الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة

ابن عبد الملك المراكشي

© دَار الغرب الإسلامي جَميع الْحُقُوق محَفوظَة الطبعة الأولى 2012 م دَار الغرب الإسلامي العنوان: ص. ب: 677، تونس: 1035 جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة. لَا يسمح بِإِعَادَة إصدار الْكتاب أَو تخزينه فِي نطاق استعادة المعلومات، أَو نَقله بِأَيّ شكل كَانَ، أَو بِوَاسِطَة وَسَائِل الكترونية، أَو كهروستاتية، أَو أشرطة ممغنطة، أَو وَسَائِل ميكانيكية، أَو الاستنساخ الفوتوغرافي، أَو التسجيل وَغَيره دون إِذن خطي من الناشر.

الذّيل وَالتّكملة لِكتَابي الْمَوْصُولِ والصِّلَةِ [1]

مقدمة التحقيق

مقدمة التحقيق بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ابن عبد الملك وكتابه الذيل والتكملة (¬1) توطئة: لم يكتب ابنُ عبد الملك ترجمته كما صنع بعض المؤرِّخين ممن تقدّمه أو تأخّر عنه مثل: ابن خلدون وابن الخطيب من المغاربة، والعماد الأصفهانيّ والسَّخَاويِّ والسُّيوطيّ من المشارقة. كما أنَّه -وهو الذي وقَفَ على ما لا يُحصى من برامج العلماء- لم يُعنَ بوضع برنامَج شيوخِه حسَبَ العادة التي كانت سائدة، ولو كان فعَلَ هذا أو ذاك لوجدنا مادة غزيرة في الحديث عن شخصيّتِه، ولعثَرْنا على أخبارٍ مفصَّلة في أطوار حياته. ولقد كان لدى محمَّد، ولدِ ابن عبد الملك -ولعله كبيرُ أولاده الخمسة- كثيرٌ من أخبار والده، وكثير من المكتوبات الصادرة عنه ما بين منظوم ومنثور (¬2)، ولكنه لم ينتبهْ إلى جمعِها في كتاب ولم يفعَل ما فعله بعض الأبناء في التعريف بآبائهم. ومع ذلك، فإن الإشارات المتعلِّقة بابن عبد الملك، والمبثوثة في أثناء تراجم الأسفار الموجودة الآنَ من "معجَمه" تنفع في تأليف ترجمة قد تكون أوسعَ من ¬

_ (¬1) كتب هذه المادة الأستاذ الدكتور محمد بن شريفة في أول المجلد الثامن نقلناها إلى هنا، فهو موضعها الصحيح بعد إعادة نشر الكتاب، وقرأها الأستاذ الدكتور بشار عواد معروف. (¬2) وقف على ذلك القاضي النّباهي ولكنه اكتفى بإيراد نموذج واحد من نظمه (المرقبة العليا: 131).

نسبه وبيته

التراجم التي حرَّرها بعض مُعاصريه أو مَن جاء بعدَهم (¬1). وسنحاول أن نجمع بين ما ورَدَ في هذه التراجم وأشباهها وبين ما ورَدَ من إشارات حولَه في الأسفار التي تحتَ أيدينا من كتابِه. نسَبُه وبيتُه: أعلى ما نجدُه في سلسلة نسب ابن عبد الملك ما أثبته هو نفسُه في ديباجة "الذَّيل والتكملة": "قال عبدُ الله المؤمّل رُحماه: محمدُ بن محمد بن عبد الملك بن محمد بن سَعِيد" (¬2). وجميعُ الذين عَرَّفوا به قالوا في نسبِه ونسبته: الأَنْصاريُّ الأوْسيُّ المَرّاكُشي. فهو إذن ينتمي، من جهة أَبيه، إلى بيت من بيوت الأنصار الأَوْسيِّين الذين عَرَفت مَرّاكُش في عصر المؤلّف عددًا منهم (¬3). ¬

_ (¬1) وردت ترجمة ابن عبد الملك أو الإشارة إليه في المصادر الآتية: صلة الصلة لابن الزبير 3/الترجمة 36، المرقبة العليا: 130 - 132، رحلة العبدري: 140، الإحاطة 2/ 527 - 528، مذكرات ابن الحاج النميري: 103، 117 - 118 (رسالة ماجستير مرقونة للسيد الفريد دي برمار)، الدرر الكامنة 4/ 194 - 195، الديباج المذهب 2/ 325، درة الحجال 2/ 24، نفح الطيب (الفهرس)، فتح المتعال: 217 - 286، وفيات الونشريسي (ألْف سنة من الوفيات: 8 - 13) وغيرها. وكتب عنه أو عن كتابه من المُحْدَثين القاضي ابن إبراهيم (الإعلام 4/ 331، 355) والأستاذ عبد الله كنون (النبوغ المغربي: 206)، والمرحوم الفقيه الكانوني (الثقافة المغربية 3، 1933؛ 4، 1938) والمرحوم الأستاذ الدكتور عبد العزيز الأهواني (مجلة المعهد المصري بمدريد. ع. 3، 1955) والمرحوم الأستاذ العابد الفاسي (دعوة الحق، 4، 5، 6؛ 1959)، والأستاذ محمد الفاسي والمرحوم الأستاذ عبد السلام بن سودة (الدليل 1/ 263)، والأستاذ الدكتور إحسان عباس (مقدمة السفر الرابع من الذيل)، والدكتور محمد بن شقرون (مظاهر الثقافة المغربية: 96 وفي رسالته بالفرنسية: 147)، ومن المستشرقين وسلان وبونس بويجس وكرنكو ودفردان. (¬2) الذيل والتكملة 1/ 201. (¬3) انظر الذيل والتكملة 6/الترجمة 1، والورقات الأخيرة من البيان المغرب 4 - 5.

ولا نعرف متى استقر سلَفه بمَرّاكُش, ولكننا نأنَس من تعلُّقِه بمدينته ومعرفته بخططها وأنساب أهلِها وأحوالهم أنَّه مَرّاكُشيٌّ عريق، كما أننا لا نعرف شيئًا عن المسمَّيْنَ في نسبه من أجدادِه. أما والدُه فقد كان من أهل العلم والفضل والخير والصلاح، وكان من أعيان بلده، ولم نقفْ له على ترجمة، ولم يترجِمْ له ابنُ عبد الملك في الغرباء، ولعلّ ذلك -فيما نحسَب- لأنه لم يدخل الأندَلُس، ومن ثم لم يكن على شرط كتابه، ولكنه يشيرُ إليه خلال بعض التراجم، ويوضّح ما كان بينَه وبين أولئك المترجَمين من صلات التلمذة أو الصحبة. فقد ذكره في ترجمة المقرئ الخَطيب أبي الحَسَنَ الأخفَش نزيل مَرّاكُش فقال: "روى عنه صهرُه محمد بن المُهاجِر، وأبي رحمه الله، وتلا عليه بالسبع" (¬1). وعدّه في الآخِذين عن عمر بن مَوْدود الفارسيِّ الذي ورَدَ على مَرّاكُش في عهد الرشيد الموحِّدي (639 هـ -640 هـ) والمتوفَّى بمَرّاكُش سنة 639 هـ، فقال: "روى عنه جماعةٌ من أهلها والمستوطنينَ بها من غيرهم، منهم: أبو عبد الله: أبي رحمه الله ... " (¬2)، وقال ما يُفهَمُ منه أنّ هذا الشيخَ المتصوّف الذي حَظِي عند الخليفة الرشيد كان مرةً في مجلس والده وتنبّأَ لصاحبنا ابن عبد الملك بمستقبل علميّ زاهر، وعرَضَ لذكر والده في ترجمة أبي عبد الله ابن الطَّراوة المَرّاكُشيِّ الذي شَغَلَ فترة -فيما يبدو- خُطّة الإشراف في عهد الرشيد الموحِّدي (¬3) وتوفِّي سنة 659 هـ، فقال: "وكانت بينَه وبين أبي رحمهما الله مودّة قديمة متأكِّدة كان يَذكُرُها ... " (¬4). ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 5/الترجمة 717. (¬2) انظر ترجمة رقم (35) من السفر الثامن. (¬3) البيان المغرب: 283 (قسم الموحدين). (¬4) انظر الترجمة رقم (63) من السفر الثامن.

وكان والده صديقًا أَيضًا لأبي عبد الله محمد بن أحمدَ القَيْسيّ الرُّنْديّ الملقّب بالمُسَلْهَم الذي سَكن مَرّاكُش وتوفِّي بها سنة 653 هـ, قال في ترجمته: "وكان صديقًا لأبي رحمه الله" (¬1). ونجدُ أحدَ تلاميذ ابن عبد الملك يَذكُر والدَ شيخِه فيُحلّيه بالنُّعوت الآتية: "الشّيخُ الأجَلّ الفقيهُ الصّالح المقدَّس المرحوم أبو عبد الله بن عبد الملك الأَنْصاريّ" (¬2)، ووَصَفَه تلميذه القاسم التُّجِيبيُّ بأنه "الفقيهُ المقرئ". ولعلّ فيما سُقناه من هذه الشَّذرات ما يؤكِّد أن والدَ ابن عبد الملك كان من أهل العلم والفضل والخَيْر والصلاح، ويبدو أنَّه كان من المقرئينَ الذين كانت لهم مكانةٌ في مَرّاكُش، وقد تكون ثمةَ إشاراتٌ أخرى إليه في الأسفار المفقودة. أمّا نسَبُ ابن عبد الملك من جهة أُمِّه فلدينا إشارتان شحيحتان، وردت إحداهما في ترجمة أبي بكر الجلمانيِّ الأشبيليِّ المتوفَّى بمَرّاكُش في حدود 660 هـ, وهو شيخٌ متجوِّلٌ محاضِر كان يجالسُ الأمراء، قال ابن عبد الملك: "جالستُه طويلًا، وكانت بينَه وبين أخوالي صُحبةٌ متأكِّدة" (¬3) فمن هم أخوالُه هؤلاء الذين لم يُسمّهم هنا؟ من"حُسن الحظّ أننا نجدُ في السفر الثامن ترجمةً لأحدهم جاء فيها: "عُمرُ بن محمد بن أَحْمد القَيْسي، مَرّاكُشيٌّ فاسيُّ الأصل، أبو علي، ابنُ الفاسيّ، خالي" (¬4)، وفوق هذه الكلمة علامة "صح"، وهي علامةُ الضبط والصحة والتوثيق. وعلى هذا تكون والدته بنتَ محمد بن أَحْمد القيسي المعروفِ بالفاسي أو ابن الفاسي، ويبدو أنّ هذه الأسرةَ الفاسيّةَ انتقلت إلى مَرّاكُش بعد قيام دولة عبد المؤمن وبنيه مُدِلّة بنسبِها القيسيِّ، الذي كان يعتزي إليه ويعتزُّ به عبدُ المؤمن وبنوه. ¬

_ (¬1) انظر السفر السادس الترجمة (133). (¬2) فهرس مخطوطات خزانة القروين 1/ 180. (¬3) الذيل والتكملة 6/ الترجمة 327. (¬4) ترجمة رقم (31) من السفر الثامن.

ولا نعرف شيئًا عن جدِّ ابن عبد الملك لأُمّه المذكور، ولا عن أخواله الذين أشار إلى صحبتهم لأحد مجُالسي الأمراء في مَرّاكُش، وثمةَ فقرةٌ مهمّة وردت في ترجمة خاله المسمّى آنفًا، وهي قوله: "كتَبَ عن أبي محمد عبد العزيز بن أبي يعقوب بن عبد المؤمن، وكانا ابنَيْ خالتين، واستولى عليه، فكان مقبولَ القول عنده مشفَّعًا فيما يُناطُ به من المآرب، دخَلَ الأندَلُس صُحبتَه، وكان قدومُهما على إشبيلِيَةَ يومَ الاثنين لستّ بقينَ من ربيع الآخِر عام تسعةَ عشَرَ وست مئة حين وليها أبو محمد" (¬1). وهذه الفقرة تقودُنا إلى نتائجَ طريفة وتُطلعنا على أشياءَ جديدة حول ابن عبد الملك، يتّضح ذلك بالرجوع إلى أخبار الأمير أبي محمد عبد العزيز ابن الخليفة يوسُف ابن الخليفة عبد المؤمن، ومن حُسن الحَظّ أنّ لدينا ترجمتينِ مفصَّلتَيْن في أخباره وأحواله، وهذا نادر في أبناءِ الخلفاء الموحِّدينَ وغيرهم. فالأُولى نجدُها في "المعجب" للمَرَّاكُشيِّ الذي عرف الأمير وصَحِبَه، والثانية في "أعلام مالَقة". ويُهمُّنا الآنَ أن نقتطفَ من الأولى ما يلي: "وأبو محمد عبد العزيز هذا من أصاغر أولاد أبي يعقوب، أُمُّه حُرة اسمُها مريم، صُنْهاجيّة من أهل قلعة بني حمَّاد، تزوّجها أمير المُؤْمنين أبو يعقوبَ في حياة أَبيه، وكانت سُبِيت هي وأُمُّها ملكةُ فيمن سُبُوا من أهل القلعة، فأعتقها أبو محمد عبد المؤمن، وزوّج مريمَ هذه لابنِه أبي يعقوبَ فولدت له ثمانيةً من الولد، أربعة ذكور، وأربع بنات، فالذكور هم: إبراهيم وموسى وإدريسُ وعبد العزيز، هذا المذكور، وهو أصغرهم" (¬2). وإذا كان ابنُ الفاسي والأمير أبو محمد عبد العزيز ابنَيْ خالتَيْن كما سَبَق، فإنّ أُمَّه -أى: أُمَّ ابن الفاسيّ- تكون أختَ السيدة مريم أُمِّ الأمير المذكور. ¬

_ (¬1) الترجمة (31) من السفر الثامن. (¬2) المعجب 330 (ط. القاهرة 1949 م).

وعلى هذا تكون جَدّةُ ابن عبد الملك لأُمِّه أختًا للحرة مريم زوج الخليفة يوسف بن عبد المؤمن، ويكون جدُّه لأُمِّه محمد بن أَحْمد القيسي سِلْفًا للخليفة المذكور. ومن الطبيعيِّ، بناءً على ما ذُكر أن يكتسبَ أخوالُ ابن عبد الملك، ووالده تبعًا لذلك الحُظوة المناسبة لهم، ولا سيما لدى الخليفة يوسف ولدى أولاده من الحُرّة مريمَ القَلْعيّة (¬1). وأول ما يبدو من ذلك أنّ خالَ ابن عبد الملك أَبا علي ابنَ الفاسيّ غدا كاتبًا لابن خالته الأمير أبي محمد عبد العزيز، وقد جمعتهما زيادةً على القرابة، مشاربُ مشتركة في النزوع إلى الخير والصلاح والميل إلى النسك والزهد، والجَرْي على طريقة التصوف (¬2). وبالنظر إلى شيوخ خال ابن عبد الملِك نجدُ أنَّه، أى: خالَه، يشتركُ مع والد مترجَمِنا في بعضهم مثل: أبي الحَسَن الأخفش السالِف الذِّكر، الذي كان قَيْسيًّا وخَطيبًا بسِجن مَرّاكش (¬3). وقد توسَّع ابن عبد الملك في ترجمة خاله وانفرد بإيرادها من بين مؤلفي الصِّلات، فعدّد شيوخَه ونوّه بمعارفه وآدابه وأخلاقه، وأتى بشهادات أعلام معاصرينَ له في إطرائه وتقريظه، والشهادة بتبريزه في النُّبل والاشتمال على خلال الفضل، ونلاحظ أنهم من ذوي الحيثيّات والخُطط في دولة الموحِّدين، وكانوا أَيضًا من شيوخ ابن عبد الملك، كما كانوا من أصحاب خالِه هذا ووالده كذلك، وهؤلاء هم: أبو محمد حسنٌ ابن القَطّان، وأبو عبد الله محمدٌ ابنُ الطّراوة، وأبو موسى هارونُ بن هارونَ الإشبيليّ. ¬

_ (¬1) المعجب 330. (¬2) راجع ترجمة عمر ابن الفاسي في السفر الثامن (رقم 31). (¬3) الذيل والتكملة 5/ الترجمة 717.

مولده

وكان منزلُ خالِ ابن عبد الملك -فيما ذَكَرَ- مَجْمعًا للنُّبلاء والفضلاء، كما كان كثيرَ المواساة، نَفّاعًا بجاهه وذاتِ يده، حَسَن المشاركة والجدّ في قضاء حوائج النَّاس، وله مؤلّفاتٌ أدبية، وتوفِّي قبل ميلاد ابن عبد الملك وهو في مقتَبل العمر سنة 626 هـ، "ودفن خارج باب نَفِيس (أحد أبواب مَرّاكُشَ الغربية) بروضة سَلَفِه هنالك مقابلَ الباب، وكانت جنازته مشهودة والثناء عليه كثيرًا" (¬1). إنّ هذه المعلوماتِ التي وردت في هذه الترجمة تشرحُ لنا ملابساتٍ تُعرَفُ لأول مرة في البيئة العائليّة والاجتماعيّة التي وُلد في ظلها وترعرع في بُحبوحتها مؤرّخنا الكبير. ولقد كنا نعجَبُ للكمِّ الهائل الذي وقَفَ عليه من المؤلّفاتِ والوثائق التاريخية في نُسَخها الأصليّة وبخطوطِ أصحابِها. ونحسَبُ أن من تفسير ذلك هذا الموقعُ العائليُّ الممتاز، بالإضافة إلى علائقه الكثيرة وهمَمِه الكبيرة في تتبُّع الذخائر العلمية والسّعي للحصول عليها. مولده: أرَّخ ابن الزُّبَير ميلادَ تلميذه وصاحبِه ابن عبد الملك بقوله: "ومولده ليلةَ الأحد لعشْرٍ خَلَونَ من ذي القَعدة سنة أربع وثلاثينَ وست مئة" (¬2). وهذا بنصه في "الدِّيباج المذهب" (¬3)، وقد حَفِظ لنا ابنُ الحاجّ النُّمَيْريُّ رَجَزًا لطيفًا قيَّد به ابنُ عبد الملك تاريخَ ميلاده بدقّةٍ ملحوظة تَشِي بعناية والده بتسجيل الحادث السعيد، قال، وقد سئل عن مولده: اعلَمْ بأنّ مولدي بالحضرةِ ... مَرّاكُشَ العلياء دارِ الإمرةِ ¬

_ (¬1) ترجمة عمر ابن الفاسي رقم (31) من السفر الثامن. (¬2) صلة الصلة 3/ الترجمة 36. (¬3) الديباج المذهب 2/ 325.

بُعَيْدَ هُدْءٍ قد مضَى من ليلةِ ... في ليل يوم الأحدِ العاشرةِ من شهرِ ذي القَعدة من أربعةِ ... تتلو الثلاثينَ وستِّ المئةِ (¬1) وقد نَصَّ على الدار التي وُلد فيها بمَرّاكُش ولكنه لم يحدِّد موقعَها، مع أنه يُعنى أحيانًا بتحديد خطط مَرّاكش الموحِّدية، ولا شكّ أنها كانت في الحَوْمة التي يَسكُنُ فيها وجهاءُ البلد الذين كان والدُه وأخوالُه منهم، وقد كانت دارَ إقامة قاضي مَرّاكش ابن قُطرال ملكًا له وملاصقةً لدارِه التي وُلد بها (¬2). كما كان من جيرانه: أبو عبد الله ابنُ الطّراوة صاحبُ خُطة الإشراف في عهد الرّشيد الموحِّدي (¬3)، وأبو النّور وَلَدُ المحدِّث الطبيب الصَّيْدلانيِّ الكبير ابن الرُّوميّة (¬4). وفي هذه الدار نشَأ ابنُ عبد الملك وترعرع في كنَف والده الشيخ الفاضل الذي كان منزلُه مَجْمَعًا لأهل الخير والفضل والعلم كما يستفاد من نصٍّ له، وسمع في هذا المجلس -وهو في الخامسة من عمره أو نحوها- من أحد رجال العلم والتصوف ما بَشّره بمستقبله العلميّ، ولا نملِك ما يكشِف لنا على الحقيقة طفولتَه والفترةَ الأوليّة من تعلّمه، ولعله تعلّم في هذه المُدة على والده الذي كان من شيوخ الإقراء، وقد يكون ترَدّد إلى كُتّاب من هذه الكتاتيب التي ذَكَرَ هو بعضَها وحدّد مواقعها في "الذّيل والتكملة" (¬5). ويبدو أنّ ابنَ عبد الملك فقَدَ والدَه في وقت مبكّر من نشأته، وقد نستفيد ذلك مما ذكَرَه في ترجمة ابن قُطرال، قال: "وكان قد جاورني مدّة بدارٍ لي لِصْقَ دار مولدي وسُكناي، وكان كثيرٌ من طلبة العلم بمَرّاكُش ينتابونَه للرواية عنه، ¬

_ (¬1) مذكرات ابن الحاج النميري: 117 - 118 (نسخة مرقونة). (¬2) راجع الترجمة رقم (1) من السفر الثامن. (¬3) راجع الترجمة رقم (63) من السفر الثامن. (¬4) الذيل والتكملة 1/الترجمة 758. (¬5) المصدر نفسه 1/الترجمة 616.

وكنت حينَئذٍ غيرَ مقصِّر عن كثير ممن كان يترَدّد إليه، ولم يكن هنالك من يُرشدُني للقراءة عليه والأخذ عنه، ولم أتهَدَّ إلى ذلك من تلقاء نفسي، فحُرمت الروايةَ عنه مع أهليّتي لها وتمكّني من أسبابها لو شاء الله، والسماعُ رزق" (¬1). ونحسَبُ أن هذه العبارات واضحة الدّلالة على أنّ ابنَ عبد الملك كان في التاريخ الذي يتحدّث عنه ما يزال في حاجة إلى من يوجِّهه ويرشده، ونحسَبُ أنّ والده لو كان حيًّا في هذا التاريخ لأخذ بيده وقدّمه إلى الشيخ المذكور، وقد توفِّي هذا سنة 651 هـ وسنُّ ابن عبد الملك لا تزيد على 15 سنة تقريبًا، وفي هذه السن كان قد نبغَ وأصبح يُذاكر شيوخَه. قال في ترجمة شيخه أبي القاسم البَلَوي: "ولقد ذاكرني بمسائلَ وأنا ابنُ ستَّ عشْرةَ سنة أو نحوها، فذكرتُ له ما عندي فيها، ثم بعد حين وقفتُ عليها مقيَّدة بخطِّه وقد ختمها بقوله: أفادنيها الطالبُ الأنجب الأنبل أبو عبد الله ابن عبد الملك حفظه الله" (¬2). وهذا يدُلّ على نباهة الطالب وتواضع الشيخ، ومما يؤكد نبوغَ ابن عبد الملك في يَفاعته ونجابته في فَتاء سنِّه: ما ذكره ابنُ الزّبير في ترجمته، قال: "وكان الكاتبُ أبو الحَسَنُ الرُّعيني يَستحسنُ أغراضَه، ويستنبل مَنازعَه، وكتَبَ له على بعض كُتبه بخطه بـ"صاحبي ومحل ابني" لفَتاءِ سنِّه، وفائقي نباهةِ خاطره، وذكاءِ ذهنه" (¬3). وقد نستفيد من قوله في النصّ السابق: "بدار لي لِصْقَ دار مولدي وسُكناي" انفرادَه بمُلكية ما آلَ إليه بعد وفاة والده واستقلاله في الإشراف على أملاكه وشؤونه وهو لمّا يبلُغ الحُلُمَ بعدُ. ومن النصوص التي تشير إلى وَعْيه المبكّر: ما ذكره في ترجمة أبي عُمر محمد السَّكوني المتوفَّى سنة 646 هـ، قال: "وورد مَرّاكُش ورأيته بها وأقام فيها ¬

_ (¬1) ترجمة رقم (1) من السفر الثامن. (¬2) الذيل والتكملة 1/الترجمة 674. (¬3) صلة الصلة 3/ الترجمة 36.

شيوخه

مدة متلبِّسًا بعقد الشروط ثم عاد إلى الأندلس" (¬1). وينبغي أن تكون رؤيته للمذكور في عهد طفولته، ومنها أَيضًا ما وَرَدَ في ترجمة المؤرِّخ أبي العباس بن هارون السُّماتي المتوفَّى سنة 649 هـ، وسنرى فيما بعدُ إلى أيِّ حدّ أفاد ابنُ عبد الملك من مخلَّفاته، قال: "أدركتُه وعاينتُه بدكّان انتصابه لعقد الشروط وبغيرها شيخًا نقيَّ الشيبة حسن القَدّ، نظيف الملبس وقورًا" (¬2). شيوخه: درَسَ ابن عبد الملك على طائفة من الشيوخ، وأخَذ عن جماعة من الأساتيذ، بطرق الأخذ المعروفة، وكيفيّات التحمّل المعهودة، ما بين قراءة وسماع وإجازة، وإذا كان لم يخصِّص لشيوخه برنامجًا حسَب العادة المتّبعة في الغالب فإنّ كتابه "الذّيل والتكملة" ينطوي على ما يُستخرج منه برنامجٌ خاصّ بهم، وقد تتبّعنا هؤلاءِ الشيوخَ وجرّدناهم من الأسفار الموجودة بين أيدينا من"الذّيل والتكملة"، فوجدناهم أكثر من خمسين شيخًا، وابن عبد الملك مع هذا يُعَدُّ مِقلًّا بالقياس إلى بعض من يترجم بهم في معجَمه، ولهذا وصفه ابن الزُّبير -الذي يزيد شيوخُه على المئة- بقلة السماع. ويلاحَظُ أنّ ابن الزُّبير، في ترجمة صاحبنا، لم يُسَمِّ من شيوخه إلَّا الرُّعينيَّ وابنَ هشام وابن عُفَير بينما ذكَرَ منهم ابنُ فَرْحون في "الدّيباج" أَبا زكريا بن عتيق وأبا القاسم البَلَويّ وأبا محمد حَسَن ابن القَطّان والرُّعيني، وهؤلاء في مجموعهم لا يؤلِّفون إلَّا ستةً من شيوخه الذين يزيدون على خمسينَ شيخًا كما ذكرنا. وسنَذكُرُ فيما يلي هؤلاء الشيوخَ بشيء من التفصيل؛ لأنّ من شأن هذا أن يُبرزَ بيئةَ ابن عبد الملك الثقافيةَ، ويكشِفَ عن مراحل دراستِه وأطوار تعلّمه، ويُظهرَ جهودَه في سبيل الدَّرْس والتحصيل، ويصوِّرَ ما كان عليه الرجل من عزم صادق وسعي دائب إلى العلم والمعرفة. ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 5/الترجمة 1201. (¬2) المصدر نفسه 1/الترجمة 417.

وقد بدأنا بالشيوخ الذين درَس عليهم بمستقرّه وأخَذ عنهم مباشرةً في بلده مَرّاكش، وحاوَلْنا ترتيبَ هؤلاء بحسَب تواريخ تعلُّمه عليهم التي نَصّ عليها أحيانًا، ثم أتبعناهم بالشيوخ الذين لقيهم وقرأ عليهم في مدن أخرى بالمغرب والأندَلُس، وذكَرْنا في الأخير الشيوخ الذين لم يلقَهم وإنّما أخذ عنهم بالإجازة والمكاتبة، وقد أشرنا إلى الشيوخ الذين كان لهم أثر بارز في تكوين ابن عبد الملك العلمي بكيفيّةٍ خاصّة أو عامة. 1 - من شيوخ ابن عبد الملك في المرحلة الأولى من مراحل تعليمه: أبو زكريّا يحيى بن أحمد بن عتيق (¬1)، وقد قرأ عليه مدّة من الزمن بمدينة مَرّاكش حوالَيْ سنة 655 هـ وبعدها، أى: منذ كان في السادسةَ عشْرةَ من عمره، تلا عليه القرآن الكريم بالقراءات السبع، وقرأ عليه "حماسةَ" أبي تَمَّام، وكان يشارك في حلقة هذا الدّرس من هم أسنُّ منه بأزيدَ من عشْر سنين (¬2)، كما درَس عليه النَّحويّ كتاب "الجُمَل" للزّجّاجي ثم في "الكتاب" لسيبويه على ما نظُنّ. فقد ذكر ابن عبد الملك في ترجمة ابن خَرُوف النَّحويّ شارح "الجُمَل" و"الكتاب" أنّ أَبا زكريا بن عتيق ممّن حدّثه عن المذكور، ونقل ما يلي: "وقال لي شيخُنا أبو زكريا بن عتيق: كان (أى: ابنُ خَروف) شديد الضّجر عند تتبّع البحث معه، والمساءلة له، فعهدي به مراتٍ إذا ضويق في المجلس يأخُذ قُرْقَيه ويقوم من مجلسه دون سلام ولا كلام، ويتَخطّى ما يقابله من الحلقة، ثم يرُدُّ وجهَه إلى الطلبة ويقول لهم: ما أراكم عزمتم على إكمال قراءة "الكتاب" ما أخذتم أنفسَكم بهذه المآخذ، أو نحو هذا من القول، ثم ينصرف" (¬3). ونعُدُّ هذا الشيخ من شيوخ ابن عبد الملك الأوّلين اعتمادًا على سنِّه يومئذ من جهة وعلى مقروئه عليه من جهة ثانية، فزيادةً على تلاوة القرآن الكريم كان ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 28. (¬2) المصدر نفسه. (¬3) المصدر نفسه 5/الترجمة 635، والقرق: خف يشبه الصندل.

كتاب "الجُمَل" وكتاب "الحماسة" معدودَيْنِ من كتب المبتدئينَ في برنامَج التعليم على عهد ابن عبد الملك حسبما ذكر هو نفسُه في كتابه (¬1). 2 - ومن الشيوخ الذي درَس عليهم في مَرّاكش وهو يافعٌ بعدُ: أبو القاسم أَحْمد بن محمد البَلَويّ، قال ابن عبد الملك في ترجمة أَحْمد بن فَرَج: "وقَدِم على مَرّاكُش بعد الخمسين وست مئة، وصَحِبَنا مدّة عند شيخَيْنا أبي زكريا ابن عتيق وأبي القاسم البَلَوي" (¬2). وهو يشرح لنا ما قرأ على هذا الشيخ في قوله: "وقرأت عليه كثيرًا من الحديثِ والآداب، وتلوتُ عليه بعضَ القرآن برواية وَرْش، وتدرَّبتُ بين يديه في علم العَروض، وصنعة الحساب، وعمل الفرائض، وأجاز لي إجازةً عامة، وكان عدَديًّا مهندسًا فَرَضيًّا عَدْلًا مَرْضيًّا شديدَ الشّغَف بالعلم حريصًا عليه لا يأنَفُ من استفادته من الصغير والكبير، ولقد ذاكرني بمسائلَ وأنا ابن ستَّ عشْرةَ سنة أو نحوها، فذكرتُ له ما عندي فيها ثم بعد حين وقفت عليها مقيَّدةً بخطه وقد ختمها بقوله: "أفادنيها الطالبُ الأنجبُ الأنبل أبو عبد الله ابنُ عبد الملك حفِظَه الله" (¬3). وروى عنه مؤلفاتِه في العروض والقوافي، وهي: "المقطوفُ من تدقيق وَضْع الميزان لعلم العروض والأوزان" و"المعطوف من تحقيق العِيان للفَرْش والمثال في غاية البيان" و"عُمدة الاقتصار وزُبدة الاختصار" كما سمع مجموعَه في الأدب الذي سماه: "روضَ الأديب والمَنْزهَ العجيب" وهو كتاب في منتقى الأشعار مرتّب على فنون الشعر وأغراضه ضاهَى به "حماسة" الجُراوي. ولا تمثِّل هذه إلا مقدارَ الربع بالقياس إليه، مع أن البَلَويَّ لم يُنجز من الكتاب المذكور إلا نحوَ ثلثه حسب مخططه، ثم "عجَزَ للكبرة عن إتمامه" كما يقول ابن عبد الملك (¬4). ويُفهم من حديث ابن عبد الملك أنه كانت ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 5/الترجمة 457. (¬2) المصدر نفسه 1/الترجمة 484. (¬3) المصدر نفسه 1/الترجمة 674. (¬4) المصدر نفسه.

له خصوصية بهذا الشيخ وملازمةٌ له، ولم تكنْ صلته به مقتصرة على حلقة درسِه، وإنّما كان يسايره ويذاكره خارج الحلقة ويجالسه في دُكّانه الذي كان يتَصدّى فيه لعقد الشروط (¬1). ولعل ابن عبد الملك كان الراويةَ الأول لشعر هذا الشيخ الشَّاعر المكثر، قال: "أنشدني من شعره ما لا أحصيه كثرة، وشاهدت من ارتجاله إياه وسرعة بديهته ما أقضي منه العجب، وسمعته يقول غيرَ مرة: لو شئت أن لا أتكلّم في حاجة تعرِض لي مع أحد وأحاوره إلا بكلام منظوم لفعلت غيرَ متكلِّف ذلك" (¬2)، وهذا شبيه بما يُروى عن أبي العتاهية، وبما سيرد في الكلام على شيخ المؤلف ابن المرحّل، ولم يبقَ من هذا الشعر الغزير الذي كان يحفَظُ بعضه ويلهَجُ بذكره أدباءُ إشبيلية (¬3) وشعراؤها إلا أقلُّ القليل. هذا, ولا بد أنّ ابن عبد الملك تأثر بشيخه المذكور في صناعة الترسيل التي كان من المبرِّزين فيها، والمؤدبين بها، وله فيها كتاب أسماه "تشبيبَ الإبريز" وصل إلينا بعضه (¬4). بدأت صحبةُ ابن عبد الملك لشيخه البَلَوي حوالَيْ سنة 650 هـ, واستمرّت حتَّى وفاة الشيخ سنة 657 هـ، ويقُصُّ علينا ابنُ عبد الملك من ذكريات هذا الشيخ في آخر أيامه ما يلي: "وكان رحمه الله كثيرًا ما يقول وسمعته غير مرة منه: إنّ من أكبر أمنياتي على الله أن أعمَّر عُمرَ أبي، ويقول: إن أباه تُوفِّي ابنَ اثنين وثمانين عامًا، فلما كان منتصَفُ جُمادى الأخرى من عام وفاته أقبل إلى دُكّانه الذي كان يتصدى فيه لعقد الشروط، فصَعِد إليه وقعد منه بموضعه المعلوم له، واستعبر طويلًا وأنا حاضر ثم قال: اليومَ بلغتُ من السنّ ما كنت أتمنى على ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 674. (¬2) المصدر نفسه. (¬3) اختصار القدح: 120. (¬4) الذيل والتكملة 1/الترجمة 674 ويوجد قسم من تشبيب الإبريز بالخزانة الحسنية بالرباط.

الله أن يُعمِّرَنيه، فأنا اليوم ابنُ ثنتين وثمانين سنة. ثم عاش بعد ذلك شهرين وعشرين يومًا" (¬1). كما وَصف الحِرمانَ الذي ابتُلي به، والفاقةَ التي ألحَّت عليه في آخر حياته فقال: "وأدركتْهُ في آخِر حياته فاقة شديدة اضطر من أجلها إلى الانتقال إلى حاحة -من أعمال مَرّاكُش وبواديها القريبة منها على نحو أربع مراحل منها- لتعليم العربية بعضَ بني أحد رؤساء البربر بها فأقام عنده نحوَ سبعة أشهر، وعاد إلى مَرّاكُش ببعض ما أسدَى إليه ذلك الرئيسُ أيام مقامه عنده وكان نَزْرًا أجرى منه ما أقام أوَدَه على تقتير مدة قصيرة فنفِدَ، وأرى ذلك كان في سنة ثلاث وخمسين أو نحوها، وبقي في حال ضعيفة يرتزق من عائد إليه في عقد الشروط لم يكن يفي بأقلِّ مُؤنة، حتَّى قيَّض الله له وصولَ الواعظ أبي عبد الله بن أبي بكر ابن رشيد البغداديِّ، المذكور في موضعه من الغرباء في هذا المجموع، فتعرَّف به وتحقق فضله فصيَّره في كفالته وقام به أحسنَ قيام، جزاه الله أفضل جزائه. وكان ذلك من أقبح ما جرت به الأقدار من موجِبات النقد على صنفه وجيرانه من المنتمينَ إلى العلم والمرتسِمينَ به وغيرهم من رؤساء حضرة مَرّاكُش، فقد كان الجارَ الجُنُبَ لشيخنا أبي الحسن الرُّعيني رحمه الله، لا يفصل بين داريهما دار أحد من خلق الله، وشيخُنا أبو الحسن هذا أوفرُ أهل الحضرة مالًا وأعظمُهم جاهًا، وهو بلديُّه، وقد انتفع به كثيرًا في طريقته التي بها رَأَسَ وبالاستعمال فيها شُهر، وهي الكتابة عن السلاطين، فلم تجرِ له على يده قطُّ منفعة ولا نال من قِبَلِه ولا بسببه فائدة. فإنّا لله وإنا إليه راجعون" (¬2). وقد ولي هذا الشيخُ المحروم خُطّة الكتابة عن عدد من "السادة" الموحِّدين الولاة بالأندلس، وخُطة العدالة، والتدريس، وخدم بتآليفه بعض ذوي النفوذ ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 674. (¬2) المصدر نفسه.

في عصره، مثل نقيب الطلبة العراقي والمشرف ابن سُهَيل، كما أخذ بضَبُعه الكاتبُ ابن عَيّاش، والواعظ ابن رشيد، ولا بدّ أنّ تلميذه ابن عبد الملك كان يرعى حقوقه، ولكنّ حِرفةَ الأدب أدركت هذا الشيخَ الأديب، فحالفه الحِرمانُ، سواء في حياته بإشبيلية كما ذكر ابن سعيد وقَسَا عليه، أو في أيامه بمَرّاكش كما وصف ابنُ عبد الملك ورَثَى لحالِه، وانتقد أهل عصره ومنهم شيخه الرُّعيني. 3 - يُعتبر الرُّعينيُّ المذكور أبرزَ شيوخ ابن عبد الملك وأكثرَهم ورودًا في كتابه، فقد ذكره أكثر من ستينَ مرة في الأسفار الباقية، ونقل عنه فوائدَ كثيرة، وروى من طريقه أحاديثَ عديدة، وأنشد بواسطته إنشاداتٍ مختلفة، مما تضمَّنه برنامَجُ الشيخ ومن غيره، ويكاد محتوى برنامج الرُّعينيِّ كله أن يكون مبثوثًا في "الذّيل والتكملة". وقد استقرَّ الرّعينيّ بمَرّاكُش ابتداءً من سنة 640 هـ، حيث ولي الكتابة على التوالي عن الخلفاء الموحّدين: الرّشيد والسَّعيد والمُرتضَى والواثق آخِرِهم. ولا شكّ أنه كان على جانب كبير من المداراة حتَّى استطاع أن يحتفظ بمنصبه في دار الخلافة طوالَ هذه الحِقبة المضطربة، وغدا "أوفرَ أهل الحضرة مالًا وأعظمَهم جاهًا" كما يقول تلميذه، وكان قد كتب في الأندلس لمختلف الأمراء والمُتأمِّرين في قُرطُبة وإشبيلِيَةَ حتَّى ضَياعِهما ثم بغَرناطة، وأوى بعد ذلك إلى حضرة مَرّاكش مُدْليًا بصناعته في الكتابة الدّيوانية حينما لم يبقَ في الأندلس ذِماء، ونُشدانًا للأمان، من ريب الزمان. ولم نقفْ في الأسفار الموجودة من "الذّيل" على تاريخ اتّصال ابن عبد الملك بالرُّعيني، ولا بدّ أنه اتّصل به قبل 650 هـ، أى: حينما أصبح في مستوى الدراسة وسن الرواية, وقد "صَحِبه كثيرًا" أى: منذ التاريخ المفترض حتى وفاته سنة 666 هـ وأصبح تلميذه الأثير لديه، وكان الرُّعّيْنيُّ يدعوه "صاحبي ومحلَّ ابني"، وقد دَرَس عليه مختلَف العلوم التي يشير إليها برنامَجُه، ومنها: القراءات، وعلوم القرآن والحديث الذي أصبح فيه هذا الشيخ أعلى شيوخ ابن عبد الملك في

الرواية كما يقول الحافظ ابن الزُّبير (¬1)، كما قرأ عليه علومَ الحديث والفقهَ وأصُوله، وعلمَ الكلام، وعلوم العربية، والآدابَ وغيرَها. استفاد ابنُ عبد الملك كثيرًا من شيخه الرُّعينيّ، واستفاد الشيخ من تلميذه النجيب أحيانًا بعضَ الفوائد العلمية والأدبية، وكانت الصّلةُ بين الرجلين أقوى من التلمذة والمشيخة وأقربَ ما تكون إلى الصّحبة والزَّمالة، وفي هذا يقول ابنُ الزُّبير: "وكان الكاتبُ أبو الحَسَن الرُّعَيني يَستحسن أغراضَه ويستنبل منازَعه، وكتب له على بعض كتبه بخطه بصاحبي ومحلِّ ابني، لفَتاءِ سنِّه وفائقي نباهةِ خاطره وذكاءِ ذهنه، وكان (ابنُ عبد الملك) يفخرُ بذلك" (¬2). وصلَتْ إلينا إجازةُ الرُّعيني لابن عبد الملك مؤرَّخة في 664 هـ أي: قبل وفاة الرُّعيني بسنتين، وفي هذه الإجازة حَلّى الشّيخ تلميذه بحُلى منها: "الفقيهُ العارف الأديبُ المحصِّل"، كما حَلّى والده بالفقيه الصالح الفاضل المرحوم، وامتَدح نبوغَه ونباهته، وذكر أنه قرأ عليه بلفظه برنامجَه المعروف ثم ناوَلَه إياه، وأباح له أن يرويَ كل ما شَذّ عن البرنامَج إذا صَحّ عنده، كما أجاز له كل مجموعاته ومؤلفاته ومرويّاته "وما استَحسَنَ أن يرويَه من نظمي ونثري وما يُلفيه من منشَدات شيوخي، وما أحمله أو أنتحلُه .. فهو أهل لذلك" (¬3). كان ابن عبد الملك صاحبًا لأبي الحُسَين محمد وَلَد شيخِه الرُّعَيْنيِّ الذي توفِّي في حياة والده، وقد حضَر جنازتَه وروى بعضَ ما أنشِد على قبرِه بعد الفراغ من مواراته ونعَتَه بالأنجب (¬4). 4 - كما نصَّ من جهةٍ ثانية على أنه روى عن أبي محمد عبد الله الرُّعَيْنيّ شَقِيق شيخه أبي الحَسَنُ وسمّاه من شيوخه. ¬

_ (¬1) صلة الصلة 3/الترجمة 36. (¬2) المصدر نفسه. (¬3) انظر صورتها في برنامج الرعيني. (¬4) الذيل والتكملة 6/ الترجمة 310.

5 - ومن الشيوخ الذين دَرَس عليهم ابنُ عبد الملك بمَرّاكُش: المؤرِّخُ القاضي أبو محمد حَسَنٌ ابن القَطّان، ذكره من شيوخه في الموجود من"الذّيل"، وروى عنه أزَيدَ من عَشْر مرات. وقد يكون تحدَّث عن مبلغ صلته به، وما دَرَس عليه، في ترجمته له من قسم الغُرباء المفقود إن كان على شرط كتابه، ويخبرنا الؤلّف أن شيخَه هذا هو الذي وضع العناوين المسجوعة لبعض مؤلَّفات والده الحافظ، ويبدو أنّ ابنَ عبد الملك يرويها، أو بعضَها، من طريقه، وسنذكر فيما بعدُ عمله في كتاب "بيان الوهم والإيهام" أشهر مؤلفات ابن القَطّان الأب، ولا بدّ أنّ المؤلِّف أخذ عن شيخه ابن القطَّان الابن كُتبَه التي ألّفها للخليفة المرتضَى، ومنها: "نظمُ الجُمان" وقد نُشِرت قطعة منه، و"شفاء العِلَل في أخبار الأنبياء والرسل" و"المناجاة" و"المسموعات" و"الرَّوضاتُ البهيّةُ الوَسِيمة في الغزَوات النبَويّة الكريمة" وهي في خزانة القَرَويِّين في نُسخة كُتبت للمرتضَى بتاريخ 662 هـ، و"الأحكام في معجِزات النبيِّ عليه الصلاةُ والسلام" وقد رَجَّزه أبو الحسن الجَيّانيّ وأبو الحسن الرّهوني، ويوجد الأصل وترجيزُه الثاني مخطوطَيْنِ في خزانة القَرَويين (¬1). ولا بدّ أنّ اهتمامَ ابن عبد الملك بالتاريخ يرجِعُ شيءٌ منه إلى شيخه هذا، وقد ذكر في ترجمته لخاله ابن الفاسيِّ أنّ ابن القَطّان صَحِبَ خالَه المذكور طويلًا واشترك معه في الأخذ عن الشيوخ وأنه كان يشهَدُ "بتبريزه في النُّبل والاشتمال على خلال الفضل"، ولا بدّ أنّ ابن القَطّان رَعى ابنَ عبد الملك وعُني به من أَجل هذا ونحوه، ولكنّ ابن عبد الملك، بصراحتِه المعهودة وصرامته في النقد العلميِّ وغيره، لم يَغُضَّ الطّرف عن تَعداد ما كان يُنْعى على والد شيخِه المذكور، وهذه شَنْشنتُه في عدم التوقف عن سرد المآخذ العلميّة وغيرها حتى ولو كانت تتعلق بشيوخه، وقد رأينا آنفًا نقدَه لشيخه أبي الحَسَن الرُّعَينيّ. ¬

_ (¬1) البيان المغرب: 453 (القسم الموحدي) وفهرس مخطوطات خزانة القرويين.

6 - ومن شيوخ المؤلِّف في مَرّاكُش، الذين سماهم في كتابه عدّة مرات: الفقيهُ القاضي أبو إسحاق إبراهيمُ بن أَحْمد ابن القَشّاش، وهو مَرّاكُشيٌّ ينتمي إلى الأَوْس مثل ابن عبد الملك، ووَلِي قضاء الجماعة في عهد الواثق أبي دَبّوس آخِرِ الموحّدين، وذلك في وقت اختلّت فيه "الأمورُ والأحوال، وكثُر فيه وفي غيره من بعض النَّاس الأقوال" وكان قد بلغ يومَئذٍ نيِّفًا وثمانينَ سنة، فكتب إلى الواثق رسالة طويلة يرغَبُ إليه أن يأمُر"بأحد شيئين: إمّا بصرفه وإراحته بالإعفاء، وإما بنصره وشدِّ أزره"، وقد تمسَّك به الخليفة وأمر بالبحث عن المتكلِّمين في الخُطة وصاحبها "والنظر في قضيتهم بما يظهر له" (¬1). أمّا ما قرأه ابن عبد الملك على هذا الشيخ فربّما عَرَضَ له في ترجمته في قسم الغُرباء المفقودِ الآن، ولعله على شرطه، ونستنتجُ من المرّات التي ذُكِر فيها في "الذيل" أنه أخذ عنه ما يرجع إلى رواية الحديث والفقه، وهذا نموذجٌ مما رواه عنه، قال: "قرأتُ على شيخنا أبي إسحاق ابن القَشّاش بمَرّاكُش، قال: قرأتُ على الشيخ الحاجِّ الراوية أبي عبد الله الأنْدَرْشيّ، قال: أنشَدَني الحافظ الإِمام أبو القاسم عليُّ بن الحسن، قدّسه الله، ابن عساكر لنفسِه: واظِبْ على جَمْع الحديث وكَتْبِهِ ... واجهَدْ على تصحيحِه في كُتْبِه" (¬2) 7 - ومن شيوخه المَرّاكُشيّينَ أَيضًا: أبو عبدُ الله محمد بن عليّ بن يحيى المدعوُّ بالشريف -شُهرةً لا نسبًا- المتوفّى بمَرّاكش عام 682 هـ. ولي قضاء الجماعة بمَرّاكش في عهد أمير المسلمين يعقوبَ بن عبد الحق المَرِيني (¬3). كان "يدرِّس "كتابَ سيبويه" والفقهَ والحديث، ويميل إلى الاجتهاد، وله مشاركة ¬

_ (¬1) الورقات الأخيرة من البيان المغرب: 4 - 5. (¬2) الذيل والتكملة 6/ الترجمة 90. (¬3) الذخيرة السنية: 86.

في الأصول والكلام والمنطق والحساب، ويغلِبُ عليه البحث لا الحفظ" (¬1). ويبدو أنه لم يكنْ من شرط المؤلف، ولذلك لم نجدْ ترجمتَه في موضعها من السِّفر الثامن. ولا بدّ أنّ ابن عبد الملك حضَرَ دروسَه في الموادّ المذكورة، وقد وقَفْنا على روايته عن شيخه هذا فِهرِسةَ أبي الحَسَنُ عليّ ابن القَطّان (¬2). ومما يوضِّح مستوى الصِّلة التي كانت بين ابن عبد الملك وشيخه هذا ما وَرَدَ في ترجمة علي ابن القَطّان في معرِض ما كان ينعَى على هذا من إفراط الكِبْر وشدة العُجب حتى لم يكن يبدأُ أحدًا بالسلام ولا يرُدُّه على من يبدأ به، قال: "وذاكرت بذلك شيخَنا أَبا عبد الله المدعوَّ بالشريف، وكان من المتشيِّعين فيه والمتشبعين بذكْرِه المتعصِّبين له، فقال لي: إنه كان يسألُ عن ذلك ويذكر له ما فيه عليه، فيجيب معتذرًا باستغراق فكره واشتغال باله بالنظر في أجوبة ما وقع من المسائل العلمية بمجلس سلطان الوقت أو في إعداد مسائلَ يلقيها بينَهم به، فهو لا يزال خاطره معمورًا بذلك وذهنه مغمورًا به، زاعمًا أنه لا يرى أحدًا ممن يمرُّ هو به، فقلت له: يدفع ذلك حكايتُه عن نفسه مشاهدةَ ابن العثماني في مروره به على ما سآتي به بذكره إن شاء الله، فانقطع". وبعد أن ذكر ما كان ينعى على المذكور أَيضًا من غلُوٍّ في آل عبد المؤمن مشيرًا إلى قصة وردت في برنامَج ابن القَطّان فيها غلُوٌّ في المنصور واستخفافٌ بالعلم وأهله، قال: "ولقد ذاكرت بهذا الفصل أَيضًا شيخَنا أَبا عبد الله المذكورَ وأبديت له ما فيه من الدلالة على قبيح الغلوّ، فاعتذر عنه بأنّ حاملَه عليه تخوُّفُه من أبي عبد الله العادل ابن المنصور، فإنه كان قد أخمله كثيرًا، وكان يتوقع منه شرًّا، فقلت له: إنما وضع برنامَجه بعد موت العادل وموت أبي القاسم بن بَقِي، وأيضًا فهلّا ذكَرَ ذلك في رسم المنصور فيكونَ ذلك أتقنَ في التأليف وأجرى على سَنَن المصنّف في الإعلام بالشيوخ! ¬

_ (¬1) بغية الوعاة (328) والإعلام بمن حلّ 4/ 281. (¬2) مذكرات ابن الحاج: 103 (نسخة مرقونة).

فأمّا أن يذكر الشيخ في موضع ومولده بعد رَسْمه بأربعةَ عشَرَ شيخًا فعملٌ لم تجرِ العادة به ولا خفاء بما فيه، ثم إن شاء الله ذَكَرَ أَبا القاسم بن بَقِي بما يليق به إن رأى ذكره في شيوخه أو الإضراب عنه رأسًا! فلم يُحرِ جوابًا (يعني شيخَه أَبا عبد الله الشريف) " (¬1). ولعل هذه المناقشةَ بين ابن عبد الملك وشيخه أبي عبد الله الشريف جرت في أثناء قراءته عليه الفِهرِسة التي وضعها الحافظ أبو الحَسَن ابن القَطّان. وثمّةَ أعلامٌ أندَلُسيّونَ آخرَون وُلدوا بمَرّاكُش أو نَزلوا بها، اتّصل بهم ابن عبد الملك وجالسَهم وذاكرهم، ولكنّه لم يصرحْ بمشيختهم له. 8 - ومنهم: أبو عبد الله ابن الطَّراوة، وهو من بيت بني الطّراوة المالَقيِّين المعروفين، وُلد بمَرّاكُش ونشَأ بها في رعاية خالِه أبي الحَسَنُ عليّ بن عيّاش شيخ الكُتّاب بدار الخلافة، وشغَلَ -فيما يبدو- خُطةَ الإشراف في عهد الرشيد الموحِّدي، وتوفِّي بسِجِلماسَة سنة 659 هـ. قال ابن عبد الملك: "واستفدت بمُذاكرته ومجاورته كثيرًا، وكانت بينه وبين أبي رحمه الله مودّةٌ قديمة متأكِّدة كان يَذكُرها [دائمًا, ولم] أستجِزْه ولا قرأت عليه، ونَدِمت على ما فاتني منه. فقد كان [أهلًا للرواية عنه] رحمه الله" (¬2)، وندَمُه هنا على ما فاته من حصول المشيخة "الرّسمية" لجارِه هذا شبيهٌ بندَمِه على عدم تمكُنه من الأخذ عن جارِه الآخَر أبي الحَسَن ابن قُطرال الكبير كما مرّ. كان ابن الطّراوة -كما وصفه المؤلف- "حافظًا للتواريخ على تباين أنواعها ذاكرًا لها محاضرًا بها، أديبًا بارعًا ناقدًا، كاتبًا محُسنًا، يقرض شعرًا يُحسن في أقله، ممتعَ المجالسة بارعَ الخَطّ رائق الطريقة أنيقَ الوِراقة، متقن التقييد مليح التندير، نَسّابة لخطوط المشايخ، كثير الإحكام لأموره وأدواته كلها، ظريف الملابس، ¬

_ (¬1) راجع ترجمة ابن القطان في السفر الثامن، الترجمة 10. (¬2) انظر الترجمة رقم (63) من السفر الثامن.

شديد المحافظة على كُتُبه، مثابرًا على الاعتناء بتصحيحها، متهمِّمًا باقتناء الأصول التي بخطوط أكابر الشيوخ أو عُنوا بضبطها، وجمَعَ منها جملة وافرة" (¬1)، وهذه أوصاف تدُلّ على شدة مخالطته له ودقّة ملاحظته لأحواله، ولا بدّ أنّ اهتمامات ابن عبد الملك -وهي من هذا الطراز- سَرَت فيه من التأثر بهذا الشيخ وأضرابه. 9 - وممّن ذكَرَهم في شيوخه بمَرّاكُش: أبو عبد الله محمد بن علي بن هشام القُرطُبيُّ الأصل الذي وُلد بمَرّاكُش ونشأ بسَلا، حيث كان والده يتولى بعض الأعمال السلطانية للموحِّدين، واستَوطنَ مَرّاكُش وقتًا، وسكن إشبيلِيَةَ مدة، وشَريشَ أخرى، ورحل إلى المشرق مرّتين، ورجع في الأخير إلى مَرّاكُش حيث توفِّي سنة 671 هـ. كان عارفًا بالحديث والعربية والطريقة الأدبية، سريع البديهة في النظم مكثرًا منه مُحسِنًا في بعضه كما يذكُر المؤلّفُ، قال: "صحِبته كثيرًا وأخذت عنه معظم ما كان عنده". وقد ترجَم له في الغرباء وحدّث عنه بسببِ رحلتِه الثَّانية، كما ذكره عدة مرّات في "الذّيل والتكملة". 10 - ومن الأندَلُسيّينَ الذين نزلوا مَرّاكُش وأخذ عنهم ابنُ عبد الملك: أبو الوليد محمد بن إسماعيل بن عُفَيْر اللَّبْلي، قال المؤلف: "قرأت عليه وسمعت، وأنشدني كثيرًا من شعره، وطالعني بجملة من رسائله". وقد أثبتَ في ترجمته وفي غيرها بعض ما أنشده شيخه هذا من شعر، وأشار إلى موازنة بين أدبه وأدب أخيه أبي العباس فقال: "كان (أبو العباس) شاعرًا مجُيدًا مُفلقًا يَفضُلُ على أخيه أبي الوليد في النظم كما يَفضُلُ أبو الوليد عليه في النثر" (¬2). 11 - ومنهم: أبو الحَسَن الجَيّانيّ الإشبيليّ، وهو نَحْويّ لغوي أديب مفسِّر، استكتبه الرّشيدُ الموحِّد، واستُعمل في الأعمال السلطانية، وولي خطة الإشراف على بلاد حاحة، وفيها توفِّي سنة 663 هـ, قال ابن عبد الملك: "وأخذت ¬

_ (¬1) الترجمة (63) من السفر الثامن. (¬2) الذيل والتكملة 6/ الترجمة 310.

عنه وجالسته كثيرًا وانتفعت بمذاكرته في الطريقة الأدبية"، وقد أثنى على خُلُقه وأدبه، وساق في ترجمته بعضَ شعره ونثره، وذكَرَ أنه زار قبره في تامطريت بحاحة (¬1)، وفي هذا ما يدُلّ على وفائه لشيوخه، وإن كان يجادلهُم في الحقّ والعلم بما لا يتنافى مع توقيرهم واحترامهم. 12 - ومنهم: أبو الحَجّاج يوسُف بن أَحْمد بن حَكَم البَلَنسِيُّ الذي نزَل بمِكْناس وغدا من المختصّين بمجالسة الأمير عبد الواحد وَلَد يعقوبَ بن عبد الحق، ووَلِيَ قضاء الجماعة بفاسَ له ولوالده يعقوبَ بن عبد الحق، وكان -فيما يقول مؤلف "الذّخيرة السَّنيّة"- "من أهل الأدب البارع، مشاركًا في علوم كثيرة، أخذ عنه جماعة من فقهاء الأندلس وإفريقيّة وأدبائهما" (¬2). وقد سماه ابن عبد الملك في شيوخه عدّة مرات في كتابه ونَصّ على روايته عنه بمَرّاكُش، قال بعد أن أورد قصيدة ابن الأَبَّار في رثاء أبي الرَّبيع بن سالم: "نجَزَت، وأنشَدتُها على شيخنا أبي الحَجّاج بن حَكَم رحمه الله بمَرّاكش، وأنشدها على قائلها رحمه الله بدِهليز داره ببلنسية" (¬3). 13 - ومن هذا الصِّنف نذكر: أَبا عبد الله الرُّنْديّ، المدعوَّ بالمُسَلْهَم، وهو رُنْديٌّ سكن مَرّاكُش ودرَّس بها وأخذ عنه الناس فيها، وتوفِّي بها سنة 653 هـ وابن عبد الملك ما يزال في مَيْعة الفتوّة، قال: "كان محدِّثًا مكثرًا متّسع الرواية أديبًا من أبرع النَّاس خطًّا، عاقدًا للشروط، جَمّاعة للكتب وفوائد الشيوخ، نَسّابة لخطوط العلماء، ذاكرًا للتواريخ، حسَن المحاضرة، جميل اللقاء"، ثم قال: "جالستُه مرّات وكان صديقًا لأبي"، وأشار إلى كلام بعض الشيوخ في روايته لإكثاره وتصريح النَّاقد العَدْل حسَن ابن القَطّان بكذِبه وادّعائه، وعقَّب على ذلك بقوله: ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 5/ الترجمة 579. (¬2) الذخيرة السنية 86، 123. (¬3) الذيل والتكملة 4/ الترجمة 203.

"وقد كان يَظهرُ ذلك منه، ولعلّه بالإجازة، والله أعلم". وفي ترجمته إيرادٌ لبعض شعره مما نقله ابن عبد الملك من خطّه (¬1). 14 - ومن هؤلاء أَيضًا: نديمُ الأمراء أبو بكر الجلمانيُّ الإشبيليّ الذي توفِّي بمَرّاكُش في حدود الستينَ وست مئة. قال: "كان حاضرَ الذّكر للآداب والتواريخ والأشعار، ممتِعَ المجالسة، جالسته طويلًا ... وكانت بينه وبين أخوالي صحبة متأكِّدة" (¬2). وأشار إليه في موضع آخَرَ -في معرض الحديث عن أبيات لأبي زَيْد الفازَازي- ووصَمَه بالانتحال والكذِب، فقال: "نقلتُها (أى: الأبيات) من خطّ شيخنا أبي الحَسَن الرُّعَيْني وأنشَدتها عليه قال: أنشَدنيها الفقيهُ أبو زيد الفازازي لنفسِه، وانتحَلَها أبو بكر الجلمانيُّ وكذَبَ، سمح اللهُ له" (¬3). هكذا هو ابن عبد الملك في وقوعه على الهَفَوات وتسجيله للعثَرات، ولا نعرف أين ادّعى الجلمانيُّ الأبياتَ المشارَ إليها, ولعل المؤلّفَ سَمِعه ينسُبُها إلى نفسه. 15، 16، 17 - ومن شيوخه الذين درَس عليهم في مَرّاكُش وسماهم عَرَضًا في كتابه ولا نعرف عنهم كبيرَ شيء: أبو محمد عبدُ الواحد بن مخلوف بن موسى المَشّاط، وأبو القاسم المطماطيّ، وأبو الحَسَن الكفيفُ، سمّاهم في شيوخه وذكَرَهم جميعًا في الآخِذين عن أبي الحَسَن ابن القَطّان، كما أشار إلى الأول منهم عند ذكْرِ وفاة قاضي الجماعة بمَرّاكُش أبي بكر ابن حَجّاج سنة 654 هـ فقال: "وصَلّى عليه بالمُصلَّى على الجنائز في جوفي خارج الجامع المذكور (الجامع الأعظم الأعلى) القاضي بعدَه أبو محمد عبدُ الواحد بن مخلوف بن موسى الهزميريُّ المَشّاط، وحضرت جنازته والصلاة عليه في خَلْق لا يُحصَوْن كثرة" (¬4). ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 6/الترجمة 133. (¬2) المصدر نفسه 6/الترجمة 327. (¬3) المصدر نفسه 4/الترجمة 229. (¬4) المصدر نفسه 6/الترجمة 40.

18 - ومن هؤلاءِ أَيضًا: أبو علي الحَسَنُ بن الحَسَنُ بن عَتيق بن منصور الجَنْب التّميميّ الإفريقيُّ (التونُسيّ)، ذكره ابن عبد الملك في شيوخه الذين حدّثوه عن أبي علي الشَّلَوْبِين (¬1)، ولا بدّ أنه ترجم له في القسم المفقود من الغرباء، وقد وصَفَه ابنُ الأبّار بقوله: "صاحبُنا الفقيه الحسيّب المليء المحدِّث المجتهد الصوفي" (¬2)، وهذا الشيخ ينتمي إلى بيت من البيوتات التونُسية التي خدمت دولة الموحِّدين (¬3). بلغت الحركة العلميّة غايتَها في مَرّاكُش عندما بدأ ابن عبد الملك يطلب العلم ووَفَدَ عليها عددٌ كبير جدًّا من العلماء من مختلف البلدان. وبلغ من كثرة القادمينَ على الحضرة أنْ خَصَّهم أحد المؤرِّخين في ذلك العصر بتاريخ حفيل (¬4)، وهذا ما أتاح لابن عبد الملك أن يلقَى بعضهم ويأخُذ عنهم دون أن يحتاج إلى إبعاد الرحلة في طلب العلم. وممن قَدِم على حضرة الموحِّدينَ في عهدها الأخير أعلامٌ من المشرق ينزِعونَ إلى التصوف أو يحمِلون بضاعةً راجت في المشرق ثم في المغرب يومئذ ألا وهي بضاعةُ الوعظ التي روَّجَها ذلك الزمانُ المضطرب الداعي إلى الاعتبار والاتعاظ. 19 - فمن هؤلاء: أبو البركات عُمرُ بن مَوْدود الفارسيُّ، الذي حَظِيَ عند الخليفة الرّشيد الموحِّدي، وقد رآه المؤلّف في مجلس والده وهو طفل صغير ولا يذكر من أمره معه إلا أنه توسَّم فيه النَّجابة (¬5). ولعله يروي عنه بالإجازة. 20 - ومنهم: أبو عبد الله ابن الحَنْبليّ الدّمشقي، وهو فقيهٌ حنبليّ المذهب، خَلَفَ شيخَه الإِمام ابن الجَوْزي في طريقته الوعظية، وتجوّل في بلاد العالم ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 5/ الترجمته 807. (¬2) المصدر نفسه 6/ الترجمة 709. (¬3) انظر الترجمة رقم (86) من السفر الثامن. (¬4) الذيل والتكملة، السفر الأول، الترجمة 700. (¬5) انظر الترجمة رقم (35) من السفر الثامن.

الإِسلاميّ يعقدُ فيها مجالسَ الوعظ، ووَرَدَ مَرّاكُش في وَسَط سنة 652 هـ، قال ابن عبد الملك: "لقيتُه وجالسته كثيرًا، وسمعت وعظه، وكان لا يكاد يُفْقَهُ (بالبناء للمجهول) ما يقول؛ لإفراط عُجْمةٍ كانت في لسانه فلا يفهَمُه إلا من ألِفَه، وكان أصمَّ لا يكاد يسمع شيئًا"، ثم يذكر أنه كان "آية من آيات الله في كثرة الحفظ وحضور الذِّكر وحَشْد الأقوال فيما يجري بمجلسه الوَعْظيِّ أو يحاضِر به في غيره، سريعَ الإنشاء ناظمًا وناثرًا مع الإحسان في الطريقتين، جيّد الخط والكَتْب على كَبْرته"، وقال في معرِض حفظه: "وأخبرني أنه عرض -وهو ابن عشرين عامًا- على أبي الفرج الجَوْزي كتابه "المنتخَب" عن ظهر قلبٍ ببغداد" (¬1). 21 - وأشهرُ هؤلاء الشيوخ الوُعّاظ الذين لقيَهم صاحبُنا بمَرّاكُش وتأثر، بشكل ما، بمنزِعهم: ابن رشيد البغداديُّ، صاحبُ الوتَرِيّاتِ المشهورة، ويرجِع الفضل لابن عبد الملك في حفظ ترجمته الموسَّعة، وكان قدومه على مَرّاكُش سنة 655 هـ، واحتفل به الخاصّة والعامة فيها، وامتدحه بعض أدبائها، ومنهم أحد الأمراء الموحِّدين وتوفر له فيها من الخيرات ما أفاء به على من أوى إلى كنفه من بعض أهل العلم المحرومين. وقد تحدَّث المؤلّف عن صلته به وصِفةِ مجالس وعظه فقال: "سمعت منه كثيرًا، وجالسته طويلًا، وحاضرته، وذاكرته، ورزقت منه قبولًا كثيرًا ولزمت شهود مجالس وعظه، وكانت القلوب تنفعل كثيرًا لكلامه وترِقّ لموعظته، وتتأثر لتذكيره، وكان أغزر النَّاس دمعًا إذا رَقِيَ مِنبر وعظه لا يتمالك أن يُرسل دموعه، فيؤثّر عند الحاضرين من الخشوع والخشية وسكب الدموع ما لا مزيد عليه"، ثم يوازن -فيما يظهر- بينه وبين بعض الوُعّاظ المغاربة -ومعظمهم من المكفوفين- الذين كانوا يعتمدون على غيرهم في تحبير خطبهم وقصائدهم الوعظية مثل الواعظ ابن الحَجّاج والواعظ ابن أبي خرص، فيقول: "وكان يتولى إنشاء خطبه ¬

_ (¬1) الترجمة رقم (121) من السفر الثامن.

التي يَفتتح بها مجالسَ وعظه وقصائده المطولة التي يختتمها بها، وكان سريع الإنشاء لذلك كله، وكلامه نظمًا ونثرًا مؤثِّر في سامعيه على ما فيه من لين، وسمعته غير مرة يقول: إنّ ذوقَه لا يساعده على النظم في وزن عروض من أعاريض الشعر ما خلا الطَّويل، هذا على اتّساع حفظه وحضور ذكره فنونَ الشعر على اختلاف أوزانه". ويتمم الحديث عن مجالس وعظه بقوله: "وكثيرًا ما كان يُتَعرَّضُ له في مجالسِ وعظِه بالرقاع مضمَّنةً أسولة (¬1) عويصة فيصدر عنه من سرعة الجواب عنها وحسنه وإيضاح خفيِّها وحلِّ مُشكلها ما يقضي منه العجب، شاهدت منه في ذلك كثيرًا، وقصدت الإغماض غير مرة أنا وجماعة من أصحابنا في كثير من الأسولة التي كنا نُودِعُها الرقاعَ المرفوعة إليه، فيأتي بالجواب عنها بما يبهت الحاضرين سرعةَ بديهة وحُسنَ ترتيب، وحينئذ [يعود] إلى ما كان فيه من وعظه"، وقد نوه بإنصافه في المناظرة وصبره على المباحثة: "لا يكاد يَخْلَى محاضرُه من مفاوضة علمية ومذاكرة وبحث ومساءلة، على ذلك عرفناه" (¬2). وكأن ابن عبد الملك يوازن بين هذا الشيخ وبعض الشيوخ الذين كانوا يضيقون ذرعًا بالأسئلة في حلقات الدرس ولا يتسع صدرهم للمناقشة، ولا يطيقون المفاتشة، ومهما يكن فإن كلام ابن عبد الملك السابق يدلنا -زيادةً على إعجابه بطريقة هذا الشيخ الوافد من بغداد الحامل لتراث واعظِها الكبير ابن الجوزي- على أنه في هذه المدة التي قضاها ابن رشيد في مَرّاكُش (655 - 666 هـ) قد اشتد ساعده وقويت عارضته وبدت نزعته إلى المصاولة التي تمكنت منه فيما بعده لم يكتف ابن عبد الملك، وهو النَّهِم في العلم، الطُّلَعة إلى المعرفة، بهؤلاء الشيوخ الذين أخذ عنهم في مَرّاكُش، وفيهم، كما رأينا، مَرّاكُشيّونَ بَلَديُّونَ وأندَلُسيّون ومَشارقة وافدون، ولكنه رحل إلى بعض مدن المغرب، كما كان في ¬

_ (¬1) أصلها "أسئلة" سَهّل الكاتب الهمزة الثانية ثم أبدل الياء واوًا تخفيفًا، وهو جائز في العربية (بشار). (¬2) راجع ترجمة ابن رشيد في السفر الثامن رقم (75).

أواخر عهد الموحِّدين وأوائل عهد المَرِينيِّين، فزار آسفي وسَلا وفاس وسَبْتَة وتلِمْسان وحاحةَ ودرعة وأَزْمُور، كما جاز إلى الأندلس ولكنه اكتفى بزيارة الجزيرة الخضراء؛ طلبًا للقاء الشيوخ الكبار، وسعيًا وراء الأسانيد العالية، والفوائد النادرة، وبحثًا عن أصول المخطوطات النفيسة، ونُسَخها النادرة، ورغبةً في معرفة الأقران، ومذاكرة الأصحاب. 22 - ويخبرنا، في الأسفار التي بين أيدينا من كتابه، أنه رحل إلى آسفي مرات للقاء شيخه الكبير الحافظ الضّرير أبي علي الماقَرِيِّ، وغيره من أهل العلم في هذا البلد، وكانت أولاها في سنة 663 هـ. قال في ترجمة أبي عبد الله الغساني التِّلِمْسيني: "وردت آسفي في أول قَدْمة قَدِمت عليها يوم الاثنين لأربع بقين من جمادى الأولى سنة ثلاث وستين وست مئة فعرَفتُ مرضَه، وقصدني ابنه جعفر مسلِّمًا عليّ وذاكرًا تشوقَه إلى، فتواعدت معه لعيادته من الغد، فجاء إلى منزلي من الغد وافيًا بوعده ومعتذرًا عن لقائه بعذر قبلته، وأدرج فيه رجاء تماثل حالة وإرجاء لقائه إلى [يوم آخر، وتوفي] يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من جمادى المذكورة، ودفن من الغد إثر صلاة الظهر بالمقبرة التي بقبلي جامع آسفي الأعظم، وحضرت جنازته وكانت مشهودة، وكنت قائدَ شيخنا أبي علي الماقريِّ الضّرير فيها, ولم يتخلف عنها أحد، وأتبعه الناس ثناءً جميلًا، وكان أبو علي يطيل الثناء عليه ويشيد بذكره" (¬1). ولم يسَمِّ ابنُ عبد الملك أَبا عبد الله الغسانيَّ المذكور في شيوخه، ولكننا نستشفُّ من النص السابق الذي يُشعر بسابق معرفة به أنه ربما أخذ عنه، وقد يدل على ذلك تحدثه عنه حديث خبير به مطلع على أحواله: قال: "كان ذا حظ صالح من رواية الحديث، عَدْلًا فيما يرويه، متقدِّمًا في ضبط اللغات [والحفظ] للآداب والتواريخ والأنساب، مشاركًا في الفقه والنحو، ضاربًا في قرض الشعر ¬

_ (¬1) راجع ترجمة الغساني في السفر الثامن رقم (71).

بسهم مصيب، متحرفًا بالتجارة في القيسارية بآسفي يقعُد في حانوته لاسترزاقه كل يوم ببضاعة يديرها فيها بعدَ الفراغ من مجلس تدريسه "الموطأ" والسير والنحو والآداب واللغة، وكان على طريقة مَرْضيّة، من أهل الدين المتين والانقباض عن مخالطة الرؤساء وملابستهم" (¬1). 23 - أما شيخُه الحافظ الماقريُّ، الذي أشار إليه في النص السابق، فيُعَدُّ من أقرب شيوخه إلى نفسه وأكثرهم تأثيرًا فيه، وقد روى عنه في "الذيل" من الإفادات والإنشادات والأحاديث ما لم يعرفه إلا من طريقه، وكان هذا الحافظ الراوية الماقريُّ قد أخذ عن طائفة من كبار الشيوخ من طبقة الحافظ أبي الحَسَن ابن القَطّان الفاسيّ، وأبي الخَطّاب بن واجِب البلنسي، وأبي الحَسَنُ بن أبي قوة الدّاني، وأبي علي الرُّنْديّ، وأبي بكر السّلاقي وغيرِهم، وكان مقيمًا برباط آسفي حيث يوجد شريح الولي المشهور أبي محمد صالح الماجِريّ، وقد تردَّد عليه ابن عبد الملك من مَرّاكُش مرّات، أشار إلى أولاها في النصِّ السابق، ويبدو أنه كان يقيم في كلِّ مرة ما يزيد على الشهر، فقد رأيناه في النصِّ السابق يذكر وصُولَه إلى آسفي في أواخر جمادى الأولى من سنة 663 هـ، وها هو يتحدّث بما يفيد مكوثه ووجوده فيها في أواخر جمادى الأخرى من السنة نفسِها، قال: "أنشدت على شيخنا أبي عليّ الماقري رحمه الله بثغر آسفي حماه الله في أواخر جمادى الأخرى من سنة ثلاث وستين وست مئة، قال: عرضتُ عليه -يعني أَبا الحَسَن ابنَ الحصّار هذا- قصيدته الرائيّةَ التي قالها في المدنيِّ والمكّيّ من سور القرآن، وهي اثنان وعشرون بيتًا، وذلك في شهر ذي الحجة من سنة ست وتسعين وخمس مئة" (¬2)، ثم ساق القصيدةَ المذكورةَ كما أنشدها على شيخه. ومما حدّث به عنه أَيضًا قراءةً عليه بثغر آسفي: القصيدةُ الفائيّة في التوسُّل لأبي الوليد ابن الفَرَضيّ ومعارضتها للأُقليشيِّ والفازَازيّ، والماقَريّ، وحديثٌ ¬

_ (¬1) راجع ترجمة الغساني في السفر الثامن رقم (71). (¬2) راجع ترجمة ابن الحصار في السفر الثامن رقم (14).

مسَلسَل بالمصافحة، وحديث طعام البخيل، وبعضَ نظم المحدَث ابن أبي قوة، وردُّه على ابن غَرْسيّةَ الشُّعوبيِّ، وأشعار في ترجمة الطبيب أبي جعفر الهَمْدانيّ، وغير ذلك مما هو مبثوث في "الذّيل والتكملة"، كما حمل عنه فِهرِسةَ أبي الحَسَن ابن القَطّان (¬1). وقد حصَلَ ابن عبد الملك، الذي كان من المُغالِينَ في جمع الأصول المخطوطة، من أحد أقارب شيخه المذكور على أصل نادر من كتاب "تقييد ما يقع فيه التحريف ولا يؤمَنُ فيه التصحيف لرواة العلم من أهل الأندلس" ووصَفَه بأنه "أصل صحيح أراه كُتب في حياة المصنِّف، وأقدم الآثار في كونه لأبي عُمَر بن عيّاد ثم لأبي الخَطّاب بن واجب ثم لابن عمِّه أبي الحَسَنُ ثم وَهَبَه لأبي عبد الله المومناني، ثم أتحفَني به الصاحب الأودُّ في الله الأفضل أبو عبد الله بن عيسى الماقريُّ مُستوطِنُ ثغر آسفي، حماه الله، وكافأ فضلَه وشكر إفادتَه، وقد نقَلَ من هذا الأصل أبو عبد الله ابنُ الأبّار وغيره، وقرأوه على أبي الخَطّاب بن واجب" (¬2). وزار ابن عبد الملك سَلا التي كانت يومئذ تؤلِّف معَ رباط الفتح مدينةً واحدة يوَلّى عليهما والٍ واحد وقاضٍ واحد ومُشرفٌ واحد وفي بقية الخُطط الكبرى كذلك، ولم نقفْ في الأسفار الموجودة من"الذّيل" على زيارته -أو زياراته- لها وتاريخها, ولكننا وقَفْنا على ما يشيرُ إليها، ويدُلّ على معرفته بها وبأهلها، قال في ترجمة أبي العباس البكريِّ الشَّريشيّ الذي استَوطنَ سَلا واستُقضي بها: "ولأحمد المترجم به عَقِب بسلا إلى الآن" (¬3)، وقد أورد النُّباهيُّ ¬

_ (¬1) انظر الذيل والتكملة 1/الترجمة 841، 4/ الترجمة 87، 5/الترجمة 313، 685، ومذكرات ابن الحاج النميري: 103. (¬2) الذيل والتكملة 5/الترجمة 685. (¬3) المصدر نفسه 1/الترجمة 231.

قصيدة لزومية لابن عبد الملك في التشوق إلى سلا وأحبّتِه فيها، وهي جواب عن رسالة وردت عليه من أحدهم، وأولها [من الكامل]: يا عاذليَّ دَعا الملامة أو سَلا ... عن صادقٍ في الحبِّ مثلي هل سلا كيف السُّلوُّ ولي بحُكم البَيْنِ في ... مَرّاكُشٍ جسمٌ وقلبٌ في سلا ومنها مشيرًا إلى كتاب صديقه [من الكامل]: وافَى إليّ على البعادِ كتابُهُ ... فبمهجتي أفدي كتابًا أُرْسِلا ومنها [من الكامل]: من لي بتيسير المسير إليكمُ ... فأصمِّمَ العزمَ الذي لن يَكسَلا وأُصارمَ القُربى وأهجرَ موطنًا ... وأجوبَ حَوْماتٍ لأُنسي في سلا فلو القضاءُ أتاح ما عُلِّقتُهُ ... ما كنت ممن في البِدارِ ترسَّلا حتى أحلَّ مثابةَ الفضل الذي ... لِسواه قلبي بعدَه ما استرسَلا (¬1) وابن عبد الملك يُعارض قطعةَ لابن عَمِيرةَ أولهُا [من الكامل]: يا صاحبيَّ وللفراقِ صبابةٌ ... عما بقلبي من لواعجِها سلا ولا نعرفُ الآنَ صاحبَ الرسالة التي أجابه عنها بالقصيدة المذكورة، ولعلّه عَرَضَ لها ولمناسبتِها في أحد الأسفار المفقودة من "الذّيل والتكملة". 24 - ومن شيوخ ابن عبد الملك السَّلَويِّينَ: أبو عبد الله محمدُ بن إبراهيم بن عُمر السَّلَويّ الخَطيب ابن البَراذعي، ذكره في الآخِذين عن ابن عَمِيرة المخزوميِّ الذي وَليَ قضاء العُدوتَيْن، وأغلبُ الظنِّ أن ابن عبد الملك لقيه في سلا. 25 - أما فاسُ، التي كانت المدينةَ العلمية الثانية بعدَ مَرّاكُش في عهد الموحِّدين ثم عادت إليها أوليتها في عهد بني مَرِين، فقد زارها ابن عبد الملك ¬

_ (¬1) المرقبة العليا: 131.

أكثرَ من مرة، ويبدو أنه كان فيها في سنة 655 هـ، وهي سنةُ وفاة شيخه أبي عبد الله محمد بن يوسُف المَزْدَغي، فقد وصف جنازتَه وتكلّم في ترجمته على تاريخ توليه الإمامةَ بجامع القَرَوِّيين الأعظم سنة 653 هـ، وأولَ صلاةٍ وآخرَ صلاة أمَّ فيها، ممّا قد يُشعر بحضوره في كل ذلك. وقد عَدَّ من أصحابه حفيدَ شيخِه المذكور، قال في ترجمة محمد المومنانيِّ الابن: "وذكَرَ لي الخطيبُ الفاضل صاحبُنا أبو الحُسَين بن أبي القاسم عبد الرحمن بن أبي عبد الله المَزْدغيّ أنه عَزَمَ وقتًا على التزوُّج، فارتاد في بيوت أهل فاس، فأشار عليه أبو الحَسَن بن زرنبق بابنة أبي بكر هذا (المومنانيّ) وقال: لا تَعدِلْ عنها فإنها من أهل البيت النَّبويّ الكريم، فعمل على إشارته وتزوّجها فهي أُمُّ بنيه: أبي الفضل وغيره" (¬1). 26 - وممّن لقيَهم في فاسَ: أبو عبد الله المومنانيُّ الابن، قال: "لقيته كثيرًا بفاس وجالسته طويلًا، وخبِرت منه جَوْدةً وسلامةَ باطن، وكان له تعلّق بطرف من الرواية" (¬2)، ولم يذكر وفاته، مما قد يدُلّ على أنه كان حيًّا وقت إنجاز كتابه الذي استمرّ في تحريره حتى سنة 702 هـ, أي: قبيل وفاته بقليل، وهذا الفاضل في طبقة أصحابه وإن كان أسنَّ منه. 27 - ومن شيوخ ابن عبد الملك الفاسيِّين: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن إبراهيم البَكْريُّ الفاسيّ، سماه في الآخِذينَ عن أبي الحَسَن الشارِّي (¬3)، ولم نقفْ على ترجمته أو ذكْرِه في مكانٍ آخر، ولعلّ المؤلّفَ لقيه في فاس. 28 - ومن شيوخه الفاسيّين الذين أخذ عنهم في صِغره: أبو محمد العراقيُّ، المتوفَّى سنة 646 هـ (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمة المومناني في السفر الثامن رقم (141). (¬2) المصدر نفسه. (¬3) المصدر نفسه رقم (12). (¬4) السفر الثامن (235)، وترجمته في صلة الصلة 3/الترجمة 264.

وقد توقَّف ابن عبد الملك بفاسَ في جُمادى الأخرى سنة 699 هـ وهو في طريقِه إلى تِلِمسان للالتحاق بمحلّة السلطان يوسُف بن يعقوبَ بن عبد الحق. واقتنى في خلال هذه الزيارة بعضَ المؤلَّفات النفيسة، ومنها: كتابُ "عِبرة العِبَر وعجائبُ القَدَر في ذكْر الفتن الأندَلُسيّة والعُدْويّة بعدَ فساد الدولة المُرابطيّة" بخطِّ مؤلِّفه الأديب التاريخيِّ أبي عامر السالمي (¬1). ونحسَبُ أنّ صلةَ ابن عبد الملك بفاسَ أو سمعُ من هذا الذي وجدناه، ومعَ أنه فتح عينيه على مَرّاكُش وهي حاضرةُ الغرب الإِسلامي وعاصمة الإمبراطوريّة الموحِّدية، وشاهَدَ بقايا أمجادِها، فقد كان يعرف لفاسَ حقَّها ويَقدُرُها قَدْرَها، قال أحد المؤرِّخين، ولعله صالحُ بن عبد الحليم: "وقد سمعتُ الشّيخَ الفقيه قاضيَ الجماعة العالِم الراويةَ المحدِّث الباحث المحقِّق أَبا عبد الله بن عبد الملك رحمه الله يقول: كان بفاسَ من الفقهاء الأعلام، الأجِلة أعيان الأنام، ما ليس في غيرها من بلدان الإِسلام؛ إذ هي قاعدة المغرب، ودار العلم والأدب، لكنّ أهلها أهملوا ذكْرَ محاسنِ علمائهم، وأغفَلوا تخليدَ مفاخر فقهائهم" (¬2). ورحل ابن عبد الملك إلى سَبْتةَ التي كانت في عصره تعُجُّ بالعلماء وتغُصُّ بحلقات الدّروس المختلفة، وقد أوى إليها عددٌ من أعلام الأندلس الذين ضاعت بلدانهم في شرق الأندلس وغربها، كما وَفَد عليها عددٌ آخرُ من أهل العُدوة، ويخيَّلُ لمن يتصفّح أسماءهم أنَّهم بَلَغوا من كثرة العدد مبلغًا لم تكن تتّسع له، ولذلك كانوا يرحَلون بعد قضاءِ مدة فيها إلى جهات أخرى في داخل المغرب أو إلى بِجَاية وتونُس أو إلى المشرق. ولم يقيِّد ابن عبد الملك تاريخَ رحلته إلى سَبْتة في المرّات التي أشار إليها في كتابه بتاريخ مضبوط، وإنّما ذكر مرّةً أنها كانت بمناسبة رحلته إلى الأندلس، ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 6/ الترجمته 40. (¬2) مفاخر البربر: 76.

وهذه وقعت في شبيبته كما نصّ على ذلك ولدُه أبو عبد الله، وفي هذه المرحلة على العموم كان تنقُّله لطلب العلم. 29 - وقد أخَذ عن جماعة من شيوخ العلم في سَبْتة أوّلهم: أبو القاسم العَزَفيُّ رئيسُها (من 647 هـ إلى 677 هـ)، وكان هذا الرئيسُ الفقيه عالمًا بالفقه والأصول والنّحو واللّغة والحديث، كما كان شاعرًا مُجِيدًا، سمّاه المؤلِّف في شيوخه الآخِذينَ عن أبي الحَسَن ابن القَطّان، وتحدَّث عنه في ترجمة شيخ الصُّوفية في عصره أبي العباس القنجايريِّ دَفِين سَبْتة، فقال: "وتخلّف بنتًا تزوَّجَها شيخُنا الفقيه الأجَلّ الرئيسُ الأوحد المرحوم أبو القاسم ابنُ الفقيه الأجلّ المحدِّث الراوية السَّنِيّ الأفضل أبي العبّاس أحمدَ ابن القاضي أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد اللَّخمي، عُرِف بابن أبي عَزَفةَ ويُنسَب لذلك: العَزَفيَّ، أنكَحَه إياها أبوه المذكورُ؛ إذ كان أبوها قد عَهِد إليه بالإيصاء عليها والنظر لها، فأداه اجتهاده إلى إنكاحها من ابنه المذكور، فكان في ذلك اليُمنُ والخيرُ والبركة، فهي أُمُّ أولاد السّراةِ الأماجد الخمسة الأكابر، أبقى اللهُ عليهم وعلى أعقابهم بركة أسلافهم" (¬1). وفي النصِّ دلالاتٌ واضحة على روابطِ الوفاء والولاء نحوَ شيخِه المذكور وأُسرته، ولا بدّ أنّ ابنَ عبد الملك لقِيَ عندهم أثناء مقامه بسَبْتةَ عنايةً ورعاية وبرورًا وتكريمًا، وقد عُرفوا بذلك مع أهل العلم في سَبْتة كافّة، وثمّةَ إشارةٌ لابن عبد الملك في كتابه تدُلّ على مكاتبته شيخَه هذا (¬2). 30 - ومنهم: الشاعرُ المُكثر مالكُ ابن المُرحَّل، وهو أشهر من أن يُعرَّف، روى عنه بعضَ الفوائد وقدرًا صالحًا من شعره، وأورد منه في السِّفر الأول من "الذّيل والتكملة" قصيدتَيْن طويلتَيْنِ في مثال النَّعل النبويِّ الكريم مَهّد للأولى ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 34. (¬2) انظر ترجمة ابن منداس في السفر الثامن رقم (138).

بقوله: "أنشَدني شيخُنا أبو الحَكَم مالك بن عبد الرّحمن المالَقيُّ، عَفَا اللهُ عنه، بسَبْتةَ، حرَسَها الله، لنفسه وكتب لي بخطه في هذا المعنى (ما قيل في مثال النَّعل) ووَطّأ له بمَدْحِه - صلى الله عليه وسلم -، ثم ساقها وهي من خمسة وثلاثين بيتًا، ومهّد للثانية بقوله: "وأنشدني أَيضًا بسَبْتةَ حرسها اللهُ تعالى لنفسه في المعنى، وكتبه لي بخطه"، ثم سرَدَها، وهي من خمسة عشر بيتًا (¬1)، وقد استجادهما جُملةً، وتعقّب بالانتقاد بعضَ ما فيهما من عيوب القافية واللغة حسَبَ رأيه، ورَدَّ عليه في هذا معاصرُه وصاحبه ابن رشيد السَّبْتيُّ كما سنعرضُ لذلك فيما بعد، وقد نقفُ عند قول ابن عبد الملك في نسبته شيخَه هذا مالَقيًّا لا سَبْتيًّا، وهذا من تحرّيه وإنصافه، وخضوعه التامِّ لشرْط كتابه، وتطبيقه المنهجيِّ للمصطلح الذي سار عليه مؤلفو "الصِّلات" من ابن الفَرَضيّ ومَن تبِعَه، حيث إنهم ينسُبُون الشخصَ إلى البلد الذي وُلد فيه لا إلى مُهاجَرِه ومستقَرِّه، كما تستوقفُنا عبارة "عَفَا اللهُ عنه"، فهي -زيادةً على دلالتها أنه كان حيًّا وقتَ تحرير ما كتبه المؤلّف- قد تشيرُ بطرف خفيٍّ إلى مُهاتراته معَ بعض معاصريه، ومهما يكنْ فإنّ شاختَه لابن عبد الملك لم تمنَعْه من مراجعته ومناقشته، وقد رَوى عنه توجيهًا دقيقًا وغريبًا في اسم "حَوْط الله" ثم عقَّب عليه بقوله: "هذا ما تلقّيتُه من شيخنا أبي الحَكم في أصل هذا الاسم، ويأباه كَتْبُ هؤلاءِ إياه: حَوْطَ الله، ونَقْلُهم ذلك خَلَفًا عن سَلَف" (¬2). وقد وَصَف إكثارَه في النظم وانشغالَه به فقال: "كان مكثرًا من النظم مجيدًا سريعَ البديهة، مستغرقَ الفكرة في قَرْضِه، لا يفتُرُ عنه حينًا من ليل أو نهار. شاهدت ذلك وأخبرني أنه داءٌ به، وأنه لا يقدر على صَرْفه عن خاطره، وإخلاء بالِه من الخوض فيه، حتى كان من كلامه في ذلك أنه مرضٌ من الأمراض المزمنة"، ثم تحدّث عن ذُيوع شعره وسَيْرورةِ نظمِه قائلًا: "واشتُهر نظمُه وذاع شعره، فكَلِفَت ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 419. (¬2) المصدر نفسه 1/الترجمة 221.

به ألسِنةُ الخاصّة والعامة وصار رأسَ مال المسمِّعينَ والمغنِّين، وهِجِّير الصادرينَ والواردين ووسيلةَ المُكدِّين، وطرازَ أورادِ المؤذِّنين، ومَطْلبةَ البَطّالين" (¬1). وهذا كما ترى حديثُ عارف بالرجل خبير بأدبه دارس لشعره، وما نحسَبُ إلا أنه صَحِبه طويلًا في سَبْتة، وربّما في مَرّاكُشَ أَيضًا حينما كان ابن المُرحَّل في حاشية الأمير أبي مالك المَرِيني. هذا وقد ذكر ابن الخَطيب أنّ ابن عبد الملك ذكر شيخَه هذا -ولعله يقصدُ أنه ترجَم له في "الذّيل والتكملة"- ثم قال -وكأنه ينتقدُه-: "فأمّا ابنُ عبد الملك فلم يستوفِ له ما استوفى لغيره" (¬2). ونقَل بعضَ كلامه من الترجمة المذكورة (¬3)، وكما أخَذ ابن عبد الملك عن ابن المُرحَّل أخَذ عنه ولدُه أبو عبد الله (¬4). 31 - ومن شيوخ ابن عبد الملك السَّبْتيِّينَ: ابنُ أبي الرّبيع إمامُ النَّحْويين في وقته، ذكَرَه في ترجمة أبي عَمْرو محمد بن زغلل، فقال: "رَوى عنه شيخُنا أبو الحُسَين عُبَيد الله بن أبي الربيع" (¬5)، ولا بدّ أنه أخذ عنه النّحو الذي كان يدرِّسه -كما كان يدرّس غيرَه- في سَبْتة، ولعله تحدّث بشيء من التفصيل عن لقائه إيّاه في سَبْتةَ خلال ترجمته التي لم تصلْ إلينا في "الذّيل والتكملة". 32 - ومنهم: أبو إسحاق التِّلِمسانيُّ المتوفَّى بسَبْتة عام 695 هـ، ترجم له ابن عبد الملك في السِّفر السابع المفقودِ الآنَ، ونقَل من هذه الترجمة ابنُ الخَطيب في "الإحاطة" بالحرف تارَةً وبالتصرّف تارَةً أخرى، قال المؤلّف متحدِّثًا عن علمه وخُلقه وحاله معتمدًا على ما لَمَسَه ورآه: "وخبِرت منه في تَكراري عليه تيقّظًا وحضورَ ذهن، وتواضعًا وحسن إقبال وبِرّ، وجميل لقاءٍ ومعاشرة، وتوسطًا صالحًا ¬

_ (¬1) الإحاطة 3/ 307 نقلًا عن ابن عبد الملك. (¬2) المصدر نفسه. (¬3) تقع ترجمة ابن المرحل على هذا في السفر السابع، وهو مفقود. (¬4) الإحاطة 3/ 324. (¬5) الذيل والتكملة 6/ الترجمة 266.

فيما يناظرُ فيه من التواليف، واشتغالًا بما يَعْنيه من أمر معاشِه، وتخاملًا في هيئته ولباسه، يكاد ينحَطّ عن الاقتصاد حسَب المألوف والمعروف في سَبْتة" (¬1). وأشار إليه في ترجمة أخيه محمد المعروف بأبي عبد الله البَرِّي، فقال: "وهو أخو شيخنا أبي إسحاق التِّلِمْسانيّ وكبيرُه" (¬2)، ولم يسَمِّ ابنُ الخَطيب من تلاميذه إلا ابنَ عبد الملك، قال: "رَوى عنه الكثيرَ ممن عاصره، كأبي عبد الله ابن عبد الملك وغيره". أمّا ما رواه عنه فهو أُرجوزتُه في الفرائض، وهي مشهورةٌ ومترجمة إلى اللغة الفرنسية، ومنظوماتُه في سِيَرِ المصطفى وأمداحُه، ومقالتُه في علم العَروض الدُّوبِيتي. 33 - وقرأ ابنُ عبد الملك في سَبْتةَ أَيضًا على القاضي ابن القارئ الإشبيليّ، وهو أبو الحُسَين عُبَيد الله بن عبد العزيز المشهورُ بابن القارئ، وسمّاه في شيوخه الآخذين عن أبي العباس أَحْمد بن منذر الإشبيلي وأبي الحَسَن الدّبّاج (¬3)، وكانت له حلقات يدرّس فيها بعض كتب القراءات والحديث، ولم تصل إلينا ترجمته في "الذّيل" حتى نعرفَ بالضّبط ما رواه عنه ابنُ عبد الملك. 34 - وذكَرَ ابنُ عبد الملك كثيرًا شيخَه نزيلَ سَبْتة ومِكْناس: أَبا محمد عبدَ الله، وهو مملوكٌ روميّ كان مَوْلًى لرئيس جزيرة مَنُرقة أبي عثمانَ سعيد بن حكم ثم لولده الرئيس من بعده أبي عُمرَ حَكَم، ومعه لجأ إلى سَبْتة بعد استيلاء الأرغُونيِّين على مَنُرقة سنةَ 686 هـ, ولم يصحَبْه عند توجهه في مركَب إلى تونُس مع أهله وحاشيته فغرقَ الجميعُ بأحواز مدينة الجزائر، وبذلك كُتِب له أن يعيشَ حتى آخر سنة 697 هـ أو أول السنة التي تليها، ووَلي خلال المدّة المذكورة الخَطابة في سَبْتة، كما كان مقصِدًا لأهل الطلب والرواية. وذكر ابنُ عبد الملك أنه حدَّثه عن أبي العبّاس بن عَجْلان، وابن عَمِيرة المخزوميِّ، وأبي القاسم بن يامِن، وأبي عثمانَ سعيد بن حَكَم سَيّدِه، وأبي عَمْرو عثمان ابن الحاجّ، وأبي ¬

_ (¬1) الإحاطة 1/ 326 نقلًا عن ابن عبد الملك. (¬2) انظر ترجمة رقم (76) من السفر الثامن. (¬3) الذيل والتكملة 1/ الترجمة 842، 5/ الترجمة 394.

الحَسَن ابن الغَزَال، وأبي القاسم ابن الأصفر، وأبي عبد الله ابن الجَلّاب، وأبي عبد الله المَنُرْقيّ، وأبي عبد الله البرِّي، وأبي عبد الله الأَزْديِّ السَّبْتيّ وغيرِهم (¬1)، وربّما كنّا نعرف أكثر ممّا ذكَرَ لو وصَلت إلينا ترجمةُ المؤلّف له. 35 - وممّن حضَر إقراءهم وجالَسَهم في سَبْتة: أبو القاسم ابنُ الطيِّب الخَضْراوي نزيلُ سَبْتة المتوفَّى بها سنةَ 701 هـ، وقد ترجَمَ له ترجمة جيّدة، قال فيها: "روى عنه غيرُ واحد من طلبة سَبْتة، ولقيتُه بها وجالسته مرّات، وحضرت إقراءة، وكان مجوِّدًا للقرآن العظيم من أحسَن الناس صوتًا به وأطيبِهم نَغَمة في إيراده ذا حظّ صالح من رواية الحديث وعلم الفقه والعربية، شديد القوّة الحافظة، استَظهرَ في صِغره أوانَ طلبِه جُملة وافرة من دواوين العلم" (¬2)، ثم سَرَدَ حوالي 35 مؤلَّفًا مما كان يَستظهرُه في القراءات والسِّير والحديث والنّحو والفقه والأدب واللغة، وهو شيءٌ يجعلُنا اليوم نقفُ متعجِّبينَ معجبين بالِهمم الكبار التي كانت لأسلافنا. وقد ذكَرَه المؤلّفُ أَيضًا في ترجمة ابن خميس، وأشار إلى غلطِه في نسَبِه فقال: "ونسَبَه أبو القاسم محمدُ بن عبد الرحيم بن الطيّب فقال فيه: محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن يحيى بن يوسُف بن يحيى بن خميس، وهو غلَط" (¬3)، كما ذكره في ترجمة سَلَفِه أبي العبّاس المُرسيِّ المقرئ (¬4). 36 - ولقيَ ابنُ عبد الملك في سَبْتةَ: أَبا عبد الله ابنَ الخَضّار، وهو شيخٌ أكمَهُ عُني برواية الحديث وعلومه ورجاله في المغرب والأندلس والمشرق، قال ابن عبد الملك في ترجمته: "رَوى عنه غيرُ واحد من أصحابنا, ولقيته بسَبْتة وحاضرته كثيرًا، وبايَتُّه، وشاهدتُ من ذكائه وحضور ذكره ما يُقضى منه العجَب، وكان ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 364، 414، 608، 6/الترجمة 941، 1064، ومواضع أخرى. (¬2) المصدر نفسه 6/ الترجمة 994. (¬3) المصدر نفسه. (¬4) المصدر نفسه.

تأريخيًّا حافظًا" (¬1). وذكَرَ أنه -وهو الأكمَهُ- كان يخترقُ أزِقّةَ سَبْتة وشوارعَها ورَبَضها وحدَه ويستطيع بحَدْسِه فقط تمييزَ معالمها وخططها، قال: "وأُخبرت عنه بعجائبَ أغربَ من هذا النّمط". ولا بدّ أنّ المؤلّف استفاد منه على الخصوص ما يتعلّق بالتاريخ الذي كان ابنُ عبد الملك لا يفتُرُ عن التنقيب فيه، وهو يتّفق مع ابن الزُّبير والتُّجِيبيِّ (¬2) في وَصْف هذا الشيخ بالتأريخيّ، ولم يكن التاريخُ هو كلَّ بضاعته، فقد كان يدرِّس الحديثَ والفقه والأصول والنّحو والصّرف والعَروض، واشتُهر بتدريسه كتابَ "علوم الحديث" لابن الصّلاح الذي رواه عن مؤلّفه في دمشق سنة 634 هـ صُحبةَ أبي مَرْوان الباجِيّ، وقد صار الأصلُ الذي سَمِعا فيه على المحدِّث الدِّمشقيِّ الكبير إلى مُلكيّة ابن عبد الملك. قال: "هذا الأصلُ الذي سمع فيه قد صار إليّ والحمدُ لله وفيه خطُّ ابن الصّلاح بتصحيح التَّسْميع، وقد تضمَّن إذْنَه في روايته عنه لكلِّ من حصّل منه نُسخة، فانتَسَخ منه جماعةٌ من جِلة أهل العلم ونُبلائهم، منهم: أبو الحَسَن الشارِّيُّ، وأبو عَمْرو عثمانُ ابن الحاجّ وأبو القاسم أحمدُ بن نبيل وغيرُهم، ونسخت منه نسخة لبعض الأصحاب لأمرٍ اقتضى ذلك لم يسَعْ خلافه" (¬3). 37 - وثمّة سَبْتيٌّ يبدو أنّ ابن عبد الملك أخَذ عنه في سَبْتة وهو: محمد بن إبراهيمَ بن يَرْبوع السَّبْتي المتوفَّى في سنة 694 هـ، وقد عَدّه من شيوخه في ترجمة عِمران بن موسى الهوّاريِّ السَّلويّ، كان طلبةُ العلم يرحَلون رغبةً في الاستزادة منه إلى الأندَلس والمشرق. وجَرْيًا على التقليد المألوف رحَل ابن عبد الملك إلى الأندلس، ويُخبرنا النباهيُّ عن هذه الرحلة حكايةً عن محمد ولد ابن عبد الملك، قال: "وحَكَى ولدُه المذكورُ أنه قصدَ أيام شبيبتِه عبورَ البحر برَسْم الجواز إلى الأندلس، فبلغ منها ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في السفر الثامن رقم (139). (¬2) برنامج التجيبي: 274، وصلة الصلة 3/الترجمة 34. (¬3) الذيل والتكملة 5/الترجمة 1298.

الجزيرةَ الخضراء، وحضر بها صلاةَ جُمُعةٍ واحدة وأقام بها ثلاثةَ أيام جائلًا في نواحيها آخذًا عن أهلها، ثم قال: حصَلَ لنا الغرَضُ من مشاهدة بعض البلاد الأندلسيّة والكونِ بها، والحمدُ لله على ذلك، وعاد قافلًا إلى أرضه" (¬1). وكأنّي بابن عبد الملك وهو الناعي على المغاربة إهمالهَم وتقصيرَهم في تاريخ أعلامهم، والعارفُ باصطلاح مؤلفي "الصِّلات" الأندَلُسيِّين ومقلِّديهم من المغاربة، كابن فَرْتُون، أراد بهذه الرحلة الخاطفة المحدودة أن "يَحجُزَ" مكانه و"يضمِّن" ترجمته في "صِلة" من"الصِّلات" التي تؤلَّفُ في الأندلس، فلو لم يقمْ بهذه الرحلة القصيرة لما ظفِر وظفِرنا بهذه الترجمة الجيِّدة التي أثبتَها له شيخُه ابن الزُّبير معَ "الغُرباء" في "صلتِه" حسبما اقتضاه الاصطلاحُ المشار إليه. واكتفى بزيارة الجزيرة الخَضْراء لقُربها، فيما نظُنُّ؛ لأنّ أُمّهات المدن الأندلسية التي يؤخَذ فيها العلمُ، مثلَ قُرطُبة وإشبيلِيَةَ وبَلَنْسِيَة ومُرْسِيَةَ وغيرِها، كانت قد خرجت من يد المسلمين، وارتحل جُلُّ علمائها إلى المغرب، ولم يزُرْ مالَقةَ وغَرناطة، لحصول غرَضه في الكون ببعض البلاد الأندَلُسية، أو لسببٍ أو أسباب أخرى. واقتَصَر على استجازةِ بعض شيوخ العلم فيهما كما سنبيِّن ذلك. 38 - نجد بعضَ أصداء هذه الرّحلة في الأسفار التي بين أيدينا من "الذّيل والتكملة"، وتسميةً لبعض الشيوخ الذين لقِيَهم في الجزيرة الخضراء وزيارة لخزائن خاصّة فيها، وتبركًا بمن يوصَف بالخير والصّلاح من أهلها، قال في ترجمة ابن خَميس المتوفَّى سنة 688 هـ: "رَوى عنه ابنُه أبو جعفرٍ وأصحابُنا: قريبُه أبو بكر بن محمد القللوسيُّ وأبو إسحاق بن أحمدَ بن عليّ التُّجِيبيّ وأبو عبد الله بن عُمر بن رَشِيد ولقِيتُه بالجزيرة الخَضْراء وسمِعت منه بعضَ كلامِه، وأجاز لي ولمن أدرَك حياتَه من ولدي، وأدركها منهم: محمدٌ وأحمدُ، كان اللهُ لهما" (¬2). ويُفهَم ¬

_ (¬1) المرقبة العليا: 131 - 132. (¬2) الذيل والتكملة 6/ الترجمة 806.

من هذا النصِّ أنّ ابنَ عبد الملك كان متزوِّجًا في ذلك التاريخ, كما أنه سمع خُطبة هذا الشّيخ وصَلّى وراءه يومَ الجُمُعة؛ إذ كان الإمامَ الخَطيب بالجامع الأعظم في الجزيرة الخضراء. ويَنقُل ابن عبد الملك عن كتاب "أعلام مالَقة" لابن عَسْكر، الذي أكمله ابن أخته ابن خميس بعد وفاته. وقد يكون تناوَلَه منه، وأتيح له أن يَطّلعَ على مكتبة آلِ عظيمةَ وهم "بيتُ علم بالقراءات واشتغال بها وانقطاع إليها، وإقراء وتجويد"، قال: "وقد وقفتُ بالجزيرة الخضراء عند صاحبنا الوَرِع الفاضل أبي عَمْرو عَيّاش بن الطُّفَيْل هذا المترجَم به على جُملةٍ وافرة من كتب سَلَفِه مما تملّكوه أو كتبوه أو ألّفه مؤلِّفوه ... " (¬1). كان ابنُ عبد الملك من كبار هُواة الكُتب والحصُول على نفائسها بالخصوص؛ ولهذا نجدُه يسعى عند دخول بلد من البلدان إلى البحث عما فيه من مكتبات، ومن هنا تيسَّر له الوقوفُ على كمّ هائل من الكتب ما نظُنُّ أحدًا من معاصريه يُضاهيه فيه، ولقد وجدناه يشُدُّ الرِّحال للتنقيب عنها في حواضر المغرب وبَواديه، فقد زار حاحةَ بلدَ صاحبه العَبْدَريّ مؤلّف الرحلة المعروفة، كما زار بلد درعةَ فيما يبدو، جاء في ترجمة أبي الحَسَن ابن النّعمة عند ذكر تفسيره الضخم "ريِّ الظّمآن في تفسير القرآن" ما يأتي: "وكان كاملًا عند بعض الطلبة بدرعةَ في سبعةٍ وخمسينَ مجلّدًا متوسطة، بعضها -وفيه: أولُها- بخطّ تلميذه الأخصّ به أبي جعفر بن عَوْن الله، وأكثرها -ومنه آخِرُها- بخطّ أبي عبد الله محمد بن أبي الحَسَنُ محمد بن عبد العزيز بن واجب، وتاريخُ فراغِه من نَسْخه مُنسَلَخ جُمادى الآخِرة سنة سبع وستينَ وخمس مئة" (¬2). وممّا يتّصلُ بمقامه القصير في الجزيرة الخضراء الذي لم يتجاوزْ ثلاثةَ أيام حسَبَ الرواية السابقة ما ذكَرَه في ترجمة أبي الحَسَن السُّماتيّ الشَّرِيشيّ، ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 4/الترجمة 295. (¬2) المصدر نفسه 5/الترجمة 455.

قال: "وقد لقيتُ بالجزيرة الخضراء بعضَ عَقِبِه شيخًا موصُوفًا بالخير والصّلاح يؤدِّب بمسجد الرّمّانة منها ويُعرَف بالشّريشي" (¬1). هؤلاء -فيما وقَفْنا عليه- هم شيوخُ ابن عبد الملك الذين اتّصل بهم مباشرةً وروى عنهم مشافهةً، وثمّةَ شيوخٌ آخَرون أندَلُسيّونَ ومشارقة حدّث عنهم بالإجازة. 39 - ومن هؤلاء: ابنُ الزُّبير الغَرْناطيُّ إمامُ المسنِدين والمقرئين في وقته، ومؤلِّف كتاب "صِلة الصِّلة" المعروف، وقد تحدّث عن ابن عبد الملك في ترجمته له من حيث استجازةُ هذا إيّاه وطلبُه الروايةَ عنه فقال: "واستجازني قبلَ سنة ثمانينَ وبعدَ ذلك، فكتبتُ له مرارًا، واستوفى جملة من تواليفي استنساخًا، وتكرَّر عليّ سؤالُه فيما يرجع إلى باب الرواية" (¬2). ونجد مِصداق هذا في ترجمة المؤلّف لابن الزُّبير، قال: "وكتَبَ إليّ وإلى بنيّ بإجازة ما رواه وما ألّفه مطلقًا" (¬3). وسرَدَ أسماءَ مؤلّفاتِه، ثم قال: "وقد وقفت على فِهرِسة رواياته، وكتاب "رَدْع الجاهل"، وبعض تاريخه في علماء الأندَلس، وأُرجوزته المذكورة ... " (¬4)، وأشار إلى جُزء مشيختِه، وقال: "ولم أقفْ عليه وإنّما استخرجت هؤلاء المذكورينَ هنا -يقصِدُ شيوخَه- من برنامَج رواياته التي بعَثَ إليّ محمِّلًا لي ولبنيَّ إياه" (¬5). كُتِبتْ ترجمةُ ابن الزُّبير في "الذَّيل والتكملة" في حياته؛ ولذلك نقرأُ فيها قولَ ابن عبد الملك: "وهو الآنَ متصدِّرٌ لإقراء كتاب الله وإسماع الحديث وتعليم العربية وتدريس الفقه، عامرًا بذلك عامّةَ نهاره عاكفًا عليه مثابرًا على إفادة العلم ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 5/الترجمة 312. (¬2) صلة الصلة 3/الترجمة 36. (¬3) الذيل والتكملة 1/الترجمة 31. (¬4) المصدر نفسه. (¬5) المصدر نفسه.

ونشرِه، انفرَدَ بذلك في بلده قاعدةِ جزيرة الأندلس وصارت الرحلة إليه" (¬1). ويتابع ابن عبد الملك حديثَه عنه مسجّلًا رأيه فيه فيقول: "وهو من أهل التجويد والإتقان، عارفٌ بالقراءات حافظٌ للحديث مميّز لصحيحِه من سقيمِه، ذاكرٌ لرجاله وتواريخهم متّسع الرواية عُنِيَ بها كثيرًا، ورَحلَ بسببِها إلى سَبْتةَ وإلى كثير من بلاد الأندَلس وصنَّف في كثير من المعارف التي عُني بها" (¬2). وقد ذكَرَ انتقادَ بعض أهل مصره لمصنَّفاته ولا سيّما أُرجوزتُه في المذهب الشّوذي الصُّوفي الحَلّاجيِّ المنزع، ووافقهم على انتقاد الأُرجوزة لرداءة نظمها وخلوّها من المعنى، وقال: "ولقد كان الأولى به أن لا يتعرَّض لنظمها، فإنه منحَطّ الطبقة في النظم". وكرَّر هذا الكلامَ بعبارة أقوى لَذْعًا ممّا هنا، وذلك بمناسبة إشارته إلى رَجَزه المذكور فقال: "ولقد كان في غنًى عن التعرُّض لنظمه وأولى الناس بسَتْر عاره منه، والله يُبقي علينا عقولَنا، ويرشدُنا إلى ما يُرضيه عنّا بفضله وكرمه" (¬3). وانتقد كذلك كتابَه "رَدْعَ الجاهل" في الردّ على المذهب المذكور أَيضًا قائلَا: إنه "أقلُّ شيء فائدةً وأبعدُه عن النفْع بعلم"، وانصَبّ انتقاده لهذا الكتاب على الشكل والمضمون معًا، حيث واخَذَ ابنَ الزُّبير بالتساهل في الاستعمال وقال: إنه -حسَبَ قولِ أصحاب ذلك المذهب- لم يَفهَم منه شيئًا, ولا يتلاقى كلامُه فيه معَ كلامِهم في وِرْد ولا صَدَر. ولا نتّهمُ ابنَ عبد الملك هنا بالتحامل، إذ رأيُه في الشّيخ ما سُقناه، ورَعْيُه له -على البُعد- تشهدُ به هذه الكلمات: "وانجرَّت إليه مُطالَباتٌ أصلُها الحسَد الذي لا يكاد يسلَمُ منه إلا من عَصَمَه الله من غائلتِه وسُوء مغَبّته أدّته إلى التحوّل عن وطنِه تارات، أو إلى التخامل والانقباض به مرّات، والله ينفعُه ويدافعُ عنه ويُجملُ خلاصَه ويعجِّلُ إنصافَه ممن كاده، ويصرفُ عنه ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 31. (¬2) المصدر نفسه. (¬3) المصدر نفسه 6/الترجمة 1178.

مَن بسوءٍ أراده" (¬1). على أنّنا لا ننفي أن مِزاجَ ابن عبد الملك الحادَّ يدفعُه إلى شيء من الغلوّ في الانتقاد، فالأثران المذكوران لابن الزُّبير في الشوذية على الرغم مما قيل فيهما كانا يؤلِّفانِ -لو وَصَلا إلينا- وثيقتينِ تاريخيّتينِ مهما تكنْ طبيعتُهما - حول هذه النّزعة الصُّوفية القائمة على مبدإ وحدة الوجود، والتي وصلَ بعضُ أصحابها إلى الحُكم وأثّر أحدُ أقطابها على ذوي السّلطان وانتشر أتباعُها في المغربِ والمشرق، وخَلّفوا تراثًا كثُر حوله الجدال. وقد خالَفَ ابنُ الخَطيب ابنَ عبد الملك في رأيه وتقويمه لكتاب "رَدْع الجاهل"؛ إذْ وَصَفَه بأنه: "كتابٌ جليل ينبئُ عن التفنُّن والاطّلاع" (¬2)، ولكنه ذكَرَ من كُتُبِه التي لم تصلْ إلى ابن عبد الملك "كتاب الزّمان والمكان" ثم قال: "وهو وَصْمة، تجاوَزَ اللهُ عنه" (¬3). وأوجَزَ ابن عبد الملك رأيَه في بقيّة ما سمّاه من مؤلَّفات ابن الزُّبير فقال: "فأما سائرُ ما اطّلعتُ عليه من تصانيفه ففيها ما في كلام الناس من مقبولٍ ومردود"، وله تعقيبات عليه في "الصِّلة" منثورةٌ في "الذّيل والتكملة" سنعرِض لها فيما بعد. نقَلْنا في أول هذه الدراسة بعضَ كلام ابن الزُّبير في ابن عبد الملك ممّا يشهَدُ بنجابتِه وفائق نباهتِه وذكائه، ونسوقُ هنا رأيه في معارفه: قال: "كان، رحمه الله، نبيلَ الأغراض عارفًا بالتاريخ والأسانيد، نَقّادًا لها، حسَنَ التهَدِّي، جيّد التصرُّف وإن قَلَّ سماعُه، أديبًا بارعًا شاعرًا مجُيدًا؛ امتَدح بعض كُبراءِ وقته وكان معَ نقده الإسنادي ذا معرفة بالعربية واللغة والعروض ومشاركة في الفقه. وما تقدمت الإشارةُ إليه من معارفه أغلبُ عليه" (¬4). ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 6/الترجمة 1178، ويشير ابن عبد الملك إلى محنة ابن الزُّبير وهي مشروحة في كتاب الإحاطة 1/ 191 - 192. (¬2) الإحاطة 1/ 190. (¬3) المصدر نفسه. (¬4) صلة الصلة 3/الترجمة 36.

وينطوي هذا الكلامُ على أمرين، أوّلهُما: الإشادة بتضلُّع ابن عبد الملك في التاريخ والأسانيد والنقد التاريخيِّ والإسنادي، ونكاد نلمَسُ شعورَ ابن الزُّبير بتفوّق ابن عبد الملك عليه في هذا كله. والأمر الثاني يُشبهُ أن يكونَ غمزًا خفيًّا بقلّة السماع وعَدَم الاتّساع في رواية الحديث، والحقُّ أنّ ابن عبد الملك يعترف بإمامة شيخه في باب الرواية, ومع ذلك فإنّ ابن الزُّبير وَصَف زياداتِ ابن عبد الملك في الكتاب الجليل الذي جمع فيه بين كتابَي ابن القَطّان وابن المَوّاق بأنها: "زياداتٌ نبيلة" كما اعترف بتفوّقه على من تقدَّمه ومن عاصره في كتابه "الذّيل والتكملة"، ولم ينسَ ابنُ الزُّبير في آخِر ترجمته لصاحبنا أن يشيرَ إلى "ما كان في خُلُقه من حدّة أثمرت مناقشة موتور وجَد سبيلًا إليه فنال منه". وسنشرح هذا فيما بعد. 40 - ومن شيوخ الأندلس الكبار الذين استجازهم ابنُ عبد الملك وذكَرَهم ذكرًا كثيرًا في كتابه: القاضي أبو عليّ الحُسَين بن عبد العزيز المعروفُ بابن الناظر الغَرْناطيّ، المتوفّى سنة 699 هـ. روى عنه جَمّ غفير، وله تصانيفُ في الحديث والقراءات، منها: "المسَلسَلات" و"الأربعون حديثًا" و"الترشيد في صناعة التجويد" و"برنامَج رواياته"، وقد عدّه المؤلف من شيوخه في تراجم أبي العبّاس القنجايريِّ، وأبي جعفر ابن الفَحّام، وأبي الحَسَنُ سَهْل بن مالك، وأبي الحَسَنُ بن خِيَرة، وأبي الحَسَنُ بن جَبَلة، وأبي عليّ الرُّنْدي، وأبي الوليد ابن الحاجّ، وأبي عبد الرّحمن بن غالب، وأبي عبد الله بن خَلفون، وأبي بكر القُرطُبيّ، ومحمَّد بن عبد الكريم الجُرَشي (¬1). وقد يكونُ ذكَرَه في تراجمِ غيرهم في الأسفار المفقودة في ترجمته له. 41 - ومنهم: أبو جعفرٍ الطّباعُ الغَرْناطيّ، المتوفَّى سنة 680 هـ. ترجم له المؤلّفُ وقال فيه: "كان من أهل التفنُّن في المعارف، والحِذْق فيما ينتحلُه من ¬

_ (¬1) انظر الذيل والتكملة 1/الترجمة 34، 414، 4/الترجمة 203، 229، 5/الترجمة 322، 669، 780, 6/الترجمة 89، 261، 324، 697، 1064.

العلوم، حسَنَ الخُلق قديمَ النَّجابة، برَّز في حداثة سنِّه على أقرانه، واشتُهر بالذكاء وتوقُّد الخاطر، وشُغِفَ بالعلم كثيرًا وانقطعَ إلى خدمته طويلًا". وهذه الصِّفات التي ذكَرَها رغّبتهُ في الأخْذ عنه بالإجازة فطلبها منه، وأجابه الشّيخُ إلى ذلك، قال ابنُ عبد الملك: "وكتَبَ إليّ بالإجازة مطلقًا في كلِّ ما يصحّ إسنادُه إليه" (¬1). وقد حدّث عنه بهذه الإجازة في تراجم ابن الفَحّام المالَقيّ، وسهل بن مالك، وأبي الحسن الدَّبّاج، وأبي عبد الله بن خَلفون، وأبي عبد الله الطّرّاز، وأبي بكرٍ القُرطُبي، وأبي عبد الله بن عِيَاض الحَفِيد (¬2). وقد يكون له ذكرٌ في الأسفار المفقودة من الكتاب. 42 - ومنهم: أبو جعفرٍ أحمدُ بن يوسُف الطَّنْجاليُّ المالَقيّ. ذكَرَه في ترجمة أبي العبّاس بن ماتِع، وأبي الرّبيع الكَلاعي، وأبي الوليد ابن الحاجّ، ومحمد بن عبد النور الإشبيليّ (¬3). 43 - وكذلك: أخوه أبو عبد الله محمدُ بن يوسُف. عَدَّه من شيوخه في ترجمة أبي العبّاس ابن ماتِع (¬4). ولم يصل إلينا معَ الأسف ما كتبَه عنهما ابنُ عبد الملك في "الذّيل والتكملة"، وهما من أُسرة علميّة مالَقيّة تنتمي إلى بني هاشم من قُريش. 44 - ومنهم: أبو الحُسَين اليُسْرُ بن عبد الله بن اليُسْر الغَرْناطيّ، كان هو وأبوه من قبلِه من شيوخ الإقراء وغيره في غَرناطة. وقد ذكره المؤلّف من شيوخِه في تراجم أبي العبّاس القنجايريّ، وأبي العبّاس ابن الرُّوميّة، وأبي محمد ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 409. (¬2) الذيل والتكملة 1/الترجمة 409، 414، 4/الترجمة 229، 5/الترجمة 394، 6/الترجمة 324، 613، 697، 8/الترجمة 133. (¬3) الذيل والتكملة 1/الترجمة 562، 4/الترجمة 203، 5/الترجمة 394، 6/الترجمة 1112. (¬4) المصدر نفسه.

عبد الله بن اليُسْر والده، وأبي بكر ابن اليابُريّ (¬1)، وقد يكون ذكَرَه في الأسفار المفقودة، وربّما كنا نعرفُ ما يرويه عنه بالإجازة لو وصلت إلينا ترجمته (¬2). 45 - ومنهم: أبو عبد الله محمد بن يحيى بن أُبيّ، سمّاه من شيوخِه في تراجم ابن عَمِيرة المخزومي، وأبي جعفر ابن الفَحّام، وأبي الحَسَن الدّبّاج، وأبي الحَسَنُ بن عُصفور، وأبي الحَسَنُ بن قُطْرال، وأبي عبد الله بن عِيَاض الحَفِيد (¬3). 46 - ومنهم: أبو الطيِّب صالحُ بن شَريف الرُّنْديّ، وقد ترجم له المؤلّف ترجمةً جيّدة ولكنّها لم تصلْ إلينا كاملة، وفيها يشيرُ إلى إجازته إياه فيقول: "رَوى عنه جماعة من أصحابنا، وكتب إليّ بإجازةِ ما رواه وألفه وأنشأه نظمًا ونثرًا"، ويُجمِل ما عرَفَه عنه في هذه الكلمات الجامعة: "وكان خاتمةَ أدباءِ الأندلس بارعَ التصرُّف في منظوم الكلام ومنثوره، فقيهًا حافظًا فَرَضيًّا متفنِّنًا في معارفَ جليلة نبيلَ المَنازع متواضعًا مقتصدًا في أحواله"، ويُلمُّ بمؤلّفاتِه التي وقَفَ عليها فيقول: "وله "مقامات" بديعة في أغراضٍ شتى، وكلامه نظمًا ونثرًا مدوّن، وله تأليفٌ في العَروض وتأليفٌ في صنعة الشّعر سمّاه "الكافي في علم القوافي"، وأودعه جملةً وافرة من نظمه" (¬4). 47 - ومنهم: أبو الحَسَنُ عليُّ بن محمد الكُتَاميّ الإشبيليّ مُستوطن غَرناطة، المعروفُ بابن الضائع المتوفّى سنة 680 هـ. قال في ترجمته: "رَوى عنه طائفة من أهل غَرناطة، وكتَبَ إليّ بإجازةِ ما كان عنده مطلقًا"، وذكر معارفَه وبعضَ مؤلّفاته التي أباح له أن يحدّث عنه بها فقال: "وكان نَحْويًّا ماهرًا حسَنَ التصرّف في ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 34، 758، 4/الترجمة 393، 5/الترجمة 234. (¬2) ولأبي اليسر ترجمة في درة الحجال رقم (1517). (¬3) الذيل والتكملة 1/الترجمة 231، 414، 5/الترجمة 394، 700، السفر الثامن (ترجمة لابن قطرال رقم 1 وترجمة ابن عياض الحفيد رقم 133). (¬4) الذيل والتكملة 4/الترجمة 263.

علم الكلام وأصُول الفقه وافرَ الحَظّ من الفقه، وله جمْعٌ حَسَن بين شرحَي السِّيرافي وابن خَروف "كتابَ سيبويه"، إلى غير ذلك من مصنَّفاته في العربية وما كان ينتحله من العلوم" (¬1). 48 - ومنهم: أبو الحَسَنُ فضل بن فضيلةَ، المتوفَّى بغَرناطة سنة 696 هـ، وهو متصوِّف وله في التصَوُّف رسائلُ بارعة ومقالاتٌ نافعة. قال ابنُ عبد الملك في ترجمته: "رَوى عنه كثيرٌ من أصحابنا، وكتَبَ إليّ بإجازةِ ما كان عنده مطلقًا" (¬2). وذَكره في ترجمة الصّوفيّ أبي تَمّام غالب ابن سيّد بُونُه فقال: "روى عنه أبو الحَسَنُ فضل بن فضيلة، وحدّثنا عنه مكاتبةَ" (¬3). 49 - ومنهم: قاسمُ بن أَحْمد أبو محمد السّكوت المالَقيُّ المتوفَّى بمالَقةَ عام 690 هـ قال ابن عبد الملك في ترجمته: "رَوى عنه غير واحد من أهل بلده وكتب إليّ بإجازةِ ما كان عنده، وكان نبيهًا حافظًا ذا حظّ صالح من علوم اللّسان، واستُقضيَ بمالَقةَ وحُمِدت سيرتُه" (¬4). 50 - ومنهم: أبو محمد جابرُ بن جبيرةَ الإشبيليّ -فيما يبدو- سمّاه شيخًا له وقال: أنه حدّثه عن المقرئ المحدّث أبي القاسم القَرَمونيّ (¬5). ونلاحظُ أنّ ابنَ عبد الملك ينُصُّ على أنّ معظم هؤلاء الشيوخ الأندلسيِّين كتَبوا إليه بالإجازةِ المطلقة، وهي لا تكون إلا لمن هو أهلٌ لها مثل صاحبنا. 51 - وفي هذا السّياق تَلقَّى إجازاتِ أخرى من إفريقيّةَ والقاهرة ودمشق، فقد ذكَرَ في ترجمته الحافلة لأبي العبّاس ابن الغَمّاز البَلَنْسيِّ نزيل تونُس وقاضيها المتوفّى بها سنة 693 هـ ما يلي: "رَوى عنه أصحابنا آباءُ عبد الله: ابن رشيد، ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 5/الترجمة 641. (¬2) المصدر نفسه 5/الترجمة 1061. (¬3) المصدر نفسه 5/الترجمة 978. (¬4) المصدر نفسه 5/الترجمة 1068. (¬5) المصدر نفسه 1/الترجمة 468.

وابن مَسْعود، والصّبيحيُّ، وكتَبَ إليّ وإلى بنيَّ الخمسة من تونُس" (¬1). وابن رُشَيْدٍ هو مؤلّف "مِلْءِ العَيْبة" المشهورة، وابن مَسْعود هو العَبْدَريُّ الحاحيُّ صاحبُ الرّحلة المعروفة، وأما الصّبيحي فلم نهتدِ إليه، ونحسَبُ أنّ كتاب ابن الغَمّاز، الذي وَصَل إلى صاحبنا مشتملًا على الإجازة له ولأبنائه، قد وَصَل إليه صُحبةَ أحد المذكورين وإن لم ينصَّ على ذلك. 52 - ويعتزُّ ابن عبد الملك بمشيخة ابن دقيقِ العيد شيخ الجماعة بالدّيار المِصريّة في وقته، ويحدِّث عنه بكلِّ تجِلّة واحترام؛ قال في ترجمة الشاطبيِّ إمام القراءات بعد أن ساق حكايةً غريبة في حفظِه العجيب وقعَتْ في مصر: "حدّثنا بهذه الحكاية شيخُنا الإِمام تقيُّ الدين أبو الفتح محمد بن عليّ بن وَهْب بن مُطيع ابن أبي الطاعة القُشَيْريّ ابنُ دَقيق العيد رضيَ اللهُ عنه إجازة، وحدّثنا أَيضًا إجازة، قال: وقال لي صِهرُه (أي: صهرُ الشاطبيّ) أبو الحَسَنُ عليُّ بن سالم بن شُجاع، وكان أَيضًا ضريرًا وأخَذ القراءاتِ عنه: أردتُ مرة أن أقرأ شيئًا من الأصُول على ابن الوَرّاق، فسمع بذلك فاستدعاني فحضرتُ بين يديه، فأخَذ بأُذُني، ثم قال لي: أتقرأُ الأصول؟ فقلت: نعم، فمَدَّ بأُذني، ثم قال لي: من الفضول، أعمى يقرأُ الأصول" (¬2). ونقَل عنه في موضع آخَرَ من كتابه قائلًا: "وأخبرني الإِمام الأوحَدُ تقيُّ الدين أبو الفتح محمدٌ ابن الإِمام مَجْد الدين أبي الحُسَين عليّ بن وَهْب بن مُطيع بن أبي الطاعة القُشَيري ابن دقيق العيد مكاتبةً (¬3) من مصر، قال: أنشَدَني الفقيه المفتي هارونُ بن عبد الله بن هارون بن الحُسَين بن أَحْمد المَهْرانيُّ قديمًا، قال: أنشَدني الفقيه الإِمام العالِم أبو الحَسَنُ عليّ بن المفضّل المقدِسيّ لنفسه" (¬4)، ثم ساق نظمًا له من اثني عشر بيتًا في حكم تارك ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 602. (¬2) المصدر نفسه 5/الترجمة 1088. (¬3) المكاتبة عند أهل ذلك العصر تعني: الإجازة (بشار). (¬4) انظر الترجمة رقم (230) في السفر الثامن.

الصلاة حسَبَ الأئمة الأربعة وغيرهم، ويبدو أنّ المكاتبةَ بين ابن عبد الملك وشيخه ابن دقيق العيد كانت متواصلةً بواسطة أصحاب الرّحلات العلميّة كابن رُشَيْد السَّبْتي والعَبْدَريّ الحاحيّ وغيرِهما، ونذكُرُ هنا أنّ الأخيرَ هو الذي أجرى ذكْرَ صاحبِه ابن عبد الملك في مجلس ابن دقيق العيد عند أول لقائه إياه، قال في رحلته: "وفي أول ما رأيته قال لي: كان عندَكم بمَرّاكُش رجلٌ فاضل، فقلت له: من هو؟ فقال: أبو الحَسَن ابن القَطّان، وذكر كتابه "الوَهْم والإيهام" وأثنى عليه، وذكرت له تعقيبَ ابن المَوّاق عليه وأنه تَرَكَه في مسَوَّدتِه، فعانى إخراجَه صاحبُنا الفقيهُ الأديب الأوحَد أبو عبد الله ابن عبد الملك حفظه اللهُ تعالى، فقال لي: ومَن هذا الرَّجل؟ فعرَّفته به وبما حضَرني من تحليته، وما أذكُرُ من تقاييدِه ومن جملتها "تذييلُه على كتاب الصِّلة لابن بَشْكُوال" وأنه كتابٌ متقَن مفيد، فعجِبَ من ذلك، وكتب ما أمليتُه عليه منه" (¬1). كان هذا الكلامُ عند زيارة العَبْدريِّ للقاهرة سنة 688 هـ، ويستفاد من هذا أنّ ابنَ عبد الملك كان قد أخرَجَ كتابَيْه الكبيرَيْن وهما: "الجَمْع بين كتابَي ابن القَطّان وابن المَوّاق" في الحديث و"الذّيل والتكملة"، وأنّ العَبْدريَّ كان قد اطّلع قبل التاريخ المذكور على ما أخرَجَه ابن عبد الملك من هذا الكتاب الأخير؛ لأنّنا نجد في بعض التراجم ما يشيرُ إلى تواريخَ متأخِّرة عن التاريخ المذكور، ونعرف من كلام ابن الزُّبير وإشاراتٍ للمؤلّف في كتابه قُبَيْل وفاته أنه بقِيَ عاكفًا على تنقيحه وتكميله حتى وفاته كما سنبيّنُه فيما بعدُ، ونستفيدُ من كلام العَبْدريّ أَيضًا أنّ "الذّيل والتكملة" لم يُعرَفْ في مصر قبلَ زيارة العَبْدريّ، وأنه أولُ من عرَّف بهذا الكتاب الجليل الذي كان له فيما بعدُ شأنٌ كبير عند المؤرِّخين المِصريِّين والمَشارقة عمومًا حيث اعتمدوا عليه في كتابة التراجم، ولعلّ أوّلَهم ابن فَرْحون، ثم السَّخاويُّ، والسُّيوطي وسواهم. ¬

_ (¬1) رحلة العبدري: 140.

وكما كان العَبْدريُّ أولَ مَن عرَّف ابن دقيق العيد بابن عبد الملك -وهو التعريف الذي قيّده ابن دقيق العيد على عادتِه في تقييد ما يسمعُه أو يُمليه- كان أَيضًا -فيما نُرجِّح- أولَ من حَمَلَ إليه إجازته له ولبعض أماليه إليه، وقد يدُلّنا على ذلك اشتراكُ الرجلينِ: العَبْدريِّ وابن عبد الملك في التحديث ببعض هذه الأمالي عن ابن دقيق العيد. ولا نعرفُ الآنَ هل كانت الإجازةُ ابتداءً أم بسؤال من ابن عبد الملك مباشرةً أو بواسطة العَبْدريّ. أمّا ابنُ رشيد فقد ذَكَرَ اسمَ ابن عبد الملك وابنِه أبي القاسم في الاستدعاء الكبير المؤرَّخ في رجب عام 684 هـ، وهو الذي استدعَى فيه الإجازةَ من علماء الشرق، لنفسِه ولأولاده وأقاربه وطائفةٍ كبيرة من أهل المغرب والأندلس وإفريقيّةَ ومن غيرهم، ويبلغ عدَدُهم ما يقرُبُ من 120 عَلَمًا، واستجاب لهذا الاستدعاء بكتابة الإجازة للمذكورينَ: عبدُ العزيز الحَرّاني، وأحمدُ بن عبد الله الجزائري، وخليلٌ المراغي، وأبو بكر بن عُمر القُسَنْطيني، وعبدُ المؤمن بن خَلف الدِّمياطي، وابنُ الخِيَمي، وعبدُ الوليّ بن بحتر البَعْلَبَكِّي، وعمادُ الدين الصّفّار، ومحمدُ بن يحيى القُرَشَي، وعبد الله الإسعردي، والفضلُ بن رَواحة، وعبدُ الرحيم بن يوسُف الدّمشقي، وابنُ الأنماطي، وأبو البدر بنُ أبي الزَّين المِصري، وعبد الرحيم بن عبد المُنعم الدَّمِيريّ، وشعبانُ الخِلاطي، وأُمُّ الفضل زينبُ بنت عبد اللطيف البغداديّ، ومحمدٌ ابن الخُراسانيِّ التِّلِمْسانيُّ، ومحمد بن يحيى الشَّيباني، وأحمدُ بن عيسى البُلْبيسيّ، وعليُّ بن عبد الكريم الدِّمشقي، وغازي الحلاويّ، وعليّ بن محمد المعروفُ بالبديع، والملك نجمُ الدِّين الأيوبيّ، وعبدُ المُنعم بن يحيى الخَطيب ابن بَدْران، وعليُّ بن عبد الرّحمن النابُلُسيّ، وأبو عبد الله جمالُ الدِّين قاضي نابُلُس، وإبراهيمُ بن عبد العزيز اللّوري، وعبد الرّحمن بن يوسُفَ البَعْلَبَكّي، وعُمرُ بن يحيى الكَرَجي، ومحمَّد بن خالد بن حَمْدون، وعليّ بن أحمدَ المقدِسيّ (¬1). ¬

_ (¬1) راجع الاستدعاء الكبير في رحلة ابن رشيد 3/ 464.

أصحابه

ولكنّنا لم نقفْ في الأسفار الموجودة من "الذّيل والتكملة" على عمل ابن عبد الملك بهذه الإجازة. ووَصَل إلى المؤلف وإلى ولده محمد كتابٌ من دمشقَ من صاحبه وزميله القديم أَحْمد بن فَرْح صاحب القصيدة الغَزَليّة المورِّية بألقاب الحديث والمعروفة بعنوانها: "غرامي صحيح"، قال في ترجمته: "كتَبَ إليّ وإلى ولدي محمد من ظاهر دمشق" (¬1). وقد يكون في هذا الكتاب إجازةٌ أو استجازةٌ من بعض من أخَذ عنهم في المشرق، وسماهم المؤلّف في ترجمته. وهكذا نرى أنّ ابن عبد الملك، الذي لم تُكتَبْ له الرحلةُ إلى الديار المشرقية (¬2)، قد بلغ إليه علم المشرق سواءٌ من الوافدينَ منه على المغرب والأندلس مثلُ ابن رَشِيد البغداديِّ وابن الحَنْبلي الدِّمشقي وغيرهما، أو بواسطة أصحابِه الراحلينَ إلى المشرق كالعَبْدريّ وابن رُشَيْد السَّبْتي وغيرهما. وبعدُ، فهؤلاء هم شيوخُ ابن عبد الملك -فيما وقَفْنا عليه- وقد بذَلْنا جهدنا في تتبُّعهم وتجريدهم من الأسفار الموجودة من "الذّيل والتكملة" الذي يعتبر مصدرَنا الأول في معرفة ابن عبد الملك. أصحابُه: أشار ابن عبد الملك، في معرِض الحديث عن بعض شيوخه وغيرهم، على عدد من أصحابه، ويقصِد بهم: أقرانه الذين اشتركوا معه في الأخْذِ والرواية عن أولئك الشيوخ. ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 483. (¬2) يبدو أنه لم تتيسر له أسباب الاستطاعة لأداء فريضة الحج، ونجده يقول في وصف رحلة ابن جبير: "وهو كتاب ممتع مؤنس مثير سواكن النفوس إلى الوفادة على تلك المعالم المكرمة والمشاهد المعظمة" الذيل والتكملة 5/الترجمة 1172.

فمنهم: العَبْدَريُّ محمد بن محمد بن سُعود الحِيحي صاحبُ الرحلة المعروفة، ذكَرَه ابن عبد الملك في الآخِذين عن بعض الشيوخ الذين ترجم بهم، وعدّه من أصحابه، ويبدو أنه جَمَعت بينَهما بعضُ حلقات الدّرس في مَرّاكش، ولا سيّما حلقةُ شيخِهما قاضي الجماعة بمَرّاكُش أبي عبد الله محمد بن عليّ بن يحيى المدعو بالشريف، ونُقدِّر أن يكونَ ابن عبد الملك ذكَرَ صاحبه عَرَضًا في أحد الأسفار المفقودة بما يفيدُ في تصوير صلتِه به. وقد وجَدْناه يَذكُر عَرَضًا زيارته حاحةَ، ولكننا لا نعرف مناسبتَها وهل لها علاقةٌ بصاحبه. ونتساءل: هل كتَبَ ترجمته في "الذّيل والتكملة" أم لا؟ فهو من حيث دخولُه الأندلس على شرط الكتاب، ولكننا لا نجدها في مظِنّتها مع المحمّدينَ في النسخة التي وصلت إلينا من سِفر الغُرباء، ويبدو من تتابُع الأسماء أنه لا سقط فيها، وكذلك الشأنُ في ترجمة ابن رُشَيْد السَّبْتي، وقد نفسِّر هذا بأنّ ابن عبد الملك لا يترجم لمن هم -من حيث السنُّ- في منزلة أقرانِه أو دونَهم. رأينا فيما تقدَّم آنفًا حديثَ العَبْدَريّ عن ابن عبد الملك وتوشيحَه صاحبه بالنّعوت الآتية: "صاحبنا الفقيه الأديب الأوحد"، ووَصْفَه كتابَه بالإتقان والإفادة، ومن يعرِفْ طبيعة العَبْدَري الصارمةَ واقتصادَه في ألفاظ الثناء، وقَصْرَه إياها على مستحقيها وبُخلَه بها عن غيرهم، يلمَسْ منزلةَ صاحبه عنده، ومكانتَه من نفسه. ولا بدّ أنّ الرجلينِ كانا يتبادلانِ الودّ والتقدير، وهما يجتمعانِ في النسبة الإقليمية، ويتشابهان في حِدّة المِزاج وصراحة القول وإبداء الانتقاد والتشدد في النهج. ومن أصحاب ابن عبد الملك: ابن رُشَيْدٍ السَّبْتي مؤلِّفُ الرحلة الجامعة المستوعِبة للفوائد، ذَكَرا معًا هذه الصحبةَ واشتركا في الأخذ عن بعض الشيوخ، وكان بينَهما ما يكونُ بين صاحبينِ متعاصرَيْن مشتركين في الصّناعة، متواردَيْن على الرواية" طموحَيْنِ إلى التفوُّق العلمي. أمّا ابن عبد الملك فقد سمّى صاحبَه خلال بعض التراجم، وقال فيه في إحدى المناسبات، وهو ينشد تذييلاتِ الأندَلسيِّين

وغيرهم على بيتى الحريري الواقعَيْن أثناء المَقامة السادسة والأربعينَ اللذين قال فيهما: "أسكَتا كُلُّ نافث، وأمِنَا أن يُعزَّزا بثالث": "ومثلها ما أنشَدني الصاحب الأكرم الحاجّ المبرور الراوية أبو عبد الله بن رُشَيْد، قال: أنشدني أبو محمد عبدُ الواحد بن محمد بن مبارَك التونُسيُّ لنفسه" (¬1). ثم أنشَدَ له بيتًا يعزِّز بيتي الحريريِّ المذكورين، وما كتبه ابن عبد الملك عن صاحبه هنا كان، كما هو واضح، بعد رجوعه من رحلته وحَجِّه، وهو يشهَدُ له كما ترى بالرواية التي عُرف بشَغَفها وسَعته فيها, ولا بدّ أنّ ابنَ عبد الملك وقَفَ على رحلة صاحبه كلِّها أو بعضِها، وإن لم نقفْ على ذكرِه لها في الأسفار الموجودة من"الذّيل والتكملة"، وما أنشَده هنا واردٌ فيها, ولكنّ عبارته تقضي سماعَه منه مباشرة إلا إذا كان ابنُ رُشَيْد ناوَلَه رحلتَه وتدبّجا، أى: روى كلُّ واحد منهما عن صاحبِه. ويبدو أنّ أولَ لقاء بين الرجليْنِ تم في سَبْتة. وقد صرّح ابن رُشيد في رحلتهْ على أنه اجتمع بابن عبد الملك قبلَ رحلتِه التي بدأها سنة 683 هـ, فقد حَكى فيها أنه عرَفَ بظهر المركَب الذي سافَرَ فيه من الإسكندَريّة عند العودة أديبًا مَرّاكُشيًّا هو أبو عثمان سعيدُ بن جون، وجرى بينَهما حديث جَرّ إلى ذكر ابن عبد الملك، وهذا نصُّه: "وكانت له (أى: للمَرّاكشيِّ المذكور) مشاركةٌ في علمَي العَروض والقافية، فتذاكرنا على مَتْن البحر شيئًا من أمر العَروض، فقلت له: إنّ صاحبَنا الفقيهَ الجليل المتفنِّن الأديبَ المحدِّث المتقنَ الضابط الناقدَ أَبا عبد الله بن عبد الملك المَرّاكُشيّ ذكَرَ لي يومًا بسَبْتة أنّ بعضَ الأدباء صنَع نظمًا عجيبًا في العَروض يتضمَّنُ جميعَ أعاريضه وضروبه، وأنه ذكَرَ لي صَدْره من حفظه ولم يُمكِّنِّي منه، فقال: القصيدُ عندي حاضر كنتُ قيَّدتُه عنه، فسُررت بذلك واغتنمتُها إفادةً جَرَت إليها المذاكرةُ واستخرجَتْها المحاضرة وكتبتُها عنه" (¬2)، ثم ساق مقدّمة القصيدة المذكورة وأنشَدها في موضع آخَر، وهي قصيدةٌ لأبي الحَبْش البَسْطي، ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 4/الترجمة 122. (¬2) ملء العيبة 6/ 2 مخطوط.

ونَستشعرُ من قول ابن رُشَيد: "ولم يمكِّنّي منه" كأنّ ابنَ عبد الملك تمنَّعَ من إفادته بذلك النظم، معَ أنه ربّما لم يكن تحتَ يده وقتئذٍ؛ لبُعده عن مكتبته في مَرّاكُش، وعلى كلٍّ فقد صار إليه النظم نقلًا عن ابن عبد الملك بواسطة ابن جونٍ المَرّاكُشيِّ صاحبِه وبلَديِّه، وقدِ استفاد ابنُ رشيد من ابن عبد الملك فوائدَ ذكَرَها حينًا وسكَت عنها أحيانًا أخرى، فمن ذلك: أنّ ابنَ رشيد قرأَ على ابن عبد الملك بأغمات برنامَج شيخِه الرُّعيني ووَهَبه ابنُ عبد الملك نُسخةً من هذا البرنامَج، وقد وَصَل إلينا نصّ سماع ابن رُشيد في النسخة التي اشتراها المرحومُ الزِّرِكْليُّ من مدينة مَرّاكُش، وهذا نصُّه: "الحمدُ لله، أكملتُه قراءةً على صاحبنا الأديب الحافل المتقِن الضابط، المتفضِّل بهبة هذه النُّسخة لي أبي عبد الله ابن عبد الملك حفظه الله وتولّاه، [وكان يُمسِكُ] أصلَ سماعِه [وأنا] أصحِّح هذه النُّسخة عليه، وكتَبَ محمد بن رُشَيْد الفِهرِيُّ أرشده الله، وكان [ذلك] بمدينة أغمات في عاشرِ شوّال عام .... وست مئة. والحمد لله" (¬1). ويتبيّنُ من هذا النصِّ أنّ الصاحبَيْن التقيا في مناسباتٍ متعدِّدة في سَبْتة وأغمات ومَرّاكش وربما في فاسَ وغيرها، وقد جمعتهما خدمةُ الدولة المَرِينية الجديدة حيث أُسندت إليهما خُططٌ تناسبُهما، وفي النصِّ المذكور نرى ابن رُشَيْد يُحلِّي صاحبَه بحُلى رفيعة ويدعو له بما اقتضاه مقامُ الرّواية وأوجَبَه حقُّها عليه، ورأينا فيما سبَق كيف حَلّاه ابن عبد الملك. ومن التّحليتَيْن يؤخَذ رأي كلٍّ منهما في الآخَر. ومعَ أنّ ابنَ رُشَيْد يعترفُ بطول باع صاحبِه في الأدب وتمكُّنِه من الضبط والنّقد، فقد وجدناه يبدو وكأنه يخالفُ رأيه هنا؛ إذ ينعَتُ صاحبَه ابنَ عبد الملك في موضع آخَرَ بالتجَنِّي في النّقد والتعسُّف فيه، ويرميه بانتقاص الأفاضل وتمكُّن هذه العادة منه حتى صارت له طبعًا، فقد وقَفَ ابن رشيد على ما كتبَه ابنُ عبد الملك في ¬

_ (¬1) برنامج الرعيني - من المقدمة.

ترجمة الشَّاعر ابن المُرحَّل وما أورده من شعره، وما تعقَّبه عليه فيه، فدفعته حَمِيّةُ البلديّة إلى الردِّ العنيف عليه والانتصار لابن المُرحَّل الذي كان شيخًا لكليهما معَ أنّ ابنَ عبد الملك ناقَشَ شعرَ شيخه بأدب وذكَرَ له محاسنَه وسمَحَ لنفسه بمراجعته حسَب اجتهاده، ولا عيبَ في هذا ولا عَتْبَ على ابن عبد الملك فيما نرى، ولا داعيَ لأنْ تَثُورَ ثائرةُ ابن رشيد على صاحبِه ويفورَ غضَبُه فيَخرُجَ عن حدِّ التعقيب الرَّزين الرَّصين إلى حدّ التعريض المَعِيب والتصريح المَشِين، ولكنّها المعاصرةُ ومنافساتُها الخفِيّة وخَلفيّاتُها المحجوبة وحساسيّاتُها المستورة. وقد يَحسُنُ بنا أن نوردَ نصُوصَ الموضوع؛ لنُشرك القارئَ فيه ولتتضّحَ له معالمُه: أنشَد ابن عبد الملك قصيدةً لابن المُرحَّل مطلَعُها [من الطويل]: بوَصْفِ حبيبي طرَّزَ الشّعرَ ناظمُهْ ... ونَمْنَم خدَّ الطِّرس بالنَّقْش راقمُهْ واستجادها في الجُملة ثم تعقَّبها، قال: "وفي هذه القصيدة -على ما بها من إجادة- تعقُّبٌ من وجوه، منها: التضمينُ وهو من عيوبِ النظم، وذلك في قوله: وممّا دعاني ... ، والبيتِ الذي بعده، ومنها: الإيطاء في "صوارمُهْ" في بيتين بينهما بيتان، ومنها: إعادةُ ضمير "نواسمُهْ" وهو مذكَّر على الأرض وهي مؤنثة على إرادة التذكير بتأويل المكان أو المحلّ أو شبههما أو إعادته على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بأدنى نسبة، كلُّ ذلك تكلّف بعيدُ المتناول ... ". وقد نقَلَ ابن رُشَيْد في رحلته هذا التعقيبَ ورَدّ عليه بما يلي: "هذا ما قاله صاحبنا جَرْيًا على عادته -عفا الله عنه- من انتقاصِ الأفاضل، واعتساف المجاهل، وتَرْك الصافي الزُّلال وورود الكدَر والعَكَر من المناهل، وكل ما قاله فاسد، والنقد عليه عائد. أما هذا التضمين الذي ادّعى أنه عيب فليس بهذا، وإنّما العيبُ الذي ترجَمَ له أهلُ القوافي هو ما كان بين القافية وصَدْر البيت الذي يليها، كقوله: ........................... ... وهم أصحابُ يوم عكاظَ إنّي شهدت لهم مواطنَ صادقاتٍ ... .......................

وأما هذا التضمينُ الذي فعله الشِيخ فسبيلٌ جيّدة وطريقٌ مستحسَنة عند العرب والمولَّدين المتقدِّمين منهم والمتأخِّرين، وإنّما أوقعه في ذلك عَدَمُ معرفته باللفظ المشترَك، وأمّا ما ادّعاه من الإيطاء فغلطٌ وَقَرَ في سمعِه أو في خطِّه عند كَتْبه ووَضْعِه، وإنّما قال الناظمُ في البيت السادس: * فما أسلمته بِيضُه ولهازمُهْ * وإنما وقع: صَوارمُهْ، في البيت التاسع، وهو الذي ألزم به النقد هذا الناقد المتعسّف، وأمّا ما قاله في عَوْد الضّمير فممّا تُصانُ عنه المسامع، ويالله ويالله ويا للمسلمين! ما الذي يمنَعُ من إعادة الضمير على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟! وأيُّ تكلّف فيه أو أيّ نسبة أو بُعد تناول معَ أنّ إعادته على الضمير المخفوض في قوله: أرضه، وهو ضميرُ المثال أو ضميره - صلى الله عليه وسلم - وشرّف وكرم - صحيح حسن؟ ولكنّها عادةٌ تعوَّدَها، ووسادةٌ اعتمدها وتوسَّدها، وما نعلم في هذه القصيدة شيئًا يُنقَد إلا ثِقَل لفظ: أصكّ به خَدّي. واللهُ المرشد، والإنصاف أحقُّ ما اعتُمد، وأوْلى ما اعتُضِد" (¬1). كما أورد ابن عبد الملك قصيدةَ ابن المُرَحَّل الطائيّةَ التي مطلعُها: أدمعُك أم سِمطٌ وقلبُك أم قُرطُ ... وشوقُك أم سَقْطٌ وجسمُك أم خَطُّ؟ وعقَّب عليها قائلًا: "وفي هذه القصيدة أَيضًا تعقُّبٌ من وجوه، منها: استعمالُ "أم" مكان "أو" في قوله: أم خَطّ، وفي حَمْلها على الانقطاع بعدٌ لا يَحسُن فيه المعنى إلا على التكلّف، ومنها: تكريرُ المعنى في قوله: "بقلبي لها سَقْطُ" و"في مدمَعي سِمْطُ"، فيه افتَتَح القصيدة، وذلك ضِيقُ عَطَن. ومنها: استعمالُ البَسْط في قافية البيت الذي قبلَ الأخير منها مكان التبسُّط، ومنها، وهو أقبحُها: التضمينُ المَنْعيُّ عليه في القصيدة التي قبلَ هذه، وذلك بين البيتين: رأيت مثالًا، والذي بعده يليه" (¬2). ¬

_ (¬1) فتح المتعال للمقري: 285 - 286. (¬2) الذيل والتكملة 1/الترجمة 419.

ولمّا قرأ ابنُ رُشيد هذا الكلامَ عقب عليه بقوله: "ولمّا أنشَد القاضي محمد بن عبد الملك المَرّاكُشيُّ هذه القصيدةَ الطائيّةَ بعدَ قوله: أنشَدنيها ناظمُها، أتبَعَ ذلك بالاعتراض جَرْيًا على عادته التي وافقَها، وأبي أن يُفارقَها، حتى عادت له طبعًا، وقَرَع بجِوار غَرْبِه من صليبِ عودِها نبعًا، فقال عفا اللهُ عنه"، ثم نقَل ما انتقدَ به ابنُ عبد الملك قصيدةَ ابن المُرحَّل هنا، وقال: "وهذه الاعتراضاتُ كلُّها ساقطة، ولكنْ ليس لها لاقطة، فأمّا الأول، وهو قوله: منها: استعمالُ "أم" مكان "أو" في قوله: "أم خَطُّ"؛ فتلك شَكاةٌ ظاهرٌ عوارُها، وعليه عارُها، فإنّ ناظمَه إنّما قاله بأو وكذلك أنشَده لنا، وإنما ابن عبد الملك كتبَه بأمْ بخطِّه. وأمّا الثاني، وهو قوله: إنه كرَّر سِمطُ وسَقطُ وذلك ضِيقُ عَطَن؛ فهذا لا دَرْك فيه، بل هي طريقة مسلوكةٌ مألوفة، وسبيل في الفصاحة معروفة، وإنّما يُكره ذلك إذا تكرَّر في القافية ولا سيّما وأنّ تكريرَه لسِمْطُ إنّما هو بعد تسعة أبيات، وإذا وقَع مثلُ هذا وبينَهما هذا العددُ لم يكنْ إيطاءً، معَ أنه في الصّدر اشتمل فيه مع سَقْطُ الترصيع دون أن يكون واحدٌ منهما في مِصراع، فيقال: المِصراعُ قد يُشبِهُ العَجُز، وهذا شيءٌ ما تحاماه متّسعُ عَطَن، ولا قدحَ فيه ولا طَعَن، ممّن ظَعَن أو قَطَن، ومع هذا فاستعمالُها في البيت الأول المصرَّع، وفي الثاني المعترَض عنده ليس على حدّ واحد، بل هما مُصَرَّعان في مَهْيَعينِ من الكلام مختلفين، ومما يُعَدُّ من الفاضل لا من المفضول، فإنه استُعمل في البيت الأول من باب تجاهل العارف، وفي البيت المعترَض عند هذا المعترِض من تحقق الواصف، فاستيقِظْ أيها النائمُ إن وافقتَ المعترِض، فقد أدلَجَ الناس. وأمّا الثالثُ، وهو استعمالُ البَسْط في القافية مكان التبسُّط الذي في صَدْر البيت؛ فهذا أَيضًا واهٍ، في حضيض الخمول واهٍ؛ وهل يُنكِرُ عربيٌّ وضعَ المصادر بعضِها في مواضع بعض؟ وأين أَنْتَ عن قولِه تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: 17]؟ ثم مع ذلك إذا اعتُبر معنى البيت اتّجَه فيه مقصِدٌ آخَر؛ وهو أنه لمّا انبسَط في لَذّاته

وذنوبه صَحّ له بحبِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ لقِيَ البَسْط ولم يلقَ القَبْضَ إنعامًا عليه من الله تعالى، وهذا كما قال بعضُ الراجينَ المعترِفينَ من المذنبين: تبَسَّطنا على اللّذاتِ حتى ... رأينا العفوَ من ثمرِ الذنوبِ وهذا معنًى حسَن يُسقطُ اعتراضَ هذا المعترِض، وأمّا الرابع، وهو الذي قال فيه: إنه أقبحُها، وهو التضمين، فقد وقع الجوابُ عنه: وكم من عائبٍ قولًا صحيحًا ... وآفتُه من الفهم السقيمِ" (¬1) وفي هذا الردِّ كما نرى تحامَلَ على ابن عبد الملك الذي له فضلٌ سابق على ابن رُشَيْد اعتَرفَ ببعضه في بعض المناسبات وسَكَت عن بعضِه الآخر، ووراءَ هذا الردِّ إمّا عصبيّةٌ بلَديّة وانتصارُ ناقدٍ سَبْتيّ لشيخِه وشاعرِ بلدتِه، أو خصومةٌ نشِبَت بين الرجلَيْن لسبب من الأسباب. ومن أصحابه: أبو بكر محمدُ بن محمد القللوسي (¬2)، ذكَرَه في ترجمة شيخِهما ابن خَميس، ورتّبه في طبقة ابن رُشَيْد، فقال معدِّدًا الرواةَ عن الشّيخ المذكور: "رَوى عنه ابنُه أبو جعفر، وأصحابُنا: قريبُه أبو بكر بن محمد القللوسي، وأبو إسحاقَ بن أَحْمد بن عليّ التُّجِيبي، وأبو عبد الله بن عُمرَ بن رُشَيْد" (¬3)، وقد اشتُهر القللوسيُّ الملقَّبُ بالفار بمؤلّفاتِه في العَروض والفرائض، وكان إمامًا في النّحو واللغة، شديدَ التعصُّب لسيبويه، ووضع مؤلّفًا في تاريخ بلده سماه: "الدُّرةَ المكنونة في محاسنِ إسطبونة" (¬4). ولا نعرفُ أين صَحِبه، وقد يكون لقِيَه أولَ مرة في الجزيرة الخضراء ثم صَحِبَه أثناءَ مقامِه بمَرّاكُش حيث لقِيَه ابنُ رُشَيْد السَّبتي ودرَس عليه ابن البناء العدَدي. ¬

_ (¬1) فتح المتعال: 220. (¬2) ترجمته في الإعلام للمراكشي 4/ 337 (رقم 585). (¬3) الذيل والتكملة 6/الترجمة 806. (¬4) توجد من هذا الكتاب نقول في مخطوط بمكتبة خاصة بالرباط.

أمّا ثاني المذكورَيْن في النص فلم نقفْ على ترجمته ولا على ما يدُلّنا على تفصيل صحبتِه لابن عبد الملك. وثمّةَ سَبْتيٌّ آخَر ذكَرَه ابن عبد الملك في كتابِه مرّات، وعَدَّه من أصحابه، وهو أبو عليّ الحُسَين بن عَتِيق المشهورُ بابق رَشِيق التغلبيِّ المتوفَّى بتازَى سنة 696 هـ، وهو مُرْسيّ أوى إلى سَبْتة ووَلي قضاءها في عهد أبي القاسم العَزَفي، كما وَلي الكتابةَ في دواوين ملوك بني مَرِين وبني الأحمر، وقد أشار إليه المؤلّفُ في ترجمة والده عتيق بن الحُسَين وقال: "وحدّثنا عنه ابنُه صاحبُنا أبو علي" (¬1). كما ذكَرَه فيمن حدّثه عن أبي الخَطّاب محمد بن خليل فقال: "وحدّثنا عنه أبو جعفر بن الزُّبير وأبو عليّ بن رَشِيق صاحبُنا" (¬2)، وفي الرواية عن أبي عبد الله القارجيّ، قال: " ... وأبو عليّ بن رَشِيق صاحبُنا" (¬3)، ولا نتحقّق هل ترجم له أم لا؟ وأغلب الظنّ أنه عامَلَه معاملةَ أصحابه الآخرين، كالعَبْدَري وابن رُشَيْد وغيرهما؛ إذ لو كان مترجمَا في "الذّيل والتكملة" لوجَدْنا النقلَ عنه في "الإحاطة" لابن الخَطيب (¬4)، ولا نعرف ماهيّة الصحبة بين الرجلَيْن، ولا بدّ أنهما التقيا في سَبْتة، وقد جمع بينَهما الاهتمامُ المشترك بالتاريخ العام وتاريخ الرجال؛ إذ إن ابن رَشِيق اختصر"مداركَ "القاضي عِيَاض وألّف" ميزانَ العمل في أيام الدول"، وهو تلخيصٌ لكتاب كبير له في التاريخ. وهناك عَلَمٌ تردَّد ذكْرُه مرّات متعدِّدة في "الذّيل" وهو: أبو عبد الله محمد بن عَيّاش الخَزْرجي، انتقل والده من قُرطُبة إلى مالَقة، وانتقل هو من مالَقةَ إلى مَرّاكُش حيث كان له كُتّابٌ للإقراءِ والتعليم، وكان ابن عبد الملك يُجالسُه في كُتّابه أحيانًا، قال في ترجمة والد المذكور عَيّاش: "رَوى عنه ابنه أبو عبد الله، وحدّثنا عنه في كُتّابِه ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 5/الترجمة 232. (¬2) المصدر نفسه 5/الترجمة 1200. (¬3) المصدر نفسه 6/الترجمة 242. (¬4) الإحاطة 1/ 472 - 476.

غيرَ مرة" (¬1)، وأشار إليه أثناء تراجم: أبي بكر حُمَيد المالَقيّ، وأَحمد بن مكنونٍ المَرَوي، وأبي بكر عتيق بن أَحْمد المالَقيّ، ونقل عنه الحكاية الآتية: "أخبرني صاحبُنا الفاضلُ أبو عبد الله بن عَيّاش عن أبي بكرِ بن حبيب المالَقيّ، قال: كان أبو بكرٍ هذا قاعدًا في ظِلّ شجرة بصَحْن جامع مالَقة وقارئ يقرأ كتابَ "الحِلية" لأبي نُعيم على الناس يُسمِعُهمٍ إيّاه، فجرى ذكرُ أحد الفُضلاء المذكورين فيه وذى مناقبه وكراماتِه، فصاح صَيْحةً ثم سكَتَ وسكن فحُرِّك فأُلفي ميّتًا، رحمه الله" (¬2)، كما ذكره في الآخِذين عن أبي عبد الله محمد بن عِيَاض الحفيد، وفي جميع هذه المرّات قال فيه: "صاحبُنا". ووجدناه في ترجمة أبي الحَسَن العَشّاب الرُّندي نزيل مالَقة يقول: "حدّثنا عنه شيخانا: أبو الحَسَن الرّعيني وأبو عبد الله بن عَيّاش الخَزْرجي"، وكذلك يقول في ترجمة أبي القاسم القاسم ابن الطَّيْلَسان القُرطُبي نزيل مالَقة: "رَوى عنه غيرُ واحد، وحدّثنا عنه من شيوخنا: صِهرُه أبو عبد الله بن عَيّاش" (¬3). ويدفعُنا صنيعُ ابن عبد الملك هنا إلى التساؤل عن سببِه، والسرِّ فيه، فهل هو يتحدّث عن شيخ واحد ترَقّى من رتبة الأصحاب إلى رتبة الأشياخ؟ أم أنّ الثانيَ غيرُ الأول؟ وقد ترجم الوادي آشي في "برنامجَه" لاثنينِ، أحدهما: "محمد بن عَيّاش بن محمد بن عَيّاش القرطبي نزيلُ مالَقة، أخَذ عن أَبيه وصِهرَيْه أبي جعفرٍ وأبي القاسم ابنَي الطَّيْلَسان وأبي عبد الله اللّوشيِّ، وأجازه سهل بن مالك وابنُ بَقِيّ وغيرهما"، وثانيهُما: "محمد بن محمد بن عَيّاش المالَقيُّ المَرّاكُشي، يَروي عن إبراهيم بن محمد بن عُبَيد الله، وعن أبي القاسم ابن الطَّيْلسان" (¬4)؛ ومن الواضح أنّ الثانيَ ولدُ الأول، والذي يبدو أنّ الأولَ منهما هو الذي يصحُّ أن يُعَدَّ في شيوخ ابن عبد الملك، وهو الذي ذكَرَه في ترجمة والده عَيّاش وسمّاه من ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 5/الترجمة 884. (¬2) المصدر نفسه 5/الترجمة 229. (¬3) المصدر نفسه 5/الترجمة 1090. (¬4) برنامج الوادي آشي: 128، 137.

شيوخه في المرتين الآنفتَي الذكر، أمّا الذي صَرَّح أنه من أصحابِه فقد يكون ولدَه المذكورَ المسمّى باسمه الناشئَ في مَرّاكُش. ومن أصحاب ابن عبد الملك الذين انتفَع بصحبتهم العلميّة وأثنى عليهم وتبادل وإياهم الفوائد: أبو جعفرٍ أحمدُ بن محمد بن سُليمان بن شُنيف العُقَيْليّ البَلَنْسيّ الأصل، وذكَرَه فيمن حدّثه عن ابن عَمِيرة المخزوميِّ فقال: " ... وصاحبنا أبو العبّاس بن محمد بن شُنَيْف"، وقد ترجَم له، وبعد أن عَدّ شيوخَه قال: "وقَدِم مَرّاكُش دَفَعات، أُخراها سنةَ ثمان وخمسينَ وست مئة، وخَلّف فوائدَ جمة وتعاليقَ أدبيّةً كثيرة، وجُملةً وافرة من كلام أبي المُطرِّف بن عَمِيرة نثرًا ونظمًا، وكان نبيلَ الخطّ متقِن التقييد، كتَبَ الكثير وعُني بالآداب كثيرًا"، ثم قال: "جالستُه طويلًا وانتفعت من قِبَلِه ببعض ما أوصَلَه مما ذكر، وصارت إليه من قبلي فوائدُ أدبية قد كان شديدَ الطلب لها، كثيرَ الحرص عليها، باحثًا عنها بالأندَلُس وإفريقيّة فلم يُلفِها". وتحدّث عن تحفُّظه الشديد فقال: "وكان قبل خبرته باديَ الجفاء ظاهرَ النُّفور، حتى إذا أَلِف وتُؤلِّف انبسَط واسترسَل وأمتَعَ مجُالسَه من الأنس بما شاء"، ثم ذكر أنه توفِّي ببلد حاحةَ سنة 644 هـ حيث كان مكلَّفًا ببعض مَجابيها السّلطانية، ولم يفُتِ ابنَ عبد الملك أن يُشيرَ إلى ما قيل عند وفاتِه من أنه اغتيل بأمرِ عامل حاحةَ حسبما نفَذَت به الإشارةُ إليه من قِبَل المرتضى؛ لأن ابن شُنَيْف كان من مُداخلي إدريسَ المتلقّب فيما بعدُ بالواثق، ويشير إلى صدى هذا الحادث فيقول: "وشاع الشَّنيع بذلك على المرتضَى وقَبَّح النَّاسُ ما أتى من ذلك، واللهُ بالمرصاد وإليه المصير". ذكر ابنُ عبد الملك أنّ صاحبَه هذا "خَلّف فوائدَ جمة وتعاليقَ أدبيّة كثيرة وجُملةً وافرة من كلام شيخِه أبي المُطرِّف بن عَمِيرة نثرًا ونظمًا"، ثم قال بعدَ هذا: "وصار إليّ معظمُ ما قَدِم به بعدَ وفاته، رحمه الله" (¬1)، ولم يبيِّنْ كيف دخَلت ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 641.

في مُلكه مكتبةُ صاحبه أو معظمُها، وقد يكون ذلك تَمّ بالشراء الصحيح، وقد عرَفْنا أنّ ابنَ عبد الملك زارَ حاحةَ، وقد تكون لزيارته علاقةٌ بهذا الموضوع، وعلى كلِّ حال فقد انتفَعَ ابنُ عبد الملك بمخلَّفات صاحبه الأدبية، ولا سيّما في الترجمة الحافلة لابن عَمِيرة المخزوميِّ التي تُعَدُّ من أوسع تراجم "الذّيل والتكملة"، وكذلك، على ما نظُنّ، الفوائد الأدبية الواردة في ترجمة ابن الأَبّار بما فيها القصيدة السِّينية ومعارضاتها. ومن أصحاب ابن عبد الملك في مَرّاكُش: أبو محمد عبدُ الله بن أبي الحَسَنُ محمد ابن الحاجّ القُرطُبيّ، "استُقضيَ (أى: والدُ صاحبه) بغَرناطةَ والجزيرة الخضراء فشُكرت سِيرتُه وشُهر بالنّزاهة والعدالة، واستدعاهُ الرّشيد من بني عبد المؤمن إلى تعليم ولده وتأديبه لمتَاتٍ كان إليه، فقَدِم مَرّاكُش وتلبَّس بما دُعي إليه مدّة يسيرة، وتوفِّي بمَرّاكُش عام أحد وأربعينَ وست مئة" (¬1). أما عبدُ الله ولدُ مؤدِّب أولادِ الخليفة هذا فيبدو أنه صَحِب ابن عبد الملك في حلقات الدّروس بمَرّاكُش، وقد ذكره في أثناء ترجمة والده وترحَّم عليه فقال: "وهو والدُ صاحبنا الفقيه الفاضل الورع أبي محمد عبد الله، رحمه الله" (¬2)، ولم نقفْ على ترجمة هذا الصاحِبِ الورع فيما بين أيدينا من مصادر. ومن معارفه من أولاد الشُّيوخ الأندَلسيِّينَ الوافدينَ على مَرّاكُش: أبو الحَكَم أَحْمد بن محمد بن أَحْمد بن خليل السَّكُونيّ، قال في ترجمة والده: "وورَدَ مَرّاكُش ورأيتُه بها وأقام فيها مدّة ليست بالطويلة متلبِّسًا بعَقْد الشروط، ثم عاد إلى الأندَلُس فاستوطنَ لَبْلةَ بلدَ سَلَفِه إلى أن عَرَضَ له توجُّه إلى إشبيلِيَةَ زائرًا بعضَ ذوي قرابةٍ بها ففُقد في وجهته تلك فلم يُعثَرْ له على خبر. كذلك أخبرني ابنه أبو الحكم أحمد، وقال ابن الزُّبير: إنه فُقد في طريق لَبْلة عند خروج ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 6/الترجمة 785. (¬2) المصدر نفسه.

أهل إشبيلِيَةَ منها سنة ستّ وأربعين وست مئة. وخبر ابنه أَوْلى بالاعتماد عليه. والله أعلم" (¬1). ومن هؤلاء أَيضًا: أبو العبّاس أَحْمد بن أبي جعفر أَحْمد بن مُنعم العَبْدَريّ الدّانيّ نزيلُ مَرّاكش، ترجَم ابن عبد الملك لوالده المسَمَّى وذكَرَ أنه كان بارعًا في العدد والهندسة والطِّبّ، ونقَل بعضَ ما في هذه الترجمة عن صاحبه المذكور فقال: "فمن مشهور تصانيفه: "فقهُ الحساب" كتابٌ جليل الفائدة، و"مقالةٌ في استنباط أعداد الوفق"، و"تجريدُ أخيار كتب الهندسة على اختلاف مقاصدها"، ويُذكر من شَغَفه بهذا الفنّ أنه كان لا ينامُ من الليالي حتى يَعرِض على خاطره "كتابَ الأركان" لأوقليدس بادئًا من آخِر شكل فيه متقهقرًا إلى ما قبلَه وصاعدًا إلى أول شكل منه؛ إذ كان فهْمُ كلِّ شكل ينبني على فهم ما قبلَه من الأشكال، شُهِر ذلك عنه وعُرف منه، وأخبرني به صاحبُنا أبو العبّاس ابنه رحمه الله، وعَرَضَ عليّ تصانيفَه هذه التي سمِّيت وغيرها، وكانت جملة وافرة" (¬2). ومنهم كذلك: أبو القاسم هبةُ الله ولدُ أبي عبد الله الحَرّار القُرطُبي نزيل مَرّاكُش. ذكَرَه في ترجمة والده هذا الذي كان حَرّارًا في قُرطبة ثم أصبح عَدْلًا عاقدًا للشّروط في مَرّاكُش، وقد جالسَ ابنُ عبد الملك الوالدَ كثيرًا وكان صاحبًا لابنه، قال في ترجمة أبي عبد الله الحَرّار: "وهو أبو صاحبنا أبي القاسم هبة الله" (¬3). ومما يجمَعُ بين الصاحبَيْن أنهما يشتركان في النّسَب الأَنْصاريّ الأوْسيّ، وكانا يلتقيانِ في حلقات الدّرس ومجالس الوعظ، وقد ذكَرَه فيمن رَوى عن الواعظ البغداديِّ محمد بن عبد الوهّاب ابن الحَنْبلي فقال: "رَوى عنه أبو جعفر بن الزُّبير، وأبو ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 6/الترجمة 785. (¬2) المصدر نفسه. (¬3) المصدر نفسه 6/الترجمة 349.

عبد الله بن أبي بكر بن رشيد البغداديُّ الواعظ، وصاحبُنا أبو القاسم هبةُ الله بن محمد بن أبي بكر بن سعيد بن عبد الغفور الأوْسيّ" (¬1). ونذكر من هذه الطَّبقة أَيضًا، أَبا محمد عبدَ الله ابن قُطرال، وهو ولدُ قاضي مَرّاكُش أبي الحَسَن ابن قُطرالَ الذي ذكَرْنا فيما سبَق أنه كان يسكُن دارًا في مُلك ابن عبد الملك بجوار داره، ولئن فاتته الروايةُ عن ابن قُطرالَ الوالدِ حسبما رأينا من تحسُّره على ذلك، فقد كان له صلة بولده هذا الذي وَلي القضاء هو وأخوه أبو عبد الله محمدٌ، وممّا نقَلَه ابنُ عبد الملك عن أبي محمد ابن قُطرال المذكور هذا النصُّ المتعلِّق بلهجة أهل شرق الأندلس، قال: "وقد أذكرَتْني حكايةُ شيخنا أبي الحَكَم هذا ما ذكَرَ ليَ الفقيهُ القاضي أبو محمد بن أبي الحَسَن ابن قُطْرال رحمه الله أنه رأى مكتوبًا بنقْش في جِصّ على باب حمّام أو فندق -الشكُّ منّي-: رحم الله عبدًا صنَع شيئًا فأطقنه، بالطاء، يريدُ: فأتقنَه" (¬2). وفي "الذّيل والتكملة" نُقولٌ أخرى تتّصل بأبي الحَسَن ابن قُطرال لعلّ ابن عبد الملك يستندُ فيها إلى ولدِه أبي عبد الله هذا. ومن هؤلاءِ أَيضًا: أبو الحُسَين محمد بن عبد الواحد ابن تقيّ المالَقيُّ الأصل المَرّاكُشيُّ الدار، ترجَمَ ابن عبد الملك لأبيه وأمِّه وجَدِّه لأمِّه، وقال في ترجمة أُمِّه فاطمة بنتِ عتيق ابن قَنْتَرال: "وكانت زَوْجَ الفاضل أبي عُمر عبد الواحد ابن تقيّ وأُمَّ صاحبِنا أبي الحَسَن محمد ابنه". ومن أصحاب ابن عبد الملك المَرّاكُشيِّين: أبو عثمان سعيد بن جون المَرّاكُشيّ، وهذا هو الذي مكّن ابنَ رُشَيْد السَّبتي من نظم أبي الحَسَنُ البَسْطيّ في العَروض نقلًا عن ابن عبد الملك، وقد أثنَى عليه ابنُ رُشَيْد في رحلته، وذكَرَ أنه اغتَبطَ بمعرفتِه وتأنَّس بصُحبتِه وقال فيه: "الأديب المقرئ الأستاذ"، وزاد في وصفه قائلًا: "أحدُ الأدباء الفُضَلاء، محبٌّ في السَّماع والغناء، وشأنُه عجيب، وتكوينُه غريب، وله مشاركة في القراءات والعربيّة والأدب والعدد والفرائض ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 8/الترجمة 121. (¬2) المصدر نفسه 1/الترجمة 221.

[والعَروض] , وينظمُ وينشئُ، معَ ذاتٍ فاضلة وعَقْل جيّد وعِفّة ظاهرة" (¬1). لم يذكُر ابن عبد الملك صاحبَه هذا؛ إذْ لم تكن مناسبةٌ لذكرِه في الأسفار الموجودة من "الذّيل والتكملة"، وإنّما أشار إلى علاقته به ابنُ رشيد، ويستفادُ من كلام هذا أنّ ابن عبد الملك وابنَ جون اشتَركا في الأخْذ عن عالِم مَرّاكُش وقاضي جماعتها وإمامِها أبي عبد الله المدعوّ بالشريف. وفي ترجمة ولدِ ابن عبد الملك أنه درَسَ العربيّة على أبي عثمان سعيد بن عبد الله (¬2)، ويبدو أنه هو صاحبُ ابن عبد الملك هذا. ومن أصحابه: أبو محمد عبد الله بن عليّ بن أبي خُرْص الضّرير، أشار إليه في السِّفر السادس عندَ ترجمة شيخِهما أبي عبد الله ابن عَسْكر فقال وهو يَسرُد مؤلفاتِه: "ومنها: "الجزءُ المختصَر في السُّلوِّ عن ذهابِ البصَر" ألّفه لصاحبِنا أبي محمد بن أبي خُرص الضّرير الواعظ، رحمه الله" (¬3). وقد استفاد ابنُ عبد الملك من صاحبه الضّرير هذا بعضَ الفوائد ومنها المجالسُ الوَعْظيّة التي ألّفها أبو المطرف أحمدُ بن عَمِيرة المخزوميّ، قال في ترجمته: "وله مجالسُ وَعْظيّة كان يصنَعُها للواعظِ الفاضل الصّالح أبي محمد بن عليّ بن أبي خُرص رحمه الله، ومن قِبَلِه استفدناها" (¬4). ويبدو أنّ ابنَ عبد الملك عَرَف صاحبَه هذا في مدينة مَرّاكُش، ولكنّنا لا نعرفُ هل هو من أهلِها أم من الطارئينَ عليها، كما أنّنا لا نعرفُ أين التقَى بابن عَسْكر المالَقيّ الذي ألّف له الكتابَ المذكورَ تأنيسًا للوَحْشة التي كان يُحِسُّ بها من عَمَاه وتَسْليةً له عن فُقدان بصَرِه، ويمكنُ أن يكَونَ لقاؤه إيّاه إمّا بمالَقة بلدِ ابن عسكر أو بمَرّاكُش التي ربّما زارها هذا الأخيرُ بمناسبة بَيْعة المأمون الموحِّدي (¬5). ¬

_ (¬1) رحلة ابن رشيد 6/ 3 (مخطوط). (¬2) الدرر الكامنة 4/ 194. (¬3) الذيل والتكملة 6/الترجمة 1218. (¬4) المصدر نفسه 1/الترجمة 231. (¬5) المصدر نفسه 6/الترجمة 1218.

وممن سمّاهم في عِداد أصحابِه بمدينة فاسَ: أبو الحُسَين يحيى بن أبي القاسم عبد الرّحمن بن أبي عبد الله المَزْدغيّ، وقد وَصَفَه بالخطيب الفاضل ونقَل عنه ما ذكَرْناه قبلُ، وَلِي الخَطابة بالقَرَويّين سنة 694 هـ، وجمع بينَها وبين الإمامة بعد هذا التاريخ بقليل، وظلّ على ذلك إلى وفاته سنة 726 هـ (¬1). ومن أصحابه الفاسيِّين: أبو سعيد محمدٌ المومنانيُّ الحفيد، ذكره في ترجمة محمد المومنانيِّ الجَدّ، وكتَبَ من إملائه نَسَبَ المومنانيِّين مرفوعًا إلى الحَسَنُ بن عليّ بن أبي طالب، وكأنه لم يكنْ مطمئنًّا إلى ما أملاه على صاحبه المؤرِّخ المعنيِّ برفع الإنساب وتحقيقها، قال ابن عبد الملك: "ووَعَدني بتحقيقه ولم يُقضَ بذلك حتى فَصَلتُ عن فاس". ولعلّ هذا الأمرَ كان خلال مرورِه بفاسَ سنة 699 هـ في وِجهته إلى تِلِمْسانَ قاصدًا محلّةَ السلطان (¬2). وفي الأخير نجدُه ينقُل عن شخص لعلّه من أهل تِلِمْسانَ، هذه المدينة التي زارها ابن عبد الملك أكثَر من مرّة على ما يبدو وكانت منيّتُه في أرضها، فقد ذكَرَ في ترجمة أبي بكر بن عُفَير الإشبيليِّ النَّبِيل الذي احتَرف الوعظَ وسلَكَ فيه طريقة شيخه ابن الجوزيّ ما نصّه: "أخبرني التأريخيُّ أبو سعيد عثمانُ بن ... المعروف بابن خرزوزة، قال: حضَرتُ بعضَ مجالسِه الوعظية بتِلِمْسينَ وقد ذكر للحاضرينَ أنه يريدُ التزوّج أو التّسرّي، والتمَسَ منهم كفايتَهم إياه النظرَ في ذلك، ثم أنشد: وقلتَ يا ربّ: حمَلْناكمُ ... لمّا طغى الماءُ على الجاريهْ عبدُك هذا قد طَغَى ماؤهُ ... فاحمِلْه يا ربِّ على الجاريهْ! " (¬3) ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 8/الترجمة 148. (¬2) المصدر نفسه 8/الترجمة 136. (¬3) المصدر نفسه 6/الترجمة 929.

ويبدو أنه لقي هذا التأريخي الأخباري في تِلِمْسان وإن لم يصرح بذلك، ولم نقفْ نحن على ترجمة المذكور حتى نتأكّد من هذا (¬1). ومن أصحابِه: أبو مَرْوانَ بن موسى ابن الكَمّاد السَّبتي، ويبدو أنه عرَفَه في سَبْتة، وقد ذكَرَه في ترجمة سِبْط أبي عَمْر وابن الجُمَيِّل، قال: "حدّث عنه بالإجازة صاحبُنا أبو مَرْوان بن موسى ابن الكَمّاد" (¬2). ونصَّ في ترجمة أحمد ابن السَّراج على أنّ صاحبَه هذا كان مُكتِبًا (¬3). وقال في ترجمة محمد بن صَالح الشاطبيّ نزيل بِجَايةَ: "رَوى عنه أصحابنا أبو عبد الله بن مَسْعود، وأبو محمد عبدُ الوهاب بن عليّ بن الحَسَن المليانيّ، وأبو جعفرٍ أحمدُ بن محمد بن محمد بن محمد الأنصاريُّ الوادي آشيُّ ابن الخَشّاب" (¬4). فالأولُ هو العَبْدريُّ الحِيحيُّ الذي سبَق ذكْرُه، أمّا الآخَرانِ فلم نقف لهما على ترجمة. ومن أصحابِه: الفقيهُ الصاحبُ الأوَدّ في الله الأفضَل أبو عبد الله بن عيسى الماقَريّ مُستوطِن ثَغْر آسفي حماه الله وكافأ فضلَه وشكرَ إفادتَه، عرَفَه المؤلّف في البلد المذكور حينما كان يتردَّد على شيخِه أبي عليّ الماقَري، ولم نقفْ له على ترجمة. ثمةَ معاصِرونَ آخَرون لابن عبد الملك من مَرّاكُش وغيرِها لا نعرفُ شيئًا عن صِلتِه بهم، ونقدّر أنه اتّصل بهم وتحدّث عنهم في الأسفار المفقودة من "الذّيل ¬

_ (¬1) ثمة أبو عبد الله ابن خرزوزة الشهيد الصالح الشهير دفين سبتة، وأبو عبد الله محمد بن محمد ابن خرزوزة الفقيه الأصولي الصالح الخطيب. انظر اختصار الأخبار: 22، وألف سنة من الوفيات: 151، 267. (¬2) الذيل والتكملة، السفر الثامن (ترجمة رقم 142). (¬3) المصدر نفسه 1/الترجمة 514. (¬4) المصدر نفسه 6/الترجمة 672.

تلاميذه

والتكملة" ومنهم على الخصوص: بلدَيُّه أبو عبد الله اليقوري (646 - 707 هـ) وصالحٌ الإيلانيُّ نزيلُ نفيس الذي كان حيًّا سنة 712 هـ، وغيرهما. هؤلاء جملة من أصحاب ابن عبد الملك الذين عَرَفهم في حلقات الشّيوخ بمَرّاكُش وغيرها أو ذاكَرَهم في المسائل العلميّة أو نقَلَ عنهم كما نقَلوا عنه، وسمّاهم في الأسفار الموجودة من كتابه، ولا بدّ أنه عَرَض لغيرهم في الأسفار المفقودة. وقد أشار في ترجمة شيخِه ابن فضيلةَ وغيرِها إلى كثرة أصحابه، قال: "رَوى عنه كثيرٌ من أصحابنا" (¬1). وممّا ذكَرْناه -وما سنذكُره بعدُ- يتبيَّن لنا أنّ صِلات ابن عبد الملك بمعاصِريه كانت واسعة، وهذا شيءٌ ضروريّ له باعتباره مؤرّخًا يهتمُّ برصد الأحداث ويُعنى بتدوين تواريخ الرجال. تلاميذه: لو عُني الذين ترجموا لابن عبد الملك -وهو ابنُ الزُّبير، والنُّباهي، وابن فَرْحون -عنايتَه هو- في تراجمه- بسَرْد الشيوخ والتلاميذ، في إحصاءٍ دقيق واستيعابٍ شامل؛ لأمْكنَ معرفةُ جانب مهمّ في حياته وهو دورُه في نشر العلم وبثِّه عن طريق التدريس، ولكنّهم لم يَذكروا شيئًا على الإطلاق ولم يَعُدّوا ولو واحدًا من تلاميذه، فهل معنى ذلك أنّ الرجلَ شُغل بالتأليف أو التوظيف عن واجب التعليم والجلوس إلى طلبة العلم والعناية بهم التي هي من أجلّ ما يُعَدّ للشّيوخ في سِجِلّاتهم وأعظم ما يُدّخر لموازين أعمالهم؟ والجوابُ: أنّ ابنَ عبد الملك - برغم أعباء وظيفته أو وظائفه وانصراف جهوده إلى كتابه الكبير الذي عَكَف عليه عمُرَه "ولم يتمَّ له مرامُه منه إلى أن لحِقته وفاتُه"- لم ينسَ نصيبَه من التدريس وحظّه في التحديث، ولكنّنا لم نقفْ إلا على عدد محدود ممن أخَذوا عنه ودرَسوا عليه؛ لضياع تراجم معظم الراوينَ عنه في غالب الظنّ. ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 5/الترجمة 1061.

نَذكُر في مقدِّمة تلاميذه، ولدَه أَبا عبد الله محمدًا -الذي يبدو أنه كان أكبرَ أولاده- فقد ذَكَر ابنُ حَجَر في "الدُّرر" أنه: "سمع على أَبيه الإِمام العلامة التاريخيِّ وتأدَّب به" (¬1). وكان ابنُ عبد الملك معنيًّا بتعليم ولده هذا مهتمًّا بتثقيفه، وتوَلّى تنشئتَه العلميّة والأدبية بنفسِه، كما استعان في ذلك ببعض شيوخِه وأصحابه وتلاميذِه؛ كمالك ابن المُرحَّل وأبي عثمانَ سعيد بن عبد الله وغيرهما، وكان يَستجيزُ أو يتلقّى إجازةَ بعض العلماء لولده محمد هذا وكذلك لولده الثاني أبي القاسم أحمدَ وبقيّة أولادِه الخمسة، وقد رأينا إجازة ابن خميس من الجزيرة الخضراء (¬2)، وابن الغَمّاز من تونُس (¬3)، وابن فَرْح الإشبيلي من دمشق (¬4) لمحمدٍ وأخيه أبي القاسم وإخوتهم الثلاثة، ولكنّنا لا نعرفُ شيئًا عن الثلاثة الأخيرِين. وذكر ابنُ حَجَر أنّ محمدًا ولد ابن عبد الملك قرأ "على أبي العبّاس أَحْمد بن عثمان ابن البنّاء التعاليميِّ كثيرًا من تصانيفه في العدَد والنحو -كذا، والصواب: النجوم- والبديع" (¬5)؛ ولكننا نجدُ نصًّا آخَرَ مخالفًا -قد يفيدُ العكس- وهو قول ابن القاضي: "وأخَذ ابنُ البنّاء الحديث عن أبي عبد الله وأخيه ولدَيْ محمد بن عبد الملك بن سعيد الأنصاريِّ الأوْسيّ الشهير بابن الدَّهّاق، قرأ عليه "الموطأ" روايةَ يحيى وعروض ابن السَّقّاط، وتأدَّب به في عقود الوثائق وانتفع به كثيرًا" (¬6). وفي هذا النصّ الذي لا نَعرِف مصدرَ ابن القاضي فيه وَهِم في شُهرة ابن عبد الملك فلم يذكر أحدٌ غيرَه شُهرة ابن عبد الملك بابن الدَّهّاق، ولا نحسَبُ أنّ له صلةَ ¬

_ (¬1) الدرر الكامنة 4/ 194. (¬2) الذيل والتكملة 6/الترجمة 806. (¬3) المصدر نفسه 1/الترجمة 602. (¬4) المصدر نفسه 1/الترجمة 484. (¬5) الدرر الكامنة 4/ 194. (¬6) جذوة الاقتباس 1/ 150.

قرابة بالمتصوّف المالَقيّ إبراهيم بن يوسُف بن محمد بن دَهّاق الأَوْسيّ المتوفَّى سنة 611 هـ (¬1) خلا صلةَ النسَب: الأوْسيّ الأَنْصاريّ. وفيه أَيضًا إشكالٌ فيما يتعلّق بمشيخة ابن البنّاء، فالمتبادِرُ إلى الذّهن عند قراءة كلام مؤلِّف "الجذوة" أنّ المعنيَّ به ولد ابن عبد الملك وأخوه لا والدُهما، وهذا يتعارض معَ كلام ابن حجر السالف، وقد يتعارض معَ التاريخ؛ إذ إن ابنَ البنّاء المتوفَّى سنة 721 هـ قد يكون أسنَّ من محمد ولد ابن عبد الملك المتوفّى سنة 743 هـ، إلا أنْ يكونَ ابن البنّاء لم يَشرَعْ في الدراسة إلا بعد البلوغ، أو يكونَ كلُّ واحد منهما قرأ على الآخَر ما يُحسِنه. وقد فهم المرحومُ الأستاذ العابد الفاسيُّ وغيرُه أنّ المقصودَ في كلام ابن القاضي هو ابن عبد الملك الوالد؛ وبناءً على ذلك عَدّ ابنَ البنّاء من تلاميذه (¬2)، ولكنّ النصَّ المذكورَ يصرح بولد ابن عبد الملك ويشير إلى أخيه، ولا نَعرِف من أحوال ابن عبد الملك وأخباره وآثاره التي بين أيدينا أنه كان له أخٌ؛ ولذلك ذهبنا فيما سبَق -أخذًا ممّا بين السطور- إلى أنه ربّما كان وحيدَ أَبيه، ثم إنه لو كان له أخٌ موصوفٌ بالعلم لكان ذكَرَه أو ذُكِرَ عندَ غيره، وهذا ما لم نقفْ عليه. ويبقى بعدَ هذا تأويلانِ نفترضُهما لحلِّ الإشكال المذكور: أحدُهما: أن يكونَ ابنُ البنّاء -وكان أبوه محترفا بالبناء- لم يشرَعْ في طلب العلم إلا على كبر، وحينئذ يمكن أن يأخُذ عمّن هو أصغر منه سنًّا, ولكن قد يُضعِف هذا التأويلَ أنّ ابنَ البنّاء أخَذ عن بعض شيوخ ابن عبد الملك الأبِ نفسِه، كأبي عبد الله محمد المدعوِّ الشّريف، وأبي الحَجّاج يوسُف بن حكم. ¬

_ (¬1) ذهب إلى ذلك المرحوم العابد الفاسي (دعوة الحق)، وعبارة ابن الدهاق كتبت في شرح التلخيص لابن هيدور هكذا: ابن الدهان. (¬2) دعوة الحق.

أمّا التأويل الثاني فهو أن يكونَ كلّ واحد منهما أخَذ عن الآخَر ما يُحسِنه، فقرأ ابنُ عبد الملك الابنُ على ابن البنّاء "تصانيفَه في العدد والنجوم" كما في "الدُّرر الكامنة" وقرأ ابنُ البنّاء على ولد ابن عبد الملك ما ذُكِر في النصّ السابق. ومهما يكنْ من أمر فالذي يبدو من تراجم ولد ابن عبد الملك أنه تأثَّر بوالده في تكوينه الأدبيِّ على الخصُوص وأشبَهَه في بُعد الهمّة والأنفة والوقار، وسنعرِض للحديثِ عن مآلِه فيما بعدُ. ومن تلاميذ ابن عبد الملك المبرِّزين: أبو جعفر أحمدُ بن صَفْوان المالَقيُّ المتوفَّى سنة 763 هـ, له ترجمة حافلة في "الإحاطة"، قال ابن الخطيب تحت عنوان: "مشيختُه": "ورحَلَ إلى العُدوة، فلقي جملة، كالقاضي المؤرِّخ أبي عبد الله بن عبد الملك ... وقرأ عليهم بمَرّاكُش" (¬1). وممّن روى عن ابن عبد الملك: أبو القاسم عبدُ الرّحمن العَزَفيُّ مؤلِّف كتاب "الإشادة"، قال ابن القاضي في ترجمته: "رَوى عن أبي جعفر بن الزُّبير، والقاضي ابن عبد الملك ... " (¬2)، وقد ولد سنة 685 هـ وتوفّي سنة 717 هـ، ولا نَعرِف متى لقي ابنَ عبد الملك ولا أين لقيه، وقد عرَفْنا ممّا سبق صلة مؤرِّخنا بالعَزَفيِّينَ بسَبْتة وتعاطفَه معهم. وممّن رَوى عنه أَيضًا الرحّالةُ الرّاوية القاسم بن يوسُف التُّجيبيّ صاحبُ "البرنامَج" ومؤلّف "مستفادِ الرّحلةِ والاغتراب" المتوفّى سنة 730 هـ، فقد رَوى عن ابن عبد الملك كتابَه "الذّيل والتكملة" ووصَلَ إلينا من النسخة التي رواها عن مؤلّفه السّفْران: الخامسُ والسادس، ونقرأ على الورقة الأولى من السِّفر السادس المحفوظ في المكتبة الوطنية بباريسَ ما نصُّه: "رواية القاسم بن يوسُف بن محمد بن علي بن القاسم التُّجيبيّ عنه"، أى: عن ابن عبد الملك. ¬

_ (¬1) الإحاطة 1/ 222. (¬2) جذوة الاقتباس 397 وانظر نقله في الإشادة عن ابن عبد الملك في أزهار الرياض 2/ 379.

ونرى من هذَيْن السِّفرين كيف وثّق التُّجيبيُّ كتابَ شيخِه وأغناه بالتعليقات والاستدراكات والإلحاقات ممّا سنناقشه عند الحديث على "الذّيل والتكملة". وممّن أخَذَ عن ابن عبد الملك: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يعيشَ، قاطنُ مدينة سلا، حيث كان له حانوتٌ بها للتجارة، لقيه ابنُ الحاجّ النُّمَيْريُّ (ت 745 هـ) في المدينة المذكورة سنة 745 هـ, وذكر شيوخَه ومقروءاتِه، قال: "ولقي قاضيَ الجماعة أَبا عبد الله بن عبد الملك وسَمع عليه "فِهرِستَ ابن القَطّان" بحقّ حَمْلِه لها عن أبي عبد الله الشريف قاضي الجماعة، وعن أبي عليّ الكفيف، وأجاز له ابن عبد الملك في ... " (¬1)، ولم ينصَّ على مكان اللقاء، ونَعرِفُ ممّا سبَق أنّ ابن عبد الملك زار سَلا وكان له فيها أحباب، وكان يَعرِفها وأهلَها معرفةً جيدة، ويبدو من أسماء شيوخ ابن يَعِيش أنه قد يكونُ درَس في مَرّاكُش وفاسَ، وكانت له صلةٌ بطلبة سَبْتة، ولم نقفْ على ترجمته في مكان آخر. ويحدّثنا ابنُ الحاجّ النُّمَيْريُّ أَيضًا عن تلميذِ آخَر من تلاميذ ابن عبد الملك هو "الشّيخُ الفقيهُ الجليلُ الأستاذ المقرئ أبو الحَسَنُ عليّ بن موسى بن إسماعيلَ المِطْماطيُّ " درَس على جماعة من الأعلام جمَعَهم في برنامَج مشيختِه، وكان يقرئُ القرآنَ والعربيّة والتفسيرَ بالمدرسة التي بناها أبو عنان بداخل سَلا, وله شعر في مدحِه، وتآليفُ منها: "شَرْح "الجُمَل" في ثلاثة أسفار وسماه: "غايةَ الأمل في شرح الجُمَل"، وبرنامَجُ مشيختِه الذي ضمَّنه ابن الحاجّ في مذكّراته، وقد ذكر أبو الحَسَنُ في هذا البرنامج شيخَه ابن عبد الملك ودوّن تاريخَ ولادته، وأورد ما نظَمَه في ترجيز هذا التاريخ ليَسهُل حفظُه، وقد سُقنا هذا الترجيزَ فيما سبَق، كما قيَّد تاريخَ وفاته ومكانَها ممّا سنَذكرُه فيما بعد، وذكَرَ المطماطيُّ في برنامَجه المذكور أنه قرأ على شيخِه ابن عبد الملك بعضَ كتاب "الموطّإ" وأجاز له سائرَه، وسَرَد من أسانيد ابن عبد الملك في روايتها السّندَ التالي: قال: "قرأت ¬

_ (¬1) مذكرات ابن الحاج النميري: 103.

بعضه (أي: بعضَ "الموطإ") على الفقيه النَّاقد النسّابة قاضي الجماعة بمَرّاكُش أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الملك بن محمد الأَنْصاريّ، وذلك برواية أبي محمدٍ يحيى بن يحيى اللَّيثي، وأجاز لي سائرَه، قال: وحدّثني عن الكاتب الأبرع أبي الحَسَنُ عليّ بن محمد بن عليّ بن محمد الرُّعَيْني قراءةً عن الراوية الحَسِيب القاضي أبي القاسم أحمد بن يَزيدَ بن بَقِيّ، عن الراوية أبي عبد الله محمد بن عبد الحقّ بن أحمدَ الخَزْرجيّ القُرطُبي، عن الفقيه أبي عبد الله محمد بن فَرَج مولى الطّلّاع قراءةً عن القاضي أبي الوليد يونُس بن عبد الله بن مُغيث القُرطُبي المعروف بابن الصَّفّار، سماعًا عن أبي مَرْوان عُبَيد الله بن يحيى بن يحيى، سماعًا عن أَبيه يحيى بن يحيى، سماعًا عن أبي عبد الله مالك بن أنس، سماعًا منه بجميعه إلا أبوابًا يسيرةً في كتاب الاعتكاف، شكّ هل سمِعَها من مالكٍ فسمعها من زياد بن عبد الرّحمن بن زياد بن الحاطب بن أبي بَلْتَعةَ عن مالك". وقد أجاز ابن عبد الملك تلميذَه المطماطيَّ، ولعلّه ذَكَرَ نصَّ الإجازة في برنامَج مشيخته المذكور ولم يوردْها ابن الحاجّ النُّميريُّ فيما اختاره من هذا البرنامَج، قال المِطْماطيّ: "وحدّثني فيما أجازني بكتابه الذي ألّفه على "الأحكام الكبرى" لأبي محمد عبد الحقّ بن عبد الرّحمن الأَزْديّ، وذلك أنّ أَبا الحَسَن ابن القَطّان ألّف كتابًا على كتاب "الأحكام" المذكور سمّاه "الوَهْمَ والإيهام"، ثم إنّ الفقيه المحدِّث أَبا عبد الله محمد بن أبي يحيى المَوّاق أكمل ما أغفَله أبو الحَسَن المذكور، ثم إنّ الشّيخ أَبا عبد الله بن عبد الملك تمَّم ما أغفلاه" (¬1). لا نعرفُ أين لقِي المطماطيُّ هذا شيخَه ابن عبد الملك؛ لأنه لم ينصَّ على مكان اللقاء، ومن المحتمَل أن يكونَ ذلك في سَلا بلدِه التي كان يُلِمُّ بها ابن عبد الملك أو في مَرّاكُش، إذْ نراه يأخُذ عن بعض المَرّاكُشيِّين -غير ابن عبد الملك- كأبي عبد الله محمد ابن قُطرال، وابن البنّاء، وأبي عبد الله محمد اليقوريّ، وقد ¬

_ (¬1) مذكرات ابن الحاج النميري: 103.

روى عن السَّبتيِّينَ: مالك ابن المُرحَّل -وهو آخر من حَمَلَ عنه "الموطّإ" وساق المسَلسَل في ذلك- وابن رُشيد والتُّجيبي. كما أننا لا نعرفُ صِلتَه بمطماطيٍّ آخَرَ عَدّه ابنُ عبد الملك من شيوخِه ولكنْ لم يَذكُر اسمَه كاملًا، وإنّما قال فيه: "وأبو القاسم المِطْماطيّ" كما سبَق. وما كنّا لنعرفَ هذا الرجُل وبرنامَجَ مشيختِه، ومنهم ابن عبد الملك، لولا ما وَصَل إلينا من أوراق ابن الحاجّ النُّميري التي سجّل فيها يوميّاتِه ومذكّراتِه أثناء تنقّله في المغرب مع "محَلّة" السلطان أبي عنان. وقد ترجَم ابن القاضي لواحد من هؤلاء المطماطيِّينَ السّلاوِّيين، وهو أبو الحَسَنُ عليّ بن أحمد بن إبراهيم المطماطيُّ الفقيه الأستاذ الذي كان حيًّا سنة 792 هـ (¬1)، وهو متأخِّر في الطبقة عن صاحبِنا المذكور. وثمة تلميذ آخرُ لابن عبد الملك مجهولُ الاسم معَ الأسف! ولم نستطع التعرفَ عليه الآنَ، ولا نعرفُ من خبره إلا ما جاء في أول النُّسخة المخطوطة من كتاب "المختار الجامع بين المنتقى والاستذكار" لمحمد بن عبد الحق اليَفْرَنيِّ النَّدْروميِّ، المحفوظةِ بخزانة القَرَويِّين، وهذا نصُّ كلامه: "يقول كاتبُ أصله: سألت شيخيَ الفقيهَ الأجلّ قاضيَ الجماعة العَدْل، العالِمَ العَلَم، الفذَّ القُدوةَ المقدَّم، أَبا عبد الله محمدًا ابنَ الشّيخ الأجلّ الفقيه الصالح المقدّس المرحوم محمد ابن عبد الملك الأنصاريِّ بداره من مدينة أغماتِ وريكة في سابع ذي قَعْدةٍ من عام اثنين وسبع ئة عن اسم مؤلّف هذا الكتاب فقال: هو محمد بن عبد الحقّ" (¬2)، ثم ذكر الترجمة التي نَجدُها في السِّفر الثامن من "الذّيل والتكملة". ويبدو من هذه الكتابة أنّ صاحبَها يستعمل السَّجعَ ويُعنَى بتسجيل التواريخ مما ينبئ عن ضَبْطه، ويبدو أَيضًا، من صيغة تحليتِه لابن عبد الملك ووالده، أنه كان قريبًا من ¬

_ (¬1) درة الحجال 3/ 27 وانظر في المطماطي تلميذ ابن عبد الملك فهرسة السَّرَّاج (ترجمة ابن رضوان وترجمة يحيى بن حجاج). (¬2) فهرس مخطوطات القرويين 1/ 180.

حياته العائلية

شيخِه، وقد يكونُ من طلبةِ مَرّاكُش أو أغمات الذينَ درَسوا على ابن عبد الملك في المدينتينِ المذكورتين. ويمكنُ أن نَعُدَّ من تلاميذه: المؤرِّخَ ابن عِذاري المَرّاكُشيّ، فقد وجدناه في كتابه "البيان المُغرِب" يَروي عن ابن عبد الملك، وسنفصِّل هذا في موضعه. هذا كلُّ ما استطعنا الوقوفَ عليه من تلاميذ ابن عبد الملك، ولا شكّ أنّ عددَهم أكثرُ من هذا. حياته العائليّة: عرَفْنا ممّا سبق أنّ ابنَ عبد الملك ينتمي إلى أُسرة مَرّاكُشية نبيلة، وقد أشار ابنُ الخَطيب في "رَيْحانة الكُتّاب" إلى "بيته النَّبيه"، وعَرَفْنا أَيضًا ممّا قادنا إليه البحثُ في علائقه العائليّة صلةَ هذا البيت -من جهة أُمِّه- بزوجة الخليفة الموحِّد يوسُف بن عبد المؤمن وأولادِها، وما قد يكونُ لذلك من أثر على وضعه العائليِّ ونشأته في ظلّ هذا الوضع الممتاز، وقد استنتَجْنا من بعض القرائن أنه ربّما كان وحيدَ أبوَيْه، وأنّ والدَه ربّما توفِّي وهو لم يشتَدَّ ساعدُه بعدُ. ولكنّنا لا نعرفُ متى تزوَّج ولا من أين، ويبدو أنه تزوَّج في شبابه بعدَ أن قطع شوطًا كبيرًا في دراسته، وقد رأينا أنه طَلبَ الإجازةَ خلال رحلته في شبيبتِه إلى الأندَلس لأولاده من ابن خميس، فأجاز لمن أدرك حياتَه منهم، قال ابنُ عبد الملك: "وأدركها منهم محمدٌ وأحمدُ، كان اللهُ لهما". وقد تُوفِّي الشّيخ المذكور سنة 688 هـ، وأدرك محمدٌ، المولود سنة 674 هـ، أربعَ عشْرةَ سنة من حياته. وربّما نستفيد من ترتيب ابن عبد الملك أنّ محمدًا هو أكبر أولاده، وأن أحمدَ يليه، وقد صَحِب أحمدُ هذا والدَه في أثناء رحلته إلى تِلِمْسان عبرَ فاس، وهي الرحلةُ التي أرّخها ابن عبد الملك بعام 699 هـ، ولا بدّ أنه كان فتًى بلَغَ مبلغَ الشباب وكان معه مدّةَ مقامه بمدينة تِلِمْسانَ بعد التاريخ المذكور، ولعلّه بقي إلى جانبه حتى وفاته بهذه المدينة سنة 703 هـ.

ويبدو أنه اصطَحبه معه لمساعدته، أو لأنه ما يزالُ في حاجة إلى التربية والتوجيه، ومهما يكن الأمرُ فقد وجَدْناهما يزورانِ معًا معالمَ تِلِمسان ومزاراتِها الواقعةَ خارج أسوار المدينة المحاصَرة يومئذ، وذلك في مقبُرة العبّاد التي عُني بنو مَرِين بأضرِحتها ومساجدها عنايةً ما تزال ناطقةً بمجدِهم. قال ابن عبد الملك متحدّثًا عن مدفَن أبي مَدْيَن الغَوْث: "ودُفن بمقبُرة العبّاد العُليا قِبلي تِلِمْسينَ إلى جنب الصالح الشهير أبي محمد عبد السّلام التونُسيِّ رحمهما الله، وقبراهما هنالك متبرَّكٌ بهما مَزُورانِ متعرَّفا البركة، نفَعَ الله بهما، وقد زُرتهما أنا وولدي أحمدُ هداه الله" (¬1). وأمّا محمدٌ فلعلّه في التاريخ المذكور كان قد شَقّ طريقَ حياته العلميّة وبلغ مبلغَ الاعتماد على النفْس. ويبدو أنّ أحمد هو ثاني ولدَي ابن عبد الملك اللّذين ذُكِرا في شيوخ ابن البنّاء حسبما نفهَمُه نحن من قول ابن القاضي ساردًا شيوخَ ابن البنّاء: "وأخَذ ابن البنّاء الحديثَ عن أبي عبد الله وأخيه ولدَيْ محمد بن عبد الملك بن سعيد الأنصاريِّ الأوسي ... ". ومعنى هذا -إذا صَحّ القَصْد- أنّ أحمدَ المذكور أصبح من أهل العلم الذين يؤخَذ عنهم، ولكننا لم نقفْ على ترجمةٍ له مثلما وقَفْنا على ترجمة أخيه الأكبر أبي عبد الله محمد عند ابن الخَطيب وابن حَجَر والنُّباهيِّ، ولعل أحمدَ هو أبو القاسم المذكورُ في الاستدعاء الكبير، فهي كُنيةُ منِ اسمُه أحمد في الغالب، ومعنى هذا أنه كان موجودًا وأهلًا للإجازة في سنة 684 هـ، وهو تاريخ الاستدعاء الكبير الموجود في رحلة ابن رُشَيْد السَّبتي. وأمّا محمد فقد وَرِث سرَّ أَبيه وأدبَه وإن لم يرثْ مالَه ولا نَشَبَه، وذلك ما سنشيرُ إليه فيما بعدُ، وقد اضطر أبو عبد الله محمدٌ ولدُ ابن عبد الملك إلى مهاجرة مَرّاكُش بلدِ آبائه وأجدادِه ودُفع إلى الرحيل عنها إلى الأندلس، قال النُّباهي: ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 4/الترجمة 245.

ولمّا توفِّي (ابن عبد الملك) جَرى على ابنه المسمى تحامُلٌ في متروكه لتبعةٍ تسلَّطت على نَشَبه أدّته إلى الجلاء عن وطنه، فاستقرّ بمالَقة، وأقام بها زمانًا لا يَهتدي لمكان فضلِه إَلّا من عثَر عليه جُزافًا، وأ ينتقل عن حالته من الحِشْمة والانقباض والعكوف على النظر في العلوم إلى أن توفِّي في ذي القَعْدة من عام 743" (¬1). وذَكَرَ ابنُ الخَطيب، الذي ترجَم له في "الإحاطة" -لأنه سَكَن غَرناطة مدّة- و"عائد الصِّلة"، و"ريْحانة الكتّاب" أنه: "جرت عليه جِرايةٌ تبلَّغ بها، وارتفع بسببها، رعيًا لأبيه، وبيتِه النَّبيه"، وأورد له قطعةً "خاطب بها السّلطانَ يستعديه على مَن مَطَله من العمّال، وعَذّر عليه واجبَه من الطعام والمال". وله شعر يمدَحُ فيه ابنَ الخَطيب، وكان هذا يدعوه شيخَه، وقد حدّد هو وابنُ حَجَر كيفيّة وفاته، فذكرا أنه خرَج مجاهدًا متطوّعًا مع المسلمين في جيش مالَقة، ففُقد أو قُتل في وقعة كانت بينَهم وبين النّصارى (¬2)، وهكذا أبى هذا المغرِبيُّ إلا أن يموت شهيدًا، وكأنه فاز بالشهادة مرتين. وكان لابن عبد الملك أولادٌ آخَرون غير محمد وأَحمد، وهو يتحدّث عنهم بالجَمْع بدون تحديد أحيانًا والتحديدِ أحيانًا أخرى، فقد ذَكَر في ترجمة ابن الزُّبير أنه بعَث إليه ببرنامَج رواياته محمّلًا له ولبنيه إياه، وقال بعد ذلك في الترجمة نفسها: "وكتب إليّ وإلى بَنيّ بإجازةِ ما رواه وألّفه مطلقًا" (¬3). وفي ترجمة ابن الغمّاز يقول: "وكتَبَ إليّ وإلى بَنيَّ الخمسةِ من تونُس" (¬4). أمّا أولادُه الثلاثةُ الآخَرون فلا نعرِفُ عنهم شيئًا. ¬

_ (¬1) المرقبة العليا 132، والإحاطة 2/ 527. (¬2) الإحاطة 2/ 528. (¬3) الذيل والتكملة 1/الترجمة 31. (¬4) المصدر نفسه 1/الترجمة 602.

حياته الوظيفية

حياتُه الوظيفيّة: عاش ابن عبد الملك في عصرٍ مُضْطرب على العموم تمخَّض عن زوال دولة الموحِّدين وقيام دولة بني مَرِين، فهو من المخضرَمِينَ الذين عاشوا في العهدَين. وحين وُلد ابنُ عبد الملك في سنة 634 هـ كان الرشيدُ الموحِّد يحاول رَأْبَ الصَّدع وترقيعَ الخَرْق الذي حدَث ثم اتّسع منذ موتِ الناصر سنة 620 هـ وحدوثِ أزمة الخلافة الكبرى المشروحة في كُتب التاريخ, وكان من عواقب هذه الأزمة فقدانُ الاستقرار في مَرّاكُش وغيرها ونشوبُ الفتن في كلِّ جهة، وخروج الأندلس وإفريقيّة من يد الموحِّدين، وظهورُ بني مَرِين وبني عبد الواد، وانحسار نفوذ الموحِّدين واختلالُ أمرِهم الذي آلَ إلى الانقراض في آخر الأمر سنة 668 هـ. وقد أدرك ابنُ عبد الملك أربعةً من الموحِّدين هم أصحابُ الألقاب الآتية: الرّشيد، والمُعتضِد أبو السّعيد، والمرتضَى، والواثق وهو الأخير. ونعرف من تاريخ ميلاده (634 هـ) وتاريخ وفاته (703 هـ) أنّ عمُرَه نحو سبعينَ سنة، عاش منه في عهد الموحِّدين (44) سنة تُمثل الشّطر الأول من حياته، وعاش الشّطرَ الثاني، ومدّته نحو 36 سنة في عهد بني مَرِين. وقد بدَأَ يعي الأحداثَ منذ عهد المعتضد المتلقِّب بالسعيد أَيضًا؛ إذْ نجدُه يصف ترتيبَ الجيش عند "الحركة" لغزوٍ أو سَفَر، معتمدًا على ذاكرة الصِّبا وما سجّلته في صِغره وهو لم يتجاوزْ خمسَ سنوات بكثير، قال: "فهذه هيئة الترتيب، وقد شاهدتُه مرّات في بروز المعتضِد والمرتضَى المذكورين وأبي العلاء إدريسَ بن أبي عبد الله محمد بن أبي حَفْص عُمر بن عبد المؤمن آخِر أمرائهم المعتبَرينَ عندهم، فسبحان من لا يَبيد مُلكه ولا يَفنَى سُلطانه، جلّ جلاله وتعاظَم شأنه" (¬1). ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 231.

ومضَى القسمُ الأكبر من هذا الشّطر، وحتى من الشّطر الذي يليه، في الدّرس والتحصيل ولقاءِ الشيوخ في مَرّاكُش وغيرها من حواضر المغرب والأندلس وما يقتضيه ذلك من الرّحلات والأسفار ويُصاحبُه من الرواية والتدوين، وقد رأينا ممّا تقدّم وَلَعَه منذ صِغره بتقييد الفوائد واصطياد الشوارد التي كان ينقلُها عنه أصحابُه في الطّلب وبعضُ شيوخه في العلم، ويبدو أنّ اتجاهَه إلى التاريخ عمومًا وتاريخ الرجال خصوصًا ظهر في وقت مبكّر، ونمّاه لديه الأحداث التاريخيّة المتعاقبة التي شاهَدَها وكان قريبًا من أصحابها وصانعيها والمكلَّفين بتدوينها، وكان بعضُهم من شيوخه أو معارفه كالرُّعيني وابن القَطّان وابن هارونَ السُّماتي وغيرهم، ولكنّ التاريخَ كان له هوايةً لا وظيفة. فما هي الوظيفةُ أو الوظائفُ التي اشتَغل بها، بعدَ أن تعلَّم وتزوَّج ووَلَد، أو في خلال كلِّ هذا؟ لقد عرفنا أنّ ابنَ عبد الملك كان ذا نَشَب، وأنه كان له شيءٌ من الرِّباع والدُّور في مَرّاكُش وأغمات، ويستفادُ من كتابه أنه أنفَقَ ثروةً طائلة في اقتناء نفائس الكُتُب وذخائر المؤلّفات، أمّا الرّباعُ والدّور فإنه يحدّثنا عن داره التي يَسكُنُها ودارٍ أخرى له كان يَسكُنُها قاضي مَرّاكُش ابنُ قُطْرال الأبُ كما يُخبرُنا أحدُ تلاميذه عن دارِه بأغمات. ومن الطبيعيِّ أن يكونَ ابنُ عبد الملك ذا جِدَة ويَسَار بحُكم ما قد يكون آلَ إليه من ميراثِ والديه اللذَيْن عرَفْنا حيثيّتَهما في مَرّاكُش وقد استعان بذلك على ما يُسِّر له من العكوف على طلب العلم والتنقّل في سبيل لقاءِ أهله رغبةً في التفوّق والتبريز ونُشدانًا للشّفوف والتمييز، حتى بَلَغ من كلِّ ذلك ما أراد. كانت الأدواتُ الفقهيّة والأدوات الأدبية من أهمِّ ما يُتوسَّل به إلى نيل الوظائف وإدراك الخُطط، فالأدواتُ الأولى تؤدِّي إلى التوثيق وما فوقه من نيابة وقضاءٍ ونحو ذلك، والثانيةُ تقودُ إلى الكتابة في الدّواوين وما يتّصل بها،

وقد توفّرت هذه الأدواتُ معًا عند ابن عبد الملك، ولذلك عمِل في الخُطط الشّرعية كالتوثيق والقضاء، واشتَغل بالكتابة الدّيوانية فترة فيما نحسَب. ويبدو أنه اشتغل، أولَ ما اشتغل، بكتابة الشّروط وعَقْد الوثائق التي أَخَذَها ومَرِن فيها على يدِ شيوخِه من القضاة والموثِّقين، وأصبح فيها عُمدةً هو وولدُه محمدٌ كما تقدَّم، ولا نستندُ في هذا إلى نصّ صريح، وإنّما نستشفّه من خلال حديثه عن جلوسه الطويل في دكاكين عاقدي الشّروط، ولا يكونُ هذا الجلوسُ في الغالب إلّا لمن يَنتصبُ لهذا العمل الذي كان بدايةً طبيعيّةً لِما بعدَه، ونظُنُّ أنه صَرَفَ في هذا العمل وقتًا من شبابِه وأوّلِ كهولته، أى: في أواخر دولة الموحِّدين، وقد يقوّي هذا الظنَّ ما نعرِفُه عن صِلتِه الوثيقة بشيوخه الذين تعاقبوا على القضاء في هذه الحِقبة ومنهم: ابنُ القَطّان وابن القَشّاس وابن عليّ المدعوُّ بالشّريف وغيرُهم ممن سبَق ذكرهم. ونظنُّ أنه ظَلَّ يشتغلُ بهذا إلى جانب ما كان يُفكِّر فيه أو يقومُ به من مشروعاتٍ علميّة إلى أنِ "انقَرضَت دولةُ بني عبد المؤمن من الأرض وذهبت محاسنُ مَرّاكُش بذهابِ دولتهم". ولا بدّ أنّ في الأسفارِ المفقودة من كتابه ما يُلقي شيئًا من الضّوء على هذه الفترة من حياته. وأولُ ما نقفُ عليه في حياته الأدبية عند بداية الدّولة المَرِينيّة هو صُحبتُه ومخالطتُه لطائفةٍ من الأدباء كان لبعضهم صلة وثيقةٌ بالدولة الجديدة، ومنهم: أبو عِمرانَ التَّميميُّ الإفريقيُّ الذي ذَكَر مؤلّفُ "الذّخيرة السَّنية" أنه كان من جُلَساء الأمير أبي مالك عبد الواحد بن يعقوبَ بن عبد الحقّ، وكان لهذا الأمير مجلسٌ علميٌّ وأدبيٌّ في مَرّاكُش انتعشت به الحياةُ الثقافية في هذه المدينة بعد موتها معَ انقراض دولة الموحِّدين ونَقْل العاصمة إلى فاس، وكان يُشاركُ في هذا زيادةً على الأديب المذكور القاضي أبو الحَجّاج يوسُفُ بن أحمدَ بن حَكم، وهو من شيوخ ابن عبد الملك، والشاعر مالكُ ابن المُرحَّل وهو من شيوخ ابن عبد الملك أَيضًا، وعبد العزيز الملزوزيّ.

وفي "الذّخيرة السَّنية" نماذجُ من المُسامَرات الأدبية التي جَرَت بهذا المجلس في قَصْر الأمير المذكور، وذلك في المدّة التي أعقَبت دخول بني مَرِين إلى مَرّاكُش فيما بين سنة 668 هـ وسنة 670 هـ. وبعد هذا التاريخ نجدُ ابنَ عبد الملك في مدينة أغمات قريبًا من واليها أبي عليّ عُمرَ ابن الفقيه أبي العبّاس بن عثمانَ بن عبد الجَبّار بن داودَ المتوسيِّ المِلْيانيّ، وأصلُ هذا الوالي من مِلْيانةَ (¬1): في المغرب الأوسط, وكان قد ثار على الحَفْصيِّين ودعا لنفسه ببلده المذكور سنة 657 هـ، ولمّا اقتحم جيشُ الحَفْصيِّين مليانةَ بعد حصارٍ دام مدّة فَرّ أبو علي المذكورُ إلى المغرب، ولجأ إلى السّلطان يعقوبَ بن عبد الحق، فأقطَعَه بلدَ أغمات -أو وَلّاه عليها- وقد اشترك في غزوة جبل تينملَ سنة 675 هـ، وكان منه الافتئاتُ المشهور في نَبْش قبور الخلفاء الموحِّدين تزلُّفًا وتشفّيًا، وفي عهد السّلطان يوسُف بن يعقوبَ استُعمل على جِباية المَصامِدة، وسعى به مشيختُهم ورَفَعوا إلى السلطان أنه احتَجن المالَ لنفسِه فحوسب وأقصِي واعتُقل، وهلك سنة 686 هـ (¬2). ويُستفاد من كلام ابن عبد الملك أنه كان شديدَ الاتّصال به في أغمات على عهد يعقوبَ بن عبد الحقّ، ولكنّنا لا نعرف ما الذي وَصلَ أسبابَه بحَبْل هذا الرَّجل الغريب الذي يُعَدّ هو وابنُ أخيه الكاتبُ من أعجبِ شخصيّات الدولة المَرِينيّة في طَوْرها الأول. وكان هذا الوالي، على بَطْشِه وقسوته، يحبُّ الأدب ويرتاح إلى سماع الشعر، ويدعو الشّعراءَ إلى التّباري في حَلَبته، معَ براعة في نقده وبصَر بتمييز جيِّده من رديئه، وكانت له حاشيةٌ من النّبلاء والأدباء والفقهاء، وقد حفظ لنا ابنُ عبد الملك أسماءَ بعضِهم، وهم: أبو يعقوبَ ابنُ الجَنّان كاتبه، وأبو محمدٍ عبد الله ابن المُعِزّ ¬

_ (¬1) معجم البلدان 5/ 196، والروض المعطار 547. (¬2) انظر العبر لابن خلدون 6/ 656 - 667 و 7/ 401، 479.

القابسيُّ نسيبُه، وأبو محمد عبد الله بن يحيى بن سُليمان التراريُّ الحاجّ المعروفُ بالمَرّاكُشيّ شاعره، والحاجُّ النّبيل أبو إبراهيم بن عبد السّلام بن عُمر القَزُوليُّ صَفِيُّه، وأبو الحَسَنُ عليُّ بن إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن إسماعيل الأغماتيّ، وقد ترجَم ابنُ عبد الملك للأوّل من هؤلاءِ ترجمةً موسَّعةً حافلةً بالاستطرادات المفيدة (¬1)، وهو مَهْريُّ النّسَب، سَلَويُّ الأصل، تنقّل بين القَصْر الكبير ومالَقة وسِجِلْماسة، واشتَغل بالكتابة لدى بعض الأمراءِ والقضاة، واستَوطن في الأخير مدينةَ أغمات حيث عرَفَه ابنُ عبد الملك كاتبًا عند واليها أبي عليّ المِلْيانيّ المذكور. وأمّا الثاني من هؤلاءِ فلم نقفْ له على ترجمة، ويبدو أنه من الحاشية التي قد تكونُ صَحِبت المِلْيانيَّ عند لجوئه إلى المغرِب، ويظهرُ أنّ الثانيَ والثالثَ من أعلام مَرّاكُش، ولكننا لم نجدْ لهما ذكرًا في المصادر التي بين أيدينا. وأمّا الخامسُ فيستفادُ، مما ذَكَرَه ابنُ عبد الملك، أنه أديبٌ شاعرٌ هَوّاريُّ الأصل أغْماتيُّ البلد، ويبدومن سلسلة نسَبِه أنه حفيدُ الوليِّ الصالح أبي عبد الله محمد بن إسماعيل الهَوّاريّ الأغماتيّ المتوفّى عام 581 هـ, وفي "التشوُّف" ترجمته (رقم 118) وأخبارٌ أخرى تُطلعنا على مكانته العلميّة والروحيّة في أغمات، وحفيدُه المذكور الذي كان من حاشمية المِلْيانيّ وَصَفَه المؤلّف بأنه: "أبرعُ من اشتملت عليه أغماتُ حينَئذٍ وأسرعُهم بديهةً وأشهرُهم إجادةً وتفنُّنًا" (¬2)، وأورد له في مكانٍ آخرَ قصيدةً في الإشادة بالخِزانة التي أنشدها أبو الحَسن الشاريّ في سَبْتة، وقال ابنُ عبد الملك في التمهيد لها: "وسمِعتُها من لفظِه رحمه الله" (¬3)، ومعنى ذلك أنه كان متوفًّى عندما كان ابنُ عبد الملك يحرِّر كتابه في نهاية العِقد الأخير من القرن السابع الهجريّ. ¬

_ (¬1) انظرها في السفر الثامن رقم (234). (¬2) المصدر نفسه. (¬3) المصدر نفسه ترجمة رقم (12).

ولا نعرفُ "الحَيْثيّةَ" التي كانت لابن عبد الملك ضمنَ هذه المجموعة، ولا الوظيفةَ التي كان يشغَلُها يومئذٍ في أغمات، فهل كان قاضيَ البلد في عهد الوالي المذكور أم أنه كان من كُتّابه؟ لا يذكُر ابن عبد الملك شيئًا من هذا ولم نقفْ على أيّ خبر في الموضوع، وكل ما لدينا الآنَ هو هذا النصّ الطَّويل الذي يتحدّث فيه ابنُ عبد الملك عن الحياة الأدبيّة في أغْمات على عهد واليها المِلْيانيّ، ووصف مجلس من المجالس الأدبيّة في قَصره، قال: "حضرتُ معَه (أى: مع ابن الجَنّان) يومًا قُرَيْبَ الزّوال بمجلس أبي عليّ عُمر ابن الفقيه أبي العبّاس بن عثمان بن عبد الجَبّار بن داودَ المتوسيِّ المِلْيانيّ وهو والٍ بأغماتِ وريكة ... "، ثم ساق حكايةً حكاها ابنُ الجَنّان كاتبُ الوالي المذكور نجدُ نصَّها الكاملَ في آخر السِّفر الثامن من "الذّيل والتكملة"، ومضمَّنُ الحكاية أنّ ابنُ زَنّون أميرَ مالَقة كان له خاتَمٌ يطبع به كُتُبه لا يفارقُه ولا تُطبَع به الكُتُب إلا بحضوره، فأمَرَ ذات يوم كُتّابَه -وكانوا ثلاثة- بإنشاء رسائلَ واستعجَلَهم فيها، ودخَل إلى قصره، فلمّا فَرَغوا منها اتّفقوا على أن يُخبِروه بذلك شعرًا لاستحسانه له، فكتَب كلُّ واحد منهم بيتًا في البطاقة التي سُرَّ بها الأمير المذكور، ثم يقول ابنُ عبد الملك: "وحضَر لإيراد هذه الحكاية بعضُ من يغشَى مجلسَ أبي عليّ أو يتردَّد إليه، وله حَظّ من الأدبِ وقَرْض الشعر"، وسَرَد الأسماءَ التي سبَق ذكْرُها، ثم قال: "فاستَظْرفَها أبو عليّ والحاضرونَ وأُعجِبوا بها وتفاوَضوا في شأنها ساعةً، ثم قال أبو علي: ليت شعري! لو كان معَهم رابعٌ ماذا كان يقول؟ وهل تمُكنُ الزيادةُ على هذه الأبيات؟ فقال الجميع: إنّ المعنى قد كمُل ومَنَعَ الزيادةَ! فقال: من المحال عادةً أن يكونَ معَهم رابعٌ ولا يجري مجراهم في الإتيان بمثل ما آلوْا به، فخُذوا في الزّيادة عليها، وأشار بذلك إلى ابن المُعزِّ وأبي محمد المَرّاكُشيّ وأبي إبراهيمَ القَزُوليّ، وأضاف إليهم ابنَ الجَنّان مُوردَ الحكاية وقال له: هَبْك لستَ أحدَ الناظمينَ المذكورين". ثم يتحدّث ابن عبد الملك عن نفسِه فيقول: "ثم عَطَف (أي: الوالي) عليّ، وطالبني بالموافقة لهم في ذلك، ولم يكنْ رأى لي

قبلُ بيتًا واحدًا ولا أشعرتُه بأني خُضت في نَظْم قطّ، فاستعفيتُه من ذلك فلم يُعفني، وقال: وما الذي يمنَعُك وموادُّ النظم كلُّها عندك عتيدة؟ فلا وجهَ لاستعفائك ولا بدّ لك من مشاركة الأصحاب فيما خاضوا فيه". ونُحسُّ من هذه الفقرة المكانةَ المتميّزة التي كانت لابن عبد الملك على الأصحاب المذكورينَ لدى الوالي، ونكاد نُحسّ من تحرُّجه من قول الشّعر أن وراءه صفةً دينيّةً تجعلُه يَستعفي من المشاركة في مثل هذه المطارحات الإخوانيّة، وما نحسَبُ هذه الصّفة إلا أنها خُطةُ القضاء التي تليقُ بابن عبد الملك أكثرَ من صفة الكتابة الدّيوانية ونحوها, ولهذا نظُنّ أنه كان يومئذ قاضيًا في أغمات، وهذا ما لم يذكره مترجِموه فيما لم يذكروه، وذلك قبلَ أن تُسند إليه خُطة قضاء الجماعة بحضرة مَرّاكُش كما سنَذكرُه فيما بعد، وقد يُقوّي هذا الظنَّ أنّ ابنَ عبد الملك كان يُجالسُ الواليَ المذكور وحدَه دون غيره أحيانًا، قال في خلال استطراده المشار إليه: "فلما كان قُرَيْب المغرب خرَج أبو عليّ (الوالي) إلى مجلسه المُطلّ على الساقية العظمى السّلطانية المشرِف على الممرِّ الأعظم شرقيَّ الجامع، فجالسته هنالك منفردَيْن وكنت مقابلَ الممرّ وأبو عليّ (الوالي) مُقبِل علَيّ وقد استدبره بعضَ الاستدبار". فهذه الحالُ الموصوفة ليست حالَ كاتب لدى الوالي المذكور أو نديم له، وإنّما هي حالُ قاضٍ مثلًا يتمتّع باحترام الوالي، ولا سيّما إذا كانا معًا مشتركَيْنِ في عراقة الأصل والنَّسب، وزَمالة العلم والأدب، ومن يدري؟ فقد تكون بين الرجلين أواصرُ أخرى كالمُصاهرة مثلًا، ثم لا ننسى أنّ ابن عبد الملك يمتُّ من جهة أُمِّه -كما سبَق- بسببٍ إلى المغرب الأوسط بلدِ الوالي المذكور. ومهما يكن الأمرُ فقد شارك ابنُ عبد الملك في الأخير في هذه المطارحة الأدبيّة وصَنَع قصيدةً عصماءَ نظمها في ليلة واحدة، قال: "ولقيتُه بها بعدَ العصر من الغدِ لمّا لم يتأتَّ لقاؤه بها صَدْرَ النهار لخروجه إلى بعض المواضع"، ثم قال: "وتربَّصت بأبي علي خَلْوته بدخوله إلى مجلسه الخاصّ من مجلسِه العامّ، ودفعتُ إليه القصيدة، فلمّا رآها قال لي: لمن هذه؟ فقلت: قفْ عليها، فقال لي: هذا خَطُّك،

فمن ناظمها؟ قلت: كاتبها، فاشتد تعجُّبه من فعلي أولًا وإتياني بها ثانيًا، حتى كان من كلامه: إنّ هذه البلادَ وَلّادة مُنجبة" ثم أورد القصيدة، وهي تقعُ في أكثر من 70 بيتًا مدح فيها الواليَ وأطنب في مدحه وذكر والدَه الفقيهَ المعروف الذي وَصَفَه بأنه "بحرُ العلوم درايةً وروايةً" كما نعَتَه بالدِّين المتين والوَرَع والتّقوى، ثم عطف على غَرَض "التذييل" الذي أشار به الوالي على جماعةِ الشّعراء من حاشيتِه وسَرَدَ قصّته. ويُفهَمُ من الكلام السابق أنّ الواليَ المذكور كان له مجلسان: مجلسٌ عامّ يحضُره عامة حَفَظة الأدب والعلم وحَمَلة السّيف والقلم، ومجلسٌ خاصّ مقصورٌ على الخواصِّ منهم، وكان على رأس هؤلاء ابنُ عبد الملك حسبما يدُلّ عليه كلامُه، فهو يحضُر مجلسَيْه، وينفردُ بمجالستِه أحيانًا، والوالي يعرف خَطَّه، وهذا قد يؤيِّد ما ذهبنا إليه من أنه ربّما كان يتولّى خُطّة القضاء في أغمات يومئذ. وقد أُعجِب الوالي بقصيدة ابن عبد الملك إعجابًا كبيرًا وأمَرَ كاتبَه بمعارضتها، فعارضَها بقصيدة لم تقَعْ منه موقعَ الاستحسان، قال: "فلم يرفَعْ أبو عليّ بها رأسًا، واتّخذ قصيدتي سميرًا ونجِيًّا وأُنسًا، يُوالي مطالعتَها, ولا يسأمُ مراجعتَها، وكلّما رجَعَ بها بصَرَه، وأعاد فيها نظرَه، زاد بها شغَفا، وشاء لها شرَفًا، فنَفِقَ سُوقُها، وشُهر سموُّها على أترابها وبُسوقُها". وفي هذا الكلام ما يزيدُ دلالة على الحُظوة التي كانت لابن عبد الملك عند هذا الوالي، وفيه أَيضًا دلالة على طبيعة ابن عبد الملك المعجَب بآثارِه, المفتون بكلامه، وذلك ما سوف نتحدّث عنه في موضعه. والحقُ أنّ القصيدةَ في جُملتها لاحقة بشعر الفقهاء، وفيها تكلُّفٌ ظاهر، وإشاراتٌ علميّة تُعرب عن ثقافة ناظمها وغلَبة معارفِه على لسانه وعدم قُدرته على التخلُّص منها عند النظم، ولعلّ ذلك كان أَيضًا مجاراة لروح العصر وطبيعة البيئة الأدبيّة السائدة يومئذ.

ويُفهم من كلام ابن عبد الملك أنّ له قصائدَ ومدائحَ في الوالي المِلْيانيِّ، وأنّ القصيدةَ المشار إليها هي أولى قصائده فيه؛ فقد أورد في السِّفر الأول قطعة لابن عَمِيرة المخزوميِّ آخرها: أولئك جادوا والزّمانُ مساعدٌ ... وجُدتَ لَعَمْري وهو غيرُ مُساعدِ وعقَّب على ذلك بقوله: "وقد ألمَمْتُ بمعنى البيت الأخير من هذه الأبيات فقلت من قصيدة طويلة أمدَحُ بها الفقيهَ الرئيس الأطول أَبا عليّ عُمر ابنَ الفقيه الأجلّ العَلَم الشهير أبي العبّاس المِلْيانيَّ وَصَلَ اللهُ أسباب سعادته، وهي أول ما رفعت إليه: يا مَن يقيسُ به سواه في النَّدى ... ألغَيْتَ في النظر اعتبارَ الجامعِ هذا يجودُ وفي الموانع كثرةٌ ... وسواه ضَنّ معَ ارتفاع المانعِ" وهذان البيتان يمثِّلانِ لِما ذكرتُه من استخدام ابن عبد الملك لمصطلحات العلوم في نظمه، وهذا زيادة على استمداده من محفوظه الشعري. ولم نقفْ، فيما بين أيدينا، على غير هذه القصيدة في مدح الرئيس المذكور، ولقد أشار ابنُ الزُّبير في ترجمة ابن عبد الملك إلى أنه كان "شاعرًا مجيدًا امتدح بعضَ كُبراء وقتِه". ولا نعرف الآنَ من هؤلاءِ الكُبراء إلا الرئيسَ المِلْيانيَّ، كما أننا لا ندري أمَدَحَ بعضَ ملوك بني مَرِين الذين عاصرهم أم لا. ومهما يكن الأمرُ فإنّ ابن عبد الملك -على ما يبدو- ظَلَّ على صلة بالوالي المِلْيانيّ إلى حين نكبتِه التي تحدّثَتْ عنها المصادرُ التاريخية (¬1)، وخلاصتُها ما ذكره الناصِريُّ في "الاستقصا"، قال: "ولمّا هلَكَ السلطان يعقوبُ ووَلِيَ بعدَه ابنُه يوسُف استَعمل أَبا عليّ المِلْيانيَّ على جباية المصامدة، فباشَرَها مدة، ثم سعى به شيوخُ المصامدة عند السلطان بأنه احتَجن المالَ لنفسه، فأمَرَ السلطان بمحاسبته ¬

_ (¬1) العبر 6/ 656 - 657 و 7/ 401، 479، والاستقصا 3/ 42، 77.

فحوسب، وظهرت مخايلُ صِدقهم عليه فنَكَبَه السلطانُ يوسُفُ أولًا ثم قتَلَه ثانيًا" (¬1). وقد كان لنكبة هذا الوالي المِلْيانيِّ ذيولٌ تمثّلت في حادثَيْن بارزَيْن يُعَدّان من أغرب حوادث العصر المَرِينيِّ الأول، أوّلُهما: افتئاتُ أحمدَ المِلْيانيِّ -ابن أخي المِلْيانيِّ المنكوب- على السلطان مخدومه بتزويرِه كتابًا على لسانه يأمُر فيه ولدَه أميرَ مَرّاكُش بقتل شيوخ المصامدة المعتقَلين، وقد فعَلَ هذا انتقامًا لعمِّه وأخذًا بثأره. والحادثةُ الثَّانية هي: فتكُ الخَصِيِّ سعادةَ بالسلطان يوسُف بن يعقوبَ سنة 756 هـ، وهذا الخصيُّ كان مملوكًا لأبي عليّ المِلْيانيِّ الذي أهداه إلى السلطان المذكور. ولسنا نعرفُ مدى انعكاسات الأحداث المذكورة والآثار التي يمكنُ أن تكونَ لها على ابن عبد الملك نظرًا لصِلته بالمِلْيانيّ، ولكن تجدُرُ الإشارة إلى أنّ هذه الصّلةَ كما تحدَّث عنها كانت في عهد السلطان يعقوبَ بن عبد الحق. أمّا في عهد ولده السلطان يوسُف (685 - 706 هـ) فقد شَغَل ابن عبد الملك خُطةَ قضاءِ الجماعة بمَرّاكُش، ولم يحدّد ابن أبي زَرْع تاريخَ ولايته هذه الخُطة، وإنّما عَدّه في جُملة من تولَّوا هذه الخُطةَ على عهد السلطان المذكور، فقال: "وقُضاته بحضرة مَرّاكش: الفقيه أبو فارس العمْرانيّ، والفقيهُ أبو عبد الله السَّقَطي، ثم الفقيهُ أبو عبد الله ابن عبد الملك" (¬2). ويستفاد من هذا الترتيب أنّ ولايةَ ابن عبد الملك كانت في العشر الأواخِر من القرن السابع الهجريّ، أى: قبل وفاته بسنوات معدودات، ولا نستطيعُ تحديدَ مدّة قضائه التي أشار إليها ابنُ الزُّبير بقوله: "وَلي أبو عبد الله قضاءَ مَرّاكُش مدّة ثم أُخِّر عنها لعارض سببُه ما كان في خُلُقه من حدّة أثمرت مناقشةَ موتورٍ وَجَدَ سبيلًا فنال منه". ¬

_ (¬1) الاستقصا 3/ 77. (¬2) الأنيس المطرب: 375.

وهذا كلامٌ مجمَل وحديثٌ مبهَم، فمَن هو الموتورُ المشارُ إليه؟ وما هو نوع التِّرة المومَإ إليها؟ وما طبيعة المناقشة المذكورة؟ ليس ثمة من سبيل الآنَ إلى الإجابة عن هذه الأسئلة، فقد طُويت أخبارُ هذا الحادث، وغُيِّبت عنا أسرارُه. وكلُّ ما لدينا الآنَ أنّ ابن عبد الملك قفَى السنواتِ الأخيرةَ من حياته متنقلًا من أغمات إلى تِلِمسانَ وما بينَهما، أمّا أغمات فقد عرَفْنا ممّا سبَق اجتماع ابن عبد الملك وابن رُشيد فيها خلالَ هذه الفترة على ما يبدو، وعرَفْنا ممّا ذكَرَه أحدُ تلاميذه أنه كان موجودًا بها سنة 702 هـ. ويبدو أنه كانت له بها دارٌ وما يتّصل بها من فِلاحة أو نحوها, ولعلّه اكتسب ذلك، إذا كان، في المدة التي قضاها بها على عهد المِلْياني. وأمّا تِلِمْسانُ فقد كان يتردَّد عليها مَدْعوًّا إليها -على ما يظهر- وذلك للالتحاق بمحَلة السلطان يوسُف بن يعقوبَ بن عبد الحقّ خلال ذلك الحصار الطّويل الشهير الذي دام مئة شهر (¬1)، وإنّما قلنا: إنه كان يتردَّد على تِلِمْسان؛ لأننا وجدناه يذكر سَفْرتَه إلى تِلِمْسان ومرورَه بفاسَ وهو في طريقه إليها "في جمادى الأخرى تسع وتسعين وست مئة"، ثم نجدُه في أغمات سنة 702 هـ، وعاد بعد ذلك إلى تِلِمسان حيث "توفِّي رحمه الله بتِلِمسانَ الجديدة في أواخِر محرَّم سنة ثلاث وسبع مئة" كما يقول ابنُ الزُّبير شيخُ ابن عبد الملك، وقال تلميذه أبو الحسن المطماطيّ: "وتوفِّي رحمه الله سنة ثلاث بعد سبع مئة بظاهر تِلِمسان حين توجَّه إلى المَحلّة الكائنة بها" (¬2). ولا خلافَ بين القولَيْن؛ فإنّ تِلِمْسان الجديدةَ تقعُ بظاهر تِلِمسانَ القديمة، ويلِمسان الجديدةُ أو المنصُورة هي المدينة التي أسَّسها في سنة 700 هـ السلطان يوسُفُ بن يعقوب بن عبد الحقّ بإزاء تِلِمسان وهو محاصِرٌ لها ذلك الحصارَ الطَّويل المشروحَ في كُتُب التاريخ. ¬

_ (¬1) العبر والاستقصا وغيرهما. (¬2) صلة الصلة 3/الترجمة 36، ومذكرات ابن الحاج النميري: 118 أ.

وتاريخُ الوفاة المذكور ورَدَ أَيضًا في "دُرّة الحِجال" (¬1) و"الدِّيباج المذهب" (¬2)، وقيَّدَ هذا التاريخَ بحساب الجُمّل أبو عبد الله محمد بن عليّ الفشتاليُّ في منظومتِه التاريخية فقال: * وقُلْ في ابن عبدِ مالكٍ: "ذابَ" خَشْيةً * ولقد حصل اضطرابٌ لدى بعض المتأخِّرين في تاريخ وفاة ابن عبد الملك وكيفيّتها، فقد جاء في وَفَيات أحمدَ الوَنْشَريسيِّ: "وفي سنة أربع وسبع مئة توفِّي قتيلًا الشّيخُ الشهير أبو عبد الله محمد بن عبد الملك الأنصاريُّ مؤلّف "الذّيل والتكملة" " (¬3). والاضطراب في هذا الكلام واضحٌ من جهة التاريخ "أمّا الاضطرابُ من جهة الكيفيّة فلعلّ سببَه الخَلْطُ بين ابن عبد الملك الوالد وابن عبد الملك الولد، فهذا الأخير هو الذي مات قتيلًا أو شهيدًا كما سَلَف، وأمّا ابنُ عبد الملك الأبُ فيبدو أنه مات موتًا عاديًّا بعدَ أن بلَغَ سبعينَ سنةً تقريبًا، ويبدو أن سببَ وجوده في محَلة السلطان يوسُف المَرِينيّ هو ما جَرَت به عادة ملوكنا من استصحابهم كبارَ العلماء في حركاتهم، واستدعائهم إلى محلاتهم لمُذاكرتهم وشهود مجالسِهم، ونظرًا لأنّ محلّةَ السلطان يوسُف بقِيت مضروبة على تِلِمسان مئةَ شهر كما ذكرنا، فقد كان ابنُ عبد الملك -على ما يبدو- يستأذنُ من حين لآخر في مغادرتها، بقَصد زيارة أهله، ومباشرة أشغاله، وهذا ما يفسِّر تردُّده بين تِلِمسانَ وداره في أغمات، وثمةَ عبارةٌ في "المرقبة العليا" تشير إلى أنه توفِّي عند قفوله -أى: رجوعه- إلى تِلِمسان، ولهذا فلسنا نذهبُ معَ من ذهب إلى أنه ربما كان منفيًّا في أغمات أو مات مغرَّبًا في تِلِمسان (¬4)، وما سُقناه من نصوص وذكرناه من تأويل هو الذي يتلاءم مع طبيعة الأحداث وسياق التاريخ. ¬

_ (¬1) درة الحجال 2/ 24. (¬2) الديباج 2/ 325. (¬3) أَلْف سنة من الوفيات: 98. (¬4) المرحوم العابد الفاسي في بحثه عن ابن عبد الملك المنشور في مجلة دعوة الحق.

ثقافته

ثقافته: إنّ الجولةَ التي قُمنا بها عبرَ شيوخ ابن عبد الملك وأصحابِه وتلاميذه ووظائفِه تقودُنا إلى الحديث عن ثقافته ومعارفه وعلومه، لقد عاشَ ابن عبد الملك في قرن يُمكنُ نعْتُه بأنه أكثرُ القرون في المغرب ازدهارًا بالعلوم والآدابِ والفنون، وعاش في مَرّاكُش حاضِرة الغرب الإِسلاميِّ التي تجمّع فيها على عهده تراث المشرق والمغرب، وقصَدَها أهلُ العلم من جميع أرجاءِ العالم الإِسلامي، وتوفرت له وسائلُ الطلب وأدواتُ العلم، وكان بطبعه ومنذ صِغره ذا نَهَم للمعرفة لا يشبع، وصاحبَ طموح إليها لا يقفُ عندَ حدّ من أَجل الوصول فيها إلى أقصى الغايات وأعلى الدرجات، وأعانه على تحقيق أهدافه العلميّة ما كان له من الجِدَة والجاه والشّغَف بالتحصيل، وهكذا أقبَلَ منذ نعومة أظفارِه على ينابيع المعرفة يعُبُّ وينهَلُ، وسعَى إلى كبار الشيوخ وأعلام الأساتيذ، يروي عنهم، ويلزَمُ مجالسَهم ويرحَلُ إليهم، وكان لا يفتَأُ يكتُبُ ويُقيِّد، ويقابلُ ويُعارض ما يقعُ إليه من ذخائر المؤلفات، ونفائس المصنَّفات، حتى استوَتْ له مَلَكةٌ علميّة فذّة، واستقامت عنده مشاركةٌ واسعة في كثير من أصُول العلم وفروعِه، فغدا حُجةً في علوم القرآن، خبيرًا بالقراءات التي تلقّاها عن المَهَرة فيها، محيطًا إحاطةً نادرة بما ألّف فيها، يُبدي فيها رأيه، ويُصدر حولَها حُكمَه، كقوله في ترجمة المقرئ قاسم ابن الحاجِّ الإشبيليّ: "وصنّف في السبع "البديع"، وكان كثير من الشيوخ يؤْثرونَه على معظم ما صنِّف في فنّه، وإنه لكذلك" (¬1). كما كان مطّلعًا على تفاسير القرآن على اختلاف مناهجها ومذاهب أصحابها يصِفُها وَصْفَ قارئ لها مُمارس لمراجعتها، وهذا رأيه -على سبيل المثال- في "الكشّاف" للزمخشري الذي اختلف فيه أهلُ السُّنة في المغرب والمشرق، قال: "وفي الكتاب المذكور جُملةٌ كبيرة جَليّة وخَفيّة ممّا أشار إليه أبو الحُسَين رحمه الله، ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 5/الترجمة 1104.

ولكنّه على ذلك مُترَعٌ فوائد ومشحون غرائبَ علميّة لا توجد مجموعةً في كتابٍ غيرِه ألبتّة، سوى ما اختَصّ به من كثيرِ ما احتوى عليه من التنبيه على حُسن نظم القرآن العظيم والإرشاد إلى بديع رَصْفِه والكشف عن وجوه إعجازه" (¬1). ولا أكادُ أعرف تقويمًا للكشّاف لأحد من أهل السنة بمثل هذا الإنصافِ والاعتدال والتفطُّن لقيمته وقَدْره إلا ما كان من رأي ابن خلدون في "المقدّمة"، وهو شبيهٌ برأي ابن عبد الملك، ولعلّ ابنَ خلدون وقَفَ عليه وانتفع به في قوله: "ومن أحسن ما اشتمل عليه هذا الفنُّ من التفاسير كتابُ "الكشّاف" للزمخشريّ من أهل خُوارزم العراق، إلا أن مؤلفَه من أهل الاعتزال في العقائد، فيأتي بالحِجَاج على مذاهبهم الفاسدة، حيث تعرِضُ له في آي القرآن من طرق البلاغة، فصار بذلك للمحقِّقين من أهل السّنة انحرافٌ عنه وتحذيرٌ للجمهور من مكامنه، معَ إقرارهم برسوخ قدَمِه فيما يتعلَّق باللّسان والبلاغة، وإذا كان الناظرُ فيه واقفًا مع ذلك على المذاهبِ السُّنِّية محُسِنًا للحِجَاج عنها فلا جَرَمَ أنه مأمونٌ من غوائله، فلتغتنمْ مطالعتَه لغرابته في فنون اللّسان" (¬2). أمّا علومُ الحديث فكان فيها فارسَ الميدان وكُمَيْتَ الحَلَبة ولا سيّما الأسانيدُ، وقد اعتَرف شيخُه ابنُ الزُّبير -وهو إمامُ المدرسة الحديثيّة في عصره بالغرب الإِسلامي- بعلوِّ كعب ابن عبد الملك في معرفة الأسانيد عندما ذكر أنه كان "نقّادًا لها حسَنَ التّهدِّي جيّد التصرُّف وإن قَلّ سَماعهُ". وفي الجملة الأخيرة نظر؛ فابنُ عبد الملك وإن لم يبلُغْ سماعُه وشيوخه في العدد مبلغَ سماع شيخِه ابن الزُّبير وصاحبه ابن رُشَيْد السَّبْتيِّ مثلًا، إلا أنه يتفوّقُ في النقد الإسناديِّ والزيادات والاستدراكات على مصنَّفات أئمة الحديث من أهل عصره ومَن قبلَهم، ممّا يدُلُّ على تبحُّره وتوسُّعه وإحاطتِه واستيعابِه، وآيةُ ذلك عملُه في الجمع بين كتابَي ابن القَطّان وابن المَوّاق "معَ زياداتٍ نبيلة من قِبَلِه" كما يقول ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 12. (¬2) المقدمة.

ابن الزّبير نفسُه. وقد نوَّه بهذا العمل الرّحّالةُ العَبْدَريّ وأبو الحَسَنُ المطماطيُّ، وفَخَر به ابنُ عبد الملك فخْرَ متحدِّث بنعمة الله عليه فقال: "وقد عُنيت بالجمع بين هذين الكتابَيْن مضافَيْن إلى سائر أحاديثِ الأحكام وعلى ترتيبها وتكميل ما نقَصَ منها، فصار كتابي هذا من أنفعِ المصنَّفات وأغزرِها فائدةً، حتى لو قلت: إنه لم يؤلَّفْ مثلُه، لم أُبعد، والله ينفعُ بالنية في ذلك" (¬1). ومثلُ هذا النصّ في الدّلالة على سَعة اطّلاعه في الحديث وأسانيدِه واعتدادِه بذلك، ما نجدُه في ترجمة أبي محمد ابن القُرطُبي، فقد ذكَرَ كتابَه "تلخيصَ أسانيد الموطّإ" من رواية يحيى بن يحيى وساق كلامًا لابن الأبار حولَه جاء فيه: "وهو ما دَلّ على سَعة حفظِه وحُسن ضبطه .. وقد استدركتُ عليه مثلَه أو قريبًا منه"، ثم عقّب على هذا بقوله: "قال المصنِّفُ عفا اللهُ عنه: أسَرَّ ابنُ الأبّار في هذا الثناء، حَسْوًا في ارتغاء، وأظهر زهدًا في ضمنه أشدُّ ابتغاء، ولم أقفْ على كتاب ابن الأبّار، غيرَ أني وجدتُه يَذكُر بعضَ ذلك في مواضعَ من "تكملتِه"، وفي أملي التفرّغُ لالتقاطه إن شاء الله، وأرى أنه محلّ استدراك، ومجال اشتراك، فقد وقفتُ على ما لم يَذْكراه، وعثرتُ فيما طالعتُ على ما لم يُسطّراه، والإحاطةُ لله وحدَه" (¬2). ومن يستدرك على محدِّثينَ حُفّاظ من طبقة ابن القَطّان وابن المَوّاق وابن الرّنْدي وابن الأبّار، لا بدّ أنه بلغ شأوًا بعيدًا في الاطلاع على أُمّهات كُتُب الحديث والوقوف على مختلف معاجمها، وعندما فَخَرَ الملاحيُّ بصنيعِه في الكتاب الذي عنوَنَه: "كتابَ الأربعين حديثًا عن أربعين شيخًا من أربعينَ قبيلةً في أربعينَ بابًا من العلم من أربعينَ بين مسنَد ومصنَّف عن أربعينَ من الصّحابة - رضي الله عنهم - بأربعينَ اسمًا من أربعينَ قبيلة معرِّفا بجميعهم رحمهم الله من صحيح حديث رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - "، وعرَتْه نَشْوةٌ من الزَّهو فقال: "وهذه أعجوبةٌ محجوبة، حجَبَها اللهُ تعالى فلم يقَعْ أحدٌ في علمي عليها، فله الحمدُ والشُّكر أنْ هداني ووفَّقني ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة السفر الثامن (ترجمة رقم 74). (¬2) المصدر نفسه 4/الترجمة 363.

إليها"، انبرى له ابنُ عبد الملك قائلا: قال المصنَف عفا الله عنه: "ما تضمَّنته هذه الترجمة (أي: عنوانُ الكتاب المذكور) من ذكْر أنواع الأربعينَ لا يصحُّ أكثرُها ولا يَسلَمُ على الانتقاد منها إلا أقلُّها، وقد نبَّهتُ على ما لحِقَه فيما أخَلَّ به من ذلك في مقالة بيّنتُ فيها معتمدَه ومنحاه" (¬1). بينما نجدُه يمتدح صنيعَ ابن الأَبَّار من أنواع الأربعينَ الذي عنوانُه: "الأربعونَ حديثًا عن أربعينَ شيخًا من أربعينَ مصنَّفًا، لأربعينَ عالمًا من أربعينَ طريقًا، إلى أربعينَ تابعًا، عن أربعينَ صاحبًا، بأربعينَ اسمًا من أربعينَ قبيلًا في أربعينَ بابًا"، فيقولُ بلهجة المطّلع المُنصِف: إنّ ابنَ الأبّار أَبان في هذا الكتاب عن "اقتداره مع ضِيق مجالِه عما عجَزَ عنه المَلّاحيّ" (¬2). وعلى ذكر المَلّاحيِّ نشيرُ إلى أنّ ابن عبد الملك نقَلَ في "الذّيل والتكملة" ما يلي: "وكان أبو محمد ابنُ حَوْط الله يقول: "المحدِّثون بالأندَلس ثلاثة: أبو محمد ابنُ القُرطبي وأبو الرّبيع بن سالم، ويَسكُتُ عن الثالث فيرونَه يعني نفْسَه، قال أبو عبد الله ابنُ الأبّار: ولم يكن أبو القاسم المَلّاحيُّ بدونهم"، وقد عقَّب على هذا الكلام بقولِه: "قال المصنّف عفا الله عنه: أبو القاسم المَلّاحيُّ وإن كان من مشاهير المحدِّثين، وجِلّة الحُفّاظ المؤرِّخين، فإنه ينحَطُّ مهاويَ كثيرةَ عن مَرْقى هؤلاء العِلْية رحمهم الله، ولا يدانيهم في تفنُّنِهم وجلالة معارفِهم، ومن تصفَّح أحوالَهم وتأمّل آثارَهم تبيّن له ما ذكرتُه" (¬3). ولا أريد أن أُطيلَ في سرد الدّلائل على ثقافة ابن عبد الملك الحديثيّة، فهي كثيرة. وثمّةَ نماذجُ من أسانيدِه ومَرْويّاتِه الحديثيّة في كتابه "الذّيل والتكملة" (¬4)، ومذكّراتِ ابن الحاجِّ البَلَّفيقيّ (¬5)، و"استنزالِ السَّكينة" (¬6). ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 6/الترجمة 1113. (¬2) المصدر نفسه 6/الترجمة 709. (¬3) المصدر نفسه 4/الترجمة 363. (¬4) المصدر نفسه 1/الترجمة 34، 674 و 4/الترجمة 87 و 5/الترجمة 313 و 8/الترجمة 172. (¬5) انظر سنده في الموطإ ص 115. (¬6) انظر الإعلام للمراكشي 4/ 332 - 333.

وأمّا النقدُ الإسناديّ الذي برَّز فيه فنجدُ منه الشيءَ الكثير في "الذّيل والتكملة"، وسنشيرُ إلى شيء منه فيما بعده وكان ابن عبد الملك متمكّنًا من أصول الكلام وأصول الفقه وفروعه، أَخَذَها عن الفحول من أهلها، وذكَرَ في كتابه عددًا كبيرًا ممّا أَلْف فيها، وأهّله تضَلُّعُه في هذه العلوم لخُطة قضاءِ الجماعة التي لم تكن تُسنَدُ يومئذ إلا للراسخينَ في العلم، ولقد أشار ابنُ الزُّبير إلى مشاركته في الفقه، كما ذكَرَه النُّباهيُّ في رجال القضاء والفُتيا، وحَلّاه ابنُ رُشيد السَّبتيّ بالفقيه الجليل، وهو وإن لم يؤلِّف في الفقه فإنّ في كتابه "الذّيل والتكملة" مظاهرَ من ثقافته الفِقهية ورَدَت عرَضًا وجاءت استطرادًا، وأكتفي هنا بالإحالة على مواضعِها في الكتاب المذكور (¬1). وكان لهذه الثقافة تأثيرٌ على أدبه وشعره كما سنرى ذلك. وأمّا ما يُدعَى بالعلوم القديمة كالفلسفة وغيرها فإنّ في كتابه "الذّيل" مما يدُلّ على وقوفه على كُتُبها وقراءته لبعضها, ولم تُعرَف القائمةُ الكاملة من مؤلّفات ابن رُشد -مثلًا- إلا بواسطتِه (¬2)، إلا أنّ موقفَه من الفلسفة هو موقفُ أهل عصره؛ ولذلك نجدُه يوردُ ما قيل من شعر ونثر في مهاجمتها (¬3)، ونحن نأنَس من كتابه ازورارَه عمّن يخرُج عن الخَطّ السُّنِّي المالكيِّ كابن حزم مثلًا (¬4). أمّا ثقافةً ابن عبد الملك الأدبيّة فإنَّها على جانب كبير من الاتّساع؛ إذ كان "ذا معرفة بالعربيّة واللّغة والعروض"، وكان"أديبًا بارعًا شاعرًا مجُيدًا" كما يقول ابنُ الزُّبير، ونَعَتَه العَبْدريّ الحِيحيُّ بالأديب الأوحد، وقال فيه ابنُ رُشيد: المتفنِّن الأديب، بينَما وصَفَه ابنُ الخَطيب بالتبحُّر في الآداب، ولنا أن نتصوَّر ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 6/الترجمة 129 و 8/الترجمة 87، 135. (¬2) ترجمة ابن رشد في السفر السادس (51). (¬3) الذيل والتكملة 5/الترجمة 1172 و 6/الترجمة 51, 705 (موضعان) والسفر الثامن (26 وترجمة 91). (¬4) المصدر نفسه 4/الترجمة 3.

مستوى الثقافة الأدبيّة لمن يدرُس في المرحلة الابتدائية من تعلُّمه "حماسةَ أبي تَمّام" والأشعار السِّتة، و"جُمَل" الزجّاجي و"فصيح ثعلب" (¬1). وقد انتفَع ابن عبد الملك في تكوينه الأدبيِّ بشيوخ الأدب في عصره وأعلام الترسيل والقريض في وقته من طبقة الرُّعَيْنيِّ وغيره. كما قرأ الكثيرَ من أُمّهات الأدب، وكُتُب النّحو، ودواوين الشّعر، ومصنَّفات العروض، ولو شئنا أن نحصي مقروءاتِه ممّا ذكرنا، من خلال كتابه "الذّيل والتكملة"، لكثُر العدّ وعسُر الحَدّ، ويتميّز كتابُه المذكورُ بالتعرُّض للمسائل النّحوية واللّغوية والعَروضية، كما يختلفُ عن غيره من كُتُب التراجم الأندَلسيّة بكثرة الاختيارات الأدبية، فابنُ عبد الملك كما يقولُ أستاذنا المرحوم عبد العزيز الأهوانيّ: "لا يقفُ عند ذكْر الناحية العلميّة -كما فهِمَها أهلُ عصره- من سَرْد أسماءِ الشيوخ والتلاميذ والمؤلَّفات، وإنّما يتجاوزُ ذلك إلى الأدب نثرًا وشعرًا، فيورد القصائدَ الطِّوال والرسائلَ الأدبيّة التي تَدخُلُ في باب الإخوانيّات ممّا يجعلُ بعضَ أجزاءِ كتابه أشبَهَ بكتاب "الذّخيرة" لابن بَسّام منه بكتاب ابن الفَرَضيّ أو ابن بَشْكُوال" (¬2). وإنّ إلقاءَ نظرة على فهارس القوافي والرسائل الإخوانيّة والدّواوين الشّعرية والمصنَّفات الأدبيّة في الأسفار الموجودة من الكتاب لَيَدُلُّ على مدى سَعة اطّلاع ابن عبد الملك في الآدابِ وتبحُّره فيها. وأمّا تعرُّضُه للمسائل النّحوية واللّغوية والعَروضيّة والنّقدية فهو مبثوثٌ في ثنايا بعضِ التراجم (¬3). وكان للعَروض نصيبٌ كبير من عناية ابن عبد الملك؛ إذ إنه وقَفَ على ما لم يقفْ عليه غيرُه من مصنَّفاته، وألّف فيه، ونافَسَ أقرانَه من أمثال القللوسيِّ ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 28 و 5/الترجمة 457. (¬2) مجلة المعهد المصري العدد 3 المجلد 1 ص 10. (¬3) الذيل والتكملة 1/الترجمة 12، 78، 231، 326، 419 و 4/الترجمة 303 و 5/الترجمة 347، 1200 و 6/الترجمة 10، 240، 836.

وابن رُشيد في حِذْقِه، إن لم يكنْ بَزَّهم فيه؛ ولذلك نجدُه في كتابه منجذبًا نحوَه، منجرًّا للكلام فيه كلما عنّت مناسبة أو سَنَحت فرصة، بل إنه ضمَّن أحدَ تراجم كتابه مؤلَّفًا كاملًا فيه، وكثيرًا ما يستندُ في نقده الأدبيِّ إلى ثقافته العروضية. ويمكنُ القول على الإجمال بأنّ ثقافةَ ابن عبد الملِك الأدبيّة كانت ثقافةً متينة، وقد بدَت ثمراتُها في شعره ونثره ونقدِه مما سنعرِض له بعد قليل. إنّ المعارفَ التي كانت -حسَبَ ابن الزُّبير- غالبةً على ابن عبد الملك، ومستبدّةً بنشاطِه، ومستغرِقةً لوقتِه وجهده، هي المعارفُ التاريخيّة على العموم وما يرجِعُ منها إلى طبقات الرجال وتراجمهم وأسانيدِهم على الخصوص، قال ابن الزُّبير -وقد ذكَرَ كتابه "الذّيلَ والتكملة"-: "وعلى هذا الكتاب عَكَف عمُرَه، ولم يتمَّ له مَرامُه منه إلى أن لحِقَتْه وفاتُه؛ لأنه ألزم نفسَه فيه ما يعتاصُ الوفاءُ به منَ استيفاءِ ما لم يلتزمْه ابنُ بَشْكُوال ولا الحُمَيْديّ ولا ابنُ الفَرَضيّ ومَن سَلَك مسلكَهم" (¬1). لقد نهَضَ ابنُ عبد الملك بأعباءٍ مهمةٍ تاريخيّة كان ميسَّرًا لها ومُلهمًا إلى التوجّه نحوها، وقام بها خيرَ قيام، وأدّاها بكل أمانةٍ ونزاهة، ولولاه لنُسي جَمٌّ غفير من الأعلام، ولَضاع عِلمٌ كثير، ولعلّه كان أولَ من نعَى على المغاربة إهمالَهم ذكْرَ محاسن علمائهم وإغفالَهم تخليدَ مفاخرِ فقهائهم. ويا ليتهُ رحمه الله عُني بوضع معجَم لأولئك الأعلام من المغاربة الذين لم يَدخلوا الأندلس ولم يكونوا من شرط كتابه ولا كُتُب الأندَلسيِّينَ الذين زاحمهم في مَيْدانهم فسبَقَهم وتفوّق عليهم. لا نعرفُ البواعثَ التي وجَّهت ابنَ عبد الملك نحوَ التاريخ وتراجم الرّجال وطبقاتهم وجعَلَتْه يُقبلُ على ذلك بشَغَف كبير وينصرفُ إليه بنَهَم مُنقطع النّظير، حتى إنه وقَفَ عليه اهتمامَه، وقفَى فيه شهورَ عمُرِه وأعوامَه، وهو لم يُشر إلى هذه البواعث في الموجود في مقدِّمة "الذّيل والتكملة"، ولعله ذكَرَ شيئًا ¬

_ (¬1) صلة الصلة 3/الترجمة 36.

منها في آخِرها الذي بيّض له في النّسخةِ الوحيدة التي وصَلت إلينا تامّةَ من السِّفر الأول. وإذا كان الولَعُ بعملِ من الأعمال ممّا لا يُعلَّل في بعض الأحيان فإنّ ثمةَ ظاهرةً تستوقفُ النظر، وهي ظهورُ طائفة من المؤرِّخينَ في أوقاتٍ متقاربة ومتسلسِلة بمَرّاكُش، سواء أكانوا من أهلها أم من الطارئينَ عليها، نذكُر منهم: ابنَ الصيْرَفيّ، والبَيْذَق، وابنَ صاحب الصلاة، ويوسُفَ بن عُمر، وعبدَ الواحد المَرّاكُشيَّ، والتادَليَّ، وابن القَطّان، وابن بيرة، وابنَ حمّاد، وابنَ عِذاري، وصالحَ ابن أبي صالح الإيلانيّ. وهؤلاء المؤرِّخونَ الأعلام سواء منهم الرَّسميّون وغيرُهم يؤلّفون ما يُمكنُ أن نُطلقَ عليه المدرسةَ المَرّاكُشيّةَ في التاريخ، وهذه المدرسة بدأت معَ تأسيس مَرّاكُش والمُرابِطين واستمرّت حتى قيام المَرِينيِّين، ولقد نَقَل ابن عبد الملك عن بعض هؤلاء ونقَل بعضُهم عنه، ونرى أنه كان أوسعَهم جميعَا في الاطّلاع على المصادر والوثائق ولا سيّما في التراجم وتاريخ الحياة العلميّة والأدبيّة، وساعَدَه على التوسُّع في الموادِّ التاريخيّة والتضلّع في مختلف جوانبها، والوقوفِ على قضاياها والنفوذِ إلى أسرارها وخفاياها عواملُ متعدِّدة، منها: وجودُه في مركز الأحداث التاريخيّة، وقُربُه من أصحابها أو صانعيها كما يقال، وجمعُه لمكتبةٍ تاريخيّة مشتملة على مصادرَ أخباريّة ووثائقَ رَسْميّة أصليّة بخطوطِ أصحابِها ما نظنُّ أنها تيسَّرت لغيره، وقبلَ ذلك كلِّه شغَفٌ بل غرام بالتواريخ والأخبار سَلَبَ لُبَّه وشغَلَ عقلَه، ولعلّه دَلَفَ إلى التاريخ من بابِه الإسلاميِّ الأصيل، باب الأحاديث والأسانيد، على أنّنا نجدُه منذ صغره متحفّزَ الوعي بالأحداث التاريخيّة قويَّ الملاحظة لمظاهرِها، فقد وَصَف ترتيبَ الجيش ونظامَه عندَ الخروج لغزوِ أو سَفَر في أواخِر الموحِّدين اعتمادًا على ذاكرته (¬1)، وكان لصِلته -وهو صغير- ببَلاط الموحِّدين، وعلاقته -وهو ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 231.

طالبٌ شابّ- بقُضاتهم وعُمّالِهم وكُتّابِهم ونقبائهم ومؤرِّخيهم أثرٌ قويٌّ في تكوينه التاريخيِّ، وتكفي الإشارةُ إلى صلتِه الوثيقة بشيوخِه من رجال الدولة وخاصّةً الخلفاءَ أمثالَ الرُّعَيْنيِّ وابن القَطّان والعراقيِّ وغيرهم ممّن ذكَرْنا فيما سبَق، ونحسَبُ أنه انتفَعَ بتقاليدِ بعض التاريخيِّين والأخبارِّيين المنسيِّين مثل: أبي العبّاس أحمد بن هارون السُّماتي نزيل مَرّاكُش المتوفَّى سنة 649 هـ، أدركه ابنُ عبد الملك وعايَنَه وذكَرَ أنه اهتمَّ بتخليد التواريخ "وقَطَع في ذلك عمُرَه الممتدّ وتخلَّف من ذلك أحمالًا من التصانيف الكبار والصغار والتعاليق والفوائد شَهِدت بطول إكبابِه على خدمة العلم وإن كانت تشتملُ على أوهام عثَرتُ على كثيرٍ من ذلك فيها"، وقد نقَلَ عنه في "الذّيل والتكملة" مرّاتٍ متعددة (¬1). يمكنُ أن نميِّز صِنفَيْن من المعارف التاريخيّة لدى ابن عبد الملك، فالصِّنفُ الأول يعتمدُ فيه على المشاهدة والرواية الشّفوية والسَّماع المباشر، وَيندرجُ في هذا النوع "الفَذْلَكاتُ" التاريخيّة الاستطراديّة في كتابِه "الذّيل والتكملة"، وكذلك تراجم من أدرَكَ حياتَهم أو قارَبَ عصرَهم، وهو في هذا النوع مصدرٌ لمن جاء بعدَه من المؤرِّخين كابن عِذاري وابن الخطيب وغيرهما، والصّنفُ الثاني يرجِع فيه إلى المدوَّناتِ التاريخيّة، وما أكثرَ ما وقَفَ عليه منها، وقد ذكَر ما يخُصُّ طبقاتِ الرّجال في مقدّمة "الذّيل والتكملة"، كما أشار إلى كثير منها في أثنائه، ومما يتعلّق بالتاريخ العامّ في الأندَلس والمغرب مؤلّفاتُ: الرازيَّيْنِ، والورّاق، وابن حَيّان، والحكيم، وابن حَزْم، وعَرِيب بن سعيد، والمَلّاحي، وابن صاحب الصّلاة، والسالميّ، وأبي العباس أحمدَ بن علي الإشبيليّ، وأبي القاسم محمد بن حُمَيد البرجانيّ، وأبي عبد الله ابن عَلْقمةَ، وهو يقوِّمُها بكلمات تطُولُ أو تقصُر أحيانًا، فقد نقَل عن الرازيَّيْنِ: أحمدَ وولدِه عيسى ووَصَف تاريخَ هذا الذي ألّفه للمستنصِر بأنه "تاريخٌ مُمتع" وأشار إلى تأليفيه اللذين ألّفهما لابن أبي ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 417، 700، 5/ الترجمة 525. 1245، 6/الترجمة 929.

عامر في "الوزارة والوزراء" وفي "الحجاب" (¬1)، ونقل عن ابن حَيان مرّات وعبَّر عن إعجابه به فقال: "التاريخيُّ الحافظُ الحافل" وامتَدح كلامَه ووَصَفَه بالحُسْن والتنميق، وأشار إلى ملحوظة دقيقة تتعلّق بتصرُّفه في كلام أحمدَ الرازيّ الذي ينقُله في "المقتبس" (¬2)، وانفرد -فيما نحسَب- بالنقل عن كتاب عبد الله الحكيم في "أنسابِ العرب والبربر الداخلينَ إلى الأندلس" (¬3)، كما نقَل عن ابن حَزْم ولا سيّما "الجَمْهرةُ" (¬4)، ونجد لديه نقولًا من كتاب عَرِيب في تلخيص الطّبري لا توجَدُ في المطبوع (¬5)، ووقَفَ على تاريخ إلبيرةَ للمَلّاحي وعلى "شجرته" في أنساب العرَب والعجَم بخطِّه وأثنى عليهما ووَصَفَهما بالإبداع والإتقان (¬6). وابن عبد الملك ينقُل عن "المنِّ بالإمامة" "وثورة المُرِيدينَ" لابن صاحب الصّلاة في بعض المناسبات، ولقد لفَتَ نظرَنا إلى نقطة غَفَل عنها دارسو هذا المؤرِّخ، وهي تتعلّق بمصدره في أخباره، ومستنَده في تاريخه، فقد قال في ترجمة أبي القاسم محمد بن ثَوابةَ الإشبيلي: "وله عناية بالتاريخ، وعنه أخَذَ أبو محمد ابنُ صاحب الصّلاة، وبه انتفَع في تأليفه المشهور" (¬7). وإذا كان ابنُ صاحب الصلاة في السِّفر الموجود لم يسمِّ شيخَه الذي اعتمَد عليه فإنّ ابنَ عبد الملك رأى من الإنصاف والأمانة العلميّة الإشارةَ إلى دوره وراء ذلك المؤلّف الممتاز، ولعلّه هو الذي اكتفَى بالإشارة إليه بعبارة: "قال الراوي" عدّة مرات وأبَى ابن عبد الملك إلا أن يُفصحَ عن اسمه. ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 5/الترجمة 892. (¬2) المصدر نفسه 1/الترجمة 231. (¬3) المصدر نفسه 1/الترجمة 291 و 6/الترجمة 599. (¬4) انظر فهارس الذيل والتكملة. (¬5) الذيل والتكملة 5/الترجمة 291. (¬6) المصدر نفسه 6/الترجمة 1113. (¬7) المصدر نفسه 6/الترجمة 869.

أمّا السّالميُّ فقد ذكَرَ في ترجمته أنّ كُتبه في التاريخ مفيدة، ووقَفَ على بعضِها بخطِّه، ومنها: "دُرَر القلائد وغُرَر الفوائد في أخبار الأندلس وأمرائها، وطبقات علمائها وشعرائها"، ونَقَل مقدَّمتَه، كما وقَفَ على مختصره الذي سماه: "عبرةَ العِبَر وعجائبَ القَدَر في ذكْر الفتن الأندَلسيّة والعُدْويّة بعد فساد الدولة المُرابِطيّة"، وقال في الكتاب الأول: "وقد وقَفتُ له في هذا الكتاب على أغلاطٍ وأوهام نَحْوية، وضروب من الخَلَل في الهجاءِ الخَطّي، مصدرُ بعضها -فيما أرى- الغفلة، ولا جوابَ عن بعضها إلا الغفلةُ والجَرْيُ على المألوف من عبارة العوامّ". وكتابُ "دُرر القلائد وغُرر الفوائد" المذكورُ، من كُتُب التاريخ التي نقَل منها المؤرِّخ ابن عِذاري وسرَدَها في مصادر كتابه: "البيان المُغرب" (¬1). ومعَ أنّ ابنَ عبد الملك لم يؤلِّف في التاريخ العامّ ولم يُخلِّف فيه إلا "الفَذْلَكات" التي أشرنا إليها، فقد نقَل عنه أصحابُ المدوَّنات التاريخيّة وفي طليعتهم بلدِيُّه ابنُ عِذاري، وذلك في القسم المتعلّق بتاريخ الموحِّدين من كتاب "البيان". وممّا صرَّح فيه باسمِه والنقل عنه (¬2): 1 - نصٌّ يتّصل بفتح الموحِّدينَ لإشبيليَةَ سنة 541 هـ، ويصوِّر وصُولَ عبد العزيز وعيسى أخوَي المَهْديّ ويصلاتن ابن عمِّهما إلى إشبيلِيَة على رأس جيش من الموحِّدين، ويَنسُبُ إليهم أفعالًا سيّئة، ويبدو أنّ هذا النصَّ من جملة "فَذْلكةٍ" تاريخيّة ساقها ابنُ عبد الملك في ترجمة عبد المؤمن في "الذّيل" وينبغي أن تكون هذه الترجمةُ في السِّفر السابع المفقود. 2 - نصٌّ طويل (¬3) يتعلّق بنكبة الوزير الكاتب أبي جعفر أحمدَ بن عَطِيّة، والظاهرُ أنّ ابنَ عذاري نقَلَه من ترجمة المذكور في السِّفر السابع المفقود أيضًا، ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 6/ 7، وانظر مقدمة البيان المغرب. (¬2) نص جديد من البيان المغرب نشر في مجلة المعهد المصري بمدريد، المجلد العشرون ص 85. (¬3) البيان المغرب (القسم الموحدي): 35، 36.

ويفتتح هذا النصَّ بالبداية التالية: "أخبَرنا أبو عبد الله محمدُ بن عبد الملك قال ... "، وصيغةُ الإسناد تقتضي أنّ هذا المؤرِّخَ -الذي لا توجَدُ له ترجمة- عَرَف ابنَ عبد الملك وروى عنه، وهي واضحة الفائدة في تعيين عصر الرجل، وكلُّ ما قيل عنه من قبلُ على سبيل التخمين أنه نَبَغ في أواخر القرن السابع. 3 - خبَرُ وفاة عبد المؤمن والعُمرِ الذي توفَي عنه، قال: "وكان له من السِّنين على ما رواه أبو عبد الله بن عبد الملك برواية أبي يحيى زكريّا بن يحيى بن سِنان ثلاثٌ وستونَ سنة ... " (¬1). 4 - نصّ يبدأ هكذا (¬2): "ومن جَدِّه وظهور سَعْدِه (يعني عبد المؤمن الخليفة) ما أخبرني أبو عبد الله بن عبد الملك، قال: حدّثني أحدُ أشياخ الموحِّدينَ بحضرة مَرّاكُش، قال: كان عبد المؤمن في أيام طلبه ... "، وهذا يؤكّد من جهة ما رأينا آنفًا من رواية ابن عذاري عن ابن عبد الملك وسَماعِه منه مباشرة كما يؤكِّد من جهة ثانية ما سبَق أنْ قلناه عن موقع ابن عبد الملك ومكانته، وصِلاته القريبة والوثيقة بكبار الدولة المؤمنيّة، ومن المعروف أنّ الأشياخَ كانوا أهلَ الحلّ والعَقْد في هذه الدولة. 5 - نصٌّ فيه خبرُ تعريس الخليفة يوسُف بن عبد المؤمن بابنة ابن مردنيش (¬3). 6 - سمَّى ابنُ عذاري ابنَ عبد الملك وكتابَه بمناسبة الإشارة إلى ثورة عبد الرّحيم ابن الفَرَس الغَرناطيّ فقال: "فقيهٌ عالم، ذكَرَه ابن عبد الملك المَرّاكُشيُّ في "التكملة والذّيل" -كذا- له ... " (¬4). وقد تساهل أو وَهِم -هو ¬

_ (¬1) البيان المغرب: 55 وانظر نظم الجمان: 4. (¬2) البيان المغرب: 57. (¬3) المصدر نفسه: 108. (¬4) المصدر نفسه: 215.

أو الناسخ- في تسمية الكتاب، أمّا ترجمةُ ابن الفَرَس المشار إليها فلم تصلْ إلينا؛ لأنها تقعُ في الطّرفِ المفقود من السِّفر الرابع. وممّن نقَلَ عنه وذكَرَه من المؤرّخينَ: صاحبُ كتاب "مفاخِر البربر"، الذي نُشِرَتْ قطعةٌ منه، فقد سمِعَه مرّةً ينعَى على المغاربة إهمالَهم تاريخَ أعلامهم ومعالمَهم، وإغفالَهم تخليدَ مفاخِرهم ومآثرِهم، ويقول: "كان بفاسَ من الفقهاء الأعلام، الأجِلّة أعيان الأنام، ما ليس في غيرها من بُلدان الإسلام؛ إذْ هي قاعدةُ المغرب، ودارُ العلم والأدب، لكنّ أهلَها أهمَلوا ذكْرَ محاسن علمائهم، وأغفَلوا تخليدَ مفاخِر فقهائهم" (¬1). ويبدو من سَبْك هذا الكلام وسَجْعِه أنه ممّا كتبه ابنُ عبد الملك، ولكنّنا لا نَعرف موضعَه ومناسبتَه، ولعلّه وَرَدَ في بعض تراجم الأسفار المفقودة، ومهما يكنْ فإنّ الكلامَ المذكورَ هو أقدمُ ما نقفُ عليه في موضوعه، وهو أصل الشكاوى التي ردّدها المشتغلونَ بتدوين تاريخ المغرب في القرون الأخيرة (¬2). ونحسَبُ أنّ من بين المؤرِّخينَ الذين كانوا قريبينَ من ابن عبد الملك في المكان والزمان التاريخيَّ المغمورَ أبا عليّ صالح بن أبي صالح الإيلانيَّ نزيلَ نفيس والمتوفَّى سنة 627 هـ (¬3)، وقد ضاعت مؤلّفاتُه التاريخيّة ولم يبقَ منها إلا نُقولٌ في "البيان" لابن عذاري ووَرَقاتٌ حول الفتح الإسلاميِّ للمَغرب نشَرَها المؤرِّخ المستعرِب ليفي بروفنسال، ولعلّها من مطلع كتابٍ له في تاريخ المغرب. وقد وجدنا ابنَ أبي زرع في "الأنيس المُطرب" يستمدُّ أحيانًا من الفَذْلَكات التاريخيّة لابن عبد الملك المتعلّقة بالموحِّدين، ولكنّه لا يُسمِّيه، وله ¬

_ (¬1) مفاخر البربر: 76. (¬2) مؤرخو الشرفاء: 37 وما بعدها. (¬3) درة الحجال 3/ 30 - 31، ومفاخر البربر: 75، ومقدمة الأنيس المطرب (طبع دار المنصور).

رواياتٌ تخالفُ أحيانًا ما عند ابن عبد الملك، ولعلّ ابنَ أبي زرع كان يرجِعُ إلى "الذّيل والتكملة" في تسجيل وَفَيات الأعلام. أمّا مؤلّفُ "الذّخيرة السَّنية" فقد ضمَّنها بعضَ التراجم الموجودة في "الذّيل والتكملة"، ويبدو من المعارضة أنّ المؤلفَ المذكورَ نقَلَ عن ابن عبد الملك. وبالجملة، فقد كان ابنُ عبد الملك إمامَ المؤرِّخين بالمغرب في زمنه، ويُمكنُ القولُ على العموم بأنّ "الفَذْلَكاتِ" التاريخيّةَ التي اشتمل عليها كتابُه "الذّيل والتكملة" تُعَدّ أوثقَ ما يُعتمَد عليه في تاريخ الموحِّدين وأصحَّ نصوص هذا التاريخ، وذلك لِما عُرف به محرِّرُها من اطّلاع واسع وإكباب طويل على المدوَّنات التاريخية والوثائق الرسميّة، ولما يلتزمُ به من منهجيّة صارمة وموضوعيةٍ عادلة ومجُانبةٍ لأساليبِ المؤرِّخين الرسميِّين المعهودة وطرائقِهم المعروفة، وكلُّ ذلك تشهَدُ به النّصوصُ المبثوثة في ثنايا تراجم "الذّيل والتكملة". وقد انفردَ ابنُ عبد الملك بذكر أشياءَ من تاريخ الموحِّدين لا توجَدُ عند غيره. فمن ذلك: ما يُمكنُ أن نُطلقَ عليه "حساسيّةَ الأسماء" في عهد الموحِّدين، فقد كان اسم "عبد المؤمن" مثلًا مقصورًا عليهم، وعُرف أحمدُ بن عبد المؤمن الشَّريشيُّ شارحُ المقامات في بلده بابن مؤمن بدلًا من ابن عبد المؤمن، وذلك كما يقول ابنُ عبد الملك: "لمكان التّقية من غَيْرةِ آل عبد المؤمن من مشاركتهم في الشّهرة بالانتساب إلى جدهم، فكثيرًا ما كانوا يفعلون ذلك، ويُغيِّرون الأسماءَ والكُنَى والأنسابَ والشُّهَر على الجملة بسببه" (¬1). وهذه حساسيّةٌ غريبة جدًّا، فالمعروفُ على العموم وفي كلِّ زمان ومكان أَنّ الناس -خاصّتَهم وعامّتَهم على السواء- يُسَمُّوْن بأسماءِ ملوكهم وعظمائهم وزعمابهم وعلمائهم وصُلَحائهم، ولعلّ مصدرَ هذه الحساسيّةِ الغريبة لديهم تخوُّفُهم من استغلال الاسم ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 349.

والاستفادة منه بشكل ما والتّمويهُ به على العامّة على سبيل الادّعاءِ والتزوير وما يُشبه ذلك. ومن ذلك: "معتقَدُ آل عبد المؤمن وطائفتهم قديمًا وحديثًا أنّ كلَّ من خرج عن قبائلهم المعتقِدة هدايةَ مَهْديِّهم وعصمتَه فهم عَبيدٌ لهم أرِقّاء" (¬1). ومن ذلك نصٌّ طريف يعكِسُ ضربًا من المعارضةِ السياسيّة يتمثّلُ في الكيفيّة العجيبة التي انتقَد بها أبو العبّاس أحمدُ بن يحيى العَبْدَريُّ نزيلُ مَرّاكُش تعيينَ المنصور "بَنيه وصِغارَ إخوتِه وبني أعمامِه وذوي قرابته وُلاةً في البلاد" (¬2). كما سَجَّل بعضَ الدّسائس التي كانت تقعُ في بَلاط الموحِّدين لم يُعرّجْ عليها المؤرِّخون، مثل: تسميم المستنصِر وفساد الحاشية في عهده، ومحاكمة ابن العثمانيّ (¬3)، وغير ذلك ممّا سنقفُ عليه في مكانه، وممّا أفادنا به أنّ خُطّة الشورى التي كان العملُ جاريًا بها قبلَ الموحِّدين حُذفت في عهدهم (¬4). أمّا كُتُب التراجم فقد وقَفَ منها على عدد كبير، وسمَّى طائفةً منها في مقدّمة "الذّيل والتكملة"، بينَما أشار إلى أخرى في خلال كتابه، كما أنه وقَفَ على كمّ هائل من كُتُب البرامج والمعاجم، ولو تتبّعنا هذه المصادرَ بالإحصاءِ والاستقصاء لطال الموضوع؛ ولذلك فسنكتفي بالإحالة على فهارس الكتاب. ممّا تقدَّم نَعرِفُ ما كانت عليه ثقافةُ ابن عبد الملك من التوسُّع والتنوُّع، ونُدركُ صدقَ النعوت التي أضْفاها عليه مترجِموه، ومنهم ابنُ فَرْحون الذي يقولُ فيه: "الإمامُ العلّامة الأوحَد المصنِّفُ الأديبُ المفتي الفقيهُ المقرئُ المؤرِّخ الحافظ المقيِّد". ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 871. (¬2) المصدر نفسه. (¬3) انظر الفذلكة التاريخية الطويلة في ترجمة ابن القطان من السفر الثامن رقم (10). (¬4) الذيل والتكملة 1/الترجمة 148.

شخصيته

شخصيّته: لا نجدُ عند من ترجَموا لابن عبد الملك ما يشيرُ ولو إلى صفة واحدة من صفاته الجسمية، ومن هنا فإننا لا نَعرِفُ شيئًا عن صورته وشكلِه (¬1)، كما أنّنا لا نجدُ عندَهم ما يُغني في تحليل شخصيّته. وكلُّ ما نقفُ عليه في هذا المعنى ما ذكَرَه ابنُ الزُّبير الذي عَرَف ابن عبد الملك عن بُعد وانتهت إليه أخباره بالسّماع، فقد وَصَفَه بذكاءِ الذّهن الفائق، ونباهة الخاطر الفائقة، وحِدّة الخُلُق، وهذه صفاتٌ متلازمة أحيانًا. ويبدو من هذا، ويشهَدُ له كلامُ ابن عبد الملك، أنّ الحِدّةَ حدّةَ الذّهن والخاطر والخُلُق معًا، كانت الصِّفةَ الغالبةَ عليه، وهي تصلحُ أن تكونَ "مفتاحَ شخصيّته" حسَبَ تعبير المرحوم العقّاد، ومن مظاهر هذه الحِدّة لديه الصّراحةُ في القول، والنّزوعُ إلى النّقد، والطموحُ إلى التفوُّق على الأضراب، والتمدُّح بالعمل المتقَن، وهذه المظاهرُ باديةٌ لمن يقرأُ الأسفار المنشورةَ من "الذّيل والتكملة". فأمّا الصّراحةُ في القول فقد جعَلتْه يدوِّنُ كلَّ ما يعرفُه من أحوال المترجَمين أو يقعُ إليه من أخبارهم، وهو لا يتغاضَى عن نقلِ الروايات التي قد يكونُ فيها مسّ بهم، وهذا منتهى الصّراحة والأمانة، وليس كلُّ المؤرِّخينَ على هذَيْن الوصفَيْن، فمِن صراحتِه وعدم تكتُّمِه: ما نقَلَه من خلافٍ في مخزوميّة أبي المُطرِّف أحمد بن عَمِيرة، وما حكاه عن ابن الحاجِّ الشاطبيّ من تعريض بأصلِه، وتصريح بيهوديّة سَلَفِه. وقد انتقد ابن الخطيب صنيعَ ابن عبد الملك فقال تحت عنوان: أولّيّته -وهو عنوانٌ تقليديٌّ في تراجمه-: "لم يكن من بيتِ ¬

_ (¬1) وصف ابن الخطيب ولد ابن عبد الملك فقال: كان رحمه الله غريب المنزع، شديد الانقباض محجوب المحاسن، تنبو العين عنه جهامة وغرابة شكل ووحشة ظاهرة في طي ذلك أدب غض ونفس حرة وأبوة كريمة، أحد الصابرين على الجهد المتمسكين بأسباب الراضين بالخصاصة.

نباهة، ووقَعَ لابن عبد الملك في ذلك نقلٌ كان حقُه التجافيَ عنه لو وُفِّق" (¬1)، وكلامُ ابن الخطيب أخفُّ وقعًا من نَقْل ابن عبد الملك، ولكنه في الواقع إجمالٌ لِما فصَّله مؤلّفُ "الذّيل والتكملة". ومن ذلك: أنه ذكَرَ بيتَيْن في هجاءِ ابن الأبار فاعتَرضَ عليه راوي كتابه أبو القاسم التُّجِيبيّ بقوله: "لو تركتَ نقْلَ هجاءِ أهل العلم وغيرِهم كان أجملَ بك أيُّها الشيخ" (¬2). وقال في ترجمة أبي عليّ الشَّلَوْبِين: "على أنّ كثيرًا من أهل بلده كانوا يرغبونَ بأبنائهم عنه ولا يسمَحونَ لهم بالتتلمذ له والقراءة عليه لقبيح لا يليقُ مثلُه بأهل العلم نسَبوه إليه"، وعقَّب على هذا الكلام أبو القاسم التُّجِيبيُّ أيضًا فقال: "لا أعلمُ من ذَكَرَ أبا عليّ بما عرَّض به المصنِّف، وقد لقيتُ من أصحابِه عددًا كثيرًا، فكان حقُّه أن لا يتعرَّض لمثل هذا الشيخ في شُهرتِه وجلالة معلوماته وكثرة المنتفعينَ به" (¬3). وقال في ترجمة محمد بن خَلَف: "قُرطُبيٌّ، أبو بكر ابنُ الحَصّار وابن النَّخّاس، وكان أبوه المقرئ يَكرَهُها"، وعلّق على هذا تلميذُه المذكورُ بقوله: "إذا كان يكرَهُها فلمَ لم تُعرِضْ عنها؟! " (¬4). ونقَلَ في ترجمة أبي الحَسَن بن مؤمن محاسنَه ثم نقَضَها بما يُنسَب إليه من مساوئَ ومطاعن، ومنها: أنه كان "يُرمَى في دِينه بالميل إلى الصَّباءِ خاصّة"، ثم قال: "وهذه خُلة إن صَحّت أخَلّت بجميع ما يُعزى إليه من الفضائل التي ذكَرْنا وغيرها" (¬5). ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 231، والإحاطة 1/ 173. (¬2) المصدر نفسه 5/الترجمة 550. (¬3) المصدر نفسه 5/الترجمة 807. (¬4) المصدر نفسه 6/الترجمة 501. (¬5) المصدر نفسه 5/الترجمة 525.

وعدَّد في ترجمة ابن القَطّان بعضَ ما كان يُنعَى على هذا العالِم الكبير من أمور، ومنها: استعمالُه المُسكِر وتناولُه إيّاه وتأوُّلُه فيه، وقد ناقش شيخَهُ أبا عبد الله المدعوَّ بالشّريف الذي كان متعصِّبًا لابن القَطّان مبرِّرًا بعضَ تلك الأمور، ولكن ابن عبد الملك رَدّ تبريرَه وأصَرَّ على ما نقَلَه (¬1). وهكذا منهجُه على الجُملةِ في تراجمه، يَنقُل فيها كلَّ ما وقَعَ إليه وانتهى إلى علمِه حتى ألقابَ المترجَمين المكروهةَ عند أصحابها مثلَ "الوَزَغيّ" و"ابن الرُّوميّة"، والخلافَ في أنسابِهم وما يتّصلُ بالجَرْح والتعديل في رواياتهم وغيرَ ذلك. وليس في نيّتنا هنا تتبُّعُ جميعِ ما جاء في كتابه من صراحةٍ قاسية انتقَدَها عليه بعضُ مُعاصِريه وغيرُهم ومنهم: ابنُ الزُّبير وابنُ رُشَيْد والتُّجِيبيُّ وابنُ الخطيب، وقد رجَعَ ابنُ الزُّبير ذلك إلى حدّة خُلُقِه، وهي حِدّةٌ ذكَرَ أنها كانت سببَ محنتِه. ومهما يكنْ من أمر فالمؤرِّخونَ ومؤلِّفو كُتُب التراجم في هذه النُّقطة فئتان: فئة تتحاشَى ذكْرَ الهفَوات وتتغاضَى على الهَنَات ولا تَعرِضُ لشيء ممّا يمسُّ الأعراض، ومنهم: السُّبكيُّ الذي وقَفَ عندَ هذه النقطة في كتابه "مُعيد النِّعم ومُبيدِ النِّقم". وفئةٌ لم تكنْ ترى هذا الرأي وذهَبَت إلى مخالفتِه وذكَرت الناسَ بما لهم وما عليهم معَ تفاوُت في الحِياد والعدل والإنصاف والبُعد عن الهوى والتعصُّب، ومن هؤلاءِ ابنُ حَيّان وابنُ عبد الملك في المغرب، والذّهبيُّ في المشرِق على سبيل المثال (¬2). وأمّا النزوعُ إلى النَّقْد فهو مظهرٌ آخَرُ من مظاهر الحِدّة والتنبُّه والتحفُّز والتيقُّظ عندَ ابن عبد الملك، كما أنه يعكسُ مَيْلَه الواضحَ إلى إظهار تضلُّعِه في المعارف وتمكُّنه من العلوم؛ ولذلك جاء نقدُه متنوِّعًا، فله نقداتٌ أدبيّة ولُغَويّة ¬

_ (¬1) راجع ترجمة ابن القطان في السفر الثامن، الترجمة 15. (¬2) ينظر مثلًا كتاب الدكتور بشار عواد، الذهبي ومنهجه 427 فما بعدها (ط. دار الغرب 2008 م).

ونَحْويّة وعَروضيّة سنتحدّث عنها في فقرة لاحقة، وله نقدٌ تاريخيٌّ يتعلّقُ معظمُه بما يَرجِعُ إلى تراجم الأعلام، وتعقَّب في هذا النقد جماعةً ممّن سَبَقوه إلى الموضوع؛ كابن الفرَضي وابن بَشْكُوال وابن الأبّار وابن الزُّبَير وابن فَرْتون وغيرِهم. أمّا ابنُ الفَرَضيّ مؤلِّفُ الحلقة الأولى في السِّلسلة ومؤسِّس المصطلح المتداوَل بعدَه، فكان ابنُ عبد الملك يُجلُّه ويحلِّيه حيثما ذكَرَه: الحافظَ، وقد استَدرك عليه بعضَ التراجم ووقَفَ على تتميم وتصويب هَفَواتٍ هيِّنة في "تاريخِه". وابنُ بَشْكُوال دونَه في رأيه منزلةً؛ إذ يُطلقُ عليه: الراوية. وقد ناقَشَه في النّهج الذي سار عليه ولا سيّما ترتيبُ الرجال حسَبَ طبقاتِهم ووَفَياتهم قائلًا: إنّ هذا "لا يتأتّى اطّرادُه إلا بشرط العلم بوفاة الرّجال المذكورين وتحقُّق متأخِّرها من متقدِّمها، وهو مُتعذِّر"، وذَكَرَ أنّ ابنَ بَشْكُوال ومن سلَكَ مسلكَه "يذكرونَ الرّجلَ بين الرجلَيْن وهو أقدمُ موتًا من المذكورِ قبلَه، مجاورَا له أو متقدِّمًا عليه برجُل أو رجُلَيْن فصاعدًا أو تتأخَّرُ وفاته عنه على تلك النسبة، وذلك موجودٌ في كُتُبهم بأيسَرِ تأمّل"، ثم قال: "ومن مثالِه لمن يَستعجلُ الوقوفَ عليه: أنّ ابنَ بَشْكُوال ذكَرَ أبا عامرٍ محمدَ بن سَعْدون بن مُرَجَّى بن سعدون بن مُرَجَّى العَبْدريَّ -ولم يذكُرْ له وفاةَ لمّا لم يعرفْ وقتَها- بين أبي عبد الله محمد بن الفَرَج بن إبراهيم المقرئ البَطَلْيَوسيّ -وذكَرَ أن وفاتَه سنة أربع وتسعينَ وأربع مئة- وأبي عبد الله بن فَرَج مَوْلى محمد بن يحيى البكريّ ابن الطّلّاع، وذكَرَ أن وفاته بُكرةَ يوم الخميس لثلاثَ عشْرةَ ليلةً خلت من رجبٍ الفرد سنةَ سبعِ وتسعينَ وأربع مئة، واقتضى وضْعُ أبي عبد الله ابن سَعْدون بينَهما أن يكون زمانُ وفاتِه بين زمان وفاتَيْهما، وقد طلع نجيث البحث عن وفاته على أنها كانت في ربيعٍ الآخِر سنة أربع وعشرينَ وخمس مئة بعد وفاة أبي عبد الله بن فَرَج بسبع وعشرينَ سنة غيرَ شهرَيْن وأيام" (¬1). ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/ 209. ونجيث البحث: ما يظهر من الأمر بالبحث بعدما كان مخفيًا.

ولابن عبد الملك تعقيبات على ابن بَشْكوال، ولسنا ندري لماذا كان يستكثرُ عليه بعضَ الأشياء، فقد وقَفَ له على إجازةٍ لصاحب له سأله مناوَلةَ "الصِّلة"، وفيها: "فأجبتُه إلى ما سأل على وجه الطاعة له بعدَ أن أشفقتُ ممّا رَسَم أن يتعاطى مثلي معَ مثلِه منزلةَ الأشياخ، لكنّ بعضَ الشّيوخ كان يقول: موافقةُ الإخوان خيرٌ من الإبقاء على النفْس"، وعلّق ابن عبد الملك على هذا بقوله: "كنتُ أستجيدُ التعبيرَ عن هذا المقصِد بمثل هذه العبارة وأُبعد كثيرًا أن يَصدُرَ مثلُه عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال -رحمه الله- حتى وقَفْتُ على نُسخة من شيوخ الراوية أبي عَمْرٍ والسَّفَاقُسيّ وذكَرَ بعضَ ما أخَذ عنهم كتَبَ بها إلى القاضي أبي عُمَر أحمد بن محمد ابن الحَذّاء وذكَرَ في صدرِها سؤالَه إياه ذلك"، وقال: "فأجبتُه بعدَما أشفقتُ منه إلي ما رَسَم وإن كان على مثلي فيه وَهْنٌ أن يتعاطى رُتبةَ الأئمة ومنزلةَ الأشياخ معَ مثلِه، لكنّي سمعتُ بعضَ الشيوخ يقول: موافقةُ الإخوان خيرٌ من الإبقاء على النفْس"، ثم قال: "فسُرِرت بصدق حَدْسي في ذلك، والحمدُ لله على نِعَمِه التي لا تُحمى" (¬1). وهذا التعليقُ شاهدٌ على الارتياح الذي كان يَشعُرُ به ابنُ عبد الملك عندما يكتشفُ المآخذَ ويتوصَّلُ إلى المطاعن، ولهذا نظائرُ وأشباهٌ في كتابه، فقد أورَدَ في ترجمة سَعْدِ السُّعود بن عُفَير اللَّبْلي قصيدةً له يُخاطب بها ولدَه، ثم قال: "أنا أبعدُ أن يكونَ هذا النظمُ لأبي الوليد هذا؛ فقد وقَفْتُ في "برنامجَه" الذي كتبَه بخطّه إلى بعض سائلي الرواية عنه على ضروبٍ من الخَلَل والتصحيف الشّنيع وفساد الهجاء مما يكاد أيسَرُه يناقضُ التلبُّسَ بأدنى رُتبة من العلم والارتسام به جملة، ولعلّه كلَّف غيرَه فأنشَأَها له وبعَثَ بها إلى ابنه وهو الظاهر، والله أعلم" (¬2). والشاهدُ في هذا النصّ والذي قبلَه أنّ طبيعةَ الانتقاد كانت غالبةً على ابن عبد الملك معَ ما يُصاحبُها من حَذَر في تقبُّل أعمال الناس بعين الإغضاء، ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 4/الترجمة 337. (¬2) المصدر نفسه 4/الترجمة 46.

وكان بعضُ معاصِريه -ممن تشُقُّ عليهم الصّراحة ويتلقَّون الأشياءَ بالتسليم وعدم الاعتراض- لا يرضَوْنَ عن مسلكِه ولا يوافقونَه على منهجه، وذهَبَ ابنُ رُشيد معاصِرُ ابن عبد الملك إلى أنّ انتقاصَ الأفاضل كان فيه عادةً مرافقة والاعتراضَ عليهم صار له طبعًا ملازمًا، ولكنّ كلامَ ابن رشيد لا يخلو من تحامُل، ولا ندري أوقَفَ عليه ابنُ عبد الملك أم لا، وما نحسَبُ أنه كان يترُكُه بدون ردّ لو وقَفَ عليه، وقد عرَفْنا ممّا سبق فضلَ ابن عبد الملك على ابن رُشيد. ومن مواقفِ ابن عبد الملك معَ ابن بَشْكُوال: مخالفتُه إيّاه في شأن نَقْل المصحف الإمام من قُرطُبة إلى مَرّاكُش بأمرِ عبد المؤمن، قال ابنُ بَشْكُوال: "أُخرِجَ هذا المصحف عن قُرطُبة وغُرِّب عنها ليلةَ السبت الحاديةَ عشْرةَ من شوّال سنةَ اثنتينِ وخمسينَ وخمس مئة، وحُمل صبيحةَ يوم السّبت وجُوِّز إلى العُدوة أخَذَ اللهُ من سعَى في تغريبِه وخروجِه عن الحضرة أخْذَ آسف، ولا أمهلَه بالذي لا إلهَ إلا هو، وعجَّل بصرْفه إلى مكانِه بقدريه، لا يُعجِزُه شيء جَلَّ جلاله وعَظُم سلطانُه". وقال ابن عبد الملك: "رحمَ اللهُ أبا القاسم ابنَ بَشْكُوال ونفَعَه بمقصدِه، فإنّما استأثرَ بعِلق نفيس، واستكثرَ من خير جليس، وأفضل أنيس، وتأثّر لانتقال موقفٍ على محلِّه الأحقِّ به حبيس، فلذلك أتبَعَ خبرَه عنه نفثةَ مصدور عن قلب جريح، ولَهْفَ موتور ذي فؤادٍ بمؤلم هذا المُلمِّ جريح، ولو كوشفَ رحمه اللهُ بحال قُرطُبة من بلاد الأندلس وسواها، وانتهاك عَبَدة الصّليب مَحُوطَ حماها، واستيلائهم على ما اشتملت عليه من كثير من المصاحف غيرِ ذلك المصحف الكريم، وابتذالِهم ما عُني العلماءِ بصيانتِه من ذخائرِ دواوين العلم على العهد القديم، لسُرَّ بإخراجِه عن قُرطُبةَ واحتماله، وأعان بالتحضيض نصحًا له على انتقاله، إنقاذًا له من أيدي المشركين، واستدامةً لبقائه في كلاءة المسلمين" (¬1). ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 231.

وكلامُ ابن بَشْكُوال قد تشمُّ منه رائحة العصَبيّة البلديّة والحساسيّة الأندلسية، ويبدو عنيفَا في الدعاءِ على سلطانِ وقته، أمّا ابنُ عبد الملك فقد جاء كلامُه هادئَا صادرَا عن عاطفةٍ دينيّة تعترفُ بحُرمة الحبس ولكنها تنتصرُ لمآلِ ذلك التصرُّف. كان ابنُ عبد الملك معتزَّا بمَغْربيّيه، ومعَ أنّ شرطَ كتابه فَرَضَ عليه أن يوجّه جُلَّ اهتمامه إلى تراجم أعلام الأندلس ويصرفَ معظمَ نشاطِه في تخليدِهم قبل غيرهم، فقد كان يُحسُّ بالامتعاض من تعصُّب بعض الأندلسيِّين ويَشعُر باهتضامهم حقَّ أهل العُدوة وقلة إنصافِهم لهم، ونجدُ ردَّ الفعل عندَه يبدو في عنايته بتراجم الغُرباء، وهم الداخلونَ إلى الأندلس من أهل العُدوة، وفي إشارته إلى "ما لأهل المغرب في الفضل من الحُسنَى والزّيادة" وإلى "أنّ بهذه البلاد (المغربية) من أهل هذا الفنّ (الشّعر) عِمارة" (¬1)، وهو يبدو أكثرَ من ذلك في موقفِه من ابن الأبار وتصَدّيه لتعصُّبه. ومن مظاهر اعتزازه بمغربيّته: دفاعُه عن النَّحويِّ المغربيِّ الكبير أبي موسى الجَزُوليّ، وردُّه على بعض الأندلسيِّين، كابن الأبّار وابن الزُّبير، الذين شكَّكوا في نسبة الكُرّاسة المشهورة إلى أبي موسى، قال: "ومن الناس -وأكثرُهم بعضُ الأندلسيِّين- من ينسُبُها لشيخه أبي محمد بن بَرّي، ويَذكُرُ عن أبي موسى أنه كان يقولُ: إنها جمْعُ تلامذةِ أبي محمد بن بَرّيّ حسبما لَقَنُوه عنه، ومنهم من يأثرُ عن أبي موسى أنها من إملاءات ابن برِّي على أبواب "الجُمَل" وأنّ أبا موسى كمَّلها، وكلُّ ذلك مما لا ينبغي التعريجُ عليه، وإنّما هي تقوُّلاتُ حسَدتِه النافسينَ عليه، وإلّا فلمَ لم تُعرَفْ إلا من قِبَل أبي موسى، وقد أخَذَها الناسُ عنه ودرَّسهم إياها ولم تُشهَرْ إلا له؟ وقد وقفتُ على خطِّه في نُسَخ منها محمِّلًا إياها بعضَ آخِذيها عنه إلى عصرِنا هذا، ولم يزَلْ أبو موسى يتولّى تهذيبَها وتنقيحَها والزيادةَ فيها والنقْصَ منها وتغييرَ بعض عباراتها حسبَما ¬

_ (¬1) انظر ترجمة يوسف ابن الجنان في السفر الثامن.

يؤدِّيه إليه اجتهادُه ويقتضيه اختيارُه، وشهيرُ وَرَعِه يزَعُه عن التعرُّض إلى مثل هذه التصرُّفات في غير مصنَّفِه، اللهمّ إلا أن يكونَ ابن بَرِّي قد أذِنَ له في ذلك وهو بعيدٌ إن لم يكن باطلًا لِما تقَدَّم من أنه لم يأتِ بها أحدٌ عنه ولا نسَبَها إليه منذ مئةٍ وثلاثينَ سنة أو نحوها وهلم جرًّا" (¬1). ثم روى بعدَ هذا حكايةً تُصوِّر انبهارَ النَّحوي الأندَلُسي الشَّلَوْبين بما سَمع في مجلس أبي موسى، وترمي إلى إثباتِ التفوّق العلميِّ لأهل المغرب يومئذ على أهل الأندلس، وكلُّ ذلك مما ظهرت فيه حَمِيّةُ ابن عبد الملك لبلدِه ردًّا على تعصُّب ابن الأبّار وغيره. كان ابنُ عبد الملك يَعرِفُ قَدْرَ ابن الأبّار ويحترمُ علمَه ويُجِلُّ مكانتَه، فقد عَدَّه أنبلَ مَن ألّف في التراجم بعد ابن الفَرَضي وابن بَشكُوال، وقدَّمه لذلك على ابن فَرْتون الفاسيِّ وابن الزُّبَير الغَرْناطيّ، وأشار إلى "شَهِير نُبلِه ومعروف تيقُّظِه وتحفُّظِه من متعلّقات النقد وأسبابِه" (¬2)، وأشاد باقتداره في كتابه: "الأربعون حديثًا ... " وقال: "أبدى به اقتدارَه معَ ضِيق مجاله عمّا عَجَزَ عنه المَلّاحيُّ من ذلك" (¬3)، كما نَوّه بشفوفه وتبريزه في الأدب ولا سيّما في النَّظم، وقد فَصَّل راسله فيه بقوله: "كان آخِرَ رجال الأندلس براعةً وإتقانًا، وتوسُّعًا في المعارف وافتنانًا، محدِّثًا مكثرًا، ضابطا عَدْلًا ثقةً ناقدًا يقظًا، ذاكرًا للتواريخ على تباين أغراضِها، مُستبحِرًا في علوم اللّسان نحوًا ولغةً وأدبًا، كاتبًا بليغًا، شاعرًا مُفلِقًا مجُيدًا، عُني بالتأليف وبَخَتَ فيه، وأُعينَ عليه بوفور مادتِه، وحُسن التهدّي إلى سلوكِ جادّتِه، وأعجَزَ عن الوفاءِ بشكر إفادتِها" (¬4). بيدَ أنّ هذا الإكبار لابن الأبّار لم يمنَع ابنَ عبد الملك من أن ينتقدَ عليه جُملةَ أشياء، منها: تعصُّبُه الأندَلسي، كما تتبّع هفَواتٍ وقَعَت له في "التكملة" ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 8/الترجمة 43. (¬2) المصدر نفسه 1/ 206. (¬3) المصدر نفسه 6/الترجمة 709. (¬4) المصدر نفسه.

وغيرها، فقد اتّهمه بالتعصُّب، لأنه عَدَّ من أهل الأندَلس "جماعةً من الناقلة إليها" أي: من الطارئينَ عليها وغير القاطنينَ في الأصل بها، وقال: إنه فعل ذلك "تشبُّعًا واستكثارًا وإفراطًا في التعصّب الذي كان الغالبَ عليه حتى غلا فيه" (¬1)، وكانت لدى ابن عبد الملك أمثلةٌ وأدلّة على هذا الاتّهام، واكتفَى في مقدّمة كتابِه بذكْر مثالٍ واحد منها فقال: "ويكفيك من مثل ذلك ما خَتَمَ به رَسْمَ أبي عبد الله بن عيسى ابن المُناصف رحمه الله بعدَ أن ذكَرَه في الأندَلُسيِّين، وذكَرَ من أحواله ما رأى أن يذكُرَه به، فقال: مولدُه بتونُس وقيل: بالمَهْديّة، وهو أصحّ. ثم قال: وذكْرُهُ في الغُرباء لا يَصلُح ضَنانةً بعلمه على العُدوة. وحسبُك ما اشتمل عليه هذا القولُ من الشهادة على قائله بما لا يَليقُ بأهل الإنصاف من العلماء، واستحكام الحسَد المذموم واحتقار طائفة كبيرة من الجِلّة العُدْويِّين، وفضلُ الله سبحانه رحمةٌ يختصُّ بها من يشاء، وموهبةٌ يُنيلُها من يختار. والله ذو الفضل العظيم" (¬2). وعندما ترجَم لابن المُناصِف المذكور في السِّفر الثامن معَ الغرباء، عاد إلى انتقاد ابن الأبّار فقال: "وقبَّح اللهُ الحسَدَ المذموم، فقد حمَل أبا عبد الله ابن الأبّار على ذكْرِه إيّاه في الأندلسيين تشبُّعًا لها ببعض ما ذكَرْناه به". وحِدّة ابن عبد الملك واضحةٌ هنا في انتقادِه ابنَ الأبّار ووَصْفِه بالتعصُّب المُفرِط والحسَد المستحكِم. ومن الغريب سكوتُه عن ابن سَعِيد الذي عَدَّ ابنَ المُناصِف وأخوَيْه في القُرطُبيِّين الأندَلسيِّين، وعَدمُ تعرّضه للشقنديِّ الذي اعتبر أبا حَفْص الأغماتي الفاسيَّ من حسَنات الأندَلس وفاخَرَ به أهلَ العُدوة. ويبدو أنّ عبارةَ ابن الأبّار التي يُفهَم منها احتقارُ العُدوة وأهلها هي التي أغضبت ابنَ عبد الملك وأنطقَتْه بما نطق به، وإلّا فقد وجدناه في مناسباتٍ ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/ 206. (¬2) المصدر نفسه.

مماثلة يخالفُ ابنَ الأبّار ويمُرُّ مرَّ الكرام ولا يلتفتُ إلى الردِّ عليه، كما في ترجمة ابن خَيْر صاحب "الفِهرست" المشهورة، فابنُ الأبّار يسلُكُه في الأندَلسيِّين ويجعَلُه إشبيليًّا وخالَفَه ابن عبد الملك فذكَرَ الرجل في الغُرباء الطارئينَ على الأندلس وقال: إنه "فاسيُّ المولد والنشأة" ولم يُشرْ إلى صنيع ابن الأبار. والواقعُ أنّ هذا الاختلافَ يدخُل في نطاق المنافرة بين العُدوتَيْن، ولقد أصبح بعضُ الأعلام منذُ امتزاج العُدوتَيْن في عهد المرابطين ومن بعدَهم محلَّ تنازع وموضعَ تجاذُب بين الأندَلسيِّينَ والمغاربة، والحقُّ أَنّ ابنَ عبد الملك تحَلّى بالإنصاف وتقيَّد بالشرط، وآيةُ ذلك أنه اعتبر ابنَ هشام النَّحويَّ اللُّغوي إشبيليًّا لا سَبْتيًّا وترجم له معَ الأندَلسيِّين لا مع الغُرباء، قال: "إشبيليٌّ سكنَ سبْتة، وجعَلَه ابنُ الأبّار منها فذكَرَه في الغُرباء غلطًا منه" (¬1)، كما أنه يعتبرُ ابن المُرحَّل مالَقيًّا لا سَبْتيًّا، مُراعيًا في كل ذلك مكانَ الولادة والنشأة. وقد تتبَّع ابنُ عبد الملك هفَواتٍ لابن الأبّار فيما يخُصُّ وَفَيات بعض المترجَمين أو عَمُودَ نسبِهم أو نِسبتَهم، إلى غير ذلك، وسنكتفي بالإحالة على بعض مواضعها (¬2)، وربّما كان في بعض تعقيباتِه على ابن الأبّار شيءٌ من التجنِّي، ومثال ذلك: أنّ ابنَ الأبّار وَصَفَ كتابَ "تلخيص أسانيد الموطإ" لأبي محمد القُرطُبيّ بقوله: "وهو مما دَلّ على سَعة حفظِه وحُسن ضبطِه، وقد استدركتُ عليه مثلَه أو قريئا منه"، فعقّب ابن عبد الملك على هذا بقوله: "قال المصنِّف عفا اللهُ عنه: أسَرَّ ابنُ الأبّار في هذا الثناءِ حَسْوًا في ارتغاء، وأظهر زُهدًا في ضمنِه أشدُّ ابتغاء، ولم أقفْ على كتاب ابن الأبّار، غيرَ أنّي وجدتُه يَذكُرُ بعضَ ذلك في مواضعَ من "تكملته" وفي أمَلي التفرُّغُ لالتقاطِه إن شاء الله، وأرى أنه محلُّ استدراك ومجال اشتراك، فقد وقَفْت على ما لم يذكراه، وعثرت فيما طالعتُ على ما لم يَسطُراه، والإحاطةُ لله وحدَه" (¬3). ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 6/ الترجمة 162. (¬2) المصدر نفسه 1/الترجمة 48، 94، 104، 387، 414 و 4/الترجمة 229. (¬3) المصدر نفسه 4/الترجمة 365.

ومن انتقاد ابن عبد الملك على ابن الأبّار، الذي نُحسُّ فيه شيئًا من التعسُّف والتهويل المبالَغ فيه والتحرُّج الذي لا معنى له: قولُه: "وكذلك ذِكْره طائفةً كبيرة ليست من شرطِ كتابِه ولا كتابَي الشّيخَيْنِ: أبي الوليد ابن الفَرَضي وأبي القاسم ابن بَشْكوال؛ لأنهم لم يُرسَموا بفنّ من فنون العلم وإن ذُكروا بصلاح وخيرٍ واجتهاد في العبادة وانقطاع إلى أعمال البِرّ، فلذكرِهم مجموعٌ آخَر يشملُهم مع من كان على مثل أحوالهم. وأقبحُ من هذا كلِّه وأشنع: ذكْرُه نساءً تُنزّهُ الصّحفُ عن تسويدها بذكْرِهنّ فيها معَ أهل العلم الذين هم خواصُّ عباد الله. اللهمّ إلا مَن قصَدَ في تأليفه إلى ذكْرِ أهل البِطالة والمُجّان والقِيَان اللّواتي يكادُ الخوضُ في ذكرِهنّ يكونُ وَصْمة وجَرْحة فيمَن تعرَّض له. نستعيذُ بالله من إعمال القلم في ذكرِ واحدةٍ منهنّ، ونرى الإعراضَ عنه دينًا، وليتَ شعري! إذ ذكَرَ هؤلاء النِّسوةَ اللائي هنّ بهذه الصِّفات، فما بالُه أغفَل أضعافَ أعدادِهنّ من الرّجال الذين هم على مثل حالهنّ؟ إنّها لَعثرةٌ لا تُقال، وزلّةٌ لا تُغتفَر، وسيّئةٌ لا تكفيرَ لها، وكبيرة يجبُ المَتابُ منها والإقلاعُ بتوفيق الله عنها، والله حسبُنا ونعمَ الوكيل" (¬1). ولقد عارضنا تراجمَ النساءِ عند ابن عبد الملك بتراجمهنَّ عند ابن الأبّار، فتبيَّن لنا أنّ ابنَ عبد الملك اقتصَر على من ذُكِرْنَ بقراءة أو كتابة أو رواية أو ما يتّصلُ بذلك ممّن هنّ من شَرْط كتابه وكُتُب مَن قبلَه ولم يصنَعْ صنيعَ ابن الأبّار في التعميم، ولكنّ هذا الصَّنيع لا يستحقُّ كلَّ هذا الانتقاد الذي هو في نظرِنا من جموح حِدّته التي وصَفَه بها ابنُ الزُّبير. وهو يسيءُ الظنَّ باطّلاعه أحيانًا ويشكِّك في وقوفِه على بعض ما يَذكُرُه أو يصفُه في "تكملته"، قال في ترجمة عليّ بن كوثر: "وقد ذَكَرَ أبو عبد الله ابنُ الأبّار مصنّفاتِه فقال: وله تأليفُ ومجموعات منها: "كتابُ الوسيلة لإصابة المعنى ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/ 207.

في أسماءِ الله الحُسنَى" فأوهَمَ بذلك أنه تأليفٌ غيرُ منظوم على نحو "المقصِد الأسنَى" لأبي حامد الغَزّالي أو "الأمدِ الأقصى" لأبي بكر ابن العَرَبيّ أو غيرِهما مما جَرى مجراهما وألف في معناهما، وهذه الوسيلةُ كما وصفتُ لك، وما أرى ابنَ الأبّار وقَفَ عليها". كما كثُرت تعقيباتُ ابن عبد الملك في كتابه على شيخِه ابن الزُّبير، ولا تخلو هذه التعقيباتُ من الحِدّة التي نَعَت الشيخُ المذكورُ بها تلميذَه، فهو يستعمل فيها ألفاظَ الوَهم والغلط والخطإ والخَلْط والتخليط وما أشبهَها، وليس في نيّتنا هنا تتبّعُ هذه التعقيبات التي أتيحَ لابن عبد الملك أن يقفَ على وجه الصّواب فيها، وإنّما نشير إليها في معرِض الحديث عن حِدّته مُحيلين على بعض مواضعها في كتابه (¬1). ومن أكثر هذه التعقيبات حِدّةً وأشدِّها قسوةً: قولُه في ترجمة محمد بن أحلى: "قال المصنِّفُ عفا الله عنه: كان ابنُ الزُّبير قد بعَثَ إليّ برَدْع الجاهل وبالرَّجز المذكورين، فأمّا ردعُ الجاهل فأقلُّ شيء فائدةً وأبعدُه عن النفع بعلم، مع أنّ بعض أصحابِنا نقَل لي عن بعض أصحابِ ابن أحلى أنهم يقولون: إن ابنَ الزُّبير لم يفهَمْ عنهم شيئًا ولا يتلاقَى كلامُه معَهم في وِرد ولا صَدَر، وأمّا الرجَزُ المشارُ إليه فقد تقدّم التنبيهُ عليه في رَسْم ابن الزُّبير ورداءة نظمه وخلوِّه من المعنى، وأنه هزأة للمستهزئين، ولقد كان في غنًى عن التعرُّض لنظمه وأوْلى الناس بسَتْر عاره منه، والله يُبقي علينا عقولَنا وُيرشدُنا إلى ما يُرضيه عنا بفضلِه وكرمه" (¬2). وقال في آخرِ تعقيباتٍ طويلة على ابن الزُّبير من ترجمة ابن البَرّاق بعد أن وَصَمَه بالتخليط الفاحش في إيراد شيوخ المذكور: "وقد أحوَجَنا فعلُ ابن الزُّبير في ذكْره أشياخَ ابن البَرّاق وقلّة تثبُّته في نقلِه إياهم واعتماده ذكْرَ المَلّاحي إياهم ¬

_ (¬1) انظر الذيل والتكملة 1/الترجمة 94، 104، 148، 167، 177، 202، 237، 292، 363، 374، 387، 411، 851 و 5/الترجمة 1220، 1273 و 6/الترجمة 1219. (¬2) الذيل والتكملة 6/الترجمة 1178.

وما انجرَ بسبب ذلك كلِّه إلى إطالة ليست من شأننا، أردنا بذلك التنبيه على عمل ابن الزُّبير في كثير ممّن اشتملَ عليه كتابُه ولنُبيِّن أنّ الإتقانَ له رجال خصَّهم اللهُ بفضيلتِه، نفَعَ اللهُ بهم، وأوجَدَنا بركةَ الاقتداء بهم" (¬1). هذا رأيُه في عمل ابن الزُّبير وكتابِه "صلة الصِّلة"، وذلك اعتدادُه بنفسه وزهوُه بعمله الذي وجَدْناه يُفصح عنه في مناسباتٍ متعدِّدة. وأمّا ابنُ فَرتون الفاسيُّ فقد انتقد ابنُ عبد الملك كتابَه "الذّيل" جملةً وتفصيلًا، وقال: إنه "لم يعتبرْ في كتابه تطبيقًا، ولا سلَكَ من ذلك الترتيب طريقًا"، وأنه "أتى بالأسماء كيف اتَّفق له"، وأنه لم يكن يعقِلُ منهجَ مؤلِّفي "الصِّلات" والترتيبَ الذي بنَوْا عليه كتبهم، واعتبر ابنَ الزُّبير "مُصلحَ كتابِه ومكمِّلَه"، ولم يلتمسْ لابن فَرْتون العُذرَ كما التمسَ له تلميذُه ابنُ الزُّبير، وفي "الذَّيل والتكملة" إشاراتٌ متعدِّدة إلى أوهام ابن فَرتون. وبالجملة، فقد كان ابنُ عبد الملك معنيًّا بتتبُّع الهَنَات وتصيُّد الهَفَوات، ولم يُعفِ من ذلك من اشتُهروا بالضبطِ من الأعلام كالقاضي عِيَاض وابن خَيْر وابن الرُّومية وابن عساكر. ولكنّ الرجلَ كان -فيما عدا هذا البَأْوَ بتمكُّنه والزهو بتضلُّعه- من أهل التواضُع وخَفْض الجناح، يتبرَّكُ بزيارة قُبور عِباد الله الصّالحين كأبي مَدْيَن الغَوْث وأبي محمد عبد السلام التونُسيِّ في تِلِمسان، وأبي شُعَيْب السارية في أَزْمُور وأبي يعزى وغيرهم، ويسألُ نفْعَ اللهُ بهم كلّما أجرى ذكْرَهم (¬2). وأمّا انتقاداتُه التي أشرنا إلى نماذج منها فلم تكنْ صادرةً عن طبيعة مولَعة بنشر المعايب والمآخِذ كما ذهب إلى ذلك بعضُ مُعاصريه، وإنّما هي انتقاداتٌ علميّة قَصدَ فيها إلى تصحيح الأخطاء وتصويبِ الأغلاط، وصدَرَت عن نزوعٍ قويّ إلى الضّبط والتدقيق وولوع شديد بالتنقيح والتحقيق. ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 6/الترجمة 1241. (¬2) المصدر نفسه 4/الترجمة 245.

مؤلفاته وآثاره

مؤلّفاتُه وَآثارُه: قد يُعتبر ابنُ عبد الملك مُقِلًّا في التأليف بالنسبة إلى بعض مُعاصريه، وبالنظر إلى قراءاته الهائلة ومشاركته الواسعة، وقد ألّف كتابَيْن كبيرين هما: الذّيل والتكملة لكتابَي الموصُول والصِّلة، والجَمْع بين كتابَي الموصُول والصِّلة، والجَمْع بين كتابَي ابن القَطّان وابن المَوّاق على كتابِ الأحكام، وهما مؤلَّفانِ استَبدّا بجُلِّ وقته وأنفق فيهما معظمَ حياته، وذلك بحكم مادّتِهما التي تتطلّبُ الاستقصاءَ وطبيعةِ منهجهِما الذي يقتضي ضروبًا عسيرةً من الترتيبِ والتنسيق. أ - الذّيل والتكملة: ويبدو كلُّ هذا جليًّا على الخصوص في كتاب "الذّيل والتكملة"، ولعلّ هذا ما عَناه ابنُ الزُّبير حين قال متحدِّثًا عن هذا الكتاب -وكأنه يُبرِّر قلةَ مؤلّفاتِ ابن عبد الملك-: "وعلى هذا الكتاب عَكَف عمُرَه، ولم يتمَّ له مَرامُه منه إلى أن لحِقته وفاتُه؛ لأنه ألزَمَ نفسَه فيه ما يعتاصُ الوفاءُ به من استيفاءِ ما لم يلتزمْه ابنُ بَشْكوال ولا الحُمَيْديّ ولا ابنُ الفَرَضيّ ومَن سلك مسلكَهم". ولا ننسى أنّ ابنَ عبد الملك عاش في فترة انتقاليّة كانت محُوطةً بالمكاره والمخاوف، وأنه مات في الأخير غريبًا عن بلده نائيًا عن أهله وولده. ومعَ ذلك، فقد أشار في كتابه "الذّيل والتكملة" إلى مؤلَّفاتٍ ومقالات له لم تصلْ إلينا مع الأسف وسنَسرُدُها فيما بعدُ. لم يُشر ابنُ عبد الملك إلى تجزئة كتابِه فيما وَصَلَ إلينا من مقدّمته، وربّما أشار إلى شيءٍ من هذا في آخِر المقدّمة الذي بقي بياضًا في النُّسخة التي انتهت إلينا، وقد ذكَرَ كلٌّ من السَّخاوي في "الإعلان بالتوبيخ" والسُّيوطي في مقدّمة "بُغية الوُعاة" أنّ "الذّيلَ والتكملة" يقعُ في تسع مجلّدات، وقد تكونُ هذه هي تجزئةَ الأصل الذي تركه المؤلّف، ويبدو أنّ بعضَ النُّسخ المتأخِّرة خالفت هذه

التجزئة، كما تدُلّ على ذلك الأجزاءُ أو الأسفار التي بين أيدينا، وقد يُفهَم من قول ابن الزُّبير: "ولم يتمَّ له مَرامُه منه إلى أنْ لحِقَته وفاتُه" أنّ ابن عبد الملك توفِّي وهو لم يفرُغْ بعدُ من كتابه، ولعله إنّما يشيرُ إلى ما بقي عليه فيه من تنقيح وتتميم كما يدُلُّ على ذلك البَيَاضاتُ التي نجدُها فيه (¬1). وعلى كلِّ حال فقد أخرَج ابنُ عبد الملك كتابَه في حياته، وممّن رواه عنه: ولدُه أبو عبد الله محمد، والقاسمُ التُّجيبيُّ السَّبتي، وجماعة من أصحابِه ذكَرَهم ابنُ مرزوق ولم يُسمِّهم. ونحسَبُ أنّ روايةَ أبي عبد الله محمد ولد المؤلِّف عُرِفت في الأندَلُس بعد هجرته إليها، ولعلّ النسخةَ التي نقَلَ عنها ابنُ الخطيب في "الإحاطة" والنُّباهيُّ في "المرقبة" كانت من رواية ابن عبد الملك الابن، فهو من شيوخِهما. وأمّا روايةُ القاسم بن يوسُف التجيبيِّ فلعلّها أن تكونَ أوثقَ روايات "الذّيل والتكملة"؛ لِما تمتازُ به من التعليقات المفيدة والتحقيقات الجيِّدة والتذييلات النافعة كما يدُلُّ على ذلك سِفْرانِ وَصلا إلينا من الكتاب بهذه الرواية، أحَدُهما: الخامس، وهو في دار الكتب المصرية، والآخَر: السادس، وهو في المكتبة الوطنيّة بباريس، وأصلُهما معًا من نسجة تامّة كانت في مُلك ابن مرزوق الجَدّ. وقد جاء في آخِر السِّفر الخامس المذكور ما نصُّه: "نَجَز السِّفرُ الخامس من كتاب الذّيل والتكملة لكتابَي الموصُول والصّلة من تصنيف شيخِنا القاضي النّبيل أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الملك رحمه الله، يتلوه في السادس إن شاء اللهُ: محمدُ بن أحمدَ بن عبد الملك بن موسى بن موسى بن عبد الملك بن وليد بن محمد بن وليد بن مروانَ بن عبد الملك بن أبي جمرة". ¬

_ (¬1) يستعمل ابن عبد الملك في بعض المشكلات المعلقة بعض العبارات مثل "اجعله من مباحثك" أو "ابحث عنه" أو "ولعل الله يطلع على الجلاء في ذلك". انظر الذيل 1/الترجمة 63،724 و 5/الترجمة 170 و 8/ 160.

وجاء في ظهر الورقة الأولى من السِّفر السادس المذكور ما نصه: "السِّفرُ السادس من كتاب الذّيل والتكملة لكتابَي الموصُول والصلة تصنيف قاضي الجماعة العلّامة النَّسّابة الناقد أبي عبد الله محمد ابن الفقيه المقريء أبي عبد الله محمد بن عبد الملك الأنصاريِّ ثم الأوْسيّ المَرّاكُشي، روايةَ: القاسم بن يوسُف ابن محمد بن عليّ بن القاسم التُّجيبي". وكُتب تحتَ هذا مباشرةً بخطٍّ مغاير -وهو خطُّ ابن مرزوق- ما نصُّه: "ورواية لصاحبِه ومسترجعِه ممن صار إليه بعداء ومنصب بالثمن محمد بن أحمدَ بن محمد بن مرزوق التِّلِمسانيّ عن أبي عبد الله ولدِ مصنِّفهِ وجماعة من أصحابه عنه، وله المِنة". وجاء في الورقة الأخيرة من هذا السِّفر ما نصه: "نَجَزَ السِّفرُ السادس من كتاب الذّيل والتكملة لكتابَي الموصول والصِّلة تصنيفَ شيخِنا القاضي الناقد أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الملك الأوْسيِّ المَرّاكُشيّ رحمه الله تعالى، يتلوه في أول السابع إن شاء اللهُ تعالى: محمدُ بن عليّ بن ياسر الأنصاريُّ جَيّانيٌّ استوطن حَلَبَ أبو بكر سِراجُ الدِّين. والحمدُ لله وسلامٌ على عباده الذين اصطفى وحسبُنا الله ونعم الوكيل". وهذا الذي كُتِب في طالعة هذين السِّفرين وخاتمتِهما هو من إنشاء القاسم التُّجيبيّ، وكذلك التعليقاتُ والتذييلاتُ الموجودة فيهما، وله تعليقاتٌ وتذييلات في بقيّة الأسفار المفقودة من هذه النُّسخة التي رواها عن ابن عبد الملك وقام بخدمتها وتوثيقِها خيرَ قيام. ونقولُ هذا لأنّ هذه النسخةَ انتهت كما ذكَرْنا إلى ابن مرزوق الكبير، وقد وجَدْنا له نُقولًا عن السِّفر الأول والسِّفر الثامن من هذه النسخة، وذلك في كتابه "المسنَد الصّحيح الحَسَن" (¬1) وساق مع هذه النقول تعقيباتِ التُّجيبيِّ عليها، ولو وصَلَتْ إلينا هذه النسخةُ تامّة لأغنت عن كلِّ تحقيق وتعليق. ¬

_ (¬1) المسند الصحيح الحسن: 341 - 343، 456 - 461، 462.

والنصوصُ التي ذكرناها آنفًا صريحةٌ في أن التُّجيبيَّ يروي عن ابن عبد الملك ويعتبرُه شيخَه، ومن الغريب أنه لم يُشرْ إليه في "برنامَجه"، ولم يُجْرِ ذكْرَ "الذَّيل والتكملة" في هذا البرنامَج، وقد وجدناه يقول في آخِره: "وقد قرأت وسمعتُ غيرَ ما ذُكر على غير من ذُكر واقتصَرتُ على هذا القدَرْ مخافةَ الإطالةِ والإكثار، حسبما أعان عليه الوقتُ ولرغبة الأصحاب في الاختصار" (¬1)، أو لعلّ التُّجيبيَّ روى "الذّيل والتكملة" بعد أنْ فرَغَ من تأليفِ برنامِجَه. نستطيع القول بأن أهلَ العلم تداولوا كتابَ "الذَّيل والتكملة" بعدَ وفاة مؤلِّفه مباشرة، والأدلة تشهَدُ على أنه عُرف وقرئ بمَرّاكُش وفاسَ وسَبْتة وتلِمسان وتونُس وغَرناطة منذ مطلع القرن الثامن، واستُعمل بالمشرق في القرن التاسع، وقد أشار السَّخاويُّ إلى وقوفِه عليه وقراءته الأجزاء الخمسةَ الأولَ منه، كما عدَّه السُّيوطيُّ من مصادرِه في مقدّمة "بغية الوعاة" ونقَلَ عنه كثيرًا. وظلّ "الذّيلُ والتكملة" يُستعمَل ويُستنسَخ، فقد نقَلَ عنه من المتأخِّرين ابن غازي في "الرَّوض الهَتُون" و"شفاءِ العليل" مرّات، وابنُ القاضي المِكْناسيُّ مرارًا في "جذوة الاقتباس"، وأحمد بابا السّوداني وعبدُ الرّحمن الفاسيُّ في كتابه "استنزال السَّكينة"، ولا نعرفُ ماَلَ النسخة التي نقَلَ عنها هذا العالِم المتوفَّى في أواخِر القرن الحاديَ عشَرَ للهجرة. والجزءانِ الموجودانِ بالمتحف البريطاني هما من نسخةٍ حديثة نسبيًا، وناسخُ هذه النسخة التي لا نَعرِف مصيرَ الأجزاء الأخرى منها هو عبد الله بن عُمر بن عثمان التدغي. وثمّةَ نسخةٌ أخرى كانت حديثةَ التداول ومنها السِّفر الأول المحفوظُ بالخزانة الحَسَنيّة، إذ نقرأ في ظهر الورقة الأولى منه المُلكيّة الآتية: ¬

_ (¬1) برنامج التجيبي: 290.

"مُلكٌ لله بيد عبدِه محمد بن عبد القادر بن المعطي الشَّرقي القادرِي، تملَّكه بالشّراء من محروسةِ فاسَ سنة 1241 هـ". وكان هذا المخطوطُ في مكتبة ابن زَيْدان وقد اطّلع عليه واستعمَله حينئذٍ بعضُ المستعرِبين ومنهم كولان ودجياكومو وعلوش، ثم آلَ إلى الخزانة الحَسَنية ضمن المكتبةِ المذكورة. وقد يكونُ فيما سردناه ما يبعَثُ الأملَ في ظهور الأجزاء المفقودة من هذا الكتاب الجليل، وما ذلك على الله بعزيز. وقد نقَلَ عن "الذّيل والتكملة" جماعةٌ من المؤلّفين، منهم: 1 - ابن عِذاري: وقد سبقت الإشارةُ إلى النصُوص والأخبار التي صرَّح فيها بالنقل عن "الذّيل والتكملة". 2 - ابنُ مرزوق: نقَلَ فِقراتٍ كاملة من السِّفرَيْن الأول والثامن، معَ تذييلاتٍ للقاسم التُّجيبيِّ الذي رَوى "الذّيلَ والتكملة" كما سبَقت الإشارةُ إلى ذلك. 3 - ابنُ الخَطيب في "الإحاطة" فقد ذكَرَه عشَراتِ المرّات ونقَل من "الذّيل والتكملة" فقراتٍ بنصِّ المؤلف أو بتصرف. 4 - السيُّوطي في "بُغية الوُعاة": استَخرجَ من "الذّيل والتكملة" الأندلسيِّينَ الذين يندرجونَ في طبقات النُحاة واللّغويِّين، وقد تتبّعنا المواضعَ التي نقَلَ فيها عن ابن عبد الملك وذكرَهُ بالاسم، فوجدناها تزيدُ على المئة، وهو ينقل عنه بتصرّف في الغالب ويلخِّص كلامَه. 5 - ابن القاضي في "جذوة الاقتباس":وهو يختم تراجم متعدِّدةً من كتابه بهذه العبارة: "ذكَرَه ابنُ عبد الملك ولا نستبعدُ وقوفَه على "الذّيل والتكملة" ونقله عنه في "جذوة الاقتباس" و"دُرة الحِجَال". 6 - ابنُ غازي: فقد وقَفَ على "الذّيل والتكملة" ونقَلَ منه في كتابه "الرَّوض الهَتُون"، قال في خلال سَرْدِه علماءَ مِكناس: "ومنهم الزّغابشةُ، وقد

قيمته التاريخية

انتقل بعضُهم لعُدوة الأندلس، وبعضُهم لمَوّاكُش، وقد ذكَرَ ابن عبد الملك في "تكملته" جماعةً منهم". كما نقَل عنه في كتابه "شفاء العليل في شرح مختصر خليل" ورسالة "الإشارات الحِسَان". 7 - عبدُ الرّحمن الفاسيّ في كتابه "استنزال السَّكينة بتحديث أهل المدينة": فقد اعتَمَد على "الذّيل والتكملة" في تحقيق أسانيده، ونقَلَ عنه ترجمة ابن هشام الأوْسي المَوّاكشي. 8 - محمدُ بن عبد الرّحمن الفاسيّ: نقَلَ في كتابه "المِنَح البادية" كلامًا لابن عبد الملك من ترجمة ابن خَيْر الأمويّ في "الذّيل والتكملة". ولا نريدُ أن نستقصي الذين نقَلوا عن "الذّيل والتكملة"، وفيمن ذكرنا منهم كفاية. قيمتُه التاريخيّة: يُعتبر كتابُ "الذّيل والتكملة" أبرَ معاجم الأعلام التي ألَّفها الأندَلسيّونَ والمغاربةُ قديمًا، وتقريرُ قيمته التاريخيّة من باب تحصيل الحاصل، فهي قيمةٌ واضحة للعيان سواءٌ بالنسبة إلى التاريخ الخاصّ أو بالنسبة إلى التاريخ العام. فأمّا قيمتُه بالنسبة إلى التاريخ الخاصّ، أي: تراجم الرّجال، فيمكنُ تلخيصُها فيما يلي: 1 - الاستيعاب: وهذه الصِّفة يشيرُ إليها عنوانُ الكتاب ويدُلُّ عليها منهجُه ومحتواه، فابن عبد الملك -كما يقول أستاذُنا المرحوم عبد العزيز الأهواني-. "لم يقتصرْ على التذييل علي كتابٍ واحد كما فَعَل ابنُ الأبّار وابن فَرْتون وابن الزُّبير في تكملتِهم وتذييلهم ووَصْلهم لكتاب ابن بَشْكُوال، ولكنه تصَدّى للتذييل على ابن بَشْكُوال والتكميل لابن الفَرَضي أصلَ ابن بَشْكوال في وقتٍ واحد، وجعل ذلك في عنوان كتابه، فجعل نفسَه نِدًّا لابن بَشْكوال، وقد أحسّ

ابنُ الزُّبير بخطورة ذلك وثقله"، وهو يشير إلى قول ابن الزُّبير- متحدِّثًا عن "الذّيل والتكملة"-: "ألزَمَ نفْسَه فيه ما يعتاصُ الوفاءُ به من استيفاء ما لم يلتزمْه ابنُ بَشْكوال ولا الحُمَيْديّ ولا ابنُ الفَرَضي ومَن سلَكَ مسلكَهم، وقد ذكرتُ مقصِد هؤلاء الأئمة في ذلك في أول كتابي هذا، وفي آخِره، بأشفى ممّا ذكرتُ هنا، لا جرَمَ أنّ ترجمة كتابه بالذّيل والتكملة تستلزمُ ما عَزَمَ عليه وتُطابقُه، إلا أن مقصِد من تقدّم ذكره ليس ذلك، وهما مقصدانِ ومقصِدُه منهما وافٍ بما قَصدَه الآخرون وزيادة لا تعيبُ مقصِدَهم، وفيها زيادة فائدة، نفَعَه اللهُ ونفعَهم بمنّه" (¬1). لقد استدرك ابن عبد الملك على ابن الفَرَضيّ ومن تلاه بعضَ أعلام القرون الأولى، ولكنّ معظمَ تراجم كتابه هم من أهل القرنين السادس والسابع، وهو حينما يعيدُ كتابةَ التراجم الموجودة عند سابقيه فإنّما لزيادة فائدة وإضافة شيء جديد أو لتصويب بعض الأخطاء والتنبيه على ما فيها من أوهام، ويبدو هذا عند معارضة تراجمه بتراجم "التكملة" لابن الأبّار أو "صلة الصِّلة" لابن الزُّبير. 2 - طُول التراجم: كانت التراجمُ في بدايتها عند المحدِّثين -مثل البخاريِّ ومن اقتدى به من مؤلفي كتب التراجم والرجال -مبنيّة على الاختصار، أمّا تراجمُ ابن عبد الملك فإنّها "طويلةُ النفَس بالقياس إلى ابن الزُّبير وغيره من مؤلِّفي التراجم السابقينَ من علماءِ الأندلس" (¬2)، وابنُ عبد الملك في هذا الاتجاه شبيهٌ ببعض أعلام المدرسة المَشْرقية في كتابة التراجم من أمثال ابن خَلّكان والذّهبي والصَّفدي، وابنُ عبد الملك لا يقتصرُ في الترجمة على اسم المترجَم وسَرْد بعض شيوخه، وقد يكون واحدًا، كقول ابن الفَرَضيّ في المحمدِيْن: "محمدُ بن فَرْحون ¬

_ (¬1) انظر مقالته "صلة الصلة لابن الزبير والذيل والتكملة لابن عبد الملك" (مجلة المعهد المصري للدراسات الإسلامية بمدريد العدد الثالث 1955). (¬2) المصدر السابق.

