّيْنِ إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ النَّعْلَيْنِ فَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ»

130 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَا مَعْمَرُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ؟ قَالَ: «§لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا الْعِمَامَةَ وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ»

131 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: §وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ قَالَ: فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ فَمَنْ كَانَ دُونَهُمْ فَمِنْ أَهْلِهِ وَكَذَاكَ فَكَذَاكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا

132 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَلَّافُ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] ، §فَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُنَّتِهِ عَدَدَ الطَّوَافِ وَكَيْفِيَّتَهُ

133 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حَتَّى §أَتَى الْكَعْبَةَ فَطَافَ بِهَا سَبْعًا رَمَلَ مِنْهَا ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا

134 - حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعِ بْنِ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ §أَوَّلَ مَا يَطُوفُ حِينَ يَقْدَمُ يَخُبُّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعِ

135 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عَقِيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: «§طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَيْءٍ ثُمَّ خَبَّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعِ وَمَشَى أَرْبَعَةَ أَطْوَافٍ ثُمَّ رَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ»

136 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، سَمِعْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ، يُحَدِّثُ الثَّوْرِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً، يَقُولُ: «إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §رَمَلَ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ خَبًّا، لَيْسَ بَيْنَهُنَّ مَشْيٌ، وَمَشَى أَرْبَعَةً ثُمَّ رَمَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَالْخُلَفَاءُ جَرًّا»

137 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: «§قَدْ رَمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ وَمَشَى الْأَرْبَعَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَالْخُلَفَاءُ» وَافْتَرَضَ اللَّهُ الْجِهَادَ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 41] ، وَقَالَ: {" إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ} [التوبة: 111] -[44]- الْآيَةَ، وَقَالَ: {مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ، إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 39] مَعَ آيَاتٍ كَثِيرَةٍ تُوجِبُ الْجِهَادَ وَتَأْمُرُ بِهِ فَكَانَ اللَّازِمُ عَلَى ظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَاتِ وَعُمُومِهَا أَنْ يَكُونَ فَرْضُ الْجِهَادِ لَازِمًا لِكُلِّ مُسْلِمٍ فِي خَاصِّ نَفْسِهِ إِذَا أَطَاقَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ بُدِّلَ الْكِتَابُ أَوِ السُّنَّةُ أَوِ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى خَاصٍّ دُونَ عَامٍّ فَوَجَدْنَا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ قَدْ دَلَّا عَلَى أَنَّ الْجِهَادَ غَيْرُ مَفْرُوضٍ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي خَاصِّ نَفْسِهِ فَقَالَ: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونُ} [التوبة: 122] فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْجِهَادِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى أَنْ يَنْفِرَ مَنْ فِيهِ الْكِفَايَةُ، فَإِذَا نَفَرَ مَنْ فِيهِ الْكِفَايَةُ سَقَطَ الْمَأْثَمُ عَنْهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ لَمْ يَنْفِرْ مَنْ فِيهِ الْكِفَايَةُ أَثِمُوا مَعًا لِقَوْلِهِ: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 39] قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: يَعْنِي أَنَّكُمْ إِنْ تَرَكْتُمُ النَّفِيرَ كُلُّكُمْ عَذَّبْتُكُمْ

139 - سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ، يَحْكِي عَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {§كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} [البقرة: 246] مَعَ مَا أَوْجَبَ مِنَ الْقِتَالِ فِي غَيْرِ آيَةٍ قَالَ: فَكَانَ فَرْضُ الْجِهَادُ مُحْتَمِلًا لِأَنْ يَكُونَ - كَفَرْضِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهِ - عَامًّا، وَمُحْتَمِلًا لِأَنْ يَكُونَ عَلَى غَيْرِ الْعُمُومِ فَدَلَّ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْجِهَادِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى أَنْ يَقُومَ بِهِ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ لِلْقِيَامِ بِهِ حَتَّى يَجْتَمِعَ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَالْخَوْفِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَمْنَعُهُ، وَالْآخَرُ أَنْ يُجَاهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ فِي جِهَادِهِ كِفَايَةٌ حَتَّى يُسْلِمَ أَهْلُ الْأَوْثَانِ أَوْ يُعْطِيَ أَهْلُ الْكِتَابِ الْجِزْيَةَ، فَإِذَا قَامَ بِهَذَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ لَهُ خَرَجَ الْمُتَخَلِّفُ مِنْهُمْ مِنَ الْمَأْثَمِ وَكَانَ الْفَضْلُ لِلَّذِينَ وُلُّوا الْجِهَادَ عَلَى الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْهُ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 95] إِلَى قَوْلِهِ: {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [النساء: 95] قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَبَيَّنَ إِذْ وَعَدَ اللَّهُ الْقَاعِدِينَ غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ الْحُسْنَى أَنَّهُمْ لَا يَأْثَمُونَ بِالتَّخَلُّفِّ وَيُوعَدُونَ الْحُسْنَى فِي التَّخَلُّفِ بَلْ وَعَدَهُمْ بِمَا وَسِعَ لَهُمْ مِنَ التَّخَلُّفِ الْحُسْنَى إِذَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ لَمْ يَتَخَلَّفوَا شَكًّا وَلَا سُوءَ نِيَّةٍ وَإِنْ تَرَكُوا الْفَضْلَ فِي الْغَزْوِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمْ يَغْزُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَاةً عَلِمْتُهَا إِلَّا تَخَلَّفَ عَنْهَا بَشَرٌ فَغَزَا بَدْرًا وَتَخَلَّفَ عَنْهُ رِجَالٌ مَعْرُوفُونَ وَكَذَلِكَ تَخَلَّفَ عَنْهُ عَامَ الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَزَوَاتِهِ، وَقَالَ فِي غَزَاةِ تَبُوكَ وَفي تَجَهِيِزِهِ فِي الْجَمْعِ لِلرُّومِ: «لِيَخْرُجْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُلٌ فَيَخْلُفُ الْبَاقِيَ الْغَازِيَ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ» قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَفَرْضُ الْجِهَادِ عَلَى مَا وَصَفْتُ، يُخْرِجُ الْمُتَخَلِّفَ مِنَ الْمَأْثَمِ الْقَائِمِ فِيهِ بِالْكِفَايَةِ وَيَأْثَمُونَ مَعًا إِذَا تَخَلَّفُوا مَعًا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَهَذِهِ الْفَرَائِضُ كُلُّهَا مُتَّفِقَةٌ فِي أَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ وَمُخْتَلِفةٌ فِي الْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ وَالْعِدَّةِ وَالْأَوْقَاتِ وَالْحُدُودِ، بَيَّنَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُنَّتِهِ فأَخْبَرَ أَنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ خَمْسَ مِرَارٍ فِي خَمْسَةٍ أَوْقَاتٍ وَأَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً عَلَى مَا فَسَّرْنَا وَأَنَّ الْحَجَّ لَا يَجِبُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} [البقرة: 246] كَمَا قَالَ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] وَكَمَا قَالَ: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] وَقَالَ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] فَكَمَا دَلَّتِ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْفَرَائِضَ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ دُونَ بَعْضٍ عَلَى مَا حَكَيْنَا وَفَسَّرْنَا فَكَذَلِكَ دَلَّتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْجِهَادَ يَجِبُ عَلَى بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ فَبَيَّنَتْ أَنَّ الْجِهَادَ لَا يَجِبُ إِلَّا عَلَى الْأَحْرَارِ مِنَ الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ دُونَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ

142 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَنْبَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ -[46]- عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ أَفَلَا نُجَاهِدُ مَعَكَ؟ فَقَالَ: «§لَا، لَكِنْ أَفْضَلُ الْجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ» ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ خَالَتَهَا

143 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنبا رَوْحُ بْنُ الْمُسَيَّبِ الْكَلْبِيُّ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جِئْنَ النِّسَاءُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ الرِّجَالُ بِالْفَضْلِ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفَمَا لَنَا عَمَلٌ نُدْرِكُ بِهِ عَمَلَ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مِهْنَةُ إِحْدَاكُنَّ فِي الْبَيْتِ تُدْرِكُ بِهِ عَمَلَ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفْرِضِ الْجِهَادَ عَلَى النِّسَاءِ وَلَا عَلَى الْعَبِيدِ وَلَا عَلَى مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنَ الْأَحْرَارِ

144 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، يَقُولُ: §اسْتُصْغِرْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ قَالَ: وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ نَيِّفًا عَلَى السِّتِّينَ، وَكَانَ الْأَنْصَارُ نَيِّفًا عَلَى الْمَائتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ

145 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجُنَيْدِ، ثنا أَبُو سَلَمَةُ الْخُزَاعِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ زَيْدِ بْنِ جَارِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي زَيْدُ بْنُ جَارِيَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §اسْتَصْغَرَ نَاسًا يوْمَ أُحُدٍ مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ جَارِيَةَ - يَعْنِي نَفْسَهُ - وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَسَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ

146 - حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ ثنا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا -[47]- إِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، أَحَدُهُمَا يَزِيدُ عَلَى صَاحِبِهِ الْحَرْفَ وَمَا يُشْبِهُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ مَخْرَمَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: §رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَيْرَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ مَخْرَجَهُ إِلَى بَدْرٍ وَاسْتَصْغَرَهُ فَبَكى عُمَيْرٌ فأَجَازَهُ، قَالَ سَعْدٌ: فَعَقَدْتُ عَلَيْهِ حَمَالَةَ سَيْفِهِ وَلَقَدْ شَهِدْتُ بَدْرًا وَمَا فِي وَجْهِي إِلَّا شَعْرَةٌ وَاحِدَةٌ أَمْسَحُهَا بِيَدِي ثُمَّ أَكْثَرَ اللَّهُ لِي بَعْدُ مِنَ اللِّحَى يَعْنِي: الْبَنِينَ

147 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً §فَلَمْ يُجِزْنِي فِي الْمُقَاتِلَةِ، ثُمَّ عُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي فِي الْمُقَاتِلَةِ، قَالَ نَافِعٌ: ثُمَّ حَدَّثْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: هَذَا أَثَرٌ نَجْعَلُهُ بَيْنَ الْمُقَاتِلَةِ وَالذُّرِّيَّةِ فَفَرَضَ لِمَنْ كَانَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ فِي الذُّرِّيَّةِ، وَفَرَضَ لِمَنْ كَانَ ابْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ فِي الْمُقَاتِلَةِ

148 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا يَحْيَى، أَنْبَا عُبَيْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: §عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَلَمْ يُجِزْنِي ثُمَّ عَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي

149 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: §عَرَضَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي الْقِتَالِ فَلَمْ يُجِزْنِي وَعَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي قَالَ: فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ، وَعُمَرُ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ فَحَدَّثْتُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْحَدَّ مَا بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ فَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ تَفْرِضُوا لَابْنِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَمَا كَانَ دُونَ ذَلِكَ فأَلْقُوهُ فِي الْعِيَالِ

150 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §قَبِلَ ابْنَ عُمَرَ وَرَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُمَا ابْنَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً

151 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا أَبُو مَعْشَرٍ الْعَطَّارُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ ذَكْوَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ الرَّبِيعَ قُلْتُ: إِنَّ عِنْدَنَا نِسَاءً حَرُورِيَّاتٍ يَقُلْنَ: إِنَّهُ قَدْ كَانَ يَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءٌ قَالَتْ: §كُنَّا نَغْزُو وَلَا نُقَاتِلُ وَلَكِنَّا نَسْقِي الْقَوْمَ وَنَرُدُّ الْجَرْحَى وَالْقَتْلَى إِلَى الْمَدِينَةِ

152 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَنْبَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «§كَانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ وَنِسْوَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مَعَهُ إِذَا غَزَا فَيَسْقِينَ الْمَاءَ وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى»

153 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: كَتَبَ نَجْدَةُ الْحَرُورِيُّ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ قَتْلِ الصِّبْيَانِ، وَعَنِ الْعَبْدِ، هَلْ لَهُ فِي الْمَغْنَمِ نَصِيبٌ، وَعَنِ النِّسَاءِ، هَلْ كُنَّ يُخْرَجُ بِهِنَّ أَوْ يَحْضُرْنَ الْقِتَالَ، وَعَنِ الْخُمْسِ لِمَنْ هُوَ؟ فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ: «§أَمَّا الصِّبْيَانُ فَإِنْ كُنْتَ الْخَضِرَ تَعْرِفُ الْكَافِرَ مِنَ الْمُؤْمِنِ فَاقْتُلْهُمْ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَيْسَ لَهُ فِي الْمَغْنَمِ نَصِيبٌ وَلَكِنَّهُ يُرْضَخُ لَهُمْ، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ يَخْرُجُ بِهِنَّ يُدَاوِينَ الْجَرْحَى وَيَقُمْنَ عَلَى الْمَرْضَى وَلَا يَشْهَدْنَ الْقِتَالَ، وَأَمَّا الْخُمْسُ فَإِنَّا كُنَّا نَقُولُ هُوَ لَنَا فَزَعَمَ قَوْمُنَا أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا»

154 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَنْبَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ -[49]-، وَيَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، أَنَّ نَجْدَةَ، كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ خِلَالٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يُكَاتِبُ الْحَرُورِيَّةَ وَلَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ أَكْتُمَ عِلْمًا لَمْ أَكْتُبْ إِلَيْهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ نَجْدَةُ: أَمَّا بَعْدُ، فأَخْبِرْنِي هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِالنِّسَاءِ؟ وَهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ؟ وَهَلْ كَانَ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ؟ وَعَنِ الْخُمْسِ لِمَنْ هُوَ؟ فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّكَ كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يَغْزُو بِالنِّسَاءِ؟ وَقَدْ كَانَ يَغْزُو بِهِنَّ يُدَاوِينَ الْمَرْضَى وَيُحْذَيْنَ مِنَ الْغَنِيمَةِ، فَأَمَّا السَّهْمُ فَلَمْ يُضْرَبْ لَهُنَّ بِسَهْمٍ، وَكَتَبْتَ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ؟ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْتُلِ الصِّبْيَانَ فَلَا تَقْتُلِ الصِّبْيَانَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تَعْلَمُ مَا عَلِمَ الْخَضِرُ مِنَ الصَّبِيِّ الَّذِي قَتَلَ، فَتُمَيِّزُ الْكَافِرَ مِنَ الْمُؤْمِنِ فَتَقْتُلُ الْكَافِرَ وَتَدَعُ الْمُؤْمِنَ، وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْخُمْسِ لِمَنْ هُوَ؟ وَإِنَّا نَقُولُ: هُوَ لَنَا فَأَبَى قَوْمُنَا عَلَيْنَا ذَلِكَ فَصَبَرْنَا عَلَيْهِ " 155 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41] فَجَعَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خُمْسَ الْغَنِيمَةِ لِلَّذِينَ سَمَّاهُمْ وَسَكَتَ عَنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا فَلَمْ يَأْمُرْ بِقَسْمِهَا فِي كِتَابِهِ وَلَمْ يُبِنْ لِمَنْ هِيَ فَبَيَّنَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُنَّتِهِ فَقَسَمَهَا عَلَى الَّذِينَ حَضَرُوا الْوَاقِعَةَ سَوَاءً بَيْنَ رِجَالَتِهِمْ قَوِيِّهِمْ وَضَعِيفِهِمْ، وَفَضَّلَ الْفَارِسَ عَلَى الرَّاجِلِ مَعَ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا بَيَّنَ مِنْ أَحْكَامِ الْجِهَادِ وَالسَّيْرِ وَسُنَنِهِمَا مِمَّا سَيَأْتِي تِبْيَانُ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

156 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَلْقَيْنٍ عَنِ ابْنِ عَمٍّ لَهُ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِوَادِي الْقُرَى فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِمَ أُمِرْتَ؟ قَالَ: «§أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ» قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ عِنْدَكَ؟ قَالَ: «الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمُ الْيَهُودُ -[50]- وَالضَّالِّينَ النَّصَارَى» ، قُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا الْمَالِ؟ قَالَ: «لِلَّهِ خُمْسُهُ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِهَؤُلَاءِ» يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ، قُلْتُ: فَهَلْ أَحَدٌ أَحَقُّ بِهِ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَ: «لَا وَلَوْ أَشْرَعْتَ سَهْمًا مِنْ جَيْبِكَ لَمْ تَكُنْ أَحَقَّ بِهِ مِنْ أَخِيكَ الْمُسْلِمِ» 157 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: 41] ، فَعَمَّ ذَا الْقُرْبَى بِالذِّكْرِ وَلَمْ يَخُصَّ بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ فَقَسَمَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ دُونَ سَائِرِ قَرَابَاتِهِ، فَبَيَّنَ بِسُنَّتِهِ أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَرَادَ بِذِكْرِ الْقَرَابَةِ بَعْضَ الْقَرَابَةِ دُونَ بَعْضٍ

