الرد على الشافعي لابن اللباد

أبو بكر ابن اللَّبَّاد

صلاة المغمى إذا أفاق

بسم الله الرحمان الرحيم [1 و] كتاب فيه ردّ أبي بكر بن محمد على محمد بن إدريس الشافعي في مناقضة قوله وفيما قال به من التحديد في مسائل قالها خالف فيها الكتاب والسنة. صلاة المغمى إذا أفاق [1 ظ] باب ما قال الشافعي في التحديد في مسائل شتى برأيه. أبو عبد الله قال: قال لنا أبو بكر بن محمد: قال محمد بن إدريس الشافعي: إن أفاق المغمى عليه قبل غروب الشمس بقدر ما يدرك تكبيرة واحدة، يجب عليه أن يصلي الظهر والعصر جميعا، وكذلك في صلاة الصبح إذا أفاق المغمى عليه قبل طلوع الشمس، وقد أدرك

تكبيرة واحدة قبل طلوعها، وجب عليه أن يصلي الصبح. والنبي صلى الله عليه وسلم، إنما قال: "من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها، ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها" وقال الشافعي إذا أفاق بقدر تكبيرة لا يعرف وقتها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوقت للتكبيرة وقتا لأن تكبيرة لا يعرف وقتها فقد جعله يصلّي صلاة لم تجب عليه. وقد حدثني يحيى بن عمر قال حدثني يحيى بن عبدالله بن بكير قال حدثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وبشير بن سعيد، وعبد الرحمان الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ما يحرم من الرضاع

ما يحرم بالرضاع [2 و] إلى رأسه أنه يحرم لأن الرأس جوف. فيا سبحان الله ما أعجب أقاويلك وأبين اضطرابها، أنت الآن لا تحرّمها عليه وقد تغذى بلبنها وحده أشهرا كثيرة وقد دخل جوفه من لبنها وحده في هذه الشهور نحو من قلّة لبن، وتحرمها الآن أن يسقط من لبنها في أنفه فتصل تلك القطرة إلى لمثلها يسقط صبي في المهد إلى رأس الصبي وتجعلها بقطرة وصلت إلى رأسه أمًّا له محرّمة عليه ثم تقول لأن الرأس جوف، تريد بذلك أن ما وصل إلى رأس الصبي أنه ينزل من رأسه إلى جوفه. هذا معناكفي كلامك لأن الرأس جوف. وليس هكذا تكلمه العلماء في العلم، إنما هذا شبيه المغاياة والمغاياة أن تسمي الشيء بغير اسمه، ويضمر المتكلم بذلك معناه يريده، فكذلك قولك لأن الرأس جوف فكلام الناس إن الرأس رأس والجوف جوف، وإن غذاء العباد وطعامهم الذي منه غذاء أبدانهم في أجوافهم إليها يصير، وفيها يستقر، لا في رؤوسهم، فغير هذا الكلام أشبه به. صلاة الوتر قال أبو بكر: ويقال للشافعي أيكما أتبع لحمله حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنت أو مالك بن أنس رضي الله عنه، حيث أمرت أنت أن يوتر الرجل بواحدة لم تتقدمها له نافلة، أخذا منك

الصلاة في الكعبة

بحديثك عن سعد وحديثك عن مرسل لأثبت أنت مثله، أو مالك، رضي الله عنه، الي قال: لا يوتر بواحدة لم تتقدمها له نافلة، لأن رسول الله، صلى الله عليه [2 ظ] [وسلم] لم يوتر بواحدة لم تتقدمها له نافلة، وإنما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، "يوتر له ما قد صلى" فاتبع حمله حديثه عنه وقلت أنت: يوتر بواحدة لا صلاة له قبلها، ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال يوتر له ما فد صلّى، فأي شيء يوتر له بالواحدة إذا لم يصلّ قبلها شيئا؟ ! الصلاة في الكعبة وأيكما أتبع لحمله حديثه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مالك رضي الله عنه، حين قال: يصلّى في الكعبة ما صلى فيها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وذلك النافلة لا الفريضة، لقول الله تبارك وتعالى: {وحيث ما كنتم فولّوا وجوهكم شطر} فأمرنا باستقبال البيت، وما أمرنا به عزّ وجلّ لا يخالف بعضه، فيكوون من خالف بعض أمره قد ركب بعض نهيه لأن أمره باستقبال الكعبة، نهي منه عن استدبارها فلا يركب أحد بغض ما نهى عنه، ومن صلّى الفريضة في داخل الكعبة فقد ولّى ظهره بعضها فواقع ما نهى عنه عزّ وجلّ. ولا يواقع من أحد ذلك إلا ما روي عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه أخرجه من نص الآية وذلك النافلة، ولا يخرج عن نصها شيء غيره.

ما يحل للمحرم قتله وما لا يحل

وقلت أنت إن مالكا، رضي الله عنه، قال بغاية الجهل، والجهل بك أقرب، حين اتبع ما روى عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لم يزد عليه ولم يقصر عنه، وقلت أنت يصلّى فيها ما صلاه رسول الله، صلى الله عليه وسلم [3 و] فتخرج الصلاة التي صلاها في الكعبة، رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن نص الآية كما أخرجها رسول الله، صلى الله عليه وسلم. ثم قلت أنت برأيك: ويخرج عن نص الآية ما لم يخرجه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهي الصلاة المفترضة، فتصلّى في الكعبة، وإن كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لم يصلّها فيها. ما يحلّ للمحرم قتله وما لا يحلّ وأيكما أتبع لحديثه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مالك، رضي الله عنه، حين قال: لا تقتل الحمر من الدواب إلا ما أمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بقتله، وذلك الخمس التي أمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بقتلها، أم أنت حين قلت مثل الحمر التي أمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بقتلها؟ وقلت أنت برأيك، ويقتل ما هو أضر منها، مما لا يأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بقتلها أولى بالقتل من التي أمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم. وزعمت أنه لا حرج على من قتل التي أمرت بقتلها برأيك. ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد جعل عليه الحرج في قتلها لقوله: "خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح" فإنما أسقط

السلب للقاتل

صلى الله عليه وسلم، الجناح عمن قتل الخمس خاصة، وألزم الجناح من قتل غير من أمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بقتلهن. السلب للقاتل وأيكما أتبع لما روي عن رسول الله، صلى الله عليه [3 ظ] وسلم، مالك رضي الله عنه، حين أمر بالسلب للقاتل، باجتهاد الامام، واتبع قي ذلك لحمله حديثه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أم أنت حين فصّلت السلب، فجعلته ضربين برأيك، فقلت: من قتل مشركا مولّيا فلا شيء له في سلبه، ومن قتل مقبلا، فله سلبه؟ فمنعته مرة وأعطيته أخرى، وجعلته أنت برأيك مفصلا منوّعا، ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، أمر به مجملا، لا مفصلا ولا منوّعا. وأنت تزعم أنك تتبع حمله حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأنت قد قلت في كتاب: اختلاف الأحاديث من كتبك في باب الخلاف في قتل المؤمن بالكافر، وذكرت أ، مخالفك قال: يقتل مؤمن بكافر معاهد، للحديث وهو لا يقتل بقتله المعاهد المستأمن، فكان من حجتك عليه أن قلت أنت له، كيف استجزت أن فرّقت بين المعاهدين والمستأمنين بالحديث، فاستجزت أن ادعيت ما ليس فيه، ثم سرت أنت إلى مثل ما أنكرت، فادعيت في الحديث ما ليس فيه،

ولوغ الكلب في الطعام

وزعمت أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حكم فيه للقاتل، وأنكرت قول مالك إن ذلك على اجتهاد الأول. وفي الحديث دلائل كثيرة أن ذلك على اجتهاد الامام كما قاله مالك رضي الله عنه. ولوغ الكلب في الطعام وأيكما أتبع لحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم [4 و] مالك رضي الله عنه، حين قال في الكلب يلغ في الطعام إن الاناء يغسل سبع مرات، كما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولم يسمه نجسا، ولا سمى الطعام نجسا، إذ لم يرو عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن سماه نجسا، وأمر بأكل الطعام أخذا بكتاب الله عزّ وجلّ لقوله: {فكلوا مما أمسكن عليكم} وهي لا تمسك الا بأفواهها فأمر بأكل ما ولغت فيه الكلاب، لكتاب الله عز وجل، إذ لم يرو عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: إن ما ولغت فيه من الطعام نجس وأمر بغسل الاناء سبعا بأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وذلك إلى أنه وغيره متعبدون بالطاعة لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا بتكلّف حجة في اتباع ما أمر به صلى الله عليه وسلم، ولا بإدخال شيء في حديثه ليس هو فيه أم أنت حين أدخلت فيه ما ليس فيه، وأمرت أنت بما لم يأمر به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيما رويت عنه فقلت: فإذا كان الكلب يشرب في الاناء فينجس حتى يجب غسله سبعا، فالماء أولى بالنجاسة من الماء الذي إنما نجس

بمماسة الماء إياه. فسميت الاناء نجسا، والماء نجسا، ولم يرو عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه سماهما نجسين، وزعمت أنت أن الماء الذي سميته أنت نجسا برأيك، أولى أن يكون نجسا من الاناء الذي أمر رسول الله، صلى الله عليه [4 ظ] وسلم، بعسله سبعا. وزعمت أن الاناء يلغ فيه الكلب لا يغسل سبع مرات، ولا مرة واحدة إذا كان ما فيه من الماء أكثر من قلتين، تحقيقا منك. فإن الاناء إنما نجس بالماء فيما دون القلتين، وأن الماء في ذاته نجس، فسلكت به مسلك النجاسات، ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، فرق بيت الاناء يلغ فيه الكلب، وبين غيره من الذي سماه نجسا، لأنه دعا صبيا فأجلسه فبال على فخده، فأتبعه الماء، ولأنه أمر ببول الاعرابي الذي بال في مسجده صلى الله عليه وسلم، أن يصبَّ عليه دلو من ماء، ولم يأمر أن يصَّب الماء عليه سبع مرات، ولا أن يغسل سبع مرات، فأخرج الاناء يلغ فيه الكلب من طريق حكمه في النجاسات، وساويت أنت بين ذلك بأن سميته نجسا كله، وقلت برأيك: إن الاناء يغسل إذا ولغ فيه الخنزير كما يغسل إذا ولغ فيه الكلب، بل ما اقتصرت على ذلك، على أنك قد أدخلت في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس فيه، حتى قلت إن الخنزير إن لم يكن شرا من الكلب فليس أحسن حالا من الكلب، ورويت أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أمر أن يغسل الاناء سبعا، في احدى الغسلات السبع تراب. ثم قلت برأيك، فإن لم يجد ترابا فبأتبان أو نخالة، فجعلت الأتبان والنخالة بدلا من التراب، وقلت في كتاب [5 و] الطهارات من كتبك في باب التراب الذي يتيم به: وإذا كان التراب مختلطا بنورة أو بتبن رقيق أو