ابن ناصح الغافقيّ، من أهل تُطيلة، سمع من إسماعيلَ بن موصل"، وقولِه في حرف الحاء: "حَمْدونُ بن حَوْط، من أهل رَيُّه، ذكَرَه ابنُ سعدانَ في رجالها". ولكنه -أي: ابنَ عبد الملك- حينما تتوفّر لديه المادةُ التاريخية يُسهبُ في كتابة الترجمة، فيرفعُ نسَب المترجَم إلى أعلى جَدّ له ويفصِّلُ القولَ في نسَبِه ونسبتِه ويستقصي في عدّ شيوخه وتلاميذه ومؤلّفاته، ويسوقُ نماذجَ من آثاره وشعره ونثره، وقد يلخّص برنامَج المترجَم إن كان له برنامَج. ومن تراجمه المطوّلة في السِّفر الأول: تراجمُ ابن الزُّبير، وأبي العبّاس القنجايري، وابن عَمِيرة، وابن الرُّومية، وغيرِهم، وترجمة أبي محمد ابن القُرطبيِّ في السِّفر الرابع، وتراجمُ: ابن جُبَير والرُّعيني وابن مؤمن وغيرهم في السِّفرين الخامس والسادس، وتراجمُ: ابن القَطّان وأبي الحَسَن الشارّي وأبي الخَطّاب ابن الجُمَيِّل وغيرهم في السِّفر الثامن. وابنُ عبد الملك يتتبّعُ أسماءَ المؤلَّفات في استقصاءٍ يقلُّ نظيرُه، والباحثون مَدِينونَ له في أنه حَفِظ لنا -على سبيل المثال- قائمة تامّة بأسماءِ مؤلفات الفيلسوف ابن رُشْد. ويمكنُ القولُ بإجمال بأنّ بعضَ تراجم "الذّيل" يمكن أن تتألّفَ منها تراجمُ مفردة، وهي تقدِّم مادةً غزيرة لمن يريدُ أن يتوسّع في دراسة بعض الشخصيّات وتحليل جوانبها المختلفة، وحينما درسنا شخصيّةَ ابن عَمِيرة وجدنا في "الذّيل والتكملة" بُغيتَنا وعُمدتنا ومصدرنا الأول. 3 - كثرةُ الاختيارات الأدبية ووَفْرةُ النصُوص: الشّعرية والنثرية: فإذا كانت تراجمُ ابن الفَرَضي وغيره تتّسم بالجفاف والخلوِّ من العنصر الأدبي، فإنّ "الذّيل والتكملة" يحتوي على ذخيرة أدبيّة تجعلُه أحيانًا "أشبهَ بكتاب الذّخيرة لابن بسام منه بكتابَي ابن الفَرَضي وابن بَشْكُوال" كما يقول أستاذنا المرحوم عبد العزيز الأهواني، وسأعود إلى هذه النقطة بعد قليل.

4 - النقد: يتميز "الذّيل والتكملة" بمادّته الغزيرة في النقد، وهو في الكتاب أنواع، فمنه نقدٌ إسناديّ تاريخيّ، ومنه نقد علمى يتناول بعضَ الآثار العلميّة بالنقد والمحاكمة، ومنه نقد أدبيّ يتمثّلُ في خَطَراتٍ نقديّة أدبيّة مبثوثة في الكتاب. فمن النوع الأول مبحثُ سلسلة نَسَب رزق الله ابن أكينةَ في ترجمة أحمدَ بن بالغ (¬1)، ومبحثُ ضبط اسم ضُمام أو هُمام بن عبد الله (¬2)، ومبحث تحقيق شخصية أبي البساتين الواعظ الصُّوفي (¬3)، ومبحثُ المُنَيذِر الإفريقيّ الصّحابي وحديثه (¬4). ويندرجُ في هذا النوع تحقيقاتُه في أسماء بعض المترجَمين أو أنسابهم أو وَفَياتهمِ وتصويباتُه لأوهام بعض المؤلِّفين في ذلك، كابن الزُّبير وابن الأبّار وابن فَرتونَ وغيرِهم. ومن النوع الثاني: ما نقرؤه في تراجم ابن الزُّبير والمَلّاحي. أمّا النوعُ الثالث فسنعرض له عندَ الحديث عن أدب ابن عبد الملك. 5 - رفع الأنساب: من خصائص "الذّيل والتكملة" رفعُ أنساب المترجَمين واجتهادُ مؤلّفِه في ضبطها، وانتقادُه "قلبَ الأنساب الذي وقَعَ فيه كثيرٌ من المؤرِّخين". وقد رفَعَ أنسابَ عدد كبير من المترجمين إلى أجدادِهم الأعلَيْنَ الداخلينَ إلى الأندلس نقلًا من خطوطهم أو اعتمادًا على بعض النّسّابين الأندَلُسيِّين كابن حَزْم والحكيم وغيرهما. ونجدُه يُعنى كذلك برفع أنساب بعض المذكورينَ عَرَضًا في كتابه مثل: أبي ذُؤيب الهُذَليّ وابن دُرَيْد وأبي العتاهيَة، كما يعرِضُ إلى مناقشةَ بعض الأنساب كنسَب المنتسبينَ إلى خالد بن الوليد، وبالجملة، فالكتابُ يؤكِّد ما وُصِف به ابنُ عبد الملك من أنه "نَسّابة". ¬

_ (¬1) المصدر نفسه 1/الترجمة 279. (¬2) المصدر نفسه 4/الترجمة 269. (¬3) المصدر نفسه 5/الترجمة 685. (¬4) المصدر نفسه 8/الترجمة 172.

قيمته الأدبية والعلمية

6 - الترتيبُ المُعجَمي: يتميّز "الذّيلُ والتكملة" بتنظيمه المعجَميِّ الدّقيق على أساس الترتيبِ المشرِقيّ لحروف المعجَم، وقد شَرَحَ ابن عبد الملك كيفيّةَ هذا الترتيب في مقدّمة الكتاب، وهو يُراعي الترتيبَ في أسماءِ المترجَمين وكُناهم وعَمُود نسَبِهم وشيوخِهم وتلاميذهم في نَسَق غريب لا شكّ أنه كلّفه كثيرًا من جهده ووقته، كما يدُلّ على قوة طاقته وشدّة احتماله وقُدرته الفائقة على الترتيب ووَلَعِه الشديد بالتنظيم. وأمّا قيمةُ "الذّيل والتكملة" بالنسبة إلى التاريخ العامّ ولا سيّما تاريخُ المغرب والأندَلس، فتتجلّى من جهة في الاستطرادات التاريخيّة المتعدِّدة التي وَرَدت خلال عدد من تراجم الكتاب، وقد عُدّ "الذّيل والتكملة" من أجل ذلك ضمن مصادرِ بعض الحَوْليّات التاريخية مثل: "البيان المُغرِب" لابن عذاري وغيره. وهي تتجلّى -من جهة ثانية- في الموادِّ والعناصر الجزئية المختلفة المبثوثة خلال التراجم، وهي تنفعُ المؤرِّخ في تأليف الصُّورة العلميّة أو الاجتماعية لعصر من العصور، ومن الملاحَظ أنّ بعضَ المشتغلينَ بالتاريخ قد لا ينتبهونَ إلى قيمة كُتب التراجم كمصادرَ تاريخيّةٍ أساسيّة، ولا ينتفعون بما تشتملُ عليه من مادّة تضيف الكثيرَ إلى ما تُقدّمه الحَوْليّات التاريخية. وعندما تضيعُ هذه الحَوْليّاتُ التاريخية-كما هو الشأن بالنسبة إلى تاريخ المَغرب- فإنّ المشتغلَ بالتاريخ يستطيعُ أن يجدَ شيئًا من العِوض في كُتب تراجم الرّجال مثل "الذيل والتكملة". قيمتُه الأدبيّةُ والعلمية: لا يخفَى ما لكتاب "الذّيل والتكملة" من قيمة أدبيّة وعلميّة، ويكفى إلقاءُ نظرة على فهارِس القوافي والرسائل الأدبيّة في المجلد الأخير من هذه النشرة، فهذه الفهارسُ تدُلُّنا على الثروة الأدبيّة التي يحتوي عليها الكتاب، وهذه النصوصُ

الأدبية المبثوثة خلال التراجم تميِّز هذا الكتابَ عن كُتب ابن الفَرَضيّ وابن بَشْكُوال وابن الأبّار وابن الزُّبير في الموضوع، وهي نصوصٌ متنوعة، فمنها: مقطَّعات في الوصايا والعِظات والأغراض الزُّهدية والوَعْظيّة والخُلُقيّة بصفة عامة، ومنها مطوَّلاتٌ في التوسّل وفي المديح النبويّ وغيره وفي الرثّاء والوصف، ومنها ما يدخُل في باب المطارَحات الإخوانيّة والمعارَضات الشّعرية، ومنها جملةٌ كبيرة من النّظم التعليميّ في مسائلَ لُغَويّة وعَرُوضيّة وفقهيّة وفَلَكيّة وحديثيّة، وقد نوّه الأستاذُ الجليل السيد محمد الفاسيّ بحُسن اختيار ابن عبد الملك للقصائدِ والمقطَّعات الشّعرية، ولاحَظَ أننا لا نكادُ نجدُ فيه قصيدةً في مدح الملوك والأمراء، وهي ملاحظةٌ لا تستندُ على الاستقراء التامّ، فالواقعُ أنّ الأسفارَ التي بين أيدينا تشتمل على قصائدَ ومقطَّعات في مدح الخلفاء والأمراء الموحِّدينَ ومنهم عبدُ المؤمن ويعقوبُ المنصور وأبو العلاء المأمون والرشيدُ وغيرُهم. ويشتملُ الكتابُ على طائفة كبيرة من الرسائل الإخوانيّةِ وغيرها، كما يشتملُ من جهة ثانية على نَظَرات مهمّة في النّقد الأدبي، وجُلُّ هذه الحصيلة الأدبيّة إن لم نقل: كلُّها، هي من النِّتاج الأدبيِّ في عصر الموحِّدين، ومن ثم فإنه لا غنى لدارس الأدب المغربيِّ والأندَلسيّ في هذا العصر من الرجوع إلى "الذّيل والتكملة" واستغلال مادّته الأدبيّة واعتماده ضمنَ المصادر الأوّليّة، وهذا طبعًا زيادة على قيمته الكبرى وفائدته العظمى في تصوير العصر ورجاله، ولا مجالَ هنا لدراسة هذا الأدب وتحليله، وحسبنا هنا الإشارةُ والتنبيه. وأمّا قيمة "الذّيل والتكملة" العلميّة فهي أوسعُ من قيمتِه الأدبية؛ لأنّ الحياةَ العلميّةَ من حيث حركةُ التعليم والتأليف هي محِورُ الكتاب ومدارُه، وذلك من خلال الأعلام المترجَمين، وحسبنا هنا أيضًا الإحالةُ على فهارس الكُتُب المستخرجَة من الأسفار الموجودة والمثبَتة في المجلد الأخير من هذه النشرة، وسيقتنعُ الواقف عليها والمتصفّح لها أنها تؤلّفُ القاعدةَ العريضة لمن يدرُس الحركةَ العلميّة والفِكرية في عصر الموحِّدين دراسةً منهجيّة ومتقصِّية.

ب - الجمعُ بين كتابي ابن القَطّان وابن المَوّاق على كتاب "الأحكام" لعبد الحق ابن الخَرّاط. تحدّث المؤلّف عن كتابه هذا وظروفِ تأليفه فقال في ترجمة ابن المَوّاق: "وله تعقُّبٌ على كتاب شيخِه أبي الحَسَن ابن القَطّان الموسوم بـ "الوَهْم والإيهام الواقعَيْنِ في كتاب الأحكام" جمْعَ أبي محمد عبد الحقّ ابن الخَرّاط الجاري عليه اسم "الأحكام الكبرى"، ظهر فيه إدراكُه ونُبلُه ومعرفتُه بصناعة الحديث واستقلالُه بعلومه وإشرافُه على عِلَلِه وأطرافِه وتيقظُه وبراعةُ نقدِه واستدراكِه، وقد عُنيتُ بالجَمْع بين هذين الكتابَيْن مضافَيْنِ إلى سائر أحاديثِ الأحكام وعلى ترتيبهما وتكميل ما نقَصَ منهما، فصار كتابي هذا من أنفع المصنَّفات وأغزرِها فائدةً، حتى لو قلتُ: إنه لم يؤلّفْ في بابه مثلُه لم أُبعد، والله ينفعُ بالنيّة في ذلك" (¬1). إنّ عملَ المؤلّف في هذا الكتاب من حيث إنه تذييل وتكميل يُشبهُ عملَه في "الذّيل والتكملة"، ولو وَصَل إلينا هذا الكتابُ لكشَف عن جوانبَ من عبقريّة ابن عبد الملك وعقليّتِه الموسوعيّة. وقد نَوَّه به بعضُ المحدِّثين، وأُعجب به آخرونَ منهم؛ إذْ وقَفَ عليه ابنُ الزُّبير واستَنْبلَه، كما أنّ العَبْدَريَّ صاحبَ الرحلة كان مُعجَبًا به فيما يبدو، وبَلَغَ خبرُه إلى ابن دقيقِ العيد. وإذا كان كتابُ "الذّيل والتكملة" تذييلًا وتكميلًا لكتابَيْن في التراجم هما: تاريخُ ابن الفَرَضي وصِلةُ ابن بَشْكُوال، فإنّ كتابه هذا الثانيَ هو تذييلٌ وتكميل لثلاثة أعمالٍ في الحديث أو أحاديثِ الأحكام على وجه الخصوص، وهي: 1 - الأحكام الكبرى: لعبد الحقّ بن عبد الرّحمن الأزديّ الإشبيلي، يَذكُر ابنُ عبد الملك أنّ مؤلّفَه حَذا فيه حَذْوَ شيخه أبي العبّاس أحمد بن أبي مروان ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 8/الترجمة 74.

الإشبيليّ الذي كان يقال فيه: بُخاري زمانِه وابنُ مَعِين وقتِه، "وألّف في السُّنن كتابَه الكبير المسمى بـ"المنتخَب المنتقَى" جمَعَ فيه مفترِقَ الصّحيح من الحديث الواقع في المصنَّفاتِ والمسنَدات، وطريقَه هذا حذا أبو محمدًا عبد الحقّ بن عبد الرّحمن ابن الخَرّاط في كتابه "الأحكام"، إذ كان ملازمًا له ومستفيدًا منه". وكتاب "الأحكام" هذا منه نُسَخٌ كبرى وصُغرى ووُسطى، ولعبد الحقّ كُتُبٌ أخرى، "والذي كثُر تداولُه بين أيدي الناس من كُتُبه هو الأحكامان: الكبرى والصغرى" حسَبَ عبارة الغُبْريني (¬1)، وتوجدُ بعضُ النُّسخ المخطوطة من "الأحكام الصغرى" و"الأحكام الكبرى"، وهذه الأخيرةُ هي المقصودة هنا. وقد أثنى علماءُ الحديث على هذا الكتاب واهتمّوا به كثيرًا، وكان محلَّ إضافاتٍ وتعقيبات من بعضِهم، ذَكَرَ ابنُ عبد الملك في ترجمة أبي عبد الله محمد ابن الصَّيْقَل أنه "استدرك على الأحكام الكبرى لعبد الحقّ أحاديثَ كثيرةً في أكثر الكُتُب رأى أنّ أبا محمد أغفَلَها وأنّها أوْلى بالذّكر ممّا أورَدَه أبو محمد في الأحكام، ودَلّ ذلك على حُسن نظرِه وجَوْدة اختياره"، كما أنّ ابن حمّاد والصنهاجيَّ ألّف كتابًا في الإشادة بكتاب شيخه أسماه: "الإعلام بفوائد الأحكام"، وقد عُني بشرح ما فيه من غريب الحديث؛ ولا بدّ أنّ ابنَ عبد الملك استفاد من هذَيْن العمَليْنِ، كما استفاد من الكتاب الذي نَذكُرُه فيما يلي: 2 - بيانُ الوَهْم والإيهام الواقعَيْنِ في كتاب الأحكام لابن القَطّان: وهو تعقيبٌ وتذييلٌ على الكتاب السابق، وذَكَر ابنُ عبد الملك أنه يقعُ "في مقدار الأحكام الشرعيّة الكبير وعليه وَضَعَه"، ومن العبارة الأخيرة نتأكّد أنّ "الأحكام الكبرى" هي التي كانت محوَرَ الذّيول المتلاحِقة، ويوجد خلافُ هذا في عنوان الدِّراية للغُبْرينيّ الذي يقول: "وقد كتَبَ أبو عبد الله ابنُ القَطّان مِزْوارُ الطلبةِ بالمغرب على "الأحكام الصغرى" نكتًا واستلحاقًا، وكتَبَ غيرُه عليها ردًّا ¬

_ (¬1) عنوان الدراية: 21، وانظر نفح الطيب 3/ 180.

وإصلاحا". وذكر التُّجيبيُّ في برنامجِه "كتابَ الوَهْم والإيهام الواقعَيْنِ في كتاب الأحكام" وسندَه في روايته ثم قال: "وهذا الكتابُ موضوعٌ على النُّسخة الوُسطى من "الأحكام" تأليفَ أبي محمد عبد الحقّ" (¬1)، وكلامُ ابن عبد الملك أولى بالأخذ وأجدَرُ بالاعتماد؛ لأنه وقَفَ على الكتابَيْن -كتابَيْ عبد الحقّ وابن القَطّان- واشتغل بهما. وقد اشتُهر كتابُ ابن القَطّان هذا ووَصَلَ خبرُه إلى المشرق وذُكر في مصادرَ متعدِّدة وتعقَّبه فيه الحافظُ الذّهبيُّ في مصنَّف كبير، وقد امتَدحَ حفظَ ابن القَطّان وقوَّة فهمِه، لكنّه مثل ابن الزُّبير انتقد تعنُّتَه وقلّةَ إنصافِه، كما رتبه الحافظ مغلطاي وأضافه إلى كتاب الأحكام وسمى عمله "منارة الإسلام" 3 - تعقيبُ ابن المَوّاق على ابن القَطّان: وقد أورَدْنا آنفًا كلامَ ابن عبد الملك في وَصْفه، وَيذكُر المرحوم الأستاذ العابدُ الفاسيّ أنه وقَفَ "على النقل من كتاب ابن المَوّاق هذا غيرَ مرّة بخطِّ أبي العلاء العراقيّ رحمه الله، مما يدُلّ على أنّ الكتابَ كان معروفًا بفاسَ إلى القرن الثانيَ عشرَ" (¬2). 4 - الجَمْعُ بين "الوَهْم والإيهام" لابن القَطّان والتعقيب عليه لابن المَوّاق: وهذه هي الحلقة الأخيرةُ في هذه السِّلسلة التي بدأت بعبد الحقّ الإشبيلي أو شيخِه كما ذكَرْنا سابفا وانتهت بابن عبد الملك الذي استَفْرغَ جهدَه في الجمع والاستقصاء وأعجِب بعمله فصرَّح في لهجةِ المعتَدّ بصنيعِه الواثق من عملِه: "لو قلتُ: إنه لم يؤلَّفْ في بابِه مثلُه لم أُبعِدْ". وقد حدَّث بكتابه هذا في حياته وأجاز به بعضَ تلاميذه ومنهم: أبو الحَسَن المطماطيّ، قال: "وحدّثني (أي: ابن عبد الملك) - فيما أجازَني- بكتابه الذي ألّفه على "الأحكام الكبرى" ¬

_ (¬1) برنامج التجيبي: 152. (¬2) مجلة دعوة الحق.

لأبي محمد عبد الحقّ بن عبد الرّحمن الأزدي؛ وذلك أنّ أبا الحَسَن ابنَ القَطّان ألّف كتابًا على كتاب "الأحكام" المذكورة سمّاه "الوَهْمَ والإيهام"، ثم إنّ الفقيهَ المحدّث أبا عبد الله محمدَ بن أبي يحيى المَوّاق أكمَلَ ما أغفَلَه أبو الحَسَن المذكور، ثم إنّ الشّيخَ أبا عبد الله ابن عبد الملك تمَّم ما أغفلاه" (¬1). كما أنّ العَبْدَريَّ -وهو من أقران ابن عبد الملك وأصحابِه- اطّلع على هذا الكتاب وتحدث عنه. قال في رحلته واصفًا لقاءه لابن دقيقِ العيد بمصر: "وفي أول ما رأيتُه قال لي: كان عندَكم بمَرّاكُش رجل فاضل، فقلت له: من هو؟ فقال: هو أبو الحَسَن ابنُ القَطّان، وذكَرَ كتابَه "الوَهْم والإيهام" وأثنى عليه، فذكرتُ له ردَّ ابن المَوّاق عليه وأنه تركه في مسَوّدتِه فعانى إخراجَه صاحبُنا الفقيه الأديبُ الأوحد أبو عبد الله ابن عبد الملك حفظه الله، فقال لي: مَن هذا الرجل؟ فعرَّفتُه به وبما حضَرَني من تحليتِه وما أذكُر من تقاييدِه، فعَجِب من ذلك وكتَبَ ما أملَيْتُه عليه" (¬2). وعبارةُ العَبْدَريّ تُشعرُ أنّ ابنَ عبد الملك لم يزدْ على أنه أخرَج كتابَه من مسَوّدتِه، ولكنّ كلامَ ابن الزُّبير صريحٌ في أنه جمَعَ بين كتابَي ابن القَطّان وابن المَوّاق "معَ زياداتٍ نبيلة من قِبَلِه"، وكذلك كلامُ أبي الحَسَن المطماطيِّ الذي يؤكّد أنّ ابنَ عبد الملك تمَّم ما أغفَلَه ابنُ القَطّان وابنُ المَوّاق، أمّا ابنُ عبد الملك فيُخبرنا أنّ عملَه يتألّفُ من أربعة أشياءَ هي: الجَمْعُ والترتيب والإضافةُ والتكميل، أي أنه عمل منهجيّ موسوعيّ كعمله في "الذّيل والتكملة". ولو وصل إلينا الكتابُ لكان دليلًا على باع ابن عبد الملك الكبير في الحديث وعلو كعبِه وسعَة اطّلاعه، ولكان بُرهانًا آخرَ على قدرته الخارقة على التنظيم والترتيب. ¬

_ (¬1) مذكرات ابن الحاج 118. (¬2) رحلة العبدري: 140.

جـ - الجامعُ في العَروض: هكذا سمَّى ابنُ عبد الملك كتابَه هذا في ترجمة محمد بن شَدّاد، وذلك في أعقاب مسألةٍ عَروضيّة، قال: "وقد أشبَعتُ القولَ في هذا وبيّنت عملَ العرب في موضعِه من كتابي: الجامع في العروض" (¬1). وإذا كان هذا الكتابُ يُعَدُّ من كُتُبه المفقودة فإنّ "الذّيل والتكملة" يشتملُ على مباحثَ عَروضيّة تدُلُّ على معرفته واهتمامه بالعَروض كما أشَرْنا إلى ذلك فيما سبَق، ونقتبسُ هنا -بمناسبة ذكْرِ كتابه الضائع في العروض- فقراتٍ في مسائلَ عَروضية ورَدَت في "الذّيل والتكملة"، قال معقِّبًا على هذا البيت من قطعةٍ لأبي محمد طلحة: كسَتْ شمسُ دينِ المصطفى كلَّ ما بها ... فللنورِ في الأوراق رَوْقٌ عجيبُ: "وما ينبغي التنبيهُ عليه أنّ الأستاذَ أبا محمد طلحةَ نبَّه فيما وقَفْت عليه بخطِّه على قوله: "رَوْقٌ" بما نصُّه: مزحوفٌ جائز. وليس ما قاله بصحيح عند حُذّاق العَروضيِّينَ حسبما تقَرَّر من اصطلاحهم، بل هو سالمٌ غيرُ مزحوف؛ لأنه فعولن على أصله، وبيانُ ذلك أنّ هذه القطعةَ من الضَّرب الثالث من الطويل وهو المحذوف، كان أصلُه: مفاعيلن، فحُذف، والحذفُ: إسقاطُ متحرِّك وساكن من آخِر الجزء، وهو المسَمَّى عند العَروضيِّين سببًا خَفيفًا، فصار الجُزءُ بعد الحَذْف: مفاعي، فنُقل إلى مثل وزنه وهو: فعولن، وكثُر في فعولن الذي قبلَه الزِّحاف المسَمَّى عندَهم بالقَبْض، وهو: حذفُ الساكن الخامس من الجزء، وكان أصلُه: فعولن، فانتقل -بالقَبْض- إلى: فعول، واستُعذِب في الذّوق حتى صار مُزاحَفُه أعذبَ من سالمِه وذلك ليستتبَّ لهم ما اعتمدوه من بناءِ دائرة الطويل على اختلاف أجزائها، فتبيَّن بما قلناه أنّ الجزءَ الذي نبَّه أبو محمدٍ على أنه مزحوفٌ هو السالم، ومثلُه ما أنشَد الخليل: أقيموا بني النُّعمانِ عنّا رؤوسَكمْ ... وإلا تُقيموا صاغرينَ الرؤوسا ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 6/الترجمة 666.

وإنّ ما سواه من الأجزاءِ الواقعة موقعَه من سائر أبياتِ القطعة مزحوفةٌ، وهي أعذبُ في الذّوق، فإن قلتَ: لعلّه يكونُ ذلك على اصطلاح بعض العَروضيِّين في إطلاقِهم الزِّحافَ على كلِّ تغيير، قلنا: لا تغييرَ في هذا؛ لمجيئه على أصله، اللهمّ إلا أن يكونَ في الذّوق، وهم لم يعتبروه ولا وضَعوا له لقبًا حتى يكونَ له أثرٌ، وما لا أثرَ فيه للزِّحافِ فإنّما يقال فيه: سالمٌ، عندَ الجميع، فتأمَّلْه، واللهُ الموفِّق لا ربّ غيره" (¬1). وقال عَقِب هذه الأبيات: رأيتُ الإنقباضَ أجلَّ شيءٍ ... وأدعى في الأمورِ إلى السلامَهْ فهذا الخَلقُ سالِمْهم ودَعْهم ... فخُلطتُهم تعودُ إلى النّدامَهْ ولا تُعنى بشيءٍ غيرِ شيءٍ ... يقودُ إلى خلاصك في القيامَهْ "وفي صَدْر البيت الأول: رأيتُ الإنقباضَ" فيَضبِطُه بعضُهم بقَطْع همزة الوَصْل ترجيحًا للزِّحاف الحَسَن، وهو: إسكانُ الخامس من مفاعلتن المسَمَّى بالقَصْر على الزِّحاف القبيح وهو: ذهابه رأسًا ويسمى العَقْل. وفي صدر الثالث: "ولا تُعنى" يُثبتُ بعضُهم فيه الألفَ، وهو من قَبِيل ما تقدَّم في قَطْع همزة الوَصْل من الانقباض، ولو وَصَل بإسقاط الهمزة وحَذف الألف للخَرْم لم يَنكسِر البيتان ولكنهما يكونانِ مشتملَيْنِ على زحافٍ قبيح كما تقَدَّم، وكثيرًا ما تفِرُّ العربُ من الزِّحَاف القبيح إلى الزِّحاف الحَسَن، ومن الزِّحاف الحَسَن إلى السلامة حرصًا عليها أو على ما يَقرُبُ منها إلا في مواضعَ كان المُزاحَف فيها أعذبَ من السالم؛ وقد أشبعتُ القول في هذا وبيّنت عملَ العرب فيه في موضعِه من كتابي: "الجامع في العَروض"" (¬2). ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 4/الترجمة 303. (¬2) المصدر نفسه 6/الترجمة 666.

وقال بعدَ إنشاد هذَيْن البيتين: يا موقظَ النفْس علِّمَنْها ... ولاتكِلْها إلى الجهاله فالشمسُ بدرٌ والعلم شمسٌ ... والجهلُ فيها سوَادُ هالهْ: "قال المصنّفُ عفا الله عنه: هذان البيتان لزُوميّان، ولا يصحُّ في ثانيهما أن يكونَ مُخلَّعًا لوقوع "مفعولن" -في صَدْره- موقعَ "فاعلن"، ومخرَجُه عندي من المُنسرح على رأي لي فيه قرّرتُه في غير هذا الموضع، ليس هذا الكتابُ موضعَ بَسْطِه، وإذا كان كذلك استُجرَّ الأولُ إليه، فاعلَمْه" (¬1). وقال في ترجمة أبي عبد الله ابن الحَنّاط: "ولأبي عبد الله أشعارٌ ذهب إلى الإغراب فيها بنظمِها على غير أوزان الشعر العربيّة المحفوظة عن العرب، منها قولُه: لو كان يدري بما فعلْ ... أحيا المحبَّ الذي قتَلْ وهذا وزنٌ لم تنظِمْ عليه العرب، وهو قد غيَّر فيه مجزوءَ البسيط الذي شاهدُه: ماذا وقوفي على رَسْمٍ خلا ... مُخْلَولقٍ دارسٍ مستعجمِ فاستعمَلَه أحدَ العَروض والضّرب مخبونًا، فكان تفعيلُه: مستفعلن فاعلن مستفعلن، فأصابه الحَذَذ، وهو: إذهابُ الوتد رأسًا وهو "علن"، فبقي "مستَفْ"، ثم خَبَنَ فحَذَفَ ثانيَه فصار "مُتَفْ"، فنُقل إلى مثل وزنه وهو "فَعِلْ"، فصار كلُّ واحد من الشطرَيْن: مستفعلن فاعلن فعلْ، وهو وزن لم يرِدْ عن العرب" (¬2). وتجدُرُ الإشارة بعدَ هذا إلى ملخَّص مركَّز في العَروض لأبي محمد ابن القُرطُبيّ أوردَه ابنُ عبد الملك في السِّفر الرابع كما أنه نصّ على وقوفه على عدد ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 5/الترجمة 1271. (¬2) المصدر نفسه 6/الترجمة 657.

من المؤلّفات في العَروض، وهو فنٌّ أكثَرَ الأندَلسيّونَ والمغاربةُ من التأليف فيه ولا سيّما في عصر ابن عبد الملك، ونحن نعرف ثلاثةَ أعلام على الأقل كانوا يتسابقونَ في هذا المضمار، وهم: صاحبُنا ابن عبد الملك وابن رُشيد صاحب الرحلة المعروفة والقللوسي. د - مقالة في ضبط عُنوان "الملخّص": صنَّف أبو الحَسَن عليّ، المعروفُ بالقابِسيّ، كتابًا في الحديث جمَعَ فيه ما اتّصل إسنادُه من حديث مالك بن أنس في "الموطإ" روايةَ ابن القاسم، وسَمَّى كتابه "الملخّص". وقد اختَلفَ الناسُ في قراءة هذا العنوان وضَبْطه، فمنهم من ينطِقُه بكسرِ الخاء ومنهم من ينطِقُه بفتحها، وجاء في ترجمة أبي العبّاس ابن شاب من "الذّيل والتكملة" ما نصُّه: "وله (أي: لابن شاب) كلامٌ حَسَن على ترجمة (عُنوان) الملخّص لأبي الحَسَن عليّ بن أبي بكر محمد بن خَلَف المَعافِريّ القَيْروانيّ المعروف بالقابِسيّ من الاختلاف في كسرِ الخاء، وهو رأي أبي عثمانَ بن سَعيد المقرئ، وفتحِها، وهو رأيُ أبي القاسمَ المُهلَّب بن أبي صُفْرة، وكلاهما حمَل الكتابَ على جامعِه، صرَّح فيه أبو العباس ابن شاب بإبطالِ الفتح وصحَّح الكسرَ وصوَّبه. قال المصنِّف عفا اللهُ عنه: لم يقَعْ إليّ هذا الكلامُ على هذه الترجمة فأعرِفَ مأخَذَه فيه ولا احتجاجَه لِما صوَّبَ وأبطل. وعندي أنّ الوجهَيْن صحيحان، واقتضاب القول في ذلك: أنّ ما اتّصل إن كان مفعولًا به للملخِّص ترجَّح الكسر، وإن كان معمولًا للمتحفِّظينَ تعيَّن الفتح، وقد بسَطتُ الكلامَ في ذلك في مقالة لي على ذلك اشتملت على فوائدَ جليلة، ولكلّ ذي رأي اختيار؛ والله الموفِّق لا ربَّ غيرُه" (¬1). ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 825.

وهذا الخلافَ الذي اشترك فيه المؤلف في ضبط عَنوان "الملخص" شبيهٌ بالخلاف الذي وقَع في عنوان "المُسهب" للحِجَاري، وهو خلافٌ رواه المقّري بالتفصيل في "نَفْح الطّيب"، ومثلهما في ذلك عنوان "المُقتبس" لابن حَيّان. فهذه المقالةُ المفقودة هي مقالةٌ في مبحثٍ نَحْويّ، وصَفَها مؤلّفها -مفتخرًا بعلمِه على عادته- بأنها "اشتملت على فوائدَ جليلة". ونقفُ في "الذّيل والتكملة" على ملحوظاتٍ نَحْويّة له، كتعليقِه على قول الأمير تميم بن المعزّ: أُقيمُ وترحَلُ ذا لا يكونُ ... لئن صَحَّ هذا ستَدمَى عيونُ وعلى قول ابن الحَنّاط: لئن كان من قبلِهِ جَدُّه ... علينا الوَصيَّ فهذا الأمينُ بما يلي: "قال المصنِّف عَفا الله عنه: تلقِّي القَسَم بحرف التنفيس كما وقَع في عَجُز البيت الأولى من بيتَيْ تميم لا يجوزُ، كما لا يجوزُ تلقِّيهِ بالفاء كما في عَجُز البيت الآخِر من أبياتِ ابن الحَنّاط، فغلَطُهما من باب واحد، وإنّما غلطُهما مراعاةُ الشرط الذي تقتضيه "إن" التي دخَلت عليها اللام، والعربُ لا تعتبرُه وإنّما تُراعي المقدَّم من القَسَم إذا اجتَمَع معَ الشّرط وإياه تُجيب، قال اللهُ سبحانه: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126] وقال: {وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ} [الروم: 58] في آيٍ كثيرة، وقد غَفَلا عن هذا القانون أو جَهِلاه، واللهُ أعلم" (¬1). هـ - مقالة حولَ كتاب الأربعينَ حديثًا للمَلّاحي: ذكَرَها ابنُ عبد الملك في ترجمة المحدِّث المؤرّخ الغَرْناطي أبي القاسم محمد المَلّاحي، قالى في وَصْف كتاب "الأربعين حديثًا" لهذا الأخير: "ومنها: ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 6/الترجمة 657.

أربعونَ حديثًا، وترجمته (أي: عنوانُه): كتابُ الأربعينَ حديثًا عن أربعينَ شيخًا من أربعينَ قبيلة في أربعينَ بابًا من العلم من أربعينَ بينَ مُسنَد ومصنّف هم أربعينَ من التابعينَ رضيَ اللهُ عنهم بأربعينَ اسمًا من أربعين قبيلةً عن أربعينَ من الصّحابة رضيَ اللهُ عنهم بأربعينَ اسمًا من أربعينَ قبيلةً معرِّفًا بجميعهم رحمهم الله من صحيح حديث رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -" هكذا ترجمةُ الكتاب، وذَكَرَ في متنِه بدَلَ "عن أربعينَ من التابعين رضيَ الله عنهم": "مُسنَدةً إلى أربعينَ رجلًا بين صَحابيّ وتابعيّ بأربعينَ اسمًا من أربعينَ قبيلةً من قبائل العرب" وسائرُ الترجمة وافق لفظًا ومعنى أو معنًى ما في مَتْن الكتاب. قال: "وهذه أعجوبةٌ محجوبة، حجَبَها اللهُ تعالى، فلم يقَعْ أحدٌ في علمي عليها، فله الحمدُ والشكر أنْ هداني ووفَّقني إليها". قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: "ما تضمّنتْه هذه الترجمةُ من ذكْرِ أنواع الأربعين لا يصحُّ أكثرُها ولا يَسلَمُ على الانتقاد منها إلا أقلُّها، وقد نبَّهت على ما لحِقَه فيما أخَلّ به من ذلك في مقالة بيّنتُ فيها معتمَدَه ومَنْحاه" (¬1). وهذه المقالةُ جزءٌ من نشاط ابن عبد الملك في الحديث، ولا شك أنه أبان فيها عن تضلُّعه فيه وتبحُّره في النّقد الإسناديّ الذي شَهِدَ له أئمةُ المحدِّثينَ بالتبريز فيه. و- تقاييدُه: أشار العَبْدَريُّ، في حديثه عن تعريفه بابن عبد الملك الذي أملاه على ابن دقيقِ العيد، إلى تقاييدِ ابن عبد الملك قال: "فعرَّفتُه به، وبما حضرني من تحليتِه، وما أذكُر من تقاييدِه" (¬2). وهذا يجعَلُنا نقدِّر أنّ لابن عبد الملك تقاييدَ ورسائل، غيرَ ما ذكَرْنا، في موضوعاتٍ مختلفة لا نعرفُ عنها شيئًا. ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 6/الترجمة 1113. (¬2) رحلة العبدري: 140.

وقد وجَدْنا ابنَ عبد الملك في "الذّيل والتكملة" يعبّر عن نيته التفرُّغَ لبعض الموضوعات، قال متحدّثًا عن كتاب "أسانيدِ الموطإ" لأبي محمد القُرطُبي واستدراكِ ابن الأبّار عليه: "وفي أمَلي التفرغُ لالتقاطه إن شاء الله، وأرى أنه محَلُّ استدراك، ومجال اشتراك، فقد وقَفْت على ما لم يَذكُراه، وعثَرتُ فيما طالعتُ على ما لم يَسطُراه، والإحاطةُ لله" (¬1). هذا، وقد يكونُ ابن عبد الملك أشار إلى شيءٍ من مؤلفاتِه وتقاييدِه في الأسفار المفقودة في "الذّيل والتكملة". ز - شعرُه ونثرُه ونَقْدُه: أشَرْنا، في معرض الحديث عن ثقافة ابن عبد الملك، إلى عنايته بالأدب وأدواته، ويبدو أنه خلف ثروةً أدبيّة ولكنّها ضاعت ولم يبقَ منها إلا نماذجُ محدودة. قال النُّباهي: "وأوقَفَني ولدُه (أي: ولدُ ابن عبد الملك) صاحبُنا الفقيه أبو عبد الله على كثير من المكتوباتِ الصادرة عن أبيه القاضي أبي عبد الله ما بين منظوم ومنثور"، ثم أورَدَ قصيدةً لزوميّةً في الحَنين إلى أحبابِه في سلا. كما أنّ ابنَ الزُّبير وَصَفَ ابن عبد الملك بأنه كان "أديبًا بارعًا شاعرًا مُجيدًا امتدح بعضَ كُبَراءِ وقتِه". وقد عرَفْنا مما مضَى صِلتَه بالمِلْيانيِّ والي أغمات، ومَدْحَه إياه، ونقفُ في السِّفر الثامن على إحدى مدائحِه فيه، وهي قصيدة يغلِبُ عليه التكلُّف، وتلحَقُ بشعر الفقهاء، كما أنّ لزوميّتَه المشارَ إليها لا تقل عنها تكلّفًا وتصنّعًا. ومن مظاهر هذا التكلّف والتصنّع في قريضِه أنه -حسَبَ النماذج القليلة الباقية- عبارةٌ عن تذييلٍ أو تسميط، كما أنه يجيءُ إمّا باقتراح أو إلزام. ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 4/الترجمة 363.

ذكر في "الذّيل والتكملة" بيتي الحريريِّ المشهورَيْن: سِمْ سِمَةً تحسُنُ آثارُها ... واشكُرْ لمن أعطى ولو سِمسِمَهْ والمكرُ مهما اسطَعْتَ لا تأتِهِ ... لتقتني السّؤدَد والمَكرُمَهْ وساق تذييلاتِ الأندلسيّين لهما، ثم ختَم بتذييلِه وقال: "وإلى ذلك فقد ألزَمَني قديما بعضُ من يجبُ عليّ إسعافُه، ولا يَسَعُني خلافُه، مجاراة هؤلاء الجِلّة في هذا المضمار، ولم يُصغ إلى ما أتيْتُ به في ذلك من اعتذار، فقلت ممتثلًا تكليفَه، ومتعرِّضًا بما لا يستجيدُ ناقدٌ تأليفَه: ملأمةٌ بالحُرِّ أن لا يُرى ... منه ثَأى جيرانَهُ مَلْأَمَةْ والملءُ مَهْ عن شرِّه إنهُ ... مأتًى إلى الهُجنة والمَلْأَمَةْ غيرَ أنّي وفَيْتُ فيما رأيت بشرط اشتباه الطرفَيْن في كلا البيتَيْن وإن كان طرفا أوّلهُما مشتركَيْن، وجعلتُ طرفَي الأول نَكِرتَيْن وطرفَي الثاني معرفتَيْن على حدّ ما أتي به الحريريُّ في بيته، وأتيتُ بالجميع مجُنَّسًا كما تراه" (¬1). ولعلّ هذا الذي لم يسَعْه خلافُه هنا هو والي أغمات المِلْيانيّ، الذي أشار على ابن عبد الملك في مناسبةٍ أخرى أن يشتركَ معَ بعض شعراءِ حاشيتِه في مباراة شعريّة، قال ابنُ عبد الملك: "ثم عَطَفَ (أي: الوالي المذكور) عليّ، وطالَبَني بالموافقة لهم في ذلك ولم يكن رأى لي قبلُ بيتًا واحدًا ولا أشعرتُه بأنّي خُضتُ في نظم قطّ، فاستعفَيْتُه من ذلك فلم يُعفِني وقال: وما الذي يمنَعُك وموادُّ النَّظم كلُّها عندَك عتيدة، فلا وجهَ لاستعفائك ولا بدَّ لك من مشاركةِ الأصحاب فيما خاضوا فيه" (¬2). وقد رأى ابنُ عُفَيْر يُسمِّطُ قصيدةً لأبي حفص الأغماتيّ ويُغفِلُ بيتًا منها، فانبرى لتسميطِه، إظهارًا لقُدرته على النَّظم في مثل هذا الصِّنف من القريض (¬3). ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 4/الترجمة 122. (¬2) المصدر نفسه 8/الترجمة 234. (¬3) المصدر نفسه 8/الترجمة 26.

وذيَّل بيتَيْن لبعضِهم في مدح مالَقةَ فقال: لا تنْسَ لا شبيليَةٍ تينَها ... واذكُرْ معَ التينِ زَياتينَها (¬1) وذيّل قولَ بعضهم في وَصْف كتابِ "المشارق": مشارقُ أنوارٍ تبدَّت بسَبْتةٍ ... وذا عجَبٌ كونُ المشارقِ بالغَرْبِ فقال: تبَدّت بأنوارِ المشارقِ نخوةٌ ... بمطلَعِها في الغربِ يا شرقُ غرّبي (¬2) وقد تتفقُ له أبياتٌ على شيءٍ من السلاسة، كقوله في مَدْح بلده مَرَاكُش وأهلِها: لله مَرّاكشُ الحمراءُ من بلدٍ ... وحبَّذا أهلُها الساداتُ من سكنِ إنْ حَلّها نازحُ الأوطانِ مغتربٌ ... أسلَوهُ بالأُنس عن أهلٍ وعن وطنِ بين الحديثِ بها أو العِيانِ لها ... يَنْشَا التحاسُدُ بين العينِ والأذُنِ وقولِه في أوّل قصيدته اللُّزومية المشار إليها سابقًا: يا عاذليّ دعا الملامةَ أو سلا ... عن صادق في الحبِّ مثلي هل سلا كيف السّلوُ ولي بحكم البينِ في ... مَرّاكُشٍ جسمٌ وقلبٌ في سلا هيهات أسلو عهدَ خِلّ لي بها ... أسَلا ابن حُجْر عهدَ جارته سلا وافَى إليّ على البِعادِ كتابُهُ ... فبمهجتي أفدي كتابًا أُرسلا (¬3) ¬

_ (¬1) نفح الطيب 1/ 152، ورحلة ابن بطوطة 669. (¬2) الإعلام للمراكشي 9/ 381. (¬3) المرقبة العليا: 131.

ومن نماذج شعرِه الذي يغلِبُ عليه الطابَعُ الفقهيُّ قولُه في المدح: يا مَن يقيسُ به سِواه في النّدى ... ألغَيْتَ في النظرِ اعتبارَ الجامعِ هذا يجودُ وفي الموانع كثرةٌ ... وسواهُ ضَنّ معَ ارتفاعِ المانعِ وفي البيتَيْن -كما هو واضح- ألفاظُ الفقهاء الأصُوليِّينَ وعباراتهم، وفيهما مِصداقٌ لكلام ابن خلدون الذي يقولُ فيه: "ولهذا كان الفقهاءُ وأهلُ العلوم كلُّهم قاصِرينَ في البلاغة وما ذلك إلّا لِما يَسبِقُ إلى محفوظِهم ويمتلئُ به من القوانين العلميّة والعباراتِ الفقهية ... " (¬1)، وكان ابنُ عبد الملك -فيما يبدو- معجَبَا بهذا اللّون من الشّعر، ويشهَدُ لذلك قولُه في ترجمة ابن عَمِيرة: "وكان يُملِّحُ كلامَه نظمًا ونثرًا بالإشارة إلى التواريخ، ويودعُه إلماعاتٍ بمسائلَ علميّة منوَّعةِ المقاصِد تشهَدُ بتمكُّنه في المعارف على تفاريقها" (¬2)، فقد عَدّ حَشْوَ الشّعر بالمسائل العلميّة شيئًا مليحًا، وهذا هو الذوقُ الغالبُ في المشرق والمغرب يومئذٍ. ولابن عبد الملك شعرٌ تعليميٌّ هو من قَبيل النَّظم الذي تُقيَّدُ به القواعد وتُحفَظُ فيه المسائل، كنظمِه تاريخَ مولدِه وقد ذُكر، ونَظْمِه الترتيبَ المَشْرقيَّ للحروف الهجائية: ألمَّ بَرْوضي تَجْنِ ثَمّ جنَى حَيا .... خلا دَرَّ ذي ريٍّ زكا سَقْيُه شُرْبا صَفا ضِمنَ طَلٍّ ظَلّ عندَ غِنًى فَشا ... قِرى كِيلَ لي من نَهْي وَدْقٍ هَمَى سُحْبا وقد عقّب على هذَيْنِ البيتَيْن بقوله: "وعُذر التكلُّف في مثلهما لا يخفَى على مُنصف". وأمّا نثرُه فمنه نثرٌ مرسَل، وهو الذي نجدُه في تراجم "الذّيل والتكملة"، ومنه نثر مسجوع، وبه كان يُحبِّرُ رسائلَه الإخوانيّة في أغلب الظنّ، إذ لم يصلْ ¬

_ (¬1) المقدمة. (¬2) الذيل والتكملة 1/الترجمة 231.

إلينا شيءٌ منها، كما أنه يَستعملُه في "الذّيل والتكملة" أحيانًا، كقولِه: "وقد تعاطَى جماعةٌ من الشّعراء تذييلَ بيتَي الحريريِّ بما كان سكوتُهم عنه أصوَنَ لافتضاحِهم وأستر، وإخلادُهم إلى حضيض العَجْز عن مُساماتِه في أوْج إجادتِه أولى بهم وأجدَر، فمن مُطيل غير مُطِيب، ومجُيل فكْرَه في استدعاءِ ما ليس له بمُجيب، ومن مقصِّر لو أبصَر لأقصَر، ولو أنصف، لَما تكلَّف، وقد أثبَتُّ هنا من ذلك بعضَ ما وقَع إليّ منه، وإن كان من حقِّه الإضرابُ عنه، واستودعتُه هذا الموضعَ تَقِيّةً عليه من الضيَّاع، ورجاء في إفادة مستشرفٍ للاستفادة به والانتفاع". ويقولُ بعدَ إيراد تذييل لأبي زيد التّميليّ: "وحسْبُك بما في هذا التذييل، من الدَّعوى غير المستندةِ إلى دليل، والاغترار المؤدّي إلى الفضيحة، والتشبُّع بما يَحمِلُ على إجهادِ الخاطر وكدِّ القريحة". ثم يقولُ إثرَ تذييلٍ لأبي إسحاقَ الكانميّ: "ولا يَعزُبُ التعزيزُ بمثلِ البيتِ الأول من هذَيْن البيتَيْن على أدنى مقيمي وَزْن الشّعر ومُقترضيه، إذا غَفَلَ عن انتقادِ منتقديه واعتراض مُعترضيه، فإنّ صدرَ طرفَيْه من عجزُهما منقول، فالتعزيزُ بمثله مرذول، وعقدُ الثقة بما أشبَهَه محلول". ويقولُ بعَد ذلك: "فقد وَضُحَ بهذا كلِّه أنّ الحريريَّ هو الذي دانَ الاختراعُ للبدائع والإنشاء، وأنّ براعةَ مَعْلَمِه مُعلمة أنّ الفضلَ بيد الله يؤتيه من يشاء؛ ولله هو! فقد نصَحَت إشارتُه وزَجَرت مُناهضيه، ونَصَعت عبارتُه فنَهَرت إذْ بَهَرت مُعارضيه، حين ترنَّم ونسيمُ أسحار سِحر بيانِه يُطربه، واستيلاؤه على سُرُر السّرور بإجادتِه يؤمِنُه أن يُسامى مَرْقاه أو يُسامَتَ مَرْقَبُه ... فكلٌّ كَلَّف نفسَه شططًا، وقَنَعَ أن يأتيَ من القول سَقَطًا، {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28] " (¬1). ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 122.

وهو يُعبّر أحيانًا عن إعجابِه بالسَّجْع واستحسانِه له؛ أورَدَ قولَ ابن جُبَير صاحبِ الرّحلة في وَصْف مقرئ: "وقراءتُه تُرِقُّ الجماداتِ خشوعًا" فعلَّق بقوله: "قال المصنّف عفا اللهُ عنه: ويَحسُنُ أن يُضافَ إلى هذه الفقرة: وتُرسِلُ شآبيبَ الرّحمة دموعًا" (¬1). وأمّا نَقْدُه الأدبيُّ فقد رأينا نماذجَ منه في تعقيباتِه على بعض شعر ابن المُرحَّل، وهو مبثوثٌ خلالَ كتابِه، ومعظمُه انتقاداتٌ جُزئيّة تنصَبُّ على ألفاظ أو استعمالاتٌ لبعض الشّعراء، كقوله في بيت ابن عَمِيرة: وكيف بشُقْر أو بُزْرقةِ مائهِ ... وفيه لشُقْرٍ أو لزُرقٍ مشارعُ: "هكذا قال، ووقَفتُ عليه بخطّه، ولو قال: أو بزُرقِ مياهِه، وفيها؛ لكان أتمَّ في التجنيس، فتأمَّلْه" (¬2). وقولِه في بيتٍ له آخَرَ هو: بفضلِك قُلنا والمقالُ مزيَّفٌ ... إذا كان لا يؤتَى عليه بشاهدِ: "قال المصنِّف عَفَا اللهُ عنه: صَدرُ هذا البيت الذي هو: بفضلك قُلنا ... من أردإ الصُّدور وأقبحِها نظمًا لتمحُّضِه إذا أُنشِدَ وحدَه للهجاء ولا ينصرفُ إلى ما قُصِد به من المدح إلا بإتباعِه عجُزَه، فتأمَّلْه، واللهُ الموفِّق" (¬3). وأورَدَ قصيدةً للأعمى التُّطِيليّ في مدح الحُرّة حوّاء، وعقَّبَ عليها بقولِه: "هذا من النَّظم البديع، والبَزّ الغالي الرفيع، ثم ختَمَها بقوله: قد عَمَّ بِرُّك أهلَ الأرض قاطبةً ... فكيف أُخرِجُ عنه جارُك الجُنُبُ؟ ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 401، وقد تقدم ذكر نماذج أخرى من سجعه. (¬2) المصدر نفسه 1/الترجمة 231 انظر مثل هذا في 8/الترجمة 177. (¬3) المصدر نفسه 1/الترجمة 231.

فللاشتراك الذي في لفظ الجُنُب يَقبُح استعمالُه ولا سيّما في مخاطبة النساء، وكذلك لفظُ الذّكَر الواقعُ في البيتِ الذي أولُه: أنثى سَمَا باسمِها النادي وكم ذكرٍ ... يُدعى كأنّ اسمَه من لؤمِه لقَبُ فتأمله" (¬1). وهو كما ترى مولَع بانتقاد استعمال الألفاظ المشتركة كما في هذا المثال والمثال السابق من شعر ابن المُرحَّل، ويبدو أنّ له وَقَفاتٍ نقديّةً من هذا القَبيل معَ شعر الفقيه ابن الفَخّار المالَقيّ. قال ابنُ الخَطيب: "شعرُه كثير، غريبُ النَّزعة، دالٌّ على السَّذاجة، وعدم الاسترابة والشعور، والغفلة المُعرِبة عن السلامة من ارتكابِ الحُوشيّ واقتحام الضّرائر، واستعمال الألفاظ المشتركة التي تتشبَّثُ بها أطرافُ المَلاحِن والمَعاريض، ووَلع كثيرٌ من أهل زمانِه بالردّ عليه والتملُّح بما يَصدُر عنه، منهم: القاضي أبو عبد الله ابن عبد الملك" (¬2). وينبغي أن أُشيرَ هنا إلى أنّ بعضَ الاستعمالات كانت مثارَ نَقْد في هذا العصر مثلَ: استعمال "كان ماذا" إذْ جرَت بسببِه مناظرة بين ابن أبي الرّبيع وابن المُرحَّل وألَّف هذا في الموضوع كتابَ "الرَّمي بالحَمى والضَّرْب بالعصا" (¬3). وبالجُملة، فإنّ ابن عبد الملك في نَقْدِه الأدبيّ -حسَبَ النماذج الموجودة منه- يُعالجُ في الغالب شوائبَ نَحْويّةً أو لُغَويةً أو عَروضيّة، كانتقاده على بعضِهم أنه "استَعمل الجِيل بمعنى القَرْن غلطًا، وإنّما هو بمعنى الأُمّة. فالعربُ جِيل والرّومُ جيل وكذلك الفُرس والتُّرك وغيرُهم" (¬4)، وانتقادِ استعمال الدعاوِي جَمْعُ دعوى، قال: وهو غلط جرى عليه كثير من الشّعراء والكُتّاب قديمًا ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 8/الترجمة 289. (¬2) الإحاطة 3/ 95. (¬3) نفح الطيب 4/ 145. (¬4) الذيل والتكملة 1/الترجمة 231.

وحديثًا (¬1)، ومن ذلك أيضًا: انتقادُه تلقِّي لام الإيذان بالقَسَم من لئن بالفاءِ التي تُتلَقَّى بها أدواتُ الشّرط، وهو غَلطٌ جرَّه كما يقول "اعتبارُ الشّرط الذي دخَلت عليه لامُ القَسَم، والعربُ إنّما تُراعي في هذا الباب ما تُصدِّرُ به الكلام"، وقال: "وإنّما حقُّها (أي: لام الإيذان بِالقَسَم) التلقِّي باللام أو ما يُتَلقَّىِ به القَسَم على الجملة، وفي التنزيل: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ} [لقمان: 25]؛ {وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ} [الحشر: 12]؛ في آيِ كثيرة" (¬2). وقد انتقَد على بعضهم استعمالَ "انطفأ" مطاوعَ "أطفأ"، وقال: "لم تَستعمل العرَبُ "انفعل " مطاوعَ "أفعَلَ" إلّا شاذًّا" (¬3). وثمّةَ أمثلةٌ أخرى في "الذّيل والتكملة". وله أحكامٌ نَقْديّة مجمَلة، كقولِه في ابن خَروف الشاعر: "وكان شاعرًا مُجيدًا بارعَ التشبيهات نبيلَ المقاصد ولا سيّما في المقطَّعات، فله في نَظْمِها الشأوُ الذي لا يُدرَك"، وقولِه في بعض تشبيهاته: "وهذا من التشبيهات العُقْم على قلبٍ فيه يمكنُ تسويتُه بوَجْهٍ ما" (¬4). ويبدو من نَقْد ابن عبد الملك أنه كان يَرجِعُ فيه إلى محفوظٍ طيّب من الشّعر العربيّ واطّلاع جيّد على أُمّهاتِ كُتُب الأدب ودواوينِه، ومن مظاهر هذا إلمامُه بالمعاني المتداوَلة بين الشّعراء، كأنْ يقولَ في معنًى من المعاني: "قد تداوَلَه الناسُ كثيرًا قديمًا وحديثًا" (¬5) ثم يوردَ شيئًا مما قيل فيه. ومن هذا قولُه في معنى بيتَي ابن المُرحَّل: رأيتُ مثالا لو رأتْهُ كرؤيتي ... نجومُ الدُّجى واللّيلُ أسودُ مُشمطُّ لسَرَّ الثُّريّا أنها قَدَمٌ ولم ... يَسُرَّ الثُّريّا أنها أبدًا قُرطُ: ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 327. (¬2) المصدر نفسه 4/الترجمة 155، 363. (¬3) المصدر نفسه 6/الترجمة 10. (¬4) المصدر نفسه 5/الترجمة 673. (¬5) المصدر نفسه 6/الترجمة 836.

"معنَىَ بديع قلَبَه من معنًى آخرَ ونقَلَ معظمَ ألفاظِه، وذلك في قول أبي العلاء ... : قُرَيْطيّةُ الأخوالِ ألمَعَ قُرطُها ... فسَرَّ الثُّريّا أنها أبدًا قُرطُ" ثم أورَدَ بعدَ هذا أنّ معنى بيتِ المَعَرّي مولَّد من معنًى آخر لابن المعتزّ في قوله: في الشّرق كأسٌ وفي مغارِبها ... قُرطٌ وفي أوسطِ السماءِ قَدَم (¬1) ومن مظاهر ما ذكرناه أيضًا: اهتمامُه بنسبة الشّعر غيرٍ المنسوب إلى أهلِه، أو تحقيقِ نسبتِه إلى أصحابه (¬2). هذه مقتَطفاتٌ من نَقْده الذي يجيءُ خلال التراجم على سبيل الاستطراد؛ ولذلك يَعتذِرُ عن عدم الإطالة والتوسُّع فيه، كقولِه: "وفي ما أوردتُه من هذا كفاية، إذِ الاطالةُ في مثله تُخرج عن مقصود الكتاب، وله موضعٌ آخر، وإنّما أوردُ من هذا ما أُورد لِما جُبِلت عليه النفوسُ الزّكيّة من المَيْل إلى هذه الطريقة الأدبيّة، إلى ما فيه من إجمامِها خوفَ الإملال، وإصلاحها في تصريفها بالنقل من حالٍ إلى حال" (¬3). هوايتُه: كان ابنُ عبد الملك قارئًا كبيرًا، ولعلّه كان فريدَ عصره بالمغرب في سَعة الاطّلاع وكثرة القراءة، ويدُلُّنا كتابُه "الذّيل والتكملة" على شَغَفِه الغريب بالوقوف على المؤلّفاتِ في مختلف العلوم، ولا نعرفُ في أعلامِنا القدماءِ مَن يضاهيه في معرفة الكُتُب وما يتّصل بها. ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 419. (¬2) المصدر نفسه 1/الترجمة 145، 225 و 8/الترجمة 125. (¬3) المصدر نفسه 6/الترجمة 836.

ويمكنُ القول بأنه قرأ جُلَّ الكُتُب التي سرَدَها في كتابه، وهي تُعَدُّ بالمئات أو الألوف، ونعتمدُ في هذا إمّا على تصريحِه بالوقوف عليها، أو على وَصْفها بما يدُلُّ على مطالعته لها، ومما يُلفت النظر أنه يَذكُر في الغالب وقوفَه على هذه الكُتُب بخطوطِ مؤلّفيها. كما أنّ معظمَ الأشعار والرسائل التي يَشتملُ عليها "الذّيل والتكملة" منقولةٌ من خطوط أصحابها. وهذا شيءٌ لم يكن يتيسّرُ في ذلك الزّمان إلا لمن كان له شغَفٌ كبير بالكُتُب، وكان مُعانًا على ذلك بالجِدَة والجاه، وفي عصر الوِراقة والنَّسخ اليدويّ كان ابنُ عبد الملك يقفُ على أكثرَ من نسخة من الكتاب الواحد، وقد يكونُ هذا الكتابُ مجرَّدَ ديوان لشاعر غير مشهور، ومثالُ ذلك أنه ذكَرَ خلافًا في نسبة بيتَيْن من الشعر بين الرُّشاطيّ وابن خاقان، وقال: "يترجَّح عندي ما ذهب إليه الفتحُ من وجهين: أحدُهما: أنّ الفتحَ (يعني: ابنَ خاقان) أشدُّ عناية بهذا الشأن من أبي محمد (يعني: الرُّشَاطي)، والثاني: أنّ هذَيْن البيتَيْن ثابِتان في غير نُسخة من شعر اليَعمُري (يعني أبا جعفرٍ أحمدَ ابن البُنّي) حسبَما وقفْتُ عليه" (¬1). وفي ترجمة أبي موسى الجَزُوليّ يشيرُ إلى وقوفِه على نُسَخ متعدِّدة من كُرّاسته المشهورة في النّحو، قال: "وقد وقَفتُ على خطِّه في نُسَخ منها محمّلًا إياها بعضَ آخِذيها عنه" (¬2). وأما كتب الدراسة فقد كان يقفُ منها على نُسَخ كثيرة بخطّ ناسخ واحد أحيانًا، قال في ترجمة أبي الحَسَن بن أُميّة: "وكتَبَ بخطّه الأنيق كثيرًا من كتب المبتدئين كالجُمَل وأشعار السّتة والحماسة المازِنية (يعني حماسةَ أبي تمّام) وفصيح ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 6/الترجمة 836. (¬2) المصدر نفسه 8/الترجمة 34 (ترجمة الجزولي).

ثعلب ونحوِها، وقَفْتُ على نُسَخ كثيرة مما ذكرتُه بخطّه لِما كان يُرغَبُ منه في ذلك ويُنافَسُ له في ثمنه" (¬1). ويقولُ في ترجمة أبي محمد البنشكليّ: "وكان أنيقَ الوِراقة، كتَبَ بخطّه الكثير، وقفتُ على خطِّه بنقله "البيانَ والتحصيل" لابن رُشد من أصله سنة تسعَ عشْرةَ وخمس مئة" (¬2)، وفي ترجمة السياريّ: "وقَفتُ على خطّه بنقلِه كتابَ "البيان والتحصيل" من أصل المؤلّف سنة ثلاثينَ وخمس مئة" (¬3)، وفي ترجمة عَبّاد بن محمد بن أشرف: "وقفتُ على خطّه بنقله "البيان والتحصيل" لنفسِه من أصل المؤلّف" (¬4). وُيفهَمُ من كلامه في موضع آخَر أنه وقَفَ على غير ما نُسخةٍ من ديوان ابن حَمْديس الصِّقِلّي، فقد أورَدَ بيتين يُنسَبان إلى هذا الشاعر وقال معقّبًا: "قال المصنِّف عفا الله عنه: هذان البيتان يُنسَبان إلى أبي محمد عبد الجَبّار بن حَمْديس الصّقِلّيّ المذكور بموضعِه من هذا الكتاب، ولم يقعا إليّ في نُسخة من ديوان شعره، واللهُ أعلم" (¬5). وقد وقَفَ على دواوينَ لشعراءَ أندلسيّين ومغاربة لم يصلْ إلينا شيءٌ منها؛ قال في ترجمة ابن الحَدّاد: "وشعره كثيرٌ جيّد مدوَّن وقفتُ على نُسخة منه في ثلاثة أسفارٍ ضخمة مبوَّبًا على حروف المعجم" (¬6)، وقال في ترجمة ابن حَريق: "وشعرُه كثيرٌ مدوَّن، وقفتُ عليه في مجلدَيْن ضخمَيْن" (¬7)، وفي ترجمة ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 5/الترجمة 457. (¬2) المصدر نفسه 5/الترجمة 146. (¬3) المصدر نفسه 5/الترجمة 355. (¬4) المصدر نفسه 5/الترجمة 208. (¬5) المصدر نفسه 6/الترجمة 597. (¬6) المصدر نفسه 6/الترجمة 10. (¬7) المصدر نفسه 5/الترجمة 553.

سعيد بن حَكم صاحب مَنُرْقة: "رأيتُ من شعره مجلّدًا لطيفًا يكون أشفَّ من ديوان شعر المتنبي أو نحوَه بخطّ ابنه أبي عَمْرو حَكم رحمه الله" (¬1)، وفي ترجمة ابن جُبَيْر صاحب الرّحلة: "ونظمُه فائق، وقفت منه على مجلّد متوسّط يكونُ قَدْرَ ديوان أبي تَمّام حبيب بن أَوْس جمْعَ أبي بكرٍ الصُّوليّ أو نحوَ ذلك، ومنه جزءٌ سماه: نتيجةَ وَجْد الجوانح، في تأبين القرين الصّالح، أودَعَه قطعًا وقصائدَ في مراثي زوجه أُمّ المجد المذكورة بعدَ وفاتها والتوجُّع لها أيامَ حياتها تزيدُ بيوتُه على ثلاث مئة سوى موشَّحات خمس جعَلَها قريبًا من آخِره، ومنه جزءٌ سمّاه: نَظْمَ الجُمان في التشكّي من إخوان الزّمان، يشتملُ على أزيَدَ من مئتي بيت في قطع" (¬2)، وفي ترجمة ابن حَبُوس: "وشعره كثير، وقد جمَعَ له بعضُ أصحابه المختصّين به ما عَلِق بحفظِه منه أو أحضَرَ ذكْرَه أو أسأرَتْه عوادي التنقّل والاضطراب إلى آخر ربيعَيْ ستّين وخمس مئة، فناهَزَ ذلك ستةَ آلافِ بيت، وقد وقَفتُ منه على مجلّد متوسط" (¬3)، وفي ترجمة موسى ابنُ المُناصف: "وقَفْتُ على بعض [شعره في مجلد ضَخْم] يحتوي على أزيَدَ من خمسةَ عشَر ألفَ بيت" (¬4). ومن الكُتب التي ذَكَرَ أنه وقَفَ منها على نُسَخ متعدّدة ومختلفة: برنامَجُ أبي الحسن بن مؤمن نزيل فاس، قال بعد أن سرَدَ شيوخه: "وقد ضمَّنهم برنامجَه الذي سماه: "بُغيةَ الراغب ومُنيةَ الطالب"، وهو برنامَجٌ حَفِيل أودَعَه فوائدَ كثيرة كاد يخرُجُ بها عن حدِّ الفهارس إلى كُتُب الأمالي المفيدة، وقفتُ على نُسخة منه بخطّه في ثمانيةَ عشَرَ جزءًا أكثرُها من نحو أربعينَ ورقة، واقتضَبَه في ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 4/الترجمة 67. (¬2) المصدر نفسه 5/الترجمة 1172. (¬3) المصدر نفسه 8/الترجمة 91. (¬4) المصدر نفسه 8/الترجمة 177.

ثمانيةِ أجزاء من تلك النسبة، وقفتُ عليه أيضًا بخطّه، ورأيتُ هذا البرنامَج في حجم "جامع الترمذي" أو أشَفّ" (¬1). ونرى من هذا الشاهد وغيره من الشواهد السابقة أنه يمثِّلُ أحجامَ الكُتُب ببعض المخطوطات المتداولة بين الناس كـ"جامع الترمذيّ" و"ديوان المتنبّي" و"ديوان أبي تمام" وديوان" سَقْط الزَّند" وغيرها. كما وقَفَ على نُسختين من برنامَج عبد الرّحيم ابن الملجوم، قال: "وقفتُ على نُسختين من فِهرِسة أبي القاسم هذا، إحداهما أتمُّ من الأخرى، وكل واحدة منهما عليها خطّه مجُيزًا" (¬2). وقد أشار في مناسباتٍ أخرى إلى وقوفه على نُسَخ مختلفة من "صِلة" ابن بَشْكُوال و"تكملة" ابن الأبّار، وهذا يُشبه نظام الطبعات المتعدِّدة في عصرنا. وكان وقوفُه على النُّسخ المتعدِّدة وجمْعُه للأمّهات منها بخطوط أصحابها أو بخطوط أهل العناية والإتقان من أجْلِ ما كان يحرِصُ عليه من ضبط ويأخذ به نفسه من تحقيق، ومثالُ ذلك: أنه جرَّد شيوخ ابن الرُّوميّة ورتَّبهم -وهم مِئون- من فهارس المذكور بخطِّه وخطِّ بعض أصحابه، وقال بعد أن فرغ من ذكرهم: "هذا منتهى ما انتقاه أبو العبّاس النَّباتيّ من الشيوخ الذين استجيزوا له حسبما مَرّ تفسيرُه، وعلى ما ذكرهم في فهارِس له منوعة بين بَسْط وتوسط واقتضاب، وقَفْتُ منها كذلك بخطّه وبخطّ بعض أصحابه والآخِذينَ عنه كأبي بكر محمد بن يوسُف ... وأبي القاسم عبد الكريم بن عِمران وأبي محمد طلحة وغيرهم، فعثرتُ فيما طالعتُه منها على أوهام كثيرة بين تصحيف ونقص من الأنساب وزيادةٍ فيها وقَلْبِها ويمرارِها، فلم آلُ جهدًا في إصلاح ما أمكنني من ذلك كله وتصحيحِه وتقييده وإكمالِه معتمدًا على ما وقَع إليّ له أو لغيره من خطوط أولئك الشيوخ ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 5/الترجمة 525. (¬2) المصدر نفسه 1/الترجمة 374.

أنفسِهم وخطِّ المتقن أبي الأصبَغ عبد العزيز بن الحُسَين بن هلالةَ أحد من استجاز بعضَهم له كما سبق ذكْرُه وأبي ... ابن عَدْلان وغيرهما ممن يوثَقُ بضبطه ويُركَنُ إلى تجويده من أهل العناية بهذا الشأن، وعلى تقييد الحافظ أبي بكر ابن نُقطةَ البغداديّ في كتابِه الذي أكمَلَ به "إكمالَ" الأمير أبي نَصْر ابن ماكولا، وتصنيف هذا الكتاب على الأسماء مطلقًا لأبي القاسم بن عمران، وقفتُ عليه أيضًا بخطّه، إلى غير ذلك، واللهُ ينفَعُ بذلك كلِّه ويجعلُه خالصًا لوجهه، فمن وجَد في نُسخة من فهارس أبي العبّاس خلافَ ما أثبتُّه هنا مما قيَّدتُه وأزحتُ إشكاله فالأولى به الرجوعُ إلى ما يُلفيه هنا وتصحيحُه على ما هنالك بناءً على ما قرّرتُه، اللهم إلا أن يستفرغَ وُسعَه في البحث جُهدَه حتى يُطلعَه على مستنَدٍ مثل ما ذكرتُه أو أوثقَ منه فله الأخْذُ به والعملُ عليه إن شاء الله، وقد بقيَتْ عليّ في ذلك مواضعُ لم أقفْ على الجلاء في ضبطِها فتركتُها مهملةً حتى ييسِّر اللهُ سبحانه لي ولغيري السبيلَ إلى تحقيق تقييدها، وما ذلك على الله بعزيز، فلطفُه معهود، وفضلُه متعوَّد، أوزَعَنا الله شكرَ نعمِه التي لا تحصى". ومن أمثلة وقوفه على نُسَخ متعادة للنصّ الواحد بقَصْد تحقيقِه وتوثيقه: ما ذكره في ترجمة ابن الحَصّار، فقد ساق قصيدتَه الرائية في المكِّيِّ والمدَنيّ من سُوَر القرآن روايةً عن شيخِه الماقريّ ثم قال: "قال المصنِّف عفا اللهُ عنه: هكذا أخَذْنا هذه القصيدةَ عن شيخِنا أبي علي في اثنين وعشرينَ بيتًا كما ذكر، وكذلك وقَفتُ عليها في غير موضع بخطّ غير واحد من الجِلّة، وقد وقَفتُ عليها بخطّ آخَرينَ منهم بزيادة بيت قبل البيتِ الأخير منها ... وكذلك وقفتُ عليها في كتاب "النّسخ" له فاعلَمْه، واللهُ أعلم". ومن أمثلة ذلك أيضًا: أُرجوزةُ القاضي ابن حَجّاج المسمّاةُ "نَظْمَ الدُّرَر، ونَثْرَ الزَّهَر" التي نظم فيها سيرةَ ابن إسحاق، قال: "وقفتُ على نُسَخ منها بخطِّه وبخط ابنِه أبي بكر وبخطّ غيرِهما".

ونجدُه يقفُ على نُسَخ خزائنيّةٍ مُلوكيّة من مثل ما جاء في ترجمة ابن خَروف النَّحوي، قال: "ورَفَع إلى الناصر من بني عبد المؤمن نُسخةً من "شَرْح كتاب سيبوَيْه" بخطّه في أربع مجلّدات، فأثابه عليها بأربعةِ آلاف درهم من دراهمهم، وقد رأيتُ هذه النُّسخة، وأخرى بخطِّه أيضًا، وذَكَرَ لي بعضُ الرّحّالين أنه رأى بمدرسة الفاضل البَيْسانيّ من القاهرة نُسخةً بخطّ المصنَّف في مجلّد واحد" (¬1). ولم يَذكُر أين وقَفَ على النُّسخة الناصِريّة المذكورة، ويُمكنُ أن يكونَ وقوفُه عليها في خزانة الموحّدينَ العظمى بمَرّاكُش، أو لعلّه عثَرَ عليها بعدَ أن انقَرَضت دولتُهم وتوزَّعت الأيدي ذخائرَ تلك الخِزانة الكبرى التي كان لها شأنٌ وأيُّ شأن، وإذا كان ابنُ عبد الملك يقفُ على هذا العدد من الشَّرح المذكور فما بالُك بعدد النُّسخ التي وقَفَ عليها من "الكتاب" نفسِه وهو يخبرُنا خلالَ التراجم بوقوفه على شروح أندَلُسيّة ومَغْربيّةٍ أخرى للكتاب؟ ومن أطرف المخطوطات التي وقَفَ عليها وأنفَسِها: تلك التي كان جَلَبَها من المشرق الأميرُ المُرابِطيُّ مَيْمونُ بن ياسين، ومنها نُسخةٌ من "صحيح مسلم"، وهي نُسخة سَفَريّة "عِدّة ورقها مئةُ ورقة وثلاثٌ وسبعونَ ورقة، في كلِّ صَفْح منها خمسون سطرًا بخطِّ المتقِن البارع أبي عبد الله مالك بن يحيى بن أحمدَ بن وُهَيْب وباقتراح أبي عُمرَ المذكور نَسَخها كذلك عليه وقَصد بها تخفيفَ محمَلِها للرحلة والإغراب، وإنّها لمن أغربِ ما رأيتُ من نُسَخ صحيح مسلم وأشرفِها" (¬2). تأمَّلْ هذه العبارة الأخيرة، فإنها تشعرُ بوقوفه على عدد من نُسَخ "صحيح مسلم"، وكان كما نعلم يحظَى بمكانةٍ خاصّة وأولويّة معروفة عند الأندلسيِّين والمغاربة قديمًا. وقد أشار ابنُ عبد الملك إلى هذا في بعض تراجمه، ويتابعُ ابنُ ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 5/الترجمة 635. (¬2) المصدر نفسه 8/الترجمة 188.

عبد الملك حديثَه فيقول: "وابتاع أبو عُمر أيضًا هناك نُسخة أخرى مَشْرقيّةَ الخطّ من "صحيح مسلم" مجزّأة تسعةً وعشرين جزءًا تجمعها ستةُ مجلّدات، سمع فيها أيضًا على الطّبري، وقَفْتُ عليها" (¬1)، ثم ذكَرَ أنّ هذا الأميرَ ابتاع من أبي مكتوم عيشى بن أبي ذَرّ الهَرَويّ "أصلَ أبيه بخطّه من "صحيح البخاريّ" الذي سمع فيه على شيوخه بمال جسيم، وسمعه عليه في عدّة أشهر، وقد وقفتُ على أسفارٍ ثلاثة منه، وهو تجزئةُ سبعة أسفار" (¬2). ويمكنُ موازنةُ "المخطوطات السَّفَريّة" التي تحدّث عنها في النصّ السابق بطبعات "كُتُب الجَيْب" المعروفة في عصرنا. ويبدو أنه وقَف على بعض المخطوطات التي كانت في الأصل من مكتبة الحَكَم المستنصِر، ومنها: "جوامعُ كتاب البارع" لمحمد بن الحُسَين الفِهرِيّ وَرّاق أبي عليّ القالي، قال في ترجمة المؤلّف المذكور: "وقفتُ على ذلك في الكتاب المذكور بخطّ كاتبِه للحَكَم محمد بن عليّ الأشعريّ المصريّ الوَرّاق" (¬3). وكانت لديه أصُولٌ وتقاييدُ بخطوط كبار العلماء مثل أبي عليّ الغَسّاني قال: "وقد قرأتُ بخطّ أبي عليّ الغَسّاني على ظهر كتابي من "الإصلاح" بخط الغسّاني أيضًا ما نصُّه ... " (¬4) والمقصود بالإصلاح "إصلاح المنطق" ليعقوبَ بن السّكّيت، وقال في موضع آخَر: "وقفتُ على بطاقة بخطّ أبي عليّ الغَسّاني أدرجها في ذكر "المِعَا" أثناء ما جاء من المقصور على "فِعَل" من كتاب أبي عليّ البغداديّ في "المقصور والممدود" بخطّ أبي شجاع، ونصُّها" (¬5)، ومن المعروف أن الغَسّانيَّ، كما ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 8/الترجمة 188. (¬2) المصدر نفسه. (¬3) المصدر نفسه 6/الترجمة 472. (¬4) المصدر نفسه. (¬5) المصدر نفسه 5/الترجمة 814.

يقول ابن بَشْكُوال: "صحَّح من الكُتُب ما لم يصحِّحْه غيرُه من الحُفّاظ، وكُتُبه حُجّة بالغة" (¬1). وكان فَرَحُ ابن عبد الملك بامتلاك أصُول المخطوطات كبيرًا، وابتهاجُه باقتنائها عظيمًا، وها هو يحدّثنا عن أصل أبي مروانَ الباجيّ من تأليف ابن الصّلاح في علوم الحديث المشهور فيقول: "وهذا الأصل الذي سَمع فيه قد صار إليّ والحمد لله، وفي خطّ ابن الصّلاح بتصحيح التسميع، وقد تضمّن إذْنَه في روايته عنه لكلِّ من حصَّل منه نُسخة، فانتسَخَ منه جماعة من جِلّة أهل العلم ونُبلائهم منهم: أبو الحَسَن الشارّي وأبو عَمْرو عثمانُ ابن الحاجّ وأبو القاسم أحمدُ بن نبيل وغيرهم، ونسخت منه نسخة لبعض الأصحاب لأمرٍ اقتضى ذلك لم يسَعْ خلافُه" (¬2). ويبدو أنّ بعضَ الأصحاب المشارَ إليه هنا هو ابنُ رُشَيْد السَّبْتيّ. وكان بعضُ أصحابِه يعرِفونَ هَواه الكبير وحِرصَه الشّديد على هذه الأصول، فكانوا يُتحِفونَه بها، ومن هؤلاء قريبُ شيخِه الماقريِّ الذي أهداه كتابَ "تقييد ما يقعُ في التحريف" لأبي الوليد ابن الدَّبّاغ، وهو كما يقول: "أصلٌ صحيح أراه كُتِب في حياة المصنِّف وأقدمُ الآثار فيه كونُه لأبي عُمر بن عَيّاد ثم لأبي الخَطّاب بن واجب ثم لابن عمه أبي الحَسَن ثم وَهَبَه لأبي عبد الله المومنانيِّ ثم أتحفَني به الصاحبُ الأودّ في الله الأفضلُ أبو عبد الله بن عيسى الماقريُّ مُستوطنُ ثغر اَسَفي حماه الله، وكافأ فضلَه وشكَرَ إفادتَه، وقد نقَلَ من هذا الأصل أبو عبد الله ابنُ الأبّار وغيرُه، وقرأوه على أبي الخَطّابِ ابن واجب" (¬3). وكان يتحسَّر ويسترجعُ حينَ يضيعُ منه كتابٌ أو تُفلتُ منه فُرصةُ الانتفاع به؛ قال في ترجمة أبي القاسم ابن فَرْقَد: "وقد ضمَّن أبو القاسم هذا ذكْرَ مشيختِه ¬

_ (¬1) الصلة (329). (¬2) الذيل والتكملة 5/الترجمة 814. (¬3) المصدر نفسه 5/الترجمة 685.

في برنامَج احتَفلَ فيه وأفاد به وقَفْتُ عليه في خطِّه قديما ولم يتَأتَّ ليَ الانتفاعُ به؛ لذهابِه بإضاعة من لا يَقدُرُ قَدْرَه، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون" (¬1). ولعلّه كان يُضطرُّ في بعض الأحيان لسبب من الأسباب إلى التخلّي عن بعض كُتُبِه، قال في ترجمة أبي العبّاس الشارقيّ: "وله على الموطّإ تصنيفٌ سمّاه "الإيماء" ضاهَى به "أطرافَ الصحيحَيْن" لأبي مسعود إبراهيم بن محمد بن عُبيد الدِّمشقي، وعرَضَه على شيخِه أبي عليّ الصَّدفيّ فاستحسَنَه وأمَرَ ببَسْطه فزاد فيه، وقفتُ عليه، وكان في كُتُبي ثم خرجتُ عنه". وكان يتتبّعُ حركةَ التأليف في عصره ويتسقَّطُ أنباءها، قال في ترجمته الحافلة لابن الرُّومية العَشّاب -وهي التي اعتمد في كتابتها على برنامَج المذكور: "وبلَغَني أنّ تلميذَه الأخصَّ به الناقدَ المحدِّثَ الأنبل أبا محمد بن قاسم الحَرّار تهَمَّمَ بجَمْع أخبارِه وعُني بحشد مآثرِه وآثارِه وضمّنها مجموعًا له نبيلًا لم أقفْ عليه" (¬2). وكتاب "الذّيل والتكملة" يكشِفُ عن نَهَم علميّ كبير ومشاركةٍ واسعة في الاطّلاع لابن عبد الملك؛ قال في ترجمة عُمَر بن عديس: "وله في اللّغات والآداب مصنَّفاتٌ مفيدة بانَ فيها إدراكُه وحضورُ ذكْرِه واستقلالُه بما تعاطاهُ من ذلك، منها: "الباهرُ في المثلَّث مضافًا إليه المثنَّيات" وقَفتُ عليه بخطّه في ثلاث مجلّدات متوسِّطة إلى الكِبَر أقرب، و"شَرْح الفصيح" في مقدار "الباهر"، وقَفتُ عليه أيضًا بخطّه، و"الصّواب في شرح أدبِ الكُتّاب" في ثلاث مجلّدات ضخمة، وقفتُ عليه بخطّه، أجزَلَ بها الإفادة" (¬3). ويقول في ترجمة أبي العبّاس التُّدمِيريّ: "سَكَنَ بِجَايةَ مدّة وألَّف فيها لمحمد بن عليّ بن حَمْدون وزير بني الناصِر الصُّنهاجيِّين كتابًا سمّاه: "نظمَ القُرطَيْن ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 6/الترجمة 1131. (¬2) المصدر نفسه 1/الترجمة 758. (¬3) المصدر نفسه 5/الترجمة 796.

وضمَّ أشعار السَّقطيْن: كامل الثمالي ونوادر القالي" وقفتَ عليه بخطه، وكان جيّدَ الخطّ، ومن تصانيفه: "التوطئة" في النّحو، و"شرحُ الفصيح" وقفتُ عليه، وشرَحَ أبياتَ "الجُمَل" بكتاب جَمّ الإفادة كثير الإمتاع، وسمّاه "شفاءَ الصُّدور" وفَرَغ من تأليفه سنةَ ثمانٍ وثلاثينَ وخمس مئة ثم اختَصَره في كتاب سمّاه "المختزَل"، وله كتابُ "الفرائد" وشَرَح شواهدَ "نُزهة القلوب" في غريب القرآن لأبي بكرٍ محمد بن عُزَيْر -بعين غُفْل مصغَّرًا آخرُه راء على اللفظ الواقع في سورة التوبة- وسماه: "تسديدَ قواصِد الميز في شَرْح شواهد ابن عَزيز" وهذا تفقيرٌ مُنبئٌ على أنّ عزيزًا بزايَيْن، وقد نبَّه على ذلك في صدر هذا الكتاب" (¬1). وقال في ترجمة أبي القاسم ابن الطَّيْلسان: "وصنَّف فيما كان ينتحلُه من العلوم مصنَّفات، منها: "الجواهرُ المُفصَّلات في تصنيف الأحاديث المسلسَلات" وقفتُ عليه بخطّه، ومنها: "التبيين عن مناقبِ مَن عُرف قبرُه بقُرطُبة من الصّحابة والتّابعينَ والعلماءِ والصّالحين"، في مجلّد متوسّط، وقال فيه ابنُ الأبّار: الصّالحين من الأندَلسيِّين، وليس كذلك، ومنها مختصَرُ هذا الكتاب في كُناش لطيف وقفتُ عليه بخطّه، ومنها: "زهَراتُ البساتين، ونفَحاتُ الريّاحين في غرائبِ أخبار المُسنِدين، ومناقبِ آثار المهتدين" ضمَّنه أسماءَ معظم شيوخه، وقفتُ عليه في مجلّد جيّد، ومنها: "اقتطافُ الأنوار واختطافُ الأزهار من بساتينِ العلماءِ الأبرار" وهو اختصارُ "زهَراتِ البساتين" المذكور، ومنها: "بيانُ المِنن على قارئ الكتابِ والسُّنن"، وقفتُ عليه في سِفر متوسِّط بخطِّه، ومنها: "ما ورَدَ من الأمر على شَرَبة الخمر"، إلى غير ذلك مما شهِدَ له بسَعة الرواية وتمكُّن الدّراية (¬2). يتجَلّى من هذه الشواهد التي اقتضَبْتُها من الأسفار الموجودة من "الذّيل والتكملة" مدى شَغَفِ ابن عبد الملك بالكُتُب، وهو شغَفٌ كان يُلازمُه في ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 305. (¬2) المصدر نفسه 5/الترجمة 1090.

مقامه وسَفَره، فحينما زار الجزيرةَ الخَضْراء بالأندلس اهتمّ قبلَ كلِّ شيء بما يوجَدُ فيها من مكتباتٍ خاصّة ومنها مكتبةُ آل عظِيمةَ التي حدّثَنا عنها فقال: "وقد وقفتُ بالجزيرة الخَضْراء عند صاحبِنا الوَرع الفاضل أبي عَمْرو عَيّاش بن الطُّفيل هذا المترجَم به على جملة وافرة من كُتُب سَلَفِه ممّا تملّكوه أو كتَبوه أو ألّفه مؤلِّفوه" (¬1)، وظَلّ على هذا الحال حتى قُبيل وفاته، فقد ذكَرَ كتابًا في التاريخ لأبي عامر السالِميّ وقال: "وقفتُ عليه بخطّه وصار إليّ في سَفْرتي إلى تِلِمْسين بفاسَ في جمادى الأخرى سنة تسع وتسعينَ وست مئة". وهو يقفُ على مخطوطاتٍ أصليّة قديمة بخطوطِ مؤلِّفيها؛ يقول في ترجمة عيسى ابن أبي عبدةَ القُرطُبي: "وكان أديبًا تأريخيُّا حافظًا متمكِّن الإشراف على أخبار الناس قديمًا وحديثًا، وهو الذي صنَّفَ لأبي الحَزْم جَهْور بن محمد بن جَهْور الكتابَ الفريد في المكارم والجُود، وقفتُ على نسخةٍ منه بخطّه النّبيل، وفرَغَ من نَسْخها يوم المِهرَجان الكائن في ربيع الأول سنة ثمان وسبعينَ وثلاث مئة" (¬2)، ومعنى هذا أنه وقَفَ على نُسخةٍ أمٍّ لها أربعةُ قرون. وقد يكونُ وقوفُه على مخطوط أو مخطوطات بقلم شخص في عَقْد ترجمة له لا نجدُها عندَ غيره، ومن ذلك: ترجمةُ أميرٍ أُمَويّ اسمُه محمد بن إبراهيمَ بن عبد الرّحمن بن إبراهيم بن هشام ابن الأمير عبد الرّحمن بن الحَكَم الرَّبَضي ابن هشام بن عبد الرّحمن بن معاويةَ بن هشام بن عبد الملك بن مروان، فقد وَصَفَه بجَوْدة الخطّ وقال: "وقد كتَبَ بخطّه الكثير وأتقَنَه وتعيَّش بالوِراقة دهرًا، وكان حيًّا سنة خمس وعشرينَ وأربع مئة، وقفتُ على نُسختَيْن بخطّه من "مصنّف ابن وكيع في سَرقاتِ المتنبّي" وعلى غيرها" (¬3). فالمعلوماتُ القليلة التي أورَدَها ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 4/الترجمة 295. (¬2) المصدر نفسه 5/الترجمة 891. (¬3) المصدر نفسه 6/الترجمة 238.

في ترجمةِ هذا الأمير -الذي عاش في خُمول وعُزلة بعدَ ما جَرى لبني أميّة في الأندلس- مستمدّةٌ فيما يبدو ممّا جاء في آخر المخطوطة المذكورة" وترجمة عليّ بن غالب بن محمد بن حَزمون، فهي كالترجمة السابقة، لا توجَدُ عند غيره، وقد استفادَها من مخطوط بقلم المذكور قال: "وقَفْتُ على نُسخة من "سُبُل الخير" بخطّه كتبَها بمكّة شرَّفها الله وفَرَغ منها يومَ السبت غُرّةَ جُمادى الآخِرة سنةَ ثمانينَ وخمس مئة، وكان نبيلَ الخطّ ضابطًا متقنًا" (¬1). وكذلك ترجمةُ طبيبٍ مَشْرقيّ دخَلَ الأندَلس اسمُه عليّ ابنُ المَقْدِسيّ، فلم يزِدْ فيها على قولِه: "كان من أهل الطبّ والمعرفة بأسبابِه، وله انتَسَخ بالمَرِية إبراهيمُ بن عتيق بن ديسور طبقاتِ الحُكماءِ والفلاسفة والأطباء جمْعَ سليمان بن جُلجُل سنةَ سبع وتسعينَ وأربع مئة" (¬2)، فهذه الترجمةُ، كما هو واضح، مستفادةٌ ممّا جاء في آخر النُّسخة المذكورة، وثمة تراجمُ أخرى من هذا القَبيل في "الذّيل والتكملة" (¬3). ولم يكنْ حرصُه في الوقوف على الوثائق المخطوطة بأقلَّ من حرصِه على الكُتُب المخطوطة، وما أكثرَ الرسائلَ والظهائر التي وقَفَ عليها في نصُوصها الأصليّة وبخطوطِ أصحابِها! ومما يدُلّ على ذلك: ما ذكَرَه في ترجمة أبي بكر ابن العرَبيّ -من قَرابة القاضي أبي بكر ابن العَرَبي- من أنه لقِي بمِصرَ أبا الحُسَين ابنَ الخليليّ "وعندَه عايَنَ التوقيعَ الكريم النبَويّ الذي أقطَعَ به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - تميمًا الدّاريَّ وإخوتَه حَبْرونَ والمرطومَ وبيت عينون وبيتَ إبراهيمَ وما فيهنّ، وكان بخطّ عليّ بن أبي طالب رضيَ الله عنه وشهادتِه وشهادةِ الخلفاءِ الثلاثة قبلَه وهم فيه على ترتيبِهم في الخلافة، أوّلُهم: عَتِيق بن بُو -كذا- قُحافة وآخِرُهم عليُّ بن بُو -كذا- ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 5/الترجمة 541، وانظر كذلك 1/الترجمة 533. (¬2) المصدر نفسه 8/الترجمة 20. (¬3) انظر المصدر نفسه 5/الترجمة 79، 1111.

طالب، وقد وقفتُ على نُسخة هذا التوقيع الكريم بخطّ أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ، وقد حاكَى فيه خطوطَهم ووضْعَ المكتوب وعدّةَ أسطاره وأوائلَها وأواخرَها" (¬1). وهو يصحِّح بعضَ الأسماء ويعاني ضبطَها اعتمادًا على بعض الأصول الجيّدة التي كانت في حَوْزته، كما في ترجمة أبي عثمان الحِجَاريّ، فقد خالَفَ ابنَ الأبّار ومالَ إلى تأييد ابن بَشْكُوال في ضبطِ اسم الرجُل بناءً على ما في نُسخته من برنامَج الصاحبَيْن: ابن بَشْكُوال وابن مَيْمون: "قال المصنف عفا الله عنه: قد وقفتُ عليه في نُسخة جيّدة من برنامَج الصاحبَيْن المشترَك بينَهما كما ذَكَرَ ابنُ بَشْكُوال، وسَعِيدٌ فيه: بياءٍ بيّنة، والعينُ مكسورةٌ مجودةُ الضّبط، وهذه النُسخة صحيحة، كانت لأبي الحَسَن ابن مؤمن، وعانَى خدمتَها وأتقَنَ تصحيحَها، وكتَبَ محاذيًا لهذه الترجمة في الحاشية: سعيد هكذا، جَرْيًا على عمله في جميع المذكورينَ في هذا البرنامَج، وصار بعده لأبي عبد الله الرُّندي المُسَلْهم. وعلى الجُملة، فهي نُسخة صحيحة وقد كتَبَ ناسخُها في آخرها: قُوبلَ جميعُه بالأصل فصَحّ، وما ذكَرَه ابنُ الأبّار من وقوفه عليه في خطّ ابن مَيْمون لم يُبيِّنْ فيه أنه مضبوطٌ بإسكان العين فتقوَى الثقةُ به، وإن كان قد قال: لا إشكالَ فيه، فقد كان في خط ابن مَيْمون رحمه الله إدماجٌ ومَشْقٌ للحُروف، فالرجوعُ إلى ما عندَ ابن بَشْكُوال وما في هذه النُسخة التي ذكرتُ آنفًا أوْلى، واللهُ أعلم" (¬2). وجاء في ترجمة المُنَيذِر الصّحابيِّ في السفر الثامن: "قال المصنف عَفَا الله عنه: كلُّ مَن ذكَرَ هذا الرجُلَ فيما وَقفتُ عليه فإنما سمّاه المُنَيذِر على لفظ تصغير المُنذر، وقال فيه: الإفريقيُّ، أو: سَكن إفريقيّة، ووقَعَ في نُسختي من "الحروف" لأبي عليّ سَعِيد بن عثمان بن سعيد ابن السَّكَن بخطّ القاضي الراوية العَدْل ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 6/الترجمة 787. (¬2) المصدر نفسه 4/الترجمة 35.

الضابط أبي عبد الله محمد بن أحمدَ بن يحيى بن مُفرِّج القُرطُبيّ ما نصه: ذكْرُ المُبتذِر اليمانيّ، على لفظِ اسم الفاعل منَ ابتَذَر ... " (¬1). كما اعتمَد على معرفته بالخطوط للتمييز بين المترجَمينَ الذين تتشابه أسماؤهم وتتماثل شيوخهم وسماعاتهم أحيانًا؛ قال في ترجمة علي بن إدريس الزناتي: "قال المصنِّف عَفَا اللهُ عنه: سيأتي لي ذكْرُ عليّ بن محمد بن عليّ بن إدريسَ بسماعِه من لفظ أبي محمد "تلقين الوليد" من تصنيفه وسَماع المَلّاحي وغيره عليه إيّاه، وأظُنُّه هذا الذي ذكَرَه ابنُ الأبّار لولا وصفُه بجَوْدة الخطّ والذي وعَدْنا بذكرِه ضعيفُ الخطّ، إلا أن يكونَ اختلافُ الخط بين الضَّعف والجَوْدة في حالي البدأة والانتهاء؛ ولولا أنّ المذكورَ عند ابن الأبّار زَناتيّ والذي سأذكُرهُ إن شاء اللهُ عَبْدَري، اللهمّ إلا أن يكونَ عَبْدريًّا بالولاء، ويكونَ المذكورُ عند ابن الأبّار قد نُسِب إلى جَدِّ أبيه، واللهُ أعلم" (¬2). وهو يَروي لنا في بعض التراجم معلوماتٍ طريفةً تصوِّرُ حركةَ النَّسخ وتمثِّلُ ما عُرف به الأندلسيّونَ من دَأْب وصبر ومثابرة على انتساخ الكُتُب الجديدة في المشرق وجَلْبها إلى الأندلس، ومن أقوى الأمثلة دلالةً على ذلك: قصّةُ الرفيقَيْن أحمدَ ابن رأس غَنَمة ومحمد بن أحمدَ الكِنَانيّ وهما إشبيليّانِ رَحَلا إلى المشرق وأدَّيا فريضةَ الحجّ ولقِيَا الشّيوخ "وقَفَلا إلى الأندلس واستَصْحبَا فوائدَ جمّة وغرائبَ كُتُب لا عهدَ لأهل الأندلس بها، انتسخاها هناك، وتوافَقا على أن يَنسَخَ ويُقابل أحدُهما غيرَ ما ينسَخُه رفيقُه أو يُقابلُه، استعجالًا لتحصيل الفائدة، حتى إذا ألقيا عصا التّسيار بمقرِّهما إشبيلِيَة انتسَخ كلُّ واحد منهما من قِبَل صاحبِه ما فاته نَسْخُه بتلك البلاد، فكان ممّا جَلَباه: "الكشّافُ عن حقائق التنزيل" صنْعةَ جار الله العلامة الأوحد أبي القاسم محمود بن عُمر بن محمد ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 8/الترجمة 172. (¬2) المصدر نفسه 5/الترجمة 384.

الخُوارِزميِّ الزمخشَريّ، وكان ممّا توَلَّى نسْخَه أبو العبّاس هذا (يعني أحمدَ المعروفَ بابن رأس غَنَمة) من الأصل المحبّس بمدرسة القاضي الفاضل أبي عليّ عبد الرّحيم بن عليّ بن الحَسَن بن الحَسَن بن أحمد البَيْسانيّ رحمه الله، وهو مسموع على مصنِّفه؛ و"مقاماتُ الزمخشَريّ الخمسون"، و"شرحُ السُّنة" تأليفَ الإمام أبي محمد الحُسَين بن مسعود البَغَوي رحمه الله، و"تاجُ اللُّغة وصحاحِ العربيّة" تصنيفَ أبي نَصْر إسماعيلَ بن حمّاد الفارابيّ نزيل نَيْسابور المعروفِ بالجَوْهريّ رحمه الله، وهو مما قابلَه أبو العبّاس هذا، وكانت النُّسخةُ التي جَلَباها من هذا الكتاب في ثمانية أسفار بخطّ مشرقيّ، و"إكمالُ الأفعال" تأليفَ أبي بكر محمد بن عُمر بن عبد العزيز بن إبراهيم بن عيسى الداخِل إلى الأندلس ابن مُزاحِم مَوْلى عُمرَ بن عبد العزيز المعروف بابن القُوطيّة تكميلَ الشّيخ أبي القاسم عليّ بن جعفرٍ السَّعْديّ ابن القَطّاع الآتي ذكْرُه في الغُرباء من هذا الكتاب إن شاء الله، إلى غير ذلك من التصانيف، وكان أبو العبّاس نبيلَ الخطّ نقيَّ الوِراقة حسَنَ الطريقة، كتَبَ بخطّه الكثيرَ من دواوين العلم عمومًا ومن هذه المسَمّاة خصوصًا باقتراح رؤساءِ عصرِه من الأمراء والقضاة واغتنامهم ما يكونُ بخطّه عندَهم وإجزالهم له المَثُوبة" (¬1). ونفهمُ من العبارات الأخيرة في هذه الفقرة أنّ هُواةَ الكُتُب كانوا يتَهافتونَ على النُّسخ الخطّية الجيِّدة المحرَّرة، ويتنافسونَ في اقتنائها ويُغالونَ في أثمانها، وكان الأمر عندهم في ذلك أشبَه بما هو معروف اليوم في الطّبعات النقدية أو النادرة أو الخاصّة المرقَّمة. وابنُ عبد الملك يُعنى كثيرًا بالإشارة إلى هذا الموضوع خلال بعض التراجم، فمن ذلك: قولُه في ترجمة ابن خَيْر الفاسيّ مؤلّف الفِهرسةِ المعروفة: "وكانت كُتُبه وأصُولُه في غاية الصّحة ونهاية الإتقان؛ لتهمُّمه بمقابلتها وعكوفه ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 12.

على تصحيحها، مؤيَّدًا على ذلك بحُسن الخطّ وإتقانِ التقييد والضّبط اللذين برَّز فيهما على متقدِّمي الأكابر من مشاهير أهلها، دأَبَ على ذلك دهرَه وأنفَذَ فيه عُمرَه وكتَبَ بخطّه الكثير، ومُتِّع بصحّة بصَره، فقد وقفتُ في بعض ما كتَبَ -وهو قد جاوَزَ السّبعين من عُمره بسنتين أو نحوهما- على ما يقضي منه العَجَب دقّةَ خطّ وإدماجَ حروف معَ البيان، فكان في ذلك وحيدًا، وأثمَرَ المغالاةَ فيها بعدَ وفاته حتى تجووزت في أثمانها الغايةُ التي لا عهدَ بها وتمادت رغبةُ الناس في اقتناء ما يوجدُ بخطّه أو بتصحيحه ومنافستُهم فيه إلى الآن" (¬1). ومن ذلك أيضًا: ما يقوله في ترجمة أبي عبد الله الشَّوّاش: "واختَصَّ وقتَه وبعدَه ببراعة الخطّ، فكان أنيقَ الوِراقة رائقَها، وتوارَثَ الناسُ التنافسَ فيما كتَب إلى اليوم، وكم حامَ كثيرٌ من الوَرّاقينَ على سلوكِ طريقتِه فلم يُدركوها" (¬2). ووَصَفَ أبا العبّاس القبسيَّ بأنه كان "أنيقَ الوِراقة بديعَها معروفًا بالإتقانِ والضّبط يُتنافسُ فيما يوجدُ بخطّه من دواوين العلم" (¬3). وممّن ذكَرَهم بحُسن الخطّ وإتقانِ الضّبط وسُرعة الكَتْب: سرحانُ بن محمد الأنصاريّ، قال: "كان حَسَن الخطّ متقِنَ الضّبط، وكتَبَ بخطّه الكثير، وعُني بتفريق الكلم فيما كان يَكتُب"، وأبو الطيّب بن بَرُنْجال الذي "كان من أهل العناية بالتقييد والرواية حَسَنَ الخطّ، كتَبَ علمًا كثيرًا"، وطاهرُ بن عليّ الشُّقْريّ الذي "كتَب بخطّه الكثيرَ في كلِّ فن، وشُهر بسُرعة الكَتْب"، وأبو جعفرٍ ابنُ صاحب الصّلاة، وَصَفَه بجَوْدة الخطّ وجمال الوِراقة، ثم قال: "وكتَبَ بخطّه علمًا كثيرًا، وله اختصارٌ نبيل في الغوامِض المبهَمات، وقفتُ عليه بخطّه الرائق وصار لي". ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 8/الترجمة 93. (¬2) المصدر نفسه 6/الترجمة 1230. (¬3) المصدر نفسه 1/الترجمة 321.

كان ابنُ عبد الملك بصيرًا بالخطوط عارفًا بأنواعها مميّزًا لأصحابها واصفًا لها، وممّا يدُلّنا على ذلك ما ذكَرْناه في ترجمة محمد بن عبد الملك الطائيِّ المُرْسيّ، قال: "اقتَضَبَ ذكْرَه ابنُ الأبّار ووَصَفَه فقال فيه: بارعُ الخطّ أنيقُ الوراقة. ولم يكن عندي كذلك؛ فإنّ خطَّه كان ضعيفًا جدًّا أبترَ الحروف مقطوفَها أقربَ إلى الرداءة منه إلى الجَوْدة، إلّا أنه كان نقيَّ الجُملة حسَبَ الترتيب دالّا على إدمان النَّسخ، وقفتُ على كثيرٍ منه تعليقًا ووِراقة عُني بها، فلم يَعْدُ ما وصفتُه به، واللهُ أعلم" (¬1). وممّا يتصل بمعرفته بالخطّ وأحكامِه ما عقَّب به على هذا البيت من قصيدة لصالح بن شريفٍ الرُّندي: والثُّريا تَمُدُّ كفًّا خضيبًا ... أعجَمت بالسِّماكِ نونَ الهلالِ وها هو تعقيبه: "وقوله: "أعجَمت بالسِّماك نونَ الهلالِ" غلطٌ جرى عليه جُمهورُ الكُتّاب، لأن النونَ المتطرِّفة لا وجهَ لنَقْطها؛ إذ هي متميِّزة بصُورتها، وإنّما تُنقَطُ مبتدَأً بها ومتوسِّطة، وحالُها في ذلك حالُ الفاءِ والقاف والياءِ المسفولة، فإنهنّ إذا ما تطرَّفْن تميَّزْنَ بصُوَرهنّ فاستُغني عن نَقْطهن؛ إذِ الداعي إلى النقط خوفُ الإلباس، فإذْا ارتفع الإلباس كان الإعجامُ عبثًا وكُلفة لا جدوى فيها، والهلالُ إنّما يُشبَّه بالنون المتطرِّفة كما يُشبَّه بالرّاءِ أولَ ليلة، واللهُ أعلم" (¬2). ونجدُ لديه إشاراتٍ مُفيدةً عن أنواع الخطوط وطرائقِها ومَناحيها، فهو يقولُ في ترجمة أبي عبد الله ابن المُناصِف: إنه كان "بارعَ الخطّ في كلٍّ طريقة، ذكَرَ لي شيخُنا أبو محمد ابنُ القَطّان أنه كان يَكتُب ثلاثَ عشْرةَ طريقةً هو فيها كلِّها مُجيد. قال المصنِّف عفا الله عنه: قد رأيتُ منها أربعَ طرائق، وهي كما وصَف ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 6/الترجمة 1069. (¬2) المصدر نفسه 4/الترجمة 263.

شيخُنا أبو محمد، وكتَبَ الكثير" (¬1). ثم ذكَرَ أنه وقف على كتابه "الإنجاد في الجهاد"، و"الدُّرة السَّنية" بخطّه المشرِقيّ، كما وقَفَ على "المذهّبة" و "المُعقِّبة" له بخطّه المغربيّ، وطرَّز حواشيَهما بخطه المشرِقيّ. ويقولُ في ترجمة أخيه أبي عِمران ابن المُناصِف: "وكان من أبرع الناس خطًّا في الطريقة المغربيّة ... " (¬2)، ويصف أبا موسى الجَزُوليَّ النَّحوي بأنه "حسَنُ الخطّ المشرقيّ" (¬3). وذكر في ترجمة أبي الحَسَن القَلَنّي أنه كان "حسَنَ الخطّ في الطريقتَيْن: الشّرقية والغربية". ونعرفُ منه أن الخطَّ الأندَلُسي لم يكنْ موحَّدًا، وإنّما كانت فيه طرائق؛ قال في ترجمة محمد بن إبراهيم الوَشْقيّ: "وكتَبَ بخطّه الكثير، وكان نبيلَ الخطّ في طريقة أهل شرْق الأندلس" (¬4)، وفي ترجمة الطبيب ابن غَلَنْدو أنه كان "يكتُب خطَّين أندَلُسيَّيْن" (¬5). كما أنه يحدِّثنا عمّا يمكنُ أن نُطلق عليه مدارسَ في الخطّ الأندلسي، كمدرسة ابن أبي الخِصَال ومدرسة ابن خَيْر، يذكُر في ترجمة أحمد بن هُذَيْل أنه كان "حسَنَ الخطّ نَحا فيه مَنْحى شيخِه أبي عبد الله ابن أبي الخِصَال فقاربه" (¬6). ويقولُ في ترجمة ابن المَواعيني: "وكان حَسَنَ الخَطّ رائقَه سَلَكَ به في ابتدائه طريقةَ المتقن أبي بكر ابن خَيْر، ثم نزَعَ عنها إلى آنقَ منها وأبرع" (¬7)، وقد أورَدْنا فيما سبَق وَصْفَ المؤلّف لمسلك ابن خَيْر أو مدرسته في الخطّ، أمّا ابنُ ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 8/الترجمة 135. (¬2) المصدر نفسه 8/الترجمة 177. (¬3) المصدر نفسه 8/الترجمة 43. (¬4) المصدر نفسه 6/الترجمة 240. (¬5) طبقات ابن أبي أصيبعة 3/ 129. (¬6) الذيل والتكملة 1/الترجمة 775. (¬7) المصدر نفسه 6/الترجمة 221.

أبي الخِصَال فلعلّ المؤلّفَ تحدّث عن مَنْحاه أو مدرسته في الخطّ في السِّفر الثاني، وهو مفقود، وقد أشار إلى خطّاطٍ آخَر كان مثلًا يُحتذى وهو: أبو يحيى ابنُ هشام القُرطُبيّ، قال في ترجمة ولده محمد: "وكان ... جيّد الخطّ حاذيًا فيه حَذْوَ أبيه" (¬1)، ولعلّه تحدّث عن طريقتِه في السِّفر الثاني المفقود. وممّا يتّصلُ بالموضوع إشاراتُه الطريفة إلى هِمَم بعض الأعلام وطاقاتهم في النَّسخ والوِراقة، فمنهم من كان يواظبُ على النَّسخ ولا يترُكُه إلا لضرورة مثل أبي القاسم ابن فَرْقَد الذي كان "رائقَ الوِراقة، كثيرَ الدُّؤوب على النّسخ ليلًا ونهارًا، حتى إنه كان إذ دُعي إلى موضع لعقد وثيقة أو شهادة فيها استَصحَب ما يَنْسَخ، فإن أمكنَتْ مُهلةٌ رَيْثما يتِمُّ أمرُ ما توجَّه إليه شَرَع في نَسْخه؛ فلذلك خَلّف بخطِّه من دواوين العلم كبارًا وصغارًا ما لا يُحصى، وقد وقفتُ على كثير منها" (¬2). ومنهم من كان يوظِّفُ على نفسِه قدرًا معيّنًا كلَّ يوم مثل: الكاتب أبي بكر ابن البنّاء الذي يقول عنه المؤلّف: "وكان حَسنَ الخطّ أنيقَ الطريقة في الوِراقة متقن التقييد، رتَّب على نفسه وظيفةً من النَّسخ في كلّ يوم لم يكنْ يترُكُها على حال إلّا أن يعُوقَه عن الوفاء بها عائقُ مَرَض أو سَفَر سوى ما يُعلِّقُه من الفوائد ويقيِّدُه من الغرائبِ المنتقاة سائرَ أيامه، فقد كان كثيرَ الولوع بذلك شديدَ الرغبة في الاستكثار منه حتى إنه ليقالُ: إنه أخرَج معه بخروجه من إشبيلِيَة نحو خمس مئة مجلّد بخطّه، وقد وقفتُ على ستينَ منها أو أزيَدَ". وقد عَرَفَ ابنُ عبد الملك أديبًا نَسّاخًا من هذا الطّراز هو: يوسُفُ ابن الجَنّان السَّلَوي ووصَفَه فقال: "كان أكثرَ الناس كَتْبًا وأدومَه، أخبَرني أنه نَسَخَ "التقريبَ" لابن حَرْب في القراءات في يوم واحد، وأنه دأبَ صدْرَ عمُره على ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 6/ الترجمة 293. (¬2) المصدر نفسه 6/الترجمة 1131.

نسخ عشرينَ ورقةً من الورق الكبير وسُطورُ كلِّ صفح منها سبعةٌ وعشرون سطرًا في كلّ يوم ... ورأيتُ له من ذلك ما يُقضى منه العجب، وكان أبدًا يَكتُب عن الولاة ويقعُد في دُكّانه لعَقْد الشّروط وَيكتُب أزِمّةَ المَجابي السُّلطانية، وهو معَ هذا كلِّه لا يفتُر عن النَّسخ فقلَّ كتابٌ مستعمَلٌ مشهور إلا نَسَخَه، ولقد رأيتُ له ممّا نسَخ معَ اشتغاله بما ذكرتُه أزَيدَ من مئة مجلّد في مدة ليست بالمديدة" (¬1). ومنهم من تخصص في نَسْخ المصاحف، كعائلة ابن غَطّوس؛ قال في ترجمة أبي عبد الله ابن غَطّوس البَلَنْسيّ: "وكان منقطعًا إلى كتابة المصاحف متقدمًا في براعة خطها إمامًا في جَوْدة ضبطها، على غَفْلة كانت فيه، وممّا شاع أنه نَسَخَ من كتاب الله عزّ وجل ألفَ نسخة، وأنّ ذلك عن قَسَم أنْ لا يخُطَّ حرفًا من غيره تقرُّبًا إلى الله وتنزيهًا لتنزيله أن يخلِطَه بسواه، فسُعِد بالإعانة على بِرِّ هذا القَسَم ودأب على هذا العمل المبرور عمُرَه، وتنافس الناسُ على طبقاتهم، الملوكُ فمَن دونَهم، فيما يوجدُ من خطّه، وخَلَف في ذلك أباه وأخاه، وكانوا كلُّهم آيةً من آيات الله في إتقان هذه الصَّنعة المباركة" (¬2)، وتوجدُ بعضُ هذه المصاحف في بعض المكتبات. ومن الناسخينَ الذين تخصَّصوا في نَسْخ المصحف -فيما ذكَرَ-: سعيدُ بن مغرال الذي "كان يُجيدُ كَتْب المصاحف" (¬3)، وسليمانُ بن إبراهيمَ الذي "كان يَكتُب المصاحفَ ويُجيدُها" (¬4). وتُعتبر المعلوماتُ التي انفرد بها ابنُ عبد الملك في هذا الباب مكمِّلة لِما ورَدَ في مصادرَ أخرى حول حركة النّسخ والوِراقة في الأندلس والمغرب. ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 8/الترجمة 234. (¬2) المصدر نفسه 6/الترجمة 812. (¬3) المصدر نفسه 4/الترجمة 50. (¬4) المصدر نفسه 4/الترجمة 141.

ومنهم من كان مقتصرًا في نَسْخه على المؤلَّفات الصّغيرة الحَجْم، مثل: أبي عَمْرو ابن سالم المالَقيّ، جاء في ترجمته: "كتَبَ الكثيرَ وجمَعَ، وكان مولَعًا بانتساخ الكُتُب الصّغار والكراريس، وقفتُ على كثير منها بخطّه في فنونٍ من العلم" (¬1). ومنهم من كان معنيًّا بنَسْخ كُتُب "التعاليم" كالفلسفة والطبّ والرياضيّات، وقد ذكَرَ من هؤلاء محمدَ بن مرطير الذي كان فيما يقولُ "من أبرع أهل عصره خطًّا وأتقنهم لِما يتولّاه من انتساخ الكُتُب التعاليميّة وإحكام تشكيلها، لا يتقدّمُه في إتقان ذلك أحدٌ، معَ الصّحة الموثوق بها في ذلك الشأن حتى صارت كتبه حُجّةً عند أرباب ذلك الفنّ يرجِعونَ إليها ويعوِّلون عليها" (¬2)، وكذلك ابنُ قوشتره الذي كان "ماهرًا في التعاليم، وكتبه التي يتولّى منها انتساخَها بيده من أجلِّ ما يعتمدُه أهلُ ذلك الفنّ على إفراطِ رداءة خطّه" (¬3). أمّا وَصْفُ الخطوط وأصحابِها فلا تكاد تخلو منه ترجمةٌ من تراجم الكتاب؛ إذ كان الخَطّ حِلية من حُليّ أهل العلم وأداةً من أدواتهم، ولابن عبد الملك -كما لغيره- عباراتٌ وصيَغ في وَصْف خطوط المترجَمين عنده، ومن هذه العبارات والصيغ التي تتكرَّرُ عندَه: "وكان أنيقَ الوِراقة بديعَها- وكان بارعَ الخطّ رائقَ الوِراقة -وكان نبيلَ الخطّ- وكان جيّد الخطّ- وكتَب بخطّه الكثيرَ وأتقَنَه- وكتَب بخطّه على ضعفِه -وكتَب بخطّه كثيرًا وجوَّده على شدّة إدماجِه- رديءُ الخطّ- كتَب بخطّه الرديء"، وقد تطولُ هذه الفِقرة لو استقصيْتُ جميعَ الإشارات الواردة في الأسفار الموجودة من "الذّيل والتكملة"، وهي في عمومها تقدِّم مادّة طيّبة لمن يريدُ أن يتوسّعَ في هذا الموضوع. * * * ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة 4/الترجمة 5. (¬2) المصدر نفسه 6/الترجمة 21. (¬3) المصدر نفسه 4/الترجمة 74.

وبعدُ، فهذه ترجمةٌ موثقة لابن عبد الملك اعتمدتُ في معظمها على كلامه، وجمعتُ موادَّها المتفرِّقةَ خلال التراجم في الأسفار الموجودة من كتابه "الذّيل والتكملة"، وقد رتَّبت هذه الموادَّ التي استخرجتُها من الكتاب وربَطتُ بين أجزائها فأتت الترجمةُ قريبة من التراجم الذاتيّة، ولم أتوسَّعْ في تحليل كلام ابن عبد الملك؛ إذ لو فعلتُ لتضاعَفَ حجمُ الترجمة، ولا شكّ أنها ستزدادُ غِنًى وسَعة وتفصيلًا عندما تظهرُ الأسفارُ المفقودةُ من الكتاب؛ إذ لا بدَّ أنّ المؤلّفَ تحدث فيها عن نفسِه بما يَكشِفُ جوانبَ أخرى من شخصيّتِه وحياتِه.

منهج ابن عبد الملك وموارده في كتابه

منهج ابن عبد الملك وموارده في كتابه (¬1) أجمل المؤلف غايته من كتابه هذا بقوله: "أما بعد فإني قصدتُ في هذا الكتاب إلى تذييل "صلة" الراوية أبي القاسم ابن بَشْكُوال تاريخَ الحافظ أبي الوليد ابن الفرضي -رحمهما الله- في علماء الأندلس والطارئين عليها من غيرهم، بِذِكْر مَن أتى بعده منهم، وتكميلها بمن كانَ حقُّه أن يَذكراه فأغفَلاه". فكتابُه إذن تتمةٌ لمن جاءَ بعد ابنِ بشكُوال من أئمةٍ واستدراكٌ لما فاتَهُ وفاتَ ابنَ الفرضي. وقد كان أمامَه أحدُ طريقَيْن: أنْ يتَّبع ترتيبَ الحروف حسبما يوردها المشارقةُ، كما فعل ابنُ الفرضي وابن بَشْكُوال، أو يتَّبعَ الترتيبَ المغربي كما فعل ابنُ الأبّار وابنُ فَرْتون وابنُ الزُّبير، ذلك أنَّ نسق الحروف عند الفريقين يتَّفق حتى حرفِ الزاي ثم يجيء عند أهل المَغْرب والأندلس على النحو التالي: ط - ظ - ك - ل - م - ن - ص - ض -ع - غ - ف - ق - س - ش - هـ - و - ي، وقد آثر أن يتَّبع الترتيبَ المشرقي؛ لصحَّة اعتباره، إلا أنه بدأ في حرفِ الهمزة بمن اسمُه "أحمد"، وفي حرف الميم بمن اسمه "محمد"؛ تبرُّكًا بموافقة اسمَي النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقدَّم في باب العَيْن مَن اسمه عبدُ الله وعبد الرّحمن ووسَّط بينهما مَن اسمُه عُبيد الله؛ لشَرَفِ الإضافة، وأتى بمن اسمُه عبدُ الرّحيم بعدَ مَن اسمُه عبد الرّحمن؛ لتلازمهما في "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، ثم أمعنَ في تحكيم الترتيب الهجائيِّ في ثَواني الأسماء، فجاء آدم -لأنه يبدأ بهمزتَيْن- ثم أبان وإبراهيم وأبو بكر وأبو العافية (دون اعتبارٍ لأداة التعريف)، وهنا ذَكَرَ الكُنى التي هي أسماء. فلمّا فرغ من الأسماء التي ثانيها باءٌ لم يجدْ أسماءً بعدها إلا التي ثانيها خاء، مثل: أخْطَل وأخْيَل، ثم أتْبَعها بما ثنيهِ دال مثل: إدريس، وزايٌ مثل: أَزْهر، وسين ¬

_ (¬1) كتب هذه القطعة الدكتور إحسان عباس، يرحمه الله، في مقدمة السفر الرابع، وقرأها الدكتور بشار عواد معروف.

مثل: أُسامة وأَسْباط وإسحاق وأسد (مُراعيًا الحرفَ الثالث أيضًا) حتى انتهى من حرفِ الهمزة، فانتقل إلى ما أوَّله باء ثم تاء وهلمَّ جرًّا. فإذا اتفق اثنانِ في اسمَيْهما واسمِ الأب فالكُنية هي التي ترجِّح تقديمَ أحدِهما على الآخر؛ قال: "وقدَّمتُ في كلِّ ترجمة الأطولَ فالأطول نَسَبًا منتهيًا إلى أقصرهم، بل حتى يكونَ آخرَ المذكورين فيها مَن لم يُذكر إلا باسمه، ومتى توافق اسمانِ فصاعدًا في نَسَب أو غيره التمستُ لتقديم أحدِ المذكورَين أو المذكورِين وجهًا يقتضي تقديمَه على غيره إمّا من نَسَبٍ إلى القبيلة أو البلد أو لَقَب يُعرف به أو لغير ذلك، وإن كان بعضُهم منسوبًا إلى القبيلة قدَّمتُه على المنسوب إلى البلد، وقدَّمتُ المنسوبَ إلى البلد على المنسوب إلى حِرْفة ... وأُقدِّم المكنيَّ على غير المَكْني". ويصرِّح ابنُ عبد الملك بأنه إنما اختار هذا المنهجَ في التأليف لِما وجده أمامَه من عيوب في طُرق مؤلِّفِي كُتب الطبقات والتراجم مِن قَبْله؛ فقد دَرَجَ ابنُ الفرضي وابن بَشْكُوال وابن الأبّار وابن الزُّبير قَبْله على تقديم الأسبقِ في الوجود فالأسبقِ مُعتمدِين على سنوات الوفاة، (أمّا أبو العبّاس بن فَرْتُون فلم يَعتمد في كتابه تطبيقًا، وأتى بالأسماء كيفما اتفقَ له)، وهذا أوقعهم في اضطراب كثير؛ لأنَّ سنة الوفاة كثيرًا ما تكونُ مجهولة: "ولذلك نجدُهم يَذكرون الرَّجل بين الرجلَيْن وهو أقدمُ موتًا من المذكور مُجاوِرًا له أو متقدِّمًا عليه برَجُل أو رجلَيْن فصاعدًا، أو تتأخَّر وفاته عنه على تلك النِّسبة"، هذا ابنُ بَشْكُوال وضع ترجمةَ محمدِ بن سَعْدون بن مرجى بين محمد بن الفَرَج بن إبراهيم (ت 494 هـ) ومحمدِ بن فرج مولى ابن الطلّاع (ت 477 هـ)، مع أنّ ابنَ عبد الملك وجد بعدَ البحثِ أنّ محمدَ بن سَعْدُون توفي سنة 524 هـ، وكان ابنُ بَشْكُوال يجهلُ ذلك. ويُخطئ ابنُ الأبّار مِثْلَ هذا الخطإ حين يَعتبر زمنَ رواية الراوي عن شيوخه مع وفاةِ مَن قبله ومن بعده، فيوسِّطه بينهما؛ فمن روى سنة 520 وقع بين مَن توفي سنة 519 ومَن توفي سنة 521، ولعلَّ الراويَ سنة عشرين كان طِفلًا صغيرًا

أو ابنَ خمس عشرة سنةً أو عشرين ثم يُعمَّر بعدُ ما شاء الله. إذن فإنَّ اختيارَ سنة الوفاة للترتيب أمرٌ غير بارئ من الخطإ. وإذا شاء أحدٌ أن يبحثَ عن ترجمةٍ فعليه -على حسب ترتيبهم هذا- أنْ يفتِّش جميعَ التراجم الذين اشترَكوا معه في الاسم ويتتبَّعَها ترجمةً ترجمة وحرفًا حرفًا. ثم إنَّ هؤلاءِ المؤلِّفين قد قدَّموا الأندلسيِّين وجاءوا بعدَهم في كلِّ بابٍ بأسماءِ الغُرباء، وجعلوا الأسماءَ في كلِّ باب على حسب الأكثر فالأكثر، وأفردوا للمفاريدِ من كلِّ حرف أبجدي بابًا على حِدَة. ولكنهم في تمييزهم للغُرباء خَرَجوا من عُرْف المُحدِّثين، فالذي يَنتقلُ من بلدٍ إلى آخَر يُنسَب إلى البلد الذي صار مُستقَرًّا له، كما إنَّ بعض الحروف لا يَرِدُ فيها غرباء؛ ولذا وَجَدَ من الأسلم أن يؤخِّر الغرباءَ إلى آخر الكتاب وُيفرِدَهم بالذكر بعد الانتهاء من ذِكْر الأندلسيِّين؛ ليكونَ ذلك أوضحَ لتمييزهم حتى لو شاء أحدٌ أن يَدرُسَ طبيعةَ المهاجرين إلى الأندلس وجدهم مجموعِين في نِطاقٍ على حِدَة. وإذا كان منهجُ أولئك المؤلِّفين بعامّة تَعْتوره أخطاءٌ فإنَّ ابن الأبّار بخاصّة أشدُّهم تورُّطًا في الخطإ: (1) لأنه عدَّ في الأندلسيِّين جماعةً من الناقلة إليها؛ إفراطًا في تعصُّبه للأندلس، ومن ذلك: قولُه في ترجمة أبي عبد الله بن عيسى ابن المُناصِف بعد أن ذَكَره في الأندلسيِّين: "مولدُه بتونسَ، وقيل: بالمهديَّة، وهو أصحُّ، وذِكْره في الغُرباء لا يَصلح؛ ضنانةً بعِلْمه على العُدْوة، وهذا شيء لا يليقُ بأهل الإنصاف وهو يشهدُ على صاحبه بالحَسَدِ المذموم واحتقارِ طائفة كبيرة من جلّةِ أهل العُدْوة". (2) لأنه أَدرجَ في كتابه أُناسًا عُرفوا بالصَّلاح والخير والاجتهاد في العبادة، ولكنهم لم يُعرَفوا بفنٍّ من فنون العِلم (وهو شَرْطُ الكتاب)، ومثلُ هؤلاء يُفرَد لهم كتابٌ خاص ولا تُدرَج أسماؤهم مع أسماء العلماء.

موارده وطبيعتها العامة

(3) لأنه ذَكَرَ في كتابه نساءً تُنزَّه الصُّحف عن تسويدها بذكرهنَّ مع أهل العِلْم الذين هم خواصُّ عباد الله: "نستعيذُ بالله من إعمال القَلَم في ذِكْر واحدة منهنَّ، ونرى الإعراضَ عنه دِيْنًا. وإذا ذَكَر هؤلاءِ النساءَ فما بالُه أغفلَ أضعافَ أعدادِهنَّ من الرجال الذين هم على مثال حالهن؟! إنها لعَثرة لا تُقال، وزلَّة لا تُغتفر، وسيِّئة لا تكفيرَ لها، وكبيرةٌ يجبُ المَتاب منها والإقلاع -بتوفيق الله- عنها، والله حسبُنا ونِعْم الوكيل". (4) لأنه يكرِّر التراجمَ ويَقْلب النسب، فقد ترجم -مثلًا- لمحمدِ بن أحمدَ بن محمد بن سعيد ابن مطرِّف التُّجِيبيِّ من أهل قَلْعة أيُّوبَ ويُعرف بالبيرانيِّ، وأنّ ابنه عُمرَ حدَّث عنه، ثم أورد بعد (169) ترجمة: محمد بن أحمد بن مطرِّف بن سعيد التُّجيبي، وهذا هو نفسه الذي ترجَمَ له مِن قبلُ. موارده وطبيعتها العامة: قسَّم ابن عبد الملك مصادرَه في ثلاثة أنواع: (1) برامجُ روايات الشيوخ الجلَّة أئمة هذا الشأن، ومعظمها بخطوط جامِعِيْها، وسائرها بخطوط المُعتمَد عليهم من رجالِ هذا الفنِّ ومُقابلتِهم وتصحيحهم، وهي من الكثرة بحيثُ يعزُّ إحصاؤها. (2) مقيَّدات ذوي العِناية بهذه الطريقة من مواليدَ ووَفَيات ورَفْع أنساب وتبيين أحوال الرُّواة. (3) ما تلقَّاه عن مَشايخه الذين أخذ عنهم شفاهًا، وما التقَطَه من طبقاتِ القراءات والأسمِعة على الشيوخ أو منهم، وما أخذه بأيِّ ضَرْب من ضُروب التحمُّل سَماعًا أو قراءة أو مُناوَلةً أو إجازة. ولو اتّخذنا هذا السفر الرابع نموذجًا لمصادر ابن عبد الملك لوَجَدْنا أنه -وهو الذي يتعقَّب بالتكملةِ والنَّقد كُتبَ التراجم لمن جاءوا قَبْله أو عاصَروه- قد وضع أمامَه: طبقات النَّحْويِّين للزبيدي وجَذْوة المُقتبس للحميديِّ وتاريخَ

علماء الأندلس لابن الفرضي وصلةَ ابن بَشْكُوال وصلة الصلة لابن الزُّبير والتكملة لابن الأبّار وطبقات الأمم لصاعد الأندلسي، وهذا أمرٌ طبيعي لدى مؤلِّف يريدُ أن يَستدرِكَ ما فات هؤلاءِ المؤلِّفين، ويتعقُّبَ ما أوردوه بالزيادة أو النَّقدِ أو التصحيح. وزيادةً في الاطمئنان نجدُه حين يطَّلع على هذه المصادرِ يَحرصُ على أنْ يكونَ لديه من الكتاب الواحد غيرُ ما نسخة واحدة، بخطوطٍ مختلفة، فهو يقولُ -مثلًا- حين يتحدَّث عن سليمانَ بنِ عبد الملك بن رَوْبيل: "وقع ذكرُه في بعض نُسَخ الصلة مُقتضَبًا" (¬1)، ويقولُ في موضع آخرَ في ترجمةِ ابن الزهري: "وقد وقفتُ على نُسخة بخطِّه من الصلة تأليفَ الراوية أبي القاسم ابن بَشْكُوال، وعلى أول جزء منها بخطِّ أبي القاسم ابن بَشْكُوال ما نصُّه ... " (¬2) إلخ، ولديه كذلك من المصادرِ غير الأندلسية عددٌ وفير مثل: رياض النفوس للمالكي، والمُنتظم لابن الجوزي، والإكمال لابن ماكُولا، والمستدرك عليه لابن نُقْطة، وتاريخ أهل مصر والمغرب لأبي سعيد بن يونس، وغرائب حديث مالك، والرواة عن مالك للدارَقُطْني، وغير ذلك، وهو دائبُ الاطِّلاع لا يكفُّ عن القراءة والتقييد واقتناءِ الكُتب، فقد اطَّلع على كثير من الكتب التي نسَخَها سالمُ بن صالح المشهور بابن سالمٍ بخطِّه (¬3)، ولمّا زار الجزيرةَ الخضراء أُتيح له أن يرى مكتبةَ صاحبه أبي عمرٍ وعياشِ بن الطفيل، قال: "وقد وقفتُ ... على جُمْلة وافرة من كتب سَلَفِه ممّا تملَّكوه أو كتبوه أو ألَّفه مؤلِّفوه" (¬4). وأمَّا مِن حيثُ ما تلقَّاه عن مشايخه: فأكثرُ روايته عن شيخه الأكبر أبي الحسن الرُّعيني، ثم عن سائر شيوخه، مثل: أبي جعفر الطَّنجالي وأبي الحجَّاج بن حكم وأبي علي بن الناظر وأبي الوليد بن عُفير، وعن صاحبه الرحَّالة ابنِ رُشيد. ¬

_ (¬1) الترجمة (182) من السفر الرابع. (¬2) الترجمة (337) من السفر الرابع. (¬3) الترجمة (5) من السفر الرابع. (¬4) الترجمة (295) من السفر الرابع.

غير أنّ أهمَّ مصادره هي برامجُ العلماء وفهارسُ الشيوخ، وقد توفَّرتْ له في هذا الصدد موادُّ غزيرة جدًا، مكَّنته في بعض التراجم من هذا السَّرْدِ الطويل الذي يَنتحيه إذا هو تعرَّض لأسماءِ الشيوخ والتلامذة. ومن المُقارنةِ بين ما جاء في هذا الجُزءِ وما وَرَدَ في برنامج الرُّعيني -مثلًا- نستطيع أن نحكُمَ بأنَّ كتاب "الذيل والتكملة" قد استوعبَ ما جاء لدى الرُّعينيِّ كما استوعب معلوماتٍ مستفيضةً مستمدَّة من سائر البَرامج وكُتب الفهارس. ويصرِّح لنا ابنُ عبد الملك أنه اطَّلع على كُتب البرامج ومعاجمِ الشيوخ والفهارس التالية (¬1): 1 - برنامج شيخه أبي الحسن الرُّعيني. 2 - برنامج الصاحبَيْن المشترَك بينهما: ابن شنظير وابن ميمون، نسخة جيِّدة عانى خِدْمتَها ابنُ مؤمن وأتقن تصحيحَها، وصار البرنامجُ بعده لأبي عبد الله الرُّنْدي المُسلهم. 3 - برنامج سعدِ الخير بن محمد البَلَنْسي (نقل منه، انظر الترجمة رقم 43). 4 - برنامج سعد السعود أبي الوليد بن عُفير، نسخة بخطه فيها ضُروب من الخَلَل والتصحيف الشنيع وفسادِ الهِجاء مّما يكاد أيسرُه يُناقِض التلبُّسَ بأدنى مرتبة من العِلْم أو الارتسامِ به جُملةً (رقم 44). 5 - فهرست سليمانَ بن عبد الملك بن رَوْبيل. 6 - فهرست أبي العبّاس بن الرُّوميّة. 7 - فهرست ابن خَيْر. 8 - برنامج أبي عبد الله الخَوْلاني. 9 - معجم مُلْحة الراوي وختام عَيْبة الحاوي لأبي محمدٍ طلحة. ¬

_ (¬1) ينظر مزيد من ذلك في فهرست الكتب الواردة في المتن من هذا الكتاب، وهذا نموذج مما وقع في قطعة من السفر الرابع.

10 - معجم شيوخ أبي الوليد الباجيِّ صنعةَ أبي محمد طلحة. 11 - برنامج استوعب فيه أبو محمد طلحة شيوخَه حتى عام 635 هـ وسمّاه: نُغْبة الوارد ونُخْبة مستفاد الوافد. 12 - فهرسة الشيخ أبي أميّة صنعة أبي محمد طلحة. 13 - فهرسة أبي الوليد بن الحاجِّ صنعة أبي محمد طلحة. والحقُّ أنَّ الاستقصاءَ في هذه النواحي عَسير، وإنما نقدِّم مثلًا وحسبُ، يدلُّ على طبيعة المصادر التي اعتمَدَها ابنُ عبد الملك، وحين يتمُّ حَصْرُ ما اطَّلع عليه في الأجزاء الأخرى من كتابه فإنَّ ذلك قد يبلغ مئاتٍ من الكُتب.

نهج العمل في التحقيق

نهج العمل في التحقيق (¬1) أولًا: وصف ما وصل إلينا من مخطوطات الكتاب: عرفَ المشارقة الذين وَقفوا على كتابِ ابن عبد الملك كتابَهُ في تسعة مجلدات، كما نصَّ على ذلك جلالُ الدين السُّيوطي في "بغية الوعاة" (¬2) وقد نقل من هذه النسخةِ الكثيرَ، وقال عصريُّهُ شمس الدين السَّخاوي وهو يتكلّم على الكتب التي استوفاها على الكتاب الذي شرع في تأليفه وأصَّلَهُ من "تاريخ الإسلام" للذهبي: "والخمسة الأُوَل من تسعة من التكملة لابن عبد الملك إلى قوله في السادس: محمد بن أحمد بن عثمان القَيْسي" (¬3)، وقال في موضع آخر: "ثم الذيل والتكملة لكتابَب الموصول والصلة لقاضي الجماعة أبي عبد الله محمدِ بن محمد بن عبد الملك الأنصاريِّ المرّاكُشي، وهو حافل في مجلدات" (¬4)، فلم يحدِّد عددَها، ولعلَّه لم يقف -كما يظهر من النصِّ الأول- إلا على خمسةِ مجلدات وأولِ المجلد السادس، وذهب الدكتور محمد بن شريفة إلى أنها في ثمانية مجلدات، فسمَّى السِّفر الأخير من الكتاب "السفرَ الثامن" عند نَشْره، وأبقينا على هذه التسمية. وهذه المسألةُ ليست من الإهمام بحيث يقال: أصاب فيها فلانٌ وأخطأ فيها فلان؛ لأنَّ النسّاخَ على مدى العصور كانوا يتصرَّفون في تقسيم الكتاب إلى ¬

_ (¬1) كتبه الدكتور بشار عواد معروف مستفيدًا في وصف النسخ مما كتبه الدكتور إحسان عباس في مقدمة السفر الرابع والدكتور ابن شريفة في السفر الثامن. (¬2) بغية الوعاة 1/ 4. (¬3) الإعلان بالتوبيخ 592، وترجمة محمد بن أحمد بن عثمان القيسي هي ذات الرقم (10) في أول السفر السادس. (¬4) الإعلان 619.

1 - مجلد خزانة القرويين بفاس رقم 626

مجلَّدات عند نسخه، ومن ثَمَّ فإنَّ المجلداتِ التي وصلت إلينا من هذا الكتاب كانت تنتمي إلى نُسَخٍ مختلفة في عدد مجلداتها، فالمجلدُ الخامس بمكتبة حليم -مثلًا- يُقابِل المجلدَ الرابع المحفوظ في دار التحف البريطانية، والمجلدَ الرابع من نسخة الفقيه عباس بن إبراهيم، ويُلاحظ أنَّ المجلدَ المحفوظ بمكتبة حليم والمجلدَ المحفوظ بالمكتبة الوطنية بباريس يتفقان مع ما ذكره السيوطيُّ والسخاوي. وفيما يأتي وصفٌ للمجلدات التي وصلتْ إلينا من هذا الكتاب والتي أقمنا التحقيقَ عليها: 1 - مجلد خزانة القرويِّين بفاس رقم 626. وهو المرموزُ له بالحرف (ق) ويمثِّل المجلدَ الأول، وقد وصفه الأستاذُ محمد العابد بما لا مزيدَ عليه لمستزيد، فقال: "جزء (¬1) واحد متوسِّط بخطٍّ أندلسي مَخْروم الطرفَيْن نُسِبَ غلطًا في البرنامج (¬2) لابن الأبّار، وجميع تراجم هذا الجزء فيمن اسمه أحمد، أولُ ترجمة فيه بقيَّةُ ترجمةِ أحمد بن عبد الله أبي المطرف ابن عَميرة المخزومي ... وآخرُ مَن ذكر في هذا الجزء -يَنقصه من آخره قليل- ترجمةُ أحمدَ بن يحيى العَبْدري القرطبي نزيل مَرّاكُش، بلغ عددُ أوراقه (121) ورقة، وعدَّة تراجمه (646) (¬3)، واسمُ المترجَم يُكتب دائمًا فيه بالخطِّ المغلَّظ ... ، مسطرةُ الجزء المذكور (25)، وحجمه 26 × 19" (¬4). ويبدو من خطِّ هذه النسخة الأندلسيِّ أنها قديمة، والمظنونُ أنها من بقايا نسخةٍ تامّة كانت في هذه الخزانة التاريخية. ¬

_ (¬1) لو قال: "مجلد" لكان أصح، فالجزء تعبير يستعمل لعدد من الورقات قد لا تتجاوز العشرين ورقة. (¬2) يعني: برنامج خزانة القرويين الذي نشره ألفرد بل، ص 102. (¬3) الأصح أنها (641) ترجمة. (¬4) مجلة دعوة الحق، العدد 6، مارس 1959 م.

2 - مجلد الخزانة الحسنية الملكية بالرباط رقم 269

2 - مجلد الخزانة الحَسَنيّة الملكية بالرباط رقم 269. وهو المرموزُ له بالحرف (م)، وهو المجلَّدُ الأول من الكتاب أيضا، فيتَّفق مع المجلَّدِ السابق في أنه يَشمل تراجمَ الأحمِديْن، ولكنه كاملٌ قد احتوى الأوراقَ التي ينقصها المجلدُ المحفوظ في خزانة القرويِّين، ويتميَّز باحتفاظه بمقدّمة المؤلِّفِ التي بيَّن فيها منهجَه في تأليف الكتاب. ولا يوجد في آخره تاريخُ النسخ ولا اسمُ الناسخ، ولكنْ يبدو أنه من نُسخة غير عتيقة، وتشير الأخطاءُ الموجودة في هذا المجلَّدِ أنَّ ناسخه لم يكن من أهلِ العلم والضبط، ولكنَّ خطه جيّد، ومسطرة صفحاته (25)، وفيه بياض في مواضعَ، وقد سقط جانب من آخر المقدّمة فيه. 3 - 3 - مجلد الإسكوريال رقم 1682 (= الغريزي رقم 1677). وهو المرموزُ له بالحوف (س)، وهو قطعةٌ من السِّفر الرابع يقعُ في (63) ورقة، مسطرتها (25)، خطُّه أندلسي واضح، والعنايةُ فيه بالضبط جيدة، ولكنَّ أوراقَه مضطربة الترتيب، وقد أعدنا ترتيبها، وسقطَ من هذا المجلَّد ترجماتٌ كثيرة في حرف الصاد وحرفِ العين، فضلًا عن أنه ناقصٌ من آخره. 4 - مجلد مكتبة حَليم الملحقة بدار الكتب المصرية رقم (61) تاريخ. وهو المرموزُ له بالحوف (ح)، وهو السِّفر الخامس، حيثُ يَبتدئ بترجمةِ عبد الملك بن أحمد الزهريِّ وينتهي بترجمةِ محمد بن أحمد بن عيسى اليَحصُبي، عدد أوراقه (215) ورقة، مسطرتها (25) سطرًا، كُتب بخطٍّ مغربي واضح فائقٍ في الشكل والضبط. وقد أُضيف في حَواشيه تعليقات مهمَّة كتبها عالِمٌ جليل هو أبو القاسم القاسمُ بن يوسف بن محمد بن علي التُّجيبي (666 - 730 هـ)، وهو عالم بارع ومحدث حافظ مُتقن من فُرسان الحديث والرواية ومَعْرفة الرجال، ثقة ضابط، سَبْتيُّ الأصل، رحل عام 696 هـ إلى الأندلس ثم إلى المشرق ولقي كثيرًا من العلماء، وقد قيَّد وقائعَ رحلته المشهورة وأسماءَ العلماء الذين

5 - المجلد الرابع من نسخة بالخزانة العامة بالرباط، وكان عند الفقيه عباس بن إبراهيم المراكشي

لقيهم فيها ومرويّاتِه عنهم في كتابٍ نفيس سمّاه "مُستفادَ الرحلة والاغتراب"، وقِسْم منه مطبوع مشهور، وقد صَرّح باسمه في المجلَّد المحفوظ في المكتبة الوطنية بباريس برقم 3156، كما سيأتي بيانُه. وجاء في آخر هذا المجلَّد نص لمحمد بن إبراهيم بن مَسْلمة الخزرجي يقول فيه: "أكمله مطالعةً بمدينة تُونسَ في عامِ ثمانية وستين وسبع مئة". 5 - المجلد الرابع من نسخةٍ بالخزانة العامة بالرِّباط، وكان عند الفقيه عباس بن إبراهيم المرّاكُشي. وهو المرموزُ له بالحرف (ط)، وهذا المجلَّد مُساوٍ للسِّفر الخامس المذكورِ في الرقم (4) والمرموز له بالحرف (ح)، ويزيد بضعَ تراجمَ من أوله في ورقتين عن (ح) انتزعناها وألحقناها في موضعِها من السفر الرابع؛ للتوحيد بين هذا المجلد ومجلدِ (ح)؛ إذ نهايتهما واحدة. يقعُ هذا المجلد في (335) ورقة، مسطرتها (25)، وخطُّه مغربي كبير واضح، وقد أصابت الرطوبةُ وَرَقاتِه إلا أنه ما زال مقروءًا، غيرَ أنه أقلُّ ضبطًا من مجلد (ح) بكثيرٍ وفيه سقط من جرّاء سهوِ الناسخ. 6 - المجلد الرابع من نسخة دار التحف البريطانية رقم 7940 شرقيّات. وهو المرموزُ له بالحرف (م)، ويقعُ في (155) ورقة، مسطرتها (25) سطرًا وخطُّه مغربي واضح، وقد جاء في آخره: "نجز الرابعُ من كتاب الذيل والتكملة ... على يدِ عبد الله بن عمرَ بن عثمان التدغيِّ، غفر الله له ولوالديه ولأحبابه"، وهو منسوخ من نسخة الفقيه عباسِ بن إبراهيمَ؛ إذ نجد توافقًا في جميعِ الأخطاء ومواضع السهو، وتزيدُ عليها هذه النسخة أخطاءً جديدة وقع فيها الناسخُ المتأخِّر، مع احتمال أنّ النسختَيْن منقولتان من نسخةٍ واحدة قليلةِ الدقَّة والضبط.

7 - مجلد المكتبة الوطنية بباريس رقم (2156)

وهذا المجلَّدُ وإنْ سُمِّي في هذه النسخة: الرابعَ، فهو الخامسُ في نسختَيْ (ح، ط)، ومن ثَمَّ صار تحقيقُ السِّفر الخامس على ثلاثِ نُسَخ هي: (ح، ط، م). 7 - مجلد المكتبة الوطنية بباريس رقم (2156). وهو المرموزُ له بالحرف (ب)، ويقع في (205) ورقات، مسطرتها (25) سطرًا، خطُّه مغربي دقيق، جيِّد الضبط والشكل، ويقاربُ في هذا نسخة (ح) إلا أنّ التعليقاتِ في حواشيه قليلة، وتشمل جميعُها تراجمَ المحمدِين، ابتداءً من: محمدِ بن أحمد بن عبد الملك بن موسى بن عبد الملك (ابن أبي جَمْرة) وانتهاءً بترجمةِ محمد بن علي بن وزير، وفي آخره: "نجز الجزءُ السادس من كتاب الذيل والتكملة لكتابَي الموصول والصلة ... يتلوه في أولِ السابع إن شاء الله تعالى: محمد بن علي بن ياسر الأنصاري جيَّاني استوطن حَلب "فهو إذن يمثل السِّفرَ السادس، وعلى الورقة الأولى منه: "رواية القاسمِ بن يوسفَ بن محمد بن علي بن القاسم التُّجيبي عنه (أي عن المؤلف) ورواية لصاحبه ومُسترجعه -ممن صار إليه بعداء وغَصْب- بالثمن، محمدِ بن أحمد بن محمد بن مرزوق التلمسانيِّ عن أبي عبد الله ولدِ مصنفه وجماعة من أصحابه عنه، ولله المنّة". 8 - ويقابل بهذا المجلد القسم الثاني من نسخة المتحف البريطاني (م) رقم (2940) شرقيات. الذي يُسمّى هنالك السِّفرَ الخامس، وناسخه هو عبدُ الله بن عثمان التدغيُّ أيضًا (انظر رقم 6)، وجاء في آخره: "يتلوه في أول السادس -إن شاء الله- محمدُ بن علي بن ياسر الأنصاريُّ جيَّاني ... " وهذا هو ما ورد في نسخةِ باريسَ أنه سيجيء في أولِ السابع، وبمقابلة هذَيْن المجلَّدين تمّ نشر المجلد السادس من الكتاب. 9 - مجلد من نسخة الفقيه عباس بن إبراهيم. وهو السِّفرُ الثامن في تقديرِ الدكتور محمد بن شريفة، وقد يسمِّيه البعضُ: التاسعَ، يقع في (256) ورقة، مسطرتها (25) سطرًا، وهو مبتورُ الأخير،

ويُقدَّر هذا البَتْر بنحو ورقة أو ورقتَيْن، وربما كان في اَخر ورقةٍ منه اسمُ الناسخ الذي يظهر من كثرة الأخطاء والتحريفات الواقعةِ في هذا المجلَّد أنه لم يكن من أهلِ العلم والضبط. كان هذا المجلَّد في حَوْزة القاضي عباسِ بن إبراهيم، يرحمه الله، وأُخذتْ منه صورةٌ بالتصوير الشمسيّ للخزانة العامة بالرباط وهي فيها برقم (1705 د) ووصفها في فهرسِ المخطوطات 2/ 181، ثم آلَ الأصلُ نفسه بالشراء إلى الخزانة المذكورة ورقمه فيها (3784 د). وكتب القاضي ابنُ إبراهيمَ على ظهر الورقة الأولى من المخطوط ما نصُّه: "راجعتُ هذا الجزءَ فوجدت أوّلَه بقيّةَ حرف العين: علي إلى تمامِه، ثم عُمر، ثم عمران، ثم عيّاش، ثم عِياض، ثم عيسى، ثم بقيّة المحمدِيْن، ثم بعدَ كراريسَ ثلابة بقيّةُ عيسى والغازي وفاخر والفَرَج والفضل والقاسم، ثم الرجوعُ إلى المحمدِيْن، وكنتُ ظننتُ أنه مُزحلق في الحَبْك حيث كان محبوكًا، فوجدت بقيّةَ عيسى في نفسِ كراريسِ المحمدِيْن، ولا زَحْلقةَ في الحبك، وبعد تمامِ المحمدِيْن مجاهدٌ، ثم محمود، ثم مروان، ثم مسعود، ثم مصعب، ثم المُغيرة، ثم منصور، ثم المُنيذر، ثم مَوْدود، ثم موسى، ثم مَيْمون، ثم نصر، ثم الوليد، ثم الياءُ، ثم النِّساء، وأرى أن يُطبع هذا الجزء كما هو موجود؛ لأنه مَحْبوك. كتبه عباسُ بن إبراهيم وفَّقه الله". هكذا قال، والمجلَّد مضطربُ الترتيب في بعض أوراقه، وقد أعاد الدكتور محمد بن شريفة ترتيبَه على الوجه بعد الفحصِ والنظر بناءً على منهج المؤلِّف في ترتيب تراجمه من جهةٍ وعرض على المراجعِ والمظانِّ الأخرى من جهةٍ ثانية. وهذا المجلَّدُ يُعْوِزه الإتقانُ والضبط ويَعتريه الكثيرُ من التصحيف والتحريف، وقد عمَّ المحو فيه أماكنَ كثيرة، وشمل الطمسُ جميعَ الأطراف العليا من جميع الأوراق بسبب البَلَلِ والرطوبة؛ لذلك كان العملُ فيه ليس

ثانيا: تحقيق الكتاب

بالسَّهلِ اليَسير، وقد بُذل فيه جهدٌ مُضاعف حتى استوى على هذه الصورةِ التي نُشر عليها، والتي نأملُ أن تكونَ أقربَ ما يمكن من الأصل الذي كتبه المؤلّف. إنَّ هذه المجلدات التي وصلتْ إلينا تبيِّن أنَّ ما توفَّر من الكتاب الآن هو: السِّفر الأول، وقام تحقيقُه على نسختَيْن. قطعة من السِّفر الرابع، وقام تحقيقها على نسخةٍ فريدة. السِّفر الخامس، وقام تحقيقُه على ثلاثِ نُسَخ. السِّفر السادس، وقام تحقيقُه على نسختين. السِّفر الثامن، وقام تحقيقُه على نسخةٍ فريدة. والأملُ معقود على الوقوفِ على نُسَخ أخرى تسدُّ بعضَ النقص في هذا الكتاب المهمّ. ثانيًا: تحقيق الكتاب: يهدفُ علم تحقيق النصوص إلى تقديم نَصٍّ صحيح مطابق لما كتبَهُ مؤلفُه وارتضاه في آخر حياته، وتوثيقه نسبةً ومادةً، والعنايةِ بضبطِهِ وتوضيحِ دِلالاته التي قصدَها مؤلفُه. وحين بدأ العربُ يُعْنَون بتحقيق المخطوطات العربية ونَشْرها ظهرَ رأيان في الطريقة التي يتعيَّن اتِّباعُها عِندَ نشر التُّراث العربي، الأول: يرى الاقتصارَ على إخراج النص مُصَححًا مُجَردًا من كل تَعْليق، والثاني: يرى أنَّ الواجبَ يقضي توضيح النص بالتعليق على كُلِّ صغير وكبير توضح النَّص حتى يكونَ كالشرح لذلك النص. وقد نُشِرَ الكثيرُ من النُّصوص خالية من التَّعليقات، أو تكادُ، تتفاوت في صحتها بحسبِ جَوْدة النُّسَخ المُعْتَمدة في النَّشْرِ من جهة، ومَدَى معرفةِ

القائم على نشرها (المحقق أو المصحح) بموضوعِ النَّص وقُدرته على قراءَةِ النص قراءةً صحيحةً وفَهْمه فَهْمًا قويمًا يبعدُه عن كَثْرة الخطأ والتَّصحيف والتَّحريف. ومَن يُطالع الطبعات المتقنة التي أخرجتها مطبعة بُولاق -مثلًا- يعلمُ أنَّ كبار المحققين لم يكونوا قادرين على إخراج نصوص أتقن ولا أصح من بعض تلك الطبعات. كما ظهرت في الوَقْت نفسه كتبٌ محققةٌ اقتصر فيها محققوها على ما هو ضروري من التَّعليقات. ومما يؤسف عليه أن تظهرَ في العقودِ الأخيرة من المئة الماضِية عشرات النُّصوص وقد بالغَ محققوها بتعليقات لا مُسَوِّغ لها كأن المحقق يريد تفخيم النص الذي يحققه، أو تَوْبَلة الكتاب بها، تاركًا خلفه الصَّعْب المُبْهَم الذي هو بالتَّعليق خليق، فظهرَ من الكُتب ما هو محرف النَّص أو ناقصه، لكنه في الوَقْت نفسه مليء بتلك التَّعليقات التي لم تخدم النص، فظنَّ بعضُهم أنَّ هذا هو التحقيق الدَّقيق. لقد بَيَّنتُ فيما تقدم أنَّ التَّعليق الذي لا بد منه هو ذاك الذي يتوصَّل به المحقق إلى ضَبْط النص من حيث تنظيم مادة النص بما يُظهر معانيه ويوضح دلالاته، وتقييده بالحركات الضرورية التي تؤدي إلى قراءةٍ صحيحة وما يستلزمه كل ذلك من رجوع إلى الكُتب المعنية بهذا الفن، وتثبيت الاختلافات المهمة بين النُّسخ والترجيح بينها وما يحتاجه من تعليق يُعَلَّل به ذاك الترجيح، والإشارة إلى الموارد التي اعتمدها مؤلف النص بعد الرجوع إليها سواء أكان قد صَرَّح بها أم أغفل التصريح وتأكد للمحقق اعتماده عليها، والعناية بإثبات الاختلافات الجوهرية بين تلك الموارد والأصول وبين النص الذي ذكره المؤلف مقتبسًا منها، ثم متابعة النقول التي اقتبسها منه المؤلفون الذين جاءوا بعده وتثبيت مواضعها ولا سيما فيما يتصل بالنَّاقلين المُتْقنين، كلُّ ذلك من أجل خدمة النص وتوثيقه وتصحيح نسبته. على أنَّ هناك من التعليقات ما يمكن أن يقدِّمَ خدمةً إلى القارئ والباحث والمستفيد، فيُيَسِّر له مزيدَ استفادةٍ من النص، باعتبار أنَّ المحققَ الذي سَبَرَ غَوْر

النص من طول معاناته له وللنصوص التي تدور حوله أقدر على فَهْم هذا النص من أيِّ باحثٍ آخر وإن كان متخصصًا، فيُعلِّق على النص بما يُجَلِّيه وييسره، من نحو شرحٍ لمصطلح أو لفظٍ غريب، أو تعريفٍ بمبهمٍ مَغْمورٍ، أو كلام على الأحاديث وتخريجها، أو بيان الأوهام التي قد يقع فيها مؤلف النص المُحَقَّق، أو تخريج للتراجم ونحوها. وهذا كله بلا شك لا علاقة له بضبط النص وتحقيقه، ومن ثم يمكن للمحقق أن يهمل أي أمرٍ من هذه الأمور، أو يُعطي له مزيدَ عناية بحسب ما يَرَاهُ مُناسبًا لقارئ الكتاب، وطبيعة الكتاب نَفْسه، من غير أن يُعَدَّ ذلك من باب الإهمال أو التقصير. ولكن صار الكثير من المُتعانين لهذا العلم في عَمْرنا يخلطُ بين "التحقيق" و"التَّعليق"، مما خلقَ بلبلةً كبيرةً في طرائقِ المُحققين واختلافًا بَيِّنًا في منهاجهم بسبب عدم اتضاحِ المَفْهُومينِ عند الكثرة منهم، وخَلْطهم بين التعليق الذي يهدفُ إلى ضَبْطَ النص وَتقْييده وبين التَّعليق الذي قد يفيد القارئ والباحثَ ويعينُه على مزيد استفادةٍ منه. إن التعليق على النص ينبغي أن تراعى فيه طبيعة موضوع الكتاب ونوعية المستفيدين منه، ومن ثم فهو يختلفُ من كتاب إلى آخر. وتحقيق كتب التراجم قد لا يختلف في إطاره العام عن مناهج تحقيق المخطوطات في العلوم الأخرى، ولكنه بلا شك له بعض خصوصية تميزه عن غيره، ومنها تنظيم مادة النص، فالمؤلفون والنساخ لم يكونوا يعنون في الأغلب الأعم بتنظيم مادة النص، كما هو متعارف عليه في عصرنا من حيث بداية الفقرات ووضع النقط عند انتهاء المعاني، ووضع الفواصل التي تظهرها وتميزها والتي أصبحت من ضروريات الكتابة الحديثة في هذا العصر، بل يسردون الكلام سردًا ويوردونه متتاليًا، فيتعينَّ على محقق الكتاب عندئذ إعادة تنظيم المادة بما يفيد فهم النص فهمًا جيدًا ويوضح

معانيه ويظهر النقول والتعقيبات بصورة واضحة وذلك عن طريق تقسيمه إلى فقرات وجمل. ولعل من أكثر الأمور أهمية في تنظيم النَّص تعيين بداية الفقرة، حيث إن بداية الفقرة تقدم انطباعًا بأن المادة التي تتضمنها تكوِّن وحدة مستقلة ذات فكرة واحدة، ومرتبطة في الوقت نفسه بالسياق العام لمجموع النص. ففي التراجم مثلًا يمكن تقسيم الترجمة إلى عدة مجاميع مستقلة، تكوِّن بداية للفقرات، وهي في الوقت نفسه العناصر الرئيسة المكونة للترجمة عند مُؤَلِّف مُعَيَّن. وعلى الرغم من أن المادة المتوفرة في ترجمة ما عند مُؤَلِّف مُعَيَّن تختلف حسب منهج ذلك المؤلف من جهة، وحسب طبيعة المترجم له، ومكانته العلمية، أو الأدبية، أو السياسية من جهة أخرى، فإن المحقق يستطيع بعد دراسة النص أن يضع لنفسه منهجًا موحّدًا في تنظيم النص استنادًا إلى ذلك. ولو ضربنا مثلًا لتنظيم تراجم العلماء لاستطعنا من غير شك أن نترسّم الوحدات الرئيسة الآتية: أ - اسم المترجم ونسبه ولقبه وكنيته ونسبته. ب - مولده أو ما يدل على عمره. جـ - نشأته ودراساته وأخذه عن الشيوخ. د - إنتا جه (مؤلفاته) وتلامذته. هـ - منزلته العلمية وآراء العلماء فيه. و- تحديد تاريخ وفاته. ز - بعض الأمور المتصلة به. وقد تتوفر هذه الأمور جميعها في الترجمة الواحدة، وقد توجد طائفة منها، أو لا يتوفر منها إلا القليل حسب الموازين التي ذكرناها قبل قليل.

ومما لا شك فيه أن النقل عن كل مورد من الموارد التي اعتمدها مؤلف النص يكون وحدة قائمة بذاتها، فيتعين على المحقق حينئذٍ أن يبدأ النقل بفقرة مستقلة يُنهيها عند الانتهاء من النقل. وهنا تَكْمُن الصعوبةُ وتظهرُ براعةُ المحقق، وذلك لعدم وجود أسلوب واضح عند مؤلِّفي النصوص العربية في ذكر المصادر، فكان بعضهم يشيرُ إليها والآخرُ يغفلُ عنها. وكان المؤلفون الذين يُعنون بذكر مصادرهم يستعملون عادة عبارات دالّة على بداية النقل مثل "قال" و"ذكر" و"وجدت بخط فلان" ونحوها. ويستعمل بعضُهم عبارات دالة على انتهاء النقل، نحو قولهم "انتهى"، أو "هذا آخر كلام فلان". ولكن الصعوبة تظهر حينما لا يحدد المؤلف انتهاء النقل، فضلًا عن أن أكثر المؤلفين كانوا يذكرون المؤلف ولا يعينون الكتاب مما يخلق صعوبة في تعيين مواضع النقول. ومن ذلك ضرورة تقييد النص بالحركات، لا سيما ما يلبس من الأسماء والكنى والأنساب والألقاب، وقد قال أبو إسحاق النَّجيرمي قبل مئين من السنين: "أولى الأشياء بالضبط أسماء الناس لأنه شيء لا يدخله القياس، ولا قبله شيء يدل عليه ولا بعده شيء يدل عليه" (¬1)، ومن هنا بذل العلماء المسلمون جهودًا محمودة في تقييد من فيه أدنى اشتباه من أسماء الناس وكُناهم وألقابهم وأنسابهم وأسماء المواضع، باعتبار أن الأسماء شيء لا يدخله القياس، ليس هناك شيء قبلها يدل عليها ولا شيء بعدها يدل عليها، فليس لها إلا التقييد والضبط، سواء أكان التقييد والضبط بالقلم (يعني وضع الحركات فوق الحروف) أو التقييد والضبط بالحروف كما هو مشهور. ¬

_ (¬1) المؤتلف والمختلف لعبد الغني الأزدي 1/ 49 (ط. دار الغرب).

وهذه الكتب هي المرجع الأمين والركن الركين التي يجب على كل محقق أن يعرفها ويطلع عليها ويقتنيها. وتضم المكتبة العربية اليوم عددًا لا يُسْتهان به من الكتب المؤلفة في هذا الفن الجليل الخطير، حيث شمَّر العلماءُ عن سواعدهم منذ فترة مبكرة، وألَّفُوا فيه، منهم مثلًا: حمزة الأصفهاني المتوفى سنة 360 هـ في كتابه "التنبيه على حدوث التصحيف والتحريف"، عرض فيه للخط العربي وصفته وتطوره، وما وقع فيه كبارُ العلماء وغيرهم من التصحيف الشنيع (¬1). وأبو أحمد الحسن بن عبد الله العسكري المتوفى سنة 382 هـ في كتابه "شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف" (¬2). وأبو الحسن علي بن عمر الدّارقطني البغدادي المتوفى سنة 385 هـ في كتابه "المؤتلِف والمختلِف" (¬3)، وهو من الكتب الرئيسة التي أفاد منها الخطيبُ البغداديُّ في مؤلفاته كما أفاد منه كُتّابُ المشتبه الآخرون. وأبو محمد عبد الغني بن سعيد الأزدي المصري المتوفى سنة 409 هـ في كتابيه: "المؤتلف والمختلف" (¬4) و"مشتبه النسبة" (¬5). والخطيب البغدادي المتوفى سنة 463 هـ في كتابه "تلخيص المتشابه الرسم وحماية ما أشكل منه عن بوادر التصحيف والوهم"، وهو كتاب حافل (¬6). ¬

_ (¬1) طبع بدمشق سنة 1968 م بتحقيق الدكتور أسعد طلس، يرحمه الله. (¬2) طبع بالقاهرة سنة 1963 م بتحقيق عبد العزيز أحمد. (¬3) نشرته دار الغرب في ستة مجلدات سنة 1986 م بتحقيق موفق عبد القادر. (¬4) نشرته دار الغرب الإسلامي ببيروت سنة 2007 م في مجلدين. (¬5) طبع بالهند سنة 1327 هـ بتحقيق محمد محيي الدين الجعفري. (¬6) منه نسخة بدار الكتب المصرية.

وممن كتب في المؤتلف والمختلف من أسماء القبائل الأديب المشهور محمد بن حبيب البغدادي المتوفى سنة 245 هـ في كتابه "مختلِف القبائل ومؤتلِفها" (¬1). وألَّف أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي المتوفى سنة 370 هـ "المؤتلِف والمختلِف" في أسماء الشعراء وكُناهم وألقابهم وأنسابهم (¬2). وأبو علي الحسين بن محمد بن أحمد الغساني الجياني الأندلسي المتوفى سنة 498 هـ في كتابه النافع "تقييد المُهْمَل وتمييز المُشْكل"، ضبط فيه كل ما يقع فيه اللبس من رجال صحيحي البخاري ومسلم، وعندي منه نسخة مصورة، وطبع بعد ذلك. وفي القرن الخامس الهجري وُضِع أضخم كتاب في هذا الفن حتى ذلك العصر هو كتاب "الإكمال" (¬3) للأمير ابن ماكولا المقتول سنة 475 هـ، حيث جمع فيه معظم الكتب المتقدمة واستوعبها استيعابًا ذكيا فصار كتابه مُعَوِّضًا عن معظم تلك الكتب، وهو كتاب لا يستغني عنه المحقِّقون المَعْنيون بتحقيق الكتب التي تناولت عصره والعصور السابقة له. وفي بداية القرن السابع الهجري ألف الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الغني المعروف بابن نُقْطَة البغدادي الحنبلي المتوفى سنة 629 هـ كتابه الذي كمّل فيه كتاب ابن ماكولا وذيّل عليه وسماه "إكمال الإكمال" (¬4). ¬

_ (¬1) طبعه وستنفلد الألماني سنة 1850 م. (¬2) طبع بالقاهرة سنة 1354 هـ. (¬3) حقق الشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني المكي ستة أجزاء منه كان آخرها سنة 1967 م وتوفي -رحمه الله- قبل إتمامه، ثم طبع كاملًا في بيروت. (¬4) منه نسخ بدار الكتب الظاهرية برقم 429 حديث، وفي دار الكتب المصرية برقم 10 مصطلح الحديث، وفي دار التحف البريطانية برقم 4586 شرقي. ثم نشرته جامعة أم القرى في ستة مجلدات سنة 1987 م باسم "تكملة الإكمال".

وذيّل على ابن نقطة محدث الإسكندرية وجيه الدين أبو المظفر منصور بن سَلِيم بن فتوح الهَمْداني المتوفى سنة 673 هـ (¬1)، وكان من طلبة المستنصرية. كما ذيّل على ابن نقطة أيضًا أبو حامد محمد بن علي المحمودي المعروف بابن الصابوني المتوفى سنة 680 هـ بكتابه النافع "تكملة إكمال الإكمال" (¬2). وفي القرن الثامن الهجري ألف مؤرخ الإسلام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي كتابه العظيم المختصر "المشتبه في الرجال: أسمائهم وأنسابهم" (¬3) سنة 723 هـ. وقد رتَّبَ الذهبي كتابه على حروف المعجم وجعل لكل حرف بابًا، واعتمد فيه أمهات الكتب المؤلفة في هذا الفن، مثل كتب: عبد الغني بن سعيد الأزدي، وابن ماكولا، وابن نقطة، وابن الصابوني، ومنصور بن سليم الإسكندراني وغيرهم، فضلًا عما أخذه من شيوخه ووقع له وتنبه إليه أثناء دراساته الواسعة وممارساته لعلم الرجال وعلم التراجم. ولما كان موضوع الكتاب على غاية من الاتساع فإن مؤلفه بالغ في اختصاره واعتمد القلم في ضبط المشتبه إلا فيما يصعب ويشكل فكان يقيده بالحروف، وهو نادر .. ¬

_ (¬1) منه نسخة بدار الكتب المصرية برقم 81 مصطلح الحديث وجاء العنوان فيها ذيل على كتاب مشتبه الأسماء للحافظ أبي بكر محمد بن عبد الغني"، والمعروف أن كتاب ابن نقطة يسمى "إكمال الإكمال"، ثم طبعته جامعة أم القرى في مجلدين سنة 1416 هـ. (¬2) حققه شيخنا العلامة الدكتور مصطفى جواد يرحمه الله، ونشره المجمع العلمي العراقي سنة 1957 م. (¬3) حققه أولًا المستشرق الهولندي دي يونغ ونشره في ليدن سنة 1863 في 612 صفحة ثم أعادت طبعه مكتبة عيسى الحلبي سنة 1962 م بعناية علي البجاوي في جزأين معتمدًا نسخة أحمد الثالث (رقم 3028) مع وجود نسخ أحسن منها.

وكان الذهبيُّ يعلم جيدًا صعوبةَ الاعتماد على ضبط القلم، فنبه على ذلك في المقدمة بقوله: "فأتقنْ يا أخي نسختك واعتمدْ على الشّكل والنقط ولا بد، وإلا لم تصنع شيئًا". وقد احتل كتابُ الذهبي هذا مكانًا رفيعًا بين الكتب المؤلفة في هذا الفن العسير، وهو في حقيقته يُغني عن كثير من الكتب الأخرى، لكنه يحتاج إلى تمَرُّس ودُربة للإفادة منه. وفي القرن التاسع الهجري طالع عَلّامةُ الشام الحافظ ابنُ ناصر الدين الدمشقي المتوفى سنة 842 هـ كتاب "المشتبه" للذهبي، وضبط لنفسه نسخة نفيسة منه، ثم ألف كتابه العظيم "توضيح المشتبه" (¬1)، قيد فيه الأسماء والأنساب والكُنى والألقاب بالحروف لإيمانه بأن القلم لا يمكن اعتماده في مثل هذه الأمور، فأوضح بعض ما أهمله الذهبي، وشرح بعض ما رأى أنه شديد الاختصار، واستدرك على مؤرخ الإسلام استدراكاتٍ نفيسةً تدل على علم جمّ، ومعرفة وإتقان وبراعة تامة في هذا الفن، ولذلك يعد كتابه هذا -فيما أرى- من أنفس الكتب الموضوعة في هذا الفن على الإطلاق. كما شرح كتاب الذهبي أيضًا الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتاب سماه "تبصير المنتبه بتحرير المشتبه" (¬2)، وهو كتاب قيّم، ولكن أنّى له أن يبلغ مرتبة توضيح ابن ناصر الدين؟! ¬

_ (¬1) منه نسخة ناقصة في مكتبة سوهاج بالبلاد المصرية، وعنها نسخة مصورة بدار الكتب المصرية، وفي دار الكتب الظاهرية بدمشق نسخة كاملة منه، ثم نشرته مؤسسة الرسالة في عشرة مجلدات سنة 1993 م. (¬2) نشرته المؤسسة المصرية العامة للتأليف والأنباء والنشر بالقاهرة بعناية البجاوي أيضًا 1967 م.

وحاول تلميذ الذهبي تقيّ الدين محمد بن رافع السّلامي المتوفى سنة 774 هـ أن يستدرك على كتاب شيخه في المشتبه (¬1)، فعمل جزءًا جعله كالذيل عليه. هذه هي أشهر الكتب المُؤلَّفة في هذا الفن -وليس جميعها-، وهي سلاحُ المُحَقِّق الأول في ضبط الأسماء والأنساب والكُنى والألقاب المشتبهة، لكنها تحتاج في الوقت نفسه إلى دراية ودربة عند استعمالها، فلا ينبغي للمحقق عئد الرجوع إليها أن يجزم بصحة تقييد الاسم المشتبه إلا عند نصها عليه وتصريحها به، وإلا انعدمت الفائدة وما صارت تُرتجى منها العائدة. وأسماء الأندلسيين والمغاربة تحتاج إلى مزيد عناية في الضبط، لما يخالطها من الأسماء الأعجمية الأصل التي اصطلح على لفظها أهل تلك البلاد ولا تتحصل معرفتها إلا عند القلة القليلة من الذين درسوا وتتبعوا ونظموا عملهم وقيدوا ما وجدوه في المخطوطات مقيدًا بخطوط المؤلفين أو النساخ المتقنين الثقات، والخبرة العميقة الشاملة بموضوع الكتاب. وإن من نعم الله على هذا الكتاب أن مؤلفه كان من أكثر العلماء الأندلسيين والمغاربة عناية بتقييد الأسماء والأنساب والكنى والألقاب بالحروف، وتقييداته تُعد ثروة في هذا المجال مما لا يجاريه أحد فيها. ¬

_ (¬1) نَشَرَهُ الفاضل الدكتور صلاح الدين المنجد ببيروت سنة 1974 م، على نسختين من إستنبول، وذكر أنه قابل "تبصير" ابن حجر بذيل ابن رافع فتبين له أن ابن حجر لم يطلع عليه مدللاً على نفاسة الكتاب. ومثل هذه الأحكام المتسرعة كثيرة عند هذا العالم الفاضل، فقد أخطأ في هذا الحكم خطأ كبيرًا؛ لأن ابن حجر قد اطلع عليه ونصَّ على ذلك تصريحًا في آخر كتابه فقال: "وقد ذيل عليه الحافظ تقي الدين ابن رافع تلميذه في هذا المختصر جزءًا قدر عشر أوراق غالبه لا يرد عليه، لأنه إما أن يكون قد ذكره أو يكون لا يشتبه إلا على بعد (التبصير 4/ 1512 - 1513).

ومع كل هذا فالضبط إنما يقوم على دعامتين رئيستين، أولاهما: حُسن قراءة المخطوطات، والإدمان عليها، ومعرفة خطوطها وكيفية رسم كل حرف عند ناسخ معين، وثانيهما: المعرفة التامة بموضوع الكتاب بحيث لا يقع المحقق عند الإشكال بما لا يستطيع له ترجيحًا أو إيجاد حل علمي مقبول. وهاتان الدعامتان متوفرتان، بحمد الله وتوفيقه، بمحققيه الثلاثة الذين أفنوا أعمارهم في هذا الفن، وأنتجوا عشرات الكتب والموسوعات التراثية بأمانة وإتقان. وكان الأستاذُ الدكتور محمد بن شريفة قد حقَّق السِّفرَيْن: الأولَ والثامن من الكتاب، وحقق الأستاذُ الدكتور إحسان عباس القطعةَ المتوفِّرة من السِّفر الرابع، ثم السّفرَيْن الخامسَ والسادس. وقد رغب إليَّ صديقي العزيزُ العلّامة الأستاذُ الدكتور محمد بن شريفة في الإسهام بإعادة نشرِ الكتاب على وفق نسقٍ واحد، بعد أن أعاد النظرَ فيه، وقَدّم لي مخطوطاتِ الكتاب، فأعدتُ المقابلةَ، وقيَّدت النصَّ بالحركات، وضبطتُ بعضَ الأسماء المشرقية، لا سيَّما العراقيّةَ منها، وأصلحتُ ما وقع في بعضها من تصحيفٍ وتحريفٍ لقلَّة معرفةِ النسَّاخ المغاربة ببعضِ أعلام المَشارقة وبُعد الشقَّة وانقطاع الأخبار في تلك الأعصُرِ المضطربة، وأفدتُ من "سلسلة التراجم الأندلسية" التي حققتُها على نُسَخٍ مُتقنة ونشرتْها دارُ الغرب الإسلامي في الإحالة على مزيدٍ من المصادر والمراجع، ومنها كُتبٌ لم تكن قد طُبعت حين قام العالِمانِ الفاضلان بنشر الكتاب، مثل "تاريخ الإسلام" للذهبي، و"سير أعلام النبلاء" له، و"المستملح" له أيضًا، والتكملة المنذرية، وصِلَتها للحسيني، والتكملة الأبّارية كاملة، وتاريخ ابن الدُّبيثي، وتاريخ ابن النجَّار، وغيرها من أمَّهاتِ المصادر التراجميّة.

كما ألحقتُ بهذه النَّشرة فهارسَ متنوِّعة، جُمهرتْ في مجلَّدٍ مستقلّ، وفائدةُ الفهارس تعظمُ في تَجمهرِها في موضعٍ واحد، فتزيد فوائدُها وتعمُّ عوائدها المُستفيدِين من هذا الكتابِ النفيس. وقلَّما حَظِيَ كتابٌ بمثل ما حظي به هذا الكتابُ حين اجتمع على تحقيقِه ثلاثةٌ من المحقِّقين الذين أسهَمُوا في نشر التراثِ الأندلسيِّ والمغاربي، فنسأل اللهَ جلَّ في عُلاه أن يتقبَّل عملَنا هذا وأن ينفعَنا به يومَ لا يَنفعُ مالٌ ولا بنون، وآخرُ دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين.

النص المحقق

مقدمة المؤلف

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اللهمَّ صلِّ على محمّدٍ وعلى آلِ محمّد، كما صَلَّيتَ على إبراهيم، وبارِكْ على محمّد وعلى آلِ محمّد، كما باركْتَ على إبراهيمَ في العالمَين، إنّكَ حميدٌ مجيد. السّلامُ عليكَ أيّها النبيُّ ورحمةُ الله وبركاتُه. قال عبدُ الله، المؤمِّلُ رُحماه: محمّدُ بن محمّد بن عبد الملك بن محمد بن سعيد، أمدَّه اللهُ بتوفيقِه، وجعَلهُ من طائفة الحقِّ وفريقه: الحمدُ لله الذي أعلى معالمَ العلم بأعلامِه، وأحلى مواردَ الفهم لأُولي أحلامه، ويسَّرَ كلًّا منهم به لما يُسِّرَ له من أقسامه، وألهمَهُ إلى التَّمَسُّكِ بأسباب سعادتِه فسَعدَ بإلهامِه، واتَّسَم بما به ارتَسَم من الانتظام في سلك حزبِه المُفلح فأفلحَ باتّسامِه وارتسامِه وانْتِظامه، وصرفَ إليه دواعيَ شغَفِه به وغرامه، ووقفَ عليه متواليَ اهتبالِه واهتمامِه، فمنهم من التمَسَهُ بمستقرِّه مُعمِلًا صِدقَ جَدِّه وتصميمَ اعتزامِه، فظَفِرَ من مبتغاه وإطفاءِ أُوارِه وإرواءِ أُوامِه، بتسديدِ مرامي مَرامِه، ومنهم من آثرَ في ابتغائه ظَعَنَه على مقامِه، وهجرَ ليحظَى بوضلِه ملاذَّ طعامِه وشرابِه ومنامِه، وعَمَرَ باقتباسِه آناءَ لياليه وأيامِه من شهورِ عُمُرِه وأعوامِه، اعتناءً من الله سبحانه بإبلاغِه من إتمامِه، وحفظًا له من لواحق انقراضِه وانصرامِه، وإجزالًا لحُظوظ أهلِه منه عندَ اقتسامِه، حتى يبلّغَه السَّلَفَ إلى الخَلَف فيتلقّاه منقولًا ومعقولًا مؤتمٌّ عن مُرتضاه لائتِمامِه. وأزكى صَلَواتِ الله وأذكى سلامِه، على سيّدنا محمّد نبيِّ الهُدى وإمامِه، وماحِقِ ضلال الكُفرِ وماحي ظلامِه، الذي أشادَ بفضلِ التعلُّم والتَّعليم في جلي مقالِه بعليِّ مقامِه، وعلى آلِه الأخيار وصَحبِه الأبرار المُوفينَ بذمامِه، المُقتفينَ آثارَه في نَقْضِه وإبرامِه، ما انهلَّ غيثٌ من غَمامِه، وافتَرَّ عن زَهرٍ مَبسِمُ كِمامِه.

أنها بعدُ، فإنّي قصَدتُ في هذا الكتاب إلى تَذييل "صلة" الراويةِ أبي القاسم ابن بَشْكُوال (¬1) تاريخَ الحافظ أبي الوليد ابن الفَرَضيِّ (¬2) رحمِهما اللهُ في علماءِ أهل الأندَلُس والطارئينَ (¬3) عليها من غيرهم، بذِكرِ مَن أتى بعدَه منهم، وتكميلِها بمن كان من حقّه أن يَذكُراه فأغفَلاه. وقبل الشروع في إيرادِ ما قصَدتُ إليه من ذلك فلا بدَّ من ذكْرِ مقدّمة تُطلعُ على وجهِ العملِ الذي اعتمدتُه، وتُرشدُ إلى المسلَكِ الذي فيه سلكْتُه، سائلًا من الله سبحانَه، [إرشادًا إلى] (¬4) الصواب في القول والعمل، وإنجادًا على ما يَعصِمُ من مُواقعةِ الخطإ والخطل، [لا مُعينَ غيرُه، ولا] (¬5) مأمولَ إلّا خيرُه، فأقول: إنّ الحافظَ أبا الوليد رحمه الله رتَّبَ أبوابَ كتابه على توالي حروفِ المعجَم المعروفِ ببلاد المشرق، فعلَ أبي عبد الله البُخاري (¬6) وَأبي محمّد بن أبي حاتم (¬7) وأبي سعيد بن يونُس (¬8) ¬

_ (¬1) توفي سنة 578 هـ، وكتابه "الصلة" هو الإصدار الخامس من "سلسلة التراجم الأندلسية" (دار الغرب الإسلامي، تونس 2010 م). (¬2) توفي ابن الفرضي سنة 403 هـ، وكتابه "تاريخ علماء الأندلس" هو الإصدار الأول من "سلسلة التراجم الأندلسية" (دار الغرب الإسلامي، تونس 2008 م). (¬3) في المخطوط: "الطارين"، لاجتماع تسهيل الهمزة مع الياء آخر الحروف. (¬4) ما بين الحاصرتين بياض في المخطوط استرجمناه. (¬5) كذلك. (¬6) يعني: في تاريخه الكبير الذي حققه العلامة عبد الرحمن المعلمي اليماني، وطبع بحيدرآباد الدكن 1358 - 1362 هـ. (¬7) عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي المتوفى سنة 327 هـ وكتابه "الجرح والتعديل" مطبوع في حيدرآباد الدكن 1952 - 1956 م بتحقيق العلامة عبد الرحمن المعلمي اليماني المكي. (¬8) هو الإمام المؤرخ المحدث أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري المتوفى سنة 347 هـ وكتابه في تاريخ أهل مصر يتكون من قسمين: أولهما في المصريين، وهو كبير، وثانيهما في الغرباء الواردين إلى مصر، وهو صغير، ولم يصل إلينا شيء من القسمين، لكن نقل العلماء على مدى العصور الكثير من النصوص عنهما، وقد قام الأستاذ الدكتور عبد المفتاح فتحي عبد المفتاح، من قسم التاريخ في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، بجمع نصوصه، وطبع في مجلدين سنة 2000 م وهو عمل جيّد ومستوعب.

وأبي بكرٍ الخطيب (¬1) وأبي القاسم ابن عساكرَ (¬2) وسواهم من الأئمة في تواريخِهم، وأبي الحُسَين مُسلم بن الحَجّاج (¬3) وأبي محمدِ بن الجارُود (¬4) وغيرِهما في الكُنى، ومُصنّفي المؤتلف والمختلف: الدّارَقُطْنيِّ (¬5)، وعبد الغنيِّ (¬6)، وابن الفرضي (¬7)، وابن ماكُولا (¬8)، وابن نُقْطة (¬9)، وأبي بكر بن عُزَيْر (¬10) في "تفسيرِ غريب القرآن" (¬11)، ¬

_ (¬1) توفي الخطيب سنة 463 هـ، وكتابه هو "تاريخ مدينة السلام"، نشر أول مرة بالقاهرة سنة 1931 م نشرة يكثر فيها السقط والتصحيف والتحريف، ثم أعاد تحقيقه الدكتور بشار عواد معروف على نسخ متعددة، ونشرته دار الغرب الإسلامي منذ سنة 2001 م في (17) مجلدًا، وطبع عدة مرات. (¬2) توفي أبو القاسم ابن عساكر سنة 571 هـ، وكتابه "تاريخ دمشق" عُنيتُ بتحقيق الكثير من مجلداته المحققة الفاضلة سكينة الشهابي، ونشرها مجمع اللغة العربية بدمشق، ثم طبع كاملاً طبعة رديئة في بيروت في سبعين مجلدًا. (¬3) هو صاحب الصحيح، وكتابه مطبوع. (¬4) عبد الله بن علي بن الجارود، أبو محمد النيسابوري الحافظ، نزيل مكة، والمتوفى بها سنة 307 هـ، ولا نعرف كتابه في "الكنى" هذا. (¬5) أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني البغدادي المتوفى سنة 385، وكتابه "المؤتلف والمختلف" نشرته دار الغرب الإسلامي سنة 1406 هـ بتحقيق الشيخ الدكتور موفق عبد القادر. (¬6) أبو محمد عبد الغني بن سعيد الأزدي المصري المتوفى سنة 409 هـ، وكتابه "المؤتلف والمختلف" نشرته دار الغرب الإسلامي بتحقيق الأستاذين مثنى محمد حميد الشمري وقيس عبد إسماعيل التميمي ومراجعة الدكتور بشار عواد معروف، في مجلدين سنة 2007 م. (¬7) لم يصل إلينا، ولا نعرف له نسخة خطية إلى الآن. (¬8) هو الأمير العالم أبو نصر علي بن هبة الله المعروف بابن ماكولا المتوفى سنة 475 هـ وكتابه "الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف من الأسماء والكنى والأنساب" حقق منه العلامة الشيخ عبد الرحمن المعلمي ستة مجلدات طبعت في حيدرآباد، وطبع السابع في بيروت. (¬9) هو الحافظ معين الدين محمد بن عبد الغني البغدادي الحنبلي المعروف بابن نقطة المتوفى سنة 629 هـ وكنابه في المؤتلف والمختلف هو ذيل على كتاب ابن ماكولا سَمّاه "إكمال الإكمال" وطبع في السعودية سنة 1417 هـ باسم "تكملة الإكمال" بتحقيق الدكتور عبد القيوم عبد رب النبي في ستة مجلدات. (¬10) أبو بكر محمد بن عزير السجستاني المتوفى في حدود سنة 330 هـ, وعزير آخره راء مهملة، ضبطه بعضهم بالزاي توهمًا، كما بيّنه الذهبي بتفصيل في ترجمته من تاريخ الإسلام 7/ 615 - 617. (¬11) طبع غير مرة.

وأبي عُبيد الهرَويِّ في غريَبي القرآنِ والحديث (¬1)، وأبي نصرٍ إسماعيلَ بن حَمّادٍ النَّيْسابُوري الجَوْهريِّ (¬2) في مصنّفِه: "تاج اللُّغة وصِحاح العربية" (¬3)، وتبعَه على ذلك الترتيبِ أبو القاسم ابنُ بَشْكُوال في صلتِه تاريخَه، وقد فَرَغَ من كتابَيْهما حرفُ الظاء (¬4). وخالَفَهم في ترتيبِ الحروف أبو عبد الله ابنُ الأبّار (¬5)، وهو أنبلُ تابعيه، وأبو العبّاس ابن فَرْتُون (¬6)، ومُصلحُ كتابِه ومكمّلُه أبو جعفر ابنُ الزّبير (¬7) فرَتَّبوا أبوابَ كتُبِهم على نَسَقِ الحروف المعروف ببلاد المغرب، ¬

_ (¬1) أبو عبيد أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الهروي المؤدب اللغوي المتوفى سنة 401 هـ، وكتابه "الغريبين" في اللغة، لغة القرآن ولغة الحديث، نشره الدكتور محمود الطناحي يرحمه الله. (¬2) توفي سنة 393 هـ (تاريخ الإسلام 8/ 724). (¬3) طبع غير مرة. (¬4) في الأصل: "الطاء"، والصواب ما أثبتنا، وينظر تاريخ ابن الفرضي 1/ 286، وصلة ابن بشكوال 1/ 326 هامش (4). (¬5) تنظر مقدمة الدكتور بشار عواد معروف لكتابه "التكملة" (دار الغرب الإسلامي، تونس 2011 م) حيث نظم ترتيب الحروف على ما جرى عليه أهل الأندلس. (¬6) هو أبو العباس أحمد بن يوسف بن أحمد بن فرتون السلمي الفاسي المتوفى سنة 660 هـ (تاريخ الإسلام 14/ 929)، وكتابه "الذيل على الصلة" لم يصل إلينا. (¬7) ستأتي ترجمة ابن الزبير في هذا السفر، وكتابه صلة الصلة يقع في مجلدين كما ذكر السيوطي في مقدمة البغية، ويوجد المجلد الثاني منه مخطوطًا في دار الكتب المصرية تحت رقم 850 تاريخ تيمور. وقد طبع قسم من المجلد الثاني في الرباط سنة 1938 م عن نسخة توجد اليوم بالخزانة العامة بالرباط كما طبع بتحقيق الدكتور عبد السلام الهراس والشيخ سعيد أعراب، ونشرته وزارة الأوقاف المغربية 1993 - 1995 م. وعبارة المؤلف هنا يشرحها قول ابن الزبير ملتمسًا العذر لشيخه: "كنت قد وقفت على كتاب الذيل لشيخنا الراوية أبي العباس ابن فرتون في أول لقائي إياه بسبتة سنة خمس وأربعين وست مئة، فألفيته كتابًا لم يتجرد الشيخ رحمه الله لتنقيحه، ولا فرغ لاختباره وتصحيحه، وقد استدركت عليه عددًا، وعذر شيخنا ما كان عليه من توالي الحال، قل ما يكل عليه انتحال، وقد كان تعين في باب ضعف الحال، وابتلي من الغلبة والفقر بما يطول ذكره. انتهى بالمعنى". جذوة الاقتباس (46). هذا وقد ذكر طاشكبري زاده في مفتاح السعادة 1/ 218 أن صلة الصلة لابن الزبير تقع في مجلدات.

وهو متّفقٌ مع التّرتيب المشرِقي إلى الزاي، وبعدَه عندَ أهل المغرِب والأندَلُس: ط ظ ك ل م ن ص ض ع غ ف ق س ش هـ وي. وجعَلَ ابنُ الفَرَضي وابنُ بَشْكُوال الأسماءَ في الأبواب على طبقات المذكورين فيها، فقدَّما الأسبقَ في الوجودِ فالأسبق، وعقَّبا كلَّ اسم من أسماءِ الأندَلُسيِّين بمن وجَدوه من مُوافِقِه من الغُرباء -وهم في مصطلحهما الطّارئون على الأندلس من غيرها، سواءٌ كان أصلُهم منها أو من غيرها- إن وَجَدا له في الغُرباء سَمِيًّا، وجَعَلا الأسماءَ في كلِّ باب على حسَبِ الأكثرِ فالأكثر والأشهرِ فالأشهر، وختما كلَّ حرف بذكرِ مفاريدِ الأسماءِ الموجودة فيه بتقديم الأندَلُسيِّينَ وتأخير الغُرَباء إن وَجَداهم. وكذلك فعَلَ أبو عبد الله ابنُ الأبّار وأبو جعفر بنُ الزُّبير فيما وقَفْتُ عليهما (¬1) من تاريخيْهما؛ فأما أبو العبّاس ابنُ فَرتون فلم يعتبِر في كتابِه تطبيقًا، ولا سلَكَ من ذلك الترتيب طريقًا، بَيْدَ أنه قَدَّم الأندَلُسيِّينَ وأخّر الغُرَباءَ عمَلَ مَن تقدّمه أو عاصَرَه أو تأخّرَ عنه، والى بالأسماء كيف اتّفقَ له، إلّا أنه عَقَّبَ الأبوابَ بما اتّفقَ من مفاريدِها، وما أُراه كان يعقِلُ [أنّ مقصِدَهم] (¬2) ومصطلحَهم في الغُرباء خارجٌ عن عُرف المحدِّثين والمؤ [رِّخين] (¬3)، فإنّ نسبةَ الراوي إلى بلدٍ وُلدَ به ونشَأ وقرأ ورَوَى ورُو [يَ عنه] [فيه] (¬4) أو فارَقَه ثم عاد إليه نسبةٌ صادقةٌ بكلِّ اعتبارٍ من هذه الاعتبارات التي ذكَرْنا، وقد اشترَكَ في استعمالهِا المتقدِّمونَ والمتأخِّرون؛ فأمّا إن كان ناقلةً من بلد بعدَ مولِدِه فما بعدَه على تدريج الأحوال إلى غيره فإنّ المتقدِّمينَ راعَوْا (¬5) موضعَ استقرارِه، فهم إنّما ينسُبونَه إلى البلد الذي صار مُستقرَّه، ولذلك تجدُهم يقولون في أبي بكرٍ الصّدّيق ¬

_ (¬1) كذا في المخطوط، وفوقها كلمة كذا. (¬2) خرم في المخطوط مقدار كلمة أو كلمتين. (¬3) خرم في المخطوط مقدار كلمة. (¬4) خرم في المخطوط مقدار كلمة. (¬5) في المخطوط: ذاعوا، وهو تحريف.

وعُمرَ بن الخطّاب وعثمانَ بن عفّان ومن جرى مجراهم من الصّحابة الساكنينَ بالمدينة، رضي اللهُ عنهم وأدام تشريفَها: إنهم مَدَنيُّون، معَ العلم بأنهم من مكَّةَ كرَّمها الله ومن غيرها. وكذلك يقولونَ فيمن استَوطَنَ بلدًا غيرَ بلده الذي وُلد به، فعلى هذا كان عملُ المتقدِّمينَ من أئمّة المحدِّثينَ وتبعَهم في ذلك المتأخّرون ما عدا أبا الوليد ابنَ الفَرَضي وتابعيه وهلُمّ جَرًّا. وقد اضْطَرب عملُ أبي عبد الله ابن الأبّار في هذا اضطرابًا ينافي شهيرَ نُبْلِه ومعروفَ تيقُّظِه وتحفُّظِه من متعفقاتِ النقد وأسبابِه، فجرى في معظم كتابه على مُصطَلَح أبي الوليد ابن الفَرَضي ومَن تبِعَه، وخالَفَهم في بعضِه، فذَكَرَ في الأندَلُسيِّينَ جماعةً من النّاقلة إليها عملَ المتقدِّمينَ المفروغ من تقريره، تشبُّعًا واستكثارًا وإفراطًا في التعصُّبِ الذي كان الغالبَ عليه حتى غلا فيه، ويكفيكَ من مثلِ ذلك ما ختَمَ به رَسْمَ أبي عبد الله بن عيسى ابن المُناصف، رحمه الله بعدَ أنْ ذكَرَه في الأندَلُسيِّين، وذكَرَ من أحوالِه ما رأى أن يَذكُرَه به فقال: مولدُه بتونُس، وقيل: بالمَهْديّة، وهو أصحّ، ثمّ قال: وذكرُه في الغُرباء لا يَصلُحُ، ضنانةً بعلمِه على العُدوة (¬1). وحَسْبُك ما اشتملَ عليه هذا القولُ من الشِّهادةِ على قائلِه بما لا يَليقُ بأهل الإنصاف من العُلماء، واستحكامِ الحسَد المذموم، واحتقارِ طائفةٍ كبيرة من الجِلّة العدويِّين، وفضلُ الله سبحانَه رحمةٌ يختصُ بها من يشاءُ، وموهبة يُنيلُها من يختارُ، والله ذو الفضل العظيم. وسأُعيدُ قولَه هذا في رسم أبي عبد الله بن عيسى المذكور، وما خَتَمَه به ابنُ الزُّبير إن شاء اللهُ تعالى (¬2)، وكم من شاهدٍ على أبي عبد الله ابن الأبّار بفاضح ¬

_ (¬1) التكملة (1632). (¬2) ترجم المؤلف ابن المناصف في السفر الثامن من هذا الكتاب، وهو يشير إلى قوله هناك: "وقبّح الله الحسد المذموم، فقد حمل أبا عبد الله ابن الأبار على ذكره إياه في الأندلسيين تشبعًا لها ببعض ما ذكرناه به، وختم رسمه بما نصه: وذكره في الغرباء (لا يصح) ضنانة بعلمه على العُدوة، وكذلك ذكره ابن الزبير في الأندلسيين، ولم يذكر أين ولد لما لم يعلمه، وختم ذكره بما نصه: ومولده بالمهدية وإنما ذكرته في البلديين تبعًا للشيخ وغيره ولتأصله الأندلسي وعراقته". ويلي هذا تعقيب للمؤلف على كلام ابن الزبير.

التَّشَبع في كتابِه، كذِكْرِه أبا المعالي الخُراسانيَّ ورواية أبي زيدٍ الفازازيِّ عنه، وقولِه: إنّه لا يدري أين لقِيَه (¬1)، وإذا كان لا يدري أينَ لقِيَه فما الذي يُسوِّغُ له إفرادَه برَسْمٍ في كتابِه؟ وسأُبَيّنُ أمرَه في موضعِه إن شاء اللهُ تعالى (¬2)، وكذلك ذكْرُه طائفةً كبيرةً ليست من شَرط كتابِه ولا كتابَي الشيخَيْنِ: أبي الوليد ابن الفَرَضي وأبي القاسم ابن بَشْكُوال؛ لأنهم لم يُرْسَموا بفنٍّ من فنون العلم، وإن ذُكروا بصلاح وخَيْرٍ واجتهادٍ في العبادة وانقطاعٍ إلى أعمال البِرّ، فلِذكْرِهم مجموعٌ آخرُ يشمَلُهم معَ من كان على مثل أحوالهم؛ وأَقبحُ من هذا كلِّه وأشنعُ ذكْرُه نساءً تُنزَّهُ الصحُفُ عن تسويدِها بذكْرِهنّ فيها معَ أهل العلم الذين هم خواصُّ عبادِ الله، اللهُمّ إلا من قصَدَ في تأليفه إلى ذكْرِ أهل البِطالة والمُجّانِ والقِيَان اللّواتي يكادُ الخوضُ في ذكْرِهنّ يكون وَصْمةً وجَزحة فيمن تعرَّض له. نستعيذُ بالله من أعمالِ القلم في ذكْرِ واحدةٍ منهنّ، ونرى الإعراضَ عنه دينًا، وليت شعري! إذْ ذَكَرَ هؤلاء النِّسوةَ اللائي هُنَّ بهذه الصفات، فما بالُه أغفَلَ أضعافَ أعدادِهنّ من الرجال الذين هم على مثْلِ حالِهنّ؟ إنها لَعثرةٌ لا تُقال، وزَلّة لا تُغتفَر، ¬

_ (¬1) التكملة (1874). (¬2) حرّر المؤلف ترجمة أبي المعالي الخراساني في السفر الثامن من هذا الكتاب وفيما يلي نص كلامه في المحال عليه: "محمود بن أبي القاسم الفارسي، يُكنى أبا المعالي. حدث عنه أبو زيد الفازازي، ولا أدري أين لقيه. قال المصنف عفا الله عنه: هكذا ذكر ابن الأبار هذا الرسم في الغرباء من غير زيادة ولا نقص، ولا وجه لذكره فيهم لأنه لم يدخل الأندلس على ما سأذكره إن شاء الله. وإنما ذكره تشبعًا على مألوف عادته واستكثارًا بما لا يصح له، ولتقصيره مع ذلك في ذكره رأينا الإعلام ببعض أحواله فنقول: أبو المعالي هذا خراساني يلقب شمس الدين، ورد المغرب والناصر من بني عبد المؤمن بإفريقية ودخل تونس وهي أقصى أثره من بلاد المغرب، ومنها كرّ قافلًا إلى بلاده بعدما حظي عند الناصر وأجزل صلته، وهنالك روى عنه أبو العباس بن إسحاق، وأبو محمد عبد الله بن عبد الجليل بن علي بن عبد الجليل الأزدي القروي الحافظ، وأبو زيد الفازازي. وامتدحه بقصيدة فريدة رأينا إثباتها هنا تكميلًا للإفادة، وتنبيهًا على ما لأهل المغرب في الفضل من الحسنى والزيادة" ثم ساق القصيدة المذكورة.

وسيّئةٌ لا تكفيرَ لها، وكبيرةٌ يجبُ المَتابُ منها، والإقلاع بتوفيق الله عنها، واللهُ حسبُنا ونِعم الوكيل (¬1). وإنّي لمّا تأمّلتُ وجوة هذه الأعمال، لاح لي فيها ضُروبٌ من الاختلال؛ أمّا ذكْرُ الغُرباءِ على النَّحو الذي ذكروهم فإنه لا يَطَّردُ لهم، إذ قد خلا منهم بعضُ الحروف رأسًا، وكثير من الأسماءِ التي اشتملت عليها، فرأيتُ إرجاءَ ذكْرِهم إلى آخرِ الكتاب، وإفرادَهم بالذِّكرِ بعد الفراغ من ذكرِ أهل الأندَلُس، فيكونُ ذلك أرفعَ لهم، وأدلَّ للناظر على مُلتمَسِهم، وأوضحَ لتمييزِهم وتحيُّزِهم عن سوادِهم (¬2) وأقربَ لخَزْلهِم عمّن عداهم، حتى لو اختار أحدٌ تجريدَهم عن الكتاب لذِكْر من دَخَلَ الأندَلُسَ من الأعلام لكان ذلك عليه يسيرًا، ولم يحتَجْ فيه إلى تكلّف ولا إعمالِ نظر، ولا تلفيقًا لمُبدَّد، ولا ضمًّا لمُفترِق، فإنه يُلفي مطلوبَه كلَّه مجموعًا في موضع واحد، ويَسقطُ بذلك تكرارُ التراجم المنبِّهة على الانتقال لذكْرِهم من ذكْرِ مشاركيهم في الاسم أو في التفرُّد، وكذلك تسقُطُ تراجمُ المَفاربد من آخر كلِّ حرفٍ يكونُ فيه مفاريدُ منهم. وأمّا ذكْرُهم على الطبقات فإنه لا يتَأتّى اطّرادُه أيضًا إلّا بشرطِ العلم بوفاة الرجال المذكورينَ وتحقُّق متأخِّرِها من متقدِّمِها، وهو متعذِّر؛ ولذلك نجدُهم يَذكُرونَ الرجلَ بين الرجُلينِ وهو أقدمُ موتًا من المذكورِ قبلَه، مجُاورًا له أو متقدِّمًا ¬

_ (¬1) عقد المؤلف في آخر السفر الثامن من هذا الكتاب بابًا عنونه بعد البسملة والتصلية بقوله: "هذا ذكر النساء، أوردتهنّ مرتبات على الحروف منوعات إلى أندلسيات وغرائب كما فعلنا في الرجال". وأورد فيه (54) ترجمة أندلسية و (3) تراجم غرائب وفي آخر الكتاب بتر. وبمقارنة تراجم النساء عند ابن عبد الملك بتراجمهن عند ابن الأبار تبين لنا أن المؤلف اقتصر على ما ذُكرن بقراءة أوكتابة أو رواية أو غير ذلك مما هو من شرط كتابه ولم يصنع صنيع ابن الأبار في التعميم الذي انتقده هنا. ومع ذلك فنحن نحس في هذا النقد شيئًا من التهويل المبالغ فيه والتحرج الذي لا معنى له. (¬2) السواد: معظم الناس.

عليه برَجُلٍ أو رجُلينِ فصاعدًا، أو تتأخَّرُ وفاتُه عنه على تلك النسبة، وذلك موجودٌ في كتُبِهم بأيسرِ تأمل، وإنّما جَرّ عليهم هذا الخللَ تعيينَ أوقات الوفاة في كلِّ مذكورٍ عندَهم، فإذا عَثَرَ عليها سواهم من غير كتُبهم تبيَّن ذلك، ومن مِثلِه لمن يَستعجلُ الوقوفَ عليه أنّ ابنَ بَشْكُوال ذكَرَ أبا عامر محمدَ بن سَعْدون بن مُرَجّى بن سَعْدون بن مُرَجّى العَبْدَريَّ (¬1) ولم يذكُرْ له وفاةً لمّا لم يَعرِفْ وقتَها، بين أبي عبد الله محمد بن المُفَرِّج إبراهيم [المُقرئ] (¬2) البَطَلْيَوسي، وذكَرَ أنّ وفاتَه سنةَ أربع وتسعينَ وأربع مئة، وأبي عبد الله محمد بن فَرَج مَوْلى محمد بن يحيى البَكْريِّ ابن الطّلاع (¬3)، وذكَرَ أنّ وفاتَه بُكرَ (¬4) يوم الخميس لثلاثَ عشْرةَ ليلةً خَلَت من رجب الفَرْد سنة سبع وتسعينَ وأربع مئة، فاقتضَى وضعُ أبي عبد الله ابن سعدونَ بينَهما أن يكونَ زمانُ وفاتِه بين زمانِ وفاتَيْهما، وقد طَلَعَ نَجيثُ البحث (¬5) عن وفاته على أنها كانت في ربيع الآخِر سنة أربع وعشرينَ وخمس مئة بعد وفاةِ أبي عبد الله ابن فَرَج بسبع وعشرينَ سنةَ غيرَ شهرَيْنِ وأيام. وممّا وجدتُ: [أنَّ] أبا عبد الله ابنَ الأبّار يعتبِرُ في التّطبيق زمنَ رواية الراوي عن شيوخِه معَ وفاة مَن قبلَه ومَن بعدَه فيُوسّطُه بينَهما، فيَجعَلُ الراوي سنة عشرينَ وخمس مئة مثلاً بينَ مَن توفِّي سنة تسعَ عشْرةَ ومَن توفِّي سنة إحدى وعشرين، ولعلَّ الراويَ سنة عشرينَ كان طفلًا صغيرًا أو ابنَ خمسَ عشْرةَ أو عشرين ثم يُعَمَّرُ بعد ما شاء اللهُ ويبلُغُ الثمانينَ أو التسعينَ وخمس مئة أو ست مئة، وكيف يَسُوغُ الحُكمُ بأنه من تلك الطبقة على مراعاةِ ترتيب الوَفَيات؟ فاعلم ذلك. ¬

_ (¬1) الصلة (1238). (¬2) ما بين الحاصرتين محله بياض في الأصل وأكملناه من ترجمته المذكورة في الصلة (1237). (¬3) الصلة (1239). (¬4) في الصلة: "ضحوة". (¬5) في المخطوط: "بخت" وطلع نجيث البحث: ظهر ما كان خافيًا، وفي أمثال العرب: بدا نجيث القوم، أي ظهر سرهم الذي كانوا يخفونه.

وممّا أخَلّ به من ذلك، أي: إخلالِ التَّكرار وقلبِ النَّسَب، أنه ذكَرَ محمّدَ بن أحمدَ بن محمد بن سعيد ابن مُطَرِّف التُّجيبيَّ، من أهل قلعة أيّوبَ ونزَلَ مدينةَ فاسَ، يُعرَفُ بالبَيْراقي، ويُكْنَى أبا عبد الله، رَوَى عن أبي محمد ابن عَتّاب، وكان من أهل العلم والفضل صاحبَ دفاترَ ودواوينَ نفيسة، حَدَّث عنه ابنُه أبو حَفْص عمرُ بن محمد، وتوفِّي بعد الأربعينَ وخمس مئة، عن بعضِ أصحابنا. انتهى الرَّسْم (¬1). ثم قال بعدَ مئة وتسعةٍ وستينَ اسمًا (¬2) وإثْرَ من توفِّي بعدَ أربع وثمانينَ ما نصه: محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن مُطرِّف بن سعيد التُّجيبيُّ، يُكْنَى أبا عبد الله؛ رَوَى عن ابن عَتّاب، حَدَّث عنه ابنُه عمرُ بن محمد. انتهى الرَّسْم (¬3). وهذا المذكورُ هو المذكورُ قبلُ لا مَحالةَ. وأيضًا، فإنّا إذا التمَسْنا في كتُبِهم ذكْرَ الرجُل لم نقطَعْ بأنهم ذكَروه إلّا بعدَ تصفُّح المُسَمَّيْنَ الذين شارَكهم في التّسمية، ولا سيّما في الأسماءِ المفاريدِ أو الأسماءِ التي تقِلُّ التّسميةُ بها. ثم قد تتصفّحُ تراجمَ الحرف كلَّها فلا تجدُ لمطلوبِك أو لسَمِيِّه ذكرًا، فتكون قد قطَعتَ وقتًا في التماسِ مطلَبٍ لم تَنلْه، وربما عرَضَ ذلك لك في أسماءٍ كثيرة في الوقت الواحد وفي حروفٍ متعدِّدة كالتماسِك تعرُّفَ رجالِ سَنَد مُخْتلفي الأسماء، فذلك داع إلى تصفُّحِ مواضعَ تتعدَّدُ بتعدُّد رجال ذلك السَّند. ثم إنّ من المتقرّرِ أنّ الطبقاتِ لا يحيطُ بإدراكِها إلّا الحُفّاظُ الحاضرو الذِّكْر، الذين طالت مُزاولتُهم للصناعة، ويتَعذّرُ إدراكُها عمّن عداهم فيُضطرُّ إلى تتبُّع التراجم ترجمةً ترجمةً وحرفًا حرفًا، وبالحرِيِّ أن يجدَ مطلوبَه إن كان مذكورًا، وإن لم يجِدْه كانت خَيْبتُه من نَيْل مطلوبِه كخيبة الأوّل؛ وقد كان من الإتقان في ¬

_ (¬1) التكملة 2/الترجمة 1316. (¬2) بل بعد (172) اسمًا. (¬3) التكملة 2/الترجمة 1488.

العمل، إذ بنَوا كُتبَهم على ترتيبِ الطبقات، أن يعمَدوا إلى أقدمِ مَن يُسَمَّى باسم أوّله حرفُ الباب موتًا فيُصَدِّرونَ به وُيتْبِعونَه مشاركيه في الاسم كما يفعلونَ في المفاريد، ثم يفعلونَ ذلك في الأسماءِ اسمًا اسمًا، فلم يفعلوا ذلك، بل تجدُ أوّلَ مذكورٍ في الترجمةِ السابقة متأخِّرَ الوفاة عن أوّل مذكورٍ في الترجمة الثانية، بل في الثالثة فصاعدًا، وذلك موجودٌ كثيرٌ لمن التمَسَه في كتُبِهم، وقد يُغتفَرُ لهم ذلك فيمن قدَّموه تَهمُّمًا أو تَبرُّكًا بسَمِيِّه، كأحمدَ في باب الهمزة، وعبد الله والمعبَّدينَ مطلقًا في باب العين، والمحمَّدينَ في باب الميم. وأيضًا، إذا قطَعنا بأنّ الاسمَ الذي نريدُ تعرُّفَه مذكورٌ عندَهم لتصَفُّح تقدُّم أو لوجهٍ ما، لم نعلم أهو من المفاريدِ أم له سَمِيّ، وهل تقدَّمت ترجمتُه أو تأخَّرت، فلا بدَّ من تتبُّع التراجم المشترِكة أو الأسماءِ المفاريدِ كلها، فيطولُ العناء (¬1)، وإن أَجْدَى فبعدَ مشقّةٍ غالبًا. فآثَرْتُ ترتيبَ كتابي هذا بأنْ وضَعْتُ أبوابَه على ترتيبِ حروف المعجَم المَشْرِقي لصحّةِ اعتبارِه. وقد نظَمَ فيه غيرُ واحد، منهم: أبو الحَجّاج بن موسى المذكورُ في موضعِه من الغُرباءِ (¬2) آخرَ الكتاب إن شاء الله، وسآتي (¬3) بما نظَمَه في ذلك معَ ما نظَمْتُ فيه هنالك إن شاء الله (¬4) أوائلَ كلِمِها جميعَ الحروف، فقلت [طويل]: ¬

_ (¬1) في المخطوط: "العناد"، محرفة. (¬2) في المخطوط: "العرب" محرف. (¬3) في المخطوط: وسيأتي. (¬4) ترجمة أبي الحجاج بن موسى المذكور ستأتي في السفر الثامن من هذا الكتاب وأبياته في ترتيب حروف المعجم هي: أحبب ببدر تائه ثناني ... جماله حليف خبل دان ذكراه راحي زهره سباني ... شرد صبري ضامر طواني ظبي على غراته فتان ... قلبي كواه ليته مداني

ألِمَّ برَوْضي تَجْنِ ثَمَّ جَنَى حَيًا ... خلا دَرِّ ذي رَيٍّ زكا سَقْيُه شِرْبا صَفَا ضِمنَ طَلٍّ ظَلَّ عدَّ غنًى فَشَا ... قِرَى كِلْ لهُ من نَهْي وَدْقٍ همَى سُحْبا (¬1) وبدأتُ، في حرف الهمزة، بمن اسمُه أحمد، وفي حرف الميم بمن اسمُه محمد، تبرُّكًا بموافقة اسمَي النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وقد تقَدَّم البخاريُّ إلى تصديرِ تاريخِه الكبير بذكْرِ من اسمُه محمد (¬2) لمّا ذَكَر أوّلَه سيِّدَ البشَر نبيّنا المصطفى صَلَواتُ الله وسلامُه عليه، إذ كان أشهرَ أسمائه، وجَعلَ -بعد الفراغ من ذكْرِ مَن اسمُه محمدٌ- حرفَ الهمزة، مبتدئًا فيه بمن اسمُه أحمد (¬3)، فسَعِد بتوالي الاسمَيْنِ المباركَيْنِ في صدرِ كتابِه من غير فَصْلٍ بينَهما، وجعَلَ سائرَ المُسَمَّيْنَ باسم أوله ميمٌ في باب الميم. وجعَلَ أبو بكرٍ الخطيبُ أوّلَ المذكورينَ في تاريخه بعدَ الصّحابة وأكابرِ التابعينَ المذكورين في صَدْرِه من اسمُه محمد (¬4)، فإنْ كان قصْدُه موافقةَ البخاريِّ فيما فعَلَ فللبخاريِّ مُستنَدٌ قويٌّ وسببٌ واضحٌ كما تقَدَّم ليس للخطيب، وإن كان قصدُه التبرُّكَ مجُرَّدًا، بتقديم اسم النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقد كان يكفيه من ذلك تقديمُ ¬

_ (¬1) أعاد المؤلف هذين البيتين في السفر الثامن وعقب عليهما بقوله: وعذر التكلف في مثلهما لا يخفى على منصف! قلنا: وقد أصابهما في كلا الموضعين تحريف شديد. (¬2) انظر التاريخ الكبير 1/ 1/ 11. (¬3) باب الهمزة في المطبوع 1/ 1/ 271 مبدوء بإبراهيم ثم إسماعيل ثم إسحاق ثم أيوب ثم أشعث ثم إياس ثم أسود ثم أبان ثم أزهر وبه ينتهي الجزء الأول من القسم الأول، ولا يأتي الأحمدون إلّا في أول الجزء الثاني من القسم الأول، ويفهم من كلام المؤلف أنه وقف على نسخة من تاريخ البخاري يقع الأحمدون في أول حرف الهمزة منها. (¬4) ينظر المجلد الثاني من تاريخ مدينة السلام.

من اسمُه أحمد، كما فعَل أبو القاسم ابنُ عساكرَ في تاريخ الشام لمّا ذكَرَ أوّله النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فجعَلَ أوّلَه من اسمُه أحمد، وجعَلَ أوَّلهم أحَقَّهم بالتقديم سيّدَنا المصطفى نبيَّنا صَلَواتُ الله وسلامُه عليه كما فعَلَ غيرُه ممّن لم يذكُر النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - من أئمةِ المؤرِّخين، كابن أبي حاتم وغيرِه. وقدَّمتُ في باب العَيْن مَن اسمُه عبدُ الله وعبدُ الرحمن؛ لأنهما أحبُّ الأسماءِ إلى الله، ووَسَّطْتُ بينَهما مَن اسمُه عُبَيدُ الله لشَرَفِ الإضافة، وأتلَيْتُ مَن اسمُه عبدُ الرحمن مَن اسمُه عبدُ الرحيم لاشتراكِهما في الاشتقاق من الرّحمة ولتلازُمِهما في تسمية التبرُّك وآي من كتاب الله العزيز: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]، {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163]، {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [النمل: 30]، {حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [فصت:1 - 2]، {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [الحشر: 22]، وأتبَعْتُ ذلك سائرَ المعبَّدين، معتبِرًا في تَرتيبِهم حروفَ أوائل أسماء الله على حسَبِ ما أُلفيه منها، وما لم أُلفِهِ منها تخطّيتُه إلى أوّل ما أُلفِيه بعدَه منها، وذكَرْتُ سائرَ الأسماءِ في سائرِ الأبواب والتَّراجم على تَرتيب الحروفِ المذكورة. واعتبرتُ ثوانيَ الأسماءِ وثوالثَها فصاعدًا ما حَصَلَ الاشتراكُ بينَهما، فبدأتُ في بابِ الهمزة، بعدَ ذكْرِ مَن اسمُه أحمد، بذكْرِ مَن اسمُه آدم، إذْ كان ثانيَ الهمزة فيه ألفًا، مُسامحةً في هذه الألف واكتفاءً بصورتها، وعَضَّدَ هذا الاعتبارَ أنّ أصلَها همزة، وإن لم أراع ذلك في مثلِه، ولكنّي لاحظتُ صورةَ الحرفِ في الهجاء لا أصله كمؤمَّل أذكُرُه فيمن بعدَ الميم منَ اسمِه واوٌ كان كانت سورة للهمزة، فما ثانيه باءٌ كأَبَانٍ وإبراهيمَ وأبو بكر وأبو العافية، اسمين، فأتيْتُ بها على هذا النَّسَق، لَّما كانت هذه الأسماءُ كلُّها مشتركة في كَوْن الباء ثانيةً فيها، وتقَدَّم ثالثُ أَبَانٍ على ثالث إبراهيم، وثالثُ إبراهيمَ على ثالثِ أبو، تقدَّم ثالثُ أبو على ثالثِ أبي.

ولمّا تقَدَّمت باءُ بكرٍ على عينِ العافية اقتضَى تقديمُ أبو بكر على أبو العافية، ولا عبرةَ بأداةِ التعريف. وهنا ذكرتُ الكُنَى التي هي أسماءٌ لها كُنًى، وأضَفْتُ إليها الكُنَى التي لعلّها أسماءٌ جُهِلت كناها أو كُنًى جُهلَتْ أسماؤها؛ لأنّ كلا النّوعينِ شُهرة عَرَّفتْ من أُجريتْ عليه كما عَرَّف غيرَهم أسماؤُهم، فهي أسماؤهم أو كأسمائهم، حتى يتبيَّنَ أمرُها بالعثورِ على ما خَفِيَ من أمرِها، فيكونَ العملُ بحسَبِه، وليجتمعَ المذكورونَ بالكُنى في موضع واحدٍ، خلافًا لعملِهم حيث عَقَّبوا بعضَ التراجم بالكُنَى المُوافقة لها، وذلك لا يَطّردُ في كلِّ ترجمة، فرأيتُ ذكْرَها هكذا أجرَى على الصّواب كما فعلتُه في ذكْرِ الغُرباء، فاعلَمْ ذلك واللهُ الموفِّق. ولمّا فرَغْتُ من ذكْرِ الأسماء التي ثانيها باءٌ من هذا الباب لم أجدْ بعدَها مَن ثانيه حرفٌ من الحروف التي تلي الباءَ في الترتيبِ المذكور إلى الخاء، فتَخطّيتُها إليها، وألفَيْتُ فيها أخْطَلَ وأخْيَل، فذكرتُهما على هذا الترتيبِ لتقَدُّم ثالثِ أخْطلَ على ثالثِ أخْيل، فمَن اسمُه إدريسُ لكونِ الدال تلي الخاء، فمَن اسمُه أزفعُ لكون الراءِ بعد الدال، ولم أجدْ مَن ثاني اسمُه ذال، فمَن اسمُه أزْهرُ، لأنّ الزايَ تلي الراء، فمَن ثاني حروفِه سين، فألفَيْتُ من ذلك أسامةَ وأسْباطًا وإسحاقَ وأسدًا وإسماعيلَ وأسود، وهي كلُّها مشترِكةٌ في كونِ ثانيها سينًا، فذكرتُها على تلك الطريقة أيضًا لتقَدُّم ثالثِ أُسامةَ على ثالثِ أسباط، وتقَدُّم ثالثِ أسباط على ثالث إسحاق، وتقدُّم ثالثِ إسحاقَ على ثالثِ أسَد، وتقدُّم ثالثِ أسدٍ على ثالثِ إسماعيل، وتقدُّم ثالثِ إسماعيلَ على ثالثِ أسود، وطَرَّدتُ قانونَ هذا العمل إلى اَخِر مَنْ أوّلُ اسمه همزة، فانتقلتُ إلى ذكْرِ مَن أوّلُ اسمِه باء، ثم مَن أوّلُ اسمِه تاء، كذلك إلى آخِر الحروف. واعتبرتُ هذه المقاصدَ كلَّها في الآباءِ ما عَلَوا، وفي الكُنى إن كان هناك اشتراك، ولا فارق، كأنْ يكونا أخوَيْنِ مثلَ المحمّدَيْنِ ابنَيْ إسماعيلَ بن عُفَيْر،

قذَمتُ المُكَنَّى منهما بأبي العبّاس على المُكَنَّى منهما بأبي الوليد (¬1) لتقَدُّم العينِ في كُنية أبي العبّاس على الواو في كُنية أبي الوليد، أو يكونا ابنَيْ عمٍّ كالأحمَدَيْن: أبي الخطّاب وأبي الحَسَن ابنَي المحمّدَين ابنَيْ عُمرَ بن واجِب، قدَّمتُ أبا الخطّاب منهما وإن كان أوّلُ كُنْيتِه الخاء على أبي الحَسَن، وإن كان أوّلُ كُنْيته الحاءَ؛ لأنّ أبا الخطّاب ابنُ أبي الحَسَن، وأبا الحَسَن ابنُ أبي عبد الله، فاعتبرتُ الترتيبَ في كُنْية أبوَيْهما كما لو كانتا اسمَيْنِ لهما. وأجدى فائدةٍ تحصُلُ عن هذا الترتيب الأمنُ من قلْبِ الأنسابِ الذي وقَعَ فيه كثيرٌ من المؤرِّخين، وسأنبّهُ على بعض ما يَجري لهم من ذلك إن شاء الله. وكذلك الترتيبِ سلكتُ في ذكْرِ مشيخة الرجل عند إيرادِهم في رَسْمِه، وقد أعدِلُ عن ذلك في بعض المواضع خوفَ التباسٍ أو إرادةَ اختصار، كأنْ يَرويَ عن أبيه أو جَدِّه، أو أخيه أو عمِّه، أو خالِه أو صِهْره، أو مَن هو منهُ بسببٍ على الجملة، فأُقدِّمُ ذكْرَ المَرْويِّ عنه، ثم إنْ وافقَه غيرُه من أشياخ المترجَم به ذكَزتُه معَه بحُكم الانجرار، وإن لم يُشاركْه غيرُه في اسم ولا كُنْية ذكَرْتُ مَن عَداه على الترتيب المعهود، وكذلك أفعَلُ في الرُّواة عنه. وقدَّمتُ في كلِّ ترجمة الأطولَ فالأطولَ نَسَبًا، مُنتهيًا إلى أقصرِهم، بل حتى يكونَ آخِرُ المذكورينَ فيها مَن لم يُذكَرْ إلا باسمِه فقط، ومتى توافَقَ اسمانِ فصاعدًا في نسَبٍ أو غيره التمَسْتُ لتقديم أحد المذكورَيْنِ أو المذكورِينَ وجهًا يقتضي تقديمَه على غيره: إمّا من نسَبٍ إلى القبيلة أو البلد، أو لقبٍ يُعرَفُ به، أو لغير ذلك؛ كان كان بعضهُم منسوبًا إلى قبيلة قدَّمتُه على المنسوبِ إلى البلد، وقدَّمتُ المنسوبَ إلى البلد على المنسوب إلى حِرفة، وراعَيْتُ في هذا كلِّه أيضا مبدأَ حرفِ تلك النِّسَب. ¬

_ (¬1) كأنه سها عما التزم به هنا فعكس عند التطبيق بتقديم أبي الوليد على أبي العباس.

وأُقدِّمُ المُكَنَّى على غيرِ المُكَنَّى رَعْيًا لأسبابِ التقريب على الطالبِ مطلوبَه في هذا الكتاب في أقصرِ زمان. ولمّا كان ذكْرُ المُكَنَّيْنَ في رسوم المذكورينَ في هذا الكتاب بكونِهم رُواةً أو مرويًّا عنهم، وخِيفتِ الإطالةُ بذكر أسمائها معَها، أو عُلِم تشوُّفُ المُطالع إلى اسم تلك الكُنية، أو ظُنَّ عند ذكْرِ الكُنْية أنها اسمٌ أو أنّ المَكْنيَّ بها غيرُ مسمًّى، أو كانت كُنيةً تقلُّ لذلك الاسم أو تقِلُّ التّكنيةُ بها مطلقًا، إلى غير ذلك -رأيتُ أن أُلحِقَ آخرَ الكتاب إن شاء اللهُ بابًا في أسماء الكُنَى الجاريةِ أثناءَه. ولما كان القصدُ بهذا الكتاب وَجْة الله تعالى رجَوْتُ له الشِّياعَ وسَيْرَ الرُّكبان إلى مصوَّرِ البسيطة مَشرِقِه وغَرْبِه، وعموم نَفْع أهل العلم في جميع الآفاق بما اشتَملَ عليه. ولمّا كان ممّا تضمَّنه نسبةُ المذكورينَ فيه إلى بُلدانِ الأندَلُس الشهيرة، وقراها الخاملة، أمكَنَ إمكانًا قريبًا وُقوعُه إلى مَن ربما تغيبُ عنه معرفةُ تلك الأماكن أو يتشوَّفُ إلى معرفتِها أو تقييدِها وضبطِها، فإذا لم يجدُ سبيلًا إلى علمِها أدّاهُ ذلك إلى تحريفها عند النُّطق بها أو تصحيفِها والإخلال حالَ النَّقْل وجَهْلِ حدودِها، ولا سيَّما عند أهل البلادِ الشاسعة عنها بل غير المُصاقِبة لها، فكان ممّا ينبغي الإجادةُ بذكْرِها وتعيينُ محالِّها، وذلك لا يخلو من أربعةِ أنحاء، أحدُها: تحديدُها في كلِّ موضع تُذكَرُ فيه، ولا خَفاءَ بما في هذا العمل من التطويل المُستَثْقَل، والثاني: تحديدُها في أوّل موضع تُذكَرُ فيه ثم يُحالُ في تعرُّفِها على ذلك الموضع، وهذا نحوُ الأوّل في الطُّول وأشَدّ، والثالث: تحديدُها في أوّل موضع تُذكَرُ فيه والاكتفاءُ به عن إعادتِه فيما بعدَه، وذلك لا يفيدُ فيما بعدُ إلا لمن تقدَّمتْ له مطالعةُ ذلك الموضع وأحضره في ذكْرِه وإلّا أحْوَجَه إلى تصفُّح ما قبلَ الموضع الذي لم تُذكَرْ فيه، ويمكنُ أن لا يجدَه إلا بعدَ استيفاءِ جميع الكتاب أو مُعظَمِه بالمطالعة بحسَب بُعد الموضع الذي ذُكِرتْ فيه عن الموضع الذي

لم تُذكَرْ فيه أو قُرْبِه فتَعْظُم المشَقّة وتَبْعُد الشُّقّة، والرابع: ذِكرُها محدودةً باختصار كافٍ في تعريفِ أحوازِها من جزيرة الأندَلُس مُقيَّدةً، وذكْرُ ما وقَعَت إليه النِّسبةُ في هذا الكتاب من غير بلاد الأندَلُس شرقًا وغربًا مُرتَّبةً بحسَب الموجودِ منها على حروفِ المعجم، فرأيتُ ذكْرَ ذلك على هذا النّحو الرابع، وهو الذي اخترتُه وانتهى إليه رأي في بابٍ آخَرَ إن شاء الله. وجمَعتُ هذا الكتابَ ممّا افترَقَ فيما لا أُحصيه عدَدًا من برامجِ رواياتِ الشيوخ الجِلّة أئمةِ هذا الشأنِ كلِّها وافيةً بالشروط المُعتبرة في توثُّق النَّقل منها، إذْ مُعظمُها بخطوطِ جامعيها، وسائرُها بخطوطِ المعتمَد عليهم من رجال هذا الفنِّ ومُقابلتِهم وتصحيحِهم، إلى ما نَقلتُه من مُقيّدات ذوي العناية بهذه الطريقة من موالدَ ووَفَيات، ورَفْع أنساب، وتبيين أحوالِ الرُّواة، وشبْهِ ذلك من الفوائد، معَ ما تلقَّيتُه من مشايخي الذين أخذتُ عنهم شَفاهًا وما التقَطتُه من طبقاتِ القراءات والأسْمِعة على الشّيوخ أو منهم، والتواريخ على تفاريقِ مقاصدِها، وكلُّ ذلك مما انسَحَبتْ عليه روايَتي بين سَماع وقراءة، ومُناولةٍ وإجازة، وغير ذلك من ضروب التحمّل. وقد جَرى عملُ الأشياخ على تقديم إسنادِهم إلى مَنْ تقَدَّمهم من المُؤرِّخينَ لينسبُوا إليهم ما يَنقُلون عنهم إلى كتُبِهم هذه، ثم يُعقِّبونَ ذكْرَ من يَذكرونَ من الرُّواة أو بعضِهم بتعيين مَن ذكَرَه، وذلك رأيٌ رشيد وعمَلٌ صالحٌ سديدٌ أجَلُّ مُثْمَراتِه تبرُّؤُ الناقل من عُهْدةِ ما نَقَل، والإحالةُ به على ذاكرِه الأوّل، تقويةً للاحتجاج به، وتصحيحًا للاستنادِ إليه؛ لكنّي وجدتُهم لا يقومونَ بمقتضَى ذلك العملِ على التمام، فإنّهم يأتونَ بمن يريدونَ ذكْرَه فيرفَعونَ في نسَبِه، ويَذكُرونَ كُنْيتَه وشُهرتَه إن كانتا له، وَيعْزُونَه إلى قبيلتِه أو بلدِه أو إليهما، ويُعرِّفونَ من أمرِه ما يَستحسِنونَ إيرادَه، ثُم يُعقِّبونَ ذلك بقولهِم: وذكَرَه فلانٌ وقال: كان من أمرِه كَيْتَ وكَيْت، فكلُّ ما بَدَأوا به ذكْرَه إنّما هو من قِبَلِهم غيرَ مَعْزُوٍّ إلى

أحدٍ ممن قَدَّموا ذكْرَه في صدورِ كتُبِهم، وهذا العملُ منهم ليس في القليل مما يذكرونَه ولا في النُّدْرة، بل يكادُ يكونُ معظَمُ من يَذكرونَ على هذا الأسلوب، فصارتِ العُهْدةُ فيه عليهم فيما لم ينسُبوه إلى غييرهم، وأيضًا، فإنّ الذي ينقُلونَه عن غيرهم إنما ينقُلونَه على الاختيار والانتخاب، لا على التّوالي والاستيعاب، فعزَوْتُ تلك الأقوالَ بعد اقتضائها إلى قائليها مُستوفاةً مُسامحةً، ولو فرَضْنا استيفاءَ تلك الأقوال كما وقَعَ في بعضِها ممّا اختُصر (¬1) أو لا يمكنُ اختصارُه، لكانت عُهْدةُ نَقْلِها عليهم، إذ لو رام أحدٌ من (¬2). ¬

_ (¬1) في المخطوط: خصر. (¬2) بقية المقدمة بياض في الأصل، وفي الحاشية ما يلي: هنا انتهى الموجود من صدر هذا الكتاب.

الهمزة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ صَلّى اللهُ على سيّدِنا ومَوْلانا محمدٍ وآلِه وصحبِه وسلَّم الهمزة 1 - أحمدُ (¬1) بنُ أحمدَ بن أحمدَ بن محمدِ بن محمدٍ (¬2) الأزْديُّ، من أهل غَرْناطةَ، يُكْنَى أبا جعفرٍ، ويُعرَفُ بابن القَصِير. رَوَى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي، وأبي جعفر ابن الباذِش، وآباءِ الحَسَن: ابن إبراهيمَ بن فُلفُل (¬3)، وابن الباذِش، وابن دُرِّي، وابن مَوْهَب، ويونُسَ بن مُغيث، وأبي عبدِ الله بن أبي الخِصال، وأبوَيِ القاسم: ابن بَقِيّ وابن وَرْد، وأبي محمد عبدِ الحقِّ بن عَطِيّة. رَوَى عنه [أبو عبد الله بن نافع الخطيب] (¬4) وكان محدِّثًا فقيهًا عاقدًا للشروط أديبًا حافظًا، توفِّي قبل الثمانينَ وخمسِ مئة. 2 - أحمدُ بن أحمدَ بن أَبَان، يُكْنَى أبا العبّاس. رَوَى عن أبي الحُسَين عبدِ الملك ابن الطَّلّاء. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2322) باسم "عبد الرحمن بن أحمد" وهو الصواب الذي عليه العلماء. وترجمه باسم "أحمد": الضبي في بغية الملتمس (383) وقال: قدم علينا مرسية في سنة إحدى وسبعين وخمس مئة وحدث بها. ثم قال: قرأتُ عليه أكثر كتاب الموطإ رواية يحيى تفقهًا، توفي قبل الثمانين وخمس مئة. وتبعه على ذلك ابن فرتون، وصاحب الديباج 1/ 197 لكنه أعاده في اسم عبد الرحمن 1/ 486 ولم ينتبه إلى تكرره عليه. وقد تعقب ابنُ الزبير ابنَ فرتون في غلطه هذا فقال: "ذكره أبو القاسم عبد الرحمن ابن الملجوم في برنامجه وروى عنه واستوفى خبره، وذكره الملاحي. وذكره الشيخ (يعني ابن فرتون) في الذيل فيمن اسمه أحمد وغلطُه في ذلك الكنية، ثم ذكره فيمن اسمه عبد الرحمن، فظن أنهما رجلان" (3/الترجمة 329). وباسم عبد الرحمن ترجمه الذهبي في المستملح (541)، وتاريخ الإسلام 12/ 586، وابن الخطيب في الإحاطة 3/ 482، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 394. (¬2) هكذا في الأصل وسيأتي في ترجمة والده رقم (10) أنه: "محمد بن أحمد بن محمد". (¬3) في البغية: "قلقل" بقافين، مصحف. (¬4) بياض في الأصل، وما أثبتناه من "المستملح".

3 - أحمد بن أحمد بن بشر اللخمي، من أهل وادي آش، يكنى أبا العباس

3 - أحمدُ بن أحمدَ بن بِشْر اللَّخْميُّ، من أهل وادي آش، يُكْنَى أبا العبّاس. رَوَى عن أبي عبدِ الله بن يحيى ابن الفَرّاء. رَوَى عنه أبو العبّاس وابنُه أبو عبد الله الأَنْدرشِيّان. وكان فقيهًا حافظًا مُشاورًا أديبًا، وخطَبَ بجامع بلدِه. 4 - أحمدُ بن أحمدَ بن زُنَان، بضم الزاي ونونَيْن، يُكْنَى أبا الحُسَين وأبا العبّاس. رَوَى عن أبي الحُسَين ابن الطَّلّاء. 5 - أحمدُ (¬1) بن أحمدَ بن عبد الله بن صَدَقةَ السُّلَمي، من أهل إقليم غَرْناطةَ، يُكْنَى أبا جعفر. تَرَكَه أبوه حَمْلًا، فلمّا وُضعَ سُمِّي باسمِه. رَوَى عن طائفة من أهلِ بلدِه، وعن أبي بكرٍ ابن العَرَبي وصَحِبَهُ، وكان راويةً للحديث عالمًا بالفقه وأصولِه. توفِّي في شوّالِ تسع وخمسينَ وخمس مئة. 6 - أحمدُ بن أحمدَ بن عبد الله بن محمدِ بن غُصْن. كان حيًّا سنةَ أربعينَ وأربع مئة، وكتبتُه لأبحثَ عنه. 7 - أحمدُ بن أحمدَ بن عبد الله، يُكْنَى أبا القاسم. رَوَى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي، وكان إمامًا. 8 - أحمدُ بن أحمدَ بن عَدْل. رَوَى عن أبي عليّ الصَّدَفي (¬2). 9 - أحمدُ (¬3) بن أحمد بن عُمر بن إبراهيمَ بن عشرةَ التُجيبيُّ، من أهل بَلَنْسِيَةَ، يُكْنَى أبا عُمر. رَوَى عن أبي الرَّبيع بن سالم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن فرحون في الديباج 1/ 197. (¬2) لم يذكره ابن الأبار في معجم أصحاب القاضي الصدفي. (¬3) سيأتي ذكر أخيه محمد في السفر السادس من هذا الكتاب.

10 - أحمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد الأزدي، من أهل غرناطة، يكنى أبا الحسن، ويعرف بابن القصير

10 - أحمدُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن محمدٍ الأزْديُّ، من أهل غَرناطةَ، يُكْنَى أبا الحَسَن، ويُعرَفُ بابنِ القَصير. وهو والدُ المبدوءِ بذِكْرِه في هذا الكتاب؛ سمع أبا الحَسَن ابنَ باذِش (¬2) ولم يَذكُرْ أنه أجاز له، وله إجازةٌ من أبي الأصبَغ ابن سَهْل، وأبي بكر ابن سابقٍ الصِّقِلِّي، وآباءِ عبد الله: ابن سُليمانَ بن خليفةَ، وابن عليِّ بن حَمدِين، وابن فَرَج، وأبي عليٍّ الغَسّاني، وأبي محمد بن عَتّاب، رَوَى عنه ابنُه أبو جعفر عبدُ الرّحمن، وأبو عبد الله بنُ عبد الرحيم، وأبو القاسم بنُ بَشْكُوال، وغيرُهم. وكان فقيهًا حافظًا متقدِّمًا في أهل الشُّورى، واستُقْضيَ بوادي آش، وتُوفِّي بغَزناطةَ سنةَ إحدى وثلاثينَ وخمس مئة. 11 - أحمدُ (¬3) بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن عبدِ الله بن رُشْد، قُرْطُبيٌّ، والدُ أبي الوليد الجَدّ. كان من أهل العلم والجلالة والعَدالة، حيًّا سنةَ اثنتينِ وثمانينَ وأربع مئة. 12 - أحمدُ بن أحمدَ بن محمد بن إسماعيلَ بن محمد بن خَلَف الحَضْرَمي، من أهل إشبيليةَ، يُكْنَى أبا العبّاس، ويُعرَفُ بابن رأس غَنَمَة، بالغينِ مُعجَمةً والنون وفتحِهما. رَوَى عن أبي الحَسَن بن محمدِ بن خروفٍ النَّحْوي، وأبي حَفْص بن عُمر واختَصَّ به؛ رَوى عنه أبو بكر بنُ محمد بن عبد العزيز ابن أختِ أبي القاسم بن صافٍ، ورحَلَ إلى المشرق في حدودِ الخمس والتسعينَ وخمس مئة مرافقًا الشهيدَ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن بشكوال في الصلة (173)، والضبي في بغية الملتمس (382)، وابن فرحون في الديباج 2/ 198، وقال الضبي: "قيدتُ فهرسته بخط يدي وقرأتها بمرسية على ابنه الفقيه الأديب أبي جعفر، قدمها علينا". (¬2) ويقال فيه: الباذش، والبيذش، وهي لفظة لاتينية تعني: القدمين، وستأتي ترجمته في السفر الخامس من هذا الكتاب. (¬3) ترجمه ابن فرحون في الديباج 1/ 198.

أبا بكرٍ ابنَ أحمدَ الكِنانيَّ الآتي ذكْرُه في موضِعه من المحمَّدِينَ في هذا الكتاب، فأدَّيا فريضةَ الحجّ ولقِيا هنالك بقايا الشّيوخ فأخَذا عن طائفةٍ منهم، وقَفَلا إلى الأندَلُس واستَصحَبا فوائدَ جمّةً وغرائبَ كتُب لا عهدَ لأهل الأندَلُس بها انتَسخاها هنالك، وتوافَقا على أن يَنسَخَ أو يقابِلَ أحدُهما غيرَ ما يَنسَخُه رفيقُه أو يُقابلُه استعجالاً لتحصيلِ الفائدة، حتّى إذا ألقيا عصا التَّسْيار بمقَرِّهما إشبيليةَ انتسَخَ كلُّ واحد منهما من قِبَل صاحبِه ما فاتَه نَسْخُه بتلك البلاد. فكان ممّا جَلَباه: "الكشّاف عن حقائقِ التنزيل" صَنعةُ جارِ الله العلّامة الأوحَد أبي القاسم محمودِ بن عُمرَ بن محمد الخُوارِزْميِّ الزَّمخشَري، وكان مما تولّى نَسْخَه أبو العبّاس هذا من الأصل المُحَبِّسُ بمدرسة القاضي الفاضل أبي عليٍّ عبد الرّحيم بن عليّ بن الحَسَن بن الحَسَن بن أحمدَ البَيْسانيِّ (¬1)، رحمه اللهُ، بالقاهرة، وهو مسموعٌ على مصنِّفِه، و"مقاماتُ الزّمخشَريِّ الخمسون" (¬2)، و"شرحُ السُّنة" تأليفُ الإمام أبي محمد الحُسَين بن مسعود البَغَويُّ (¬3) رحمه الله، و"تاجُ اللُّغة وصِحاحُ العربية" تصنيفُ أبي نصرِ إسماعيلَ بن حمّاد الفارابي نزيلِ نَيْسابورَ المعروفِ بالجَوْهريِّ رحمه الله، وهو مما قابَلَه أبو العبّاس هذا، وكانت النُّسخةُ التي جَلَباها من هذا الكتابِ في ثمانية أسفار بخطٍّ مشرِقي (¬4)، و"إكمالُ الأفعال" تأليف أبي بكر محمد بن عُمر بن ¬

_ (¬1) ترجمته في تاريخ الإسلام 12/ 1073. (¬2) هي مقامات في الوعظ، وقد شرحها مؤلفها وتكرر طبعها وعارضها من الأندلسيين بعد دخولها إلى الأندلس على يد المترجم أحمد بن علي بن حريق المخزومي البلنسي الذي ستأتي ترجمته في هذا السفر. (¬3) انظر ترجمة البغوي في تاريخ الإسلام 11/ 250. (¬4) يستفاد من كلام المؤلف أن الصحاح لم يدخل الأندلس إلا بعد سنة 595 هـ أي بعد قرنين من ظهوره في المشرق، ويذكر الصفدي في ترجمة ابن القطاع الصقلي (ت 515 هـ) أنه لما قَدِمَ مصر سألوه عن الصحاح فذكر أنه لم يصل إليهم. وبعد دخول الصحاح الأندلس بزمن على يد المترجم عُني بعض الأندلسيين بكتابة حواش عليه منهم: أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن البسطي مكمل التنبيه والإيضاح عما وقع من الوهم في كتاب الصحاح (بغية الوعاة 2/ 34)، وأبو عبد الله =

عبد العزيز بن إبراهيمَ بن عيسى الداخِل إلى الأندَلُس ابن مُزاحِم مَوْلى عُمرَ بن عبد العزيز المعروفِ بان القُوطِيّة (¬1) تكميلُ الشّيخ أبي القاسم عليِّ بن جعفرٍ السَّعديِّ ابن القَطّاع الآتي ذكْرُه في الغُرباءِ من هذا الكتاب إن شاء الله (¬2)، إلى غير ذلك من التصانيف. وكان أبو العبّاس نبيلَ الخطِّ نقِيَّ الوِراقة حسَنَ الطريقة، كتَبَ بخطِّه الكثيرَ من دواوين العلم عمومًا ومن هذه المُسمّاة خصوصًا، باقتراح رؤساءِ عصرِه من الأُمراءِ والقضاة واغتنامِهم ما يكونُ بخطِّه عندَهم وإجزالِهم له المَثُوبةَ عليه، وكذلك كانوا يَرغَبونَ في مقابلتِه الكُتبَ ومعاناة تصحيحِها ثقةً منهم بإتقانِه وجَوْدةِ ضبطِه. وكان الفقيهُ أبو الحُسَين محمدُ بن محمد بن زَزقُونَ رحمه الله -وسيأتي ذكْرُه في موضعِه إن شاء الله (¬3) - ينعَى على أبي العبّاس هذا جَلْبَه "الكشّافَ" هذا، لما تضمَّنَه من المذهبِ الاعتزالي، ويقول: قد كانتِ الأندَلُس مُنَزَّهةً عن هذا ¬

_ = محمد بن علي بن يوسف الأنصاري الشاطبي، وله حواش على الصحاح (البغية 1/ 194)، وأبو العباس أحمد بن محمد المعروف بابن الحاج الإشبيلي، له نقود على الصحاح (البغية 1/ 359)، وإبراهيم بن قاسم البطليوسي الذي جمع بين الصحاح والغريب المصنف (البغية 1/ 422). (¬1) ترجمة ابن القوطية المتوفى سنة 367 هـ في تاريخ العلماء لابن الفرضي (1316)، وجذوة المقتبس (111)، وبغية الملتمس (223)، وإنباه الرواة 3/ 178، ووفيات الأعيان 4/ 368، وغيرها. وكتابه في الأفعال طبع في ليدن سنة 1894 م وأُعيد طبعه في مصر سنة 1952 م. (¬2) الموضع الذي يحيل عليه المؤلف في سفر مفقود، وترجمة ابن القطاع (ت 515 هـ) في تاريخ الإسلام 11/ 241، وكتابه إكمال الأفعال طبع في حيدر أباد سنة 1360 - 1361 هـ، في (3) أجزاء. (¬3) لم يصل إلينا السفر الذي فيه ترجمته من هذا الكتاب وهو مترجم في التكملة (1637)، وبرنامج الرعيني (11)، وغاية النهاية 2/ 240، ووالده مترجم في التكملة (1494)، والسفر السادس من هذا الكتاب، والتكملة المنذرية 1/الترجمة 118، وفيها مصادر ترجمته الأخرى، وجده مترجم في السفر الرابع من هذا الكتاب. قال الرعيني: "وكان من مفاخر إشبيلية هو وأبوه وجده أبو الطيب سعيد".

وأشباهِه (¬1) ولم يزَلْ أهلُها على مرورِ الأيام أغنياءَ عن النظرِ في مثلِه وإنّ في غيرِه ¬

_ (¬1) عرف المذهب الاعتزالي في الأندلس قبل دخول "الكشاف" إليها بزمن بعيد ولم تكن منزهة عنه كما يقول شيخ المالكية في وقته أبو الحسين ابن زرقون؛ وممن تذكر كتب الطبقات أنهم عرفوا بالاعتزال في الأندلس في القرنين الثالث والرابع الهجريين: عبد الأعلى بن وهب (ت 261 هـ) وفرج بن سلام الذي أخذ عن الجاحظ وأدخل كتبه إلى الأندلس، وعبد الله بن مسرة والد ابن مسرة (ت 286 هـ)، ويحيى بن يحيى القرطبي المعروف بابن السمينة (ت 315 هـ)، وأبو عبد الله بن مسرة (ت 319 هـ) وقد أفرده المستشرق الإسباني أسين بلاثيوس بدراسة قيمة، وخليل بن عبد الملك المعروف بالغَفْلة، ومنذر بن سعيد قاضي القضاة، وبنوه: حكم الذي كان كما يقول ابن حزم في طرق الحمامة: 45 "رأس المعتزلة بالأندلس وكبيرهم وأستاذهم وناسكهم" وأخواه عبد الملك وسعيد؛ وممن شهر بالاعتزال أيضًا: موسى بن حُدير الحاجب وأخوه، وقد عرض ابن حزم في مواضع من كتابه "الفصل" لبعض آراء معتزلة الأندلس (انظر في هذا الموضوع رسالة الدكتور محمود مكي الجامعية: 208 - 228، وتاريخ الفكر الأندلسي لبالنثيا: 324 وما بعدها، وتاريخ الأدب الأندلسي للدكتور إحسان عباس 1/ 52 وما بعدها). هذا وقد نتج عن دخول "الكشاف" إلى الأندلس على يد المترجم أن اشتغل طائفة من الأندلسيين والمغاربة في القرن السابع وما بعده بالرد عليه أو اختصاره أو مقارنته بتفسير ابن عطية أشهر تفسير عند الأندلسيين؛ فممن رد عليه أو نبه على ما فيه من اعتزال: أبو بكر يحيى بن أحمد السكوني المتوفى سنة 626 هـ وذلك في كتابه "الحسنات والسيئات" الذي انتقى فيه مستطرف غرائبه البيانية وأبدى أيضًا ما تضمنه من سوء انتحاله في ركيك اعتزاله كما يقول ابن الزبير في صلة الصلة 5/الترجمة 536، وانظر أيضًا التكملة (ترجمة 3417) ويوجد مخطوطًا بالخزانة العامة بالرباط (حرف ق) والخزانة الملكية بالرباط أيضًا، ومنهم أبو علي عمر بن محمد السكوني قريب السابق ذكره، وأسمى كتابه: "التمييز لما أودعه الزمخشري من الاعتزال في الكتاب العزيز" (نيل الابتهاج: 195) ويوجد مخطوطًا كذلك، وممن اختصر "الكشاف" وأزال عنه الاعتزال: أبو عبد الله محمد بن علي بن العابد الفاسي "بغية الوعاة 1/ 182). وممن جمع بينه وبين تفسير ابن عطية: أبو محمد عبد الله بن محمد المعروف بابن الكماد الإشبيلي (التكملة، الترجمة 2155) وأبو محمد عبد الكبير بن بقي الغافقي (برنامج الرعيني، الترجمة 12)، وأبو الحسن علي بن محمد الجياني (كما سيأتي في السفر الخامس). وانظر ما قيل من شعر في الرد على الزمخشري في أزهار الرياض 3/ 298 وما بعدها وص 323 وما بعدها.=

13 - أحمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله الجذامي

من تصانيفِ أهلِ السُّنةِ في التفسير غُنيةً عنه، ولكلِّ ذي عقل اختيارُه، والله ينفَعُ أبا الحُسَين وأبا العبّاس بمقصدِهما، فكلاهما نَصَحَ، أعظَمَ اللهُ أجرَه. وفي الكتاب المذكور (¬1) جملةٌ كبيرةٌ جَلِيّة وخَفِيّة ممّا أشار إليه أبو الحُسَين رحمه الله، ولكنّه على ذلك مُترَعٌ فوائد، ومشحونٌ غرائبَ عِلميّةً لا توجَدُ مجموعةً في كتابِ غيرِه ألبتّةَ سوى ما اختَصَّ به من كثيرِ ما احتوى عليه من التنبيه على حُسنِ نظم القرآنِ العظيم والإرشاد إلى بديع رَصْفِه والكشفِ عن وجوهِ إعجازِه، واللهُ يسمَحُ للجميع ويتقبَّلُ عنهم أحسَنَ ما عمِلوا ويتجاوزُ عن سيّئاتِهم، إنه جوادٌ كريم غفورٌ رحيم (¬2). وكان أبو العبّاس هذا شديدَ الشَّغَف بالعلم فطَمِعَ دهرَه في صُحبةِ أهلِه، ولازَمَ أبا حَفْص بنَ عُمرَ طويلًا، وكان مَلِيًّا بأخبارِه ذاكرًا لأشعارِه حسَنَ المحاضرة، يَحضُرُ مجالسَ أهل العلم أقرانُه ومن هو أصغرُ منه، وقد كان يَحضُرُ مجلسَ الأستاذ أبي الحَسَن الدّبّاج وغيره من طبقتِه ومَن هو دونَه. وتوفّي رحمه الله بإشبيليةَ في حدودِ ثلاثٍ وأربعينَ وست مئة. 13 - أحمدُ بن أحمدَ بن محمد بن عبد الله الجُذَامي. رَوَى عن شُرَيْح (¬3). ¬

_ = أما الردود المشرقية على "الكشاف" فينظر فيها كشف الظنون 2/ 1475 - 1484، وقد فات الدكتور مصطفى الجويني أن يشير إلى بعض ما ذكرنا من عناية أهل المغرب بالكشاف في رسالته الجامعية: "منهج الزمخشري في تفسير القرآن". (¬1) في الأصل: "المذكورة" وفوقها كلمة: "كذا" علامة الغلط، فأصلحناها. (¬2) في مقدمة ابن خلدون: 416، 550 رأي شبيه برأي المؤلف هنا. (ط. بولاق 1320 هـ). (¬3) يتردد في هذا الكتاب ذكر الرواة عن شريح وهو أبو الحسن شريح بن محمد بن شريح الإشبيلي المتوفى سنة 539 هـ. انظر ترجمته في الصلة (535)، وبغية الملتمس (849)، والقاضي عياض في الغنية (212)، وللذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 705، وقال ابن الأبّار: وكان شريح رحمه الله بطول العمر قد انفرد بعلو الإسناد لسماعه إياه (أي صحيح البخاري) عن أبيه وأبي عبد الله بن منظور عن أبي ذر فكان الناس يرحلون إليه بسببه، وكان قد عيَّن لقراءته شهر رمضان فيكثر الازدحام عليه في هذا الشهر من كل سنة ويتواعد أهل الأقطار المتباعدة للاجتماع فيه عنده (التكملة، الترجمة 2131).

14 - أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن حجاج اللخمي، إشبيلي، أبو عمر

14 - أحمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن أحمدَ بن إبراهيمَ بن حَجّاج اللَّخْمي، إشبيليٌّ، أبو عمر. كان من أهل العناية بالآداب، ذا حظٍّ من قَرْض الشِّعر. 15 - أحمد (¬2) بن إبراهيمَ بن أحمدَ بن سلّام -مشدَّدَ اللام- المَعافِريُّ، شاطبيٌّ، أبو جعفرٍ. خالُ الحافظ أبي عُمر ابنِ عاتٍ. أخَذَ عن أبيه العربيّةَ والأدب، ورَوَى عنه، وعن أبي علي الصَّدَفي وشارَكَ فيه أباه، وأبي محمد الرَّكْلي، رَوَى عنه أبو عبد الله ابنُ أبي بكر بن عَفْيُون، وكان أديبًا كاتبًا بليغًا شاعرًا مجوِّدًا سريعَ البديهة متوقِّدَ المخاطر، من بيتِ علم، شديدَ الانقباض، قانعًا في معيشتِه بما يَستفيدُه من ضَيْعة وَرِثَها عن أبيه ليست بالعظيمةِ الجَدوى صان بها نفْسَه عن التعرُّض إلى شيءٍ من الأعراضِ الفانية حتَى لحِقَ بربِّه نفَعَه الله، ومن قولِه يصِفُ الثلج [طويل]: ولم أرَ مِثْلَ الثَّلْج في حسْنِ منظرٍ ... تقَرُّ به عَيْنٌ وتَشنَعُه (¬3) نَفْسُ فنارٌ بلا نورٍ يُضيءُ له سَنًا ... وقَطْرٌ بلا ماءٍ يُقلِّبُه اللّمْسُ (¬4) ترى الأرضَ منه في مثالِ زُجاجةٍ ... كأنَّ كؤوسَ الماءِ تَجْمَعَهُ كأسُ توفِّي في حدودِ الخمسينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (56). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (165)، والمعجم في أصحاب الصدفي (26)، والمقتضب من تحفة القادم (40)، والصفدي في الوافي بالوفيات 6/ 24 (نقلًا عن تحفة القادم لابن الأبار). (¬3) كذا في الأصل، وفي المقتضب من تحفة القادم: وتشنؤه. (¬4) بعد هذا البيت في المقتضب: وأصبح ثغر الأرض يفتر ضاحكًا ... فقد ذاب خوفًا أن تقبله الشّمس والبيت الأخير هنا غير موجود في المقتضب.

16 - أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الله بن صدقة السلمي، من أهل إقليم غرناطة، أبو جعفر

16 - أحمدُ بن إبراهيمَ بن أحمدَ بن عبد الله بن صَدَقةَ السُّلَمي، من أهلِ إقليم غَرْناطة، أبو جعفر. رَوَى عن أبي بكر ابن أبي زَمَنينَ، وأبي القاسم محمد بن عبد الواحد المَلّاحي. وله رحلةٌ حَجَّ فيها، وعاد إلى غَرْناطةَ، وكان من أهل الفضل والدِّين. وتوفِّي بغَزناطةَ لثلاثَ عشْرةَ ليلةً خَلَت من شوّال عشرٍ وست مئة. 17 - أحمدُ بن إبراهيمَ بن أحمدَ بن محمد بن عبد الرحمن الحَضْرَمي. 18 - أحمدُ (¬1) بن إبراهيم بن أحمدَ بن محمدِ بن عُمَر بن أسودَ الغَسّاني، مَرَويٌّ، أبو القاسم. سمع من أبي محمّدٍ قاسم بن عبد الله العُذْري، ورَوَى في رحلتِه التي حَجٍّ فيها عن أبي ذرٍّ الهرَوي، وأبي عليٍّ حُسَين بن يوسُف المَزاتيِّ -بالميم مفتوحةً وزاي بعدَها ألفٌ وتاءٌ باثنتينِ من فوق- وآباءِ محمد: الحَسَن بن أحمد بن فراس، وعبدِ الله بن سعيد الشّنتِجالي، لقِيَه بمكّةَ كرّمها الله، وعَطِيّةَ بنِ سعيدٍ الأندَلُسي، فقَفَلَ إلى بلده، رَوَى عنه ابنُه أبو إسحاق (¬2)، وكان محدِّثًا راوِية، ولِيَ أحكامَ بلدِه، وتوفِّي سنةَ تسع وخمسينَ وأربع مئة. 19 - أحمدُ (¬3) بن إبراهيمَ بن أحمدَ بن نُصَيْر، مصغَّرٌ بالصاد، شَوْذَري. رَوَى عن أبي بكر بن مسعود، وأبي الحَسَن ابن الباذِش، وكان من سَرَواتِ الرجال وُفورَ عقل ورَجاحةَ حِلم، بارعَ الأدبِ صالح الحظِّ من إجادة الكتابة وقَرْض الشعر. توفّي بمالَقَةَ سنةَ ثنتين وست مئة (¬4). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبّار في التكملة (58)، وذكره ابن بشكوال مختصرًا (129) نقلًا عن ابن مدير. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (358). (¬3) ترجمه ابن الأبّار في التكملة (247)، وتحفة القادم، كما في المقتضب (89)، والصفدي في الوافي 6/ 215، وشوذر المنسوب إليها من عمل جيان. (¬4) في رابع المحرم، كما ذكر ابن الأبار.

20 - أحمد بن إبراهيم بن أحمد الأنصاري، مروي، أبو العباس، ابن السقاء- فعال من السقي

20 - أحمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن أحمدَ الأنصاري، مَرَويّ، أبو العبّاس، ابنُ السَّقّاء- فَعّالٌ من السّقْي. تلا على أبي الحُسَين ابن البَيّاز -بالباء مفردةً والياءِ بثِنتينِ من تحت وآخِره زاي- وأبي عِمرانَ بن سُليمان. تلا عليه بحرفَيْ نافع وأبي عَمرِو أبو القاسم عبدُ الرحمن بن محمد بن حُبَيْش فيما قال أبو الرَّبيع بن سالم، وقال أبو جعفر ابنُ الزُّبير: أسنَدَ عنه القراءْاتِ تلاوة. واليدُ بما قيَّده أبو الرَّبيع أوثق، واللهُ أعلم. 21 - أحمدُ بن إبراهيمَ بن أحمدَ السُّلَمي، قُرْطُبيٌّ فيما أحسَب، أبو جعفر. رَوَى عن أبي الوليد أحمدَ بن عيسى بن حَجّاج، وكان أديبًا نبيلًا بارعَ الخطِّ جيِّدَ الضَّبط، كتَبَ الكثيرَ وعُنِيَ بالعِلم أتمَّ عناية، وكان حيًّا سنةَ ثلاثينَ وست مئة. 22 - أحمدُ بن إبراهيمَ بن أحمدَ الصَّدَفي، قُرطُبيٌّ، أبو جعفر، ابنُ كُلَيْب. رَوَى عن أبي جعفر بن إبراهيمَ بن كوزانةَ، وأبي محمد بن حَوْط الله. وكان محدّثًا ثقةً فاضلًا فقيهًا، عاقدًا للشروط، مُبرِّزًا في العدالة لا يقاسُ به فيها أحد، وكان يَؤُمُّ في العَجْماوَيْن (¬2) بمسجد إزاءَ دُكّانِه الذي انتَصَبَ فيه للتوثيق، وفي سائر الصَّلَوات في مسجدِ بمقرُبة من دارِه، وكان الناسُ يقصِدونَ الصّلاة خلفَه تبرُّكًا به وبفضلِه ووَرَعِه وجَوْدةِ قراءتِهِ. وتوفِّي بإشبيليَةَ بعدَ تغلُّب النّصارى على قُرطُبة، وكان تغلُّبُهم عليها يومَ الأحد لسبع بقِينَ من شوّالِ ثلاثٍ وثلاثينَ وست مئة، وإنّا لله وإنا إليه راجعون. 23 - أحمدُ بن إبراهيمَ بن أحمدَ اللَّخْمي، إشبيليٌّ، ابنُ رُبع الفَلْس. رَوَى عن أبي القاسم الحَسَن بن عُمر الهوْزَني. ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (375)، وابن الأبار في التكملة (142). (¬2) هما الظهر والعصر لأنه لا يسمع فيهما قراءة.

24 - أحمد بن إبراهيم بن أحمد الفهري

24 - أحمدُ بن إبراهيمَ بن أحمدَ الفِهْري. رَوَى عن شُرَيْح. 25 - أحمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن أحمد (¬2)، مُرْسِيّ، أبو القاسم. رَوَى عن أبي زَيْد ابن طاهر، وأبي العبّاس العُذْري، وأبي الوليد الباجِي، رَوَى عنهُ أبو القاسم ابنُ بَشْكُوال. وكان فقيهًا حافظًا استُقضِي بشِلْب. وتوفِّي قاضيًا بها سنة أربعَ عشْرةَ وخمس مئة، ومَولِدُه سنةَ تسع وأربعينَ وأربع مئة. 26 - أحمدُ بن إبراهيمَ بن إبراهيم (¬3) بن غالبٍ المُرادي، بَلَنْسِي. رَوَى عن أبي الخطّاب أحمدَ بن محمد بن واجِب، وأبي عليٍّ الحُسَين بن يوسُف بن زُلّال. 27 - أحمدُ بن إبراهيمَ بن أُميَّة، أبو جعفر. رَوَى عن أبي محمدٍ عبد المُنعِم بن محمد ابن الفَرَس. 28 - أحمدُ (¬4) بن إبراهيمَ بن جابرِ بن عُمرَ بن عبد الرّحمن بن عُمرَ المخزومي، إشبيليٌّ فاسيُّ الأصل ثم مَرّاكُشِيٌّ، سَكَنَ مَرّاكُشَ مدّةً ثم شَرَّق واستَوطَنَ قُوص (¬5)، أبو العبّاس، ابنُ القَفّال. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن بشكوال في الصلة (164)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 214، وابن فرحون في الديباج 1/ 198. (¬2) في الصلة: محمد. (¬3) صحيح عليه الناسخ لتكرره. (¬4) هذا مما يستدرك على ابن القاضي في جذوة الاقتباس وابن إبراهيم المراكشي في الإعلام. (¬5) كتبت في الأصل على شكل "قوصر"، والقريب من هذا الرسم "قوصرة" وهي جزيرة في منتصف الطريق بين إفريقية وصقلية واسمها اليوم بنطلارية (حسن حسني عبد الوهاب: ورقات 2/ 275) ولكن يعكر على هذه القراءة قول المؤلف "ثم شَرَّق"، فالأصح أنها قوص المدينة المعروفة بصعيد مصر، وقد استوطنها الكثير من الأندلسيين والمغاربة.

29 - أحمد بن إبراهيم بن خلف بن محمد بن الحبيب بن عبد الله بن عمرو بن فرقد القرشي العامري، إشبيلي موروري الأصل، أبو جعفر

رَوَى عن أبيه، وشاركْتُه في قراءةِ "الحَماسة" على شيخِنا أبي زكريّا بن أحمدَ ابن عتيق، وكان أسَنَّ منّي بأزَيدَ من عَشْرِ سنين، ثم فَصَل قديمًا إلى المشرق، وكان فاضلًا عفيفًا يَرجعُ إلى صحَّةِ باطنٍ وجَوْدةِ وانقباضٍ عن خُلطة الناس. 29 - أحمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن خَلَف بن محمد بن الحَبيب بن عبد الله بن عَمْرو بن فَرقدٍ القُرَشيُّ العامِريُّ، إشبيليٌّ مَوْرُوريُّ (¬2) الأصل، أبو جعفر. نقَلتُ هذا النَّسَبَ إلى العامِريِّ من خطِّ أبيه في غير موضع، وزاد أبو جعفرٍ هذا بعدَ فَرقَد: ابن محمد بن عبد الرّحمن بن محمد بن عُبَيدةَ بن وَهْب بن عبد الله بن يوسُفَ بن عِيَاض بن يوسُفَ الفِهْري -أمير الأندَلُس المخلوع بعبد الرحمن الداخِل ابن مُعاوية- وهو يوسُفُ بن عبد الرحمن بن أبي عُبَيدةَ بن عُقبةَ بن نافع بن عبد قَيْس بن لَقِيط بن عامر بن أُميةَ بن الظَّرِب بن الحارِث بن فِهر، وكذا قال الرازي في نسَبِ يوسُف، وقال ابنُ حَيّان: زَعَمَ أبو بكر ابنُ القُوطِيّةَ (¬3) أنه: يوسُفُ بن عبد الرّحمن بن حَبيبِ بن أبي عُبَيدةَ بن عُقبةَ بن نافع الفِهْري، قال: وما وجَدتُ هدايةً إلى أنّ يوسُفَ هذا الواليَ بالأندَلُس وُلدَ له، يعني لعبدِ الرّحمن المتغلِّب على ملِك إفريقيّة، ولا وجَدتُ مُنْتماهُ في جِذم قومِه، فاللهُ أعلمُ بشأنه. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: قد ذكَرَه أبو محمد عليُّ بن أحمد بن حَزْم في "جَماهِر (¬4) النّسَب" بما يقتضي مُوافقةَ ما قاله أبو بكر ابنُ القُوطِيّة (¬5)، وما وقَعَ في خطِّ أبي القاسم أحمدَ بن يزيدَ بن بَقِيٍّ من نسَبِ إبراهيمَ شيخِه أبي أحمد المترجَم به مخزوميًا فوَهْمٌ بَيِّنٌ فاعلَمه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (287)، والرعيني في برنامجه (58)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 759. (¬2) في المخطوط: "موردري"، محرف. (¬3) ينظر تاريخ افتتاح الأندلس لابن القوطية 21 (ط. مجريط). (¬4) هكذا يرد اسم الجمهرة عند المؤلف حيثما وقع، كما سيأتي في تضاعيف هذا الكتاب. (¬5) انظر الجمهرة (178)، تحقيق عبد السلام هارون.

30 - أحمد بن إبراهيم بن زرقون، إشبيلي

رَوَى أبو جعفرٍ عن أبيه، وعمِّه أبي محمد، وأبي جَوْهر بن عُمر. رَوَى عنه قريبُه (¬1) أبو القاسم محمدُ بن عامر بن فَرقَد، وآباءُ بكرٍ: ابن أحمد بن سيِّدِ الناس، وابن جابرٍ السَّقَطي، وابن عَيّاد، وأبو جعفر بنُ مالك ابنُ السَّقّاء، وأبو زكريَّا بن محمد القَطّان، وأبو العبّاس بن يوسُفَ بن فَرْتون، وأبوا محمد: طلحةُ، وابن عبد الرّحمن بن برطُلّه. وحدّثنا عنه من شيوخِنا: أبو الحَسَن بن محمد الرُّعَيْني، وأبو عبد الله بن عليِّ بن هشام. وكان محدِّثًا زَكِيًّا فاضلًا ثقةً فيما يُحدّثُ به، كتَبَ الكثيرَ بخطِّه الجيِّد وقيَّدَ أكثرَه، وكان مُتقِنَ الضّبط فيما يُعاني تصحيحَه من كتُبِه، ويوجَدُ له فيما سوى ذلك أوهام، واستُقْضي بغَزناطةَ وسَلَا وغيرِهما من المواضع النَّبيهة. مَولدُه سنة ست وأربعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بإشبيليَةَ ليلةَ يوم الأربعاء الحاديةَ عشْرةَ من ربيع الآخِر سنةَ أربع وعشرينَ وست مئة، ودُفن ضُحى الخميس بعدَه بمقبرُةِ مُشْكَة. 30 - أحمدُ (¬2) بن إبراهيمَ بن زَرْقُون، إشبيليٌّ. له مختصَرٌ في الفقه سَمّاه "المَنْهجَ المسالك في تقريبِ مذهبِ مالك" يكونُ في حجم "تلقين" القاضي أبي محمدٍ عبد الوهاب. 31 - أحمدُ (¬3) بن إبراهيمَ بن الزُّبَير بن محمد بن إبراهيمَ بن الزُّبَير بن الحَسَن ابن الحُسَين بن الزُّبَير ثم ابنِ عاصمِ بن مُسلم بن كَعب الثَّقَفيُّ العاصِميُّ، كذا نقَلتُ نسَبَه من خطِّه، جَيّانيُّ نزَلَ غرناطة، أبو جعفر، ابنُ الزُّبَير. ¬

_ (¬1) في الأصل: قرنيه، وهو تحريف، واستبعدنا قراءتها: "قرينه" لموافقة ما أثبتناه من أن المذكور هو ابن فرقد. (¬2) ترجمه ابن فرحون في الديباج 1/ 199. (¬3) ترجمه الذهبي في تذكرة الحفاظ 4/ 1484، والصفدي في الوافي 1/ 291، وابن فرحون في الديباج 1/ 188، وابن حجر في الدرر الكامنة 1/ 84 نقلًا عن المؤلف، وابن تغري بردي =

وكَعبٌ الذي انتهى إليه بنَسَبِه هو كعبُ بن مالك بن عَلْقَمةَ بن خَبّاب بن مُسلم بن عَدِيِّ بن مُع بن عَوْف بن ثَقِيف. تلا بالسَّبعِ على أبي بكر بن أحمدَ بن العاص، وأبي الحَسَن بن محمد الشارّي وأكثَرَ عنه، وأبوَيْ عبد الله: ابن أحمدَ السُّماتي وابن إبراهيمَ مَسْمَغور، وقال: هو أوّلُ من قصَدتُه بغَرْناطةَ من أهلِها وفتَحتُ عليه كتابَ متعلّم. وسمع آباءَ عبدِ الله: قريبَه ابن الحَسَن بن الزُّبَير، وابن أحمدَ بن زكريّا الإلْشيَّ، وابن عبد الله الأزْدي، وابن عبد الرحمن بن جَوْبَر، وابن يحيى بن محمد العَبْدَريَّ الفاسِيّ، وابن يوسُفَ الطَّنْجالي وشارَكَه في بعض شيوخِه، وأبا إسحاقَ بن محمد بن عُبَيد الله، وأبا بكرٍ أحمدَ بن أبي محمد ابن القُرطُبيِّ حَمِيَّه وشارَكَه في بعض شيوخِه، وأبوَيْ جعفرٍ: ابنَ عثمانَ الوراد، وابن محمد بن خَديجة، وأبا الحَجّاج بن محمد المَزبلي، وآباءَ الحَسَن: سَغدَ بن محمد الحَفّار، وابنَي المحمَّدَيْن: ابن بالغ والشارِّي، وأبا الخطّاب محمدَ بن أحمدَ بن خليل، وأبا زكريّا بن عبدِ الملِك الموليى، وأبا زيد الشَّرِيشيَّ العَشّاب، وأبا العبّاس بن يوسُفَ بن فَرْتون، وأبا عُمر محمدَ بن أبي محمد بن حَوْطِ الله، وأبا القاسم عبدَ الله بن يحيى بن رَبيع، وأبا محمد عبدَ العظيم بن عبد الله ابن الشَّيخ، وأبا المجدِ أحمدَ بن الحَسَن المُرادِيَّ، وأبا يحيى عبدَ الرحمن بن عبد المُنعم ابن الفَرَس، وقال: هو أوّلُ من قصَدتُه في طلبِ الحديث. ولقِيَ قريبَه أبا محمد بن محمد بن أيوبَ الجَيَّانيَّ، وأبا إسحاقَ بن محمد بن الكَمّاد، وأبا بكرٍ عتيقَ بن الحُسَين بن رَشِيق، وأبا الحَسَن بن أحمدَ الغَزَال، وأبا زكريّا بن أحمدَ ابن المُرابِط، وأبا سَعد محمدَ بن عبدِ الوهاب، وآباءَ ¬

_ = في المنهل الصافي 1/ 197، ولسان الدين ابن الخطيب في الإحاطة 1/ 188، والكتيبة الكامنة 138 - 143، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 32، والسيوطي في بغية الدعاة 1/ 291، والمقري في أزهار الرياض 3/ 187، وابن القاضي في درة الجمال (8)، وابن العماد في الشذرات 6/ 16، والشوكاني في البدر الطالع 1/ 33 وغيرهم. وتنظر المقدمة التي كتبها الأستاذ محمد الشعباني لكتاب "البرهان في ترتيب سور القرآن" لابن الزبير، نشرة وزارة الأوقاف المغربية.

عبد الله: ابنَ أحمدَ ابن الشَّيخ الفِهْريَّ وتدَبَّجا وشارَكَه في طائفة من شيوخِه، وابنَ علي الدّهّان، وابنَ عِيَاض، وأبا عَمرو عثمانَ بن محمد بن الحاجِّ، وأبا القاسم بن محمد بن رَحمُون، وأبا يعقوبَ ابنَ المَحَسّاني -بميم وحاءٍ غُفْل مفتوحَيْن وسين غُفْل مشدَّد وألِف ونونٍ وياءِ النَّسَب- النّالي بالنون، وبنو مَحَسّانَ (¬1) بَطْنٌ من غُمارة، وبنو قال: فخِذٌ من بني محَسّان؛ وأبا إبراهيمَ إسحاقَ بن إبراهيمَ الطُّوسيَّ، وأنشَدَه وناوَلاهُ (¬2)، ومن شيوخِه سوى من ذُكِر ممّن لا أعرِفُ حينَ هذا التقييد كيفيّةَ أخْذِه عنهم: أبو إسحاقَ بنُ محمد بن عُبيديس، وأبو عبد الله بن عبد الكريم الجُرَشي، وأبو عُمر بن أبي محمد بن حَوْطِ الله، وأبو القاسم محمّدُ بن إبراهيمَ الجَيّاني. وكتَبَ إليه ولم يَلْقَه من بجَايةَ: أبوا بكرٍ: ابن أحمدَ بن سيِّدِ الناس، وابنُ محمد بن محُرِز، وأبو الحُسَين أحمدُ بن محمد بن سِرَاج بن عبّاس، وأبو المُطرِّف ابن عَمِيرة. ومن سَبْتةَ: أبو بكر بن محمد بن مَشَلْيُون، وأبو العبّاس بن محمد البَطْبَط. ومن مالَقَةَ: أبو عبد الله بن عيسى بن هلال. ومن قُوص: مجدُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ بن زيد بن مُطيع القُشَيْري -بالقاف والشِّين المعجَمة منسوبًا- المالكيُّ ابنُ دقيقِ العيد. ومن مِصرَ: ضياءُ الدِّين أحمدُ بن محمد القُرطُبيُّ أبو العبّاس ابن المُزيَّن، وأحمد بن حامد بن أحمدَ بن محمد الأرتاحي، وقال: أُراه ابنَ أخي الراوِيةِ (¬3)، مجوَّدَ الخَطِّ [...] (¬4) على بِشْر مصحِّحًا، وهو غَلَطٌ بَيِّن، وإنّما [الصواب] (¬5) إن ¬

_ (¬1) في حاشية الأصل: يقال لهم: بنو حسان، قلنا: وهم معروفون بهذا الاسم إلى اليوم. (¬2) كذا في الأصل، ولعله يريد: ابن المحساني والطوسي. (¬3) لعله يريد: محمد بن حَمْد بن حامد بن مفرّج بن غياث الأنصاري الأرتاحي ثم المصري الحنبلي التوفى سنة 601 هـ، وترجمته مستوفاة في التكملة المنذرية 2/الترجمة 861 مع موارد ترجمته. (¬4) محو في الأصل. (¬5) كذلك، وما بين الحاصرتين منا للتوضيح.

كان بينَه وبين الراوِية المذكور نسَبٌ أن يكونَ ابنَ ابنِ أخيه لا ابنَ أخيه؛ وإسماعيلُ بن عبد القوي بن أبي العزِّ بن داودَ بن غَرُّون -بالغَيْن معجَمةً والراء مشدَّدةً ومدٍّ ونون- الأنصاريُّ، والحُسَين بن عليِّ بن أبي الفَرَج عبد الرحمن بن عليّ ابن الجَوْزي أبو عليّ، وعبدُ الرحمن بن أبي محمدِ مكّي بن سَلَمةَ البُخاريُّ الشافعي، وعزُّ الدِّين عبدُ العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم السُّلَميُّ أبو محمد، وعبد الغنيِّ بن سُليمان بن بُنَيْنٍ -بباءٍ موَحَّدة ونونَيْن بينَهما ياءُ التصغير- ابن خَلَف الشافعيُّ أبو القاسم، ونجيبُ الدِّين عبدُ اللطيف بن عبد المُنعم بن عليِّ بن نَصْر بن منصورِ بن هِبة الله الحَرَّانيُّ أبو محمد، وعبدُ المجيد بن عليٍّ الأنصاريُّ ابن الزُّبير أبو محمد، وعبدُ الهادي بن عبد الكريم بن عليِّ بن عيسى بن تمَيم القَيْسيُّ المُضَريُّ -بضمِّ الميم والضادِ معجَمةً مفتوحة- وعثمانُ بن عبد الرحمن ابن عَتِيقِ بن حُسَين بن رَشِيق الرَّبَعيُّ- براءٍ وباء بواحدة مفتوحتَيْن وعين غُفْل- وعيسى بن سُليمان بن رَمَذان بن أبي الكرَم الشافعيُّ، والمُحمَّدانِ: ابن عبد الدايم ابن حَمدان- بفتح الحاء الغُفْل والميمُ ساكنةٌ والدال- الحَمداني أبو المكارم وكتَبَ عنه، وابن البغدادي. ومن مكةَ كرَّمها اللهُ: الأخَوانِ: جمالُ الدِّين أبو يعقوب وإسحاقُ ابنا أبي بكر بن محمد بن إبراهيمَ الطَّبَري، ورَضِيُّ الدِّين أبو إسحاقَ إبراهيمُ بن عُمر بن مُضَرَ بن فارِس الواسِطيُّ، وتاجُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ بن أحمدَ بن علي القَسْطَلّاني، وأبوا عبد الله المحمّدانِ: إمامُ المالكيّة بالحَرَم الشّريفِ ضياءُ الدِّين ابنُ إمام المالكية أبي (¬1) علي عُمر بن محمد بن عُمر بن محمد بن عُمر بن الحَسَن القَسْطَلاني، وجمالُ الدِّين بن يوسُفَ بن مُسْدي الغَزناطيّ، وأبو اليُمْن عبدُ الصّمد وإبراهيمُ ومحمد، ثلاثةُ أسماء، وغلَبتْ عليه كُنْيتُه - ابنُ أبي الحَسَن عبد الوهاب ابن عساكر. ¬

_ (¬1) في الأصل: "ابن" ولا يصح، فضياء الدين هو محمد بن عمر بن محمد بن عمر، كما في ذيل التقييد للتقي الفاسي (437).

ومن بعض هذه البلادِ أو من غيرِها من بلاد المشرِق: أبو بكر بنُ عليِّ بن مَكارم بن فِتْيان الأنصاريُّ الدِّمشقيُّ الشافعي، وكمالُ الدين أبو الحَسَن علي بن شُجاع بن سالم القُرَشيّ العبّاسي الضَّرير، وكتَبَ عنه بإذنِه: عبدُ القوي بن عَطايا بن عبد القويّ بن عطايا القُرَشي، وعيسى بن مُظَفَّر بن عبد الله العبّاسي، ومحمد بن إبراهيمَ بن عبد الواحد المَقْدِسي مدرِّسُ الحنابلة، ومحمودٌ الدِّمشقي، وغيرُهم يزيدون على المئة، قال: وقد استَوْفَيْتُ ذكْرَهم في جُزءِ مشيَختي، كذا قال ولم أقفْ عليه، وإنّما استخرجتُ هؤلاءِ المذكورينَ هنا من برنامج رواياتِه التي بعَثَ بها إليّ محملاً في ولبنيَّ إيّاه (¬1). وقال في قريبٍ من آخِره: وكلُّ من ضمَّنتُ ذكْرَه في هذا التعليق ممّن ذكَرتُ أنّي أخذتُ عنه عَمَّمَ في بالإجازةِ فيما رواه وألَّفه مِمّن له تأليفٌ منهم إلا أبا الحَسَن الحَفّارَ والأستاذَ أبا جعفر بنَ خَلَف -قلت: هو ابنُ خديجة- أنها الحَفّارُ فلم تتّفقْ إجازتُه معَ كثرة قراءتي عليه لموتِه وأنا غائبٌ عن غَرْناطة، وأمّا الأستاذُ أبو جعفر فلازمتُه ولم تتّفقْ منه الإجازة. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وذكَرَ عقِبَ ذلك الفصل روايتَه "الأربعين" للسِّلَفِي عن أبي زيد العَشّابِ، وتَعْقيبَه في أصولِ الفقه والعربيّة على أبي عبد الله العَبْدَريِّ الصُّوفي وإنشادَه إياه، فلم يُسمِّهما في جُملة شيوخِه الذين ذكَرَهم في صَدر برنامَج رواياتِه المشار إليه؛ لأنّ أبا زيد لم يُجِزْ له، وأبا عبد الله لم يكنْ يقولُ بالإجازة. رَوَى عنه جماعةٌ من أهل بلدِه وطائفةٌ من الراحِلينَ إليه من أقطار الأندَلُس وغيرِها، وكتَبَ إليّ وإلى بنيّ بإجازةِ ما رواهُ وما ألَّفه مطلقًا، وهو الآنَ متصدِّرٌ لإقراءِ كتاب الله تعالى وإسماع الحديث وتعليم العربيّة وتدريس الفقه، عامرًا بذلك عامّةَ نهارِه، عاكفًا عليه، مُثابِرًا على إفادةِ العلم ونَشْرِه، انفرَدَ بذلك في بلدِه قاعدةِ جزيرةِ الأندَلُس وصارتِ الرّحلةُ إليه. ¬

_ (¬1) قال ابن الزبير في صلة الصلة أثناء ترجمته لابن عبد الملك: "واستجازني قبل سنة ثمانين وبعد ذلك، فكتبت له مرارًا، واستوفى جملة من تواليفي استنساخًا، وتكرر في سؤاله فيما يرجع إلى باب الرواية" (3/الترجمة 36).

وهو من أهل التجويد والإتقان عارف (¬1) بالقراءات، حافظ للحديث، مميَزٌ لصحيحِه من سقيمِه، ذاكرٌ لرجالِه وتواريخِهم، متّسعُ الرواية عُني بها كثيرًا ورَحَلَ بسببِها إلى سَبْته (¬2) وإلى كثيرٍ من بلاد الأندَلُس، وصَنَّف في كثير من المعارف التي عُنيَ بها، فمن تصانيفِه: "برنامَجُ رواياتِه" و"تاريخُ علماءِ الأندَلُس" (¬3) الذي وَصَلَ به صَلةَ الراوية أبي القاسم ابن بَشْكُوال، و"كتابُ الإعلام بمَن خُتم به القُطرُ الأندَلُسيُّ من الأعلام" (¬4)، وكتابُ "رَدْع الجاهل عن اعتسافِ المَجاهل، في الردِّ على الشوذيّة (¬5) وإبداءِ غوائلِها الخَفِيّة"، وأُرجوزةٌ بَيَّن فيها بزَغمِه مذهبَهم، و"معجَمُ شيوخِه" (¬6). وقد وقَفْتُ على فِهرسةِ رواياتِه، وكتابِ "رَدع الجاهل"، وبعضِ تاريخِه في علماءِ الأندَلُس وأُرجوزته المذكورة، وانجرّت إليه مُطالَباتٌ أصلُها الحسَد الذي لا يكاد يَسلَمُ منه إلا من عصَمَه الله من غائلتِه وسوءِ مغَبّتِه أدَّتْه إلى التحَوُّل عن وطنِه تارات، أو إلى التخاملُ والانقباض به مرّات، واللهُ ينفَعُه ويُدافعُ عنه ¬

_ (¬1) في الأصل: عارفًا. (¬2) كان في سبتة سنة 645 هـ (جذوة الاقتباس: 46). (¬3) هو المعروف بصلة الصلة، وقد تقدم ذكره. (¬4) ذكر بونس بويجس نقلًا عن كوديرا (316) أن هذا الكتاب يوجد في مكتبة القرويين، ويبدو أنه فقد فيما بعد أو أنه اشتبه على كوديرا بقسم صلة الصلة المبتور الذي كان يوجد بها. (¬5) تحرفت هذه الكلمة إلى "الشرذمة" في الدرر الكامنة، والشوذية تنسب إلى أبي عبد الله الشوذي الإشبيلي المعروف بالحلوي دفين تِلِمْسان، وللأستاذ الدكتور محمد بن شريفة بحث بعنوان: "مدخل تاريخي إلى دراسة الشوذية" ألقاه في دورة الدراسات العربية الإسبانية ببلنسية سنة 1965 م، وألف في الشوذية غير ابن الزبير معاصره أبو عبد الله محمد بن عمر المعروف بابن رُشَيْد، وسمى كتابه: "إماطة الأذية الناشئة من سباطة الشوذية". (¬6) بعد هذا بياض في الأصل، ولعله لذكر بقية تصانيفه التي لم يقف عليها حين كتابة ترجمته ومنها: ملاك التأويل في المتشابه اللفظ في التأويل، والبرهان في ترتيب سور القرآن، وشرح الإشارة للباجي في الأصول، وسبيل الرشاد في فضل الجهاد، وكتاب الزمان والمكان، وتعليق على كتاب سيبويه.

32 - أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن خلف بن مسعود المحاربي، غرناطي، أبو جعفر

ويُجملُ خلاصَه ويعجِّلُ إنصافَه ممّن كادَه، وَيصرِفُ عنه مَن بسوءٍ أراده. وقد وُلِعت طائفةٌ من أهل مِصرِه بالطّعنِ على تصانيفِه وتنَقُّصِه بسببها، ولا سيّما أُرجُوزتُه المذكورة، فإنّهم يتّخذونها سخْرِيًّا ويُردِّدونَها هُزْأةً (¬1)، ولقد كان الأوْلى به أن لا يتعرَّضَ لنظمِها، فإنه منحَطُّ الطبقةِ في النظم، فأمّا سائرُ ما اطّلعتُ عليه من تصانيفِه. ففيها ما في كلام الناس من مقبولٍ ومردود [طويل]: ومَن ذا الذي تُرضى سَجاياهُ كلُّها ... كفى المرءَ نُبلًا أن تُعَدُّ معائبُهْ مَولدُه بجَيّان سنةَ ثمانٍ وعشرينَ وست مئة. 32 - أحمدُ (¬2) بن إبراهيمَ بن عبد الله بن خَلَف بن مسعودٍ المُحارِبيّ، غَرناطيٌّ، أبو جعفر. رَوَى ببلدِه عن أبي عبد الله بن أحمد بن عَرُوس، وأبي محمد عبد المُنعم بن محمد ابن الفَرَس ولازَمَه كثيرًا، وبمالَقةَ عن أبي زيد بن عبد الله السُّهَيْلي، وأبي عبد الله بن أحمدَ الإسْتِجي، وأبي العبّاس بن محمد بن اليتيم، وأبي محمدٍ القاسم بن دَحْمان، رَوَى عنه ابنُه عليّ (¬3)، وكان مُقرئًا مجوِّدًا نَحْويًّا ماهرًا فقيهًا حافظًا شديدَ العناية بالعلم، واستقضاهُ شَيْخُه أبو محمد عبدُ المُنعم (¬4) بقيجاطةَ ثم بِشَارَّةِ غَرْناطة، فتوَلَّى ذلك كلَّه محمودَ السيرة، وتوفِّي سنة تسع وثمانينَ وخمس مئة. 33 - أحمدُ بن إبراهيمَ بن عبد العزيز بن أحمدَ بن حَكَم الحَضْرَمي، [......] (¬5). رَوَى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) سيعود المؤلف أثناء ترجمة أبي عبد الله محمد بن أحلى في السفر السادس من هذا الكتاب إلى ذكر ردع الجاهل والأرجوزة لابن الزبير، وكان بعث بهما إلى المؤلف فنقدهما نقدًا لا يخلو من قسوة. (¬2) ترجمه السيوطي في البغية 1/ 294 وقال: ذكره ابن الزبير وغيره. ولا ذكر له في الإحاطة المطبوعة. (¬3) ترجم المؤلف لعلي هذا في السفر الخامس، وسيأتي في موضعه منه. (¬4) ستأتي ترجمته في السفر الخامس من هذا الكتاب. (¬5) بياض في الأصل.

34 - أحمد بن إبراهيم بن عبد الملك بن مطرف التميمي، مريي قنجايري، أبو العباس المريي: نسبة إلى المرية على غير قياس، يقال فيه: القنجايري

34 - أحمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن عبد الملك بن مُطرِّفٍ التَّميميُّ، مَرِيِّي (¬2) قَنْجايري (¬3)، أبو العبّاس المَرِيِّي: نسبةَ إلى المَرِية على غيرِ قياس، يقال فيه: القَنْجايري (¬4). تلا بمالَقةَ على أبي العبّاس بن محمد بن اليتيم، ورَوَى عن أبي محمد بن محمد الحَجْري. وله رِحَلٌ أربعٌ إلى المشرِق، وحَجَّ فيها حَجّات، وجاوَرَ بالحَرَمَيْنِ طويلًا، ولقِي فيها عالَمًا كثيرًا من جِلّة العلماء وأكابرِ الصّلحاء فرَوى عنهم وانتفَعَ بصُحبتِهم، منهمُ المجاوِرونَ بمكّة شرَّفها الله: أبو إبراهيمَ إسحاقُ بن عُثمان بن إبراهيمَ التنوسيُّ، وأبو حَفْص عُمرُ بن عبد المجيدِ بن عُمر بن حَسَن بن أحمدَ بن محمد القُرَشيّ المَيانَجي، وآباءُ محمدٍ: إمامُ المقام عبد الدايم بن عُمر بن حُسَين بن عبد الواحِد بن محمد البغدادي ابن الطّبّاخ، ويونُسُ بن يحيى بن أبي الحَسَن بن أبي البَركات بن أحمدَ بن عبد الله بن محمد بن أحمدَ بن حمزةَ بن إسماعيلَ بن محمد بن عيسى بن محمد بن عليِّ بن عبد الله بن العبّاس الهاشميُّ البغداديّ القَصّار - بالقاف- وأجازَ له، ومن أهل الإسكندريّة أو نُزَلائها: أبو الطاهر أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن إبراهيمَ بن سِلَفَةَ الأصفَهاني السِّلَفي، وإسماعيلُ بن مكّي بن إسماعيلَ بن عَوْف، وأبو القاسم مخلوفُ بن عليِّ بن عبد الله يُعرَفُ بابن جارةَ بالجيم والراء، ومن نُزلاءِ بِجَايةَ: أبو محمد عبدُ الحقّ بن عبد الرحمن الإشبيلي، ومن أهل بغدادَ: ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (295) وفيه أنه يكنى أبا جعفر أيضًا، والرعيني في مشيخته (78)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 831، والتقي الفاسي في العقد الثمين 3/ 6. وله ترجمة مطولة في رسالة صفي الدين بن أبي المنصور 57 - 59، وانظر شعرًا في مدحه لأبي موسى الجزولي في قلائد الجمان لابن الشعار الموصلي 5/ 461 وحكايته مع أبي موسى الجزولي في كتاب الفلاكة والمفلوكون: 92. (¬2) في الأصل: "مردي"، خطأ. (¬3) في الأصل: "فتجايري"، خطأ، وهو منسوب إلى قنجاير من عمل المرية. (¬4) في الأصل: "الفتجايري"، محرف.

أبو الفَرَج عبدُ الرحمن بن عليّ بن محمد بن عليّ بن عُبَيد الله بن عبد الله بن حُمّادي (¬1) بن إبراهيمَ بن محمد بن جعفرٍ الجَوْزيِّ بن عبد الله بن إبراهيمَ بن النَّضْر بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكرٍ الصِّدّيقِ رضيَ اللهُ عنه. ومن نُزَلاءِ مِصرَ: أبو عبد الله محمدُ بن إبرإهيمَ بن أحمد بن طاهرِ بن أبي الفوارس الفارسيُّ الخَبْريُّ -بالخاء معجَمةً مفتوحةً والباءِ بواحدة ساكنة والراءِ منسوبًا. وممّن لم أتحقَّقُ له موضِعًا: أبو عبد الله محمدُ بن مُفلح اليَمَنيُّ الجَنَدي -بالجيم والنّون مفتوحَتيْنِ ودالٍ منسوبًا- وابنُ عبد القادر، والخيشاني، وغيرُهم كثير. وأجاز له: أحمدُ بن عبد الله بن الحُسَين بن حَديدٍ الكِنَانيُّ أبو طالب، وأبو بكر بن حَرْزِ الله بن حَجّاج التونُسيُّ القَفْصي، وأبو رَوْح بنُ أبي بكرٍ الدَّوْلَعي، وحَسَنُ بن إسماعيلَ بن الحَسَن، وحُسَينُ بن عبد السلام بن عَتِيق بن محمد بن محمد، وزاهرُ بن رُسْتُمَ بن أبي الرّجاءِ بن محمد الأصفهانيُّ أبو شُجاع، وعبدُ الله بن عبد الرحمن بن موسى التَّميمي وابنُ عبد الجبار بن عبد الله العثمانيُّ أبَوا محمد، وأعبُدُ الرحمن: ابنُ عبد الله عَتِيق أحمد بن باقا (¬2) البغدادي، وابنُ عبد المجيد بن إسماعيلَ بن عثمانَ بن يوسُفَ بن الحُسَين بن حَفْص ابن الصَّفْراويِّ، وابنُ مقرَّب بن عبد الكريم أبي القاسم بن أبي الحَسَن بن أبي محمد التُّجِيبيُّ آباءُ القاسم، وعبدُ الرحيم بن النَّفِيس بن هِبة الله بن وَهْبانَ بن موسى بن سَلْمان بن صالح بن محمد بن وَهْبانَ السُّلَمي، وعبدُ الكريم بن أبي بكرٍ عَتِيق بن عبد الملِك الرَّبَعيُّ أبوا محمد، وعبدُ المجيد بن محمد بن محمد بن الحُسَين بن عليِّ بن الحُسَين بن علي، وعليُّ بن المُفَضَّل بن علي المَقْدِسيُّ أبو الحَسَن، وعُمرُ بن حَسَن أبو الخَطّاب ابنُ الجُمَيِّل، وعيسى بن عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد ابن سُلَيْمان أبو الأصبَغ، والمحمَّدون: ابنُ إسماعيلَ بن عليّ بن أبي الصِّيْف ¬

_ (¬1) بضم الحاء المهملة، قيده ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 3/ 296 وغيره. (¬2) في الأصل: "باق" خطأ، وينظر التقييد لابن نقطة (424).

اليَمَني، وابنُ عبد الرحمن بن عبد الله بن حَسّان القَيْسي ابنُ أبي زَيْد (¬1)، وابنُ عُلْوانَ التَّكريتي آباءُ عبد الله، وموسى بن عليّ بن فَيّاض أبو عِمران، ونَصْرُ بن أبي الفَرَج الحُصْريُّ أبو الفُتوح، ويحيى بن ياقُوت، والحُرّةُ تاجُ النساءِ بنتُ رُسْتُمَ أختُ زاهرٍ المذكور. رَوَى عنه أبو بكر بن أحمدَ بن سيِّدِ الناس، وابنُ جابر السَّقَطيُّ، وأبو الصّفاءِ خالصُ بن مَهْدي، وأبو عبد الله بن أحمدَ الواشِري، وأبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، وأبو الكرَم جريءُ بن عبد الرحمن، وأبوا موسى العِمرانانِ ابنا الموسَيَيْنِ: السّلَويُّ -باللام- وابن مَعْمَر [......] (¬2) الطّرابُلُسيُّ -طرابُلُسَ إفريقيّة. رَوَى عنه من شيوخِنا: أبو الحَسَن ابنُ الرُّعَيْني، وأبو الحُسَين اليُسْر، وأبو علي الحُسَين بن عبد العزيز بن الناظِر. وكان محدّثًا عَدْلًا ثقةً فيما يَرويه، عُنِيَ كثيرًا بالرواية ولقاءِ المشايخ، وكان شيخَ الطائفة الصُّوفية قاطبةً بالمغرب، صاحبَ مقاماتٍ ومجُاهداتٍ ومُشاهدات، أكثَرَ من السياحة والتَّجوُّل للاعتبار في أقطار الأرض، وكان عظيمَ الصِّيت واسعَ المعرفة مَهِيبًا موَقَّرًا مُكبَّرًا عندَ الخاصّة والعامة، مشهورَ الفَضْل، مستشعِرَ الخوف، صادوا الورَع، صحيحَ الزهد، مُعرِضًا عن أعراض الدنيا من المال والجاه على كثرة إقبالهِا عليه، فقد نال منها ثَروةً وأثَرةً أُعينَ بهما على دِينِه، ولم يستفِزاه بزُخرُفِهما عن مُستحكِم يقينِه، وكانت له من ملوكِ عصره مكانةٌ جليلة حَلَّ بها منهم ألطفَ محَلّ وجرَتْ لهم على يديه أعمالٌ من البِرِّ عظيمة، إذ كانوا يستدعونَه ويَسْتَننُونَه تبرُّكًا به واغتنامًا لمشاهدتِه، فيقبِلُ عليهم ويَقبَلُ منهم، وقد ملأَ اللهُ قلوبَهم إجلالَه، وأشْرَبَها حبَّه وتعظيمَه، وكان قد ابتُلي بعلّةِ البَرَص ¬

_ (¬1) هو سبتي الأصل تاجر، نزل الإسكندرية، ترجمه المنذري في وفيات سنة (625) من التكملة (3/الترجمة 2188)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 803. (¬2) بياض في الأصل.

ففَشَا فيه وتمَكن منه حتى كاد يعُمُّ جميعَ أعضائه نقعَه الله، وكان ملوكَ بني عبد المؤمن وأمراؤهم ورؤساءُ دولتِهم كثيرًا ما يَرغَبونَ منه في تفريق صَدَقاتِهم التّطوُّعيّةِ على مَن يراه من الفقراءِ والمَحاويج وأهلِ السَّتْر والصَّوْن؛ لعلمِهم بأنه مَغْشِيُّ الجَناب من طوائفِ الناس على اختلافِ طبقاتِهم فيتوَلَّى ذلك ويُباشره بنفسِه، ونفَعَ اللهُ على يديه بهذا العمل خَلْقًا كثيرًا، وأصحَبَه طائفة منهم في بعض رِحَلِه المشرِقيّة أموالًا جَسِيمة ليَدفعَها إلى مَن يراه أهلًا لها بالحرَمَيْن الشّريفَيْن من الِ البيتِ الكريم وغيرِهم، فذكَرَ أنه جلَسَ في المسجد الحرام مُعمِلًا فِكْرَه في توزيع ذلك المال وتعيين ما يُفرِّقُ منه وعلى من يُفرِّقُه، وكيف يكونُ عملُه المُخلِّصَ له من تَبِعتِه، فسمعَ نداءً من الحِجْر أُلقيَ في رُوْعِه أنه المقصودُ به: {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [ص: 39]، وذَكرً أول همَّ بدَفْع ذلك إلى من هنالك من أهل البيتِ وسأل عنهم فتَعرَّف أنهم أو مُعظمُهم أهلُ أهواءٍ وبِدَع وأحوالٍ لا تُرضَى، فعزَمَ على حِرمان من كان بهذه الصِّفات منهم، قال: فبينما أنا بين النائم واليَقْظان شمَمْتُ رائحةً طيِّبةً عطِرة وأعقَبَها ظهورُ امرأة، وقيل لي، أو وَجَدتُ في نفسي أنها فاطمةُ بنتُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ورضيَ عنها قائلةً لي: يا أحمد، أنْفُك منك وإن كان أجدَع، فقلتُ لها: أتوبُ إلى الله عزَّ وجَلّ، أُعطيهم، فأعطَيْتُهم بإشارةٍ جَدّتِهم فاطمةَ رضوانُ الله عليها، وذَكَرَ أنه كان يَرى حين نُودي وقيل له وهُو بالحِجْر كما تقَدَّم: {هَذَا عَطَاؤُنَا} كأنّ كَفَّيْنِ خَشِنتَيْنِ جاسِيَتَيْنِ مجلتينِ مملوءتَيْنِ من غضبِ الله تعالى وكأنّهما تَهويانِ إلى اليمين فيقالُ لهما: نَكِّبا عن جميع الآفاق وأفرِغا فيما فيكُما على المغرب، فتفعَلانِ ما أُمِرَتا به. وذَكَرَ أنه وصَلَ إلى مَرّاكُشَ في بعضِ سياحاتِه فوافاها ليلًا وقد سُدَّت أبوابُها، فبات بالجَبّانة خارجَ بابِ الصالحة -أحد أبوابها الشمالية- قال: فرأيتُ كأنّ فارسًا قد نزَلَ من السماءِ رأسُه فيها وقدماهُ في الأرض، وكأن مَرّاكُشَ قد سَجَدت أسوارُها وبقِيَتْ بغير سُور، وكأنّ الفارسَ المشارَ إليه يدورُ بها وهُو يَصيحُ اللّيلَ كلَّه: الدَّمارَ الدّمار! الخرابَ الخراب. وشبيهٌ بهذا ما

ذكَرَه أبو القاسم بنُ عِمْران ونَقلْتُه من خطِّه قال: أُنشِدتُ في المنام عام ستة وعشرين بمَرّاكُشَ في رؤيا اختَصَرتُها [وافر]: أيا عجَبًا من الدّهرِ المُليمِ ... تقَضَّت دولةُ الملِكِ الكريمِ وهبَّت زَعزَعٌ نكباءُ فيها ... وهُدَّ جوانبُ الطَّودِ العظيمِ وذاكرتُ شيخَنا أبا الحَسَن الرُّعَيْنيَّ رحمه اللهُ بكثيرٍ مما يؤثَرُ عن أبي العبّاس هذا من مثل هذه الحكايات، وسألتُه: هل رأى منه شيئًا؟ فقال: كان أمرُه من كُبَرِ الأعاجيب، كنتُ يومًا بينَ يدَيْه لِما كنتُ أقصِدُه فيه، فأشار إليّ بالتّنَحّي قليلًا إلى إحدى جهتَي اليمين والشِّمال، فامتثَلْتُ ما أشار به، فإذا هو شاخصٌ ببَصَرِه مُقبِلٌ على ما قابَلَه لا يَصرِفُ طَرفَه عمّا يُواجهُه، ومكَثَ كذلك ساعةً، ثم أقبَلَ عليَّ عائدًا إلى ما كنّا (¬1) فيه، فسألتُه عن سببِ ما جرى فقال: تراءَتْ لي الكعبةُ المُكرَّمة وتمثَّلتْ إليّ عِيَانًا، فاغتنمتُ النظرَ إليها تجديدًا للعهد بمشاهدتِها، فهذا سببُ ما رأيت؛ فكان شيخُنا أبو الحَسَن عندَ ذكْرِه هذه الحكايةَ يُعظِمُ إنكارَها على الشيخ أبي العبّاسِ ويقول: كأنّ كثافةَ ظُلمتي تَحجُبُ عنه مشاهدةَ الكعبة المُعظَّمة ولا يَحجُبُها عنه ما حال بينَه وبينَها من البحارِ والجبال على طُول المسافة التي بينَهما، وربّما تجاوَزَ بهذا القولِ إلى تزييفِ أقوالِه وتضعيفِ ما يُحكَى عنه منها. ومن غرائب حديثه: ما حدَّثني به شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمه اللهُ قال (¬2): حدَّثني الشّيخُ أبو العبّاس القنَجايريُّ، قال: كنتُ يومًا ببيتِ المقدِس، فرأيتُ شيخًا قد انحنَى ظهرُه قدِ استَنَدَ إلى ساريةٍ من سَواري الصّخرة، فدنَوْتُ منه وقلت: كيف اسمُ السيِّد؟ فقال: ذيال، فقلتُ: يا سيدي، كم أتَى عليكَ من العمُر؟ فقال لي: ولمَ سؤالُك؟ قلتُ له: على معنى التبرُّكِ بك، فقال: ربّما أتَى ¬

_ (¬1) في الأصل: ساكنَا. (¬2) انظر حكاية شبيهة بهذه يرويها المؤلف عن شيخه الرعيني في السفر السادس.

عليّ مئة وثلاثون سنة أو نيّفتَ عليها، قلتُ: أفلا يُفيدُني سيِّدي بفائدة؟ فقال لي: نعم، كنتُ وأنا ابنُ ستِّ سنينَ إلى السبع بالموصِل، فرأيتُ يومًا أميرَها قد خرَجَ ومعَه وجوهُ الفقهاء وأعيانُ الموصِل، فسألتُ عن ذلك فقيل: خَرَجوا ليَرَوْا صاحبَ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلمّا كبرتُ وصِرتُ ابنَ ثلاثينَ سنةً أو نحوِها أخذتُ أسألُ عمّن كان في صُحبةِ الأميرِ إذ خرَجَ إلى الموصِل، فدُلِلتُ على أحدِ مَن حضَرَ معَه من الفقهاء لم يبقَ غيرُه، فقصَدتُ إليه فسألتُه أن يُخبرَني عن ذلك، فقال لي: نعم، خرَجَ الأميرُ ونحن في صُحبتِه، فمشَيْنا عن الموصِل أيامًا حتّى أشرَفْنا على حيٍّ من أحياءِ العرب فتَلقّانا منه شيخٌ فقال له الأمير: جئنا لنَرى صاحبَ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ونتبرَّكَ به، فقال له الشّيخ: أنا حفيدُه وكلُّ مَن في هذا الحيِّ من وَلَده ووَلَدِ وَلَدِه. فأراد الشّيخُ أن يُبادرَ إلى قِرى الأميرِ من نَحْر إبِل أو نحوِ ذلك، فمنَعَه الأميرُ من ذلك وقال: ما الغَرَضُ إلا في التبرُّكِ بالصاحبِ خاصّة، فعمَدَ بهم إلى بيتٍ في الحيِّ وإذا زَبِيلٌ (¬1) مُعلَّقٌ من قائمةِ البيتِ فأخَذَ في حطِّ الزَّبِيلِ برِفْق حتى استقَرَّ بالأرض ثُم عمَدَ إلى الشّيخ ففتَحَ عنه قُطنًا كان عليه، وإذا به كالشّنِّ البالي، فأقبَلَ عليه يُناديه: يابه يابه يابه، فأجابَه بصوتٍ ضعيف، فقال له: هذا أميرُ الموصِل ووجوهُ الموضع أتوْا للتبرُّكِ بك ولأنْ يَنظُروا إلى عينٍ نَظَرتْ إلى رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، ففتَحَ الشّيخُ عينيه، فأقبَلَ الأميرُ عليهما يُقبِّلُهما ومَن حضَر، ثم قال له الأمير: لعلّك تحدِّثُنا بحديثٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: نعم، سِرتُ أنا وعمِّي إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو في بعضِ غَزَواتِه راكبٌ على راحلتِه وبيدِه سَوْط، فأشار به فجاء في رأسي، فقال لي: أوجَعَك السَّوْطُ؟ فقلتُ: لا يا رسُولَ الله، فقال عمِّي: يا رسُولَ الله، ادعُ الله له، فقال لي: مَدَّ اللهُ عمُرَك مدًّا بالمَدّ؛ يا بُنيّ، إذا نَزَلَتْ بك كريهةٌ أو وقَعتَ في مُعضِلة فعليك بالقلاقل الأربعة: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}. ¬

_ (¬1) الزبيل مثال كريم: المكتل، والزنبيل مثال قنديل لغة فيه.

قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: كتبتُ هذا الأثَرَ على وَهْنِ (¬1) إسنادِه ونَكارته (¬2) تبرُّكًا ورجاءً في الكونِ بمن شمِلَتْه الدّعوةُ النّبويّة فيما يؤثَرُ عنه من قولِه - صلى الله عليه وسلم -: "طُوبى لمن رآني ولمن رآى مَن رآني شرحتّى عيَّنَ سبعَ طبقات، فأنا -بالنظَر إلى إسناد هذا الحديث المتقدِّم- في الطبقة السادسة والحمدُ لله (¬3). وقرأتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ رحمه اللهُ بعدَ أنْ نقَلتُه من خطِّه (¬4): قال ابنُ عبد المجيد شيخُنا رحمه الله -يعني أبا جعفر بنَ الجَيّار (¬5) -: كتبتُ إليه -يعني أبا العبّاسِ هذا- أستشيرُه في العُزْلة، فكتَبَ إليّ ما نصُّه: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، صَلّى اللهُ علىِ سيِّدِنا محمد وآلِه وسلَّم تسليمًا. {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ} [فصلت: 30]. اللهُ وليُّ الفقيه الأبرّ الأعزّ أبي جعفر بن عبد المجيد عاجِلاً وآجلاً، بَلَغَني كتابُك الأنوَر أكرِم به من كتاب وبكاتبِه، وَصَّلَك اللهُ إلى مُرادِك منه، ثم جَرَّدك له من اختيارِك واختارَ لك في لطائفِه وشريفِ عوارفِه، ووَصَلَ أحوالَك وأنزَلَك منازلَ الصّالحينَ عندَه، وبَوَّأَك محَلَّ الصّدِّيقينَ لديه بكرَمِه، {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159]، ويعم ما قصَدتَ وإليه أشَرت ايدك اللهُ بنورٍ من عندِه، سيِّدي الموفَّقُ المُتبتِّل: الخَلوةُ من أشرفِ المقامات حِسًّا ومعنى، بدايتُها التسبُّبُ لها بمُفارقةِ الخَلْق من غير إضرارٍ بدِين أحد من خَلْق الله، ولا إخلالٍ بحقّ من حقوقِ الله، نفسُ الخَلوةِ مقدارًا ما من ليل أو نهار بلا عملٍ: عملٌ، فكيف إذا انضافَ إليها ركوع أو قراءةُ قران أو فكرةٌ في علم حقٍّ أو نظرٌ في كتاب من عِلم حقّ؟ ثم إذا وَجَدَ العبدُ برَكتَها حُبِّبت إليه، ¬

_ (¬1) في الأصل: وهذا. (¬2) نصف الكلمة مخروم في الأصل. (¬3) إن المرء ليعجب كيف يصدق بعض أهل العلم مثل هذه الترهات الواهيات. (¬4) انظر برنامج الرعيني، ص 156. (¬5) ستأتي ترجمته في هذا المجلد برقم (335) واسمه: أحمد بن عبد المجيد بن سالم.

وهي أوّلُ مقاماتِ الإخلاص ونهايتُها، في لسانِ الحُكم مَغيبُ العبد بها عن الأبصار والبصائرِ جميعًا: "الإحسانُ أن تَعبُدَ الله كأنّك تراه"، الحديث (¬1). الكشفُ عن باطن الوجود تدريب، والكشفُ عن سرِّ تصريفِ الوجود تقريب. {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48]. وبينَ من رأى دارَ المُلك ومَن دخَلَها فُزقان، ومن بُهِت عند الرؤيةِ حُجِب عن الدُّخول، ومَن صَمَّمَ أو ألمّ، ناداه مُنادي القُرب: أنْ هلُمّ، {فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ} [التوبة: 111]. اللهُمّ دُلَّنا بكَ عليك، وأوصِلْ حبلَنا بحبلِك المتين، واجعَلْنا أئمةً للمتّقين، إنك مُنعِمٌ كريم. اتَّبِع آثارَ النّبوةِ المُكرَّمة بالنظرِ إلى مَطْعمِه ومَسْكَنِه وملبَسِه صَلَواتُ الله وسلامُه عليه. لقِيتُ بالحرم الشّريف عامَ سبعينَ (¬2) شيخًا من العراق ذكَرَ في أنه اتَّبَعَ مواردَ المصطفى - صلى الله عليه وسلم - فلم يُخِلَّ بشيءٍ من ذلك، غيرَ أنه لم تكنْ له بِنتٌ يُجهِّزُها لبَعْلِها فيُدخِلَ قدمَيْه بين صدرَيْها. وذَكَرَ عن بعضِهم أنه قال: لا آكُلُ البِطّيخ؛ لأنه لم يَبلُغْني عن سيِّدِ البشر كيف كان يأكُلُه فتركتُه خِيفةَ أن آكلَه على غير ما كان يأكلُه فاكونَ قد خالفتُه - صلى الله عليه وسلم -. والمقصودُ عند أهل الحقائق أنْ لا يتحرَّكَ العبدُ حركةً وإن دَقَّت ولا يَدَعَ حركةً وإن دَقَّت إلا بعلمٍ حقٍّ ليكونَ علمُه كلُّه حقًّا، ظاهرًا كان أو باطنًا. فعليك -أيُّها الولي- بحقائق العلم النافع، لقولِه جَلَّ جلاله: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران: 79]، {إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ} [الأنبياء: 106]، والسلامُ الأتمُّ الأبرُّ الأفضَلُ عليك ورحمةُ الله وبركاتُه. من أضعفِ خَلْقِ الله أحمدَ عَفَا اللهُ عنه. وعزَمَ على الرِّحلة إلى المشرِق في بعض رِحَلِه، وبَلَغَه أنّ الأميرَ أبا العلاء (¬3) ¬

_ (¬1) هو في الصحيحين من حديث ابن عمر: البخاري 1/ 9، ومسلم 1/ 34 وينظر تمام تخريجه في التعليق على جامع الترمذي (2610). (¬2) يعني: وخمس مئة. (¬3) له ترجمة حافلة عند ابن الخطيب في الإحاطة 1/ 409، وأخباره في البيان المغرب: 253 - 282 (القسم الموحدي).

المتلقّبَ بعدُ من ألقاب الخلافة بالمأمون ابن الأمير أبي يوسُف يعقوبَ المنصورِ بن أبي يعقوبَ يوسُفَ بن عبد المؤمن، وكان واليًا على مالَقةَ، وأنه وَلِي قُرْطُبةَ (¬1)، وهو يَرُومُ النّقلةَ إليها، فكتَبَ إليه الشّيخ أبو العبّاس داعيًا له بالخِيرة في ذلك ومودِّعًا إياه لأجْلِ الرِّحلةِ التي عزَمَ عليها، فراجَعَه الأميرُ أبو العلاء بإنشاءِ كاتبِه الأكبر حينَئذٍ، المجيد الأبرع أبي زَيْد ابن يَخْلفتَنَ الفازازيِّ (¬2) رحمه الله [طويل]: لئنْ غِبتَ عن عيني بحُكم المقادرِ ... فأنت إلى التَّذكارِ أقربُ حاضرِ وإن بَعِدت منّا الديارُ فبينَنا ... تجاوُرُ أفكارٍ وقربُ ضمائرِ ولن ينفعَ الأبصارَ إدراكُ (¬3) مدرَكٍ ... إذا لم تؤيّدْهُ بمعنى البصائرِ السلامُ الكريمُ العميم، الأحفلُ الأجزَل، على الشّيخ الفاضل الموشَّح بحُلى المتّقين، المرشَّح لعُلا البِرِّ والمراقبةِ واليقين، الساعي بهمّتِه عن الأقطارِ المغربيّة إلى الأنوارِ اليَثْرِبيّة، المُوطِئ بجَنْبه أكرمَ مَضْجع، الراجع إلى ربِّه تعالى أفضلَ مرجِع، المترقِّبِ ليومِه الموعود ترقُّبَ الشهودِ حتى كأنه بمَرْأى منه ومَسْمَع، فلانِ ابن فلان أبقاه اللهُ ممتَّعًا بالسَّنِيِّ فالسَّنيِّ من أحوالِه، مُبلَّغًا إلى الهنِيِّ فالهَنيِّ من آمالِه، مفرَّغًا لِما لا بدَّ من إعدادِه له ولأمثالِه، كتَبَ مُعَظّمُه ومُعَظِّمُ نِحلتِه، الغابطُ له في نُقلتِه المشكور المبرور ورحلتِه، المُنطوي له على الواجِب المتعيِّنِ من حبِّ دِخلتِه، المتمنِّي مُرافقتَه إلى تلك المَعالم المكرَّمة والمشاهد المعظَّمة ليفوزَ بمُعاينة تُربةِ نبيِّه وكعبة قِبلتِه، الراغبُ في بَرَكةِ دُعائه هنا وهناك بالإيابِ ¬

_ (¬1) في البيان المغرب (248) أنه كان واليًا على قرطبة سنة 621 هـ. (¬2) ترجمته في برنامج الرعيني (38) والتكملة (2356) والمقتضب من تحفة القادم (133)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 376، والذهبي في المستملح (556)، وتاريخ الإسلام 13/ 837، وابن الخطيب في الإحاطة 3/ 517، والمقري في نفح الطيب 4/ 468، وله ديوان الوسائل المتقبلة وديوان العشريات، وهما مطبوعان. (¬3) في حاشية الأصل: "بخطه: إحساسُ".

من غَيْبةِ سَهْوِه والإيقاظِ من سِنَة غَفْلتِه، إدريسُ ابنُ الأئمة أمراءِ المؤمنين بعدَ ورودِ كتابِه المبرور، ووصولِ خطابِه الذي هو عَلَمٌ في رأسه نُور، والوقوفِ من مَنازِعِه السَّنِيّة على ما حرَّك ساكنَ الأشواق، وأثار البواعثَ إلى تلك الآفاق، وإنّ نُقلةً تَعِيضُ عينًا من أثَر، وتوردُ على خبرٍ عن خبر، لَنُقلةٌ مباركةُ المبدَإِ والمنتهى، مشارَكةٌ ولو بالنيّات من أولي النُّهى. ولولا العوائقُ التي لا يمكنُ إلا بمعونةِ الله انبتاتُها، والدنيا التي لا تصحُّ إلا بالصِّدق معَ الله بَتاتُها، والتسويفاتُ التي لا تنضبطُ بعدُ ولا تنحصرُ في حدِّ غاياتِها، والتعلُّلاتُ التي لا تبرَأُ معَ تقوية أسبابِها وعِلّاتها، لَما كنتُ المتأخِّرَ البَطِيّ، ولَصَحِبتُ ولو سعيًا على الرأس لا على القدَم تلك المَطِيّ. وأنَّى لِمثلي أن يَسمعَ: هاك الرُّكنَ المطَهَّرَ فقَبِّلْه، وهاك البيتَ المقدَّسَ فاستقبِلْه، وهذا العقيقُ فاقبِضْ زمامَك، وأُمَّ النُّورَ المحمّديَّ أمامَك، وانزِلْ ذليلًا خاضعًا، وانشُر حالًا ومقالًا متواضعًا [طويل]: نَزلْنا عن الاكْوارِ نَمشي كرامةً ... لِمن بانَ عنهُ أن نُلِمَّ به رَكْبا نَسُخُ سِجالَ الدّمع في عَرَصاتِهِ ... ونَلْثِمُ من حبٍّ لواطئِه التُّرْبا ولو قَصَرتْ تلك المهابةُ خطْوَنا ... سَحَبْنا مَصُوناتِ الخدودِ بها سَحْبا وإنّ بقائي دونَه لخَسارةٌ ... ولو أنّ كَفّي تملِكُ الشّرْقَ والغَربا فيا عَجبًا ممّن يُجيبُ بزَعْمِهِ ... يُقيمُ معَ الدعوى ويَستعملُ الكُتْبا ولو كنتُ ذا صدقٍ لصَيَّرتُ أدمُعي ... مِدادًا وصَيَّرتُ الكتابَ لها القلبا وزلّاتُ مِثلي لا تُعدَّدُ كثرةً ... وبعدي عن المختارِ أعظمُها ذَنْبا فأعنَي أيُّها الشّيخُ المتبرَّكُ بدَعَواتِه، المُستعانُ على نُجح المطالب بخَلَواتِه، على قصدٍ ألَذُّ ذِكْراه، وأتمنى أن أراه [طويل]: فربَّ فتًى سُدَّتْ عليه وجوهُهُ ... أصابَ لها لَمّا دعا الله مَخْرجا (¬1) ¬

_ (¬1) ورد البيت منثورًا في الأصل.

وذكرْتَ أمرَ قُرطُبةَ مُستفهِمًا، ودعَوْتَ بيُمن النُّقلة إليها متهمّمًا، واللهُ تعالى يمُنُّ بإجابةِ دعائك، ويَجودُ بالرِّضا عنك وإرضائك، وكأني بك قد ألمَمتَ بمُطَهَّرِ تلك العَرَصات، وظِفرتَ بآمالِك المُقتنَصات، وقد حَمَّلتُكَ أمانةَ الدعاء في كلِّ مشهدٍ تشهدُه، ومعَ كلِّ عمل تقصِدُه، وعلى إثْرِ كلِّ خاطرٍ تَطلُبُه فتجدُه، فذلك من أبرِّ ما أُعِدُّه وأعتمِدُه، وأوثقِ ما أُلجئُ ظَهْرَ عملي إليه وأُسنِدُه، أبقاك اللهُ معترِفًا للمزيد في علمِك وعملِك، متلقِّيًا للجديد فالجديد من سُرورِكَ وجَذَلِك، مترقِّيًا إلى أعلى الغايات ما بين حالِك ومستقبلِك إن شاء الله، والسلام. وأخبرني بهذه الرسالةِ شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْني (¬1) رحمه اللهُ عن مُنشئها، ونَقلتُها من خطِّ المقيِّد الضابطِ أبي عَمرو بن سالم (¬2) راويها عن مُنشئها أيضًا، وعليها خطُّ الكاتبِ أبي زيدٍ المذكور، وهؤلاءِ الأشياخُ: الكاتبُ والمكتوبُ إليه ومُقَيِّدُه ثلاثتُهم من جُملة شيوخ شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ رحمه الله (¬3). وأخبارُ هذا الشّيخ أبي العباس كثيرة، وآثارُه بالبلاد المشرِقية أثيرة، ومنافعُ ما أجراه اللهُ على يدَيْه بالحرَمَينِ الشريفَيْن وغيرهما من جاري الصَّدَقاتِ وجليل الأوقافِ شهيرة (¬4). ¬

_ (¬1) لم يوردها في برنامجه. (¬2) ترجمته في التكملة (3230)، وبرنامج الرعيني (38) وأطال المؤلف في ترجمته بالسفر الرابع من هذا الكتاب. (¬3) وقع لناسخ الأصل في إيراد هذا الخبر تكرار واختلاط قومناه إلى ما رأيت أنه أشبه بالأصل والصواب إن شاء الله تعالى. (¬4) ذكر منها الحافظ تقي الدين الفاسي: الحمام الذي بأجياد وهو وقف عليه، والرباط الذي بالمَرْوة على يسار الذاهب إليها، قال: وتاريخ وقفه العشر الأوسط من شوال سنة عشرين وست مئة على ما في الحجر الذي فيه، وفيه أنه وَقَف وحبَّسَ وسبَّلَ وتصدق بجميع هذا الرباط الشارع على المروة المعظمة على جميع الفقراء من أهل الخير والفضل والدين والعرب والعجم المتأهلين وغير المتأهلين على ما يليق بكل واحد منهم في المنازل في هذا الرباط (العقد الثمين 3/ 8).

35 - أحمد بن إبراهيم بن عزيز -بالعين مهملة وزايين، مصغرا- الغساني، غرناطي، أبو جعفر

مَولدُه سنةَ اثنتينِ وخمسينَ وخمس مئة بقنَجاير، وتوفِّي بسَبْتةَ لثلاثٍ خَلَوْنَ من صَفَر سبع وعشرينَ وست مئة (¬1)، وتخَلَّف بنتًا (¬2) تزوَّجَها شيخُنا الفقيه الأجَلُّ الرئيسُ الأوحَد المرحوم أبو القاسم (¬3) ابنُ الفقيه الأجلِّ المحدّث الراوِية السَّنيِّ الأفضل المرحوم أبي العبّاس (¬4) أحمدَ ابن القاضي أبي عبد الله محمد بن أحمدَ بن محمد بن أحمد بن محمد اللَّخميُّ، عُرِف بابن أبي عَزفة ويُنسَبُ لذلك: العزفي، أنكَحَه إياها أبوه المذكورُ، إذ كان أبوها قد عَهِدَ إليه بالإيصاءِ عليها والنظرِ لها فأدّاه اجتهادُه إلى إنكاحِها من ابنِه المذكور، فكان في ذلك اليُمنُ والخيرُ والبركة، فهي أُمّ أولادِه السُّراةِ الأماجد، الخمسة الأكابر (¬5)، أبقى اللهُ عليهم وعلى أعقابِهم بركةَ أسلافِهم. 35 - أحمدُ بن إبراهيمَ بن عُزَيْز -بالعينِ مهملة وزايَيْنِ، مصَغَّرًا- الغَسّاني، غرناطيٌّ، أبو جعفر. ¬

_ (¬1) ذكر المؤلف في ترجمة ابن ستاري فيما نقله عند صاحب جذوة الاقتباس (244) أن المذكور دُفن بمقبرة الشيخ أبي العباس القَنْجايري خارج باب الصباح من مدينة سبتة، وانظر اختصار الأخبار (8). (¬2) هي السيدة مريم بنت أبي العباس القنجايري المترجم وأم الأمراء العزفيين. (¬3) انظر في ترجمة أبي القاسم العزفي أمير سبتة: أزهار الرياض 2/ 374 وما بعدها، والبيان المغرب 3/ 400 وما بعدها و 424 وما بعدها (القسم الموحدي). (¬4) انظر ترجمة أبي العباس العزفي في برنامج الرعيني (14). (¬5) هم: أبو حاتم أحمد الذي خلف أباه في إمارة سبتة، وأبو طالب عبد الله نائب أخيه أثناء إمارته، وخلفه بعد خلعه (ترجمته في جذوة الاقتباس: 327 - 329)، وأبو الوفاء إبراهيم، وأبو الفضل قاسم، وأختهم صفية زوج القائد أبي القاسم الرنداحي (انظر جذوة الاقتباس: 327 - 329). وأبو طالب منهم هو والد يحيى الأمير الذي بويع له بسبتة مرتين (الدرر الكامنة 4/ 420، وأزهار الرياض 2/ 377 - 378) وعبد الرحمن مؤلف الإشادة وغيرها (أزهار الرياض 2/ 356 و 378 وله ترجمة في الإحاطة) وأبي العباس أحمد المترجم في الإحاطة 1/ 286 والعدد 27 من ذكريات مشاهير رجال المغرب للأستاذ عبد الله كنون.

36 - أحمد بن إبراهيم بن علي بن منعم العبدري، داني نزل مراكش، أبو جعفر بن منعم

رَوَى عن أبوَيْ بكبر: ابن مسعود ويحيى بن خَلَف ابن النَّفيس، وأبي جعفر ابن عليِّ ابن الباذِش، وأبي الحَسَن [...] (¬1)، وأبوَيْ عبد الله: ابن أيمنَ السَّعديِّ وابن عبد الرّحمن النُّمَيْريّ. وتوفِّي بغَرْناطةَ في حدودِ الخمس والستينَ وخمس مئة أو بعدَها بيسيرٍ وقد نَيَّفَ على سبعينَ سنة. 36 - أحمدُ بن إبراهيمَ بن عليّ بن مُنعِم العَبْدَري، دانيٌّ نَزَلَ مَرّاكُشَ (¬2)، أبو جعفر بن مُنعم. رَوَى عن أبيه، وكان أحدَ البَرَعة في العَدَد والهندَسة من فنونِ التّعْليم (¬3)، وله في الفنَّيْنِ تصانيفُ جليلةٌ وتلاخيصُ نبيلةٌ واستنباطاتٌ بديعة تدُلُّك على تقدُّمِه في الصِّناعتَيْن وتبريزِه فيهما، فمِن مشهور تصانيفِه: "فقهُ الحساب" (¬4) كتابٌ جليلُ الفائدة، ومقالةٌ في استنباطِ أعدادِ الوفق، وكتاب [.......] (¬5)، و"تجريدُ أخبارِ كتُب الهندَسة على اختلافِ مقاصدِها"، ويُذكَرُ من شَغَفِه بهذا الفنِّ أنه كان لا ينامُ من الليالي حتى يَعرِضَ على خاطره كتابَ "الأركان" لأوقليدِسَ، بادئًا من آخرِ شكل فيه مُتقهقِرًا إلى ما قبلَه فصاعدًا إلى أوّل شكل منه؛ إذ كان فهْمُ كلِّ شكل يَنْبني على فَهْم ما قبلَه من الأشكال، شُهِرَ ذلك عنه وعُرِفَ منه، وأخبَرَني به صاحبُنا أبو العبّاس ابنُه رحمه الله وعرَضَ عليَّ تصانيفَه هذه التىِ سَمَّيْتُ وغيرَها، وكانت جملةً وافرة. أخَذَ عنه جماعةٌ من أهل مَرّاكُشَ وغيرُهم، منهم: أبوا عبد الله: ابنُ عليِّ بن يحيى شيخُنا المَدعوُّ بالشّريف، وابنُ السّدّاد النّجارُ نزيلُ أغماتَ وريكةَ. وكان ¬

_ (¬1) بياض في الأصل. (¬2) هو ممن يستدرك على صاحب "الإعلام". (¬3) ويقال أيضًا: التعاليم. (¬4) نُشر هذا الكتاب. (¬5) بياض في الأصل.

37 - أحمد بن إبراهيم بن عيسى اللخمي

معَ ذلك حسَنَ النظرِ في صناعة الطبِّ موفَّق الرأي في العلاج، انتُفعَ به في ذلك كلِّه كثيرًا. وانتَصبَ لإفادةِ ما كان لديه من المعارفِ بالقُبّة المنصوريّة إزاءَ الجامع الأعظم المنصُوريِّ بمَرّاكُشَ حرَسَها اللهُ، وهي القُبّةُ الكائنةُ بمقرُبةٍ من الزاوية الملتقي عليها الخَطّانِ: الشرقيُّ والشَّمالي بانحرافٍ يسير منهما مقابلةَ القَيْساريّةِ هنالك، وكان نظرُه فيها في حدود الثلاثينَ من عمُره، ففاق فيها أبناءَ عصرِه. وتوفِّي بمَرّاكُشَ سنة ستٍّ وعشرين وست مئة، وحُفِظَتْ عنه مجُرَّباتٌ شَفَا اللهُ بها خَلْقًا كثيرًا من عِلل عِسرةِ البُرْء. 37 - أحمدُ بن إبراهيمَ بن عيسى اللَّخْميُّ. رَوَى عن شُرَيْح. 38 - أحمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن عيسى، مَرويّ، أبو العباس، ابنُ المحلول. اختَصَّ بالقاضي أبي بكر بن أسود، ولقي القاضيَ أبا القاسم بنَ ورد، وكان فقيهًا حافظًا ذاكرًا للمسائل، استقضاه أبو بكر بنُ أسودَ شيخُه بجزيرةِ شُقْر، ثُم صُرِف عنه، واستقَرَّ زِمنَ الفتنة بمُرسِيَةَ متلبِّسًا بعَقْدِ الشروط، وكان ذا معرفة بها وبَصَر بعِلَلِها. وتوفِّي بشاطِبةَ سنةَ اثنتينِ وخمسينَ وخمس مئة. 39 - أحمدُ بن إبراهيمَ بن محمد بن أحمدَ الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ، غَرْناطي، أبو جعفر، ابنُ الحَلّاء. رَوَى عن شيوخ بلدِه. وكان فقيهًا شهيرَ الزُّهد والخير والجهاد، وتوفّي بغَرْناطة (¬2). 40 - أحمدُ (¬3) بن إبراهيمَ بن محمد بن أحمدَ المَخْزومي، قُرطُبي، أبو جعفر، ابن كَوْزانَةَ (¬4): لقبٌ غَلَبَ على أبيه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (170). (¬2) هو ممن يستدرك على ابن الخطيب في الإحاطة. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (284)، والرعيني في برنامجه (57)، والمقري في نفح الطيب 2/ 603. (¬4) في التكملة ونفح الطيب: "كوزان"، وهو مجوّد التقييد في "التكملة" بخط ابن الجلاب.

كان يَذكُرُ هو وأبوه وعقِبُه أنّهم من ذُرِّية سيفِ الله وصاحب رسُولِه - صلى الله عليه وسلم - خالدِ بن الوليد رضي اللهُ عنه ويأثُرونَ ذلك عن أسلافِهم، وقد أبَى المَعْنيُّونَ بالنَّسَب أن يكونَ بقِيَ لخالدِ بن الوليد عقِبٌ، فقال أبو عبد الله المصعَبُ بن عبد الله بن مُصعَب بن ثابِت بن عبد الله بن الزُّبَير بن العَوّام -وكان من أعلم الناس بالنَّسَب - بعدَما ذكَرَ خالدَ بنَ الوليد ومَن أعقَبَ منهم: وقد انقَرضَ ولَدُ خالدِ [بن الوليد] (¬1) فلم يبقَ منهم أحد، ورِثَهم أيوبُ بن سَلَمةَ دارَهم بالمدينة (¬2). قال المصنِّفُ عَفَا الله عنه: وسَلَمةُ هذا هو ابنُ الوليد الذي سَمّاه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عبدَ الله بن الوليد أخي خالدِ بن الوليد، فهو أيوبُ بن سَلَمةَ بن عبد الله بن الوليد أخي خالدِ بن الوليد. وكقولِ أبي عبد الله المصعَب قال أبو محمدٍ عليُّ بن أحمد بن حَزْم، وقال: كثُرَ ولَدُ خالد بن الوليد حتى بَلَغوا نحوَ أربعينَ رجلًا، وكانوا كلُّهم بالشام، ثم انقرضوا كلُّهم في طاعونٍ وقَعَ فلم يبقَ لأحدٍ منهم عَقِب (¬3). وقال أبو عمرَ أحمدُ بن يوسُف المصريُّ مُجيبًا الحَكَمَ المُستنصِرَ بالله عن أشياءَ من النَّسَب: وقدِ انقرضَ ولَدُ خالدِ بن الوليد بن المُغيرة المَخْزوميِّ من كلِّ موضع، فلا يجبُ أن يُسمَع ممّن انتمَى إليه. قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: فعلى هذا لا يصحُّ لأحدٍ نسَبٌ إلى خالد بن الوليد إلا أن يكونَ بالوَلاءِ واللهُ أعلم. رَوَى أبو جعفرٍ المترجَمُ به عن أبيه وخالِه أبي عبد الله [...] (¬4) الخَوْلانيِّ ابن الزيَّات، وأبي بكر بن عبد الله ابن العَرَبيِّ بن الحاجِّ، وأبي الحَسَن بن إبراهيمَ ابن الفَقّاص، وأبي القاسم القاسم ابن الطَّيْلَسَان. ورَحَلَ إلى المشرِق وحَجَّ، وأخَذ ¬

_ (¬1) زيادة من كتاب نسب قريش. (¬2) نسب قريش (328). (¬3) الجمهرة (148). (¬4) بياض في الأصل.

41 - أحمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، قرطبي

بمدرسةِ الصاحبِ من القاهرة عن أبي الحَسَن [ابن المُفَضَّل] (¬1) المقدِسي (¬2)، وعن غيره من أفاضلِ تلك البلاد، رَوَى عنه أبو جعفر بنُ إبراهيمَ بن كُلَيْب، وأبو الحُسَين محمد بن أبي عامرٍ يحيى بن رَبيع، وأبو عَمرٍو أحمدُ بن عليِّ بن عمريل، وأبو القاسم القاسم ابن الطَّيْلَسانِ وتدَبَّج معَه كما تقَدَّم، وأبو محمد بن قاسم الحَرّار، وحدّثنا عنه من شيوخِنا أبو الحَسَن الرُّعَيْني. وكان خيِّرًا فاضلًا صالحًا وَرِعًا تَقيًّا سُنِّيًّا ثقةً فيما يَرويه مُثابِرًا على تلاوة كتاب الله مُتقِنًا لأدائه حسَنَ الإيرادِ له، مولدُه عامَ تسعة وثلاثينَ وخمس مئة، وانتقل إلى إشبيليَةَ عند خروج أهل قُرْطُبةَ منها، وتوفِّي على إثرِ ذلك في وَسَطِ ذي حجةِ سنة ثلاثٍ وثلاثينَ وست مئة. 41 - أحمدُ بن إبراهيمَ بن محمد بن إبراهيم، قُرْطُبي. كان من أهل العلم والتبريز في العدالة، حيًّا في حدودِ تسعينَ وأربع مئة. 42 - أحمدُ (¬3) بن إبراهيمَ بن محمد بن باز [...] (¬4)، قُرطُبيٌّ، ابنُ القَزّاز. تلا على أبيه (¬5) بالقراءاتِ (¬6) التي أدخَلَها إلى الأندَلُس، وأقرأ بجامع قرطُبةَ وأدَّبَ بالقرآن. 43 - أحمدُ بن إبراهيمَ بن محمد بن حَسَن التُّجيبيُّ، بَلَنْسِيّ، أبو جعفر. رَوَى عن أبي الرَّبيع بن سالم، وأبوَيْ عبد الله: ابنِ إبراهيمَ بن رَوْبيل، وابن عبد الله بن قاسم. ¬

_ (¬1) بياض في الأصل، والتكملة من برنامج الرعيني، وهو علي بن المفضل المقدسي صاحب "وفيات النقلة" المتوفى سنة 611 هـ. (¬2) في نفح الطيب أن المترجم لقي المقدسي بالإسكندرية وسمع منه. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2) وهي أوسع مما هنا. (¬4) بياض في الأصل، وليس في التكملة زيادة في عمود نسب المترجم على ما هنا. (¬5) انظر بعض أخباره أثناء ترجمة ولده في التكملة. (¬6) في التكملة: القراءة.

44 - أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عيسى بن سعد الخير الأنصاري، بلنسي، أبو بكر

44 - أحمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن محمد بن عيسى بن سَعْدِ الخَيْر الأنصاريُّ، بَلَنْسِيّ، أبو بكر. رَوَى عن أبي الحَسَن بن عبد الله بن النِّعمة، ومَهَرَ في العلم بالحساب والهندسة وفرائضِ المواريث حتى كان لا يُدانَى في ذلك، وتصَدَّر لإفادةِ ذلك وتعليمِه ببلده مدّةً طويلة، فأخَذَ عنه أهلُه، وشُهِرَ بالعدالة والصّلاح والدَّماثة ووُفورِ العَقْل. وتُوفِّي بعد ثلاثٍ وتسعينَ وخمس مئة. 45 - أحمدُ بن إبراهيمَ بن محمد الأسَديُّ، قُرْطُبي. كان من أهل العلم والتبريزِ في العدالة حيًّا في حدود أربع مئة. 46 - أحمدُ (¬2) بن إبراهيمَ بن مُسلم، إشبيلي، أبو العبّاس، الدّقّاق. رَوَى عن أبي عبد الله بن شُرَيْح. 47 - أحمدُ بن إبراهيمَ بن مَسْلَمةَ المَعافِريّ. رَوَى عن أبي عبد الله بن عيسى المَغَامي. 48 - أحمدُ (¬3) بن إبراهيمَ بن معاويةَ بن غَيّاث -بالغَيْن معجَمةً مفتوحةً والياءِ بثِنتَيْن من تحتُ مشدَّدةَ والثاءِ مُثلَّثةَ قبلَها ألف- الغافِقيُّ، مالَقيّ، أبو العبّاس. رَوَى عن أبي الأصبَغ عيسى بن خِيَرةَ (¬4) مَوْلى ابن بُرد، ويقال: مَولى عُتَيْقَةَ - بالعَيْن الغُفْل والتاءِ باثنتَيْنِ من فوقُ والقاف، مصَغَّرةً- بنتِ [معاويةَ بن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (234). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (113)، وفيها زيادة فائدة على ما هنا. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (99). (¬4) في الأصل: خبيرة، وهو تحريف من الناسخ.

عبد الرّحمن الأُمَويِّ] (¬1) القُرَشي ابنِ الأحمر، وأبي الحُسَين سِرَاج وأبيه أبي روانَ عبد الملك بن سِرَاج. رَوَى عنه أبو الوليد يوسُفُ بن عبد العزيز ابنُ الدَّبّاغ ونَسَبَه إلى جَدِّه غَيّاث. قال ابنُ الأبّار (¬2): وذَكَرَ أنه يَحمِلُ عن أبي مروانَ بن سِرَاج، أخبَرَه بذلك بعضُ أصحابِه، يعني أبا جعفر [أحمد] (¬3) بنَ بَقَاء بن نُمَيْل (¬4)، وكان قد استجازه لنفسِه، وله. قال ابنُ الأبّار: وليس كما قال، أنا قرأتُ اسمَه وروايتَه عن أبي الحُسَين بن [سِرَاج] (¬5) بخطِّه ورأيتُ السَّماعَ منه في المحرَّم سنةَ إحدى عشْرةَ وخمس مئة. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: لا وَجْة عندي لإنكارِ ابن الأبّار روايةَ أبي العبّاس هذا عن أبي مروانَ بن سِرَاج، كما رَوَى عن ابنِه أبي الحُسَين، فيكونُ قد رَوَى عن الأبِ والابنِ معًا، وقد رَوَى عن أبي الأصبَغ بن خِيَرةَ، وهو ممّن تقَدَّمتْ وفاتُه على وفاةِ أبي مروان بنحوِ عامَيْن، فإنّ أبا الأصبَغ توفِّي يومَ الأربعاء ودُفن ليلةَ الجمُعة الثامنةِ لجُمادى الأخرى سنةَ سبع وثمانينَ وأربع مئة، وتوفِّي أبو مروانَ ليلةَ عرَفةَ ودُفنَ يومَها سنةَ تسع وثمانينَ وأربع مئة، وأبو جعفر بنُ نُمَيْل أحدُ النُّبلاء البُصَراءِ بهذا الشأن، فقولُه في هذا معتمَد، معَ أنه لم يأتِ إلا بمعروف؛ لأنّ مَن تصَدَّر للأخذِ عنه في التاريخ الذي ذكَرَه ابنُ الأبّار غيرُ بعيد أن يحملَ عمّن هو أقدمُ موتًا من أبي مروانَ بن سِرَاج بسنينَ العشرينَ وأزيَدَ منها، وإلى ذلك فيُحْتَمَلُ أن يكونَ الذي وقَفَ عليه ابنُ الأبّار بروايته عن أبي الحُسَين بن سِرَاج شيئًا مخصوصًا، فالصّوابُ تحميلُه الروايةَ عن ابنَيْ سِراج، واللهُ أعلم. ¬

_ (¬1) ما بين الحاصرتين محله بياض في الأصل وأكملناه من ترجمة أبي الأصبغ عيسى بن خيرة في صلة ابن بشكوال (943). (¬2) التكملة (99). (¬3) ما بين الحاصرتين من التكملة. (¬4) في الأصل: نهيل، وهو تحريف. (¬5) محل الاسم بياض في الأصل، وفي الحاشية ما نصه: سقط من خط المؤلف: سراج.

49 - أحمد بن إبراهيم بن ملاس

49 - أحمدُ بن إبراهيمَ بن مَلّاس. رَوَى عن شُرَيْح. 50 - أحمدُ بن إبراهيمَ بن يحيى بن مُهَلَّب الحِمْيَري (¬1)، أبو جعفر. رَوَى عن أبي جعفر بن يحيى بن عَمِيرة. 51 - أحمدُ بن إبراهيمَ. رَوَى عن أبي الوليد سُليمانَ بن خَلَف الباجِيّ. 52 - أحمدُ بن إبراهيمَ بن يوسُفَ الأنصاريّ، قُرْطُبي. كان من أهل العلم والعدالة، حَيًّا في حدودِ ثمانينَ وأربع مئة. 53 - أحمدُ (¬2) بن إبراهيمَ بن أبي زيدٍ اللَّوَاتيّ، مُرْسِيّ. رَوَى عن أبي عُمرَ الطَّلَمَنْكيِّ (¬3)، ورَحَلَ إلى المشرِق وأخَذ بمِصرَ بعد العشرينَ وأربع مئةٍ عن القاضي أبي محمد عبد الوهّاب بن عليّ، هو وأخوه يحيى في جَمْع حافل أزَيدَ من خمس مئة، وأجاز لهما القاضي أبو محمد مطلقًا في ذلك التاريخ. 54 - أحمدُ بن إبراهيمَ الأشعَريُّ، أبو جعفر. رَوَى عن أبي جعفر بن علي ابن الباذِش. 55 - أحمدُ بن إبراهيمَ الأنصاري، غَرْناطيٌّ، أبو جعفرٍ وأبو العبّاس. رَوَى عن أبي بكرٍ يحيى بن خَلَف بن النَّفِيس، وآباءِ الحَسَن: ابنِ الباذِش، وشُرَيْح، ويونُسَ بن مُغيث، وأبي عبد الله بن عبد الرحيم ابن الفَرَس وأبيه أبي محمد عبد الرحيم. وأرى أبا جعفرٍ هذا ابنَ الفَرّاء، فإنْ يكُنْ إيّاه فقد رَوى عن ¬

_ (¬1) الكلمة غير واضحة في الأصل، ويمكن أن تقرأ أيضًا: الحجري. (¬2) ترجمة ابن الأبار في التكملة (45). (¬3) في الأصل: الطلتمنكي.