158 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ أَتَيْتُهُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَؤُلَاءِ بَنُو هَاشِمٍ لَا نُنْكِرُ فَضْلَهُمْ لِمَا وَضَعَكَ اللَّهُ فِيهِمْ، أَرَأَيْتَ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَعْطَيْتَهُمْ وَمَنَعْتَنَا وَنَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ؟ فَقَالَ: «إِنَّ هَؤُلَاءِ §لَمْ يُفَارِقُوني فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا فِي الْإِسْلَامِ وَإِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ» وَشَبَّكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ

159 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثنا أَبِي، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، وَزَادَ فَقَالَ: «§قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُمْسَ الْخُمْسِ مِنَ الْقَمْحِ وَالتَّمْرِ وَالنَّوَى»

160 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ثنا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §لَمْ يَقْسِمْ لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ مِنَ الْخُمْسِ كَمَا قَسَمَ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَقْسِمُ الْخُمْسَ نَحْوَ قَسْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ عُمَرُ يُعْطِيهِمْ مِنْهُ وَيَمْنَعْنَ بَعْدَهُ

161 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَيْوَةَ، ثنا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ جَاءَ هُوَ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمَانِهِ فِيمَا قَسَمَ مِنْ خُمْسِ خَيْبَرَ بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَسَمْتَ لِإِخْوَانِنَا مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَلَمْ تُعْطِنَا شَيْئًا، وَقَرَابَتُنَا مِثْلُ قرَابَتِهِمْ، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا أَرَى هَاشِمًا، وَالْمُطَّلِبَ شَيْئًا وَاحِدًا» وَقَالَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: §وَلَمْ يَقْسِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَلَا لِبَنِي نَوْفَلٍ مِنْ ذَلِكَ الْخُمْسِ شَيْئًا كَمَا قَسَمَ لِبَنِي هَاشِمٍ وَلِبَنِي الْمُطَّلِبِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَقْسِمُ الْخُمْسَ نَحْوَ قَسْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 162 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكُلُّ قُرَيْشٍ ذَاتُ قَرَابَةٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَنُو عَبْدِ شَمْسٍ مُسَاوِيَةٌ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي الْقَرَابَةِ وَهُمْ مَعًا بَنُو أُمٍّ وَأَبٍ وَإِنِ انْفَرَدَ بَعْضُ بَنِي الْمُطَّلِبِ بِوِلَادَةٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ دُونَهُمْ فَلَمَّا لَمْ يَكُنِ السَّهْمُ لِمَنِ انْفَرَدَ بِالْوِلَادَةِ مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ دُونَ مَنْ لَمْ يَظُنَّهُ وَلَادَةَ بَنِي هَاشِمٍ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا أُعْطُوا خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهِمْ بِقَرَابَةِ جِذْمِ النَّسَبِ مَعَ كَيْنُونَتِهِمْ مَعًا مُجْتَمِعِينَ فِي نَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشِّعْبِ وَقَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وَمَا أَرَادَ اللَّهُ بِهِمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ خَاصَّةً وَلَقَدْ وَلَدَتْ بَنُو هَاشِمٍ فِي قُرَيْشٍ فَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ بِوِلَادَتِهِمْ مِنَ الْخُمْسِ شَيْئًا وَبَنُو نَوْفَلٍ مُسَاوِيَةٌ بَنِي الْمُطَّلِبِ فِي جِذْمِ النَّسَبِ 163 - وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ اللَّهُ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] الْآيَةَ، فَلَمَّا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ فِي الْإِقْبَالِ دَلَّتْ سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ الْغَنِيمَةَ الْمَخْمُوسَةَ فِي كِتَابِ اللَّهِ غَيْرُ السَّلَبِ إِذَا كَانَ السَّلَبُ مَغْنُومًا وَلَوْلَا الِاسْتِدَلَالُ بِالسُّنَّةِ وَحُكْمُنَا بِالظَّاهِرِ لَقَطَعْنَا كُلَّ مَنْ لَزِمَهُ اسْمُ سَرِقَةٍ وَأَعْطَيْنَا سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَابَةٌ، ثُمَّ خَلُصَ ذَلِكَ إِلَى طَوَائِفَ مِنَ الْعَرَبِ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِمْ وَشَائِجَ أَرْحَامٍ وَخَمَّسْنَا السَّلَبَ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْغُنْمِ مَعَ مَا سِوَاهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ. 164 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] -[52]-، وَقَالَ: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] فَأَجْمَلَ اللَّهُ إِحْلَالَ الْبَيْعِ وَتَحْرِيمِ الرِّبَا فِي كِتَابِهِ وَلَمْ يُفَسِّرِ الرِّبَا فِي كِتَابِهِ فَفَسَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُنَّتِهِ

165 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، قَالَا: أَنْبَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ»

166 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: كُنْتُ بِالشَّامِ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ فَجَاءَ أَبُو الْأَشْعَثِ فَقَالُوا: أَبُو الْأَشْعَثِ فَجَلَسَ فَقَالَ: غَزَوْنَا غَزَاةً وَعَلَى النَّاسِ مُعَاوِيَةُ فَغَنِمْنَا غَنَائِمَ كَثِيرَةً فَكَانَ فِيمَا غَنِمْنَا آنِيَةٌ مِنْ فِضَّةٍ فَأَمَرَ مُعَاويَةُ رَجُلَا أَنْ يَبِيعَهَا فِي أُعْطِيَاتٍ فَتَسَارَعَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَبَلَغَ ذَلِكَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَقَامَ فَقَالَ: «إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ بِالْمِلْحِ إِلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ فَمَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبى» ، فَرَدَّ النَّاسُ مَا أَخَذُوا فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: أَلَا مَا بَالُ رِجَالٍ يُحَدِّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ، قَدْ كُنَّا نَصْحَبُهُ وَنَشْهَدُهُ فَلَمْ نَسْمَعْهَا مِنْهُ؟ فَقَامَ عُبَادَةُ فَرَدَّ الْقِصَّةَ ثُمَّ قَالَ: لَنُحَدِّثَنَّ بِمَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلوْ كَرِهَ مُعَاوِيَةُ - أَوْ قَالَ وَإِنْ رَغِمَ مُعَاوِيَةُ - مَا أُبَالِي أَنْ لَا أَصْحَبَهُ فِي جُنْدِهِ لَيْلَةً سَوْدَاءَ، هَذَا أَوْ نَحْوَهُ

167 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَا وَكِيعٌ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَبْدِيُّ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ يَدًا بِيَدٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ فَمَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبى الْآخِذُ وَالْمُعْطِي فِيهِ سَوَاءٌ

168 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّبَعِيُّ، ثنا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيُّ، ثنا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ مَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبى الْآخِذُ وَالْمُعْطِي فِيهِ سَوَاءٌ»

169 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَا: أَنْبَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عنْ بِلَالٍ، قَالَ: كَانَ عِنْدِي تَمْرٌ دُونٌ فَابْتَعْتُ بِهِ مِنَ السُّوقِ تَمْرًا أَجْوَدَ مِنْهُ بِنِصْفِ كَيْلِهِ فَقَدَّمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ تَمْرًا أَجْوَدَ مِنْهُ مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا يَا بِلَالُ» ؟ قَالَ: فَحَدَّثْتُهُ بِمَا صَنَعْتُ فَقَالَ: «انْطَلِقْ فَرُدَّهُ إِلَى صَاحِبِهِ خُذْ تَمْرَكَ فَبِعْهُ بِحِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ اشْتَرِ بِهِ مِنْ هَذَا التَّمْرِ» قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِهِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَالذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَزْنًا بِوَزْنٍ، فَمَا كَانَ مِنْ فَضْلٍ فَهُوَ رِبًا» -[54]- وَقَدْ كَانَ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ فِيمَا

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ الرِّبَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَكُونُ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ الْحَقُّ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ قَالَ: §أَتَقْضِي أَمْ تُرْبِي فَإِنْ قَضَاهُ أَخَذَ مِنْهُ وَإِلَّا زَادَهُ فِي حَقِّهِ وَأَخَّرَ عَنْهُ الْأَجَلَ 171 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي قَدْ ذَكَرَهَا فَسَمَّاهَا رِبًا ثُمَّ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَا جَاوَزَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي سَمَّاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: كُلُّ شَيْءٍ يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السِّتَّةِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي ذَكَرَهَا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

172 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَعَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عنِ النَّخَعِيِّ، أَنَّهُمَا قَالَا: «§كُلُّ شَيْءٍ يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ بِمَنْزِلَةِ السِّتَّةِ إِذَا كَانَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ، فَإِنِ اخْتَلَفَا فَكَانَ وَاحِدٌ بِاثْنَيْنِ يَدًا بِيَدٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِذَا كَانَ نَسِيئَةً فَكَرِهَاهُ»

173 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «§مَا كَانَ مِنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ يُكَالُ فَمِثْلًا بِمِثْلٍ فَإِذَا اخْتَلَفَ فَزِدْ وَازْدَدْ يَدًا بِيَدٍ وَإِذَا كَانَ شَيْئًا وَاحِدًا يُوزَنُ فَمِثْلًا بِمِثْلٍ فَإِذَا اخْتَلَفَ فَزِدْ وَازْدَدْ يَدًا بِيَدٍ»

174 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، «أَنَّهُ كَانَ §يَكْرَهُ كُلَّ شَيْءٍ يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَنْ يُبَاعَ نَسِيئَةً مِثْلًا بِمِثْلٍ وَإِنِ اخْتَلَفَا فَلَا بَأْسَ بِهِ يَدًا بِيَدٍ»

175 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: «§كُلُّ شَيْءٍ يُوزَنُ فَهُوَ يَجْرِي مَجْرَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَكُلُّ شَيْءٍ يُكَالُ فَهُوَ يَجْرِي مَجْرَى الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ»

176 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، أَنْبَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي رِيَاحُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسرٍ فِي الْمَسْجِدِ الْأَكْبَرِ: «§الْبَعِيرُ خَيْرٌ مِنْ -[55]- بَعِيرَيْنِ وَالشَّاةُ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْنِ، وَالثَّوْبُ خَيْرٌ مِنْ ثَوْبَيْنِ، وَالْأَمَةُ خَيْرٌ مِنْ أَمَتَيْنِ لَا بَأْسَ بِهِمَا مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسَأ إِلَّا مَا كِيلَ أَوْ وُزِنَ»

177 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا حَيَّانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا مِجْلَزٍ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا زَمَانًا مَا كَانَ مِنْهُ يَدًا بِيَدٍ فلَقِيَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فَقَالَ لَهُ: إِلَى مَتَى أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ؟ حَتَّى مَتَى تُؤْكِلُ النَّاسَ الرِّبَا أَمَا بَلَغَكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَهُوَ عِنْدَ زَوْجَتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ: «§إِنِّي لَأَشْتَهِي تَمْرَ عَجْوَةٍ» بُعِثَ بِصَاعَيْنِ فَأَتَى بِصَاعِ عَجْوَةٍ فَقَالَ: «مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا؟» فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ: «رُدُّوهُ، التَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ يَدًا بِيَدٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ فَمَا زَادَ فَهُوَ رِبًا» ثُمَّ قَالَ: وَكَذَلِكَ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَيْضًا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جَزَاكَ اللَّهُ الْخَيْرَ يَا أَبَا سَعِيدٍ ذَكَّرْتَنِي أَمْرًا قَدْ كُنْتُ نَسِيتُهُ فَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، قَالَ: فَكَانَ يَنْهَى عَنْهُ بَعْدُ، قَالَ رَوْحٌ: وَكَانَ حَيَّانُ رَجُلَ صِدْقٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: كُلُّ شَيْءٍ يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي سَمَّاهَا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِبًا، وَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فَمَخْصُوصَانِ مُبَايِنَانِ لِسَائِرِ الْأَشْيَاءِ لَا يُشَبَّهُ بِهِمَا شَيْءٌ وَمَا جَاوَزَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فَلَا رِبَا فِيهِ

178 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: «§لَا رِبَا إِلَّا فِي ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ فِيمَا يُكَالُ، أَوْ يُوزَنُ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ»

179 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا سُفْيَانُ، عنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: «§لَا رِبَا إِلَّا فِي ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ فِيمَا يُكَالُ وَيُوزَنُ مِمَّا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذَا مَذْهَبُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِهِ وَهُوَ -[56]- بِالْعِرَاقِ ثُمَّ ضَمَّ إِلَيْهِ بِمِصْرَ كُلَّ مَا يُؤْكَلُ، وَإِنْ لَمْ يُكَلْ وَلَمْ يُوزَنُ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: كُلُّ مَا كَانَ طَعَامًا يُؤْكَلُ وَإِنْ كَانَ لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ، هَذَا آخِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ

180 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ §يَكْرَهُ أَنْ يُبَاعَ شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ بِشَيْءٍ مِنْهُ نَظِرَةً

181 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «§مَا اخْتَلَفَ أَلْوَانُهُ مِنَ الطَّعَامِ فَلَا بَأْسَ بِهِ يَدًا بِيَدٍ الْبُرُّ بِالتَّمْرِ، وَالشَّعِيرُ بِالزَّبِيبِ وَكَرِهَهُ نَسِيئَةً»

182 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، §كَرِهَ الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً قَالَ سُفْيَانُ: يَقُولُ لَحْمًا بِحِنْطَةٍ أَوْ قِثَّاءً أَوْ بِطِّيخًا بِحِنْطَةٍ قَالَ سُفْيَانُ: مَا نَرَى بِهِ بَأْسًا

183 - حَدَّثَنَا الْمُنْذِرُ بْنُ شَاذَانَ الرَّازِيُّ، ثنا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنِي مُعتَمِرٌ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّهُ كَانَ §يَكْرَهُ الطَّعَامَ كُلَّهُ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ نَسِيئَةً

184 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّهُ §كَرِهَ السَمْنَ بِالتَّمْرِ نَسِيئَةً قَالَ سُفْيَانُ: وَنَحْنُ نَكْرَهُهُ

185 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَا مَعْمَرٌ، عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أبيه، أَنَّهُ كَانَ §يَكْرَهُ اللَّحْمَ بِالْبُرِّ نَسِيئَةً حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: سَأَلْنَا الثَّوْرِيَّ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: هَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْبُيُوعِ عِنْدَنَا وذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ إِلَى أَنَّ كُلَّ مَا جَاوَزَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِنَ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا فَلَيْسَ فِيهَا رِبًا، وَإِنْ كَانَتْ حَرَامًا، وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الرِّبَا إِنَّمَا هُوَ مَا تَضَاعَفَ وَرَبَا وَازْدَادَ وَنَمَا إِلَّا مَا كَانَ كَذَلِكَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى -[57]-: لَا بَلْ كُلُّ بَيْعٍ حَرَامٌ مِمَّا قَدْ نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ يَلْتَحِقُ لِاسْمِ الرِّبَا، قَالُوا: فَكَذَلِكَ قَالُوا الرِّبَا بِضْعٌ وَسَبْعُونَ بَابًا

187 - وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ: " لَا يَصْلُحُ صَفْقَتَانِ فِي صَفْقَةٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَشَاهِدَيْهُ وَكَاتِبَهُ:

188 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا النَّضْرُ، ثنا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «لَا يَصْلُحُ صَفْقَتَانِ فِي صَفْقَةٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ»

189 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «لَا يَصْلُحُ - أَوْ لَا يَحِلّ - صَفْقَتَانِ فِي صَفْقَةٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهُ»

190 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " §صَفْقَتَانِ فِي صَفْقَةٍ رِبًا أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: إِنْ كَانَ بِنَقْدٍ فَبِكَذَا وَكَذَا، وَإِنْ كَانَ إِلَى أَجَلٍ فَبِكَذَا وَكَذَا "

191 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا وَكِيعٌ، ثنا إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الشَّيْءَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الدِّينَارَ بِعَشَرَةٍ فَقَالَ: «§صَفْقَتَانِ فِي صَفْقَةٍ رِبًا» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالُوا: فَفي قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ بَيْعٍ فَاسِدٍ فَهُوَ رِبًا، وَكَذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ فِي الثَّمَرَةِ الْمُغَضَّفَةِ

192 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا وَكِيعٌ، ثنا الْمَسْعُودِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «§إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّا نَعْلَمُ أَبْوَابَ الرِّبَا وَلَأَنْ أَكُونَ أَعْلَمُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي مِثْلُ مِصْرَ وَكُورِهَا» وَلَكِنْ مِنْ ذَلِكَ أَبْوَابٌ لَا تَكَادُ يَخْفَيْنَ عَلَى أَحَدٍ أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ وَهِيَ مُغَضَّفَةٌ لَمَّا تَطِبْ أَوْ يُبَاعُ الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ، أَوِ الْوَرِقُ بِالذَّهَبِ نَسْأً

مِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَنْبَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ الْهُجَيْمِيُّ ثنا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى: حَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ تَجْمَعُ لِي فِيهِ أَبْوَابَ الرِّبَا، قَالَ: §اتَّقِ شَفَّ مَا لَمْ تَضْمَنْ