العمري

بدقيق أو بحنطة أو غيره، لم يتيمم به، حتى يكون ترابا محضا، لأن الله تبارك وتعالى قال: "فتيمموا صعيدا طيّبا" فجعلت النخالة والتبن بدلا من الصعيد، بل قلت إن ذلك إن اختلط بالصعيد لم يتيمم به. وجعلت النخالة والأتبان بدلا من الصعيد في غسل الاناء به وفرّقت بينهما، وكل ذلك لا لشيء رويته في حديثك عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم. العمرى وأيكما أشد إعظاما لحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وألا يدخل فيه ما ليس منه، مالك، رضي الله عنه، حين روى عن جابر بن عبد الله أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه، فإنها للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها، لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث" فقال إذا قال

المعمر مثل ما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولفظ مثل لفظه، وشرط مثل شرطه، وجب بذلك المعمر ما أوجبه له رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وإن خالف لفظه لفظ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وخالف شرطه شرط رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وخالف قوله قول رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: قد أعمرتك [5 ظ] حياتك، فلم يقل أعمرتك عمرى لك ولعقبك، لم يجب له ما أوجبه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقلت أنتيجب له مثل ما أوجبه صلى الله عليه وسلم لمن قد قال: قد أعمرتك عمرى له ولعقبك. ففي قولك هذا إن من قال مثل ما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولفظ بلفظه وشرط بمثل شرطه، فقال: قد أعمرتك عمرى لك ولعقبك، أو خالف ما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: قد أعمرتك حياتك، إنهما سواء وإنما احتججت في ذلك بجديثك عن مالك رضي الله عنه، فزعمت أن مالكا خالفه، وأنك أنت اتبعته. وزعمت أن قولك هذا حجتك فيه، السنة الثابتة عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثم احتججت بحديثك عن مالك عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزعمت أن حجتك في إبطال شرط العمرى إبطال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إبطال شرط المعتق إذا أعتق، وشرط الولاء لغيره، ومشترط الولاء فيما غيره أعتقه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أبطله تصريحا. فهل وجدت في شرط المعمر ان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أبطله تصريحا؟ أنت تريد أن تبطل الشروط كلها ما وافق منها كتاب الله عز اسمه، وسنة نبيه عليه السلام، بإبطال رسول الله،

في زكاة التمر والحنطة

صلى الله عليه وسلم، الشرط في الولاء، وتجيز الشرّوط في عمر العمرى. [6 و] وقد بينا مخالفتك لما رويت عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في العمرى، في باب العمرى من كتاب ردك على مالك، رضي الله عنه. في زكاة التمر والحنطة وأيكما أتبع لما روي عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأشد إعظاما لحديثه مالك حين روى عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة" فقال مالك، رضى الله عنه، اتباعا لأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إن التمر يجمع في الصدقة بجميع أسمائه وأجناسه، فتؤخذ منه إذا بلغ خمسة أوسق، الصدقة، ولا تؤخذ مما هو أقل من خمسة أوسق. وروى حديثا آخر عن أبي سعيد الخدري أيضا أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: (ليس فيما دون خمية أوسق صدقة) ولم يقل من بّر ولا من شعير ولا من سلت ولا من هذا وهذا، فأعظم بمالك أن يقول: إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، جمع الحنطة والشعير أو الحنطة

والشعير والسلت في الزكاة أو أفرد كل واحد منها في الزكاة، ولم ينسب إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما ليس في حديثه، واتبع ما روى فيه عن أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولم يجد فيه شيئا بها منصوصاعن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فمالك، رضى الله عنه، أشد إعظاما لرسول الله [6 ظ] صلى الله عليه وسلم، ولحديثه ويتحرج أن يتناول منه ما ليس فيه، أو يدعيه، أم أنت حين زعمت أن الحنطة والعلس يجمعان في الزكاة، وسميت الحنطة باسمين، وجعلتها صنفين، وأمرت فيها بأمرين، ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، سماها باسم واحد، وجعلها صنفا واحدا، وأمر فيها بأمر واحد، فخالفت أنت ذلك كلّه، وقلت في كتاب الزكاة من كتبك في باب تفريع زكاة الحنطة "الحنطة صنفان: صنف حنطة تداس حتى يبقى حبّها مكشوفا، لا حائل دونه من كمام، فإذا بلغت خمسة أوسق ففيها الزكاة وصنف حنطة علس إذا أراد أهلها استعمالها، ففيها، إذا خرجت من كمامها الثاني، وهي الأشقى بها عند ذلك، الزكاة إذا بلغت خمسة أوسق وما لم تخرج من كمامها الثاني فلا زكاة فيها حتى تبلغ عشرة أوسق. وقلت لصاحبها الخيار فإن أحب أخرجها من كمامها الثاني فأخرج من خمسة أوسق ما وجب فيها، وإن أحب لم يخرجها من كمامها الثاني وأخرج من عشرة أوسق ما وجب فيها الزكاة. فأين وجدت

المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا

أنت هذا في سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، للحنطة هذين الاسمين؟ وأين وجدتها في سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صنفين؟ وأين وجدت في سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه أمر فيها [7 و] بأمرين: فمرة من خمسة أوسق، ومرة من عشرة أوسق، وكل هذا مما لم نجده في سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولا منصوصا عنه. وكان أحق عليك أن تخالف ما رويت فيوافق وجها واحدا نهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عنه، من أن يوافق وجهين نهى عنهما رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أحدهما أن يقول لم يرو عنه، والآخر أن يزعم أن ذلك في سنته. المتبايعان بالخيار مالم يتفرقا وأيكما أتبع لما روى عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأشد إعظاما لحديثه، وأن يدخل فيه ما ليس منه، مالك، رضي الله عنه، حين روى عن ابن عمر، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "البيّعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه مالم يتفرقا" وروي عن ابن عمر أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه" وروي عن ابن عمر

أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نهى عن بيع حبل حابلة، وكان بيعا يتبايعه أهل الجاهلية. كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تتبع الناقة ثم يبيع الذي في بطنها. فذهب مالك إلى حديثه عن ابن عمر أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "المتبايعان بالخيار، وكل واحد منهما بالخيار على [7 ظ] صاحبه مالم يتفرقا". إن هذا حديث غير منصوص، إذ لا حدّ فيه لوقت التفرّق وإذ لا يدريان متى يتفرقان وإن التفرق قد يقع على التفرق بالكلام دون الأبدان في كتاب الله عز وجلّ، وفي لسان العرب، ويقع على التفرق بالأبدان. وإن حديث ابن عمر عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في نهييه عن بيع الطعام حتى يستوفى، منصوص، لأن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أباح لمشتريه بيعه، حين يستوفيه وملكه إياه حين أباح له بيعه وإن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نهى عن بيع حبل حابلة في حديثه عن ابن عمر، إذ هو مجهول، وقد يباح بيع حبل الحابلة، وإن وقت التفرق بالابدان مجهول، فأخذ بما يوافق ما روى عن ابن عمر عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، منصوصا في حديثه، وترك له المجمل غير المنصوص. وزعمت أنه التفرق بالأبدان، واحتججت أنت بحديث مالك على مالك، وليس في حديثه عن عبد الله بن عمر أنه التفرق بالأبدان، كما زعمت، وإذا قلت إن التفرق هو التفرق بالأبدان فيه، زعمت أن مبتاع الطعام إذا استوفاه، لا حق له فيه، ولا له أن يبيعه حتى

يتفرقا بالأبدان. ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، ملّكه إياه وأباح له بيعه حين يستوفيه، وأنت منعته بيعه وإن استوفاه [8 و] ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، ملّكه إياه حين أذن له في بيعه، وأنت لم تملّكه إياه بل ملّكه البائع، ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، ملّكه المشتري. فقلت، إن لبائعه أن يبيعه ممن أحب بعد أن يستوفيه مشتريه منه ويكتاله لنفسه مالم يتفرقا بالأبدان، واحتججت بالسنة بزعمك. وليس في السنة ما قلت من أن تفرق المتبايعين في ذلك هو تفرقهما بالأبدان، وإنما زعمت أن ابن عمر كان إذا ابتاع الشيء فأعجبه فارق صاحبه فمشى قليلا. فاحتججت بفعل ابن عمر على مالك وزعمت أنه خالف ما روى عن ابن عمر عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وليس فعل ابن عمر الذي ذكرته في حديثه عن ابن عمر وزعمت أنه خالف وزعمت أن فعل ابن عمر سنة، وابن عمر لم يرو ذلك عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وليس هو من حديث مالك، رضي الله عنه، وإنما هو من حديثك عن سفيان فزعمت أن مالكا خالف سنة رواها مالك عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأنت إنما رويت ذلك عن سفيان عن ابن عمر فعلا من ابن عمر، لا رواية منصوصة عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ونحن لا نشك ان ابن عمر لم يخالف [8 ظ] ما روى عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم جهده واسطا ولكن فعل ابن عمر لم يروه مالك، رضي الله عنه، فتحتج به عليه أنه رواه وتركه، ولا أتى عن ابن عمر في فراقه البائع ولا مشيه قليلا، كم ذلك المشي القليل، ولا هل كان لا يعد الفراق فراقا

حتى لا يرى بعضهما بعضا، أو كان يراه فراقا إذا فارقا الموضع الذي فيه تبايعا، أو كان إنما يراه فراقا للموضع وتباعد بعضهما عن بعض، ولا لذلك البعد عنه عندنا حد محدود. وقد احتججت أنت بحديثك عن أبي برزة عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وصار احتجاجك به حجة عليك لأنك رويت أن أبا برزة حكم للذين اختصما إليه بعد أن تبايعا ومضى يومهما وليلة يومهما الثاني ويومهما الثالث إلى الوقت، اجتمعا عنده فإنهما لم يتفرقا، وهما قد فارقا الموضع الذي فيه تبايعا قبل ذلك بيوم وليلة اليوم الثاني، فعارضت بحديثك عن أبي برزة حديثك عن ابن عمر وكذلك احتججت بحديثك عن حكيم بن حزام عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو حجة عليك ومعارض لحديثك عن ابن عمر. وقد روى عمر بن الخطاب عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "الذهب بالورق ربا إلا ها وها" ولم يقل حتى يتفرقا. وروى أبو هريرة عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه نهى عن بيع الحصاة [7 و]. وبيع

التطيب قبل الإحرام بالحج

الحصاة كان أهل الجاهلية يتبايعونه يأخذ أحدهم حصاة في يده ثم يقول إذا وقعت منه الحصاة فقد وجب البيع بيني وبينك فتهى صلى الله عليه وسلم، عت هذا البيع، لأن وقوع الحصاة مجهولة وقوعها من يده. فكذلك الافتراق بينهما مجهول ذلك. التطيب قبل الاحرام بالحج وأيكما أشد إعظاما لحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وتورعا عن أن يحتج بما ليس فيه، أو يدعيه، أو يخالف ما وجد منصوصا فيه مالك، رضي الله عنه، حين روى عن عائشة أنها قالت: كنت أطيب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لاحراه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت؟ ولم تقل عائشة، رضي الله عنها، كنت أطيب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لاحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت بطيب تبقى رائحته أو بطيب لا تبقى رائحته، فننتهي إلى قولها فلما لم نجد في حديثه عن عائشة أكان الطيب الذي طيب به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مما تبقى رائحته بعد إحرامه أو مما لا تبقى رائحته بعد إحرامه بما تبقى ريحه بعد إحرامه. وتدّعي أن ذلك