56 - أحمد بن أبي بكر بن زيد، أبو جعفر

أبي بكر ابن العَرَبي، حدّث عنه بالإجازة ابو الحَجّاج بن أحمد البَهْراني، أو يكونُ ابنَ الحَلّاءِ المتقدِّم (¬1). 56 - أحمدُ بن أبي بكر بن زَيْد، أبو جعفر. رَوَى عن أبي الحَسَن ابن النِّعمة. 57 - أحمدُ بن إبراهيمَ الجُذَاميّ، غرناطيّ، أبو جعفر. رَوَى عن أبي جعفر ابن الباذِش، وله إجازةٌ من أبي محمد عبد الرّحمن بن محمد بن عَتّاب، وكان من جِلّة الفقهاءِ ونُبلائهم. 58 - أحمدُ بن إبراهيمَ الحَجْري، شاطِبيٌّ فيما أرى. رَوَى عن أبي عِمرانَ بن أبي تَلِيد. 59 - أحمدُ بن أبي بكر بن سَعيد، بُونْتي (¬2)، بالباءِ بواحدةٍ مضمومة بعدَها واوٌ بعدَها نونٌ ساكنة بعدَها تاءٌ مثَنّاة من فوقُ منسوبًا. 60 - أحمدُ بن أبي بكر بن محمد بن غَلْبونَ التُّجِيبي، أبو جعفر. رَوَى عن أبي بكر ابن العَرَبي. 61 - أحمدُ (¬3) بن أبي بكر الكِنَانيُّ -بكاف مكسورة ونونَيْن بينَهما ألفٌ منسوبًا- طُلَيْطُليٌّ نزَلَ قُرطُبة، أبو العبّاس، ابنُ حُنَيْن- بالحاءِ الغُفْل ونونَيْنِ بينَهما ياءُ التصغير- وهو والدُ أبي الحَسَن نزيلِ فاس (¬4). سمع بقُرطُبةَ أبا عبد الله بنَ فَرَج، وبقراءتِه عليه "موطَّأ مالك" سمع ابنُه أبو الحَسَن. ¬

_ (¬1) ترجمة رقم (39). (¬2) نسبة إلى البونت وهو معقل رفيع من أعمال بلنسية، ملكه في مدة ملوك الطوائف بنو القاسم الفهريون (المغرب 2/ 395 والروض المعطار: 56). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (123). (¬4) ستأتي ترجمته في السفر الخامس من هذا الكتاب.

62 - أحمد بن أبي حامد، قرطبي

62 - أحمدُ بن أبي حامد، قُرْطُبي (¬1). 63 - أحمدُ (¬2) بن أبي الحَسَن بن مَيْمونٍ المَخْزومي، شُقْرِيّ، أبو جعفر. وفي الرُّواة أحمدُ بن عليِّ بن أحمدَ بن مَيْمونٍ المَخْزوميُّ أبو بكر، رَوَى عن أبي الأصبَغ ابن المُرابِط سنةَ ست وسبعٍ (¬3) وعشرينَ وخمس مئة. وفيهم أحمدُ بن عبد العزيز بن مَيْمونٍ المَخْزومي: شُقْريٌّ أبو جعفر. توفِّي يومَ الخميس لعَشْر بَقِينَ من ذي قَعدةِ سنة إحدى وخمسينَ وخمس مئة في قول أبي محمد أيوبَ بن نُوح، وكان ابنُ أبي الحَسَن المترجَمُ به من أهل النَّباهة والنّزاهة والحِفظِ للآدابِ والتواريخ، وتوفِّي ببلده سنة خمسينَ وخمس مئة في قولِ أبي [محمد] (¬4) ابن سُفيان، فيُمكنُ إمكانًا قريبًا تقوِّي غَلَبة صحّتِه على الظنِّ أنّ هذه التراجمَ الثلاثَ لرجُل واحدٍ واللهُ أعلم، فاجعَلْ ذلك منكَ على ذكْر، وليكُنْ من مباحثِك، واللهُ الموفِّق. 64 - أحمدُ بن أبي حَفْص. رَوَى عن أبي عبد الله بن أحمدَ بن منظور. ¬

_ (¬1) هكذا جاءت هذه الترجمة، وقد ترجمه ابن الأبار بأحسن من هذا فكأن المؤلف لم يقف عليها، فلعله اطلع على النشرة الأولى من الكتاب، قال ابن الأبار: "سمع بها من شيوخها، ورحل إلى المشرق فسمع هنالك وصحب أبا عبد الله بن مسرة. وكان فقيهًا ورعًا موسرًا كثير الخير وأعمال البر، توفي سنة خمس وأربعين وثلاث مئة" (التكملة، الترجمة 18). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (168). (¬3) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "أو سبع"، كما في التكملة. (¬4) بياض في الأصل، وإكتفى ابن الأبار بعد النقل عنه بقوله: ذكره ابن سفيان. وابن سفيان هذا الذي يسند عنه ابن الأبار في التكملة هو أبو محمد بن سفيان المعروف بالقونكي كما في مقدمة التكملة، وانظر ترجمته فيها (2129)، قال ابن الأبار: وله مجموع في مشيخته مفيد، وقد كتبنا عنه ما نسبناه إليه.

65 - أحمد بن أبي الربيع، مالقي، أبو العباس

65 - أحمدُ (¬1) بن أبي الرَّبيع، مالَقيٌّ، أبو العبّاس. رَوَى عن شيوخ بلده، وكان حسَنَ التصرُّف في علوم القرآن والحديث راويةً فقيهًا، أديبًا خطيبًا بليغًا، شاعرًا مطبوعًا، حافظًا للُّغة، فاضلًا من أهل العلم والعمل الصّالح، وله قصائدُ زُهْديّةٌ أخَذَها الناسُ وقتًا وتلوها عنه. وتوفِّي في حدود ستينَ وأربع مئة (¬2). 66 - أحمدُ (¬3) بن أبي عبد الملِك، قُرطُبيٌّ، أبو بكر. رَوى عنه أبو عَمرٍ المُقرِئُ، وقال: كانت له رحلةٌ سمع فيها من ابن أبي عليٍّ الأسيوطي وأبي [إسحاق محمدِ بن القاسم] (¬4) بن شَعبانَ القُرطُبيِّ (¬5) وغيرِهما. 67 - أحمدُ بن أبي قُوّةَ (¬6) بن إبراهيمَ بن سلَمةَ الأزْديُّ، دانِيٌّ. رَوَى عن أبي إسحاقَ بن جماعةَ، وأبوَيِ العبّاس: ابن طاهر وابن معَدٍّ الأُقْليجي، وأبي مروانَ بن مسَرَّةَ، رَوَى عنه ابنُه أبو الحَسَن (¬7). وكان محدّثًا راوِيةً حافظًا، ذاكِرًا للآدابِ والتواريخ، ذكيَّ القلب متوقِّد الذِّهن. حدَّثني الحافظُ أبو عليٍّ الحَسَنُ بن أبي الحَسَن عليِّ بن حَسُّون -بالحاء مفتوحةً والسّين الغُفْل مشدَّدةً مضمومةً بعدَها واوٌ ونون، وهو في عُرفِ بلاد ¬

_ (¬1) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 307 (نقلًا عن ابن الزبير وابن عبد الملك). (¬2) في بغية الوعاة: ومات في حدود سنة تسعين وأربع مئة. وقال ابن عبد الملك: في حدود ستين. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (28). (¬4) بياض في الأصل. (¬5) في حاشية الأصل: "عند المؤلف: القرطبي، وهو خطأ، وهو أبو إسحاق محمد بن القاسم بن شعبان". (¬6) في الأصل: قرة، وهو تحريف. (¬7) واسمه علي، وستأتي ترجمته في السفر الخامس من هذا الكتاب، وهو مترجم في التكملة الأبارية (2801).

68 - أحمد بن أبي يحيى المري، أبو بكر

المغرِب تصغيرُ حسَن- بن محمد بن أبي يحيى يَسْوُوْكُّوت -بياءٍ مَسْفولة بثِنتَيْنِ مفتوحةٍ وسينٍ غُفْل ساكنة وواوٍ مضمومة بعدَها أخرى ساكنة وكافٍ مشدَّدةٍ مضمومة بعدَه واوُ مدٍّ وآخِرُه تاءٌ باثنتَيْنِ من فوقُ، وتفسيرُه: مُنجب، أو مُصلِح، والأوّلُ أبيَنُ عندَهم، كذا تلقيتُه منه رحمه الله- الماقَرِيُّ بالقافِ المعقودة، وجَرى اصطلاحُ كتّابِ المغرِب على كَتْبِها بالجيم هكذا: الماجَري، من بني يَجّا -بياءٍ مَسْفولةٍ. باثنتينِ مفتوحةٍ وجيم مشدَّدة بعدَها ألف، وهم فَخِذٌ من بني ماجَر بثَغْر آسَفي حَمَاه الله- قال: أنبأني أبو الحَسَن بن أحمدَ بن أبي قُوّةَ عن أبيه، قال: صَلَّيْتُ وأنا شابٌّ صغيرٌ بالناس في قيام رمضانَ، فسَجَدتُ بهم في سُورة الحجِّ سجدتَيْن، فلمّا سَلَّمتُ قال لي رجلٌ من القوم: {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ} [المؤمنون: 24]، قال: فقلتُ له: {قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الأنبياء: 54]، فلمّا كان من الغَدِ ذكرتُ هذا الجوابَ لأبي العبّاس بن طاهرٍ الفقيه، وكنتُ حينئذٍ أقرأُ عليه، فأعجَبَه واستَظْرَفَه وضَحِك عليه. 68 - أحمدُ بن أبي يحيى المُرِّي، أبو بكر. رَوى عن أبي عمرو المُقرئ، وكان مُقرئًا مجوِّدًا جليلًا، وصنَّفَ في التجويد ومخارج الحروف تأليفًا مفيدًا أخَذَه الناسُ عنه. 69 - أحمدُ (¬1) بن أدهمَ مَوْلى بني مروان، جَيَّانيٌّ سكَنَ قُرْطُبة، أبو بكر. كان أديبًا فقيهًا جليلَ القَدر، استَقْضاهُ بالمَرِيّة أميرُها في الفتنة خيرانُ العامِري، وكان صَليبًا في حُكمِه عَدلًا في قضائه لم يتمَوَّلْ في ولايته القضاءَ شيئا قليلًا ولا كثيرًا، ثم عاد إلى قُرطُبةَ بعدَ مَغيبِه عنها مدة طويلة، فخالفَتْهُ بها العِلْيةُ من أهلِها. وتوفِّي في ذي القَعدة سنةَ تسع وعشرينَ وأربع مئة، ودُفن بمقبُرةِ الرَّبَضِ العتيقة، وشهِدَ دَفْنَه جمعٌ من الناس. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (48).

70 - أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن أحمد بن عامر الهمداني، بسكون الميم والدال الغفل، غرناطي، سكن مراكش، أبو جعفر الطوسي

وقد ذكَرَ الراوِيةُ أبو القاسم خَلَفُ بن بَشْكُوال في "صِلتِه": أحمدَ بن أدهمَ بن محمد بن عُمرَ بن أدهم (¬1)؛ ويظهرُ أنّه هذا، فإن يكنْ إيّاه فقد ذكَرْناه هنا بفوائدَ لم يتعرَّضْ لذكْرِها أبو القاسم بن بَشْكُوال، واللهُ أعلم، وذكَرَ أنه جَيّانيٌّ سكَنَ إشبيليَةَ وكنَاه أبا عُمر (¬2). 70 - أحمدُ (¬3) بن إسحاقَ بن إبراهيمَ بن أحمد بن عامر الهمدانيُّ، بسكون الميم والدّال الغُفْل، غَرْناطيٌّ، سَكَنَ مَرّاكشَ، أبو جعفرٍ الطُّوسي. رَوَى عن أبي الحَسَن سَهْل بن مالك، واختَصَّ به كثيرًا ولازَمَه طويلًا، وصَحِبَه في تغريبِه إلى مُرْسِيَةَ في أيام المتوكِّل علىٍ الله أبي عبد الله بن يوسُف بن هُود (¬4). وكان أديبًا كاتبًا بليغًا من أبرع الناس خَطًّا، حسَنَ الخُلُق نظيفَ الملبَس كريمَ العِشرة. توفّي بمَرَّاكُش. 71 - أحمدُ (¬5) بن إسماعيلَ بن إبراهيمَ بن إسماعيل بن إبراهيم، طُلَيْطُليّ، أبو جعفر. رَوَى عن جَدِّه لأُمّه أبي عمرَ أحمد بن محمد بن بَدر، وعن خالِه أبي عبد الله بن [أحمد] (¬6)، وأبي عُمرَ يوسُفَ بن عبد الله بن عبد الله، وأبي المُطرِّف [عبد الرحمن] (¬7) بن البَيْرُولة. رَوَى عنه ابنُه القاضي أبو عامرٍ محمد (¬8). وتوفِّي في رمضانِ خمسٍ وسبعينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) الصلة (81). (¬2) هكذا في الأصل، وفي الصلة: أبا بكر. (¬3) هو ممن يستدرك على ابن الخطيب في "الإحاطة"، والعباس بن إبراهيم في "الإعلام". (¬4) ستأتي ترجمة سهل بن مالك وخبر تغريبه في السفر الرابع من هذا الكتاب. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (65). (¬6) محل الاسم بياض في الأصل، وقد أكملناه من التكملة. (¬7) بياض في الأصل، واسم أبي المطرف المذكور: عبد الرحمن بن محمد بن عيسى وترجمته في الصلة (719). (¬8) ترجمته في الصلة (1273).

72 - أحمد بن أضحى بن علي بن عمر بن أضحى الهمداني، غرناطي

72 - أحمدُ بن أضحَى بن عليّ بن عُمرَ بن أضحَى الهَمْداني (¬1)، غَرْناطيٌّ (¬2). أحدُ عُدولهِا وحُسَبائِها وعاقدي الشّروطِ بها، كان حيًّا سنةَ سبعَ عشْرةَ وست مئة. 73 - أحمدُ بن أبي الحَسَن أصبَغَ بن حُسَين بن سَعْدون بن رِضوانَ بن فُتُوح الخَثْعَمي، مالَقي، أبو عُمرَ السُّهيْلي، جَدُّ الأُستاذ أبي زَيْد بن عبد الله (¬3). كان من أهل العلم واستُقْضِي. 74 - أحمدُ بن أُميَّة بن حَزْم. رَوَى عن أبي عبد الله بن أحمدَ بن منظور. 75 - أحمدُ (¬4) بن أفلَحَ بن حبيب بن عبد الملِك، قرطُبيٌّ, أبو عُمر. رَوَى عن أبيه. 76 - أحمدُ بن أفلحَ بن محمدٍ الحَضْرَميُّ، قُرْطُبي. كان من أهل العلم والتقَدُّم في العدالة وجَوْدة الخَطِّ حيًّا سنةَ أربع وثمانينَ وثلاث مئة. ¬

_ (¬1) نسبة إلى همدان: قرية على مقربة من غرناطة وسميت كذلك لنزول همدان بها. انظر المغرب 2/ 127. (¬2) هو حفيد أبي الحسن علي بن عمر بن أضحى القاضي الذي ثار على اللمتونيين في غرناطة سنة 539 هـ. انظر ترجمة أبي الحسن هذا في القلائد: 215 والتكملة رقم (2726)، والحلة السيراء 2/ 211، والمغرب 2/ 108 (وقع في التكملة 2/ 208 من غلط الطبع فيصحح)، والإحاطة: 4/ 583 ولا ذكر لحفيده أحمد فيها. (¬3) هو الإمام الحافظ أبو زيد عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي مؤلف الروض الأنف وغيره، انظر ترجمته في المغرب 1/ 448، والمصادر التي ذكرها محققه الدكتور شوقي ضيف في الحاشية. (¬4) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (195)، وابن بشكوال في الصلة (26)، والضبي في بغية الملتمس (379)، والذهبي في تاريخ الإسلام 8/ 825، وله شعر في نفح الطيب 4/ 11.

77 - أحمد بن أفلح التجيبي، قرطبي

77 - أحمدُ بن أفلَحَ التُّجيبيُّ، قرطُبي. رَوَى عن أبي مروانَ بن شُهيْد، رَوَى عنه ابنُ عبدِ البَرّ "جامعَ ابن أبي شَيْبة". 78 - أحمدُ (¬1) بن أيّوبَ اللُّمَائيّ، مالَقيٌّ، أبو جعفر. كان أديبًا ماهرًا كاتبًا جليلًا، كتَبَ عن أولِ الخلفاءِ الهاشميِّينَ بالأندَلُس الناصِر لدين الله أبي الحَسَن عليِّ بن حمود، واسمُه محمدُ بن مَيْمون بن حمود، واسمُه أحمدُ بن عليِّ بن عبد الله بن عُمرَ بن إدريسَ بن إدريسَ بن عبد الله بن حَسَن بن عليِّ بن أبي طالب رضي اللهُ عنه، وتولَّى تدبيرَ أمره وأحرَزَ لذلك صِيتًا شهيرًا وجلالةً عظيمة، وعَرَضَ له داءُ النَّسَمة (¬2). قال أبو محمد غانمُ بن وليد: دخَلتُ عليه يومًا أعُودُه فرَوَّحتُ عليه فرَدَّ عليّ بسرعة وقال -وهما له في قول أبي الحَسَن بن بسام (¬3) -[منسرح]: رَوَّحني عائدي فقلتُ لهُ ... مَهْ لا تزدني على الذي أجِدُ أمَا ترى النّارَ وهْي خامدةٌ ... عندَ هُبوبِ الرّياح تتّقِدُ ¬

_ (¬1) ترجمته في الذخيرة، القسم الأول من المجلد الثاني (132)، وجذوة المقتبس (930)، وبغية الملتمس (1520) (وننبه إلى أنها اختلطت فيها بترجمة أبي جعفر بن جواد، وتجد صواب ذلك في الجذوة)، ومطمح الأنفس (25)، والمغرب 1/ 446 - 447، ورايات المبرزين (119)، والإحاطة 1/ 240 (نقلًا عن المؤلف هنا والذخيرة)، واللمائي أو اللمايي نسبة إلى لماية من حصون مالقة. ويبدو أن ترجمة اللمائي ليست من شرط المؤلف، ولهذا لم ترد في الصلة أو التكملة. (¬2) في الإحاطة: وامتحن بداء النسمة من أمراض الصدر. ووردت علة النسمة في طبقات ابن جلجل فشرحها بقوله: وهي ضيق النفس. (¬3) في الأصل: بشام، وهو خطأ واضح، والبيتان في الذخيرة والإحاطة ونفح الطيب 5/ 133. ووردا منسوبين إلى جعفر بن عثمان المُصحفي في كتاب التشبيهات لابن الكتاني ص 247.

79 - أحمد بن بتري، بالباء بواحدة مضمومة وتاء باثنتين من فوق ساكنة وراء مكسورة آخره ياء، من ساكني قرمونة

وتمادَت عليه عِلّتُه هذه، وحاول علاجَها بغير شيء فلم يَنجَعْ, فقال في وَصف حالِه وضمَّنَ بيتَ أبي ذُؤْيب خُوَيْلدِ بن خالد بن مُحرَّث، بالثاء مُثلَّثةً، ويقالُ بالباء بواحدة، أحد بني مازنِ بن عَمو بن الحارث بن تمَيم بن سَعد بن هُذَيْل بن مُدرِكةَ بن إلياسَ بن مُضَرَ بن نِزارِ بن معَدِّ بن عدنان رضي اللهُ عنه (¬1) [كامل]: عَظُمَ البلاءُ فلا طبيبٌ يُرتَجَى ... منه الشفاءُ ولا دواءٌ يَنجَعُ لم يبْقَ شيءٌ لم أعالِجْها بهِ ... طمَعَ الحياةِ وأين مَن لا يَطمَعُ "وإذا المنيّةُ أنْشَبَتْ أظفارَها ... ألفَيْتَ كلَّ تميمةٍ لا تَنفعُ" (¬2) ثم لم تُفارِقْه تلك الشِّكايةُ حتى كانت سببَ وفاتِه عامَ خمسةٍ وستينَ وأربع مئة بمالَقة، ونُقلَ منها إلى حِصنِ الوَرد فدُفنَ فيه بعهدٍ منه بذلك رحمه الله، وأمر ان يكتب على قبره هذه الأبيات [طويل]: بنَيْتُ فلم أسكُنْ وحصَّنتُ جاهدًا ... فلمّا أتَى المقدورُ صيَّرتُهُ قَبْري ولم يَكُ حَظّي غيرَ ما أنْتَ مُبصرٌ ... بعينِك ما بينَ الذّراع إلى الشِّبْرِ فيا زائرًا قَبْري أُوصِّيك جاهدًا ... عليك بتقوى الله في السِّرِّ والجَهْرِ ولا تُحسِنَنْ بالدّهرِ ظنًّا فإنّما ... من الحَزْم أن لايُستَنامَ إلى الدّهرِ 79 - أحمدُ (¬3) بن بُتْرِي، بالباءِ بواحدةٍ مضمومة وتاء باثنتَيْنِ من فوقُ ساكنةٍ وراءٍ مكسورة آخِرُه ياء، من ساكني قَرَمُونةَ. أخَذ عن أبي حَرْشَن عبد الله بن نافع. وكان فقيهًا جليلًا متقدِّمًا في المعرفة بلسانِ العرب لغةً ونحواً. ¬

_ (¬1) أبو ذؤيب الهذلي لم يكن من الصحابة، ولكنه مخضرم أدرك الجاهلية، وقدم المدينة عند وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسلم، وحسن إسلامه، وغزا الروم في خلافة عمر بن الخطاب (تاريخ دمشق 17/ 53). (¬2) ديوان الهذليين 1/ 3، ط. دار الكتب المصرية، والأبيات في الذخيرة. (¬3) ترجمه الزبيدي في طبقات النحويين (266)، وابن الأبار في التكملة (7)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 297.

80 - أحمد بن بشرال، شريشي، أبو العباس

80 - أحمدُ بن بشرال، شَرِيشيٌّ، أبو العبّاس. رَوَى عنه أبو الخطّاب محمدُ بن أحمدَ بن خليل، وكان مُقرئًا مُكتِبًا فاضلًا حيًّا بعدَ التسعينَ وخمس مئة. 81 - أحمدُ (¬1) بن بَشير، بالباءِ بواحدةٍ مفتوحة وشين معجَمة مكسورة وياء وراء، غَرناطيّ، أبو العبّاس. رَوَى عنه أبو الحَسَن بن أحمدَ ابن الباذِش، وأبو القاسم عبدُ الرحيم بن محمد بن الفَرَس، وكان من أهل المعرِفة بعلم الكلام، وله فيه عقيدةٌ جامعة، ومتقدِّمًا في علمَيِ الحساب والفرائض وصنَّف فيهما كتابًا مُفيدًا استَحسَنَه الناسُ واستعمَلوه. وفي الرُّواة: أحمدُ بن عبد الرحمن بن بَشِير، يَروي عن أبي عبد الله بن عَتّاب، وغيرُ بعيدٍ أن يكونَ هذا فيُبحَثُ عنه. 82 - أحمدُ بن تَمّام، دانِيّ، أبو جعفر. رَوَى عن أبي عبد الله أحمدَ بن محمد الخَوْلاني. وتوفِّي بدانِيَةَ عن سنٍّ عاليةٍ أنافَتْ على التسعين. 83 - أحمدُ (¬2) بن تَميم بن هشام، ابن حَنُّون، بحاءٍ غُفْل مفتوحة ونونَيْنِ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (72)، وابن فرحون في الديباج 1/ 99، وهو مما يستدرك على ابن الخطيب في الإحاطة. (¬2) ترجمه ياقوت في "ليلة" من معجم البلدان 5/ 10، وابن نقطة في إكمال الإكمال 5/ 214، وابن المستوفي في تاريخ إربل (280) حيث قدمها سنة 616 هـ، والمنذري في وفيات سنة (625) من التكملة، قال: "وفي السابع عشر من رجب توفي رفيقنا الشيخ الصالح أبو العباس أحمد بن تميم بن هشام بن حَيون (كذا) الأندلسي اللبلي المنعوت بالمحب بدمشق ودفن بمقابر الصوفية بالشوف"، وابن الأبار في التكملة (281)، وأبو شامة في ذيل الروضتين (153)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 788، وسير أعلام النبلاء 22/ 301، والعبر 5/ 102، والصفدي في الوافي 6/ 281، والمقريزي في المقفى 1/ 355، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 7/ 353، وابن تغري بردي في النجوم 6/ 427، وابن العماد في الشذرات 5/ 116.

84 - أحمد بن ثابت بن أحمد بن ثابت اللخمي، إشبيلي، أبو العباس

أُولاهُما مشدَّدةٌ مضمومة وبينَهما واو (¬1)، البَهْرانيّ، وجعَلَ أبو جعفر ابن الزُّبَير أحمدَ في نسَبِه بدَلَ هشام، وذلك غيرُ معروف، لَبْلِيٌّ سكَنَ إشبيليةَ، أبو العبّاس. رَوَى بالأندَلُس عن أبيه، وأبي إسحاقَ بن خَلَف السَّنْهوري، وأبي بكر بن عبد الله بن الجَدّ، وأبي عبد الله بن زَرْقون، وأبي العبّاس بن خليل، وأبي محمد بن أحمدَ بن جمهور. ورَحَلَ إلى المشرِق سنةَ ثلاثٍ وست مئة وحَجّ، وسمعَ ببغدادَ من أبي حَفْص عُمرَ بن محمد بن مُعَمَّر، بضمِّ أُولَى ميمَيْه وشدِّ الثانية وفتحِها، ابن يحيى بن حسّانَ، المؤدِّب، يُعرَفُ بابن طَبَرزَد، وبخُراسانَ من أبي الحَسَن المؤيَّد بن محمد بن عليّ الطُّوسيِّ الأصل النَّيْسابُوريِّ الاستيطان، وبدمشقَ من أبي القاسم عبد الصّمد ابن محمد بن أبي الفَضْل الحَرَسْتيِّ، بالحاءِ مهملةً والراء مفتوحتَيْنِ وسينٍ غُفْل ساكنة وتاءٍ باثنتَيْنِ من فوقُ منسوبًا، ويقال فيه: الحَرَسْتانيُّ، بزيادة ألفٍ بعدَ التاءِ ونونٍ منسوبًا، وبمَروَ من عبد الرحيم بن عبد الكريم ابن السَّمعاني، وبِهرَاةَ من أبي رَوْح عبد المُعِزِّ [بن محمد بن أبي الفضل الهَرَوي] (¬2) وغيرِهم بهذه البلاد وسواها. ودخَلَ بغدادَ غيرَ مرّة، وكان ثقةً صالحًا صحيحَ السَّماع، رَوَى عنه أبو بكر بن أحمد بن سيِّد الناس. وتوفِّي قبل العشرينَ وست مئة (¬3). 84 - أحمدُ بن ثابت بن أحمدَ بن ثابتٍ اللَّخْميُّ، إشبيليّ، أبو العبّاس. رَوَى عن آباءِ بكرٍ: عبدِ العزيز بن خَلَف بن مُدِير، ويقالُ فيه: أبو الأصبَغ، وابن أحمدَ بن طاهر، وابن عبد الله ابن العَرَبي، ويحيى بن محمد بن إيدان، وأبوَيْ ¬

_ (¬1) هكذا قيده، ووقع في بعض الكتب المشرقية "حيون" بالياء آخر الحروف، لعله مصحف. (¬2) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل كأن المؤلف لم يعرف اسمه، فأكملناه من تاريخ الإسلام 13/ 547 وغيره. (¬3) هكذا قال نقلًا عن ابن الأبار، ولم يعرف تاريخ وفاته لبعد الديار وانقطاع الأخبار وإنما توفي في رجب سنة 625 هـ كما في مصادر ترجمته المشرقية.

85 - أحمد بن ثابت بن رواحة الزهري، سرقسطي

مروانَ: ابن عبدِ العزيز الباجِيّ وابن مسَرّةَ، رَوَى عنه أبو الحجّاج بن أحمدَ البَهْرَانيُّ، وأبو العبّاس بن عليّ بن هارون. وكان محدِّثًا حافظًا راوِيةً عَدلًا عارفًا بالرّجال وتواريخهم ذاكرًا للأنساب. ومن الرُّواة: أحمدُ بن علي بن ثابت اللَّخْمي، وقال فيه ابن الزبير: أحمد بن محمد بن ثابت، ولعلّ هذه التراجمَ لواحدٍ وقَعَ الوهمُ أو الاختصارُ في نسَبِه واسمِ أبيه، واللهُ أعلم. 85 - أحمدُ بن ثابتِ بن رَوَاحةَ الزُّهريُّ، سَرَقُسْطيٌّ. كان فقيهًا عاقدًا للشروطِ مُبرِّزًا في العدالة بارعَ الخطِّ، حيًّا في حدودِ التسعينَ وأربع مئة. 86 - أحمدُ (¬1) بن ثابتِ بن عبد الله بن ثابتٍ العَوْفيّ، سَرَقُسْطيّ، أبو جعفر، وَلَدُ القاضي أبي القاسم (¬2). رَوَى عن أبيه وغيره، وكان من أهل العلم ونَباهةِ البيت، واستُشهِد في وَقِيعة البُورت مُنصَرَفَ العساكر من غَزْو بَرشَلُونةَ معَ أبي عبد الله بن الحاجّ وابن عائشةَ وابن تافلْويت، وقُتِلَ ابنُ الحاجّ منهم، وذو الوِزارتَيْن أبو عبد الله ابن الحاجِّ الطَّرطُوشيّ دليلُ المسلمينَ في تلك الغزوة، وأبو أحمدَ سيِّد أَمُون اللّارِدي، وأبو الوليد ابنُ قَبْرونَ اللّارِدي، وأبو عبد الله بن عبد العزيز وَلَدُ الوزير من أهل بَلَنْسِيَة، وأبو الحَسَن غَلَنْدُه مَوْلى المُستعين، وأبو عامر ابنُ المَرشَاني وابنُه، وابنُ سَعادةَ، وابنٌ له في نحوِ ثلاثينَ من العرب وعشرينَ من فُرسان الأندَلُس ومئتَيْ راجِل قُتلوا قبلَ ابنِ الحاجِّ وغيرهم، وذلك في شهر ربيعٍ الأوّل سنةَ ثمان وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (95). (¬2) ترجمه ابن بشكوال في الصلة (288)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 216، والصفدي في الوافي 10/ 469، وابن فرحون في الديباج 1/ 320.

87 - أحمد بن ثابت، وادياشي، أبو جعفر

87 - أحمدُ (¬1) بن ثابت، وادِيَاشيّ، أبو جعفر. تَلا بغَرناطةَ بالسَّبع على أبي بكر ابن الخَلُوف، ورَوَى بها عن أبي الحَسَن ابن أضْحَى وأبي محمد بن عَطِيّة، وتفَقَّه بالمَرِيّة عند أبي القاسم بن وَرْد. وكان فقيهًا حافظًا ذا حظٍّ من الأدب ومعرفة بالأخبار، ووَلِيَ خُطّةَ الشُّورى ببلده، وسُعِي به عندَ الأمير محمد بن سَعد فأزْعَجَه عن وطنِه وقَصَرَه على المُقام بمُرسِيَة فأقام بها إلى أن توفِّي سنة ثلاثٍ وخمسينَ وخمس مئة. 88 - أحمدُ (¬2) بن أبي الحَسَن ثُعبانِ بن أبي سعيد بن حَرَز، بالحاءِ الغُفْل والراءِ مفتوحتَيْن آخِره زاي، الكَلْبيُّ، بَكِّي، نَزَل إشبيليَةَ، أبو جعفرٍ البَكِّي. ونسَبُه فيه: أحمدُ بن عثمانَ، ولعلّه اسمُ جَدِّه أبي سعيد ونُسِبَ إليه، ونسَبَه أبو بكر ابنُ رِزق: أحمدَ بن محمد بن أبي سعيد، وكَنَاه أبا العبّاس، ويُمكنُ أن يكونَ ثُعبان لقبًا لأبيه محمد غلَبَ عليه، فإذا نحن لفَّقْنا هذه الأقوالَ وعمِلْنا على اعتبارِها نَسَقْنا ترجمتَه هكذا: أحمدُ بن أبي الحَسَن محمدٍ ثُعبانِ بن أبي سعيدٍ عثمانَ ابن حَرَز الكَلْبي، أبو جعفرٍ وأبو العبّاس البَكِّي. رحَلَ إلى المشرِق وحَجَّ وأخَذَ بمكّةَ شرَّفها اللهُ عن الإمام أبي مَعشَر عبد الكريم بن عبد الصَّمد بن محمد بن عليِّ بن محمد الطَّبَري ولازَمَه كثيرًا وأخَذ عنه جميعَ تصانيفِه، وقَفَلَ إلى الأندَلُس فنزَلَ إشبيليَة. رَوَى عنه أبَوا بكر: ابن خَيْر وابن رِزْق، وأبو جعفر ابنُ مَضَاء، وأبو الحَسَن نَجبَةُ، وأبَوا القاسم: ابن عليٍّ السَّبْتي القَرّاق، وابن محمد الشَّرّاط، وأبو عبد الله بن حَمِيد (¬3)، وأبو محمد ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (187)، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 41، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 12. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (143)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 1000، والفاسي في العقد الثمين 3/ 22 نقلًا من مختصر الذهبي "المستملح" وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 41، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 11. وذكره ابن خير في شيوخه (فهرسته 560). (¬3) بفتح الحاء المهملة وكسر الميم مكبراً، كما سيأتي بعد قليل (الترجمة 93).

89 - أحمد بن جبر بن جابر، إشبيلي، أبو الوليد

ابن علي البُرْبُطاي، وهُو آخرُهم روايةَ عنه. وكان من جِلّة المُقرئينَ وكبارِ المجوِّدين متقدِّما في حُسن الضّبط وجَوْدةِ الأخْذِ على القُرّاءِ وإفادة التعليم. وعُمِّرَ وامتَدَّ أمدُ الانتفاع به والاستفادة منه. وانفرد في الأندَلُس بالرواية عن أبي مَعْشَر. وتوفِّي بعد الأربعينَ وخمس مئة. 89 - أحمدُ بن جَبْر بن جابِر، إشبيلي، أبو الوليد. رَوَى عن أبي عبد الله بن أحمد بن منظور، رَوَى عنه أبو عَمْرو زيادُ ابنُ الصّفّار. 90 - أحمدُ (¬1) بن جُبَيْر بن محمد بن جُبَيْر بن سعيد بن جُبَيْر بن سعيد بن جُبَيْر بن سعيد بن جُبَيْر -ثلاثةً- بن محمد بن مروانَ بن عبد السّلام بن مروان بن عبد السلام -اثنَيْن- ابن جُبَيْر، الكِنَاني، من وَلَدِ ضَمْرةَ بن بكرِ بن عبد مَنَاة بن كِنَانةَ بن خُزَيْمةَ بن مُدرِكة بن إلياسَ بن مُضَرَ بن نِزار بن معَدّ بن عدنان، بَلَنْسيٌّ سكَنَ شاطبةَ، أبو جعفر. وهو والدُ الحاجّ أبي الحُسَين محمد، وجُبَير جَدُّهمُ الأعلى هو الداخلُ إلى الأندَلُس في طالعة بَلْج بن بِشْر بن عِيَاض القَيْسيِّ القُشَيريِّ في محرَّم ثلاث وعشرينَ ومئة ونزَلَ بكُورة شَذُونة، وضَبْط اسمِه ومَن سُمِّي به من عَقِبِه بجيم وباء بواحدة مُصَغَّرًا ساكنَ الياء آخِرُه راء. رَوَى عن صِهرِه أبي زوجِه أبي عِمرانَ بن أبي تَلِيد، وأبي الحَسَن بن محمد بن هُذَيْل، وأبوَيْ عبد الله: ابن [أحمد] (¬2) ابن الأصِيلي وابن خَلَصَة، وأبي محمد بن محمد بن السيِّد وتأدَّبَ بهما، وأبي الوليد يوسُفَ ابن الدّبّاغ، رَوَى عنه ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (169)، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 42. وله ذكر في الحلة السيراء 2/ 224، وهو والد الرحالة المشهور ابن جبير. (¬2) بياض في الأصل، والمقصود هنا: محمد بن أحمد بن عبد الرحمن ابن أبي العيش اللخمي، يعرف بابن الأصيلي. ترجم له ابن الأبار في التكملة (1419) وقال: حدث عنه أبو الحسن بن جبير، سمع منه الموطأ سنة 557. قلنا: لم يذكر ابن الأبار رواية أحمد بن جبير والد الحاج أبي الحسين عن المذكور.

91 - أحمد بن جرج، قرطبي، أبو جعفر

ابنُه أبو الحُسَين، وكان كاتبًا بليغًا، شاعرًا محسِنًا، من أهل النَّباهة وسَراوةِ النَّفْس، ومن شعرِه قولُه [مجزوء الكامل]: لاتكترِثْ لِمُلِمَّة ... واصبِر وفي الله العِوَضْ وإذا سَلِمتَ فلا يكنْ ... لك في حُطامِك من غَرضْ فالنفْسُ عندي جوهرٌ ... والمالُ عندي كالعَرَضْ وكان سببُ نَظْمِه هذه الأبياتَ أنّ الرئيسَ أبا عبد الملِك (¬1) بن مروان بن عبد العزيز لمّا صارت إليه رِياسةُ بَلَنْسِيَة وتدبيرُ أمرِها عند انقراض دولة اللَّمتُونيِّينَ منها استَوْزَرَ أبا جعفر، ثم لمّا خُلع (¬2) أبو مروانَ امتُحِن أبو جعفرٍ بقَبْضِ الجُنْد عليه واعتقالهِم إيّاه حتى فَدَى منهم نفْسَه بمال جَسِيم (¬3)، وانتقلَ إلى شاطِبةَ فاستَوْطَنَها إلى أن توفِّي سنة اثنتينِ وخمسينَ وخمس مئة. 91 - أحمدُ بن جُرْج، قُرطُبيٌّ، أبو جعفر. أخَذ ببلده عن أهلِ وقتِه، وكان من بيتِ علم وجَلالة، أديبًا شاعرًا سريعَ البديهة. قال الأديبُ أبو بكرٍ يحيى الأرْكُشي: كنتُ يومًا على حمار، إذ لقِيتُ الوزيرَ أبا جعفر بن جُرْج فقلتُ له [طويل]: حِمارِيَ مَروانٌ (¬4) لكلِّ حمارِ ... لَهُ شَرَفٌ بادٍ وفَضْلُ نِجارِ ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وسيكنيه فيما بعد: أبا مروان، وهو في التكملة والمغرب: أبو عبد الملك مروان بن عبد العزيز، وفي أعمال الأعلام: أبو مروان عبد الملك بن عبد العزيز، واسمه الكامل كما في الحلة السيراء: أبو عبد الملك مروان بن عبد الله بن مروان بن محمد بن مروان بن عبد العزيز. انظر ترجمته وأخباره في الحلة السيراء 2/ 218، والمغرب 2/ 300 - 301 (وكان حقها أن تفرد بعنوان) وأعمال الأعلام (256). (¬2) كان خلعه سنة 540 هـ. (¬3) جاء في الحلة السيراء: "وقبض أهل الثغر على أبي جعفر أحمد بن جبير - وهو والد أبي الحسين الزاهد - واحتملوه مقيداً إلى حصن مُطرنيش، وهو من أمنع معاقل بلنسية، وسجن فيه إلى أن فَدَى نفسه بثلاثة آلاف دينار، إلى ما نُهب له من دفاتر وذخائر" (2/ 223 - 224). (¬4) يشير إلى مروان الحمار آخر ملوك بني أمية، ولقب بالحمار لجلده.

92 - أحمد بن جعفر بن أحمد بن البان، أبو العباس

فقال أبو جعفر [طويل]: فلو قُلِّدَ الأحكامَ وهْوَ بَهيمةٌ ... لكانَ بها أدْرى منَ ابنِ سِوَارِ وابنُ سِوارٍ هذا كان قاضيًا بقُرطُبة (¬1). توفِّي أبو جعفر بعدَ السبعينَ وخمس مئة. وهناك أحمدُ بن محمد بن عبد الله بن جُرج وليس هذا المترجَمَ به، فَوَّقَ بينَهما غيرُ شيءٍ، وإنّما أثبتُّ هذا هنا لأني وجَدتُه هكذا منسوبًا إلى جُرج، وما أُراه أباه الأقربَ، واللهُ أعلم. وهناك أيضًا: أحمدُ بن محمد بن جُرج، وهو أعلى طبقةً من هذين، فاعلَمْ ذلك. 92 - أحمدُ بن جعفرِ بن أحمدَ بن البان، أبو العبّاس. رَوَى عن أبي الحَسَن عَبّادِ بن سرحان، حدَّث عنه بالإجازة أبو البقاء يعيشُ بن علي ابن القديم. 93 - أحمدُ بن جعفرِ بن أحمدَ بن خَلَف بن حَمِيد بن مأمونٍ الأنصاريُّ. وذكَرَ أبو محمد بن الحَسَن ابن القرطُبيُّ في أخيه أبي عبد الله بن حَمِيد (¬2) أنه أُمَويٌّ صريحًا، وهو شيء غيرُ معروف، مُرْسِيٌّ أُنْدِيُّ الأصل (¬3)، وحَمِيدٌ جدُّ جَدِّه: بفتح الحاءِ وكسرِ الميم بعدَه ياءُ مدٍّ آخِرُه دال، رَوَى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 94 - أحمدُ (¬4) بن جعفرِ بن أحمد بن يحيى بن فُتُوح بن أيْوبَ بن خصيبٍ القَيْسي. ¬

_ (¬1) سيترجم له المؤلف. (¬2) له ترجمة عند المؤلف في السفر السادس من هذا الكتاب، وابن الأبار في التكملة (1493). (¬3) في ترجمة أخيه عند ابن الأبّار والمؤلف أنه -أي أخا المترجم- بلنسي أسَلي الأصل -نسبة إلى أسيلة قرية بغربي بلنسية- وأنه أوطن مُرسية بأخرة من عُمره. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (129)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 622، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 300.

كذا وقَفْتُ على نسَبِه في خطِّه، وفتوح جَدُّ جَدِّه بفاء وتاء بثِنتَيْنِ مضمومتَيْن وواوٍ وآخِرُه حاءٌ غُفْل، سَرَقُسْطيّ، سكَنَ قرطُبة، أبو العباس القيجاطي، أخَذ القراءاتِ عن أبي جعفر ابن [...] (¬1) الخَزْرجي، وأبي الحَسَن عبدِ الجليل بن عبد العزيز، وأبي القاسم خَلَف بن إبراهيمَ ابن النّخّاس، ورَوَى الحديثَ عن أبوَي الحَسَن: عَبّادِ بن سِرْحان ويونُسَ بن محمد بن مُغيث، وأبي محمد عبد الرّحمن بن محمد بن عَتّاب. رَوَى عنه أبو الحَسَن عبد الرحمن بن أحمدَ الإسْتِجيّ، وأبو الحُسَين عبدُ الرحمن بن أحمدَ بن رَبيع، وأبو عبد الله بن عُبَيد الله ابن العَرِيض (¬2)، وأبو القاسم محمدُ بن عبد الله القَنْطَري، وأحمد بن عبد الرحمن بن سُليمانَ الخَزْرَجيّ. وكان مُقرئًا مجودا متقدمًا في حُسْن الأداء وإتقان الضَّبْط متحقِّقًا بالعربيّة ماهرًا فيها، ذا حظٍّ وافر من روايةِ الحديث وقَرْض الشعر والإحسانِ فيه. أنشَدَني شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمه الله، قال: أنشَدَني الراوِيةُ أبو القاسم القاسمُ بن محمد بن الطَّيْلَسان، قال: أنشَدَني أبو الحَسَن عبدُ الرحمن بن أحمد بن حَربةَ، قال: أنشَدَني أبو الحَسَن عبد الرحمن بن أحمدَ الإسْتِجيُّ، قال: أنشَدَني أبو العبّاس ابن خَصِيبٍ لنفسِه [المجتثّ]: ليسَ الخمولُ بعار ... على امرئ ذي جلالِ فلَيْلةُ القدرِ تخفَى ... وتلكَ خيرُ اللّيالي وتوفِّي سنةَ خمس وثلاثينَ وخمس مئة. ووقَعَ في شيوخ أبي جعفر ابن مضاء: أحمدُ بن عبدِ الرحمن بن خَصيب، وهو المذكورُ بعدُ في موضعه من هذا المجموع إن شاء الله، فجعَلَهما أبو عبد الله ابنُ الأبّارِ واحدًا، ووَهَّمَ في ذلك أبا جعفر ابنَ مضَاء، وكذلك فعَلَ أبو جعفر ¬

_ (¬1) بياض في الأصل، كأن المؤلف تركه ولم يعد إليه. (¬2) في التكملة: "العويص".

95 - أحمد بن جعفر بن عبد الرحمن بن جعفر بن عبد الرحمن بن جحاف المعافري، بلنسي، أبو محمد

ابنُ الزُّبَير، وذكَرَ أنّ وفاتَه سنةَ خمس وثلاثينَ وخمس مئة، ووَهِما في ذلك، وهما رجُلان، وابنُ جعفر أشهرُهما فيما استَقْرَيْتُ من آثارِهما، ولعلّ أحدَهما قريبُ الآخَر، واللهُ أعلم. 95 - أحمدُ (¬1) بن جعفرِ بن عبد الرحمن بن جعفرِ بن عبدِ الرحمن بن جَحّافٍ المَعافِريّ، بَلَنْسيِّ، أبو محمد. وأبوه هو المُحرَّقُ على ما سيأتي في رَسْمِه إن شاء الله (¬2). رَوَى عن أبيه، وأبي داودَ الِهشَاميِّ، وأبي عليٍّ الصَّدَفي. واستُقْضيَ ببلده مرّتَيْن مكَثَ فيهما خمسَ عشْرةَ سنة حَميدَ السِّيرة مرضِيَّ الطريقة. وكان من سَرَواتِ الرِّجال، يجمِعُ إلى وَسامةِ المنظَر وحُسن الشّارَة ونباهةِ السَّلَف الحِلمَ والأناةَ واللِّينَ والتَّؤُدةَ وخَفْضَ الجناح واحتمالَ أذى الخصوم والصّبرَ عليهم والرِّفقَ بهم، وله في ذلك أخبارٌ مأثورةٌ، وحِلمُه كان أغلبَ عليه من علمِه. توفِّي ببَلَنْسِيَة مصروفًا عن القضاءِ لاثنتَيْ عشْرةَ خَلَت من رمضانِ سبع وأربعينَ وخمس مئة وقد شارَفَ السبعينَ من عمُرِه، وصَلّى عليه ابنُ أختِه القاضي أبو أحمدَ بنُ مَيْمون. 96 - أحمدُ بن جعفرٍ الرُّعَيْنيّ، لَبْلِيّ، أبو العبّاس. رَوى عنه أبو العبّاس بنُ عليِّ بن هارون. 97 - أحمدُ (¬3) بن حامد، مَرَوِيٌّ سكَنَ بظاهرِها، أبو العبّاس. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (158)، والمعجم في أصحاب القاضي الصدفي (23)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 902. (¬2) الموضع الذي يحيل إليه المؤلف مفقود، وترجمة المحرق وأخباره في بغية الملتمس (615)، والذخيرة لابن بسام 3/ 73 فما بعد، والتكملة (633)، والحلة السيراء 2/ 125 - 126، وتاريخ الإسلام 10/ 594، وابن عذارى في البيان المغرب 4/ 32، وسمي بالمُحرَق لأن الكنبيطور المتغلب على بلنسية إذ ذاك أحرقه بالنار في جمادى الأولى سنة 488 هـ. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (84).

98 - أحمد بن حبيب بن عمر بن عبد الله بن شاكر الغافقي، جياني، أبو جعفر

تلا على أبي عَمرٍو الدانيِّ، تلا عليه أبو العبّاس ابنُ عبد العزيز بن غَزْوان. وكان مُقرئًا متصَدِّرًا مُتقِنًا زاهدًا مُنقطعًا إلى العبادة، وإنّما عاد إلى الإقراءِ بإلحاح أبي العبّاس بن غَزْوانَ عليه في ذلك لثِقتِه وعلُوِّ إسناده، فأجابَه إلى ذلك فاعتمَدَ عليه. 98 - أحمدُ (¬1) بن حَبيبِ بن عُمرَ بن عبد الله بن شاكرٍ الغافِقيُّ، جَيّانيّ، أبو جعفر. رَوَى عن أبي القاسم بن بَشْكُوال، رَوَى عنه ابنُه أبو الرِّضا بسّام. 99 - أحمدُ بن حِجَازٍ التَّميميُّ، أَشْبُوني، أبو العبّاس. رَوَى عن أبي الحُسَين ابن الطَّلَّاء. 100 - أحمدُ بن الحُرِّ بن نَصر، أندَلُسيٌّ سَكَن جزيرةَ إقْريطِش، أبو القاسم. حدَّث عن يحيى بن إبراهيمَ بن مُزيّن وابن وَضّاح، حدّث عنه أبو عليٍّ عبد الواحِد بن أحمد بن محمد بن عليٍّ التِّنّيسيُّ ابنُ أبي الخصيب. 101 - أحمدُ بن حِزب الله بن عبد الصّمد بن أحمدَ بن مالكِ بن بلالٍ الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو القاسم. رَوَى عن أبوَي الحَسَن: جَدِّه للأُمّ ابن أحمدَ بن خِيَرةَ، ومحمدِ بن أحمدَ بن سَلمون، وأبي الرَّبيع بن سالم. وأجاز له أبو بكر بنُ محمد بن مُحْرِز، وأبوَا الحَسَن: ابن أحمدَ بن حَرِيق، وسَهْل بن مالك، وأبو الحُسَين يحيى بن عبد الله بن محمد بن أبي بكرٍ الأنصاريّ، وأبو العبّاس بن محمد العَزَفي، وأبي يوسُفَ بن فَرتُون، وأبو عيسى محمدُ بن محمد بن أبي السّداد، وأبو محمد عبد الحقّ بن محمد بن عليٍّ الزُّهْري، وعليّ بن عبد الوهّاب بن محمد [...] (¬2). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (249). (¬2) بياض في الأصل.

102 - أحمد بن حسان بن حسان بن حسان -ثلاثة- ابن أحمد بن حسان ابن أحمد بن عبد الله الكلبي

102 - أحمدُ (¬1) بن حَسّانَ بن حَسّانَ بن حَسّان -ثلاثةً- ابن أحمدَ بن حَسّان ابن أحمدَ بن عبد الله الكَلْبيّ. يَذكُرُ أنه من ذُرّيّة أبي الخَطّار حُسام بن ضِرَار الكَلْبيّ أمير الأندَلُس في خلافة هشام بن عبد الملِك، إشبيليٌّ، أصلُه من ناحية طَلْياطة من شَرَفِها، أبو القاسم. رَوَى عن أبوَيْ بكرٍ: ابن عبد الله بن الجَدّ -وكانت له عليه وِلادة- ويحيى بن عبد الجَليل بن مجبر بعضَ منظومِه، وأبي محمد عبد الحقّ بن بُونُه. رَوَى عنه أبو الرَّبيع بن موسى بن سالم -وكان لِدَتَه- وأبو عبد الله بنُ عبد الله ابن الأبّار. وكان من جِلّة رؤساءِ بلدِه وأتمّهم مُروءةً وأكمَلِهم سَرَاوةً واسعَ المعروف مُتفنِّنًا في التلبُّس بالفضائل، جَوادًا مِضْيافًا، جانحًا إلى الأدبِ حافظًا للأخبار حَسنَ الكتابة نبيلَ الخطّ عَدلًا، عُني بجَمع دفاتر العلم فاقتَنَى من أصولِها العتيقة كثيرًا، مَولدُه بإشبيليَةَ عامَ خمسةٍ وستينَ وخمس مئة، وتوفِّي بها لثلاثَ عشْرةَ ليلةً خَلَت من جُمادى الأُولى سنةَ ستٍّ وعشرينَ وست مئة. 103 - أحمدُ بن حَسَن بن أحمدَ بن جعفرِ بن عبد الملِك بن عاتٍ النَّفْزِيُّ، شاطِبيٌّ، أبو جعفر، ابنُ عمِّ الحافظ أبي عُمرَ أحمد بن هارونَ بن عات (¬2). توفِّي بشاطِبةَ ليلةَ السّبت ثانيةَ غُرَرِ محرَّمِ ثمانٍ وثمانينَ وخمس مئة، وكان له حظٌّ من العلم. 104 - أحمدُ (¬3) بن الحَسَن بن أحمدَ بن حَسّانَ القُضَاعي، مُرْسيٌّ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (292)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 808. (¬2) ستأتي ترجمته في هذا السفر برقم (858). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (240)، وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء (535)، والمقري في نفح الطيب في أثناء ترجمة ابن جبير صاحب الرحلة 2/ 383، وابن الخطيب في الإحاطة 2/ 231، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (71)، وغيرهم. وجعله صاحب عيون الأنباء غرناطيًا، وقال: مولده ومنشؤه بغرناطة. والصواب أنه مرسي كما عند المؤلف وغيره، وبيت المترجم بمرسية شهير الحسب، موصوف بالكتابة والأدب كما يقول ابن سعيد (انظر اختصار القدح: 126) =

أُنْديّ (¬1) الأصل، سِبطُ القاضي أبي محمد عبد الحقِّ بن غالبِ بن عَطِيّة (¬2)، من بنتِه أَمَةُ الرحمن المدعوَّةُ بأُمِّ هاني (¬3). رَوَى ببلَنْسيَةَ عن أبي الحَسَن بن عبد الله بن النِّعمة، وأبي عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن طاهر (¬4)، ثم رافَقَ أبا الحُسَين محمدُ بن أحمدَ بن جُبَيْرٍ في رحلتِه الأُولى (¬5) إلى المشرِق وفَصَلا لها عن غرناطةَ أوّلَ ساعةٍ من يوم الخميسِ لثمانٍ خَلَوْنَ من شوّالِ ثمانٍ وسبعينَ وخمس مئة، وحَجّا سنةَ تسع بعدَها وتجَوَّلا بتلك البلاد المشرِقية ولقِيَا بها طائفةً من بقايا أهل العلم ومشاهير الزُّهّاد والصُّلحاء، منهم بمكّةَ شرَّفها الله: ضياءُ الدِّين أبو أحمدَ عبدُ الوهاب (¬6) ابن ¬

_ = ويبدو أن ابن سعيد وهم في تسمية المترجم إذ سماه أبا جعفر عبد الحق بن أبي علي، وعليه يكون أبو العلاء بن حسان الطبيب وكاتب الرشيد الموحدي (اختصار القدح: 126 والبيان المغرب 3/ 283) ولد المترجم هنا إلا أن يكون لأحمد بن حسان أخ يسمى عبد الحق، ولا دليل عليه. أما الحسن والد المترجم فهو كاتب ابن مردنيش والموحدين من بعده. (اختصار القدح: 126 والمغرب 2/ 255) وانظر قصة زواج هذا الأخير بأم الهناء بنت القاضي أبي محمد بن عطية صاحب التفسير المعروف في اختصار القدح: 126. (¬1) نسبة إلى أندة onda مدينة قريبة من مربيطر تبعد عنها سبعة عشر ميلًا، وهي من عمل بلنسية (معجم البلدان 1/ 264، والروض المعطار: 31، وموسوعة الديار الأندلسية 1/ 141). (¬2) ترجمه ابن بشكوال في الصلة (828)، والعماد في الخريدة (قسم المغرب) 3/ 490، والضبي في بغية الملتمس (1103)، وابن الأبار في معجم أصحاب الصدفي (240)، وابن سعيد في المغرب 2/ 117، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 787، والصفدي في الوافي 18/ 66، وابن شاكر في فوات الوفيات 2/ 256، وابن الخطيب في الإحاطة 3/ 539 وغيرهم، ووفاته سنة 541 هـ. (¬3) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3590) وسماها: أم الهناء. (¬4) في الأصل: "ظاهر"، مصحف، وترجمته في الحلة السيراء 2/ 227، وستأتي ترجمته في السفر السادس من هذا الكتاب. (¬5) انظر حديث ابن جبير عنه في رحلته 1، 7، 123 - 124 (تحقيق الدكتور حسين نصار). (¬6) توفي سنة 607 هـ وترجمته في التاريخ المجدد لابن النجار، الورقة 64 - 66 (ظاهرية)، وذيل تاريخ مدينة السلام لابن الدبيثي 4/ 171، والتكملة للمنذري 2/الترجمة 1146 وفي المصدرين الأخيرين موارد ترجمته وهي كثيرة.

الأمين -بالنّون- أبي منصور عليِّ بن عليّ بن عُبَيدِ الله ابن سُكَيْنةَ، بالكاف والنُّون مُصغَّرًا، وهي أُمُّ أبي منصور، وأبو إبراهيم إسحاقُ التونُسي، وأبو حَفْص عُمرُ بن عبد المجيد المَيانِجي، وأبو جعفر بن عليٍّ القُرطُبيُّ ابنُ الفَنكي، وأبو [إبراهيم] (¬1) بن عبد اللّطيف بن محمد بن عبد اللّطيف الخُجَنْديُّ، بالخاءِ المعجَمة مضمومةً والجيم مفتوحةً والنّونِ ساكنةً ودالٍ منسوبًا، وأبو يوسُفَ بن أحمدَ بن محمد بن إبراهيمَ البغداديّ، وببغدادَ أبو الفَرَج ابنُ الجَوْزي، وبدمشقَ أبو الحُسَين أحمدُ بن حمزةَ بن عليِّ بن الحُسَين بن الحَسَن بن عليِّ بن عبد الله بن العبّاس السُّلَميُّ ابنُ المَوازِيني (¬2)، وأبو الطاهرِ برَكاتُ بن أبي إسحاقَ إبراهيمَ بن أبي الفَضْل طاهرِ بن برَكاتِ بن إبراهيمَ بن عليِّ بن هبةِ الله بن أحمدَ بن محمد بن العبّاس بن هاشم القُرَشيُّ المعروفُ بالخُشُوعي، نَقلتُ نسَبَه من خطِّه هكذا وبذلك أشهرُ ما يُعرَف، وبالجَيْرونيِّ بالجيم مفتوحةً والياء بثِنتينِ من أسفلَ ساكنةً والراءِ مضمومةً بعدَها واوٌ آخرُه نونٌ، منسوبًا إلى باب جَيْرُونَ بدِمشقَ لسُكْناه به، ويقال فيه: الفُرشي بالفاءِ مضمومةً والراءِ ساكنةً: منسوبًا إلى بَيْع الفُرش، وعمادُ الدِّين أبو عبد الله محمدُ بن محمد بن حامدِ بن محمد بن عبد الله بن عليِّ بن محمود بن هبةِ الله بن أُلُه الأصبهانيُّ، وأبو سَعد (¬3) عبدُ الله بن محمد بن ¬

_ (¬1) محله بياض في الأصل، وفي رحلة ابن جبير "أبو محمد"، وما أثبتناه من مصادر ترجمته، فقد ترجمه ابن الدبيثي في تاريخه 4/ 188 وهو شيخه، قال: أخبرنا صدر الدين أبو إبراهيم عبد اللطيف بن محمد بن عبد اللطيف الخجندي بقراءة الحافظ يوسف بن أحمد البغدادي بفَيْد وأنا أسمع، قال له ... إلخ. (¬2) في الأصل: "الموازبني" مصحف. (¬3) في الأصل: "سعيد" محرف، وصوبناه من مصادر ترجمته، وقد ترجمه العماد في القسم الشامي من الخريدة 2/ 351 - 357، وابن الأثير في الكامل 12/ 42، وابن النجار في تاريخه كما في المستفاد (275)، وابن الدبيثي في تاريخه 3/ 493، والمنذري في التكملة 1/الترجمة 82، وابن خلكان في وفيات الأعيان 3/ 53، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 801، وسير أعلام النبلاء 21/ 125 وغيرهم.

أبي عَصْرون، وغَلِطَ ابنُ الأبّار في كُنْيتِه فكَنَاه أبا محمد (¬1)، وأبوا محمد: عبدُ الرزّاق ابن نصر بن مُسَلَّم النّجّارُ (¬2)، والقاسم بن أبي القاسم عليِّ بن الحَسَن بن هبةِ الله ابن عبد الله بن الحُسَين يُعرَفُ بابن عساكرَ، وأبو [القاسم] (¬3) الحُسَين بن هبةِ الله بن محفوظِ بن صَصرى الرَّبَعيُّ التَّغلَبي، وأبو القاسم عبدُ الرحمن بن الحُسَين بن الخَضِر بن عَبْدانَ، وأبو [...] (¬4) عبد الرحمن بن إسماعيلَ بن أبي سعد الصُّولي (¬5)، وأبو الوليد إسماعيلُ بن عليِّ بن إبراهيم، وأجازوا له، وسَمِعَ على بعضِهم، وأبو عبد الله المُراديُّ الإشبيليُّ نزيلُ دمشق، وبِحَرّانَ العارفُ المتكلِّمُ الصُّوفيُّ أبو البرَكات حيا (¬6) بن عبد العزيز وابنُه الحاذي حَذْوَ أبيه أبو عليٍّ عُمر. وحَمَّلَه أبو جعفر ابنُ الزُّبَير الرّوايةَ عن أبي الطاهرِ السِّلَفي زاعمًا أنه لقِيَه، وذلك وَهْمٌ بيِّن لتقَدُّم تاريخ وفاة أبي الطاهر على تاريخ رحلة أبي جعفرٍ ¬

_ (¬1) التكملة (240). (¬2) توفي سنة 581، وترجمته في تاريخ الإسلام 12/ 733. (¬3) بياض في الأصل، كأن المؤلف لم يعرف كنيته حال تحرير الكتاب، وما أثبتناه من مصادر ترجمته ومنها تكملة المنذري (3/الترجمة 2231)، وتاريخ الإسلام 13/ 810، والموارد المذكورة في تكملة المنذري. (¬4) بياض في الأصل. (¬5) هكذا في الأصل، وفي ترجمة ابن جبير عند المؤلف: "الصوفي" وهو الصواب إن شاء الله. على أننا لا نعرف من أولاد الشيخ إسماعيل بن أحمد بن محمد بن أبي سعد الصوفي المعروف بشيخ الشيوخ من يسمى "عبد الرحمن"، ولعل المقصود "عبد الرحيم" لما وهو صدر الدين أبو القاسم المتوفى في رجب سنة 580 هـ، وهو الموافق لوجود ابن جبير، وتنظر ترجمته في تاريخ الإسلام 12/ 640. (¬6) هكذا في الأصل، وفي ترجمة ابن جبير: "حيان"، وكله خطأ فيما نرى، فالصوفي المتكلّم العارف بحران يومئذٍ هو "حياة بن قيس الحراني" المتوفى سنة 581 هـ (تاريخ الإسلام 12/ 725 - 726، وتكملة المنذري، الورقة 5 من القسم غير المنشور) وابنه عمر توفي سنة 605 هـ، وهو مترجم في تكملة المنذري (2/الترجمة 1051) وتاريخ الإسلام 13/ 118.

105 - أحمد بن الحسن بن أبي الأخطل، طليطلي، أبو جعفر

هذا، إذ كانت وفاةُ أبي الطاهرِ ليلةَ الجُمعة الخامسةِ من شهرِ ربيع الآخِر من سنة ستّ وسبعينَ وخمس مئة، وقد تقَدَّم تاريخُ رحلة أبي جعفرِ هذا، وأفحَشُ من هذا الوهْمِ تخيُّلُه الرِّوايةَ عن أبي القاسم ابن عساكرَ، وكانت وفاتُه سنةَ إحدى وسبعين، وإنّما يَروي عن ابنِه أبي محمد القاسم، وأرى أنّ هذا الوَهْمَ جَرَّه عدَمُ التثبُّت حالَ النقْل، فلعلّه كان أبا محمد القاسمَ ابنَ عساكر، فزَلَّ بصَره عن محمدٍ المُكْنَى به القاسمُ الابن، فصار أبا القاسم، وهي كُنْيةُ الأبِ عليٍّ المذكور واللهُ أعلم. وقَفَلَ إلى الأندَلُس، رَوَى عنه أبو الحَسَن ثابتُ بن خِيَار الكَلاعيُّ، ثم تحوَّلَ إلى مدينة فاسَ فاستَوطَنَها دارًا واتّخذ بها ضِيَاعًا وعَقارًا. وكان من سَرَواتِ الرّجال وأفاضلِهم كاملَ المروءةِ كريمَ الطِّباع ماهرًا في الصّناعة الطِّبّية متقدِّماً في المعرفة بالتعاليم حسَنَ المشاركة في غير ذلك من فنونِ علم اللِّسان العربي. وصَنَّف في الطبِّ مختصَرًا نبيلًا سمّاه: بـ "الجُمَل (¬1) والتفصيل، في تدبير الصّحة [وتَطْبيب العليل] (¬2) "، وفي الموسيقى من فنونِ التعاليم المَدخَلَ إليه، واختصارَ كتابِ أبي نَضرٍ محمد بن محمد الفارابيِّ فيه، وكلُّ ذلك مما بَرَّزَ فيه وشُهِدَ بفَضل معرفتِه به. وتوفِّي بمَرّاكُشَ سنةَ ثمان أو تسع وتسعينَ وخمس مئة، وقال أبو جعفر ابنُ الزُّبير: إنه توفِّي بمدينة فاس. 105 - أحمدُ (¬3) بن الحَسَن بن أبي الأخْطَل، طُلَيْطُليّ، أبو جعفر. له رحلةٌ حجَّ فيها، ورَوَى بمكّةَ شَرَّفَها الله عن كريمةَ المَرْوَزيّة. رَوَى عنه أبو الحَسَن عبد الرحمن بن أحمدَ ابن المَشّاط الطُّلَيْطُلي. وكان من أهل الحِفظ للفقه والذّكر للمسائل، واستُقْضي. 106 - أحمد بن الحَسَن بن خَلَف، أبو العبّاس، ابن بَرُنْجِيَال. رَوَى عن أبي جعفرٍ بن عليِّ بن غَزْلون. ¬

_ (¬1) في الأصل: "الحمل"، مصحف. وسماه في عيون الأنباء: تدبير الصحة، وذكر أنه ألّفه للمنصور. (¬2) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (70)، وابن فرحون في الديباج 1/ 199.

107 - أحمد بن حسن بن سليمان بن إبراهيم، بلنسي، أبو العباس

107 - أحمدُ (¬1) بن حَسَن بن سُليمانَ بن إبراهيم، بَلَنْسِي، أبو العبّاس. رَوَى عن أبي بحرٍ سُفيانَ بن العاص الأسَدي، وأبي بكر ابن العَرَبي، وأبي الحجّاج بن عليٍّ القُضَاعي، وأبي الحَسَن خُلَيْص بن عبد الله، وأبوَيْ عبد الله: ابن خَلَصةَ [...] (¬2) وابن أبي الخَيْر المَوْرُوري، وأبي عامر حبيب. وأجاز له أبو عِمرانَ بن عبد الرحمن بن أبي تَلِيد، وأبوا محمد: ابنُ [...] (¬3) ابن خَيْرون وابنُ علي سِبطُ أبي عُمرَ بن عبد البَرّ، وغيرُهم. وكان فقيها حافظًا للمسائل، بصيرًا بعَقْد الشّروط، ذا عناية بروايةِ الحديث، وحظٍّ نَزْر من قَرض الشِّعر، وكتَبَ بخطِّه علماً كثيراً، وكانت فيه لُوْثة. وتوفِّي سنة سبع وأربعينَ وخمس مئة أو نحوِها. 108 - أحمدُ (¬4) بن حَسَن بن سيِّد الجُرَاويُّ، مالَقيٌّ، أبو العبّاس. ويَلتبسُ بأبي العبّاس بن عليِّ بن سيِّد الإشبيليِّ اللِّص، وهما اثنان. رَوَى عن أبي الحَسَن يونُسَ بن محمد بن مُغيث، وأبي الحُسَين سُليمانَ ابن الطَّرَاوة، وأبي عبد الله بن سُليمانَ ابن أُختِ غانم، وأبي القاسم أحمدَ بن محمد بن وَرْد. رَوَى عنه أبو الحجّاجِ بن إبراهيمَ الثَغْري، وهو في عدادِ أصحابِه، وأبو عبد الله بن إبراهيمَ ابن الفَخَّار، وأبو العبّاس أصبَغُ بن أبي العبّاس، وأبو كامل تَمّام. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (159)، والمعجم في أصحاب الصدفي (24)، ولم يذكره الفاسي في ذيل التقييد مع أنه من شرطه. (¬2) فراغ في الأصل تركه المؤلف ولم يعد إليه. (¬3) فراغ في الأصل. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (182)، وتحفة القادم (كما في المقتضب 44)، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 188، والصفدي في الوافي 6/ 307، والسيوطي في البغية 1/ 302، والمراكشي في الإعلام 1/ 226.

وكان متحقّقًا بالعربيّة عارِفًا بالآداب درَّسهما كثيرًا، شاعرًا مُحسِنًا، كاتبًا بليغًا، ونالتْه وَحْشةٌ من قِبَلِ القاضي أبي محمد بن أحمدَ الوحيدي (¬1) لأمورٍ تُقُوِّلَتْ عليه اضْطرّتْه إلى التحوُّل عن مالَقةَ إلى قُرطُبة، فسَكَنَها نحوَ أربعةِ أعوام ثم استمالَ جانبَ الوحيديِّ حتى لانَ له وخاطَبَه بالعَوْدِ إلى وطنِه فرجَعَ مُكرَّمًا مبرورًا إلى أنْ وَليَ خُطَّةَ القضاء أبو الحَكَم [الحسين] (¬2) ابن حَسُّون فاختَصَّ به وبآلِه وحَظِيَ لديهم، ثم توَجَّه إلى مَرّاكُشَ عقِبَ الطّارئ على آلِ ابنِ حَسُّون، فاستَخْلصَه أبو محمد عبدُ المؤمن بن عليٍّ لتأديبِ بنِيه فسَمَا قَدرُه وعَظُمَ صِيتُه وارتقَى محَلُّه، وأقام على ذلك إلى أنْ توفِّي بعدَ الستينَ وخمس مئة بيسير في مَرّاكُش، ومن نَظْمِه في حين اغترابِه [وافر]: تُفاجئُني الحوادثُ كلَّ يوم ... فتُعْجِمُني حصاةً لا تُهَدُّ فيا لَلهِ ما أصبَى فُؤادي ... ولكنّي على الأيام جَلْدُ وفي معناه [المتقارب]: تَدارَكَني العيدُ في غربةٍ ... تنكّرْتُ (¬3) فيها على مَن معي فأُلبِستُ فيه ثيابَ الضَّنى ... وأَفطرْتُ فيه على أدمُعي ومنه ما أنشَدَه أبو الحجّاج الثَّغْريُّ قال: أنشَدَني صاحبُنا الأُستاذُ النَّحويُّ الفاضل أبو العبّاس المالَقيُّ -وُيعرَفُ بابن سيِّد- لنفسِه وكتَبَه لي بخطِّه [الطويل]: ¬

_ (¬1) هو عبد الله بن أحمد بن عمر القيسي، أبو محمد الوحيدي من أهل مالقة، توفي سنة 542 هـ، ترجمه ابن بشكوال في الصلة (650)، والضبي في بغية الملتمس (902)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 806، والصفدي في الوافي 17/ 49. (¬2) فراغ في الأصل تركه المؤلف ليعود إليه فما عاد، وهو الحسين بن الحسين بن عبيد الله بن الحسين الكلبي، أبو الحكم ابن حَسُّون، مترجم في أعمال الأعلام 254 - 255 (ط. دار المكشوف)، وترجم ابن الأبار لوالده أبي علي الحسين في التكملة (733). (¬3) في الأصل: "تذكرت".

109 - أحمد بن الحسن بن عثمان الغساني، من أهل بجانة المرية، أبو عمر، ابن أبي ربال براء مضمومة وباء بواحدة مشددة بعدها ألف ولام، وأبو بكر بن غالب المكتب يقول فيه: رئال براء مكسورة وهمزة

وبينَ ضُلوعي للصَّبابة لَوْعةٌ ... بحُكم الهوى تقْضي عليَّ ولا أَقْضي جَنَى ناظِري (¬1) منها على القلبِ ما جَنَى ... فَيا مَنْ رأى بعضًا يُعينُ على بَعْضِ 109 - أحمدُ (¬2) بن الحَسَن بن عثمانَ الغَسّانيُّ، من أهل بَجّانةِ المَريّة، أبو عُمر، ابنُ أبي رُبَّال (¬3) براءٍ مضمومة وباءٍ بواحدة مشدَّدة بعدَها ألِفٌ ولام، وأبو بكر بنُ غالبٍ المُكتِبُ يقولُ فيه: رِئَال براءٍ مكسورة وهمزة. رَوَى عنه أبو داودَ الهشاميُّ. وكان فقيهًا نَظَّارًا ذا حظٍّ من الأدب وقَرْض الشِّعر، واستَقْضاه بدَانِيَةَ مجُاهدٌ العامِري ثم أشْخَصَه معَ ابنِه علي إقبَالِ الدولة بعد خلاصِه من الأسر (¬4) بسردانِيَةَ إلى القَيْروانِ في أيام المُعزِّ بن باديس الصُّنْهاجي، فلقي هنالك أبا عِمرانَ الفاسيَّ (¬5) وطبقتَه، وجرَتْ له معَهم مُساءلاتٌ، على أن مجاهدًا كان قد عَهِدَ إليه أن لا يُداخلَهم ونهاه عن الاختلاطِ بهم فوضَعَ مئةَ مسألةٍ في فنونٍ شتَّى أُولاها في سيادةِ فاطمةَ أخَواتِها رضي اللهُ عنهُنّ، سألهم عنها وكتبَها في دفترٍ وترَكَ بينَ كلِّ مسألتَيْنِ بياضاً للجواب، ولم يُقم بالقَيْروان إلّا اثنَيْ عشَرَ يومًا وانصرَفَ خوفَ هجوم الشتاء، وتوَرَّعَ عن مالِ السلطان ورَدَّ على المُعِزِّ فرسَيْنِ رائعَيْن عيَّنَهما له ولابنِه، وشهِدَ معَه العيدَ فترَكَ من أجلِهمُ الخُطبةَ للعُبَيديِّين. وتوفّي في حدودِ الأربعينَ وأربع مئة. 110 - أحمد (¬6) بن الحَسَن بن عُمر بن محمد الحَضْرَميُّ ثم المُراديُّ، غرناطيٌّ، أبو المجد، من ذُرِّية الإمام أبي بكرٍ المُراديِّ الأصُولي (¬7). ¬

_ (¬1) في التكملة: "ناظر". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (54). (¬3) في التكملة: "رُيال" مجودة بخط ابن الجلاب. (¬4) انظر قصة أسر إقبال الدولة في أعمال الأعلام 219 وما بعدها. (¬5) أبو عمران موسى بن عيسى بن أبي حاج الفاسي، له ترجمة رائقة في عيون الإمامة ونواظر السياسة لأبي طالب المرواني (56)، وفيه مصادر ترجمته وهي كثيرة. (¬6) ترجمه ابن فرحون في الديباج 1/ 200. (¬7) هو محمد بن الحسن الحضرمي، أبو بكر المرادي المتوفى سنة 489 هـ، ترجمه ابن بشكوال في الصلة (1326)، والذهبي في تاريخ الإسلام 10/ 636.

111 - أحمد بن الحسن بن محمد بن الحسن القشيري، قرطبي جياني الأصل، أبو جعفر، ابن صاحب الصلاة

رَوَى عن أبيه، وأبي جعفر بن محمد بن سَماعَةَ، وأبي عبد الله بن عِيَاض. وأجاز له أبو خالد يزيدُ بن رِفاعة، وأبو عَمرٍو نَصْرُ بن بَشِير الغافِقي، وأبو القاسم أحمدُ بنُ عبد الودودِ بن سَمَجُون. [وأخبَرَنا] (¬1) عنه من شيوخِنا أبو جعفر ابنُ الزُّبَير. كان فقيهًا حافظًا ذاكرًا للنّوازلِ بصيرًا بالفتوى متقدّمًا في علم الكلام وأُصول الفقه، سُنِّيًّا فاضلًا متينَ الدِّين صَنَاعَ اليدَيْن خَيِّرًا، خَطَبَ زمانًا بجامع قَصَبة غَزناطةَ القديمة، وكُفَّ بصرُه آخرَ عُمُرِه نفَعَه الله. مولِدُه بغَرناطةَ سنةَ خمس وسبعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بها عَقِب شوّالِ إحدى وخمسينَ وست مئة. 111 - أحمدُ (¬2) بن الحَسَن بن محمد بن الحَسَن القُشَيْريُّ، قُرطُبيٌّ جَيَّانيُّ الأصل، أبو جعفر، ابنُ صاحبِ الصّلاة. رَوَى عن أبي بكر ابن العَرَبي، وأبي الحَسَن يونُسَ بن محمد بن مُغيث، وأبي عبد الله ابن الحاجِّ الشهيد، رَوَى عنه ابنُه أبو القاسم، وأبو عبد الله ابنُ الشِّنْتيالي (¬3) بكسرِ الشِّين المعجَمة والنّونِ الساكنة والتاءِ المَعْلُوّة باثنتينِ [والياءِ] وألفٍ ولام منسوبًا. وكان محدِّثًا مُفيدًا راوِيةً من أهل الضّبطِ والإتقان وجَوْدةِ الخطِّ وجمال الوِراقة، وكتَبَ بخطِّه علمًا كثيرًا، وله اختصارٌ نبيلٌ في الغوامضِ والمُبهمات وقَفْتُ عليه بخطِّه الرّائق وصار لي. ¬

_ (¬1) بياض في الأصل، ولعل المؤلف بيض به لذكر لفظ من ألفاظ الرواية والتحمل لم يكن متأكدًا منه وقت التأليف. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (195). (¬3) هو محمد بن أحمد بن خلف بن عياض الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الله الشنتيالي المتوفى سنة 609 هـ، وهو مترجم في التكملة (1586)، وتاريخ الإسلام 13/ 222، وغاية النهاية 2/ 62 وغيرها.

112 - أحمد بن الحسن بن []

112 - أحمدُ بن الحَسَن بن [........] (¬1). 113 - أحمدُ بن حَسَن بن محمد النَّفْزِيّ، أبو عبد الله. رَوَى عن أبي الحجّاج ابن الشّيخ. 114 - أحمدُ بن الحُسَين بن أحمدَ بن محمدٍ القَيْسيُّ، أبو العبّاس. رَوَى عن أبي عَمْرٍو سالمِ بن سالم. 115 - أحمدُ بن الحُسَين بن حَفْصُونَ الأسلَميُّ، أبو جعفر. رَوَى عن أبي الحَسَن طاهرِ بن مفوَّز. 116 - أحمدُ (¬2) بن الحُسَين الأنصاريُّ الأشْهليّ، أبو العبّاس. رَوَى عن أبوَي الحَسَن: ابنِ عبد الله الإلبيري وابن أخي الدَّوْس، وأبي داودَ الِهشاميِّ، وأبي عبد الله بن شُرَيْح وغيرِهم بالأندَلُس. ورَحَلَ إلى المشرِق واجتازَ بالقَيْروانِ فأخَذ بها من علمائها، وأدَّى فريضةَ الحجِّ، وأخَذ هنالك عن أبي عليٍّ الحُسَين بن عليٍّ الدّقّاق الجُرْجاني، وأبي مَعشَر عبد الكريم بن عبد الصّمد الطَّبَري، وتصَدَّرَ بمكّةَ كرَّمها اللهُ للإقراء فأخَذ عنه بها الناسُ. وقَفَلَ إلى الأندَلُس، تلا عليه أبو العبّاس ابن خلوص، وحدَّث عنه أبو علي حسَنُ بن عبد الله ابن الخَرَّاز نزيلُ تِلِمسَانَ، ولا أدري ألَقِياه قبلَ رحلتِه أم بعدَها (¬3). وكان من جِلّة المُقْرئينَ وعِلْيةِ المجوِّدين، حافظًا للقراءات، ذاكرًا لحروفِها بصيرًا بتعليلِها حسَنَ الأخْذ على القُرّاء، لازَمَ الإقراءَ مدةً طويلة ونفَعَ اللهُ به خَلقًا كثيرًا. ¬

_ (¬1) بياض في الأصل. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (92)، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 50، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 13، وقال ابن الجزري: لا أعرفه. (¬3) هذا قول ابن الأبار، فهو الذي قال: لا أدري!

117 - أحمد بن الحسين الضبي، أبو جعفر

117 - أحمدُ بن الحُسَين الضَّبِّي، أبو جعفر. رَوَى عن أبي محمد عبد الحق بن بُونُه. 118 - أحمدُ بن حُسَين، طَرِيفي، ابنُ المُرابِط. رَوَى عن أبي القاسم أحمدَ بن محمد بن بَقِي. 119 - أحمدُ بن حُسَين، مروي، أبو العبّاس القَصَبيّ. تلا عليه فَتْحُ بنُ محمد القُرْطُبي. 120 - أحمدُ (¬1) بن الحُصَين بن عبد الملِك بن إسحاقَ بن عَطّافٍ العُقَيْلي، جَيّانيٌّ مَنْتيشيُّ الأصل، سكَنَ غَرْناطة ثم انتقلَ إلى قُرطُبة، أبو جعفر، ابنُ الدّجن. من ذُرِّية الحُصَين بن الدّجن بن عبد الله بن محمد بن عَمرو بن يحيى بن عامر بن مالِك بن خُوَيْلد بن سَفعانَ بن خَفَاجةَ بن عَمرو بن عَقِيل بن كَعْب -أحدِ العَرب القائمينَ بأمرِ عبد الرحمن بن مُعاوية (¬2) - وعطّافٌ ليس أبا إسحاقَ وإنّما هو من أجدادِه الأعلَيْنَ، وأُراه إسحاقَ بن إبراهيمَ بن إسحاق بن إبراهيمَ بن إسحاق بن إبراهيم -ثلاثة- بن صَخْر بن عَطّاف بن [الحُصَين] (¬3) بن الدّجن، ويُعرَف بَيْتُهُم (¬4) أيضا ببني عَطّاف نسبة إلى عَطّافٍ هذا أحدِ القائمينَ بأمرِ عبد الرحمن بن معاوية. رَوَى عن أبي الأصبَغ عيسى بن سَهْل وناوَلَه كتابَه في نوازلِ الأحكام، وأبي الحَسَن ابن الباذِش، وأبي عبد الله بن فَرَج مَوْلى ابن الطّلّاع، وأبي عليٍّ حُسَين بن محمد الغَسّاني، وأبي مروانَ بن سِرَاج وأكثَرَ عنه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (149)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 799. (¬2) انظر ترجمة الحصين في الحلة السيراء 2/ 354. (¬3) الاسم ممحو في الأصل وقد أتممناه من التكملة. (¬4) في الأصل: بينهم. وانظر في هذا البيت جمهرة ابن حزم (274).

رَوَى عنه أبو بكرٍ عَتِيقٌ وابنُه أبو الحَسَن ابنا مؤمن، وأبو تمّام غالبُ بن زياد، وأبو محمد الحَجْري. وكان شيخًا حَسَنَ الخُلُق والخَلْق، وَقورَ المجلِس، كثيرَ البِرِّ، كبيرَ الجاه، قديمَ النَّجابة، ابتدَأَ بطلبِ العلم وهُو ابنُ ثلاثَ عشْرةَ سنةً، حريصا على إفادتِه مُكرِمًا لطلبتِه مُواليَ الإحسانِ إليهم متمكِّنَ الجِدَة، أعلى أهلِ عصرِه همّةَ في اقتناءِ الكتُب وأشدَّهمُ اعتناءً بها ينتخبُها ويتّخذُ لأعلاقِها صُوّاناتٍ وحفائظَ، وجمَعَ منها في كلِّ فنٍّ الكثيرَ النّفيس، وكتَبَ بخطِّه النبيل غيرَ شيء. وكان بصيرًا بعَقْدِ الشُّروط، نزهَ النفْس، ظاهرَ السَّراوة في أحوالِه كلِّها، حسَنَ الوَساطةِ للناس فيما يَرجِعونَ إليه به من أمورِهم، وشُووِر بغَرناطةَ ثم بقُرطُبة، واستمَرَّ على ما وُصِفَ من حالِه عامّةَ عمُره، فلمّا كانتِ الفتنةُ التي أثارها أبو [جعفرٍ] (¬1) حَمدينٌ داخَلَه في بعض أمورِه وتصَرَّفَ معَه تصَرُّفًا أنكَرَه بعضُ الناس عليه، واللهُ أعلمُ بنيّيه ومُتجاوزٌ بفضلِه عن سيّئاتِه. ووقَفْتُ على أسماءِ بعض شيوخ أبي الحَسَن بن مؤمِن الأندَلُسيِّينَ. وقد ذَكَرَه فيهم بخطِّه وكتَبَ بها من مُستقَرّه مدينةِ فاسَ إلى شيخِه الراوِية أبي القاسم ابن بَشْكُوال بقُرْطُبةَ مطالعًا له بهم ليُعرِّفَه بما عندَه من أحوالِهم، فكتَبَ أبو القاسم بخطِّه على مُعظمِهم ما عندَه فيهم، وكتَبَ على أبي جعفرٍ هذا ما نصُّه: يُسْقَط. وقد رَوى عنه أبو محمد الحَجْريُّ وهو القائل: ما حمَلْتُ إلّا عن الشّيوخ الأعلام الذين ليس فيهم ما يقال، ولقد سَمِعتُ عن رجُل من شيوخي شيئًا قليلًا فلم أذكُره، يعني ترَكَ الرِّوايةَ عنه، وتكلَّم أبو جعفر بن عبد الرحمن البِطْرَوجيُّ في رواييه عن أبي عبد الله بن فَرَج، فتَحامى بعضُ الناس الروايةَ عنه من طريقِه تلك. ¬

_ (¬1) بياض في الأصل، وهو أبو جعفر محمدين بن محمد بن علي بن حمدين التغلبي المتأمر بقرطبة، ترجمته في التكملة (788)، وأخباره في الحلة السيراء 2/ 206، 211 - 213، 218 وغيرها، والمرقبة العليا 103 - 104، وأعمال الأعلام 252 - 253 وغيرها.

121 - أحمد بن حفص بن رفاع الفهري، قرطبي

مولدُه بجَيّانَ سنةَ إحدى وسبعينَ وأربع مئة، وتوفِّي بها سنةَ اثنتينِ وأربعينَ وخمس مئة. 121 - أحمدُ (¬1) بن حَفْص بن رفاع الفِهْريّ، قُرطُبي. كان فقيهًا من أهل الحِفظ للمسائل. توفِّي سنةَ ستٍّ وتسعينَ ومئتين. 122 - أحمدُ بن حَكَم بن عبد الجبّار القُرَشيُّ، قُرْطُبي. كان من أهل العلم والحسَبِ والجلالةِ والتبريزِ في الفَضْل والعدالة، حيًّا سنةَ ثلاثٍ وسبعينَ وأربع مئة. 123 - أحمدُ (¬2) بن حَكَم بن محمدٍ العامِليُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عُمر، ابنُ اللّبّان. كان من أهل العناية التامّة بالقرآن وتجويدِ تلاوته على أئمّة المُقرِئينَ، راويةً للحديث متّسعَ الرِّواية، مديدَ الباع في العلم، استُقضِيَ بمَوْرورَ وقَرمُونة، وكان له أخٌ اسمُه يحيى من أهل الشُّورى أيامَ القاضي محمد بن يَبقَى بن زَرْب، وكان أحمدُ هذا يَفضُلُ في المعرفة على أخيه يحيى، وكان للقاضي أحمدَ بنِ ذَكْوانَ صاحبِ الردِّ كبيرُ اعتناءٍ به، فلمّا توفِّي أخوه يحيى ذكَرَهُ للمنصور أبي عامرٍ محمد بن عبد الله بن أبي عامر، فصَيَّره مكانَه، وولّاه ما كان يَتولّاه، ثم رقَّاه إلى قضاءِ طُلَيْطُلةَ فتوفِّي وهو يتقَلَّدُه سنة تسعينَ وثلاثِ مئة. 124 - أحمدُ بن حَكَم الكَلَاعيُّ، أبو عُمر. رَوَى عن أبي الأصبَغ عيسى بن أبي البحر، وأبي بكر ابن العَرَبي. 125 - أحمدُ بن حَكَم، أبو عُمرَ وأبو العبّاس. رَوَى عن أبي عُمرَ ميمونٍ اللَّمتُوني، ويُشبِهُ أن يكونَ الكَلاعيُّ المذكورُ قبلَه يليه، فالطبقةُ واحدة، واللهُ أعلم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3). (¬2) ترجمه ابن بشكوال في الصلة (25) نقلًا عن القبّشي باختصار، وأعاده ابن الأبّار بترجمة أفضل وأوسع (التكملة، الترجمة 26).

126 - أحمد بن حكم بن رافع الجذامي، مالقي

126 - أحمدُ (¬1) بن حَكَم (¬2) بن رافِع الجُذَاميّ، مالَقي. رَوَى عن [.......] (¬3) ابن وَضّاح، وكان من جِلّة الفقهاءِ معدودًا في أهل نَباهة الأندَلُسيِّينَ الشاميِّينَ بمالَقة. 127 - أحمدُ (¬4) بن حَنُّون، إشبيلي، أبو العبّاس. رَوَى عنه أبو عَمرٍو بكرُ بن إبراهيم، وكان شاعرًا مجُيدًا حسَنَ التصرُّف في أفانينِ النّظم بارعَ التشبيهاتِ بديعَ الاستعاراتِ متقدِّمًا في المُقَطَّعات، له في مَنْبع ماءٍ على شكل أسَد [البسيط]: ومُوهمٍ قصدَ حِضْنٍ ليس مقصِدَهُ .... إلّا السكونُ فما شيءٌ يُحرِّكُهُ تَقَبَّضَ اللّيثُ حرصًا للوثوبِ على ... فريسةٍ وحِذَارَ الفَوْتِ يُدْركُهُ والماءُ في فيه كالثُّعبانِ مُضطربًا ... يَبغي التخلُّصَ منه وهْو يُمسِكُهُ وله في كأس مملوءةٍ خمرًا حمراءَ تناوَلَها ساقيها بأنمُلِهِ الخمسِ من أعلاها [الكامل]: يا عاذلي في شُربِها لو ذُقْتَها ... ما كنتَ فيها للعَذولِ مُصيخا يُضْحي بها تَرَحُ القلوب مُرحَّلًا ... وبَديلُه فَرَحٌ يحُطُّ مُنيخا وإذا بَدَتْ للشَّرْبِ في غَسَقِ الدُّجى ... ترَكَ الظلامَ ضياؤها منسوخا كسَتِ الأناملَ بالشُّعاعِ فخيَّلَتْ ... أنَّ الثُّريّا يُمسِكُ المَرِّيخا ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (5). (¬2) هكذا في الأصل، وفي التكملة بخط ابن الجلاب: "حكيم". (¬3) بياض في الأصل، وفي التكملة: "روى عن ابن وضاح وغيره" فكأنه ترك هذا البياض "لغيره" فلم يقف عليه. (¬4) ينظر المغرب لابن سعيد 1/ 244، ورايات المبرزين (14)، والمرقصات (44)، ونفح الطيب 3/ 206.

ومن مُلَحِه في وَضف أشتَر [الكامل]: ياطلعةً أبدَتْ قبائحَ جمَّةً ... فالكلُّ منها إنْ نظرْتَ قبيحُ أبعينِك الشَّتراءِ عينٌ ثرَّةٌ ... منها تَرقرَقَ دمعُها المسفوحُ؟! شَتَرتْ فقُلنا: زَوْرقٌ (¬1) في لُجَّةٍ ... مالت بإحدى دَفَّتيهِ (¬2) الرِّيحُ وكأنَّما إنسانُها ملَّاحُها (¬3) ... قد خاف من غَرَقٍ فظَلَّ يميحُ (¬4) وينسُبُ إليه الناسُ كثيرًا في صفة أحدَب [الكامل]: ورشيقِ طبع قُرِّبت أجزاؤه ... ليكونَ في معنى الفُكاهةِ أطْبعا قصُرَت أخادعُهُ وغاب قَذالُهُ ... فكأنه متوقِّع أن يُصفَعا وكأنه قد ذاقَ أوّلَ صفعةٍ ... وأحسَّ ثانيةً لها فتجَمَّعا وكأنّما جَذَبتْه كفُّ مُغالبٍ ... فأشال ظهرًا وانحنَى مُتمنِّعا (¬5) وله في خائط [البسيط]: قطَّعتَ قلبيْ ولم تحفِلْ (¬6) بما صنَعَتْ ... تلك الجفونُ ولا بالقلبِ ما صَنَعا رقِّغ بفضلِك ما الهجرانُ مزَّقَه ... لا تترُكَنَّ فؤادي هكذا قِطَعا فقال: دع ذا وكنْ منّي على ثقة ... لابدَّ عما قريب أن نَبيتَ معا ألستَ تعلَمُ أنّي خائطٌ ومتى ... رأيتَ مَن خاط إلا بعدَ أن قَطَعا؟! ¬

_ (¬1) في زاد المسافر: "فقلت: ازورّق". (¬2) في المغرب: "شقَّتيه"، وفي الرايات: "جانبيه". (¬3) في الرايات: "ملاحه". (¬4) وردت القطعة في زاد المسافر (51)، والمغرب 1/ 244، ونفح الطيب 3/ 206. والبيتان الأخيران منها وردا في المرقص والمطرب (44)، ورفع الحجب المستورة 1/ 141. (¬5) الأبيات المذكورة في وصف الأحدب مشهورة النسبة إلى ابن الرومي. (¬6) في الأصل: "تجعل".

128 - أحمد بن خالد بن عبد الله بن قبيل، بالقاف مفتوحة والباء بواحدة مكسورة بعدها ياء وآخره لام، أبو عمر

وله في تسعة [البسيط]: وشمعةٍ كلسانِ الصَّل نَيَّرها ... والريحُ تخفِضُه طَوْرًا وتَرفَعُهُ كأنهُ عاشقٌ أودَى الغرامُ بهِ ... وقد أشار إلى التوديع إصبَعُهُ وله في مِروَحة [المنسرح]: لم أنتقلْ من يدٍ لغيرِ يدٍ ... لم يُخلِني من بساطِهِ ملِكُ فتحسَبُ الشخصَ إن مررتَ بهِ ... جَرَّ عليه جناحَه الملَكُ إلى غير هذا (¬1). 128 - أحمدُ (¬2) بن خالد بن عبد الله بن قَبِيل، بالقافِ مفتوحةً والباء بواحدة مكسورةً بعدَها ياءٌ وآخِره لام، أبو عُمر. له رحلةٌ إلى المشرِق رَوى فيها ببغدادَ عن الحُسَين بن صَفْوان، وعثمانَ ابن أحمد ابن السَّمَّاكِ وغيرهما من شيوخِها. رَوَى عنه أبو عُمر أحمدُ بن محمد الطَّلَمَنْكي، وكان كثيرَ التجوُّل على البلاد ضارِبًا في الأرض للتجارة. 129 - أحمدُ (¬3) بن خالدٍ الثَّغلبيّ (¬4)، جَيّانيٌّ باغِيّ. رَوَى عن بقِيِّ بن مَخْلَد، وله رحلةٌ لقِيَ فيها بمِصرَ أبا سعيد يونُسَ بن عبدِ الأعلى سنة ست وأربعينَ ومئتين. 130 - أحمدُ (¬5) بن خَطّاب بن محمد بن لُبِّ بن سَرَتُون، بسينٍ غُفْل وراءٍ ¬

_ (¬1) انظر مقطعات أخرى من شعره في زاد المسافر والمغرب. (¬2) ترجمه ابن نقطة في "قَبيل" من إكمال الإكمال نقلًا عن أبي طاهر السلفي 4/ 601، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 7/ 141، وابن حجر في تبصير المنتبه 3/ 1139. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1). (¬4) هكذا في الأصل، وفي التكملة بخط ابن الجلاب مجودًا: "التغلبي"، ولم يذكره كتاب المشتبه في "الثعلبيين". (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (40).

131 - أحمد بن خطاب الكلاعى، أبو العباس

مفتوحتَيْنِ وتاءٍ بثنتينِ من فوقُ مضمومةٍ بعدَها واوٌ ونون، ابن مروانَ بن واقِف بن مَروان، أبو عُمرَ الرُّهُوني (¬1). رَوَى عنه أبو عبد الله بن إبراهيمَ ابن شُقَّ اللَّيل. 131 - أحمدُ بن خَطّاب الكَلاعى، أبو العبّاس. رَوَى عن شُرَيْح. 132 - أحمدُ (¬2) بن خَلَف بن أحمدَ، قُرطُبي، ابنُ رِضا، والدُ الخطيبِ أبي القاسم عبد الرحمن (¬3). روى عن أبي عبد الله بن عَتّاب وغيرِه. وتوفِّي سنة تسع وستينَ أو صَدْرَ سنة سبعينَ وأربع مئة، وفيها وُلِد ابنُه أبو القاسم المذكورُ وكان قد ترَكَه حَمْلًا. 133 - أحمدُ بن خَلَف بن حَسَن بن خَطّاب الكَلَاعيُّ. رَوَى عن أبي الحَسَن عبد الرحمن بن عبد الله بن عَفيف، رَوَى عنه أبو جعفر [......] (¬4) بن شَرَاحِيل، وأبو عبد الله بن عبد الرحمن النُّمَيْري، وأبو محمد عبدُ المُنعم بن عليّ بن الضَّحّاك، وتوفِّي في حدودِ الثلاثينَ وخمس مئة. 134 - أحمدُ (¬5) بن خَلَف بن سعيد بن خَلَف بن أيوبَ اليَحْصُبي، دانيٌّ، نزَلَ المَرِية، أبو العباس ابن المَيَارُمي (¬6)، بالميم والياءِ المسفولةِ مفتوحَتْينِ وألفٍ وراءٍ مضمومةٍ وميم منسوبًا. ¬

_ (¬1) في الأصل: "الزهرني" وهو تحريف بيّن، وما أثبتناه من "التكملة" وهو مجود التقييد والضبط بخط ابن الجلاب. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (68). (¬3) ترجمته في الصلة (754). (¬4) بياض في الأصل. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (109). (¬6) وتكتب "المارمي" و"المارومي".

135 - أحمد بن خلف بن سعيد، أبو العباس، ابن زادرة، بزاي ودال غفل بينهما ألف آخره راء وتاء تأنيث

رَوَى عن أبي الوليد الوَقْشي، رَوى عنه أبو إسحاق بنُ يوسُف بن قُرْقُول، وأبو عبد الله بن حَسَن بن سعيد الدّانيُّ بها، وتأدَّب به في الحساب، وأبوا العبّاس: ابنُ محمد الأَنْدَرْشِيُّ وابن [.......] (¬1) البَرَاذِعي، وكان راوِيةً للحديث منسوبًا إلى معرِفته، له بجامع المَرِيّة مجلسٌ يسمعُه فيه ويتكلَّمُ على معانيه، مجُيدًا في عَقْد الشروط بصيرًا بعَقْدِها متقدّمًا في أحكام القضاء فَرَضِيًّا ماهرًا عدَديًّا بارعًا، وكان حيًّا في رجبِ اثنينِ وعشرينَ وخمس مئة. 135 - أحمدُ بن خَلَف بن سعيد، أبو العبّاس، ابنُ زادرةَ، بزاي ودال غُفْل بينَهما ألفٌ آخِرُه راءٌ وتاءُ تأنيث. رَوَى عن أبي العبّاس بن طاهرٍ الدّاني. 136 - أحمدُ بن خَلَف بن سُليمانَ بن أبي القاسم الأنصاري، سَرَقُسْطي، أبو جعفر وأبو العبّاس. له رحلةٌ إلى المشرِق وحَجَّ فيها ولقِيَ بمكّةَ كرَّمها الله أبا علي الحَسَنَ بن عبد الله بن عُمر المعروفَ بابن العرجاء، وتلا عليه بما تضمَّنَه "الجامعَ في القراءات" لأبي مَعشَر عبد الكريم الطَّبَريِّ وأخَذَه عنه قراءةً وسَماعًا بتاريخ ذي حجّة سنة إحدى وثلاثينَ وخمس مئة، ورَوى هنالك أيضًا عن أبي بكرٍ عتِيقِ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن الأَزْديِّ، وأبي عثمانَ سعيد بن أحمدَ بن سعيد الأنصاريِّ السَّرَقُسْطيِّ المجاوِر بالحَرَم الشّريف زادَه اللهُ تكريمًا، وأبي المظفَّر محمد بن عليِّ بن الحُسَين [.............] (¬2) الشَّيْبانيِّ الطَّبَري [......] (¬3)، وأُراه استقَرَّ بتلك البلاد وتصَدَّرَ للإقراء بها وإسماع الحديث. ¬

_ (¬1) بياض في الأصل. (¬2) بياض في الأصل (¬3) بياض في الأصل، وهو ركن الدين أبو المظفر محمد بن علي بن الحُسين بن علي بن الحسين الشيباني الطبري المكي قاضي الحرمين المتوفى سنة 545 هـ، ترجمه الفاسي في العقد الثمين 2/ 152.

137 - أحمد بن خلف بن سليمان البلوي، إشبيلي، أبو العباس الكعكي

رَوَى عنه أبو الطيِّب عُمرُ مَوْلى عبد الله بن عُمرَ البادِسي. وكان من جِلّة المُقرئينَ المُبرِّزينَ في أهل الضبط والإتقان. وكان حيًّا في سنة أربعينَ وخمس مئة. 137 - أحمدُ بن خَلَف بن سُليمانَ البَلَوي، إشبيليّ، أبو العبّاس الكَعْكي. رَوَى عن أبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي العباس بن خَلَف ابن النّخّاس. 138 - أحمدُ (¬1) بن خَلَف بن سيِّدٍ القَيْسي، إشبيليّ، أبو العبّاس. رَوَى عن أبي علي [..........] (¬2) ابن عَيْشُون، وله رحلة حَجَّ فيها وأُخِذ عنه بمكّةَ شرَّفها اللهُ سنةَ إحدى وستينَ وخمس مئة، وهو ثالثٌ في الاشتباه وإيقاع الإشكال لابنَيْ سيِّدٍ: الإشبيليِّ والمالَقيّ، وقد نَبَّهنا على الإشبيليِّ في رَسْم أحمدَ ابن حَسَن بن سيِّدٍ المالَقي (¬3). 139 - أحمدُ (¬4) بن خَلَف بن عبد الله بن ملحانَ الطائي، غَرْناطي، الحَوْميُّ، بالحاءِ المغفولةِ المفتوحة والواوِ والميم منسوبًا. أخَذَ عن شيوخ بلدِه وأَقرَأَ القرآنَ بجامعِه، وكان عارفًا بالقراءاتِ والإقراء، وأنجَبَ ونفَعَ اللهُ به مَن أخَذَ عنه وقَرأَ عليه. وتوفِّي في حدود أربع وستينَ وخمس مئة. 140 - أحمدُ بن خَلَف بن عبد الله الأنصاريُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والوَجَاهة والتقدُّم في العَدَالة، حيًّا بعدَ ثمانينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (183). (¬2) بياض في الأصل، وابن عيشون يكنى أبا العباس، وفي التكملة: "أخذ عن أبي العباس بن عيشون، وسمع منه الكافي في القراءات لأبي عبد الله بن شريح". (¬3) الترجمة (108). (¬4) ترجمه ابن الجزري في غاية النهاية 1/ 52، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 13.

141 - أحمد بن خلف بن عيشون، بالعين الغفل مفتوحة والياء المسفولة ساكنة والشين معجمة مضمومة وواو مد ونون، ابن خيار، بخاء معجمة مكسورة وياء مسفولة آخره راء قبلها ألف، ابن سعيد، الجذامي، إشبيلي، أبو العباس، ابن النخاس، بالخاء معجمة

141 - أحمدُ (¬1) بن خَلَف بن عَيْشُون (¬2)، بالعَيْن الغُفْل مفتوحةً والياءِ المسفولةِ ساكنةً والشِّين معجَمةً مضمومةً وواوِ مدًّ ونون، ابن خِيَار، بخاءٍ معجَمة مكسورة وياءٍ مسفولة آخِره راءٌ قبلَها ألف، ابن سعيد، الجُذَاميُّ، إشبيليّ، أبو العبّاس، ابنُ النّخَّاس، بالخاءِ معجَمةً (¬3). أخَذَ القراءاتِ عن أبي بكر أحمدَ بن موسى بن مُزاحِم، وآباءِ عبد الله: ابن شريْح، وابن عبد الرحمن السَّرَقُسْطي، وابن يحيى العَبْدَريّ، وأبي القاسم خَلَف بن إبراهيمَ ابن النخّاس. وأجاز له أبو الأصبَغ عيسى بن خِيَرةَ مَوْلى ابن بُزد، وأبو الحَسَن ابن [.........] (¬4) العَبْسي، وأبو عبد الله أحمدُ بن محمد الخَوْلاني، وأبو عليٍّ الغَسّاني، وعَدَّ أبو العباس بنُ يوسُفَ بن فَرْتون في أشياخِه: أبا عبد الله جعفرَ بن محمد بن مَكِّي، قال أبو جعفر ابنُ الزُّبَير: وذلك وَهْمٌ وتخليطٌ بيِّنٌ. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: لا أدري ما الذي حمَلَ أبا جعفرٍ على توهيم ابن فَزتُون في هذا ويسبة التخليطِ في ذلك إليه ولم يزَلْ أكابرُ العلماءِ قديمًا وحديثًا يَرْوونَ عن أقرانِهم بل عن من ينحَطُّ عن أسنانِهم وَينزلُ في المعارفِ عن مكانِهم، فكيف وأبو عبد الله يزيدُ على أبي العبّاس بثلاثِ سنين؛ لأنّ مولدَه سنةَ إحدى وخمسينَ وأربع مئة؟ قاله أبو بكر ابنُ خَيْر ومن خطِّه نقَلْتُه، وإلى ذلك فمكانُه من العلم والضّبط، ولاسيَّما اللغاتُ والآدابُ، معلولم، وشُهرتُه في عصره بين أهلِه غيرُ خافية، فلا وجة عندي لإنكار أبي جعفرٍ ما أنكَرَ من ذلك، واللهُ أعلم. ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (398)، وابن الأبار في التكملة (125)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 541، ومعرفة القراء 1/ 482، والمشتبه (127)، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 52، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 2/ 140، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 13، والداودي في طبقات المفسرين (404)، ومخلوف في شجرة النور 1/ 133. (¬2) قيّده ابن الجزري بالسين المهملة، وهو خطأ. (¬3) وكذا ضبطته كتب المشتبه (كما في توضيح ابن ناصر الدين 2/ 140). (¬4) بياض في الأصل، وفي التكملة: وأبو الحسن العبسي.

142 - أحمد بن خلف بن محمد بن غابي اللخمي

رجَعنا إلى ذكْرِ أبي العبّاس ابن النّخّاس، فنقول: رَوى عنه جماعةٌ جِلّةٌ منهم: أبوا إسحاق: ابنُ عليّ بن عبد الملِك بن طلحةَ وابن يوسُفَ بن قُرْقُول، وأبو الأصبَغ عبدُ العزيز بن عليٍّ الطّحّان، وأبو بكر بن خَيْر (¬1)، وأبو جعفر ابن الباذِش، وأبو الحَسَن نَجَبةُ، وأبوا (¬2) عبد الله: ابن عبد الرحيم ابن الفَرَس، وابن علي بن عبد الله بن [..........] (¬3)، وأبو العبّاس بن خَلَف البَلَوي، والحَسَنُ بن أحمدَ بن أيمَن. وكان مقرِئًا مقدَّمًا في التجويدِ مُبرّزًا في إتقان الأداءِ وإحكام الإقراء، بَذَّ في ذلك أهلَ طبقتِه حتى عُرِفَ بينَهم بالمجوِّد وجَرى عليه كاللقَبِ يُشهَرُ به، إلى جَوْدةِ خط وإتقانِ تقييدٍ وضبط، وتصَدَّر للإقراءِ سنةَ أربع وتسعينَ وأربع مئة أو قبلَها، وصنَّفَ في ناسخ القرآنِ ومنسوخِه مصنَّفًا مُفيدًا. مَولدُه سنةَ أربع وخمسينَ وأربع مئة، وتوفّي بإشبيلِيَةَ سَحَرَ يوم الجمُعة صَدْرَ رجَبٍ سنةَ إحدى وثلاثينَ وخمس مئة. 142 - أحمدُ بن خَلَف بن محمد بن غابي اللَّخْمي. رَوَى عن شُرَيْح. 143 - أحمدُ (¬4) بن خَلَف بن وَصُول، تُرْجاليٌّ بتاءٍ معلُوّة مضمومةٍ وراءٍ ساكنة وجيم وألفِ ولام منسوبًا (¬5). كان فقيهًا حافظًا مشاوَرًا، وله في الأحكام تصنيفٌ حَسن (¬6). ¬

_ (¬1) يروي عنه كثيرًا في باب القراءات وما يتصل بها من فهرسته انظر: 56, 60، 61، 65، 66، 69، 71، 73، 75، 523، 546، 547 (ط. د. بشار عواد). (¬2) في الأصل: "أبو"، وهو خطأ. (¬3) بياض في الأصل. (¬4) الديباج 1/ 200 نقلًا عن المؤلف كما يظهر. (¬5) نسبة إلى ترجالة، مدينة بالأندلس، أخذها الروم سنة 630 هـ (الروض المعطار: 63). (¬6) في الديباج: وله من الأحكام تصنيف جزء حسن.

144 - أحمد بن خلف بن يعيش الأزدي، بالياء مسفولة على صبغة الفعل المضارع من العيش، أبو العباس القسطنطيني

144 - أحمدُ بن خَلَف بن يَعِيشَ الأَزْديُّ، بالياءِ مسفولةً على صبغة الفعل المضارع من العَيْش، أبو العبّاس القُسْطَنطيني. رَوَى عن أبي الحَسَن شُرَيح. 145 - أحمدُ (¬1) بن خَلَف بن يوسُف بن فَرْتُون، شَنْتَرينيُّ الأصل، سكَنَ غَزناطةَ، أبو العبّاس، ولدُ الأستاذِ أبي القاسم ابن الأبرَش (¬2). رَوى عن أبيه. رَوى عنه أبو جعفر بن عليِّ بن حَكَم، وأبو القاسم أحمدُ بن عبد الودودِ بن سَمَجُون. وكان وَرّاقًا يبيعُ الكتُبَ ويتَعاطَى نَظْمَ شعرٍ ضعيف. قال أبو الرَّبيع بنُ سالم: أنشَدَني الشّيخُ الصّالح أبو جعفرٍ أحمدُ بن علي بن حَكَم بأغَرْناطة (¬3)، قال: أنشَدَني أبو العبّاس أحمدُ بن أبي القاسم ابن الأبرَش وكان وَرّاقًا قال: أنشَدَني أبي لنفسِه [الطويل]: ألا حبَّذا عيشُ الخمولِ وحبّذا ... مَقيليَ في أكنافِهِ ورُقادي خمولٌ وأمنٌ طابَ (¬4) مَثْوايَ فيهما ... وقد جهِلَ الحُسّادُ لِينَ مِهادي قال أبو الرَّبيع: هكذا أنشَدَنا أبو جعفر هذينِ البيتَيْن لأبي القاسم ابن الأبرَش، وذلك وَهْمٌ منه أو من المُنشِد له. قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: أرى الحمل في خَلَل هذا الإنشاد على أبي العبّاس هذا، إذْ لم يُشتهَرْ بالإتقان والضبط للرواية، ويُمكنُ أن يكونَ أبوه أنشَدَه إيّاهما متمثّلًا أو سَمِعَه يُنشدُهما كذلك فظَنَّهما له فنَسَبَهما إليه. وقد قرأتُ على شيخِنا أبي ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (181). (¬2) ترجمة أبي القاسم ابن الأبرش والد المترجم في الصلة (403)، وتاريخ الإسلام 11/ 570، وتوفي سنة 532 هـ. (¬3) هكذا هي في أصل التكملة لابن الأبار، وهو جائز، إذ يقال فيها: غرناطة وأغرناطة، كما في الروض المعطار (45). (¬4) في التكملة: "طال".

146 - أحمد بن خلف الأنصاري، أبو العباس

الحَسَن الرُّعَيْنيّ رحمه الله (¬1): أنشَدَنا أبو جعفر بن عبدِ المجيد، قال: أنشَدَني ابنُ حَكَم، قال: أنشَدَني أبو العبّاس ابنُ الأستاذ أبي القاسم، قال: أنشَدَني لنفسه: البيتَيْن. قال أبو الرَّبيع: وإنّما هما لأبي سُليمانَ الخَطّابي أنشَدَهما له القاضي أبو الوليد الباجِيُّ في كتاب "سنَن الصّالحين" من تأليفِه وذكَرَ فيهما بيتًا وهو [الطويل]: هل العيشُ إلّا اليأسُ والصَّبرُ والتُّقى ... وعلم إلى خيرِ العواقبِ هادي؟! قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: لم يَنسُبِ الباجيُّ هذه الأبياتَ إلى أبي سُليمانَ الخَطّابي، وإنما قال: وأنشَدَ أبو سُليمان الخَطّابي، ويقال: إنها لثَعْلب. انتهى كلامُ الباجي. وله تُوَيْليفٌ سَمّاه بـ "الحكم المستحكم من عيون الحِكَم". 146 - أحمدُ بن خَلَف الأنصاري، أبو العبّاس. رَوَى عن أبي جعفر بن عبد الرحمن البِطْرَوجي، وأبي القاسم أحمدَ بن محمد بن بَقِيّ. 147 - أحمدُ بن خَلَف، غَرناطيٌّ، أبو العبّاس. أظُنُّه ابنَ عبد الله ابن ملحانَ الطائيَّ المذكور قبلُ (¬2). له رحلةٌ حجّ فيها وسَمع بمكّةَ شرَّفها الله من أبي المُظفَّر محمد بن عليِّ بن الحُسَين الشَّيْباني الطَّبَري سنةَ خمس وثلاثينَ وخمس مئة. 148 - أحمدُ (¬3) بن خليل بن إسماعيلَ بن عبد الملِك بن خَلَف بن محمد بن عبد الله السَّكُوني، إشبيليٌّ لَبْليُّ الأصل، نزَلَها أوّلَ سَلَفِه زمنَ الفتح الأوّل، أبو العبّاس وأبو الفَضْل. رَوى عن أبيه وعمِّه الحاجِّ أبي محمد بن عبد الغفور، وجَدِّه للأُمِّ أبي إسحاقَ بن عُبَيد الله ابن المَوْصِلي، وأبي الأصبَغ عبد العزيز بن علي الطّحّان، ¬

_ (¬1) برنامج الرعيني (138). (¬2) الترجمة (139). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (220).

واَباءِ بكر: ابنَيْ عَبْدَي الله: ابن الجَدِّ وابن العَرَبي، ويحيى بن محمد بن زَيْدان، وأبي الحَسَن بن أحمدَ الزُّهْري، وأبي الحَكَم عَمرِو بن زكريّا بن بَطّال، وأبي عبد الله بن أحمدَ ابن المُجاهد، وأبي العبّاس بن أبي مَرْوانَ واختَصَّ به، وأبي الفَضْل عِيَاض، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال، وأبي محمد بن أحمدَ بن مَوْجُوال (¬1). وأجاز لهُ أبو الحَسَن شُرَيْح، وكان لا يَذكُرُه لصِغَره، وعَدَّ أبو العبّاس بنُ يوسُفَ بن فَرْتُون في شيوخِه أبا جعفر بن عبد العزيز ابن المُرْخِي، وأنكر ذلك أبو جعفر ابنُ الزُّبَيرِ زاعمًا أنّ وفاةَ ابن جعفر تقَدَّمت على مولدِ أبي العبّاس بنحوِ سنتينِ أو ثلاث، فوفاةُ أبي جعفبر سنةَ ثلاث وثلاثينَ وخمس مئة، ومولدُ أبي العبّاس سنةَ ستٍّ وثلاثين، وهذا تخليطٌ من أبي جعفرٍ لا أدري مِن أين جاءه، فقد وقَفْتُ في خطِّه على مولِدِ أبي العبّاس هذا أنه سنةَ ثمانٍ وعشرين، ذكَرَه في شيوخ أبي الخَطّاب محمد بن أبي العبّاس هذا، اللهمّ إلا أن يكونَ رَجَعَ عن ذلك لثَبْتٍ اقتضاه عندَه، فاللهُ أعلم. هذا، وقد قال أبو عبد الله ابنُ الأبّار: إنَّ مولدَ أبي العبّاس هذا سنةَ اثنتينِ وعشرينَ، فكيف تُنكَرُ روايتُه عن أبي جعفر ابن المُرخِي؟ هذا ما لا سبيلَ إليه. رَوى عنه بَنُوه: أبو بكرٍ يحيى (¬2)، والمحمّدون: أبو الحَكَم (¬3)، وأبو الفَضْل (¬4)، وأبو الخَطّاب (¬5)، وهو آخِرُ من حدَّث عنه، وأبو بكر ابنُ تَميم، ¬

_ (¬1) في الأصل: "مرجوال" محرف، والصواب ما أثبتنا من ترجمته في المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (207)، والتكملة (2101)، وتاريخ الإسلام 12/ 352، وهو عبد الله بن أحمد بن سعيد بن عبد الرحمن العبدري المعروف بابن موجوال، والجيم فيه غير خالصة كما في المعجم. (¬2) مترجم في التكملة (3417). (¬3) مترجم في السفر الخاص من هذا الكتاب. (¬4) مترجم في السفر الخاص. (¬5) مترجم في السفر الخاص، وترجم المؤلف لأخ خاص لهم هو أبو عمر محمد، وذكر أنه تفقه على أبيه (السفر الخاص) ولعله سقط سهوًا منه هنا أو من الناسخ، وانظر ترجمته كذلك في الاعلام للمراكشي 3/ 145 نقلًا عن المؤلف.

وأبو عبد الله ابن خَلْفُون، وأبو عليٍّ عُمرُ بن محمد ابن الشَّلَوبِين، وأبو القاسم المَلّاحيُّ، وأبوا محمد: ابنُ أحمدَ بن جُمهور، وعبد الجليل بن عُمَيْر. وكان زاهدًا وَرِعًا شديدَ الانقباض عن مداخَلة الناس، صادِعًا بالحقِّ في مصالح المسلمينَ والأمورِ الدِّينية عندَ الأُمراء والسّلاطين، مقبُوضَ اليدِ عن قَبول صِلاتِهم مِقدامًا عليهم وَجّادًا للكلام في مجالسِهم لا تأخُذُه في الله لَوْمةُ لائم، جاريًا على منهاج سَلَفِه في الدِّين والفضل والزُّهد والنَّزاهةِ والعلم والعمل به، يُسِرُّ من الخير والزُّهد أكثرَ مما يُظهِر، عارفًا بالقراءاتِ ووجوهِها، عالمًا بالحديثِ وطُرُقِه وصحيحِه من سَقيمِه، متقدِّمًا في ذلك كلِّه، مؤيَّدًا عليه بقوّة الحِفظ وتوقّد المخاطر، ذاكرًا للفروع، مُشاوَرًا بصيرًا بالفتوى، دَرِبًا فيها، آخِذا من أُصولِ الفقه وعلم الكلام بأوفرِ حَظّ، خطيبًا بليغًا، شاعرًا مُحسِنًا، أديبًا بارعًا، مفوَّهًا يَخطُبُ ويُنشِدُ بديهًا من غير رَوِيّة، وخَطَبَ بِلَبْلةَ واستُقضيَ بها. قال أبو الحُسَين محمدُ بن محمد بن زَرْقُون: قلتُ للحافظِ أبي بكر ابن الجَدّ: إنك تكتُب إليه، يعني أبا العبّاس هذا، فتصِفُه بالمُشاوَر، وهي تَحْلِية ربّما كرِهها أهلُ الأمر وحَذَّروا من استعمالهِا، فالأوْلى ترْكُها احتياطًا عليكما، فقال لي: بيتُه بيتُ الشُّورى على القديم، فلا أرى أن أنقُصَ أحدًا منهم ما يَستحِقُّه ولا سيّما هذا، فإنه أهلٌ لها ولأكثرَ منها ويكونُ بعدُ ما أراد الله. وقال ابنُه أبو الخَطّاب: ذكَرَني الحافظُ أبو بكر ابنُ الجَدّ بعدَ وفاة والدي بمدّة وسأل عنّي، فجلستُ إليه، فدَعا في وترَحَّمَ على الوالد والجَدّ، وأذكُرُ من كلامِه في ترحُّمِه ذلك: ورَحمَ اللهُ تلك العِظامَ العِظام. وقال أبو بكر بنُ تميم: نزَلتُ معَه مرّةً في حِصن القَصر، فعلِمَ بنا أحدُ العمال من أصحابِ الفقيه، فصنَعَ له طعامًا واستَدْعانا للمَبِيت عندَه، قال أبو بكر: فقلتُ في نفْسي: اليومَ أعرِفُ وَرَعَ الشّيخ في أكل طعام هذا الرجُل، فلمّا

صِزنا في منزلِه أخرَجَ إلينا أنواعًا من الأطعمة احتَفلَ فيها، فلمّا وُضِعت بينَ يدَي الشيخ أعظَمَ ذلك وقال للرجُل: هلّا أعلمتَني بهذا كلِّه حتى لا آخُذَ ما جَرَت لي به العادةُ من مقدارِ الغذاء، وتشَكَّى له بمعِدَتِه حتى صار الرجلُ إلى الاعتذار وكأنه أذنَبَ ذنبًا، إذْ لم يُعلِفه بذلك، فأكَلْنا الطعامَ ولا والله ما ذاق الشّيخُ منه لُقمةً واحدة، فعَظُم -والله- في نفْسي وازدَتُ به غبطة. وكان كثيرَ الاحتمال ممّن جَفَاه أو سَبَّه لا يرفَعُ بذلك رأسًا ولا يتغيَّرُ لمُعاديه، بل يَتودَّدُ إليه ويُظهِرُ بِرَّه وإكرامَه، وسَنُلمُّ بذكْرِ نُبذةٍ من أخبار سَلَفِه وآثارِهم في رَسْم خليلٍ أبيه إن شاء الله (¬1). ومن نَظْم أبي العبّاس هذا في ترتيبِ العلوم ما أنشَدَ عنه ابنُه أبو الخَطّاب [الكامل]: إنَّ العلوم لجَمَّة وأجلُّها ... علمُ القُرَانِ وسُنَّةِ المختارِ فاخفَظْ كتابَ الله واحوِ علومَهُ ... فإذا انتهيتَ فمِلْ إلى الآثارِ واعرِفْ صحيحَ روايةٍ وسَقيمَها ... وتحَرَّ هديَ السادةِ الأبرارِ وعلى الإمام الأصْبَحيِّ (¬2) فعوِّلَنْ ... فَهُوَ العليمُ بموقع الأخبارِ ولتَحْوِ من علم الكلام جوامعًا ... تَهديكَ يومَ (¬3) تحيُّرِ النُّظّارِ واقف الإمامَ الأشعريَّ تسِرْ على ... غرَّاءَ واضحةِ الصُّوى للساري والنّحوُ من شرطِ العلوم فإنه ... لِغوامضِ الأقوال كالمِسْبارِ مولدُه بِلَبْلةَ، وقد تقَدَّم الخلاف في تعيين ميقاتِه فراجِعْه، وتوفّي بها في رجبِ إحدى وثمانينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) السفر الذي يحيل عليه المؤلف مفقود، وترجمة المذكور في التكملة (857). (¬2) هو الإمام مالك بن أنس الأصبحي نسبة إلى ذي أصبح. (¬3) في الأصل: "يومًا".

149 - أحمد بن خميس بن عامر، طليطلي، أبو جعفر، ابن دمنجه

149 - أحمدُ بن خميسِ بن عامر، طُلَيْطُلي، أبو جعفر، ابنُ دُمِنْجُه (¬1). كان من لِدَاتِ أبي الوليد هشام بن أحمدَ الوَقَّشي (¬2)، ومن أهل العنايةِ التامّة بالطبِّ والهندسةِ والحسابِ والمشاركة في علوم اللِّسان، ذا حظٍّ صالح من قَرْض الشّعر. 150 - أحمدُ بن خِيَرَة، بالخاء معجَمةً مكسورةً والياء مَسْفولةً والراء مفتوحتَيْن وتاءِ تأنيث، الأُمَوي، طُلَيْطُلي، أبو العبّاس. رَوى بمُرْسِيَةَ عن أبي حَفْص بن الحَسَن الهَوْزَني. 151 - أحمدُ (¬3) بن داودَ بن يوسُفَ الجُذَامي، من أهل باغُه ابنِ هيثم (¬4)، سَرَقُسْطيُّ الأصل، انتقلَ سَلَفُه منها قديمًا، أبو جعفر. رَوى عن أبي سُليمانَ بن يَزيدَ السَّعْدي، وكان متقدِّمًا في المعرِفة بالنَّحوِ والحِفظ للغة والذِّكْر للآداب، ذا مشارَكةٍ جيِّدة في الطبِّ وغيرِه وحظٍّ من قَرْض الشّعر، وصنَّفَ شَرْحًا على "أدبِ الكتاب" للقُتَبيِّ وآخَرَ على "مَقاماتِ الحريري" (¬5)، وكلاهما ممّا أجادَ به. وتوفِّي بباغُه سنةَ سبع، وقيل: سنةَ ثمان وتسعينَ وخمس مئة، ابنَ سبعينَ سنةً أو نيَّفَ عليها. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (76)، وفيها: ذمِنج. والهاء في آخر مثل هذه الكلمة الأعجمية للدلالة على حركة الضمة فوق الحرف قبلها، وصاعد في طبقات الأمم (84). (¬2) ترجمة أبي الوليد الوقشي في الصلة (1437) وفي غيرها. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (239)، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 1131، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 306. (¬4) ينظر عن "باغه" التعليق على الترجمة (1) من التكملة، وتضاف هنا إلى ابن هيثم تمييزًا لها من غيرها مثل باغه دانية وباغه التغلبيين. (¬5) شرحه للمقامات موجود ضمن مخطوطات الخزانة العامة بالرباط برقم (د 1266).

152 - أحمد بن داود، مالقي، نزل القيروان، أبو العباس المالقي

152 - أحمدُ (¬1) بن داود، مالَقيٌّ، نزَلَ القَيْروان، أبو العبّاس المالَقيُّ. اختَصَّ بأبي بكر ابن اللَّبِيديِّ (¬2) وبأبيه قبلُ، وكان مُقرِئًا متقدِّمًا في القراءاتِ وضَبْط أحكامِها وحِفظ ما اختَلَف فيه القُرَّاء، رَيّانَ من الأدب بارعَ الترسيل. 153 - أحمدُ بن دُحَيم، قُرْطُبي، أبو جعفر. كان معدودًا من جُملة الفقهاء وجِلّة النُّبهاء، واستُقضيَ بألبِيرةَ بعد ثلاث مئة. 154 - أحمدُ (¬3) بن رَحِيق بن إبراهيمَ بن حارِث بن خَلَف بن راشِد السُّماتي، قُرطُبي. وكان فقيهًا وَلّاه قضاءَ الجزائر الشّرقية أبو [الحسن] (¬4) جعفر بنُ عثمان المُصحَفيُّ حين توَلّى قيادتَها سنةَ ثلاث وثلاثينَ وثلاث مئة بعدَ ابن أخيه نافع بن محمد بن رَحِيق، فلم يزَلْ قاضيًا بها إلى أن توفِّي غَرِيقًا في البحر معَ رَشِيق مَوْلى الناصِر عامل الجزائر، نفَعَهما الله. 155 - أحمدُ (¬5) بن رضا بن أحمدَ بن محمد، طُلَيْطُلي. تفَقَّه معَ أخيه محمد بأبي بكرٍ خَلَف بن أحمد ابن الرَّحَويِّ (¬6) سنةَ ثلاث وعشرينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (49). (¬2) ترك المؤلف فراغًا قبل هذه اللفظة، ولم يعد إليه، وفي التكملة: "كان خاصًا بالفقيه أبي بكر اللبيدي". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (17). (¬4) فراغ في الأصل، وما أثبتناه من مصادر ترجمته؛ جذوة المقتبس (354)، والحلة السيراء 1/ 257، وغيرهما. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (47). (¬6) لم نقف على هذه النسبة، وخلف هذا مترجم في الصلة البشكوالية (378)، وتاريخ الإسلام 9/ 486.

156 - أحمد بن زرارة بن إبراهيم بن زرارة الأميي، سرقسطي، سكن بلنسية، أبو جعفر، ابن أبي الخير

156 - أحمدُ (¬1) بن زُرَارةَ بن إبراهيمَ بن زُرارةَ الأُمَيِّي (¬2)، سَرَقُسْطيٌّ، سكَنَ بَلَنْسِيَةَ، أبو جعفر، ابنُ أبي الخَيْر. أخَذ القراءاتِ عن أبي زَيْد (¬3) ابن الوَرّاق، وأخَذها عنه أبو عبد الله بن أيّوبَ بن نُوح، وحدَّث عنهُ بالإجازة أبو عبد الله بن عبد العزيز بن سعادة، وكان مُقرِئًا ضابِطًا غايةً في الإتقان والأخْذِ على القارئ في التجويد. 157 - أحمدُ (¬4) بن زكريّا بن مسعود الأنصاريّ، قُرْطُبي قُبْذَاقيُّ (¬5) الأصل، أبو جعفر، الكسَّادُ. رَوى عن أبوَيْ بكرٍ: ابن أحمدَ بن أبي جَمْرةَ ومُفوَّزِ بن طاهر، ويقال: أبو الطاهر، وأبي الحَجّاج بن عليِّ ابن سداله، وأبي الخَطّاب أحمدَ بن محمد بن واجِب وأبي ذرٍّ مُصعَب بن أبي رُكَب، وأبي جعفرٍ الفِهْرِي مؤدِّبِه، وأبي الرَّبيع بن يوسُفَ بن عَوانةَ، وابنَي العَمِّ: أبي سُليمان بن يَزيدَ وأبي عليٍّ الحُسَين بن عبد الله السَّعديَّيْن، وآباءِ عبد الله: ابن أحمدَ بن عَرُوس وابن إبراهيمَ ابن الفَخّار وابن أيّوبَ بن نُوح وابن جعفرِ بن حميد -وابن عبد الرحيم ابن الفَرَس (¬6) - وابن طرافش (¬7)، وأبي العطاءِ وَهْب بن نَذِير، وأبي عُمرَ أحمدَ بن هارونَ بن عاتٍ، وآباءِ القاسم: ابن عبد الله السُّهَيْليّ وابن عبد الملِك بن بَشكُوال وابن محمدٍ الشَّرّاط، وأبي محمد عبد المُنعِم ابن الفَرَس. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (214). (¬2) في الأصل: "الأمي"، محرف. (¬3) بعد هذا فراغ في الأصل، والاسم ورد هكذا في التكملة. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (293)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 808، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 54، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 14، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 307. (¬5) ينظر التعليق على التكملة، ومعجم البلدان 4/ 304. (¬6) في حاشية النسخة: مستفادة من الطرة. (¬7) قبل هذا الاسم فراغ في الأصل، وابن طرافش هذا هو أبو عبد الله محمد بن طرافش الهاشمي من أهل شنتمرية الشرق وسكن مرسية، وهو مترجم في التكملة (1466).

158 - أحمد بن زيد بن زياد، وادياشي، أبو جعفر

رَوى عنه أبو صالح محمدُ بن محمد الزاهد، وأبو محمد بن أحمدَ القَيْسي، وأبو عِمرانَ سعيدُ بن أحمدَ البليانيّ. وحدَّث عنه بالإجازةِ أبو محمدٍ طلحةُ، وحدّثنا عنه من شيوخِنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمه الله. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا راوِيةً للحديث متحقِّقًا بالعربيّة، تصَدَّر لإقراءِ كتابِ الله وإسماع الحديثِ وتدريس النَّحو والآداب. مولدُه عامَ أحدٍ وخمسينَ وخمس مئة، وتوفِّي بقُرطُبةَ في نحو الستِّ والعشرينَ وست مئة. 158 - أحمدُ بن زَيْد بن زِياد (¬1)، وادِيَاشي، أبو جعفر. كان فقيهًا جَليلًا زاهدًا مُتبتِّلًا وَرِعًا فاضلًا، واستُقضيَ. وتوفِّي ببلدِه لأربعَ عشْرةَ ليلةً خَلَت من شوّالٍ سنةَ ستٍّ وثمانينَ وخمس مئة. 159 - أحمدُ بن سَحْنونَ بن أبي بكر بن عليٍّ القَيْسي، أبو العبّاس. رَوى عن أبي الحَجّاج بن حَمْدون، وأبي الحَسَن طارِق بن يَعيشَ، وأبي عبد الله بن أحمدَ بن وَضّاح، وأبوَي العبّاس: ابن طاهر بن عيسى وابن مَعَدٍّ الأقْليجي (¬2)، وأبي الوليد يوسُفَ بن عبد العزيز ابن الدّبّاغ. رَوى عنه أبو العبّاس بن محمدٍ العَزَفي. وكان شيخًا مُسِنًّا عُمِّر طويلًا، محدِّثًا مُسنِدًا واسعَ الرِّوايةِ زاهدًا شهيرَ الحسَبِ ذاكرًا للتواريخ مُشرِفًا على حوادثِ الأيام، حيًّا سنةَ إحدى وثمانينَ وخمس مئة. 160 - أحمدُ (¬3) بن سَعْد بن أحمدَ بن بَشِير، بفَتْح الباءِ بواحدة وكَسْر الشِّين معجَمةً وياءٍ وراء، الأنصاريُّ، غَرْناطي، أبو جعفر، القَزَّاز. ¬

_ (¬1) بعد هذا بياض في الأصل. (¬2) في الأصل: "الإمليجي" خطأ، ويقال فيه: "الأُقليشي". (¬3) ترجمه ابن الجزري في غاية النهاية 1/ 55، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 14.

161 - أحمد بن سعد مولى الناصر الأموي

عَزْوةً إلى صناعتِه التي كان قديمًا ينتحلُها. تَلا بالسَّبع على أبي الحَجّاج بن يحيى بن بَقاءٍ بغَرْناطةَ، وعلى أبي محمد عبد الصّمد بن أبي رَجَاءٍ بوادِيَاش، وبقراءة الحَرَميَّيْنِ على أبي محمد بن محمد الكَرّاب، وبعضَ القرآن بحرف نافع على أبي بكرٍ عَتِيق بن عليِّ بن قَنْترال، ورَوى عن أبوَي الحَسَن: سَهْل بن مالكٍ وأكثَرَ عنه وابن محمد الشّارِّي، وأبي عامرٍ يحيى بن عبد الرحمن بن ربيع، وأبي عثمانَ سَعْدِ بن محمد الحَفَّار. ولقِيَ أبا الحُسَين محمدَ بن محمد بن زَرْقونَ بإشبيليَةَ؛ وأبي عليٍّ عُمرَ بن عبد المجيد الرُّنْدِي بمالَقةَ، وأجازوا كلُّهم له. وأجاز له مُكاتَبةً ولم يَلْقَهُ هُو أبو الرَّبيع بن موسى بن سالم، وأبوا عبد الله: ابن عبد الله الأزْدي، وابن عبد الرحمن بن إبراهيمَ بن جوبر، وأبو العبّاس بن يوسُفَ بن فَرْتُون. وكان آخرَ مُتقِني المكتِبينَ متقدِّمًا في المعرِفة بهِجاءِ المصحَف وضَبْطِه مبرِّزًا فيهما عِلمًا وعملًا، لم يكنْ في عصرِهِ ولا بعدَه مَن يُضاهيه في ذلك ولا من يُقاربُه، أحَدَ المَهَرة في تجويدِ القرآن والاعتناءِ بحفظِ رواياتِه، حسَنَ التقييد، نبيلَ الخَطِّ، رائقَ الوِراقة، عاليَ الرِّواية، صحيحَ السَّماع، مُكثِرًا، ثِقةً فيما يَرويه، أديبًا شاعرًا، على شَراسة كانت في خُلُقه أخْلَدتْ به وأخلَّت بحالِه. وتوفِّي ليلةَ الجمُعة الثامنةَ عشْرةَ من جُمادى الأخرى سنةَ خمسٍ وسبعينَ وست مئة. 161 - أحمدُ (¬1) بن سَعْد مَوْلى الناصِر الأُمَوي. كان من أهل العناية بالعلم، حيًّا سنةَ إحدى وثمانينَ وثلاثِ مئة. 162 - أحمدُ بن سَعيد بن أحمدَ القَيْسي، مُرْسِيٌّ، يَكِّيُّ الأصل، أبو العبّاس، ابنُ اليَكّيِّ بياءٍ مسفولة مفتوحة وكافٍ مشدَّدة منسوبًا (¬2). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (25). (¬2) منسوب إلى يكة حصن من حصون مرسية.

163 - أحمد بن سعيد بن خلف بن أصبغ، قبري

رَوى عن أبي الحَسَن (¬1) بن الشَّرِيك، وأبي القاسم الطيِّب بن محمد العُتَقيِّ ولازَمَهما. وأجاز له أبو الرَّبيع بن سالم. وكان أديبًا، ذاكرًا للتواريخ، ذا مشارَكةٍ في فنون من العِلم. استُقضِيَ بمُرْسِيَةَ فشُكِرت سيرتُه ووُصِف بالنّزاهةِ والعدل، على حِدّةٍ كانت فيه وخِفّة، ثم وَلِيَ قضاءَ المَرِيّة بعدَ خروجِه من بلدِه فاستمَرَّ قاضيًا بها محمودَ الطريقة معروفَ الجَزالةِ في تنفيذِ الأحكام، إلى أن توفِّي بها لثنتينِ خَلَتا من ذي قَعْدةِ سنة سبع وسبعينَ وست مئة، ومَولدُه سنةَ ثلاثٍ وتسعينَ وخمس مئة. 163 - أحمدُ بن سَعيد بن خَلَف بن أصبَغ، قَبْرِيٌّ. كان فقيهًا عاقدًا للشّروطِ بصيرًا بها حسَنَ الخَطِّ مبرِّزًا في العدالة، حيًّا بعدَ ثلاثٍ وأربعينَ وأربع مئة. 164 - أحمدُ (¬2) بن سَعيد بن عبد الله بن حَكَم السَّكُونيُّ، يابُرِيٌّ، أبو العبّاس اليابُريُّ. رَوى عن أبي محمدٍ مكِّي بن أبي طالب (¬3). 165 - أحمدُ (¬4) بن سَعيد بن عبد الله بن سِرَاج السَّبَئيُّ، من أهل مدينة الفَرَج، سَكَن سَرَقُسْطة، أبو جعفرٍ الحِجَاري. أخَذ السَّبعَ إلا قراءةَ الكِسَائيِّ وبعضَ قراءةِ حمزةَ عن أبي الحَسَن سَعيد بن محمد بن قُوطةَ (¬5) الحِجَاري بها، وانتقلَ إلى سَرَقُسْطة، رَوى عنه أبو الحَكَم ¬

_ (¬1) بعد هذا فراغ في الأصل، وستأتي ترجمة ابن الشريك هذا في السفر الخامس من هذا الكتاب. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (60). (¬3) قال ابن الأبار: "سمع منه تأليفه في الناسخ والمنسوخ سنة خمس وثلاثين وأربع مئة، وحدث به عنه في سنة تسع وخمسين وأربع مئة". (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (107)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 310. (¬5) في الأصل: "فوطة" بالفاء، مصحف، وهو معروف بالقاف، وهو مترجم في الصلة البشكوالية (511)، وتاريخ الإسلام 11/ 113، وغاية النهاية 1/ 307، ووفاته سنة 580 هـ.

166 - أحمد بن سعيد بن عبد الله الغافقي، أبو جعفر، ابن العمري، بالعين غفلا مفتوحة وسكون الميم وراء منسوبا

عبدُ الرحمن بن عبد الملِك بن غَشِلْيان (¬1)، وأبو عَمْرو ابن (¬2) البَلْجيطي، وكان مُقرئًا نَحْويًّا تصَدَّر لإقراءِ القرآن وتعليم العربيّة كثيرًا بسَرَقُسْطة. وتوفِّي في نحو العشرينَ وخمس مئة. 166 - أحمدُ بن سَعيد بن عبد الله الغافِقيّ، أبو جعفر، ابنُ العَمْريِّ، بالعَيْن غُفْلًا مفتوحة وسكونِ الميم وراءٍ منسوبًا. رَوى عن أبي مَرْوان بن مسَرَّة. 167 - أحمدُ (¬3) بن سَعيد بن عليِّ بن أحمدَ بن سعيد بن حَزْم بن غالبِ بن صالح بن خَلَف بن مَعْدَانَ بن سُفْيان بن يَزيدَ الفارِسيُّ، مَوْلى يزيدَ بن أبي سُفْيانَ رضي اللهُ عنه. وإلى حَزْم انتهَى به أبو عبد الله ابنُ الأبّار (¬4) وأبو العبّاس ابن فَرْتُون وأبو جعفر ابنُ الزُّبَير، وزاد اليَزيديُّ وابن الزُّبَير: الظاهِريُّ من ذُرِّية أبي محمد ابن حَزْم، وابنُ فَرْتُون: أنه من ساكني شِلْبَ وأنه من ذُرِّية أبي محمد من أبيه وأُمِّه، وعَزَا ذلك إلى أبي الحَسَن بن عَتِيق بن مُؤْمن، وأبطَلَ أبو جعفرٍ هذا الانتسابَ، وإبطالُه إيّاه صحيح، وذلك أنه شيءٌ لا يصحُّ وقوعُه لكونِ الحافظ أبي محمد الجَدَّ الأقربَ، ثم قال أبو جعفر: وقد ذكَرَه غيرُه، يعني غيرَ ابن فَرْتُون، ¬

_ (¬1) في الأصل: "مشليان"، وهو تحريف، وهو مترجم في الصلة البشكوالية (753)، وتاريخ الإسلام 11/ 788، وبغية الملتمس (999)، وهو مما لا يخفى على المؤلف، فعلم أن الخطأ من الناسخ. (¬2) بعد هذا فراغ في الأصل، وفي التكملة: "أبو عمرو المعروف بالبلجيطي"، وأبو عمرو هذا اسمه عثمان بن يوسف بن أبي بكر بن عبد البر الأنصاري من أهل سرقسطة، ويعرف بالنسبة إلى بلشيد من أعمال سرقسطة ويقال فيه: البلجيطي، وهو مترجم في التكملة الأبارية (2662)، وسيأتي في السفر الخامس من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (144)، والصفدي في الوافي 6/ 391. (¬4) كذا قال، والصواب: إلى غالب.

على الصّواب عن ابن مُؤْمن. فاعلَمْ أنّ الواقعَ عند أبي الحَسَن بن مُؤْمن حسْبَما وقَفْتُ عليه في فِهرِستِه: أحمدُ بن محمد -وبَيَّضَ واتَّبَع ذلك البياض- ابن حَزْم، من ذُرِّية الحافظ أبي محمد بن حَزْم أبًا وأُمًّا، وأرى أنّ تبييضَ أبي الحَسَن بن مُؤْمن حيثُ ذُكِرَ إنّما هو لاستشعارِه إحالةَ ذلك الانتسابِ من الطرفَيْن إلى أبي محمد بن حَزْم كما ذكَرْناه، ولو كنّا نعلَمُ أنّ لأبي محمد بن حَزْم ابنًا يُسمَّى سعيدًا على أنه لا يُبعُدُ أن يُسمِّيَه باسم جَدِّه، لقُلنا: لعلّه الذي بَيَّضَ به له أبو الحسن بن مُؤْمن، أو ابنًا اسمُه محمدٌ لقُلنا: لعلّهُ سقَطَ لأبي عبد الله ابن الأبّار وأبي العباس ابن فَرْتُون، أو ابنًا اسمُه حَزْم لقُلنا: هو الذي ذكَرَه أبو جعفرٍ لكنّا لا نعلَمُ ذلك. والذي نَذكُرُه الآنَ أنّ لأبي محمدٍ الحافظ وَلدَيْنِ أحدُهما: الفَضْلُ المذكورُ عند الراوِية أبي القاسم ابن بَشْكُوال (¬1)، وهُو أبو أبي العبّاس الفتح المذكورِ في موضعِه من هذا الكتاب (¬2) والثاني: أبو سُليمانَ مُصعَبٌ المذكورُ في موضعِه من هذا الكتابِ أيضًا إن شاء الله (¬3). وقد ترجَمَ أبو جعفر ابنُ الزُّبير بأحمدَ بن محمد بن حَزْم، وقال فيه: الفارسيُّ من ذُرِّيّة الحافظ أبي محمد، يُكْنَى أبا عُمر، رَوى عن أبي بكر بن طاهر وسمع عليه، وقَفْتُ على اسمِه وكُنْيتِه ونصِّ سَماعِه كما ذكرْتُه. انتَهى ما ذكَرَ. ولم يُعرِّفْ من أين نقَلَه ولا في خطِّ مَن وقَفَ عليه، فألبَسَ الأمرَ، ومَثَارُ الإلباس قولُه: الفارسيُّ من ذُرِّية الحافظ أبي محمد، وذلك شيءٌ لم يَنُصَّ على أنه وقَفَ عليه حيث أشار إليه وإنّما ذكَرَ أنه وقَفَ على اسمِه وكُنْيتِه وسَماعِه حَسْبُ، ويَظهَرُ أنّ موجِبَ الإشكال زيادةٌ من قِبَلِه واللهُ أعلم، فهما عند أبي جعفرٍ اثنانِ كلاهُما من ذُرِّيّة أبي محمد بن حَزْم، والذي ينبغي اعتمادُه في التفريق بينَهما ما نقَلَه المقيِّدُ التاريخيُّ أبو العبّاس بن عليِّ بن هارون -ومكانُه من الثِّقةِ والعدالة والاعتناءِ ¬

_ (¬1) انظر الصلة (997). (¬2) ستأتي ترجمته في السفر الخامس من هذا الكتاب. (¬3) السفر الذي يحيل عليه المؤلف مفقود، وترجمته في التكملة (1811).

168 - أحمد بن سعيد بن خلف

بهذا الشأنِ معلومٌ، عن جَدِّه للأُمِّ العَدْل الفاضل أبي محمد بن أحمدَ بن جُمْهور، وأبي عَمْرو [. . . .] (¬1) بن عُصفُور، وكانا كثيرَي اللزوم لأبي عُمر أحمدَ بن محمد بن حَزْم- أنه من ذُرِّيّة أبي محمد عليِّ بن أحمد بن حَزْم الظاهِريِّ من قِبَلِ أُمِّه، وأنه من بني حَزْم المَذْحَجِيِّين، وهم من نُبهاءِ بيوتِ إشبيليَةَ ومشاهيرِ أعيانِها، فهذا فُرقانٌ بيِّن وتمييزٌ واضح في نسَبِهما فتأمَّلْه واللهُ أعلم. فأمّا تحليتُهما فقد تقَدَّم ما حَلَّى به أبو جعفر ابن الزُّبير أبا عُمر بن محمد بن حَزْم. وأمّا ابنُ سعيد المترجَمُ الآنَ به فقال أبو عبد الله ابنُ الأبّار (¬2): وكان فقيهًا على مذهبِ جَدِّه أبي محمد الظاهِريّ، عارفًا به مُصمِّمًا عليه، صَليبًا فيه، مجُادِلًا عنه، معَ معرفةٍ بالنَّحْو ومشاركةٍ في قَرْض الشعر. وتوفِّي بعدَ امتحانٍ طويل من ضَرْبِه وحَبْسِه وسَلْبِ مالِه وتغيير حالِه لِما نُسِبَ إليه من الثَّورة على السُّلطان، ذكَرَه ابنُ مُؤْمن ولم يَذكُرْ وفاتَه. انتهى ما ذكَرَ أبو عبد الله ابنُ الأبّار، ونحوَ ذلك ذكَرَ أبو جعفر ابنُ الزُّبير عن ابن فَرْتُون عن ابن مُؤْمن، فقد دار هذا التعريفُ بحالِ هذا المترجَم به على ابنِ مُؤْمن، وابنُ مُؤْمن إنّما ترجَمَ بأحمدَ بن محمد وبَيَّضَ وبعدَ التبييض ابن حَزْم كما تقَدَّم، وإيّاه حَلَّى بهذه الأوصافِ، وذلك تخليطٌ لا سبيلَ إلى تخليصِه، وإنّما الذي يحصُلُ منه أنّ أحمدَ بن محمد بن حَزْم رَوى عن أبي بكر بن طاهر، وسائرُ ما ذَكرَ به هذا ابنُ سعيد فقد ذكَرَه ابن مُؤْمن مُحَلِّيًا به مذكورَهُ كما نقَلْناه عنه وسنزيدُه بَسْطًا في رَسْم أحمدَ بن محمد بن حَزْم إن شاء الله. 168 - أحمدُ بن سعيد بن خَلَف. رَوى عن أبي جعفر بن عبد الرحمن البِطْرَوجي. ¬

_ (¬1) بياض في الأصل. (¬2) التكملة (144).

169 - أحمد بن سعيد بن عمر المعافري، بجاني، أبو عمر البجاني بباء واحدة وجيم مشددة معقودة وبعد ألفه نون منسوبا

169 - أحمدُ (¬1) بن سَعيد بن عُمرَ المَعافِري، بَجّانيٌّ، أبو عُمرَ البَجّانيُّ بباءٍ واحدة وجيم مشدَّدة معقودة وبعدَ ألفِه نونٌ منسوبًا (¬2). رَوى عنه أبو عبد الله (¬3) بن نَبَات (¬4). 170 - أحمدُ (¬5) بن سَعيد بن مُطرف، طُرطُوشيٌّ، أبو جعفر، ابنُ الصَّبّاغ. رَوى عن أبي سعيد خَلَف الجَعْفَري، وأبي عَمْرو عثمانَ بن أبي بكرٍ السَّفاقُسيِّ وغيرهما. وكان محدِّثًا راوِيةً أسمَعَ الحديثَ وأخَذَ الناسُ عنه، حيًّا سنةَ أربع وستينَ وأربع مئة. 171 - أحمدُ بن سَعيد بن نَبيل الأُمَوي، قُرطُبيٌّ. كان من أهلِ العِلم والنُّبْل والعدالة متقدِّمًا في الإتقانِ وجَوْدة الخطِّ، حيًّا سنةَ أربع وثمانينَ وثلاثِ مئة. 172 - أحمدُ بن سَعيد الأَوْسي، غَرْناطيٌّ، أبو جعفرٍ القَرَّاق. رَوى عن أبي بكر بن خَلَف بن النَّفِيس وأبوَي الحَسَن: صالح ابن المالَقي وابن محمد بن الضَّحّاك، وكان فقيهًا من أهل المعرِفة بالأُصول، موصوفًا بالفضل والدِّين والوَرَع والزُّهد. توفِّي في ربيع الآخِر سنةَ إحدى وتسعينَ وخمس مئة. 173 - أحمدُ بن سَعيد الخَوْلاني، أبو العبّاس. رَوى عن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (41). (¬2) ينظر تعريفها في التعليق على التكملة الأبارية (22). (¬3) بعد هذا فراع في الأصل. (¬4) في الأصل: "بات" وهو تحريف، وهو أبو عبد الله محمد بن سعيد بن محمد بن عمر بن نبات القرطبي شيخ ابن حزم، وهو مترجم في الصلة البشكوالية (1136)، وتاريخ الإسلام 9/ 465، ووفاته سنة 429 هـ، و"نبات" قيدته كتب المشتبه بفتح النون والباء الموحدة وبعد الألف تاء ثالث الحروف (وانظر توضيح ابن ناصر الدين 2/ 88). (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (66).

174 - أحمد بن سعيد الصريحي، قنبيلي، بالقاف مفتوحة ونون ساكنة وباء بواحدة مكسورة بعدها ياء آخره لي، أبو جعفر

174 - أحمدُ بن سَعيد الصَّرِيحي، قَنْبِيليٌّ، بالقاف مفتوحةً ونون ساكنة وباءٍ بواحدة مكسورة بعدَها ياءٌ آخِرُه لي، أبو جعفر. كان فقيهًا حافظًا ذا عنايةٍ بعلم التعديل وتقدُّم فيه، وتوفِّي سنة تسع وعشرينَ وخمس مئة. 175 - أحمدُ (¬1) بن سَعيد، قُرْطُبي، أبو عُمر. رَوى عن أبي محمد ابن (¬2) الأصِيليِّ وغيرِه، وكان فقيهًا فَهِمًا يَقِظًا شديدَ العارِضة، ومال إلى خدمة السلطان. وتوفِّي سنةَ إحدى وأربعينَ وأربع مئة. 176 - أحمدُ (¬3) بن سَعيدٍ الكاتبُ، أبو القاسم. رَوى عن أبي عُمر بن عبد البَرِّ، وبقراءتِه عليه "الموطَّأ" سمع أبو داودَ المُقرئُ ثالثةَ أسمعتِه إيّاه عليه. 177 - أحمدُ (¬4) بن سَلَمةَ بن أحمدَ بن يوسُفَ بن سَلمةَ الأنصاري، لَوْرَقيٌّ نشَأَ ببَلَنْسِيَةَ ثم نزَلَ تِلِمْسين، يُكْنَى أبا العبّاس وأبا جعفر، والأُولى أشهر، ابنُ الصَّيْقَل. وقال فيه أبو جعفر ابنُ الزُّبَير: أحمدُ بن محمد بن سَلَمةَ الأنصاري، فغَلِطَ في اسم أبيه واختَصَرَ نسَبَه كما تَرى. رَوى عن أبوَيْ إسحاق: ابن خَلَف بن فَرْقَد وابن يوسُفَ بن قُرْقُول، وآباءِ بكر: ابن (¬5) أزهَرَ وابن خَيْر وابن عبد الله بن الجَدّ، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (53) وذكر أنه يعرف بابن بَلَّاط. (¬2) بياض في الأصل، وهو أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن محمد الأصيلي، وترجمته في تاريخ ابن الفرضي (758)، وترتيب المدارك 7/ 135، وبغية الملتمس (906)، وتاريخ الإسلام 8/ 712، وسير أعلام النبلاء 16/ 560 وغيرها. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (82). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (237)، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 1131، والمراكشي في الإعلام 2/ 91. (¬5) قبلها فراغ في الأصل.

178 - أحمد بن سلمة بن يوسف بن سلمة، سالمي، أبو جعفر

وأبي عبد الله بن إبراهيمَ بن الفَخّار، وآباءِ القاسم: خَلَف بن بَشْكُوال وابن عبد الله السُّهَيْلي وابن محمد بن حُبَيْش، وأبي محمد بن محمد الحَجْري، وأبي الوليد يوسُفَ بن عبد العزيز ابن الدَّبّاغ. رَوى عنهُ أبو إسحاقَ بن عليِّ بن أبي خزن، وآباءُ عبد الله: ابنُه، وابنُ عبد الله ابن الصَّفّار، وابنُ قاسم والنقّاش، وأبو جعفر بن محمد ابن الطَّيْلَسان، وأبو الحَسَن بن محمد ابن القَطّان، وأبو زكريَّا بن أبي يحيى، وأبو بكر بن عُصفُور بن عبد الله العَبْدَريُّ التِّلِمْسيني، وأبو عيسى محمد بن محمد بن أبي السَّدَاد، وأبو القاسم القاسمُ بن محمد بن الطَّيْلَسان. وكان محدِّثًا حافظًا كاملَ العناية بالحديث ومن أهل المعرِفة به، ضابطًا مُتقِنًا، وافرَ الحظِّ من علم العربيّة درَّسَها بتِلِمْسين. واستدعاه أبو يوسُفَ يعقوبُ المنصورُ بن أبي يعقوبَ بن أبي محمد عبد المؤْمن بن علي إلى حَضْرتِه مَرّاكُش ليَسمعَ بها عليه الحديث، فقَدِمَها وأسمَعَ بها ثم عاد إلى تِلِمْسينَ في ذي قَعْدةِ سنة خمسٍ وثمانينَ وخمس مئة. قال فيه أبو الحَسَن ابنُ القَطّان: عَدْلٌ إمام في الحديث. وقال أبو زكريّا بن عُصفُور: توفِّي إما في آخِر حِجّةٍ من سنة سبع وإما في أوّل المحرَّم من سنة ثمانٍ وتسعينَ وخمس مئة. وقال أبو عبد الله ابنُ الأبّار: في سادسِ محرَّمِ ثمانٍ، وقال غيرُه: في صَفَر. 178 - أحمدُ بن سَلَمةَ بن يوسُفَ بن سَلَمة، سالِميّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي محمد بن محمد بن السِّيْد. 179 - أحمدُ بن سَلَمةَ الرُّعَيْنيّ. كان من أهل العلم، حيَّا سنةَ إحدى وخمسينَ وأربع مئة. 180 - أحمدُ بن سُليمان بن أيّوبَ الأنصاريُّ، بيّاسي، أبو العبّاس. له رحلةٌ إلى المشرِق رَوى فيها بالإسكندَريّة عن الحافظَيْنِ: أبي الطاهر أحمد بن محمد السِّلَفيِّ وأبي العبّاس بن عليّ ابن الفقيه السَّرَقُسْطي.

181 - أحمد بن سليمان بن خلف الأنصاري

181 - أحمدُ بن سُليمانَ بن خَلَف الأنصاريّ. رَوى عن شُرَيْح. 182 - أحمدُ بن سُليمانَ بن طالبِ بن محمد بن عَرَب بن أبي البقاء بباءٍ واحدة، مَرَويٌّ، أبو العبّاس. رَوى عنه أبو عبد الله بن عبد الله الأزْدي. 183 - أحمدُ بن سُليمان بن طاهرِ بن عليِّ بن عيسى. كان حيًّا سنةَ عشرينَ وخمس مئة. 184 - أحمدُ بن سُليمانَ أبي عُمَيْثل العامِليُّ، مالَقيٌّ، أبو جعفر. كان من بيت حسَب وجَلالة وعِلم ونَباهة، حسَنَ التصرُّف في الأدب. من أهل الذكاء واليقَظة، واختَرَمَتْه المنيّةُ في فتاءٍ من سِنِّه، رحمه الله. 185 - أحمدُ بن سُليمان، مُرْسِيّ، أبو سعيدٍ المَشاسِتي، بالميم المفتوحة والشين معجَمةً وألفٍ والسينِ الغُفْل مكسورة والتاءِ مَعْلُوّة منسوبًا. 186 - أحمدُ (¬1) بن سُليمان، أبو سَلَمةَ. حدَّث عن أبي بكرٍ سيِّد بن أبي مَهْدي بموعِظة حدَّث عنه بها أبو عَمْرو مُعوَّذ بن داودَ الزاهد. 187 - أحمدُ (¬2) بن سُمَيْق، بسين مهمَلة مضمومة آخِرُه قافٌ مُصغَّرًا، قُرْطُبيّ، سكَنَ عَقِبُه طُلَيْطُلةَ. وهو جَدُّ القاضى أبي عُمر ابن سُمَيْق. رَوى عن أبي العبّاس بن علي الجَبَلي، روى عنه ابنُه يحيى. 188 - أحمدُ بن سِنَان. رَوى عن أبي عبد الله بن أحمد بن مَنْظور. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (30). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (29).

189 - أحمد بن شجاع بن غمر، بالغين معجمة والميم ساكنة آخره راء، أبو العباس

189 - أحمدُ بن شُجاع بن غَمْر، بالغَيْن معجَمة والميم ساكنة آخِرُه راء، أبو العبّاس. رَوى عن أبي الحُسَين محمد بن محمد بن زَرْقُون. 190 - أحمدُ (¬1) بن شَرَف، شُقْرِيُّ الأصل، سَكَنَ بَلَنْسِيَةَ، أبو عُمر. روى عنه أبو بكر ابنُ عزيرةَ، وأبو محمد بن الفَضْل البُونْتي، وكان وَقُورًا حسَنَ السَّمْت نَحْويًّا ماهرًا عَلّم العربيّة زمانًا، وتوفِّي بعدَ الستينَ (¬2) وأربع مئة. 191 - أحمد بن صالح بن عليِّ بن صالح، أبو جعفر. روَى عن أبي جعفر بن عليِّ بن عَوْن الله، وأبي الخَطّاب أحمد بن محمد ابن واجِب. 192 - أحمدُ (¬3) بن صالح المَخْزومي، قُرْطُبي، أبو العبّاس. أخَذَ القراءاتِ عن أبي عبد الله ابن (¬4) غَفْرَال (¬5)، ورَوى الحديثَ عن الحاكِم أبي القاسم محمد بن محمد بن بَقِيّ. رَوى عنه أبوا عبد الله: ابن إبراهيمَ بن حِزْبِ الله الفاسِيُّ ابنُ البَقّار وابن (¬6) الشِّنْيالي (¬7)، وأبو القاسم أحمدُ بن يَزيدَ بن بَقِيّ، وأبو محمد بن علي بن خَلَف، وعبد الحق بن محمد الخَزْرَجي. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (62)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 311 نقلًا من هذا الكتاب. (¬2) في البغية: "التسعين"، محرفة. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (197)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 312 نقلًا من هذا الكتاب. (¬4) بعد هذا بياض في الأصل. (¬5) في التكملة بخط ابن الجلاب "غفريل" بالإمالة، وهي ظاهرة نجدها في أعلام الأندلسيين، إذ كانت الإمالة مستحكمة في لسانهم. (¬6) بعد هذا فراغ في الأصل. (¬7) في التكملة: "الشنتيالي".

193 - أحمد بن صالح، شلبي، أبو العباس

وكان مكفوفَ البصَر نفَعَه الله، ومن أهل الذّكاء والمعرِفة بالقراءاتِ والحديث، موصوفًا بالصّلاح والفَضْل، حافظًا للفقه، ماهرًا في علم العربيّة، تصَدَّر للإقراءِ ببلدِه وبغيره. قال أبو القاسم ابنُ بَقِيّ: لا أعلَمُ له رواية إلا عن جَدِّ أبي، يعني أبا القاسم المذكور. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: إنْ أراد روايةً في الحديث فلعلّه كذلك، وإن كنّا لا نقطَعُ به، وإن أراد على الإطلاق فقد وجَدْناه أخَذَ عن أبي عبد الله ابن غَفْرَال، وتفنُّنُه في المعارف يقتضي أنّ له من الشّيوخ الذي أخَذَ عنهم غيرَ مَن ذكَرَ، واللهُ أعلم. 193 - أحمدُ بن صالح، شِلْبيّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي عبد الله بن أحمد القَنْطَريّ. 194 - أحمدُ (¬1) بن طاهِر بن عيسى بن محمد بن اشْتَرِ مِنّي بن رُصَيْص بن فاخِر ابن فَرَح بن وليد بن وليد بن عبد الله بن نِعْمَ الخَلَفُ بن حَسّانَ بن قَيْس بن سَعْد بن عُبَادةَ الأنصاريُّ الخَزْرجي، دانِيٌّ شارِقيُّ الأصل. انتقَلَ جَدُّه إلى دانَيَةَ، أبو العبّاس. تقييدُ اسم جَدِّ جَدِّه هو على صيغة الأمرِ من الاشتراءِ من المتكلِّم، وأظُنُّه لقَبًا واللهُ أعلم، وتقييدُ اسم أبيه هو بِراءٍ وصادَيْنِ مهمَلَيْن مُصَغَّرًا. رَوى ببلده عن أبي داودَ المُقرئ الهِشَاميّ (¬2)، وكتَبَ الحديث به، ودرَّس الفقه، ثُم تجَوَّل بالأندَلُس في لقاءِ الشيوخ والرواية عنهم، فرَوى بمُرْسِيَةَ عن ¬

_ (¬1) ترجمه القاضي عياض في الغنية (118)، وابن بشكوال في الصلة (168)، والضبي في بغية الملتمس (154)، وابن الأبار في التكملة (127)، وفي المعجم في أصحاب الصدفي (12)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 560، وابن فرحون في الديباج 1/ 201، ومخلوف في شجرة النور 1/ 133. (¬2) في الأصل: "المشامي"، محرفة، وهي نسبة إلى هشام المؤيد.

أبي عليٍّ الصَّدَفي، وبالمَرِيّة عن أبي عبد الله بن يحيى ابن الفَرّاء، وأبي الحَسَن عبد العزيز بن عبد الملِك بن شَفِيع، وأبي علي حُسَين بن محمد الغَسّاني، وأبوَيْ محمد: العَسّالِ وعبد القادر ابن الحَنّاط، وبأُورِيُولةَ عن أبي القاسم خَلَف بن فتوح، وسمع من أبي القاسم خَلف بن محمد الغَرْناطي. ثم رحَلَ إلى العُدْور فأخَذَ بقَلْعة حَمّاد عن أبي مَرْوانَ الحَمْداني، وببجَايةَ عن أبي محمد المَقْرِي، بفتح الميم وسُكون القافِ وراءٍ منسوبًا، وله روايةٌ عن أبي عبد الله محمد بن عليِّ بن عُمرَ التَّميمي المازَري (¬1)، بميم وألِفٍ وزاءٍ مفتوحة وراءٍ منسوبًا نزيلِ المَهْديّة، ولعلّها مكاتبةً. وقَفَلَ إلى بلده فأسمَعَ به وحدَّث، رَوى عنه أبو عبد الله ابن تريْس المِكْنَاسيُّ، وأبو العبّاس بن أبي قُوّة، وأبو الفَضْل عِيَاض لقِيَه بسَبْتةَ وسمع منه فوائدَ، وأبوا محمد: ابن (¬2) الأُقْليشي وابن عليٍّ الرُّشَاطي، وأبو الوليد ابنُ الدَّبّاغ. وكان محدِّثا ضابطًا حسَنَ التقييد، ذا أُصولٍ عَتِيقة وعنايةٍ بلقاءِ المشايخ، وَرِعًا فاضلاً، عالمًا بالمسائل، تقَلَّد بدانِيَةَ ولايةَ خُطّة الشُّورى وأفتَى بها نيِّفًا وعشرينَ سنة، وعُرِض عليه قضاؤها فامتَنعَ منه، وله على "الموطَّإ" تصنيفٌ سمّاه: "الإيماء" ضاهَى به "أطرافَ الصَّحيحَيْن" لأبي مسعود إبراهيمَ بن محمد بن عُبَيد الدِّمشقي، وعَرَضَه على شيخِه أبي علي الصَّدَفي فاستَحسَنه وأمَرَ ببَسْطِه فزاد فيه، وقَفْتُ عليه وكان في كتُبي، ثم خَرَجْتُ عنه. ولهُ أيضًا مجموعٌ في رجال مُسلم بن الحَجّاج. وقال أبو الفضل عِيَاض (¬3): كان علمُ الحديث أغلبَ عليه ويَميلُ في فقهه إلى الظاهر، وكان أبو محمد ابنُ القَلَنِّي يُعظِّمُه ويُثني عليه. ¬

_ (¬1) منسوب إلى "مازر" وهي مدينة على الساحل الجنوبي لجزيرة صقلية، وهي أول ما فتح منها أسد بنُ الفرات سنة 212 هـ، وترجمة المازري المتوفى سنة 536 هـ في تاريخ الإسلام 11/ 661 وغيره، وهو مصنف "المُعلم بفوائد كتاب مسلم" المطبوع المشهور. (¬2) بعد هذا فراغ في الأصل. (¬3) الغنية (118).

195 - أحمد بن طاهر بن أبي بكر محمد بن أحمد بن طاهر القيسي، إشبيلي، أبو العباس

مولدُه في الساعة الرابعة من يوم السبت لثلاثَ عشْرةَ ليلةً بقِيَت من شوّالِ سبع وستينَ وأربع مئة، وتوفِّي لسبع خَلَوْن من جُمادى الأُولى سنةَ اثنتين وثلاثينَ وخمس مئة، قاله أبو القاسم بن حُبَيْش. وقد ألحَقَه أبو القاسم ابن بَشْكُوال في صِلتِه بعدَ الفراغ من تأليفها (¬1) ولم يجوِّد (¬2) إيرادَ ذكْرِه وغَلِطَ في وفاتِه، تابعًا في ذلك أبا الفَضْل عِيَاضًا، إذْ جَعَلاها في نحو العشرينَ وخمس مئة، وقد ذكَرَ أبو عبد الله ابنُ الأبّار أنه وقَفَ على السَّماع منه لصحيح مسلم بدانِيَةَ في جُمادى الأُولى سنةَ إحدى وثلاثينَ وخمس مئة (¬3). 195 - أحمدُ بن طاهر بن أبي بكرٍ محمد بن أحمدَ بن طاهِر القَيْسي، إشبيليّ، أبو العبّاس. حَفيدُ المحدِّث المُتقِن أبي بكر بن طاهر (¬4). رَوى عن أبي القاسم بن بَشْكُوال وجماعةٍ غيرِه (¬5). 196 - أحمدُ (¬6) بن طَلْحةَ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن غالب بن تَّمام بن عبد الرؤوف بن تَمّام بن عَطِيّة -الداخِل إلى الأندَلُس وقتَ الفتح- ابن خالد بن خُفَاف بن أسلمَ بن مُكرم من وَلَد زَيْد بن مُحارِب بن خَطَفَة بن قَيْس بن غَيْلانَ بن مُضَرَ بن نِزَار بن مَعَدّ بن عدنانَ المُحارِبيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو جعفر. ¬

_ (¬1) الصلة (168) وتعليق الدكتور بشار عليها. (¬2) في الأصل: "يجر" ولا معنى لها، وما أثبتناه من "التكملة". (¬3) يُنظر بلا بد التعليق المطوّل على "الصلة". (¬4) مترجم في الصلة (1296). (¬5) سيأتي في السفر السادس من هذا الكتاب (الترجمة 59) ترجمة لها صلة بهذه الترجمة وننقلها فيما يلي للنظر والمقارنة: "محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن طاهر القيسي إشبيلي أبو بكر حفيد الراوية المحدث المتقن أبي بكر بن طاهر روى عن أبي القاسم بن بشكوال". ويلاحظ أن عمود النسب -وهو مصحح في السفر السادس- يختلف عما هنا. (¬6) ترجمه ابن فرحون في الديباج 1/ 203.

197 - أحمد بن طلحة بن محمد بن عبد الملك بن أحمد بن خلف بن الأسعد بن حزم الأموي، إشبيلي يابري الأصل، أبو العباس

رَوى عن أبوَيْ بكر: عمِّ أبيه غالبِ بن عبد الرحمن بن عَطِيّة وابن العَرَبي، وابن عمِّ أبيه أبي محمد عبد الحقّ بن غالبِ بن عَطِيّة، وأبوَي الحَسَن: ابن أحمد ابن الباذِش ويونُسَ بن محمد بن مُغيث، وأبي عبد الله بن أحمد بن الحاجِّ الشهيد، وأبوَي القاسم الأحمدَيْنِ ابنَي المُحمّدَيْن: ابن بَقِيّ وابن عُمرَ بن وَرْد، وأبي الوليد هشام بن أحمدَ بن بغور (¬1)، وغيرِهم. وكان فقيهًا جليلًا. استُشهِدَ نفَعَه اللهُ ورحمَه في دخولِ اللَّمْتُونيِّينَ غَرْناطةَ سنةَ تسع وثلاثينَ وخمس مئة (¬2). 197 - أحمدُ (¬3) بن طَلْحةَ بن محمد بن عبد الملِك بن أحمدَ بن خَلَف بن الأسعَد بن حَزْم الأُمَوي، إشبيليٌّ يابُرِيُّ الأصل، أبو العبّاس. وهو أخو الأُستاذ أبي بكر (¬4). أخَذَ عن أخيه المذكور النَّحْو، ورَوى عن أبي عبد الله بن سعيد. رَوى عنه أبو بكر بن أحمدَ ابن سيِّد الناس، وأبو الخَطّاب محمد بن أحمدَ بن خَليل، وأبو العبّاس (¬5) بن القانه. وكان نَحْوِيًّا ماهرًا بارِعًا أديبًا يغلِبُ عليه الأدب، عَرُوضيًّا لُغَويًا، حسَنَ الخُلُق وَطِيءَ الأكناف، وصنَّف في العَروض تأليفًا نبيلًا. قال أبو الخَطّاب بن خَليل: كان أبو العبّاس يُلازمُ حَلْقةَ أخيه فيستعرِضُ الطّلبة ويسألونَه ويُعيدونَ معَه ما اعتَاصَ عليهم فهْمُه ويُذاكرُهم فيما قَرأوه، فكان النَّفعُ يَعظُمُ به. وتوفِّي حدودَ العشرينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) في الأصل: "بغوى"، محرف. (¬2) انظر تفاصيل استشهاد المترجم وخبر دخول اللمتونيين غرناطة في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 453)، وفي الحلة السيراء 2/ 211. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (282)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 313 نقلًا عن المؤلف. (¬4) ستأتي ترجمته في السفر السادس من هذا الكتاب (الترجمة 684). (¬5) بعد هذا بياض في الأصل.

198 - أحمد بن طيب بن عمر الهمداني، قرطبي

198 - أحمدُ بن طيِّب بن عُمَر الهَمْداني، قُرطُبيّ. أخو محمدٍ الآتي بموضعِه من هذا الكتاب إن شاء الله (¬1). كان من أهل العلم جيِّدَ الخَطّ متقدِّمًا في الفضل والعَدالة، حيًّا سنةَ أربع وثمانينَ وأربع مئة. 199 - أحمدُ بن عبد الله بن أحمدَ بن أبي الفَتْح العَبْدَري، شاطِبيّ، ابنُ الأمين. 200 - أحمدُ بن عبد الله بن أحمدَ بن سِماكٍ العامِليُّ، غَرْناطيٌّ مالَقيُّ الأصل، انتقلَ جَدُّه منها أيامَ بني حَسُّون، أبو جعفر. رَوى عن أهل بلده، وكان فقيهًا ذا حَظّ من الأدبِ والنّظم. توفِّي سنةَ خمس وسبعينَ وخمس مئة، باتَ صحيحًا مُعافًى، فوُجِدَ في سريرِه ميِّتًا رحمه الله. 201 - أحمدُ (¬2) بن عبد الله بن أحمدَ بن عبد الله بن محمد بن خِيَرةَ، بَلَنْسِيّ، أبو جعفر. كان فقيهًا حافظًا معلومَ الذّكاء مشهورَ الفَضْل. 202 - أحمدُ (¬3) بن عبد الله بن أحمدَ بن عبد الملِك بن شَرَاحِيل الهَمْدانيُّ، بسكونِ الميم ودالٍ غُفْل. كذا نَسَبَه غيرُ واحدٍ منهم: أبو [. . . .] (¬4) وأبو القاسم القاسمُ ابن الطَّيْلَسان، وقال فيه أبو جعفر ابن الزُّبير: أحمدُ بن محمد بن عبد الله بن شَرَاحيل، وهو محجوجٌ بمن خالَفَه، غَرْناطي، أبو جعفر. أخَذَ بالأندَلُس عن أبوَي الحَسَن: خالِه ابن محمد بن الضّحّاك وعُمرَ بن محمد بن بَدْر. وأجاز له جماعةٌ وافرةٌ من أكابر العلماء بالأندَلُس، منهم: أبو أحمدَ جعفرُ بن رِزْق، وأبوا إسحاقَ: ابن ثَبَات وابن حُبَيش، وأبو الأصبَغ عبدُ العزيز بن ¬

_ (¬1) في السفر السادس (الترجمة 685). (¬2) ترجمه ابن فرحون في الديباج 1/ 253. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (255)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 127. (¬4) فراغ في الأصل، ولعله أبو القاسم الملاحي، كما يفهم من التكملة الأبارية.

عُبَادة، وآباءُ بكرٍ: ابن أحمدَ بن طاهر المحدّث والبِرْزَاليُّ وابنُ العَرَبي وابنُ مَسْلَمةَ ويحيى بن خَلَف، وأبوا جَعْفر: ابن عبد الرحمن البِطْرَوجيُّ وابن خَلَف بن حَكَم، وآباءُ الحَسَن: شُرَيْح ومحمدُ بن عَطِيّةَ وابن لُبٍّ القَيْسي، وأبو الحَكَم عبد الرحمن بن عبد الملِك بن غَشِلْيان، وأبو حَفْص بن أيوبَ، وأبو عبد الله بن أبي الخِصَال، وأبو العبّاس بن عبد السلام المَسِيلي، وأبو مَرْوانَ بن مسَرّة. ورَحَلَ إلى المشرِق سنةَ ثلاث وستينَ وخمس مئة وحَجَّ ولقِيَ بمكّة شرَّفها اللهُ أبا علي الحَسَن بن عليّ البَطَلْيَوسيَّ فسمع عليه كثيرًا وأجاز له، وبالإسكندريّة أبا عبد الله محمدَ بن عبد الرحمن بن محمد بن منصُور بن محمد بن الفَضْل بن منصور بن أحمدَ بن يونُسَ بن عبد الرحمن بن اللَّيث بن عبد الرحمن بن المُغِيث بن عبد الرحمن ابنِ صاحبِ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - العلاءِ بن الحَضْرَميِّ رضيَ اللهُ عنه فقَرأ عليه "الشِّهابَ". وعاد إلى الأندَلُس فأسمَعَ بها وأُخِذ عنه، وخوطِبَ مُستَجازًا من البلاد، فممّن رَوى عنه: أبو جعفر بن عثمانَ، وابنُ يوسُف الراشِدي، وبنو حَوْطِ الله: أبو سُليمانَ وأبو محمدِ ابنا سُليمان، وأبو عُمرَ عبد الرحمن بن أبي محمد، وهو آخِرُهم وأُراه بالإجازة، وآباءُ عبد الله: ابن أحمدَ الواشِريُّ وابن سَعيد الطّرّازُ وابن عبد الكريم الجُرَشيُّ وابن محمد بن أبي البقاء، وأبو القاسم بن محمد ابن الطَّيْلَسان، ومحمد بن عبد الواحد المَلّاحيّ، وأبو الوليد إسماعيلُ بن يحيى بن العَطّار. وكان خَيِّرًا ديّنَا متواضِعًا ثقةً فيما يَرويه شهيرَ التعيُّن، وانفرد بالرواية عن طائفة ممن سَمَّيناه في شيوخِه، وكان قديمًا من ذوي الثّروة واليَسَار، وأقَلَّ بأخَرةٍ فتَلبَّس بعَقْدِ الشّروط ولم يكنْ فيها من ذوي النفوذ. مَولدُه سنةَ ثِنتَيْنِ وعشرينَ وخمس مئة، وتوفّي ظُهرَ يوم الثلاثاءِ لليلَتيْنِ بَقِيتا من ذي حِجّةِ سنةِ ستٍّ وست مئة، ودُفن إثْرَ صلاة العصِر من يوم الأربعاءِ بعدَه.

203 - أحمد بن أبي العرب عبد الله بن أحمد بن علي بن عبد الرحمن التجيبي، إشبيلي، أبو جعفر

203 - أحمدُ بن أبي العَرَب عبد الله بن أحمدَ بن عليِّ بن عبد الرحمن التَّجيبيُّ، إشبيليٌّ، أبو جعفر. تَلا بالسَّبع على عبد الرحمن بن محمد بن صَافٍ اللّخْميِّ سنةَ ثمان وثمانينَ وخمس مئة. 204 - أحمدُ بن عبد الله بن أحمدَ بن غالبِ بن زَيْدونَ المَخْزوميُّ، قُرْطُبيٌّ، أبو الوليد، ابنُ زيدون (¬1). 205 - أحمدُ بن عبد الله بن أحمدَ بن محمد القَيْسي، قُرْطُبيٌّ ثم إشبيليّ. كان فقيهًا عاقِدًا للشّروط جيِّد البَصَر بها، حيًّا في حدودِ الأربعينَ وست مئة. 206 - أحمدُ بن عبد الله بن أحمدَ بن مُفرِّج السَّبَئيّ، إشبيليّ. كان فقيهَا عاقِدًا للشّروط بارعَ الخَطِّ مبرِّزًا في العدالة، حيًّا سنةَ ثِنتينِ وخمسينَ وخمس مئة. 207 - أحمدُ بن عبد الله بن أحمدَ منقاني. كان كاتبًا مُجيدًا بارعَ الخَطِّ، شاعرًا محُسِنًا نبيلَ الأغراض، ومن خطِّه وأحسَبُه له [الطويل]: ولمّا رأى وَرْدًا بخدّيْه يُجتَنَى ... وخافَ عليه القَطْفَ دونَ اختيارِهِ أسلّ عليها صارِمًا من جفونِهِ ... ومدَّ عليها أرقُمًا من عِذارِهِ 208 - أحمدُ بن عبد الله بن أحمدَ بن مُهاجِر، أبو القاسم. رَوى عن أبي إسحاقَ بن مَرْوان بن حُبَيْش. ¬

_ (¬1) كذا أورد المؤلف هذه الترجمة، وهي تنطبق على ابن زيدون الشاعر الوزير المعروف، ولا ندري لماذا أوردها هكذا.

209 - أحمد بن عبد الله بن أحمد الأنصاري، قرطبي

209 - أحمدُ بن عبد الله بن أحمدَ الأنصاري، قُرْطُبيّ. كان من أهل العلم والتبريزِ في العدالة، حيًّا سنةَ ثمانينَ وثلاث مئة. 210 - أحمدُ بن عبد الله بن أُبَيٍّ المَذْحِجيُّ، أبو القاسم، وهو أخو أبي عامر عبد الرحمن. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوجيّ. 211 - أحمدُ بن عبد الله بن أخْطَلَ، قُرْطُبيّ، أبو عُمر. له رحلةٌ إلى المشرِق أخَذَ فيها بمصرَ عن أبي عبد الله بن الفَرَج الطُّلَيْطُلي الصّوّاف، رَوى عنه ابن عبدِ البَرّ أبو عمر مؤلَّفَ ابنِ أبي شَيْبة. 212 - أحمدُ بن عبد الله بن تَمّام، أندَلُسيّ. له رحلةٌ رَوى فيها ببغدادَ معَ أبي عليٍّ الصَّدَفي على أبي محمد رِزْق الله بن عبد الوهاب. 213 - أحمدُ (¬1) بن عبد الله بن جابِر بن صالح الأَزْديُّ، إشبيليٌّ، أبو عُمر. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي، وأبي الحَكَم العاص بن خَلَف، وأبي عبد الله بن أحمدَ بن منظور، وآباءِ محمد: [. . . .] (¬2). رَوى عنه آباءُ بكر: ابنُ خَيْر وابنُ رِزْق وعَتِيقُ بن مُؤْمِن، وأبو عبد الله بن محمد القُلَنِّي، وأبو العبّاس بن محمد بن مِقْدام، وأبو القاسم خَلَف بن بَشْكُوال، وأبو محمد بن محمد بن عُبَيد الله. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، محدِّثًا عاليَ الرِّواية، ثقةً عَدْلًا، متينَ الدِّين، شهيرَ الفَضْل والصّلاح والعَفَاف وإجابةِ الدّعوة، لازَمَ الإمامةَ (¬3) في صلاة الفريضة وإقراء القرآن وإسماع الحديث في مسجد ابن تَقِيٍّ بإشبيليَةَ نحوًا من ستينَ سنةً لم يَخرُجْ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (130)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 647. (¬2) بياض في الأصل، وفي التكملة "أنه سمع من أبي محمد عبد الله بن علي الباجي، وأبي محمد بن خزرج" (¬3) في الأصل: "الأمانة"، محرفة.

214 - أحمد بن عبد الله بن الحسن بن أحمد بن يحيى بن عبد الله الأنصاري، مالقي، أبو بكر، حميد: تصغير اسمه مرخما

منه قَطُّ إلا لصلاةِ الجُمُعةِ أو لدارِه المُلاصِقة له أو إلى ما لا بدَّ منه ممّا يُضْطَرُّ. الإنسانُ إليه، وكانت الرِّحلةُ في وقتِه إليه والاستيجازُ من أقاصي البلادِ اغتنامًا للرِّواية عندَه. مَوْلدُه سنةَ سبع وأربعينَ وأربع مئة وتوفِّي سنةَ ستٍّ وثلاثينَ وخمس مئة؛ قاله أبو العبّاس ابن مَضَاء وأبو طالبٍ عَقِيلُ بن عَطِيّة وأبو بكر بن خَيْر، ومن خَطِّه نقلتُه. وقال أبو القاسم بن حُبَيْش (¬1): إنه توفِّي سنةَ خمس وثلاثينَ وخمس مئة (¬2)؛ واليدُ بما ذكَرَ ابنُ خيرٍ أوثقُ لكونِه من شيوخِه وأهل بلدِه. 214 - أحمدُ (¬3) بن عبد الله بن الحَسَن بن أحمدَ بن يحيى بن عبد الله الأنصاريُّ، مالَقيٌّ، أبو بكر، حُمَيد: تصغيرُ اسمِه مرخّمًا. وظَنّ أبو العبّاس بن يوسُف بن فَرْتُون أنه اسمُه فترجَمَ به في بابِ الحاء، وإنّما هو شُهرةٌ عُرف بها، ولذلك كان يَكتُبُ في مكتوباتِه من إجازةٍ وغيرها: أحمدُ بن عبد الله، وَيرفَعُ في نَسَبِه ما رآه ثم يَختِمُ ذلك بما نَصه: المدعو بحُمَيْد. وهو وَلَدُ الأستاذ أبي محمد ابن القُرْطُبي (¬4)، وجَدُّه الحَسَن هو المنتقلُ إلى مالَقةَ من قُرْطُبة، وكان سَلَفُه فيها يُعرَفون ببني عبد الله، وشُهِر في مالَقةَ بالقُرْطُبي. رَوى عن أبي الحَسَن بن محمد الشارِّيِّ وأكثَرَ عنه، وأبي الخَطّاب أحمدَ بن محمد بن واجِب وسَمع عليه وهُو ابنُ سبع سنينَ حينَ مقامِ أبي الخَطّاب بمالَقةَ واجتيازِه عليها إلى مَرّاكُش، وأبي زَيْد بن محمد بن علي بن جَميل، وأبوَيْ عبد الله: ابن سَعيد الطّرّاز وابن عليّ بن عَسْكَر، وأبي محمد بن أحمدَ بن عَطِيّةَ، سمع عليهم ¬

_ (¬1) في الأصل: "حبين"، وهو تحريف بين. (¬2) في الأصل: "وست مئة" وهو تحريف ظاهر. (¬3) ترجمه ابن فرحون في الديباج 1/ 203، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 313. (¬4) ستأتي ترجمة طويلة له في المتبقي من السفر الرابع من هذا الكتاب (الترجمة 363).

وأجازوا له، وحَمّلَه أبو جعفر ابنُ الزُّبير الروايةَ بالسَّماع عن أبي محمد بن سُليمان بن حَوْطِ الله، وهُو مُمكنٌ ولكنّه انفرد بذلك، والمعلومُ إجازتُه له. وأجاز له أبو البقاءِ يَعيشُ بن عليِّ بن القديم، وأبو سُليمانَ بن حَوْط الله، وأبو علي بن محمد بن الشَّلَوْبِين، وأبو القاسم أحمدُ بن يَزيدَ بن بَقِيّ، وأبَوا عبد الرحمن: ابن علي الزُّهْريُّ سنةَ مولدِه وعبدُ الصَّمد بن عبد الرحمن بن أبي رَجَاء، ومن أهلِ المشرِق طائفةٌ كبيرةٌ باستدعاءِ شيخِه الحاجِّ أبي محمد بن عَطِيّةَ المذكور، منهم: أبو الخَلَف عَوَض بن محمود بن صَافِ بن عليِّ بن إسماعيلَ الحِمْيَريُّ البَوْشِيُّ، وأبو سَعْد ثابتُ بن مُشرَّف بن أبي سَعْد بن إبراهيمَ الخَبّازُ الأزجيُّ البَنّاء ابنُ شستان وكَنّاه بعضُهم أبا محمد، وأبو عَمْرٍو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمانَ بن موسى بن أبي نَصْر النَّصْريُّ، بالنّونِ والصّاد الغُفْل، الشَّهْرَزُوريُّ نَزيلُ دِمشقَ المعروفُ بابن الصّلاح، وأبو الفُتُوح نَصْرُ بن أبي الفَرَج بن عليٍّ الحُصْريُّ، بالحاءِ المهمَلة مضمومة وصادٍ مهمَلة ساكنة، وأبو محمد عبدُ العزيز ابن سَحْنُون بن عليٍّ الغُمَاريُّ الخالِديّ. وحَمَّله أبو العبّاس بن فَرْتُونَ الروايةَ بالإجازة عن أبيه، وقد كان أبو بكرٍ يقول: إنه لم يعثرْ على ذلك؛ وعن أبي الحَجّاج بن محمد ابن الشّيخ، وقد كان تقَدَّمت وفاتُه بثلاثِ سنينَ على مولدِ أبي بكرٍ هذا. رَوى عنه أبوا إسحاق: ابنُ عبد الرحمن بن عَيّاش وابنُ محمد بن إبراهيمَ البَلْفِيقي، وشيخُنا أبو جعفر ابنُ الزُّبير، وصاحبُنا أبو عبد الله بن عَيّاش، وشاركاه في بعضِ شيوخِه، وأبو العبّاس بن صابر. وكان مُقرئًا مجوِّدًا، فقيهًا حافظًا، محدِّثًا ضابِطًا حسَنَ التقييد، نَحْويًّا ماهرًا، أديبًا كاتبًا بارعًا، شاعرًا محُسِنًا، أنيقَ الخطِّ نبيلَ المنزع فيه، متينَ الدِّين، صادقَ الوَرَع، مُستشعِرَ الخوف من الله سبحانَه، سريعَ العَبْرة، كثيرَ البكاءِ، مُعرِضًا عن الدُّنيا وزُخرُفِها لا يَفُوهُ في أمرِها ولا فيما يتعلُّق بأحوال أهلِها ببِنت شَفَة، ولا يضحَكُ إلّا تبسُّمًا إن نَدَرَ ذلك منه، ثُم يُعقِبُه بالبكاءِ والاستغفار، مؤْثرًا

للخمولِ، مقتصدًا في مطعَمِه وملبَسِه مُعانًا على ذلك مؤيَّدًا من الله تعالى، اقتفَى آثارَ شيخِه أبي محمد بن عَطِيّة وصاحبِه أبي صالح محمد بن محمد رحمَهم الله حتى بَلَغ من الوَرَع رُتبةً لم يُزاحَمْ عليها. أقرَأَ ببلدِه القرآنَ ودرَّس الفقهَ وأسمَعَ الحديث وأدَّب بالعربيّة، ولم يزَلْ معَ ذلك عاملًا على التخلُّص من الدنيا والفِرار بدييه إلى الله تعالى إلى أن توفِّي شيخُه أبو الحَسَن الشارِّيُّ آخِرَ رمضانِ تسع وأربعينَ وست مئة، فشَرَعَ إثْرَ ذلك في حركتِه إلى المشرِق بنيّة الحجِّ. وما ذُكِر (¬1) من أنّ رحلتَه كانت من مالَقةَ لأربع أو خمسٍ خَلَوْن من ربيعٍ الآخِر سنةَ تسع وأربعينَ فباطلٌ، وأبيَنُ بُطلانًا منه ما ذكَرَهُ ابن فَرْتُون من أن رحلتَه كانت سنةَ أربع. ولمّا وصَلَ مِصرَ عَظُمَ صِيتُه بها وشُهِرَ فضلُه عندَ أهلِها، وعُرف بالنُّبل والذّكاء، والطّهارةِ والزّكاء، وأقام بها متعذِّرًا عليه النفوذُ إلى الحِجاز إلى أن مرِضَ بها واستمرَّ مرَضُه سبعةَ عشَرَ يومًا تعَرَّض فيها لعيادة سُلطانِها حينئذٍ المَدْعوِّ [. . . .] (¬2) متبرِّكًا به، فصَدَّه عن لقائه، ولم يزَلْ يُلحُّ عليه حتى أذِنَ له وعَرَضَ عليه جائزةً سَنِية فامتَنعَ من قَبولهِا البتّةَ، وتوفِّي، ولم يحجَّ، قُبَيلَ ظُهرِ يوم الثلاثاءِ لثمانٍ بقِينَ من ربيع الأوّل سنةَ ثنتينِ وخمسينَ وست مئة، ودُفن برَوْضة أبي بكرٍ الخَزْرَجيِّ رحمَهما الله، وشهِدَ جنازتَه السّلطانُ وخَلْقٌ لا يُحصَوْنَ كثرةً داعينَ متبرِّكين مُثْنِينَ عليه بأحوالِه الكريمة الصّالحة التي كان عليها رضي اللهُ عنه ونفَعَه، ومَولدُه بمالَقةَ سنةَ سبع وست مئة. ومن شعرِه [المتقارب]: خُطوطُ الشّيوخ [قوامُ] (¬3) الكتابِ ... جَمالٌ يروقُ ومَجدٌ يَدومْ عجِبتُ إليها على ضَعْفِها ... تُقوِّي الضّعيفَ وتَأْسو الكُلومْ ¬

_ (¬1) بعد هذا بياض في الأصل. (¬2) فراغ في الأصل، كأن المؤلف لم يقف على اسم السلطان يومئذٍ، وكان سلطان مصر حينذاك هو المعز عز الدين أيبك بن عبد الله التركماني، وترجمته في تاريخ الإسلام للذهبي 14/ 773 وغيره. (¬3) زيادة منا لا يستقيم البيت إلا بها.

215 - أحمد بن عبد الله بن حسين النفزي

ومنه [البسيط]: مطالبُ الناسِ في دُنياك أجناسُ ... فاقصِدْ فلا مطلَبٌ يبقى ولا ناسُ وارْضَ القناعةَ مالًا والتُّقى حَسَبًا ... فما على ذي تُقًى من دهرِه بَاسُ وإن علَتْك رؤوسٌ وازدَرَتْك ففي ... بطنِ الثَّرى يتَساوى الرَّجلُ والرّاسُ ومنه [الكامل]: ابْخَلْ بدييك إن أردتَ سلامةً ... وابخَلْ بمالِكَ إن أردتَ هلاكا بُخلٌ وبُخلٌ والسلامةُ والرَّدى ... ضِمناهُما، عجبًا لذا ولذاكا ومنه [الطويل]: ولمّا رأيتُ الشَّيبَ بيَّنَ صُبحُهُ ... وليلُ شَبابي قد مضَى لسبيلِهِ أقمتُ على نفْسي فناءَ دليلِها ... فصِرتُ بوجهٍ مُعرِضٍ عن دليلِهِ وقالتْ تمتَّعْ من زمانِك ساعةً ... ولا تبكِيَنَّ الهوْلَ قبلَ نزولهِ وبادِرْ إلى لَذّاتِ ذاتِك واغتنمْ ... طلوعَ مُحيّا البدرِ قبلَ أُفولِهِ وغَرَّت وما بَرَّتْ ولكنْ أجَبتُها ... وكم ناصحٍ لي ما أَصَخْتُ لقيلِهِ وشعرُه كثيرٌ (¬1) في طريقة الزُّهد والحِكَم وما يُشبهُ ذلك وينعَدُّ منه، ولم يكنْ يُسامحُ نفْسَه بالأخْذِ في نَظْم بيتِ نَسِيب فما فوقَه، وكان فيه جيِّدَ الطَّبع. كان أبو الخَطّاب محمدُ بن أحمدَ بن خَليل متى وقَفَ على شيءٍ من نَظْمِه استَحسَنَه ووَصَفَه بجَودةِ الطَّبع وحُسن الالتفاتِ رحمه الله. 215 - أحمدُ بن عبد الله بن حُسَين النَّفْزِي. 216 - أحمدُ بن عبد الله بن خَلَف الأنصاريُّ، مُرْسِيٌّ، سَكَنَ قُرْطُبةَ، أبو العبّاس وأبو جعفر. ¬

_ (¬1) أورد له صاحب الديباج بيتين في موضوع الزهد زيادة على ما هنا.

217 - أحمد بن عبد الله بن خميس بن معاوية بن نصرون الأزدي، بلنسى، أبو جعفر

رَوى عن أبي إسحاقَ بن مَرْوان بن حُبَيْش، وأبي جعفر بن عبد الرحمن البِطْرَوجي، وأبوَيْ عبد الله: جعفرٍ حفيدِ مكِّي وابن مسعود بن أبي الخِصَال. وفي الرُّواة: أحمدُ بن عبد الله بن سَعيد بن خَلَف الأنصاري، مُرْسِيٌّ، أبو جعفر، مذكورٌ بالرِّواية عن أبي إسحاقَ بن جماعةَ وأبي بكرٍ البِرْزاليِّ وأبي جعفرٍ البِطْرَوجيِّ وأبي الحَسَن طارقِ بن موسى بن يَعيشَ وأبي الوليد يوسُفَ بن عبد العزيز ابن الدّبّاغ، وكان مقرئًا مجوِّدًا فقيهًا حافظًا، وأظُنُّه المترجَمَ الآنَ به، فالطبقةُ والبلدُ والكُنْيةُ واحدة. 217 - أحمدُ (¬1) بن عبد الله بن خَميس بن مُعاويةَ بن نَصْرونَ الأزْدي، بَلَنْسِى، أبو جعفر. رَوى عن صِهرِه أبي الحَسَن بن هُذَيْل، وأبي بكر ابن العَرَبي، وأبي عبد [الله بن] (¬2) يوسُفَ بن سَعادةَ، وأبي القاسم أحمدَ بن محمد بن وَرْد، وأبي محمد بن عيسى القَلَنِّي، وأبي مَرْوانَ (¬3) بن الصَّيْقَل، وتأدَّب عندَهما بالنَّحْو والعربيّة والأدب، وكان حافظًا للفقه عارِفًا بأصولِه أديبًا مجُيدًا في نَظْم الكلام ونثرِه. توفِّي بجزائرِ بني زغنا سنةَ سبع أو ثمانٍ وأربعينَ وخمس مئة ابنَ نحوِ أربعينَ سنة، ودُفن بباب الفَخّارِين أحدِ أبوابِها على ساحل البحر. 218 - أحمد بن عبد الله بن خِيَرةَ، بكسر الخاءِ المعجَمة وفتح الياءِ المسفولة وراءٍ وتاءِ التأنيث، مَوْلى ناصِر الدّولة مبشرِ بن مَشْكانَ الأنصاري، مَيُورْقيٌّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي إسحاقَ بن أحمد الغَرْناطي. وكان مُقرئًا مجوِّدًا فاضلًا ديِّنًا، حيًّا سنةَ سبع وخمسينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (161)، وابن فرحون في الديباج 1/ 205. (¬2) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل استدركناه من "التكملة". (¬3) بعد هذا بياض في الأصل، وفي التكملة أنه سمع أبا مروان بن الصيقل.

219 - أحمد بن عبد الله بن سعيد بن خلف الأنصاري، مرسي، أبو جعفر

219 - أحمدُ بن عبد الله بن سَعيد بن خَلَف الأنصاري، مُرْسِيٌّ، أبو جعفر. تقَدَّم التنبيهُ على إمكانِ كونِه أحمدَ بن عبد الله بن خَلَف الأنصاريَّ المذكورَ قبلُ فراجِعْه (¬1). 220 - أحمدُ بن عبد الله بن سَعيد الأنصاري، سَرَقُسْطيّ، أبو العبّاس. له رحلةٌ سمع فيها ببغدادَ من أبي بكرٍ محمدِ بن المُظفَّر بن بَكْرانَ، وأبي محمد جعفرِ بن أحمدَ بن الحُسَين السرَّاج، وأبي محمد رِزْقِ الله بن عبد الوهّاب معَ أبي عليٍّ الصَّدَفي، وأبي عيسى لُبِّ بن هُودِ بن لُبّ. 221 - أحمدُ بن عبد الله بن سُليمانَ بن داودَ بن عبد الرحمن بن سُليمان بن عُمر بن حَوْطِ الله الأنصاريُّ الحارِثيُّ، مالَقيٌّ أُنْدُيُّ الأصل، أبو بكر. وَلَدُ الراوِية القاضي أبي محمد بن حَوْط الله (¬2). وحَوْطُ الله الذي ينتسبونَ إليه كذا كانوا يكتُبونَه وكذا تلَقَّيناهُ شَفاهًا من غرر واحد من مشيختِنا: بفتح الحاءِ الغُفْل وإسكان الواو وكأنّه مصدَرُ حاط يَحُوطُ مضافًا إلى الله، وذَكَر لي شيخُنا أبو الحَكَم مالكُ بن عبد الرحمن المالَقيُّ (¬3) أنّ أصلَه حَوْطلُّه، قال لي: وهو تصغيرُ مؤنَّث على عُرفِ أهل ثُغور شرقِ الأندَلُس وما صاقَبَها من البلاد كبَلَنْسِيَةَ وأنظارِها التي منها أُندة موضع سَلَف بني حَوْطِ الله، وتدريجُ ذلك ¬

_ (¬1) الترجمة (216). (¬2) ترجمته في التكملة الأبارية (2150)، والتكملة المنذرية 2/الترجمة 1445، وصلة الصلة 3/الترجمة 221، والمستملح (476)، وتاريخ الإسلام 13/ 338، وسير أعلام النبلاء 22/ 41، وتذكرة الحفاظ 4/ 1397، والوافي بالوفيات 17/ 201، والإحاطة 3/ 416، والديباج 1/ 447 وغيرها. (¬3) هو مالك بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن المعروف بابن المرحل المتوفى سنة 699 هـ ترجمه ابن الخطيب ترجمة حافلة في الإحاطة 3/ 303 فما بعد، ونقل فيها عن ابن عبد الملك وابن الزبير وغيرهما، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 77، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 36، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 270، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 232 وغيرهم.

أنّهم يقولونَ للحُوتِ والعُودِ ونحوهما: الحَوْت والعَود بفتح الحاءِ والعَيْن، وينطِقونَ بالتاءِ المَعْلُوّة طاءً فيقولون في الحَوْت: الحَوْط، وقد أذكرَتْني حكايةُ أبي الحَكَم هذا ما ذكَرَ ليَ الفقيهُ القاضي أبو محمد بن أبي الحَسَن بن قُطْرال، رحمه الله، أنه رأى مكتوبًا بنَقْش في جِصٍّ على باب حَمّام أو فُندُق، الشّكُّ منّي: رحِم اللهُ عبدًا صَنَع شيئًا فأطْقَنَه، بالطاء، يريد: فأتقَنَه، ولا شَكَّ أنّ ذلك معروفٌ من لغتِهم سمِعتُه كذلك من غيرِ واحد منهم. رَجعْنا إلى حكايةِ شيخِنا أبي الحَكَم، قال: ويُلحِقونَ الأسماءَ المصَغَّرةَ في آخِرها لامًا مشدَّدة مضمومةً في المذكَّر ومفتوحةً في المؤنَّث وهاءً ساكنة، فيقولونَ [في حَوْت] (¬1) مذكَّرًا حَوْطلُّه، وفي حَوْت مؤنثًا حَوْطلَّهْ. هذا ما تلقَّيتُه من شيخِنا أبي الحَكَم في أصل هذا الاسم، ويَأْباه كَتْبُ هؤلاءِ الأفاضل إيّاه: حَوْطَ الله، ونقْلُهم ذلك خَلَفًا عن سَلَف، واللهُ أعلم. رَوى أبو بكرٍ المترجَمُ به عن أبيه وعمِّه أبي سُليمانَ، وأبي بكر بن مالك الشَّرِيشي، وأبي الحَسَن نَجَبةَ، وأبي العبّاس بن عبد الرحمن بن مَضاء، وأبي محمد عبد المُنعم بن محمد ابن الفَرَس، وأبي الوليد جابِر بن أبي أيّوبَ، سمع عليهم وأجازوا له. وكتَبَ إليه مجُيزًا من أهل الأندَلُس أبوا عبد الله: ابنُ جعفرِ بن حَمِيد وابنُ سَعيد بن زَرْقُون، وأبوا القاسم: عبْدا (¬2) الرّحمن ابنا المحمَّدَيْن: ابن حُبَيْش والشَّراط، وأبوا محمد: ابن محمد الحَجْري وعبد الحقّ بن عبد الرحمن ابن الخَرّاط. ومن أهل المشرِق: أبو الثّناءِ حمَّادُ بن هِبةِ الله بن حَمّاد الفُضَيْليُّ الحَرّاني، وأبو عبد الله محمد بن محمد بن الحَسَن بن عليٍّ الرَّبَعيُّ الكِرْكَنْتي، وأبو القاسم عبدُ الرحمن بن مكِّي بن حَمْزةَ بن مُوَقَى بن عليٍّ الأنصاريُّ السَّعْدي، وهِبةُ الله بن علي بن مسعود (¬3) الأنصاريّ الخَزْرَجيُّ البُوصِيريُّ المدعوُّ بسيِّد الأهل، وأبو ¬

_ (¬1) زيادة للتوضيح. (¬2) في الأصل: "عبد الرحمن". (¬3) بعد هذا بياض في الأصل.

222 - أحمد بن عبد الله بن سليمان، إشبيلي

الفَضْل محمد بن يوسُفَ بن عليٍّ الغَزْنوي، وأبو (¬1) عبد العزيز بن فارِس بن عبد العزيز الرَّبَعيُّ الشَّيْبانَيّ، وأبو (¬2) عبد (¬3) بن محمد بن عبد الله بن الحُسَين بن الحارِث، وأبو حَسَن بن عَقِيل بن يَزيدَ بن رفاعةَ بن غَدِير السَّعدي، وأبو (¬4) علي بن إبراهيمَ بن يحيى بن غنائم الواعِظُ، وفاطمةُ بنتُ سَعْدِ الخَيْر بن محمد بن سَهْل الأنصاري، وغيرُهم، وكان من بيت عِلم وجلالة. 222 - أحمدُ بن عبد الله بن سُليمان، إشبيلي. كان من عُدولهِا وأهل العلم والفَضْل بها، حيًّا سنةَ خمس وخمسينَ وأربع مئة. 223 - أحمدُ بن عبد الله بن طاهرِ بن حَيْدرةَ بن مُفوَّزِ بن أحمدَ بن مُفوَّز بن عبد الله بن مُفوَّز بن غَفُول بن عبد رَ [بَّه بن صَوَاب بن مُدرك] (¬5) بن سَلّام بن جعفرٍ الداخِل إلى الأندَلُس المَعافِريُّ، شاطِبيٌّ، أبو بكر بن مُفوَّز. رَوى عنه ولَدُه أبو الحُسَين عبدُ الملك (¬6)، وكان من بيتِ عِلم وجلالة وتعيُّنٍ قديم وأصالة. 224 - أحمدُ بن عبد الله بن عبد الرحمن بن خَليفةَ الأنصاريُّ، إشبيليٌّ، أبو العبّاس، ابنُ الجَامَة، بالجيم وفَتْح الميم بينَهما ألفٌ آخِرُه تاءُ تأنيث. ¬

_ (¬1) بعد هذا بياض في الأصل. (¬2) بعد هذا بياض في الأصل. (¬3) بعد هذا بياض في الأصل. (¬4) بعد هذا بياض في الأصل. (¬5) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل، وقد أكملناه من ترجمة جدّ المترجم طاهر بن حيدرة في بقية السفر الرابع من هذا الكتاب (الترجمة 279)، وانظر ترجمة هذا الجد في التكملة (940)، ومعجم أصحاب الصدفي (77). (¬6) انظر ترجمته في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 5) ووردت بعض أخباره في أعمال الأعلام (276)، وراجع أيضًا رسالة الدكتور محمد بن شريفة: أبو المطرف أحمد ابن عميرة المخزومي (55).

225 - أحمد بن عبد الله بن عامر بن خميس الهمداني، بسكون الميم ودال غفل، قرطبي أندي الأصل، بالنون ساكنة والدال الغفل، أبو جعفر

رَوى عن أبي أُميّةَ إسماعيلَ بن سَعْدِ السُّعود بن عُفَيْر، وأبي عبد الله بن إسماعيلَ بن خَلْفون (¬1)، وكان مُكتبًا صالحًا من أهل الفَضْل والمُثابَرة على أعمالِ البِرّ، نفَعَه الله. 225 - أحمدُ بن عبد الله بن عامِر بن خَمِيس الهَمْدانيُّ، بسكونِ الميم ودالٍ غُفْل، قُرطُبيٌّ أُنْديُّ الأصل، بالنونِ ساكنةً والدالِ الغُفْل، أبو جعفر. تَلا على أبي الحَسَن بن عبد الله بن النِّعمة، وتأدَّبَ به وبأبي الحَسَن بن إبراهيمَ بن سَعْدِ الخيرِ في النَّحو والآداب. رَوى عنه أبو القاسم القاسمُ بن محمد ابن الطَّيْلَسان، وقال: كان مقدَّمًا في عِلم الطبِّ بصيرًا به معروفًا بالإصابة فيه معَ الأدبِ البارع. أنشَدني يومًا وقد سألتُه عن حالِه [المتقارب]: إذا سأل النَّاسُ عن حالتي ... ورُمتُ الجوابَ فلم يُمْكنِ أقولُ: بخيرٍ ولكنَّهُ ... كلامٌ يدورُ على الألسُنِ ¬

_ (¬1) توجد إجازة لأبي عبد الله بن خلفون لأبي العباس أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن خليفة الأنصاري الإشبيلي المعروف بابن الجامة على ظهر القسم الثاني من هذا الكتاب وهي بخطه نصها: "قرأ عليّ هذا الكتاب والذي قبله الفقيه المقرئ الزكي أبو العباس أحمد ابن الشيخ الصالح أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري المعروف بابن الجامة وأذنتُ له في روايته عني والله تعالى المرغوب إليه في أن يوفقنا لطلب العلم وأن يجعله خالصًا لوجهه بمَنّه وكرمه. وكتب [مؤلفه] محمد بن إسماعيل بن محمد بن عبد الرحمن بن خلفون وهو يحمد الله [تعالى ويصلي] على محمد نبيه - صلى الله عليه وسلم - في جمادى الآخرة سنة خمس [وعشرين وست مئة]، والحمد لله رب العالمين". وقد كُتبت النسخة بخط أندلسي قديم نقلًا عن نسخة المؤلف بقلم أبي العباس أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن خليفة الأنصاري الإشبيلي المشهور بابن الجامة، وقد فرغ من كتابتها في الثالث والعشرين لشوال سنة أربع وعشرين وست مئة.

قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: لم يَنسُبْ أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان هذينِ البيتَيْن لأبي جعفرٍ هذا، ويَحتمِلُ أن يكونا له وأن يكونا لغيرِه، ولكنْ على ذكْرِهما فقد أنشَدَني الحافظُ الذاكرُ أبو عليٍّ الحَسَنُ بن علي الماقريُّ الضّريرُ، رحمه الله، بثَغْر آسِفي حَمَاهُ الله، قال: سمعتُ الكاتبَ الأجَلَّ أبا عبد الله بن عبد العزيز بن عَيّاش يزيدُ على البيتِ السائر في الناس: أقولُ بخيرٍ ولكنّهُ ... كلامٌ يَدورُ على الألسُنِ وربُّك يعلَمُ ما في الصُّدورِ ... وَيعلَمُ خائِنةَ الأعيُنِ (¬1) قال لي شيخُنا الحافظُ أبو علي: فلا أدري أهذا البيتُ لأبي عبد الله بن عَيّاش، رحمه اللهُ، أم لقائلِ البيتِ الأول؟ وأنشَدَني أبو عليٍّ أيضًا قال: أنشَدَني أبو العبّاس ابنُ الصَّيْقَل الضَّريرُ لنفسِه [الوافر]: يُسائِلُني صديقي (¬2) كيف حالي ... فأسكُتُ لا أرُدُّ عليه قَوْلا [لكيلا] (¬3) يشمتنَّ بي عدُوِّي ... ويحزَنُ صاحبي فالصّمتُ أوْلى وأنشَدَني أبو عليٍّ أيضًا، قال: أنشَدَني أبو العبّاس المذكورُ لغيرِه [متقارب]: جرَتْ عادةُ الناسِ أن يَسألوا ... عن الحال في كلِّ خيرٍ وشرّ فكلٌّ يقول: بخيرٍ أنا ... وعينُ الحقيقةِ ضدُّ الخبَرْ (¬4) ¬

_ (¬1) نسب ابن الأبّار هذه الأبيات إلى القاضي أبي بكر ابن البيضاوي البغدادي نقلًا عن أبي بكر بن العربي وقال: "وقد رأيت هذه الأبيات منسوبة إلى أبي محمد البطليوسي، وذلك غلط فاضح وخطأ واضح". ورواية البيت الأول عنده كما يلي: إذا سألوني عن حالتي ... وحاولت عذرًا فلم يمكن انظر التكملة (2156) وهي منسوبة لابن السِّيْد في المغرب 1/ 386، ونفح الطيب 1/ 185. (¬2) في المخطوط: يا سائلي عن صدق. وهو غير مستقيم ولعل الصواب ما أثبتنا. (¬3) بياض في الأصل. (¬4) التكملة (2156).

226 - أحمد بن عبد الله بن عامر بن عبد العظيم المعافري، داني، أبو العباس وأبو جعفر

226 - أحمدُ (¬1) بن عبد الله بن عامِر بن عبد العظيم المَعافِريُّ، دانيٌّ، أبو العبّاس وأبو جعفر. رَوى عن عمِّه أبي زَيْد، وأبوَيْ بكر: ابن (¬2) اللباتي، وأبي [بكر] (¬3) بن بَرُنْجال، وأبي الحَجّاج بن أيّوب. رَوى عنه أبو الحَجّاج بن عبد الله بن يوسُفَ بن أيّوبَ صاحبُ الأحكام، وأبو زكريّا بن أحمدَ بن يحيى بن سيِّد بُونُه. وكان من أهل العلم بالنَّحو والحِفظ للُّغات، أديبًا ماهرًا، ولِيَ الصّلاةَ والخُطبةَ بجامع بلدِه، وكان صِهرَ أبي عبد الله بن سعيد الدّاني. وتوفِّي سنةَ أربعينَ وخمس مئة وقد زاحَمَ السبعينَ سنة. 227 - أحمدُ بن عبد الله بن عليِّ الأشعَريُّ، مالَقيّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي محمد عبد الرحمن بن محمد بن عَتّاب. 228 - أحمدُ بن عبد الله بن عليّ، شاطِبيٌّ، ابن البناد. أخو أبي الحَسَن (¬4). 229 - أحمدُ بن عبد الله بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن يحيى بن مُفَرِّج. رَوى عن أبي عُمر أحمدَ بن محمد الطَّلَمَنْكي. 230 - أحمدُ بن عبد الله بن محمد بن أحمدَ السَّكُوني، قُرطُبيٌّ، سَكَنَ مَرّاكش (¬5)، أبو العبّاس. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (140)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 772، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 317. (¬2) بعد هذا فراغ في الأصل. (¬3) فراغ في الأصل وما أثبتناه من التكملة. (¬4) ستأتي ترجمته في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 470)، وهو في التكملة (2812). (¬5) هو ممن يستدرك على صاحب الأعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام.

231 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن أحمد بن عميرة المخزومي

رَوى قراءةً وسَماعًا عن أبي بكرٍ عَتِيقِ بن عليّ الصُّنْهاجي، وأبي جعفرٍ محمد بن يحيى الوزغي، وآباءِ الحَسَن: ابن محمد بن حَفْص وابن موسى ابن النَّقِرات وابن يحيى الأخفَش، وأبي زكريّا بن مجمد بن خَلَف الهَوْزَني، وأبوَيْ محمد: ابن سُليمان بن حَوْط الله وعبد العزيز بن عبد الرحمن القَيْسي، وأبي يحيى ابن بكرِ بن عليِّ بن أحمدَ الحاجِّ القَلْعيُّ الضَّرير. وأجاز له أبو جعفر بن يحيى بن عَمِيرةَ، وأبو زكريّا بن حَسّان المرجيقي، وآباءُ القاسم: أحمد بن يزيدَ بن بَقِيّ، وعبدُ الرحمن بن إبراهيمَ بن الفَرَس، وعبدُ المُنعم بن محمد بن تيسيت، وأبوا محمد ابنا المُحمَّدَيْنِ: ابن أبي السَّداد وابن عيسى التادلي. وكان من أهل العناية بالعلم ولقاءِ المشايخ جيِّدَ الخَطّ مجوِّدًا للقرآنِ العظيم مُتقنًا بأدائه راويةً للحديث، ذا حظٍّ وافرٍ من العربيّة. 231 - أحمدُ (¬1) بن عبد الله بن محمد بن الحُسَين بن أحمد بن عَمِيرةَ المَخْزوميُّ. كذا وقَفْتُ على نَسَبِه بخطِّه في غيرِ موضع، وكان كثير من الناس يَنْفُونَه عن هذا النسَب، فحَكَى الحكيمُ أبو إسحاقَ إبراهيمُ بن [محمّد] (¬2) الشاطبيُّ المعروفُ بابن الحاجِّ (¬3)، وكان تأريخيًّا، أنّ الرئيسَ أبا الحُسَين بنَ عيسى (¬4) ¬

_ (¬1) انظر مصادر ترجمته في كتاب الدكتور محمد بن شريفة: أبو المطرف أحمد ابن عميرة المخزومي -حياته وآثاره (منشورات المركز الجامعي للبحث العلمي- المغرب) (¬2) بياض في الأصل، والاسم مستفاد من ترجمة ولد المذكور الطبيب أبي الحسين يحيى بن إبراهيم المعروف بابن الحاج الشاطبي، وهي موجودة في برنامج الوادي آشي (68) وسبك المقال لابن الطواح (97) (مخطوط الخزانة الملكية بالرباط). (¬3) له ترجمة مطولة في رحلة ابن رشيد 2/ 127 - 156 تحقيق الشيخ ابن الخوجة. (¬4) هو أبو الحسين يحيى بن أحمد بن محمد بن أحمد بن طاهر بن علي بن عيسى المتوفى سنة 634 هـ، ترجمه ابن الأبار في التكملة (3419)، والحلة السيراء 2/ 303، وابن سعيد في المغرب 2/ 281، والذهبي في المستملح (870)، وتاريخ الإسلام 14/ 165.

-وكان ينتسبُ إلى سَعْد بن عُبَادة- سأل يومًا أبا [الحَسَن] (¬1) الزيّاتَ، سأله (¬2) فقال له: ما تقولُ في مَخْزوميّة ابن عَمِيرة؟ فقال له: إنْ كانت سَعْديّتُك مثلَ مَخْزوميّته فأنت صادق (¬3). قال أبو إسحاقَ الحكيم: يُعرِّضُ بأنّ ابن عَمِيرةَ ليس بمَخْزوميّ وأن جَدَّه أو أباه كان لَقِيطًا لرجُل من آلِ عَمِيرةَ الشُّقْرِيِّين. قال الحكيم: وهم في الأصل يهودٌ. والعُهدةُ في هذا على أبي إسحاق بن الحاجِّ، واللهُ أعلم (¬4). وكان أبو المُطرِّف رَوى عن أبي الخَطّاب أحمدَ بن محمد بن واجِب، وأبي الرَّبيع بن موسى بن سالم، وأبي عبد الله بن أيّوبَ بن نُوح، وأبي عليٍّ عُمرَ بن محمد بن الشَّلَوبِين وأبي عُمرَ أحمدَ بن هارون ابن عاتٍ، وأبي محمد بن سُليمان بن حَوْطِ الله، لقِيَهم وقرَأ عليهم وسَمع وأجازوا له، وصَحِبَ أبا بكر عَزِيزَ بن عبد الملِك بن خَطّاب قبلَ تولِّيه ما توَلَّى من رياسة بلدِه مُرْسِيَةَ وانتفعَ به كثيرًا. وأجاز له من أهل المشرِق: أبو الفُتُوح نَصْر بن أبي الفَرَج بن عليٍّ الحُصْري. رَوى عنه ابنُه أبو القاسم، وأبو بكر بن عبد الله بن خَطّاب، وأبو الحَسَن طاهرُ بن عليٍّ الشُّقْري، وأبو عبد الله بن أبي بكرٍ البري، وحدّثنا عنه من شيوخِنا أبو جعفر ابنُ الزُّبير، واسلوا عبد الله: ابن إبراهيمَ بن عُمرَ السلويُّ الخطيبُ ابن البَراذِعي، وحدَّثنا عنه ابن يحيى بن ربيع، وصاحبُنا أبو العبّاس بن محمد بن شنيف، وحدّثنا عنه أبو محمد مَوْلى أبي عثمانَ سعيد بن حَكَم. وكان أوّلَ طلبه العلمَ شديدَ العناية بشأن الرواية، فأكثَرَ من سَماع الحديث وأخْذِه عن مشايخ أهلِه، ثم تفَنَّن في العلوم ونَظَرَ في المعقولاتِ وأُصول الفقه، ¬

_ (¬1) بياض في الأصل، وأكملناه من ترجمة المذكور في السفر الخامس (الترجمة 463)، وعنوان الدراية (115). (¬2) هكذا في الأصل، وهو تكرار للتوكيد. (¬3) بعد هذا بياض في الأصل. (¬4) انتقد ابن الخطيب المؤلف على إيراد مثل هذه الرواية، فقال: "لم يكن من بيت نباهة، ووقع لابن عبد الملك في ذلك نقل كان حقه التجافي عنه، لو وُفِّق" (الإحاطة 1/ 173).

ومال إلى الآداب فبَرَعَ فيها براعةً عُدَّ بها من كُبَراءِ مُجيدي النَّظْم، فأمّا الكتابةُ فإنه عَلَمُها المشهورَ، وواحدُها التي عَجَزت عن الإتيانِ بثانيه الدّهور، ولا سيّما في مخُاطبة الإخوان، [هنالك استَوْلَى] (¬1) على أمدِ الإحسان، وله المُطوَّلاتُ المُنتخَبة، والقِصَارُ المُقتضَبة، وكان يُملحُ كلامَه نظمًا ونثرًا بالإشارة إلى التواريخ، ويُودعُه إلماعاتٍ بمسائلَ عِلميّة منوَّعةِ المقاصِد تشهَدُ بتمكُّنِه في المعارِف على تفاريقِها، كقولِه، وهو مما استَفتَح به مُخاطَبةً [البسيط]: يا غائبًا سَلَبْتني الأُنسَ غَيْبتُهُ (¬2) ... فكيف صَبري وقد كابدتُ بينَهما؟! دعوايَ أنك في قلبي يُعارضُها ... شوقي إليك فكيف الجمعُ بينَهما؟! (¬3) وكتَبَ إليه أبو عبد الله بنُ أبي الحُسَين كتابًا افتتَحَه بقولِه (¬4) [الكامل]: شُكري بفاتحةِ الخِطابِ مُنزَّةٌ ... عن حَصْرِه بالوَصْفِ والتّحبيرِ ومَوَّدتي وَقْفٌ عليكمْ واجبٌ ... عارٍ عن التّوسيع والتّخييرِ كبَّرتُ للبُشرى أنَتْ وسَماعُها ... عيدي الذي لشُهودِه تبكيري وكذلك الأعيادُ سُنّةُ يومِها ... مختصّةٌ بزيادةِ التكبيرِ فافتتَحَ جوابَه بقوله [الكامل]: أفْدي الكتابَ أتَي وساحةُ طَرْسِهِ ... رَوْضٌ موَشًّى بالبديع موشّعُ وله حقوقٌ ضاقَ وقتُ وجوبِها ... ومن الوجوبِ مضيَّقٌ وموشَعُ ¬

_ (¬1) بياض في الأصل أكملناه من الإحاطة. (¬2) في الأصل: غيلته، وهو تحريف. (¬3) ورد البيتان منسوبين إلى أحمد بن عبد الرحمن الرّصافي في جذوة الاقتباس (146)، ونسبا إلى ابن عميرة في ترجمته في المصدر نفسه (73). (¬4) قال محمد بن شريفة: كنتُ أحسب أن في النص هنا خللًا فعزوت هذه الأبيات إلى المترجم في كتابي: أبو المطرف أحمد ابن عميرة (244) لما بينها وبين جوابها الآتي -فيما أحسب- من فصل.

وله في غَرضٍ آخَر [الخفيف]: بايَعُونا مودّةً هيَ عندي ... كالمُصَرّاةِ بَيْعُها بالخِداعِ فسأقضي برَدِّها ثم أقضي ... معَها من نَدامتي ألفَ صاعِ وله في معنًى فِقهيٍّ آخَر [الطويل]: شرَطْتُ عليهمْ عندَ تسليم مُهجتي ... وعندَ انعقادِ البيع قُربًا يُواصَلُ فلمّا أردتُ الأخْذَ بالشّرطِ أعرَضوا ... وقالوا: يصحُّ البيعُ والشّرطُ باطلُ ومنه قولُه من أبيات [الكامل]: ورفعتَ من أملي بأكرمِ شيمةٍ ... نزَلَتْ وأنت البدرُ منزلةَ السُّها وتواضع أسلَفْتَه في سُؤدَدٍ ... ورُبًا رأيتَ العَقْدَ إلا ها وها ومن هذه الأبيات [الكامل]: عندي يدٌ لكَ بعدَ أُخرى قرَّرتْ ... من وُدِّك الذُّخْرَ المعَدَّ لِما دَهَا والدّهرُعن حظِّي سها أفينبغي ... من ذي اليدينِ سكوتُه عمّن سَهَا وله من هذا النَّحو كثيرٌ نظمًا ونَثْرًا، ومنه في النّثر قطعةٌ من رسالة هنَّأَ بها المستنصِرَ بالله أبا عبد الله ابنَ الأمير الأجَلِّ أبي زكريّا ابن الشّيخ أبي محمد ابن الشيخ أبي حَفْص بإجرائه ماءَ السِّقاية بجامع حضرةِ تونُسَ حرَسَها اللهُ وجميعَ بلاد الإسلام، وهي (¬1): الحضرةُ العَلِيّة أبقى اللهُ الإسلام بها قريرَ الناظر، قريبَ الناصر، وقَرَنَ مساعيَها بيُمنِ الطائر، ونُجْح الموارِدِ والمصادر، ولا زالتْ مآثرُها سائرةً معَ المُنجِد والغائر، زارِيةً على الماضي والغابر، وآثارُها حجّةً للمفاخر، بما ترَكَ الأولُ للآخِر. ¬

_ (¬1) أورد الشريف السبتي معظم فصول هذه الرسالة في رفع الحجب 1/ 77.

ومنها: فكتَبَ (¬1) كَتَب اللهُ للمقام العالي الكريم تأييدًا يملِكُ أمرَ الوَرى، وسُعودًا تعلو فوقَ الذُّرى، وتنزلُ إلى ما تحتَ الثَّرى، من قابِس وبركةِ الإمارةِ العزيزة أيَّدَها اللهُ تخرُقُ المعتادَ خَرْقًا، وتَجوبُ البلادَ غَرْبًا وشرقًا، وتُبَشِّرُ باغيَ الورود، بالعَذْبِ البرود، وما رأى عارِضًا ولا شامَ بارقًا، وإنّما هي هدايةٌ ألقِيَتْ في جَنانِها، وآيةٌ استأخَرتْ إلى زمانِها، وهمّةٌ انبطت بعدَ طول الإكداء، وسُقِيت قبلَ قَلْب الرِّداء، وأشعرَتْ ونِتاجُها حيث أجهِضَت الحَوامل، وعلاجُها قد عَجَزت عنهُ الأوائل، بأنّ أمرَها يعلو كلَّ أمر، ويومًا منها كليلةِ القَدْر خيرٌ من ألفِ شهر. ومنها: والحمدُ لله الذي أحيا بها البلدَ (¬2) الميِّت، وألهمَها قولَه: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ} [الأنفال: 17]، تفويضًا لمن قَدَّر الأحوالَ طَوْرًا وطَوْرًا، ودَرَّجَ النباتَ ورَقًا ونَوْرًا، وقال لخَلْقِه: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا} [الملك: 30]. وقد أتى به سبحانَه بعزيمةٍ صَدَقَ حاملُها، ونيّةٍ رضيَ عَملَ عاملِها، وعن رَوّية أنشرَتْه بعدَما أقبرَتْه، وكأنّما خيَّرتْه وما أجبَرتْه، وبمُرادِها الذي (¬3) خَبّأتْه أخبرَتْه، فأصاخ بالأُذُنِ الواعية، وجاء بحِكمة الأنشاء في ظُلمة الأحشاء، حتى أفضَى متواريهِ إلى الإفشاء، وأغنى جاريهِ عن الدَّلوِ والرِّشاء، فكأنَّ المسجدَ الجامعَ قدِ استَسْقَى لقومِه، واقتضى حقَّ أمسِه ليومِه، ورأى أنّ ما يوعبه (¬4) بسبب الخَلْق، من سيل (¬5) الوَدْق، ربما نَضَبت ثميلتُه، وكذَبَت مخيلتُه، فشَفَعَ للظِّماء، في مَعينِ الماء، واستغاثَ يدَ الجُود، للركوع والسجود، ولجأَ في إسباغ الطَّهور، لسابغ الكرَم المشهور، فلم يلبَثْ أنْ سمعَ النّداءَ: لَبيْك، وهذه ¬

_ (¬1) في رفع الحجب: "كتب العبد". (¬2) في رفع الحجب: "هذا البلد". (¬3) في الأصل: "التي"، خطأ. (¬4) في الأصل: "يوعيه"، ولا معنى لها. (¬5) في الأصل: "سبل"، وهو تصحيف، وما هنا من رفع الحجب.

السُّقيا تنتهي إليك، وتستَهِلّ حوالَيْك لا عليك، فإنْ كنتُ قد دعَوْتُ بأنْ تُروَى الضُّلوع الحِرَار، وتَرضَى الصَّفوةُ الأبرار، فالدعوةُ بحمدِ الله مُجابة، والدِّيمةُ لا مُقلِعةٌ ولا مُنْجابة، نشَأَتْ بَحْريّة لأعظم البحار هي منسوبة، بَرِّيةً لأنّها من جانبِ البرِّ مجلوبة، تُعَدُّ كوْنيّةً عند مَن يعقِلُ ويُحصِّل، كَوْثَريّةً لأنّ ماءها إلى الكوثرِ يوصِل، وكيف لا ومِسياله (¬1) إلى شَطرِ الإيمان وسيلة، وغَرفاتُه للغُرّةِ والتَحْجيل مطيلة، والنظرُ إليه كاستعمالِه عبادة، وخروجُ الخطايا معَ آخِر قطرةٍ فضيلةٌ من الخبَرِ مستفادة، فما أعظمَ مِنّةَ جالبِه، وأجَلَّ قَدْرَ هِبتِه من مواهبِه، وأحراهُ بأن يكونَ له من ثواب المتطهِّرينَ واللهُ يحبُّهم، وفي حِزبِه هو حِزبُهم ما يَرفَعُه إلى الدّرجاتِ العُلى، ويُزَيِّنُه من شَرَفِ الذِّكر الحُلى، ويَجزيه عن كلِّ كبِدٍ رَطْبة سَقاها، ومشقّة صعبةٍ وَقَاها، بكلِّ صعبةِ أجرًا يقودُ إليه منه أفضلَ إلف، ويضاعفُه إلى مئة ألفِ ضِعف، بل يتعدَّدُ بتعدُّد وارديهِ على الأنام، ومشاهديه معَ الأيام والأعوام، {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 261]، وينابيعُ جُودِه لا يَغيظُها الصّباحُ والمساء (¬2). وقطعةٌ من رسالة أجاب بها أبا العباس ابنَ أُميّةَ وقد أعلَمَه باستيلاءِ الروم قصَمَهم اللهُ على بَلَنْسِيَةَ رجَعَها الله (¬3): بالله، أيَّ نحوٍ ننحو، وسطورٍ نُثبتُ أو نمحو، وقد حُذِف الأصلُ والزائد، وذهبتِ الصِّلةُ والعائد، وبابُ التعجُّب طال، وحالُ اليأس لا تخشَى الانتقال، وذهَبَت علامةُ الرفع، وفُقِدت سلامةُ الجمع، والمعتَلُّ أعدى الصّحيح، والمُثلَّثُ أردى الفصيح، وامتَنعتِ العُجْمةُ من الصَّرف، وأمِنتْ زيادتُها من الحذف، ومالت قواعدُ المِلّة، وصِرنا إلى جَمْع القلة؟ ¬

_ (¬1) في رفع الحجب: "ومسيله". (¬2) انظر رسالة ابن الأبار في الموضوع نفسه في أزهار الرياض 3/ 211 كما قصر حازم قسمًا من مقصورته على الإشادة به. (¬3) وردت في رسائله: 205 (مخطوط)، والروض المعطار (50)، والإحاطة 1/ 176 وغيرها.

وفَصَلَ من رحلتِه (¬1) معَ الرّشيد (¬2) أبي محمد عبد الواحد ابن المأمونِ أبي العُلَى إدريسَ ابن المنصورِ أبي يوسُفَ يعقوبَ ابن الأمير أبي يعقوبَ يوسُفَ ابن الأمير أبي محمدٍ عبد المُؤْمن بن عليًّ وقد خَرَجَ معَه من سَلا (¬3) إلى حَضرتِه مَرّاكُش، قال فيه يصفُ المصحف: وبَرزَ الإمامُ بينَ يدَيْه الإمام (¬4)، وأمامَه النُّورُ الذي يُضيءُ به الوراءُ والأمام، حبلٌ اعتَصمَ به المعتصمون، وحُجّةٌ انقطَعَ بها قومٌ خَصِمُون (¬5)، وذخيرةُ الخلائف، وبقيّةُ العهدِ السالف، عاصَرَ الصّحابة، وعاشَرَ جِيلَهمُ الطيِّبَ بطابة (¬6)، وباشَرتْهُ أيدٍ جمَعتِ التنزيل، وأخذتْه عن الرسُول عن جِبريل، فالقارئُ فيه للكتاب المنزَّل، يحُلُّ محلَّ آخِذِه عن الصَدْر الأوّل (¬7)، قد شهِدَ مع الشهيد الدار، وكان معَه يومَ دار ما دار، فرأى ما نال نائلة (¬8)، وتوسَّط تلك المواقفَ الهائلة، فهُو يصنَعُ الخُشوعَ لمن كان متصنِّعًا، ويَصدَعُ القلوبَ وإن كان ذلك منها مُتَمنِّعًا، {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا} [الحشر: 21]، حَفِظَتْ (¬9) صَدَفَةُ الوجودِ لآلئَه، وكان الاعتناءُ الرّبّانيُّ كالئَه، إلى (¬10) أنْ بَلَغَ محِلَّه، وعقَدَ معَ آلِ القرآن إلَّه، فأخَذوه بقوّة، وجَلَوا منه أشرفَ (¬11) عَرُوسٍ مَجْلُوّه، فهُو عندَهم ¬

_ (¬1) توجد فصول من هذه الرحلة في رسائله: 180 وما بعدها (مخطوط الرباط رقم 233 ك)، وانظر تحليلًا لها في كتاب الدكتور محمد بن شريفة: أبو المطرف (120 - 121). (¬2) انظر أخبار الرشيد في البيان المغرب 3/ 282 وما بعدها (القسم الموحدي). (¬3) كان هذا الخروج سنة 637 هـ. (¬4) الأولى: الخليفة، والثانية: المصحف الإمام. (¬5) في الرسائل: حبل الله الذي به اعتصم المعتصمون، وحجته التي بها انقطع القوم الخصمون. (¬6) طابة لغة في طيبة مدينة النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬7) في الرسائل: فالناظر فيه تابعي بهذا الاعتبار، وله من الشرف بعلو الرواية ما يدنيه من المختار. (¬8) هي نائلة زوجة الخليفة عثمان بن عفان التي شهدت استشهاده. (¬9) في الرسائل: "ولقد حفظت". (¬10) في الرسائل: "حتى". (¬11) في الرسائل: "أيمن".

{لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79]، ولا يلي أمرَه إلا الذين هم بأمرِه يَظهَرون، وسار يتقَدَّم أمامَ الخَلْق، وتتقدَّمُه رايةُ الحقّ، فهو على ما وَرَد في وَصْفِه {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} [فصلت: 42]. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: استعمَل الجيلَ بمعنى القَرْن غَلَطًا، وإنّما هو بمعنى الأُمّة، فالعربُ جيلٌ والرُّومُ جيل، وكذلك الفُرْسُ والتُّركُ وغيرُهم. وقدِ استدعَى هذا الفصلُ تبيينَ أمرَيْنِ قد يُشكِلان على بعض مُطالعي هذا الكتاب؛ أحَدُهما: شأنُ هذا المصحف، والثاني: كيفيّةُ الترتيبِ الذي أشار إليه الشّيخ أبو المُطرِّف في هيئة هذا البُروز: أمّا المصحفُ فإنّ أبا محمد عبدَ المؤمن بنَ عليّ وآلَه من بَنيه وأتْباعَهمِ كانوا يُصرِّحونَ بمُعتقَدهم فيه أنّه الإمامُ مصحفُ أميرِ المؤمنينَ عثمانَ بن عفّان رضيَ اللهُ عنه، وعلى ذلك كان إطباقُ أهل الأندَلُس، فقد قال الرازي في "تاريخِه": وفي يوم الأحد لثمانٍ خَلَوْنَ من جُمادى الآخِرة سنة أربع وخمسينَ وثلاث مئة احتُملَ المصحفُ المرَتَّبُ في جامع قُرْطُبةَ لقراءةِ الإمام فيه صَبيحةَ كلِّ يوم بعدَ صلاة الصّبح، وهو مصحفُ أميرِ المؤمنين عثمانَ بن عفّان رضي اللهُ عنه. وممّا خَطَّه بيمينِه إلى دار صاحب الصّلاة محمدِ بن يحيى ابن الخَرّاز (¬1) عن عهدِ أميرِ المؤمنين أبقاه اللهُ احتراسًا به وتحَفِّيًا عند فَتْح الحَنايا التي يُفضي منها إلى موضع الزِّيادة التي زادها أعزَّه اللهُ في الجامع، وكان فتَحَها في هذا التاريخ. وقد ذكَرَ التأريخيُّ الحافظُ الحافلُ أبو مَرْوانَ حَيّانُ بن خَلَف بن حَيّان في كتابِه "المقتبِس" [كلامًا] (¬2) نمَّقَه بحُسن عبارته المعهود من كلام الرازي في ذكْرِه نقَلْتُه من خطِّ الراوِيهَ أبي القاسمِ ابن بَشْكُوال، وهو: ولمّا احتيجَ في هذا الوقت إلى خَرْق سُورِ القِبلة المقدَّمة لهذه البِنْية الحكميّة لاتّصال قِطَع بُنَى المسجدِ بعضها ببعض واتّساقِها، احتُملَ المصحفُ المدعوُّ بالإمام المُختزَن كان بمقصورةِ ¬

_ (¬1) ترجمته في تاريخ ابن الفرضي (1323) وفيه: وولي الصلاة بقرطبة. (¬2) زيادة متعينة.

هذا الجامع المرَتَّب لقراءة إمام الفريضة فيه كلَّ يوم عندَ فَراغِه من صلاة الصُّبح، وهو مصحفُ أمير المؤمنينَ عثمانَ بن عفّان رضي اللهُ عنه، خَطَّه بيَمينِه، وله عندَ الأندَلُس شأنٌ عظيمٌ، واحتفاءٌ شديد، أمَرَ الخليفةُ من أجْلِ ذلك باحتمالِه إلى دارِ صاحب الصّلاة الثِّقةِ المأمونِ محمدِ بن يحيى بن عبد العزيز المدعُوِّ بابن الخَرّاز وإخزانِه لدَيْه، احتراسًا به وتحفُّظًا بمكانِه، إلى أن ينقضيَ أمرُ القِبلةِ (¬1) الجديدة وتتحصَّنَ بمقصورتها المُحْدَثة الموثَّقة فيعادَ المصحفُ إلى مكانِ إحرازِه بها، ففُعلَ ذلك بالمصحف، واحتَمَلَه مَشْيخةُ السَّدَنة إلى دار ابن الخَرّاز، وذلك يومَ الأحد لثمانٍ خَلَوْنَ من جُمادى الآخِرة من سنة أربع وخمسينَ وثلاث مئة. انتهى الفصلُ منقولًا من خطِّ الراوِية أبي القاسم ابن بَشْكُوال كما ذُكِر، وبخطِّه في الحاشيةِ اليُمنى محُاذيًا بأوّله آخِرَ هذا الفصل ما نَصّه: أُخرِجَ هذا المصحفُ عن قُرْطُبة وغُرّب عنها ليلةَ السبت الحاديةَ عشْرةَ من شوّالٍ سنةَ اثنتينِ وخمسينَ وخمس مئة وحُمِلَ صَبِيحةَ يوم السبت وجُوِّزَ إلى العُدْوة، أخَذ اللهُ مَن سَعَى في تغريبِه وخروجِه عن الحضرة أخْذَ آسِف ولا أمهَلَه بالذي لا إله إلا هو وعَجَّل بصَرْفِه إلى مكانِه بقُدرته لا يُعجِزُه شيءٌ جَلَّ جَلالُه وعَظُمَ سُلطانُه. انتهَى نصُّ هذه المُعلَّقة في الحاشية المنَبَّه عليها كما ذُكِر. ورحِم الله أبا القاسم ابنَ بَشْكُوال ونفَعَه بمقصده، فإنّما استأثَرَ بعِلق نَفِيس، واستكثَرَ من خيرِ جليس، وأفضل أنيس، وتأثَّر لانتقالِ موقوفٍ على محلِّه الأحقِّ به حبيس، فلذلك أتْبَعَ خبرَه عنه نفْثةَ مصدورٍ عن قلبٍ قَريح، ولَهْفَ موتور ذي فؤادٍ بمؤلِم هذا المُلِمّ جريح، ولو كوشفَ رحمه اللهُ بحالِ قُرْطُبةَ من بلاد الأندَلُس وسواها، وانتهاكِ عبَدةِ الصّليبِ مَحُوطَ حِماها، واستيلائهم على ما اشتَملَتْ عليه من كثيرٍ من المصاحفِ غيرَ ذلك المصحفِ الكريم، وابتذالِهم ما عُنيَ أكابرُ العلماءِ بصيانتِه من ذخائرِ دواوينِ العلم على العهد القديم؛ لَسُرَّ بإخراجِه عن قُرْطُبة واحتمالِه، وأعان بالتحضيض نُصحًا له على انتقالِه، إنقاذًا له من أيدي المشركين، ¬

_ (¬1) في الأصل: "الغلبة".

واستدامةً لبقائه في كَلاءةِ المسلمين، وكان إخراجُه في التاريخ الذي ذكَرَه الراويةُ أبو القاسم ابنُ بَشْكُوال في أيام أبي محمدٍ عبد المؤْمن بن عليٍّ وبأمرِه، وفي ذلك يقولُ الشاعرُ المُجيد أبو عبد الله محمدُ بن حُسَين بن حَبُوس الفاسيُّ (¬1) من قصيدةٍ يمدَحُ بها أبا محمد عبدَ المؤمن بنَ عليّ [سريع]: سيَشكُرُ المصحفُ إكبابَكمْ ... عليه إذْ أوجَدَه الفَقْدُ أذكَرْتُم الأيامَ ما أغفَلَتْ ... من بِرِّه إذ قَدُمَ العهدُ مصحفُ ذي النُّورَيْن عثمانَ ما ... كان لكمْ عن صوْنِه بُدُّ ما اختارشيئًا مُؤْنسًا غيرَهُ ... حين أتَى واقتَربَ الوعدُ أوسَعْتُمُ الدّنيا اطِّراحًا وما ... كان لكمْ إلا به وَجْدُ يَحْنو عليه العَطْفُ منكمْ ولا ... يَغُبُّه الإشفاقُ والوُدُّ صبابةً منكمْ به لم تكنْ ... تثيرُها جُمْلٌ ولا دَعْدُ أحْبَبْتُم المولى فأحْبَبْتُمُ ... ما خَطَّه من وَحْيِه العَبْدُ ألبَستُموهُ حِليةً لم يكنْ ... يسمَحُ للكفِّ بها الزَّنْدُ لم تدركِ الأعرابُ ما كُنْهَها ... ولا ادّعت (¬2) إدراكَها السُّغْدُ (¬3) لأسفَرَتْ سفرتُكمْ هذه ... عن واضحاتٍ نُجْحُها نَقْدُ ¬

_ (¬1) ترجمة ابن حبوس في التكملة (1725) وترجم له المؤلف في السفر الثامن (الترجمة 85 وما بعدها)، وقد نقلها عنه صاحب أعلام مراكش وأغمات 3/ 26 - 31 (4/ 110)، وصدّر به أبو صفوان ابن إدريس كتابه زاد المسافر (43) وهو مذكور في المعجب (282 - 284)، وترجمه ابن القطان في نظم الجمان (134)، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 443 (ط. 1963 م)، وانظر العلوم والآداب والفنون على عهد الموحدين للأستاذ محمد المنوني (168)، ولم تقع الإشارة من قبل إلى القصيدتين الواردتين عند المؤلف هذا. (¬2) في الأصل: "اد". (¬3) في الأصل: "السعد".

تكفَّلَ السَّعدُ بمقصودِكم ... وبانتِ الوِجهةُ والقصدُ عنايةُ الله بكمْ جَمّةٌ ... له عليها الشكرُ والحمدُ وقال فيه أخرى، وهي عندي من غُرَرِ قصائده (¬1) [سريع]: فعلُ امرِئٍ دَلَّ على عَقْلِهِ ... والفَرْعُ منسوبٌ إلى أصلِهِ إنّ الذي يَكرُمُ في جِنسِهِ ... هو الذي يَكرُمُ في فصْلِهِ والمرءُ لا يُشكَرُ عن نفْسِه (¬2) ... وإنّما يُشكَرُ من فضلِهِ (¬3) والخيرُ والشرُّ، لهذا وذا ... أهلٌ، فَرَجِّ الخيرَ من أهلِهِ لا يَترُكُ اللازمُ ملزومَهُ ... والشخصُ لا ينفَكُّ عن ظلِّهِ وكلُّ مفطورٍ (¬4) على شيمةٍ ... لا بدَّ أن تظهَرَ في فعلِهِ لا يُدركُ الطَّرفُ على شَدِّهِ ... ما يُدركُ الطَّرفُ على رَسلِهِ والناسُ أشتاتٌ وفي الطَّبع ما ... قد يعطِفُ الشّكلَ إلى شكلِهِ إضافةُ السُّفْل إلى عُلوِهِ ... إضافةُ العُلوِ إلى سُفْلِهِ ما غايةُ العالِم في علمِهِ ... كغايةِ الجاهلِ في جهلِهِ ¬

_ (¬1) أورد ابن فرحون في الديباج ثمانية أبيات من هذه القصيدة، ونسبها إلى أبي المطرف أحمد ابن عميرة المخزومي، وذلك وهم ربما أوقعه فيه قلة التروي عند قراءة هذه الترجمة ومنها نقل، فقد فهم -وهذا يحدث من سرعة القراءة- أن مرجع الضمير في قول المؤلف: وقال فيه أخرى. . . يعود على المترجم ابن عميرة مع أن قوله: "فيه أخرى" يبين أن الضمير يعود على أقرب مذكور وهو ابن حبوس صاحب القصيدة الأولى في الموضوع نفسه، قاله محمد بن شريفة، وقال: وقد تابعت ابن فرحون في هذا الوهم في كتابي: أبو المطرف 241 - 242، فليصحح هناك، وانظر الديباج 1/ 206 - 207. (¬2) في الديباج: "بغيه"، ولكنها وردت في نسخة أخرى منه كما هنا، وهو الصواب. (¬3) في الديباج: "عن عقله"، ولكنها وردت في نسخة أخرى منه كما هنا، فهو الصواب. (¬4) في الديباج: "مقصور".

ولا الذي يُشكَرُ عن بَذْلِه ... مثلُ الذي يُشكَرُ عن بُخلِهِ عَمْري لقد حمَلَ أمرَ الوَرى ... مضْطلعٌ بالعِبءِ من حِمْلِهِ مَنْ لم تزَلْ أنواءُ أفكارِهِ ... تَهْمي على المُمحِلِ في مَحْلِهِ ذاك سِراجُ الكلِّ بل شمسُهُ ... بل عقْلُهُ الفَعّالُ في عَقْلِهِ تُضيءُ أنوارُ النُّهى حولَهُ ... في عَقْدِه المبرَم أو حَلِّه وإنما الفضلُ إلى وقتِه ... فيقدُم المِثلُ على مثلِه هذا كتابُ الله جَلَّ اسمُهُ ... بخطِّ عثمان وفي دَخْلِهِ (¬1) خيرُ إمام آخِرٌ جاءه ... خيرُ إمام كان من قَبْلِهِ إليه يُنمَى كلُّ [ما] مصحفٍ ... تأنَّقَ العالَمُ في نَقْلِه أجرى ابنُ عفانَ إلى نَصْرِهِ ... وخَصلُكمْ زادَ على خَصْلِهِ (¬2) أنيسُه في وَحْشةِ الدارِ إذ ... تواطَأَ القتلُ إلى قتلِه رمَى به الخابطُ في غَيِّهِ ... وضَمَّه الحاطبُ في حَبْلِهِ وصار من أوكَدِ شُغل امرئ ... في تَرْكِه الإعراضُ عن شُغْلِهِ صيانةُ الشّيخ له أوجَبَتْ ... لَجاجةَ الباغينَ في بَذْلِه حتى أتى الأمّةَ مَن نَبَّهتْ ... شهادةُ الرُّسْلِ على عَدْلِه فأيقَظَ الأجفانَ من نَوْمةٍ ... صَحا بها المخبُولُ من خَبْلِهِ عرَّفَ ما يُجهَلُ من حقّهِ ... وضَمَّ ما فُرِّقَ من شَمْلِهِ ومال في تعظيمِهِ مَيْلةً ... أعادت الفَرْعَ إلى أصلِهِ ألبَسَه من رائقِ الحُلي ما ... يعجِزُ جِيدُ الدّهرِ عن حَمْلِهِ ¬

_ (¬1) هذا البيت والبيتان بعده موجودان في كتاب المسند لابن مرزوق، ص 457. (¬2) قال ابن مرزوق: إن الشاعر أساء الأدب في هذا البيت.

وزاد ما أبطن من بِرِّهِ ... على الذي أظهَرَ من حَفْلِهِ نَشْزٌ يُضيءُ النّجمُ في عُلوِهِ ... ونيِّراتُ الشُّهبِ في سُفْلِهِ فمِن حصى الياقوتِ حَصْباؤه ... وتِبْرُه يُغنيه عن رَمْلِه كأنّما الأصباغُ فيه وقد ... تألّفَ الشّكلُ إلى شكلِهِ زخارفُ النُّوارِ في روضةٍ ... هراقَ فيها اللَّيلُ من طَلِّهِ فاضَ أَتِيُّ الحُسن في كُلِّهِ ... فكلُّه يَعجَبُ من كلِّهِ لم ترَ عينٌ قطُّ شِبْهًا لهُ ... ولم تَصِخْ أُذْنٌ إلى مِثْلِه أذاعتِ الحِكمةُ سِرَّ النُّهى ... فيه ومات الخَبْطُ في جهلِهِ تقَيَّدَ اللَّحظُ به فهْو لا ... يَصرِفُه الناظرُ عن نُبلِهِ ذلك من فضل إمام الهدى ... وكلُّنا نُعزَى إلى فضلِهِ كأنّما العُمّالُ آلاتُه ... تفعلُ ما يَصدُرُ عن فعلِهِ جهابذُ الآفاقِ قد بَلَّدوا ... في فصلِ ما يَفصِلُ أو وَصْلِهِ وكلُّهمْ برَّزَ في سَبْقِهِ ... وأحرَزَ الخَصْلَ على مَهْلِهِ ما خَطْوُ من يَعْدو به سابحٌ ... كخطوِ مَن يعدو على رِجْلِهِ وليس من يَغرِفُ من نهرِهِ ... مثلَ الذي يَغرِفُ من سَجْلِهِ ولا الذي يمرَحُ مُرخًى لهُ ... مثلُ الذي يمرَحُ في شكلِهِ ولا حسامٌ نال منه الصَّدا ... مثلُ الذي بُولغَ في صَقْلِهِ التَمرُ معزوٌّ إلى نَخْلِه ... والشّهدُ منسوبٌ إلى نَحْلِه والقُدسُ محفوظٌ على أهلِهِ ... وأنتمُ تاللهِ من أهلِه عجائبُ العالَم مختصّةٌ ... بأولياءِ الله أو رُسْلِهِ

قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: أثبتُّ هذه القصيدةَ الفريدةَ بأسرِها استجادةً لها واستغرابًا لِما حوَتْه من أنواع الحِكَم والأمثالِ السائرة، وفي نحوِ ذلك يقولُ الأديبُ الحسيب أبو جعفر بنُ عبد الرحمن الوَقَّشِي من قصيدةٍ يهنِّئُ بها الأميرَ أبا يعقوبَ بن عبد المؤمن بعيدِ الفِطر [الطويل]: ومصحفَ عثمانَ بنِ عفّانَ أهمَلَتْ ... ملوكُ الوَرى من حقِّه كلَّ لازمِ فأشفَقْتَ من جهلِ الجميع بشأنِهِ ... وأهّلتَهُ صَوْنًا له بِرَّ عالمِ وألبستَهُ تِبْرًا يَرُوقُ مرصَّعًا ... وقد كان في بُرْدٍ من الجِلدِ قاتمِ قال أبو جعفر: لمّا انتهيتُ بالإنشاد إلى هذا البيت قال الأميرُ أبو يعقوب: مَنْ أعلَمَك بهذا؟ والله لقد كان كما قلت. رجَعْنا إلى بقيّة الأبيات [الطويل]: وأبرزتَهُ للعالَمينَ ونُورُهُ ... يَفيضُ عليه من جواهرِ ناظمِ تَكنَّفَه منهُنَّ نُخبةُ معدِنٍ ... تُجاورُها فيه يتيمةُ عائمِ فجاء يَرُوعُ الناظرينَ بحُسنِهِ ... ويُخجِلُ أجيادَ الحِسَان الكرائمِ وداخلَه نورٌ من الحقِّ ساطعٌ ... يقودُ إلى حظٍّ من الخُلدِ دائمِ فأصبح ذا النُّورينِ كاسم وَليِّهِ ... وخيرٌ له في بَدْئه والخواتمِ فليت أبا عَمْرٍو (¬1) يُعاينُ شكلَهُ ... فيَشكُرَ أفعالَ الحَفِيِّ المُكارِمِ وفي مثل هذا الغَرَض يقولُ أبو عبد الله بن عبد العزيز بن عَيّاش (¬2) ويصِفُ تَحْليةَ المنصورِ أبي يوسُفَ يعقوبَ بن أبي يعقوبَ المذكورِ إيّاه أيضًا [الطويل]: ¬

_ (¬1) يقصد عثمان بن عفان رضي الله عنه. (¬2) له ترجمة في التكملة (1622)، والسفر السادس من هذا الكتاب (الترجمة 1034)، وزاد المسافر (94)، والمعجب (338) (ط. 1963 م).

ونُفِّلْتَه من كلِّ مَلْكٍ ذخيرةً ... كأنَّهُمُ كانوا برَسْمِ مكاسِبِهْ فإنْ ورِثَ الأملاكَ شرقًا ومغرِبًا ... فكم قدْ أخلُّوا جاهلينَ بواجِبِهْ وألْبَسْتَهُ الياقوتَ والدُّرَّ حِلْيةً ... وغيرُك قد رَوّاهُ من دمِ صاحِبِهْ (¬1) وقد أكثَرَ شعراءُ دولةِ أبي محمدٍ عبد المؤمن وبَنيه بعدَه من هذا المعنى، وتواطَأَتْ أقوالهُم بناءً على معتَقداتِهم أنه مصحفُ عثمانَ بن عفّان الذي كان بين يدَيْه حين استُشهِد رضيَ اللهُ عنه، ويَذكُرونَ أنّ دَمَه كان منه بموضعَيْنِ: أحَدُهما: قولُه سبحانَه: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} [البقرة: 137]، والثاني: قولُه تعالى: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ} [الأعراف: 77]. وهذا كما تراه ظاهرُ التصنُّع، وهو -واللهُ أعلم- غَلَطٌ بيّن تَبِع فيه بعضُ الناس بعضًا، فإن المتقرِّرَ من شأنِ مصحفِ عثمانَ بن عفّان أنه ضاع بالمدينة في بعضِ الفِتن الطارئة عليها، ولكنّ أبا بكرٍ محمدَ بن أحمد بن يعقوبَ بن شَيْبةَ بن الصَّلْت بن عُصفُورِ بن شَدّاد بن هَمْيَانَ السَّدُوسيَّ مولاهم، قال: رأيتُ بخطِّ جَدِّي يعقوبَ بما أجازه لي، ثم حدَّثني به أبي أحمدُ بن يعقوبَ بَعْدُ عنه: حدّثني أبي، قال: حدّثني أبي: رأيتُ الإمامَ مصحفَ عثمانَ بن عفّان رضيَ اللهُ عنه وأرضاه في شهر ربيع الأوّل سنةَ ثلاثٍ وعشرينَ ومئتَيْن قد بَعَثَ به أبو إسحاقَ أميرُ المؤمنين وهو المُعتصم بالله ابنُ أميرِ المؤمنينَ أبي جعفرٍ هارونَ الرَّشيد لتُجَدَّدَ دَفّتاهُ ويُحَلَّى، فشَبَرتُ طولَ المصحف فإذا هو شِبران وأربعُ أصابع مفرَّقة، وعدَدْتُ سطورَ بعض وَرَق المصحف فإذا في الوَرَق ثمانيةٌ وعشرونَ سطرًا، ورأيتُ أثَرَ دمٍ فيه كثيرًا في أوراقٍ من المصحف كثيرة، بعضُ الوَرَق قَدْرُ نصفِ الوَرَقة وبعضٌ قَدْرَ الثُّلُث، وفي بعض الوَرَق أقلُّ وأكثر، وعلى أطرافِ كثير من الوَرَق، ورأيتُ عِظَمَ الدّمِ نفسِه في سُورة (والنجم) في أول الوَرَقة كأنّه دمٌ عَبِيط أسودُ على {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا ¬

_ (¬1) الأبيات في التكملة، وأعادها المؤلف في ترجمته، وهي كذلك في مستفاد الرحلة وفي المسند الصحيح الحسن لابن مرزوق (456 - 462).

تَهْوَى الْأَنْفُسُ} [النجم: 23]، ثم بعدَه أيضًا، ورأيتُ أثَرَ نُقطةٍ من دم على هذا الحرف: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} [البقرة: 137]، فسألتُ الذي رأيتُ المصحفَ عندَه: ما لهذه دارِسةً؟ فقال: ممّا يمسَحُ الناسُ أيديَهم بها، ورأيتُ أثَرَ مَسحِ الأيدي بيِّنًا وأثَرُ النُّقطة بيِّنٌ. انتهى المقصودُ من الواقع في صِفة مصحفِ عثمانَ بن عفّان رضيَ اللهُ عنه عند أبي بكرٍ محمد بن أحمد بن يعقوبَ بن شَيْبةَ المذكور، وقد ذَكَرَ -كما سمِعتَ- رؤيتَه مصحفَ عثمانَ بن عفّان وآثارَ الدّمِ فيه معيَّنةَ المواضع ومُبهَمتَها وتاريخَ رؤيته ذلك، ولا يُمكنُ أن يكونَ هذا الذي كان بالأندَلُس؛ لأنّه لم يطرَأْ على بني العبّاس ما يُخرِجُه عن أيديهم وُيصيِّرُه إلى الأندَلُس، ثم إنّ أثَرَ الدمِ في هذا الذي كان بالأندَلُس كان في الموضعَيْنِ المذكورين لا غيرُ، بخلافِ ما ذَكَرَ ابنُ شَيْبةَ. والذي يَظهَرُ لي -واللهُ أعلم- أنّ هذا المصحفَ الذي كان بالأندَلُس هو أحدُ المصاحفِ الأربعة التي بعَثَ بها عثمانُ بن عفّان رضي اللهُ عنه إلى الأمصار: مكةَ، والبصرة، والكوفة، والشّام، فإنْ يكنْ أحدُها فلعلّه الشّاميُّ استَصحَبَه الأميرُ أبو المُطرِّف عبدُ الرحمنِ الداخِلُ إلى الأندَلُس ابنُ مُعاويةَ بن هشام بن عبد الملِك بن مَرْوان بن الحَكَم بن أبي العاص بن أميّةَ بن عَبْدِ شَمْس، وكان دخولُه إلى الأندَلُس غُرّةَ ربيع الأوّلى سنةَ ثمان وثلاثينَ ومئة، أو يكونُ ممّا بَعَثَت إليه أُختُه به من الذّخائرِ والتُّحَفِ والهدايا التي كانت تُوالي توجيهَها إليه من الشام، أو يكونُ ممّا اجتُلِبَ إلى غيرِه من ذُرِّيتِه، واللهُ أعلم. ويؤيِّدُ ما ذهبتُ إليه من ذلك أنّ مقدارَ حَجْم الذي وَصَفَه أبو بكر بنُ شَيْبةَ حسبَما تقَدَّم إيرادُه مخالفٌ مقدارَ حَجْم الذي كان بالأندَلُس، فقد وَصَفَ لي جماعةٌ ممن شاهدوه وباشَروه منهم شيخانا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ وأبو زكريّا يحيى بنُ أحمد بن عَتِيق رحمَهما الله وغيرُهما فاتَّفَقوا على أنّ طُولَه دونَ الشِّبر، وأن أسطارَه دون العشَرة، فاقتضَى ذلك أنّ أوراقَه أكثرُ من أوراقِ الذي وَصَفَ أبو بكر بنُ شَيْبة، وقد ذَكَرَ لي واصِفوهُ المذكورونَ أنه كان ضخمًا لكثرةِ وَرَقه، وذَكَرَ لي بعضُهم أنه عايَنَ المعوِّذتَيْن في صفحتَيْنِ منه كلُّ واحدةٍ منهما في صفحة، ولمّا أجازَهُ أبو محمدٍ عبدُ المؤمن إلى بَرِّ

العُدوة احتفلَ في الاعتناء بكُسْوتِه وأبدَلَها -وكانت من جِلد - بألواح مصَفَّحة بصحائفِ الذهب، وقد نَظَمَ في مواضيعَ منها لآلئَ نفيسةً وأحجارَ ياقوتٍ وزُمُرُّد من أرفع ما كان عندَه، ثم لم يزَلْ بَنُوه بعدَه يتَفنَّنُونَ في زيادةِ جليل الجواهرِ وفاخِر الأحجار على ما كان محُلًّى به حتّى استوعَبوا دَفَّتَيْه بذلك بما لا قيمةَ له ولا نظير، وكانوا أبدًا يُحضِرونَه في مجالسِهم في ليالي رمضانَ ويُباشِرونَه بالقراءةِ فيه ويُصفِّحونَ وَرَقَه بصفيحةِ ذهبٍ مستطيلة شِبهَ المِسْطَرة ويَستصحِبُونَه في أسفارِهم وحركاتِهم متبرِّكينَ به إلى أنِ احتَمَلَه معَه المعتضِدُ بالله (¬1) أبو الحَسَن عليٌّ ابن المأمون أبي العلاء إدريسَ ابن المنصور أبي يوسُفَ المذكور قبلُ على عادة سَلَفِه حين توَجَّه إلى تِلِمْسينَ آخرَ سنةِ خمسٍ وأربعينَ وست مئة فقُتلَ بمقرُبة من تِلِمْسينَ في آخرِ صَفَر سنةَ ستٍّ بعدَها (¬2) وقَدِمَ مكانَه ابنُه أبو إسحاقَ إبراهيمُ ثم قُتلَ ثانيَ يوم تقديمِه، واختَلَّ الجيشُ ووَقَعَ النَّهبُ في خزائنِ السلطان واستولَتْ أيدي العرَب وغيرِهم على جميع مَن كان بالعسكرِ ممن لا قُدرةَ له على مُدافعةٍ عن نفسِه، فكان ممّا نُهِبَ ¬

_ (¬1) أوسع مصدر في أخبار المعتضد بالله هذا هو البيان المغرب 3/ 358 وما بعدها (القسم الموحدي). (¬2) انظر المصدر السابق، ص 385 وما بعدها، وقد جاء في "المسند" لابن مرزوق ما يلي: "ورأيتُ بخط المحدث التاريخي أبي القاسم التجيبي فيما ذيّله على تكملة ابن عبد الملك في هذا الموضوع قد كتب بحذاء ذكر المعتضد ما نصه: قرأت بخط أي علي بن منصور الجنب قال: سمعت الكاتب أبا الحسن الرعيني يقول: لما أراد المعتضد التوجه في الحركة التي قُتل فيها اجتمع إليه أهله وأولاده للوداع فدعوا له بأن يرده الله إليهم سالمًا فكان من قوله لهم: والله لا رأيتموني هنا أبدًا. قال: وأعجبُ من ذا أن علي بن عبد الله المغيلي كان يقول: وصل إليّ بربري من أهل أزمور في الحركة التي مات فيها المعتضد برقعة قديمة فيها مكتوب بخط قديم: يَقتُلُ الملك الأحمر البربري الأشتر، فكان الذي خرج إليه من الحصن الذي تحصَّن فيه يَغْمراسن وهو تامزردكت رجلٌ أشتر. قال: وكان يقال: من النوادر موت المعتضد وحده وكان جيشه نحو مئة وعشرين ألفًا. (المسند الصحيح الحسن 462 - 463). قلنا: السفر الأول الموجود ليس من النسخة المذيلة للتجيبي ولهذا لا نجد فيها هذا التذييل، وقد وصل إلينا من هذه النسخة السفر الخامس والسفر السادس، وقد كانت بيد ابن مرزوق الذي ينقل عنها في المسند والمناقب المرزوقية.

ذلك الوقتَ هذا المصحفُ الكريم، ولم يَعلَمْ مُنتهِبُه قَدْرًا له ولا قيمة، فدخَلَ به تِلِمْسينَ وعرَضَه على البيع، فأخبَرني الشَيخُ أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمه الله أنه رآه بيدِ سِممسارٍ يُنادي عليه بسُوق الكتُب بتِلِمْسينَ بسبعة عشَرَ درهمًا وقد ضاعت منه أوراقٌ، فأُنهِيَ خبَرُه إلى صاحب تِلِمْسينَ حينئذٍ أبي يحيى يَغمراسن بن زَيّانَ الزَّناتيِّ من بني عبد الواد (¬1)، وهو الذي قصَدَه المُعتضدُ أبو الحَسَن المذكورُ للدُّعاءِ له بالدخولِ في طاعتِه، فحين عَلِم به انتَزَعَه من يدِ الذي ألفاه عنده، وأمَرَ بصَوْنِه والاحتياطِ عليه، ولم يزَلْ بعدُ يطمَعُ به المرتضَى (¬2) من بني عبد المؤمن، والمُستنصِرُ من بني أبي حَفْص صاحبُ إفْريقيّةَ (¬3)، والغالبُ بالله أبو عبد الله بن يوسُفَ أميرُ الأندَلُس المدعوُّ بابن الأحمر (¬4)، فلا يَحْلُونَ منه بطائل حتى تُوُفُّوا جميعًا في حياة أبي يحيى المذكور، فأورَثَه بَنِيه، فهو عندَهم إلى هذا التاريخ، وهو سنةُ اثنتين وسبع مئة، فهذه نُبذةٌ من التعريف بشأنِ هذا المصحف (¬5). فأمّا الترتيبُ الذي أشار إليه الشّيخُ أبو المُطرِّف بن عَمِيرةَ: فهو أنّ أُمراءَ بني عبد المؤمن كانوا إذا تحرَّكوا لغَزْوٍ أو سَفَر جَعَلوا أمامَهم بمقرُبةٍ منهم رايةً كبيرةً بيضاءَ يُعتامُ لها أتمُّ العِصِيِّ طولًا لتُرشِدَ إلى موضع السُّلطان من العسكرِ فيَهتديَ إليه من أراد قصْدَه -وهي التي عبَّر عنها أبو المُطرّف بقولِه: وأمامَهُ النُّور، وبقولِه: تتقدَّمُه رايةُ الحق، وبقوله: من بينِ يدَيْه- ويليها المصحفُ الكريم -وهو الذي عناه بقوله: بينَ يدَيْه الإمام- محمولًا على أضخم بُخْتيٍّ يوجَدُ وقد جُعِلَ في قُبّةِ حرير ارتفاعُها نحوُ عشَرةِ أشبار وعرضُ كلِّ وجه من وجوهِها الأربع ¬

_ (¬1) ترجمته وأخباره في بغية الرواد 1/ 117 وما بعدها. (¬2) ترجمة المرتضى وأخباره في جذوة الاقتباس (284)، والبيان المغرب 3/ 389 وما بعدها، وفي غيرهما. (¬3) أخباره في تاريخ الدولتين (32) (ط. تونس 1966 م). (¬4) ترجمته في الإحاطة واللمحة البدرية (30). (¬5) انظر في هذا المصحف العثماني أيضًا: المعجب (326) (ط. القاهرة 1963 م).

نحوُ أربعةِ أشبار وبأعلاها جامورٌ (¬1) محُكَمُ الصَّنعة على نحوِ جَواميرِ الأخبية من أتقنِ ما أنت راءٍ جمالًا، وفي أعلى كلِّ رُكنٍ من أركان القُبة عُصَيّةٌ رُكِّب فيها سُنيِّنٌ مذَهَّبٌ وقد رُبِطت بها رايةُ حرير لا تزال تخفُقُ عَذَباتُها بأقلِّ ريح ولو لم يكنْ إلا بهزِّ الجَمَل إيّاها في سَيْره، ويسَمَّى جملَ المُصحف، ويتبَعُه بَغْلٌ من أفْرَهِ البِغال يحمِلُ رَبْعةً كبيرة مُربَّعةَ الشكل في ارتفاع ذراع أو نحوها، وقد غُشِّيت كذلك بحرير وضُمِّنتِ "الموطَّأ" لمالكِ وصحيحَي البخاريِّ ومسلم وسُنَنَيْ أبي داودَ والنَّسائي وجامعَ أبي عيسى الترمذي، وكان عوَامُّ ذلك الوقت يقولونَ فيه: بَغْلُ المصحف، وهو غَلَطٌ منهم، ويليه الأميرُ في صَدْرِ الجيش والعساكر عن يمينِه وشِماله وخَلْفِه -وهو الذي عبَّر عنه أوّلًا بقولِه: وَبَرَزَ الإمام، وآخِرًا بقولِه: أمام الخَلْق، وبقولِه: ولا مِن خَلْفِه. فهذه هيئةُ الترتيب، وقد شاهدتُه مرّاتٍ في بروز المُعتضِد والمرتضَى المذكورينِ وأبي العلاء إدريسَ بن أبي عبد الله بن محمد بن أبي حَفْص عُمرَ بن عبد المؤمن آخِرِ أُمرائهمُ المعتَبرينَ عندَهم، وبقَتْلِه على يدِ الأمير أبي يوسفَ يعقوبَ بن عبد الحقِّ الزَّنَاتيِّ المَرِينيِّ انقَرَضَت دولةُ بني عبد المؤمن، فسبحانَ مَن لا يَبِيدُ مُلكُه ولا يفنَى سُلطانُه جَلّ جَلالُه وتعاظَمَ شأنُه. وكأنّ لسانَ حال هذه الهيئة يقولُ: إنّ هذه الرايةَ مُنذِرةٌ بإطلالِ صاحبِها على مقصودِه، وأنه داعٍ إلى ما يقتضيه الكتابُ والسُّنة، فمَن أطاعَه كان مُسلمًا له ومن عَصَاه حارَبَه بهذا الجيش الذي هو من حِزبِه. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: قد أطَلْنا في هذا الفصل إطالةً أخرجَتْنا عن المقصود، ولكنّا أودَعْناه فوائدَ منوَّعةً يعِزُّ وجودُها، وقد آنَ لنا أن نرجعَ إلى ذكْرِ أبي المُطرِّف ابن عَمِيرةَ، فنقول: وله فصولٌ وَعْظيّةٌ (¬2) على طريقةِ الإمام أبي الفَرَج ابن الجَوْزيِّ، منها قولُه: إذا عَرَجت شياطينُ الهوى إلى سماءِ العقل وجدتَها ¬

_ (¬1) الجامور: الرأس، والمراد هنا رأس القبة. (¬2) راجع تحليلاً لمواعظ ابن عميرة في كتاب الدكتور محمد بن شريفة: أبو المطرف أحمد ابن عميرة المخزومي (299).

مليئةً {حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا} [الجن: 8]، تطلُبُ غِرّةَ النفْس والرقيبُ قريبٌ {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ} [الصافات: 10]، وتنصِبُ لها حِبالةَ {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ} [النساء: 120]، فيمنَعُها مِن أن تقطعَ فيها حاجزُ {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الإسراء: 65]: إنّها لَتُسافرُ في عالَم الكسْبِ فتعترضُها في تلك الفَلاة وتَختِلُها عند الغَفَلات، والحارسُ يُنادي: يا خيلَ الله اركَبي. ومنها، في قصّة بلالٍ وأُميّةَ بن خَلَف بن وَهْب بن حُذافةَ بن جُمَحَ واسمُه تَيْمُ بن عَمْرو بن هصيص بن كَعْب بن لُؤيِّ بن غالبِ بن فِهْرِ بن مالِك بن النَّضْر بن كِنَانةَ بن خُزَيْمةَ بن مُدرِكةَ بن إلياسَ بن مُضَرَ بن نِزار بن معَدِّ بن عدنان، وكان ممّن يُعذِّبُ بلالًا على الإسلام: المرءُ بضره لا بغيرِه، وبفضيلتِه لا بفصيلتِه، تَقْوى الرجُل سببٌ تنتهي عندَه الأسباب، ونسَبٌ تَهونُ معَه الأنساب، دُعِي إلى الإسلام أخو جُمَح فجَمَحَ وما جَنَح، وكان في رِقِّه بلالٌ فرَقَّ قلبُ الرَّقيق، وصَدَقَ عتِيقُ الصِّدِّيق، يومَ الفتح تبيَّنَ خَطَلُ ابنِ أخطل وقد عاذ بمكانِه، ونَعِمَ بالُ بلال حين غاظ بعضَ السامعينَ بأذانِه، ما ضَرَّ الحبَشيَّ لونُه وإنِ ازدَرَوْه، ولا نفَعَ القُرَشيَّ كونُه أحدَ من داروا حولَه وداروه، ما أقرَضَه بمكّةَ سلًّا لسيفِ العُدوان وانتَضَاه، فعلى القَليبِ قَضاهُ إيّاه، وخِيارُكم أحسَنكم قضاءً، لم يَرْعَ له ولايةَ الحقّ، فأعرَضَ عن حُرمة أسرِه المستحَقّ، أغرى به سُفهاءَ مكّةَ فحشَرَ عليه سَراةَ يَثْرِب، أقعَدَه في الرَّمضاءِ حتى حَمِيَ فضَرَبَه بسيوفِ الأنصار حتى بَرَد [الكامل]: صاحِبْ رجاءَ غدٍ عسى الأيامُ أنْ ... يَرجِعْنَ قومًا كالذي قد كانوا واستعمِل البُقْيا حَذارِ جنايةً ... تُجزَى بها فكما تَدِينُ تُدانُ ضَلَّ امرُؤٌ جعَلَ الإساءةَ عادةً ... ويَرى المَثُوبةَ أنها إحسانُ وله مجالسُ وَعْظيّةٌ كان يصنَعُها للواعظِ الفاضل الصالح أبي محمد بن عليِّ بن أبي خُرْص، رحمه اللهُ، ومِن قِبَلِه استفَدْناها، منها في قصّة آدمَ وإهباطِه من الجنّة إلى الأرض: رَوى الضّحّاكُ عن ابن عبّاس رضي اللهُ عنه قال: بَيْنا آدمُ

يَبكي بعدَ أن أُهبِطَ من الجنّة، جاء جِبريلُ عليه السلامُ فسَلَّمَ عليه، فبَكَى آدمُ حتى بَكى جِبريلُ لبكائه ثُم قال: يا آدمُ، ما هذا البكاء؟ قال: يا جِبريل، وكيف لا أبكي وقد حوَّلَني ربِّي من السماءِ إلى الأرض، ومن دارِ النعيم إلى دار البُؤْس؟ كان إذا رأى الملائكةَ ذَكَرَ الوَطَن فهاجَتْ حسَراتُه، ومتى تفكَّرَ فيما إليه نَزلَ سالت بالدّمِ عَبَراتُه، وكيف لا يتَجرَّعُ الأسفَ كلَّه، ومَن سجَدَ له بالأمسِ يرحَمُ اليومَ ذُلَّه؟! [الطويل]: كفى حَزَنًا مثوايَ في أرضِ غُربةٍ ... وقلبيْ بأُخرى مُستهامٌ متَيَّمُ أقول لبُعدِ الدار: يا طُولَ شِقوتي ... كأنّي بطِيب القُرب لم أكُ أنعَمُ أُصانعُ لحْظَ العينِ عندَكَ خِيفةً ... واكتُمُ ما بي فيك واللهُ أعلمُ وألثُمُ عُلْويَّ الرِّياح إذا سَرَتْ ... وما كنتُ لولا أنت للرِّيح ألثُمُ ربيعيَ ذاك الوجهُ لو كان زائري ... وأوّلُ عامي من هواهُ المحرَّمُ وَيْحَ ابنِ آدم، أمَا يَذكُرُ قصّةَ أبيه، ويقيسُ يسيرَ جِنايتِه بعظيم ما يجنيه؟! زادَ عليه في المخالفة طُولًا وعَرْضًا، فليتَه أُعطيَ من ندامتِه ولو بعضًا، زلَّةٌ أهبَطتْه من جنّة المأوى، وأدنفَتْه حتى أعلى بالشّكوى [مجزوء المنسرح]: أتَى الخِيامَ بقلبٍ ... معَ الأصِحّاءِ صاحِ وراح منها سَقيمًا ... نشوانَ من غيرِ راحِ ولم يكنْ ما شَجَاهُ ... منه يَلوحُ لِلاحِ لولا إفاضةُ دمعٍ ... قضَى لهُ بافْتضاحِ والله ما راقَ عيني ... سَنا جَبينِ الصّباحِ ولا انثناءُ غصونٍ ... ولا ثنايا أقاحِ مُذْ قدَّرَ اللهُ بَعْدي ... عن أرضِكمْ وانتزاحي

ومنها في الوَعْظِ والتوبيخ: يا هذا، مِدادُ الذُّنوب إنّما يَمْحوهُ ماءُ الدّمع، أفلا تعِدُّ له عينًا باكية، وخَطَرُ العقل يَقتُلُ غلامَ الهوى، وأنت تقولُ: أقتَلْتَ نفْسًا زاكية؟! اعترضَتْك شُبهةُ الغَيّ، فهذا دليلُ الرُّشدِ قد تبيَّن، وإن خرَجْتَ خائفًا من مِصرِ المعصِيةِ فأجهِدْ نفْسَك على أن ترِدَ ماءَ مَدْيَن، عَزْمُ الكرام وكيلُ أمين الغيب، وهمّةُ الرجال ما التأنيثُ لاسمِها بعَيْب، قالت أسماءُ لولَدِها وقد خشِيَ المُثْلة: الشّاةُ الميِّتة لا تألَمُ السَّلْخ، ونادى ابنُ أدهم مَنْ شَجَّه: إنّ الرأسَ الذي يحتاجُ إلى [المُخ] (¬1) تركتُه ببَلْخ (¬2) [الطويل]: أيعلمُ مَن أوْدَى بصبريَ ما ألقَى ... وأنّ نَعيمي في هواهُ بأنْ أشقَى إذا قيلَ: هذا عاشقٌ، قلتُ: ميِّزوا ... فأكثرُ مَن تلقَوْنَه يدَّعي العشقا ويا بأَبي ذاك الحبيبُ الذي ثَوَى ... من القلب مثوًى لم أُسامحْ به خَلْقا تجافَيْتُ عن إعراضِه وجفائِه ... فمِن حقَّه أن لا أرى معَهُ حَقّا وجمجَمتُ في شكوايَ إذْ لم أجدْ لها ... محلًّا لإلْقائي ولم أستطعْ نُطقا وكنتُ أرى والصِّدقُ شانيَ في الهوى ... بأنّي على حالي سأُجزَى به صِدقا فأخلَفَ ظنِّي والمُحبُّ ظُنونُه ... متى حاولَتْ جَمْعًا تُحوِّلُه فَرْقا وللشّرقِ في قلبي لُبانةُ عاشقٍ ... فيا ليتَ [شِعري] (¬3) من يُبلِّغُها الشَّرقا ألا إنّ ماءً فيه ماكنت أشتكي ... لهيبَ الحشا لو كنتُ يومًا به أُسقَى وطِيبُ نسيم لا يُرى مَن أضَلَّهُ ... سوى اليأسِ منه أويرى ذلك الأُفْقا فمَن مُبلغٌ سُكّانَهُ أنّ عهدَهمْ ... وإن همْ أضاعوهُ على حِفظِه أبقى سلامٌ عليهمْ كيف كانوا فإنّهمْ ... وإن لم يَرِقُّوا لا أزالُ لهمْ رِقّا ¬

_ (¬1) خرم في الأصل. (¬2) في الأصل: "بملخ". (¬3) زيادة يستقيم بها الوزن.

ومحاسنُه في هذا الباب كثيرة. ومن نَظْمِه، وله تعلُّقٌ بنوعٍ من التاريخ في ذكْرِ ملِكٍ اختَلّتْ حالُه بداخلةٍ دخَلَت عليه [الكامل]: أخْذٌ وترْكٌ لا تأمُّلَ فيهما ... للحال في المتروكِ والمأخوذِ نبَذوا عهودَهمُ ويا لكَ ضِلّةً ... مِن نَبْذِها لمشرّدٍ منبوذِ عمَّت أذاياتُ الزمان ودونَ ما ... صِرنا إليه كلُّ أمرٍ مُوذي فاعجَبْ لفارِ السّدِّ في وَهْنِ القُوى ... حيث انتَهى وبَعُوضةِ النُّمروذِ وله في الحنينِ إلى الأوطانِ وما لقِيَ به من التقلُّب في البُلدان ومُفارقة الإخوان [البسيط]: كم التنقُّلُ في سُكرٍ بلا طرَبٍ ... مشيَ النَّزيف صَريع الجَنْبِ بالبَنْجِ مِن منزلٍ نحوَ ثانٍ ليس يُشبهُهُ ... كأنّما حمَلَتْنا خيلُ شِطْرَنْجِ وهذان البيتانِ وإن كانا كما تراهما في غايةٍ من تحسين المُبْنى وتحصين المعنى فقد شَذَّ في قافيتِهما عن المعهودِ في مثلِهما من التزام الرِّدْف لحَذْفِ ما حُذِفَ منه على ما أُحْكِم في عِلم القوافي. وفي نحوٍ من ذلك، وكتَبَ إلى صاحبه أبي عبد الله بن محمد المُرْسِيِّ ابن الجَنّان (¬1) الكاتبِ رحمه الله [الطويل]: تَذكَّرَ عهدَ الشّرقِ والشرقُ شاسعُ ... وذابَ أسًى للبَرْقِ والبرقُ لامعُ وأتْبَعَ ذكْرَ الجَزْع أنّةَ مُوجَعٍ ... له أبدًا قلبٌ على الجَزْع جازعُ كفى حزَنًا نأْيٌ عن الأهل بعدَما ... نأَيْنا عن الأوطانِ فهْي بَلاقعُ نوَى غُربةً حتى بمنزلِ غُربةٍ ... لقد صنَعَ البَيْنُ الذي هو صانعُ أحِنُّ إلى أرض تَقادَمَ عهدُها ... ومن دونِها أيدي الخطوبِ الموانعُ وكيف بشُقْرٍ أو بزُرقةِ مائهِ ... وفيه لشُقْرٍ أو لزُرقٍ مَشارعُ ¬

_ (¬1) ترجمته في عنوان الدراية (213)، والإحاطة 2/ 256.

هكذا قال ووقَفْتُ عليه بخطِّه، ولو قال: "أو بزُرقِ مياهِه وفيها" لكان أتمَّ في التجنيس، فتأمَّلْه. ومنه، وكتَبَ به إلى شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ رحمه الله [المنسرح]: صاح بهم صائحُ الرِّحيلِ فما ... فيهمْ على البَيْن واحدٌ سَلِما وجاسَ بالرَّوع عُقْرَ دارِهمُ ... من بعدِ ما كان سِربُهمْ حَرَما فهمْ عبَاديدُ في البلادِ ولا ... شَمْلَ بكفِّ الخطوبِ مُنتظِما قد أقسَمَ الدّهرُ أن يُفرّقَهمْ ... وجَنَّبَ الحِنْثَ ذلك القَسَما ياسائلي عن بُكايَ بعدَهمُ ... بكَيْتُ دمعًا حتى بكيتُ دما وفي الأدبِ وحِرفتِه [الكامل]: أدب وحِرفتُه وها أنا منهُما ... مع مُبصِرٍ صَنِع وأعمى أخرقِ ما فكّ قَيْدَ الخطِّ ذا إلا بَدَا ... لأخيه فيه فردةٌ للمُطبِقِ ومن تضميناتِه العجيبة قولُه من قصيدةٍ يمدَحُ بها المستنصِرَ بالله [الكامل]: ولقد أقَدْتَ من الزمانِ فكاذبٌ ... مِن قولهم: جُرحُ الزمانِ جُبَارُ وأطَلْتَ أيامَ السّرورِ فلم يُصِبْ ... مَن قال: أيامُ السرورِ قِصَارُ وكان يُستحسَنُ كثيرًا من كلامِه هذا البيتُ [الطويل]: لك الفضلُ يحيى خالدًا بك ذكْرُهُ ... فلا ذكْرَ للفضل بن يحيى بن خالدِ لترديدِ ألفاظ الذِّكْر ويحيى وخالدٍ في العَجُز السابقة في الصَّدْر، وهو من أبياتٍ خاطَبَ بها الأميرَ أبا العبّاس [الطويل]: أسيِّدَنا الأعلى إذا المرءُ لم يجِدْ ... نَداكَ على حالٍ فليس بواجدِ وإنْ هُو لم ينعَمْ بوجهِك ساعةً ... من الدّهرِ لم تَظفَرْ يداهُ بفائدِ لك الفضلُ يحيى خالدًا بك ذكْرُه ... فلا ذكْرَ للفضلِ بن يحيى بن خالدِ

تخَطَّت بلا كدٍّ إلى غيرِ طالبٍ ... وأخصَبَ مرعاها على غيرِ رائدِ وقدعلِمَ الأقوامُ أنّك فيهمُ ... أجلُّ اللآلي بين أبهى القلائدِ بفضلِك قُلنا والمقالُ مزيَّفٌ ... إذاكان لا يؤتَى عليه بشاهدِ: أولئك جادوا والزمانُ مساعِدٌ ... وجُدتَ لَعَمْري وهو غيرُ مساعدِ ومنه، وذكَرَ بعضَ بني النُّعمانِ الهنتاتيِّينَ (¬1)، وهُو من حَسَن التجنيسِ وتامِّه [الكامل]: في الرَّوع أوجُههم كأقمارِ الدُّجَى ... وسيوفُهمْ كشقائقِ النُّعمانِ والمُعلَواتُ وُلِدْنَ فيهمْ فهْيَ إن ... نُسِبَتْ يقالُ: شقائقُ النُّعمانِ قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: صَدْرُ هذا البيتِ الذي هو: "بفضلِكَ قُلنا" من أردإِ الصدورِ وأقبحِها نَظْمًا لتمَحُّضِه إذا أُنشِد وحدَه للهجاء ولا يَنصرفُ إلى ما قَصَدَ به من المدح إلا بإتباعِه عجُزَه فتأمَّلْه، واللهُ الموفَّق. وقد ألمَمْتُ بمعنى البيتِ الأخير من هذه الأبيات فقلتُ من قصيدةٍ طويلة أمدَحُ بها الفقيهَ الرئيسَ الأطولَ أبا عليٍّ عُمرَ ابن الفقيه الأجَلِّ العَلَم الشَّهير أبي العبّاس المليانيّ (¬2) وصلَ اللهُ أسبابَ سعادتِه، وهي أولُ ما رفَعْتُ إليه [الكامل]: يا من يَقيسُ به سِواه في النَّدى ... ألغَيْتَ في النظَرِ اعتبارَ الجامعِ هذا يَجودُ وفي الموانع كثرةٌ ... وسِواه ضَنَّ معَ ارتفاع المانعِ وسأذكُرُ إن شاء اللهُ سببَ هذه القصيدة في رَسْم أبي الحَجّاج (¬3) ابن الجَنّان (¬4). ¬

_ (¬1) انظر في الهنتاتيين ممدوحي المترجم: العبر لابن خلدون 6/ 633 (ط. بيروت). (¬2) ترجمته في عنوان الدراية (109). (¬3) بعد هذا بياض في الأصل تركه المؤلف ولم يعد إليه. (¬4) أورد المؤلف هذه القصيدة وسببها في السفر الثامن من هذا الكتاب (الترجمة 232).

ولأبي المُطرِّف رسائلُ بديعةٌ أغرَبَ فيها بالتزام بعض الحروف في جميع كَلِمِها، منها: رسالةٌ كتَبَ بها إلى الرئيس أبي الحُسَين بن عيسى بشاطِبةَ زاوَجَ فيها بينَ السِّين والشِّين فالتزَمَ السّينَ في كلمة والشّينَ في التي تليها إلى آخِر الرسالة (¬1)، وقد جَرى عليه الوهمُ في ثلاثة مواضعَ منها سَقَطَ له منها الشّين. ورسالةٌ خاطَبَ بها صاحِبَيْه: شيخَنا أبا الحَسَن الرُّعَيْنيَّ وأبا عبد الله ابنَ الجَنّان والتزَمَ فيها حروفَ النون في كلِّ كلمة سأُثبتُها في رَسْم شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ إن شاء اللهُ تعالى (¬2)، ورسالة خَدَمَ بها المستنصِرَ بالله التزَمَ فيها الدالَ في كلِّ كلمة. وهذه الرسائلُ الثلاثُ مشتملةٌ على نَظْم ونثر، ورسالةٌ رفَعَها للرّشيدِ أبي محمدٍ عبد الواحد من بني عبد المؤمن التزمَ فيها حرفَ الراءِ لا نَظْمَ فيها. وله تأليفٌ في كائنةِ مَيُورْقَةَ وتغلّبِ الرومِ عليها نَحَا في الخبرِ عنها مَنْحَى عمادِ الدِّين أبي عبد الله محمد بن محمد الأصبَهانيِّ في تأليفه "الفَتْح القُسِّي في الفتح القُدْسي" (¬3). وتعقَّبَ على الإمام فَخْر الدِّين عبد الله محمد بن عُمرَ بن الحُسَين بن عليٍّ البَكْريِّ الطُّوسيِّ ثم الرّازي المعروفِ بابن خطيبِ الرَّيّ في كتابِه "المعالم في أصول الفقه" (¬4)، ورَدَّ على كمالِ الدّين أبي محمد عبدِ الواحِد بن عبد الكريم بن خَلَف الأنصاريِّ المعروفِ بالسِّمَاكيِّ في كتابِه المسَمَّى بـ "التّبيان في عِلم البيان المُطْلِع على إعجازِ القرآن" وَسَمَه بـ "التّنبيهات على ما في التِّبيان من التَّمويهات" (¬5)، واقتضابٌ نبيلٌ من "تاريخ ثورة المُرِيدِين" (¬6) لأبي محمد عبد الملِك بن أحمدَ ابن صاحبِ الصّلاةِ، إلى غيرِ ذلك من التعاليق. ¬

_ (¬1) هي في مجموع رسائله 77 (مخطوط). (¬2) انظر السفر الخامس (الترجمة 636). (¬3) انظر كتاب الدكتور محمد بن شريفة: أبو المطرف (287 - 292)، ووُجد هذا الكتاب أخيرًا، ونشره الدكتور محمد بن معمر بعنوان "تاريخ ميورقة". (¬4) انظر المصدر نفسه (297). (¬5) انظر المصدر نفسه (260). (¬6) انظر المصدر نفسه (293).

وإنّما أطلتُ في ذكْرِ هذا الشّيخ وأكثَرتُ من المراد آثارِه ولا سيّما ما جلَبْتُه من أشعارِه، لأنّ طائفةً من أهل طبقتِه كانت تستقصرُ منظومَه وتدفَعُه عن الإجادة فيه، وهو كما رأيتَ وسمعتَ بلاغةً وبَراعة، وإن كان ينزِلُ عن نثرِه. وكان يذكُر أنه رأى في مَنامِه النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فناوَلَه أقلامًا، وكان يَرى ويُرى له أنّ تأويلَ تلك الرؤيا ما أدرَكَ من التبريز في الكتابة وشِيَاع الذِّكْر بها، واللهُ أعلم. وقد كان شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ يصِفُه بالتقدُّم في الكتابة على أهل زمانِه، وكان يمَسُّه بشيءٍ في اعتقادِه اللهُ أعلم به. ووَرَدَ مَرّاكُشَ صُحبةَ رِكابِ الرَّشيد أبي محمدٍ عبد الواحِد من سَلا، واستَكتبَه بمَرّاكُشَ مدّةً يسيرة ثم صَرَفَه عن الكتابة وقَلَّده قضاءَ بلدِ هيلانةَ من نظَرِ مَرّاكُشَ الشّرقي (¬1) فتولاهُ قليلًا، ثم نقَلَه إلى قضاءِ رِباط الفَتْح وسَلا، وسيأتي ذكْرُ الإشارة إلى ذلك في جواب أبي عبد الله ابن الجَنّان إيّاه عن رسالةٍ كتَبَ بها إليه إن شاء الله (¬2). وأقام يتَولّاه إلى أن توفِّي الرّشيدُ ووَليَ مكانَه أخوه المُعتضِدُ بالله أبو الحَسَن عليٌّ فأقرَّه عليهما مدّةً ثم نقَلَه إلى قضاء مِكْنَاسةِ الزّيتون، وكان قد بَلَغَه أنّ المعتضِدَ قَدَّمَ على مِكْناسةَ أبا حَفْص عُمرَ ابنَ الأمير أبي إبراهيمَ بن أبي يعقوبَ بن أبي محمد عبد المؤمن بن علي، وهو الوالي مكانَ المعتضِد بعد وفاتِه، المتلقِّبُ بالمُرتضَى، فأعَدَّ له أبياتَ تهنئة بتلك الولاية، ثم اقتضَى نظرُ المُعتضِد توليةَ أبي حَفْص المذكور مدينتَيْ (¬3) سَلا؛ فبَعَثَ بها إليه، وهي عشَرةُ أبيات لم يَعْلَقْ منها بحِفظ مُمْليها عليّ إلا هذه الأبياتُ السبعة، وهي [المتقارب]: ¬

_ (¬1) ذهب الفقيه عباس بن إبراهيم في كتابه الإعلام 1/ 121 إلى أن بلدة هيلانة المذكورة هي التي تعرف اليوم بكلاوة. (¬2) الموضع الذي يحيل عليه المؤلف يقع في سفر مفقود. (¬3) كذا في الأصلين بالتثنية، ولعله يريد سلا والرباط.

توحَّدتَ في الفضلِ من غيرِ ثانِ ... فما لكَ عنه من الخَلْقِ ثانِ ولاسمِك يا عُمرَ الجودِ ما ... لرَوْح الجَنانِ ورُوح الجِنانِ فإنْ يمنَعِ العدلُ من صَرْفِهِ ... فعدلُك يمنَعُ صرفَ الزمانِ على اليُمن متّصلًا بالأمانِ ... وبِشْرِ التهادي ببُشْرى التهاني قدومٌ قد استَشْعَرتْ عندَهُ ... نفوسُ الأنام نفيسَ الأمانِ أبرَّت خِصالُك يومَ الفَخَارِ ... وكان لك الخَصْلُ يومَ الرِّهانِ فمُلِّئتَ عزًّا حصينَ المِجَنِّ ... وهُنِّئتَ عيشًا خصيبَ المجاني وكان شديدَ التطارُح على خدمة الرُّؤساء كثيرَ الحِرص والرَّغبة في ضمِّ حُطام الدُّنيا متَظاهِرًا بالإقلال، فقد وقَفْتُ له بخطِّه على قصيدةٍ رفَعَها للأمير أبي حفصِ (¬1) المذكور حين وَليَ سَلا مهنَّئًا بولايتِه إياها، وقدَّم عليها نثرًا وأخَّرَ عنها مِثلَه منه عقِبَ إيراد القصيدة: هذه أيَّدَ اللهُ المَوْلى بنتُ فِكرٍ بَكِيّ، وخاطرٍ فُطِرَ على عَيّ، ثم لم تزَلْ به الأيامُ حتى أبدَتْ صَبابتَه (¬2)، واستَشْفت صُبابتَه (¬3)، وتركَتْهُ نظمًا شَتِيتًا، وذا عُسرةٍ لا يملِكُ بيتًا. ومنه: وقد ألمَعْتُ في البطاقة الواردة معَ هذه الخِدمة بما أرغَبُ أن يُعيرَه المَوْلى طرْفَه، ويَثْني نحوَه عِطْفَه وعَطْفَه، وما يُشرِّفُ به عبدَه من تفضُّل بجوابِه، واستخدام في بابِه، فنظَرُه إليه سام، ودهرُه منه في جَذَلٍ وابتسام. فهذه إشارةٌ إلى ما كان يتظاهرُ به من رِقّة الحال والاستجداء. ثم لّما قُتل المعتضِدُ كما تقَدَّم الإخبارُ عنه اغتَنَم أبو المُطرِّف تلك الفترةَ وفَصلَ من مِكْنَاسةَ قاصدًا سَبْتةَ، فلقِيَ الرُّفقةَ التي كان فيها جَمْع من بني مَرِين سَلَبوه وكلَّ من كان معَه، فذَكَرَ لي الشيخ أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ، رحمه اللهُ أنه كتَبَ ¬

_ (¬1) في الأصل: "أبي العباس"، وهو سهو. (¬2) الصبابة: الرقة والشوق. (¬3) الصُّبابة: البقية القليلة من الماء ونحوه.

إليه يُعلِمُه بهذه الحادثة عليه وأنّ المنهوبَ له من مالِه يعدِلُ أربعةَ آلاف دينار عَشْريّة وكان وَرِقًا وعَيْنًا وحُلِيًّا، فأين هذا مما تضمَّنه الفصلُ الذي خاطَبَ به الأميرَ أبا حفص (¬1) المذكورُ حسبما قَصَصْناه؟! ثم رَكِبَ البحرَ من سَبْتةَ متوجِّهًا إلى بلاد إفريقيّةَ، وهذه الرحلة هي التي وَصَفَ في الخِدمة التي قَدِمَ بها على الأمير أبي يحيى زكريّا وهو والي بِجَايةَ ابن الأمير أبي زكريّا فأبدَعَ في إجادتها ما شاء (¬2). ولم يزَلْ مُذْ فارق جزيرةَ الأندَلُس معمورَ الخاطر بالتخلُّص إلى بلاد إفريقيّةَ. وقد كان كتَبَ وهُو بسَبْتةَ حين وصُولِه إليها من مِكْناسَةَ قبلَ قدومِه علىٍ تونُس، مقدِّمًا بين يدَيْ ما أمَّلَه من القدوم على الأمير أبي زكريّا، رسالةً بديعةً خدَمَ بها الأميرَ أبا زكريّا ودفَعَها إلى الوزير أبي علي الحَسَن بن خلاص (¬3)، فأُلفِيَتْ في متاعِه الذي خَلَصَ إلى تونُس، وهي مُشتملةٌ على نَظْم ونثر في الغاية من براعة الإنشاء (¬4). وكان حَسَنَ الخَلْق والخُلُق جميلَ السَّعي للناس في أغراضِهم حَسَنَ المشاركة لهم في حوائجِهم متسرِّعًا إلى بَذْل مجهودِه فيما أمكَنَ من قضائها بنفسِه وجاهِه، تصحَبُه غفلةٌ، ولمّا قَدِم تونُسَ مال إلى صُحبة الصالحينَ بها والزُّهّاد بُرهةً ثم نَزعَ عن ذلك رغبةً في خدمة الملوك، فاستُقضيَ بالأربس: من بلاد إفريقيّةَ، ثم نُقل منها إلى قابِسَ أكثرَ مقامِه بإفريقيّة، ثم استَدْناه المُستنصِرُ بالله وأحضَره مجالسَ أُنسِه، فيَذكُرُ أنه داخَلَه مُداخلةً أنكرَها المُستنصِر وحاشيتُه عليه، حتى لَيُؤثَرُ من كلام المستنصِر في حقِّه وقد سُئل عنه: ذلك رجلٌ رام إفساد دُنيانا علينا فأفسَدْنا عليه دِينَه، وكانوا يرَوْنَ أنّ تشبُّعَه بتلك العلوم القديمة التي كان يتعاطى منها ما لا يُحسِنُ أخَلَّ به في معتقَدِه وقاده إلى فساد دِخْلة، واللهُ أعلم بسريرتِه. ¬

_ (¬1) في الأصل: "أبا العباس"، وهو سهو. (¬2) هي في مجموع رسائله 29 وما بعدها (مخطوط) وانظر كتاب الدكتور محمد بن شريفة: أبو المطرف 145. (¬3) يراجع: أبو المطرف 71. (¬4) انظر المصدر نفسه 143.

232 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن سابق، طليطلي، سكن إشبيلية، أبو العباس

مَوْلدُه بجزيرة شُقْر، وقيل: ببَلَنْسِيَةَ، في رمضانِ ثنتينِ وثمانين وخمس مئة، وتوفِّي بتونُس ليلةَ الجمُعة المُوفِية عشرينَ من ذي الحجةِ ثمانِ وخمسينَ وست مئة. ووَهِمَ أبو جعفر ابن الزُّبَير في وفاتِه، إذ جعَلَها في حدود الخمسينَ وست مئة أو بعدَها، قال: وذكَرَ لي أنه تغيَّرت حالُه آخِرَ عمُرِه وافتُتِنَ، واللهُ أعلم بحالِهِ، ونسألُه العفو عن الجميع وحُسنَ العاقبة بمنِّه. 232 - أحمدُ (¬1) بن عبد الله بن محمد بن سابِق، طُلَيْطُليٌّ، سكَنَ إشبيلِيَةَ، أبو العبّاس. رَوى عن أبوَيْ بكر: ابن أحمدَ بن طاهر وابن عبد الله ابن العَرَبي، وآباءِ الحَسَن: شُرَيْح وعَبّاد بن سِرْحانَ وعيسى بن حَبِيب بن هِبهِ الله (¬2)، وأبي الرّبيع ابن عبد العزيز، وأبي عبد الله بن أحمدَ القَنْطَري، وأبي مَرْوانَ الباجِي. رَوى عنه أبو الحُسَين محمدُ بن أبي (¬3) عُمرَ عيّاش بن عَظِيمة. وكان مُقرئًا ضابطًا للقراءات حسَنَ الأخْذِ عن (¬4) القَرَأة، محدِّثًا عَدْلًا مَرْضيَّ الأحوال، موصوفًا بالفضلِ والصلاح، وأَمَّ في الفريضة ببعض مساجد إشبيلِيَةَ. توفِّي ليلةَ الثلاثاء الخامِس (¬5) من شعبانِ ستينَ وخمس مئة، ودُفن عصرَ يوم الثلاثاءِ المذكور. 233 - أحمدُ بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عبد الملِك، غَرْناطيّ، أبو جعفر، الغاسل. رَوى عن أبي بكر بن خَلَف بن النَّفِيس، وأبي الحَسَن بن عبد الله بن ثابِت، وأبي عبد الله بن الحُسَين بن بِشْرٍ وأكثَرَ عنه، وأبي الفَضْل عِيَاض، وأبي ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (229)، ولم يذكر وفاته، وهي ترجمة مختصرة. (¬2) سقط لفظ الجلالة من م. (¬3) في م: "ابن عمر". (¬4) في م: "على". (¬5) في م: "الخامسة والعشرين".

234 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله الفهري

الوليد (¬1) بن أحمدَ بن بَقْوَى، سمع عليهم. وأجاز له من أهل الأندَلُس آباءُ الحَسَن: شُرَيْح، وطارقٌ المَخْزوميّ، وابن هُذَيْل، ويونُسُ بن محمد بن مَعِين (¬2)، وأبوا عبد الله: جعفرُ بن محمد بن مَكِّي، وابن عبد الرحمن بن مَعْمَر، وأبو مَرْوانَ بن عبد العزيز الباجِي، وأبو الوليد إسماعيلُ بن عيسى بن حَجّاج، ومن أهل المشرِق: أبو الطاهر السِّلَفِيُّ، وغيرُهم. وكان خيِّرًا فاضلًا، ديِّنًا ذا صَوْنٍ وانقباض، يغسِلُ الموتى متبرِّعًا متطوِّعًا ابتغاءَ الثّواب من الله تعالى، وقد بَذَّ في إتقانِه وإحكام صنْعتِه جميعَ أهل مِصرِه. مَولدُه في ذي الحجّة سنةَ ستٍّ وعشرينَ وخمس مئة، وتوفِّي في صَفَرِ (¬3) سبع وتسعينَ وخمس مئة. 234 - أحمدُ بن عبد الله بن محمد بن عبد الله الفِهْرِيُّ. 235 - أحمدُ بن عبد الله بن محمد بن عيسى الأنصاري، قُرْطُبيّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي عبد الله بن عيسى بن المُناصِف. 236 - أحمدُ (¬4) بن عبد الله بن محمد بن مُحِير البَكْريُّ، مالَقيّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي القاسم بن عبد الله السُّهَيْلي، واختَصّ به، وتأدَّب عندَه في العربية. وكان بارعَ الطلبِ، متينَ الدِّين والأدب، حسَنَ الخُلُق، بَرًّا باخوانِه، كريمَ النفْس، شديدَ التواضُع، وَقورًا، جميلَ الهَدْي، أديبًا شاعرًا محُسِنًا. وكان شيخُه أبو القاسم السُّهَيْليُّ يَستحسنُ فهمَه ويُعجبُه ذكاؤه ويشهَدُ بنبلِه أيامَ تتلمَذَ له (¬5). ¬

_ (¬1) بعد هذا بياض في الأصلين. (¬2) في م: "مغيث". (¬3) في حاشية م: زاد الملّاحي: يوم الثلاثاء السابع عشر منه. (¬4) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 319 (نقلًا عن ابن الزبير) ووقع فيه وفي م: "مجبر". (¬5) في م: "تلمذ".

237 - أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن محمد بن محمد بن محمد ابن أبي القاسم سيد الناس بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن سيد الناس بن أبي الوليد بن منذر بن عبد الجبار بن سليمان بن عبد العزيز بن حرب بن محمد بن حسان بن سعد بن عبد الرحيم بن خالد بن يعمر بن مالك بن بهثة بن حرب بن وهب بن حلى بن أحمس بن ضبيعة بن ربيعة الفرس بن معد بن عدنان اليعمري، بالياء مسقولة والعين الغفل ساكنة، إشبيلي أبذي الأصل، بالهمزة مضمومة والباء بواحدة مشددة مفتوحة والذال معجمة منسوبا، أبو العباس

وكان صاحبُه في مُلازمة السُّهَيْلي، أبو علي عُمرُ بن عبد المَجِيد الرُّنْدي، يُثني عليه كثيرًا ويقولُ بفضلِه ويقدِّمه على جُمهور طلبةِ مالَقة، وهو الذي حمَلَ على أبي عبد الله بن عَسْكَر في التصدُّر للإقراء (¬1) بمجلس شيخِه أبي عليٍّ الرُّنْديِّ بعدَ وفاتِه فامتَنع من ذلك أبو عبد الله بن عَسْكَر إعظامًا لقدر أبي عليٍّ رحمه الله، حتى ذَكَرَ له أنه عاد الأستاذَ أبا علي في مرضِه، قال: فتكلَّمتُ معَه فيمن يَصلُحُ من طلبتِه لموضعِهِ (¬2)، فأشار إليك وأثنى خيرًا، وقال ما يَدُلُّ على جميل اعتقادِه فيك، فلا تخالفْ مذهبَه، فعمل أبو عبد الله على ذلك. وأبو جعفرٍ هذا هو الذي أنشَدَ أبا عبد الله بن عَسْكَر بيتَي السُّهَيْليِّ المجنسين بأنيني، وسأذكرُهما معَ ما انجَرّ بسببِهما في رَسْم السُّهَيْلي إن شاء الله (¬3). توفِّي أبو جعفرٍ آخرَ عام ستةَ عشَرَ وست مئة (¬4). 237 - أحمدُ (¬5) بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن محمد بن محمد (¬6) بن محمد (¬7) ابن أبي القاسم سيِّد الناس بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن سيِّد الناس بن أبي الوليد بن مُنذِر بن عبد الجَبّار بن سُليمانَ بن عبد العزيز بن حَرْب بن محمد بن حَسّان بن سَعْد بن عبد الرحيم بن خالد بن يَعمُرَ بن مالك بن بهثةَ بن حَرْب بن وَهْب بن حلى بن أحمَسَ بن ضُبَيْعةَ بن رَبيعةِ الفَرَس بن معَدِّ بن عدنان اليَعمُريُّ، بالياء مسقولةً والعين الغُفْل ساكنة، إشبيليٌّ أُبَّذيُّ الأصل، بالهمزة مضمومةً والباء بواحدةٍ مشدَّدةً مفتوحة والذال معجَمة منسوبًا (¬8)، أبو العبّاس. ¬

_ (¬1) في م: "في الإقراء". (¬2) في ق: "موضعه". (¬3) الموضع الذي يحيل عليه المؤلف في سفر مفقود. (¬4) في بغية الوعاة: مات سنة عشر وست مئة، فكأن لفظة "ستة" سقطت منه. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (278)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 535. (¬6) فوق الاسم في ق الفظة "صح" علامة لصحة التكرار. (¬7) كذلك. (¬8) أبذة: مدينة على مقربة من النهر الكبير، بينها وبين بياسة سبعة أميال. انظر: الروض المعطار (11).

تَلا بالتِّسْع؛ السبع وقراءتَيْ يعقوبَ (¬1) بن مُحَيْصِن (¬2)، واثنتينِ وعشرينَ روايةً من الشّواذِّ على جَدِّه للأُمِّ أبي الحُسَين سُليمان بن أحمدَ بن سُليمان اللَّخْمي، وبالسّبع على أبي بكر بن خَلَف بن صافٍ، وأبي عَمْرٍو عَيّاش بن محمد بن عبد الرحمن بن عَظِيمة، وتأدَّبَ في العربيّة على أبي إسحاقَ بن محمد بن مَلْكُون، ورَوى عن آباءِ بكر: ابن خَيْر وابن عبد الله ابن الجَدّ ويحيى النَّيّار (¬3)، وأبي الحَجّاج (¬4) بن محمد ابن الشّيخ، وأبي زكريّا بن أحمدَ بن مَرْزُوق، وآباءِ عبد الله: ابن أحمدَ بن المُجاهِد وابن إبراهيمَ ابن الفَخّار وابن سعيد بن زَرْقُون، وأبوَي العبّاس: ابنَيْ المحمَّدَيْن: ابن الصُّمَيْل وابن مِقْدام، وأبي عِمرانَ بن حُسَين الزاهد -وهو ابنُ عمّةِ ابن الصُّمَيْل المذكور- وآباءِ محمد عبد الله: ابنُ سُليمانَ بن حَوْطِ الله وابن محمد الحَجْريِّ وعبد الرحمن بن علي الزُّهْري وعبد الحقِّ بن بُونُه، وأباءِ القاسم: خَلَف بن عبد الملك بن بَشْكُوال وابن عبد الله السُّهَيْلي وابن محمد الشَّرّاط. وأجازَه (¬5) طائفةٌ كبيرة من أهل المشرِق. رَوى عنه ابنُه أبو بكر، وكان مُعتَنِيًا بالحديث دَؤُوبًا على تقييدِه ولقاءِ رُواتِه، مشاركًا في القراءات والنَّحو، واستأْدَبَه بعضُ الأُمراء لبنِيه فأقرَأَهمُ القرآنَ والعربيّة، ولم يتَصدَّرْ لذلك. مَوْلدُه منتصَفَ جُمادى الآخِرة سنةَ إحدى وستين وخمس مئة، كذا رأيتُ بخطِّ ابنه أبي بكر، وذكَرَ أبو جعفر ابنُ الزُّبير أنّ مولدَه سنةَ ثنتينِ وستينَ، وهو وَهْم، وتوفِّي مسّصَفَ جُمادى الأُولى، بخطِّ ابنِه أيضًا، سنةَ ثمان عشرة (¬6) وست مئة. ¬

_ (¬1) بعد هذا بياض في الأصلين. (¬2) في م: "محصين"، وهو تحريف. (¬3) في م: "وابن يحيى التيار". (¬4) في م: "الحاج". (¬5) في م: "وأجاز له"، وكله بمعنى. (¬6) في ق: "ثمان وعشرين" وهو غلط بيّن، صوابه ما أثبتنا من م والتكملة وتاريخ الإسلام، قال ابن الأبار: "حدث عنه ابنه الخطيب أبو بكر محمد بن أحمد صاحبنا، وقال: مولده منتصف جمادى الآخرة سنة إحدى وستين وخمس مئة. وتوفي منتصف جمادى الأولى سنة ثمان عشرة وست مئة، وهو ابن ست وخمسين سنة وأحد عشر شهرًا"، فهذا أمر لا يقبل الشك ونسخة التكملة بخط ابن الجلاب المتقن.

238 - أحمد بن عبد الله بن مرغنان، بفتح الميم وسكون الراء وفتح الغين المعجمة وتشديد النون وألف بعده نون، الهلالي، من أهل قرية الفخار من جبل غرناطة، أبو جعفر

238 - أحمدُ بن عبد الله بن مَرْغَنَّان، بفتح الميم وسُكون الراءِ وفتح الغين المعجَمة وتشديد النّون وألفٍ بعدَه نون، الهِلاليُّ، من أهل قرية الفَخّارِ من جبَل غَرْناطَة، أبو جعفر. كان من أكابرِ شيوخ بلدِه وجِلّة نبهائه معروفًا بالعدالة ذا حظٍّ من الرِّواية والدِّراية، حيًّا سنةَ ثلاثَ عشْرةَ وست مئة. 239 - أحمدُ (¬1) بن عبد الله بن مُسلِم المَخْزوميُّ، شُقْريّ، أبو جعفر، ابنُ بَرُوطة. صَحِبَ أبا إسحاقَ بن أبي الفتح بن خَفَاجة، وأجاز له ديوانَ شعرِه، ورَوى عن أبي الحَسَن بن محمد بن هُذَيْل، رَوى عنه أبو عُمرَ يوسُفُ بن عبد الله بن عَيّاد. 240 - أحمدُ (¬2) بن عبد الله بن موسى بن مُؤْمن القَيْسيُّ، إشبيليٌّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي بكر بن عبد الله ابن العَرَبي، وكان من أهل العفافِ والزُّهد والانقباض، معروفًا بالصّلاح والخَيْر، ولِيَ الصّلاة والخُطبة بجامع سَلَا، وكان ذا بَصَر بالطبّ، توفِّي بمدينة فاسَ سنةَ إحدى وسبعينَ وخمس مئة. 241 - أحمدُ (¬3) بن عبد الله بن نَبِيل، مُرْسِيّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي بكر بن عليِّ بن حَسُّون، وأبي الخَطّاب أحمدَ بن محمد بن واجِب، وأبي سُليمان، وأبي محمد ابنَيْ حَوْطِ الله، وكان نَحْويًّا أديبًا علَّم ذلك ببلده مدّة، وتوفِّي في نحوِ ثمانٍ وأربعينَ وست مئة. 242 - أحمدُ بن عبد الله بن نُعَيْم، أبو جعفر. رَوى عن أبي جعفر بن عبد الرحمن البِطْرَوجِيّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (208). (¬2) ترجمه ابن القاضي في جذوة الاقتباس (70) نقلًا عن ابن الزبير. (¬3) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 320 نقلًا عن ابن الزبير.

243 - أحمد بن عبد الله بن هشام بن سعيد المتقي، كان من أهل العلم، حيا في حدود العشرين وخمس مئة

243 - أحمدُ بن عبد الله بن هِشام بن سَعيد المُتّقي، كان من أهل العلم، حيًّا في حدودِ العشرينَ وخمس مئة. 244 - أحمدُ (¬1) بن عبد الله بن يحيى بن فَرْح، بسكون الراءِ والحاءِ الغُفْل، الفِهْري، لَبْليّ، أبو عامر، ابنُ الجَدّ، شقيقُ الحافظ أبي بكر (¬2). رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح، وكان شديدَ العناية بالأدب شاعرًا محُسِنًا، وقُتلَ في كائنةِ لَبْلةَ يومَ الخميس لأربعَ عشْرةَ ليلةً خلَتْ من شعبانِ تسع وأربعينَ وخمس مئة. واقتضابُ الإخبار عن هذه الكائنة: أنّ يوسُفَ بن أحمدَ البِطْرَوجيَّ كان قد تأمَّر بها بعدَ أحمدَ بن قسيٍّ الآتي بعدُ ذكْرُه إن شاء الله (¬3)، فأسلَمَها للموحِّدين، وكان بها بقايا من المُوضِعينَ في الفِتَن فِرقةٌ خسيسةٌ ساروا إلى عليٍّ الوُهَيْبي -منسوبًا إلى الوُهَيْبيّ الثائر هناك- فأطمَعوهُ في لَبْلة، وجرَّأوه على غَدْرِها، فطَرَقَها ليلًا وحصَلَ فيها، وتحصَّن الذين كانوا بها من الموحِّدينَ في قَصَبتِها، واستَدعَى الوُهَيْبيُّ الشِّرَارَ أمثالَه لمُظاهرتِه في البلد، فأتَوْه من كلِّ جانب، وأبو زكريّا بنُ يومورَ الهرغيُّ بقُرْطُبة، كان قد خَرَج إليها في أمرٍ مُهمّ، فلما عَلِم الأمرَ كرَّ راجعًا ومعَه أبو الغَمْر بنُ غرون وأجنادٌ من الأندَلُس، فلمّا بلَغَ إشبيلِيَةَ أمَرَ بسَجْن الحافظ أبي بكر ابن الجَدِّ وتثقيفِه بالحديد، وتوَجَّه إلى لَبْلة، وأمدَّ الموحِّدينَ الذين كانوا في قَصَبتِها بجَمْع كبير منهم، وقاتَلَهم هو من خارج البلد وأهلُ (¬4) القَصبة من داخلِه، فلمّا أجَنَّهم اللّيلُ خرَجَ الوُهَيْبيُّ عنهم وتَركَهم، وعلِمَ الموحِّدونَ ذلك فثقَفُوا الطُّرق، وأمَروا الناسَ بالاجتماع فاجتمَعوا خارجَ البلد بالموضع ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (163)، وابن سعيد في المغرب 1/ 342، والسيوطي في البغية 2/ 25، وله ذكر في نفح الطيب للمقري 4/ 70. (¬2) اسمه محمد، وستأتي ترجمته في السفر السادس من هذا الكتاب (الترجمة 840). (¬3) السفر الذي يحيل إليه المؤلف مفقود، وترجمة ابن قسي وأخباره في الحلة السيراء 2/ 197 وما بعدها، وأعمال الأعلام (248) وما بعدها. (¬4) في م: "واحل".

245 - أحمد بن عبد الله بن يحيى بن يحيى بن يحيى -ثلاثة- ابن كثير بن وسلاس بن شملل بن منقايا المصمودي الصادي الركوني

المعروف بالمقطع قِبلةَ البلد، وفيهم العلماءُ والصالحونَ والأخيارُ، كأبي عامرٍ هذا وأبي الحَكَم عَمْرِو بن بَطّال وأبي العبّاس بن أبي مَرْوان وغيرِهم، فوُضحَ السّيفُ فيهم وقُتلوا عن آخِرِهم، فقيل، وهو آخرُ ما وقَعَ الاتّفاق عليه: إنّ الذين قُتلوا من أهل البلد ثمانيةُ آلاف، ومن الأقطارِ أربعةُ آلاف، وبيع نساء (¬1) الجميعِ، وكانت ملحمةً فاقتِ الملاحمَ في خَرْق العادة، وقَضَت على قوم بالشّقاوة والآخرينَ بالسعادة، وأُنهيَ نبَؤُها الشَّنيعُ إلى أبي محمدٍ عبد المؤمن بن عليّ وهو بمَرّاكُش، فنَفَذَ أمرُه بتسريح الحافظ أبي بكر ابن الجَدِّ واعتقال المستبِدِّ بهذه الفَتْكة الفظيعة أبي زكريّا المذكور وتصفيدِه في الحديد، فامتَثلَ ذلك إثْرَ صلاة عيد الفِطر من تلك السّنة واحتُمل إلى مَرّاكُشَ مُعتقَلًا وأُلزِمَ سُكنى دارِه مُعرَضًا عنه، إلى أن توَجَّه أبو محمدٍ عبدُ المؤمن بن عليّ إلى تينمللَ برَسْم الزيارةِ المعروفة عندَهم، فاحتَمَلَه معَه واستُعطِفَ له هنالك وشُفع فيه فحَلّ وِثاقَه وأعاده إلى استخدامِه وما يليقُ به من استعمالِه. وبعدَ فِرار الوُهَيْبيِّ عن لَبْلَة سكَنَ طبيرةَ (¬2)، وأشعَلَ هنالك نارَ الفتنة وداخَلَ ابنَ الرّيق صاحبَ قلمريّة فهادَنَه على ما بيدِه، واستمالَه أهلُ قصرِ أبي دانسَ إليهم فسار نَحوَهم، وتأمَّرَ فيهم مُدَيْدةً، ثم قَتَلَه الله (¬3) هنالك بأيديهم وكفَى اللهُ شرَّه (¬4). 245 - أحمدُ (¬5) بن عبد الله بن يحيى بن يحيى بن يحيى -ثلاثةً- ابن كَثِير بن وَسْلاسَ بن شَمْلَلَ بن مَنْقَايا المَصْموديُّ الصّادِيُّ الرُّكُوني. ¬

_ (¬1) في ق: "النساء". (¬2) في م: "طيرة". (¬3) لفظ الجلالة زيادة من م. (¬4) انظر أيضًا في كائنة ليلة المذكورة البيان المغرب 3/ 29 - 30 (قسم الموحدين). وكلام المؤلف فيها أكثر تفصيلًا، وكأن ابن عذاري نقل منه، وهو ينقل عنه في مواضع عديدة من القسم الخاص بالموحدين. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (11)، والذهبي في تاريخ الإسلام 7/ 487، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 320، ووالد جده يحيى بن يحيى الليثي فقيه الأندلس الأكبر وراوي "الموطإ" عن الإمام مالك والمتوفى سنة 234 هـ.

وكَثِير: في هذه الأسماء مكبَّر. ووَسْلاسُ (¬1): بالواو مفتوحةً والسِّين الغُفْل ساكنةً ولام ألف وآخرُه سينٌ غُفْل (¬2). وشَمْلَلُ: بالشِّين معجَمةً مفتوحة وميم ساكنة ولامَيْن أوّلهُما مفتوح (¬3). ومَنْقايا: بميم مفتوحة ونونٍ ساكنة وقافٍ معقودة وألفٍ بعدَه ياءٌ مسفولة وألف (¬4). والصّادي: بصاد مُشرَبة صوتَ الزاي وألِف ودالٍ مهمَلة منسوبًا (¬5). والرُّكُوني: براءٍ وكاف مضمومتَيْن وواو بعدَها نونٌ منسوبًا (¬6). ومَنْقَايا هذا: من بلدِ آقَّاقَن بقافَيْنِ معقودتَيْنِ قبلَ أُولاهما -وهي مشدَّدة- همزةٌ ممدودة وثانيتُهما مفتوحةٌ مخفَّفة بعدَها نون (¬7)، وآقَّاقَنُ هذا بمقرُبة من ¬

_ (¬1) ويقال فيه: "وسلاسن" آخره نون (جذوة المقتبس، الترجمة 910). (¬2) كسر ابن خلكان واو "وسلاس" 6/ 146. (¬3) قيده ابن خلكان: "شَمّال" بفتح الشين المعجمة وتشديد الميم وبعد الألف لام. (6/ 146). (¬4) قيده ابن خلكان: "منغايا": بفتح الميم وسكون النون وفتح الغين المعجمة وبعد الألف ياء معجمة باثنتين من تحتها وبعدها ألف مقصورة. قلنا: واستبدال القاف بالغين جائز هنا، لأنه في "الأصل" كاف بربرية فتكتب بالقاف والكاف والجيم والغين. (¬5) النسبة إلى صادة ووردت في المغرب للبكري (110، 114) أصادة، ويفهم من كلامه أنها تطلق على مدينة وعلى قبيلة. قال: مدينة أصادة فيها آثار للأول ذات أعناب وأشجار كثيرة، وهي بقبلي يجاجين، بينهما ستة أميال. وقال: وجبل صرصر بقبلي هذا القصر ينزله بطون كتامة وأصادة. (¬6) لا ذكر لركونة في المصادر التي وقفنا عليها بهذه الجهة من المغرب، وإنما المذكور قرية ركونة التي ذكر ابن دحية في المطرب (12)، وابن سعيد في المغرب 2/ 138 أنها من عمل بشرات غرناطة، وإليها تنسب حفصة الركونية، وقد ضُبطت في المغرب بفتح الراء. (¬7) أقاقن: وردت في المغرب هكذا: يجاجين وأجاجن، وأصلها بالكاف البربرية المتوسطة بين الكاف الصريحة والجيم أو القاف، فرسمها البكري بالجيم ورسمها المؤلف بالقاف كما هي عادته مع مثلها في هذا الكتاب، قال البكري في المغرب (114): مدينة يجاجين مدينة جيدة مفيدة على نهر عذب، بها جامع وأسواق وحمّام.

بَصْرة الذبانِ (¬1) بجهة جبل صَرْصَر من نظَر قصر عبد الكريم (¬2)، خرَجَ من بلده فأسلَمَ على يد يزيدَ بن عامِر اللَّيْثي فنُسِبَ بالوَلاء إليه (¬3)، وقال الحكيم: يَتولَّونَ بني لَيْث من كِنَانة، وقيل: نزَلوا منزلَ بني لَيْث فنُمُوا إليه. والدّاخلُ إلى الأندَلُس من عَقِبِه: كَثيرٌ المذكور، وأخوه يزيدُ، وهو المتوجِّه من قِبَلِ عبد الرحمن بن معاويةَ إلى عمَّاتِه بالشام حين استَوْثَق له الأمرُ بالأندَلُس، ومات ولم يُعقِب، وقيل: إنّ المتوجِّهَ إليها كثيرٌ، فاللهُ أعلم. وأحمدُ المترجَمُ به قُرْطُبيٌّ، رَوى عن عم (¬4) أبيه عُبَيْد الله (¬5) بن يحيى، وكان من أهل العناية بالعلم، ذا تقَدُّم في اللُّغة، ويُحسِنُ (¬6) الشّعر، وَلّاه عبدُ الرحمن الناصِرُ حِصنَ مَجْرِيطَ مرَّتين فغزا في أُخراهُما وغَنِم، ثم اعترضَتْه خيلُ العدوِّ ¬

_ (¬1) عرفت ببصرة الذبان، لكثرة ألبانها، كما عرفت ببصرة الكتان، كانت مدينة واسعة. انظر فيها المغرب للبكري (110)، والاستبصار (189). (¬2) قصر عبد الكريم أو قصر كتامة، يعرف اليوم بالقصر الكبير تمييزًا له عن القصر الصغير المعروف كذلك بقمر مصمودة وقصر المجاز، ووردت تسمية الأول في الاستبصار بقمر صنهاجة أيضًا، وعبد الكريم الذي يضاف إليه القصر هو: عبد الكريم بن عبد الرحيم بن أحمد المعروف بابن العجوز السبتي نسب إليه لأنه كان رئيس كتامة وقتله المرابطون عند غلبتهم كتامة. انظر ترجمته في المدارك (ترجمة رقم 1363) وانظر في قصر عبد الكريم الاستبصار (189)، والمراجع المذكورة في الحاشية، وفي مرآة المحاسن (145) وما بعدها نبذة طيبة في القصر الكبير وتاريخه. (¬3) في التكملة: الذي أسلم على يد يزيد بن عامر الليثي هو وسلاس. (¬4) سقطت اللفظة من ق فاختل المعنى، وأثبتناها من م والتكملة، وعبيد الله بن يحيى عم أبيه من أشهر رواة "الموطإ" عن والده، وتوفي سنة 198 هـ وترجمه الخشني في أخبار الفقهاء (310)، وابن الفرضي في تاريخه (762)، والحميدي في جذوة المقتبس (582)، والقاضي عياض في ترتيب المدارك 4/ 421، والضبي في بغية الملتمس (975)، والذهبي في تاريخ الإسلام 6/ 979، وسير أعلام النبلاء 13/ 531، والعبر 2/ 111، وابن العماد في الشذرات 2/ 231. (¬5) في م: "عبد الله"، خطأ. (¬6) في م: "وحسن".

246 - أحمد بن عبد الله بن يحيى الأنصاري، شاطبي

عند قُفولِه فاستُشهِد في ثمانيةَ عشَرَ من المسلمين، وسيقت جُثثُهم إلى طَلَمْنكة (¬1) فدُفنتْ بها سنةَ أربع وعشرينَ وثلاث مئة. 246 - أحمدُ (¬2) بن عبد الله بن يحيى الأنصاري، شاطِبيّ. رَوى عن أبي عامرٍ محمد بن [حَبِيب] (¬3). 247 - أحمدُ بن عبد الله بن يوسُفَ بن حَمّاد، قُرْطُبيّ. كان فقيهًا عاقدًا للشّروطِ عَدْلًا، حيًّا سنةَ ثمانٍ وعشرينَ وخمس مئة. 248 - أحمدُ بن عبد الله بن يوسُفَ الغَسّاني، أبو العبّاس. رَوى عن أبي الفَضْل بن محمد بن شَرَف، وكان مُقرئًا. 249 - أحمدُ بن عبد الله بن يونُس بن عبد الله بن يونُس الغافِقيُّ، لَبْلي، أبو العبّاس. له إجازةٌ من أبي جعفر بن محمد بن يحيى، رَوى عنه أبو عبد الله بن إسماعيلَ بن خَلْفون. 250 - أحمدُ بن عبد الله الكِنَاني. رَوى عن أبي جعفر ابن الباذِش. 251 - أحمدُ بن عبد الله المُرَاديُّ. رَوى عنه أبو عُمرَ بن (¬4) عبد البَرّ مؤلَّفَ أبي شَيْبة. ¬

_ (¬1) في ق: "طليطلة"، وما أثبتناه من م والتكملة، وهي مدينة من أعمال طليطلة بناها الأمير محمد بن عبد الرحمن في منطقة وادي الحجارة لتكون حصنًا متقدمًا في الثغر الأعلى (معجم البلدان 4/ 39، وصفة جزيرة الأندلس 128). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (115). (¬3) بياض في النسختين، وما أثبتناه من التكملة. (¬4) سقطت من م.

252 - أحمد بن عبد الله، جياني، أبو جعفر، ابن اليتيم

252 - أحمدُ بن عبد الله، جَيّاني، أبو جعفر، ابنُ اليَتيم. كان مُقرئًا مُجوِّدًا، وهو الذي أجابه المُقرئُ أبو الحَسَن عبدُ الجليل بن عبد العزيز عن تفاضُل طُول المدِّ بين وَرْشٍ وقَالُونَ في {أَأَنْذَرْتَهُمْ} [البقرة: 6] وبابِه. 253 - أحمدُ بن عبد الله، شاطِبيّ، أبو جعفر، الضَنّاع، بالصّاد مهمَلةً والنّون مشدَّدة آخرُه عَيْنٌ مهمَلة. رَوى عن أبي جعفر ابن الباذِش. 254 - أحمدُ بن عبد الله، شِلْبيّ، أبو عُمرَ القَنْطَري. رَوى عن شُرَيْح. 255 - أحمدُ (¬1) بن عبد الله، طُلَيْطُلي، سَكَنَ شاطِبةَ، أبو عُمر. رَوى عن أبي عبد الله بن عيسى المَغَامِيّ، رَوى عنه أبو محمد بن أبي تَلِيد، وكان معدودًا في جُملة الفقهاءِ ببلده. 256 - أحمدُ (¬2) بن عبد الله، قُرْطُبيُّ، أبو العبًاس، القُونْكيُّ، العطّار. رَوى عن أبي عبد الله بن خَلَف ابن السَّقّاط، وأبي محمد الشَّنْتِجَالي، له رحلةٌ حجَّ فيها، ورَوى بمكّةَ كرَّمها الله عن كريمةَ المَرْوَزيّة، ولقِيَ أبا محمد عبدَ الحقّ بن [محمد بن هارون] (¬3) الصِّقِلِّي وغيرَه، وقَفَلَ إلى بلده. رَوى عنه أبو عبد الله ابن تاشَفين، وأبو القاسم ابن بَشْكُوال، ذكَرَه في معجَم شيوخِه وأغفَلَ ذكْرَه في الصِّلة. توفِّي عقِبَ رمضانِ ثمانيةَ عشَرَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (96). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (105)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 285. (¬3) فراغ في النسختين تركه المؤلف ليعود إليه فما عاد، وما أثبتناه من تاريخ الإسلام 10/ 234 حيث ذكره في وفيات سنة 466 هـ، وهو صاحب كتاب "النكت والفروق لمسائل المدونة".

257 - أحمد بن عبد الله، قرطبي، ابن أخي قومس كاتب الأمير محمد

257 - أحمدُ (¬1) بن عبد الله، قُرطُبيٌّ، ابنُ أخي قُومس كاتبِ الأمير محمد. رَوى عن [محمد] (¬2) بن وَضّاح وأبي [إسحاق] (¬3) ابن القَزّاز، وله رحلةٌ سمع فيها من عليّ بن عبد العزيز. 258 - أحمدُ بن عبد الله: مَوْصِليُّ الأصل قديمًا دانية حديثًا، أبو الحَسَن. كان واعظًا وصَنَّفَ في طريقتِه (¬4) وفي التصوُّف، وأنشَدَ لنفسِه في بعض مصنَّفاتِه [الطويل]: غرستُ لأهل الحُبِّ غُصْنًا من الهوى ... ولم يكُ يدري ما الهوى أحدٌ قَبْلي وروَّيتُه من دمع عَيْنيَ فانتشى ... فأصبحَ مُستَكَّ الحدائقِ بالحِمْلِ فأينعَ أحزانًا وأوْرقَ صَبوةً ... وأثمَرَ أشجانًا من السَّقَم المُبْلي فكلُّ جميع العاشقينَ هَواهُمُ ... إذا نسَبوه كان من ذلك الأصلِ ذكَرَه ابنُ هارونَ ومِن خطِّه نقلتُه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (13)، وابن الفرضي في تاريخه وسماه: "أحمد بن أبي قومس" فلعل الصواب: ابن أخي قوص (الترجمة 92). (¬2) فراغ في النسختين، وهو محمد بن وضاح بن بزيع، أبو عبد الله القرطبي راوية "الموطإ" عن يحيى بن يحيى الليثي، وبه وببقي بن مخلد صارت الأندلس دار حديث، وتوفي بقرطبة سنة 287 هـ، وترجمته في تاريخ ابن الفرضي (1134)، وترتيب المدارك 4/ 435، وبغية الملتمس (291)، وتاريخ الإسلام 6/ 828، وسير أعلام النبلاء 13/ 445 وغيرها. (¬3) فراغ في النسختين، وما أثبتناه من مصادر ترجمته، وهو إبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن باز المعروف بابن القزاز، من أهل قرطبة أحد تلامذة يحيى بن يحيى الليثي، وتوفي بطليطلة سنة 274 هـ، ترجمه ابن الفرضي في تاريخه (10)، والحميدي في جذوة المقتبس (259)، وعياض في ترتيب المدارك 4/ 443، والضبي في بغية الملتمس (481)، والذهبي في تاريخ الإسلام 6/ 509، وابن فرحون في الديباج 1/ 260 وغيرهم. (¬4) قوله: "وصنف في طريقته" سقطت من ق.

259 - أحمد بن عبد الله بن جهور، قرطبي، أبو العباس

259 - أحمدُ بن عبد الله بن جَهْوَر (¬1)، قُرْطُبيٌّ، أبو العبّاس. رَوى ببَلَنْسِيَةَ عن أبي (¬2) الفتح نَصْر التَّنْكُتي. 260 - أحمدُ بن عُبَيد الله بن زَيْدون، أبو الوليد. رَوى عن شُرَيْح. 261 - أحمدُ بن عُبَيد الله بن عبد الله بن خَلَف بن أحمدَ بن محمد بن أسَدُونَ المعافِريّ. 262 - أحمدُ بن عُبَيد الله اليَحْصُبيُّ، أبو عَمْرو. رَوى عن أبي جعفر البِطْرَوجيِّ. 263 - أحمدُ بن أبي الحُسَين عبد الرحمن بن أحمدَ بن عبد الرحمن بن أحمدَ بن رَبيع بن أحمد بن رَبيع الأشعَريُّ، قُرطُبيٌّ، أبو جعفر، ابنُ أُبَيّ. وهو خالُ بعضٍ سَلَفِه نُسِبوا إليه بالبُنُوّة وشُهِروا بذلك. رَوى عن أبيه (¬3)، وأبي بكر بن عبد الله ابن الجَدّ، وأبوَيْ جعفر: ابن عبد الرحمن ابن مَضَاءٍ وابن محمد بن يحيى، وأبي عبد الله بن سَعيد بن زَرْقُون، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال، وأبوَيْ محمد: عبد الحقِّ بن بُونُه وعبد المُنعِم ابن الفَرَس، وغيرِهم، وكلُّهم أجازه. روى عنه أبو الحُسَين محمدٌ ابنُ شقيقِه أبي عامرٍ يحيى. وكان من بيت عِلم وجَلالة، ذا عنايةٍ بالعلم، توفِّي سنةَ عشْرٍ وست مئة. 264 - أحمدُ (¬4) بن أبي المُطرِّف عبد الرحمن بن أحمدَ بن عبد الرحمن بن محمد بن سَعيد بن جُزَيّ، بَلَنْسِيّ، أبو بكر. وجُزَيٌّ: كأنه تصغيرُ جُزْء مسَهَّلاً (¬5). ¬

_ (¬1) في م: جمور. (¬2) أبي: سقطت من م. (¬3) ترجمة أبيه أبي الحسين عبد الرحمن ابن أُبي في التكملة (الترجمة 2334). (¬4) ترجمه المنذري في التكملة 1/الترجمة 13، وابن الأبار في التكملة (224)، وابن الصابوني في تكملة إكمال الإكمال (87)، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 758. (¬5) وينظر كتاب تكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني (87).

265 - أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن ربيع بن أحمد بن ربيع الأشعري، قرطبي، أبو عامر، ابن أبي، وهو خال بعض سلفه شهروا بالانتماء إليه

رَوى عن أبي الحَسَن طارقِ بن يَعيشَ، وأبي العبّاس بن معَدٍّ الأقليجي (¬1)، وأبي محمد بن محمد بن السِّيْد، وأبي الوليد يوسُفَ بن عبد العزيز ابن الدّبّاغ. رَوى عنه أبو الرَّبيع بن موسى بن سالم، وأبو عبد الله (¬2) بن نُعْمان، وأبو عامرٍ نَذيرُ بن وَهْب بن نَذير، وأبو عيسى محمد بن محمد بن أبي السَّدَاد. وكان محدِّثًا حافظًا ماهرًا في صنْعة الحساب، بارعًا في علم الفرائضِ غَلَبا عليه متصدِّرًا (¬3) لإقرائهما بجامعٍ بَلَنْسِيَة. وكان ثقةً صَدُوقًا، حسَنَ الخَطِّ كتَبَ الكثيرَ، وعُنيَ بالعلم عنايةً تامّة، وعُمِّر فعَلَتْ سِنُّه وانفردَ بالرّواية عن أبي محمد ابن السِّيْد بالسَّماع ولم يكنْ له منه إجازة. مَولدُه في رمضانِ تسع وتسعينَ وأربع مئة، وتوفِّي ببَلَنْسِيَةَ عقِبَ محرَّمِ ثلاثٍ وثمانينَ وخمس مئة. 265 - أحمدُ (¬4) بن عبد الرحمن بن أحمدَ بن رَبيع بن أحمد بن رَبيع الأشْعَريُّ، قُرْطُبيّ، أبو عامر، ابنُ أُبَي، وهو خالُ بعض سَلَفِه شُهِروا بالانتماء إليه. تَلا بالسّبع على أبي القاسم خَلَف ابن الحَصّار، ورَوى عن أبي بحر سُفيان بن العاص، وأبي بكر ابن العَرَبي، ولازَمَهما وأكثَرَ عنهما، وأبي عبد الله بن سُليمان ابن أُختِ غانم، وأبي القاسم بن صَوَاب، وأبي محمد (¬5) بن عَتّاب، وأبي الوليد أحمدَ بن عبد الله بن طَرِيف، وتأدَّب بأبي محمد بن مُنْتان، وله إجازةٌ من أبي عليٍّ الصَّدَفي. ¬

_ (¬1) ويقال فيه: "الأُقليشي" بالشين المعجمة، نسبة إلى "أقليش" كما في التكملة الأبارية. (¬2) بعد هذا فراغ في النسختين، وفي التكملة: "أبو عبد الله بن النعمان". (¬3) في ق: "فتصدر". (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (164)، ومعجم أصحاب الصدفي (25)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 958، وهو جد أبي جعفر أحمد ابن أُبي الذي تقدمت ترجمته آنفًا (رقم 263). (¬5) في ق: "بحر"، خطأ، وما أثبتناه من م والتكملة.

266 - أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين بن عاصم الثقفي، برجي، بالباء موحدة مفتوحة وراء ساكنة وجيم منسوبا [سلف] المرية، أبو العباس، قصبي لسكنى سلفه بها

ورَوى عنه ابنُه أبو الحُسَين عبدُ الرحمن. وكان كاملَ العناية بشأنِ الرِّواية ولقاءِ المشايخ والأخْذِ عنهم معَ الثّقةِ والعدالة، جمَعَ (¬1) الكثيرَ وضبَطَ وقيَّدَ وعُرِفَ بالاستقامة والجَرْي على مِنهاج الفُضَلاءِ من أهل العِلم، واستُقضيَ بقَرَمُونةَ ثم بإسْتِجَةَ. وتوفِّي بالمُنَكَّب ليلةَ عيدِ الفِطر سنةّ تسع وأربعينَ وخمس مئة، ومولدُه سنةَ ثنتينِ وتسعينَ وأربع مئة (¬2). 266 - أحمدُ (¬3) بن عبد الرحمن بن أحمدَ بن الحُسَين بن عاصم الثَّقَفيُّ، بَرْجيٌّ، بالباءِ موحَّدةً مفتوحة وراءٍ ساكنة وجيم منسوبًا (¬4) [سَلَفَ] (¬5) المَرِيّة، أبو العبّاس، قَصَبيٌّ (¬6) لسُكْنى سَلَفِه بها. تَلا بالسّبع على أبي عِمرانَ بن [سُليمانَ] (¬7) اللَّخْمي، سمع (¬8) منه ومن أبي خالدٍ يزيدَ مَوْلى المُعتصِم ابن صُمَادِح، ورَحَلَ إلى شرقَ الأندَلُس فأخَذ فيها بمُرْسِيَةَ عن أبي الحُسَين يحيى بن البَيّاز، وبَدانِيَةَ عن أبي داوودَ الِهشاميِّ، وبشاطِبةَ عن أبي الحَسَن ابن الدُّوْش (¬9). وله رحلة إلى المشرِق وحَجَّ فيها، ¬

_ (¬1) في م: "سمع". (¬2) في النسختين: "وخمس مئة" كأنه سبق قلم من المؤلف، وقد صحح في حاشية م. (¬3) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (433)، وابن الأبار في التكملة (141)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 722، ومعرفة القراء الكبار 1/ 494، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 66، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 16. (¬4) بَرْجة: من عمل المرية بشرق الأندلس على مقربة من ساحل البحر الأبيض المتوسط (المغرب 2/ 228). (¬5) بياض في النسختين تركه المؤلف ولم يعد إليه، وما أثبتناه من التكملة. (¬6) عرف بذلك لسكنى سلفه بقصبة المرية، كما في التكملة. (¬7) بياض في النسختين، وما أثبتناه مستفاد من التكملة، وهو أبو عمران موسى بن سليمان اللخمي. (¬8) في م: "وسمع". (¬9) في التكملة: "ابن أخي الدُّش" وهو الصواب.