194 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، ثنا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ شُرَيْحٍ، قَالَ: §مَنْ بَاعَ بِبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوِ الرِّبَا

195 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عَبْدِ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ جَبَلَةُ بْنُ أَبِي جُلَيْسَةَ الْجَرْشِيُّ: قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرٌ، قَالَ: لَقِيتُ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لِي: «§اعْلَمْ أَنَّ أَبْوَابَ الرِّبَا أَكْثَرُ مِنْ أَبْوَابِ الطَّلَاقِ، فَإِيَّاكَ وَمَا خَالَطَ النَّسِيئَةَ مِنْ هَذِهِ الْبُيُوعِ، فَإِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ»

196 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّمِيمِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " أَيُّهَا النَّاسُ ثَلَاثٌ §وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُفَارقْنَا حَتَّى يَعْهَدَ إِلَيْنَا عَهْدًا فِيهِ نَنْتَهِي إِلَيْهِ: الْكَلَالَةُ، وَالْجَدُّ، وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا "

197 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا وَكِيعٌ، ثنا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ -[59]- الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: «§إِنَّ آخِرَ مَا أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةُ الرِّبَا فَتُوُفِّيَ وَلَمْ يُفَسِّرْهَا لَنَا فَدَعُوا الرِّبَا وَالرِّيبَةَ»

198 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «§الرِّبَا بِضْعٌ وَسَبْعُونَ بَابًا، وَالشِّرْكُ نَحْوُ ذَلِكَ»

199 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «§الرِّبَا بِضْعٌ وَسَبْعُونَ بَابًا وَالشِّرْكُ نَحْوُ ذَلِكَ»

200 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ثنا شُعْبَةُ، ثنا زُبَيْدٌ الْأَيَّامِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «§الرِّبَا ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا وَالشِّرْكُ نَحْوُ ذَلِكَ» 201 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا النَّضْرُ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، بِمِثْلِهِ

202 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عَبْدُ الْأَعْلَى، ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي خَيْرَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا أَكَلَ الرِّبَا فَإِنْ لَمْ يَأْكُلْهُ أَصَابَهُ مِنْ غُبَارِهِ»

203 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي -[60]- سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُبَالِي الْمَرْءُ بِمَ أَخَذَ الْمَالَ أَبِحِلٍّ أَمْ بِحَرَامٍ»

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ثنا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «§الرِّبَا سَبْعُونَ حُوبًا أَدْنَاهُنَّ مِثْلُ مَا يَقَعُ الرَّجُلُ عَلَى أُمِّهِ، وَأَرْبَى الرِّبَا اسْتِطَالَةُ الْمَرْءِ فِي عِرْضِ أَخِيهِ»

205 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سَلْمَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «§مَا هَلَكَ أَهْلُ نُبُوَّةٍ حَتَّى يَفْشُوَ فِيهِمُ الرِّبَا وَالزِّنَا»

206 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: «§لَيْسَ فِي الْحَيَوَانِ رِبًا إِلَّا الْمَضَامِينَ، وَالْمَلَاقِيحَ، وَحَبَلَ الْحَبَلَةِ» 207 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَفِي هَذَا الْمَذْهَبِ يَكُونُ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] عَامًّا فِي كُلِّ مَا لَمْ يُسَمَّ رِبًا وَيَكُونُ كُلُّ بَيْعٍ حَرَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] فِي الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ يَكُونُ الرِّبَا كُلَّ مَا سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ رِبًا، وَكُلُّ مَا اشْتَبَهَ مِمَّا سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ كَذَلِكَ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] خَاصًّا وَاقِعًا عَلَى بَعْضِ الْبُيُوعِ دُونَ بَعْضٍ، وَهُوَ كُلُّ بَيْعٍ لَمْ يَنْهَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ كَمَا كَانَ قَوْلُهُ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وَاقِعًا عَلَى بَعْضِ السُّرَّاقِ دُونَ بَعْضٍ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ كَثِيرٌ، قَدْ ذَكَرْنَا مِنْهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، -[61]- 208 - فَأَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا رِبَا إِلَّا فِي الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ الَّتِي سَمَّاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَطْ، فَإِنَّ هَذَا قَوْلٌ خِلَافَ مَا جَاءَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ عَنِ السَّلَفِ وَخِلَافَ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْفَتْوَى مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ السَّلَفِ ذَهَبَ إِلَيْهِ، وَرِوَايَتُهُمْ عَنْ طَاوُوسٍ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ، بَلِ الصَّحِيحُ عَنْ طَاوُوسٍ خِلَافُ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَبَايَعُونَ بُيُوعًا فِيهَا غَرَرٌ وَمُخَاطَرَاتٌ نَحْوَ بَيْعِ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ فَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، وَنَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ جُمْلَةً

209 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ وَالْمَضَامِينِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ» ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: الْمَلَاقِيحُ: مَا فِي بُطُونِ النُّوقِ وَالْمَضَامِينُ: مَا فِي ظُهُورِ الْجِمَالِ، وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ: وَلَدُ وَلَدِ النَّاقَةِ

210 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ثنا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ، أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §نَهَى عَنِ الْمَضَامِينِ، وَالْمَلَاقِيحِ، وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ»

211 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ عَنِ الْحَيَوَانِ، بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً فَقَالَ: " §لَا رِبَا فِي الْحَيَوَانِ وَقَدْ نُهِيَ عَنِ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ، وَالْمَضَامِينُ مَا فِي أَصْلَابِ الْإِبِلِ، وَالْمَلَاقِيحُ مَا فِي بُطُونِهَا، وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ وَلَدُ وَلَدِ النَّاقَةِ

212 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: «§لَيْسَ فِي الْحَيَوَانِ رِبًا إِلَّا الْمَضَامِينُ، وَالْمَلَاقِيحُ وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ»

213 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَنْبَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ»

214 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ»

215 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ»

216 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، أَنْبَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ»

217 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، ثنا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ»

218 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهُ §نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ»

219 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنبا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §-[63]- نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ» وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ ثُمَّ تُنْتَجُ الَّتِي فِي بَطْنِهَا

220 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا مُحَمَّدٌ وَهُوَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «§نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَتَبَايَعُونَ ذَلِكَ الْبَيْعَ يَبِيعُ الرَّجُلُ بِالشَّارِفِ، وَحَبَلَ الْحَبَلَةِ»

221 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنبا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ عَن أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «§نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ، وَبَيْعِ الْحَصَاةِ»

222 - حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ثنا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّه، أَخْبَرَنِي أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «§نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ»

حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْبِسْطَامِيُّ، ثنا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، ثنا أَيُّوبُ بْنُ عُتْبَةَ الْيَمَامِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «§نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ»

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ»

225 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §نَهَى عَنِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ»

226 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: " §نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنَ: عَنِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ "

227 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَحَدُهُمَا يَزِيدُ عَلَى الْآخَرِ الشَّيْءَ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ قَالَ إِسْحَاقُ: أَنْبَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَا: أَنْبَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: " §نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنَ: الْمُلَامَسَةِ، وَالْمُنَابَذَةِ، الْمُنَابَذَةُ أَنْ يَنْبِذَ الثَّوْبَ فَيَقُولَ: إِذَا نَبَذْتُهُ إِلَيْكَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَأَمَّا الْمُلَامَسَةُ فَهُوَ أَنْ يَلْمَسَهُ بِيَدِهِ وَلَا يَنْشُرَهُ وَلَا يُقَلِّبَهُ، إِذَا مَسَّهُ وَجَبَ الْبَيْعُ "

228 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، أَخْبَرَهُ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §نَهَى عَنِ الْمُلَامَسَةِ - وَالْمُلَامَسَةُ: لَمْسُ الثَّوْبِ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ -، وَعَنِ الْمُنَابَذَةِ - وَهيَ طَرْحُ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ إِلَى الرَّجُلِ بِالْبَيْعِ قَبْلَ أَنْ يُقَلِّبَهُ وَيَنْظُرَ إِلَيْه - ِ "

229 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ -[65]- شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، قَالَ: «§نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنَ، نَهَى عَنِ الْمُلَامَسَةِ، وَالْمُنَابَذَةِ فِي الْبَيْعِ، وَالْمُلَامَسَةُ لَمْسُ الرَّجُلِ ثَوْبَ الْآخَرِ بِيَدِهِ بِاللَّيْلِ أَوبِالنَّهَارِ لَا يُقَلِّبُهُ إِلَّا بِذَلِكَ، وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ ثَوْبَهُ، فَيَكُونَ ذَلِكَ بَيْعَهُمَا عَنْ غَيْرِ نَظْرَةٍ وَلَا تَرَاضٍ» 230 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} ، فَأَجْمَلَ ذِكْرَ الدِّيَةِ وَأَبْهَمَهَا فَلَمْ يُفَسِّرْهَا، وَجَعَلَ تَفْسِيرَهَا إِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُنَّتِهِ، فَجَعَلَ دِيَةَ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَاتَّفَقَ عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ

231 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، ثنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ هُوَ، وَرِجَالٌ، مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ، وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، §بَعَثَ إِلَيْهِمْ بِمِائَةِ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتْ عَلَيْهِمُ الدَّارَ قَالَ سَهْلٌ: لَقَدْ رَكَضَتْنِي مِنْهَا نَاقَةٌ حَمْرَاءُ

232 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَنْبَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، وَحَدَّثَنِيهُ بُشَيْرُ بْنُ يَسَّارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ -[66]- أَبِي حَثْمَةَ، قَالَ: §قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ بِخَيْبَرَ، فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةَ نَاقَةٍ

233 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو عَلِيٍّ الْبِسْطَامِيُّ قَالَا: ثنا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّائِيُّ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَّارٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ، أَخْبَرَهُ §أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَاهُ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ

234 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، ثنا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ بِكِتَابٍ فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ وَالدِيَاتُ وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَقُرِئَتْ عَلَى أَهْلِ الْيَمَنِ وَكَانَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ §فِي النَّفْسِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ

235 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو الْيَمَانِ، أَنْبَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَرَأْتُ صَحِيفَةً عِنْدَ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، ذَكَرَ أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَهَا لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَإِذَا فِيهَا: §هَذَا كِتَابُ الْجُرُوحِ، فِي النَّفْسِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَفي الْأَنْفِ إِذَا أُوعِيَ جَدْعُهُ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي الْأُذُنِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي الرِّجْلِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ

236 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدٍ ابْنَيْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ يَأْثِرَانِهِ عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ جَدِّهِمَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَتَبَ هَذَا الْكِتَابَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ كَتَبَ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ: §فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي الْأَنْفِ إِذَا أُوعِيَ جَدْعًا مِائَةٌ مِنَ -[67]- الْإِبِلِ، وَفِي الْيَدِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي الرِّجْلِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ، وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ مِنَ الْإِبِلِ

237 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§أَلَا إِنَّ كُلَّ مَأْثَرَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، تُعَدُّ وَتُدَّعَى مِنْ دَمٍ، أَوْ مَالٍ تَحْتَ قَدَمِي إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سِقَايَةِ الْحَاجِّ وَسِدَانَةِ الْبَيْتِ» ، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا إِنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ، أَوْ بِالْعَصَا مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا»

238 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، أَنْبَا هُشَيْمٌ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ جَوْسٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ السَّدُوسِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ: «§الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، أَلَا إِنَّ كُلَّ مَأْثَرَةٍ تُعَدُّ وَتُدَّعَى، وَدَمٍ أَوْ دَعْوَى مَوْضُوعَةٌ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ إِلَّا سِدَانَةَ الْبَيْتِ، وَسِقَايَةَ الْحَاجِّ، أَلَا وَإِنَّ قَتِيلَ خَطَأِ الْعَمْدِ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا وَالْحَجَرِ دِيَةٌ، دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا»

239 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الدِيَاتِ فَذَكَرَ فِي الْكِتَابِ، وَكَانَتْ §دِيَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ فَقَوَّمَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى أَلْفَ دِينَارٍ أَوِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَكَانَتْ دِيَةُ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسِينَ مِنَ الْإِبِلِ فَقَوَّمَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى خَمْسَ مِائَةِ دِينَارٍ، أَوْ سِتَّةَ آلَافِ دِرْهَمٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] فَفَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُنَّتِهِ الْعِدَّةَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ

240 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ»

241 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: إِنَّهُ §طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ وَهِيَ حَائِضٌ تَطلِيقَةً وَاحِدَةً، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَاجِعَهَا، ثُمَّ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ عِنْدَهُ حَيْضَةً أُخْرَى ثُمَّ يُمْهِلَهَا حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَتِهَا، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا حِينَ تَطْهُرَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُجَامِعَهَا، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فَهَذَا تَفْسِيرُ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنَ السُّنَنِ الَّتِي لَهَا تَفْسِيرٌ افْتَرَضَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مُجْمَلًا، وَقَدْ ذَكَرْتُ مِنْهُ مَا يَكْفِي وَيَسْتَدِلُّ بِهِ أَهْلُ الْفَهْمِ عَلَى مَا وَرَاءَهُ مِمَّا لَمْ أَذْكُرْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

ذكر الوجه الثاني من السنن التي اختلفوا فيها أهي ناسخة لبعض أحكام القرآن أم هي مبينة عن خصوصها وعمومها؟ اختلف الناس في السنة هل تنسخ الكتاب أم لا؟ فقالت جماعة من العلماء: لا تنسخ السنة الكتاب، ولا ينسخ الكتاب إلا الكتاب، والسنة تترجم الكتاب وتفسر

§ذِكْرُ الْوَجْهِ الثَّانِي مِنَ السُّنَنِ الَّتِي اخْتَلَفُوا فِيهَا أَهِيَ نَاسِخَةٌ لِبَعْضِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ أَمْ هِيَ مُبَيِّنَةٌ عَنْ خُصُوصِهَا وَعُمُومِهَا؟ 242 - اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي السُّنَّةِ هَلْ تَنْسَخُ الْكِتَابَ أَمْ لَا؟ فَقَالَتْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: لَا تَنْسَخُ السُّنَّةُ الْكِتَابَ، وَلَا يَنْسَخُ الْكِتَابُ إِلَّا الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ تُتَرْجِمُ الْكِتَابَ وَتُفَسِّرُ مُجْمَلَهُ، وَتُبَيِّنُ عَنْ خُصُوصِهِ، وَعُمُومِهِ وَتَزَيدُ فِي الْفَرَائِضِ وَالْأَحْكَامِ، وَلَا تَنْسَخُ الْكِتَابَ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106] وَبِقَوْلِهِ: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} [النحل: 101] وَبِقَوْلِهِ: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} [يونس: 15] ، فَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: جَائِزٌ أَنْ تَنْسَخَ السُّنَّةُ الْكِتَابَ وَذَلِكَ أَنْ يَحْكُمَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ بِحُكْمٍ، ثُمَّ يُوحِي إِلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَدْ نَسَخَ ذَلِكَ الْحُكْمَ، وَيَأْمُرُ بِخِلَافِهِ، فَيَأْمُرُ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ، وَلَا يَنْزِلُ بِهِ قُرْآنًا يُتْلَى، فَعَلَى النَّاسِ تَصْدِيقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَبُولُ ذَلِكَ عَنْهُ وَأَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْسَخْ مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ إِلَّا بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا -[70]- يُتْلَى لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 2] وَلِقولِهِ: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} [الأنعام: 50] فَمِنَ الْوَحْيِ مَا هُوَ قُرْآنٌ، وَمِنْهُ مَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} [البقرة: 106] وَلَمْ يَقُلْ نَأْتِ بِآيَةٍ خَيْرٍ مِنْهَا، وَلَا بِقُرْآنٍ خَيْرٍ مِنْهَا

243 - وَقَدْ حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: " §كُنْتُ أَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ فَلَا أَعْرِفُهَا {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} [البقرة: 106] ، أَقُولُ هَذَا قُرْآنٌ وَهَذَا قُرْآنٌ فَكَيْفَ يَكُونُ خَيْرًا مِنْهَا حَتَّى فُسِّرَ لِي فَكَانَ بَيِّنًا، نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا لَكُمْ أَيْسَرُ عَلَيْكُمْ، أَخَفُّ عَلَيْكُمْ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا حَكَى ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالُوا: فَإِنَّمَا مَعْنَى النَّسْخِ هُوَ أَنْ يَنْسَخَ حُكْمَهُ الْأَوَّلَ الَّذِي أَوْجَبَهُ بِكَلَامِهِ عَلَى عِبَادِهِ بِحُكْمٍ خَيْرٍ لَهُمْ مِنْهُ فَإِنَّمَا خَفَّفَ عَلَى الْعِبَادِ فَأَبْدَلَهُمْ عَمَلًا أَخَفَّ عَلَيْهِمْ مِنَ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا أَرَادَ حُكْمًا خَيْرًا لَهُمْ مِنْ حُكْمِ الْآيَةِ الْأُولَى أَوْسَعَ لَهُمْ وَأَخَفَّ عَلَيْهِمْ كَمَا نَسَخَ قِيَامَ اللَّيْلِ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْهُ فَكَانَ مَا تَيَسَّرَ خَيْرًا لَهُمْ فِي السَّعَةِ وَالْخِفَّةِ مِنَ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ بِطُولِ قِيَامِ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُمْ قَامُوا حَوْلًا حَتَّى تَوَرَّمَتْ أَقْدَامُهُمْ فَخَفَّفَ اللَّهُ ذَلِكَ عَنْهُمْ، وَكَذَلِكَ كَانُوا لَا يُنَاجُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَتَصَدَّقُوا بِصَدَقَةٍ فَخَفَّفَ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّاسِخُ خَيْرًا لَهُمْ بِأَنْ يَكُونَ الثَّوَابُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ إِذَا هُمْ عَمِلُوا بِهِ وَخَيْرًا لَهُمْ فِي الْعَاقِبَةِ، قَالُوا: فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيَانُ الْحُكْمِ الثَّانِي الَّذِي أُبْدِلَ بِهِ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ فِي كِتَابِهِ مُنَزَّلًا وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ بَيَانَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُنْزِلَهُ فِي كِتَابِهِ