في حديثه، في سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو ليس فيها. أو تمنع من الطيب الذي تبقى ريحه بعد الاحرام، وتدعي أن ذلك في حديثه، في سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم. [9 ظ] وتوقف مالك عن الطيب الذي اختلف فيه، وهو الطيب الذي يبقى ريحه بعد الاحرام، فلم يأمر به ولم ينه عن الطيب الذي لا اختلاف فيه أنه جائز قبل الاحرام، وهو الطيب الذي لا يبقى ريحه بعد الاحرام، فأجازه ولم نجد في حديثه لريح طيب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نصا منصوصا فننتهي إليه، ووجد لريح الطيب بما في حديثه عن عمر منصوصا، فأخذ به فيما لم يجد عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نصا منصوصا. وأما أنت فقلت إنك تستحب الطيب قبل الاحرام بما يبقى ريحه بعد الاحرام، وزعمت أن حجتك في ذلك ثبوت السنة فيه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فادعيت في السنة ما ليس فيها، وسميت تأويلك الذي تأولته، وقولك الذي قلته برأيك، سنة ثابتة عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومتى وجدت في سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه تطيب قبل الاحرام بطيب يبقى ريحه بعد الاحرام، تصريحا كما ادعيته أنت في سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تصريحا، وأنت لا تنكر أن الطيب إنما يتفاوت في طيبه بتفاوت ريحه، فمنه ما لا يكاد يؤخذ ريحه لضعفه وضعف عنصره، ومنه ما يبقى ريحه يوما، ومنه ما يبقى ريحه أياما، فإن احتججت بأن تقول إن قول عائشة: "كنت أطيب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لاحرامه [10 و] قبل أن يحرم" يدل على أنها إنما طيّبته في حين يجوز له فيه الطيب، ليبقى له ريحه في الحين الذي لا يجد سبيلا إلى أن يبتدئ فيه طيبا، قيل لك فإن كان إنما كان تطيب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قبل الاحرام، ليبقى له ريح الطيب بعد الاحرام، من أجل أن الاحرام يمنعه ابتداء الطيب، فقد قالت [عائشة] ولحله، قبل أن يطوف بالبيت، فلأي شيء قالت ولحلّه، قبل أن يطوف بالبيت؟

الجمع في الصلاة

والطيب مباح له بعد أن يطوف بالبيت. وقد قال مالك رضى الله عنه، : إن تطّيب قبل أن يطوف، وبعد أن رمى جمرة العقبة فلا شئ عليه، حذرا من خلاف ما روي عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم. قال أبو بكر وروي عنه صلى الله عليه وسلم، أنه تطّيب لاحرامه قبل أن يحرم، ثم طاف على نسائه، ثم اغتسل، فكان غسله ذاهبا لما تقدك من طيبه صلى الله عليه وسلم. الجمع في الصلاة وأيكما أشد إعظاما لحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأورع عن أن يدعي ما ليس فيه، بأن يحتج به في شيء ليس هو منصوص فيه، ثم ينسب حجته تلك إلى حديثه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهى ليست في حديثه عنه، مالك، رضي الله عنه، حين روى عن ابن عباس أنه قال: صلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الظهر والعصر والمغرب والعشاء جمعا في غير خوف ولا سفر، فإذا الحديث [10 ظ] كما سمعه، وورع أن يروي عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رواية مفسرة، منصوصة ينسبها إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كيف جمع بينهما، هل أخّر الظهر إلى العصر، أو قدّم العصر إلى الظهر، أو أخر المغرب إلى أول وقت العشاء، أو قدم العشاء إلى وقت المغرب؟ وتوقف عن أن يأمر بالجمع بينهما، ويحتج في ذلك بحديثه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيأمر بتأخير ظهر

إلى عصر أو بتقديم عصر إلى ظهر، وفي المغرب والعشاء كذلك. ثم يدعي أن حجته في ذلك عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن يدعي ما ليس في حديثه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وروى عن نافع عن ابن عمر أنه كان يجمع مع الأمراء بين المغرب والعشاء إذا جمعوا، فذهب مالك، رضي الله عنه، إلى فعل ابن عمر، أنه كان إذا جمع الأمراء جمع معهم. وغير ابن عمر مع ابن عمر يجمع معهم بالمدينة، وهى دار رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وموضع هجرته وهجرة أصحابه، رضى الله عنهم، يقوم مقام الاجماع بالمدينة، فاتبع ما رواه عنهم إذ وجده منصوصا في الحديث عنهم في المغرب والعشاء، وأدرك العمل عليه قائما كما أدرك العمل في الجمع بين الظهر والعصر [11 و] وبين المغرب والعشاء قائما، معمولا به في السفر، وأخذ بما أدرك عليه العمل في ذلك بالمدينة، في السفر، وعلم ما عملوه في الجمع بين المغرب والعشاء والظهر والعصر كيف جمع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بينهما في السفر، لاتصال العمل به بعد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالمدينة، فقال بما روى وبما أدركه قائما من عملهم. أو أنت حين احتججت بالحديث وزعمت أن مالكا خالفه، وحجتك ليست في الحديث، وإنما ادعيت ما ليس منصوصا فيه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كيف كان جمعه صلى الله عليه وسلم، في غير خوف ولا سفر، وإنما تكلمت في ذلك برأيك، وزعمت أنه في حديثك عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويزيد ذلك شرح النبي، عليه السلام، وقت الأوقات، جمع بين الظهر والعصر في السفر معلوماً

التحريم بالرضاع

جمعه، وجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة، فكان جمعه بين الظهر والعصر في وقت الظهر، وبين المغرب والعشاء، في وقت العشاء. ولم يصف عبد الله بن عباس، رضي الله عنه، في أي وقت جمع صلى الله عليه وسلم، لأنه لا يجوز لنا تأخير ما عجّل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولا تعجيل ما أخّر، إذ لم يعسر الجمع. كيف (11 ظ] هو توقف عن استعمال الخبر. وكان المواقيت أولى بنا. التحريم بالرضاع وأيكما أشد إعظاما لحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأبين تورعا عن أن يستجيز ادعاء ما ليس فيه، مالك، رضي الله عنه، حين روى عن عائشة، رضي الله عنها، أنها قالت: "كان فيما أنزل الله تبارك وتعالى، في القرآن عشر رضعات معلومات يحرّمن، فنسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهن فيما يقرأ من القرآن" وروي عن عروة عن عائشة أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم [قال]: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة." وروي عن ابراهيم بن عقبة أنه سأل سعيد بن المسيب

وعروة بن الزبير، عن الرضاعة، فكلاهما قال ما كان في الحولين وإن كان قطرة واحدة فهي تحرّم. وروي عن عروة عن عائشة أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أمر سهلة أن ترضع سالما خمس رضعات فتحرم بهن مكانهن، حديثه عن عمرة عن عائشة أنها قالت: "كان فيما أنزل الله، تبارك وتعالى، في القرآن، عشر رضعات معلومات يحرّمن ثم نسخن بخمس معلومات" إن قولها معلومات العدد وليس في الحديث لقول عائشة معلومات فنسخن مبينا ولا نصا مخلصا فننتهي إليه، وروي عن عروة عن عائشة [12 و] أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب." فذهب إلى أن حديث عروة هذا يجمع الرضاعة قليلة وكثيرة وأنه موافق لقول الله، تبارك وتعالى: {وأخواتكم من الرضاعة} فسماهم عز وجل بالرضاعة أخوات، من غير استثناء لقليل الرضاعة من كثيره. فقال عروة إن الرضاع يحرّم وإن كان قطرة واحدة. وذهب مالك، رضى الله عنه، إلى أن عروة هو راوي حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمر سهلة ابنة سهيل أن ترضع سالما خمس رضعات وهو القائل: ما كان في الحولين وإن كان قطرة واحدة فهي تحرّم. وإنه أولى بمعرفة ما روى عن عائشة، لأن له فضل السماع

منها والعلم بما سمع، فاتبع [مالك] من حديثه عن عائشة ما وجد عروة اتبعه من حديثه عن عائشة ما وجد عروة اتبعه من حديثه عنها، ورآه حديثا مستغنيا عن أن يتكلف له التفسير بالرأى، أم أنت حين تركت حديث عائشة عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الذي هو موافق لما في كتاب الله، عز اسمه، وكلام عروة الذي رواه عنها وهو مستغنى عن أن يتكلف له التفسير، وأخذت أنت بزعمك، بحديثك عن مالك، رضي الله عنه، عن عائشة أنها قالت: كان فيما أنزل الله، عز اسمه، من القرآن عشر رضعات معلومات يحرّمن ثم نسخن بخمس [12 ظ] معلومات، فتكلفت أن تفسر برأيك قولها، فقلت في كتاب الرضاع من كتبك في باب ما يحرم من النساء بالقرابة والرضاعة إلا خمس رضعات، وذلك أن يرضع المولود ثم ينقطع الرضاع، ثم يرضع ثم ينقطع. قال: إن انقطع الرضاع ثم عاد لمثلها أو أكثر فهي رضعة وإذا ألقم الثدي أو لها بشيء ثم عاد، كانت رضعة واحدة. ثم نقضت قولك هذا فقلت: ولا ينظر إلى قليل الرضاع ولا كثيره، إذا وصل إلى جوفه، فهي رضعة، بعد أن قلت إنه إذا رضع ثم قطع الرضاع ثم عاد لمثلها أو أكثر، فهى رضعة، وهذا خلاف قولك: إنه لا ينظر إلى قليل الرضاع ولا إلى كثيره إذا وصل إلى جوفه فهى رضعة، لأنه إذا رضع ثم قطع الرضاع، فينبغي في قولك أن يكون رضعة، لأنه قد وصل إلي جوفه، ثم تكون عودته إلى الرضاع ثابتة لأنك قد زعمت أن ما وصل إلى جوفه من قليل أو كثير فهى رضعة. ثم قلت ولو أخذ ثديها الواحد فأنفد ما فيه، ثم تحوّل إلى الأخر فأنفد ما فيه، فهي رضعة واحدة. فلم تجعل ما وصل إلى جوفه من أحد الثديين، وهو

قد أنفد ما فيه رضعة لما تحول إلى الثدي الآخر، فأنفد ما فيه، وجعلت ما أنفد في الثدي الأول ثم في الثاني رضعة واحدة، وأنت قد قلت ما وصل إلى جوفه من قليل [13 و] أو كثير، وإن كانت قطرة، فهي رضعة. ثم قلت والرضاع قد يكون بقية النفس والارسال والعودة: "كما يكون الحالف لا يأكل بالنهار إلا مرة، فيكون يأكل ويتنفس بعد الازدراد [إلى أن يأكل] فيكون ذلك أكل مرة [وإن طال] ". فشبهت الرضاع بالأكل ومثلته به وقلت إن الآكل إذا كان يأكل ويتنفس بعد الازدراد فهو أكل مرة قبله أنه قد أكل ووصل إلى جوفه ما أكل وازدرد فوصل ما ازدرد إلى جوفه وتنفس بعد الازدراد، فجعلت ذلك كله أكلة، وأنت قد قلت: ما وصل إلى جوف الصبي فهو رضعة، ولم تقل ما وصل إلى جوف الآكل، وإن كان لقمة واحدة، أكلة، كما جعلت ما وصل إلى جوفه رضعة، وإن كانت قطرة، فمرة شبّهت الأكل بالرضاع، ومرة جعلت كل قطرة تصل إلى جوف الصبي رضعة، ومرة لم تجعل انفاده ما في الثدي الواحد رضعة، ومرة لم تفرق بين قليل الرضاع وكثيره. وكل هذا إنما قلته برأيك وفصّلته من قبلك بلا شيء. ووجدته في حديثك منصوصا عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم. وأنت بحديثك عنه احتججت، وبما فيه زعمت أنك أجدت، وتورّع مالك، رضي الله عنه، عن كل هذا، ولم تستجز أن ينسبه إلى