267 - أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أحمد بن مخلد بن عبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد، قرطبي

وبعدَ صَدَرِه تصدَّر للإقراء والتحديث، تَلا عليه أبو إسحاق (¬1) بن يوسُف بن قُرْقُول، وأبو بكر بنُ رِزق، وأبو عبد الله بن خَلَف بن عَمِيرةَ، وأبو القاسم بن محمد بن حُبَيْش، وأبو نَصْر فَتْحُ بن محمد بن فَتْح، وأبو يحيى اليَسَعُ بن عيسى بن حَزْم. وكان مُقرئًا مجُوِّدًا ضابطًا ديِّنًا، أقرَأَ بجامع المَرِية ووَليَ الصّلاة به (¬2)، وتوفِّي في حدود الأربعينَ وخمس مئة. 267 - أحمدُ بن عبد الرحمن بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن مَخْلَد بن عبد الرحمن بن أحمدَ بن بَقِيِّ بن مَخْلَد، قُرْطُبيٌّ. رَوى عن جَدِّه أبي القاسم أحمدَ بن محمد. 268 - أحمدُ بن عبد الرحمن بن أحمدَ بن مُنبِّه التَّغْلِبيُّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي الحُسَين بن زَرْقُون. 269 - أحمدُ بن عبد الرحمن بن أحمدَ بن يحيى بن حُجيل (¬3) الحِمْيَري، من أهل شَنْتَمَرِيَّةَ أو شِلْب، أبو العبّاس. روى (¬4) عن أبي علي الغَسّاني، وأبي نَصْرٍ (¬5) القَسْطَلي. رَوى عنه أبو عليٍّ حَسَنُ بن أحمدَ الزِّرقالُّه. وكان مقرئًا مجوِّدًا ذا بَصَرٍ ¬

_ (¬1) في ق: "الحسن" خطأ، وهو أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف بن إبراهيم المعروف بابن قرقول، ترجمه ابن الأبار في التكملة (393)، وقال: كذا قرأت اسمه بخطه، وترجمه ابن خلكان في وفيات الأعيان 1/ 62، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 402، وسير أعلام النبلاء 20/ 520، والصفدي في الوافي 6/ 171، واليافعي في مرآة الجنان 4/ 171، وابن العماد في الشذرات 4/ 231، ولم يكنِه أحد بأبي الحسن، وتوفي بفاس سنة 569 هـ. (¬2) من قوله: "أقرأ" إلى هنا سقط من ق. (¬3) في ق: "نخيل"، وحجيل في الأسماء معروف. (¬4) في ق: "أخذ". (¬5) بعد هذا فراغ في النسختين.

270 - أحمد بن عبد الرحمن بن أبي الوليد أحمد الكناني، بلنسي، سكن مالقة وتردد إليها كثيرا، أبو جعفر، الوقشي

بالأحكام، واستُقضيَ بالمدينة العُليا (¬1) من الغَرْب. لم يَذكُرْه ابنُ الأبّار في أصحابِ الغَسّاني. 270 - أحمدُ (¬2) بن عبد الرّحمن بن أبي (¬3) الوليد أحمدَ الكِنَاني، بَلَنْسِي (¬4)، سكَنَ مالَقةَ وترَدَّدَ إليها كثيرًا، أبو جعفر، الوَقَّشِي. رَوى عنه ابنُه أبو الحُسَين علي، وأبو الوليد عبدُ الله بن محمد بن قُرَشِي. وكان من بيتِ جلالة وحسَب، شهيرًا، سَرِيَّ الهِمّة، أديبًا بارِعًا فاضلًا، شاعرًا مطبوعًا، كاتبًا بليغًا، كتَبَ بجَيّانَ عن أبي إسحاقَ بن هَمْشَك (¬5). ولمّا توفِّي ابنُ هَمْشَك قصَدَ إلى مَرّاكُشَ (¬6) ومدَحَ بها الأميرَ أبا يعقوبَ بن عبد المؤمن بقصيدةٍ فريدة أطال فيها وتعرَّض لذكْرِ الأندَلُس ووَصْفِ حالِها، وذلك في رمضانِ أربع وستينَ وخمس مئة مطلَعُها [الطويل]: أبَتْ غيرَ ماءٍ بالنّخيل وُرودا (¬7) ... وهامت به عَذبَ الجَمَام مَرُودا وقالت لِحَادِيها: أثَمَّ زيادةٌ ... على العُشْرِ في وِردي لهُ فأزيدا؟ ¬

_ (¬1) في الغرب 1/ 398 أنها من المدن الغربية الشمالية، وذكر المراكشي في المعجب (459) أنها تقع بين إشبيلية وشِلب. (¬2) ترجمه ابن الأبار في الحلة السيراء 2/ 257، وهو مما يستدرك على المراكشي في الإعلام. (¬3) أبي: سقطت من ق. (¬4) في ق: "فاسي" وهو تحريف. (¬5) ترجمة ابن همشك وأخباره في المن بالامامة، والمعجب (150)، والمغرب 2/ 52، والبيان المغرب 3/ 49 وما بعدها، وأعمال الأعلام (263)، وغيرها. (¬6) في الحلة السيراء أنه وفد على مراكش موجهًا من قبل مخدومه ابن همشك ليستصرخ الخليفة على صهره ابن مردنيش عندما نابذه سنة 562 هـ ثم أورد له ابن الأبار بعد ذلك قطعة شعرية قالها في وفادته على مراكش سنة 564 هـ؛ فهما وفادتان. (¬7) في م: "درودا".

عدِمتُكِ ما هذا القُنوعُ (¬1) وها أنا ... عَهِدتُكِ لا تَثْنِينَ عنه وَريدا أنُوثًا إذا ما كنتِ منه قريبةً ... وضَبًّا إذا ما كان عنكِ بعيدا رِدِي حَضْرةَ المُلْكِ الظَّليل رُوَاقُهُ ... ففيها لعَمْري تَحْمَدينَ وُرودا بحيثُ إمامُ الدّين يوسِعُ فضلَهُ ... جميعَ البرايا مُبْديًا ومُعيدا أعاد إلينا الأُنسَ بعدَ شُر ودِهِ ... وأَحيا لنا ماكان منهُ أُبِيدا وليَّنَ أيامَ الزّمانِ بعَدْلِهِ ... وكانت حديدًا في الخطوبِ حديدا فلا ليلةٌ إلّا تَرُوقُكِ سحرةً ... ولا يومَ إلّا عاد يَفْضُلُ عِيدا ومنها يَصِفُ حالَ الأندَلُس ويبعَثُ على الجهاد [الطويل]: ألا ليتَ شِعري هل يُمَدُّ ليَ المَدى ... فأُبْصرَ حفلَ المشركينَ طَريدا؟ وهل بعدُ يُقْضَى في النَّصارى بنصْرةٍ ... تُغادِرُهم للمُرهَفاتِ حَصيدا وَيغْزو أبو يعقوبَ في شَنْتِ (¬2) ياقبٍ ... يُعيد عَميدَ الكافرينَ عَميدا ويُلقي على إفْرَنْجِهم عبءَ كَلْكلٍ ... فَيترُكهمْ فوقَ الصّعيدِ هُجودا يُغادرُهمْ جَرْحًا وقتلًا (¬3) مبرِّحًا ... ركوعًا على وجهِ الفلا وسجودا ويفتَكُّ من أيدي الطُّغاةِ نواعمًا ... تَبدَّلْنَ من نَظْم الحُجولِ قُيودا وأقبَلْنَ في خُشْن المُسوح وطالما ... سحَبْنَ من الوَشي الرقيقِ بُرودا وعفَّر منهُنَّ التّرابُ تَرائبًا ... وخدَّدَ منهنَّ الهَجِيرُ خدودا فحُقَّ لدَمْعي أن يَفيضَ لأزرق ... تملَّكَ دعجاءَ المدامع سُودا ويا لَهْفَ نفْسي من معاصم طفلةٍ ... تُجاوِرُ بالقَيْد (¬4) الأليم نُهودا ¬

_ (¬1) في حاشية م بخط مختلف: كذا، وتحتها: ما هذي القناعة. (¬2) في م: "شمت"، وانظر شنت ياقوب في الروض المعطار (115). (¬3) في م: "وقتلى". (¬4) في م: "بالقد"

ولا أَسفا ما إن يُزالُ مردَّدًا ... على شملِ أعمارٍ أُعيدَ بديدا وآهًا أمدُّ الصّوتَ مُنتحِبًا على ... خُلوِّ ديارٍ لو يكونُ مُفيدا لعلَّ أميرَ المؤمنينَ يُعيدُها ... إلى أفضلٍ (¬1) من حالِها فتَعودا وآخرها [الطويل]: حمَلتُ إليه من نظامي قِلادةً ... يُلقِّبُها أهلُ الكلام قَصيدا غدَتْ يومَ إنشادِ القريضِ وحيدةً ... كما قَصدتْ في المعْلُواتِ وحيدا وقد مرَّت من نَظْمه الأبياتُ في وَصْف المصحفِ الأعظم مصحفِ عثمانَ ابن عفّان في رَسْم أبي المُطرِّف أحمدَ بن عبد الله بن عَمِيرة (¬2). ودخَلَتْ على أبي يعقوبَ المذكور زَرافةٌ فعَدَلتْ إلى ناحيتِه، فاستَدعى لها بِطّيخًا وأطعَمَها إياه بيدِه فارتَجل في ذلك [الكامل]: حُشِرتْ إليكَ غرائبُ الحَيْوانِ ... مجنوبةً (¬3) من نازح البُلْدانِ وأجَلُّها يَدْعونَها بزَرَافةٍ ... صَدقوا لقد جَلَّت عن الوُحْدانِ لبِسَتْ من الصُّفر الأنيقِ مُلاءةً ... مرقومةَ الجَنَباتِ بالعِقْيانِ (¬4) وكأنّما قد قُسِّمتْ في خَلْقِها ... فأتتكَ بينَ الخيل والبُعْرانِ (¬5) وكأنّ قرنَيْها إذا مَثُلتْ لنا (¬6) ... قلمانِ قُلِّمَ منهما الطّرَفانِ طالت قوائمُها وطال تَليلُها ... حتى لقد أَوفَى (¬7) على الجُدرانِ ¬

_ (¬1) كذا في الأصلين، وهي جائزة للضرورة الشعرية. (¬2) راجع (الترجمة 231) من هذا السفر. (¬3) كذا في ق، وفوقها كلمة: صح، وفي م: "مجلوبة". (¬4) من هنا إلى البيت الخامس بعده موجود في الحلة السيراء 2/ 264. (¬5) في الحلة السيراء: "والبقران"، وهو خطأ. (¬6) في الحلة السيراء: "إذا شالتهما". (¬7) في م: "أربى".

وتفاوتتْ في سَمْكِها فوراءها ... ثلثٌ لها، وأَمامَها ثُلُثانِ سَجَدتْ إليك كرامةً فبوجهِها ... حجمٌ أطاف بجِرمِه العَيْنانِ لمْ لاوقد أدنيتَها حتّى لقد ... سَمَحتْ لها بالقُوتِ منكَ يدانِ عجَبًا لها كيف اهتَدتْ حتى اغتَدتْ ... ما بينَنا من جُملة الضِّيفانِ يا أَيُّها الحَيَوانُ جاهُك (¬1) نافقٌ ... عند الإمام خليفةِ الرَّحمنِ والنوعُ أفضلُ رُتبةً فابشِرْ بما ... يَحوي لدَيْه عاقلُ الحَيَوانِ واستُوهِبَ منه نسخةٌ من "الموطَّإ" ممّا قُرئ بين يدَيْه فقال [الطويل]: أَيا سيّدَ الأملاكِ والناسِ كلِّهمْ ... ولست بمُسْتبْقٍ على الأرضِ ماشيا تعبَّدتَني نُعمى فمن لي بِشُكْرِها ... ولو أنّني صُغتُ النجومَ قوافيا وتتميمُها عندي موطَّأُ مالكٍ ... أسيرُ به عن حضرةِ المُلكِ راويا وأُسندُه عنكمْ لخير خليفةٍ ... غدا ثانيَ المَهْديِّ للخَلْقِ هاديا أُقدِّمُه ذُخرًا ليومِ مَعادِنا ... وألبَسُه فَخْرًا على الدهرِ باقيا ومن نَظْمه في كِتمانِ السرّ [الطويل]: ومُستودِعٍ عندي حديثًا يخافُ من ... إذاعتِه في الناسِ إن يَنفَدِ العمْرُ فقلتُ له: لا تَخْشَ منّي فضيحةً ... لسرٍّ غدا مَيْتًا، وصدري له قبرُ على أنَّ ما في القبرِ يُرجَى نشورُهُ ... وسرُّك لا يُرجى (¬2) له أبدًا نَشْرُ (¬3) وكانت بينَه وبينَ أبي الحُسَين بن جُبَيْر صِهرِه على ابنتِه أُمِّ المَجْد عاتكةَ وأبيه أبي جعفر بن جُبَيْر مخاطَباتٌ نثرًا ونظمًا ومُراجَعات. ¬

_ (¬1) في م: "جنسك". (¬2) في الحلة السيراء: "ما يرجى". (¬3) الأبيات واردة في الحلة السيراء 2/ 264 - 265.

271 - أحمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد التجيبي، قرطبي

توفِّي بمالَقةَ يومَ الثلاثاء عقِبَ محرَّمِ أربع وسبعينَ وخمس مئة، وكان الحَفْلُ في جَنازتِه عظيمًا شهِدَها الخاصُّ والعامّ، وحضَرَها والصّلاةَ عليه والي مالَقةَ حينَئذٍ الأميرُ أبو محمد ابنُ الأمير أبي حَفْص بن أبي محمد عبد المؤمن بن علي، ودُفن بمقبرةِ باب فنتناله خارجَ باب الكحل بسَفْح جبل فارُه. قال ابنُه أبو الحُسَين: لّما وَصَلَ إلى مالَقةَ يريدُ حضْرةَ مَرّاكُش خرَجَ متفرِّدًا فوقَفَ بموضع قبرِه وقال: هذا موضعٌ ما أظُنُّ ببلاد الأندَلُس آنَقَ منه، وودِدتُ لو (¬1) دُفنتُ به، فلمّا قَفَلَ من حضرةِ مَرّاكُش لم يلبَثْ بها إلّا يومَيْن وتوفِّي هو وابنُه يوسُفُ ودُفنا بذلك الموضع، وصَلّى عليهما الخطيبُ أبو كامل. 271 - أحمدُ بن عبد الرّحمن بن إبراهيمَ بن محمد التُّجيبيُّ، قُرْطُبيّ. له رحلةٌ إلى المشرِق، رَوى فيها بتُوْزَرَ عن أبي حَفْص بن عُذْرة. 272 - أحمدُ (¬2) بن عبد الرحمن بن أيّوب، سَرَقُسْطيٌّ، أبو جعفر (¬3)، ابنُ المُسْلِماني. كان واحدَ زمانِه في علم الرُّؤيا والتكلُّم على وجوهِها والشَّرح لدقائقِها والاطّلاع على غوامضِها. واستُشهِدَ في وَقيعة منزلِ مرضي في محرَّم ثلاثٍ وسبعين (¬4) وأربع مئة. 273 - أحمدُ بن عبد الرحمن بن بَشِير. رَوى عن أبي عبد الله بن عَتّاب. 274 - أحمدُ بن عبد الرحمن بن جابِر بن أبي الرَّبيع القَيْسيُّ، غَرْناطيّ، أبو جعفر. ¬

_ (¬1) في م: "أني". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (69). (¬3) في ق: "أبو حفص"، وهو تحريف، والتصويب من م والتكملة. (¬4) في ق: "وتسعين"، خطأ، وما أثبتناه من م والتكملة التي ينقل منها المؤلف.

275 - أحمد بن عبد الرحمن بن حاتم التميمي، قرطبي، الطرابلسي وهو عم حاتم بن محمد الراوية

رَوى عن أبوَيّ جعفر: ابن عليِّ ابن الباذِش وابن عُمرَ بن قبلال، وكان فقيهًا ذاكرًا للأحكام، بصيرًا بالنّوازِل، واستُقضيَ ببعض جهاتِ غَرْناطة. وتوفِّي في الأربعينَ وخمس مئة. 275 - أحمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن حاتم التَّميمي، قُرْطُبي، الطَّرابُلُسيّ (¬2). وهو عَمُّ حاتم بن محمدٍ الراوِية. رَوى عن أبي إسحاقَ ابن الشَّرَفي (¬3) وأبي جعفرٍ [أحمد] (¬4) بن عَوْنِ الله. 276 - أحمدُ (¬5) بن عبد الرّحمن بن خَصِيب، قيجاطى، سكَنَ قُرْطُبة، أبو العبّاس. رَوى عن عَبّاد بن سِرْحان، رَوى عنه أبو جعفر بنُ عبد الرّحمن بن مَضَاء، وكان مبرِّزًا في عِلم العربيّة وأحدَ الأُمناءِ بجامع قُرطُبةَ والشّهودِ المُعَدَّلينَ بها. 277 - أحمدُ (¬6) بن عبد الرّحمن بن رَبيع الأشعَريّ. كان بقُرطُبةَ حيًّا سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة. 278 - أحمدُ بن عبد الرّحمن بن سَعْد بن جُزَيّ، بَلَنْسِىّ، أبو بكر. رَوى عن أبي الوليد الوَقَّشي. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (27). (¬2) يعني: يُعرف بالطرابلسي. (¬3) منسوب إلى الشرف بإشبيلية. (¬4) بياض في النسختين، وفي التكملة: "كتب العلم عن أبي جعفر بن عون الله ". وهو أحمد بن عون الله بن حدير، أبو جعفر القرطبي المتوفى سنة 378 هـ، مترجم في تاريخ ابن الفرضي (181)، وتاريخ دمشق لابن عساكر 5/ 117، وبغية الملتمس (452)، وتاريخ الإسلام 8/ 447)، وسير أعلام النبلاء 16/ 390. (¬5) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ نقلاً من هذا الكتاب. (¬6) لعله قريب أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن ربيع بن أحمد بن ربيع الأشعري القرطبي المعروف بابن أُبي والذي تقدمت ترجمته برقم (265).

279 - أحمد بن عبد الرحمن بن سليمان بن بالغ الأنصاري، سرقسطي، أبو جعفر

279 - أحمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن سُليمانَ بن بالغ الأنصاريَّ، سَرَقَسْطيٌّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي الحَزْم خَلَف بن محمد القُرُوذي (¬2). واستجاز له أبو عليٍّ الصَّعدَفيُّ جماعةً من شيوخِه بالمشرِق، منهمِ: أبو الفَضْل أحمدُ بن الحَسَن بن خيْرُون بن إبراهيمَ البغداديُّ المُعدَّلُ الأمين، وخَيْرونُ: بخاءٍ معجَمة مفتوحة وياءٍ مسفُولة ساكنة. وأبو الحُسَين أحمدُ بن عبد القادر بن محمد بن يوسُفَ البغداديّ. وأبو عبد الله -ويقال: أبو عليّ، والأُولى أشهر- الحُسَينُ بن عليِّ بن الحُسَين بن محمد بن شَيْبةَ بن زيادِ بن زُهْرِ بن العلاء الشَّيْبانيُّ الطَّبَري، ويقال: الطَّبَراني، ويُدعَى إمامَ الحرمَيْن. وأبو يَعْلَى أحمدُ بن محمد العَبْديُّ -بالعَيْن الغُفْل مفتوحةً والباءِ بواحدةٍ ساكنة والدالِ منسوبًا- البَصْري (¬3). وأبو محمد جعفرُ بن أحمدَ بن الحُسَين البغداديُّ المقرئ ابن السَّرّاج (¬4). وأبو غالبٍ الحَسَن بن عليٍّ البزّاز -بزايَيْن- ابنُ الشّيخ. وأبو الفضل أحمدُ بن أحمدَ بن الحَسَن الأصبَهانيُّ الحَدّاد. وأبو القاسم حَمْزةُ بن محمد بن الحَسَن بن محمد (¬5) بن عليِّ بن محمد بن إبراهيمَ بن إسماعيلَ بن عبد الله بن الزُّبَير بن العَوّام القُرَشيُّ الزُّبَيريُّ البغدادي. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار ترجمة مختصرة في التكملة (111). (¬2) بضم القاف والراء، مجودة بخط ابن الجلاب من التكملة، وهو مترجم في الصلة البشكوالية (393). (¬3) في ق: "المصري" محرف، وهو أحمد بن محمد بن الحسن بن علي بن زكريا، أبو يعلى العبدي البصري الفقيه، شيخ مالكية العراق، ويعرف بابن الصواف، ولد سنة 400 هـ، وتوفي سنة 490 هـ (تاريخ الإسلام 10/ 646). (¬4) توفي سنة 500 هـ (تاريخ الإسلام 10/ 824) وهو صاحب "مصارع العشاق" المشهور. (¬5) "بن محمد" سقط من ق، وأثبتناه من م. وترجمته في المنتظم 9/ 99، وتاريخ الإسلام 10/ 627، وتوفي سنة 489 هـ.

وأبو (¬1) محمد رِزقُ الله بن عبد الوهّاب بن عبد العزيز بن الحارِثِ بن أسَد بن اللَّيْث بن سُليمانَ بن الأسوَدِ بن سُفْيانَ بن يَزيدَ بن أُكَيْنةَ بن عبد الله، كذا ذكَرَه عنه القاضي أبو عليٍّ الصَّدَفي في إسنادِ حديثٍ حدَّث به عنه بإسنادِه عن آبائه أبًا عن أبٍ إلى أُكَيْنةَ عن عليِّ بن أبي طالب رضي اللهُ عنه، وروى ذلك الحديثَ (¬2) الخطيبُ عن عبد الوهّاب بن (¬3) رِزْق الله بإسنادِه، وقال (¬4): فبيْنَ عبد الوهّاب بن عبد العزيز وعلي رضيَ اللهُ عنه تسعةُ آباءٍ آخِرُهم أُكَيْنةُ (¬5). وذلك لا يصحّ إلا بإثباتِ يَزيدَ كما عندَ القاضي أبي عليّ، ومن حَفِظَ حُجّةٌ على مَن لم يَحفَظْ (¬6). وذكَرَه الأميرُ أبو نَصْر عليٌّ ابنُ الوزير العادِل أبي القاسم هبةِ الله بن عليِّ بن جَعْفرٍ المعروفُ بابن ماكُولا في كتابِه المؤتَلِف والمختلِف المسَمَّى بـ "الإكمال في رَفْع الارتياب عن المؤتَلف والمختلِف من الأسماءِ والكُنَى والأنسابِ والألقاب" في باب أُكَيْنةَ وأُكَيْمةً منه، ورَدَّ نسَبَه كذلك إلى سُفيان، وقال (¬7): ابنُ أُكَيْنةَ بن زَيْد بن الهَيْثم بن عبد الله بن سيدان بن مُرّةَ بن سُفْيان بن مجُاشِع بن دارِم بن حَنْظلةَ بن مالكِ بن زيد (¬8) مَنَاةَ بن تمَيم، وقال: قال لي هذا النسَبَ الشّيخُ المعدَّل أبو محمد رِزْق الله بن عبد الوهّاب. فخالَفَ ما عندَ القاضي أبي عليٍّ في موضعَيْن، أحدُهما: إسقاطُ يزيدَ بينَ سُفيانَ وأُكَيْنة، والثاني: زيادةُ ¬

_ (¬1) في م: "وأبي"، خطأ. (¬2) سقطت من م. (¬3) في م: "أبي"، خطأ. (¬4) تاريخ مدينة السلام 12/ 293. (¬5) إلى هنا انتهى كلام الخطيب. (¬6) والحديث هو أن عليًا سئل عن الحنّان المنان، فقال: الحنان: الذي يُقبل على من أعرض عنه، والمنّان: الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال. ولا يصح عن سيدنا علي فهو مسلسل بالمجاهيل، وتفرد الخطيب بروايته. (¬7) الإكمال 1/ 108 - 109. (¬8) سقط من ق.

زيدٍ والهيثم بين أُكَيْنةَ وعبد الله. وذكَرَ أبو محمد رِزْقُ الله أنّ عبدَ الله هذا من الصّحابة، وأنّ اسمَه كان عبدَ اللّات، فسَمّاه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عبدَ الله، ولا ذكْرَ له في الصّحابة إلّا في هذه الحكايةِ ومن هذا الطريق، واللهُ أعلم. وأبو الفَوارس طِرَادُ (¬1) بن نِظَام الحَضْرتَيْنِ محمد بن عليِّ بن أبي تمّام الحَسَن بن محمد بن عبد الوهّاب بن سُليمانَ بن محمد بن سُليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيمَ الإمام ابن محمد بن عليِّ بن عبد الله بن العبّاس بن عبد المُطَّلب نقيبِ النُّقَباء يقال له: الزَّيْنَبيُّ نسبةً إلى زينَبَ بنتِ سُليمان بن عليِّ بن حُسَين بن عليِّ بن أبي طالب - رضي اللهُ عنه -، وهي أُمُّ محمد بن إبراهيمَ الإمام فيما قال أبو محمدٍ عليُّ بن أحمدَ بن حَزْم (¬2)، وقال أبو الفَضْل عِيَاضٌ: هي أُمُّ عبد الله بن محمد الذي كان واليًا بالمدينة وُيعرَفُ بابن زَيْنَب، وأُراها زيْنبَ بنتَ سُليمان بن عليِّ بن عبد الله بن العبّاس، كذا قال عِيَاض، وقد قال قبلُ: إنّها زينبُ بنتُ سُليمان بن علي العَلَويّةُ، ثم قال بعدُ: وقيل للشّريفِ أبي الفَوارس: ذو الشَّرَفَيْن لجمْعِه شَرَفَ بني العبّاس وشَرَفَ بني عليّ، وهذا اضطرابٌ وتناقُض من القول، والصّحيحُ ما قدَّمتُه، وهو قولُ أبي محمد بن عليٍّ الرُّشَاطي، وقيل له: ذو الشَّرَفَيْن لكونِه عبّاسيَّ الأبِ عَلَويَّ الأُمِّ، ويُلقَّبُ أيضًا بالكامل، ويقالُ له أيضًا: شِهَابُ الحَضْرتَيْن، وكان أبوه يُدعَى نِظامَ الحَضْرتَيْن. وأبو القاسم عبدُ الله بن طاهِر بن محمد التَّمِيميُّ البَلْخيُّ المعروفُ بابن شافُور ويُدعَى زَيْنَ الأئمّة. وأبو الفَضْل عبدُ الله بن عليِّ بن محمد البغداديُّ الدَّقّاقُ يُعرَفُ بابن زَكْرِي وبابنِ أبي زَكْري. ¬

_ (¬1) على وزن كتاب، قيده الزبيدي في "تاج العروس" وتوفي سنة 491 هـ وهو مترجم في تاريخ الإسلام 10/ 705 وغيره، وقد نقل فيه عن أبي علي الصدفي. (¬2) انظر الجمهرة (31 - 32)، تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون.

280 - أحمد بن عبد الرحمن بن سليمان بن موسى الخزرجي

وأبو القاسم عبدُ الواحِد بن عليّ بن محمد بن فَهْد، بفاءٍ مفتوحة آخرُه دالٌ، العَلّافُ. وأبو الحُسَين عاصمُ بن الحَسَن بن محمد بن عليّ بن عاصِم بن مِهْرانَ العاصميُّ البغداديُّ الكَرْخيُّ، براءٍ ساكنة وخاءٍ معجَمة. وآباءُ الحَسَن العَلَيُّونَ (¬1): ابن الحَسَن بن الحُسَين بن محمد المِصْريُّ الخِلَعي، وابنْ الحُسَين بن عليّ بن أيّوبَ البغداديُّ البَزّاز ابن أبين (¬2)، وابن محمد بن محمد بن الطيِّب الخطيبُ بواسِط. وأبو بكرٍ محمدُ بن أحمدَ بن عبد الباقي بن منصور البغداديُّ يُعرَفُ جَدُّه بابن الخاضِبة. وأبو الغنائم محمدُ بن عليِّ بن الحَسَن بن أبي عثمانَ البغداديّ. وأبو عبد الله مالك بن أحمد بن عليٍّ البَانِيَاسيُّ بباءٍ بواحدة وألفٍ ونونٍ مكسورة وياءٍ مسفولة وألفٍ وسِين مهمَل منسوبًا. وأبو الحُسَين المبارَكُ بن عبد الجَبّار بن أحمدَ بن القاسم الأزْديُّ الصَّيْرفي، ابنُ الحَمَاميِّ -مخفَّفَ الميم- وابنُ الطُّيوري. وأبو الفَتْح نَصْرُ بن إبراهيمَ بن نَصْر بن إبراهيمَ المَقْدِسيُّ النابُلُسي نزيلُ دمشق (¬3). وكان فقيهًا حافظًا مُبرِّزا في عَقْد الشروطِ بصيرًا بِعلَلِها. 280 - أحمدُ بن عبد الرّحمن بن سُليمانَ بن موسى الخَزْرَجي. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي، وأبي العبّاس بن جعفرِ بن خَصِيب. ¬

_ (¬1) في ق: "العلويون"، وهو تحريف. (¬2) كان يسكن باب المراتب من بغداد، وتوفي سنة 492 هـ (تاريخ الإسلام 10/ 725). (¬3) يلاحظ أن هؤلاء جميعًا من شيوخ أبي علي الصدفي، وأكثرهم بغداديون.

281 - أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن ميدمان، بطليوسي

281 - أحمدُ بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن مَيْدمان (¬1)، بَطَلْيَوْسي. كان من أهل العلِم، حيًّا سنةَ عَشْرٍ وخمس مئة. 282 - أحمدُ بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن يونُس القُضَاعيُّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي عبد الله بن سَعْدونَ القَرَويِّ. 283 - أحمدُ بن عبد الرحمن بن عبد [. . . .] (¬2). رَوى عن أبي محمد بن عَتّاب. 284 - أحمدُ (¬3) بن عبد الرّحمن بن عُبَيد الله (¬4) بن محمد بن مُهَلَّب الأسَديُّ، تُدْمِيريٌّ (¬5)، أبو بكر، ويقال: أبو جعفر (¬6). رَوى عن أبي عليٍّ الصَّدَفي. 285 - أحمدُ (¬7) بن عبد الرّحمن بن عليِّ بن عبد الرّحمن بن هِشام بن عبد الرَّؤوف بن محمد بن صَخْر بن ثَعْلَبةَ بن سُليمان بن أَبَانِ بن صقالةَ بن بيان بن محمد بن ثَرْوانَ بن جَعُونَة النُّمَيْريُّ، غَرْناطيٌّ إلبيريُّ الأصل، أبو جعفر. له إجازةٌ من أبي عبد الله جعفرٍ حفيدِ مكِّيّ، وأبي عامرٍ محمد بن أحمد بن إسماعيلَ، وأبي القاسم بن بَقِيٍّ الحاكِم، وأبي مروانَ الباجِي، وأبي الوليد ابن رُشْد. 286 - أحمدُ بن عبد الرّحمن بن عليٍّ المَخْزوميُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا بعد عشرينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) في ق: "ميدان"، وما أثبتناه من م، وهو الصواب إن شاء الله. (¬2) بياض في النسختين. (¬3) ترجمه ابن الأبار في المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (11)، ترجمة رائقة كأن المؤلف لم يقف عليها. (¬4) في المعجم: "عبد الله". (¬5) ذكر في المعجم أنه من أهل مرسية. (¬6) قال ابن الأبار في المعجم: "أبو بكر، وربما كُنِي في الأسمعة أبا جعفر". (¬7) ترجم ابن الأبار لأبيه عبد الرحمن بن علي (3298)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 305.

287 - أحمد بن عبد الرحمن بن عمر الخزرجي، قرطبي، أبو القاسم

287 - أحمدُ بن عبد الرّحمن بن عُمرَ الخَزْرَجي، قُرْطُبيٌّ، أبو القاسم. له إجازةٌ من أبي محمد بن عليٍّ الرُّشَاطي (¬1). 288 - أحمدُ (¬2) بن عبد الرّحمن بن عيسَى بن إدريسَ التُّجيبيُّ، مُرْسِيٌّ، أبو جعفرٍ وأبو العبّاس. تفَقَّه علي أبيه، و (¬3) أبي محمد بن أبي جعفر، ورَوى عن أبي الحَسَن بن مُفرِّج الصِّقِلِّي، وأجاز له أبو الحَسَن العَبْسيُّ، وأبو داودَ الهِشَامي. ورَحلَ إلى المشرق فحَجَّ، وأخَذَ بمكّةَ شرَّفها اللهُ على (¬4) أبوَيْ عبد الله: الحُسَين بن عليٍّ الطّبَري وابن [. . . .] (¬5) النَّحْويِّ وغييرهما، وقَفَلَ إلى بلدِه مُرْسِيَةَ فأسمعَ بها الحديثَ ودرَّس الفقه، رَوى عنه أبوا القاسم المُحمَّدان: ابنُه وابنُ عليِّ ابن البُرَاق، وأبو بكر (¬6) ابن هَرُودس، وأبو الخَطّاب أحمدُ بن محمد بن واجِب، وأبو ذرٍّ مُصعَبٌ، وآباءُ عبد الله: ابن الأَنْدَرْشيِّ وابن محمدٍ الشارِّيُّ وابن يوسُفَ بن عَيّاد (¬7)، وأبو عُمرَ يوسُفُ بن عَيّاد، وأبوا محمد: ابن يوسُفَ وغَلْبون. وكان فقيهًا حافظًا للمسائل، مدرِّسًا، مُشاوَرًا، بصيرًا بالفَتوى في النّوازل، متقدِّمًا في معرِفة الأحكام والشّروط، مُشاركًا في علوم القرآنِ والآثارِ، ذا حظٍّ من الأدب، قديمَ النجابة، قرَأَ على أبيه "الموطَّأَ" روايةَ أبي مُصعَب من حِفظِه ¬

_ (¬1) سقطت هذه الترجمة من م. (¬2) ترجمه التجيبي في زاد المسافر (152)، وابن الأبار في التكملة (188)، والمعجم في أصحاب القاضي الصدفي (33)، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 290، وابن فرحون في الديباج 1/ 207. (¬3) "أبيه" سقطت من ق، وهي في م ويعضدها ما في التكملة والمعجم وغيرهما. (¬4) في م: "عن". (¬5) بياض في النسختين. (¬6) بعد هذا بياض في النسختين. (¬7) في ق: "عباد".

289 - أحمد بن عبد الرحمن بن فهر السلمي، مروي، أبو عمر

وهو لم يُكمِلْ ثلاثَ عشْرةَ سنة، ووَلِيَ الأحكامَ ببلدِه سنينَ عدّةً بعدَ أن وَلِي قضاءَ شاطِبة، ثم صُرِفَ محمودَ السيرة معروفَ التواضُع والنَّزَاهة (¬1)، ثم قُلِّد القضاءَ ببلدِه، واستمرَّت ولايتُه مشكورَ الطريقة مَرْضيَّ الأحوال إلى أن توفِّي بها يومَ الاثنين ثانيَ أيام النَّحْرِ أو ثالثَها سنةَ ثلاث (¬2) وستينَ وخمس مئة، ودُفنَ بعدَ ظُهر يوم الثلاثاءِ تاليه. مولدُه سنةَ ثمانٍ وثمانينَ وأربع مئة، ووَهِمَ ابنُ سُفيانَ في وفاتِه. 289 - أحمدُ (¬3) بن عبد الرّحمن بن فِهْرٍ السُّلَميُ، مَرَويٌّ، أبو عُمر. كان فقيهًا حافظًا، واستُقضيَ فعُرِف بالعدالة وإقامةِ الحقِّ والجزالة. 290 - أحمدُ (¬4) بن عبد الرّحمن بن محمد بن أحمدَ بن أصبَغَ بن جُمْهُور (¬5) الجُذَاميُّ، إشبيلي، أبو جعفر، أخو أبي عبد الله. رَوى عنه أبو الحَسَن عبدُ ربِّه، وأبو محمد طلحةُ. وكان نَزِهَ النفْس، معتدِلَ الأحوال، وقُورًا، حسَنَ الهَدْي نبيلًا، ذا حظٍّ وافر من عِلم الأدبِ والمعرِفةِ بعِلم العَروض والتعديل، وقصيدتُه في معرفة المتوسِّط من المنازلِ وقتَ الفجرِ من أجوَد ما نُظِمَ في معناها (¬6) وأصدَقِها شهادةً ببراعةِ مُنشِئها، أخَذَها عنه كثيرٌ من ¬

_ (¬1) في ق: "والنباهة"، وما هنا من م ويعضده ما في التكملة. (¬2) من هنا إلى قوله: "ثمان" سقط من م. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (121)، وابن فرحون في الديباج 1/ 208. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (294) فقال: "أحمد بن عبد الرحمن بن جمهور الجذامي، من أهل إشبيلية، يكنى أبا جعفر". (¬5) في ق: "جهور"، وما أثبتناه من م والتكملة. (¬6) من القصائد التي صنعت في ترحيل النيرين قصيدة الهاشمي التي اشتهرت عند من له عناية بالنجوم، وقد اختصرها أحد حذاق الدمشقيين، وشرحها أبو عبد الله محمد بن هشام السبتي اللغوي المعروف (انظر ألف باء 1/ 94، والسفر السادس من هذا الكتاب، الترجمة 162)، ويوجد من هذا الشرح نسخة في الخزانة الحسنية برقم (432).

الناس، وكان أبو الحُسَين محمدُ بن محمد بن زَرْقُون يَستحسنُها وَيستجيدُ نَظْمَها، وهي [الطويل]: رأيتُ أُناسًا قَرَّبوا بالمنازلِ ... قوانينَ عِلم الفجرِ للمتناوِلِ فقالوا مقالًا لا حقيقةَ عندَهُ ... فلم يَحْلُ منه السامعون (¬1) بطائلِ يُرِيكَ عِيانُ الأمرِ غيرَ الذي أرَوْا ... فيصبحُ ذو عِلم بها مثلَ جاهلِ فكم أطْلعوا من منزلٍ غيرَ طالعِ ... وكم أغربوا من منزلٍ غيرَ آفلِ وكم وَسَّطوا ما لا يُرى متوسِّطًا ... وللفجرِ تِبيانٌ جَلِيُّ الدّلائلِ فدونَكَ منها ما توسَّط دونَ ما ... له في خلالِ (¬2) الأُفْقِ وَطْأةُ نازلِ على مذهبِ الأرصادِ والنظَرِ الذي ... أثارَتْهُ آراءُ الرجالِ الأفاضلِ تتبَّعتُ منها النيِّراتِ ولم أكُنْ ... لآخُذَ منقوصًا بحضرةِ كاملِ فقيّدتُ ذا الإشراقِ من كلِّ منزلٍ ... وأهمَلْتُ رَسْمَ الخامل المتضائلِ ومهما تَساوَى النُّورُ فيها فواحدًا ... قنَصْتُ فلم تُفلتْه كِفَّةُ حابلِ ويبْدو لكَ المأخوذُ منها حقيقةً ... بما قُلتُه في طالعاتِ المنازلِ وما قلتُه من قبلُ في غارباتِها ... فذلك يبدو جَهرةً للمُزاولِ ولا بدَّ من عِلم بعَرْضِ مدينةٍ ... أُقيمَ بها حُسبانُها غيرَ مائلِ ثلاثونَ جُزءًا قَدْرُه ثم سبعةٌ ... ونصفٌ حسابًا ثابتًا غيرَ حائلِ فها أنا أُبدي الحقَّ حيثُ علِمتُه ... وأستعصمُ الرحمنَ من كلِّ باطلِ إذا مرَّ يومٌ من أغشَّتْ توسَّط (¬3) الرِّ ... شاءُ ونورُ الفجر ضافي الغلائلِ ¬

_ (¬1) في ق: "السابقون". (¬2) في ق: "حلال". (¬3) في ق: "توسطت".

وإن مَرَّ عُشرٌ منه فالنَّطحُ مِثلُه ... على رأيِه مستمسِكٌ غيرُ زائلِ وفي اثنينِ مرّا بعد عشرينَ لم يزَلْ ... لديه البطينُ حافظًا للوسائلِ ومهما انقضت (¬1) منه ثلاثونَ ليلةً ... تُرى للثُّرَيّا نهضةُ المتَثاقلِ وإمّا تقَضَّتْ تسعةٌ من شتنْبَرٍ ... فللدَّبَرانِ السَّبْقُ يومَ التفاضُلِ وإن بقِيَتْ منه ثمانيةٌ جَلَتْ ... له هَقْعةٌ سيفًا غدا جدُّ ناصِلِ (¬2) فإن مَرَّ من أكتوبرٍ ستٌّ انبَرَتْ ... له هَنْعَةٌ (¬3) تَرمي بسهمِ المناضِلِ (¬4) وفي سبعةٍ من بعد عَشْرٍ مضَتْ لهُ ... تَرى لذراع اللَّيثِ إقدامَ باسلِ وإن بقِيَتْ منه ثلاثٌ فنثرةٌ ... تُساورُهُ في خُفْيةٍ كالمخاتلِ فإن مَرَّ تسعٌ من نُوَنْبِرٍ انبرَى ... له الطَّرْفُ يُوصي حِلفَهُ بالتواصُلِ وإن مَرَّ منه ستَّ عشْرةَ ليلةً ... فللجبهةِ التصميمُ حين التخاذُلِ وفي مُنقضي أيامِه شمّرَ الدُّجى ... لزَبْرتِها (¬5) ذيلَ الوَنَى والتواكلِ وأمّا ثمانٍ من دجَنْبِرٍ انقَضَتْ ... فصَرْفتُها تُبدي الأسى إثْرَ راحلِ وفي تسعةٍ تمَضي له إثْرَ تسعةٍ ... تُديمُ بها العوّاءُ عضَّ الأناملِ وفي تسعةٍ من بعدِ عشرينَ تنقَضي ... يظلُّ السِّمَاكُ ساميًا غيرَ سافلِ فإنْ عشْرٌ انقَضَتْ (¬6) ليَنْيِرٍ اغتَدَى ... بها الغُفرُ مُرتاحًا لإلفٍ مُواصِلِ ¬

_ (¬1) في ق: "مضت". (¬2) في ق: "فاصل". (¬3) في م: "هيعة". والهنعة: نجمان في الجوزاء. (¬4) في ق: "المنابل". (¬5) في ق: لزهرتها. (¬6) في م: "انفضَّتْ".

وإن مَرَّ عشْرٌ ثُم عَشْرٌ وواحدٌ ... له فالزَّباني رأيُها غيرُ فائلِ وإمّا خَلَتْ سبعٌ وسبعٌ بإثرِها ... لفِبرْيرَ فالإكليلُ جَمُّ البلابلِ وفي اثنينِ مَرَّا بعدَ عشرينَ أضرَمَتْ ... على القلبِ نارَ الشّوقِ إثْرَ الرواحلِ وفي عَشْرٍ انقَضَتْ (¬1) لمَرْسٍ وتسعةٍ ... تَرى شولةً سَبّاحةً في الجداولِ فإنْ مَرَّ من إبْرِيلَ عشْرٌ وأربعٌ ... فأحبِبْ بنَهْرٍ للنعائم سائلِ فإنْ مَرَّ يومانِ لمايُةٍ انتَحَى ... لبَلدتِها رامٍ حديدُ المعابلِ وإنْ بقِيَتْ منه ثلاثةٌ ارهَفَتْ ... لذابحِها أشفارَه كفُّ صاقلِ فإنْ رحَلتْ ستٌّ ليُوْنْيُهْ فإنّما ... تَرى بَلَعًا في إثْرِها مثلَ ثاكلِ وإن مَرَّ عشْرٌ ثم سبعٌ فقد أتّى ... لسعدِ السُّعودِ الفَلْج يومَ التصاولِ وفي أوّلٍ من يُوْلْيُهَ السَّعدُ حَلَّهُ ... لأخبِيَةٍ يُعزَى فهل من مُطاولِ ألا إنَّ للفَرْغ المقدَّم عزْمةً ... لسبعِ مضَتْ منه كحدِّ المناصلِ ومهما انقَضَتْ عشرونَ منهُ فإنّما ... مؤخَّرُها يُبدي ضراعةَ آملِ فهذي ثمانٍ (¬2) ثُم عشرونَ قد أتّى ... عليها نظامٌ محكَم للمُحاولِ وما خِلْتُني أبقَيْتُ فيما نظمتُهُ ... وأحكَمْتُ مَبْناهُ مقالًا لقائلِ. فإن تُلفِ عَزْمًا بَتَّ أسبابَه الوَنَى ... فكنْ للذي بَتَّ الوَنَى خيرَ واصلِ وله تواليفُ فيما كان ينتحلُه من العلوم دالّةٌ على نُبلِه وجَوْدةِ إدراكِه وقَفْتُ على بعضِها. وتوفِّي لخمسٍ بقِينَ من محرَّمِ سبعٍ وعشرينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) في م: "انفضّت". (¬2) سقطت من م.

291 - أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن سعيد بن حريث بن عاصم بن مضاء بن مهند بن عمير اللخمي

291 - أحمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن محمد بن سعيدِ بن حُرَيْث بن عاصِم بن مَضَاءِ بن مُهنَّد بن عُمَيْرٍ اللَّخْميُّ. وكذا نَسَبُه في معجَم شيوخِه الذي جمَعَه له أبو الخَطّاب عُمرُ بن حَسَن بن الجُمَيِّل (¬2) وطالَعَه به فوافَقَه عليه إلّا في ذكْرِه مهنَّدَ بن عُمَيْر، فإنه أنكرَهُما وقال: لا أعرفُهما، فقال له أبو الخَطّاب: يا سيّدي هما جَدّاك ذكَرَهما فُلان، يُشيرُ إلى بعض المؤرِّخينَ، فتوقَّفَ الشّيخ. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وهُو مع ذلك فيما يَظهَرُ لي نسَبٌ مُنقطع لبُعد زمانِ أحمدَ من زمانِ حُرَيث، فقد ذكَرَ الحُكَيِّمُ عبدُ الله بن عُبَيد الله -وتوفي منتصَفَ رمضانِ أحدٍ وأربعين (¬3) - في كتابِه الذي ذكَرَ فيه الخُلفاءَ ومَن تناسَلَ منهم بالأندَلُس ومن سائر قُرَيْش ومَواليهم وأهلِ الخدمة والتصرُّف لهم ومشاهيرِ ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (465)، والمنذري في التكملة 1/الترجمة 338، وابن الأبّار في التكملة (233)، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 971، وذكر وفاته في سير أعلام النبلاء 21/ 272، وابن فرحون في الديباج 1/ 208، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 67، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (71)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 323 نقلًا عن ابن الزبير وهذا الكتاب. (¬2) هو مؤلف "المطرب" و"النبراس" وهما مطبوعان مشهوران، وأول شيخ لدار الحديث الكاملية بالقاهرة، ترجم له الجم الغفير، وتوفي سنة 633 هـ (إكمال الإكمال 2/ 60، وتاريخ ابن الدبيثي 4/ 321، وتاريخ ابن النجار، الورقة 97 من مجلد باريس، ومرآة الزمان 8/ 698، والتكملة الأبارية (2649) وفيه بقية مصادر ترجمته). (¬3) ترجم له ابن الأبار في التكملة (1971) فقال: "عبد الله بن عبيد الله الأزدي يقال له: الحُكيِّم، بضم الحاء وتشديد الياء. كان ذا حظ من علم اللغة وحفظ للأخبار والأشعار، وكان يقرض الشعر الحسن، ويتعصب للقحطانية. وتوفي منتصف رمضان سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة". وهو مترجم أيضًا في طبقات الزبيدي (327)، وكتابه المذكور ينفرد المؤلف بالنقل عنه في هذا السفر وانظر السفر الخامس (الترجمة 502 و 1114 و 1245). ولم يذكره أحد غير المؤلف فيما وقفت عليه، ولذلك لم يشر إليه بويجس في كتابه عن المؤرخين والجغرافيين الأندلسيين، وللدكتور محمد بن شريفة فيه مقالة منشورهة في مجلة الأكاديمية المغربية بعنوان "حول مؤرخ أندلسي مجهول".

العرب الداخِلينَ إلى الأندَلُس من المشرِق من غيرِ قُرَيش ومَواليهم ومشاهيرِ قبائل البَرْبرِ الذين احتَلُّوا الأندَلُس، ورَفَعَه للناصِر أبي المُطرِّف عبد الرّحمن بن محمد سنةَ ثلاثينَ وثلاث مئة، فذكَرَ أن بجَيّانَ مِن لَخْم بيتَ مُهنَّد بن عُمَيْر، قال: وهم هناك جماعةٌ أهلُ فَضْل ودِين، ولهم فُرسانٌ شُجْعان بَلَديُّون، منهم: عبدُ الرّحمن بن وافِد بن عبد الرّحمن بن يحيى بن حَرْب بن يحيى بن مُهنَّد القَسّام بَلَديّون، ومنهم النَّجاشيُّ بن حُرَيْث بن عاصِم بن مَضاءِ بن مُهنَّد، فاقتضَى هذا أنّ النَّجاشيَّ أخا سعيدٍ أبي جَدِّ أحمدَ المترجَم به، وعبدَ الرحمن بن يحيى جَدُّ عبد الرحمن ابن وافِد المذكورَيْنِ في قُعْدُدِه إلى مُهنَّد، ومَولدُ أحمدَ هذا فيما صَحَّ سنةَ ثلاثَ عشْرةَ وخمس مئة، فبيْنَ مَولِده ووفاةِ الحُكَيِّم مئة سنة وثلاثٌ وسبعون (¬1) سنة، ومن البعيد اللاحق بالمُحال عادةً أن يكونَ بينَه وبينَ حُرَيْث ثلاثةُ آباء، هذا على تقدير كونِ النَّجَاشيِّ معاصرًا الحُكَيِّم، وذلك من أبعدِ التقديراتِ، فإنْ قدَّرْناه أقدَمَ منه، وهو الأظهرُ، قطَعْنا بإحالةِ اتّصالِ ذلك النسَب، واللهُ أعلم. وقد ذكَرَ أبو [بكر] (¬2) محمد بن أحمد (¬3) الرازي (¬4) وفاتَه في "استيعابه" الذي جَمَعَه للنّاصِر أيضًا: مضاءُ بن مُهنَّد بن عُمَيْر، وذكَرَ أنه كان رئيسَ جَيّان وَأحدَ عبادِ الله الصالحين. وأحمدُ المترجَمُ به: قُرْطُبيٌّ جَيّانيُّ الأصل قديمًا ثم شرانية (¬5)، أبو جعفرٍ وأبو العبّاس وأبو القاسم والأخيرةُ قليلة، أكثَرَ عن أبوَي الحَسَن: عامر زَوْج ¬

_ (¬1) في ق: "وستون"، وما أثبتناه من م وهو الموافق للحساب. (¬2) فراغ في النسختين، والكنية مستفادة من ترجمته. (¬3) هكذا في النسختين، وهو مقلوب، صوابه: "أحمد بن محمد"، وهو مترجم في طبقات الزبيدي (302)، وتاريخ ابن الفرضي (135)، وجذوة المقتبس (175)، وبغية الملتمس (330)، ومعجم البلدان 4/ 325، ومعجم الأدباء 1/ 472، وإنباه الرواة 1/ 136، وتاريخ الإسلام 7/ 797، 798 حيث تكرر عليه، والوافي بالوفيات 8/ 131، وبغية الوعاة 1/ 385. (¬4) بعد هذا في م: "صاحب الاستيعاب اسمه أبو بكر أحمد بن يحيى بن موسى بن بشير بن جَنّاد بن لقيط الكناني الرازي"، فكأن حاشية كُتبت على الأصل المنتسخ منه أدمجها الناسخ في النص. (¬5) من قرى شريش (المغرب 1/ 307).

عمّتِه وشُرَيْح، وتلا بقراءتَي الحرميَّيْنِ عليه، وأبوَيْ بكر: ابن عبد الله ابن العَرَبي وابن محمد بن المُرْخي، وأبي جعفر بن عبد الرحمن البِطْرَوجي، وأبي الطاهِر محمد بن يوسُفَ الأَشْتَرْكُونيِّ، ولازَمَه مدّةً، وآباءِ عبد الله: جعفر حَفيدِ مكِّي، وابن محمد ابن المُناصِف، وابن مَسْعود بن أبي الخِصَال، وأبي عُمرَ أحمدَ بن صالح، وأبي القاسم عبد الرّحمن بن أحمدَ بن رضا، وتلا بالسَّبع عليه. وسَمع أبا بكر عبدَ العزيز بن مُدِير، وأبا الحَجّاج (¬1) الأُنْديَّ، وأبا عبد الله بن موسى بن وَضّاح، وآباءَ محمد: ابن عليٍّ الرُّشَاطيَّ وابنَ (¬2) المُرسِيِّ وعبدَ الحق بن عَطِيّة، وأبوَيْ مَرْوانَ: عبدَ الرحمن بن محمد بن قُزْمان وابنَ مسَرَّة، وصحِبَ أبا عبد الله بنَ أحمد ابن الحَمْزي، ولقِيَ بسَبْتةَ أبا الفَضْل عِيَاضًا، وكلُّهم أجاز له. وتلا بحرفِ نافع على أبي الحَسَن عبد الجليل بن عبد العزيز، ورَوى عن أبي جعفر بن محمد ابن المُرْخِي، وأبي الحَسَن عبد الرحيم (¬3) الحِجَاري، وأبي عبد الله بن عبد الرّحمن بن مَعْمَر، وأبي العبّاس بن خَصِيب. وتأدَّبَ في العربيّة بأبي بكر بن سُليمان بن سَمَجُون، وأبي القاسم عبد الرّحمن ابن (¬4) الرَّمّاك، ودرَسَ عنده "كتابَ سِيبَوَيْه"، وأخَذَ عن الشريفِ أبي محمدٍ عبد العزيز بن الحَسَن كلامَه نظمًا ونثرًا ولم يُذكَرْ أنّ أحدًا من هؤلاءِ أجاز له. وكتَبَ إليه مجُيزًا ولم يلقَهُ: أبو بكر بنُ عبد الغنيّ بن فَنْدِلةَ، وأبو الحَسَن بن عبد الله بن مَوْهَب، وأبو مَرْوانَ بن عبد العزيز الباجِي. هؤلاء شيوخُه الذين تحقَّقْنا وجوهَ تحمُّلِه عنهم، ومنهم -ولا نعرف الآن كيفيّةَ روايتِه عنهم-: أبو الحَسَن عبدُ الرّحمن (¬5) بن بَقِيّ، وأبو العبّاس بن ثَعْبان، ¬

_ (¬1) بعد هذا فراغ في النسختين. (¬2) كذلك. (¬3) من قوله: "بن عبد العزيز" إلى هنا سقط من ق. (¬4) بعد هذا بياض في النسختين. (¬5) بعد هذا بياض في النسختين.

وأبو القاسم ابن بَشْكُوال، فهؤلاءِ شيوخُه (¬1). وحَمَّلَه أبو يعقوبَ يوسُفُ بن يحيى بن عيسى بن عبد الرحمن التادَليُّ المَرّاكُشِيُّ ابنُ الزّيّات (¬2) الروايةَ عن أبي بحرٍ سُفيانَ بن العاص، وأبي الحَسَن يونُس بن محمد بن مُغيث، ويَبعُدُ عندي ذلك لإغفالِ أبي جعفرٍ هذا عَدَّهما في شيوخِه، فقد كانت روايتُه تعلو عنهما ولا سيّما عن أبي بحرٍ منهما. رَوى عنه آباءُ بكر: غالبُ ابنُ الشَّرّاط، والمحَمَّدون: ابنُ عبد الله القُرْطُبيّ وابنُ عبد النُّور وابن محمد بن محُرِز، وأبو جعفر بن محمد أبو حُجّة، وأبو الحَجّاج: ابن حُسَين بن عُمر وابن عبد الصَّمد ابن نَمَويّ، وآباءُ الحَسَن: ابن عبد الله بن قُطْرال، وكتَبَ عنه بعضَ مدّةِ استقضائه، وابن عبد الصّمد ابن الجَنّان، وابنا (¬3) المحمّدَيْن البَلَويُّ والشارِّي، وابن منصور وابن نَجَبة، وأبوا الحُسَين: عُبَيد الله المدائري (¬4) ومحمدُ بن محمد بن سعيد بن زَرْقُون، وأبوا الخَطّاب: عُمرُ بن حَسَن بن الجُميِّل ومحمد بن أحمد بن خليل واختَصَّا بهِ، وأبو زكريّا هلال بن عَطِيّة، وبنو (¬5) حَوْطِ الله: أبو سُليمانَ وأخوه أبو محمد وأبو عُمرَ محمدُ بن أبي محمد، وآباءُ عبد الله: ابن عبد الله الأَزْديُّ مُقيمُ سَبْتةَ وابنُ عبد الحقِّ التِّلِمْسيني وابنُ (¬6) الصُّميل، وأبو العبّاس: المَوْرُوريُّ وابنُ محمد البُطَيْط (¬7)، وأبوا علي: الحَسَن بن حَجَّاج وعُمرُ بن محمد ابن الشَّلَوبِين، وآباءُ القاسم: الأحمَدانِ: ابن أحمد البَلَويُّ شيخُنا وابن يَزيدَ بن بَقِيّ، والمحمّدانِ: ¬

_ (¬1) بعد هذا بياض في النسختين، فكأنه أراد أن يكتب شيئًا فترك فراغًا ولم يعد إليه. (¬2) هو صاحب كتاب "التشوف" المطبوع، والمتوفى سنة 627 هـ (الأعلام للزركلي 8/ 257). (¬3) في م: "وابن". (¬4) في ق: "الدايري". (¬5) في ق: "وابن". (¬6) بعد هذا بياض في النسختين. (¬7) في ق: "البطبط".

ابن عبد الواحد بن محمد المَلّاحي وابن محمد بن عبد الرحمن ابن الحاجِّ، وعبدُ الرحيم بن إبراهيمَ ابن الفَرَس، وأبو محمد بن الحَسَن القُرْطُبي، وأبو الوليد محمد بن أحمدَ ابن الحاجِّ، وغيرُهم. قال لي شيخُنا أبو القاسم البَلَوي: سمعتُ عليه في جماعةٍ كبيرة "المُشرِق" أحدَ تصانيفِه، بقراءة أبي محمد بن حَوْطِ الله في إشبيليَةَ، فلمّا فَرَغَ من قراءتِه استجازَه لنفسِه وللحاضرينَ فأجابَ إلى ذلك وأجاز لنا. وسأله أبو الخَطّاب أحمد بن محمد (¬1) بن واجِب في صَدْرِ محرَّمِ ثنتينِ وتسعينَ وخمس مئة الإجازةَ العامّة في كلِّ ما يصحُّ إسنادُه إليه على اختلافِ أنواعِه لجميع مَن أراد الرِّوايةَ عنه من طلَبة العلم الموجودينَ من (¬2) حينئَذٍ، فأسعَفَ بذلك وأجارْ لهم، فرَوى عنه بهذه الإجازة جماعةٌ منهم: شيخانا: أبو إسحاقَ بن أحمد بن القَشّاش وأبو عليٍّ الحَسَن بن عليٍّ الماقري، وأبو القاسم القاسمُ بن محمد بن الطَّيْلَسان رحمَهم الله، وسواهم. وكان مُقرئًا مجوِّدًا، محدِّثًا مُكثِرًا قديم السماع، واسمع الرواية عاليَها، ضابطًا لما يحدِّث به، ثقةً فيما يأثره، نشأ مُنقطعًا إلى طلب العلم، وعُني أشدَّ العناية بلقاءِ الشّيوخ والأخْذِ عنهم، فكان أحَدَ من خُتِمت بهم المئة السادسةُ من أفراد العلماءِ وأكابِرِهم، ذاكرًا لمسائل الفقه، عارفًا بأصولِه متقدِّمًا في علم الكلام ماهرًا في كثير من علوم الأوائل كالطبِّ والحساب والهندسة، ثاقبَ الذِّهن متوقِّد الذكاء، وغير ذلك: متينَ الدِّين، طاهرَ العِرض، حافظًا للُّغات بَصيرًا بالنَّحو مختارًا فيه، مجتهدًا في أحكام العربيّة منفرِدًا فيها بآراءٍ ومذاهبَ شَذَّ بها عن مألوفِ أهلها (¬3)، وصنَّفَ فيما كان يعتقدُه منها كتابَه "المُشرِق" ¬

_ (¬1) في ق: "أحمد"، وهو غلط، وسيترجم له المؤلف. (¬2) "من": ليست في م. (¬3) ذهب الدكتور أحمد مكي الأنصاري في رسالته: أبو زكرياء الفراء ومذهبه في النحو واللغة (434 - 423) إلى أن ابن مضاء مسبوق في بعض آرائه بالفراء.

المذكورَ و"تنزيهَ القرآن عن ما لا يليقُ بالبيان" (¬1). وقد ناقَضَه في هذا التأليف أبو الحَسَن بن محمد بن خَرُوف (¬2) ورَدَّ عليه بكتابٍ سماه: "تنزيهَ أئمّة النَّحو عن ما نُسِبَ إليهم من الخطإ والسَّهْو"، وكان بارعًا في فنِّ التصريف من العربيّة، كاتبًا بليغًا، شاعرًا مجُيدًا متحقِّقًا في معقول ومنقول، غيرَ أنه أُصيبَ بفَقْدِ أصول أسمِعتِه عند استيلاءِ الروم -دمَّرَهم اللهُ- على المَرِية [. . . .] (¬3). وكان طيِّب النفْس، كريمَ الأخلاق، حَسنَ اللقاء، جميلَ العِشْرة لم يَنْطوِ قطُّ على إحْنةٍ لمسلم، عفيفَ اللِّسان صادقَ اللَّهجة، نزيهَ الهمّة كاملَ المروءة. وأدركه عندَ استحكام شَبيبَته بَغْيُ أحدِ حسَدَتِه من بني عَصْره وأهل مِصرِه اضْطَرّه إلى التحوُّل عن وطنِه قُرْطُبة والاضطراب في الأرض حتى لحِقَ بجبل تين مَلَل (¬4) أحدِ الجبال الشامخة الغربيّة من مَرّاكُش، فاستَقرَّ به مدرِّسًا العلمَ ناشرًا ما لديه من المعارف، وذلك في عَشْرِ الأربعينَ وخمس مئة -ودولةُ عبد المؤمن وطائفتِه حينَئذٍ في إقبالها ورَوْنقِها وجِدَتِها- فأخَذَ عنه هناك أهلُ ذلك الموضع وغيرُهم، وأقرَأَ أبناءَ عبد المؤمن مدّةً وانتُفعَ به حتى اشتُهر وعُلِم قَدْرُه وفضلُه وعُرِفَ منصبُه وعَظُم صيتُه، وتَعرَّفَ مكانَه من العلم وجَلالتَه ¬

_ (¬1) لم يذكر المترجمون الأقدمون لابن مضاء ومنهم المؤلف -الذي تعتبر ترجمته هنا لابن مضاء أوسع ترجمة له- كتابًا لابن مضاء زائدًا على كتابيه: "المشرق"، و"تنزيه القرآن"، ومن هنا يذهب الدكتور محمد بن شريفة إلى أن الكتاب الذي حققه الدكتور شوقي ضيف ونشره بعنوان: "الرد على النحويين" ليس إلا كتاب "المشرق" كما قد يدل على ذلك وصف ابن الأبّار وابن عبد الملك له، وقد تكون عبارة صاحب جذوة الاقتباس أكثر دلالة على هذا وهي قوله: "وألّف كتاب المشرق في النحو والرد على النحويين في جزء متوسط" وواضح أن قوله: "والرد على النحويين" عطف على قوله: "في النحو"، ويبدو أن هذه العبارة التي نقلها ابن القاضي من صلة الصلة لابن الزبير هي التي نقلها السيوطي من ابن الزبير نفسه وتصرف فيها فقال: "صنف المشرق في النحو، الرد على النحويين، تنزيه القرآن عما لا يليق بالبيان". (¬2) انظر ترجمة ابن خزوف النحوي الملقب بالدريدنه في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 635). (¬3) بياض في النسختين، ولعل المؤلف أراد أن يذكر السنة التي استولى فيها الروم على المرية. (¬4) كذا في النسختين، وترسم أيضًا "تنمل" انظر الاستبصار (208).

أبو يعقوبَ بن عبد المؤمن، وتقَرَّرَ لديه ما هو عليه من التفنُن في المعارِف وحُسن المشاركة في العلوم على تفاريقِها، فاستَدعاهُ واستَدناهُ ونوَّه به ما شاء وأحْظاه، وكان هو وإخوتُه عاملينَ على إيثارِه متنافسينَ في إعظامِه وإكبارِه، وتوَجَّه معَ أبي الحَسَنُ منهم إلى فاسَ كاتبًا عنه سنةَ [...] (¬1) وخمسينَ وخمس مئة، ثم توجَّه إلى قُرْطُبةَ سنةَ ثلاث وستينَ معَ أخيه أبي إسحاقَ (¬2) كالشّيخ له، والناظرُ في مسائل طلبةِ الحضر وقاضيها حينَئذ أبو محمد بنُ مُغيث ابن الصّفّار (¬3)، وبها من رُؤساءِ الطلبة أبو محمّد بن يَغْمور، فجَرَت بينَهم مُناقَضاتٌ أثمرت وَحشة بين أبي جعفرٍ وأبوَيْ محمد، غيرَ أنّ أبا جعفرٍ لم يَشغَلْ بالَه بأمرِهما ولا أخطَرَ بفِكرِه الإلمامَ بذكْرِهما وإن كانَ خواصُّه كثيرًا ما يَعرِضُونَ إليه بثَلْبِهما لديه فيُعرِضُ عنهم ولا يسمعُ منهم، إلى أن تحرّك السيِّد أبو إسحاقَ معَ وفدِ قُرطُبة إلى زيارةِ أبي يعقوبَ بن عبد المؤمن بإشبيلِيَةَ واستَصحبَ أبا جعفرٍ مُكرَّمًا مبرورًا على جاري عادتِه، وفي تلك المدّة كتَبَ أحدُ المتشبّعينَ بالعلم ممّن كان له تردُّدٌ على أبي جعفر وتشيُّع في جانبِه، وُيعرف بالأرجوني، وكان ممن يُسخَرُ به لجهلِه وهَزْلِه، كتابًا إلى أبي جعفرٍ أودَعَه ضُروباً من الإزراءِ على أبي محمد ابن الصّفّار والتهكُّم به وتمثَّل فيه بهذا الشعر [الرجز]: * هذا أوانُ الشِّدِّ فاشتدِّي زِيمْ * يُحَرِّضُ فيه على مطالبة أبي محمد ابن الصّفّار، فكان من سوءِ الاتّفاق أن وقَعَتِ الرُّقعةُ بذلك إلى يدِ أبي يعقوبَ بن عبد المؤمن، وكان رجُلَ جِدٍّ وتصميم في البُعد عن الهَزْل، فأكبَرَ أمرَها وأنِفَ لأبي جعفرٍ منَ انحطاطِه إلى مُشافهةِ ¬

_ (¬1) بياض في النسختين، وفي البيان المغرب 3/ 59 أن أبا الحسن المذكور مات كمداً لصرف الخلافة عنه بعد وفاة والده عبد المؤمن سنة 558 هـ. (¬2) انظر أخبار ولايته قرطبة في البيان المغرب 3/ 68، 82 - 83. (¬3) هو عبد الله بن مغيث بن يونس، أبو محمد ابن الصفار المتوفى سنة 576 هـ، مترجم في التكملة الأبارية (2112)، وفيه أنه ولي قضاء الجماعة بقرطبة بلده ثمان عشرة سنة.

ذلك النَّذْل واستعمالِه مثلَه ومُسامحتِه إيّاه في مُكاتبتِه إيّاه (¬1) بمثل ما تضمّنتْه تلك الرُّقعة، فصَرَفَ أبا جعفرٍ عن حضور مجلسِه ووالَى الإعراضَ عنه مدّةً إلى أنِ اقتضَىِ رأيُ أبي يعقوبَ صَرفَ أخيه أبي زكريّا إلى بِجاية، فلمّا حان وقتُ وداعِه شَفعَ عندَه لأبي جعفر بقديم انقطاعِه إليهم وكبير حُرمتِه لديهم ورَغَّبَ في العفوِ عنه وتقديمِه قاضيًا ببِجاية، فأشْفَعَه (¬2) في ذلك كلِّه وانصَرفَ معَه أبو جعفرٍ مُوَفّى الحقِّ من البِرِّ والإكرام مجُرًى على معهودِه من التنويه والاحترام (¬3)، وأقام ببِجايةَ قاضيًا إلى أن توفِّي السيِّد أبو زكريّا (¬4)، فاستقْدَمَه أبو يعقوبَ إلى حضرتِه وأعاده إلى مكانِه ومنزلتِه، وبقِيَ من كبار حُضّارِ مجلسِه إلى أن توفِّي قاضي الجماعة أبو موسى عيسى بنُ عِمران (¬5) بمَرّاكُشَ يومَ [...] (¬6) لخمسٍ بقِينَ من شعبانِ ثمانٍ وسبعينَ وخمس مئة، فقُلِّد أبو جعفرٍ قضاءَ الجماعة ذلك اليوم (¬7)، وقد كان استُقضيَ قبلَ بِجايةَ بفاس، وبعدَ موت أبي زكريّا بتونُسَ، فتقَلَّده واستقَرّ قاضيًا إلى أن توفِّي أبو يعقوبَ بن عبد المؤمن في العَشْرِ الأُخر من شهر ربيع الأوّل سنةَ ثمانينَ وخمس مئة، وصار الأمرُ بعدَه إلى ابنِه أبي يوسُفَ يعقوبَ المنصور، فأقرَّه على قضاء الجماعة، إلى أن تحرَّك معَه إلى إفريقيَّةَ الحركةَ الثانية المنسوبةَ إلى قَفْصة، وفَصَلَ عن مَرّاكُشَ إليها لثلاثٍ خَلَوْنَ من شوالِ اثنينِ وثمانينَ، ولمّا دَخَلَ المنصورُ القَيْروانَ وجال فيه معتبِرًا بآثارِه وعمِل ¬

_ (¬1) قوله: "في مكاتبته إياه"، ليست في م. (¬2) في م: "فأسعفه". (¬3) كان ذلك في غرة جمادى الأولى من سنة (561) كما في البيان المغرب 92 (قسم الموحدين). (¬4) كانت وفاته بالطاعون سنة (571)، كما في البيان المغرب 136. (¬5) ستأتي ترجمته في موضعها من السفر الثامن من هذا الكتاب (الترجمة 44). (¬6) بياض في النسختين، فكأنه أراد معرفة اسم اليوم من أيام الأسبوع، وإلا فإنه قال في ترجمته: "وتوفي بمراكش وهو يتولى قضاء الجماعة لخمس بقين من شعبانِ ثمان وسبعين وخمس مئة". (¬7) في المعجب (218) أن الذي ولي بعد أبي موسى المذكور حجاج بن إبراهيم التُّجيبي الأغماتي، ولما مات ولي بعده القضاء ابن مضاء.

على الإراحةِ فيه اعتَلَّ القاضي أبو جعفر، وكان للمنصور غَرَضٌ في إنهاضِ أبي عبد الله بن عليّ بن مَرْوانَ، المذكورِ بعدُ في موضعِه من هذا الكتاب إن شاء الله (¬1)، وإسنادِ (¬2) قضاء الجماعة إليه تَسَبُّبٌ لذلك بمرض أبي جعفر، وقَدمَ أبا عبد الله مكانه (¬3) وأقلَعَ من القَيْروان إلى تونُس فاستقَرَّ بها أبو جعفر، وفَصَلَ المنصورُ إلى حضرةِ (¬4) مَرّاكُش، ثمَّ أبَلَّ أبو جعفرٍ وخاطَبَ المنصورَ يستأذِنُه في القدوم على مَرّاكُش، فكتَبَ له بالتقديم على قضاءِ بِجاية فتولّاه بُرهةً ثم أخّر عنه، وتوجَّه إلى الأندَلُس للقاء المنصورِ بها فاستقَرَّ بإشبيلِيَةَ يُسمِعُ الحديث ويؤخَذُ عنه ضروبُ ما كان عندَه من العلوم. وما ذكَرَه أبو الخَطّاب بن الجُميّل من أنّ أبا جعفرٍ كان المستعفيَ من القضاءِ معتِذراً بكَبر السنّ والضَّعف عن الوفاء بما يجبُ من القيام بالأحكام، وأن المنصورَ أسعَفَه في ذلك وأعفاه مُكرَّمًا مبروراً، فقولٌ لم يَنْبَنِ على تحقيق، وكذلك ما ذكَرَه الأستاذُ أبو محمد طَلْحةُ، من أنّ أبا القاسم بنَ بَقِي وَليَ خُطّةَ قضاءِ الجماعة لمّا [أسَنَّ أبو جعفر ابنُ مَضَاء، [غيرُ] (¬5) صحيح أيضًا، وإنّما وَلِيَ أبو القاسم قضاءَ الجماعة لمّا] (¬6) صُرِف عنه أبو عبد الله بنُ مَروانَ بإشبيلِيةَ لسببٍ سيُذكَرُ في اسم ابن مَروان إن شاء [اللهُ] تعالى. ¬

_ (¬1) ترجم له المؤلف في السفر الثامن من هذا الكتاب (الترجمة 128) وما بعدها. وقال: "ثم قدّمه المنصور من بني عبد المؤمن في حركته المشرقية الثانية وهي حركة قفصة إلى قضاء الجماعة بعد صرف أبي جعفر ابن مضاء عن الخطة حسبما ذكر في رسم أبي جعفر" وله ترجمة واسعة في الغصون اليانعة 29 - 35، والتكملة (1733)، والإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الإعلام 3/ 70 (نقلاً عن التكملة)، وانظر المعجب (269، 339، 391). (¬2) في ق: "بإسناد". (¬3) في الغصون اليانعة أن ابن مضاء هو الذي كان سببًا في ترشيح ابن مروان للقضاء، وفي المعجب أن ابن مضاء ظل يتولى القضاء إلى أن مات فولي بعده ابن مروان المذكور. (¬4) في م: "حضرته". (¬5) زيادة يقتضيها السياق، ومحلها بياض في الأصل. (¬6) ما بين الحاصرتين سقط من م، وهو قفز من الناسخ.

292 - أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الصقر الأنصاري الخزرجي، أبو العباس

ولمّا قَدِمَ أبو جعفرٍ الأندَلُس تفَرَّغ لإفادةِ العلم صابرًا محتسِبًا ممكِّنًا طلّابَه منه إلى أن توفِّي عَفَا اللهُ عنه بإشبيلِيةَ قُبَيْلَ صلاة العصرِ من يوم الخميس لثمانٍ بَقِينَ من جُمادى الأ [ولى] (¬1) سنةَ ثنتينِ وتسعينَ وخمس مئة، وصُلِّي عليه بجامع إشبيلِيَةَ عقِبَ صلاة الجمُعة من اليوم الثاني ليوم وفاتِه، ودُفِن إثْرَ الصلاة عليه بمقابرِ السادة خارجَ بابِ جَهْوَر أحدِ أبواب إشبيليَة، ومَوْلدُه بقُرطُبةَ ليلةَ عيدِ الفِطر من سنة إحدى عشْرةَ، وقيل: ثلاثَ عشْرةَ وخمس مئة، وهو أصحّ. قرأتُ على شيخِنا أبي الحَسَنُ الرُّعَيْنيِّ رحمه اللهُ، ونُقلتُه من خطِّه: قال لي صاحبُنا المقرئُ أبو القاسم: أنشَدَني أبو القاسم ابنُ بَقِيّ وأبو بكر بن غالبٍ، قالا: أنشَدَنا أبو العبّاس ابن مَضاءٍ لنفسِه وقدِ اشتاقَ إلى قُرْطُبةَ وطنِه وهو ببلادِ العُدْوة [البسيط]: يا لَيْتَ شِعريْ وليتٌ غيرُ نافعةٍ ... من الصَّبابة هلْ في العُمْر تنفيسُ؟ متى أرى ناظرًا في جَفْن قُرْطُبةٍ ... وقد تغيّبَ عن عَيْنيَّ نَفِّيسُ؟ (¬2) وقد أنبأني بهذينِ البيتينِ إجازةً إن لم يكنْ سَماعًا شيخُنا أبو القاسم البَلَويُّ عن قائِلهما (¬3). 292 - أحمدُ (¬4) بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الصَّقْرِ الأنصاريّ الخَزْرَجيّ، أبو العبّاس. أصلُه من الثَّغْر الأعلى من سَرَقُسْطَة حيثُ منازلُ الأنصار هنالك، وانتقلَ جَدّ أبيه عبد الرّحمن بابنِه محمد صغيرًا منها لحدوثِ بعض الفِتَن بها إلى بَلَنْسِيَة، ¬

_ (¬1) بياض في النسختين استفدناه من التكملة وغيرها. (¬2) انظر في بلد "نفيس": المغرب للبكري (160)، والاستبصار (208). (¬3) قوله: "عن قائلهما" سقطت من ق. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (201)، وتحفة القادم (كما في المقتضب 49)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 12/ 401، والصفدي في الوافي 7/ 47، وابن الخطيب في الإحاطة 1/ 182، وابن فرحون في الديباج 1/ 211.

فوُلِدَ له بها ابنُه عبدُ الرّحمن (¬1) أبو أبي العبّاس هذا، ثم انتقلَ به أبوه إلى المَرِيّة فوُلِد بها (¬2) أبو العبّاس، ونقَلَه أبوه منها إلى سَبْتةَ ابنَ نحوِ سبعةِ أعوام وأقام فيها به مُدَيْدة، ثُم (¬3) تحوَّلَ إلى مدينة فاس فاستقَرَّ بها، ثُم استَوْطن أبو العبّاس مَرّاكُش بعدَ رحلتِه إلى الأندَلُس كما سيُذكَر بحَوْل الله تعالى. تَلا برواية وَرشِ أبي سعيد -ويقال: أبو عَمْرٍو وأبو القاسم- عثمانُ بن سَعيد المِصْريُّ عن أبي عبد الرحمن -ويقال: أبو رُؤَيْم، وأبو الحَسَنُ، وأبو عبد الله- نافعِ بن عبد الرحمن بن أبي نُعَيْم مَوْلى جَعْوَنة (¬4) بن شَعُوب اللَّيْثيّ حَليفِ حمزةَ بن عبد المطَّلب، ويقال: حليفُ العبّاس بن عبد المطَّلب، ويقال: حليفُ بني هاشم، تَلا بها على أبيه وأكثَرَ عنه وأجازَ له، وبها أيضًا على أبي عبد الله بن حُسَين الطُّلَيْطُلي المُقْرئ، قال: وهو أوّلُ من قرأتُ عليه، وبقراءةِ نافع على أبي عليٍّ الحَسَنُ بن عبد الله المَرَوي (¬5) وأبي عبد الله بن عبد الله، وبقراءةِ أبي عَمْرٍو على أبي عبد الله بن أحمد، وبالسَّبع على أبي العبّاس بن فِيرُّه بن مُفَضَّل اليَحصُبيّ وأبي القاسم عثمانَ بن إدريس، وأخَذَ عنه جُملةً صالحةً من مصنَّفاتِ أبي عَمْرٍو الدّانِي، وتَلا على أبي العبّاس بن عبد الله بن الغِربال ولم يعيِّنْ مَتْلوَّه، وكلُّهم بعدَ المَرَويِّ طُلَيطُليّ. رَوى عن أبي إسحاقَ بن أبي الفَضْل بن صَواب، وأبي بَحرٍ سُفيان بن العاص، وآباءِ بكر: عبد الله بن طَلْحةَ اليابُريِّ، وغالب بن عَطِيّة، وابن أغلَبَ وأكثَرَ عنه، وابن العَرَبي، ويحيى بن عبد الله التُّجِيبي، وأبوَيْ جعفر: ابن الباذِش وتدبَّجَ معَه، ومحمد بن حَكَم بن باقٍ وأكثَرَ عنه، وأبوَي الحَجّاج: ابن عبد العزيز ¬

_ (¬1) ترجمته في جذوة الاقتباس (262). (¬2) من قوله: "ابنه عبد الرحمن" إلى هنا سقط من م. (¬3) من هنا إلى قوله "مراكش" سقط من ق. (¬4) ويضبط أيضًا بضم العين وسكون الواو (إكمال الإكمال 2/ 48). (¬5) نسبة إلى "المرية" على غير قياس، فالمحفوظ في النسبة إلى المرية: مَرِيي.

ابن عُدَيْس وابن موسى الكفيف، وأبوَي الحَسَنُ: عبد العزيز بن شَفِيع، وحضَرَ إقراءه القرآن وسمع عليه جُملةً، وعَبّادِ بن سِرحانَ وأكثَرَ عنه، وابن محمد بن دُرِّي وحضَرَ عنده، وأبوَي الرَّبيع: ابن سَبعْ وابن عبد الله بن البيغي، وآباءِ عبد الله: ابن أحمدَ بن وَضّاح وابن حَسُّون، وبَني أعبُدِ الرّحمن: ابن المحتسِب وابن مَعْمَر النُّمَيْري وأجاز هو له وابن عبد العزيز اليَعْمُريِّ وابن عُمرَ الزُّبَيْدي وابن عيسى التَّمِيميِّ وابن يحيى الأزْدي وأكثَرَ عنه، وأبي (¬1) عامر أحمد بن الفَرَج، وأبي عُمرَ مَيْمونِ بن ياسين اللَّمْتُونيِّ، وأبي عِمرانَ بن أبي الرَّبيع القشوبريِّ (¬2)، وأبي الفَضل عِياض ولازَمَه، وأبوَي القاسم الخَلَفَيْن: ابن بَشْكُوال وابن يوسُف ابن الأبْرش، وآباءِ محمد: ابن أحمدَ الوَحِيدي بمالَقةَ وابن عليٍّ سِبط أبي عُمرَ بن عبد البَرِّ بأغْمات وريكة وعبدِ الحقِّ بن عَطِيّةَ بغَرناطة وعبد المَجِيد بن عَبْدونَ بمَرّاكُش، أخَذَ عنهم قراءةً وسَماعًا، وجالَسَ أبا عبد الله بنَ أبي الرّبيع البُونتِي كثيرًا وأجازوا له، وسَمع أبا عبد الله بن أحمدَ الجَيّانيَّ البغداديَّ وناوَلَه، ومالكَ بن وُهَيبْ ولازَمَه بمَرّاكُش، وأبا القاسم محمّدَ بن هشام بن أبي جَمْرةَ واختَصّ به، ولم يَذكُرْ أنّهم أجازوا له، ولقِيَ أبا الأصبَغ عبدَ العزيز بن عيسى بن عُبادةَ الجَيّانيَّ، وأبا الحَسَنُ بنَ محمد بن كُرز (¬3) قديمًا وحضَرَ مجلسَه، وأبا عبد الله بنَ داود العَكِّي، وأبا علي منصورَ بن الخَيْر، وأبوَيْ حمد: جابرَ بن المعتمِد بن عَبّاد وابنَ محمد النَّفْزِيَّ المُرْسِيَّ وناوَلَه، وأبا الوليد هشامَ بن أحمد بن بَقْوِي، وأجازوا له، وأجاز له أبو الحَسَنُ ابنُ الباذِش ولم يَذكُر لُقْياهُ إياه. ¬

_ (¬1) في النسختين: "وآباء"، ولا يصح، فهو واحد، وهو أحمد بن الفرج بن الفرج التجيبي القونكي الآتية ترجمته في موضعها من هذا السفر، وهو مترجم في التكملة (137)، وقد سمع منه كتابه في العروض الذي سماه "المجمل". (¬2) هكذا في النسختين، ولم نقف على هذه النسبة. (¬3) في ق: "كوز" محرف، وهو أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن كرز الأنصاري الغرناطي المقرئ المتوفى سنة 511 هـ، وهو مترجم في الصلة البشكوالية (911)، وبغية الملتمس (1208)، وتاريخ الإِسلام 11/ 167، ومعرفة القراء 1/ 481، وغاية النهاية 1/ 523.

وله شيوخٌ غيرُ هؤلاءِ لا أتحقَّقُ الآنَ كيفيّةَ تحمُّلِه عنهم، منهم: أبو عبد الله ابنُ الرُّيُوطي، وأبو العبّاس بن عثمانَ بن مكحول. رَوى عنه ابنُه أبو عبد الله، وأبو خالدٍ يَزيدُ بن رِفاعةَ، وأبو محمد بن محمّد بن عليِّ بن وَهْب القُضاعيُّ. وكان محدِّثًا مُكْثِرًا ثقةً ضابطًا مُقرئًا مجوّدًا حافظًا للفقه ذاكِرًا لمسائلِه عارفًا بأصولِه، متقدّمًا في علم الكلام، عاقدًا للشّروطِ بصيرًا بعلَلِها حاذقًا بالأحكام، كاتبًا بليغًا، شاعرًا محُسِنًا، ألقَ أهلِ عصرِه خطًّا وأجملَهم فيه منزِعًا، وكتَبَ من دواوين العلم ودفاترِه ما لا يُحصىَ كثْرةً وجَوْدةً وضبطًا (¬1). وعُني به أبوه في صِغَره فأسمَعَه كثيرًا من الشيوخ وشارَكَه في بعضِهم، منهم: أبو بحر، وآباءُ بكر: ابنُ طلحةَ وابنُ العَرَبي وابنُ عَطِيّة، وأبو الحَجّاج بن عُدَيْس، وأبو الحَسَنُ بن شَفِيع، وأبو الرَّبيع ابن البيغي، وآباءُ عبد الله: ابن المحتسِب وابن عَمْرو وابن عيسى وابن يحيى، وأبو العبّاس بن مكحول، وأبو محمدٍ سِبطُ ابن عبد البَرّ وأبو الوليد بن بَقْوِي المذكورون. عُنيَ هو بنفسِه واشتَدَّ كلَفُه بالعلم وحِرصُه عليه وتواضَعَ في التماسِه شَغَفًا به، فأخَذَه عن الكبير والصغير والنَّظير من كلِّ من قَدَّر عندَه فائدة، واستَكثَرَ من ذلك حتى اتّسعت روايتُه وجَلَّتْ معارفه. وكتَبَ عن القاضي أبي عبد الله بن حَسُّونَ ابنِ البَزّاز أيامَ استقضائه المرّة (¬2) الأولى بمَرّاكُشَ سنةَ سبع وعشرينَ إلى أنْ صُرف، ولمّا خَبِرَه أبو القاسم بن أبي جَمْرة المذكورُ وتعَرَّفَ ما عندَه من العَفاف والتصاوُن والإدراكِ حظِيَ لديه وقَبَضَ عليه بكلتا يدَيْه واستَصحبَه، إذ وَليَ قضاءَ غَرناطة، فانتقلَ إليها بجُملتِه ونَوَّه به أبو القاسم كثيرًا واستَخْلَصَه، وكانت له فيه آمالٌ حالَ الموتُ بينَه وبينَ توفِيتها ¬

_ (¬1) في م: "وجَوّد ضبطه". (¬2) في ق: "المدة".

إيّاه. ولمّا توفِّي أبو القاسم هذا واستُقضيَ بغَرناطةَ أبو الفضل عِياضٌ اشتَملَ عليه واستَكْتبَه وآثَرَه لصُحبة قديمة كانت بينَهما ومَواتَّ متأكِّدةِ وقراءتِه عليه قبلُ، إلى أن صُرف عنها سنةَ أربع وثلاثينَ بأبي عبد الله بن علي الأزْديِّ الجَيّانيِّ بن الحاجّ الأفطَس، فقَدَّمه إلى الأحكام والصلاة بوادي آشَ فأقام بها إلى أن توفِّي أبو عبد الله سنةَ ستٍّ وثلاثينَ فعاد إلى غَرْناطة. وذكَرَ ابنُ الزُّبير أنه استُقضيَ بغَرناطة فحُمِدت سيرتُه وشُكِر عَدْلُه وشُهِرت نزاهتُه، ودام بها حتى ظُنَّ من أهلِها. قال المصنِّفُ عَفا اللهُ عنه: تولّيهِ القضاءَ مستبِدّاً طويلًا لا أعرِفُه، إنّما كان مدّةً يسيرةً كما سأذكُرُه إن شاء الله، ولعلّه كان بحكم النّيابة أحيانًا عن مُستكتِبيه من القُضاة أو بعدَهم، فإنّ مُعظَمَ أخبارِه لخّصتُها من رَسْمِه في كتاب: "أنوارِ الأفكار فيمَن حلَّ جزيرةَ الأندَلُس من الزُّهّادِ والأبرار"، وهو كتاب ابتدَأَ تأليفَه أبو العباس هذا وتوفِّي دون إتمام غَرَضِه منه، فكمَّلَه وهذَّبَه ونقَّحَه ورتَّبه أبو عبد الله ابنُه (¬1)، ومعَ ذلك فلم يَذكُرْ فيه استنابتَه في القضاء بغَرناطةَ أصلًا، وإنّما ذكَرَ استقضاءه بها مدّةً لا تُشعِرُ بطُول. ولو كان الأمرانِ أو أحدُهما لَمّا أغفَلَه (¬2)، واللهُ أعلم. ولأوّلِ وصُولِه إلى مَرّاكُشَ عَرَفَه أحدُ سُراةِ لَمْتُونةَ وتحقَّقَ ما عندَه من الانقباضِ وحُسن الهَدْي، وكان ذلك اللَّمْتُونيُّ حينَئذٍ عاملَ دكالة فرغِبَ منه أن ينقطعَ إلى صُحبتِه ويَخرُجَ معَه إلى عِمالتِه ذلك العامَ، وضمِنَ له أن يُعطيَه ألفَ دينارٍ ذهبًا مُرابِطيّة، فامتَنعَ من ذلك وقال: والله لو أعطيتَني مِلءَ الدّنيا على أن أخرُجَ عن طريقتي وأفارقَ دَيْدَني من خِدمة أهل العلم ومُداخَلة الفقهاءِ والانخراطِ في سِلكِهم ما رَضِيت، فعجِبَ اللَّمْتُونيُّ من عُلوّ همّتِه ورغِبَ في ¬

_ (¬1) اسمه محمد، وله ترجمة عند المؤلف في السفر الثامن من هذا الكتاب (الترجمة 61)، وهي برمتها في الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام 3/ 64 والتكملة (1544)، وذكره في الأندلسيين بينما عده ابن عبد الملك في الغرباء. (¬2) في م: "لم يغفله".

صُحبتِه على ما أرادَه، وكان من أماثلِ أهل طبقتِه وأعيانِ قومِه وكبارِ رؤسائهم، فصَحِبَه على الطريقةِ المحمودة والسبيل المشكور إلى أن فرّقَ الموتُ بينَهما، ووافَقَ ذلك عَوْدَ أبي عبد الله بن حَسُّون إلى قضاءِ مَرّاكُشَ ثانيةً فاستدعاهُ إلى الكتابة عنه لثقتِه به ولما تحقَّقه قبلُ من حالِه، فقدِمَ عليه واستعمَلَه إلى أن صُرِف. واستقَرَّ أبو العبّاس بمَرّاكُشَ متولِّيَ أحكامِها والصلاة بمسجدِها إلى أنِ اختَلَّت أحوالُ اللَّمْتُونيِّين وآذنَتْ أيامُهم بالإدبار ودولتُهم بالانقراض فاستعفَى عن الأحكام فأُعفِي ورُغِّبَ في التزام خُطّةِ القضاءِ فامتَنعَ وبقِيَ على الإمامةٍ بالجامع (¬1) إلى أن تغلّب عبدُ المؤمن وحِزبُه على مَرّاكُش يومَ السبت لاثنتَيْ عشْرة ليلةً بقِيَتْ من شوّالِ أحدٍ وأربعينَ وخمس مئة على الوجهِ المشهور (¬2)، واستُبيحت دماءُ كلِّ من اشتَمَلت عليه من الذكورِ البالغينَ إلا من تستَّر بالاختفاءِ في سِرب أو غرفةٍ أو مخبَإٍ، وتمادَى القتلُ فيهم ثلاثةَ أيام، ثم نوديَ في سِكَكِها بالعَفْو عمّن أسأَرَتْه تلك الفَتْكةُ الشَّنعاء والبَطْشةُ الكبرى، فظَهَرَ منهم عددٌ ليس بالكثير يقال: إنّهم نحوُ سبعينَ رجلًا وبِيعوا بيعَ الأُسارى المشركين هم ونساؤهم وذَرارِيهِم وعُفِي عن بعضِهم، فكان أبو العبّاس هذا ممن شمِلَه احترامُ أبي محمدٍ عبد المؤمن وعَرَفَ جلالتَه وفَضْلَ علمِه فألحَقَه بجُملةِ طلَبةِ العلم الملازِمينَ حضورَ مجلسِه وبالَغَ من الإحسان إليه والتحفِّي به وقَدَّمَه إلى الأحكام لحضرتِه مَرّاكُش فأقام بها مُدةً، ثم وَلّاه قضاءَ غَرناطة ثمَّ صَرَفَه عنها إلى قضاءِ إشبيلِيَةَ صُحبةَ ابنِه وليِّ عهدِه أبي يعقوب. ولمّا صار الأمرُ إلى أبي يعقوبَ ألزَمَه خُطّةَ (¬3) الخِزانة العالية، وكانت عندَهم من الخُططِ الجليلة التي لا يُعيَّنُ لتوليها إلا عِلْيةُ أهل العلم وأكابرُهم، ¬

_ (¬1) عقد الفقيه العباس بن إبراهيم في كتابه: الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام 2/ 385 ترجمة لأبي عبد الله ابن حسون هذا ولكنه لم يزد فيها شيئًا على ما هنا. (¬2) انظر خبر فتح مراكش هذا في البيان المغرب 3/ 23. (¬3) في م: "خدمة".

وكانت مواهبُ عبد المؤمن له جزيلةً وأُعْطِياتُه مترادِفة وصِلاتُه متَوالية، وربّما وصَلَه في المرّةِ الواحدة بخمس مئة دينارٍ ونحوها، فلا يَبِيتُ عندَه منها شيءٌ ولا يقتَني منها درهماً ولا يدَّخرُ منه قليلًا ولا كثيراً لِما نشَأَ عليه وألِفَه واعتاده مدّةَ حياةِ أبيه من الزُّهد في الدنيا والتخَلِّي عنها، إنّما كان يَصرِفُ ما يصيرُ إليه منه في المحاويج من مَعارفِه وأهلِه والضُّعفاءِ والمساكينِ من غيرِهم. واستمَرَّ له هذا الحالُ معَ ابنِه أبي يعقوبَ الوالي بعدَه لِما تقَرَّر لديه من سَدادِ أحوالِه وتبيَّنَ عندَه من استقامةِ أمورِه، لم تختلفْ له حالٌ ولا تبدَّلتْ له سيرة، ولا اكتَسَبَ قطُّ شيئًا من عَرَض الدنيا ولا وَضَع مَدَرةً على أُخرى مقتنِعًا باليسير راضيًا بالدُّون من العَيْش، معَ الهمّة العَلِية والنفْس الأبِيّة، على هذا قَطَعَ عُمُرَه، وهذا كان دأْبَه إلى أن فارق الدنيا. ولم تكنْ همّتُه مصروفة إلا إلى العِلم وأسبابِه، فاقتنَى من الكتُبِ جُملةً وافرةً سوى ما نَسَخَ بخطِّه الرائق كما تقَدَّم، وامتُحِنَ فيها مرّاتٍ بضُروبٍ من الجَوائح كالغَرَق والنَّهْب بغَرْناطة، فقد كان استَصحَبَ إليها من مَرّاكُش خمسةَ أحمال، ولمّا فَصَلَ عنها ترَكَها معَ ما صار له منها مدّةَ مقامِه بها، فأتَى عليه النَّهْبُ في الكائنة على أهل غَرناطةَ عند قيامِهم على لَمْتُونةَ وتحصُّنِ لَمْتُونةَ بقَصَبتِها وما دارَ بينَهم من القتال إلى أن تغَلَّب أهلُ القَصَبة على أهلِ البلد وتمكَّنوا من البلد تمكُّنَ عَنْوة، واستَباحوهُ استباحةَ قَهْر، وفرّ معظمُ الناس عن منازلهِم، فكان ممّن فَرَّ عن منزلِه عِيالُ أبي العبّاس هذا وبعض ولَدِه الذين ترَكَهم بها حين توجَّه إلى مَرّاكُش، فنُهِبَ ما كان بدارِه من كتُب وغيرِها، وكذلك طرَأَ له بمَرّاكُشَ حين دخَلَها عبدُ المؤمن وطائفتُه، فقد كان جَمَعَ منها بمَرّاكُشَ عظيماً، وأُخبرَ أنه كان في حينِ حصارِ مَرّاكُش -والحالُ بها ضيِّقُ والسعرُ شديد- أنه كان يَخرُجُ بالدّرهم ليشتريَ به قُوتًا لنفسِه ولعيالِه، فربّما صادَفَ في طريقِه كتابًا بيدِ إنسان فيشتريهِ منه بذلك الدِّرهم وَيرجعُ دونَ قُوت، ويبقى هو وعِيالُه طاويًا إلى أن ييسِّرَ اللهُ في غيرِه.

وكان معَ تقدُّمِه وتبريزِه في المعارِف بَكيءَ اللِّسان قصيرَ باع الكلام لا يكادُ يؤلِّفُ بين كلمتَيْن لفَرْط حياءٍ كان قد غَلَبَ عليه حتى مَلَكَه، فإذا خَلا بنفسِه لإنشاءٍ أو تصنيف، أو فاوَضَ مَن عادتُه التبسُّطُ معَه والتأنُّسُ به، تفَجَّرت منه بُحورُ علم لا يُكدِّرُها الدِّلاء. وله تصانيفُ مفيدةٌ تدُلُّ على إدراكِه وجَوْدةِ تحصيلِه وإشرافِه على فنونٍ من المعارِف، كشَرْحِه "الشِّهاب" فإنه أبدَعَ فيه ما شاء. ومن شعرِه في الطريقة الزُّهديّة التي لا يَنفُذُ فيها من الشِّعر إلا من قَوِيَتْ عارضتُه وتوفَّرت مادّتُه وعُلِمت في الإجادةِ رُتبتُه: قولُه [الطويل]: إلهي لك المُلكُ العظيمُ حقيقةً ... وما للورى مهما منَعتَ نَقيرُ تجافَى بنو الدُّنيا مكاني فسَرَّني ... وما قَدْرُ مخلوق جَدَاهُ حقيرُ وقالوا: فقيرٌ، وهْو عندي جلالةٌ ... نعَمْ صَدَقوا إنّي إليكَ فقيرُ وقولُه [الكامل]: أَرْضِ العدوَّ بظاهرٍ مُتصنَّع ... إن كنتَ مَضْطَرًّا إلى إرضائهِ (¬1) كم مِن فتًى أَلقَى بثغرٍ (¬2) باسمٍ ... وجَوانحي تنقَدُّ من بَغْضائهِ (¬3) وقولُه في وَداع القبرِ المكرَّم قبرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -[الكامل]: حسبُ المحبِّ من الحبيب سلامُ ... يُقْفَى به يومَ الوداع ذِمامُ رُحنا ورَوْعُ البَيْن يُخرِسُ نُطقَنا ... ومن الدُّموع إشارةٌ وكلامُ يا أرضَ يثربَ لا عَداكِ غَمامُ ... أنتِ المُنى لو تُسعِفُ الأيامُ للقلبِ في تلك العِراصِ عَرامةٌ (¬4) ... مضمونُها كَلَفٌ بها وغرامُ ¬

_ (¬1) في تحفة القادم ونفح الطيب: "استرضائه". (¬2) في تحفة القادم ونفح الطيب: "بوجه". (¬3) البيتان في تحفة القادم (49) ونفح الطيب 4/ 319 (ط. إحسان). (¬4) في م: "غرامه".

قبرٌ تضمَّنَ أعظُمًا تعظيمُها ... عنه يصحُّ الدِّينُ والإِسلامُ وَرَدَتْ بها نفسُ المَشُوقِ مَناهلًا ... كلُّ المناهلِ بعدَهنَّ حرامُ وشعرُه في هذه المَناحي كثير، وكلُّه سلِسُ المَقادة دالٌّ على جَوْدة الطّبع. وُلدَ بالمَرِيّة كما تقَدَّم في أحَدِ شهرَيْ ربيع سنةَ اثنتينِ وتسعينَ وأربع مئة، وتوفِّي بمَرّاكُشَ بين صَلاتي الظّهر والعصر من يوم الأحد لثمانٍ خَلَوْنَ من جُمادى الأُولى سنةَ تسع وستّينَ وخمس مئة، ودُفن يومَ الاثنينِ بعدَه عقِبَ صلاةِ الظهر، وصَلّى عليه القاضي أبو يوسُف حَجّاجُ بن يوسُف، وكانت جَنازتُه عظيمةَ الحَفْل كثيرةَ الجَمْع برَزَ لها الرِّجالُ والنساء ورَفَعوا نعْشَه على الأيدي رحمه الله، وبَلَغَ نبأُ وفاتِه جارَه وصديقَه أبا بكر بنَ طُفَيْلٍ وهُو بإشبيلِيَةَ صُحبةَ رِكابِ أبي يعقوبَ بن عبد المؤمن، فكتَبَ إلى ابنيه يُعزِّيهما به وبعَثَ معَ الكتاب (¬1) قصيدةً رثاهُ بها وهي [الوافر]: لأمرٍ ما تغيَّرتِ الدّهورُ ... وأظلمتِ الكواكبُ والبدورُ وطال على نجِيِّ الهمِّ ليلٌ ... كأنّ النَّجمَ فيه لا يَغورُ لِنبأةِ صارخ وطروقِ خطْبٍ ... تكادُ له الجوانحُ تستطيرُ مجُيري بل كبيري كان أوْدى ... وما يبقَى الصّغيرُ ولا الكبيرُ (¬2) فبانَ لوَجْدِه أسَفٌ وحُزنٌ ... وبان لفَقْدِه كرَمٌ وخِيرُ وضَنَّ الدهرُ أن يأتيْ بمثلٍ ... لهُ والدهرُ وَلّادٌ حَصُورُ وأنّى للزّمانِ به سَماحٌ ... وأُمّ الدهرِ مِقلاةٌ نَزورُ أبا العبّاس جادَتْك الغَوادي ... ولاقَتْك الكرامةُ والحُبورُ لقد فقَدَ الأيامَى واليَتامى ... مكانَك والمحافلُ والصدورُ ¬

_ (¬1) في م: "الكتب". (¬2) هذا البيت سقط من م.

293 - أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحق الخزرجي، قرطبي، أبو جعفر

وعُطّلتِ المدارسُ من مُفِيضٍ ... علومَ الوَحي ليس له نظيرُ تمثَّلَ قائلٌ فأجاد فيهِ ... وقد يتقَدَّمُ المعنى الأخيرُ: (لَعَمْرُك ما الرَّزِيّةُ فَقْدُ مالٍ ... ولا شاةُ تموتُ ولا بعيرُ ولكنَّ الرَّزيّةَ فقدُ قَرْمٍ ... يموتُ بموتِه بَشرٌ كثيرُ) حبيبٌ بانَ لا خبَرٌ يُوافي ... بفَيْئتِهِ ولا يَأتي بشيرُ إذا قَفَل الرِّفاقُ صدَدْتُ عنهمْ ... لعِلمي أنّه فُقِد الخَبيرُ وإنْ أهدَى السّلامَ أخو اشتياقٍ ... إلى العَرَصاتِ شاقَتْني القُبورُ فلا بَرحتْ قبورُ الغَربِ يُهدَى ... إليها الرَّيُّ والعَذْبُ النَّميرُ ولازَبَها معَ الرَّيْحانِ رَوْحٌ ... ورُحمَى ما تطاولتِ العُصورُ ولم يَتخلَّفْ رحمه اللهُ لا دينارًا ولا درهمًا، ولا عَبْدًا ولا أَمَةً، ولا عَقارًا ولا ثيابًا إلا أشياءَ (¬1) لا قَدْرَ لقيمتِها (¬2)، لِما كان عليه من المواساةِ والصَّدَقة والإيثارِ نفَعَه الله. 293 - أحمدُ بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الحقِّ الخَزْرَجي (¬3)، قُرْطُبيٌّ، أبو جعفر. تَلا على ابن عمِّه أبي القاسم عبد الرّحمن بن الحَسَنُ بن سَعيد، ورَوى عن أبي العبّاس بن (¬4) المهدوي (¬5)، وأبي عَمْرٍو عثمانَ بن سعيد ابن الصَّيْرَفي، لقِيَه ¬

_ (¬1) في م: "شيئاً". (¬2) في م: "لقيمته". (¬3) ترجمه ابن الجزري في غاية النهاية 1/ 66 وفيها أنه توفي سنة 511 هـ، وترجم ابن الأبار لحفيده محمد بن عبد الحق بن أحمد بن عبد الرحمن (1398). (¬4) بعد هذا بياض في النسختين. (¬5) في ق: "المهدي"، محرف، وهو أبو العباس أحمد بن عمار، أصله من المهدية من القيروان وقدم الأندلس، وهو مقرئ معروف، مترجم في الصلة البشكوالية (188)، وإنباه الرواة 1/ 91، وتاريخ الإسلام 9/ 598، والواقي بالوفيات 7/ 257، وغاية النهاية 1/ 92.

294 - أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن اليناقي، إشبيلي، أبو عامر، وهو أخو أبي القاسم محمد

بالمَرِيّة، وأبي محمد مكِّي، تَلا عليه أبو الأصبَغ عيسى بن حَزْم بن اليَسَع، وأبو عبد الله بن فَرَج القَيْسي، وأبو عَمْروٍ زيادُ ابن الصّفّار، وأبو القاسم أحمدُ بن محمد ابن اللَّخْمي ابن نُصَيْر، وعبد الرّحمن بن قاسم، وأبو محمد بن عبد الغَفُور، كان من كبارِ المُقرِئينَ وجِلّة المُتْقنينَ للأداءِ المُجوِّدينَ، أقْرأَ القرآن بمسجدِ سَعْدون من قُرطُبةَ طويلًا. 294 - أحمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الرّحمن اليَنّاقي (¬2)، إشبيليٌّ، أبو عامِر، وهو أخو أبي القاسم محمد. رَوى عن شُرَيْح، رَوى عنه أبو إسحاقَ بن الأعلَم، وأبو الحُسَين سُليمان (¬3) بن أحمد. 295 - أحمدُ بن عبد الرّحمن بن محمد الجُمَحِي. رَوى عن شُرَيْح. 296 - أحمدُ بن عبد الرّحمن بن موسى المُرادي، أبو العبّاس. حدَّث بالإجازةِ عن الحَسَنُ بن عبد الله (¬4) بن عُمرَ المُقرئ المُجاوِر بمكّةَ شرَّفَها الله. 297 - أحمدُ (¬5) بن عبد الرّحمن بن وليد بن محمَد بن وليد بن وليد بن مَروانَ بن عبد الملِك بن أبي جَمْرةَ محمدِ بن مَروانَ بن خَطّاب بن عبد الجَبّار بن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار بكنيته من حرف العين من التكملة (2950)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 331. (¬2) في ق: "البياني"، محرفة. (¬3) في ق: "سابق"، وهو تحريف، فهو أبو الحسين سليمان بن أحمد بن سليمان اللخمي الإشبيلي، وهو جد أبي العباس ابن سيد الناس لأمه، ترجمه ابن الأبار في التكملة (3154)، وستأتي ترجمته في المتبقي من السفر الرابع من هذا الكتاب (الترجمة 130). (¬4) في ق: "عبيد الله"، محرف، وهو أبو علي الحسن بن عبد الله بن عمر القيرواني المعروف بابن العرجاء المتوفى سنة 547 هـ (تاريخ الإسلام 11/ 853). (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (80).

298 - أحمد بن عبد الرحمن بن يزيد بن خلف بن علي بن محمد بن فرقد المعافري

خَطّاب بن مَروان بن نَذِير مَوْلى مَروان بن الحَكَم، مُرسِيٌّ، أبو جعفر، ابنُ أبي جَمْرة. له رحلةٌ إلى المشرِق سنةَ ست وعشرينَ وأربع مئة، رَوى فيها بمِصرَ عن نزيلِها أبي محمد بن الوليد. 298 - أحمدُ بن عبد الرّحمن بن يَزيدَ بن خَلَف بن عليِّ بن محمد بن فَرقَد المَعافِريّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ ثلاثينَ وخمس مئة. 299 - أحمدُ (¬1) بن عبد الرحمن اللَّخْميُّ، قُرْطُبيٌّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي جعفر بن محمد بن يحيى، وأبي القاسم عبد الرحمن بن محمد الشَّرّاطِ وغيرهما. رَوى عنه أبو القاسم القاسمُ ابن الطَّيْلَسان، وقال: إنه كان ممّن له معرفةٌ تامّةٌ بجيِّد الكلام من زائِفه، قائلًا للنَّفيس منه نَظْمًا ونثرًا، كتبَ قديمًا عن بعض الملوك، ثم قَعَدَ عن الخِدمة والتزم عِمارةَ أرضٍ كانت له بخارج قاشترة (¬2)، صَحِبَ فيها أهلَ البادية وانقطعَ عن أهل الحاضِرة إلى أن توفّي في العَشْر الأُوَل من شوّالٍ سنةَ ست (¬3) عشْرة وست مئة فأوحَشَ أهلَ الآدابِ مكانُه، قال: وأنشَدَني لنفسِه في فَوّارر رُخام (¬4)، قال المصنِّفُ عَفا اللهُ عنه: وهي لُزوميّة [المنسرح]: ما شغلَ الطَّرفَ مثلُ فائرةٍ ... تمُجُّ صِرفَ الحياةِ منْ فِيها ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في تحفة القادم 126، وفيه: ويعرف بالربضي لسكناه بالربض الشرقي منها، أي من قرطبة، والصفدي في الوافي 6/ 253. (¬2) في ق: "قاشرة"، محرفة، وما هنا من م، وهي من عمل قرطبة وهي بالإسبانية Castro وتعرف اليوم Castro del Rio. (¬3) سقطت من ق، وكذلك جاءت وفاته في "الوافي" وهو غلط، والصواب ما أثبتنا من م ويعضده ما في تحفة القادم. (¬4) كلفه وصفها والي قرطبة، كما في الوافي.

300 - أحمد بن عبد الرحمن، شقرفي، أبو جعفر، ابن حاضر

أشرِفْ بها والحَبابُ في جذَلٍ ... يُظهرُها حُسنُهُ ويُخفيها تكادُ من رِقّةٍ تَضمَّنُها ... تخطئها (¬1) العينُ إذْ توفِّيها كأنها درّةٌ منعمةٌ ... زهراءُ قد غاب نصفُها فيها 300 - أحمد (¬2) بن عبد الرحمن، شُقْرفيٌّ، أبو جعفر، ابنُ حاضِر. رَوى عن أبي بكر بن (¬3) عِقال، وأبي جعفر بن (¬4) طارق، وآباءِ الحَسَن: ابن محمد بن هُذَيْل وابن عبد الله بن النِّعمة وعُلَيْم، وأبي عبد الله بن يوسُفَ بن سَعادةَ، وأبي محمدٍ عاشِر. وكان بارعَ الأدبِ شاعرًا محُسِنًا، زاهدًا فاضلًا ذا عنايةٍ بالتصَوُّف وصنَّف فيه كتابًا حسَنًا سمّاه بـ "الاستيقاظ من سِنَة الغَفْلة، والاستنقاذ من جَهْل التسويفِ والمُهْلة" (¬5). 301 - أحمدُ (¬6) بن عبد الرّحمن، أبو العبَّاس، ابنُ الشّيخ. رَوى عن أبي القاسم عبد الرّحمن بن محمد بن حُبَيْش، وكان فقيهًا ذاكِرًا بَصيرًا بنوازِل الأحكام، واستُقضي. 302 - أحمدُ بن عبد الرحمن، من أهل [...] (¬7) الأقصى، أبو العبّاس. رَوى عن أبي عليٍّ الغَسّاني، وأبي نَصْر (¬8) القَسْطَلي. رَوى عنه أبو عليٍّ حسَنُ بن أحمد ابن الزرقاله. وكان راوِيةً للحديثِ عَدْلًا فيما يرويه، فقيهًا حافظًا للمسائل. ¬

_ (¬1) في ق: "تخطبها"، تصحيف. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (257). (¬3) بعد هذا بياض في النسختين. (¬4) كذلك. (¬5) قال ابن الأبار: لم أقف على تاريخ وفاته. (¬6) ترجمه ابن فرحون في الديباج 1/ 214. (¬7) بياض في النسختين. (¬8) بعد هذا بياض في النسختين.

303 - أحمد بن عبد الرحيم، قرطبي

303 - أحمدُ (¬1) بن عبد الرحيم، قُرطُبيٌّ. كان حاسبًا فَرَضيًّا ماهرًا في الفنَّيْن، وصنَّف فيهما، وله رحلةٌ إلى المشرِق. 304 - أحمدُ بن عبد الجليل بن سُليمان الغَسّاني. رَوى عن أبي عليٍّ الصَّدَفي. 305 - أحمدُ (¬2) بن عبد الجليل بن عبد الله، مَرَويٌّ، أبو العبّاس التُّدْمِيريُّ؛ إذْ كان أصله منها. رَوى عن أبي الحَجّاج بن يَبْقَى بن يَسْعُون، وأبوَيْ عبد الله: ابن أحمدَ بن موسى بن وَضّاح وابن عُمرَ بن سُليمانَ الأنصاري، وأبوَيْ محمد: ابن الزَّهِيري بفتح الزاي (¬3) وكسر الهاء بعدَها ياءٌ مسفولة آخِرُه راءٌ منسوبًا، [وعبد الحقِّ بن عَظِيمةَ، وأبي الوليد بن يوسُفَ بن عبد العزيز ابن الرَّبّاع. وكان متقدِّمًا] (¬4) في صَنْعةِ الإعراب ضابطًا للّغات حافظاً للآداب، ذا حظِّ من قَرض الشِّعر، سكَنَ بِجايةَ مدّة، وألّفَ فيها لمحمد بن عليِّ بن حَمْدون وزيرِ بني الناصِر الصُّنْهاجيَّينِ كتابًا سَمّاه: "نظمَ القُرطَيْن، وضمَّ أشعارِ السِّقطَيْن: كاملِ الثُّمالي ونوادرِ القالي" وقَفْتُ عليه بخطِّه، وكان جيِّدَ الخطّ. ومن تصانيفه: "التَّوطِئة" في النَّحو، و"شَرح الفصيح" وقَفْتُ عليه، وشَرَحَ أبياتَ "الجُمَل" بكتابٍ جمِّ الإفادة كثيرِ الإمتاع وسمّاه: "شفاءَ الصدور"، وفرَغَ من تأليفِه سنةَ ثمان وثلاثينَ وخمس مئة، ثُم اختَصَرَه في كتابٍ سمّاه: "المُختزَل"، وله كتابُ "الفوائدِ والفرائد"، وشَرَحَ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (9)، وابن فرحون في الديباج 1/ 215. (¬2) ترجمه القفطي في إنباه الرواة 1/ 189، وابن الأبار في التكملة (175)، وفي المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (29)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 12/ 90، وابن قاضي شهبة في طبقات النحاة 1/ 29، والسيوطي في البغية 1/ 321، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 1/ 138، والمراكشي في الإعلام 2/ 68. (¬3) في ق: "الراء"، محرفة، وما هنا يعضده ما في التكملة بخط ابن الجلاب. (¬4) ما بين الحاصرتين من ق.

شواهدَ "نُزهةِ القلوب في غريبِ القرآن" لأبي بكرٍ محمد بن عُزَيْرٍ -بعَيْن غُفْل وزاي آخِرُه راء مصغرًا على لفظِ الواقع في سورة التوبة (¬1) - السَّجِسْتانيِّ، وسمّاه: "تسديدَ قواصدِ الميز، في شَرحِ شواهدِ ابن عُزَيْز" (¬2)، وهذا تفقيرٌ مبنيّ على أن عُزَيْزاً بزايَيْن، وقد نَبَّه على ذلك في صَدْر هذا الكتاب، والصوابُ ما قدَّمناه، بيَّنه المُحَدِّث الحافظُ المُقيِّدُ المُفيد الضابطُ أبو بكر محمد بن عبد الغنيّ بن أبي بكر ابن شُجاع يُعرَفُ بابن نُقْطة البغداديُّ (¬3)، وذكَرَه كذلك غيرُه وُيمكنُ تصحيفُ زاي الفقرةِ الأُولى الواقعة عندَه براءٍ عملًا على الصّحة في هذا الاسم فتأمَّلْه. ومن نَظْمِه: قولُه في استيلاءِ الجهل على أهل مصرِه [الطويل]: ألا ليْتَ شِعري هل أبيتَنَّ ليلة ... أُخاطبُ فيها صافيَ الذِّهْن ماجدا فيفهَمَ عنّي ما أقولُ فطالَما ... عَرفتُ من الأقوام أبلَهَ جامدا كفَى حزَناً أنّي مُقيمٌ بِبلْدةٍ ... أُعَدُّ بها شخصًا من النّاسِ واحدا ومنه قولُه في نحوه [البسيط]: قيل: اطُّرِحتَ، فقلتُ: القومُ في شُغُلٍ ... عنّي بأهوائهمْ والحقُّ مُطَّرَحُ للقوم شُربانِ من جَهْل ومن حُمُقٍ ... صِرفاً فمُغْتبِقٌ طَوْراً ومُصْطبِحُ واستأدبَهُ (¬4) أبو محمد عبدُ المؤمن بن عليٍّ لبَنِيه بمَرّاكُش، وتوفِّي بفاسَ مَقْفَلَه من المَهْديّة، وحضورِ فَتْحِها سنةَ خمس وخمسينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) الإشارة إلى قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30]. (¬2) ممن عني بنزهة القلوب من المغاربة أيضًا أبو الحكم مالك بن المرحل فقد نظمه على طريقته في نظم كتب اللغة المشهورة. انظر جذوة الاقتباس 223. (¬3) في إكمال الإكمال 4/ 162. وهذا الوهم وقع فيه جملة من علماء المشتبه منهم: عبد الغني بن سعيد، والدارقطني، والخطيب، والأمير ابن ماكولا، والذي صححه هو محدث بغداد أبو الفضل محمد بن ناصر السلامي. (¬4) في ق: "واستأذنه"، وهو تحريف.

306 - أحمد بن عبد الحق بن سماك العاملي، غزناطي، أبو جعفر

306 - أحمدُ (¬1) بن عبد الحقّ بن سِماكٍ العامِليُّ، غَزناطيّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي القاسم السُّهَيْلي، وأبي محمد بن طاهِر الوَنجِي، حدَّثنا عنه شيخُنا أبو الحَسَنُ الرُّعَيْنيُّ. وكان قد جالَسَه كثيرًا بغَرْناطة، وكان شيخًا صالحاً من أهل العَفاف والدِّيانة والنّزاهة، فقيهًا عاقدًا للشّروط، قال: وحضَرتُ جَنازتَه، وعند تكفينِه أُخرِجَتْ بَطائقُ كثيرةٌ قَدْرَ ما يملأُ عِدْلَيْنِ وفي كلِّ بطاقة مكتوبًا (¬2) البَسْملةُ والتّصليةُ بما كان يقطعهُ (¬3) من العقودِ ويُمسِكُه، وعَهِدَ أن يُجعَلَ ذلك كلُه معَه في تابوتِ إقبارِه نفَعَه اللهُ بذلك. قال المصنِّفُ عَفا اللهُ عنه: هذا المقصدُ (¬4) وإن كان ظاهرُه جميلًا فإنه يَقْبُحُ من قِبَلِ التعرض بهذه البطائق المشتملة على ما ذُكِر لِما يَستحيلُ إليه جسَدُ الميِّتُ (¬5) من الصَّديد والتغيُّرات التي تُنزَهُ تلك الأذكارُ المبارَكةُ أنْ تُخْلَطَ بها، واللهُ أعلم. 307 - أحمدُ (¬6) بن عبد السّلام بن عبد الملك بن موسى الغافِقيُّ، إشبيليٌّ، أبو العبّاس، المَسِيلي. رَوى عن أبي الأصبَغ عبد العزيز بن عليِّ بن الحاج (¬7)، وأبي الحَكَم عَمْرِو بن أحمد بن حَجّاج، وعبد الرحمن بن عبد الله الأنصاريِّ القَرَمُوني. ورَحَل إلى المشرِق فأدَّى فريضةَ الحجّ وأخَذ بالإسكندَريّة عن نزيلِها أبي سَعْد ويقال: ¬

_ (¬1) ترجمته في برنامج شيوخ الرعيني. (¬2) في برنامج الرعيني: "مكتوب". (¬3) في ق: "يفعله"، وهو تحريف، وما هنا من م وبرنامج الرعيني. (¬4) في ق: "القصد"، وما هنا من م. (¬5) في ق: "جسد ابن آدم الميت"، وما أثبتناه من م، وهو الصواب إن شاء الله تعالى. (¬6) ترجمه ابن الأبار في التكملة (166)، والمقري في نفح الطيب 2/ 598. (¬7) في ق: "الحجاج"، محرف، وهو مترجم في التكملة الأبارية (2475).

308 - أحمد بن عبد الصمد بن أبي عبيدة، بفتح العين الغفل وكسر الباء بواحدة بعدها ياء مد، محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحق الأنصاري الخزرجي الساعدي، ينسب إلى سعد بن عبادة صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنه، قرطبي، سكن غرناطة مدة وبجاية أخرى ثم استوطن مدينة فاس، أبو جعفر

أبو عبد الله، محمد بن أبي السَّعادات [المروروذي الخراساني] (¬1)، وقَفَلَ إلى بلدِه. حدَّث عنه ببعضِ فوائدِه أبو بكر بنُ خَيْر وهو من أصحابِه. 308 - أحمدُ (¬2) بن عبد الصّمد بن أبي عَبِيدةَ، بفتح العَيْن الغُفْل وكسرِ الباء بواحدة بعدَها ياءُ مدّ، محمد بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الحقّ الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ السّاعِدِيُّ، يُنسَبُ إلى سَعْد بن عُبادةَ صاحبِ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضيَ عنه، قُرطبيٌّ، سكَنَ غَرناطةَ مدّةً وبِجايةَ أخرى ثم استَوطَن مدينةَ فاس، أبو جعفر. رَوى عن أبي بكر بن عبد الله ابن العَرَبي، وأبي جعفر بن عبد الرحمن البِطْرَوجيِّ، وأبوَي الحَسَنُ: شُرَيْح وعبد الرحيم الحِجاريّ، وأبي الحُسَين سُليمان بن محمد ابن الطَّراوة، وأبوَيْ عبد الله: جعفرٍ حَفيدِ مكِّيّ وابن مَسْعود ابن أبي الخِصال، وأبي القاسم بن وَرْد، وغيرهم. وله برنامَجٌ في ذكْرِهم. رَوى عنه أبوا الحَسَنُ: ابنُ عَتِيق بن مؤمن لقِيَه ببجاية، وابنُ إبراهيمَ ابن القَفّاص (¬3)، وأبو سُليمان وأبو محمدٍ: ابنا حَوْطِ الله، وأبو عيسى محمدُ بن محمد بن أبي السَّداد، وأبو القاسم أحمدُ بن يزيدَ بن بَقِيّ. وكان في شَبِيبتِه معروفًا بالذّكاء والنُّبل، مشهورًا بالحفظِ للحديث ذاكرًا للتواريخ والقِصَص مُمتعَ المجالَسة متينَ الأدب، وتعلَّق بالرِّياسة فنالَ حُظْوةً وجاهًا، وكُفَّ بصَرُه نفَعَه اللهُ ولم ينقِص من حِفظِه وذكائه شيئًا، وكان له مملوكٌ من أبناءِ الرُّوم قد عَلّمَه الكتابةَ فكان يكتُبُ عنه كلَّ ما يؤلِّف أو يَصدُرُ عنه من ¬

_ (¬1) بياض في النسختين، وما أثبتناه من التكملة. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (223)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 12/ 745، وابن فرحون في الديباج 1/ 215، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (141). (¬3) في م: "الفقاص"، مصحف، وما أثبتناه من ق، وهو علي بن إبراهيم بن علي القاضي الإمام المتقن أبو الحسن الجذامي الغرناطي، ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة، والذهبي في تاريخ الإسلام 14/ 73، وتوفي سنة 632 هـ.

309 - أحمد بن عبد العزيز بن إبراهيم الجذامي

نَظْم أو نثر. ونُكِبَ نَكَباتٍ نفَعَه اللهُ وامتُحِن بالأسْر سنةَ أربعينَ وخمس مئة وحُمِلَ إلى طُلَيْطُلةَ وبها ألّف كتابَه المسَمَّى بـ "مَقامعِ هاماتِ الصُّلْبان ورواتعِ (¬1) رِياض الإيمان" يرُدُّ به على بعض القِسِّيسِينَ بطُلَيْطُلة، وتَركَه في نُسَخ بأيدي جماعة من المسلمينَ المُبْتلَيْنَ بالأسْرِ هناك لمّا يَسَّر اللهُ في تخلّصِه، فانفصلَ عنها سنةَ اثنتينِ وأربعينَ وخمس مئة، وله تصانيفُ مفيدة ككتابِه "آفاقِ الشموس" في الأقضيةِ النَّبَوية، ومختصَرِه "إشراقِ الشُّموس"، و"نَفَس الصّباح" في غريبِ القرآن وناسخِه ومنسوخِه، و"حُسن المُرتفَق في بيان ما عليه المتّفَق فيما بعد الفجر وقبل الشّفَق"، و "قَصدِ السبيل في معرفةِ آيات الرسُول" -صلى الله عليه وسلم -، و "مقام المُدرِك في إفحام المشرِك"، وكلُّ ذلك من أحفلِ ما أُلِّف في معناه، إلى غير ذلك من الأجوِبة عن المسائل التي كانت ترِدُ عليه، وكان أبو القاسم بن بَقِيّ يُكثرُ الثناءَ عليه ويقولُ بفضلِه. ولمّا قَدِمَ مدينةَ فاسَ التزَم إسماعَ الحديث والتكلُّمَ على معانيه بجامع القَرَوّيينَ إحدى عُدوتَيْ فاس، واستمَرَّ على ذلك صابرًا محتسِبًا ونفَعَ اللهُ به خَلْقًا كثيرًا، وحضَر مجلسَه يومًا خَطَّابٌ رَئيسُ أهل المَعدِن فسمع كلامَه وأُعجِبَ به وسألَ عن مؤونتِه فأُخبِر أنها من تفقُّد الإخْوانِ وإحسانِهم فتقَدَّم إليه وتعرَّف له وسألَه تعيينَ ما يحتاجُ إليه عن نفَقةٍ في كلِّ سنة فقال له: ثلاث مئة دينارٍ وسِتُّونَ دينارًا، فدفعَ له خَطّابٌ ثمان مئة دينار وقال له: هذه جِرايةُ عامَيْنِ لك دون ما تحتاجُ إليه من كُسْوة ومُؤَنِ مواسم، ورَتَّب له هذه الجِرايةَ ولم يقطَعْها عنه مدّةً من تسعةِ أعوام، جزاهُ اللهُ أفضلَ جزاءِ المحسِنين إلى أن توفِّي أبو جعفرٍ بفاسَ عقِبَ ذي الحجّة من سنة ثِنتينِ وثمانينَ وخمس مئة، ومولدُه سنةَ تسعَ عشْرةَ وخمس مئة. 309 - أحمدُ بن عبد العزيز بن إبراهيمَ الجُذَاميُّ. رَوى عن أبي محمد بن أبي جعفر. ¬

_ (¬1) في م: "وروائع".

310 - أحمد بن عبد العزيز بن أبي الخير بن علي الأنصاري، سرقسطي، سكن قرطبة، أبو جعفر، الموروري، أخو القاضي أبي عبد الله الموروري

310 - أحمدُ (¬1) بن عبد العزيز بن أبي الخَيْر بن عليِّ الأنصاريُّ، سَرَقُسْطيٌّ، سكَنَ قُرطُبة، أبو جعفر، المَوْرُوريُّ، أخو القاضي أبي عبد الله المَوْرُوريِّ. سَمع أبا الوليد سُليمان بن خَلَف الباجِي، واستجازَ له أبو عليّ الصَّدَفيُّ طائفةً من شيوخِه المَشْرِقيِّين تقَدَّم ذكْرُهم في رَسْم أبي [جعفرٍ أحمدَ] (¬2) بن عبد الرحمن بن بالِغ، وأبا المَعالي ثابت [ابن بندار] (¬3)، وأبا طاهِر [بن سِوار] (¬4). رَوى عنه أبو القاسم ابنُ بَشْكُوال في معجَم شيوخِه. توفِّي سنة تسعَ عشْرةَ وخمس مئة بعدَ أخيه بعام. 311 - أحمدُ بن عبد العزيز بن أَيُّوب. رَوى عن شُرَيْح. 312 - أحمدُ بن عبد العزيز بن حارِث الأَصبَحِيُّ، أظُنُّه بَلَنْسِيًّا. كان من أهل العلم جيِّدَ الخَطّ، حيًّا سنة ستٍّ وعشرينَ وخمس مئة. 313 - أحمدُ بن عبد العزيز بن الحَسَنُ الحَضْرميُّ. رَوى عن أبي محمد بن عَتّاب، وأجاز له أبو الحَسَنُ أحمدُ بن أحمد بن القَصِير. 314 - أحمدُ (¬5) بن عبد الصّمد بن وَهْبُونَ اللَّخْميُّ، إشبيليٌّ. كان عاقدًا للشّروط مُبرِّزًا في العَدالة، حيًّا سنةَ تسع وأربعينَ وخمس مئة. 315 - أحمدُ بن عبد العزيز بن خالِص التُّجيبيُّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي عليٍّ الصَّدَفي (¬6). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (156)، وفي المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (7)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 11/ 300. (¬2) ما بين الحاصرتين بياض في النسختين استفدناه من ترجمته المتقدمة في هذا الكتاب برقم (279). (¬3) بياض في النسختين، وما بين الحاصرتين مستفاد من التكملة. (¬4) كذلك. (¬5) هكذا جاءت هذه الترجمة هنا، وكان حقها أن تتقدم. (¬6) لم يذكره ابن الأبار في المعجم في أصحاب القاضي الصدفي.

316 - أحمد بن عبد العزيز بن خلف الأنصاري، بلنسي، أبو العباس، ابن أبي طورينه، بطاء مهملة مفتوحة وواو ساكنة وراء مكسورة وياء مد ونون مفتوحة وهاء سكت

316 - أحمدُ بن عبد العزيز بن خَلَف الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو العبّاس، ابنُ أبي طَوْريْنَهْ، بطاءٍ مهمَلة مفتوحة وواوٍ ساكنة وراءٍ مكسورة وياءِ مَدّ ونونٍ مفتوحة وهاءِ سَكْت. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي، وأبي الحَسَنُ بن إبراهيم بن مَعْدان، وأبي عليِّ منصور بن الخَيْر، وأبي عُمرَ مَيْمون بن ياسين، وأبي عِمرانَ بن عبد الرحمن بن أبي تَلِيد، ولقِيَه بمَرّاكُش. رَوى عنه أبو الحَسَنُ بن موسى بن النَّقِرات. وكان محدِّثًا مُكثِراً عَدلاً ثقةً فيما يَرويه. 317 - أحمدُ بن عبد العزيز بن عبد الرّحمن الأَلهْانيّ، شَرْقيٌّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي الحَسَنُ شُرَيْح. 318 - أحمدُ (¬1) بن عبد العزيز بن عبد الوَليّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي الحُسَين سِراج بن عبد الملِك، وأبي علي الصَّدَفي، رَوى عنه بالإجازةِ عبدُ الملِك بن زكريّا بن حَسّانَ الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ المَهْدَويُّ سنةَ خمسَ عشْرةَ وخمس مئة. 319 - أحمدُ بن عبد العزيز بن عَبْدون، أبو العبّاس. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 320 - أحمدُ بن أبي بكرٍ عبد العزيز بن عُذْرةَ. له إجازةٌ من أبي مَروان بن عبد العزيز الباجِيِّ سنة عشرينَ وخمس مئة. 321 - أحمدُ (¬2) بن عبد العزيز بن الفُضَيْل بن الخَلِيع الأنصاريُّ، شرُيُّونيٌّ، سَكَنَ بَلَنْسِيَة، أبو العبّاس القَبِسّي بفتح القافِ وكسر الباءِ بواحدة وسين غُفْل مشدَّد. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (100)، وفي المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (6). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (207)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 12/ 508، والصفدي في الوافي 7/ 32، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 325.

322 - أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم المحاربي، غزناطي، أبو العباس

أخَذَ العربيّةَ والآدابَ عن جارِه بشرُيُّونَ أبي عبد الله بن خَلَصةَ، وأبي محمد بن السِّيْد البَطَلْيَوْسي، وتجوَّل في بلاد الأندَلُس والعُدوة، وكان متحقِّقاً بالعربيّة بارعاً في الأدب، شاعراً محُسِناً، أنيقَ الوِراقة بديعَها، معروفًا بالإتقانِ والضَّبط يُتنافَسُ فيما يوجَدُ بخطِّه من دواوينِ العلم، وكان مضعِّفاً. مولدُه بشرُيُّونَ في سنة خمس مئة، وقُتلَ صَبْراً لإشبيلِيةَ سنةَ اثنتينِ وسبعينَ وخمس مئة. 322 - أحمدُ بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيمَ المُحارِبيُّ، غَزناطيٌّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي إسحاقَ بن مَروان بن حُبَيْش، وأبي الحَسَنُ شُرَيْح. 323 - أحمدُ بن عبد العزيز بن محمد بن سِجْزِي الحَجَري، قُرطُبيٌّ. رَوى عن أبي بَحر. 324 - أحمدُ بن عبد العزيز بن محمد بن سَعْدونَ، بَلَنْسِيٌّ. كان طبيبًا ماهراً، حيّاً في حدودِ التسعين وخمس مئة. 325 - أحمدُ (¬1) بن عبد العزيز بن محمد الأزْديّ، شَقُوريٌّ، نشأ بمُرسيَةَ واستَوطنَها، أبو العبّاس ابنُ الأصفَر. سمع من أبي الحَسَنُ بن محمد بن هُذَيْل، وأبي عليٍّ الصَّدَفي (¬2)، وأبي محمد عاشِرِ وأكثَرَ عنه واختَصَّ به وكتَبَ بين يدَيْه. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ محمد بن موسى بن تَحيا. وكان من أهل الذّكاء والفَهْم موصُوفاً بالتيقُّظ والدّهاء، واتّصل بأبي العبّاس ابن الحَلال قاضي القُضاة في إمارةِ أبي [عبد الله محمد بن سَعْد] (¬3) الجُذاميِّ فتقَدَّم في أشياعِه وخاصّتِه، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (189)، وابن فرحون في الديباج 1/ 216. (¬2) لم يذكره ابن الأبّار في المعجم في أصحاب الصدفي. (¬3) بياض في النسختين، والذي بين الحاصرتين مستفاد من التكملة.

326 - أحمد بن عبد العزيز بن ميمون المخزومي، شقري، أبو جعفر

وقدَّمَه إلى الشورى بمرسِيَةَ، وأنهَضَه إلى قضاءِ شاطِبة ثم أضاف إليه قضاءَ أُورُيولةَ، فكان يتَولّاها إلى أن نُكِبَ معَ ابن الحَلال واعتُقلَ شهوراً ثم سُرِّح، ودرَّس الفقهَ على الطريقة القُرطُبيّة. وكان فقيهًا حافظاً للمسائل دَرِياً بالفتوى في النّوازل، وأعيد إلى رُتبة الشُّورى بأُورِيُولة ثم إلى قضائها، وزيد خُطّةَ المَواريث فتوَلّى ذلك مُضْطَلِعًا به محمودَ السّيرة فيه إلى أن توفِّي في محرّمِ أربع وستينَ وخمس مئة. 326 - أحمدُ بن عبد العزيز بن مَيْمونٍ المَخْزوميُّ، شُقْري، أبو جعفر. تقَدَّم التنبيهُ عليه في رَسْم أحمدَ بن أبي الحَسَنُ بن مَيْمون فراجِعْه (¬1). 327 - أحمدُ (¬2) بن عبد العزيز بن هشام بن أحمد بن خَلَف بن غَزْوانَ الفِهْريُّ، من أهل شَنْت مَرِيّةِ الغَرب، يابُرِيُّ الأصل، أبو العبّاس. رَوى عن آباء الحَسَنُ: شُرَيْح وابن أحمد بن كُرز وابن خَلَف بن سَلْمان وابن عبد الرحمن بنَ أبي الدُّوْش، وأبي حَفْص (¬3) ابن اليتيم، وأبي عبد الله بن سُليمانَ ابن أُخت غانم، وأبي العبّاس بن حامد، وأبوَيْ عليّ: الغَسّاني ومنصور بن الخَيْر، وأبي القاسم خَلَف بن يوسُفَ بن الأبْرَش، وأبي محمد شُعَيْب بن عيسى، ويونُسَ بن يونُس. رَوى عنه عبدُ العزيز ابنُه، وابنُ الحَسَنُ بن حارِث، وأبو عليّ حَسَنُ [ابن أحمد بن مفرج] (¬4) ابن الزَّرقالة، وسالمُ بن عبد الله بن عبد العزيز، وأبو زيدٍ شُعَيْب بن إسماعيلَ، وأبو محمد عبدُ [الله بن أحمد] (¬5) ابن عَلُّوش، وقاسمُ بن عبد الرحمن بن أبي حنينة، والمحمَّدونَ: ابن أحمدَ بن عبد القادر وابن إبراهيمَ بن ¬

_ (¬1) الترجمة (63). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (131)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 325 نقلاً عن ابن الزبير. (¬3) بعد هذا فراغ في النسختين. (¬4) فراغ في النسختين استفدناه من ترجمته في تاريخ الإِسلام 13/ 73، ومن التكملة الأبارية (699). (¬5) فراغ في النسختين، وما بين الحاصرتين مستفاد من ترجمة المذكور في التكملة الأبارية (2136).

شُعَيْب وابن عبد الغَفُور وابن عليِّ بن ثابت، واليوسُفانِ: ابنُ عبد الله بن عبد الملِك وابن محمد بن يوسُف. وكان من جِلّة المُقرِئينَ المجودين وكبارِ أساتيذِ النّحْويِّين، بارعَ الخطّ، متقدِّمًا في العَروض، نافذًا في فكِّ المعَمَّى، شاعرًا محُسِنًا، كاتبًا بليغًا، وتصَدَّر للإقراءِ ببلده. وله أراجيزُ مُزْدوجةٌ كثيرةٌ منها -في القراءاتِ السبع-: مجموعةُ العَروس، وحاسمةُ الدَّعاوي. ومُفرَداتٌ: لكل إمام من السبعة أرجوزةٌ تخُصُّ قراءتَه، وفي خطِّ المصحف، وفي غريب القرآن، وفي ألِفاتِه، وفي مُشكِل نظائرِه، ومنها -في النَّحو- أرجوزةٌ سمّاها: "أُرجوزةَ الإعراب في مُجْمَل الإعراب"، وشَرَحَها في أرجوزةٍ سمّاها: "العُنوان". وكلُّ ذلك ممَّا أجاد في نَظْمِه وبرَّزَ في إنشائه، وقَفْتُ عليها كلِّها ما خلا مفرَداتِ ابن كثير وعاصِم وحَمْزة وغريبَ القرآن. ومن تصانيفِه: "فوائدُ الإفصاح عن شواهدِ الإيضاح". تَنْكيت: وقعَ فيما تقَدَّم أنّ اسمَ إحدى ارجوزتَيْه في السبع مجموعةً: "حاسمةُ الدَّعاوي"، وقد ذكَرَ ذلك في صَدرِها فقال [الرجز]: سَمَّيتُها حاسمةَ الدَّعاوي ... وقلتُها زَجْرًا لكلِّ عاوي وترجمَها بقطعة، منها [مجزوء الكامل المرفَّل]: حَسمتْ دَعاوِيهِ كما ... حَسمَ الضَّريبةَ ذو الفَقَارِ ويريدُ بالدَّعاوِي: جمْعَ دَعْوى، وهو غلَطٌ جَرى عليه كما جَرى على كثيرٍ من الشعراءِ والكتّاب قديمًا وحديثًا، فقال أبو محمد عبدُ الجَبّار بن أبي بكر بن حَمْدِيسَ الصقِلِّي من أبياتٍ في صفة الخمر صَدَرَ بها قصيدةً يمدَحُ بها المعتمِدَ أبا القاسم محمدَ بن عَبّاد (¬1) [بسيط]: لا يسمَعُ الأنفُ من نجوى تأرُّجِها ... إلا دعاوِيَ بين الطِّيبِ والزَّهَرِ ¬

_ (¬1) انظر ديوان ابن حمديس (205) تحقيق الدكتور إحسان عباس.

وقال شرَفُ الدّولة أبو الحَسَنُ عليُّ بن أبي الخَيْر سلامةَ بن يوسُف الدِّمشْقي (¬1) [المجتثّ]: وإنّ غيري على جهـ ... ـلهِ كثيرُ الدَّعاوِي وهذا البيتُ من قصيدةٍ يمدَحُ بها تاجَ الملوكِ مجدَ الدّين أبا سَعيد يُوري (¬2) بن أيوبَ أخي السُّلطان صلاح الدِّين أبي المظفَّر يوسُف بن أيوبَ. وقد طَرَدَ قانونَ هذا الجمعِ في ما كان على مثالِ فَعْلى فقال في مطلَعِها [المجتثّ]: مَنِ الطبيبُ المُداوِي ... مِن طُولِ هذي الشَّكاوِي؟ وكرَّره فقال في مدحه [المجتثّ]: يا مَن (¬3) بإنعامِه طا ... لَمّا أُزيلَتْ شَكاوِي وقال [المجتثّ]: تحكي الجداولُ فَيْضًا ... من راحتَيْهِ الجَداوِي وقال شَرفُ الدِّين أبو حَفْص عُمرُ بن محمد بن الفارِض من قصيدة (¬4) [الطويل]: وعادِ دواعي القيلِ والقالِ وانْجُ مِن ... عَوادي دعاوٍ صِدْقُها قَصدُ سُمعةِ وقال أبو محمدٍ عبدُ الله بن عَتِيق الرَّبَعيُّ المَهْدَويُّ المعروفُ بابن الطّلّاءِ (¬5) في رسالةِ "الإشعار بسرقات الأشعار" التي خاطَبَ بها أبا الفَضْل بنَ شَرَف (¬6): ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في خريدة القصر -قسم شعراء الشام 1/ 393 - 400. (¬2) في ق: "نوري"، محرف، وترجمته في تاريخ الإِسلام 12/ 625. (¬3) في ق: "ويا مَن". (¬4) البيت من التائية الكبرى وهو في ديوانه: 34 (المطبعة الحسينية 1913 م). (¬5) ترجم له ابن بسام في الذخيرة. (¬6) ترجمه ابن بشكوال في الصلة (298)، والضبي في بغية الملتمس (610)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 11/ 610، والصفدي في الوافي 11/ 149، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 486، وهو جعفر بن محمد بن أبي سعيد بن شرف الجذامي القيرواني المتوفى سنة 534 هـ.

وْيلَك! حطَطْتَ لِثامَ الحياء، وهبَبْتَ هبوبَ النَّكْباء، فكشَفْتَ غطاءَ مساويك، وأخمَدتَ نارَ دَعاوِيك. وقال فيها: أن تُبرِزَ أشعارَ أبيك، فتصحَّ أو تَسقُمَ دَعاوِيك. وللكاتب أبي محمدٍ عبد البَرِّ بنْ فُرسان (¬1) من رسالةِ خاطَب بها الخليفةَ العبّاسيَّ عن أبي زكريّا يحيى بن غانِيَة المسوفي: وهذه النُّبَذُ المأثورة من مساويهم، واللُّمعُ المذكورةُ من دَعاوِيهم، ما استأثَرَ بها الخواصُّ دون العوامّ، ولا جَهِلَتْها فرقةُ اليهود والنَّصارى إذْ علِمَتْها أهلُ مِلّة الإِسلام. وقال الإمامُ أبو الفَرَج ابنُ الجَوْزيِّ رضي اللهُ عنه في الفصل الأوّل من القسم الأوّل من المَواعظِ من الباب الخامس من كتابِ "المُدهِش" (¬2) في قصّة آدمَ وفي ذكَرَ الملائكةَ منها: فأبوْا للجُرأة إلا جرَّ جريرِ الدّعاوِي، وحدَّثوا أنفُسَهم بالتُّقى بالتَّقاوِي. فالتَّقاوِي جاءت على ما جاء عليه نظائرُها، وقد أتى بها فقرةً للدّعاوِي. وقال الإمامُ عمادُ الدِّين أبو عبد الله محمدُ بن محمد بن حامِد بن محمد بن عبد الله بن عليّ بن محمود بن هِبةِ الله ابن أُله الأصبَهانيُّ في ذكْرِ القاضي كمال الدِّين الشَّهْرَزُورِيِّ من حوادثِ شهر رمضانِ سبع وستينَ، حاكياً بعضَ أفعال نُور الدِّين ما نصُّه: وقال للحاكم: انظُر أنت في العوادي وما يَجري فيها من الدّعاوِي، وميِّزْ بين المحاسنِ والمساوِي، والمُوالي والمُناوِي. فقد استعمَلَها كما ترى فقرةً للمَساوِي والمُناوِي الجارَييْنِ على قانونِهما. وقال أبو القاسم عبدُ الكريم بن عِمْران (¬3) [البسيط]: دع الدَّعاوِيَ إنَّ الحِبْرَ يفضحُها ... وهاكَ ما شِئْتَ عندي من براهينِ ¬

_ (¬1) ترجمته في تحفة القادم (115)، والمغرب 2/ 142، ورايات المبرزين (62). (¬2) المدهش (72) (ط. بغداد). (¬3) ترجمته في التكملة (2564).

وقد كان له أن يقولَ: دعِ الدَّعاوَى فإنّ الحِبْرَ يفضحُها، ولكنّه غابَ عنه حُكمُ هذا الجَمْع. وقال الأستاذُ أبو العلاء إدريسُ بن محمد القُرطُبيُّ (¬1) في فَصْل من رسالتِه التي ترجَمَتُها: "رسالةُ تفضيل العَرَب وتمييزِ النَّبع من الغَرَب"، وهي المسَمّاة. صَمْصامَ التأهُّب للانتصاف، ومَصامَّ شُهُبِ الأوصاف، الكافيةَ في تعفيرِ خدِّ الباغي، الكافلة بتغيير جَدِّ اللّاغي، مما انتَهضَ بإحكامِها، وإبرام أحكامِها: إدريسُ بن محمد بن محمد بن موسى الأنصاريُّ من أهل قُرطُبةَ وفّقه اللهُ وحرَسَها، فجاءت فائدةَ انتجاع الطالب المُقيم والمرتحِل، وفائدةَ أشياع ابن سيدةَ الناحِل وابن غَرسيّةَ المنتحِل، صادقةَ الجَدِّ في أنّ حبَّ النبيِّ العَرَبيّ من آكدِ مفترَض، مُرهَفةً عن كدِّ التعرُّض لعَرَض، مُنَزَّهةً عن نقد التأرُّض لغَرَض، موجَّهةَ القصدِ لوَجْه خالقِ الجوهَر والعَرَض، سبحانَه لا إلهَ إلا هو (¬2)، يرُدُّ بها على أبي عامِرٍ [أحمدَ] (¬3) ابن غَرسِيّةَ في رسالتِه الشُّعوبية: يا جَدْعاوِي، بالدَّعاوِي، فإذا الدّعاوِي والشَّكاوِي والجَداوِي في جَمْع: دَعوى وشَكْوى وجَدْوى من وادٍ واحدٍ ضَلَّ فيه هؤلاءِ الجِلّةُ طريقَ القياس في جَمْع هذه الكَلِم، وإنّما تُجمَعُ على فَعالَى قياسًا. قال الإمامُ أبو بِشْر سيبوَيْه: وأمَّا ما كان على أربعةِ أحرُف، وكان آخِرُه ألفَ التأنيث، فإنْ أردتَ أن تكسِرَه فإنكَ لا تحذِفُ الزّيادةَ التي هي للتأنيث ¬

_ (¬1) ترجمته في التكملة (522). (¬2) بعد هذا في م: "تنقل هذه الترجمة إلى رسم أبي العلاء إن شاء الله" ثم ضرب عليها الناسخ بأن كتب في أولها "لا" وفي آخرها "إلى" وفي الحاشية ورد ما نصه: "بل كان هذا في الحاشية". قلنا: وترجمة أبي العلاء إدريس هذا تقع في السفر الثاني، وهو من أسفار الكتاب المفقودة. (¬3) مكان الاسم بياض في النسختين، وهو مستفاد من المغرب لابن سعيد 2/ 406. وهذه الرسالة في الرد على ابن غرسية هي من الرسائل التي لم يشر إليها الأستاذ عبد السلام هارون في مقدمة رسالة ابن غرسية والردود عليها، ومثلها في ذلك رسالة أبي الحسن علي بن أبي قوة (السفر الخامس من هذا الكتاب، الترجمة 313) ورسالة أبي المتوكل الهيثم السكوني الإشبيلي (برنامج الرعيني: 194).

وُيبنَى على فَعالَى وتُبدَلُ من الياءِ الألف، وذلك قولُك في حُبلى: حَبالَى، وذَفْرى ذَفَارَى، وقال: وقالوا بَرْقاءُ وبَرَاقٍ كقولهِم شاةٌ حَرْمى وحِرَامٌ وحَرَامَى. وقال أبو بكرٍ محمدُ بن الحَسَنُ بن دُريد بن عَتاهِتةَ بن حَنتم بن الحَسَنُ بن حماميِّ بن جَروِ بن واسع بن سَلَمةَ بن حاضِر بن جُشَمَ بن ظالم بن حاضِر بن أسَد بن عَدِيِّ بن عَمْرِو بن مالك بن فَهْم بن غُنْم بن دَوْس بن عدنان بن عبد الله ابن زَهْرانَ بن كَعْبِ بن الحارِث بن كَعْب بن عبد الله بن مالِك بن نَضر بن الأَزْدِ بن الغَوْث بن نَبْتِ بن مالكِ بن زيد بن كَهْلانَ بن سبإ بن يَشجُبَ بن يَعرُبَ بن قَحطانَ في كتابِه "الجَمْهرة" (¬1): والحَلْواءُ معروف يُمَدُّ وُيقصَر، فمَن قَصَرَ قال: حَلْوَى مثلَ دَعْوَى والجمعُ حَلاوَى مثلَ دَعاوَى، ومن مَدَّ قال: حَلْواءُ، والجمعُ: حَلْواواتٌ مثلَ حَمْراوات. وقال أبو عبد الله محمّدُ بن جعفرٍ التَّميميُّ القَيْروانيُّ القَزّازُ في "جامعِه" (¬2): والحَلْواءُ من الطعام يُمَدُّ ويُقصَرُ، وجمعُ المقصورِ: حَلاوَى، والممدودِ: حَلْواوات، ورأيتُ لأبي الفَتْح عثمانَ بن جِنّي خلافَ هذا، فإنه قال في "المُغرِب": ويقولونَ أيضًا: حُبْلى ثم يقولونَ في الجَمْع حَبالَى، وأصلُها حَبالٍ كدَعوى ودَعاوٍ ثم يُبدِلونَ من ياءِ حَبالٍ ألفًا ويُميلونَها فيقولونَ: حَبالَى لتكونَ الألفُ على لفظِ ألفِ حُبْلى. وقال فيه: قالوا: دَعْوى ودَعاوٍ وشَهْوى وشَهاوٍ وذَفْرى. الفصْلَ. قال المصنِّفُ عَفا اللهُ عنه: أظنُّ شَهْوى مصَحَّفًا من مَهْوى فزد فيه بحثًا. وقد انجَرَّ بنا نقْدُ الدّعاوِي الواقعة في تسميةِ أبي العبّاس بن غَزْوانَ إحدى أُرجُوزتَيْه إلى ذكْرِ شيءٍ ليس من غَرَض هذا الكتاب، ولكنّها نُكتةٌ أودَعْناها هذا الموضعَ إفادةً بها، ولا ينبغي أن يُظَنَّ بها أنَّها قليلةُ الجَدْوى، فقد وقَعَتْ ¬

_ (¬1) انظر الجمهرة 2/ 192. (¬2) انظر ترجمة القزاز ومصادرها في ورقات للأستاذ حسن حسني عبد الوهاب 1/ 174 - 184 وكتابه الجامع مفقود، ويقول فيه الصفدي في الوافي 2/ 304: هو كتاب كبير يقال: إنه ما صُنّف مثله.

هذه المسألةُ بمَرّاكُشَ سنةَ عشرين وست مئة في مجلس ضَمَّ لِمّةً من أعلام العلماء أثارها كَتْبُ عاقدي الشّروط: أبرَأه من جميع الدَّعاوِي، وكان فيهم القاضي الأديبُ الناقد المجتهد أبو عبد الله بنُ عيسى ابن المُناصِف الآتي ذكْرُه في موضعِه من هذا المجموع بحَوْلِ الله تعالى (¬1)، فأنكَرَ جمع الدَّعوى على هذا الحدّ وقال: إنّما يقال: الدَّعْوَياتُ، فسَلَّمَ له الحاضِرون ولم يقُلْ هُو ولا أحدٌ ممّن اشتملَ عليه ذلك المحفِلُ: الدَّعاوَى، وهو أقربُ نسبةً إلى إصلاح اللفظ به، إذ هُوَ جمْعُ تكسيرٍ مثلُه على توَهُّم العاقدينَ فيه وأنَصُّ في المقصود، فالدَّعاوَى إذ كان المعنيُّ به عندَهم جمع الكثرة المُقتضيَ بَتَّ أسبابِ الطلبِ وحَسْمَ موادّ الشغَب، فأمَّا ما ذكَرَه أبو عبد الله ابن المُناصِف ووافَقَه عليه جُلَساؤه فإنه جَمْعُ سلامةٍ وموضوعُه القِلّة. قال سيبَويْه (¬2) آخِرَ الفصل الذي نَقلْنا قبلُ أوّلَه: وإن أردتَ أدنَى العدَد جمَعْتَ بالتاء، تقول: ذَفْرَيات وحُبْلَيات. وقال في باب تحقير ما كُسِر عليه الواحد للجَمْع: ولو حقَّرت الجَفِنات وقد جاوَزْنَ العَشْرَ لقلتَ: جُفَيْناتٌ لا تُجاوِزُ؛ لأنّها بناءُ أقل العدد. ثمَّ قال: إذا حَقّرتَ الفِتْيانَ قلت: فِتْية، فإن لم تقُلْ ذلك قلتَ: فَتِيّون، قالوا: والنّونُ بمنزلة التاء في المؤنَّث. ثم قال: وإنّما صارتِ التاءُ والواو والنّونُ لتثليثِ أقلِّ أدنَي (¬3) العدَد إلى تعشيره وهو الواحدُ كما صارتِ الألفُ والنون للتثنية ومُثَنّاهُ أقلّ من مثلَّثِه، ألا ترى أنّ جرَّ التاءِ ونصبَها سواء، وجَرَ الاثنينِ والثلاثة الذين هم على حدّ التثنية ونَصبَهم سواء؟ فهذا يُقرِّبُ أنّ التّاءَ والواوَ والنّونَ لأدنَى العدَد؛ لأنه وافَقَ المثَنّى. تكميل: وإلى ذلك فقد قال سيبويهِ إثْرَ الفصل الأوّل الذي نقَلْناه من كلامِه: وقالوا: ذَفْرى ذَفارَى ولم يُنوِّنوا ذَفْرى. انتهى. ومُرادُه بهذا القول التعريفُ بشذوذ ¬

_ (¬1) راجع المقدمة من هذا السفر ص 206، واحتج المؤلف برأيه لأنه كان لغوياً مشهوراً وقد ذكر القلقشندي في صبح الأعشى 1/ 152 أن مذهبته في الحلى ضرورية للكتاب. (¬2) انظر الكتاب 2/ 141. (¬3) سقطت من ق.

ذَفَارٍ جَمع ذَفْرى غيرَ منَوَّن على القياس المطَّرِد في جمع نظائرِه حسبما قُدِّم (¬1) أولَ الفَصْل، فلا ينبغي أن يُقاسَ عليه. ووراءَ قولِه: "ولم يُنوِّنوا ذَفْرى" معنًى لطيفٌ سِرُّه التنبيهُ على تفرِقة العربِ بين ما ألفُه للتأنيث فلا يُنَوَّن ويُجمَعُ قياسًا على فَعالى وشَذَّ منه ذَفارى في جمع ذَفْرى، وما ألِفُه الرابعةُ مُنقلبةٌ عن أصل وعن زائدٍ للإلحاق به كأضحى جمْعَ أضْحاة ومَرمى ومَهْوى وأَرطى وذَفْرى في لُغة مَن نَوَّنها، فإنّ ذلك كلَّه يُجمَعُ بكسرِ ما بعدَ الألف نحوَ أضاحٍ ومَرامٍ ومَهاوٍ وأراطٍ وذَفارٍ وشِبهِها. وقد آنَ لنا أن نقفَ من بَسْطِ القول في هذه المسألة عند هذه الغاية ونرجعَ إلى تمام ذكْرِ أبي العبّاس بن غَزْوان، فنقول: ومن نثرِه مقامةٌ في الكلب والهِرّ بارعةٌ أبدَعَ فيها ما شاء، ومما يؤثَرُ من نظمِه قولُه [السريع]: الحمدُ لله على ما أرى ... كأنّني في زمني حالمُ يَسُودُ أقوامٌ على جَهْلِهمْ ... ولا يَسُودُ الماجدُ العالمُ وقولُه في استخراج مضمَراتِ الحروف، وهو من أجوَدِ ما نُظِم في مَغْزاه عليه [الخفيف]: طالَ هَجْري فضرّني سُهْد طَرفٍ ... فاضَ رَيًّا فسال سَيْلَ أتِيِّ رُبّ عينٍ تَسُوقُ حَيْنَ محُبٍّ ... نَظَري مُنذرٌ بحَيْنٍ وحيِّ حيث شَجْوي يُضيعُ حَظّي وعِزّي ... وهْو يَعصي وغِرَّ طوع عَصِيِّ فَرْطُ شَوْقي يذودُ زَهْوي وُيغْري ... شَغَفي في ظهورِ سرِّ خَفيِّ هُو شُغْلي وهمّه نقْص سعيي ... مُنصِفٌ كلُّ من يفي لوَفيِّ ومن تمام الإفادة بهذه الأبيات بيانُ العمل بها، وهو مَبنيّ على قاعدتَيْن: الأُولى: معرفةُ ترتيبِ حروف المعجَم المراعَى في نظمِها، فاعلَمْ أنّ ترتيبَها ببلاد المغرِب والأندَلُس وهو موافقُ ترتيبِها ببلاد المشرِق في هذا الكتاب إلى الزاي، ¬

_ (¬1) في ق: "تقدم".

ويلي الزايَ عند أهل الأندَلُس والمغرب: ط ظ ك ل م ن ص ض ع غ ف ق س ش هـ وي، وُيدرِجونَ بين الواوِ والياء لامَ ألِف ولا عبرةَ به في نَظْم هذه الأبيات. الثانية: معرفةُ أُسوسِها التي اعتُبِرت في أبياتِها، فاعلَمْ أنّ لكلِّ بيتٍ أُسًّا يخُصه، فأسُّ الأوّل واحد، وأسُّ الثاني اثنان، وأسُّ الثالث أربعة، وأسُّ الرابع سبعة، وأسُّ الخامس أربعةَ عشَر، وفي هذه الأُسوس مفردَةً أو مجموعًا بعضُها إلى بعض توجَدُ الأعدادُ على تواليها من الواحد إلى الثمانيةِ والعشرينَ عدَدَ حروفِ المعجَم، فمقاديرُ الأُسوس بيِّنةٌ، وما عداها من الأعداد الثلاثةِ والخمسةِ والسِّتة والثمانيةِ وما بعدَها إلى الثلاثةَ عشَرَ والخمسةَ عشَرَ وما بعدَها إلى الثمانيةِ والعشرينَ قائمٌ من مجموع تلك الأُسوس كلِّها أو من مجموع بعضِها إلى بعض، فالثلاثةُ من أُسَّي الأوّل والثاني، والخمسةُ من أُسَّيِ الأوّل والثالث، والستّةُ من أُسَّيِ الثاني والثالثَ، والثمانيةُ من أُسَّيِ الأوّل والرابع، والتِّسعةُ من أُسَّي الثاني والرابع، والعشَرةُ من أُسوس الأوّل والثاني والرابع، وهكذا إلى جَمْع الأُسوس كلِّها، فتقومُ منه الثمانيةُ والعشرون، مثالُ ذلك: أنه إذا أُضمِرَ لك حرفٌ أمَرْتَ مُضمِرَه بالتماسِه في الأبيات بيتًا بيتًا، فإذا أعلَمَك بموقعِه في الأبيات واحدًا أو زائدًا حفِظتَ أُسَّ ذلك وعدَدتَ به الحروفَ من أوّلها، فحيث فَنِيَ لك محفوظُك من الأُسِّ فهو الحرفُ المُضمَر، مثالُ ذلك: أنه لو أضمَرَ لك حرفًا وذكَرَ أنه لم يجده إلا في البيتِ الأول لَعلِمتَ أنه الألفُ؛ لأنَّ أُسَّ البيتِ الأوّل واحد كما تقَدَّم، والألفُ أوّلُ الحروف، وكذلك لو أعلَمَك أنه لم يجده إلا في الثاني لَعلِمتَ أنه الباءُ؛ لأنَّ أُسَّ البيتِ الثاني اثنان والباءُ ثانيةٌ في الحروف، ولو أعلَمَك أنه لم يجده إلا في الثالث لَعلِمتَ أنه الثاءُ؛ لأنَّ أُسَّ البيتِ الثالث أربعةٌ والثاءُ رابعةٌ، ولو أعلَمَك أنه لم يجده إلا في الرابع لَعلِمتَ أنه الخاءُ؛ لأنَّ أُسَّ البيتِ الرابع سبعةٌ والخاءُ سابعة، ولو أعلَمَك أنه لم يجدْه إلّا في الخامس لعَلِمتَ أنه الكافُ؛ لأنَّ أُسَّ البيتِ الخامس أربعةَ عشَرَ والكافُ رابعَ عشْرةَ، وكذلك لو أعلَمَك أنه في الأوّلِ والثاني لا غيرُ، لَعلِمتَ أنه التاءُ؛ لأنَّ مجموعَ أُسَّيِ البيتِ الأول والثاني

ثلاثةٌ كما تقَدَّم، والتاءُ ثالثة، ولو أعلَمَك أنه في الأولِ والثالث لا غيرُ لَعلِمتَ أنه الجيم؛ لأنَّ مجموعَ أُسَّي الأول والثالثِ خمسةٌ كما سَلَف، والجيمُ خامسة، ولو أعلمك أنه في الأول واَلثاني والرابع لا غيرُ لَعلِمتَ أنه الراءُ؛ لأنَّ مجموعَ أُسوسِها عشَرة، والراءُ عاشرة، وهكذا إلى أن يُعلِمَك أنه في الأبياتِ كلِّها فتعْلَمَ أنه الياءُ؛ لأنَّ مجموعَ أُسوس الأبياتِ كلِّها ثمانية وعشرون؛ لأنَّ الواحدَ إلى اثنينِ ثلاثة، والثلاثةَ إلى الأربعة سبعة، والسبعةَ إلى مِثلِها أربعةَ عشَرَ، والأربعةَ عشَرَ إلى مِثلِها ثمانيةٌ وعشرون، والياءُ ثامنةٌ وعشرون، إذْ هي آخِرُ الحروف فاعلَمْ ذلك. وتقريبُ ذلك أنْ تَرسُمَ لكلِّ بيتٍ اسمه إمّا تحتَه أو عليه وإمّا محُاذيًا له من أحَدِ طرفَيْه وتضَعَ جدولَيْن متَحاذيَيْنِ أحَدُهما فوقَ الآخَر وتقسِمَهما بثمانيةٍ وعشرينَ قسمًا، وتَرسُمَ في أحدِهما الحروفَ على نَسَقِها من الألفِ إلى الياء، وتَرسُمَ من الآخَر الأعدادَ متَواليةً من الواحدِ إلى الثمانيةِ والعشرين، فإذا أُضمِرَ لك حرفٌ وأُعلِمتَ بموقعِه واحدًا فصاعدًا حفِظَت أُسَّه ونظَرتَ إلى ما يُحاذيه من الحروف، فهو المُضمَر، فاعلَمْ ذلك. وهذه صورةُ الجدولَيْنِ لك عمَلُهما عَرضًا هكذا ولكَ عَمَلُهما طُولًا بحسَب ما تختارُ أو يسَعُهُ موضعُ عَملِهما: الجدول غير ظاهر في الأصل. وبهذين الطريقين أو بما شئتَ منهما تَستخرجُ حروفَ الكلمة واحدًا بعدَ واحد إذا أُضمِرَ لك اسمٌ أو فعلٌ أو حرف، فاعلَمْ ذلك واللهُ الموفق (¬1). ¬

_ (¬1) من أقدم من تكلم في استخراج المضمر أو المعمى كما يسمى أيضًا حمزة الأصفهاني فقد شرحه شرحًا وافياً في كتابه التنبيه وأبو هلال العسكري في ديوان المعاني 2/ 211 وانظر أيضًا الكشكول 2/ 80 وألف في هذا الباب محمد بن إبراهيم الحنبلي الحلبي المتوفى سنة 971 هـ "الكنز المظهر في استخراج المضمر"، و"كنز من حاجى وعمى في الأحاجي والمعمى". كشف الظنون 2/ 1520.

328 - أحمد بن عبد العزيز بن يوسف بن محمد بن حكيم الأنصاري

ورأيتُ لبعض المتأخَّرينَ أبياتًا في مغزَى هذه الأبيات وعلى طريقتِها وهي [مخلع البسيط]: جرَتْ سَفينٌ إلى دِياري ... فسرّ ضرّابهنّ طيُّ وقَرَّ عَيْني برَبْع ميِّ ... وسرّ عُذري ميْتٌ وحيُّ يضيعُ حظِّي وطَوْعُ عزِّي ... حيث عويصُ هوى شجيُّ قطري بدو وزر ظهر ... رُشْدٌ وغَيّ سر خفيُّ من لم يكنْ سمعُه ضعيفٌ ... يغشيه نصٌّ لهُ قويُّ وقَفْتُ على بعضِ ما أملاه سنةَ ثلاثٍ وخمسينَ وخمس مئة. 328 - أحمدُ بن عبد العزيز بن يوسُفَ بن محمد بن حَكِيم الأنصاريّ. كان من أهل العلم، حيًا سنةَ ثمانٍ وتسعينَ وأربع مئة. 329 - أحمدُ بن عبد العزيز الحَضرَميُّ، أبو القاسم المَيْرانيُّ، بميم مفتوحة وياءٍ مسفولة وراءٍ وألفٍ ونونٍ منسوبًا. رَوى عن ابن الحَسَن شُرَيْح، وأخشَى أن يكونَ أحمدَ بنَ عبد العزيز بن الحَسَن الحَضرميَّ المذكورَ قبلُ (¬1) بالرِّواية عن أبي محمد بن عَتّاب، فيُحقَّقُ إن شاء الله. 330 - أحمدُ بن عبد العزيز الصَّدَفيُّ. رَوى عن شُرَيْح. 331 - أحمدُ (¬2) بن عبد الغَفُور الصَدَفيُّ، ابن عبد الجَبّار، القُرَشيُّ العَبْشَميُّ، شاطبيٌّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي إسحاقَ أحمدَ بن جماعةَ، وأبي بكرٍ عَتِيق، وآباءِ الحَسَن: طارقِ بن يَعيش وابن هُذَيْل وابن النِّعمة، وأبوَيْ عبد الله: ابن الحَسَن بن ¬

_ (¬1) الترجمة (313). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (230).

332 - أحمد بن عبد القادر بن إبراهيم بن عامر الهمداني، غرناطي، أبو جعفر، الطوسي، بفتح الطاء الغفل والواو والسين الغفل منسوبا، نزلها سلفه قديما

سَعيد الدانيِّ وابن يوسُفَ بن سَعادة، وأبي عامرٍ محمد بن حَبِيب، وأبي الوليد ابن الدّبّاغ. رَوى عنه أبو الرَّبيع بن موسى بن سالم. وكان محدّثًا فقيهًا بَصيرًا بعَقْدِ الشروط حسَنَ الخطِّ دَرِبًا في الأحكام، واستُقضي بغير موضع من جهاتِ شاطِبةَ فحُمِدَتْ بها أحوالُه، وأصابه صمَمٌ بأخَرةٍ فكان يسمعُ بلفظِه، وكان له حظٌّ من نَظْم الشعر. وتوفِّي قبلَ التسعينَ وخمس مئة. 332 - أحمدُ بن عبد القادر بن إبراهيمَ بن عامِر الهَمْدانيُّ، غَرْناطيّ، أبو جعفر، الطَّوَسيُّ، بفتح الطاءِ الغُفْل والواو والسِّين الغُفْل منسوبًا (¬1)، نزَلَها سَلَفُه قديمًا. رَوى عن أبي مَروانَ بن مَسَرّة. وكان شيخًا صالحاً خيِّرًا من أفاضلِ أهل العلم شديدَ الانقباض عن مخالطة الناس. مولدُه سنةَ سبع وعشرينَ وخمس مئة، وتوفِّي سنةَ ستٍّ وست مئة. 333 - أحمدُ (¬2) بن عبد القويِّ بن عبد المُعطي، بَطَلْيَوْسي، أبو عَمْرو. سمع ببلدِه من أبي علي حُسَين بن محمد الغَسّانيِّ حين قَدِمَ عليهم سنةَ تسع وستينَ وأربع مئة، وبقُرطُبةَ من أبي عبد الله بن عَتّاب، وأبي القاسم حاتمٍ ابن الأطْرابُلُسي. وأجاز له أبو عبد الله بنُ الحبِيب بن شماخ، وابنُ سَعْدون القَرَويُّ. وكان ذا عنايةٍ بالرواية حريصًا على الأخْذِ عن المشايخ. 334 - أحمدُ (¬3) بن عبد الكريم، جَيّانيٌّ، سكَنَ قُرْطُبة. رَوى عنه محمد بن أصبَغَ دُريوِد. وكان ذا حظّ من العربيّة والشّعر مؤدِّبًا بهما. ¬

_ (¬1) نسبة إلى طَوَسة موضع في غرناطة كما في تاج العروس نقلًا عن أبي حيان. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (67). (¬3) ترجمه الزبيدي في طبقات النحويين (288)، وابن الأبار في التكملة (10).

335 - أحمد بن عبد المجيد بن سالم بن تمام بن سعيد بن عيسى بن سعيد الحجري، مالقي، أبو جعفر، الجيار

335 - أحمدُ (¬1) بن عبد الَمَجيد بن سالم بن تَمّام بن سَعيد بن عيسى بن سعيد الحَجْري، مالَقيٌّ، أبو جعفر، الجَيّار. رَوى عن آباءِ (¬2) بكرِ: عَتِيقِ بن عليِّ ابن قَنْترال (¬3) وعُمرَ بن عثمان الباخَرزِي، وأبوَيْ جعفرِ: ابن عليِّ بن حَكَم وابن محمد بن عيّاش الكِناني، وأبي الحَجّاج بن محمد ابن الشَّيخ، وآباءِ الحَسَن: ابن أحمدَ بن كوْثَر وابن يوسُف بن زُلَال ومحمد بن عبد العزيز الشَّقُوريِّ، وأبي خالدِ يزيدَ بن محمد بن رِفاعةَ، وأبي زكريّا بن عبد الرحمن الأصبَهاني، وأبي سُليمان بن سُليمان بن حَوْطِ الله وهُو في عِدادِ أصحابِه، وأبي الصَّبر أيوبَ بن عبد الله، وآباءِ عبد الله: ابنَي الأحمدَيْن: الإستِجيِّ والبَيْساني، وابن إبراهيمَ ابن الفَخّار وابن أيوبَ بن نُوح وابن عبد الله بن العَوِيص وابن عليِّ بن حَفْص، وآباءِ القاسم: أحمدَ بن عبد الودود بن سَمَجُون وخَلَف بن عبد الملك بن بَشْكُوال، وعبدَي الرحمن: ابن عبد الله السُّهَيْليِّ وابن محمد بن غالب، وأبي كامل تَمّام، وآباءِ محمد: ابن الحَسَن ابن القُرطُبي وابن سُليمان بن حَوْطِ الله وابن محمد بن عبيد الله (¬4) وعبدِ الحقِّ بن عبد الملِك بن بُونُه وعبد الوهّاب بن عليّ، وأبي مَروانَ عُبَيد الله بن عَيّاش، لقِيَهم وقرَأَ عليهم وسمع وأجازوا له. وأجاز له من أهل الأندَلُس: أبو بكر بنُ عبد الله بن أبي زَمَنين، وأبو جعفر بنُ عبد الرحمن بن مَضاء، وأبوا (¬5) عبد الله: ابن أحمدَ بن عَرُوس وابن جعفر بن حَمِيد، وأبو القاسم عبدُ الرحمن بن محمد بن حُبَيْش، وأبوا محمد: عبدُ الحقِّ الإشبيليُّ نزيلُ بِجايةَ وعبدُ المُنعم بن محمد ابن الفَرَس. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (289)، والرعيني في برنامجه (135)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 759. (¬2) هكذا في النسختين، والصواب: "أبوي". (¬3) بيّض لهذا الاسم في م. (¬4) في ق: "عبد الله". (¬5) في ق: "وأبو".

ومن أهل المشرِق: أبو إبراهيمَ إسحاقَ بن إبراهيمَ التونُسيّ، وعُبَيد الله بن محمد بن عبد اللّطيف بن محمد الخُجَنْدي، وأبو بكر حَرزُ الله بن حَجّاج التونُسيُّ القَفَصي، وأبو شُجاع زاهِرُ بن رُسْتُم، وأبو الطاهِر برَكاتُ بن إبراهيمَ الخُشوعيُّ، وأبو عبد الله محمدُ بن إسماعيلَ بن أبي الصَّيف اليَمَنيُّ، والأسعدُ أبو القاسم عبد الرحمن بن مُقرَّب بن أبي القاسم عبد الكريم بن أبي الحَسَن بن أبي محمد عبد الكريم التُّجِيبي، وهو أصغرُ منه وتأخَّرتْ وفاتُه عنه، وهو ابنُ بنت الإمام أبي الطاهِر بن عَوْف، وأبوا محمد: القاسمُ بن أبي القاسم عليُّ بن عساكرَ ويونُسُ ابن يحيى ابن القَصّار، وسواهم جَرى ذكْرُهم في رَسْم أبي الطاهِر أحمدَ بن عليٍّ السَّبْتي. رَوى عنه آباءُ عبد الله: ابنُه (¬1) وابنُ عبد العزيز المالَقيُّ وابن عليّ بن عَسْكر، وأبوا بكر: عَتِيقُ بن أحمد بن مجبر وابن أحمدَ بن سيِّد الناس، وأبو جعفر بن يحيى ابن مُفرِّج، وأبو الحَسَن بن محمد الرُّعَيْنيُّ وأبو عليٍّ الحُسَين بن عبد العزيز ابن الناظِر شَيْخانا، وأبو القاسم القاسمُ بن محمد بن الطَّيْلَسان، وأبوا محمد: ابن القاسم الحَرّارُ وابن محمد الباهِليّ. وحدَّث عنه بالإجازة جماعةٌ منهم: أبو عليٍّ الحَسَن بن أبي الحَسَن الماقريُّ شيخُنا، وأبو محمد طَلْحةُ، وأجاز لكلِّ من أدرَكَ حياتَه من أهل العلم جميعَ رواياتِه وما يصحُّ له التحديثُ به. وكان محدِّثًا مُكثِرًا حافظًا شديدَ العناية بشأن الرِّواية، سَنِيًّا فاضلًا، أحرَصَ الناس على نَشْر العلم وإذاعتِه، وافرَ الحظِّ من الأدب، حسَنَ الخَطِّ (¬2)، طيِّبَ النفْس، جميلَ الهيئة والعِشرة، كثيرَ الإيثار، متينَ الدِّين، مشهورَ الزُّهد والوَرَع، جاريًا على مناهج السَّلَف الصّالح، مُثابِرًا على التهجُّد، يغلِبُ عليه الخُشُوع، ويُكثِرُ استعمالَ أفضل الطِّيب، حتى كان عَرْفُه يَضُوع ويَسطَعُ على بُعد، ¬

_ (¬1) ترجمة أبي عبد الله ابن الجيار ولد المترجم في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 1294). (¬2) في م: "الخلق".

وتحرَّفَ حينًا بالتِّجارة في العِطْر، وعلى الجُملة فكان من أجمعِ الناس لخِصال الخَيْر وممّن اتُّفِق على فضلِه وما أعَزَّ هذا الصّنف! قال أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان: سألتُه يومًا عن ما يَدَّعيه قوم من المُناجاة والمكاشَفة، فقال لي: كنتُ ليلةً من اللّيالي قد قُمتُ إلى وِرْدٍ كنتُ ألتزمهُ فتوضّأتُ وتطيَّبتُ بماءِ الوَرد القُرطُبي على جاري عادتي، وتنفَّلْتُ بما شاء الله، ثُم إنّي قَعدتُ في مُصَلّايَ وجعلتُ أُفكّرُ وألومُ نفسي على التقصير في العمل وأقولُ: يا لَيْتَ شِعري! هل عَملي هذا متقبَّل؟ فنُوديتُ: ما أحببتَنا حتى أحببناك، ولا وفَّقْناك للعمل إلا وقد رَضِيناكَ وقَبِلناك، أو نحوَ هذا من القول. وقال أبو القاسم أيضًا: أنشَدَني لنفسِه بمنزلِه بقُرطُبة [المجتث]: رَضِيتُ سُقْميَ حالا ... حقيقةً لا محالا وصار لي منهُ أُنسٌ ... إن دام لي وتوالَى فحَلَّ في القلبِ نورٌ ... من الرضا يتَلالا فالحمدُ لله ربِّي ... سبحانَهُ وتعالى ثم الصلاةُ على مَن ... بَذّ الأنامَ كمالا وكان قد أكملَ حَوْلًا متلزمَ الفراش لا يستطيعُ القيامَ لاعتلالٍ بركبتيه (¬1)، فقال هذه الأبيات، فمَنَّ اللهُ عليه بالبُرءِ وصار يتَصرَّفُ في جميع حوائجِه. أسمَعَ الحديثَ طويلًا بمالَقةَ ثم بقُرطُبة لمّا استَدعاه إليها أبو العلاءِ إدريسُ ابنُ المنصور الملقَّبُ بعدُ من ألقابِ الخلافة بالمأمون، إذْ كان واليًا عليها، وكان ابنُه عبدُ المجيد متّصلًا بأبي العلاءِ هذا، فأقام بها أيامَ ولايته إيَّاها، وكان أبو العلاءَ يُعظّمُه وَيعرِفُ حقَّه وُيكثرُ التبرُّكَ به، ثمّ عاد إلى مالَقةَ لمّا فصلَ أبو العلاءِ عن قُرطُبة وأكبرُ أسباب إقامتِه معَه تأنيسُ ولدِه عبد المجيد المذكور، ثم وَليَ أبو العلاءِ إشبيلِيةَ فاستَدْعاه أَيضًا إليها وألَحَّ عليه في الوصول فتوجَّه نحوَه وأقام عندَه معظَّمًا ¬

_ (¬1) في ق: "بركبته".

336 - أحمد بن عبد المجيد بن هذيل الغساني

مبرورًا منقطِعًا إلى الاشتغال ببَثِّ العلم وإسماعِه الحديثَ والاتّصافِ بما كان عليه من الوَرَع والزُّهد، إلى أنْ توفِّي فيها مبطونًا نفَعَه اللهُ بالشّهادتَيْن عشِيّةَ ليلة الجمُعة لستّ أو خمس بَقِينَ من جُمادى الآخِرة سنةَ أربع وعشرينَ وست مئة، ودُفن عقِبَ صلاة الجمُعة بجَبّانةِ بابِ قَرمُونةَ، وشهِدَ جَنازتَه جمعٌ عظيم وأثنَوا عليه خيرًا وكان أهلَه، ومولدُه في شعبانِ ثمانٍ وأربعينَ وخمس مئة. 336 - أحمدُ بن عبد المجيد بن هُذَيْل الغَسّانيُّ. رَوى عن أبي إسحاقَ بن محمد بن عَبْديس (¬1). 337 - أحمدُ (¬2) بن عبد الملِك بن أحمدَ بن عبد الله الراوِية ابن محمد بن عليِّ بن شَريعةَ بن رِفاعةَ بن صَخْر بن سَماعةَ الداخِلِ إلى الأندَلُس، إشبيليٌّ باجيُّ الأصل باجةَ القَيْروان بالباءِ بواحدةٍ، أبو عُمر. رَوى عن عمِّه أبي عبد الله (¬3)، رَوى عنه ابنُ أخيه أبو مَروانَ بن عبد العزيز (¬4). 338 - أحمدُ بن عبد الملِك بن أصبَغَ، قُرطُبيٌّ، أبو عُمرَ المُدلي. رَوى عن أبي القاسم خَلَف بن فَرَج السميسر. رَوى عنه أبو عُمرَ بن عبد البَرّ (¬5) مؤلَّف أبي شَيْبة (¬6). وكان من أهل العلم، حيًّا سنةَ أربع وثمانينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) في ق: "عبيديس". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (71). (¬3) هو محمد بن أحمد صاحب الوثائق. (¬4) عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الملك. (¬5) في م: "أبو عمر عبد البر"، ولا نعرفه، وما أثبتناه من ق، ولكن يعكر عليه أن المترجم روى عن السميسر، أبي القاسم خلف بن فرج وكان حيًا بحدود سنة 480 هـ كما في الذخيرة، وأن المترجم كان حيًا سنة 484 هـ، وأبو عمر بن عبد الله توفي سنة 463 هـ! (¬6) في النسختين: "أبي شبيث"، وما أثبتناه من حاشية م، وهو الصواب إن شاء الله.

339 - أحمد بن عبد الملك بن أرقم، أبو جعفر

339 - أحمدُ بن عبد الملِك بن أرقمَ، أبو جعفر. رَوى عن أبي عبد الله بن عَتّاب. 340 - أحمدُ بن عبد الملِك بن أحمد، قُرطُبيٌّ، أبو العبّاس. رَوى عنه أبو الحَسَن عليُّ بن عبد الرزّاق بن حَمّاد القَرَويُّ مُستوطِنُ فاسَ، لقِيَه ببعض بلادِ المشرق. 341 - أحمدُ (¬1) بن عبد الملِك بن بُونُه بن سَعيد بن عصام بن محمد بن ثَوْر العَبْدَري، مُنَكَّبِيٌّ، سكَنَ معَ أبيه مالَقةَ طويلًا حتى ظُنَّ أنّهما من أهلِها، وأصلُ سَلفِه من وادي الحِجارة، أبو جعفر، ابنُ البِيطار. رَوى عن أبيه وشارَكَه في كثيرِ من شيوخِه، وسمع بقراءتِه عليهم، كأبي بحرٍ سُفيانَ بن العاص، وأبي بكر غالِب بن عَطِيّة، وأبوَي الحَسَن: ابن أحمدَ ابن الباذِش ويونُسَ بن مُغيث، وأبي محمد عبد الرّحمن بن محمد بن عَتّاب، وأبي الوليد محمد بن أحمدَ بن رُشْد، وأبي عبد الله بن عبد الرّحمن بن مَعْمَر، وعبد الحقِّ بن غالِب بن عَطِيّة، وأبي الوليد أحمدَ بن عبد الله بن طَرِيف (¬2). وأجاز له معَ أبيه أبو علي الصَّدَفيّ. ورَوى هو عن أبي بكر، وكان من بيتِ علم وحديث. مولُده في ذي القَعْدة من سنة سبع وتسعينَ وأربع مئة، وتوفي في سابع ربيعٍ الآخِر سنةَ أربع وستينَ وخمس مئة (¬3). 342 - أحمدُ بن عبد الملِك بن سُليمان بن مُحِبِّ بن سُليمان بن إدريسَ بن يحيى الأَزْدي. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ ثلاثٍ وتسعينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (203)، وفي المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (35). (¬2) الترتيب في م كما يلي: وأبي عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر، وأبي محمد عبد الرحمن بن محمد ابن عتاب، وأبي الوليد أحمد بن عبد الله بن طريف، وأبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد، وعبد الحق بن غالب بن عطية. (¬3) في التكملة: توفي بعد السبعين وخمس مئة. فكأنه لم يضبط تاريخ وفاته.

343 - أحمد بن عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أحمد بن عبد الله الراوية ابن محمد بن علي بن شريعة بن رفاعة بن صخر بن سماعة اللخمي، إشبيلي، أبو عمر الباجي، بواحدة، باجة القيروان

343 - أحمدُ (¬1) بن عبد الملِك بن عبد العزيز بن عبد الملِك بن أحمدَ بن عبد الله الراوِيةِ ابن محمد بن عليِّ بن شَريعةَ بن رِفاعةَ بن صَخْر بن سَماعةَ اللَّخْميُّ، إشبيليٌّ، أبو عُمرَ الباجِيُّ، بواحدةٍ، باجةَ القَيْروان. رَوى عن أبيه، وأبي بكر ابن العَرَبي، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي الحَكَم عَمْرِو بن أحمدَ بن حَجّاج، وأبي عبد الله بن أحمدَ بن المُجاهد وأطال صُحبتَه، وأبي القاسم خَلَف بن بَشْكُوال وهُو من أصحابِه. رَوى عنه ابناه: أبو عبد الله وأبو مروان. وكان محدِّثًا عَدلًا فاضلًا نَبيهَ البيت أكبرَ حُسَباءِ بلدِه بشَرَفِ العلم المتوارَثِ على القِدَم. توفي عند صلاة الظّهر من يوم السّبتِ لثلاثٍ خَلَوْنَ من ربيعٍ الأوّل سنةَ أربع وسبعينَ وخمس مئة، وصَلَّى عليه شيخُه أبو عبد الله ابنُ المُجاهد. 344 - أحمدُ (¬2) بن عبد الملِك بن عَمِيرةَ بن يحيى الضَّبِّي، لُورَقيٌّ بَلِّسِيُّ الأصل، بالباءِ بواحدة ولام مشدَّدة مكسورة وسِين غُفْل منسوبًا، أبو جعفرٍ وأبو العبّاس. رَحَلَ إلى مُرسِيَةَ سنةَ ثلاثَ عشْرةَ وخمس مئة فأخَذَ بها عن أبي عليّ بن سُكّرةَ ولازَمَه إلى أنِ استُشهِد، وأبي محمد بن أبي جعفر. ورَحَلَ إلى قُرطُبةَ سنةَ خمسَ عشْرةَ فلقِيَ بها أبا عبد الله بنَ عبد العزيز بن أبي الخَيْر، وأبا محمد بنَ عَتّاب، وأبا الوليد بنَ رُشْد وغيرَهم فقرَأَ عليهم مدّةً. ثمَّ رحَلَ إلى مالَقةَ فتلا فيها بالسَّبع على أبي عليٍّ منصور بن الخَيْر وأجاز له. وقَفَلَ إلى بلدِه وقد نال قِسطًا وافرًا من العلم. ثم رَحَلَ إلى المشرِق فأدَّى فريضةَ الحج، وعاد إلى بلدِه فتصَدَّر للإقراءِ وإسماع الحديث. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (209). (¬2) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (441)، وابن الأبار في التكملة (211)، والمعجم في أصحاب القاضي الصدفي (37)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 12/ 594، والمقري في نفح الطيب 2/ 601.

345 - أحمد بن عبد الملك بن عيسى اليحصبي

رَوى عنه قريبُه أبو جعفر بنُ يحيى بن عَمِيرة (¬1)، وأبو سُليمانَ وأبو محمد ابنا حَوْطِ الله. وكان من أهل العلم النافع والعمل الصالح، خطيبًا، فاضلًا، ديِّنًا، إماماً في الزهد والتصوّف، من بيتِ علم. قال أبو جعفر بن يحيى بن عَمِيرة: ساكَنْتُه أيامًا فما رأيتُه من الليالي إلا قائماً ولا من النهار إلا صائمًا. قال: وقال لي: كنتُ قبلَ أن أرحَلَ أرى الناسَ يُعظِّمونَ العلمَ وأهلَه، فلمّا قدِمتُ من رحلتي لم أرَ ما عَهِدتُ وأبصَرتُ أمري. وأقبلَ على العمل وترَكَ التصنّعَ ونَبذَ الدُّنيا إلى أن توفِّي سنةَ سبع وسبعينَ وخمس مئة، وقد ناهَزَ المئة. 345 - أحمدُ بن عبد الملِك بن عيسى اليَحْصُبيُّ. له إجازةٌ من أبي عُمرَ بن عبد البَرِّ كتبَها في شوّالِ ثِنتينِ وخمسينَ وأربع مئة، وقال: وكتب وهو لا يَرى حيثُ يضَعُ قلمَه: إلى الله الشَّكوى، وهُو المرْجُوُّ للعافية. 346 - أحمدُ (¬2) بن أبي مَروانَ عبدِ الملِك بن محمد بن إبراهيمَ بن محمد بن أحمدَ بن عبد الملِك الأنصاريُّ، إشبيليٌّ، سكَنَ لَبْلةَ، أبو العبّاس، وكَنّاه أبو عبد الله ابنُ الأَبّار أبا جعفرٍ وأبا عُمر، والمعروفُ ما قدَّمتُه؛ ابنُ أبي مَرْوان. رَوى عن أبي إسحاقَ بن مَروان بن حُبَيْش، وأبوَيْ بكر: ابن أحمدَ بن طاهِر المحدِّث وابن عبد الغَنيِّ بن فَنْدِلة، وأبوَي الحَسَن: ابن شُرَيْح ومُفرِّج بن سَعادةَ المحدِّث الظّاهريِّ ولازَمَه كثيراً، وأبي الحَكَم عَمْرِو بن أحمدَ بن حَجّاج، وأبي عُمر (¬3) أحمدَ بن صالح الكفيف، وأبي مَروانَ بن عبد العزيز الباجِيِّ، وغيِرهم. ¬

_ (¬1) أحمد بن يحيى بن عميرة. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (162)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 11/ 958. (¬3) في ق: "عامر"، والمعروف أن أحمد بن صالح الكفيف يكنى أبا العباس، وقد تقدمت ترجمته في هذا الكتاب.

رَوى عنه صِهرُه أبو الوليد سَعْدُ السُّعود بن عُفَيْر، وأبو زيدٍ وأبو العبّاس ابنا خَليل، وخَضِرُ بن محمد بن نَمِر، وأبو الحَسَن بن عَتِيق بن موسى، وأبوا محمد: ابن أحمدَ بن جُمهور وعبدُ الجليل بن عُفَيْر. وكان محدِّثًا حافظًا لأسانيدِ الحديث ومُتونه (¬1) يَستظهرُ من كُتبِ الحديث جُملةً منها: "صحيحُ مسلم" حتى لَيُؤْثَرُ عنه أنه نَسَخَ منه نُسَخًا من حِفظِه ذاكرًا لأسماءِ الرِّجال وتوارنحهم وتعديلِهم وتجريحهم مُميزاً لهم، بَذّ في ذلك كلِّه أهلَ عصرِه حتى كان يقالُ فيه: ابنُ مَعِينِ وقتِه، وكان أبو محمد بن جُمهور يقولُ فيه: كان بُخاريَّ زمانِه. وقال أبو العبّاس ابنُ خليل: سألتُه أن يُمليَ عليّ كتابًا في رجال الحديث، فأملَى عليّ من ذلك كثيرًا دونَ تأمُّل في كتاب ولا استمداد من ديوان، ثم إنه نَقَّر بعدُ عن صحّةِ ما أملاه فوافَقَ ما قيَّده المحقِّقونَ والحُفّاظ المتقدِّمونَ من أصحاب التواريخ في أسماءِ الرجال وأحوالِهم. وكان فقيهًا ظاهريَّ المذهب حَزْميَّه، زاهدًا وَرِعًا، حديثَ السِّنِّ كبيرَ المعرِفة، بارعَ الخطِّ متقدِّمًا في جَوْدة الضبط، وألّف في السُّنَن كتابَه الكبير المسَمَّى بـ "المنتخَب المنتقَى" جمَعَ فيه مفترِقَ الصحيح من الحديث الواقع في المُصنَّفات والمُسنَدات، وطريقَه هذا حَذا أبو محمدٍ عبدُ الحقّ بن عبد الرحمن ابن الخَرّاط في كتابِه "الأحكام"، إذ كان ملازمًا له ومُستفيدًا منه. وكان أيامَ الفتنة يَعمُر البواديَ والبراري، ويتعيّشُ من المُباحات كالصَّيد وأشباهِه. واستُشهدَ نفَعَه الله قبلَ سنِّ الكهولة في قَتْلة أهل لَبْلةَ الشَّنعاءِ، أنصَفَهم اللهُ ممّن اعتَدى عليهم، يومَ الخميس لأربعَ عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من شعبانِ تسعةٍ وأربعينَ وخمس مئة حسبَما تقَدَّم ذكْرُه في رَسْم أبي عامرٍ أحمدَ بن عبد الله بن الجَدّ (¬2)، وصَلّى عليه أبو الحَسَن ابنُ مؤمن. ¬

_ (¬1) في: "ومتنه". (¬2) الترجمة (244).

347 - أحمد بن عبد الملك بن مكحول اللخمي، أبو القاسم

347 - أحمدُ بن عبد الملِك بن مكحولٍ اللَّخْميُّ، أبو القاسم. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 348 - أحمدُ (¬1) بن عبدِ الملِك بن موسى بن عبد الملِك بن وليد بن محمد بن وليد (¬2) بن مَروانَ بن عبد الملِك، مُرسِيٌّ، أبو العبّاس، ابنُ أبي جَمْرة. وقد تقَدَّم رفْعُ نسَبِهم وذكْرُ أوّليّتِهم في رَسْم قريبِه أبي جعفر بن عبد الرحمن (¬3). رَوى عن أبيه وتفَقَّه به، وقريبِه أبي جعفر المذكور، وأبوَي الوليد: صِهرِه الباجِيِّ وهشام بن أحمد بن وَضّاح، وأبي بكر بن موسى والدِ أبي محمد بن أبي جعفر، وسَمعَ من لفظِ أبي الحسَن بن خَلَف بن بَطّال شَرحَه صحيحَ البخاري. وأجازَ له أبو العبّاس بن عُمر العُذْريُّ، وأبو عُمرَ يوسُفُ بن عبد الله بن عبد البَرّ، ولقِيَه وأبا (¬4) محمدٍ عليَّ بن أحمد بن حَزْم ببَلَنْسِيَةَ معَ أبيه، وأبو عَمْرٍو عثمانُ بن سَعيد الدانيُّ ابنُ الصَيْرَفيِّ باستجازة أبيه إيّاهم له. رَوى عنه ابنُه أبو بكر، وأبو الوليد يوسُفُ بن عبد العزيز ابن الدّبّاغ. وكان من بيتِ علم وأصالةٍ وحسَب وجلالة، وجَدُّه عبدُ الملك الأعلى روى عن أبي سعيدٍ سَحنون بنِ سعيد بن حَبِيب بن حَسّان بن هلال بن بَكّار بن رَبيعةَ التَّنُوخيِّ القَيْرَوانيِّ الحِمْصيِّ الأصل، وعلى توالي نسَبِه ابنًا عن أب إليه يَروي "المُدوَّنَة" عن سَحنون، وكان فيما أرى آخر (¬5) الرُّواة عن هؤلاء الذين أجازوا له وبعض الذين لقِيَهم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (128)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 11/ 586، والعبر 4/ 91، وسير أعلام النبلاء 20/ 91، وابن فرحون في الديباج 1/ 217، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 77، وابن تغري بردي في النجوم 5/ 265، وابن العماد في الشذرات 4/ 102. (¬2) قوله: "محمد بن وليد" سقطت من م. (¬3) الترجمة (297). (¬4) يعني: ولقي أبا محمدٍ. (¬5) في ق: "أحد"، وليس بشيء.

349 - أحمد بن عبد المؤمن بن موسى بن عيسى بن عبد المؤمن القيسي، وكان أبو الحسن بن لبال يثبت نسبهم في بني أمية، شريشي، أبو العباس

وكان محدِّثًا راوِيةً، فقيهًا حافظًا مُشاوَرًا، ماهرًا في علم العربيّة، ذاكرًا للآداب، حاشِدًا للّغات، مُشرِفًا على التواريخ، متقدِّمًا في ذلك كلِّه، مُمَتَّعًا (¬1) بحواسِّه وببَصِره على طُول عُمُرِه، وكان القاضي أبو أُميّةَ بنُ عِصام (¬2) يعتمدُ عليه ويَستَنيبُهُ على مُرسِيَةَ إذا غابَ عنها وعلى قضاءِ إلْش، إذْ كان أبو أُميَّةَ كثيرًا ما يَجُولُ في المَشْرق يتفقَّدُ بلادَه. واستَوطَنَ دانِيةَ كثيرًا، وتوفِّي بمرْسِتةَ بعدَ صلاة الجمُعة لأربع خَلَوْنَ من رمضانِ ثلاثةٍ وثلاثينَ وخمس مئة وقد زاحَمَ التسعين، وأُدرج في ثيابٍ شَهِدَ بها صلاةَ الجمُعة أربعينَ سنة، ودُفن بمسجدِه بإزاءِ قبرِ أبيه وجدِّه، رحمهم الله. 349 - أحمدُ (¬3) بن عبد المؤمن بن موسى بن عيسى بن عبد المؤمن القَيْسيُّ، وكان أبو الحَسَن بن لَبال يُثْبِتُ نسَبَهم في بني أُميّة، شَرِيشيٌّ، أبو العبّاس. وأخبَرَني شيخُنا أبو عليٍّ الحَسَن بن أبي الحَسَن الماقريُّ أنه يُعرَفُ بابن مؤمن، وأنّ ذلك لقَبٌ له عندَ أهل بلدِه، ولم أتلَقَّ ذلك ولا سمِعتُه عن غيره، ولعلّ ذلك إنْ صَحَّ تغييرٌ من عبد المؤمن لمكان التَّقِيّة من غَير آلِ عبد المؤمن من مشاركتِهم في الشُّهرةِ بالانتساب إلى جَدِّهم، فكثيرًا ما كانوا يفعَلونَ ذلك وُيغيِّرونَ الأسماءَ والكُنَى والأنسابَ، والمُتَّهم على الجُملة بسببِه، واللهُ أعلم. رَوى أبو العبّاس ببلدِه عن آباءِ بكر: ابن (¬4) عُبَيد وابن مالك ويحيى بن عيسى بن أزهَر، وأبي الحَسَن بن أحمدَ بن لَبّال، وأبي العبّاس بن عبد الواحد ¬

_ (¬1) في ق: "متمتعاً"، خطأ. (¬2) في ق: "عاصم"، محرف، وهو أبو أمية إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن عصام، من أهل مرسية وقاضي قضاة الشرق، مترجم في التكملة الأبارية (367)، والمعجم في أصحاب القاضي الصدفي (41). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (280)، والرعيني في برنامجه 90، والذهبي في تاريخ الإِسلام 13/ 570، والصفدي في الوافي 7/ 158، وابن تغري بردي في المنهل الصافي 1/ 355، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 331، والمراكشي في الإعلام 2/ 131. (¬4) بعد هذا فراغ في النسختين.

القَلّاد، وبإشبيلِيَةَ عن أبوَيْ بكر: ابن عبد العزيز السُّلاقيِّ ولزِمَه حَوْلًا كاملًا وابن عليّ ابن المُرْخِي، وأبي الحَسَن نَجَبةَ، وأبي الحُسَين محمّد بن محمد (¬1) بن زَرْقُون، وأبيه أبي عبد الله بن سَعيد، وأبي العبّاس بن محمد بن مِقْدام، وبها ثمَّ بفاسَ عن أبي ذرٍّ مُصعَبِ بن محمد (¬2)، وبفاسَ عن أبوَي الحَسَن: ابن عَتِيق بن مُؤْمن وابن موسى ابن النَّقِرات، وأبي الحُسَين يحيى بن محمد ابن الصَّائغ، وأبوَيْ عبد الله: ابن عبد الكريم ابن الكَتّاني وابن عليِّ ابن السَّقّاط، وبسَبْتةَ عن أبوَي الحَسَن ابنَي المحمَّدَيْن: ابن خَروف وابن عبد الله الحَضْرَميّ، وأبي الحُسَين محمد بن أحمد بن جُبَيْر، وأبي الصَّبر أيوبَ، وأبي العبّاس بن محمد بن أحمد العَزفي، وبها وبسِجِلْماسَةَ قبلَها عن أبي العبّاس بن محمد بن عليِّ بن جَوْهر اللَّيْثي الفاسِيِّ الحَصّار، وكتَبَ عنه أيامَ استقضائه بسَبْتَة وقَدَّمه في خُطّة المَناكح بها ولازَمَه كثيرًا، وبالجزيرةِ الخَضْراءِ عن الخطيبِ بها أبي الحَسَن حاجِز، وبقُرطُبةَ عن أبي جعفر بن محمد بن يحيى. وأجاز له أبو القاسم عبد الرحيم (¬3) بن عيسى ابن المَلْجُوم ورآه ببلدِه فاسَ وبإشبيلِيةَ ولم يُشافِهْه. وممّن لم يَلْقَه من أهل المغرِب والأندَلُس: آباءُ عبدِ الله: ابن أحمدَ بن عبد الله الهَمْداني من أهل الجزيرةِ الخضراء وابن إبراهيمَ ابن الفَخّار وابن عبد الحقِّ التِّلِمْسيني، وابن قاسم بن عبد الكريم. ومن أهل المشرِق: أبو عبد الله محمدُ بن محمد بن الحَسَن الرَّبَعيُّ الكِرْكنتي. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ عبد الله ابن الأبّار، وأبو العبّاس بن يوسُف ابن فَرْتون، وشيخانا: أبو الحَسَن بن محمد الرُّعَيْنيُّ وأبو عليّ الحَسَنُ بن علي الماقريُّ ولقِيَه بمَرّاكُش. وحدَّث عنه بالإجازةِ جماعةٌ منهم: أبو بكر بنُ أحمد ابن البَنّاءِ الكاتب، وأبو الحَسَن بن يحيى ابن عمريل الكَتّاني (¬4) ابن الفَخّار، ¬

_ (¬1) سقط من ق. (¬2) سقط من ق. (¬3) في ق: "عبد الرحمن"، محرف، وهو مترجم في التكملة (2389). (¬4) في ق: "الكناني".

350 - أحمد بن عبد الواحد بن عيسى الهمداني، بسكون الميم ودال غفل، غرناطي، أبو جعفر

وكان كاتبًا بليغًا فاضلًا ثقةً فيما يأثرُه، قديمَ النَّجابة، عُنيَ بالرحلة في طلب العلم، مُبرِّزًا في المعرِفة بالنَّحو، حافظًا للُّغات ذاكرًا للآداب، شُهِرَ بحفظَ تصانيفَ لُغَويّة وأدبيّة وجُملةٍ من الأشعارِ الجاهليّة والإِسلاميّة وكثيرٍ من كتُبِ الحديث المختصَرة، و "تفريعِ" (¬1) أبي القاسم عُبَيد الله بن الحَسَن [...] (¬2) ابن الجَلّاب وغيرِ ذلك. وتصدّر لإقراء اللُّغة والأدبِ والعربيّة والعَروض ببلدِ وبسِواه، وصنَّفَ في "شَرح مقاماتِ الحَريريِّ" ثلاثةَ تصانيف: بسيطًا أمتَعَ فيه بذكْرِ مقاصدِهِ الأدبيّة، ووَسيطًا انتَخبَه من هذا البسيط، ووَجيزًا اقتَصرَ فيه على شَرح ما اشتَملتْ عليه من اللغات (¬3)، وله في شَرح "الإيضاح" كتابٌ حافل، وفي شَرح "الجُمَل" كذلك، وألَّف في العَروض، وجمَعَ مشاهيرَ قصائدِ العرب، واختَصَر "أمالي أبي عليّ القالي" وكلُّ ذلك ممَّا شهِدَ بتقدُّمِه وإدراكِه وسَعة حِفظِه وجَوْدة انتقائه. توفِّي بشَرِيشَ في عَشْر ذي حِجّة من سنة تسعَ عشْرةَ وست مئة. 350 - أحمدُ (¬4) بن عبد الواحدِ بن عيسى الهَمْداني، بسكونِ الميم ودالٍ غُفْل، غَرناطيّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي حَفْص وأبي مَروان ابنَيْ عمِّه محمد بن عيسى، وعن خالِه أبي عبد الله بن مالك، وكان فقيهًا مُشاوَرًا، واستُقضيَ بوادي آش. ¬

_ (¬1) هو كتاب "التفريع في الفقه" على مذهب الإمام مالك. (¬2) فراغ في النسختين، والصواب فيه: "عبيد الله بن الحُسين بن الحسن"، ترجمه الذهبي في وفيات سنة (378) من تاريخ الإِسلام باسمه 8/ 454 وبكنيته 8/ 462 نقلاً عن طبقات الشيرازي 168 وترتيب المدارك للقاضي عياض، وسماه الشيرازي: عبد الرحمن بن عبيد الله، وسماه القاضي عياض: محمد بن الحسين، قال: ويقال: اسمه: الحسين بن الحسن، ويقال: عبيد الله بن الحسين، وهو من كبار الفقهاء المالكية في العراق. (¬3) البسيط هو المطبوع منها، والوجيز والوسيط يوجدان مخطوطين في المغرب. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (138).

351 - أحمد بن عبد الودود بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الملك بن إبراهيم بن عيسى بن صالح الهلالي، غرناطي، سكن المنكب أحيانا، طنجي الأصل، أبو القاسم، ابن سمجون بفتح الميم وضم الجيم، وهو لقب لعبد الملك جد جده

مولدَه في حدود خمس مئة، واستَشهدَ نفعَه الله في دخول اللمْتَونيّينَ غَرناطة سنة تسع وثلاثينَ وخمس مئة (¬1)، وسنُلمعُ بذكْرِ طرفٍ من الخَبَرِ عن دخولهِم إيّاها في رَسْم أبي الحَسَن بن عبد الله بن ثابتٍ إن شاء الله (¬2). 351 - أحمدُ (¬3) بن عبد الودودِ بن عبد الرّحمن بن عليّ بن عبد الملِك بن إبراهيمَ بن عيسى بن صالح الهلاليُّ، غَرْناطيٌّ، سكَنَ المُنَكَّبَ أحيانًا، طَنْجيُّ الأصل، أبو القاسم، ابنُ سَمَجُون بفَتْح الميم وضمّ الجيم، وهُو لقبٌ لعبد الملك (¬4) جَدِّ جَدِّه. رَوى عن أبيه وأبوَيْ إسحاقَ: ابن أحمد بن صَدَقةَ وابن خَلَف ابن فَرقَد، وأبوَيْ بكرٍ: ابن مسعود بن أبي رُكَب ويحيى بن الخلف بن النَّفيس، وآباءِ الحَسَن: ابن صالح بن غرِّ الناس وابن محمدٍ المُراديِّ وابن البَرشَكيِّ البَجائي، وأبي عبد الله بن علي ابن الرَّمّامة، وأبوَي العبّاس: ابن خَلَف ابن الأبرَش وابن عليٍّ الزَّرهونيِّ المِكْناسي، وأبوَي القاسم: خَلَف بن عبد الملِك بن بَشْكُوال وعبد الرحمن ابن محمد بن حُبَيْش، لقِيَهم وأجازوا له وأخَذَ عنهم قراءةً وسَماعًا. وكتَبَ إليه مجُيزًا ولم يلقَهُ أبو بكر ابنُ العَرَبي وأبو الطاهِر السِّلَفيُّ وغيرُهما. رَوى عنه آباءُ جعفر: ابن عبد المجِيد الجَيّار وابن عثمانَ الوَرّاد وابن يوسُفَ ابن الدّلّال، وآباءُ عبد الله: ابن أحمدَ الواشِريُّ وابن سعيدٍ الطَّرّاز وابن عليِّ بن عَسْكَر وابن (¬5) الفَحّام، وأبو العبّاس بن عليِّ بن هارون، وأبو عَمْرٍو ¬

_ (¬1) من قوله: "واستشهد" إلى هنا سقط من ق. (¬2) في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 453). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (258)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 13/ 187. (¬4) في ق: "عبد الله"، محرف، وما أثبتناه من م وهو الموافق لما في التكملة، وما في سلسلة النسب. (¬5) بعد هذا بياض في النسختين. على أن ابن الفحام هذا الراوي عن أبي القاسم بن سَمَجُون لا يكنى أبا عبد الله، بل يكنى أبا جعفر، وهو أحمد بن علي بن محمد الأنصاري المالقي، وتوفي سنة 645 هـ وهو مترجم في هذا السفر من هذا الكتاب (414)، وفي التكملة الأبارية (307) وغيرهما.

سالمُ بن صالح بن سالم، وأبوا القاسم: القاسمُ ابن الطَّيْلَسان ومحمد بن عبد الواحد المَلّاحيُّ، وأبو موسى عِمرانُ السَّلَوي (¬1)، وأبَوا الوليد: إسماعيلُ بن يحيى العَطّار ومحمد بن أحمد ابن الحاجّ، والعَطّارُ هذا آخِرُ السامِعينَ عليه بالأندَلُس. وآخِرُ الرُّواةِ عنه بالإجازة أبو الحَجّاج بن محمد بن أبي رَيْحانة. وكان من أهل الفضلِ التامّ وحُسن العِشرة وكرَم الصُّحبة وبَراعةِ الخطِّ، والمعرفةِ الكاملة بطُرُق الرِّواية والحَذْق بعلم الأدب، وكان أغلَبَ عليه معَ وفورِ الحظِّ من علوم شتّى يَقْرِضُ نَفِيسَ الشِّعر ويُجيدُ إنشاءَ الخُطَب والرَّسائل، ومنظومُه كثيرٌ في الزُّهد وغيرِه، ومنه ما كتَبَ به شافعًا في حقِّ بعض طلبةِ العلم إلى أحدِ أصدقائه من أهل الأدب [الكامل]: أهلُ الأصالةِ لا يَضيعُ لديهِمُ ... رجُلٌ حَسِيبٌ قد توشَّح بالأدبْ وموصَّلُ المكتوبِ إنْ باحثتَه ... جمَعَ الصّيانة والتعفُفَ والطّلبْ واستُقضيَ بالمُنَكَّب وغيِرها من بُنَيّاتِ غَرناطة، وكان من بيتِ علم وقضاءٍ ترَدَّد منهم في ثمانية عشَرَ قاضيًا من سَلَفِه وشُهِر بالعَدْل والنّزاهة والطهارة وتمشِية الحقّ والإنصاف، إلى أن أسَنَّ وضَعُف عن تقليدِ القضاء فلازَمَ إقراءَ الحديث وإفادةَ العِلم وعَلَتْ روايتُه لعُلوِّ سِنّه فتُنوفِسَ في الأخْذِ عنه وعُرِف بالثقةِ والعدالة. مَولدُه صَبيحةَ اليوم المُتَجَلّي عن اللّيلة الثانيةَ عشْرةَ من صَفَرِ ثمان وعشرينَ وخمسَ مئة، وتوفّي بغَرناطةَ فُجاءةَ بعدَ صلاة العشاء من ليلة الأحد الرابعةَ عشْرةَ من ربيع الآخِر سنةَ ثمان وست مئة. قال أبو القاسم المَلّاحيّ: فارقْتُه عند المغرِب بسُوق العَطّارينَ بغَرْناطة فنُعِيَ لي عند الصُّبح، ودُفن إثْرَ صلاة العصر من يومِه برَوْضة سَلَفِه بمقبُرة باب إلبِيرةَ، وكان الحفلُ في جَنازته عظيمًا والثناءُ عليه جَسِيمًا. ¬

_ (¬1) في ق: "السلاوي"، وهي صحيحة أيضًا.

352 - أحمد بن عبد الودود بن غالب بن تمام بن رخون، كذا وقفت على نسبه بخطه، مرباطري، أبو جعفر

352 - أحمدُ (¬1) بن عبد الوَدُود بن غالِب بن تَمّام بن رخون (¬2)، كذا وقَفْتُ على نسَبِه بخطِّه، مُرْباطري، أبو جعفر. رَوى عن أبوَيْ عبد الله: ابن عبد الرحيم (¬3) ابن الفَرَس وابن يوسُفَ بن سَعادة، وأبي علي حُسَين بن محمد ابن عَرِيب، وأبي القاسم عبد الرحمن بن محمد بن حُبَيْش. وكان فقيهًا مُشاوَرًا نبيهَ البيت رائقَ الخَطّ، معَ إتقان وضَبْط ذا عنايةٍ بالرواية، ووَلِيَ أحكامَ بلدِه فحُمِدت سيرتُه. 353 - أحمدُ (¬4) بن عبد الوَلي بن أحمد بن عبد الوَليّ: بَلَنْسِيٌّ، أبو جعفر، البَتّي، بالباءِ بواحدة والتاءِ معلُوّةً مشدَّدةً منسوبًا. كان قائمًا على الآداب وكتُب النَّحو واللُّغة والأشعارِ الجاهليّة والإِسلامية، وقد كتَبَ عن بعض الوُزَراء، قال فيه الرُّشاطيُّ: كاتبٌ شاعرٌ بليغٌ مطبوعُ القول كثيرُ التصَرُّف مليحُ التظَرُّف، فممّا أُنشِدتُه له [الطويل] (¬5): غَصَبْتِ الثُّرَيّا في البِعادِ مكانَها ... وأودعتِ في عينيَّ صادقَ نَوْئها وفي كلّ حالٍ لا تزالي بخيلةً ... فكيف أعَرْتِ الشَّمسَ حُلّةَ ضَوْئها وقَفْتُ على هذينِ البيتَيْن كما رسَمتُهما بخطّ الراوِية النّسّابة أبي محمد بن عليّ الرُّشاطي في كتابِه "اقتباسِ الأنوار والتماسِ الأزهار" في الإنساب (¬6)، وكَتْبُه ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (217). (¬2) في ق: "زرقون"، خطأ، وفي التكملة: "ذنون"، وما أثبتناه من م، ولعله اختيار المؤلف. (¬3) في ق: "عبد الرحمن"، محرف، وما أثبتناه من م وهو الذي في التكملة بخط ابن الجلاب. (¬4) ترجمه ابن العماد في الخريدة 4/ 1/ 355، والضبي في بغية الملتمس (442)، وابن الأبار في التكملة (75)، وابن سعيد في المغرب 2/ 357، والصفدي في الوافي 7/ 160، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 1/ 341، والمقري في نفح الطيب 4/ 21 وفيه خلط بين ترجمة هذا وترجمة أبي جعفر البني -بالنون-. (¬5) البيتان في المطرب (179)، والتكملة (75). (¬6) تتمة عنوان الكتاب: "في أنساب الصحابة ورواة الآثار". وهو على نمط كتاب الأنساب للسمعاني، وفيه فوائد أدبية وتاريخية وجغرافية أندلسية قيمة كما يبدو من القطع التي وصلت إلينا منه =

فيهما: "لا تزالي" لحنٌ فاحش؛ لأنَّ الشاعرَ لم يُرِدِ الأمرَ ولا ما يَتنزَّلُ منزلتَه من الدُّعاء فيَنجزمَ الفعلُ لذلك بحَذْفِ نونِه، وصوابُه: لم تَزالي كما أنشَدَه أبو نَصْر الفتحُ بن عُبَيْد الله (¬1) في كتابِه "قلائدِ العِقْيان" (¬2) وعَزا البيتَيْنِ إلى أبي جعفر ابن البِنيِّ اليَعْمُريّ (¬3)، بباءٍ بواحدة مكسورة ونونٍ مشدَّد منسوبًا (¬4)، قال أبو عبد الله ¬

_ = وهي موجودة في خزانة القرويين بفاس. وقد عُني باختصار هذا الكتاب والاقتباس منه والتذييل عليه جماعة من المغاربة والمشارقة، منهم أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي الأشبيلي المعروف بابن الخراط، واختصاره أحسن من الأصل كما يقول الغبريني في عنوان الدراية (21)، وينقل عن هذا الاختصار كثيرًا ابن الشباط التوزري في صلة السمط، وتوجد من هذا الاختصار نسخة في الأزهر. ومنهم أبو عبد الله محمد بن علي الأنصاري المرسي الذي اختصره اختصارًا مفيدًا وقف عليه ابن الأبار (التكملة، الترجمة 1620) وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الغساني الغرناطي، ووصف اختصاره ابن عبد الملك بالحسن ونقل عنه (السفر السادس، الترجمة 933). وذيل عليه أبو محمد عبد الله بن قاسم الحرار وسماه: "حديقة الأنوار في تذييل اقتباس الأنوار" (التكملة، الترجمة 2172) كما اختصره من المشارقة مجد الدين إسماعيل بن إبراهيم البلبيسي، وسمى اختصاره: "القبس"، وتوجد منه مصورة في معهد المخطوطات بالجامعة العربية، وقد طبع. وانتقده القاضي أبو محمد عبد الحق بن عطية فردّ عليه الرشاطي بكتاب آخر وقف عليه ابن الأبّار بخطه. وترجمة الرشاطي في الصلة (651)، ومعجم الصدفي (200)، وبغية الملتمس (943)، ووفيات الأعيان 3/ 106، وتاريخ الإِسلام 11/ 728، والوافي 17/ 327. (¬1) في ق: "عبد الله"، وكذلك في وفيات الأعيان. وانظر ترجمة الفتح في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 1020). (¬2) انظر القلائد (297). (¬3) ترجمته في القلائد (298)، والمطمح (91)، والمطرب (118) وكناه أبا محمد، وأخبار وتراجم أندلسية (37) وكنيته فيها أبو العباس، ومعجم البلدان في مادتي "بنّة" بالنون وأبذة، والمغرب 2/ 357 نقلًا عن القلائد. ووهم فوضع الترجمة تحت اسم أحمد بن عبد الولي. وذكر له صاحب المعجب أبياتًا في هجاء ابن حمدين، والخريدة 4/ 355. (¬4) نسبة إلى بنّة بالنون وهي حصن من أعمال الفرج كما في معجم البلدان (1/ 501). وروى السلفي عن البلغي الأندلسي، وعنه نقل ياقوت نسبته إلى أبْذة بالباء، واليعمري في نسبه يؤكد هذا فقد كانت أبذة بلد اليعمريين بالأندلس، وجعله المراكشي في المعجب من أهل مدينة جيان، وذلك تجوز منه إذ كانت أبذة من عمل جيان.

354 - أحمد بن عبد الوهاب بن عبد الله بن رزقون، إشبيلي، أبو العباس

ابنُ الأبّار: وأحدُهما غالطٌ من قِبَل اشتباهِ نسَبَيْهِما (¬1). قال المصنِّفُ عَفا اللهُ عنه: يترجَّحُ عندي ما ذَهَب إليه الفتحُ من وَجْهَيْن، أحدُهما: أنّ الفتح (¬2) أشدّ عناية بهذا الشأنِ من أبي محمد، والثاني: أنّ هذينِ البيتَيْن ثابتانِ في غير نُسخة من شعر اليَعْمُري حسبَما وقَفْتُ عليه، واللهُ أعلم. قال الرُّشاطي عقِبَ إنشادِه البيتَيْن ومن خَطِّه نقَلتُه: أحرَقَه القَنْبِيطُورُ لعنَه الله في حينِ تغلُّبه على بَلَنْسِية، وذلك في سنة ثمانٍ وثمانين وأربع مئة. انتهى. وذكَرَ ابن عُزَيْرٍ أنّ إحراقَه كان سنةَ تسعين. 354 - أحمدُ بن عبد الوهّاب بن عبد الله بن رَزْقُون، إشبيليٌّ، أبو العبّاس. رَوى عنه أبو محمد بن قاسم الحَرّار. وكان كاتباً بليغاً جيِّدَ الخط، وهُو الذي ساجَلَ أبا عَمْرو عثمانَ بن أحمدَ بن العَوّام في "الرسالةِ التَّبرِيزية (¬3) في الصِّلة ¬

_ (¬1) يقول ابن الأبار في التكملة: "وأحدهما غالط من قبل اشتباه نسبيهما، والتفرقة بينهما مستوفاة في تأليفي الموسوم بهداية المعتسف في المؤتلف والمختلف". ولو وصل إلينا كتاب ابن الأبار لزال هذا الالتباس الذي وقع فيه المتقدمون وشغل به المُحْدَثون فكتبوا فيه تعليقات عديدة (انظر المغرب 2/ 357، والخريدة (القسم الرابع) 1/ 355) والذي يبدو أنهما يأتلفان في الاسم والكنية أحيانًا -فقد رأينا أن اليعمري كني بأبي محمد وأبي العباس - وبينهما معاصرة، ويختلفان من حيث إن ابن البني يعمري وابن عبد الولي لم يذكر نسبه. كما يختلفان في البلد رغم التشابه في الرسم فإن عبد الولي من شرقي الأندلس وابن البني من غربها ولو أنه تجول كثيرًا. وفي المهنة: فإن عبد الولي كاتب أكثر منه شاعراً، ووزير له خطره، ونهايته -كنهاية القاضي ابن جحاف- تدل على مكانته الاجتماعية والسياسية، وابن البني اليعمري شاعر محترف هجاء مطرح جال في الأندلس والمغرب للتكسب ومات ميتة شبيهة بميتة أدباء أندلسيين عُرفوا باستخفافهم بما تواضع عليه الناس كابن هانئ وابن خاقان وابن الياسمين. وقد نستطيع من خلال هذه الفروق أن تميز بين ما يلتبس من أخبارهما وأشعارهما، واستيفاء أوجه المفارقة والمقارنة بينهما يتطلب دراسة متقصية ومستقلة. (¬2) في ق: "الشيخ". (¬3) في م: "اليزيدية".

355 - أحمد بن عامر بن وهبون الكلابي، أنتلياني، بهمزة مضمومة ونون ساكنة وتاء معلوة [مضمومة] ولام ساكنة وياء مسفولة وألف ونون منسوبا، أبو جعفر

الإبرِيزيّة للرِّحلة الباجِيّة والعروس التّاجِيّة (¬1) " وستأتي إلى ذلك الإشارةُ في رَسْم أبي عَمْرٍو المذكور إن شاء الله (¬2). 355 - أحمدُ بن عامر بن وَهْبُون الكِلابيُّ، أُنتلياني، بهمزةٍ مضمومة ونونٍ ساكنة وتاءٍ معْلُوّة [مضمومة] (¬3) ولام ساكنة وياءٍ مسفولة وألفٍ ونونٍ منسوبًا، أبو جعفر. رَوى عن أبي عبد الله بن عبد الله بن أبي زَمَنِين وكتَبَ عنه كثيرًا من تصانيفه وعن غيره، وتوفِّي بعدَ أربع مئة. 356 - أحمدُ (¬4) بن أبي القاسم عبّاس بن أبي زكريّا، ويقالُ: ابنُ زكريّا وابنُ أبي زكريّا في خطِّ ابن التياني، وقال فيه: الوزيرُ ابنُ الوزير، وقال: أعلى اللهُ قَدْرَهما، الأنصاريُّ، مَرَويٌّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي غالبٍ تَمّام بن غالبٍ التَّيّاني، وأبي عبد الله ابن صاحب الأحباس. وكان كاتبًا حسَنَ الكتابة، بارعَ الخطّ، فصيحًا، غزيرَ الأدب، قويًّ العربيّة، شارِعًا في الفقه، مُشارِكًا في العلوم، حاضرَ الجَواب، ذكيَّ الخاطِر، جامعًا للأدواتِ السُّلطانية، جميلَ الوجهِ، حسَنَ الخِلْقة، كَلِفًا بالأدب، مؤْثِرًا له على سائر لَذّاتِه، جَمّاعًا لدواوين العلم مُنتَقِيًا لجيِّدِها مُغاليًا بها نَفّاعًا مَن خَصَّه بها، لا يُستخرَجُ منه شيءٌ لفَرْط بُخلِه إلا في سبيلِها، حتى لقد أثْرَى كثيرٌ من الوَرّاقينَ والتُّجّارِ معَه فيها، وجمَعَ منها ما لم يكنْ عند مَلِك (¬5)، وكان عظيمَ اليَسار، ويُذكَرُ أنه وَرِثَ عن أبيه من العِين ما بلَغَ خمسَ مئة ألفِ مِثقالٍ جَعْفَريّة ¬

_ (¬1) قوله: "والعروس التاجية" ليست في م. (¬2) السفر الخامس، الترجمة (259). (¬3) بياض في النسختين. (¬4) ترجمه ابن بسام في الذخيرة 1/ 2/ 151 (من الطبعة الأولى)، وابن سعيد في المغرب 2/ 205، وابن الخطيب في الإحاطة 1/ 267، والمقري في نفح الطيب 3/ 610 - 611. (¬5) في م: "مالك".

سوى الفِضّة والآنِية والحِلْية، وأمَّا الأمتعةُ في المخازِن والكُسْوة والطيب والفُرُش فبحَسْبَ ذلك، ثم حاط ذلك بعِظَم الجاه وأثَّله بالحِرص على الاكتساب والجَمْع والمبالغة في المَنعْ حتى أضْعَفَت (¬1) أضعافاً، ولم يوفقْه اللهُ قطّ إلى بِرٍّ يصنَعُه أو خيرٍ أو وجهٍ من الوجوه المشكورة يضَعُه، مُضيفًا ذلك إلى الكِبْر والعُجب والصَّلَف والتِّيه، وكان قد وَلعَ قُبَيْلَ محنتِه ببيتٍ من الشعر لا يكاد يَفتُر عن إنشادِه أوانَ لعبِه بالشطرنج الذي كان أغلب شَهَواتِه عليه أو معنى يَسنَحُ له وهو [المتقارب]: عيونُ الحوادثِ عنّي نِيامُ ... وهَضْمي على الدّهرِ شيءٌ حرامُ وذاعَ بيتُه هذا في الناس وغاظَهم حتى قَلَبَ له مِصراعَه الأخيرَ بعضُ الأُدباء فقال: "سيوقظُها قَدَرٌ لا ينامُ"، فلم يكنْ إلا قليلٌ حتى تنبَّهتِ الحوادثُ لهَضْمِه، وتلك عادةُ الأيام في أُولي البَطَر والأشَر. وتلخيصُ مقتلِه (¬2): أنه كان وزيرًا لزُهَيرٍ العامِري المُستولي عليه، ولمّا أوقَعَ باديسُ بن حَبُوس بن ماكْسَن بن زيري بن مناد بجيشِ زُهَيْر هذا بالفونت بمقرُبةٍ من غَرناطة وترَدَّى زُهيرٌ يومَئذٍ من جُرفٍ هنالك خفيَ له مصرعه أسَرَ باديسُ خواصَّه، وكان فيهم أبو جعفرٍ هذا، ويقال: إنه كان الجارَّ هذه الحادثةَ على زُهير بسُوء تدبيره، فسَرَّح باديسُ كلَّ من أسَرَ منهم إلا أبا جعفرٍ هذا، فأخَذَ يَستعطفُه ويَضْرَعُ إليه في الإبقاءِ عليه وبَذَلَ في افتكاكِ نفسِه من إسارِه ثلاثينَ ألفَ مثقالٍ جَعْفريّة. قال بُلقينُ بن حَبُوس: دَخَلْتُ في بعضِ الأيام على أخي باديس، فألفَيْتُه معَ وُزرائِه وخاصّتِه، وكنتُ راكبًا على فَرَسي، فلِقيتُ ابنَ عبّاس خارجًا من عنده يَرْسُفُ في قيودِه، فلمّا بَصُرَ أخي بي استوقفَه على بُعدٍ منّا وقال: يا أخي، ما تقولُ في أمرِ هذا الرجُل الذي بَذَلَ ثلاثينَ ألفَ مثقالٍ ¬

_ (¬1) في ق: "أضعف". (¬2) انظر مذكرات الأمير عبد الله بن بلقين 34 - 35.

357 - أحمد بن عباس الحراني، أبو بكر

جَعْفَريّة عن فِكاكِ نفسِه وقد رأيتُ أخْذَها منه؟ فما رأيُك في ذلك؟ فقلتُ: وأيُّ رأي لي معَ رأيِكم وقد اتَّفقْتُم لا محالةَ عليه؟ فقال لي: وعلى ذلك فلا بدّ والله أن تقولَ فيه برأيِك حتى أرى إن كان مُوافِقًا لرأينا وأُنفِذُ بعد ذلك ما فيه الصّوابُ إن شاء الله، قال بلقينُ: فقلتُ له: والله لئنْ أخَذْتَ منه الثلاثينَ ألفًا وخلَّيْت سبيلَه لتقَعَنَّ معه بعدَ ذلك في فتنة تُنفقُ فيها أزيَدَ من مئتي ألفٍ ثم لا تدري ما عاقبةُ ذلك، فقال لي: صَدقْت، يموتُ والله، فشأنَك به، قال بلقينُ: وكانت هذه المُحاورةُ بينَنا برَطانةِ البَربر، قال بلقينُ: فعَطَفْتُ بفَرَسي على ابنِ عبّاس وضرَبْتُه بمِزْراق في محِجَمِه حتى بَرزَ مَن فيه وكبا لوجهِه وأجهَزَ الحاضرونَ عليه. ويقال: إنَّ باديسَ هو الذي بدَرَه بمِزْراقِه فاعتَوَرَه بلقينُ بزَرقاتٍ كثيرة كبَّتْه على وجهِه، وذلك بعدَ نحوِ اثنينِ وخمسينَ يومًا من أسْرِه، ومات وهُو ابنُ ثلاثينَ سنةً وأشهُر عشِيّةَ يوم السّبت لعَشْر بَقِين من ذي الحجة سنةَ تسع وعشرينَ وأربع مئة. 357 - أحمدُ بن عبّاس الحَرّانيُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي عليٍّ سَعيد بن أحمدَ الهِلالي، رَوى عنه أبو الحَسَن لُبُّ بن علي. 358 - أحمدُ (¬1) بن عَتِيق بن الحَسَن بن زياد بن جُرج، بَلَنْسِيٌّ، مرويُّ الأصل، أبو جعفرٍ وأبو العبّاس، الذّهَبيُّ. تَلا بالسبع على أبي عبد الله بن جعفرِ بن حَمِيد، ورَوى عن أبي بكر بن بِيبَش، وأبي جعفر بن مَضاء، وأبوَي القاسم عبدَي الرحمن: ابن إسماعيلَ التونُسيِّ وابن محمد بن حُبَيْش، وكان دونَه سِنًّا وعلمًا. وتأدَّبَ بأبي محمد بن يحيى عَبْدون. وأجاز له أبو الطاهِر بن عَوْف، وأبو عبد الله بنُ عبد الرحمن بن محمد بن منصُور بن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (246)، وابن سعيد في المغرب 2/ 321، والغصون اليانعة (36)، ورايات المبرزين (82)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 13/ 31، والصفدي في الوافي 7/ 176، وابن فرحون في الديباج 1/ 217، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 334.

محمد بن الفَضْل بن منصُور بن أحمدَ بن يونُس بن عبد الرحمن بن اللَّيث بن عبد الرحمن بن المُغيث (¬1) بن عبد الرحمن بن العلاءِ بن الحَضْرَميِّ صاحبِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عاملِه على البحرَيْن، وأبو القاسم مَخْلوف بن جارة. رَوى عنه ابنُه أبو بكر عَتِيقٌ، وأبو جعفر بن عليّ بن عَيْشُون، وأبو عبد الله بن الحَسَن ابن التُّجِيبي. وكان أعلمَ أهل زمانِه بالعلوم القديمة وبالتعاليم منها خصوصًا، ماهرًا في العربيّة، وافرَ الحظّ من الأدبِ، يَقرِضُ يسيرًا من الشِّعر فيُجيدُ فيه، متحقِّقًا بأصُول الفقه، ثاقبَ الذّهن، متوقِّدَ الخاطر، غَوّاصًا على دقائق المعاني، بارعَ الاستنباط، وَرَدَ مَرّاكُشَ مُستدعًى إليها من قِبَلِ المنصور أبي يوسُف، فحَظِي عندَه وجَلَّت منزلتُه ونال عندَه وعندَ ابنِه الناصِر أبي عبد الله بعدَه جاهًا عريضًا، وكان من أجلِّ من يحضُرُ مجلسَهما من أهل العلم، وقَدَّمه المنصورُ للشُّورى والفَتْوى في القضايا الشّرعية، فكانت الفتاوى في نوازلِ الأحكام تَصدُرُ عنه فتَبلُغُ القاضيَ الحافظَ أبا لعبّاس بن محمد بن عليِّ بن جَوْهر الحَصّار فيَنسُب كلَّ فتْوى إلى قائلِها من أهل المذهب المالكي، وكثُرَ ذلك منهما، فأُنهيَ إلى أبي جعفرٍ فقال: ما أعلمُ مَن قال بتلك الأقوال التي أُفتيْ بها، ولكنّي أُراعي أصُولَ المذهب فأُفتي بما تقتضيه وتدُلُّ عليه، فكان يُقضَى العَجَبُ من حِذْق أبي جعفرٍ وإدراكِه وجَوْدةِ استنباطِه، ومن حفظِ أبي العبّاس وإشرافِه على أقوالِ الفقهاء وحضورِ ذكْرِه إيّاها، وكان العَجَبُ من أبي جعفرٍ أكثر، وقد قُيّد عنه من أجوِبتِه على المسائل الفِقهيّة وغيرها الكثيرُ الحَسَن البديع. ولمّا امتُحِن أبو عبد الله بنُ إبراهيمَ وأبو الوليد محمدُ بن أحمد بن رُشْد محِنتَهما المشهورةَ حسبَما سنُلمعُ بنُبذة منها في رَسْم أبي الوليد إن شاء الله، لَحِق ¬

_ (¬1) بعد هذا في ق: "بن عبد الرحمن بن المغيث" ولا تصح، وتنظر ترجمة عبد الرحمن والده في إكمال ابن نقطة 4/ 442.

أبو جعفرٍ هذا بقاشْرُهْ (¬1) واختَفى بها حَذَرًا من إدخالِه معَهما في تلك المِحنة ولم يُعرَفْ بمكانِه حتى خَلَصا فظَهَرَ وفي ذلك يقول متبرِّمًا بحالِه [الطويل]: أفي الحقِّ أن أُقْصىَ وما أنا مذنبٌ ... وأُترَكَ تَجْفي اللَّحظَ عنّي النواظرُ غريبًا عن الأوطانِ والأهل لا أرى ... أنيسًا سوى ما تجتليهِ الخواطرُ وُيقْصَدَ ظُلْمي ليس إلا لأنّني ... أُحسُّ بتقصير الذي هو قاصرُ فيا ربِّ مَبْغيّ عليه فقُمْ لهُ ... بنَصْر فقد أوجَبْت أنك ناصرُ وقلِّبْ لهُ قلبَ الخليفةِ علَّهُ ... تُنظَّمُ أشتاتٌ له وأواصرُ وفي أُنسِه بنفسِه وفَقْدِه في تلك الحال ملاءمة من أبناء (¬2) جنسِه يقول [الطويل]: إذاكان أُنسُ الناس بالناسِ لم يكنْ ... أَنيسي سوى نفْسي وما هُو مِن نَفْسي أَيُونِسُني شيءٌ سواها وبعضُ ما ... أُشاهدُ فيها عالَما الحسِّ والقُدسِ؟! ثم إنّ المنصورَ استدعاه واستَخْلَصَه وبَسَطَ أملَه، ولم تزَلْ مكانتُه لديه تترَقَّى حتى بَلَغَ الغايةَ التي ليس وراءَها مطمَح، وتَلمَذَ له المنصورُ في بعض ما كان ينتحِلُه من العلوم النَظريّة، فَيذكُرُ أنه فَهِمَ يومًا من إلقائه عليه مسألةً منها حَسُنَ موقعُ فَهْمِه إيّاها منه وسُرَّ بتحصيلِها، فوَصَلَه بألفِ دينار من ضَربِه، ولم يزَلْ إحسانُه إليه متَواليًا عليه حتى أثْرَتْ حالُه وتأثّل أموالًا جَمّةً، وقال له يومًا: يا أبا جعفر، ما صَدَرَ عنّا من إنعام عليك فلْيكُنْ مستورًا لا يطّلعُ أحدٌ عليه، فإن ببابنا قومًا سَلَفَتْ لأسلافِهم خِدَمٌ لا يَبعُدُ أن تُدرِكَنا غفلةٌ عن مُعاهدتهم بما يؤمِّلونَه منّا، فإن بَلَغَهمُ الخبَرُ من إحسانِنا إلى مَن لم تتقدَّمْ لأوّليّته خدمةٌ لهذه الدولة أمكَنَ أن يؤثِّر ذلك في نفوسِهم فيكونَ داعيةً إلى تغيُّر بواطنِهم وسببًا في فساد ضمائرهم ومَنْشَأً لحَسدِك والبغي عليك. ¬

_ (¬1) هكذا ضبطها ياقوت في "قاشره" من معجم البلدان، ويقال فيها: "قاشتره" أيضًا. (¬2) في ق: "أهل".

359 - أحمد بن عتيق بن علي بن خلف بن أحمد بن عمر بن سعيد بن محمد بن الأيمن بن يحيى بن سعيد بن الأيمن بن عمرو بن يحيى بن وليد بن محمد بن عبيد بن عمر، وعمر هذا من ولد أبي المطرف عبد الرحمن الداخل إلى الأندلس ابن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، الأموي، مالقي، سرقسطي الأصل ثم مرباطريه، أبو القاسم، ابن قنترال بقاف مفتوحة ونون ساكنة وتاء معلوة مفتوحة وراء وألف ولام

مولدُه سنةَ أربع وخمسينَ وخمس مئة وتوفِّي بتِلِمْسانَ صُحبةَ الناصِر أبي عبد الله إلى إفريقيّةَ سنةَ إحدى وست مئة. وفي الرُّواةِ عن أبوَي (¬1) الحَسَن ابن هُذَيْل سنةَ ثلاثٍ وستين، وعن أبي الحَسَن بن النّعمة ووَصَفَه بالمُقرئِ النَّجيب سنةَ سبع وستينَ: أبو جعفرٍ أحمدُ بن عَتِيق بن الحَسَن الكُتَاميُّ، ويغلِبُ على الظنّ أنه الذّهَبيُّ هذا، فإن يكنْ إيّاه فهو من أصدقِ الدّلائل على قِدَم نَجابتِه، واللهُ أعلم. 359 - أحمدُ بن عَتِيق بن عليِّ بن خَلَف بن أحمدَ بن عُمر بن سَعيد بن محمد بن الأيمَن بن يحيى بن سعيد بن الأيمَن بن عَمْرِو بن يحيى بن وليد بن محمد بن عُبَيد بن عُمر (¬2)، وعُمرُ هذا من وَلَد أبي المُطرِّف عبد الرحمن الداخِل إلى الأندَلُس ابن مُعاويةَ بن هشام بن عبد الملِك بن مَروانَ، الأُمَويُّ، مالَقيٌّ، سَرَقُسْطيُّ الأصل ثُم مُرباطِريُّه، أبو القاسم، ابنُ قَنْتَرال بقافٍ مفتوحة ونونٍ ساكنة وتاءٍ معْلُوّة مفتوحة وراءٍ وألفٍ ولام. رَوى عن أبيه، وأبي القاسم محمد بن عبد الواحد المَلّاحي. وكان من جِلّة أهل العلم ونبهائهم، معروفاً بحُسن التصرُّف في الطّب والاعتناءِ بعلوم الأوائل حتى غلَبَت عليه، واستُقْضيَ بشَرِيش فاستُحسِنت سِيرتُه واختَصَّ بأبي العلاء إدريسَ المتلقّب بالمأمونِ ابن أبي يوسُفَ (¬3) المنصور، وكان أثيرَ المحَلِّ عندَه كثيرَ الحُظْوة لديه، ومن قَبْلِها أُتِيَ عليه حينَ وجَّهَه من الأندَلُس إلى قبائل العُدوة فتكلَّم معَ وُلاتها وجِلّة شيوخِها إذْ كتبَوا إليه بَيْعتَهم (¬4) ليتوثَّقَ له منهم، فحَسُنَ منابُهُ في ذلك وأنْجَحَت سِفارتُه فتأكَّدت لديه أثَرتُه حتى كان فوقَ أكابرِ وُزرائه، ثُم لمّا فَصَلَ أبو العلاءِ عن الأندَلُس قاصداً العُدْوةَ صَحِبَه إلى سَلَا ثم ¬

_ (¬1) هكذا في النسختين، وقد ذكر بعد كنية ابن النعمة. (¬2) ينظر عمود نسبه هذا في ترجمة والده عتيق في برنامج الرعيني (76). (¬3) في ق: "سفيان"، وهو خطأ بيّن. (¬4) ينظر خبر هذه البيعة في البيان. المغرب 26 (القسم الخاص بالموحدين).

بَدَتْ له مَخايلُ الهَرَج الذي وقَعَ بعدُ بالعُدوة فاستَأْذَنه في العَوْد إلى الأندَلُس فأذِنَ له عن تغيُّر خاف أبو القاسم سوءَ مغَبّتِه، فأسرع اللَّحاقَ بالأندَلُس، ولمّا وَصَلَ مالَقةَ ألْفَى أهلَها وقد قاموا بدعوةِ العبّاسيِّينَ داخِلينَ في طاعة الأمير أبي عبد الله محمد بن يوسُف بن هُود المتلقّب بالمتوكِّل على الله أمير المسلمين (¬1)، فأحاطَتِ العامة بموضع نزوله ظنًّا منهم أنه إنّما وَصَلَ داعيًا لصاحبِه المأمون عن إذْنِه في ذلك ومخُيِّبًا أصنافَ الناس ببلاد الأندَلُس على ابن هُود، فاستَدعاه والي البلد واستَطْلَعَه أمرَه حتى تحقَّق براءتَه ممَّا اتُّهِم به، وهَمَّ بالكَتْبِ في شأنِه إلى المتوكِّل فأبَتِ العامّة إلا قتلَه، وتحرَّشوا للوالي حتى خاف منهم ثورةً عليه أو اختلالَ حال، فأخرَجَه إليهم وقتَلَه ضَحوةَ يوم الاثنين لستٍّ بقِين من ربيعٍ الآخِر من سنة سبع وعشرينَ وست مئة، رحمه اللهُ ونفَعَه. ومن غرائبِ الاتّفاق ما ذكَرَه أبو القاسم بنُ عِمران ونقَلْتُه من خطِّه، قال: كنتُ بسَبْتةَ عامَ سبعةٍ وعشرينَ فرأيتُني عند الفقيه شيخِنا أبي العبّاس العَزَفي رحمه اللهُ في دُوَيْرة غير دارِه المعلومة له وقدِ اجتَمعَ حولَه حلقةٌ من طلبَة العلم، فبَيْنا نحن نتَذاكرُ قال قائل: أتى السَّيْلُ أتى السَّيل! ونال الحاضرينَ لذلك رَوْعٌ، ثم سمِعتُ من سألَ: من أين جاء؟ قيل: من أَزْمُور، وها هو أحمرُ مُنحدِرٌ إلى البحر، فقال لي شخصٌ كان يُقابُلني مِن أولئك الطلبة: أجزْ [مجزوء الرمل]: * قد أتى الوادي بسَيْلٍ * فقلتُ: * أحمرٍ لِلُّجِّ قاصدْ * فلم يُجِبْني، فقلت: فهُما لابسُ دِرْع ... قَرْنُه في الماءِ راقدْ ¬

_ (¬1) بعد هذا في م: "وقد خلعوا المأمون ونبذوا عهده ونزعوا عن دولة آل عبد المؤمن رأساً"، ثم طلب الناسخ حذفها بعلامتي "لا" "إلى"، فحذفناها، وهذه العبارة سابقة في ق.

360 - أحمد بن عثمان بن حجاج بن خلف

فجَعَل يقولُ: ما معنى هذا؟ فقلتُ له: معناه بَيِّنٌ: عادةُ الشُّعراءِ أن تُشبِّهَ النهرَ إذا جَرَتِ الريحُ على مَتْنِه بالدّارع، فهذه صفتُه قبلَ أن يرِدَ عليه السَّيل، ولونُ السّيل أحمر، فالوارِدُ الآنَ هو المتشحِّطُ في دمِه، فضَرَبَ على رُكبتي إنسانٌ كان على يساري ولم أكنْ عَرَفتُ من هو وقال لي: صدَقْتَ صدَقْت، فالتفتُّ فإذا هو أبو القاسم بنُ عَتِيق، فلم تمُرَّ إلا أيامٌ يسيرةٌ وجاء وعبَر البحرَ إلى مالَقةَ فقُتلَ بها لمدّة قريبة، رحمه اللهُ ورَزَقَنا العافيةَ بمَنِّه. 360 - أحمدُ بن عثمانَ بن حَجّاج بن خَلَف. رَوى بمِصرَ عن القاضي أبي الحَسَن يحيى بن خَلُوف بن مَسْعودٍ التَّميميِّ في شعبانِ ثلاثٍ وستينَ وأربع مئة. يُبحَثُ عنه إن شاء الله. 361 - أحمدُ بن عثمانَ بن عثمانَ بن أبي بكرٍ الجُهَنيُّ، إشبيليٌّ فيما أحسَب، أبو العبّاس. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي عبد الله بن أبي العافية. 362 - أحمدُ (¬1) بن عثمانَ بن عَجْلانَ القَيْسيُّ، إشبيليٌّ، سَكَن بأَخَرةٍ تونُس، أبو العبّاس. تَلا بالسَّبع على أبي صالحِ محمد بن محمد المالَقي، ورَوى الحديثَ عن أبي بكر بن عبد الله القُرطُبي، وتفقّه بأبي محمد بن عليّ بن ستاري، وأخَذَ العربيّة عن أبي حَسَن بن جابِر الدّبّاج، وأبي عليٍّ عُمرَ بن محمد الشَّلَوبين. وأخَذَ في طُرُوقه (¬2) إلى تونُس بتِلِمْسين (¬3) عن أبي زكريّا بن أبي بكر بن عُصفُور، وبِبجايةَ عن أبي الحَسَن بن أبي نَصْر. ¬

_ (¬1) ترجمه الغبريني في عنوان الدراية (57)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 335. وله ذكر في برنامج الوادي آشي (237)، وجاء في نسخة م: أبو العباس أحمد بن عثمان ... ، أبو العباس، وهو تكرار لا معنى له، وانظر بلا بد تعليقنا على الترجمة (364). (¬2) في ق: "طريقه". (¬3) في ق: "تلمسان".

363 - أحمد بن عثمان بن محمد بن إبراهيم التجيبي، غرناطي، أبو جعفر الوراد

وكان محدِّثًا فقيهًا نَحوياً متقدِّمًا في ذلك كلِّه، مشهورًا بالزُّهد والوَرَع والفَضْل، معَظَّمًا عند العامّة والخاصّة. مولدُه بإشبيلِيَةَ سنةَ سبع وست مئة. 363 - أحمدُ (¬1) بن عثمانَ بن محمد بن إبراهيمَ التُّجيبيُّ، غَرناطيٌّ، أبو جعفرٍ الوَرّادُ. وقال فيه أبو جعفر بن إبراهيمَ بن الزُّبير: أحمدُ بن محمد بن عثمان، وهو غَلَط. تَلا بقراءَتَي الحرمِيَّيْن على أبي الحَسَن محمد بن جابِر ابن الرَّمالْيُهْ (¬2)، ورَوى عن أبي جعفر بن عبد الله بن شَراحيل، وأبوَي الحَسَن: سهل بن مالك وابن جابِر بن فَتْح، وأبي زكريّا بن عبد الرحمن الأصبَهاني، وأبي عبد الله بن أحمدَ ابن صاحبِ الأحكام، وأبي عامرٍ يحيى بن عبد الرحمن بن رَبيع، وأبي القاسم أحمدَ بن عبد الوَدُود بن سَمَجُون، وأبي محمد ابن الكَوّاب لقِيَهم ببلدِه، وقَرأ وسَمع عليهم وأكثَرَ عنهم وأجازوا له، وحدَّث بالإجازة عن أبي بكر بن عليِّ بن حَسْنُون، وأبي عَمْرو (¬3) ابن عَيْشون، وأبوَيْ محمد: ابن عبد الرحمن بن عليِّ الزُّهْري وغَلْبُون. حدثنا عنه أبو جعفر بنُ الزُّبَير، وكان مُقرِئًا مُتْقِنًا لُغَوّيًا ضابطًا ثقةً فيما يَرويه أديبًا مُقيِّدًا سَنِيًّا ذا مشاركة في فنون من العلم، طبيبًا ماهرًا حسَنَ المجالَسة مُمتِع المحاضرة توفِّي بغَرناطةَ في رمضانِ ستٍّ، وقال ابنُ الزُّبَير: ثمانٍ وخمسينَ وست مئةٍ وقد أرْبَى على السبعين. 364 - أحمدُ (¬4) بن عثمانَ بن عَجْلانَ القَيْسيُّ، إشبيليٌّ، نزَلَ تونُس، أبو العبّاس. ¬

_ (¬1) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 335 نقلاً عن المؤلف وابن الزبير. (¬2) مترجم في التكملة (653). (¬3) بعد هذا فراغ في النسختين. (¬4) هذه الترجمة في ق، وهي تكرار للترجمة رقم (362) مع اختلاف يسير وفيها هنا ذكر وفاة المترجم، ولا نعلم أيهما التي أراد المؤلف، وفيما إذا كان هو الذي طلب حذفها أم ناسخ م هو الذي أسقطها، وإنما أبقينا عليها لما فيها من الزيادة على الترجمة المتقدمة.

365 - أحمد بن عثمان بن معاوية بن علي بن محمد بن معاوية بن صالح بن عثمان بن سعيد بن سعد بن فهر الحضرمي، إشبيلي

تَلا بالسبع على أبي صالح محمد بن محمد بن أبي صالح، وتأدَّب في النَّحو بأبي الحَسَن بن جابِر الدّبّاج، وأبي عليِّ عُمرَ بن محمد بن الشَّلَوبِين، وتفَقَّه بأبي محمد بن ستاري، رَوى عن أبوَيْ بكر: ابن سيِّد الناس والقُرْطُبي، وأبي الحُسَين أحمدَ بن محمد ابن السَّرّاج. روى لنا عنه أبو محمد مَوْلى سعيد بن حَكَم. وكان مُقرِئًا محدِّثًا نَحويًّا صالحًا فقيهًا، مُعظَّمًا عند الخاصّة والعامّة، زاهدًا فاضلًا. توفِّي بتونُس يومَ الجمُعة لعَشْرٍ بقِينَ من محرَّمِ ثمانية وسبعينَ وست مئة، ومَولدُه بإشبيلِيَةَ سنةَ سبع وست مئة. 365 - أحمدُ (¬1) بن عثمانَ بن مُعاويةَ بن عليِّ بن محمد بن مُعاويةَ بن صالح بن عثمانَ بن سعيد بن سَعْد (¬2) بن فِهْرٍ الحَضْرَميُّ، إشبيليٌّ. وجَدُّه الأعلى معاويةُ بن صالح، هو الشاميُّ الحِمْصيُّ قاضي الأندَلُس لعبد الرحمن بن معاويةَ (¬3). كان أحمدُ المترجَمُ به من أهل العلم نبيهَ البيت جليلَ القَدْر، وَلِيَ الصلاةَ بإشبيليَةَ. 366 - أحمدُ (¬4) بن عثمانَ بن هارونَ اللَّخْميُّ (¬5)، غَرْناطيٌّ، أبو جعفرٍ وأبو العبّاس (¬6). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (16). (¬2) قوله: "بن سعد" سقط من ق. (¬3) ترجمته في تاريخ ابن الفرضي (1443) والتعليق عليها. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (191). (¬5) سقطت من ق. (¬6) في الخزانة الوطنية بالرباط نسخة خطية من كتاب "التبيين على الأسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين في آرائهم ومذاهبهم واعتقاداتهم" لابن السِّيد برواية المترجم مع إجازة ابن السيد له وهذا نصها: "قرأ عليّ الفقيه أبو العباس أحمد بن عثمان بن هارون اللخمي هذا الكتاب فليروه عني. وكتب عبد الله بن محمد بن السِّيْد البطليوسي بخطه في شهر رمضان المعظم سنة خمس عشرة وخمس مئة".

367 - أحمد بن عصام بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن يحيى بن إبراهيم بن يحيى بن خلصة الحميري الكتامي، قرطبي، أبو العباس

رَوى ببلدِه عن أبوَيْ محمد: ابن محمد بن صَارةَ وعبد المُنعم ابن سَمَجُون، وببَلَنْسِيَة عن أبي عامرٍ محمد بن جعفرِ بن شرويه، وبالمَرِيّة عن أبي محمد بن عليِّ الرُّشاطي. ورَحَلَ حاجّاً فلِقيَه بالإسكندريّة أبو الطاهِر السِّلَفيُّ، وأبو محمدٍ عبدُ الله بن عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيلَ بن عليِّ بن محمد بن إسماعيلَ بن الوليد بن عَمْرو بن محمد بن خالد بن محمدِ الدِّيباج ابن عبد الله المُطرِّف بن عَمْرو بن عثمانَ بن عَفّان رضي اللهُ عنه، العُثمانيُّ الدِّيباجيُّ، ابنُ أبي اليابس، فأخَذا عنه بعضَ فوائدِه. 367 - أحمدُ بن عصام بن أحمدَ بن محمد بن إبراهيمَ بن يحيى بن إبراهيمَ بن يحيى بن خَلَصةَ الحِمْيَريُّ الكُتاميُّ (¬1)، قُرْطُبيٌّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبيه وجدِّه أحمد. 368 - أحمدُ بن عُقابٍ الأسَديُّ، قُرطُبيٌّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 369 - أحمدُ بن عليِّ بن أحمدَ بن أبي بكرٍ التُّجيبيُّ، أبو جعفر، ابنُ الصَّحّاف (¬2). تَلا بالسبع على أبي جعفر بن عليِّ ابن الباذِش، وأبي الحَسَن شُرَيْح. ورَوى الحديثَ قراءةَ عن أبي عبد الله بن عبد الرحمن النُّمَيْريّ وأجاز له أبو بكر ابنُ العَرَبي، وأبو الحَسَن بن (¬3) مَوْهَب، ويونُس بن محمد بن مُغيث، وأبو عبد الله جعفرُ بن محمد بن مكّي، وأبو القاسم أحمدُ بن عُمرَ بن وَرْد، وأبو الوليد هشامُ بن أحمد بن بَقْوَة. ¬

_ (¬1) في ق: "الكناني"، وهو تحريف، وما أثبتناه من م، وترجمة جده أحمد الآتية في هذا الكتاب وفي بغية الوعاة. (¬2) في ق: "الضحاك". (¬3) بعد هذا فراغ في النسختين.

370 - أحمد بن علي بن أحمد بن جعفر، مرسي، أبو جعفر

وكان محدّثًا عَدْلًا فاضلًا، ولِيَ اختزانَ الطّعام بغَرناطةَ بأخَرةٍ فشُكِرت سيرتُه وحُمد حالُه وحُسنُ تصرُّفِه. وتوفِّي بها سنةَ سبع وثمانين وخمس مئة. 370 - أحمدُ (¬1) بن عليِّ بن أحمدَ بن جعفر، مُرسِيٌّ، أبو جعفر. سمع أبا عليٍّ الصَّدَفيَّ وغيرَه من شيوخ بلده. ورَحَلَ إلى المشرِق وحَجَّ، وسمع بمكّةَ شرَّفها اللهُ عن أبي المظَفَّر (¬2) محمد بن عليِّ بن الحُسَين الشَّيْباني الطَّبَريّ سنةَ خمسٍ وثلاثينَ وخمس مئة. وكان أديبًا كاتبًا بليغًا، وجَرَتْ بينَه وبينَ أبي عبد الله بن أبي الخِصال مخُاطَباتٌ ومُراجَعات، وكان حيًّا سنةَ ثمانٍ وثلاثينَ وخمس مئة. 371 - أحمدُ بن عليِّ بن أحمدَ بن زيدِ الله بن عليِّ بن محمد بن أحمدَ بن عَمْريل بن عيسى بن عَمْريل الحَضْرَميُّ. كذا وقَفْتُ على نسَبِه بخطِّه، إشبيليّ، أبو عَمْرو، وكنّاه أبو جعفر ابنُ الزُّبَير أبا العبّاس، وذلك لا يُعرَف. رَوى عن أبوَيْ إسحاقَ: ابن عبد الله بن قَسُّوم وابن محمدٍ الأعلَم، وأبي الأصبَغ عبد العزيز بن خَلَف الكبتُوريِّ، وأبوَيْ أُمَيَّةَ: إبراهيمَ بن (¬3) حَمْدون، وهو في عِدادِ أصحابِه، وإسماعيلِ بن سَعْدِ السُّعود بن عُفَيْر، وآباءِ بكرٍ: ابن عبد العزيز الصَّدَفي وابن عبد الله بن قَسُّوم وابن (¬4) الجلّماني، وأبوَيْ جعفرٍ: ابن إبراهيمَ بن كوزانةَ وابن يحيى الأنصاري، وأبي الحَسَن بن عبد الصّمد ابن الجَنّان، وأبي الحُسَين محمد بن محمد بن زَرْقُون، وأبوَيْ عبد الله: ابن أبي بكر بن المَوّاق ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (132)، وفي المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (16)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 325. (¬2) في ق: "المطرف"، محرف. (¬3) بعد هذا بياض في النسختين. (¬4) كذلك.

372 - أحمد بن علي بن أحمد بن عبد الله بن ثابت الأنصاري، إشبيلي، أبو العباس، الماردي، وكان يقول: إنها نسبة لا يعرف لها أصلا

والشَّكتي (¬1) الجَيّاني، وأبي العبّاس بن محمد النَّباتي، وأبوَيْ عليّ: الحُسَين بن مُفرِّج القصري وعُمرَ بن محمد ابن الشَّلَوبِين، وأبوَيْ عَمْرو: سَعْد بن محمد بن عزيزي وعبد الرحمن بن عبد الله بن مَغْنِين (¬2)، وأبي القاسم القاسم بن محمد ابن الطَّيْلَسان، وأبي محمّدٍ طَلْحةَ بن أبي بكر بن طلحةَ، وهو في عِدادِ أصحابِه، وأبي مَروانَ محمد بن أحمدَ الباجِيّ، وأبي الوليد محمد بن أحمد (¬3) بن الحاجّ. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ إبراهيمَ المُقرئُ. وكان شديدَ العناية بطريق الرِّواية، حَسَنَ الخطّ نبيلَ المنزع فيه، كتَبَ الكثيرَ وأتقَنَ ضبطَه وتجويدَه، وكان نظيفَ الملبَس بهِجَ الشّارَة، طَيِّبَ النفْس، كريمَ العِشْرة، فاضلَ الطِّباع. توفِّي بعدَ الأربعينَ وست مئة، ومَولدُه في حدود ست مئة، وقال أبو جعفر ابنُ الزُّبَير: الشّيخُ الحافظ، وغَلِطَ في وَصفِه بالشّيخ، فإنه كما ذكَرْتُ من السِّن. 372 - أحمدُ (¬4) بن عليِّ بن أحمدَ بن عبد الله بن ثابتٍ الأنصاريُّ، إشبيليٌّ، أبو العبّاس، المارِديّ، وكان يقولُ: إنّها نسبةٌ لا يَعرِفُ لها أصلًا. تَلا بالسّبع وغيِرها على أبي الحَسَن بن جابِر الدَّبّاج، وبقراءتَي الحَرَميَّيْنِ على أبي الحَسَن بن محمد ابن الحَصّار (¬5)، وأبي الحُسَين محمد بن عَيّاش بن عَظِيمةَ وابنِه أبي عَمْرٍو عَيّاش. ورَوى الحديثَ عن أبي الحَسَن بن محمد الشارّي، وأبي عبد الله بن إسماعيلَ بن خَلْفُون، وأبي الوليدِ محمد بن أحمد بن الحاج (¬6). ¬

_ (¬1) في ق: "البشكتي". (¬2) في ق: "معين"، وهو تحريف، وعبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن مغنين هذا مترجم في التكملة الأبارية (2353). (¬3) قوله: "الباجي، وأبي الوليد محمد بن أحمد" سقط من ق. (¬4) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 338 نقلاً عن المؤلف. (¬5) في ق: "الخضار"، مصحف. (¬6) في ق: "الحجاج"، محرف.

373 - أحمد بن علي بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن خيرة، بلنسي، أبو الطاهر

وتفَقَّه بأبي الحُسَين محمد بن محمد بن زَرقُون، وأبوَيْ محمد: ابن عليِّ بن ستاري وابن محمد الشلطيشي. وأخَذ أصُولَ الفقه عن أبي الفُتوح فاخِرِ بن عُمرَ بن فاخِر، والعربيّةَ عن أبي الحَسَن الدّباج المذكور، وأبي عليٍّ عُمرَ بن محمد بن الشَّلَوبِين. وأجازَ له أبو إسحاقَ بنُ محمد بن عُبَيْدِيس، وكان شُروعُه في القراءة كبيرًا، حدَّثنا عنه أبو محمدٍ مَوْلى أبي عثمانَ سعيد بن حَكَم. وقَدِمَ غَرْناطةَ [...] (¬1) ودرَّس بهما (¬2) الفقهَ وأدَّب بالعربيّة، وكان متحقِّقًا بالفنَّيْنِ، مشاركًا في كثيرٍ غيرهما من فنونِ العلم، وكان يتصَرَّفُ أثناءَ قراءتِه وإقرائه بالتِّجارة مُسافرًا، وأقرَأَ بسَبْتةَ أيضًا. وكان حيًّا سنةَ ستٍّ وستينَ وست مئة، ومولدُه بإشبيلِيَةَ في آخِر ذي قَعْدةِ سنة سبع وثمانينَ وخمس مئة. 373 - أحمدُ بن عليِّ بن أحمدَ بن عبد الله بن محمد بن خِيَرَة، بَلَنْسِيٌّ، أبو الطاهر. رَوى عن أبيه وأجاز له أبو جعفر بنُ عليِّ بن عَوْن الله الحَصار، شارك فيه أباهُ. 374 - أحمدُ بن عليِّ بن أحمدَ بن عبد الرحمن بن أحمدَ بن عبد الرحمن بن يَعيشَ بن حَزْم بن يَعيشَ بن إسماعيلَ بن زكريّا بن محمد بن عيسى بن حَبِيب بن إسحاقَ بن إبراهيمَ بن عبد الجَبّار الداخِل إلى الأندَلُس ابن أبي سَلَمةَ الفقيه ابن صاحب رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وخالِه وابن عمِّه وأحدِ العشَرة المشهودِ لهم بالجنة رضيَ اللهُ عَنهم أبي محمدٍ عبدِ الرحمن بن عَوْف بن عبد عَوْفِ بن عبد بن (¬3) الحارِث بن زُهْرةَ بن كِلابِ بن مُرّةَ بن كَعْبِ بن لؤيِّ بن غالِب بن فِهْرِ بنْ مالِك ¬

_ (¬1) فراغ في النسختين. (¬2) هكذا في النسختين، فكأنه يشير إلى موضع آخر غير غرناطة. (¬3) سقطت من ق، ولا بد منها، وهي في م، ومصادر ترجمته، وينظر تهذيب الكمال، الترجمة (3911) من الطبعة ذات الثمانية مجلدات.

ابن النضْر بن كِنانةَ بن خُزَيْمةَ بن مُدرِكةَ بن إلياسَ بن مُضَرَ بن نِزار بن معَدَّ بن عدنان، إشبيليٌّ، أبو القاسم. رَوى عن أبوَي الحَسَن: أبيه وعبّادِ بن سرحان. رَوى عنه أبو القاسم عبدُ الرحيم بن عيسى بن المَلْجوم (¬1). وكان من سَرَواتِ الناس وأفاضِلهم، نبيهَ البيت، رفيعَ الحَسَب، آخِذًا بطَرَفٍ صالح من العلم، مولدُه عام تسعةَ عشَرَ وخمس مئة. ذكَرَ بعضَه أبو العبّاس ابن فَرتُون، ونقَلَه من عنده أبو جعفر ابنُ الزُّبَير، وقال: كذا أوردَ الشّيخُ -يعني ابنَ فَرْتُون- هذا الاسمَ في كتابِ "الذَّيْل" وقال: ذكَرَه أبو القاسم عبدُ الرحيم ابن المَلْجوم في فِهرِستِه، قال أبو جعفر: وما أرى الشّيخَ إلا وَهِم، فإنه لم يقَعْ في فِهرِسةِ ابن المَلْجوم فيما وقَفْتُ عليه منها، وإنّما ذكَرَ فيها القاضيَ أبا الحَسَن عليَّ بن أحمد، وهو معروفٌ، ووَلَدُه أبو محمد عبدُ الرحمن معروف، ووَلَدُ أبي محمد هذا -وهُو القاضي أبو الحَسَن- معروفٌ، وبيتُهم مشهور، ولا أذكُرُ منهم أحمدَ هذا إلا أن يكونَ أخًا لأبي محمد عبد الرحمن ابن القاضي أبي الحَسَن عليّ، ولا أعلمُ ذلك ولا مَن ذكَرَه معَ شُهرةِ البيت، واللهُ أعلم. انتهى. قال المصنِّفُ عَفا اللهُ عنه: ما نقَلَه أبو العبّاس ابنُ فَرْتُون صحيحٌ، فقد ذكَرَه أبو القاسم ابنُ المَلْجوم في فِهرِستِه كما ذكَرَ أبو العبّاس ابنُ فرْتون، ولكنّي وقَفْتُ على نُسختين من فِهرِسةِ أبي القاسم هذا إحداهما أتمُّ من الأخرى، وكلُّ واحدةٍ منهما عليها خطُّه مجُيزًا، فالنّاقصةُ منهما لم يذكُرْ فيها أبا القاسم هذا وقد أجاز فيها للمحدِّث أبي الحَجّاج يوسُفَ بن أبي عبد الله محمد بن عليٍّ الشَّرِيشي في جُمادى الأُولى سنةَ ثلاث وست مئة. والتامَّةُ منهما ذكَرَ فيها أبا القاسم هذا وأنهُ أخَذ عنه برنامَجَ أبيه وكتابَ أبيه (¬2) في مناسك الحجّ وأجازَهما له ولابنِه محمد معَ جميع ما يحمِلُه، وأخبَرَه بمولدِه كما ذكَرَ عامَ اثنينِ وسبعينَ ¬

_ (¬1) ترجمة عبد الرحيم ابن الملجوم في التكملة (2389) والتعليق عليها. (¬2) في ق: "أخيه"، وهو تحريف.

وخمس مئة بإشبيلِيةَ، وعلى هذه النُّسخة خطُّ أبي القاسم المذكورِ مجُيزًا للأُستاذ أبي العبّاس أحمدَ بن أبي حَفْص عُمرَ بن يوسُف بن أحمدَ بن الخَضِر (¬1) الخَزْرَجيِّ، ويُعرَفُ بابن الجَزّار من بني جَرّاح، في شهر ذي حِجّة عام اثنينِ وتسعينَ وخمس مئة، فأبو العبّاس لا دَرْكَ عليه فيما نَقَلَ البتَّةَ، فأمَّا أبو جعفرٍ فإنْ يكنْ إنّما وقَفَ على المُختصَرة، وهو الظاهرُ من أمرِه، فلا دَركَ عليه أيضًا، وإن يكُنْ قد وقَفَ على التامّة ولم يَستوفِها بالنظَر فعليه في ذلك الدّركُ، وإنّما قلتُ هذا لأنَّ أبا القاسم ابنَ المَلْجوم لم يُفرِدْ لأبي القاسم الزُّهريِّ هذا ترجمةً تخُصُّه كما فعَلَ في جميع شيوخِه المذكورِينَ في تلك الفِهرِسة، وإنّما أدَرجَه في ترجمة أبيه أبي الحَسَن الزُّهْري، فيُمكنُ أن يكونَ أبو جعفر ابنُ الزُّبَير تصفَّحَ تراجمَ الفِهرِسة الكُبرى فلم يُلْفِ فيها ذكْرًا لأبي القاسم هذا، فأنكَرَ على أبي العباس ابن فَرتُون ما نقَلَ وإن كان ذلك بعيدًا ولكنّه مُمكنٌ يوقِعُ فيه الاستعجال. وهذه النُّسخةُ التامّة هي بخطِّ المقيّد الضّابط النّبيل أبي عبد الله محمد بن عليِّ بن حَسُّون الحَضْرَمي أحدِ الفاسيِّينَ المتقِنينَ، وله روايةٌ عن أبي القاسم أحمدَ بن يوسُف الوَرّاق الجقالةِ وغيره، وكانت للمقيِّد الشّهيرِ الإتقانِ أبي عبد الله بن سَعيد الطّرّاز، وقولُ أبي جعفر ابن الزُّبَير: إلا أن يكونَ أخًا لأبي محمدٍ، إلى آخِرِ ما ذكَرَ ممَّا لا وجْهَ له ولا معنى تحتَه، وهو أخو أبي محمد بن عليٍّ بلا شكٍّ وكبيرُه، وتعرّضَ أبو جعفر ابنُ الزُّبَير لذكْرِ رجال هذا البيت. ومن تتميم ما ذكَرَ أنّ أبا الحَسَن الأعلى رابعُ أربعة إخوة، والثلاثة: أبو محمدٍ عبدُ الرحمن وأبو بكر عبدُ الله وأبو عامرٍ محمد، ولجميعِهم إجازةٌ من أبي عليّ بن سُكَّرةَ باستجازةِ أبي الطاهِر التَّميميِّ الأشْتَركُونيِّ إياه لهم، فاعلَمْ ذلك. ومن هذه البَيْتةِ أبو بكرٍ محمدُ بن أبي الحَسَن أخو أبي محمد، رَوى عن أبيه، وقَفْتُ على سَماعِه معَ طائفة على أبيه فِهرِسةَ الصَّدَفيّ بقراءة أبي محمد بن أحمد بن جُمْهُور، وبخطّه مؤرَّخًا برمضانِ ستةٍ وأربعينَ وخمس مئة، وتصحيح أبي الحَسَن لذلك بخطِّه. ¬

_ (¬1) في ق: "الحضرمي".

375 - أحمد بن علي بن أبي القاسم أحمد بن عبد الرحمن الأموي، إشبيلي، أبو العباس، ابن الناظر

375 - أحمدُ بن عليِّ بن أبي القاسم أحمدَ بن عبد الرحمن الأُمويُّ، إشْبِيليّ، أبو العبّاس، ابنُ الناظر. رَوى عن أبي بكر بن جابِر السَّقَطي، وأبي علي عُمرَ بن محمد بن الشَّلَوبِين، وأبي القاسم القاسم ابن الطَّيْلَسان، وكان مُقرئًا مجوِّدًا محدِّثًا فاضلًا معروفًا بالوَرَع، وخَطَبَ. 376 - أحمدُ بن عليِّ بن أحمدَ بن محمد بن كمالٍ التَّميميُّ، مَرَويٌّ، أخو كمالٍ المذكور في موضعِه (¬1) بعدُ إن شاء الله. كان من وجوهِ بلده وحُسَبائه، عاقدًا للشروط، عَدلًا فقيهًا، حيًّا سنةَ إحدى عشْرةَ وست مئة. 377 - أحمدُ (¬2) بن عليِّ بن أحمدَ بن محمد بن عليِّ بن أحمدَ بن عبد الله الأنصاري، قُرطّبيّ، أبو جعفر، البُنُّسولي. وكَناه أبو عبد الله بنُ عبد الله ابن الأَبّار أبا العبّاس، وزاد أبو جعفر بنُ الزُّبَير في نَسبِه: أحمدَ، بينَ أحمدَ ومحمد. تَلا بالسَّبع على أبي جعفر بن محمد أبي (¬3) حُجَّة. ورَوى عن أبي الحَسَن بن محمد بن حَفْص، وأبوَيْ عبد الله: ابن عبد الله ابن الأَبّار وتدَبَّجَ معَه وابن عيسى ابن المُناصِف، وأبوَيْ محمد: ابن سُليمان بن حَوْطِ الله وعبد الحق بن محمد الخَزْرَجي، وتأدَّبَ بأبي جعفر بن محمد بن يحيى وتلا عليه. وأجاز له أبو القاسم أحمدُ بن عبد الوَدُود بن سَمَجُون. رَوى عنه ابنُه أبو القاسم، وأبو عبد الله ابنُ الأبّار وتدَبّجَ معَه كما تقَدَّم. وكان محدثًا راوِيةً مُكثِرًا عاقدًا للشّروط، فاضلًا، أديبًا شاعرًا مطبوعًا، رَجَّزَ ¬

_ (¬1) سيأتي في السفر الخامس من هذا الكتاب الترجمة (1118). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (311). (¬3) في النسختين: "أبو" وليس بشيء، وهو أحمد بن محمد بن محمد القيسي القرطبي المعروف بابن أبي حجة الآتية ترجمته في موضعها من هذا الكتاب، وتنظر التكملة (306) والتعليق عليها.

378 - أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن غالب الحضرمي، مالقي، أبو جعفر

السّيَرَ فأجاد فيها، وكتَبَ عن بعضِ وُلاةِ قُرطُبة. واستُقضيَ بغير موضِع من بلاد الأندَلُس وبلاد إفريقيّة، ثم استُعمل في الإشراف على المَجابي السّلطانيّة ببلد نَفْزاوةَ، فتقلَّدَه على كُرْه وتقِيّة، فكان داعيةً إلى امتحانِه في نفسِه ومالِه، وفَصَلَ عن بلاد إفريقيّةَ متوجّهًا إلى الحجّ فتوفِّي بقُوص قبل أن يحُجّ، وَفَّر اللهُ له أجرَ قصدِه وهجرتِه، وكانت وفاتُه في رجَبِ ست وأربعينَ وست مئة. 378 - أحمدُ بن عليِّ بن أحمدَ بن محمد بن غالِب الحَضْرَميُّ، مالَقيٌّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي الحَجّاج بن محمد ابن الشّيخ، وأبي الرَّبيع بن موسى بن سالم، وأبي زيدٍ بن يَخْلفْتن الفازازي (¬1)، وأبي سُليمانَ ابن حَوْطِ الله، وأبي القاسم محمد بن عبد الواحد المَلّاحي، وأبي محمد بن الحَسَن ابن القُرْطُبي. 379 - أحمدُ بن عليِّ بن أحمد بن مَيْمونٍ المَخْزوميُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي الأصبَغ (¬2) ابن المُرابِط سنةَ ستّ وسبع وعشرينَ وخمس مئة، وقد تقَدَّم التنبيهُ عليه أثناءَ ذكْرِ أحمدَ بن عبد العزيز بن مَيْمون فراجِعْه إن شاء الله (¬3). 380 - أحمدُ (¬4) بن عليِّ بن أحمدَ بن يحيى بن خَلَف بن أفلَحَ، بالفاء والحاء الغُفْل، ابن رَزْقُون، بالراءِ والزاي، ابن سَحْنون بن مَسْلَمةَ الداخِل إلى الأندَلُس من باجةِ القَيْروان وبالنِّسبة إليه كان عَقِبُه يُعرَفون، ونزَلَ مُرسِيَةَ، القَيْسيُّ ثم العَبْسيُّ، أبو العبّاس، المُرْسِيُّ لطُول سُكناه وسكنى سَلَفِه بها. ¬

_ (¬1) في م: "الفازاني"، محرفة. (¬2) بعد هذا بياض في النسختين. (¬3) الترجمة (326). (¬4) ذكره ابن خير الإشبيلي في فهرسته (530)، وترجمه ابن الأبار في التكملة (152)، والمعجم في أصحاب القاضي الصدفي (21)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 11/ 802، والمشتبه (336)، ومعرفة القراء الكبار 1/ 551، وابن فرحون في الديباج 1/ 219، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 83، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 4/ 291، والسيوطي في طبقات المفسرين (4).

ثم استَوطنَ الجزيرةَ الخَضْراءَ بعدَ أن جالَ في طلب العلم ببلادِ الأندَلُس كثيرًا. تَلا في مُرسِيةَ بالسبع على أبي الحُسَين يحيى بن إبراهيم ابن البَيّاز، وأجاز له، ورَوى بها عن أبي عليّ بن سُكّرة، وتلا ببَلَنْسِيةَ بالثّمانِ: السبع وقراءةِ يعقوبَ، على أبي داود بن نَجاح، وبشاطِبةَ بالثّمانِ على أبي الحَسَن بن عبد الرحمن ابن الدُّوْش، وأجازا له، وتلا بقُرطُبةَ على أبي الحَسَن بن خَلَف العَبْسيِّ بقراءتَيْ نافع وعاصم ولم يُكمِلْهما عليه، ورَوى عنه بعضَ مَرويّاتِه، وعن أبي بكر خازِم (¬1)، وأبي القاسم خَلَف بن إبراهيمَ ابن النّخّاسِ (¬2) وتلا عليه بالسّبع وبقراءةِ محمد بن مُحَيْصِن، وأجازوا له، وتلا فيها برواية وَرش على أبي الحَسَن (¬3) ابن الجَزّار الكَفِيف. ورَوى عن أبي عبد الله بن فَرَج، وأبي علي الغَسّانيِّ وأكثَرَ عنه وتلا عليه بقراءةِ قالون. وتفَقَّه بمالَقةَ عندَ أبي عبد الله بن سُليمانَ بن خَليفةَ، ولازَمَه، وأبي المُطرِّف عبد الرحمن بن قاسم الشَّعْبيِّ، وأجازا (¬4) له. وأخَذَ بإشبيلِيَةَ عن أبوَي الحَسَن: شُرَيْح وتلا عليه بالسَّبع وبقراءة يعقوبَ وابنِ عبد الرحمن ابن الأخضَر. رَوى عنه ابنُه أبو الحَسَن، وابنُ عَتِيق بن مُؤْمن، وأبوا بكر: عَتِيق بن مؤمن وابنُ خَيْر، وأبو إسحاق بن على بن يوسف الجذامي (¬5)، وأبو حَفْص بن (¬6) عُذْرة، وأبو الخليل مُفرِّج بن سَلَمةَ، وأبوا عبد الله: ابنُ عبد الملِك بن النّسرة وابن أحمدَ بن محمد القُباعي، وأبو القاسم عبدُ الرحمن بن عليٍّ السَّبْتيّ القَرّاق، ومحمد بن أحمد بن فُطَيْس الغافِقي. ¬

_ (¬1) في ق: "حازم"، مصحف، وهو خازم بن محمد. (¬2) في ق: "النحاس"، مصحف، وهو مشهور. (¬3) بعد هذا فراغ في النسختين. (¬4) في ق: "وأجازوا". (¬5) اضطربت العبارة في ق، وما هنا من م وهو الصواب. (¬6) بعد هذا فراغ في النسختين.

381 - أحمد بن علي بن أحمد الأنصاري، سرقسطي، نزل الإسكندرية، أبو العباس، ابن الفقيه

وكان مُقرئًا، مُفسّرًا، محدّثًا، فقيهًا مُشاوَرًا، نَحويًّا، عَدَديًّا، استُقضيَ بكُورةِ أرْكَشَ فحُمِدت سِيرتُه واشتَدّت وطأتُه على أهل الفساد والدَّعارة ثم صُرِف عن القضاء ولازَمَ الإقراء وإسماعَ الحديث بمسجد الرُّمّانة (¬1) من الجزيرةِ الخَضْراء، وقد كان قبلُ يُقْرئُ بمسجدِها الجامع وبمسجد الرّايات منها. قال جابرُ بن محمد القُرَشيُّ في "مشيَخة ابن خَيْر" من جَمْعِه: إنه توفِّي بالجزيرةِ الخَضْراء سنةَ خمس وأربعينَ وخمس مئة، وقيل: في ذي القَعْدة من سنة اثنتينِ وأربعينَ وخمس مئة، ورجَّحَه أبو عبد الله بن عبد الله ابن الأَبّار. ومن عَقِبِه الأستاذُ الحافظ أبو القاسم محمدُ بن عبد الرحيم (¬2) بن عبد الرحمن بن الطيِّب المُقرئُ بسَبْتة الضَّريرُ نفَعَه الله. ذكَرَ أبو القاسم المُرْسِيُّ رحمه اللهُ أنه دخَلَ عليه، يعني أبا عبد الله بنَ سُليمان بن خَليفة، زائرًا في اجتيازِه إلى شرق الأندَلُس، قال: فوجدتُه وببَصرِه وَعْك، وكنتُ قد قصَدتُه لأسألَه عن أشياءَ من تفسير ألفاظِ الحديث وقد رَسَمتُ في بطاقةٍ ما عنه أسألُه، فقال لي من قَبْل أن يَرى البطاقة: هاتِ ما في يدِك، فقلتُ: أصلحَكَ الله، وما في يدي؟ وقبَضتُ يدي أُخفيها منه، فقال لي: نعَمْ، في يدِك شيءٌ، قلت: وما يُدريك؟ قال: رأيتُ البارحةَ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا جالسٌ معَه حتى كان يَدخُلُ علينا رجلٌ لا أراهُ إلا أنت، فكان يقولُ لي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: خُذْ منه، فإنّ أباه من خَدَمةِ بيتِ الله الحرام، فكنتُ أراك تُعطيني شيئًا لا أقفُ عليه الآن، وهذه رابعةُ أربعَ عشْرةَ مرّةً رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأعطيتُه البطاقةَ وفسَّرَها لي رحمه الله. 381 - أحمدُ (¬3) بن عليِّ بن أحمدَ الأنصاري، سَرَقُسْطي، نزَلَ الإسكندَريّة، أبو العبّاس، ابنُ الفقيه. ¬

_ (¬1) من هنا إلى قوله: "الجامع" سقط من ق. (¬2) في ق: "عبد الرحمن"، محرف، وما أثبتناه من م، وهو الصواب، وترجمته في غاية النهاية لابن الجزري، وتوفي سنة 701 هـ. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (218).

تَلا بمصرَ على أبي عبد الله بن الحَسَن الدّاني، وبمكّة شرَّفها الله على أبي علي ابن إمام الحرَمَيْن عبد الله بن عُمر المُقرئ ابن العَرجاء، ولقِيَ بها أبا شُجاع عُمرَ بنَ أبي الحَسَن محمد بن أبي محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن نَصر، بفتح النّون والصّاد، البِسْطاميَّ ثم البَلْخيَّ، وأبا الفَتْح عبدَ الملك بن أبي القاسم عبد الله بن أبي سَهْل بن أبي القاسم بن أبي منصور بن ماح، بميم وحاءٍ غُفْل، الكَرُوخيَّ الهَرَويّ، وأجاز له منها أبو القاسم عبدُ الرحمن وأبو المُظفَّر محمدٌ ابنا عليِّ بن الحُسَين الشَّيْباني الطَّبري. وروى ببغدادَ عن أبي الفَضْل محمد بن ناصِر بن محمد بن عليٍّ السَّلامي، وأبي محمد (¬1) عبد الخالق (¬2) بن أحمدَ بن عبد القادرِ بن محمد بن يوسُف. ومن شيوخِه سوى مَن سُمِّي: محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن سَهْل الأُمَويُّ الأندَلُسيُّ المُقرئ، سمع منه وحمَّله أبو جعفرٍ روايةَ "شمائل النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -" لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سَوْرةَ بن موسى بن الضّحّاك السُّلَميِّ التِّرمذي بعُلوٍّ عن أبي القاسم الخَليليِّ عن أبي القاسم الخُزاعيِّ عن الهَيْثم بن كُلَيْب الشّاشيِّ عن التِّرمذي، وذلك وَهْمٌ منه، وإنّما يَرويها عن أبي شُجاع المذكور عن أبي القاسم الخَليليِّ المذكور، وهو أحمدُ بن أبي منصُور محمد بن أبي طاهِر محمد بن عبد الله الزِّياديِّ (¬3) البَلْخيِّ الدِّهْقان، والخُزاعيُّ هو عليُّ بن أحمدَ بن محمد بن الحَسَن بن عبد الله بن محمد بن اللَّيث بن ذُهْل بن الجَرّاح بن الحارِث ابن صاحبِ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ومُكلِّم الذِّئب أهبانَ بنِ أَوْس رضي الله عنه، يُعرَفُ ¬

_ (¬1) هكذا في النسختين، وتأمل التعليق الآتي. (¬2) في ق: "بن عبد الخالق"، خطأ، وتوفي عبد الخالق سنة 548 هـ (تاريخ الإِسلام 11/ 929) وتوفي محمد بن ناصر السلامي سنة 550 هـ (تاريخ الإِسلام 11/ 991)، وكنية عبد الخالق "أبو الفرج"، ولا نعرف من أبنائه من يُكنى أبا محمد، وهما: أبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق، وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق، وعبد الخالق من طبقة محمد بن ناصر السلامي، وهو المشهور من البيت اليوسفي. (¬3) من هنا إلى قوله: "الحسن" سقط من ق.

بابن المَراغي، وأبو سعيدٍ الهيثمُ بن كُلَيْب بن سُرَيْج (¬1) بن مَعْقِل (¬2) المَروَزيُّ الشّاشِيُّ النّحويُّ الأديب، هذا هو الصّواب. وقد راجَعَه أبو جعفر ابنُ الزُّبير في برنامَج رواياتِه فاعلَمْه. رَوى عنه من أهل الأندَلُس جماعة منهم: أبو بكر بن عليّ الإشبيليُّ، وأبو الحَجّاج بن محمد ابن الشّيخ، وأبو عبد الله بن عبد الرحمن بن مُحارِب، وأبو العبّاس بن سُليمانَ البَيّاسيّ [...] (¬3)، ومن أهل بلادِ المشرِق والراحلين (¬4) إليها من العُدوة خَلْقٌ كثيرٌ منهم: الأحامدُ: ابنُ جعفرِ بن مَخْلوف وابنُ محمد بن يحيى العَبْدَريُّ أبو العبّاس وابنُ القاضي أبي الفَضْل عبد الله ابن القاضي أبي عليّ الحُسَين بن حَديد أبو طالبٍ وفتاهُ جوهر أبو الدُّر وحسن بن محمد بن طاهر بن إسماعيل وزيد بن الحسن بن زيد بن الحَسَن الكِنْديُّ أبو اليُمْن، وسِباعُ بن جَميل الإسكندَرانيُّ أبو الوَحش، وشُكرُ بن صَبْرةَ بن سَلامةَ بن حامِد بن كثِير أبو الثّناء، وعبد الله بن ظافر (¬5) بن عبد الله، وابن فَرّاج القَيْروانيُّ، وعبدُ الرحمن بن يوسُفَ ابن قاضي التّلِمْسيني، وعبدُ العالي بن مُختار بن عبد المُنعم، وعبدُ المُحسِن بن عبد السّلام بن خَلَف بن سَلامةَ بن عمّار العَوْفي، ومكّي بن عليّ، ومنهم: آباءُ الحَسَن العَلِيُّونَ: ابنُ محمد بن أحمدَ الأُميي وابنُ عبد الملِك الشراي الصِّقِلِّي وابنُ أبي محمد فاضلُ بن سَعْد الله بن صَمَدُون الصُّورِيُّ، وهو لتَقِيّةَ (¬6) بنتِ ¬

_ (¬1) في النسختين: "شريح"، خطأ، وتنظر ترجمته في وفيات سنة (335) من تاريخ الإِسلام 7/ 697، وهو صاحب المسند المشهور، وتبصير المنتبه لابن حجر 2/ 780، وسير أعلام النبلاء 15/ 359. (¬2) في ق: "مغفل"، مصحف، وينظر التعليق السابق. (¬3) بياض في النسختين. (¬4) في ق: "والداخلين"، وهو تحريف. (¬5) في ق: "ظاهر"، محرف. (¬6) في ق: "وهو حفيد لتقية"، وهو غلط محض، فأبو الحسن علي بن فاضل بن سعد الله هذا هو ابن تقية بنت أبي الفرج غيث بن علي الأرمنازي الصوري، وبه كانت تكنى (ينظر تكملة إكمال ابن الصابوني في باب تقية، ووفيات الأعيان 1/ 297).

[غيثِ الأَرمَنازي] (¬1)، وابن محمد بن عبد العزيز بن عبد الله النّقاوسي، وابنُ القاضي الوجيه أبي المكارِم المُفَضَّل بن عليّ بن مُفرّج بن حاتم بن الحَسَن بن جعفرِ بن إبراهيمَ بن الحَسَن اللَّخْميُّ المَقْدِسي ابن عمِّ أبي الحَسَن ابن العَصّارة (¬2)، وابن أبي الفَضْل الفرشاني، ويَسار بن عليّ بن مُفرِّج المَقْدِسي ابنُ عمِّ أبي الحَسَن المذكور، وأبو عبد الله محمد بن عيسى بن عليّ بن الزُّبَير اللَّخْمي، وأبوا علي: حُسَين بن أبي البرَكات محمد بن حُسَين بن خَليفةَ الميسري وعبد الوهّاب بن إسماعيلَ بن مظفّر بن فُرات التاجرانِ، وأبو الفَوارس عَنانُ بن أبي القاسم بدمان، وآباءُ القاسم: عبدُ الرحمن بن عبد المجِيد بن إسماعيلَ بن عثمانَ بن حَفْص الصَّفْراوي وابنُ حَسّان الجُهَنيُّ ومحمدُ بن إبراهيمَ بن عُمر بن إبراهيمَ بن أحمدَ بن العبّاس الخطيبُ، وأبَوا محمد: ابن صَدَقَة وعبد الكريم بن أبي بكر بن عبد الملك بن عبد الغَفّار الرَّبَعي، وأبو المَحاسِن حاتمُ بن محمد بن الحُسَين، وأبو المكارِم المُفضَّل المَقْدِسيُّ المذكور، وأبَوا المنصُور المُظَفَّران: ابن أحمدَ بن مظفَّر بن مُؤْمن وابن سِوار بن هِبةَ بن عليّ بن مُظفَّر اللَّخْميُّ الإسكندَريُّ المُقرئ، وأبو هاشم عبدُ المطّلب بن أبي المعالي الفَضْل بن عبد المطَّلب ابن الحُسَين بن أحمد بن الحُسَين بن محمد بن الحُسَين بن عبد الرحمن بن عبد الملِك بن صالح بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس بن عبد المطَّلب الهاشميُّ رئيسُ الحنَفيّة بحَلَب. وكان من جِلّة المُقرئينَ وأكابرِ المحدِّثينَ المُسنِدين، زاهدًا وَرِعًا فاضلًا عابِدًا مجتهدًا منقطعًا إلى الله تعالى، راوِيةً ثقةً في نَقْلِه ضابطًا لِما يَرويه مشهورَ الجلالة معظَّمًا عندَ العامّة والخاصّة طيّبَ النفْس حسَنَ اللّقاء والبِشْر، أديبًا يَنظِمُ مُقطَّعاتٍ من الشّعر فيُجيدُ فيها، ومنه قولُه في خِضاب الشَّيب [الوافر]: ¬

_ (¬1) فراغ في النسختين، أكملناه من مصادر ترجمتها. (¬2) في ق: "القصارة"، ولم نقف على ترجمته.

382 - أحمد بن علي بن أحمد الكناني، أبو جعفر

وقالوا لي: خَضبْتَ الشَّيبَ كيْما ... يَراكَ الغانياتُ من الشَّبابِ فقلتُ لهمْ: مُرادي غيرُ هذا ... ولم يَكُ ما حَسِبْتُمْ في حسابي خَشِيتُ يُرادُ مِنّي عَقْلُ شيْخٍ ... ولا يُلفَى فمِلتُ إلى التّصابي قال أبو العبّاس: قلتُ هذه الأبياتَ ليلةً، فلمّا أصبحتُ غَدَوْتُ إلى مجلس كنتُ أحضُرُه فسمعتُ رجُلاً يُنشِدُ لنفسِه [الوافر]: ولستُ أَرى شَبابًا بانَ عنّي ... يَرُدُّ عليَّ بهجتَهُ الخِضابُ ولكنّي خَشِيتُ يُرادُ منّي ... عقولُ ذَوي المَشيبِ فلا تُصابُ قال المصنِّفُ عَفا اللهُ عنه: هذه من الاتّفاقاتِ الغريبة في توارُدِ الخواطر على المعاني المتّحدة، وقد وقَعِ ذلك قديماً وحديثًا لكثير من الشّعراءِ الذين لا يُدفَعونَ عن صِدق فيما يَأْتون به فلا يُنكَرُ مثلُه، واللهُ أعلم. 382 - أحمدُ بن عليّ بن أحمدَ الكِنانيُّ، أبو جعفر. له إجازةٌ من أبي بكرٍ عبد العزيز بن خَلَف بن مُدِير. 383 - أحمدُ بن عليّ بن ثابتٍ اللَّخْميُّ، إشبيليّ، أبو العبّاس. رَوى (¬1) عن أبوي بكرٍ: ابن العَرَبي، وابن خَلَف بن مُدِير. رَوى عنه أبو العبّاس بن عليّ بن هارون. وكان شديدَ العناية بالتواريخ وتخليدِ أخبار الناس، وله في ذلك مجموعاتٌ مُطوَّلةٌ ومُقتَضَبة، وكانت له كتُبٌ كثيرةٌ كتبها (¬2) في أوقاتِ الفتن، وكان صحيحَ الدِّخْلة تصحَبُه غَفْلة عُرِف بها، وكان يَنتحلُ عَقْدَ الشّروط ولم يكنْ في الاضْطِلاع بها هنالك لتقصير منه في مَعارِفِه التي يُستعانُ بها في ذلك. ¬

_ (¬1) من هنا إلى قوله: "أبو العباس" سقط من ق جملة. (¬2) في ق: "اكتسبها"، وما هنا من م، وهو يتفق مع قوله: وكان شديد العناية بالتواريخ وتخليد أخبار الناس.

384 - أحمد بن علي بن حزم، إشبيلي، أبو عمر

قال أبو العبّاس بنُ هارون، ومن خطِّه نقلتُ: اتّفقَ له معَ جَدِّي أبي محمد ابن جُمهُور أنْ كتَبَ في رَسْمٍ يتَضمَّنُ بيعَ قارِب "وفَرَّهُ وقَلَّبهُ" وجيءَ بالعَقْد إلى جَدّي ليَشهَدَ فيه فوقَفَ عليه وقال لصاحبِ العَقْد: وَهِم الشّيخ فيما كتَبَ، لا يقالُ في القارب: "وَفرّهُ"، وإنّما يقالُ فيه: ونَظَرَ إليه وقَلَّبه واختبَرَ عِيدانَه أو ما أشبَهَ هذا، ثُم إنَّ جَدِّي كتَبَ رَسْمَ بيع حمارٍ في يومٍ شاتٍ، وذهب بالعَقْدِ صاحبُه إلى أبي العبّاس هذا ليَشهَدَ فيه، فلمّا قرأهُ وجَدَ فيه "وَفرّ وقلَّبه"، فلم يتمالَكْ أن هَبَطَ من دُكّانِه في الشّتاء والعَقْدُ في يدِه حتى انتهَى به إلى جَدِّي وقال له: بالأمس ردَدتَ عليّ في رَسْم بيع القارِب "وَفرّه"، وها أنت قد كتبتَهُ في بيع هذا الحمار! فضحِكَ جَدِّي رحمه اللهُ وعجِبَ من غَفْلتِه وقلةِ تحصيلِه، رحمهم اللهُ أجمعين. قال المصنِّفُ عَفا اللهُ عنه: معنى "فَرَّهُ": فتَحَ فاه ونظَرَ إلى أسنانِه ليَعرِفَ سِنَّه أكبيرٌ هو أم صغير، وافتَرَّ فلانٌ ضاحكاً: أبدَى أسنانَه، وقولهُم: الجوادُ عَيْنُه فُرارُه، بالضمِّ والفتح، أي: شخْصُه يُغنيك عن أن تَخبُرَه وتَفِرَّ أسنانَه. 384 - أحمدُ بن عليّ بن حَزْم، إشبيليّ، أبو عُمر. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح وسيأتي بعدُ إن شاء الله: أحمدُ بن عليّ بن الفَضل بن عليّ بن أحمدَ بن سَعيد بن حَزْم (¬1)، وأراه هذا والله أعلم. 385 - أحمدُ بن عليِّ بن حَسَن بن خَلَف بن إبراهيمَ بن عبد الله اللَّخْميُّ، غابيٌّ. رَوى عن أبي الحَكَم عَمْرِو بن أحمدَ بن حَجّاج. 386 - أحمدُ (¬2) بن عليِّ بن الحَسَن المُرِّيُّ، بضمِّ الميم والراءِ المشدَّدة منسوباً، بَجانيٌّ، بالباءِ بواحدة وجيم معقودة مفتوحتَيْن وألِفٍ ونونٍ منسوباً. رَوى عن أبيه. رَوى عنه أبو بكر بن موسى الشَّذُوني. ¬

_ (¬1) الترجمة (406). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (22).

387 - أحمد بن علي بن حكم بن عبد العزيز بن محمد بن يوسف بن خلف بن حكم القيسي

387 - أحمدُ (¬1) بن عليّ بن حَكَم بن عبد العزيز بن محمد بن يوسُف بن خَلَف بن حَكَم القَيْسيُّ. كذا وقفْتُ على نسَبِه بخطِّ غيِر واحد من جِلّة الآخِذينَ عنه. وقال أبو عبد الله ابن الأبّار: ويقال: حَكَمُ بن محمد بن عبد العزيز بن خَلَف. وقال (¬2) في نسَبِه أبو جعفر ابنُ الزُّبير: أحمدُ بن عليِّ بن حَكَم بن محمد بن عبد العزيز بن خَلَف القَيْسي، فزادَ كما ترى ونَقصَ، ووقَعَ له إخلالُه فرَقَص؛ غَرناطيّ، أبو جعفر، الحَصّار، ويقال: العَطَّار. سَمع أبا إسحاقَ بن مَروان بن حُبَيْش، وأبوَيْ بكر: ابنَ الخلف وابن العَرَبي، وأبا جعفر بنَ عليٍّ ابن الباذِش وصَحِبَه مُذْ وقتِ وفاةِ أبيه إلى وفاتِه، وآباءَ الحَسَن: شُرَيْحاً وابنَ أحمد ابن الباذِش وابن إبراهيمَ بن مَعْدان وابن عبد الله بن ثابت ويونُس بن محمد بن مُغيث، وأبا سُليمان السَّعْديّ وكان من خُلَصائه، وآباءَ عبد الله: جعفرًا حفيدَ مكِّي وابنَ أحمدَ بن الحاج (¬3) وابن عبد الرحمن النُّمَيْري، وأبا عِمرانَ موسى بن حَمّاد الصُّنْهاجيّ، وأبا الفَضْل عِياضًا، وأبا القاسِم عبد الرّحيم بن محمد ابن الفَرَس، وأبوَيْ محمد: عبدَ الحق بن غالب بن عَطِيّة وعبدَ الصمد المُقَيْبِري، وأبا الوليد هِشام بن أحمد بن بَقْوةَ. وأجاز له من أهل الأندَلُس أبو بكر بنُ إسماعيلَ بن فُوْرتش، وأبو الحَجّاج ابن عليّ الأُنْدي، وأبو عبد الله بن نَجاح، وأبو الوليد يوسُف بن عبد العزيز ابن الدّبّاغ. تنبيه: لمّا ذَكَرَ أبو عبد الله ابن الأبّار شُيوخَ أبي جعفرٍ هذا ختَمَ ذكْرَهم بقولِه: وسمع من ابن بَقْوة بعضَ "صحيح مسلم"، ولم يُجِزْ له، وأجاز له ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (238)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 12/ 1132، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 85. (¬2) من هنا إلى قوله: "خلف" سقط من م. (¬3) في ق: "الحجاج"، محرف.

بلفظه أبو بكرٍ محمدُ بن إسماعيلَ بن فُوْرتِش السَّرَقُسْطي [جميع ما رواه] (¬1)، وكان أبو عليٍّ قد استجاز له من شيوخِه الجِلّة بالمشرِق عدّة، وكان من أهل الصّلاح والخَيْر. واستمرَّ في ذكْرِه بما رَآه إلى آخِرِ رَسْمِه، فأوَهَم بقوله: وكان أبو عليّ قد استجاز له أنّ المعنيَّ بذلك أبو جعفرٍ هذا، وليس كذلك، وإنّما المرادُ به أبو بكرٍ محمد بن إسماعيلَ المذكور، وقد وقفتُ على نُسخةِ أسماءِ الذين استجازَ لهم أبو عليٍّ طائفة من شيوخِه المَشْرِقيّين بخطّ الراويةِ أبي الحكَم عبد الرحمن بن عبد الملِك بن غَشِلْيان، وذكر أنه نقَلَها من خطِّ أبي علي، ومن جُملتِهم أبو بكر ابن فُوْرتش هذا. ورحلةُ أبي عليّ إلى المشرِق بل مقدَمُه منه إلى الأندَلُس متقدّمٌ بسنينَ كثيرة، العشرينَ أو نحوِها، على مولدِ أبي جعفرٍ هذا، ولم يُدرِكْ من عُمُرِ أبي عليّ إلا ثمانيةَ أشهُر أو نحوَها، ولا يُتوَهَّم أنه استجاز له من الأندَلُس بعضَ بقايا شيوخِه بالمشرِق، أو يكونُ قد دخَلَ في عُموم إجازة من تأخَّرتْ وفاتُه منهم فأدرَكَ حياتَه أبو جعفرٍ هذا، فكلُّ ذلك لم يكنْ. رَوى عن أبي جعفرٍ الحَصّار آباءُ بكرٍ: ابن عبد الله القُرْطُبي وابن عبد النور وابن عَتِيق اللارِديّ، وأبو جعفر بنُ يوسُف بن الدّلّال، وأبو الحَسَن ابن محمد بن بَقِيّ الغَسّاني، وأبو الحَجّاج بن عليّ بن عبد الرزاق، وأبو الرَّبيع ابن موسى بن سالم، وأبو زيد بن محمد القمارِشي (¬2)، وأبوا عبد الله: ابن أحمدَ بن صالح وابن عَتيقِ المالَقي، وأبوا عَمْرو: سالم بن صالح بن سالم (¬3) وعثمانُ بن حَسَن ابن دِحْيةَ، وأبو الوليد إسماعيلُ بن يحيى ابن العَطّار، وهو آخِرُ الرُّواة عنه مَوْتاً، وأبو القاسم محمدُ بن عبد الواحدِ المَلّاحي، وأبَوا محمد: ابنُ الحَسَن ابن ¬

_ (¬1) ما بين الحاصرتين زيادة من تكملة ابن الأبار. (¬2) في م: "الغمارشي"، وهو جائز أيضًا من باب قلب الكاف الأعجمية إلى قاف أو غين، وهو "القمارشي" بخط ابن الجلاب في التكملة الأبارية (2358) واسمه عبد الرحمن بن محمد. (¬3) قوله: "بن سالم" سقط من ق.

القَرطَبي وابن محمد الكَوّاب، وأبو يحيى هانئُ بن الحَسَن (¬1) بن هانئ، وأبو الطاهِر أحمد بن عليّ الهَوّاري. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، محدِّثًا مُكثِرًا، عَدْلًا خِيارًا، فاضلًا صالحاً وَرِعًا يتعيَّشُ مما يَعُودُ إليه في عملِ مَراوِح الحلفاء وما يُشبِهُها، كثيرَ التّلاوة للقرآن والبكاءِ عندها والخشوع فيها، خَطَبَ وأَمَّ بجامع غَرناطةَ بعدَ أبي عبد الله بن أحمد بن عَرُوس، وأسمَعَ به الحديثَ طويلًا، وأنْسَأَ اللهُ في أجَلِه فعَلَتْ روايتُه وتنوفِسَ في الأخْذِ عنه، وكان ثقةً فيما يَرويه وكتَبَ بخطِّه الكثير. قال أبو عَمْرو سالم بن صالح بن سالم: سألتُه بغَرناطَة يومَ الأربعاء (¬2) جُمادى الأُخرى سنةَ ثمانٍ وثمانينَ وخمس مئة عن مقدارِ ما نَسَخ، فقال: انتسَخْتُ في عُمُري ثمانيةَ آلاف وَرَقة. ومما يؤْثَرُ من فضله أنه قُتِلَ ولدُه فسِيقَ قاتلُه وثبَتَ عليه دمُه ووَجَبَ له (¬3) قتلُه، فلمّا أُحضِر للموت ورأى أبو جعفرٍ السيفَ والحالُ قدِ اشتَدّ، جاءه وقال: يا بُنيّ، قتلتَ وَلَدي وقطَعْتَ كَبِدي! وعتِبَ عليه، ثُم عَفا عنه وسرَّحه، نفَعَه اللهُ وأعظم أجرَه. مولدُه لعشَرْ خَلَوْنَ أو بقِين من رجبٍ، الشكُّ من والدتِه، سنة ثلاثَ عشْرةَ وخمس مئة. وتوفِّي فَجأة، أتى الجامعَ فركَع فيه فطَرَقَه وجَعٌ شديدٌ اضْطَرّه إلى مُبادرة الرجوع إلى دارِه، فساعةَ دخوله إلى منزله توفّي، وذلك بعدَ ظُهر يوم الخميس لليلةٍ بقِيَت من ربيع الأوّل سنةَ ثمان وتسعينَ وخمس مئة، ودُفن عقِبَ صلاة الجُمعة بعدَ يوم وفاتِه خارج باب إلبِيرةَ، وشهدَ جنازَته الوالي بغَرْناطة حينَئذ فمَن دونَه، وتهافَتَ الناسُ على نَعْشِه وعظُم تأسُّفُهم لفَقْدِ وكثُرَ ابتهالهُم إلى الله في الدُّعاء الصّالح والثناءِ الجميل عليه. ¬

_ (¬1) في ق: "الحسين"، محرف، وهو مترجم في التكملة (3297). (¬2) بعد هذا فراغ في النسختين. (¬3) سقطت من ق.

388 - أحمد بن علي بن خلف التجيبي، إشببلي، أبو القاسم بن علي

388 - أحمدُ (¬1) بن عليِّ بن خَلَف التُّجيبيُّ، إشببليٌّ، أبو القاسم بن علي. أخو الحاجِّ أبي بكر بن علي. رَوى عنه ابنُ أُختِه أبو إبراهيمَ إسماعيلُ بن إبراهيمَ ابنِ الأديب، وكان من الفقهاء الحُفّاظ، ذا معرفة تامّة باللّسان العَرَبي، كثيرَ التقييد مُكِبًّا على الطَّلَب، عفيفاً مُبرّزاً في عَقْدِ الشروط، وكان يؤُمُّ ببعض مساجدِ إشبيِليةَ فضَيَّقَ عليه أبو حفص بنُ عُمر أيامَ استقضائه بإشبيِليَةَ، وصرَفَه عن الإمامة فيه وانتزعَ من يدِه دارَ ذلك المسجد، وكان أبو القاسم يقول: إنه بناها بمالِه، فاضْطَرّه ذلك إلى التحوُّل عن إشبيِلِيَةَ فقدِمَ مَرّاكُش، وتعَرَّف فيها بأبي القاسم بن مُثَنّى أوجَهِ خَدَمةِ الأمير حينئذِ، فأَقبَلَ عليه واستأدَبَه لولَدِه، فأقام عنده نحوَ عام، ثم رَغِبَ في العَوْد إلى وَطَنِه فأصحَبَه ابنُ مثَنّى كتابًا إلى أبي حفص بن عُمر يتضمَّنُ الوَصاةَ به والاعتناءَ بجانبه، فردَّ عليه إمامةَ مسجده ودارَ وعاد إلى دُكّانِ توثيقِه ونوَّهَ به، واستمرَّت حالُه كذلك إلى أن استُقضيَ أبو محمد بنُ حَوْطِ الله بإشبيِليةَ فوَلّاه حِسْبةَ السُّوق فحَسُنَ فيها غَناؤه، وذُكِر فيها بنقاء الجانب وتوفِية النظر فيما يَعودُ على المسلمينَ بالمنفَعة الشاملة، وكان مشكوراً (¬2) عند العامّة والخاصّة. ولم تطُلْ مدّتُه في هذه الخُطّة، وتوفّي في سنّ الاكتهال رحمه الله عقِبَ ذي الحجّة من سنة اثنتينِ ولست مئة. 389 - أحمدُ (¬3) بن عليِّ بن خَلَف، مُرْسِيٌّ، أبو جعفرِ وأبو العبّاس، ابنُ طرشميل، والشينُ مُشرَبةٌ صوتَ الجيم. أخَذ عن أخيه كبيِره أبي بكر، وأبي الحَسَن بن إسماعيلَ بن سِيْدَة. رَوى عنه أبو عَمْرو زيادُ ابن الصّفّار، وكان نَحويّا ماهراً أدَّبَ به زماناً، وكان بشاطِبةَ حيّاً سنةَ ثلاث (¬4) وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 340 نقلاً عن المؤلف. (¬2) في ق: "مشهوراً"، وليس بشيء. (¬3) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (186)، وابن الأبار في التكملة (85)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 341 نقلاً عن المؤلف. (¬4) في ق: "ثلاثين"، وهو تحريف بيّن.

390 - أحمد بن علي بن خلف القيسي، قبري

390 - أحمدُ بن عليِّ بن خَلَف القَيْسيُّ، قَبْريٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا بعدَ أربع مئة. 391 - أحمدُ (¬1) بن عليِّ بن شاب الغَسّانيُّ، مَرَويٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ الشَّهادة. رَوى عنه أبو محمد بنُ محمد بن عُبَيد الله الحَجْري، وكان صاحب أدبٍ وعربيّة، زاهدًا وَرِعًا فاضلًا، خطَبَ ووَلِيَ الصّلاةَ بجامع المَرِيّة زمانًا. 392 - أحمدُ (¬2) بن عليِّ بن عبد الله بن عليّ بن خَلَف بن أحمدَ بن عُمَرَ اللَّخْميُّ، مَرَويٌّ، أبو العبّاس، الرُّشاطيُّ، أخو النَّسّابة أبي محمد (¬3). رَوى عن أبي جعفر بن عبد الرحمن بن جَحْدَر، وأبي عليّ الصَّدَفي، وأبي عِمرانَ بن عبد الرحمن بن أبي تَلِيد، وأبي محمدٍ عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابِت، وله رحلةٌ أدّى فيها فريضةَ الحجّ. وكان فاضلًا خيِّرًا دينًا، ذا عناية بالعلم واشتغال به. وتوفِّي قبلَ أخيه فيما أحسَب. 393 - أحمدُ بن عليّ بن عبد الله بن محمد بن عليٍّ الهَوّاريُّ، مالَقيٌّ، أبو الطاهِر السَّبْتيُّ. رَوى ببلدِه عن أبيه، وأبي الحَجّاج بن محمد ابن الشّيخ، واستَظهَرَ عليه متونَ "مسندَ مُسلم"؛ وأبي عبد الله بن حَسَن ابن صاحب الصّلاة، وأبي محمد ابن الحَسَن ابن القُرْطُبيِّ واستَظهَرَ عليه "تلقينَ المُبتَدي" للقاضي أبي محمد عبد الوهاب بن عليّ بن نَصْر بن أحمدَ بن الحُسَين بن هارونَ بن مالك بن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (157)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 341 نقلاً من هذا الكتاب. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (147)، والمعجم في أصحاب القاضي الصدفي (19). (¬3) واسمه عبد الله بن علي، وهو مترجم في الصلة (651)، ووفيات الأعيان 3/ 107، وتاريخ الإِسلام 11/ 728 و 807 وغيرها.

طَوْق البغداديّ في يوم، و "المُفَصَّلَ في صَنْعة الإعراب" للإمام العلّامة أبي القاسم محمود بن عُمر بن محمد الخُوارِزْميّ الزَّمَخْشَري، كذلك، وغيرَهما. ورَحَلَ إلى غَرناطةَ، فرَوى بها عن أبي جعفر بن علي بن حَكَم، وأبي زكريّا بن عبد الرحمن الأصبَهانيّ، وأبي القاسم أحمدَ بن عبد الوَدُود بن سمَجُون، وأبي محمد عبد المُنعِم (¬1) بن محمد بن الفَرَس، وغيرِهم. وأجاز له باستدعاءِ أبي عبد الله بن إبراهيمَ بن حريرةَ جماعةٌ من أهل المشرِق وهم: أحمدُ بن عبد الله بن الحُسَين بن حَدِيد الكِنانيُّ أبو طالب (¬2)، وأبو بكر بن حِرزِ الله بن حَجّاج التونُسيُّ القَفْصي، وأبو رَوْح بن أبي بكرٍ الدَّوْلَعي، وحَسَنُ بن إسماعيلَ بن الحَسَن، وحُسَين (¬3) بن عبد السّلام بن عَتيِق ابن محمد بن محمد، وزاهرُ بن رُسْتُم بن أبي الرّجاء بن محمد الأصبَهانيُّ أبو شُجاع، وعَبْدا الله: ابنُ عبد الرحمن بن موسى التَّميمي وابنُ عبد الجَبّار بن عبد الله العُثْمانيُّ أبوا محمد، وأعبُد الرحمن: ابنُ عبد الله عَتِيق أحمدَ بن باقا (¬4) البغداديُّ وابنُ عبد المجِيد بن إسماعيلَ بن عثمانَ بن يوسُف بن الحُسَين بن حَفْص ابن الصَّفْراوي وابن مُقرَّب بن عبد الكريم أبي القاسم بن أبي الحَسَن (¬5) بن أبي محمد التُّجِيبيّ (¬6) آباءُ القاسم، وعبدُ الرحيم ابنُ النَّفِيس بن هِبة الله بن وَهْبانَ ¬

_ (¬1) في ق: "أبو محمد بن عبد المنعم"، خطأ، وهو مترجم في التكملة الأبارية (2594). (¬2) هو إسكندراني مالكي، توفي سنة 619 هـ (تاريخ الإِسلام 13/ 570، وتكملة المنذري 3/الترجمة 1880). (¬3) في ق: "بن حسين"، وهو خطأ، وحسين هذا سَفاقُسي، توفي سنة 608 هـ، وهو مترجم في تكملة المنذري 2/الترجمة 1186، وتاريخ الإِسلام 13/ 189. (¬4) في ق: "عتيق بن أحمد بن فاقا"، وكله تحريف، وعبد الرحمن هذا رومي الأصل، توفي سنة 608 هـ أيضًا، وهو مترجم في تكملة المنذري 2/ الترجمته 1215، وتاريخ الإِسلام 13/ 192. (¬5) قوله: "بن أبي الحسن" سقط من ق. (¬6) تأخرت وفاته إلى سنة 643 هـ (سير أعلام النبلاء 23/ 215 والتعليق عليه).

ابن رُومي بن سَلْمان بن صالح بن محمد بن وَهْبان السُّلَمي، وعبد الكريم بن [عتيق] (¬1) بن عبد الملِك الرَّبَعي أبو محمد، وعبد المجِيد بن محمد بن محمد بن الحُسَين بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ [الرَّبَعي الكركنتي، أبو المفضَّل] (¬2)، وعليُّ ابن المُفَضَّل بن عليّ أبو الحَسَن، وعُمرُ بن حَسَن أبو الخَطّاب بن الجُمَيِّل، وعيسى بن عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد بن سُليمان أبو الأصبَغ، والمُحمَّدون: ابنُ إسماعيلَ بن عليّ بن أبي الصَّيْف وابنُ عبد الرحمن ابن حَسّانَ القيسيّ (¬3) بن أبي زَيْد وابن عُلْوانَ التَّكريتيُّ آباءُ عبد الله، وموسى ابن عليّ بن فَيّاض أبو عِمران، ونَصْر بن أبي الفَرَج بن عليّ الحُصري أبو الفُتُوح، ويحيى بن ياقُوت، وقال: مملوكُ العَتَبة الشّريفة (¬4)، ويونُسُ بن يحيى بن أبي الحَسَن الهاشِميُّ أبو محمد، والحُرّةُ تاجُ النّساء بنتُ رُسْتُم أختُ زاهرٍ المذكور، وكتَبَ عنها أخوها زاهرٌ بإذْنها. ¬

_ (¬1) فراغ في النسختين، واستفدناه من ترجمته في وفيات سنة 616 هـ من تكملة المنذري (2/ الترجمته 1707)، وتاريخ الإِسلام 13/ 476، وهو إسكندراني مالكي كان شيخ الإقراء بالإسكندرية. (¬2) فراغ في النسختين، وما بين الحاصرتين من تكملة المنذري (3/الترجمة 1772)، وتاريخ الإِسلام 13/ 510. (¬3) في ق: "التيمي"، وفي م: "التميمي"، وما أثبتناه هو الصواب، قال زكي الدين المنذري في وفيات سنة 625 هـ من التكملة: "وفي الخامس والعشرين من شهر ربيع الأول توفي الشيخ الأجل أبو عبد الله محمد بن أبي زيد عبد الرحمن بن عبد الله بن حسان بن ثابت بن محمد بن فتحون بن رافع القيسي السبتي المولد الإسكندراني الدار المالكي التاجر العدل بالإسكندرية، ودفن من الغد ... علقتُ عليه شيئًا وسألته عن مولده فقال ... " (التكملة 3/الترجمة 2188)، وهو بخط الذهبي في تاريخ الإِسلام: "محمد بن أبي زيد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حسان بن ثابت، أبو عبد الله القيسي السبتي التاجر، نزيل الإسكندرية" (13/ 803). (¬4) ترجمه جمال الدين ابن الدبيثي في ذيل تاريخ مدينة السلام كما دل عليه المختصر المحتاج 3/ 253 وعنه الذهبي في تاريخ الإِسلام، قال في وفيات سنة 612 هـ منه: "يحيى بن ياقوت، أبو الفرج البغدادي الفراش، مملوك العتبة الشريفة" (13/ 357).

394 - أحمد بن علي بن عبد الرحمن بن سليمان بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن مطري اليحصبي، غرناطي، أبو جعفر، الطوسي بفتح الطاء

رَوى عنه أبو عبد الله بنُ عليّ بن عَسْكر. وكان فقيهًا حافظًا (¬1) متقدّمًا في المعرِفة بالشّروط والبَصَر بها والنفوذِ فيها، كاتبًا بارِعًا، شاعرًا مُجِيدًا، ديّنًا فاضلًا، جَليلًا سَنيًّا، سَرِيَّ الهمّة، وطيءَ الأكناف، حسَنَ الأخلاق، طيِّب النفْس، جميلَ العِشرة، كريمَ العهد، عُني كثيرًا بالرّواية والأخْذ عن الشّيوخ. ولم يَطُلْ عُمرُه فيَكثُرَ الانتفاعُ بما كان عنده، واستُقضيَ مرَّتَيْن بوادي آش، ووَلِيَ أثناءَ ذلك بمُرْسِيهَ الأحكامَ والمناكِح، وتوفِّي بوادي آشَ وهو يتَولّى قضاءها منتصَفَ ربيع الأوّل سنةَ ثنتَيْ عشرةَ وست مئة. 394 - أحمدُ بن عليّ بن عبد الرحمن بن سُليمان بن أحمدَ بن عبد الله بن محمد بن مَطَرِيّ اليَحْصُبي، غَرْناطي (¬2)، أبو جعفر، الطَّوْسيُّ بفتح الطاء. رَوى عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي زَمَنِين، وأبي محمد عبد المُنعم بن محمد ابن الفَرَس، وكان أحدَ المتقدّمينَ في عَقْد الشّروط المُبرِّزينَ في البَصَر بها. وُلد سنةَ خمس وخمسينَ وخمس مئة، وتوفّي سنةَ ثلاثَ عشْرةَ وست مئة. 395 - أحمدُ (¬3) بن عليّ بن عبد الرحمن الكِلابيّ، غَرْناطي، أبو جعفر. رَوى عن أبي جعفر بن عليّ ابن الباذِش، وله رحلةٌ لقيَ فيها بالإسكنَدريّة أبا الطاهر السّلَفيَّ وتدَبَّجا (¬4). 396 - أحمدُ (¬5) بن عليّ بن عبد الرحمن النَّفْزِيُّ، شَذُوني، أبو العبّاس. ¬

_ (¬1) من هنا إلى قوله: "بارعاً" سقط من م. (¬2) لم يذكره ابن الخطيب في الإحاطة فيستدرك عليه. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (155). (¬4) هكذا نقل من التكملة الأبارية، وهو وهم وقع فيه المؤلف ابن الأبار، فالرجل لم يرحل إلى السلفي ولا لقيه، وإنما التقى صاحب الترجمة بابن نقطة الحنبلي المتوفى سنة 629 هـ كما بينه الدكتور بشار في تعليقه على ترجمته من التكملة، وينظر إكمال الإكمال 1/ 382. (¬5) ترجمه ياقوت في "نفزة" من معجم البلدان 5/ 296، وابن نقطة في إكمال الإكمال 5/ 97، وابن الأبار في التكملة (274)، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 9/ 110.

397 - أحمد بن علي بن عبد الجبار بن عمريل الحضرمي، إشبيلي

سمع ببغدادَ من أبي الفَرَج عبد المُنعم بن عبد الوهّاب [بن سَعْد بن صدقة بن الخَضِر] (¬1) بن كُلَيْب، وبأصبَهانَ من جماعة من أصحاب أبي عليّ حَمْد بن أحمدَ الحَدّادِ وطبقتِهم، وبنيسابورَ من أبوي سَعْد: الفقيه عبد الله بن عُمرَ الصّفّار والحَسَن بن أبي المَحاسِن محمد بن المُحَسِّن القُشَيريِّ النَّيْسابُوري (¬2)، وليس من عَقِبِ أبي القاسم عبد الكريم بن هَوازِن بن عبد الملِك بن طَلْحة صاحبِ الرّسالة إلى الصُّوفية، وأبي الجَناب -بالجيم مفتوحًا ونونٍ وألفٍ وباءٍ بواحدة- أحمد بن عُمر بن محمد بن عبد الله الخَيُوفي، بفَتْح الخاء المعجَمة وضمّ الياء المسفُولة وواوِ مدّ وفاءٍ منسوبًا، الصُّوفي الكُبْرَى، على صيغة تأنيثِ الأكبر، وأبي عليّ مسعود بن عُبَيد الله بن محمد بن عُبَيد الله الخاني -بالخاء المعجَمة ونونٍ بينَهما ألفٌ منسوبًا إلى خان لَنْجان، بالنّون الساكن قبلَه لامٌ مفتوحة وبعدَهما جيمٌ وألف ونون -وجماعةٍ من أصحاب الفُراوي، وبهَمَذانَ من (¬3) جماعة، وطاف البلادَ. وكان ثقةً حافظًا، عفيفًا فاضلًا، حسَنَ الأخلاق، كريمَ الشمائل، طيِّبَ العِشْرة. قال أبو بكر بنُ نُقْطة (¬4): سمِعتُ منه ببغدادَ، قال: وخرَجَ منها بعدَ سنة ثلاثَ عشْرةَ، يعني وست مئة، إلى شيرازَ فأقام بها. 397 - أحمدُ بن عليّ بن عبد الجَبّار بن عَمْرِيل الحَضْرَمي، إشبيليّ. 398 - أحمدُ (¬5) بن عليّ بن عبد المُجِيب بن عليّ بن أحمدَ بن عَيْشُون الأنصاريّ، بَلَنْسِيّ، أبو جعفر. ¬

_ (¬1) ما بين الحاصرتين فراغ في النسختين، واستفدناه من ترجمته في تاريخ ابن الدبيثي 4/ 287، والتاريخ المجدد لابن النجار 1/ 166، والتكملة للمنذري 1/الترجمة 523، وتاريخ الإِسلام 12/ 1080، وسير أعلام النبلاء 21/ 258 وغيرها من مصادر ترجمته. (¬2) توفي سنة 600 هـ (تكملة المنذري 2/ الترجمته 858، وتاريخ الإِسلام 12/ 1196). (¬3) في م: "بن" خطأ بيّن. (¬4) إكمال الإكمال 5/ 97. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (252)، والمراكشي في الأعلام 1/ 340.

399 - أحمد بن علي بن عبادة اليحصبي، أبو العباس

رَوى عن الحاجّ أبي بكر، وأبي عبد الله بن عليّ بن هُذَيل، وتأدَّبَ في العربيّة بأبي جعفرِ الذّهَبي، وأبي عبد الله بن أيوبَ بن نُوح وتفَقَّه به، واختَصَّ كثيرًا بأبي جعفرِ الذّهَبيِّ وقرَأ عليه كثيرًا من علوم الأوائل، من جِلّة أصحابِه ومن المتقدّمين في الذكاء والفَهْم. وتوفّي بمَرّاكُش سنةَ خمس وست مئة، ومولدُه سنةَ اثنتينِ أو ثلاث، الشكُّ من أبي الربيع بن سالم، وستينَ وخمس مئة. 399 - أحمدُ بن عليّ بن عُبادةَ اليَحصُبيُّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوجي (¬1). 401 - أحمدُ (¬2) بن عليّ بن أبي بكرِ عَتِيق بن أبي محمد إسماعيلَ، قُرْطُبيٌّ، نزَلَ دِمَشق، أبو جعفر، ابنُ الفَنَكي (¬3). تَلا بقُرطُبةَ على (¬4) أبي بكر بن جعفرِ بن صافٍ الجَيّاني، وسمع بها الحديثَ بقراءة أبيه على أبي الوليد يوسُفَ بن عبد العزيز ابن الدّبّاغ إذْ قدِمَها صُحبةَ الأمير أبي زكريّا بن إسحاق بن محمد بن عليّ بن غانِيةَ المَسُوفي. ورَحَلَ صُحبةَ أبيه إلى المشرِق سنةَ ستٍّ وخمسين، قالهُ أبو جعفر ابنُ الزُّبَير، وذكَرَ أنه وقَفَ عليه بخطِّه، ¬

_ (¬1) بعد هذا في ق: "أحمد بن" ووضع لها رقم (400) في الطبعة السابقة، وليست في م، فالظاهر أنه سبق قلم من الناسخ، وأبقينا تسلسل الأرقام كما في الطبعة السابقة. (¬2) ترجمه المنذري في التكملة 1/الترجمة 545، وابن الأبار في التكملة (235)، وأبو شامة في ذيل الروضتين (17)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 12/ 1065، وسير أعلام النبلاء 21/ 303، والعبر 5/ 291، ومعرفة القراء الكبار 2/ 596، والصفدي في الوافي 7/ 205، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 502 وسَمّاه محمدًا، والمقريزي في المقفى 1/ 529، وابن الملقن في العقد المذهب، الورقة 161، والعيني في عقد الجمان 17/ الورقة 247، وابن تغري بردي في النجوم 6/ 158، وابن العماد في الشذرات 4/ 323. (¬3) منسوب إلى "فنك" من أعمال قرطبة. (¬4) في ق: "عن".

وذكَرَ أبو عبد الله ابنُ الأَبّار أنه سمع بمكّةَ سنةَ أربع وخمسينَ (¬1) على المَيانِشيِّ، وأُراه وَهِمَ في ذلك، وحَجَّ وجاوَرَ بمكّة ستَّ سنين، وأخَذ بها عن أبي حَفْص عُمرَ ابن عبد المجِيد المَيانِشيِّ وأبي عبد الله محمد بن عليّ بن الحَسَن بن صَدَقةَ الحَرّاني وأبي المَعالي عبد المُنعم بن عبد الله بن محمد بن الفَضْل بن أبي الفَضْل أحمدَ بن محمد بن أحمد الصّاعِديّ الفَراويِّ، بفتح الفاءِ والراء والواو منسوبًا، ثمَّ تجوَّلَ في طلب العلم إلى العراق وغيرها فتلا بالمَوْصِل على أبي بكرٍ يحيى بن سَعْدون القُرطُبيّ، ولم يزَلْ متردِّدًا في البلاد إلى سنة سبعين، فاستَوطنَ دِمَشقَ وأخَذ بها عن أبي الطاهِر برَكات بن إبراهيمَ الخُشُوعي وشرَفِ الدِّين أبي سَعْدٍ عبد الله السَّرِي بن أبي عَصْرون، وعماد الدِّين أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامِد الأصبَهانيِّ ابن أُلُهْ الكاتب، وشِهابِ الدِّين أبي الفَضْل منصور بن أبي الحَسَن عليّ بن إسماعيلَ بن حَفْص الطّبَري، ومحدِّثِ الشام أبي القاسم عليّ بن هِبة الله بن عَساكرَ وأكَثَر عنه، وأبي المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن عليّ بن عُمرَ بن صابِر، بصادٍ غُفْل وباءٍ بواحدة وراء، السُّلَمي، ابن سَيِّدةَ، بفتح السِّين الغُفْل وكسرِ الياء المسفولة المشدَّدة. رَوى عنه ابنُه (¬2) وفَخْرُ الدِّين أبو عبد الله محمد بن أحمدَ بن الحَسَن الشجري جُوبَكار، بضمِّ الجيم المعقودة وواوٍ وباء بواحدة مفتوحة وكافٍ وألفٍ وراء، وأجاز لكل من أدرَكَ حياتَه في محرَّمِ خمس وتسعينَ، وحدَّث عنه بالإجازة على التعيينِ جماعةٌ منهم: أبو الحَسَن بن سَهْل بن مالك، وأبو سُليمانَ وأبو محمدٍ ابنا سُليمان بن حَوْطِ الله، في آخَرِينَ أكثرُهم مذكورٌ في موضعِه من هذا المجموع. وكان من المُقرِئينَ المجوِّدين والمُحدِّثينَ المُسنِدين، فقيهًا شافعيَّ المذهب، عاقلًا فاضلًا دَمِثًا حسَنَ الأخلاق ديّنًا، وكان يؤُمُّ بمسجد الكَلّاسة المتّصل بجامع دِمَشقَ الأعظم، فكان الناسُ يتزاحمونَ على الصّلاة خَلْفَه التماسًا لبَرَكتِه واستماعًا لحُسنِ صَوْتِه، وحين مجاورته بمكّةَ شرَّفها اللهُ كان أحدَ المتناوبينَ ¬

_ (¬1) هكذا في النسختين، وفي التكملة: أربع وستين. (¬2) بعد هذا فراغ في الأصل، وقال الذهبي في تاريخ الإِسلام: "روى عنه ولداه تاج الدين محمد وإسماعيل".

402 - أحمد بن علي بن عثمان، أبو جعفر

في قراءة التراويح برمضانَ في المقام المكرَّم، قاله أبو الحَسَن محمدُ بن أحمد بن جُبَيْر، قال: وقراءتُه تُرِقُّ الجماداتِ خشوعًا (¬1). قال المصنِّفُ عَفا اللهُ عنه: ويَحسُنُ أن يُضافَ إلى هذه الفَقَرة: وتُرسِلُ شآبيبُ الرحمة دُموعًا. وتصَدَّر للإقراءِ وإسماع الحديث بدمشق، وكان ثقةً في رواييه ضابطًا لِما يُحدِّث به، أديبًا جيَّد الخط مُتقِنَ التقييد، أعقَبَ وأنْجَب. مَولدُه بقُرطُبةَ يومَ الخميس منتصف شعبان سنة ثمان وعشرين وخمس مئة، وتوفي بدمشق سنة سبع وتسعين وخمس مئة، قاله ابنُ حَوْطِ الله، وقال أبو محمد عيسى بن سُليمان الرُّنْديّ، وهو أضبطُ لهذا: يومَ الاثنينِ لثلاثَ عشْرةَ بقِيَتْ من رَمَضانِ ستٍّ وتسعينَ وخمس مئة ودُفن من الغَدِ بجبل قاسْيُون خارجَ دمشق. 402 - أحمدُ بن عليّ بن عثمان، أبو جعفر. رَوى عن أبي الخَطّاب أحمدَ بن محمد بن واجِب، وله إجازةٌ من أبي محمد بن الحَسَن ابن القُرطُبي. 403 - أحمدُ بن عليّ بن عُصفُور الحَضْرَمي، إشبيليّ. كان أحدَ العاقِدينَ بها للشّروط والعُدولِ والفقهاء بها، حيًّا سنةَ خمسٍ وخمسينً وخمس مئة. 404 - أحمدُ بن عليّ بن عُمر، أبو بكر. رَوى عن أبي الوليد سُليمان بن خَلَف الباجِي. 405 - أحمدُ (¬2) بن عليّ بن عيسى بن سَعيد بن مُختار بن منصُور بن شاكِر الغافِقيّ، قُرطُبي، أبو جعفر، الشَّقُوريُّ إذْ أصلُه منها. تَلا على أبوَي القاسم: خَلَف بن إبراهيمَ ابن النّخّاس وعبدِ الرحمن بن أحمدَ بن رِضا. تَلا عليه ابنُه أبو الحَسَن. ¬

_ (¬1) انظر رحلة ابن جبير ص 152 و 255 (تحقيق الدكتور حسين نصار). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (199).

406 - أحمد بن علي بن الفضل بن علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، أبو عمر

406 - أحمدُ (¬1) بن عليّ بن الفَضْل بن عليّ بن أحمدَ بن سَعيد بن حَزْم، أبو عُمر. رَوى عن أبيه، وكان من جِلّة الأُدباء وبَرَعةِ الكُتَّاب نَبيهَ البيتِ عريقًا في الجلالة نِحريراً. توفِّي في نحوِ الثلاث والأربعينَ وخمس مئة. وتقَدَّم لنا أحمدُ بن عليّ بن حَزْم (¬2) يَروي عن شُرَيْح، ولا يَبعُدُ عندي أن يكونَ هذا، واللهُ أعلم. 407 - أحمدُ (¬3) بن عليّ بن فُضَيْل، أخو محمد. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 408 - أحمدُ (¬4) بن علي بن محمد بن أحمدَ بن حَرِيق المَخْزُومي، بَلَنْسِيٌّ، سكَنَ تونُس. رَوى عن أبيه، وأبي الرّبيع بن سالم، رَوى عنه أبو العبّاس (¬5) بن شُنيف. وكان أديباً بارِعاً بليغَ الكتابة جيّدَ الشّعر مُكثرًا، عُنيَ بالعلم كثيراً وقيَّد بخطّه ما لا يُحصىَ، وكلُّ ما وقَفْتُ عليه من خطِّه مُفيد عظيمُ الجدْوى، وله مَقاماتٌ وَعْظيّة على طريقة أبي القاسم الزَّمَخْشَريِّ في مَقاماتِه الوَعْظيّة، وقَفْتُ على جُملةٍ منها لم يُقصّر فيها عن إجادة. ومن نَظْمِه في بعضِها: قولُه [مجزوء الكامل]: يا ذا الذي قد ظَلَّ في ... حَبْلِ الغَوايةِ يَحطِبُ الشَّيبُ أبلغُ واعظٍ ... في قَمْع غَيّك يُطْنِبُ قد قام في الفَوْدَيْنِ مِنـ ... ـك وفي المفارِقِ يَخطُبُ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (151)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 11/ 821. (¬2) الترجمة (384). (¬3) سقطت هذه الترجمة من ق. (¬4) ستأتي ترجمة أبيه علي في موضعها من السفر الخامس من هذا الكتاب. (¬5) بعد هذا فراغ في النسختين، وهو أبو العباس أحمد بن محمد بن سليمان بن شنيف الآتية ترجمته في موضعها من هذا الكتاب.

409 - أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن عباس الرعيني، غرناطي، أبو جعفر الطباع

ومنه في الأُخرى [مجزوء الكامل]: يا ذا الذي اجترحَ الذُّنو ... بَ وجَرَّ في اللهوِ الرسَنْ وعَصىَ الإلهَ مجُاهِرًا ... ليُطاوعَ الوجهَ الحَسَنْ هذا قبيحٌ غيرُ هـ ... ـذا يا جَهُولُ هو الحَسَنْ 409 - أحمدُ (¬1) بن عليّ بن محمد بن أحمدَ بن عيسى بن عبّاس الرُّعَيْنيُّ، غَرناطي، أبو جعفر الطّبّاع (¬2). رَوى عن آباءِ بكر: عبد الرحمن بن دَحْمان وابن جابِر السَّقَطي وابن عبد الله القُرطُبي، وآباءِ الحَجّاج: ابن عبد العزيز الأُبَّذيِّ -بالباءِ بواحدة مفتوحة مشدَّدة وذالٍ معجَمة -وابن (¬3) بن مُصامِد وابن يحيى بن بَقاء، وآباءِ الحَسَن: سَهْل بن محمد بن مالكٍ وابن جابِر الدّبّاج وابن محمد الشارِّي. وآباءِ عبد الله: ابن إسماعيلَ ابن خَلْفون وابن سعيدٍ الطَّرّاز وابن عِياض وابن يحيى ابن الحلاء، وأبي عامرٍ يحيى بن عبد الرحمن بن أبيّ، وأبوَي العبّاس: ابن محمد العَزَفي وابن عليّ بن محمد ابن الفَحّام، وأبي عثمانَ سَعْد بن محمد الحَفّار، وأبي عَمْرٍ ونَصْر بن عبد الله بن بَشِير، وأبي عِمرانَ بن عبد الرحمن بن السَّخّان (¬4)، وأبي الفُتُوح فاخِر، وأبي محمد ابن محمد الكَوّاب، وأبي يحيى عبد الرحمن بن عبد المنعم. رَوى عنه [...] (¬5)، وكتَبَ إليّ بالإجازة مُطلَقًا في كلِّ ما يصحُّ إسنادُه إليه. ¬

_ (¬1) ترجمه الذهبي في تاريخ الإِسلام 15/ 383، والصفدي في الوافي 7/ 241، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 87. (¬2) قيده الصفدي بالحروف. (¬3) بعد هذا فراغ في النسختين، وابن مصامد هو يوسف بن محمد بن علي بن جماعة الصنهاجي، من ساكني مالقة، والمتوفى سنة 633 هـ، وهو مترجم في الديباج المذهب لابن فرحون. (¬4) في ق: "إسحاق"، محرف، وهو أبو عمران موسى بن عبد الرحمن بن يحيى، من أهل غرناطة يُعرف بابن السخان، مترجم في التكملة (1786). (¬5) بياض في النسختين، وذكر الذهبي أن ممن أخذ عنه القراءات أثير الدين أبا حيان الغرناطي وأبا القاسم بن سهل.

410 - أحمد بن علي بن محمد بن حريث الأنصاري الخزرجي

وكان من أهل التفنُّن في المعارِف والحَذْق فيما ينتحلُه من العلوم حسَنَ الخُلُق والخَلْق قديمَ النَّجابة، بَرَّزَ في حَداثةِ سنِّه على أقرانِه واشتُهر بالذّكاء وتوقُّد الخاطِر، وشُغِف بالعلم كثيرًا، وانقَطعَ إلى خِدمتِه طويلًا. وُلدَ بغَرناطةَ يومَ الجمُعة لأربعَ عشْرةَ ليلةً خلَتْ من جُمادى الآخِرة سنة سبع وست مئة، وتوفّي بها لخمسٍ بقِينَ من ذي قَعْدةِ ثمانينَ وست مئة (¬1). 410 - أحمدُ بن عليّ بن محمد بن حُرَيْث الأنصاريُّ الخَزْرجيُّ. كان من أهل العِلم، حيًّا سنةَ خمس وخمس مئة. 411 - أحمدُ (¬2) بن عليّ بن محمد بن عبد الملِك بن سُليمانَ بن سيِّد الكِنانيُّ، إشبيليٌّ، أبو العبّاس، اللِّصّ. لقَّبَه بذلك الأُستاذُ أبو بكر بنُ يحيى الأبيضُ (¬3) في صِغَرِه لكثرة سَرِقتِه أشعارَ الناس بزَعْمه، فغَلَبَ عليه (¬4)، وقَلَبَ نسَبَه أبو جعفر بنُ الزُّبَيرِ فقال فيه: أحمدُ بن محمد بن عليّ، والصّحيحُ ما أثبتُّه، كذلك ذكَرَه غيرُ واحد من جِلّة ¬

_ (¬1) قال الذهبي: قال لي ابن سهل: إنه مات سنة ثمانين وست مئة، وهو في عشر الثمانين. (¬2) ترجمه التجيبي في زاد المسافر (25)، وابن دحية في المطرب (182)، وابن الأبار في التكملة (212)، وتحفة القادم (125)، وابن سعيد في رايات المبرزين (19)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 12/ 594، والصفدي في الوافي 7/ 218، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 344 نقلًا من ابن الزبير ومن هذا الكتاب. وذكر له المقري في نفح الطيب مقطعات من شعره. (¬3) ينظر زاد المسافر (66) وما بعدها، والمطرب (81). (¬4) في المن بالإمامة (ص 155) أنه يسمى باللص لقوله يتغزل في أبي الحسين ابن فَنْدِلة أيام الفتوة: خلبتَ قلبي بطرف ... أبا الحسين خلوبِ فلِمْ اسمَّى بلصٍّ ... وأنت لصُّ القلوبِ وواضح من البيتين أنه كان يسمى باللص قبل قوله لهما، ولابن دحية توجيه آخر لهذا اللقب قال: وكان شيخنا هذا رحمه الله يلقب باللص لدماثته وسكونه وتصرفه خفية في جميع شؤونه، ولكنه لا ينكر هذا اللقب مع جاهه عند سلطان زمانه.

أصحابِه الآخِذينَ عنه، واللهُ أعلم، وكذلك قال فيه أبو القاسم عبدُ الرحيم بن عيسى ابن المَلْجوم، وأرى أبا جعفرٍ من عندِه نقَلَه، واللهُ أعلم. رَوى عن أبي يحيى الأسَديِّ، وأبوَيْ بكر: ابن عبد الغنيِّ بن فَنْدِلةَ والأبيضِ المذكور، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي محمد بن محمد بن سارة. رَوى عنه أبوا بكر: ابنُ أحمدَ بن الجَدّ وابن عبد الله بن قَسّوم، وأبو جعفرٍ عبد الله بن عبد الرحمن بن مَسْلَمةَ، وأبو الحَسَن (¬1) بن وَجّاد، وأبو الحُسَين محمد بن محمد بن زَرْقُون، وأبو الخَطّاب عُمرُ بن الحَسَن بن الجُمَيِّل، وأبو العبّاس بن عبد السلام الجُراوي، وأبوا علي: الحَسَن بن إبراهيمَ قُرَيْعات وعُمرُ ابن محمد ابن الشَّلَوبِين، وأبو عَمْرٍو محمد بن عبد الله بن غِياث، وأبوا القاسم: عبدُ الرحيم بن عيسى ابن المَلْجُوم وعبد الرحمن بن يحيى بن عبد الرحمن بن حَكَم. وكان مُقرِئًا مجوّدًا (¬2)، متحقِّقًا بعلوم اللِّسان نَحواً ولُغةً وأدبًا، ذاكرًا للتواريخ حسَنَ المُجالسة، شاعرًا مُفلِقًا، وشعرُه مدوَّن، وأقرَأَ اللّغة والعربيّةَ والأدبَ طويلًا. ومن طريفِ ما جَرى له في انتحالِه شعرَ غيِره: أنّ أحدَ بني عبد المؤمن قَدِم على إشبيلِيَةَ واليًا، فانتَدبَ أُدباؤها (¬3) لامتداحِه وتلقِّيه بالتّهنئةِ والإنشاد، إذا دخَلوا عليه، قال: فطمِعتُ في تلك اللّيلة أن يَسمَحَ خاطري بشيءٍ في ذلك المقصِد فلم يتَّجِهْ لي شيء، فنظرتُ إلى مُعلَّقاتي فخَرَجَ لي قصيدٌ لأبي العبّاس الأعمى (¬4) وعليه مكتوبٌ ولم يُنشَدْ، فأدغَمْتُ فيه اسمَ ذلك الأمير وقلَبْتُه في مَدْحِه، فلمّا أصبَحنا وخرَجْنا إلى اللقاء وأنشَدَ الناسُ وأنشَدتُ ذلك القَصِيد، ¬

_ (¬1) بعد هذا فراغ في النسختين، وهو أبو الحسن وجاد بن أحمد بن وجاد الأزدي من أهل إشبيلية، وهو مترجم في التكملة الأبارية (3337). (¬2) في ق: "محدثاً"، وليس بشيء. (¬3) في ق: "أدباءها". (¬4) تنظر ترجمته المفصلة في مقدمة ديوانه بتحقيق الدكتور إحسان عباس يرحمه الله.

فقام أبو القاسم محمدُ بن إبراهيمَ ابن المَواعِيني (¬1) وأخرَجَ من كُمِّه القصيدَ نفْسَه وقد صنَعَ فيه ما صنعتُ، وأخبَرَ بقصّتِه في ذلك فإذا قصتُهما واحدة، فضحِكَ الوالي من ذلك وأثابَهما ثوابَ غيرِهما من الشّعراء، وكثُرَ العَجَبُ من تَوارُدِهما على السّرِقة، وصارت بينَ الناس أُحْدوثة زماناً. وبالجُملة، فإنه كان من الشّعراءِ المُجِيدين والأُدباء المبرِّزِين والأساتيذِ المُفيدين، وقد أنجَبَ تلامذة شُعراءَ بَرَعة. وممّا استُجيدَ من شعرِه في معنى المُناجاةِ: قولُه [الكامل]: مولايَ إنّي ما أتيتُ جريمة ... إلا وقلْتُ: تَندّمي يَمحوها لولا الرجاءُ ونيّةٌ لي نُطتَّها ... بكريم عَفْوِك لم أكنْ آتيها ونَظْمُه كثيرٌ، ومنه في الغَزَل [مخلّع البسيط]: كِلْني إلى أدمُع تسِحُّ ... تكتُبُ سرّ الهوى وتَمْحو يا جُمَلًا في الفؤادِ تُعْيي ... هل لك بينَ الجُفونِ شَرحُ أفْدي التي لو بَغَتْ فسادًا ... لم يكُ بينَ الأنامِ صُلحُ شَحَّ بها أهلُها وضَنُّوا ... أنا بها لو دَرَوْا أشَحُّ رَبِيْتُ جِدًّا بها ومَزْحًا ... فعاش جِدٌّ مات مَزْحُ صاحيةٌ والجفونُ سَكْرى ... مَن أسكَرَتْهُ فليس يَصْحو إنْ نالَني معشَرٌ بلَوْمٍ ... في طَيِّه الغِشُّ وهْو نُصْحُ قد قَدَحوا لو شَعْرتِ قلبي ... فيكِ وقَدْحُ اللّئام مَدْحُ جارَ عليكِ العبادُ ظُلمًا ... سَمَّوكِ ليلى وأنت صُبْحُ لو صحَّ أنّ الملامَ يُسْلي ... لَصحَّ أنّ الصّباحَ جُنْحُ (¬2) ¬

_ (¬1) مترجم في التكملة (1433). (¬2) الأبيات: 1، 2، 3، 6، 9، 10 وردت في زاد المسافر: 52 - 53.