244 - وَقَدْ حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَوْفٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ -[71]- رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ وَلَا كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبُعِ "

245 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَصَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَا: أَنْبَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ يَقُولُ: حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ أَشْيَاءَ ثُمَّ قَالَ: " §يُوشِكُ بِرَجُلٍ مُتَّكِئٍ عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثِي، فَيَقُولُ: سَأُنَبِّئُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ مَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ، أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ " 246 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ هَاتَانِ الطَّائِفَتَانِ مِمَّا فَرَضَهُ مُثْبَتٌ فِي الْكِتَابِ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى نَسْخِهِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا مَا الَّذِي نَسَخَهُ الْكِتَابُ أَمِ السُّنَّةُ؟ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] فَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ إِيجَابَ الْوَصِيَّةِ لِكُلِّ وَارِثٍ مِنَ الْأَقْرَبِينَ مَنْسُوخٌ، 247 - ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي أَجَازَتْ نَسْخَ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ: إِنَّمَا صَارَتِ الْوَصِيَّةُ لَهُمْ مَنْسُوخَةً بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» وَقَالَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى: بَلْ نَسَخَتِ -[72]- الْوَصِيَّةُ لَهُمْ فَرَائِضَ الْمَوَارِيثِ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ هُوَ الْمُبَيِّنُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ جَائِزًا أَنْ تَكُونَ الْوَصِيَّةُ لَهُمْ ثَابِتَةً مَعَ الْمَوَارِيثِ، وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ الْمَوَارِيثُ نَسَخَتِ الْوَصِيَّةَ، فَلَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَوَارِيثَ نَسَخَتِ الْوَصِيَّةَ، لَا أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي نَسَخَ الْوَصِيَّةَ لَهُمْ، فَقَالَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى: لَيْسَ فِي فَرْضِ الْمَوَارِيثِ لَهُمْ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ الْوَصِيَّةِ لَهُمْ بَلْ فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ دَلِيلٌ عَلَى إِثْبَاتِ الْوَصِيَّةِ لَهُمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حِينَ فَرَضَ الْمَوَارِيثَ أَخْبَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا فَرَضَهَا مِنْ بَعْدِ الْوَصَايَا، فَقَالَ فِي عَقِبِ فَرَائِضِ الْمَوَارِيثِ: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] فَكَانَ اللَّازِمُ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ إِذَا أَوْصَى الْمَيِّتُ لِوَالِدَيْهِ أَوْ لِسَائِرِ وَرَثَتِهِ بِوَصَايَا أَنْ يَبْدَءُوا بِإِعْطَائِهِمُ الْوَصَايَا، ثُمَّ يُعْطَوْنَ مَوَارِيثَهُمْ مِنْ بَعْدِ الْوَصَايَا لِقَوْلِهِ: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] قَالُوا: فَكَانَتِ السُّنَّةُ هِيَ النَّاسِخَةَ لِإِيجَابِ الْوَصِيَّةِ لَا غَيْرُ، وَهِيَ قَوْلُهُ: لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ، قَالُوا: وَظَاهِرُ الْكِتَابِ أَيْضًا مُوجِبٌ إِجَازَةَ الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِ الْوَارِثِ، وَإِنْ أَتَى ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا فَرَضَ الْمَوَارِيثَ مِنْ بَعْدِ الْوَصَايَا وَلَمْ يُؤَقِّتِ الْوَصَايَا ثُلُثًا، وَلَا أَقَلَّ وَلَا أَكْثَرَ، فَلَوْلَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ بِأَنَّ الْوَصَايَا لَا تَجُوزُ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ لَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ جَائِزَةً عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَعُمُومِهِ، وَلَكِنَّ السُّنَّةَ جَاءَتْ بِتَحْدِيدِ الثُّلُثِ فِي الْوَصَايَا

248 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَ بِي مَا تَرَى مِنَ الْوَجَعِ وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَيْسَ يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: «لَا» ، قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ؟ قَالَ: «لَا §الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إِنَّكَ إِنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَلَسْتَ تُنْفِقُ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِيِّ امْرَأَتِكَ»

249 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ -[73]- سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَمَرِضْتُ مَرَضًا أَشْفَى عَلَيَّ الْمَوْتُ فَعَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مَالِي كَثِيرٌ وَلَيْسَ يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي أَفَأُوصِي بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: «لَا» ، قُلْتُ: فَبِشَطْرِ مَالِي؟ قَالَ: «لَا» ، قُلْتُ: فَبِثُلُثِ مَالِي؟ قَالَ: «§الثُّلُثُ كَثِيرٌ إِنَّكَ يَا سَعْدُ إِنْ تَتْرُكْ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» ، 250 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ

251 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: عَادَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَهُ: أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ فَقَالَ: «لَا» قُلْتُ: فَبِالشَّطْرِ؟ قَالَ: «لَا» ، قُلْتُ: فَبِالثُّلُثِ؟ قَالَ: «§نَعَمْ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ - أَوْ كَبِيرٌ»

252 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُصْعَبَ بْنَ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَرِيضٌ يَعُودُنِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: «§لَا» ، قُلْتُ: فَبِثُلُثَيْهُ؟ قَالَ: «لَا» ، قُلْتُ: فبِالنِّصْفِ؟ قَالَ: «لَا» ، قُلْتُ: فَبِالثُّلُثِ؟ فَسَكَتَ، 253 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ إِسْحَاقُ: وَأنبأ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ، ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَانَ الثُّلُثِ

254 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ -[74]- جُبَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ بِمَكَّةَ وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا ابْنَةٌ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي إِلَّا ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ أَفَأُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: «لَا» ، قُلْتُ: فَبِالشَّطْرِ قَالَ: «لَا» ، قُلْتُ: فَبِالثُّلُثِ؟ قَالَ: «§الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَبِيرٌ»

255 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، ثنا الْجَعْدُ بْنُ أَوْسٍ، حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ بِنْتُ سَعْدٍ، قَالَتْ: قَالَ سَعْدٌ: اشْتَكَيْتُ شَكْوَى لِي بِمَكَّةَ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي تَرَكْتُ مَالًا كَثِيرًا وَلَيْسَ لِي إِلَّا ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ أَفَأُوصِي بِثُلُثَيْ مَاليِ وَأَتْرُكُ لَهَا الثُّلُثَ؟ قَالَ: «لَا» قُلْتُ: فَأُوصِي بِنِصْفِ مَالِي وَأَتْرُكُ لَهَا النِّصْفَ؟ قَالَ: «لَا» قُلْتُ: فَأُوصِي بِالثُّلُثِ وَأَتْرُكُ لَهَا الثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: «§الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» ثَلَاثًا، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِي فَمَسَحَ جَبْهَتِي، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا وَأَتِمَّ لَهُ هِجْرَتَهُ» قَالَ: فَمَا زِلْتُ أَجِدُ بَرْدَ يَدِهِ حَتَّى السَّاعَةِ

256 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا وَكِيعٌ، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَهَ فِي مَرَضِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: «لَا» قَالَ: فَبِالشَّطْرِ؟ قَالَ: «لَا» قَالَ: فَبِالثُّلُثِ؟ قَالَ: «§الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ - أَوْ كَبِيرٌ»

257 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضٍ فَقَالَ: «أَوْصَيْتَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: بِكَمْ؟ قُلْتُ: بِمَالِي كُلِّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ: «فَمَا تَرَكْتَ لِوَلَدِكَ؟» قُلْتُ: هُمْ أَغْنِيَاءُ، قَالَ: «أَوْصِ بِالْعُشْرِ» ، فَمَا زَالَ يَقُولُ وَأَقُولُ حَتَّى قَالَ: «§أَوْصِ بِالثُّلُثِ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَنَحْنُ نَسْتَحِبُّ أَنْ نُنْقِصَ مِنَ الثُّلُثِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» -[75]- 258 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ وَقَالَ: لَمْ يَزَلْ يُنَاقِصُنِي وَأُنَاقِصُهُ 259 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، قَالَ: ثنا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذَا

260 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِمَكَّةَ فَقَالَ: «أَوْصَيْتَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ بِمَالِي كُلِّهِ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، قَالَ: «أَوْصِ بِالْعُشْرِ» ، قُلْتُ: إِنَّ وَرَثَتِي أَغْنِيَاءُ، قَالَ: «أَوْصِ بِالْعُشْرِ» ، فَلَمْ يَزَلْ يُنَاقِصُنِي وَأُنَاقِصُهُ حَتَّى قَالَ: «§أَوْصِ بِالثُّلُثِ وَالثُّلُثُ كَبِيرٌ» ، قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَكَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُوصَى بِالثُّلُثِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالثُّلُثُ كَبِيرٌ»

261 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا وَهِيبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْقَارِئِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَمْرِو بْنِ الْقَارِئِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ فَخَلَّفَ سَعْدًا مَرِيضًا حِينَ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ فَلَمَّا قَدِمَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ مُعْتَمِرًا دَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ وَجِعٌ مَغْلُوبٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالًا، وَإِنِّي أُورَثُ كَلَالَةً أَفَأُوصِي بِمَالِي أَوْ أَتَصَدَّقُ بِهِ؟ قَالَ: «لَا» ، قَالَ: أَفَأُوصِي بِثُلُثَيْهُ؟ قَالَ: «لَا» ، قَالَ: أَفَأُوصِي بِشَطْرِهِ؟ قَالَ: «لَا» ، قَالَ: أَفَأُوصِي بِثُلُثِهِ، قَالَ: «§الثُّلُثُ وَذَلِكَ كَثِيرٌ - أَوْ كَبِيرٌ»

262 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، §أَنَّ رَجُلًا، أَعْتَقَ سِتَّةً مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ فَدَعَا بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً وَقَالَ فِيهِ قَوْلًا شَدِيدًا

263 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ سِتَّةً مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا غَيْرَهُمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَغَضِبَ وَقَالَ: «§هَمَمْتُ أَلَّا أُصَلِّيَ عَلَيْهِ» ثُمَّ دَعَا بِهِمْ فَجَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً فَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى إِبْطَالِ الْوَصِيَّةِ فِيمَا يُجَاوِزُ الثُّلُثَ: فَقَالَ الَّذِينَ أَجَازُوا نَسْخَ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ: السُّنَّةُ هِيَ الَّتِي نَسَخَتْ إِجَازَةَ الْوَصِيَّةِ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَأَبْطَلَتْهُ وَقَالَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى: السُّنَنُ لَمْ تَنْسَخْ مِنَ الْكِتَابِ شَيْئًا وَلَكِنَّهَا بَيَّنَتْ عَنْ خُصُوصِهِ وَعُمُومِهِ فَدَلَّتْ عَلَى أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا} [النساء: 12] بَعْضَ الْوَصَايَا دُونَ بَعْضٍ فأَرَادَ مَا كَانَ مِنَ الْوَصَايَا دُونَ الثُّلُثِ إِلَى الثُّلُثِ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: {أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] الدَّيْنَ كُلَّهُ عُمُومًا لَا خُصُوصَ فِيهِ وَبَدَأَ فِي كِتَابِهِ بِذِكْرِ الْوَصِيَّةِ قَبْلَ الدَّيْنِ، وَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الدَّيْنَ يُبْدَأُ بِهِ قَبْلَ الْوَصَايَا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، ثُمَّ الْوَصَايَا مِنْ بَعْدِ الدَّيْنِ فَخْرَّجَةٌ مِنَ الثُّلُثِ، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْعَمَلِ بِذَلِكَ مِنْ لَدُنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا يَتَوَارَثُونَ الْعَمَلَ بِذَلِكَ قَرْنًا عَنْ قَرْنٍ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ

264 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: §قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ وَأَنْتُمْ تَقْرَءُونَهَا: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] وَإِنَّ أَعْيَانَ بَنِي الْأُمِّ يَتَوَارَثُونَ دُونَ بَنِي الْعِلَّاتِ

265 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، أَنْبَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ وَإِنَّ أَعْيَانَ بَنِي الْأُمِّ يَتَوَارَثُونَ دُونَ بَنِي الْعِلَّاتِ يَرِثُ الرَّجُلُ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ دُونَ أَخِيهِ لِأَبِيهِ -[77]- قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا، حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} [النساء: 23] الْآيَةَ كُلَّهَا

266 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَأَبُو قُدَامَةَ قَالَا: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: §حَرَّمَ عَلَيْكُمْ سَبْعًا نَسَبًا وَسَبْعًا صِهْرًا

267 - حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْبِسْطَامِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " §حُرِّمَ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ وَمِنَ الصِّهْرِ سَبْعٌ، مِنَ النَّسَبِ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} [النساء: 23] فَهَذَا النَّسَبُ، وَمِنَ الصِّهْرِ: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 23] ، {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] "

268 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا وَكِيعٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ إِسْحَاقَ، أَنْبَا جَرِيرٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَالِمٍ مَوْلَى الْأَنْصَارِ قَالَ: " §حَرَّمَ اللَّهُ مِنَ النَّسَبِ سَبْعًا وَمِنَ الصِّهْرِ سَبْعًا قَالَ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} [النساء: 23] وَمِنَ الصِّهْرِ: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] الْآيَةَ " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَحَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْآيَةِ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، لَمْ يُحَرِّمِ الْجَمْعَ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ غَيْرِهِمَا ثُمَّ قَالَ: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] فَحَرَّمَتِ السُّنَّةُ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ خَالَتِهَا

269 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «§نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، أَوْ عَلَى خَالَتِهَا»

270 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «§نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ خَالَتِهَا»

271 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، ثنا عَمِّي، ثنا أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ذَكَرَ أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا يَجْمَعُ الرَّجُلُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا» ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَ ذَلِكَ

272 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنْبَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهُ §نَهَى أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، أَوْ عَلَى خَالَتِهَا»

273 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي -[79]- هُرَيْرَةَ، وَعَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا، وَلَا بِنْتُ أُخْتِهَا عَلَى خَالَتِهَا، وَلَا الْخَالَةُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا، وَلَا تُنْكَحُ الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى وَلَا الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى»

274 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا جَرِيرٌ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا عَلَى خَالَتِهَا»

275 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: عَرَضْتُ عَلَى الشَّعْبِيِّ كِتَابًا فِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «§أَنَّهُ نَهَى أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، أَوْ عَلَى خَالَتِهَا» فَقَالَ: أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ جَابِرٍ

276 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «§نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِكَاحَيْنِ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَعَمَّتِهَا وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا»

277 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، ثنا عمي، ثنا أَبِي عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «§نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَعَمَّتِهَا وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا نِكَاحًا»

278 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا عَلَى خَالَتِهَا»

279 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَنَدَ -[80]- إِلَى الْبَيْتِ فَوَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ فَقَالَ: «§لَا تُسَافِرِ امْرَأَةٌ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مَسِيرَةَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، وَلَا تَقْدُمَنَّ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا»

280 - حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْبِسْطَامِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَا الْحُسَيْنُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: «§وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا عَلَى خَالَتِهَا»

281 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَنْبَا سَعِيدٌ وَهُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَرِيزٍ، وَعَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «§نَهَى أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ عَلَى خَالَتِهَا»

282 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ الْبِسْطَامِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالُوا: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: وُجِدَ فِي قَائِمِ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابَانِ فِي أَحَدِهِمَا «§وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا»

283 - حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ النَّسَوِيُّ، ثنا أَبُو الْأَسْوَدِ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ ابْنِ هُبَيْرَةَ، عَنِ ابْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «§نَهَى أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا»