النهي عن تغطية رأس المحرم

رسول الله، صلى الله [13 ظ] عليه وسلم، ولا احتج به على أنه في حديثه عنه. وإنما دخل حديث عائشة في الخمس الرضعات لك، وكل هذا الاضطراب من قولك، والتناقض في مذهبك، إنما اضطرك إليه طلبك أن تبينّ ما أرادت عائشة، رضي الله عنها، بقولها: معلومات. وعرف مالك، رضي الله عنه، ما يدخل ذلك فتوقف عنه، ولم يدّع ما ليس في الحديث. النهي عن تغطية رأس المحرم وأيكما أتبع لما روي عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأشد حذرا من خلافه، مالك حين روى عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، أنه غطى وجهه بالأرج وهو محرم، بقطيفة أرجوان وروى عن ابن عمر أنه قال: ما فوق الذقن من الرأس فلا يخمره المحرم. وروى أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لعمرو بن حزم في العقول، إن في الموضحة خمسا من الابل، فذهب إلى الأخذ بما رواه عن ابن عمر، لأن ابن عمر قد رأى أن الوجه، والرأس رأس كلّه، إذ نهى المحرم أن يغطي ما فوق ذقنه. وإذ روى أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نهى أن يغطي المحرم رأسه، في حديثه، عنه، والموضحة إنما هي في الوجه والرأس فكانت الموضحة عنده أصل ما تكلم فيه إن الموضحة مروية عن رسول الله، صلى الله [14 و] عليه وسلم.

وزعمت أنت أن الوجه غير الرأس، وأن الله، تبارك وتعالى، فرّق بينهما فأمر بغسل الوجه، وأمر بمسح الرأس. وأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بمن مات محرما أن يكشف عن رأسه ووجهه، فرددت بهذا قول مالك، رضي الله عنه، في حديثك عن عثمان، في كتاب ردك على مالك ثم نقضت قولك هذا كله، وقلت في كتاب الديات والقصاص، في باب ما لا يجب فيه أرش من كتبك: إن خراج البدن مخالف لخراج الرأس، لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، قضى في الموضحة بخمس من الابل، ثم قلت والذي يحفظ عمن لقيت أن الموضحة في الوجه والرأس، وأن الرأس والوجه رأس كله، لأنه إذا قطع قطعا معا، وإن كان يتفرقان في الوضوء فالرأس إذا ذهب ذهب الوجه، فمرة احتججت بكتاب الله تبارك وتعالى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في التفريق بين الوجه والرأس؛ ومرة خالفت ما رويت عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فزعمت أن الرأس والوجه رأس كله، بعد أن زعمت أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فرّق بينهما فأمرت بمن مات محرما ان يكشف عن رأسه دون وجهه. وإن الله تبارك وتعالى، فرق بينهما في كتابه، فأمر بغسل الوجه [14 ظ] ومسح الرأس. وأما مالك، رضي الله عنه، فلم يختلف قوله، ولم يخالف ما روى عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

النهي عن مسك عصمة الزوجة الكافرة وأيكما أتبع لما روي عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مالك، رضي الله عنه، حين روى أن صفوان بن أمية هرب من الاسلام، ثم جاء النبي، صلى الله عليه وسلم، وشهد حنينا والطائف، مشركا وأمرأته مسلمة، واستقر على النكاح، وروى عن ابن شهاب الزهري أنه قال: ولم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى الله، عز اسمه، وإلى رسوله، صلى الله عليه وسلم، فرّقت الهجرة بينها وبين زوجها إذا أتى زوجها مسلما، قبل أن تنقضي عدتها. وقال مالك في الرجل يسلم قبل امرأته إنه يعرض عليها الاسلام، فإن أسلمت وإلا فرّق بينهما. واحتج في ذلك بكتاب الله، عز اسمه، حيث يقول: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} قال مالك: فلا يمسك مسلم بعصمة كافرة ولا تبقى عصمة مسلمة لكافر، إلا على ما روي عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أما عصمة المسلمة للكافر فحتى تعتد، وأما عصمة الكافرة للمسلم ففي قدر ما يعرض عليها الاسلام، وذلك فيما هو يقارب إسلام هند من إسلام أبي

سفيان لا يزاد على ذلك ولا يخرج منه عنه، ولا يعدى إلى غيره [15 و]. وزعمت أنت أن إسلام الزوج قبل زوجته، والزوجه قبل زوجها سواء، لا فرق بينهما إلا بانقضاء العدة، وقلت وكان بين اسلام هند وإسلام أبي سفيان أيام، فزعمت أنه إنما كان بين إسلام أبي سفيان وإسلام هند، أيام، فأقرَّهما رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على نكاحهما. وأقررت أنت مثلهما على نكاحهما وإن كان بين إسلامهما أعوام، لأنك جعلت أنت أن للرجل أن يتمسك بعصمة الكافرة ما لم تنقض عدتها، وقد لا تنقضي إلا في أعوام، في قولك، لأنك قلت في كتاب العدة: إن عدة المطلقة بالحيض، فإن كانت إنما تحيض، في كل سنة، حيضة فلابد لها من ثلاث حيضات وإن استكملت في ذلك ثلاث سنين. فجعلت الزوج إذا أسلم قبل زوجته أحق بها ما بينه وبين انقضاء عدتها، برأيك، لا بخبر أتيت به عن النبي، صلى الله عليه وسلم، وإنما رويت العدة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في إسلام المرأة قبل زوجها بخير لا يثبت عندك مثله، فأخذت به وأما مالك، رضي الله عنه، فاتبع الرواية المأثورة عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في إسلام صفوان بعد إسلام زوجته، وفي إسلام هند بعد

تصحيف أسماء بعض الرواة

إسلام زوجها [15 ظ] فبم يجعل الزوج أحق بزوجته إذا أسلمت قبله إلا فيما بينها وبين انقضاء عدتها، ولم يجعل للزوج التمسك بزوجته إذا أسلم قبلها، إلا مثل العذر الذي كان قبل اسلام أبي سفيان وإسلام هند، ومنع ما زاد على ذلك بكتاب الله، عز اسمه، لقوله: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر}. فلم يجعل مالك رضى الله عنه، للزوج التمسك بعصمة كافرة إلا مثل ما جعل له رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من التمسك بها لا أكثر من ذلك. تصحيف أسماء بعض الرواة وقال الشافعي: صحّف مالك في عمر بن عثمان، إنما هو عمرو بن عثمان وفي عبد الملك بن قريب وإنما هو عبد العزيز بن قريب. قال أبو بكر: ليس الأمر على ما قال ولو أن الشافعي صحب مالكا، رضى الله عنه، كما صحبه غيره من أصحابه، وإنما الوهم والتصحيف عمن نقل عن مالك، لأن ضبطهم في نقلهم ليس بواحد. قد حدثني يحيى بن عمر قال حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن على بن الحسين عن عمرو أو عمر بن عثمان، عن أسامة بن زيد أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم،

قال: "لا يرث المسلم الكافر" قال لي يحيى بن عمر [16 و] الشك من يحيى بن عبد الله بن بكير. وحدثني يحيى بن عمر قال حدثني سحنون بن سعيد والحارث بن مسكين قالا: حدثنا عبد الله بن وهب قال حدثنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن علي بن الحسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد بن حارثة، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "لا يرث المسلم الكافر". وحدثني يحيى قال حدثني أبو الطاهر قال حدثنا عبد الله بن وهب، قال حدثنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن علي بن الحسين عن عمر بن عثمان عن أسامة بن زيد إلى آخر الحديث.

وحدّثت عن ابن أبي مريم قال سمعت يحيى بن معين يقول: قال لي عبد الرحمان بن مهدي قال لي مالك بن أنس: [اني] لأعرف دار عمر من دار عمرو، هذه دار عمر وهذه دار عمرو. وقال ابن أبي مريم فقلت ليحيى بن معين، فكيف حدثكم معين بن عيسى، قال كان يقول: عمر. وأما ما ذكر أنه عبد العزيز بن قريب، فقيل ليحيى بن بكير: إن يحيى بن معين يقول: هو عبد الملك بن قريب، وهو الأصمعى، فقال يحيى بن بكير: غلط يحيى بن معين. كان ابن اخيه عندنا بمصر، وكان الدراوري يروي عن أبيه، فقلت له: عمك اسمه؟ [16 ظ] فقال: عبد الملك بن قريب، روى عنه مالك بن أنس. قال الشافعي: إنما عنده أطراف لمالك، رضي الله عنه. ولم يكن ينبغي له أن يطلق ما أطلق حتى يتثبت فيسأل كما سأل غيره، لأن مالكا، رضي الله عنه، لا شك في إمامته وثقته وانتقاده في الحديث، ومعرفته بما صحّ منه، لا يدافع في ذلك الأمر، لا ينصف وإنما جاء الغلط عمّن ينقل عنه وبالله التوفيق.

اليمين مع الشاهد

اليمين مع الشاهد قال أبو بكر: أنكر الشافعي وأهل العراق على مالك بن أنس، رضي الله عنه، قوله في الموطإ إذ ذكر الحجة في اليمين مع الشهادة فقال: وقد قال بعض الناس لا يقضى بشاهد ويمين ولا يقضى إلا بشاهدين أو رجل وإمرأتين، كما قال الله، تبارك وتعالى قال مالك فقال له: أرأيت رجلا قد ادعي عليه بدعوى أليس يحلف ويتبرأ؟ فقالوا: نعم! قال مالك: أفرأيت إن نكل المدعى عليه عن اليمين أليس يحلف المدعي ويثبت حقه؟ فهذا إجماع المسلمين في كل بلد من بلدانهم، فأخبرني أبو العباس عبد الله بن أحمد بن طالب قال: قد سمعت ذلك وقد رأيت المخالفين لمالك، رضي الله عنه، قد نصبوا ذلك عليه في كتبهم، ولو أحسنوا الظن لقد علموا أن مالكا هو المصيب، رحمة الله عليه، لأنه إنما ذكر إنكار من أنكر اليمين مع الشاهد أنه لا يكون [17 و] إلا بما نصّه القرآن، وهو نكول المدعى عليه، ويمين المدعي، فإنما ذكر الاجماع في إثبات الحق، لأنه لولا يمين المدعي لم يثبت بالاجماع، لأن الذي حكم من الحكام بنكول المدعى عليه، فأوجب عليه الحق بنكوله، ولم يوجبه بالإجماع