412 - أحمد بن علي بن محمد بن علي بن سكن، مرباطري، أبو العباس

وأنشدتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيّ رحمه الله قال: أنشَدَني الراوِيةُ أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، قال: أنشَدَني أبو جعفرٍ عبدُ الله بن عبد الرحمن بن مَسْلَمةَ، قال: أنشَدَني الأستاذُ أبو العبّاس بن سيّد لنفسِه يُخاطبُ ابنَ فُضَيْل الكاتبَ في هجرةٍ نالَتْه [البسيط]: لا تيأسَنَّ فكم ضِيقٍ إلى سَعةٍ ... فيما بلَوْنا وكم همِّ إلى فَرَجِ إنَّ الأميرَ أبٌ نالَتْك جَفْوتُه ... وهل على جَفوةِ الآباءِ من حَرَجِ ومن شعرِه في حالِ مرضٍ أصابَه [المتقارب]: وقائلةٍ والضَّنى شاملي: ... عَلامَ سهِرتَ ولم تَرقُدِ وقد ذاب جِسمُك فوقَ الفِرا ... ش حتى خَفِيتَ على العُوَّدِ؟ فقلتُ: وكيف أُرى نائمًا ... ورابي المنيّة بالمَرصَدِ وكان دأبُه استصحابَ كِسْرةِ خُبز لا يُفارقُها، فقيل له في ذلك، فذَكَرَ أنه قيلَ له في النّوم: لا يموتُ إلا عطشان، فأنا أخافُ من ذلك، فإنْ أصابَني العطشُ دفعتُها إلى سَقّاءٍ يَسقيني، فقضَى اللهُ سبحانه أن توفِّي وحيدًا في منزلِه، فلا يَبعُدُ أن يكونَ مات عَطَشًا كما أُخبِر في النّوم، واللهُ أعلم. وكانت وفاتُه بإشبيلِيَةَ عامَ سبعة أو ثمانية، وقيل: ثلاثة، وقال أبو الحَسَن الشارِّي: اثنينِ وسبعينَ وخمس مئة. وهذان القولانِ الآخِران كلاهما باطلٌ قَطْعًا، فقد وقَفْتُ على بعض ما قُرئ عليه مؤرَّخًا بجُمادى الأُولى سنةَ أربع وسبعينَ. مَولدُه في صَفَرِ ثنتينِ أو ثلاث -الشكُّ منه- وخمس مئة. 412 - أحمدُ (¬1) بن عليّ بن محمد بن عليّ بن سَكَن، مُرباطري، أبو العبّاس. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (305)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 14/ 311، والصفدي في الوافي 7/ 238، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 87، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 20، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 645، والمقري في نفح الطيب 2/ 137.

413 - أحمد بن علي بن محمد بن علي بن هذيل، بلنسي، أبو جعفر

له رحلةٌ إلى المشرِق لَقِيَ فيها أبا الفَضْل بن أبي البَرَكات (¬1) الهَمْدانيَّ، بسُكونِ الميم والدّال الغُفْل، وأبا القاسم (¬2) ابنَ الوَجِيه، وبُرهانَ الدّين أبا محمد عبد العزيز (¬3) بن [سحنون الغماري] (¬4) نزيلَ القاهرة. وكان مُقرئًا مجوِّدًا ذا عنايةٍ تامّة بالقرآن العظيم وضَبْطِ أدائه وإتقانِ تلاوته، متحققًا بعلم العربيّة، تصَدَّرَ لإقراءِ القرآن وتدريس العربيّة بالفَيُّوم من صعيدِ مِصرَ واستَوطنَ به، وله اختصارٌ نبيلٌ في "التيسير" (¬5) لأبي عَمْرٍو وسَمّاه "التذكيرَ"، وشرَحَ القصيدةَ المسَمّاة بـ "حِرِز الأماني ووَجْه التهاني" في القراءاتِ السَّبع نَظْمَ أبي القاسم -ويقال: أبو محمد- قاسمِ بن فِيرُّه الشاطِبيِّ شرحًا جيِّدًا أفاد به. وتوفِّي في نحوِ الأربعينَ وست مئة. 413 - أحمدُ بن عليّ بن محمد بن عليّ بن هُذَيْل، بَلَنْسِيّ، أبو جعفر. ¬

_ (¬1) بعد هذا فراغ في النسختين، وفي التكملة: "وأخذ القراءات عن أبي الفضل جعفر بن أبي البركات الإسكندراني". وهو جعفر بن علي بن أبي البركات هبة الله بن جعفر، أبو الفضل الهَمْداني الإسكندراني المقرئ المجود المحدث الفقيه المالكي المتوفى سنة 636 هـ، ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال 6/ 229، وقال: سمعت منه، والمنذري في التكملة 3/الترجمة 2855 وقال: سمعت منه بالإسكندرية ومصر، والذهبي في تاريخ الإِسلام 14/ 207 وغيرهم. (¬2) بعد هذا فراغ في النسختين تركه المؤلف ليعود إليه فما عاد، وأبو القاسم ابن الوجيه هذا اسمه عيسى بن عبد العزيز بن عيسى الشريشي ثم الإسكندراني المتوفى سنة 629 هـ، له ترجمة مطولة في تاريخ الإِسلام للذهبي 13/ 899 بسبب كلام فيه. (¬3) في التكملة: "أبو محمد بن عبد العزيز"، وهو غلط، صوابه ما ذكره المؤلف، وهو أبو محمد عبد العزيز بن سحنون بن عليّ الغماري النالي النحوي العدل الملقب برهان الدين، سمع منه الزكي المنذري وترجمه في التكملة (3/الترجمة 2175)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 13/ 773، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 393، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 100 وغيرهم، وتوفي سنة 624 هـ. (¬4) ما بين الحاصرتين فراغ في النسختين، واستفدناه من التكملة الأبارية وغيرها. (¬5) في م: "التفسير"، وهو تحريف ظاهر.

414 - أحمد بن علي بن محمد بن علي الأنصاري، مالقي، أبو جعفر، ابن الفحام

تَلا على أبيه، وكان من أهل الخير والصّلاح مجوِّداً للقرآن العظيم ذاكراً لأصول القراءات وما اتّفَقَ عليه القَرَأةُ واختَلَفوا فيه، شديدَ الانقباض عن مُداخَلة الناس وخُلطتِهم، وكان حيًّا سنةَ إحدى وتسعينَ وخمس مئة. 414 - أحمدُ (¬1) بن عليّ بن محمد بن عليّ الأنصاريُّ، مالَقيٌّ، أبو جعفر، ابنُ الفَحّام. رَحَلَ إلى شرقِ الأندَلُس سنةَ ستّ وست مئة، فتلا هنالك بالسبّع على أبي جعفر بن عليّ الحَصّار وأخَذَ عنه جُملةً صالحة من كُتبِ القراءات، وتلا أيضًا بها على أبي عبد الله بن أيّوبَ بن نُوح، وتأدَّبَ به في الكثير من النَّحو واللّغاتِ والآدابِ والأشعارِ ودواوينِ علوم القرآن، ورَوى هنالك عن أبي الخَطّاب أحمدَ بن محمد بن واجِب وأكثَرَ عنه، وأبوَي الحَسَن: ابن أحمد بن خِيَرةَ وأبي الرَّبيع ابن موسى بن سالم، وغَلْبُونَ بن محمد، وأبي عبد الله بن عبد العزيز بن سَعادة، وأبي عليّ الحُسَين بن يوسُفَ بن زُلال، وأبي عُمرَ أحمدَ بن هارونَ بن عاتٍ، وأبي محمد عبد الحقّ بن محمد الزُّهْري، وأبي جعفرٍ (¬2) بن عيّاش المُرسِي. وأجاز له منهم: أبو عليّ بنُ زُلال وأبو محمدٍ غَلْبُون. وسمع بها على أبي القاسم أحمدَ بن عبد الوَدُود ابن سَمَجُون، هؤلاءِ شيوخُه الذين أخَذَ عنهم بالقراءةِ والسَّماع والمُناوَلة. وأجاز له أبو بكرٍ أُسامةُ بن سُليمان، وأبو الحَسَن بنُ أحمدَ بن كَوْثَر، وأبو خالدٍ يزيدُ بن محمد بن رِفاعة، وآباءُ عبد الله أبناءُ الأحمَدِين: بن سعيد بن عَرُوس وابن عبد الله ابن البَلَنْسي وابن سعيد بن زَرقُون، وأبَوا محمد: ابن محمد بن عُبَيْد الله وعبدُ المُنعم بن محمد ابن الفَرَس، فهؤلاءِ الذين أجازوا له، وذلك كلُّه حسبَما أثبَتَه في برنامَج رواياتِه عنهم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (307)، والحسيني في صلة التكملة 1/ 166، والذهبي في تاريخ الإِسلام 14/ 495 و 511، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 88، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 346 نقلاً عن ابن الزبير والمؤلف. (¬2) بعد هذا فراغ في النسختين تركه المؤلف، ولعله: أحمد بن عياش المرسي.

رَوى عنه أبو عبد الله بن يوسُفَ الطَّنْجاليُّ، وحدَّثنا عنه جماعةٌ من شيوخِنا، منهم: أبو جعفر بنُ عليّ الطّبّاع، وأبو الحَكَم مالكُ بن عبد الرحمن بن المُرحّل، وهو آخِرُهم، وأبَوا عبد الله: ابن عبد الله بن خَمِيس وابن يحيى بن أُبَيّ، وأبو عليّ الحُسَين بن عبد العزيز بن الناظِر. وكان مُقرِئًا متقدِّمًا في التجويد، مبرِّزًا في العربيّة، حسَنَ المشاركة في غير ذلك، راوِيةً للحديث، عَدْلًا ثقة، بارعَ الوِراقة مُثابِرًا عليها يَعيشُ منها وقتاً، وأتقَنَ ما تولّاه منها وأجادَ تقييدَه وكتَبَ الكثير. وكان تقِيًّا وَرِعًا فاضلًا مُؤْثرًا للخَلوة والانفراد بنفسِه مُلازمًا مسجدَه أكثرَ نهارِه لا يكادُ يَبرَحُ منه، وكان دأْبُه الدعاءَ في سجودِه بقولِه: اللهمّ يسِّرْ علَيَّ الموتَ وما بعدَ الموت. وكان مُواظِبًا على التبكير بالتهجير يومَ الجمُعة، فذَكَرَ الأمينُ الفاضلُ أبو بكرٍ يحيى بن مُفرِّج المالَقيُّ قال: كنتُ أُجهِدُ نفسي أن أسبِقَه (¬1) إلى الجمُعة فأجِدُه قد سَبقَني وما قَدَرتُ قَطّ أن أسبِقَه، فكنتُ أركعُ إلى جانبِه فأسفعُه كثيرًا يدعو في سجودِه بذلك الدّعاء. وقال أبو عبد الله الطَّنْجاليُّ: كنتُ أُصلِّي كلَّ جمُعة إلى جانبِه بمقصورةِ الجامع الأعظم بمالَقةَ فأسمعُه يدعو بذلك إذا سجَدَ، وأسمعُ أثناء ذلك وَقْعَ دموعِه على الحَصِير، فخرَجَ من مجلس إقرائِه يومَ موتِه من غيِر مَرض، فلمّا انتهَى إلى منزلِه التمسَ من أهلِه فَطورًا، فذهَبَتْ لتأتيَه بحَسْوٍ صُنعَ له، فجاءت به إليه فألفَتْه ميتاً رحمه الله، فقد قَبِلَ اللهُ تعالى دعاءه في تيسير الموت، واللهُ أكرمُ من أن لا يُجيبَ دعاءه في تيسير ما بعدَه بفضل الله عزَّ وجَل. وكانت وفاتُه لليلةٍ بقِيَت من رجب أربع وأربعينَ وست مئة ابنَ نحوِ تسعينَ سنة، وقال أبو عبد الله ابن الأَبّار. إنه توفِّي في جُمادى الأُولى سنةَ خمس وأربعينَ، فاللهُ أعلم. ¬

_ (¬1) قفز نظر ناسخ م إلى "أسبقه" الآتية.

415 - أحمد بن علي بن محمد بن عيسى، أبو العباس

قال المصنِّفُ عَفا اللهُ عنه: وقَعَ إليّ ذكْرُ أبي جعفر ابن الفَحّام المالَقيِّ يروي عن أبوَيْ بكر: ابن خَلَف بن صافٍ وابن طَلْحة، وأبي عليّ عُمَر بن عبد المجيد (¬1) الرُّنْدي، وأبي محمد بن الحَسَن ابن القُرْطُبي، وبعضِ من سُمِّي من أشياخ أبي جعفر بن عليّ المترجَم به، فغَلَبَ على ظني أنه هُو ولم أقطَعْ بذلك لحَصْرِه شيوخَه في برنامجَه الذي لخَّصتُ منه أسماءَ شيوخِه المذكورينَ أوّلًا، ولم أجدْه ذكَرَ هؤلاءِ فيهم والطبقةُ واحدةٌ والبلَدُ في بعضِهم واحد، فتعيَّن عليّ التوقَّفُ في ذلك حتى يصحَّ لي أو لغيري أمرُه فيعمَلَ بحسَبِ ذلك إن شاء الله. 415 - أحمدُ (¬2) بن عليّ بن محمد بن عيسى، أبو العبّاس. رَوى عن أبي العبّاس بن مَعدّ الأُقْليجي، وصَحِبَ أبا الوليد (¬3) بن خِيَرةَ من دانِيةَ إلى بِجاية فقَدِماها سنةَ ثلاث وأربعينَ وخمس مئة. حدَّث وأُخِذ عنه، وكان حيًّا سنةَ ثِنتينِ وسبعينَ وخمس مئة. 416 - أحمدُ بن عليّ بن محمدِ بن موسى الفِهْري، قُرطُبيُّ فيما أظَنُّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي بكر بن خَيْر، وأبَوي القاسم: خَلَف بن عبد الملكِ بن بَشْكُوال وأكثَرَ عنه، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عَمار. وكان من أهل العناية بالرِّواية فقيهًا عارِفاً بنَوازلِ الأحكام واستُقضِي. 417 - أحمدُ (¬4) بن عليّ بن محمد بن هارونَ بن خَلَف بن هارون السُّمَاتي، إشبيليّ، تُرجاليُّ الأصل، نزَلَ مَرّاكُشَ، أبو العبّاس، ابنُ هارون. ¬

_ (¬1) في ق: "عبد العزيز"، وهو غلط، وهو عمر بن عبد المجيد بن عمر الأزدي المعروف بالرندي، مترجم في التكملة الأبارية (2636). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (206). (¬3) بعد هذا بياض في النسختين، وأبو الوليد بن خيرة اسمه: محمد بن عبد الله بن محمد بن خيرة، وهو مترجم في الصلة لابن بشكوال (1302)، والمعجم في أصحاب القاضي الصدفي (151)، وتاريخ الإِسلام 12/ 35، وتوفي سنة 551 هـ. (¬4) ترجمه ابن فرحون في الديباج 1/ 219، والمراكشي في الأعلام 1/ 354.

من بيتِ هارونَ بن مَيْسَرةَ بن عبد الله، وسُماتُ الذي يُنسَبُ هو إليه يقال: هو سُومات بن يطفت بن يفجاون بن لوا الكبير ابن زجيج بن مادغس بن جر بن سقفو بن أبدح بن وليل بن كراطَ بن يام بن يرمَ بن ماش بن آدمَ بن يام بن حام بن نُوح النبيّ صلى الله على نبيِّنا وعليه وسلم. رَوى عن أبيه، وآباء محمد: ابن أحمدَ بن جُمْهُورٍ جَدِّه لأُمِّه وابن سُليمان بن حَوْطِ الله وعبدِ المُنعم بنَ محمد ابن الفَرَس، وأبي إسحاقَ بن خلَفَ السِّنْهُوُريِّ وأبي بكرِ عَتِيق بن عليّ بن قَنْتَرال، وأبي الحَسَن بن محمد بن خَرُوف النَّحْوي، وأبي ذَرٍّ مصعَب بن أبي رُكَب، وأبي عَمْرٍو بكرِ المُسفر، وأبوَي القاسم: الأحمدَيْنِ: ابن عبد الوَدُود بن سَمَجُون وابن يَزيدَ بن بَقِيّ، وأبي يحيى أبو (¬1) بكر بن عيسى، أخَذَ عنهم بينَ سَماع وقراءةٍ وأجازوا له. وقرَأ على أبي بكر بن طلحةَ، وذَكَرَ أنه لم يُجِزْ له، وعلى أبي الحَسَن بن عبد الله ابن آمِنة، وأبي الحَجّاج بن الفَتْح الباجِي وتدَبَّجَ معَه، وأبي الحَكَم (¬2) بن عبد الرحمن بن نُعمان، وأبي عبد الله بن عبد الكريم ابن الكَتّاني، وآباءِ العبّاس: ابن عليّ اللَّخْمي المتصَوّف وابن محمد المَخْزومي ابن النّجّار وابن محمد بن مُفرِّج النّباتي، وأبي عيسى يوسُفَ بن عيسى الشَّرِيشي، وأبي كامل تَمّام بن غالب، وأبي الوليد إسماعيلَ بن إبراهيمَ ابن (¬3) الأديب، ولم يَذكُرْ أنهم أجازوا له، ولقِيَ أبا يحيى بن محمد بن حِصْن (¬4)، وأبا جعفر بنَ عليّ بن عَوْن الله الحَصّار، وأبا الخَطّاب أحمدَ بن واجِب، وأبوَيْ عبد الله: ابن إسماعيلَ بن خَلْفُون وابن عبد الملكِ بن نسرةَ، وأبا العبّاس بن عليّ بن ثابت، وأجازوا له. ¬

_ (¬1) هكذا في النسختين. (¬2) بعد هذا فراغ في النسختين. (¬3) سقطت من ق. (¬4) في ق:"حفص".

وكتَبَ إليه مجُيزًا ولم يلقَهُ: أبو إسحاقَ بن حَسَن الشطاطي (¬1)، وأبو الصَّبر أيوبُ الفِهْري، وأبو القاسم محمدُ بن عليّ ابن (¬2) البراق، وأبو محمد بن محمد التادَليُّ. وأجاز له ولم يَذكُرْ لُقياه: إياه أبو جعفر بنُ محمد بن يحيى. ومن شيوخِه غيرَ من سَمَّى ممّن لم أتحقَّقْ كيفيَّة حَمْلِه عنهم: أبو أُميَّة إسماعيلُ بن سَعْد السُّعود بن عُفَيرْ، وأبو بكر بن عبد الملكِ بن زُهْر، وأبو جعفر بن عبد الرحمن بن مَضًاء، وأبو الحَجّاج بن عبد الصّمد بن نَمُوي، وابنُ اختِ ابن وَهْبونَ، كذا ذكَرَه، والذي أعرِفُ الآنَ يوسُفَ بن إبراهيم بن عبد العزيز بن وَهْبون الكَلاعيَّ، ولعلّه هذا ونُسِب إلى خالِه، فكثيرًا ما يوجَدُ مثلُ هذا كبني أُبَيّ وغيرِهم، وأبو الحَكَم (¬3) بن حَجّاج، وأبو الرَّبيع بن موسى بن سالم، وأبو زيد بن يَخْلفْتن الفًازًازي، وآباءُ العباس: ابن جعفرٍ الرُّعَيْنيُّ اللَّبْليُّ، وابنُ محمد العَزَفي، وابن (¬4) الأصفَر، وأبو الفَضْل العبّاسُ بن عبد العزيز ابن الغَرابِيلي، وأبو المتوكِّل الهيْثمُ، وأبو نَصْر الطُّفَيْلُ بن أبي الحَسَن محمد بن عظيمة (¬5)، وأبو يعقوبَ (¬6) التّادَلي. رَوى عنه من كبارِ أصحابِه المعدودِينَ في شيوخِه: أبو الحَجّاج بن الفَتْح الباجِيُّ المذكورُ وتدَبَّجا، وأبو عبد الله بنُ أحمدَ الرُّنْدي. وكان أحدَ شُيوخ أهل العلم، عُنيَ طويلًا برواية الحديث ولقاءِ حمَلتِه بإشبيِلِيَةَ وغيرها من بلاد الأندَلُس وبسَبْتةَ وفاسَ ومَرّاكُشَ وغيرِها من مُدُن ¬

_ (¬1) في ق: "الشطامي". (¬2) سقطت من ق. (¬3) بعد هذا بياض في النسختين. (¬4) بعد هذا بياض في النسختين. (¬5) في ق: "عطية"، محرف، وهو أبو نصر الطفيل بن محمد بن عبد الرحمن بن الطفيل العبدي المقرئ من أهل إشبيلية المعروف بابن عظيمة، مترجم في التكملة الأبارية (951)، وسيأتي في موضعه من السفر الرابع من هذا الكتاب (الترجمة 296). (¬6) بعد هذا فراغ في النسختين.

418 - أحمد بن علي بن محمد بن يخلف الأنصاري، أبو جعفر

العُدْوة، وكثُرَ تهمُّمُه بتقييدِ العلم وتخليدِ التواريخ، وكتَبَ بخطِّه الكثيرَ الجيِّد من الدّواوينِ الكبار والدّفاتر الصِّغار، وقَطَعَ في ذلك عُمُرَه الممتدَّ وتخلَّف من ذلك أحمالًا من التصانيف الكبار والصّغار والتعاليق والفوائد شَهِدت بطُول إكبابِه على خدمة العلم وإن كانت تشتملُ على أوهامٍ عَثَرْتُ على كثيرٍ من ذلك فيها. وكان معَ ذلك فقيهًا حافظًا، عاقدًا للشّروط بصيرًا بها، مُبرِّزًا في المعرِفة بعِلَلِها والضّبط لأحكامِها، ذاهبًا في كَتْبِها إلى الاختصار، معَ جَوْدة إحكام عقودِها ومتعلِّقاتِ ما تقتضيه، أدركتُه وعاينْتُه بدُكّانِ انتصابِه لعَقْد الشّروط وبغيرِها، شيخًا نقيَّ الشَّيبة حسَنَ القَدِّ نظيفَ الملبَس وَقُورًا، أجَلَّ كبارِ العاقِدينَ للشّروط بمَرّاكُش والمقدَّمينَ في العدالة بها مُكبَّرًا عند الخاصّة والعامّة معروفَ القَدْر والجلالة عند القُضاة والرّؤساء مُستمرَّ الحال على ذلك إلى أن توفِّي رحمه اللهُ بها في منتصَف ذي قَعْدةٍ من عام تسعةٍ وأربعينَ وست مئة وقد ناهَزَ الثمانينَ أو أرْبَى عليها. 418 - أحمدُ (¬1) بن عليّ بن محمد بن يَخلُفَ الأنصاري، أبو جعفر. رَوى عن أبي الحَسَن عبد الرحيم بن قاسم الحِجَاري، وكان مُقرئًا مجوِّدًا نَحْويًّا ماهرًا. 419 - أحمدُ (¬2) بن عليّ بن محمد الأنصاريّ الأَوْسيّ، قُرْطُبيّ، سكَنَ باغُه (¬3) وأصلُه من وادي آش، أبو جعفر. رَوى عن أبي إسحاقَ بن عبد الملكِ بن طَلْحةَ، وأبي بكر بن سَمَجُون، وأبي بحرٍ عليّ بن جامِع، وأبي القاسم خَلَف بن عبد الملكِ بن بَشْكُوال. رَوى عنه أبو القاسم القاسمُ بن محمد ابن الطَّيْلَسان. وكان محدِّثًا حافظًا للقرآنِ العظيم كثيرَ التلاوة له ديِّنًا فاضلًا، أديبًا ذاكرًا، يَستظهِرُ "أماليَ" أبي علي ¬

_ (¬1) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 346 نقلًا عن المؤلف. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (256). (¬3) في ق: "غرناطة"، وهو تحريف، وما أثبتناه من م والتكملة.

القالي، وكثيرًا من الأشعار، وكتَبَ الآدابَ، معَ العفاف والنَّزاهة والشُّهرة بالصّلاح والعدالة. وتوفِّي في أواخرِ ستّةٍ أو أوائل سبعة وست مئة، ودُفن خارجَ باب عامر أحدِ أبواب قُرْطُبة. قرأتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ رحمه اللهُ وأراني مثالَ النَّعل النَّبويّة وحَذاً لي عليه، قال: أخبَرني الراوِيةُ أبو القاسم القاسمُ بن محمد بن الطَّيْلَسان وأراني مثالَ النَّعل النَّبَويّة وحَذاً لي عليه، قال: أخبرنا الإمامُ أبو جعفرٍ أحمدُ بن عليّ الأَوْسيُّ رحمه اللهُ قراءةً منّي عليه وحَذَوْتُ هذا المثالَ على مقدارِ نَعْل كان عندَه ناوَلَنيه وقال لي: أخبرنا الإمامُ أبو القاسم خَلَفُ بن عبد الملِك بن بَشْكُوال قراءةً منّي عليه ودفَعَ إليّ مثالَ نَعْل كان عندَه فحَذَوْتُ عليه ونقَلتُ هذا منه وقال لي: أخبَرَني الإمامُ أبو بكر ابنُ العَرَبي وحَذَوتُ على مقدار نَعْل كان عندَه، قال: حدثنا أبو القاسم مكِّيُّ بن عبد السلام بن الحَسَن الرُّمَيْليُّ لفظًا وحَذَوْتُ على مثلِ نَعْل كان عندَه، قال: حدّثنا أبو زكريّا عبدُ الرحيم بنُ أحمدَ بن نَصْر بن إسحاقَ البُخاريُّ الحافظُ بمِصرَ لفظًا وحَذَوتُ على مثالِه، قال: قال لي محمدُ بن الحَسَن (¬1) الفارِسيُّ: حَذَوْتُ هذه النَّعلَ على مقدارٍ نَعْلٍ كانت عند محمد بن جعفر التَّميمي، وذَكَرَ أنه حَذًا على نَعْلٍ كانت لأبي سعيدٍ عبدِ الرحمن بن محمد بن عبد الله بمكّة، أخبرنا إبراهيمُ بن سَهْل الشَّيْبيُّ (¬2) أبو يحيى بنُ أبي مسَرّةَ، أخبرنا ابنُ أبي (¬3) أُوَيْس إسماعيلُ بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن أبي أُوَيْس، عن مالك بن أبي عامرٍ الأصبَحيّ، قال: كانت نَعْلُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - التي حَذَيْتُ هذه النَّعلَ على مِثالهِا عندَ إسماعيلَ بن إبراهيمَ بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ¬

_ (¬1) سقطت من ق. (¬2) في ق: السبتي، وهو تحريف. (¬3) قوله: "مسرة، أخبرنا ابن أبي" سقطت من ق.

رَبيعةَ المَخْزُوميِّ، قال إسماعيلُ: فأمرَ أبي أبو أُوَيْس فحَذًا هذه النَّعلَ على نَعْلِ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - سواءً ولها قِبالانِ في موضعَي النُّقطتَيْن، قال إسماعيل: وإنّما صارتْ نَعُل رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى إسماعيلَ بن إبراهيمَ فيما بَلَغَنا ممّن نثِقُ به أنها كانت عندَ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها زَوْجِ النبيِّ - رضي الله عنها -، ثُم صارت من قِبَلِ عائشةَ إلى أُختِها أُمّ كُلثوم بنتِ أبي بكرِ الصِّدّيق رضيَ اللهُ عنهما، وكانت أُمُّ كلثوم عندَ طلحةَ بن عُبَيد الله بن عُمرَ بن كَعْب بن سَعْد بن تَيْم، فقُتلَ يومَ الجَمَل فخَلَفَ على أُمّ كلثوم عبدُ الله بنُ عبد الرحمن بن أبي رَبيعةَ المَخْزوميُّ، وهو جَدُّ إسماعيلَ الذي كانت عندَه نَعْلُ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). قال الراوِيةُ أبو القاسم: وأخبرَني الإمامُ أبو العبّاس أحمدُ بن مِقْدام قال: أخبرنا أبو بكر ابن العَرَبي قال: أخبرنا أبو المُطهَّر الأثِيريُّ، قال: حدثنا أبو نعيم الحافظُ (¬2) قال: حدثنا ابنُ خَلّاد (¬3)، قال: حدثنا الحارثُ بن أبي أُسامةَ قال: حدثنا أشهَلُ (¬4)، قال: حدثنا ابنُ عَوْنِ (¬5)، قال: أتيْتُ حَذّاءً بالمدينة، فقلتُ: احْذُ نَعْلي، فقال: إنْ شئتَ حذَوْتُها هكذا وإن شئتَ حَذَوْتُها كما رأيتُ نَعْلَ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: وأين رأيتَ نَعْلَ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: رأيْتُها في ¬

_ (¬1) انظر وجوه سند ابن العربي هذا في فتح المتعال: 116، 118، 120. (¬2) في ق: "إبراهيم"، محرف، وما أثبتناه من م، وهو صاحب "تاريخ أصبهان" و"حلية الأولياء" وغيرهما، والمتوفى سنة 430 هـ. (¬3) في م: "ابن أبي خلاد"، وفي فتح المتعال: "ابن أبي جلدة"، وكله تحريف والصواب ما أثبتنا من ق، وهو أبو بكر أحمد بن يوسف بن خلاد العطار وهو من المكثرين بالرواية عن الحارث بن محمد بن أبي أسامة، روى عنه أبو نعيم الأصبهاني "مسند الحارث بن أبي أسامة" وغيره، وتوفي في صفر سنة 359 هـ، كما في تاريخ مدينة السلام للخطيب 6/ 469 - 470، وسير أعلام النبلاء 16/ 69، والتقييد لابن نقطة (140). (¬4) في فتح المتعال: "سهل"، محرف، وهو أبو حاتم أشهل بن حاتم الجمحي البصري، من رجال التهذيب 3/ 300، وتاريخ الإسلام 5/ 36، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم 2/الترجمة 1319. (¬5) هو عبد الله بن عون المحدث المشهور.

بيتِ فاطمةَ بنتِ عبد الله بن العبّاس، فقلتُ: احْذُها كما رأيتَ نَعْلَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم -، فحَذَاها لها قِبالانِ، قال: فقَدِمتُ وقدِ اتّخَذَها محمد، يعني ابنَ سِيرين (¬1). قال الراوِيةُ أبو القاسم: حدَّثني أبو الحَسَن عليُّ بن أحمدَ الإمام بقراءتي عليه بالمسجد الجامع بقرطبة (¬2)، قال: حدّثنا الحافظُ أبو بكر محمدُ بن عبد الله ابن العَرَبي، قال: حدّثنا المبارَكُ بن عبد الجَبّار الصَّيْرَفيّ ببغدادَ قال: حدّثنا أبو يَعْلَى أحمد بن عبد الواحِد بن محمد بن جعفر، قال: أخبرنا أبو عليّ الحَسَن (¬3) بن محمد بن شُعبَة المَرْوَزي، قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمدَ بن محبوب، قال: حدّثنا أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي، قال (¬4): حدّثنا محمد بن بشّار، قال: حدّثنا أبو داود (¬5)، قال: حدّثنا هَمّامٌ، عن قَتاًدةَ، قال: قلتُ لأَنَس بن مالك رضيَ اللهُ عنه: كيف كانت نَعْلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: لها قِبالان. قال المصِّنفُ عَفَا اللهُ عنه: ومثالُ النَّعل هُو ما تَرى في الصَّفْحة المتّصِلة بهذه إن شاء الله (¬6). وأُنشِدت على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيّ رحمه اللهُ لنفسِه فيه ونقَلتُه من خطِّه [الطويل]: مثالٌ لنعل المصطفى سيِّدِ الوَرَى ... نبيِّ الهُدى المختارِ من آلِ هاشمِ حَذَاهُ لنا أشياخُنا عن شيوخِهمْ ... بإسنادِهمْ عن عالمٍ بعدَ عالمِ ¬

_ (¬1) ينظر فتح المتعال (120). (¬2) في ق: "بغرناطة"، وما أثبتناه من م، وهو الصواب، فأبو القاسم ابن الطيلسان قرطبي. (¬3) في ق: "الحسين"، محرف، وهو الحسن بن محمد بن أحمد بن شعبة أبو علي المروزي السنجي نزيل بغداد والمتوفى بها سنة 391 هـ، وهو مترجم في تاريخ الخطيب 8/ 450، وتاريخ الإسلام 8/ 701. (¬4) الجامع الكبير (1772)، والشمائل (75)، وهو في صحيح البخاري (5857) وغيره. (¬5) هو الطيالسي. (¬6) لا صورة ولا بياض في النسختين، وتنظر الصورة في فتح المتعال (132) وما بعدها، وأزهار الرياض 3/ 267، وجاء في حاشية م: "لم نجد الورقة التي فيها صورة النعل الكريمة".

فأهدَى إلى أبصارِنا كلَّ قُرّةٍ ... ونالَ به أقصَى المُنى كلُّ لاثمِ تلقَّتْه منّا أوجهٌ بخدودها ... وألقَتْه أيْدِينا مكانَ العَمائمِ وعُفِّرَتِ الوَجْناتُ فيه محبّة ... وألصقَ تقبيلًا له بالمَباسمِ فقُدِّستِ النَّعلُ التي قد غَدَتْ لها ... خواضعَ تيجانُ الملوكِ الأعاظمِ إذا لم تُعايِنْها فهذا مثالُها ... مثيرٌ شديدَ الشَّوق من كلِّ هائمِ فَلَثْمُ ثَراها فيه رَيٌّ لأنفُسٍ ... لأنْ تَبرُدَ الأكبادُ منه حوائمِ فليتَ جَبيني كان مَوطئَها فلا ... يَخافُ غدًا للنارِ لَفْحةَ جاحمِ ويا فَضْلَها لمّا حوَتْ رِجْلَ سيّدٍ ... تُقرُّ له بالفَضْل كلُّ العوالمِ حبيبي رسُولِ الله خاتمِ رُسلِهِ ... وصَفْوتِه المُعطى جميعَ المكارمِ حنيني إلى تُرْبٍ له كان واطئًا ... تقَدَّس من تُربٍ حنينُ الرّوائمِ فهل لي سبيلٌ والمُنى قد تُتاحُ لي ... إلى وَقْفةٍ ما بينَ تلك المَعالمِ فأشْفي غَلِيلي بالتثامي تُرابَها ... وأسقيه من دمعي بأَوْكف ساجمِ على خر خَلْقِ الله أزكَى تحيّةٍ ... تَخُبُّ بها أيدي المَطِيِّ الرّواسمِ فتحمِلُ طِيبًا نحوَ طِيبةَ زاريًا ... على نَفَحاتِ المِسكِ طيَّ اللّطائمِ (¬1) وتُهديه للقبرِ الكريم وقد سَرَتْ ... على الرَّوْض هبّاتِ الرياح النَواسمِ (¬2) وأنشَدني شيخُنا أبو الحَكَم مالكُ بن عبد الرحمن المالَقيُّ عَفَا اللهُ عنه بسَبْتَةَ حرَسَها الله لنفسِه، وكتَبَ لي بخطِّه في هذا المعنى ووَطّأَ له بمدحِهِ - صلى الله عليه وسلم -[الطويل]: ¬

_ (¬1) في فتح المتعال: "الأطائم"، وهو تحريف. (¬2) أورد هذه القصيدة -فيما خلا البيت الثالث منها- المقري في فتح المتعال 289 - 290 نقلًا عن ابن عبد الملك بواسطة رحلة ابن رشيد.

بوَصْف حبيبي طرَّزَ الشعرَ ناظمُهْ ... ونَمْنمَ خدَّ الطّرسِ بالنَّقْش راقمُهْ حبيبٌ (¬1) له فضلٌ على الناس كلِّهمْ ... مفاخِرُه مشهورةٌ لا ومكارِمُهْ له الحُسنُ والإحسانُ في كلِّ مذهبٍ ... فآثارُه محمودٌ ومَعالمُهْ رَؤوفٌ عَطو فٌ أوسعُ الناس رحمةً ... وجادَتْ عليهم سُحْبُهُ (¬2) وغَمائمُهْ حفِيٌّ وَفِيٌّ لا تَمينُ عُهودُهُ ... حَمِيٌّ أبيٌّ لا تَلينُ شَكائمُهْ وكم نازعَتْه الأمرَ قومٌ (¬3) أعِزّةٌ ... فما أسلمَتْه بِيضُهُ وصَوارمُهْ (¬4) غدا العالَمُ الأعلى (¬5) يقاتلُ (¬6) دونَهُ ... فتَقدُمُهُ قبْلَ اللقاءِ هزائمُهْ سَلِ الحربَ عنه يومَ أُحْدٍ وغيرَه ... ويومَ حُنَيْن كيف كانت عزائمُهْ أمًا حسَمَ الكُفرَ الصّريحَ حُسامُهُ ... أمًا صرَمَ الإفْكَ [الصَريحَ] (¬7) صَوارمُهْ؟ أمًا نَصَرَ الإسلامَ نَصْرًا مُؤزَّرًا ... فلم يَنْجُ إلّا مسلمٌ أو مُسألمُهْ؟ نبيٌّ له في حضرةِ الحقِّ رُتبةٌ ... ترَفَّي بها في عالَم العُلوِ عالمُهْ به ختَمَ اللهُ النبيِّينَ كلَّهمْ ... وكلُّ فِعَال صالح هو خاتمُهْ أُحبُّ رسُولَ الله حبًّا لوَ أنّهُ ... تَقاسَمَه جِيلٌ (¬8) كفَتْهمْ قسائمُهْ كأنّ فؤادي كلّما مرَّ ذكْرُهُ ... من الوُرْقِ خَفّاقٌ أُصيبَتْ قَوادمُهْ أميلُ (¬9) إذا هبَّت نواسمُ أرضِهِ ... ومَن لفؤادي أن تهُبّ نَواسمُهْ ¬

_ (¬1) في فتح المتعال: "نبي". (¬2) في فتح المتعال: "بالنوال"، وكذلك في المواهب اللدنية. (¬3) في فتح المتعال: "شم". (¬4) في فتح المتعال: "ولهاذمه". (¬5) في فتح المتعال: "العلوي". (¬6) في فتح المتعال: "ينازع". (¬7) بياض في النسختين وما بين الحاصرتين مستفاد من فتح المتعال. (¬8) في فتح المتعال: "تقسمه قومي"، وفي نسخة:"تقسمه جيلي". (¬9) في فتح المتعال:"أهيم"، وكذلك في المواهب اللدنية.

فأنشَقُ مِسكًا تُبّتيًا كأنمّا (¬1) ... نَوافجُه (¬2) جاءت به ولطائمُهْ وممّا دَعاني والدواعي كثيرةٌ ... إلى الشّوقِ أنّ الشّوقَ ممّا أُكاتمُهْ مثالٌ لنَعْلَيْ مَن أُحبُّ حَذَيْتُهُ (¬3) ... وها أنا في يومي وليليَ لاثمُهْ أجُرُّ على رأسي ووجْهي أديمَهُ ... وألثُمُهُ طَوْرًا وطَوْرًا أُلازمُهْ صَبابةَ مشتاقٍ ولَوْعَةَ هائمٍ ... نعَمْ، أنا مشتاقُ الفؤادِ وهائمُهْ كأنّ مثالَ النَّعلِ محِرابُ مسجدٍ ... فؤاديَ (¬4) فيه شاخصُ الطَّرفِ دائمُهْ أمثِّلُهُ في رِجْل أكرم مَنْ مشَى ... فتُبصرُه عيني وما أنا حالمُهْ أصُكُّ به خَدّي وأحسَبُ وقعَهُ ... على وجْنَتي خَطْوًا هناك يُداومُهْ ومَن لي بوَقْع النَّعل في حُرِّ وَجْنتي ... لِماشٍ علَتْ فوقَ النجوم بَراجمُهْ تَفيضُ دموعي كلَّما لاحَ نورُهُ ... بكاءَكَ للبَرْقِ (¬5) الذي أنت شائمُهْ فيا دمعَ عيني أنت تمنَعُ ناظري ... نعيمًا به فارفُقْ فإنّكَ ظالمُهْ ويا حَرَّ قلبي أنت تحرمُ باطني ... لصُوقًا به فاسكُنْ لعلَّكَ راحمُهْ سأجعَلُه فوقَ الترائبِ عَوْذةً (¬6) ... لقلبي لعلَّ القلبَ يُطفَأُ (¬7) جاحِمُهْ وأربِطُه فوقَ الشؤونِ تميمةً ... لجَفْني لعلّ الجَفْنَ يَرقأُ ساجمُهْ ألا بأبي تمثالُ نَعْل محمدٍ ... لقد طابَ حاذيهِ وقُدِّس خازمُهْ (¬8) ¬

_ (¬1) في فتح المتعال: "طيبًا وكأنما"، وكذلك في المواهب اللدنية. (¬2) في فتح المتعال: "نوافخه"، وهو تصحيف. (¬3) في ق: "حويته"، وكذلك في فتح المتعال. (¬4) في فتح المتعال: "فوجهي". (¬5) في فتح المتعال:"يكابد ذا البرق"، وهو تحريف. (¬6) في فتح المتعال: "عودة". (¬7) في فتح المتعال: "يبرد". (¬8) خزم شراك النعل: ثقبه وشدّه.

يوَدُّ هلالُ الأُفْقِ لوأنه هَوَى ... يُزاحمُنا في لَثْمِهِ ونُزاحمُهْ وما ذاك إلّا أنّ حُبَّ نبيِّنا ... يقومُ بأجسام الخلائق لازمُهْ سلامٌ عليه كلّما هبَّتِ الصَّباً ... وغنَّت بأغصانِ الأراكِ حَمائِمُهْ سلامٌ عليه كلّما افتَرَّ بارِقٌ ... فراقَتْ عيونُ المُجدِبينَ مَباسِمُهْ سلامٌ عليه ما تفاوَحَتِ الرُّبَى ... بزَهْر كأنّ المِسكَ تَحوي كمائمُهْ (¬1) قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وفي هذه القصيدة، على ما بها من إجادة، تعقُّبٌ من وجوه، منها: التضمينُ، وهو من عيوبِ النَّظْم، وذلك في قولِه: وممّا دَعاني، والبيتِ الذي بعدَه، ومنها: الإيطاءُ في صوارمُهْ في بيتينِ بينَهما بيتان، ومنها: إعادةُ ضمير نواسمُهْ وهو مُذكَّر على الأرض وهي مؤنَّثة، وحَمْلُها على إرادةِ التذغير بتأويل المكان أو المحَلّ أو شِبهِهما أو إعادتُه على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بأدنَى نسبة، كلُّ ذلك متكلَّفٌ (¬2) بعيدُ المُتناوَل، ولو جَعَلَ الرَّبْعَ عِوَضَ الأرض لخَلَصَ من هذا الانتقاد وأحرَزَ فَضْلَ الصِّقالةِ في اللّفظ، واللهُ أعلم (¬3). ¬

_ (¬1) أورد المقري في فتح المتعال 282 - 284 هذه القصيدة بتمامها نقلًا عن رحلة ابن رشيد وذكر أن صاحب المواهب اللدنية أنشد بعضها، وهي غير كاملة في أزهار الرياض 3/ 263، وانظر أيضًا المواهب اللدنية بشرح الزرقاني 5/ 50 - 51. (¬2) في ق: "تكلف". (¬3) نقل ابن رشيد في رحلته تعقيب المؤلف على قصيدة ابن المرحّل ثم عقّب عليه تعقيبًا نورده تتميمًا للفائدة فيما يلي: قال ابن رشيد: هذا ما قاله صاحبنا جريًا على عادته - عفا الله عنه - من انتقاص الأفاضل، واعتساف المجاهل، وترك الصافي الزلال وورود الكدر والعكر من المناهل، وكل ما قاله فاسد، والنقد عليه عائد. أما هذا التضمين الذي ادعى أنه عيب فليس بهذا، وإنما العيب الذي ترجم له أهل القوافي هو ما كان بين القافية وصدر البيت الذي يليها كقولهم: ........................... ... وهم أصحاب يوم عكاظ إني شهدت لهم مواطن صادقات وأما هذا التضمين الذي فعله الشيخ فسبيل مفيدة، وطريق مستحسنة عند العرب والمولدين المتقدمين منهم والمتأخرين. وإنما أوقعه في ذلك عدم معرفته باللفظ المشترك، وأما ما ادّعاه من =

وأنشَدَني أيضًا بسَبْتةَ حرَسَها اللهُ تعالى، لنفسِه في المعنى وكَتبَه لي بخطِّه [الطويل]: أدمعُكَ أم سِمطٌ وقلبُك أم قُرْطُ ... وشوقُك أم سَقْطٌ وجِسمُك أم خَطُّ؟ أخافرةٌ بعدَ النُّزوع على الصِّبا ... وللشَّيب رَشْقٌ في عِذارِكَ أم وَخْطُ؟ أَلا لا (¬1) ولكنْ نفحة قُدُسيّةٌ ... أشُمُّ لها تُرْبَ الجنان فأنحَطُّ رأيتُ مثالَ النَّعل نَعْلِ محمدٍ ... فمِلتُ وما لي غيرُ ذِكْراه إسفَنْطُ (¬2) خَرقتُ (¬3) حِجابَ السَّبع عن حُسن وجهِهِ ... فأبصَرْتُه في سِدرةِ المُنتهَى يخطو رأيتُ مثالًا لو رأتْه كرُؤيتي ... نجومُ الدُّجن واللّيلُ أسودُ مُشمطُّ لَسرَّ (¬4) الثُّرَيّا أنها (¬5) قَدَمٌ ولم ... يَسُرَّ الثُّريّا أنّها أبدًا قُرْطُ إلا بأبي ذاك المثالُ فإنه ... خيالُ حبيبٍ والخيالُ له قِسْطُ فإن لم يَكُنْها (¬6) أو تكُنْه فإنهُ ... أخوها اعتدالًا مثلَ ما اعتَدلَ المِشطُ ¬

_ = الإيطاء فغلط وقر في سمعه أو في خطه عند كَتْبه ووضعه، وإنّما قال الناظم في البيت السادس: فما أسلمته بيضه ولهازمه. وإنما وقع: صوارمه في البيت التاسع وهو الذي ألزم به النقد هذا الناقد المتعسف. وأما ما قاله في عود الضمير فمما تصان عنه المسامع. ويا لله ويا الله ويا للمسلمين ما الذي يمنع من إعادة الضمير على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأي تكلف فيه أو أي نسبة أو بُعد تناول؟! مع أن إعادته على الضمير المخفوض في قوله: أرضه، وهو ضمير المثال أو ضميره - صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم - صحيح حسن. ولكنها عادة تعوّدها، ووسادة اعتمدها وتوسدها. وما نعلم في هذه القصيدة شيئاً ينقد إلا ثقل لفظ: أصك به خدي. والله المرشد، والإنصاف أحق ما اعتمد، وأولى ما اعتضد. اهـ (من فتح المتعال للمقري 285 - 286). (¬1) في فتح المتعال: "أجل". (¬2) في فتح المتعال: "تملت وما لي غير ذلك إسفنط". (¬3) في فتح المتعال: "رمقت". (¬4) في فتح المتعال: "يسر". (¬5) في ق: "أنهم". (¬6) في فتح المتعال:"فإلّا تكنها".

أرى لثْمَهُ مثلَ التيمُّم مُجزِيًا ... فألثُمُهُ حتى أقولَ سينغَطُّ وماهيَ إلّا لوعةٌ وصَبابةٌ ... بقلبي لها قِسطٌ (¬1) وفي مَدْمَعي سِمْطُ قَذَفتُ الكَرى في الدّمع والصّبرَ في الأسَى ... وهيهاتَ أن يُطفًا ومُوقِدُهُ الشَّحطُ (¬2) سيُطفَأُ يومَ الحشْرِ عند لقائهِ ... على الحَوْض بالكاس الرَّويّةِ إذْ أُعْطُوا (¬3) تبسَّطَ عبدٌ مُذنبٌ غيرَ أنهُ ... بحُبِّ رسُولِ الله صَحَّ له البَسْطُ عليه سلامُ الله ما عنَّ عارضٌ ... ولاحَ له بَرْقٌ وسَحَّ له نَقْطُ (¬4) قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: وفي هذه القصيدة أيضًا، على حُسنِها، تعقُّبٌ من وجوه، منها: استعمالُ أمْ مكان أو في قولِه: أم وَخْطُ، وفي حملِها على الانقطاع بعدَه لا يَحْسنُ فيه المعنى إلا على تكلُّف، ومنها: تكريرُ المعنى في قولِه: بقلبي لها سَقْطُ، وفي مَدْمَعي سِمْطُ، فبه افتَتحَ القصيدةَ، وذلك ضِيقُ عَطَنٍ، ومنها: استعمالُ البَسْطُ في قافية البيت الذي قبلَ الأخير منها مكانَ التبسُّط، ومنها، وهو أقبحُها: التضمينُ المَنْعيُّ عليه في القصيدة التي قبلَ هذه، وذلك بينَ البيتَيْن: رأيتُ مثالًا، والذي بعدَه يليه، وفي البيت الثاني منهما معنًى بديعٌ قلَبَه من معنى آخَر ونقَلَ مُعظمَ ألفاظِه، وذلك في قول أبي العلاءِ أحمدَ بن عبد الله بن سُليمان بن محمد بن سُليمان بن أحمدَ بن محمد بن سُليمان بن أحمدَ بن سليمان (¬5) بن داودَ بن المُطهَّر بن زيادِ بن رَبيعةَ بن الحارِث بن رَبيعةَ بن أرقمَ بن أنورَ بن ¬

_ (¬1) في فتح المتعال: "سقط". (¬2) في فتح المتعال: قذفت الكرى في الدمع والصبر في الأسى ... فأغرق ذا نقط وأحرق ذا نقط فلا تغفلي ياعين أو يطفأ الأسى ... وهيهات أن يطفأ وموقده الشحط (¬3) في فتح المتعال: "يعط". (¬4) أورد هذه القصيدة بتمامها المقري في فتح المتعال 217 - 218 نقلًا عن المؤلف هنا بواسطة رحلة ابن رُشيد. (¬5) من "سليمان" السابقة إلى هنا سقط من ق.

أسحَمَ بن النُّعمان -ويقال له: الساطعُ- بن عَدِي بن عبد غَطَفان بن عَمْرو بن بديح بن جَذِيمةَ بن فَهْم، وهو تَنُوخُ بن تَيْم الله بن أسَد بن وَبْرةَ بن ثَعلبِ بن حُلْوان بن عِمران بن الحاف بن قُضَاعةَ التَّنوخيُّ الساطِعيُّ المَعَرِّيّ [الطويل]: قُرَيْطِيّةُ الأخوالِ ألمعَ قُرْطُها ... فسَرَّ الثُّريّا إنها أبدًا قُرْطُ (¬1) ويتبيَّنُ ذلك بإيراد المقصُود ممّا ذكَرَه الأستاذُ أبو محمد بنُ محمد بن السِّيْد البَطَلْيَوْسيُّ في كلامِه على هذا البيت في شَرْحه ما اختار شَرْحَه من شعرِ العَرِّي، وذلك قولُه (¬2): وفي قولِه: "أبدًا" ها هُنا نُكتةٌ ينبغي أن يوقَفَ عليها، وذلك أنّ ابنَ المعتَزِّ قال في تشبيه الثُّريّا [المنسرح]: في الشَّرق كأسٌ وفي مَغارِبها ... قُرطٌ وفي أوسَطِ السماءِ قدَمْ فشبَّهَها وقتَ طلوعِها بكأس ووقتَ غروبها بقُرْط ووقْتَ توسُّطِها في السماء بقَدَم، فوَلّد أبو العلاءِ من هذا المعنى معنىً آخَرَ فقال: إنّ الثُّرَيّا لمّا رأتْ قُرْطَ هذه المرأة سَرَّها ألا تُشَبَّه في جميع أحوالِها إلّا بالقُرط دون غيره مما شُبِّهت به، وفيه نُكتةٌ ثانية، وذلك أنّ طلوعَ النَّجم كأنّه له أشرَفُ أحوالِه وسُقوطَه كأنهُ أدوَنُ أحوالِه، فيقول: لمّا رأتِ الثُّريّا قُرْطَ هذه المرأة سَرَّها أن تكونَ قُرطًا وإن كان ذلك إنّما هو في وقتِ غروبِها، وهذا على مذهبِ ابن المعتَزّ. انتهى المقصُود. فنَقَلَ شيخُنا أبو الحَكَمْ ذلك المعنى إلى هذا المعنى نَقْلًا بَديعًا، فذَكَرَ أنّ الثُّرَيّا إنّما يَسُرُّها لو رأَتْ هذا المثالَ تشبيهًا بالقَدَم دونَ القُرْط والكأس. تنبيهٌ يجبُ بيانُه: وهو أنه قد يَسبِقُ إلى بادي الرّأي أنّ الثُّرَيّا إنّما آثَرَت أن تكونَ قَدَمًا دون ما شُبِّهت بهِ غيرَها لتكونَ واطئةً لهذا المثال، وذلك تقصيرٌ بما يجبُ له من التعظيم والإجلال بانتسابه إلى النَّعْل الكريمة النّبَوّية لحَذْوِه عليها، ومَن للثّريّا بأن تكونَ مَوْطِئًا لهذه النَّعْل الكريمة بل للمثالِ المَحْذوِّ عليها؟ ¬

_ (¬1) البيت في ديوان المعري 178. (¬2) انظر شروح سقط الزند - القسم الرابع 1613 - 1614.

وتَوَفِّيه بما يجبُ له من التشريفِ والتكريم إنّما يكونُ بأعلى رُتبتهِ على الثُّريّا وما هُو أرفع (¬1) منها مكاناً، والذي ينبغي اعتقادُه أنّ مُرادَ شيخِنا أبي الحَكَم أنّ سرورَ الثُّرَيّا بكوْنِها قَدَمًا لا قُرْطًا لو رأتْ هذا المثالَ لتفوزَ بشَرَفِ المشاركة في هذا الجِنس القَدَميِّ الذي قَدَمُ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعضُ أشخاصِه، فبذلك تَحصُلُ فضيلةُ هذا المثالِ الكريم ويُرْبي على الثُّرَيّا، واللهُ أعلم (¬2). ¬

_ (¬1) في ق: "أعلى". (¬2) قال ابن رشيد: ولما أنشد القاضي محمد بن عبد الملك المراكشي هذه القصيدة الطائية بعد قوله: أنشدنيها ناظمها أتبع ذلك بالاعتراض جريًا على عادته التي رافقها، وأبى أن يفارقها، حتى عادت له طبعًا، وقرع بجوار غربه من صليب عودها نبعًا، فقال عفا الله عنه (ثم نقل ما انتقد به ابن عبد الملك قصيدة ابن المرحل هنا) وقال: وهذه الاعتراضات كلها ساقطة، ولكن ليس لها لاقطة، فأما الأول وهو قوله: منها استعمال"أم" مكان "أو" في قوله:"أم وخط" فتلك شكاة ظاهر عنك عارها، فإن ناظمهُ إنما قاله بأو وكذلك أنشده لنا، وإنما ابن عبد الملك كتبه بأم بخطه. وأما الثاني وهو قوله: إنه كرر سمط وسقط، وذلك ضيق عطن، فهذا لا درك فيه بل هي طريقة مسلوكة مألوفة وسبيل في الفصاحة معروفة، وإنما يكره ذلك إذا تكرر في القافية ولا سيما وتكريره لسمط إنما هو بعد تسعة أبيات، وإذا وقع مثل هذا وبينهما هذا العدد لم يكن إيطاء مع أنه في الصدر اشتمل فيه مع سقط الترصيع دون أن يكون واحد منهما في مصراع فيقال: المصراع قد يشبه العجز، وهذا شيء ما تحاماه متسع عطن، ولا قدح فيه أحد ولا طعن، ممن ظعن أو قطن، ومع هذا فاستعمالهما في البيت الأول المصرع وفي الثاني المعترض عنده ليس على حد واحد بل هما مصرفان في مهيعين من الكلام مختلفين، ولا خلاف بين أهل البيان أن هذا من أنواع الافتنان، ومما يعد من الفاضل لا من المفضول فإنه استعمل في البيت الأول من باب تجاهل العارف، وفي البيت المعترض عند هذا المعترض من تحقق الواصف، فاستيقظ أيها النائم إن وافقت المعترض فقد أدلج الناس! وأما الثالث وهو استعمال البسط في القافية مكان التبسط الذي في صدر البيت فهذا أيضًا واه، في حضيض الخمول واه، وهل ينكر عربي وضع المصادر بعضها في مواضع بعض وأين أنت عن قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: 17]، ثم مع ذلك إذا اعتبر =

وقد استَدعَى ذكْرُ هذا المثالِ الكريم إنشادَ ما أنشَدَناهُ فيه، وذلك تبرُّكٌ بالآثارِ الكريمة النَّبَوية. وبالوُدِّ لو أطَلْنا فيه عِنانَ القول حتى نستوعبَ مُعظَمَ ما وقَعَ إلينا من منظوم الناس فيه (¬1)، وسيأتي له ذكْرٌ في رَسْم أبي أُمَيَّةَ إسماعيلَ بن سعدِ السُّعود بن ¬

_ = معنى البيت اتجه فيه مقصد آخر وهو أنه لما انبسط في لذاته وذنوبه صح له بحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لقي البسط ولم يلق القبض إنعامًا عليه من الله تعالى وهذا كما قال بعض الراجين المعترفين من المذنبين: تبسطناعلى اللذات حتى ... رأينا العفو من ثمر الذنوب وهذا معنى حسن يسقط اعتراض هذا المعترض. وأما الرابع وهو الذي قال أنه أقبحها وهو التضمين فقد وقع الجواب عنه: وكم من عائب قولًا صحيحًا ... وآفته من الفهم السقيم وأما ما ذكره من التنبيه وما توقعه من الوارد على كلام الشيخ حتى احتاج إلى أن يبدي ما فيه، فكلام الشيخ رحمه الله تعالى غني عن إرفاده، وما أورده غير محتاج إلى إيراده، فكلام الشيخ واضح، ومعناه الذي قصده لكل فهم صحيح لائح، فإنه رحمه الله إنما قصد مجاراة المعري في مأخذه في نقله كلام ابن المعتز حيث قال ما حاصله: إن الثريا آثرت أن يقتصر بها على تشبيهها بالقرط لأجل قرط هذه المرأة ففعل الشيخ ذلك بالقدم وأن الثريا آثرت الاقتصار بها على تشبيهها بالقدم لأجل القدم الكريمة التي شرف هذا المثال الكريم بوطئها له، وهذا القدر كاف وما ذكره المعترض لا يكاد يخطر بالبال إلا بالإخطار، ولا يحضر إلا بتكلف الإحضار، ومعاني الشعراء إنما هي أزهار وأنوار تختطف وتقتطف، ويحتمل مع ذلك أيضًا معنى آخر سائغًا حسنًا، وهو أن يكون أطلق على المثال نفسه قدمًا لملازمته القدم الكريمة، وهو إطلاق شائع ذائع متعارف مجازًا وعُرفًا، وعلى المعترض درك في قوله لمشاركته في هذا الجنس القدمي الذي قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض أشخاصه وهو أن الشخص لا يوجد إلا بتوسط النوع فيطالب بالنوع لتعامله بذكر الجنس والشخص والله المرشد للصواب. اهـ كلام ابن رشيد نقلًا عن فتح المتعال 220 - 222. (¬1) يعتبر كلام فتح المتعال للمقري أوفى كتاب جامع لما قيل في هذا الموضوع، وانظر أزهار الرياض 3/ 224 وما بعدها.

420 - أحمد بن علي بن محمد الأنصاري، أوريولي، سكن مرسية، أبو العباس الأنداري

عُفَيْر (¬1) وفي رَسْم أبي الرَّبيع بن موسى بن سالم (¬2) وفي رَسْم أبي الحَسَن بن إبراهيمَ بن سَعْدِ الخَيْر (¬3) إن شاء الله. 420 - أحمدُ بن عليّ بن محمد الأنصاريُّ، أُورِيُوليُّ، سكَنَ مُرْسِيَةَ، أبو العبّاس الأنداريُّ. روى بأُورِيُولةَ عن الحاجِّ أبي الحَسَن (¬4) ابن يَبْقَى، وبمُرْسِيَةَ عن أبي الحَسَن بن الشَّرِيك، وأبي القاسم الطّرسُوني، وبشاطِبةَ عن أبي عبد الله بن مسعود (¬5)، وببَلَنْسِيَةَ عن أبي الحَسَن (¬6) بن خِيَرةَ، وأبي الرَّبيع بن موسى بن سالم، وأبي زكريّا بن زكريّا الجعيديّ، وبجزيرةِ شُقْر عن أبي بكر بن محمد بن وَضّاح، وكان له اختصاصٌ بأبي [الحَسَن] (¬7) بن مُطرِّف الأعمى، وأكثَرَ مُلازمَته، وكان من أهل العلم والاعتناءِ به والانقطاع إليه. توفِّي بالوادي الميِّت في العَشْر الوُسَط من محرَّم تسع وخمسينَ وست مئة. 421 - أحمدُ بن عليّ بن محمد الغَسّاني؛ غَرْناطيٌّ، أبو جعفرٍ المَرْشَاني. له روايةٌ عن أهل بلدهِ، وكان من فقهائه وبه توفِّي. ¬

_ (¬1) السفر الذي يحيل عليه المؤلف مفقود، وترجمته في التكملة (496) وانظر أبياتًا للمذكور في الموضوع في فتح المتعال 185 - 186. (¬2) ترجمة أبي الربيع الكلاعي في السفر الرابع من هذا الكتاب (الترجمة 203) وليس فيها شيء مما أحال عليه المؤلف، وفي فتح المتعال 187 بعض قصيدته الرائية التي ختم بها كتابه في النعل. (¬3) انظر السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 372 وفتح المتعال 185). (¬4) بعد هذا فراغ في النسختين. (¬5) قوله:"وبشاطبة عن أبي عبد الله بن مسعود" سقط من ق. (¬6) بعد هذا فراغ في النسختين، وهو علي بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن خيرة أبو الحسن البلنسي شيخ ابن الأبار، ومترجم عنده في التكملة (2836). (¬7) بياض في النسختين، وهو علي بن محمد بن مطرف الجذامي الضرير، وترجمته في صلة الصلة.

422 - أحمد بن علي بن محمد، شلبي، ابن نويرة

422 - أحمد بن علي بن محمد، شِلْبي، ابن نُوَيْرة. له رحلةٌ لقِيَ بها أبا الطاهِر السِّلَفيَّ ورَوى عنه، وكان له بَصَرٌ جيِّد بفرائض المَوارِيث. 423 - أحمدُ بن عليّ بن مُبارك، مُرْسِيٌّ، أبو العبّاس. رحَل إلى المشرِق وروى هنالك عن أبي الطاهِر السِّلَفي. 424 - أحمدُ (¬1) بن عليّ بن مجاهدٍ التُّجيبي، أبو جعفر. رَوى عن أبي الحُسَين سُليمانَ بن محمد بن الطّرَاوة، وكان نَحْويًّا ماهرًا درَّسَه وقتًا. 425 - أحمدُ بن عليّ الحَضْرميُّ. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. وذكَرَ أبو جعفر ابنُ الزُّبير: أحمدَ بن عليّ الحَضْرميَّ، وقال: قُرْطبيٌ، سكَنَ غَرْناطة، وكان أديبًا كاتبًا مُحسِنًا، إمامًا في علم الحساب من ذوي البيوت الجليلة وِزارةً وحَسَبًا، ومن أصهارِ الوزير الكاتبِ أبي جعفر الوَقَّشي، وكان يَذكُرُ أنهُ من وَلَد العلاءِ بن الحَضرميِّ صاحبِ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وعاملِه على البحَريْن، وسكَنَ جَيّان وبها مات سنةَ أربعٍ أو خمس وسبعينَ وخمس مئة. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: فيُمكنُ أن يكونَ هذا الراويَ عن شُرَيْح، واللهُ أعلم. 426 - أحمدُ بن عليِّ بن مُدرِك الجُذَامي، أبو العبّاس وأبو الحَسَن. رَوى عن أبي الحَسَن عَبّاد بن سِرْحان، وأبي محمدٍ عبد الرّحمن بن محمد بن عَتّاب. ¬

_ (¬1) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 344 نقلًا عن المؤلف.

427 - أحمد بن علي بن مرطير، بلنسي

427 - أحمدُ (¬1) بن عليّ بن مُرَطَيْر، بَلَنْسِيّ. قَدِمَ مَرّاكُشَ في جُمادى الآخِرة سنةَ ثلاثٍ وثمانينَ وخمس مئة، واستَوطنَها، وكان طبيبًا ماهرًا بارِعًا في التعاليم حسَنَ القيام عليها. 428 - أحمدُ بن عليّ بن مُطرِّف، بَلَنْسِيٌّ أو شاطِبيّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي الخَطّاب بن واجِب، وأبي عُمر أحمدَ بن هارونَ بن عاتٍ. رَوى عنه أبو الحَسَن طاهرُ بن عليّ الشُّقْريُّ. وكان فقيهًا حافظًا مقدَّمًا في ذلك. 429 - أحمدُ بن عليّ بن ياسِر الأنصاريّ، جَيّانيٌّ أبو العبّاس. رَوى عن بعض علماءِ الأندَلُس، ورَحَلَ إلى المشرِق وأخَذ هنالك عن طائفة من مَشْيَختِه، وعُني بذلك أتمَّ عناية. وتوفِّي بحلَبَ في جُمادى الأُولى من سنة ثلاثٍ وستينَ وخمس مئة وقد بلَغَ سبعينَ سنة. 430 - أحمدُ بن عليّ بن يحيى بن سَهْلُون، أبو العبّاس الدِّلائيُّ. رَوى عنه أبو الأصبَغ عبدُ العزيز بن خَلَف البَجّاني، وكان معدودًا في الأُدباء. 431 - أحمدُ (¬2) بن عليّ بن يحيى بن عَوْن الله الأنصاريّ، دانِيٌّ نزَلَ بَلَنْسِيَة، أبو جعفر، الحَصّار. ¬

_ (¬1) ستأتي ترجمة ابنه علي بن أحمد بن علي بن مرطير في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 336)، وهو مترجم في التكملة الأبارية (2759)، وابنه الثاني محمد بن أحمد بن علي ابن مربيطر في السفر السادس (الترجمة 21). أما ابنه الثالث الذي كان طبيبًا أيضًا: أبو الحجاج يوسف بن أحمد بن علي ابن مربيطر فهو مترجم في التكملة (3492)، وتوفي سنة 619 هـ، وكأنه رحل مع والده إلى مراكش، وهم في الأصل من أهل مربيطر نزلوا بلنسية، ويقع اللبس بين المدينة "مربيطر" والاسم "مرطير". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (260)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 208، وسير أعلام النبلاء 22/ 16، والعبر 5/ 30، وتذكرة الحفاظ 4/ 1390، ومعرفة القراء الكبار 2/ 593، وميزان الاعتدال 1/ 122، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 90، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 21، وابن العماد في شذرات الذهب 5/ 36، ويراجع بلا بد تعليق الدكتور بشار على تكملة المنذري 2/ 242 هامش 2 حيث جاءت ترجمة له في إحدى النسخ استرجم أنها مضافة إلى الكتاب.

وجعل أبو جعفر ابنُ الزُّبَير عِوَضَ جدِّه يحيى: محمدًا، وذلك غلَطٌ منه، فقد وقَفْتُ على اسمِه ونسَبِه بخطِّه -في غيرِ موضع- وفي خطِّ غيره كما أثبتُّه هنا. تَلا بالسبع على أبي الحَسَن بن محمد بن هُذَيْل وأخَذ عنه غيرَ ذلك، ورَوى عن أبي إسحاقَ [إبراهيم بن حُسين] (¬1) بن مُحارب، وأبي الأصبَغ عيسى بن محمد بن فُتُوح الهاشِميّ، وأبي بكرٍ [محمد بن أحمد] (¬2) بن نُمَارةَ، وأبوَي الحَسَن: طارقِ بن يَعيشَ وابن عبد الله بن النِّعمة، وآباءِ عبد الله: ابن الحَسَن بنْ سَعيد وتلا عليه بالسبع جَمْعًا وابنِ عبد الرحيم ابن الفَرَس وابن (¬3) مَسْعدةَ وابن يوسُفَ بن سَعادة، وسَمِع صغيرًا على أبي الوليد يوسُفَ بن عبد العزيز ابن الدّباًغ. وأجازَ له أبو بكر بنُ عبد الله ابن العَرَبي، وأبو الطاهِر السِّلَفي. رَوى عنه آباءُ عبد الله: ابنُه وأبناءُ الأحمدَيْن: ابن الشّنياشيّ وابن الطَّرَاوة وابنا الإبراهيمَيْنِ: ابن سَعيد وابن رَوْبيل وابنُ عبد الله ابن الأبار وابنُ عبد الرحمن ابن جوبر، وأبوَ إسحاقَ: إبراهيمُ بن محمد بن إبراهيمَ السُّهَيْلي وابنُ غالب بن بشكنال، وأبَوا بكر: عتيقُ بن يوسُف بن شاكر وابن محمد بن مَشَلْيُون، وأبو الحَجّاًج (¬4) ابن البَلَنْسي، وأباءُ الحَسَن: ابنُ محمد بن موسى والمحمَّدانِ: ابنُ أبي (¬5) عبد الله بن أيّوبَ بن نُوح وابنُ يوسُفَ بن عليّ بن لُبّ، وأبَوا جعفرٍ: ابنُ عليٍّ العجام (¬6) وابنُ (¬7) صالح، وأبَوا زكرّيا: ابنُ زكريّا الجعيديُّ وابنُ محمد بن ¬

_ (¬1) ما بين الحاصرتين فراغ في النسختين واستفدناه من الترجمة الملحقة بالتكملة. (¬2) ما بين الحاصرتين فراغ في النسختين استفدناه من ترجمته، وينظر توضيح المشتبه لابن ناصر الدين 3/ 132، وسيأتي في السفر السادس، الترجمة 36. (¬3) بعد هذا بياض في النسختين. (¬4) بعد هذا بياض في النسختين. (¬5) سقطت من ق. (¬6) في ق:"الفحام". (¬7) بعد هذا بياض في النسختين.

البَرَاء، وآباءُ العبّاس: ابنُ عليِّ بن هارون وابنُ محمد بن شُهَيْد وابنُ (¬1) المَرّاكُشِيّ، وأبَوا عثمانَ السَّعْدانِ: ابنُ أحمدَ الساعِديُّ وابنُ عليّ بن ذهاب، وأبَوا عليٍّ الحَسَنانِ: ابنُ عبد الرحمن الرَّفّاءُ وابنُ محمد بن إبراهيمَ السَّهْليُّ أخو أبي إسحاقَ المذكورُ قبلُ، وأبَوا القاسم: القاسمُ بن محمد ابن الطَّيْلَسان ومحمدُ بنُ عبد الله بن إدريسَ، وأبَوا محمد: ابنُ أبي بكر ابن الآبّار وابنُ عبد الرحمن بن بُرْطُله، وأبو نَصْر فَتْحُ بن محمد بن مَرْحَب. وكان خاتمةَ المُقْرِئين ببَلَنْسِيَة، لم يكنْ أحدٌ من أهل صِناعتِه يُدانيه في الضَّبطِ والتجويد والإتقان وحُسْن الأداء، تصَدَّر للإقراء في حياة أكثرِ (¬2) شُيوخِه ورَأسَ في ذلك أهلَ عصْرِه، وقد أقرَأ بإشبيِلِيَة وقتًا وطال عُمُرُه حتى اشترَكَ في الأخْذِ عنه الأبناءُ والآباء، وكانتِ الرِّحلةُ إليه في وقتِه، وكان معَ ذلك محدِّثًا ثِقةً عاليَ الرِّواية، معروفاً بالزُّهدِ والتواضُع والتعيُّن الشهير ونَباهة القَدْر وُبُعْد الصِّيتِ في الجلالة والدِّين المتين والفَضْل التامّ. واضْطَرَبَ بأَخَرةٍ في روايتهِ فأسنَدَ (¬3) عن جماعةٍ أدرَكَهم، وكان بعضُ الشّيوخ يُنكِرُ عليه ذلك معَ صحّة روايتهِ عن المذكورِينَ وإكثارِه عنهم حتى انفردَ بقراءة "رَيِّ الظَّمآن في تفسير القرآن" على مصنِّفِه أبي الحَسَن ابن النِّعمة، ولا يُعلَمُ أحدٌ من أصحابِه أكملَ قراءتَه عليه سِواه، وهو في سبعةٍ وخمسينَ سِفرًا متوسِّطةً وقَفْتُ على بعضِه، ومنه أوّلُه بخطِّ أبي جعفرٍ هذا، وكان جيِّد الخطّ أنيقَ الوِرَاقة. مولِدُه بدانِتةَ سنةَ ثلاثينَ أو نحوها وخمس مئة، وتوفِّي ببَلَنْسِيَةَ بعد صلاة الصبح من يوم الخميس لثلاثٍ خَلَوْنَ من صَفَرِ تسع وست مئة، ودُفنَ إثْرَ صلاةِ العصر من يومهِ بمقبُرةِ الجنانِ قبلَ كائنة العُقَاب بأحَدَ عشَرَ يومًا. ¬

_ (¬1) كذلك. (¬2) سقطت من ق. (¬3) من هنا إلى "روايته" الآتية سقط من ق.

432 - أحمد بن علي بن يحيى الأنصاري، خضراوي فيما أحسب

432 - أحمدُ (¬1) بن عليّ بن يحيى الأنصاريُّ، خَضْراويٌّ فيما أحسَب. كان نَحْويًّا أديبًا نبيلًا حسَنَ الخطّ، كتَبَ الكثيرَ وأتقَنَ تقييدَه، وعُني بالعلم أتمَّ عناية، وكان حيًّا سنةَ خمسٍ وثلاثينَ وست مئة. 433 - أحمدُ بن عليّ بن يوسُفَ بن أبي غالِبٍ خَلَفِ بن غالِبٍ العَبْدَريُّ، دانيٌّ. رَوى عن أبيه، رَوى عنه ابنُه أبو الرَّبيع. 434 - أحمدُ (¬2) بن عليّ بن يوسُفَ الأنصاريُّ: يسّانيّ، استَوطنَ لَوْشةَ، أبو العبّاسِ وأبو جعفر. رَوى عن أبي خالدٍ يَزيدَ (¬3) بن محمد بن رِفاعة، وأبي عبد الله بن جعفرِ بن حَمِيد، وأبي القاسم عبد الرحمن بن محمد بن حُبَيْش. رَوى عنه أبو القاسم القاسمُ بن محمد ابن الطَّيْلَسان. وكان محدِّثًا زاهدًا وَرِعًا متصوِّفًا متقشِّفًا واعِظًا، عُنيَ طويلًا بالرِّوايةِ ولقاءِ المَشايخ والأخْذِ عنهم، وخَطَبَ بجامع لَوْشة وكان صاحبَ الصّلاة به إلى أن تغَلَّب الرّومُ عليها فامتُحِن بالأسْر نفَعَه الله، ثم أنقَذَه اللهُ منه وخَلَص إلى مالَقةَ فأقام فيها أيامًا قلائلَ، وتوفِّي بها رحمه اللهُ في ربيع الآخِر سنةَ أربع وعشرينَ وست مئة. 435 - أحمدُ (¬4) بن عليّ بن يونُس بن خَلَف، تُطِيليّ، أبو جعفرٍ الثَّغْريُّ. رَوى عن أبي الوليد سُليمان بن خَلَف الباجِي. حدَّث عنه بالإجازة أبو عبد الله بن عبد الرحمن (¬5) النُّمَيْري. ¬

_ (¬1) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 349 نقلًا من هذا الكتاب. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (288)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 759. (¬3) في ق: "بن يزيد"، خطأ، وينظر المعجم في أصحاب القاضي الصدفي، ص 54. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (108). (¬5) في ق: "محمد"، وهو تحريف، وعبد الرحمن والد أبي عبد الله النميري هو عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن بن هشام الإلبيري، مترجم في التكملة (2299).

436 - أحمد بن علي الأنصاري، ميورقي، أبو العباس ابن المواق

436 - أحمدُ بن عليّ الأنصاريُّ، مَيُورْقيّ، أبو العبّاس ابنُ المواق. كان فقيهًا حافظًا عاقدًا للشّروط، ماهِرًا في المعرفة بها، من أهل الوَقاًر والنّزاهة وعُلُوِّ الهمّة، ولمّا تغَلَّبَ الرُّومُ على مَيُورْقَة عَنْوةً كان ممّن انضَوَى إلى جبَلِها، فلمّا نزَلَ الناسُ منه صُلحًا في شعبانِ ثمانٍ وعشرينَ وست مئة نَفَذَ إلى بِجًايَة، واستُعمِلَ في بعضِ أعمالِ إفريقيَّة فامتُحِن في نفسِه نفَعَه اللهُ وخَتَم لنا بالحُسنى. وُلِدَ بمَيُورْقَةَ سنةَ ثلاثٍ وسبعينَ (¬1) وخمس مئة، وتوفِّي بتونُس سنةَ تسع وثلاثينَ وست مئة. 437 - أحمدُ بن عليّ العُبَيديُّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي محمد الرُّشَاطي. 438 - أحمدُ بن عليّ الفِهْريُّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي بكر بن خَيْر وأبي القاسم ابن بَشْكُوال. 439 - أحمدُ بن عليّ، شاطبيٌّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي عليّ بن سُكَّرةَ. 440 - أحمدُ بن عليّ الطَّرْطُوشي. كان متكلِّمًا ماهِرًا، حيًّا بمَرّاكُشَ سنةَ إحدى وعشرينَ وخمس مئة. 441 - أحمدُ بن عَمْرو بن أحمدَ بن أبي عثمانَ، قُرْطُبيٌّ. كان من أهل العلم والتبريزِ في العدالة، حيًّا سنةَ أربع وثمانينَ وثلاث مئة. 442 - أحمدُ بن عَمْرو بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن إبراهيمَ بن أحمدَ بن إبراهيمَ بن حَجًّاج بن عُمَيْر بن حَبِيب بن عُمَيْر بن الأسعَد [اللَّخْميُّ] (¬2)، إشبيليّ، أبو القاسم. رَوى عن أبيه، وأبي الحَسَن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) من هنا إلى قوله:"وثلاثين" سقط من ق، فاختل النص فيها. (¬2) فراغ في النسختين، واستفدنا نسبته من ترجمة أبيه عمرو بن أحمد في التكملة الأبارية (2942).

443 - أحمد بن عمر بن أحمد بن حماد، قرطبي، أبو بكر

443 - أحمدُ (¬1) بن عُمر بن أحمدَ بن حَمّاد، قُرْطُبيّ، أبو بكر. كان من أهل المعرفة بالحساب والهندسة وفرائضِ المَواريث، ذَكيًّا يَقِظًا ثاقبَ الذِّهن صَناًعَ اليدَيْن، رَحَلَ إلى المشرِق سنةَ خمس وعشرينَ وثلاث مئة، وأتَى نَعْيُه إلى أهله (¬2) بالأندَلُس سنةَ إحدى وثلاثينَ من مِصرَ وقد عَظُمَ صِيتُه بها وبنواحيها وطار له هنالك ذكْرٌ عظيم. 444 - أحمدُ بن عُمَر بن أحمدَ البَكْري، قُرْطُبي. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا في حدودِ أربع مئة. 445 - أحمدُ (¬3) بن عُمرَ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن الأنصاريُّ الخَزْرَجيّ، قُرْطُبيٌّ، أبو القاسم المِكْنَاسيّ لنزولِه بها واستقرارِه بالسُّكنَى فيها بعدَ فُصوله عن الأندَلُس. وسَكَنَ أيضًا مدينةَ فاسَ، وهُو ابنُ أُختِ الحاجِّ أبي الحَسَن بن عَتيِق بن مؤمن. رَوى عن أخيه أبي الوليد زكريّا، وأبوَيْ بكر: ابن عبد الله ابن العَرَبي ويحيى بن الخلف، وأبي الحَسَن بن عبد الله بن مَوْهَب، وأبي عبد الله بن أحمدَ الحَمْزي، وأبي العبّاس بن محمد ابن العَرِيف، وأبوَي القاسم: أحمدَ بن محمد بن وَرْد وعبدِ الرَّحمن ابن أحمدَ بن أحمد (¬4) بن رِضا، وأبوَيْ محمد: ابن عليٍّ الرُّشَاطيِّ وابن محمد النَّفْزِيِّ المُرْسِي، وأكثرُهم بالإجازةِ باستدعاءِ خالِه أبي الحَسَن المذكورِ إياها منهُم له. رَوى عنه أبو البقاء يَعيشُ، وأبو عبد الله بن سَعيدٍ الطرّازُ، وأبو العبّاس بن يوسُفَ بن فَرْتُون، وأبو محمد بنُ عبد الرحمن بن بُرْطُلّه، وحدثنا عنه من شيوخِنا: أبو عبد الله بن عليّ بن هِشام، وأبو عليّ بنُ الحَسَن بن عبد العزيز ابن الناظِر. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (14). (¬2) في ق:"بلده"، وما أثبتناه من م. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (277)، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (69). (¬4) سقطت من ق.

446 - أحمد بن عمر بن أحمد بن عبد الملك اللخمي، إشبيلي، أبو العباس القرمادي

وكان محدِّثًا راوِية من أهلِ العدالة والثقة والدِّين، حَسَنَ الخطّ، خرَجَ من قُرْطُبة زمنَ الفتنة بأهلِه فاستَوطنَ لبْلةَ، ثُم انتقلَ إلى حيثُ ذُكر من بلاد برِّ العُدوة. وعُمّر طويلًا فرَغِب الناسُ في الأخْذِ عنه لصحّة روايته وعلُوِّ إسنادِه، واستُجيزَ من البلاد، وكانت له بضاعةٌ يُدِيرُها (¬1) تجارةً في البَزّ فيتعيَّشُ بما يُفيءُ اللهُ عليه فيها من رِبح. مولدُه أوّلَ إحدى وثلاثينَ وخمس مئة، وتوفِّي ليلةَ الأحد السابعةَ من جُمادى الأولى، وقيل: الأخرى، سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة. 446 - أحمدُ بن عُمر بن أحمدَ بن عبد الملِك اللَّخْميُّ، إشبيليٌّ، أبو العبّاس القَرْمَاديّ. له رحلة إلى المشوق وحَجَّ فيها، وروى بالإسكندَريّة عن أبي الطاهِر السِّلَفي. رَوى عنه ابنُ أختِه أبو القاسم أحمدُ بن محمد البَلَويُّ شيخُنا رحمه الله. 447 - أحمدُ بن عُمرَ بن أحمد، باجِيّ، ابنُ زرقاح. رَوى عن أبي محمد عبد الرحمن بن محمد بن عَتّاب. 448 - أحمدُ (¬2) بن عُمرَ بن إبراهيمَ الأنصاريُّ، قُرْطُبيٌّ، سكَنَ الإسكندَريّةَ، أبو العبّاس. ¬

_ (¬1) في ق: "يدبرها". (¬2) قَصّر المصنف في ترجمته، وكأنه لم يعرفه حق المعرفة، وهو صاحب الكتاب النفيس "المفهم في شرح مسلم" الذي أجاد فيه، ترجمه عز الدين الحسيني في صلة التكملة 1/ 400 وذكر أن مولده بقرطبة في سنة 578، وأنه توفي في الرابع عشر من ذي قعدة سنة 656، واليونيني في ذيل مرآة الزمان 1/ 95، والذهبي في تاريخ الإسلام 14/ 795 وفيه نقل من معجم شيوخ الدمياطي ومعجم ابن مسدي وخط أبي حيان الغرناطي، والعبر 5/ 226، والصفدي في الوافي 7/ 264، وابن كثير في البداية والنهاية 13/ 213، وابن فرحون في الديباج المذهب 1/ 240، والمقريزي في المقفى 1/ 545، والفاسي في ذيل التقييد 1/ 361، والغساني في العسجد المسبوك 643، وابن تغري بردي في المنهل الصافي 1/ 44، والمقري في نفح الطيب 3/ 371، وابن العماد في الشذرات 5/ 273. وزعم ابن فرحون أن ابن عبد الملك ذكر وفاته وأنها سنة 656 هـ، ولم نقف على ذلك في النسختين.

449 - أحمد بن عمر بن جهور الغافقي، مليشي، ابن مسافر

رَوى عن أبي الأصبَغ عبد العزيز بن أبي الوليد يوسُفَ ابن الدّبّاغ لقِيَه بتلمسين، حدَّث عنه بالإجازةِ أبو عبد الله بن عبد الله ابن الأبار. 449 - أحمدُ بن عُمرَ بن جَهْوَر الغافِقي، مليشيّ (¬1)، ابنُ مُسافِر. رَوى عن الزاهدِ أبي إسحاقَ بن مَسْعود الإلبِيريِّ وغيره، وكان من أهل الحِفظ للفقه والمعرِفة بالوثائق، ووَليَ الأحكامَ بالإقليم، وكان حيًّا سنةَ سبعينَ وأربع مئة. 450 - أحمدُ بن عُمرَ حَفْصُون. رَوى عن أبي الحُسَين عبد الملِك [بن محمد بن هشام] (¬2) ابن الطَّلّاء. 451 - أحمدُ (¬3) بن عُمرَ بن خَلَف بن محمدٍ الهَمْدانيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو جعفر ابنُ قبلّال. رَوى عن أبَويْ عبد الله: ابن عيسى بن سُليمان وابن فَرَج، وأبي عليّ حُسَين بن محمدٍ الغَسّاني، وأبي القاسم أصبَغَ بن محمد، وأبي الوَليد هِشام بن أحمدَ ابن العَوّاد، وأبي محمد بن عيسى أخي أبي عبد الله المذكور. رَوى عنه أبَوا جعفر: ابنُه وابنُ علي ابن الباذِش، وأبو خالدٍ يَزيدُ بن محمد بن رِفاًعة، وأبو عبد الله بن عبد الرحيم، وأبو القاسم ابنُ بَشْكُوال، وأبو العبّاس بن محمد بن العَرِيف، وأبو محمدٍ عبدُ المُنعم بن أبي عبد الله بن عبد الرّحيم، وهُو آخِرُهم مَوْتًا. وكان فقيهًا مُشاوَرًا تدورُ عليه فُتْيا بلدِه صاحبَ الصلاةِ به، ودرَّس الفقهَ وأسمَعَ الحديثَ فيه زمانًا. ¬

_ (¬1) لم نقف على هذه النسبة. (¬2) بياض في النسختين، وما بين الحاصرتين من ترجمته في التكملة (2431). (¬3) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (447)، وابن الأبار في التكملة (114)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 445، وسير أعلام النبلاء 19/ 609، وابن فرحون في الديباج 1/ 220، وهو ممن يستدرك على ابن الخطيب في الإحاطة.

452 - أحمد بن عمر بن مطرف، برجي، أبو العباس

وتوفِّي يومَ الأربعاءِ لليلةٍ بقِيَتْ من ذي قَعْدةِ سنة ستٍّ وعشرينَ وخمس مئة، وصَلّى عليه ابنُه أبو جعفر إثْرَ صلاة العصر من يوم الخميس التالي ليوم وفاتِه، ودُفن حينَئذٍ وفُرغ من مُواراتِه بعدَ المغرِب، قال أبو جعفر ابنُ الباذِش: وتراءَيْنا هلالَ ذي الحجّة مُنصرَفَنا من دَفْنِه. 452 - أحمدُ (¬1) بن عُمرَ بن مُطرِّف، بُرْجِيٌّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي الحَجّاج بن يَبقَى بن يَسْعُون، وأبي الفَضْل بن محمد بن شَرَف في آخَرِين. رَوى عنه أبو جعفر بن عيسى (¬2) بن نَام، وأبو عبد الله بنُ أحمدَ بن سِراج. وكان مُقرئًا مجوِّدًا، حسَنَ التصرُّف في مَعارِفه، فقيهًا، نَحْويًّا، أديبًا، أقرَأَ القرآنَ والعربيّة والأدبَ كثيرًا، قال أبو القاسم محمدُ بن عبد الواحد (¬3) المَلّاحي: لقِيتُه مِرارًا، وسألتُه أن يُجيزَ لي ما رَواه عن أبي الفَضْل بن شَرَف فضَنَّ علَيّ بذلك. وتوفِّي بِبَرْجةَ. 453 - أحمدُ (¬4) بن عُمر بن مَعقِل، شَوْذَريٌّ، سكَنَ أُبَّذَةَ، أبو جعفر. له رحلةٌ إلى المشرِق في نحوِ ثلاثَ عشْرةَ وخمس مئة، رَوى فيها بالإسكندَريّة عن أبوَيْ بكرٍ: ابن الحُسَين بن بشْر المَيُورْقي وابن الوليد الطَّرطُوشيّ، وأبي الحَسَن بن محمدٍ الإشبِيلي، وأَبي طاهِر السِّلَفي، وأبي عبد الله بن أحمدَ بن إبراهيمَ بن أحمد المِصْري عُرِف بالرّازي بن الحَطّاب، بالحاءِ الغُفْل، وانصَرفَ إلى الأندَلُس، وأسمع الحديثَ بشَوْذَر وابَّذَةَ، وتقلَّد الصلاةَ والخُطبة بها. رَوى عنه أبو بكر بن عليِّ بن حَسْنُون البَيّاسِيّ. 454 - أحمدُ بن عُمرَ بن مُفرِّج بن خَلَف بن هِشام البَكْريّ، أَشْبُونيٌّ، أبو العبّاس، ابنُ الزرقالة. ¬

_ (¬1) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 350. (¬2) اسمه: أحمد بن عيسى. (¬3) في ق:"عبد الرحمن" خطأ، وهو مترجم في التكملة الأبارية (1630). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (153).

455 - أحمد بن عمر بن هارون المعاوي أو المعافري، أبو جعفر

رَوى عن جَدِّ أبيه أبي القاسم خَلَف، ومحمدِ بن عبد الوهّاب القُرَشيِّ وأبي الوليد يونُسَ بن الهشيشِ الأشْبُونيِّيْنَ، وغيرِهم. رَوى عنه ابنُه أبو عليّ حسَنُ ابنُ الزرقالة. 455 - أحمدُ بن عُمر بن هارونَ المعاويُّ أو المَعافِريُّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي. 456 - أحمدُ بن عُمرَ السُّمَاتيُّ. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرة. 457 - أحمدُ (¬1) بن عُمر المَعافِريُّ، مُرْسِيٌّ، طَلَبِيريُّ الأصل، أبو العبّاس، ابنُ إفْرِنْد. رَوى عن أبي إسحاقَ بن مَرْوانَ بن حُبَيْش، وأبوَيْ بكر: ابن غالِب بن عَطِيّةَ وابن العَرَبي، وأبي القاسم أحمدَ بن محمد بن وَرْد، وأبوَيْ محمد: ابن عليٍّ الرُّشَاطيِّ وعبد الرحمن بن محمد بن عَتّاب. وذكَرَ أبو عبد الله بن عبد العزيز بن سَعادةَ أنَّ له رِوايةً من أبي عليّ بن سُكّرةَ، والمعروفُ روايتُه عن أصحاب أبي عليّ عنه، وله رحلةٌ إلى المشرِق وحَجَّ فيها ولقِيَ أبا الفَتْح ابنَ الدَّنْدانَقاني (¬2): بلدٌ بينَ سَرَخْسَ ومَرْو، من أصحاب أبي حامدٍ الغَزَّالي. وأنشَدَه عنه ممّا قاله في وَداع إخوانِه بالبيت المُقدَّس [الطويل]: لئنْ كان لي من بَعْدُ عَوْدٌ إليكمُ ... قَضَيتُ لُبَاناتِ الفؤادِ لديكُمُ وإن تكُنِ الأُخرى ولم تكَ أَوْبةٌ ... وحانَ حِمَامي فالسّلامُ عليكمُ (¬3) ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (428)، وابن الأبار في التكملة (190)، والمعجم في أصحاب الصدفي (34)، والمقري في نفح الطيب 2/ 600. (¬2) منسوب إلى "دندانقان" من نواحي مرو الشاهجان، ذكرها ياقوت في معجم البلدان والسمعاني في "الدندانقاني" من الأنساب. (¬3) البيتان في التكملة (190) وبرنامج الرعيني 143، وفيه: أوب في موضع: عود، وسيأتي التنبيه عليها في المتن.

458 - أحمد بن عمر، أبو جعفر

وقد رَوى هذينِ البيتَيْن أبو عُمر يوسُفُ بن عَيّاد وابنُه أبو عبدِ الله عن ابن إفْرِندٍ هذا، وكذلك عن أبي القاسم محمد بن عليّ ابن البَرَّاق إنشادًا، قال: أنشَدَنا القاضي أبو عبد الله بنُ يوسُف بن سَعادةَ بمُرْسِيَة، قال: أنشَدَنا أبو الحَسَن ابنُ سَنَدٍ الزّاهدُ السائح بمكّةَ، قال: أنشَدَنا أبو حامدٍ الغَزّاليُّ برباطِ سَعْد بنَهر مُعَلَّى لنفسِه، فذكَرَهما معَ غيرِهما. وقد قرأتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيّ رحمه اللهُ في برنامَجِه (¬1) ونقلْتُه من خطِّه. وأنشَدَنيهُ بلفظِه، يعني أبا العبّاس أحمدَ بن محمد بن عُمرَ اللَّخْميَّ المالَقيَّ النّباتيَّ، قال: أنشَدَني أبو حَفْص هذا، يعني عُمرَ بن محمد السُّهْرَوَرْديَّ، لأبي حامدٍ، فذَكَرَ البيتَيْنِ، إلّا أنّ في البيتِ الأوّل: أَوْبٌ إليكمُ، وأوّلُ الثاني: وإن كانت. رَوى عن ابن إفرِنْد أبو الخَطّاب أحمدُ بن محمد بن واجِب، وأبَوا عبد الله: ابن عبد العزيز بن سَعادةَ وابن يوسُفَ بن عَيّاد، وأبو عُمرَ يوسُفُ بن عَيّاد المذكور. وكان شيخًا فاضلًا زاهدًا صافي متصوّفًا، ويُمكنُ أن يكونَ ابنَ عُمرَ بن هارونَ المذكورَ قبلَه. 458 - أحمدُ بن عُمر، أبو جعفر. رَوى عنه أبو عَمْرٍ وزيادُ ابنُ الصَّفّار، وكان أديبًا. 459 - أحمدُ (¬2) بن عِمرانَ الأنصاريُّ، طُلَيْطُليٌّ، سكَنَ سَبْتةَ، أبو العباس. رَوى ببلدِه عن أبي المُطرِّف عبد الرّحمن بن محمد بن سَلَمة، وبقُرْطُبة عن أبي عليّ الغَسّاني، وبسَبْتةَ عن أبي عبد الله بن عيسى، رَوى عنه أبو الفَضْل عِيَاض. 460 - أحمدُ بن عَمْرِو بن أحمدَ بن حَجّاج اللَّخْميُّ، إشبيليٌّ، أبو القاسم. وهو أخو محمد. رَوى عن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) انظر برنامج الرعيني 143. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (91).

461 - أحمد بن عمروس بن لب بن قاسم، شلبي، أبو القاسم

461 - أحمدُ (¬1) بن عمروس بن لُبِّ بن قاسم، شِلْبيٌّ، أبو القاسم. رَوى عن القاضي أبي عبد الله (¬2) ابن شِبْرين، وكان من بيتِ علم ونَباهة، وهم أخوالُ أبي بكر بن خَيْر. 462 - أحمدُ بن عَوْنِ الله بن محمد بن أحمدَ بن عَوْن بن محمد بن عَوْن المَعافِريُّ، أبو القاسم. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي، وأبوَيْ عبد الله: جعفرِ بن محمد بن مكّي وابن أبي الخِصَال، وكان فقيهًا مُشاوَرًا. 463 - أحمدُ بن عَيّاش بن محمد بن الطُّفَيْل بن أبي الحَسَن محمد بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الرّحمن بن محمد بن الطُّفَيْل العَبْديُّ، إشبيليٌّ. أحدُ كبارِ العاقِدينَ للشّروط بها والمُبرِّزينَ في العَدالة من شهودِها، وكان حيًّا سنةَ تسع وثلاثينَ وست مئة. 464 - أحمدُ (¬3) بن عيسى بن أحمدَ بن نام (¬4) الغَسّاني، بُرْجِيّ. رَوى عن أبي الحَسَن صَالح بن خَلَف، وأبىِ زيد بن عبد الله السُّهَيْلي (¬5)، وأبوَي العبّاس: ابن عُمر بن مُطَرِّف وابن محمد بن عبد الله الأنْدَرْشِيّ، وأبي محمدٍ القاسم بن دَحْمان. وكان أديبًا نَحْويًّا، دَرَّسَهما زمانًا بارع الخَطّ، حيًّا في عَشْرِ الثمانينَ وخمس مئة. 465 - أحمدُ بن عيسى بن أبي عَبْدةَ، قُرْطُبيٌّ. كان من حُسَباء بلدِه وذوي التعيُّن فيه وأهلِ العلم به والتبريزِ في الشَّهادة، حيًّا سنةَ خمس وعشرينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (117). (¬2) بعد هذا فراغ في النسختين. (¬3) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 351. (¬4) في ق: "تام" وليس بشيء. (¬5) من هنا إلى "عبد الله" سقط من م، قفز نظر الناسخ من "عبد الله" إلى "عبد الله".

466 - أحمد بن عيسى بن إسماعيل بن عبد الحميد بن إسماعيل التجيبي

466 - أحمدُ بن عيسى بن إسماعيلَ بن عبد الحميد بن إسماعيلَ التُّجِيبيُّ. رَوى عن أبي عَمْرٍو عثمانَ بن سَعيد الدّانيِّ، وكان مُكتِبًا فاضلًا. 467 - أحمدُ بن عيسى بن عبد الله بن فَرْحُونَ الأُمَويُّ الإلبيريّ. وفَرْحُونُ: بسكونِ الراءِ والحاءِ الغُفْل. له روايةٌ عن أهلِ بلدِه، وكان من أهل المعرِفة والعدالة، حيًّا سنةَ ثلاثٍ وعشرينَ وأربع مئة. 468 - أحمدُ (¬1) بن عيسى بن عبد البَرّ بن محمد بن عيسى بن عبد البَرّ البَكْريُّ، قَرَمُونيٌّ، استَوطنَ إشبيلِيَةَ، أبو القاسم وأبو العبّاس. رَوى بإشبيلِيَةَ عن أبي بكر بن خَيْرٍ وأكثَرَ عنه، وأبي الحَكَم (¬2) بن حَجّاج، وبقُرْطُبةَ عن أبي بكرٍ يحيى (¬3) بن زَيْدان، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال وأكثَرَ عنه، وببعضِ بلادِ الأندَلُس عن أبي إسحاقَ بن خَلَف (¬4) بن فَرْقَد، وبمَرّاكُشَ عن أبي عبد الله (¬5) بن خليل، وذكَرَ أبو عبد الله ابنُ الأبار روايتَه عنه بقُرطُبةَ لا غيرُ، وقد وقَفْتُ على قراءتِه عليه بمَرّاكُش، فلعلّه لقِيَه فيهما، واللهُ أعلم. وأجاز له من أهل الأندَلُس أبو مَرْوانَ عبدُ الرحمن بن محمد بن قُزْمان، ومن أهل المشرِق أبو الطاهِر السِّلَفي. رَوى عنه أبو بكر بن تَميم البَهْرانيُّ اللَّبْلي. وحدَّث عنه بالإجازة أبو القاسم القاسمُ بن محمد بن الطَّيْلَسان، وحدثنا عنه شيخانا: أبو الحَسَن بنُ محمد الرُّعَيْنيُّ وأبو محمدٍ جابرُ بن جُبَيْرةَ، وكان من المتقدِّمينَ في تجويدِ كتاب الله العظيم ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (243)، وبرنامج الرعيني 23. (¬2) بعد هذا فراغ في الأصل. (¬3) كذلك. (¬4) سقط من ق. (¬5) بعد هذا فراغ في الأصل.

469 - أحمد بن عيسى بن فطيس الأموي، قرطبي

الموصُوفينَ بحُسن أدائِه، محدِّثًا متّسعَ الرّواية، منسوبًا إلى الثقة والضّبط لِما رَواه وحدَّث به، من أهل العلم العاكِفينَ عليه، ومن بيتِ نَباهة في بلده وجلالة. 469 - أحمدُ بن عيسى بن فُطَيْس الأُمَويُّ، قُرْطُبيٌّ. كان فقيهًا أحدَ المُبرِّزينَ في العدالة، حيًّا سنةَ خمسٍ وعشرينَ وأربع مئة. 470 - أحمدُ (¬1) بن عيسى بن محمد بن عيسى بن إسماعيلَ وبن عيسى بن عبد الرّحمن بن حَجّاج اللَّخْميُّ، من أهل إشبيلِيَةَ، أبو الوليد، الأُفيْلِحُ، تصغيرَ الأفلَح، وهو المشقوقُ الشَّفَة السُّفلى، وكان كذلك. رَوى عن أبي العبّاس بن محمد بن مِقْدام، وأبي محمد بن سُليمان بن حَوْطِ الله. رَوى عنه ابنُه أبو بكر، وأبو جعفر بنُ إبراهيمَ السُّلَمي، وأبو القاسم عبدُ الله ابن يحيى بن أُبَيّ. وكان أديبًا بارِعًا جميلَ الطريقة في الخطّ أنيقَ الوِراقة، من بيتِ حسَبٍ وأصالة، ووَزَرَ (¬2) للمتوكّل على الله أمير المسلمين أبي عبد الله محمد بن يوسُف بن هُود مُدّةَ تأمُّرِه بالأندَلُس، وخاضَ معَه في سُلطانِه، وكان من أحظَى شِيعتِه لديه وأوجَهِ وُزَرائه عندَه، وكان له حظٌّ صالح من العلم، وأُرجُوزتُه المُخَمّسةُ في السِّيَر، المسَمّاة "نَظْمَ الدُّرَر ونَثْرَ الزَّهَر" من أحسن ما نُظِم في معناها، أودَعَها نُكتَ السِّير لأبي بكرٍ محمد بن إسحاقَ بن يَسَار مَوْلى قَيْس بن مَخْرَمة (¬3) بن المطَّلب بن عبد مَنَاف، وقفْتُ على نُسَخ منها بخطّه وبخطِّ ابنِه أبي بكر (¬4) وبخطّ غيرِهما، وشعرُه جيِّد، ومدَحَ طائفةً من أُمراءِ عبد المؤمن، ومنه: في أبي العلاءِ إدريسَ الملقَّب بالمأمون ويُهنِّئُه بعِيْد، ونَقلتُه من خطِّه [الرمل]: ¬

_ (¬1) ترجمته في اختصار القدح المعلى 140 لكن وقع فيه اسمه "إسماعيل"، وبغية الوعاة للسيوطي 1/ 351 نقلًا عن ابن الزبير. (¬2) من هنا إلى قوله "مدة" سقط من م. (¬3) في ق: "مخزمة" بالزاي، مصحف. (¬4) هو قاضي الجماعة بمراكش في أيام المعتضد والمرتضى من بني عبد المؤمن وله عند المؤلف ترجمة في السفر السادس (الترجمة 40) ومن مؤلفاته: الدرر البهية في معجزات خير البرية. يوجد مخطوطًا في خزانة القرويين.

471 - أحمد بن عيسى بن محمد بن غالب اللخمي، قرطبي، أبو جعفر

هنَّأَ اللهُ بلادَ الغَرْبِ (¬1) ... ما تتمَنّاهُ بلادُ المشرِقِ طلَعَ المأمونُ فيها فبِها ... أملُ الراجي وأمْنُ المُتَّقي وكسَاها من سَنَا أنوارِهِ ... رَوْنَقًا يُدهِشُ نُورَ الحَدَقِ فأتاها الشرقُ أو راسَلَها ... مستمِدًّا من سَناها المُشرقِ أيُّها العيدُ لك البُشرى فقد ... حَمِدَ المُدلِجُ طُولَ الأرَقِ قد حَلَلْتَ الحَضْرةَ العُليا وما ... بعدَها من غايةٍ للمُرتقي وتلقّاك إمامُ الحُسن (¬2) في ... بَهْجةٍ من نُوره المُؤتلقِ في نهارٍ عَوِّذُوا بهجتَهُ ... خِيفةَ العَيْن بربِّ الفَلَقِ ومشَى فيكَ خُطًى زاكيةً ... سالكًا للبِرِّ أزكى الطُّرُقِ فاشتمِلْها من سَنَاهُ حُلَلًا ... حاز فيها العَيْنُ حظَّ المنطقِ والتقِطْها من خُطاه دُرَرًا ... فهْيَ عِقْدُ الجِيد تاجُ المفرِقِ وشعرُه من هذا النّمَط. 471 - أحمدُ بن عيسى بن محمد بن غالِب اللَّخْميّ، قُرْطُبيّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي جعفر بن محمد بن يحيى. 472 - أحمدُ بن عيسى بن محمد الأُمييُّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 473 - أحمدُ بن عيسى بن محمد، بَلَنْسِيٌّ. كان معدودًا في أهل العلم، حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. 474 - أحمدُ بن عيسى بن مَرْسل (¬3) الأُميّي، أبو جعفر. ¬

_ (¬1) في م: "المغرب" وبها يختلّ الوزن. (¬2) في ق: "الحق". (¬3) في ق: "مرسال".

475 - أحمد بن عيسى بن مزين، أبو بكر

رَوى عن شُرَيْح. 475 - أحمدُ بن عيسى بن مُزَيْن، أبو بَكْر. رَوى عن شُرَيْح. 476 - أحمدُ (¬1) بن عيسى القَيْسيُّ، إشبِيليٌّ. رَوى عنه أبو الخليل مُفرِّجُ بن الحُسَين الضّرير، وكان مُكتِبًا صالحًا. 477 - أحمدُ بن عيسى، إلْبِيبريّ. رَوى عن شيوخ عصرِه، حدَّث عنه أبو المُطرّف عبدُ الرحمن بن قاسم الشَّعْبي، وكان فقيهًا فاضلاً، أديبًا بارِعًا كثيرَ الشِّعر في الزّهد والعِظَات، من أهل الرِّواية والدِّراية. ذكَرَه وابنَ فَرْحونَ المذكورَ قبلُ آنِفًا أبو جعفر ابنُ الزّبير مُفرِّقًا بينَهما في ترجمتَيْنِ عن أبي القاسم محمد بن عبد الواحد المَلّاحي، وَيظهَرُ لي أنهما واحد، ومَوْلدُ أبي المُطرّف سنةَ ثِنتينِ وأربع مئة، فلا يَبعُدُ أن يَرويَ عنهما ابنُ فَرْحونَ المذكورُ قبلُ، واللهُ أعلم، فاجعَلْه من مَباحثِك. 478 - أحمدُ بن غالِب بن زيدونَ المَخْزوميُّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي إسحاق بن مَرْوانَ بن حُبَيْش. 479 - أحمدُ (¬2) بن غانم، قُرْطُبيٌّ، المَدِينيُّ. له رحلتانِ إلى المشرِق وحَجَّ في أُولاهما حَجّةً ثم عاد إلى الأندَلُس، ثم رَحَل الثانيةَ مُرافقًا أبا عبد الله بنَ مسَرّةَ الجَبَلي سنةَ إحدى عشْرةَ وثلاث مئة، وكان أسَنَّ منه، فحجَّ معَه حَجّتَيْن وأقام هنالك بعدَ فُصول محمد بن مسَرَّة حتّى حجَّ حجَّتيْنِ أُخريَيْن فكمُلتْ له خمسُ حَجّات، ثم قَفَلَ إلى بلده فلزِمَ دارَه، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (173) وكناه: أبا العباس. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (8).

480 - أحمد بن غربيب بن قاسم

وكان من أهل الحِفظِ للفقه والوَرَع والنُّسكِ والاجتهاد في العبادة والانقطاع إلى الله عزَّ وجَلّ لم يتبدَّلْ بهذه الأحوال وما يُشبِهُها غيرَها إلى أن توفِّي. 480 - أحمدُ بن غِرْبِيبِ بن قاسم. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي. 481 - أحمدُ (¬1) بن غَرْسِيّةَ، من أهل مدينة الفَرَج، أبو عُمر. رَوى عن وَهْبِ بن مسَرّة، حَكَى عنه الصاحبانِ: أبو جعفر بن محمد بن مَيْمون وأبو إسحاقَ بن محمد بن شَنْظِير، وكان رجُلًا صالحًا فاضلًا. 482 - أحمدُ بن فَتْح الجُذَاميُّ، من أهل الجزيرةِ الخَضْراء. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي. 483 - أحمدُ (¬2) بن الفَرَج بن الفَرَج التُّجيبيُّ، قُونْكِيُّ، سكَنَ بَلَنْسِيَةَ، أبو عامر. رَوى عن أبي بكر بن أغلَبَ بن أبي الدَّوْس، وأبوَي الحَسَن ابنَي المحمَّدَيْن: ابن دُرِّي وابن السيد، وأبَوي عبد الله: ابن [...]، (¬3) وابن يحيى الإشبيليّ، وأبوَي الوليد: سُليمانَ بن خَلَف الباجِي وهشام بن أحمدَ الوَقَّشِيِّ واختَصَّ به وأطالَ مُلازمتَه. رَوى عنه أبو العبّاس بن عبد الرحمن ابن الصّقْر. وكان محدِّثًا ناقدًا، أديبًا بارِعًا، ذكيَّ الخاطر، متقدِّمًا في عَقْدِ الشُّروط، كثيرَ التهَمُّم بالعلم والمحبّة فيه والإنصافِ لأهله كبيرهم وصغرهم، شاعرًا مطبوعًا، كاتبًا محُسِنًا، بديعَ الخَطِّ، عارِفًا بصناعةِ العَروض وله فيها مصنَّفان: كبيرٌ حسَنٌ سمّاه بـ "المُجمَل" وقَفْتُ عليه بخطِّه، ومختصَرٌ منه. وكان من بيت رِياسة بالثَّغْر. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (24). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (137). (¬3) بياض في النسختين.

484 - أحمد بن فرح بن أحمد بن محمد اللخمي، خولاني، من قلعة خولان من نظر إشبيلية، أبو العباس، ابن فرح

484 - أحمدُ (¬1) بن فَرْح بن أحمدَ بن محمد اللَّخْمي، خَوْلانيٌّ، من قَلْعة خَوْلانَ من نظَر إشبيلِيَةَ، أبو العبّاس، ابنُ فَرْح. أخَذ بإشبيلِتةَ عن أبي الحَسَن بن جابر الدّباج وغيره، وقَدِمَ على مَرّاكُش بعدَ الخمسينَ وست مئة وصَحِبَنا مدّةً عند شيخَيْنا أبي زكريّا بن عَتِيق وأبي القاسم البَلَوي، ثُم فَصَلَ عن مَرّاكُشَ مُشَرِّقًا، فجالَ في تلك البلاد واستَوطنَ دمَشْقَ ولقّب شِهابَ الدّين، ومن شيوخِه هنالك: زَيْنُ الدّين أحمدُ بن عبد الدائم بن نِعمةَ المَقْدِسي، وتقيُّ الدّين إسماعيلُ بن بهاءِ الدِّين إبراهيم بن أبي اليُسْر التَّنُوخي، وأبو حَفْص عُمرُ بن محمد بن أبي سَعْد الكَرْماني، وأبو المكارِم محمدُ بن يوسُفَ ابن مُسْدِي. وكان أديبًا فاضلًا حسَنَ الخَلْق والخُلُقِ والصُّحبةِ، ذا حظّ صالح من رواية الحديث، مولدُه قبلَ الثلاثينَ ولست مئة في حدودِ ستٍّ وعشرينَ، كتَبَ إليّ وإلى ولدي محمد من ظاهِر دمشق (¬2). 485 - أحمدُ بن فِيرّه بن مُفَضَّل اليَحصُبيُّ، طُلَيْطُليٌّ، أبو العبّاس. ¬

_ (¬1) ترجمه اليونيني في ذيل مرآة الزمان 4/ 342، والبرزالي في المقتفي 2/ الورقة 16، والذهبي في تاريخ الإسلام 15/ 894، ومعجم الشيوخ 1/ 86، وتذكرة الحفاظ 3/ 1486، والعبر 5/ 393، والصفدي في الوافي 7/ 286، واليافعي في مرآة الجنان 4/ 231، والسبكي في طبقات الشافعية الكبرى 8/ 26، والأسنوي في طبقات الشافعية 2/ 143، وابن كثير في طبقات الشافعية 2/ 940، والمقريزي في السلوك 1/ 3/ 940، والمقفى 1/ 561، والفاسي في ذيل التقييد 1/ 366، والعيني في عقد الجمان 4/ 98، وابن تغري بردي في النجوم 8/ 193، والمنهل الصافي 2/ 59، وابن العماد في الشذرات 5/ 443، والمقري في نفح الطيب 2/ 528 وغيرهم، وهو صاحب كتاب "شرح الأربعين النووية" الذي حققه الدكتور يوسف نجم عبود بإشراف الدكتور بشار عواد معروف، وطبعته دار الغرب الإسلامي 2011 م. (¬2) لم يذكر المؤلف وفاة ابن فرح حيث لم تقع إليه، وفي مصادر ترجمته أنه توفي رحمه الله تعالى تاسع جُمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وست مئة.

486 - أحمد بن القاسم بن أحمد بن القاسم بن عبد الرحمن بن محمد بن سليمان الأنفاسي

تَلا على أبي عبد الله بن عيسى المَغَامِيّ، تَلا عليه أبو العبّاس بن عبد الرحمن ابن الصَّقْر، وكان أحدَ جِلّة المُقرِئينَ المجوِّدين. 486 - أحمدُ بن القاسم بن أحمدَ بن القاسم بن عبد الرحمن بن محمد بن سُليمان الأنْفاسيُّ. 487 - أحمدُ بن قاسم بن أحمدَ التُّجيبيّ، قُرْطُبيّ. كان من أهل العلم والتبريز في العدالة وجَوْدة الخطّ، حَيًّا سنةَ اثنتينِ وتسعينَ وثلاث مئة. 488 - أحمدُ بن قاسم بن أيوبَ القَيْسيُّ، أبو القاسم. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفيّ. 489 - أحمدُ بن قاسم بن سَعيدٍ القَيْسيُّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ ثمانِ عشْرةَ وخمس مئة. 490 - أحمدُ بن قاسم بن محمد بن الحاجّ مبارَك الأُمَويُّ مَوْلاهم، إشبِيليٌّ، ابنُ الحاجّ، وابنُ الزَّقاق (¬1) بزايٍ وقافين (¬2) بينَهما ألف. رَوى عن أبيه، وأبي القاسم أحمدَ بن محمد بن نُصَيْر، وله إجازةٌ من أبي القاسم (¬3) المَغارِبي. 491 - أحمدُ بن قاسم بن المُطرِّف ابن الأميرِ محمدٍ ابن الأمير عبدِ الرّحمن الأوسَط ابن الحَكَم الرَّبَضي. من أهل العناية بالعلم والطّلبِ للحديث والفقه (¬4). ¬

_ (¬1) في م: "الزنان"، محرف. (¬2) في م: "ونونين" ولا يصح، وستأتي ترجمة والده في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 1104) وهو في التكملة (3075) وفيهما: الزقاق. (¬3) بعد هذا فراغ في النسختين. (¬4) بعد هذا فراغ في النسختين.

492 - أحمد بن قاسم، قرطبي، أبو العباس

492 - أحمدُ (¬1) بن قاسم، قُرْطُبيٌّ، أبو العبّاس. قال أبو الوليد (¬2) ابن خِيَرة (¬3): أدركْتُه وجالَسْتُه، وقال غيرُه (¬4): كان محدِّثًا أديبًا من أهل العلم بفنونِ الكلام قديمِه وحديثه، وألَّف كتابًا في النفْس وأخلاقِها مُفيدًا، وكان له حظٌّ وافرٌ من النَّظْم والنثر، قال أبو الوليد ابن خِيَرة: حدثنا بكتابِه في النفْس غيرُ واحد من أصحابِنا عنه. 493 - أحمدُ بن كَوْثَر، من أهل غَرْبِ الأندَلُس، أبو جعفر. رَوى عن أبي عليٍّ الغَسّاني. رَوى عنه أبو عليّ حَسَن بن أحمدَ ابن الزرقالة، وكان ذا عنايةٍ بالأدب من بيتِ نباهةٍ في بلدِه وحسَبٍ شهير. 494 - أحمدُ (¬5) بن كَوْثَر. كان وَقْفًا على سَرَقُسْطةَ ومدائنِ ثَغْرِها يتَجوَّلُ بينَها ويتحَوَّلُ من بعضِها إلى بعض ويُعلّم بها، وعندَه تعَلَّم الرؤساءُ بنو هُود وكثيرٌ من أهل الثَّغْرِ وتلك النواحي. وتوفِّي بعدَ الأربعينَ وأربع مئة. 495 - أحمدُ (¬6) بن اللَّيث، بَرْبَريٌّ قُرْطُبيّ، أبو عُمرَ الأَنْسَريُّ، بهمزة مفتوحة ونُون ساكنة وسين غُفْل مفتوحة وراءٍ منسوبًا. أخَذ عن أبي عُمرَ (¬7) ابن المُكْوِي واختَصَّ به ولازَمَه طويلًا، وكان حافظًا للفقه متقدِّمًا في المعرِفة به. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (120). (¬2) بعد هذا فراغ في النسختين. (¬3) هو أبو الوليد محمد بن عبد الله بن خيرة الأندلسي القرطبي الفقيه الحافظ المتوفى سنة 551 هـ، وهو مترجم في الصلة البشكوالية (1302). (¬4) هو ابن الأبار في التكملة. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (55) وكناه: أبا عمر. (¬6) ترجمه ابن الأبار في التكملة (39). (¬7) بعد هذا فراغ في النسختين، وأبو عمر ابن المكوي هذا اسمه أحمد بن عبد الملك بن هاشم، وهو مترجم في الصلة البشكوالية (38).

496 - أحمد بن محمد بن أبي زرعة الحضرمي

496 - أحمدُ بن محمد بن أبي زُرْعةَ الحَضْرميُّ. 497 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن إسحاقَ بن طاهِر، مُرْسِيٌّ. رَوى عن الرئيس أبي عبدِ الرّحمن أبيه، وأبي عليٍّ بن سُكّرةَ الصَّدَفي (¬1). 498 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن إسماعيلَ بن الصميل بن إسماعيلَ بن عَمْرو الأنصاريُّ، مارْتُليٌّ، أبو جعفرٍ وأبو العبّاس. رَوى عن ابن عمّتِه الزّاهد أبي عِمران بن حُسَين وخَلَفَه في مسجده بعدَ وفاتِه، وأجاز له أبو عبد الله بن إبراهيمَ ابن الفَخّار. ورَحَلَ إلى المشرِق وحَجّ، ولقيَ ببِجَايةَ أبا محمد عبدَ الحقّ بن عبد الرّحمن الإشبيليَّ فسمعَ عليه جُملةً من تصانيفِه. وقَفَلَ إلى الأندَلُس واستَوطَنَ إشبيلِيَةَ ولزِمَ بها إكتابَ القرآن العظيم. رَوى عنه أبو العبّاس بن عبد الله وابنُه أبو بكرٍ ابنا سيِّدِ الناس. وكان رجُلًا فاضلًا من خِياًر عِباد الله الصّالحين، زاهدًا كثيرَ الذِّكْر لأخبارِ الصُّلَحاء وكراماتِهم مُواظبًا على أعمال البِرّ، وجَرَت (¬2) له أخبار تدُلُّ على فضلِه واعتناءِ الحقِّ جَلّ جلالُه به، منها: أنّ مؤذِّنَ المسجد الذي استَخْلفَه فيه أبو عِمرانَ الزاهدُ أبطَأَ يومًا بعدَ الأذان، فأمَرَ الحاجُّ -بإقامة الصلاة- رَجُلًا آخَرَ، فاتّفَقَ أنّ رجُلًا من بني زَنْباع كان يَتعاهدُ الصلاةَ في المسجد من جِيرانِه قَدْرَ إقامةِ المؤذِّن الذي أذَّن، ففاتَتْه رَكْعةٌ من الصلاة، فتغيَّر لذلك وعتِبَ على الحاجّ وقال له: لأيِّ شيءٍ جعَلْتَ غيرَ الذي أذَّن يقيمُ حتى فاتَتْني الصلاة؟ فقال له الحاجّ: هذا جائزٌ في المذهب، فكأنّ الرجُلَ قال له: لا أُصلِّي وراءك، أو أشعَرَه بذلك، فلم يُصلِّ بقيّةَ نهارِه وراءه ولا ليلَته حتى هَمَّ الحاجُّ بالتأخُّر عن الإمامة في ذلك المسجد، فرأى الشّيخُ الصالحُ الفقيهُ أبو القاسم الفَصّالُ المؤذِّن ¬

_ (¬1) لم يذكره ابن الأبار في المعجم في أصحاب الصدفي. (¬2) في ق: "وجدت"، وما هنا من م وهو أحسن.

499 - أحمد بن محمد بن أحمد بن إسماعيل بن محمد الأميي، مرسي، أبو القاسم الطرسوني إذ أصله منها

بمسجد الشَّنْتَرينيِّ بالحَطّابِينَ داخلَ إشبيلِيَةَ في نَوْم قائلةِ النهارِ الثاني كأنه بالجَبّاسينَ القديم، وهو بينَ مسجد أبي عِمرانَ بالكنيسة المرجُومة وتُربتِه بالنَّخيل الصَّغير داخلَ إشبيلِيَةَ، وإذا أبو عِمران الزّاهد، فكأنّه يَهشُّ إليه ويَتبَعُه ويقولُ له: من عندِ الحاجِّ وصَلتُ، وقد أصلَحَ أبو الحُسَين مسألةً، قال: فكأنّي تبِعتُه إلى موضع قبرِه، فكان يَغِيبُ عنّي فأفقْتُ وجئتُ الحاجَّ فوجدتُه قد صَرَفَ الصِّبْيانَ للغَداء وهو ناعِس، فسلَّمتُ عليه وعرَّفْتُه برُؤيايَ في الحينِ أبا عِمرانَ الزّاهد، فقال لي: الآنَ انصَرفَ عنّي، قال: فبَيْنا نحن نقولُ: مَن أبو الحُسين؛ إذا الرجُلُ الذي كان قد تَغيَّر على الحاجِّ داخِل، فلمّا وصَلَ إلى الحاجِّ قبَّلَ رأسَه واعتَذرَ له وقال له: ذهبتُ لأبي الحُسَين بن زَرْقُون فقال لي: إنّ الذي فعَلَ الحاجُّ جائزٌ في المذهب، وما كان كلامي إلا اغتباطاً منّي بالصّلاة خلفَك، قال: فأخَذْنا نضحَكُ ضِحْكَ التعجُّب، فظَنَّ الرجُلُ أنا ضَحِكْنا هُزُؤاً به، فقال: مِمَّ تضحَكانِ؟ فعرَّفناهُ بما قال أبو عِمرانَ الزّاهد، فعجِبَ أيضًا. رحمَهم اللهُ أجمعين. ومنها: أنه أوصَى عندَ حضور وفاتِه أن يُكفَّنَ في أثواب رَثّة كانت عندَه كان قد طَهَّرها بماءِ زَمْزَم، فلمّا مات اقتضَى نظرُ ورَثتِه أن يَزيدوا ثوباً جديداً على الكفَن، فأعَدُّوا ذلك الثوبَ معَ تلك الثِّياب الرَّثّة، فلمّا دَفَنوه وأرادوا بعدُ قَسْمَ ميراثِهم منه، وجَدوا الثّوبَ الذي زادوه على الأثوابِ الرَّثّة التي أعَدَّها الحاجُّ لتكفينِه وأوصَى به في جُملة أسبابِه، فطال تعجُّبُهم من ذلك وشاع ذلك الحديثُ به. 499 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن أحمدَ بن إسماعيلَ بن محمد الأُمَيِّيُّ، مُرْسِيّ، أبو القاسم الطَّرَسُونيُّ إذ أصلُه منها. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (285) باسم أحمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد الأميي، يعرف بالطرسوني، والرعيني في برنامجه 130، والمقري في نفح الطيب 2/ 603، وسيعيده المؤلف في الترجمة (555)، والترجمة (580) بالاسم الذي ذكره ابن الأبار ونبّه إلى أنهم واحد.

500 - أحمد بن محمد بن أحمد بن ثعلبة العبدري، إشبيلي، أبو القاسم، ابن ثعلبة

500 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن أحمدَ بن ثَعْلبةَ العَبْدَري، إشبِيليٌّ، أبو القاسم، ابنُ ثَعْلَبة. رَوى عن شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْني، وأبي زيد الفَزَازي، وأبي بكر بن هشام، وأبي عليّ ابن الشَّلَوبِين. وكان نَحْويًّا حاذِقًا أديبًا كاتبًا مُحسِنًا، نبيلَ المَشارع، مُستَطْرَفَ الأحوال، وكان يقرأُ باللَّمس، فحدَّثني شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْني أنه حضَر معَه يومًا بقُرطُبة في مجلس أبي العلاءِ ابن المنصُور المتلقّب بعدُ بالمأمون، وهو حينَئذٍ والي قُرْطُبة (¬2). 501 - أحمدُ (¬3) بن محمد بن أحمدَ بن أبي هارونَ التَّميميُّ، إشبِيليٌّ، أبو القاسم. وقال أبو بكر ابنُ خَيْر في نَسَبِه حسَبَ ما وقَفْتُ عليه في خطِّه: التُّجِيبي، وأراه وَهْمًا، واللهُ أعلم. تَلا بالسّبع على أبي إسحاقَ بن عليّ بن طَلْحة، وأبي بكر ابن خَيْر، وأبي الحُسَين عُبَيد الله بن محمد ابن الفحْياني، وأبي محمد بن أحمدَ بن مَوْجُوال، وأخَذَ عن بعضِهم غيرَ ذلك، والحديثَ وغيرَه عن أبوَيْ بكر: ابن الجَدّ وابن عُبَيد السَّكْسَكي، وأبي الحَسَن الزُّهْري، وأبي عبد الله بن المُجاهد. وتأدَّبَ في العربيّة وما في معناها بأبي إسحاقَ بن مَلْكون، وأبي بكر بن أحمد بن خَشْرم، وأجاز له في صِغَرِه أبو الحَسَن شُرَيْح. رَوى عنه ابنُه أبو عُمر وأبو إسحاقَ بن محمد بن إبراهيمَ بن المُفرِّج، وأبَوا بكر: ابنُ العاصي والقُرْطُبي، وأبو علي ابن الشَّلَوبِين، وأبو عِمرانَ الجَزِيري، وأبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، وعبد الوهّاب بن أبي بكر بن العاص المذكور. ¬

_ (¬1) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 357 نقلاً من هذا الكتاب. (¬2) بعد هذا بياض في النسختين. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (254)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 109، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 104، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 359 نقلاً عن المؤلف.

502 - أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن بن عديس القضاعي، أبو جعفر

وكان أحدَ كبارِ المُقرِئينَ المجوّدين وجِلّة الأُدباء النَّحْويّين، معَ الفَضْل التامّ والدِّين المتين والوَرَع والزُّهد، وكان حيًّا سنةَ سبع وست مئة (¬1). 502 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن الحَسَن بن عُدَيْس القُضاعيُّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي محمد بن محمد بن السِّيْد. 503 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن أحمدَ بن حِصْن الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ، بَلَنْسِيٌّ مُرْباطَريُّ الأصل. وهو خالُ أبي الخَطّاب أحمدَ بن محمد بن واجِب. رَوى عن أبي محمد بن السّيْد ولازَمَه طويلاً. وله رحلةٌ إلى المشرِق وحَجّ فيها وأخَذَ بالإسكندَريّة عن أبي الطاهِر السِّلَفي معَ أبي بكر بن أبي الحَسَن بن هُذَيْل سنةَ تسع وثلاثينَ وخمس مئة. 504 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن حَمْدِينَ الخَولانيُّ. له إجازةٌ من أبي الحَسَن عَبّاد بن سِرْحان، وأبي القاسم عيسى بن جَهْوَر. 505 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن خالد الجُذَاميُّ، مَوْرِيٌّ، بفَتْح الميم وسكون الواو وراءٍ منسوبًا (¬3). رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 506 - أحمدُ (¬4) بن محمد بن أحمدَ بن خَلَف بن يحيى الهاشِمي، بَلَنسِيٌّ، أبو جعفر القُلْبَيْريُّ. ¬

_ (¬1) في التكملة: "وأجاز لبعض أصحابنا في شهر ربيع الأول سنة خمس وست مئة"، وفي غاية النهاية أنه توفي سنة 610 هـ. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (135). (¬3) منسوب إلى "مورة" قرية على الطريق من إشبيلية إلى لبلة (العذري 110). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (264)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 357 نقلًا من هذا الكتاب.

507 - أحمد بن محمد بن أحمد بن خلوص المرادي، نزيل فاس

رَوى عن أبي بكر (¬1) بن نُمَارةَ، وأبوَي الحَسَن: ابن عبد الله بن النِّعمة وابق محمد بن هُذَيْل، وأبي عبد الله بن يوسُفَ بن سَعادة. رَوى عنه أبو الحَسَن (¬2) بنُ خِيَرة، وأبو عبد الله بن عبد الله ابن الأبّار. وكان مُكتِبًا فاضلًا حافظًا للآدابِ واللُّغات ذا حظّ صالح من قَرْض الشّعر. توفِّي بَغْتةً في نحوِ العَشْر (¬3) ولست مئة. 507 - أحمدُ (¬4) بن محمد بن أحمدَ بن خُلُوص المُرادِيُّ، نَزيلُ فاس. وجعَلَه ابنُ الآبّار فاسيًّا حينَ أجرَى ذكْرَه فيمَن رَوى عن أبي العبّاس بن حُسَين الأشْهَليِّ (¬5)، أبو العبّاس. رَوى عن أبي بكرٍ يحيى بن الخَلُوف، وأبي العبّاس بن حُسَين الأشْهَليّ، وأبوَي الحَسَن: ابن خَلَف العَبْسي، وابن عبد الرّحمن ابن الدُّوْش، وأبي الحُسَين يحيى بن إبراهيم ابن (¬6) البَيّاز، وأبي داودَ بن نَجاح الِهشاميّ، وأبي عبد الله بن أبي العافية خِيَرة. رَوى عنه أبو الحَسَن بن يحيى بن محمد بن عليّ بن هشام القَيْسيُّ الأخفَش، ومحمد بن عُمر بن مالكٍ المَعافِري. وكان أحدَ كبار المُقرِئين وأئمِّةِ القُرّاء المُجوِّدين، عُني بتجويد القرآنِ العظيم وأتقَنَ حروفَه وأحكَمَ أداءه، وعُرِف بحُسن الأخْذِ على القُرّاء، ورَحَلَ الناسُ إليه. 508 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن رِضا البَكْريُّ، مُرْسِيّ. رَوى عن أبي عبد الله بن عبد الرحيم ابن الفَرَس. ¬

_ (¬1) بعد هذا بياض في النسختين. (¬2) بعد هذا بياض في النسختين. (¬3) في ق والبغية: "العشرين"، وما هنا من م والتكملة. (¬4) ترجمه ابن القاضي في جذوة الاقتباس (46). (¬5) التكملة (92)، والأشهلي اسمه أحمد. (¬6) سقطت من ق.

509 - أحمد بن محمد بن أحمد بن زياد، أبو العباس، ابن الدباغ

509 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن زياد، أبو العبّاس، ابنُ الدّبّاغ. رَوى عن أبي الحَسَن بن عبد الله بن مَوْهَب (¬1)، وأبي عبد الله بن عبد العزيز ابن زُغَيْبة. 510 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن سَعيد بن نُمَيْل الأنصاريُّ، كذا نقَلتُ نسَبَه من خطِّه، قُرْطُبيّ، أبو جعفر، ابنُ البَلَنْسيّ. رَوى عن أبي بكرِ عبد العزيز بن خَلَف بن مُدير، وأبي جعفر بن عبد الرحيم البِطْرَوجي، وكان محدِّثًا عَدْلًا ضابطًا ثقةً فيما يَرويه. 511 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن سَلْهَب الأنصاريُّ، أبو جعفر. رَوى عن أبوَيْ علي: الصَّدَفيِّ (¬2) والغَسّاني. 512 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن شاكِر الأُمَويُّ، طُلَيْطُليٌّ. له رحلةٌ حَجَّ فيها وأخَذَ بمكّةَ شرَّفها اللهُ عن أبي الحَسَن بن محمد بن عليّ بن صَخْر "فوائدَه"، وكتبَها بخطِّه سنةَ ثمانٍ وثلاثينَ وأربع مئة. 513 - أحمدُ (¬3) بن محمد بن أحمدَ بن عبد الله بن أحمدَ بن غالِب بن زيدُون المَخْزُومي، قُرطُبيّ، أبو الوليد. رَوى عن أبي القاسم الحَسَن بن عُمر الهَوْزَني، رَوى عنه أخوه زَيْدون (¬4). وكان من أكابِر بَيْتاتِ قُرْطُبة حَسَبًا ونَباهةً وجَلالة في العلم وضبطًا وحِذْقًا وإتقانًا، ذا معرِفة بالأدب والتواريخ، وأملَى على أخيه زيدون إملاءً نبيلًا في أُمراءِ ¬

_ (¬1) في ق: "وهب"، محرف، وهو علي بن عبد الله بن موهب الجذامي، أبو الحسن المتوفى سنة 532 هـ، مترجم في الصلة البشكوالية (916)، ومعجم الأدباء 4/ 1791، وإكمال ابن نقطة 2/ 113، وتاريخ الإسلام 11/ 574، وسير أعلام النبلاء 20/ 48. (¬2) لم يذكره ابن الأبار في المعجم المؤلف في أصحابه. (¬3) هو ابن الوزير أبي بكر بن زيدون وزير المعتمد بن عباد وحفيد الشاعر الكبير أبي الوليد بن زيدون. (¬4) ترجمة زيدون أخي المترجم في التكملة (925).

514 - أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن قاسم الأنصاري، إشبيلي، أبو الحسين، ابن السراج

الأُمَويّة والهاشِميّة وخُلفائهم بالأندَلُس (¬1) نَحاً فيه مَنْحَى (¬2) المَسْعوديّ في كُتَيِّبِه الموسُوم بـ "التعيين للخُلفاءِ الماضِين". 514 - أحمدُ (¬3) بن محمد بن أحمدَ بن عبد الله بن قاسم الأنصاريُّ، إشبِيليٌّ، أبو الحُسَين، ابنُ السَّرِّاج. سَمع أبوَيْ بكر: خالَه ابنَ خَيْر وابنَ عبد الله بن الجَدّ، وآباءَ إسحاق: ابنَ علي الزَّواليَّ وأبا زَيْد بن عبد الله السُّهَيْلي، وأبا عبد الله بنَ سعيد بن زَرْقُون، وأبا عُمر أحمدَ بن هارونَ بن عاتٍ، وآباءَ القاسم: خَلَفَ بن عبد الملِك بن بَشْكُوال وعبدَ الرحمن بن محمد الشَّرّاطَ ومحمدَ بن عبد الواحد المَلّاحيَّ، وأبا محمد عبدَ الحقّ بن بُونُه وأجازوا له وأكثرَ عن بعضِهم. وكتَبَ إليه مجُيزًا أبو ¬

_ (¬1) ذكر ابن سعيد في تذييله على رسالة ابن حزم في فضائل الأندلس هذا الكتاب فقال: "وقد صنف أبو الوليد بن زيدون كتاب التبيين في خلفاء بني أمية بالأندلس على منزع كتاب التعيين في خلفاء المشرق للمسعوّدي" نفح الطيب 4/ 173 وقد وهم دوزي وبونس بويجس في نسبة الكتاب إلى أبي الوليد ابن زيدون الشاعر الناثر المعروف، وذكر بونس بويجس في كتابه عن المؤرخين والجغرافيين الأندلسيين (147) أنه يوجد من هذا الكتاب نسختان إحداهما في المتحف البريطاني تحت رقم 10574 والأخرى في مكتبة البودليانا تحت رقم 318 وذكر أنه تاريخ منظوم، قال ابن شريفة: وكل ما قاله عار عن الصحة فقد ذهبت إلى المكتبتين فلم أجد شيئاً مما ذكره وإنما وجدت تحت الرقم الأول شرح الرسالة الجدية للصفدي ووجدت تحت الرقم الثاني نونية ابن زيدون. ويبدو أن تاريخ ابن زيدون كان متداولاً لدى المؤرخين المغاربة المتأخرين، فقد ذكره الزياني في مصادره ونقل عنه. انظر الترجمانة الكبرى 54، 271 ووهم ناشر الكتاب ونسبه إلى ابن زيدون الشاعر. (¬2) بعد هذا بياض في النسختين. (¬3) ترجمه الحسيني في صلة التكملة 1/ 410، والغبريني في عنوان الدراية (118)، والذهبي في تاريخ الإسلام 14/ 8519، وسير أعلام النبلاء 23/ 331، والعبر 5/ 239، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 102، والفاسي في ذيل التقييد 1/ 370، وابن تغري بردي في المنهل الصافي 2/ 126، وابن العماد في الشذرات 5/ 289.

محمد بنُ محمد الحَجريُّ. ويحمِلُ بالإجازةِ العامّة عن جماعةِ كبيرة منهم: أبو جعفر بنُ عبد الرّحمن بن مَضَاء، وأبو مَرْوانَ عبدُ الرحمن بن محمد بن قُزْمان، وأبوا طاهر: الخُشُوعيُّ والسِّلَفي، وأبو الفَضْل الغَزْنَويُّ في آخَرِين. رَوى عنه أبوا بكر: ابنُ أحمدَ بن سيِّد الناس وابنُ أحمدَ بن خليل، وأبو الحَجّاج بن محمد بن لُقْمان، وأبوا عبد الله: ابنُ الأبار وابنُ صالح الشاطِبيُّ ببِجَايةَ، وأبوا العبّاس: ابنُ عثمانَ بن عَجْلان وابنُ يوسُفَ بن فَرْتُون، وأبو عُبَيدةَ محمدُ بن محمد بن عامر بن فَرْقَد، وأبو محمد بن قاسم الحَرّار، والحَسَنُ بن عبد الرّحمن بن عُذْرةَ، وحدثنا عنه من شيوخِنا أبو بكر بنُ (¬1) يَرْبُوع، وأبَو الحَسَن (¬2) ابنُ الصائغ، وأبو محمد عبدُ الله مَوْلى أبي عثمانَ سَعيد بن حَكَم، ومن أصحابِنا: أبو مَرْوانَ (¬3) ابنُ الكَمّاد المُكتِب. وكان سَرِيّاً فاضلاً، من بيتِ خَيْر ودين ونَباهة، راوِيةً مُسنِدًا، ثقةً فيما يحدِّثُ به، صحيحَ السَّماع صَدُوقًا. عُمِّر طويلًا وأسَنَّ حتى كان آخرَ الرُّواةِ بالسَّماع عن أكثرِ الأكابر من شيوخِه المسَمَّيْنَ، ممَتَّعًا بحَواسِّه صحيحَ الجسم إلى مُنتهَى عُمُرِه، وكان يُبصِرُ أدقَّ الخطوطِ من غير تكلُّف معَ فَرْطِ الكَبْرة، وكان يَذكُرُ سببًا لذلك أنه رَمدت عينُه وقتًا رَمَدًا شديدًا اختَلَّ منه ضَوْءُ بصَرِه، فرأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في منامِه وكأنّه شكا إليه ذلك، فكأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أشار بشيءٍ إلى عَيْنِه فبَرئت عَيْنُه ولم ترمَدْ بعدُ ولا عَرَضَ لها ألمٌ ببرَكة الرُّؤيا الكريمة النَّبَويّة إلى أن توفِّي رحمه الله. مَوْلدُه بإشبيلِيَةَ لليلتَيْنِ بقِيَتا من رجَبِ ستينَ وخمس مئة، وخرَجَ منها بخروج أهلِها عند تغلُّب الرُّوم عليها في رمضانِ ست وأربعينَ وست مئة، وأجازَ البحرَ إلى سَبْتةَ وأقام بها قليلًا، وفَصلَ عنها إلى بِجَايةَ سنةَ سبع وأربعينَ ¬

_ (¬1) بعد هذا بياض في النسختين. (¬2) كذلك. (¬3) كذلك.

515 - أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله اللخمي، أبو عبد الله

واستَوطَنَها إلى أن توفِّي - عَفَا اللهُ عنه - بها صَبيحةَ، وقيل: ضُحى، يومِ الأحد لسبع مَضَيْنَ من صَفَرِ سبع وخمسينَ وست مئة. 515 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن عبد الله اللَّخْميُّ، أبو عبد الله. رَوى عنه أبي عليّ بن سُكّرة (¬1). 516 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن عُبَيد الله بن عبد الرّحمن بن موسى الأنصاريُّ، إشبِيليّ، أبو العبّاس المُجاهد. وهُو ولَدُ (¬2) الفاضِل الزاهِد أبي عبد الله ابن المُجاهِد، رَوى عن أبيه، وأبي العبّاس بن عبد الله بن سيِّدِ الناس (¬3). رَوى عنه أبو بكر بنُ أحمدَ بن سيِّدِ الناس. وكان خيِّرًا فاضلًا مَكْتِبًا مبارَكًا نفعَ اللهُ بتعليمِه خَلْقًا كثيرًا، واستُشهِدَ نفَعَه اللهُ في كائنة قَصْر أبي دانِس سنةَ أربعَ عشْرةَ وست مئة. 517 - أحمدُ (¬4) بن محمد بن أحمدَ بن عبد الملِك بن بُونُه بن سعيدِ بن عِصام بن محمد بن ثَوْر العَبْدَريُّ، مُنكَّبيٌّ، وأصلُ سَلَفه من وادي الحِجَارة نَزَلوا غَرْناطة وسَكَنوا مالَقة، أبو العبّاس، وكَنّاه أبو جعفر ابنُ الزُّبَير: أبا جعفر. رَوى عن عمِّ أبيه أبي محمد عبد الحقّ. رَوى عنه أبو عبد الله بن الحَسَن ابن الخَطيب. وكان فقيهًا عارِفًا بالنَّوازل من بيتِ علم ودين، استُقْضِي ببلدِه ونابَ في خُطّة القضاء عن غيره بحِصْن بَلّشَ وجِهاتِها. وتوفِّي في حدود الثلاثينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) لم يذكره ابن الأبار في "المعجم". (¬2) في ق:"والد"، محرفة، وستأتي ترجمة والده محمد بن المجاهد في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 1261). (¬3) قفز نظر ناسخ م إلى "سيد الناس" الآتية، فلم يكتب ما بينهما. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (308).

518 - أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الملك الأنصاري، شبربي بشين معجمة وباء بواحدة مضمومتين وراء ساكنة وباء بواحدة منسوبا سكن بلنسية، أبو جعفر، ابن مشيول

518 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن أحمدَ بن عبد الملِك الأنصاريُّ، شُبُرْبيُّ بشينٍ معجَمة وباءٍ بواحدة (¬2) مضمومتَيْنِ وراءٍ ساكنة وباءٍ بواحدة منسوبًا سَكَن بَلَنْسِيَةَ، أبو جعفر، ابنُ مشيّول (¬3). وقال ابنُ الزُّبير: أصلُه من شِلْب. صحِبَ قديمًا أبا الوليد يوسُفَ بن عبد العزيز ابن الدّبّاغ، واستنفَدَ امصرَ مَرْويّاتِه ومجموعاتِه روايةً عنه. رَوى عنه أبو بكرٍ عَتِيق بن سَعيد العَبْدَري، وكان مَعْنيًّا بهذا الشأنِ موصُوفًا بالذكاءِ والصّلاح. توفِّي في ذي القَعْدة سنةَ إحدى وستينَ وخمس مئة. 519 - أحمدُ بن محمد فى أحمدَ بن العاص، قُرْطُبيّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ سبع وخمسينَ وأربع مئة. 520 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن عَفيف. سمعَ بالمَرِيّة على أبي عليّ بن سُكّرةَ (¬4). 521 - أحمدُ (¬5) بن محمد بن أحمدَ بن عُمرَ بن أحمد بن محمد بن عبدِ الأعلَى ابن عبد الغافِر بن عبد المجِيد بن عبد الله بن أبي عَبْس عبدِ الرّحمن بن جَبْر (¬6) الأنصاريّ، وأبو عَبْسٍ صاحبُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، قُرْطُبيٌّ، أبو بكر، ابنُ أبي عَبْس. كان متقدِّمًا في علم العدَد والهندسة، وقَعَدَ لتعليم ذلك في أيام الحَكَم. 522 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن عُمرَ الحَضْرميُّ ثم السَّطيحي. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (185). (¬2) قفز نظر ناسخ ق إلى لفظة "بواحدة" الآتية، فلم يكتب ما بينهما. (¬3) في التكملة: "مشيون". (¬4) لم يذكره ابن الأبار في "المعجم". (¬5) ترجمه صاعد في طبقات الأمم (77)، وابن الأبار في التكملة (20). (¬6) في ق: "خير"، مصحف، وهو من رجال التهذيب 34/ 46، وترجمته في الاستيعاب لابن عبد البر 4/ 1708، وحديثه "من اغبرت قدماه في سبيل الله حَرّمهما الله على النار" في الصحيحين، البخاري 2/ 9، ومسلم 4/ 25.

523 - أحمد بن محمد بن أحمد بن عياش، بياء مسفولة وشين معجمة، الكناني، مرسي، أبو جعفر

523 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن أحمدَ بن عَيّاش، بياءٍ مسفولة وشينٍ معجَمة، الكِنَانيُّ، مُرْسِيٌّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي القاسم بن بَشْكُوال، ورَحَلَ إلى المشرِق سنة ثمانٍ أو تسع وسبعينَ وخمس مئة، وحَجَّ في ثاني عام رحلتِه وتجَوَّل هنالك نحوًا من عشرينَ سنة، ودخَلَ بغدادَ وأخَذ بها عن ضِياء الدِّين أبي أحمدَ عبد الوهّاب بن عليّ بن عليّ بن سُكَيْنةَ، بمكّةَ شرَّفها اللهُ عن أبي حَفْص المَيَانِجيِّ، وبدمشقَ عن أبي الطاهِر الخُشُوعي، وأبي محمد القاسم (¬2) بن عليّ بن عَسَاكر، وسَكَنَها سنينَ وأقرأَ بها القرآنَ العظيم، وبمِصرَ عن أبي القاسم هِبة الله بن عليّ (¬3) البُوصِيريِّ المَدْعوِّ بسيِّدِ الأهل. ثم قَفَلَ إلى الأندَلُس سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة فأقام بمالَقةَ مدّة، فرَوى عنه بها أبوا جعفرٍ: ابنُ عبد المجِيد الجَيّار وابن عليّ العجام، ثم تحوَّل إلى مُرْسِيَة، فرَوى عنه بها أبو بكر محمدُ بن غَلْبُون، وأبو عبد الله بن عليّ بن حَمّاد، وأبو محمد بن عبد الرحمن بن بُرْطُله، وحدثنا عنه شيخُنا أبو عليٍّ الحُسَين بن عبد العزيز ابن الناظِر. وكان حافظًا للقرآن العظيم مُثابِرًا على تلاوته حسَنَ القيام على تجويدِه، ذا عناية برِواية الحديث، معروفاً بالثِّقة فيما يَرويه والعدالة واستقامةِ الحال، له إدراكٌ وحَظٌّ وافر من عِلم عبارةِ الرُّؤيا، ومن فوائدِه: زيادةٌ لا في آخِر قول الحَرِيري (¬4) [المتقارب]: إذا ما حوَيْتَ جنَى نحلةٍ ... فلا تَقْربَنْها إلى قابلِ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (297)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 852، والمقري في نفح الطيب 2/ 604. (¬2) من هنا إلى قوله: "أبي القاسم" سقط من ق. (¬3) بعد هذا بياض في النسختين. (¬4) في المقامة السادسة عشرة المغربية.

524 - أحمد بن محمد بن أحمد بن عيسى الأنصاري، أشبوني

الأبيات، قولُه: ولا تأسفَنَّ على خارج ... إذا ما لَمحْتَ سَنا الداخلِ ولا تُكثِر الصَّمتَ في معشَرٍ .. وإن زدتَ عِيًّا على باقلِ وكُفَّ بصَرُه نفَعَه اللهُ سنةَ ثمانٍ وعشرينَ أو نحوِها وست مئة، وتوفِّي على إثْرِ ذلك، وقيل: توفِّي في حدودِ الثلاثينَ وست مئة، ومولدُه سنةَ ثِنتينِ وخمسينَ وخمس مئة. 524 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن عيسى الأنصاريّ، أشْبُونيّ. رَوى عن أبي العبّاس بن محمد بن مِقْدام. 525 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن عيسى المَعافِريّ، قُرْطُبيّ، أبو جعفر. رَوى عنه ابنُ عبدِ البَرّ أبو عُمرَ مؤلَّفَ أبي شبيث. 526 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن أحمدَ بن كَوْثَر المُحارِبيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو العبّاس. والدُ الحاجِّ أبي الحَسَن (¬2) بن كَوْثَر الآتي ذكْرُه بعدُ بموضعِه إن شاء الله (¬3). أخَذَ القراءاتِ عن أبي الحَسَن بن أحمدَ ابن الباذِش، ورَوى عن أبي بكرٍ غالب بن عَطِيّة، وأبي القاسم خَلَف بن يوسُفَ ابن الأبْرَش، وأبي محمد بن عَتّاب، وله رحلةٌ إلى المشرِق معَ ابنِه أبي الحَسَن حَجّا فيها وسَمِعا بمكّةَ شرَّفها اللهُ على أبي الفَتْح الكَرُوخيّ، وأبي عليّ ابن العَرْجاء، وجاوَرَا بها ستَّ سنينَ. رَوى عنه ابنُه أبو الحَسَن المذكورُ، وأبو القاسم محمدُ (¬4) بن وَضّاح (¬5). ¬

_ (¬1) ترجمه السلفي في معجم السفر (29 - 30)، وابن الأبار في التكملة (160) وفيه أحمد بن محمد بن كوثر، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 375. (¬2) من هنا إلى قوله: "أبي الحسن" سقط من ق حيث قفز نظر الناسخ من هنا إلى هناك. (¬3) في السفر الخامس (الترجمة 344) واسمه علي. (¬4) بعد هذا فراغ في الأصل. (¬5) ذكر السلفي أنه توفي بمصر سنة 555 هـ.

527 - أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبيد الله بن رشد، قرطبي، أبو القاسم

527 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن أحمدَ بن محمدِ بن أحمدَ بن عُبَيْد الله بن رُشْد، قُرْطُبيّ، أبو القاسم. رَوى عن أبيه أبي الوليد الحفيد، وأبوَي القاسم: جَدِّه وابن بَشْكُوال. رَوى عنه أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، وكان من بيتِ علم وجَلالة ونَباهة (¬2) وحَسَب في بلدِه، فقيهًا حافظًا بصيرًا بالأحكام، يَقِظًا ذكيَّ الذِّهن، سَرِيَّ الهمّة، كريمَ الطَّبع، حسَنَ الخُلُق. وَليَ القضاءَ ببعض بلاد الأندَلُس فحُمِدت سِيرتُه. وتوفِّي في عَقِبِ رمضانِ ثنتينِ وعشرينَ وست مئة، ودُفن في رَوْضة سَلَفِه بمقبُرة ابن عبّاس. 528 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن يحيى الكِنَاني، إشبيليّ، أبو العبّاس. وَلَدُ الحاجِّ الشهيد أبي بكرٍ الكِنّاني. رَوى عن أبيه، وأبي الحَكَم عبد السلام ابن بَرَّجان اللُّغوي، وأبي ذرٍّ مُصعَب الخُشَني، وأبي العبّاس بن أحمدَ بن راس غَنَمة. وكان كاتِبًا مُحسِنًا أديبًا بارعًا، من أهل الدِّين المتين والفَضْل التامّ، بارعَ الخطّ رائقَ الوِراقة، كتَبَ بخطِّه الكثيرَ من دواوينِ العلم وأتقَنَ ما توَلَّى من ذلك أكملَ إتقان. وتوَجَّه إلى الحجّ سنةَ أربعينَ وست مئة فاستُشهدَ غَرَقًا نفَعَه اللهُ بمقرُبةٍ من مَرْسَى هنين على نحوِ أربعينَ ميلًا من تِلِمْسين قبلَ أن يحُجَّ، وقد وَقَعَ أجرُه على الله، حقَّق اللهُ وفاءه. 529 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن إبراهيمَ بن يحيى بن إبراهيمَ بن يحيى بن خَلَصةَ الحِمْيَريُّ الكَتَاميّ، قُرْطُبي، أبو جعفر، ابنُ يحيى، وابنُ الوَزَغي. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (286)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 691، وابن فرحون في الديباج 1/ 221. (¬2) سقطت من ق.

530 - أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن خلف بن سليمان بن خالد بن بهلول بن عبد الرؤوف بن مخارق بن أحمد العبدري، أندي

رَوى عن جدِّه (¬1) الخطيبِ أبي جعفر بن يحيى. 530 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن أحمدَ بن محمدِ بن خَلَف بن سُليمان بن خالِد بن بُهْلُول بن عبد الرؤوف بن مُخارِق بن أحمدَ العَبْدَريُّ، أُنْدي (¬3). وهُو عمُّ أبي عبد الله بن عليّ بن خالدٍ الآتي ذكْرُه بموضعِه من هذا الكتاب إن شاء الله، أو ابنُ عَمّ أبيه. رَوى بالأندَلُس عن بعض شيوخِها، ورحَلَ إلى المشرِق وأدَّى فريضةَ الحَجّ وأخَذ بمكّةَ شرَّفَها اللهُ عن أبي محمدٍ يونُس بن يحيى الهاشميِّ ابن القَصّار (¬4)، وبدمشقَ عن أبي جعفر بن عليّ الفَنَكي، وأبي نَصْر هبةِ الله بن محمد بن مميل الشِّيرازي، وأبي اليُمْن زيد بن الحَسَن بن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدي، وصَحِبَ هنالك أبا الحُسَين محمدَ بن أحمدَ بن جُبَيْر، ثم عاد إلى المغرِب فاستَوطنَ سَلَا وحدَّث بها. رَوى عنه (¬5) المأمونُ بن الحَسَن بن عليّ، وكان محدِّثاً عَدْلاً ديِّناً فاضلاً كريمَ الأخلاق. توفِّي بسَلَا في شعبانَ من سنة عَشْرٍ وست مئة. 531 - أحمدُ (¬6) بن محمدِ بن أحمدَ بن محمد بن خَلَف بن يونُس بن طلحةَ الخَزْرَجيُّ الساعِديُّ، شُقْريٌّ، أبو العبّاس. ¬

_ (¬1) تأتي ترجمته (الترجمة 564). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (263). (¬3) في ق: "أبذي"، وهو تحريف، وما أثبتناه من م والتكملة وترجمة عم أبيه الآتية في السفر السادس من هذا الكتاب (الترجمة 1240). (¬4) في ق: "القطان"، محرف، وهو بغدادي الأصل أزجي، من محلة باب الأزج ببغداد، جاور بمكة، وتوفي بها سنة 608 هـ، كما في تكملة المنذري 2/الترجمة 1203، وتاريخ الإسلام 13/ 206 وغيرهما. (¬5) في ق: "عن"، خطأ. (¬6) ترجمه ابن الأبار في تحفة القادم (المقتضب منه 157)، وابن سعيد في المغرب 2/ 364، واختصار القدح المعلى (114)، والصفدي في الوافي 8/ 46، وابن الخطيب في الإحاطة 1/ 235.

رَوى عن أبي الحَسَن بن حَرِيق. رَوى عنه أبو عبد الله بن عليّ بن إدريسَ الغرليطشي، وهو في عِداد أصحابِه، وأبو القاسم عبدُ الكريم بن عِمران، وهُو في رُتبة أشياخِه. وكان أديباً بارِعًا شاعرًا مجُيداً كاتباً بليغاً بديعَ الخطّ. ورَدَ مَرّاكُشَ وامتدَحَ بها لِمّةً من وُزَراءِ دولةِ آل (¬1) عبد المؤمن، وجَرَت بينَه وبينَ جماعةٍ من الأُدباء بها مخُاطَبات ومُراجَعات شهِدَتْ بإجادتِه واقتدارِه وبَراعةِ إنشائه، كتَبَ إليه الكاتبُ الشاعر أبو عبد الله بنُ عليّ الفاسيُّ المعروفُ بابن عابِد -الآتي ذكْرُه بموضعِه إن شاء اللهُ من هذا الكتاب (¬2) - وهما بمَرّاكُشَ وضَمَّن بيتَ الشّريفِ الرّضيِّ عامَ ثلاثةٍ وعشرينَ وست مئة، ونقَلتُها من خطِّ أبي عبد الله بن عابد [البسيط]: شِعرُ ابنِ طَلْحةَ في تنميقِه الحَسَنِ ... يُنْسي بدائعَ بشّارٍ أوالحَسَنِ لآلئٌ هي معنى السِّحر أحرَزَها ... بالغَوْص في أبحُر الأفكارِ والفِطَنِ لو أنّها سَلَفَتْ من قبلُ أودَعَها ... ضَنًّا بها تاجَه سيفُ بن ذي يَزَنِ أو كان أبصَرَها المأمونُ قَلَّدَ من ... تُؤامِها (¬3) الغُرِّ بُورانَ ابنةَ الحَسَنِ والطِّرسُ يُودِعُه من خطِّه بِدَعاً ... تُبدي لمُبصِرِها ماشاء من فِتَنِ لوبانَ للزُّهرِ أوللزَّهرِ منظرُها ... لم يَطلُعا بعدُ في أُفْقٍ ولا غُصُنِ سقَى جزيرةَ شُقرٍ صَوْبُ خاطرِهِ ... فلستُ أرضَى لها صوبَ الحَيَا الهَتِنِ أرضٌ بِوُدِّيَ أن أحظَى بها عِوَضاً ... عن الحَظِيَّيْنِ من أهلِ ومن وطنِ إذا استجارَ أخو حُزْنٍ بساحتِها ... أضحى مدى الدهرِ في أمنٍ منَ الحَزَنِ محَلُّ كلِّ رئيسٍ ليس همّتُهُ ... إلا ابتياعَ العُلى بأنفَسِ الثَّمَنِ ¬

_ (¬1) سقطت من ق. (¬2) في السفر الثامن (الترجمة 126) واسمه محمد بن علي. (¬3) في ق: "ترابها".

ولا تُصرِّفُ غيرَ العَضْب راحتُهُ ... أو اليَراعةِ أو أشباهِها اللُّدُنِ عندي أبا جعفرٍ مَن رَعْي وُدِّك ما ... ما يُرضي إخاءكَ واخبُرْ ذاك وامتَحِنِ وُدٌّ كشِعركَ لا عيبٌ يُدنَسُهُ ... بادي الصّفاءُ من الأقذاءِ والدَّرَنِ حسبُ الذي هوبالإسهابِ متّصفٌ ... مقالُهُ فيك: هذا نُخبةُ الزّمنِ أنت الكَرى مؤنِساً طَرْفي وبعضُهمُ ... مثلُ القَذَى مانِعاً جَفْني من الوَسَنِ (¬1) فأجابه أبو العبّاس وعَرَّض بقومٍ بَغَوْا عليه حسَداً له، أشَدُّهم في ذلك أبو مَرْوانَ بن زَغْبُوش (¬2) بقولِه [البسيط]: أنا المَليُّ بما يُسلي عن الوطنِ ... وقد حصَلْتُ على كَنْزٍ من الفِطَنِ إنّي وجدتُ حلالَ السّحرِ مُنطَوياً ... في قطعة الظَّرف طيَّ المنطقِ اللَّحِنِ تُثني المثانيْ إذاتُبدي صحيفتُها ... من كلِّ قافيةٍ سَجْعاً على فَنَنِ وتَجتلي العينُ من لَأْلاءِ أسطُرِها ... ما شاءه الحُسنُ من زَهرٍ على غُصُنِ ما إن تجاوَزَها سَمْعي ولا بَصَري ... لأنّها فتنةٌ للعينِ والأُذُنِ لو أنّها فوقَ عِطفِ الشام كان بها ... يَزهَى على الوَشْي من صنعاءً في اليمنِ ما لي مكافأةٌ لا عنها ولو نَسَقَتْ ... آدابيَ الغُرَّ غُزُّ الشُّهْبِ في قَرَنِ مهما أُبارِ الذي أسْدَى بها يدُهُ ... يَستَنَّ دُونيَ في شَأْوِ العُلى وأَني ¬

_ (¬1) انظر البيت في ديوان الشريف الرضي 529. (¬2) هو من أسرة الزغابشة المكناسيين الذي بادروا إلى تأييد دولة الموحّدين أول ظهورها، فقتل منهم جماعة على يد يدّر بن ولكوط والي مكناسة من قبل المرابطين، ونال من بقي منهم جاهًا كبيرًا عند الموحدين، وظلّوا يتولون خدمتهم في الحاشية والقضاء بالأندلس وغيرها إلى نهاية دولتهم، وقد انتقل بعضهم من مكناسة إلى الأندلس وانتقل آخرون منهم إلى مراكش. قال ابن غازي: وقد ذكر ابن عبد الملك في تكملته جماعة منهم. قلت: ولا بد أن أبا مروان عبد الملك ابن زغبوش المذكور ممن ترجم لهم ابن عبد الملك، وينبغي أن تكون ترجمته في قسم الغرباء من السفر السابع، وهو مفقود. وانظر في الزغابشة الروض الهتون 17، 29، 52 (المطبعة الملكية- الرباط). وقد ظل الزغابشة يُعرفون بهذا الاسم في مكناس حتى عهد غير بعيد.

إنّ العَلِيَّ عليًّا حين جاء بهِ ... فَذُّ المحاسنِ كَنَّوهُ أبا الحَسَنِ خُذْها إليكَ وقد أجَّجْتَ من فِكَري ... ما يُضرِمُ النارَ في أحشاءِ مُضْطَغِنِ إنْ ضَلَّ مُبصِرُها حِلماً فإنّ لهُ ... عُذْراً بما جمَعَتْ في الطِّرْس من فِتَنِ أو ذلّ حاسدُها ضِغْناً فلا عجَبٌ ... ذُلُّ الغبِيِّ اعتزازُ الأروَعِ الفَطِنِ أغصَصتُ بالرِّيق قوماً ما جنَيْتُ لهمْ ... إلّا نفائسَ ما قُلِّدت من حَسَنِ إنّي قتلتُ غبِيُّا ما برَزْتُ لهُ ... إلّا تقلَّبَ في أثوابِ مُندفِنِ إنْ سَلَّ غرْبُ ذكائي حَدَّ قافيةٍ ... في النّوم أدرجَ من ثوبَيْه في كَفَنِ قد كابَرَ الحقَّ بُهْتاً وهْو معتقدٌّ ... في السِّرِّ إثباتَ ما يَنْفيه في العَلَنِ وأبصَرَتْ عينُه الآياتِ باهرةً ... لا تَستَسِرُّ لِساهٍ لا ولا طَبِنِ فلازَمَ البَغْيَ واستَهوَتْه منقَصةٌ ... كأنه عاكفٌ منها على وَثنِ ما للغَضاضةِ سُلطانٌ على أدبٍ ... تُحدَى به العِيسُ من مِصْير إلى عَدَنِ هذا الكلامُ كمالٌ لا يُلمُّ بهِ ... تنقيصُ أخرقَ بادي العِيِّ واللَّكَنِ طَمَا به البحرُ لمّا ظَلَّ مُرْتَكِباً (¬1) ... لَجَّ اللَّجاج بخَرْقاءٍ من السُّفُنِ فورَّطتْه الرِّياحُ الهُوجُ عاصفةً ... في بَرْزَخ الحِنْثِ بين الهُونِ والوَهَنِ يا باذلَ العِلق بَخْساً من سفاهتِهِ ... قد كان أرجَحَ لو غاليتَ في الثمنِ لو كنتَ تعلَمُ ما فارقْتَ من عضد (¬2) ... ما كنت تجمَعُ بينَ الجَفْنِ والوَسَنِ إنّي سأَثْني عِناني في ثناءِ أخٍ ... أسدَتْ أياديه بِيضاً أوجُهَ المِنَنِ حَمْدي خِلالَ خليل لا نظيرَ له ... أَوْلى من الأخْذِ في المستوهِن الوَهِنِ وما نَفَثت (¬3) بما في الصّدرِ من كَمدٍ ... إلّا ليعلمَ ما عندي فيَعذُرَني ¬

_ (¬1) في ق: "مركبنا". (¬2) في ق: "غصن". (¬3) في ق:" بعثت"، محرفة.

قدخان فيَّ فلم أعتِبْ على قَدَرٍ ... دهرٌ على كلِّ حُرٍّ غيرُ مؤتَمَنِ نقَدْتَ لي من صَريح الودِّ مُبتدئاً ... مالم يزَلْ فيه هذا الدّهرُ يَمطُلُني فاسلَمْ لدرٍّ نفيسٍ كي تُنظِّمَه ... عِقْداً بَهيًّا يُحلّي لَبّةَ الزَّمنِ واحوِ القَريضَ على ما شئتَ من ظفَرِ ... بابن الحُسَين وبالطائيِّ والحَسَنِ وشعرُه كثير، وقد دوَّنَ بعضَه باقتراح أبي القاسم بن عِمرانَ بعدَ ما ضاعَ له شعره (¬1)، وقدِ امتَدَح بالأندَلُس جُملةَ من أُمراءِ بني عبد المؤمن ورؤسائهم، وامتَدحَ أيضًا أبا عبد الله بنَ هُود المتوكِّلَ على الله، ومن قولِه ارتجالاً في القُبّة السَّوداء المبعوثة إلى المتوكّل من قِبَلِ المُستنصر الخليفة العبّاسيِّ لمّا ضَرَبَها المتوكِّلُ وأشار وزيرُه أبو محمدٍ الرُّمَيْميُّ على أبي العباس بذلك، فقال [الكامل]: أحْبِبْ بهذي القُبّةِ السَّوداءِ ... فلقد غَدَتْ من أبدَع الأشياءِ هي مُقلةٌ أصبحتَ وَسْطِ سَوادِها ... إنسانَ عَيْنِ المجدِ والعَلْياءِ فعلى طُلَيْطُلةِ تُرى مضروبةَ ... وعلى مدينةِ جدِّك البيضاءِ يُريدُ سَرَقُسْطة، هي التي تُدعَى البيضاء (¬2)، وكانت دارَ مملكة بني هُود (¬3). ¬

_ (¬1) سقطت من ق. (¬2) جاء في وصف سرقسطة في المغرب 2/ 434: ناهيك من مدينة بيضاء، أحدقت بها زمردة خضراء. وورد في شرح الشريف السبتي على مقصورة حازم عند قوله: فصير البيضاء برق بيضها ... وزرقها تشكو الخلاء والجلا ما يلي: وقوله فصير البيضاء إلخ ذكر أن البيضاء هي سرقسطة ولم أصل لتحقيق ذلك الآن (رفع الحجب المستورة 2/ 166). كما جاء في أعمال الأعلام 171 - أثناء الحديث عن سليمان بن هود - أنه ولى أحمد من أولاده مدينة سرقسطة المدينة البيضاء. وفي نفح الطيب ما يخالف هذا فقد نقل المقري في موضعين من كتابه أن المدينة البيضاء هي قلعة رباح (نفح الطيب 1/ 156، 5/ 99)، وانظر سرقسطة في الروض المعطار. (¬3) بعد هذا بياض في النسختين.

532 - أحمد بن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان الأنصاري الأوسي، قرطبي، أبو جعفر، ابن الطيلسان

واستَقرَّ أبو العبّاس هذا بأخَرةٍ في كَنف الأمير بسَبْتةَ الموفَّق بالله أبي العبّاس أحمدَ بن أبي عبد الله بن أبي الفَضْل مبارَك المعروفِ باليَنَاشْتي (¬1)، وامتَدحَه بقصائدَ فرائد، ولم يزَلْ بسَبْتةَ إلى أن قُتلَ بها في أواخِر ثِنتينِ أو أوائلِ ثلاثٍ وثلاثينَ وست مئة. 532 - أحمدُ (¬2) بن أبي عبد الله محمد بن أحمدَ بن محمد بن سُليمان بن محمد بن سُليمان الأنصاريُّ الأَوْسيُّ، قُرْطُبيٌّ، أبو جعفر، ابنُ الطَّيْلَسان. والملقَّبُ به جَدُّه أحمد، وسببُ تلقيبِه بذلك أنه كانت له جملةُ أثوابٍ مختلفةِ الألوان، وكان يُعنَى بطيبها (¬3) وتحسينِها، وكان يَلبَسُ منها كلَّ يوم شارةً غيرَ التي لبِسَ في اليوم الذي قبلَه، وكان يقرَأُ بإشبيلِتةَ مَنشَئِه على أبي القاسم خَلَف بن يوسُف ابن الأبْرَش، فكان إذا دخَلَ مجلسَ الإقراء قال الأستاذ: قد جاءكمُ اليومَ أبو جعفرٍ بطَيْلَسانٍ ثانٍ أو آخَر، فلقَبَّه الطّلَبةُ بطَيْلَسانٍ لذلك، وكان قبلُ هُو وسَلَفُه يُعرَفُون ببَني سُليمان لتكرُّرِه كثيراً في عَمُود نسَبِهم حتى غَلَب عليهم هذا اللقَبُ، فنُسِيَت تلك الشُّهرة. رَوى أبو جعفرٍ، المترجَمُ به، عن جَدِّه للأُمِّ أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد الشَّرّاط، وخالِه أبي بكرٍ غالب وصِهرِهما أبي عبد الله بن أحمدَ بن عَيّاش، وأبي جعفر بن محمد بن يحيى، وأبوَي العبّاس: ابن سَلَمة ويحيى ابن (¬4) المَجْرِيطي، وأبي القاسم أحمدَ بن يَزيدَ بن بقِيّ، وأبوَيْ محمد: ابن سُليمان بن حَوْطِ الله وعبد الحقّ الخَزْرَجي. وأجاز له من أهل الأندَلُس: أبو جعفر (¬5) بن شَرَاحِيل، ¬

_ (¬1) منسوب إلى ينشتة حصن من حصون الأندلس على مرحلتين من جنجالة. وللمذكور ترجمة في الوافي 7/ 140، وأخباره في الروض المعطار (153، 198)، والبيان المغرب 3/ 276 (قسم الموحدين). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (301). (¬3) في ق: "بطيها". (¬4) بعد هذا بياض في النسختين. (¬5) كذلك.

533 - أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان الأنصاري

وأبو الخَطّاب أحمدُ بن محمد بن واجِب، وأبو ذَرٍّ مُصعَب بن أبي رُكَب، وأبو عبد الله بن أيّوبَ بن نُوح (¬1)، وأبو القاسم أحمدُ بن عبد الوَدُود بن سَمَجُون، وأبو محمد عبدُ المُنعم بن الفَرَس. ومن أهل المشرِق جماعةٌ كبيرة شارَكَ فيهم أخاه الراوِيةَ أبا القاسم القاسمَ (¬2)، منهم: أبو الحَسَن بنُ المُفَضَّل المَقْدِسيَّ، وابنُ هبة الله بن سَلامةَ الشافعيّ، وفَخْرُ الدِّين أبو عبد الله محمد بن إبراهيمَ الفارسيُّ الخَبْري (¬3)، وجمالُ الدِّين أبو القاسم حمزةُ بن عليّ بن عُثمان (¬4) المَخْزومي، وغيرُهم. وكان من بيتِ علم وجَلالة معروفاً بالفَضْل ومتانة الدِّين والثقة فيما يَرويه، ذا عناية بعَقْد الشّروط وبَصَرٍ بالفرائض. وخرَجَ من وطَنِه بعدَ تغلُّب الرّوم عليه يومَ الأحد لسبع بقِينَ من شوّالِ ثلاثٍ وثلاثينَ وست مئة، فسكَنَ مالَقة، ثم تحوَّل إلى غَرْناطةَ فاستَوطنَها. مولدُه في رمضانِ سبعينَ وخمس مئة. توفِّي بإلبيرةَ في حدود الخمسينَ وست مئة. 533 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن سُليمان بن محمد بن سُليمان (¬5) الأنصاريُّ. كذا وقَفْتُ على نسَبِه بخطِّه. وكان بارعَ الخطِّ أنيقَ الوِراقة حسَنَ التقييد متقَنَ الضّبط، وقَفْتُ على بعضِ ما كتبَه مؤرَّخاً بسَنَة ثلاثٍ وثلاثينَ وخمس مئة ¬

_ (¬1) من هنا إلى قوله:"الفرس" سقط من ق. (¬2) ستأتي ترجمته في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 1090). (¬3) بفتحِ الخاء المعجمة وسكون الباء الموحدة، قيده النذري في التكملة 3/الترجمة 2080، وهو من خبْر سروشين من أعمال شيراز، وتوفي سنة 622 هـ، وهو مترجم في تاريخ الإسلام 13/ 720، وإكمال ابن نقطة 2/ 480، وهو صوفي منحرف. (¬4) في ق: "غنم"، محرف، وهو أبو القاسم حمزة بن علي بن عثمان بن يوسف المخزومي المصري الشافعي الكاتب المتوفى سنة 615 هـ، وهو مترجم في تكملة المنذري 2/الترجمة 1642، وتاريخ الإسلام 13/ 434. (¬5) قوله: "بن سليمان" سقط من ق.

534 - أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن طاهر القيسي، إشبيلي، أبو القاسم

قبْلَ أن يولَدَ أبو جعفرِ ابنُ الطَّيْلَسانِ المذكورُ قبلَه بسبع وثلاثينَ سنة، ولم يقَعْ إليّ أطرفُ من توافُقِهما في النسَب وعَمُودِه، وما أتحقق بينَهما قرابةً، واللهُ أعلم. 534 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن طاهِر القَيْسي، إشبيليٌّ، أبو القاسم. رَوى عن أبيه أبي بكرِ، وسمع بقراءتِه على أبي عليّ حُسَين بن محمد الغَسّاني. 535 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن عبد الله بن أحمدَ بن خَلَف بن إبراهيمَ بن أبي عيسى لُبِّ بن بَيْطِير بن خالِد بن بكرِ التُّجيبيّ، قُرْطُبيٌّ صار بعد تغلُّب النّصارى عليها إلى إشبيلِيَةَ، أبو القاسم ابنُ الحاجّ. رَوى عن أبيه القاضي أبو الوليد، وكان نبيلاً بارعَ الطلب جميلَ الخطّ. 536 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن عليّ بن محمد بن عبد العزيز بن حَمْدينَ التَّغلَبيّ، قُرْطُبيّ (¬1)، أبو القاسم. رَوى عن أبي عبد الله بن أيّوبَ بن نُوح. 537 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن أحمدَ بن مِقْدام الرُّعَيْنيُّ، إشبِيليُّ أبو العبّاس وأبو القاسم. تَلا بالسّبع على أبوَي الحَسَن: شُرَيْح، ومحمد بن عبد الرحمن بن عَظِيمةَ، وأبي عُمرَ (¬3) بن صالح. ورَوى عن أبي بكرِ ابن العَرَبيِّ وصَحِبَه كثيراً، وكان معَه في وِجهتِه إلى مَرّاكُش إذِ استدعاه أبو محمد بن عبد المؤمن ولازَمَه إلى مدينة فاس، فلم يَبلُغْها حتى توفِّي بمقرُبة (¬4) منها؛ وأبي الحَكَم عَمْرو بن بَطّال، ¬

_ (¬1) بعد هذا بياض في النسختين. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (251)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 90، ومعرفة القراء الكبار 2/ 585، والعبر 5/ 9 واليافعي في مرآة الجنان 4/ 5، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 104، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (72)، وابن العماد في الشذرات 5/ 12. (¬3) بعد هذا فراغ في النسختين. (¬4) في ق:"بمقبرة"، محرفة.

وتأدَّب في العربيّة بأبي الحَسَن بن محمد بن مُسَلَّم، وأبي القاسم عبد الرّحمن (¬1) ابن الرمّاك. وحدَّث بالإجازة عن أبي الطاهِر السِّلَفي. رَوى عنه أبو إسحاقَ بنُ أحمد اللَّخْمي، وابن عليّ بن المُنذِر، وآباءُ بكر: عبدُ الله بن أبي مَرْوان بن الدّب وابنُ أحمدَ بن سيِّد الناس وابن جابرٍ السَّقَطي وابنُ عبد الله القُرْطُبي وابن عُبَيد الله بن العاص وابن عبد الرّحمن بن أبي زَيْد وابن عبد النُّور وابن محمد بن عبد العزيز ابن أُخت ابن صافٍ، وأبو الحَسَن بن عبد الصَّمد ابن الجَنّان، وأبو الخَطّاب محمد بن أحمدَ بن خليل، وأبو العبّاس بن عبد الله بن سيِّد الناس، وابن محمد بن عيسى، وآباءُ عليّ: الحَسَن بن هِشام العَبْدَريُّ، وعُمرُ بن أحمدَ السُّلَمي، وعُمرُ بن محمد بن (¬2) الشَّلَوبين، وأبو عُمرَ (¬3) ابنُ أبي محمد بن حَوْطِ الله، وهو آخرُ الرُّواة عنه بالأندَلُس، وأبو عَمْرٍو سُليمانُ بن يحيى الدّقرة، وآباءُ القاسم: القاسمُ ابن الطَّيْلَسان، والمحمّدانِ: ابنُ عبد الواحد المَلّاحي وابن عامر بن فَرْقَد، وأبَوا محمد: ابن الحَسَن ابن القُرْطُبي وابن سُليمان بن حَوْطِ الله، وأبو الوليد أحمدُ بن عيسى بن حَجّاج، وأحمد بن محمد بن أحمدَ بن عيسى، وعبدُ الوهّاب بن أبي بكرٍ محمد بن عُبَيد الله ابن القاضي المذكور، وحدثنا عنه شيخُنا أبو القاسم أحمد بن محمد البَلَويُّ رحمه الله. وكان مُقْرِئاً عارِفاً بالتجويد، راوِيةً للحديث، عَدْلاً فيما ينقُلُه، ثقةً فاضلاً زاهداً، حافظاً للآداب يَستظهِرُ "سَقْطَ الزَّنْد" من شعر المَعَرِّي. وأسَنَّ وعُمِّر طويلاً. مولدُه في رمضانِ لستَّ عشْرةَ وخمس مئة، وقال أبو القاسم محمدُ بن عامر بن فَرْقَد: سنةَ ثِنتينِ وخمس مئة. وتوفِّي بين عيدَي الفِطر والأضحَى سنةَ أربع وست مئة، قال أبو عبد الله ابنُ الأبّار: وانفردَ بالأخذِ عن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) بعد هذا فراغ في النسختين. (¬2) سقطت من ق. (¬3) بعد هذا فراغ في النسختين.

538 - أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن غرسية

قال المصنِّفُ عَفاَ اللهُ عنه: يريدُ أنه آخرُ التالِينَ عليه، وليس كذلك، فقد بَقِيَ بعدَه أبو زكريّا بن أحمد بن مَرْزوق إلى أن توفِّي في حدودِ ثمانٍ وست مئة. 538 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن غَرْسِيّة. 539 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن أحمدَ الأَزْديّ، إشبِيليٌّ، نَزَل تونُس، أبو العبّاس، ابنُ الحاجّ. رَوى عن أبي الحَسَن بن جابر الدَّبّاج، وأبي عليّ عُمرَ بن محمد بن الشَّلَوبِين، وكان متحقِّقاً بالعربيّة حافظاً للُّغات متقدماً في صناعة العَروض، وله فيها تصنيفٌ نبيل، وكذلك في القَوافي له تأليفٌ مُفيدٌ جمَعَه بإشار الأمير أبي زكريّا بن أبي محمد عبد الواحد بن أبي حَفْص أمير إفريقيّةَ، وكان حسَنَ الخُلُق جميلَ العِشْرة. توفِّي بقُسْطَنْطينةَ سنةَ إحدى وخمسينَ وست مئة. 540 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ الأنصاريّ، جَيّاني، أبو جعفر، ابن قرمده. رَوى عن أهل بلدِه، ورَحَلَ إلى قُرطُبةَ فأخَذ بها عن أبي مَرْوان بن مسَرّةَ وغيره. رَوى عنه أبو جعفر بنُ محمد ابن الأصلع. وكان من أهل الدِّين المَتِين والفَضْل التامّ، وخَطَبَ ببلدِه وشُووِرَ به أيامَ أبي [إسحاق] (¬2) بن هَمْشَك، وتوفِّي في بلدِه في بِضْعٍ وستينَ أقربَ إلى السبعينَ وخمس مئة. 541 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ الأنصاريّ، غَرْناطيّ، أبو جعفر، النّجّار. رَوى عن أبي بكر بن عبد الله القُرْطُبي، وأبي الحَسَن بن محمد البَلَوي وأبي العبّاس بن عبد الله الهَمْداني، وأبي عِمرانَ (¬3) ابن السّخَّان، وأبي محمد بن ¬

_ (¬1) له ترجمة في اختصار القدح المعلى (66 - 67)، وفي البلغة للفيروزآبادي (56)، ويغية الوعاة 1/ 359. (¬2) ما بين الحاصرتين بياض في النسختين، وأثبتنا كنيته من ترجمته، وهو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن مفرج بن همشك، وأخباره في البيان المغرب 3/ 49، وهو مترجم في الإحاطة 1/ 305 (ط. الأولى). (¬3) بعد هذا فراغ في النسختين، وأبو عمران ابن السخان هذا اسمه موسى بن عبد الرحمن بن يحيى، وهو مترجم في التكملة الأبارية (1786).

542 - أحمد بن محمد بن أحمد الأنصاري، مروي، أبو العباس، ابن رقيقة، براء وقافين وتاء تأنيث مصغرا

أحمد بن شَراَحِيل. وكان مُقرئاً مجوِّداً، له تَعلُّقٌ بطَرَف صالح من رواية الحديث وغيره وبَصَرٌ جيِّد في العربيّة تصَدَّر لإفادة ما عندَه وانتُفعَ به. 542 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن أحمدَ الأنصاريُّ، مَرَويٌّ، أبو العبّاس، ابنُ رُقَيقةَ، براءٍ وقافَيْن وتاءِ تأنيث مصَغَّرًا. رَوى عن أبي الرَّبيع بن موسى بن سالم، وأجاز له من أهل المشرق: تاجُ الدِّين أبو الحَسَن (¬2) القَسْطَلّاني، وضياءُ الدِّين أبو العبّاس بن محمد بن المُزيِّن، وأبو القاسم (¬3) بن بُنَيْن بباءٍ بواحدة ونونَيْنِ مصغَّراً (¬4)، ونجيبُ الدِّين أبو محمد عبدُ اللّطيف الحَرّانيّ في آخَرين. وكان نَحْويّاً ماهراً ذاكراً للآداب ضابطاً للُّغات، درَّس ذلك في بلده مدّة، ثُم انتقلَ إلى تونُس فاستَوطنَها وأقرَأَ بها أيضًا إلى أن توفِّي فيها في حدود خمسٍ وستينَ وست مئة. 543 - أحمدُ (¬5) بن محمد بن أحمدَ البَكْريّ، شَرِيشيٌ، استَوطنَ سَلاَ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي إسحاقَ بن يوسُف بن قُرْقُول. واستُقضيَ بسَلَا ثم بمِكْناسةَ. وتوفِّي في أوائل إحدى عشْرةَ وست مئة. ذكَرَه أبو عبد الله ابنُ الأبار وأبو العبّاس ابنُ فَرْتُونَ في الأندَلُسيِّين، ولا ينبغي عندي أن يُذكَر فيهم؛ لأنّنا لم نتحقَّقْ ¬

_ (¬1) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 359 وتصحف فيه "رقيقة" إلى زقيقة. (¬2) بعد هذا فراغ في النسختين، وتاج الدين القسطلاني اسمه علي بن أحمد بن علي القيسي المصري المالكي، أخو الشيخ قطب الدين، توفي سنة 665 هـ، وهو مترجم في صلة التكملة للحسيني 2/ 552، وذيل مرآة الزمان 2/ 371، وتاريخ الإسلام 15/ 117 وغيرها. (¬3) بعد هذا فراغ في النسختين، وأبو القاسم بن بنين اسمه عبد الغني بن سليمان بن بنين، ولد سنة 575 هـ وتوفي سنة 661 هـ، وهو مترجم في صلة الحسيني 1/ 485، وتاريخ الإسلام 15/ 41، والعبر 5/ 265، والمشتبه (94)، والوافي 19/ 35 وغيرها. (¬4) هكذا قيّده، وما نظنه أصاب في هذا التقييد، لقلة معرفته به، وقد قيّده ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه فقال: "بفتح أوله وكسر النون وسكون المثناة تحت تليها نون" 1/ 616. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (269).

544 - أحمد بن محمد بن أحمد الحضرمي، أبو جعفر وأبو العباس

مولدَه بشَرِيش، وإنّما كان يُعرَفُ بالنِّسبة إليها ونزَلَ سَلَفُه سَلا وبها لقِيَ أبا إسحاقَ بنَ قُرْقُول، وهو والدُ أبي زكريّا يحيى المُستقضَى بمَرّاكُش من قِبَل المرتضَى من آلِ عبد المؤمن في أواخِر سنة إحدى وستينَ وست مئة؛ وتاجَ الدِّين الشَّرِيشيَّ المتصوِّفَ بالقاهرة (¬1)، ولأحمدَ المترجَم به عَقِبٌ بسَلَا إلى الآن. 544 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ الحَضْرميُّ، أبو جعفرٍ وأبو العبّاس. رَوى عن أبي الوليدِ محمد بن أحمدَ بن رُشْدٍ الكبير. 545 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ الخَزْرَجيُّ. رَوى عن أبي القاسم محمد بن عبد الواحد المَلّاحي، ويَحتمِلُ عندي أن يكونَ الأنصاريَّ المذكورَ قبلُ بالرِّواية عن أبي بكرٍ القُرْطُبي وأبي الحَسَن البَلَويِّ وغيرِهما، واللهُ أعلم. 546 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن أحمدَ العَكِّي، لَوْشِي، أبو جعفر، ابنُ الأصلع. رَوى عن أبيه، وتَلا بالسَّبع على أبي ذرّ محمد بن عبد العزيز، وأبي العبّاس بن محمد الأنْدَرْشي، ورَوى عن أبي بكر بن خَيْر، وأبي جعفر (¬3) ابن الجَبّاس، وأبي الحَسَن بن أحمدَ بن كَوْثَر، وأبي زيدٍ السُّهَيْلي، وأبي عبد الله بن إبراهيمَ ابن الفَخّار، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال. وأخَذ "كتابَ سِيبويْه" عن أبي بحرٍ عليّ بن جامع وأبي محمد القاسم بن دَحْمان. ¬

_ (¬1) هو تاج الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد البكري الشريشي الصوفي المالكي المتوفى سنة 640، ترجمه المنذري في التكملة 3/الترجمة 3076، والذهبي في تاريخ الإسلام 14/ 313، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 360 وغيرهم. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (290)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 760، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 104، والقادري في نهاية الغاية الورقة 23، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 360 نقلاً من هذا الكتاب. (¬3) بعد هذا بياض في النسختين.

547 - أحمد بن محمد بن أحمد الغافقي، أبو جعفر

وأجاز له أبو إسحاقَ بنُ يوسُف بن قُرْقُول، وأبو الأصبَغ عبدُ العزيز بن عيسى بن عُبادةَ، وأبو جعفر بن محمد بن قرمده، وأبو الحَسَن بن عبد الله بن النِّعمة، وآباءُ عبد الله: ابنُ عبد الرحيم وابنُ عُبادة وابن يوسُف بن سَعادة. رَوى عنه أبو عبد الله بن الحَسَن ابن الخَطيب، وأبو القاسم القاسمُ بن محمد ابن الطَّيْلَسان. وكان من جِلّةِ أهل بلدِه وأعيانهم، معَ الفَضْل التامّ والوَرَع الكامل والتقدُّم في المعرِفة بتجويدِ القرآن والرَّواية للحديث والتحقّق للعربيّة. تصَدَّر ببلدِه للإفادة بما كان عندَه من ذلك. مولدُه سنةَ أربع وأربعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بأندوجرَ أسيراً بأيدي الرُّوم في ذي الحِجّة من سنة أربع وعشرينَ وست مئة، وتوَلَّى مواراتَه صاحبُه المَمتحَنُ بالأسر معَه الفقيهُ أبو إسحاقَ بن إبراهيمَ نفَعَهما الله وجزاهُما أفضلَ جزائه. 547 - أحمدُ بن محمد بن أحمد الغافقيّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي القاسم محمد بن عبد الواحد المَلّاحي. 548 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ الغَسّاني، غَرْناطيٌّ، أبو جعفر. كان من أهل الرّواية والدّراية فقيهاً جَليلاً، حيًّا سنةَ ستٍّ وعشرين وخمس مئة. ورَوى أبو بكر بن سيِّد الناس عن أبي العبّاس أحمدَ بن محمد بن أحمدَ الغَسّاني، وذَكَرَ أنه يحمِل عن أبي الحَسَن بن حَمّاد فلا أدري أهو هذا أم هما اثنان. 549 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ الكَلْبيُّ. كان أديباً بارعَ الكتابة حسَنَ النَّظْم من أهل الضَّبط والإتقان على ضَعْف خطِّه، وقد كتَبَ الكثيرَ وعُني بالآداب طويلاً، وكان حيًّا في حدود التسعينَ وخمس مئة. 550 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ اللَّخْمي، إشبِيليٌّ، أبو بكر، ابنُ إمام مسجد الحَصّاربنَ بها.

551 - أحمد بن محمد بن أحمد اللخمي، مرسي، أبو العباس

رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي عبد الله أحمدَ بن محمد الخَوْلاني، وأبي محمد عبد الرّحمن (¬1) بن محمد بن عَتّاب. 551 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ اللَّخْمي، مُرْسِيٌّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي عبد الله بن عبد الرحيم، قال أبو جعفر ابنُ الزُّبير: وأشُكُّ في روايتِه عن أبيه الحافظ المُشار أبي عبد الله، وكان مقرئاً. 552 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن أحمدَ الهِلاليُّ، غَرْناطيّ، أبو جعفر، ابنُ المُناصِف. رَوى عن أبي بكرٍ يحيى بن الخَلُوف، وأبي القاسم خَلَف بن يوسُف ابن الأبْرَش، وأبي عبد الله بن عبد العزيز بن زُغَيْبة، وأبي مَرْوانَ بن بُونُه، وأبي الوليد هشام بن أحمدَ الهِلالي. رَوى عنه أبو سُليمان وأبو محمدٍ ابنا حَوْطِ الله. وكان فقيهاً فاضلاً وَرِعاً، وَليَ الخَطابةَ والإمامةَ في الفريضة بجامع غَرْناطة مدّة، وأسمَعَ به الحديثَ ودرَّس الفقه مدّةً، وكُفَّ بصَرُه. مولدُه سنةَ خمس مئة، وتوفِّي سنة خمسِ وثمانينَ وخمس مئة، وسنةَ وفاتِه كانت الوقيعةُ الكبرى بوادي شفالة جَوْفَي جَنْجَالةَ (¬3). 553 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ الفِهْريُّ، إشبِيليٌّ، أبو العبّاس، ابنُ سميرة. كان مَعْنِيّاً بالتاريخ وتقييدِ أيام الناس، وله اختصارُ "الاستيعاب" وتاريخٌ في دولة عبد المؤمن وحِزبِه، وكتَبَ بخطِّه على رَداءتِه، وكان حيًّا في حدود الستِّ مئة. ¬

_ (¬1) في ق: "عبد الحق" محرف، وهو مترجم في الغنية للقاضي عياض (160)، وترتيب المدارك 8/ 192، وصلة ابن بشكوال (747)، وتاريخ الإسلام 11/ 319، والوافي بالوفيات 18/ 258 وغيرها. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (225). (¬3) ينظر البيان المغرب 3/ 174.

554 - أحمد بن محمد بن أحمد، طلبيري، أبو عمر

554 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن أحمدَ، طَلَبِيرِيّ، أبو عُمر. رَوى عن الزّاهدِ الشَّهيد أبي عبد الله بن طاهِر التُّدمِيريِّ المعروفِ بابن أبي الحُمام (¬2). رَوى عنه أبو عبد الله (¬3) بن عبد السلام. وكان رجُلاً فاضلاً صالحًا لزِمَ الرِّباطَ بطَلَبِيرةَ وترَدَّد على بلدِ العدوّ غازَيا في السَّرايا إلى أن توفِّي شهيداً نفَعَه الله. 555 - أحمدُ (¬4) بن محمد بن أحمدَ. كذا نَسَبَه شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ وأبو محمد قاسمٌ الحَرّار، وقال فيه أبو العبّاس ابنُ فَرْتُون في "ذَيْلِه" على "الصِّلة" وفي "معجَم شيوخِه وبرنامَج رواياتِه ": أحمدُ بن محمد بن إسماعيل. ولم يَزيدوا على ذلك وروَوْا ثلاثتُهم عنه بالإجازة، وقال فيه أبو عبد الله بنُ سعيد ولقِيَه وأخَذَ عنه، وابنُ الأبّار ولقِيَه ولم يأخُذْ عنه، وأبو جعفر ابنُ الزُّبَير، وأُراه نقَلَه من عند ابن سَعيد: أحمد بن محمد بن إسماعيلَ بن محمد الأمييّ، فلم يَذكُروا له جَدّاً اسمُه أحمد، فأشكَلَ أمرُه واحتَملَ أن يكونَ سَقَطَ اسمُ أحمدَ من عند بعضِهم فتَبِعَه الباقونَ، والله أعلم، مُرْسِيّ، أبو القاسم، الطَّرَسُونيّ. رَوى عنه أبو عبد الرّحمن عبدُ الله بنُ القاسم بن زَغْبُوش، وحدَّث عنه بالإجازة شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمه الله. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (44). (¬2) هكذا في النسختين مما يدل على أنه اختيار المؤلف، وهو غلط صوابه "الحُسام" كما في التكملة، وهو محمد بن أبي الحسام طاهر بن محمد بن طاهر التدميري المستشهد سنة 378 هـ، وهو مترجم في تاريخ ابن الفرضي (1349)، وترتيب المدارك 7/ 203، وبغية الملتمس (154)، وتاريخ الإسلام 8/ 458 وغيرها. (¬3) بعد هذا فراغ في النسختين. (¬4) ينظر التعليق على الترجمة (499).

556 - أحمد بن محمد بن أحمد، مرسي، أبو العباس ابن بلال بالباء بواحدة مضمومة وتشديد اللام وهو لقب لجده

556 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن أحمدَ (¬2)، مُرْسِيّ، أبو العبّاس ابنُ بُلّال بالباءِ بواحدةٍ مضمومةً وتشديدِ اللّام وهو لقَبٌ لجَدِّه. كان عالمًا بالنَّحو واللُّغة والأدب، وله شَرْح في "الغريب المصنَّف" لأبي عُبَيد الله القاسم بن سَلّام (¬3)، وفي "إصلاح المنطِق" لأبي يوسُفَ يعقوبَ (¬4)، أفاد بذلك كلِّه وأحسَنَ ما شاء وزاد ألفاظًا في "الغريب" فيما لم يأتِ له ذكْرٌ، وكان يُقرئُ العربيّةَ والآدابَ وعليه قرَأَ المظفَّرُ عبدُ الملِك في صِغَره عندَ كونِه بمُرْسِيه في حياة أبيه المنصُور أبي الحَسَن عبد العزيز بنْ عبد الرّحمن بن أبي عامِر صاحبِ بَلَنْسِيَة، وإليه نَسَبـ "شَرْحَ أدبِ الكُتّاب" لأبي محمد (¬5): أبو عبد الله بن خَلَصةَ النَّحْويُّ في رسالتِه التي ناقَضَ فيها أبا محمد بنَ محمد بن السِّيْد البَطَلْيَوْسيَّ وبَكَّتَه وذكَرَ أنه أغار عليه وانتَحلَه، وهو المسَمَّى بـ "الاقتضاب" (¬6). وتوفِّي قريبًا من سنةِ ستينَ وأربع مئة. 557 - أحمدُ بن محمد بن إبراهيمَ بن حُسَين، أبو جعفر. رَوى عن أبي بكرٍ عَتِيق بن عليّ العَبْدَري. 558 - أحمدُ (¬7) بن محمد بن إبراهيمَ بن خِيَرةَ، إشبيليٌّ، أبو جعفر، ابنُ المَواعِيني، وخِيَرةُ جَدُّه مَوْلى [....] (¬8). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (61)، والذهبي في تاريخ الإسلام 10/ 126، والصفدي في الوافي 7/ 361، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 1/ 582، وابن حجر في تبصير المنتبه 1/ 103، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 361. (¬2) سقط من ق. (¬3) بعد هذا بياض في النسختين قدر نصف سطر. (¬4) هو ابن السكيت. (¬5) فراغ في النسختين، وهو ابن قتيبة. (¬6) مطبوع مشهور. (¬7) ترجمه ابن الأبار في التكملة (283). (¬8) فراغ في النسختين.

559 - أحمد بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن محمد الجذامي

رَوى عن أبيه (¬1)، رَوى عنه أبو الحَسَن بنُ جابر الدّبّاج. 559 - أحمدُ بن محمد بن إبراهيمَ بن عبد الله بن محمد الجُذَاميُّ. رَوى عن أبي جعفرِ ابن الباذِش. 560 - أحمدُ بن محمد بن إبراهيمَ بن عيسى اللَّخْميُّ، شَرِيشيٌّ. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 561 - أحمدُ بن محمد بن إبراهيمَ بن محمد بن حَكَم التُّجيبيُّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 562 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن إبراهيمَ بن محمد بن ماتِع الكِنَانيُّ، إشبِيليٌّ، وقال ابنُ فَرْتُونَ فيه: من أهل شاطِبة، أبو العبّاس، ابنُ ماتع. رَوى عن أبي إسحاقَ بن خَلَفٌ بن فَرْقَد، وأبي بكر بن خَيْر ولازَمَه وأكثَرَ عنه، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال. رَوى عنه أبوا بَكْر: ابنُ تمَيم بن حَنُّون (¬3) وابنُ جابر السَّقَطيُّ، وأبو عبد الله بن سعيدٍ الطّرّاز، وأبو عَمْرو عبدُ الواحد بن تَقِيّ، وحدَّث عنه بالإجازة أبو الحَجّاج بن إبراهيمَ المربليّ، وأبو عبد الله وأبو جعفرٍ شيخانا ابنا يوسُفَ الطَّنْجَالِيّان. وكان فقيهاً حافظاً عاقِداً للشّروط شديدَ العناية بها بَصيرا بعِلَلِها حسَنَ الضَّبطِ لأحكامها، حيًّا سنةَ أربعَ عشْرةَ وست مئة. 563 - أحمدُ بن محمد بن إبراهيمَ بن محمد. حدَّث بالإجازة عن أبي العبّاس العُذْريّ. ¬

_ (¬1) ستأتي ترجمته في السفر السادس من هذا الكتاب (الترجمة 221). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (272). (¬3) في ق: "حَسُّون"، محرف، وقد تقدمت ترجمته في موضعها من هذا الكتاب وهو أحمد بن تميم بن هشام بن أحمد بن حنون البهراني.

564 - أحمد بن محمد بن إبراهيم بن يحيى بن إبراهيم بن يحيى بن خلصة الحميري الكتامي، قرطبي، أبو جعفر وأبو العباس، الأستاذ، وابن يحيى، والوزغي وهي أشهرها، وكان يكرهها ويقلق لها

564 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن إبراهيمَ بن يحيى بن إبراهيمَ بن يحيى بن خَلَصةَ الحِمْيَريُّ الكُتاميّ، قُرْطُبي، أبو جعفر وأبو العبّاس، الأستاذ، وابنُ يحيى، والوَزَغيُّ وهي أشهرُها، وكان يَكرَهُها ويقلَقُ لها (¬2). تَلا بالسّبع على أبي بكرِ عَيّاش (¬3) ابن فَرَج (¬4) وأكثَرَ عنه، وأبي الحَسَن عبد الرحيم الحِجاًرِي. ورَوى عن أبي الحَسَن بن (¬5) عُقَاب، وأبي خالدِ يَزيدَ بن عبد الجَبّار، وأبي الطاهِر محمد بن يوسُفَ الأشتَرْكُوني، وأبوَيْ عبد الله: ابن نَجاح وجعفرٍ حفيدِ مكِّي، وأبي القاسم محمد بن أحمد بن مُدِير، وأبي مَرْوانَ بن مسَرَّةَ ولازَمَه نحوَ عشَرةِ أعوام، وأجاز له منهم: أبو خالد، وأبو الطاهِر، وجعفر، وابنُ مسَرَّة، وتأدَّب في النَّحْو واللُّغة والأدبِ بأبي بكر بن سَمْحُون، وأبي بكرِ محمد بن موسى القشالشيِّ، وأبي الحاجِّ بن إسماعيلَ المُرَاديِّ وأطال مُلازمتَه. وأجاز له من أهل الأندَلُس: أبو القاسم ابنُ بَشْكُوال، وأبو عبد الله بن أبي الحَجّاج القُضَاعيُّ الأُنْدِيّ، قال أبو محمد طلحةُ: ولا أعلَمُه عند غيرِه، وسيَظهَرُ في رَسْم أبي عبد الله هذا خلافُه إن شاء الله. وحمَّلَه أبو جعفر ابنُ الزُّبَير الرِّوايةَ بالمُكاتَبة عن أبي الحَجَّاج القُضَاعيِّ الأُنْدي، وأُراه واهماً في ذلك، وإنّما يَروي بالإجازة عن أبيه كما ذكَرْناه، فقد وقَفْتُ على أسماءِ شيوخِه ونَسَبِه في غيرِ موضع بخطِّه فلم يَذكُرْ فيهم أبا الحَجّاج ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (262)، وعبد الواحد المراكشي في المعجب (379)، والمنذري في التكملة 2/الترجمة 1325، وابن سعيد في المغرب 1/ 215، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 230، وسير أعلام النبلاء 22/ 27، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 99، والسيوطي في البغية 1/ 355. (¬2) لعله كان يقلق لها لما فيها من تورية بالوزغة أي سام أبرص وقد هجاه بهذا المعنى ابن خروف فقال يتهمه بالميلٍ إلى شاب يلقب بالغرنوق: أحقًا سامٌ أبْرَصَ ماسمِعنا ... بأنّك قد تعشّقت ابن ماء (¬3) في ق: "بن عياش"، خطأ بيّن. (¬4) في ق: "فرح" بالحاء المهملة، خطأ. (¬5) بعد هذا فراغ في النسختين، وأبو الحسن بن عقاب هذا اسمه علي بن محمد.

هذا، ولو كان من جُملتِهم لكان أوْلَى مَن يَذكُرُه منهم، وقد سَمَّى شيوخَه غيرُ واحد، منهم: قريبُه أبو الحَسَن بنُ محمد ابن القَطّان، وأبو القاسم القاسمُ بن محمد ابن الطَّيْلَسان، وأبو محمد طَلْحةُ، وغيرُهم، فلم يَذكُرْه فيهم أحدٌ منهم، فاللهُ أعلم. وأجاز له من نُزَلاءِ المَهْديّة أبو عبد الله المازَرِيّ، وأرى أنّ أبا جعفرٍ هذا آخِرُ الرُّواة بالأندَلُس عنه. رَوى عنه ابناهُ: عِصَامٌ ومحمدٌ وابناهما الأحمَدان: أبو جعفر بن محمد وأبو العبّاس بن عِصَام، وقريباهُ: أبو الحَسَن ابنُ القَطّان وأبو عبد الله بنُ إبراهيم، وأبو إسحاقَ بن مَيْمون الهرغيُّ، وآباءُ جعفرٍ: ابنُ علي البَنْيُولي وابن عيسى بن غالِب وابن محمد ابن الطَّيْلَسان وابن مالك ابن السَّقّاء، وأبو الحَسَن بن (¬1) بن قطرال، وأبو الحُسَين عُبَيد الله بن عاصم (¬2) الدائريّ، وأبو زيد بن عيسى بن أبي حَفْص عُمرَ (¬3) بن يحيى الهنتاتيُّ البَلّار، وأبو (¬4) عبد الله: ابن أحمد الرُّنْدي بن المسلهم وابنُ عبد الله الأزْديُّ نزيلُ سَبْتةَ وابنُ عبد الله البرنامج، وأبَوا العبّاس: ابن عبد الله السَّكُوني وابن عبد المؤمن الشِّرِيشيّ وابن محمد المَوْرُورِي، وأبو عُمرَ (¬5) بن أبي محمد بن حَوْطِ الله، وأبو عمرو محمد (¬6) بن عامِر بن هشام، وأَبوا القاسم: عبدُ الله (¬7) بن رَبيع والقاسمُ بن محمد ابن الطَّيْلَسان. وكان مُقدَّماً في تجويد القرآن العظيم، مبرِّزاً في علم العربيّة والأدب، مُشاركاً في غيرِ ذلك، راوِيةً مُكْثِراً ثقةً، ذا حظّ من قَرْض الشِّعر، نبيلَ الخطَ، كتَبَ ¬

_ (¬1) بعد هذا فراغ في النسختين تركه المؤلف ولم يعد إليه، وابن قطرال هذا اسمه علي بن عبد الله بن محمد، وستأتي ترجمته في أول السفر الثامن من هذا الكتاب (الترجمة 1). (¬2) في ق: "عصام"، محرف، وهو عبيد الله بن عاصم بن عيسى الأسدي الرندي، مترجم في التكملة (2237). (¬3) في ق: "عمرو"، محرف. (¬4) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: "آباء". (¬5) بعد هذا بياض في النسختين. (¬6) في ق: "أبو محمد بن محمد". (¬7) بعد هذا فراغ في النسختين.

565 - أحمد بن محمد بن إبراهيم الخشني، بضم الخاء وفتح الشين المعجمين ونون منسوبا، قرطبي، أبو جعفر، الأجري، بفتح الهمزة وتشديد الجيم المعقودة وراء منسوبا، إذ أصله منها

الكثيرَ وأحكَمَ تقييدَه، وأقرأ القرآنَ ورَوى الحديثَ وغيرَه، ودرَّس علومَ اللِّسان بجامع قُرْطُبةَ طويلاً وخَطَبَ به نحوَ ثلاثةِ أعوام، وكان -معَ قَماءةِ خَلْقِه- جَهِيرَ الصَّوت فصيحاً يُسْمِعُ على شاخَتِه مَن في أُخْرياتِ الجامع الأعظم على بُعد مسافة ما بينَهما، وشُهِرَ بالعدالة والطّهارة والزُّهد والوَرَع، وبينَ يدَيْه تخرَّجَ النُبهاءُ من طلبةِ العلم بقُرْطُبةَ وبه انتَفَعوا ومنه استفادوا، ورَحَلَ الناسُ إليه من الأقطار للأخْذِ عنه لمّا طال عُمُرُه وعَلَتْ روايتُه، وكان قدِ امتَدحَ بشِعرِه بعضَ ملوك عصرِه ثم نزَعَ عن ذلك واستغفَرَ اللهَ منه وفي رَفْضِه ذلك يقول [الطويل]: ولمّا رأيتُ الناسَ طُرّاً تَكالَبوا ... ولم يَسمَحوا إلّا بكِذْبٍ من الوعدِ ولم يُجْدِ مَدْحِيْهِمْ (¬1) فَتيلاً وزادَني ... غَناءً وحار القَصْدُ عن سَنَن القَصْدِ نبَذْتُ لهم نَبْذاً وعُذتُ بخالقي ... ويا فوزَ من قد عاذَ بالصّمدِ الفردِ بمن يملِكُ الأشياءً لا ربَّ غيرُهُ ... وَيرضَى بإلحاح السؤالِ عن العبدِ فيا خالقي عَطْفاً عليَّ ورحمةً ... يَعُوذُ بها من لا يُعيدُ ولا يُبدي مَوْلدُه فيما بينَ سنَتَيْ أربعٍ وثمانٍ وعشرينَ وخمس مئة، وأصابه غَشْيٌ وهو قائمٌ على المِنبَر يَخطُبُ يومَ جمُعة، فخَلَفَه في إتمام الخُطبة والصّلاة بالناس ابنُه أبو محمد عِصام، وتَوالَى مرَضُه ثلاثةَ أشهر أو نحوَها إلى أن توفِّي بقُرْطُبةَ بينَ صلاتَي الظُّهر والعصرِ من يوم الأربعاءِ لعَشْر بقِينَ من صفَرِ عَشْرٍ وست مئة، ودُفن إثْرَ صلاة العصر من يوم الخميس التالي ليوم وفاتِه بمقبُرة أُمِّ سَلَمةَ وبمقرُبةٍ من مسجد كَوْثَر. 565 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن إبراهيمَ الخُشَنيّ، بضمِّ الخاءِ وفَتْح الشِّين المُعجَميْنِ ونون منسوبًا، قُرْطُبيّ، أبو جعفر، الأَجَّري، بفَتْح الهمزة وتشديد الجيم المعقودة وراء منسوبًا، إذ أصلُه منها. ¬

_ (¬1) في م: "مَدْحُهم". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (265)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 310، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 1/ 159.

566 - أحمد بن محمد بن إبراهيم الكلبي، أبو العباس

تَلا بالسّبع على أبي إسحاقَ بن عبد الملِك بن طَلْحةَ وأبي خالد يَزيدَ بن عبد الجَبّار. ورَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال، وله رحلةٌ حَجّ فيها ولقِيَ طائفةً من أهلِ العلم بالإسكندَريّة فأجازوا له، منهم: أبو الطاهر بنُ عَوْف وابنُه أبو الحَرَم، بفَتْح الحاءِ الغُفْل والراءِ معًا، مَكِّي، وأبوا عبد الله: ابنُ عبد الرحمن الحَضْرَميُّ وابنُ محمد الكِرْكنْتي، وأبو [محمد] (¬1) عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد، وسمع عليهم. رَوى عنه أبو القاسم القاسمُ ابن الطَّيْلَسان. وكان زاهداً متقشِّفاً عابِداً متصوّفاً ناسِكاً مجُاهداً مُغتنمَ اللّقاء مَرْجوَّ البَرَكة، أَمَّ بمسجد الحبيبِ من شَرْقيِّ قُرْطُبةَ زمانًا، وبه كان يُقرئُ القرآنَ وُيسمِعُ الحديث وَيذَكّر، وكان من أحرصِ الناس على طلَبِ العلم وتعلُّمِه وبثّه ونَشْرِه. توفِّي ودُفن يومَ الجمُعة لأربعَ عشْرةَ ليلةً بقِيَت من صَفَرِ إحدى عشْرةَ وست مئة بمقبُرة ابن العبّاس عن نحوِ سبعينَ سنة. 566 - أحمدُ بن محمد بن إبراهيمَ الكَلْبيُّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي محمدٍ الرُّشَاطيّ. 567 - أحمدُ بن محمد بن إبراهيمَ اللَّخْميُّ. له رحلةٌ رَوى فيها بالإسكندَريّة عن أبي الطاهرِ السِّلَفي. 568 - أحمدُ بن محمد بن إبراهيمَ الهاشميُّ. رَوى عن أبي محمد بن محمد الفِهْريُّ الضَّرير. 569 - أحمدُ بن محمد بن أبي بكرٍ الثَّقَفيُّ، أبو القاسم. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) فراغ في النسختين، واستفدناه من ترجمته في تكملة المنذري (1/الترجمة 516)، وتاريخ الإسلام 12/ 1078، وهو شريشي الأصل إسكندراني المولد والدار، أحد طلبة السلفي، توفي سنة 596 هـ.

570 - أحمد بن محمد بن أبي بكر الكناني، مالقي، أبو جعفر

570 - أحمدُ بن محمد بن أبي بكرٍ الكِنَانيُّ، مالَقيٌّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي محمد بن الحَسَن ابن القُرْطُبي. 571 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن أبي تَلِيد، شاطِبيٌّ، أبو عُمر. رَوى عن أبي محمد بن محمد ابن الدّبّاغ الإلبِيريُّ وأجاز له أبو بكر بنُ مَرْوان بن زُهْر. رَوى عنه أبو عِمرانَ بن عبد الرحمن بن أبي تَلِيد. 572 - أحمدُ بن محمد بن أبي الجَهْم الغَسّاني، أبو العبّاس. رَوى عن أبي محمدٍ الرُّشاطيّ. 573 - أحمدُ بن محمد بن أبي الخَليل. رَوى عن أبي العبّاس بن محمد النَّباتي. 574 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن أبي خَيْثَمةَ القَيْسيّ، جَيّانيٌّ، سكَنَ غَرْناطةَ. رَوى عن أبي محمد عبد الرّحمن بن محمد بن عَتّاب، وكان من نُبهاءِ أهل بلدِه وذوي الجلالة والأصالة فيهم، معَ الدِّين المتِين وحَصافة العَقْل والتفنُّن في المعارِف، كاتباً بليغاً مجُيداً خَطيباً فَصيحاً، كتَبَ عن عبد الله بن بُلْقِين بن بادِيس بن حَبُوس، وتوَلَّى له الشُّرطةَ العُليا ولم يكنْ في وُزَرائه وأربابِ دولتِه أرجحُ رايًا ولا أسَدُّ نظَراً ولا أعظمُ نَفْعاً منه. توفِّي بغَرْناطةَ في حدودِ التسعينَ وأربع مئة. 575 - أحمدُ بن محمد بن أبي الطاهِر، قُرْطُبيّ فيما أحسَب، أبو العباس. رَوى عن أبي الحَسَن عَبّاد بن سِرْحان. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (79). (¬2) ورد ذكره في مذكرات الأمير عبد الله بن بلقين (158).

576 - أحمد بن محمد بن أبي عيسى بن جودي، مجريطي أو قرطبي، أبو جعفر

576 - أحمدُ بن محمد بن أبي عيسى بن جُودي، مَجْرِيطيُّ أو قُرْطُبيٌّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي العبّاس يحيى بن محمد بن فَرَج بن الحاجّ، وأبي عامر محمد بن أحمدَ بن إسماعيل، وأبي الوليد بن طَرِيف. 577 - أحمدُ بن محمد بن أدهَم، أبو الوليد. رَوى عن أبي عبد الله جعفرٍ حفيدِ مَكِّي. 578 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن إسحاقَ اللَّخْميُّ، شِلْبيّ، ابنُ المِلْح، بكسرِ الميم وسكون اللام والحاءِ الغُفْل. رَوى عن أبيه، وأبي بكرِ عاصم بن أيّوب. رَوى عنه أبو بكر بنُ خَيْر، وكان رَيّانَ من الأدب معروفاً بالتقَدُّم فيه، قائلاً النَّفيسَ من الشّعر، كاتباً بليغاً نبيلاً، ووَليَ الصّلاةَ والخُطبة بجامع بلدِه زمانًا. 579 - أحمدُ بن محمد بن إسماعيلَ بن عَبّاد (¬2) اللَّخْمي، إشبِيلي، أبو عُمر. رَوى عن محمد بن عليّ بن محمد. 580 - أحمدُ (¬3) بن محمد بن إسماعيلَ بن محمد الأُمييّ، مُرْسِي، أبو القاسم، الطَّرَسُونيّ. تقَدَّم ذكْرُه في رَسْم أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن إسماعيل فراجِعْهُ إن شاء الله. رَوى عنه أبو محمد بنُ عبد الرّحمن بن بُرْطُله. استُشهِدَ يومَ السبت لإحدى عشْرةَ خَلَتْ من رجبِ اثنتينِ وعشرينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (145)، وابن سعيد في المغرب 1/ 384، والمقري في نفح الطيب 4/ 71. (¬2) بعد هذا بياض في النسختين. (¬3) انظر مصادر ترجمته في التعليق على الترجمة (499) حيث تقدم هناك.

581 - أحمد بن محمد بن أضحى بن عبد اللطيف بن غريب بن يزيد بن الشمر بن عبد شمس بن الغريب الهمداني، بسكون الميم والدال الغفل، إلبيري من نزلاء قرية همدان من فحص غرناطة، أبو العباس

581 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن أضحَى بن عبد اللَّطيفِ بن غَرِيب (¬2) بن يَزيدَ بن الشِّمْر بن عبد شَمْس بن الغَرِيب الهَمْدانيُّ، بسكونِ الميم والدّال الغُفْل، إلبِيريٌّ (¬3) من نُزَلاءِ قرية هَمْدانَ من فَحْص غَرْناطة، أبو العبّاس. كان من أهل البلاغة والبيان والأدبِ البارع وقَرْض الشِّعر، قَدِمَ على أميِر المؤمنينَ أبي المُطرِّف عبد الرّحمن الناصِر، فقام بين يدَيْه خَطيباً فقال: الحمدُ لله المُحتجِب بنُور عَظَمتِه، عن أبصارِ بَرِيّتِه، والدالِّ بحدوثِ خَلْقِه على أوّليّتِه، والمنفردِ بما أتقَنَ من عجائبِ دهرِه وسُنَن صَمَديّتِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَه لا شَريكَ لهُ إقراراً برُبوبيِّه، وخضوعاً لعزّتِه وعَظَمتِه، وأشهدُ أنّ محمداً عبدُه الأُمِّي، ورسولُه المكّيّ، انتخَبَه من أكرم الأَرُومات، واصطفاه من أطيبِ البيُوتات، حتى قبَضَه اللهُ إليه، واختار له (¬4) ما لدَيْه، وقد قَبِلَ سَعْيَه وأدَّى أمانتَه، فصَلَّى اللهُ عليه وسلم تسليماً، ثم إنّ اللهَ تبارَك وتعالى لمّا ابتَعثَه من أكرمِ خَلْقِه، وكرَّمَه برسالتِه وأنزَل عليه محُكَمَ تنزيلِه، واختار له من أصحابِه وأشياعِه فمَن بعدَهم خُلفاءً جعَلَ منهم أمِّةً يَهْدُونَ بالحقِّ وبه يَعدِلُون، فجَعَل اللهُ الأميرَ أعزَّه اللهُ، وارثَ ما خَلَفوه من معالمِهم، وبانيَ ما أسَّسوه من مَشاهِدِهم، حتى أمِنَ السالك وسَكَن الخائف رحمةً من الله ألبَسَه كرامتَها وطوَّقَه مَجْدَ فضيلتِها، واللهُ يُؤتي مُلكَه من يشاء واللهُ ذو الفضلِ العظيم [مشطور الرجز]: ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في الحلة السيراء 1/ 228، وابن الخطيب في الاحاطة 1/ 150. وينظر المقتبس 5/ 174 - 176. (¬2) في ق: "عريب"، خطأ، وغريب هذا اسمه خالد، قال ابن الأبار في ترجمة ابن حفيد أحمد المترجم هذا: "علي بن عمر بن محمد بن مشرف بن أحمد بن محمد بن أضحى بن عبد اللطيف بن خالد بن يزيد بن الشمر الهمداني من أهل غرناطة، وولد بالمرية، وخالد يقال له: الغريب لأنه أول مولود من العرب الشاميين بكورة إلبيرة" (التكملة، الترجمة 2726). (¬3) في م: "البهري"، محرف، وينظر التعليق السابق. (¬4) سقطت من ق.

فاللهُ أعطاكَ التي لا فوقَها ... وقد أراد المُلحِدونَ عَوْقَها عنكَ ويأبَى اللهُ إلّا سوقَها ... إليكَ حتى قلَّدوكَ طَوْقَها ثُم إنّي عبدُ الأمير أبقاه اللهُ، الناشئُ في غَذِيِّ نعمتِه، المنهوكُ في محبّتِه، نادت (¬1) بي همّةٌ أخَذَت بضَبْعَيْ طَرْفي إلى مَن الاعترافِ بالعَجْز عن مبلَغ كُنْه بلاغة المنتطع (¬2) عن أسلافِ مجدِه [البسيط]: وما عسى قائل يُثني عليكَ بما ... أثناهُ في الوَحْي تقديسٌ وتطهيرُ؟! فُتَّ البِرَّيةَ إلّا أنّ ألسُنَنا ... مُستنطَقاتٌ بما تُخفي الضمائيرُ وقلتُ فيكَ أيّها الأميرُ مقالاً شرَّفتُه بفَضْلِك، وأنهيتُه بكرَم مجدِك، وهو [الطويل]: أيا مَلِكاً تَزهَى (¬3) به قضُبُ الهندِ ... إذا لمَعتْ بينَ المَغافرِ والزّرْدِ ومن بأسُه في منهَلِ الموتِ واردٌ ... إذا أنفُسُ الأبطالِ كعَّت (¬4) عن الوِردِ ومَن ألبَسَ اللهُ الخلافةَ نعمةً ... به فاتتِ النُّعمى فجَلَّت عن الحدِّ فلو نَظَمتْ مَرْوانَ في سِلكِ فَخْرِها ... لأصبحَ من مَرْوانَ واسطةَ العِقدِ تَجلَّى عن الدُّنيا فجَلَّى ظلامَها ... كما انجلَتِ الظَّلماءُ عن قمرِ السَّعدِ إمامُ الهُدى أضحَتْ به العُربُ غَضّةً ... مُلبَّسةً نُوراً كمَوْشيّةِ البُردِ كفاني لدَيْه أن جَعلْتُ وسيلتي ... ذِمامَ هِشاميِّ الهوى خالصِ الوُدِّ يؤكّدُ ما يُدْلي به من متانةٍ ... لبالسُ أبيه عبدِك الفارِس النَّجْدِ فتًى مَن رآهُ والرّماحُ شواجرٌ ... وخيلٌ إلى خيلٍ بأبطالِها تُردي (¬5) ¬

_ (¬1) في ق: "قادت". (¬2) في ق: "المتنطع". (¬3) في الحلة السيراء: "ترمي". (¬4) في ق: "كفت". (¬5) في ق: "ترد".

582 - أحمد بن محمد بن أمية، إشبيلي

رأى أسَداً وَرْداً يَخُبُّ إلى الوَغَى ... ورُبّتَما أربَى على الأسَدِ الوَرْدِ فأنعِمْ عليه فيّ يا خيرَ مُنعِمٍ ... بإظهارِ تشريفي وعَقْدِ يدٍ عندي ولا تُشمِتِ الأعداءَ إن جئتُ قاصداً ... إلى ملِكِ الدُّنيا فأُحرِمَ في قَصْدي فعندَ الإمام المرتضَى كلُّ نعمةٍ ... وشُكري لِما يُوليه من نعمةٍ عندي فلا زال في الدُّنيا سعيداً مظفَّراً ... وبُوّئَ في دار العُلى جنّةَ الخُلْدِ وكان من بيتِ بَسالة وحَماشة وفَساحة وخَطابة، فإلى شرَفِه بهذه الخِصال أشار، فسُجِّلَ له على أرْجبَةَ (¬1) وحِصن نيبلُه وغير ذلك، فانقلَبَ عنه مَرْعيَّ الوسائل مَقْضيَّ المسائل، وأرى ذلك كان قبلَ الستَّ عشْرةَ وثلاث مئة، إذ سَمّاه في كلامِه هذا بالأمير، وتسَمِّي الناصِرِ بأميرِ المؤمنينَ كان في ستَّ عشْرةَ. 582 - أحمدُ بن محمد بن أُميّةَ، إشبِيليّ. له رحلةٌ رَوى فيها بمكّة شرَّفها اللهُ عن أبي ذَرّ الهَرَوي. 583 - أحمدُ بن محمد بن أيّوبَ بن محمد بن نُوح الغافِقي، بَلَنْسِي، أبو الفَضْل. رَوى عن أبيه، وأبي الخَطّاب أحمدَ بن محمد بن واجِب، وأبي القاسم عبد الرّحمن بن محمد بن حُبَيْش. وهُو أخو أبي الحَسَن محمد. وكان نبيلاً يَقِظاً حسَنَ الخَطّ ضابِطاً لِما يُقيِّد شديدَ الرّغبة في طلبِ العلم ولقاءِ حَمَلتِه. 584 - أحمدُ بن محمد بن باز اليَحْصُبيّ، تُدْمِيريّ، أبو القاسم. رَوى عنه أبو زكريّا بن عبّاس القُسَنْطِينيّ. 585 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن بَشّارٍ السَّبَئيُّ، مَرَويٌّ، أبو جعفر. دَرَسَ النَّحوَ على أبي موسى عيسى بن عبد العزيز القُزُوليِّ بمَرّاكُش، وله إجازةٌ من أبي محمد بن محمد الحَجريّ. وكان متحقِّقاً في النّحو، حافظاً للفقه، ذا نَباهة في بلدِه وجَلالة وقَدْر، وأُخِذ عنه ما كان عندَه. وتوفِّي سنةَ خمسينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) من جهات غرناطة. (¬2) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 363 نقلاً من هذا الكتاب.

586 - أحمد بن محمد بن بيبش، أبو العباس

586 - أحمدُ بن محمد بن بِيبَش، أبو العبّاس. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 587 - أحمدُ ...... (¬1). 588 - أحمدُ بن محمد بن ثابِت، تَقدَّم التنبيهُ عليه في رَسْم أحمدَ بن ثابت (¬2). 589 - أحمدُ بن محمد بن جُرْج، قُرْطُبيٌّ، سكَنَ مالَقة. رَوى عن أبي عبد الله ابن عَتّاب. رَوى عنه أبو بكرٍ يحيى بنُ محمد بن عَمْرو بن عبد البَرّ بن (¬3). وكان من جِلّة الأُدباء وفُحول الشّعراء سَلِسَ مَقادةِ النَّظْم مُكثِراً سريعَ البديهة مجُيداً في جميع أنواع القَريض، ومنه في الوَصاة بالعِلم وتفضيلِه [المنسرح]: يا فاخِراً بالقديم والسَّلَفِ ... وكانِزاً واثقاً بمُطَّرِفِ الكَنْزُ علمٌ في الصَّدر تُحرِزُهُ ... تأمَنُ مِن سارقٍ ومن تَلَفِ يَزْكو إذا ما أنفقتَهُ سَرَفاً ... وليس كَنْزٌ يبقى على السَّرَفِ فالعِلمُ إن فات منكَ تُخلِفُهُ ... والمالُ للعِلم ليس بالخَلَفِ كم نَبَّه العِلمُ خاملاً فعَلاً ... وأسقَطَ الجهلُ نابهَ السَّلَفِ العلمُ والحِلمُ والتُّقى حسَبٌ ... إن لم يُضِفْه الحسيبُ لم يُضَفِ والعلمُ والحِلم معْ تُقًى وعُلاً ... غايةُ ما يُبْتَنى من الشّرفِ فازدَدْ من المجدِ بعدَ مَوْرِثهِ ... فالدّرُّ قد فات قيمةَ الصَّدَفِ ومنه [المتقارب]: تفاخَرَ قومٌ وهُم بِنيةٌ ... من الطّين في أصلِهمْ إذ بُنُوا ¬

_ (¬1) هكذا في النسختين. (¬2) الترجمة (84)، وقد ألغى ناسخ م هذه الملاحظة. (¬3) بعد هذا فراغ في النسختين.

590 - أحمد بن محمد بن جعفر بن سفيان المخزومي، شقري، أبو بكر العابد

فقيمةُ أصلِهمُ هذه ... وقيمتُهمْ بعدُما أحسَنوا كذا قال أفخرهم معجزاً (¬1) ... عليٌّ أبو الحَسَن المُحسِنُ نَظَمَ فيه قولَ أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالبٍ رضي اللهُ عنه: قيمةُ كلِّ امرئ فيما يُحسِن. مَوْلدُه سنةَ اثنتينِ وعشرينَ وأربعِ مئة، وتوفِّي ببَطَلْيَوْس في أُخْرَياتِ صَفَر أو أُوْلَياتِ ربيعِ الأوّل سنةَ ست وثمانين وأربع مئة، ورَثاهُ جماعة من أُدباءِ عصرِه وجلّةُ أصحابِه، منهم: أبو بكر بنُ خازِم، وأبو الحَسَن بن عبد العزيز بن زيادةِ الله الطُّبْنيّ. 590 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن جعفرِ بن سُفْيانَ المَخْزوميّ، شُقْرِيّ، أبو بكرٍ العابد. رَوى عن أبي عبد الله ابن (¬3) الصَّيْقَل أبي (¬4) هُريرةَ ولازَمَه، وأبي العبّاس بن معَدّ الأُقْلِيجيِّ (¬5) وأكثَرَ عنه. رَوى عنه أبَوا عُمر: أحمدُ بن هارون بن عاتٍ، ويوسُفُ بن عبد الله بن عَيّاد. وكان رجُلاً فاضلاً خيِّراً، من بيتٍ قديم النَّباهة، ذا حَظّ من قَرْض الشِّعر، مال إلى التصوّفِ والزُّهد، وانتابَهُ أهلُ الخير فأنفَقَ عليهم أموالاً جليلةً وكان من أهل الثَّروة واليَساًر، وأدركَتْه وَحْشةٌ من الأمير محمد بن سَعْد فخَلَعَ دعوتَه وضبَطَ بلدَه آخِر سنة ستٍّ وستينَ وخمس مئة، فأدّى ذلك إلى مُحاصرتِه الطويلة الشّهيرة ولم يُنفِّسْ عن أهلِه إلا موتُ ابن سَعْد في مُنسلَخ رجَبِ سبع وستينَ ¬

_ (¬1) في ق: "أنجزهم مفخراً". (¬2) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (371)، وابن الأبار في التكملة (200)، والحلة السيراء 2/ 267. (¬3) بعد هذا فراغ في النسختين، وأبو عبد الله ابن الصيقل اسمه محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الفهري، وهو مترجم في التكملة الأبارية (1366). (¬4) في م: "أبو"، محرفة، وهو لقب عرف به أبو عبد الله ابن الصيقل. (¬5) ويقال فيه: "الأقليشي".

591 - أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد الأنصاري، أبو القاسم

وخمس مئة، فنالوا بذلك أثَرةً عند أبي يعقوبَ بن عبد المؤمن فمَن بعدَه مِن عَقِبِه والوُلاةِ من قِبَلِهم، اختَصَّ ابنُ سُفيانَ هذا وبَنوه بمُعظمِها. 591 - أحمدُ بن محمد بن جعفرِ بن محمد الأنصاريّ، أبو القاسم. له إجازةٌ من القاضي أبي بكبر ابن العَرَبي. 592 - أحمدُ بن محمد بن جعفرٍ اللَّخْميُّ، أنتنيلانيُّ أبو جعفر. رَوى عن أبي عبد الله بن عبد الرحيم ابن الفَرَس. 593 - أحمدُ بن محمد بن جُمْهُورٍ الجُذَاميُّ. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 594 - أحمدُ بن محمد بن جُوديّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرة (¬1). 595 - أحمدُ بن محمد بن حَبِيب الحِمْيَريّ، أبو محمد. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي، وأبي الحَسَن شُرَيْح. 596 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن حَرِيش، بفتح الحاءِ الغُفْل وكسر الراءِ وباءِ مدّ وشينِ معجَمة، أبو عُمر. رَوى عن أبي جعفر (¬3) بن عَوْن الله وأبي الحَسَن ابن الأنْطاكِيّ، وأبي عبد الله (¬4) بن مُفرِّج، وأبي [عبد الله] (¬5) بن النُّعْمانِ المُقرِئ، وله إجازةٌ من (¬6) ¬

_ (¬1) لم يذكره ابن الأبار في "المعجم". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (31). (¬3) بعد هذا بياض في النسختين. (¬4) بعد هذا بياض في النسختين. (¬5) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل، وما أثبتناه مستفاد من الصلة البشكوالية (9) حيث قال: "كان مختصًا بالمقرئ أبي عبد الله بن النعمان القروي". (¬6) في م: "عن"، وهو جائز أيضًا.

597 - أحمد بن محمد بن حزم الفارسي

أبي عُمرَ (¬1) الطَّلَمَنْكيّ، وهو في عِداد أصحابِه، وكان من أهل العلم والرّغبة فيه والعناية التامّة به. وتوفِّي في نحو سنةِ أربع مئة. 597 - أحمدُ بن محمد بن حَزْم الفارِسيّ. أُراه من ذُرِّية أبي محمد بن حَزْم، رَوى عن شُرَيْح. 598 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن حَزْم، إشبِيليّ، أبو عُمر، قد تَقدَّم التنبيهُ على التباسِه بأحمدُ بن سَعيد بن حَزْم فراجِعْه، وأنّ هذا من ذُرِّية أبي محمد عليِّ بن أحمد اليَزِيديِّ الظاهري من قِبَلِ أُمِّه، ومن بني حَزْم المَذْحِجيِّينَ من قِبَلِ أبيه. رَوى عن أبي بكر بن أحمدَ بن طاهِر المحدِّث، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وأخَذ العربيّةَ عن أبي القاسم عبد الرحمن ابن الرّمّاك. رَوى عنه أبو الحَسَن بنُ عَتِيق بن مؤْمن، وأبو عَمْرٍو محمدُ بن عليّ بن عُصفُور، وأبو محمد بنُ جُمْهُور، وأبو المَجْدِ هُذَيْل. وكان أديباً ماهراً في علوم اللِّسان على الإطلاق متحقِّقاً بالعربيّة، وكان أُستاذُه فيها أبو القاسم ابنُ الرّمّاكِ يدعوه أيامَ قراءتِه إيّاها عليه: زُقيقَ النَّحو، لكثرةِ مَباحَثتِه إيّاه وحِدّةِ أسئلتِه التي كان يُورِدُها عليه، وكان متوقِّدَ الخاطر سريعَ البديهة في نَظْم الشِّعر مُكْثِراً منه فيما شاء من فنونِه، شديدَ حركةِ الباطِن، حتى سُعِي عليه أنه يُريدُ الثورةَ بدعوةِ المَهْدي، فامتُحِنَ لذلك بأنواع من البلاء، كالضَّرب المُبرِّح بالسَّوْط والسِّجن الطّويل ونَهْب المال، وأجاز البحرَ إلى العُدْوة أوّلَ الفتنة الحادثة بينَ اللَّمْتُونيِّينَ والموحِّدين، وتطَوَّر بأطوار، فكان تارَةً جُنْديًّا وأُخرى كاتباً، إلى غير ذلك من التقَلُّبات. ¬

_ (¬1) بعد هذا فراغ في النسختين، وأبو عمر الطلمنكي اسمه أحمد بن محمد بن عبد الله، وهو مترجم في الصلة البشكوالية (92). (¬2) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 364 نقلاً من هذا الكتاب.

599 - أحمد بن محمد بن الحسن بن خلف بن يحيى الأموي، داني، أبو جعفر، ابن برنجال

وله تصانيفُ، منها: "الرّسالةُ الصَّؤول على الباغي والجَهول" وكتابُه الذي وسَمَه بـ"الزَّوايغ والدَّوامغ" تابَعَ فيه القاضيَ أبا بكر ابن العَرَبي على فُصول كتابِه المسَمَّى بـ"الدَّواهي والنَّواهي" في الردِّ على أبي محمد عليِّ بن أحمد بن حَزْم، وحاذاهُ فيه كلاماً بكلام وحديثاً بحديث وفقهاً بفقه ونَظْماً بنَظْم ونَثْراً بنثر وإقذاعًا بإقذاع، واللهُ يتجاوزُ عن الجميع بفضلِه. 599 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن الحَسَن بن خَلَف بن يحيى الأُمَويّ، دانِيُّ، أبو جعفر، ابنُ بَرُنْجال. سمع أباه والقاضيَ أبا بكر (¬2) بن أسود. لقِيَه أبو الرَّبيع بن موسى بن سالم واستجازَه فأجاز له لفظاً، وكان فقيهاً حافظاً، شُووِرَ ببلدِه، وتوَلَّى قضاءه مدّةً، وكانت له عندَ السّلطان إذْ ذاك وَجاهةٌ لذاتِه ونَباهةِ سَلَفِه. وتوفِّي ببلدِه في جُمادى الأُولى سنةَ ستٍّ وثمانينَ وخمس مئة وقد نيَّف على سبعينَ سنة. 600 - أحمدُ بن محمد بن الحَسَن بن سَعيد الخَزْرَجيُّ، قُرطُبيُّ، أبو جعفر. تَلا على عمّه أبي القاسم عبد الرّحمن، ورَوى عن أبي العبّاس بن عُمرَ العُذْريّ، وأبي اللَّيثِ نَصْر بن الحَسَن، وأبي محمد بن قاسم بن محمد بن سيِّد قومِه. تَلا عليه قريبُه أبو زيد بن عليّ بن عبد الرّحمن، وأبو محمد بن محمد الفِهْرِي، وأبو مَرْوانَ عُبَيدُ الله بن عُمرَ بن هشام، وكان من كبار المجوِّدينَ ومن بيتِ علم وإقراء. 601 - أحمدُ (¬3) بن محمد بن الحَسَن بن عبد الملِك الفِهْرِيّ، مُرْسِيّ، أبو جعفرٍ، القَرْ [طاجَنِّيُّ] (¬4)، والحَمْريُّ، بفَتْح الحاءِ الغُفْل والراءِ منسوباً. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (226)، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 813. (¬2) بعد هذا بياض في النسختين. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (266)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 310. (¬4) ما بين الحاصرتين فراغ في النسختين، وتكملة النسبة من التكملة.

602 - أحمد بن محمد بن حسن بن محمد الخزرجي، بلنسي، نزل تونس بعد تغلب النصارى على بلنسية، أبو العباس، ابن الغماز

تَلا بالسّبع على أبي الحَسَن بن محمد بن هُذَيْل وسَمع عليه الحديثَ وغيرَ ذلك. وكان مُقرِئاً مجوِّداً مُتصدِّراً لذلك ببلدِه. وتوفِّي عَقِبَ ربيع الأوّل من سنة إحدى عشْرةَ وست مئة. 602 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن حَسَن بن محمد الخَزْرَجيُّ، بَلَنْسِيٌّ، نزَلَ تونُس بعد تغلُّب النَّصارَى على بَلَنْسِيَة، أبو العبّاس، ابنُ الغَمّاز. رَوى عن أبي بكر بن محمد بن عبد الرّحمن بن مُحْرِز، وأبي الحَجّاج بن عبد الرّحمن بن أبي الفَتْح، وآباءِ الحَسَن: ابن أحمدَ بن خِيَرةَ، وأبي نَصْر فاتِح بن عبد الله البجائي، ومحمد بن أحمدَ بن سَلْمون، وأبي الحُسَين أحمدَ بن محمد ابن السَّرَّاج، وأبي الرَّبيع بن موسى بن سالم وأكثَرَ عنه، وآباءِ عبد الله: ابن أحمدَ بن مَسْعود وابن إبراهيمَ بن رَوْبيل وابن عليِّ بن الزُّبَير، وأبي عثمانَ بن سَعْد بن عليّ بن زاهِر، قرَأَ على بعضِهم وسمع على سائرِهم وأجازوا له. ولقِيَ أبا الحَسَن بنَ عبد الله بن قُطْرَال، وأبا عيسى محمدَ بن محمد بن أبي السَّدَاد، وأجاز له أبو عبد الله بنُ إسماعيل المَنِيشيّ ولم يَذكُرْ لُقْياهُ إيّاه. وكتَبَ إليه مجُيزاً من أهل المغرِب: أبو العبّاس بن محمد العَزَفيّ، ومن أهل المشرِق الأحامِد: ابنُ سُليمان بن أحمدَ الإسكندَريُّ المَرْجَانيّ وابنُ عبد الله بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن عُلْوانَ الأسَديُّ وابنُ عبد الباري بن عبد الرحمن بن عبد الكريم وابنُ عبد العزيز بن عبد الله ابن الصَّوّاف وابنُ عليّ بن يوسُفَ الدّمشقيُّ وابنُ قَيْماز بن عبد الله وابن محمد بن أبي القاسم بن ياسين بن محمد الكِنَانيُّ القُرَشيُّ الدّمياطيُّ ابنُ قُفْل وابن محمد بن عُمر بن يوسُفَ الأنصاريُّ ¬

_ (¬1) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام 15/ 759، والمشتبه (471)، والصفدي في الوافي 7/ 386، والوادياشي في برنامجه (1)، وابن فرحون في الديباج 1/ 249، وابن قنفذ في وفياته (693)، والنباهي في المرقبة العليا (122)، والغبريني في عنوان الدراية (119 - 121)، والمقريزي في المقفى 2/ 221، وابن تغري بردي في المنهل الصافي 2/ 82، وابن حجر في تبصير المنتبه 3/ 969، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 110، وغيرهم.

القُرْطُبيُّ وابن ياسين بن عبد الله الشافعيُّ، وإبراهيمُ بن طَرْخانَ بن حُسَين بن مُغيث بن عَمّار (¬1) السَّخاويُّ، وإبراهيمُ بن عُمر بن مُضَرَ الواسِطيّ، وإسحاقُ بن أبي بكرِ بن محمد الطَّبَريُّ المكِّيّ، وإسحاقُ بن محمود بن باكويه بن أبي الفَيّاض البُرُوجِرْدي، وإسماعيلُ بن عبد الواحد بن إسماعيلَ العَسْقَلانيُّ، وإسماعيلُ بن هِبة الله بن عبد الله بن أحمدَ الفارِقيُّ القُوصيُّ، وجعفرُ بن سِنَانِ الدَّولة الجُنَيد بن عيسى بن إبراهيمَ بن أبي بكر بن خَلِّكانَ، وحسَنُ بن عثمانَ بن عليٍّ رُكنِ الدِّين القابِسيُّ، والحَسَنُ بن عليِّ بن منخالٍ المُتطبِّبُ، والحَسَنُ بن عليّ بن المُنتصِر الفاسيُّ، وخليلُ بن أبي بكر بن محمد المَرَاغِيُّ، وزكريّا بن عبد السيِّد بن ناهِض، وظافرُ بن نَصْر بن ظافِر بن هلال الشافعيُّ، وسُليمانُ بن خَليل إمامُ المقام وخَطيبُ الحَرَم المكّي، وصالحُ بنُ الحُسَين الجَعْفَريُّ الزَّيْنَبيُّ، وعبد الله بن جعفرٍ القمُّوديّ، وعبد الرحمن بن مكِّي ابن الحالِسب أبي القاسم سِبْط السِّلَفيِّ، وعبدُ الصّمد بن عبد الوهّاب بن الحَسَن أبو اليُمْن، وعبد العزيز بن عبد السّلام ابن أبي القاسم السُّلَميُّ عزُّ الدين، وعبد العزيز بن عبد المُحسِن بن يوسُفَ الشافعيُّ، وعبدُ العظيم بن عبد القوِيّ المُنذِريُّ زَكيُّ الدِّين، وعبدُ الغنيِّ بن سُليمان بن بُنَيْن (¬2) بن خَلَف الشافعيّ، وعبدُ القويِّ بن عبد الله بن عبد القويّ المُنذِريُّ، وعبدُ الكريم بن عبد الباري بن عبد الرّحمن بن عبد الكريم، وعبدُ اللّطيف بن عبد المُنعم الحَرَّاني (¬3)، وعبد المُحسِن بن إبراهيمَ بن فُتُوح القُوصيُّ، وعبد المُهيْمِن بن عبد الباري بن عبد الرحمن بن عبد الوهّاب بن ¬

_ (¬1) في ق: "محمد"، محرف، وما أثبتناه من م وخط الحسيني في صلة التكملة للحسيني، قال في وفيات سنة 659 هـ: "وفي الحادي والعشرين من شهر ربيع الأول توفي الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن طرخان بن الحسين بن مغيث بن عمار القرشي الأموي السخاوي الإسكندراني الحريري بالإسكندرية" (صلة التكملة 1/ 450، الترجمة 817). (¬2) نبهنا سابقاً أن المؤلف يضبطها هكذا مصغراً، والصواب "بَنِين" بفتح الموحدة وكسر النون. (¬3) هو صاحب المشيخة المشهورة.

الحَسَن بن محمد بن عَساكرَ الدِّمشقيُّ، وعبد الوهّاب بن ضِرْغام الشافعيُّ، وعبدُ الوهّاب بن عبد العزيز بن عبد الوهّاب بن مَهْديّ، وعبدُ الوهّاب بن محمد بن عَطِيّةَ، وعبد الوهّاب بن مكِّيّ بن عبد العزيز بن عَوْف، وعبدُ الهادي بن عبد الكريم بن عليّ بن عيسى بن تَميم القَيْسيّ، والعُثمانونَ: ابنُ عبد الرّحمن بن عَتِيق بن حُسَين بن رَشِيق وابنُ محمد بن الزُّبَير وابنُ محمد بن عبد الله بن أبي عَمْرونَ المِصْريُّ وابن محمد ابن الحاجِب منصُور بن عبد الله الأميني وابنُ موسى بن عبد الله المُصَلِّي بالحنابلة وابنُ هبةِ الله بن عَوْف الزُّهْريّ، والعَلِيُّونَ: ابنُ أحمدَ بن عليٍّ القَسْطلّانيُّ وابنُ عبد الرزّاق بن الحَسَن بن محمد بن عُبَيد الله العامِريُّ وابن محمد الخَزْرَجيّ وابنُ وَهْب بن مُطيع القُوصيّ ابن دقيقِ العِيد، وعُمر (¬1) بن عبد الله بن صَالح مُدرِّس المالكيّة بالقاهرة، وعُمرُ بن يوسُفَ بن إسحاق، والمُحمّدونَ: ابنُ أحمدَ بن أبي بكر بن فَرَج الخَزْرَجيُّ القُرْطُبيُّ وابنُ أبي الحُسَين النَّحْويُّ وابن سُلطانَ بن عبد الرّحمن وابن (¬2) سُليمان الشاطِبيُّ عَلَمُ الدِّين أبو عبد الله وابن (¬3) صالح بن محمد بن محُارِب وابنُ عبد الله بن إبراهيمَ ابن المَتِّيجي (¬4) وابن عبد الصّمد بن محمد بن عبد الرحمن بن الحَسَن العجَميُّ الحَلَبيّ وابنُ عليّ بن عبد الوهّاب بن أبي الفَرَج وابنُ عُمر بن خليل ¬

_ (¬1) في ق: "عمرو" محرف، وهو عمر بن عبد الله بن صالح بن عيسى، الإمام أبو حفص السبكي المالكي قاضي القضاة شرف الدين المتوفى سنة 669 هـ (تاريخ الإسلام 15/ 173). (¬2) سقطت الواو من ق فاختل المعنى، والمقصود هنا: محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن عبد الملك بن علي المعافري الشاطبي الزاهد نزيل الإسكندرية المتوفى سنة 672 هـ (تاريخ الإسلام 15/ 248، وذيل مرآة الزمان 3/ 72). (¬3) سقطت الواو من ق، والصواب إثباتها كما في م، وهو أبو عبد الله محمد بن صالح بن محمد بن حمزة بن علي بن محارب التنوخي المحلي المنعوت بالتاج، والمتوفى بالإسكندرية سنة 659 هـ (صلة التكملة للحسيني 1/ 449، وذيل مرآة الزمان 2/ 132، وتاريخ الإسلام 14/ 918، والوافي 3/ 156). (¬4) في ق: "المتجي"، محرف، وتوفي سنة 659 هـ، وهو مترجم في تاريخ الإسلام 14/ 918.

603 - أحمد بن محمد بن الحسن الأنصاري الخزرجي، غرناطي، أبو جعفر، ابن الحلاء

العَسْقَلانيُّ المكِّي وابنُ عُمرَ بن محمد بن عُمرَ بن الحَسَن القَسْطَلّانيُّ "وابنُ عُمرَ القَسْطلّانيُّ وابنُ غانم بن صهبام الحَسَنيّ وابنُ فُتُوح بن خَلُوف الهَمْدانيُّ أبو بكر ابن مصال وابنُ الفَضْل بن إبراهيمَ الحَسَنيّ وابن محمد بن سُرَاقةَ محُيي الدِّين وابنُ محمد بن عبد الوهّاب الحُسَيني وابنُ محمد بن محمد البَكْريُّ التَّيْميّ وابنُ منصُور بن أحمدَ بن عبد الرحمن بن محمد بن منصُور بن الفَضْل الحَضْرَميُّ وابن نَصْر الله بن المُظفَّر التَّميميُّ وابنُ يوسُف بن موسى بني مُسْدي المُهَلَّبي، ومنصُور بن سَلِيم بن منصُور الشافعيُّ الإسكندَرانيّ أبو المُظفَّر ابن العِمَاديّة، ومنصُورُ بن مَنَعةَ شيخُ الحَرَم، وهِبةُ الله بن محمد بن أبي البَرَكات بن زُوين، ويحيى بن شُجاع بن ضِرْغام الشافعيُّ، ويحيى بن عليّ بن عبد الله المِصْريُّ أبو الحُسَين رشيدُ الدِّين ابن العَطّار، ويعقوبُ بن أبي بكر ابن محمد بن إبراهيمَ الطَّبَري، ويوسُفُ بن أبي المَعالي بن ظافِر الأنصاريُّ، ويوسُف بن يعقوبَ بن محمد الشَّيْبانيُّ. رَوى عنه أصحابُنا آباءُ عبد الله: ابنُ رُشَيْد وابن سُعود والصَّبيحي، وكتَبَ إليّ وإلى بنيَّ الخمسة من تونُس. وكان محدّثاً راوِيةً، فقيهاً فاضلاً، ديِّناً دَمِثاً حسَنَ الخُلُق، واستُقضيَ بتونُس فحُمِدت سِيرتُه وعُرفَ بالعدالة والنَّزاهة. وتوفِّي بها وهو يتوَلَّى قضاءها ليلةَ الخميس العاشرةَ من محرَّمِ ثلاثٍ وتسعينَ وست مئة، ومولدُه لتسع خَلَوْنَ من محرَّمِ تسعٍ وست مئة، واحتَفَلَ الناسُ لشهودِ جَنازيه وأَتْبعوه ثناءً طيِّبًا وذِكْراً جميلاً، ورَثاه جماعةٌ من الشّعراء بقصائدَ فرائد، وقد توَلَّى جمْعَها في دفترٍ تلميذُه ناظمُ بعضِها أبو الحَسَن عليُّ بن إبراهيمَ بن محمد التَّجَانيّ. 603 - أحمدُ بن محمد بن الحَسَن الأنصاريُّ الخَزْرَجيّ، غَرْناطيّ، أبو جعفر، ابنُ الحَلّاء. رَوى عن أبي بكرٍ غالبِ بن عَطِيّةَ، وأبَوي الحَسَن: ابن أحمد ابن الباذِش وابن أحمد بن كُرْز، وأبوَيْ محمد: ابن عليّ بن سَمَجُون وعبد الواحِد بن عيسى،

604 - أحمد بن أبي القاسم محمد بن حكم بن مسلمة التجيبي، إشبيلي باجي الأصل، أبو عمر الباجي

وأبي الوليد هِشام بن أحمدَ بن بَقْوةَ. وكان من جلّةِ فُقهاء بلدِه ومن بيتِ علم وجَلالة ونَباهة، وتوفِّي سنة سبع وعشرينَ وخمس مئة. 604 - أحمدُ (¬1) بن أبي القاسم محمد بن حَكَم بن مَسْلَمةَ التُّجيبيّ، إشبيليٌّ باجِيُّ الأصل، أبو عُمرَ الباجِيّ. أكثَرَ عن خالِه أبي الحَسَن بن أحمدَ الزُّهْري، وأبي بكر بن خَيْر، ورَوى عن أبي الحُسَين يحيى بن محمد بن الصّائغ، وأبي [محمد] (¬2) بن مُرَجَّى، وأبوَي القاسم: حَجَّاج بن أحمدَ وخَلَف بن عبد الملِك بن بَشْكُوال. رَوى عنه أبو محمد بنُ قاسم الحَرّار، وحدثنا عنه شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيّ. وكان رجُلاً صالحًا جليلَ القَدْر، من أهل الحسَب، راوِيةً ثقةً فاضلاً متينَ الدِّين، أَمَّ طويلاً بمسجد باب الحديد داخلَ إشبيلِيَةَ، وكان عاقداً للشروط بتلك الجهة بَصيراً بها نافذاً في معرفتِها، عَدْلاً مبرِّزاً في الشَّهادة، شديدَ التحفُّظ في أداءِ روايِته، صحيحَ الدِّخْلة، سليمَ الباطن، مشهورَ الجَوْدة. مولدُه ضُحى يوم الجمُعة للَيْلتَيْنِ خَلَتا من شهرِ ربيعٍ الأوّل من سنة أربعينَ وخمس مئة. 605 - أحمدُ بن محمد بن حلاله (¬3). 606 - أحمدُ بن محمد بن خالد، أبو العبّاس. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبيّ القاضي. ¬

_ (¬1) ترجمه الرعيني في برنامجه (114 - 116). (¬2) ما بين الحاصرتين فراغ في الأصل، والكنية مستفادة من ترجمته، وهو مفتي الأندلس أبو محمد عاشر بن محمد بن عاشر بن خلف بن مرجى المولود سنة 484 هـ والمتوفى سنة 567، وهو مترجم في التكملة الأبارية (3000). (¬3) بعد هذا بياض في النسختين.

607 - أحمد بن محمد بن خلف بن حماس المخزومي، بلنسي

607 - أحمدُ بن محمد بن خَلَف بن حِمَاس المَخْزُوميُّ، بَلَنْسِيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. 608 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن خَلَف بن عبد العزيز الكَلًاعيُّ، إشبِيليٌّ، أبو القاسم الحَوْفي، إذْ أصلُه من حَوْفِ مِصرَ. رَوى قراءةً عن أبي بكر ابن العَرَبي ولم يُجِزْ له، وآباءِ الحَسَن: خَليل وشُرَيْح وأجاز له، وعبدِ الرحمن بن أحمدَ بن بَقِيّ. وأجازَ له من أهل الأندَلُس: أبو بحر سُفيانُ ابن العاص الأسَديُّ، وأبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عَتّاب، ومن أهل المشرق: أبو الطاهِر السِّلَفيُّ، وقاضي الحَرَمَيْنِ أبو المظفَّر محمدُ بن عليّ بن الحُسَين الطَّبَري. رَوى عنه ابنُ أُختِه أبو إسحاقَ بن محمد بن زَغْلَل، وأبوا الحُسَين: عُبَيْدُ الله بن عاصم الدائري، ومحمد بن عَيّاش بن عَظِيمة، وأبو الخَطّاب محمدُ بن أحمد بن خليل، وأبو سُليمان وأبو محمدٍ ابنا سُليمان بن حَوْطِ الله، وأبو عليّ عُمرُ بن محمد بن الشَّلَوبِين، ويوسُفُ بن أحمد البَهْراني. وكان من بيتِ علم وعَدالة، فقيهًا حافظًا حاضرَ الذِّكْرِ للمسائل، بَصيرًا بعَقْدِ الشروط، فَرَضِيًّا ماهرًا، وله في الفَرائض تصانيفُ كبير ومتوسِّط ومختصر، وكلُّ ذلك مما بَلَغَ في إجادتِه الغايةَ تحصيلًا لعلمِها وتقريبًا لأغراضِها وضبطًا لأصولهِا وتيسيرًا على مُلتمِسيها، واستُقضيَ بإشبيليَةَ مرَّتَيْن إحداهُما سنةَ ثنتينِ وثمانينَ وخمس مئة، فشُكِرتْ سِيرتُه في أحكامِه وسلَكَ سبيلَ النَّزاهةِ والسَّراوة والعَدْل والجَزالة، واشتَدَّ بأسُه على أهل الشّرِّ والدَّعارة. وتوفِّي في شعبانِ ثمانٍ وثمانينَ وخمس مئة. 609 - أحمدُ بن محمد بن خَلَف بن محمد بن قَرْهَب بن مَسْلَمةَ اللَّخْميُّ، أبو القاسم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (227)، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 850، وابن فرحون في الديباج 1/ 221.

610 - أحمد بن محمد بن خلف بن محمد، شاطبي، نزل دمشق، أبو العباس

رَوى عن أبوَي الحَسَن: شُرَيْح ويونُس بن محمد بن مُغيث، وأبي عبد الله أحمدَ بن محمد الخَوْلانيِّ، وأبي مَرْوانَ بن عبد العزيز الباجي، وكان فقيهًا عاقدًا للشُّروط بَصيرًا بعِلَلِها حَسَنَ السِّياقة لها بارعَ الخطِّ، حيًّا سنةَ اثنتينِ وخمس مئة. 610 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن خَلَف بن محمد، شاطِبيُّ، نزَلَ دِمشقَ، أبو العبّاس. تَلا على أبوَي الحَسَن: الصِّقِلِّي ويحيى بن عليّ بن الفَرَج المِصْري الخَشّاب، وأبوَيْ عبد الله: الحَسَن بن موسى بن هِبة الله الدِّينوَريّ ومحمد بن عبد الله بن سَعيد المالِكيّ، وأقرا في دمشقَ طويلًا وصنَّف "المُقنعَ في القراءاتِ السَّبع" وغيرَ ذلك. قال أبو القاسم عليُّ بن هبةِ الله بن عَسَاكر: أجاز لي مصنَّفاتِه وكتَبَ سماعاتِه سنةَ أربع وخمس مئة. ومولده في رجب سنة أربع وخمسين وأربع مئة (¬2). 611 - أحمدُ (¬3) بن محمد بن خَلَف بن مُحْرِز الأنصاريّ، شاطِبيّ، أبو العبّاس الأَغْرَشِي بفَتْح الهمزة وإسكان الغَيْن المعجَمة وفتح الراء وشِين معجَمة منسوبًا. رحَلَ إلى المشرِق وتلا القرآنَ على أبوَي الحَسَن: عليِّ بن محمد بن خَمُّوش الصِّقِلِّي ويحيى بن عليّ بن الفَرَج الخَشّاب المِصْري، وأبي عبد الله الحُسَين بن موسى بن هِبَة الله الدِّينوَريّ، وأخَذ "مقاماتِ الحَريريِّ" عنه معَ أبي القاسم عيسى بن إبراهيمَ بن جَهْوَر. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن عساكر في تاريخ دمشق 5/ 343، وياقوت في "شاطبة" من معجم البلدان، وابن الأبار في التكملة (89)، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 113، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 25. وهذه الترجمة والتي تليها واحدة، لا ندري كيف انطلى ذلك على المؤلف فجعله ترجمتين!؟ (¬2) قوله: "ومولده ... " إلخ سقط من م، ووقع في ق: "وخمس مئة" بدلًا من "وأربع مئة"، وهو تحريف بيّن، والنص منقول من تاريخ دمشق. (¬3) هذه هي الترجمة السابقة، ولكنها أكثر تفصيلًا.

612 - أحمد بن محمد بن خلف بن هذيل البلوي، أبو جعفر

رَوى عنه قاضي الحَرَمَيْن أبو المظفَّر محمدُ بن عليّ الطَّبَري فيما حَكَى أبو عُمرَ يوسُفُ بن عبد الله بن عَيّاد، وحدَّث بالإجازة عنه أبو القاسم عليُّ بن [الحَسَن] (¬1) ابن عَسَاكر. وكان مُقرئًا مجوِّدًا، راوِيةً أديبًا فاضلًا، ديِّنًا، تصَدَّر لإقراءِ القرآن بدمشقَ فأقرأه بعِدّة روايات، وصنَّفَ كتابًا فيها سَمّاه "المُقنع". مولدُه في رجَب أربع وخمسينَ وأربع مئة. وحَكَى أبو الحَسَن بن محمد بن هُذَيْل أنّ أبا داودَ كان يقرَأُ عليه ببَلَنْسِيَةَ رجلٌ يُعرَفُ بأحمدَ بن مُحْرِز، قال: وكان فتًى فاضلًا مُقِلًّا، قال: فقال له أبو داودَ يومًا: أتحبّ أن أُزوِّجَك بنتي؟ قال: فخَجِلَ الفتى من ذلك وذكَرَ له حاجةً تمنَعُه، قال: فزوَّجها منه ونَظَرَ لها في دارٍ وجِهاز وزَفَّها له، فيُمكنُ أن يكونَ هذا أو غيرَه (¬2)، واللهُ أعلم. 612 - أحمدُ بن محمد بن خَلَف بن هُذَيْل البَلَويُّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي عبد الله بن أيّوبَ بن نُوح (¬3). 613 - أحمدُ (¬4) بن محمد بن خَلَف بن اليُسْر القُشَيْريُّ، غَرْناطيٌّ، أبو جعفر. رَوى عن أبيه، وتلا بالقراءاتِ السبع على أبي جعفر بن عليّ ابن الباذِش، وأبي الحَسَن بن عبد الله بن ثابِت، ورَوى عن أبي عبد الله بن أبي (¬5) سَمُرة، وسمع بقراءةِ أبي عبد الله بن عبد الرّحمن النُّمَيْريِّ "الموطَّأ" على أبي الوليد هشام ابن أحمدَ بن بَقْوةَ وتكَلَّم فيه من أجْلِ ذلك أبو محمد بنُ الحَسَن ابن القُرْطُبي ¬

_ (¬1) فراغ في النسختين، وما بين الحاصرتين منا. (¬2) هذا كلام ابن الأبار. (¬3) بعد هذا فراغ في النسختين. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (236)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 464، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 114، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 25. (¬5) سقطت من ق.

614 - أحمد بن محمد بن خلف الأموي، إشبيلي أبو الحسن

وأنكَرَه عليه، وأجاز له أبو إسحاقَ (¬1) بن أبي تَمّام، وأبو الحَسَن بن أحمد ابن الباذِش. رَوى عنه أخوه لأبيه أبو محمد، وأبو بكر بنُ عَتِيق اللارِديّ، وأبو جعفر (¬2) ابنُ الدَّلّال، وأبو القاسم محمدُ بن عبد الواحد المَلّاحي. وكان شديدَ العناية بطَلَب العلم والرّغبة فيه معَ الدِّين المتِين والوَرَع والصَّلاح والفَضْل التامّ. وُلدَ سنةَ أربعَ عشرةَ وخمس مئة، وتوفِّي بغَرْناطةَ في رمضانِ سنة ست مئة. 614 - أحمدُ بن محمد بن خَلَف الأُمَويُّ، إشبِيليٌّ أبو الحَسَن. رَوى عن أبي الحَسَن بن أحمدَ الزُّهْريِّ، وكان فقيهًا عاقدًا للشّروط. 615 - أحمدُ بن محمد بن خَلَف الأنصاريُّ، أبو جعفرٍ وأبو العبّاس، النَّيّار. رَوى عن أبي جعفر بن عبد الرحمن البِطْرَوجيِّ. وكان مُقرئًا محدِّثًا فقيهًا بارعَ الخطِّ محُكَمَ التقييد. 616 - أحمدُ (¬3) بن محمد بن خَلَف البَكْريُّ، بَطَلْيَوْسي، نَزَلَ مَرّاكُشَ، أبو العبّاس، ابن العارِض (¬4). رَوى عنه شيخُنا أبو إسحاقَ بن أحمدَ ابن القَشّاش. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا مُفسِّرًا نَحْويًّا مُتكلِّمًا مُفْتيًا في معارفَ غير ذلك، حسَنَ الخطِّ كثيرَ النَّسْخ والتقييد، صالحًا فاضلًا، أكْتَبَ بمَرّاكُشَ طويلًا بالمكتَبِ لَصْقَ مسجد ابن الأبْكَم بمحَلّةِ الشرقيِّينَ أسفلَ ممرِّ باب أغْمات. وتوفِّي في حدود العشرينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) بعد هذا فراغ في النسختين، وهو أبو إسحاق إبراهيم بن أبي تمام. (¬2) بعد هذا بياض في النسختين، وأبو جعفر ابن الدلال هو أحمد بن يوسف بن محمد بن حسين، مترجم في التكملة الأبارية (303) وغيرها. (¬3) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 366 نقلًا من هذا الكتاب. (¬4) تحرف في بغية السيوطي إلى "الفارض".

617 - أحمد بن محمد بن خلف المعافري، غرناطي، أبو جعفر، ابن خلف وابن خديجة وهي الشهيرة

617 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن خَلَف المَعافِريُّ، غَرْناطي، أبو جعفر، ابنُ خَلَف وابنُ خَديجةَ وهي الشّهيرة. رَوى عن أبي جعفر بن عبد الله بن شَرَاحِيل، وأبوَي الحَسَن: سَهْل بن مالك ومحمد بن جابرِ بن ذي النُّون، وأبي زكريّا بن عبد الرّحمن الأصبَهاني، وأبي عبد الله بن أحمدَ ابن صاحبِ الأحكام، وأبي عامرٍ يحيى (¬2) بن رَبيع، وأبي القاسم أحمدَ بن عبد الوَدُود بن سَمَجُون، وأبي محمد بن حُسَين الكَوّاب. وأجاز له أبو بكر بن عليّ بن حَسْنُون، وأبو الحَسَن بنُ جابر بن فاتح، وأبو الصَّبر الفِهْرِيّ، وآباءُ محمد: ابنُ الحُسَين ابن القُرطُبي وابنُ عَيْشُون وغَلْبون، وله روايةٌ عن أبي جعفرٍ الحَصّار، ولا أتحقَّقُ الآن أيُّ الحَصّارَيْن: ابنُ عليّ بن حَكَم أم ابنُ علي بن عَوْنِ الله؟ روى عنه غيرُ واحد من أهل بلدِه، وحدثنا عنه أبو جعفر ابنُ الزُّبَير، وكان من أحسَنِ الناس خُلُقًا وأبسَطِهم عند اللّقاء وَجْهًا، بَرًّا بأصحابِه متودِّدًا إليهم متواضِعًا، فاضلَ النفْسِ، وطيءَ الأكناف، طريفَ الدُّعابة، حسَنَ التعليم دَرِبًا فيه عظيمَ النَّفْع به، أقرَأ العربيّةَ والفقهَ طويلًا. وتوفِّي سنة ثمانٍ وأربعينَ وست مئة ابنَ نحوِ سبعينَ سنة. 618 - أحمدُ بن محمد بن خَلَف المَعافِريّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح، وله رحلةٌ حَجَّ فيها. 619 - أحمدُ بن محمد بن خَلَف، قُرْطُبي، أبو العبّاس الدّبة. رَوى عن أبي عبد الله بن أبي الخِصَال، وكان مُقيِّدًا ضابطًا. 620 - أحمدُ بن محمد بن خَليفةَ بن يوسُفَ بن رأسِ غَنَمةَ (¬3) بن مَنّاس القَيْسيُّ. ¬

_ (¬1) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 365 نقلًا من ابن الزبير. (¬2) بعد هذا بياض في النسختين. (¬3) في م: "بن أرامي".

621 - أحمد بن محمد بن خيرة، أبو القاسم

621 - أحمدُ بن محمد بن خِيَرة، أبو القاسم. رَوى عن أبي جعفر بن عبد الرحمن البِطْرَوجيِّ وأبي الحَسَن شُرَيْح. 622 - أحمدُ بن محمد بن دَحْيُون، بفتح الدّال الغُفْل وإسكان الحاءِ الغُفْل وضمِّ الياءِ المسفُولة وواوٍ ونون، ابن مَرِين، بفتح الميم وكسر الراءِ وياءِ مَدّ ونونٍ، ابن سُليمان بن عُبَيد الله، مالَقيٌّ. رَوى عن أبي بكر (¬1) بن أسودَ لقِيَه بمَرّاكُش. 623 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن ذُرْوةَ المُرادِيُّ، طُلَيْطُليٌّ، سكَنَ قُرْطُبةَ بعد تغَلُّب الرُّوم على بلدِه، أبو جعفر. وكَنًاه شيخُه أبو عليّ الغَسّانيُّ: أبا العبّاس، وكَنَاه تلميذاه أبو الحَسَن صالحُ بن عبد الملِك وأبو مَرْوانَ بن قُزْمانَ: أبا القاسم. تَلا بالسّبع على أبي عبد الله بن عيسى المَغَامِيِّ بطُلَيْطُلة، ورَوى بقُرْطُبةَ عن أبي عليّ الغَسّاني. رَوى عنه أبو الحَسَن صالحُ بن عبد الملِك الأَوْسيُّ، وأبو محمدٍ عاشر (¬3)، وأبو مَرْوانَ عبد الرحمن (¬4) بن محمد بن قُزْمان. وكان متقدِّمًا في الإقراء مبرِّزًا في ضَبْط أحكامِه، تصَدَّر لذلك وأخَذَ الناسُ عنه. 624 - أحمدُ بن محمد بن راشِد، مالَقيٌّ، أبو جعفرٍ الحماميُّ. رَوى عن أبي عَمْرٍو سالم بن صًالح بن سالم. وكان نبيلًا ذكيًّا، أديبًا شاعرًا محُسِنًا، وكان شيخُه أبو عَمْرٍو بن سالم يُثْني عليه ويَستَنْبِلُ مَقاصدَه ويُقيِّدُ أشعارَه استحسانًا لها. وتوفِّي حديثَ السِّنِّ في حدود العشرينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) بعد هذا بياض في النسختين. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (104). (¬3) في ق: "عامر"، محرف، وهو أبو محمد عاشر بن محمد. (¬4) في ق: "عبد الملك"، محرف، وهو مترجم في الصلة البشكوالية (755).

625 - أحمد بن محمد بن الزبير بن محمد الأنصاري

625 - أحمدُ بن محمد بن الزُّبَيْر بن محمدٍ الأنصاريُّ. 626 - أحمدُ بن محمد بن زَعْرور العامِليُّ، مالَقيٌّ، أبو جعفر. كان من جِلّة الأُدباء حسَنَ التصَرُّف عاقِدًا للشّروط، وهُو الذي كُتِبَ إليه في وثيقةٍ تضمَّنتْ مَحاجيرَ ذُكورًا وإناثًا، فأراد الإخبارَ عن أُنثى منهم فقال: إحدى المَحاجِير، فأنكَرَ ذلك الأستاذُ أبو زيدٍ السُّهَيْليُّ وقال: الصوابُ: أحَدُ المَحاجِير، وفرَّق بينَه وبينَ إحدى بلي، وقال: هو على تقدير إحدى نساءِ بلي، ورَدَّ عليه أبو الحَسَن بن خَرُوف، وأجاز المسألةَ واحتَجَّ لها، وانتصَرَ الأستاذُ أبو عليّ الرُّنْديُّ لشيخِه أبي زيد ودارَتْ بينَهما في ذلك مَقالاتٌ مسطورة هي موجودٌ بأيدي الناس، ولولا الإطالةُ لأورَدْنا عُيونَ ذلك كلِّه وأشَرْنا إلى ما يَتَرَجَّح (¬1) عندَنا من آرائهم. 627 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن زيادةِ الله بن عيسى الثَّقَفيُّ، مُرْسِيٌّ، أبو العبّاس، ابنُ الحَلّال. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ وأكثَرَ عنه، وصَحِبَ أبا بكر (¬3) بنَ فَتْحون، وتفَقَّه بأبي القاسم (¬4) بنَ أبي جَمْرةَ، وحضَرَ عند أبي محمد (¬5) بن أبي جعفر. ¬

_ (¬1) في ق: "ما يتخرج". (¬2) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (367)، وابن الأبار في التكملة (174)، والمعجم في أصحاب القاضي الصدفي (28)، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 81. (¬3) بعد هذا فراغ في النسختين، وأبو بكر بن فتحون هو محمد بن خلف بن سليمان بن فتحون المتوفى سنة 520، وهو مترجم في الصلة البشكوالية (1279)، وتاريخ الإسلام 11/ 324. (¬4) بعد هذا فراغ في النسختين، وأبو القاسم هذا هو: محمد بن هشام بن أحمد بن وليد الأموي المتوفى سنة 530 هـ، وهو مترجم في الصلة البشكوالية (1279)، والمعجم في أصحاب القاضي الصدفي (107)، وتاريخ الإسلام 11/ 515. (¬5) بعد هذا فراغ في النسختين، وهو أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الخشني المعروف بابن أبي جعفر المتوفى سنة 526 هـ، وهو مترجم في الغنية للقاضي عياض (152)، وبغية الملتمس (893)، والصلة (646)، وتاريخ الإسلام 11/ 448 وغيرها.

628 - أحمد بن محمد بن سعدي القيسي العامري، إشبيلي سكن المهدية

رَوى عنه أبو بكرٍ عَتِيقُ بن عَطّاف، وأبو عبد الله (¬1) بنُ واجِب، وأبَوا محمد: ابنُ (¬2) سُفيان وعبدُ المُنعِم بن محمد ابن الفَرَس. وكان فقيهًا مُشاوَرًا ذاكِرًا للمسائل بَصيرًا بالفَتاوَى في النّوازل، مُشارِكًا في الأدب، وَليَ خُطّةَ الشُّورى واستُقضيَ بأُورُيولةَ واستَعفَى منها فأُعفِي، وعاد إلى الفُتْيا إلى أن قَلَّدَه الأميرُ محمد بن سَعْد القضاءَ بمُرْسِيَة وأعمالِها مُضافًا إلى قضاءِ قضاته بسائرِ أعمالِه كلِّها بعد أن خَلَّصَه من بَكْبة محمد بن عِيَاض الأمير قَبْلَه، وأطلَقَه من مُعتقَلِه وفَوَّض إليه في أمورِه، فكان قاضيَ قضاةِ شَرْق الأندَلُس كافّة، ولم يكن بالحَصِيفِ الرأي ولا الراجِح العَقْل، وسُعِيَ به عند أميرِه محمد بن سَعْد فقَبَضَ عليه واستَصفَى أموالَه وغرَّبَه إلى أُنْدةَ، واعتُقلَ بها شهورًا ثُم قُتل ليلًا سنةَ أربع وخمسينَ وخمس مئة. 628 - أحمدُ بن محمد بن سَعْدِي القَيْسيُّ العامِريّ، إشبِيليٌّ سَكَن المَهْديّة. وهو ابنُ عمِّ أبي عُمرَ أحمدَ (¬3) بن سَعْدِي بن محمد بن سَعْدِي المُقيم على ساحل البحر بزُويلة (¬4)، وفي تمييزِ أحدِهما منَ الآخَر عندي نظَرٌ فاجعَلْه من مباحثِك. رَوى عن أبي بكرٍ محمد بن عبد الله بن محمد بن صَالح بن عُمرَ بن حَفْص بن عُمر بن مُصعَب بن الزُّبَير بن سَعْد بن عَبّاد بن النّزّال بن مُرَّةَ بن ¬

_ (¬1) بعد هذا فراغ في النسختين، وأبو عبد الله بن واجب هذا اسمه محمد بن محمد بن عبد العزيز بن محمد بن واجب القيسي المقرئ المتوفى سنة 586 هـ، وهو مترجم في التكملة الأبارية (1496). (¬2) بعد هذا فراغ في النسختين، وأبو محمد بن سفيان اسمه عبد الله بن محمد بن عبد الله بن سفيان، وتوفي في حدود سنة 590 هـ، وهو مترجم في التكملة (ابن الأبار 2129). (¬3) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (185)، وتبعه الضبي في بغية الملتمس (341)، وابن بشكوال في الصلة (67)، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 5/ 99، وفي ترتيب المدارك للقاضي عياض 7/ 101: أحمد بن سَعْدي واسمه أحمد بن محمد. (¬4) مدينة تابعة للمهدية.

629 - أحمد بن محمد بن سعود، موسي، أبو جعفر

عُبَيد بن مُقاعِس بن عَمْرو بن كَعْب بن سَعْد بن زيدِ مَنَاةَ بن تَمِيم بن مُرِّ بن أُدِّ بن طابخةَ بن إلياسَ بن مُضَرَ بن نِزَار بن مَعَدّ بن عَدْنان الأبهَري. رَوى عنه أبو عبد الله بن (¬1) عبد السلام الطُّلَيْطُليّ، وأبو عِمرانَ بن عيسى الفاسي. 629 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن سُعود، مُوْسِيٌّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفيِّ قديمًا ولازَمَه طويلًا. 630 - أحمدُ بن محمد بن سَعيد بن إلياسَ، قُرْطُبيٌّ. كان من أهل العلم بارعَ الخطِّ مُبرِّزًا في العدالة، حيًّا سنةَ ثمانينَ وثلاث مئة. 631 - أحمدُ (¬3) بن محمد بن سَعيد بن حَرْب اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ، أبو العبّاس، المَسِيليُّ (¬4). تَلا على أبي بكرٍ خازِم، وأبي الحَسَن ابن (¬5) العَبْسي، وأبي داودَ بن نَجاح، وأبي عبد الله (¬6) بنُ مُزاحِم، وأبي القاسم خَلَف (¬7) بن النَّخّاس. ورَوى الحديثَ عن (¬8) أبي عليّ الغَسّاني. ¬

_ (¬1) بعد هذا فراغ في النسختين. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (98)، وفي معجم أصحاب القاضي الصدفي (4). (¬3) ترجمه ياقوت في "مسيلة" من معجم البلدان 5/ 130، وابن الأبار في التكملة (134)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 701، ومعرفة القراء الكبار 1/ 490، والصفدي في الوافي 7/ 402، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 115، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 24. (¬4) منسوب إلى المَسِيلة، وهي المحمدية، اختطها أبو القاسم محمد بن المهدي في سنة 310 هـ وهو يومئذ ولي عهد أبيه، كما في معجم البلدان 5/ 130. (¬5) بعد هذا بياض في النسختين. (¬6) بعد هذا بياض في النسختين، وهو أبو عبد الله محمد بن يحيى بن مزاحم كما في غاية النهاية. (¬7) بعد هذا بياض في النسختين، وهو خلف بن إبراهيم بن خلف ابن النخاس شيخ القراء وخطيب قرطبة المتوفى سنة 511 هـ، وهو مترجم في صلة ابن بشكوال (396)، وتاريخ الإسلام للذهبي 11/ 174 وغيرهما. (¬8) في ق: "على".

632 - أحمد بن محمد بن سعيد بن سليمان، قرطبي

رَوى عنه أبو الأصبَغ عبدُ العزيز بن عليّ السُّمَاتي، وأبو بكر بنُ خَيْر (¬1)، وأبَوا الحَسَن: نَجَبةُ وهشامُ بن أحمد الخَوْلانيّ، وأبو زكريّا بن (¬2) مَرْزُوق، وأبو محمد بنُ أحمد بن جُمْهور، وحدَّث عنه بالإجازة جماعةٌ آخِرُهم أبو جعفر (¬3) بنُ شَرَاحِيل. وكان مُقرئًا مجوِّدًا عارِفًا بالقراءات متصدِّرًا للإقراء، ذا عنايةٍ برواية الحديث وضَبْط لِما يَرويه، وصنَّف في القراءاتِ السّبع مخُتصَرًا نبيلًا أسماه بـ"التقريب"، وكان حيًّا سنةَ تسع وثلاثينَ وخمس مئة. 632 - أحمدُ بن محمد بن سَعيد بن سُليمان، قُرْطُبيّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ ست وثمانينَ وأربع مئة. 633 - أحمدُ بن محمد بن سَعيد بن شُهَيْد، وزاد أبو جعفر ابنُ الزُّبَير في نسَبِه عليًّا بينَ محمدٍ وسعيد، أُورِيُوليّ، أبو جعفر. تَلا على أبوَيْ بكر: عَتِيق بن عليّ العَبْدَريّ وابن عليّ بن حَسْنُون، وأبي جعفر بن عليّ بن عَوْنِ الله. ورَوى عنه وعن أبي الخَطّاب أحمدَ بن محمد بن واجِب، وآباءِ عبد الله: ابن سَعيد المُراديّ وابن عبد العزيز بن سَعادةَ وابن (¬4) الرَّباط وابن (¬5) ابن نَسع وابن أيّوبَ بن نُوح، وأبي عُمرَ بن عاتٍ. ¬

_ (¬1) ينظر فهرسة ابن خير (45). (¬2) بعد هذا بياض في النسختين، وهو أبو زكريا يحيى بن أحمد بن مرزوق الجذامي، وهو مترجم في التكملة الأباربة (3410). (¬3) بعد هذا بياض في النسختين، وأبو جعفر بن شراحيل هذا اسمه أحمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الملك بن شراحيل، وقد تقدمت ترجمته في موضعها من هذا السفر، وهو مترجم في التكملة (255). (¬4) بعد هذا بياض في النسختين. (¬5) بعد هذا بياض في النسختين، وابن نسع هذا هو محمد بن خلف بن مرزوق أبو عبد الله ابن نسع، توفي سنة 599 هـ، وهو مترجم في التكملة الأبارية (1541).

634 - أحمد بن محمد بن سعيد بن نميل الأنصاري، مرسي، أبو بكر وأبو جعفر

وكان مُقْرئًا مجوِّدًا شديدَ العناية بالتجويد وإتقانِ الأداء، معَ حظّ وافر من الرواية للحديث والذِّكْر لرجالِه والمعرفة بعلومِه، مشهورًا بالفَضْل واستقامةِ الأحوال، خَطَبَ ببلدِه زمانًا، ووَلِيَ القضاءً ببعض جِهاتِه. ومَولدُه به سنةَ ستٍّ وستينَ وخمس مئة، وتوفِّي به ليلةَ الأربعاءِ الثانية من محرَّمِ ثمانٍ وأربعينَ وست مئة. 634 - أحمدُ بن محمد بن سَعيد بن نُمَيْل الأنصاريُّ، مُرْسِيٌّ، أبو بكر وأبو جعفر. تقَدَّم ذكْرُه في رَسْم أحمدَ بن محمد بن أحمد بن نُمَيْل (¬1). 635 - أحمدُ بن محمد بن سَعيد البَكْريُّ. رَوى عن أبي محمدٍ عبد الرّحمن بن محمد بن عَتّاب. 636 - أحمدُ بن محمد بن سَعيد الحَضْرَميُّ. له رحلةٌ رَوى فيها بمكّةَ شرَّفها اللهُ عن أبي ذَرّ عبدِ بن أحمدَ الهَرَويّ. 637 - أحمدُ بن محمد بن سَعيد الغَسّاني، قُرْطُبيٌّ، استَوطنَ غَرْناطةَ بعدَ وفاة ابن عمِّه بها أبي عليّ (¬2) القَلْعيّ، أبو جعفرٍ القُلَيْعي. كان من أهل المعرِفة بالحساب والفرائض مبرِّزًا في ذلك متحقِّقًا به، على سَنَن الجِلّة في كرَم الخُلُق وحُسن العِشْرة وصِدق اللَّهجةِ والوفاءِ بالعهد. توفِّي بغَرْناطةَ رحمه الله. 638 - أحمدُ (¬3) بن محمد بن سَعيد، سَرَقُسْطيّ، أبو جعفر، ابنُ أَقْلبيْر، بهمزةٍ مفتوحة وقافٍ ساكنة ولام وباءٍ بواحدة مفتوحتَيْن وياءٍ مسفولة ساكنة وراء، وهو المِسمارُ الذي يشُدُّ به الحَدّادونَ نِعالَ الدّوابِّ على أرجُلِها. ¬

_ (¬1) الترجمة (510). (¬2) بعد هذا بياض في النسختين، وهو أبو علي الحسين بن عبد الله بن هشام السعدي الغرناطي المعروف بالقلعي، مترجم في التكملة الأبارية (739). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (112).

639 - أحمد بن محمد بن سعيد، أبو جعفر

كان فقيهًا مُشاوَرًا حافظًا، وخرَجَ من وَطَنِه بعدَ مَصيِره إلى الرُّوم صُلْحًا يومَ الأربعاء لأربع خَلَوْنَ من رمضانِ ثِنتَيْ عشْرةَ وخمس مئة، فسَكَن بَلَنْسِيَة إلى أن توفِّي بها عَصْر يوم الأحد لليلتَيْنِ خَلَتا من صَفَرِ خمس وعشرينَ وخمس مئة، ودُفن بمقبُرة بابِ بَيْطالة. 639 - أحمدُ بن محمد بن سَعيد، أبو جعفر. رَوى عن أبي الحَسَن جَرِير بن سَلَمة. رَوى عنه أبو العبّاس بن مَسْعود. وكان من أهل العلم والاعتناءِ به، حيًّا آخرَ تسعٍ وأربعينَ وخمس مئة. 640 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن سُفْيانَ المَخْزُوميّ، شُقْري، أبو بكر. رَوى عن أبي العبّاس بن مَعَدّ الأُقْلِيجيّ، رَوى عنه أبو الحَسَن بنُ (¬2) تبال الجَوْهَري. وكان من أهل العَفاف والصّلاح والدِّين المَتِين والمعرِفة بالآداب، ذا مُشاركةٍ في غيرها، حسَنَ العِشْرة كثيرَ البِرّ بإخوانِه باذِلًا جُهدَه في مَرْضاتِهم. توفي أوّلَ سنِّ الاكتهال، ورثاهُ صديقُه الأستاذُ الفاضل أبو محمد بن يحيى المعروفُ بعَبْدون (¬3) رحمَهما اللهُ فقال [البسيط]: أوْدَى حَمِيدًا أبو بكرِ بنُ سُفيانِ ... فمَن لُجودٍ ومعروفٍ وإحسانِ قد صَوَّحتْ زَهَراتُ العَرْف مذقَشَعتْ ... ريحُ المنيّة ذاك الأوطفَ الدّاني فأيُّ قلب عليه ليس مُنصدِعًا ... وأيُّ دمع عليه غيرُ هَتّانِ ¬

_ (¬1) هو أحمد بن محمد بن جعفر بن سفيان المخزومي الذي تقدمت ترجمته في الرقم (590) تكرر على المؤلف بسبب سقوط اسم "جعفر" من عمود النسب. (¬2) بعد هذا بياض في النسختين، وهو أبو الحسن علي بن سليمان بن إبراهيم بن تبال النفزي الجواهري، من أهل سبتة، وتوفي بمراكش سنة 614 أو 615 هـ، وهو مترجم في التكملة الأباربة (2866). (¬3) هو عبد الله بن يحيى بن عبد الله المشهور بعبدون، مترجم في التكملة (2117).

641 - أحمد بن محمد بن سليمان بن شنيف العقيلي، بلنسي، أبو جعفر

حينَ استوَى واحتَوى العلياءَ عَنَّ لهُ ... بالانمحاقِ وبالنَّقْص الجديدانِ كذا الهلالُ إذا ما تَمَّ عاد بهِ ... كَرّ اللّيالي إلى مَحْوٍ ونُقصانِ تالله ما كان فيه ما يَسُوءُ سوى ... أنْ لم يَدُمْ لأخِلّاءٍ وإخوانِ وإنّما زال من دارِ الفَناءِ لكي ... يُجاوَ اللهَ فيما ليس بالفاني إذا مآثرُهُ في الناس تُؤْثَرُ لم ... يُشَكَّ في أنه للحُرِّ عُمْرانِ أطابَ نفْسي أبا بكرٍ حياتُكَ في ... عزٍّ وهمُّك في مَحْياك شيئانِ بِرٌّ تُقدِّمُ أو ذِكْرٌ تُخلِّفُهُ ... ذكْرُ الفتى بجميلٍ عُمْرُه الثاني 641 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن سُليمانَ بن شُنَيْف العُقَيْليّ، بَلَنْسِي، أبو جعفر. رَوى عن أبي الرَّبيع بن موسى بن سالم، وأبي عبد الله بن عبد الله ابن الأبّار، وأبي العبّاس (¬2) بن أُمَيّةَ، وأبي عليّ بن الشَّلَوبِين، وأبي القاسم أحمدَ بن عليّ بن حَرِيق، وأبي المُطرِّف أحمدَ بن عبد الله بن عَمِيرة، وقَدِمَ مَرّاكُشَ دَفَعات أُخْراها من إفريقيّةَ سنةَ ثمانٍ وخمسين وست مئة، وخَلَّفَ فوائدَ جَمّةً وتعاليقَ أدبيّةً كثيرةً وجُملةً وافرةً من كلام أبي المُطرِّف بن عَمِيرةَ نثرًا ونَظْمًا. وكان نبيلَ الخطِّ مُتقِنَ التقييد كتَبَ الكثيرَ، وعُني بالآدابِ كثيرًا، جالسْتُه طويلًا وانتفَعْتُ من قِبَلِه ببعض ما أوصَلَه ممّا ذَكَر، وصارت إليه من قِبَلي فوائدَ أدبيّةٌ قد كان شديدَ الطّلبِ لها كثيرَ الحِرص عليها باحثًا عنها بالأندَلُس وإفريقيّةَ فلم يَلْقَها، وصار إليّ معظمُ ما قَدِمَ به بعدَ وفاتِه رحمه الله، وكان قَبْلَ خِبرتِه باديَ الجَفاء ظاهرَ النُّفور، حتى إذا ألِفَ وتُوُولفَ انبسَطَ واستَرْسَلَ وأمتَعَ مجُالِسَه من الأُنسِ بما شاء. ¬

_ (¬1) ورد ذكره في رسالة لأحمد بن عميرة المخزومي وحَلّاه فيها بصاحبن "الوزير الفقيه أبي جعفر ابن شنيف (رسائل ابن عميرة، الورقة 217)، والمترجم ممن يستدرك على صاحب "الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام". (¬2) بعد هذا فراغ في النسختين.

642 - أحمد بن محمد بن سليمان بن عصام، بلنسي، أبو جعفر البلالبي

توفِّي ببلدِ حاحةَ أحدِ أعمال مَرّاكُش، وكان قد توَجَّه إليها مُصرَّفًا في بعض مجًابِيها السُّلطانيّة سنةَ أربِعِ وستينَ وستَ مئة، وتُحدِّث عند وفاتِه بأنه اغتِيل بأمرِ عاملِها حينَئذٍ حسبَما نفذت به الإشارةُ إليه من قِبَلِ المُرتضَى أبي حَفْص عُمرَ ابن الأميِر أبي إبراهيمَ إسحاقَ ابن الأميِر أبي يعقوبَ بن عبد المؤمن، إذْ كان أبو العبّاس هذا من مُداخِلي أبي العلاءِ إدريسَ ابن الأميِر أبي عبد الله محمد ابن الأميرِ أبي حَفْص عُمرَ بن عبد المؤمن الخارج على المُرتضَى داعيًا لنفسِه المتلقِّب بعدَ استيلائه على مملكةِ المُرتضَى الواثِق بالله المعتمِد على الله، وشاع التشنيعُ بذلك على المُرتضَى، وقَبَّحَ الناسُ ما أتَى من ذلك، واللهُ بالمِرصاد وإليه المصير. 642 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن سُليمانَ بن عِصام، بَلَنْسِيّ، أبو جعفرٍ البلّالبي (¬2). تَلا بالقراءاتِ على أبي بكر (¬3) بن نُمَارةَ وأطالَ صُحبتَه. وكان مُصحَفيًّا رائقَ الخطِّ جيِّدَ الضَّبط. 643 - أحمدُ (¬4) بن محمد بن سُليمان بن محمد بن سُليمانَ الأنصاريّ، قُرْطُبيٌّ، نشَأَ بإشبيلِيَةَ، أبو جعفر، ابنُ الطَّيْلَسان. لقَبٌ غَلَبَ عليه وعلى عَقِبِه بالنّسبة إليه لسبب قد تقَدَّم ذكْرُه في رَسْم ابنِ ابنِه أبي جعفر (¬5) بن [أبي عبد الله محمّدٍ] (¬6) فأغنَى عن التطويل بإعادتِه. رَوى عن آباءِ القاسم: صهرِه عبدِ الرّحمن بن محمد الشَّرّاط والخَلَفَيْنِ: ابن عبد الملِك بن بَشْكُوال وابن يوسُفَ ابن الأبْرَش. وتَلا بالسّبع على أبي الحَسَن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن عبد الملك في التكملة (248). (¬2) نسبة إلى بله ألبة بالثغر، كما في التكملة. (¬3) بعد هذا بياض في النسختين، وأبو بكر بن نمارة هو محمد بن أحمد بن عمران الحَجَري البلنسي، مترجم في التكملة الأبارية (1407). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (213)، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 624. (¬5) الترجمة (532). (¬6) ما بين الحاصرتين كان فراغًا في النسختين.

644 - أحمد بن محمد بن سليمان، غرناطي، أبو جعفر، الحاج الجبيهة

شُرَيْح، ورَوى أيضًا عن أبي محمد بن مُغيث وأبي مَرْوان بن مسَرَّةَ رَوى عنه ابناهُ: أبو عبدِ الله وأبو محمد. وذَكَرَ أبو جعفر ابنُ الزُّبَير روايةَ ابنِه أبي القاسم سُليمانَ عنه، ولا أذكُرُ الآنَ سُليمانَ في بَنِيه، فاللهُ أعلم قد سَقَطَ ابنٌ بينَ أبي القاسم وسُليمان، على أنّي لا أعرِفُه الآنَ أيضًا في بنيه مَن يُكْنَى بأبي القاسم، فيُحقَّقُ هذا ويُعمَلُ بحسَبِ ما يصحُّ منه (¬1) إن شاء الله. وكان من أهل العلم بتجويد القرآن العظيم كثيرَ التِّلاوة له، معروفَ الفَضْل، من بيتِ علم ونَباهةٍ ودِين. توفّي بقُرْطُبةَ ودُفن لثمانٍ خَلَوْنَ من صَفَرِ تسع وسبعينَ وخمس مئة. 644 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن سُليمان، غَرْناطيٌّ، أبو جعفر، الحاجُّ الجبيهة. تَلا بالسّبع على أبي الحَسَن [عليّ] (¬3) بن دُرِّيٍّ وسواه، ورحَلَ بأخَرةٍ إلى المشرِق فأدَّى فريضةَ الحجّ، وقَفَلَ إلى المغرِب وركِبَ البحرَ فغَرِق واستُشهد كلُّ من كان معَه بالمركَب الذي كان فيه وتعَلَّقَ هو بعُود من أعوادِه وبقِيَ عليه أيامًا حتى قَيَّضَ اللهُ له منِ التَقَطَه وبه رمَقٌ فعولجَ حتى ثابَتْ إليه حياتُه، وجَلا حالُه ذلك عن اختلالِ ذهنِه، وكان قبلَ توجُّهِه إلى الحجِّ من جِلّة المُقرِئين وفُضَلائهم، ومن أهل العلم والعمَل والوَرَع الصّادق والفضل التامّ، مُواظِبًا على تلاوة كتابِ الله تؤْثَرُ عنه كراماتٌ وأحوالٌ صالحة، بقِيَ على ما أمكَنَه إدراكُه منه بعدَ هذا الطارئ عليه. وتوفِّي في حدود ثلاثٍ وستينَ وخمس مئة وقد بَلَغَ تسعينَ سنة، ودُفن ببابِ إلبيرةَ، وقبرُه هنالك معروفٌ مَزُور مقصودٌ للتبرُّك به مَرْجوُّ البَرَكة، نفَعَه اللهُ ونفَعَ به. 645 - أحمدُ بن محمد بن سُليمان، قُرْطُبيّ، أبو حمزة. رَوى عن أبي عبد الله (¬4) ابن العَطّار الحِسَابي، رَوى عنه أبو عُمرَ عبدُ البَرّ "جامعَ أبي شبيث". ¬

_ (¬1) في ق: "عنه". (¬2) ترجمه ابن الجزري في غاية النهاية 1/ 117. (¬3) ما بين الحاصرتين بياض في النسختين استفدناه من غاية النهاية. (¬4) بعد هذا بياض في النسختين.

646 - أحمد بن محمد بن سماعة الأنصاري، سكن غرناطة، أبو جعفر القيجاطي، إذ هو منها

646 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن سَمَاعةَ الأنصاريّ، سكَنَ غَرْناطَة، أبو جعفرٍ القَيْجاطيّ، إذْ هو منها. تجوَّل في بلاد الأندَلُس طالبًا للعلم فأخَذَ بإشبيلِيَةَ وقُرطُبةَ وغَرْناطةَ ومالَقةَ ومَوْرُورَ وبَلَنْسِيةَ وغيرِها عن أبي إسحاقَ (¬2) ابن فَرْقَد، وأبي بكر بن خَيْر، وأبي زيد بن عبد الله السُّهَيْليّ، وأبي سُليمان بن حَوْطِ الله، وأبوَيْ عبد الله: ابن أيّوبَ بن نُوح وابن سَعيد بن زَرْقُون، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال، وأبوَي عبدِ المُنعم: ابن محمد والقاسم بن دحمان، وسواهم. رَوى عنه أبو المجدِ أحمدُ بن الحَسَن المُرادِي، وكان مُقرِئًا مجوّدًا فقيهًا حافظًا، أقرَأَ بغَرْناطةَ دهرًا واستُقضِيَ ببعضِ جِهاتِها. مولدُه سنةَ اثنتينِ وخمسينَ وخمس مئة، وتوفّي بمنتشاقر (¬3) ودُفن بغَرْناطةَ غُرّةَ ذي قَعْدةٍ من سنة عَشْرٍ وست مئة. 647 - أحمدُ (¬4) بن محمد بن السَّمْح، قُرْطُبيّ، أبو بكر. كان فقيهًا عاقدًا للشروط متقدّمًا في المعرِفة بها، وتوفِّي يومَ الأحد لليلةٍ بقِيَت من جُمادى الآخِرة سنةَ سبع وأربع مئة، وصَلّى عليه صاحبُ الصلاة أبو الوليد يونُس بن عبد الله ابن الصّفّار. 648 - أحمدُ بن محمد بن سِوَار، بكسرِ السّين الغُفْل وتخفيفِ الواو وآخرُه راء، الفَزَاريُّ، قُرْطُبيٌّ، أبو جعفر. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن فرحون في الديباج 1/ 222، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 117، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 24. (¬2) بعد هذا فراغ في النسختين، وأبو إسحاق بن فرقد اسمه: إبراهيم بن خلف بن محمد، وهو متر جم في التكملة لابن الأبار (394)، وتاريخ الإِسلام 12/ 508، والإحاطة 1/ 364. (¬3) بلد من أعمال غرناطة (العذري 131)، وتكتب: "منت شاقر" أيضًا. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (34).

649 - أحمد بن محمد بن سهل، سرقسطي، أبو جعفر، ابن الجزار

رَوى عن أبي الحَسَن يونُسَ بن محمد بن مُغيث، وكان مُنتحِلًا الفقهَ مائلًا إلى ذكْرِ المسائل ولم يكنْ بذلك في حفظِها، واستُقضيَ بقُرطُبةَ وقتًا، وإيّاه عنَى أبو جعفر بن محمد بن جُرْج في بيتِه الذي أجاز به بيتَ أبي بكرٍ يحيى ابن الأركشي (¬1)، وهما اللذانِ تقَدَّم إنشادُهما في رَسْم أبي جعفر بن جُرْج. 649 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن سَهْل، سَرَقُسْطيّ، أبو جعفر، ابنُ الجَزّار. ذكَرَه أبو عامرٍ محمدُ بن أحمدَ بن عُمرَ السالِميُّ (¬3) فقال: هو معدودٌ في شُعراءِ بني هُود، وكان من أهل القرآن والأدبِ والشّعر، وهو الذي خاطَبَه أبو عامر (¬4) بن غَرْسِيّةَ من دانِيَة برسالتِه المشهورة في تفضيل العَجَم على العَرَب عند هبوطِه من سَرَقُسْطةَ يريدُ المَرِيّة في حياة المعتصِم بن صُمَادِح، وقد عَدَلَ عن دَانِيَةَ في حياةِ إقبالِ الدّولة بن مُجاهد ثم رجَعَ إلى سَرَقُسْطة ووصَلَ إلى لارِدةَ معَ سيفِ الدّولة ابن المُستعين، وقرأتُ أنا عليه فيها القرآنَ والأدبَ، وكنت أسمَعُه يَذكُرُ المَرِيّة، فلا أدري إن كان مشَى إليها ثم رجَعَ إلى سَرَقُسْطة وفيها مات في أيام المُستعين، وله قصائدُ مطوَّلاتٌ في مَدْح بني هُود وابن صُمَادِح. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: كانت ولايةُ المُستعين [سنةَ ثمانٍ وسبعينَ وأربع مئة] (¬5). ¬

_ (¬1) منسوب إلى "أركش" من قرى شريش. (¬2) ترجمه ابن سعيد في المغرب 2/ 355. (¬3) ستأتي ترجمته في السفر السادس من هذا الكتاب (الترجمة 7)، ولعل المؤلف ينقل من كتابه "درر القلائد وغرر الفوائد في أخبار الأندلس وأمرائها وطبقات علمائها وشعرائها". (¬4) بعد هذا بياض في النسختين، واسم أبي عامر أحمد كما في المغرب 2/ 406. (¬5) بياض في النسختين، وفي بني هود اثنان يعرفان بالمستعين، أولهما سليمان بن محمد أو ابن أحمد بن هود وهو المستعين أكبر، وكانت ولايته من سنة 431 هـ إلى سنة 438 هـ, والثاني أحمد بن المؤتمن ويقال له: المستعين الأصغر وقد ورث إمارة بني هود من 478 هـ إلى وفاته سنة 501 هـ. وهذا الأخير هو المقصود (انظر الحلة السيراء 2/ 147، والمغرب 2/ 436 - 437، وأعمال الأعلام 170 وما بعدها)، وما بين الحاصرتين منا.

650 - أحمد بن محمد بن سيد أبيه الزهري، إشبيلي، بطليوسي الأصل، أبو القاسم

650 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن سيِّد أبيه الزُّهْري، إشبيليٌّ، بَطَلْيَوْسيُّ الأصل، أبو القاسم. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح، وكان عاقِدًا للشّروط متقدِّمًا في البصَر بها مبرِّزًا في العَدالة، حيًّا سنةَ سبع وستينَ وخمس مئة، وصنَّفَ في الوثائق مصنَّفًا نافعًا مجُرَّدًا من الفقه، وهو مشهورٌ متداوَلٌ بين (¬2) الناس استجادةً له. 651 - أحمدُ بن محمد بن شماخ الغافِقيُّ، أبو جعفر، أخو أبي مَرْوان. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوجيّ. 652 - أحمدُ (¬3) بن محمد بن صابِر بن محمد بن صابِر القَيْسي، مالَقيٌّ، أبو العبّاس وأبو جعفر. رَوى بالأندَلُس عن أبيه، وأبي إسحاقَ ابن (¬4) الأديب، وأبي بكرٍ أحمدَ بن عبد الله ابن القُرْطُبيِّ حُمَيْد، ولازَمَه مختصًّا به في النَّحو والأدب وانتفَعَ به كثيرًا، وأبى الحَسَن بن محمد الشارِّيِّ وانقَطعَ إليه طولَ مقامِه مُغَرَّبًا بالمَرِيّة في كَنفِه، وأبي زَيْد ابن (¬5) القُمَارِشيِّ، وآباءِ محمد: ابن عَطِيّةَ وابن محمدٍ الباهِلي وعبدِ العظيم ابن الشّيخ، وأخَذَ بأخرةٍ عن جماعة واستجازَ آخَرِين، ثم رحَلَ إلى المشرِق وعُرِف هنالك بضياءِ الدِّين، ورَوى بالقاهرة عن أبي البَرَكاتِ هِبة الله بن عبد الله بن هبة الله بن أَوْس الأَزْديّ، وأبي القاسم عُمرَ بن أحمدَ بن هِبة الله بن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن فرحون في الديباج 1/ 222. (¬2) في ق: "بأيدي"، وما هنا من م والديباج. (¬3) ترجمه عز الدين الحسيني في صلة التكملة 2/ 507، واليونيني في ذيل مرآة الزمان 2/ 234، والذهبي في تاريخ الإِسلام 15/ 50، وتذكرة الحفاظ 4/ 1443، والصفدي في الوافي 6/ 226، والمقريزي في المقفى 1/ 236، وابن تغري بردي في المنهل الصافي 1/ 299، والمقري في نفح الطيب 3/ 408. (¬4) بعد هذا فراغ في النسختين. (¬5) بعد هذا فراغ في النسختين، وأبو زيد هذا اسمه عبد الرحمن بن محمد.

أبي جَرَادةَ الحَلَبيِّ، وأبي محمد صالح بن إبراهيمَ بن أحمدَ الفارِقي، وأبي المَعالي بن أبي محمد بن عبد الله بن (¬1) عليّ ابن المازَرِي، وأبي [عبد الله] (¬2) محمد بن أحمدَ بن عُمر بن أحمدَ الحنَفيّ. وكان تامَّ العناية بشأنِ الرّواية، ضابِطًا لحديثه، يَقِظًا، سَرِيًّا فاضلًا، شديدَ التهمُّم بالعلم على الإطلاق، وحُبِّب إليه طلبُه مُذْ صِغَرِه، وآثَرَ قديمًا مذهبَ الظاهِريّة فمال إليه مدّةً، وصَنَّف في عَضْدِه ثم نَزَعَ عنه واعتَمدَ مذاهبَ الفقهاءِ أهل النظَر، وكان وافرَ الحظِّ من الأدبِ شاعرًا مطبوعًا مُحسِنًا، نَظَمَ الشّعرَ في صِغَرِه وهو بالمكتَب وبَرَعَ فيه وفي الكَتْب، ومن نَظْمِه [الطويل]: ومن نكَدِ الدّنيا على الحُرِّ حاسدٌ ... يَكيدُ وَينوي جاهدًا أن يُناوَيهْ يَرى أنه ما أن يَعُدَّ ولا يَرى ... مساوَيهُ حتى يعُدَّ مَساوَيهْ فلا تعجَبوا ممّن عَوَى خلْفَ ذي عُلًى ... لكلِّ عليٍّ في الأنام معاويهْ (¬3) وقد أُنكِرَ عليه ما في طيّ هذا التضمين القَبيح، وأُلحِقَ بالتعريض المُرْبي على التصريح، حتى قال بعضُ مَن وقفَ عليه من أهل العلم ممّن له في السُّنّة أوفرُ قسم مُنتصرًا لصاحبِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وكاتبِ الوَحْي عنه وخالِ المؤمنينَ رضي اللهُ عنهم: اخسَأْ يا لعينُ واعلَمْ [الطويل]: ¬

_ (¬1) من هنا إلى قوله: "بن عمر" سقط كله من ق. (¬2) ما بين الحاصرتين بياض في النسختين، واستفدناه من ترجمة المذكور، وهو العلامة مسجد الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عمر بن أحمد بن أبي شاكر المراكشي المحتد ثم الإربلي الحنفي المعروف بالظهير (602 - 677 هـ)، وهو مترجم في ذيل مرآة الزمان 3/ 386، وتاريخ الإِسلام 15/ 345، وبغية الوعاة 1/ 37 وغيرها. (¬3) في النفح: فلا تعجبا، وعقب المقري على هذا البيت بقوله: قلت: لا يخفى ما فيه من عدم سلوك الأدب مع الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، ويرحم الله بعض الأندلسيين حيث قال في رجز كبير: ومن يكن يقدح في معاويه ... فذاك كلب من كلاب عاويه

653 - أحمد بن محمد بن صامت، مرسي، أبو جعفر

لكلِّ أبي بكرٍ تأثَّلَ مَجْدُه ... دَعِيٌّ تعالى نَعْلُه أن يُدانيَهْ زَنيمٌ لئيمٌ أَمَّ بالذّمِّ عِرضَهُ ... كما ذَمَّ خالَ المؤمنينَ معاويهْ فلستَ الذي أضحَى من امّةِ أحمدٍ ... بلَى أُمُّهُ من بينِهمْ هيَ هاويهْ حجارةُ سِجِّيل بِفيكَ إجازة ... على بيتِكَ الملعونِ بيتِ السَّواسيَهْ وفُضَّ على ذي الشرِّ فوك فإنهُ ... يَفيكَ الذي أحدَثْتَ معْ كلِّ داريَهْ غدا بك نحوَ الذّمِّ غادٍ ولا سَقَتْ ... رُبوعَكَ ما حَنَّت بكَ النِّيبُ ساريَهْ وصرَّحتَ بالقوم الذي وجوهُهمْ ... نجومٌ لنا في كلِّ ظَلْماءَ داجِيَهْ فيا مُبغِضًا صَحْبَ النبيِّ وآلَهُ ... رَمَتْك اللّيالي حيث كنتَ بِداهيَهْ وتوفِّي بمصرَ في حدود ستٍّ وستينَ وست مئة (¬1) وقد قارَبَ الخمسينَ. قال أبو جعفرٍ ابنُ الزُّبَير: كان يقولُ لي أبدًا: يا أخي، ما أراني أبلُغُ من العُمرَ خمسينَ سنة بوَجْه، فقضَى اللهُ أنْ كان كذلك، وحضَرَ جَنازتَه عالَمٌ كثيرٌ وأثنَوْا عليه خيرًا، ودُفنَ معَ شيخِه وبلَديِّه أبي بكرٍ حُمَيْد ابن القُرْطُبيِّ المذكور رحمةُ الله عليهم. 653 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن صَامت، مُرْسِيّ، أبو جعفر. تَلا بالسّبع على أبي الحَسَن بن محمد بن هُذَيْل، ورَوى الحديثَ عن أبي القاسم بن محمد بن حُبَيْش. وكان مجوِّدًا حَسَنًا مُكتِبًا فاضلاً، متقدِّمًا في المعرِفة بالعربيّة، ماهرًا في صَنْعة الحساب، وقد أدَّبَ بهما دهرًا، وتوفِّي بعد التسعينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) هكذا في النسختين، وهو غلط محض، ليعد الديار وعدم الاتصال، قال صديقه ورفيقه عز الدين الحسيني في وفيات سنة 662 هـ من صلة التكملة: "وفي الثامن من شعبان توفي الحافظ أبو جعفر أحمد بن أبي عبد الله محمد بن صابر بن محمد بن صابر بن منذر القيسي الأندلسي المالقي المنعوت بالضياء بالقاهرة ودفن من يومه بسفح المقطم، حضرت الصلاة عليه ودفنه". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (232)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 366 نقلًا من هذا الكتاب.

654 - أحمد بن محمد بن طفيل القيسي، وادي آشي، أبو العباس

654 - أحمدُ بن محمد بن طُفَيْل القَيْسيُّ، وادي آشِيٌّ، أبو العبّاس. تَلا بالسّبع على أبي محمدٍ قاسم بن سيِّدِ قومِه، تلا عليه أخوه أبو مَرْوان. 655 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن عبد الله بن أحمدَ الأنصاري، مَرَويّ (¬2) بَلَنْسِيُّ الأصل، وسكَنَ كثيرًا أَنْدَرْشَ، أبو العبّاس الأَنْدَرْشِي، وابنُ البَلَنْسي، وابنُ اليتيم. تَلا على إيى إسحاقَ بن صالح، وأبوَي الحَسَن: ابن عبد الله المالطيّ وابن عبد الله بن مَوْهب وأكثَرَ عنه، وأبي عليّ حُسَين بن محمد بن عُرَيْب، وأبي عُمرَ الخَضِر بن عبد الَرّحمن، وأبوَي القاسم: أحمدَ بن عُمرَ بن وَرْد وعبد الرّحمن بن قاسم، وقرَأَ على بعضِهم غيرَ القرآن، ورَوى عن أبي بحرٍ يوسُفُ بن عبد العزيز السُّلَميّ، وأبوَي الحَجّاج: ابن عليّ القُضَاعي وابن يَبْقَى بن يَسْعُونَ واختَلفَ إليه مدّةً وأكثَرَ عنه، وأبوَي الحَسَن: ابن أحمدَ بن نافع وابن إبراهيمَ بن مَعْدان، وآباءِ عبد الله: ابن عبدِ العزيز بن زُغَيْبةَ وابن أبي أحَدَ عَشَر وابن موسى بن وَضّاح، وأبي العبّاس ابن (¬3) اليَحْصُبيِّ المارميّ، وأبوَيْ محمد: ابن عليّ الرُّشَاطي وعبدِ الحقّ بن عَطِيّة، وكلُّ من ذُكِر أجاز له. وحدَّث بالإجازةِ عن أبي الأصبَغ عيسى بن حَزْم بن اليَسَع، وأخَذَ عنه السَّبعَ، وأبوَيْ بكر: محمدِ بن عبد الله ابن العَرَبي ويحيى بن الخَلُوف، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وآباءِ عبد الله: ابن أحمدَ الحَمْزي وابن خَطّاب، وابنَي السُّلَيْمانيَّيْنِ: ابن مَرْوان وابن أُختِ غانم وابن محمدِ الأحمر وابن يَبْقَى، وأبي العبّاس بن محمد بن العَرِيف، وآباءِ القاسم: أحمدَ بن محمد بن بَقِيّ وعبدِ الرّحمن بن ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (370)، وابن الأبار في التكملة (221)، وفي المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (38)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 12/ 723، ومعرفة القراء الكبار 2/ 557، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 221، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 25، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 367. (¬2) في ق: "مرسي"، خطأ. (¬3) بعد هذا فراغ في النسختين، وهو أحمد خلف بن سعيد بن خلف بن أيوب اليحصبي من أهل دانية يكنى أبا العباس ويعرف بالمارمي، وقد تقدمت ترجمته في موضعها من هذا الكتاب.

أبي رجاءٍ وعبدِ الرحيم ابن الفَرَس، وأبي الفَضْل جعفرِ بن محمد بن شَرَف، وأبي الوليد يوسُفَ بن عبد العزيز ابن الدّبّاغ. ورَوى عن غيرِ من سُمِّي كأبي العبّاس بن المحلول وغيرِه. هذا هُو الذي تحصَّل لي من شيوخِه وتحقَّقتُ كيفيَّة تحمُّلِه عنهم حسبَما وقَفْتُ عليه في نُسخة الإجازةِ التي اعتيدَ منه كتْبُها لمُجازِيه والآخِذينَ عنه، وكانت بخطِّ الضابِط النّبيل أبي عامرٍ محمد ابن المحدِّث الزّاهد أبي محمد بن محمد بن عُبَيد الله وعليها خَطُّ أبي العبّاس هذا بالإجازةِ له ووَقَفْتُ خارجًا عنها مخُبِرًا بإجازةِ أبي عبد الله بن مَسْعود بن أبي الخِصَال له في بعض مُنْشآتِه، ووقَفْتُ في خطِّه على روايتِه عن أبي عبد الله بن أبي زَيْد ولم يُبيِّنْ كيفيّةَ حَمْلِه عنه، قرَأَ عليه وأجاز له، ولا أُبعِدُ أن يكونَ قد لَقِيَ أكثرَ الشّيوخ الذين ذَكَرَ أنه حدَّث عنهم بالإجازة، بل قد كان له اختصاصٌ مشهورٌ بأبي العبّاس ابن العَريف منهم، ذَكَرَ ذلك أبو الصَّبر الفِهْريّ، وذَكَرَ هو وابنُه الحاجُّ أبو عبد الله الأنْدَرْشِيُّ أنه رَوى عن أبي محمد بن محمد بن السِّيْد، زاد ابنُه روايتَه عن الحاجِّ أبي الحَسَن عليِّ بن مُنذرِ بن عبد الرحمن الأُمَويّ الطَّرْطُوشيّ. وذَكَرَ المحدِّثُ الفاضلُ أبو العبّاس العَزَفيُّ في فِهرستِه أنه أجازَ له وسَمَّى من شيوخِه الذين أجازوا: له ابنَ سُكّرة، وابنَ الفَرّاء، وابنَ السِّيْد، وأبا الوليد بنَ رُشْد، وأبا بكر ابنَ العَرَبي، وأبا عبد الله القُرَشيَّ القُرْطُبيَّ -قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: أظُنُّه ابنَ الأحمر- وأبا القاسم بنَ بقِيّ، وأبا بكر بن مَسْعود بن أبي رُكَب. وقد ذكَرَه الأُستاذُ أبو عبد الله بن عليّ بن عَسْكَر في كتابه الذي جمَعَ فيه أعلامَ مالَقةَ من أهلِها والطارِئينَ عليها من غيرِها (¬1) واصلًا به "الإعلام بمحاسنِ ¬

_ (¬1) لهذا الكتاب اسمان أحدهما: الإكمال والإتمام، في صلة الإعلام بمحاسن الأعلام، من أهل مالقة الكرام. والآخر: مطلع الأنوار ونزهة البصائر والأبصار فيما احتوت عليه مالقة من الأعلام والرؤساء والأخيار، وتقييد ما لهم من المناقب والآثار. وقد اخترمته المنية قبل أن يتمه فتولى تتميمه ابن أخته أبو بكر محمد بن خميس، والكتاب مطبوع منتشر مشهور بتحقيق الدكتور صلاح جرار باسم "أدباء مالقة"، وبتحقيق الدكتور عبد الله المرابط الترغي باسم "أعلام مالقة".

الأعلام من أهل مالَقةَ الكرام " جمْعَ [....] (¬1)، وسَمَّى من شيوخِه بعضَ من تقَدَّم ذكْرُه في نُسخةِ الإجازة المذكورة، وزاد عليهم (¬2) أبا عبد الله ابنَ الفَرّاء، وأبا عليّ الصَّدَفيَّ وأبا محمد ابنَ السِّيْد وأبا الوليد محمدَ بن أحمد بن رُشْد، وقال عَقِبَ ذلك: قال الشّيخُ أبو علي، يعني الرُّنْديَّ: وهذا الشّيخُ أبو العبّاس ابنُ البَلَنْسِي متَّهمٌ في روايته، ذاكَرْتُ الشّيخَ الفاضلَ الثِّقة أبا محمد بن عُبَيد الله بأمرِ هذا الشّيخ، وذكَرْتُ له أنه يَدَّعي الروايةَ عن الصَّدَفي وابنِ الفَرّاء، فقال: هذه رِيبةٌ، ولم يُصَدِّقْه، قال أبو بكر ابنُ عَسْكَر رحمه الله: وهذا الذي وقَعَتْ به التُّهمةُ به في حقِّ هذا الشّيخ لا تُهمةَ عندي فيه؛ لأنه إذا ادَّعى ما يُمكنُ أن يُدرِكَه بسِنِّه فحَمْلُه على الصِّدق أوْلَى، وقد نَصَّ الإمامُ أبو الحُسَين مُسلمُ بن الحَجّاج في مقدِّمةِ كتابِه على أنّ الشّيخَ إذا قال: عن فلانٍ، وعُلِم أنه قد أدرَكَه بزمانِه وإن لم يُعلَمْ بينَهما اجتماعٌ فهو محمولٌ على الإسناد، ولا تُرَدُّ الرّوايةُ بمثل هذا، وهذا الشّيخُ كان من أهل القرآنِ والاشتغال بالرِّواية، فالتُّهمة في حقِّه بغيرِ دليل واضح بعيدةٌ إن شاء الله. ولم يقَعْ إليّ مَوْلدُه، ولكنّي وقَفْتُ على قراءتِه بعضَ الكتُب، فمن ذلك: قراءتُه كتاب "المُلخَّص" على أبي الحَسَن بن مَوْهَب وقد كتَبَ له: قرَأَ عليَّ جميعَ كتاب "المُلخَّص" الفقيهُ المُقرئُ أبو العبّاس أحمدُ بن محمد، إلى آخِرِ ما كتَبَ له، وتاريخُه في شعبانِ إحدى وثلاثينَ وخمس مئة، وقراءتُه أيضًا كتابَ "الشِّهاب" على أبي عبد الله بن وَضّاح بجامع المَرِيّة، وقد كتَبَ له أيضًا: قرَأَ عليّ الفقيهُ النّبيلُ الأستاذُ أبو العبّاس، وتاريخُه أيضًا في جُمادى الأُولى من السنّة المذكورة، وكذلك وجَدتُ قراءتَه في غير هذَيْن الكتابَيْن في التاريخ المذكور، ووقَفْتُ أيضًا على نُسخة من "تفسر غريبِ الموطَّإ" للأخفَش بخطِّ أبي العبّاس المذكور وتاريخُ تمامِها في سنة ثمانٍ وعشرينَ في عَقِبِ ربيع الآخِر منها، وقراءتُه فيها قد أثبتُّها بخطِّه لنفسِه في النُّسخة المذكورة، وكانت وفاةُ أبي عليٍّ ¬

_ (¬1) فراغ في الأصل، وصاحب "الإعلام" هو أبو العباس أصبغ بن علي بن هشام المالقي، مترجم في التكملة (552). (¬2) سقطت من ق.

الصَّدَفي وأبي عبد الله ابن الفَرّاء رحمَهما اللهُ شهيدَيْنِ سنةَ أربعَ عشْرةَ وخمس مئة، فإذا تقَرَّر هذا فكيف يَبعُدُ في حقِّ من كان في سنة ثمانٍ وعشرينَ ينسَخُ ويقرَأُ وفي سنة إحدى وثلاثينَ يكتبُ فيه الأستاذُ والفقيهُ المُقرئ أن يكونَ موجودًا قبلَ سنة أربعَ عشْرةَ حتى تصحَّ له الإجازةُ من الشَّيخَيْنِ المذكورين؟! فلا تلحقَه تُهمةٌ في ذلك إن شاء الله؛ لأنه لم يدَعْ إلا أمرًا مُمكِنًا يُقبَلُ من مثلِه واللهُ المخلِّصُ بمَنِّه. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: انتهى ما ذكَرَه في هذه المسألة أبو عبد الله بنُ عَسْكر، وبمثل إنكار أبي عليّ الرُّنْديِّ على أبي العبّاس هذا روايتَه عن أبي عبد الله ابن الفَرّاءِ وأبي عليٍّ الصَّدَفي وتكلُّمِه فيه من أجلِ ذلك أنكَرَ أبو محمد بن الحَسَن ابن القُرْطُبي عليه وتكلَّمَ فيه وقال: إنه كان لا يُحدِّثُ عن الصَّدَفيِّ وابن الفَرّاء إلا بواسطة، ولم يكن يَذكُرُهما أولًا في شيوخِه، ثم حدَّث عنهما آخِرًا فتطرَّقتْ إليه الظُّنون، وكلامُ أبي عبد الله بن عَسْكر في ذلك كلِّه بيِّنٌ واحتجاجُه صحيحٌ واضح على طريقة المحقِّقينَ من المحدِّثين، وكلُّ ذلك مَبْنيٌّ على تسليم نسبةِ الرِّواية له عن أبي عبد الله ابن الفَرّاء وأبي عليٍّ الصَّدَفي حسبَما ذكَرَه أبو عبد الله ابنُ عَسْكر مُثبتًا له ومحتَجًّا على إمكانِه، ونَقَلَه أبو عليّ الرُّنْديُّ وأبو محمد ابنُ القُرْطُبيِّ من دَعْواه ذلك، وحُكْمُ أبي محمد بن عُبَيد الله بالرِّيبة في ذلك. ولا أدري من أين وقَعَ لهم ذلك! فإنّ أبا العبّاس هذا لم يجِدْ لرواييه عن أبي عبد الله ابن الفَرّاء ذِكْرًا في نُسخةِ إجازيه المذكورة لا بمباشَرة ولا بإجازةٍ ولا بواسطة، إلّا أن يكونَ في ضِمن إجازةِ بعض شيوخِه له عنه، وكذلك ما ذكَرَه أبو عبد الله بنُ عَسْكر من روايتِه عن أبي الوليد بن رُشْد وإن تأخَّرتْ وفاتُه عن وفاتَيْ أبي عبد الله ابن الفَرّاء وأبي عليٍّ الصَّدَفي، فإنهُ توفِّي ليلةَ الأحد لإحدى عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من ذي القَعْدة سنةَ عشرينَ وخمس مئة. وأمّا أبو عليّ الصَّدَفيُّ فقد صَرَّح في غيرِ موضِع بحَمْلِه من طريقِه بوَسَاطةِ جماعة، وهم: أبو الحَسَن بن نافع، وآباءُ عبد الله: ابن خَطّاب وابن وَضّاح وابن يَبْقَى، وأبو عليّ بن عَرِيب، وأبو عَمْرو الخَضِر، وأبو محمد بن عَطِيّة، وأبو الوليد ابن الدّبّاغ المذكورونَ، وذَكَرَ فيها

أنه سَمع "كتابَ المُستنير" في القراءاتِ العَشْر الوَسَط من ربيع الأوّل من عام ثلاثةٍ وثلاثينَ، قال: وأنا أُمسِكُ أصلَ أبي عليّ الصَّدَفي بخطِّه على أبي عليّ الطَّرْطُوشي، يعني ابنَ عَرِيب، قال: وقرأتُ بعضَه على أبي عَمْرٍو المذكور، يعني الخَضِرَ، وناوَلَنيهُ، حدَّثاني به وجماعة عن أبي عليّ الصَّدَفي، فلو كانت له روايةٌ ولو بالإجازة عنه لذَكَرَها ونبَّه عليها في هذا الموضع وسِواه عند ذكْرِ الوسائطِ بينَهما، فمِن عملِ الشّيوخ في هذا النَّحو عند ايرادِ ما رَوَوْهُ بالقراءة أو بالسَّماع أو بالمُناوَلة الإعلامُ بروايتِهم إيّاه بالإجازة، ولا سيّما إذا كان الشّيخُ المقروءُ أو المسموعُ عليه أو المُناوِلُ يحمِلُ عن المُجِيز، لِما في ذلك من علُوِّ الرّواية وقُرب الإسناد ومُساواةِ الشّيخ المَرْويِّ عنه مباشَرةً. وأمّا ما ذكَرَه ابنُه الحاجّ أبو عبد الله والفاضلُ أبو الصَّبر من رواييه عن أبي محمد ابن السِّيْد فإنه لم يَجدْ في نُسخةِ الإجازةِ المذكورة أيضًا أنه رَوَى عنه مباشرةً ولا بواسطة إلا بإجازةِ أبي عبد الله بن خَطّاب وجماعةٍ سواه عنهُ، على أنّ إنكارَ حَمْلِه عن أبي محمد بن السِّيْد وأبي الوليد بن رُشْد أبعدُ من إنكارِ روايتِه عن أبي عبد الله ابن الفَرّاء وأبي عليٍّ الصَّدَفي، ولتأخُّر وفاةِ أبي محمدٍ أيضًا، فإنه توفّي منتصَفَ رجبِ إحدى وعشرين وخمس مئة، وقد تقَدَّم ذكْرُ تاريخ وفاةِ أبي الوليد بن رُشْد، ولا أُبعِدُ روايتَه عنهم إلا من قِبَلِ إضرابه عن ذكْرِهم على الوجهِ الذي أشرتُ إليه، هذا ما لا خفاءَ به عند من عُني بشأَنِ الرّواية وزَاوَلَ طريقتَها. فأمّا معاصرتُه الشّيوخَ الأربعةَ فمعلومةٌ متيقَّنة، وخصوصًا أبا الوليد بنَ رُشْد وأبا محمد بنَ السِّيْد، فقد كان في زمَن قريب من وفاتَيْهما طالبًا للعلم عند الشّيوخ، يبيِّنُ لك ذلك أنه ذَكَرَ في نُسخة الإجازةِ المذكورة أنه قَرَأَ القرآن عَرْضًا برواية وَرْش عن نافع على أبي الحَسَن اللّماي المالطيّ سنةَ ثِنتينِ وعشرينَ وخمس مئة، وذكَرَ هنالك أيضًا أنه قرَأَ القرآن عَرْضًا بالقراءاتِ السَّبع وغيرِها من الشاذِّ على أبي عليٍّ بن عَرِيب في مدّةٍ آخِرُها عامَ تسعةٍ وعشرين، ووقَفْتُ على إجازةِ أبي الحَسَن بن مَوْهَب له وقد وَصَفَه فيها بالفقيه المُقرئ، فهذا ممّا

يَدُلُّك على قِدَم طلبِه العلمَ ولقاءِ حمَلتِه وأخْذِه عنهم. وبالجملة، فإنه كان ممّن انقَطعَ إلى العلم وعُني به قديمًا, ولا ينبغي لمثلِه أن يُدفَعَ عن ثقةٍ وصِدق وأمانة، ولعلّه لم يكنْ ظفِرَ بإجازةِ هؤلاء الشّيوخ لهُ إلا بأخَرة، فلذلك حدَّث عنهم بها حينئذٍ، أو كان لا يَرى الحَمْلَ بمجرَّدِ الإجازةِ ببعض الوجوه التي تَجري عليها إجازاتُ الشيوخ ثم رَجَعَ إلى تسويغ الحَمْل بها آخِرًا فحدَّث عنهم بها، إلى غيرِ ذلك من الأمورِ المحتمَل وقوعُها المُمكن اعتبارُها في تصحيح دَعْوَى روايتِه عن هؤلاء الشيوخ، ويزيدُ ما قرَّرناهُ من حالِه وما ذكَرَه به أبو عبد الله بنُ عَسْكرٍ وضوحًا ما تقَدَّم إيرادُه من إمساكِه أصلَ أبي عليٍّ الصَّدفي من "كتابِ المُستنير" الذي بخطِّه حالَ السَّماع بمجلسِ أبي عليّ بن عَرِيب، فإنّ من عادةِ المشايخ أن لا يُمسِكَ بمَجالسِهم الأُصولَ المعتمَدةَ إلا مَن يوثَقُ بضَبْطِه ويُتيقَّنُ تحصيلُه ونُبلُه وقد ذَكَرَ أنّ ذلك كان في وَسَط ربيع الأوّل من عام ثلاثةٍ وثلاثين، وهذا بناءً على الظاهِر من أنّ هذا الأصلَ كان للشّيخ المسموع عليه أو لغيرِ أبي العبّاس إذْ لم يُخبِرْ أنه كتابُه ولا أشار إلى ذلك، واللهُ أعلم. ثم إنّ أبا العبّاس هذا قد رَوى عنه جماعةٌ كبيرةٌ وعَوَّلوا عليه واعتَمَدوا روايتَه، منهم: آباءُ عبد الله: ابنُه، وابن رِضا، وابنُ أحمدَ بن يَربُوع، وأبو جعفر ابنُ (¬1) الأصلَع، وأبو الحَسَن بن محمد بن منصُور، وأبو الخَطّاب عُمرُ بن حَسَن بن دِحْيةَ، وأبو سُليمان بنُ سُليمان بن حَوْطِ الله، وأبو الصَّبرِ الفِهْري، وأبو عامرٍ محمدُ بن أبي محمد الحَجري، وأبي عَمْرو بن صالح بن سالم، وآباءُ القاسم: أحمدُ بن يزيدَ بن بَقِيّ وعبدُ الرّحمن بن محمد الشَّرّاطُ وعبد الرحيم بن إبراهيمَ ابن الفَرَس، وأبو مَرْوانَ بن عُمر بن جعفون (¬2)، ويحيى بن أحمد الهَوّاري. ¬

_ (¬1) بعد هذا بياض في النسختين، وأبو جعفر ابن الأصلع هذا اسمه أحمد بن محمد بن أحمد العكي، وقد تقدمت ترجمته في هذا الكتاب (546). (¬2) كتب ناسخ م فوقها "كذا".

656 - أحمد بن محمد بن عبد الله بن خيار، قرطبي

وكان من أئمةِ أهل القرآنِ العظيم، مبرِّزًا في تجويدِ حروفِه وإتقان أدائه، أقرَأَه طويلًا، معَ مشاركة جيِّدة في الحديث، والمعرِفة الكاملة بالنَّحو والبَراعة في فَهْم أغراضِ أهلِه متحقِّقًا بكتابِ سِيبوَيْه دَرَّسه وسواهُ من كتُب العربيّة والآدابِ واللُّغات كثيرًا بجامع المَرِيّة وبمسجدِ العَطّارِين من مالَقة، وكتَبَ الكثيرَ وأحكَمَ ضَبْطَه وتقييدَه على رداءةِ خطِّه. وتوفِّي بالمَرِيّة في شهر رمضانِ أحدٍ وثمانينَ وخمس مئة، ودُفن بجَبّانة بابِ بَجّانَة بشَرْقيِّها لَصْقَ الحائطِ الغَرْبيّ من رِبَاطِ الخُشَني، وتاريخُ وفاتِه مكتوبٌ في لَوْخ رُخام على قبرِه، رحمه الله. 656 - أحمدُ بن محمد بن عبد الله بن خِيَار، قُرْطُبيّ. كان حيًّا سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة. 657 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن عبد الله بن سَعيد بن عبّاس بن مُدِير الأَزْديّ، قُرْطُبيٌّ، أُشُونيُّ الأصل، أبو القاسم. وهو ابنُ أخي أبي القاسم خَلَف بن عبد الله بن مُدِير. رَوى عن أبي بحرٍ سُفيانَ بن العاص، وأبي الحَسَن عبدِ الجليل بن عبد العزيز، وأبي محمد (¬2) عبد الرّحمن بن محمد بن عَتّاب. رَوى عنه أبو جعفر بنُ محمد بن يحيى وقلَبَ اسمَه ونَسَبَه فقال فيه: محمد بن أحمد، وهو وَهْم. وكان فقيهًا عارِفًا من بيتِ عِلم وجَلالة بارعَ الأدب بليغَ الكتابة، شاعرًا محُسِنًا، أقرَأَ ببلدِ العربيّة والآدابَ كثيرًا واستُقضيَ برُنْدة. 658 - أحمدُ بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن عليّ اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ، أبو القاسم، الباجِيُّ باجةَ القَيْروان. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (192)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 368. (¬2) في م: "عمر" خطأ، وهو مترجم في صلة ابن بشكوال (747) وغيره.

659 - أحمد بن محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي زمنين عدنان بن بشير بن كثير المري، إلبيري، ابن أبي زمنين

وقد تقَدَّم التنبيهُ على أوّليّةِ سَلَفِهم في رَسْم أبي عُمر أحمدَ بن عبد الملِك بن أحمد. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 659 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن عبد الله بن عيسَى بن محمد بن إبراهيمَ بن محمد بن أبي زَمَنِينَ عدنانَ بن بَشِير بن كثِيرٍ المُرِّي، إلبِيريّ، ابنُ أبي زَمَنِين. رَوى (¬2) عن أبيه الزّاهد أبي عبد الله (¬3). وكان رجُلًا فاضلًا صالحًا عاملًا على طريقةِ أبيه آخِذًا بطَرَفٍ جيِّد من العلم مُواظِبًا على أعمالِ البِرّ مُلازِمًا سُبُلَ الخَيْر لم تتبدَّلْ حالُه عن ذلك إلى أن توفِّي عَفَا اللهُ عنه. 660 - أحمدُ (¬4) بن محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي المُطرِّفِ عبد الرّحمن بن سَعيد بن جُرْج، قُرْطُبيّ، أبو القاسم. رَوى عن أبي إسحاقَ بن محمد بن ثَبَات، وأبي جعفر بن عبد الرّحمن البِطْرَوجي، ورأى أبا الحَسَن يونُس بن محمد بن مُغيث ولم يَرْوِ عنه. رَوى عنه ابنُ أخيه أبو مَرْوانَ، وأبو بكر بنُ عبد الله ابن العَرَب الحاجّ، وأبو القاسم ابن الطَّيْلَسان، وكان في وقتِه بقيّةَ أكابرِ الشّيوخ بقُرْطُبةَ نبيهَ القَدْر قديمَ الشّرَف من أهلِ المروءةِ والصِّيانة طويلَ العمُر، عاشَ دهرَه كلَّه لم يتوَلَّ فيه خُطّةً ولا طلَبَ من أحدٍ من أهل الدنيا جاهًا ولا حُظْوة، ولا ادَّخَر ولا احتَكرَ، ولم يزَلْ مُعظَّمًا عند الخاصّة والعامّة. وُلد في صَفَرِ إحدى وعشرينَ وخمس مئة، وتوفِّي غَداةَ يوم الثلاثاءِ لأربعَ عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من رجبِ إحدى عشْرةَ وست مئة، ودُفن عَصْرَ يوم الأربعاءِ بعدَه بمقبُرة أُمِّ سَلَمة وبمقرُبة مسجدِ كَوْثر. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (46). (¬2) سقطت من م. (¬3) مترجم في صلة ابن بشكوال (1547). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (267)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 13/ 310، وسير أعلام النبلاء 22/ 30.

661 - أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد الأزدي، لقنتي، أبو القاسم، ابن منتال، بميم مفتوح ونون ساكن وتاء معلو وألف ولام

661 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن عبد الله بن محمد الأَزْديُّ، لَقَنتيٌّ، أبو القاسم، ابنُ مَنْتال، بميم مفتوح ونونٍ ساكن وتاءٍ معْلُوّ وألفٍ ولام. تَلا بالسّبع على أبي عبد الله بن جعفرِ بن حَمِيد ولازَمَه، ورَوى عن أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد بن حُبَيْش. وكان من نُبَهاءِ بلدِه وذوي النّزاهةِ فيهم، ذا مشارَكة في العربيّة والأدبِ وانقباضٍ عن خُلْطة الناس متشدِّدًا في الأخْذِ عنه والسَّماع منه، واستُقضيَ بجزيرةِ شُقْرَ ثم بدانِيَةَ، وتوفِّي صَرُورةً يومَ الاثنينِ لأربعَ عشْرةَ ليلةً خَلَت من ربيعٍ الأوّلِ سبع وعشرينَ وست مئة (¬2). 662 - أحمدُ بن محمد بن عبد الله بن محمد المُرِّي. رَوى عن أبي القاسم محمد بن عبد الواحِد المَلّاحي. 663 - أحمدُ بن محمد بن عبد الله بن مَرْوانَ بن عبد الملِك النَّفْزيُّ. 664 - أحمدُ بن محمد بن عبد الله بن مَيْمونِ بن عليّ الكَلْبيُّ، بَراجليٌّ، سكَنَ مالَقةَ معَ أبيه مدّةً طويلة حتى ظُنَّ من أهلِها، أبو جعفر، البَلَويّ. رَوى عن أبي بكرٍ غالبِ بن عَطِيّة، وأبي الحَسَن بن أحمدَ ابن الباذِش. 665 - أحمدُ (¬3) بن محمد بن عبد الله بن هاني العَطّار، قُرْطُبيّ، ابنُ اللبّاد. سمع من قاسم بن أصبَغَ ومحمد بن عيسى القَلّاس. وكان من أهل الحِفظ للفقه والذِّكْرِ للمسائل، وتوفِّي في حياة أبيه، وكانت وفاةُ أبيه في شعبانَ خمسٍ وسبعينَ وثلاث مئة. 666 - أحمدُ بن محمد بن عبد الله بن يحيى بن فَرْح بن الجَدّ الفِهْريّ، إشبِيليٌّ، لَبْليُّ السَّلَف. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (296)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 13/ 832. (¬2) شطح قلم المؤلف فكتب "وخمس مئة". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (21).

667 - أحمد بن محمد بن عبد الله القرشي، قرطبي

رَوى عن أبيه، وأبي إسحاقَ بن مَرْوان بن حُبَيْش. 667 - أحمدُ بن محمد بن عبد الله القُرَشيُّ، قُرْطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعَدْل، حيًّا سنةَ ثمانينَ وثلاث مئة. 668 - أحمدُ بن محمد بن عبد الله اللَّخْميّ، بَلَنْسِيِ. كان حيًّا سنةَ أربعَ عشْرةَ وست مئة. 669 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن عبد الله المَعافِريّ، قُرطُبيّ، أبو جعفر. وهو سِبطُ أبي جعفر بن محمد بن يحيى، رَوى عن جَدِّه لأُمِّه أبي جعفرٍ المذكور. وكان مُقرئًا أديبًا نَحْويًّا، متقدِّمًا بارِعًا في ذلك كلِّه، جليلَ القَدْر نبيلًا، تصَدَّرَ لتدريس ما كان عندَه من فنونِ المعارِف بعد جَدِّه، وللأستاذِ أبي جعفر بن يحيى سِبْطٌ اسمُه أحمد ويُكْنَى أبا جعفرٍ وأبا العبّاس وُيعرَفُ بابن قادم، وكان أستاذَ عربيّة وآدابٍ شاعرًا مجُيدًا (¬2)، ولعلّه المترجَمُ به، واللهُ أعلم. ومن نَظْم ابن قادِم المذكورِ قولُه يحُضُّ على زيار قبرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -[الكامل]: شُدُّوا المَطِيَّ إلى الرسُولِ وعَرِّجوا ... وإليه مَنْهجَكمْ فنِعمَ المَنْهَجُ يا مُرْتجي حَطِّ الذّنوبِ بزَوْرةٍ ... إقرَعْ فما بابُ الزيارةِ مُرْتَجُ ولْيَخْبِطَنَّ مُشمِّرًا بعصَا السُّرى ... منك الفلا مُتَأوِّبٌ أو مُدلِجُ فعسَى يُنافحُك النَّسيمُ بنفحةٍ ... من طِيبةٍ ذاتِ الشَّذا يتَأرّجُ فإذا حَطَطْتَ الرحْلُ في أكنافِها ... فهناك تظفَرُ بالنّعيم وتَثلُجُ في فِتيةٍ نَسَبوا المَطِيَّ إلى الوَنَى ... ظُلمًا وإن كانت تَخُبُّ وتَمْعَجُ تَسْري وقد قَرَنتْ حواجبَ ليلِها ... حتى يَلوحَ لها الصّباحُ الأبلجُ ¬

_ (¬1) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 370 نقلًا من هذا الكتاب. (¬2) ينظر المغرب 1/ 141.

670 - أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن محمد الأموي

ومنه في وصفِ المُجَبَّنات [الوافر]: ثوَتْ في النارِ وهْيَ من الجِنانِ ... فجاءت وردةً مثلَ الدِّهانِ مُجبَّنةٌ محبَّبةٌ إلينا ... يُشجِّعُ ذكْرُها قلبَ الجَبانِ لفَرْطِ لُدونةٍ فيها ولِينٍ ... تكادُ تذوبُ من لَمْس البَنانِ تَناوَلَ نفْسَها الأفواهُ طَوْعًا ... وإن هيَ لم تَناوَلْها اليدانِ لها صَخَبٌ إذا قُلِيَتْ وقلبي ... لهُ صَخَبٌ عليها غيرُ وانِ هي الثَّمرُ الجَنيُّ وإن تبَدَّتْ ... لنا وَرَقًا على شجرِ الأمانِ وحُبلى كم بَقَرْتُ البطنَ منها ... وما إنْ لي عليها من حنانِ ظلَمْتُ فعِبتُها من غيرِ جُرْمٍ ... بكثرةِ جُبنِها فكوَتْ لساني وتُخفي باطنًا كالقُطنِ لونًا ... وتُبدي ظاهرًا كالأُرجُوانِ غَبَنْتُ مؤاكلي فيها اقتسامًا ... فواحدةٌ لهُ وليَ اثنتانِ دَعاني حينَ أحضَرني إليها ... فما أدري أبِاسْمي أم كَنَاني 670 - أحمدُ بن محمد بن عبد الرّحمن بن أحمد بن عبد الله بن محمد الأُمَويّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنة سبع وثمانينَ وأربع مئة. 671 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن عبد الرّحمن بن أحمدَ بن يحيى بن خليل بن ماسُوَيهِ بن حَمْدين الأنصاريّ، ابنُ الحَدّاد، أصلُه من ناحيةِ بَلَنْسِية. له رحلةٌ إلى المشرِق سنةَ ثِنتينِ وخمسينَ وأربع مئة أدَّى فيها فريضةَ الحجّ وتجوَّلَ في بلاد المشرِق الأقصىَ طالبًا للعلم بالمَوصِل وبغدادَ وواسِطَ وبلادِ فارسَ وخُراسانَ وغيرِها، وعاد إلى مِصرَ سنة سبع وستينَ، وقَفَلَ إلى بلدِه وأقام به إلى أن تغَلَّبَ الرُّوم على طُلَيْطُلةَ يومَ الأربعاء لعَشْرٍ خَلَوْنَ من محرَّمِ ثمانٍ وسبعينَ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (73)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 10/ 419، وابن فرحون في الديباج 1/ 223.

672 - أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن حاطب بن زهر، باجي، باجة الأندلس، أبو العباس

وأربع مئة، فخرَجَ إلى دانِيَةَ وطلَبَ الجهادَ معَ الأمير يوسُفَ بن تاشَفين اللَّمْتُوني، فوَصَلَ سَبْتةَ وهو قد فَصلَ إلى بَطَلْيَوْس فيئس من لَحاقِه وعَدَلَ إلى طَنْجة ولقِيَ بها القاضيَ أبا الأصبَغ عيسى بن سَهْل وناظَرَه في مسائلَ من العلم عويصةً دَلّت على تبحُّرِه في العلم واتّساع باعِه فيه وأدَّتْه إلى وَضْعِ رسالةٍ سَمّاها: "رسالةَ الامتحانَ لمَن برَّزَ في عِلم الشريعةِ والقرآن"، خاطَبَ بها أبا الأصبَغ بنَ سَهْل المذكورَ وطلَبَ منه الجوابَ عن تلك المسائل التي وقَعَتْ بينَهما المناظرةُ فيها. 672 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن عبد الرّحمن بن حاطِب بن زُهْر، باجِيٌّ، باجةَ الأندَلُس، أبو العبّاس. رَوى الحديثَ عن أبي عُمر مَيْمون بن ياسين اللَّمْتُونيّ، وأخَذَ العربيّةَ والآدابَ عن أبي بكرٍ عاصم بن أيوبَ البَطَلْيَوْسي، وأبي الحَسن بن أفلحَ القَلَبَّق (¬2)، وأبي حَفْص بن خَطّابٍ المارِديّ، وأبي عبد الله بن أبي العافيةِ خِيَرةَ، وأبي عبد الملِك مَرْوانَ بن الجعديلة. رَوى عنه أبو بكر بن خَيْر، وأبو الحَسَن عَقِيلُ بن العَقْل، وأبو حَفْص (¬3) ابن عُكَيْس، وأبو عبد الله بن مالكٍ المارْتُليّ. كان من جِلّة النُّحاة وحُذّاقِهم، ذا حَظّ صالح من روايةِ الحديث، حافظًا للفقه، زاهدًا وَرِعًا فاضلًا، تصَدَّرَ لتعليم العربيّة واللُّغات عُمرَه كلَّه، وأسمَعَ الحديثَ أحيانًا إلى أن توفِّي قريبًا من نصفِ ليلةِ الأربعاء مُنسلَخ جُمادى الأُخرى سنةَ ثِنتينِ وأربعينَ وخمس مئة ابنَ نحوِ ثمانينَ سنةً ودُفن يومَ الأربعاءِ خارجَ بابِ مدينة بَلَدِهِ باجَة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (148)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 11/ 802، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 371. (¬2) اسم لاتيني الأصل يعني: السلحفاة. (¬3) بعد هذا بياض في النسختين، واسم أبي حفص هذا عمر بن عبد الرحيم بن عمر، كما في ترجمة والده عبد الرحيم من التكملة لابن الأبار (2388).