284 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْبِسْطَامِيُّ، ثنا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَرْقَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " §نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِكَاحَيْنِ: الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَعَلَى خَالَتِهَا " قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَحَرَّمَ فِي الْآيَةِ امْرَأَتَيْنِ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَقَطْ: الْأُمُّ وَالْأُخْتُ لَمْ يُحَرِّمْ غَيْرَهُمَا مِنَ الرَّضَاعَةِ {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] فَصَارَ اللَّازِمُ فِي الْحُكْمِ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَعُمُومِهِ أَنْ يَكُونَ مَا وَرَاءَ مَا حُرِّمَ فِي الْآيَةِ مِنَ النِّسَاءِ مُحَلَّلَاتِ النِّكَاحِ بِقَوْلِهِ: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] -[81]-، فَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ حَرَّمَ بِنْتَ الْأَخِ وَبِنْتَ الْأُخْتِ مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا يُحَرِّمُ مِنَ الْوِلَادَةِ

285 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَهَا وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَستَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا رَجُلٌ يَستَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَاهُ فُلَانًا» ، - لِعَمِّ حَفْصَةَ - فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ كَانَ فُلَانٌ حَيًّا - لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ - دَخَلَ عَلَيَّ؟ قَالَ: «§نَعَمْ إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ»

286 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ وَهُوَ أَبُو حَمْزَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَكَ تَتُوقُ فِي قُرَيْشٍ وَتَدَعُنَا؟ فَقَالَ: «هَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ؟» فَقَالَ: بِنْتُ حَمْزَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ»

287 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ، وَهُبَيْرَةُ بْنُ يَرِيمٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَمَّا خَرَجْنَا مِنْ مَكَّةَ اتَّبَعَتْنِي ابْنَةُ حَمْزَةَ تُنَادِينِي يَا عَمُّ يَا عَمُّ، فَتَنَاوَلْتُهَا بِيَدِهَا فَدَفَعتُهَا إِلَى فَاطِمَةَ فَقُلْتُ: دُونَكِ بِنْتُ عَمِّكِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَتَزَوَّجُهَا؟ فَقَالَ: «§إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ»

288 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا وَكِيعٌ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جَدْعَانَ، عَنْ -[82]- سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أَدُلَّكَ عَلَى أَجْمَلِ فَتَاةٍ مِنْ قُرَيْشٍ؟ قَالَ: «وَمَنْ هِيَ؟» قُلْتُ: بِنْتُ حَمْزَةَ، قَالَ: «أَوَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ؟، وَإِنَّ اللَّهَ §حَرَّمَ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا حَرَّمَ مِنَ النَّسَبِ»

289 - حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: وَثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَهُ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَنْكِحْ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ - لِأُختِهَا - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَ تُحِبِّينَ ذَلِكَ؟» قَالَتْ: نَعَمْ لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَني فِي خَيْرٍ أُخْتِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لِي» ، قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّكَ نَاكِحٌ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّهَا لَابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ §فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ» قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِنَحْوِ هَذَا

290 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَ تُحِبِّينَ ذَلِكَ؟» قَالَتْ: مَا أَنَا بِمُخْلِيَةٍ وَأَحَبُّ مَنْ شَرَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي، قَالَ: «فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ» ، قَالَتْ: فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَتَحَدَّثُ إِنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: «بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ؟» قَالَتْ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَوَاللَّهِ «§لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي مَا حَلَّتْ لِي إِنَّهَا لَابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ أَرْضَعَتْنِي وَأَبَاهَا ثُوَيْبَةُ فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ» قَالَ عُرْوَةُ: وَكَانَتْ ثُوَيْبَةُ مَوْلَاةً لِأَبِي لَهَبٍ أَعْتَقَهَا فَأَرْضَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا مَاتَ رَأَى أَبَا لَهَبٍ بَعْضُ أَهْلِهِ فِي النَّوْمِ فَسَأَلَهُ: مَا وَجَدْتَ؟ فَقَالَ: مَا وَجَدْتُ بَعْدَكُمْ رَاحَةً غَيْرَ أَنِّي سَقَيْتُ فِي هَذِهِ مِنِّي - فِي الثَّغْرَةِ الَّتِي بَيْنَ الْإِبْهَامِ وَبَيْنَ الَّتِي تَلِيهَا - بِعِتْقِي ثُوَيْبَةَ -[83]- قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي أَثَرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ: كَانَتْ ثُوَيْبَةُ قَدْ أَرْضَعَتْ حَمْزَةَ أَيْضًا فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَمْزَةُ وَأَبُو سَلَمَةَ إِخْوَةً بِإِرْضَاعِ ثُوَيْبَةَ إِيَّاهُمْ

291 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، ثنا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، فَزَعَمَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: «أَوَ تُحِبِّينَ ذَلِكَ؟» قَالَتْ: نَعَمْ لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ وَأَحَبُّ مَنْ شَرَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ» ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَتَحَدَّثُ أَنَّكَ لَتُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ابْنَةُ أُمِّ سَلَمَةَ؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَايْمُ اللَّهِ §لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي مَا حَلَّتْ لِي إِنَّهَا لَابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ» 292 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ، كَتَبَ يَذْكُرُ أَنَّ عُرْوَةَ، حَدَّثَهُ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَتْهَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَتْهَا أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْكِحْ أُخْتِي عَزَّةَ، نَحْوَ حَدِيثِ مَعْمَرٍ وَيَعْقُوبَ

293 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: هَلْ لَكَ فِي أُخْتِي؟ قَالَ: «وَمَا أَصْنَعُ بِهَا؟» قَالَتْ: تَتَزَوَّجُهَا، قَالَ: «وَتُحِبِّينَ ذَلِكَ؟» قَالَتْ: نَعَمْ لَسْتُ بِمُخْلِيَةٍ لَكَ وَأَحَبُّ مَنْ شَرَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي، قَالَ: «فإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي» ، قَالَتْ: فَإِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّكَ تَخْطُبُ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ: " إِنَّهَا §لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي وَفِي حِجْرِي لَمْ تَحِلَّ لِي، لَقَدْ أَرْضَعَتْنِي وَأَبَاهَا ثُوَيْبَةُ - مَوْلَاةٌ لِبَنِي هَاشِمٍ - فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ

294 - حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيُّ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي -[84]- حَبِيبٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ زَيْنَبَ، حَدَّثَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّكَ نَاكِحٌ دُرَّةَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَوْ أَنِّي لَمْ أَنْكِحْ أُمَّ سَلَمَةَ مَا حَلَّتْ لِي؛ إِنَّ أَبَاهَا أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ» 295 - حَدَّثَنَا بَحْرٌ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، بِهَذَا

296 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْبِسْطَامِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا تَخْطُبُ بِنْتَ حَمْزَةَ؟ فَقَالَ: «§إِنَّ حَمْزَةَ أَخِي فِي الرَّضَاعَةِ»

297 - حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُسْلِمٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيْنَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنْ بِنْتِ حَمْزَةَ أَوْ قِيلَ أَلَا تَخْطُبُ بِنْتَ حَمْزَةَ؟ فَقَالَ: «§إِنَّ حَمْزَةَ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ»

298 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدَ عَلَى بِنْتِ حَمْزَةَ فَقَالَ: " إِنَّهَا بِنْتُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَإِنَّهُ §يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ

299 - حَدَّثَنِي أَبُو الْأَزْهَرِ أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ هَمَّامٍ، ثنا قَتَادَةُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدَ عَلَى بِنْتِ حَمْزَةَ فَقَالَ: §إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ وَإِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ

300 - حَدَّثَنِي أَبُو الْأَزْهَرِ، ثنا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، ثنا عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ، عَنْ سَلِيمِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ»

301 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا، وَهُوَ عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الْحِجَابُ قَالَتْ: فأبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ §فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ عَلَيَّ

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهَا فَقَالَ: إِنِّي عَمُّهَا فَأَبَتْ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: «§أَفَلَا أَذِنْتِ لِعَمِّكِ؟» فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ قَالَ: فَأْذَنِي لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ، وَكَانَ أَبُو الْقُعَيْسِ زَوْجَ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَرْضَعَتْ عَائِشَةَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَ هَذَا

302 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا ابْنُ أَخِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، أخْبَرَتْهُ أَنَّهَا، جَاءَهَا أَفْلَحُ أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ وَأَبُو الْقُعَيْسِ أَرْضَعَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجَاءَهَا - زَعَمَتْ - أَخُوهُ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا فَأَبَتْ أَنْ تَأْذنَ لَهُ حَتَّى ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ -[86]- جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ فَلَمْ آذَنْ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§وَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْذَنِي لِعَمِّكِ؟» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا قَعِيسٍ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي امْرَأَتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ائْذَنِي لَهُ حِينَ يَأْتِيكَ، فَإِنَّهُ عَمُّكِ

304 - حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ عَلَى عَائِشَةَ وَهُوَ عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§تَرِبَتْ يَمِينُكِ فَإِنَّهُ عَمُّكِ، فَأْذَنِي لَهُ فَإِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ» قَالَ بُكَيْرٌ: وَسَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَهُوَ أَخُو عَائِشَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَقَامَتْ لِتَتَوَارَى مِنْهُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا هُوَ أَخُوكِ وَإِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ» ، قَالَ بُكَيْرٌ: وَسَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَاسْتُفْتِيَ عَنِ الرَّضَاعَةِ أَتُحَرِّمُ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ بُكَيْرٌ: وَقَالَ ذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، 305 - حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ

306 - حَدَّثَنَا بَحْرُ ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عَمَّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ يُسَمَّى أَفْلَحَ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهَا فَحَجَبَتْهُ فَأَخْبَرَتْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا: «§لَا تَحْتَجِبِي مِنْهُ؛ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ»

307 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، أَخْبَرَتْهُ فَقَالَتْ،: اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ أَبُو -[87]- الْجَعْدِ فَرَدَدْتُهُ، فَقَالَ لِي هِشَامٌ: إِنَّمَا هُوَ أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَبَرْتُهُ بِذَلِكَ، قَالَ: " §أَفَلَا أَذِنْتِ لَهُ؟ تَرِبَتْ يَمِينُكِ أَوْ: يَدُكِ "

308 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ - يَعْنِي لِعَطَاءٍ - لَبَنُ الْفَحْلِ أَيُحَرِّمُ؟ قَالَ: §نَعَمْ، قُلْتُ: أَبَلَغَكَ مِنْ ثَبْتٍ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ اللَّهُ: {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] فَهِيَ أُخْتُكَ مِنْ 6 أَبِيكَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَحَرَّمَ اللَّهُ فِي الْآيَةِ الْأُمَّ وَالْأُخْتَ مِنَ الرَّضَاعَةِ لَمْ يَخُصَّ رَضَاعًا دُونَ رَضَاعٍ فَكَانَ الَّذِي يَلْزَمُ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ، وَعُمُومِهِ أَنْ يَحْرُمَ بِقَلِيلِ الرَّضَاعِ كَمَا يَحْرُمُ بِكَثِيرِهِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَنْ حَرَّمَ بِقَلِيلِ الرَّضَاعِ وَكَثِيرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ

309 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: أَرْسَلَنِي عَطَاءٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَسَأَلْنَاهُ عَنِ الْمَرْأَةِ تُرْضِعُ الصَّبِيَّ فِي الْمَهْدِ رَضْعَةً وَاحِدَةً، فَقَالَ: §هِيَ عَلَيْهِ حَرَامٌ، قَالَ: قُلْتُ: إِنَّ عَائِشَةَ، وَابنَ الزُّبَيْرِ يَزْعُمَانِ أَنَّهُ لَا تُحَرِّمُهَا عَلَيْهِ رَضْعَتَانِ، قَالَ: كِتَابُ اللَّهِ أَصْدَقُ مِنْ قَوْلِهِمَا ثُمَّ قَرَأَ آيَةَ الرَّضَاعِ

310 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ شَيْءٍ، مِنَ الرَّضَاعِ فَقَالَ: §لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ الْأُخْتَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: فَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَضَاءُ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ قَضَائِكَ وَقَضَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَلَوْلَا الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ لَكَانَ الْعَمَلُ وَاجِبًا بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَعُمُومِهِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ فَلَمَّا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ دَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ بِذِكْرِ الرَّضَاعَةِ بَعْضَ الرَّضَاعَةِ دُونَ بَعْضٍ

311 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ -[88]-، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ، قَالَتْ: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا تُحَرِّمُ الْإِمْلَاجَةُ وَلَا الْإِمْلَاجَتَانِ»

312 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ، وَلَا الْمَصَّتَانِ»

313 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَلَا الْمَصَّتَانِ»

314 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ»

315 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَنْبَا يُونُسُ الْأَيْلِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ»

316 - حَدَّثَنِي أَبُو الْأَزْهَرِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، ثنا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَلَا الْمَصَّتَانِ»

317 - حَدَّثَنِي أَبُو الْأَزْهَرِ أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، ثنا هِشَامُ بْنُ -[89]- عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ مِنَ الرَّضَاعَةِ»

318 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا جَرِيرٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا تُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ الْمَصَّةُ، وَلَا الْمَصَّتَانِ لَا يُحَرِّمُ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] فَلَوْلَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ الْمُبَيِّنَةُ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَوَجَبَ الْقَطْعُ عَلَى كُلِّ مَنْ لَزِمَهُ اسْمُ سَارِقٍ قَلَّتْ سَرِقَتُهُ أَمْ كَثُرَتْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَمَّ كُلَّ سَارِقٍ وَسَارِقَةٍ لَمْ يَخُصَّ سَارِقًا دُونَ سَارِقٍ، وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ أَنَّ السَّارِقَ لَا يُقْطَعُ حَتَّى تَبْلُغَ سَرِقَتُهُ قِيمَةً اخْتَلَفُوا فِي مَبْلَغِ تِلَكَ الْقِيمَةِ، وَالْخَبَرُ الثَّابِتُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَزَالَ الْقَطْعَ عَمَّنْ سَرَقَ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ، فَقَالَ الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا

319 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا»

320 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا»

321 - حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ قَيْسٍ السُّكُونِيُّ، قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا»

322 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ الْهَادِي، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا»

323 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَمْرَةَ، أَنَّهَا سَمِعتْ عَائِشَةَ، تُحَدِّثُ أَنَّهَا سَمِعتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَمَا فَوْقَهُ»

324 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ»

325 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنْبَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، أَنَّ الْأَسْوَدَ بْنَ الْعَلَاءِ بْنِ جَارِيَةَ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، تُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§لَا قَطْعَ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا»

326 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، ثنا أَبُو عُمَيْرٍ عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّمْلِيُّ ثنا الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» -[91]- قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَقَالَ الَّذِينَ أَجَازُوا نَسْخَ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ كَانَ الْقَطْعُ عِنْدَ نُزُولِ قَوْلِهِ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وَبَعْدَ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ سَارِقٍ قَلَّتْ سَرِقَتُهُ أَمْ كَثُرَتْ إِلَى أَنْ أَسْقَطَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَطْعَ عَمَّنْ سَرَقَ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ فَصَارَ بَعْضُ الْآيَةِ الَّتِي فِيهَا الْأَمْرُ بِقَطْعِ السَّارِقِ مَنْسُوخًا بِسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا فِيهَا مُحْكَمٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ لَمْ تَنْسَخِ السُّنَّةُ مِنَ الْكِتَابِ شَيْئًا، وَلَكِنَّهَا دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ وَإِنْ كَانَ مَخْرَجُهَا عَامًّا فِي التِّلَاوَةِ فَهِيَ خَاصَّةٌ فِي الْمَعْنَى الْمَعْنِيِّ بِهَا بَعْضَ السُّرَّاقِ دُونَ بَعْضٍ، وَنَظِيرُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ نِكَاحَ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ فَقَالَ: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] فَكَانَ ذَلِكَ عَامًّا فِي الظَّاهِرِ وَاقِعًا عَلَى جَمِيعِ الْمُشْرِكَاتِ، وَأَحَلَّ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ نِكَاحَ نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَهُنَّ مُشْرِكَاتٌ فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: كَانَ نِكَاحُ الْمُشْرِكَاتِ جَمِيعًا: الْكِتَابِيَّاتِ وَغَيْرِهِنَّ مُحَرَّمًا فِي الْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ تَحْرِيمَ نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَأَحَلَّهُنَّ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ وَتَرَكَ سَائِرَ الْمُشْرِكَاتِ مُحَرَّمَاتٍ عَلَى حَالِهِنَّ، فَبَعْضُ الْآيَةِ الْأُولَى فِي هَذَا الْقَوْلِ مَنْسُوخٌ وَبَاقِيهَا مُحْكَمٌ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ

327 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَا ابْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا يَزِيدُ بْنُ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] ، الْآيَةَ، §فَنَسَخَ مِنْ ذَلِكَ نِسَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ فأَحَلَّهُنَّ لِلْمُسْلِمِينَ وَحَرَّمَ الْمُسْلِمَاتِ عَلَى رِجَالِهِمْ