التزويج بسورة من القرآن

الذي حكم بإثبات الحق بعد يمين المدعي إنما أوجبه بالاجماع، لا يختلف أحد في ذلك. فتدبروا من المصيب أنتم أو مالك بن أنس، رضي الله عنه. ولقد بلغتني هذه الحجة عن سحنون، رضي الله عنه، إلا أنها لم تصح عندي ولكنها أعجبتني فحفظتها. وسألني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن الحجة في ذلك فتكلمت بها، فقال لي: أصبت وأحسنت أو نحو هذا. ثم قال أرسل إلى أبو إبراهيم المزني يسألني عن ذلك فأجبته هذا الجواب، فرجع إلي الرسول فقال لي: أصاب مالك، رضي الله عنه، والحق ما ذهب إليه، وقد أخطأنا إذ أبينا ما بالطريقة، فرحمه الله. التزويج بسورة من القرآن قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: خالف الشافعي أصل مذهبه في التزويج بسورة من القرآن أنه لا بأس أن يتزوج بسورة من القرآن، وجعله صداقا. ويقول لا يجوز أن يعلم القرآن بأجر، فكيف يجعله صداقا وهو عوض للمرأة (17 ظ] بما استحلّ منها من بعضها، ولا يجعل التعليم بالأجر عوضا لما علم المتعلم؟ فهذا خلاف بيّن لا شك فيه عند أحد من الناس. وضع حديدة على بطن الميت وقال الشافعي إذ مات الميت وإذا خلع ثيابه وجعل على لوح

دخول وقت العصر على صلاة الجمعة

(وضع على بطنه سيف أو حديدة). فيقال للشافعي هذا الذي أمرت به وحددته باسمه لازمة لا بدّ لهم منها يفعلونها في موتاهم، فمن خالفها أثم إذا لم يفعلها، وبمن اقتديت في ذلك ومن سلمك فيه إذ أمرت بما لا يلم فعله، أم إنما هذا من الطب. أو من يخاف من تغيير الميت. فإن قال سنة فقد أجاد، وإن قال إنما هو لمن خاف من تغيير الميت، فالموتى مختلفون فيما يخاف عليهم، وفي الأزمنة أيضا من الشتاء والصيف، فمنهم من يخالف ذلك عليه، ومنهم من لا يخالف ذلك عليه، وبالله التوفيق. دخول وقت العصر على صلاة الجمعة وقال الشافعي: إذا صلى الامام الجمعة فدخل وقت العصر عليه، قبل أن يسلم الامام من الجمعة فعليه أن يتمها ظهرا: أربعا. فهذا اضطراب من قوله ما يدري ألمن؟ بماذا يحتج عليه في قوله هذا لفساده: أنه ابتدأ صلاته بنية الجمعة وفرضها. وفرض الجمعة في الكتاب والسنة وإجماع الأمة، خلاف فرض الظهر، لأن الجمعة لابدّ لها قبل الصلاة من خطبتين ثم يصلي الجمعة ركعتين يجهر فيهما بالقراءة. وفرض الظهر أربع ركعات بلا خطبة قيلها ويسر فيها [18 و] بالقراءة، فأتى بالجمعة كما وجبت عليه، على فرضها بخطبتيها وركعتيها، فلم يبق منها إلا السلام، فدخل عليه وقت العصر. بطل

لمس المحارم هل ينقض الوضوء؟

عمله ذلك عند الشافعي، ويصير ما عمل للجمعة بفرض الجمعة ونيتها إلى فرض الظهر، فأمره أن يتم على جمعته ركعتين، فصار عمله كله هذه الأربع ركعات ظهره. نقله من فرض إلى فرض. وروي عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها السلام" فهو في صلاة فنقله إلى صلاة أخرى بلا سلام منها، فهذا من القول ذكره يكفي من الاحتجاج عليه. لمس المحارم هل ينقض الوضوء؟ وقال الشافعي: إذا لمس الرجل أمه أو أخته أو بنته، وان كانت طفلة، بيده أو بإصبعه، أو شيء منه انتقض وضوؤه. وتأول عبى قوله هذا، كتاب الله، تبارك وتعالى، فقال {أو لامستم النساء} فتأويله هذا أعظم عليه في الحجة، فصار هذا من الملامسة عنده، لأنه فسر القرآن على غير تفسيره، وتأوله على غير تأويله، وخالف، مع ذلك، سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وما لم يزل عليه الناس إلى يومنا هذا، لأن الحديث ثابت صحيح أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان يحمل أمامه ابنته زينب وهو في الصلاة، فإذا ركع وضعها، وإذا قام حملها [18 ظ] حدثنيه يحيى بن عمر، قال حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير: قال حدثنا مالك بن أنس، وحدثني أيضا. قال: حدثني سحنون بن سعيد عن ابن القاسم عن مالك بن أنس

عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة الانصاري أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان يصلي وهو حامل أمامه ابنته زينب ابنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها. والحديث بمثل هذا يكثر علينا ذكره. وقد كان يصلي، صلوات الله عليه وسلامه، كثيرا وعائشة، رضي الله عنها، نائمة بين يديه، ورجلاها في قبلته، فإذا أراد أن يسجد غمزها فقبضت رجليها: فيسجد فإذا فرغ من سجوده بسطتهما. فحدثني يحيى بن عمر قال حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير قال حدثنا مالك بن أنس؟ وحدثني يحيى قال حدثني سحنون عن ابن القاسم عن مالك عن أبي النصر عن أبي سلمة بن عبد الرحمان عن عائشة أنها قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني. وقد بلغت الشافعي هذه الأحاديث ورواها، ثم خالفها برأيه. وكما احتج به أنه عنده [19 و] من اللماس فلو كان هذا من اللماس

مس ذكر الطفل

الذي قال الله، تبارك وتعالى، {أو لامستم النساء} لما صلّى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو حامل أمامه ابنة ابنته، وهو يصلي ثم يضعها إذا ركع ثم يحملها إذا قام، ولما غمز عائشة لتقبض رجليها عن موضع سجوده وهو يصلى، وهى بين يديه حتى تقبض رجليها فيسجد. فدل هذا من فعل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن الله تبارك وتعالى، إنما أمر بالوضوء من ملامسة النساء، ما كان منها على لذة وشهوة فأي خلاف أبين من قوله هذا، لسنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وما تأول من كتاب الله، جلّ اسمه، على غير تأويله. ونحن نسأل الله ألا يحرمنا التوفيق رحمته. مس ذكر الطفل وقال الشافعي في من مسّ ذكر طفل حي أو ميت ببطن كفه، انتقض وضؤوه. ومن مس ذلك من بهيمة لم ينقض ذلك وضوءه فقلنا للشافعي قولك هذا الذي خالفت فيه الأمة، وانفردت برأيك، هل أخذته من كتاب الله، عز اسمه، أو سنة ماضية، أو عن أحد من أهل العلم؟ وما حجتك في ذلك؟ فقد روينا أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يقبّل رنينة الحسين وهو صغير. حدثنيه يحيى بن عمر، قال حدثني نصر بن مرزوق قال حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن قابوس عن أبي

الوضوء ومس الميت

ظبيان أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فرّق بين رجلي الحسين، فكان يقبّل رنينه [19 ظ] فقد أعلمناك أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان يقبل رنينة الحسين بفمه، ولم يكن صلى الله عليه وسلم، ليمس بفمه شيئا إن يمسه بإصبعه فينتقض وضوؤه. الوضوء ومس الميت وقال الشافعي من مس أخاه المسلم ميتا أو أفضى بيده إلى جسد الميت انتقض وضوؤه. وهذا خلاف لما جاء عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في ذلك. فحدثني يحيى بن عمر قال حدثني نصر بن مرزوق، قال حدثنا أسد بن موسى: قال حدثنا أبو الربيع السمان عن عاصم بن عبيد الله عن القاسم بن محمد عن عائشة، أم المؤمنين، قال: رأيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قبّل عثمان بن مظعون يوم مات، فكأني أنظر إلى دموعه، وهو يمسحها وهكذا أيضا روي عن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، حين مات النبي، صلى الله عليه وسلم، فجاء أبو بكر فلما رآه قال: "إنا لله

وإنا إليه راجعون. بأبي أنت وأمي يا رسول الله" وهو مسجى قد غطي وجهه بخمره، فكشف وجهه وقبّله. حدثني يحيى بن عمر قال حدثني محمد بن أبى السري العسقلاني، قال حدثنا عبد الرزاق قال معمر عن الزهري عن ابن أبى سلمة عن ابن عباس: أن أبا بكر دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسجّى قد غطي وجهه بخمره، فكشف وجهه وقبّله. والحديث بمثل هذا يكثر ذكره، وفيما ذكرنا ما يكفي به المزيد. حدثني يحيى بن عمر قال: حدثني يحيى بن عبد الله [20 و] بن بكير، قال: حدثنا مالك بن أنس، وحدثني يحيى، قال حدثني سحنون عن ابن القاسم عن مالك عن نافع، أن عبد الله بن عمر حنّط ابنا لسعيد بن زيد وحمله، ثم دخل المسجد فصلى، ولم يتوضأ. قال أبو بكر فهذا عبد الله بن عمر، رضى الله عنه، قد حنّط هذا الميت، ومن حنط ميتا فلابد أن يمسه بيده، لأنه يضع الحنوط بيده على مواضع من جسد الميت، ثم دخل المسجد فصلى ولم يتوضأ. وهذا من فعل عبد الله بن عمر في مسه الميت وصلاته من غير أن يحدث وضوءًا

إشكال القبلة على رجلين

يبين لك أن النبي، صلى الله عليه وسلم، حين قبّل عثمان بن مظعون، وهو ميت لم يتوضأ؛ ويبين لك أيضا أن أبا بكر الصديق، رضي الله عنه، حين قبّل النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو ميت، صلوات الله عليه، لم يتوضأ؛ ويبين لك أن من مس الميت كمن مس الحي، لا فرق بينهما. وقلنا للشافعي أيضا من أين جاز لك أن تقول: من مس أخاه الميت المسلم انتقض وضوؤه، بعد ما ذكرنا لك عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعن أبي بكر وابن عمر وابن عباس وغيرهم، أن من مس خنزيرا أو ميتة أو غيره أنه لا ينتقض الوضوء، فصار الميت المسلم عندك من مسه أسوأ حالا ممن مس خنزيرا أو ميتة أو غيره. فحكاية قولك هذا تجزئ من الاحتجاج عليه، لفساده، وبالله التوفيق. إشكال القبلة على رجلين قال الشافعي: إذا أشكلت القبلة على رجلين فاختلفا، لم يسع أحدهما اتباع صاحبه [20 ظ] فإنكان قد حبس في ظلمة الغيم، وخفيت الدلائل على رجل فهو كالاعمى. والأعمى إذا دله رجل بصير وسع اتباعه. ثم قال ولا يسع بصير إن خفيت عليه الدلائل اتباعه. فاضطرب قوله في هذا اضطرابا شديدا. فقلنا له: هذا القول متناقض يعرض عليك في كتبك فلا تأبه له، لأنك قلت إذا خفيت على البصير الدلائل فهو كالأعمى. والأعمى، عندك فيما قلت في كتبك إذا دله بصير وسعه اتباعه. فينبغي

الماء أحدهما طاهر والآخر نجس

في قولك أن تقول إذا خفيت على البصير الدلائل للغيم ونحوه، فدلَّه رجل أن يسعه اتباعه كالأعمى سواء. فتركت ذلك ونقضته فقلت: ولا يسع البصير الذي خفيت عليه الدلائل اتباع من يدله، فأتى فساد وتناقض من هذا القول.؟ قال أبو بكر ومن أعمى ممن عميت عليه سبل الحق فلم يهتد لها بدلالة ولا غيرها، فأرشده من يعلم، فمنعته أن يقبل وتركته في عماه يتردد، لا يقيم فرضا ولا يؤديه. فأيّ فساد أبين من فساد هذا القول، ونعوذ بالله من قلّة التوفيق. ثم قال الشافعي أيضا في اضطراب هذا القول: ومن اجتهد فصلّى إلى الشرق، ثم رأى القبلة إلى الغرب، فليستأنف لأن عليه جهتها إلى صواب جهتها فهذا صواب وإنما أردنا ما بعده. قال ويعيد الأعمى ما صلّى معه متى ما أعلمه. الماء أحدهما طاهر والآخر نجس وقال الشافعي في الماءين: أحدهما نجس والآخر [21 و] طاهر، لا يعرفه، إنه يتوضأ الطاهر ويصلي به. قيل للشافعي: فأراد أن يتوضأ بأنية، فكان الأغلب عليه أن الذي ترك هو الطاهر، ما يصنع؟ فقال: لا يتوضأ بواحد منهما، ويتيمّم ويصلّى. ثم قال: فإذا تيمّم وصلّى فليعد كل صلاة صلّاها بتيمّمه أبدا، لأن معه ماء [وهو] مستيقن أنه طاهر.