673 - أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن العاص بن سهل الأنصاري، لاردي سكن شاطبة، أبو الحكم

673 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن عبد الرحمن بن العاص بن سَهْل الأنصاريُّ، لارِديٌّ سكَنَ شاطِبةَ، أبو الحَكَم. رَوى عن أبي محمد بن عليّ الرُّشَاطي. رَوى عنه أبو عُمر يوسُفُ بن عَيّاد وهُو في عِدادِ أصحابِه، وتوفِّي بشاطِبة سنةَ ثِنتينِ وخمسينَ وخمس مئة أو نحوِها. 674 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الله بن عليٍّ القُضَاعيُّ ثُم البَلَويّ، إشبِيليٌّ قُرْطُبيُّ السَّلَف، كانوا يُعرَفونَ فيها ببني عليّ، أبو القاسم البَلَويّ. أكثَرَ عن أخيه للأبِ أبي الحَسَن البَلَوي (¬3)، وروى عن خالِه الحاجِّ أبي العبّاس ابن (¬4) القَرْمَادي. وتلا بالسَّبع على أبي الحُسَين (¬5) بن عَظِيمةَ، وبحرفِ نافع على أبي العبّاس بن محمد بن مِقْدام. وسمع على أبي إسحاقَ ابن الشَّرَفيّ، وأبوَيْ جعفر: ابن عبد الرّحمن بن مَضاءٍ وابن محمد بن يحيى، وأبي الحَجّاج بن حُسَين بن عُمَر، وأبي الحَكَم يوسُفَ بن أحمدَ بن عياد المليانيّ، وأبي عبد الله بن عبد العزيز بن عَيّاش، ورأى أبا عبد الله بنَ سعيد بن زَرْقُونَ، وحَضَرَ مجلسَ سَماع أبي محمد بن أحمد بن جُمْهُور، وأجازوا له ما كان عندَهم. وأجاز له من أهل الأندَلُس: أبو القاسم ابنُ بَشْكُوال وعبدُ الرّحمن بن محمد الشَّرّاط، ومن أهل المشرِق: أبو الطاهر الخُشُوعيُّ وطائفةٌ كبيرةٌ معَه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (171). (¬2) له ترجمة في اختصار القدح المعلى 120 - 122. (¬3) اسمه علي، وستأتي ترجمته في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 611). (¬4) بعد هذا بياض في النسختين، وهو أبو العباس أحمد بن عمر القرمادي الذي تقدمت ترجمته في موضعها من هذا السفر. (¬5) بعد هذا بياض في النسختين، وأبو الحسين بن عظيمة اسمه محمد بن عياش بن محمد بن عبد الرحمن ابن الطفيل بن عظيمة العبدري الإشبيلي وهو مترجم في التكملة (1566).

وكان فيما أرى آخرَ الرُّواة عن أبي عبد الله بن زَرْقون، وأبوَي القاسم المذكورَيْن. سَمِعتُه رحمه الله يقول: أدخَلَ عليّ أخي وكبيري أبو الحَسَن رحمه اللهُ إلى منزِل أبي وأنا في المَهْد ابنَ أربعينَ يومًا الراوِيةَ أبا القاسمِ ابنَ بَشْكُوال وأراهُ إيّايَ واستجازَه لي، فدَعَا لي بخيرٍ وكتَبَ لي حينئذٍ الإجازةَ وضَعَها بيدِه على صَدْري وانصَرفَ رحمه الله. رَوى عنه من شيوخِنا: أبو الحَسَن بنُ محمد الرُّعَيْنيُّ وجماعةٌ من أصحابِنا ومَن يتنزَّلُ منزلةَ شيوخِنا، وقرأتُ عليه كثيرًا من الحديثِ والآداب، وتَلَوْتُ عليه بعضَ القرآن برواية وَرْش، وتدرَّبتُ بينَ يدَيْه في علم العَروض وصَنْعة الحساب وعَملِ الفرائض، وأجاز لي إجازةً عامّة غيرَ مرّة. وكان عَدَدِيّا مُهندسًا فَرَضيًّا عَدْلًا مَرْضيًّا شديدَ الشَّغَف بالعلم حريصًا عليه لا يأنَفُ عن استفادتِه من الصَّغيرِ والكبير، ولقد ذاكَرَني بمسائلَ وأنا ابنُ ستَّ عشْرةَ سنةً أو نحوَها فذكَرْتُ له ما عندي فيها ثم بعدَ حين وقَفْتُ عليها مُقيَّدةً بخطِّه وقد ختَمَها بقولِه: أفادَنيها الطالبُ الأنجَبُ الأُنْبَل أبو عبد الله بنُ عبد الملِك حفِظَه الله. وكان عاقِدًا للشّروط، مُمتِعَ المجالَسة طيِّبَ النفْس (¬1)، رقيقَ القلب سَريعَ الدَّمعة، أديبًا بارِعًا صاحبَ منظوم ومنثور، سَهْلَ الارتجالِ في النَّوعَيْن، كتَبَ بخطِّه الكثيرَ، وكان يَنْحو به طريقةَ شيخِه أبي عبد الله ابن عَيّاش المذكور وإن كان يَضعُفُ عنها، وعُني طويلًا بخدمةِ العلم، وكان من قُدَماءِ النُّجَباءِ فيه، وكتَبَ زمَنَ شَبِيبتِه عن غيرِ واحد من وُلاةِ بلاد الأندَلُس من آلِ عبد المؤمن بإشبيلِيَةَ وغيرِها، كأبي زيدٍ وأبي موسى عيسى المعروفِ بالعابد، ابنا (¬2) عبد المؤمن، وأبي عِمرانَ بن أبي موسى المذكور، وأبوَيْ إسحاق: ابن أبي يعقوبَ بن عبد المؤمن وابن أبي يوسُف يعقوبَ المنصور بن أبي يعقوبَ المذكور، وأبي الرَّبيع بن أبي حَفْص بن عبد المؤمن، وأبي عبد الرّحمن (¬3) ¬

_ (¬1) قوله: "طيب النفس" سقطت من ق. (¬2) كذا في النسختين، وهو على معنى القطع. (¬3) بعد هذا بياض في النسختين.

ابن أبي إسحاقَ بن عبد المؤمن، ثُم ترَكَ ذلك والتزَمَ كَتْبَ الشّروط، فكان من ذوي التبريز في عقودِها والنفوذِ فيما يتعلَّقُ بمعانيها. وله تصانيفُ أدبيّة، وكتابُهُ في الترسيل المجموعُ من كُتِب أهل العَصْر ومَن قبلَهم من أحفَل الموضوعاتِ في فنِّه وسَمّاه: "تشبيبَ الإبريز" وضمَّنَه جُملةً وافرةً من نَظْمه ونثره، وكان جَمْعُه إياه باقتراح المشرَّف أبي عبد الله بن عبد الرحمن بن سُهَيْل ووَصَلَه عليه لمّا رَفَعَه إليه بمالٍ جَسيم وكُسًى فاخِرة، ومجموعاتُه الثلاثة في العَروض، كذلك، وهي: كبيرٌ وصَغير ومتوسِّط، وجعَلَها كلَّها معَ مختصَر في القوافي، مجموعةً في ديوانٍ واحد، قال في صَدْرِه: ورجَوْتُ ألا يَحتاجَ معَ تناهيه في البيان وإبداءِ شَرْحِه للعِيان إلى مُقرئ يَشرَحُه، إذْ لا أترُكُ للناظر فيه مُغلَقًا لا يفتَحُه، وجعَلْتُه تأليفَيْنِ مختصَرًا ومُطوَّلًا أبدأُ منهما بالمختصَر أولًا، فالمُختصَر يُجزي وَيكفي والمُطوَّلُ يُكملُ وَيشفي، أُسمِّي المختصَر بـ "المقطوف من تدقيق وَضْع الميزان لعلم العَروض والأوزان"، وأُسمِّي المطوَّلَ بـ "المعطوف من تحقيق العِيان للفَرْش والمثالِ في غاية البيان" يُنالُ بالأوّل فتحُ الباب ومَنْحُ اللُّباب ورَشْفُ الرُّضاب في الاقتضاب، وُيدرَكُ بالثاني تمكينُ الإبهام في الأفهام وتحقيقُ الإحكام للأحكام، فجَلَوْتُهما عَرُوسَيْن على مِنَصَّتَيْن ناويًا مِنَصَّتَيْن: جَلْوةَ الحسناء على مِنَصّة الإجزاء، وجَلْوَة البارِعةِ الجمال، على مِنَصّة الكمال. ولمّا فَرَغَ من هذا الثاني عقَّبَه بقولٍ مقتضَب في القوافي وافتَتَحَه بقولِه: كثيرًا ما قَفّى العَرُوضيُّون علمَ العَروض بعلم القوافي، فجعَلوهُما في الاتّصال والاقتران بمنزلةِ القَوادم معَ الخَوافي، فاقتدَيْتُ بهم في ذلك، وسلَكْتُ في هذا التأليف تلك المَسالك. وأتَى بعلم القوافي على غايةٍ من الاختصار. ولمّا أتمَّ غرَضَه من هذا الكتاب وَصَلَه بمُختصَر في العَروض سَمّاه "عُمدةَ الاقتصار وزُبْدةَ الاختصار"، وكان تأليفُه إيّاها الثلاثةَ برَسْم رئيس الطّلبة (¬1) ¬

_ (¬1) رئيس الطلبة أو مزوارهم في عهد المعتضد هو أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن العراقي. انظر البيان الغرب 3/ 370 - 371 وفي ص: 358 منه أنه كان من خواص المعتضد، وأحال المؤلف أثناء ترجمته لبعضهم في السفر الثامن على ترجمته بقوله: "وقد جرى له ذكر في رسم أبي محمد بن عبد الرحمن العراقي". وينبغي أن تكون هذه الترجمة في السفر السابع وهو مفقود.

أيامَ المُعتضِد بالله أبي الحَسَن عليِّ ابن المأمونِ أبي العلى إدريسَ بن المنصُور أبي يوسُف، وكان قد شَرَعَ آخرَ عُمرِه في تأليفِ كتاب في منتقَى الأشعار على فنونِ الشِّعر سَمّاه "رَوْضَ الأديب والمَنْزَهَ العجيب" ضاهَى به "صَفْوةَ الأدب ونُخبة ديوانِ العرب" لأبي العبّاس ابن عبد السّلام الجُرَاوي، فَرَغَ منه نحوَ الثُّلث وعَجَزَ للكَبْرة عن إتمامِه، ويتَجزَّأُ كتابُ الجُرَاويِّ ممّا تحصَّل منه بمقدارِ الربع، أنشَدَني منه كثيرًا وكذلك أنشَدَني من شعرِه ما لا أُحصيه كثرةً، وشاهدتُ منَ ارتجالِه إيّاه وسُرعة بديهتِه ما [لا] أقْضي أبدًا منه العَجَب، وسَمِعتُه يقولُ غيرَ مرّة: لو شئتُ أنْ لا أتكلَّم في حاجةٍ تَعرِضُ لي معَ أحد وأحاورَه إلّا بكلام منظوم لَفعلتُ غيرَ متكلِّف ذلك، ومن إنشاءاتِه بدائعُ نَظَمَها في صِباه وهُو لم يُكمِل العشرينَ من عُمرِه، أغرَبَ بكُبْراها المقسومة بثلاثةٍ وعشرينَ مربَّعًا عَرْضًا وثمانية وعشرينَ طُولًا اشتملَتْ على نَظْم ونثر وموشَّحة وزَجَل، وخاطَبَ بها صديقَه أبا بكر بن مُفَضَّل بن مَهِيب (¬1)، وله خَواتمُ بديعةٌ، وكلُّ ذلك ممّا أجاد فيه. وقَدِمَ مَرّاكُشَ في أيام الناصِر أبي عبد الله بن المنصُور أبي يوسُفَ أو قبلَه وانقَطعَ إلى أبي عبد الله بن عبد العزيز بن عَيّاش واختَصَّ به، فكان في كنَفِه إلى أنْ فَصَلَ عن مَرّاكُش إلى الأندَلُس ثم عاد إليها معَ وَفْد أهل إشبيلِيَةَ على المُعتضِد بالله أبي الحَسَن المذكورِ آنفًا، وذلك سنةَ أربعينَ وست مئة، وقام بين يدَيْه بقصيدةٍ فريدة وخُطبة بارِعة وأتبَعَهما بقصيدةٍ أخرى وخُطبةٍ بديعتَيْن، فالأُوْلَيانِ في التهنئة بصَيْرورةِ الأمر إليه بعدَ الرَّشيد، والثانيتانِ في تهنئتِه بعيدٍ وبغيرِ ذلك، ومن الأُولى: قولُه [البسيط]: الحمدُ لله بُشرى بعدَها بِشَرُ ... خليفةٌ ملكٌ (¬2) يُهدَى به البَشَرُ ¬

_ (¬1) هو أبو بكر محمد بن مفضل بن حسن بن عبد الرحمن بن محمد بن مهيب اللخمي، مترجم في التكملة الأبارية (1701). (¬2) في ق: "بشر".

نامَتْ رعيّتهُ في حِجْر إمرتِهِ ... وفي رعايتِها من شأنِه السَّهرُ وأشرَقَ الأُنسُ من بعدِ الرّشيدِ بهِ ... كأنّما هو في ليل الأَسى قمرُ فضائلُ الخُلفاءِ الرّاشدينَ لهُ ... مجموعةٌ فيه مِن آياتِها الكُبَرُ كأنّما نَحَلَ الصِّدِّيقُ شيمتَهُ ... في الصِّدق فالخُبْرُ صدقٌ منه والخبَرُ تأتي الفتوحاتُ في أيامِهِ نَسَقًا ... كأنّما هو في أيامِهِ عُمرُ ومن فضائلِ عثمانَ الحياءُ لهُ ... على مُحَيّاهُ من أنوارِه أثرُ لهُ الوَصِيُّ سَمِيًّا وهْو يُشبِهُ ... في سَيْفِه فبِه يشقَى الأُلى كَفَروا سيفٌ غدا في يدِ القهّارِ قائمُهُ ... لا يَكهَمُ السيفُ أمضت حدَّهُ القُدَرُ لا شكَّ في الحقِّ لكنْ شكَّ بعضُهمُ ... أسيفُه في الوغَى أمضى أم القَدَرُ؟ يُغني اسمُه إن نَضَاه عن عساكرِهِ ... فلا يبالي أقلَّ الجيشُ أم كَثُروا كالشمس تُغني إذا ذَرَّت أشعتُها ... عن المصابيحِ حيث النُّورُ مُنتشرُ ومنها: تُتلَى مدائحُه والمؤمنونَ بها ... كأنّما هي إذْ تُتلَى لهم سُوَرُ كأنّما هيَ إذْ تُجلَى محاسنُهُ ... عرائسُ الحُسن قد راقَتْ لها صُوَرُ لمّا رأيناهُ خِلْنا عند بهجتِه ... أن الأئمةَ من آبائه حَضَروا وأنّهمْ حين أحيَتْهمْ خلافتُهُ ... إذْ أنشَرَ اللهُ مَوْتاهم به نُشِروا ومنها: وافاكُمُ وفدُ حمصَ المُستجيرُ بكمْ ... وقد أُعِزُّوا بكمْ وَعْدًا وقد نُصِروا صالَ العدوُّ عليهمْ في جِوارِهمُ ... حتى لَقَلُّوا فمُذْ أُمِّرتُمُ أُمِروا وأيقَنوا أنّ نَصرَ الله نَصْرُكمُ ... فالفتحُ مرتقَبٌ والنصرُ منتظَرُ إرادةُ الله تمُضي ما تريدُ إذا ... أَمَرْتَ فالفَلَكُ الدوّارُ مؤتمِرُ

ومنها: يُهني الشّريعةَ أن أصبحتَ كافلَها ... فالرُّوحُ أنت لها والسمعُ والبَصرُ بأمرِكمْ حاطَ سِربُ الدِّين ناصرُهُ ... تُحيي العبادَ وتَحميهم وتنتصرُ معنى الهُدى عصبةُ التوحيد ظاهرةً ... وأنت لا شَكَّ معناها إذا اعتَبَروا رمَى بك اللهُ أهلَ الكُفر تُسحِتُهمْ ... وأنت معتضِدٌ بالله منتصرُ فاللهُ رام وأنت السَّهمُ في يِدِهِ ... والقوسُ طائفةُ التوحيد والوتَرُ وهي طويلةٌ وإجادتُه فيها ما سَمِعتَ وسِنُّه حينَئذٍ خمسٌ وستونَ سنة، وكان معظمَ عُمُرِه محدودًا لم تُساعدْه الأيامُ بأملٍ إلا فَلَتاتِ قليلة، وأدْرَكَتْهُ آخرَ حياتِه فاقةٌ شديدة اضْطُرَّ من أجْلِها إلى الانتقال إلى حاحةَ من أعمال مَرّاكُش وبَواديها القريبة إليها على نحو أربع مَراحلَ منها لتعليم العربيّة بعضَ بَني أحدِ رؤساءِ البَرْبَر بها، فأقام عندَه نحوَ سبعةِ أشهر وعاد إلى مَرّاكُشَ ببعض ما أسدَى إليه ذلك الرئيسُ أيامَ مقامِه عنده، وكان نَزْرًا أجرَى منه ما أقام أوَدَه على تقتير مدة قصيرة فنَفِدَ، وأرى ذلك كان في سنة ثلاثٍ وخمسينَ أو نحوها، وبقِيَ في حالٍ ضعيفة يَرتزِقُ من عائدٍ إليه في عَقْدِ الشّروط لم يكنْ يَفي بأقلِّ مُؤْنة، حتى قَيَّض اللهُ له وصُولَ الواعِظ أبي عبد الله بن أبي بكر بن رُشَيْد البغداديِّ، المذكور في موضعِه من الغُرباء في هذا المجموع (¬1)، فتعرَّفَ به وتحقَّق فضلَه فصيَّرَه في كفالتِه وقام به أحسَنَ قيام جزَاهُ اللهُ أفضلَ جزائه، وكان ذلك من أقبح ما جرَتْ به الأقدارُ من مُوجِباتِ النَّقْد على صِنفِه وجيرانِه من المنتَمِينَ إلى العلم والمرتَسمِينَ به وغيرِهم من رُؤساءِ حضرةِ مَرّاكُش، فقد كان الجارُ الجُنُبُ لشيخِنا أبي الحَسَن الرُّعينيِّ رحمه الله لا يَفصِلُ بين دارَيْهما دارُ أحدٍ من خَلْق الله، وشيخُنا أبو الحَسَن ¬

_ (¬1) انظر السفر الثامن من هذا الكتاب، ونقلها برمتها صاحب الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام 3/ 152 - 159 وهو صاحب القصائد الوترية وهي مطبوعة، ولها تخميس مطبوع أيضًا. وانظر كذلك مقالة للأستاذ عبد الله كنون فيه منشورة بمجلة البحث العلمي المغربية.

هذا أوفَرُ أهل الحَضْرة مالًا وأعظمُهم جاهًا، وهو بَلَدِيُّه، وقد انتَفعَ به كثيرًا في طريقتِه التي بها رَأَسَ وبالاستعمالِ فيها شُهِر، وهي الكتابةُ عن السلاطين (¬1)، فلم تَجْرِ له على يدِه قَطُّ منفَعةٌ ولا نالَ من قِبَلِه ولا بسببِه فائدة، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون. وكان رحمه اللهُ كثيرًا ما يقولُ وسمِعتُه غيرَ مرّة منه: إنّ من أكبرِ أمنياتي على الله أن أُعمَّرَ عُمرَ أبي، ويقول: إنّ أباه توفِّي ابنَ اثنينِ وثمانينَ عامًا، فلمّا كان منتصفُ جُمادى الأُخرى من عام وفاتِه أقبَلَ إلى دُكّانِه الذي كان يتَصدَّى فيه لعَقْد الشروط فصَعِدَ إليه وقعَدَ منه بموضعِه المعلوم له، واستَعْبَرَ طويلًا وأنا حاضرٌ، ثم قال: اليومَ بلغتُ من السِّنِّ ما كنتُ أتمنّى على الله أن يُعمِّرَنيهُ، فأنا اليومَ ابنُ ثنتينِ وثمانينَ سنة، ثم عاشَ بعد ذلك شهرَيْنِ وعشرينَ يومًا. وكان مولدُه فيما أخبَرَني به غيرَ مرّة ونقَلتُه من خطِّه في السدُّسُ الأوّل من ليلة يوم الأحد لأربعَ عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من جُمادى الآخِرة عامَ خمسة وسبعينَ وخمس مئة، وتوفِّي رحمه اللهُ بمَراكُش ودُفن بجَبّانةِ الشّيوخ لأربع أو خمسٍ خَلَوْنَ من رمضانِ سبع وخمسينَ وست مئة. حدَّثني الشّيخُ المُسِنُّ الأديبُ أبو القاسم البَلَويّ رحمه الله إجازةً إنْ لم يكنْ سَماعًا، قال: حدّثنا الراويةُ أبو القاسم ابنُ بَشْكُوال إجازةً قال: أخبَرَنا الشّيخُ أبو محمد بن عَتّاب قراءةً منّي عليه غيرَ مرّة، قال: حدّثنا الحافظُ أبو عُمرَ عثمانُ بن أبي بكر بن حَمُّود الصَّدَفُّي السَّفَاقُسِيُّ إجازةً، قال: حدّثنا أحمدُ بن عبد الله الناقد بأصبَهانَ، قال (¬2): حدّثنا محمدُ بن أحمد أبو بكرٍ المُفيدُ، قال: حدّثنا أحمدُ بن عبد الرّحمن السَّقَطيُّ، قال: حدّثنا يزيدُ بن هارونَ، قال: أخبَرَنا عاصمٌ الأحوَل، عن أنس بن مالك، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الموتُ كَفّارةٌ لكلِّ ¬

_ (¬1) في ق: "السلطان". (¬2) حلية الأولياء 3/ 121.

675 - أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن مسعود القرشي، من أهل شنت مرية، استوطن مدينة فاس، أبو العباس

مُسلم"، قال أبو عَمْرٍو السَّفاقُسِيُّ: هذا حديثٌ عالٍ على شَرْط البخاريِّ ومُسلم رحمَهما الله (¬1). 675 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن عبد الرّحمن بن مَسْعود القُرَشيُّ، من أهل شَنْتَ مَرِيّةَ، استَوطنَ مدينة فاس، أبو العبّاس. رَوى عن أبي داودَ بن يحيى المَعافِريّ، رَوى عنه أبو حَفْص (¬3) بن عُكَيْس، وكان مُقرئًا مجوِّدًا متصدِّرًا لذلك ببلدِهِ وبفاس. 676 - أحمدُ (¬4) بن محمد بن عبد الرّحمن الأنصاريُّ، أبو العبّاس الشارِقيُّ من ناحية بَلَنْسِية. له رحلةٌ رَوى فيها بمكّة شرَّفَها الله عن كريمةَ المَرْوَزِيّة وحَجَّ وسمع من عبد الجَليل السَّاوي ووَصَفَه بالمشاركة في معرفة الأصُول على مذهبِ أهل العراق وطريق الحِجَاج والنظَر، وأنه جالَسَه وسمعَ كلامَه واغتنمَ دعاءه، ودخَلَ الشارِقيُّ هذا العراقَ وبلدَ فارسَ والأهوازَ ومِصر، وقَفَلَ إلى المغرِب وسكَنَ سَبْتةَ ومدينةَ فاس وغيرَهما، وكان فقيهًا واعظَا فاضلًا كثيرَ الذِّكْر والعمل والبُكاء، وألّفَ كتابًا مختصَرًا نبيلًا مُفِيدًا في أحكام الصّلاة. وتوفِّي قريبًا من سنة خمس مئة. ¬

_ (¬1) هذا كلام لا يسوى سماعه، فإذا الحديث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات 3/ 218، وهو في شعب الإيمان للبيهقي من هذا الوجه (9886)، والحديث عن زيد بن هارون شاذ كما قال الخطيب البغدادي (تاريخ مدينة السلام 2/ 205)، وقال الخطيب: "ولا أعلم أحدًا من البغداديين ولا غيرهم عرف أحمد بن عبد الرحمن السقطي هذا, ولا روى عنه سوى المفيد". (¬2) ترجمه ابن القاضي في جذوة الاقتباس (70). (¬3) بعد هذا فراغ في النسختين واسم أبي حفص بن عكيس: عمر بن عبد الرحيم بن عمر، كما تقدم قبل قليل. (¬4) ترجمه ابن بشكوال في الصلة (159)، وابن الأبار في التكملة (83)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 10/ 840، وابن فرحون في الديباج 1/ 224، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 1/ 137.

677 - أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، أبو جعفر

677 - أحمدُ بن محمد بن عبد الرّحمن الأنصاريّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي القاسم عبد الرحيم بن محمد ابن الفَرَس. 678 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن عبد الرّحمن الحَجَري، بفَتْح الجيم، بَلَنْسِيّ، أبو العبّاس، ابن نُمارةَ. رَوى عن أبي بكر ابن القُدْرة، وأبي العبّاس عبد الله بن أحمد ابن سَعْدون، وأبي عليّ الصَّدَفيّ، وأبي الوليد هشام بن أحمدَ الوَقَّشي، وغيرِهم. وله رحلةٌ حَجَّ فيها وعاد إلى بلدِه، وكان فقيهًا حافظًا وصنَّفَ في الفقه مختصَرَا مُقرَّبًا، وكان حيًّا سنةَ ثلاثٍ وخمس مئة. 679 - أحمدُ بن محمد بن عبد الرّحمن الفِهْريُّ، مَرَوي، ابنُ الشّيخ. 680 - أحمدُ بن محمد بن عبد الرّحمن القُرَشيُّ، من أهل شَنْتَرِين، أبو العبّاس. رَوى عن شُرَيْح. 681 - أحمدُ بن محمد بن عبد الرّحمن اللَّخْميُّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ ثنتينِ وثمانينَ وخمس مئة. 682 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن عبد الرحمن اليافِعيُّ، أبو جعفرٍ وأبو العبّاس، ابنُ المَعْذور. رَوى عن آباءِ محمد: جدِّه للأُمِّ ابن إدريسَ المعذور وابنِ أحمدَ الوَحِيدي وابن محمد النَّفْزِيِّ المُرْسِيِّ وابن محمد بن عيسى، وأبي بحرٍ عليّ بن جامع، وأبوَيْ بكر اليَحْيَيَيْنِ ابنَي المحمَّدين: ابن رِزْق وابن زيدان، وأبي داودَ يحيى، وآباءِ الحَسَن: شُرَيْح وابن عبد الله بن النِّعمة وابن محمد بن هُذَيْل، وأبي عبد الله ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (87)، وفي المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (1)، وابن فرحون في الديباج 1/ 224، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 3/ 132. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (319)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 12/ 547.

683 - أحمد بن محمد بن عبد الرحيم الأنصاري، مروي، سكن مرسية، أبو العباس، ابن البراذعي

ابن مَوْجُوال، وأبي عليّ حَسَن بن سَهْل، وأبي الفَضْل عِيَاض، وأبوَي القاسم: عبد الرّحمن بن أحمدَ بن رِضا وعبد الغَفُور النَّفْزي. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ أحمد (¬1) الأَنْدَرْشيُّ، وأبو عليّ عُمرُ بن عبد الله بن صمّع، وأبو العبّاس بن محمد الأزْداجِي ابنُ الرّامى، وكان من جِلّة المُقرِئينَ وأكابرِ الأساتيذ المجوِّدين، تصَدَّر للإقراءِ طويلًا. وتوفِّي سنةَ خمس وسبعينَ وخمس مئة. 683 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن عبد الرّحيم الأنصاريُّ، مَرَوي، سكَنَ مُرْسِيَة، أبو العبّاس، ابنُ البراذِعي. رَوى عن أبي الأصبَغ عيسى بن حَزْم، وأبي بكر ابن العَرَبي، وأبوَي الحَسَن: عبد العزيز بن عبد الملِك بن شَفِيع وابن عبد الله بن مَوْهَب، وآباءِ عبد الله: ابن الحَسَن البَلغيي وابن عبد العزيز بن زُغيبة وابن يحيى ابن الفَرّاء، وأبي العبّاس ابن (¬3) المَيَارِمي، وأبوَي القاسم: أحمدَ بن (¬4) وَرْد، وابن يامِين (¬5)، وأخَذَ بقُرطُبةَ عن أبي الحَسَن يونُس بن محمد بن مُغيث، وأبي محمد (¬6) بن عَتّاب، وبمالَقةَ عن أبي عليّ (¬7) منصُور بن الخَيْر. وأجاز له أبو بكر ابنُ العَرَبي، وأبو عليّ الصَّدَفي، وأبو القاسم أحمدُ بن محمد بن بَقِيّ. رَوى عنه أبو عبد الله بن أحمدَ الأَنْدَرْشيّ، وكان مُقرِئًا متصدِّرًا, ولم يكنْ بالضّابط. وكان حيًّا سنةَ تسع وخمسينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) سقط من ق. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (180)، وفي المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (30). (¬3) بعد هذا فراغ في النسختين. (¬4) كذلك. (¬5) كذلك. (¬6) في ق: "بكر"، محرف. (¬7) سقط من ق.

684 - أحمد بن محمد بن عبد البر البكري

684 - أحمدُ بن محمد بن عبد البَرّ البَكْريُّ. رَوى عن أبي الحَسَن بن الأخضَر. 685 - أحمدُ بن محمد بن عبد الجَليل المَخْزوميّ، بَلَنْسِيٌّ فيما أحسَب. رَوى عن أبي بكرٍ عَتِيق بن عليّ العَبْدَري. 686 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن عبد الجَليل، أبو جعفر. رَوى عن أبي محمد عبد الحقِّ بن بُونُه، ويُمكنُ أن يكونَ المَخْزوميَّ الذي يَليه قَبْلَه. 687 - أحمدُ بن محمد بن عبد المجِيد بن عليّ الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ فيما أظُنّ، أبو جعفر. رَوى عن أبيه، وأبي عبد الله بن أبي بكر ابن المَوّاق. 688 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن عبد العزيز بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن عَيّاش التُّجيبيُّ، سكَنَ مَرّاكُش، بَرْشَانيُّ الأصلِ حديثًا، سَرَقُسْطِيُّه قديمًا. أخَذَ عن أبيه، وأبي الخَطّاب أحمدَ بن أبي الحَسَن محمد بن واجب، وأبي القاسم أحمدَ بن يزيدَ بن بَقِيّ، وكانت له عنايةٌ تامّة بالأدب، وكتَبَ عن المُستنصر أبي يعقوبَ يوسُفَ ابن الناصِر أبي عبد الله من آلِ عبد المؤمن والمأمون فمَن بينَهما. وكان كاتبًا مُحسِنًا بارعَ الخَطّ رائقَ الطريقة فيه سَرِيَّ الهمّة وطيءَ الأكناف نَفّاعًا لأصحابه وذوي معرِفتِه بجاهِه ومالِه مَغْشيَّ الجَناب، كان منزلُه مَأْلَفًا لطلبة العِلم يَأَوُون إليه ويحتكمونَ فيه احتكامَهم في أماكنِهم، يَسُرُّه تبسُّطُهم فيما اشتملَ عليه واقتراحُهم على خدمتِه بأغراضِهم غابَ أو حضَرَ، واستُقضيَ بتِلِمْسينَ وبسَبْتة، وتوفِّي متلبِّسًا بالكتابة عن المأمون، وقيل: توفِّي بسَبْتةَ قاضيًا له في محرَّمِ تسع وعشرينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) هذه الترجمة ليست في ق. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (299)، والمراكشي في الإعلام 2/ 138.

689 - أحمد بن محمد بن عبد القادر الأموي

689 - أحمدُ بن محمد بن عبد القادر الأُمَويُّ. له إجازةٌ من أبي عبد الله بن سَعيد بن زَرْقُون. 690 - أحمدُ بن محمد بن عبد الكريم الأنصاريُّ. رَوى عن أبي عبد الله بن عبد الرحيم ابن الفَرَس. 691 - أحمدُ بن محمد بن عبد الملِك بن حَجّاج اللَّخْمي، إشبيليٌّ، أبو عُمر، ابنُ الزاهد، أخو حَجّاج. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي، وأبي الحَسَن شُرَيْح. ولعله المذكورُ بعدُ بكُنْيتِه أبا العبّاس. 692 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن عبد الملِك بن موسى بن عبد الملِك بن وليد بن محمد بن وليد بن مَرْوانَ بن عبد الملِك بن أبي جَمْرةَ محمدِ بن مَرْوانَ بن خَطّاب بن عبد الجَبّار بن خَطّاب بن مَرْوانَ بن نَذِير مولى مَرْوانَ بن الحَكَم، الأُمَويُّ، مُرْسِيٌّ، أبو القاسم النَّجِيب، ابنُ أبي جَمْرة. رَوى عن قريبِه القاضي أبي بكر بن أحمد بن أبي جَمْرة، وهو الذي كان يَدْعُوه بالنَّجيب فغَلَبَ عليه، ورَوى عن أبي عبد الله بن جعفر بن حَمِيد، وأبي العبّاس يحيى (¬2) بن عبد الرحمن بن عيسى، وأبي القاسم عبد الرّحمن بن محمد بن حُبَيْش. وكان مُشارِكًا في الفقه وأصُولِه وعلم الكلام، واستُقضيَ بغيرِ جهة من جهاتِ مُرْسِيَة وبدانِيَة مرَّتَيْن، وتوفِّي قاضيًا في نحوِ ثلاثَ عشْرةَ وست مئة. 693 - أحمدُ بن محمد بن عبد الملِك التَّغلَبيّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح، وكان من جِلّة الفُقهاء حافظًا مُشاوَرًا. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (271)، وابن فرحون في الديباج 1/ 224. (¬2) في ق: "بن يحيى"، خطأ، وهو مترجم في التكملة (3406).

694 - أحمد بن محمد بن عبد الواحد الغساني

694 - أحمدُ بن محمد بن عبد الواحِد الغَسّاني. سَمع بالمَرِيّة على أبي بكرٍ ابن سُكّرة. 695 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن عاصِم التَّغلَبِيُّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوجي. 696 - أحمدُ بن محمد بن عبد الوارِث بن عطاءٍ المَعافِريُّ، إلبِيريٌّ. رَوى عن شيوخ بلدِه، وكان فقيهً أديبًا ضابِطًا للُّغة عارفًا بها. توفِّي في عَشْر الستينَ وأربع مئة. 697 - أحمدُ بن محمد بن العاص، أبو الحَكَم. رَوى عن أبي محمد بن عليّ الرُّشَاطيّ. 698 - أحمدُ بن محمد بن عامِر بن فَرْقَد بن خَلَف بن محمد بن الحَبِيب بن عبد الله بن عَمْرو بن فَرْقَد القُرَشيُّ العامِريُّ، إشبيليٌّ مَوْرُورِيُّ الأصل، نزَلَ مِصرَ، أبو طَلْحة. وقد تقدَّم رَفْعُ نسَبِه والخلافُ فيه في رَسْم قريبِه أبي جعفر بن إبراهيمَ بن فَرْقَد. رَوى عن أبيه، وأبي محمد بن عليّ بن ستارى. 699 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن عامر السَّكْسَكيُّ، قُرْطُبيٌّ، أبو جعفر. سمع أبا سَهْل يُونُسَ بن أحمد الحَرّاني، وأبا القاسِم (¬3) ابن الإفْليلي، وكان من ذوي النَّباهة أديبًا حسَنَ الخطّ ضابِطًا مُتقِنًا راوِيةً للأشعارِ والآداب. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن فرحون في الديباج 1/ 225، ووقعت فيه نسبته: "الثعلبي" مصحفة. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (55). (¬3) بعد هذا بياض في النسختين، وأبو القاسم هذا اسمه إبراهيم بن محمد بن زكريا، مترجم في الصلة البشكوالية (206).

700 - أحمد بن محمد بن علي بن أحمد بن بيره الأنصاري الخزرجي

700 - أحمدُ بن محمد بن عليّ بن أحمدَ بن بِيرَه الأنصاريُّ الخَزْرَجِيُّ. وبِيرَهْ بكسرِ الباءِ بواحدة وياءٍ وراء مفتوحة وهاء بسَكْت، كذا وقفْتُ عليه في خطِّه، وبعضهم يقولُ فيه: بَيْره بفَتْح الباءِ بواحدة وإسكان الياء، والمعمولُ على الأوّل. أخَذَ بمَرّاكُش عن أبي الحَسَن بن محمد ابن الحَصّار، وأبي زكريّا بن حَسّان المرجِيقي، وأبوَيْ محمد: ابن سُليمان بن حَوْطِ الله وابن (¬1) حَمُّويةَ في آخَرِين. وكان من أهل العناية التامّة بهذا الشأن، حافظًا للآداب والتواريخ ذاكِرًا للرّجال، وله تاريخٌ حَفيل في التّعريف بمن قَدِمَ مَرّاكُشَ من العلماء وقَفْتُ على معلَّقاتٍ منه بخطِّ أبي العبّاس بن عليّ بن هارون. 701 - أحمدُ بن محمد بن عليّ بن أبي بكرٍ الكِنَانيُّ، مالَقيٌّ، أبو جعفر، ابنُ صاحبِ الصّلاة. رَوى عن أبي القاسم محمد بن عبد الواحد المَلّاحي. 702 - أحمدُ بن محمد بن عليّ بن إسماعيلَ الهَمْدانيُّ، إلبِيريٌّ، أبو عُمر. أخَذَ عن أهل بلدِه، وكان من فُقهائه. وتوفِّي سنةَ ثلاثٍ وعشرينَ وأربع مئة. 703 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن عليّ بن محمد بن العاص النَّفْزِيُّ، شاطِبيٌّ، أبو جعفر، ابنُ اللاية. أخَذَ القراءاتِ عن أبوَيْ عبد الله: أبيه بشاطبةَ وابن الحَسَن بن سعيد بدانِيَة، أخَذَ عنه القراءاتِ أبو محمدٍ قاسمُ بن فِيرُّهْ الضَّريرُ وغيرُه. وكان مُقرئًا متقدّمًا في المعرِفة بالتجويد والإتقان للأداءِ وجَوْدة الضّبط على القُرّاء، خَلَفَ أباه بعدَ وفاتِه في الإقراء. ¬

_ (¬1) بعد هذا فراغ في النسختين. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (198)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 12/ 447، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 124، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 26.

704 - أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن سعيد بن مسعدة العامري، غرناطي، أبو جعفر

704 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن عليّ بن محمد بن سَعيد بن مَسْعَدةَ العامِريُّ، غَرْناطيٌّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي خالد بن يَزيدَ بن المُهَلَّب، وأبي القاسم خَلَف بن يوسُفَ ابن الأبرَش، وأبي محمد بن محمد بن السِّيْد. وكان من جِلّة الفُقهاء ونُبهاءِ النُّبلاء بارعَ الأدبِ ماهرًا في العربيّة كاتبًا مُجيدًا مطبوعًا مشهورَ الإحسان ذا حظّ فائق ومنظوم ومنثور وقَريحة جيِّدة فيهما. مَوْلدُه سنةَ ثمانٍ وستينَ وأربع مئة، وتوفي بمدينة فاس سنة سبع وثلاثين وخمس مئة. 705 - أحمدُ بن محمد بن عليّ بن عبد العزيز بن حَمْدين التَّغْلبيُّ، قُرْطُبيٌّ، وأصلُ سَلَفِه من باغُه جَيّان انتَقَلوا في الفتنة إلى قُرطُبةَ فاستَوطَنوها، أبو جعفر. ذكَرَه أبو عبد الله بنُ عليّ بن عَسْكر (¬2) وتابَعَه عليه أبو جعفرٍ ابنُ الزُّبَير، وذكَرَ أنه المتأمِّرُ بقُرطُبة المتوفَّى بمالَقةَ المصلوبُ فيها بعدَ دخول الموحِّدينَ إياها، وليس به، وإنّما هذا المتأمِّرُ حَمْدين، وسيأتي ذكْرُه إن شاء اللهُ تعالى (¬3). 706 - أحمدُ بن محمد بن عليّ بن محمد بن عليّ بن أُميَّةَ، أبو العبّاس، ابنُ أُمَيّة. 707 - أحمدُ (¬4) بن محمد بن عليّ بن محمد بن عليّ بن عُمرَ الهاشِميُّ، طَرْطُوشيٌّ، سكَنَ بَلَنْسِيَة، أبو العبّاس وأبو جعفر. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن فرحون في الديباج 1/ 225، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 373 نقلًا من هذا الكتاب، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (68)، والكتاني في سلوة الأنفاس 3/ 241، ولم يترجم له صاحب الإحاطة، فيستدرك عليه. (¬2) نقلهُ النباهي في المرقبة العليا (103). (¬3) وقع هذا في سفر مفقود لم يصل إلينا، وترجمته في تكملة ابن الأبار (788)، والحلة السيراء 2/ 206، 211 - 213، 218 - 227، وبغية الملتمس (685)، وتاريخ الإِسلام 11/ 926، وسير أعلام النبلاء 20/ 243، والوافي 13/ 167، والمرقبة العليا (103). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (210).

708 - أحمد بن محمد بن علي الأنصاري، جياني، أبو جعفر، المليلوط

رَوى عن أبوَي الحَسَن: ابن عبد الله ابن النِّعمة واختَصَّ به وابن محمد بن هُذَيْل، وهُو كان قارئَ مجلسِه لِما يُسمَعُ عليه، وأبي عبد الله بن يوسُفَ بن سَعادة، ولقِيَ أبا عبد الله بنَ الحَسَن بن سَعيد بدانِيَةَ بعد خروجه من طَرْطُوشةَ في رجبِ أربع وأربعينَ وخمس مئة لعام أو نحوِه من تغلُّب الرُّوم عليها, ولم يأخُذْ عنه شيئًا وأخَذَ عن بعضِ أصحابِه، وكان مُقرئًا مجوِّدًا ضابِطًا للأداء. وتوفي في نحوِ خمس وسبعينَ وخمس مئة. 708 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن عليّ الأنصاريُّ، جَيّانيّ، أبو جعفر، الملَيْلوط. رَوى عن أبي الحَسَن ثابتِ بن خِيَار الكَلاعيّ، رَوى عنه أبو إسحاقَ بنُ الزُّبير. وكان سَرِيًّا فاضلًا وافرَ العقلِ متينَ الدِّين مُقرئًا مجوِّدًا محدِّثًا فقيهًا نَحْويًّا ماهرًا, وله شَرْحُ حسَنٌ على "الموطّإ"، واقرَأ القرآن وأسمَعَ الحديثَ ودرَّس العربيّةَ والأدبَ ببلدِه مُدّة، ثم توَجَّه إلى المشرِق بنيّة الحَجّ فنزل ببعض خاناتِ الإسكندَريّة فسَقَطَ من بعض شوارعِه فكانت في سَقطتِه تلك مَنِيّتُه، وذلك إثْرَ رحلتِه عن بلدِ سنةَ سبع وعشرينَ وست مئة، وفَّر اللهُ له أجرَه. 709 - أحمدُ بن محمد بن عليّ الأنصاريّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي عليّ ابن سُكّرة. 710 - أحمدُ بن محمد بن عليّ الغافِقيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ، وله رحلةٌ حَجّ فيها. 711 - أحمدُ بن محمد بن عليّ الهَمْدانيّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي جعفر بن علي ابن الباذِش. 712 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن عُمرَ بن خَلَف بن سَعْدانَ القَيْسيُّ، من أهل شَنْتَرِين، أبو العبّاس الشَّنْتَرِينيُّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن فرحون في الديباج 1/ 226، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 374 نقلًا عن المؤلف. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (250) وهو فيه: أحمد بن محمد بن سعدان الواعظ.

713 - أحمد بن أبي الحسن محمد بن عمر بن محمد بن واجب بن عمر بن واجب القيسي، بلنسي، باجي الأصل بغرب الأندلس انتقل منها أبو حفص أبو جد أبيه فاستوطن سرقسطة ثم بلنسية، أبو الخطاب

رَوى عن أبي أحمدَ جعفرِ بن أحمد بن سفيان، وأبي زَيْد بن عبد الله السُّهَيْلي، رَوى عنه أبوا عبد الله: ابن إسماعيلَ بن خَلْفُون وابن أبي البقاء. وكان خيِّرًا فاضلًا سُنِّيًّا واعِظًا صادقَ النّصيحة كثيرَ التجَوُّل ببلادِ الأندَلُس للتذكير والوَعْظ. وسَمّاه أبو الرّبيع بن سالم: إسماعيلَ، وسيُذكَرُ لذلك في ترجمة إسماعيلَ إن شاء الله (¬1). 713 - أحمدُ (¬2) بن أبي الحَسَن محمد بن عُمرَ بن محمد بن واجِب بن عُمرَ بن واجِب القَيْسيُّ، بَلَنْسِيٌّ، باجِيُّ الأصل بغَرْب الأندَلُسَ انتقلَ منها أبو حَفْص أبو جَدِّ أبيه فاستَوطنَ سَرَقُسْطة ثم بَلَنْسِية، أبَو الخَطّاب. أخَذَ قراءةً وسَماعًا وإجازةً عن جَدِّه أبي حَفْص، وأبي إسحاقَ (¬3) بن فَرْقَد، وآباءِ بكر: عبد الرحمن (¬4) بن أبي ليلى وابن أحمدَ بن نُمَارةَ وابن خَيْر وابن (¬5) مُحرِز، وآباءِ الحَسَن: ابنَي الأحمَدَين: الزُّهريِّ وابن كَوْثَر، وابنِ عبد الله بن النِّعمة، وابنَي المحمَّدَيْن: ابن فَيْد وابن هُذَيل، وآباءِ عبد الله: ابن جعفر بن حَمِيد ¬

_ (¬1) لم يصل إلينا هذا القسم من الكتاب، وهذه الترجمة ذكرها ابن الأبار في التكملة أيضًا (494) وهو فيه: إسماعيل بن فلان بن محمد بن سعدان، وقال: هكذا سماه ابن سالم ونسبه وكناه ولم يذكر أباه. (¬2) ترجمه المنذري في التكملة 2/الترجمة 1543، وابن الأبار في التكملة (275)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 13/ 393، وسير أعلام النبلاء 22/ 44، والعبر 5/ 49، والرعيني في برنامجه (47)، والنباهي في المرقبة العليا (116)، وابن فرحون في الديباج 1/ 226، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 126، وابن العماد في الشذرات 5/ 57. (¬3) بعد هذا فراغ في النسختين، وابن فرقد اسمه إبراهيم بن خلف بن فرقد، كما في تكملة المنذري. (¬4) بعد هذا فراغ في النسختين، وعبد الرحمن هذا وابن أحمد بن إبراهيم بن أبي ليلى، كما في تكملة المنذري. (¬5) بعد هذا فراغ في النسختين، وهو محمد بن أحمد بن محرز.

وابن سَعيد بن زَرْقُون وابن عبد الرحيم ابن الفَرَس وابن يوسُفَ بن سَعادة، وأبي العبّاس (¬1) بن إدريسَ، وأبي عليّ حُسَين بن عَرِيب، وأبوَي القاسم: خَلَف بن عبد الملِك بن بَشْكُوال وعبد الرحمن بن محمد بن حُبَيْش، وأبوَيْ محمد: ابن محمد الحَجَري وعاشر، وأبي مَرْوانَ عبد الرحمن بن محمد بن قُزْمان. وأجازَ له ولم يلقَهُ من أهل الأندَلُس أبوَا بكرٍ: محمدُ بن عبد الله ابن العَرَبي ويحمرو بن محمد بن رِزْق، وأبو الوليد الحَسَن (¬2) بن هِلال، وأبو العبّاس بن محمد الخَرُّوبي، وأبو الوليد يوسُفُ بن عبد العزيز ابن الدّبّاغ. ومن أهل المشرِق: أبو طالب التَّنُوخيُّ، وآباءُ الطاهِر: السِّلَفيُّ أحمدُ بن محمد وإسماعيلُ ابن مكِّي بن عَوْف (¬3) وبَرَكاتُ بن إبراهيمَ الخُشُوعي، وأبو عبد الله الحَضْرَمي. رَوى عنه ابناه: عبدُ الله وأبو عبد الله محمدٌ، وآباءُ الحَسَن: ابنُ عمِّه لَحًّا أحمدُ بن محمد وابنُ محمد ابن القَطّان وابن محمد بن نُوح ويُكْنَى أيضًا أبا عبد الله، وآباءُ بكر: ابنُ جابِر السَّقَطيُّ وابنُ الطيِّب وابن غَلْبونَ وابن محمد بن عَيْشُون وابن محُرز، وآباءُ جعفر: ابنُ زكريّا بن مَسْعود وابنُ صالح وابنا العَلِيَّيْن: ابنُ عثمان وابنُ الفَحّام وابن محمد بن شُهَيْد وابن مالك ابن السَّقّاء وابن يوسُفَ ابن الدّلّال، وأبو الحُسَين عبدُ الله بن محمد بن عبد الله بن مُفَوَّز، وأبو زكريّا بن زكريّا الجُعَيْدي، وآباءُ عبد الله: ابنُ أحمدَ الرُّنْدي وابنُ أحمدَ بن عبد العزيز وابنُ عبد الله بن الأبّار وابن عبد الرّحمن بن جوبر وابن عليّ بن عَسْكر وابن يوسُفَ ابن جعفر، وأبو العبّاس بن يوسُفَ بن فَرْتُون، وأبو عليّ الحَسَن بن محمد بن هشام، وأبوَا محمد: ابنُ قاسم الحَرّار وابن موسى الرّكَيْبي، وأبو المُطرِّف ¬

_ (¬1) بعد هذا فراغ في النسختين. (¬2) بعد هذا بياض في النسختين. (¬3) في ق: "وابن عوف"، وهو خطأ، فالمقصود هو إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عيسى بن عوف القرشي الزهري الإسكندري الفقيه المالكي المتوفى سنة 581 هـ، وهو مترجم في تكملة المنذري (الورقة 7 من القسم غير المنشور) وتاريخ الإِسلام للذهبي 12/ 724.

714 - أحمد بن أبي عبد الله [محمد] بن عمر بن محمد بن واجب بن عمر بن واجب بن عمر بن واجب القيسي، بلنسي، أبو الحسن وأبو علي

أحمدُ بن عبد الله بن عَمِيرةَ وأحمدُ بن محمد بن حلالةَ وعبد الله بن أحمد بن عليّ بن هُذَيْل، واستجازَهُ لنفسِه ولابنَيْه أبو عُمرَ بنُ عاتٍ فأجازَ لهم. وحدّثنا عنه جماعةٌ من شيوخِنا: أبو جعفر بن يوسُفَ الطَّنْجالي، وأبو الحَسَن بن محمد الرُّعَيْنيّ، وأبو علي الحَسَن بن أبي الحَسَن الماقريّ، وأبو القاسم محمدُ بن أحمد بن محمد العَزَفي. وكان وجيهَ البَيْتة ببلدِه، شهيرَ البَيْتة في أهلِها، نبيهَ القَدْر، فاضلاً، كاملَ الاستقلال بعلم الحديث حافظًا له متَّسعَ الرّواية، ثقةً عَدْلًا ضابطًا، نبيلَ الخَطّ، حريصًا على الإفادة والاستفادة، وافرَ الحَظّ مِن علم العربيّة والأَدبِ والتاريخ والنسَب، معَ الدِّين المتين. استُقضيَ بشاطِبةَ وكان بها قاضيًا في محرَّم سبع وتسعينَ وخمس مئةْ وببَلَنْسِيَةَ مرَّتَيْن أُولاهُما بتقديم المنصُور أبي يوسُفَ وأُخراهُما من قِبَلِ ابنِه الناصِر أبي عبد الله فحُمِدت فيهما سيرتُه وعُرِف بالعدالة والذّكاء وإعداءِ المظلوم على الظالم ورَدْع المُفسِدين وإقامةِ الحقَّ والصَّدْع به. مَوْلدُه ببَلَنْسِيةَ سنة سبع وثلاثينَ وخمس مئة، وقَدِمَ مَرّاكُشَ مرّاتٍ آخِرُها عامَ وفاتِه ولم يمكُثْ بها حينَئذٍ سوى عشَرةِ أيام أو نحوِها، فإنه قَدِمَها في العَشْر الأُخَرِ من جُمادى الأُخرى، وتوفِّي بها ليلةَ الأحد الخامسة من رجَبِ أربعَ عشْرةَ وست مئة، ودُفن عصرَها بجَبّانة بابِ نفيس أحد أبوابِها الغربية. 714 - أحمدُ (¬1) بن أبي عبد الله [محمد] (¬2) بن عُمرَ بن محمد بن واجِب بن عُمرَ بن واجِب بن عُمرَ بن واجِب القَيْسيُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو الحَسَن وأبو عليّ. وقد تقَدَّم آنفًا ذكْرُ أوّليّتِهم في رَسْم ابن عمِّه لَحًّا أبي الخَطّاب المفروغ من ذكْرِه الآن. رَوى عن ابن عمِّه أبي الخَطّاب المذكور، وآباءِ عبد الله: قريبِهما ابن محمد بن عبد العزيز بن واجِب وابن أيّوبَ بن نُوح وابن عيسى ابن المُناصِف، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (304)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 14/ 232، وابن فرحون في الديباج المذهب 1/ 228. (¬2) زيادة متعينة ذكرها المؤلف في الترجمة السابقة.

وأبي العطاءِ وَهْب بن يَزيدَ، وأبي محمد عبد المُنعِم ابن الفَرَس. وأجاز له أبوَا بكرٍ: أسامةُ بن سُليمان وابن عليّ بن حَسْنُون، وأبو جعفر بن عليّ بن حَكَم، وأبو محمد بن محمد بن عُبَيد الله. ومن أهل المشرِق: أبو الطاهِر السِّلَفيّ. رَوى عنه أبو إسحاقَ بن عبد الرّحمن بن عَيّاش، وأبو بحرٍ سُفيان (¬1) بن المرينة، وأبو الحَسَن طاهِرُ بن عليّ الشُّقْري، وأبو زكريّا (¬2) بن مجُاهد، وآباءُ عبد الله: ابنُ أحمد بن الفَخّار وابن (¬3) الدّبّاغ وابن عبد الله ابن الأبّار وابن وَهْب ابن نَذير، وأبو عثمانَ (¬4) ابن الأكوبيّ، وآباءُ محمد: طلحةُ وابن أحمدَ بن خِيَرةَ سِبْطُ أبي الحَسَن (¬5) بن خِيَرةَ وعبدُ الكريم بن محمد بن عَمّار وطلحةُ. وحدَّثنا عنه من شيوخِنا: أبو الحَجّاج بن أحمدَ بن حَكَم، وأبو عليّ الحُسَينُ بن عبد العزيز بن الناظِر. وكان فقيهًا جليلَ القَدْرِ ببلدِه، خَطيبًا به وَقْتًا، عاقِدًا للشُروط، راجحَ العقل، كثيرَ الاعتناءِ بالحديث وروايتِه بَصيرًا به، ثقةً فيما ينقُلُ، من أحسَن الناسِ صَوْتًا بالقرآن، ولذلك كان يُعيَّنُ لصلاة التّراويح بالوُلاة، ذا حَظّ من الأدبِ، بارعَ الخَطّ أنيقَ الوِراقة، كتَبَ الكثير، واستُقضيَ ببَلَنْسِية بلدِه وشُهِرَ بالعدل والجَزَالة في تنفيذ الأحكام. وُلد في ربيع الأوّل عامَ سبعينَ وخمس مئة، وخرَجَ من بلدِه عند أخْذِ الرُّوم إيّاه صُلحًا يومَ الثلاثاءِ لثلاثَ عشْرةَ بقِيَت من صفرِ ستٍّ وثلاثينَ وست مئة، وكانت مُنازلتُهم إيّاها يومَ الخميس لخمسٍ خَلَوْنَ من رمضانِ ¬

_ (¬1) بعد هذا بياض في النسختين، وسفيان هذا هو ابن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن البلنسي، مترجم في بغية الوعاة 1/ 592 نقلًا من هذا الكتاب. (¬2) بعد هذا بياض في النسختين. (¬3) كذلك. (¬4) كذلك. (¬5) كذلك.

715 - أحمد بن محمد بن عمر بن يوسف الأنصاري، قرطبي، نزل القاهرة، أبو العباس، ضياء الدين، ابن المزين

خمسٍ قبلَها، فخَلَصَ إلى سَبْتةَ وتوفِّي بها بعد خَدَر طاوَلَه واختلال أصابَه لزِمَ من أجلِهما دارَه إلى حينِ وفاتِه ليلةَ الجمُعة التاسعةَ عشْرةَ من ربيعٍ الآخِر سنة سبع وثلاثينَ وست مئة، ودُفنَ لصلاةِ الجمُعة بالمنارةِ داخلَ البلد. 715 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن عُمرَ بن يوسُفَ الأنصاريّ، قُرطُبيّ، نزَلَ القاهرةَ، أبو العبّاس، ضياءُ الدّين، ابنُ المُزيِّن (¬2). رَوى عن أبيه (¬3) ورحَلَ معَه صغيرًا (¬4) إلى المشرِق فسَمَّعه بمكّةَ والمدينةِ كرَّمهما اللهُ ومِصرَ والإسكندَريّةِ وغيرِها من البلاد أبا الحَسَن بن أبي المكارم المُفضَّل (¬5)، وأبا شُجاع زاهرَ بن رُسْتم، سمع عليه وهو ابنُ سبع سنين، وأبوَيْ عبد الله (¬6): الزَّبِيدي وابن (¬7) أبي الصَّيف، وأبا القاسم حمزةَ بن عثمانَ المَخْزوميَّ المُقرئ، وكتَبَ إليه جماعةٌ مّمن أدركَتْه بمولدِه. ¬

_ (¬1) ترجمه عز الدين الحسيني في صلة التكملة (1184)، وقال: سمعت منه، واليونيني في ذيل مرآة الزمان 3/ 35، والبرزالي في المقتفي 1/الورقة 42، والذهبي في تاريخ الإِسلام 15/ 235، والأدفوي في الطالع السعيد (112 - 125) وهي ترجمة رائقة، والصفدي في الوافي 7/ 339، وابن شاكر في عيون التواريخ 21/ 30، والعيني في عقد الجمان 2/ 127 (مطبوع). (¬2) هكذا في النسختين، وهو وهم من ابن الزبير أو غيره، قال الذهبي في تاريخ الإِسلام: "ذكر ضياءَ الدين هذا أبو جعفر ابن الزبير في تاريخه فقال: ويُعرف بابن المزيّن، كذا قال، فوهم، بل إن ابن المزين أبو العباس القرطبي نزيل الثغر ومختَصِر مسلم". وقال مثل ذلك الأدفوي في الطالع السعيد. (¬3) توفي أبوه سنة 635 هـ، وهو مترجم في التكملة المنذرية 3/الترجمة 2505. (¬4) قال الأدفوي بعد أن نقل هذا من ابن الزبير: "وهو وهم من الأستاذ فإنه ولد بمصر". (¬5) هو علي بن المفضّل المقدسي المتوفى سنة 611 هـ وصاحب "وفيات النقلة". (¬6) بعد هذا فراغ في النسختين، وهو أبو عبد الله الحسين بن المبارك ابن الزبيدي البغدادي، مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 3/ 196 وغيره. (¬7) بعد هذا بياض في النسختين، وهو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أبي الصيف اليمني، وهو مترجم في تاريخ الإِسلام 13/ 584.

716 - أحمد بن محمد بن عمر بن يوسف، إلبيري

رَوى عنه خَلْقٌ كثيرٌ لا يُحْصوْنَ كثرةً، وكان محدِّثًا متّسعَ الرِّواية مُشارًا إليه في تلك البلاد بالبَراعة والتقدم (¬1) في علم الحديث والتميُّزِ بالفَضْل التامّ. مولدُه سنة اثنتينِ وست مئة، وكان حيًّا سنةَ ستينَ وست مئة (¬2). 716 - أحمدُ بن محمد بن عُمر بن يوسُفَ، إلبِيريٌّ. كان فقيهًا جَليلًا فاضلًا. توفِّي لثلاثٍ خَلَوْنَ من ربيع الأوّل سنةَ ستٍّ وأربعينَ ومئتين. 717 - أحمدُ (¬3) بن محمد بن عُمرَ اللَّخْميُّ، مالَقيٌّ، أبو جعفرٍ، العَشّاب والنَّباتيُّ لاشتغالِه بالنّبات وتبريزِه في المعرِفة به. رَوى عن أبي بكر بن عبد الله ابن الجَدّ، وأبي جعفر بن عليّ الحَصّار الغَرْناطيّ، وأبي الحَجّاج بن محمد ابن الشّيخ، وأبي الحَسَن صَالح بن عبد الملِك الأوْسيِّ، وأبوَيْ عبد الله: ابن إبراهيمَ ابن الفَخّار وابن سعيدِ بن زَرْقون، وأبي عليّ (¬4) بن فَتْحون المليليّ، وأبي القاسم عبدِ الرّحمن بن عبد الله السُّهَيْلي لقِيَه بمَرّاكُش، وأبي محمد بن محمد بن عُبيد الله. ورَحَلَ إلى المشرِق وأدّى فريضةَ ¬

_ (¬1) في ق: "والتفنن". (¬2) لم يعرف المؤلف وفاته، وتوفي في النصف من شوال سنة 672 هـ ,كما في صلة الحسيني وغيره، وكانت وفاته بقنا من صعيد مصر. (¬3) ترجمه الرعيني في برنامجه 142، والذهبي في تاريخ الإِسلام 14/ 232 نقلًا عن ابن فرتون. والمترجم غير أحمد بن محمد بن مفرج الآتي ذكره عند المؤلف بعد قليل. وهما وإن كانا يأتلفان في الاسم واسم الأب والحرفة والعصر فإنهما يختلفان في اسم الجد والنسب والنسبة فالمترجم هنا لخمي مالقي، وابن مفرج أموي مولاهم إشبيلي. وقد وهم الصديق إبراهيم شبوح محقق برنامج الرعيني في المترجم فحسبه أحمد بن مفرج المعروف بابن الرُّومية، ومن ثم غيّر اسم جده عما ورد في مخطوطتي البرنامج وأحال على مراجع لا تعني المترجم هنا وعند الرعيني وإنما تخص ابن الرومية الذي سيترجم له المؤلف قريبًا، فليصحح. والمترجم ممن يستدرك على صاحب أعلام مراكش وأغمات. (¬4) بعد هذا فراغ في النسختين.

718 - أحمد بن محمد بن عمر، تطيلي، أبو بكر، ابن الإمام

الحَجّ، ولقِيَ هنالك جماعةً من أكابرِ أهل العلم منهم: أبو حَفْص، وأبو عبد الله السُّهْرَوَرْديُّ وأبو محمد عبدُ الله بن عبد الوهاب بن أبي الطاهِر بن عَوْفٍ وغيرُهما، وقَفَلَ إلى بلدِه. رَوى عنه أبو العبّاس بن يوسُف بن فَرْتُون، وحدَّثنا عنه شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمه الله، وكان شيخًا فاضلًا سَنِيًّا ظاهريَّ المذهب، مُقتصدًا في أحوالِه ديِّنًا مُؤْثرَا، حسَنَ المشاركة في حوائج الناس، مُبادرًا إلى قضائها، مُمتعَ المحاضَرة ذاكرًا للاَداب. أنشَدْتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ رحمه الله وقال: أنشَدَني بلفظِه، يعني أبا جعفرِ النَّباتيَّ هذا، قال: أنشَدَني شِهابُ الدِّين أبو حَفْص هذا، يعني السُّهْرَوَرْديَّ، لأبي حامد [الطويل]: لئن كان لي من بَعْدُ أَوبٌ إليكمُ ... قضَيْتُ لُباناتِ الفؤادِ لدَيْكمُ وإن تكنِ الأُخرى ولم تكُ أوْبةٌ ... وحان حِمَامي فالسلامُ عليكمُ وقد تقدَّم إنشادُهما في رَسْم أبي العبّاس بن عُمر بن إفرنْد، وذكْرُ ما بينَ الرِّوايتَيْنِ من خِلاف. مولدُهُ عامَ اثنينِ وستينَ وخمس مئة (¬1). 718 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن عُمر، تُطِيليّ، أبو بكر، ابنُ الإِمام. كان من أهل العلم والمعرِفة، واستُقضيَ ببلدِه وتوفِّي سنةَ ثلاثٍ وخمس مئة. 719 - أحمدُ بن محمد بن عِمرانَ الصَّدَفيُّ، شِلْبيٌّ، أبو القاسم. رَوى عن أبي الحُسَين عبد الملِك بن محمد ابن الطّلاّء. 720 - أحمدُ بن محمد بن عَيّاش بن يَعيشَ المُحارِبيُّ، إلبِيريٌّ، أبو جعفر. رَوى عن شُيوخ بلدِه. وتوفِّي في نحو الثمانينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) لم يذكر وفاته، وذكره الذهبي في وفيات سنة 637 هـ من تاريخه، ونقل عن ابن فرتون قوله: اجتمعت به في سنة خمس وثلاثين وست مئة، وهو في عشر الثمانين. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (88).

721 - أحمد بن محمد بن عيسى بن جدار، مالقي، أبو جعفر

721 - أحمدُ بن محمد بن عيسى بن جِدَار، مالَقيٌّ، أبو جعفر. كان أستاذًا فاضلًا جليلاً، حيًّا سنةَ ثلاثٍ وستينَ وخمس مئة. 722 - أحمدُ بن محمد بن عيسى بن قُزْمان الزُّهْريُّ، قُرطُبيٌّ، استَوطَنَ مالَقة، أبو القاسم. وَلَدُ الأديبِ الشّهيرِ الإجادةِ في النَّظْم الهَزْليِّ بلسانِ عوامِّ الأندَلُس أبي بكر بن قُزْمان (¬1). رَوى عن أبي بكر بن سَمْحُونَ النَّحْوي، رَوى عنه أبو القاسم القاسمُ بن محمد ابن الطَّيْلَسان، وتوفِّي بمالَقةَ بعد ست مئة بقليل. 723 - أحمدُ بن محمد بن عيسى بن مطرّف (¬2) الحَضْرميّ. 724 - أحمدُ بن محمد بن عيسى التُّجِيبيُّ، قُرْطُبيٌّ، أبو جعفر، ابنُ الحاجّ. رَوى عن أبوَيْ بكر: ابن عبد الله بن أبي زَمَنِين وابن (¬3) الكُتَنْدي، وأبي خالد يزيدَ بن محمد بن رِفاعة، وأبي زيد بن عبد الله السُّهَيْلي، وسواهم من أهل بلدِه وغيرِه. ذكَرَه أبو جعفر ابنُ الزُّبير إثْرَ ذكْرِه أحمدَ بن محمد بن أبي القاسم بن محمد بن الحاجّ التُّجِيبيَّ وقال: ألفَيْتُه في تعاليق أبي محمد بن حَوْطِ الله، قال: وطبقتُه مِعَ من ذكَرَه الشّيخُ في الذَّيْل واحدة، يعني بالشّيخ أبا العبّاس بنَ يوسُف بن فرْتُون، وبالمذكور في الذَّيْل أحمدَ بن محمد بن أبي القاسم ابن قاضي الجماعة الشَّهيد أبي عبد الله بن أحمدَ بن الحاجّ، قال أبو جعفر ابنُ الزُّبَير: معَ الاتّفاق في الاسم واسم الأب. ¬

_ (¬1) نقل هذه الترجمة بروفنسال في مقالة له عن ابن قزمان بمجلة الأندلس سنة 1944 م وأفاد منها الدكتور عبد العزيز الأهواني في كتابه: الزجل في الأندلس (77). (¬2) في ق: "مطر". (¬3) بعد هذا بياض في النسختين، وأبو بكر الكتندي هذا هو محمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز الأزدي، من أهل غرناطة، مترجم في التكملة الأبارية (1484).

725 - أحمد بن محمد بن غالب، قرطبي

قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: وقد اتّفَقا في التَّكنِية وفي النِّسبتَيْن القَبَليّة والبَلَديّة، ولم يُنبّه ابنُ الزُّبَير (¬1) على ذلك فاستدرَكْناه. قال ابنُ الزُّبير: ولم أعثُرْ من الحالِ على ما أتحقَّقُ به التبايُنَ والاتّحاد فأثبتُّهما معًا، وأمّا البيتُ فمعروفٌ. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: انتهَى ما ذكَرَه أبو جعفر ابنُ الزُّبَير، وقدِ اشتمَلَ على إخلالٍ سوى ما تقَدَّم الإيماءُ إليه من الإغفال الذي استدركناه، جَرَّ ذلك الإخلالَ التقصيرُ في البحثِ وقصورُ المعرِفة، وقد ظَهَرَ لنا والحمدُ لله التبايُنُ بينَهما باسم الجدّ، فإنّ اسمَ الجدِّ المُكْنَى بأبي القاسم: محمد، فهُو أحمدُ بن محمد بن محمد بن محمد، ومحمدٌ الأوسَطُ من هؤلاءِ هو المُكْنَى أبا القاسم، وسيأتي ذكْرُ أبي جعفرٍ وأبي القاسم هذَيْن في موضعَيْهما من هذا الكتاب (¬2) إن شاء الله، فتوَهَّم ابنُ الزُّبير أنّ أبا القاسم كُنيةُ عيسى، فلذلك أشكَلَ عليه الأمرُ والتَبَس، وقولُه: وأمّا البيتُ فمعروفٌ، ممّا لا ينبغي التعويلُ عليه، فإنّ بني الحاجِّ بقُرطُبةَ وغيرِها من بلادِ الأندَلُس كثيرون، وإلى ذلك فإنه يُمكنُ عندي إمكانًا ليس بالبعيد أن يكونَ من ذوي قَرابةِ أبي العبّاس المَجْرِيطي، فإنه يحيى بنُ أبي الحَسَن عبد الرّحمن بن عيسى بن عبد الرّحمن بن عيسى وُيعرَفُ بابن الحاجّ، ويكون تلاقيهما في جَدّهما عيسى، أو يكونُ نَسَبه إليه بمجرَّد الشُّهرةِ به، ولو عرَفْنا الآنَ نسَبَ أبي العبّاس يحيى المَجْرِيطيِّ وأنه تُجِيبيٌّ لَقَوِيَ عندَنا هذا الظنُّ وكادَ يَلحَقُ بالمقطوع به، ولعلّ الله يُطلِعُ على الجلاءِ في ذلك بمعهودِ فضلِه سبحانَه. 725 - أحمدُ بن محمد بن غالب، قُرْطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعَدالة، حيًّا سنةَ اثنتينِ وخمسينَ وأربع مئة. 726 - أحمدُ بن أبي بكرٍ محمد بن غَلْبونَ التُّجِيبيُّ. ¬

_ (¬1) قفز نظر ناسخ ق إلى اسم "الزبير" الآتي، فسقط ما بينهما عنده. (¬2) الترجمتان (744) و (747).

727 - أحمد بن محمد بن غيلان القشيري، من أهل وادي آش فيما أرى

رَوى عن القاضي أبي بكر ابن العَرَبي، وأبي جعفر بن عبد الرَّحمن البِطْرَوجي. رَوى عنه أبو عبد الله بن عبد الرّحمن ابن الشّيخ، وكان فقيهًا مُشاوَرًا. 727 - أحمدُ بن محمد بن غِيلانَ القُشَيْريُّ، من أهل وادي آشَ فيما أرى. رَوى عنه أبو تَمَّام غالبُ بن محمدٍ العَوْفي، وكان مُقرِئًا زاهدًا خَطيبًا فاضلًا. 728 - أحمدُ بن محمد بن فَرَج بن الحَسَن بن عيسى الأنصاريُّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال. 729 - أحمدُ بن محمد بن فَرَج بن سَلَمةَ بن محمد بن عبدِ الله بن أحمدَ بن محمد المُراديّ، كذا نقَلتُ نَسَبَه من خطّه، غَرْناطيّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي إسحاقً (¬1) بن مَرْوانَ بن حُبَيْش، وأبوَيْ بكر: ابن العَرَبي، وابن محمد بن مَسْلَمة، وأبي جعفر بن عليّ ابن الباذِش، وأبوَي الحَسَن: شُرَيْح (¬2) ومحمد بن عبد الرّحمن ابن عَظِيمة، وأبي الحَكَم عبد الرّحمن بن عبد الملِك بن غَشِلْيان. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا متصدِّرًا لذلك متعلِّقًا بطَرَفٍ صالح من رِواية الحديثِ نبيلًا ذكيًّا يَقِظًا. توفِّي بعدَ الأربعينَ وخمس مئة. 730 - أحمدُ بن محمد بن فَرَج الغافِقيُّ، أبو القاسم. رَوى عن أبي محمد عبد الرّحمن بن محمد بن عَتّاب. 731 - أحمدُ بن محمد بن فِيرُّهْ الأُمَويُّ، تُطِيليٌّ. رَوى عن أبي الفَضْل عِيَاض بن موسى. 732 - أحمدُ بن محمد بن قاسِم بن موسى الرِّياحيُّ، بكسرِ الراء وياءٍ مسفولة وحاءٍ غُفْل. ¬

_ (¬1) في ق: "يحيى"، محرف. (¬2) في ق: "ابن شريح"، خطأ.

733 - أحمد بن محمد بن قاسم البهري

كذا وقَفْتُ على نَسَبِه في خطِّه ببعض المواضع، ووقَفْتُ عليه في موضعَ أُخَرَ بخطِّه أيضًا وقد جعَلَ عبدَ الرّحمن عِوَضَ موسى، فلا أدري أيُّهما أسقَطَ عَمْدًا, ولعلّه يُشهَرُ بالانتسابِ إلى أحدِهما فاللهُ أعلم؛ أبو العبّاس. رَوى عن أبي عبد الله جعفرِ بن محمد بن مكِّي، وأبي القاسم عبد الرّحمن بن أحمدَ بن رِضا. 733 - أحمدُ بن محمد بن قاسِم البَهْرِيُّ. اختَصَر "إصلاحَ المنطِق" اختصارًا نبيلًا وقَفْتُ عليه. 734 - أحمدُ بن محمد بن قاسِم، بَلَنْسِيٌّ. رَوى عن أبي عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن وَلّاد. 735 - أحمدُ بن محمد بن كَيْسانَ البَكْريُّ، قُرْطُبيٌّ. كان من أهل العلم وبَراعة الخطّ والتبريزِ في العدالة، حيًّا سنةَ عشرينَ وأربع مئة. 736 - أحمدُ بن محمد بن لُؤيّ، أبو القاسم. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 737 - أحمدُ، ويقال: محمدُ، ابنُ محمد بن محمد بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن سُليمانَ بن محمد الزُّهْريُّ، بَلَنْسِيٌّ، استَوطَنَ بِجَايةَ ثم تونُس، أبو عامر، ابنُ القُحِّ بقافٍ مضمومة وحاءٍ غُفْل مشدَّدة، وابنُ مُحرِز، وليس بأبٍ لهم وإنّما هو اسمٌ لحِقَ بهم فشُهِروا بالنِّسبة إليه. رَوى عن أبيه (¬1)، وأبي الرَّبيع بن سالم، وأبي عثمانَ سعيد بن حَكَم. ¬

_ (¬1) والد المترجم أبو بكر محمد المعروف بابن محرز مترجم في برنامج الرعيني (166)، والتكملة (1171)، وعنوان الدراية (170)، والذهبي في المستملح (326)، وتاريخ الإِسلام 14/ 790، والصفدي في الوافي 1/ 198، وجرى فيه ذكر ولديه أبي عامر المترجم هنا وأبي جعفر كما وقع ذكر أبي عامر هذا في رسالة لابن عميرة وحلاه فيها بالقاضي أبي عامر ابن محرز. انظر كتاب الدكتور محمد بن شريفة: أبو المطرف أحمد بن عميرة المخزومي (149 - 150).

738 - أحمد بن محمد بن محمد بن خلف بن إبراهيم بن لب بن بيطر بن خالد بن بكر التجيبي، قرطبي، ابن الحاج

738 - أحمدُ بن محمد بن محمد بن خَلَف بن إبراهيمَ بن لُبِّ بن بَيْطَرِ بن خالدِ بن بكرٍ التُّجيبيُّ، قُرْطُبيٌّ، ابنُ الحاجّ. كان فقيهًا نبيهَ البيت عَدْلًا مبرِّزًا في معرفة الشروطِ وعَقْدِها رائق الخطّ، حيًّا في حدودِ الثلاثينَ وست مئة. 739 - أحمدُ بن محمد بن سابِق، مُرْسِي، أبو جعفر. 740 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن محمد بن سَعيد بن عبد الله الأنصاريُّ، وادي آشيٌّ، أبو العبّاس، ابنُ الخَرُّوبي. رَوى عن أبي بحرٍ (¬2) سُفيانَ بن العاص، وآباءِ بكر: غالبِ بن عَطِيّةَ وابن (¬3) الرَّباحي وابن (¬4) الفَرَضي، وآباءِ الحَسَن: شُرَيْح وابن الأحمَدَيْن: ابن الباذِش وأكثَرَ عنه وابن كُرْز وابن عبد الله بن مَوْهَب وابن محمد بن دُرِّي، وابن (¬5) الإلبِيريّ، وأبي خالدٍ يزيدَ بن المُهَلَّب، وآباءِ عبد الله: جعفرِ بن محمد بن مكِّي وابن خِيَرةَ أبي العافية وابن سُليمانَ ابن أُختِ غانم وابن عبد العزيز بن زُغَيْبة وابن عُمرَ الزُّبيدي، وأبي عليّ الصَّدَفي، وآباءِ القاسم: أحمدَ بن محمد بن بَقِيّ، والخَلَفان: ابن إبراهيمَ بن الحَصّار وابن يوسُفَ ابن الأبْرَش، وآباءِ محمد: ابن أحمد الوَحِيدي وابنَي المحمَّدَيْن: ابن السِّيْد وابن عَتّاب وعبدِ الحقّ بن غالب ابن عَطِيّةَ، وأبوَي الوليد: أحمدَ بن عبد الله بن طَرِيف ومحمد بن أحمدَ بن رُشْد. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (186)، وفي المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (31)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 12/ 271، وابن فرحون في الديباج 1/ 228، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 136، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 382، وطبقات المفسرين (6)، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (57). (¬2) في ق: "روى عن أبي بكر بحر"، محرف. (¬3) بعد هذا بياض في النسختين. (¬4) كذلك. (¬5) كذلك.

741 - أحمد بن محمد بن محمد بن شتيم، بفتح الشين المعجمة وكسر التاء المعلوة وياء مد وميم، شريشي فيما أحسب، أبو العباس

وكتَبَ إليه مُجيزًا أبو عبد الله محمدُ (¬1) بن المازَرِي. رَوى عنه أبو جعفر بنُ (¬2) زياد، وأبو الحَسَن ابن الأخفَش، وأبو الخَطّاب أحمد بن محمد بن واجِب، وأبو ذَرّ مصعَب بن محمد، وآباءُ عبد الله: ابن أحمدَ الأَنْدَرْشيّ وابنُ خَلَف بن بالغ وابنُ سُليمان بن عبد الحقّ التِّلِمْسيني، وأبو القاسم محمدُ بن عليِّ بن البَرَّاق (¬3)، وأبوا محمد: عبدُ الصّمد اللّبسي وعبد المُنعم بن محمد بن الفَرَس. وكان مُقرئًا مجوِّدًا حسَنَ القيام على تفسير القرآن، محدِّثًا راوِيةً مُكثرًا، فقيهًا عارِفًا بأصولِ الفقه وعلم الكلام، حسَنَ المشارَكة في كثيرٍ من فنونِ العلم، يغلِبُ عليه حِفظُ اللُّغة والآدابِ، مقدَّمًا في كلِّ ما يَنتحلُه، موفورَ الحظّ من علم العربيّة يَقرضُ يسيرًا من الشّعر، كتَبَ بخطِّه النّبيلِ كثيرًا وجوَّد ضبْطَه، واستُقضيَ ببلدِه فيما قال أبو العبّاس بن يوسُفَ بن فرْتُون ولم يَقُلْهُ غيرُه، والمعروفُ أنه وَلِيَ الصلاةَ والخُطبةَ بجامعِه وكان مشكورَ الأحوال كلِّها. وتوفِّي ببلدِه في العَشْر الأُخَر من جُمادى الأُولى سنهَ ثنتين وستين وخمس مئة ابنَ ثلاثٍ وثمانينَ سنة. 741 - أحمدُ بن محمد بن محمد بن شَتِيم، بفَتْح الشّين المعجَمة وكسر التاءِ المعْلُوّة وياءِ مدّ وميم، شَرِيشيٌّ فيما أحسَب، أبو العبّاس. رَوى عن أبي بكر بن مالك. 742 - أحمدُ بن محمد بن محمد بن عليّ بن حَكَم الباهِلي، مَرَويٌّ، انتَقلَ معَ أبيه إلى المشرِق، ابن قُرقُوبٍ والقُرقُوبيُّ بقافَيْنِ مضمومتين بينَهما راءٌ وبعد أُخراهُما واوٌ وباء بواحدة. ¬

_ (¬1) بعد هذا بياض في النسختين، والمازري اسمه محمد بن علي. (¬2) بعد هذا بياض في النسختين. (¬3) في ق: "الرزاق"، محرف، وهو مترجم في التكملة الأبارية (1527).

743 - أحمد بن محمد بن محمد بن عيشون بن عمر بن صباح اللخمي، مرسي، أبو بكر

سمع أباه وأبا عليّ الصَّدَفي (¬1). 743 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن محمد بن عَيْشُون بن عُمرَ بن صَبّاح (¬3) اللَّخْميُّ، مُرْسِيٌّ، أبو بكر. رَوى سَماعًا عن أبيه، وأبي الخَطّاب أحمدَ بن محمد بن واجب، وأبي محمد بن سُليمان بن حَوْطِ الله، وأجاز له جماعةٌ وافرةٌ من أعلام العلماء، وعُني بالعلم وتقييدِه فكتَبَ كثيرًا وشُغِف بذلك فأفاد، واعتُبِطَ سنةَ ثمانٍ وست مئة. 744 - أحمدُ (¬4) بن محمد بن أبي القاسم محمدِ بن محمد بن أحمدَ بن خَلَف بن إبراهيمَ بن لُبِّ بن بَيْطِر بن خالد بن بَكْرٍ التُّجِيبيُّ، قُرْطُبي، أبو جعفر، ابنُ الحاجّ. رَوى عن أبي عُبَيد عبدِ الله بن محمد بن أبي عُبَيد البَكْريِّ وأبي القاسم ابن بَشْكُوال وغيرِهما. وكان من العلماءِ الفُضَلاء الحُسَباء شهيرَ البيتِ نبيهَ القَدْر سَرِيَّ الهمّة. توفِّي بقُرطُبةَ عامَ أربعةَ عشَرَ وست مئة. 745 - أحمدُ بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمدَ الحَضْرَميّ، أبو القاسم ابن الفَرّاء. رَوى عن أبي بكر بن محمد بن مَسْلَمةَ وأبي الحَسَن شُرَيْح. 746 - أحمدُ بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن مَسْلَمةَ، قُرْطُبيّ، أبو عامر. رَوى عن أبيه أبي بكر. ¬

_ (¬1) لم يذكره ابن الأبار في المعجم في أصحاب الصدفي. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (259). (¬3) في ق: "صلاح"، محرف، وما هنا من م، ومن ترجمة أبيه في التكملة الأبارية (1609) وغيرها. (¬4) ترجمه ابن فرحون في الديباج 1/ 229.

747 - أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد القيسي، قرطبي، أبو جعفر، أبو حجة، لقب غلب على جده ثم سرى في عقبه

747 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد القَيْسي، قُرْطُبي، أبو جعفر، أبو حُجّة، لَقَبٌ غَلَب على جدِّه ثم سَرَى في عَقِبِه. تَلا بالسَّبع والإدغامِ الكبير عن أبي عَمْرو، وبقراءة يعقوبَ الحَضْرميِّ على أبي القاسم عبد الرّحمن بن محمد الشَّرّاط وأكثَرَ عنه وأجاز له. ورَوى عن أبوَيْ محمد: ابن حَوْطِ الله وعبد الحقّ بن محمد الخَزْرَجيّ، وأبي الوليد هشام بن عبد الله الحاكم وأكثَرَ عنه وأجاز له، وسَمعَ يسيرًا من أبي الحَسَن نَجَبةَ وأبي عبد الله بن عليّ بن حَفْص، وأبوَي العبّاس: ابن عبد الرّحمن ابن مَضَاءٍ ويحيى بن عبد الرّحمن المَجْرِيطي، ولم يُجيزوا له. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ إبراهيمَ وأبو القاسم القاسمُ (¬2) بن محمد ابن الأصفَر وابنُ رَبيع. وكان من كبار الأُستاذِينَ مُقرِئًا متقدِّمًا في صَنْعة التجويد حسَنَ الأخْذِ على القُرّاءِ، محدِّثًا حافظًا مشهورَ الفضل، من أهل الزُّهد والوَرَع والتواضُع وصحّةِ الباطن، نَحْويًّا محقِّقًا، يتَعاطَى نَظْمَ شعرٍ ساقطٍ غايةً في الضَّعف والرّداءة. واختَصَر "التبصِرةَ" لمكّيّ في القراءاتِ اختصارًا حَسَنًا، وصنَّفَ كتابًا في الأحكام الشّرعية جمَعَ فيه ما اجتمعَ عليه صحيحا البُخاريِّ ومسلم من أحاديثِ الأحكام وسَماه: "مَنْهجَ العُبّاد"، و "كتابَ تفهيم القلوب، بآياتِ علّام الغيوب" و "تسديدَ اللِّسان، لذكْرِ أنواع البيان" في النَّحو، وأقرَأَ القرآنَ، وأسمعَ الحديثَ، ودرَّس النَّحو بقُرْطُبة إلى أن دخَلَها الرُّومُ فانتقلَ إلى إشبيليَةَ وأقرَأَ بها، وقُدِّمَ إلى الصلاة والخُطبة بجامع حِصْن الوادي من أحوازِها. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (306)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 14/ 68 أو 436، ومعرفة القراء الكبار 2/ 643، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 128، والقادري في نهاية الغاية، الورقة (26)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 383. (¬2) سقط من ق.

748 - أحمد بن محمد بن محمد بن محمد الخولاني

ثم فَصَلَ عنها راكبًا البحرَ مؤْثِرًا التحَوُّلَ إلى سَبْتة ورَكِبَ في جَرادة فامتُحِن هو وأهلُه وأولادُه بالأسْرِ واحتُملَ إلى مَنُورْقةَ أو إحدى جِهاتِها ففَداه أهلُها وهو قد أشفَى على الهلاك لِما لقِيَه من شدّةِ التنكيل والتعذيبِ نفَعَه اللهُ، فمَكَثَ بمنورقة نحوَ ثلاثةِ أيام. وتوفِّي سنةَ ثلاثٍ وأربعينَ وست مئة، وقيل: إنه توفّي على ظهرِ البحرِ قبلَ وصُولِه إلى مَنُورْقَة، ومَولدُه سنةَ ثِنتينِ وستينَ وخمس مئة. 748 - أحمدُ بن محمد بن محمد بن محمد الخَوْلانيُّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ ثمانٍ وسبعين (¬1) وخمس مئة. 749 - أحمدُ بن محمد بن محمد، بَلَنْسِيّ، ابنُ حلالة. رَوى عن أبي الخَطّاب أحمدَ بن محمد بن واجِب. 750 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن مالِك، بَلَنْسِيٌّ، سَرَقُسْطيُّ الأصل، أبو بكر. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي، رَوى عنه أبو الخَطّاب أحمدُ بن محمد بن واجِب بعضَ شعرِه، وكان أديبًا بارعَ الكتابة شاعرًا محُسِنًا. توفِّي بإشبيلِيَةَ سنةَ إحدى وسبعينَ وخمس مئة. 751 - أحمدُ (¬3) بن محمد بن مثيوت (¬4) اللَّخْميُّ، مَوْلي (¬5)، أبو العبّاس، الرأس، نَزِيلُ الإسكندَريّة. رَوى عن أبي جعفرٍ القُرْطُبيُّ، السائح. رَوى عنه أبوَا عبد الله: عَلَمُ الدِّين ابن سُليمان وابنُ عبد الله بن المُجاوِر الشّاطِبيّان، وكان من أكابرِ مشايخ ¬

_ (¬1) سقطت من ق. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (205). (¬3) ترجمه المنذري في التكملة 2/الترجمة 1584 وقال: "قصدت زيارته واجتمعت به"، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 431. (¬4) في ق: "مبثوث"، ولم يصعد المنذري نسبه. (¬5) هكذا في النسختين، وفي التكملة: "المورلي".

752 - أحمد بن محمد بن مخارق الأشجعي

الصُّوفية في وَقْتِه العارِفينَ بطريق السّلوك، قُدوةَ أهل وقتِه، توفِّي بالإسكندَريّة بموضعِه المنسُوب إليه (¬1) بظاهِر ثَغْرِها لخمسٍ خَلَوْنَ من ربيع الأوّل سنةَ خمس وعشرينَ (¬2) وست مئة. 752 - أحمدُ بن محمد بن مُخارِق الأشجَعيُّ. رَوى عن أبي عثمانَ ظاهرِ بن هشام. 753 - أحمدُ بن محمد بن مَسْعود بن محمد الأُموَيُّ، سَرَقُسْطيٌّ. رَوى عن أبي الوليدِ سُليمان بن خَلَف الباجِي. 754 - أحمدُ (¬3) بن محمد بن مُحرِز الأنصاريُّ، أغْرَشيٌّ (¬4)، استَوطَنَ دِمَشْق. رَوى بها عن أبي القاسم عيسى بن عبد ربِّه بن جَهْوَر، وكان مُقرئًا مُجَوّدًا فاضلًا، وحضرَ قراءتَه المقاماتِ عليه أبو الحسين (¬5) هِبةُ الله بن الحَسَن بن هِبة الله ابن عبد الله بن الحُسين (¬6) بن عَساكرَ أخو (¬7) أبي القاسم عليّ مؤرّخ الشّام في مجالسَ آخِرُها يومَ الأربعاءِ لليلتَيْنِ خَلَتا من جُمادى الأُولى خمسٍ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) يعني: الرأس. (¬2) هكذا في النسختين، وهو وهم من المؤلف صوابه: "خمس عشرة"، قال المنذري في وفيات سنة 615 هـ وهو العارف به: "وفي الخامس من شهر ربيع الأول توفي الشيخ الأجل الزاهد أبو العباس أحمد بن محمد اللخمي المورلي المعروف بالرأس بموضعه الذي كان به ظاهر الإسكندرية على شاطئ البحر المالح، ويعرف الموضع بالرأس، وبه عُرف الشيخ، ودفن من الغد تجاه محرسه". (¬3) هذا هو أحمد بن محمد بن خلف بن محرز الذي تقدمت ترجمته في الرقم (611) تكرر على المؤلف، وهو مترجم في تاريخ دمشق لابن عساكر 5/ 343، والتكملة الأبارية (89)، وغاية النهاية 1/ 113 وغيرها. (¬4) نسبة إلى "أغرش" موضع بإقليم بكيران. (¬5) في ق: "الحسن"، خطأ محض، وتنظر ترجمته في تاريخ الاسلام 12/ 310. (¬6) في ق: "الحسن"، محرف. (¬7) في ق: "والد"، وهو تحريف قبيح.

755 - أحمد بن محمد بن مسعود بن هارون السماتي، من ذرية هارون بن ميسرة بن عبد الله، إشبيلي ترجالي الأصل، نزل سلفه بالخولانيين من إشبيلية، أبو العباس، ابن مسعود

755 - أحمدُ بن محمد بن مَسْعود بن هارونَ السُّمَاتي، من ذُرِّية هارونَ بن مَيْسَرةَ بن عبد الله، إشبيليّ تَرْجَاليُّ الأصل، نزَلَ سَلَفُه بالخَوْلانيِّين من إشبيلِيَةَ، أبو العبّاس، ابنُ مسعود. كان محدِّثًا عارِفًا فقيهًا حافظًا (¬1) متقدّمًا في عَقْد الشّروط بارعَ الخَطّ، واستُقضيَ بشَنْتَ بوس من قُرى وادي إشبيلِيَةَ، وشُهِر بالعدالة، وكان من بيتِ حسَبٍ وجَلالة. 756 - أحمدُ بن محمد بن مُطَرِّف بن عيسى الغَسّانيُّ، إلبِيريٌّ. رَوى عن شيوخ بلدِه وكان فقهائه. وتوفِّي بعدَ الخمسِ والعشرينَ وأربع مئة. 757 - أحمدُ بن محمد بن مُغيث الحَضْرَميُّ. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 758 - أحمدُ (¬2) بن أبي عبد الله محمد بن أبي الخليل مُفرِّج الأُمويُّ، مَوْلاهم، إشبيليٌّ, أبو العبّاس، وكَنّاه أبو العبّاس بنُ فَرْتون أبا جعفر، وتفرَّد بذلك؛ ابنُ العَشَّاب وابنُ الرُّوميّة وهِي أشهَرُهما وألصَقُهما به، وكان يَكرَهُها ويَقلَقُ لها فشُهِرَ بالعَشّابِ وبالنَّباتي. ¬

_ (¬1) سقطت من ق. (¬2) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال 3/ 97، والمنذري في التكملة 3/الترجمة 2928، وابن الأبار في التكملة (303)، وابن العديم في بغية الطلب 2/الورقة 4، وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء (538)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 14/ 232، وسير أعلام النبلاء 23/ 58، وتذكرة الحفاظ 4/ 1425، والمشتبه 339، والصفدي في الوافي 8/ 45، وابن الخطيب في الإحاطة 1/ 205، وابن فرحون في الديباج 1/ 191، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 1/ 610 و 2/ 335 و 4/ 319، وابن حجر في تبصير المنتبه 2/ 662، والسيوطي في طبقات الحفاظ 498، والمقري في نفح الطيب 1/ 634، وابن العماد في الشذرات 5/ 185، والزبيدي في "زهر" من تاج العروس، والقنوجي في التاج المكلل (322)، والكتاني في الرسالة المستطرفة (145)، وغيرهم.

وترجَمَ به الحافظُ أبو بكر ابنُ نُقطةَ فقال فيه: الزَّهْريُّ، منسوبًا إلى الزَّهْر فيما يُحفَظُ من مُشتبِه النِّسبة معَ الزُّهْري، وكان وَلاءُ جدِّه مُفرِّج لأحدِ أطبّاءِ قُرْطُبةَ وكان قد تبَنّاه، وعن مَوْلاه هذا أخَذَ علمَ النّبات. رَوى أبو العبّاس المترجَمُ به بالأندَلُس عن أبوَيْ إسحاقَ: ابن خَلَف الدِّمشقيّ السَّنْهُوريّ وابن عبد الله اليابري، وأبي البَرَكاتِ عبد الرّحمن بن داودَ الزيزاري، وآباءِ بكر: ابن طَلْحةَ وابنَيْ عبد الله: ابن الجَدّ وابن العَرَبي، وأبي عليٍّ الحافِظِينَ، وابن يوسُف بن مَيْمون الشَّرِيشي، وأبي الحَجّاج بن محمد ابن الشّيخ، وأبي الحَسَن ثابتٍ الكَلاعيّ، وأبي الحُسَين محمد بن محمد بن زَرْقُون وطالت صُحبتُه إياه، وأبي ذرّ مُصعَب بن محمد، وأبي زكريّا بن أحمدَ بن مَرْزُوق، وأبي عبد الله بن سَعيدِ بن زَرْقُون، وأبي العبّاس بن عبد الله بن سيِّد الناس، وأبي القاسم محمد بن علي بن البَرّاق، وآباءِ محمد: ابن أحمدَ بن جُمْهُور وابن محمد بن الجَنّان وعبد المُنعِم بن محمد ابن الفَرَس، وأبي الوليد سَعْد السُّعود بن أحمدَ بن عُفَيْر قرَأ عليهم وسَمع. ولقِيَ بقُرْطُبةَ أبا القاسم عبدَ الرّحمن بن محمد الشَّرّاطَ وأبا [....] (¬1) بن جُرْج. وكتَبَ إليه مُجِيزًا من أهل الأندَلُس والمغرِب: أبو البقاءِ يعيشُ بن عليّ ابن القديم، وأبو جعفر بنُ عليّ بن الحَكَم الحَصّار، وأبو الحَسَن بن أحمدَ الشَّقُوري، وأبو سُليمان داودُ بن سُليمان بن حَوْطِ الله، وأبو زكريّا بن عبد الرّحمن الدِّمشقي، وأبوَا عبد الله: ابن أحمدَ الأَنْدَرْشيُّ وابن عثمان بن يقيميس وأبو القاسم أحمدُ بن عبد الوَدُود (¬2) بن سَمَجُون، ولقِيَ بعضَهم، وأبو محمد بنُ محمد الحَجري، وقد كان أجازَ البحرَ بعدَ الثمانينَ وخمس مئة للقائه بسَبْتةَ فلم يتَهيَّأْ ¬

_ (¬1) فراغ في النسختين، ولعل المقصود أبا مروان عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد ابن جرج القرطبي المتوفى سنة 618 هـ، وهو مترجم في التكملة (2236). (¬2) في ق: "أحمد بن محمد الودود" وهو تحريف، وهو أحمد بن عبد الودود بن عبد الرحمن بن علي، يُعرف بابن سمجون، وقد تقدم في هذا السفر.

لهُ ذلك. ومن أهل المشرِق: أبوا عبد الله المُحَمّدان: ابنُ إسماعيلَ بن أبي الصَّيْف وابنُ الحَسَن جوبَكار نزيلا مكّةَ شرَّفها الله، كتَبَا إليه منها، وأدّى إليه شيخُه أبو إسحاقَ السَّنْهُوريُّ إذْنَ طائفةٍ من البغداديِّينَ والعراقيِّينَ له في الرّواية عنهم، وهم: ظفرُ بن محمد (¬1)، وعبدُ الرّحمن بن المبارَك بن (¬2) محمد الخَطيبُ أبو محمد باغ وهان (¬3)، وعليُّ بن محمد بن عليّ النِّيرِيزِيّ -بكسرِ النُّون وياءِ مَدّ وزاي منسوبًا (¬4) - الخطيبُ بشِيراز أبو الحَسَن، وفَنَّاخُسْرو بن خُسْرو فيروز بن سَعْد الشِّيرازيُّونَ، وضياءُ الدِّين أبو أحمدَ عبدُ الوهّاب بن عليّ بن سُكَيْنةَ البغدادي، والمحمَّدون: ابنُ أحمد (¬5) بن نَصْر الأصبَهانيُّ الصَّيْدلانيُّ الكبيرُ أبو جعفر، وابن أبي القاسم الخَضِرُ بن محمد بن تَيْمِيَّةَ -بتاءٍ معْلُوّة مفتوحة وياءٍ مسفولة وميم مكسورة منسُوبًا مؤنَّثًا- الحَرّانيُّ أبو عبد الله، وابنُ عبد الرحيم بن عبد الرّحمن الفامِيُّ -بفاءٍ وميم بينَهما ألف منسُوبًا- الهَرَويُّ، وابن الفَضْل بن محمد بن الفَضْل المؤذِّن خادمُ الفقراء، وابن مَعْمَر بن عبد الواحِد ابن الفاخر (¬6) الأصبَهانيُّ أبو عبد الله، ومَسْعودُ بن محمود بن مَسْعود بن محمود بن حَسّان المنيعي (¬7) أبو سعيد، ومنصورُ بن عبد المُنعم بن عبد الله بن محمد بن الفَضْل بن أحمدَ بن محمد بن أحمد الصَّاعِديُّ أبو الفَتْح الفُرَاوي، والمؤَيَّدان: ابنُ أبي سَعْد ¬

_ (¬1) لعله ظفر بن محمد بن مسعود ابن السدنك الحريمي المتوفى سنة 574 هـ. (¬2) في ق: "وأبو". (¬3) كتب ناسخ م فوقها: "كذا"، ولعل المذكور هو المعروف بابن المشتري المتوفى سنة 619 هـ، ترجمه ابن الدبيثي في تاريخه 4/ 64، وابن نقطة في إكمال الإكمال 5/ 569، والمنذري في التكملة 3/ الترجمته 1897. (¬4) منسوب إلى "نيريز" من أعمال شيراز، كما في أنساب السمعاني، وعنده وعند ياقوت: بفتح النون. (¬5) في ق: "محمد"، خطأ، وهو مترجم في تكملة المنذري 2/الترجمة 990، وتاريخ الإِسلام 13/ 82 وغيرهما. (¬6) في ق: "الفخار"، محرف. (¬7) في ق: "المنيي"، معرفة.

عبد الله بن عبد الرزّاق بن عبد الكريم بن هَوازِنَ القُشَيْريُّ وابن محمد بن عليّ الطُّوسيُّ الأصل أبو الحَسَن النَّيْسابُورِيّون. ثم رحَلَ إلى المشرِق بنيّة الحَجّ أول عامَ اثنَيْ عشَرَ وست مئة فأدَّى فريضتَه عام ثلاثةَ عشَرَ، ولُقِّب هنالك بمُحبِّ الدين، وأقامَ في رحلتِه نحوَ ثلاثةِ أعوام، ولقِيَ في وِجهتِه من أعلام العلماءِ الأكابرِ جُملةً كبيرة، فمنهم: ببِجَايةَ: أبو الحَسَن عليُّ بن أبي نَصْر بن عبد الله وأجاز له، وأبو محمد بنُ يبكي (¬1). وبتونُس أبو محمد عبدُ الله بن [محمد بن عبد الملك] (¬2) المَرْجَانيّ ولم يَذكُرْ أنّهما أجازا له. وبالإسكندَريّة: أبو الأصبَغ عيسى بنُ عبد العزيز بن سُليمان، وأبو الحُسين محمد بن أحمدَ بن جُبَيْر الأندَلُسيَّينِ، وأبو الفَضْل جعفرُ بن أبي الحَسَن بن أبي البَرَكات بن جعفرِ بن يحيى الهَمْدانيُّ، بسكونِ الميم والدّال الغُفْل، وحضَرَ مجلسَ إسماعِه، وأبو محمدٍ عبدُ الكريم بن أبي بكرٍ عَتِيق بن عبد الملِك الرَّبَعيُّ وأجازوا له، وأجازَ له منها: أبو محمد عبدُ الله بن عبد الجَبّار بن عبد الله العُثْماني، قال: ولم يتَهيَّأْ لي أيامَ كوْني بها لِقاؤه لِمانع من ذلك فاستُجيزَ لي وكتَبَ خطَّه. وبمِصرَ: أبو محمدٍ عبدُ العزيز بن علي بن سَحْنون الغُمَاريُّ، بالغَيْن المعجَمة مضمومة وميم وألفٍ وراءٍ منسوبًا، الخالديُّ، وأبو المَيْمون، وكَنَاه بعضُهم أبا المجد، عبدُ الوهّاب بن عَتِيق بن هِبة الله بن المَيْمون بن عيسى بن هِبة الله بن محمد بن يحيى بن عيسى بن عبد الرّحمن بن عيسى الوَرْدانيُّ القُرَشيُّ. وبمكّة شرَّفها اللهُ: نازلاها أبو عليّ الحَسَن بن محمد بن الحَسَن الصَّغَانيُّ ¬

_ (¬1) هكذا في النسختين وبعدها فراغ، ولم نقف عليه. (¬2) ما بين الحاصرتين فراغ في النسختين، وأثبتناه من ترجمته، وتنظر مقدمة الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب لرحلة التجاني، وشجرة النور (206).

الحَنفيّ، وأبو الفُتُوح نَصْر بن أبي الفَرَج بن عليّ ابن الحُصْري، بضمِّ الحاءِ وسكونِ الصّاد المُهملتَيْن، وسَمع عليهما، وأجازوا له. وببغدادَ، وقَدِمَها يومَ الثلاثاءِ غُرّةَ صَفَرِ أربعَ عشْرةَ وست مئة: الأحامِد: ابنُ أبي السَّعادات أحمدُ بن أبي بكرٍ أحمدَ بن كرَم بن غالبِ بن قتيل، بالقاف والتاء المعْلُوّة، البَزّازُ، بزايَيْن، البَنْدَنيجيُّ (¬1)، بفَتْح الباءِ بواحدةٍ وسكون النّون ودال غُفْل مفتوحة ونون مكسورة وياءِ مَدّ وجيم منسُوبًا، وابنُ أبي -في خَطِّ طَلْحة، وعند ابن فَرْقَد- الحَسَن (¬2) بن أحمدَ بن حَنْظلةَ الكَتْبيُّ أبو العبّاس، وابنُ الحُسَين بن عبد الله بن أحمد بن هبة الله أبو نَصْر ابنُ النَّرْسِيّ، بنُون مفتوحة وراءٍ ساكنة وسِين غُفْل منسوبًا، وابنُ عَليِّ بن الحُسَين مُصَغَّرًا، ووقَفْتُ عليه في خطٍّ: الحَسَن: مُكبَّرًا (¬3)، ابن عبد الله الغَرْنَويُّ الأصل، بغَيْن معجَمة مفتوحة وراءٍ ساكنة ونونٍ مفتوحة وواوٍ منسوبًا، أبو الفَتْح، وابنُ أبي الحَسَن محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن إبراهيمَ أبو العبّاس ابن صِرْما، بكسرِ الصّاد المهمَلة وسكون الراءِ وميم وألف، وابنُ محمد بن إبراهيمَ السّاوِيّ، بسِين غُفْل وألفٍ وواوٍ منسوبًا، الهَمْدانيُّ، بفَتْح الميم ودالٍ غُفْل (¬4)، أبو حامد، وابنُ محمود بن أحمدَ الواسِطيُّ ¬

_ (¬1) مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 2/ 207. (¬2) النص ملبس، والمقصود أن طلحة وابن فرقد سمياه: ابن أبي الحسن بن أحمد بن حنظلة، وأحمد بن أبي الحَسن بن أحمد بن حنظلة أبو العباس البغدادي الكتبي توفي سنة 630 هـ، وهو مترجم في التكملة المنذرية 3/ 2476، وتاريخ الإِسلام للذهبي 13/ 914. (¬3) الصواب أنه ابن الحُسين مصغرًا، ترجمه ابن الدبيثي في تاريخه 2/ 329، وابن نقطة في التقييد (156)، والمنذري في التكملة 3/الترجمة 1838، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 535، وسير أعلام النبلاء 22/ 103 وغيرها. (¬4) في حاشية ق تعليق نصه: "إذا فتحت الميم فالذال معجمة نسبة إلى البلد وإذا سكنت الميم فالدال غفل نسبة إلى القبيل، فتأمل ما قاله المصنف فإنه واهم، والله أعلم". قلنا: لا شك في وهمه فالرجل من أهل همذان وسمع بها، ثم قدم بغداد حاجًا في سنة ثلاث عشرة وست مئة، وقد ترجمه ابن الدبيثي في تاريخه 2/ 38 وهو من السامعين منه، وابن الفوطي في الملقبين بقوام الدين من تلخيص مجمع الآداب 4/الترجمة 3004.

ثم البغداديُّ أبو العبّاس، وابنُ أبي شُجاع يحيى (¬1) بن عليّ بن محمد أبو منصور ابن البَرّاج (¬2)، بباءٍ بواحدة مفتوحة وراءٍ مشدَّدة وألفٍ وجيم. وإبراهيمُ بن عبد الرّحمن بن أبي عبد الله بن الحُسَين بن أبي ياسِر القَطِيعيُّ الخَيّاط، بخاء معجَمة وياء مسفُولة، أبو إسحاق، وآرْسَلان، بهمزة مفتوحة ممدودة وراءٍ ساكنة وسين غُفْل مفتوحة ولام ألف ونون، ابن عبد الله بن عُبَيد الله السَّيِّديُّ، بفتح السِّين الغُفْل وتشديد الياء المسفولة المكسورة ودالٍ منسوبًا. والأسعدُ بن بَقَا بن عبد (¬3) بن بَقَاقَا، الأوّل بباءٍ بواحدة مفتوحة وقافٍ وألف، والثاني مثلُه وزيادةِ قاف وألف، الأَزَجِيُّ، بهمرةٍ وزاي مفتوحتين وجيم منسوبًا، أبو عبد الله النّجّارُ منسوبًا إلى النِّجارة. والإسماعِيلُونَ آباءُ محمد: ابن بارْكُش بباءٍ بواحدة وألفٍ وراءٍ ساكنة وكافٍ مضمومة وستين معجَمة، الجَوْهَريُّ، قال: وهُو أوّلُ من لقِيتُه بها يومَ الجمُعة، وابنُ أبي البَرَكات سَعْدُ الله بن محمد بن عليّ بن أحمدَ بن عُمرَ بن الحَسَن بن حَمْدِيْ، بحاءٍ غُفل مفتوحة وميم ساكنة ودالٍ وياءِ مَدّ، البَزّاز، بزايين، الخِرَقيُّ، بكسر الخاءِ المعجَمة وفَتْح الراء وقافٍ منسوبًا، وابنُ عبد الخالق بن هِبة الله الغضائري، وابنُ المظفَّر بن محمد بن إسماعيلَ (¬4) الدّبّاس، بدالٍ غُفْل وباءٍ بواحدة مشدَّدة وألفٍ وسِين غُفْل. وأبو العزِّ بن أبي الفُتُوح بن أبي الفَرَج شُجاع بن أبي العزِّ البَوّاب. والأنجَبُ بن أبي الحَسَن بن أبي العزِّ أبو السَّعادات (¬5) الدّلّال. وبُزُغُش، بباءٍ بواحدة وغَيْن معجَمة مضمومتَيْن، ¬

_ (¬1) ترجم الذهبي ليحيى هذا، وهو والد أحمد المذكور (تاريخ الإِسلام 12/ 519). (¬2) في ق: "أبو نصر البراج"، محرف. (¬3) في م: "عبد بن بقا"، ولا يصح، وهو مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 2/ 536، وتكملة المنذري 3/ الترجمته 2103، وتاريخ الإِسلام 13/ 735، وتوفي سنة 623 هـ. (¬4) هكذا سماه، وفي تاريخ ابن الدبيثي 2/ 511، وتكملة المنذري 2/الترجمة 1603، وتاريخ الإِسلام 13/ 433 وغيرها: إسماعيل بن المظفر بن هبة الله الدباس، أبو محمد يعرف بابن الأقفاصي. (¬5) هذه الكنية غير معروفة له، والمحفوظ أنه يكنى أبا شجاع، كما في تاريخ ابن الدبيثي 2/ 551 وذكر المنذري أنه يكنى أبا شجاع، ويقال: أبو العز (التكملة 3/ الترجمته 1786).

ابن عبد الله الرُّوميُّ عَتِيقُ أبي البَرَكات سَعْد الله بن محمد بن عليّ بن حَمْدي المذكور أبو محمد، وكَنَاه الحافظُ أبو بكرٍ ابنُ نُقطة أبا منصُور وقال (¬1): إنه عَتِيقُ أحمدَ بن محمد بن حَمْدي أبي جعفر، بشهادةِ ابنِه أبي الفَرَج محمد. وثابتُ بن مُشَرَّف، بفتح الشِّين المعجَمة وتشديدِ الراء المفتوحة وفاء، ابن سَعْد بن إبراهيمَ الخَبّاز، بخاء معجَمة مفتوحة وباءٍ بواحدة مشدَّدة وألِف وزاي، الأزَجِيُّ، بهمزة وزاي مفتوحتين وجيم منسوبًا، البَنّاء ابن شِسْتان، بشِين معجَمة مكسورة وسِين غُفْل ساكنة وتاءٍ مَعْلُوّة وألفٍ ونون، أبو سعد ويقال: أبو محمد (¬2). والحَسَن بن إسحاقَ بن أبي منصُور موهوبِ بن أحمدَ بن محمد بن الخَضِر أبو عليّ ابن الجَواليقيّ (¬3). ورَسَن بن يحيى بن رَسَن، براءٍ وسِين غُفْل مفتوحَتيْن ونونٍ فيهما، النِّيلي، بنون مكسورة وياءِ مَدّ ولام منسوبًا. ورَيْحانُ بن تِيكان، بتاءٍ مَعْلُوّة مكسورة وياءِ مَدّ وكافٍ وألف ونون، ابن مُوسَك، بضمِّ الميم وواو وسِين غُفْل مفتوحة وكاف، ابن عليّ الكُرْدي الحَرْبيُّ الضَّرير أبو الخَيْر (¬4). والسَّعْدان: ابنُ جعفر بن سَلّام السَّيِّدي، بفتح السِّين الغُفْل وكسر الياءِ المسفُولة وشدِّها ودال منسوبًا، أبو الخير (¬5)، وسَعدُ الدِّين (¬6) بن طاهر بن عليّ بن قاسم البَلْخيُّ، بباءٍ بواحدة مفتوحة ولام ساكنة وخاءٍ معجَمة منسوبًا، أبو الثناء ابن مَجْدِ العراق. والسَّعيدان: ابنُ محمد بن سَعيد ابن الرَّزَّاز (¬7)، براءٍ مفتوحة وزايَيْن أُولاهما مشدَّدة وبينَهما ألف، وابن محمد بن ياسين أبو منصور. وصَدَقةُ بن عليٍّ جَدْوانَ، بجيم ¬

_ (¬1) إكمال الإكمال 6/ 247. (¬2) تاريخ ابن الدبيثي 3/ 46. (¬3) تاريخ ابن الدبيثي 3/ 85. (¬4) ينظر تاريخ ابن الدبيثي 3/ 277. (¬5) تاريخ ابن الدبيثي 3/ 321. (¬6) المحفوظ أنه: "سعد"، ترجمه ابن الدبيثي في تاريخه 3/ 322، والمنذري في التكملة 3/ الترجمته 1743، والذهبي في تاريخ الإِسلام 13/ 496، إلا أن يكون هذا لقبًا له. (¬7) تاريخ ابن الدبيثي 3/ 348.

مفتوحة ودالٍ غُفْل ساكنة وواوٍ وألف ونون -وهو فيما يظهَرُ لقبُ علي- أبو البِرّ، بباءٍ بواحدةٍ وراء، ابن البَبْغ بباءٍ بواحدة مفتوحة وأُخرى ساكنة وغَيْن معجَمة. وعبدا الله: ابن الحُسَين (¬1) بن عبد الله بن الحُسَين العُكْبَريُّ الضَّرير أبو البقاء، وابنُ حَمّاد بن ثَعْلَب الضّرير أبو المَحاسِن. وعُبَيدا الله: ابن عليّ بن المبارَك بن الحَسَن الواسِطي نَزيلُ بغدادَ أبو المعالي ابن نَغُوبا (¬2)، بنون مفتوحة وغَيْن معجَمة مضمومة وواوِ مَدّ وباءٍ بواحدة وألف، وابنُ المبارَك بن إبراهيمَ بن مُختار بن تَغْلب (¬3) أبو القاسم ابنُ السِّيبِيّ، بكسرِ السِّين الغُفْل وياءِ مَدّ وباءٍ بواحدة منسوبًا (¬4). وأعبُدُ الرّحمن: ابنُ إسحاق بن أبي منصُور موهوب بن أحمدَ بن محمد بن الخَضِر أبو إسحاق، ويقال: أبو بكرٍ (¬5)، ابنُ الجَواليقي، أخو أبي عليّ الحَسَن المذكور قبلُ، وابنُ سعدِ الله بن أبي الرِّضا أبو الفَضْل الطاحُونيُّ، ويقال: الطَّحّان (¬6)، وابنُ أبي محمد عبدُ الغنيّ بن أبي البَرَكات محمد بن سَعْد بن سَعيد أبو القاسم ابن الغَسّال (¬7)، بالغَيْن المعجَمة، وابنُ عُمرَ بن أبي نَصْر بن عليّ بن عبد الدائم الواعظُ أبو محمد ابنُ الغَزّال (¬8) بشَدِّ الزّاي، وابنُ أبي عبد الله ¬

_ (¬1) في ق: "الحسن"، محرف، وهو مشهور، مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 3/ 448. (¬2) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال 1/ 423، وابن الدبيثي في تاريخه 3/ 560، والمنذري في التكملة 3/الترجمة 2043، والذهبي في تاريخ الإِسلام 13/ 713. (¬3) قيده المنذري فقال: بالتاء ثالث الحروف والغين المعجمة (التكملة 3/الترجمة 1884)، وينظر تاريخ ابن الدبيثي 3/ 563. (¬4) إلى السيب، قرية مشهورة قرب بغداد. (¬5) المشهور أنه أبو بكر، وهو مترجم في تكملة المنذري 3/الترجمة 2900، وتاريخ الإِسلام للذهبي 14/ 212، وتأخرت وفاته إلى سنة 636 هـ, وقد تخطاه ابن الدبيثي وترجم لأخويه: الحسن وعبد الله (3/ 85 و 443). (¬6) تاريخ ابن الدبيثي 4/ 26. (¬7) ترجمه ابن نقطة في "الغَسّال" من إكمال الإكمال 4/ 323، وابن الدبيثي في تاريخه 4/ 37 ولم يذكر هذه النسبة، والمنذري في التكملة 2/الترجمة 1547. (¬8) تاريخ ابن الدبيثي 4/ 40.

محمد بن عليّ بن محمد بن الحُسَين بن إبراهيمَ بن يَعيْشَ، بياءٍ مسفولة وعَيْن غُفْل وياءِ مَدّ وشين معجَمة أبو الفَرَج (¬1)، وابنُ أبي البَرَكات المبارَك بن محمد بن إبراهيمَ بن كَنْدُوتا، بكافٍ مفتوح ونون ساكنة ودالٍ مضمومة وواوِ مَدّ وتاءٍ مَعْلُوّة وألف (¬2)، الجِيليُّ، بجيم مكسورة وياءِ مَدّ ولام منسوبًا، أبو محمد ابنُ المُشتري: اسمَ فاعل من الاشتراء. وعبدُ الرّحيم بن نَصْر الله بن عبد الرّحيم بن فارِس أبو نَصْر، ابن القُبَّيْطي، بقاف مضمومة وباءٍ بواحدة مشدَّدة مفتوحة وياءٍ مسفولة وطاءٍ مهمَلة منسوبًا. وعبد الحق بنُ الحَسَن بن أبي الحَسَن سَعْد الله بن نَصْر بن سَعيد أبو طالب، ابنُ الحَيَواني بحاءٍ غُفْل وياءٍ مسفولة مفتوحَيْن وواوٍ وألفٍ ونون منسوبًا، وابنُ الدَّجَاجي (¬3)، بدال غُفْل وجيمَيْن أُولاهُما مخفَّفة منسوبًا. وعبدُ السلام بن عبد الله بن أحمدَ بن بَكْرانَ الدّاهِريّ، بدالٍ غُفْل وألِف وهاءٍ وراء، أبو الفَضْل (¬4). وأبوا محمد: عبدُ العزيز بن أحمدَ بن مَسْعود بن سَعْد بن عليّ، ابنُ الناقد (¬5) بنونٍ وقاف ودال غُفْل، وابنُ دُلَفَ بن أبي طالب الخازنُ (¬6). وعبدُ العظيم بن عبد اللّطيف بن أبي نَصْر بن محمد السَّلْمانيُّ أبو المكارِم (¬7). وعبدُ اللّطيف بن عبد الوهّاب بن محمد بن عبد الغنيّ بن محمد بن جَرِير الطَّبَري (¬8)؛ آباءُ محمد. وعبدُ الوهّاب بنُ أبي المظفَّر بن أبي البَرَكات عبد الوهّاب أبو بدرٍ الصَّفّار. والعَلِيُّونَ: ابنُ ثابتِ بن طاهِر الحَذّاء، وابنُ عليّ بن عليّ بن أبي محمد المَوْصِليُّ البغداديّ، وابنُ عُمرَ بن أبي الحَسَن الحَمّامي، وابن ¬

_ (¬1) هو أنباري الأصل بغدادي المولد والدار (تاريخ ابن الدبيثي 4/ 58). (¬2) هكذا قيّده، وفي نسخ تاريخ ابن الدبيثي: "كندرتا" بالراء بدل الواو (4/ 64). (¬3) تاريخ ابن الدبيثي 4/ 221. (¬4) تاريخ ابن الدبيثي 4/ 122، وسير أعلام النبلاء 22/ 304 والتعليق عليه. (¬5) تاريخ ابن الدبيثي 4/ 142. (¬6) تاريخ ابن الدبيثي 4/ 143، وتكملة المنذري 3/الترجمة 2920. (¬7) تاريخ ابن الدبيثي 4/ 359. (¬8) تكملة المنذري 3/الترجمة 2407، وتاريخ الإِسلام 13/ 888.

يونُس بن أحمدَ بن عُبَيد الله بن هِبة الله الزاهدُ ابن البَبْغ، كشُهرة أبي البِرِّ المتقدِّم -قال: ورافَقْتُه بطريق مكّة-؛ آباءُ الحَسَن. والعُمَرُونَ: ابنُ الأعزِّ، بعَيْن غُفْل وزاي، ابن عُمر بن محمد بن عبد الله السُّهْرُوَرْديّ، بضم السِّين الغُفْل وسكونِ الهاء وضمِّ الراء (¬1) وواوٍ مفتوحة وراءٍ ساكنة ودالٍ غُفْل منسوبًا، أبو حَفْص، وابنُ أبي بكرٍ محمدُ بن أحمدَ بن الحَسَن بن جابر المقرئ (¬2) أبو نَصْر، وابن أبي السَّعادات بن أبي الحَسَن مُهَنّا، بضمِّ الميم وفَتْح الهاء وشدِّ النون وألف، الأزَجِيُّ أبو حَفْص ابن صِرْما، وأبو محمد قُرَيْش بن السُّبَيْع -مصَغَّرَ سَبُع- ابن مُهنّا بن السُّبَيْع (¬3) بن مُهَنّا بن السُّبَيْع بن داودَ بن طاهِر الحُسَيْنيُّ المَدَني، كذا نقَلتُه من خطِّ قُرَيْشٍ نفسِه، وزاد أبو العبّاس النَّباتي بينَ السُّبَيْع وداودَ: ابنَ المُهنّا، وبين داودَ وطاهر: ابنُ القاسم بن عُبَيد الله، وبعدَ طاهر: ابنَ يحيى بن الحَسَن بن جَعْفر بن عُبَيد الله بن الحُسَين [بن علي بن الحسين] (¬4) بن عليِّ بن أبي طالب، وقال: هكذا أمْلَى عليّ نَسَبَه، ثُم قرأهُ عليَّ من كتابِه بعدَ ذلك فاعلَمْه. والمحمَّدونَ: ¬

_ (¬1) هكذا في النسختين مما يدل على أنه من قول المؤلف، وهو وهم، فالمحفوظ أنه بفتح الراء، كما في أنساب السمعاني ولباب ابن الأثير وغيرهما. (¬2) في ق: "المعري"، وفي م: "المغربي"، ولم يكن الرجل معريًا ولا مغربيًا، بل هو دينوري الأصل بغدادي المولد والدار، ولكنه "مقرئ" وهو الصواب، قال زكي الدين المنذري في وفيات سنة 616 هـ من التكملة: "وفي التاسع والعشرين من صفر توفي الشيخ الصالح أبو نصر عمر بن أبي بكر محمد بن أحمد بن الحسن بن جابر الدينوري الأصل البغدادي المولد والدار المقرئ الصوفي المنعوت بالسديد، ببغداد، ودفن بالعطّافية". وترجمه ابن النجار في التاريخ المجدد، الورقة 128 (من مجلد المكتبة الوطنية بباريس)، وابن الدبيثي في تاريخه 4/ 356، والذهبي في تاريخ الإِسلام 13/ 482. (¬3) في ق: "السبع"، محرف، وهو مترجم في تكملة المنذري 3/الترجمة 1958، وتكملة ابن الصابوني 326، وتاريخ الإِسلام 13/ 618 وهو بخط الذهبي. (¬4) ما بين الحاصرتين زيادة من تكملة المنذري لا يستقيم النص إلا بها، كأنها سقطت من المؤلف، ولا يُعرف للحسين بن علي رضي الله عنهما ذريّة إلا من علي بن الحسين، والله الموفق.

ابنُ أحمدَ بن صَالح بن شافع (¬1) الجِيليّ، بجيم مكسورة وياءِ مَدّ، أبو المعالي، وابنُ أحمدَ بن عُمر بن الحُسَين بن خَلَف القَطِيعي أبو الحَسَن بن فُتَيْحة، بفاءٍ وتاءٍ مَعْلوّة وحاءٍ وتاءِ تأنيث مصَغَّرًا، لقبٌ جَرى على أبيه فعُرِف به (¬2)، وابن أبي نَصْر إسحاقُ بن غَرْس النِّعمة أبي الحَسَن محمد بن أبي الحَسَن بن هَلْيَل، بهاءٍ مفتوحة ولامَيْن أُولاهما ساكنة بينَهما ياءٌ مفتوحة، ابن أبي عليٍّ الحُسَينِ بن أبي إسحاقَ إبراهيمَ بن هَلْيَل، كما تقَدَّم، ابن هارونَ الصّابي أبو عبد الله، ويقال: أبو الحَسَن, وابن الأعزِّ بن عُمر بن محمد بن عُبَيد الله السُّهْروَرْديّ أخو أبي حَفْص عُمرَ المتقدِّم الذِّكْر أبو الأسعد, وابنُ بهرام بن عليّ بن بهرام الجنديُّ أبو عبد الله، وابن محمد (¬3) بن أبي القاسم تمَيم بن أبي السَّعادات أحمدَ بن أبي بكرٍ أحمد بن كَرَم (¬4) بن غالِب أبو بكر، ابنُ البَنْدَنِيجيِّ، ابنُ أخي أبي العبّاس أحمدَ المَبْدوء بذِكْرِه في البغداديِّين، وابنُ رَيْحان بن عبد الله الثِّقَتي (¬5) عَتِيق شُهْدةَ، أبو علي، وابن أبي منصُور سَعيد بن محمد بن سَعيد أبو سَعْد، ابن الرزّاز بن أبي منصُور المتقدِّم، وابن سَعيد بن يحمرو بن عليّ أبو عبد الله ابن الدُّبَيْثيّ، بدالٍ غُفْل مضمومة وباءٍ بواحدة مفتوحة وياءِ تصغير وثاءٍ مثلَّثة منسوبًا، وتدَبَّج معَه، وابنُ أبي محمد عبد الله بن أبي البَرَكات المبارَك بن كَرَم بن غالبٍ البَنْدَنِيجيّ أبو منصور ابن عُفَيْجة، وابنُ محمد بن أبي حَرْب بن عبد الصّمد أبو الحَسَن ابنُ ¬

_ (¬1) في م: "نافع"، محرف، وهو مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 1/ 229. (¬2) ذكرها ابن نقطة في ترجمة الأب من إكمال الإكمال 4/ 463، والابن 4/ 464. (¬3) هكذا في النسختين، وهو غلط إذ يقتضي أن يكون اسمه محمد واسم أبيه محمد، والمحفوظ أن اسم أبيه هو "تميم" فهو: محمد بن تميم بن أحمد بن أحمد بن كرم بن غالب البندنيجي، أبو بكر بن أبي القاسم من أهل باب الأزج، ترجمه ابن الدبيثي في تاريخه 1/ 260، والذهبي في وفيات سنة 643 هـ من تاريخ الإِسلام 14/ 643. (¬4) في ق: "أكرم"، محرف. (¬5) في ق: "البقتي"، محرفة، وهو منسوب إلى ثقة الدولة ابن الدريني زوج الكاتبة العالمة البغدادية شهدة بنت الإبري، وهو مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 1/ 331.

النَّرْسيِّ الكاتب، وابن النَّفِيس، بنون مفتوحة وفاء مكسورة وياءِ مَدّ وسِين غُفْل، ابن بَقاء، بباءٍ بواحدة وقافٍ مفتوحتين وألف، أبو عبد الله الفَرّاش، بفاءٍ وراء مشدَّدة وألِف وستين معجَمة، وابنُ أبي نَصْر هِبة الله بن المُكرَّم بن عبد الله الصُّوفيُّ أبو جعفر، وابن أبي الحَسَن بن نَصْر الخَطيبُ أبو الفضل. والمختص بن عبد الله الصُّوفيّ عَتيقُ أبي مَسْعود الثَّقَفي، أبو العزّ، كذا كَنَاه صاحبُه إسحاقُ بن المؤيَّد بن علي حسب ما وَقَفْتُ عليه في خطِّه، وكَنَاه أبو العبّاس النَّباتي: أبا الحَسَن (¬1). والمسعودانِ: ابنُ عبد الله المُستَنْجِدي أبو الحَسَن وابنُ محمود بن أبي بكر أبو الفَتْح البيطار. ومُشَرَّف بن عليّ بن أبي جعفر الخالصي (¬2) الضّريرُ أبو العزّ. والمظفَّر بن أبي نَصْر علي بن أيّوبَ بن محمود بن المظفَّر أبو علي ابنُ رئيس الرؤساء. والمعتوقُ بن عليّ بن أبي البقاء (¬3) الواسِطيّ ثم البغداديُّ الحَدّاد أبو الحُرّ، بالحاء الغُفْل مضمومةً وراء مشدَّدة. والمُهذَّبُ بن أبي الحَسَن عليّ بن أبي نَصر بن عبيد الله أبو نَصْر، ابن قُنَيْدة، بقافٍ ونون ودال غُفْل مصَغَّرًا مؤنَّثًا، كذا ألفَيْتُه بخطِّ أبي العبّاس النَّباتي وبخطِّ طلحةَ، وكذلك قيَّده الحافظُ أبو بكر ابنُ نُقْطة (¬4)، ووقَفْتُ عليه في خطِّ المُهذَّب نفسِه بيِّنًا لا لَبْسَ فيه: قُنَيْدِيةَ، على هذه الصُّورة بزيادة ياءٍ أو ما يُشبِهُها بينَ الدالِ وتاءِ التأنيث فاجعَلْ تحقيقَه من مباحثِك. والنَّفِيسُ بن أبي البَرَكات بن أبي المعالي الزَّعيميُّ، بفَتْح الزاي وكسر العَيْن وياءِ مَدّ وميم منسوبًا أبو الفضل، ابنُ حُفْنِيْ، بضمِّ ¬

_ (¬1) المحفوظ: "أبو العز"، كما في تاريخ ابن الدبيثي 5/ 70، وتكملة المنذري 3/الترجمة 1913، وتاريخ الإِسلام للذهبي 13/ 586. (¬2) في ق: "الخالص"، معرفة، والخالصي نسبة إلى الخالص البلدة المعروفة من محافظة ديالى في العراق، عامرة إلى اليوم. (¬3) هكذا في النسختين، ونظنه مقلوبًا، فهو: معتوق بن أبي البقاء بن علي، كما في تاريخ ابن الدبيثي 5/ 62، وتكملة المنذري 2/الترجمة 1656، وتاريخ الإِسلام للذهبي 13/ 488 وهو بخطه. (¬4) إكمال الإكمال 4/ 646، وكذا قيّده المنذري في التكملة 3/الترجمة 2262.

الحاء الغُفْل وإسكانِ الفاءِ أُختِ القاف وكسر النون وياءِ مَدّ (¬1). وأبو الغنائم هِبةُ الله (¬2) بن أبي يَعْلَى محمد بن أبي منصُور المبارَك بن سَعْد بن أبي منصور محمد بن محمد بن محمود بن جعفر بن محمد بن الحُسَين بن عليّ بن إبراهيمَ بن الحَسَن بن محمد الجَوَّانِيُّ، بجيم مفتوحة وواوِ مُشَدَّدة وألف ونون منسوبًا، وهو ابنُ عُبَيد الله الأعرج بن الحُسَين الأصغَر بن عليّ زَيْن العابدين بن الحُسَين السِّبْط بن عليّ بن أبي طالب رضيَ اللهُ عنه، وقال: أملَى عليّ نَسَبَهُ هكذا، وهو واسطِيُّ الدار قَدِمَ بغدادَ زائرًا. وُيرُنْقُش (¬3)، بياءٍ مسفولة وراء مضمومتَيْن ونون ساكن وقافٍ مضموم وشِين معجَم، ابنُ جَهِير (¬4)، بفتح الجيم وهاءٍ وياءِ مَدٍّ وراء، عَتِيقُ أبي نَصْر عبد الله بن الحُسَين بن حَمْدي، أبو الحَسَن. واليوسُفانِ: ابن المبارَك بن أحمد بن هِبة الله الخطيبُ أبو المظفَّر ابن المبارَك، وابنُ المَكْشوط، وابنُ عُمرَ بن محمد بن عُبيد الله بن نِظام المُلك الطُّوسِيّ أبو المَحاسِن الصَّفَّار. وأبو جعفر بنُ أبي المعالي بن أبي الكرَم الرَّفّاء، ابن الطَّوابيقي. وأبو المفاخِر أصيلُ الدِّين بن أبي المُفَضَّل (¬5) بن أحمدَ الحموي (¬6) البَزّاز. وأُمُّ الخَيْر خديجةُ بنتُ أبي نَصْر عليّ بن أبي الفَرَج محمد بن أبي الفُتُوح عبد الله بن هِبة الله بن المظفَّر ابنِ ¬

_ (¬1) هكذا قيده، وقال المنذري: "وحُفنا: بضم الحاء المهملة وسكون الفاء وفتح النون" وكذلك هو بخط الذهبي (التكملة 3/الترجمة 1788، وتاريخ الإِسلام 13/ 565). (¬2) ترجمه المنذري في وفيات سنة 619 هـ من التكملة 3/الترجمة 1876، والذهبي في تاريخ الإِسلام 13/ 590. (¬3) ترجمه المنذري في وفيات سنة 623 هـ من التكملة 3/الترجمة 2110. (¬4) هكذا في النسختين، وذكر المنذري أنه: يرنقش بن عبد الله الجهيري عتيق ابن أبي نصر بن جهير (التكملة 3/الترجمة 2110)، ونقل الذهبي عن ابن النجار أنه: "يرنقش، أبو الحسن الرومي الجهيري ... كتب عنه ابن النجار وقال" (تاريخ الإِسلام 13/ 756)، فهو ليس ابن جهير. (¬5) في ق: "الفضل"، وما هنا يعضده ما في تاريخ ابن الدبيثي 5/ 134، وتكملة المنذري 2/ الترجمته 1647. (¬6) في ق: "الحمري"، محرف، وما هنا من م وتاريخ ابن الدبيثي وتكملة المنذري.

رئيس الرؤساءِ أُختُ المظفَّر المذكور قبلُ. وشرَفُ النِّساء صَفيّةُ بنتُ أبي جعفرٍ عبد الله بن محمد بن محمد بن محمد بن المُهتدي بالله، وأُمُّ عليّ عَزّةُ، بفَتْح العَيْن الغُفْل، بنتُ مشَرَّف أُختُ أبي سَعْد ثابت المذكور قبلُ. وبَتكرِيتَ: عُمرُ بن القاسم بن الفَرَج بن الخَضر أبو عبد الله، ويحيى بن أبي السَّعادات سَعْد الله بن أبي الحُسَين بن أبي تَمّام، أبو الفتوح. وبالمَوصِل: أبو العبّاس أحمدُ بن سَلْمان بن أبي بكر بن سَلامةَ ابن الأصفَر، وأبو محمد إسماعيلُ بن إبراهيمَ بن محمد الشَّهرِسْتاني، وأبو عليّ الحَسَنُ بن علي بن الحسن بن علي بن الحَسَن بن عمّار، والحُسَيْنانِ: ابنُ عُمرَ بن نَصْرِ بن الحَسَن بن باز، بباءٍ واحدة وألف وزاي، وابنُ أبي صالح بن فَنّاخُسْرُو، بفتْح الفاءِ وتشديد النّون وألف وضمِّ الخاء المعجَمة وإسكان السِّين الغُفْل وراءٍ وواوِ مَدّ، الدَّيْلَميُّ التَّكرِيتيُّ، أبَوا عبد الله، وشِهابُ الدِّين مَوْدودُ بن محمود بن بلدجِي الحنَفي، وعبد الله بن الحَسَن بن الحُسَين بن أبي السِّنَان بن الحَدَوْس، بحاءٍ غُفْل ودال كذلك مفتوحتَيْن وواوٍ ساكنة وسينٍ غُفْل، أبَوا محمد، وعبدُ المُحسِن ابن أبي الفَضْل عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد القاهِر بن هاشم الطُّوسيُّ خطيبُ المَوصِل أبو القاسم، وعَدِيُّ بن حَجّاج بن بُرْهان، كذا وقَفْتُ عليه بالدّال في خطِّ عَدِيٍّ نفسِه، وصَحَّفَهُ (¬1) أبو العبّاس النَّباتيُّ فقال فيه: علي، وكَنّاه أبا الحَسَن، وعليُّ بن محمد بن عبد الكريم الجَزَرِي أبو الحَسَن، والمُحَمَّدان (¬2): ابن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الرّحمن بن أبي العزّ أبو الفَرَج, وابن أبي منصُور بن أبي الطاهِر بن هِبةِ الله بن مَرْزوق الخَيَّاط، بخاءٍ معجَمة مفتوحة وياءٍ مسفُولة مشدَّدة أبو عبد الله، ومِسْمارٌ، بكسر الميم وإسكانِ السِّينْ الغُفْل وميم وألفٍ وراء، ابنُ عُمر بن محمد بن عيسى بن أحمدَ البغداديُّ ثم المَوْصِلي النّيّارُ أبو بكر ابن العُوَيْس، بعَيْن غُفْل وواو وياءِ تصغيرٍ وسين غُفْل، والمُعافَى بن ¬

_ (¬1) في ق: "وصحبه"، غلط بيّن. (¬2) في ق: "والحمدان"، تحريف.

إسماعيلَ بن الحُسَين بن أبي السِّنَان أبو محمد، ويوسُفُ بن عليّ بن يوسُف بن شَريف بن عبد الله الباذَبيني، بباءٍ بواحدة وألف وذال معجَمة مفتوحة وباءٍ بواحدة مكسورة وياءِ مَدَّ ونون منسوبًا، أبو العزّ. وبدنيصر (¬1) من الشام: أبو الفَضْل عبدُ الخالق بن الأنجَب بن المُعمَّر النِّشْتَبْري، ونِشْتَبرا: قريةٌ بمقرُبة من شَهرابان (¬2)، قيَّده كذلك أبو بكر ابنُ نُقطة (¬3). وبدمشقَ: أحمدُ بن عبد الله بن عبد الصّمد بن عبد الرزّاق السُّلَميُّ أبو القاسم، وإبراهيمُ بن عبد الواحِد بن علي بن سُرور بن رافِع المَقْدِسي نَزيلُ دمَشْق أبو إسحاق، والحَسَن بن محمد بن الحَسَن بن هِبةِ الله بن عبد الله بن الحُسَين أبو البَرَكات، ابنُ عَساكر (¬4)، وداودُ بن أحمدَ بن محمد بن مُلاعِبٍ البغداديّ نزيلُ دمَشْق أبو البَرَكات، وعبدُ الصّمد بن محمد بن أبي الفَضْل الأنصاريُّ الحَرَسْتانيّ، ويقال: الحَرَسْتي، بحاءٍ غُفْل وراءٍ مفتوحَيْن وسين غُفْل ساكنة وتاءٍ مَعْلُوّة منسوبًا -وحَرَستا: قريةٌ على بابِ دمَشْق- ومَن يقول (¬5) فيه: الحَرَستانيُّ جعَلَ بعدَ الألف نونًا، أبو القاسم، وأبو الفُتُوح محمدُ بن أبي سَعْد محمد بن أبي سَعيد محمد بن عَمْرُوك، بعَيْن غُفْل مفتوح وسُكون الميم وضمِّ الراء وواوِ مَدّ وكاف، ابن أبي سعيد بن عبد الله بن الحَسَن بن القاسم بن عَلْقمةَ بن النَّضْر بن مُعاذ بن عبد الرّحمن بن القاسِم بن محمد بن أبي بكرٍ الصِّدّيق رضيَ اللهُ عنه، قال أبو العبّاس النَّباتي: هكذا أمْلَى عليَّ نَسَبَهُ صاحبُنا ابنُ ابنه أبو عليّ الحَسَن بن أبي عَوانةَ محمد. أخَذَ عن هؤلاء كلِّهم بينَ سَماع وقراءة، وأجازوا له. ¬

_ (¬1) هكذا في النسختين بالصاد، والمحفوظ بالسين. (¬2) وتسمى اليوم السعدية، وهي من محافظة ديالى. (¬3) إكمال الاكمال 3/ 378، وتوفي عبد الخالق هذا سنة 649 هـ، وسيرته مشهورة، فينظر سير أعلام النبلاء 23/ 239 والتعليق عليه. (¬4) هو المعروف بزين الأمناء (تاريخ الإِسلام 13/ 833). (¬5) في ق: "يقل"، خطأ، وما هنا من م وهو الصواب لأن "من" موصولة وليست شرطية.

ولقِيَ جماعةً آخرين لم أجِدْ له حين هذا التعليقِ سَماعًا عليهم ولا قراءة؛ فمنهم ببغدادَ: الأحمَدانِ: ابنُ أحمدَ بن عليّ بن أبي الفَضْل أبو القاسِم ابنُ السَّمِدي، بفتح السِّين الغُفْل وكسرِ الميم مخفَّفًا ودالٍ غُفْل، كذا ضَبَطَه وجوَّده أبو العبّاس النَّبَاتي وقَفْتُ عليه في خطّ أبي القاسم نفسِه مُشكَلًا (¬1)، وأبيَنُ ما يُحمَلُ عليه: ابنُ المُستَنْجِدي فاجعَلْه من مباحثِك، وابنُ أبي الغنائم محمد بن محمد بن محمد ابن المُهتدي بالله، أبو عبد الله، وتُرْك، بضم التاء المَعْلُوّة وسكون الراء وكاف، ابنُ محمد بن بَرَكة الحَرِيمي العَطّار، وبَرَكة، بباءٍ بواحدة وراء مفتوحَيْن وكاف وتاءِ تأنيث، أبو بكر، ويقال: أبو عبد الله، ابنُ سَوادةَ، قال: ولم يتمكَّن ليَ السَّماعُ عليه لمرضِه، والحَسَنان: ابنُ أبي الفَرَج عبدُ الله بن محمد أبو المعالي ابنُ الخَلّال، بالخاءِ معجَمة، وابنُ علي بن يونُس البعَدي، وزيدُ بن يحيى بن أحمدَ بن عُبَيد الله بن هِبة الله أبو بكرٍ النُّخَالَة، بنون مضموم وخاءٍ معجَم وألف ولام وتاءِ تأنيث، وعبدُ الرّحمن بن أبي سعد (¬2) بن أحمدَ بن تُميرة (¬3)، وابنُ أبي بكر بن عبد العزيز الخَبّاز، بالخاءِ معجَمة وباءٍ بواحدة مشدَّدة وألفٍ وزاي، الحليم، وعبدا السلام: ابن عبد الرّحمن بن عليّ بن عليّ بن عُبَيْد الله أبو الحَسَن ابنُ سُكَيْنة، وابنُ أبي (¬4) عبد الله المبارَك بن أبي الغنائم (¬5) عبد الجَبّار بن محمد بن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الدبيثي في تاريخه 2/ 208، والمنذري في التكملة 3/الترجمة 2369، والذهبي في تاريخ الإِسلام 13/ 875، ويستفاد هذا الضبط في تصحيح ما هناك. (¬2) في ق: "سعيد"، محرف. (¬3) في ق: "نمير"، محرف، وهو مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 4/ 79، والمنذري في التكملة 2/الترجمة 1589، وتاريخ الإِسلام 13/ 439. ويعرف بسبط ابن السوادية، وتميرة قيده المنذري فقال: بضم التاء ثالث الحروف وفتح الميم وسكون الياء آخر الحروف وبعدها راء مهملة وتاء تأنيث. (¬4) سقطت من ق. (¬5) في ق: "القائم"، محرف، وهو مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 4/ 121، وتكملة المنذري 3/الترجمة 1915، وتاريخ الإسلام للذهبي 13/ 616، وسير أعلام النبلاء 22/ 191.

عبد السلام بن أحمد بن محمد البَرْدَغُوليُّ، بالباءِ بواحدة وسكونِ الراء وفَتْح الدّال الغُفْل وضمّ الغَيْن المعجَم وواوِ مَدّ ولام منسوبًا، وعبدُ اللّطيف بن المُعمَّر، وناوَلَه "صحيحَ البخاريِّ" أبوا محمد، والعَلِيّان: ابنُ محمد بن عليّ الحَرْبي الضّريرُ السّقّاء، وناوَلَه، وابنُ أبي الفَرَج محمد بن أبي جعفر بن أبي المعالي البَصْري الحَنْبليّ ابن كُبّة، بضم الكاف وتشديد الباء بواحدة مفتوحة وتاء تأنيث، أبو الحسن، والمحمَّدون: ابنُ عبد الله الصُّوفي وابنُ محمود بن أبي محمد الحَسَن أبو عبد الله ابنُ النّجّار (¬1)، بالنّونِ والجيم والراء، وابنُ أبي الحُسَين الصّابي أبو الحُسَين، والمحمودانِ: ابنُ واثِق بن الحُسَين بن عليّ الحَرْبي أبو القاسم ابنُ السَّمّاك، بفَتْح السِّين الغُفْل والميم مشدَّدتَيْن آخِرُه كاف، وابنُ أبي العزّ الفارِسيُّ الكازَرُوني، والمظفَّر بن عليّ بن محمد بن المظفَّر، وأظُنُّه ابنَ رئيس الرّؤساءِ المتقدِّمَ الذِّكْر، ووَقَعَ في نسَبِ هذا محمدٌ عِوَضَ محمود، وعلى أنّ في نسَب ذلك زيادةَ أَيّوب فأشكَلَ عليّ فاجعَلْه منك على ذِكْر، ومكي (¬2) بن أبي طاهِر بن أَبي العزّ بن حَمْدون الطيبي (¬3)، ويحيى بن القاسم بن المُفرِّج بن الخَضِر التَّكْرِيتي (¬4)، أخو أبي عبد الله عُمرَ المذكور قبلُ (¬5)، وأبو بكر بنُ أبي القاسم الحَرْبي النَّجّاد، بنُون وجيم مشدَّدة آخِرُه قال، وستُّ العَفَاف جَوْهرةُ بنتُ عبد الوهّاب بن محمد الطَّبَري أُختُ عبد اللّطيف الطَّبَري المذكورِ قبلُ، وأُمُّ السَّناء (¬6) سلْمى بنتُ الحَسَن بن محمد السِّيبي، بسِين غُفْل مكسورة وياءِ مَدّ وباءٍ بواحدة منسوبًا، وصَفِيّةُ بنتُ أبي الطاهِر ابن هِبة الله ابن البُنْدار، بضمِّ الباءِ بواحدة وسُكون النّون ودالٍ وألف وراء. ¬

_ (¬1) هو محدث بغداد المتوفى سنة 643 هـ وصاحب "التاريخ المجدد لمدينة السلام". (¬2) في ق: "مبكي"، محرف، وهو مترجم في تكملة المنذري 3/الترجمة 3092، وتاريخ الإِسلام للذهبي 14/ 330. (¬3) في ق: "الطي"، محرف. (¬4) في ق: "التركيتي"، معرفة. (¬5) في ق: "وقيل"، وهو تحريف. (¬6) في ق: "وأم النساء"، محرفة.

وبالمَوْصِل: خَلَفُ بنُ محمد بن خَلَف أبو الذُّخْر، بذالٍ معجَمة مضمومة وخاءٍ ساكنة وراء، الكِنَّزي، بكسر الكافِ وتشديدِ النُّون وفتحِه وزاي منسوبًا. وبحلَبَ: عبدُ المُطّلب بن الفَضْل بن عبد المطّلب الهاشِميُّ أبو هاشم، قال: ولم أسمَعْ منه لمرضِه. وبدمَشْقَ: الأحمَدانِ: ابنُ عليّ بن خَلَف، وابنُ محمد بن سيِّدهم الأنصاريّ، والحَسَنُ بن عليّ بن الحُسَين بن محمد الأسَديُّ أبو محمد ابنُ البُنّ، بضمِّ الباءِ بواحدة ونونٍ مشدّدة، والحُسَينُ بن هِبة الله بن محفوظِ بن الحَسَن بن صِصْرا، بصادَيْنِ غُفْلَيْن مكسورة وساكنة وراءٍ وألف، التَّغْلَبِيُّ، بتاءٍ مَعْلُوّة وغَيْن معجَمة، أبو القاسم، وحمزةُ بن أبي الفَضْل السِّيْد، بكسرِ السّين الغُفْل، ابن أبي الفَوارس الأنصاريُّ أبو يَعْلَى ابنُ أبي لُقْمة، وسالمُ بن الحُسَين بن هِبة الله بن محفوظِ بن الحَسَن بن صِصْرا ابنُ أبي القاسم المذكور، وأعْبُدُ الله: ابنُ أحمدَ بن محمد بن قُدَامةَ المَقْدِسِي أبو محمد، وابنُ عُمرَ بن عبد الله الشافعيُّ، وابنُ عُمر بن علي بن الخَضِر بن عبد الله بن عليّ القُرَشي، وعبدُ الرّحمن بن أبي منصور بن نَسِيم، بنونٍ مفتوح وكسرِ السّين الغُفْل، أبو أوحَش، وعبدُ الواحِد بن عبد الرّحمن، والعَلِيُّونَ: ابنُ محمد بن عبد الصّمد أبو الحَسَن السَّخاويّ، بسين غُفْل مفتوح وخاءٍ معجَم، وابنُ محمود بن أحمدَ بن عليّ المحمودي (¬1) الصّابوني، وابنُ أبي الفَتْح المبارَكُ بن أحمد بن باسُويَةَ الواسِطي، والمحمَّدونَ: ابنُ خَلَف بن راجِح، بالجيم والحاءِ الغُفْل، ابن بِلال بن عيسى المَقْدِسيّ، وابنُ أبي الفَضْل السِّيْد بن أبي الفَوارس الأنصاريُّ أبَو المَحاسِن ابنُ أبي لُقمة أخو (¬2) أبي يَعْلَى حَمزةَ المذكورُ آنفًا، وابنُ غَسّان بن غافِل، بالغَيْن معجَمة وبالفاءِ أُختِ القاف، ابن نِجاد، بنُونٍ مكسورة وجيم، الأنصاريُّ أبو عبد الله، ومُكْرَم، ساكنَ الكاف مخفَّفَ الراء المفتوح، ¬

_ (¬1) في ق: "الحموي"، محرف، وهو مترجم في تاريخ الإِسلام 14/ 325 وغيره. (¬2) في ق: "أبو"، خطأ بيّن.

ابنُ محمد بن حمزةَ بن محمد بن أبي الصَّقْر القُرَشيُّ أبو الفَضْل، وموسى (¬1) بن أبي محمد عبد القادِر بن أبي صَالح الجِيلانيّ، بكسرِ الجيم وياءِ مَدّ، جَنْكي دُوست، ويقال: الجِيلي، وياقوتُ بن عبد الله فتَى الحَسَن بن هِبة الله بن صِصْرا التَّغْلَبيّ أبو الدُّرّ، بضمِّ الدال الغُفْل وراءٍ مشدَّدة. وحَمَّله أبو جعفر ابنُ الزُّبير الأخْذَ باللّقاءِ عن أبي شُجاع زاهِر بن رُسْتُم، وذلك وَهْمٌ، فإنه لم يلقَهُ وإنّما يَروي عنه مُكاتَبةً باستدعاءِ بعض أصحابِه، الذين دخَلوا قبلَه، إيّاه لهُ حسبَما يأتي ذكْرُه إن شاء الله، وأيضًا، فإنّ وفاةَ أبي شُجاع هذا كانت بمكّة شرَّفها اللهُ في ذي قَعْدةِ سنة تسع وست مئة قبلَ أخْذِ أبي العبّاس النَّباتي في رحلتِه من الأندَلُس بأزيَدَ من عامَيْنِ كما يقتضي تاريخُ رحلتِه المذكورُ قبلُ. واستَجازَ -وهو بالقُدس في رمضانِ ثلاثَ عشْرةَ- تاجَ الدَّين أبا اليُمن زَيْدَ بن الحَسَن بن زَيْد الكِنْديَّ فأجاز له من دمَشْق، وأبا الحَسَن المؤيَّدَ بن عليّ الطُّوسيَّ المذكورَ في جُملة الآذِنينَ له في الرِّواية عنهم بنَقْل أبي إسحاقَ السَّنْهُوري حسبَما تقَدَّم ذكْرُه فأجاز لَهُ، وقد كانا كَتبا إليه غيرَ مرّة هما وجماعةٌ كثيرةٌ من الشّيوخ الحِجَازيِّينَ والعِراقيِّينَ وغيرِهم فيما بينَ ستٍّ وعَشْر وست مئة باستجازةِ بعض أصحابِه الراحِلين قبلَه كأبي العبّاس بن تمَيم، المفروغْ من ذكْرِه في موضعِه من هذا الكتاب (¬2)، وأبي محمد عبدِ العزيز بن الحُسَين بن هلالةَ الآتي ذكْرُه بعدُ بمكانِه من هذا الكتاب إن شاء اللهُ تعالى (¬3). والمُجِيزونَ له بهذه الاستدعاءاتِ المصرَّح بها والمشارِ إليها خَلْقٌ لا يُحصَوْنَ كثرةَ ذكَرَ منهمُ الأشهرَ فالأشهرَ، وهمُ: ¬

_ (¬1) في م: "مؤمن"، خطأ، وهو مشهور معروف مترجم في تاريخ الإِسلام 13/ 564 وغيره. (¬2) الترجمة (83). (¬3) المكان الذي يحيل عليه المؤلف في سفر مفقود، وترجمة ابن هلالة في التكملة (2485)، وفيها مصادر ترجمته.

الأحامد: ابن حمزةَ بن أحمدَ بن محمد بن عليّ بن أبي نُعَيم أحمد بن محمد البَيْهَقيّ أبو نُعيم جارُ المشهَد بِطُوس، وابنُ شِيرُوْيَة بن أبي منصُور شَهْرَدار بن شِيرُوْيَة بن شَهْرَدار البَرْمَكيُّ، قاله ابنُ نُقطة (¬1)، الدَّيْلَميُّ الأصبهاني (¬2) أبو مُسلم، وابنُ صالح بن أحمد بن أبي بكر بن منصُور بن صالح الهَرَويُّ، وابنُ عُبَيد الله بن محمد بن عُبَيد الله الأبيجانيُّ الهَرَويُّ المُسْتَملي الخاني، بخاءٍ معجَمة ونون، وابنُ عُمر بن محمد بن عبد الله الخيوفي (¬3) ثم الخُوارِزْميُّ ثُم الصُّوفي أبو الجَنّاب، بفَتْح الجيم وتشديد النّون وآخِرُه باءٌ بواحدة، الكُبرى، على لفظ (¬4) تأنيثِ الأكبر، وبنو المحمَّدِين: ابن أحمد (¬5) الطُّوسي وابن أحمدَ الكرميني وابن عبد الجَبّار بن محمد بن محمد بن الحَسَن وابنُ المظفَّر بن المُختار الرّازي وابن منصُور الأديبُ البوسنجيُّ أبو المعالي وابنُ ناصِر بن سَهْل البغداديّ وابن أبي سَعْد بن أبي القاسم الخُرَاسانيُّ البَغَويّ، بباءٍ بواحدة وغَيْن معجَمة مفتوحتَيْن وواوٍ منسوبًا، وابن المحمودَين (¬6): ابن إبراهيمَ بن الفَرَج بن إبراهيمَ الهَمَذاني، بفَتْح الميم والذالِ المعجَمة الحَمَّامي (¬7)، بتشديد اليم، وابن هبة الله بن العلاء الهَمَذاني، بفتح الميم وذال معجمة (¬8)، وابنُ أبي الفَتْح يوسُف بن أبي الحَسَن بن ¬

_ (¬1) إكمال الإكمال 1/ 298. (¬2) المحفوظ أنه همذاني. (¬3) ويقال فيه: الخيوقي، بالقاف، وينظر تاريخ الإِسلام 13/ 537. (¬4) في ق: "لقب"، محرفة. (¬5) في ق: "محمد"، خطأ. (¬6) في ق: "المحمدين" ولا يستقيم، فالآتي هو أحمد بن محمود بن إبراهيم، ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال 2/ 364، وسيأتي أخوه محمد. (¬7) من هنا إلى قوله: "وذال معجمة" سقط من ق. (¬8) هكذا في م، ولعل قوله: "الهمذاني بفتح الميم وذال معجمة" وهم سببه تكرار ما تقدم؛ لأننا لا نعرف من ينسب هكذا بهذا الاسم، ولعل الصواب هو: أحمد بن هبة الله بن العلاء المخزومي البغدادي المعروف بابن الزاهد المتوفى سنة 611 هـ، وهو مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 2/ 421، وتاريخ الإِسلام 13/ 311.

أبي الغنائم أبو العبّاس بن صرما (¬1)، وابنُ (¬2) أبي بكر بن محمد بن عليّ بن يوسُف البخاريُّ المَرْوَزيُّ الصّابوني، وابنُ أبي نَصْر بن أحمدَ الخُرَاسانيّ الخِرَقيُّ الصّبَاغ. وإبراهيمُ بن المظفَّر بن إبراهيمَ بن محمد بن عليّ البغداديُّ الواعِظ أبو إسحاقَ ابنُ البَرْني، بفَتْح الباءِ بواحدة وسكونِ الراء ونون منسوبًا. وإدريسُ بن محمد بن أبي القاسم أبو القاسم ابنُ والوية. والأساعدُ: ابنُ أحمدَ بن محمد بن حَمْد (¬3) بن أبي العبّاس، من وَلَد واثلةَ بن الأسقَع رضيَ اللهُ عنه، أبو المكارم، وحَمْدٌ: بفَتْح الحاءِ الغفل وسكونِ الميم، وابنُ سَعْدِ الله بن عبد الرحيم بن محمد بن حَمْد بن سَلامةَ بن أبي القاسم الباهِليُّ الحَرانيُّ الشافعيُّ، وابنُ أبي الفَخْر بن أبي الرّشيد ابنُ النَّهاوَنْدي. والإسماعيلُونَ: ابنُ عثمانَ بن إسماعيل الفازِيُّ، بالفاء أُختِ القاف والزّاي، وابنُ عليّ بن حَمَك، بحاءٍ غُفْل وميم مفتوحَيْن وكافٍ، المُغيثيُّ بضمِّ الميم وكسرِ الغَيْن المعجَم وياءِ مَدّ وثاءٍ مثلَّثة منسوبًا قاضي نَيْسابورَ أبو الفَضْل الحَمَكي (¬4)، وابنُ محمود بن محمد بن عباس بن أرْسَلانَ الخُوارِزْميُّ أبو المجد. وبَدَلٌ -بالباءِ بواحدة والدّال الغُفْل- بن أبي المُعَمَّر، بضمِّ الميم وفَتْح العَيْن الغُفْل وشدِّ الميم المفتوح، التِّبْرِيزيُّ، بكسر التاءِ المَعْلُوّة وسكونِ الباءِ بواحدة وراءٍ مكسورة وياءِ مَدّ وزاي منسوبًا، المقرئُ أبو الخَيْر. وبُهلولُ بن مَهْرَمُور بن محمد بن راسب الدَّيْلمي. ¬

_ (¬1) أحمد بن يوسف بن محمد ابن صرما مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 2/ 427، وتكملة المنذري 3/ الترجمته 1988 وغيرهما. (¬2) كان يتعين أن يكون هذا بعد: ابن إبراهيم بن الفرج، فهو أحمد بن محمود بن أبي بكر، سمع السمعاني من أبيه ببخاري (الأنساب 5/ 238). (¬3) في ق: "أحمد"، محرف. (¬4) في ق: "الحكمي"، محرفة.

وثابتُ بن محمد بن أحمدَ الخُجَنْدي، بضمِّ الخاءِ المعجَم وفَتْح الجيم وسكونِ النون ودالٍ غُفْل منسوبًا، المفسِّر. وجعفرُ بن أبي سَعيد محمد (¬1) بن أبي محمد جعفرِ بن أبي نَصْر بن عبد الواحدِ المِلَنْجي، بكسر الميم وفَتْح اللام وسكونِ النون وجيم منسوبًا، الأصبهانيُّ أبو محمد ابنُ آمُوسَان. وحامدُ بن أبي العَميد بن أمِيري القَزْويني. وحَسّان بن مَسْعود بن محمود بن مَسْعود بن محمود بن حَسّان المَنِيعي. والحَسَنُون: ابن عبد الله الِهنْدي، وابنُ محمد بن الحَسَن رُوزْنامة بن أبي سَعيد بن الحَسَن بن عليّ الباذِيْ، بباءٍ بواحدة وذالِ معجَم مكسور وياءِ مَدّ، وابن أبي المعالي بن عبد الرحّمن القُشَيْري الخُرَاساني. والحُسَيْنُونَ: ابنُ أحمدَ بن محمد القُشَيْري الخُرَاسانيّ أبو عبد الله، وابنُ أبي الفَخْر إبراهيمَ بن محمد بن الحُسَين بن أبي عبد الله بن أبي القاسم بن الحُسَين بن عليّ بن أبي طالب بن كَفِيل، بفَتْح الكاف وكسر الفاءِ وياءِ مَدّ ولام، ابن جعفرٍ الخُراسانيُّ المَلكي، وابنُ إسماعيل بن إبراهيمَ الششدانقي (¬2)، وابنُ أبي صالح بن فَنّاخُسْرو الدَّيْلميُّ النَّيْسابُوريُّ أبو عبد الله، وابنُ أبي منصورُ بن عليّ الخُرَاسانيُّ النَّحْوي. وحمزةُ بن محمد بن أبي الحَسَن المُوسَويّ. وحُمَيْد بن إبراهيمَ بن سُفيان بن إبراهيمَ بن عبد الوهّاب ابن الإمام أبي عبد الله بن مَنْدةَ العَبْديّ. والخَضِرُ بن أبي محمد مَعْمَر بن عبد الواحِد بن الفاخِر العَبْشَميُّ الهَرَويّ. ¬

_ (¬1) سقط من ق. (¬2) ينظر توضيح المشتبه لابن ناصر الدين 3/ 118.

وداودُ بن أبي محمد مَعْمَر بن عبد الواحِد بن الفاخِر العَبْشَميُّ أبو الفُتُوح أخو الخَضِر المذكورِ الآن. وذُو النّون بنُ محمد بن أبي الفَضْل الأصبَهانيُّ الخَيّاط أبو بكر. والزاهران (¬1) الأصبَهانيّان: ابنُ أبي طاهِر أحمدَ بن أبي غانم حامِد (¬2) بن أحمدَ بن محمود الثَّقَفيُّ أبو المَجْد، وابنُ رُسْتُم بن أبي الرّجاء، بالجيم، المجاورُ بمكّة شرَّفها الله، أبو شُجاع. وزُهيرُ بن محمد بن عبد الله الطائي البُوسَنْجيُّ أبو سَعيد، وسَدِيدُ بن أبي الفَتْح محمد بن محمد بن يوسُف الخُوارِزْميُّ ابنُ الخَيّاط. وسُفيانُ بن إبراهيمَ بن سُفيانَ بن إبراهيمَ بن عبد الوهّاب ابن الإمام أبي عبد الله بن مَنْدةَ العَبْديُّ أخو حُمَيْد المتقدِّم الذِّكْر. وسُليمان بن عليّ بن أبي محمد المَوْصِليُّ ثم البغداديُّ أخو يوسُف. وشَرَفُ بن أبي المطهَّر بن محمد بن عليّ الأنصاريُّ. وشهابُ بن محمود (¬3) بن الحَسَن الهَرَويُّ الشُّذباني (¬4). وصاعدُ بن شِهاب بن أبي صَاعِد بن أبي عُثمانَ الخُرَاسانيُّ السِّمْنانيُّ الخطيبُ. وصَدَقةُ بن عليّ بن مَسْعود الأَوْسيُّ أبو يوسُف. ¬

_ (¬1) في ق: "الزاهدان"، خطأ ظاهر. (¬2) في ق: "أحمد بن غانم بن حامد"، محرف، وهو مترجم في تاريخ الإسلام 13/ 161. (¬3) في ق: "محمد"، محرف. (¬4) في م: "السدباني"، مصحف، وشذبان، من نواحي هراة، وقيد الصفدي هذه النسبة عند ترجمة شهاب بن محمود هذا من الوافي: "الشوذباني"، فقال: بالشين المعجمة وواو وذال معجمة وباء ثانية الحروف وألف ونون، قرية من قرى همذان. على أن تلامذته وأصدقاءه مثل ابن النجار والقفطي وغيرهما يذكرون النسبة في كتبهم: الشُّذباني.

والطاهِران، بطاءٍ غُفْل: ابنُ أبي المعالي عبد الملِك بن أبي العبّاس عُمَر بن عبد الله بن أحمدَ الزَّنْجَانيُّ، بفتح الزّاي وسكونِ النّون وجيم وألف ونونٍ منسوبًا، خطيبُ هَرَاةَ، وابنُ عبد الملكِ الأرغياني. وأعبدُ الله: ابنُ أحمدَ بن عُمَر بن عبد الله الأرغياني الخُرَاسانيُّ، وابنُ الحُسَين بن عبد الله بن رَوَاحةَ الحَمَويُّ، بحاءٍ غُفْل وميم مفتوحَيْن وواو منسوبًا، أبو القاسم، وابنُ عبد الرحمن بن عبد الله بن عَلْوان، بفَتْح العَيْن الغُفْل -ويقال بضمِّها- وسكونِ اللام، الأسَديُّ الحَلَبيُّ أبو محمد ابنُ الأُستاذ، بضمِّ الهمزة وإسكان السيِّن الغُفْل والتاءِ المَعْلُوّة وذالٍ معجَم، وابنُ محمد بن عُمَر بن عبد الله بن أحمدَ الخُراسانيُّ الأرغيانيُّ أبو محمد ابنُ عمِّ عبد الله المَبْدوء به في هذه الترجمة أو أحمدُ في أبي الأوّل عِوَضٌ من محمد، وهو أظهَرُ أو بالعكس، وابنُ محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن جعفرِ بن محمد الجُوَيْنيُّ. وأعبُدُ الرّحمن: ابنُ الحَسَن بن محمد بن الحَسَن الشافعيُّ، وابنُ عبد الله بن عَلْوان الأسَديُّ الحَلَبيّ أبو محمد ابنُ الأستاذ والدُ أبي محمد عبد الله المذكورِ قبلُ، وابنُ عبد الوهّاب بن محمد (¬1) الهَمَذانيُّ إمامُ الجامع بخُراسان (¬2) ابنُ المُعَزِّم، بضمِّ الميم وفَتْح العَيْن الغُفْل وشدِّ الزاي المكسورِ وميم (¬3)، وابنُ محمد بن إبراهيمَ الخُوارِزْميُّ أبو محمد، وابنُ نَجْم ابنُ الحنبلي (¬4). ¬

_ (¬1) هكذا في النسختين، وإنما هو: عبد الوهاب بن صالح بن محمد، كما في تكملة المنذري (2/ الترجمته 1236، وتاريخ الإسلام 13/ 216). (¬2) هكذا في النسختين، والمعروف أنه كان إمام الجامع بهمذان، وكذلك كان جده أبو زيد صالح (تاريخ الإسلام 13/ 216). (¬3) وكذلك قيده المنذري في التكملة 2/الترجمة 1236. (¬4) في ق: "الحبلي"، محرف، وهو مترجم في تكملة المنذري 3/الترجمة 2688، وتاريخ الإسلام 14/ 142، وهو عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب بن عبد الواحد، ناصح الدين ابن الحنبلي الأنصاري الشيرازي الأصل الدمشقي المتوفى سنة 634 هـ.

وعبدُ الرّحيم (¬1) بن أبي سَعْد عبد الكريم بن محمد بن منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني المروزي أبو المظفر. وعبد الواحد بن محمد بن أبي شُجاع المَحْمَشيّ الخُرَاسانيّ أبو بَشَر، بباءٍ بواحدة وشِين معجمة مفتوحتين. وعبدُ الباقي بن عبد الواسع بن عبد الباقي الأنصاريُّ الخُراسانيُّ أبو المَجْد. وعبدُ البَرّ بن أبي العَلاءِ الهَمَذانيُّ أبو محمد. وعبدُ الحميد بنُ محمد بن إبراهيمَ الخُوارِزْميُّ أبو محمد. وعبدا الرزّاق (¬2): ابن عبد الرّحمن بن أسعَد القُشَيْريُّ خطيبُ نَيْسابُور، وابنُ أبي منصور بن مَسْعود الفازِيُّ، بالفاءِ والزّاي. وعبدا الرَّشيد (¬3): ابن محمد بن عبد الرشيد (¬4) الرَّجَائي وابنُ محمد بن محمدِ ابن أحمدَ الخُراسانيُّ الطَّرْقيُّ، بفَتْح الطاءِ وسُكون الرّاء وقافٍ منسوبًا (¬5). وعبدا السلام (¬6): ابن أبي منصُور شُعَيب بن طاهِر بن إبراهيمَ بن الحَسَن الوَطِيسيُّ الهَمَذانيُّ أبو القاسم، ويقال: أبو محمد (¬7)، وابنُ عثمان بن أبي نَصْر بن الأسوَد الحَرِيميُّ. ¬

_ (¬1) في م: "عبد الرحمن"، محرف، وهو مترجم في تاريخ الإسلام للذهبي 13/ 505. (¬2) في م: "وعبد الرزاق" لا يستقيم؛ لأنهما اثنان. (¬3) في النسختين: "وعبد الرشيد" والصواب ما أثبتنا لأنهما اثنان. (¬4) قوله: "بن محمد بن عبد الرشيد" سقط من ق، وهو مترجم في تاريخ الإسلام 13/ 670 وغيره. (¬5) إلى "طَرْق" قرية من أصبهان (التكملة 2/الترجمة 1285). (¬6) في الأصل: "وعبد السلام" ولا يصح لأنهما اثنان. (¬7) مترجم في تكملة المنذري 2/الترجمة 1207، وتاريخ الإسلام 13/ 193.

وعبدُ العزيز (¬1) بن محمود بن الأخْضَر البغداديُّ البَزّاز، بزايَيْن، الجَنَابِذي، بفَتْح الجيم (¬2) والنّون وألفِ وباءٍ بواحدة وذال (¬3) مكسورَيْن وياءِ نَسَب، أبو محمد، وابنُ معالي بن غَنِيمةَ، بفَتْح الغَيْن المعجَم وكسر النون وياءِ مَدّ وميم وتاءِ تأنيث، الأُشْناني بضمِّ الهمزة وسُكون الشّين المعجَم ونونَيْن بينَهما ألف منسوبًا، أبو محمد، ابنُ مَنِينا بفَتْح الميم ونونٍ وياءِ مَدّ ونون وألف. وعبدُ الكريم بن محمد بن عبد الكريم بن أحمدَ الرئيسُ الرّازي أبو سَعْدٍ الوَزّان. وعبدُ اللّطيف بن محمد بن ثابِت الخُوارِزْميُّ الأصبهانيُّ الخطيبُ أبو القاسم. وعبدُ المعز (¬4) محمد بن أبي الفَضْل الهَرَويُّ البَزّاز أبو رَوْح. وعبدُ المؤمن بن المؤيَّد بن عبد المؤمِن بن العاص الخُرَاسانيُّ. وعبدا الهادي: ابنُ أحمدَ الهَمَذانيُّ الحَطَبيُّ، بحاءٍ وطاءٍ مهملَتْين مفتوحَتْين وباءٍ بواحدة منسُوبًا، أبو الرّجاء، وابنُ عبد الله بن محمد العُمَريُّ البَغَويُّ بِهَراةَ، أبو عبد الله المتولِّي. والعُثْمانُون: ابنُ أبي الفَضْل أحمد بن عثمانَ بن أبي العبّاس خَطيبُ فوران (¬5) أبو عَمْرو، وابنُ أحمدَ العارِف، وابنُ أبي بكر بن عثمانَ النَّيْسابُوريُّ الخُبُوشَانّي، وابنُ أبي الفَتْح المالِكيُّ الهَرَويّ. ¬

_ (¬1) مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 4/ 120، وتاريخ الإسلام 13/ 411. (¬2) هكذا ضبطه، والمحفوظ أنه بضم الجيم، قيّده السمعاني في "الجنابذي" من الأنساب، وياقوت في "جنابذ" من "معجم البلدان" وابن الأثير في "الجنابذي" من اللباب، والمنذري في ترجمته من التكملة 2/الترجمة 1372. (¬3) كان يتعين أن يقول: وذال معجم. (¬4) في ق: "عبد العزيز"، محرف، وهو مترجم في تاريخ الإسلام بخط الذهبي 13/ 547. (¬5) قرية قريبة من همذان، وهي بضم الفاء وسكون الواو، وعثمان هذا شيخ لابن نقطة سمع منه بهذه القرية (إكمال الإكمال 4/ 579)، وذكرها ياقوت في معجم البلدان نقلًا من ابن نقطة.

وعَرَفةُ بن سُلطانَ بن محمود الحَصْكَفيّ. والعَلِيّونَ: أبناءُ الأحمَدِين: ابنُ عليّ بن عبد المُنعِم بن هَبَل، بالهاءِ وباءٍ بواحدة مفتوحَتْين ولام، البغداديُّ، استَوطنَ المَوْصِل، أبو الحَسَن (¬1)، وابنُ محمد بن عبد الكريم. وأبناءُ الحُسَيْنِين (¬2): أبي طالب بن زيد بن الحُسين الأصبَهاني، وابن محمد بن صالح النَّيْسابُوري المؤذّن، وابنُ طيِّب بن عبد الله بن عليّ بن سَلَمةَ الكَرجيُّ الرازي الأصبَهانيُّ أبو الحَسَن، وابنُ عبد الرّشيد بن عليّ بن بنيمان بن مَكّي سِبْطُ الحافظ أبي العلاءِ الهَمَذانيُّ العَطّار. وأبناءُ المحمَّدِين: ابنُ علي المَوْصِليّ، وابنُ أبي الحَسَن المُوسَوي النَّيْسابوري، وابنُ أبي الفَتْح المبارَك بن الحَسَن بن أحمدَ بن ماسوُيَةَ الواسِطيّ، وابنُ محمود بن عليّ الشَّعْرِي، بفَتْح الشين المعجَم وسُكون العَيْن وراءٍ منسوبًا، الهَرَويُّ، فُرَيْشةُ، وابنُ أبي بكرٍ مَدْيَن بن عليّ بن أحمدَ الخُرَاسانيُّ، وابنُ مرداويج بن أسفهسلار بن عليّ بن أحمدَ بن عبد الله الطَّبَري الرّازي، وابن مَسْعود بن عليّ بن محمد بن عبد الله بن أبي الحَسَن السّديديّ خطيبُ مَرْوَ، وابنُ منصُور بن الحَسَن الأصبَهانيُّ، وابن أبي بكرٍ موسى بن عليّ الخُرَاسانيُّ، ولعلّه ابنُ مَدَنيّ المذكورُ قبلُ، وابنُ يوسُف البُخاريّ الخُرَاسانيُّ الصّابوني. والعُمَرونَ: ابنُ أحمدَ بن عبد الله بن أحمدَ الخطيبُ، وابنُ عُمَر بن عبّاس بن خَلَف الخُرَاسانيُّ الصُّوفي، وأبناءُ المحمَّدِين: ابنَيْ عَبْدَي الله: ابن أحمدَ الهَرَويُّ الخطيب أبو عليّ، وابنُ محمد بن عَمُّويَةَ السُّهْرُوَرْديّ أبو حَفْص (¬3) وأبو عبد الله، وابنُ عبد الواحِد بن أسعدَ الخُراسانيُّ أبو حَفْص الصّفّار، وابنُ عبد الواسِع ابنُ النَّيْسابوري أبو حَفْص الصّفّار، وابنُ مُعَمَّر، بضمِّ الميم وفَتْح العَيْن الغُفْل وشدِّ ¬

_ (¬1) في ق: "المحسن" خطأ، وهو مترجم في تكملة المنذري 2/الترجمة 1279، وتاريخ الإسلام 13/ 243 وغيرهما. (¬2) في ق: "المحسنين"، محرفة. (¬3) مترجم في تاريخ الإسلام 14/ 78.

الميم المفتوحة وراء، ابنُ يحيى بن أحمدَ بن حَسّان أبو حَفْص ابنُ طَبَرْزَد، وابنُ مسعود بن أحمدَ بن بُرْهان، بضمِّ الباءِ بواحدة وسُكون الراء، البُخاريُّ النَّحْويُّ أبو عبد الله، وابن يوسُف بن محمد، وابنُ أبي سالم بن الحَسَن بن المظفَّر المنازجَرْدي. وغانمُ بن أبي نَصْر بن غانم بن خالد. والفَتْحُ بن عبد الله بن محمّد بن عليّ بن هِبة الله بن عبد السلام. وفضل الله بن أبي الرشيد بن أحمد الجُوْزداني أبو نَجِيح (¬1). وفَيْدٌ، بفاء مفتوحة وياءٍ مسفُولة ساكنة ودال، ابنُ مكّيّ بن محمد بن عبد المِلك بن مَكّيّ أبو الحَسَن، ابنُ الشّعَّار. وقاسمُ بن الحُسَين الخُوارِزْميّ. وكوكبُري بن عليّ بن بُكْتِكين، بضمِّ الباءِ بواحدة وكافٍ ساكِن وتاء معلوّة (¬2) وكافٍ مكسورَتْين وياءِ مَدّ ونون، أبو سَعيد مظفَّر الدِّين. ولاحِقُ بن إسماعيلَ بن إبراهيمَ الرازي أبو منصور. والمحمَّدُونَ: بَنُو الأحامِد: ابن بَخْتِيار بن عليّ الواسِطيُّ أبو الفَتْح المَنْدَائيُّ، بفَتْح الميم وسُكون النّون ودالٍ وألف وهمزة منسوبًا، وابنُ عبد الرّحمن الثَّقَفيُّ المُضَريُّ، بضمِّ الميم وفَتْح الضّاد المعجَم، الأصبَهانيُّ أبو عبد الله، وابنُ محمود بن أبي بكر بن محمد بن عليّ بن يوسُفَ البُخاريُّ المَرْوَزيُّ الصّابونيّ أبو أحمدَ، وابنُ إبراهيمَ بن أبي الفَضْل السَّهْليُّ الجاجَرْميُّ أبو حامد، وابنُ أسعدَ بن أحمدَ البَلْخيُّ، وابنُ إسماعيلَ بن محمد بن أبي القاسم بن أحمدَ الصالحْانيّ، وبَنُو الحُسَينِيْن: ابن ¬

_ (¬1) سقطت هذه الترجمة بتمامها من ق، وهو مترجم في وفيات سنة 613 هـ من تاريخ الإسلام 13/ 381. (¬2) في النسختين: "مسفولة" سبق قلم من المؤلف يرحمه الله، وهو أشهر من أن يذكر، فكوكبري هو صاحب إربل.

أحمدَ الفَرَبْريُّ الخَطيب، وابنُ عبد الله بن رَواحةَ الأنصاريُّ الحَمَويُّ، بحاءٍ غُفْل وميم مفتوحَيْن، وابنُ أبي طاهِر بن الحُسَين بن محمد بن باك الهَمَذانيُّ مولدًا الأَبْهَريُّ أصلًا، وابنُ شَهْرَيارَ بن محمد بن شَهْرَيارَ بن عليّ بن شَهْرَيارَ الدَّيْلميُّ الأصبَهانيّ أبو عبد الله الزَّرّادُ، بزاي وراءٍ وألفٍ ودال غُفْل، وابنُ أبي الغنائم ظَفَرُ بن أبي العبّاس أحمد بن أبي بكرٍ ثابت بن محمد بن عليّ، أبو العبّاس، يُعرَفُ جَدُّه بالطَّرْقيِّ، بفَتْح الطاءِ الغُفْل وسُكون الراءِ وقافٍ منسوبًا، وابنُ أبي الغنائم عبدُ القاهِر بن محمد اللانِيُّ، وابنُ أبي المَعالي عبد الملِك بن أبي بكرٍ عبد الله ابن أبي (¬1) الحَسَن بن جامِع الفارِسيُّ الأصبَهانيّ، وابنُ عبد النافع بن أبي الحُسَين ابن أبي جعفرٍ الصُّوفيُّ البُوسَنْجي. وبَنو العَلِيِّينَ: ابن الحَسَن بن محمد بن صالح المؤذِّن، وأبي الفَخْر بن عبد السيِّد بن عبد العزيز الحُسيني أبو المفاخِر، وابنُ محمد الفُقَيْمي، وابنُ المبارَك البغدادي ابنُ الخِلَاطي (¬2)، وابنُ أبي بكرٍ الفَرْغاني نزيل سَمَرْقَنْد المُتَفقِّه (¬3)، وابنُ عُمرَ بن أميرَك التَّميميُّ الهَرَويّ. وبنو المُحَمَّدِيْن: ابن عبد الله ابنُ أبي محمد الحَسَن الإستَراباذِيُّ قاضي الرّي أبو عبد الله، وابن عبد الواحِد بن محمد ابن الصَّبَّاغ (¬4)، وابنُ علي بن الفَضْل الفارِقي، وابن أبي الفَضْل الخُوارِزْميُّ الأصبَهاني (¬5): وبنو المحمَّدين (¬6): ابنُ الجُنَيْد الأصبَهانيُّ ¬

_ (¬1) سقط من ق. (¬2) هكذا في النسختين، وهو وهم صوابه "الجَلاجُلي"، وهو مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 1/ 544، وتكملة المنذري 2/الترجمة 1425، وتاريخ الإسلام 13/ 351 وغيرها. (¬3) ترجم ابن الدبيثي لأخيه: عبد الله بن علي بن أبي بكر الفرغاني خطيب سمرقند (3/ 480)، وترجمه المنذري في التكملة 2/الترجمة 1718. (¬4) محمد بن محمد بن عبد الواحد بن محمد ابن الصباغ أبو غالب البغدادي، مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 2/ 70، وتكملة المنذري 2/الترجمة 1610، وتاريخ الإسلام 13/ 451. (¬5) ترجمه الذهبي في وفيات سنة 609 هـ من تاريخه (13/ 226). (¬6) يعني: محمد بن محمد بن محمد.

الصُّوفي أبو عبد الله (¬1)، وابنَي الغانمين: ابن أبي زَيْد المَرْوَزيّ وأبو عبد الله الأثِيري، وابن أبي نَصْر محمدٍ الكرامي القُرّا، بضمِّ القافِ وتشديدِ الراء، يُكْنَى أبوه أبا الفُتُوح، وابنُ مَسْعود بن عُمر المُقرئُ، وابنُ أبي عبد الله الخَبّاز الواعِظ أبو عبد الله، وابن الفَضْل الخُوارِزْميّ، وابن أبي القاسم بن أبي إسحاقَ بن عليّ العَبْدُوسيُّ، والسَّمناني، وابنا المحمودين (¬2): ابن إبراهيمَ بن الفَرَج بن إبراهيمَ الهَمَذانيُّ تقِيُّ الدِّين أبو عبد الله ابنُ الحَمّامي أخو أحمدَ المذكور قبلُ، وابنُ أبي الحَسَن الحاتِمي السربانيّ، وابنُ مسعود بن محمد بن أبي بكر بن أبي الفَرَج الكاتبُ المُسْتَوْفي، بضمِّ الميم وسُكون السين الغُفْل وفَتْح التاء المَعْلُوّة وسُكون الواو وفاءٍ وياءِ مَدّ، مُهذَّب، وابنُ مكِّي بن أبي الرَّجاء بن الفَضْل بن عليّ الحَسّاني، وابنُ منصُور بن عبد المُنعم بن عبد الله بن محمد بن أبي الفَضْل بن أحمدَ بن محمد ابن أحمدَ الصّاعِدي أبو عبد الله الفُرَاوي، بفاءٍ وراءٍ وألف وواوٍ منسوبًا، وابن المؤيَّد بن محمد بن عليّ الطُّوسيُّ النَّيْسابُوريُّ أبو القاسم، وابن أبي الفَتْح ناصِر بن أبي القاسم سَلْمان بن ناصِر بن سَلْمان الأنصاريّ، وابنُ أبي البَرَكات بن أبي بكرٍ الجَوْهري، وابنُ أبي بكر بن محمد العُثماني، وابنُ أبي حامد بن [أبي] (¬3) مَسْعود كُوتاه، وابن أبي رَشيد بن أبي بدر (¬4) بن أبي القاسم بن أبي الفَتْح بن ماجةَ الأبْهَرِيّ أبو ذَرّ، وابنُ أبي سعيد بن أبي طاهِر الحَنْبلي أبو عبد الله، وابنا أبَويْ ¬

_ (¬1) ذكر ابن الدبيثي أباه محمد بن محمد بن الجنيد المتوفى سنة 579 هـ (تاريخه 2/ 44)، وترجمه غير واحد من المؤرخين. (¬2) في الأصلين: "المحمدين" ولا يستقيم، فهو محمد بن محمود بن إبراهيم، وتقدم أخوه قبل قليل، ثم إنه مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 2/ 87 والتعليق المطوّل عليه، وكنيته هناك أبو جعفر، فلعل له كنيتان. (¬3) ما بين الحاصرتين زيادة منا لا بد منها، فهو أبو بكر محمد بن أبي حامد محمد بن أبي مسعود عبد الجليل، وهو مترجم في تكملة المنذري 2/الترجمة 1365، وتاريخ ابن الدبيثي 2/ 65. (¬4) قوله: "بن أبي بدر" سقط من ق.

طاهر: ابن سعيد العَطّار، وابنُ غانم بن خالدٍ أبو بكر، وابنُ أبي عُبَيد الله بن محمد المُوسَويّ، وابن أبي الفُتُوح بن أبي طالبٍ سِبْطُ عبد الرحيم ابن الأُخُوّة أبو الماجد، وابني أبوَي القاسم: ابن أحمدَ بن محمد بن إبراهيمَ الكِسَائيّ المُقرئ، والفازِيُّ بفاءٍ وزاي، وابن أبي المَعالي بن المُظفَّر الدَّرْبَنْديّ، وابن أبي منصُور بن مَسْعود الفازِيّ، وابنُ أبي نَصْر بن غانم بن خالد أبو الفَضْل، وابنُ أبي نَصْر المُقرئ الأصبَهانيُّ الضّرير. والمبارَكُ بن أبي الحَسَن بن أبي الجُود أبو القاسم. ومحفوظُ بن حامِد بن عبد المُنعم المُضَرِي سِبْط الحافظِ أبي سَعْد البغدادي. والمحمودون (¬1): ابن أحمدَ بن عبد الرحمن بن أحمدَ بن محمود الثَّقَفي المصْري إمامُ الجامع العتيق بأصبَهانَ أبو عبد الله (¬2)، وابنُ محفوظ بن مسعود قاضي جيّ (¬3) أبو الفضائل، وابنُ مسعود بن محمود (¬4) بن مَسْعود بن محمود بن حَسّانَ المَنِيعي، وابنُ أبي الفَضْل منصُور بن الحَسَن بن إسماعيلَ المَخْزوميُّ الطَّبَري. والمَسْعودونَ: ابنُ أبي بكر أحمدُ بن محمود بن أحمدَ بن إسماعيلَ الجنُوجِرْدي، وابن صَدَقةَ (¬5) بن عليّ بن مسعود الأَوْسيّ، وابنا المحمَّدَيْن: ابن محمد بن أبي بكرٍ أبو محمد ابنُ المُفتي، وابن محمود الصّابونيّ. والمُشَرَّفُ بن عبد اللّطيف بن عبد البَرّ القَزْوينيُّ الرازي. ¬

_ (¬1) في النسختين: "والمحمدون" وهو سبق قلم لا ريب فيه، والصواب ما أثبتنا. (¬2) مترجم في تكملة المنذري 2/الترجمة 1110، وتاريخ الإسلام 13/ 147. (¬3) جي: من أصبهان أيضًا. (¬4) في ق: "محمد"، محرف، ومسعود بن محمود هذا شيخ ابن نقطة، ذكره في كتابه (إكمال الإكمال 4/ 441). (¬5) مسعود بن صدقة، أبو المظفر بغدادي مترجم في تكملة المنذري 3/الترجمة 2296، وتاريخ الإسلام 13/ 847، وتأخرت وفاته إلى سنة 627 هـ.

والمظَفَّرون: ابنُ محمد بن أحمدَ بن أبي مَهْدي، وابن أبي بكر بن عبد الرّحمن ابن محمد السِّمْناني، وابن أبي محمد بن أبي البَرَكات بن غيلان (¬1). ومَوْدودُ بن أحمدَ بن محمد السّعالي أبو نَصْر. والموفَّقُ بن عبد الرّشيد بن المظَفَّر العَبْدوسي (¬2). والمؤيّدان: ابن الحُسَين بن عليّ البشيتروسيّ، وابن عبد الجليل بن إسماعيلَ الخُوارِزْمي. ونَصْرُ بن عبد الجامِع بن عبد الرحمن الفامي (¬3) أبو الفُتُوح. والوَكِيعانِ: ابن ماتكيد ثم ابنُ محمد الذّهَبي أبو العزّ، وابنُ أبي سَعْد بن محمد بن مُهْر القاسانيُّ أبو محمد. والوليدُ بن يوُسف بن مُسافِر بن عُمرَ المَزْيَدي (¬4) أبو المعالي، وهشام بن عبد الرّحيم بن أحمدَ بن محمد ابن الأُخُوّة البغداديُّ الأصل الأصبّهانيُّ أبو مسلم المؤيَّد. واليَحْيَوُونَ: ابنُ إبراهيمَ بن محمد أبو تُراب، وابنُ سَعْد بن محمد بن أبي تَمّام، وابن عليّ بن حامِد، وابن أبي جعفرٍ محمد بن أحمدَ بن عبد الجَبّار أبو الفَرَج، وابنُ عبد اللّطيف المَرْوَزيّ أبو محمد. ويَعيشُ بن عليّ بن يَعيشَ (¬5). ¬

_ (¬1) مترجم في تاريخ الإسلام 13/ 452. (¬2) في ق: "العبدري"، محرف، وهو مترجم في تاريخ الإسلام 13/ 531. (¬3) في ق: "المقامي"، محرفة. (¬4) في ق: "المؤيدي"، محرفة. (¬5) هو يعيش بن علي بن يعيش بن محمد الأسدي، العلامة موفق الدين الموصلي الأصل الحلبي، أحد المعمرين 553 - 643 هـ، مترجم في سير أعلام النبلاء 23/ 144 وفيه مصارد ترجمته.

واليوسُفانِ: ابنُ محمد بن يوسُفَ البَيِّع، وابنُ مَعْمَر بن عبد الواحد بن الفاخِر القُرَشيّ. ويونُسُ بن يحيى بن [أبي] (¬1) الحَسَن الهاشِميُّ البغداديُّ نزيلُ مكّةَ شرَّفَها الله أبو محمد. وأبَوا بكرٍ: ابن نَجِيب العدول عبد الجليل بن أبي بكر بن أبي أحمدَ الهَرَويّ، وابنُ عبد الوهّاب بن عبد الله البَغَويُّ المتولي (¬2). وأبو سعد بنُ أبي المظفَّر عبد الرحيم السَّمعاني. وأبو العبّاس بن أبي الحَسَن بن أبي الجُود. وأبَوا محمد: ابنُ أبي الفُتُوح نَصْر بن عبد الجامع بن عبد الرّحمن الفامي (¬3)، وابنُ أبي القاسم الخُوَارِزْميّ. وأبو نَصْر بن محمد الأرغياني. وأَمَةُ العزيز نهاية (¬4) بنتُ صَدَقةَ بن عليّ بن مسعود الأَوْسيُّ. وأُمُّ ليلى تقية (¬5) بنتُ أبي سعيد أمُوسَانَ أُختُ جعفرٍ المذكور قبلُ. وأُمُّ الفَخْر جُمعةُ بنتُ أبي سَعْد رَجَا بن أبي نَصْر الحُسَين بن أبي سَعْد رَجَا بن محمد بن الحسن بن سَليم، بفتح السِّين الغُفْل وكسر اللام، الأصبَهانيّة. وخِيَرةُ بنتُ محمد بن إبراهيمَ الخَبَّاز الأصبهانية. ¬

_ (¬1) ما بين الحاصرتين زيادة لا بد منها، وترجمته في تكملة المنذري 2/الترجمة 1203، وسير أعلام النبلاء 22/ 12، وتاريخ الإسلام 13/ 206، وغيرها. (¬2) في ق: "المتوي"، محرفة. (¬3) في ق: "الفارسي"، محرفة. (¬4) في ق: "مهاية"، محرفة، وهي مترجمة في تاريخ الإسلام 13/ 912 وغيره. (¬5) سقطت من ق وغير واضحة في م، وهي مترجمة في تكملة المنذري 2/الترجمة 1164، وتاريخ الإسلام 13/ 158.

والرُّقَيّتانِ: بنتُ مسعود المَنِيعيِّ، وبنتُ أبي محمد مَعْمَر بن عبد الواحد بن الفاخِر الهَرَويّة. وزُبَيدةُ بنتُ عبد الرزّاق بن أبي نَصْر بن محمد الطَّبَسِيّ، بطاءٍ غُفْل وباءٍ بواحدة مفتوحَيْن وسين غُفْل منسوبًا. وزَيْنبُ بِنْتُ أبي القاسم عبد الرحمن بن الحَسَن الشَّعْرِيِّ، بفتح الشِّين المعجَمة وسُكون العَيْن الغُفْل، النَّيْسابُوريّة. وشَريفةُ بنتُ أبي بكرٍ أحمدَ بن عليّ الغازِي. والعفيفَتانِ: بنتُ أبي بكرٍ أحمدَ بن عبد الله بن محمد بن عبد الله الفارفاني (¬1) الأصبَهانيُّة الواعِظة، أُمُّ هاني، وبنتُ أبي سعيد آمُوسَان الأصبهانيّةُ أُختُ تَقِيّةَ المذكورة. وكمالُ النِّساء بنتُ أبي نَصْر بن أبي الوَفَاء بن حَمْد الصفّار (¬2). وقمرُ بانوية بنتُ عبد الرزّاق بن أبي عيسى الحَسْنَاباذي الأصبَهانيّة، وقَيْصرُ بنتُ أبي سعيدٍ آمُوسان أُختُ تَقِيّةَ وعفيفةَ المذكورتَيْن. هذا مُنتهَى مَنِ انتقاهُ أبو العبّاس النَّباتيُّ من الشّيوخ الذين استُجيزوا له حسبَما مَرَّ تفسيرُه وعلى ما ذكَرَهم في فهارِسَ له منوَّعةٍ بينَ بَسْط وتوسُّط واقتضاب وقَفْتُ منها كذلك بخطِّه وبخطِّ بعض أصحابِه والآخِذينَ عنه، كأبي بكرٍ محمد بن يوسُف أبي (¬3) العافية، وأبي القاسم عبدِ الكريم بن عِمرانَ، وأبي محمد طَلْحةَ وغيرهم، فعثَرْتُ فيما طالعتُه منها على أوهام كثيرة بين تصحيفٍ ونَقْص من الأنساب وزيادةٍ فيها وقَلْبِها وتَكرار، فلم آلُ جُهدًا في ¬

_ (¬1) في ق: "البارقاني"، وهو تحريف، وهي مترجمة في تاريخ الإسلام 13/ 133 وغيره. (¬2) في ق: "أحمد الصفا"، وهو تحريف. (¬3) في النسختين: "أبو".

إصلاح ما أمكَنَني من ذلك كلِّه وتصحيحِه وتقييدِه (¬1) وإكمالِه، معتمِدًا على ما وَقَعَ إليّ له أو لغيره من خطوطِ أولئك الشّيوخ أنفسِهم، وخطِّ المتقِن أبي الأصبَغ (¬2) عبد العزيز بن الحُسَين بن هِلالةَ أحدِ من استَجازَ بعضُهم لهُ كما سبَقَ ذكْرُه، وأبي [محمد] (¬3) بن عَدْلانَ، وغيرِهما ممّن يوثَقُ بضَبطِه ويُركَنُ إلى تجويدِه من أهل العناية بهذا الشأن، وعلى تقييدِ الحافظ أبي بكر ابن نُقْطةَ البغداديِّ في كتابِه الذي أكمَلَ به "إكمالَ" الأمير أبي نَصْر ابن ماكُولا في "المؤتلِف والمختلِف"، وتصنيفِ هذا الكتابِ على الأسماءِ مطلقًا لأبي القاسم بن عِمران، وقَفْتُ عليه أيضًا بخطِّه، إلى غيرِ ذلك، واللهُ ينفَعُ بذلك كلِّه ويجعَلُه خالصًا لوجهِه، فمَن وجَدَ في نُسخة من فهارِس أبي العبّاس خلافَ ما أثبتُّه هنا ممّا قيَّدتُه وأزَحْتُ إشكالَه فالأَوْلى به الرّجوعُ إلى ما يُلفِيه هنا وتصحيحُه على ما هناك بناءً على ما قرَّرتُه، اللهمّ إلّا أن يَستفرغَ وُسْعَه في البحث جُهدُه حتى يُطلِعَه على مُستنَد مثلِ ما ذكَرْتُه أو أوثقَ منه فلهُ الأخْذُ به والعملُ عليه إن شاء الله. وقد بقِيَتْ عليّ في ذلك مواضعُ لم أقفْ على الجَلاءِ في ضبطِها فتركتُها مهْمَلةً حتّى يُيسِّرَ اللهُ سبحانَه لي ولغيريَ السّبيلَ إلى تحقيق تقييدِها، وما ذلك على الله بعزيز، فلُطفُه معهودٌ وفضلُه متعوَّد، أوزَعَنا اللهُ شُكرَ نعَمِه التي لا تُحصى. حدّث في رحلتِه فأخَذَ عنه ببغدادَ: أبو عبد الله بنُ سَعيد ابن الدُّبَيْثيّ كما تقَدَّم، وبمِصرَ الحافظُ أبو بكر ابنُ نُقطة وقال فيه: كان صَالحًا حافظًا ثقةً حدَّثني من حِفظِه، وإبراهيمُ بن يوسُف بن عليّ القَيْسيّ، وأبو محمد بن عبدُ الرّحمن بن عُفَيْر، وأبَوا الحَسَن العَلِيّان: ابنُ أحمدَ بن أبي القاسم بن حمام وابنُ قاسم بن محمد ابن عليّ، ومحمدُ بن عبد الرّحمن بن محمد بن بَدْرُون، وأبو الحَجّاج يوسُفُ بن ¬

_ (¬1) ليست في م. (¬2) المحفوظ أنه يكنى: أبا محمد. (¬3) ما بين الحاصرتين بياض في النسختين.

أحمدَ بن عليّ الأنصاريّ، وقَفَلَ إلى بلدِه بروايةٍ واسِعة وفوائدَ جَمّة، وجَلَبَ كتُبًا نافعة وتصانيفَ غريبة، وأخَذَ عنه بها جماعةٌ منهم: ابنُه أبو النُّور محمدٌ جارُنا بمَرّاكش، والأحامدُ: ابنا العَلِيَّينِ: ابنُ عَمْريل وابن هارونَ، وأبناء المحمَّدين: ابن عيسى المومنانيُّ أبو عبد الله وابنُ أبي الخليل وابنُ يوسُفَ بن فَرْتُون، وسُليمانُ بن عليّ بن محمد بن سُليمان وطَلْحةُ بن محمد بن طَلْحة، وأعبُدُ الله: ابنُ عبد الرّحمن بن بُرْطُله وابنُ عبد الرزّاق وابنُ قاسم الحَرّار، وبَنُو المحمَّدين: ابنُ أبي الحَسَن بن الحَجّاج وأبي عبدِ الله بن عيسى المومنانيّ المذكور وأبي الوليد ابن الحاجّ، وأبو القاسم عبدُ الكريم بن عِمرانَ، وأبو بكرٍ عَتِيقُ بن الحُسَين بن رَشِيق، والمحمَّدون: أبو الخَطّاب بنُ أحمدَ بن خليل، وابنُ أبي بكر بن خلف بن المَوّاق وابنُ سليم أبَوا عبد الله، وأبناءُ المحمَّدين: ابنُ عبد العزيز أبو بكر ابنُ أُختِ أبي القاسم بن صَافٍ وابن عامِر بن فَرْقَد أبو عُبيدةَ وابن يوسُفَ أبو بكرٍ أبو العافية، والدّكالي، وحَدَّث (¬1) عنه بالإجازة غيرُ واحدٍ من نُظَرائِه منهم: أبو الحَسَن بن محمد الشَّاري. وحدّثنا عنه شيوخُنا: أبو عليٍّ الحُسَين بن عبد العزيز ابن الناظِر، وأبو الحَسَن بن محمدٍ الرُّعَيْني، وأبو عبد الله بن عليّ بن هشام، وأبو الحُسَين اليُسْر. وكان محدِّثًا حافظًا ناقِدًا ذاكرًا تواريخَ المحدّثين وأنسابَهم ومَوالدَهم ووَفَياتِهم وتعديلَهم وتجريحَهم، سُنّيًّا ظاهريَّ المذهب، مُنْحِيًا على أهل الرأي شديدَ التعصُّب لأبي محمد عليّ بن أحمدَ بن حَزْم، وعنه انتَشرَتْ تصانيفُه، إذ كان قد عُنِي بها كثيرًا واستَحسَنَها وأنفَقَ عليها أموالًا جَسِيمةً حتى استَوعبَها جَمْعًا فلم يَشُذَّ عنه منها إلّا ما لا خَطَرَ له إن كان قد شَذَّ، مُقتدِرًا على ذلك، مُعانًا عليه بجِدَتِه وَيَسارِه، بعدَ أن تفَقَّه طويلًا على أبي الحُسَين محمد بن محمد (¬2) بن زَرْقونَ في مذهبِ مالك. ¬

_ (¬1) من هنا إلى "الشاري" سقط كله من ق. (¬2) في ق: "أحمد"، محرف، وهو مترجم في التكملة الأبارية (1637).

وكان زاهدًا في الدُّنيا مُؤْثِرًا بما في يدَيْه منها مُوسَّعًا عليه في معيشتِه، كثيرَ الكُتُب في كلِّ فنّ من العلوم على تفاريقِها، سَمْحًا لطَلَبةِ العلم بها، رُبّما وَهَبَ منها لمُلتمِسِه الأصلَ النَّفيسَ الذي يعِزُّ وجودُه وتَعظُمُ جَدواه وترتفعُ قيمتُه احتسابًا به وإعانة على التعلُّم، له في ذلك كلِّه أخبار مُنبئةٌ عن فضلِه وكرَم طَبْعِه، وكان كثيرَ الشَّغَف بالعلم والدُّؤوبِ على تقييدِه، على إفراط رَداءة خطِّه ومُداومةِ سَهَر اللّيل من أجلِه، معَ استغراقِ أوقاتِه وحاجاتِ الناس إليه، إذْ كان حسَنَ العلاج في طبِّه، مَوْرود الموضِع لثقتِه ودينِه، إمامَ أهل المغرِب قاطبةً في معرِفة النّبات وتمييزِ الأعشاب وتحليتِها وعِلْم منافعِها ومضارِّها غيرَ مُدافَع عنه ولا مُنازَع فيه، أخَذَه قديمًا عن أبيه وعن جدِّه، وكانا قُدوةً في العلم به، وعن غيرِهما، ثُم جالَ بسببِه الكثيرَ حتى وقَفَ على مَنابتِه وصُوَرِه، ورحَلَ في ذلك إلى جَبَل غَرْناطةَ وغيرِه من بلاد الأندَلُس، وعايَنَ في وِجهتِه المَشْرقيّة كثيرًا ممّا لا يكونُ بالمغرِب منه، وفاوَضَ فيه هنالك كلَّ مَن أمكَنَه ممن يُشهَدُ له بالفَضْل في معرفتِه، ولم يزَلْ باحثًا عن حقائقِه كاشفًا عن غوامضِه حتى وقَفَ منه على ما لم يقفْ عليه غيرُه ممّن تقَدَّم في المِلّة الإسلامية، فصار أوحَدَ عصرِه في ذلك فَرْدًا لا يُجاريه أحدٌ فيه بإجماع من أهل ذلك الشَّأن، وكان له دُكّانٌ متّسعٌ يقعُدُ فيه لبَيعْ الحشائش الطِّبِّيّة والنَّفْع بها. وله فيما كان ينتحلُه من الفنَّيْنِ تصانيفُ مُفيدةٌ وتنبيهاتٌ نافعة واستدراكاتٌ نبيلةٌ بارعة وتعقُّباتٌ لازمة، منها في الحديثِ ورجاله: "المُعلِم بزوائدِ البخاريِّ على مسلم" و "اختصارُ غرائبِ حديث مالك" جَمْعَ أبي الحَسَن عليّ بن عُمر البغداديّ الدارَقُطني، و "نَظْمُ الدَّراري فيما تفرَّدَ به مسلمٌ عن البخاري"، و "توهينُ طُرُق حديثِ الأربعين" جعَلَه أربعينَ بابًا، و "حُكْمُ الدعاء في أدبارِ الصَّلَوات"، و "كيفيّةُ الأذانِ يومَ الجُمُعة"، و "اختصارُ الكامل في الضُّعَفاءِ والمتروكين" لأبي أحمدَ [بن عدي] (¬1)، و "الحافلُ في تذييل (¬2) الكامل" المذكور، ¬

_ (¬1) ما بين الحاصرتين بياض في النسختين. (¬2) في ق: "تدليل"، محرفة.

و "أخبارُ محمد بن إسحاق"، ومنها في النبات: شَرْحُه "حشائشَ" دياسقوريدوس و "أدويةَ" جالينوس، والتنبيهُ على أوهام مترجِميها، و "التنبيهُ على أغلاطِ الغافقيِّ في أدويتِه"، إلى غيرِ ذلك من المصنَّفاتِ الجامعة والمقالاتِ المفرَدة والتعاليق المتنوِّعة، وكلُّ ذلك شاهدٌ بتبريزِه وجَوْدةِ إدراكِه في جميع ما كان يتولّاه من ذلك. وعلى الجملة، فإنه كان من حَسناتِ الدّهر التي قلّما يسمَحُ بمثلِها رحمه الله، وبَلَغَني أنّ تلميذَه الأخصَّ به الناقدَ المحدّث الأنْبلَ أبا محمد بنَ قاسم الحَرّارَ تهمَّمَ بجَمْع أخبارِه وعُني بحَشْدِ مآثرِه وآثارِه وضمَّنها مجموعًا له نبيلًا لم أقفْ عليه، وفيما ذكَرْتُه من أحوالِه نُبذةٌ صالحة. مَوْلدُه في محرَّم إحدى وستينَ وخمس مئة، وتوفِّي بإشبيلِيَةَ عند مَغِيب الشّفَق من ليلة الاثنينِ مستَهلِّ ربيعٍ الأخير، وقال ابنُه أبو النُّور: مُنسلَخَ ربيعٍ الأوّل، وقال أبو جعفر ابنُ الزُّبير: توفِّي فُجاءة بين الظُّهر والعصر من يومِ الأحد المُوفي ثلاثينَ من ربيعٍ الأوّل، واتَّفَقوا أنّ ذلك كان سنةَ سبع وثلاثين وست مئة. ورَثاه صديقُه القاضي الحسِيبُ الأديب أبو أُمَيّةَ إسماعيلُ بن سَعْدِ السُّعود بن عُفَيْر الآتي ذكْرُه في موضعِه من هذا المجموع إن شاء الله (¬1)، بقصيدةٍ فريدة اقتَرحَ نَظْمَها عليه الراوِيةُ أبو محمد الحَرّارُ المذكورُ، وأودَعَها مجموعَهُ المشارَ إليه في مناقِب أبي العبّاس رحمَهم الله، وهي [الكامل]: أين الكِباءُ (¬2) وأين عَرْفُ الآسِ ... ممّا حوَتْه كمائمُ الأرماسِ إنّ البَقيعَ تعطَّرت أرجاؤه ... كالرَّوض غِبَّ العارضِ البَجّاسِ فكأنّما دارينُ قد أهدَتْ إلى ... سُكّانِه مِسْكيّةَ الأنفاسِ ولعلّ أصحابَ المقابرِ (¬3) أعرَسُوا ... وتدَخَّنوا بأُلُوّةِ (¬4) الأغراسِ ¬

_ (¬1) الموضع الذي يحيل عليه المؤلف في سفر مفقود، وترجمة أبي أمية ابن عفير في التكملة (496). (¬2) الكباء: عود البخور، أو ضرب منه. (¬3) في ق: القبور. (¬4) الألوة: العود يستجمر به.

لا بل تضَوَّعَ تُربُها إذ قُدّست ... بمُقدَّس المثوى من الأدناسِ نَمَّت شمالُ زكائِه بشمائلٍ ... أزهَتْ بعَرْف الغارِ والبسباسِ فتعرَّفَ الموتَى نَعيمَ جِوارِهِ ... واستَشعرَ الأحياءُ وَقْعَ الباسِ يا كدْيةَ الخَيْل انعُمي واستأنِسي ... إذْ لا سبيلَ بحمصَ لاستئناسِ (¬1) رَغْسًا (¬2) لمنْبِتِكِ النَّباتيُّ الرِّضا ... قد حانَ منه فيك حينَ غِراسِ طوَتِ الصّفائحُ جسمَه وسِماتُهُ ... منشورةٌ بصحائفِ الأطراسِ بَذَرَ المعارِفَ في رِياضِ سُطورِها ... فاستَحصَدتْ واستَأذنَتْ بدِراسِ فادرُسْ تَجِدْ حَبَّ المعاني كامِنًا ... بِسنابلٍ نَبتَتْ من الأنفاسِ يا حبَّذا منها لوَسْواسِ الأسى ... راقٍ ومن داءِ الجَهالةِ آسِ كيف الثَّواءُ بظَهْر أرضٍ بعدَما ... قد حَلَّ باطنَها أبو العبّاسِ عجَبًا لواهي الخَلْق مثلُ شديدِهِ ... كيف استقَلَّ بطَوْدِ علمٍ راسِ؟! لا بل تعَلَّق من حِبالِ لطائفِ الـ ... ـــــوْلى الحكيم بمُحْكَم الأمراسِ وتجرَّدتْ من رُوحِه أعضاؤه ... لمّا استعاضَ من الثّرى بلِباسِ وغدَا السّرورُ سريرَه في لحدِهِ ... طُوِيَتْ معَ الإيثارِ والإيناسِ سل نعشَهُ: هل في انتعاش عُفاتِهِ ... طمعٌ وراكبُه رهينُ الياسِ؟ تَعْسًا له من مَرْكَبٍ لا يُمتطَى ... إلا لمصرَع كَبْوةٍ وشِماسِ يَهوِي براكبِهِ لأسفلِ أخمصٍ ... من بعدِ محمَلِه بقُنّةِ راسِ هيهاتَ داءُ الموتِ قد أعيا الورَى ... فيه علاجُ مجرِّب ونَطاسي ¬

_ (¬1) كدية الخيل: موضع بظاهر إشبيلية وفيه دفن النباتي، وحمص: إشبيلية. (¬2) في ق: "وغسا"، الرغس: النماء والبركة.

دارَتْ شَعوبُ على الشُّعوب وما عدا ... بالشُّرب فيها الدّورَ ساقي الكاسِ حُكْمُ المُسَوَّدِ والمَسُودِ إذا مضَتْ ... أحكامُها جارٍ بغيرِ قياسِ ساوَى دَعِيُّ زيابٍ في شُربِها الصُّرَحاءَ من ذُريّة العبّاسِ لا يحتَمي ليْثُ الشَّرى في غابةٍ ... منها ولا ريمُ الفلا بكِناسِ يا مَن يَرومُ نضالَ رامٍ قوسُهُ ... ليست تُقاسُ بهذه الأقواسِ كيف احتراسُك من سِهامٍ ريشُها الـ ... أقدارُ قد حُجِبت عن الحُرّاسِ؟ لم تَعدُها في الجوِّ طائرةٌ ولا ... نونٌ بطامسةِ الغديرِ عِمَاسِ حسْبُ المنيّةِ أن يُلاقى خَطْبُها الـ ... ــــمكروهُ بالتسليم والإبساسِ إيهٍ أبا العبّاس كيف يلينُ مِن ... بعدِ افتقادِك قلبُ دهرٍ قاسِ؟ إيهِ أبا العبّاس كيف مِرَاسُنا ... للحادثاتِ ولاتَ حينَ مِراسِ؟ من ذا يُبشِّرُ بالطلاقة خائفًا ... لاقاهُ وَجْهُ زمانِه العبّاسِ من يَستقلُّ بطبِّ ما أعيا الوَرَى ... من مُعضِلاتِ الجهل والإفلاسِ؟ كم فرقةٍ عرِيَت وجاعَتْ بعدَما ... كانت طَواعِمَ مِن نداكَ كوَاسِ ألِفُوا لمَفْقَدِك السُّهادَ فأصبحَتْ ... أجفانُهمْ لا تغتَدي بنُعاسِ يتَملمَلونَ أسًى كأنّ جُنوبَهمْ ... فوقَ المضاجع في حصيدِ هِراسِ مَنْ ذا يُواسيهمْ ويَأْسُوهمْ وقد ... غَرَبَ المُواسي في الوَرى والآسي؟! مَنْ ذا يَدُلُّ على الهدى مُسترشِدًا ... متردِّدًا في حَيْرةِ الإبلاسِ؟! هُزّت لحينِ رداكَ أعمِدةُ الهدى ... وأباحَ رُزْؤك واريَ الأحراسِ هذي المدارسُ قد خَلَت من أُنْسِها ... بكَ في عِداد الأربع الأدراسِ أسَّستَ بالآثارِ علمَكَ مُوقِنًا ... أنّ البناءَ يَهي بغيرِ أساسِ

مَنْ ذا يُطَهِّرُ بالإماطةِ سُنّةً ... تشكو أذى الآراءِ والأقياسِ؟ مِنْ ذا يُعالجُ داءَها من حِفظِه ... بعلاج لا ناسٍ ولا متَناسِ؟ جارَيْتُ فُرسانَ العلوم ففُتَّهمْ ... وأَتَى جَوادُك أوّلَ الأفراسِ لو كنتَ في الماضِينَ جيتَ مقدَّمًا ... في حَلْبةِ القُطّانِ والفُلّاسِ ولكان في عِلم النّباتِ أبو حنيَـ ... ـــــفةَ (¬1) من ذكائِك فازعًا لسَواسِ لله دَرُّك مُسرِجًا من فهمِهِ ... في كلِّ مَظلمةٍ سَنَا نِبراسِ ومجرِّدًا من عَزْمِه صَمْصامةً ... موصولةً من دينِه برئاسِ هزَمَ القياسَ بعَسْكرٍ من مُسنَدِ الـ ... آثارِ لا مَيَلٍ ولا أنكاسِ قَسَمَ الزّمانَ على مراتبِ قسمةٍ ... لم يَعْدُ فيها عادةَ الأكياسِ وَفَّى العلومَ حقوقَها فيها ولم ... ينقُصْ حبالَ عهودِها بتَناسِ هذا الحريريُّ (¬2) الذي وَشَّى بما ... أمْلَتْ عُلاه ملاءةُ القِرطاسِ أبدَى به تلك الحُلى لمّا اختفَى ... ذاك المُحَيَّا عن عيونِ الناسِ شَقَّ الوفاءُ كمامَ فكرتِه فما ... أذكَى أزاهرَ أيْكِها المَيّاسِ نَظَمَ المناقبَ في سُلوكِ سطورِهِ ... نَسقًا كنَظْم الدرِّ في الأسلاسِ فجعَلْتُ أنثُرُ أدمُعي لنِظامِها ... طَرَبًا وأستَرْقي بها وَسْواسي أسَفي لأحمدَ لسْتُ أحمَدُ بعدَهُ ... نُعمى ولا أُبدي مَذَمّةَ باسِ خَلِّ الزّمانَ يدورُ إنّ صُروفَهُ ... قد آذنَتْنا فيه باقعنساسِ ¬

_ (¬1) يقصد أبا حنيفة الدينوري، وكتاب النبات له لم يُرَ في معناه مثله كما قال الأنباري أبو البركات في نزهة الألباء: 240 (تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم). (¬2) يقصد أبا محمد بن قاسم الحرار صاحب المجموع في مآثر النباتي السابق ذكره.

759 - أحمد بن محمد بن مفرج الأميي والأموي، كان يكتب نسبه بإحدى الصيغتين تارة وبالأخرى تارة، سرقسطي الأصل، نزل مرسية، ويقال: الملاحي

ما ذقتُ كأسًا مثلَ كأسِ رَزِيّتي ... بكَ يا أبا العبّاسِ في الأكواسِ قَدْرُ المصيبةِ فيك قَدْرُك في الوَرى ... إن قيستِ الأجناسُ بالأجناسِ لهْفي ولو أجدَى التلهُّفُ كنتُ فيـ ... ــــــهِ مُواصلَ الآصال بالأغلاسِ حَسْبي مُساهمةُ ابنِه في الحُزْن إذْ ... شأنُ المُساهم في الأسى كالآسي فاصبِرْ أبا النُّور احتسابًا إنّها ... كأسٌ لها كلُّ البَرِيّة حاسِ واخلُفْ أباك في الانتصارِ لسُنّةٍ ... أمِنَتْ به من ظُلمةِ الأدماسِ إن كان أسلمَ خيْسَمها هِرماسُهُ ... فالشِّبلُ يَخلُفُ سَوْرةَ الهِرماسِ (¬1) وهي المَواقدُ رُبّما خَمَدت وقد ... كَمَنَتْ بقايا النارِ في الأقباسِ سَحَّت بقبرِ أبيكَ ديمةُ رحمةٍ ... تَسْقي ثَراهُ بوابلٍ رَجّاسِ حتى يَرِفَّ عليه من زَهْرِ الرِّضا ... عَرْفٌ يَبُذُّ شَذاهُ عَرْفَ الآسِ تمّت. والحَريريُّ هو: أبو محمد بنُ قاسم الحَرّار المذكورُ، كانَ ينسُبُ نفسَه الحريريَّ كثيرًا. 759 - أحمدُ (¬2) بن محمد بنُ مفرِّج الأُمُيِّيُّ والأُمَويُّ، كان يَكتُبُ نسَبَه بإحدى الصِّيغتَيْنِ تارَة وبالأُخرى تارة، سَرَقُسْطيُّ الأصل، نزَلَ مُرْسِيَةَ، ويقال: المَلّاحي. رَوى عن أبي الحَسَن بن أحمدَ بن فَيْد، وأبوَيْ عبد الله: ابنُ عبد الرّحيم ابن الفَرَس وابن يوسُفَ بن سَعادة، وأبي العبّاس بن (¬3) إدريسَ، وأبوَيْ عليّ: حُسَين بن عَرِيب والصِّقِليِّ، وأبي القاسم (¬4) عبد الرّحمن بن محمد بن حُبَيْش، وأبي مَرْوانَ عُبَيد الله بن عُمرَ بن هشام. ¬

_ (¬1) الهرماس من أسماء الأسد. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (219). (¬3) بعد هذا بياض في النسختين. (¬4) في ق: "العباس"، محرف، وهو مترجم في التكملة (2332).

760 - أحمد بن محمد بن مكنون اللخمي، مروي، أبو العباس

رَوى عنه أبو جعفر بن محمد بن عبد الجَليل بن غالِب، وأبو عبد الله ابنُ (¬1) رافع، وأبو عليّ حَسَنُ بن عبد الرّحمن الرّفّاء. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا إمامًا في المعرِفة بطريقةِ التجويد وإتقانِ اللَّفظ بالحروفِ وإحكام الأداء، راوِيةً للحديث ذاكِرًا له، متحقِّقًا بالعربيّة، أقرَأَ القرآن وأسمَعَ الحديثَ ودرَّس النَّحو دَهْرًا بمُرْسِيَة. وتوفِّي سنةَ ثمانين، وقيل: سنةَ إحدى وثمانينَ، وخمس مئة. 760 - أحمدُ بن محمد بن مَكْنون اللَّخْميُّ، مَرَوي، أبو العبّاس. وقال فيه أبو جعفر ابنُ الزُّبَير: أحمدُ بن مَكْنون، مُوهِمًا أنه أبوه، وليس كذلك. أخَذَ ببلدِه عن طائفةٍ من أهل العِلم به كأبي إسحاقَ بن محمد البَلَّفِيقيِّ ابن الحاجّ، وأبي بكر بن عبد الملِك بن أبي نَضِير (¬2)، وأبوَيْ عبد الله ابنَي الأحمَديْنِ: الأَنْدَرْشِيِّ وابن الشَّوّاش وغيرِه (¬3). ورَحَلَ إلى أبي عبدِ الله (¬4) بن مسعود الشاطبيِّ فأخَذ عنه بها، وإلى إشبيلِيَةَ فأخَذَ بها عن أبي الحُسَين محمد بن محمد بن زَرْقُون ولازَمَه، وأخَذ بها أو بقُرْطُبة عن أبي القاسم أحمدَ بن يزيدَ بن بَقِيّ. رَوى عنه أبو العبّاس بن يوسُف بن فَرْتُون، وأبو القاسم محمدُ بن عبد الرّحيم ابن الطِّيب، وأبو محمدٍ طلحةُ. وحدَّثنا عنه صاحبُنا أبو عبد الله محمدُ بن عيّاش. وكان محدِّثًا راوِيةً مُكْثِرًا، ذاكِرًا لأخبارِ الصّالحينَ من خِيَار أولياءِ الله المسلمين، مشهورَ الزُّهد وصِدقِ الوَرَع والتخَلُّق والفَضْل التامّ، كثيرَ السياحة ¬

_ (¬1) بعد هذا بياض في النسختين. (¬2) في ق: "نضر"، محرف، وهو أبو بكر بن عبد الملك بن أبي نضير من أهل طيبالة وسكن المرية، مترجم في التكملة الأباربة (1598). (¬3) هكذا في النسختين. (¬4) بعد هذا بياض في النسختين، وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مسعود الشاطبي المعروف بابن صاحب الصلاة، مترجم في التكملة الأبارية (1649).

761 - أحمد بن محمد بن مليير، أبو جعفر

وزيارةِ الفُضَلاء، متقدِّمًا في أهل التصَوُّف، ظهَرتْ عليه كراماتُ الأولياء، يقصِدُه أفاضلُ الناس ويَنْتابونَ منزلَه للتبرُّك به واغتنام لقائه واستيهابِ دُعائه المتعرَّف القَبول نفَعَه اللهُ. توفِّي في أوائل عَشْر الستينَ وست مئة. 761 - أحمدُ بن محمد بن مليير، أبو جعفر. رَوى عن أبي الرّبيع بن موسى بن سالم. 762 - أحمدُ بن محمد بن موسى بن أبي القاسم بن عبّاس السَّلِيحي. لهُ رحلةٌ لقِيَ فيها بمِصرَ والقاهرة أعلامًا أفاد إجازتَهم لشيخِنا أبي الحَسَن ابن محمد الرُّعَيْنيِّ رحمه الله (¬1) حسبَما يأتي ذكْرُ ذلك في رَسْمِه إن شاء اللهُ تعالى (¬2)، ولا يَبعُدُ أن يكونَ قد أخَذ عنهم وعن غيرِهم هنالك، وفي وِجهتِه وبالأندَلُس، فاستدعاؤه تلك الأجايزَ دالٌّ بنُبلِه شاهدٌ بأنه من المُرْتَسِمينَ بالعلم المتحقِّقين بالإدراكِ والفَهْم. 763 - أحمدُ (¬3) بن محمد بن موسى بن عبدِ الله بن أبي العافية، بَلَنْسِي، أبو جعفر. رَوى عن أبوَي الحَسَن: ابن عبد الله بن النِّعمة وأكثَرَ عنه وابن محمد بن هُذَيْل. ورَحَلَ إلى المشرِق وحَجَّ وأخَذ بالإسكندَريّة عن أبي طاهِر السِّلَفيِّ، وعاد إلى بلدِه فحدَّث به، ورَوى عنه أبو عبد الله ابنُ (¬4) الخَبّاز وغيرُه، وقُلِّد أحكامَ الشُّورى فحُمِدت سِيرتُه وشُكِرتْ طريقته (¬5). ¬

_ (¬1) لم يذكره الرعيني في برنامج شيوخه، وذكره المؤلف في ترجمة الرعيني منهم. (¬2) انظر ترجمة الرعيني في السفر الخامس (636) وهي من أحفل تراجم هذا الكتاب. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (216). (¬4) بعد هذا بياض في النسختين، وأبو عبد الله بن الخباز اسمه محمد بن يوسف بن مفرج، وهو مترجم في التكملة لابن الأبار (1521). (¬5) في ق: "طيته"، محرفة.

764 - أحمد بن أبي بكر بن أبي الأصبغ موسى بن محمد بن أحمد بن طاهر، أبو عمر

وتوفِّي في حدود الثمانينَ وخمس مئة. 764 - أحمدُ بن أبي بكر بن أبي الأصبَغ موسى بن محمد بن أحمدَ بن طاهِر، أبو عُمر. رَوى عن أبي عبد الله بن يوسُف بن سَعادةَ. 765 - أحمدُ بن محمد بن موسى، أبو العبّاس. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ (¬1)، وكان مُقرِئًا. 766 - أحمدُ بن محمد بن موسى الشَّرَفيُّ (¬2). كان بقُرطُبةَ حيًّا سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة. 767 - أحمدُ بن محمد بن مَيْسُور، لَبْليٌّ. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 768 - أحمدُ بن محمد بن مَيْمونٍ الأشعَريُّ، مالَقيٌّ، نزَلَ تونُسَ، أبو العبّاس، ابن السكّان. رَوى عن أبي بكر بن الحَسَن بن حُبَيْش (¬3)، واستَكثَرَ من لقاءِ المشايخ واستجازِهم واستُجيزوا له فاتّسعتْ لذلك روايتُه وعَظُمتْ درايتُه، وكان حَسَنَ الخُلُق، وَطيءَ الأكناف، سَمْحًا بذاتِ يدِه، مُنقبِضًا عن خُلطةِ الناس، مجُتهدًا في العبادة، حسَنَ المشارَكة في فنونٍ من العلم عاكفًا عليها مُفيدًا ومُستفيدًا، مَرْضيَّ الأحوال، مُستقيمَ الطريقة. وعُني بإكمالِ "تذييل" ابن فَتْحون على "استيعابِ" ابن عبد البَرّ في الصّحابة، وله مجموعٌ في لزوم رَفْع الأيدي في الصّلاة، وجَمَعَ لشيخِه أبي بكر ابن حُبَيْش برنامجَ شيوخِه، فكتَبَ عليه أبو بكرٍ ¬

_ (¬1) لم يذكره ابن الأبار في المعجم الذي جمعه في أصحابه. (¬2) في ق: "أشرفي"، وهما بمعنى. (¬3) بعد هذا بياض في النسختين.

769 - أحمد بن محمد بن ناظر، أبو جعفر

ما يأتي في رَسْمِه إن شاء الله (¬1). وله قصيدةٌ بارعةٌ طويلة في مَدْح النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - تزيدُ على ثلاث مئة بيت وعشرينَ بيتًا وسَمّاها بـ "خُلاصةِ الصَّفا من خصائصِ المصطفى"، ومطلَعُها (¬2) [الطويل]: لأحْمَدَ خيرِ الخَلْقِ أُهدي تحيتي ... محمدًا الأُمِّيْ بحُكمٍ وحِكمةِ ومَقطَعُها [الطويل]: مَدَحتُ رسُولَ الله والمدحُ دونَهُ ... ولو ملأَ المُدّاحُ كلَّ صحيفةِ فماذا يقولُ العالَمونَ وربُّهمْ ... كسَاهُ من الأمداح أسبغَ حُلّةِ؟! ولكنّ في جُهدِ المُقلِّ لنفسِهِ ... رجاءً وحُسنُ الظنِّ بيتُ القصيدةِ وكتَبَ عليها بخطّه من نَظْمِه [البسيط]: تَقرَّبَ الناسُ للمَوْلى بجُهدِهمُ ... من مَدْح مَن ساد كلَّ الخَلْق في الأزَلِ أمُّوا الجَنَابَ بأمداح ومعذرةٍ ... وحُمتُ حولَ الحِمى في غايةِ الخَجَلِ ثم اطّلعتُ على تقصيرِ مُطنِبِهمْ ... فالعَجْزُ من مبدإِ الإدراكِ من عملي 769 - أحمدُ بن محمد بن ناظِر، أبو جعفر. رَوى عن أبي زَيْد بن عيسى، ابنُ الحَشّاء، وكان راويةً مُتقنًا مُفيدًا. 770 - أحمدُ (¬3) بن محمد بن نَجَوْت الحَجْري، بسُكونِ الجيم، شُقْريّ، سكَنَ شاطِبة، أبو القاسم ابنُ يامِين. ¬

_ (¬1) وردت ترجمة أبي بكر بن حبيش في السفر السادس (الترجمة 446): "محمد بن الحسن بن يوسف: مرسي أبو بكر بن حبيش"، وليس فيها شيء مما أحال عليه هنا. وما أشار إليه المؤلف موجودة في ترجمة ابن حبيش عند المقري في نفح الطيب 4/ 145 - 146 نقلًا عن رحلة ابن رشيد، وانظر الجزء الثاني من هذه الرحلة 2/ 409. (¬2) من هنا حتى نهاية البيت الأول ليس في م. (¬3) له ترجمة مطولة في اختصار القدح المعلى (53).

رَوى ببلدِه عن أبي الحَجّاج بن طُمْلُوس (¬1)، وأبي الحَسَن بن قُطْرال (¬2)، وأبي عبد الله بن عبد العزيز بن سَعادة، وأبي عُمر أحمدَ بن هارونَ بن عاتٍ، حدَّثنا عنه أبو محمد عبدُ الله الرُّوميُّ مَوْلى الرئيس أبي عثمانَ بن سَعيد بن حَكَم. وكان متحقّقًا بالأدب رَيّانَ منه، بارِعًا في نَثْر الكلام ونَظْمِه عُنيَ بذلك كلِّه أشدَّ العناية، وكتَبَ عن رئيس بلدِه أبي الحُسَين بن عيسى مدّةً ثم عن أخيه أبي بكر، انتَقلَ بعدَ الحادثة عليه إلى ثَغْر منُورقة فكتَبَ به عن حاميه الرئيس به أبي عثمانَ بن حَكَم المذكور (¬3) مدّةً، ثم آثَرَ التحَوُّلَ إلى بَرِّ العُدْوة فاستَوطنَ تونُسَ وتوفِّي بها في جُمادى الأُولى سنةَ إحدى وستينَ وست مئة. ومن نَظْمِه: ما خاطَبَ به الرئيسَ أبا عثمانَ بن حَكَم المذكورَ [البسيط]: أنفِقْ من المالِ ما آتاك مَكسَبُهُ ... ولا تَصُدَّنّه ما (¬4) جاء عن طُرُقِهْ والمالُ كالماء إن سُدَّت مسالكُهُ ... فجارُ غَمْرتِهِ لا بدَّ من غَرَقِهْ فراجَعَه أبو عثمانَ [البسيط]: من يُمسِكِ المالَ بُخلًا لا مِساكَ لهُ ... ومَن يُفرّقْه جُودًا كنتُ من فِرَقِهْ لا تَشْدُدَنْ وَرِقًا للضّعفِ تحذَرُهُ ... فالغُصنُ يقوَى إذا خفَّفْتَ من وَرَقِهْ وكتَبَ إلى الرئيس أبي عثمانَ المذكورِ يُودِّعُه لمّا عزَمَ على الانتقال إلى تونُس بقصيدةٍ أوّلُها [الطويل]: * ألا في سبيلِ الله أستودعُ العُلا * ¬

_ (¬1) هو أبو الحجاج يوسف بن محمد بن طملوس، مترجم في التكملة الأبارية (3494). (¬2) علي بن عبد الله بن محمد الأنصاري القرطبي، مترجم في التكملة أيضًا (2843). (¬3) هو أبو عثمان سعيد بن حكم بن عمر القرشي الآتية ترجمته في السفر الرابع من هذا الكتاب (الترجمة 67)، وتنظر مقدمة التكملة لابن الأبار بتحقيق الدكتور بشار عواد معروف. (¬4) في ق: "من".

يقولُ فيها [الطويل]: سلامٌ وإنْ كان الوداعُ حقيقةً ... ولكنْ أُوَرّي بالسّلام تعَلُّلا ودِدتُ وحلوُ العَيْش أشهَى لُبانةٍ ... لوَ انّي بمُرِّ العَيْش أَفْدي الترَحُّلا فجاوَبَه الرئيسُ بقصيدةٍ أوّلُها [الطويل]: عزيزٌ علينا أن نُقيمَ وتَرحَلا ... ونختطَّ شِقَّ الشوق بعدَك منزِلا وليسَ بِبَيْنٍ ما جَرى عن مودّةٍ ... ألا إنّما البَيْنُ الذي جرَّه القِلَى وسَمِع أبو القاسم بنُ يَامينَ قولَ أبي عبد الله بن أبي الحُسَين يَصِفُ دخولَ ضَوْء البدرِ من خُلَل الشّراجيب من أبيات [الطويل]: تجَلَّى فلمّا أبْصرَ الحُسنَ باهرًا ... تقسَّمَ من فَرْطِ الحياءِ نُجوما فقال موطِّئًا له [الطويل]: ومجلسِ إيناسٍ كأنّ كُؤوسَهُ ... غدَتْ لشياطينِ السموم (¬1) رُجوما تَخالُ نَداماهُ أزاهرَ رَوْضةٍ ... سقاها ندَى ربِّ المَحلِّ سُجوما ألَمَّ بها بَدْرُ الدُّجُنّةِ واعتَلى ... وأمَّل في وقتِ الهجودِ هجوما فأهدَى لأجفانِ الشّراجيبِ نُورَهُ ... وقصَّرَ عنها هَيْبةً ووُجوما تجَلَّى ... البيت. وسألهُ أبو العبّاس الغَسّانيُّ الكاتبُ إجازةَ شَطْرٍ قاله في جُلَّنارٍ نُثِر على ماء، وهو [الوافر]: * ألا فانظُرْ لزَهْرِ الجُلَّنارِ * فقال ابنُ يامين: * بمَتْنِ الماءِ منه جُلُّ نارِ * ¬

_ (¬1) في ق: "الهموم"، محرفة.

771 - أحمد بن محمد بن نصرون، أبو جعفر

وتمَّم أبو الحَسَن بن سعيد معنى الشَّطرَيْنِ بقوله [الوافر]: كأنّ الماءَ قد أمسَى سماءً ... تُصاغُ به منَ الشَّفَقِ الدّراري 771 - أحمدُ بن محمد بن نَصْرون، أبو جَعْفر. رَوى عن أبي الحَسَن بن النِّعمة. وسيأتي بعدُ أحمدَ بن نَصْرون (¬1)، وأخشَى أن يكونَ هذا. 772 - أحمدُ بن محمد بن نُفَيْع الأُمَيِّيُّ، سَرَقُسْطيٌّ، أبو جعفر، المَلّاحيُّ. كذا قرأتُ نسَبَه بخطِّه ما عدا كُنْيتَه، وهُو المسَمَّى جَدُّه قبلُ مُفرِّجًا (¬2)، ولعلّ أحدَهما جَدُّه الأعلى، أو يكونُ مُفرِّج تصحيفًا من نُفَيعْ على بُعد، واللهُ أعلم. 773 - أحمدُ (¬3) بن محمد بن وَهْب بن نَذِير بن وَهْب بن نَذِير الفِهْريُّ، من أهل شَنْتَ مَرِيّةِ (¬4) الشّرق، أبو جعفر. رَوى عن أبي عبد الله (¬5) ابن الحَذّاء، ولَقِيَه بسَرَقُسْطة، وأبي عبد الرّحمن بن محمد بن عبّاس الخطيب بطُلَيْطُلة، وأبي الفَرَج عَبْدوس بن محمد. رَوى عنه ابنُه أبو مَرْوان. وكان من أهل العناية بالرِّواية وسَماع العِلم، من بيتِ جَلالة وعِلم، أورَثَ منه خَلَفَه ما وَرِثَ عن سَلَفِه. وتوفِّي يومَ الجمُعة لثلاثٍ خَلَوْنَ من شوّالِ تسع وخمسينَ وأربع مئة. 774 - أحمدُ (¬6) بن محمد بن وَهْب البَكْريُّ، شاطِبيٌّ، أبو جعفر. ¬

_ (¬1) الترجمة (853). (¬2) الترجمة (759). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (59). (¬4) معجم البلدان 3/ 367 والتعليق على التكملة. (¬5) بعد هذا بياض في النسختين، وأبو عبد الله ابن الحذاء اسمه محمد بن يحيى بن أحمد التميمي، وهو مترجم في صلة ابن بشكوال (1103) وغيره. (¬6) ترجمه ابن الأبار في التكملة (309).

775 - أحمد بن محمد بن هذيل الأنصاري، بلنسي، أصله من ثغرها، أبو العباس

رَوى عن أبي بكرٍ عَتِيق بن عليّ، وأبي عبد الله بن أيوبَ بن نُوح، وأبي عُمر أحمدَ بن هارونَ بن عاتٍ. رَوى عنه أبو عبد الله (¬1) ابنُ الفَخّار البَلَنْسِيّ. وكان حافظًا للفقه، عاقِدًا للشّروط، مُبرِّزًا في عِلم العربيّة درّسَه زمانًا ببلدِه، وخرَجَ منه عندَ إجلاءِ الرُّوم أهلَه ونَقْضِ معاهدتهم (¬2) في رمضانِ خمس وأربعينَ وست مئة، فتوفّي على أثَرِ ذلك بأُرُيولةَ ودُفن بها رحمه الله. 775 - أحمدُ (¬3) بن محمد بن هُذَيْل الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ، أصلُه من ثَغْرِها، أبو العبّاس. سَمع أبا الحَسَن بن عبد الله بن النِّعمة، وأبا الوليد يوسُفَ بن عبد العزيز ابن الدّبّاغ، وصَحِبَ أبا بكرٍ عَتِيقَ بن أَسَد، وأبا محمد عاشِرًا وتفقه بهما ورَحَلَ إلى قُرطُبة فأخَذ بها عن أبي جعفر (¬4) بن عبد العزيز، وأبوَيْ عبد الله: ابن أحمد بن الحاجّ وابن أبي الخصَال مَسْعود وغيرِهم. وكان فقيهًا حافظًا للنّوازل، بَصيرًا بعَقْدِ الشّروط، مائلًا إلى الأدبِ، ضارِبًا في نَظْم الشّعر بسَهْم، حسَنَ الخَطّ نَحَا فيه مَنْحَى شيخِه أبي عبد الله ابن أبي الخِصَال فقارَبَه. ولي قضاءَ باغُه ثم وليَ قضاءَ إسْتِجّة فأقام على ذلك إلى أن قُتلَ ابنُ الحاجِّ فانصرَفَ إلى بلدِه فوَلِيَ قضاءَ لارِدةَ وشِبْرانَة وغيرهما من بلاد الثَّغْر الشّرقيِّ في الدّولة اللَّمْتُونيّة، فلم تُحمَدْ سِيرتُه، وكتَبَ عن أبوَيْ محمد (¬5) ¬

_ (¬1) بعد هذا بياض في النسختين، وأبو عبد الله ابن الفخار هو محمد بن إبراهيم بن خلف، مترجم في التكملة لابن الأبار (1506). (¬2) في ق: "مهادنتهم". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (179)، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 157. (¬4) بعد هذا بياض في النسختين. (¬5) بعد هذا بياض في النسختين، وهو أبو محمد أحمد بن جعفر بن عبد الله بن عبد الرحمن بن جحاف المعافري المتقدمة ترجمته في موضعها من هذا السفر.

776 - أحمد بن محمد بن هشام، شلبي

ابن جَحّاف، وعاشر أيامَ استقضائهما، ثُم وَليَ (¬1) خُطّةَ الشُّورى ببَلَنْسِية لأبي العبّاس ابن الحَلّال ولأخيه زيادةِ الله، ثُم وَلِيَ بأخَرةٍ خُطّةَ المَواريثِ وأحكامَها ببَلَنْسِيَة في إمارةِ محمد بن سَعْد فامتُحِنَ وضُرب وغُرِّب إلى جزيرةِ شُقْر، وهنالك توفّي مُضيَّقًا عليه في ذي القَعْدة سنةَ تسع وخمسينَ وخمس مئة ودُفن بقِبْلي جامعِها. ومَولدُه سنةَ أربع وخمس مئة. 776 - أحمدُ بن محمد بن هشام، شِلْبيٌّ. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي. 777 - أحمدُ بن محمد بن هِلال. رَوى عن أبي القاسم الحَسَن بن عُمر الهَوْزَنيّ. 778 - أحمدُ (¬2) بن محمد بن يحيى بن أيّوبَ بن شَجَرةَ، إشبِيليٌّ، أبو القاسم. رَوى عن أبي عبد الله بن محمد بن مُعاذ. رَوى عنهُ محمد بن أحمدَ بن محمد بن وَهْب، وكان أحَد فُضلاءِ بلدِه عِلمًا ودِينًا وأَمَّ فيه (¬3) دَهْرًا بمسجد ابن الأخضَر منه. 779 - أحمدُ بن محمد بن يحيى بن زكريّا، قُرْطُبيٌّ. كان من أهل العلم والتّبريزِ في العدالة، حيّا في حدودِ أربع مئة. 780 - أحمدُ (¬4) بن محمد بن يحيى بن عُبَيد الله بن يحيى بن يحيى بن كثيرٍ أبي عيسى المَصْموديُّ اللَّيْثيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو القاسم، ابنُ أبي عيسى شُهرة عُرِف هو وسَلَفُه بها. ¬

_ (¬1) قفز نظر ناسخ م من هنا إلى قوله: "ثم ولي" الآتية فسقط عنده ما بينهما. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (270). (¬3) في ق: "وأم فيه"، ولا معنى لها لقوله بعدُ: "منه". (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (19).

781 - أحمد بن محمد بن يحيى بن علي بن عبد الله الأنصاري، مالقي، أبو جعفر، ابن يحيى وابن الأبكم

وقد تقَدَّم التعريفُ بنَسَبِهم وأوّليّتهم في رَسْم ابن عبد الله بن يحيى بن يحيى بن يحيى (¬1). رَوى ببلدِه عن غير واحد من أهل العِلم به، ورَحَلَ إلى المشرِق وحَجَّ وسمعَ بمكّة شرَّفها اللهُ من أبي سعيد (¬2) ابن الأعرابيّ سنةَ ثمانٍ وثلاثينَ وثلاث مئة، وببَيْتِ المَقْدِس من أبي عبد الله محمد بن إبراهيمَ بن إسحاق السَّرّاج ابن أخي الحافظِ أبي العبّاس، وبمِصرَ من أبي عليّ [ابن السكن معجمه في الصحابة سنة] (¬3) سنةَ خمسٍ وأربعينَ، وذكَره الحافظُ أبو الوليد عبدُ الله [بن محمد] (¬4) ابن الفَرَضيّ (¬5)، وذكَرَ روايتَه عن عبد الله بن جعفر، وأُراه (¬6) ابنَ الوَرْد محدّثَ مِصرَ، ولم يَذكُرْ سائرَ شيوخِه. 781 - أحمدُ بن محمد بن يحيى بن عليّ بن عبد الله الأنصاريُّ، مالَقيٌّ، أبو جعفر، ابنُ يحيى وابنُ الأبْكَم. رَوى عن أبي إسحاقَ بن عليّ الزّواليّ، وأبي الحَجّاج بن محمد ابن الشيخ، وأبي سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبي عليّ عُمرَ بن عبد المجِيد الرُّنْديّ، وأبي القاسم أحمدَ بن عبد الوَدُود بن سَمَجُونَ، وآباءِ محمد: ابن الحَسَن ابن القُرْطُبي وابن سُليمان بن حَوْطِ الله وعبد الوهّاب بن عليّ المالَقيّ. وأجازَ له أبو جعفر بنُ عليّ بن حَكَم، وأبوا محمد: ابنُ محمد الحَجْري وعبدُ المُنعِم بن محمد ابن الفَرَس. رَوى عنه أبو جعفر بنُ علي ابن الفَحّام، وأبو العبّاس بن يوسُف بن فَرْتُون، وأبو عَمْرو أحمدُ بن عليّ بن عمريل، وأبو (¬7) محمّد طَلحةُ. وحدّثنا عنه (¬8). ¬

_ (¬1) الترجمة 245. (¬2) بعد هذا بياض في النسختين، وأبو سعيد ابن الأعرابي اسمه أحمد بن محمد بن زياد، مترجم في تاريخ الإسلام 7/ 733 وغيره، وتوفي سنة 340 هـ. (¬3) ما بين الحاصرتين بياض في النسختين استفدناه من التكملة لابن الأبار. (¬4) ما بين الحاصرتين بياض في النسختين استدركناه من ترجمة ابن الفرضي المشهورة. (¬5) تاريخ علماء الأندلس (162). (¬6) هذا قول ابن الفرضي. (¬7) سبق قلم المؤلف فكتب "وأبي"، فجاء كذلك في النسختين. (¬8) بعد هذا بياض في النسختين، لم يعد إليه المؤلف.

782 - أحمد بن محمد بن يحيى الغساني

وكان فقيهًا حافظًا عاقِدًا للشّروط مُبرِّزًا في معرفتِها ضابِطًا لأحكامِها بَصيرًا بعِلَلِها، واستُقضيَ بمالَقةَ واستمرَّت حالُه على الرِّضا. وتوفِّي بها لتسع بقِينَ من محرّمِ ستٍّ وثلاثينَ وست مئة. 782 - أحمدُ بن محمد بن يحيى الغَسّانيُّ. 783 - أحمدُ بن محمد بن يحيى، شِلْبيٌّ، أبو عبد الملِك، ابنُ المَلّاح. رَوى عن أبي الحُسَين عبد الملِك بن محمد ابن الطّلّاء. 784 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن يَزيدَ الأسَديُّ العُكَّاشيُّ الضّرير، جَيّانيٌّ، أبو جعفرٍ الجنْكُوبيُّ، بجيم معقودة ونُون ساكنة وكافٍ مضمومة (¬2). رَوى عن أبي عليّ (¬3) الحُسَين السَّعْدي، وأبي عبد الله بن أُمَيّةَ النَّضْري. رَوى عنه أبو بكر بنُ جابر السَّقَطيّ وأبو عبد الله بن الحَسَن ابن الخَطيب، وحدَّث عنه بالإجار أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ شيخُنا وأبو محمد طَلْحةُ. وكان أُستاذَ إقراءٍ وتجويد، ذا دين مَتِين وفَضْل شهير، وأسَنِّ فَعَلَتْ روايتُه واغتُنم الأخْذُ عنه واستجازتُه من البلاد. وفي هذه الطّبقة أحمدُ بن أبي بكر بن يَزيدَ أبو جعفر، أخَذَ عن أبي الحَسَن ابن محمد بن هُذَيْل، وكان مُقرِئًا، فيُمكنُ أن يكونَ هذا، واللهُ أعلم، وقد تقَدَّم التنبيهُ على ذلك. 785 - أحمدُ (¬4) بن محمد بن اليَسَع، قُرْطُبيٌّ، أبو بكر. كان نَحْويًّا ماهرًا وله في العربيّة تأليفٌ حسَن أملاه سنةَ إحدى وأربع مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه الرعيني في برنامجه 161، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 387 نقلًا من الإحاطة. (¬2) بعد هذا بياض في النسختين. (¬3) سقط من ق. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (32).

786 - أحمد بن محمد بن يوسف بن عبد ربه اللخمي، إشبيلي، أبو العباس

786 - أحمدُ بن محمد بن يوسُف بن عبد ربه اللَّخْميُّ، إشبيليٌّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي العبّاس بن طاهِر. 787 - أحمدُ بن محمد بن يوسُفَ الرُّعيْنيُّ، بَلَنْسِيٌّ فيما أحسَب. رَوى عن أبي محمد بن محمد بن السِّيْد. 788 - أحمدُ (¬1) بن محمد بن يونُس، أبو جعفر المُرْباطريُّ. رَوى بشَرْق الأندَلُس عن أبي الحَسَن طارق بن يَعيش، ورحَلَ إلى إشبيلِيَةَ فأخَذ بها عن القاضي أبي بكر ابن العَرَبي سنةَ ثلاثِ وثلاثين وخمس مئة وأكثَرَ عنه وأجازَ له، وعن الخطيبِ أبي الحَسَن شُرَيْح. وكان من أهل العناية التامّة بروايةِ العلم وسَماع الحديث ولقاءِ حَمَلتِه. 789 - أحمدُ بن محمد الأزْديُّ، بَلَنْسِي، أبو بكر، ابنُ الأشَجّ. رَوى عن أبي العبّاس ابن العُذْري. 790 - أحمدُ (¬2) بن محمد الأزْديُّ، قُرْطُبيٌّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي بكر بن سَمْحُونَ، وأبي بكر بن موسى القشالشي، وأبي خالد يزيدَ بن عبد الجَبّار المَرْواني، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال. كتَبَ عنه كثيرًا من التواريخ أبو القاسم القاسمُ ابنُ الطَّيْلَسان. وكان رجُلًا فاضلًا خيِّرًا مُلازِمًا المسجدَ الجامعَ بقُرْطُبة لا يكادُ يَبرَحُ منه مُتبتِّلَا، لا أهلَ له ولا ولد. توفِّي يومَ الخميس عَقِبَ رجبِ إحدى عشْرةَ وست مئة. 791 - أحمدُ بن محمد الأزْديُّ، غَرْناطيٌّ، ابنُ القَصِير. رَوى عن شيوخ بلدِه، وكان فقيهًا مُشاوَرًا فاضلًا جَليلًا مجُابَ الدّعوة من بيتِ شُورى وعلم، حيًّا سنةَ خمسينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (150). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (268).

792 - أحمد بن محمد الأسدي، غرناطي، أبو جعفر البرذون القراق

792 - أحمدُ بن محمد الأَسَديُّ، غَرْناطيٌّ، أبو جعفر البرذَوْن القَرّاقُ. تَلا على أبي محمد بن عبد المُنعِم بن محمد ابن الفَرَس وغيره من أهل بلدِه. وكان من أحسَن الناس نَغَمةً بالقرآن العظيم وأنْداهُم به صَوْتًا وأتمِّهم وَرَعًا وخَيْرًا وفَضْلاً، وأمَّ وقتًا في الفريضة بجامع غَرْناطة. وتوفِّي قبلَ السّبعين. 793 - أحمدُ بن محمد الأشْجَعيّ. سَمع بالمَرِيّة من أبي عليّ الصَّدَفي. 794 - أحمدُ (¬1) بن محمد الجُذَاميُّ، تُدْمِيريٌّ، استَوطَنَ أُورِيُولةَ وتجوَّل كثيرًا بأقطارِ الأندَلُس، أبو العبّاس ابنُ الرَّنَقي (¬2). رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي، وأخَذ عِلمَ الكلام عن أبي بكر بن سابِق الصِّقِلِّي. رَوى عنه أبو بكرٍ يحيى بن الخَلَف بن النَّفِيس، وأبو جعفر بن عليّ ابن الباذِش، وأبوا عبد الله: ابن خَلَف ابن الإلبِيريّ وابن عبد الرحيم ابن الفَرَس، وأبو الفَضْل عِيَاض، وأبو الوليد يوسُفُ بن عبد العزيز ابن الدّبّاغ. وكان ذا حظٍّ صالح من المعرِفة بعِلم الكلام وله مسائلُ فيه ومقالةٌ في تكليفِ ما لا يُطاق (¬3)، وكان له أخْذ بطرَفٍ من قَرْض الشِّعر، أثْنَى عليه أبو بكرٍ عبدُ الرحمن بن أحمدَ بن أبي لَيْلى خيرًا ووَصَفَه بالعلم لِما يُسألُ عنه. 795 - أحمدُ بن محمد العَبْدَريُّ، أُشْبُونيٌّ أبو العبّاس، ابن مَلَّطُون، بفتح الميم وشدّ اللام المفتوح وطاءٍ مضمومة وواوِ مَدّ ونون. رَوى عن أبي الوليد محمد بن أحمد بن رُشْد الأكبر. ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (154)، وابن الأبار في التكملة (126)، وفي المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (10)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 564. (¬2) نسبة إلى زنقات: قرية من عمل مرسية، من خارجها. (¬3) كان المترجم معتزليًا.

796 - أحمد بن محمد القرشي العبدري، غرناطي، أصله من شرق الأندلس، أبو جعفر، ابن زحوية

796 - أحمدُ بن محمد القُرشيُّ (¬1) العَبْدَريّ، غَرْناطيّ، أصلُه من شَرْق الأندَلُس، أبو جعفر، ابنُ زحوية. تَلا بالسّبع على أبوَيْ عبد الله: ابن أحمدَ بن عَرُوس وابن (¬2) السَّرَقُسْطي، وأبي جعفرٍ ابن السَّليم، وأبي عليّ السَّلُولي، وكان عارِفًا بوجوهِ القراءات ضابطًا لها حافظًا لخلافِ القُرّاء، صالحًا فاضلاً، وكُفَّ بصَرُه صغيرًا واضْطُرَّ بعدَ وفاةِ أبيه إلى التحرُّف بالقراءةِ على القُبور فتشتَّتَ لذلك حالُه إلى أنْ أسَنَّ وعَجَزَ عن التصرُّف. مَولدُه سنةَ سبع وثلاثينَ وخمس مئة، وتوفي عقِبَ شوّالِ سبعَ عشْرةَ وست مئة. 797 - أحمدُ (¬3) بن محمد الغافِقي، سَرَقُسْطيّ، أبو عُمر. رَوى عن أبي الحَزْم خَلَف بن أحمد بن (¬4) هاشم. رَوى عنه أبو الوليد سُليمانُ بن خَلَف الباجِيّ. 798 - أحمدُ (¬5) بن محمد الغافِقيُّ الضَّرير، مالَقيٌّ، نزَلَ المَرِيّة، أبو العبّاس. تَلا بالقراءاتِ السَّبع على أبي الحَسَن بن عبد الرّحمن ابن الدُّوْش، وأبي داودَ بن نَجاح الهِشَاميّ، رَوى عنه أبو عبد الله ابن (¬6) الشَّواذِكي. 799 - أحمدُ (¬7) بن محمد القَيْسيُّ، جَيّانيٌّ أبو العبّاس الفَنْدريُّ (¬8). ¬

_ (¬1) في ق: "القرطبي"، محرفة، فهو غرناطي، وأصله من شرق الأندلس. (¬2) بعد هذا بياض في النسختين. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (51). (¬4) في ق: "خلف بن هاشم بن أحمد"، مقلوب، وما هنا من م والتكملة. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (154). (¬6) بعد هذا بياض في النسختين. (¬7) ترجمه ابن الأبار في التكملة (178). (¬8) في ق: "العبدري"، وما أثبتناه من م والتكملة وهي بخط ابن الجلاب المتقن، ولم نقف على هذه النسبة.

800 - أحمد بن محمد اللخمي، إشبيلي، أبو القاسم، ابن نصير، من ذرية أبي [عبد الرحمن] موسى

كان نَحْويًّا ماهرًا أديبًا حافظًا، ذا حظٍّ صالح من عِلم الطبّ، أدَّبَ بالعربيّة والآدابِ كثيرًا بمُرْسِيَة ثُم سكَنَ إلْش (¬1) وبها لقِيَه أبو عُمرَ يوسُفُ بن عبد الله بن عَيّاد. مَوْلدُه بجَيّان سنةَ عَشْرٍ وخمس مئة. وتوفِّي بمُرْسِيَةَ لستٍّ بَقِين من ربيع الأوّل سنةَ تسع وخمسينَ وخمس مئة. 800 - أحمدُ بن محمد اللَّخْميُّ، إشبيليّ، أبو القاسم، ابنُ نُصَيْر، من ذُرِّية أبي [عبد الرّحمن] (¬2) موسى. رَوى عن أبي جعفر بن عبد الرّحمن الخَزْرَجي، رَوى عنه عليّ بن قاسم بن محمد الحاجّ (¬3). 801 - أحمدُ بن محمد اللَّخْميُّ، أبو العبّاس وأبو عَمْرو، ابنُ الزاهِد. رَوى عن أبي إسحاقَ بن مَرْوانَ بن حُبَيْش وأبي الحَسَن شُرَيْح، ولعلّه أحمدُ بن محمد بن عبد الملِك بن حَجّاج المذكورُ قبلُ (¬4)، فالطّبقةُ والنَّسَبُ والبلدُ كلُّ ذلك واحد. 802 - أحمدُ بن محمد الهَوْزَنيُّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي أسحاقَ بن مَرْوانَ بن حُبَيْش. 803 - أحمدُ بن محمد، أُبَّذيٌّ، بضمِّ الهمزة وتشديدِ الباء الموحَّدة وفَتْحِها وذالٍ معجمة منسوبًا. ¬

_ (¬1) قيدها ياقوت بفتح الهمزة (معجم البلدان 1/ 245)، وقيدها العذري بكسرها (نصوص عن الأندلس 5) وهو أصوب لاتفاقه مع اسمها القديم سقط Elche، وهي على مقربة من أوريولة. (¬2) ما بين الحاصرتين بياض في النسختين، ولعل ما أثبتناه هو الصواب، وأبو عبد الرحمن موسى: ابن نصير فاتح الأندلس. (¬3) بعد هذا بياض في النسختين. (¬4) الترجمة (691).

804 - أحمد بن محمد، إشبيلي، استوطن بعض بلاد المشرق، موفق الدين

رَوى عنه أبو عَمْرو سالمُ بن صالح بن سالم. وكان أديبًا بارِعًا كاتبًا بليغًا شاعرًا مُجيدًا، قال أبو عَمْرو بنُ سالم: أنشَدَني لنفسِه في صفةِ قَوْس عربيّة [مجزوء الرمل]: أنا كالحاجبِ شكلًا ... ومنَ اللَّحظِ سِهامْ غيرَ أنّ اللَّحظَ أمضى ... في فؤادِ المُستَهامْ 804 - أحمدُ بن محمد، إشبِيليٌ، استَوطَنَ بعضَ بلاد المشرِق، موفَّقُ الدِّين. رَوى عن أبي إسحاقَ إبراهيم بن نَصْر الواسِطيّ، ونَجيبِ الدِّين أبي محمد عبد اللّطيف بن عبد المُنعِم بن علي بن نَصْر الحَرّاني، وتاج الدّين أبي الحَسَن عليّ بن أحمد القَسْطَلّانيِّ في آخَرِين. وكان ذا عناية بعلم الحديث وروايته ثقةً معروفَ العدالة ذاكرًا لرُواةِ الحديث ونَقَلتِه، حيًّا سنةَ ثمانٍ وخمسين وست مئة. 805 - أحمدُ (¬1) بن محمد، بَلَنْسِيٌّ، أبو عُمر، ابنُ الأخ (¬2). 806 - أحمدُ (¬3) بن محمد، حِجَاريٌّ، أبو عُمر، ابنُ المُورُه. ووَهِمَ أبو بكرٍ ابن خَيْر في اسمِه فسَمّاه محمدًا (¬4). رَوى عن أبي عبد الله بن سُفيان، وأبي عمر أحمدَ ابن (¬5) الطَّلَمَنْكيّ. أخَذ عنه القراءاتِ أبو الحَسَن عبدُ الرّحيم بن قاسم الحِجَاري. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (64). (¬2) بعد هذا بياض في النسختين، وتكملة الترجمة من التكملة: "يُكْنَى أبا عمر. فكان صاحبًا لأبي داود المقرئ، وكان له حظ من قرض الشعر، كتب إليه من قطعة: أبا داود قد أزف الإياب ... إلى من ليس يُسْتَر عنه باب وتوفي بنظر شارقة، وهي قلعة الأشراف، في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين وأربع مئة". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (74). (¬4) فهرسة ابن خير 51 (بتحقيق الدكتور بشار). (¬5) بعد هذا بياض في النسختين، وهو أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي عيسى المعافري الطلمنكي المتوفى سنة 429 هـ، مترجم في صلة ابن بشكوال (92).

807 - أحمد بن محمد، شاطبي، أبو جعفر، ابن الصيقل

807 - أحمدُ بن محمد، شاطِبيُّ، أبو جعفر، ابنُ الصَّيْقَل. رَوى عن أبي عبد الله بن مُغاوِر. 808 - أحمدُ بن محمد الشَّرَفي. رَوى عن شُرَيْح. 809 - أحمدُ بن محمد، قُرْطُبي، أبو جعفر، ابنُ الأيسَر. له إجازةٌ من المَشْرِقيِّين المذكورينَ في رَسْم أبي طاهرٍ أحمدَ بن علي السَّبْتي. 810 - أحمدُ بن محمد، مُرْسِيٌّ، أبو العبّاس المَلّاح. رَوى عنه أبو علي حَسَنُ بن عبد الرّحمن الرَّفّاء، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا فاضلًا أقرَأَ القرآن ببلدِه طويلًا. وتوفِّي بعدَ ست مئة. 811 - أحمدُ (¬1) بن محمد، مُرْسِيٌّ. حَكَى عنه أبو الوليد ابنُ الفَرَضيِّ أنه كتَبَ إليه بوفاة زكريّا بن محمدٍ التُّدْمِيري (¬2)، ويُمكنُ أن يكونَ أبا القاسم أحمدَ بن محمد بن بَطّال التَّميميَّ اللَّوْرَقيَّ المذكورَ في "الصّلة" (¬3)، والمتوفَّى سنةَ ثِنتَيْ عشْرةَ وأربع مئة، فإن يكنْ إياه فحكايةُ أبي الوليد ابن الفَرَضيِّ عنه فائدةٌ زائدة. 812 - أحمدُ بن محمد، مُرْسِيٌّ، ابنُ أندراس. رَوى عن أبي القاسم بن حُبَيْش. وُلد سنةَ سبعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بمُرْسِيَةَ في رمضانِ تسع وأربعينَ وست مئة. 813 - أحمدُ بن محمد، سكَنَ قُرْطُبةَ، الحَذّاءُ الإلبِيريُّ، إذْ أصلُه منها. كان يُصلِّي معَ يَبْقَى بن زَرْب بالناصِر عبد الرّحمن. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (36). (¬2) تاريخ علماء الأندلس (450). (¬3) الصلة (64).

814 - أحمد بن محمد, أبو عمر

814 - أحمدُ (¬1) بن محمد, أبو (¬2) عُمر. سَمع بإلبِيرةَ من أبي عبدِ الله بن أبي زَمَنِين, رحَلَ حاجًّا فسمعَ منه بالقَيْروانِ أبو الحسن عليُّ بن محمد بن أبو القاسم ابن المَعْلوف. 815 - أحمدُ بن مالكِ بن أحمدَ بن محمد بن حَكَم الأنصاريُّ, ابن سَمْراء. 816 - أحمدُ (¬3) بن مالك بن مَرْزوق (¬4) بن مالك بن عبّاس, طَرْطُوشيٌّ, أبو العبّاس. روى عن أبيه, وأبي عليّ الصَّدَفي وأجاز له, أبوَيْ محمد ابني المحمّدين: ابن السِّيْد وابن أبي جعفر وتفَقَّه به. رَوى عنه أبو عمر يوسُفُ بن عبد الله بن عَيّاد , وكان فقيهًا جليلًا ذا حظٍّ صالح من روايةٍ الحديث وعلم اللِّسان, وَلِيَ القضاء بطَرْطُوشةَ بلده ثم انتَقلَ عنها عند تغلُّب العدو عليه يومَ الخميس لأربعَ عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من شعبانِ ثلاثٍ وأربعينَ وخمس مئة فسكَنَ بَلَنْسِية, وتوفِّي سنةَ ثلاثٍ وخمسينَ, ومولدُه بطَرْطُوشةَ سنةَ سبع وثمانينَ وأربع مئة. 817 - أحمد بن مالك بن سُليمان المُرِّي, غَرْناطيٌّ. روى عن أهل بلدِه, وكان من جِلّة فُقهائها ذا دِرايةٍ ورواية. وتوفِّي ببلده في نحو الثمانينَ وأربع مئة. 818 - أحمدُ (¬5) بن مالك بن غالبِ بن سَعيد بن عبد الرّحمن التُّجِيبيُّ, أُبَّذِيٌّ, بضمِّ الهمزة وباءٍ بواحدة مشدّدة مفتوحة وذالٍ معجَم منسوبًا, أبو جعفر, ابنُ السَّقّاء. ¬

_ (¬1) ترجمة ابن الأبار في التكملة (57). (¬2) في ق: "بن" خطأ, وما هنا من م والتكملة الأبارية. (¬3) ترجمة ابن الأبار في التكملة (173) , وفي المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (172). (¬4) كتب في م "مروان" ثم ضرب عليها وكتب "مرزوق" , وهو الصواب كما في التكملة والمعجم. (¬5) ترجمة ابن الأبار في التكملة (300).

819 - أحمد بن مبارك، قرطبي، أبو جعفر، القطان

تَلا على أبي بكر بن علي بن حَسْنُون ببَيّاسةَ، وبقُرْطُبة على أبي جعفر بن محمد بن يحيى، وببَلَنْسِيَة بالسّبعِ على أبي عليّ حُسَين بن يوسُفَ بن زُلَال الضّرير، وبمُرْسِيَةَ على أبي محمد غَلْبُون بقراءة نافِع، وسمع منهم ومن أبي جعفر بن إبراهيمَ بن فَرْقَد، وأبي الحُسَين محمد بن محمد بن زَرْقُون، وأبي الخَطّاب أحمدَ ابن محمد بن واجِب، وأبي عبد الله بن عبد العزيز بن سَعادة، وأبي عُمرَ أحمدَ بن هارونَ بن عاتٍ، وأبي القاسم أحمدَ بن يَزيدَ بن بَقِيّ، وأبي محمد عبد الحقّ بن محمد الخَزْرَجي، وأبي [عبد الله] (¬1) الشَّنْتيالي، وأخَذ اللُّغاتِ والآدابِ عن أبي عبد الله بن أحمدَ بن يُربُوع. وكان مُقرِئًا فاضلًا أديبًا، متقدِّمًا في عِلم القراءات، وافرَ القِسط من رواية الحديثِ، ماهرًا في علوم اللِّسان، أقرَأَ ببلدِه القرآنَ وأسمعَ الحديثَ وتصَدَّر للإفادةِ والتعليم، وكان آخِرَ من أقرَأَ ببلدِه إلى أنْ خرَجَ منهُ بتغلُّب العدوِّ عليه فاستَوطَنَ غَرْناطةَ إلى أن توفِّي بها سنةَ ثلاثينَ -أو بعدَها بيسيرٍ- وست مئة. 819 - أحمدُ (¬2) بن مُبارَك، قُرْطُبيّ، أبو جعفر، القَطّان. كان من أهل النَّباهةِ والصَّلاح، وهُو الذي توَلَّى الصّلاةَ على ابنِه أبي عبد الله (¬3) إذْ توفِّي سنةَ خمسَ عشْرةَ وخمس مئة (¬4). 820 - أحمدُ (¬5) بن مُبشَّر الأُمَويُّ، إشبيليٌّ أبو عُمر. ¬

_ (¬1) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل لأن ابن الأبار لم يذكر كنيته، وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن خلف الأنصاري الخزرجي المتوفى سنة 609 هـ, وهو مترجم في التكملة الأبارية (1586) وغيرها. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (102). (¬3) اسمه محمد. (¬4) الصلة لابن بشكوال (1264). (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (90).

821 - أحمد بن مجاهد بن سلمة بن موسى الأنصاري، أبو العباس

رَوى عن أبي القاسم [عبد الرّحمن بن قاسم] (¬1) بن ما شاء اللهُ الطُّلَيْطُليّ، رَوى عنه أبو عبد الله بن أحمدَ ابن المُجاهِد، وكان فقيهًا وَرِعًا فاضلًا حيًّا آخرَ سنةِ [ست] (¬2) وخمس مئة. 821 - أحمدُ بن مُجاهِد بن سَلَمةَ بن موسى الأنصاريُّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي الحَسَن بن جابِر الدّبّاج. 822 - أحمدُ بن مُجاهد. رَوى عن أبي القاسم (¬3) بن الفَتْح. 823 - أحمدُ (¬4) بن مُحرِز بن عبد الله بن سَعيد بن مُحرِز بن أُميّةَ، بَطَلْيَوْسيٌّ، المُنْتانجِشيُّ. رَوى عن أبي بكر عاصِم بن أيّوبَ، وأبي حَفْص [عمر] (¬5) بن خَطّاب، وأبي محمد (¬6) ابن منتال، رَوى عنه ابنُه أبو بكر (¬7). 824 - أحمدُ (¬8) بن مَرْوانَ بن محمد بن مَرْوانَ بن عبد العزيز بن محمد بن حامدِ بن رَجَاء بن شاكِر بن خَطّاب بن نافِع بن عبد العزيز التُّجِيبيُّ في قولِ غيرِ واحد. ¬

_ (¬1) ما بين الحاصرتين بياض في النسختين، استفدناه من فهرسة ابن خير 358 (رقم 480). (¬2) ما بين الحاصرتين بياض في النسختين، واسترجمنا سنة ست لأن ابن المجاهد أكمل قراءة مختصر الطليطلي عليه يوم عرفة سنة ست وخمس مئة كما ذكر ابن خير الإشبيلي (ص 308) ونقله عنه ابن الأبار في التكملة. (¬3) بعد هذا بياض في النسختين. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (93). (¬5) ما بين الحاصرتين بياض في النسختين، مستفاد من التكملة. (¬6) بعد هذا بياض في النسختين. (¬7) اسمه محمد. (¬8) ترجمه ابن الأبار في التكملة (97)، وفي المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (2).

825 - أحمد بن الحاج مروان بن محمد التجيبي، مروي، أبو العباس، ابن شاب، بشين معجم وألف وباء بواحدة

وليسوا كذلك، وإنّما هم قَيْسِيُّونَ أَمَويُّونَ، بفَتْح الهمزة، من بني أَمَةِ بُطَيْن، ينتمي إلى نَصْر بن مُعاويةَ بن بكرِ بن هَوازِن بن منصُور بن عِكرِمة بن خَصَفةَ بن قَيْس، قال أبو القاسم (¬1) ابنُ مُدِير: إنّ أصلَهم من كُزْنة، بَلَنْسِيٌّ قُرْطُبيُّ الأصل، وكان سَلَفُه بها يُعرَفونَ ببني رَوْفَش، بفَتْح الراءِ وسُكون الواو وفَتْح الفاءِ وشين، أبو بكر. رَوى عن أبي عبد الله بن سَعْدُون، وأبي العبّاس بن عُمرَ العُذْري، وأبي الوليدِ هشام بن أحمدَ الوَقَّشِيّ. وأجاز له أبو عُمر يوسُفُ بن عبد الله بن عبد البَرّ، وأبو مَرْوانَ بن سِرَاج، وأبو المُطرِّف عبدُ الرّحمن بن عبد الله بن جحّاف، وكان من بيتِ حَسَبٍ وجَلالة، وَليَ الخُطْبةَ بجامع بَلَنْسِيَةَ لصلاحِه وفضلِه. وتوفّي سنةَ إحدى عشْرةَ وخمس مئة، ومَوْلدُه سنةَ تسع وخمسينَ وأربع مئة. 825 - أحمدُ (¬2) بن الحاجّ مَرْوان بن محمد التُّجيبيُّ، مَرَويٌّ، أبو العبّاس، ابنُ شاب، بشِين معجَم وألف وباءٍ بواحدة. أخَذ القراءاتِ عن أبي الحَسَن عبد العزيز بن عبد الملِك بن شَفِيع، وسمع منه ومن أبي محمد سُفيان بن العاص، وأبي بكر ابن العَرَبي، وأبوَي الحَسَن: شُرَيْح ويونُس بن محمد بن مُغيث، وأبي عبد الله بن الحَسَن البَلَغيي، وأبي محمد عبد الرّحمن بن محمد بن عَتّاب. وأجازَ له من أهل الأندَلُس: أبو عبد الله أحمدُ بن محمد الخَوْلانيّ، ومن أهل المشرِق: أبو عبد الله بن منصُور الحَضْرَميُّ، وحَكَى عنه أبو الوليد يوسُفُ بن عبد العزيز ابن الدّبّاغ، وهو في عِدَاد أصحابِه، وكان مُقرِئًا ضابطا محدِّثًا عَدْلًا نَحْويًّا ماهرًا أقرَأَ القرآنَ وأسمَعَ الحديثَ وأدَّبَ بالنَّحو، وله كلامٌ حسَنٌ على ترجمةِ "المُلَخّص" لأبي الحَسَن عليِّ بن أبي بكرٍ محمد بن خَلَف المَعافِريِّ القَيْرَوانيِّ المعروفِ بالقابِسي من الاختلاف في كسرِ الخاء، ¬

_ (¬1) بعد هذا بياض في النسختين، وأبو القاسم بن مدير اسمه خلف بن عبد الله بن سعيد، وهو مترجم في الصلة البشكوالية (394)، وتاريخ الإسلام 10/ 767 وغيرهما. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (119).

826 - أحمد بن أبي بشر مسعدة بن مسعدة، طرطوشي، أبو جعفر

وهو رأيُ أبي عَمْرو عثمانَ بن سَعيد المُقرئ؛ وفتحِها، وهُو رأيُ أبي القاسم المُهَلَّب بن أبي صُفْرةَ، وكلاهما حمَلَ الكتابَ على جامعِه صَرّح فيه أبو العبّاس ابنُ شاب بإبطالِ الفَتْح وصَحَّحَ الكسرَ وصوَّبَه. قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: لم يقَعْ إليّ هذا الكلامُ على هذه الترجمة فأعرِفَ مأخَذَه فيه ولا احتجاجَه لِما صَوَّب أو أبطَلَ، وعندي أنّ الوجهَيْنِ صحيحان، واقتضابُ القول في ذلك: أنّ ما اتّصل إن كان مفعولًا به للمُلخّص ترَجَّح الكسرُ، وإن كان معمولا للمتَحفّظينَ تعَيَّنَ الفتحُ، وقد بَسَطتُ الكلامَ في ذلك في مقالةٍ لي على ذلك اشتملَتْ على فوائدَ جليلة، ولكلِّ ذي رأي اختيارٌ، واللهُ الموفِّقُ لا ربَّ غيرُه. 826 - أحمدُ (¬1) بن أبي بِشْر مَسْعَدةَ بن مَسْعَدة، طَرْطُوشيٌّ، أبو جعفر. رَوى عنه أبو عليّ حُسَين بن عَرِيب، وأبو عامرٍ (¬2) السالِميُّ وتفَقّه به، وكان من بيتِ عِلم (¬3) ونَباهة، وحدَّث ببلدِه ودرَّس، واستُقضيَ به. وتوفِّي سنةَ ثلاثٍ وثلاثينَ وخمس مئة. 827 - أحمدُ بن مَسْعود بن أحمدَ بن مَسْعود بن عَوْف، أَلْبَشِيّ، بفتح الهمزة وسُكونِ اللام وفتح الباءِ بواحدةٍ وشِين معجَم منسوبًا، أبو العبّاس. رَوى عن أبي إسحاقَ بن يوسُفَ بن قُرْقُول، وأبي جعفر بن محمد بن سَعيد، وأبي الحَسَن حَرِيز بن سَلَمة. رَوى عنه يوسُفُ بن أحمدَ البَهْراني، وكان من جِلّةِ المُقرِئين وأئمة المحدِّثين عَدْلًا سَنِيًّا فاضلًا. 828 - أحمدُ (¬4) بن مَسْعود بن إبراهيمَ بن يحيى القَيْسيُّ، سَرَقُسْطيُّ الأصل شاطبيٌّ نشَأَ بها. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (110). (¬2) بعد هذا بياض في النسختين، وأبو عامر السالمي اسمه محمد بن أحمد بن عامر البلوي، وهو مترجم في تكملة ابن الأبار وغيره (1394). (¬3) ليست في م. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (177)، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 136.

سَمع من أبوَي الحَسَن: ابن عبد الله بن النّعمة وابن محمد بن هُذَيْل، وأبي عبد الله بن يوسُفَ بن سَعادة وأبي عامرٍ محمد بن حَبِيب، وأبوَيْ محمد: عبد الحقّ (¬1) بن غالب بن عَطِيّة وعاشِر، وأبي الوليد يوسُفَ بن عبد العزيز ابن الدّبّاغ، وتفَقَّه بأبي الأصبَغ بن إدريسَ ولازَمَه، وناظَرَ عندَ أبي بكرٍ عَتِيق بن أسَد، وأبي عبد الله بن مغاور (¬2). رَوى عنه أبو محمد قاسمُ بن فِيرُّه الضّرير، وأبو عُمر يوسُف بن عبد الله بن عَيّاد. وكان محدِّثًا حافظًا، مُتقِنًا فيما قيَّد، ثقةً فيما رَوى، على مِنهاج أهل الحديث ومن أهل المعرِفة به والتمييزِ لعِلَلِه والذِّكْر لرُواتِه بأسمائهم وكُناهم ومَوالدِهم ووَفَياتِهم، عالمًا بالشّروطِ بصيرًا بعَقْدِها، حسَنَ الخَطّ دَؤوبًا على النَّسح يُتنافَسُ فيما يَكتُب ويُقيِّد، له تَنابيهُ مُفيدة، ووَلِيَ ببلدهِ خُطّةَ الشُّورى. قال أبو عُمر ابن عَيّاد: لم أرَ بعدَ أبي الوليد ابن الدّبّاغ أحفَظَ منه لأسماءِ الرّجال، وهُو ممّن ينبغي أن يُلحَقَ في الطبقة الثانيةَ عشْرةَ من أئمةِ المحدثين. يعني التي ألَّف أبو الوليد ابنُ الدّبّاغ، وسَمَّى معَه أبا الفَضْل بنَ عِيَاض وأبا بكر بن فَتْحون وأبا القاسم بنَ حُبَيْش، قال: وكان وَرِعًا مُنقبِضًا متواضِعًا من بيتِ عِلم وخَيْر، وتزهَّدَ بأَخَرةٍ حتى عُرِف بإجابةِ الدّعوة، وسألَ الله أن يُميتَه غريبًا ذابلَ الجِسم فكان كما تَمنّى بالمَهْديّة من بلاد إفريقيّة متوجِّهًا إلى الحَجّ لثلاثَ عشْرةَ خَلَت من رمضانِ ثمانٍ وخمسين وخمس مئة، وقال أبو عبد الله (¬3) ابن عفيون: توفِّي سنةَ سبع قبلَها، وحَكَى نَحْوًا مما تقدَّم ووَصَفَه بالعدالة والدِّيانة والتحرّي (¬4) ¬

_ (¬1) في ق: "ابن عبد الحق"، خطأ، فإنما سماعه من أبي محمد عبد الحق. (¬2) في ق: "مشاور"، وهو تحريف، فهو أبو عبد الله محمد بن مغاور بن حكم بن مغاور السلمي من أهل شاطبة، توفي سنة 536 هـ، وهو مترجم في التكملة لابن الأبار (1274). (¬3) بعد هذا بياض في النسختين، وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد ابن عفيون، مترجم في التكملة لابن الأبار (1423). (¬4) في ق: "والتجرد".

829 - أحمد بن مسعود بن إبراهيم، أبو عبد الله

والمعرِفة بالوثائق، قال: وكان أكثرُ تصَرُّفِه في معرفةِ الحديث ورجالِه، وقال أبو [محمد] (¬1) بن سُفيان: تحرَّك لأداءِ فريضة الحَجّ فتوفِّي بتونُس فيما بَلَغَنا عامَ سبعةٍ وخمسينَ. والأوّل هُو الصَّحيحُ، ومَولدُه سنةَ خمس وخمس مئة. 829 - أحمدُ بن مَسْعود بن إبراهيمَ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله ابن شُرَيْح. 830 - أحمدُ (¬2) بن مَسْعود بن أبي الخِصَال بن فَرَج بن أبي الخِصَال خَلَصةَ الغافِقيُّ، شَقُورِيٌّ ثم فُرْغُلاطيٌّ، سكَنَ قُرْطُبة معَ أخَوْيه أبي عبد الله وأبي مَرْوان، أبو جعفر. كان من أهل الحِفظ للفقه والتقَدُّم في البصر بالمسائل (¬3) والمعرفة بالنّوازل، وتوَلَّى خُطّةَ الأحكام زَمَنًا وارتسم بجَوْدةِ النظَر فيها. 831 - أحمدُ بن مَسْعود بن مُثَبّت، بضمِّ الميم وفَتْح الثاءِ وتشديدِ الباءِ بواحدة وكسرِها وفَتْحِها وتاءٍ مَعْلُوّة. رَوى عن أبي مَرْوانَ بن مالك، رَوى عنه أبو عُمر ابن عبد البَرّ. 832 - أحمدُ بن مَسْعود، أبو العبّاس الجَبّاب. رَوى عن شُرَيْح. 833 - أحمدُ بن مُشَرَّف، بضمِّ الميم وفَتْح الشّين بثلاث وشدّ الراء وفتحِها وفاء، أبو العبّاس. رَوى عن أبي بكر بن مَسْعود بن أبي رُكَب، وكان مُقرئًا مُجوِّدًا نَحْويًّا ماهرًا. ¬

_ (¬1) ما بين الحاصرتين بياض في النسختين، وهو مستفاد من التكملة الأبارية (169). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (118) وهو فيه: "أحمد بن أبي الخصال الغافقي"، وابن فرحون في الديباج 1/ 230. (¬3) في ق: "في النظر في المسائل".

834 - أحمد بن مسلمة بن محمد بن وضاح القيسي، مرسي، أبو جعفر

834 - أحمدُ (¬1) بن مَسْلَمةَ بن محمد بن وَضّاح القَيْسي، مُرْسِي، أبو جعفر. وقَلَبَ أبو جعفر ابنُ الزُّبير نَسَبَه وقال فيه: أحمدُ بن محمد بن مَسْلَمةَ، وغَلِطَ في ذلك. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي وأبي محمد بن محمد بن أبي جعفر. رَوى عنهُ أبو رِجال (¬2) ابن غَلْبُون. قال أبو عبد الله المِكْنَاسيُّ: جالَسْتُه بمُرْسِيَةَ ولم يتّفقْ لي أن أسمعَ منه شيئًا من شِعر، وكان من بيتِ عِلم وأدب شديدَ العناية بالآداب شاعرًا مطبوعًا مجُيدًا، وشعرُه مدوَّن قد وقَفْتُ عليه. قال أبو عبد الله ابنُ الأبار: أنشَدَني الحافظُ أبو الرَّبيع بن سالم ونقَلتُه من خَطه، قال: أنشَدَني الأديبُ أبو رجال بن غَلْبُون، قال: أنشَدَني أبو جعفر بنُ وَضّاح لنفسِه يصِفُ شجرَ السَّرْو [الطويل]: أيا سَرْوُ لا يُعطِشْ منابتَك الحَيَا ... ولا بُزَّ عَنْ أعطافِك الوَرَقُ الخُضْرُ (¬3) لقد كُسِيَتْ أعطافُك المُلْدُ مثلَ ما ... تُلَفُّ على الخَطِّيِّ راياتُه الخُضرُ وأنشَدَ له القاضي أبو بكر بن أحمدَ بن أبي جَمْرَة عمُّ أبيه القاضي أبي القاسم [محمد] (¬4) بن هشام بن أبي جَمْرةَ، وكان لا يتزوَّجُ أمرأةً إلا وَلَدتْ وماتت من نِفاسِها ثم يَتبَعُها وَلَدُها فينجَرُّ إليه بالميراثِ جميعُ ما تتَخلَّفُه أو مُعظمُه [الوافر]: أتحرَمُ أيُّها الجَمْريُّ حظًّا ... ومن أعوانِك الموتُ الزُّؤامُ؟! ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (194)، وابن الأبار في التكملة (124)، وفي المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (9). (¬2) بعد هذا بياض في النسختين، وإنما ذكره ابن الأبار هكذا "أبو رجال بن غلبون"، وذكر أنه توفي سنة 589 هـ، ولم يذكر اسمه (التكملة، الترجمة 899). (¬3) في التكملة: "أغصانك الورق النضر". (¬4) ما بين الحاصرتين بياض في النسختين، وما أثبتناه مستفاد من ترجمة ابن منتيل في المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (41).

835 - أحمد بن مضاء بن عبد الجبار بن مضاء بن عبد الرحمن بن خالد بن نافع، بربري النسب، قرطبي، أبو عمر، ابن الحصار

وكنتَ إذا حَلَلتْ بدارِ قومٍ ... نَعَتْ غِربانُها وبَكى الحَمامُ ولم تقنَعْ بمال دونَ نفْسٍ ... ترَفَّقْ أيُّها الجيشُ اللَّهامُ وتوفِّي في حدود الثلاثينَ وخمس مئة. 835 - أحمدُ (¬1) بن مَضَاءِ بن عبد الجَبّار بن مَضَاءِ بن عبد الرّحمن بن خالدِ بن نافع، بَرْبَريُّ النَّسَب، قُرْطُبيّ، أبو عُمر، ابنُ الحَصّار. كان أديبًا مُتفننا في علوم اللِّسان العَرَبي أدَّبَ به طويلًا للخاصّةِ والعامة، ثم قَصَرَ على تأديب الوُصَفاءِ بالقَصْر، وله تأليفٌ حسَنٌ في العَروض على رأي مُستنبِطِه الخليل بن أحمدَ رحمه الله، ومختصَرٌ في القوافي (¬2). 836 - أحمدُ (¬3) بن مَضَاء، سَرَقُسْطيّ، أبو طاهر، ابنُ إسماعيل. كان نَحْويًّا شاعرًا مُحسِنًا, وله تصانيفُ وتوفِّي بمِصرَ. 837 - أحمدُ (¬4) بن مَعَدِّ بن عيسى بن وَكيل التُّجيبيّ، دانيٌّ، أبو العبّاس، الأُقْلِيجيُّ، بضمِّ الهمزة وسُكونِ القاف وكسرِ اللام وياءِ مَدّ وجيم معقودة تُكتَبُ بالجيم تارَةً وبالشِّين المعجَم أُخرى منسوبًا. ¬

_ (¬1) ترجمه الزبيدي في طبقات النحويين (305)، وابن الأبار في التكملة (15). (¬2) هذان التأليفان يوجدان مخطوطين في خزانة ابن يوسف بمراكش. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (77). (¬4) ترجمه السلفي في معجم السفر (27)، وياقوت في معجم البلدان 1/ 237، والقفطي في إنباه الرواة 1/ 136، وابن الأبار في التكملة (167)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 982، وسير أعلام النبلاء 20/ 358، والعبر 4/ 139، والصفدي في الوافي 8/ 183، وابن شاكر في عيون التواريح 12/ 490، واليافعي في مرآة الجنان 3/ 296، وابن فرحون في الديباج 1/ 246، والفاسي في العقد الثمين 3/ 182، وابن تغري بردي في النجوم 5/ 321، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 392، والمقري في نفح الطيب 2/ 598، وابن العماد في الشذرات 4/ 154.

أهْلُه منها وانتَقلَ أبوه إلى دانِيَةَ فوُلدَ بها أبو العبّاس هذا. رَوى عن أبيه وآباءِ الحَسَن (¬1): صِهرِه طارقِ بن يَعيشَ وطاهِر بن مُفوَّز، وأبي بكر ابن العَرَبي وأبوَي الحَسَن (¬2) وعَبّاد بن سِرْحان، وأبوَي العبّاس: ابن طاهِر وتَلْمَذ له وابن محمد ابن العَرِيف، وأبوَيْ عليّ: الغَسّانيّ والصَّدَفيّ، وأبي عِمرانَ بن عبد الرّحمن ابن أبي تَلِيد، وأبي القاسم أحمدَ بن وَرْد، وآباءِ محمد: ابن عيسى القَلَنِّي وابن محمد بن السِّيْد وتأدَّب به في بَلَنْسِيَةَ وعبد الرّحمن بن محمد بن عَتّاب وعبد الحقّ بن غالِب بن عَطِيّة، وأبوَي الوليد: ابن خِيَرةَ ويوسُفَ بن عبد العزيز ابن الدّبّاغ. رَوى عنه بالأندَلُس آباءُ بكر: أحمدُ بن جُزَيّ وبِيْبَش (¬3) وعَتِيق بن عليّ اللارِديّ، وأبو عبد الله بنُ أحمدَ بن الصَّيْقَل، وأبو عُمر يوسُفُ بن عبد الله بن عَيّاد. ثُم غلبت (¬4) عليه خَواطرُ التّخلِّي عن مخُالطةِ الناس وإيثارِ الانقطاع إلى الله تعالى والعزوف عن الدُّنيا وأهلِها والعكوف على العبادة والعِلم، فرَحَلَ إلى المشرِق سنةَ اثنتينِ وأربعينَ وخمس مئة وحَجَّ وأخَذَ عن طائفةٍ هنالك منهم: أبو الفَتْح الكُرُوخيُّ، أخَذ عنه برِباطِ [أم] (¬5) الخليفة العبّاسي بمكّةَ كرَّمها اللهُ سنةَ سبع وأربعينَ، وأخَذ عنه هنالك جماعة من أهل الأندَلُس، منهم: أبو بكرٍ أحمدُ بن محمد بن سُفيان، وابناهُ جعفر وعبدُ الله، وآباءُ الحَسَن: ابنُ عبد الله بن ¬

_ (¬1) هكذا في النسختين، وانظر التعليق الآتي. (¬2) هكذا في النسختين، وكله لا يستقيم، ولعل الصواب: "وآباء الحسن: صهره طارق بن يعيش وطاهر بن مفوز وعباد بن سرحان، وأبي بكر بن العربي". (¬3) في ق: "بيش"، وفي م: دابنيش "، وكله تصحيف والصواب ما أثبتنا، وهو أبو بكر بِيْبَش بن محمد بن علي بن بيبش العبدري، من أهل شاطبة وقاضيها، وقد نص ابن الأبار في ترجمته على روايته عن أبي العباس الأقليجي هذا (التكملة، الترجمة 610)، وسيأتي بعد قليل على الوجه عند ذكر مصنفاته. (¬4) في ق: "غلب". (¬5) زيادة متعينة من التكملة.

فزَارةَ وابن عَتِيق بن مؤمن وابن كَوْثَر، ومن أهل المشرِق: حاتمُ بن سِنَان بن بِشْر الحَبْليُّ، بكسر السّين الغُفْل ونونَيْن بينَهما ألفٌ، وباءٍ بواحدة مكسورة وشِين معجَم ساكنٍ وراءٍ، وفتح الحاءِ الغُفْل وسكونِ الباءِ بواحدة ولام منسوبًا، وأبو حَفْص المَيَانِشيُّ، وأبو الفَضْل أحمدُ بنُ عبد الرّحمن بنِ محمد بن مَنْصور الحَضْرميّ الإسكندريّ وابن كاسيبويه (¬1) وغيرهم. وكان مُفسّرًا للقُرآن العظيم، عالمًا عاملاً، مُحدّثًا راوية عدلاً، بَلِيغًا فَصِيحًا شاعرًا مجوّدًا، أديبًا، متصوِّفًا صالحا فاضلًا ورعًا، غَزِيرَ الدَّمعةِ، بادي الخَشْية والخُشوع، كثيرَ اللُّزوم لمطالعة كُتُب العِلْم، عاكفًا على التَّقْييد. صنَّفَ في علوم القُرآن والحديث، وله إنشاءاتٌ في سُبُل الخَيْر والرَّقائق نَظْمًا ونثرًا يلوحُ فيها بُرهان صِدْقِهِ. قال أبو بكر أحمد بن محمد بن سُفيان: كُنّا ندخلُ عليه فنجدُهُ جالسًا والكُتُب قد أحْدَقت به يمينًا وشمالاً، وكُنّا نحضرُ عنده للسَّمَاع عليه فكانَ القاري يقرأُ ويضعُ أبو العباس يدَهُ على وجهه ويَبْكي حتى يعجبَ الناسُ من بُكائه. وحدَّثني الشيخُ أبو محمدٍ حَسَن بن أبي الحَسَن ابن القَطَّان، قال: أخبرني أبو عبدِ الله بن عبد الرّحمن التُّجِيبيُّ، قال: حدّثني ابن كاسيبويه، قال: خرجتُ مع أبي العبّاس الأُقليجي قاصدًا النزهة في المَنَار وهو على بُعْدٍ من البَلَد وأخرجتُ معي طعامًا وأُنسيت إخراج الماء فلما صعدنا المَنَار ونزلنا للأكل تذكرتُ الماءَ ولا ماءً في ذلك المكان فذكرت ذلك للأُقليجي، فقال لي: سِر إلى تلك الزاوية وخُذ الإناء الذي فيها فقَصَدتُ إلى الموضعِ الذي أشارَ إليه فوجدتُ فيه قُلَّةَ ماءٍ. ¬

_ (¬1) هو القاضي السعيد ضياء الدين أبو علي الحسن بن محمد بن محمد بن إسماعيل بن كاسيبوية، ويقال: اسمه علي بن محمد، كان من كتّاب الدولة العبيدية، ثم صار كاتبًا للظاهر ابن السلطان صلاح الدين بحلب، وتوفي سنة 588 هـ (ينظر اتعاظ الحنفا للمقريزي 3/ 220، وبغية الطلب لابن العديم).

ومن تصانيفه: [....] (¬1) في تعين ليلة القَدْر، و"النّجَم من كلام سيد العَرَب والعَجَم"، و"الكوكب الدُّري" ضاهى بها "الشّهاب" لأبي عبد الله القُضَاعي، و"الغُرَر من كلام سَيّد البَشَر"، و"ضياء الأولياء" وهو في أسفار عدة، ومُعَشَّرات زُهْدية، وفُصول زُهْدية على حروف المعجم نَظْمًا ونثرًا على طريقة "مَلْقى السَّبيل" للمَعَرِّي، وقد سَمَّى منها في إجازته للقاضي أبي بكر بَيْبَش نحو خمسة عشر تأليفًا. ومن نَظْمِهِ وافتتحَهُ بصَدْرِ أول بيت من قِطْعةٍ للحافظ أبي الوليد عبد الله بن يوسُف ابن الفَرَضي رحمه الله، وهي هذه [الطويل]: أسيرُ الخَطَايا عندَ بابِكَ واقف ... على وجَلٍ ممّا به أنت عارِفُ يخافُ ذُنوبًا لم يغب عنك غيبها ... ويرجوكَ فيها فهو راجٍ وخائفُ ومن ذا الذي يُرْجَى سواك ويُتَّقى ... وما لكَ في فَصْل القضاءِ مُخالفُ فيا سيّدي لا تُخْزِني في صَحِيفتي ... إذا نُشِرَت يوم الحسابِ الصَّحائفُ وكُن مؤْنسي في ظُلْمةِ القَبْر عندما ... يصد ذوُو وُدّي ويَجْفُو الموالفُ ليِّن ضاقَ عنّي عفوك الواسع الذي ... أُرَجِّي لإسرافي فانيْ لَتالفُ (¬2) وحدّثني الحافظُ الرَّاويةُ أبو عليّ الحَسَن بن أبي الحَسَن الماقريُّ، رحمه الله، قراءةً مني عليه برِباط أسفي، حماه الله، قال: حدّثني الفقيه أبو الحَسَن بن أحمد ابن أبي قُوّة، عن أبيه أنّه سَمِعَ رجُلًا ينشدُ هذه الأبيات فأخبرَ بها أبا العبّاس الأُقليشي الفاضل وكان صاحبه فقارنَهُ بقوله: أسيرُ الخَطايا عندَ بابِكَ واقفُ ... له عن طريقِ الحَق قلبٌ مخُالفُ قَديمًا عَمىَ عَمْدًا وجَهْلًا وغرّةً ... ولم ينهه قلبٌ من الله خائفُ يزيد سنوه وهو يزْداد ضلةً ... فها هو في ليل الضَّلالة عاكفُ ¬

_ (¬1) بياض في النسختين. (¬2) هذا البيت الأخير ليس في م.

ثلاثونَ عامًا قد تَوَلَّت كأنَّها ... حُلُومٌ تَقَضَّت أو بُرُوق خواطفُ وجاءَ المَشِيبُ المُنْذرُ المرءَ أنَّه ... إذا رَحَلَت عنه الشَّبيبةُ تالفُ فيا أحمد الخَوان قد أدبر الصِّبا ... وناداك من سِن الكُهولة هاتفُ تنقلتَ من أرضٍ لأرضٍ تَعَلّلًا ... وحالك فيما قد تقدَّمَ واقفُ وهل ينفع الترحالُ بالجسم عاريًا ... إذا لم يكن قَلْب لذاك موالفُ؟! أقَمْنا زمانًا في بَلَنْسِيَةٍ عسَى ... تُلاطِفُ نفْسي من إلهي لطائفُ وصاحَبَني في الله أكْرَمُ صاحبٍ ... حَمُولٌ لأعباءِ المودّةِ عارفُ سَمِيِّي صَفِيِّ نُورُ عَيْني وخاطري ... أخٌ تالدٌ لي في الإخاءِ وطارفُ وها نحنُ إن شاء الإلهُ بحكمةٍ ... نَعودُ من الأوطانِ والدّمعُ ذارِفُ مخافةَ أن كنّا عَصَيْنا إلهَنا ... وقيلَ لنا: ما قد فعَلْناهُ زائفُ وإنّي لأرجو من إلهي وفَضْلِهِ ... رَجَاءَ فتًى شابَتْه منه مَعارفُ قال شيخُنا أبو عليّ: انتهَى ما حَفِظَ شيخُنا أبو الحَسَن من هذه القصيدة. وأنشَدَنا لنفسِه مُعارِضًا لها ومُبتدئًا بالصَّدرِ من البيتِ الأوّل من قطعة الوليد ابن الفَرَضي، والتزَمَ أبو الحَسَن من القافِ قبلَ رَوِيِّها ما لا يَلزَمُ فقال: أسيرُ الخَطايا عندَ بابِكَ واقفُ ... تَقيَّدَ في كُثْبانِها فهْو حاقِفُ يُفيضُ من الخوفِ الدّموعَ كأنهُ ... لشِدّةِ ما يَلْقَى من الحُزنِ ناقفُ رأى أنّ أهلَ الجَدِّ فاتوا فدَأْبُهُ: ... سألتُكمُ بالمِشعَرَيْنِ ألَا قِفوا قِفوا لمسيءٍ أوبَقَتْهُ ذنوبُهُ ... وأوثقَه منهنّ أيدٍ ثَواقفُ خُطاه إلى فعل الجميل قصيرةٌ ... ولكنْ خَطاياهُ طِوال أساقفُ يُواقفُ مَوْلاه مُصِرًّا بذَنْبِهِ ... أتعْرِفُ يا مغرورُ رَبًّا تُواقفُ؟! وضَلَّت به أفعالُهُ سُبُلَ الهُدى ... وأسكَرَه من غَيِّهنّ قَراقفُ إذا ما هَدَى من فكرةِ الغَيِّ خاطرٌ ... تَلقَّاهُ من فعل الجوارحِ لاقفُ

فكيف يُرَجّي بالتخلُّص مُذنب ... حَنَتْه المعاصي فهْو فيهنّ حاقفُ فيا ربِّ فاستُرْني بحقِّ محمدٍ ... إذا فَضحتْ سِرِّي لديكَ المواقفُ وللكاتب المُجِيد أبي زيد عبد الرّحمن بن يَخْلفْتن الفازَازيّ يُعارِضُها، وأنشدتها (¬1) على شيخِنا أبي عليّ المذكورِ وأخبَرني بها عنه: أسيرُ الخَطايا عندَ بابِك واقفُ ... يَرُومُ جَوازًا وهْو في النَّقدِ زائفُ له كلَّ يَوْمٍ توبة ثم حَوْبة ... متى عَنَّ ذكْرٌ أو متى مَسَّ طائفُ تَبَهْرَجَ بعدَ الأربعينَ وإنّها ... لَغايةُ ما يَجري إليه المُخالفُ فيَرْنو بطَرْفِ القلبِ إنْ لاح بارقٌ ... ويُصغي بسَمْع القلبِ إن ناح (¬2) هاتفُ يُعَلَّلُ بالتسويفِ وهْو مُغلِّطٌ ... تَحومُ بمعناه النفوسُ الضّعائفُ وإنّي لأدري مَوْقِعَ (¬3) الطبِّ في الهَوى ... وأهواهُ لكنْ أين نفْسٌ تُساعفُ وكيف أُرجّي مِن هَوايَ إفاقةً ... وما القلبُ خَفّاقٌ ولا الدّمعُ ذارفُ أُراقبُ والإصرارُ دَأْبيَ توبةً ... وهيهاتَ لا يُجْنَى من الصّابِ ناطفُ إذا لم يكنْ عَقْلي عن الغَيِّ زاجرًا ... فماذا الذي تُجدي عليّ المعارِفُ؟ تُصَرِّفني (¬4) نَفْسي كما لا أُحبُّه ... وليس لها من حُجّة العقل صارفُ فيا رَبّ قد أودَيْتُ إلّا عُلالةً ... لها تالدٌ من حُسن ظنِّي وطارفُ وقد تُهلِكُ البَطّالَ أوْلى ذنوبِهِ ... وتُنقذُه بالأُخْرَياتِ اللّطائفُ وإنّي لأرجو منكَ رُحْمى قريبةً ... على أنّني من سُوءِ فعليَ خائفُ ¬

_ (¬1) في ق: "وأنشدته". (¬2) في ق: "صاح". (¬3) في ق: "موضع". (¬4) في ق: "تصرفه"، وهو تحريف، وسيأتي بعد قليل عند نقد المؤلف أنها "تصرفني".

وقد أنشَدتُها على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْني وأخبَرني بها عنه رحمه اللهُ أتمَّ من هذه وفيها تغييرٌ وتقديمٌ وتأخيرٌ كما ترى: أسيرُ الخَطايا والمآثم واقفُ ... ببابك يَخْشى وزنَهُ وهو زائفُ وراجعت شيخنا أبا الحَسَن في قوله: "يَخْشى وزنه" وقلت: إنه لا يناسب ما بعده في البيت، ولو قال: يخشى عرضه أو نقده لكان أنسب، فاستحسن نَقْدي هذا واستجادَهُ. رجعنا إلى إيراد سائر القصيدة: "له كُلَّ يوم" "تَبَهْرَج" البيتين (¬1) ... فَيْرنُو بطرفِ القَلْب إن لاح بارقٌ ... وُيصْغي بسَمْع النفس إن ناحَ هاتفُ صبًا ومشيبٌ ليسَ هذا بمُمْكنٍ ... وكيفَ تَصَابي الكَهْلُ والموتُ آزفُ؟! وكذا قلت له: لو جعل "الشيخ" عوض "الكَهْل" لكان أولى، فوافقني عليه. رجعنا: إلى الله أشكو حال سَهْو وغَفْلة ... يُضاعف حُزْني شُؤمها المُتَضاعفُ أُعلِّلُ بالتَّسْويفِ نَفْسي وإنَّهُ ... سرَابٌ ترجّيه النفوسُ الضعائفُ تُصَرّفني ... البيتَ أُحاول بردَ القَلْب وهي تعلّة ... وأرجو وفاقَ القَلْب وهي تخالفُ وكم موقف في العَتب بيني وبينها ... ولكنّهُ لم تُجْدِ فيها المواقفُ إذاقيلَ: كيفَ الحالُ؟ قلتُ: مخلّط ... مقيمٌ على سَهْو الشّبيبةِ عاكفُ "أراقب"، "وكيف أُرَجِّي"، "وإني لأدري"، "إذا لم يكن عقلي"، "فيا رب" (¬2) وقد يؤيس البَطّال ذِكْر ذنوبه ... ولله من بعد الذُّنوب لطائفُ دَعَوتُكَ يا مولاي والحال علمُها ... لديكَ وما للضرِّ غيرك كاشفُ "وإني لأرجو"، البيتَ .. ¬

_ (¬1) يعني: أن البيتين المذكورين كما هما. (¬2) يعني: الأبيات التي تبدأ بما ذكر، كما هي.

838 - أحمد بن مفرج بن أبي رحال، أبو العباس

وجاور أبو العبّاس الأُقليجِيُّ بمكةَ كَرَّمها اللهُ طويلاً ثم قفلَ إلى بلاد المَغْرب فتوفِّي بقُوص من صعيد مِصْرَ ودفن بها سنة إحدى وخمسين وخمس مئة، ودفن بها عند الجُمَّيزة التي تَلِي سُوق العَرَب هنالك، وقبرُه ثَمَّ مشهورٌ يُزارُ ويُتبركُ به، قاله أبو الحَسَن بن عتيق بن مُؤمن. وقال أبو عُمر أحمد بن هارون بن عات: حُدثتُ أَنهُ تُوفي بمكةَ فقال عند موته في ذلك المَوْضع الشريف: هذا مُرادي ومُراد مُرادي أن أموتَ في حَرَمِه الأمين فأَصيحَ بين العَرْش والكُرْسي: لبيك اللهم لبيك. وأبو عُمر بن عات ثقةٌ ضابطٌ شديدُ العناية بهذا الشأن غير أنه لم يذكر لنا مَن حَدّثه بذلك (¬1). ومولد أبي العبّاس بدانية سنة ثمان وسبعين وأربع مئة. وقال أبو عُمر يوسف بن عبد الله بن عَيّاد: تُوفي سنة خمسين أو إحدى وخمسين وخمس مئة وقد نَيَّف على الستّين. والمُعوَّل عليه ما تقدم من مولده ووفاته، والله أعلم. 838 - أحمدُ بن مُفَرِّج بن أبي رحال، أبو العبّاس. رَوى عن أبي الحُسَين عبد الملِك بن محمد بن هشام ابن الطلَّاء. 839 - أحمدُ بن المُفَضَّل بن محمد بن بَلْجون العامريُّ. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي. 840 - أحمدُ بن مكّي بن أيّوب، أبو جعفر. رَوى عن أبي جعفر بن عبد الرّحمن بن جَحْدَر. 841 - أحمدُ بن مُنذر بن أحمد المَعَافريّ، أبو جعفر. رَوى عن أبي الحَسَن يونُس بن محمد بن مُغيث وأبي محمد عبد الرّحمن بن محمد بن عَتَّاب وأبي الوليد أحمد بن عبد الله بن طَرِيف. ¬

_ (¬1) جاء في العقد الثمين للحافظ الفاسي ما نصه: "وما ذكره ابن الأبار من وفاته بقوص مخالف لما ذكره السِّلَفي في معجم السفر فإنه قال: توجه إلى الحجاز، وبلغنا أنه توفي بمكةَ، وقد جزمَ بوفاته بمكة الحافظ منصور بن سليم الإسكندري، والله أعلم" العقد الثمين 3/ 183 - 184.

842 - أحمد بن منذر بن جهور بن أحمد الأزدي، إشبيلي، أبو العباس

842 - أحمدُ (¬1) بن مُنذِر بن جَهْوَر بن أحمدَ الأزْديُّ، إشبيليٌّ، أبو العبّاس. تَلا بالسَّبع على أبي بكر بن خَلَف بن صَافٍ، وتفَقَّه بالزاهد أبي عبد الله بن أحمد بن المُجاهد، وتأدَّبَ بأبي إسحاقَ بن محمد بن مَلْكُون. رَوى عنه آباءُ بكر: ابنُه وابنُ خَلَف القَرّاقُ وابنُ محمد العَنْفَقة، وأبَوا الحَسَن: ابن عبد الله ابن الزيّات، وابن محمد الرُّعَيْنيّ شيخُنا، وعبدُ الوهّاب بن محمد بن العاص، وأبو الحُسَين عُبَيْد الله بن عبد العزيز ابن القاري شيخُنا، وأبو القاسم حَسَنُ بن عبد الله بن الحَسَن الحَجْريُّ، ومحمدُ بن أحمد بن محمد بن وَهْب. ووَصَفَه شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيّ بالفَضْل والزُّهد والانقباض عن الناس والاقتفاءِ لآثارِ شيخِه أبي عبد الله ابن المُجاهِد، قال: وكان مجلسُ تدريسِه في نهاية الوَقار كأنّما على رُؤوس حاضِريه الطَّيْر سَكينةً وهَيْبةً له رحمَه الله، وكان الشّيخُ أبو إسحاقَ بن حِصْن كثيرًا ما يَحضُرُه رحمه الله. قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: وألَّف في راورية وَرْش عن نافع تأليفًا حَسَنًا، وكان معَ معرِفتِه بالأداء وتقَدُّمِه في الصّلاح فقيهًا على مذهبِ مالك قائمًا عليه، مجُانِبًا الوُلاةَ وأصحابَهم لا يقومُ لأحدٍ منهم إنْ رآه، وقلّما يتَعدَّى مسجدَه ودارَه، وكان مقصُودًا للدّعاءِ مشهورًا بإجابتِه مُتبرَّكًا به، وكان يَختِمُ مجالسَ إقرائه "الموَطَّأَ" بدعاءٍ كان شيخُه أبو عبد الله يختِمُ به، وهو: غَفَرَ اللهُ لهم أجمَعين ووفَّقنا لِما يُحبُّه وَيرْضاه، ونَجّانا من القوم الظالمين، أسمَعَنا اللهُ خيرًا، وأطلَعَنا خيرًا، وأورَثَنا اللهُ العافية، وأدامَها لنا، جمَعَ اللهُ قلوبَنا على التَقْوى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله رَبِّ العالمَين. توفِّي رحمه الله بإشبيلِيَةَ يومَ الخميس لعَشْر بقِينَ من رجَبِ خمسَ عشْرةَ وست مئة، ودُفن بحَوْمةِ بئرِ الوَداع خارجَ إشبيلِيَةَ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (279)، والرعيني في برنامجه (19)، وابن فرحون في الديباج 1/ 230، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 139، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 26.

843 - أحمد بن موسى بن أحمد بن المفرج بن سعيد بن أيوب بن سعد بن إبراهيم بن عيسى بن اليسع بن إدريس بن تميم بن الفضل بن سلمة بن دليم بن سعيد بن سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي، أبو العباس

843 - أحمدُ (¬1) بن موسى بن أحمدَ بن المُفرِّج بن سَعيد بن أيّوبَ بن سَعْد بن إبراهيمَ بن عيسى بن اليَسَع بن إدريسَ بن تَميم بن الفَضْلِ بن سَلَمةَ بن دُلَيْم بن سَعيد بن سَعْد بن عُبادةَ الأنصاريُّ الخَزْرَجي، أبو العبّاس. تَلا (¬2) على أبي داودَ بن نَجاح المؤيَّدي (¬3)، وأبي عبد الله بن عيسى المَغامِيّ (¬4)، ورَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي، ورحَلَ إلى المشرِق، فأخَذ عن أبي مَعْشَر (¬5) الطَّبَري. وكان مُقرئًا مجوّدًا ماهِرًا عارِفًا بوجوهِ القراءاتِ ضابطًا لها وصنَّف فيها وأقرَأَ بتونُسَ وغيرِها، وكان حيًّا سنةَ خمسٍ وخمسينَ وخمس مئة (¬6). 844 - أحمدُ بن موسى بن سَلَمةَ الأنصاريُّ. رَوى عن أبي الخَطّاب أحمدَ بن محمد بن واجِب. 845 - أحمدُ (¬7) بن موسى بن عبد الله بن بكرِ بن مُزاحِم اللَّخْمي، كذا وقَفْتُ على نَسَبِه بخطِّه، شِلْبِي، نزَلَ مدينةَ فاسَ، أبو جعفر وأبو العبّاس. تَلا بالسّبع في بلدِه على أبي الحَسَن عَقِيل بن محمد بن العَقْل، وأبي الوليد هشام ابن الطَّلّاء. وله إجازةٌ من أبي الخليل مُفرِّد بن سَلَمة. وكان من المتقدِّمينَ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (78). (¬2) في ق: "قرأ". (¬3) هو سليمان بن نجاح المتوفى سنة 496 هـ، مترجم في الصلة (457). (¬4) هو محمد بن عيسى المغامي، توفي سنة 485 هـ، مترجم في الصلة (1225). (¬5) بعد هذا بياض في النسختين، وهو أبو معشر عبد الكريم بن عبد الصمد الطبري المتوفى سنة 478 هـ (تاريخ الإسلام 10/ 423). (¬6) هكذا في النسختين، وقال ابن الأبار: "ورأيت إجازته لبعض تلاميذه في سنة خمس وتسعين وأربع مئة"، وهذا معقول في رحلته إلى المشرق وأخذه عن أبي معشر الطبري، فلو كان بقي إلى سنة (555 هـ) وصحت رحلته إلى المشرق وأخذه عن أبي معشر الطبري لكان في الأقل قد قارب المئة أو زاد عليها، وهذا بعيد. (¬7) ترجمه ابن الأبار في التكملة (244)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 393، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 1/ 141.

846 - أحمد بن موسى بن هذيل العبدري، أنشي، بهمزة مفتوحة ونون وشين معجم، سكن مرباطر، أبو جعفر وأبو العباس

في إتقان القراءاتِ وتجويدِها ماهِرًا في عِلم العربيّة، تصَدَّر في فاسَ لإقرائهما وقد كان أقرَأَ في بلدِه عن إذْنِ شيخِه أبي [بكر] (¬1) الأمروشيِّ وإحالتِه عليه، وتوفِّي بعدَ ست مئة. 846 - أحمدُ (¬2) بن موسى بن هُذَيْل العَبْدَريُّ، أَنشِيٌّ، بهمزة مفتوحة ونونٍ وشِين معجَم (¬3)، سكَنَ مُرْباطَر، أبو جعفرٍ وأبو العبّاس. له رحلةٌ حَجَّ فيها ولقِيَ بالإسكندَريّة أبا الحَسَن سَعْدَ الخير بنَ محمد الأندَلُسيَّ سنةَ تسع وعشرينَ وخمس مئة، وعاد إلى وَطَنِه. رَوى عنه أبو عبد الله ابنُه، وكان مُقرئًا مجودًا ذا معرفةٍ بالحساب والفرائض أقرَأَ ذلك كلَّه زمانًا. وتوفِّي في حدود السبعينَ وخمس مئة. 847 - أحمدُ بن موسى بن يعقوبَ الكِنَانيُّ، لُوْرَقيٌّ فيما أحسَب. 848 - أحمدُ بن مؤمَّل بن عبد الله بن وليدٍ الكِنَانيُّ، قُرْطُبيٌّ. وهُو أخو عبد الله الآتي بموضِعه إن شاء الله (¬4). كان فقيهًا مبرِّزًا في العدالة، حيًّا سنةَ عشرينَ وأربع مئة. 849 - أحمدُ بن ناهِض بن أحمدَ بن نوّار الأنصاريُّ. 850 - أحمدُ بن نافع، مَيُورْقيٌّ، أبو العبّاس. كان فقيهًا جَليلَ القَدْر، خَطَب ببلدِه، يُنظَرُ لعلّه ذُكِر أو سيُذكَر. 851 - أحمدُ بن أبي الحَسَن نَبيل الرُّوميُّ، مَوْلَى أبي القاسم بن محمد بن أبي بكر بن رَزِين التُّجِيبيِّ الشَّقُوريّ، مُرْسِيٌّ، استَوطنَ سَبْتةَ أبو القاسم. ¬

_ (¬1) ما بين الحاصرتين بياض في النسختين، وهو أبو بكر محمد بن مسعود بن خالص، من أهل شلب يُعرف بالأمروشي، وأمروشة بعض قراها، مترجم في التكملة الأبارية (1348). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (202). (¬3) منسوب إلى "أنيشة"، شمال بلنسية، وينظر التعليق على التكملة. (¬4) لم يصل إلينا هذا القسم من الكتاب.

852 - أحمد بن نصر بن عيسى بن نصر بن سحابة الأنصاري، شاطبي سالمي الأصل، أبو جعفر

وأُمُّه بنتُ أبي القاسم الشَّقُوريِّ مَوْلى أبيه، ونَسَبَهُ أبو جعفرٍ ابنُ الزُّبير تُجِيبيًّا، كأنه من أنفُسِهم ولم يُنبِّهْ على وَلائه هذا. رَوى عن صِهرِه أبي عبد الله ابن الجَنَّان، وأبوَيْ بكر: ابن عبد الملِك المَعَافِريّ (¬1) وابن محمد بن جَهْوَر (¬2)، وآباءِ الحَسَن: ابن أحمدَ بن خِيَرةَ، وابن محمد بن واجِب، وابن الشَّرِيك وأخَذ عنه القراءاتِ، وابن محمد بن يَبْقَى، وابن محمد بن أبي العافية القَسْطَليِّ وابن قُطْرال، وسَهْل بن مالِك، وأبي الرَّبيع بن موسى بن سالم وأكثَرَ عنه وأجازَ له، وأبي زكريّا بن أبي القَصْر، وآباءِ عبد الله: ابن إسماعيلَ المنيشيِّ، والأزْديِّ، وابن عبد الله بن قاسم، وابن عليّ بن الزُّبَير، وأبي عليّ حَسَن بن عبد الرّحمن الرَّفّاء، وأبي عامرٍ نَذير بن أبي العطاءِ وَهْب بن نَذِير، وأبي العبّاس ابن فَرْتُون، وأبي عيسى محمد بن محمد بن أبي السَّدَاد. وأجاز له أبو الحَسَن الدَّبّاج وأبو عليٍّ الشَّلَوبِين. رَوى عنه ابنُ خالِه أبو الحَسَن بن محمد ابن مَوْلاه أبي القاسم بن رَزِين المذكور. وكان فقيهًا نَبيلًا عاقِدًا للشّروط، حَسَنَ الخطِّ مُتقِنَ التقييد، كتَبَ بخطِّه النّبيل من دواوينِ العلم ما لا يُحصى كثرةً، وعُنيَ بالعلم طويلًا إلى دينٍ مَتِين وجِدّ وصِحّةِ يقين، واستُقضيَ ببلدِه وبدانِيَةَ وبلقنْتَ وغيرها ثُم بسَبْتةَ، واستمَرّت ولايتُه القضاءَ بها محمودَ السِّيرة مَرْضيَّ الطريقة عَدْلًا في أحكامِه إلى أن توفِّي بها عند طُلوع الشّمس من يوم الخميس أوّلَ يوم من ربيعٍ الأوّل عامَ تسعةٍ وستينَ وست مئة. 852 - أحمدُ (¬3) بن نَصْر بن عيسى بن نَصْر بن سَحَابةَ الأنصاريُّ، شاطِبيٌّ سالِميُّ الأصل، أبو جعفر. ¬

_ (¬1) في ق: "المسافري"، محرفة. (¬2) في ق: "جمهور"، محرف. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (184).

853 - أحمد بن نصرون، أبو العباس

رَوى عن أبي عبد الله بن عبد الرّحمن المِكْنَاسيّ (¬1). وكان أديبًا فاضلاً وخَطَب ببعضِ جهات شاطِبة. 853 - أحمدُ بن نَصْرُونَ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي. 854 - أحمدُ بن نَصِير، أبو القاسم. رَوى عنه أبو عَمْرٍو (¬2) سالمُ بن صالح بن سالم، وقال: له أشعارٌ رائقة ورسالةٌ بديعة كتَبَ بها إلى قَبْرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وتوفِّي بمالَقةَ فُجاءةً، وقد تقَدَّم أحمدُ بن محمد بن نَصِير اللَّخميُّ أبو القاسم (¬3) فيَحتمِل أن يكونَ هذا، واللهُ أعلم. 855 - أحمدُ (¬4) بن نوارٍ الأنصاريُّ، قال ابنُ الأبّار: أحسَبُه من أهل غَرْب الأندَلُس، أبو العبّاس. رَوى عن أبي محمد بن محمد من أصحابِ المَغَامِيّ. أخَذ عنه أبو الحَسَن ثابتُ بن خِيَار، قال: وكان مُقرِئًا محدّثًا، قال ابنُ الأبّار: وأخشَى أن يكونَ أحمدَ بنَ عليّ بن محمد (¬5) بن نُوَيْرةَ أحدَ السامِعينَ على السِّلَفيّ بالإسكندَريّة، وقيل: نُوَيْرةُ في نوار، والله أعلم. 856 - أحمدُ (¬6) بن وليد بن محمد بن وَليد بن مَرْوانَ بن عبد الملِك بن محمد بن مَرْوانَ بن خَطاب، مُرْسِيُّ، أبو جعفر، ابنُ أبي جَمْرة. رَوى عن أبيه وتفَقَّه به وبغيره من أهل بلدِه وأخَذ عنهم. وكان من بيتِ عِلم وجَلالة ودِين مُعرِضًا عن الدّنيا كثيرَ العمل، تصَدَّق بجُلِّ مالِه إلا ما يُقيمُ ¬

_ (¬1) في ق: "ابن المكناسي"، وليس بشيء. (¬2) في م: "أبو عمر"، خطأ، وهو مترجم في التكملة (3230). (¬3) لم يتقدم شيء من ذلك! (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (228). (¬5) سقط هذا الاسم من ق. (¬6) ترجمه ابن فرحون في الديباج 1/ 231 نقلًا من هذا الكتاب وإن لم يصرّح.

857 - أحمد بن وهب بن أحمد بن الحسن بن محمد بن عيسى بن محمد ابن بطال بن وهب بن عمر بن فرعال بن مسرة التميمي

أوَدَه، وله في الفقه فتاوَى حُفِظت عنه، وتزَهَّد، ورحَلَ إلى المشرِق فأدَّى فريضةَ الحَجّ، ولمّا قَفَلَ إلى بلدِه أقبَلَ على نَشْرِ العِلم وبثّه وتدريسِه إلى أن توفِّي به لعَشْر بقِينَ من جُمادى الأُخرى سنةَ أربع وأربعينَ وأربع مئة. 857 - أحمدُ بن وَهْب بن أحمدَ بن الحَسَن بن محمد بن عيسَى بن محمد ابن بَطّال بن وَهْب بن عُمر بن فرعال بن مَسَرّةَ التَّميميُّ. 858 - أحمدُ (¬1) بن أبي محمّد هارونَ بن أحمدَ بن جعفرِ بن عبد الملِك بن عاتٍ النَّفْزِيُّ، شاطِبيّ، أبو عُمر. أخَذ بالأندَلُس قراءةَ وسَماعًا عن الحافظِ أبي محمد أبيه وأبوي الحَسَن: ابن محمد بن هُذَيْل وعُلَيْم (¬2)، وأبويْ عبد الله: ابن عبد الرحيم وابن يوسُفَ بن سَعادة واكثَرَ عنه، وأجازوا له. وتأدَّب أوّلَ قراءتِه بأبي محمد بن يحيى بن عَبْدون، وصَحِبَ أبا بكرٍ عبدَ الرّحمن بن مُغاوِر (¬3)، وأبا عبد الله بن أبي بكر بن عَفْيُون، وأبا عَمْرٍو إبراهيمَ بن محمد بن يَنَّق، ولم يَذكُرْ أنّهم أجازوا له، ولقِيَ: أبا بكرٍ بِيبَش صِهرَه وابنَ أحمد بن أبي جَمْرةَ وأبا الحَسَن بن عبد الله بن النِّعمة، وأبا عبد الله بن جعفرِ بن حَمِيد، وأبا محمد عاشِرًا، وفاوَضَه وأجازوا له. وأجاز له: أبو بكرٍ (¬4) ابنُ نُمارَةَ، وأبو الحَجّاج بن عبد الله بن يوسُف، وأبو الخَطّاب أحمدُ بن محمد بن واجِب، وأبو الحَسَن بن عبد الله بن فَزَارةَ، ¬

_ (¬1) ترجمه المنذري في التكملة 2/الترجمة 1232، وابن الأبار في التكملة (261)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 209، وسير أعلام النبلاء 22/ 13، والعبر 5/ 31، وتذكرة الحفاظ 4/ 1389، واليافعي في مرآة الجنان 4/ 18، والنباهي في المرقبة العليا (116)، وابن فرحون في الديباج 1/ 231، وابن العماد في الشذرات 5/ 36، وينظر كتاب الدكتور محمد بن شريفة: أبو المطرف أحمد بن عميرة المخزومي. (¬2) هو عليم بن عبد العزيز الحافظ. (¬3) في م: "مغادر"، محرف، وهو عبد الرحمن بن محمد بن مغاور السلمي المتوفى سنة 587 هـ، وهو مترجم في التكملة (2337). (¬4) بعد هذا بياض في النسختين، وأبو بكر بن نمارة اسمه محمد بن أحمد بن عمران (التكملة 1407).

وأبوا عبد الله: ابن إبراهيمَ ابن الفَخّار وابن عبد الرّحمن بن عُبادةَ، وأبو العطاءِ وَهْب بن نَذير، وآباءُ القاسم: خَلَف بن عبد الملِك ابن بَشْكُوال، وعبد الرّحمن بن عبد الله السُّهَيْليّ، وابن محمد بن حُبَيْش، ومحمد بن وَضّاح، وأبو محمد بن محمد الحَجْريّ، ولم يَذكُرْ أنه لقِيَهم. ورَحَل إلى المشرِق بنيّة الحَجّ فلقِيَ ببِجَايةَ نزيلَها أبا محمّد عبدَ الحقّ الإشبيليَّ ابنَ الخَرّاط، وبالإسكَندَريّة الأحمَدين: ابن محمد السِّلَفيَّ أبا الطاهِر، وابن مُسَلَّم، بفَتْح السِّين الغُفْل وتشديد اللام، اللَّخْميَّ، وأبا طالب التَّنُوخيَّ، والإسماعيلَيْن أبوَي الطاهِر: ابن عبد الرّحمن بن يحيى بن إسماعيل بن عليّ بن محمد بن إسماعيلَ بن الوليد بن عَمْرِو بن محمد بن خالد بن محمد الدِّيباج (¬1) بن عبد الله المِطْرَف، بكسرِ الميم وسكون الطاء الغُفْل، ابن عُمر بن عثمانَ بن عفّانَ رضيَ اللهُ عنه الدِّيبَاجِيَّ ابنَ أبي اليابِس (¬2)، وابنَ مكِّي بن عَوْف، وقد تقَدَّم ذكْرُه في رَسْم أحمد بن إبراهيمَ القنجايري، وحَسَنَ بن إسماعيل بن حَسَن بن أبي بكرٍ اللّكِّي أبا عليّ ابنَ المؤذّن، وعبدَ السلام بن محمود بن أحمدَ الفارسيَّ أبا المعالي، وعبدَ الواحد بن عَسْكَر بن أبي الحَسَن بن عُبَيْد الله المَخْزوميَّ الوليديُّ أبا محمدٍ النجار، والعَلِيين: ابن محمد بن خَلَف الحِجَاريَّ أبا القاسم ابنُ العَرِيف، وابنَ أبي المكارِم المُفضَّلَ المَقْدِسيَّ أبا الحَسَن ابن العَصَّارة، وابنَ مَهْدي بن عليّ بن محمد بن عليّ أبا القاسم ابنَ قُلُنْبَي، بقاف ولام مضمومتَيْنِ ونون ساكنة وباءٍ بواحدة مفتوحة وياءٍ لا أتحقَّق الآنَ أهي ساكنةٌ أم رُسِمت بدلًا من ألف، والمُحَمّدَين: ابن عبد الله بن الحُسَين بن عليّ بن أبي نصْر بن أبي طَلْحةَ الهَرَويَّ ثم الأَشْكِيذَبانيَّ، بفتح الهمزة وشِين معجَم ساكن وكافٍ مكسور وياءِ مَدّ وذالٍ معجَم مفتوح وباءٍ بواحدة وألفٍ ونون منسوبًا، وابنَ عبد (¬3). ¬

_ (¬1) في ق: "الدباج"، محرف، وينظر تاريخ الإسلام 12/ 508. (¬2) في ق: "والديباجي ابن أبي اليابس"، وهو تحريف صوابه ما أثبتنا، كما في تاريخ الإسلام 12/ 511 وغيره. (¬3) بعد هذا بياض في النسختين.

[ولقِيَ] (¬1) أبو عُمر بنُ عاتٍ هذا: أبا عبد الله وابنَ عبد الرّحمن بنَ محمد بن منصُور الحَضْرميَّ أبا عبد الله، وابنَ محمد بن الحَسَن الكَرْكَنْتيَّ أبا عبد الله، ومخلوفَ بنَ عليّ بن عبد الحقّ أبا القاسم ابنَ جارَةَ، فقَرَأَ عليهم وسَمع وأجازوا له، والقاضيَ أبا محمد عبدَ الله الدِّيباجيَّ أخا أبي الطاهِر المذكورَ فأجازَ له ولم يتهيّأ له السَّماعُ عليه لمرَضِ أبي محمد. وأجاز له من أهل الفُسطاطِ: أبو الجُيوش عَساكرُ بن عليّ بن إسماعيلَ ابن نَصْر المقرئ، وأبو المظفَّر منصُور بن طاهِر بن أبي القاسم الدِّمشْقي، وأبو زكريّا يحيى بنُ عليّ بن عبد الرّحمن القَيْسيّ الدانيُّ إمامُ مسجد العَيْثَم بمِصرَ، بفَتْح العَيْن الغُفْل وسكونِ الياء المسفولة وثاءٍ بثلاثٍ مفتوحة وميم، وهو المسجدُ الذي بناه الحَكَمُ بن عبد الرّحمن [بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرّحمن بن الحَكَم بن هشام بن عبد الرّحمن بن معاوية بن هشام بن] (¬2) عبد الملِك (¬3) بن مَرْوانَ بن حَكَم ووَقَفَ فيه مصحفًا وأجرَى على الذي يقرَأُ فيه ثلاثةَ دنانيرَ كلَّ شهر. ومن شيوخ الحَرَم زادَهُ اللهُ تشريفًا: نُزلاؤه: أبو الفِداء إسماعيلُ بن عليّ بن عبد الله المَوْصليُّ ابنُ السَّرَّاج، وإمامُ المقام أبو محمد عبدُ الدائم بن عُمر بن حُسَين بن عبد الواحد الكِنَانيُّ العَسْقَلاني، وأبو الحَسَن عليُّ بن حُمَيْد، مُصَغَّرًا، ابن عَمّار الأنصاريُ المِصْريّ، وأبو الخَطّاب عُمرُ بن عبد المجِيد بن عُمر بن حَسَن بن أحمدَ بن محمد القُرَشيُّ المَيَانِشيُّ، وأبو محمد المبارَكُ بن عليّ بن الحُسَين ابن عبد الله بن محمد البغداديُّ ابنُ الطَّبّاخ (¬4). ¬

_ (¬1) ما بين الحاصرتين منا للسياق. (¬2) ما بين الحاصرتين بياض في النسختين، واستفدناه من ترجمة ابن الأبار له في التكملة (750) وهو المعروف بالمستنصر. (¬3) في النسختين: "العزيز"، والصواب ما أثبتنا. (¬4) في ق: "الطباع"، محرف، وهو مترجم في تاريخ الإسلام 12/ 565.

ومن أهل دمشق: بهاءُ الدِّين أبو محمد القاسمُ بن أبي القاسم عليّ بن الحَسَن بن هِبة الله بن عبد الله بن الحُسَين الشافعيّ ابنُ عساكر. ومن أهل المَوْصِل: الخطيب (¬1) أبو الفَضْل هبة الله بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر الطوسي. ومن أهل بغداد: الواعظُ أبو الفَرَج عبدُ الرّحمن بن عليّ بن محمد بن عليّ، ابنُ الجَوْزي، وأبو [الخَيْر] (¬2) القَزْوينيُّ، والكاتبةُ شُهدةُ بنتُ أبي نَصْر أحمدَ بن الفَرَج بن عُمر الدِّينَوَريِّ، يُعرَفُ بابن الإبَريِّ، بكسرِ الهمزة وفَتْح الباء وراءٍ منسوبًا، وقد ضمَّنَ ذكْرَهم وجُملةً عامّةً من مَرْويّاتِه عنهم برنامَجَيْه اللّذين سَمَّى أحدَهما بـ "النُّزهة في التعريف بشيوخ الوِجْهة"، وهُو كتابٌ حَفيلٌ جامع، والآخَر بـ "رَيْحانةِ التنفس (¬3) وراحةِ الأنفُس في ذكْرِ شيوخ الأندَلُس"، وهو على مقدارِ النِّصف من "النُّزهة" ويكونُ في سِفر جيّد يُشِفُّ على "التقَصِّي" لأبي عُمر بن عبد البَرّ وما يعادلُه ويقاربُه، وجمَعَ بينَهما على اقتضابٍ وتلخيص في مختصَر نبيل جرَّد فيه أسماءهم وبعضَ التعريفِ بهم ويسيرًا ممّا أخَذَه عن بعضِهم. رَوى عنه: أبو إسحاقَ بنُ غالب ابن بَشْكُوال (¬4)، وابنُ محمد الحَضْرَميّ، وأبو أميّةَ إسماعيلُ بن سَعْدِ السُّعود بن عُفَيْر، وآباءُ بكر: ابن أحمدَ بن سيِّد الناس وابنُ أحمدَ بن مَشَلْيُون وابنُ جابر السَّقَطيُّ وابنُ المُرابِط وابن غَلْبون، ¬

_ (¬1) من هنا إلى قوله: "الواعظ" في الفقرة الآتية سقط كله من ق، فاختل النص. (¬2) ما بين الحاصرتين بياض في النسختين، ولعل ما أثبتناه هو الصواب، فهو أشهر القزوينيين ببغداد من أهل هذه الطبقة، وهو أحمد بن إسماعيل بن يوسف القزويني مدرس المدرسة النظامية ببغداد والمتوفى بها سنة 590 هـ (ينظر تاريخ ابن الدبيشي 2/ 214 والتعليق عليه). (¬3) في ق: "النفس"، معرفة، وذكره السيوطي في مقدمة البغية، إذ كان من الأصول التي اعتمدها في تأليف كتابه. (¬4) في م: "بشكنال".

وآباء (¬1) جعفر: ابنُ زكريّا بن مَسْعود وابنُ محمد بن شُهَيْد وابن محمد بن وَهْب وابن عليّ المالَقيُّ وابنُ الفَحّام وابنُ مالك ابن السَّقّاء، وأبو الحَسَن بن صاعِد (¬2) وأبو الخطاب أحمد بن محمد بن واجب، وآباء عبد الله: ابن أحمد الرُّنْدي وابن صاعد وابنُ عبد الرّحمن بن جَوْبَر وابنُ محمد بن سَمَاعةَ، وأبو عامر ابن نَذير، وأبو العبّاس بن عبد الله بن سيِّد الناس، وأبو علي بن مُطَرِّف، وأبو عَمْرو سالم بن صالح بن سالم، وأبو الفَضْل يزيدُ بن محمد، وآباءُ القاسم: أحمدُ بن محمد بن نَجوت، والمحمّدان: ابنُ عبد الواحد المَلّاحي وابنُ عامر بن فَرْقَد، وآباءُ محمد: ابن عبد الرّحمن بن بُرْطُله وابنُ قاسم الحَرّار وعبدُ العزيز بن أبي حَيّ، وأبو المُطرِّف أحمدُ بن عبد الله بن عَمِيرة، وأبوا الوليد: محمدُ بن أحمد بن الحاجّ ومُنذرُ بن محمد البَلَغيي. وحدَّثنا عنه شيخُنا أبو محمد حَسَنُ بن عليّ ابن القَطّان، وكان من أكابرِ المحدِّثين الجِلّة الحُفّاظ المُسنِدينَ للحديث والآدابِ بلا مُدافَعة يَسرُدُ الأسانيدَ والمُتونَ ظاهرًا فلا يُخِلُّ بحِفظ شيءٍ منها، عَدْلًا ثقةً مأمونًا مَرْضِيًّا، متوسِّطَ الطبقة في حِفظ فُروع الفقه ومعرِفة المسائل، إذْ لم يُعْنَ بذلك عنايتَه بغره، فكان أهلُ شاطبة يُفاخِرون بأبوَيْ عُمر: ابن عبد البَرّ وابنِ عاتٍ. وكان على سَنَن السَّلَف الصالح في الانقباض ونَزارةِ الكلام ومَتانةِ الدِّين وأكل الجَشِب ولِباس الخَشِن ولزوم التقشُّف والتقلُّل من الدُّنيا والزُّهدِ فيها والمُثابَرة على كثيرٍ من أفعال البِرّ كالأذان والإقامة وبَذْل المعروفِ والتوسيع بالصَّدَقات على الضُّعفاءِ والمساكين. وكان مَهِيبَ اللّقاء أوّلَ، حتى إذا خالَطَ مُعاشِرَه وداخَلَه وَدَّ أنْ لا يفارقَه لوَطاءةِ أكنافِه وحُسن أخلاقِه وجميل انبساطِه. ¬

_ (¬1) كتب ناسخ م ضمن المتن ملاحظة نصها بعد قوله: وابن غلبون: "وأبا الحسن بن محمد بن شهيد"، وما بعده في المتن، كذا عند المؤلف وفوق "أبا الحسن" بخطه "وأبي جعفر بن زكريا ابن مسعود، قد بَشَر ما بعد الباء"، فالظاهر من النص أن المؤلف توهم فذكر من يكنى أبا الحسن قبل أبي جعفر. (¬2) قفز نظرنا سخ ق من هنا إلى لفظة "صاعد" الآتية فسقط عنده ما بينهما.

قال أبو عامر بنُ نَذير: لازمْتُه مئة من ستة أشهُر، لم أرَ أحفظ منه، وحضَرتُ لسَماع "الموطَّإ" و"صحيح البخاريِّ" سنة، فكان يقرأ من كلِّ واحد من الكتابَيْن نحوَ عشَرةِ أوراق عَرْضًا بلفظِه كلَّ يوم عَقِبَ صلاة الصُّبح لا يتوقَّفُ في شيءٍ من ذلك. وقال أبو بكر بنُ جابر السَّقَطيّ: أخبَرَنا بعضُ الشَّرْقيّة أنّ أبا عُمر بنَ عاتٍ حَضَرَ في جماعة من طَلَبة العلم لسَماع السّيَر على بعض شيوخِهم فغابَ الكتابُ أو القاري بكتابِه فقال أبو عُمر بنُ عات: أنا أقرأُ لكم، فقَرَأَ لهم من حِفظِه. وقال أبو محمد بنُ قاسم الحَرّار: ما رأيتُ أشدَّ انقباضًا ولا أهيَبَ من أبي عُمر بن عاتٍ، وما أخَذتُ عن أحدٍ أجلَّ في نَفْسي عِلمًا وعملًا منه رحمه الله، كان الأمراءُ من آلِ عبد المؤمن يُخاطبونَه ويعتمدونَ رأيَه وإشارتَه في مصالح بلدِه شاطبةَ وأهلِها ثقةً بدِينِه ورُكونًا إلى نصيحتِه، وكان ذا حظّ وافر من الأدب، قائلًا لجيِّد الكلام نثرًا ونَظْمًا، وقد ضَمَّن جُملةً وافرةً منهما كتابَيْه: "النُّزهة" و"الرَّيْحانة" المذكورَيْن وغيرَهما من تصانيفه، ومن ذلك قولُه يَرثي الشّيخَ الإمامَ الأوحدَ أبا محمد عبدَ الله بن عبد الرّحمن العُثمانيَّ الدّيباجيَّ ابن أبي اليابِس (¬1) رحمه الله [الكامل]: خَطْبٌ كبيرٌ في مُصابِ كبيرِ ... ما بعدَهُ من سَلْوةٍ وسُرورِ لا تسأَلوا عمّن أُصيبَ بفَقْدهِ ... حَلّتْ رَزِيّتُه على المعمورِ أسَفًا لأهلِ العلم غُيِّبَ نُورُهمْ ... تحتَ الصفيحِ فما لهمْ من نُور فُجِعوا بعثمانِيّهمْ فتناثَرَتْ ... عَبَراتُهمْ كاللؤلؤِ المنثورِ يا شَيْبةً تقبيلُها كفّارةٌ ... للحَوْب أذكى من شَذا الكافورِ ما كان أدأَبَ ليلَها ونهارَها ... في طاعةِ المكتوبِ والمسطورِ ¬

_ (¬1) توفي سنة 572 هـ وهو مترجم في تاريخ الإسلام 12/ 511.

ما كان اَثرَها لأهل الفَضْل في ... تسميعِها للنَّقْل والمأثورِ ما كان أنْزَهَها عن الدّنيا وعن ... طُلّابِها تَرميهمُ بالمُورِ أين السَّماحةُ والشّجاعةُ والتُّقَى ... ها إنّها قُبِرَتْ معَ المقبورِ يا فائتي بزمانِهِ ومكانِهِ ... ولئنْ ظفِرتُ برؤْيةٍ وحضورِ أشكو إليكَ تعطُّشي وتوحُّشي ... لمّا حَلَلْتُ برَبْعِك المهجورِ ماذا أصابَ الفَضْلَ بعدَك من شَجًى ... حتى لَيَرنُو من عيونٍ عُورِ أخلَيْتَ صدرَ الدَّستِ فاختَلّتْ بهِ ... إذْ ناب قومٌ ما همُ بصُدورِ فالآنَ يُعرَفُ قَدْرُ فضلِك إنّما ... يُدرَى ضياءُ الشمسِ بالدَّيْجورِ فأحَلَّك الرَحمنُ دارَ نعيمِهِ ... وحُبورهِ معْ جَدِّك المَحْبورِ وكساك في الفِردَوْسِ حَلْيًا فاخِرًا ... من لؤلؤ وزَبَرْجَدٍ وشُذورِ (¬1) وسيأتي بعضُ ذلك في رَسْم أبي محمد بن يحيى عَبْدون (¬2) وغيرِه إن شاء الله. وُلد قُبَيْلَ الزّوال في ساعة الرَّواح إلى الجُمعة لخمسٍ خَلَوْنَ من شوّالِ اثنتينِ وأربعينَ وخمس مئة، ومنَ الاتّفاق الغريب أنّ كَنِيَّهُ أبا عُمر بنَ عبد البَرّ المذكورَ آنفًا وُلد يومَ الجمُعة والإمامُ يَخطُبُ لخمسٍ بَقِينَ من رَبيع الآخِر سنةَ ثمانٍ وستينَ وثلاث مئة، فبينَهما مُوافقةٌ ما. واستُشهِدَ أبو عُمر بن عاتٍ رحمه الله في وَقيعةِ العُقَاب من ناحية جَيّانَ على المسلمينَ يومَ الاثنين منتصَفَ صَفَرِ تسع وست مئة، فُقِد فيها فلم يوجَدْ حيًّا ولا ميِّتًا، وكانت هذه الحادثةُ الشَّنعاءُ معَ الناصِر أبي عبد الله محمد ابن المنصُور أبي يوسُفَ يعقوبَ من بني عبد المؤمن، وهي التي كانت السببَ الأقوى ¬

_ (¬1) بعد القصيدة بياض في م. (¬2) الموضع الذي يحيل عليه المؤلف مفقود، وترجمته في التكملة (. . . .).

859 - أحمد بن هارون بن خلف التجيبي، مروي، أبو العباس

في تحيُّفِ الرُّوم بلادَ الأندَلُس حتّى استَوْلَوا على مُعظمِها وأفضى إلى خَلائها من أهل المِلّة الحنيفيّة، إنّا لله وإنّا إليه راجعون. أنشَدَني القاضي أبو محمد ابنُ القَطّان رحمه الله قال: أنشَدَني الحافظُ الشّهيدُ أبو عُمر بن عاتٍ رحمه الله قال: أنشَدَني الحافظُ المُتفنِّن أبو الحَسَن بنُ المُفضَّل المَقْدِسيُّ رحمه الله لنفسِه، وهو من تجنيسِ القوافي البديع [الطويل]: أيا نفْسُ بالمأثورِ عن خيرِ مُرسَلٍ ... وأصحابِه والتابِعينَ تَمسَّكي عساكِ إذا بالغتِ في نَشْرِ دينهِ ... لِما طاب من نَشْر له أن تَمسَّكي وخافي غدًا يومَ الحسابِ جَهنَّمًا ... إذا لَفَحَتْ نيرانُها أن تَمسَّكي 859 - أحمدُ بن هارونَ بن خَلَف التُّجيبي، مَرْوي، أبو العبّاس. رَوى بمدينة فاسَ عن أبي الحَسَن عَبّاد بن سِرْحان. 860 - أحمدُ بن هشام بن أحمدَ بن قاسِم بن أحمدَ بن معاويةَ اللَّخْمي. 861 - أحمدُ (¬1) بن هشام بن أحمدَ بن محمد بن عبد الله بن خَلَف بن هشام الحَضْرَميّ، قُرْطُبي، سكَنَ إشبيلِيَةَ، أبو العبّاس. رَوى عن أبوَيْ جعفر: ابن محمد بن يحيى وابن عبد الرّحمن بن مَضَاء. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا. مَوْلدُه بقُرطُبةَ بعد صَلاة العشاءِ ليلةَ عيد الفِطر سنةَ ستٍّ وسبعينَ وخمس مئة، وتوفِّي يومَ الأحد منتصَفَ ذي قَعْدةِ سنة ثمانٍ وعشرينَ وست مئة. 862 - أحمدُ بن هشام بن خَلَف بن عبد الملِك الأنصاريُّ، إلشِيٌّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي الوليد محمد بن أحمد بن رُشْد. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (298).