328 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، ثنا أَبِي، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَمِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: §لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] حَجَرَ النَّاسُ أَنْفُسَهُمْ عَنْهُنَّ حَتَّى نَزَلَتِ الْمَائِدَةُ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5] قَالَ: فَنَكَحَ النَّاسُ نِسَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ

329 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ -[92]-، فِي قَوْلِهِ: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] قَالَ: §نَزَلَتِ الَّتِي بَعْدَهَا فِي الْمَائِدَةِ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5] فَاستَثْنَى مِنَ الْمُشْرِكَاتِ نِسَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ

330 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: §لَا تَنْكِحُوا مِنْ نِسَاءِ الْمَجُوسِ حُرَّةً وَلَا أَمَةً فِي حَضَرٍ، وَلَا فِي غَزْوٍ حَتَّى يُسْلِمْنَ فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْمُشْرِكَاتِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ تَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ فَأَحَلَّ لَهُمُ الْيَهُودِيَّاتِ وَالنَّصرَانِيَّاتِ وَتَرَكَ سَائِرَهُنَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَيْسَ فِي الْآيَتَيْنِ نَاسِخٌ وَلَا مَنْسُوخٌ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَرَادَ بِالْآيَةِ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ الْمُشْرِكَاتِ سِوَى أَهْلِ الْكِتَابِ

331 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] قَالَ: «§أَهْلُ الْأَوْثَانِ»

332 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَنْبَا مُعَاوِيَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] قَالَ: «§يَعْنِي مُشْرِكَاتِ الْعَرَبِ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ»

333 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قولِهِ: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] ، قَالَ: «§الْمُشْرِكَاتُ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ» 334 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمَذْهَبُ الشَّافِعيِّ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ عَلَى مَا أَعْلَمْتُكَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا نَاسِخٌ وَلَا مَنْسُوخٌ، إِلَّا أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنَ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخَاصُّ وَمِنَ الْمُجْمَلِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْمُفَسَّرُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ آيتَيْنِ جَاءَتَا فِي كِتَابِ اللَّهِ مَخْرَجُ إِحْدَاهُمَا عَامٌّ يُحَرِّمُ أَشْيَاءَ أَوْ يُحِلُّهَا تَحْرِيمًا أَوْ حَلَالًا عَامًّا فِي الظَّاهِرِ، وَالْأُخْرَى تَخُصُّ بَعْضَ الْعُمُومِ بِالتَّحْرِيمِ فَيُحِلُّهُ أَوْ يَخُصُّ بَعْضَ الْعُمُومِ بِالْإِحْلَالِ فَتُحَرِّمُهُ،، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتْ إِحْدَى الْآيَتَيْنِ تُوجِبُ فَرْضًا عَامًّا، وَالْأُخْرَى تَخُصُّ بَعْضَ الْفَرْضِ فتُسْقِطُهُ، فَفِي ذَلِكَ مِنَ الِاخْتِلَافِ نَحْوٌ مِمَّا حَكَيْنَا فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ تَرَكْنَا حِكَايَةَ جَمِيعِ ذَلِكَ كَرَاهةً -[93]- لِلتَّطْوِيلِ، وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ ذَلِكَ فِي سَائِرِ كُتُبِنَا، وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ آيَةٍ جَاءَتْ تَعُمُّ فَرْضَ شَيْءٍ أَوْ تُحِلُّهُ أَوْ تُحَرِّمُهُ، وَجَاءَتِ السُّنَّةُ بإِسْقَاطِ بَعْضِ الْفَرْضِ الْمَعْمُومِ فِي الْآيَةِ، أَوْ بإِحْلَالِ بَعْضِ الْمَعْمُومِ تَحْرِيمُهُ أَوْ تَحْرِيمُ بَعْضِ الْمَعْمُومِ إِحلَالُهُ فَفي ذَلِكَ مِنَ الِاخْتِلَافِ نَحْوٌ مِمَّا قَدْ حَكَيْتُ كَثِيرًا مِنْهُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} وَاسمُ الزَّانِي وَقَعَ عَلَى الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الزَّانِيَيْنِ حَدٌ مَعْلُومٌ كَانَتْ عُقُوبَتُهُمَا الْحَبْسَ وَالْأَذَى كَذَلِكَ

335 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا جَرِيرٌ، عَنْ مُسْلِمٍ الْأَعْوَرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قولِهِ: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: 15] الْآيَةَ، قَالَ: " §كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا فَجَرَتْ حُبِسَتْ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ - يَعْنِي قَوْلَهُ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا} [النور: 2] فَجُعِلَ سَبِيلُهُمُ الْحُدُودَ "

336 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ ثنا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ مَيْمُونٍ الْمَكِّيِّ، ثنا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: 15] قَالَ: §الزِّنَا، قَالَ: كَانَ أُمِرَ بِحَبْسِهِنَّ حِينَ يَشْهدُ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةُ شُهَدَاءَ حَتَّى يَمُتْنَ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، وَالسَّبِيلُ الْحَدُّ وَفي قَوْلِ اللَّهِ: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} [النساء: 16] الرَّجُلَانِ الزَّانِيَانِ {فَآذُوهُمَا} [النساء: 16] ، قَالَ: سَبًّا كُلُّ هَذَا نَسَخَتْهُ الْآيَةُ الَّتِي فِي النُّورِ بِالْحَدِّ الْمَفْرُوضِ

337 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ،: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15] قَالَ: §كَانَ هَذَا قَبْلَ الْحُدُودِ كَانَا يُؤْذَيَانِ جَمِيعًا فَتُحْبَسُ الْمَرْأَةُ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا بَعْدَ ذَلِكَ -[94]-، فَجُعِلَ سَبِيلُ مَنْ أُحْصِنَ جَلْدَ مِائَةٍ، ثُمَّ رَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحْصَنْ جَلْدَ مِائَةٍ وَنَفْيَ سَنَةٍ

338 - قَالَ: وَحَدَّثَ الْحَسَنُ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنْزِلَ ذَاتَ يوْمٍ فَنَكَّسَ أَصْحَابُهُ، فَلَمَّا سُرِّيَ رَفَعَ أَصْحَابُهُ رُءُوسَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ ثُمَّ رَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ، وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ»

339 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ،: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15] قَالَ: §كَانَتْ هَذِهِ قَبْلَ الْحُدُودِ: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} [النساء: 16] قَالَ: كَانَ هَذَا أَوَّلَ أَمْرٍ كَانَ فِيهِمَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ تُحْبَسُ وَيُؤْذَيَانِ بِالْقَوْلِ وَالشَّتِيمَةِ جَمِيعًا، ثُمَّ نُسِخَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ النُّورِ فَجَعَلَ لَهُنَّ سَبِيلًا: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}

340 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَ: أَنْبَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} [النساء: 16] الْآيَةَ، قَالَ: §نَسَخَتْهَا الْحُدُودُ

341 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ} [النساء: 15] قَالَ: §نَسَخَتْهَا الْحُدُودُ

342 - حَدَّثَنِي ابْنُ الْقَهْزَاذِ، ثنا أَبُو مُعَاذٍ النَّحْوِيُّ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَاهِلِيُّ، سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15] : §الْحَدُّ نَسَخَ هَذِهِ الْآيَةَ

343 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15] فَكَانَ عُقُوبَةُ ذَلِكَ الْحَبْسَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§خُذُوا خُذُوا قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ، وَنَفْيُ سَنَةٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ»

344 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ»

345 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «§خُذُوا خُذُوا قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ» 346 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَحَكَى الْمِصْرِيُّونَ عَنِ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَتِ الْعُقُوبَاتُ فِي الْمَعَاصِي قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْحُدُودُ ثُمَّ نَزَلَتِ الْحُدُودُ فَنُسِخَتِ الْعُقُوبَاتُ فِيمَا فِيهِ الْحُدُودُ

347 - وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُرَّةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§مَا تَقُولُونَ فِي الشَّارِبِ وَالزَّانِي وَالسَّارِقِ؟» - وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْحُدُودُ - قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولَهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «هُنَّ فَوَاحِشُ وَفِيهِنَّ عُقُوبَةٌ» قَالَ الشَّافِعِيُّ: مِثْلُ مَعْنَى هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ اللَّهُ: " {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: 15] الْآيَةَ، وَالَّتِي بَعْدَهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَكَانَ هَذَا أَوَّلَ عُقُوبَةِ الزَّانِيَيْنِ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ نَسَخَ هَذَا عَنِ الزُّنَاةِ كُلِّهِنَّ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ فَحَدَّ اللَّهُ الْبِكْرَيْنِ الْحُرَّيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، فَقَالَ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} ، وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الَّذِي:

348 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، وَشِبْلِ بْنِ مَعْبَدٍ، قَالُوا: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَلَّا قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَامَ خَصْمُهُ وَكَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ فَقَالَ: صَدَقَ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَائْذَنْ لِي فَقَالَ: قُلْ، فَقَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا وَإِنَّهُ زَنَى بِامْرَأَتِهِ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَأَخْبَرُوني أَنَّ عَلَى ابْنِكَ جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ، وَعَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، الْمِائَةُ شَاةٍ وَالْخَادِمُ رَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا، فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا» ، 349 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، قَالَ إِسْحَاقُ: وَكَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ أَيْ حِينَ لَمْ يُنَاشِدْهُ 350 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ حَدِيثَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ: «خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي» قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَكَانَ هَذَا أَوَّلَ مَا نُسِخَ مِنْ حَبْسِ الزَّانِيَيْنِ وَإِيذَائِهِمَا وَأَوَّلَ حَدَّينِ نَزَلَ فِيهِمَا ثُمَّ نُسِخَ الْجَلْدُ عَنِ الثَّيِّبَيْنِ وَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا الرَّجْمَ، فَرَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةَ الرَّجُلِ وَلَمْ يَجْلِدْهَا، وَرَجَمَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ وَلَمْ يَجْلِدْهُ، وَرَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ وَلَمْ يَجْلِدْهُمَا

351 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، وَشِبْلٍ، أَنَّهُمْ قَالُوا: §رَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَجْلِدْ 352 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ امْرَأَةَ الرَّجُلِ وَمَاعِزًا بَعْدَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَى الثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ؟، قِيلَ: إِذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذُوا عَنِّي فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ، فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَذَا كَانَ أَوَّلَ حَدِّ الزَّانِيَيْنِ وَإِذَا كَانَ أَوَّلًا فَكُلُّ حَدٍّ جَاءَ بَالِغُهُ، فَالْعِلْمُ يُحيطُ أَنَّهُ بَعْدَهُ وَالَّذِي بَعْدَهُ يَنْسَخُ مَا قَبْلَهُ إِذَا كَانَ يُخَالِفُهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْفُتْيَا مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْأَثَرِ أَنَّ عَلَى الزَّانِي الْبِكْرِ الَّذِي لَمْ يُحْصَنْ جَلْدَ مِائَةٍ وَنَفْيَ سَنَةٍ، وَعَلَى الثَّيِّبِ الَّذِي قَدْ أُحْصِنَ الرَّجْمَ وَلَا جَلْدَ عَلَيْهِ، فَمَنُ عَرَفَ مِنْهُمْ حَدِيثَ عُبَادَةَ وَثَبَتَهُ زَعَمَ أَنَّهُ جَلَدَ الزَّانِيَيْنِ الْبِكْرَيْنِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَنَفَاهُمَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاحْتَجَّ فِي نَفْيِهِ إِيَّاهُمَا بِحَدِيثِ عُبَادَةَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ فِي النَّفْيِ، وَأَنَّهُ أَسْقَطَ الْجَلْدَ عَنِ الثَّيِّبَيْنِ وَأَثْبَتَ عَلَيْهِمَا الرَّجْمَ بِالْأَخْبَارِ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا الشَّافِعِيُّ، وَجَعَلَ الْجَلْدَ مَنْسُوخًا عَنِ الثَّيِّبَيْنِ بِالسُّنَّةِ 353 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَقَدْ أَثْبَتَ الشَّافِعيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَسْخَ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الْجَلْدَ مَعَ النَّفْيِ عَلَى الْبِكْرَيْنِ عِنْدَ نُزُولِ الْآيَةِ فِي جَلْدِ الزَّانِيَيْنِ الْجَلْدُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالنَّفْيُ بِالسُّنَّةِ، وَكَذَلِكَ أَثْبَتَ الْجَلْدَ مَعَ الرَّجْمِ عَلَى الثَّيِّبَيْنِ عِنْدَ نُزُولِ الْآيَةِ بِحَدِيثِ عُبَادَةَ: الْجَلْدُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالرَّجْمُ بِالسُّنَّةِ، وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ أَوَّلُ حَدِّ الزَّانِيَيْنِ الثَّيِّبَيْنِ، ثُمَّ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ رَفَعَ الْجَلْدَ عَنِ الثَّيِّبَيْنِ وَأَثْبَتَ عَلَيْهَا الرَّجْمَ، فَأَقَرَّ بِأَنَّ الْجَلْدَ الَّذِي كَانَ وَاجِبًا عَلَى الثَّيِّبَيْنِ بِكِتَابِ اللَّهِ عِنْدَ نُزُولِ الْآيَةِ قَدْ رَفَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَصَارَ الْجَلْدُ عَنْهُمَا مَنْسُوخًا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذَا بِحَمْدِ اللَّهِ وَاضِحٌ غَيْرُ مُشْكِلٍ، وَأَمَّا الَّذِينَ لَمْ يَعْرِفوَا حَدِيثَ عُبَادَةَ فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي الْآيَةِ أَحَدَ قَوْلَيْنِ، - كَمَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} - مَنْ أَجَازَ مِنْهُمْ نَسْخَ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ جَعَلَ بَعْضَ الْآيَةِ مَنْسُوخًا بِالسُّنَّةِ، وَبَاقِيَهَا مُحْكَمٌ، وَجَعَلَهَا الْفَرِيقُ الْآخَرُ مِنَ الْعَامِّ -[98]- الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخَاصُّ، فَقَالُوا: أَرَادَ بِقَوْلِهِ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا} [النور: 2] الْبِكْرَيْنِ غَيْرَ الْمُحْصَنَتَيْنِ دُونَ الثَّيِّبَيْنِ الْمُحَصَنَيْنِ، هَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ عَصْرِنَا وَقُرْبِهِ إِلَى إِيجَابِ الْعَمَلِ بِحَدِيثِ عُبَادَةَ عَلَى وَجْهِهِ فَأَوْجَبُوا عَلَى الزَّانِيَيْنِ الْبِكْرَيْنِ جَلْدَ مِائَةً بِكِتَابِ اللَّهِ وَنَفْيَ سَنَةٍ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَوْجَبُوا عَلَى الزَّانِيَيْنِ الثَّيِّبَيْنِ الْجَلْدَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَالرَّجْمَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا: قد عَمِلَ بِذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَفْتَى بِهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَقَالُوا: لَيْسَ فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى إِسْقَاطِ الْجَلْدِ عَنِ الثَّيِّبَيْنِ دَلِيلُ نَصٍّ يُوجِبُ رَفْعَ الْجَلْدِ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا ذِكْرٌ لِلْجَلْدِ بِوَاحِدَةٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُمَا وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ، وَلَعَلَّهُمْ إِنَّمَا اختَصُروَا ذِكْرَهُ مِنَ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُمْ رَأَوَا الْجَلْدَ ثَابِتًا عَلَى الزَّانِيَيْنِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَاسْتَغْنَوْا بِكِتَابِ اللَّهِ عَنْ ذِكْرِهِ فِي السُّنَّةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الرَّجْمَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ ذِكْرٌ؛ لِيَنْتَشِرَ ذِكْرُهْ فِي النَّاسِ وَيَشِيعَ فِي الْعَامَّةِ؛ فَيَعْلَمُوا أَنَّهُ سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يُمْكِنُهُمْ إِنكَارُهُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ أنْكَرَهُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ

354 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَنْبَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بِنِ جُدْعَانَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ §الرَّجْمَ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَلَا تُخْدَعُنَّ عَنْهُ، أَلَا إِنَّ آيَةَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَجَمَ، وَرَجَمَ أَبُو بَكْرٍ، وَرَجَمْنَا مِنْ بَعْدِهِمَا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَكْتُبَ فِي نَاحِيَةِ: الْمُصْحَفِ شَهِدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ، أَلَا إِنَّهُ سَيَأْتِي مِنْ بَعْدِكُمْ أَقْوَامٌ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ وَبِالدَّجَّالِ، وَبِعَذَابِ الْقَبْرِ، وَالشَّفَاعَةِ، وَقَوْمٌ يُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ بَعْدَمَا امْتَحَشُوا

355 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرًا، يَقُولُ: §جَلَدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ امْرَأَةً، ثُمَّ رَجَمَهَا فَقَالَ: جَلَدْتُهَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَرَجَمْتُهَا بِالسُّنَّةِ

356 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ -[99]-، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ عَلِيًّا جَلَدَ شُرَاحَةَ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَرَجَمَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: §أَجْلِدُهَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأَرْجُمُهَا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