صلاة الغلام الناقصة قبل البلوغ

قال أبو بكر فأيّ اضطراب في قوله أبين فسادا من هذا؟ لأنه قد حال بينه وبين أن يتوضأ بشيء من هذا الماء، ومنعه منه كلّه وأمره بالتيمّم، ثم أوجب عليه إعادة ما صلّى بالتيمّم أبدا. وليس يخلو هذا الرّجل من أن يكون حكمه حكم واجد للماء فيتوضأ الطاهر منهما. عند الشافعي، حين يريد الصلاة، فيتوضأ به كما أمره هو ابتداء. قبل الشك الذي داخله أخيرا، أو يكون غير واجد للماء لما داخله من الشك وانقطع عنه التحري، فيتيمم ويصلّي، لأن هذا حكم الماءين إذا كان أحدهما نجسا عنده أن يتوضأ الطاهر منهما. ويتوضأ به وإن كان الشك لا يبطل وجدانه الماء، حين قال الشافعي، لأن معه ماء مستيقنا أنه طاهر. قلت أمره أن يتوضأ الطاهر منهما ويتوضأ به وإن كان الشك في الماء يبطل وجدانه الماء، فهو من أهل التيمم. فليتمم ويصلّ ولا اعادة عليه، لقوله عزّ وجلّ: {فإن لم تجدوا ماء فتيمموا (21 ظ] صعيدا طيبا} وقال الله تبارك وتعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} وقال عز وجل: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} يعني من ضيق. فأي ضيق أضيق مما أوجب عليه الشافعي، مما لم يجب عليه، فليفهم هذا من سمعه، وبالله التوفيق. صلاة الغلام الناقصة قبل البلوغ وقال الشافعي: لو دخل غلام في صلاة فلم يكمِّلها ويتمها، أو في صيام يوم فلم يكمّله، حتى استكمل خمس عشرة سنة، أحببت له

أن يتّم ويعيد، ولا بأس أن عليه إعادة. فقاس الشافعي شيئين مختلفين: الصلاة والصيام، قياسا واحدا. وأحكامهما مختلفة. فابتدأ القياس في هذا. وإنما ذكرت هذا من قوله لمّا أعاب على غيره من التحديد، وأفرط عليه القول فيه وهو ها هنا يحدّد بين أن يدخل غلام في صلاة فلا يفرغ إلّا وقد استكمل خمس عشرة سنة فاستحبّ له أن يتمها ثم يعيدها. ولعلّ الغلام يفرغ من صلاته في مقدار ربع ساعة من نهاره فكان هذا الغلام دخل في الصّلاة وهو ابن خمس عشرة سنة ألّا ربع ساعة، فلم يفرغ منها حتى استكمل خمس عشرة سنة إلّا ربع ساعة، فلم يفرغ منها حتى استكمل خمس عشرة سنة فاستحبّ له أن يتمّها ويعيدها. فلزمه في قياس قوله هذا، وهو أصله الذي بنى عليه أن يقول لو حضر غلام ابن خمس عشرة سنة ألّا ساعتين أو ثلاث، القتال، وقاتل مع المسلمين، فانهزم العدو قبل أن يتم تلك [22 و] الساعتين أو الثلاث، فانهزموا وهو ابن خمس عشرة سنة إلّا ساعة واحدة، ألا يفرض له، لأنهم انهزموا قبل أن تكمل له خمس عشرة سنة؟ فهل حكم بهذا أحد من أمَّة محمّد، صلى الله عليه وسلم؟ إن سئل عن الغلام إذا حضر القتال مع المسلمين وشهد الغنيمة فإن كان ابن خمس عشرة سنة إلّا ساعة لم يفرض له، وأسقط حقَّه من الفئ والغنيمة التي شهدها وقاتل فيها مع المسلمين. والسنَّة أنَّه يفرض له وهو في خمس عشرة سنة وإن لم يستكملها، ويفرض له أيضا إذا أنبت، وقد جاء في ذلك من البيان ما أحدثك به: حدثني يحيى بن عمر قال: حدثني سحنون والحارث وأبو الطّاهر قالوا حدَّثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني عبد الله بن عمر عن نافع أنَّ عبد الله بن عمر أخبره أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عرضه يوم أحد، وهو ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزه، ثم عرضه يوم الخندق، وهو ابن خمس عشرة سنة، فأجازه، وهو أول مشهد شهده. والنبي، صلى الله عليه وسلم، قد أجاز ابن عمر، يوم الخندق، وهو ابن خمس عشرة سنة لم يستكملها. فليفهم هذا من سمعه.

شرط قراءة الفاتحة في الصلاة

إعادة الصلاة إذا قرئت الفاتحة بحرف ناقص وقال الشافعي: إن ترك المصلّي من قراءة أم القرآن حرفا واحدا فلم يذكر حتى فرغ من الصلاة، وتطاول، أعاد الصلاة كلّها، ثم قال أيضا [22 ظ] أعجب من هذا. شرط قراءة الفاتحة في الصلاة قال الشافعي: من لم يحسن أم القرآن وكان يحسن غيرها فلا يجزيه أن يصلي في كل ركعة إلّا بقدر عدد آي أم القرآن، وذلك سبع آيات لا يجزيه دون ذلك. أفترى أحدا يسمع هذا التحديد الذي يحتاج فيه إلى حجَّة؟ أو هل حكي هذا عن أحد من أهل العلم قبله؟ فلو أن غيره قال هذا أو حدّد هذا التحديد لأفرط عليه في القول، فيعتب من هذا على غيره ما يجيزه لنفسه. فهذا من قلَّة الانصاف في المناظرة، ويلزمه في قوله إذ جعل على من لا يحسن أمّ القرآن وهو يحسن غيرها، فأوجب عليه أن يقرأ في كلّ ركعة بسبع آيات، وإلَّا لم تجزه صلاته، عنده، وإنَّه إن أسقط من هذه السبع آيات حرفا واحدا لا تجزيه صلاته، عنده، كما لم تجز صلاة من قرأ بأم القرآن إلا حرفا. فليفهم هذا من سمعه. ونعوذ بالله من الحيرة في الدين، ونسأل الله ألا يحرمنا التوفيق. الصلاة في مراح الغنم قال الشافعي في أبوال ما يؤكل لحمه إنه نجس، فقلنا له قد أجاز النبي صلى الله عليه وسلم، الصلاة في مراح الغنم وفي مبات الغنم.

ومراح الغنم ومبات الغنم [يكون] البول فيها أبدا، ومحال أن تكون بلا بول. وقد صلَّى النبي، صلى الله عليه وسلم، في مرابض الغنم، وقد جاء عنه، صلى الله عليه وسلم، في ذلك أحاديث [23 و] أبانت خلاف ما قلت، وأنا ذاكر منها ما حضرني إن شاء الله مع ما جاء في هذا عن أصحابه والتّابعين غيرهم بخلاف ما قلت إن شاء الله. وكان من حجّتك التي أحتججت بها أن قلت: ومراح الغنم الذي تجوز الصلاة فيه الذي لا بول فيه. فما نسبته في هذا محال من القول، وما لا يمكن أبدا. وأيّ غنم تكون في مراحها ومباتها، اللّيل كلّه، لا تبول إلى أن تخرج منه إلى المرعى لا تبول فيه؟ فهذا من قولك محال بيّن. والذي جاء في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أحدّثك به: حدّثني يحيى بن عمر قال: حدّثني نصر بن مرزوق قال: حدثنا أسد بن موسى قال: حدّثنا ابن لهيعة، قال حدّثنا حي بن عبد الله عن أبي عبد الرّحمان الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلّى في مرابض الغنم. وحدثني يحيى بن عمر قال حدثني أحمد بن عمران البغدادي:

قال حدثنا العلاء بن عبد الجبار عن حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن جعفر بن أبي ثور عن جابر بن سمرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله: أصلّي في مرابض الغنم؟ أو مبات الغنم؟ الشك من أحمد، قال: نعم قال: فأتوضأ من لحومها؟ قال: لا. وحدثني يحيى قال حدثني أحمد بن عمران قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا هشام بن حسان [23 ظ] عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "صلوا في مرابض الغنم." وحدثني يحيى قال حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو، قال: أخبرنا حرملة بن عبد العزيز بن الربيع الجهني عن عمه عبد الملك

بن الربيع عن أبيه، عن جده، وكان من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، : "صلوا في مراحات الغنم ولا تصلوا في مراحات الابل". والحديث عنه، صلوات الله عليه وسلامه، كثير يكثر علينا ذكره. وأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن يصلّى في مراح الغنم والبقر. وحدثني يحيى بن عمر، قال: حدثني أبو جعفر الايلى هارون بن سعيد بن الهيثم قال: حدثني هارون بن عبد الله الزهري عن المغيرة بن عبد الرحمان المخزومي أنه قال: أخبرني سفيان الثوري أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم قال: "لا بأس ببول ما أكل لحمه". وحدثني يحيى قال: حدثني بن مرزوق، قال حدثنا أسد بن موسى، قال: حدثنا ابن لهيعة، [قال] حدثنا ابن هبيرة عن حنش بن عبد الله عن ابن عباس أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم

تطهير المكان من البول

قال: "إنّ في أبوال الابل وألبانها شفاء" لتدرّ به بطونها. وحدثني بكر بن حماد قال حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال حدثنا ابن لهيعة عن الزهري عن أبي قتادة، قال: ما أكلت لحمه فلا بأس ببوله وسلخه. وحدثني يحيى بن عمر ويحيى بن داود قالا: حدثنا سحنون، قال: حدثني الحارث وأبو الطاهر، قالوا: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني عبد الله بن عمر بن حفص وغيره عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك أن ناسا من عوينة قدموا على رسول الله فاجتووا المدينة، فبعثهم رسول الله إلى نوق له فشربوا من ألبانها وأبوالها فبها صحوا، وفي الحديث غير هذا، قال أبو بكر: فاجتووا يعني استوخموا المدينة [24 و]. قال أبو بكر: فقد أعلم النبي صلى الله عليه وسلم أمته أن بول الابل طاهر كألبانها إذ أجاز شربه، ولو كان نجسا ما أجاز شربه، لأن النّجاسات محرّمة علينا كلّها شربها والدّواء بها. فأيّ بيان أبين من هذا لمن ألهمه الله رشده، ونفعه بعلمه. ونحن نسأل الله ألّا يحرمنا التوفيق برحمته. تطهير المكان من البول وقال الشافعي: إن بال رجل في مسجد أو أرض، طهر بأن نصبّ عليه ذنوبا من ماء وهو الدّلو العظيم فإن بال رجلان لم يطهره إلا