863 - أحمد بن هشام بن عبد الغافر، إشبيلي

863 - أحمدُ بن هشام بن عبد الغافِر، إشبِيليٌّ. رَحَلَ إلى المشرِق، ورَوى بمكّة شرَّفها اللهُ عن أبي ذَرّ عَبْد بن أحمدَ الهَرَوي. 864 - أحمدُ بن هشام بن عليّ بن سَعيدٍ الهاشمي (¬1)، أبو العبّاس. رَوى عن أبي الحَجّاج بن محمد ابن الشّيخ. 865 - أحمدُ بن هشام بن نَصْر الفِهرِيُّ، طُلَيْطُليٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حَيًّا سنةَ إحدى وثلاثينَ وأربع مئة. 866 - أحمدُ (¬2) بن هشام الجُذَاميُّ، مَرَويٌّ، سكَنَ قُرْطُبةَ، أبو العبّاس الزَّوْزَناليُّ، بزايَيْنِ مفتوحَيْن بينَهما واوٌ ساكنة وبعدَ آخرِهما نونٌ وألفٌ ولام منسوبًا. تَلا بالمَرِيّة على (¬3) أبي الحَسَن عبد العزيز بن عبد الملِك بن شَفِيع، وبقُرْطُبةَ على أبي القاسم خَلَف بن إبراهيمَ ابن الحَصّار. وله رحلةٌ حَجَّ فيها، وتَلا بالإسكندَريّة على أبي القاسم (¬4) ابن الفَحّام، وتلا على أبي عليّ (¬5) العَوْسَجي، بعَيْن غُفْل مفتوح وواوٍ ساكنة وسين مفتوح وجيم منسوبًا. تَلا عليه أبو القاسم عبدُ الرّحمن بن محمد بن غالِب ابن الشَّرّاط، وكان مُقرِئًا مُتقِنًا ضابطًا مُجوِّدًا حسَنَ السَّمْت مُلازمَ الصمت, أقرَأَ مدةَ إقرائِهِ كتابَ الله محُتِسبًا. وتوفِّي سنةَ ستٍّ وثلاثينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) في ق: "الهشامي". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (133)، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 147، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 28. (¬3) في ق: "عن"، محرفة. (¬4) بعد هذا بياض في النسختين، وابن الفحام اسمه عبد الرحمن بن عتيق بن خلف، وهو مترجم في تاريخ الإسلام 11/ 254. (¬5) بعد هذا بياض في النسختين.

867 - أحمد بن هشام القيسي، غرناطي، أبو العباس

867 - أحمدُ (¬1) بن هشام القَيْسيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي إسحاقَ ابن الإلبِيريِّ الزاهد، رَوى عنه أبو زيد بن عليّ النُّمَيْريُّ والدُ الراوِيةِ أبي عبد الله. 868 - أحمدُ بن هشام، إشبِيليٌّ. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرة. 869 - أحمدُ بن هشام، مَرَويٌّ، أبو العبّاس. رَوى عنه أبو عبد الله بن الحَسَن بن سَعيد، كان مُقرِئًا حَسَنَ القيام على تجويدِ حروف القرآن. 870 - أحمدُ بن يَبْقَى بن إبراهيمَ بن يُربُوع الحِمْيَري. 871 - أحمدُ (¬2) بن يحيى بن أحمدَ بن سُعود العَبْدَريُّ، قُرْطُبيّ، نَزَل مَرّاكُش، أبو جعفرٍ وأبو العبّاس. وقال فيه أبو عبد الله ابنُ الأبّار: أحمدُ بن يحيى بن إبراهيمَ، ووَهِمَ في ذلك. رَوى عن أبي إسحاقَ بن مَرْوان بن حُبَيْش، وأبي بَحْر سُفيانَ بن العاص، وأبي بكر بن عبد الله ابن العَرَبي، وأبوَيْ جعفر: ابن عبد الرحمن البِطْرَوجيّ وابن عليّ ابن الباذِش، وأبوَي الحَسَن: شُرَيْح ويونُس بن محمد بن مُغيث، وأبي الطاهِر محمد بن يوسُف التَّميميّ، وأبوَيْ عبد الله: جعفرٍ حفيدِ مكّيّ وابن مَسْعود بن أبي الخِصَال، وأبوَي القاسم: عبد الرحمن بن أحمدَ بن رِضا وعبد الرحيم ابن الفَرَس. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (86). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (242) وعنه الذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 1163، والمراكشي في الإعلام 2/ 103.

رَوى عنه أبو الرّبيع بن موسى بن سالم، وأبو عبد الله بنُ محمد بن دادوش، وأبو يعقوبَ بن يحيى بن عيسى بن عبد الرحمن التادَليُّ ابنُ الزَّيّات. وحدَّثنا عنه شيخُنا أبو عليّ حَسَنٌ الماقريُّ الكفيفُ. وكان مشاركًا في فنونٍ من العلم، محدِّثًا مُسنِدًا عاليَ الرِّواية، حُلوَ النادرة، قويَّ العارضة، صَدْرًا في مشيخةِ أهل العلم بمَرّاكُشَ حظيًا عندَ الأُمراءِ مِقْدامًا في مَجالسِهم مقبولَ القولِ لديهم، مُبرِّزًا عندَ الخاصّةِ والعامة، صاحبَ مَنْظوم ومَنْثور وإجادةٍ فيهما، بارعَ الخَطّ، كتَبَ قديمًا عن بعض أُولي الأمر، وكان الأدبُ ومعرفتُه أغلَبَ عليه، واقتنَى من دفاترِ العلم ما قُوِّم بعدَ وفاتِه بستةِ آلاف دينار أو أزيَدَ. وقد كثُرَ منه الاجتراءُ على الأُمراء من آل عبد المؤمن وتكرَّر تنكيته عليهم وتشنيعُ أحوالِهم حتّى أثَّرَ ذلك عندَهم واستَثْقلوهُ منه، وله في نحوِ ذلك أخبارٌ جافية، منها: أنّ أبا يوسُفَ المنصورَ قَدَّم بَنِيه وصِغارَ إخوتِه وبني أعمامِه وذوي قَرابتِه وُلاةً في البلاد ترشيحًا لهم وإشادةً بمكانتِهم لديه وتنبيهًا لقَدْرِهم، ووافَقَ ذلك فَصْلُ (¬1) شدّة القَيْظ، فأنكَرَ ذلك أبو العبّاس هذا أو أنكَره غيرُه من رُؤساءِ الدولة، فسَنَحَ له أو سُئل منه الاحتيالُ في فَسْخ ذلك التقديم فعَمَدَ إلى أزياءِ الملابس التي جَرَتْ عادةُ المُترَفِينَ باستعمالِها في فَصْل شدّة القُرّ كالفِراءِ وثيابِ الملف والقَباطِيِّ والبَرانِس فاستكثَرَ من لِباسِها وظاهَرَ بعضَها ببعض، وحَضَرَ بهذا الرِّياش بمجلس خوَاصِّ الطلبة ومجتمَعِهم بدار الإمارة، فعَجِبوا من استعمالِه مثلَ تلك المشار في ذلك الفَصْل واستَشْعروا أنّ فعلَه ذلك لإحدى فواقرِه، ومقدِّمةً لبعض نوادرِه، فسألوهُ عن سببِ مُظاهرتِه بتلك الملابس في ذلك الفَصْل الذي لا يستطيعُ أحدٌ استعمالَ مفرداتِها فيه، فقال لهم: إنّما قَدَّرتُ أنه فَصْلُ القُرّ وشِدّتهُ، وأنا منه في شهرِ يَنيَر، بلسان الرُّوم، وهو ¬

_ (¬1) هنا تنتهي نسخة القرويين التي نرمز لها بحرف ق.

كانونُ الآخِر يالسُّريانيّة، وهو طُوبة بالقِبْطيّة، فقيل له: وما الذي حمَلَك على هذا التقدير؟ فقال: إنّي رأيتُ المدائنَ فُرِّقت على الصِّبيان والأطفال يعبَثُونَ بها ويَعِيثونَ فيها ثم يأكُلونَها، يُورّي عن المدائنِ وهي البلاد بالمدائن (¬1) التي عُهِدَ ببلادِ المغرِب والأندَلُس عمَلُها في النَّيْروز منَ الدّقيق الحُوَّارَى الملتُوتِ بالزَّيت المُحكَم العَجْن بالماءِ المتّخَذة رُغُفًا مَفارَيد أو مَثَنَّيات أو مُثلَّثات كيفَما اختير عَملُها، وتُنقَشُ وتُصنَعُ فيها أشكالٌ من العجين مرَكَّبة على البَيْض المصبوغ بالحُمرة أو الخُضرة أو بغر ذلك من الألوان بحسَبِ المتخيَّر لها ثم يُفدَّمُ الجميعُ بالزَّعفَران ويُطبَخُ في الفُرن ويُجمعُ إليه أصناف الفواكه، ويَحتفِلُ كلُّ إنسانٍ في انتخابِها وتجويدِ صَنْعتها ويتَباهى في الإنفاق فيها على قَدْر وُسعِه واعتنائه بذلك، ثُم يُدفَعُ ذلك كلُه إلى الأصاغر إدخالًا للسرور عليهم وتوسيعًا في الترفيه لأحوالِهم وتبشيرًا بخِصبِ عامِهم وتفاؤلًا لبَسْط الرِّزق فيه لهم، فيَبهَجُونَ ويتمكّنُ جَذَلُهم ويتفاخَرون بمقاديرِها بينَهم، ويتَمادَى [ذلك] (¬2) لديهم أيامًا بحسَبِ كثرتِها وقِلّتِها، ثم يأتونَ عليها أكلًا وتفكُهًا بما مَعها من أصنافِ الطُّرَف والفواكه، فكان فعلُ أبي العبّاس هذا سببًا في فَسْخ ذلك التقديم وصَرْف أولئك الأصاغِرِ عن تلك الوِلايات في البلاد، وله أشباهٌ لهذه الفَعْلة معَ الأُمراء، حتّى استَجْفَوه واستَثْقَلوه، ومعَ ذلك فلم يزَلْ يُحاضرُ طلبةَ العِلم بمجلسِ المنصُور الخاصِّ بهم ويُذاكرُهم بينَ يدَيْه مَرْعيَّ الجانب ملحوظًا بعَيْن التكرِمة محترَمًا لشاختِه واضْطلاعِه بالمعارِف إلى أن وُجِدَ منه يومًا بمجلس المنصُور ريحُ مُسكِر فاستُثبِتَ أمرُه بالاستنكاه وتُحقِّق، فعند ذلك أمَرَ المنصورُ بإقامةِ الحدِّ عليه وجَلْدِه بين يدَيْه، ولمّا بلَغَ جالدُه أربعينَ جَلدةً أشار إليه أبو العبّاس بأنْ يَكُفَّ وابتَدَر لباسَ ثيابِه وقال للمنصور: أنا أحد ¬

_ (¬1) انظر بعض ما قيل في هذه المدائن من شعر ونثر في اختصار القدح (101، 202)، والمغرب 1/ 294. (¬2) خرم في م.

عبْدانِكم، ولا يجبُ عليّ سوى أربعينَ جَلدةً منتهَى حدِّ العبد، فقبِلَ ذلك المنصورُ منه على عِلمِه بما في طيِّه من التنكيت عليه، وإنّما أشار بذلك أبو العبّاس إلى معتَقدِ آل عبد المؤمن وطائفتِهم قديمًا وحديثًا أنّ كلَّ من خرَجَ عن قبائِلهم المعتقِدة هِدايةَ مَهْديِّهم وعصمتَه فهم عَبيدٌ لهم أرِقّاءُ، فصَرَفَه المنصورُ إلى منزلِه، واستمرَّ هِجرانُه إياه ومَنْعُه حضورَ مجلسِه إلى أن توفِّي المنصورُ ووَليَ ابنُه الناصرُ فتَركَه مُغضَبًا على ما كان عليه آخِرَ أيام أبيه إلّا أنه أباحَ له التصرُّفَ في حوائِجه ولقاءَ من يريدُ لقاءه من أصنافِ الناس، وقد كان ذلك ممّا حَظَرَه عليه المنصورُ، فاستقَرَّ حالُ أبي العبّاس على ما ذُكِرَ من الإخمال إلى أن توفِّي عن سنٍّ عالية بمَرّاكُش يومَ عاشوراءِ تسع وتسعينَ وخمس مئة (¬1). ¬

_ (¬1) جاء في آخر نسخة م: "آخرُ السِّفر الأوّل من كتابِ الذَّيْل والتكمِلة على كتابَي الموصُول والصِّلة تأليفَ الشّيخ القاضي المحدِّث الناقد أبي عبد الله بن عبد الملِك رحمه الله يَتْلوه في الثاني ترجمةُ أحمدَ بن يحيى بن عَمِيرة. وصَلّى اللهُ على سيّدِنا ومَوْلانا محمدٍ وعلى آله وصحبِه وسَلَّم".

سلسلة التراجم الأندلسية الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة تأليف أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الملك الأنصاري الأوسي المراكشي (634 هـ - 704 هـ) حققة وعلق عليه الدكتور إحسان عباس الدكتور محمد بن شريفة الدكتور بشار عواد معروف [المجلد الثاني]

© دَار الغرب الإسلامي جَميع الْحُقُوق محَفوظَة الطبعة الأولى 2012 م دَار الغرب الإسلامي العنوان: ص. ب: 677، تونس: 1035 جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة. لَا يسمح بِإِعَادَة إصدار الْكتاب أَو تخزينه فِي نطاق استعادة المعلومات، أَو نَقله بِأَيّ شكل كَانَ، أَو بِوَاسِطَة وَسَائِل الكترونية، أَو كهروستاتية، أَو أشرطة ممغنطة، أَو وَسَائِل ميكانيكية، أَو الاستنساخ الفوتوغرافي، أَو التسجيل وَغَيره دون إِذن خطي من الناشر.

الذّيل وَالتّكملة لِكتَابي الْمَوْصُولِ والصِّلَةِ [2]

السين

[2 أ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ صَلّى اللهُ على سيّدِنا محمدٍ وعلى آلِه السِّين 1 - سابِقُ بن عبد الرّحمن بن يحيى، سَرَقُسْطِيٌّ، أبو يحيى. رَوى عن أبي عبد الله بن منظور، وأبي الحَسَن بن عَبَادِل، وأبي سِرَاج؛ وله رحلةٌ إلى المشرِق، رَوى فيها بطَرَابُلُسَ عن أبي موسى هارونَ بن عُمرَ بن سعيد الطَّرَابُلُسي. 2 - سابقٌ (¬1)، مَوْلَى خَلَف بن عليٍ الرُّعَيْنيّ، أندَلُسيٌّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي مَرْوانَ بن سُليمانَ الخَوْلاني. روى عنه أبو القاسم خَلَفُ بن عُمر الباجِيُّ في صفَرِ خمسٍ وأربعينَ وأربع مئة. 3 - سالمُ (¬2) بن أحمدَ بن فَتْح، قُرْطُبيٌّ، أبو النَّجاة. سَمِع الحديثَ وأكثر من كَتْبِه عن شيوخ بلدِه ثُم مال إلى الظاهِريّة بصَداقةِ مُتشبِّعهم (¬3) في الأندَلُس أبي محمد عليِّ بن أحمدَ بن حَزْم، وكتَبَ كثيرًا من مصنَّفاتِه، وكان أوّلَ أمرِه رَفّاءً [مشهورًا بيْنَ] (¬4) أهلِ عَصْرِه في ذلك، ثُم تحَوَّل إلى الكتابة فجاء في القُدرة عليها وبَطْشِه بها نسيجَ وَحْدِه، أقدَرَ أهلِ زمانِه على الانتساخ. مَولدُه سنةَ سبع وتسعينَ وثلاث مئة، وتوفِّي عن غير عَقِب ابنَ بِضْع وستينَ سنةً، ودُفن بالمقبُرة المُحْدثَةِ تُجاهَ بابِ القَنْطرةِ، يومَ الاثنين لثلاثَ عشَرةَ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3259). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3226)، والذهبي في المستملح (807). (¬3) المتشبع: المتزين بالباطل، وهذا حكم جائر على أبي محمد بن حزم رضي الله عنه، ولعل اللفظة مصحفة. (¬4) ما بين الحاصرتين منا، وهو بياض في الأصل.

4 - سالم بن إبراهيم بن عبد الرحمن الصدفي، سرقسطي، استوطن مدينة فاس، أبو الخير، ابن حركالش

ليلةً بقِيَتْ من ذي قَعْدةِ سنة إحدى وستينَ وأربع مئة، وصَلّى عليه معاويةُ العُقَيْليُّ الفقيهُ، وشَهِدَه جمعٌ من الناس وأتبعوهُ ثناءً جميلًا. 4 - سالمُ (¬1) بن إبراهيمَ بن عبد الرّحمن الصَّدَفيُّ، سَرَقُسْطيٌّ، استَوطَنَ مدينةَ فاس، أبو الخَيْر، ابنُ حَرَّكالُّش. رَوى عن أبي زيدٍ الوَرّاق، وأبي علي الصَّدَفيِّ وأكثَرَ عنه، وأبي محمد بن فُورْيش. وكان محدِّثًا راوِيةً عَدْلًا فقيهًا، عاقدًا للشُّروطِ شديدَ العناية بها، حسَنَ الخَطّ، ورحَلَ إلى المشرقِ وتوفِّي بديارِ مِصرَ، نفَعَه اللهُ. 5 - سالمُ (¬2) بن صَالح بن عليّ بن صالح بن محمد بن خَلَف بن عبّاس -بالباءِ بواحدةٍ والسِّين الغُفْل- ابن سالم بن غَسّانَ بن هَمْدانَ بن حديدةَ بن زَبان -بالزاي وبالباءِ بواحدة- ابن عبد الله بن متوَكِّل بن سَعيد بن نَمِرَان؛ وحديدةُ هو الداخلُ إلى الأندَلُس ونزَلَ يُربِعُونَ بقرية تُسمَّى بني حديدةَ على وادي بِيْرة، الهَمْدانيُّ، مالَقيٌّ، أبو عَمْرو. وكثيرًا ما كان يَختِمُ إيرادَ نسَبِه بسالمٍ، أو يَكتُبُ: ابنُ سالم، وبابنِ سالم يُشهَر؛ ولا أدري أين موقعُهُ [2 ب] حقيقة من نَسَبه، وقد وقَفْتُ على نَسَبِه مُنوَّعًا بالطُّولِ والقِصَر، ووقَفْتُ منه على خلافٍ كثيرٍ فيه، وأتمُّ ما رأيتُ منه ما بَدأْتُ به، واللهُ أعلم. رَوى عن أبيه، وأبي إسحاقَ الزّوالي، وآباءِ بكر: عَتِيقٍ العَبْدَريِّ وابن الجَدِّ وابن أبي زَمَنينَ وابنِ أبي القاسم بن سَمَجُون ويحيى التُّطِيليِّ، وأبي جعفر بنِ حَكَم، وأبي الحَجّاج ابن الشّيخ، وآباءِ الحَسَن: عبدِ الرّحمن بن محمد بن مَسْلَمةَ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3228)، وفي المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (296)، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (520). (¬2) ترجمه ابن خميس في أعلام مالقة 337 (ط. الغرب)، وابن الأبار في التكملة (3230)، والرعيني في برنامجه 105 - 107، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 435، والذهبي في المستملح (808)، وتاريخ الإسلام 13/ 598، وابن الخطيب في الإحاطة 4/ 314 نقلًا عن ابن الزبير وغيره.

وابن خَرُوف القُرْطُبيِّ الشاعر وابن فَرْحُونَ وابن كَوْثَرٍ وفائز، وآباءِ الحُسَين: ابن عمِّه لَحًّا محمد بن الحَسَن وعُبَيد الله بن قُزْمان وعليٍّ الوَقَّشي ومحمد بن جُبَيْر، واليَحْيَيَيْنِ: ابن الصّائغ وابن علي الرُّعَيْني، وأبوَيْ ذَرّ: محمد بن عبد العزيز ومُصعَب بن أبي رُكَب، وأبي الرَّبيع بن أحمدَ بن عيسى، وأبي زكريّا الأصبَهانيِّ مُقيم غَرْناطة، وأبوَيْ زَيْد: السُّهَيْليِّ والفازازي، وأبي سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبي الصَّبْر أيوبَ الفِهْرِيّ، وأبي طالبٍ عَقِيل بن عَطِيَّة، وآباءِ عبد الله: الإسْتِجيِّ والأندَرْشيِّ وابن بُونُه وابن ذِمَام وابن زَرْقُون وابن صابِر وابن صاحبِ الصّلاة وابن عبد الله البَكْريِّ وابن عَرُوس وابن غالِب الرُّصَافيّ، رَآه صغيرًا معَ أبيه مرّات، وابنِ الفَخّار وابن نُوح، وآباءَ العبّاس: الأَنْدَرْشيِّ وابن شَكِيل وأصبَغَ بن أبي العبّاس، وأبويْ عليّ: الحَسَنينِ: القُرطُبيِّ وابن كِسْرى، وأبي عُمرَ بن عاتٍ، وأبويْ عِمران: المارْتُليِّ الزّاهد وابن زكريّا الكُوْمي، وأبوَيْ عُمر: رَضِيِّ بن المُنذر وهشام بن أصبَغَ، وأبي كامل صِهرِه تَمّام بن غالِب، وأبي الفَضْل ابن عمِّه العبّاس، وآباءِ القاسم: الأحْمَدَيْن: ابن سَمَجُون وابن نُصيْر، وعبدِ الرحمن الشَّرَّاط، والمحمَّدَيْن: ابن عبد الواحِد المَلّاحيِّ وابن محمد بن عبد الرزّاق، وآباءِ محمد: ابن جُمهُور وابن القُرْطُبيّ وابن حَوْطِ الله وابن محمد بن ذِمَام وعبد الحقِّ بن بُونُه وعبد المُنعِم ابن الفَرَس، وعَبْدَي الوَهّاب: ابن الأصَمِّ وابن عبد الصّمد، وأبي المتوكِّل الهيْثَم، وأبي يحيى محمد بن عليِّ بن مَسْعَدةَ، وغيرهم، لقِيَهم وأكثَرَ عن أكابرِهم، وأجاز له أكثرُهم. وكتَبَ إليه بالإجازة، من الإسكندَريّة: أبو القاسم عبدُ الرّحمن بن إبراهيمَ ابن عُمرَ بن العبّاس ابنُ الخَطيب، ومن مكّةَ كرَّمها الله: أبو محمد يونُسُ بن يحيى ابن أبي البَرَكات الهاشميُّ، وأبو الطاهِر السِّلَفيُّ بالإجازة العامّة، نقلتُه من خطِّه. رَوى عنه أبو إسحاقَ بنُ أبي الصَّبر الفِهْرِيُّ، وأبو جعفر بنُ راشد، وأبو الحَسَن بن عبد الله الباهِليّ، وأبو الحُسَين عُبَيدُ الله بن [3 أ] عاصِم الدائريّ، وآباءُ عبد الله: ابن أحمدَ ابن الخازِن وابن عَسْكَر وابن عليّ المُهْرِيُّ، وأبو العبّاس

ابن [....] (¬1)، وأبو محمد بنُ محمد الباهِليّ، وحدَّثنا عنه شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمه الله (¬2). وكان أديبًا بارِعًا، شاعرًا مُجِيدًا، طيِّبَ النفْس لَوْذَعيًّا، حَسَن الخُلُق، غزيرَ الدّمعة عندَ ذِكْرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، كثيرَ الخشوع عند سَماع أخبارِه، متواضِعًا سليمَ الصَّدر، جميلَ الصُّحبة والمعاشَرة، مُبتذَلَ الملبَس جانحًا إلى الزهد والانقباض، مُمتَّعًا متّسِعَ الرّواية، ضابِطًا شديدَ العناية بتقييد العلم ولقاءِ حَمَلتِه، أخَذَه عن أكابرِ شيوخٍ عَصْره وعن من يَتنزَّلُ منزلةَ بَنِيه فمَنْ بينَهم؛ شَغَفًا بالعلم وحرصًا عليه ورغبة في استفادتِه، كتَبَ الكثيرَ وجمَعَ، وكان مُولَعًا بانتساخ الكُتبِ الصِّغار والكراريس، وقَفْتُ على كثيرٍ منها بخطِّه في فنونٍ من العلم. ومن شعرِه ما أنشَدتُه على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ، رحمه الله، عنه (¬3) [الخفيف]: عزَّ من لا يَموتُ يا مَنْ يموتُ ... وتَعالى فلم تَنَلْهُ النُّعوتُ إنّ دُنْياك هذه غِرَّةٌ ما ... لثباتِ الأنام فيها ثبوتُ فاترُكَنْها فإنّها أُمُّ دَفْرٍ ... لبَنِيها غَرَّارةٌ خَلَبوتُ ومنه بالطريق المذكور (¬4) [البسيط]: حَسِّنْ فعالَكَ واجنَحْ للتُّقى أبدًا ... وسَلْ منَ الله حُسْنَ الخَلْقِ والخُلُقِ وطهِّرِ القلبَ من شكٍّ ومن دَنَسٍ ... فآفةُ الثوبِ أن يُطْوَى على خَلَقِ قال شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمه الله: وجَدتُ هاتَيْنِ القطعتينِ منسوبتينِ إليه ولا أحقِّقُهما له. ¬

_ (¬1) بياض في الأصل. (¬2) برنامج شيوخ الرعيني (105). (¬3) المصدر السابق (107). (¬4) المصدر نفسه.

6 - سالم بن عبد الله بن عبد العزيز بن حسين

ومن شعرِه في الضَّراعة لربِّه والخَوْف من المؤاخَذة بذَنْبِه (¬1) [الوافر]: إلهي قد عَصَيْنا منكَ ربًّا ... تَعالى أن يُقابَلَ بالمعاصي فكيف خَلاصُنا من هولِ يومٍ ... تَشيبُ لهولِهِ سُودُ النَّواصي؟! وكانت بينَه وبينَ أُدباءِ عَصْره مخاطَبات نظمًا ونثرًا، وهُو كان مثيرَ أُدباءِ مالَقةَ في عَصْره إلى ما يَصدُرُ عنهم من نَظْم أو نَثْر في أحوالٍ تطرَأُ وأغراض تنشَأ، وفيقيِّدُها عنهم وَينشُرُ بها محاسنَهم، عُنيَ بذلك كثيرًا وشُغِفَ به. توفِّي بمالَقةَ ليلةَ الاثنينِ الثامنةَ عشْرةَ من رمضانِ عشرينَ وست مئةٍ وقد نَيَّفَ على السِّتين. 6 - سالمُ بن عبد الله بن عبد العزيز بن حُسَين. رَوى عن أبي العبّاس بن غَزْوان. 7 - [3 ب] سالمُ (¬2) بن عبد الرّحمن بن عُمرَ بن محمد بن فُورْتِش، سَرَقُسْطيُّ، أبو المُنذِر. رَوى سَماعًا عن قريبه القاضي أبي محمد بن إسماعيلَ سنةَ ثمانٍ وسبعينَ وأربع مئة. وأجاز له من أَهل المشرِق بإفادةِ أبي عليّ الصَّدَفيِّ: الأحامدُ: ابنُ الحَسَن بن خَيْرُون أبو الفضل وابنُ عبد القادر أبو الحُسَين وابن محمد العَبْدي أبو يَعْلَى، وجعفرُ بن محمد أبو محمد ابنُ السَرّاج، والحَسَن بن عليّ البَزّاز أبو غالب، والحُسَين بن عليّ الطَّبَريُّ أبو عبد الله، وحَمْدُ بن أحمدَ الأصبَهانيُّ أبو الفَضْل، وحمزةُ بن محمد بن الحَسَن الزُّبَيْري أبو القاسم، ورزقُ الله بن عبد الوهّاب أبو محمد، وطِرَادُ بن محمد الزَّينَبيّ أبو الفَوارس، وعَبْدا الله: ابن طاهر أبو القاسم وابن عليّ بن محمد بن أبي زكريّا أبو الفَضْل، وعبد الواحِد بن عليّ بن فَهْد أبو ¬

_ (¬1) ليسا في برنامج الرعيني. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3227).

8 - سالم بن علي بن محمد بن سالم اللخمي، أبو بكر

القاسم، وعاصمُ بن الحَسَن أبو الحُسَين، والعَلِيُّونَ: ابنُ الحَسَن بن الحُسَين الشافعيُّ وابن الحُسَين بن عليّ بن أيُّوبَ وابنُ محمد بن محمد بن الطيِّب آباءُ الحَسَن، والمُحمَّدان: ابنُ أحمدَ بن عبد الباقي أبو بكر وابن عليّ بن أبي عثمانَ أبو الغنائم، ومالكُ بن أحمد بن عليّ البانْيَاسيُّ أبو عبد الله، والمبارَكُ بن عبد الجَبّار أبو الحُسَين، ونَصْرُ بن إبراهيمَ المَقْدِسي أبو الفَتْح، وقد تقَدَّم ذكْرُهم مُستوفًى في رَسْم أبي جعفر بن عبد الرّحمن بن سُليمانَ بن بالِغ فراجِعْه إن شاء الله (¬1). 8 - سالمُ (¬2) بن عليّ بن محمد بن سالم اللَّخْميُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي محمد عُلَيْم بن عبد العزيز (¬3). 9 - سالمُ بن عليّ بن محمد الأنصاريُّ، أبو علي. رَوى عن الزّاهد أبي صالح محمد بن محمد. رَوى عنه أبو المجدِ عبدُ السلام ابن إبراهيمَ القُرَشيُّ، وكان صالحًا وَرِعًا فاضلًا. 10 - سالمُ بن محمد بن سالم بن عبد الرّحمن الأنصاريُّ ثم السّالِميُّ. 11 - سالمُ (¬4) بن محمد بن وَهْب الأُمويُّ، بَيْرانيٌّ -بفَتْح الباءِ بواحدة وسكون الياء المسفُول وفَتْح الراءِ وألفٍ ونون منسوبًا- أبو النَّجاة. سَمِع أبوَيْ بكر: أُسامةَ بن سُليمان وابنَ بُرْطُلُه، وأبا الحَسَن ابنَ ذي النُّون (¬5)، وأبا حَفْص بن بِيبَش، وأبا الخَطّاب بنَ واجِب، وأبا عُمر بنَ عاتٍ، وأبا محمد بنَ حَوْطِ الله وأكَثَرَ عنه. وكان مُقرئًا محدِّثًا تصَدَّى لذلك بدانية. وتوفِّي بعدَ ثلاثينَ وست مئة بمدة. ¬

_ (¬1) هو أحمد بن عبد الرحمن بن سليمان بن بالغ، تقدم في المجلد الأول (الترجمة 279). (¬2) ترجمه ابن عبد الملك في التكملة (3229). (¬3) سمع منه سنة 509 هـ، كما في التكملة. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3231). (¬5) في الأصل: "النور" وصحح عليها الناسخ، وليس بشيء، فالصواب كما أثبتنا، وستأتي ترجمته في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 424)، وهو مترجم في التكملة أيضًا (2810).

12 - سالم بن محمد بن يحيى الأموي، قرطبي

12 - سالمُ بن محمد بن يحيى الأُمَويُّ، قُرْطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حَيًّا سنةَ إحدى وخمسينَ وأربع مئة. 13 - سالمُ بن محمد، قُرطُبيٌّ، أبو الحُسَين. رَوى عن شُرَيْح. 14 - سالمٌ (¬1)، أندَلُسيٌّ، أبو النَّجاة، ابنُ الرَّسَّان. كان مُتفقِّهًا. 15 - السائبُ [4 أ] بن عبد الرّحمن بن وَهْبُون، أبو الغَمْر. 16 - سَحْنُونُ (¬2) بن حَيّ، حِجَازيٌّ. كان ذا معرِفة بالفقه والأدب وحظٍّ من قَرْض الشِّعر. 17 - سحنونُ (¬3) الكفيفُ. حَدَّث عنه أبو بكر بنُ فَنْدِلة. 18 - سِرَاجُ بن إبراهيمَ بن محمد بن أسودَ الغَسّانيُّ، مَرَويٌّ. كان عاقدًا للشُّروط من بيتِ عِلم وجَلالة، حيًّا عامَ عشَرةٍ وست مئة. 19 - سِرَاجُ (¬4) بن حَسّان بن سِرَاج بن حَزْن بن سَعيد الغَسّانيُّ. من جُندِ دِمَشْق، له رحلةٌ حَجَّ فيها، وكان من أهل الخيرِ والفَضْل عريقًا في ذلك، كان أبوه وجَدُّه فاضلَيْن واستُقضيَ بدلاية وبَرْجةَ وبشيرة مَخْزولًا عن قضاءِ كورةِ إلبيرةَ سنةَ ستٍّ وأربعينَ وثلاث مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3225)، والرسان عند أهل الأندلس منسوب إلى عمل الأرسنة (انظر أخبار وتراجم أندلسية 120). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3244). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3245). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3242).

20 - سراج بن عبد الله العثماني، نزل المرية، أبو الحسين

20 - سرَاج (¬1) بن عبد الله العُثْمانيّ، نزَلَ المَرِيّة، أبو الحُسَين. رَوى عنه أبو سُليمان بن حَوْطِ الله للقاضي أبي محمد بن عَطِيّة في وَصْف اللَّمتُونيِّينَ المُلَثَّمين (¬2) [الطويل]: إذا لُثِّموا بالرَّيْطِ خِلتَ وجوهَهمْ ... أزاهيرَ تبدو من فُتُوقِ كمائمِ وإن قُنِّعوا بالسّابِريّةِ أَبْرَزُوا ... عيونَ الأفاعي في جلودِ الأراقمِ ويُمكنُ أن يكونَ ابنُ عَطِيّةَ من شيوخِه. 21 - سِرْحانُ بن محمد بن يَحيى بن أحمدَ بن سِرْحانَ الأنصاريُّ. كان حسَنَ الخطّ متقنَ الضّبط، وكتَبَ بخطِّه الكثير، وعُني بتفريق الكَلِم في ما كان يَكتُب، وكان حيًّا بعدَ العشرينَ وخمس مئة. 22 - سَعادةُ بن عبد الرّحمن الأنصاريّ، أبو عثمان. رَوى عنه أبو عَمْرٍو زيادُ بن الصّفّار، وكان شَيْخًا فاضلًا مُكْتِبًا. 23 - سَعدُ الله بن عبد الله بن واجِب، باجِيٌّ، أبو محمد. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي. 24 - سَعْدُ بن أحمدَ بن عبد الله بن يوسُفَ بن سَعيد الأنصاريُّ الساعِديُّ، بَلَنْسِيٌّ فيما أظنُّ، أبو عثمان. رَوى عن أبي جعفر بن عَوْن الله، وأبي الخَطّاب بن واجِب. 25 - سَعْدُ (¬3) بن أحمد بن محمد بن الحَسَن بن خَلَف بن يحيى الأُمَويُّ، دانيٌّ، أبو الطيِّب، ابنُ بَرُنْجال. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3243). (¬2) ينظر المطرب 91 (ط. القاهرة). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3172).

26 - سعد بن أبي الفتح بن سلمة، قرطبي

رَوى ببلدِه عن أبيه وأبي بكرٍ أسامةَ بن سُليمان، وببَلَنْسِيةَ عن أبي الخطّاب بن واجِبٍ وغيره. وكان من أهل العناية بالتقييد والرِّواية حسَنَ الخَطّ، كتَبَ عِلمًا كثيرًا. وتوفِّي ببَلَنْسِيَةَ صدْرَ ستٍّ وعشرينَ وست مئة، ودُفن بالمُصلَّى من ظاهرِها. 26 - سَعْدُ بن أبي الفَتْح بن سَلَمةَ، قُرْطُبيّ. كان فقيهًا عاقدًا للشُّروط عَدْلاً، حيًّا سنةَ ثمانٍ وعشرينَ وخمس مئة. 27 - سَعْدُ بن خالِص بن مَهْديِّ بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الكريم ابن محمد الجَرَويُّ، لَوْشيٌّ, أبو عَمْرو [4 ب] وأبو عثمان. رَوى عن أبيه، ورَحَلَ صُحبتَه إلى المشرِق رحلتَه الثانية، وعُني به أبوه فأسمَعَه من بقايا الشّيوخ الذين أدرَكا بالبلاد، واستجاز له جماعةً وافرة، فممّن سَمِعَ أبو عَمْرو عليه أو قرَأَ: عيسى بنُ مُجَلِّي بن حُسَين، عَرَضَ عليه عن ظهرِ قلبٍ القصيدةَ الشاطِبيّةَ في القراءات، وحَدَّثه بها عن صِهرِه ناظمِها؛ وعليُّ بن محمود بن أحمدَ بن عليّ المحموديُّ الصَّابونيّ، ورشيدُ الدِّين أبو يحيى بن عليّ بن عبد الله القُرَشيُّ ابنُ العَطّار، وأحمدُ بن عُمرَ بن إبراهيمَ الأنصاريُّ القُرطُبيّ، قال أبو علي: يُعرَفُ بابن المُزيِّن، وعزُّ الدِّين أبو [محمد] (¬1) عبد العزيز بن عبد السّلام بن أبي القاسم السُّلَميُّ [الدمشقي] (¬2)، وأبو [محمد] (¬3) عبد الحميد بن عيسى الخُسْروشاهيّ، وأبو [....] (¬4) محمد بنُ عليّ بن هشام الإشبِيليُّ نَزيلُ ¬

_ (¬1) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل، واستفدناه من ترجمته في تاريخ الإسلام 14/ 933 وغيره، وتوفي سنة 660 هـ. (¬2) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل، واستفدناه من ترجمته. (¬3) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل، واستفدناه من ترجمته في تاريخ الإسلام 14/ 726، وتوفي الخسروشاهي سنة 652 هـ. (¬4) بياض في الأصل.

28 - سعد بن خلف بن سعيد، قرطبي، أبو الحسن

القاهرة، وعليُّ بن موسى بن يوسُفَ الدَّهّانُ، ومحمدُ بن إبراهيمَ بن عبد الرّحمن الأنصاريُّ التِّلِمْسينيُّ نَزيلُ القاهرة ابنُ الجِرْش (¬1)، وأبو محمد عبدُ العزيز بن عبد الوهّاب بن أبي الطاهر بن عَوْف، وأبو الحَسَن عليُّ بن المُقيَّر، ويوسُفُ بن عبد المُعطي بن منصُور، وأبو سَهْل يونُسُ بن يوسُف، ومحمدُ بن إسماعيلَ بن عبد الجَبّار بن أبي الحَجّاج المَقْدِسيّ، وعبدُ العظيم بن عبد القوِيِّ بن عبد الله المُنذِريُّ، ومحُيي الدِّين أبو [بكر] (¬2) محمد بن إبراهيمَ بن سُرَاقةَ، ومحمدُ بن عبد الله بن محمد بن أبي الفَضْل السُّلَميُّ، ومحمد بن أبي بكر بن عَفْيُونَ الغافِقيّ، مغرِبيٌّ نَزَل القاهرةَ، لقِيَهم وناوَلَه بعضُهم، وكلُّهم أجازوا له. 28 - سَعْدُ (¬3) بن خَلَف بن سَعيد، قُرْطُبيّ، أبو الحَسَن. تلا بالسَّبع على أبي الأصبَغ بن خِيَرةَ، وأبي القاسم ابن النَّخّاس، وسمع أبوَيْ بكرٍ: خازمًا وابنَ العَرَبي، وأبا الحَسَن شُرَيْحًا، وأبوَيْ عبد الله: ابن الحاجِّ وابن الطَّلّاع، وأبا عليّ الغَسّانيَّ، وأبا محمد بنَ عَتّاب، وأبا الوليد بن رُشْد. ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل، وفي صلة التكملة بخط عز الدين الحسيني (756): "الشرش"، وهو جائز لأنه اسم أعجمي، وتوفي سنة 656 هـ، وهو مترجم في تاريخ الإسلام 14/ 837، والواقي 1/ 357، وعيون التواريخ 20/ 202 وغيرها. (¬2) بياض في الأصل، واستفدناه من ترجمته، وهو الإمام العالم محيي الدين أبو بكر محمد بن محمد بن إبراهيم بن الحسين بن سراقة الأنصاري الأندلسي الشاطبي المتوفى بالقاهرة سنة 662 هـ, وترجمته في تاريخ إربل لابن المستوفى 1/ 456، وقلائد الجمان لابن الشعار 7/الورقة 78 وتوفيا قبله، وصلة التكملة للحسيني (937)، وتاريخ الإسلام 15/ 61، والوافي 1/ 208، وفوات الوفيات 3/ 245، وعيون التواريخ 20/ 313 وغيرها. (¬3) ترجمه ابن بشكوال في الصلة مختصراً (527)، وابن الأبار في التكملة (3171)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 426، والذهبي في المستملح (797)، وتاريخ الإسلام 11/ 805، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 303، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 67، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 578.

29 - سعد بن سعيد بن سعد بن جزي، بلنسي، أبو عثمان

رَوى عنه أبو عليّ الحَسَن القُرْطُبيُّ. وكان مُقرئًا فاضلاً، كريمَ العِشْرة، أمَّ في صلاة الفريضة بمسجدِ الظافِر داخلَ قُرطُبة، وتصَدَّر به للإقراءِ وإسماع الحديث وتعليم العربيّة والآداب. وتوفِّي في محرَّمِ اثنينِ وأربعينَ وخمس مئة. ذكَرَه ابنُ بَشْكُوال مُقتَضَبًا وقال: إنه توفِّي في شهر ربيع الأوّل من السنة، فاللهُ أعلم. 29 - سَعْدُ (¬1) بن سَعيد بن سَعْد بن جُزَيّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عثمان. رَحَلَ إلى الشرِق وسمعَ بمِصرَ على أبي عليّ ابن السَّكَن "صحيحَ البخاري" وكتبَه عنه سنة [5 أ] خمسٍ وأربعينَ وثلاث مئة، واتّصلت نَباهةُ عَقِبه ببَلَنْسِيَةَ إلى أن تغَلَّب عليها الرُّوم ثانيةً في وَسَط صَفَرِ ستٍّ وثلاثينَ وست مئة، اختَصَرَ ذكْرَه ابنُ الفَرَضيِّ ولم يُسَمِّ له شيخاً، وقال: توفِّي سنةَ ثمانٍ وسبعينَ وثلاث مئة أو نحوَها. 30 - سَعْدُ (¬2) بن سَعيد، وَشْقِيّ، أبو عثمان. سَمِع محمدَ بن يوسُف بن مَطْروح وابنَ مُزَيْن، رَوى عنه سَعيدُ بن فَحْلُون، وقد ذكَرَ ابنُ الفَرَضيِّ سَعيدَ بنَ سَعيد بن كثِير الوَشْقيَّ (¬3)، فلعلّه أخوه، أو هُو هذا، وغَلِطَ فيه، قاله ابنُ الأبّار. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: ولعلّه غيرُهما، واللهُ أعلم. 31 - سَعْدُ بن عبد الله بن يوسُف بن عليّ الأنصاريّ، بَلَنْسِيّ، أبو المعالي، ابنُ الجُعَيْدي. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الفرضي في تاريخه (538)، والضبي في بغية الملتمس (787)، وابن الأبار في التكملة (3169). (¬2) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (462)، والضبي في بغية الملتمس (784)، وابن الأبار في التكملة (3168). (¬3) بل ذكره في باب "سَعْد" نقلًا عن ابن يونس (536)، فزال اللبس وعُرف أنه هو هذا، وينظر تعليق الدكتور بشار على التكملة.

32 - سعد بن عبد العزيز بن عباد اللخمي

رَوى عن أبوَيْ إسحاق: ابن حِصْن وابن محمد بن عبد الرّحمن، وأبوَيْ بكر: ابن العَرَبي الحاجِّ وابن مَيْمونٍ الشَّرِيشِيّ، وأبي الخَطّاب بن واجِب، وأبي القاسم ابن جُرْج. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: لعلّه سَعْدُ بن أحمدَ بن عبد الله المبدوءُ به (¬1)، فيُحقَّقُ وُيعمَلُ بحسَبِ ذلك إن شاء الله. 32 - سَعْدُ بن عبد العزيز بن عَبّاد اللَّخْميُّ. 33 - سَعْدُ بن عبد الملِك بن سَعْدِ الخَيْر، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عبد الله بن أبي الخِصَال، وكان أستاذَ عربيّة ضابطًا مُتقِنًا. 34 - سَعْدُ (¬2) بن عليِّ بن محمد بن عبد الرّحمن بن زاهِر الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ. تَلا بالسَّبع على أبي جعفر بن عَوْن الله، وأبوَيْ عبد الله: ابن أيُّوبَ بن نُوح وابن عبد العزيز بن سَعادةَ، وأبي عليّ الحُسَين بن يوسُف بن زُلَال، ورَوى عن أبي الخَطّاب بن واجِب، وأبي القاسم بن بَقِيّ، وأبوَيْ محمد: ابن حَوْطِ الله وغَلْبُون. رَوى عنه أبو الحَسَن محمدٌ وأبو القاسم أحمدُ وأبو بكر عبدُ الله وأبو عبد الله محمدٌ بَنو أبي محمد حِزْب الله، وأبو عبد الله بن صَالح الكِنَانيُّ، وأبو إسحاقَ بن عبد الرّحمن بن عَيّاش، وأبو العبّاس بن محمد بن الغَمّاز، وهُو آخِرُهم (¬3)، وكان مُقرئًا مجوِّدًا متحقِّقًا بصَنْعة الإقراء. 35 - سَعْدُ (¬4) بن عُمرَ الفقيه، حِجَاريٌّ، أبو عثمان. ¬

_ (¬1) الترجمة (24). (¬2) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/ 214. (¬3) في هامش الأصل تعليق نصه: "يحقق من تأخرت وفاته منهما، أعني ابن صالح وابن الغماز". قلنا: الذي تأخرت وفاته هو أبو عبد الله محمد بن صالح الكناني حيث توفي سنة 699 هـ كما في وفيات ابن قنفذ، أما ابن الغماز أبو العباس أحمد بن محمد فقد توفي سنة 693 هـ كما في تاريخ الإسلام للذهبي 15/ 759. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3170).

36 - سعد بن محمد بن سعيد بن عزيزي -بفتح العين الغفل وزايين مكسورين بينهما وبعد أخراهما ياءا مد- التجيبي، أبو عمرو

رَوى عن أبي بكرٍ محمدِ بن مُعاويةَ القُرَشي، ووَهْبِ بن مسَرّة، حدَّث عنه الصاحبانِ: أبو إسحاقَ بن شِنْظِير وأبو جعفر بن مَيْمون، وغَلِطَ فيه ابنُ بَشْكُوال فأثبتَه في باب سعيد (¬1)، وإنّما هو سَعْد، قرأته بخطِّ ابن مَيْمون ولا إشكالَ فيه، قاله ابنُ الأبّار. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: قد وقَفْتُ عليه في نُسخة جيِّدة من برنامَج الصاحبَيْن المشترَك بينَهما كما ذكَرَ ابنُ بَشْكُوال، وسَعيدٌ فيه بياءٍ بيِّنة والعينُ مكسورةٌ مجوَّدةُ الضّبط، [5 ب] وهذه النُّسخةُ صحيحة، كانت لأبي الحَسَن بن مُؤمن وعانَى خدمتَها وأتقَنَ تصحيحَها، وكتَبَ محُاذيًا لهذه الترجمة في الحاشية: سعيدٌ هكذا، جَرْيًا على عملِه في جميع المذكورِينَ في هذا البرنامَج، وصار بعدَه لأبي عبد الله الرُّنْديِّ المُسَلْهَم، وعلى الجُملة فهي نُسخة صحيحة، وقد كتَبَ ناسخُها في آخِرِها: قوبِلَ جميعُه بالأصل فصَحّ، وما ذكَرَه ابنُ الأبّار من وقوفِه عليه في خطِّ ابن مَيْمونٍ لم يُبيِّنْ أنه فيه مضبوطٌ بإسكان العين، فتَقْوَى الثّقةُ به وإن كان قد قال: لا إشكالَ فيه، فقد كان في خطِّ ابنِ مَيْمونٍ رحمه الله إدماجٌ ومَشْقٌ للحُروف، فالرُّجوعُ إلى ما عندَ ابن بَشْكُوال وما في هذه النُّسخة التي ذكَرْتُ آنفًا أوْلى، واللهُ أعلم. ولم يَذكُر ابنُ الأبّار تاريخَيْ مولدِه ووفاتِه، وقد ذكَرَهما ابنُ بَشْكُوال فقال: مولدُه سنةَ سبعَ عشْرةَ وثلاث مئة، وتوفِّي بعدَ الثمانينَ وثلاث مئة. وفي "البرنامَج" المذكورِ ما نصُّه: وُلد سنةَ خمس وعشرينَ، وتوفِّي في نيِّف وثمانينَ وثلاث مئة بالمشرِق. 36 - سَعْدُ بن محمد بن سَعيد بن عَزِيزيْ -بفَتْح العَيْن الغُفْل وزايَيْنِ مكسورينِ بينَهما وبعد أُخراهُما ياءا مَدّ- التُّجيبيُّ، أبو عَمْرو. رَوى عن أبي محمد عبد المُنعِم ابن الفَرَس. رَوى عنه أبو عَمْرو أحمدُ بن عليّ بن عمريل، وأبو محمد طَلْحةُ، وكان محدِّثًا عَدْلًا فاضلًا خطيبًا. ¬

_ (¬1) الصلة (465).

37 - سعد بن محمد بن شجرة

37 - سَعْدُ بن محمد بن شَجَرة. 38 - سَعْدُ بن محمد بن عُبَيدٍ الأنصاريُّ، مالَقيٌّ، أبو الطاهر. 39 - سَعْدُ (¬1) بن محمد بن محمد الأنصاريُّ، غَرْناطيٌّ، أبو الحَسَن وأبو عثمانَ، الحَفّار. تَلا بالسّبع على أبي الحَسَن بن كَوْثَر، وأبي خالد يزيدَ بن رِفَاعة، وأبي عبد الله بن حَمِيد، وهو آخِرَ الرُّواةِ بالقراءة عنه. ورَوى عن أبي الحَسَن نَجَبة، وآباءِ عبد الله: ابن عَرُوس وابن الكِنَاني وابن المُناصِف. رَوى عنه أبو بكر أحمدُ وحميدُ ابنا القُرْطبيّ، وأبوا عبد الله: ابن إبراهيمَ مَسْمَغُور وابنُ عِيَاض، وأبو النَّجم فَرْقَدُ بن يَعْمَر. وحدَّث عنه بالإجازةِ أبو عبد الله الطَّنْجاليّ. وحدَّثنا عنه من شيوخِنا أبوا جعفرٍ: ابنُ الزُّبَير وابن الطَّبَّاع، وأبو عبد الله بن أُبيّ، وأبو علي ابن الناظِر. وكان مُقرئًا مجوِّدًا مُتقِنًا، حافظًا، صحيحَ السَّماع ضابِطًا، ثقةً فيما يَرويه، زاهدًا صالحًا وَرِعًا فاضلاً، عاليَ الرِّواية لعُلوِّ سِنِّه وانفرادِه بالأخْذ عن مُعظَم الشّيوخ الذين أخَذَ عنهم. قال أبو جعفر بنُ الزُّبَيْر: وشيخُنا أبو الحَسَن يُعَدُّ آخرَ من حدَّث عن ابن كَوْثَر بالقراءةِ والسماع [6 أ]. قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: وَهِمَ أبو جعفر في هذا، فقد رَوى عن ابن كَوْثَر بالقراءةِ والسَّماع أبو الحَسَن ابن قُطْرال بغَرْناطَةَ عام ثلاثةٍ وثمانينَ وخمس مئة، وتوفّي بمَرّاكُش يومَ الاثنينِ لإحدى عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من جُمادى الأُولى عامَ أحدٍ وخمسينَ وست مئة، وتوفِّي أبو الحَسَن الحَفّارُ في صَفَرِ ستٍّ وأربعينَ وست مئة بغَرْناطة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 428، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 303، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 67.

40 - سعد بن ناصح، أركشي

40 - سَعْدُ بن ناصِح، أركَشِيٌّ. رَوى عن أبي القاسم بن بَشْكُوال. 41 - سَعْدٌ، مَوْلى المشاوَر أبي عبد الله بن يحيى، مُرْسِيّ، أبو الحَسَن. رَوى عن مَوْلاه، ورَحَلَ إلى المشرِق، وحَجَّ وسَمِعَ بمكّةَ كرَّمها اللهُ عن أبي محمد عبد الواحِد بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسُف في محرَّمِ ثمانِ عشْرةَ وخمس مئة. 42 - سَعْدُ الخَيْر بن عبد الله بن سَعْد، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي محمد بن عَتّاب، وأبي القاسم بن محمد بن بَقِيّ. 43 - سَعْدُ الخَيْر (¬1) بن محمد بن سَهْل بن سَعْد الأنصاريُّ، مَغْرِبيٌّ أندَلُسيٌّ في قول ابن الجَوْزي، بَلَنْسِيٌّ في قول ابن نُقطة، أبو الحَسَن. سافَرَ الكثيرَ بَرَّا وبحرًا واختَرقَ من الأندَلُس إلى بلاد الصِّين، واستَوطَنَ مكّةَ زادَها اللهُ تشريفًا مدّةً طويلة، وسمعِ بها من أبي مكتوم عيسى بن أبي ذَرّ الهَرَوي، وببغدادَ من أبي بكر بن طَرْخان، وأبوَي الحَسَن: ابن أيّوبَ البَزّازِ وأحمدَ بن عبد القادر، وأبي الحُسَين المبارَك بن عبد الجَبّار، والشَّريفَيْن: النّقيبِ أبي الفَوارس طِرَاد وأبي طالب الحُسَين الزَّيْنَبيَّيْنِ، وأبي الخَطّاب ابن البَطِر، وأبي محمد جعفرِ ابن السَّرّاج، وأبي المعالي ثابت بن بُنْدار، وأبوَيْ منصور: الخَيّاط ¬

_ (¬1) ترجمه السمعاني في "البلنسي" من الأنساب، وابن الجوزي في المنتظم 10/ 121، وياقوت في بلنسية من معجم البلدان 1/ 491، وابن نقطة في إكمال الإكمال 2/ 465، وابن النجار في التاريخ المجدد كما في المستفاد منه للحسامي (ص 237)، وابن الأبار في التكملة (3260)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 431، والذهبي في المستملح (814)، وفي تاريخ الإسلام 11/ 782، وسير أعلام النبلاء 20/ 158، والعبر 4/ 112، والصفدي في الوافي 15/ 189، والسبكي في طبقات الشافعية 7/ 90، وغيرهم مما هو مذكور في التعليق على السير والمستفاد.

وعبد المُحسِن بن محمد. وتفَقَّه عندَ الإِمام أبي حامد الغَزّالي، وتأدَّب بأبي زكريّا التّبريزي، وبأصبَهانَ من جماعةٍ كأبي سَعْد محمد بن أبي عبد الله محمد بن أحمدَ بن سِنْدَه -بكسر السِّين الغُفْل وسكون النُّون ودالٍ وهاءِ سَكْت مفتوح- المُطَرِّز، وأبي عليّ وأبي الفَتْح الحدادَيْن، وأبي القاسم إسماعيلَ بن محمد بن الفَضْل، والشّيخةِ الصّالحة أُمّ إبراهيمَ فاطمةَ بنتِ عبد الله بن أحمدَ بن القاسم بن عَقِيل الجَوْزذانية -بجيم وواوٍ وزاي وذال معجَم وألف ونون وياءِ نسَب وتاءِ تأنيث-, وبخُراسان من أبي الحَسَن عليِّ بن عبد الله النَّيْسابُوري، وبها أو بغيرِها من أبي الحَسَن بن مُفرّج اللَّخْمي، وأبي محمد بن عبد الرّحمن بن حَمْد الدّوني، وأبي نَصْر أحمدَ بن الحُسَين بن محمد بن عبد الله الدّينَوَريّ الكَسّار وغيرِهم. وله برنامَجٌ ضمَّنَه معظمَهم [6 ب] وجُلَّ ما أخَذَ عنهم، وقَفْتُ عليه ونَقلتُ منه ما احتَجْتُ إليه. ونزَلَ الإسكندَريّةَ بأَخَرةٍ وحدَّث بها. رَوى عنه أبو إسحاقَ إبراهيمُ بن بَدْر البِنَارِيُّ -بكسر الباءِ بواحدة ونون وألف وراءٍ منسوبًا- وأبو الثَّناءِ حَمّاد بن هِبةِ الله الحَرّاني، وآباءُ الحَسَن: ابن عبد الله بن حَمّود المِكْناسيُّ وابنُ عبد الرحيم العَصّار -بالعَيْن غيرِ المعجَم والصّاد الغُفْل- مُهذَّبُ الدِّين وابنُ عليّ بن إبراهيمَ بن نَجَا -بنون مفتوح وجيم وألف- ابن غنائم الواعظُ ابنُ نُجَيَّة -بضمّ النُّون وفتح الجيم وياءٍ مسفُول مشدَّد وتاءِ تأنيث- وابنُ مُنذِر الطَّرْطُوشيُّ، وأبو حَفْص عُمرُ بن أبي السَّعادات بن أبي الحَسَن محمد بن أحمدَ بن صِرْما، وأبو طالبٍ عبدُ الجَبّار بن محمد المَعافِريّ، وأبو العبّاس أحمدُ بن يحيى بن بَرَكةَ بن محفوظٍ الدَّبِيقيُّ -بفَتْح الدال الغُفْل وكسر الباءِ بواحدة وياءِ مَدّ وقافٍ منسوبًا- وأبو عليّ ابنُ العَرْجاء، وأبو الفَرَج ابنُ الجَوْزي، وأبو القاسم ابنُ عساكر الإمامُ الحافظُ، وأبوا محمد: إسماعيلُ بن سَعْد الله بن محمد بن عليّ بن حَمْدي وابنُ أبي اليابِس، وأبو المظفَّر محمدُ بن عليّ بن الحُسَين الشَّيْبانيُّ الطَّبَريّ، وأبو منصُور محمدُ بن أبي محمد عبد الله بن أبي البَرَكات المبارَكِ ابن البَنْدَنِيجي، وإسماعيلُ وعثمانُ ابنا إبراهيم بن فارِس بن مُقَلَّد البغداديُّ،

44 - سعد السعود بن أحمد بن هشام بن إدريس بن محمد بن سعيد بن سليمان بن عبد الواحد بن عفير الأموي، وقد تقدم الإعلام بالخلاف في نسبهم في رسم ابنه إبراهيم، لبلي, أبو الوليد

وجعفرُ بن محمد بن المُنَمْنَم، وأبو اليُمْنِ زيدُ بن الحَسَن الكِنْديّ. وممّن رَوى عنه ابنتُه الحُرّةُ الفاضلةُ الصالحة أُمُّ عبد الكريم فاطمةُ (¬1). وكان محدِّثًا حافظًا مُكثِرًا صحيحَ السَّماع ثقة، صَالحًا زاهدًا فاضلاً، خَيِّرًا ديِّنًا، حدَّث بغيرِ بلد ثُم عاد إلى بغدادَ فتوفِّي بها يومَ السّبت لأربع خَلَوْنَ من محرَّم أحدٍ وأربعينَ وخمس مئة، وصَلّى عليه ابنُه بجامع القَصْر وشَهِدَ جَنازتَه خَلْقٌ كثير، وحضَرَ قاضي القُضاة الزَّينَبيُّ، ودُفن إلى جانبِ عبد الله بن أحمدَ بن حَنْبل بوصيّةٍ منه بذلك نفَعَه الله. ذكَرَه أبو الفَرَج ابنُ الجَوْزي وأبو بكر بنُ نُقْطة، وذكَرَه ابنُ الأبّار مختصَرًا، وقال: لا أدري أوُلدَ بالأندَلُس أم لا. 44 - سَعْدُ السُّعود (¬2) بن أحمدَ بن هشام بن إدريسَ بن محمد بن سَعيد بن سُليمانَ بن عبد الواحِد (¬3) بن عُفَيْر الأُمويُّ، وقد تقَدَّم الإعلامُ بالخلاف في نَسَبِهم في رَسْم ابنِه إبراهيم، لَبْليٌّ, أبو الوليد. رَوى عن أبوَيْ بكر: ابن يحيى النّيّار وابن يوسُف، وأبوَي الحَسَن: شُرَيْح وابن مؤمن، وأبي العبّاس بن أبي مَرْوان، واختَصَّ به كثيرًا، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال [7 أ] وأبي محمد بن أبي عَمْرو بن كَوْثَر، وغيرهم. وله إجازةٌ من الرّاوِية أبي الحَكَم بن غَشِلْيان. رَوى عنه ابنُه القاضي أبو أُميّة (¬4)، وأبو بكر بنُ عبد النُّور، وأبو عبد الله بن خَلْفُون، وأبو عامر بكرُ بن إبراهيم، وأبو العَبّاس ابنُ الرُّوميّة، وكان محدِّثًا حافظًا سُنيًا فاضلًا مُثابِرًا على اقتفاءِ الآثارِ النَبويَّة، ظاهِريًّا مصمِّمًا على القول ¬

_ (¬1) مترجمته في تكملة المنذري (2/ الترجمته 773)، وتوفيت سنة 600 هـ. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3262)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 433، والذهبي في المستملح (815)، وتاريخ الإسلام 12/ 853، والصفدي في الوافي 15/ 183. (¬3) في التكملة ومن نقل عنها: "عبد الوهاب"، وكذا ذكره في ترجمة ابنه إسماعيل (الترجمة 496). (¬4) هو إسماعيل بن سعد السعود.

به، سَمْحًا هَيِّنًا ليِّنًا متواضِعًا، صَليبًا في الحقّ لا تأخُذُه في الله لَوْمةُ لائم، سليمَ الباطن صحيحَ الدِّخْلة، مُلازِمًا الإمامةَ والأذانَ بمسجدِه عاليَ الصّوت، فإذا أذَّن سُمع من نحوِ أربعةِ أميال نفَعَه الله. وجمَعَ في السُّنن كتابًا حَفِيلًا سَمّاه "السَّبيل"، ووَصَفَه بعضُ من ذكَرَه أنه كان ذا حَظّ من الأدبِ وقَرْض الشّعر. وقد تقَدَّم في رَسْم ابنِه إبراهيم ما نُسِبَ إليه من الشِّعر وتبَيَّن هنالك أنّ ذلك الشعرَ ليس له. وأنشَدتُ على شيخِنا القاضي أبي الوليد بن عُفَيْر رحمه اللهُ عن أبيه القاضي أبي أُمَيّةَ ممّا خاطَبَه به أبوه الشّيخ أبو الوليد سَعْدُ السُّعود ضِمنَ كتابٍ إليه [الكامل]: ضرَبَتْ عليَّ رِواقَها الأنكادُ ... فبِساطُها الأحشاءُ والأكبادُ ووِسَادُها قلبي وسافحُ أدمُعي ... لنزيلِها كأسٌ ولحميَ زادُ أودَتْ ببعضِ بَنيَّ غائلةُ الرَّدى ... ونأَتْ ببعضِهمُ عليَّ بلادُ فنَعِيُّ إبراهيمَ شبَّ بأضْلُعي ... لَهَبًا، مَشيبُ الرأسِ عنهُ رمادُ وأذمَّ عُمْري بعدَ فَقْدِ محمدٍ ... أنْ لم يَحِنْ منه عليه نَفَادُ حَسْبي دموعٌ مَن يُعايِنْها يَقُلْ ... متعجِّبًا: أمِنَ الجُفونِ عهادُ؟! ولوَ أنَّ إسماعيلَ يَبعَثُ صُحْفَهُ ... نَحْوي رُقًى نفَثاتُهنَّ مِدادُ لَنَفَى شياطينَ الأسى عن أضلُع ... لم يَثْوِ فيها منذُ شطَّ فؤادُ قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: أنا أُبعِدُ أن يكونَ هذا النَّظمُ لأبي الوليد هذا، فقد وقَفْتُ في "برنامَجه" الذي كتبَه بخطِّه إلى بعضِ سائلي الرواية عنهُ على ضروب من الخَلَل والتّصحيف الشَّنيع وفسادِ الهجاء ممّا يَكادُ أيسَرُه يُناقضُ التلبُّسَ بأدنَى رُتبةٍ من العلم أو الارتسام به جُملةً، ولعلّه كَلَّفَه غيرَه فأنشَأَها له وبعَثَ بها إلى ابنِه وهو الظاهرُ والله أعلم، فأجابَه وهُو حينَئذٍ ابنُ سبعةَ عشَرَ عامًا, ولم يكنْ قبلَ ذلك رأى له نَظْمًا فقَصَدَ اختبارَ فأجابه بقولِه [7 ب] [الكامل]:

45 - سعدون بن سليمان بن مفرج بن غزلون، لاردي، أبو عثمان

لبَّيْكَ ما يَعتاقُ عنكَ بِعادُ ... تَدْنو نفوسٌ إنْ نَأتْ أجسادُ كم مِن مُشافَهةٍ يَضِيقُ بيانُها ... عمّا تبلِّغُ رُقْعةٌ ومِدَادُ يا رُبَّ أعجَمَ مُفصِحٍ عن شأنِهِ ... تَحْيا به الألبابُ وهْو جمادُ أنطَقْتَ أخرَسَه فلوْ لم ينتَسِبْ ... لك لادَّعَتْهُ وائلٌ وإيادُ عَلَّمْتَهُ قَدْحَ المعالي فهْو لا ... يَخْبو بنارِ الفهمِ منه زِنادُ وَرِيَتْ به بعدَ الخمودِ قريحتي ... فشِهابُها بادي السَّنا وقَّادُ وأحَلَّني في رُتبةِ الأدبِ التي ... عَيٌّ زهيرٌ دونَها وزيادُ (¬1) فبأيّ ألسنةٍ نُنَظِّمُ شُكْرَها ... في والدٍ شَرُفَتْ به أولادُ حَسْبي اعتقادي أنَّ ما أرضاكَ قد ... أرضَى الإلهَ وما سخِطتَ عِنادُ مولدُه في منتصَفِ ذي قَعْدةِ ثلاثَ عشْرةَ وخمس مئة، وتوفِّي بقريته بَرجُلانَةَ، إحدى قرى لَبْلة، من علّة الشُّوصة (¬2) -نفَعَه الله بالشّهادة- في ليلةِ الجُمعة منتصَفَ ذي قَعْدةٍ أيضًا سنةَ ثمان وثمانينَ وخمس مئة، وقال حين احتُضِر: والله لا أُبالي بالموت ثقةً بحبِّ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -, صَدَّق اللهُ رجاءه. وصُلِّي عليه إثْرَ صلاةِ العَصر من يوم الجُمعةِ المذكور ودُفِنَ بجَوْفي دارِه، ومنذ سنينَ كان يُوصي بدفنِه في ذلك الموضع ويتَعاهدُه بتقديسِه والقراءةِ فيه، نفَعَه اللهُ بذلك القَصْد، وجعَلَه لهُ رَوْضةً من رِياض الجنّة. 45 - سَعْدونُ (¬3) بن سُليمانَ بن مُفرِّج بن غَزْلُون، لارِديٌّ، أبو عثمان. رَوى عن بعض أصحابِ أبي بكرٍ إسماعيلَ بن أبي محمد بن إسحاق، ابنِ عَزْرة. ¬

_ (¬1) زياد: هو النابغة الذبياني. (¬2) الشوصة: ورم في حجاب الأضلاع من داخل. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3256).

46 - سعدون بن محمد بن فتوح بن محمد الأنصاري، برشاني، سكن مراكش، أبو الحسن وأبو محمد

46 - سَعدون بن محمد بن فتوح بن محمد الأنصاريّ، بَرْشانيٌّ، سكَنَ مَرّاكُش، أبو الحَسَن وأبو محمد. رَوى عن أبي جعفر بن مَضَاء، وآباءِ عبد الله: ابن حُمَيْد وابن زَرْقُون وابن عَمِيرةَ وابن الفَخّار، وأبي عبد الملِك مَرْوان بن عبد العزيز، وأبوَيْ محمد: الحَجريِّ وعبد المُنعِم ابن الفَرَس. وكان عارِفًا بالقراءات مجوِّدًا لحروفِ القرآن العظيم، محاثًا عَدْلًا واسعَ الرِّواية كثيرَ الأسمِعة، فقيهًا نَظّارًا شديدَ العناية بالعلم، رَيّانَ من الأدب، كتَبَ الكثيرَ بخطِّه وأتقَنَ ضَبْطَه، ومسجدُه أوّلَ دربه الشهير باسمِه في حَوْمة الأُرجُوانيِّينَ من مَرّاكُش معروفٌ، واستُقضيَ بغير مَوضع فحُمِدت سِيرتُه. 47 - سَعْدونُ (¬1) بن [8 أ] مسعودٍ المُراديُّ، لَبْليٌّ، سكَنَ شِلْبَ، ثم مالَقةَ بأَخَرةٍ، أبو الفتح. رَوى عنه أبو بكر ابنُ فَنْدلة بِشِلْبَ في دخولِه إليها من الأُشبونة عامَ أحدٍ وسبعينَ وأربع مئة، وأبو محمد القاسمُ بن دَحْمان. وكان متقدِّمًا في علم العربيّةِ والأدب، حسَنَ المشارَكة في الفقه كثيرَ البرِّ بطَلَبة العلم، واسعَ الصّدر لهم، حسَنَ الخُلُق، وله مسألةٌ في نَفْي الزّكاة عن التِّين ناظَرَ فيها أبا القاسم بنَ منظور قاضي إشبيلِيَةَ بمجلس الأمير أبي محمد سَيْر بن أبي بكر بقَصْرِه من قُرطُبةَ سنةَ خمس وثمانينَ وأربع مئة. واستُقضي بلَبْلةَ، وتأخَّرتْ وفاتُه إلى نحوِ العشرينَ وخمس مئة. 48 - سَعْدونُ (¬2) بن يوسُف بن سَعْدونَ الصَّدَفيّ، غلوري، أبو الحَسَن. له رحلةٌ رَوى فيها بمِصرَ عن أبي عبد الله محمد بن بركات بن هلالٍ الصُّوفي النَّحْويِّ اللُّغَوي. رَوى عنه أبو الوليد سُليمانُ بن عبد الملِك بن رَوْبيل. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3248)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 581. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3247)، والذهبي في المستملح (813).

49 - سعود جنب مسعود

49 - سعودُ جنب مِسْعود. رَوى عن أبي العاص الحَكَم بن إفرانك. 50 - سَعيدُ (¬1) بن أحمدَ بن إبراهيمَ بن عبد الله الأَزْديّ، لقنتيّ، أبو عثمان، ابنُ مُغْزال. رَوى عن أبي جعفر بن عَوْنِ الله الحَصّار، ورَحَلَ فحَجَّ ولقِيَ في وِجهتِه أبا القاسم عيسى بنَ عبد العزيز الوَجيه، وكان يُجيدُ كَتْبَ المصاحف، حَيًّا بتونُس بعدَ الأربعينَ وست مئة. 51 - سَعيدُ (¬2) بن أحمد بن سَعْديل (¬3) بن عبد الله بن فُطَيْس، مَوْلى بُرَيْهةَ ابنةِ عبد الرّحمن بن معاوية. كان من ألطفِ الناس ذِهنًا وأدقِّهم نظرًا بارِعًا في علوم الحِساب والفرائِض والهندسة والمِساحة، متقدِّمًا في ذلك كلِّه إمامًا فيه. 52 - سَعيدُ (¬4) بن أحمدَ بن سَعيد بن عبد البَرِّ بن مُجاهدٍ الأنصاريُّ، بَطَلْيَوسِيٌّ، سكَنَ إشبيلِيَةَ، أبو الطيِّب، ابنُ زَرْقون. لقَبٌ غلَبَ على أحمد أبيه لقَّبَه به المعتضِد بن عَبّاد لشِدّةِ حُمرةٍ كانت في وَجْهه فيما ذَكَرَ حفيدُه أبو الحُسَين، وكان أبو عبد الله بن خَلْفونَ يَنكرُ ذلك ويُخبِرُ عن أبي عبد الله بن سَعيدٍ أنه أخبَرَه أنّ الملقَّبَ بزَرْقُونَ سعيدٌ والِدُ أحمد كان الصِّبيانُ يَدْعُونَه بذلك، ونحوَ ذلك قال ابنُ الأَبَّار. رَوى أبو الطيِّب عن أبي عُبَيد البَكْريِّ، وأبي عِمرانَ بن أبي تَلِيد، لِقيَه بمَرّاكُشَ، وأبي القاسم الهَوْزَني، سَمعَ منهم، وأجاز له أبوا عبد الله: أحمدُ الخَوْلانيُّ وابنُ شِبْرِين. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3219). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3178). (¬3) في التكملة: "سعيد". (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3211).

53 - سعيد بن أحمد بن سعيد الأنصاري، سرقسطي

رَوى عنه ابنُه أبو عبد الله. وكان من أهلِ العلم في الأدبِ، كاتبًا بَليغًا، كتَبَ عن المتوكِّل بن الأفطَس [8 ب] صاحبِ بَطَلْيَوْسَ وعن غيره، وتوفِّي في حدود العشرينَ وخمس مئة. 53 - سَعيدُ (¬1) بن أحمدَ بن سَعيدٍ الأنصاريُّ، سَرَقُسْطيٌّ. خرَجَ منها في صَغِرِه حاجًّا وتجَوَّل ببلادِ المشرِق، وجاوَرَ بمكّة شرَّفها اللهُ إمامًا للحنَفيّة بها، ورَوى عن عليِّ بن أبي القاسم ابن البَنّاءِ المَهْدَويِّ صاحبِ أبي مَعْشَر الطَّبَريِّ وغيره، وكان حيًّا سنةَ أربع وأربعينَ وخمس مئة. 54 - سَعيدُ بن أحمدَ بن سَعيدٍ الهِلاليّ، أبو عليّ. رَوى عن أبي عبد الله بن عليّ من نَوالِشَ الأقليم. رَوى عنه أبو بكر أحمدُ بن عبّاس. 55 - سَعيدُ بن أحمدَ بن عبد الله بن يوسُفَ الخَزْرَجيُّ، قُرْطُبيٌّ فيما أحسَب، أبو عثمان، ابنُ الحَدّاد. رَوى عن أبي الحَسَن ابن القَفَّاص (¬2)، وأبي القاسم ابن الطَّيْلَسان. 56 - سَعيدُ (¬3) بن أحمدَ بن محمد بن سَعيدٍ الأنصاريُّ، مالَقيٌّ، أبو بكر البَيّاسِيّ. رَوى عن أبي الحَجّاج ابن الشيخ، وله رحلة إلى المشرِق حَجّ فيها. 57 - سَعيدُ بن أحمدَ بن محمد الكَلْبيُّ، بليانيّ، أبو عِمران. رَوى عن أبي جعفر بن زكريّا الكَسَّاد. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3213). (¬2) في الأصل: "الفقاص"، مصحف، وهو أبو الحسن علي بن إبراهيم بن علي الجذامي القاضي المعروف بابن القفاص المتوفى سنة 632 هـ، مترجم في تاريخ الإسلام 14/ 73 وغيره. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3217).

58 - سعيد بن أحمد الأنصاري، أندلسي، أبو عثمان

58 - سَعيدُ (¬1) بن أحمدَ الأنصاريُّ، أندَلُسيٌّ، أبو عثمان. رَوى عن أبي الحَسَن عليّ بن أحمدَ المَقْدِسي سنةَ ستٍّ وتسعينَ وأربع مئة. 59 - سَعيدُ (¬2) بن إبراهيمَ بن محمد بن عَبْد ربِّه بن حَبِيب بن حُدَيْر -بضمِّ الحاءِ الغُفْل وفَتْح الدّال وياءِ تصغير وراء- ابن سالم، مَوْلى الأمير هشام بن عبد الرّحمن بن مُعاوية، قُرْطُبيٌّ، أبو عثمان. وقال فيه صاعدٌ: سَعيدُ بن عبد الرّحمن بن محمد، والصَّحيحُ ما تقَدَّم، وهُو ابنُ أخي أبي عُمرَ بن عبدِ ربِّه وجعَلَه أبو عُمرَ بنُ عَفِيفَ وَلدًا له وغَلِط. رَوى عنه عمُّه أبو عُمر، وكان فقيهًا مُشاوَرًا في الأحكام أيامَ قضاءِ مُنذِر بن سَعيدٍ البَلُّوطيّ، بارعَ الأدب حسَنَ الخُلُق، شاعرًا مُجِيدًا، ماهرًا في الطّبِّ ولهُ فيه أُرجُوزةٌ مُزْدَوجةٌ (¬3) دلَّت على تقَدُّمِه في الصِّناعة الطِّبيّة وتحقُّقِه بآراءِ قُدماءِ أهلِها واقتدارِه على النَّظْم، وعَمِيَ بأَخَرة من عُمرِه بنزولِ الماء في عينيه، فأُشيرَ عليه بقَدْحِهما، فأبى من ذلك وصَبَرَ على بَلْواه، وقال: أنا راضٍ بما قُدِّر لي ولما وَرَدَ في الحديثِ المأثور من قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تذهَبُ حبيبَتا عبدِ فيصبِرُ ويحتَسِب إلا جعَلتُ جزاءه الجنة" (¬4). وكان أوحَدَ في الفضائل النَّفْسيّة وسَرَاوةِ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3208)، وكنّاه: أبا الحسن. (¬2) ترجمه ابن جلجل في طبقات الأطباء (104)، وابن صاعد في طبقات الأمم (88)، وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء 489 وفيه: "سعيد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد ربه"، وابن الأبار في التكملة (3182)، والذهبي في المستملح (799). ومن طبقة هذا: سعيد بن أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حُدير بن سالم، قرطبي، يكنى أبا عثمان أيضًا، وكان فقيهاً مشاوَرًا، توفي في صدر سنة 356 هـ، وهو مترجم في تاريخ ابن الفرضي (505)، وجذوة المقتبس (466)، وترتيب المدارك 6/ 141، وبغية الملتمس (791)، وتاريخ الإسلام 8/ 99)، والديباج المذهب 1/ 392. (¬3) نشرت في العدد الأول من مجلة القنطرة المجريطية. (¬4) حديث ضعيف، أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (9965).

الهمّة، جميلَ المذهبِ، مُنقبِضًا عن الملوك لم يَخدُمْ أحدًا منهم بالطِّبّ، وهُو القائلُ في انقطاعِه إلى تعلُّم الطبِّ وأُنْسِه بمُطالعة كتُب رُؤسائه (¬1) [الكامل]: لمّا عَدِمتُ مُؤانسًا وجَليسا ... نادَمتُ بُقْراطًا وجالينوسا وجعَلتُ كُتْبَهما شفاءَ تفرُّدي ... وهما الشِّفاءُ لكلّ جُرْحٍ يُوسَى ومن نَظْمِه آخِرَ عمُرِه، وقد تزَهَّد وانقبَضَ عن الناس في التوكُّل على الله والتنزُّه عن التعرّضِ إلى خَلْقِه (¬2) [الطويل]: أمِن بعدِ غَوْصي في علوم الحقائقِ ... وطُول انبساطي في مواهبِ خالقي وفي حينِ إشرافي على مَلَكوتِهِ ... أُرى طالبًا رِزقًا إلى غير رازقِ وقد آذَنتْ نَفْسي بتقويضِ رَحْلِها ... وأسرع في سَوْقي إلى الموتِ وإنّي وإن أوغَلْتُ أو سرتُ هاربًا ... منَ الموتِ في الآفاقِ فالموتُ لاحِقي وُيروَى في البيتِ الثاني: "ومن بَعْدِ إشرافي"، وفي الثالث: "رحلةٍ، وأعنَفَ في سَوْقي"، وفي البيتِ الرابع: "وإنّي وإن نقَّبتُ أو رُغْتُ"، ويُروَى فيه: "أو رُحتُ"، و"عن الموتِ بالآفاقِ". وحَكَى عنه عمُّه أبو عُمَر، قال: دخَلتُ على ابن أخي وأنا مُكتئبٌ حزين، فقال في: مالكَ يا عمُّ؟ فقلتُ له: اشتَدَّ كَرْبي بأضراسي، فإنها قد وَهَتْ وضَعُفت عن قَطْع الطعام ومَضْغِه وتألَّمت، فقال: يا عمُّ، إنّ تدبيرَ الله اقتضى هذا, ولكلِّ شيء مُدّة، وإنّ بعدَ قُوّةٍ ضعفًا، وهذه أرحاءُ القَنْطَرة لا تصبِرُ على الطَّحن أكثرَ من عام ثم تَضمحِلُّ وربّما بُدِّلت قبلَ العام، أفلا تَعذُرُ أضراسَك على طَحْنِها سبعينَ عامًا ولم تُبدِّلْها! قال: فوعَظَني وسلَّاني وأضحَكني. وتوفِّي سنةَ اثنتينِ وأربعينَ وثلاث مئة. ¬

_ (¬1) البيتان في طبقات ابن جلجل وعيون الأنباء. (¬2) الأبيات في التكملة وغيرها.

60 - سعيد بن إبراهيم، من أهل ريه

60 - سَعيدُ (¬1) بن إبراهيمَ، من أهل رَيُّه. توفِّي سنةَ ستَّ عشْرةَ وثلاث مئة. ذكَرَه أبو الوليد ابنُ الفَرَضيِّ (¬2) ولم يذكُرْ وفاتَه. 61 - سَعيدُ بنُ أبيضَ الكاتب. 62 - سَعيدُ (¬3) بن أسَلَمِ بن عبد العزيز بن هاشم بن خالدِ بن عبد الله بن حَسَن بن جَعْد بن أسلَمَ بن أَبَانِ بن عَمْرٍو مَوْلى عثمانَ بن عفّانَ رضيَ اللهُ عنه. سَمِع أباه وغيرَه، وكان عَريقًا في النَّباهة، وهُو الذي توَلَّى الصّلاةَ على أبيه القاضي حين توفِّي سنةَ تسعَ عشْرةَ وثلاث مئة، وقيل: إنّ المُصَلِّيَ عليه أحمدُ بن بَقِيّ، فاللهُ أعلم. 63 - سَعيدُ (¬4) بن بَكْر الأُمَويُّ، إستِجيٌّ. كان من أهل الطّلَبِ والفقه والجَمْع، واعتُبِط وعاجَلتْه مَنيّتُه رحمه الله. 64 - سَعيدُ (¬5) بن ثابِت بن قاسم بن ثابِت بن عبد الرّحمن بن مُطَرِّف بن سليمانَ بن يحيى العَوْفيّ، سَرَقُسْطيٌّ. وقد تقَدَّم في رَسْم ابنِه ثابت [9 ب] ما قيل في نَسَبِهم، فمَن شاء راجَعَه إن شاء الله (¬6). رَوى عن أبيه، رَوى عنه ابنُه ثابتٌ المذكورُ. وله رحلةٌ إلى المشرِق، وحَجَّ في موسم خمسٍ وخمسينَ وثلاث مئة، وقَدِمَ الأندَلُسَ في جُمادى الأُولى سنةَ ستٍّ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3176). (¬2) تاريخ علماء الأندلس (499). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3177). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3180). (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3183). (¬6) لم يصل إلينا هذا القسم من الكتاب.

65 - سعيد بن جبير، أبو عثمان

بعدَها، وكان من أهل العلم بالحديث والإشرافِ على معانيه وهُو الذي صَلّى على أبيه عند وفاتِه ودَفنه يومَ الأربعاءِ لستٍّ خَلَوْنَ من شوّالِ اثنينِ وخمسينَ وثلاث مئة. 65 - سَعيدُ بن جُبَيْر، أبو عثمان. رَوى عن أبي الوليد الوَقَّشيِّ سنةَ أربع وسبعينَ وأربع مئة. 66 - سَعيدُ (¬1) بن الحُسَين بن سَعيد بن خَلَف (¬2) بن محمد بن عبد الله الداخِل إلى الأندَلُس معَ ابن عمِّه سُليمان، ابن أحمدَ بن الحَسَن بن سَعْد بن الحَسَن بن عبد الله بن سَعْد بن عَمّار بن ياسِر العَنْسِيُّ، غَرْناطيٌّ أصلُه من قلعة يَحصُب، وهي دارُ عَنْس بالأندَلُس، تَجوَّل ببلادِ المغرِب واستَوطَنَ إفريقيّة، أبو الحُسَين وأبو عثمان. رَوى عن أبي جعفرٍ ابن الباذِش، وأبي سُليمانَ بن يَزيدَ السَّعْدي. وكان صالحا خيِّرًا مُثابِرًا على أفعال البِرّ، معَ ذُكْرةٍ وشَجاعة وَرِثَها عن سَلَفِه، وَلِيَ قديما بعضَ أعمال إفريقيّة، مَوْلدُه بقَلْعة بني سَعيد سنةَ سبع وعشرينَ وخمس مئة، وتوفِّي بتونُس سنةَ خمس وست مئة، وقبرُه بالموضِع المعروفِ بالزَّلَّاج، منها. 67 - سَعيدُ (¬3) بن حَكَم بن عُمرَ بن أحمدَ بن حَكَم بن عبد العزيز بن حَكَم القُرَشيُّ، طَبِيريٌّ، أبو عثمان. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3216)، والذهبي في المستملح (806)، وتاريخ الإسلام 13/ 111. (¬2) بعد هذا في التكملة: "سعيد بن خلف"، مكررة. (¬3) ترجمه ابن الأبار في الحلة السيراء 2/ 318، وابن سعيد في المغرب 2/ 469، واختصار القدح المعلى (28 - 41)، والغبريني في عنوان الدراية (181)، والذهبي في تاريخ الإسلام 15/ 390، والصفدي في الوافي 15/ 212، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 583 نقلًا من هذا الكتاب. وقد جمع أحمد المصباحي شعر أبي عثمان هذا في رسالة جامعية لم تنشر بعد، وتنظر مقدمة الدكتور بشار لتكملة ابن الأبار.

أخَذَ بإشبيلِيَةَ عن أبوَيْ بكر: السَّقَطيِّ والقُرْطُبي، وأبي الحَسَن الدَّبّاج، وأبي الحُسَين ابن زَرْقُون، وأبي عبد الله بن خَلْفون، وأبي عليٍّ ابن الشَّلَوبِين، وأبي القاسم بن بَقِيّ، وغيرهم، وأجازوا له. ولقِيَ بإفريقيّةَ سنةَ أربع وعشرينَ وست مئة أبا الحَسَن عليَّ بن محمد بن إسماعيلَ بن محمد بن عبد الرّحيم بن إسماعيلَ بن نباتةَ المَيّافارقِيني، وأخَذ عنه بعضَ مُنشَداتِه. وأجاز له من أهل الأندَلُس: أبو إسحاقَ بن عُبَيْدِيس، وأبوا بَكْر: ابن الطيِّب وابن مُحرِز، وأبو الحَسَن بن مُؤْمن ابن عُصفُور، وأبو الحُسَين ابن السَّرَّاج، وأبو زكريّا بن أبي الغُصْن، وأبوا عبد الله: ابن عبد الله ابن الأبّار وابن عبد الكريم الجُرَشِيّ وابن عِيَاض، وأبو محمد ابن بُرْطُلُه، وأبو الوليد ابنُ العَطّار، وأبو يحيى ابنُ الفَرَس. ومن أهل العُدْوة: أبو الحَسَن بن أبي نَصْر البجَائيُّ وأبو زكريّا بن عُصفُورٍ التِّلِمْسينيّان، وأبو العَيْش بن عبد الرحيم، وأَبو العبّاس بن يوسُف ابن فَرْتون. [10 أ] ومن أهلِ المشرِق جماعةٌ كبيرة منهم: أبو الحَسَن عليُّ بن أحمدَ بن عليّ القَسْطَلّاني، وأبو الكَرَم لاحِقُ بن عبد المُنعِم الأرْتَاحيُّ الحَنْبَليُّ في آخَرِين. ورَوى بالإجازة العامة عن بهاءِ الدِّين أبي حَفْص عُمر بن بدر بن سَعيدٍ المَوْصِليِّ الحَنَفيِّ لمن أدرَكَ حياتَه. رَوى عنه ابنُه أبو عَمْرٍو حَكَمٌ ومَوْلاهما أبو محمد عبدُ الله الرُّومي، وأبوا عبد الله: ابنُ أبي بكرٍ البرّيُّ وابنُ أحمدَ ابن الجَلّاب، وأبو الحَجِّاج يوسُف بن أبي الحُسَين عبدِ الملكِ بن أحمدَ بن مُفَوَّز، وأبو الحَكَم العادلُ بن إبراهيم، وأبو عليٍّ عُمرُ بن عليّ ابن الشاطِبيّ، وأبو الحَسَن بن يحيى التُّجِيبيُّ المَنُرْقي، وأبو عامرٍ أحمدُ بن أبي بكرٍ محمدِ بن محمد بن مُحرِز، وأجاز لكلِّ من أدرَكَ حياتَه من أهلِ العِلم، وقال في ذلك [مجزوء الوافر]: أبحتُ لمُدْرِكي عَهْدي ... روايةَ كلِّ ما عندي وما أبدَيْتُ من نَظْمٍ ... ومن نثرٍ وما أُبدي

وما أُقْرئْتُ أو أُسْمِعـ ... ـتُ من هَزْلٍ ومن جَدِّ وما نُووِلْتُهُ وأُجِزْ ... تُهُ فيُزادُ في العَدِّ فإنّ سعيدًا الحَكَمى ... يُهْديه لمُسْتَهْدِ وتصحيحُ الذي يَرْوُونَ ... عنّي غايةُ القَصْدِ وبالله اعتَمَدْتُ على ... أُموري كلِّها جَهدي وكان نَحْوّيًا أديبًا حسَنَ التصَرُّف في إنشاءِ الكلام نَظْمًا ونَثْرًا، مُشارِكًا في الفقه والحديث ومعرِفة رجالِه، ذا حظٍّ صالح من عِلم الطبّ. خرَجَ عن الأندَلُس قديمًا في فَتائه إلى إفريقيّة، فكتَبَ بها عن بعضِ أُمرائها، ثُم دَخَلَ مَيُوْرْقَةَ في الأم يحيى بن أبي عِمران (¬1)، ومنها استُعمِلَ على مَجْبى منرقة وأمْرِ الأجنادِ بها، فدخَلَ إليها في رمضانِ أربع وعشرينَ وست مئة، واستمرَّ نظَرُه على ذلك إلى أن تغَلَّب النّصارى على مَيُورْقَةَ [....] (¬2) والتمسَ من أهل مَنُرْقَة عَقْدَ الصُّلح بينَهم وبينَ المتغلِّب على مَيُورْقة، فتوجَّه إليه وأحْكَمَ رِبَاطَ الصُّلح بينَه وبينَهم وعاد إلى مَنُرْقةَ وأمرُها راجعٌ إليه، ثُم نشَأَ ما دَعاهُ إلى التوَجُّه إلى مَيُورْقةَ للأخْذ معَ المتغلِّب عليها، فرَبَطَ الصُلحَ معه ثانيةً عن أهل مَنُرْقة إلى أن طَرَأتْ فتنةٌ جَلَتْ عن استيلائه على ثَغْر مَنُرْقة وخُلوصِها له، وذلك [10 ب] لثلاثٍ خَلَوْنَ من شوّالِ أحدٍ وثلاثينَ وست مئة، فضَبَطَه أحْكَمَ ضَبْط وسار فيه أعدَلَ سِيرة واستقام أمرُ الثَّغْر على يدِه وهابَه النَّصارى المُصاقِبونَ له من كلِّ جهة، فجَرَتْ أحوالُ المسلمينَ به على خير تامّ وصَلاح عامّ بحُسن سياستِه وجميل نَظَرِه، وصار مقصودًا من البلاد النّائية مرغوبًا في لقائه من أصنافِ الناس، فانتابَهُ أهلُ العلم وطلَبتُهُ من بلاد الأندَلُس وبَرِّ العُدْوة، فكان يُحسِنُ إليهم وَيستجلِبُ وُدَّهم وُيجيدُ القيامَ بهم ما أقاموا لديه وُيحسِنُ صَرْفَ مَن ¬

_ (¬1) ينظر كتاب الدكتور محمد بن شريفة عن ابن عميرة 291 - 292. (¬2) بياض في الأصل، وكان استيلاء النصارى على ميورقة سنة 627 هـ.

أحبَّ الانصرافَ عنه، ومنهم من لم يتَأتَّ له قَصْدُه إليه فيُخاطبُه فيرُدُّ جوابه بأجملِ القول أو أجزَل الفعل أو بهما؛ ولقد عُنيَ بعضُ خواصِّه بجَمْع المُستجادِ من مُخاطبتِهم إيّاه فتَحصَّلَ منها ديوانٌ كبيرٌ في ثلاثةِ أسفار ضَخْمة (¬1). وترَدَّدَ إليه التّجار من أقاصي البلاد فأوَسَعَهم رِفْقًا وبِرًّا وتأنيسًا، سالكًا في ذلك كلِّه سَنَنَ العَدْل والفَضْل، وهُو معَ ذلك لا يَغِبُّ نظرًا في العلم وإفادتِه واستفادتِه شَغَفًا به وتفضيلًا له، وكان حسَنَ الخَطّ بارعَ المَنازع فيه، يَكتُبُ خطوطًا مختلفةً كلُّها نهايةٌ في الحُسن، شديدَ العناية بجمَعُ دفاترِ العلم وأعلاقَ الكُتُب حتى جَمَع منها ما لا نَظيرَ له كثْرةً وجَوْدة، إذ كان مقصودًا بها من المسلمينَ والنَّصارى، فكان يتَخدَّمُ بها إليه النَّصارى كما يتقرَّبُ بها إليه المسلمون، وكان يُجيدُ قَرْضَ الشِّعر، رأيتُ من شعرِه مجلَّدًا جيِّدًا يكونُ أشفَّ من ديوان شعرِ المتنبِّي أو نحوَه بخطِّ ابنهِ أبي عَمْرو (¬2) حَكَم رحمه الله، ومنه ما كتَبَ به إلى كاتبِه أبي القاسم أحمدَ بن محمد بن نَجوت المعروفِ بابن يامين (¬3) وقد كتَبَ إليه كاتبُه المذكورُ [البسيط]: أنفِقْ من المالِ ما آتاكَ مكسَبُهُ ... ولا تصُدَّنَّهُ ما جارَ عن طُرُقِهْ فالمالُ كالماءِ إن سُدَّتْ مسالكُهُ ... فجارُ غمْرَتَهُ لا بدَّ من غَرَقِهْ فأجابه الرئيسُ أبو عثمانَ رحمه الله وأجاد [البسيط]: من يُمسكِ المالَ بُخلًا لا مِساكَ لهُ ... ومن يُفرِّقْه جُودًا كنتُ من فِرَقِهْ لا تشدُدَنْ وَرِقًا للضَّعفِ تحذَرُهُ ... فالغُصنُ يقْوَى إذا خفَّفتَ من وَرَقِهْ ¬

_ (¬1) هو كتاب "لب الألباب من نظم الشعراء ونثر الكتّاب"، ويوجد قسم منه ضمن مخطوطة الإسكوريال رقم (520) مع كتاب "زواهر الفكر وجواهر الفقر" لابن المرابط. وقد حقق هذا الأخير أحد طلبة الدكتور محمد بن شريفة وهو الدكتور أحمد المصباحي. (¬2) لم يصل إلينا, ولكن جمع شعره الدكتور أحمد المصباحي، كما بينا قبل قليل. (¬3) تقدمت ترجمته في السفر الأول من هذا الكتاب (رقم 770).

وكتَبَ إليه أبو القاسم المذكورُ مودِّعًا حين عزَمَ على الرَّحيل عن حضرتِه بقصيدةٍ مطلَعُها [الطويل]: * ألا في سبيلِ الله أستودعُ العُلا * يقولُ فيها: سلامٌ وإنْ كان الوداعُ حقيقةً ... ولكنْ أُوَرِّي بالسلام تعَلُّلا وَدِدتُ وحُلوُ العَيْش أشهى لُبَانةً ... لوَ أني بمُرِّ العَيْش أَفْدي التَرحُّلا فراجَعَه بقصيدةٍ أوّلُها [الطويل]: عزيزٌ علينا أن نُقيمَ وتَرْحَلا ... ونختَطَّ شِقَّ الشَّوق بعدَكَ منزِلا وليس ببَيْنٍ ما جَرى عن مَودّةٍ ... ألا إنّما البَيْنُ الذي جَرَّه القِلى ومن شعرِ الرئيس أبي عثمانَ، سوى ما ذُكِر، يُحضُّ على الكرَم، وهُو من الأشعار السُّلطانيّة (¬1) [مجزوء الكامل]: لا تمنَعِ المعروفَ يو ... مًا مُعْرِضًا ومُعَرِّضا فكلاهما من حقِّهِ ... فيه لهُ أنْ يُفرَضا هذا تَنَزَّهَ فاستحَقَّ ... على نَزاهتِه الرِّضا والآخرُ استحيى من ... التّصريح فيه فعَرَّضا هذا الذي ما زلتُ أفعـ ... ـل أو أقولُ مُحَرِّضا مَوْلدُه في نحوِ الثُّلثُ الأوّل من الساعة الثانية من ليلة السّبت السادسةِ من جُمادى الآخِرة سنةَ إحدى وست مئة. وتوفِّي رحمه اللهُ آخِرَ الساعة الرابعة من يوم السّبت لثلاثٍ بقِينَ من رمضانِ ثمانينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) اختصار القدح المعلى (28 - 29).

68 - سعيد بن حمدون، قرطبي، أبو عثمان

68 - سَعيدُ (¬1) بن حَمْدون، قُرْطُبي، أبو عثمان. رَوى عن أبويْ محمد: ابن محمد بن قاسم والباجِيِّ واختَصَّ به فكان ألصَقَ تلاميذِه به. رَوى عنه أبو عثمان بن دُرِّي، ودَرَّس الفقهَ وعُني به أتمَّ عناية معَ الرواية. 69 - سَعيدُ (¬2) بن خالد اللَّخْميّ، لُورَقيٌّ، أبو عثمان، ابنُ بَشتَغِير. رَوى عن أبي عبد الله بن مُطرِّف الطَّرفي، رَوى عنه ابنُه أبو جعفر. 70 - سَعيدُ بن خَلَف بن رِزْق الله الأُمَويُّ، قُرْطُبيٌّ. كان من أهل العلم والتّبريز في العَدالة وجَوْدة الخَطّ، حيًّا سنةَ خمس وأربع مئة. 71 - سَعيدُ (¬3) بن دُرِّيّ، قُرْطُبي، أبو عثمان. سَمِع سعيدَ بن حَمْدون، وأبا عبد الله بنَ مُفرِّج القاضيَ، ورَحَلَ إلى المشرِق فسمع بمصِرَ من أبي محمد عبد الغنيِّ بن سعيد، وسَمِع بغيرِها، وكان محدِّثًا عَدْلاً، وَثَّقَهُ أبو محمد عبدُ الغنيّ وأثنَى عليه. 72 - سَعيدُ (¬4) بن سَعيد بن رَشَادٍ القُضَاعيُّ، أُنْديٌّ. له رحلةٌ رَوى فيها بالجزائر عن أبي محمدٍ ثابِت بن أحمدَ القُرَشي الصّقِلِّي سنةَ ستٍّ وثمانينَ وأربع مئة؛ وكان مُعتنيًا بطلبِ [11 ب] العلم مائلًا إلى الفقه حسَنَ الخَطّ جيّد الضَّبط. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3188). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3204). (¬3) ترجمه عبد الغني بن سعيد في المؤتلف والمختلف 1/ 347، وابن ماكولا في الإكمال 3/ 384، والحميدي في جذوة المقتبس (471)، وابن الأبار في التكملة (3192)، وابن حجر في تبصير المنتبه 2/ 561. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3207).

73 - سعيد بن عبد الله بن أحمد بن حرب المهري، سرقسطي

73 - سَعيدُ بن عبد الله بن أحمدَ بن حَرْب المَهْرِيُّ، سَرَقُسْطيٌّ. كان من أهل العلم والعَدالة والحَسَبِ والجَلالة، حيًّا سنةَ ستٍّ وثلاثينَ وأربع مئة. 74 - سَعيدُ (¬1) بن عبد الله بن أحمدَ بن سَعيدٍ اللَّخْميُّ، مُرْسِيٌّ، سكَنَ إشبيلِيَةَ، أبو عثمان، ابنُ قوشترة. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح عامَ أربعة وتسعينَ وأربع مئة واختَصَّ به كثيرًا. رَوى عنه أبو القاسم ابنُ تيسيت. وكان أديبًا بارِعًا ذا حَظّ وافِر من علم العربيّة وقَرْض الشِّعر، تاريخيًّا ذاكِرًا أيامَ الناس، ماهرًا في التعاليم، وكتُبُه التي يتَولَّى منها انتساخَها بيدِه من أجَلِّ ما يَعتمِدُه أهلُ ذلك الفنّ على إفراطِ رداءةِ خطّه. وكان من ذوي اليَسَار التامّ والجِدَة المتمكِّنة، وسيأتي له ذكْرٌ في رَسْم صاحبِه الأستاذ أبي بكر بن مَيْمونٍ إن شاء الله. 75 - سَعيدُ (¬2) بن عبد الله، قُرْطُبيٌّ، أبو عثمان الشَّنْتَرينيُّ. كان أديبًا شاعرًا نَحْويًّا ماهرًا، عَرُوضيًّا وله تأليف في العَروض متوسِّطُ النَّفْع ومسائلُ من "كتابِ سِيبوَيْه" ناظَرَ فيها بمحضَرِ جعفرٍ المُصحَفيّ. 76 - سَعيدُ بن عبد الله بن إسماعيل، سَرَقُسْطيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا في حدودِ تسعينَ وأربع مئة. 77 - سَعيدُ (¬3) بن عبد الله، قُرْطُبيٌّ، أبو عثمان. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3214). (¬2) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (804)، وابن الأبار في التكملة (3186)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 419، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 584 نقلًا من هذا الكتاب. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3194)، والذهبي في المستملح (801).

78 - سعيد بن عبيد الله بن مسرور، جياني

رَوى عن أبي جعفر بن عَوْن الله؛ حَدَّث عنه أبو الحَسَن بن بَطّال (¬1)، وكان خَيِّرًا فاضلًا مُكْتِبًا نافعَ التعليم. 78 - سَعيدُ بن عُبَيد الله بن مَسْرور، جَيّاني. رَوى بمكّةَ شرَّفَها الله عن أبي ذَرّ الهَرَويّ. 79 - سَعيدُ (¬2) بن عبد الرّحمن بن وَهْب بن عبد الرّحمن بن مُسلم بن أبي عامرٍ سعيدٍ الداخِل إلى الأندَلُس ابن عبد الله السَّبَئيُّ، قُرطُبيٌّ. سَمِع بها الحديثَ وعُنِيَ به، وكان جَدُّه الأعلى أبو عامر مختَصًّا بالأمير عبد الرّحمن بن معاوية. 80 - سَعيدُ بن عبد الحقّ بن الحَسَن الحِمْيَريُّ. كان من أهلِ العلم بارعَ الخَطِّ ضابطًا مُتقِنًا، حيًّا سنةَ تسع وخمس مئة. 81 - سَعيدُ (¬3) بن عبد الملِك بن حَبِيب السُّلَميُّ، قُرْطُبيٌّ. أخو محمد الفقيه، روى عن أبيه. 82 - سَعيدُ (¬4) بن عبد الملِك بن موسى العَبْدَريّ، طَرْطُوشيٌّ، أبو عثمان، ابنُ الصَّفّار. تَلا بالسّبع على أبي داودَ الهِشَاميِّ، ورَوى عنه. وكان مُقرئًا فاضلاً، وَلِيَ الصّلاةَ والخُطبةَ بجامع بلدِه وأقرَأَ به إلى أن توفّي قبلَ الأربعينَ وخمس مئة. 83 - سَعيدُ (¬5) بن عاصِم بن مُسلم بن كَعْب بن محمد بن عَلْقمةَ بن محمد ابن مُسلم بن عَدِيِّ بن مُرّةَ [12 أ] بن عَوْف بن ثَقِيف الثَّقَفيُّ، قُرطُبيٌّ. ¬

_ (¬1) حدث عنه بكتاب الأهوال للحارث المحاسبي، كما في التكملة. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3179). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3175). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3212). (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3174)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 414.

84 - سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر الأموي، مولى لهم، قرطبي، والد أبي عمرو المقرئ، أبو عثمان، ابن الصيرفي

يُعرَفُ أبوه بالعُرْيان لقتالِه عُرْيانَ بينَ يديَ الأمير عبد الرحمن بن مُعاويةَ، وكان من شِيعتهِ وكبارِ أصحابِه. وَلِيَ سَعيدٌ هذا قضاءَ الجماعة بقُرْطُبة للحَكَم بن هشام. 84 - سَعيدُ (¬1) بن عثمانَ بن سَعيدِ بن عُمرَ الأمويّ، مَوْلًى لهم، قُرطُبيٌّ، والدُ أبي عَمْرٍو المُقرئ، أبو عثمان، ابنُ الصَّيْرَفي. رَوى عنه ابنُه أبو عَمْرو، توفِّي في جُمادى الأُولى سنةَ ثلاثٍ وتسعينَ وثلاث مئة. 85 - سَعيدُ (¬2) بن عليّ بن أحمد بن سَعيدٍ العَنْسيُّ، غَرْناطيٌّ. سَمِع من شيوخ بلدِه سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. 86 - سَعيدُ بن عليّ بن بادِيس، قُرْطُبيٌّ. من أهل العلم، كان حيًّا سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة. 87 - سَعيدُ بن عليّ بن حَسَن، مَرَويٌّ، أبو عثمان. رَوى عن أبي إسحاق بن قُرْقُول. حدَّثنا عنه أبو عليّ الماقريُّ، لقِيَه بثَغْر أسفي -وقاهُ الله- وقال: كان رجُلًا صالحًا فاضلًا. حدَّثني الشّيخُ الحافظُ أبو عليّ حَسَنُ بنُ عليّ بن حَسُّونَ الماقريُّ رحمه الله قراءةَ منّي عليه بثَغْر أسفي -حماه الله- قال: حدثنا الراوِيةُ أبو عثمانَ سَعيدُ بن عليّ المَرَويُّ بثَغْر أسفي قال: حدثنا أبو إسحاقَ إبراهيمُ بن يوسُف بن قُرْقُول، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر ابنُ العَرَبي، قال: أخبرنا ببغدادَ أبو الحُسَين المبارَكُ بن عبد الجَبّار الصَّيْرَفي، قال: أخبرنا أبو محمد الحَسَن بن محمد الخَلّال، قال: ¬

_ (¬1) ترجمه ابن بشكوال في الصلة (470) ولم يذكر وفاته، وابن الأبار في التكملة (3201) وانقلب فيه اسم جده "سعيد بن عمر" من غلط الطبع فيصحح، والذهبي في المستملح (800). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3215)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 424.

حدثنا أبو سَعْدٍ خَلَفُ بن عبد الرحمن قَدِمَ علينا حاجًّا، قال: أخبرنا أبو محمدٍ عبدُ الواحدِ بنُ الفَضْل المُطَّوِّعي، قال: حدثنا عَبْدانُ بن أحمدَ بن عَبْدانَ بن أسَدٍ المَنْبِجيُّ بحَلَب، قال: حدثنا عُمرُ بن سَعيد، قال: حدثنا أحمدُ بن دِهْقان، قال: حدثنا خَلَفُ بن تَمِيم، قال: دَخَلْنا على ابن هُرْمُز (¬1) نَعُودُه، قال: دخَلْنا على أنس بن مالكٍ نَعُودُه، فقال: صافَحْتُ بكفِّي هذه كفَّ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فما مسَسْتُ خَزًّا ولا حَريرًا أليَنَ من كفِّ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قُلنا لأَنَس بن مالك: صافِحْنا بالكفِّ التي صافَحْتَ بها رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فصافَحَنا؛ قال خَلَفُ بنُ تَميم: قُلنا لابن هُرْمُز: صافِحْنا بالكفِّ التي صافَحْتَ بها أنسَ بنَ مالك، فصافَحَنا؛ قال أحمد بنُ دهقان: قُلنا لخَلَفِ بن تَمِيم: صافِحْنا بالكفِّ التي صافَحْتَ بها ابنَ هُرْمُز، فصافَحَنا؛ قال عُمرُ بن سعيد: قُلنا لأحمدَ بن دهقانَ: صافِحْنا بالكفِّ التي صافَحْتَ بها خَلَفَ بنَ تَميم فصافَحَنا؛ قال عَبْدانُ: قُلنا لعُمَر بن سعيد: صافِحْنا بالكفِّ التي صافَحْتَ بها أحمدَ بن دهقان، فصافَحَنا؛ قال ابنُ العَرَبي: قال المُطَّوِّعيُّ: وقُلنا نحن لعَبْدانَ بن أحمد: صافِحْنا بالكفِّ التي صافَحْتَ [2 ب] بها عُمرَ بن سَعيد فصافَحَنا؛ قال أبو سَعْد خَلَفٌ: وقلتُ أنا لعبد الواحد بن الفَضْل: صافِحْنا بالكفِّ التي صافَحْتَ بها عَبْدانَ، فصافَحَنا؛ قال ابنُ العَرَبي: قال الخَلّال: وقُلنا نحنُ لأبي سَعْدٍ خَلَف: صافِحْنا بالكفِّ التي صافَحْتَ بها عبدَ الواحد بنَ الفَضْل، فصافَحَنا، قال أبو بكر: قال الصَّيْرَفي: قُلنا لأبي محمد الخَلّال: صافِحْنا بالكفِّ التي صافَحْتَ بها خَلَفَ بنَ عبد الرحمن، فصافَحَنا؛ قال أبو بكر: وقُلنا للصَّيْرَفي: صافِحْنا بالكفِّ التي صافَحْتَ بها الخَلّالَ، فصافَحَنا؛ قال أبو إسحاق: قُلنا لأبي بكرِ: صافِحْنا بالكفِّ التي صافَحْتَ بها الصَّيْرَفيَّ فصافَحَنا؛ قال أبو عثمان: قُلنا لأبي إسحاق: صافِحْنا بالكفِّ التي صافَحْتَ بها أبا بكر، فصافَحَنا؛ قال أبو علي: قُلنا لأبي عثمانَ: صافِحْنا بالكفِّ التي ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل، والمحفوظ: أبو هرمز، وهو نافع السلمي أبو هرمز أحد الكذابين (الكامل لابن عدي 8/ 306، وموسوعة أقوال يحيى بن معين 4/ 435).

88 - سعيد بن عمر بن عبد النور النفزي، قرطبي

صافَحْتَ بها أبا إسحاقَ فصافَحَنا؛ قآل محمدُ بن محمد بن عبد الملِك: قلتُ لأبي عليّ: صافِحْنا بالكفّ التي صافَحْتَ بها أبا عثمان، فصافَحَنا (¬1). 88 - سَعيدُ (¬2) بن عُمرَ بن عبد النُّور النَّفْزيُّ، قُرْطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ خمسٍ وعشرينَ وأربع مئة. 89 - سَعيدُ (¬3) بن عُمر، قُرْطُبيّ. حَدَّث عنه يَعيشُ بن عُتْبةَ القَيْسيُّ الإلبِيريُّ وكان مُعلِّمًا؛ وقد ذَكَرَ ابنُ الفَرَضيِّ سَعيدَ بن عُمرَ القُرْطبيَّ (¬4)، ولا يُدرَى أهو هذا أم غيرُه. 90 - سَعيدُ (¬5) بن عيسى بن أحمدَ بن لُبٍّ الرُّعَيْنيّ، طُلَيْطُليّ، أبو عثمان، القَصْريُّ والأصفَر (¬6). جالَ في الأندَلُس طالبًا للعلم وراغبًا في لقاءِ حَمَلتِه، فأخَذَ بقُرطُبةَ عن أبي الحَسَن بن سُليمان الزَّهْراوي، وأبي عبد الله بن فَضْل الله، وبمالَقةَ عن أبي ¬

_ (¬1) إسناده تالف بسبب نافع أبي هرمز، أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 35/ 389 و 41/ 209، وابن النجار في تاريخه 3/ 42 وغيرهما. وهو فيما نرى مركّب من حديثين: أولهما: حديث حميد عن أنس الذي فيه: ولا مسست قط خزًا ولا حريرًا ألين من كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو حديث صحيح أخرجه أحمد 3/ 107، 200، 258، 267، والآخر حديث عتاب مولى ابن هرمز عن أنس: بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي هذه، يعني اليمنى، على السمع والطاعة فيما استطعت"، وإسناده حسن، وهو عند أحمد 3/ 119، 172، 185، 204، وابن ماجه (2868). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3203)، قال: "سعيد بن عمر بن عبد النور، من أهل قرطبة، يُعرف بالموروري، ويكنى أبا عثمان" وذكر له سيرة جيدة، وأنه توفي بقرطبة في رجب سنة ثمان وخمسين وأربع مئة. فإذا كان هو المترجم، فكان ابن عبد الملك لم يطلع على هذه الترجمة الأبارية. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3185). (¬4) تاريخ ابن الفرضي (517). (¬5) ترجمه ابن بشكوال في الصلة مختصراً (508)، والقفطي في إنباه الرواة 2/ 47، وابن الأبار في التكملة (3205)، والذهبي في المستملح (804)، وفي تاريخ الإسلام 10/ 164. (¬6) يعني: يعرف بالقصري وبالأصفر، والقصري نسبة إلى قصر عطية باللج من أقاليم طليطلة.

91 - سعيد بن عيشون، بطليوسي

عثمانَ نافع الأديب، ولَقِيَ أيضًا أبا عبد الله بن الفُتُوح الغَرْناطيَّ، وأبا الفُتُوح الجُرْجانيَّ، وعاد إلى بلدِه. رَوى عنه أبو الحَسَن بنُ عبد الرّحمن بن أفلَحَ المالَقيّ القَلَبَّق. وكان عارِفًا بعلوم اللِّسان نَحْوًا ولُغةً وأدبًا، تصَدَّى لتدريس ذلك كله ببلدِه، وله شَرْحٌ على "الجُمَل" سمّاه بـ "الحُلَل"، وآخَرُ على أبياتِه، ورسائلُ في فنونٍ من العلم شَتّى. مَوْلدُه سنةَ إحدى وثمانينَ وثلاث مئة، وتوفِّي في طُلَيْطُلةَ في ذي الحِجة سنةَ اثنتينِ وستينَ وأربع مئة، اقتَضَب ابنُ بَشْكُوال ذِكْرَه. 91 - سَعيدُ (¬1) بن عَيْشُون، بَطَلْيَوْسيٌّ. كان من أهل العناية بالعلم والفُتْيا وبُعدِ الصِّيتِ والوَجاهة، تغلِبُ عليه التّجارةُ والضَّربُ في الأسواق. 92 - سَعيدُ (¬2) بن فَتْح بن عبد الرّحمن بن عُمرَ [3 أ] الأنصاريُّ، ثَغْرِيٌّ ثُم مُرْسِيّ، أصلُه من قلعةِ أيّوب، أبو الطيب، ابنُ الطَّيّاب. تَلا بالسّبع على أبي الحَسَن ابن الدّش، وأبي الحُسَين ابن البَيّاز، وأبي داودَ الهِشَاميّ، وأبي القاسم ابن النّخّاس. ورَوى عن أبي بحرٍ الأسَديِّ، وأبوَي الحَسَن: ابن الأخفَر ويونُسَ بن مُغيث، وأبي عليّ بن سُكّرة، وأبي عِمرانَ بن أبي تَلِيد، وآباءِ محمد: ابنِ أبي جعفر، وابن السِّيْد وابن عَتّاب، وأبي الوليد ابن رُشْد. رَوى عنه إبراهيمُ بن محمد الفِهْرِيّ، وعبدُ الله بنُ محمد اللَّخْميّ، وعبد الرّحمن ابن محمد بن بِشْر، وعبد العزيز بنُ موسى بن زيد، وعبدُ الوهّاب بن عبد العزيز العَبْدَريّ، وعيسى بن خَلَف بن أبي خالد، والمحمَّدون: ابنُ عليِّ بن خَلَف وابن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3181). (¬2) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (814)، وابن الأبار في التكملة (3210)، وفي المعجم في أصحاب الصدفي (293)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 421، والذهبي في المستملح (805)، وتاريخ الإسلام 11/ 236.

93 - سعيد بن قاسم بن عمرو بن شراحيل المعافري قرطبي

فَرَج المِكْنَاسي وابن يوسُف بن عَمِيرةَ الأُورُيوليُّ وابن يونُسَ التُّطِيليّ، ويوسُفُ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن الفِهْرِيّ. وكان ماهرًا في القراءاتِ حَسَنَ القيام على ضَبْطِها، حافظًا للخِلاف، مُشاركًا في الأدب، جَليلًا ديِّنًا فاضلًا. توفّي بقُرطُبةَ سنة خمسَ عشْرةَ وخمس مئة (¬1). 93 - سَعيدُ بن قاسِم (¬2) بن عَمْرو بن شَرَاحِيل المَعافِريُّ قُرْطُبيّ. كان من أهل العلم والتّبريزِ في العَدالة وشُهرةِ الأصالة، حيًّا سنةَ أربع وثمانينَ وثلاث مئة. 94 - سَعيدُ (¬3) بن فَتْحُون بن مُكْرَم (¬4) التُّجيبيّ، قُرْطُبيّ، أبو عثمانَ الحِمَار، أخو أبي عبد الله. كان متمكِّنًا في علوم اللِّسان، وألَّف في العَروض مختصَرًا ومُطوَّلًا بيَّنَ فيه الموسيقَى بزَعْمِه، ومقتضبًا أشار فيه إلى الموسيقى، وله غيرُ ذلك. وكان ذا حَظّ من علوم القُدَماءِ الفَلاسِفة. وامتُحِنَ من قِبَلِ المنصُور أبي عامرٍ محمد بن عبد الله بن أبي عامر محنةً أدَّتْ إلى سَجْنِه مدّةً، فبعدَما سُرِّحَ فَصَلَ إلى صِقِلِّيةَ فأوطَنَها إلى أن توفِّي بها. 95 - سَعيدُ (¬5) بن محمد بن سَعيدِ بن محمد بن أبي زاهِر اللَّخْميُّ، سَرَقُسْطيٌّ، أبو زاهِر وأبو محمد والأوّلُ أصَحُّ وأشهر. ¬

_ (¬1) قال ابن الأبار في المعجم والتكملة: أو ست عشرة وخمس مئة. (¬2) هكذا وردت هذه الترجمة وحقها أن تتأخر عن الترجمة التالية، إلا أن يكون سقط قبل "قاسم" اسم مبدوء بالفاء. (¬3) ترجمه صاعد في طبقات الأمم (68)، والضبي في بغية الملتمس (813)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 586 نقلًا من هذا الكتاب. (¬4) قيده السيوطي في البغية فقال: "بضم الميم وسكون الكاف وفتح الراء". (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3206).

96 - سعيد بن محمد بن سعيد العبدري، داني، أبو الطيب، ابن اللوشي، وهو والد القاضي أبي الربيع

رَوى عن أبي داودَ الِهشَاميِّ وصَحِبَه في السَّماع، وأبوَيْ عبد الله: ابن سَعيدٍ العَبْدَري وابن مُهَلَّب، وأبوَيْ محمد: ثابِت بن ثابِت البَرْدلوريِّ وابن محمد بن فُورْتش، وأبي الوليد الباجِيّ، وأبي يونُسَ بن مَسْعود. وأجاز له من أهل المشرِق (¬1): أبو عِمرانَ الفاسِيُّ، وأبو هارونَ موسى بنُ خَلَف بن أبي دِرهَم، ومن أهل المشرق، بإفادة أبي عليٍّ الصَّدَفي: الأحامدُ: أبو الفَضْل بن خَيْرون وأبو الحُسَين ابن عبد القادر وأبو يَعْلَى بن محمد العَبْدريّ، وجعفرٌ أبو محمد ابن السَّرّاج، والحَسَن أبو غالب، والحُسَينُ الطَّبَري أبو عبد الله، [13 ب] وحَمْدٌ أبو الفَضْل، وحمزةُ الزُّبَيْريُّ أبو القاسم، ورِزْقُ الله أبو محمد، وطِرَادٌ الزَّيْنَبيُّ أبو الفَوارس، وعبدُ الله بنُ طاهر أبو القاسم، وابنُ أبي زكريّا أبو الفَضْل، وعبدُ الواحد ابن عليّ أبو القاسم، وعاصمُ بن الحَسَن أبو الحُسَين، والعَلِيُّون: ابنُ الحَسَن الشافعيّ وابنُ الحُسَين وابن الطّيِّب آباءُ الحَسَن، والمحمّدانِ: ابنُ أحمد بن عبد الباقي أبو بكر وابنُ عليّ أبو الغنائم، ومالكٌ البانْياسيُّ أبو عبد الله، والمبارَكُ ابن عبد الجَبّار أبو الحُسَين، ونَصْرٌ المَقْدِسيُّ أبو الفَتْح، وقد سَبَقَ إيرادُهم مُكمَّلًا في رَسْم أبي جَعْفر بن عبد الرّحمن بن بالِغ. 96 - سَعيدُ (¬2) بن محمد بن سَعيدٍ العَبْدَريُّ، دانيٌّ، أبو الطيِّب، ابنُ اللَّوْشي، وهو والدُ القاضي أبي الرَّبيع. رَوى عن أبي العبّاس بن عيسى ببلدِهما. رَوى عنه ابنُه أبو الرَّبيع، وأبو بكرٍ ابنُ الحَنّاط الفقيه، وكان فقيهًا مُشاوَرًا مشارِكًا في الأدب. 97 - سَعيدُ بن محمد بن طُمْلُس، قُرْطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حَيًّا سنةَ سبع وثمانينَ وثلاث مئة. 98 - سَعيدُ (¬3) بن محمد بن عبد الرّحيم، سَرَقُسْطيٌّ. ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل، ولعل الصواب: "المغرب" فموسى بن خلف بن أبي درهم من أهل وشقة. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3209). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3199).

99 - سعيد بن محمد بن عبد العزيز بن يحيى الأموي، قرطبي، أبو عثمان، ابن الحصار، ويلقب أبوه باشتطيل

كان فقيهًا مُشاوَرًا أحدَ المُفْتِينَ بإسقاطِ شهادةِ الذين شَهِدوا على أبي عُمرَ الطَّلَمَنْكيِّ بخلاف السُّنة، فأمضى ذلك القاضي أبو محمدِ ابنُ فُورْتِش، وذلك في جُمادى الأُولى عامَ خمسٍ (¬1) وعشرينَ وأربع مئة. 99 - سَعيدُ (¬2) بن محمد بن عبد العزيز بن يحيى الأموي، قُرْطُبي، أبو عثمان، ابنُ الحَصّار، ويُلقَبُ أبوه باشتُطِيل. سَمِع أباه وغيرَه، وكان خَيِّرًا ناسِكًا وَرِعًا نَزْرَ العلم، قَلَّده القاضي يونُسُ بن عبد الله إمامةَ الفريضة بالجامع الأعظم مجموعةَ إلى إمامةِ مسجدِه، فما عُلِم إمامُ مسجدَيْن في الإسلام قَبْلَه، وكان يَسْتشنِعُ أخْذَ الأُجرة الِهلاليّة على صلاةِ الفريضة بالمسجد الجامع، وهُو المُصلِّي على مُزين بن جعفرِ في شوّالِ إحدى وأربعينَ وأربع مئة. 100 - سَعيدُ (¬3) بن محمد بن عبد الرّحمن بن عبد العزيز بن زكريّا بن عبد الله ابن إبراهيمَ بن حَسْنُون الحِمْيَريُّ الكُتَاميُّ، بَيّاسِيٌّ. أخَذ عن أبيه وغيره، وتصَدَّر بعدَ أبيه للإقراءِ مكانَه. 101 - سَعيدُ بن محمد بن عليّ بن عبد الله بن عليّ بن عبد الله بن نَصْرِ بن عبد الملِك بن سَعيد بن محمد الكِنَانيّ. 102 - سَعيدُ (¬4) بن محمد بن مَسْعودٍ البَلْدي -بسكونِ اللام- أبو عثمان. حدَّث عنه أبو عبد الله ابنُ شُقَّ اللَّيل. ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل، وكتب الناسخ فوقها: "كذا بخطه"، والصواب: "خمسة". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3200). (¬3) ترجمه ابن عبد الملك في الذيل (3218). (¬4) ترجمه ابن بشكوال في الصلة (469)، وقال فيه: "سعيد بن محمد بن سيّد أبيه بن مسعود البَلْدي" وذكر أنه أجاز للخولاني سنة سبع وتسعين وثلاث مئة، فلم يعرف ذلك ابن الأبار فترجمه مستدركًا على ابن بشكوال، التكملة (3201). وهو مترجم في أدباء مالقة (163)، والذهبي في المستملح (802)، وتاريخ الإسلام 8/ 772 نقلًا من صلة ابن بشكوال، فتبع المؤلف ابن الأبار، وبَلْدة المنسوب إليها: من عمل قبرة.

103 - سعيد بن محمد، طليطلي، أبو عثمان، ابن البغونش

103 - سَعيدُ (¬1) بن محمد، طُلَيْطُلي، أبو عثمان، ابنُ البغونش. رَحَلَ إلى قُرْطُبةَ فأخَذ الطبَّ عن سُليمانَ بن [14 أ] جُلجُل ومحمد بن عَبْدونَ الجَبَليّ ونُظَرائهما، وعن مَسْلَمةَ بن أحمدَ العدَدَ والهندسةَ، وعاد إلى بلدِه. أخَذ عنه صاعدٌ القاضي بعضَ ما كان عندَه، واتّصل بالظافِر إسماعيلَ ابن ذي النُّون (¬2)، ثم انقطع عن خِدمة الرُّؤساء ولزِمَ دارَه صَدْرَ دولة المأمون ابن الظافِر مُنقبِضًا عن الناس عاكفًا على قراءة القرآن، وكان عاقلًا جميلَ الذِّكْر والمذهب، ذا كتُبٍ جليلة (¬3). توفِّي عندَ صَلاة الصُّبح من يوم الثلاثاءِ غُرّةَ رجَبِ أربع وأربعينَ وأربع مئة ابنَ خمس وسبعينَ سنة. 104 - سعيدُ (¬4) بن محمد النَّحْويّ، قُرْطُبيّ، أبو عثمانَ، نافع. أخَذَ عن أبي الحَسَن الأنطاكي، وهُو لَقَّبَه بنافع لكثرةِ ما قرَأَ عليه القرآنَ بحرف نافع من رواية وَرْشٍ وقالونَ ولم يكُنْ ينتقلُ عنهما، فقال له: أنت نافعٌ وسيَنفَعُ اللهُ بك، فكان كما قال، وأخَذ عنه "جُمَلَ" الزَّجّاجي. رَوى عن نافع هذا أبو الحَسَن إسحاقُ ابنُ الزيّات القُرْطُبيّ، وابن سِيدَه لقِيَه بدانِيَةَ. وكان مُقرئًا نَحْويًّا تصَدَّر للإقراءِ وتعليم العربيّة. 105 - سَعيدُ (¬5) بن مَسَرَّةَ، أو ابنُ أبي مَسَرّة، حِجَاريّ، أبو عثمان. رَوى عن وَهْب بن مَسَرَّةَ. رَوى عنه ابنُ الأسْلَميّة. ¬

_ (¬1) ترجمه صاعد في طبقات الأمم (92)، وابن الأبار في التكملة (3202)، وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء (495)، والذهبي في المستملح (803)، وتاريخ الإسلام 9/ 655، والصفدي في الوافي 15/ 254. (¬2) هو الظافر إسماعيل بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن عامر بن مطرف بن ذي النون صاحب طليطلة. (¬3) زاد صاعد وابن أبي أصيبعة: ذا كتب جليلة في أنواع الفلسفة وضروب الحكمة. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3195)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 589. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3190).

106 - سعيد بن مفرج بن سعيد

106 - سَعيدُ بن مُفرِّج بن سَعيد. رَوى عن شُرَيْح. 107 - سَعبدُ (¬1) بن موسى، بَطَلْيَوْسيّ، أبو عثمان. رَوى عن أبي محمد يحيى بن إبراهيمَ بن محُارِب. رَوى عنه أبو القاسم خَلَفُ بن أحمد بن بَطّال البَكْريُ البَلَنْسيُّ وسَمِع منه. 108 - سَعيدُ (¬2) بن نُمَارةَ، أندَلُسيٌّ. رحَلَ معَ أخيه عيسى وسَمِعا بمكّةَ -شرَّفها الله- على أبي عبد الله محمد بن الحُسَين بن يوسُف الأصبَهانيّ سنةَ ثِنتينِ وعشرينَ وأربع مئة. 109 - سَعيدُ بن وَسِيم بن أحمدَ الأُمَويُّ، قُرْطُبيٌّ. كان من فُقهائها وجِلّة أعيانِها ومُبرِّزي عُدولِها، حيًّا سنةَ تسع وعشرينَ وأربع مئة. 110 - سَعيدُ (¬3) بن أبي عامرٍ يحيى بن سَعيد بن خالد بن بَشثَغِير، لُوْرَقيّ، أبو عثمان. رَوى عن أبي عليٍّ بن سُكّرة، وكان من بيتِ علم وجَلالة. 111 - سَعيدُ بن يحيى بن سَعيد بن مُراد، قُرْطُبيّ. كان من أهل العلم والتبريزِ في العَدالة، حيًّا سنة (¬4) ... 112 - سَعيدُ بن يحيى بن عيسى الكِنَانيُّ، قُرْطُبيّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3197). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3198). (¬3) ترجمه ابن الأبار في المعجم في أصحاب الصدفي (294). (¬4) بعد هذا فراغ في الأصل.

113 - سعيد بن يحيى الأموي، داني

113 - سَعيدُ (¬1) بن يحيى الأُمَويّ، دانيّ. رَوى عن أبي عَمْرٍو المُقرئ. 114 - سَعيدُ بن يوسُفَ بن سعيدٍ المَعافِريُّ، قُرْطُبيٌّ. كان [14 ب] من أهل العلم والعَدالة، حيًّا في حدودِ أربع مئة. 115 - سَعيدُ (¬2) بن يونُسَ بن غَتِّيل -بغَيْن معجَم مفتوح وتاءٍ مَعْلُوّ مشدَّد وياءِ إمالةٍ ولام- شاطِبيّ، أبو عثمان. رَوى عن أبيه. رَوى عنه أبو شاكر بنُ مَوهَب، وكان فقيهًا جَليلاً، واستُقضيَ بشاطِبةَ. وتوفِّي في محرَّم أربعينَ وأربع مئة. 116 - سَعيدُ (¬3) اليَحْصُبيُّ القَطّاع، والدُ الوزيرِ عيسى. باغِيُّ الأصل، سكَنَ قُرطُبة. كان مُكْتِبًا. 117 - سَعيدُ (¬4) ابنُ الناكُورِيّ (الباكورِيّ) (¬5)، بالنّون أو بالباءِ بواحدة، قُرْطُبيٌّ. كان من أهل المعرفة والفَهْم، واستَأْدَبَه المنصُور بنُ أبي عامر لولدِه ووَلّاه الصّلاةَ والخُطبة بجامع الزّاهِرة، وتوفِّي وهُو يتَولَّى ذلك صَدْرَ دولةِ المظفَّر ابن المنصُور سنةَ اثنتينِ وتسعينَ وثلاث مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3196). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3193). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3184). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3187). (¬5) ما بين الحاصرتين منا، وقد وضع الناسخ نقطتي النون والباء، وفي التكملة: "المعروف بابن الناكوري أو ابن الباكوري".

118 - سفيان بن أحمد بن عبد الله بن محمد، بسطي، سكن مرسية، أبو محمد، ابن الإمام

118 - سُفيانُ (¬1) بن أحمدَ بن عبد الله بن محمد، بَسْطِيّ، سكَنَ مُرْسِيَةَ، أبو محمد، ابنُ الإِمام. رَوى عن أبي بكر بن رِزْق، وأبي عبد الله بن سَعادةَ القاضي، وأبي عبد الرّحمن مُساعد، وأبي القاسم بن حُبَيْش، وأبي محمد ابن بُرطُلُه، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ. رَوى عنه أبو عُمرَ بنُ عَيّاد، وابنُه أبو عبد الله بن أبي عُمرَ بن عَيّاد. وكانت له عنايةٌ تامّةٌ بالحديث وتمسُّكٌ بظاهرِه وإشرافٌ على متُونِ مصنَّفاتِه، معَ الثِّقة والخَيْر والوَرَع والدِّين؛ وعليه نزَلَ أبو القاسم بن حُبَيْش بعدَ خروجِه من المَرِيّة لمّا تغَلّبَ الرُّومُ عليها وأقام لديهِ أيامًا. مَوْلدُه أوّلَ سنة خمس وتسعينَ وأربع مئة، ورحَلَ حاجًّا من مُرْسيَةَ سنةَ ستٍّ وستينَ (¬2) فكان آخرَ العهدِ به. 119 - سُفيانُ (¬3) بن عبد الله (¬4) بن سُفيانَ التُّجيبيّ، قُونْكِيّ، سكَنَ أُورِيُولةَ، أبو محمد. رَوى عن عمِّه عبد الله بن سفيان وكتَبَ بينَ يدَيْه أيامَ وِزارته لبني ذي النُّون بشَنْتَ بَرْيَه، وقَيَّد عنهُ الحديثَ والأدبَ. ورَوى أيضًا عن صِهرِه أبي القاسم بن فَتْحون، وأبوَيْ محمد: الرّكليّ وابن السِّيْد. وكان من أهل المعرفة التامّة بعلوم اللِّسان على تفاريقِها حسَنَ الوِرَاقة ذا حَظّ صَالح من الكتابة ونَظْم الشِّعر. توفِّي بأُورُيولةَ آخرَ ذي حِجّة سنة ستٍّ وأربعينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (783)، وابن الأبار في التكملة (3241)، والذهبي في المستملح (812)، وتاريخ الإسلام 12/ 349. (¬2) في الأصل: "وتسعين"، خطأ، والتصويب من التكملة وغيرها، يعني: وخمس مئة. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3240)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 591 نقلًا من هذا الكتاب. (¬4) هكذا في الأصل والبغية، وفي التكملة: "عُبيد الله"، ولعله الصواب، وانظر إلى اسم عمه: عبد الله.

120 - سفيان بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن سعيد بن أبي الفتح، بلنسي، أبو بحر، ابن المرينه

120 - سُفيانُ (¬1) بن عبد الرحمن بن محمدِ بن عبد الرّحمن بن محمد بن أحمدَ بن سَعيد بن أبي الفَتْح، بَلَنْسِيّ، أبو بحرٍ، ابنُ المُرِينُه. رَوى عن أبي الحَسَن الحاجِّ ابن خِيَرةَ، وابن واجِب، وأبي الخَطّاب بن واجِب، وأبي عامر بن نَذِير. وكان نَحْويًّا ماهرًا، تاريخيًّا حافظًا، زاهدًا شديدَ العناية بالتقييد والضَّبط، ثقةً فيما يَنقُلُه [15 أ]. مَوْلدُه ببَلَنْسِيَةَ سنةَ أربع وتسعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بتونُس سنةَ خمسينَ وست مئة. 121 - سَكَنُ (¬2) بنُ إبراهيم -وقال فيه ابنُ حَزْم والحُمَيْديُّ: سكَنُ بن سَعيد- قُرْطُبيٌّ. رَوى عن فَرَج بن سَلام، وكان أديبًا تاريخيًّا مختَصًّا بالوزير عُبَيد الله بن محمد ابن أبي عَبْدةَ في أيام الأمير عبد الله بن محمد، وصنَّف "طبقاتِ الكُتّاب بالأندَلُس". 122 - سَلَامٌ (¬3) -مخفَّفَ اللام -ابنُ عبد الله بن سَلَام- كالأوّل- الباهِليُّ، إشبِيليٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي الحَجّاج الأعلم، وأبي الحُسَين بن عبد الله الباجِيّ. رَوى عنه أبو بكر بن خَيْر (¬4)، وأبو الحَسَن بن مُؤْمن، وأبو عبد الله ابنُ المُجاهِد. ¬

_ (¬1) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 592. (¬2) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (494)، والضبي في بغية الملتمس (834)، وياقوت في معجم الأدباء 3/ 1379، وابن الأبار في التكملة (3255)، وفي إعتاب الكتاب (44)، والمقري في نفح الطيب 3/ 175. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3261)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 441، والمقري في نفح الطيب 4/ 333. وفي المُغْرب ضمن أدباء مالقة "الأديب أبو الحسن سلام بن سلام المالقي" مخفف اللام، له مقامات سبع مشهورة، فهذا هو المترجم بلا ريب (1/ 434). (¬4) فهرسة ابن خير 474، 512، 552 ووقع فيه بالتشديد، خطأ، فيصحح.

وكان شَيْخًا جليلًا أديبًا، كاتبًا شاعرًا، عاكفًا على الخَيْر، مائلًا إلى الزُّهد، من بيتِ نَباهة شهيرِ الذِّكْر؛ وَزَرَ أبوه للمُعتمِد بن عَبّاد، ودخَلَ أبو الحَسَن هذا على المعتمِد مادحًا له وسِنّه دون العشرين فاستَنْبَلَه واستَحسَنَ ما أتى به وأجزَلَ صِلتَه وأسنَى جائزتَه وألحَقَه في ديوانِ الشُّعراء، وطال عمُرُه كثيرًا. وله خُطَبٌ بارعة منوَّعةُ المقاصِد، ومقاماتٌ سَبْع تصرَّف فيها أبرعَ تصرُّف وأجاد في رَصْفِها، وتصانيفُ في الآداب والزُّهد والحِكَم، منها: كتابٌ حسَن وَسَمَهُ بـ "الذخائر والأعلاق في آدابِ النفُوس ومكارِم الأخلاق" (¬1) أحسَنَ انتقاءَ ما ضمَّنه، وأودَعَه جُملةً وافرةً من شعره. ومن نَظْمِه واصلًا بيتَي الحَريريّ الواقعَيْنِ أثناءَ المَقامةِ السّادسة والأربعينَ من "مقاماتِه"، وهما اللّذانِ قال فيهما: أسكَتا كلَّ نافث، وأَمِنَا أن يُعَزَّزا بثالث، وهما [السريع]: سِمْ سِمةً تحسُنُ آثارُها ... واشكُرْ لَمن أَعطَى ولو سِمْسِمَهْ والمَكْرُ مهما اسْطَعْتَ لا تَأْتِهِ ... لتَقْتَني السُّؤدَدَ والمكرُمَهْ فزادَ أبو الحَسَن سلَامٌ عليهما: والمَهْرَ مَهْ لا تُغْلِهِ أو تَرَى ... شديدةَ البعدِ منَ المَهْرَمَهْ والمَسْ لِمْهوى القُرْطِ منها الذي ... يحِلُّ للمسلمِ والمُسْلِمهْ والمَحرَمَ اهجُرهُ فإتيانُهُ ... يَدعو إلى الشَّقْوةِ والمَحْرَمهْ وقد تعاطَى جماعةٌ من الشُّعراء تذييلَ بيتَي الحَريريّ المذكورَيْنِ بما كان سكوتُهم عنه أصوَنَ لافتضاحِهم وأستر، وإخلادُهم إلى حَضِيض العَجْز عن مُساماتِه في [15 ب] أَوْج إجادتِه أَوْلَى بهم وأجدَر، فمِن مُطيلٍ غيرِ مُطِيب، ¬

_ (¬1) مطبوع في القاهرة سنة 1298 هـ (اكتفاء القنوع 203)، وهو من كتب المحاضرات التي وصفها الدكتور محمد بن شريفة في أطروحته عن أمثال العوام في الأندلس.

ومُجِيل فكْرَه في استدعاءِ ما ليس له بُمجِيب، ومن مُقصِّر لو أبصَرَ لأَقصَر، ولو أنصَفَ لمَا تكَلَّف، وقد أثبتُّ هنا من ذلك بعضَ ما وقَعَ إليَّ منه، وإن كان من حقِّه الإضرابُ عنه، واستَودعتُه هذا الموضعَ تَقِيَّةً عليه من الضَّياع، ورجاءَ إفادةِ مستشرِفٍ للاستفادةِ به والانتفاع، فمِن ذلك ما أنشَدَناهُ مِن نَظْم أبي الحَسَن سَلَام ولا خفاءَ بما في قطعتهِ من التكَلُّف ولا سيّما البيتُ الأوسطُ منها، وقدِ اختَلَّ شَرْطُ اشتباه الطَّرفَيْنِ في البيتِ الأوّل باشتمالِ مفتتَحِه على واوِ العطف وخُلوِّ خاتمتِه منها، ويلحَقُ بعضَ اللُّحوقِ لفظًا البيتُ الأخيرُ بيتَي الحَرِيريّ. وتَلاهُ أبو زَيْد التُّميليُّ مقدِّمًا بينَ يدَيْ مقصودِه قولَه: يا عجَبًا للحريريِّ حيثُ يقول: قد أمِنَا أن يُعزَّزا بثالث، فقد جاء من عزَّزَهما بثالثٍ ورابع وخامس إلى اثنَيْ عشَرَ! والزّيادةُ على البيتَيْن: والمهرَ مَهْرَ العِين لا تُغْلِهِ ... فإنه مهما غلا مَهْرَمَهْ مَنْ دَمَهُ صانَ بحِرْزِ التُّقى ... لم يخشَ مِن لوْمٍ ولا مَنْدَمهْ مَنْ عَمَهُ القلبِ له شِيمةٌ ... لم يَدْرِ ما بُؤسٌّ ولا مَنْعَمَهْ أُبْ لُمَةً إلى الرِّضَى واقتسمْ ... مالي معي إنْ شئتَ كالأُبلُمَهْ ما الأَمَةُ المخسوسُ مِقدارُها ... تَرضَى بما في الهجرِ منْ مَلْأَمَهْ ما الكمةُ المجتَثُّ أعراقُها ... إلا كأصلِ المرتضي مَلْكَمهْ ما الحمةُ السوداءُ إلّا الوَرَى ... فكم تَرى بينَهمُ مَلْحَمهْ فالهَيْنَ مهلًا لا تَلُمْ هيّنًا ... في خُلْقِهِ واحذَرْ من الهَيْنَمهْ والهَذْرَ مَهْ دَعْهُ وكنْ ناطقًا ... بالقصدِ إنّ العارَ في الهَذْرَمهْ كمْ كَمَه وكم عَمًى جَرَّهُ ... هوى ذواتِ الخُمْرِ والكَمْكمَهْ وحسْبُك بما في هذا التذييل، من الدَّعوى غير المُستندِة إلى دليل، والاغترارِ المُودي إلى الفضيحة، والتشبُّع بما يَحمِلُ على إجهاد المخاطر وكدِّ القريحة.

وتبعه أبو إسحاقَ الكانميُّ (¬1) فقال، ونقَلتُه من خطِّه: علقمةٌ نَفْسُك لا تغتَرِرْ ... بشُهدةٍ آخِرُها عَلْقَمهْ مَلْأَمة تَقبُحُ بينَ الوَرَى ... بالحُرّ أن يختارَ سِيْمَا الأَمَهْ [16 أ] ولا يَعزُبُ التعزيزُ بمثل هذا البيت الأوّل من هذَيْن البيتَيْن على أدنى مُقيمي وَزْن الشِّعر ومُقترضيه، إذا غَفَلَ عن انتقادِ مُنتقِديه، واعتراضِ معترِضيه، فإنّ صَدْرَ طرَفَيْه من عَجُزِهما منقول، فالتعزيزُ بمثلِه مرذول، وعَقْدُ الثّقة بما أشبَهَه محلول، وثاني البيتينِ إنّما يَشتبهُ طَرَفاهُ لفظًا لا خطًّا فاعلَمْه. وذَيَّلَهما أبو أُميّةَ إسماعيلُ بن سَعْدِ السّعود بن عُفَيْرٍ بقوله: والمرءَ مَهّدْهُ إذا ما جَفَا ... بالبِرِّ إن شئتَ لهُ المَرْأَمَهْ وضَرَّ مهجورِكَ عالِجْ فما ... مَن أطفأَ الشرَّ كمَن ضَرَّمَهْ وكَرَّ مهزومكَ حاذِرْ فكمْ ... طريدِ هونٍ كَرُّهُ كَرَّمَهْ وعَلَّ مَهْديَّ النُّهى إن يُرى ... يَبُذُّ في العلم الذي عَلَّمهْ وسُلَّ مهدومَ الحِجَى من حَلَى ... مآثر مَدَّ لها سُلَّمَهْ وكَلَّ مَهْوى غَيةٍ ضَعْهُ عن ... رأيِكَ وارفُضْ كلَّ مَن كَلَّمَهْ وهذه القطعةُ كما ترى أسبَكُ من غيرِها وأسلَسُ نَظمًا، وأبيَنُ معاني وأمتنَ مباني، غيرَ أنّها مُنحَطّةٌ عن بيتَي الحريريِّ من قِبَلِ التزام أبي أُميّةَ في صدورِ أبياتِها حرفَ العطف وإعراءِ أعجازِها منه، فلم يتمَّ له من أجْل ذلك اشتباهُ الطَّرَفَيْن. ومثلُها ما أنشَدَني الصاحبُ الأكرم الحاجُّ المبرورُ الراوِية أبو عبد الله بن رُشَيْد، قال: أنشَدَني أبو محمد عبدُ الواحِد بن محمد بن مبارَك التّونُسيُّ لنفسِه: وسُلَّ مهزوزَك يومَ الوغى ... تَرْقَ إلى أعلى العُلى سُلَّمَهْ ¬

_ (¬1) إبراهيم بن يعقوب، وكانم بليدة بنواحي غانة، توفي بمراكش سنة 608 هـ "تاريخ الإسلام 13/ 257).

فقد وَضَحَ بهذا كله أن الحَريريَّ هُو الذي دانَ لهُ الاختراعُ للبدائع والإنشاء، وأنّ براعَة مَعْلَمِهِ مُعْلِمةٌ أنّ الفَضْلَ بيد الله يؤتيه من يشاء، ولله هو، فلقد نصَحَتْ إشارتُه وزَجَرت مُناهضيه، ونَصَعتْ عبارتُه فنَهَرت إذْ بَهرَتْ مُعارضيه، حينَ ترَنَّم، ونسيمُ أَسحار أغانٍ بيانُه يُطرِبُه، واستيلاؤه على سررِ السّرورِ بإجادتِه يؤمِنُه أن يُسامَى مَرْقاه أو يُسامَتَ مَرْقَبُه، بنَغَماتِ أسكِتا الفَقَرتَيْن (¬1)، فكلُّ كَلَّفَ نفسَه شَطَطًا، وقَنَعَ أن يأتيَ من القول سَقَطًا، {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28]. وإلى ذلك فقد ألزَمَني قديمًا بعضُ مَن يجبُ عليَّ إسعافُه، ولا يَسعُني خلافُه [16 ب] مُجاراةَ هؤلاءِ الجِلّة في هذا المضمار، ولم يُصغِ إلى ما أتيْتُ به في ذلك منَ اعتذار، فقلتُ مُمتثِلًا تكليفَه، ومتعرِّضا بما لا يستجيدُ ناقدٌ تأليفَه: مَلْأَمةٌ بالحُرِّ أن لا يُرى ... منه ثأى جيرانِه مَلْأَمَهْ والمَلءَ مَه عن شرِّه إنهُ ... مأتىً إلى الهُجنةِ والمَلْأَمَهْ غيرَ أنّي وَفَيْت فيما رأيتُ بشَرْطِ اشتباه الطرفَيْن في كلا البيتَيْن وإن كان طَرَفا أوّلِهما مشترَكيْن، وجعَلتُ طرَفَي الأوّل بمِرتَيْن وطَرَفَي الثاني معرفتَيْن على حدِّ ما أتى به الحريريُّ في بيتَيْه، وأتيْتُ بالجميع مجنَّسًا كما تراه (¬2). توفِّي بشِلبَ عَشِيَّ يوم الخميس منتصَفِ رجِب أربع وأربعينَ وخمس مئةٍ وهو ابنُ ثمانينَ سنةً، وصُلّي عليه إثْرَ صلاةِ الجُمعَة بعدَه، ودُفن إثْرَ الصلاة عليه، وقد كان أمَرَ أن تُكتَبَ على قبرِه هذه الأبيات [مخلّع البسيط]: ¬

_ (¬1) كتب الناسخ فوقها: "بخطه"، والخطأ فيها بيّن. (¬2) أورد ابن دحية في المطرب (ص 228) زيادة طويلة للإمام السهيلي. كما أورد المقري في نفح الطيب (3/ 4) تذييلًا لابن الصائغ وقال: رأيت في المغرب في هذا المعنى ما ينيف على سبعين بيتًا كلها مساجلة لبيتي الحريري رحمه الله تعالى. ومما يلحق بما ذكره المؤلف بيت لابن رشيق المرسي قال إنه ارتجله خلال مناظرة بينه وبين قسيس كان يقول بأن كون بيتي الحريري لم يأت أحد لهما بثالث ينفي انفراد القرآن بالإعجاز، فأفحمه بنظم البيت التالي: والمهر مهر الحور وهو التُّقى ... بادر به الكَبْرة والمهرمهْ

يا ذا الذي مَرَّ بي اجتيازًا ... سألتُكَ الله قِفْ قليلا واسمَعْ لقَوْلي ففيه وَعْظٌ ... يُوقِظُ مِنْ نومِه الغَفولا عِشتُ ثمانينَ كاملاتٍ ... ناهيكَ منها مدًى طويلا عجِبتُ أَن أَدبَرَتْ سِراعًا ... ولم أنلْ من مُنايَ سُولا بادَرَ خِلِّي بها ارتحالي ... كأنّني عابرٌ سبيلا وها أنا اليومَ رَهْنُ قبرٍ ... أصبح من منزِلي بديلا منفرِدًا لا أرى قريبا ... ولا حميمًا ولا خليلا رَهْنَ ذُنوبٍ تقَدَّمتْ لي ... حُمِّلتُ منْ عِبْئها ثقيلا فما اعتذاري إذا دَعَاني ... للعَرْضِ مُستصغَرًا ذليلا وقال لي: ما عمِلتَ فيما ... علِمتَ يا ظالمًا جَهولا؟! يا وَيْلَتا إن عَدِمْتُ رُحمَى ... مَن لم يزَلْ راحمًا وَصْولا فادع ليَ الله يا وَليِّي ... فصَفْحُهُ لم يزَلْ جميلا واستَغْفِرِ اللهَ لي عساهُ ... يكونُ من عَثرتي مُقيلا وقلْ: عَفَا اللهُ عن سَلَامٍ ... فكم عَصىَ الله والرّسولا فرُبَّ داع بظهرِ غيبٍ ... قابلَ من ربِّه القَبُولا [17 أ] فرَثَاهُ بعضُ أصدقائه بقصيدةٍ على رَوِيِّها وعَروضِها أوّلُها: سَلَامُ رَبّي على سَلَامٍ ... ما عاقَبَتْ بُكرةٌ أصيلا تحيّةً لا تَزالُ تَسْقي ... صَوْبَ الحَيَا قبرَه المحيلا وهي من خمسةٍ وعشرينَ بيتًا, ولولا خَوْفَ الإطالة لأثبتْناها هنا، واللهُ الموفق.

123 - سلمان بن جماهر، أبو الفضل

123 - سَلْمانُ بن جُماهِر، أبو الفضل. رَوى بمَرّاكُشَ عن أبي بكر ابن العَرَبي. 124 - سَلْمانُ (¬1) بن عبد الله البَكْريّ، طُلَيْطُليٌّ، أبو رِفاعة. عُنيَ بالعلم طويلاً، وكان ذاكرًا للمسائل بصيرًا بعَقْد الشّروط. 125 - سَلْمانُ (¬2) بن فَتْح بن مُفرِّج الأنصاريُّ، حِجَاريٌّ، أبو بكر. له رحلةٌ لقي فيها بمكّةَ -كرَّمها الله- أبا سعيد ابنَ الأعرابيِّ وسَمِع منه، ولقِيَ أبا موسى عبدَ الكريم بن أحمدَ بن شُعَيْب النَّسَويَّ سنةَ تسع وثلاثينَ وثلاث مئة. وعاد إلى بلدِه. رَوى عنه أبو الحَكَم المُنذِرُ بن المُنذِر، وأبو محمد ابنُ الأسْلَميِّ الحِجَاريّان؛ وكان راوِيةً للحديث عَدْلًا في نَقْلِه ثقةً فيما يحدِّث به، حيًّا سنةَ ثِنتينِ وسبعينَ وثلاث مئة. 126 - سَلَمَةُ بن إسماعيلَ الأُمَويُّ، بَلَغييّ. كان من أهل العلم والتبريزِ في العَدالة، حيًّا سنةَ أربع وثلاثينَ وأربع مئة. 127 - سَلَمةُ (¬3) بن بَرْبَط، من أهلِ الثَّغرِ الشَّرقي، أبو عبد الرحمن. رَوى عن أبي العبّاس تَمِيم بن أبي العَرَب، وأبي يحيى زكريّا ابن النَّدّاف، وكان فقيهًا، حيًّا في شعبانِ سبع وتسعينَ وثلاث مئة. 128 - سَلَمةُ بن محمد بن سَلَمةَ الأُمَويٌّ، بَلَنْسِي، أبو النَّجا. رَوى عن أبي الرَّبيع بن سالم، رَوى عنه أبو العبّاس ابنُ فَرْتُون. ¬

_ (¬1) ترجمه الخشني في أخبار الفقهاء (430)، وابن الأبار في التكملة (3252). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3253). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3223).

129 - سلمة بن محمد بن سلمة، أبو عبد الرحمن

129 - سَلَمةُ (¬1) بن محمد بن سَلَمةَ، أبو عبدِ الرّحمن. رَوى. عن أبي عليٍّ الصَّدَفي. 130 - سُليمانُ (¬2) بن أحمدَ بن سُليمانَ بن يحيى اللَّخْميُّ، إشبيليٌّ، أبو الحُسَين. وهُو جَدُّ أبي العبّاس بن سيِّد الناس لأُمّه. تَلا بالقراءاتِ على أبي الحَسَن شُرَيْح وسَمِع عليه، وعلى أبويْ بكر: ابن طاهر وابن العَرَبي، وأبي عبد الله بن عُبَيد الله بن مُسلم اليناقيِّ، وأبي عامرٍ اليَناقي، وأبي العبّاس ابن النَّخّاس، وأبي محمد عبد السّلام بن حَبِيب. تَلا عليه سِبْطُه أبو العبّاس ابنُ سيِّد الناس، وأبو الحَكَم بن بَرَّجَان اللُّغَويُّ المتأخِّر، وأبو الخليل مُفرِّجُ بن حُسَين، ويوسُفُ بن أحمدَ البَهْرانيّ، وأبو محمد عبدُ القادر بن محمد، وأبو عليّ ابنُ الشَّلَوبِين. وحدَّث عنه بالإجازة ابنا حَوْطِ الله ومحمدُ بن عبد الله منهما. وكان مُقرِئًا متقدّمًا في صَنْعةِ التجويد، [17 ب] ضابطًا لأحكامِه، دَيِّنًا فاضلاً، متحقِّقًا بالعربيّة، أقرَأَ ودرَّس النَّحوَ كثيرًا. 131 - سُليمانُ بن أحمدَ بن سُليمان، قُرْطُبيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة. 132 - سُليمانُ بن أحمد بن عَبّادٍ اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ. كان من أعيان بلدِه وحُسَبائه وذَوي العلم والعَدالة به، حيًّا سنةَ خمس وخمسينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في المعجم في أصحاب الصدفي (297). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3154)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 405، والذهبي في المستملح (789)، وتاريخ الإسلام 12/ 583، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 312، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 68، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 596 نقلًا من هذا الكتاب ومن ابن الزبير.

133 - سليمان بن أحمد بن علي بن يوسف بن أبي غالب خلف بن غالب العبدري، من أهل دانية، أبو الربيع، ابن أبي غالب

133 - سُليمانُ (¬1) بن أحمدَ بن عليِّ بن يوسُفَ بن أبي غالبٍ خَلَف بن غالِب العَبْدَريُّ، من أهل دانِيَةَ، أبو الرَّبيع، ابنُ أبي غالب. رَوى عن عن أَبيه. وكان كاتبًا مُحسِنًا، شاعرًا مطبوعًا، ومن شعرِه في سَفَرْجَلة [المتقارب]: سَفَرْجَلةٌ قد علاها الشُّحوبُ ... لِما غيَّرَ اللَّمسُ من بُرْدِها كما انحسَرَ المِرْطُ عن ناهدٍ ... وقد أثَّرَ العضُّ في نَهْدِها وفي غَداةٍ ذاتِ ثلجٍ ونارٍ ورقيقِ رمادِها [الطويل]: وغَدْوةِ ثلجٍ كاللُّجَيْنِ بَياضُها ... طَرَدْتُ الأذى منها بنارٍ كعَسْجَدِ يُريك رَقيقٌ فوقَها من رمادِها ... شُفوفَ قناعٍ فوقَ خدٍّ مورَّدِ وفي شمعة [المتقارب]: وصفراءَ قائمةٍ كالسِّنانِ ... لها لَهبٌ بالدُّجَى عابثُ متى تُطفئ الريحُ رُوحَ السِّراجِ ... ففيها لرِمّتِهِ باعثُ 134 - سُليمانُ بن أحمدَ بن عيسى بن سَعْد بن محمد الأنصاريُّ، مالَقيٌّ، أبو الرَّبيع. 135 - سُليمانُ بن أحمدَ بن محمد بن الأسعَد الصَّدَفيُّ، أبو الرَّبيع الجَنْجَاليُّ. رَوى عن أبي بكر بن أبي جَمْرةَ، وأبي جعفر بن عَمِيرةَ الشَّهيد. 136 - سُليمانُ بن أحمدَ بن محمد بن حَكَم الأنصاريُّ، بَلَنْسِي. رَوى عن أبي عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن واجِب، وكان مجوِّدًا ضابطًا بارعَ الخَطّ. ¬

_ (¬1) ترجمه وذكر شعره ابن الأبار في تحفة القادم (186)، وابن سعيد في المغرب 2/ 406، واختصار القدح المعلى (123)، والصفدي في الوافي 15/ 346.

137 - سليمان بن أحمد بن محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان الأنصاري الأوسي، قرطبي، أبو القاسم ابن الطيلسان، والحافظ؛ لقوة حفظه القرآن والسنن

137 - سُليمانُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن سُليمانَ بن محمد بن سُليمان الأنصاريُّ الأَوْسيُّ، قُرْطُبيٌّ، أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، والحافظُ؛ لقوّة حِفظِه القرآنَ والسُّنَنَ. رَوى عن أبي بكر بن سَمْحُون، وأبي بكرٍ القجالجي (¬2)، وأبوَيْ خالد: القُرَشيِّ (¬3) وابن رِفَاعة، وأبي زيد السُّهَيْلي، وأبوَيْ عبد الله: البَيْساني وابن بَشْكُوال، وأبي العبّاس بن صَالح الكَفيف، وأبوَي القاسم. ابن بَشْكُوال والشَّرّاط. روَى عنه أبو القاسم القاسمُ وأبو جعفر أحمد ابنا أخيه أبي عبد الله محمد [18 أ]. وكان تاليًا لكتابِ الله دائمًا ليلًا ونهارًا قلَّما يَلْقاهُ أحدٌ إلا وهُو يقرَأُ القرآن، صَوّامًا قَوّامًا، حافظًا للحديثِ ذاكرًا للآدابِ والأخبار واللُّغاتِ والأشعار. قال أبو القاسم ابنُ أخيه: قرأتُ عليه بمتُعبَّدِه من الجامع بقُرطُبة "الغريبَ المُصنَّف" لأبي عُبيد و"الأمثالَ" له ونحوَ رُبعِ "أمالي" القالي، وكان يحفَظُ هذه الكتُبَ أو أكثرَها. مَوْلدُه سنةَ ثلاثٍ وأربعينَ وخمس مئة، وتوفِّي عاشرَ شوّالِ ثمانٍ وست مئة، وصَلّى عليه إمامُ الفريضة أبو عبد الله ابنُ عَيّاش، ودُفنَ بوَسَطِ مقبُرة أمِّ سَلَمة؛ قال أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان: وأنا والله شاهَدْتُ داخلَ قبرِه عندما لَحَدتُه نُورًا لم أرَ قبْلَه ولا بعدَه مثلَه. نقَلتُ هذا من خطِّ أبي القاسم ابن أخيه، ونقَلَ عنه أبو عبد الله ابنُ الأبّارِ أنه قال: توفِّي ليلةَ الخميس التاسعةِ والعشرينَ لرمضانِ سبعٍ وست مئة ودُفن لصلاةِ العَصْر منه بمقبُرة أُمِّ سَلَمة. 138 - سُليمانُ بن أحمد بن محمد بن سُليمانَ الأنصاريُّ، قُرْطُبيٌّ، أبو الرَّبيع. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح في رمضانِ ثلاثينَ وخمس مئة، وأبي عبد الله ابن الحاجّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3160)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 408، والذهبي في المستملح (792)، وتاريخ الإسلام 13/ 162. (¬2) ويكتب "القشالشي" أَيضًا. (¬3) هو أبو خالد المرواني.

139 - سليمان بن أحمد القضاعي، سرقسطي فيما أحسب، أبو الربيع كان أديبا شاعرا مصنفا

139 - سليمانُ (¬1) بن أحمدَ القُضَاعيُّ، سَرَقُسْطيٌّ فيما أحسَب، أبو الرَّبيع. كان أديبًا شاعرًا مصنِّفًا. 140 - سُليمان (¬2) بن أحمدَ، من ساكِني قُرْطُبة، حِجَاريُّ الأصل، وبالنَّسَبِ إليها وبابن القَزَّاز يُعَرف. رَوى عن أبي محمد ابن الأثْرَم. رَوى عنه أبو الوليد ابنُ خِيَرة، وكان من أهل المعرِفة بالنَّحو والأدب، شاعرًا مُجِيدًا مطبوعًا كاملَ المُروءة، ذا حظّ صَالح من الطِّبّ. 141 - سليمانُ (¬3) بن إبراهيمَ بن محمدِ بن خالدٍ الأنصاريُّ، أندَلُسيٌّ، أبو الرَّبيع (¬4). كان يَكتُبُ المصاحفَ ويُجيدُها، حيًّا سنةَ خمس وثلاثينَ وخمس مئة. 142 - سليمانُ بن إبراهيمَ بن مَلّاس، أبو أَيّوبَ، أخو أحمدَ وعُمر. رَوى عنه شُرَيْح. 143 - سليمان (¬5) بن إبراهيمَ بن مورقاطَ الكَلْبيّ، إشبِيليّ. رَوى عنه ابنُه مَرْوان، وكان سُليمانُ هذا من طبقة أبي محمدٍ الباجِيّ. 144 - سُليمانَ (¬6) بن إبراهيمَ بن يحيى الصُّنْهاجِيُّ، قُرْطُبيٌّ، نزَلَ دمشق (¬7)، أبو الرَّبيع. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن بسام في الذخيرة 3/ 374، وابن الأبار في التكملة (3139)، وابن سعيد في المغرب 2/ 423. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3135). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3142). (¬4) "أبو الربيع" استدركها الناسخ في الحاشية بعد المقابلة. (¬5) ذكره ابن بشكوال في الصلة (1347)، وترجمه ابن الأبار في التكملة (3121). (¬6) ترجمة ابن الأبار في التكملة (3156). (¬7) له سماع في تاريخ دمشق، ينظر 64/ 213، 276 و 65/ 286، 411، ولابنه إبراهيم 65/ 23.

145 - سليمان بن إبراهيم، طليطلي

رَوى عن أبي المكارِم عبد الواحِد بن هلال الأَزْديّ، رَوى عنه أبو الحَجّاج ابنُ خليل الدِّمشقي. 145 - سُليمان بن إبراهيمَ، طُلَيْطُليٌّ. رَوى عن أبي محمد عبد الرَّحْمَن بن لُبِّ بن ذي النُّون. وكان رجُلًا فاضلًا صاحبَ الصّلاة ببلدِه، حيًّا سنةَ ثمانٍ وسبعينَ وأربع مئة. 146 - سُليمانُ بنُ بَسّام. رَوى عن أبي سعيدٍ خَلَف [18 ب] , [26 ب] الفتى الجَعْفَريّ. رَوى عنه عليُّ بن محمد بن سُلَيْم. 147 - سُليمانُ (¬1) بن جعفر بن سُليمانَ بن أبي أُمَيَّةَ الحَضْرَميُّ، إشبِيليٌّ، أبو أَيُّوب. رَوى عن أبي الحَجّاج الأعلم، وكان من أهل العلم والأدب وأُولي النَّباهةِ والوَجاهة ببلدِه، واتَّفَق أهلُ إشبيلِيَةَ على تقديمِه للقضاء إِثْرَ صَرْف أبي القاسم بن مَنْظور عنهُ سنةَ خمس مئة، فأجابَ إليه بعدَ توقُّف، فاستَعفَى من حينِه فأُعفي وقُدِّم أبو عبد الله بنُ شِبْرِين. وكان أبو العلاءِ بنُ زُهْر يَغَصُّ بمكانِه، وجَرَتْ بينهما مُخاطَباتٌ بالشِّعر، وهُو الذي خاطبَ أميرَ المسلمينَ عليَّ بن يوسُف بن تاشَفين عن أهل إشبيلِيَةَ يُعلِمُه باستشهاد أميرها عُمر بن مُقَور (¬2) بقَتْل الرُّوم إِيّاهُ في رجبِ ستٍّ وعشرينَ وخمس مئة ومُستصرِخًا بعليِّ بن يوسُف. 148 - سُليمانُ (¬3) بن حَبِيب، إِلْبِيريٌّ. رَوى عن عبد الملِك بن حَبِيب. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3138). (¬2) في البيان المغرب: أبو حفص عمر بن الحاج اللمتوني الملقب ومجور (انظر القطعة المنشورة بمجلة اسبريس: 1960 ص 92). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3111).

149 - سليمان بن حزب الله بن أبي هريرة المعافري، أبو الوليد

149 - سُليمان بن حِزْبِ الله بن أبي هُريرةَ المَعافِريّ، أبو الوليد. رَوى عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبي. 150 - سُليمانُ (¬1) بن حَزْم الحَريريُّ، أبو أيّوبَ. رَوى عن أَبيه، وكان فقيهًا مدرِّسًا، حيًّا بعدَ العشرينَ وأربع مئة. 151 - سُليمانُ (¬2) بن حَزْم السَّبَئيُّ، مَرَوي، أبو الرَّبيع. سَمِعَ أبوَيْ علي: الغَسّانيَّ وابنَ سُكّرة، وعليه نزَلَ الغَسّانيُّ بحِمّة بَجّانةَ عند وصُولِه إليها سنةَ ستٍّ وتسعينَ وأربع مئة مُستشفِيًا من العِلة التي أصابتْه آخرَ عُمرِه ولم تُفارِقْه حتّى قضَى نَحْبَه، وفي دار سُليمانَ هذا سَمِع منه الناسُ، وكان هو وأبو القاسم بن وَرْد أكثرَ القارئينَ عليه حينَئذٍ قراءةً، وقرأ عليه حينَئذٍ غيرُهما. 152 - سُليمانُ (¬3) بن حَسّان، قُرْطُبيّ، أبو أيّوب، ابنُ جُلجُل. سَمِع الحديثَ بقُرْطُبةَ سنة ثلاثٍ وأربعينَ وثلاث مئة وهو ابنُ عَشْر سنينَ على أبي بكرٍ أحمدَ بن الفَضْل الدِّينوَريّ، وأبي الحَزْم وَهْب بن مسَرّةَ الحِجَاريّ، وأبي زكريّا ابن الشامَةِ بمسجدِ أبي علاقة وبجامعِها وبالزَّهراءِ وغيرها، معَ أخيه محمد بن حَسّان، ثُم تَرعرَعَ وسَمِع من أبي عُمر أحمدَ بن سعيدٍ الصَّدَفيّ المُنْتَجِيليّ، وأبي عبد الله بن هلال، وأبي إبراهيمَ إسحاقَ بن إبراهيم، والأسعدِ بن عبد الوارِث. وأخَذ العربيّة عن محمد بن يحيى الرَّبَاحي، [قرَأَ عليه] (¬4) "كتابَ سيبوَيْه" سنةَ ثمانٍ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3124). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3134)، وفي المعجم في أصحاب الصدفي (289). (¬3) ترجمه صاعد في طبقات الأمم (80)، والحميدي في جذوة المقتبس (453)، والضبي في بغية الملتمس (767)، والقفطي في أخبار الحكماء (130)، وابن الأبار في التكملة (3119)، وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء (493)، والذهبي في تاريخ الإسلام 8/ 175، والصفدي في الوافي 13/ 469 باسم داود بن حسان، وأعاده في 15/ 362 باسم سليمان بن حسان، وذكره ابن حزم في رسالته في فضل الأندلس كما في نفح الطيب 3/ 175. (¬4) ما بين الحاصرتين زيادة من التكملة، لا بد منها.

153 - سليمان بن الحسن بن أبي الخطاب، أبو الربيع، أخو أبي الحسن

وخمسينَ وثلاث مئة، وهُو كان آخرَ القَرَأةِ عليه. وصَحِبَ أَبا أيّوبَ سُليمانَ بن أيّوبَ الفقيه، وأبا بكر ابنَ القُوطِيّة، وغيرَهما. وعُني بالطبِّ أتمَّ [27 أ] عناية وهُو ابنُ أربعَ عشْرةَ سنة، وأفتَى فيه ابنَ أربع وعشرينَ، وصنَّفَ فيه كُتبًا جَليلةَ النَّفْع، وجمَعَ كتابًا في طبقاتِ الأطِبّاءِ والحُكَماءِ والفلاسفة القُدَماءِ والإِسلاميِّينَ أفاد به (¬1)، وفَرَغَ منه صَدْرَ سبع وسبعينَ وثلاث مئة. أخَذ عنه سعيدُ بن محمد الطُّلَيْطُليُّ ابنُ البَغُوْنَش (¬2). ومَوْلدُه سنةَ اثنتينِ وثلاثينَ وثلاث مئة. 153 - سُليمانُ بن الحَسَن بن أبي الخَطّاب، أبو الرَّبيع، أخو أبي الحَسَن. رَوى عن أبي جعفر بن عبد الرّحمن بن جَحْدَر. 154 - سُليمانُ (¬3) بن حُسَين بن يوسُفَ الأنصاريُّ، لارِديٌّ، أبو مَرْوانَ الشَّييّ (¬4). رحَلَ إلى قُرطُبةَ سنةَ ستٍّ وخمسينَ وأربع مئة فلقِيَ أَبا عبد الله بنَ عَتّاب، وأبا عُمرَ ابنَ القَطّان، وأبا القاسم حاتمَ بن محمد الطَّرَابُلُسي. ولقِيَ بشرقِ الأندَلُس أَبا العبّاس العُذْريَّ، وأبا عُمر بنَ عبد البَرّ، وأبا الوليد الباجِيَّ فسمعَ منهم وأخَذ عنهم، ثم انصرَفَ إلى لارِدة. رَوى عنه أبو محمدٍ القَلَنّيّ، وأبو الوليد يحيى بن سُليمان. وكان مُحدّثًا مُكثِرًا فقيهًا مُشاوَرًا، واستُقضيَ ببلدِه، وتوفِّي سنةَ ثمانٍ وخمس مئة وقد قارَبَ المئة. ¬

_ (¬1) حققه العلامة فؤاد سيد يرحمه الله. (¬2) هو سعيد بن محمد بن البَغُوْنَش الطبيب الطليطلي، قيّده الصفدي في الوافي فقال: بفتح الباء الموحدة وضم الغين المعجمة وسكون الواو وفتح النون وبعده شين معجمة (الوافي 15/ 254)، ووقع في التكملة: "البغولش" من غلط الطبع فيُصحح. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3133)، والذهبي في المستملح (780)، وتاريخ الإسلام 11/ 113. (¬4) منسوب إلى شيّة، من قُرى لاردة، كما في التكملة.

155 - سليمان بن حكم بن محمد بن أحمد بن علي الغافقي، قرطبي، أبو الربيع

155 - سُليمان (¬1) بن حَكَم بن محمد بن أحمدَ بن عليّ الغافِقيُّ، قُرْطُبيّ، أبو الرَّبيع. تَلا القرآن وأخَذ النَّحوَ واللّغة عن أبي جعفر بن يحيى، وأبي عبد الله البَكْريِّ الأُقلِيجيّ، ورَوى الحديثَ عن أبوَيْ عبد الله: ابن حَفْص وابن الفَخّار، وأبي عُمرَ بن عاتٍ، وأبوَي القاسم: ابن بَشْكُوال والشَّرّاط. رَوى عنه أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، وحدَّث عنه بالإجازة شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيّ، وأبو محمد طَلْحةُ بن محمد بن طَلْحة. وكان كبيرَ عاقِدي الشُّروط بقُرْطُبة يقعدُ لذلك بدُكّانٍ غَرْبيَّ المسجدِ المنسُوب إلى بدر، مُبِرِّزًا في العَدالة والضَّبط وحُسن الخَطّ، عارفًا بنَوازلِ الأحكام، أديبًا كاتبًا مَديدَ الباع في النَّظْم، ونَظَمَ باقتراح أبي القاسم ابن الطَّيْلَسان أُرْجوزةً مُزدَوَجةً في الفقه شُهِدَ لهُ بالإجادةِ فيها ضمَّنها مسائلَ "الخِصَال الصَّغير" للعَبْديِّ وأبوابِه. ومن نَظْمه قصيدةٌ يُثْني فيها على الإِمام أبي الحُسَين مُسلم بن الحَجّاج ويصِفُ إتقانَه في تصنيف "صحيحِه"، وهي مما أنشَدتُه على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيّ رحمه الله، قال (¬2): [27 ب] أجاز لي حَمْلَها عنه ناظمُها فيما أذِنَ لي فيه. وأنشَدَنيها صاحبُنا أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، قال: أنشَدَني شيخُنا أبو الرَّبيع بنُ حَكَم لنفسِه [طويل]: تَحدَّى بإتقانِ الرّوايةِ مسلمُ ... وأوضَحَ في الإسنادِ ما هُو مُبهَمُ وأبدعَ في علمِ الحديث عجائبًا ... أبانَ بها ما لم يكنْ قبلُ يُفْهمُ وخرَّجَ من محضِ الصِّحاحِ مصنَّفًا ... به كلُّ مَن يَهوَى الأحاديثَ مُغرَمُ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3161)، والرعيني في برنامجه (126)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 409، والذهبي في المستملح (793)، وتاريخ الإسلام 13/ 542، والصفدي في الوافي 15/ 370، والتنبكتي في نيل الابتهاج 102 (ط. فاس). (¬2) أشار الرعيني في برنامجه إلى هذه القصيدة ولم يوردها.

وسابقَ كلَّ المُسنِدينَ ففاقَهمْ ... وأربَى عليهمْ حينَ جادَ وديَّموا لقد أخمدَ الكُتْبَ السَّنِيةَ ذكْرُهُ ... كما خَمَدت في طَلْعةِ البدرِ أنجُمُ فيا طالبًا للعلم دُونَكَ مُسنَدًا ... صحيحًا به من علّةِ الوَهْم تسلَمُ فما بعدَ فُرقانٍ هُدِينا بنُورهِ ... أجلُّ وأعلى منه قَدْرًا وأعظمُ عليكَ بمجموع من العلمِ فاغتنمْ ... فما مثلَهُ من مُسنَد الوَحْي تغنَمُ به تَهتدي مهما استضَأْتَ بنُورِهِ ... إذا ما دَجَا ليلٌ من الجَهْل مُظلمُ فلا تعتمدْ إلا عليه فإنهُ ... على كلِّ ديوانٍ يُرَوَّى مقدَّمُ جَزَى اللهُ خيرًا مُسلمًا وأثابهُ ... بأكرمِ نُزْلٍ خالدًا فيه يَنعَمُ تَهدَّى لعلمٍ لم يزَلْ فيه قُدوةً ... وما كان إلّا للهدايةِ يُلْهَمُ لئنْ فارَقَ الأبصارَ مَرْأى عِيَانِهِ ... فما نُورُه مَرْأى البصائرِ يُعدَمُ عليه سلامُ الله ما حجَّ راكبٌ ... وما طاف بالبيتِ المحرَّم مُحْرِمُ تَلقَّى لامَ القَسَم في البيتِ الذي قبلَ الآخِر بما تُتلَقَّى به أدواتُ الشَّرط غَفْلةً منه، جَرَّها عليه اعتبارُ الشَّرط الذي دخَلَتْ عليه لامُ القَسَم، والعرَبُ إنّما تُراعي في هذا البابِ ما تُصدِّرُ به الكلام؛ وُيخرِجُه عن هذا أنْ لو عَوَّضَ الفاء من "فما" باللام. وأنشَدْتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ -رحمه الله- لأَبي الرّبيع بالإسناد المتقدِّم إليه (¬1) [السريع]: يفرَحُ الِانسانُ لأَيّامِهِ ... تمَضي لِما يرجو مِنَ امالِهِ وهْو على الدِّرهم يبكي دَمًا ... إِنْ خالَه يَذهَبُ من مالِهِ ¬

_ (¬1) برنامج الرعيني (126)، ونيل الابتهاج (102).

156 - سليمان بن خلف بن بشمار، أبو داود وأبو الربيع

مولدُه بقُرطُبةَ سنةَ ستٍّ وأربعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بها ظُهرَ يوم الثلاثاءِ لثمانٍ خَلَوْنَ من شهرِ ربيعٍ الآخِر (¬1) سنةَ ثمانيَ عشْرةَ وست مئة، ودُفن بالرَّبَض القِبْليِّ [28 أ] من قُرْطُبة. قال ابنُ الأبّار، وقد ذكَرَ وفاتَه ولم يذكُرْ مولدَه: وقد قارَبَ الستينَ، وقال: ذكَرَ وفاتَه وأكثَرَ خبرَه ابنُ الطَّيْلَسان. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: نقَلْتُ تاريخَيْ مولدِه ووفاتِه من خطِّ أبي القاسم ابن الطَّيْلَسان، وهما يَدفَعانِ قولَ ابن الأَبَّار ويُخالفانِه ويَقتَضِيانِ أنه توفِّي ابنَ ثلاثٍ وسبعينَ سنةً أو نحوِها فتأمَّلْه، واللهُ الموفِّق. 156 - سُليمانُ بن خَلَف بن بَشْمار، أبو داودَ وأبو الرَّبيع. رَوى عن أبي عبد الله بن يحيى، وأُراه الرَّبَاحيَّ النَّحْوي. 157 - سُليمانُ بن خَلَف بن دُعَيْم الكَلْبيّ، أبو الرَّبيع. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي. 158 - سُليمانُ بن خَلَف بن سُليمانَ بن محمد الحَضْرَميّ، إشبِيليّ، أبو الحَسَن المَقُوقي (¬2)، بفَتْح الميم وقافَيْنِ بينَهما واوُ مَدّ منسوبًا. رَوى عن أبي الأصبَغ عيسى بن أبي البَحْر، وأبي بحرٍ الأسَديّ، وأبي بكر ابن العَرَبي، وأبوَي الحَسَن: شُرَيْح ومحمَّد بن الوَزّان، وأبي عُمَر اللَّمْتُوني، وأبي عبد الله مالك بن وُهَيْب، وأبي محمد بن عَتّاب، وأبي مَرْوانَ الباجِيّ. ¬

_ (¬1) في برنامج الرعيني: في الثامن عشر من شهر ربيع الآخر. (¬2) في حاشية النسخة كتب ما يأتي: "حاشية بخطه: لم يصح عندي الآن أن هذا هو المقوقي حتى أنظر فيه إن شاء الله". قلنا: والمقوقي هو سليمان بن محمد بن سليمان، ترجمه ابن الأبار في التكملة (3157)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 400، والذهبي في المستملح (790)، وتاريخ الإسلام 12/ 654، وسيأتي في الترجمة (194) من هذا المجلد: "سليمان بن محمد بن سليمان الحضرميّ، روى عن شريح".

159 - سليمان بن خلف بن محمد بن فتحون، أوريولي، أبو []

رَوى عنه ابنُ أُختِه الحاجُّ أبو بكر بن عليّ. وكان مُقرئًا مجوِّدًا مُشاركًا في الفقه عاقدًا للشّروط، وذُكرَ أنّ أَبا بكر ابنَ الجَدّ كان يَغَصُّ به ويَغُضُّ منه، وتوفِّي في حدودِ الثمانينَ وخمس مئة. 159 - سُليمانُ (¬1) بن خَلَف بن محمد بن فَتْحُون، أُورِيُوليّ، أبو [...] (¬2). تفَقَّه على أبي الوليد بنِ مِيقُل بمُرْسِيَة. حدَّث عنه ابنُه أبو القاسم خَلَفٌ صاحبُ الوثائق، ولحفيدِه أبي بكرٍ منه إجازة. 160 - سُليمانُ (¬3) بن خَلَف، حِجَاريٌّ، أبو الرَّبيع الطَّحّانُ. رَوى عن أبي محمد القاسِم بن الفَتْح الحِجَاريّ الرُّيُولَه. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ عثمان بن حُسَين البَكْريُّ سنةَ خمس وستينَ وأربع مئة. 161 - سُليمانُ بن الخلف. رَوى عنه أبو القاسم بن أبي رَجَاء. 162 - سُليمانُ (¬4) بن خليفةَ بن عبد الواحدِ الأنصاريُّ، مالَقيٌّ، أبو الرَّبيع. رَوى عن أبي المُطرِّف عبدِ الرّحمن بن السَّلِيم. رَوى عنه ابنُه أبو عبد الله القاضي (¬5). 163 - سُليمانُ (¬6) بن داودَ بن عبدِ الرّحمن بن سُليمانَ بن عُمرَ بن خَلَف بن عبد الله بن عبد الرَّؤوف بن حَوْطِ الله الأنصاريُّ الحارِثيُّ، أُنْدِيّ، أبو داودَ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3131). (¬2) بياض في الأصل، ولم يذكر ابن الأبار كنيته، فكأن المؤلف أراد أن يعرفها فلم يوفق. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3127). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3128). (¬5) اسمه محمد بن سليمان. (¬6) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3151)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 401، والذهبي في المستملح (787)، وتاريخ الإسلام 12/ 362.

164 - سليمان بن داود بن يوسف بن علي بن محمد الأسلمي الشيي، أبو داود، ابن فرتبيب، بضم الفاء وسكون الراء وضم التاء المعلو وكسر الباء بواحدة وياء مد وباء بواحدة

وأبو الرَّبيع التُّويزِيّ، بضمِّ التاء المَعْلوِّ وفتح الواو وإسكان الياء المسفُول وزايٍ منسوبًا. تَلا بالسّبع على أبي الحَسَن بن محمد بن هُذَيْل وأكثَرَ عنه، وأبي محمد بن سَعْدونَ الضَّرير، وببعضِها على أبي بكرٍ جعفرِ بن [28 ب] الحُسَين بن أبي البقاء؛ ورَوى سَماعًا عن آباءِ الحَسَن: طارقِ بن موسى بن يَعيشَ وابن النِّعمة وابن عِزِّ الناس، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ واختَصَّ به، وغيرِهم. رَوى عنه ابناهُ: أبو محمد وأبو سُليمان (¬1). وكان كثيرَ العناية بكتاب الله تعالى حَسَنَ التّلاوة له مُلازمًا إقراءة وتعليمَه، فاضلًا متواضِعًا، والمسجدُ الذي كان يَؤُمُّ به في صلاة الفريضة ويقرأُ فيه القرآن لم يزَلْ يُعرَفُ بمسجدِ أبي الرَّبيع إلى أن تغَلَّب الرُّومُ على أُنْدةَ سنةَ أربعينَ وست مئة أو نحوِها. مولدُه سنةَ ثمانٍ وخمس مئة، وتوفِّي في العَشْر الوُسَط من ذي الحِجّة سنةَ سبع وستينَ وخمس مئة. 164 - سُليمانُ بن داودَ بن يوسُفَ بن عليّ بن محمد الأسْلَميُّ الشَّييّ، أبو داود، ابنُ فُرْتُبِيبَ، بضمِّ الفاء وسكون الرّاء وضمِّ التاء المَعْلوِّ وكسرِ الباء بواحدةٍ وياءِ مَدّ وباءٍ بواحدة. رَوى عن محمد بن يوسُف وأبي العبّاس بن سَلَمةَ، وله رحلةٌ حَجَّ فيها. 165 - سُليمانُ (¬2) بن رَحِيق الأنصاريُّ، أندَلُسيّ، أبو بكر. سَمِع بدمشقَ سنةَ اثنتينِ وثلاثينَ وأربع مئة. رَوى عنه نَصْرُ بن إبراهيمَ المَقْدِسي. ¬

_ (¬1) أبو محمد اسمه عبد الله، وأبو سليمان اسمه داود، وأولهما مترجم في تكملة ابن الأبار (2150) وكذلك داود (874). (¬2) ترجمه ابن عساكر في تاريخ دمشق 22/ 315، وابن عبد الملك في الذيل 4/ 69.

166 - سليمان بن سعيد بن محمد بن سعيد العبدري، داني، أبو الربيع اللوشي، بشين معقود

166 - سُليمانُ (¬1) بن سَعيدِ بن محمد بن سَعيدٍ العَبْدَريُّ، دانيٌّ، أبو الرَّبيع اللَّوْشيُّ، بشينٍ معقود (¬2). رَوى عن أَبيه، وأبي داودَ الهِشَاميّ، وأبي عليّ الصَّدَفي. وكان فاضلًا خِيَارًا فيه غَفْلة، واستُقضيَ بدانِيَةَ ثم صُرِفَ سنةَ أربعينَ. وتوفِّي في شهرِ ربيعٍ الآخِر سنةَ خمسٍ وأربعينَ وخمس مئة بدانِيَةَ وقد نَيَّف على السّبعين. 167 - سُليمانُ بن سُليمانَ بن بَكْرٍ البَلَويُّ، قُرْطُبيٌّ، أبو داود. رَوى عن محمد بن عُمر بن سُليمانَ الأَنْصاريّ، وأبي عبد الله ابن الشَّنْتَرِينيّ. وكان مُقرِئًا. 168 - سُليمانُ (¬3) بن سُليمانَ بن حَجَّاج بن حَبِيب بن عُمَيْر اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ، أبو أَيّوب. وهُو ابنُ أخي إبراهيمَ بن حَجّاج صاحبِ إشبيلِيَةَ. أخَذ عن أبي عبد الله ابن المغازي وغيره. وكان أديبًا حافظًا للأخبارِ القديمة حَسَنَ الاقتِصاص لها خَطيبًا بَليغًا شاعرًا، وقال الشِّعرَ بعدَما أسَنَّ فأحسَنَ وجَوَّد. وتوفِّي سنةَ ثمانٍ وثلاثينَ وثلاث مئة. 169 - سُليمانُ (¬4) بن طاهِر بن عيسى، أندَلُسيّ، أبو الرَّبيع. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3145)، وفي المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (290)، والذهبي في المستملح (875)، وتاريخ الإسلام 11/ 874. (¬2) في التكملة والمعجم: بين الجيم والشين. (¬3) ترجمه الزبيدي في طبقات اللغويين (300)، وابن الأبار في التكملة (3115) نقلًا من الزبيدي. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3129)، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 314، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 68.

170 - سليمان بن عبد الله بن سليمان بن واجب الجشمي

رَوى عن أبي عَمْرٍو المقرئ، رَوى عنه أبو الحَسَن عليُّ بن محمد التُّجِيبيُّ نَزيلُ طَبَرِيّة: من بلادِ الشام؛ قال أبو عبد الله ابنُ الأَبَّار: حَكَاه أبو عبد الله القيجاطيّ، قال: وفيه [29 أ] عندي نظر. 170 - سُليمانُ بن عبد الله بن سُليمانَ بن واجِب الجُشَمِيّ. كذا وجدتُه ولعلّه: الخُشَنيُّ الآتي ذكْرُه بعدُ إن شاء الله. 171 - سُليمانُ (¬1) بن عبد الله بن عليّ بن عبد الملِك بن يحيى بن عبد الملِك الأَزْديّ، مُرْسِي، أبو أيوب، ابنُ بُرْطُلّه (¬2). رَوى عن أهل بلدِه، وكان حَسَنَ السَّمت حُلوَ الشّمائل، نَحْوّيًا محقِّقًا، وَرِعًا فَهِمًا متيقِّظًا، متعيِّشًا من فائدةِ ضَيْعةٍ له كان يتَصرَّفُ في بَعْلِها وسَقْيِها. توفِّي بقريتِه بني أشكورنه يومَ الأربعاء لثنتَيْ عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من شعبانِ أحدٍ وثلاثينَ وخمس مئةٍ عن اثنتينِ وثمانينَ سنةً، ونُقلَ إلى دارِه برَبَض ابن قُرَشي، وصَلَّى عليه يومَ الخميس غدَ يوم وفاتِه ابنُه الكبير عبد الله، وواراهُ هُو والحاجُّ أبو محمد عبد الله بن موسى بن بُرْطُله برَوْضتِهم جَوْفيّ المَقْبوِّ المنسوبِ بناؤه إليهم. 172 - سُليمانُ (¬3) بنُ عبد الله بن محمد بن حَفْصِيل الأسَديُّ، سَرَقُسْطيٌّ، من آلِ حَفْص بن سُليمان القارئ صاحبِ عاصِم الكُوفي، أبو الوليد. وَلِيَ قضاءَ بلدِه بعدَ تغلُّبِ الرُّوم عليه، وكان فقيهًا أديبًا شاعرًا. 173 - سُليمانُ (¬4) بنُ عبد الله التُّجِيبيُّ، خَضْراويٌّ، أبو الرَّبيع الخُشَيْنيُّ، بضمِّ الخاءِ المعجَم وفتح الشِّين وياءٍ تصغير ونون، منسوبًا إلى خُشَينْ: قريةٌ بغَرْبيِّ ¬

_ (¬1) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 598، نقلًا من هذا الكتاب. (¬2) قيده السيوطي في البغية فقال: بضم الموحدة والطاء المهملة وسكون الراء وتشديد اللام. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3136). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3158)، والذهبي في المستملح (791)، وتاريخ الإسلام 12/ 759، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 599.

174 - سليمان بن عبد الرحمن بن أحمد بن عثمان العبدري، برياني -بضم الباء بواحدة وشد الراء وكسرها وياء مسفول وألف ونون منسوبا- استوطن بلنسية، أبو الربيع البرياني

مالَقةَ، كذا يقالُ، أعني مُصَغَّرًا، قاله ابنُ الأبّار، وقال: والخُشَنيُّ دونَ تصغير، قرأتُهُ بخطِّه. رَوى عن أبي بكر عَيّاش بن الخَلُوف، وأبي جعفر بن يَعْلَى، وأبوَيْ عبد الله: ابن عبد الرّحمن الأَنْصاريّ مُستوطِن مَيُورْقَةَ وابن عُمرَ بن أزهَر النَّفْزِيّ المُقرِئَين، وأبي العبّاس بن إبراهيمَ بن مَسْلَمةَ المَعافِريّ الدَّقّاق، وأبي القاسم خَلَف بن الأبْرَش. وأجاز له أبو محمد بنُ عَتّاب. رَوى عنه يوسُفُ بن أحمد البَهْرانيّ وأبو عبد الله بن يوسُف بن الجَذع وحدَّث عنه بالإجازة ابنا حَوْطِ الله، أجازَ لهما سنةَ ثلاثٍ وثمانينَ وخمس مئة. وكان من أئمّة التجويدِ للقرآن العظيم، حافظًا لوجوهِ القراءات ذاكرًا لها، ذا حظٍّ وافرٍ من النَّحْو وروايةِ الحديث، عَدْلًا فاضلًا. 174 - سُليمانُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن أحمدَ بن عثمانَ العَبْدَريّ، بُرِّيَانيّ -بضمِّ الباءِ بواحدة وشدِّ الراءِ وكسرِها وياءٍ مسفُول وألفٍ ونون منسوبًا- استَوطنَ بَلَنْسِيَةَ، أبو الرّبيع البُرِّياني. سَمِع أَبا عليّ الصَّدفيَّ، ورَحَلَ فأدَّى فريضةَ الحجّ وأخَذ هنالك عن أبي عبد الله بن [29 ب] منصور الحَضْرَميِّ وغيره، وقَفَلَ إلى بَلَنْسِيَةَ فأسمَعَ بها. رَوى عنه أبو عُمر بنُ عَيّاد؛ وكان ثقةً عَدْلًا خِيَارًا لا يُحدِّثُ إلّا بما قرَأَ أو سَمِع أو نُووِلَ، ولا يرَى التحديثَ بالإجازة. وكان عالمًا بالأصُول والحديث، حسَنَ الخَطّ جيّد الضَّبط، معَ مشاركة في الطّبّ، وانتقلَ من بَلَنْسِيَةَ فأوْطَنَ قُرْطُبةَ وقتًا مُحترِفًا بالطِّب، ثم نَزَلَ بأخَرةٍ كُورةَ إلْشَ فوَليَ الصّلاةَ والخُطبة بجامِعها، وتوفّي بها في صَفَر خمسينَ وخمس مئة ابنَ سبعينَ سنة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3147)، والمعجم في أصحاب الصدفي (291)، والذهبي في المستملح (786)، وتاريخ الإسلام 11/ 985.

175 - سليمان بن عبد الرحمن بن سليمان المهري، قرطبي، أبو الحسن، ابن أبي زيد

175 - سُليمانُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن سُليمانَ المَهْرِيُّ، قُرْطْبيُّ، أبو الحَسَن، ابنُ أبي زَيْد. رَوى عن أبي عُمر مَيْمون بن ياسين، وأبي الوليد مالكٍ العُتْبيّ ولهُ إجازةٌ من أبي الوليد بن طَرِيف. رَوى عنه أبو إسحاقَ وأبو محمدٍ ابنا فَرْقَد، وأبو بكر بنُ خَيْر. وكان أديبًا مَعْنيًّا بالتقييد حسَنَ الخَطِّ، فقيهًا جَليلًا، واستُقضي. 176 - سُليمانُ (¬2) بن عبد الرّحمن بن عبد المجيد (¬3) بن عيسى بن يحيى بن يَزيدَ مَوْلَى معاويةَ بن أبي سُفيان. رَوى عن أبوَيْ عبد الله: الخُشَنيِّ وابن وَضّاح، وتوفِّي سنةَ خمس وعشرينَ وثلاث مئة. 177 - سُليمانُ بن عبد الأكرم، أبو الرَّبيع. رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال. 178 - سُليمانُ (¬4) بن عبد العزيز بن أسَدٍ الأُمَويُّ، إشبِيليٌّ، أبو الرَّبيع، ابنُ لُؤلُؤةَ. له رحلةٌ حَجَّ فيها وسَمِع على أبي عبد الله بن أحمد بن إبراهيمَ الرّازي ابنِ الحَطّاب -بالحاء الغُفْل- بقراءةِ أبي الطاهر السِّلَفيِّ سنةَ إحدى عشْرةَ وخمس مئة، وسَمِع على السِّلَفيِّ أَيضًا، وعلى أبي القاسم عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ ابن الفَحّام. رَوى عنه أبو بكر بنُ خَيْر، وأبو القاسم ابن بَشْكُوال. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3146). (¬2) ترجمه ابن الفرضي في تاريخه (557)، والحميدي في جذوة المقتبس (456)، والضبي في بغية الملتمس (771)، وابن الأبار في التكملة (3113). (¬3) هكذا في الأصل، وفي مصادر ترجمته: "عبد الحميد"، وهو الصواب إن شاء الله تعالى. (¬4) ترجمه السلفي في معجم السفر (92)، وابن الأبار في التكملة (1147)، والمعجم في أصحاب الصدفي (292).

179 - سليمان بن عبد العزيز، أندي، أبو الربيع، ابن الصباغ، بصاد غفل وباء واحدة وغين معجم

179 - سُليمانُ (¬1) بن عبد العزيز، أُنْدِيّ، أبو الرَّبيع، ابنُ الصَّبّاغ، بصادٍ غُفْل وباءٍ واحدة وغَيْن معجَم. رَوى عن أبي الحَسَن بن هُذَيْل. وكان من أهل النُّبْل والمعرِفة الجيِّدة بالآدابِ، شاعرًا مُحسِنًا، واستُشهِدَ بالشّلَرْقَات، نفَعَه الله. 180 - سُليمانُ (¬2) بن عبد الغافِر، قُرْطُبيّ، أبو أيّوبَ الفِرِّيشيُّ، وغلَبَت عليه كُنْيتُه، ويقال: اسمُه محمد. رَوى عن أبي بكر محمد بن عُبَيد الله المُعَيْطيِّ وصَحِبَه، فكان سببَ اشتهارِه بالزُّهد وتبريزِه في العبادة، وكان أحدَ الزُّهّادِ المُنقطِعينَ. توفِّي بقُرطُبةَ سنةَ أربع مئة وهو في عَشْرِ المئة. 181 - سُليمانُ (¬3) بن عبد الملِك بن باج. وَلِيَ قضاءَ الجزيرةِ وسَبْتةَ وشَذُونةَ من قِبَلِ الناصِر عبد الرّحمن بن محمد سنةَ ثلاثِ وثلاثينَ وثلاث مئة، وهُو الذي قَدِمَ [19 أ] عليه بمحمد بن أبي العَيْش بن عُمرَ بن إدريسَ العَلَوي ورُسلِ أَبيه يومَ الخميس لثلاثِ بَقِينَ من رجَبٍ من السنة المذكورة (¬4). 182 - سُليمانُ (¬5) بن عبدِ الملِك بن روبيلَ بن إبرهيمَ بن مهريال بن عبد الله العَبْدَريّ، بَلَنْسِيٌّ، أصلُه من بعض ثُغورِها، أبو الوليد، ابنُ مهريال. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3152). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3123) ووقعت فيه نسبته "القُرشي" من غلط الطبع، فتصحح. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3114). (¬4) ينظر المقتبس لإبن حيان 461 (ط. كورنيطي)، والبيان المغرب لإبن عذاري 2/ 213. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3141)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 396، والذهبي في المستملح (783). وتنظر الصلة لإبن بشكوال 1/ 201 (ط. الحسيني) على أن الترجمة المذكورة فيه ليست من الكتاب، فقد قال ابن الزبير: ذكره الشيخ (يعني: ابن فرتون) في الذيل عن ابن بشكوال فيما ذكره خارج كتاب الصلة، وإنما وجده الناشر في حاشية النسخة.

183 - سليمان بن عبد الواحد بن عيسى الهمداني، غرناطي، أبو الربيع

تَلا في بلدِه بالسبّع على أبي عبد الله بن باسُهْ، ورَوى الحديثَ عن أبي بحرٍ الأسَديِّ، وأبي الحَسَن بن واجِب، وأخَذ عن أبي محمد بن أيّوبَ الحديثَ المُسَلسَل في الأخْذِ باليد. ورَحَلَ إلى قُرطُبةَ، فرَوى بها عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ وأبي محمد بن عَتّابٍ وطبقتِهما، وإلى إشبيلِيَةَ فرَوى بها عن شُرَيْح، وأخَذَ عِلمَ اللِّسان عن أبي محمد بن السِّيْد، وله فِهرِسةٌ ضَمَّنَها ذكْرَهم وروايتَه عنهم وعن غيرِهم. رَوى عنه أبو القاسم ابنُ بَشْكُوال وتَدبَّجَ معَه؛ وكان من أهل المعرفة بالقراءات وطُرُقِها وضَبْطِها، والبصَرِ بالحديث ورجالِه، والحفظِ للتواريخ، وعُنيَ كثيرًا بلقاءِ الشّيوخ والأخْذِ عنهم وجَمْع الدَّواوين واقتناءِ الأُصُول، وكتَبَ بخطِّه الحَسَن علمًا كثيرًا. ووَليَ الأحكامَ بغيرِ موضِع، وأقرَأَ. مَوْلدُه ببَلَنْسِيَةَ سنةَ ستٍّ وتسعينَ وأربع مئة، وتوفِّي بإشبيلِيَةَ صَدْرَ شعبانِ ثلاثينَ وخمس مئة، عاجَلَتْه مَنِيّتُه فلم يَطُل الإمتاعُ به؛ وقَعَ ذكْرُه في بعض نُسَخ "الصِّلة" مقتَضَبًا (¬1). 183 - سُليمانُ (¬2) بن عبد الواحِد بن عيسى الهَمْدانيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو الرَّبيع. تَلا على أبوَي الحَسَن: ابن الباذِش وابن دُرِّي، وأبي القاسم عبد الرحمن ابن محمد. رَوى عنه أبو القاسم المَلّاحيُّ. وحدَّث عنهُ بالإجازة أبو عبد الله الأَندَرْشِيّ (¬3). وكان صَدْرًا في مُقرِئي كتابِ الله تعالى مُتقِنًا لآدابِه، فقيهًا، حافظًا، مُشاوَرًا في النّوازل بَصِيرًا بالفَتْوى، عاقدًا للشّروط، وصَنَّفَ في الفقه، واستُقضيَ بموضعِه. ¬

_ (¬1) ينظر التعليق السابق، وإنما ذكره ابن بشكوال في معجم شيوخه، وحكى في الصلة وفاة أبي عبد الله ابن المرابط القاضي عنه (الترجمة 1224). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3153)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 402، والذهبي في المستملح (788)، وتاريخ الإسلام 12/ 441. (¬3) استجازه له أبوه سنة سبعين وخمس مئة.

184 - سليمان بن عثمان بن سليمان بن عثمان الأزدي، إشبيلي، أبو الربيع

184 - سُليمانُ بن عُثمانَ بن سُليمان بن عثمانَ الأَزْديُّ، إشبِيليٌّ، أبو الرَّبيع. رَوى عن أبي الحَسَن الدَّبّاج. 185 - سُليمانُ بنُ عليِّ بن سُليمانَ بن عبد الله الأَوْسِيُّ. 186 - سُليمانُ (¬1) بن عليّ بن محمد بن سُليمانَ الكُتَاميُّ، شِلْبيٌّ، أبو الرَّبيع الغربي. رَوى عن أبي الخَطّاب بن واجِب، وأبي سُليمانَ وأبي محمدٍ ابنَيْ حَوْطِ الله واختَصَّ بهما، وأبي العبّاس ابن الرُّوميّة، وأبي الوليد بن خالدٍ الأنْدِيّ. رَوى عنه أبو محمدٍ طلحةُ؛ وكان أديبًا حافظًا، كاتبًا بَليغًا، كثيرَ التمثُّل [19 ب] بالأشعار والحِكَم والآداب، حسَنَ الخَطّ مُتقِن الضَّبط، ذا حظّ صالح من قَرْض الشّعر، وتجوَّل كثيرًا. وامتُحِنَ أوقاتًا، وتوفِّي بمَنُرْقةَ -بالنُّون- لأربعٍ خَلَوْنَ من شهر ربيعٍ الأوّل سنةَ اثنتينِ وأربعينَ وست مئة وقد نَيَّف على السّتين. 187 - سُليمانُ (¬2) بن عُمر بن يوسُفَ الكِنَاني، مالَقيّ، استَوطَنَ منازلَ العِزِّ من مِصرَ وبها توفِّي، أبو الرَّبيع المالَقيُّ. وقال أبو الصَّبرِ فيه: سُليمانُ بن محمد، فَوهِم. رَوى بالأندَلُس عن أبي العبّاس ابن العَرِيف ولازَمَه وانتفَعَ به، ثُم رَحَلَ إلى المشرِق فأدَّى فريضةَ الحجّ، وجال بالشَّام وغيرها آخِذًا عن مشيَخةِ العلماءِ هنالك كشمسِ الدِّين أبي [محمد] (¬3) ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3163)، والذهبي في المستملح (795)، وتاريخ الإسلام 14/ 411، وذكر الدكتور عبد الله المرابط الترغي أن المترجم هو سليمان بن أحمد المعروف بكثير المترجم في أعلام مالقة (344)، والمغرب 1/ 398، واختصار القدح (189)، وعنوان الدراية (279) وغيرها. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3155)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 404. (¬3) فراغ في الأصل تركه المؤلف، وكنيته مذكورة في ترجمته في تاريخ دمشق لإبن عساكر 256/ 37، وذيل تاريخ مدينة السلام لإبن الدبيثي 4/ 231، والتاريخ المجدد لإبن النجار 1/ 252، وتاريخ الإسلام للذهبي 12/ 410، وغيرها.

188 - سليمان بن عمر، خضراوي، القباعي

عبد الواحِد بن عبد الماجِد بن عبد الواحِد بن عبد الكريم بن هَوَازِن القُشَيْريِّ وغيره. رَوى عنه بالقاهرة أبو الصَّبر أيوبُ الفِهْرِيُّ، وأبو عبد الله بن قاسم بن عبد الرّحمن بن عبد الكريم؛ وقال أبو الصبر: كان من أهل الزُّهد والانقطاع إلى الله تعالى والعُزوفِ عن الدُّنيا والإقبالِ على الآخِرة صاحبَ مُجاهَداتٍ وكرامات. 188 - سُليمانُ (¬1) بن عُمر، خَضْراويٌّ (¬2)، القُباعيُّ. كان فقيهًا، واستَقْضاهُ الحَكَمُ المُستنصِرُ بالله على سَبْتةَ ثم ابنُه المؤيَّدُ هشامٌ، وكان له خُصوصيّة بالمنصور بن أبي عامر. 189 - سُليمانُ (¬3) بن فَتْح بن مُفرِّج، حِجَاريٌّ، أبو بكر. رحَلَ إلى المشرِق وحَجَّ ولقِيَ بمكّةَ -شرَّفها الله- أَبا سعيد ابنَ الأعرابيّ، وابنَ معروفٍ الصَّيْدلانيَّ وغيرَهما فأخَذَ عنهم. رَوى عنه أبو محمد بنُ عيسى الحِجَاريُّ ابنُ الأسْلميّة. 190 - سُليمانُ بنُ فَرْح -بسكونِ الرّاء والحاءِ الغُفْل- ابن عثمانَ العَبْدَريُّ، مَرْشَانيٌّ. 191 - سُليمانُ بن أبي عيسى لُبّ، أبو أيّوب. رَوى عنه عبدُ العزيز بن محمد بن عبد العزيز بن خَلَف الأُمَويّ. وكان محُدِّثًا راوِيةً ذا حَظٍّ من الأدبِ وقَرْض الشِّعر، كاتبًا مُحسِنًا، كتَبَ في أوّليّتِه عن القائدِ أبي عبد الله بن مَيْمون. ومن شعرِه: قصيدةٌ يصِفُ فيها "تجريدَ الصِّحاح" (¬4) تصنيفَ أبي عيسى رَزِين بن معاويةَ، رحمه الله، وهي [الكامل]: ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3117). (¬2) قال ابن الأبار: أحسبه من الجزيرة الخضراء، وأنت ترى أن المؤلف جزم بذلك. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3125). (¬4) هو الكتاب الذي اعتمده مسجد الدين ابن الأثير في "جامع الأصول".

192 - سليمان بن محمد بن خلف بن سليمان بن فتحون، أوريولي

يا طالبًا آثارَ هذا الدِّينِ ... خُذْها جميعًا في كتابِ رَزِينِ جمَعَ الأحاديثَ الصِّحاحَ روايةً ... فحَوَى نظامَ اللّؤلؤِ المكنونِ ما في الدَّواوينِ الكبارِ أتَى بها ... لمّا يكُنْ في جَمْعِها بِضَنِينِ وحَذَا على حَذْوِ البُخاريْ لم يحِدْ ... عن ذلك التبويبِ والقانونِ [20 أ] فعلى الحديثِ علامةٌ من أصلِهِ ... مثلَ النَّسائيْ سِينُه بالنونِ واحكُمْ على السُّنَن التي قد أُحكِمتْ ... آثارُه بتفرُّدٍ للسِّينِ وعلى"الموطَّإ" طاؤُه مَبْنيّةٌ ... ترتيبَ مُنفسِحِ الفؤادِ مكينِ والتاءُ تاءُ التِّرمذيِّ فثِقْ بها ... لا لَبْسَ في التعليم والتدوينِ والميمُ مفرَدةً علامةُ مُسلمٍ ... ما حَظُّ مَن يرويهِ بالمَغْبونِ وإذا الحديث أتى بغيرِ علامةٍ ... فهو البُخَارِيّ جَمْعَ خيرِ أمينِ وعلامةُ الإجماعِ جيمٌ وحدَها ... فافهَمْ فهذا غايةُ التبيينِ وعلى أبي عيسى إبانةُ شَرْحِ ما ... أعياكَ منهُ فهْو جِدُّ مُبِينِ قد كان في حَرَم الإله مؤلَّفًا ... في مكّةٍ دارِ التُّقى والدِّينِ فعلى رَزِينٍ رحمةٌ وتحيّةٌ ... ما غرَّدَ الأطيارُ فوق غُصونِ 192 - سُليمانُ بن محمد بن خَلَف بن سُليمانَ بن فَتْحون، أُورِيُولي. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفيّ. 193 - سُليمانُ بن محمد بن خَلَف الخَزْرَجيّ، ابنُ الشّيخ. رَوى عن أبي الحَسَن بن صَالح بن أبي اللَّيث. رَوى عنهُ أبو عبد الله بنُ يوسُف بن إسماعيل. 194 - سُليمانُ بن محمد بن سُليمانَ الحَضْرَميُّ. رَوى عن شُرَيْح.

195 - سليمان بن محمد بن سليمان الرعيني، طليطلي

195 - سُليمانُ بن محمد بن سُليمانَ الرُّعَيْنيُّ، طُلَيْطُليُّ. كان من أهل العلم والعَدالة، حيًّا سنةَ إحدى وأربعينَ وأربع مئة. 196 - سُليمانُ (¬1) بن محمد بن عبد الله السَّبَئِيُّ، مالَقيٌّ، أبو الحُسَين، ابنُ الطَّرَاوة، بطاءٍ غُفْل مفتوح وراءٍ وألفٍ وواوٍ وتاءِ تأنيث. رَوى عن آباءِ بكر: ابن غالِب بن أبي الدّوس وابن عَيّاش المَرْشَانيّ؛ ابتَدَأَ قراءةَ "كتابِ سِيبوَيْه" عليه بإشبيلِيَةَ سنةَ إحدى وستينَ وأربع مئة، وابنِ هشام المُصحَفيّ، وأبي جعفرٍ هابيلَ بن محمد. وسَمِع على أبي الحَجّاج الأَعلَم بقراءةِ ابنهِ محمد "كتابَ سِيبوَيْهِ" أَيضًا سنةَ خمس وستينَ، ولزِمَه واقتَصرَ عليه في علم اللّسان. ورَحَلَ إلى قُرْطُبةَ فسمع بها على أبي مَرْوانَ بن سِرَاج "كتابَ سِيبوَيْه" سنةَ ثمانٍ وستينَ بقراءة أبي عليٍّ الغَسّاني، وأخَذَ بها أَيضًا على أبي مَرْوانَ الطُّبْنِيّ، ورَوى أَيضًا عن أبي الوليد الباجِي. رَوى عنهُ أبو إسحاقَ بنُ شَنِيع (¬2)، وأبو الأصبَغ عيسى بنُ يحيى ابن اللّيطاني، وأبو بحبرٍ عليُّ بن جامع، وأبو بكر ابن سَمْحُون، وأبوا بكر: ابن موسى القجالجي ويحيى بن عبد الجَبّار، وأبو جعفر بنُ عليّ بن مُجاهد، [25 ب] , وأبوا الحَسَن: صالحُ بن خَلَف بن عامر وصالحُ بن عليّ بن سالم، وأبو زيد السُّهَيْليّ، ¬

_ (¬1) ترجمه العماد في الخريدة 3/ 571 (قسم المغرب)، والضبي في بغية الملتمس (779)، وابن خميس في أدباء مالقة (156)، والقفطي في إنباه الرواة 4/ 113، وابن الأبار في التكملة (3140)، وفي تحفة القادم (كما في المقتضب من 110)، والرعيني في برنامج شيوخه (144)، وابن سعيد في المغرب (2/ 208)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 395، والذهبي في المستملح (782)، وتاريخ الإسلام 11/ 474، وسير أعلام النبلاء 19/ 609 (ذكر وفاته)، واليمني في إشارة التعيين (135)، والصفدي في الوافي 15/ 422، وابن شاكر في ذوات الوفيات 2/ 79، والفيروزآبادي في البلغة (91)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 602، وغيرهم. (¬2) هو أبو إسحاق إبراهيم بن عبد القاهر بن فتوح بن شنيع الأشبوني، مترجم في التكملة الأبارية (369).

وأبو عبد الله بن خليل القَيْسيّ، وأبو العبّاس محمدُ بن يزيدَ الطائيُّ، وأبو الفَضْل عِيَاض، وآباءُ محمد: حنون بن عبد العزيز بن حَكَم وابنُ فايز وابن محمد الزُّهَيْريُّ والقاسمُ بن دَحْمانَ ومحمدُ بن مَسْعود بن خَليفة. وكان نَحْويًّا ماهِرًا، أديبًا بارِعًا؛ يَقرِضُ الشِّعرَ وُينشئُ الرسائلَ، وله آراء في النَّحو انفردَ بها لا يَعتقِدُ الصّوابَ في غيرِها، وكُتُبه الموضوعةُ فيه مشحونةٌ بتلك الآراءِ والمذاهبِ التي خالَفَ فيها جُمهورَ النَّحْويِّين، وعلى الجُملة، فكان مُبرِّزًا في علوم اللِّسان نَحْوَا ولُغةَ وأدبًا لولا ارتكابُه شواذَّ تلك الآراء؛ فمِن مُثْنٍ عليه بالإمامةِ والتقَدُّم في الصِّناعة، كأبي بكرٍ ابن سَمْحون، فإنه كان يَغْلو في الثّناءِ عليه ويقول: ما يجوزُ على الصّراط أعرفُ منه بالنَّحو، ومن غامزٍ يُجهِّلُه وَينسُبُه إلى الإعجاب بنفسِه والافتتانِ برأيِه في مُخالفتِه مَآخذَ النَّحويِّين، كأبي الحَسَن ابن خَرُوف، فإنه أَتْبَعَ شرحَه "كتاب سِيبوَيْه" التعقُّبَ عليه في مقدِّماتِه على "كتاب سِيبوَيْه" وتنبيهاتِه على"إيضاح" الفارِسيِّ، وجعَلَ ذلك من مُهمّاتِ النظَر في تبيينِ أغراضِ سِيبوَيْه، وقد كان يوصَفُ في عصرِه بحِفظِه وجَوْدة القيام عليه، أعني "كتابَ سِيبَوْيه"، وله مجموع في النَّحو مختصَر سمّاه "الترشيح" يكونُ على قَدْر النِّصف من"جُمَل" الزَّجّاجي، و"مقالةٌ في الاسم والمسَمَّى"، إلى غيرِ ذلك من مصنَّفاتِه. وكانت بينَه وبينَ الأستاذِ أبي الحَسَن الحُصْري مُخاطَباتٌ (¬1) نالَ كلُّ واحدٍ منهما فيها من صاحبِه؛ وتجوَّل كثيرًا في بلادِ الأندَلُس مُعلِّمًا بها ما كان عندَه. أنشَدتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ رحمه الله، ونقَلتُه من خطِّه، قال (¬2): أنشَدنا، يعني أَبا بكرٍ محمدَ بن عليّ بن يوسُف بن عليّ بن مُطَرِّف المالَقيَّ، قال: أنشَدَني أبي لأبي الحُسَين ابن الطَّرَاوةِ في أهل مالَقةَ وقد خَرَجوا ¬

_ (¬1) انظر بعضها في "أخبار وتراجم أندلسية" (63) عن السلفي. (¬2) انظر معجم شيوخه (144).

197 - سليمان بن محمد بن غالب بن أسامة، داني، أبو الربيع، وهو والد الأستاذ أبي بكر أسامة

للاستسقاءِ والسماءُ قد غَيَّمتْ والرَّذاذُ ينزِل، فلمّا برَزوا للمُصَلَّى عاد الصَّحوُ وارتفَعَ الرَّذاذُ فقال [الكامل الأحذّ]: خَرَجوا ليَستَسْقُوا وقد نَشَأَتْ ... بَحْريّةٌ يَبْدو لها رَشْحُ حتّى إذا اصطَفُّوا لدعوتِهمْ ... وبَدَا لأَعيُنهمْ بها نَضْحُ كُشِفَ الغطاءُ إِجابةً لهمُ ... فكأنّما جاءوا ليَستَصْحُوا [21 أ] ومن مُستفيضِ شعرِه، وضمَّنَه مثَلًا سائرًا (¬1) [الوافر]: وقائلةٍ: أتَصْبو للغَواني ... وقد أضحىَ بمَفرِقِكَ النّهارُ؟! فقلتُ لها: حثَثْتِ على التّصابي ... (أحقُّ الخيلِ بالرّكضِ المُعارُ) ومنه في فُقهاءِ مالَقةَ (¬2) [البسيط]: إذا رأَوْا حَمَلًا (¬3) يأتي على بُعُدٍ ... مَدُّوا إليه جميعًا كفَّ مُقتنِصِ إن جئتَهم فارِغًا لَزُّوكَ في قَرَنٍ ... وإن رَأَوْا رِشْوةً أفتَوْك بالرُّخَصِ توفِّي في رمضانِ أو شوّالِ ثمانٍ وعشرينَ وخمس مئة عن سنٍّ عالية. 197 - سُليمانُ (¬4) بن محمد بن غالِب بن أُسامةَ، دانيٌّ، أبو الرَّبيع، وهُو والدُ الأستاذُ أبي بكرٍ أسامة. رَوى عن أبي إسحاقَ بن جَماعة، وأبي بكرٍ زاوي بن مُنَاد، وأبي عبد الله بن الحَسَن بن سَعيد المُقرئ، وأبي العبّاس بن طاهر، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ، وكان صالحًا فاضلًا. ¬

_ (¬1) راجع "أخبار وتراجم أندلسية" (17)، والنفح 6/ 65. (¬2) بغية الوعاة 1/ 602. (¬3) في البغية وغيرها: "جَمَلًا" مصحف. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3150).

198 - سليمان بن محمد بن محمد بن خلف بن أحمد بن سليمان بن شاهد بن الحسن بن يحيى بن قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي

198 - سُليمانُ بن محمد بن محمد بن خَلَف بن أحمدَ بن سُليمانَ بن شاهِد بن الحَسَن بن يحيى بن قَيْس بن سَعْد بن عُبَادةَ الأَنْصاريُّ الخَزْرَجيُّ. ووقَعَ في خطِّ أبي الحَسَن الشارِّيِّ تقديمُ أحمد على خلَفَ في نَسَب أبي القاسم محمد بن عامرٍ أخي سُليمانَ هذا (¬1)، وبتقديم خَلَف على أحمدَ وقَفْتُ عليه في خطِّ سُليمانَ نفسِه، فالاعتمادُ عليه أوْلى. 199 - سُليمانُ (¬2) بن محمد، زَهْرَاويٌّ. له رحلةٌ إلى المشرِق لقِيَ فيها أَبا جعفرٍ ابنَ النّحّاس، وأبا سعيدٍ السِّيرافيّ، وأبا القاسم الزَّجّاجيَّ، ورَوى عنهم. رَوى عنه ابنُه أبو الحَسَن عليٌّ الحاسِب، وكان ذا حظٍّ من علم اللّسان؛ وله شَرْحٌ في رسالةِ "أدبِ الكُتَّاب". 200 - سُليمانُ (¬3) بن محمد، مالَقيٌّ، أبو الرَّبيع، ابنُ الغَمّاد. رَوى عن أبي القاسم خَلَف بن عبد الله اليَابُرِيّ. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ سُليمان بن خَليفةَ القاضي. 201 - سُليمانُ (¬4) بن محمد، أندَلُسيٌّ، سكَنَ إفريقيّةَ. رَوى عن الحَسَن بن نَصْر السُّوسِيّ، حَكَى عنه أبو بكرٍ عبد الله بن محمدٍ المالِكيُّ صاحبُ "رِياضِ النُّفوس" (¬5) في تاريخ إفريقيّةَ بعضَ أخبارِ الصّالحين. وكانت وفاةُ ابن نَصْر سنةَ إحدى وأربعينَ وثلاث مئة. 202 - سُليمانُ (¬6) بن مَطْروح، حِجَاريُّ النَّشأة قُرْطُبيُّ الأصل. ¬

_ (¬1) يريد: عامرًا أخي سليمان هذا. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3120)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 602. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3130). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3116). (¬5) رياض النفوس 1/ 242. (¬6) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3122)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 603.

203 - سليمان بن موسى بن سالم بن حسان بن سليمان بن أحمد بن عبد السلام الحميري الكلاعي، بلنسي، وأصله من بعض ثغورها الشرقية، أبو الربيع، ابن المدلس وابن سالم

رَوى عن إبراهيمَ بن حَفْص الحِجَاريّ. وكان خَيِّرًا وَرِعًا منفرِدًا عن الأهل، حسَنَ القيام على الحديث، من أعلم [أهلِ] وقتِه بالنَّحو وأحفَظِهم للغريب، يكادُ يُملي"الغريبَ [21 ب] المصنَّف" لأبي عُبَيد و"مختصَرَ العَيْن" للزُّبَيْدي من حِفظِه. وتوفَي قويبًا من التسعينَ والثلاث مئة. 203 - سُليمانُ (¬1) بن موسى بن سَالم بن حَسّانَ بن سُليمانَ بن أحمدَ بن عبد السلام الحِمْيَريُّ الكَلاعيُّ، بَلَنْسِيّ، وأصلُه من بعضِ ثغورِها الشَّرقيّة، أبو الرَّبيع، ابنُ المُدلس وابنُ سالم. تَلا بالسَّبع غيرَ الإدغام الكبير عن أبي عَمْرو على أبي عبد الله بن نُوح وأبي محمد أيّوبَ بن غالِب. ورَوى عن آباءِ بكر: أحمدَ بن جُزَيّ وعبد الرّحمن بن مُغاوِر، والمحمَّدين: ابن الجَدّ وابن صافٍ وابن هُذَيْل وابن أبي حمزةَ وابن أبي زَمَنِين، ومُفوَّز بن طاهِر، وأبي جعفر بن حَكَم، وأبوَي الحَجّاج: ابن أيّوبَ وابن الشّيخ، وأبي الحَسَن نَجَبةَ، وأبي الحُسَين عبد الرَّحْمَن بن رَبيع، وآباءِ عبد الله: ابن حَمِيد وابن خَلَف وابن زَرْقُون وابن الفَخّار وابن أبي العبّاس المَرَويّ، وأبي العبّاس يحيى ابن الحاجّ، وأبي العَطَاءِ وَهْبِ بن نَذير، وأبي عُمر بن عاتٍ، وأبي عَمْرٍو عثمانَ بن يوسُف، وأبوَي القاسم: ابن حُبَيْش وابن سَمَجُون، وآباءِ محمد: ابن جُمهُور وابن عُبَيد الله وابن يحيى الحَضرَميِّ وعبدِ الحقِّ بن بُونُه وعبد المُنعِم ¬

_ (¬1) ترجمه المنذري في التكملة 3/الترجمة 2770، وابن الأبار في التكملة (3162)، وفي تحفة القادم (كما في المقتضب 139)، وإعتاب الكتاب (249)، والرعيني في برنامج شيوخه (66)، وابن سعيد في المغرب 2/ 316، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 410، والنباهي في المرقبة العليا (119)، والذهبي في المستملح (794)، وتاريخ الإسلام 14/ 137، وسير أعلام النبلاء 23/ 134، وتذكرة الحفاظ 4/ 1417، والعبر 5/ 137، والصفدي في الوافي 15/ 432، وابن شاكر في فوات الوفيات 2/ 80، وابن الخطيب في الإحاطة 4/ 295، وابن فرحون في الديباج 2/ 385، والفيومي في نثر الجمان 2/الورقة 79، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 316، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 69، وابن تغري بردي في النجوم 6/ 298، وابن العماد في الشذرات 5/ 164 وغيرهم. وللدكتورة ثريا، تلميذة الدكتور محمد بن شريفة رسالة عنه، منشورة.

ابن الفَرَس وعبد الوهّاب بن عبد الصَّمد، وأبي الوليد بن رُشْد، قرَأَ عليهم، وسَمِع وأجازوا له. ولقِيَ ببَلَنْسِيَةَ أَبا جعفر بنَ محمد بن بَرُنْجال قادمًا عليها في وَفْد دانِيَةَ سنةَ ثلاث وثمانينَ وخمس مئة فأجاز له لفظًا جميعَ روايتِه. وكتَبَ إليه مُجيزًا ولم يَلْقَه من أهلِ الأندَلُس والمغرِب: أبو بكر بنُ إبراهيمَ بن جَماعة، وأبو الحَسَن بن كَوْثَر وابنُ مؤمن، وأبو خالد يَزيدُ بن رِفَاعةَ، وأبَوا محمد: التادليُّ وعبدُ الحقِّ ابنُ الخَرّاط، وأبو العبّاس بن مَضَاء. ثُم لقِيَه وناوَلَه من أهل الإسكندَريّة: أبو الطاهر بنُ عَوْف، وأبو عبد الله الحَضْرَميّ، وأبو القاسم مَخْلوفُ بن عليِّ بن جارَةَ، وجماعةٌ تقَدَّم ذكْرُهم في رَسْم أبي الطاهر أحمدَ بن عليّ السَّبْتي باستدعاءِ أبي عبد الله بن إبراهيمَ ابن حريرةَ. ومن شيوخِه سوى من ذُكِر: أبو جعفر بنُ عبد الغَفور بن عامر. روى عنه أبوا بكر: ابنُ أبي جعفر بن عَمْرو وعبدُ الله بن حِزْبِ الله، وأبو جعفر بنُ عليّ بن غالِب، وأبو زكريّا بن عبّاس القُسَنْطِيني، وأبو الحَسَن طاهرُ بن عليّ الشُّقْري، وأبو الحُسَين عبدُ الملِك بن أحمدَ بن عبد الله بن مُفوَّز، وأبو الحَجّاج بن عبد الرحمن، وآباءُ عبد الله: ابنُ أحمدَ الجَيّار وابن أبي بكرٍ البُرِّي وابنُ الأَبَّار وابنُ الجَنَّان وابنُ المواق، وأبو عبد الرحمن عبدُ الله بن زَغْبُوش، وأبوا العبّاس: ابنُ علي بن هارونَ وابنُ محمد بن الغَمّاز، وأبوا عَمْرٍو: [22 أ] ابنُ سالم وابنُ أخيه عبد الوهّاب، وأبو محمد بن عبدُ الرحمن ابن بُرْطُلّهْ، وأبو المُطرِّف بن عَمِيرةَ، وأبو النَّجاءِ سَلَمةُ بن محمد، وأبو القاسم أحمدُ بن نَبيل، وصالحُ بن محمد بن سُليمان. وحدَّثنا عنه من شيوخِنا: أبو الحَسَن الرُّعَيْني، وأبو جعفرٍ الطَّنْجالي، وأبو الحَجّاج بنُ حَكَم، وأبو عليّ ابنُ الناظِر. وكان بقيّةَ الأكابرِ من أهل العلم بصُقْع الأندَلُس الشَّرقيّ، حافظًا للحديث، مُبرِّزًا في نَقْدِه، تامَّ المعرِفة بطُرُقِه، ضابطًا لأحكام أسانيدِه، ذاكرًا لرجالِه وتواريخِهم

وطبقاتِهم، رَيّانَ من الأدب كاتبًا بليغًا شاعرًا مُجِيدًا، خُطيبًا مِصقَعًا، خَطَبَ بجامع بَلَنْسِيَةَ في أوقات، واستُقضيَ وعُرف بالفَضْل والعدالة في أحوالِه جُمْع؛ ورَحَلَ النَّاسُ إليه متنافسينَ في الأخْذِ عنه. وله مصنَّفاتٌ في الحديث والسِّيَر والآداب تدُلُّ على رسُوخ قَدَمِه في المعارِف وبَراعتِه فيما تولّاه منها جَوْدةَ انتقاء وإجادةَ إنشاء، منها في الحديث وما يتعلَّقُ به: "مِصباحُ الظُّلم من حديث رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - " نَحَا به مَنْحَى "الشِّهاب" للقُضَاعي، كُرّاسةٌ كبيرة، و"الأربعونَ حديثًا عن أربعينَ شَيْخًا لأربعينَ من الصَّحابة في أربعينَ معنًى" كُرّاسةٌ مُفيدة، و"الأربعونَ السُّبَاعيّة من حديث السِّلَفِي" كُرّاسة، و"السُّبَاعيّاتُ من حديث أبي عليٍّ الصَّدَفي" ثلاثةُ أجزاء، و"أحاديثُ مصافحةِ أبي عليٍّ الإمامَيْن" كُرّاسة، و"مُصافحةُ أبي بكر ابن العَرَبيِّ الإمامَيْن" كُرّاسة، و"حِلْيةُ الأمالي في الموافَقاتِ العَوالي" خَرَّجها من حديثِه في أربعةِ أجزاء، و"تُحفةُ الرُّوّاد في العَوالي البَدَليّةِ الإسناد" في أربعة أجزاء، و"المُسَلسَلات من الأحاديثِ والآثارِ والإنشادات" كُرّاسةٌ كبيرة، و"كتابُ الاكتفا بما تضمَّنَه من مَغازي رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ومغازي الثلاثةِ الخُلَفا" في أربعة مجَلَّدات متوسِّطة، و"مَيْدانُ السابِقين وحَلَبةُ الصّادِقين المصَدَّقين في ذكْرِ الصَّحابة الأكرَمِين ومن في عِدادِهم بإدراكِ العهدِ الكريم من أكابرِ التابعين" لم يُكمِلْه، وقال: مشى منهُ مقدارُ ثُلُثَيْه، وإن أذِنَ اللهُ في تمامه فسيكونُ أكبرَ من كتابِ أبي عُمر في الصَّحابة، يزيدُ عليه في الحجم نحوَ الرُّبع وفي عَدَد الصَّحابة من الزّيادة عليه نحو مما ذَكَرَه، و"المعجَم فيمَن وافقَت كنْيتُه كُنْيةَ زوجِه من الصَّحابة رضيَ اللهُ عنهم" كُرّاسة كبيرة، و"الإعلام بأخبارِ البخاريِّ الإِمام ومن بَلَغت روايتُه [22 ب] عنه من الأغفالِ والأعلام" كُرّاسةٌ كبيرة، و"المعجَم في مشيَخة أبي القاسم بن حُبَيْش" مجلَّدٌ لطيف، و"برنامَجُ مَرْويّاتِه" سُفَيرٌ، و"جَنِيُّ الرُّطَب في سَنِيِّ الخُطَب" جَمَعَ فيه خُطَبَه في الجُمَع والأعياد وغيرِ ذلك، وهي نحوُ ثمانينَ خُطبة، و"نُكتةُ الأمثال ونَفْثةُ السِّحرِ الحلال" بنَى فيه الكلامَ على

التوشيح بما تضمَّنَه كتابُ أبي عُبَيد من أمثال العرب واضْطرارِ الكلام إليها، في مجلَّد لطيف، و"جُهدُ النَّصيح وحَظُّ المَنِيح من مُعارضةِ المعَرِّي في خُطبةِ الفَصيح" على مقدارِ "النُّكتة"، و"الامتثال لمثالِ المُبهِج في ابتداع الحِكَم واختراع الأمثال" كُرّاسةٌ كبيرة، و"مفاوضةُ القلبِ العليل ومُنابَذةُ الأمَلِ الطويل بطريقة أبي العلاءِ المعَرِّي [في] مَلْقَى السّبيل" كُرّاسةٌ، و"مجازُ فُتْيا اللِّحَن للّاحِنِ المُمتحَن" يشتملُ على مئة مسألة مُلغِزة على نحوِ ما ذَكَرَه الحَريريُّ وغيرُه من فُتْيا فقيهِ العرب، كُرّاسة، و"نتيجةُ الحُبِّ الصَّميم وزكاةُ المنثورِ والمنظوم" كُرّاسةٌ تحتوي على نَظْم ونثر في مثالِ النَّعْل النَّبويّة، و"الصُّحُفُ المنشَّرة في القِطَع المُعشَّرة" كُرّاسة، وهي تسميةٌ قَلِقةٌ موحِشة؛ و"ديوانُ رسائلِه" سِفْرٌ متوسِّط، و"ديوانُ شعرِه" سُفَيْر. ومن شعرِه في الاستعاذةِ بالله والاستعانةِ به (¬1) [الطَّويل]: أَمَوْلى المَوَالي ليس غيرُكَ لي مَوْلى ... وهل أحدٌ يا ربُّ منك بذا أَوْلى؟! تبارَكَ وجهٌ وُجِّهَتْ نحوَه المُنَى ... فأَوزَعَها شكرًا وأَوسَعَها طَوْلا وما هُوَ إلّا وجهُك الدائمُ الذي ... أقلُّ حُلى عليائِهِ يُخرِسُ القَوْلا تبرَّأتُ من حَوْلي إليكَ وقُوّتي ... فكن قُوّتي في مَطْلبي وكنِ الحَوْلا وهَبْ لي الرِّضى مالي سوى ذاك مُبتَغًى ... ولو لقِيَتْ نَفْسي على نَيْلِهِ الهَوْلا وفي الشَّيب من تجنيسِ القَوافي [البسيط]: أنفقتَ عُمْرَكَ في غَيٍّ تُسَرُّ بهِ ... مُجَمّعًّا من قبيحِ الفعلِ أَوْ شابا وللفتَى في الشّبابِ النَّضْرِ محُتمَلٌ ... إن داخَلَ المرءُ في الأعمالِ أو شابا فهل وراءَ مَشِيبٍ حَلَّ معذِرةٌ ... سيّانِ ماتَ لدى التحقيقِ أو شابا ¬

_ (¬1) الأبيات في النفح 4/ 474 (ط. إحسان).

وفي الشَّيْب وفَقْدِ الشباب (¬1) [الطَّويل]: تولَّتَ ليالٍ للغَوايةِ جُوْنُ ... ووافَى صَبَاحٌ للرَّشادِ مُبِينُ رِكَابُ شبابٍ أزمَعَتْ عنكَ رحلةً ... وجيشُ مَشِيبٍ جَهَّزتْهُ مَنُونُ [23 أ] ولا أكذِبُ الرّحمنَ مما أُجِنُّهُ ... وكيف وما يَخْفَى عليه جَنينُ ومَن لم يَخَلْ أنّ الرِّياءَ يَشِينُهُ ... فمِن مَذْهبي أنّ الرِّياءَ يَشِينُ لقد رِيعَ قلبي للشّبابِ وفَقْدِهِ ... كما ريعَ بالعِلْقِ الفَقيدِ ضَنِينُ وآلَمني وَخْطُ المَشِيبِ بَلِمّتي ... فَخُطَّت بقلبي للشُّجونِ فُنونُ وليلُ شَبابي كان أنضَرَ منظَرًا ... وآنقَ مهما لاحظَتْهُ عيونُ فآهِ على عيشٍ تكَدَّر صَفْوهُ ... وأُنسٍ خَلا منه صَفًا وحُجونُ ويا وَيْحَ فَوْدي أو فؤاديَ كلَّما ... تزيَّدَ شَيْبي كيف بَعدُ يكونُ حرامٌ على قلبي سكونٌ يَقَرُّهُ ... وكيف مَعَ الشَّيبِ المُمِضِّ سُكونُ؟! وقالوا: شبابُ المرءِ شُعْبَةُ جِنّةٍ ... فما لي عَرَاني بالمشِيبِ جنونُ؟! وقالوا: شجاكَ الشَّيبُ حِدْثانَ ما أتى ... ولم يَعلَموا أنَّ الحديثَ شجونُ وكان كاملَ المُروءة طيِّبَ العِشرة حسَنَ الخَلْقِ والخُلقِ، جميلَ الصُّحبة مُمتِّعَ المُجالسة عَذْبَ المنطِق، وجيهًا سَرِيَّ الهمّة أبيَّ النفْس نَفّاعًا بجاهِه ومالِه وعلمِه، وفيه يقولُ نَشْأتُه وتلميذُه الأخصّ به أبو عبد الله ابنُ الأبّار، رحمه الله (¬2) [المجتثّ]: إن شئتَ يَا دهرُ حارِبْ ... أو شئتَ يَا دهرُ سالِمْ فصارِمي ومِجَنِّي ... أبو الرّبيع بنُ سالِم ¬

_ (¬1) الأبيات في النفح أَيضًا 4/ 474. (¬2) انظر تحفة القادم (142).

عمَّا هما لهُ بأسماءِ الطَّير، وكان نافذًا في فكِّ المُعَمَّى ففَكَّهما وكتَبَ إليه [المجتث]: نعَمْ فحارِبْ وسالِمْ ... وصِلْ مُعانًا وصارِمْ أنا المِجنُّ الذي لا ... تَحيكُ فيه الصَّوارمْ أنا الحُسامُ الذي لا ... يَزالُ للضَّيمِ حاسمْ فاحكُمْ بما شئتَ إنّي ... بِعَضْدِ صحبيَ حاكمْ وكان رحمه اللهُ من أُولي الحَزْم والجُرأةِ والبَسالةِ والإقدام والجَزالة وثَباتِ الجَأْش والشَّهامة ويُمْن النَّقِيبة، يَحضُرُ الغزَوات ويُباشرُ بنفسِه القتالَ ويُبلي فيه البلاءَ الحَسَن، وآخِرُها الغَزاةُ التي استُشهِدَ فيها بالكائنة على المسلمينَ بظاهر أَنِيشة عمَلِ بَلَنْسِيَةَ على نحوِ سبعةِ أميال منها، حضَرَها وحَرَّض المسلمينَ، وقد اختَلُّوا على قتالِ عدوِّهم، ورغَّبَهم في مُكافحتِه، ولم يزَلْ متقدِّمًا أمامَ الصّفوف زَحْفًا إلى [23 ب] الكُفّار مُقبِلًا على العدوّ غيرَ مُدْبِر يُنادي المُنهزِمين: أعَنِ الجنّة تَفِرُّون؟ حتّى قُتِلَ صابرًا محُتسِبًا غَداةَ يوم الخميس لعَشْر بَقِينَ من ذي حِجة أربع وثلاثينَ وست مئة، وكان خروجُه إليها يومَ الأربعاء المتّصل به. ومَوْلدُه بخارج مُرْسِيَة عَصْر يوم الثلاثاءِ مستهَلَّ رمضانِ خمسٍ وستينَ وخمس مئة، وسيق إلى بَلَنْسِيَةَ ابنَ عامَيْن، وكان أبدًا يقول: إنّ مُنتَهى عُمُرِه سبعونَ سنةً لرُؤيا رآها في صِغَرِه، فكان كذلك. واستُشهِد في هذه الوَقيعة جماعةٌ من عُلماءِ بَلَنْسِيّةَ وفُضَلائها وصُلَحائها، وفُقدَ نحوُ سبعينَ من أهل الصّفِّ الأوّل بجامعِها الأعظم منهم نفَعَهم اللهُ بالشّهادة. وفي تأبييهم عمومًا وتأبين أبي الرَّبيع منهم خصُوصًا يقولُ أبو عبد الله ابنُ الأبّار أحسَنَ اللهُ جزاءه (¬1) [الطويل]: ¬

_ (¬1) وردت أبيات من هذه القصيدة في برنامج الرعيني (71)، والنفح والروض المعطار (أنيشة).

ألِمَّا بأشلاءِ العُلى والمكارمِ ... تُقَدُّ بأطرافِ القَنا والصَّوارمِ وعُوجَا عليها مَأْرَبًا وحَفاوةً ... مَصارعَ غصَّت بالطُّلى والجماجمِ نُحَيِّي وُجوهًا في الجِنانِ وجيهةً ... بما لقِيَتْ حُمرًا وجوهَ الملاحمِ وأجسادَ إيمانٍ كساها نَجِيعُها ... مَجاسدَ من حَوْكِ الظُّبا واللَّهاذمِ مُكرَّمةً حتى عنِ الدَّفْنِ في الثَّرى ... وما يُكرِمُ الرّحمنُ غيرَ الأكارمِ همُ القومُ راحُوا للشهادةِ فاغتَدَوْا ... وما لهمُ في فَوْزَهمْ من مُقاومِ تَساقَوْا كؤوسَ الموتِ في حَوْمَةِ الوَغَى ... فمالتْ بهم مَيْلَ الغُصونِ النواعمِ مَضَوْا في سبيلِ الله قِدْمًا كأنّما ... يَطيرونَ من أقدامِهمْ بقوادمِ يرَوْنَ جِوارَ الله أكبرَ مَغْنَمٍ ... كذاكَ جِوارُ الله أسنَى المغانمِ عظائمُ رامُوها فخاضوا لنَيْلِها ... ولا رَوْعَ يُثنيهم صدورَ العظائمِ وهانَ عليهمْ أن تكونَ لُحودُهمْ ... مُتُونَ الرَّوابي أو بُطونَ التَّهائمِ ألا بأبي تلك الوجوهُ سواهمًا ... وإنْ كُنَّ عندَ الله غيرَ سَواهمِ عَفَا حُسنُها إلا بقايا مَبَاسمٍ ... يعِزُّ علينا وَطْؤُها بالمَناسمِ وسُؤْرَ أساريرٍ تُنيرُ طَلاقةً ... فتَكسِفُ أنوارَ النّجوم العواتمِ لئنْ وَكَفَتْ فيها العيونُ سحائبًا ... فعن بارقاتٍ لُحْنَ منها لِشائمِ ويا بأبي تلك الجُسوم نَواحلًا ... بإجرائها نحوَ الأُجور الجسائمِ تَغَلْغَلَ فيها كلُّ أسمرَ ذابلٍ ... فجُدِّلَ منها كلُّ أبيضَ ناعمِ [24 أ] فلا يُبعِدِ اللهُ الذين تقَرَّبوا ... إليهِ بإهداءِ النفوس الكرائمِ مواقفَ أبرارٍ قَضَوْا من جهادِهمْ ... حقوقًا عليهمْ كالفُروضِ اللّوازمِ أصيبوا وكانوا في العبادةِ أُسوةً ... شَبابًا وشِيبًا بالعَواشي الغواشمِ

فعامِلُ رُمحٍ دُقَّ في صَدْرِ عاملٍ ... وقائمُ سيفٍ قُدَّ في رأسِ قائمِ ويا رُبَّ صوّامِ الهواجرِ واصلٍ ... هنالك مصرومَ الحياةِ بصارمِ ومُنقِذِ عانٍ في الأداهم راسفٍ ... يَنُوءُ برجْلَيْ راسفٍ في الأداهمِ أضاعَهمُ يومَ الخميس حِفَاظُهُمْ ... وكَرّهُمُ في المأزِقِ المتَلاحمِ سقَى اللهُ أشلاءً بسَفْحِ أَنِيشةٍ ... سَوافحَ تُزجيها ثقالُ الغمائمِ وصلَّى عليها أنفُسًا طابَ ذكْرُها ... فطيَّبَ أنفاسَ الرِّياح النواسمِ لقد صَبَروا فيها كِرامًا وصابَروا ... فلا غَرْوَ أنْ فازوا بصَفْوِ المكارمِ وما بَذَلوا إلا نُفوسًا نَفيسةً ... تحِنُّ إلى الأخرى حنينَ الروائمِ ولا فارَقوا والموتُ يُتْلِعُ جِيدَهُ ... بحيثُ التقَى الجمعانِ صِدْقَ العزائمِ بعَيْشِك طارِحْني الحديثَ عن التي ... أُراجعُ فيها بالدّموعِ السَّواجمِ وما هيَ إلا غادياتُ فَجائعٍ ... تُعبِّرُ عنها رائحاتُ مَآثمِ جلائلُ دَقَّ الصّبرُ فيها فلم نُطِقْ ... سوى غضِّ أجفانٍ وعضِّ أَباهمِ أَبيتُ لها تحتَ الظلام كأنّني ... رَمِيُّ نِصَالٍ أو لَديغُ أراقمِ أُغازلُ من بَرْحِ الأسى غيرَ بارحٍ ... وأصحَبُ من سام البُكا غيرَ سائمِ وأعقِدُ بالنَّجم المُشرِّق ناظري ... فيَغرُبُ عنّي ساهرًا غيرَ نائمِ وأشكو إلى الأيامِ سُوءَ صنيعِها ... ولكنّها شكوى إلى غيرِ راحمِ وهَيْهاتِ هَيْهاتِ العزاءُ ودونَهُ ... قواصمُ شتَّى أُردِفَتْ بقواصمِ ولو بَرَّدَ السّلوانُ حَرَّ جَوانحي ... لآثَرْتُ عن طَوْع سُلُوَّ البهائمِ ومَنْ لي بسُلوانٍ يحُلُّ مُنفِّرًا ... بِجاثٍ من الأَرزاءِ حوليَ جاثمِ وبينَ الثّنايا والمخارمِ رمّةٌ ... سَرَى في الثّنايا طِيبُها والمخارمِ

بكَتْها المعالي والمعالمُ جَهْدَها ... فلَهْفَ المعالي بعدَها والمعالمِ سعيدُ صَعيدٍ لم تَرُمْهُ قَرارةٌ ... وأَعْظِمْ بها وَسْطَ العظامِ الرَّمائمِ [24 ب] كأنّ دَمًا أذكَى أديمَ تُرابِها ... وقد مازَجتْه الرِّيحُ مسْكَ اللَّطائمِ يشُقُّ على الإِسلامِ إسلامُ مِثلِها ... إلى خامعاتٍ بالفَلا وقَشاعمِ كأنْ لم تَبِتْ يَغْشَى السُّراةُ قِبابَها ... وَيرعَى حِماها الصِّيدُ رَعْيَ السوائمِ سَفَحْتُ عليها الدّمعَ أحمرَ وارِسًا ... كما تَنثُرُ الياقوتَ أيدي النواظمِ وسامَرْتُ فيها الباكياتِ نَوادبًا ... يُؤرِّقْنَ تحتَ اللّيل وُرْقَ الحمائمِ وقاسَمت في حَمْلِ الرّزِيّةِ أهلَها ... وليس قَسيمُ البِرِّ غيرَ المقاسمِ فوا أَسَفي للدِّين أعضلَ داؤُهُ ... وأيْأسَ من حاسٍ لمَسْراهُ حاسمِ ويا أسَفي للعلم أقوَتْ رُبوعُهُ ... وأصبح مهدودَ الذُّرى والدعائمِ قضَى حاملُ الآدابِ من آلِ يَعرُبٍ ... وحامي هُدى المختارِ من آلِ هاشمِ خَبَا الكَوْكبُ الوَقّادُ إذ متعَ الضحى ... لنَخبِطَ في ليلٍ من الجَهْل فاحمِ وخانتْ مساعي السّامِعينَ حديثَهُ ... كما شاء يومَ الحادثِ المُتفاقمِ فأيُّ بهاءٍ غارَ ليس بطالعٍ ... وأيُّ سناءٍ غاب ليس بقادمِ سَلامٌ على الدّنيا إذا لم يَلُحْ بها ... مُحيَّا سُليمانَ بنِ موسى بن سالمِ وهل في حياتي مُتْعةٌ بعدَ موتِهِ ... وقد أسلَمتْني للدَّواهي الدّواهمِ فها أنا ذا في خَوْفِ دهرٍ مُحاربٍ ... وكنتُ به في أمنِ دهرٍ مسالمِ أخو العِزّةِ القَعْساءِ كهلًا ويافعًا ... وأكفاؤهُ ما بينَ راضٍ وراغمِ تفرَّدَ بالعَلْياء عِلمًا وسُؤدَدًا ... وحَسْبُكَ من عالٍ على الشُّهبِ عالمِ مُعَرَّسُه فوقَ السما ومَقيلُهُ ... ومورِدُه قبْلَ النُّسورِ الحوائمِ

بعيدٌ مَدَاهُ لا يُشَقُّ غُبارُهُ ... إذا فاهَ فاضَ السِّحرُ ضربةَ لازمِ يُفَوَّضُ منه كلُّ ناب ومِنبَرٍ ... إلى ناجحٍ مسعاهُ في كلِّ ناجمِ متى صدَمَ الخَطْبَ المُلمَّ بخُطبةٍ ... كفَى صادمًا منه بأكبرِ صادمِ له منطِقٌ سَهْلُ النّواحي قريبُها ... فإنْ رُمتَهُ ألفَيْتَ صعبَ الشكائمِ وسِحرُ بيانِ فاتَ كلَّ مُفوَّهٍ ... فباتَ عليه قارعًا سنَّ نادمِ وما الرَّوضُ حَلَّاه بجوهرهِ النَّدى ... ولا البُرْدُ وشَّتْهُ أكفُّ الرَّواقمِ بأبدعَ حُسنًا من صحائفِهِ التي ... تُسَيِّرُها أقلامُهُ في الأقالم [25 أ] يَمانٍ كَلاعيٌّ نَماهُ إلى العُلا ... تمامٌ حَواه قبلَ عَقْدِ التمائمِ يَروقُ رُواقَ المُلك في كلِّ مشهدٍ ... ويَحسُنُ وسمًا في وجوهِ المواسمِ ويكثرُ أعلامَ البسيطةِ وحدَه ... كمالَ معالٍ أو جمالَ مَقاومِ لَعًا لزمانٍ عاثرٍ من جلالِهِ ... بَواقٍ من الجُلَّى أُصيبَ بِواقمِ مُنادٍ إلى دارِ السلامٍ مُنادمٌ ... بها الحُورَ، واهًا للمُنادي المُنادمِ أتاه رَداهُ مُقبِلًا غيرَ مُدْبرٍ ... ليَحظَى بإِقبالٍ من الله دائمِ إِمامًا لدينٍ أو قِوَامًا لدولةٍ ... توَلَّى ولم تَلحَقْهُ لومةُ لائمِ وإِنْ عابَه حُسَّادُه شَرَقًا بهِ ... فلن تَعْدَمَ الحسناءُ ذامًّا لذائمِ فيا أيُّها المخدومُ عالي محلِّهِ ... فِدًى لك من ساداتِنا كلُّ خادمِ ويا أيُّها المختومُ بالفَوْزِ سَعْيُهُ ... ألَا إِنّما الأعمالُ حُسْنُ الخواتمِ هنيئًا لكَ الحُسنَى من الله إِنّها ... لكلِّ تقِيًّ خِيْمُهُ، غيرِ خائمِ تبَوَّأْتَ جَنّاتِ النَّعيمِ ولم تزَلْ ... نَزيلَ الثُّريا قبلَها والنّعائمِ ولم تَأْلُ عِيْشًا راضيًا أو شهادةً ... تَرى ما عداها في عِدادِ المآتمِ

لعَمْرُك ما يَبْلَى بَلاؤُك في العِدا ... وقد جَرَّتِ الأبطالُ ذَيْلَ الهزائمِ وتالله لا يَنسَى مقامَكَ في الوَغَى ... سوى جاحدٍ نُورَ الغزالةِ كاتمِ لَقِيتَ الرَّدى في الرَّوع جَذْلانَ باسمًا ... فبُورِكْتَ من جَذْلانَ في الرَّوع باسمِ وحُمْتَ على الفِردَوْس حتّى ورَدتَهُ ... ففُزتَ بأشتاتِ المُنى فَوْزَ غانمِ أَجِدَّكَ لا تَثْني عِنانًا لأَوبةٍ ... أُداوي بها بَرْحَ الغليل المُداومِ؟ ولا أَنْتَ بعدَ اليوم واعدَ هبّةٍ ... من النّوم تَحْدوني إلى حالِ حالمِ؟ لَسَرْعانَ ما قَوَّضْتَ رحْلَك ظاعنًا ... ودمِرتَ على غير النواجي الرَّواسمِ وخَلَّفْتَ مَن يرجو دفاعَك يائسًا ... من النّصرِ أثناءَ الخطوبِ الضّوائمِ كأنِّيَ للأشجانِ فوقَ هواجرٍ ... بما عادَني من عادِياتٍ هواجمِ عَدِمْتُك موجودًا يعِزّ نَظيرُهُ ... فيا عِزَّ معدومٍ ويا هُوْنَ عادمِ ورُمْتُكَ مطلوبًا فأعيَا مَنالُه ... وكيف بما أعني مَنالًا لرائمِ وإنّي لمحزونُ الفؤادِ صَديعُهُ ... خلافًا لسالٍ قلبُه عنك سالمِ [25 ب] وعندي إلى لُقْياك شوقٌ مبرِّحٌ ... طَوانيَ من حامي الجَوَى فوقَ جاحمِ وفي خَلَدي -واللهِ- ثُكْلُكَ خالدٌ ... ألِيّةَ بَرٍّ لا أَلِيَّةَ آثمِ ولو أَنّ في قلبي مكانًا لسَلْوةِ ... سَلَوْتُ ولكنْ لا سُلُوَّ لهائمِ ظلَمتُك إنْ لم أَقْضِ نُعماك حَقَّها ... ومثليَ في أمثالِها غيرُ ظالمِ يُطالبُني فيك الوفاءُ بغايةٍ ... سَموْتُ لها حِفظًا لتلك المراسمِ فأَبْكي لشِلوٍ بالعَراءِ كما بَكَى ... زيادٌ لقبرٍ بين بُصرى وجاسمِ (¬1) ¬

_ (¬1) زياد: هو النابغة الذبياني والإشارة إلى قوله في رثاء النعمان بن الحارث الغساني: سقى الغيث قبرًا بين بصري وجاسم ... بغيث من الوسمي قطر ووابل

204 - سليمان بن موسى بن سليمان بن علي بن عبد الملك بن الحسن بن عميرة بن طريف بن أشكوركه الأزدي، مرسي، أبو الحسن ابن برطله

وأَعْبدُ أن يمتازَ دُونيَ عَبْدةٌ ... بعَلياءَ في تأبينِ قَيْس بن عاصمِ (¬1) وهذي المَراثي قد وفَيْتُ برَسْمِها ... مُسَهَّمةً جُهدَ الوفيِّ المساهمِ فمُدَّ إليها رافعًا يدَ قابلٍ ... أُكِبُّ عليها خافضًا فمَ لاثمِ نَجَزَتْ. وأنشَدتُها على شيخِنا أبي الحَجّاج بن حَكَم (¬2) رحمه الله بمَرّاكُشَ، وأنشَدَها على قائلِها رحمه الله بدِهْليزِ دارِه ببَلَنْسِيَة. 204 - سُليمانُ (¬3) بن موسى بن سُليمانَ بن عليّ بن عبد الملِك بن الحَسَن بن عَمِيرةَ بن طَرِيف بن أشكوركه الأَزْديُّ، مُرْسِيٌّ، أبو الحَسَن ابنُ بُرْطُلّه. له رحلةٌ إلى المشرِق حَجَّ فيها وعاد إلى وطنِه، وكان فقيهًا وَرِعًا زاهدًا، واستقضاهُ بمُرْسِيَةَ أبو جَعْفرٍ محمدُ بن عبد الله بن أبي جعفر أيامَ تأمُّرِه بها (¬4)، وهو أوّلُ من شاوَرَ أَبا بكر بنَ أبي جَمْرةَ في ذي الحجة سنةَ تسع وثلاثينَ وخمس مئة. 205 - سُليمانُ بن نام، أبو الرَّبيع. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) أعبد: آنف، وعبدة هو الشاعر عبدة بن الطبيب وقد رثى قيس بن عاصم بالقصيدة الميمية التي يقول فيها: وما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدما (¬2) انظر ترجمته في رحلة العبدري (279)، والذخيرة السنية (86)، وجذوة الاقتباس (551)، وبرنامج التجيبي (162). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3143). (¬4) هو أحد الثوار الذين ظهروا عندما ضعفت دولة الملثمين بالأندلس، ولم تطل مدته إذ قتله الملثمون (انظر أعمال الأعلام 176).

206 - سليمان بن يحيى بن سعيد بن يحيى المعافري، سرقسطي، سكن قرطبة، أبو داود

206 - سُليمانُ (¬1) بن يحيى بن سَعيد بن يحيى المَعافِريُّ، سَرَقُسْطيٌّ، سكَنَ قُرْطُبة، أبو داود. وكان قديمًا يُكْنَى أَبا الرَّبيع، قال: فلمّا قرأتُ على أبي داودَ الهِشَاميِّ قال لي: تكَنَّ بكُنْيتي، فكان ذلك. تَلا بالجزيرة الخَضراء على أبي بكر بن المُفرِّج الرَّبَوْيَلُهْ (¬2)، وبشَرْق الأندَلُس على أبوَي الحَسَن: الحُصري وابن الدُّش، وأبي الحُسَين يحيى ابن البَيّاز، وأبي داودَ بن نَجاح. ورَوى عن أبي القاسم خَلَف بن مُدِير، وأبي محمدٍ قاسم بن عبد العزيز اللَّوَاتي، لقِيَه بفاسَ. وأجاز له أبو الحَسَن العَبْسيّ، وأبو عِمرانَ الفاسيُّ المُقرئُ ولقِيَه بالمَرِية. رَوى عنه آباءُ بكر: ابنُ خَيْر وابنُ محمد بن مُعاذ وابنُ مالك والفَتْحُ بن إسماعيلَ، وآباءُ الحَسَن: ابنُ الضّحّاك وابنُ مُؤْمن وابن ناصِر وعَقِيلُ بن العَقْل، وأبو زَيْد السُّهَيْلي، وأبو العبّاس الشَّنْتَريني، وأبو القاسم خَلَفُ بن عيسى الزُّهْرِيّ، ومحمدُ بن عبد الله القَنْطَري، وأبو محمد عبدُ الصَّمد [26 أ] بن يَعيشَ الغَسّاني، وأبوا محمد: ابنُ الشواذكي ومحمدُ بن شُعَيْب بن سُليمانَ بن خاطبٍ اليَحْصُبيُّ، والحَسَنُ بن أحمد بن أيمَن، وعليُّ بن محمد بن عبد الله بن محمد بن حَرْبُونَ وابنُه عبدُ المُنعِم بن علي. وكان مُقرئًا محقّقًا مُجوِّدًا ماهرًا، حتّى كان يُعرَفُ بأبي داودَ الصغير, ليِّنًا هيِّنًا متواضِعًا متقلِّلًا من الدّنيا، أقرَأَ القرآن ودرَّس العربيّةَ بمسجد ابن السَّقّاء ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3144)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 397، والذهبي في المستملح (784)، وفي تاريخ الإسلام 11/ 1004، ومعرفة القراء الكبار 1/ 508، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 317، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 69، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 516. (¬2) قيده ابن الجزري في غاية النهاية فقال: "بفتح الراء والباء الموحدة وإسكان الواو وفتح الياء آخر الحروف وضم اللام وإسكان الهاء"، وهو محمد بن المفرج بن إبراهيم المقرئ، أبو عبد الله البطليوسي، أحد الكذابين، مترجم في الصلة (1237)، وينظر تعليق الدكتور بشار عليه.

207 - سليمان بن يحيى بن سليمان بن يدر -بياء مسفول مفتوح ودال مفتوح مشدد وراء- القيسي، إشبيلي مرشاني الأصل، أبو عمرو، الدقده، بكسر الدال الغفل وإسكان القاف المعقود وضم الدال الغفل وهاء سكت

من قُرطُبة، وهُو مسجدُ العَطّارِين، زَمانًا، وأسَنَّ فعَلَتْ روايتُه وقَصَدَه النَّاسُ للأَخْذ عنه، وانفرَدَ في وقتِه بروايتِه عن الحُصْري، وقد تكلَّم فيه بعضُهم فيما ذَكَرَ أبو محمد ابنُ القُرطُبيِّ. وتوفِّي بعد الأربعينَ وخمس مئة. 207 - سُليمانُ (¬1) بن يحيى بن سُليمان بن يَدَّر -بياءٍ مسفُول مفتوح ودالٍ مفتوح مشدَّد وراء- القَيْسْيُّ، إشبِيليٌّ مَرْشَانيُّ الأصل، أبو عَمْرو، الدِّقْدُهْ، بكسرِ الدّال الغُفْل وإسكان القاف المعقود وضمّ الدال الغُفْل وهاءِ سكت. تَلا على أبي القاسم بن أبي هارون، ورَوى عن أبي محمد بن حَوْطِ الله، وأخَذَ عِلمَ الكلام والفقهَ وأصولَه عن أبي الحَجّاج بن نَمَوِيّ، والعربيّة عن أبي علي ابن الشَّلَوبِين، وأجاز له أبو الحَسَن القَسْطَلي. وكان فقيهًا حافظًا، وَليَ خُطّةَ الشُّورى مِرارًا ودرَّس الفقهَ بأَخَرةٍ. وتوفِّي في رمضانِ ستٍّ وأربعينَ وست مئة إثْرَ خروج المسلمينَ من الحِصار، ودُفن بأطريانة. 208 - سُليمانُ بن يحيى التَّميميُّ، إشبِيليّ، أبو عَمْرو، الدِّقْدُهْ (¬2)، بدال مكسور وقافٍ معقود ساكن ودالٍ مضموم وهاءِ سكت. رَوى عن أبي العبّاس بن محمد بن مِقْدام. 209 - سُليمانُ (¬3) بن يوسُفَ بن عَوَانةَ -ويقال: ابنُ عَوَان- الأنصاريّ، لاردِيٌّ، أبو الرَّبيع. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3164)، والذهبي في المستملح (796)، وتاريخ الإسلام 14/ 544. (¬2) نظنه هو الذي قبله اختلف في نسبته حسب، فذاك قيسي وهذا تميمي. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3159)، وقال فيه: سليمان بن عوانة، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 407، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 604 نقلًا من هذا الكتاب.

210 - سليمان ابن البونتي، شاطبي سكن بلنسية، وأصله من ثغرها، أبو الربيع

رَوى عن أبي عبد الله بن مُطَرِّف البَكْري، وأبي عليّ منصور بن الخَيْر، وأبوَيْ محمد: ابن سَعْدُون الضَّرير وابن السِّيْد. رَوى عنه أبو جعفر بنُ زكريّا بن مَسْعود، وأبو عَمْرٍو حَسّانُ بن أحمد. وكان مُقرِئًا مُتقِنًا نَحْويًّا فاضلًا زاهدًا عاكِفًا على أعمالِ البِرّ حريصًا على نَشْر العلم وإفادتِه. 210 - سُليمان (¬1) ابن البُونْتي، شاطِبيٌّ سكَنَ بَلَنْسِيَةَ، وأصلُه من ثَغْرِها، أبو الرَبيع. رَوى عن بعض أصحاب أبي عُمر بن عبد البَرّ، رَوى عنه أبو بكر بنُ عِقال. 211 - سُليمانُ (¬2) ابن الخُرَاسانيّ، طُلَيْطُليُّ خرَجَ منها عندَ تغلُّب الرُّوم عليها، فأوْطَنَ إشبيلِيَةَ. رَوى عنه أبو بكر بن عُزَيْر، وكان مُحدِّثًا فقيهًا ذا معرفة بالنَّحو واللُّغة دَرَّسها أحيانًا، وصَنَّفَ في الحديث مُصنَّفًا كبيرًا أكملَ منه أربعةَ أخماسِه في ثمانيةِ أسفار، وتوفِّي قبْلَ إكمالِ غَرَضِه منه سنةَ إحدى وخمس مئة. 212 - سَمَاجةُ بن خَلَف بن سماجة، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي الوليد الوَقَّشي. 213 - سماجةُ بن محمد بن سماجةَ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عبد الله بن سَعْدون القَرَويّ. 214 - سماعُ (¬3) بن إسماعيلَ بن سالمِ الداخِل إلى الأندَلُس ابنِ هانئ بن مُسلم بن أبي مسلم الخَوْلانيّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3149). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3132)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 604. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3254).

215 - سماعة بن عبد الله، قرطبي

له رحلةٌ إلى المشرِق لقِيَ فيها سُفيانَ بنَ عُيَيْنةَ ورَوى عنه، رَوى عنه بَقِيُّ بن مَخْلَد. 215 - سماعةُ (¬1) بن عبد الله، قُرْطُبيٌّ. مَعْدودٌ في القُرّاءِ أصحابِ الألحان بها. 216 - سَمَجُون -بفَتْح الميم وجيم- ابنُ عبد الله بن أحمد بن سَمَجُون. رَوى عن أبي محمد بن عَتّاب. 217 - السَّمْحُ بن محمد بن السَّمْح المَعافِريُّ، إشبيليّ. كان من أهل الفقه والحِفظ للمسائل معَ العَدْل والفَضْل، حيًّا سنةَ خمس وخمسينَ وأربع مئة. 218 - سَمْحُ (¬2) بن محمد بن السَّمْح، جَيّانيّ. رَوى عن بَقِيّ بن مَخْلَد، وكان فقيهًا يَقِظًا جانحًا إلى الحديث ومذهبِ الشافعيّ. 219 - سَمْعانُ بن محمد بن عليّ بن سَمْعانَ بن عليّ، إشبِيليٌّ. كان فقيهًا عاقدًا للشُّروط عَدْلًا، حيًّا سنةَ تسعَ عشْرةَ وست مئة. 220 - السّميدعُ بن غالب. 221 - سِوَارُ (¬3) بن طارق مَوْلى عبد الرحمن بن معاويةَ، قُرطُبيّ. له رحلةٌ حَجَّ فيها ودخَلَ البصرةَ، ولقِيَ الأصمعيَّ ونُظَراءه، وانصَرفَ وأدَّبَ الحَكَمَ بنَ هشام. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3257). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3256). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3249).

222 - سوار بن محمد بن سوار، سرقسطي

222 - سِوَارُ (¬1) بن محمد بن سِوَار، سَرَقُسْطيٌّ. كان من نبهاءِ فُقهائها وأحَدَ مَن شَهِدَ على أبي عُمرَ الطّلَمَنْكي بخلافِ السُّنة. 223 - سِوَارُ (¬2) بن يوسُف بن سِوَارٍ المُرَاديُّ، طُلَيْطُليٌّ، أبو محمد. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ شُقَّ اللّيل. 224 - سَهْلُ بن أبي جعفرٍ أحمدَ بن إبراهيمَ بن سُفيان، أبو الوليد. رَوى عن أبي محمد بن عَتّاب. 225 - سَهْلُ بن أحمدَ بن محمدٍ الخَوْلانيُّ، قُرْطُبيٌّ، أبو القاسم. سَمِعَ على أبي زكريّ ابن عائذ، وأبي القاسم خَلَف بن قاسم، وأبي محمد بن قاسم القَلْعيِّ وغيرهم من مشيَخةِ بلدِه الجِلّة وكبارِهم، وأبي المُطرِّف بن فُطَيْسِ واختَلَف معَه إلى شيوخِه وساواه في الأخْذِ عن أكثرِهم، وكتَبَ له الكثيرَ من دواوينِ العلم ناسخًا معَ غيرِه، وكان وَرّاقًا حَسَنَ الخَطِّ جيِّد الضَّبط. توفِّي في حدودِ أربع مئة. 226 - سَهْلُ (¬3) بن أُمَيَّةَ الأَزْديّ. حَدَّث عنه أبو عبد الله بنُ المُعِزِّ اليَفْرَنيُّ المَيُورْقيُّ، ذَكَرَه ابنُ الأبّار، ولا أتحقَّق الآنَ أهو أندَلُسيٌّ أم لا. 227 - سَهْلُ (¬4) بن عبد الله الأسَديّ، من ناحيةِ جَيّان، وهو والدُ القاضي أبي الأصبَغ عيسى (¬5). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3250). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3251). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3236). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3235). (¬5) مترجم في الصلة (942) وفيه تخريج مصادر ترجمته، وهو صاحب كتاب "النوازل".

228 - سهل بن عبد الرحمن، أندلسي

كان معدودًا في أهل العلم موسُومًا بالخَيْر والصّلاح، وتوَلَّى الخُطبةَ والصّلاةَ بجامع حِصْنِ القَلْعة [30 أ] وبه كان سُكناه. وتوفِّي سنةَ أربعينَ وأربع مئة. 228 - سَهْلُ (¬1) بن عبد الرّحمن، أندَلُسيٌّ. ماتَ بها سنةَ ست وعشرينَ وثلاث مئة، قاله الحُمَيْدي. 229 - سَهْلُ (¬2) بن محمد بن سَهْل بن أحمدَ بن مالكٍ الأَزْديُّ، غَرْناطيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى ببلدِه عن خالِه أبي عبد الله بن عَرُوس، وخالِ أُمِّه أبي بكرٍ يحيى بن محمدِ بن عَرُوس، وأبي جعفر بن حَكَم، وأبي الحَسَن بن كَوْثَر، وأبي خالدٍ يزيدَ ابن رِفَاعةَ، وأبي محمد عبد المُنعِم ابن الفَرَس، وبمالَقةَ عن أبي زَيْد السُّهَيْلي، وأبي عبد الله ابن الفَخّار، وبمُرْسِيَةَ عن أبي عبد الله بن حَمِيد، وأبي القاسم بن حُبَيْش، وبإشبيلِيَةَ عن أبي بكرٍ ابن الجَدّ، وأبي عبد الله بن زَرْقُون، وأبوَي العبّاس: ابن مَضاءٍ والجُرَاويِّ الشَّاعر، وأبي الوليد بن رُشْد، قرَأَ عليهم وسَمِع وأجازوا له. وأجاز لهُ من أهل الأندَلُس: أبوا محمد: ابنُ عُبَيد الله نَزيلُ سَبْتةَ وعبدُ الحقِّ ابن الخَرّاط نَزيلُ بِجَايةَ، ومن أهل المشرِق جماعةٌ منهم: إسماعيلُ بن عليِّ بن إبراهيمَ الجَنْزَويُّ، وبَرَكاتُ بن إبراهيمَ الخُشُوعيُّ أبو الطاهر، وعبدُ الرَحمن بن ¬

_ (¬1) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (497)، والضبي في بغية الملتمس (832)، وابن الأبار في التكملة (3233)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 437. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3237)، والتجيبي في زاد المسافر (23)، والرعيني في برنامج شيوخه (20)، وابن سعيد في اختصار القدح المعلى (85)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 439، وابن فضل الله العمري في مسالك الأبصار 11/ 482، والذهبي في المستملح (810)، وتاريخ الإسلام 14/ 317، وسير أعلام النبلاء 23/ 103، والصفدي في الوافي 16/ 23، وابن الخطيب في الإحاطة 4/ 277 وهي ترجمة رائقة، وابن فرحون في الديباج 1/ 393، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 605 وغيرهم.

سَلامةَ بن يوسُف بن عليٍّ القُضَاعيُّ البَلَويّ، وابنُ علي بن المُسَلَّم، وعبدُ الوهّاب ابن عليّ بن عليّ ابنُ سُكَيْنةَ أبو أحمد، والقاسمُ بن عليّ بن الحَسَن بن عساكرَ أبو محمد، والمحمَّدونَ: ابنُ إسماعيلَ بن عليّ بن أبي الصَّيف أبو عبد الله وابنُ أبي سَعْد الحَرّانيُّ وابنُ يوسُف بن عليّ الغَزْنَويُّ أبو الفَضْل ويحيى بن نَصْر بن محمد الكَرْماني. رَوى عنهُ آباءُ جعفر: ابنُ خَلَف والطُّوسيُّ وابنُ سَعْدٍ القَزّاز، وأبو الحَسَن العُشْبيّ، وأبوا عبدِ الله: ابنُ أبي بكرٍ البُرِّي وابنُ الجَنّان، وأبوا محمد: ابنُ عبد الرّحمن بن بُرْطُلّه وابنُ محمد بن هارون، وأبو القاسم بن نبيل، وأبو يعقوبَ بنُ إبراهيمَ بن عُقاب. وحدَّثنا عنه من شيوخِنا: أبو جعفرٍ الطّبّاع، وأبو الحَجّاج بن حَكَم، وأبو الحَسَن الرُّعَيْني، وأبو علي ابنُ الناظِر. وكان من أعيانِ مِصرِه، وأفاضلِ عَصْرِه، تفنُّنًا في العلوم وبراعةً في المنثورِ والمنظوم، محُدِّثًا ضابِطًا عَدْلَا ثقةً ثَبْتًا حافظًا للقرآنِ العظيم مجُوّدًا له، متقدِّمًا في العربيّة، وافرَ النّصيب من الفقه وأصُولِه، كاتبًا مُجيدَ النَّظم في مُعرَب الكلام وهَزَليِّه، ظريفَ الدُّعابة مليحَ التندير، له في ذلك أخبارٌ مُستطرَفةٌ متناقَلة، ذا جِدَةٍ ويَسَار، متينَ الدِّين تامَّ الفَضْل واسعَ المعروف عميمَ الإحسان, تصَدَّق عند القُرب من وفاتِه بجُملةٍ كبيرة من مالِه ورِباعِه، وله وِفادةٌ على مَرّاكُش، وامتُحِن بالتغريب عن وطنِه ببَغْي بعض حَسَدتِه عليه، فأسكِنَ مُرْسِتةَ مدّةً طويلة إلى أن هلَكَ بالمَرِيّة أبو [30 ب] عبد الله محمدُ بن يوسُف بن هُود المدعو بأميرِ المسلمينَ المتلقِّبُ بالمتوكِّل على الله آخِرَ جُمادى الأُولى سنةَ خمسٍ وثلاثينَ وست مئة، فسُرِّح أبو الحَسَن سَهْلٌ إلى بلِده في رمضانِ السنة. وأنشَدْتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ رحمه الله بمَرّاكُش قال: أنشدَني بمُرْسِيَةَ لنفسِه مُلِمًّا بمحنتِه، يعني أَبا الحَسَن سَهْلَ ابنَ مالك (¬1) [الطويل]: ¬

_ (¬1) الأبيات في برنامج الرعيني (61).

أُدافعُ هَمّي عن جوانبِ هِمّتي ... وتَأْبى همومُ العارفينَ على الدّفْعِ وأَلتمسُ العُتْبى وحيدًا وعاتبي ... وصَرْفُ اللّيالي والحوادثُ في جَمْعِ وإنّيَ مِن عَزْمي وحزمي وهِمّتي ... (وما رُزِقَتْه النفْسُ من كرَم الطّبعِ) لَفي منصِبٍ تعلو السماءَ سِماتُه ... فتَثبُتُ نُورًا في كواكبِها السَّبعِ غلا صَرْفُ دَهْري إذ علا فإذا بهِ ... تُرابٌ لنَعْلي أو غُبارٌ على شِسْعي تدرَّعتُ بالصَّبرِ الجميل وأجلَبَتْ ... صُروفُ اللّيالي كي تُمزِّقَ لي دِرعي فما ملأَتْ قلبي ولا قَبَضَتْ يدي ... ولا نَحتَتْ أصلي ولا هَصَرتْ فَرْعي فإن عَرَضَتْ لي لا يَفُوهُ بها فمي ... وإن زَحَفَتْ لي لا يَضيقُ لها ذَرْعي في ثالثِ هذه الأبيات تضمينٌ، وهُو عند النُّقادِ عيب، وأنَّث السَّبْعَ في قافية الرابع غَفْلةً وحُكمُها التذكير. قال شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ (¬1) رحمه الله: ونقَلتُه من خطَه وقرأتُه عليه: دخَلتُ عليه بمُرْسِيَةَ وبينَ يدَيْه شَمامةُ زَهْر، فأنشَدَني لنفسِه [الطويل]: وحاملِ طِيبٍ لم يُطيَّبْ بطيبِهِ ... ولكنّه عندَ الحقيقةِ طِيْبُ تألَّفَ من أغصانِ آسٍ وزَهْرةٍ ... فمِن صِفَتَيْه زاهرٌ ورَطِيبُ تعانَقَتِ الأغصانُ فيه كما التَقَى ... حبيبٌ على طُول النَّوى وحبيبُ وإنّ الذي أدناهُ بعدَ فِراقِهِ ... إليَّ لَسِرٌّ في الوجودِ عجيبُ مناسبةٌ للبَيْن كان انتسابُها ... وكلُّ غريبٍ للغريبِ نَسيبُ فبالأمسِ في أشجارِه وبدارِهِ ... وباليومِ في دارِ الغريب غريبُ ¬

_ (¬1) المصدر السابق (62).

وأنشَدَني شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمه الله، ونقَلتُه من خطِّه، قال (¬1): أنشَدَني أبو الحَسَن -يعني هذا- لنفسِه [البسيط]: مُنغَّصُ العيشِ لا يَأوي إلى دَعَةٍ ... من كان في بلدٍ أو كان ذا وَلَدِ والساكنُ النفْسِ مَن لم تَرْضَ همّتُهُ ... سُكْنى مكانٍ ولم يَسْكُنْ إلى أحدِ [31 أ] وكان كريمَ النفْس نزيهَ الهِمّة حَصيفَ الرأي شريفَ الطِّباع، وَجيهًا مبرورًا مُعظَّمًا عندَ الخاصّةِ والعامّة، وفيه يقولُ الكاتبُ أبو زيد الفازَازي (¬2) [مجزوء الرمل]: عجبًا للناس تاهوا ... ببُنيَّاتِ المسالكْ وَصَفوا بالفَضْل قومًا ... وهمُ ليسوا هنالكْ كَثُرَ النقْلُ (¬3) ولكنْ ... صحَّ عن سَهْل ابن مالكْ نقَلتُها من خطِّ شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ وأنشَدتُها عليه، قال: أنشَدنيها الفقيه أبو زَيْدٍ الفازَازايُّ لنفسِه، وانتَحَلَها أبو بكرٍ الجلمانيُّ (¬4) وكذَبَ، سَمَحَ اللهُ له. ومحاسنُه رحمه الله كثيرة، وفضائلُه جَمّة. أنشَدتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ رحمه اللهُ، ونقَلتُه من خطِّه، قال: أنشَدَني لنفسِه غيرَ مرَّة (¬5) [الطويل]: نهارُكَ في بحرِ السَّفاهةِ يَسْبَحُ ... وليلُك عن يومِ الرَّفاهة يُصْبحُ وفي لفظِكَ الدَّعوى وليس إزاءَها ... منَ العملِ الزّاكي دليلٌ مُصحَّحُ ¬

_ (¬1) بغية الوعاة 1/ 605 ولم يرد البيتان في برنامج الرعيني، وهما في الديباج المذهب 1/ 397. (¬2) برنامج الرعيني (63). (¬3) البرنامج: كثر الوصف. (¬4) هو أبو بكر محمد بن إسماعيل بن عزان البكري الجلماني، ستأتي ترجمته في الرقم (327) من السفر السادس. (¬5) برنامج الرعيني (62)، والديباج 1/ 396.

إذا لم تُوافقْ فَعلةٌ منك قولةً ... ففي كلّ جُزءٍ من حديثكَ تُفْضحُ تَنَحَّ عن الغاياتِ لستَ منَ اهلِها ... طريقُ الهُوَيْني في سلوكِكَ أوضحُ إذا كنتَ في سنِّ النُّهى غيرَ صالحٍ ... ففي أيِّ سنٍّ بعدَ ذلك تَصْلُحُ؟! إلى كمْ أُماشيها على الرَّغم غايةً (¬1) ... يُصيبُ المُزَكَّى عندَها والمُجرَّحُ لها وعليها لا تَنُوءُ ولا تَنِي ... فتَحسُنُ في عينِ السِّبَارِ وتَقبُحُ عسى وطَنٌ يَدْنو فألتمسَ الرّضا ... وأَقرَعَ أبوابَ الرّشادِ فتُفْتَحُ فقد ساءَ ظنّي بالذي أنا أهلُهُ ... وفضلُكَ يا مَوْلايَ يَعْفو وَيصْفَحُ وممّا طار من شعرِه قولُه وهُو بسَبْتةَ يتشوَّقُ إلى الجزيرة بعدَ فصولِه من مَرّاكُش (¬2) [الكامل]: لمّا حطَطْتُ بسَبْتةٍ قَتَبَ النَّوى ... والقلبُ يرجو أن تُحَوَّلَ حالُهُ والجوُّ مصقولُ الأَديمِ كأنما ... يُبدي الخَفِيَّ من الأمورِ صِقَالُهُ عايَنْتُ من بلدِ الجزيرة مَكنِسًا ... والبحرُ يُمْنَعُ أن يُصادَ غزالُهُ كالشَّكلِ في المرآةِ تُبصرُه وقد ... قَرُبَتْ مسافتُه وعزَّ منالُهُ وأنشَدَني في شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ قال: أنشَدَني أبو الحَسَن، يعني هذا، لنفسِه في التحريضِ على التماس العلم وأوصَى به أحدَ بَنِيه [مجزوء الرجز]: [31 ب] العلمُ شيءٌ حَسَنٌ ... فكُنْ لهُ ذا طَلَبِ وابدَأْهُ بالنَّحوِ وخُذْ ... مِن بعدِهِ في الأدبِ فإنْ أردتَ بعدَ ذا ... جاهًا وفَضْلَ مكسَبِ فافْهَمْ أُصولَ مالكٍ ... واحفَظْ فُروعَ المذهبِ ¬

_ (¬1) برنامج الرعيني: حالة. (¬2) النفح 5/ 154 - 155، واختصار القدح (62).

وفي وَصْفِ شمعة [الطويل]: ولا مثلَ يومٍ قد نَعِمنا بحُسنِهِ ... مُذَهَّبِ أثناءِ المُروجِ صَقيلِ إلى أنْ بَدَتْ شمسُ النهارِ تَرُوعُنا ... بسَر صحيح واصفرارِ عليلِ ولمّا توارَتْ شمسُهُ بحِجابِها ... وآذَنَ باقي نورِها برحيلِ وغابَتْ فكان الأُفْقُ عندَ مغيبِها ... كقلبيَ مُسْوَدًّا لفَقْدِ خليلي أتانا بها صَفْراءَ يَسطَعُ نورُها ... فمَزَّقَ سِربالَ الدُّجَى بفَتيلِ فرَدَّتْ علينا شمسَنا وأصيلَنا ... بمُشبِهِ شمسٍ في شبيهِ أصيلِ وكان أبو القاسم أحمدُ بن عُمر بن وَرْدٍ كثيرًا ما يُنشِدُ في تقريظِ طلبةِ العلم وبرَكة تلاقيهم للمُذاكرة [الطويل]: إذا اجتَمَعوا جاءوا بكلِّ فضيلةٍ ... وَيزدادُ بعضُ القومِ منْ بعضِهم عِلما فوطّأَ له أبو الفَضْل عِيَاضٌ بقولِه [الطويل]: ولله قومٌ كلَّما جئتُ زائرًا ... وجدتُ نفوسًا كلُّها مُلِيَّتْ حِلما وزادَ بعدَه: أولئك مثلُ الطِّيبِ كلٌّ له شَذًا ... ومجموعُهُ أذكَى أريجًا إذا شُمّا قال شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمه الله: وزاد عليه شيخُنا أبو الحَسَن سَهْلُ بنُ مالكٍ رحمه الله [الطويل]: نفوسٌ على لفظِ الجِدال مقيمةٌ ... فتُبصِرُها حَرْبًا وتَعقِلُها سِلْما قال شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيّ: وزاد شيخُنا أبو بكرٍ محمدُ بن عَتِيق اللارِديُّ رحمه الله [الطويل]: تعاطَوْا كُؤوسَ العلمِ في رَوْضةِ ... فكلُّهمُ مِن ذلك الرِّيِّ لا يَظْما

وكلامُه نَظْمًا ونثرًا جيِّدٌ كثير، وصنَّفَ في العربيّة كتابًا مُفيدًا رَتَّبَ الكلامَ فيه على أبوابِ "كتاب سِيبوَيْه"، وله تعاليقُ نافعةٌ على"المُستصفَى في أصول الفقه"، إلى غير ذلك من فوائدِه. مولدُه عامَ تسعةٍ وخمسينَ وخمس مئة، وتوفِّي بغَرناطةَ منتصَفَ ذي قَعْدةِ سنة تسع وثلاثينَ وست مئة، وزَعَمَ ابنُ الأبّار (¬1) أن وفاتَه كانت سنةَ أربعينَ وست مئة، وليس بشيء. ولله تلميذُه الكاتبُ الأبرعُ الشاعرُ المُجيد أبو عبد الله ابنُ الجَنَّان، رحمه الله، إذ كتَبَ إلى بَنِيه يُعزّيهم بفَقْدِه، ويَحثُّهم على استشعارِ الصبرِ من بعدِه [الطويل]: دَعُوني وتَسْكابَ الدّموعِ السوافكِ ... فدعوَى جميلِ الصبرِ دعوةُ آفكِ [32 أ] أصبرٌ جميلٌ في قبيحِ حوادثٍ ... خَلَعْنَ على الأنوارِ ثوبَ الحوالكِ؟! تنَكَّرتِ الدُّنيا على الدِّينِ ضَلَّةً ... ومن شيمةِ الدّنيا تَنكُّرُ فاركِ فضمَّهما حُكمُ الرَّدى بِرِدائهِ ... فتلك وهذا هالكٌ في الهوالكِ عَفَا طَلَلٌ منها ومنه فأصبحا ... شريكَيْ عِنانٍ في بِلًى متدارَكِ فلا بهجةٌ تُهدي مسَرَّةَ ناظرٍ ... ولا حُجَّةٌ تَهدي محجَّةَ سالكِ وما انتظَمَ الأمرانِ إلا ليُؤْذِنا ... بأنْ قد دَنا نَثْرُ النجوم الشوابكِ وآنَ لمنثورِ الوجودِ انطواؤُهُ ... بِكَفَّيْ فناءٍ للفناءِ مُواشكِ أمَا قد علِمنا والعقولُ شواهدٌ ... بأنَّ انقراض العلمِ أصلُ المهالكِ إذا أذهبَ اللهُ العلومَ وأهلَها ... فما اللهُ للدّهرِ الجَهولِ بتاركِ هل العلمُ إلا الرُّوحُ، والخَلْقُ جثَّةٌ ... وما الجِسمُ بعدَ الروحِ بالمتماسكِ ¬

_ (¬1) التكملة (3237)، وبه أخذ الذهبي لأنه معتمده.

وما راعَني في عالَمِ الكونِ حادثٌ ... سوى حادثٍ في عالِمٍ ذي مَدارِكِ إذا أدركَتْه للمنايا قضيّةٌ ... قَضتْ باستلابٍ للأماني مُدارَكِ لذلك ما أبكي كأنّي مُتمِّمٌ ... أُتمِّمُ ما أبقى الأسى بعدَ مالكِ (¬1) وسهَّلَ عندي أنْ أرى الحُزنَ مالكي ... مُصابيَ بالفَيّاضِ سَهْلِ ابن مالكِ إمامُ هدًى كنّا نُقَلِّدُ رأيُهُ ... كتقليدِ رأي الشافعيِّ ومالكِ غَمامُ ندًى كنّا عَهِدنا سَماحَهُ ... يُساجِلُ دَرَّاتِ العِهادِ الحواشكِ (¬2) أحقًّا قَضى ذاك الجلالُ وقُوِّضتْ ... مَباني مَعالٍ في السماءِ سوامكِ وأقْفرَ من نَجْدٍ من المجدِ رَبْعُهُ ... وعُمِّرَ قَبرٌ مُفرَدٌ بالدّكادكِ (¬3) وغُيِّبَ طَوْدٌ في صعيدٍ مُلحَّدٍ ... وغُيِّضَ بحرٌ في ثَرًى مُتلاحِكِ (¬4) ووارَى سَنَا شمسِ المعارفِ غَيْهبٌ ... من الخَطب يُودي بالشموس الدّوالكِ (¬5) ألا أيُّها الناعي لكَ الثُّكْل لا تَفُهْ ... بها إنّها أُمُّ الدّواهي الدواهكِ (¬6) لعلَّك في نَعْيِ العُلا متكذِّبٌ ... فكمْ ماحلٍ من قَبْلُ فيه وماحكِ فكَذِّبْهُمُ يَا ليتَ أنك مِثلُهُمْ ... تَواتُرَ أخبارٍ وصِدقَ مآلكِ (¬7) فيا حُسنَ ذاك القولِ إذْ بأن كِذْبُهُ ... ويا قُبحَه والصِّدقُ بادي المسالكِ لقد أرجَفوا فيه وقلبيَ راجفٌ ... مخافةَ تصديقِ الظّنونِ الأَوافكِ ¬

_ (¬1) إشارة إلى الشاعر متمم بن نويرة وبكائه لأخيه مالك حين قتل في حروب الردة. (¬2) العهاد: المطر، الحواشك: الممتلئة. (¬3) الدكداك: الأرض فيها غلظ. (¬4) متلاحك: متلاحم. (¬5) الدوالك: المائلة للغروب. (¬6) الدواهك: التي تدق وتطحن. (¬7) المألكة: الرسالة.

[32 ب] كأنّ كمالَ الفَضْل كان يَسوءُهمْ ... فأبدَوْا على نَقْصٍ هوى متهالكِ كأنّهمُ مُستبطِيّونَ ليومِهِ ... كما استَبطَأَ المصبورُ هَبَّةَ باتكِ كأنهمُ مُستمطِرونَ لعارضٍ ... كعارضِ عادٍ للتجلُّدِ عاركِ بلى إنهمْ قد أرهَصوا لرَزِيّةٍ ... تُضعْضِعُ رُكنَ الصابرِ المتمالكِ فقد كان ما قد أنذَروا بوقوعِهِ ... فهل بعدَهُ للدهرِ صَوْلةُ فاتكِ؟ مُصاب مُصيبٌ للقلوبِ بسَهمِهِ ... رُمِي عن قِسِيٍّ لليالي عَواتكِ (¬1) بكَتْ حُزنَها الغَبْراءُ فيه فأَسعَدتْ ... بأدمُعِها الخضراء ذاتُ الحبائكِ (¬2) على عَلَمِ الإِسلامِ قامتْ نوادبٌ ... بِهُتْنِ مَبَاكٍ أو بِهُتْمِ مضاحكِ فمِن سُنَّة سَنَّتْ على الرأسِ تُرْبَها ... ومَكرُمةٍ ناحَتْ لأكرمِ هالكِ ومن آيةٍ تَبكي مُنوّرَ صُبحِها ... إذا قام في جُنحٍ من اللّيل حالكِ ومن حكمة تَرثي لفَقْدِ مُفَجِّرٍ ... ليَنبوعِها السَّلسالِ في الأرض سالكِ فيا أسَفي! مَن للهُدى ورسُومِهِ ... ومَن لِمُنيخٍ عندَ تلك المَباركِ ومَن لِلِواء الشَّرع يرفَعُ خَفْضَهُ ... ويمنَعُ من تمزيقِه كفَّ هاتكِ ومَن لكتابِ الله يَدرُسُ وَحْيَهُ ... ويَقبِسُ منه النُّورَ غيرَ مُتاركِ ومَن لحديثِ المصطفى ومَآخذٍ ... يُبيِّنُها في فَهْمِه ومَتارِكِ ومن ذا يُزيلُ اللَّبْسَ في متشابهٍ ... ومن ذا يُزيحُ الشّكَّ عن مُتشابكِ ومَن لليراعِ الصُّفرِ طالَتْ بكفِّهِ ... فصارَتْ طِوالُ السُّمرِ مثلَ النّيازكِ ومَن للرِّقاعِ البِيضِ طارتْ بذِكرِهِ ... فجابتْ إلى الأملاكِ سُبْلَ المسالكِ ¬

_ (¬1) عتكت القوس: احمرت من القدم وطول العهد فهي عاتكة. (¬2) الخضراء: السماء، الحبائك: الطرق، أي: طرق النجوم.

ومن لمقامِ الحَفْلِ يَصدَعُ بالتي ... تَقُصّ لِقُسٍّ (¬1) من جَنَاح المَداركِ ومن لمقالٍ كالنُّضَارِ مخلَّصٍ ... لإبريزِهِ التَّبريزُ لا للسبائكِ ومن لِفعالٍ إن ذكَرْتُ بناءَه ... فَعَالٍ وإن تُنْشَرْ فمُسكةُ فاركِ ومَن لخِلال كُرِّمتْ وضرائبٍ ... ضَرَبْنَ بقِدحٍ في غِيَاثِ الضّرائكِ (¬2) ومن لِشعارِ الزُّهد أُخفِيَ بالغِنى ... ففي طَيِّه فضلُ الفُضَيْلِ ومالكِ (¬3) ومَن لِشِعابِ المجدِ أو لشُعوبِهِ ... إذا اختَلطتْ ساداتُه بالصَّعالكِ؟ ألا ليس مَن فاكففْ عَوِيلَك أو فزِدْ ... فما بعدَ سَهْل في العُلا من مُشارِكِ [33 أ] أُصِبْنا فيالله فيه وإنّما ... أُصِبْنا لعَمْري في الذُّرى والحواركِ فنادِ بأفلاكِ المحامدِ: أَقصِري ... فلا دَوَرانٌ، زال قُطْبُ مَداركِ وصِحْ بالسَّناءِ: اليومَ اقوَيْتَ منزلًا ... بوَطءِ المنايا لا بوطءِ السَّنابكِ على هذه حامَ الحِمَامُ محلِّقًا ... ثمانينَ حولًا كالعدوِّ المُضاحكِ فسالَمَهُ في مَعْرَكِ الموتِ خادعًا ... وحارَبَهُ إذ جازَ ضَنْكَ المعاركِ كذاك الرَّدى مهما يُساكِنْ فإنهُ ... مُحَرِّكُ جيشٍ ناهبِ العَيْشِ ناهكِ سَبَى سبَأً قِدْمًا وحيَّ السّكاسكِ ... ولم يَأْلُ عن خَوْنٍ لخانٍ وآلكِ وأفنَى منَ افناءِ البَرايا جُموعَها ... وألقَى البُرى بالرّغم فوقَ البَرامكِ سواءٌ لدَيْهِ أن يَصُولَ بفاتكٍ ... من الناسِ ناسٍ للتُّقى أو بناسِكِ ولو أنهُ أرعَى على ذي كرامةٍ ... لأرعَى على المختارِ نَجْلِ العواتكِ (¬4) ¬

_ (¬1) قس بن ساعدة، أحد حكماء العرب في الجاهلية. (¬2) الضرائك: الفقيرات الجائعات. (¬3) الفضيل بن عياض ومالك بن دينار. (¬4) المختار: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونجل العواتك إشارة إلى قوله: "أنا ابن العواتك من سليم" والعواتك ثلاث يعني جداته - صلى الله عليه وسلم -.

ولو راعَه عُمْرٌ تكامَلَ أَلْفُهُ ... لَما راعَ نُوحًا في السنينَ الدكائكِ (¬1) وما من سبيلٍ للدَّوام وإنّما ... خُلِقْنا لأَرحاءِ المَنُونِ الدَّواهكِ فيا آلَ سَهْلٍ أو بَنيهِ مخصِّصًا ... نداءَ عمومٍ في غمومٍ مَوالكِ أعندَكمُ أنّي لِما قَد عَراكمُ ... أُمانعُ صَبْري أن يُلينَ عرائكي فكيفَ أُعزِّي والتَّعزّي مُحرَّمٌ ... عليَّ ولكنْ عادةٌ آلَ مالكِ فإنْ جَزَعٌ يَبدو فذاكَ تَكرُّهٌ ... لتجريع صَابٍ من مُصابٍ مُواعكِ وإن كانَ صَبرٌ إنّها لَحُلُومُكُمْ ... ثوابتُ في مَرِّ الرّياح السَّواهكِ (¬2) ورِثتُمْ سَنَا ذاك المُقدَّمِ فأرتَقُوا ... بأعلى سَنامٍ من ذُرى العزِّ تامكِ (¬3) فلم يَمْضِ من أبقَى من المجدِ أرثَهُ ... ولم يَلْقَ هُلكًا تاركٌ مثلَ مالكِ أتدرونَ لِمْ جَدَّتْ رِكابُ أبيكمُ ... كما جَدَّ سَيْر بالقِلاص الرّواتكِ (¬4) تذكَّرَ في أُفْقِ السّماء قديمَهُ ... فحَنَّ إلى عِيصٍ هنالك شابكِ (¬5) وكان سَمَا في حضرةِ القُدْسِ حظُّهُ ... فلم يَلْهَ عنه بالحُظوظِ الركائكِ فيا عجَبًا منّا نبكّي مُهنَّأً ... تبَوَّأَ دارًا في جِوارِ الملائِك يُلاقيه في تلك المغاني رفيقُهُ ... بوَجْهٍ مُنيرٍ بالتباشيرِ ضاحكِ فلا تحسَبوا أنّ النَّوى غالَ رُوحَهُ ... لجسيم ثَوَى تحتَ الدكادكِ سادكِ (¬6) ¬

_ (¬1) الدكائك: التامة. (¬2) السواهك: التي تطيّر التراب. (¬3) التامك: المرتفع. (¬4) الرواتك: التي تمشي وكأن برجليها قيدًا. (¬5) العيص: الأصل، شابك: متصل القرابة. (¬6) سادك: لازم.

[33 ب] فلو أنّكمْ كوشِفتُمُ بمكانِهِ ... رأيتُمْ مُقيمًا في أعالي الأرائكِ يُنَعَّمُ في روضِ الرضا وتَجودُهُ ... سحائبُ في كُثْبانِ مسكٍ عَوانكِ (¬1) كذلك وعدُ الله في ذي مَنَاسبٍ ... من البِرِّ صحَّتْ بالتُّقَى ومناسكِ فيا رحمةَ الرحمن وافي جَنابَهُ ... ويا رَوْحَهُ سلِّمْ عليه وباركِ ويا لَوْعتي سِيري إليه برُقْعتي ... وقُصي شُجونًا من حديثي هنالكِ حديثُ الأشجان شجون، ووجوهُ القَراطيسِ به كوجوه الأيام جُوْن، فأَصِخْ لي أبُثَّك بَثِّي واكتئابي، أو أعِرْني نظرةً في كتابي، لتعلَمَ ما بي، فعندي ضَرَبَ الأسى خيامَه، وعلى وِرْدي أطال باغي الأسى حيامَه، وعَبْرتي أبكَتْ من القَطْرِ سِجامَه، وزَفْرتي أذكَتْ من الجَمْرِ ضِرَامَه، ومنّي تعلَّمتْ ذاتُ الهَدِيلِ كيف تَنُوح، وعنّي أخذَتْ ذاتُ الحنينِ كيف تغدو والهةً وتَروح، فما مذعورةٌ راعَها القنَّاص، وعَلِقَ بواحدِها حبلُ الحِبالة فأعوَزَه الخلاص، فهِي تتلفَّتُ إليه والمخافةُ خَلْفَها وأمامَها، وتتلهَّفُ عليه فتكادُ تُواقعُ فيه حِمامَها -بأخفقَ ضلوعًا، وأشفقَ رُوْعًا، وأضيَقَ مجالًا، وأوسعَ أوْجالًا، وأشغَلَ بَلْبالًا، بل ما طلاها، وقد رآها تَدْمَى طُلاها (¬2)، حتى كاد يَشرَكُها في الحَيْن، ويَحصُلُ من الشَّرَكِ تحت جَناحَيْن، ثم أفْلتَ وهو يَشُكُّ في الإفلات، ويشكو وَحدتَه بالفلاة- بأَرْهَبَ نفْسًا، وأذهبَ أُنسًا، وألهبَ حشًا، وأغلَبَ توحُّشًا، وأضيَعَ بالمُوماة، وأضرَعَ لغير الأُمّات، منّي حينَ وافى النبأُ العظيم، ونُثِرَ للهُدى بكفِّ الرَّدى سِلكُه النَّظيم، وأصبح يعقوبَ الأحزانِ وهُو كظيم، وقيل: أُصيبتِ الدُّنيا بحَسَنتِها وحُسنِها، والدِّيانةُ بمُحَصِّنها (¬3) وأبي حَسَنها (¬4)، فحَقَّ على القلوبِ انفطارُها، وعلى العيون أن يَهمِي قِطارُها (¬5)، ¬

_ (¬1) العانك من الرمل: ما في لونه حمرة، أو هو ما تعقد. (¬2) الطلا: بفتح الطاء: ابن الظبية أو البقرة، والطلى: العنق. (¬3) قوله: "والديانة بمحصنها" استدركها الناسخ في الحاشية بعد المقابلة. (¬4) أبو حسن، كنية المترجم. (¬5) القطار: جمع قَطْر، وهو المطر.

وعلى الصّبر أن يُمزِّقَ جِلبابَه، وعلى الصدر أن يُغلقَ في وَجْه السُلوِّ بابَه، لنَعْي الجليل السَّعْي، ورَزِيّة الجميل السَّجِيّة، ووفاةِ الكريم الصِّفات، وفَقْد الصَّميم المجد، وذهابِ السَّمح الوهّاب، وقَبْض رُوحانيِّ الأرض، وانعدام معنى الناس، وانهدام مَغْنَى الإيناس، وانكسافِ شمسِ العلم، وانتسافِ قُدْس الحِلم، يَا لهُ حادثًا، جمَعَ قديمًا من الكروب وحادثَا، ومُصابَا جَرَّع أوْصابًا، وأضحَى كلٌّ به مُصابًا. لا جرَمَ أنّي شرِبتُ من كأسِه مُستفظَعَها، وشرِقتُ بها وبدَمْعي الذي ارفَضّ معَها، فغالَتْ خَلَدي، وغالَبت جَلَدي، حتى غِبتُ عنّي، ولم أَدرِ بآلامي [34 أ] التي تُعنِّي، ثم أفَقْتُ من سُكْري، ولَفَقْتُ مُبدَّدَ فِكري، فراجَعَني التَّذكارُ والتَّهمام، وطاوَعَني شَجْوٌ لا تتعاطاهُ الحمَام، فبَكَيْتُ حتى خَشِيت أن يُعْشِيَني، وغَشِيتُ إذ غَشِيَني من ذلك اليَمِّ ما غَشِيَني، وظَلْتُ لُقًى أينما شاء التَّرَحُ يُلقيني، فتارَةً يُغْنيني، وتارَةً يُبقيني. فلو أنّ احتدامي والتدامي، وجَفْنيَ الدّامي، اطَّلعتْ على بَعْضِهِ الخَنْساء، لَقالت: هذه عَزْمَةُ حُزنٍ لا يستطيعُها النِّساء، ذلك بأنّ قسمةَ المَراثي كقسمةِ الميراث، وللذُّكرانِ المزِيّة -كان السُّرورَ أو الرَّزِيّة- على الإناث، هذا لو وازَنَ مَبْكيٌّ مَبْكيًّا، ووازَى تُرابيٌّ فَلَكيًّا، أنا أَبْكي نُورَ علم، وهي تبكي ظُلمةَ جَهْل، ونَدْبتُها لصَخْر، وندبَتي لجبلٍ يدعى بسَهْل، كانت تتفجَّرُ منه الأنهار، وَينهالُ جانبُه من خَشْية الله أو يَنْهار. في مثلِه -ولا أريدُ بالمِثل سواه، فما كان في أبناءِ الجِنس مَن ساواه- يَحْسُنُ الجزَعُ من كلِّ مؤمن تَقِيّ، ويقالُ للمُتجلِّد: لا تُنزَعُ الرحمةُ إلا من شَقِيّ، فكلُّ جَفْنٍ بعدَه جافٌّ، فصاحبُه جِلْفٌ أو جافٍ، وكلُّ فؤادٍ لم تنصدعْ له صَفَاتُه، ولم تتغيَّرْ لفَقْدِه صِفاتُه، فمُتحقَّق عند العُقلاءِ معلوم، أنه معدودٌ في الحجار أو معدوم. فيا ليتَ شِعري! يومَ وَدَّعَ للتَّرحال، ودَعَا حادِيه لشدِّ الرِّحال، كيف كان حاضروهُ في تلك الحال؟ هل استطاعوا معَه صبرًا، أو أطاعوا لِتَثْبِيَتِهِ أمرًا؟ أوَ ضَعُفَ احتمالُهم، وقَوِيَ في مُفارقةِ النّفوس اعتمالُهم؟ ويا ليتَ شِعري! إذا أفادوا الماءَ (¬1) طهارةً زائدةً ¬

_ (¬1) كتب الناسخ فوق "إذا أفادوا الماء": "بخطه"؛ إشارة إلى أن الوجه: إذْ، كما الآتي بعدها.

بغسلِ جلالِه، هل حَنَّطوه بغير ثنائه أو كفَّنوهُ في غير خِلالِه؟ ويا ليتَ شِعري! إذِ استَقلَّ به نَعْشُه الأشرف، تُرفْرِفُ عليه الملائكةُ ويُظِلُّه الرَّفْرَف، هل رأَوْا قبلَه حَمْلَ الأطواد، على الأعواد، وسَيْرَ الكواكب، في مثلِ تلك المَواكب، فيَأْنَسوا بالإلْف، ويرفَعوا منكسِرَ الطَّرْف، ويدَعوا القَبْضَ من أثَرِ ذلك الطِّرْف؟ ويا ليتَ شِعري! إذ أودَعوا دُرّةَ الوجود، صَدَفةَ القبرِ المَجُود، لِمَ آثَروا على نفوسِهم، ورَضُوا الأرضَ مَغرِبًا لأنْوَرِ شموسِهم؟ هلّا حَفَروا له بيْنَ أحناءِ الضُّلوع، وجعَلَوا الصفيح صريحَ الحُبِّ والولوع، فيكونوا قد فازوا بقُربِه، وحازوا فَخْرًا قد حِيزَ به لتُربِه؟ ويا ليتَ شِعري! إذْ لم يفعَلوا ذلك، ولم يهتَدوا هذه المسالك، هل قَضَوْا حقَّ الحُزْن، وشَقُّوا جوانبَ الضَّريح من عَبَراتِهم بأمثالِ المُزْن؟ وهلِ اتَّصَفوا بصِفةِ الأسف أو قَنِعوا [34 ب] منها بأنْ وَصَفوها، وهل تلافَوْا بقايا الأنفُسِ بعدَ المفقود الأنفَس وأتلفوها؟ [الطويل]: فكلُّ أسًى لا تذهبُ النفسُ عندَهُ ... فما هُو إلا من قَبِيلِ التصنُّعِ يَا قَدَّس اللهُ مَثْوى ذلك المُتوفَّى، ما أظُنُّ أنّ الجَزَعَ عَمَّ حقَّه ووَفَّى، ولو دَرَى الزّمانُ وبَنوه، قَدْرَ من فَقَدوه، لَوجَدوا للفاجي الفاجع أضعافَ ما وَجَدوه، فقد فَقَدوا واحدًا جامعًا للعوالم، وماجدًا رافعًا لأعلام المعالي والمعالِم، ومُفَدًّى تَقِلُّ لهُ في الفداءِ نفوسُ الأوِدّاءِ والأعداء، ومُبَكًّى ما قامَتْ على مثلِه النَّوائح، ولا حَسُنَت إلا فيه المَراثي كما حَسُنت من قبلُ فيه المدائح. رحمةُ الله عليه ورِضوانُه، ورَيْحانُ الجِنان يُحييه به رضوانُه، من لي بلسانٍ يقضي حقَّ نَدْبتِه، وجَنانٍ يُفضي بما فيه إلى جَنَنِهِ (¬1) وتُربتهِ، وقد بلَّهَني حُزْني عليه وبَلَّدني، وتملَّكَني حَصْرُ الحَسْرة عليه وتعبَّدني، وأين يقَعُ مُهَلْهِل البَدِيه، مما يُخفيهِ مُهلهَلُ الثُّكلِ ويُبديه؟ يمينًا، لو لِبثتُ في كهفِ الرَّوِّية ثلاث مئة سنين، واستَمْدَدتُ موادَّ الفُصحاءِ اللَّسِنِين، ما كنتُ في تأبينِ ذلك الفَضْل المُبين من المُحسِنين. ¬

_ (¬1) جننه: قبره.

ألَا، لو أني أتيْتُ بالطارِف من بيانِه المُعْلَمِ: المُطارِفِ والتَّليد، ورثَيْتُ رُشْدَ كمالِه برِثائه كمالَ ابن رُشدٍ أبي الوليد، وأنشَدتُ بَنِيهِ قولَه فيه [الطويل]: أخِلّايَ إنّي من دُموعي بزاخرٍ ... بعيدٍ عن الشَّطَّيْنِ منه غريقُهُ وما كان ظنّي قبلَ فَقْدِ أبيكمُ ... بأنَّ مُصابًا مثلَ هذا أُطيقُهُ ولم أَدرِ مَنْ أشقَى الثلاثةِ بعدَهُ: ... أأبناؤه أم دَهرُهُ أم صديقُهُ؟ (¬1) ثُم استَوْفَيْتُ تلك الأبياتَ والرِّسالة، وأجرَيْتُ بِترجيعِها من دم الكبِدِ ونجيعِها عَبَراتي المُسالة؛ فحينَئذٍ كنتُ أُوَفّي المصابَ واجبَه، وأَشْفي صدورًا صَدِيّةً شَجِيّةً وقلوبًا واجفةً واجبة. أولو أنّ ما رَثَى به نفسَه الكريمةَ من كلماتِه حين رأى الحَيْنَ مُقْتَضيًا حُشاشةَ مَكرُماتِه، أثارَ كامنَ وَجْدي بألفاظِه المُبْكِيَة، ومعانيه التي تَحُلُّ من مَزادِ العيونِ الأوْكِتة، لأثْقَبَ لي زَنْدًا، وأعقَبَني صَفاةً تَنْدى، وأطمَعَني في أن يعودَ بُكايَ زَنْدًا (¬2)، فقد بَلَغَني أنه حينَ وقَفَ على ثَنِيّة المَنِيّة، وعرَفَ قُربَ انتقالِ الساكن من البَنِيّة، جمَعَ بناتِ فِكرِه كما جمَعَ شَيْبةُ الحمدِ بناتِ خِدرِه، وقال: يَا بُنَيّاتي، قد آنَ ليوميَ أن ياتي، فهل لكُنَّ أن تَرثينَني قبلَ أن ترِثْنَني؟ فوَضَعْنَ أكبادَهنَّ على الوَشِيج، ورفَعْنَ أصواتَهنّ بالنَّشيج، وأنبَرَيْنَ يُرجِّعْنَ الأناشيد، وُيفجِعْنَ [35 أ] القريبَ والبعيد، حتّى أومَأَ إليهِنّ بأنْ قد قَضَيْنَ ما عليهِنّ. فيا خَوْفاه! ومثلي بهذا النِّداء نُخِي وتَاه، أسهِموا أخاكم في ميراثِ تلكُم الكَلِم، وارحَموا فؤادًا بالمُلمِّ المؤلم قد كُلِم، ولا تقولوا: تكفيهِ مَواريثُ الأحزان، فتبْخَسُوني -وحاشاكم- في الميزان, فإنّي وإن تناولتُها باليدَيْن، وغُلِبت عليها بأنّي صاحبُ الفريضيْنِ والدَّيْن، فأنا لحَظّي من ميراثِ الحِكمةِ سائل، ¬

_ (¬1) الأبيات من شعر صَدّر به سهل بن محمد هذا رسالة تعزية إلى أولاد أبي الوليد بن رشد، وهي في الإحاطة 4/ 282. (¬2) هو من قول عمرو بن معد يكرب: ما إن جزعت ولا هلعت ... ولا يردُّ بكاي زندا (ينظر اللآلي في شرح أمالي القالي، للبكري 3/ 70)، والمعنى: لا يعني بكائي شيئًا.

ومعَ أنّ لي حقًّا فلي ذِممٌ ووسائل، فابعَثوا إليّ ما يُطارحُني في أشجاني، وأقفُ على رَسْمِه فأقول: شَجَاني، ولا أطلُبُ من كلام ذلكم الإِمام، العزيزِ فَقْدُه على الإسلام، قولَه في التصبير على الرُّزْءِ الكبير ووَصاتَه، لئلا يُلزِمَني -ولستُ بالمستطيع- إصغاءَ المُطيع لأوامره وإنصاتَه، فإنِ امتَثَلْتُ، أصَبْتُ مقتَلي بما نثَلت، وإن عصيْت، أبعَدْتُ نفْسي من رِضاه وأقصَيْت، ولي في استصحابِ حالي أمل، وما لم يرِدْ خطابٌ لم يلزَمْ عمل. على أنّي وإن صابَ وابلُ دَمْعي وصَبّ، وأصبحتُ بذكْرِ المصابِ الكَلِفَ الصَّبّ، فلا أقولُ إلا ما يُرضي الرّبّ، فأنا أَبكي عالِمًا كبيرًا، وعَلَمًا شَهيرًا، تُسعِدُني في بُكائه المِلّة، وتُنجِدُني بوَجْدِها فأنا الكاتبُ وهي المُمِلّة. وأما أنتُم أيُّها الإخوةُ الفُضَلاء، والصَّفوةُ الكُرَماء، فقد تلقَّيتُم وصاياهُ المبارَكةَ شَفاهًا، وداوَى صدورَكم بكلامِه النافع وشَفَاها، فلا يَسَعُكم إلا الامتثال، والصبرُ الذي تُضرَبُ به الأمثال، فعزاءً عزاءً، وانتماءً إلى التأسِّي واعتزاءً، فإنْ فَضَلَ رُزْءٌ أرزاءً، وكان جُزءٌ منه يعادلُ أجزاءً، فعلى قَدْرِها تُصابُ العلياء، وأشدّ الناس بلاءً الأنبياءُ ثم الأولياء، ذلك لتتبيَّنَ فضيلةُ الرِّضا والتسليم، وتتعيَّنَ صفةُ مَن يأتي الله بالقلبِ السليم، وُيعلَمَ كيف يَخلُفُ الكريمَ الكريم، وكيف يَحُلُ الأجرُ العظيم، بعَقْوةِ الصابرينَ فلا يبرَحُ ولا يَرِيم. وهَبَ اللهُ لكم في مُصابِكم صَبْرًا على قَدْرِه، وسكَبَ دِيَمَ مغفرِتِه على مَثْوى فقيدِكم وقَبْرِه، وطيَّبَ بعَرْف رَوْضاتِ الجنّات جَنَباتِ قَصرِه، ونفَعَه بما كان أودَعَه من أسرارِ العلوم في صَدْرِه، وخَلَفَه منكم بكلِّ سَرِيٍّ يُحِلّه المجدُ من كلِّ نديٍّ بصَدْرِه، بعِزّتِه، والسلامُ يَخُصُّكم به المُجِلِّ لشانِكم، المُجلِّي في مِضمارِ أشجانِكم، محمدُ بن محمد بن الجنان، ورحمةُ الله وبرَكاته. ومن أوّلِ مخصوصٍ بتحيّتي وسلامي، ومقصودٍ في التعزِية بإشارتي وكلامي، عملًا بقولِه عليه السلام: "الكُبْرَ الكُبْرَ" (¬1)، وطَلَبًا للتأسِّي من نفوسٍ [35 ب] كريمةٍ ¬

_ (¬1) الكُبْرَ الكُبْرَ: بضم الكاف وسكون الباء الموحدة وبالنصب فيهما على الإغراء، وهو حديث سهل بن أبي حثمة في القسامة، وكان الذي بدأ بالكلام عبد الرحمن بن سهل، وكان أصغر القوم، فقال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - هذا يريد أن يبدأ الأكبر في الكلام، وهو في صحيح البُخَارِيّ (6898) وفي بعض الروايات: كبر كبر، بتكرار الأمر، وينظر فتح الباري 12/ 233 - 234 في شرح هذا الحديث.

تُحسِنُ لدى كلِّ كريهة الصَّبر: سادةُ الإخوان، وعِلْيةُ الأعيان، وسُراةُ بني الزمان، أبناءُ أخي السيِّد الفقيد، والسّعيدِ المتَواري الأنوارِ بالصَّعيد، قَدَّس اللهُ لَحْدَه، وآنسَ قلوبَهم بعدَه، فما أحسَبُ أنّ كمُضاعَفِ غمِّهم بعدَ عمّهم غَمًّا، فإنّهم فَقَدوا منه أبًا شريفًا وعمًّا، فهم يَبْكُونَه من جانبَيْن، وَيطلُبُهم التحزُّنُ عليه بواجبَيْن، واللهُ يَأجُرُهم في سَنائه، ويُصبِّرُهم وسائرَ أبنائه، بعِزّتِه، ومُعادُ التحيّة على جميعِهم كثيرًا، وعلى كلِّ مَن لديهم صغيرًا وكبيرًا، والرحمةُ والبركة. كتَبَ في مُنسلَخ ذي الحجة عامَ تسعةٍ وثلاثينَ وست مئة. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: لمّا استَطرَدَ هذا الكاتبُ المُجيد، نفَعَه الله، إلى ذكْرِ الأبياتَ التي رَثَى أبو الحَسَن بها أَبا الوليد، وكانت من جُملة أبياتٍ صَدَّر بها رسالةً كتَبَ بها إلى بني أبي الوليد تعزِيةً في أبيهم، رأيتُ إثباتَها بجُملتِها تكميلًا للفائدة، ولئلا يتشوَّقَ إليها مُطالع فتعوزَه، وهي [الطويل]: ألا ليتَ شِعري هل لطالِبِ غايةٍ ... وصولٌ وأحداثُ الزمانِ تَعوقُهُ مضَى عَلَمُ العِلْمِ الذي بِبَيانِهِ ... تبيَّنَ خافِيْه وبانَ طريقُهُ أخِلّايَ إنّي من دُموعي بزاخرٍ ... بعيدٍ عن الشّطَّيْنِ منه غريقُهُ وما كان ظَنّي بعدَ فَقْدِ أبيكمُ ... بأنَّ مُصابًا مثلَ هذا أُطيقُهُ ولم أدرِ من أَشقَى الثلاثةِ بعدَه: ... أأبناؤُه أم دَهْرُه أم صَديقُهُ؟ ومَن شاهَدَ الأحوالَ بعدَ مَماتِهِ ... تَيَقَنَ أنّ الموتَ نحن نَذوقُهُ رجوعًا إلى الصّبرِ الجميلِ فحقُّهُ ... علينا قضَى ألا تُوفَّى حقوقُهُ أُعزّيكمُ في البُعدِ منه فإنّني ... أُهنّيه قُربًا مِنْ جوارٍ يَرُوقُهُ فما كان فينا منهُ إلا مكانُهُ ... وفي العالَم العُلْويِّ كان رفيقُهُ إيهٍ عن المَدامع! هل تلا انحدارَ الدّمعةِ انحدارُها، والمَطالع! أثَبَتَ على قُطبٍ مدارُها، والفجائع! أغيرُ دارِ بني رُشْدٍ دارُها؟ فإنه حديثٌ أتعاطاه مُسكِرًا،

وأستريحُ إليه مُفكِرًا، وأبُثُّه باعثًا على الأشجانِ مُذْكِرًا, ولا أقولُ: كفَّى، وقد ذَهَبَ الواحدُ أرى به ألفًا, ولا صَبْرًا، وقد أُسكِنَ العالِمُ قبرًا، بل أُعرِي الأجفانَ من مائها، وأستوهِبُ الأشجانَ غَمْرةَ غَمائها، وأستَدعي الأحزانَ بالشّهيرِ من أسمائها، ثم أتهالكُ تهالُكَ [36 أ] المجنون، وأستَجيرُ من الحياةِ برَيْب المَنُون، وأُنافرُ السُّلوَّ مُنافَرةَ اليقين لوَساوسِ الظُّنون. ولا عَتْبَ، فإذا خامَرَ الَوالهَ جَزَعُه، فإلى نُصرةِ المدامع فزَعُه، وإذا ضَعُفَ احتمالُه، فإلى غَمْرة الإغماءِ مآله، ومَن قال: الصبرُ أوْلَى، ولَّيْتُهُ من ذلك ما توَلَّى، أمّا أنا فأستَعيذُ من هذا المقام وأستعفيه، وأُنزِّه نفْسَ الوفاءِ عن الحلولِ فيه، فإنه متى بَقِيَ للصَّبر مكان، ففي محلِّ الحُزْن لِقبولِ ما يقاومُه إمكان، وقد خان الإخاءَ وجَهِل الوفاء، مَن رامَ قلبُه السُّلُوَّ أو أَلِفَتْ عينُهُ الإغفاء؛ هُو الخَطْبُ الذي نفَى الهُجود، وألزَمَ أعيُنَ الثَّقَلَيْنِ أن تَجُود، وبه أعظَمَ الدّهرُ المُصاب، وفيه أخطأ سَهْمُ المَنيّة حين أصاب، فحقُّنا أن نتجاوزَ القلوبَ إلى الجيوب، وننقلبَ إذا غالَبَنا الحُزنُ بصَفْقةِ المغلوب، وإذا كان الدّهرُ السالِب فلا غَضاضةَ على المستريح لأنَّةِ المسلوب، أستغفرُ الله! فقد أتذكَّرُ من مفقودِنا رضيَ اللهُ عنه حِكَمَه، وأشاهدُ بعَيْن البصيرة شِيَمَه، فأجِدُهما يَكُفّانِ من واكفِ الدّمع دِيَمَه، ويقولان: الولَهُ عندَ مُماسّةِ المصابِ، ومُزاحمةِ الأوصاب، أمر إن وقَع، فقد ضَرَّ فوقَ ما نفَع، فإنه لا أَلمُ الحُزنِ شفاه، ولا حقُّ المصيبة وفّاه، ولا الذاهبُ الفائتُ استرجَعَه وتَلافاه، فربّما جَنَحْتُ إلى الصبرِ لا رغبةً فيه بل إنابةً لمقصدي رَحمَةَ الله وتشفيعًا لوصاياي فيه، فأستَرْوِحُ رائحةَ السُّلوّ، وأنحَطُّ قابَ قوس أو أدنى عن سِدر ذلك العُلُوّ، وأقفُ بمقام الدَّهَش بينَ معنى الحُزنِ المُستحكِم ولفظِ العزاءِ المَتْلُوّ، فأبكي بُكاءَ النِّساء، وأصبرُ صبرَ الرُّؤساء، وأجدُ رَزايا الفُضَلاء، تفَضُلُ رَزايا الأخِسّاء، مُوازنةً بين هذا الوجود، وبُخْلٍ يتعاقَبُ على محَلِّ الجُود، فالدّهرُ يَسترجعُ ما وَهَب، كان الصُّفرَ أو الذهبَ، وإذا تحقَّق عدمُ ثَباتِه، وعُلِم استرجاعُه لجميع هِباتِه، صار المتعرِّضُ لكثيرِه، محَلًّا لتأثره، فلا غَرْوَ أنْ دهَمَكم الرُّزءِ، يَؤودُ الفَلَكَ الدائرَ منه الجُزء، فطالما بِتُّم تُرضعُكمُ الحِكمةُ أخلافَها، وتَهَبُكم الخلافةُ آلافَها، وتؤمِنُكم الأيامُ خِلافَها،

وإذا ظمِئَتِ العقول، وضَنَّ بما لديه المعقول، وصارتِ الأذهانُ إلى حيثُ لا تتَصَوَّر والألسنةُ بحيثُ لا تقول، ورَدتُم مَعِينًا، ووجَدتُم مُعينًا، وافتَضَضْتُموها كأمثال اللُّؤلؤِ المكنون حُورًا عِينًا. أظننتُم أنّ عينَ الدَّهر تنام، أم رُمتُم أن يكونَ صَرْحًا إلى إلهِ موسى ذلك السَّنام؟ لَشَدَّ ما شِدتُم البناء، وألزَمتُم اتّباع الأبناءِ الكرام الآباء، حتّى غرِقَ الأوّلُ في الآخِر، وصار السَّلَفُ [36 ب] على ضخامتِه أقلَّ المفاخِر، ومَن عَلَتْ في عُلوِّها قَدَمُ ترَقِّيه، ولم يُطِفْ بكمالِه عَيْبًا يحفَظُه مِن عين العائن ويَقيه، فكثيرًا ما يأتيه محذورُه من جهةِ توَقِّيه، هذا أبوكم - رضيَ اللهُ عنه - حين استكمَلَ تعَرُّفَ الضارِّ والشافي، وتعذَّرت صِفاتُ كمالِه على الحرفِ النافي، ورأى منكم حَفَظةً لوجودِه إنْ أدرَكَه التَّلَفُ ففيكم التلافي، صار وأنتُم كالرَّسْم البَلْقَع وثلاثِ الأثافي، فإنّا لله لفظةً أُواليها، وأُتبعُها زَفْرةً تَلِيها. لقد بَحَثَتِ الأيامُ عن حَتْفِها بظَلْفِها، وسعَتْ على قَدَمِها إلى رَغْم أَنفِها، حين أتلَفتِ الواحدَ يَزِنُ مئةَ ألْفِها، فمَن لِبَثِّ الوَصل ورَعْي الوسائل، وإلى مَن يُلجَأُ في مُشكلاتِ المسائل، ومنِ المجيبُ إذا لم يكنِ المسؤولُ بأعلمَ من السائل؟ اللهمَّ صبِّرْنا على فَقْد الأُنْسِ بالعلم، وأدِلْنا من خُفُوفِ الوَلَه بوَقارِ الحِلم، وأخلِفْه في بَنِيه، وعامّةِ أهليه بشَبيه، ما أوْلَيْتَه في جِوارِك المقدَّس وتُوْليه. وإليكم أيُّها الإخوةُ الأولياء، والعِلْيةُ الذَين عليهم قُصِرَتِ العَلْياء، أعتذرُ من إيجادِ الشيء من الكلام تَنقُصُهُ الأشياء، فقد خانَ في هذا الزّمن حتى اللِّسان، وفُقِدَ حتّى منهُ "الإحسان" وليس لتأبينِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - إلا حَسَّان، فالعُذرُ مُنفسِحُ المجال، وإلى التقصر في حقِّ رُزْئكمُ الكبير مَصيرُ ذي الرَّوِيّة والارتجال، ولذلك عدَلْتُ إلى الإيجاز، واعتَقدتُ إرسالَ القول في هذا الموضِع ضَرْبًا من المجاز، ومُبْلِغُ النفس عُذْرَها معَ العَجْزِ كالصائرِ إلى الإعجاز. وأمّا حُسنُ العزاء، على تعاقُب هذه الأرزاء، فأمرٌ لا أهَبُه بل أستَجْديه، ولا أُذكِرُكم به ونفْسُ صَبْرِكم متوغِّلةٌ فيه، فسِواكم يُلْهَمُ إلى الإرشاد، ويُذكَّرُ بطُرُقِ الرَّشاد، جعَلَ اللهُ منكم لآبائكم خَلَفًا، وأبقَى منكم لأبنائكم سَلَفًا, ولا أراكُم الوجودَ بعدَها تَلَفًا، بمَنّ الله وكرَمِه، والسّلام.

230 - سهل بن محمد بن محمد بن سهل المعافري، إشبيلي

230 - سَهْلُ بن محمد بن محمد بن سَهْل المَعافِريُّ، إشبيليٌّ. كان فقيهًا عاقدًا للشّروط، مُبرِّزا في العدالة معروفًا بالفَضْل، حيًّا سنةَ تسع وثلاثينَ وست مئة. 231 - سَهْلُ (¬1) بن مُفرِّج بن خَلَف بن سَهْل المَعافِريُّ، أبو حَبِيب. رَوى عن أبي العبّاس بن زَرْقُون، وأبي عبد الله ابن الرَّمّامة، وأبي عليّ منصور بن أبي فوناس. 232 - سُهَيل (¬2) بن محمدِ بن سهَيْل بن محمدِ بن سُهَيْل بن عَيْشُونَ بن عَمْرِو ابن عَيْشُونَ بن عامر بن ذي نُجَيْل بن مُقدَّم بن طَرِيف بن مُقدَّم الداخِل إلى الأندَلُس ابن طَرِيف بن عُمر بن أبي سَلَمةَ بن [37 أ] عبد الرّحمن بن عَوْف الزُّهْريّ، من ساكني مُرْسِيَة، وأصلُه من نَواحي شاطِبة، أبو محمد. كان خيِّرًا فاضلًا عَلَمًا في الصّلاح والزُّهد، محُبّبًا إلى الخاصّةِ والعامة، وَليَ الصَّلاةَ بجامع مُرْسِيَةَ دَهْرًا طويلًا. وتوفّي سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة. 233 - سيِّدُ بن عُبَيْد الله بن سيِّد، يُعرَفُ بابن الدُّودة. 234 - سيِّدُ بن عبد الرّحمن بن سيِّد الأَنْصَارِيّ. 235 - سيِّدُ (¬3) بن عليّ، أبو بكر. رَوى عن أبي عبد الله (¬4) بن أحمدَ بن عُبَيد ابن الوَشّاء، رَوى عنه أبو محمد قاسمُ ابن الصابوني. 236 - سيِّدُ بن موسى بن طالب، مَرْجيقيٌّ، أبو بكر. رَوى عن شُرَيْح. 237 - سيِّدُ بن يَعْلَى، أبو بكر. رَوى عن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 438. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3263)، والذهبي في المستملح (816). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3258). (¬4) اسمه محمد.

الشين

الشِّين 238 - شاكرُ (¬1) بن محمد بن الحَسَن بن محمدِ بن كاملٍ الحَضْرَميّ، مالَقيّ، أبو الحُسَين، ابنُ الفَخّار. رَوى عنه ابنُ أُختِه أبو بكر بنُ دَحْمان، وأبو عَمْرو بنُ سالم. وكان أديبًا شاعرًا مجُيدًا، حسَنَ العِشرة، ذكيًّا طيِّبَ النفْس، كريمَ الطِّباع، لَوْذَعيًّا، مُمتِعَ الحديث، صَحِبَ كثيرًا الأديبَ أَبا عليّ ابن كسرى، وحُمِلَ إلى إشبيلِيَةَ مكبولًا معَ مَن حُمل من مالَقةَ عند كائنةِ الجَزيريّ الثائر، فبَرَّأهمُ اللهُ جميعًا من تَبِعتِها (¬2)، وعَرَضَ له حينَئذٍ خوفٌ كان سببَ منيّتِه، وذلك بإشبيلِيَةَ سنةَ ستٍّ وثمانينَ وخمس مئة. 239 - شاكرُ بن محمد بن شاكِر بن عبد الله بن موسى التُّجِيبيُّ، رِكْليُّ الأصل. 240 - شاكرُ (¬3) بن مُسلم بن شاكر، أُورِيُولي. رَوى عن أبي القاسم خَلَف بن محمد ابن العَرَبي، وأبي محمد بن عَتّاب. رَوى عنه أبو عِمرانَ بنُ حَجّاج الأشيريُّ سنةَ إحدى وثلاثينَ وخمس مئة. 241 - شامخُ بن عبد الحقِّ بن إبراهيمَ بن أحمدَ بن محمد بن رَشِيق التَّغلَبيّ. 242 - شَرَفٌ، فتى أبي إسحاقَ إبراهيمَ بن عُبَيد الله بن محمدِ بن أحمدَ بن يوسُفَ المَعافِري (¬4)، ابنُ النّجّار، النواله، قُرْطُبيٌّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة (379)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 448. (¬2) هذا الجزيري ظهر أيام المنصور الموحدي بمراكش ونسبت إليه مخارق كثيرة وأنه يتصور بصور الحيوانات ثم جاز إلى الأندلس فأمر المنصور بالكتب إلى جميع الجهات في طلبه إلى أن عشر عليه بمالقة فسيق هو ومن تبعه إلى إشبيلية وقتلوا وقتل بسببه خلق كثير (انظر ابن عذاري 4/ 140). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3274)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 447. (¬4) هذا المعافري مترجم في تاريخ ابن الفرضي (41).

243 - شعيب بن أحمد بن شعيب، طليطلي

رَوى عن مَوْلاه أبي إسحاقَ المذكور، وكان من نُبَلاءِ أهل العِلم، جيِّدَ الخَطّ. 243 - شُعَيْبُ بن أحمدَ بن شُعَيْب، طُلَيْطُليٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ إحدى وأربعينَ وأربع مئة. 244 - شُعَيْبُ (¬1) بن إسماعيلَ بن شُعَيب بن إسماعيلَ بن شُعَيْبِ بن عبد الله الصَّدَفيُّ، كذا وقَفْتُ على نَسَبِه بخطِّه، وجعَلَ ابنُ الأبّار بعدَ إسماعيلَ الأعلى: ابنَ محمد، ولم يزد، إشبِيليٌّ، أبو زيد، ابنُ سُكَّر بضمِّ السِّين الغُفْل وتشديد الكافِ المفتوح وراءٍ. تَلا بالسّبع على أبي الأصبَغ الطَّحّان. ورَوى عن أبوَيْ بكر: ابن خَيْر [37 ب] واختَصَّ به، وابن فَنْدِلَة، وأبي العبّاس ابن غَزْوان، وأبي محمد ابن مَوْجُوَال، وأبي الوليد ابن حَجَّاج. وكان مُقرِئًا ماهِرًا حسَنَ الأداء مَعْنيًّا بالتقييد والضّبط على ضَعْفِ خطِّه، موصُوفًا بالحفظِ والذكاء، قُتلَ بدارِه في حَوْمة مسجدِ الشُّهداء في ربيع الأول سنةَ ستٍّ وثمانينَ وخمس مئة. 245 - شُعَيْب (¬2) بن الحُسَين الأَنْصاريّ، إشبِيليٌّ، قطنياني، وقيل: مَنْتُوجَبِيُّ (¬3) الأصل، سكَنَ بأَخَرةٍ بِجَايةَ، أبو مَدْيَن. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3267)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 445. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3268)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 444، والغبريني في عنوان الدراية (135)، والذهبي في المستملح (818)، وتاريخ الإسلام 12/ 922، وسير أعلام النبلاء 21/ 219، والصفدي في الوافي 16/ 163، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 530، والمقري في نفح الطيب 7/ 136 فما بعد، وابن العماد في الشذرات 4/ 303 وغيرهم. (¬3) نسبة إلى حصن منتوجب.

أخَذ عن أبي الحَسَن بن إسماعيلَ بن حرزهم (¬1)، وأبي الحَسَن بن غالب، وأبي الحَسَن السَّلَويّ، وأبي عبد الله الدَّقّاق. رَوى عنه أبو أحمدَ النارِيُّ، وأبو جعفرٍ ابنُ السَّرّاج، وأبو الصَّبرِ أيّوبُ الفِهْرِيّ (¬2)، وأبو عبد الله بنُ عبد الحقِّ التِّلِمْسيني، وأبو علي بن زُلَال. وقال أبو عبد الله محمدُ بن إبراهيمَ الأَنْصاريّ: خَرَّجَ أبو مَدْيَنَ ألفَ تلميذٍ ظَهَرتْ على يدِ كلِّ واحد منهم كرامة. وكان أحدَ عبادِ الله المُخلَصين ممّن أجرَى اللهُ الحِكَمَ على لسانِه بما قَذَفَ في قلبِه من أسرارِ توفيقِه، وأفاض عليه من أنوارِ هدايتِه، وكان مُعرِضًا عن التكسُّبِ زُهدًا في الدّنيا وتقلُّلًا منها، مَبسُوطًا بالعلم مقبوضًا بالمُراقبة، مُبرِّزًا في مقام التوكُّل، لا يكاد يُعدَلُ به أحدٌ من أهل زمانِه فيه، عامرَ القلب بمُراقبةِ الله تعالى وخَشْييه، رَطْبَ اللِّسان بالذِّكْر، وقَطَعَ كثيرًا من عُمره في السِّياحة. وقال أبو علي حَسَنُ بن محمد الغافِقيُّ الصّوّاف، وكان قد صَحِبَ أَبا مَدْيَنَ نَحْوًا من ثلاثينَ سنةً وما فارَقَه حتى مات: سمِعتُه يقول: المُلتفِتُ إلى الكرامة كعابدِ الوَثَن، فإنه إنّما يُصلِّي ليَرى كرامة. وحدَّثني قال: صلَّيتُ مع عُمر الصَّبّاح صلاةَ المغرِب، فلمّا سلَّمنا قال لي: رأيتُ وأنا في الصلاة ثلاثًا من الحُور أو أربعًا وهُنَّ يلعَبْنَ في رُكنِ البيت، فقلتُ له: أرأيتَهنّ؟ فقال لي: نعم، فقلتُ له: أعِدْ صلاتَك، فإنّ المُصَلِّيَ إنّما يُناجي ربَّه، وأنت إنّما ناجَيْتَ الحُور. وقال عبد الله بن ماكسن الصُّنهاجيّ: جاء رجُلٌ إلى الشّيخ أبي مَدْيَنَ ليعترضَ عليه، فأراد القارئُ أن يقرَأَ عليه الكتاب، فسَكَّتَه أبو مَدْيَنَ وقال له: اسكُتْ، ثم التَفَتَ إلى الرجُل وقال له: لمَ جئت؟ فقال له الرجُل: جئتُ لأقتبِسَ من أنوارِك، فقال له: ما الذي في كُمِّك؟ فقال له: المصحف، فقال له أبو مَدْيَن: أخرِجْه، فأخرَجَه من كُمِّه، فقال له: اقرَأْ أوّلَ سطر، فأخرَجَه وفتَحَه وقرَأَ أوّلَ ¬

_ (¬1) ترجمة ابن حرزهم في التشوف 147. (¬2) ترجمة أبي الصبر في التشوف 431.

سطر، فإذا فيه: {الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 92] فقال له أبو مَدْيَن: [38 أ] أما يَكفيكَ هذا (¬1)؟ واستَوطَنَ قديمًا مدينةَ فاس، فأقام بها قليلًا ولم يَزلِ المقامُ (¬2) بها، وفَصَلَ عنها كارهًا جِوارَ أهلِها، وانتَقَل إلى تِلِمْسينَ ثُم إلى بِجَاية فاستقَرَّ بها. وكان شيخَ الصوفية في وقتِه ونفَعَ اللهُ بصُحبتِه خَلْقًا كثيرًا. ثُم إنّ المنصُورَ من بني عبد المُؤمن استَدعاه والشّيخَ أَبا زكريّا المَغِيليَّ (¬3) إلى حضرتِه مَرّاكُشَ لأمرٍ اقتفَى ذلك عندَه، وكان أبو زكريّا ساكنًا بحَوْمةِ مِلْيانَةَ أو قريبًا منها، فأمّا أبو زكريّا فلم يُجِبْه، وكان من قوله: [...] (¬4)، وأمّا أبو مَدْيَنَ فقال: أمّا أنا فأتوجَّهُ إليه غيرَ أنه لا يَراني ولا أراه، فأتَتْه منِيّتُه بتِلِمْسين، وصَدَقَ اللهُ أُمنيّتَه وحقَّقَ وعْدَه، وكان آخِرُ ما سمِعَ من كلامِه عند آخِر الرَّمَق: اللهُ الحَيّ. وقال أبو علي الصوّاف (¬5): لمّا احتُضِر أبو مَدْيَن استحيَيْتُ أن أقولَ له: أوصِني، فأتَيْتُه برَبِيبِه وقلتُ له: هذا فلانٌ فأوصِهِ، فقال لي: سُبحانَ الله! وهل كان عُمري معَكم كلُّه إلا وَصِيّة، وأيُّ وصيةٍ أبلغُ من مشاهدةِ الحال؟ وسمِعتُه عندَ النَّزْع وهُو يقول: الله الله الله، حتى رَقَّ الصّوتُ وتُوفِّي بيُسْر، في حدودِ التّسعينَ وخمس مئة، قيل: عامَ أربعةٍ وتسعينَ، وقيل: عامَ ثمانيةِ وثمانين، ودُفن بمقبُرة العَبّاد العُلْيا قِبْليّ تلمسينَ إلى جَنْب الصّالح الشَّهير أبي محمدٍ عبد السلام التونُسيّ رحمَهما الله، وقَبْراهُما هنالك متبرَّكٌ بهما مَزُورانِ متَعرَّفان (¬6) البَرَكة، نفَعَ اللهُ بهما، وقد زُرتُهما أنا ووَلَدي أحمد، هداهُ الله. ¬

_ (¬1) وردت هذه القصة في نيل الابتهاج 110، والتشوف 323. (¬2) كتب الناسخ فوقها: "بخطه". (¬3) انظر ترجمته في التشوف 296. (¬4) بياض في الأصل قدر ثلاث كلمات، ومعناها: "أنا لا أذهب إليه". (¬5) ينظر التشوف (321). (¬6) كتب الناسخ فوقها: "بخطه", لأن الجادة: "متعرفا" من غير نون.

246 - شعيب بن عبد الغفور، قرطبي، أبو مدين

246 - شُعَيْب بن عبد الغَفُور، قُرْطُبيّ، أبو مَدْيَن. رَوى عن أبي الحَسَن ابنِ الفَقّاص (¬1)، وأبي القاسم ابنِ الطَّيْلَسان. 247 - شُعَيْب (¬2) بن عامِر بن محمد القَيْسي، إشبِيليّ، أبو محمد، وهُو سِبطُ شُعَيْب الأشجَعيِّ الآتي بعدُ بحَوْل الله تعالى. تَلا على جَدِّه للأُمِّ شُعَيْبٍ المذكور، وسَمِع منه كثيرًا واختَصَّ به. رَوى عنه أبو بكر بنُ عبد النُّور، وحَدَّث عنه بالإجازة أبو القاسم ابن الطَّيْلَسان، وكان مُكتبًا مُقرئًا مجُوِّدًا فاضلًا خيِّرًا، حيًّا سنةَ تسع وتسعينَ وخمس مئة. 248 - شُعَيْب (¬3) بن عيسى بن عليّ بن جابِر بن عَدِيِّ بن جابِر الأشجَعيُّ، يابُرِيٌّ، استَوطَنَ إشبيلِيَةَ، أبو محمد. وكَنّاه أبو العبّاس ابنُ الرُّوميّة: أَبا مَدْيَن، والحَسَنُ بن أحمدَ بن أبيمن: أَبا الحَسَن، وكلاهما غيرُ معروف. تَلا على خالِه أبي القاسم خَلَف بن شُعَيْب. وروى عن آباءِ بكر: عبد الله بن طلحةَ وعَيّاش بن مِخْرَاش ومحمد بن المُفرِّج الرَّبوبْلة، وذكر ابنُ الشكان أنه ¬

_ (¬1) هو علي بن إبراهيم بن علي الجذامي المعروف بابن الفقاص المتوفى سنة 632 هـ، والفقاص، هكذا هي مجودة في النسخة الخطية، وكذلك جاءت في مخطوطة صلة الصلة لإبن الزبير 4/الترجمة 287، وقرأها الذهبي: "القفاص" بتقديم القاف على الفاء (تاريخ الإسلام 14/ 73)، وكذلك جاءت في المطبوع من الديباج 2/ 115. والفقاص اسم أعجمي، وستأتي ترجمته في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 368). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3269)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 446، والذهبي في المستملح (819)، وتاريخ الإسلام 12/ 1167، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 327، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 73. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3266)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 443، والذهبي في المستملح (817)، وفي تاريخ الإسلام 11/ 504، وفي معرفة القراء 1/ 479، والصفدي في الوافي 16/ 164، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 328، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 73، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 4.

خالُه، وفيه نَظَر، وأبوَي الحَسَن: شُرَيْح وابن قلبريل اليابُريِّ. وأجاز له: أبو الحَسَن عَبّادُ بن سِرْحان، وأبو القاسم عبدُ الرحمن (¬1) [38 ب] [وأبو الوليد الباجِيُّ، وأبو عَمْرِو الداني، وجَمْعٌ. ورَوى عنه أبوا بكرِ: ابنُ خَيْر وابنُ صافٍ، وهشامُ بن أَبَان، وأبو الحَسَن نَجَبةُ بن يحيى وجماعةٌ، وصنف في القراءاتِ وما يتعلَّقُ بها. ماتَ عاشرَ، وقيل: حاديَ عَشَر، جُمادى الأُولى سنةَ ثمانٍ وثلاثينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) هنا سقط بقية حرف الشين وأول حرف الصاد، وأكملنا هذه الترجمة من تكملة ابن الأبار وبغية الوعاة للسيوطي الذي صَرّح بالنقل عن ابن عبد الملك. ومن التراجم التي نص السيوطي على نقلها من هذا الكتاب: ترجمة: "شعيب بن يوسف الخولاني الشنتريني، أبي عمرو. كان من أهل العلم والفهم والعدالة والثقة، بصيرًا بالعربية، حافظًا للّغات. أقرأ أهل بلده دهرًا، وأمَّ وخطب فوق خمسين سنة، وعُمِّر فوق تسعين" (بغية الوعاة 2/ 4، وهو مترجم في التكملة، رقم 3265)، ومنهم: "شيبان بن آدم بن زنباع. كان من مشاهير المؤدبين بالقرآن والعربية" (بغية 2/ 6، وهو مترجم في التكملة 3272). ولما كان ابن عبد الملك ينقل من التكملة وصلة ابن الزبير فلا بد أنه ترجم لمن ذكر فيهما، وهم: 1 - شعيب بن يحيى، أصلهُ من ناحية فريش وسكن قرطبة (التكملة 3264). 2 - شنيف المقرئ، قرطبيٌّ (التكملة 3273). 3 - شهاب بن محمد بن عبد الرزاق بن يوسف بن خلف الكلبي، إشبيليٌّ، أبو الحسين (التكملة 3271). 4 - شهاب بن محمد المعيطي الطبيب، إشبيليٌّ، أبو الحسن (التكملة 3270). 5 - شهيد بن محمد بن شهيد، مالقيٌّ، أصله من سرقسطة، أبو الحسن (صلة الصلة 4/الترجمة 449). 6 - صارم بن تمحيص بن صارم (التكملة 1941). 7 - صارم بن عبد الله بن تمحيص، طرطوشيٌّ (التكملة 1940). 8 - صالح بن خلف بن سعيد بن مسعود الأنصاري، أوريوليٌّ، أبو الحسن (التكملة 1944). 9 - صالح بن جابر بن صالح بن خضرم الغساني، مالقيٌّ، أبو التقي (صلة الصلة 3/الترجمة 117).