357 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةٍ، ثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُبَشِّرٍ الثَّعْلَبِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: §الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ جَلْدُ مِائَةٍ، وَالرَّجْمُ الْبَتَّةَ، فَقِيلَ لِلشَّعْبِيِّ: أَيُجْمَعَانِ عَلَيْهِمَا؟ فَقَالَ: فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو الحَسَنٍ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي هَذِهِ الرَّحْبَةِ بِفُلَانٍ وَفُلَانَةَ، جَلَدَهُمَا مِائَةً وَرَجَمَهُمَا

358 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا جَرِيرٌ، عَنْ مُسْلِمٍ الْأَعْوَرِ، عَنْ حَبَّةَ بْنِ جُوَيْنٍ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ امْرَأَةً، أَتَتْهُ فَقَالَتْ: إِنِّي زَنَيْتُ، فَقَالَ: «§لَعَلَّكِ أُوتِيتِ وَأَنْتِ نَائِمَةٌ فِي فِرَاشِكِ فَأُكْرِهْتِ؟» فَقَالَتْ: زَنَيْتُ طَائِعَةً غَيْرَ مُكْرَهَةٍ، قَالَ: «لَعَلَّكِ غُصِبْتِ عَلَى نَفْسِكِ؟» قَالَتْ: مَا غُصِبْتُ، فَحَبَسَهَا فَلَمَّا وَلَدَتْ، وَشَبَّ ابْنُهَا جَلَدَهَا، ثُمَّ أَمَرَ فَحُفِرَ لَهَا إِلَى مَنْكِبِهَا فِي الرَّحْبَةِ ثُمَّ أُدْخِلَتْ فِيهَا، ثُمَّ رَمَى وَرَمَيْنَا فَقَالَ: «جَلَدْتُهَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

359 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا زَكَرِيَّا، عَنْ فِرَاسٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: «§يُجْلَدُ الرَّجُلُ إِذَا زَنَى وَلَمْ يُحْصِنْ، ثُمَّ يُنْفَى وَيُجْلَدُ الَّذِي قَدْ أُحْصِنَ ثُمَّ يُرْجَمُ»

360 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا هُشَيْمٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: «§الْبِكْرَانِ يُجْلَدَانِ وَيُنْفَيَانِ وَالثَّيِّبَانِ يُجْلَدَانِ وَيُرْجَمَانِ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ

361 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ثنا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ -[100]- يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ «§يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ تَطُوُّعٍا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ نَزَلَ فَيُصَلِّي مُسْتَقْبِلَ القبلة»

362 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يُصَلِّي مُتَطَوِّعًا عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ فِي السَّفَرِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ نَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ»

363 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يُصَلِّي وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ النَّوَافِلَ فِي كُلِّ جِهَةٍ وَلَكِنَّهُ يُخَفِّضُ السَّجْدَتَيْنِ مِنَ الرَّكْعَةِ وَيُومِئُ إِيمَاءً

364 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا وَكِيعٌ، ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يُصَلِّي تَطَوُّعًا عَلَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ فِي غَزْوَةِ أَنْمَارٍ

365 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ النَّوَافِلَ فِي كُلِّ وُجْهَةٍ»

366 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يُسَبِّحُ وَهُوَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَيُومِئُ بِرَأْسِهِ قِبَلَ أَيِّ وُجْهَةٍ تُوَجِّهُهُ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ

367 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ جَرْجَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: «رَأَى عَامِرٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يُصَلِّي عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ»

368 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو الْيَمَانِ، أَنْبَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَسَأَلْتُهُ، عَنْ مُسَافِرٍ صَلَّى مُتَطَوِّعًا عَلَى ظَهْرِ دَابَّتِهِ وَوَجْهُهُ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، أَوِ الْمَغْرِبِ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ §يُسَبِّحُ وَهُوَ عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ لَا يُبَالِي حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ وَيُومِئُ بِرَأْسِهِ إِيمَاءً، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ»

369 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَ سَالِمٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُسَافِرٌ، وَلَا يُبَالِي حَيْثُ مَا كَانَ وَجْهُهُ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يُصَلِّي وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ قَبِلَ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ، وَيُوتِرُ عَلَيْهَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ»

370 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ تَمِيمٍ، ثنا الزُّهْرِيُّ عَنْ رَجُلٍ مُسَافِرٍ صَلَّى مُتَطَوِّعًا وَهُوَ عَلَى ظَهْرِ دَابَّتِهِ وَوَجْهُهُ نَحْوَ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ §يُسَبِّحُ وَهُوَ عَلَى ظَهْرِ دَابَّتِهِ لَا يُبَالِي حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ

371 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ثنا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يُسَبِّحُ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ وَقَالَ: وأنبأ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ

372 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يُصَلِّي سُبْحَتَهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ، قَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ

373 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا صَالِحُ بْنُ قُدَامَةَ، حَدَّثَنِي ابْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ §يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ، وَيَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ

374 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، ثنا أَبِي، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ §يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ، وَيَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ 375 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، ثنا أَبِي، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ

376 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى خَيْبَرَ»

377 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ الْعَزْرَمِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، «§أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ وَهُوَ رَاجِعٌ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ تَطَوُّعًا حَيْثُ مَا تَوَجَّهَتْ» ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] وَقَالَ: فِي هَذَا نَزَلَتْ

378 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا وَكِيعٌ، ثنا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ §يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إِيمَاءً يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ»

379 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا هَمَّامٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ §يُصَلِّي عَلَى حِمَارِهِ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، وَقُلْتُ: رَأَيْتُكَ تُصَلِّي لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ، قَالَ: لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ يَعْنِي مَا فَعَلْتُهُ

380 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ، ثنا بَكَّارُ بْنُ مَاهَانَ، ثنا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ §يُصَلِّي عَلَى نَاقَتِهِ تَطَوُّعًا فِي السَّفَرِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ»

381 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§الصَّلَاةُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» ، وَأَشَارَ أَبُو عَاصِمٍ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ 382 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَقَالَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي أَجَازَتْ نَسْخَ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ: نَسَخَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِسُنَّتِهِ فَرْضَ تَوَجُّهِ الْمُسَافِرِ بِوَجْهِهِ إِلَى الْقِبْلَةِ إِذَا صَلَّى تَطَوُّعًا رَاكِبَا، فَصَارَتِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةً عَنِ الْمُسَافِرِ الْمُصَلِّي رَاكِبَا تَطَوُّعًا مُحْكَمَةً مُسْتَعْمِلَةً فِي سَائِرِ الْمُصَلِّينَ، وَأَبَى الْآخَرُونَ ذَلِكَ، وَقَالُوا: بَلِ الْآيَةُ مُحْكَمَةٌ بِأَسْرِهَا لَيْسَ مِنْهَا مَنْسُوخٌ غَيْرَ أَنَّهَا مِنَ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخَاصُّ، فَأُرِيدَ بِهَا جَمِيعُ الْمُصَلِّينَ غَيْرَ الْمُسَافِرِ الْمُتَطَوِّعِ بِالصَّلَاةِ فِي حَالِ رُكُوبِهِ فَالتَّطَوُّعُ بِالصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ سُنَّةٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَيِّنَةٌ عَنْ خُصُوصِ الْآيَةِ وَلَيْسَتْ بِنَاسِخَةٍ لِشَيْءٍ مِنْهَا 383 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} فَقَالَتْ إِحْدَى -[104]- الطَّائِفَتَيْنِ: أَوْجَبَ اللَّهُ فِي الْآيَةِ غَسْلَ الْقَدَمَيْنِ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُنَّتِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهُ، وَأَمَرَ بِذَلِكَ، وَأَوْعَدَ عَلَى تَرْكِ غَسْلِهِمَا، وَوَعَدَ الثَّوَابَ عَلَى غَسْلِهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَأَمَرَ بِهِ، فَنُسِخَ غَسْلُ الْقَدَمَيْنِ عَنْهُمَا إِذَا كَانَا مُتَغَطِّيَيْنِ بِخُفَّيْنِ قَدْ لَبِسَهُمَا وَهُمَا طَاهِرَتَانِ، وَبَقِيَ فَرْضُ الْغُسْلِ عَلَيْهِمَا إِذَا كَانَتَا مَكْشُوفَتَيْنِ، وَأَبَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى ذَلِكَ، وَقَالَتْ: إِنَّمَا فَرَضَ اللَّهُ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ فِي الْآيَةِ إِذَا لَمْ يَكُونَا فِي خُفَّيْنِ قَدْ أُدْخِلَتَا فِيهِمَا وَهُمَا طَاهِرَتَانِ، وَإِيَّاهُمَا أَرَادَ بِفَرْضِ الْغُسْلِ خُصُوصًا لَا عُمُومًا، فَالْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَيِّنَةٌ عَلَى خُصُوصِ الْآيَةِ لَيْسَتْ بِنَاسِخَةٍ لِشَيْءٍ مِنْهَا 384 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْ أَنْكَرَ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنَ وَزَعَمُوا أَنَّ ذَلِكَ خِلَافٌ لِكِتَابِ اللَّهِ وَمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ لَزِمَهُ إِنْكَارُ جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ السُّنَنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ نَذْكُرْ، وَذَلِكَ خُرُوجٌ مِنْ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ 385 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] الْآيَةَ وَالَّتِي تَلِيهَا، وَقَالَ فِي آخِرِ السُّورَةِ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176] الْآيَةَ، فَذَكَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَاتِ تَوْرِيثَ الْأَوْلَادِ مِنَ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْآبَاءِ، وَالْأُمَّهَاتِ مِنَ الْأَوْلَادِ، وَالزَّوْجَيْنِ أَحَدِهِمَا مِنَ الْآخَرِ، وَسَائِرِ مَنْ وَرِثَ مِنَ الْقَرَابَاتِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ ذِكْرًا عَامًّا لَمْ يُخِصَّ بَعْضَ الْآبَاءِ وَالْأَوْلَادِ دُونَ بَعْضٍ، وَلَا بَعْضَ الْأَزْوَاجِ دُونَ بَعْضٍ، فَجَاءَ الْخَبَرُ الثَّابِتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ، وَلَا الْمُسْلِمَ يَرِثُ الْكَافِرَ، وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْفُتْيَا مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ، وَمِنْ أَهْلِ الْأَثَرِ وَالرَّأْيِ جَمِيعًا عَلَى الْقَوْلِ بِجُمْلَةِ ذَلِكَ اتِّبَاعًا لِلْخَبَرِ الْمَرْوِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ

386 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ»

387 - حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيُّ، أَنْبَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ: هَلْ يَتَوَارَثُ الْمُسْلِمُونَ وَالنَّصَارَى؟ فقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: «§قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ لَا يَتَوَارَثُونَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ»

388 - قَالَ يُونُسُ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ، وَلَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ» 389 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَقَالَ الَّذِينَ أَجَازُوا نَسْخَ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ: قَدْ نَطَقَ الْكِتَابُ بِتَوْرِيثِ الْأَوْلَادِ مِنَ الْآبَاءِ، وَالْآبَاءِ مِنَ الْأَوْلَادِ، وَالزَّوْجَيْنَ أَحَدِهِمَا مِنَ الْآخَرِ، وَلَمْ يَخُصَّ مُسْلِمًا دُونَ كَافِرٍ، فَنَسَخَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُنَّتِهِ تَوْرِيثَ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَافِرِ، وَالْكَافِرِ مِنَ الْمُسْلِمِ، لَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ تَوْرِيثُ أَحَدِهِمَا مِنَ الْآخَرِ ثَابِتًا بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُونَ ذَلِكَ، وَقَالُوا: هَذَا مِنَ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخَاصُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِئْنَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَرِثُونَ الْكُفَّارَ وَأَنَّهُمْ يَرِثُهُمُ الْكُفَّارُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ، بَلِ الْخَبَرُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ وَرِثَهُ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ وَلَمْ يَرِثْهُ عَلِيٌّ وَلَا جَعْفَرٌ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ كَافِرًا، وَكَانَ عَقِيلٌ، وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ فَوَرِثَاهُ دُونَ عَلِيٍّ، وَجَعْفَرٍ؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ فَلَمْ يَرِثَاهُ، وَكَانَ مَوْتُ أَبِي طَالِبٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ، وَآيَاتُ الْمَوَارِيثِ إِنَّمَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ

390 - حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، أَنْبَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، أَخْبَرَهُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَنْزِلُ فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ؟ قَالَ: «§وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ؟» ، وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ هُوَ -[106]- وَطَالِبٌ وَلَمْ يَرِثْهُ جَعْفَرٌ وَلَا عَلِيٌّ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَكَانَ عَقِيلٌ، وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ

391 - حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، أَنْبَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، §أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ لَمْ يَرِثْ أَبَا طَالِبٍ وَإِنَّمَا وَرِثَهُ عَقِيلٌ، وَطَالِبٌ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ تَرَكْنَا نَصِيبَنَا مِنَ الشِّعْبِ