طهارة جلد الحيوان بالدباغ إلا جلد الكلب والخنزير

ذنوبان ففي قوله هذا يعد على عدد كلّ من بال فيه عدد ذلك دلاء إن كانوا عشرة لم يطهر بولهم إلّا عشرة دلاء وقد علم المسلمون جميعا أن بول الرّجل مختلف، قليل وكثير، وبول الجماعة أيضا مختلف فمنهم القليل البول والكثير وإنّما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، لما بال الأعرابي أن يصبّ على بوله ذنوب فأمر أن تسقى ذنوب وتصبّ عليه. ففهم عنه العلماء حين أمر بهذا أنّه لم يجعل الذّنوب كالكيل المعترض عليهم ببول كلّ رجل على أنّهم إن نقصوا من مثل ذلك الذنوبالذي به صب على بول ذلك الأعرابي يومئذ لم يجزهم كيل لو كان هذا هكذا لعرفوا كيل ماء ذلك الذنوب حتى يكون معروفا ولوجب على المسلمين أن يبحثوا عن علم ذلك وبول ذلك الأعرابي [24 ظ] في قلّته من كثرته إذ صحّ ذلك عند الأمة أن بول الرّجل مختلف اختلافا شديدا في القلّة والكثرة فيكون حدّد لكل بول نسبة بول الأعرابي من الماء مثل كيل ذلك الماء الذي صبّ عليه أبدا قلّوا أو كثروا. فأفاد لم يكن الأمر هكذا. فما هذا التحديد منك؟ وأنت تنكر التحديد على غيرك وتفرط فيه القول ثم ترجع فتقول: إن بال رجلان لم يطهره إلّا ذنوبان عظيمان فتنكر على غيرك ما تجيزه لنفسك! طهارة جلد الحيوان بالدباغ إلا جلد الكلب والخنزير وقال الشافعي: يطهر كل إهاب دبغ إلًا اثنين: إهاب كلب أو خنزير، فإن هذين لا يطهران وإن دبغا. وسائر هذين من الأنعام والوحوش والسّباع والقرود وغيرها دباغه طهور قال الشافعي: وإنما يطهر بالدّباغ منه الجلد فقط، ولا يطهر صوفه ولا شعره ولا وبره.

شعر الإنسان طاهر

فيكون عند الشافعي، الجلد إذا دبغ طاهرا، وما فيه من صوف أو شعر أو وبر، نجسا غير طاهر. فيا سبحان الله ما أعجب هذا من قوله: إنه عمد إلى الطّاهر منه قبل أن يدبغ جعله بعد الدّباغ، نجسا. وجعل ما كان منه قبل الدّباغ نجسا، طاهرا بالدّباغ! وحجته في ذلك أعجب، إنّه قال فيما يحتج به قال الشافعي: لأن صوفه وشعره ووبره، قبل الدّباغ وبعده، سواء. قال: ولو كان الصوف والشعر والوبر لا يموت بموت ذلك الروح [25 و] أو كان يطهر بالدّباغ، جاز ذلك في قرن الميّتة وسنّها وجاز في عظمها، لأنه قبل الدّباغ وبعده سواء. فقاس عظام الميتة وسنّها وجاز في عظمها، لأنه قبل الدّباغ وبعده سواء. فقاس عظام الميتة وسنّها بصوفها وشعرها ووبرها، فلو كان هذا قياسا وإن هذا سنّة. هذا يحلّ للقاطع ما قطع منها أو قلع من عظمها وسنّها وهي حيّة إنه جائز حلال وإنه حلّ لباسها وأموالها في السنة والقرآن. قال الله جل جلاله: {ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين} أفقاس أحد من النّاس قياسه هذا حين أن جعل أصوافها وأشعارها كسنّها وعظمها؟ هذا أجلّ من أن يحتجّ عليه فيه. وحكاية هذا يجزئ من الاحتجاج عليه لبيان فساده. شعر الانسان طاهر وكذلك قال الشافعي: فيمن حلق رأسه أو أخذ من شاربه:

إن ما وقع من رأسه وشاربه عليه من شعره، قلّ أو كثر، فهو نجس، فإن صلى وفي ثيابه أو جسده شيء منه، أعاد الصلاة لأنه صلى بنجاسة. فهذا تصريح منه لخلاف سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وما عليه المسلمون جميعا [25 ظ] [وهو] من الغلو في دين الله. [فقد] حلق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رأسه في حجة الوداع، فقسم شعره وأعطاه أصحابه، فما كانوا يصنعون به إذا كان نجسا، في قول الشافعي، ولا يحل لهم أن يصلوا به عنده. فحدثني يحيى بن عمر، قال: حدثني نصر بن مرزوق، قال حدثنا أسد بن موسى، قال خدثنا قيس بن الربيع عن هشام بن حسّان عن محمّد بن سيرين عن أبي طلحة قال: لّما حلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الحلاق ومال بيده على شعره هكذا، فمسح مما يلي مقدم رأسه فحلق شقه الأيمن ثم قسمه بين الناس، ثم حلق شقه الأيسر فأعطاه أبا طلحة. قال ابن سيرين: فذكرت ذلك لسعيد فقال لأن يكون عندي شعرة منه أحبّ إلي مما طلعت عليه الشمس من صفراء أو بيضاء. وحدثني يحيى قال حدّثني سحنون وأبو اسحاق البرقي قالا: حدّثنا أشهب بن عبد العزيز قال حدثني سفيان بن عيينة أن

هشام بن حسان حدّثه عن محمّد بن سيرين عن أنس بن مالك إنه قال: لما رمى رسول الله، صلى الله عليه وسلم الجمرة ثم نحر بمكة ثم ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه ثم أمره فقسمه بين الناس [26 و] وقد كان من شعر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في قلنسية خالد بن الوليد وهو يصلّي بها، ذكر ذلك مالك بن أنس. فحدثني يحيى قال حدثني سحنون والحارث وأبو زيد قالوا حدّثنا عبد الرّحمان بن القاسم قال حدّثنا مالك بن أنس قال: كان لخالد بن الوليد قلنسية فأتى بها يوم اليرموك وكان يوما شديدا متعبا، فوقعت عن رأسه فدخل مدخلا شديدا، فتعنى طلبها حتى استخرجها فعوتب في ذلك، فقال: إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم حين حلق رأسه أخذت شعره فجعلته فيها، فلذلك طلبتها. فقول الشافعي هذا وما ذهب إليه من هذا الغلوّ في الدّين لا شك فيه. لا يسلم من أحد شعره أو شاربه من أن يقع عليه ما قلّ منه أو كثر. وخلاف سنّة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في شعره إذ قسمه بين أصحابه. وكيف ما وصف الله، تبارك اسمه، به

جبر العظم المكسور

الإسلام من السّعة إذ يقول تبارك وتعالى: {وما جعل عليكم في الدّين من حرج} يعني من ضيق. فأيّ حرج أو أيّ ضيق هو أضيق من هذا، لو كان على ما قال الشافعي. ونسألأ الله ألّا يحرمنا التوفيق برحمته. فشدد على الأمّة بقوله هذا وخالف الكتاب والسنّة. وبالله التوفيق. جبر العظم المكسور وقال الشافعي: ولو انكسر عظم مسلم فأحبّ أن يجبره بعظم فلا يجوز له إلا بعظم ما يؤكل لحمه [26 ظ] ذكيا، فإن رقعه بعظم ميتة، أجبره السلطان على قلعه فإن مات صار ميتا كله، والله حسيبه. فأوجب الشافعي عليه ما لعلّه يكون حتفه منه وموته منه إذ قال: أجبره السلطان على قلعه. فمن سبقه إلى هذا القول من المسلمين؟ أفلا اعتبر في كلامه هذا ما نطق به وقد مضى مثل هذا في كتاب الله عزّ وجلّ وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. قال الله: {وكتبنا عليهم فيها أنّ النفس بالنفس. الآية} ... والجراح قصاص. ففرض الله تبارك وتعالى في الجراح القصاص. وجاز السنة الثابتة التي لا اختلاف فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم، بإزالة القصاص في كل جرح يخاف منه التلف من المقتص منه، الموت. فحدّثني يحيى بن عمر قال حدّثني نصر بن مرزوق، قال حدّثنا أسد بن موسى قال حدّثنا ابن لهيعة، قال حدّثنا معاذ بن محمد عن ابن صهبان أن عمرو بن معدي كرب أصاب رجل بمأمومة فأراد عمر بن الخطاب أن يقتد منه فجاء رجل من

أصحاب رسول الله وهو العبّاس، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا قود في المأمومة ولا في منقلة ولا في جائفة فأمر به عمر بن الخطاب أن يعقل. وحدثني يحيى وأحمد بن داود قالا: حدثنا سحنون. وحدثني يحيى قال: حدثني الحارث وأبو الطاهر [27 و] قالوا: حدثنا عبد الله بن وهب قال: اخبرتي اسماعيل بن عياش عمن أخبره عن أبي سعيد الخدري قال: كان أبو بكر وعمر بن الخطاب يقولان وليس في الجائفة والمأمومة والمنقلة، ولا في كل شيء لا يستطاع منه القصاص، قصاص، وكانا يقضيان في الجائفة الثلث، فإن يقدر فالثلثان. وقال عن مكحول عن زيد بن ثابت مثله، فسنّة رسول الله صلى الله عليه

حكم أكل الذبيحة من القفى

وسلم وأصحابه كانت أولى بالشافعي أن يتبعها. ولا يحمل سلطان على أن يجبر رجلا مسلما على شيء قد يكون حتفه فيه فقد أزال النبي صلى الله عليه وسلم القصاص في الجراح التي يخاف على المقتص منه فيها، إذ قد سلم المجروح منها، ويخاف على الجارح إن اقتص منه، أن يكون حتفه فيها. وأزالها أبو بكر الصدّيق وعمر بن الخطاب وزيد بن ثابت كما قد اقتصصناه عليه. وقلنا للشافعي: إنّ السّنن لا يحلّ لأحد أن يخالفها ولا [أن] يعارضها بشيء. وإنما الفرض على المسلمين اتباعها والاقتداء بها والقياس عليها. فإذا قسنا ما قلت على سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هذه، فأيّ الرّجلين أولى بأن لا يعرض [إلى] الحتف والموت عندك؟ أرجل ليس قبله لأحد من المسلمين حقّ في قصاص يؤخذ له به [27 ظ] غير أنه جبر عظما انكسر له بعظم ميتة حتى التأم العظم وانجبر والتأم اللحم عليه والتحم فإن قطع اللحم وانكسر العظم الذي قد جبر به، وانجبر بعضه إلى بعض فتكسره حتى تخرج العظم الميت ولعلّ حتفه يكون فيه. أم رجل جرح رجلا جرحا يخاف عليه أن اقتص منه أن يموت؟ فافهم هذا يبين لك الذي قلت وذهبت إليه، [وهو] ليس كما قلت وذهبت إليه، وبالله التوفيق. حكم أكل الذبيحة من القفى وقال الشافعي: إذا ذبح المرء ذبيحة من القفى فتحرّكت بعدما قطع رأسها، أكلت وإلّا لم تؤكل؟ فقلنا للشافعي إنّ قولك هذا خلاف لما قال أهل العلم، لأن الذكاة إنّما تكون فيما فيها الحياة، فأمّا من قطع منها عظم القفى، وقطع نخاعها قبل أن يصل إلى مذبحها الذي فيه