392 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، أَنْبَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ رَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» ، قَالَ: وَوَرَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقِيلًا وَطَالِبًا مِنْ أَبِي طَالِبٍ وَلَمْ يُوَرِّثْ عَلِيًّا، وَلَا جَعْفَرًا، 393 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ، وَقَالَ: فَلِذَلِكَ تَرَكْنَا نَصِيبَنَا مِنَ الشِّعْبِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ هَؤُلَاءِ: فَلَمَّا ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ التَّوَارُثَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ لَمْ تَزَلْ مُنْقَطِعَةً عَلِمْنَا أَنَّ الْآيَاتِ الْمُنْزَلَاتِ فِي الْمَوَارِيثِ وَإِنْ كَانَ مَخْرَجُهَا عَامًّا فِي التِّلَاوَةِ، إِنَّمَا هِيَ خَاصٌّ فِي الْمَعْنَى، الْمُرَادُ بِهَا الْأَحْرَارُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَاصَّةً إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ قَاتِلُ عَمْدٍ لِلْمَيِّتِ وَلَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخٌ 394 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَاحْتَجَّ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَنْسَخْ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ كِتَابِهِ بِسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ قَالُوا: جَعَلَ اللَّهُ كِتَابَهُ الْمُهَيْمِنَ الْمُصَدَّقَ الشَّاهِدَ عَلَى مَا مَضَى مِنْ كُتُبِهِ وَالنَّاسِخَ لِبَعْضِ أَحْكَامِهَا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ خَاتَمَ الْكُتُبِ فَأَمَرَ أَنْ يُعْتَصَمَ بِحَبْلِهِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ قَدْ نَسَخَ بَعْضَهُ وَبَدَّلَ حُكْمَهُ؟ قَالُوا: وَأَخْبَرَنَا رَبُّنَا أَنَّهُ شِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَنُورٌ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُ مُبَدَّلًا بِالسُّنَّةِ، لَكَانَ بَعْضُهُ عَمَاءً لِمَنْ اتَّبَعَهُ، وَكَانَ عَلَى الْخَلْقِ إِذَا أَقَرُّوا أَحْكَامَهُ أَنْ لَا يَحْكُمُوا بِهَا حَتَّى يَطْلُبُوا الْعِلْمَ فِي السُّنَّةِ، هَلْ بَدَّلَتْ بَعْضَ أَحْكَامِهِ أَمْ لَمْ تُبَدِّلْهُ فَلَا يَكُونُ حِينَئِذٍ شِفَاءً لِلْقُلُوبِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَلَوْ كَانَتِ السُّنَّةُ قَدْ نَسَخَتْ بَعْضَ أَحْكَامِهِ لَكَانَ بَعْضُ تَحْرِيمِ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ حَلَالًا، وَبَعْضُ تَحْلِيلِهِ فِي كِتَابِهِ حَرَامًا وَلَا -[107]- يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ حُجَّةٌ بِالْقُرْآنِ حَتَّى يَعْلَمَ جَمِيعَ السُّنَّةِ، وَحَتَّى يَعْلَمَ مَا بُدِّلَ مِنْهُ بِالسُّنَّةِ، قَالُوا: فَمَا أَحَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُنَّتِهِ، وَلَا حَرَّمَ إِلَّا مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ إِمَّا نَصًّا، وَإِمَّا بِمَا أَوْجَبَهُ مِنْ طَاعَتِهِ، وَكَانَ إِجْمَاعُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ عَلَى أَنَّ أُصُولَ الْعِلْمِ وَالْأَحْكَامِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَمِنْهُ بَيِّنٌ مَفْهُومٌ فِي تِلَاوَتِهِ، وَمِنْهُ مُسْتَنْبَطٌ بِالْبَحْثِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَهْمِ عَنِ اللَّهِ، وَلَوْ كَانَتِ السُّنَّةُ نَاسِخَةً لِبَعْضِ أَحْكَامِهِ لَمَا حَلَّ لِأَحَدٍ أَنْ يُشَبِّهَ حَادِثَةً بِأَصْلٍ مِنْ أُصُولِهِ حَتَّى يَعْلَمَ ذَلِكَ الْأَصْلَ نُسِخَ بِغَيْرِهِ، أَمْ لَا، فَمَا زَالُوا يُعَظِّمُونَ شَأْنَهُ وَيَأْمُرُونَ بَاتِّبَاعِهِ وَلَا يَأْمُرُونَ بِتَرْكِ شَيْءٍ مِنْهُ لِغَيْرِهِ، وَلَقَدْ رَأَى كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَنَّ مِصْدَاقَ كَثِيرٍ مِمَّا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ يُؤَكِّدُونَ بِذَلِكَ أَنَّهُ مُصَدِّقٌ لِلسُّنَّةِ، وَأَنَّهَا لَا تُبَدِّلُ مَا فِيهِ، وَلَوْ كَانَتْ تُبَدِّلُ مَا فِيهِ لَمْ يَكُنْ طَلَبُ مِصْدَاقِهَا فِيهِ أَوْلَى مِنْ أَنْ يُطْلَبَ مِصْدَاقُهُ فِيهَا، وَإِنَّمَا أَخْبَرَنَا رَبُّنَا أَنَّهُ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُبَيِّنَ لِلنَّاسِ جُمَلَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ، وَلَمْ يَبْعَثْهُ لِيُبْطِلَ بَعْضَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ، وَيُبَيِّنَ لَهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَهُ أَنْ يُبَدِّلَهُ وَيُحَوِّلَهُ بِقَوْلِهِ، فَاللَّهُ يَنْسَخُ قَوْلًا مِنْهُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَنْسَخُ قَوْلَهُ بِقَوْلِ نَبِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ عَلَيْهِمْ فَرَائِضَهُ بِكَلَامِهِ وَأَجْمَلَ كَثِيرًا مِنْهَا وَأَمَرَ نَبِيَّهُ بِتَفْسِيرِ مَا أَجْمَلَ مِنْ فَرَائِضِهِ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ قَدْ جَعَلَهُ الْمُبَيِّنَ لَهُمْ ذَلِكَ عَنْ رَبِّهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ أَنْ يُبَدِّلَ حُكْمَ كِتَابِهِ الَّذِي جَعَلَهُ حُجَّةً عَلَى خَلْقِهِ وَقَطَعَ بِهِ عُذْرَهُمْ، وَلَوْ كَانَ بَدَّلَ بَعْضَ أَحْكَامِهِ بِسُنَّةِ نَبِيِّهِ لَتَحَيَّرَ الْعِبَادُ فِيهِ، أَمَّا عَالِمُهُمْ وَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ عَامَّةَ السُّنَنِ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَكُونَ حَدِيثٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَوَاهُ بَعْضُ الثِّقَاتِ لَمْ يَسْمَعْهُ قَدْ بَدَّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ بَعْضَ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ فَلَا يَقُومُ عَلَيْهِ حُجَّةٌ فِي حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ إِلَّا فِي الَّذِي قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ كُلِّهَا، وَأَمَّا الْجَاهِلُ فَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ نَسَخَتْ بَعْضَ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ لَمْ يُقِرَّ اللَّهُ فِيهِ حُكْمًا إِلَّا لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَدَّلَهُ وَنَسَخَهُ بِحَدِيثٍ قَدْ وَرِثَهُ الْعُلَمَاءُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ فَتَسْقُطُ حُجَّةُ اللَّهِ بِالْقُرْآنِ عَنْ عِبَادِهِ 395 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَاحْتَجَّ الَّذِينَ رَأَوْا أَنَّ اللَّهَ قَدْ نَسَخَ بَعْضَ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ فَقَالُوا: الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ أَمْرَانِ فَرَضَ اللَّهُ الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ بِهِمَا عَلَى خَلْقِهِ، وَقَرَنَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ، فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا، فَمَحَلُّهُمَا فِي التَّصْدِيقِ بِهِمَا وَاحِدٌ كِلَاهُمَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، قَالَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَحْكِي عَنْ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ دَعَا رَبَّهُ لِذُرِّيَّتِهِ فَقَالَ: {وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ} [البقرة: 129] ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة: 2] -[108]- وَقَالَ: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [البقرة: 151] ، وَقَالَ: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [آل عمران: 164] ، وَقَالَ: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ} ، وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمْ} [النساء: 113] وَقَالَ: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: 34] 396 - قَالَ الشَّافِعِيُّ: ذَكَرَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْكِتَابَ وَهُوَ الْقُرْآنُ، وَذَكَرَ الْحِكْمَةَ، فَسَمِعْتُ مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ يَقُولُ: الْحِكْمَةُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا يُشْبِهُ مَا قَالَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ الْقُرْآنَ وَأَتْبَعَهُ الْحِكْمَةَ وَذَكَرَ مَنَّهُ عَلَى خَلْقِهِ بِتَعْلِيمِهِمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ، فَلَمْ يَجُزْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، الْحِكْمَةُ هَا هُنَا إِلَّا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ أَنَّهَا مَقْرُونَةٌ مَعَ كِتَابِ اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ طَاعَةَ رَسُولِهِ وَحَتَّمَ عَلَى النَّاسِ اتِّبَاعَ أَمْرِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِقَوْلٍ: هُوَ فَرْضٌ إِلَّا لِكِتَابِ اللَّهِ، ثُمَّ سُنَّةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْإِيمَانَ بِرَسُولِهِ مَقْرُونَا بِالْإِيمَانِ بِهِ فَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَيِّنَةٌ عَنِ اللَّهِ مَعْنَى مَا أَرَادَ دَلِيلَهُ عَلَى خَاصِّهِ وَعَامِّهِ، وَلَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ هَذَا لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ غَيْرَ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

397 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ،: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: 34] قَالَ: §السُّنَّةُ

398 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، ثنا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ،: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: 34] قَالَ: §السُّنَّةُ

399 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: 34] قَالَ: ثنا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: §أَيِ السُّنَّةُ يَمْتَنُّ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَقَالَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ بَيَّنَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعَلِّمَ النَّاسَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ، فَالْحِكْمَةُ غَيْرُ الْكِتَابِ، وَهِيَ مَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ، وَكُلٌّ فَرْضٌ لَا افْتِرَاقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ مَجِيئَهُمَا وَاحِدٌ وَكُلٌّ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِتَعْلِيمِهِ الْخَلْقَ فَأَوْجَبَ عَلَيْهِم الْأَخْذَ بِالسُّنَّةِ وَالْعَمَلَ بِهَا كَمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِمُ الْعَمَلَ بِالْكِتَابِ، فَكَانَ مَعْنَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْنَى الْآخَرِ، وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ طَاعَةَ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَهَا مُفْتَرَضَةً عَلَى خَلْقِهِ كَافْتِرَاضِ طَاعَتِهِ عَلَيْهِمْ لَا فُرْقَانَ بَيْنَهُمَا فِي الْوُجُوبِ فَمَا أَنْكَرْتُمْ أَنْ يُنْسَخَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا نَسَخَ الْقُرْآنَ بِالْقُرْآنِ، فَإِنَّمَا نَسَخَ مَا أَمَرَ بِهِ بِأَمْرِهِ، وَكَذَلِكَ إِذَا نَسَخَ حُكْمًا فِي الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ فَإِنَّمَا يَنْسَخُ مَا أَمَرَ بِهِ فِي كِتَابِهِ بِأَمْرِهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ فَقَدْ قَصُرُ عِلْمُهُ فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يَحْمِلُهُمْ عَلَى ذَلِكَ تَعْظِيمُ الْقُرْآنِ أَنْ يُنْسَخَ بَعْضُ أَحْكَامِهِ بِالسُّنَّةِ، فَالْقُرْآنُ عَظِيمٌ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَلَيْسَ يَنْسَخُ اللَّهُ كَلَامَهُ فَيُبْطِلُهُ جَلَّ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَنْسَخُ الْمَأْمُورَ بِهِ كَلَامُهُ بِمَأْمُورٍ بِهِ فِي سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَالْمَأْمُورُ بِهِمَا مُتَسَاوِيَانِ؛ لِأَنَّهُمَا حُكْمَانِ، وَالْقُرْآنُ أَعْظَمُ مِنَ السُّنَّةِ وَلَوْ جَازَ لِمَنْ عَظَّمَ الْقُرْآنَ - وَهُوَ أَهْلٌ أَنْ يُعَظَّمَ -، أَنْ يُنْكِرَ أَنْ يَنْسَخَ اللَّهُ حُكْمًا فِيهِ بِحُكْمٍ فِي سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَجَازَ لَهُ أَنْ يُنْكِرَ أَنْ يُفَسَّرَ الْقُرْآنُ بِالسُّنَّةِ، وَيُوجِبُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُتَرْجَمَ الْقُرْآنُ إِلَّا بِقُرْآنٍ مُنَزَّلٍ مِثْلِهِ، فَإِنْ جَازَ هَذَا جَازَ هَذَا، فَفِي إِقْرَارِهِمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْجَمَ الْقُرْآنَ وَفَسَّرَهُ بِسُنَّتِهِ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ سَاوَوْا بَيْنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فِي هَذَا الْمَعْنَى، بَلْ جَعَلُوا السُّنَّةَ أَعْلَى مِنْهُ وَأَرْفَعَ فِي قِيَاسِهِمْ، إِذْ كَانَ الْقُرْآنُ لَا يُعْلَمُ بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يُعْلَمُ بِالسُّنَّةِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ لَا تَحْتَاجُ أَنْ تُفَسَّرَ بِالْقُرْآنِ، وَاحْتَاجَ الْعِبَادُ فِي الْقُرْآنِ إِلَى أَنْ فَسَّرَهُ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُنَّتِهِ فَقَدْ أَقَرُّوا بِمِثْلِ مَا أَنْكَرُوا؛ لِأَنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقُرْآنُ تَنْسَخُهُ السُّنَّةُ لَكَانَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ إِذْ كَانَ غَيْرُهُ يَنْسَخُهُ، وَأَنَّ اللَّهَ عَظَّمَ شَأْنَهُ فَقَالَ: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103] وَجَعَلَهُ شِفَاءً لِمَا فِي الصُّدُورِ فَأَنْكَرُوا إِذْ عَظَّمَهُ اللَّهُ أَنْ تَنْسَخَهُ سُنَّةُ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَقَرُّوا أَنَّ عَامَّةَ أَحْكَامِ اللَّهِ فِيهِ وَأَخْبَارَهُ وَمَدْحَهُ لَا تُعْرَفُ إِلَّا بِالسُّنَّةِ، قَالُوا: وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ خَالَفَنَا: إِنَّهُ لَوْ جَازَ -[110]- أَنْ يُنْسَخَ الْقُرْآنُ بِالسُّنَّةِ لَجَازَ أَنْ يُنْسَخَ كُلُّ أَحْكَامِهِ فَلَا يَكُونُ لِلَّهِ فِيهِ حُكْمٌ يَلْزَمُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ جُمَلَ فَرَائِضِ اللَّهِ إِلَّا بِتَفْسِيرِ السُّنَّةِ، فَكَانَ جَائِزًا أَنْ يُجْمِلَ اللَّهُ كُلَّ فَرْضٍ فِيهِ فَلَا يُنْقِصُ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُفَسِّرَ لِكُلِّ فَرْضٍ فِيهِ، فَلَا يَكُونُ لِلَّهِ فِيهِ حُكْمٌ يُعْرَفُ إِلَّا بِالسُّنَّةِ، فَقَدْ أَقَرُّوا بِمِثْلِ مَا قَاسُوا عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ، وَزَادُوا مَعْنًى هُوَ أَكْثَرُ، قَالُوا: لِأَنَّا قُلْنَا إِنَّمَا يَنْسَخُ اللَّهُ بِسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ، وَلَا تُنْسَخُ أَخْبَارُهُ وَلَا مَدْحُهُ، وَأَقَرُّوا أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَخْبَارِ اللَّهِ وَمَدْحِهِ فَسَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُنَّتِهِ، فَهَذَا أَكْثَرُ فِي الْمَعْنَى مِمَّا قُلْنَا 400 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَزَعَمَ أَبُو ثَوْرٍ أَنَّ الْقَائِلَ إِنَّ السُّنَّةَ تَنْسَخُ الْكِتَابَ مُغَفَّلٌ، قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ، وَيُحِلُّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ قَالَ: وَهَذَا افْتِرَاءٌ، فَقَالَ: بَعْضُ مَنْ يُخَالِفُهُ أَعْظَمُ غَفْلَةً مِنْ هَذَا وَأَشَدُّ افْتِرَاءً مَنْ حَكَى عَنْ مُخَالِفِهِ مَا لَا يَقُولُهُ وَشَنَّعَ بِهِ عَلَيْهِ، لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحِلُّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ، وَلَا يُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ، بَلِ الْقَوْلُ عِنْدَ جَمِيعِ الْأُمَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُحِلُّ إِلَّا مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَلَا يُحَرِّمُ إِلَّا مَا حَرَّمَ اللَّهُ، 401 - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إِلَّا أَنَّ التَّحْلِيلَ وَالتَّحْرِيمَ مِنَ اللَّهِ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ تَحْرِيمَ شَيْءٍ فِي كِتَابِهِ فُيُسَمِّيَهُ قُرْآنًا كَقَوْلِهِ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3] وَمَا أَشْبَهُ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ حَرَّمَهُ فِي كِتَابِهِ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يُنْزِلَ عَلَيْهِ وَحْيًا عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ بِتَحْرِيمِ شَيْءٍ، أَوْ تَحْلِيلِهِ، أَوِ افْتِرَاضِهِ فَيُسَمِّيهُ حِكْمَةً، وَلَا يُسَمِّيهُ قُرْآنًا، وَكِلَاهُمَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [النساء: 113] ، وَقَالَ: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ} ، فَتَأَوَّلَتِ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْحِكْمَةَ هَا هُنَا هِيَ السُّنَّةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الْكِتَابَ، ثُمَّ قَالَ: {وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: 34] فَفَصَلَ بَيْنَهُمَا بِالْوَاوِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحِكْمَةَ غَيْرُ الْكِتَابِ، وَهِيَ مَا سَنَّ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ إِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ قَالَ: وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْكِتَابَ وَهَذَا يَبْعُدُ، فَيُقَالُ لِمَنْ قَالَ بِقَوْلِ أَبِي ثَوْرٍ مَا أَنْكَرْتَ أَنْ يُحَوَّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا فُرِضَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ بِالْكِتَابِ فَيَأْمُرُهُ أَنْ يَعْمَلَ بِغَيْرِ ذَلِكَ بِوَحْيٍ يُوحِيهُ إِلَيْهِ عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ قُرْآنًا وَلَكِنْ يُنَزِّلُ عَلَيْهِ حِكْمَةً يُسَمِّيهَا سُنَّةً، وَهَذَا مَا لَا يُنْكِرُهُ إِلَّا ضَعِيفُ الرَّأْيِ

402 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: كَانَ §جِبْرِيلُ يَنْزِلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسُّنَّةِ، كَمَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ فُيُعَلِّمُهُ إِيَّاهَا كَمَا يُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ

403 - حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانُ، أَنْبَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَوْفٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبُعِ

404 - حَدَّثَنِي أَبُو الْأَزْهَرِ أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ ثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، أَنْبَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ رُؤْبَةَ التَّغْلِبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ الْجَرْشِيِّ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمَا يَعْدِلُهُ وَيُوشِكُ بِشَبْعَانَ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ هَذَا الْكِتَابُ، فَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ أَحْلَلْنَاهُ وَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ، وَإِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ أَلَا لَا يَحِلُّ ذُو نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَلَا الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ، وَلَا لُقَطَةٌ مِنْ مَالِ مُعَاهَدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا " يَعْنِي صَاحِبَهَا

405 - حَدَّثَنِي أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ ثنا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَشْعَثُ بْنُ شُعْبَةَ، قَالَ: أَنْبَا أَرْطَاةُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ حَكِيمَ بْنَ عُمَيْرٍ، يَذْكُرُ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، قَالَ: نَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ وَمَعَهُ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ارْكَبْ فَرَسًا فَنَادِ» إِنَّ §الْجَنَّةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ، وَأَنِ اجْتَمِعُوا إِلَى الصَّلَاةِ "، فَاجْتَمَعُوا فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: «أَيَحْسَبُ امْرُؤٌ قَدْ شَبِعَ حَتَّى بَطِنَ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُحَرِّمْ شَيْئًا إِلَّا مَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ، أَلَا وَإِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ حَدَّثْتُ، وَأَمَرْتُ -[112]-، وَوَعَظْتُ بِأَشْيَاءَ إِنَّهَا لَمِثْلُ الْقُرْآنِ أَوْ أَكْثَرُ، وَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكُمْ مِنَ السِّبَاعِ كُلُّ ذِي نَابٍ، وَلَا الْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ، وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُحِلَّ لَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتَ الْمُعَاهَدِينَ إِلَّا بِإِذْنٍ، وَلَا أَكْلَ أَمْوَالِهِمْ، وَلَا ضَرْبَ نِسَائِهِمْ إِذَا أَعْطَوْكُمُ الَّذِي عَلَيْهِمْ إِلَّا مَا طَابُوا بِهِ نَفْسًا»

§1/1