ذكاتها وهو الحلقوم والأوداج فأيّ ذكاة لهذه؟ هذه قد أنفدت مقاتلها ولا حياة لها. أرأيت لو أنّ رجلا ضرب عنق شاة من القفى فقطع عظم قفاها ونخاعها وبقي الحلقوم والأوداج، فهي تضطرب للموت، حتى جاء رجل، فقطع الحلقوم والأوداج منها، وتحرّكت بعد ذلك أكانت تؤكل؟ أو أرأيت لو أن رجلا قطع بالسّيف شاة بنصفين فأبان كلّ نصف على حدة، فأخذ نصفها الذي فيه الرأس فذبحه فتسال الدماء وتحرّك النصفان جميعا بعد الذبح، تحرّك نصفها الأعلى بضرب [28 و] يديها وتحرّك نصفها الأسفل بضرب رجليها، أيحلّ أكلها جميعا عندك بعد الذبح لأنهما تحرّكا بعد الذبح أو يحلّ الآخر؟ فهذا الذي ذبحت من القفى فقطع عظم قفاها ونخاعها قبل أن تصل إلى المذبح، وهو الحلقوم والأوداج بمنزله سواء لأن هذه لا تعيش أبدا لأن نخاعها قد انقطع. وقد جاء عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم ما يردّ قولك وما ذهبت إليه من قولك هذا. فحدّثني يحيى بن عمر وأحمد بن داود قالا حدّثنا سحنون، وحدّثني يحيى والحارث وأبو الطّاهر قالوا: حدّثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد بن عطاء الخراساني، أن أبا مالك الأشعري قال كان رسول صلّى الله عليه وسلم أمر له ولأصحابه بجزور فقام إليها رجل بالسّيف فضربها فقطع رأسها فذكروا ذلك لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأمر لهم بجزور أخرى، ونهاهم عن

أكلها، فأين قولك إنّها إذا ذبحت من القفى فتحرّكت أنّها تؤكل؟ وقد أبان سعيد بن المسيب مسألتك بعينها. وسعيد سيّد التابعين في فضله وعلمه، وإنه قال: لا يحلّ أكلها. فحدّثني يحيى بن عمر وأحمد بن داود قالا حدّثنا سحنون. وحدّثني يحيى قال حدّثني الحارث وأبو الطاهر، قالوا حدثنا عبد الله [28 ظ] بن وهب قال أخبرني بن أبي ذيب عن أبي الحويرث أنّ محمد بن جبير بن مطعم أمر أعجميّا أن يذبح له دجاجة فذبحها من قفاها حتى بقيت جليدة قال أبو الحويرث فدخلنا على سعيد بن المسيب فسألناه عن ذلك، فقال لا تحلّ الألسنة إلّا من مذبحها، أرأيت لو قطع فخذها أو ساقها؟ وحدثني يحيى وأحمد قالا: حدثنا سحنون، وحدثني يحيى قال: حدثني الحارث وأبو الطاهر قالوا: حدثنا عبد الله بن وهب قال: سمعت سفيان بن سعيد الثوري يحدث عن أبي أيوب بن أبي تميمة السختياني عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس أنه قال: الذكاة في الحلق واللّثة. وحدثني يحيى وأحمد قالا حدثنا سحنون وحدّثني يحيى قال حدثني الحارث وأبو الطّاهر قالوا حدثنا عبد الله بن وهب قال: حدّثني يحيى بن أيّوب عن عبد الله بن زحر عن القاسم مولى عبد الرّحمان عن أبي أمامة الباهلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل ما

أفرى الأوداج." ما لم يكن من ذوي ناب أو ذوي ظفر. قلنا للشافعي: أفلا ترى إلى حديث أبي أمامة عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذ قال صلوات الله عليه: "كل ما أفرى الأوداج." فأوجب أن الذكاة إنما هي في الحلق والأوداج [29 و] وقول ابن عباس، رضى الله عنه، فافر الأوداج. فخالفت أنت هذا كله برأيك. وقال الشافعي: وأقل ما يجزئ من الذكاة بأن يبيّن الحلقوم والمري، فإذا أبان الذابح الحلقوم والمري فقط ولم يقطع الودجين كانت [الذبيحة] مذكاة وحلّ أكلها عند الشافعي، فافهموا هذا فإنّ حجته التي احتجّ بها أعجب، إذ يحتجّ على حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم إذ قال صلوات الله عليه: "كل ما أفرى الأوداج" فلم يلتفت هو إلى الأوداج. ثم قال الشافعي: وإنما أريد بفري الأوداج أنها لا تفرى إلا بعد قطع الحلقوم والمري. والودجان عرقان قد يسلان من الانسان والبهيمة ثم يحييان. فأبان في حجته أن الودجين ليسا من الذكاة في شيء. وإنما الذكاة عند الشافعي، الحلقوم والمري فقط. فيا سبحان الله ما أعجب هذا، إن أبا أمامة الباهلي يروي عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "كل ما أفرى الأوداج" ثم حديث ابن عباس ... في الحلق ومر "فافر الأوداج". فخالف هذا واحتج بمحال من الكلام: زعم أن الودجين قد يسلان من الانسان والبهيمة ثم يحييان فيعيش الفصد في العروق حتى يسيل منه الدم ما سال، ثم يحبس الدم فيلتحم ويبرأ كما يفعل الناس بفصد العروق إلا

وقت الآذان للصلاة

من يقطع الودجين قطعا ويفريها فريا حتى يبين هذا من هذا، أو هذا من هذا. فهل بلغه قط عمّن فريت أوداجها [29 ظ] فريا ثم عاشت بعد ذلك. فإن كان هذا منتهى فهمه، فهذا عظيم، وإلا فماله يطعم الناس الميتة ويأمرهم بأكلها. ونحن نسأل الله أن يلهمنا رشده وألا يحرمنا التوفيق برحمته. وقت الآذان للصلاة قال أبو بكر بن محمد: وقال محمد بن إدريس الشافعي: لا يؤذن لصلاة إلّا بعد دخول وقتها إلّا الصبح، وليس بقياس ولكنا اتبعنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم. فمن أين جاز للشافعي أن يقول هذا في حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم أنه ليس بقياس ولكنا اتبعنا النبي صلى الله عليه وسلم؟ فإن كان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته يحملها الشافعي على القياس، فإن احتملت عنده القياس وإلّا تركها فهذا جرم منه عظيم عليه، صلى الله عليه [وسلّم] وخلاف منه لما أمر الله، تبارك اسمه، عباده به إذ يقول عزّ وجلّ: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إنّ الله شديد العقاب} وقال عزّ وجلّ: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} فنعوذ بالله من مخالفته، ومخالفة أمر رسوله عليه السلام. وقد روي عن النبي صلى الله

عليه وسلم، من غير طريق أن بلالَّا ينادي بليل فكلوا وأشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم. وجاء عنه عليه السلام: "إنّ بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم". وأنا ذاكر ذلك إن شاء الله: فحدّثني يحيى بن عمر قال حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير، قال حدثنا مالك بن أنس. وحدثني يحيى قال حدثني سحنون عن ابن القاسم [30 و] عن مالك عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ بلالا ينادي بليل فكلوا وأشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم". وحدثني ... قال حدثني إبراهيم بن محمّد الشافعي؛ قال حدّثنا سفيان بن عييّنة عن الزّهري عن سالم عن أبيه أن النبي، صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم". وحدثني يحيى بن عمر قال حدثني أبو جعفر هارون بن سعيد الايلي، قال حدثني سفيان بن عييّنة، عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم". وحدّثني يحيى قال حدّثني نصر بن مرزوق قال حدّثنا أسد بن

اختلاف نية الإمام والمأموم

موسى قال حدّثنا عبد العزيز بن أبي سلمة عن الزهري عن سالم، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا آذان ابن أم مكتوم". قال وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى لا يبصر، لا يؤذن حتى يقول الناس أذّن أصبحت. وحدثني يحيى بن عمر قال حدّثني نصر بن مرزوق قال حدّثنا أسد بن موسى قال حدثنا الليث بن سعد عن ابن شهاب عن سالم عن عبد الله عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "إنّ بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا آذان ابن أم مكتوم." [30 ظ] والحديث بمثل هذا [يكثر] ذكره، وفي ذكر ما بيّنا كفاية لمن ألهم، ومقنع لذوي الهمم، وغنى [عن] التحصيل. والله الموفق لمراشد الأمور برحمته. اختلاف نية الامام والمأموم وقال الشافعي في إمام صلى بقوم، الظهر، في وقت العصر، فحلّ قوم قد صلوا الظهر لوقتها فدخلوا معه يريدون صلاة العصر، وهم عالمون أنّ إمامهم إنّما يصلي الظهر، فصلّوا معه ونية إمامهم الظهر، ونيتهم العصر، إن صلاتهم كلّهم مجزية عنهم، هي للامام وأصحابه ظهر وهي لهؤلاء عصر. وكذلك يقول الشافعي لو قام

رجل يتنفّل بركعتين فجائز عنده لمن لم يصلّ الصبح أن يصلّي خلفه الصبح، ويكون للامام نافلة وللمأموم فريضة. فأخرجه قياس قوله هذا إلى أن قال: ومن ائتم في فريضة بامرأة أو مجنون أو كافر أجزته صلاته. غير أنه قال: إذا لم يعلم. فلم يكن استثناه إذا لم يكن يعلم. وقد أبان أصل [مذهب] الشافعي وقوله في هذا المزني فرد على الشافعي قوله: من ائتم بكافر، ثم علم، أعاد [صلاته] فقال المزني: قياس قول الشافعي: "إنّ كل مصل خلف جنب وامرأة ومجنون وكافر تجزيه صلاته إذا لم يكن يعلم بحالهم لأن كلّ مصلّ لنفسه لا تفسد عليه صلاته بفسادها على غيره" ألا ترى إلى قوله في الامام يصلّي نافلة، والمأموم به فريضة، وهم عالمون بذلك، [31 و] إن ذلك جائز، هي للأمام نافلة [وهي للمأموم به فريضة] [في آخر الكتاب] والحديث في مثل هذا يكثر علينا ذكره ... ذكرنا ما نكتفي به وبالله التوفيق. تمّ بالحمد لله وفضله وإحسانه، وصلى الله على نبيه محمد وآله وسلّم تسليما. كمل الكتاب بحمد الله ونعمته وبركته وتوفيقه، وصلى الله على محمد خاتم أنبيائه وعلى آله.

§1/1