الصاد

الصّاد 249 - صالحُ (¬1) بن خَلَف بن عامِر الأنصاريُّ الأَوْسيُّ البَرْجِيّ، أبو الحَسَن، ابنُ السَّكَني. رَوى عن أبي الحَسَن بن] الغَمّاد، وأبي الحُسَين ابنُ الطَّرَاوة، وأبي عليّ منصُور الأحدَب، وأبي مَرْوانَ بن مُجْبَر (¬2)، ورَحَلَ إلى المشرِق واجتازَ بفاسَ فأخَذَ بها عِلمَ الكلام عن أبي جعفرٍ محمد بن باقٍ، وبتونُسَ عن أبي محمد عبد الرزّاق، وبالمَهْدِيّة عن أبي عبد الله المازَرِي. رَوى عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن سعيدٍ القَرَويِّ ابن المُبيِّض. رَوى عنه أبو بكر بن أحمدَ بن خليل، وابنا حَوْطِ الله. وكان مُقرِئًا مجُوِّدًا عارِفًا بالقراءاتِ ضابِطًا لأحكامِها، ماهرًا في عِلم العربيّة، ذا حَظّ صالح من الفقه، متقدِّمًا في علم الكلام، مَوْلدُه سنةَ خمس مئة، وتوفِّي في أوائل رمضانَ سنةَ ستٍّ وثمانينَ وخمس مئة. 250 - صالحُ (¬3) بن سيِّد. كان أديبًا تاريخيًّا, وله تاريخٌ سمّاه "وُسْطَى السُّلوك"، ذَكَرَ فيه بناءَ المعتمدِ محمد بن عَبّاد الحِصْنَ الزاهر (¬4). ¬

_ (¬1) سقط أول الترجمة واستدركناه من مصادر ترجمته، وقد ترجمه ابن الأبار في التكملة (1937)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 116، والذهبي في المستملح (402)، وتاريخ الإسلام 12/ 815، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 9. (¬2) في الأصل: "جبير" لعله محرف من الناسخ، فالمؤلف ذكره على الوجه حين ترجمه في السفر الخامس (الترجمة 99)، وهو عبد الملك بن مجبر بن محمد البكري، مالقي، أبو مروان، وهو مترجم في التكملة (2429)، وغيره. كما سيأتي على الوجه بعد قليل في أثناء الترجمة رقم (252). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1934). (¬4) نقل منه ابن عذاري في البيان المغرب فقال: "قال صالح بن سيّد: وفي سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة جَدّد المعتمد على الله حصن الفرج".

251 - صالح بن عبد الرحمن الأنصاري

251 - صالحُ بن عبد الرّحمن الأنصاريُّ. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي. 252 - صالحُ (¬1) بن عبد الملِك بن سعيدٍ الأَوْسيّ، من ساكِني مالَقةَ، أبو الحَسَن. تَلا بحرف نافع على أَبيه، وأبي بكر عَيّاش بن فَرَج، وأبي القاسم أحمدَ بن محمد بن ذِرْوةَ، وبالسَّبع على أبي زيد السَّرَقُسْطيِّ الوَرّاق، وأبي عبد الله بن عيسى الشَّرقي البيغيِّ، وأبي عليّ منصورِ بن الخَيْر. ورَوى عن أبي بحرٍ سُفيانَ بن العاص، وآباءِ بكر: ابن أسوَدَ وابن العَرَبيِّ وغالبِ بن عَطِيّة وابن حَبيب وابن فَنْدِلةَ، وأبوَيْ جَعْفر: ابن عبد العزيز ابن المُرْخِي وابن باقٍ محمد، وأبي الحَجّاج القُضَاعي، وآباءِ الحَسَن: شُرَيْح وابن اللَّوّان وغِربِيب بن خَلَف بن قاسم وابن غَمّاد، وأبي الحُسَين ابن الطَّرَاوة، وآباءِ عبد الله: جعفر حفيدِ مكِّي والجَيّاني البغداديِّ وابن الحاجِّ الشَّهيد وابن زُغَيْبةَ وابن مَعْمَر وابن أُختِ غانم، وأبي العبّاس ابن الزَّنْقِيّ، وأبوَي القاسم: ابن منظور وابن وَرْد، وأبوَيْ محمد: ابن الجُبَيْر الكاتبِ وابن عاتٍ، وأبوَيْ مَرْوان: ابن عبد العزيز الباجِيِّ وابن مُجبر، وآباءِ الوليد: ابن رُشْد وابن بَقْوَى بلَوْشَة وابنِ الدَّبّاغ، ولقِيَ أَبا الأصبَغ ابنَ أبي البَحْر الشَّنْتَرينيَّ وأجاز له. وكتَبَ إليه مُجيزًا ولم يلقَهُ: أبوا الحَسَن: ابنُ النِّعمة وابنُ هُذَيْل، وأبَوا عبد الله: بن (¬2) يوسُف بن سَعادةَ والمازَرِيُّ مقيمُ المَهْديّة، وأبو محمد عبدُ الرزّاق الفقيهُ بتونُس. رَوى عنه أبوا بكر: عَتِيقُ بن قَنْتَرال وابنُ أبي زَمَنِين، وأبو الخَطّاب ابنُ الجُمَيِّل، وأبو سُليمانَ بنُ حَوْطِ الله، وأبو الصَّبر السَّبْتيّ، وأبو عبد الله الأَنْدَرْشيُّ، وأبو عليّ الرُّنْديّ، وأبو عَمْرو بنُ عَيْشونَ المُرْسِي، وآباءُ محمد: ابنُ حَوْطِ الله ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (851)، وابن الأبار في التكملة (1935)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 114، والذهبي في المستملح (400)، وفي تاريخ الإسلام 12/ 539. (¬2) كتب الناسخ فوقها: "بخطه"؛ لأنه كتبها بغير ألف.

253 - صالح بن علي بن صالح بن محمد بن سالم الهمداني، مالقي، أبو الحسن، وهو والد الأديب أبي عمرو ابن سالم

[39 أ] وابن القُرْطُبيّ وعبدُ الصَّمد بن إبراهيمَ بن طارِق وغَلْبونُ بن غَلْبون. وحدَّث بالإجازة أبو العبّاس العَزَفي، وأبو الفَضْل عِيَاضٌ إن لم يكنْ سَمِعَ عليه. وكان متفنِّنًا في معارفَ مُقرِئَا مجُوِّدَا وَرِعًا زاهدًا فاضلًا مُشاركًا في الأصُول، ولم يكنْ بالضّابط، وله مقالةٌ في الإيمان والإِسلام، وقدِ استُقضيَ في حدود الثلاثينَ وخمس مئة. وتوفِّي في أوائلِ رمضانِ ستّةِ وثمانينَ وخمس مئة، ومَولدُه سنةَ خمس مئة. 253 - صالحُ (¬1) بن عليّ بن صالح بن محمدِ بن سالم الهَمْدانيّ، مالَقيٌّ، أبو الحَسَن، وهو والدُ الأديب أبي عَمْرٍو ابن سالم (¬2). وقد تقدَّم رَفْعُ نَسَبِه والتنبيهُ على حالِه في رَسْم ابنِه أبي عَمْرو سالم. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي الحُسَين ابن الطَّرَاوة، وأبي عبد الله ابن أُختِ غانم، وأبي مَرْوانَ عبد الرّحمن بن قَزْمان. وأجاز له من أهل الأندَلُس: أبو الحَكَم عبدُ السّلام بن عبد الرّحمن بن بَرَّجان، ومن أهل المشرِق: أبَوا الطاهِر: الخشُوعيُّ والسِّلَفيّ، وأبوا محمد: الدّيباجيّ والقاسمُ بنُ عليِّ بن عَساكر. رَوى عنه ابنُه أبو عَمْرو سالم. 254 - صالحُ (¬3) بن عليّ بن عبد الرّحمن بن إبراهيمَ بن سَلَمةَ الأَنْصاريُّ، مالَقيٌّ، أبو التّقَى، ابنُ المُعلِّم. رَوى عن أبي الخَطّاب بن واجِب، وابنَيْ حَوْطِ الله، وأبي عليّ الرُّنْدي، وأبي محمد ابن القُرْطُبي. وكان من أهل الاجتهاد في طلبِ العِلم والاعتناءِ التامِّ بطُرُق الرّواية والتصَرُّف الحَسَن في النَّحو والأدب. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1939)، وابنه سالم بن صالح مترجم في أدباء مالقة (155). (¬2) الترجمة رقم (5) من هذا السفر. (¬3) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة (60)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 118، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 11.

255 - صالح بن محمد بن أحمد بن صالح الأزدي، أبو الحسن

قال أبو بكر بن خَمِيس (¬1): حدَّثني صاحبُنا الفقيهُ الزَّكيُّ أبو [...] (¬2) بن أبي التُّقَى صالحٍ هذا قال: كنتُ في وقتٍ أدرُسُ كتابَ الزّكاة من"المُوطَّإ"، فأطَلْتُ القراءةَ ليلةً من اللّيالي حتى غَلَبَني النّوم، فكنتُ أرى والدي رحمه الله جالسًا معي، فكنّا نتحدَّثُ في القراءةِ والطّلب، فكنتُ أقولُ له: هل عمِلتَ قَطُّ شِعرًا؟ فكان يُنشِدُني [الطويل]: وقَفْتُ أمامَ الحيِّ أرصُدُ غَفْلةً ... أُساعدُ طَرْفي ساعةً (¬3) وأُناظرُ فإنْ غَفَلَ الواشُونَ عنا تكلَّمتْ ... حواجبُنا عمّا تُكِنُّ الضمائرُ قال: وكان يقولُ لي: هما مُقيَّدانِ على ظهرِ سِفْرٍ من"كتاب سِيبوَيْه"، قال: فنظرتُهما فوجَدتُهما كما ذَكَرَ. وتوفِّي ضَحْوةَ يوم الأربعاءِ لستٍّ بَقِينَ من ربيعٍ الآخِر سنةَ خمس وعشرينَ وست مئة. 255 - صالحُ بن محمد بن أحمدَ بن صالح الأَزْديُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبيِّ، وأبي الحَسَن شُرَيْح. 256 - صالحُ (¬4) بن محمد بن سُليمان. رَوى عن أبي الحَجّاج الأُنْديِّ وأبي الرَّبيع بن سالم. 257 - صالحُ بن محمد بن صالح، أندَلُسيٌّ، أبو التُّقَى. له رحلةٌ أخَذَ فيها بمكّةَ [39 ب] شرَّفَها الله عن أبي الفُتُوح نَصْر بن أبي الفَرَج ابن الحُصْريّ سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة. ¬

_ (¬1) أدباء مالقة، ص 204، الترجمة 60. (¬2) فراغ في الأصل، وفي كتاب ابن خميس: "صاحبنا الفقيه الزكي ولد أبي التقي صالح المذكور". (¬3) في أدباء مالقة: "تارة". (¬4) له ترجمة في رحلة ابن رشيد 2/ 317 - 319 لقيه بتونس سنة 684 هـ وقد أخذ عنه هو ورفيقه ابن الحكيم وأجاز لهما، وهو يعرف بابن شوشن.

258 - صالح بن محمد بن عبيد الله بن علقمة القيسي، بليشي، بفتح الباء بواحدة وشد اللام وياء مد وشين معجم منسوبا

258 - صالحُ بن محمد بن عُبَيدِ الله بن عَلْقَمةَ القَيْسيّ، بَلِّيشِيٌّ، بفَتح الباءِ بواحدةٍ وشدّ اللام وياءِ مَدّ وشينٍ معجَم منسوبًا. 259 - صالحُ بن محمد بن عليّ الأنصاريُّ، إشبِيليٌّ. 260 - صالحُ بن مُعاذ الأنصاريُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن شُرَيْح. 261 - صالحُ (¬1) بن مُعافَى بن حَمّاد الغَسّاني، قُرْطُبي. كان خَيِّرًا فاضلًا عَدْلًا حَسَنَ الهَدْي مقبولَ الشّهادة، عالمًا بالعربيّة راوِيةً للأشعار، أدَّبَ عند بني فُطَيْس، وكتَبَ عن بعضِ القُضاة، واشتُهِر بالفَضْل ومَتَانة الدِّين. 262 - صالحُ (¬2) بن يحيى بن صالح الأَنْصاريّ، قُرطُبي، أبو الحَسَن. تَلا بالسّبع على أبي بكر بن جعفرِ بن صافٍ، وأبي الحَسَن عبدِ الجَليل. تَلا عليه ابنا حَوْطِ الله ورَوَيا عنه، وكان مُكْتِبًا مجُوِّدًا شيخًا فاضلًا، تصدَّرَ للإقراءِ بمسجدِه داخِلَ قُرطُبة على مَقْرُبة من بابِ طُلَيْطُلةَ أحدِ أبوابِها. وتوفِّي في ذي الحِجة سنةَ ثمانينَ وخمس مئة. 263 - صالحُ (¬3) بن أبي الحَسَن يَزيدَ بن صالح بن موسى بن أبي القاسم بن عليِّ بن شَريف، رُنْديّ، أبو الطّيِّب، ابنُ شَريف. ¬

_ (¬1) ترجمه الزبيدي في طبقات النحويين (276)، وابن الأبار في التكملة (1932)، والفيروزآبادي في البلغة (156)، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 11. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1936). (¬3) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 119، وابن فضل الله في مسالك الأبصار 11/ 480، والصفدي في الوافي 16/ 277، وابن الخطيب في الإحاطة 3/ 360، والمقري في أزهار الرياض 3/ 207، وغيرهم.

رَوى عن آباءِ الحَسَن: أَبيه والدَّبَاج وابن الفَخّار الشَّرِيشي وابن قُطْرال، وأبي الحُسَين بن زَرْقُون، وأبي القاسم ابن الجَدِّ التّونُسي. رَوى عنه جماعةٌ من أصحابِنا، وكتَبَ إليّ بإجازةِ ما رَواهُ وألَّفَه وأنشَأَه نَظْمًا ونَثْرًا، وكان خاتمةَ الأُدباء بالأندَلُس بارعَ التصرُّف في منظوم الكلام ومنثورِه، فقيهًا حافظًا فَرَضيًّا متفنِّنًا في معارفَ جَليلة نبيلَ المَنازِع متواضِعًا، مقتصِدًا في أحوالِه، وله مقاماتٌ بديعة في أغراضٍ شتى، وكلامُه نظمًا ونثرًا مُدوَّن، وصَنَّف في الفرائضِ وأعمالِها مختصَرًا نافعًا نَظْمًا ونَثْرًا, وله تأليفٌ في العَروض وتأليفٌ في صَنْعة الشِّعر سَمّاه "الكافي (¬1) في علم القوافي" وأودَعَه جُملةً وافرةً من نَظْمه، فمنه في باب التشبيه (¬2) [الخفيف]: عَلِّلاني بذِكْرِ تلك اللّيالي ... وعهودٍ عهِدتُها كاللَّآلي لستُ أنسَى للحُبِّ ليلةَ أُنْسٍ ... صالَ فيها على النَّوى بالوِصالِ غَفَلَ الدّهرُ والرَّقيبُ وبِتْنا ... فعجِبْنا منَ اتِّفاقِ المُحالِ ضَمَّنا ضمَّةَ الوِشاحِ عِنَاقٌ ... بيمينٍ معقودةٍ بشِمالِ فبَرَدْتُ الحَشَا بلَثْمِ بَرودٍ ... لم يزَلْ بي حتّى خَبَا لي خَبَالي وكؤوسُ المُدام تَجْلو عَروسًا ... أضحَكَ المَزْجُ ثَغْرَها عن لَآلِ [40 أ] ولنَحْرِ الدُّجى ذوابلُ شَمْعٍ ... عَكَسَتْ في الزُّجاجِ نُورَ الذُّبالِ والثُّريّا تَمُدُّ كفًّا خَضِيبًا ... أَعجَمَتْ بالسِّماكِ نونَ الهلالِ وكأنّ الصّباحَ إذْ لاح سَيْفٌ ... يُنتضَى مِنْ غينٍ وميمٍ ودالِ ومسَحْنا الكَرَى إلى غانياتٍ ... غانياتٍ بكلِّ سحرٍ حلالِ ¬

_ (¬1) هكذا ورد هنا في الإحاطة، وأسمه في نسخة الرباط: الوافي. (¬2) انظر الوافي في نظم القوافي، الورقة 43 (نسخة الرباط). وقد حققه الأستاذ محمد الخمار يرحمه الله بإشراف الدكتور محمد بن شريفة، وهو مرقون بكلية الآداب بالرباط.

في رياضٍ تَبَسَّمَ الزَّهرُ فيها ... لغَمامٍ بكَتْ دموعَ دلالِ وجَرَى عاطرُ النّسيم عليلًا ... يتَهادَى بين الصَّبا والشَّمالِ فاكتَسَى النَّهرُ لَأْمةً منهُ لمّا ... أنْ رمَى القَطْرُ نحوَه بنِبالِ [يا ليالي مِنًى سلامٌ عليها ... أتراها تعودُ تلك اللّيالي؟] قوله: "أعجَمَتْ بالسِّماك نونَ الهلالِ" غلَطٌ جَرى عليه جُمهورُ الكُتّاب؛ لأنّ النونَ المتطرِّفةَ لا وَجْه لنَقْطها، إذْ هي متميِّزةٌ بصورتِها، وإنّما تُنْقَطُ مبتدأً بها وموَسَّطة، وحالُها في ذلك حالُ الفاءِ والقافِ والياءِ المسفولة، فإنّهنّ إذا ما تطَرَّفْن تميَّزْنَ بصُوَرِهنّ، فاستُغنيَ عن نَقْطِهنّ؛ إذِ الداعي إلى النَّقْط خوفُ الإلباس، فإذا ارتفعَ الإلباسُ كان الإعجامُ عَبَثًا وكُلفةً لا جَدْوى [فيها] , والهلالُ إنما يُشبَّهُ بالنونِ المتطرّفة كما يُشبَّهُ بالراء أول ليلة، واللهُ أعلم. ومنه في التشبيهِ أَيضًا من قصيدة (¬1) [الوافر]: وليلِ صبابةٍ (¬2) كالدهرِ طُولًا ... تنكَّرَ لي وعَرَّفَهُ التَّمامُ كأنّ سماءَه رَوْضٌ تَحلَّى ... بزَهْرِ الزُّهر، والشّرقُ الكُمامُ كأنّ البدرَ تحتَ الغَيْمِ وجهٌ ... عليه من ملاحتِهِ لِثَامُ كأنّ الكوكبَ الدُّرّيَّ كأسٌ ... وقد رَقَّ الزُّجاجةُ والمُدامُ كأنَّ سُطورَ أفلاكِ الدَّراري ... قِسِيٌّ والرّجومُ لها سهامُ كأنّ مدارَ قُطْبِ بناتِ نَعْشٍ ... نَدِيٌّ والنجومُ به نِدَامُ كأنّ بناتِه الكُبرى جَوارٍ ... جَوارٍ والسُّهَى فيها غلامُ كأنّ بناتِه الصُّغرى جُمَانٌ ... على لَبَّاتِها منه نظامُ ¬

_ (¬1) انظر الوافي, الورقة 36. (¬2) الوافي: بته.

264 - [صفوان بن إدريس بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عيسى بن إدريس التجيبي المرسي، أبو بحر

كواكبُ بِتُّ أرعاهُنَّ حتى ... كأني عاشق وهْيَ الذِّمامُ إلى أن مَزَّقَتْ كفُّ الثّريا ... جُيوبَ الأُفْقِ وانجابَ الظلامُ فما خِلتُ انصداعَ الفجرِ إلّا ... قِرابًا يُنْتَضَى منه حُسامُ وما شَبَّهتُ وجهَ الشمسِ إلا ... لوجهِكَ أيها الملكُ الهُمَامُ [وإنْ شَبَّهتُه بالبدرِ يومًا ... فللبدرِ المَلاحةُ والتَّمامُ] (¬1) 264 - [صَفْوانُ (¬2) بن إدريس بن إبراهيمَ بن عبد الرّحمن بن عيسى بن إدريس التُّجيبيُّ المُرْسِيّ، أبو بَحْر. رَوى عن أَبيه وخالِه ابن عمِّ أَبيه القاضي أبي القاسم بن إدريسَ، وأبي بكر بن مُغاوِر] , [40 ب] وأبي رجال بن غَلْبون، وأبي عبد الله بن حَمِيد، وأبي العبّاس بن مَضَاء، وأبي القاسم بن حُبَيْش، وأبوَيْ محمد: الحَجْريِّ وابن حَوْطِ الله، وأبي الوليد بن رُشْد، وأجاز له أبو القاسم ابنُ بَشْكُوال. ورَوى عنه أبو إسحاقَ اليَابُريّ، وأبو الرَّبيع بنُ سالم، وأبو عبد الله بن أبي البقاء، وأبوا عَمْرو: ابن سالم ومحمدُ بن محمد بن عَيْشُون. ¬

_ (¬1) سقط من النسخة بقية ترجمة صالح بن يزيد الرندي وما وقع من الأعلام بينه وبين صفوان بن إدريس. (¬2) ترجمه ياقوت في معجم الأدباء 4/ 1448، وابن الأبار في التكملة (1945)، وتحفة القادم 119، وابن سعيد في المغرب 2/ 260، ورايات المبرزين 79، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 120، والذهبي في المستملح (404)، وتاريخ الإسلام 12/ 1142، وسير أعلام النبلاء 21/ 386، والصفدي في الوافي 16/ 321، وابن شاكر في فوات الوفيات 2/ 117، وابن الخَطيب في الإحاطة 3/ 349، والمقري في نفح الطيب 5/ 62، والمراكشي في الإعلام 7/ 361 وغيرهم، وللدكتور محمد بن شريفة: أبو بحر التجيبي أديب الأندلس. وقد سقط أول الترجمة، كما ترك المؤلف بياضًا قدر أسطر في أثناء الترجمة، فأتممناه من التكملة ونفح الطيب، فكل ما بين حاصرتين فهو منهما. وتوفي التجيبي ليلة يوم الاثنين السادس عشر من شوال سنة ثمان وتسعين وخمس مئة، وثكله أبوه، وهو صلّى عليه، ودُفن بإزاء مسجد الجُرف من غربي مرسية وهو دون الأربعين. ومولده سنة إحدى وستين وخمس مئة، وقيل: سنة ستين (التكملة، الترجمة 1945).

[كان أديبًا حَسيبًا مُمتَّعًا من الظَّرْف، رَّيان من الأدب، حافظًا سريعَ البديهةِ، تَرِفَ النشأة، على تصاونٍ وعَفافٍ، جميلًا سريًّا، ممن تساوى حظه من النظم والنَّثر على تباين الناس في ذلك. وله تواليفُ أدبيّة، منها: "زادُ المسافر"، وكتابُ "الرِّحلة"، وكتابُ "العُجَالة" سِفْرانِ يتضمَّنانِ من نَظْمِه ونَثْرِه أدبًا لا كِفَاءَ له، وانفردَ من تأبينِ الحُسَين وبُكاءِ أهل البيت بما ظَهَرتْ عليه برَكتُه من حكاياتٍ كثيرة]. وله من رسالةٍ خاطَبَ بها قاضيَ الجماعة أَبا القاسم بنَ بَقِيّ حين قُلِّد خُطّةَ القضاءِ سنةَ ثِنتينِ وتسعينَ وخمس مئة [الطويل]: سلامٌ على أهْلِ العُلا والمكارمِ ... كما عَتقَتْ أَنفاسُ زَهْرِ الكمائمِ وقد بأن كما بانتِ الواضحةُ الجَلِيّة، أنّ قليلاً تنطلقُ عليه هذه الكُلِّيّة، حتّى إذا انقَبَضت عنها مَراجي الطَّمَاعة، عُلِم أنها مخصوصةٌ بقاضي الجماعة، حُسْنِ الأيام وجمالِها، ومآلِ الآمالِ وثُمالِها، وبصَرِ المعارفِ وسَمْعِها، وواحدِ الفضائل وجَمْعِها, لِينٌ يتضمَّنُ الاكتفاء، ونجدةٌ لا تَبلُغُ الجَفاء، وضالَّةٌ لمن نَشَدَ الوفاء، أبو القاسم بنُ بَقِيِّ بن مَخْلَد، بورِكَ في والدٍ وما وَلَد [الكامل]: نَسَبٌ كأنّ عليه مِن شمسِ الضُّحى ... نُورًا ومِن فَلَقِ الصباحِ عَمُودا أدامَهُ اللهُ حَلْيًا يتنزَّلُ من مشاهدِ المعارف، تَنَزُّلَ الرُّقُمِ من أردانِ المطارِف، وهذا شيءٌ سألتُ الله فيه وقد فَعَل، فإياه أسألُه كما جعَلَه من الكمال حيثُ جعَل، أن يُهنِّئ الأحكامَ ما تأتَّى لها من تَوَلّيهِ وانفعل؛ لأنّ (¬1) قَدْرَه دام عُمرُه، وامتُثِل نَهْيُه الشَّرعيُّ وأمرُه، أعلى رُتبةً وأكرمُ محلًّا، من أن يتَحلَّى بخُطّةٍ هي به تتَحَلَّى، كيف يُهنَّأُ بالقعودِ لسَماع دعاوَى الباطل، والمعاناةِ لإنصافِ الممطول من الماطل، والتّعبِ [41 أ] في المعادلة، بينَ ذَوي المجادَلة؟ أمَا لو عَلِم المتشوِّفونَ إلى خُطّة الأحكام، المُستشرِفونَ إلى ما لها من التبسُّط والاحتكام، ما يجبُ لها من اللّوازم، والشّروطِ الجَوازم، كبَسْطِ الكَنَف، ورَفْع الجَنَف، والمساواة بين العدوِّ ذي ¬

_ (¬1) من هنا حتى قوله: "اليد البيضاء" وردت في الإحاطة 3/ 358 - 359 والنفح 5/ 68.

الذَّنْب، والصاحبِ بالجَنْب، وتقديم ابنِ السّبيل، على ذي الرَّحِم والقَبِيل، وإيثارِ الغريب، على القريب، والتوسُّع في الأخلاق، حتى لمَن ليس له مِن خَلَاق، إلى غير ذلك مما عِلْمُ قاضي الجماعة أحصاه، واستعمَلَ خُلُقَه الفاضلَ أدناهُ وأقصاه، لَجَعلوا خُمولَهم مأمولَهم، وأضرَبوا عن ظهورِهم، فنَبَذوه وراءَ ظهورِهم، اللهمَّ إلا من أُوتيَ بَسْطةً في العلم، ورَسَا طَوْدًا في ساحة الحِلم، وتساوَى ميزانُه في الحَرْب والسِّلم، وكان كقاضي الجماعة في المُماثَلة بين أجناسِ الناس، فقُصاراهُ أن يتقلَّدَ الأحكامَ للأجْر، لا للتعنيفِ والزَّجْر، ويتَولّاها للثّواب، لا للغِلظةِ في ردِّ الجواب، ويأخُذَها لحُسن الجزاء، لا لقُبح الاستهزاء، ويَلتزمَها لجَزيل الذُّخْر، لا للإزراءِ والسُّخْر، فإذا كان ذاك كذلك، وسَلَكَ المتولِّي هذه المسالك، وكان مثلَ قاضي الجماعة ولا مثلَ له، ونفَعَ الحقُّ به عللَه، ونقَعَ غللَه، فيومئذٍ تُهَنَّى به خُطَّةُ القضاء، وتُعرَفُ بما لله عليه من اليدِ البيضاء (¬1)، فأنهَضَ اللهُ قاضيَ الجماعة بما قلَّده، وأيَّدَ على احتمالِ صُداع المتحاكمينَ جَلَدَه، وإلى ذلكُم أدام اللهُ مُدّةَ عِمادي الأكرم، ومَلاذي الذي أنفُخُ من حدِّه في ضرَم، وأحُلُّ من الاختصاص به محلَّ الحَرَم، فقبلَ هذه الأُمّة، كنتُ تحت تلك الذِّمّة، وكنتُ في حَرْبِ حنين فنصرْتَني نَصْرَ الصمّة، ولِم تتمنَّ ما تمَنّاه يومَئذٍ دُرَيْدُ بنُ الصِّمّة (¬2)، نهضْتَ بي وكلُّ مُقدَّم قد تحَيَّر، وصَفوتَ وكلُّ ممسوح بجناح الظلِّ قد تغَيَّر، ولأمرٍ ما تخَيَّرتُ عُلاك ومَن أخصبَ تخَيَّر، وما كنتُ إلا كالغريبِ ارتادَ الجِوار، والمُحَلَّى انتَقى المِعصَمَ حين صاغَ السِّوار (¬3)، فأمّا وقد حِمى انتهاضِكَ أعطاني لله ما أعطاني، وحين ورَدَتْ هذه البِشارةُ العامة أوطاني، "فاليومَ يَا عِزّي ويا سُلطاني" [المنسرح]: قد كنتُ أسلمتُ فيك مقتضِيًا ... فهاتِ إذْ حَلَّ أَعطِني سَلَمي ¬

_ (¬1) هنا ينتهي ما ورد في الإحاطة والنفح من هذه الرسالة. (¬2) إشارة إلى قوله في يوم حنين: يا ليتني فيها جذع ... أخب فيها وأضع (¬3) في الأصل: الصوار.

265 - صمادح بن زيد بن مسلم بن سعيد بن أبي هالة، الأزدي، إشبيلي كان فقيها زاهدا

قاضي الجماعة يَعلمُ كيف كان ارتحالي، عن ذلك الأُفُق الحالي، وما لقِيتُ من تعسُّفِ مَن شاء اللهُ وتَعتُّبِه، وكيف بَهْرَجني في ذلك المِعيارِ العَدْل وكنت نفَقْتُ به، فلا تُخْطئني مساعيك الجميلةُ عَوْدًا على بَدْء، فحسبي بذلك الحالِ من نصيرٍ ورِدْء، والعَوْدُ أحمد، لا سيّما بمن عليه يُعتمَد، واللهُ تعالى يُديمُ مدَّة قاضي الجماعة الأَسْرى، وكَلِمُ حَمْدِه أسْيَرُ من الأمثال [41 ب] وأسْرَى، ونِعَمُ الله سبحانَه عليه تَتْرَى، وما يُريهِ من نعمةٍ إلا هِي أكبرُ من الأخرى، بمَنِّ الله تعالى وكرَمِه، والسّلام. 265 - صُمادِح (¬1) بن زيد بن مُسلم بن سَعيد بن أبي هالةَ، الأزديُّ، إشبِيليٌّ. كان فقيهًا زاهدًا. 266 - صَنْدَل، مَوْلى المأمونِ أبي الحَسَن يحيى بن الظافِر أبي محمد إسماعيلَ ابن عبد الرّحمن بن إسماعيلَ بن عامِر بن مُطَرِّف، ابنُ ذي النون، طُلَيْطُيٌّ. حَكَى عنه أبو الحَسَن محمدُ بن عبد الله الغافِقيُّ قال: أسلَمَني مَوْلايَ المأمونُ معَ ابنِه مَوْلاي القادرِ إلى الأديب أبي بكر ابن فَضْلون ليؤدِّبَه، وقال له: إذا أَنْتَ أدَّبتَ ابني هذا أو أتى بنكير فاضربْ فتاهُ صَنْدَلًا هذا مكانَه، قال: فكان يفعَلُ كذلك، فنَجُبتُ أنا في التعلُّم ولم يَنجُبْ مولايَ القادر. وكان صَنْدَلٌ هذا من أهل النُّبل والعلم والمعرِفة بسياسةِ المُلك، وقد كتَبَ عن مَوْلاه القادرِ، وعليه كان مُعَوَّلُه في تدبر رياستِه ببَلَنْسِيَة. 267 - صُهَيْبُ بن أسامةَ بن عليّ بن عبد الله بن عبد الواحِد بن عبد الله بن زِمَام الهريريّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1942).

الضاد

الضاد 268 - ضِرْغامُ (¬1) بن عُرْوةَ بن عُمَر بن حَجَّاج بن أبي قُرَيْعَة يزيدَ مَوْلى عبد الرّحمن بن معاويةَ والداخِل معَه إلى الأندَلُس، لَبْليٌّ. له رحلةٌ إلى المشرِق، وكان فقيهًا. 269 - ضِمَامُ (¬2) بن عبد الله بن نَجَبَة العامِريُّ مَوْلاهم، بَجَّانيّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي مَرْوانَ عبد السّلام بن مَسْلَمةَ بن سُليمانَ القُرَشِيّ الأندَلُسيّ، وله رحلةٌ إلى المشرقِ ودخَلَ بغدادَ. رَوى عنه أبو الفَرَج أحمدُ بن القاسم الخَشّابُ البغداديّ. قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: كذا ثَبَتَ بالضّاد في "تاريخ أهل مِصرَ والمغرب" تصنيف أبي سَعيدٍ عبد الرّحمن بن أحمدَ بن يونُس بن عبد الأعلي بن موسى بن مَيْسَرةَ بن حَفْص بن حَيّانَ الصَّدَفي، وكذلك وقَعَ في "غرائبِ حديث مالك" وفي "الرُّواةِ عنه"، وكلاهما جَمْعُ الإِمام أبي الحَسَن الدّارَقُطْني، وفي رواية الراوِية أبي زكريّا بن عانِدٍ عنه؛ وكذلك ذكَرَه الأميرُ أبو نَصْرٍ ابنُ ماكُولَا في "إكمالِه" (¬3)، وهُو الصَّحيح؛ وقال بعضُهم فيه: هَمَّام بفَتْح الهاء وتشديدِ الميم، وكذلك ذكَرَه أبو الوليد ابنُ الفَرَضيّ في "تاريخِه" (¬4) ووقَفتُ في خطِّ أبي عبد الله ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1948). (¬2) ترجمه ابن ماكولا في الإكمال 1/ 500، والحميدي في جذوة المقتبس (514)، والضبي في بغية الملتمس (858)، وابن الأبار في التكملة (1947). (¬3) الإكمال 1/ 500. (¬4) في تاريخ ابن الفرضي ترجمتان، الأولى: "ضمام بن عبد الله بن نجبة العامري، مولى لهم، من أهل بجانة. تُوفي في نحو العشرين والثلاث مئة. حدّث. ذكره أبو سعيد" يعني: ابن يونس (الترجمة 614)، والأخرى: "هَمام بن عبد الله الأندلسي. حدث عن عبد السلام بن مسلمة الأندلسي. روى عنه أبو الفرج أحمد بن القاسم الخشاب، بغدادي. ذكره أبو الحسن الدارقطني في كتب الرواة عن مالك، وقد ذكرنا الحديث الذي رواه في باب مسلمة" (الترجمة 1549)، =

ابن أبي العبّاس بن الصَّقْر في رَسْم مَسْلَمةَ بن سُليمانَ من كتابِه، وقد أورَدَ إسنادَ الحديث الذي رواه ضِمَامٌ هذا عن عبد السلام بن مَسْلَمةَ المذكورِ فقال فيه: "هَمّام" كما عندَ ابن الفَرَضي، وهو وَهَم. وقال فيه أبو سعيد بنُ يونُس: مُعرَّفٌ ببلدِه. توفِّي [42 أ] في نحو العشرينَ وثلاث مئة وقد حدَّث؛ وقال فيه الدّارَقُطْنيُّ في "الغرائب": ضعيف، وقال أبو عبد الله النُّمَيْريُّ فيه وفي شيخِه وأبيه: إنّهم غيرُ معروفين، ومن خطِّ النُّمَيْري نقَلتُه. ¬

_ = والترجمة التي أشار إليها ابن الفرضي هي ترجمة مسلمة بن سليمان، والد عبد السلام بن مسلمة (الترجمة 1420). ويتبين مما تقدم أن ابن الفرضي فَرّق بين ضمام بن عبد الله بن نجبة العامري، وبين همام بن عبد الله الأندلسي، وعَدّهما ابن الأبار واحدًا، وتبعه ابن عبد الملك في ذلك.

الطاء

الطاء 270 - طارقُ (¬1) بن موسى بن طارق، من وَلَد يَمَن (¬2) بن سعيدٍ والد جَحّاف (¬3)، المَعافِريُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو جعفر وأبو العبّاس. وسمّاه ابنُ سُفيان: أحمدَ، غَلَطًا أوقعَه فيه كُنْيتاهُ أو إحداهُما. تَلا في بلدِه بالسَّبع على أبي الأصبَغ ابن المُرابِط، وأبي الحَسَن بن هُذَيْل بعدَ العشرينَ وخمس مئة؛ وبها رَوى عن أبي بكرٍ عَتِيق بن أَسَد وابن بَرُنْجال وابن العَرَبيِّ في ترَدُّدِه غازيًا على بَلَنْسِيَة، وأبي الحَسَن طارقِ بن موسى بن يَعيشَ، وأبي عبد الله بن يوسُف بن سَعادة، وأبي محمد القَلَنِّي. ورحَلَ إلى مالَقةَ فأخَذ بها عن أبي الحُسَين ابن الطَّراوة، وأبي عبد الله ابن أُختِ غانم، وأبي عليّ ابن الخَيْر، وإلى إشبيلِيَةَ فأخَذ بها عن أبي الحَسَن شُرَيْح. رَوى عنه أبو الحَسَن بن خِيَرةَ، وأبو عليّ الحُسَين بن زُلَال؛ وكان شيخًا فاضلًا مُقرِئًا حسَنَ القيام على كتابِ الله وتجويدِ حروفِه، وذلك الذي كان يَعتمد، وإن كان آخِذًا بحظٍّ وافر من روايةِ الحديث، وتصَدَّرَ للإقراء ببلدِه في حياة شيخِه أبي الحَسَن بن هُذَيْل في المسجد الجامع ويُصَلِّي التّراويحَ في رمضان؛ وقد وَصَفَه أبو الحَسَن بنُ هُذَيْل بالمقرئ سنةَ أربع وعشرينَ، وتوَلَّى المَواريثَ والحِسْبة. وقُتِلَ نفَعَه الله غِيلةً عند بُكورِه إلى صلاة الغَدَاة من يوم السّبت في جُمادى الأُولى سنةَ ستٍّ وستينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (947)، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 350، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 338، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 78، ومخلوف في شجرة النور 148. (¬2) بفتح الياء آخر الحروف والميم، قيدته كتب المشتبه، ومنها إكمال ابن ماكولا 7/ 366، وتوضيح ابن ناصر الدين 9/ 254، وتبصير ابن حجر 4/ 1499، وينظر تاريخ الإسلام للذهبي 7/ 531. (¬3) يعني: جحاف بن يمن.

271 - طارق بن موسى بن يعيش بن الحسين بن علي بن هشام المخزومي، من سكان بلنسية، أبو الحسن وأبو محمد المنصفي، وصهر الأقليجي

271 - طارقُ (¬1) بن موسى بن يَعيشَ بن الحُسَين بن عليّ بن هِشام المَخْزُوميّ، من سُكّان بَلَنْسِيَةَ، أبو الحَسَن وأبو محمد المُنْصِفيّ (¬2)، وصِهرُ الأُقْليجي. سَمِع الكثيرَ بالأندَلُس وغيرِها، ورَحَلَ إلى المشرِق رحلتَيْن، أُولاهما: قبلَ العشرينَ وخمس مئة وحَجَّ وجاوَرَ بمكّة شرَّفها الله، ورَوى بها عن إمامِ الحرمَيْنِ أبي عبد الله الحُسَين بن عليّ الطَّبَري (¬3)، وأبي محمد عبد الباقي المعروفِ بشُقْران أحدِ أصحابِ أبي حامدٍ الغَزّالي، وسَمِع بالإسكندَريّة على أبي بكر الطَّرْطُوشيِّ وأبي الحَسَن بن مُشرَّف، وأبي الطاهر السِّلَفي، وأبي عبد الله الرّازي، وروى أَيضًا عن أبي إسحاقَ إبراهيمَ بن سعيد، وأبي الحَسَن بن عبد الجَبّار اللُّغَوي، ثُم قَفَلَ إلى بلدِه. رَوى عنه أبو إسحاقَ بنُ قُرْقُول، وآباءُ بكر: أحمدُ بن جُزَيّ، وبِيْبَش، وعَتِيقُ ابن أحمد بن الخَصْم، وابنُ خَيْر، وأبَوا جعفر: ابنُ عبد الله بن سَعيد وطارقُ ابن موسى بن طارق، وأبو الحَسَن: ابنُ سَعْدِ الخَيْر وابنُ هُذَيْل، وأبو زكريّا [....] (¬4) المُصَلِّي بمسجدِ العَيْثَم (¬5) من [42 ب] مِصر، وأبو عبد الله بنُ حَمِيد، ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (865)، وابن الأبار في التكملة (946)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 964، والفاسي في العقد الثمين 5/ 55 - 56، ومخلوف في شجرة النور 142. (¬2) منسوب إلى قريته "منصف" بغربي بلنسية. (¬3) هذه عبارة ابن الأبار، وقد تعقبه عليها المتقي الفاسي فقال: "قوله: رحل قبل العشرين وخمس مئة، عبارة غير سديدة, لأنها تصدق على القرب والبعد، بل توهم القرب، بدليل قوله: إنه سمع من السلفي بالإسكندرية، وهو إنما كان بها بعد الخمس مئة بسنين، فسماع المذكور من الطبري إنما يصح إذا كان رحل قبل الخمس مئة, لأن الطبري توفي سنة ثمان وتسعين وأربع مئة" (العقد الثمين 5/ 56، وترجمة الطبري في تاريخ الإسلام 10/ 802). (¬4) بياض في الأصل. (¬5) مسجد العيثم، بناه الحكم بن أبي بكر بن عبد العزيز بن مروان (ابن عبد الحكم: فتوح مصر 133، تحقيق محمد الحجيري، بيروت 1996 م).

272 - طالب، الفتى الكبير

وأبو عبد الملِك مَرْوانُ بن عبد العزيز، وأبو العبّاس الأقليجي، وأبو عليّ المنصورُ بن محمد اللَّمْتُوني، وأبو عُمَر بنُ عَيّاد، وأبَوا محمد: القَلَنِّي وعبد الحقّ ابن الخَرّاط، وأبو مَرْوان ابن الصَّيْقَل. وكان محدِّثًا ضابطًا عَدْلًا ثقةً صحيحَ السَّماع، دَيِّنًا خيِّرًا متواضِعًا، تنافَسَ النَّاسُ في الأخْذِ عنه والسَّماع منه لعُلوِّ سنَدِه وصحّة سَماعِه. قال ابنُ عَيّاد: لم ألقَ أفضلَ منه، وكان مجابَ الدّعوة، وقال: أحفَظُ من رأيتُه أربعة: أبو محمد القَلنّي وعُلَيْم، وأبوا الوليد: ابنُ خِيَرة وابنُ الدَّبّاغ، وأزهدُ من رأيتُه أربعة: أبو بكر بنُ رِزقْ وأبو الحَسَن بن هُذَيْل واصبوا محمد: طارقُ بن يَعيشَ وعُلَيْم. ثُم رحَلَ ثانيةً إلى المشرِق صُحبةَ صِهرِه أبي العبّاس الأُقْلِيجي وأبي الوليد ابن خِيَرةَ سنةَ اثنتينِ وأربعينَ وخمس مئة، فأقام بمكّةَ شرَّفها الله مُجاوِرًا إلى أن تُوفِّي بها سنةَ تسع وأربعينَ وخمس مئة وقد أنافَ على السّبعين. 272 - طالبٌ، الفتَى الكبير. كان من فِتيانِ القَصْر بقُرْطُبة، مذكورًا بالعلم والأدب، حَكَى عنه أحمدُ ابن أبي الفَيّاض. 273 - طالوتُ (¬1) بن جَرّاح الكَلاعيُّ، قُرْطُبيّ، أبو محمد. رَوى عن أبي عبد الله بن عليّ بن أبي الحُسَين القُرْطُبيِّ القاضي بالثَّغْر الشَّرقي، وكان من أهل الضَّبطِ والإتقان والمعرِفة بالعربيّة والحِفظ للغريب، وقد عَلَّم ذلك وأدَّبَ به. 274 - طالوتُ (¬2) بن عبد الجَبّار بن محمد بن أيُّوبَ بن سُليمان بن صالح ابن السَّمْح المَعافِريُّ، قُرْطُبيٌّ، أبو [...] (¬3). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (949)، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 16 نقلًا عن ابن عبد البر. (¬2) ترجمه القاضي عياض في ترتيب المدارك 3/ 340 - 342، وابن الأبار في التكملة (948)، والمقري في نفح الطيب 2/ 639. (¬3) بياض في الأصل، والمصادر لم تذكر كنيته.

كان مَسكَنُه منها قُرْبَ المقبُرةِ المنسوبة إليه، وبداخِلها مسجدُه المشهور به، وهو قريبُ الفقيه أبي صالح أيّوبَ بن سُليمانَ بن صَالح بن السَّمح أخي طالوتَ وخالُ الفقيه محمد بن عيسى الأَعشى. له رحلةٌ إلى المشرِق رَوى فيها عن مالكِ بن أنَس ونُظَرائه، وعاد إلى الأندَلُس، وكان بمحَلٍّ سَنِيّ من الدِّين والعلم، فقيهًا فاضلًا حافظًا، ثمُ كان أشدَّ من خالَفَ على الحَكَم بن هشامِ معَ أهل الرَّبَض، ولمّا ظَفِرَ الحَكَمُ بأهل الرَّبَض وأوقَع بهم الوقيعةَ الشَّنعاء فرَّ طالوتُ هذا، وكان مسكَنُه بالمدينة مُجاوِرَ المسجدِ والحُفْرة المنسوبَيْنِ إليه، ولَجأ إلى رجُل من اليهود فاختفَى عندَه عامًا كاملًا حتى مَلَّ المقامَ عندَه وسكَنَتِ الأحوال وذَهبتِ النائرةُ، فخرَجَ إلى أبي البَسّام أحدِ وُزراءِ الحَكَم، وكانت بينَهما صُحبة، وهو جَدُّ بني بَسّام الهَمْدانيّ، ووَصَلَ إليه بينَ العشاءَيْن؛ فلمّا وصَلَ إليه قال له: أين كنت؟ قال: عند رجُل من اليهود، [43 أ] فأنَّسَه وسكَّنَه وقال له: الأميرُ نادمٌ على ما كان منه. وباتَ عندَه، فلمّا أصبَحَ أبو البَسّام قَصَدَ القَصْرَ بعدَ أن وَكَّل على طالوتَ من يَحرُسه، فلمّا وَصَلَ إلى الحَكَم قال له: ما تقولُ في كَبْش مُسمَّن لم يُفارِقْ مِزوَدَه عامًا كاملًا؟ فقال له الحَكَم: اللَّحمُ المُشبَّع لا يَطيب، والصَّحريُّ (¬1) أخَفُّ منه وأعذَب، فقال: غيرَ هذا أريد، طالوتُ عندي، قال له الحَكَم: وكيف ظَفِرتَ به؟ قال له: أتى عليه لُطفي، وفي ثِقافي، وقد أتتْ حِيَلي عليه، فأمَرَه بإحضارِه ووُضِعَ لهُ كُرْسِيّ، ومُضِيَ بالشّيخ وهُو يُزعَجُ إزعاجًا شديدًا، فلمّا مَثُلَ بينَ يدَيْه قال له: يَا طالوت، لو أنّ أَبَاك مالِكُ هذا القَصْر أكان يزيدُك في البِرِّ والإكرام على ما كنتُ أفعَلُه معك؟ هل أورَدتَ عليّ قطُّ حاجةً لنفسِك أو لغيرِك إلا سارعتُ إلى إسعافِك فيها؟ ألم أَعُدْكَ في عِلّتِك مرّات؟ ألم تتَوَفَّ زوجُك فقصدتُك إلى دارِك ومشَيْتُ في جَنازتِها راجلًا منها إلى الرَّبَض ثُم انصَرفْتُ معَك راجلًا حتى أدخلتُك منزِلَك؟ فما بلَغَ بي عندَك أنْ لم تَرْضَ إلا سَفْكَ دمي وهَتْكَ سَتري وإباحةَ عَوْرتي؟ قال له طالوتُ: ما أجدُ لي في هذا ¬

_ (¬1) كتب الناسخ فوقها "صح بخطه".

275 - طاهر بن أحمد بن عبد الله بن خيرة، بلنسي، أبو الحسن

الوقتِ شيئًا هُو أنفعُ من الصِّدق، إنّي أبغضْتُك في الله عزَّ وجَلَّ فلم ينفَعْك عندي كلُّ ما صنعتَه معي؛ فأخَذَتِ الحَكَمَ رحمةٌ ثم قال: والله لقد بَعثتُ إليك وما في الأرض عِقابٌ إلا وقد مثلتُه لأُوقعَه بك، فأنا أُعلمُك أنّ الذي أبغضتَني له قد صرَفَني عنك، فانصرِفْ في حِفظِ الله آمنًا، والله لا ترَكتُ بِرَّكَ وما كنتُ عليه في جانبِك حياتي إن شاء اللهُ تعالى، فليتَ الذي كان لم يكُنْ، فقال له: لو لم يكنْ كان خيرًا لك. ثم قال له: أين كنتَ وأين ظَفِرَ بك أبو البَسّام؟ فقال: والله ما ظَفِرَ بي، ولكنْ أنا أظفَرتُه بنَفْسي وقَصدتُه لوُصلةِ كانت بيني وبينَه، قال له: وأين كنتَ في عامِك هذا؟ قال: عند رجُلٍ من اليهود؛ فقال الحَكَمُ للوزير: أَبا البَسّام! رجلٌ من اليهودِ حَفِظَ فيه محَلَّه من الدِّين والعلم وخاطَرَ فيه بنَفْسِه وأهلِه ووَلَدِه معي، وأنت أردتَ أن تُنشِبَني فيما أنا نادمٌ عليه اليومَ وعلى مثلِه؟ ثم قال لأبي البَسّام: اخرُجْ عنّي، فوالله لا رأيتُ لكَ وَجْهًا أبدًا، وأمَرَ برَفْع فِراشِه وعَزْلِه؛ ثم لمِ يزَلِ اليهوديُّ محفوظَ الجانبِ مذكورًا بالجميل مُذْ ذلك اليوم هُو وعَقِبُه، ولم يزلْ أبو البَسّام مُذْ ذلك اليوم يَسفُلُ هو وعَقِبُه، وبَقِيَ طالوتُ مبرورًا محفوظًا على ما شَرَطَ له إلى أن توفِّي، وحضَرَ الحَكَمُ جَنازتَه (¬1). 275 - طاهرُ بن أحمدَ بن عبد الله بن خِيَرةَ، بَلَنْسِي، أبو الحَسَن. [43 ب] رَوى بالأندَلُس عن غيرِ واحد، ورحَلَ إلى المشرِق صُحبةَ أخيه أبي الحَسَن، ورَوى بالإسكندَريّة عن عبد العزيز بن عيسى الشَّرِيشيِّ وأبي الفَضْل عبد المجِيد بن دُلَيْل. 276 - طاهرُ بن أحمد بن طَلْحةَ المَعافِريّ، أندَلُسيّ، أبو محمد. له رحلةٌ إلى المشرِق لقِيَ فيها بالمَهْديّة أَبا بكر عبدَ الله بن طَلْحةَ وأخَذَ عنه سنةَ خمسَ عشْرةَ وخمس مئة، وكان مُقرئًا مجوِّدًا فاضلًا. ¬

_ (¬1) الحكاية في ترتيب المدارك 3/ 340 - 342، والمقتبس لإبن حيان 166 - 169 (ط. محمود مكي)، وغيرهما.

277 - طاهر بن أحمد بن عطية بن محمد بن عبد الله بن قاسم المري، حجاري، أبو محمد

277 - طاهرُ (¬1) بن أحمدَ بن عَطِيّةَ بن محمد بن عبد الله بن قاسم المُرِّي، حِجَاريٌّ، أبو محمد. رَوى عن أبي بكر بن الحَسَن المَيُورْقي، وأبي جعفر بن غَزْلُون، وأبي الحَسَن بن مَوْهَب. رَوى عنه أبو محمد عبدُ الحقِّ ابن الخَرّاط. وكان فقيهًا محدِّثَا راوِيةً عَدْلًا، واستُقضيَ. 278 - طاهرُ بن أحمد بن محمد بن عامرٍ السَّكْسَكيُّ. 279 - طاهرُ (¬2) بن حَيْدرةَ بن مُفوَّز بن أحمدَ بن مُفوَّز بن أحمد بن مُفوَّز ابن عبد الله بن مُفوَّز بن غَفُول بن عَبْد رّبه بن صَوَاب بن مُدرِك بن سَلام بن جَعْفرٍ المَعافِريُّ، شاطِبيٌّ، أبو الحَسَن. وجعفرٌ جَدُّه الأعلى هو الداخلُ إلى الأندَلُس. رَوى سَماعًا عن أخيه الناقدِ أبي بكر محمد بن حَيْدرةَ بن مُفوَّز، وأبي جعفر بن جَحْدَر، وأبي عليّ الصَّدَفي، وأجاز له عمُّه أبو الحَسَن طاهرٌ. رَوى عنه ابناه: القاضي أبو بكرٍ مُفوَّز وأبو محمد عبد الله. وكان من بيتِ حسَبٍ وعِلم، فقيهًا حافظًا للمسائل، ذاكرَا للنّوازل، مقدَّمًا في الفرائض مُعَوَّلَا عليه فيها، واستُقضيَ بشاطِبةَ وجزيرة شَيْقُرَ (¬3) معًا سنةَ ثمانٍ وثلاثينَ وخمس مئة فأقام قاضيًا بهما نحوَ ثمانيةِ أعوام محمودَ السِّيرة مشهورَ العَدَالة، ثم استَعْفَى من ذلك فأُعفِي، وتوفِّي بشاطِبةَ في محرَّمِ ثِنتينِ وخمسينَ وخمس مئة. 280 - طاهرُ (¬4) بن خَلَف بن خِيَرة، شَيْقُريّ، أبو الحَسَن. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (938). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (940)، وفي المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (77)، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 48، وله ذكر في نفح الطيب 2/ 73، 504. (¬3) هكذا بخطه كما نص عليه الناسخ والمحفوظ: "شُقْر" كما في التكملة وغيرها، وسيأتي في الترجمة الآتية قوله: "شيقري" وصحح عليها الناسخ. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (937)، وفي المعجم في أصحاب الصدفي (76).

281 - طاهر بن عبد الرحمن بن سعيد بن أحمد الأنصاري، داني، أبو بشر وأبو الحسن، ابن سبيطة، بضم السين الغفل وفتح الباء بواحدة وياء تصغير مخفف وطاء غفل وتاء تأنيث

رَوى عن أبي العبّاس العُذْريِّ في اجتيازِه بالجزيرة إلى بَلَنْسِيَةَ، وأبي الوليد الباجِيّ، وأبي عليّ بن سُكّرةَ بدانِيَةَ مَقْدَمَه عليها من المشرِق وبعدَه، رَوى عنه أبو إسحاقَ بن جَماعة. 281 - طاهرُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن سعيد بن أحمدَ الأَنْصاريّ، دَانِيٌّ، أبو بِشْر وأبو الحَسَن، ابنُ سُبَيْطَة، بضمِّ السّين الغُفْل وفَتْح الباء بواحدةٍ وياءِ تصغير مخفَّف وطاءٍ غُفْل وتاءِ تأنيث. رَوى عن أبي محمد بن السِّيْد واختَصَّ به وكان من كبارِ تلاميذِه. رَوى عنه أبو الحَجّاج بنُ أيّوبَ وأبو زكريّا بن سيِّدبُونُه، وأبوا عبد الله: ابنُ حاضِر ابن مَنِيع وابنُ عبد الرّحمن المِكْنَاسيّ. وكان من أهل الذّكاءِ والنُّبْل وجَوْدةِ الفَهْم والتحصيل، تصدَّرَ [44 أ] لتدريس العربيّة والآداب، وكان ذا حَظّ من عِلم النّجامة (¬2) وألَّفَ فيه. وحدَّث أنه كان ببِجَايةَ في بلادِ بني حَمّاد، قال: فسَمِعتُ أعرابيًّا يُنشِدُ لنفسِه ورُمحُه على عاتقِه [الطويل]: يَطُولُ لساني في العشيرةِ مُنصفًا ... ولكنّه عندَ الكريهةِ ساكتُ لقد طال حَمْلي الرُّمحَ حتى كأنّهُ ... على عاتقي غُصنٌ من البانِ نابتُ توفّي بدَانِيَةَ بعدَ الأربعينَ وخمس مئة. 282 - طاهرُ بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن سَعيدٍ الحَضْرَميّ، ابنُ الصَّفّار. رَوى عن أبيه. 283 - طاهرُ بن عَسَل، شاطِبيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عبد الله بن مُغاوِر. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (939)، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 18 نقلًا من هذا الكتاب وصلة ابن الزبير. (¬2) في الأصل: "العلم النجامة".

284 - طاهر بن علي بن محمد بن عبد الرحمن السلمي، شقري، سكن مرسية ثم تلمسين، أبو الحسن

284 - طاهرُ بن عليّ بن محمد بن عبدِ الرّحمن السُّلَمي، شُقْريٌّ، سكَنَ مُرْسِيَة ثم تِلِمْسينَ، أبو الحَسَن. تَلا بحَرْف نافع على أبي بكر بن أبي القاسم محمد بن وَضّاح، ورَوى عنه وعن أبي الحَجّاج بن محمد بن طملُّوس وتفَقَّه به، وآباءِ الحَسَن: ابن عُمر بن أبي الفَتْح وتفَقَّه به، وابن حَرِيق وتأدَّب به، وابن قُطْرال وأكثَرَ عنهُ وأجاز له، وأبي الخَطّاب بن واجِب وأبي الرَّبيع بن سالم وأكثَرَ عنهُ وأجاز له، وأبي زكريّا بن أبي يحيى أبو (¬1) بكر بن عُصفُور العَبْدَريّ التّلمسيني ولقِيَه بها، وأبي عبد الله بن يحيى بن داودَ التَّادَليِّ ولازَمَه في النَّحو والأدب، وأبي العبّاس بن عليّ بن مُطَرِّف، وأبوَيْ محمد: ابن بادِيسَ وعبد الحقِّ بن محمد الزُّهْرِيّ، وأبي المُطرف بن عَمِيرةَ وانتفَع به كثيرًا في الطريقة الأدبيّة. وأجاز لهُ أبو الحَسَن بنُ خِيَرةَ "سُنَنَ أبي داود" و"شِهابَ" القُضَاعي. وأجاز له ولم يلقَه: أبو الحَسَن بن محمد بن القَطّان، وأبو الحُسَين محمد بن محمد بن زَرْقُون، وأبو العبّاس بن محمد العَزَفي، وأبو علي عُمرُ بن محمد ابن الشَّلَوبِين، وأبو مَرْوانَ محمدُ بن أحمد الباجِيّ وسَمّاه عبدَ الملِك وَهَمًا. رَوى عنه أبو زيد عبدُ الرّحمن بن محمد بن عيسى الحَسَنيّ، لقِيَه بتِلِمْسينَ، وكان ذا حَظٍّ من النَّظْم والنَّثر شديدَ العناية بتقييدِ الأشعار والرّسائل وله فيها مصنَّفات (¬2)، وكتَبَ بخطِّه الكثيرَ في كلِّ فنّ، وشُهِرَ بسُرعة الكَتْب. 285 - طاهرُ (¬3) بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن أحمد بن طاهِر القَيْسيُّ، إشبِيليٌّ أبو عَمْرو. ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل وصحح عليها الناسخ نقلًا عن نسخة المؤلف، فكأن اسم أبي يحيى "أبو بكر" وأبقاه على الحكاية. (¬2) له كتاب "الوجيز في الناسخ والمنسوخ"، منه نسخة في تامجروت برقم (3023). ولشيخه أبي العباس العزفي تأليف في الموضوع نفسه حققه الدكتور عبد الكبير المدغري. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (941).

286 - طاهر بن محمد بن طاهر بن عبد الرحمن القرشي الزهري، من ولد أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، سكن سرقسطة، ابن ناهض

رَوى عن أَبيه أبي بكر. رَوى عنه ابنُه أبو بكر. 286 - طاهرُ (¬1) بن محمد بن طاهِر بن عبد الرَّحمن القُرَشيُّ الزُّهْريُّ، من وَلَدِ أبي سَلَمةَ بن عبد الرّحمن بن عَوْف، سكَنَ سَرَقُسْطةَ، ابنُ ناهِض. رَوى عن أبي ذَرّ الهَرَويّ وأبي عُمرَ الطَّلَمَنْكيِّ وأكثَرَ عنه، وكان من أهل العناية بالحديث والسَّماع حسَنَ الخَطّ [44 ب]. 287 - طاهِرُ بن أبي عبد الله محمد بن قاسِم الأنصاريُّ، إشبيليٌّ، أبو الفَضْل. رَوى عن أبي عبد الله بن عبد الله الأَغْمَاتيّ. 288 - الطاهِرُ بن محمد بن يوسُفَ القَيْسيّ، أبو الوليد. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي، وشُرَيْح. 289 - طاهرُ بن هشام الأَزْديُّ، أبو عثمان. رَوى عن آباءِ بكر: الأحمَدَينِ: ابنِ عبد الرّحمن الخَوْلانيِّ وابن محمد بن يحيى القُرَشِيِّ القَيْروانِيَّيْنِ، ومحمدِ بن محمد بن إدريسَ الهَوَّاريِّ ابنِ النّاظور، وأبي عِمْرانَ الفاسي. رَوى عنه أبو الحَسَن بن مَوْهَب، وأبو القاسم عبدُ الرحمن بن أحمد بن فِهْر، وأبو الوليد هشامٌ الهِلاليّ، وَيغلِبُ الآنَ على ظنِّي أنه من القادمينَ على الأندَلُس فيُبحَثُ عنه. 290 - طاهرُ (¬2) بن يوسُف بن فَتْح الأنصاريُّ، وادِيَاشي، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكر بن مردةَ، وأبي عبد الله بن وَضّاح، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ. رَوى عنه رَبيبُه الزَّاهد أبو الحَسَن بن أحمد بن محمد بن يوسُف بن مَرْوان بن عُمرَ الغَسّاني، وأبو الكرَم جُوديُّ بن عبد الرّحمن. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (935). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (942).

291 - طاهر، مالقي، أبو الحسين

291 - طاهرٌ (¬1)، مالَقيٌّ، أبو الحُسَين. رَوى عن أبي عُمرَ الطّلَمَنْكي ولازَمَه، وأراهُ القارئَ والسامع على أبي عُمرَ أحمد بن محمد الزّيّات، وقَع ذلك في رَسْمِه من برنامَج أبي عبد الله الخَوْلانيّ. وكان قد رحَلَ من بلدِه إلى قُرطُبةَ فاستَوطَنَها إلى أن دَخَلَها البَرْبرُ سنة ثلاثٍ وأربع مئة، فرَحَلَ عنها حاجًّا ولزِمَ الجِوارَ بمكّةَ شرَّفها الله إلى حدودِ الخمسينَ وأربع مئة، وجَلَّ قَدْرُه عند أهلها وعَظُمَ صِيتُه وعُرِف بالفَضْل، وتصَدَّر للإقراءِ بمقرُبة من باب الصَّفا، وكان الشَّيْبِيُّونَ يَبَرُّونَه وُيفرِجونَ له لضَعْفِه عند دخولِه البيتَ الحرامَ رِفقًا به وإيجابًا لحقِّه. 292 - طَرَفةُ السَّقّاءُ. صَحِب في السَّماع على أبي جعفر بن عَوْن الله أفلَحَ الفتى، وطَرَفةُ كان يُمسِكُ أصلَ الشّيخ حين السَّماع عليه. 293 - طَرِيفٌ (¬2)، مَوْلى الوزيرِ أحمد بن محمد بن حُدَيْر، قُرْطُبيٌّ، سكَنَ ناحيةَ روطةَ إلى أن توفِّي بها. أخَذَ كُتُبَ محمد بن مَسَرّةَ الجَبَليّ ولم يلقَهُ، وكان من أهل الخَيْر والزُّهد. 294 - طَرِيفٌ الفتى. كان من أهل العلم جيِّدَ الخَطّ، حيًّا سنة ثلاثٍ وثمانينَ وثلاث مئة. 295 - الطُّفَيْلُ بن أبي عَمْرو عَيّاش بن أبي الحُسَين محمد بن أبي عَمْرٍو عَيّاش بن أبي الحَسَن محمدِ بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الرّحمن بن محمدِ بن الطُّفَيْل العَبْديّ، إشبِيليٌّ, سكَنَ الجزيرةَ الخَضْراءَ بعد تغلُّبِ النَّصارى على إشبيلِيَة -رجَعَها الله- أبو الفَضْل، ابنُ عَظِيمةَ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (936)، والمقري في نفح الطيب 2/ 512. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (950).

296 - الطفيل بن أبي الحسن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الطفيل العبدي، إشبيلي، أبو نصر، ابن عظيمة، وهو عم جد الذي قبله

هكذا استَقَرَّت هذه الشُّهرة، وقد وقَفْتُ [45 أ] بالجزيرة الخَضْراءِ عند صاحبِنا الوَرِع الفاضل أبي عَمْرٍو عَيّاش ابن الطُّفَيْل هذا المترجَم به على جُملة وافرة من كُتُبِ سَلَفِه ممّا تمَلَّكوه أو كتَبوه أو ألَّفَه مؤلِّفوه فأَلفَيْتُ في مُعظَمِها بينَ "عَظيمةٍ" وما جَرَتِ العادةُ بإتْباعِ مثلِه من الدّعاء بَشْرًا (¬1) أو تسويدًا أو مَحْوًا، كلُّ ذلك مُشعِر بسُقوطِ كلمةٍ كانت كلمة "عظيمة" مضافةً إليها, ولعلّها كانت ممّا يُستنكَفُ منه، فكِرَهَ بعضُهم إثباتَها فطَمَس رَسمَها وأباد أثَرَها، واللهُ أعلم. رَوى أبو الفَضْل هذا عن أَبيه وأبي بكر بن عبد الرحمن بن مشكريل، وأبي العبّاس بن مِقْدام، وأبي الحَكَم عبدِ الرّحمن بن محمد بن حَجّاج، وأجاز لهُ أبو جعفر بنُ مضاء، وأبو القاسم الحَوْفي. رَوى عنه ابنُه أبو عَمْرٍو عَيّاش (¬2)، وكان شيخًا فاضلًا مُقرِئًا من بيتِ عِلم بالقراءات واشتغالٍ بها وانقطاع إليها وإقراءٍ وتجويد، أخَذ النَّاسُ عنه كثيرًا، وتوفِّي بالجزيرةِ الخَضْراءِ في صَفَرِ سَبْع وأربعينَ وست مئة ابنَ ستينَ سنةً أو نحوِها. 296 - الطُّفَيْلُ (¬3) بنُ أبي الحَسَن محمد بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبدِ الرّحمن بن محمد بن الطُّفَيْل العَبْديُّ، إشبِيليٌّ، أبو نَصْر، ابنُ عَظِيمة، وهُو عمُّ جَدِّ الذي قبلَه. تَلا بالسّبع على أَبيه، وشُرَيْح وأجازا له. رَوى عنه أبو بكر ابنُ سيِّد الناس، وأبو العبّاس بنُ هارون، وأبو علي ابن الشَّلَوبِين، وأبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان. وكان مُكْتِبًا مقدَّمًا في جَوْدةِ تعليم كتابِ الله العزيز وإتقانِه وتجويدِه وأدائه، من بيتِ إقراءٍ وتعليم شُهِروا به ونُسِبوا إليه، وعُمِّر طويلًا حتى عَمَّت برَكةُ تعليمِه ¬

_ (¬1) البَشْر: الحك. (¬2) توفي سنة 702 هـ وهو مترجم في صلة الصلة لإبن الزبير 4/الترجمة 338. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (951)، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 1168، ومعرفة القراء الكبار 2/ 578، والصفدي في الوافي 16/ 462، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 341، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 78.

297 - الطفيل بن أبي الحسين محمد بن أبي عمرو عياش بن أبي الحسن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الطفيل العبدي، إشبيلي، أبو [] ابن عظيمة

الأبناءَ والآباءَ والأجداد، وعَظُمَ انتفاعُهم به، أعظَمَ اللهُ أجرَه، وكان حيًّا في رمضانِ تسعٍ وتسعينَ وخمس مئة. 297 - الطُّفَيْلُ بن أبي الحُسَين محمدِ بن أبي عَمْرو عَيّاش بن أبي الحَسَن محمد بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبدِ الرّحمن بن محمد بن الطّفَيْل العَبْديُّ، إشبِيليّ، أبو [....] (¬1) ابنُ عَظِيمةَ. وهُو عَمُّ الأوّل من اللَّذَيْنِ قبلَه وابنُ أخي الثاني منهما. أجاز له أبو إسحاقَ السَّنْهُوريّ. 298 - طَلْحةُ (¬2) بن أحمدُ بن عبد الرّحمن بن غالِب بن تَمّام بن عبد الرَّؤوفِ ابن تَّمام بن عبد الله بن تَمّام بن عَطِيّة بن خالدِ بن عَطِيّة الداخِل إلى الأندَلُس وقتَ الفَتْح، ابنِ خالد بن خُفَاف بن أسلمَ بن مُكْرَم من ولد زيد بن مُحارِب بن خَصَفةَ بن قَيْس عَيْلانَ بن مُضَرَ بن نِزارِ بن مَعَدِّ بن عَدْنان المُحارِبيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن عمِّه أبي بكر غالب بن عَطِيّة، وأبوَيْ عليّ: الغَسّاني والصَّدَفي [45 ب] , وتفَقَّه بأبي محمد عبد الواحِد بن عيسى. رَوى عنهُ ابنُه أبو بكرٍ عبد الله، وأبو خالد بنُ رِفَاعةَ، وأبو عبد الله النُّمَيْرِيّ. وحدَّث عنه بالإجازة أبو عبد الله بنُ عبد الرَّحيم. وكان فقيهًا حافظًا للمذهبِ المالكي ذاكرًا للمسائل غَلَب عليه ذلك، وقَعَدَ لتدريسِه ونُوظِر عليه في "المدوَّنة" وغيرِها. 299 - طَلْحةُ بن الحَسَن بن عبد الله. رَوى عن شُرَيْح. 300 - طَلْحةُ بن الحُسَين بن عليّ، يَابُريٌّ. رَوى عن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) بياض في الأصل. (¬2) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (869)، وابن الأبار في التكملة (929)، وفي المعجم في أصحاب الصدفي (78)، وابن فرحون في الديباج 1/ 406.

301 - طلحة بن سعيد بن عبد العزيز، بطليوسي، أبو محمد، ابن القبطرنه

301 - طَلْحةُ (¬1) بن سَعيد بن عبد العزيز، بَطَلْيَوْسيٌّ، أبو محمد، ابن القَبْطُرْنُه. رَوى عن شُيوخ بلدِه، وكان أحدَ الأُدباءِ الأذكياء، وكانت بينَه وبينَ القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ صَداقة، ولمّا توفِّي أبو محمد هذا في حياة أخيه أبي بكر عبد العزيز رَثَاه أبو بكرٍ ابنُ العَرَبي. 302 - طَلْحةُ بن عبد الله بن مَسْعود المَعافِريُّ، أبو الحُسَين. رَوى عن شُرَيْح. 303 - طَلْحةُ (¬2) بن مُحَمَّد بن طَلْحةَ بن مُحَمَّد بن عبد الملِك بن أحمدَ بن خَلَف بن الأسعَد بن حَزْم الأُمَويّ، إشبِيليٌّ يابُريُّ أصلِ السَّلَف، أبو محمد. رَوى عن أَبيه الأُستاذِ الكبير أبي بكر (¬3)، وشَكَّ في إجازته له، وعمِّه أبي العبّاس، وأبي بكر بن مَيْسَرةَ، وأبي جعفر بن جُمْهُور، وأبي الحَسَن بن أبي سِنَان المُكْتِب المَرّاكُشِيِّ نزيلِ إشبيلِيَةَ، وأبي الرَّبيع بن عليّ الشِّلْبي، وقال فيه: الغَرْبي، وأبي محمد بن أبي الوليد ابن الحاجِّ، ولم يذكُرْ أنَّهم أجازوا له، وأبي إسحاقَ بن قَسُّوم، وأبي أُمَيّةَ بن عُفَيْر، وآباءِ بكر: ابن عليّ الزُّهْريّ وابن قَسُّوم الزَّاهد والسَّقَطيِّ والقُرْطُبيِّ واللارِدِيّ، وأبي جعفر بن فَرْقَد، وآباءِ الحَسَن: البَلَويِّ وابن الجنان والدَّبّاج وابن الفَقّاص، وأبوَي الحُسَين: ابن زَرْقُون وابن عاصم، وأبوَيْ عبد الله: ابن خَلْفُون وابن مُجبر، وأبوَي العبّاس: النَّبَاتي وابن النَّجّار، وأبي عليّ ابن الشَّلَوبِين، وأبي عِمرانَ بن خَلَصَة وكان جَدَّه للأُمّ، وآباءِ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن خاقان في قلائد العقيان 355 فما بعد، وابن دحية في المطرب 186، 219، وابن الأبار في التكملة (928)، وابن سعيد في المغرب 1/ 367، ورايات المبرزين 59. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (931)، والذهبي في تاريخ الإسلام 14/ 444، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 19. (¬3) ستأتي ترجمته في السفر السادس من هذا الكتاب (الترجمة 684).

عَمْرٍو: بكرٍ المُسفر وجُمهورِ وعبد الرّحمن بن مَغْنين، وآباءِ القاسِم: أحمدَ بن بَقِيّ وأخيَلَ والقاسم ابن الطَّيْلَسان ومحمَّد بن فَرْقَد، وآباءِ محمد: ابن عُبَيد الله الباجِيّ وعبد الحقِّ بن إبراهيمَ وقاسِم بن جُمهُور، وأبي الوليد ابن الحاجِّ، قَرَأَ عليهم وسَمِع. ولقِيَ أَبا إسحاقَ الأعلم، وأبا الفَضْل ابنَ القانُه وأجازوا له. وكتَبَ إليه مجُيزًا من الأندَلُسيِّين ولم يلقَهُ أو لقِيَ بعضَهم: آباءُ بكر: ابنُ رِفاعة والغَزال وعبدًالرّحمن بن دَحْمان ويحيى بنُ خليل وابنُ أبي إسحاق، وأبَوا جعفر: الجَيّار وابنُ زكريّا بن مَسْعود، وآباءُ الحَسَن: أحمد بن واجِب وثابت الكَلَاعيُّ وسَهْلُ بن مالك وابنُ البَنّاد [46 أ] وابن حَفْص والشَّقُوريُّ وابن الفَخّار الشَّرِيشيّ، وأبوا الرّبيع: ابنُ حَكَم وابن سالم، وأبو زَيْد الفازازيُّ، وأبو سُليمان بن حَوْطِ الله، وآباءُ عبد الله: الأنْدَرْشيُّ وابنُ صاحب الأحكام وابنُ صلتانَ وابنُ عبد البَرّ وابن عبد العزيز بن سَعادةَ والفِرِّيشيُّ وابن وَضّاح الشَّيْقري، وأبو عامر بن أُبَيّ، وأبو عِمران ابنُ السّخّان، وأبوا عَمْرو: ابنُ عَيْسون ونَصْرُ بن بَشِير، وأبوا محمد: ابنُ عبد العظيم وعبدُ الصَّمد اللّبسيُّ، وأبو الوليد محمدُ بن عُبَيد الله النَّفْزي. وممّن قَدِمَ على الأندَلُس: أبو إسحاقَ ابنُ الكَمّاد، ومن أهل سَبْتةَ: أبو العبّاس العَزَفي. وأخَذ بالإجازةِ العامّة عن جماعةٍ كبيرة من أهل المشرِق استفادَها من قِبَلِ أبي العبّاس ابن الرُّوميّة حَسْبَما مَرَّ ذكْرُه في رَسْمِه، وذكَرَ طلحةُ أنّ أَبا العبّاس استجازَ له بعضهم، من أعلامِهم: الأحامد: ابنُ أبي السَّعادات أحمدُ بن أبي بكر أحمدَ بن غالبٍ البَزّازُ البَنْدَنِيجي (¬1)، وابنُ أحمدَ بن عليّ ابن السِّمِّذي (¬2)، وابنُ أبي الحَسَن محمد بن أحمد بن إبراهيمَ الحَرْبي ابنُ صِرْما أبو العبّاس، وابنُ الحَسَن أو أبي (¬3) الحَسَن بن حَنْظلةَ الكَتْبيّ، وابنُ محمد بن أبي الغنائم ابن المُهتدي بالله، ¬

_ (¬1) ترجمته في تاريخ ابن الدبيثي 2/الترجمة 666 والتعليق عليها. (¬2) كذلك 2/ الترجمته 667، وهذا من أهل محلة أبي حنيفة، فهو بلدي الدكتور بشار عواد معروف. (¬3) هكذا في الأصل.

وابن الحُسَين ابن النَّرْسي، وإبراهيمُ بن عبد الرّحمن بن أبي ياسِر أبو إسحاق، وأرسَلانُ السَّيِّدي، والأسعدُ بن بَقَاء (¬1)، والإسماعيلان: ابنُ عبد الخالق الغَضَائريُّ وابنُ سَعْد الله بن محمد بن عليّ بن حَمْدي (¬2)، والبَوّابُ (¬3)، والأنجَبُ الدَّلّال (¬4)، وبُزغُش (¬5) بن عبد الله عَتِيق سَعْدِ الله المذكور، أبَوا (¬6) محمد، وتُركُ بن محمد بن بَرَكة (¬7) بن عُمرَ العَطّار أبو بكر، وثابتُ بن مُشرَّف بن أبي سَعْد بن إبراهيمَ الأزجِيُّ الخَبّاز ابنُ البَنّاء أبو سعد (¬8)، وجعفرُ بن أبي الحَسَن بن أبي البَرَكات الهَمْدانيُّ أبو الفَضْل -ويقال: أبو أحمد، والأولى المشهورة- والحَسَنان: ابنُ عبد الله ابن الخَلّال، وابنُ علي بن الحَسَن بن عليّ بن عَمَّار أبو عليّ، وداودُ بن أحمدَ بن مُلاعِب أبو البَرَكات، ورسنُ بن يحيى، ورَيْحانُ بن تيكان بن موسَك بن عليّ بن عبد الله الضّريرُ أبو الخَيْر، وسعدُ بن جَعْفر السَّيِّدي، وعبدا الله بن الحُسَين (¬9) بن عبد الله العُكْبَريُّ أبو البَقَاء، وابن حَمّاد بن ثَعْلب (¬10) أبو المحاسِن الضّريرانِ، وأعبدُ الرحمن: أبو إسحاقَ ابنُ الجَواليقي وابنُ سَعْد الله بن أبي الرِّضا ¬

_ (¬1) هو الأسعد بن بقاء الأزجي النجار (تاريخ الإسلام 13/ 735). (¬2) قيده المنذري بفتح الحاء المهملة وسكون الميم وكسر الدال المهملة وآخره ياء آخر الحروف (التكملة 2/الترجمة 1541). (¬3) هكذا في الأصل، وهو غريب. (¬4) الأنجب بن أبي العز، أبو شجاع الدلال المتوفى سنة 618 (تاريخ الإسلام 13/ 540). (¬5) ينظر في تقييد الاسم مشتبه الذهبي 666. (¬6) هكذا في الأصل، وبزغش يكنى أَبا منصور، كما في إكمال الإكمال 6/ 247، وتكملة المنذري 2/الترجمة 1652، وتاريخ ابن الدبيثي 3/ 25، وتاريخ الإسلام 13/ 466. (¬7) في الأصل: "تركة" مصحف، وهو مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 3/ 39. (¬8) هو المعروف بابن شستان (تاريخ ابن الدبيثي 3/ 46). (¬9) في الأصل: "الحسن"، والتصويب من تاريخ ابن الدبيثي 3/ 448 وغيره. (¬10) في الأصل: "تغلب"، والتصويب من تكملة المنذري 3/الترجمة 1981، وخط الذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 668.

الطاحُونيُّ أبو الفَضْل وابنُ عَمْرو بن أبي نَصْر بن عليّ أبو محمد ابنُ الغَزّال، وعبدُ الرحيم بن نَصْر الله ابنُ القُبَّيْطِيّ وعبدُ الحق ابنُ الدَّجَاجي وعبدُ الخالق بن الأنجَب بن المُعمَّر بن الحَسَن أبو الفَضْل، وعبدُ الصَّمد بن محمد بن أبي الفَضْل الحَرَسْتانيُّ أبو القاسم، وعبدا العزيز (¬1): ابن أحمدَ بن [46 ب] مَسْعود ابن سَعْد بن عليّ ابنُ النَّاقد، وابنُ سَحْنونَ بن عليّ الغُمَاريّ، وعبدُ اللطيف بن عبد الوهّاب بن محمد بن عبد الغَنيِّ بن محمد بن جَرِير الطَّبَريُّ آباءُ محمد، وعبدُ المُطَّلب بنُ الفَضْل بن عبد المُطَّلب الهاشِميُّ أبو هاشم، والعَلِيُّونَ: ابنُ ثابتٍ الحَذّاءُ وابنُ علي بن أبي محمد وابنُ عُمرَ الحَمّامي وابنُ محمد بن عبد الكريم ابن محمد الجَزَري وابنُ يونُس بن البَبْغ آباءُ الحَسَن، والعُمَران: ابنُ القاسم بن المُفرِّج بن الخَضِر، تَكْريتيٌّ أبو عبد الله، وابنُ محمد بن جابِر أبو نَصْر، وقُرَيْشُ بن سُبَيْع أبو محمد، والمحمّدونَ أبناءُ الأحمَدِين: ابنُ جُبَيْر، شاطِبيّ، نَزيلُ الإسكندَريّة أبو الحُسَين وابنُ صالح بن شافِع أبو المعالي وابنُ إسحاقَ الصّابي وابنُ بَهْرَام بن عليّ بن بَهْرَام الجُنْديُّ أبو عبد الله، وابنُ تمَيم بن أحمدَ بن أحمدَ بن كرَم بن غالبٍ البَنْدَنِيجيُّ أبو بكر، وابنُ خَلَف بن راجِح بن بلال بن عيسى المَقْدِسيُّ أبو عبد الله، وابنُ رَيْحانَ بن عبد الله عَتِيق شُهدةَ أبو علي، وابنا السَّعيدَيْن: ابنُ محمد الرَّزّاز، وابنُ يحيى بن عليّ ابنُ الدُّبَيْثيِّ أبو عبد الله، وابنُ عبد الله بن المبارَك ابنُ البَنْدَنِيجيّ أبو منصور، وابنُ عبد الرّحمن بن محمد بن عليِّ أبي العِزّ أبو الفَرَج، وابنُ محمد بن محمد بن عَمْرُوك البَكْريُّ أبو الفُتُوح، وابنُ محمد بن أبي حَرْب بن عبد الصَّمد ابنُ النَّرْسي أبو الحَسَن وابنُ النَّفيس، والمَسْعودانِ: ابنُ عبد الله المُستَنْجِدي وابنُ محمود البيطار، ومِسْمارُ بن العُوَيْس أبو بكر، ومُشَرَّفُ بن عليّ بن أبي جعفر بن كامل بن خالِص الضَّريرُ أبو العِزّ، والمُظفَّرُ بن أبي نَصْر ابنُ رئيس الرُّؤساء، ومعتوقُ بن بَقَاء، والمُهذَّبُ بن ¬

_ (¬1) في الأصل: "وعبد العزيز"، ولا يستقيم, لأن ابن سحنون الآتي هو: عبد العزيز بن سحنون بن علي برهان الدين أبو محمد الغماري، مترجم في تاريخ الإسلام 13/ 773، فهما اثنان.

قُنَيْدة (¬1)، ونَصْرُ بن أبي الفَرَج بن عليّ الحُصْريُّ أبو الفُتُوح، ويحيى بن أبي السَّعادات سَعْدِ الله بن الحُسَين (¬2) بن أبي تَمّام التَّكريتيُّ أبو [الفتوح] (¬3)، وُيرنقشُ بن عبد الله، واليوسُفانِ: ابنُ عُمرَ ابن نِظام المُلكِ الطُّوسيُّ أبو المحاسِن والمبارَكُ بن أحمد بن المكْشُوط، في آخَرِين. ومن النّساء: جَوْهرةُ بنتُ عبد الوهّاب الطَّبَريّ أُختُ عبد اللّطيف المذكور، وتُدعى بسِتِّ العَفَاف، وأُمّ الخَيْر خديجةُ بنتُ أبي نَصْر عليّ بن أبي الفَرَج محمد بن أبي الفُتُوح عبد الله بن هِبَة الله بن المُظَفَّر ابن رئيسِ الرُّؤساء، وشَرَفُ النِّساء صَفِيّةُ بنتُ أبي جعفرٍ عبد الله بن محمد بن محمد بن محمدِ بن أحمدَ ابن المُهتَدي. روى عنهُ صاحبُه أبو عَمْرٍو بن عَمْريل، وآباءُ بكر: ابنُ عبد الرّحمن بن مُفَضَّل وابنُ عُمَر بن مسَرّةَ وابنُ محمدٍ الجُعَيْديُّ وأبو الحَسَن بن حُسَين الأحْرَشُ وأبو العبّاس بن محمد بن مَكْنون [47 أ]. وكان مُقرِئًا مُبرِّزًا في صَنْعةِ التجويد، نَحْويًّا ماهرًا، عَرُوضيًّا حاذقًا، ذا حظٍّ وافر من الأدب وقَرْض الشِّعر، ذاكرًا لتواريخ الرّجال وأحوالهِم حسَنَ الجَمْع لمتفرِّقاتِ أخبارِهم، عارفًا بطُرُق الرِّواية، عُنِي مُعظمَ دَهْرِه بتقييد العلم ولقاءِ حَمَلتِه، وكان من آنَقِ الناس طريقةً في الخَطّ ومن المتقدِّمينَ في الإتقانِ والضَّبط ومن جِلة النُّبَلاءِ في كلّ ما يحاول، ولم يُكثِرْ من الأخْذٍ عنٍ أَبيه، وإن كان قد أدرَك ذلك بسِنّه، فإنّ أباه خَلَفَه بعدَ وفاتِه ابنَ ثمانيَ عشْرة سنة ولم يأخُذْ عنه إلا اليسير، وذلك روايَتا الحَرَميَّينِ لإبن شُرَيْح، قرَأَهما عليه وتَلا القرآنَ عليه برواية ابن كثيرٍ منهما، وقرَأَ عليه "فصيحَ ثَعْلب" وبعضَ "لَحْن العامّة"، ¬

_ (¬1) في الأصل: "قُبّيدة"، مصحف، وقيده المنذري فقال: "بضم القاف وفتح النُّون وسكون الياء آخر الحروف وبعدها دال مهملة مفتوحة وتاء تأنيث" (التكملة 3/الترجمة 2262)، وينظر تاريخ الإسلام 13/ 822، وسير أعلام النبلاء 22/ 313، وتاريخ ابن الدبيثي 5/ 69. (¬2) في الأصل: "الحسن" خطأ، والتصويب من تكملة المنذري 3/الترجمة 1785، وخط الذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 567. (¬3) بياض في الأصل تركه المؤلف لعدم معرفته بكنيته، وأثبتناها من مصادر ترجمته.

وسَمِعَ مه جُملةً من أشعارِه التي رَثَى بها أخاه أَبا العبّاس وغيرَها. وكان الذي قَطعَ به عن الاستكثارِ من الأخْذِ عنه زَمانةٌ لزِمَتْه أيامَ شبابِه، فكان أبوه لا يَحمِلُ عليه في الاجتهاد في طَلَب العلم ويَقْنَعُ من ذلك بما جاء منه عَفْوًا رأفةً به وإشفاقًا عليه، ثُم إنّ الله تعالى مَنَّ عليه بعافيةِ الصّحة فأخَذَ نفْسَه بالجِدّ والاجتهادِ في طَلَب العلم، فلم يَمُرَّ عليه إلا عامانِ أو نحوُهما حتّى بَذَّ أقرانَه وكثيرًا من أشياخِه، وألَّفَ معجمَ شيوخِه في ذلك الوقت في مجموع وَسَمه بـ"مُلحة الرّاوي وخِتام عَيْبةِ الحاوي"، وقَفْتُ عليه بخطِّه، وذَكَرَ أنه جمَعَه بقُرب من العشرينَ وست مئة، واستفادَهُ منه أصحابُه وجُملةٌ من أشياخِه وقَيَّدوا منه وانتَفَعوا به، وصنَّفَ حينئذٍ "معجَمَ شيوخ القاضي أبي الوليد الباجِيّ"، ورَواهُ أصحابُه، وقد وقَفْتُ أَيضًا عليه بخطِّه. وانتَصَب للإقراءِ وتدريس العربية ومُعظمُ شيوخِه أحياء، وحُمِلَ عنه العِلمُ واستُجيز وهُو ابنُ العشرينَ سنةً، ولم يزَلْ عاكفًا على استفادةِ العلم وإفادتِه مُنقطِعًا لخِدمتِه لا يشغَلُه عنه شاغلٌ شَغَفًا به وحِرصًا عليه، صابرًا على شدّةِ الفَقْر وقلّة ذاتِ اليد، راضيًا بحالِه ذلك غيرَ متشوّف إلى عَرَض من الدّنيا. وله برنامَجٌ حَفيلٌ استَوعَبَ فيه ذكْرَ شيوخِه إلى عام خمسةٍ وثلاثينَ وست مئة سَمّاه "نُغْبةَ الوارِد ونُخبةَ مستفادِ الوافِد" ويَشتملُ على مئاتٍ من الرّجال وجماعةٍ من النّساء. وعَمِلَ فهارِسَ لطائفةٍ من أشياخِه، كأبي أُمَيّةَ وأبي الوليد ابن الحاجّ وغيرِهما، ظَهَرَ في ذلك كلّه جَوْدةُ اختيارِه وحُسنُ ترتيبِه وفضلُ اقتدارِه، ووَصَلَ كتابَ "صلة" الحافظ أبي [47 ب] القاسم ابن بَشْكُوال بتقاييدَ كثيرةٍ لم يَتمَّ غَرَضُه منها ولا أمهَلَتْه المنِيّةُ إلى تخليصِها وإخراجِها من مُسَوَّدتِها. وكان سُناطًا (¬1)، أخبَرني بعضُ أصحابِنا ممّن لازَمَه وكانت عمّتُه زوجًا لأبي محمدٍ طلحةَ، قال: كان له ثيابٌ للِباسِه مُعَدّةٌ لخروجِه للقاءِ الناس، فإذا كان بدارِه اتّخذ فَرْوًا، فكان يجعَلُ وبَرَه ممّا يلي جِسمَه أيامَ البَرْد وجِلدَه ممّا يليه ¬

_ (¬1) السُّناط -ويقال بكسر السين-: الكوسج الذي لا لحية له أصلًا أو كان خفيف العارض.

أيامَ الحَرّ، ولا يُفارقُ كُتُبَه وتقاييدَه ومنزلَه ليلًا ولا نهارًا إلا لصلاةِ الفريضة في الجماعة وللإقراء، هذا كان دأْبَه رحمه الله. قال أبو محمد طلحةُ رحمه الله: أنشَدَنا القاضي أبو أُمَيّةَ بنُ سَعْدِ السُّعود بن عُفَيْرٍ، قال: أخبَرَنا القاضي أبو القاسم خَلَف بن عبد الملِك بن بَشْكُوال، قال: أنشَدَنا أبو الحَسَن، يعني يونُسَ بنَ محمد بن مُغيث، غيرَ مرّة عن جَدِّه مُغيثِ بن محمد قال: أنشَدَنا جَدّي يونُسُ بن عبد الله قال: كان أبو زكريّا يحيى بنُ عانِد يُنشِدُنا في أواخِر مجالسِ السَّماع [الطويل]: مجالسُ أصحابِ الحديثِ حدائقٌ ... تَنَزَّهُ فيها أعينٌ وقلوبُ وسُئل شيخُنا أبو أُميّةَ تذييلَه، فأنشَدَنا لنفسِه: وتَعْلَقُ بالأسماع من لفظِ أهلِها ... شُنوفُ معانٍ صَوْغُهُنَّ عجيبُ وتَسري إلى الأفكارِ منه رسائلٌ ... لها نَفَحاتٌ عَرْفُهُنَّ يَطيبُ ولمْ لا وهذا خاتَمُ الرُّسْلِ بينَها ... شهيدٌ على بُعْدِ المحلِّ قريبُ إذا دام ذكْرُ المرءِ دامتْ حياتُهُ ... وشاهدَهُ الأهْلُونَ حين يغيبُ فما جَدَّدوا ذِكْراهُ صلَّى إلهُهُ ... عليه فتَذكارُ الحبيبِ حبيبُ قال ابنُ طلحةَ: وسألَني صاحبُنا وشيخُنا أبو محمد بنُ قاسم الحَريريُّ تذييلَ البيتِ أَيضًا، ولم يَسَعْني إلا أن أُجيبَه فقلت: مجالسُ أصحابِ الحديثِ حدائقٌ ... تَنَزَّهُ فيها أعينٌ وقلوبُ تَفَجَّرَ يَنْبوعُ الشريعةِ وَسْطَها ... فأينَعَ غُصْنُ العلمِ فهْو رَطيبُ وأَطلعتِ الأفنانُ زَهْرَ فنونِهِ ... فريحُ الصَّبا عن نَشْرِهنَّ تَطيبُ وأثمرتِ الأزهارُ زَهْرَ فوائدٍ ... يلَذُّ جَنَى معنًى لهن غريبُ كسَتْ شمسُ دِين المصطفى كلَّ ما بها ... فللنُّورِ في الأوراقِ رَوْقٌ عجيبُ

تَرى طالبي الآثارِ في رَغْدِ عَيْشِهمْ ... جَنَابٌ رحيبٌ والمحلُّ خَصيبُ [48 أ] فلِلفكرِ قَطْفٌ ثم للنفسِ نَعْشَةٌ ... وللعينِ من حُسْنِ الجميع نَصيبُ ومن كلام كلِّ أحدٍ مأخوذٌ ومتروكٌ إلا من كلام سيِّد البشَر صَلَواتُ الله عليه وسَلامُه. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: ولا خفاءَ بشُفوفِ قطعة أبي مُحَمَّد طلحةَ على قطعة القاضي أبي أُمَيّةَ رحمهما اللهُ لشِدّةِ مُناسبتِها البيتَ الأول، ولكلِّ أجرُ اجتهادِه نفَعَهما الله. وممّا ينبغي التنبيهُ عليه أنّ الأُستاذَ أَبا محمد طَلْحةَ نبَّهَ فيما وقَفْتُ عليه بخطِّه على قولِه: "رَوْقٌ" بما نصُّه: مزحوفٌ جائز، وليس ما قاله بصحيح عند حُذّاقِ العَرُوضيّينَ حسبَما تقَرَّر منَ اصطلاحِهم، بل هو سالمٌ غير مزحوف؛ لأنه "فعولُن" على أصلِه، وبيانُ ذلك: أنّ هذه القطعةَ من الضَّرْب الثالثِ من الطَّويل وهُو المحذوف: كان أصلُه مفاعيلُن فحُذِف، والحَذْفُ: إسقاطُ متحرِّك وساكن من آخِرِ الجُزء، وهُو المسَمَّى عند العَرُوضيِّينَ سَبَبًا خَفيفًا، فصار الجُزءُ بعدَ الحَذْف مفاعي فنُقلَ إلى مثل وزنِه وهو فَعُولُن، وكثُرَ في فعولُن الذي قبلَه الزِّحَافُ المسَمَّى عندَهم بالقَبْض وهو حَذْفُ الساكن الخامسِ من الجُزْء، وكان أصلُه فعولُن فانتَقلَ بالقَبْض إلى فعولُ واستُعذِبَ في الذَّوق حتى صار مُزاحَفُه أعذَبَ من سالِمه، ذلك ليستَتبَّ لهم ما اعتَمَدوه من بناءِ دائرةِ الطَّويل على اختلافِ أجزائها، فتبيَّنَ بما قُلناه أن الجُزءَ الذي نَبَّه أبو محمدِ على أنه مزحوفٌ هو السالم، ومثلُه مما أنشَدَه الخليلُ: أقيموا بني النُّعمانِ عَنّا رؤوسَكمْ ... وإلّا تُقيموا صاغرينَ الرُّؤوسا وأنّ ما سواهُ من الأجزاءِ الواقعة موقعَه من سائرِ أبياتِ القطعة مزحوفة، وهي أعذَبُ في الذَّوق. فإن قلتَ: لعلّه يكونُ ذلك على اصطلاح بعضِ العَرُوضيِّينَ في إطلاقِهم الزِّحَافَ على كلِّ تغيير، قُلنا: لا تغييرَ في هذا، لمجيئه على أصلِه، اللهُمّ إلا أن يكونَ في الذَّوق وهُمْ لم يَعتبِروه ولا وَضَعوا لهُ لقَبًا حتى يكونَ له أثر،

304 - طلحة بن محمد بن عمر، وادياشي أو من سكانها، أبو محمد

وما لا أثرَ فيه للزِّحاف فإنّما يقالُ فيه: سالمٌ عندَ الجميع، فتأمَّلْه واللهُ الموفِّق لا ربَّ غيرُه. ومِن نَظْم أبي محمدٍ طلحةَ رحمه الله [الكامل]: من كان في كَسْرٍ له مُستسهِلًا ... ذاكَ الذي لا ريبَ في تنقيصهِ مَن لا يَريبُك أمرُهُ في درهم ... فهُو الذي لا شَوْبَ في تخليصِهِ حَكَمٌ له في حُكمِه عَدْلٌ فما ... يَرتابُ في الإنصافِ في تخصيصِهِ [48 ب] فكأنّ ماحَكَموا به من حُكمِهِ ... عنه استفادوهُ ومن تمحيصِهِ مولدُه، حسبَما نقَلتُه من خطِّه، في جُمادى الأُولى من سنةِ إحدى وست مئة بموافقةِ يَنَير، وتوفِّي بإشبيلِيَةَ والعدوُّ، دمَّرَهم اللهُ، محُاصِرونَ لها الحصارَ الأوّل، أرى ذلك سنةَ ثلاثٍ وأربعينَ وست مئة، وهي سنةُ احتراقِ العَطّارِين. 304 - طَلْحةُ بن محمد بن عُمرَ، وادِيَاشيٌّ أو من سُكّانِها، أبو محمد. رَوى عن أبي الحَجّاج ابن الغَرْبيِّ الأديب. رَوى عنه محمدُ بن عبد الله بن الحَكَم ابنُ قَحْطَبة، وكان أديبًا كاتبًا بليغًا. 305 - طَلْحةُ بن مَسْعود بن عثمانَ العَبْدَريُّ، أبو قَتادةَ. رَوى عن أبي عليٍّ الصَّدَفي (¬1). 306 - طَلْحةُ (¬2) بن يَعقوبَ بن محمد بن خَلَف بن يونُسَ بن طَلْحةَ الأنصاريُّ، شاطِبيٌّ شيقريُّ الأصل، أبو محمد. رَوى عن أبيه، وأبي بكر عبد الرّحمن بن مُغاوِر. رَوى عنه أبو محمد بن بُرْطُلّهْ، وكان كاتبًا مُجِيدًا شاعرًا مُحسِنًا. توفِّي في رمضانِ ثماني عشْرةَ وست مئة. ¬

_ (¬1) لم يذكره ابن الأبار في المعجم. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (930).

307 - الطيب بن أحمد بن علي بن رزقون بن أفلح بن سحنون بن مسلمة القيسي، خضراوي، أبو السعود المرسي

307 - الطيِّبُ (¬1) بنُ أحمدُ بن عليِّ بن رَزْقُون بن أفلحَ بن سَحْنُونَ بن مَسْلَمةَ القَيْسيُّ، خَضْرَاويٌّ، أبو السّعود المُرْسِيّ. رَوى عن أبيه. رَوى عنه أبو العبّاس بنُ بِلال، وكان أديبًا متصرفًا في معارفَ جَمّة، يَقرِضُ يسيرًا من الشعر، عالمًا بالحساب والتعديل، ناسِكًا وَرِعًا من أهل العلم والعمل متصوِّفًا، وصَنَّف في تلك الطّرَيقة مصنَّفًا حسَنًا نَحَا به مَنْحَى رسالةِ القُشَيْريّ، وله في معاني التصوُّف أشعارٌ لا بأسَ بها. وتوفِّي بالجزيرة الخَضْراءِ في رجبِ سنةِ ست وخمسينَ وخمس مئة. 308 - الطيِّبُ (¬2) بن محمد بن الطّيِّب بن الحُسَين بن هِرَقْلَ بن الطّيِّب بن محمد بن هارونَ بن عبد الرّحمن بن الفَضْل بن عَمِيرةَ بن راشِد بن عبد الله بن شَرِيك بن عبد الله بن مُسلم بن نَوْفَل بن رَبيعةَ بن مالكِ بن مُسْلم العُتَقيُّ، من عُتَقاءِ كِنانةَ، مُرْسِيٌّ، أبو القاسم. رَوى سَماعًا عن أبي بكر بن أبي جَمْرةَ وتَفقَّه به، وأبي عبد الله بن حَمِيد، وأبي القاسم بن حُبَيْش وأكثَرَ عنه، وأجازَ له أبَوا بكر: أحمدُ بن جُزَيّ وعبدُ الرّحمن بن مُغاوِر، وأبو جعفر بنُ مَضَاء، وأبو زيد السُّهَيْليّ، وأبو عليّ الصِّقِلِّي، وأبو القاسم ابنُ بَشْكُوال، وأبو محمد بن عُبَيد الله. رَوى عنه ابناه: أبو بكرٍ محمد (¬3) [....] (¬4) وأبو بكر بنُ محمد بن عبد الملِك المَعافِريّ، وأبو محمد بنُ عبد الرّحمن بن بُرْطُلّهْ، وكان من أهل التعيُّن والأصالةِ ببلدِه متقدِّمًا، فيه رياسةٌ وجَلالةٌ ورَجَاحة، فقيهًا ذاكِرًا للمسائل عارِفًا بأصُولِ الفقه، ذا حظٍّ صالح من الأدب [49 أ]، واستُقضيَ ببعضِ أنظارِ مُرْسِيَة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (933). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (934)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 575، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 21. (¬3) ستأتي ترجمته في السفر السادس من هذا الكتاب (الترجمة 686). (¬4) بياض في الأصل إذ لم يذكر ابنه الآخر.

309 - الطيب بن محمد بن عبد الله بن مفوز بن غفول بن عبد ربه بن صواب بن مدرك بن سلام بن جعفر الداخل إلى الأندلس المعافري، شاطبي

مَوْلدُه في عَشْر ذي حِجّةِ سنةِ ثمانٍ وخمسينَ وخمس مئة، وتوفِّي ليلةَ الثلاثاءِ السابعةَ عشْرةَ من جُمادى الأُولى سنةَ تسعَ عشْرةَ وست مئة. وقال أبو أحمدَ بنُ بُرْطُلّه: توفِّي سنةَ ثمانِ عشْرةَ وست مئة. 309 - الطّيِّبُ (¬1) بن محمدِ بن عبد الله بن مُفوَّز بن غَفُول بن عبدِ رَبِّه بن صَوَاب بن مُدرِك بن سَلام بن جَعْفر الداخِل إلى الأندَلُس المَعافِريُّ، شاطِبيٌّ. سَمِعَ ببلدِه من الزّاهد أبيه وأكثَرَ عنه، ورَحَلَ إلى قُرْطُبةَ فسَمعَ بها من القاضي أبي عبد الله بن مُفرِّج ومَسْلمةَ بن بُتْرِيّ وغيرِهما. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (932).

الظاء

الظاء 310 - ظافرُ (¬1) بن إبراهيمَ بن أحمدَ بن اُمَيَّةَ بن إبراهيمَ بن أحمد المُراديُّ، أُورِيُوليٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ المُرابِط. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرَة ولازَمَه وأكثَرَ عنه. وكان راوِيةً للحديث منسُوبًا إلى معرفتِه موصُوفًا بالثِّقة والعَدالة. مَوْلدُه سنةَ إحدى وثمانينَ وأربع مئة، وتوفِّي يوم الاثنينِ لخمسٍ خَلَوْنَ من صَفَرِ ثلاثٍ وعشرينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (870)، وابن الأبار في التكملة (952)، والمعجم في أصحاب الصدفي (79).

العين

العَيْن 311 - عبدُ الله بنُ أحمدَ بن إسحاقَ بن واجِب. رَوى بِسَرَقُسْطةَ عن أبي محمد بن سدون البَكْري. 312 - عبدُ الله (¬1) بن أحمدَ بن بَلِّيْط -بفَتْح الباءِ بواحدةٍ وتشديد اللام المكسورة وياءِ مَدّ وطاءٍ غُفْل- القَيْسيُّ، خَضْراويٌّ، أبو محمد. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي، وأبوَي الحَسَن: شُرَيْح ويونُسَ ابن الصَّفّار، وأبي الطاهِر الأشتَرْكُوني، وأبي مَرْوانَ بن عبد العزيز الباجِي، وكان تامَّ العناية بتقييدِ الحديث وسَماعِ العلم. 313 - عبدُ الله بن أحمدَ بن تَمّام بن غالبٍ الفِهْريُّ. 314 - عبدُ الله بن أحمدَ بن ثابتٍ الكِنْديُّ ثُم التُّجِيبيُّ، بَرْجانيٌّ. كان من أهل العلم بارعَ الخطِّ أديبًا. 315 - عبدُ الله (¬2) بن أحمدَ بن جُمهُورِ بن سَعيد بن يحيى بن جُمْهُورٍ القَيْسيُّ، إشبِيليٌّ نزَلَ سَلَفُه العرَبُ من جُند الشّام شَرَفَ إشبيلِيَةَ، أبو محمد. رَوى عن آباءِ إسحاق: ابن حُبَيْش وابن فَرْقَد وابن قُرْقُول وابن مَلْكُون، وآباءِ بكر: ابن الجَدّ وابن العَرَبي وابن طاهِر المُحدِّث واختَصَّ به واشتُهِرَ في رُواتِه، وآباءِ الحَسَن: الزُّهريِّ وشُرَيْح ومحمد بن عبد الرّحمن ابن عَظِيمةَ ومُفرِّج بن سَعادة، وأبي الحَكَم بن بَطّال وتَلا عليه بالسَّبع، وأبوَيْ عبد الله: ابن أحمدَ بن المُجاهِد وابن سَعيد بن زَرْقُون، وأبوَي العبّاس: ابن حَرْبٍ وتَلا بالسّبع عليه، وابن خَليل، وأبوَيْ عُمرَ: ابن حَزْم وابن كَوْثَر، وأبي اَلقاسم ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2058). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2132)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 208، والذهبي في المستملح (465)، وتاريخ الإسلام 12/ 977.

ابن بَشْكُوال، وأبي محمد بن مَوْجُوال وتفَقَّه به، وأبي مَرْوانَ بن مسَرَّةَ قرَأَ عليهم وسَمِع وأجازوا كلّهم له (¬1) [50 ب]. [ووَلِيَ الصّلاةَ بجامع عَدَبَّس من إشبيلِيَةَ، وكان رجُلًا صالحًا فاضلًا له بصَرٌ باللّغة ومعرفةٌ بالشّروط واستقلالٌ بعَقْدِها، مع حظٍّ من عِلم النَّسَب، وشُهِرَ ¬

_ (¬1) سقطت بقية الترجمة وأكملنا ما بين قوسين من التكملة. قلنا: وقد سقطت بقية الترجمات في من اسمه عبد الله واسم أبيه أحمد وبعض من اسم أبيه إبراهيم. وقد نقل السيوطي بعضها في البغية عن ابن عبد الملك، فنثبت ما نقله: - عبد الله بن أحمد بن عبد الله القيسي أبو محمد: كان ذاكرًا للقراءات ريان من الأدب متحققًا بالعربية، له حظ صالح من الحديث. كان حيًّا سنة ثلاث وثلاثين وست مئة (2/ 32). - عبد الله بن أحمد بن علي بن قرشيّ الحجري القرطبي: كان ماهرًا في العربية والآداب مبرزًا في ضبط اللغات، قعد لإقرائها، وله حظ من النظم والنثر، روى عن جده لأمه أبي الحسن بن النعمة وأبي الوليد ابن الدباغ، وعنه أبو عبد الله بن سعادة النحوي، ومات بقرطبة سنة خمس وسبعين وخمس مئة (2/ 32). - عبد الله بن أحمد بن عمروس بن لب بن قاسم الشلبي أبو محمد: كان حافظًا للحديث، ذاكرًا لرجاله، لغويًا حافظًا، فقيهًا مشاورًا. روى عن ابن العربي وأجاز له من المشرق السلفي، ومات يوم الثلاثاء حادي عشر ربيع الآخر سنة ست وأربعين وخمس مئة (2/ 33). - عبد الله بن أحمد بن محمد بن عطية المالقي أبو محمد: كان بارعًا في العربية حافظًا للغة راوية عدلًا ضابطًا متقنًا جمع الله له العلم والعمل، آخر الورعين بالأندلس مقتصدًا في لباسه، روى عن أبي محمد القرطبي وأكثر عنه وعن السهيلي وحج. وأجاز له من المشرق: الحسن الجواليقي، وأبو الحسن ابن البناء، وخلق. وروى عنه بالإجازة: ابن الزبير وابن أبي الأحوص وغيرهما. وكان شديد الورع لا يأكل ممن لا يتحقق طيب كسبه ولا سيما بعد حدوث الفتن فإنه قطع أكل اللحم وكان يختم القرآن كل جمعة منقبضًا عن الناس لا يجلس إليهم إلا في الاثنين والخميس. ولد في سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة ومات يوم السبت خامس جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وست مئة، وقال ابن الأبار: سنة ست، وهو غلط (2/ 33، والتكملة 2175). - عبد الله بن إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الله بن عمر العبدري، كان مقرئًا نحويًا روى عن أبي علي الصدفي وغيره (2/ 28). قلنا أيضًا: ومما لا شك فيه أن الساقط كثير، إذ لا بد أنه نقل كل من ترجم له ابن الأبار في التكملة وابن الزبير في الصلة.

316 - [عبد الله بن إبراهيم بن سعيد، قرطبي، أبو محمد] الواعظ

برِوايتِه عن ابن طاهر. حدَّثَ عنه جماعةٌ من شيوخِنا وغيرِهم، وتوفِّي ببلدِه في العَشْر الوُسَط من شهرِ ربيع الآخِر سنة اثنتينِ وتسعينَ وخمس مئة]. 316 - [عبدُ الله (¬1) بن إبراهيمَ بن سَعيد، قُرطُبيٌّ، أبو محمد] (¬2) الواعظُ. رَوى عنه أبو خالد المَرْوانيُّ، وكان نَحْويًّا متحقِّقًا بالعربية، [ذا حَظٍّ من الرِّواية]، توفِّي صَبِيحةَ مِنًى، ودُفنَ يومَ عَرَفةَ سنةَ سبع وعشرينَ وخمس مئة. 317 - عبدُ الله بن إبراهيمَ بن سَعيد، قُونْكِيٌّ، أبو محمد. رَوى عن أبي محمد بن السِّيْد. رَوى عنه أبو بكر بن عبد الله بن خَلَف. 318 - عبدُ الله بن إبراهيمَ بن عبد الله بن طَرِيف، قُرْطُبيٌّ. له إجازةٌ من أبي محمد بن الوليد بن سَعْد بن بكرٍ الأندَلُسيّ نَزيلِ مِصرَ، وكان من جِلّة أهلِ العلم المُبرِّزينَ في العَدالة، حيًّا في حدودِ الثمانينَ وأربع مئة. 319 - عبدُ الله (¬3) بن إبراهيمَ بن عبد الله بن قَسُّوم بن أصبَغَ بن مُهَنَّى اللَّخْميُّ، إشبيليٌّ، أبو محمد، وهُو والدُ الزاهدِ أبي بكر بن قَسّوم. تَلا بالسّبع على أبي الحَسَن شُرَيْح وأكثَرَ عنه، ورَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي. رَوى عنه ابناه: أبو إسحاقَ (¬4) وأبو بكر (¬5). 320 - عبدُ الله بن إبراهيمَ بن عليّ الهَوّاريّ، إِشبِيليّ، أبو محمد، ابنُ يَنِّهْ -بياءٍ مسفُولةٍ مفتوحة ونونٍ مشدَّد مكسور وهاءِ سكت، وبعضُهم يجعَلُ بين الياءِ والنّونِ ألفًا، وبعضُهم يُبدِلُ من الهاءِ ياءً -وهو سِبْطُ أبي عبد الله بن أحمدَ بن مَوْجُوال (¬6). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2054)، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 29. (¬2) ذهب أول الترجمة والمتبقي منها مطموس في الأصل بسبب انتشار الحبر عليه، وأكملناه من التكملة. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2137)، والذهبي في المستملح (464). (¬4) اسمه إبراهيم، وهو مترجم في التكملة الأبارية (450). (¬5) اسمه محمد، وستأتي ترجمته في السفر السادس من هذا الكتاب (الترجمة 705). (¬6) هو محمد بن أحمد بن سعيد بن عبد الرحمن العبدري، أبو عبد الله المعروف بابن موجوال، مترجم في التكملة (1359).

321 - عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عمر الأنصاري، تطيلي الأصل، نزل مراكش، أبو محمد التطيلي

321 - عبدُ الله بن إبراهيمَ بن محمد بن عُمرَ الأنصاريّ، تُطِيلِيُّ الأصل، نزَلَ مَرّاكُش، أبو محمدٍ التُّطِيليُّ. رَوى عن أبي عبد الله بن أحمدَ بن أبي غالب، وأبي محمد بن حَوْطِ الله. وكان كاتبًا شاعرًا محُسِنًا، بارعَ الخطِّ شديدَ العناية بالتقييد والضَّبط، كتَبَ الكثيرَ وأتقَنَه وجَوَّده، ووَليَ حِسْبةَ السُّوق بمَرّاكُش فحُمِدتْ سِيرتُه فيها، وتوفِّي في حدود ثلاثٍ وأربعينَ وست مئة. 322 - عبدُ الله بن إبراهيم بن مَرْوانَ (¬1)، قُرْطُبيٌّ قَسْطَليُّ الأصل، قَسْطلةَ دَرّاج ثُم غلَبَ عليها قَسْطلةُ مَرْوان نسبةً إلى أبيه، أبو محمد، ابنُ البلانة. رَوى عن [....] (¬2)، رَوى عنه أبو مَرْوانَ خَلَف بن يوسُف الشَّبّاك، وكان مُكْتِبًا فاضلًا ذاكِرًا للآدابِ من التواريخ. 323 - عبدُ الله بن إبراهيمَ ابن الوالي النَّفْزِيُّ. رَوى عن شُرَيْح. 324 - عبدُ الله بن إبراهيمَ بن يحيى، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ تسع وثلاثينَ وأربع مئة. 325 - عبدُ الله بنُ إبراهيمَ، طَرِيفيٌّ مالَقيُّ الأصل، أبو محمدٍ المالَقيّ. رَوى عن أبي الصَّبر الفِهْرِي، ورَحَلَ فحَجّ. رَوى عنه أبو عبد الله بن أحمد بن المسلهم، وكان شَيْخًا صالحًا متخلِّقًا مُعِينًا على المصالح صاحبَ كرامات، إمامَ الصُّوفية ببلدِه. 326 - عبدُ الله (¬3) بن أبي أحمدَ بن حَرْب الأُمَويُّ، [51 أ] قَلْعيٌّ قلعةَ يَحصُبَ، أبو محمد. ¬

_ (¬1) كتبها الناسخ عبد الله بن مروان بن إبراهيم، ثم كتب فوق كل من "عبد الله" و"إبراهيم" حرف ميم، أي يقدم ويؤخر، وهو الصواب. (¬2) بياض في الأصل. (¬3) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 193، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 31.

327 - عبد الله بن أبي []، أبو محمد

رَوى عن أبي جعفرٍ ابن [الباذِش، وكان] مُقرِئًا مجُوِّدًا عارفًا بالنَّحو والأدب. توفِّي بقُرطُبةَ [في عَشْرِ الثمانينَ] وخمس مئة وقد قارَبَ ثمانينَ سنةً. 327 - عبدُ الله بن أبي [....] (¬1)، أبو محمد. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجيِّ، لازَمَه وأكثَرَ عنه، وكان [....] (¬2) بشأنِ الرِّواية. 328 - عبدُ الله بن أيوبَ، مُرْسِيٌّ من بني قُرَشِي، أبو محمد. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي. 329 - عبد الله (¬3) بن أبي بكر بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن أحمدَ بن أبي بكرٍ القُضَاعيُّ، أُنْدِيّ سكَنَ بَلَنْسِيَة، أبو محمد، وهُو والدُ أبي عبد الله ابن الأبار. تَلا بالسَّبع على أبي جعفر بن عليّ بن عَوْنِ الله، رَوى عن أبي بكر بن قنترال، وأبّويْ عبد الله: ابن خَلَف بن مَرْزُوق بن نَسْع وابن نُوح، وأبي عليّ بن زُلَال، وصَحِبَ أبا محمد بنَ سالم السَّبَطَيْر، وكتَبَ إليه مجُيزًا أبو بكر بن أبي جَمْرة. رَوى عنه ابنُه أبو عبد الله، وقال: كان رحمه اللهُ -ولا أُزكِّيه- مُقبِلًا على ما يَعْنيه شديدَ الانقباض، بعيدًا عن التصَنُّع، حريصًا على التخَلُّص، مُقدَّمًا في حَمَلةِ القرآن كثيرَ التلاوة له والتهجُّد به، صاحبَ وِرْدٍ لا يكادُ يُهمِلُه، ذاكرًا للقراءاتِ، مشارِكًا في حِفظِ المسائل، آخِذًا فيما يُستحسَنُ من الآداب، مُعدَّلًا عند الحُكّام، وكان القاضي أبو الحَسَن بنُ واجب يَستخلفُه على الصلاة بمسجدِ السيِّدة من داخِل بَلَنْسِيَة. وُلد بأُنْدةَ سنةَ إحدى وسبعين وخمس مئة، وتُوفِّي ببَلَنْسِيَةَ وأنا حينَئذٍ بثَغْر بَطَلْيَوْسَ عند الظهر من يوم الثلاثاءِ لخمس خَلَوْنَ من شهر ربيع الأوّل سنةَ ¬

_ (¬1) مطموس في الأصل. (¬2) كذلك. (¬3) ترجمه ابنه في التكملة (2156)، والذهبي في المستملح (481)، وتاريخ الإسلام 13/ 575.

330 - عبد الله بن أبي بكر بن عبد الأعلى بن محمد بن أيوب المعافري، بلنسي شبارتي الأصل، سكن شاطبة، أبو محمد

تسعَ عشْرةَ وست مئة، ودُفن لصلاة العَصْر من يوم الأربعاءِ بعدَه بمقرُبة باب بَيْطالة، وحضَرَ غُسْلَه أبو الحَسَن بنُ واجبٍ وجماعةٌ معَه، وكانت جَنازتُه مشهودةً والثناءُ عليه جميلًا. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: كان أبو محمد الأبّارُ هذا صَنيعةَ أبي الرّبيع بن سالم، شديدَ الاختصاص [به] متصرِّفًا له في الوِكالة عنه. 330 - عبدُ الله (¬1) بن أبي بكر بن عبد الأعلى بن محمد بن أيّوبَ المَعافِريُّ، بَلَنْسِيٌّ شبارتيُّ الأصل، سكَنَ شاطِبة، أبو محمد. تَلا بالسّبع على أبي الأصبَغ ابن المُرابِط وأبي الحَسَن بن هُذَيْل، وأبوَيْ عبد الله: ابن سَعيد وابن الفَرَس، ورَوى عنهم، وعن أبي الحَسَن ابن النِّعمة، وأبي عبد الله بن يوسُفَ بن سَعادةَ. وكان مُقرِئًا [51 ب] مجوِّدًا ضابطًا ماهرًا خَيِّرًا صالحًا، تصَدَّر للإقراءِ بشاطِبة. وتوفِّي سنةَ ستّين، وقيل: سنةَ إحدى وستينَ وخمس مئة. 331 - عبدُ الله (¬2) بن أبي دُلَيْم، سكَنَ بَلَنْسِيَةَ، أبو محمد. رَوى بطَرْطُوشةَ عن أبي القاسم خَلَف بن هانئ العُمَريّ سنةَ خمسٍ وأربع مئة، وابنُ هانئ حينَئذٍ ابنُ تسع (¬3) وسبعينَ عامًا. رَوى عنه أبو داودَ سنةَ ستٍّ وثمانينَ وهُو ابنُ ثمانينَ عامًا. 332 - عبدُ الله (¬4) بن أبي عبد الله اللَّنْتيّ (¬5) -بالنّون والتاءِ المُثَنّاة- أبو محمد. رَوى عن أبي عليٍّ الصَّدَفي، وتوفِّي بالمَرِيّة سنةَ خمسَ عشْرةَ وخمس مئة أو نحوَها. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2095). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1999). (¬3) هكذا في الأصل وكتب الناسخ فوقها: "بخطه"، وصوابها: تسعة. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2042)، والمعجم في أصحاب الصدفي (187). (¬5) نسبة إلى فخذ من البربر، وما تزال هذه النسبة مسموعة في غمارة.

333 - عبد الله بن أبي القاسم الحجري، شاطبي

333 - عبدُ الله (¬1) بنُ أبي القاسم الحَجْريُّ، شاطِبيٌّ. رَوى عنهُ أبو عبد الله بنُ عبد الرّحمن المِكْناسيّ. وكان مُقرِئًا مُكْتِبًا فاضلًا، أقرَأَ القرآنَ وأَمَّ في صلاة الفريضة. 334 - عبدُ الله بن أبي مَرْوانَ الخَوْلانيُّ، أبو بكر، ابن الدّب. رَوى عن أبي العبّاس بن محمد بن مِقْدام، وكان نَحْوّيًا متحقِّقَا بالعربيّة. 335 - عبدُ الله (¬2) بن إدريسَ بن محمد بن عليّ بن الحَسَن القُضَاعيُّ، أبو الحَسَن (¬3). رَوى بقُرطُبةَ عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال، وبقَصْر عبد الكريم عن أبي محمد ابن فَلِيج. وكان وَجيهًا نَبيهَ القَدْر بصيرًا بالحسابِ صَدوقًا، ذا ضَبْطٍ وتقييد. توفِّي سنةَ سبع وست مئة. 336 - عبدُ الله بن إسماعيلَ بن صَفْوانَ الكِنَانيُّ، إشبِيليٌّ. 337 - عبدُ الله (¬4) بن إسماعيلَ بن فَرَج بن عبد الله الأَمَوي -بهمزة مفتوحة- مَوْلى إبراهيمَ بن جعفرِ بن عبد الله ابنِ الزُّهْري، سَرَقُسْطيٌّ سكَنَ قُرْطُبة، أبو محمد، ابنُ العَطّار. رَوى عن أبي أحمدَ جعفرِ بن أحمدَ بنِ رِزْق، وأبي إسحاقَ بن ثبات، وآباءِ بكر: ابن طاهِر المُحدِّث وابن العَرَبي وابن فَنْدِلة وابن فُورْتِش وابن مُدِير وابن المُرْخي، وأبَويْ جعفر: البِطْرَوْجيِّ وابن المُرْخي، وآباءِ الحَسَن: شُرَيْح وعبد الجليل وابن مَوْهَب ويونُسَ بن مُغيث، وآباءِ عبد الله: ابن زُغيْبةَ وابن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2027). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2146) وعنه الذهبي في المستملح (473). (¬3) هكذا في الأصل، وفي التكملة: يكنى أبا محمد ويُعرف بابن شُقَّ الليل. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2120).

الحاجِّ وابن أبي الخِصَال وابن مَعْمَر وابن المُناصِف وابن نَجاح وحفيدِ مَكّي، وأبوَي القاسم: ابن بَقِيّ ابن بَشْكُوال، وأبَويْ محمد: النَّفْزيِّ الخطيبِ وابن يَربُوع، وأبوَيْ مَرْوانَ: ابن قُزْمان وابن مسَرّةَ، وأبي الوليد بن طَرِيف. وكان شديدَ العناية بلقاءِ الشّيوخ والرّواية عنهم، وكتَبَ الكثيرَ وعُنِي بالضَّبطِ والتقييد وتصحيح كُتبِه، ولم يكنْ بالكامل الإتقان، فكثيرًا ما يوجَدُ الخَلَلُ في كُتبِه التي بخطِّه وعانَى تصحيحَها ومقابلتَها وقراءتَها على [52 أ] شيوخِه، وأرى ذلك عن غَفْلة فيه، واللهُ أعلم. وقد وقَفْتُ على نُسخة بخطِّه من "الصِّلة" تأليفَ الرّاوِية أبي القاسم ابن بَشْكُوال وعلى أوّل جُزءٍ منها بخطِّ أبي القاسم ابن بَشْكُوال ما نصُّه: سألَني صاحبُنا الفقيهُ الزّكيّ المُحدِّثُ الكامل أبو محمدٍ عبدُ الله بن إسماعيلَ بن فَرَج -توَلَّى اللهُ تعالى كرامتَه، وضاعَفَ جلالتَه- مُناوَلةَ كتابِ "الصِّلة"، فأجَبْتُه إلى ما سأل على وَجْه الطاعةِ له بعدَ أن أشفَقْتُ ممّا رُسِم أن يتَعاطَى مثلي معَ مثلِه منزلةَ الأشياخ، لكنّ بعضَ الشُّيوخ كان يقول: موافقةُ الإخوان خيرٌ من الإبقاءِ على النفْس، فأحضَرْتُ الكتابَ المذكورَ وناوَلتُه إيّاهُ امتثالًا لأَمرِه، واللهُ يَصُونُ قَدْرَه ويُجمِلُ ذكْرَه. وتاريخُ هذا المكتوبِ صَدْرَ صَفَرِ أربع وثلاثينَ وخمس مئة. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: كنتُ أستجيدُ التعبيرَ عن هذا المقصدِ بمثل هذه العبارة، وأُبعدُ كثيرًا أن يَصدُرَ مثلُه عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال رحمه اللهُ حتّى وقَفْتُ على نُسخة من "شُيوخ الرَّاوِية أبي عَمْرو السَّفاقُسِيّ" وذكَرَ بعضَ ما أخَذ عنهم، كتَبَ بها إلى القاضي أبي عُمرَ أحمدَ بن محمد ابن الحَذاء، وذكَرَ في صَدْرِها سؤالَه إيّاه ذلك، وقال: فأجَبْتُه بعدَما أشفَقْتُ منه إلى ما رُسِم، وإن كان على مِثلي فيه وَهْنٌ أن يتَعاطَى رُتبةَ الأئمّة ومنزلةَ الأشياخ معَ مثلِه، لكنّي سَمِعتُ بعضَ الشّيوخ يقول: موافقةُ الإخوان خيرٌ من الإبقاءِ على النفْس. فسُرِرتُ بصِدق حَدْسي في ذلك، والحمدُ لله على نِعَمِه التي لا تُحصَى.

338 - عبد الله بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل، إلشي، أبو محمد، ابن مهرة

338 - عبدُ الله (¬1) بنُ إسماعيلَ بن محمد بن إسماعيل، إلْشِيّ، أبو محمد، ابنُ مهرةَ (¬2). رَوى عن أبي جعفر بن أبي جعفرٍ وتَفقَّه به، وأبي الحَسَن بن فَيْد، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ. وكان فقيهًا حافظًا دَربًا بالأحكام بَصيرًا بالمسائل ذا حظّ منَ الأدب ومعرفةٍ بالأخبار، واستُقضيَ ببلدِه. وتوفِّي سنةَ تسع وخمسينَ وخمس مئة، وقيل: سنةَ ستّين. 339 - عبدُ الله بنُ إسماعيلَ الحِمْيَريُّ، أبو محمد. رَوى عن أبي محمد ابن مَوْجُوال. 340 - عبدُ الله (¬3) بنُ الأشعَث بن الوليد بن المُسيَّب بن مُدرِكةَ بن وَهْب بن عبد الله بن الجَرّاح بن هِلالِ بن وُهَيْب بن ضَبّهَ بن الحارِث بن فِهْرِ بن مالكٍ الفِهِرْيُّ القُرَشِيُّ، إشبِيليٌّ. استقضاهُ بها الأميرُ هشامُ بن عبد الرّحمن في صَفَرِ ثلاثٍ وسبعينَ ومئةٍ فاستَمرَّ قضاؤه بها بقيّةَ دولتِه، وألفْاهُ الحَكَمُ بن هشام قاضيًا بها فأقَرَّه، ثم صُرِف في [52 أ] رجبِ اثنينِ وثمانينَ ومئة، وقيل: إنه استأذَنَ للحجّ فأَذِنَ له، وأعاد القضاءَ إلى عُبَيدِ الله بن مالك. 341 - عبدُ الله بن أصبَغَ بن محمد المُرَاديُّ، قُرْطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعَدالة، حيًّا في الاثنتينِ وأربع مئة. 342 - عبدُ الله بن أيّوبَ الأنصاريُّ، قَلْعيٌّ قلعةَ أيّوب، أبو محمد، ابنُ خذوج. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2091). (¬2) في التكملة: "قهرة". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1952).

343 - عبد الله بن باديس بن عبد الله بن باديس اليحصبي، شقري سكن بلنسية، أبو محمد

كان فقيهًا حافظًا وله مصنَّفٌ في الفقه مُفيدٌ أتقَنَه نِعِمّا، وسَمّاه "المُنَوَّطةَ على مذهبِ مالك" في ثمانيةِ مجلَّدات، وكانت قراءتُه ببلدِه، ثم انتَقلَ إلى غَرْناطةَ إلى أن توفِّي بها سنةَ اثنتينِ وستّينَ وخمس مئة وقد قارَبَ المئة. 343 - عبدُ الله (¬1) بن بادِيسَ بن عبد الله بن بادِيسَ اليَحْصُبيُّ، شُقْريٌّ سكَنَ بَلَنْسِيَةَ، أبو محمد. رَوى ببَلَنْسِيَةَ عن أبي عبد الله بن نُوح وتفَقَّه به وتأدَّبَ به في النَّحو، ثم رَحَلَ إلى إشبيلِيَةَ فأخَذَ عن شيوخ أهلِ العلم بها، وأجاز البحرَ إلى مدينةِ فاسَ فأخَذَ بها عن أبي الحَجّاج بن نَمَويٍّ وطبقتِه من أهل العلم بالكلام وأصُول الفقه، وعاد إلى بَلَنْسِيَة، وأجاز له جماعةٌ منهم، و (¬2) أبو بكر ابن الرّمّالية، وأبو جعفر بن شَرَاحيل، وأبو زكريّا الدِّمشْقي نزيلُ غَرْناطة، وأبَوا عبد الله: ابنُ بالِغ وابنُ صاحب الصلاة (¬3) الغَرْناطيّ، وأبو القاسم: ابنُ سَمَجُون وابنُ عبد الواحِد المَلّاحي. رَوى عنه أبو طاهر بن عليّ الشُّقْري، وأبو (¬4) عبد الله ابنُ الأبار وحضَرَ تدريسَه وصَحِبَه. ولم يكنْ له كبيرُ عناية بشأنِ الرّواية، وإنّما كان جانحًا إلى العلوم النّظَريّة متحقِّقًا بها مُشاركًا في غيرها من فقه وغيره، شَكِسَ الخُلُق، مُتصاوِنًا منقبِضًا، وَرِعًا زاهدًا، درَّسَ بجامع بَلَنْسِيَةَ "مُستَصْفَى الغَزّالي" وغيرَ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في الذيل (2160)، والذهبي في المستملح (485)، وتاريخ الإسلام 13/ 705، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (429). (¬2) كتب الناسخ فوق حرف الواو: "بخطه"، يعني: هكذا جاء بخطه، وعنده أن مثل هذا الحرف زائد لأنه لم يُذكر أحد قبله، ولكن قد يكون مراد المصنف: أن جماعة ممن ذكرهم سابقًا قد أجازوا له، ثم ذكر هؤلاء بعد، فضلًا عما فيه من أنه ليس خطأ نسخ، والله أعلم. (¬3) هكذا في الأصل والتكملة التي ينقل منها المؤلف، ولكن الناسخ كتب في الحاشية: "الأحكام" بدلًا من"الصلاة". (¬4) في الأصل: "أبو" من غير واو، ولذلك وضع الناسخ فوقها "كذا" يعني: بخط المؤلف، ولا يستقيم النص من غير الواو، فأضفناها.

344 - عبد الله بن أبي عمرو بكر بن خلف بن محمد بن عبد العزيز بن كوثر الغافقي، كذا وقفت على نسبه في خط أبيه، وجعل ابن الأبار في نسبه سعيدا بدل محمد، وهو وهم والله أعلم، إشبيلي شاربي الأصل، أبو محمد

ذلك، وتنَسَّك بأَخَرةٍ من عُمره وأجهَدَ نفسَه قيامًا وصيامًا إلى أن توفِّي في شعبانِ اثنينِ وعشرينَ وستِّ مئة، وكانت جَنازتُه مشهودة. 344 - عبدُ الله (¬1) بن أبي عَمْرٍو بكرِ بن خَلَف بن محمد بن عبد العزيز بن كَوْثَر الغافِقيُّ، كذا وقَفْتُ على نَسَبِه في خطِّ أبيه، وجعَلَ ابنُ الأبار في نَسَبِه سَعيدًا بدَلَ محمد، وهو وَهْمٌ واللهُ أعلم، إشبِيليٌّ شارِبِيُّ الأصل، أبو محمد. رَوى عن أبيه، وصَحِبَ أبا بكرٍ عبدَ الله بنَ محمد بن زَيْدون. رَوى عنه أبو الوليد سَعْدُ السُّعود بن عُفَير؛ وكان محدِّثًا حافظًا ظاهِريَّ المذهب، دَيِّنًا فاضلًا، شُجاعًا يَحضُرُ الغَزَوات ويُبلي فيها البلاءَ الحَسَن، استُشهدَ نفَعَه اللهُ ضُحى يومٍ رأى في ليلتهِ بعضُ أصحابِه رُؤيا، وهي أنه رَأى [53 أ] فَدّانًا من فَدادينِ شاربةَ قد أنْبَتَ رَيْحانًا لم يَرَ مثلَه قَطّ، فقَصَّها على أبي محمد هذا عَقِبَ صَلاة صُبح تلك اللّيلة، فقال أبو محمد في تأويلِها: شهيدٌ يتَوفَّى بذلك الموضِع عسَى اللهُ أن يجعَلَنيه، فلم يَرُعْهم، وقد أشرَقتِ الشمسُ يومَئذٍ، إلّا العدُوُّ مُغيرًا على شاربةَ، فأسَرَ بضاحيتِها قومًا ألْفاهُم بها على غِرّة، فرَكِبَ أبو محمد وأحدُ أصحابِه عند ذلك تُجاه العدوِّ وحَمَلا عليهم حتّى استنقذا أولئك الأُسارَى، ثُم لم يَزالا في حربٍ منَ الرُّوم حتى تكاثَرَ الأعلاجُ عليهما، فعَزَمَ صاحبُه على الفِرار، فقال له أبو محمدٍ رحمه الله: أين تريدُ يا فلانُ وهذه الجنّة؟ فلم يَلْوِ عليه وصار إلى شارِبةَ، وناشَبَ أبا محمد القتالَ أحدُ أولئك الأعلاج، فتَطاعَنا حتّى تكسَّرت رِماحُهما، ثُم تَضارَبا بالسّيوفِ حتى سَقَطا معًا عن فرسَيْهما إلى الأرض ويدُ كلِّ واحد منهما في شَعَرِ صاحبِه، وأهلُ شاربةَ ناظرونَ إليهما من أعلى سُور شارِبة، ثُم إن العِلجَ استَصرخَ عِلْجًا آخَرَ فقَصَد إليهما وطَعَنَ أبا محمد من خَلْفِه، فاستُشهِدَ رحمه الله في موضعِ ذلك الرَّيحان، وانْكَفَأَ العدوُّ بغيرِ شيء سوى قَتْل أبي محمد، ولم يُقتَلْ من المسلمينَ حينَئذٍ بذلك الموضع سواه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2114)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 188.

345 - عبد الله بن بكر الكلاعي، قرطبي، القملة بالعجمية

345 - عبدُ الله (¬1) بن بكرٍ الكَلَاعيُّ، قُرْطُبيٌّ، القَمْلَة بالعجَميّة. كان شاعرًا مُحسِنًا مطبوعًا، ورَثَى يحيى بنَ يحيى. وذكَرَ ابنُ الفَرَضي في باب "بكر": بكرُ بن عبد الله، ثم قال (¬2): رَوى عنه ابنُه محمد. وقال ابنُ مُفرِّج: محمدُ بن عبد الله بن بكر، في الرُّواة عن ابنِ وَضّاح، فيَحتمِلُ أن يكونَ عبدُ الله في هذه الرسوم واحدًا، فيكون أبا بكرٍ، ومحمدٌ ابنَ بكرٍ عندَ ابن الفَرَضي، وبكرٌ جَدَّ محمد عندَ ابن مُفرِّج، ويَحتمِلُ أن يكون انقَلَبت أسماؤهما، أعني بكرًا وعبدَ الله، ويَحتمِلُ أن يكونا رجُلَيْن آخَريْنِ غيرَ من ذكَرْنا، واللهُ أعلم. وذكَرَه أبو بكر الزّبيديُّ فقال (¬3): ابنُ القملة هو بكرُ بن عبد الله الكَلاعيُّ، كان من ذَوي العلم والأدبِ والمعرِفة بالشِّعر. 346 - عبدُ الله بن البِيبُ -بباءَيْنِ بواحدةٍ أُولاهُما مكسورة وأُخْراهُما مضمومة بينَهما ياءُ مَدّ- بَطَلْيَوسيٌّ فيما أظُنّ، أبو محمد. تَلا بالسّبع على أبي إسحاقَ بن محمد بن مقرةَ، وأبي بكرٍ عَيّاش بن خَلَف، وبرِواية وَرْشٍ عن أبي عبد الله المَغَامِيِّ. تلا عليه أبو عليّ حُسَينُ بن محمد البَطَلْيَوْسي. 347 - عبدُ الله (¬4) بن تَمّام السَّعْديُّ، مالَقيٌّ، أبو محمد. رَوى [53 ب] عن أبي عُمرَ أحمد بن أبي عيسى الإلبِيريِّ مجموعَهُ في الاعتقاد. رَوى عنه القاضي أبو عبد الله بن خَليفةَ؛ وكان صالحًا فاضلًا، وَليَ الصّلاةَ بجامع بلدِه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1954). (¬2) تاريخ علماء الأندلس (286). (¬3) طبقات النحويين (266) وعنه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 463. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2005).

348 - عبد الله بن ثابت بن سعيد بن ثابت بن قاسم بن ثابت بن حزم العوفي، سرقسطي، أبو محمد

348 - عبدُ الله (¬1) بن ثابِت بن سَعيد بن ثابِت بن قاسِم بن ثابِت بن حَزْم العَوْفيُّ، سَرَقُسْطيٌّ، أبو محمد. تَحدَّث بـ"الدّلائل في غريب الحديث" من تأليفِ جَدِّه عن أبيه على تَوالي نَسَبِه إليه ابنًا عن أبٍ. رَوى عنه ابنُه أبو القاسم ثابت، وكان عَرِيقًا في النَّباهة والعلم فقيهًا مُشاوَرًا، شاوَرَه القاضي محمدُ بن عبد الله بن فُورْتش فيما شَهِدَ به على أبي عُمرَ الطَّلَمَنْكيِّ من كوْنِه حَرُوريًّا على خِلاف السُّنة في جماعةٍ معَه كان رأسَهم وصَدْرَهم والمسَمَّى فيهم أوّلَ الجماعة، فأفتَوْا بإسقاطِ شهاداتِ المُتألِّبِينَ على الطَّلَمَنْكيّ. 349 - عبدُ الله (¬2) بن ثابِت بن محمد بن عبد الرّحمن الخَزْرَجيُّ، من وَلَدِ عُبادةَ بن الصّامت رضيَ اللهُ عنه، غَرْناطيٌّ، أبو محمد. وهو والدُ الخطيب الشّهيد أبي الحَسَن بن ثابت الآتي ذكْرُه بمَوْضعِه إن شاء الله (¬3). تَلا على الزّاهد ابن مُخلِص، ورَوى الحديثَ عن أبي عُمر بن عبد البَرّ. رَوى عنه ابنُه أبو الحَسَن، وأبو الوليد بنُ عبد العزيز، وكان مُكْتِبًا مجوّدًا لكتابِ الله تعالى مُتقِنًا لآدابِه فاضلًا صالحًا. 350 - عبدُ الله بن ثابِت العَوْفيُّ، سَرَقُسْطيٌّ، أبو الحَكَم. رَوى عن أبي علي الصَّدَفيّ. 351 - عبدُ الله بنُ جابِر بن أحمدَ بن خَلَف الأنصاريُّ. كان حيًّا سنةَ تسعَ عشْرةَ وخمس مئة. 352 - عبدُ الله بن جابِر الجُهَنيُّ، أبو محمد. رَوى عن أبي محمد عبد الحقِّ بن بُونُه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2006). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3034)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 130. (¬3) اسمه علي، وستأتي ترجمته في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 453).

353 - عبد الله بن الجبير بن عثمان بن عيسى بن الجبير اليحصبي، لوشي، أبو محمد

353 - عبدُ الله (¬1) بن الجِبِّيرِ بن عثمانَ بن عيسى بن الجبِّير اليَحْصُبيُّ، لَوْشيٌّ، أبو محمد. والجِبِّيرُ فيهما بكسرِ الجيم وتشديد الباءِ بواحدةِ وياءِ مَدّ وراء. أخَذَ عن أشياخ غَرْناطةَ بها، وبمالَقةَ عن غانم الأديب، وبقُرطُبةَ عن ابن سِرَاج. رَوى عنه أبو الحَسَن صالحُ بن عبد الملِك الأَوْسيّ؛ وكان عارِفًا بالنَّحوِ، حافظًا للُّغة، حاضرَ الذِّكر للآداب، لَسِنًا خطيبًا، بارعَ النَّظْم والنثر، من بيتِ أدبٍ ونباهة، عُنِي كثيرًا بالعلم وروايتِه، ومال في شَبِيبتهِ إلى الجُنْديّة لشهامةٍ كانت فيه، فارتُسِم حينَئذٍ في عَسْكرِ المأمون ابن المعتمدِ بن عَبّاد، وحَظِيَ عندَ المأمونِ لجلالهِ وشَرَفِ خِلالِه، وكان بعدُ نَقِيَّ الشَّيبةِ جميلَ الشارة نظيفَ الملابس. توفِّي بلَوْشةَ سنةَ ثمانِ عشْرَة وخمس مئة. 354 - عبدُ الله بن جعفرِ بن يوسُفَ بن أحمدَ بن محمدٍ القَيْسيُّ. أخو أبي عُمَر يوسُف، ابنُ الباجِي. كان من بيتِ [54 أ] علم وجَلالة، وُلد ليلةَ الخميس لخمسِ ساعاتٍ وخمسةِ أسداسِ ساعةِ أُولى غُرَرِ ذي حِجّةِ سبعَ عشْرةَ وأربع مئة. 355 - عبدُ الله بن حامِد بن محمد بن حامِد القَيْسيُّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ تسع وثلاثينَ وأربع مئة. 356 - عبدُ الله (¬2) بن حامِد بن يحيى بن سُليمانَ بن أبي حامدٍ المَعافِريُّ، مُرْسِيٌّ، أبو محمد. ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (937) وهو فيه: "عبد الله بن عثمان بن الجبير" مقلوب، وابن الأبار في التكملة (2046)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 141، وابن الخطيب في الإحاطة 3/ 385، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 35. (¬2) ترجمه التجيبي في زاد المسافر (356)، وابن الأبار في التكملة (2158)، وابن سعيد في المغرب 2/ 256، والذهبي في المستملح (483)، وتاريخ الإسلام 13/ 668.

357 - عبد الله بن حبيب

رَوى عن أبي عبد الله بن حَمِيد، وأبي القاسم بن حُبَيْش، وأبي محمد بن حَوْطِ الله، وتعَلَّم العربيّةَ عندَ أبي الحَسَن بن الشَّرِيك، وصَحِبَ أبا بحرٍ صَفْوانَ بنَ إدريسَ وغيرَه من الأدباء. وكان كاتبًا بليغًا مُشارِكًا في قَرْض الشِّعر، من رجالاتِ بلدِه وجاهةً وجَلالة، وإليه كانت رِياستُه. توفِّي بعدَ صَدَرِه عن إشبيلِيَةَ آخرَ سنةِ إحدى وعشرينَ وست مئة. 357 - عبدُ الله بن حَبِيب. رَوى عن أبي عبد الله بن أحمدَ بن منظور. 358 - عبدُ الله بن حَرِيز القَيْسيُّ، أبو محمد. رَوى عن أبي القاسم أحمد بن محمد بن بَقِيّ. 359 - عبدُ الله بن حِزْب الله بن عبد الصَّمد بن أحمدَ بن مالكِ بن بلالٍ الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو بكرٍ وأَبو محمد. رَوى عن أبوَي الحَسَن: جَدِّه للأُمِّ ابن خِيَرةَ ومحمدِ بن أحمدَ بن سَلمون، وأبي الرَّبيع بن سالم. وأجاز له أبو بكر بن مُحْرِز وأبَوا الحَسَن: سَهْلُ بنُ مالك وابنُ حَريق، وأبو الحُسَين يحيى بنُ عبد الله بن محمد بن أبي بكرٍ الأنصاريُّ، وأبو العبّاس العَزَفيّ وابنُ فَرْتُون، وأبو عثمانَ سعيدُ بن عليّ بن زاهِر، وأبو عيسى بنُ أبي السَّدَاد، وأبَوا محمد: ابنُ الخَطيب البِجَائيُّ وعبدُ الحقِّ الزُّهْري. 360 - عبدُ الله (¬1) بن حِزْب (¬2) بن إبراهيمَ بن محمد بن عبد الملِك بن يحيى ابن إدريسَ الكِلابيُّ، قُرْطُبيُّ. ¬

_ (¬1) ترجمه الزبيدي في طبقاته (287)، وابن الفرضي في تاريخه (682)، وابن الأبار في التكملة (1962)، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 36. (¬2) هكذا في الأصل، وفي تكملة ابن الأبار، وفي طبقات الزبيدي وتاريخ ابن الفرضي: "حرب".

361 - عبد الله بن حسان بن يحيى الأموي، قرطبي، العطار

رَوى عن جماعةِ من أهل العلم وسَمِعَ منهم، وترَدَّدَ عليهم؛ أدَّبَ الولدَ أبا أيّوبَ بنَ [....]، (¬1)، وكان عالمًا باللّغة والعربيّة، راوِيةَ للأشعار، أدَّب بالقرآن ثم بالإعراب. 361 - عبدُ الله (¬2) بن حَسّانَ بن يحيى الأُمَويُّ، قُرْطُبيٌّ، العَطّارُ. رَوى عن أبي عبد الله (¬3) بن أحمدَ بن عُمرَ مؤلِّف "فضائلِ مالك". رَوى عنه ابنُه أبو عبد الله محمد. 362 - عبدُ الله بنُ حَسّان الغافِقيُّ. كذا ذكَرَه ابنُ الزُّبَير منسوبًا إلى جَدِّ أبيه (¬4)، واسمُ أبيه عبدُ الملِك بنُ محمد، وسيأتي بموضعِه إن شاء الله (¬5). 363 - عبدُ الله (¬6) بنُ الحَسَن بن أحمدَ بن يحيى بن عبد الله الأنصاريُّ، مالَقيّ قُرْطُبيُّ الأصل، أبو محمد، ابنُ القُرْطُبيّ. وأبوه الحَسَن انتقَلَ منها إلى مالَقةَ، وكان سَلَفُه بقُرطُبةَ، وهم أهلُ نَباهةُ، يُعرَفونَ [57 ب] ببَني عبد الله. ¬

_ (¬1) فراغ في الأصل. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1970). (¬3) اسمه محمد. (¬4) صلة الصلة 3/الترجمة 209. (¬5) هذا في القسم الذي لم يصل إلينا، وترجمته. (¬6) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة (71)، والمنذري في التكملة 2/الترجمة 1379، وابن الأبار في التكملة (2148)، والرعيني في برنامجه 141، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 220 وهي ترجمة رائقة، والذهبي في المستملح (474)، وتاريخ الإسلام 13/ 314، وسير أعلام النبلاء 22/ 69، وتذكرة الحفاظ 4/ 1396، وابن الخطيب في الإحاطة 3/ 405، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 37، والمقري في نفح الطيب 3/ 227، وابن العماد في الشذرات 5/ 48 وغيرهم.

تَلا بمالَقةَ على أبيه، وأبي زيد السُّهَيْلي، وأبي محمد القاسم بن دَحْمان، ورَوى عنهم، وعن أبي الحَجّاج ابن الشيخ، وأبَويْ عبد الله: ابن الفَخّار وابن نُوح البَلَنْسِي، وأبي العبّاس ابن اليتيم، وأبي كاملٍ تَمّام الخَطيب، وآباءِ محمد: ابن فائز وعبدِ الحقّ بن بُونُه، ورَوى عنه أيضًا بالمُنَكَّب، وعبدِ الوهّاب بن عبد الصمَّد (¬1) الصَّدَفي. وحضَرَ بمالَقةَ مجلسَ أبي إسحاقَ بن قُرْقُول، وتصَدَّرَ للإقراءِ وتدريس العلم ابنَ عشرينَ سنةً أو نحوِها. ثم تَجوَّلَ في بلادِ الأندَلُس للقاءِ المشايخ والأخْذِ عنهم: فأخَذ بإشبيليَةَ عن أبوَيْ بكر: ابن الجَدّ وابن صَافٍ، وأبي جعفر بن مَضَاء، وأبوَي الحَسَن: عبد الرّحمن بن محمد بن مَسْلمةَ ونَجَبةَ، وأبي عبد الله بن زَرْقُون، وأبي القاسم بن عبد الرّزاق، وأبي محمد بن جُمهُور، وبغَرْناطةَ عن أبَويْ جعفر: ابن حَكَم الحَصّار وابن شَرَاحِيل، وأبي عبد الله بن عَرُوس، وأبَويْ محمد: عبد الحقِّ النَّوالِشيّ وعبد المُنعِم ابن الفَرَس، وبمُرْسِيَةَ عن أبي عبد الله بن حَمِيد وأبي القاسم ابن حُبَيْش. ورَحَلَ إلى سَبْتَة فأخَذَ بها عن أبي محمد الحَجْريِّ، وأجازوا له. وأجاز له من الأندَلُسيِّينَ: آباءُ بكر: ابنُ أحمد بن مُحْرِز الإشبيليُّ وابنُ حَسْنُون وابنُ خَيْر ويحيى الأَرْكَشِيّ، وأسلوا الحَسَن: ابنُ النِّعمة وابنُ هُذَيْل، وأبو خالد يزيدُ بن رِفَاعة، واصلوا عبد الله: ابنُ حَفْص وابنُ العبّاس يحيى المُجْرِيطي، وأبو عليّ البَكْريُّ، وأبو عليّ الحَسَن بن عبد الله السَّعدي، وأبو القاسم ابنُ بَشْكُوال، والشَّرّاط، وأبو محمد بن يَزيدَ السَّعدي، وأبو مَرْوانَ بن قُزْمان. ومن أهل المشرِق جماعةٌ وافرةٌ باستدعاءِ أبي عبد الله بن إبراهيمَ بن حَرِيرةَ وغيره، منهم: أحمدُ بن عبد الله بن الحُسَين بن حَديد الكِنَاني أبو طالب، وأبو بكر -وهُو اسمُه- ابن حَرْز الله بن حَجَّاج التُّونُسيُّ القَفْصيّ، وأبو رَوْح بن أبي بكرٍ ¬

_ (¬1) في التكملة: "عبد الوهاب بن محمد الصدفي"، نسبه إلى جده، فهو: عبد الوهاب بن عبد الصمد ابن محمد بن غياث الصدفي، كما في ترجمته في التكملة الأبارية (2510).

الدَّوْلَعي، وبرَكاتٌ الخُشُوعيُّ أبو الطاهر، وحَسَنُ بن إسماعيلَ بن الحَسَن، والحُسَين بن عبد السّلام بن عَتِيق بن محمد بن محمد، وزاهِرُ بن رُسْتُم بن أبي الرَّجاءِ بن محمد الأصبَهانيّ أبو شُجاع، وعبدُ الله بن عبد الرحمن بن موسى التَّميميُّ وابنُ عبد الجَبّار بن عبد الله العُثْمانيُّ أبَوا محمد، وأعبُدُ الرّحمن: ابنُ عبد الله عَتِيق أحمدَ بن بَاقَا البغدادي وابنُ عبد المجِيد بن إسماعيلَ بن عُثمانَ بن يوسُف بن الحُسَين بن حَفْص ابنُ الصَّفْراوي، وابنُ مُقرَّب بن عبد الكريم أبي القاسم بن أبي الحَسَن بن أبي محمد التُّجِيبيُّ وابن مَكِّي بن حَمْزةَ بن مُوَقَّى [58 أ] ابن عليّ الأنصاريُّ السَّعْديُّ، وعبدُ الصّمد بن محمد بن أبي الفَضْل بن عبد الواحِد بن عليّ الأنصاريُّ الحَرَسْتانيُّ آباءُ القاسم، وعبدُ الرحيم بن النَّفِيس ابن هِبَة الله بن وَهْبانَ بن رُوميِّ بن سَلْمانَ بن صَالح بن محمد بن وَهْبانَ السُّلَميُّ، وعبدُ الكريم بن أبي بكرِ عَتِيق بن عبد الملِك الرَّبَعيُّ أبوا محمد، وعبدُ المجيد بن محمد بن محمد بن الحُسَين بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ، وعبدُ المُحسِن بن عليّ أبو عبد الرحمن، وعليُّ بن المُفَضَّل بن عليّ أبو الحَسَن، وعمرُ بن حَسَن أبو الخَطّاب ابنُ الجُمَيِّل، وعيسى بن عبد العزيز بن عبد الوحِد بن سُلَيمان أبو الأَصبَغ، والمحمَّدونَ: ابنُ إسماعيلَ بن عليّ بن أبي الصَّيْف وابنا عَبْدَي الرحمن: ابنِ عبد الله بن حَسّان القَيْسي (¬1) ابنُ أبي زيد الحَضْرَمي وابنِ محمد بن الحَسَن الكِرْكنتي وابن عُلْوانَ التَّكريتيُّ وابنِ يوسُفَ بن عليّ الغَزْنَويُّ أبو الفَضْل وموسى بن عليّ بن فَيّاض أبو عِمران، ونَصْرُ بن أبي الفَرَج بن عليّ الحُصْريُّ أبو الفُتُوح، وهِبةُ الله بن عليّ بن ثابِت الأنصاريُّ البُوصِيريّ، ويحيى بن ياقُوتِ مملوكُ العَتَبة الشَّريفة، ويونُس بن يحيى بن أبي الحَسَن الهاشِميُّ أبو محمد، والحُرّةُ تاجُ النّساء بنتُ رُسْتُم أُختُ زاهِرٍ المذكور، وكتَبَ عنها أخوها زاهرٌ بإذْنِها، في آخَرِين. ¬

_ (¬1) غير واضحة في الأصل، واستفدناه من ترجمته في التكملة المنذرية 3/الترجمة 2188، وتاريخ الإسلام 13/ 803.

رَوى عنه أبو أحمدَ جعفرُ بن زَعْرور، وأبو إسحاقَ ابن القَصِير، وأبَوا بكر: عَتِيقُ بن أحمدَ بن مُجبر ومحمدُ بن عبد النُّور، وأبو التُّقى صالحُ بن عليّ بن عبد الرحمن بن إبراهيم، وأبَوا جعفر: الجَيّار وابنُ علي بن غالب، وابنُ محمد بن أبي بكرٍ الكِنَاني، وابنُ يحيى، وأبو الحَجّاج المَرْفَلِّي، وأبو زيد الخَزْرَجيُّ القُمَارِشيّ، وأبَوا عبد الله: ابنُ عَسْكر وابنُ سَعيد الطّرَّاز، وأبو عليّ بن هاشم، وأبَوا عَمْرٍو: سالمُ بن صالح بن سالم ومَيْمونُ بن عبد الحقّ بن خَبّازةَ (¬1)، وآباءُ محمد: ابنُ أحمدَ بن عَطِيّةَ وابنُ محمد الباهِليّ وابنُ موسى الركيبي؛ وحدَّث عنه بالإجازة جماعة منهم أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان. وكان في وقتِه ببلدِه كاملَ المعارِف صَدْرًا في المُقرِئين المُجوِّدين رئيسَ المحدِّثينَ وإمامَهم، واسعَ المعرِفة مُكثِرًا ثقةً عَدْلًا أمينًا، مَكِينَ الدِّرايةِ رائقَ الخَطّ، وَرِثَه عن أبيه وأورَثَه بَنِيه، نبيلَ التقييد والضَّبط، ناقدًا ذاكِرًا أسماءَ رجالِ الحديث وطَبَقاتِهم وتواريخَهم وما حُلُوا به من جَرْح وتعديل، وهذا الفنُّ من فنون العلم كان أغلَبَ عليه وشُهِرَ به، فلم يكنْ أحدٌ يُدانيه في ذلك [58 ب] إلا آحادٌ من أهل عَصْرِه؛ عزيزَ النَّظير متيقِّظًا متوقِّدَ الذِّهن، كريمَ الخِلال حميدَ العِشرةِ دَمِثًا مُتواضِعًا حسَنَ الخُلُق محبَّبًا إلى الناس، نَزِهَ النفْس جميلَ الهيئةِ وَقُورًا مُعظَّمًا عندَ العامّة والخاصّة، دَيِّنًا زاهدًا وَرِعًا فاضلًا، نَحْويًّا ماهرًا، رِّيانَ من الأدب، قائلًا الجيِّدَ من الشِّعر مُقصَّدًا ومُقَطَّعًا. وقد جَمَعَ ابنُه الأستاذ أبو بكر أحمدُ المَدْعوُّ حُمَيدًا تأليفًا حَسَنًا في أخبارِه، وكان له بجامع مالَقةَ الأعظم مجلسٌ عامٌّ سوى مجلس تدريسِه يتكلَّمُ فيه على الحديثِ إسنادًا ومَتْنًا بطريقةٍ أعجَزَ عنها الكثيرَ من أكابرِ أهل زمانِه، وتصَدَّر للإقراءِ ابنَ عشرينَ سنةً أو نحوِها، وخَطَبَ بجامع مالَقةَ مُدّة ثُم أُخِّر عن الخُطبة وانقَطعَ إلى التدريس ونَشْر العلم وإفادتِه. وكان أبو محمد بنُ حَوْطِ الله يقول: المحدِّثون بالأندَلُس ثلاثة: أبو محمد ¬

_ (¬1) الضبط من الأصل.

ابنُ القُرْطُبي وأبو الرَّبيع بنُ سالم، ويَسكُتُ عن الثالث فيَرَوْنَه يعني نفْسَه، قال أبو عبد الله ابنُ الأبار: ولم يكنْ أبو القاسم المَلّاحيُّ بدونِهم. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: أبو القاسم المَلّاحيُّ وإن كان من مشاهير المحدِّثين وجِلّة الحُفّاظِ المؤرِّخين، فإنه ينحَطُّ مهاويَ كثيرةً عن مَرْقَى هؤلاءِ العِلْيَة رحمهم الله، ولا يُدانيهم في تفنُّنِهم وجَلالةِ مَعارِفِهم، ومن تصفَّحَ أحوالَهم وتأمَّلَ آثارَهم تبيَّنَ له ما ذكَرْتُه، ويكفي من شواهدِ ذلك ما سيأتي في رَسْم المَلّاحيِّ من عملِه في "كتابِ أربعينَ حديثًا" من جَمْعه إن شاء الله. وعلى الجُملة، فكان أبو محمد ابنُ القُرْطُبيِّ من كُبَّرِ مفاخرِ زمانِه، قُرئَ عليه يومًا بابُ الابتداء بالكَلِم التي يُلفَظُ بها من "إيضاح" الفارسيِّ، وكان أحسَنَ الناسِ قيامًا عليه، فتَكلَّم على المسألةِ الواقعة في ذلك الباب، المتعلِّقة بعلم العَروض، وكان في الحاضِرينَ مَنْ أحكَمَ صناعةَ العَروض فجاذَبَه الكلامَ في المسألة وضايَقَه في المُباحثة، حتّى أحسَّ الأستاذُ من نفْسِه التقصير، إذْ لم يكُنْ له قَبْلُ كبيرُ نَظَرٍ في العَروض، فكفَّ عن الخَوْض في تلك المسألة، وهمَّه ذلك وشَغَلَ بالَه واشتَدَّ عليه، وانصرَفَ إلى منزلِه وعَكَفَ سائرَ يومِه على تصفُّح عِلم العَروض حتّى فَهِمَ أغراضَه وحَصّلَ قوانينَه وصنَّفَ فيه مختصَرًا نبيلًا لخَّصَ في صَدْرِه فَرْشَه، وأبدَعَ فيه بنَظْم مثلِه في صدورٍ خمسة، لخمسِ دوائرِ الشِّعر العَرَبي، ينفَكُّ من كلِّ صدرٍ أشطارُ دائرتِه [59 أ] وأعاريضُها، ونَظَمَ لكلِّ شطرٍ أيضًا عَجُزًا تُعرَفُ به أنواعُ ضروبِه، وجاء به الغَدَ مُعجِزًا مَن رآه أو سَمِع به، فبُهِتَ الحاضِرونَ وقضَوا (¬1) العَجبَ منَ اقتدارِه وذكائه ونفوذِ فَهْمِه وسموِّ همّتِه. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: لمّا أجرَيْتُ ذكْرَ هذه الغريبةَ رأيتُ من تمام الإشادة بمطلَع آياتِها، الإفادةَ بإيرادِ أبياتِها، واختصار ما يتَعلَّقُ [بها] (¬2): ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل، ولو قال: "وما قضوا" فهي لا تستعمل إلا منفية. (¬2) زيادة متعينة.

1 - فللطويل: وله عَرُوضٌ واحدةٌ وثلاثةُ أضرُب: سالم، ومقبوض، ومحذوف: فدُمْ دائبًا تُسْني وتُدْني أمانيًا (مقبوضة) طويلَ الأيادي ما تُسَامَى معاليكا (سالم) معاليا (مقبوض) معالِ (محذوف) • مثال قبض فعولن: فدم دَ: أبا، وثلمه: دائبًا، وثرمه: دأبًا، وقبض "مفاعيلن": حذف ياء الأيادي، ومثال العروض المحذوفة الشاذة: أمان، والضرب الشاذ المقصور: معاليكْ. 2 - وللمديد: ولهُ ثلاثُ أعاريضَ وستّةُ أضرُب: ألها أ، وبيتُها: دائبًا تُسْني وتُدْني أمانيا (مجزوءة) ... مديدَ البَذْلِ للعارفاتِ (كالعروض) بَ لها جَـ، وبيتُها: دائبًا تُسْني وتُدْني أمانٍ (محذوفة) ... مديدَ البَذْلِ للعارفاتِ (مقصور) للعارِفِ (محذوف) للعُرْفِ (أبتر) جَـ لها بَ، وبيتُها: دائبًا تُسْني وتُدْني أمانٍ (محذوفة لازمة الخبن) ... مديدَ البَذْلِ للعُرَفِ (كالعروض) للعُرْفِ (أبتر)

• خبن " فاعلن": تُسْنِ، و"فاعلاتن": تدنِ، وكفّه: أمانيا، وفيه المعاقبة: الصدر والعجز والطرفان. 3 - وللبسيط: وله جـ ووَ: ألها بَ، وبيتُها: تُسْني وتُدْني أمانيًّا فدُمْ دامًّا (لازمة الخبن) ... فينا بَسيطَ اللُّهى مأمولَ هاميها (كالعروض) ميها (مقطوع) بَ لها جـ، وبيتُها: تُسْني وتُدْني أمانيًّا فدُمْ (مجزوءة معراة) ... فينا بَسيطَ اللُّهى مأمولَ هامِ (محذوف) مأمولها (كالعروض) مأمولا (مقطوع) جـ لها أ، وبيتُها: تُسْني وتُدْني أمانيًّا دُمْ (مجزوءة مقطوعة) ... فينا بَسيطَ اللُّهى مأمولا (كالعروض) • وينفك المديد على أصله من: دائبًا، والبسيط من تُسني. 4 - وللوافر: وله بَ وجـ: ألها أ، وبيتُها: نَمَا نَبَأٌ أشادَ به رسولٌ (مقطوف) ... بوافرِ نعمةٍ شَمَلَ الجميعا (كالعروض)

بَ لها بَ، وبيتُها: نَمَا نَبَأٌ أشادَ بهِ (مجزوءة) ... بوافرِ نعمةٍ شَمِلا (سالم) شَمْلا (معصوب) • العصب: تسكين باء "نبأ"، والعضب: حذف نون "نما"، والقصم: اجتماعهما، والعقل: تسكين باء "نبأ" ونقل حركة الهمزة إليها -قلت: أحسن من هذا تسهيل همزة نبأ بالحذف- والجمم: اجتماعه مع العضب، والنقص: تسكين باء "نبأ" ونقل همزة "أشاد" إليها، والعقص: اجتماعه مع العضب. 5 - الكامل: وله جَـ ووَ: ألها جَـ، وبيتُها: نَبَأٌ أشادَ به رسُولكمُ نَمَا (تامة) ... فتكامَلَتْ فَرحاتُ نادينا به (كالعروض) نادِيْنَا بِهْ (مقطوع ممنوع) جَـ لها دَ، وبيتُها: نَبَأٌ أشادَ به نَمَا ... فتكامَلَتْ فَرحاتُ نادي (مرفل) فَرحاتُ نادْ (مذال) فرحاتُنا (معرى) فرحاتُ (مقطوع) • ينفك الوافر على أصله من "نما"، والمديد من "نبا"، ومواضع الإضمار [59 ب] والوقص والخزل: العصب والعقل والنقص في الوافر.

6 - وللهَزَج: أوب، وبيتُها: أخي راعي أماديحي (مجزوءة) ... وتهزيجي أُراعيكا (كالعروض) أراعي (محذوف) • حذف ياء "أماديح": قبض، وحذف ياء المتكلم: كف، وحذف همزة "أخي": خرم -أمر من وخيت- واجتماعه مع الكف: خرب، وهو: خيْ رَعْيَ، ومع القبض: شتر، وهو: خيرُ عي. 7 - وللرَّجَز: د وهَ: ألها بَ، وبيتُها: راعي أماديحي ونَلْ نولًا أخي (تامة) ... للراجِزِ المُهْديْ لكُمْ أمداحَهُ (كالعروض) أمداحَهْ (مقطوع) بَ لها أ، وبيتُها: راعي أماديحي ونَلْ (مجزوءة) ... نَوْلًا أخي للراجِزِ (كالعروض) جـ هي الضَّربُ، وبيتُها: راعي أماديحي ونَلْ للراجِزِ (مشطور) دَ هي الضَّربُ، وبيتُها: راعي ونَلْ للراجِزِ (منهوك) • حذف أولى الياءين من "أماديحي": خبن، وحذف الثانية: طي، وحذفهما: خبل.

8 - وللرَّمَل: وله بَ ووَ: ألها جَـ، وبيتُها: عِيْ أماديحي ونَلْ نَوْلًا أخي (محذوفة) ... قد رَمَلْنا نَرتَجي ذاك المَنالا (متمم) ذاك المنالْ (مقصور) ذاك المنا (محذوف) بَ لها جَـ، وبيتُها: عِيْ أماديحي ونِلْنا (مجزوءة) ... قد رَمَلْنا نرتَجي ذاكْ (مسبغ) نرتجي ذا (معرى) نرتجى (كالعروض) واستَدرَكَ الزَّجَّاجُ عَروضًا بيتُها: عِيْ أماديحي ونَلْ (مجزوءة مخرومة) ... قد وصَلْنا نَرتَجي (كالعروض) • حذف ياء "عي": خبن، وحذف ياء "أماديح": كف، وحذفهما: شكل، ومعاقبته كالمديد. انفكاك الهزج على أصله من: أخي وراعي أماديحي ونل نولًا، والرجز من: راعي، والرمل من: عي. 9 - وللسَّريع: دَ ودَ: ألها جَـ، وبيتُها: فاخشَ الرَّدى فِئْ خَفْ أنِبْ قد أنَى (مَطْويّة مكسوفة ممنوعة من الخَبْل) ... واقبِلْ سريعَ الخَيْرِ وائْتي هُداك (مَطْويّ موقوف ممنوعٌ من الخَبْل) وائْتي هدى (كالعروض) وائْتِه (أصْلَم)

ألها أ، وبيتُها: فاخْشَ الرَّدى فِئْ خَفْ أَنِبْ قد أنَى (مخبولة مكسوفة) ... واقبِلْ سريعَ الخَيْر وائْتِ هُدى (كالعروض) جَـ هي الضَّربُ، وبيتُها: فاخْشَ الرَّدى واقبِلْ سريعَ الخَيْرات (مشطور موقوف ممنوع من الطي ملتزمة الردف) دَ هي الضَّربُ، وبيتُها: فاخْشَ الرَّدى واقبِلْ سريعَ الخَيْرِ (مشطور مكسوف ممنوع من الطي) • حذف همزة "فئْ": خبن، ونقل حركة "أَنبْ" إلى فاء "خَفْ": طيّ، واجتماعهما: خبل. • نقصه التنبيه على صيرورة "فِ" أمرًا من الوفاء. 10 - وللمُنسرِح: وله جَـ وجَـ: ألها أ، وللمحدَثينَ فيها ثانٍ، وبيتُها: فِئْ خَفْ أنِبْ قد آنيْتَ فاخْشَ الرَّدى ... ولتَنْسَرِحْ عن آثامكَ الأُوَلِ (لازم الطي ممنوع الخبل) آثامِك الأُولى (مقطوع يلزمه الردف) ب هي الضَّربُ، وبيتُها: ولتَنْسرِحْ عن أثَامِ جـ هي الضَّربُ، وبيتُها: ولتَنْسرِحْ عن إثْمِ

وللمحْدَثين دَ لها بَ، وبيتُها: فِئْ خَفْ أَنِبْ قد أَنَيْتَ (مجزوءة مكشوفة ممنوعة من الطي لازمة الخبن) لتَنْسرِحْ عن أَثَامِ (موقوف ممنوع من الطي يلزمه الخبل) عن إثْم (كالعروض) • نقل حركة همزة "أانيت" إلى دال "قد": خبن في مفعولات، وحذف ألفها: طي فيه، واجتماعهما: خبل، وحال مستفعلن هنا كحاله في السريع، والتزم بعض الناس في الثاني من المحدثة الردف. 11 - وللخفيف: وله جَـ وهَ: ألها بَ، وبيتُها: خَفْ أنِبْ قدَ آنيْتَ فاخْشَ الرَّدى (تامة) ... بالخفيفِ اجزَأْ صاحيًا مِن هواكا (كالعروض) مِن هوى (محذوف) بَ لها أ، وبيتها: [60 أ] خَف أنِبْ قد آنيْتَ فاخْشَ الرَّدى (محذوفة) ... بالخفيفِ اجْزَا صاحيًا مِن هوى جَـ لها بَ، وبيتُها: خَف أنِبْ قدَ آنيْتَ فِئْ (مجزوءة) ... بالخفيفِ اجْزا صاحيا (مجزوء) اجزَ صاحِ (مجزوء مقصور) • فيه المعاقبة. نقل حركة همزة "أنبْ" إلى فاء "خَفْ": خبن، وحذفها: كف، واجتماعهما: شكْل، هذا في فاعلاتن، وحذف ألف "أنيت": خبن مستفعلن،

وحذف خاء "فاخش": كف، واجتماعهما: شكل، ولا طيّ فيه؛ لكون وسطه وتدًا مفروقًا، وحذف واو"هواكا": تشعيث في الضرب الأول. 12 - وللمُضارع: آلها آ، وبيتُها: أنِبْ قد آنيْتَ فاخشَهْ (مجزوءة) ... ولا تضارعْ جَهولا (مجزوء) • يكف جُزْءاه، فكفّ مفاعيلن بحذف ألف "أانيت" وتحقيق همزته، وكف فاعلاتن بحذف ألف "فاخشَ" على حد الإعراب، ويقبض مفاعيلن خاصة -وقد تقدم في البيت- ولم يسمع قبض فاعلاتن، وحقه أن يجوز، ولا خبن فيه؛ لكون ساكنه وسط وتد مفروق، وزحاف مفاعيلن على المراقبة، ويصير بالشتر: نبْ قدَ انيت، وبالخرب: نبْ قد أنيت. 13 - وللمُقتَضَب: آلها آ، وبيتُها: قد آنيْتَ فاخْشَ ردى (مجزوءة مطوية ممنوعة من الخبل) ... فذا العُمْرُ مُقتضَبُ (كالعروض) • خبن مفعولات وقد تقدم في البيت، وطيه بتحقيق همزة "آنيت" وحذف ألفه، كلاهما على المراقبة. 14 - وللمُجتَثِّ: ألها أ، وبيتُها: آنيْتَ فاخْشَ الرَّدى فِئْ (سالم) ... للبِرِّ فالعيشُ مُجتَثّ (كالعروض) • خبن جُزْءَيه: بحذف ألف "أانيت" ولام "الردى"، وكفهما: بحذف خاء "فاخش" وهمزة "فئ"، وأنيت فشا الردى: شكل مستفعلن، وهو عجز: فاخشَ ردى فَ: شكل فاعلاتن، وهو طرفان وزحافه على المراقبة، ولا يصح طي مستفعلن كما لم يصحّ في الخفيف، وشطر السريع: فاخش الردى فئ خف أنب قد

آنيت. والمنسرح من "فئ"، والخفيف من "خف"، والمضارع من "أنب"، والمقتضب من "قد آنيت"، والمجتث "آنيت"، ولم تستعمل الثلاثة الأخيرة إلا مجزوءة. 15 - وللمُتقارِب: بَ ووَ: ألها دَ، وبيتُها: فهَبْ كم ترى نائيًا عن وَصَاتي (تامة) ... تُقارِبْ إلى مُوصِلٍ نُصْحَ ناهي (كالعروض) نُصح ناه (مقصور مردف) نُصحنا (محذوف) نُصحا (أبتر) بَ لها بَ، وبيتُها: فهَبْ كم تَرى نائيًا (مجزوءة محذوفة) ... تُقارِبْ إلى مُوصِل (كالعروض) مُوصى (أبتر) • حذف ميم "كم": قبض، وحذف فاء "فهب": ثلم، وحذفهما: ثرم، ويجتمع مع آالمقصور والمحذوف في القصيدة الواحدة، والمقصورة "وصاة تقارب" فيأتي ساكنان، ولا يكون ذلك في غير هذا الباب، والمحذوف من "وصاة قارب". 16 - وللمُتَدارَك: -وهو محدَثٌ لم يحكِهِ الخليل- وله ألها أ، وبيتُها: كم تَرى نائبًا عن وَصَاتي فهَبْ (تامة) ... ولْتُدارِكْ ألمْ يَأْنِ أنْ تَتَّقي (كالعروض) • [60 ب] حذف لام "ولتدارك": خبن، وحذف همزة "ألم": قطع، وفك أحدهما من الآخر: بين.

ثم ألَّفَ بعدَ ذلك في ذلك الفَنّ مجموعًا على مَنْحَى العَروضيِّينَ أتقَنَ ترتيبَه، وأجاد تهذيبَه. ومن مصنَّفاتِه سوى ما ذُكِر: مجموعٌ نبيل في قراءة نافع و"تلخيصُ أسانيدِ الموطَّإ" من روايةِ يحيى بن يحيى، قال أبو عبد الله ابنُ الأبار (¬1): وهو ممّا دَلّ على سَعةِ حفظِه وحُسن ضَبْطِه، قال: وقد استدرَكتُ عليه مثلَه أو قريبًا منه. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: أسَرَّ ابنُ الأبار في هذا الثناءِ حَسْوًا في ارتغاء، وأظهَرَ زُهدًا في ضمنِه أشدُّ ابتغاء، ولم أقفْ على كتابِ ابن الأبار غيرَ أنّي وجَدتُه يَذكُرُ بعضَ ذلك في مواضعَ من "تكمِلتِه"، وفي أمَلي التفرُّغ لالتقاطِه إن شاء الله، وأرى أنه محَلُّ استدراك ومجالُ اشتراك، فقد وقَفْتُ على ما لم يَذكُراه، وعثَرتُ فيما طالَعْتُ على ما لم يُسطِّراه، والإحاطةُ لله وحدَه. ومنها: مقالةٌ مفيدةٌ في بيتِ [الوافر]: بكَتْ عَيْني وحُقَّ لها بُكاها ... وما يُغْني البكاءُ ولا العويلُ وكان بينَه وبينَ الأستاذِ أبي عليّ الرُّنْدي (¬2) من التنافس ما يكونُ بينَ المتوارِدينَ على صَنْعةٍ واحدة، فكتَبَ أبو علي إجازةً لبعض الآخِذينَ عنه، فلمّا وقَفَ عليها أبو محمد اطّلعَ منها على أوهام في أسانيدِها، فتتبَّعها أبو محمد بالنَّقْد لها وإصلاحِها وتبيينِ الصَّواب فيها، وأودَعَ ذلك كتابًا وسَمَه بـ"المُبدي لخطإِ الرُّنْدي" ظهَرَ فيه شُفوفُه وإدراكُه وتبريزُه في جَوْدة التعقُّب وتحقيقُه وإتقانُه. ومن دلائلِ عناية الله به تبشيرُه إيّاه بالنَّجاةِ من النّار، وذلك فيما حَكَاه تلميذُه الأخصُّ به أبو أحمد جعفرُ بن زَعْرورٍ العامِليّ، وكان خيِّرًا ديِّنًا فاضلًا، قال: بِتُّ ليلةً معَ الأستاذِ أبي محمد في دُوَيْرتِه التي كانت له بجبل فارُّه، وكان اتّخاذُه إيّاها هنالك ليَنفردَ بها لمطالعةِ كُتبِه والنظرِ في أمورِ دِينِه، فنامَ الأستاذُ في ¬

_ (¬1) التكملة (2148). (¬2) سيأتي ذلك أيضًا في ترجمة الرندي في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 780)، وترجمة الرندي في التكملة الأبارية (2636).

ساعة كنتُ فيها يَقْظانَ، فرأيتُه قد استَيْقَظَ من نومِه ضاحكًا مستبشِرًا مَسْرورًا، وهو يشُدُّ يدَه كمَن قَبَضَ على شيءٍ نَفيس، قال أبو أحمد: فسألتُه عما شاهدتُه منه، فقال: كنتُ أرى عَجَبًا، كأنّ الناسَ قد حُشِروا للعَرْض على الله تعالى، وكأنّ رَبَّ العِزّة قد تَجلَّى لهم، فكان يُؤتَى بالمحدِّثينَ للعَرْض على الله تعالى، فكنتُ أرى أبا عبد الله النُّمَيْريَّ رحمه الله يؤتَى به فيوقَفُ بين يدَيْ ربِّه، وأظُنُّه قال: فيُعطَى براءتَه من النار، [61 أ] ثم يُؤتَى بي فأُوقفُ بين يَدَيْ ربِّي فيُعطيني براءتي من النار، فأستَيقظُ وأنا أَشُدُّ عليها يَدِي فَرَحًا بها واغتباطًا، والحمدُ لله. وحدَّثني شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْني رحمه اللهُ قراءةً عليه ونَقلتُه من خطِّه (¬1)، قال: كتَبَ إليّ صاحبُنا الأستاذُ أبو بكرٍ أحمدُ ابنُ الأستاذ أبي محمد ابن القُرْطُبيِّ قال: حدَّثني الأستاذُ أبو زيد الخَزْرَجيُّ (¬2)، قال: دخَلَ علينا يومًا الفقيهُ الحَسِيب أبو الفَضْل بن عِيَاض زائرًا لأبيك بمسجد إقرائه، فتحادَثْنا زمانًا، وكان أبو الفَضْل من أسنانِه غيرَ أن الشَّيبَ قد كان جارَ عليه، وكان الأستاذُ قد تأخَّر شَيْبُه، فقال له الفقيهُ أبو الفَضْل: يا أستاذ، شِبنا وما شِبتُم، قال: فأنشَدَه الأستاذُ مُرتجلًا [الطويل]: وهل نافعي أنْ أخطأَ الشيبُ مَفْرِقي ... وقد شابَ أترابي وشابَ لِدَاتي لئنْ كان خَطْبُ الشَّيبِ يوجَدُ عَيْنُهُ ... بِتِرْبي فمعناه يقومُ بذاتي قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: تَلقَّى لامَ الإيذان بالقَسَم بالفاءِ وَهْمًا، وإنّما حقُّها التلقِّي باللام أو ما يُتَلقَّى به القَسَمُ على الجُملة، وفي التنزيل: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ ... لَيَقُولُنَّ} [لقمان: 25]، {وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ} [الحشر: 12]، في آيٍ كثيرة، ولو عَوَّض الفاءَ بلام أو جعَلَ "إذا" عِوَضَ "لئن" لَسَلِم من هذا النَّقْد، واللهُ أعلم. ¬

_ (¬1) برنامج الرعيني: 87 - 88. (¬2) ترجمة الخزرجي، وهو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن القمارشي، في برنامج الرعيني: 140، والتكملة (2358).

وقرأتُ أيضًا على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ (¬1) رحمه الله: أنبأني الأستاذُ أبو زَيْد المذكورُ فيما أذِنَ لي فيه، قال: أنشَدني الأستاذُ أبو محمد [ابنُ] القُرطُبيِّ لنفسِه في التّجنيس [الطويل]: لعَمْرُكَ ما الدُّنيا وسُرعةُ سَيْرِها ... بسُكّانِها إلّا طريقُ مَجازِ حقيقتُها أن المُقامَ بغيرِها ... ولكنّهم قد أُولعوا بمَجازِ وكان قد وَصَلَ إلى مالَقةَ عصَمَها الله عامَ أحدٍ وثمانينَ وخمس مئة كتابٌ من أهل مِصرَ زَعَموا أنّ أهلَ الهندِ بَعَثوا إليهم به، وفيه [البسيط]: كونوا على حَذَرٍ بَنيَّ وارتقِبوا ... كواكبَ الخمسِ في الميزانِ تقتَرِنُ من بعد عامِ ثمانينَ القِرانُ يُرى ... فلا تَغُرَّنْكُمُ الأشغالُ والمِهَنُ فبعدَها ستَهبُّ الرِّيحُ عاصفةً ... تُبيدُ بعضَ بني الدُّنيا وما سكَنوا تَحَصَّنوا في كهوفٍ في جبالِكُمُ ... شَهْرًا إذا ما أتاكُمْ ذلك الزّمنُ فليس يُنجي الوَرَى منها إذا ظَهَرتْ ... من الهلاكِ حُصونُ الأرضِ والمُدُنُ [61 ب] فإنْ أَعِشْ وشِهدتُ الحالَ كنتُ لكُمْ ... نُوحًا إذِ انتشَأَتْ في عصرِه السُّفنُ وإن أَمُتْ فافعَلوا ما قد أمرَتُكُمُ ... جَهدًا فإنّ جميعَ الخَلْقِ ما فَطِنوا كونوا على حذرٍ عامينِ وانتظِروا ... فإنّها في جميع الأرضِ تُمْتحَنُ إنه صَحَّ عندَنا خبرُ هذا الطُّوفان، واجتماعُ الكواكبِ في الميزان، فدَلّ على خَرابِ جميع البلاد بالجُملة ولا يبقَى على وَجْه الأرض جِدارٌ ولا شجرةٌ قائمةٌ إلّا ذهَبَتْ من شدّةِ الرِّيح، ويكونُ هذا الرِّيحُ من نصف ليلة الاثنينِ إلى نصف يوم الأربعاءِ من اليوم التاسع والعشرينَ من جُمادى الآخِرة سنةَ اثنتينِ وثمانينَ ¬

_ (¬1) برنامج الرعيني: 141.

وخمس مئة، ولا تبقَى مدينةٌ إلا يَعُمُّها الرَّمْل، وقدِ استعَدَّ أهلُ الهند بحَفْر الغِيران في الأرض، ويكونُ معَ الرِّيح الخَسْفُ والزّلازل، وهي ريحٌ سوداءُ لها هبوبٌ عظيم. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: انظُرْ إلى رَكاكةِ هذا القَسَم وما فيه من النثر يَبِنْ لك أنه لا أرَكَّ منه إلا اعتقادُ مضمَّنِه وتأثُّرُ مَن تأثَّرَ له. قال الحاكي: ولمّا أتَتْ هذه الرسالةُ تغيَّر لها قلوبُ كثيرٍ من الناس وظهَرَ ذلك عليهم، حتّى يقالُ: إنه حَفَرَ بعضُهم غِيرانًا في الأرض ليعتصمَ -زَعَمَ- بها من ذلك الهَوْل، فقال الفقيهُ أبو الحَجّاج ابنُ الشّيخ رحمه الله هذه القصيدة [البسيط]: سبحانَ مَنْ يعلَمُ الأشياءَ قاطبةً ... فعندَه يتَساوى السِّرُّ والعَلَنُ هو العليمُ الخبيرُ الحيُّ جلَّ فلا ... يَعْروهُ سَهْوٌ ولا نومٌ ولاوَسَنُ ويعلَمُ الغيبَ لم يُطْلِعْ بَرِيَّتَهُ ... عليه فهْو لدَيْهِ الدهرَ مختزَنُ حتّى النبيُّونَ لا يَدْرونَ مابغَدٍ ... إلّابوَحْي فهُمْ أنْ يَعْلَموا قُمُنُ وهذه حكمةٌ لو لم تكنْ فَسَدَتْ ... أُمورُنا واعتَرانا الضّعفُ والوَهَنُ وأنت يا أيُّها الهِنْديُّ فُهْتَ بما ... يَرُدُّه العقلُ والقرآنُ والسُّننُ أخبرتَ أنْ ستَهُبُّ الرِّيحُ عاصفةً ... تُبيدُ بعضَ بني الدنيا وما سكَنوا تكونُ يومَ كذا من شهرِ عامِ كذا ... كذبتَ، أنت لعَمْرُ الله مُفْتَتَنُ سَمَّيتَ نفْسَك نُوحًا يا جَهولُ فنُحْ ... وليَكثُرِ الهمُّ مما قلتَ والحَزَنُ قلت: القِرانُ وخَلَّيت القُرانَ ولم ... تحفَلْ به ويْكَ هذا الخُسرُ والغُبُنُ جعلتَ للنَّجم تأثيرًا فأنتَ بهِ ... مُصَدِّقٌ ولقولِ الله مُمتهِنُ [62 أ] تركْتَ آخرَ لقمانٍ وقلتَ: إذا الـ ... ــــكواكبُ الخمسُ في الميزانِ تَقترنُ

كان الزَّلازلُ والرِّيحُ الشديدةُ والـ ... ــخَسفُ العظيمُ وكان الهُلْكُ والمِحَنُ منْ أين تعلَمُ ذا يا مُدَّعي الغيبِ في ... شعرٍ رَكيكٍ بجَهْدِ النَّفْسِ يتَّزنُ؟! نطَقْتَ بالكُفرِ فاسكُتْ فُضَّ فُوكَ فما ... تُصغي لِمَا تَدَّعي من باطلِ أُذُنُ تُرى الرسُولُ مضَى لم يَدْرِ ذلك أمْ ... درَى ولم يُخبِرِ الصَّحبَ الذين فَنُوا؟! أمِ الصحابةُ لم تُخْبِرْ بذلكُمُ ... للتابعينَ وكلُّ القوم مؤتمَنُ؟! حاشاهمُ أن يكونوا كاتمينَ لِمَا ... فيه الصلاحُ لنا: قبيحٌ او حسَنُ أو لم يكُنْ ناصحٌ لله بعدَهمُ ... مِنْ ذلك الوقتِ حتى جاء ذا الزمنُ لايعلَمُ الغَيْبَ إلا اللهُ منفرِدًا ... أما النبيُّونَ لولا الوَحْيُ ما فَطِنوا هذا اعتقادي وأهلُ الحقِّ كلُّهمُ ... عليه وهْو السَّبيلُ الرَّحْبُ والسَّنَنُ آمنْتُ بالله ربّي والنبيِّ ... وكذَّبتُ النُّجومَ ومَن بشأنِهنَّ عُنُوا مَنْ كان بالشام منهمْ والعراقِ ومَن ... بالسِّندِ والهندِ أو مَن ضَمَّهُ وطنُ يقول ذلكُمُ ابنُ الشّيخ يوسُفَ واللهُ الموفِّقُ والهادي، له المِنَنُ ولمّا أشاع أبو الحَجّاج هذه القصيدةَ أَنِسَ بها جميعُ الخَلْق، وعَرَفوا أنه الحَقّ. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: في أبيات هذه القصيدة نظَر، منها: "من أين تعلَمُ ذا"، ومنها: "حاشاهُم"، ومنها: "لا يعلَمُ الغيبَ إلا الله" فتأمَّلْها. قال الحاكي: ولمّا أتى ذلك الوقتُ الذي سمَّى الكذّابُ، ووَقَى اللهُ بفضلِه عَبِيدَه ذلك العذاب، قال أبو الحَجّاج أيضًا -قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وسلَكَ في قوافيها ما تَرى-[السريع]: يا أيُّها الناسُ اشكُروا ربَّكمْ ... لم يكُ لا خَسْفٌ ولا ريحُ

وكِذبةُ الِهنديِّ لم تتّفقْ ... وكان ما قد قاله الرِّيحُ تَعْسًا لهُ من كاذبٍ مُفترٍ ... لسانهُ حرَّكه الرِّيحُ وحافِرُ القُوبةِ أُفٍّ لهُ ... إذْ هزَّه ذلكمُ الرِّيحُ صَدَّقَ كذابًا بلا حُجَّةٍ ... أوْلى بها بل قولُه الرِّيحُ الحمدُ لله الذي عندَه الـ ... ــخَيْرُ ومن رحمتِه الرِّيحُ يُرْسِلُها بينَ يدَيْ غَيثهِ ... بُشْرى لنا يا حَبَّذا الرِّيحُ (¬1) [الخفيف]: [54 ب] سهِرَتْ أعيُنٌ ونامت عيونُ ... في أمورٍ تكونُ أو لا تكونُ فاطْرُدِ الهمَّ ما استطعْتَ عن النفْـ ... ــسِ فحِملانُكَ الهمومَ جنونُ إنّ رَبًّا كفاكَ بالأمسِ ما كا ... ن سيكفيك في غدٍ ما يكونُ وُلد أبو محمد قريبَ ظُهرِ يوم الاثنينِ لثمانٍ بقِينَ من ذي قَعْدةِ عام ستةٍ وخمسينَ وخمس مئة، وتوفِّي سَحَرَ ليلةِ السبت أو فجْرَ يومِها، ودُفن إثْر صلاةِ عَصْره لسبعٍ خَلَوْنَ من شهرِ ربيعٍ الآخِر سنةَ إحدى عشْرةَ وست مئةٍ وله أربعُ وخمسونَ سنةً وأربعةُ أشهر ونصفُ شهر. وكان قد جرَتْ بينَه وبينَ أبي عامرٍ محمد بن عليّ بن الحُسَين بن عُبَيدِ الله بن حَسُّونَ أيام ولايته -قيادةً وعملًا- مالَقةَ في أيام الناصِر من بني عبد المؤمن، مُنافرةٌ لإنكارِه على ابن حَسّونَ كثيرًا من أعمالِه، ويقال: إنّ تلك المقاطعةَ كانت سببَ تأخير الأستاذ أبي محمد عن الخُطبة بسَعْي ابن حَسُّونَ عليه في ذلك وتمكُّنِ جاهِه حينَئذٍ، وكانت ولايتُه مالَقةَ نحوَ عشرينَ سنة، واستمرَّت تلك المُنافرةُ ¬

_ (¬1) بعد هذه الأبيات سقط قدر من ترجمة ابن القرطبي، وهو متصل بقضية التنبؤ التي وصلت من الهند، والأبيات التالية من شعر ابن القرطبي وقد تدل على مشاركته في استنكارها. انظرها في تذكرة الحفاظ 4/ 1397.

بينَهما والمقاطعةُ إلى موتِ الأستاذِ أبي محمد متظلِّمًا من ابنَ حَسّون، فمِن عجيبِ الاتّفاق وغريبِ الوِفاق أنه لمّا خرجَ بجَنازةِ الأستاذِ أبي محمد وقد احتَفلَ الناسُ لشهودِها باكينَ متفجِّعين، فاجأها ابنُ حَسُّون داخلًا من بعض متصرَّفاتِه، فنَفَرت منهُ دابّتُه فأكرَهَها حَمْلًا عليها، فزاحَمت به النَّعشَ بقوّتِها، فأخَذَه مقدَّمُ النعشِ في صدرِه فصَرَعَه عن دابّتِه ووقَعَ مَغْشيًّا عليه شَرَّ وقوع من غيرِ أن يَسقُطَ النَّعشُ عن أيدي حامليه، فطال تعجُّبُ الناس من ذلك حتى كان من كلام بعضِهم: لم يدخُل الأستاذُ قبرَه حتّى أخَذ ببعضِ النَّصَف منَ ابن حَسُّون، وعند الله تجتمعُ الخصوم. ورثَى الأستاذَ أبا محمد الأديبُ أبو محمد عبدُ الله بن حَسَن المعروفُ بالبَرْجِي (¬1) بقصيدةٍ مُحسَنة مطلَعُها [الطويل]: غرَبْتَ فسيفُ الدِّين ليس له غَرْبُ ... وغِبتَ فلا شَرْقٌ يضيءُ ولا غَرْبُ لئن أوحَشَتْ تلك المعاهدُ والحِمى ... فأدمُعنا منْ دونِ واكِفها الغَرْبُ وإن ضاق رَبْعُ الأُنسِ والصّبرِ بعدَكُمْ ... فإنَّ فِناءَ الحُزنِ بعدَكُمُ رَحْبُ في هذين البيتَيْن ما في بيتِ الأستاذ: "لئن كان خَطْبُ الشَّيب ... "، البيتَ، وقد تقَدَّم القولُ فيما كان من قَبِيلِه. رجَعْنا إلى الرثاء [الطويل]: وقلتُ وقد ضاقتْ عليَّ مذاهبي ... وقُلِّبَ فوقَ الجَمْرِ مِن وَجْدِهِ القلبُ: [55 أ] إذا لم تَلُحْ شمسًا على أُفُقِ الهُدى ... فلا انهَلَّ وَسْميٌّ ولا انثَنتِ القُضْبُ ومنها [الطويل]: خليليَّ هُبَّا ساعداني بعَبْرَةٍ ... وقُولا لمَن بالرَّيِّ: ويْحَكمُ هُبُّوا ¬

_ (¬1) سيورد ابن عبد الملك ترجمته، انظر رقم (369).

364 - عبد الله بن حسن بن سعيد الأموي، قلعي قلعة إستطلير، أبو محمد

نُبَكِّ العُلا والمجدَ والعلمَ والتُّقَى ... فمَأْتَمُ أحزاني نوائحُهُ الصَّحبُ فقد سُلِبَ الدِّينُ الحنيفيُّ رُوحَهُ ... ففي كلِّ سِرٍّ من نَباهتِه نَهْبُ وقد طُمِسَتْ أنوارُ سُنَّةِ أحمد ... وقد خَلَتِ الدنيا وقد ظَعَنَ الرَّكْبُ مضَى الكوكبُ الوَقَّادُ والمُرهَفُ الذي ... يُصَمِّمُ في نصِّ الحديثِ فما يَنْبو تمنَّى عُلاه النَّيِّرانِ ونورَهُ ... وقالا -بزَعْم- إنه لهما تِرْبُ أأَسْلو وبحرُ العلم غِيضَتْ مياهُهُ ... ومحُيي رسومِ العِلْم يَحجُبُه التُّربُ؟ عزيزٌ على الإسلام أن يُودعً الثَّرى ... مُسَدّدَهُ الأهدى وعالِمُه النَّدْبُ ومنها [الطويل]: بَكَى العالَمُ العُلْويُّ والسَّبعُ حَسرَةً ... أولئك حِزبُ الله ما فوقَهمْ حِزْبُ على القُرطبيِّ الحَبْرِ أُستاذِنا الذي ... على أهلِ هذا العَصْرِ فضَّلَه الربُّ ومنها [الطويل]: فقد كان فيما قد مضَى مِنْ زمانِهِ ... بهِ تَحْسُنُ الدُّنيا ويلتئمُ الشِّعبُ ويجمَعُ سِربَ الأُنسِ رَوْضُ جَنابِهِ ... فقد جفَّ ذاك الرَّوضُ وافتَرقَ السِّربُ فسُحقًا لدُنيا خادعَتْنا بمكْرِها ... إذا عَقَدَتْ سِلمًا فمقصِدُها حَرْبُ ركِبْنا بها السَّهلَ الذَّلولَ فقادَنا ... إلى كلِّ ما في طَيِّه مركَبٌ صَعْبُ ونَغفُلُ عنها والرَّدى يَستفِزُّنا ... كفَى واعظًا بالموتِ لو كان لي لُبُّ 364 - عبدُ الله بن حَسَن بن سَعيد الأمَويّ، قَلْعيٌّ قَلْعةَ إستطلير، أبو محمد. رَوى عن شُرَيْح. 365 - عبدُ الله بن الحَسَن بن عبدِ الله بن يَزيدَ السَّعْدي، قَلْعيٌّ قَلْعةَ يَحصُب، أبو محمد، ابنُ الأديب.

366 - عبد الله بن حسن بن عبد الله، بشكلاري، أبو محمد

وهُو ابنُ عمِّ الأستاذ أبي سُليمانَ داودَ بن يَزيد، ووَهِمَ المَلّاحيُّ في اسم أبيه فسَمّاه عليًّا، ولعلّه كان عندَه ابنَ أبي عليّ فسَقَطَ له حالَ النّقل ما بينَ ابن وعليّ، واللهُ أعلم. وقد ذَكَرَه الحُسَينُ بن هشام بَلَدِيُّهُ فقال فيه: عبدُ الله بن الحَسَن، وكذلك وقَفْتُ عليه في خطِّه نفسِه، وكذلك ثَبَتَ في السامعينَ على أبي جعفرٍ البِطْرَوْجيّ. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطَرَوْجيِّ، وأبي الحَسَن ابن الباذِش، وكان عارفًا بالقراءاتِ متقدِّمًا في الفقه متحقِّقًا بالعربيّة والأدب، يَستظهرُ "كتابَ سِيبوَيْه" كسُورةٍ من القرآن، بذَّ أهلَ وقتِه في ذلك، وكانت لهُ [55 ب] مشارَكةٌ في فنونٍ من العلم غيرَ ما ذكَرْنا. انتَقلَ إلى القُبَّذاق فاستَوطَنَه إلى أن توفِّي فيه سنةَ تسع وخمسين وخمس مئة. 366 - عبدُ الله بن حَسَن بن عبد الله، بُشْكَلارِي، أبو محمد. رَوى عن أبي مَرْوان بن مسَرّة. 367 - عبدُ الله (¬1) بن الحَسَن بن عليّ بن هشام السَّلُوليُّ، غَرْناطيٌّ، أبو العَرَب. رَوى عن أبي سُليمانَ بن يَزيدَ وغيرِه من أهل بلدِه، وكان خيِّرًا زكِيًّا فاضلًا نَبيلًا من بيتِ عِلم وفَضْل ودين. توفِّي حَرِيقًا بدارِه في قريتِه. 368 - عبدُ الله بنُ حَسَن الأشعَريُّ، مالَقيٌّ، أبو محمد، ابنُ أبي الرُّوس. كان أديبًا كاتبًا شاعرًا محُسِنًا. توفِّي في حدود العشرينَ وست مئة. 369 - عبدُ الله (¬2) بن حَسَن، مالَقيّ، أبو محمد البَرْجِي. كان من أُدباءِ مالَقةَ ونُبَهائها، معدودًا في شُعرائها وأذكيائها، وكانت بينَه وبينَ الأديب أبي عَمْرو بن سالم مكاتَباتٌ كثيرةٌ نظمًا ونثرًا، وقد تَقدَّم آنِفَا إيرادُ بعض قصيدتِه في رثاءِ الأستاذِ أبي محمد ابن القُرْطُبيِّ رحمه الله (¬3). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 194. (¬2) ترجمه ابن خميس في أعلام مالقة (77)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 224. (¬3) الترجمه (363).

370 - عبد الله بن حسين بن إبراهيم بن حسين بن عاصم، قرطبي، أبو بكر، ابن القربالي، وهو من ولد عاصم العريان صاحب الأمير عبد الرحمن أبن معاوية

370 - عبدُ الله (¬1) بنُ حُسَين بن إبراهيمَ بن حُسَين بن عاصِم، قُرطُبيّ، أبو بكر، ابنُ القربالي (¬2)، وهُو من وَلَد عاصِم العُرْيان (¬3) صاحبِ الأمير عبد الرحمن أبن معاوية. رَوى عن أبي عليّ البغدادي، وكان من كبارِ أهل العلم، مفيدَ التّصنيف مُعانًا عليه، كمصنَّفِه في الأنواءِ واختصارِه "البيان والتبيين" للجاحظ مبَوَّبًا. وكان من وجوهِ بلدِه وجِلّة رجال السُّلطان المتصرِّفينَ في الأعمالِ النَّبيهة، ووَليَ الشُّرطةَ وَقْتًا، وقتَلتْه خَوارجُ البَرْبر يومَ الاثنينِ لستٍّ أو لسبع خَلَوْنَ من شوّالِ ثلاثٍ وأربع مئة، ووُريَ بعدَ ثلاثٍ من قَتْلِه بمقبُرة أُمِّ سَلَمةَ دون غُسْل ولا كَفَن ولا صلاة، لشُغْل الناس بما دَهَمَهم من تغلُّب البرابِر عليهم وفَتْحِهم قُرطُبةَ وغاراتِهم عليها وسَبْيِهم أهلَها. 371 - عبدُ الله بن الحُسَين بن أبي سعيد. له إجازةٌ من أبي داودَ الهِشَاميّ. 372 - عبدُ الله بن حُسَين بن عبد الله بن عُمرَ بن هارونَ بن موسى، لُرييِّ، وهو أخو محمد. 373 - عبدُ الله بن حَمّاد الجُرَاويُّ، أبو محمد. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجي. 374 - عبدُ الله (¬4) بن حَمْزَة، غَرْناطيٌّ، أبو محمد. رَوى عن أبي الأصبَغ بن سَهْل، رَوى عنه أبو بكرٍ يحيى بنُ محمد بن ريدان، وكان فقيهًا جليلًا، واستُقضي. ¬

_ (¬1) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (565)، والضبي في بغية الملتمس (938)، وابن الأبار في التكملة (1991)، وابن سعيد في المغرب 1/ 101، والذهبي في المستملح (410). (¬2) هكذا في الأصل، وفي التكملة: "الغربالي"، ولعل الصواب: "العُرياني" نسبة إلى "العُريان". (¬3) في التكملة: عاصم بن العريان. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2033).

375 - عبد الله بن حمود بن عبد الله بن مذحج الزبيدي، إشبيلي، سكن قرطبة

375 - عبدُ الله (¬1) بن حَمّود بن عبد الله بن مَذحِج الزُّبيديُّ، إشبِيليٌّ، سكَنَ قُرطُبة. رَوى عن أبي عليّ البغداديِّ واشتُهِر بصُحبتِه، ثُم رحَلَ إلى المشرِق فلزِمَ ببغدادَ أبا سعيدٍ السِّيرافيَّ إلى أن توفِّي، فلزِمَ أبا عليّ الفارِسيَّ ببغدادَ وغيرِها [56 أ] من بلادِ العراق وفارسَ يَتبَعُه حيثُما حَلَّ ويُوافقُه حيثُ جالَ، وكان من جِلّة النُّحاة وأكابرِهم، وشَرَحَ "كتابَ سِيبويه"، وكانت له معرفةٌ بالشِّعر وتقَدُّمٌ في حِفظِ اللغة. وذَكَرَ أبو الفُتُوح الجُرجَانيُّ أنّ أبا عليّ الفارسيَّ غَلَّسَ يومًا لصلاة الصُّبح في المسجد، فقام إليه أبو محمد الزُّبيديُّ من مِزوَدٍ كان لدابّةِ أبي عليّ خارجَ الدار قد باتَ فيه أبو محمد أو أدْلَجَ إليه ليكونَ أوّلَ واردٍ عليه، فارتاعَ منه أبو عليّ وقال له: وْيحَك! من تكون؟ قال: أنا عبدُ الله الأندَلُسي، فقال له: إلى كم تتبَعُني؟! والله إنْ على وَجْه الأرض أنْحَى منكَ. وقرَأَ (¬2) يومًا على أبي عليّ في "نوادِر" الأصمَعيّ: "أكَأْتُ الرجُل": إذا ردَدْتَه عنك، فقال له أبو علي: ألْحِقْ هذه الكلمةَ ببابِ "أَجَأَ"، فلم أجدْ لها نَظيرًا غيرَها، فسارَعَ مَن حولَه إلى كتابها، فقال الزُّبيديُّ: ليس أكَأْتُ من أجَأَ في شيء، قال: وكيف؟ قال: قلت: لأنَّ إسحاقَ بنَ إبراهيم المَوْصِليَّ وقُطْرُبًا النَّحويَّ حَكَيا أنه يقال: كَيَأَ الرجُلُ: إذا جَبُنَ، فخَجِلَ الشّيخُ وقال: إذا كان كذا فليس منهُ، فضَرَبَ كلُّ واحد منهم على ما كتَبَ. وتوفِّي ببغدادَ سنةَ ثِنتينِ وسبعينَ وثلاث مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ياقوت في معجم الأدباء 4/ 1517، والقفطي في إنباه الرواة 2/ 118، وابن الأبار في التكملة (1974)، واليمني في إشادة التعيين (161)، وابن مكتوم في تلخيصه (93)، والصفدي في الوافي 17/ 151، والفيروزآبادي في البلغة (177)، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 41، والمقري في نفح الطيب 2/ 647. (¬2) انظر الخبر في إنباه الرواة 2/ 119.

376 - عبد الله بن حيدرة بن مفوز بن أحمد بن مفوز المعافري، شاطبي، أبو محمد، أخو الحافظ أبي بكر

376 - عبدُ الله (¬1) بن حَيْدرةَ بن مُفوَّز بن أحمدَ بن مُفوَّز المَعافِريُّ، شاطِبيٌّ، أبو محمد، أخو الحافظِ أبي بكر. له إجازةٌ من عمِّه أبي الحَسَن طاهر بن مُفوَّز، وسَمِعَ بدانِيَةَ من أبي داودَ المُقرئ وصَحِبَ بها أبا العبّاس بنَ عيسى، وبقُرطُبةَ من أبي الحَسَن العَبْسي، وناوَلَه أبو عليّ الغَسّاني، وبمُرْسِيَةَ من أبي عليّ الصَّدَفي، وكان من بيتِ عِلم ونَباهةٍ وأصالة. 377 - عبدُ الله (¬2) بنُ خَطّاب بن يوسُفَ بن هلالٍ المارِديُّ، بَطَلْيَوْسيٌّ. أخَذ العربيّةَ والآدابَ عن أبيه خَطّاب، وتصَدَّر لتعليمهما، وكان متحقِّقًا بهما، ثُم نَزَعَ إلى خدمةِ السُّلطان فكتَبَ عن المُظفَّر أبي بكر محمد بن عبد الله بن الأفطَس ثُم عن المعتضِد عَبّاد بن محمد بإشبيلِيَةَ فابنِه المعتمِد. وتوفِّي قبْلَ خَلْعِه، وكان خَلْعُه في رجب أربع وثمانينَ وأربع مئة. 378 - عبدُ الله (¬3) بن خَلف بن بَقِيّ القيْسيُّ، أُبَّذِيٌّ أو بَيَّاسِي، وجعَله ابنُ الأبار بيَّاسيًّا، وقال ابنُ الزُّبَير: إنه كان من أهل كُورة جَيّان، أبو محمد الزَّنْقي -بفَتْح الزاي وسكونِ النّون وقافٍ منسوبًا- والمُجاهد. تَلا بالسَّبع في شاطبةَ على الحَسَن بن عبد الرَّحمن ابن الدُّوْش، وبمُرْسِيَةَ على أبى الحُسَين بن أبي زَيْد، ورَوى عنهما وعن أبي بحرٍ الأسَديِّ، ورحَلَ إلى المشرِق وحَجَّ، وتَلا بمكّةَ شرفها الله بالسَّبع [56 ب] على أبي العبّاس الطُّليْطُليّ، وأبي محمد عبدِ الله بن عُمرَ ابن العَرْجاء إمام المَقام، وبالإسكندَريّة على أبي بكر بن عبد الجَليل، ورَوى بها عن أبي عليّ الحَسَن بن خَلَف القَيْروانيّ. ورَوى ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2031)، وفي معجم أصحاب الصدفي (193). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2015). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2071)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 155، والذهبي في المستملح (431)، وتاريخ الإسلام 11/ 889، ومعرفة القراء الكبار 1/ 558، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 418، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 105.

379 - عبد الله بن خلف بن الحسن الأموي، قرطبي

بالمشرِق على أبوَي الحَسَن: شُجاع بن مَنُوجِهْر بن فُولاذ سُنُون بن عليّ بن نوكِرْدَ اليَزِيديِّ وابنِ مبارَك، وأبي القاسم عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ عَتِيق بن خَلَف القُرَشيِّ الصِّقِلِّي ابن الفَحّام، وأراه أخَذَ عنه بالمَهْديّة، أخَذ عن كلِّ من سُمِّي قراءةً وسَماعًا، وأجازوا له. وأجازَ له أبو القاسم بنُ عبد الباقي بن محمد البغداديُّ المعروفُ بابن الغبار وأبي الغبار. وقَفَلَ إلى بلدِه. تَلا عليه أبو بكر بنُ حَسْنون، وأبوه أبو الحَسَن، وأبو محمد الأسَديُّ الجَيّاني. ورَوى عنه أبو إسحاقَ بن طَلْحة. ورَوى عنه بالإجازة: المحمَّدون: أبو عبد الله وأبو الحَسَن وأبو بكرٍ بنو صاحب الأحكام. وكان مُقرِئًا زاهدًا مجُاهدًا، تصَدَّر للإقراءِ ببلدِه، ولم يكنْ بالكامل التيَقُّظِ في ضَبْط الأسانيد، ولذلك يُلفَى الخَلَلُ في بعضِ ما يَصدُرُ عنه من ذلك، واللهُ أعلم. توفِّي بعدَ الأربعينَ وخمس مئة وقد نَيَّفَ على السبعينَ، رحمه الله. 379 - عبدُ الله بن خَلَف بن الحَسَن الأمَويُّ، قُرْطُبيٌّ. كان فقيهًا عاقدًا للشّروطِ حسَنَ الإيرادِ لها، جيِّدَ الخَطّ، مِن خِيَارِ أهل العَدالة فيها، حيًّا سنةَ اثنتينِ وأربع مئة. 380 - عبدُ الله بن خَلَف بن داود، بَلَنْسِيّ -بالسِّين الغُفْل- أبو محمد. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ. 381 - عبدُ الله (¬1) بن خَلَف بن سَعيد بن حاتِم العَبْدَريُّ، بَلَنْسِيُّ، الزُّوَاوي. رَوى عن أبي داودَ الِهشَاميّ وصَحِبَه، وكان ضابطًا مُتقِنًا نبيلَ الخَطّ، حيًّا سنةَ خمس وخمس مئة. 382 - عبدُ الله (¬2) بن خَلَف بن محمد بن الحَبِيب بن عبدِ الله بن عَمْرِو بن فَرْقَد القُرَشيُّ، مَوْرُورِيّ، سكَنَ إشبيلِيَةَ، أبو محمد. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2543). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2113)، والذهبي في المستملح (451)، وتاريخ الإسلام 12/ 584.

383 - عبد الله بن خلف الأنصاري

وقد تقَدَّم رَفْعُ نسَبِه في رَسم أبي جعفرٍ ابن أخيه أبي إسحاق. تَلا بالسَّبع على أبي عَمْرٍو موسى بن حَبيب وقرَأَ عليه النَّحوَ والأدبَ واللّغة، وسَمع الحديثَ معَ أخيه أبي إسحاقَ على أبَي الحَسَن بن بَقِيّ، وأبي عبد الله بن حَمْدِينَ، وأبي محمد بن عَتّاب وسائرِ شيوخ أخيه، وقد ذُكِروا في رَسْمِه. وتفَقَّه بأبوَيْ عبد الله: ابن الحاجِّ وابن المُناصِف، وأبي الوليد بن رُشْد، وقرَأَ على [أبي] الحَسَن سُليمانَ بن عبد الله المُهْرِي، وتأدَّب بأبي الوليد مالكٍ العُتْبيِّ [57 أ] وكلُّهم أجازَ له، وأجاز له أبو عبد الله بنُ قُزْمان، وأبو عُمرَ مَيْمونُ بن ياسين، وأبو الوليد بن طَرِيف. رَوى عنه قريبُه أبو القاسم محمدُ بن عامِر بن فَرْقَد، وأبو الحُسَين بن قُزْمان، وكان فقيهًا حافِظًا لفروع المذهبِ المالكيّ نافذًا في استنباطِ الأحكام بصيرًا بالفَتْوى، وكانتِ الدِّرايةُ أغلبَ عليه من الرِّواية، واستُقضيَ بمَوْرُورَ بلدِه فحُمِدتْ سِيرتُه، وعُرف بالزّكاء والعَدالة والصّلابة في الحُكم والصَّدْع بالحق. مولدُه سنةَ ثلاثٍ وتسعينَ وأربع مئة، وتوفّي سنةَ ستٍّ وسبعينَ وخمس مئة. قال أبو القاسم بن فَرْقَد: كان بينَه وبينَ شقيقِه أبي إسحاقَ في المولِد خمسُ سنينَ استَوْفاها بعدَه، وراجع ما ذُكِر في مولدِ أبي إسحاق، فإنّ فيه خلافًا لبعض هذا، واللهُ أعلم. 383 - عبدُ الله بن خَلَف الأنصاريُّ. رَوى عن أبي عثمانَ طاهرِ بن هشام. 384 - عبدُ الله بن خَلَف الجُذَاميُّ، أبو محمد، ابنُ جرباله. 385 - عبدُ الله بن خَلَف اللَّخْميُّ، أبو محمد. رَوى عن شُرَيح، وله رحلةٌ إلى المشرِق حَجَّ فيها. 386 - عبدُ الله بن خَليل بن إسماعيلَ السَّكُونيُّ، لَبْليٌّ، أبو محمد.

387 - عبد الله بن خميس بن مروان الأنصاري، بلنسي، أبو محمد

وقد تَقدَّم رفْعُ نَسَبِه في رَسْم أبيه وغيِره. رَوى عن أبيه وعمِّه أبي محمد عبد الغَفُور وأبي بكرٍ ابن العَرَبي وأبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي الحَكَم عَمْرو بن أحمدَ بن حَجّاج، ولزِمَ صُحبةَ أبي عبد الله بن المُجاهد. وكان زاهدًا فاضلًا صادقَ الوَرَع، كَفَّ عن أكلِ بهيمة الأنعام ألبتّةَ حين نشَأت الفتنةُ على اللَّمْتُونيِّين، وله في ذلك أخبارٌ عجيبة تدُلُّ على صدق وَرَعِه وحُسن حالِه مع الله تعالى، وتوفِّي في أوائل عَشْرِ الثمانينَ وخمس مئة. 387 - عبدُ الله (¬1) بن خَميس بن مَرْوان الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو محمد. كان فقيهًا جليلًا، استَقْضاه بدانِيَةَ وأعمالهِا إقبالُ الدولة عليُّ بن مجاهِد العامري (¬2)، وعَهْدُهُ له بذلك من إنشاءِ أبي محمد بن أبي عُمرَ بن عبد البَرّ، في شوّالِ اثنَيْن وأربعينَ وأربع مئة، ثم صَرَفَه بسِعاية محمد بن مبارَك الصائغ عليه، ووَلّى مكانَه أبا عُمر ابنَ الحذّاء، وأوصَى إليه أبو عَمْرو المُقرئُ بالصلاة عليه عند وفاتِه بدانِيَةَ للنصف من شوّال سنة أربع وأربعينَ وأربع مئة، فأنفَذَ أبو العبّاس وصيّةَ أبيه بذلك، وكان حيًّا سنة ست وسبعينَ وأربع مئة. 388 - عبدُ الله بن رَشِيق (¬3)، قُرطُبيّ [أندَلُسي. أوطَنَ القَيْروانَ سنينَ عدّة، واختَصَّ بأبي عِمرانَ الفاسي وتفَقّه به، وكان أديبًا شاعرًا عفيفًا خيِّرًا، وفي شيخِه أبي عِمرانَ أكثرُ شعرِه، ورَحَلَ حاجًّا فأدَّى الفريضة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2009). (¬2) خلف أباه مجاهدًا العامري في حكم دانية والجزائر وبقي فيها نحو ثلاثين عامًا إلى أن استولى بنو هود على دانية عام 468 هـ وقد قال فيه عبد الواحد المراكشي: "لا أعلم في المتغلبين على جهات الأندلس أصون منه نفسًا، ولا أطهر عرضًا ولا أنقى ساحة كان لا يشرب الخمر ولا يقرب من يشربها وكان مؤثرًا للعلوم الشرعية مكرمًا لأهلها" (المعجب 127). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1995)، وابن فضل الله في مسالك الأبصار 11/ الورقة 359، والصفدي في الوافي 17/ 165، والمقري في نفح الطيب 2/ 647.

وتوفِّي في انصرافِه بمِصرَ سنةَ تسعَ عشْرةَ وأربع مئة. ذكَرَه أبو عليّ الحَسَنُ ابن رَشِيق القَيْرَوانيُّ في كتابِ "الأُنْموذَج" من تأليفِه بأكثرَ من هذا، وأنشَدَ له [مجزوء الخفيف]: خيرُ أعمالِكَ الرّضا ... بالمقاديرِ والقَضَا بينَما المرءُ ناطقٌ ... قيلَ: قد مات فانقضَى وأنشَدَ له أيضًا [الطويل]: سأقطَعُ حَبْلي من حِبالِك جاهدًا ... وأهجُرُ هَجْرًا لايَحُزُّ لنا عِرْضا وقد يُعرِضُ الإنسانُ عمَّن يوَدُّهُ ... ويلقَى ببِشرٍ مَن يُسِرُّ له البُغْضا قال: وأراد الحجَّ فنالَه وجعٌ فماتَ بمِصرَ سنة تسع عشْرةَ وأربع مئةٍ بعدَ اشتهارِه فيها بالعلم والجلالة، وقد بَلَغَ عُمرُه نحوًا من الأربعينَ سنة] (¬1). ¬

_ (¬1) قلنا: وقد سقطت سائر التراجم بين عبد الله بن رشيق وعبد الله بن محمد بن الخلف، ونقل السيوطي مما يقع في هذا الموطن الترجمات الآتية: - عبد الله بن سليمان بن داود بن حوط الله الحارثي الأندي: بضم الهمزة وسكون النون والدال المهملة، وحوط الله: بفتح الحاء وسكون الواو [قال ابن عبد الملك]: وذكر شيخنا أبو الحكم أن اسمه حوطلة مصغر حوت مؤنث على لغة شرق الأندلس فإنهم يفتحون أول الكلمة نحو الحوت والعود وينطقون بالتاء طاء ويلحقون آخر المصغر لامًا مشددة مفتوحة في المؤنث مضمومة في المذكر وهاء ساكنة فيقولون في حوتا "حوطله"، [قال ابن عبد الملك]: ويأبى هذا كتابة الأفاضل إياه خلفًا عن سلف. (انظر 2/ 44 من البغية) وله ترجمة مسهبة في التكملة (2150) ولا ريب في أن ابن عبد الملك أطال في ترجمته بما يربو على ما أورده ابن الأبار. - عبد الله بن سيد أمير اللخمي الشلبي أبو محمد: [قال ابن عبد الملك].كان إمامًا في النحو حافظًا للغة ذا حظ صالح من الطب، روى عن ابن الرماك، وعنه يعيش بن القديم. وذكره ابن الزبير فقال: كان نحوَيًا لغوَيًا له مشاركة في الطب. (البغية 2/ 45، وانظر أيضًا التكملة 2126). - عبد الله بن فائد بن عبد الرحمن العكي أبو محمد: هكذا سماه ابن الزبير، وسماه ابن عبد الملك: عبد الله بن عبد الرحمن بن فائز، كان لغويًا نحويًا ماهرًا جليلًا فاضلًا ورعًا، أخذ عن ابن الطراوة وغيره ودرس اللغة العربية والقرآن بمالقة وخطب بجامعها، وكان متفننًا في العلوم، روى عنه ابنه أبو الحسن وابن الفخار ومات في ذي الحجة سنة ستين وخمس مئة (البغية 2/ 54 وانظر التكملة 2593).

389 - [عبد الله بن محمد بن الخلف بن الحسن بن إسماعيل الصدفي، من أهل بلنسية، يعرف بابن علقمة، ويكنى أبا محمد

389 - [عبدُ الله (¬1) بن محمد بن الخلف بن الحَسَن بن إسماعيلَ الصَّدَفيُّ، من أهل بَلَنْسِيَة، يُعرَفُ بابن عَلْقَمةَ، ويُكْنَى أبا محمد. رَوى عن أبيه أبي عبد الله، صاحبِ التاريخ] (¬2) [49 ب] وأبوَيْ محمد: البَطَلْيَوْسيِّ وابن خَيْرون. روى عنه أبو الحَسَن بن فَزَارةَ؛ وكان مُشارِكًا في الفقه أديبًا شاعرًا، وَرِعًا فاضلًا، حسَنَ الخَطّ، كاتبًا بارعًا، خطيبًا بليغًا، أنشَأَ خُطَبًا حِسَانًا في أنواع مختلفة. وتوفِّي في حدود الأربعينَ وخمس مئة. 390 - عبدُ الله (¬3) بن محمد بن خَلَف بن سَعادةَ الأَصْبُحيّ، دانِيٌّ، أبو محمد. رَوى عن أبي بكر بن نُمَارةَ، ولازَمَ ببَلَنْسِيَةَ أبا الحَسَن بن سَعْد الخَيْر، واحتَذَى أوّلَ أمرِه خَطَّه فقارَبَه، ورَوى عن أبي عبد الله بن الصُّمَيْل. ثُم رَحَلَ إلى المشرِق فسَمِعَ بالإسكندَريّة على أبوَي الطاهر: السّلَفي وابن عَوْف، وأبي عبد الله ابن الحَضْرَميِّ، وأبي القاسم عليّ بن مَهْديّ، وبمِصرَ عن أبي القاسم هِبة الله بن عليّ بن سُعود البُوصِيري، وأكثَرَ عنهم. رَوى عنه أبو عبد الله التُّجِيبيُّ، وهو في عِدَاد أصحابِه، وقال: كان معَنا بالإسكندَريّة نازلًا بالمدرسة العادِليّة، وبقراءتِه سَمِعنا "صحيحَ البخاريِّ" على أبي الطاهر بن عَوْف سنةَ ثلاثٍ وسبعينَ وخمس مئة؛ رَوى عنه أبو أحمد جعفرُ بن مَيْمونٍ الشاطِبيُّ، وأبو مَرْوانَ عبدُ الملِك بن محمد ابنُ الكَرْدَبُوس، وأبو القاسم عيسى ابنُ الوجيهِ عبد العزيز وحَمَّلَه الرِّوايةَ عن قوم لم يَرَهُم ولا أدرَكَهم وبعضُهم لا يُعرَف، وذلك من أوهام هذا الشّيخِ عيسى واضطرابِه. وكان مُقرِئًا محدّثًا فاضلًا وَرِعًا، استُشهِدَ في صَدَرِه إلى بلدِه غرَقًا في البحر، نفَعَه الله. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2069)، وتحفة القادم (20)، والصفدي في الوافي 17/ 542. (¬2) سقط أول الترجمة، وما بين الحاصرتين من التكملة. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2108)، والذهبي في المستملح (446)، وتاريخ الإسلام 12/ 510، ومعرفة القراء الكبار 2/ 540، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 448، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 124، والمقري في نفح الطيب 2/ 652.

391 - عبد الله بن محمد بن خلف بن سليمان بن فتحون الأنصاري، أوريولي، أبو محمد

391 - عبدُ الله بن محمد بن خَلَف بن سُليمانَ بن فَتْحُونَ الأنصاريُّ، أُورِيُوليّ، أبو محمد. رَوى عن أبي الحَسَن بن مَعْدانَ، وأبي عليّ الصَّدَفيّ وأبي محمد الرُّشَاطيّ. 392 - عبدُ الله (¬1) بن محمد بن خَلَف بن عبد العزيز الكَلَاعيُّ، إشبِيلي، أبو محمد الحَوْفيُّ. وهُو أخو القاضي أبي القاسم. له رحلةٌ حَجَّ فيها وأخَذ عن أبي الطاهر السّلَفيِّ وغيره، وقَفَلَ إلى بلدِه قبلَ ثلاثِ وخمسينَ وخمس مئة. رَوى عنه أبو بكر ابنُ خَيْر، وهو في عِداد أصحابِه. 393 - عبدُ الله (¬2) بن محمد بن خَلَف بن اليُسْر المُضَرِيُّ القُشَيْريُّ، غَرْناطيٌّ، أبو محمد. تَلا بالسَّبْع على أبي الحَسَن بن أحمدَ بن كَوْثَر، وأبي خالد يزيدَ بن رِفاعةَ. ورَوى عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي زَمَنِين. وأجاز له أبو بكرِ يحيى الأرْكَشِيُّ، وأبو جعفر بن محمد بن يحيى، وأبو الحُسَين عبدُ الرّحمن بن أحمدَ بن رَبيع، وأبَوا عبد الله: ابنُ حَمِيد وابنُ عليّ بن حَفْص، وأبو العطاءِ وَهْبُ بنُ نَذير، وأبَوا محمد: عبدُ الحقِّ بن بُونُه وعبدُ الصّمد بن محمد بن يَعيشَ، ولقِيَ بعضَهم. [50 أ] حدَّثنا عنه ابنُه أبو الحُسَين اليُسْر. وكان مُقرِئًا مُجُوِّدَا فاضلًا شديدَ العناية بلقاءِ الشيوخ، واستَنْفَدَ عمُرَه المبارَكَ في تعليم القرآن. وتوفِّي في نحوِ سبع وعشرينَ وست مئة. 394 - عبدُ الله (¬3) بن محمد بن خِيَرةَ، قُرطُبيٌّ، أبو محمد. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2084). (¬2) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 230. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2053).

395 - عبد الله بن محمد بن زياد بن أحمد بن زياد بن عبد الرحمن بن زياد

رَوى عن أبي محمد عبدِ الرّحمن بن محمد بن شُعَيْب، ورَحَلَ إلى المشرِق وحَجَّ وأخَذَ عن أبي بكرٍ الطَّرْطُوشيِّ بالإسكندَريّة ولازَمَه، ثم قَفَلَ إلى بلدِه. رَوى عنه ابنُه أبو الوليد محمدٌ، وكان من أهل القرآنِ كثيرَ التلاوة له، معروفًا بحُسن الصّوت. وتوفِّي سنةَ سبع وعشرينَ وخمس مئة. 395 - عبدُ الله (¬1) بن محمد بن زِيادِ بن أحمدَ بن زِياد بن عبد الرّحمن بن زياد. رَوى عنه ابنُه زياد (¬2). 396 - عبدُ الله بن محمد بن سَعادةَ، دانِيٌّ، أبو محمد. رَوى عن أبي علي بن عبد الله الأَنْدَرْشِيّ. 397 - عبدُ الله (¬3) بن محمد بن سِرَاج، قُرطُبيٌّ، مَوْلى الأُمَوِّيِّين. وكان أبو الحُسَين سِرَاجُ بن عبد الملِك يَنتفي من مَوليتهم (¬4) رِقًّا وإنعامًا، ويَذكُرُ أنّ جَدَّهم سِرَاجَ بن قُرّةَ الكِلابيَّ الوافدَ على رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -. رَوى عن وَهْب بن مسَرّةَ، وأبي عيسى اللَّيْثي. رَوى عنه أبو القاسم بنُ سِرَاج. 398 - عبدُ الله (¬5) بن محمد بن سَعْدونَ بن مُجيبِ بن سَعْدونَ بن مُؤمن بن حَسّانَ التَّميميُّ، وَشْقيٌّ، سكَنَ بَلَنْسِيَةَ، أبو محمد. نَقلتُ نَسَبَه كذا إلى التَّميميِّ من خطِّ بعض الآخِذينَ عنه المُتقِنينَ في إجازته إيّاه وشهادةِ جماعة من أهل العلم طَلَبتِه وغيرهم ببَلَنْسِيَةَ عليه بها، وأسقَطَ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1972). (¬2) ترجمه ابن بشكوال في الصلة (429). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1982). (¬4) كتب الناسخ فوقها: "بخطه"، وصوابها: مولويتهم. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2067)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 171، والذهبي في المستملح (428)، وتاريخ الإسلام 11/ 708، ومعرفة القراء الكبار 1/ 492، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 420، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 107.

399 - عبد القاهر بن يوسف بن عبد القاهر بن غالب بن عبد القاهر بن يوسف بن حكم، بطليوسي، ابن القلاس

ابنُ الأبار من نَسَبِه مؤمنًا الواقعَ بينَ سَعْدونَ الأعلى وحَسّان، وأسقَطَ هُو وابنُ الزُّبَير محمدًا فجَعلاهُ عبدَ الله بنَ سَعْدون، وقد رأيتُه كذلك في خطِّ بعض أصحابِه الآخِذينَ عنه، وقد أعلمتُك بما وقَفْتُ عليه، وهُو أوْلَى ما يُعتمَد، واللهُ أعلم. تَلا بالسَّبع على أبي جعفرٍ عبدِ الوهّاب بن محمد بن حَكَم، وأبي الحَسَن بن الدُّش، وأبي داودَ بن نَجاح الهِشَامي، وأبي القاسم خَلَف بن أفلح، وأبي المُطَرِّف عبد الرّحمن بن سَعيدٍ الفَهْمي. رَوى عنه أبو داودَ بن حَوْطِ الله، وأبَوا عبد الله: ابنُ أحمد بن فَوْز وابنُ عابد، وأبو العطاءِ وَهْبُ بن نَذير، وأبو عيسى لُبُّ بن سُليمان، وأبو محمد بنُ محمد بن عبد السّلام التُّطِيليّ، وأبو الوليد بنُ بَسّام اللارِديّ، وكان من جِلّة المُقرِئينَ وكبارِ المجوِّدينَ المُعلِّلينَ ومَهَرةِ النَّحْويِّينَ المحقِّقين، مُتْقِنًا لكلِّ ما ذُكِر، عَلَّم به كلِّه بجامع بَلَنْسِيَة. وكان أبو الحَسَن بن هُذَيْل يُنكرُ أن يكونَ [50 ب] [أخَذَ القراءاتِ عن أبي داود، ويقال: إنه قرَأَ عليه بعضَ خَتْمة، وتوفِّي قبلَ الأربعينَ وخمس مئة] (¬1) ... 399 - عبدُ القاهر (¬2) بن يوسُف بن عبد القاهِر بن غالِب بن عبد القاهِر بن يوسُفَ بن حَكَم، بَطَلْيَوْسي، ابنُ القَلّاس. له إجازةٌ من أبي بكرٍ ابن المُرادي، جَرَى ذكْرُه في رَسْم أبيه. 400 - عبدُ القُدُّوس (¬3) بن عبد الصَّمد بن محمد بن غِيَاث الصَّدَفيُّ، لَوْشِيٌّ، أبو الحَسَن. ¬

_ (¬1) ما بين الحاصرتين أضفناه من التكملة (2067). قلنا: إلى هنا انتهت مخطوطة الإسكوريال. (¬2) من هنا حتى آخر الكتاب تراجم انفردت بها النسخة المغربية (ط)، أضفناها إلى قطعة الإسكوريال، لتوحيد النسخ الثلاث: المغربية (ط) وحليم (ح) والمتحف البريطاني (م) عند تحقيق الجزء التالي. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2604).

401 - عبد القدوس بن عبد القاهر بن محمد بن عيسى بن محمد بن بقي الغافقي، إشبيلي، أبو محمد

رَوى عن أبوَي الحَسَن: محمد ابن الوَزّان ويونُسَ بن مُغِيث، وأبي مَرْوانَ بن مسَرّة. 401 - عبدُ القُدُّوس بنُ عبد القاهِر بن محمد بن عيسى بن محمد بن بَقِيٍّ الغافِقيُّ، إشبِيليٌّ، أبو محمد. رَوى عن أبيه وأبي عليّ ابن الشَّلَوبِين. 402 - عبدُ القُدُّوس بن موسى بن عبد الصَّمد البَكْريُّ. كان عاقدًا للشُّروط جيِّد الإيرادِ لها، حيًّا سنةَ ثمانٍ وعشرينَ وخمس مئة. 403 - عبد القَويِّ بن عبد الوهّاب بن أحمدَ بن عبد القَويّ، أبو عَمْرو. رَوى عن أبيه وأبي الأصبَغ عيسى بن أبي البَحْر. 404 - عبدُ القَويِّ (¬1) بن محمد العَبْدَريُّ، أبو محمد الجِنْجَاليُّ. رَوى ببَلَنْسِيَةَ عن أبي عُمرَ الطَّلَمَنْكي، وله رحلةٌ حَجَّ فيها وأقام بمِصرَ مُستوطِنًا. رَوى عنه بإخميمَ من بلادِ مِصرَ: أبو الحَسَن بنُ أحمد بن حُنَيْن، وقال: سافَرتُ معَه في مركَبٍ واحد من مِصرَ إلى الصَّعِيد وقرأتُ عليه بإخميمَ سنةَ تسع وتسعينَ وأربع مئة. قال: وكان مُعمَّرًا [....] (¬2) في الرِّواية. 405 - عبدُ القَهّار بن مُفرِّج بن هُذَيْل بن محمد. رَوى عنه أبو الحَجّاج بن عليّ بن عبد الرَّزّاق، وكان أديبًا نَحْويًّا لُغَويًّا. 406 - عبدُ الكبير بنُ أحمدَ بن محمد بن ... بن سُفْيان ..... رَوى عن أبي الحَسَن الدّبّاج. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2590)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 60. (¬2) بياض في الأصل.

407 - عبد الكبير بن محمد بن عيسى بن محمد بن بقي الغافقي، إشبيلي [] مرسي الدار والمنشإ، أبو محمد عبد الكبير

407 - عبدُ الكبير (¬1) بنُ محمد بن عيسى بن محمد بن بَقِيٍّ الغافِقيُّ، إشبِيليٌّ [....] مُرْسِيُّ الدارِ والمنشَإ، أبو محمد عبدُ الكبير. رَوى عن أبيه [وأبي العبّاس أحمدَ بن عبد العزيز الأزْدي، وأبي عبد الله بن أحمدَ بن عَنْتَر، وأبي الوليد بن رُشْدٍ] واختَصَّ كثيرًا به، وغيرهم، وتفَقَّه [بأبي بكر بن جَمْرةَ وأبي عبد الله] بن عبد الرّحيم ابن الفَرَس [وأبي عبد الله محمد بن يوسُفَ بن سَعادَة. وأجاز] له أبو الحَسَن بن هُذَيْل. رَوى عنه أبَوا محمد: ابنُ عبد القُدُّوس وابنُ قاسم الحَرّار، وأبو بكر ابنُ سيِّد الناس، وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ شيخُنا، وأبو عليّ عُمرُ بن أحمدَ الزَّبّار، وأبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان. وحدَّث عنه بالإجازة أبو جعفرٍ شيخُنا وأبو عبد الله الطَّنْجَالِيّان. وكان مُعتنيًا بعلوم القرآنِ، سَريعَ الدَّمعة عندَ تلاوته مُحافظًا عليها، مُشارِكًا في الحديث ومعرِفتِه، مُستبحِرًا في الفقه عالِمًا بأصُولِه، متقدِّمًا في عَقْد الشُّروط من أعرَفِ أهل زمانِه وأمهَرِهم فيها يذهَبُ في كَتْبِها إلى الاختصار لقوّة مَلَكةٍ كانت له فيها وتبحُّرِه في الفقه، مُبرِّزًا في العَدالة متعذِّرًا على القُضاة لا يَصلُ إليهم إلّا لضرورةٍ لأداءِ شهادة، مُكبَّرًا عندَهم، ملحوظةً فُتْياهُ منهم [ومأخوذًا بها، عاكفًا] معَ الكَبْرةِ على الدِّراسة والمطالعة، عارفًا بالطّبِّ مستفتًى فيه ناجحَ العلاج. وله مصنَّفاتٌ جليلة، منها: "الجَمْعُ بينَ تفسيرَي الزّمخشَريِّ وابن عَطِيّة" إلى زياداتٍ أشبَعَ بها القولَ في آياتِ الأحكام منه، ومنها: "الجمْعُ بينَ صحيح مسلم وسُننِ أبي داودَ وجامع التِّرمذي"، ومنها: "شَرْحُ الموطَّإ"، إلى ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2596)، والرعيني في برنامجه (12)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 70، والذهبي في المستملح (625)، وتاريخ الإسلام 13/ 509. قلنا: وقد حاولنا إكمال ما في هذا النص من سقط اعتمادًا على برنامج الرعيني. ولا ريب في أن المؤلف أورد لعبد الكبير هذا ترجمة ضافية لأنه شيخ شيخه الرعيني، ولكن سقطت ورقات من النسخة المغربية ضاع بسببها سائر الترجمة كما ضاعت بعض التراجم من باب "عبد الملك".

غير ذلك. واستُقضيَ برُنْدةَ مُدّةً، ولقِيَ بها الحافظَ أبا عِمرانَ ابن الرُّوُيهْ، وذاكَرَه، واتّصل بالقاضي أبي الوليد بن رُشْد أيام قضائه بقُرطُبةَ واختَصَّ به، وحَظِيَ عندَه فاستَكْتبه واستَقضاهُ في بعض جِهاتِ قُرطُبة واستنابَهُ في الأحكام بقُرطُبة. وكان صديقًا للحاجِّ أبي بكر بن عليّ وللفقيه أبي الحُسَين [بن زَرْقُون]، فكانوا متلازمِينَ أبدًا للمُذاكَرة، [وكانوا رحمهم اللهُ غايةً في الذّكاء وحُسنِ النَّظرِ والاجتهادِ في قراءةِ العلم، والحاجُّ أحفَظُهم وأشَدُّهم عنايةً بالحديث]. [توفِّي، رحمه اللهُ تعالى، في السادسِ من صَفَرِ عام سبعةَ عشَرَ وست مئة، ومَولدُه عامَ ستةٍ وثلاثينَ وخمس مئة]. انتهت بقيّةُ السِّفر الرابع، ويليها السِّفرُ الخامسُ مبتدَأً بترجمةِ "عبد الملِك بن أحمدَ بن أحمدَ بن سعيد بن نَهِيك الزُّهريّ"

سلسلة التراجم الأندلسية الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة تأليف أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الملك الأنصاري الأوسي المراكشي (634 هـ - 704 هـ) حققة وعلق عليه الدكتور إحسان عباس الدكتور محمد بن شريفة الدكتور بشار عواد معروف [المجلد الثالث]

© دَار الغرب الإسلامي جَميع الْحُقُوق محَفوظَة الطبعة الأولى 2012 م دَار الغرب الإسلامي العنوان: ص. ب: 677، تونس: 1035 جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة. لَا يسمح بِإِعَادَة إصدار الْكتاب أَو تخزينه فِي نطاق استعادة المعلومات، أَو نَقله بِأَيّ شكل كَانَ، أَو بِوَاسِطَة وَسَائِل الكترونية، أَو كهروستاتية، أَو أشرطة ممغنطة، أَو وَسَائِل ميكانيكية، أَو الاستنساخ الفوتوغرافي، أَو التسجيل وَغَيره دون إِذن خطي من الناشر.

الذّيل وَالتّكملة لِكتَابي الْمَوْصُولِ والصِّلَةِ [3]

[تابع العين]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ صَلّى اللهُ على سيِّدِنا ومولانا محمدٍ نبيِّه 1 - عبدُ الملِك (¬1) بن أحمدَ بن أحمدَ بن سَعيد بن نَهِيك الزُّهْريُّ، شِلْبيٌّ، أبو الوليد. رَوى عن أبي الحُسَين ابن الطَّلّاء، وأبي محمد بن عَمْروس وغيرِهما، وكان محدِّثًا راوِية، حيًّا سنةَ ثمانينَ وخمس مئة. 2 - عبدُ الملِك (¬2) بن أحمدَ بن أبي يَدَّاس الصُّنْهاجِيُّ، جَيَّانيٌّ سكَنَ شاطِبَةَ ثم شَقُورة، أبو مَرْوان. تَلا ببلدِه على أبي بكر بن أبي رُكَب وتأدَّب به في النَّحو والأدب واختَصَّ به. وأخَذَ بالمَرِيّة عن أبي إسحاقَ بن صالح، وأبوَي الحَجّاج: الأُنْديِّ وابن يَسْعُون، وأبي محمد الرُّشَاطيّ، وسواهم. رَوى عنه أبو الحَسَن بنُ أحمدَ الشَّقُوريُّ، وأبو عبد الله بن سَلَمةَ المُعَمَّرٍ، وأبو عُمرَ يوسُفَ بن عَيّاد، وأبو عَمْرٍو ونَصْرُ بن بَشِير. وكان مُقرئًا نَحْويًّا لُغَويًّا، أدبيًا ذاكِرًا للآداب، راوِيةً للأخبارِ والأشعار، ذا حظّ من قَرْض الشّعر. وخرَجَ من بلدِه بعدَ أربعينَ وخمس مئة بانقراضِ دولة اللَّمتُونيِّينَ فنزَلَ شاطِبةَ وتصَدَّرَ بها لإقراءِ القرآن وتدريسِ العربيّة، ثُم محوَّلَ إلى شَقُورةَ وأقرَأَ بها وتوَلَّى الخُطبةَ بجامعِها إلى أن توفِّي بها، في جُمادى الأخرى سنةَ ستّينَ وخمس مئة، ومولدُه بجَيّانَ سنةَ عَشْر وخمس مئة أو نحوِها. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2440). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2435)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 411، والذهبي في المستملح (585)، وتاريخ الإسلام 12/ 171، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 108.

3 - عبد الملك بن أحمد بن قاسم، أبو الحسن

3 - عبدُ الملِك بن أحمدَ بن قاسَم (¬1)، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجي. 4 - عبدُ الملِك بن أحمدَ بن سُعود، شَقُوريٌّ أبو مَرْوان. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي. 5 - عبدُ الملِك (¬2) بن أحمدَ بن عبد الله بن طاهِر بن حَيْدَرةَ بن مُفوَّز بن أحمدَ بن مُفوِّز بن عبد الله بن مُفوَّز بن غَفُول بن عبد [الله] بن أيّوبَ بن مُدرِك ابن سِرَاج بن جعفرٍ الداخِل إلى الأندَلُس، المَعافِريُّ، شاطِبيٌّ، أبو الحُسَين، ابنُ مُفوَّز. رَوى عن أبيه أبي بكرٍ أحمدَ، وعمِّه أبي الحُسَين محمد، وأبي الخَطّاب بن واجِب، وأبي الرَّبيع بن سالم، وأبي عبد الله بن عبد العزيز بن سَعادةَ. رَوى عنه أبو محمدٍ مَوْلى أبي عثمانَ بن حَكَم، وكان أديبًا بارعًا، ناظمًا ناثرًا، مشارِكًا في فنونٍ من العلم، واستُقضيَ بغير موضع فحُمِدت سِيرتُه، وله مصنَّفٌ سمّاه: "تشوُّفَ الأريب لتألُّف الغريب". أسمع بمَنُرقَةَ وبتونُس، وبها توفِّي في الثُّلثِ الآخِر من ليلة الأربعاءِ مستَهلَّ محرَّمِ إحدى [2 ظ] وستينَ وست مئة، ومولدُه سنةَ ستٍّ وتسعينَ وخمس مئة. 6 - عبدُ الملِك بن أحمدَ بن عبد الملِك بن عيسى اليَحْصُبيّ. له إجازةٌ من أبي عُمرَ بن عبد البَرّ. ¬

_ (¬1) في م: "بن ربيع". (¬2) بعض أخباره وأشعاره في كتاب "زواهر الفكر وجواهر الفقر" لأبي بكر ابن المرابط، وقد حققه الدكتور أحمد المصباحي ونال به درجة الدكتوراه بإشراف الدكتور محمد بن شريفة، وانظر حكاية المترجم مع أمير منورقة سعيد بن حكم في أعمال الأعلام (276)، وبعض شعره في نفح الطيب (ينظر الفهرس)، ولأبي المطرف أحمد بن عميرة رسائل كتب بها إليه (ينظر كتاب الدكتور محمد بن شريفة عن ابن عميرة).

7 - عبد الملك بن أحمد بن محمد بن نذير بن وهب بن نذير الفهري، من أهل شنت مرية الشرق، أبو مروان

7 - عبدُ الملِك (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن نَذِير بن وَهْب بن نَذِير الفِهْريّ (¬2)، من أهل شَنْت مَرِيّةِ الشَّرق، أبو مَرْوان. رَوى ببلدِه (¬3) عن أبيه أبي جعفرٍ، وأبي إسحاقَ موسى بن الجَيّاب، وأبي الحَسَن (¬4) بن الحَسَن صاحبِ الصّلاة، وأبي محمد عبد الدائم بن مَرْزُوق، وتجوَّل في بلاد الأندَلُس طالبًا العِلمَ، ورَوى بمدينة سالم وغيرها. رَوى عنه ابنُه أبو عيسى لُبٌّ، وأبو الوكيل بن وَرَهْزَن، وكان زاهدًا فاضلًا حَسَنَ الخَطّ، عُنِي كثيرًا بالرحلة في لقاءِ الشّيوخ للروايةِ عنهم، واستُقضيَ ببلدِه، وتوفِّي بعدَ التسعينَ وأربع مئة. 8 - عبدُ الملِك (¬5) بن أحمدَ بن محمد الأَزْديُّ، غَرْناطيٌّ، أبو مَرْوان، ابنُ القَصِير. رَوى عنه أبو جعفرٍ ابنُ أخيه أبي الحَسَن أحمد، وأبو إسحاقَ الغَرْناطيُّ، وأبو تَمّام العَوْفي، وأبو خالد بن رِفاعةَ. وكان أحدَ فُقهاءِ بلدِه وحُفّاظِهم، جليلَ القَدْر عند أهل بلدِه، تصَدَّرَ لإقراءِ الفقه وشُوورَ به، واستُقضيَ ببَيّاسةَ وغيرِها. وتوفِّي قبل الأربعينَ وخمس مئة (¬6). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2412). (¬2) في ح: "الأبهري"، وما أثبتناه من م، وهو الموافق لما في التكملة. (¬3) في ح: "روى وأخذ"، وما هنا من م، وهو الموافق لما في التكملة. (¬4) هنا تلتقي النسخة "ط" مع النسختين "ح" و "م". (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2423)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 395، والذهبي في المستملح (578)، وتاريخ الإسلام 11/ 743، والتنبكتي في نيل الابتهاج (178). (¬6) هنا ترجمة مزيدة في هامش ح وهي: "عبد الملك بن أحمد بن محمد بن حسين بن قسوم المحاربي غرناطي، أبو مروان ابن المرأة، أخذ عن أبي بكر بن النفيس وغيره، وله رحلة إلى المشرق حج فيها، وقفل إلى بلده وكان جليلًا فاضلًا معلمًا لكتاب الله تعالى كثير التلاوة ملازمًا. توفي سنة خمس وتسعين وخمس مئة وقد علت به السن".

9 - عبد الملك بن إبراهيم بن خلف بن محمد القيسي، قرموني

9 - عبدُ الملِك بن إبراهيمَ بن خَلَف بن محمد القَيْسيُّ، قَرَمُونيٌّ. رَوى عن أبي عبد الله أحمدَ الخَوْلانيِّ. 10 - عبدُ الملِك بن إبراهيمَ بن عبدِ الملِك بن عَزّان، مَوْرُوريٌّ (¬1). كان حيًّا سنةَ ثمانينَ وخمس مئة. 11 - عبدُ الملِك (¬2) بن إبراهيمَ بن هارونَ العَبْدريُّ، مَيُّورْقيٌّ، أبو مَرْوان. رَوى عن آباءِ عبد الله: ابن خَلَف البنيولي وابن غَيْداءَ وابن المُعِزّ، وأبي محمد بن حَوْطِ الله. [3 و] رَوى عنه جُمهورُ أهل بلدِه، وأبو عبدِ الله بن عليّ بن عثمانَ المَشْرِقي. وكان مُقرئًا مجوّدًا مشارِكًا في العربيّة، تصَدَّرَ لإقراءِ القرآن وتدريس النَّحو، وخَطَبَ بجامع بلدِه نحوَ عشرينَ سنة، واستُشهِدَ رحمه اللهُ في تغَلُّب الرُّوم عليه يومَ الاثنينِ لأربعَ عشْرةَ ليلةً خلَتْ من صَفَرِ سبع وعشرينَ وست مئة. 12 - عبدُ الملِك بن إبراهيمَ بن هاشِم القَيْسيُّ، مَرَوِيٌّ، أبو محمدٍ حفيدُ هاشم. رَوى عنه صِهرُه على بنتِه أبو عبد الله الحَمْزيُّ؛ وكان فقيهًا خيِّرًا فاضلًا، وشَرَحَ "تفريعَ" ابن الجَلّاب. واتّفق أهل المَرِيّة على الرّغبة ليوسُفَ بن تاشَفين في توليتِه خُطةَ القضاءِ بالمَرِيّة، فلمّا أحسَّ ذلك منهم قصَدَ كبيرَهم الذي يَستمِعونَ إليه وَيصدُرونَ عن رأيه، وقال له: اتّقوا اللهَ، فإنّكم متى فعلتُم هذا فرَرْتُ عن أهلي ووَلَدي، واللهُ سائلُكم عنّي، فأمسَكوا عنه. 13 - عبدُ الملِك (¬3) بن أبي بكر بن عبدُ الملِك التُّجيبيُّ، لَوْرَقيٌّ، أبو مَرْوانَ، ابنُ الفَرّاء. ¬

_ (¬1) في م ط: "مروزي". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2444). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2434)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 408، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 109.

14 - عبد الملك بن أبي حرملة، قرطبي

رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. رَوى عنه أبو بكر بن أبي نَضِيرْ (¬1) وأبو عبد الله رُشَيْد بن باز، وكان مُقرئًا نَحْويًّا تصدَّر لإقراءِ ذلك ببلدِه مُدّةً، وكان حيًّا في غُرّة ربيعٍ الآخِر سنةَ ثمانٍ وخمسينَ وخمس مئة. 14 - عبدُ الملِك (¬2) بن أبي حَرْمَلةَ، قُرطُبيّ. صَحِبَ عثمانَ بن أيّوبَ بن أبي الصَّلْت، وكان فقيهًا حافظًا متقدِّمًا مُعتنيًا بالعلم. 15 - عبدُ الملِك (¬3) بن إدريسَ (¬4)، بَجّانيٌّ سكَنَ قُرطُبة. رَحَلَ وحجَّ، ورَوى بمِصرَ عن أبي عبدِ الله محمد بن جَعْفر الأنماطيِّ المُقرئ سنةَ خمس وأربعينَ وثلاث مئة، وقَفَلَ إلى الأندَلُس، وجَلَبَ كتابَ "الوَقْف والابتداء" عن نافع برواية وَرْش روايتَه عن أبي عبد الله المذكور، فكُتِبَ للخليفة الحَكَم منه، وقوبلَ معَه في رمضانِ ثمانٍ وأربعينَ وثلاث مئة. 16 - عبدُ الملِك (¬5) بن إسماعيلَ بن محمد بن فُورْتش، سَرَقُسْطيٌّ، أبو مَرْوان. وهو أخو القاضي أبي عبد الله. رَوى سَماعًا عن أبي عبد الله ابن الحَذّاء، وأبي عُمَرَ الطَّلَمَنْكي، وأبي عَمْرو ابن الصَّيْرفي، وكان من بيتِ علم ونَباهة. توفِّي عقِبَ الظُّهر من يوم الخميس لخمسٍ بقِينَ من ربيعٍ الأوّل سنةَ سبع وثلاثينَ وأربع مئة، وهُو معتقَل مع أخيه القاضي برَبَض مُنْتُشُون، ودُفنَ بِسَرَقُسْطةَ عقِبَ صلاةِ الظُّهر لليلتَيْن بقِيَتا من شهر ربيعٍ المذكور. 17 - عبدُ الملِك بن إسماعيلَ بن محمد بن محمودٍ التُّجيبيُّ، وَشْقيٌّ، أبو مَرْوان. ¬

_ (¬1) الضبط من خط ابن الجلاب في التكملة الأبارية. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2395). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2400). (¬4) هامش ح: "زاد ابن الأبار بعد إدريس نافعًا". (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2405).

18 - عبد الملك بن إسماعيل الخشني، ابن المعلم

رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي بمَرّاكُش، وعن أبي الحَسَن عَبّاد [3 ظ] بن سِرْحان. أُراه الذي ذكَرَه ابنُ بَشْكُوال في "معجَم شيوخِه"، وقال فيه: "الخُشَنيّ"، ولم يذكُرْ محمودًا جَدَّ أبيه ولا شيئًا مما بعدَ كُنيتِه. 18 - عبدُ الملِك (¬1) بن إسماعيلَ الخُشَنيُّ، ابنُ المُعلِّم. رَوى عن أبي عبد الله بن الحاجّ، ويُمكنُ أن يكونَ الوَشْقيَّ المذكورَ قبلَه يليه، وتصحَّف التُّجِيبيُّ من الخُشَنيّ، واللهُ أعلم. 19 - عبدُ الملِك (¬2) بن أيمَنَ بن فَرَجُون، ويقالُ: فَرَج، مَوْلى الأمير هشام بن عبد الرّحمن بن مُعاويةَ، وقيل: مَوْلى الحَكَم بن هشام، قُرطُبيٌّ، أبو مَرْوان. هو والدُ الفقيه محمد بن عبدِ الملِك بن أيمَنَ، تفَقَّهَ بالأندَلُس ورَحَلَ معَ ابنِه محمد إلى المشرِق، فلقِيَ أبا الطاهِر أحمدَ بن عَمْرو بن السَّرْح وسَحْنونَ بن سَعيد وغيرَهما. رَوى عنه ابنُه محمدٌ وعبدُ العزيز بن أبي سُفيانَ الغافِقيُّ، واستأدَبَه الأميرُ عبدُ الرّحمن بن الحَكَم لأولادِه، وتوفِّي سنةَ سبع وثمانينَ ومئتَيْن. 20 - عبدُ الملِك بن أيمنَ بن فَرَجُونَ القُرَشيُّ الأُمَويُّ، مَوْلاهم، أبو مَرْوان. تفَقَّه بالأندَلُس، ثُم رَحَلَ وحجَّ وسَمعَ بمِصرَ من حفيدِ عبد الغنيِّ بن سعيدٍ الحافظ ونُظَرائه، ثم قَفَلَ إلى الأندَلُس فاستَوطنَ قُرطُبةَ ورَوى بها، إلى أن توفِّي بها سنةَ سبعَ عشْرةَ وخمس مئة. 21 - عبدُ الملِك (¬3) بن بُونُه بن سَعيد بن عِصام بن محمد بن ثَوْرٍ العَبْدريُّ، غَرْناطيٌّ، سكَنَ مالَقةَ، أبو مَرْوان، ابنُ البيطار. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2418). (¬2) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (625)، والضبي في بغية الملتمس (1059)، وابن الأبار في التكملة (2394)، والذهبي في المستملح (572)، وتاريخ الإسلام 6/ 775. (¬3) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1060)، وابن الأبار في التكملة (2428) وفي معجم أصحاب الصدفي (230)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 402، والذهبي في المستملح (582)، وتاريخ الإسلام 11/ 968.

22 - عبد الملك بن جعفر بن عبيد الله بن علي بن عبد الملك بن عبد الرؤوف القرشي الأموي

رَوى عن أبي بحر (¬1)، وأبي بكرٍ غالبِ بن عَطِيّة، وآباءِ الحَسَن: ابن الباذِش وابن دُرِّي وابن كُرْز، ويونُسَ بن مُغيث، وأبي عبد الله ابن أُختِ غانم، وأبي الوليد بن رُشد، سَمِع عليهم وقرَأَ وأجازوا له. وأجاز له أبوا بكر: ابنُ سابِق وعبدُ الباقي بن بُرّال، وأبو الحَسَن عبدُ الرّحمن بن عَفِيف، وأبو عبد الله بن زُغَيْبةَ، وأبو عليّ الصَّدَفي، وأبَوا محمد: سِبْطُ أبي عُمر بن عبدِ البَرّ وابن عَتّاب وسمعَ منه. ومن شيوخِه سوى من ذُكِر ولا أتحقَّقُ الآنَ كيفيّةَ أخْذِه عنهم: أبو جعفرٍ البِطْرَوْجي، وأبو الوليد بنُ طَرِيف. رَوى عنه أبناؤه: أبو جعفرٍ أحمد وأبو محمد عبدُ الحقّ وأبو عبد الله محمد، وآباءُ عبد الله: ابنُ عَرُوس الإسْتِجيّ وابنُ الفَخّار وابنُ الفَرَس، وأبو الحَسَن ابن الضَّحّاك، وأبو زَيْد السُّهَيْلي، وأصبَغُ بن أبي العبّاس. وكان محدِّثًا [4 و] مُكثرًا من الرّواية، عُنِيَ كثيرًا بلقاءِ المشايخ وحَمَلة العلم، عالمًا بصناعة الحديث، مُثابِرًا على التقييد، ديِّنًا فاضلًا، واستُقضيَ بمالَقةَ. وُلد سنةَ ثِنْتينِ وستينَ وأربع مئة، وتوفِّي يومَ السّبت لستٍّ خَلَوْنَ من محرَّمِ تسع وأربعينَ وخمس مئة بمالَقةَ، وهذا أصَحُّ ما قيل في تاريخ وفاتِه. 22 - عبدُ الملِك بن جعفرِ بن عُبَيد الله بن عليّ بن عبد الملِك بن عبد الرؤوفِ القُرَشيُّ الأُمَويُّ. 23 - عبدُ الملِك بن جعفر، أبو مَرْوان. تَلا عليه أبو الحَسَن (¬2) صالحُ بن خَلَف. 24 - عبدُ الملِك بن الحَسَن، أبو مَرْوان (¬3). رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) هو أبو بحر الأسدي. (¬2) "أبو الحسن" سقطت من م ط. (¬3) في م ط: "ابن مروان".

25 - عبد الملك بن حسين الأزدي، أبو مروان

25 - عبدُ الملِك بن حُسَين الأَزْديُّ، أبو مَرْوان. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجِيّ. 26 - عبدُ الملِك بن حَكَم بن قاسم القُرَشيُّ الهِشَاميّ (¬1). رَوى عن أبي عبد الله بن عَتّاب. 27 - عبدُ الملِك بن خَلَف بن حَمْدُوس، أبو مَرْوان. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرة (¬2). 28 - عبدُ الملِك (¬3) بن خَلَف بن محمد الخَوْلانيُّ، غَرْناطيٌّ سالِميُّ الأصل (¬4)، أبو مَرْوانَ السّالِميُّ. تَلا بالسَّبع على أبي الحَكَم العاص بن خَلَف، وأبوَيْ عبد الله: ابن شُرَيْح والطَّرفيِّ وحَملَ عنه جميعَ مصنفاتِه، وأبي القاسم بن عبد الوهّاب. ورَوى عن أبي عبد الله بن فَرَج، واستَظْهَر عليه "ملخَصَ" القابِسي، وأبي عليّ الغسّاني، وأبي محمد بن خَزْرَج. رَوى عنه أبو بكر بنُ الخَلُوف، وأبو الحَسَن بن عبد الله بن ثابت. وكان شيخًا فاضلًا صالحًا زاهدًا، مُقرِئًا متحقِّقًا صَدْرًا في جِلّةِ أهل الأداء، تصَدَّرَ للإقراءِ بغَرْناطةَ كثيرًا، ولم يَذكُرْه ابنُ الأبّار في أصحابِ الغَسّاني. 29 - عبدُ الملِك بن خَلَف بن معروفٍ اللَّخْميُّ، أبو مَرْوان. رَوى عن أبي داودَ الِهشَاميِّ، وأبي عبد الله بن عُبَيد الله اللَّخْميّ، وأبوَي العبّاس: العُذْريِّ وعبدِ الله بن أحمدَ بن سَعْدونَ، وأبي عِمْرانَ بن محمد بن أحمدَ بن أبي ¬

_ (¬1) في م ط: "الهاشمي". (¬2) لم يذكره ابن الأبار في معجم أصحابه. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2414). (¬4) يعني من مدينة سالم بالثغر الشرقي.

30 - عبد الملك بن زكريا، قرطبي، أبو مروان

العافِية، وأبي الفَضْل تَقِيِّ بن أبي الوَصُول، وأبي محمد بن الحَسَن المُرادِي، وأبي الوليد الباجِيّ. 30 - عبدُ الملِك (¬1) بن زكريّا، قُرطُبيّ، أبو مَرْوان. رَوى عنه أبو عُمَر بن عبد الله، سَمّاه ابنُ بَشْكُوال في مشيَختِه من جَمْعِه وقال: لا أعرفُه، [4 ظ] قال أبو عبد الله ابنُ الأبار: وقد حَدَّث أبو عبد الله بنُ شُقَّ اللَّيل عن أبي بكرٍ محمد بن عبد الملِك بن زكريّا من أهل قُرطُبةَ، عن أبي الحَسَن الأنطاكيّ، ولعلّه هذا وغَلِطَ فيه ابنُ بَشْكُوال (¬2). 31 - عبدُ الملِك (¬3) بن زُهْر بن عبدِ الملِك بن محمد بن مَرْوان، ابنُ زُهْر الإياديُّ، إشبِيليٌّ. وقد تقَدَّم رَفْعُ نَسَبِه في رَسْم أبيه. رَوى الحديثَ عن أبي محمد بن عَتّاب، وكتَبَ إليه وإلى أبيه من بغدادَ أبو محمد القاسمُ بن عليّ الحَرِيريّ، وأخَذَ عِلمَ الطّبِّ عن أبيه. أخَذَ عنه ابنُه أبو بكر محمدٌ (¬4)، وأبو الحَكَم عُبَيد الله بن غَلَنْدُهْ. وكان وجيه بلدِه جليلَ القَدْر في أهلِه نبيهَ السَّلَف، حَظِيًّا عندَ الأمراءِ والملوك، متحقِّقًا بصناعة الطبِّ متقدِّمًا فيها موفَّقًا في علاج المرضى. وكان أبو الوليد بنُ رُشْد يقولُ بتفضيله في صناعتِه على غيره من أهل عَصْرِه وَيرفَعُ به وَيشهَدُ بمهارته. وصنَّف للأمير أبي إسحاقَ بن أمير المسلمين أبي يعقوبَ يوسُفَ بن تاشَفين اللَّمْتُونيِّ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2401). (¬2) تنظر الترجمة (1076) من التكملة. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2433)، وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء (519 - 520)، وابن سعيد في المغرب/ 270، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 407، ووقع فيه: "عبد الملك بن العلاء بن زهر"، والذهبي في المستملح (584)، وتاريخ الإسلام 12/ 128، والمقري في نفح الطيب 3/ 185، والمراكشي في الإعلام 8/ 354. (¬4) ستأتي ترجمته في السفر السادس (الترجمة 1076).

32 - عبد الملك بن سعيد الأوسي، مالقي

كتابَ "الاقتصاد في صَلاح الأجساد" وفَرَغَ منه سنةَ خمسَ عشْرةَ وخمس مئة، وله في الصِّناعة "كتابُ التيسير في مُداواةِ العِلل على الأعضاء" شُهِرَ في النّاس وتَداوَلوه وانتَفَعوا به، واعتَمَدوه، وكان أبو الوليد بنُ رُشْد يُثني على هذا الكتاب أيضًا ويقولُ بفضلِه. وأدركَتْه مُطالبةٌ عند أبي الحَسَن عليّ بن يوسُف بن تاشَفين كانت سببَ اعتقالِه بسِجن مَرّاكُش مُدّة، وبها وفيه لقِيَه أبو الحَكَم بنُ غَلَنْدُه آخرَ صَفَرِ خمسٍ وثلاثينَ وخمس مئة، ثُم سُرِّح وعاد إلى بلده وتوفِّي به سنةَ سبع وخمسينَ وخمس مئة. 32 - عبدُ الملِك (¬1) بن سَعيد الأَوْسيُّ، مالَقيٌّ. تَلا عليه ابنُه أبو الحَسَن صالحٌ بقراءةِ نافع، وكان من أهل العِلم بالقراءات والعناية بها (¬2) وإتقان تجويدِها. 33 - عبدُ الملِك (¬3) بن سَلَمةَ بن عبدُ الملِك بن سَلَمة، مَوْلى الأُموَيِّين، وَشْقيٌّ نزَلَ بَلَنْسِيَةَ، أبو مَرْوان، ابنُ الصَّيْقَل. تَلا بالسّبع على آباءِ الحَسَن: البُرْجِي وابن شَفِيع وابن كُرْز، وأبي زَيْد بن حَيْوةَ، وأبي القاسم ابن النَّخّاس، وأبي المُطَرِّف ابنُ الوَرّاق وغيرِهم [5 و]. ورَوى عن أبي بحرٍ الأسَدي، وأبي بكر ابن العَرَبي، وأبوَي الحَسَن: ابن الأخضَر وشُرَيْح، وأبوَيْ عبد الله: ابن الحاج وابن أبي الخَيْر، وأبي عامر بن حَبِيب، وأبي عليّ الصَّدَفيِّ، وأبي عِمْرانَ بن أبي تَلِيد، وآباءِ القاسم: ابن ثابِت قاضي سَرَقُسْطةَ وابن جَهْوَر وابن وَرْد، وآباءِ محمد: الرِّكْليِّ وابن السِّيْد وابن عَتّاب، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2420). (¬2) قوله: "والعناية بها" سقطت من م. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2424)، وفي معجم أصحاب الصدفي (226)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 397، والذهبي في المستملح (579)، وتاريخ الإسلام 11/ 731، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 468، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 13، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 115.

34 - عبد الملك بن سلمة بن مسعود، أبو مروان

وأبوَي الوليد: ابن رُشْد وابن طَرِيف وغيرهم، وأكثَرَ عنهم وأجازَ له بعضُهم، وعُني بالتجوُّل في طلبِ العلم ولقاءِ حَمَلتِه. رَوى عنه أبو بكر بنُ هُذَيل، وأبو جعفر بن نَصْرون، وأبو عبد الله بن نُوح، وأبو عُمر بن عَيّاد. وكان مُقرئًا مجوِّدًا فقيهًا أديبًا فصيحًا، متيقِّظًا فَهِمًا، كتَبَ بخطِّه الرديءِ كثيرًا وأتقَنَ ضَبْطَه وتقييدَه. وتوفِّي بالمَرِيّة مُنصَرَفَه من العُدور سنةَ أربعينَ وخمس مئة وقد نَيَّف على الخمسينَ من عُمرِه عن غير وارِث إلا بيتَ المال، فصارت كتُبُه ببَلَنْسِيَةَ ومالُه بالمَرِيّة لبيت المال. 34 - عبدُ الملِك بن سَلَمةَ بن مَسْعود، أبو مَرْوان. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي. 35 - عبدُ الملِك بن سُليمانَ بن نَصْر. رَوى عن أصبَغَ بن راشد. 36 - عبدُ الملِك بن طَرِيف بن يَدَّرَ بن يوسُفَ بن مُهاجِر الأنصاريُّ. 37 - عبدُ الملِك (¬1)، ويقال: نَصْر، ويقال: عبدُ الرّحمن، كذا سَمّاه أبو عامرٍ السالِميُّ وأبو الوليد ابنُ الفَرَضيّ (¬2)، ابنُ طَرِيف اليَحْصُبيّ، من ساكني مارِدةَ. استَقْدَمَه منها عبدُ الرّحمن بن مُعاويةَ لِما ذُكِر له من علمِه وفضلِه وصَلاحِه، فقَلَّده قضاءَ الجماعة بقُرْطُبة، فحُمِدت سِيرتُه، ثُم صَرَفَه بعُبَيد الله بن مالكٍ القُرَشيّ. 38 - عبدُ الملِك بن عبد الله بن إبراهيمَ بن عبد الرزّاق (¬3) الخَزْرَجيُّ، أبو مَرْوان. رَوى عن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) ترجمه الخشني في قضاة قرطبة (64)، وابن الأبار في التكملة (2391)، والنباهي في المرقبة العليا (44). (¬2) تاريخ علماء الأندلس (772). (¬3) في ط: "الزراق"، وفي م: "الزواق" مع سقوط لفظة "عبد".

39 - عبد الملك بن عبد الله بن بدرون الحضرمي، شلبي، أبو القاسم

39 - عبدُ الملِك (¬1) بن عبد الله بن بَدْرونَ الحَضْرَميُّ، شِلْبيٌّ، أبو القاسم. رَوى عن طائفة من شيوخ بلدِه. رَوى عنه أبو عبد الله ابنُ الصَّفّار الضَّرير، وحدَّث عنه بالإجازةِ أبو الخَطّاب بنُ خليل. وكان كاتبًا بليغًا حَسَنَ الخَطّ جيّد الضَّبط، من أهل العناية التامّة بالآداب، تاريخيًّا ذاكرًا نبيلًا، وشَرْحُه قصيدةَ أبي محمد عبد المجيد بن عَبْدونَ في رثاءِ المتوكِّل [5 ظ] على الله أبي بكرٍ عُمرَ بن محمد بن مَسْلمةَ التُّجِيبيّ ابن الأفطَس، المسَمَّى: "كُمامةَ الزَّهَر وصَدَفةَ الدُّرَر" (¬2) شاهدٌ بنُبلِه ومعرفتِه بأيّام الناس وإشرافِه على حوادثِ الزّمان. وكان حيًّا سنةَ ثمانٍ وست مئة، وتوفِّي بشِلْب. 40 - عبدُ الملِك بن عبد الله بن حَسّان الغافِقيُّ، أبو مَرْوان. رَوى عن الحاجِّ أبي بكر ابن العَرَبي، وكان فقيهًا عاقدًا للشُّروط، بارعَ الخطِّ مُبرِّزًا في العدالة، حيًّا سنةَ تسعَ عشْرةَ وست مئة. 41 - عبدُ الملِك بن عبد الله بن سَعْدانَ الزُّهْريُّ، أبو الوليد. رَوى عن أبي الحُسَين ابن الطَّلّاء. 42 - عبدُ الملِك بن عبد الله التَّنُوخيُّ، أبو مَرْوان. رَوى عن الحاجّ أبي إسحاقَ بن عبد الله اليَابُرِي. 43 - عبدُ الملِك بن عبد الله الخَزْرَجيُّ، ابنُ الوَرّاق. رَوى عن شُرَيْح. 44 - عبدُ الملِك بن عبد الله الغافِقيُّ. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي (¬3). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2443)، وفي تحفة القادم (108)، والمقري في نفح الطيب 1/ 185. (¬2) نشره دوزي بليدن عام 1860 م، ثم نشر بمصر سنة 1340 هـ. (¬3) لم يذكره ابن الأبار في المعجم الذي ألفه في أصحابه.

45 - عبد الملك بن عبد الله القرشي المرواني، قرطبي، أبو مروان

45 - عبدُ الملِك بن عبد الله القُرَشيُّ المَرْوانيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو مَرْوان. رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال. رَوى عنه أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، وكان من أشرافِ بلدِه وزُهّادِهم، حافظًا لأخبارِ مَن سَلَفَ من فُضَلائهم، كثيرَ الملازَمة للمسجدِ الجامع بقُرطُبةَ والخَلْوةِ به. توفِّي في نحو العشرينَ وست مئة. 46 - عبدُ الملِك بن عُبَيد الله بن أحمدَ بن محمد السَّبَئيّ. 47 - عبدُ الملِك بن عُبَيد الله، قُرطُبيٌّ سكَنَ فاسَ، أبو الوليد. رَحَلَ وأخَذ بالإسكندريّة عن أبي الطاهر السِّلَفي. وتوفِّي ضُحى يومِ الأربعاءِ لتسع خَلَوْنَ من ربيعٍ الآخِر سنةَ أربع وتسعينَ (¬1) وخمس مئة. 48 - عبدُ الملِك بن عبد الرّحمن بن أبي بكر بن خَليل العَبْدريُّ، بَلَنْسِيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ أربعَ عشْرةَ وست مئة. 49 - عبدُ الملِك بن عبد الرّحمن بن أُمَيّةَ القُرَشيُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا بعدَ الثمانينَ وأربع مئة. 50 - عبدُ الملِك (¬2) بن عبد الرّحمن بن عبد الملِك الأنصاريُّ سَرَقُسْطيٌّ، أبو مَرْوان، ابنُ غَشِلْيَان. وهُو والدُ الراوِية أبي الحَكَم. رَوى سَماعًا [6 و] عن القاضي أبي محمد بن فُورْتش وغيره، وأجازَ له أبو عليّ بنُ سُكّرة، واستجازَ له في رحلتِه إلى المشرِق جماعةً من أعلام أهلِه، ذُكِرَ بعضُهم في رَسْم أبي زاهِر سَعيد بن محمد بن أبي زاهر. رَوى عنه ابنُه أبو الحَكَم؛ وكان محدِّثًا، أحدَ نُبَهاءِ بلدِه، ووَليَ الأحكامَ به، وتوفِّي بعدَ خمس مئة. ¬

_ (¬1) قوله: "وتسعين" سقطت من م ط. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2413)، وفي معجم أصحاب الصدفي (226).

51 - عبد الملك بن عبد الجبار بن ذي القرنين، أندلسي، أبو مروان

51 - عبدُ الملِك بن عبد الجَبّار بن ذي القَرْنَيْن، أندَلُسيٌّ، أبو مَرْوان. سَمِع بمكّةَ شرَّفها اللهُ على الطَّبَري "صحيحَ مُسلم" معَ أبي عُمر مَيْمونِ بن ياسين اللَّمْتُونيِّ بقراءةِ محمد بن هِبة الله بن محمد بن مميل الشِّيرازيّ. 52 - عبدُ الملِك بن عبد العزيز بن محمد بن أبي الغَيْث التُّجيبيُّ. رَوى عن شُرَيْح. 53 - عبدُ الملِك بن عبد العزيز بن ثابِت اللَّوَاتيُّ، إشبِيليٌّ، أبو مَرْوان. رَوى عن أبي عَمْرٍو عَيّاشٍ الأكبر بن عَظِيمة، وكان مُقرئًا مجوِّدًا حَسَنَ الخَطّ جيِّد الضَّبط. 54 - عبدُ الملِك بن عبدِ الملِك بن عبد الملِك (¬1)، شَقُوريٌّ، أبو محمدٍ وأبو مَرْوان، ابنُ الدَّليل. له رحلةٌ رَوى فيها ببيتِ المقدِس عن أبي حَفْص عُمرَ بن بَدْر الحنَفيّ. رَوى عنه أبو محمد بن يوسُف الخِلاسي ببَلَنْسِيَة. 55 - عبدُ الملِك بن عبد الواحِد بن أرقَمَ اللَّخْميُّ، أبو مَرْوان. رَوى عن أبي محمد بن عَتّاب. 56 - عبدُ الملِك (¬2) بن عاصِم العثمانيُّ والد عُتْبةَ. حدَّث عنه ابنُه ببغداد. ذَكَرَ ذلك ابنُ بَشْكُوال (¬3) عن الحُمَيْديِّ وأغفَلَه، قاله ابنُ الأبّار، ولم يُعيِّنُ موضِعَه من الأندَلُس، فلعلّه ليس من أهلها، أو لم يقدُمْ عليها، فيُبحَثُ عنه إن شاء الله. ¬

_ (¬1) عبد الملك الثالثة هذه صحيح عليها ناسخ "ح"، وقد سقطت من م ط. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2403). (¬3) في ترجمة ابنه عتبة من الصلة (967).

57 - عبد الملك بن علي بن سلمة الغافقي ثم المددي، بلنسي، أبو مروان، ابن الجلاد

57 - عبدُ الملِك (¬1) بن عليّ بن سَلَمةَ الغافِقيُّ ثم المَدَديُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو مَرْوانَ، ابنُ الجلّاد. رَوى عن أبي الطاهِر التَّميميِّ وأبي العَرَب عبد الوهّاب بن محمد التُّجِيبي. رَوى عنه أبو عبد الله بن نُوح، وكان ذا مُشارَكة في الأدب، ناظِرًا في الطبِّ محترِفًا به. وتوفِّي في نحوِ سنةِ أربع أو خمس وسبعينَ وخمس مئة. 58 - عبدُ الملِك (¬2) بن عليّ بن عبد الملِك، أبو مَرْوان. رَوى عن أبي عليٍّ الصَّدَفيّ. [6 ظ] 59 - عبدُ الملِك بن عليّ بن عبد الملِك، أبو مَرْوان. رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال في شعبانِ خمسٍ وسبعينَ وخمس مئة. 60 - عبدُ الملِك بن عُمرَ بن جَهْوَر اللَّخْميّ، أبو مَرْوان. رَوى عن أبي محمد بن محمد بن جعفر، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ؛ كان حافظًا للفقه عارفًا بالمسائل، زاهدًا فاضلًا. 61 - عبدُ الملِك (¬3) بن عُمرَ بن خَلَف بن جَحفون، ويقال: جعفون، الأَزْديُّ الشنائيُّ، إشبِيليٌّ، نَزيلُ فاسَ، أبو مَرْوان الشَّنُوئيُّ، نسبةً إلى شَنُوءةَ على غيرِ طريقة العَرَب. رَوى بالأندَلُس عن أبي العبّاس ابن (¬4) اليتيم وأبي الحَجّاج ابن الشَّيخ، وأبي زَيْد السُّهَيْلي، وله رحلةٌ قديمةٌ إلى الشرِق أخَذ فيها بالإسكندَريّة عن أبي العبّاس بن عليّ السَّرَقُسْطيِّ وأبي محمد عبد الله بن عبد الرّحمن الدِّيباجِي. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2438). (¬2) سقطت هذه الترجمة من م. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2441)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 410، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 443، والكتاني في سلوة الأنفاس 3/ 305. (¬4) سقطت من ط م، وهو أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله الأنصاري المقرئ المعروف بابن اليتيم وبالأندرشي (سير أعلام النبلاء 22/ 251).

62 - عبد الملك بن عمر بن محمد بن عيسى بن شهيد، قرطبي، أبو مروان

رَوى عنه أبو البقاء يَعيشُ بنُ القديم. وكان شَيْخًا حَسَنَ الحال مستقيمَ الطريقة، من أهل الوَرَع والصَّون والعَدالة فيما يَرويه، ولم يكنْ له علمٌ بالحديث إلا روايةَ كتاب [....] (¬1)، وكان يتعيَّشُ من بضاعة كانت له يُديرُها في تجارة. وتوفِّي بمدينة فاسَ في عشر الثمانينَ وخمس مئة. 62 - عبدُ الملِك (¬2) بن عُمرَ بن محمد بن عيسى بن شُهَيْد، قُرطُبيٌّ، أبو مَرْوان. وهو والدُ أبي عامر أحمدَ ابن ذي الوِزارتَيْن. رَوى عن المحمَّدَيْن: ابن عبد السّلام وابن وَضّاح. وكان أديبًا حافظًا، نبيهَ البيت، ذاكرًا للأخبار، ألَّف للحَكَم وليِّ العهد في خلافةِ أبيه الناصِر كتابًا في الآداب والوصايا سَمّاه: "إصلاحَ الخلق" يكونُ في حَجْم رسالة ابن أبي زَيْد، وهو موجودٌ بأيدي الناس منسوبٌ إليه. 63 - عبدُ الملِك (¬3) بن عِمرانَ بنَ عبد الرّحمن الحَجْريّ، بَلَنْسِيّ، أبو مَرْوان. وسَمَّى ابنُ الأبار أباه عُمرَ وغَلِطَ في ذلك. رَوى عن أبي داودَ الِهشَاميّ وأكثَرَ عنه. 64 - عبدُ الملِك (¬4) بن عَيّاش بن فَرَج بن عبدُ الملِك بن هارونَ الأَزْديُّ، قُرطُبيٌّ نزَلَها أبوه وأصلُ سَلَفِه من يَابُرةَ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبيه، وهُو كان القارئَ لِما يُسمَعُ عليه، وأبي عبد الله بن مَسْعود بن [7 و] أبي الخِصَال، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال. رَوى عنه ابناه: أبو الحَسَن عليٌّ وأبو محمد عُبَيدُ الله، وأبو جعفر بنُ يحيى، وأبو عُبَيد البَكْري، وأبو محمد بنُ شُعَيْب القُرطُبيّ. وكان أديبًا كاتبًا بليغًا، شاعرًا ¬

_ (¬1) بياض في النسخ. (¬2) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (635)، والضبي في بغية الملتمس (1072)، وابن الأبار في التكملة (2399). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2408). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2437)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 413، والذهبي في المستملح (586)، وتاريخ الإسلام 12/ 395.

مُجِيدًا، صَدْرًا في محُسِني النَّظْم والنّثر، بارعَ الخَطّ جميلَ الوِراقة، رَوى قطعةً صالحةً من الحديث وتفَقَّه، ولم يزَلْ على خيرِ حال واستقامةِ طريقة صَدْرَ عُمرِه حتى كان يُعرَفُ بالزاهد لوَرَعِه وفضلِه، حتّى استكتبَه أبو جعفرٍ أحمدُ بن محمد بن حَمْدينَ قاضي الجماعة بقُرطُبة آخِرَ أيام اللَّمْتُونيِّين، وحَظِيَ عندَه واستَخلصه لنفْسِه لِما تقَرَّر عندَه من موجِبات ذلك، ثم لمّا همَّ أبو جعفرٍ هذا بإثارةِ الفتنة التي أنشَأَها بعدُ، فرّ أبو الحَسَن هذا عن قُرطُبة ولحِقَ بإشبيلِيَةَ منقطعًا إلى العبادة في بعض روابطِ قُرى إشبيلِيَةَ على خيرِ متّصَل، لا يتقوَّتُ إلّا من مالِ صديقِه أبي الأصبَغ الباجِيّ لعلمِه بطيب مكسَبِه لوراثتِه إياه عن أسلافِه؛ فقَطَعَ أبو الحَسَن هذا بحالتِه هذه مُدّة. ثم إنّ أبا إسحاقَ برازَ بن محمد المَسُوفيّ (¬1) العاملَ بإشبيلِيَةَ لأبي محمد عبد المؤمن بن عليّ، التَمسَ كاتبًا يَكتُبُ عنه، فدُلَّ عليه، فلم يَرُعْه إلا رسولُه عنه، فلمّا وصَلَ إليه ألزَمَه الكتابةَ عنه فتقَلَّدها على كُرْه وتقيَّة على نفسِه، ثم نَشِبَ في صُحبةِ الملوك بالكتابة عنهم، وارتَسَم في جُملة خُدّامِهم، وعَدَلَ عن طريقتِه الأولى المُثْلى، فكتَبَ بعد أبي إسحاقَ هذا عن الأمير أبي حَفْص بن عبد المؤمن وتوَجَّه معَه إلى تِلِمْسين، ثُم عن أبي محمد عبد المؤمن بعدَ مقتل أبي جعفر بن عَطِيّة، ثم عن أبي يعقوبَ بن عبد المؤمن، وهُو والٍ بإشبيلِيَةَ، ونال دُنيا عريضة، وكانت له (¬2) منهم منزلةٌ جليلة، وكان ممَدَّحًا، وأصهَرَ إليه أبو عبد الله بن زَرْقُون. قال صاحبُه أبو الأصبَغ الباجِيُّ المذكور: دخَلْتُ إليه أَعُودُه في مرضِه الذي توفِّي منه قبلَ وفاتِه بثلاثةِ أيام، فأنشدَني لنفسِه متندِّمًا من أفعالِه وسُوء انقلابِه [الطويل]: ¬

_ (¬1) كان من رجال المرابطين الذين التحقوا بالموحدين في عهد عبد المؤمن، وأخباره مذكورة في البيان المغرب لإبن عذاري وغيره. (¬2) سقطت من م ط.

عصَيْتُ هوى نَفْسي صغيرًا فعندَما ... رمَتْني اللّيالي بالمَشيبِ وبالكِبَرْ [7 ظ] أطَعْتُ الهوى، عكْس القضيّةِ، ليتَني ... خُلِقتُ كبيرًا وانتقَلْتُ إلى الصِّغَرْ وتوفِّي بعد ذلك بثلاثة أيام ودُفنَ بمقبُرة مُشْكة، وعسى اللهُ أن يَسْمحَ له ويتجاوَزَ عنه بتندُّمِه. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وعلى ذكْرِ هذَيْنِ البيتَيْن فقد تَبعَه ابنُه أبو الحَسَن عليٌّ فقال [الطويل]: أبي قال قولًا سار في البدوِ والحَضَرْ ... وخَلَّف في الباقينَ ذِكْرًا وقد غَبَرْ وأسلَفَ إحسانًا أوانَ اقتبالِهِ ... وخاف منَ التقصيرِ في حَيِّزِ الكِبَرْ لذلك ما والَى أنينًا وزَفْرةً ... وأصبح يَهوى أن يُعادَ إلى الصِّغَرْ هنيئًا لهُ إن لم يكنْ كابنِه الذي ... أطاع الهوى في الحالتين وما ائتَمَرْ (¬1) وذيَلَها شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْني رحمه الله بقولِه، وأنشَدَنيهُ [الطويل]: ويُهْنيهِ أنْ أَبْدى اعترافًا وعذْرةً ... وتُغفَرُ للجاني الذنوبُ إذا اعتذَرْ وتلاهما ابنُه أبو محمد عبدُ الله بن أبي الحَسَن عبدَ الملِك فقال [الطويل]: أطَعْت هوى نَفْسي زمانَ شبيبتي ... فأرجو المَتابَ اليومَ في زمنِ الكِبَرْ إذا كنتَ سِنَّ الشَّيبِ بَرًّا فمِنّةٌ ... بها يَغفِرُ الرّحمنُ ما كان في الصِّغَرْ وضمَّن القاضي الحسيبُ أبو أميّةَ بن عُفَيْر رحمه اللهُ عَجُزَ الثاني من بيتَيْ أبي الحَسَن عبد الملِك المبدوءِ بهما، فقال في معنًى اقتضاه، وقد أنشدَنيهُما ابنُه القاضي أبو الوليد -رحمه الله- عنه [الطويل]: يساريَ أغناني صَغيرًا عن الوَرَى ... وألجَأَني الإقتارُ في حالةِ الكِبَرْ فأَوْلى بحالي قولُ مَنْ قال: (ليتَني ... خُلِقتُ كبيرًا وانتقَلتُ إلى الصِّغَرْ) ¬

_ (¬1) هامش ح: عن ابن الأبار "في حالتيه وما اعتذر".

وقرأتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرّعَيْنيّ رحمه الله (¬1): وأنشَدَني ابنُ بَقِيّ، يعني شيخَه أبا القاسم، فيما أذِنَ لي فيه قال: أنشَدَني أبو عُبَيدٍ البَكْري، قال: أنشَدَني الكاتبُ أبو الحَسَن بنُ عَيّاش لنفسِه: عَصَيْتُ هوى نَفْسي .. البيتَيْن، قال أبو الحَسَن شيخُنا: قلتُ: زاد ابنُه أبو الحَسَن: هنيئًا له ... البيتَ. قال: وزِدتُ أنا: ويُهْنِيهِ .. البيتَ. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وكتابةُ أبي الحَسَن هذا بارعة، وشعرُه رائق، ومنها: ما خاطَبَ (¬2) به القاضيَ ابنَ أبي بكر [8 و] [البسيط]: يا مَنْ تَرنَّحَ للعلياءِ مِعْطَفُهُ ... ترَنّحَ الغُصن بين الرِّيح والمطرِ ومَن إذا حاجةٌ راحتْ براحتِهِ ... أذكى لها أعيُنًا نَدَّتْ عن السَّهرِ لا أَعْدَمَنْك انتهاضًا لي بمُثقَلةٍ ... في مثلِها أَحجمَ المقدارُ من خَوَرِ حَمَلْتَها لم تَلُذْ فيها بمعذِرةٍ ... في ساعةٍ لاذَ فيها القومُ بالعُذُرِ بل بَسَطْتَ لها، دامَ عزُّك، يدَ الاستدعاء، وبوّأتَها كنَفَ الاسترعاء، وشرَيْتَ بها ناصعَ الشُّكر، وخالصَ الذِّكر، حِرصًا على فضيلةٍ تُعقَدُ بلِمّتِك، وتنتسبُ إلى شرَفِ همّتِك، وتثقُ في معرِض الابتياع بوفورِ ذمّتِك، وما أخبَرْتُ إلّا عن ما أعطَى الاختبارُ حقيقتَه، وأبرَزَ شقيقتَه، وحَسْبي وقد وَضَعْتُ عنك إصْرًا من آصاري، وأقمتُ بك عَمَدَ استظهاري، وجعلتُكَ في حاجةِ النفْس مركَزَ مَداري، فألفَيْتُك حيث ألقَى الأملَ بجِرَانِه، وقد سَرَى عاكفُ لحظِه وواقفُ إنسانِه، سميعًا للنِّداء، سَمْحًا بصفةِ الابتداء، فاستوجَبْتَ الشكَّ حقًّا مكتوبًا، واقتضيْتَه أنواعًا وضُروبًا، وشَغَلتَ به الأوقاتَ لُزومًا ودُؤوبًا، والسلامُ الأتمّ يخُصُّكم ورحمةُ الله وبَركاتُه. ¬

_ (¬1) انظر برنامج شيوخ الرعيني: 52 - 53. (¬2) في م ط: "خطب"، وهو خطأ واضح.

65 - عبد الملك بن غالب القرشي العمري، أبو مروان

وتوفِّي سنةَ ثمانٍ وستينَ وخمس مئة (¬1). 65 - عبدُ الملِك بن غالبٍ القُرَشيُّ العُمَرِيُّ، أبو مَرْوان. رَوى عن أبي الحَسَن العَبْسي، رَوى عنه أبو عبد الله بن حُسَين بن عُبَادة. 66 - عبدُ الملِك (¬2) بن غُصْن الخُشَنيُّ، حِجَاريٌّ، أبو مَرْوان. رَوى عن القاضي أبي وليد يونُسَ بن عبد الله بن مُغِيث. وكان فقيهًا حافظًا، أديبًا شاعرًا كاتبًا، وامتُحِن من قِبَل المأمون بن ذي النُّون فاعتَقَلَه بسِجن وَبَّذَة وجماعةً معَه مُدّة (¬3)، وبه ألَّف كتابَه المسَمَّى كتابَ: "السِّجن والمسجون والحُزْنِ والمحزون"، وسمّاه أيضًا: "رسالةَ السِّرِّ المكنون في عيونِ الأخبار وتسلية المَحْزون"، وضمَّنه ألفَ بيتٍ من شعرِه، ثُم سُرِّح من سِجنِه فلحِقَ ببَلَنْسِيَةَ وأقام بها أشهُرًا، ثم انتقَلَ إلى قُرطُبة فاستقَرَّ بها وقتًا، ثم انصَرفَ إلى غَرْناطةَ، وتوفِّي بها سنةَ أربع وخمسينَ وأربع مئة. 67 - عبدُ الملِك بن فُتُوح الفِهْريُّ، أبو مَرْوان. رَوى عن [8 ظ] أبي جعفرٍ البِطْرَوْجي. 68 - عبدُ الملِك بن قُرَشيِّ بن فَضْل. رَوى بمكّة شرَّفها الله عن أبي ذَرٍّ الهَرَويّ. ¬

_ (¬1) هامش ح: قال عبد الملك بن محمد ابن صاحب الصلاة في تاريخه: إن وفاة ابن عياش هذا كانت بإشبيلية في ليلة الأربعاء غرة جُمادى الآخرة من سنة ثمان المذكورة، وزعم أنه قال البيتين المذكورين أولًا لما كبر وصار يشرب الرب ويطرب، وأنه كان قبل ذلك في فتوته لا يشربه ولا يطرب، والله تعالى أعلم. وقال: إنه صلى عليه أمير المؤمنين ابن أمير المؤمنين، وإن جنازته كانت مشهودة. (¬2) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (957)، وابن بسام في الذخيرة 3/ 247، والعماد في قسم المغرب من الخريدة 2/ 166، والضبي في بغية الملتمس (1546)، وابن الأبار في التكملة (2406)، وفي إعتاب الكتاب (218)، وابن سعيد في المغرب 2/ 33، والمقري في نفح الطيب 3/ 363، 424. (¬3) في م ط: "مرة".

69 - عبد الملك بن الليث بن محمد بن علي بن الليث الغساني

69 - عبدُ الملِك بن الليث بن محمد بن عليّ بن اللَّيث الغَسَّانيُّ. 70 - عبدُ الملِك (¬1) بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن إبراهيمَ، أبو مَرْوانَ وأبو محمد، ابنُ صاحبِ الصلاة وبالباجِيّ، والأُولى أشهر. رَوى عن أبي بكر بن أبي هارونَ وأبي [....] (¬2) بن مالك وأبي عبد الله بن عَمِيرةَ الكاتبِ وأبي عليّ ابن الأَشِيرِيّ. وكان أديبًا كاتبًا محُسِنًا، عُنيَ بحِفظ التواريخ وتقييدِها وصَنَّف: "تاريخَ ثَوْرة المُريدينَ بالأندَلُس" (¬3)، و"دولةَ عبد المؤمن ومَن أدرَكَ بحياتِه من بَنِيه" (¬4)، وكلُّ ذلك ممّا أحسَنَ فيه وأفاد به. 71 - عبدُ الملِك (¬5) بن محمد بن إسحاقَ اللَّخْميُّ، شِلْبيٌّ، أبو محمد، ابنُ المِلْح. رَوى عن أبيه، وأبي بكرٍ عاصم بن أيّوبَ البَطَلْيَوْسي. رَوى عنه أبو بكر بنُ خَيْر. وكان أديبًا بارِعًا شاعرًا محُسِنًا كاتبًا بليغًا. 72 - عبدُ الملِك (¬6) بن محمد بن خَلَف بن سعيد التُّجيبيُّ، إشبِيليٌّ، أبو مَرْوان، ابنُ المَلِيْلة. وجَعَلَ ابنُ رِزق عِوَضَ خَلَف: سَعيدًا، وقال: إنه يُعرَفُ بالمَصاحِفي، فإنْ يكُنْ إياه وإلا فهما اثنان، وجَعْلُهُ سَعيدًا عِوَضَ خَلَفٍ يُمكنُ أن يكونَ جَدًّا له شُهِرَ به، واللهُ أعلم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2442). (¬2) بياض في النسخ. (¬3) هي ثورة ابن قسي وصاحبه محمد بن عمر بن المنذر أبي الوليد الشلبي على الملثمين، وهذا الكتاب المذكور ينقل عنه ابن الأبار في "الحلة السيراء". (¬4) هو كتابه الذي سماه: "المن بالإمامة على المستضعفين"، وهو مطبوع مشهور. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2421)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 398. (¬6) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2419)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 400، والذهبي في المستملح (576).

73 - عبد الملك بن محمد بن رزق

رَوى عن أبي الحَكَم العاص بن مُحْرِز. رَوى عنه أبَوا بكر: ابنُ خَيْر وابنُ رِزْق، وأبو عبد الله ابنُ الغاسِل، وأبو مَرْوانَ ابنُ الصَّيْقَل؛ وكان مُقرئًا خيِّرًا فاضلًا إمامَ مسجدِ التَّبّانِينَ بإشبيلِيَةَ. مولدُه على ما استُقرئَ منه -وكان يَضِنُّ به- في حدودِ ستٍّ وثلاثينَ وأربع مئة، فإنه قال: كنتُ عامَ الجُوع الكبير ابنَ اثنَيْ عَشَرَ عامًا، وكان الناسُ يدفُنونَ الثلاثةَ والأربعةَ في قبرٍ واحد، والمساجدُ مربوطةٌ أبوابُها بالخَزَم لا يوجَدُ لها من يَؤُمُّ بها ولا مَن يُصلِّي فيها؛ وكان الجُوعُ الكبيرُ سنةَ ثمانٍ وأربعينَ وأربع مئة. وتوفِّي عن سِن عالية قريبَ عصرِ يوم الاثنينِ لسبع خَلَوْنَ من ربيعٍ الأوّل سنةَ خمسٍ وثلاثينَ وخمس مئة، ودُفنَ عقِبَ عصرِ يوم الثلاثاءِ تاليهِ بمقبُرة الفَخّارين، وصُلِّي عليه بها، وكانت جَنازتُه مشهودة، ووَصَفَه ابنُ رِزق بالمُعَمَّر وقال: كان [9 و] قد بَلَغَ مئةَ سنةٍ أو نيَّفَ عليها. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: صَوابُه: أو قارَبَها (¬1)؛ بناءً على ما تَحصَّلَ من تاريخَيْ مولدِه ووفاتِه، واللهُ أعلم. 73 - عبدُ الملِك بن محمد بن رِزْق. رَوى عن أبي عُمَر بن عبد البَرّ. 74 - عبدُ الملِك بن محمد بن سَعيدِ الخَيْر، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والجلالة والتبريزِ في العَدالة، حيًّا في اثنينِ وثمانينَ وأربع مئة. 75 - عبدُ الملِك بن محمد بن شماخٍ الغافِقيُّ، أبو مَرْوان، أخو أبي جعفر. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجي. 76 - عبدُ الملِك بن محمد بن صَبَاح القَيْسيُّ، مَوْرُوريٌّ. كان حيًّا سنةَ ثمانينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) كذا قال ابن الأبار أيضًا في التكملة.

77 - عبد الملك بن محمد بن طفيل القيسي، برشاني، وقيل: وادي آشي، أبو مروان

77 - عبدُ الملِك (¬1) بن محمد بن طُفَيْل القَيْسيُّ، بَرْشَانيٌّ، وقيل: وادي آشي، أبو مَرْوان. رَوى عن أخيه أبي العبّاس، وتلا بالسّبع على أبوَيْ بكر: ابن المُفرِّج الرّبُوبلة ويحيى بن سَعيد، وأبوَي (¬2) الحَسَن: ابن الدُّشّ (¬3) وابن يوسُفَ السّالِمي، وأبي داودَ الِهشَامي. رَوى عنه أبو عبد الله بن أحمدَ (¬4) الشَّعْباني، وأبو العبّاس بن البَراذِعيّ؛ وكان مُقرئًا شديدَ العناية بالتجويدِ والإتقان فيه. 78 - عبدُ الملِك بن محمد بن عبد الله بن يحيى بن فَرَج الفِهْريُّ، إشبِيليٌّ لَبْليُّ أصلِ السَّلَف، أبو مَرْوان، ابنُ الجَدّ. وهُو وَلَد الحافظ أبي بكر بن الجَدّ. رَوى عن أبيه، وأبي الحَسَن شُرَيْح وأبي إسحاقَ بن مَرْوان وابن حُبَيْش. توفِّي سنةَ اثنتين وسبعينَ وخمس مئة، وثَكِلَه أبوه. 79 - عبدُ الملِك بن محمد بن عبد العزيز بن وَليد اللَّخْميُّ، شاطِبيٌّ. تغَرَّب إلى فاسِ، ورَوى بها عن نزيلِها أبي الحَسَن عليّ بن محمد بن سَعيد ابن الطشتلير، ونَسَخ بها "استذكارَ" أبي عُمرَ بن عبد البَرّ، وفَرَغَ منه في وَسَطِ رجَب لثمانٍ وتسعينَ وأربع مئة، وكان حَسَنَ الوِرَاقة نَقِيَّها صحيحَ النَّقْل مُتقِنًا. 80 - عبدُ الملِك بن محمد بن عبدِ الملِك بن ثابِت. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2426)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 401، والذهبي في المستملح (581). (¬2) في م ط: "وأبو". (¬3) ويكتب "الدوش" أيضًا، كما في التكملة. (¬4) في التكملة: "بن أبان" وكله صحيح، فهو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبان الشعباني من أهل رندة، مترجم في التكملة الأبارية (1467).

81 - عبد الملك بن محمد بن عبد الملك بن سلمتيت، باغي، أبو مروان

81 - عبدُ الملِك بن محمد بن عبدِ الملِك بن سلمتيت (¬1)، باغِيٌّ، أبو مَرْوان. رَوى عن أبي القاسم أحمدَ بن محمد بن بَقِيّ. 82 - عبدُ الملِك بن محمد بن عبد الملِك بن محمد بن عَزّانَ، مَوْرُوريٌّ. كان حيًّا سنةَ ثمانٍ وخمس مئة. [9 ظ] 83 - عبدُ الملِك (¬2) بن محمد بن عبد الملِك الأنصاريُّ الأَوْسيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو مَرْوان الحَمّاميُّ. رَوى عن أبوَيْ بكر: ابن الخَلُوف وابن العَرَبيّ، وأبي جعفرٍ البطْرَوْجي، وأبوَي الحَسَن: ابن مَوْهَب ويونُسَ بن مُغِيث، وأبي مَرْوانَ الباجِيِّ واختَصَّ به وكتَبَ عنه أيامَ قضائه. رَوى عنه أبو سليمان بنُ حَوْطِ الله، لقِيَه بمالَقةَ، وأبو القاسم المَلّاحيُّ. وكان فقيهًا، واستُقضي. وتوفِّي بغَرْناطة. 84 - عبدُ الملِك (¬3) بن محمد بن عبد الملِك الغَسّانيُّ، مَرَوِيٌّ، أبو بكر. كان فقيهًا جَليلًا، واستُقضيَ بالمَرِيّة. وتوفِّي سنةَ ستٍّ وأربعينَ وخمس مئة. 85 - عبدُ الملِك بن محمد بن عثمانَ بن محمدٍ الأنصاريُّ. 86 - عبدُ الملِك بن محمد بن عَمّارٍ الجُذَاميُّ، أبو محمد. رَوى عن أبي الحُسَين ابن الطَّلّاء. 87 - عبدُ الملِك (¬4) بن محمد بن عُمرَ التَّميميُّ، مَرَوِيٌّ، أبو مَرْوان، ابنُ وَرْد. ¬

_ (¬1) في م: "سملتيت". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2439)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 415، والذهبي في المستملح (587)، وتاريخ الإسلام 12/ 655. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2427). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2425)، وفي معجم أصحاب الصدفي (229)، والذهبي في المستملح (580)، وتاريخ الإسلام 11/ 809.

88 - عبد الملك بن محمد بن الفتح بن إبراهيم بن جعفر الأنصاري

وهو أخو أبي القاسم بن وَرْد. رَوى عن أبوَيْ عليّ: الغَسّانيِّ والصَّدَفيِّ وغيرِهما. رَوى عنه أبو عُمرَ بن مَسْعود، وكان فقيهًا حافظًا للمسائلٍ متحقِّقًا بالرأي مُشاوَرًا بَصيرًا بالفُتْيا، ويُذكَرُ أنه كان أُوقِفَ على المسائلِ خاصّةً من أخيه. قال أبو عبد الله بنُ سَعادةَ المُعَمَّر: حدَّثني الحاجّ أبو حَفْص عُمرُ بن عبد الملِك بن الزَّيّات الصِّقِلِّي بمَرْسَى يابِسة، عن الفقيه الأديب أبي عُمرَ بن مَسْعود، عن أبي مَرْوانَ بن وَرْدٍ بالمَرِيّة عامَ أربعينَ وخمس مئة، أنه أتاه في النَّوم شيخٌ عظيمُ الهيئة فأخَذَ بعضُدَيْه من خَلْفِه وهزَّه هَزًّا عنيفًا حتى رَعَّبه وقال له: قُلْ [الطويل]: ألا أيّها المغرورُ ويْحَكَ لا تَنَمْ .... فلله في ذا الخَلْقِ أمرٌ قدِ انبرَمْ فلا بدَّ أن يُرْزَوْا بأمرٍ يَسوءُهمْ ... فقد أحْدَثوا جُرْمًا على حاكمِ الأممْ ودُخِلَتِ المَرِيّةُ يومَ الجُمعة [....]، (¬1) من عام اثنينِ وأربعينَ وخمس مئة. 88 - عبدُ الملِك بن محمد بن الفَتْح بن إبراهيمَ بن جَعْفرٍ الأنصاريُّ. 89 - عبدُ الملِك (¬2) بن محمد بن مَرْوانَ بن خَطّاب، مُرْسيٌّ، ابنُ أبي جَمْرةَ. رَوى عن أبيه ورَحَلَ إلى المشرِق، ورَوى عن سَحْنُونَ بن سَعيد. رَوى [10 و] عنه ابنُه مَرْوان. 90 - عبدُ الملِك (¬3) بن محمد بن مَرْوانَ بن زُهْر الإيَاديُّ إشبِيليٌّ ثُم دانِيّ، أبو مَرْوان. ¬

_ (¬1) بياض في النسخ، ودخل الفرنجة المرية في هذا العام، ثم استردها المسلمون سنة 552 هـ. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2396)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 389. (¬3) ترجمه صاعد في طبقات الأمم (84)، وابن الأبار في التكملة (2407)، وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء (517)، والذهبي في المستملح (573)، وتاريخ الإسلام 10/ 305.

91 - عبد الملك بن محمد بن مسعود بن فرج بن خلصة أبي الخصال []،، فرغليطي الأصل، أبو مروان

وقد تقَدَّم رَفْعُ نَسَبِه في رَسْم ابنِه زُهْر. رَوى بالأندَلُس عن طائفةٍ من أهلِها، ورَحَلَ وحَجّ، ودَخَلَ القَيْروانَ ومِصر، وأقام في رحلتِه طويلًا، ثم قَفَلَ إلى الأندَلُس واستَوطَنَ دانِيَةَ. رَوى عنه ابنُه أبو العلاء؛ وكان فقيهًا حافظًا يَقِظًا ذاكرًا، متفنِّنًا في معارفَ ماهرًا في الطبّ، تعَلَّمه في رحلتِه عندَ رؤساءِ أهلِه حتّى برَعَ فيه وشُهِرَ به وأورَثَه عقِبَه، متقدّمًا في التعاليم وجَلَبَ من المشرِق دواوينَ من فنونِ العلم على تفاريقِها، منها: ["القانون" في الطب لإبن سينا] (¬1) فهُو أوّلُ من أدخَلَه الأندَلُس. وتوفِّي بدانِيَةَ ودُفنَ بإزاءِ الجامع القديم مع قَبْرِ أبي الوليد الوَقَّشِيّ. 91 - عبدُ الملِك (¬2) بن محمد بن مَسْعود بن فَرَج بن خَلَصَةَ أبي الخِصَال [....]، (¬3)، فَرْغَلِيطيُّ الأصل، أبو مَرْوان. وهُو وَلَد ذي الوِزَارتَيْنِ أبي عبد الله بن أبي الخِصَال. رَوى عن أبيه، وعمِّه أبي مَرْوانَ، وأبي محمد عبد الحقِّ بن عَطِيّة. وكان فاضلًا دَيِّنًا من نُجَباءِ الأبناء، نشَأَ على صَوْنٍ وعَفَاف وانقطاع إلى طلَبِ العلم وفنونِ الخَيْر، ثم رَحَلَ وحَجَّ وعاد إلى الأندَلُس. وقُتل في حدودِ الثلاثينَ وخمس مئة، وثَكِلَه أبوه رحمَهما اللهُ، ورَثَاه بقصيدةٍ فريدة هي هذه [الطويل]: جزِعتُ وقد كان التجَلُّدُ بي أحرَى ... ولكنَّ زَنْدَ الوجدِ في كبِدي أورَى وما فاضَ هذا الدَّمعُ إلّا لزَفْرةٍ ... أُحِسُّ لها في كلِّ جارحةٍ مَسْرى رُزِئتُ بمن لا أملِكُ العينَ بعدَه ... ففي كلِّ ما حينٍ لها عَبْرةٌ تَتْرى وإنّي لأنساهُ ذُهولًا وحَيْرةً ... وما ذلك النِّسْيانُ إلّا من الذِّكرى ¬

_ (¬1) بياض في النسخ، واستفدنا ما بين الحاصرتين من عيون الأنباء لإبن أبي أصيبعة. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2416). قال بشار: وقد ذهلت فأخطأت في تعليقي على ترجمته في التكملة حينما عددته هو وعمه واحدًا، فيحذف تعليقي ويصحح، ولا حول ولا قوة إلا بالله. (¬3) بياض في النسخ، وفي حاشية ح: "الغافقي، قرطبي، وأصله من شقورة، وفر غليط من قراها".

عدِمتُ أبا مَرْوان حين وجدتُهُ ... ولم تَبْقَ في يُسْرى خلائقِه عُسْرا وحين أقَرَّ العينَ شرخُ شبابِهِ ... وتَمَّتْ به النُّعمى وحَفَّتْ به البُشْرى وكنتُ إذا أيقَظْتُه لِمَلَمّةٍ ... أخَذْتُ الكَرى عن مُقلةٍ منه لا تَكْرَى وطارتْ به الجُلَّى إلى كلِّ هَيْعَةٍ ... وأَثباجُها تُطْوى وأوداجُها تُفْرى ومِن قبلُ ما خاضَ البِحارَ مُصممًا .... إلى البيتِ حتّى استَلْأمَ الرُّكنَ والحَجْرا [10 و] وقفَّى إلى قبرِ الرسُول بزَوْرةٍ ... فقَضَّى ووَفَّى الحقَّ والفَرْضَ والنَّذْرا وعَفَّرَ في تلك المعالِم وجهَهُ ... سُجودًا لمَوْلًى يملِكُ الخَلْقَ والأمْرا وقد كنتُ في تلك السّبيل احتَسَبْتُهُ ... واضمَرْتُ يَأْسًا عن لقائي لهُ صَبْرا فرُدَّ على رَغْم الخطوبِ مُسلَّمًا ... وقد حازَمن آثارِه في التُّقى فَخْرا وزِدتُ به وَجْدًا كما ازداد غِبْطةً ... وحُزتُ إلى عُمْري برَيْعانِه عُمْرا وطَوَّلْتُ آمالي رجاءَ بقائه ... فأسفَرَ ذاك الطُّولُ عن مُدةٍ قَصْرا وأسلَمَني في كُرْبةٍ مُدْلَهمّةٍ ... نزَلْتُ، ولم أملِكْ، على حُكمِها قَسْرا تُقسِّمُني ما بينَ حيٍّ وميِّتٍ ... فمِنْ مَعْشَرٍ قَتْلَى ومن مَعْشَرٍ أَسْرى وكان ظَهِيرًا لي عليهمْ وفيهمُ ... اشُدُّ به أزْرًا وأَحمي به ظَهْرا فهَوَّنَ عندي فَقْدُه فَقْدَ مَن مَضَى ... وصارتْ به الكُبرى التي كانتِ الصُّغْرى وما مات إلّا بعدَ ما مات قِرْنُهُ ... ولاقاهُ من هبَّاتِهِ الضَّيْغمُ الأَضْرى فَرَاهُ بِيُمناهُ بصارمِ نفسِهِ ... وخَلَّى على كُرْهٍ لصاحبِهِ اليُسرى وما زال أقرانُ الظهورِ مَقاتلًا ... وكيف تَوَقِّي الموتِ من حيثُ لا يُدْرَى وما ساقَ ذاك الحَتْفَ إلا شهادةٌ ... ترَكْتَ بها في كلِّ منزلةٍ نَشْرا

تعوَّضْتَ من فانٍ بباقٍ مخلَّدٍ ... وعوَّضتَني منكَ التأسِّيَ والأجرا فمِن منزلِ البَلْوى إلى منزلِ الرِّضا ... ومن عَرَض الدُّنيا إلى جَوْهرِ الأُخرى سأصبِرُ إلّا عن سَوابقِ عَبْرةٍ ... أرى أبدًا جَفْني بتصريفِها (¬1) يُغرَى وما عَذَّبَ الرّحمنُ بالدَّمع باكيًا ... يُداري بدمعِ العَيْن في قلبِه جَمْرا وما مَفْزَعُ المحزونِ إلّا إلى البُكا ... وكلُّ حَزازاتِ القلوبِ به تُقْرا وفي وَجْدِ يعقوب بيوسُفَ أُسوةٌ ... فلا تَعذِلوني اليومَ في عَبْرةٍ تُذْرَى وكلُّ فتًى قد كان للعينِ قُرّةً ... سيَملؤُها حَرًّا كما مُلئتْ قَرّا سَقَتْ جَدَثًا واراكَ كلُّ غَمامةٍ ... تُكَشّفُ عن أرضٍ حلَلْتَ بها الضُّرّا وحيَّاكَ عنّي كلُّ رَوْح ورحمةٍ ... وما شئتَ من نَوْرٍ ومن رَوْضةٍ خَضْرا ويا كبِدي هلّا تفَطَّرتِ حَسْرةً ... ويا أدمُعي هلّا جرَيْتِ له حُمْرا ويا فَرَطي إنّي ذَخَرْتُكَ لي غنًى ... ليومٍ يعودُ الأغنياءُ به فُقْرا [11 و] ويا مُودِعيهِ في الثَّرى هل عَلِمتمُ ... بأنَّ له في غيرِ أرضِكمُ قبرا نعَمْ، كلُّ قبرٍ قبرُهُ فإذا بَدَا ... قرَأْتُ عليه من تَذكُّرِه سَطْرا وإن لم أَزُرْهُ في الحياةِ وربّما ... فموعِدُنا المضروبُ نجعَلُه الحَشْرا وقال ليَ الإخوانُ: هلّا نقَلتَهُ ... وما نَقْلُ من بَوَّأْتُهُ القلبَ والصَّدْرا؟! أأقْربُ من فِكري وذكْري وخاطري ... فأمضيْ له ظَهْرًا وأَحْدو به سَفْرا أَعُقُّ بها أوصاَلَهُ لو فعلتُهُ ... وأرهقُهُ في غيرِ مَحْمَدَةٍ عُسْرا وأُنْصِبُ مَنْ رَدَّ الألهُ حياتَهُ ... وأوسَعَها لمّا طَوى عُمْرَهُ نَشْرا أَلا إنني استودعتُهُ اللهَ وحدَهُ ... وحَسْبي بنَصْرِ الله في ظُلمةٍ نَصْرا ¬

_ (¬1) م ط: "بتطريفها"

92 - عبد الملك بن محمد بن هشام بن سعد القيسي، شلبي، أبو الحسين، ابن الطلاء

92 - عبدُ الملِك (¬1) بن محمد بن هِشَام بن سَعْد القَيْسيُّ، شِلْبيُّ، أبو الحُسَين، ابن الطَّلّاء (¬2). رَوى ببلدِه عن أبي الحَسَن موسى بن قَنْتَلَة، وأبي القاسم محمد بن إسماعيلَ الزَّنْجانيِّ وتفَقَّه بهما، ولم يَذكُرْ أنهما أجازا له، ورَوى بغيرِها عن أبي بحرٍ الأسَديِّ، وأبوَي الحَسَن: ابن الأخضر -واختَلفَ إليه كثيرًا في علوم اللِّسان وعليه معوَّلُه فيها- ويونُسَ بن مُغِيث، وأبي الحُسَين سِرَاج بن عبد الملِك، وأبوَيْ عبد الله: ابن الحاجِّ، وتفَقَّه به، وابن شِبْرين وأخَذَ عنه عِلمَ الكلام (¬3) وأصُولَ الفقه، وأبي القاسم خَلَف بن صَوَاب، وأبوَيْ محمد: ابن عَتّاب وعبد المَجِيد بن عَبْدُون، وأبوَي الوليد: ابن رُشْد، وتفَقَّه به، وابن طَرِيف، وأجازوا له. وكتَبَ إليه مجُيزَا (¬4) من أهل الأندَلُس: أبو الأصبَغ عبدُ العزيز بن الحَسَن الحَضْرَميُّ المَيُورْقيّ، وأبو بكرٍ الطَّرْطُوشيُّ نزيلُ الإسكندَريّة، وأبوا جعفر: ابنُ بَشْتَغِير وابن المُرْخِي، وآباءُ الحَسَن: شُرَيْح وعبدُ الرّحمن بن عبد الله بن عَفِيف وعَبّادُ بن سِرْحان، وآباءُ عبد الله: أحمد الخَوْلانيُّ وابنُ أبي الخَيْر وابنُ الطّلّاع وابنُ أُختِ غانم، وأبو عبد الملِك ابن الجعْديله، وأبوا عليّ: الصدَفي، وسَمِع منه، والغَسّاني، وأبو عِمرانَ بن أبي تَلِيد، وآباءُ القاسم: الأحمَدانِ: ابنُ منظور وابنُ أبي الوليد الباجِيُّ، والحَسَن الهَوْزَنيُّ وخَلَفُ بنُ الأبرَش، وأبو محمد بن السِّيْد؛ ومن أهل المشرِق: أبو الحَسَن عليُّ بن المُشَرَّف بن مُسَلَّم وأبو الطاهِر السِّلَفيّ ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1055)، وابن الأبار في التكملة (2431)، وفي معجم أصحاب الصدفي (232)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 403، والذهبي في المستملح (583)، وتاريخ الإسلام 12/ 30. (¬2) في هامش ح: كان أبوه يطلي اللجم وغيرها بالفضة فنسب إلى ذلك. (¬3) م ط: علم العربيّة، وما جاء في ح أقرب إلى ما قاله ابن الأبار إذ ذكر في التكملة أنه كان ذا مشاركة في علم الاعتقادات وأصول الديانات وأنه حذق ذلك على ابن شبرين. (¬4) "وكتب إليه مجيزًا": مكررة في م ط.

93 - عبد الملك بن محمد بن وليد، قرطبي فيما أظن، ابن الخليع

وأبو عبد الله بن منصور الحَضْرَميّ [11 ظ]. وحدَّث بحُكم الإجازة العامّة عن أبي الفَضْل أحمدَ بن الحُسَين بن إبراهيمَ بن خَيْرُون البغدادي. ومن شيوخِه الأندَلُسيِّين ولا أتحقَّقُ الآنَ كيفيّةَ أخْذِه عنه: أبو محمد النَّفْزِيُّ المُرْسِي. رَوى عنه [....] (¬1) وأجازَ الرّوايةَ عنه لجميع المسلمينَ قبلَ وفاتِه بيومَيْن. وكان محدِّثًا حافظًا متّسعَ الرِّواية حسَنَ الخَطّ ضابطًا مُتقنًا، بَصيرًا بالحديث عاكفًا عليه، عارفًا بالفقه وأصُولِه وعلمِ الكلام، وافرَ الحظّ من علوم اللِّسان نَحْوًا وأدبًا ولُغةً ونَسَبًا، معروفَ الفَضْل، كريمَ الخُلُق، جميلَ العِشْرة، واستُقضيَ بحِصْن مرجيقَ في فتنة ابن قسي، وشُوورَ ببلدِه وخَطَبَ به، ثُم صُرِف عنهما معًا. واستمرَّ على إمامةِ الفريضة بجامع بلدِه إلى أن توفِّي به ضَحْوةَ يوم الأربعاء لخمسٍ بقِينَ من صَفَرِ أحدٍ وخمسينَ وخمس مئة، ومولدُه بعدَ صلاة العصر من يوم جمُعةٍ سنةَ خمسٍ وسبعينَ وأربع مئة. 93 - عبدُ الملِك (¬2) بن محمد بن وليد، قُرطُبيٌّ فيما أظُنّ، ابنُ الخَلِيع. رَوى عن أبي القاسم خَلَف بن عبد الله بن مُدِير سنةَ ستٍّ وسبعينَ وأربع مئة. 94 - عبدُ الملِك بن محمد بن يوسُفَ. 95 - عبدُ الملِك بن محمد الأَزْديُّ، أبو مَرْوان. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجي. 96 - عبدُ الملِك (¬3) بن محمد البَكْريُّ، قُرطُبي، أبو الفَوارس. رَوى عن أبي محمد قاسِم بن محمد المَرْوانيِّ الشَّبَانَسِي. رَوى عنه أبو محمدٍ الرِّكْلي، وكان أديبًا. ¬

_ (¬1) بياض في الأصول وتتمته في حاشية ح: "أبو بكر بن خير وأبو القاسم القنطري وعقيل بن محمد بن العقل وغيرهم". وهو من التعليقات المزيدة وليس من أصل المؤلف. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2409)، وقد سقطت هذه الترجمة جملةَ من النسختين م ط. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2402).

97 - عبد الملك بن محمد العبدري، أبو مروان

97 - عبدُ الملِك بن محمد العَبْدَريُّ، أبو مَرْوان. رَوى عن أبي عليّ بن سكّرةَ، وأبي محمد بن أبي جعفر. 98 - عبدُ الملِك (¬1) بن محمد، بَلَنْسِيّ، سكَنَ قُرطُبةَ، أبو مَرْوان، ابنُ جَرْيُول وابنُ القبُّراط (¬2). أخَذَ عنه الطبَّ أبو الحُسَين عُبَيدُ الله بن محمد المَذْحِجِيّ وأبو الوليد بن رُشْد، وكان أحَدَ المَهَرةِ في صناعة الطبِّ مُعترَفًا له بالتقدُّم فيها. 99 - عبدُ الملِك (¬3) بن مُجْبَر بن محمد البَكْريُّ، مالَقيٌّ، أبو مَرْوان. رَوى عن أبي الحُسَين ابن الطَّراوة، وأبوَيْ عبد الله: ابن مُزاحِم وابن أُخت غانم. رَوى عنه أبو الحَسَن صالحُ بن خَلَف وأبو زيد السُّهَيْلي، وأبو عبد الله ابنُ الفَخّار، ودَحْمانُ بن عبد الرّحمن؛ وكان من أهل المعرِفة بالقراءات [12 و] والنَّحْو والأدب، درَّس ذلك طويلًا، وشُهِرَ بالنُّبلِ والفَضْل. 100 - عبدُ الملِك (¬4) بن مُختار، من ساكني قُرطُبةَ. رَوى عن أبي حَرْشانَ وتأدَّب به في النَّحوِ واللّغة. 101 - عبدُ الملِك بن مَرْوانَ بن أَبَانٍ القُرَشيّ، طُلَيْطُليّ. كان من أهل العلم وجَلالة البيتِ والتبريزِ في العَدالة، حيًّا سنةَ إحدى وأربعينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2430)، وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء (534). (¬2) في م ط: "القنبراط"، وفي التكملة: "كنبراط". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2429)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 406، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 114 نقلًا عن ابن الزبير وابن عبد الملك. (¬4) ترجمه الزبيدي في طبقات النحويين (265)، وابن الأبار في التكملة (2392)، والفيروآبادي في البلغة (208)، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 114. وقد وقعت هذه الترجمة في نسختي م ط بعد التي تليها.

102 - عبد الملك بن مروان بن رزيق، بطليوسي ماردي الأصل، ابن الغشاء

102 - عبدُ الملِك (¬1) بن مَرْوانَ بن رُزيق، بَطَلْيَوْسيٌّ مارِديُّ الأصل، ابنُ (¬2) الغَشّاء. رَحَلَ سنةَ تسع وثلاث مئة معَ أخيه محمد (¬3)، ولأخيه محمد هذا سَماعٌ من أبي بكر بن أبي داود وأبي القاسم البَغَويِّ وغيرهما، ولعلّه اشتَركَ معَه في الرِّواية، واللهُ أعلم. 103 - عبدُ الملِك (¬4) بن مَرْوان الغافِقيُّ. رَوى عن فَضْل بن سَلَمةَ. 104 - عبدُ الملِك (¬5) بن مَسْعَدةَ [....]، (¬6) بن معاويةَ بن صالح، قُرطُبيّ، أبو مَرْوان. كان من فُقهاء بلدِه ونبهائه، وتوفِّي به في ذي الحجّة سنةَ ستٍّ وثمانينَ وثلاث مئة، وشَهِدَ جَنازتَه خَلْقٌ عظيم. 105 - عبدُ الملِك (¬7) بن مَسْعود بن أبي الخِصَال بن فَرَج بن خَلَصةَ أبي الخِصَال الغافِقيُّ، قُرطُبيٌّ فَرْغَليطيُّ الأصل، أبو مَرْوان، ابنُ أبي الخِصَال. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2398). (¬2) في م ط: "أبو" محرفة. (¬3) مترجم في تاريخ ابن الفرضي (1249). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2397). (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2393). (¬6) بياض في النسخ، فكأن المؤلف أراد أن يصعد نسبه إلى معاوية بن صالح، وقد ذكر ابن الأبار أنه من ولد معاوية بن صالح. (¬7) ترجمه العماد في الخريدة (قسم المغرب والأندلس) 3/ 561 - 563، والضبي في بغية الملتمس (1076)، وابن الأبار في التكملة (2422)، وابن سعيد في المغرب 2/ 68، والذهبي في المستملح (577)، وتاريخ الإسلام 11/ 710، والمراكشي في الإعلام 8/ 352.

وهُو أخو ذي الوِزارتَيْن أبي عبد الله وصغيرُه. رَوى عن أبي بحرٍ وغيرِه من أعلام أهل العلم بقُرطُبة. رَوى عنه أبو عبد الله ابنُ العَوِيص. وكان من أهل الأدبِ والتقدُّم في الكتابة والبلاغة والفصاحة، ذا حظٍّ من قَرْض الشِّعر، وكتَبَ عن بعض رُؤساءِ لَمْتُونَةَ بمَرّاكُشَ وبفاسَ وبغيرِهما، ثم تَخَلى عن ذلك وانقَطعَ إلى الله وأقبَلَ على ما يَعْنيهِ من أمر مَعادِه. وتوفِّي لستٍّ بَقِينَ من شهر ربيع الأوّل سنةَ تسع وثلاثينَ وخمس مئة ابنَ نحوِ ستينَ سنةَ، ورَثاه أخوهُ كبيرُه أبو عبد الله بقصائدَ فرائد، منها هذه القصيدةُ [الكامل]: الصبرُ أَجملُ لو أطَقْتُ الأَجمَلا ... وأَخفُّ لو صَدَقَ التجمُّلُ مَحْمَلا يا واحدًا عمَّ الجميعَ مُصابُهُ ... ما كنتَ إلا عارضًا مُتَهلِّلا قُدِّمتَ قَبْلي في الوفاةِ وهكذا ... يتقدَّمُ الأخيارُ أوَّلَ أوّلا ولقد تخرَّمَتِ المَنِيّةُ شَطْرَنا ... وبقِيتَ في شَطْرٍ فكان الأفضلا [12 ظ] عِشْنا بذلك حِقبةً في غِبطةٍ ... ونَداكَ يحمِلُ كلَّ عِبءٍ أثقَلا وسدَدْتَ خُلَّةَ من مضَى لمّا انقضَى ... واستقبَلَ الباقونَ خَطْبًا مُقبِلا وكفَيْتَني وكَفيْتَهمْ ما يُتَّقى ... وجَلَوْتَ خَطْبَ الدهرِ عنّا فانْجلَى فلْيَبْكِيَنَّكَ كلُّ نادٍ صالحٍ ... ولَيَنْدُبَنَّكَ مَن أَحبَّ ومَنْ قَلَى ولَيَبْقَيَنَّ عليكَ ذكْرٌ ناصعٌ ... ما أدبَرَ اللّيلُ البَهيمُ وأقبَلا جَمَّلْتَ عِشرتَنا وطولَ زمانِنا ... لمّا تَفَرَّطنا فكان كَلا ولا يا مَنْ تواضَعَ قَدْر عن رِفعةٍ ... ما فوقَ ما أصبحتَ فيه مُعْتَلى فاستَوْفِ حَظَّكَ عندَ ربِّكَ كلَّهُ ... واحطُطْ لدَيْه فقد بلَغْتَ المنزِلا فلهُ ترَكْتَ الفانياتِ ولم تزَلْ ... بالباقياتِ الصّالحاتِ مُوَكَّلا

ما مرَّ يومٌ من حياتِكَ عاطلًا ... بل كان بالتَّقوى مُحلًّى مُخْمَلا واللّيلُ يَعرِفُ منكَ (¬1) نِضوًا خاشعًا ... لله يَسكُبُ فيه دمعًا مُسْبَلا ما ذاق طَعْمَ النومِ إلّا خِلسةً ... بَخِلتْ على أجفانِه أن يُكحِلا فطَواهُ بينَ ركوعِهِ وسجودِهِ ... بدموعِ تقواهُ مندًّى مخضلا أحشاؤُهُ موقوذهٌ ولسانُهُ ... يُهدي إلى الله الكتابَ مُرَتّلا ماذا أُؤَمِّلُ بعدَ وَضْعِك في الثَّرى ... هَيْهات أخطأَ آملٌ ما أمَّلا يا واهبَ العِلْقِ النَّفيسِ أخذْتَهُ ... فاجعَلْهُ في دارِ الرِّضا مُتَقَبَّلا ولقد فَقَدْتُ سَمِيَّهُ مِنْ قبلِهِ (¬2) ... مُتضرِّجًا بدَمِ الفؤادِ مُقَتّلا رُزْءٌ على رُزْءٍ تتابَعَ ثُكْلُهُ ... وكما ثَكِلْتُ فغايتي أن أُثكَلا عزَّيْتُ نَفْسي عنهما ولربّما ... غَلَبَ البكاءُ تجلُّدي فاستَرْسَلا يا أيُّها السَّهمُ المُغَبُّ لوقتِهِ ... لا بدَّ يومًا أن تُصيبَ المَقتَلا عُذْرًا أبا مَرْوانَ عِشتُ ولم أمُتْ ... كَمَدًا عليكَ وكان مَوْتي أسهَلا فاذهَبْ كما ذهبَ الحَيَا أحيَا الرُّبَى ... عُلْوًا وغادرَ كلَّ خَفْضٍ مَنْهَلا فلقد ترَكْتَ بناءَ صدقٍ خالدًا ... يبقَى جديدًا والجديدُ إلى بِلى يا ليتَني قدمِتُّ قبلَكَ سابقًا ... وبقِيتَ بعدي ثابتًا متَهلِّلا يَأْوي إليكَ طليقُنا وأسيرُنا ... وتَفُكُّ رِبقةَ (¬3) كلِّ عانٍ مُبتَلَى [13 و] ¬

_ (¬1) في م ط: "منه". (¬2) يقصد عبد الملك ولد صاحب المرثية وقد مرت ترجمته وقصيدة والده في رثائه في هذا السفر (الترجمة 91). (¬3) في م ط: "ربعة"

106 - عبد الملك بن مفرج بن يعلى اللحمي، قرطبي

لا تُخْلِفُ الأيامُ مثلَكَ ماجدًا ... أندَى وأعطَى في الحقوقِ وأبذَلا وأشدَّ في ذاتِ الإلهِ صَريمةً ... وأَمدَّ شَأْوًا في الصِّعابِ وأقولا لَوَدِدتُ بِرَّكَ أنْ يُشابَ بجَفْوةٍ ... فيكونَ عُذْرًا عند قلبي إنْ سَلا لكنْ صفَتْ منك الخلائقُ واعتَلَتْ ... عن علَّةٍ تُبْدِي العيونَ تنصُّلا صلَّى عليكَ اللهُ من متقدِّمٍ ... ظهَرَتْ كرامتُهُ فكان الأمثلا وسقَتْكَ دِيمةُ مُزْنةٍ هطَّالةٍ ... تَروي معَ العلم المُنيف المُجمَلا وتعهَّدتْكَ من المُهيمِنِ رحمةٌ ... فتحتْ إلى الفِردَوْسِ بابًا مُقفَلا أعدَدْتُ بعدَك حالتَيْنِ هما هما: ... صَبْرًا أُقيِّدُه ودمعًا مُهْمَلا هَمَلَتْ عليك العينُ إذ أقرَرْتَها ... ومن الوفاءِ بعهدِها ان تَهمُلا لم تَبْقَ لي في العيشِ بعدَكَ لذّةٌ ... ولئنْ أمَرَّ مذاقُهُ في ماحلا ناجَيْتُ قبرَكَ والدُّموعُ سوافحٌ ... ورأيتُ شخصَك بالضمير مُخَيَّلا ووَدِدتُ إذ عِشْنا معًا أنّا معًا ... إذ فات صِنْوُك (¬1) أن يكونَ الأعجَلا 106 - عبدُ الملِك بنُ مُفرِّج بن يَعْلَى اللَّحميُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا في حدودِ الخمسينَ وثلاث مئة. 107 - عبدُ الملِك بن مِقْدام الرُّعَيْنيُّ، إشبِيليٌّ. 108 - عبدُ الملِك (¬2) بن موسى بن عبد الملِك بن وَليد بن محمد بن وَليد بن مَرْوانَ بن عبد الملِك بن محمد بن مَرْوان بن خَطّاب، مُرْسيٌّ، أبو مَرْوان بن أبي جَمْرة. ¬

_ (¬1) في م ط: "صبوك". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2410)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 391، والذهبي في المستملح (574)، وتاريخ الإسلام 10/ 547.

109 - عبد الملك بن نصر بن باسه، أبو مروان

سَمِعَ أباه وأبا عَمْرٍو المُقرئَ، وأجاز له من أهل الأندَلُس: أبو عبد الله بنُ عابد (¬1) وأبو محمدٍ مكِّي، وأبو الوليد يونُسَ بن عبد الله بن مُغيث؛ ومن أهل المشرِق: أبو المعالي عبدُ الملِك بن عبد الله بن يوسُف ابنُ الجُوَيْني. رَوى عنه ابنُه أحمدَ، وتوفِّي بمُرْسِيَةَ لسبعٍ خَلَوْنَ من جُمادى الآخرة سنةَ خمس وثمانينَ وأربع مئة. 109 - عبدُ الملِك بن نَصْر بن باسُّه، أبو مَرْوان. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجي. 110 - عبدُ الملِك بن واجِب بن محمد بن واجِب، أبو القاسم. رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال. 111 - عبدُ الملِك (¬2) بن وَليد بن محمد بن وَليد، جَدُّ المرفوع النَّسَب آنفًا، مُرْسي، ابنُ أبي جَمْرة [13 ظ]. رَوى عن أبيه، رَوى عنه ابنُه موسى. 112 - عبدُ الملِك بنُ هارونَ بن يحيى -ويقال: ابنُ أبي دِحْية-, الجُمَحيّ، أبو مَرْوان. رَوى عن أبي إسحاقَ بن محمد بن محمد بن مَلْكُونَ، وأبي عَمْرٍو عَيّاش الأكبر ابن عَظِيمة. 113 - عبدُ الملِك (¬3) بن هاشم بن زكريّا المُرَاديُّ. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي. ¬

_ (¬1) في ح: "عائذ"، وفي م ط: "عايد"، وكله تصحيف، والصواب ما أثبتنا من التكملة، وهو أبو عبد الله ابن عبد الله بن سعيد بن عابد المعافري القرطبي المتوفى سنة 439 هـ، وهو مترجم في الصلة البشكوالية (1158)، وقيّد ابن فرحون "عابد" فقال: "وعابد بالباء الموحدة" (الديباج 2/ 324)، وينظر تاريخ الإسلام 9/ 584، وسير أعلام النبلاء 17/ 614. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2404)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 390. (¬3) ترجمه ابن الأبار في المعجم في أصحاب الصدفي (231)، ويصحح تعليقي عليه بهذه الترجمة.

114 - عبد الملك بن هذيل بن خلف بن لب بن رزين، أبو مروان، ذو الرياستين ملك شنت مرية الشرق

114 - عبدُ الملِك (¬1) بن هُذَيْل بن خَلَف بن لُبِّ بن رَزِين، أبو مَرْوان، ذو الرِّياستَيْن ملِكُ شَنْت مَرِيّةِ الشَّرق. وتَسمَّى في أوّل ولايتِه حُسامَ الدولة، ثم تَسمَّى ذا الرِّياستَيْن، وكان ذا نَجْدةٍ وإقدام وصَرامة، وله في الثَّغر وقائعُ مشهورة، وكان بعيدَ الشأوِ في الأدب، مديدَ الباع في النَّظْم والنّثر، أقَرَّ له بذلك بُلَغاءُ زمانِه. ومن نَظْمِه، وقد صُرِعَ عن فَرَسِه، فبَلَغَه أنّ بعضَ عُداتِه سُرَّ بذلك [البسيط]: إني سقطتُ ولا جُبنٌ ولا خَوَرُ ... وليس يدفعُ ما يأتي به القَدَرُ لا يشمتنَّ حَسوُدي إنْ سقطتُ فقد ... يكبو الجوادُ ويَنبُو الصارمُ الذَّكَرُ هذا الكسوفُ يُرى تأثيرُه أبدًا ... ولا يعابُ به شمسٌ ولا قَمَرُ وديوانُ كلامِه نظمًا ونثرًا متداوَلٌ بين أهل ذلك الشّأن، وكان ممّن أقَرَّه أميرُ المؤمنينَ يوسُفُ بن تاشَفين على مَوضِعِه فلم يتغيَّرْ له حالٌ إلى أن توفِّي، عَفَا اللهُ عنه. 115 - عبدُ الملِك (¬2) بن هِشَام التُّجِيبيُّ، سرَقُسْطيٌّ (¬3)، أبو مَرْوان. رَوى عن أبي عبد الله بن مَيْمونٍ الحُسَيني. رَوى عنه أبو محمد الرِّكْلي. 116 - عبدُ الملِك (¬4) بن هِشَام الجُذَاميُّ، قُرطُبيٌّ، أبو محمدٍ وأبو مَرْوان. رَوى بالأندَلُس عن أبي محمد بن عَتّاب، وله رحلةٌ إلى المشرِق، لقِيَ فيها بالإسكندَريّة أبا الطاهر السِّلَفي وأخَذ عنه سنةَ سبع وستينَ وخمس مئة. وحَجَّ، ورَوى عنه بمكّةَ شرَّفَها اللهُ، أبو عليّ ابنُ العَرْجاء. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن دحية في المطرب (39)، وابن الأبار في الحلة السيراء 2/ 108 - 115، والفتح في قلائد العقيان (51)، وابن سعيد في المغرب 2/ 428، وابن عذاري في البيان المغرب 3/ 181، وابن فضل الله في المسالك 11/ الورقة 446، وابن الخطيب في أعمال الأعلام (206)، وغيرهم. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2411). (¬3) من هنا إلى قوله: "الحسيني" سقط من م ط. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2436).

117 - عبد الملك بن يحيى بن بالغ الجذامي

117 - عبدُ الملِك بن يحيى بن بالِغ الجُذَاميُّ. رَوى عن أبي الحَسَن عَبّاد بن سِرْحان، وكان حيًّا سنةَ تسعَ عشْرةَ وخمس مئة. 118 - عبدُ الملِك (¬1) بن يحيى بن عُمرَ الجُذَاميُّ، قُرطُبيٌّ، أبو الحَسَن وأبو مَرْوان، ابنُ المَرْجُونيّ. رَوى عن أبوَيْ عبد الله: ابن أبي أحَدَ عَشَر وابن وَضّاح، وأبي الوليد بن رُشْد. وأجاز لهُ أبو الحَكَم بن غَشِلْيانَ [14 و]، وأبو عبد الله بنُ أبي الخَيْر، وأبو المُطَرِّف بنُ هارونَ. ورَحَلَ وحَجَّ، وأخَذَ بمكّةَ شرَّفَها اللهُ عن قاضي الحَرَمَيْن أبي [القاسم] (¬2) عبدِ الرّحمن بن عليّ الشَّيْبانيِّ الطَّبَري، رَوى عنه أبو القاسم ابنُ بَشْكُوال، وهُو في عِداد أصحابِه. 119 - عبدُ الملِك (¬3) بن يَزيدَ بن مَرْوانَ بن عبد الرّحمن بن مَرْوانَ بن عبد الرّحمن الناصِرِ لدِين الله المَرْوانيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو مَرْوان. كان قائمًا على اللغة شديدَ العناية بها وبحِفظِها وضَبْطِها، وله تأليفٌ في المُثلَّث على حروفِ المعجَم سَمّاه: "بَحْرَ الدُّرَر ورَوْضَ الفِكَر"، وكان حيًّا سنةَ إحدى وعشرينَ وخمس مئة. 120 - عبدُ الملِك (¬4) بن يوسُف بن عبدِ رَبِّه. رَوى سَماعًا عن أبي اللَّيث نَصرٍ السَّمَرْقَنْديِّ وأبي الوليد الباجِي، وله إجازةٌ من أبي الوليد الوَقَّشي. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2432). (¬2) بياض في النسخ، وأثبتناه من حاشية ح ومصادر ترجمته. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2415). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2417)، والذهبي في المستملح (575)، وتاريخ الإسلام 11/ 520.

121 - عبد الملك بن يوسف بن نصرون الأزدي، أندلسي

رَوى عنه أبو عبد الله المِكْناسيّ. وكان محدِّثًا عَدْلًا من أهل الأدبِ والكتابة والتصَاوُنِ والفَضل، أسمَعَ الحديثَ بشاطِبَةَ، وتوفِّي بها قبلَ الثلاثينَ وخمس مئة. 121 - عبدُ الملِك بن يوسُف بن نَصْرون الأَزْديُّ، أندَلُسيٌّ. رَحَلَ ورَوى بمِصرَ عن مَهْديّ بن يوسُف الوَرّاق "التّلقينَ" سماعًا منه في شوّالِ ثلاثٍ وسبعينَ وأربع مئة. 122 - عبدُ الملِك بن يوسُفَ، أبو الوليد، ابنُ القلالة. رَوى عن أبي الحُسَين ابنِ الطَّلّاء. 123 - عبدُ الملِك بن المَدِينيّ، أبو مَرْوان. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي. 124 - عبدُ الملِك السالِميّ، أبو مَرْوان. تَلا على أبي القاسم عبدِ الوهّاب بن محمد، تَلا عليه أبو الحَسَن بن عبد الله ابن ثابِت، وكان مُكتِبًا مُجوِّدًا ضابِطًا. 125 - عبدُ المُنعِم بن سَمَجُونَ، أبو محمد. رَوى عن أبي عليّ الغَسّاني. رَوى عنه أبو بكرٍ يحيى الأرْكَشيُّ، وأبو العبّاس ابنُ عثمان. ووَقَعَ في (¬1) "فوائدِ" أبي محمد عبد الله بن عبد الرّحمن العُثمانيِّ الدِّيباجِي بن أبي اليابِس: أنشَدَني أبو العبّاس، يعني ابنَ عثمانَ هذا، قال: أنشَدَني القاضي أبو محمدٍ عبدُ المُنعِم بن سَمَجُونَ بغَرْناطةَ لنفسِه [مخلّع البسيط]: لستُ وَجيهًا لدى إلهي ... هذا مدى عيشتي اعتقادي [14 ظ] لو كنتُ وَجْهًا لَما بَرَاني ... في عالمِ الكونِ والفسادِ ولم يَذكُرْه ابنُ الأبّارِ في أصحابِ الغَسّاني. ¬

_ (¬1) في م ط: "فيه".

126 - عبد المنعم بن علي بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن الضحاك الفزاري، غرناطي، أبو محمد

126 - عبدُ المُنعِم (¬1) بن عليّ بن محمد بن إبراهيمَ بن عبد الرّحمن بن الضَّحّاك الفَزَاريُّ (¬2)، غَرْناطيٌّ، أبو محمد. أكثَرَ عن أبيه، وسَمِع أبا عبد الله ابنَ الفَرَس، وأجازَ له باستجازةِ أبيه أبو أحمدَ بن زَرْقُون، وآباءُ إسحاق: بن أحمدَ بن رَشِيق وابنُ ثَبَات وابنُ حُبَيْش وابنُ صالح، وأبو محمد ابنُ الإمام، وأبو الأصبَغ عبدُ العزيز بن عيسى بن عُبَادةَ، وعيسى بن محمد بن شاهد، وآباءُ بكر: عبدُ العزيز بن مُدِير وابنُ صافٍ الجَيّاني وابنُ العَرَبي وابنُ مَسْلمةَ ويحيى بنُ موسى البِرْزَاليُّ ويحيى ابنُ النَّفِيس، وآباءُ جعفر: ابن الباذِش والبِطْرَوْجي وابنُ خَلَف بن حَكَم، وأبَوا الحَجّاج: الأُنْديُّ وابن محمد بن عُمرَ بن جَبَلةَ، وآباءُ الحَسَن: طارقُ بن يَعيش وشُرَيْح وعبدُ الرّحيم الحِجَاريّ وعَبّاد بن سِرْحان وعَمْرُو بن بَدْر وابنُ عبد العزيز ابن الإمام وابنُ محمد ابن لُبّ والمالِطيّ، والمحمّدانِ: ابن أحمد بن خَيْثَمةَ وابن عَظِيمة، وأبو حَفْص بن أيوب، وأبو الحَكَم بن غَشِلْيان، وأبو زَيْد بن عليّ الخَزْرَجي، وآباءُ عبد الله: البغداديُّ والحَمْزي وابن عبد الرّحمن القُرَشيُّ وابنُ عبد الرَّزاق الكَلْبي وابنُ فَرَج وابن وَضّاح وابن يَبْقَى وابن أبي الخِصَال، وأبو عامرٍ محمدُ بن جعفرِ بن شرُويَة، وآباء العبّاس: ابن حَرْب وابنُ خَلَف النُّمَيْري وحامدُ بن أيوبَ، وأبو عِمْرانَ بن سيد، وأبو عَمْرٍ والخَضِر، وأبو الفضائل عيسى بن محمد، وأبو الفَضْل عِيَاض،- وآباءُ القاسم: الأحمدانِ: ابنُ محمد بن نُصَيْر وابن وَرْد، وعبدُ الرّحمن بن عبد الله بن سَعيد، وآباءُ محمد: شُعَيْب الأشجَعيُّ وابن خَطّاب والرُّشَاطيُّ والوَحِيدي، وأبو عليّ بنُ عبد العزيز بن فَرَج، وأبو مَرْوانَ بن مسَرَّةَ، وأبو الوليد ابنُ الدَّبّاغ. رَوى عنه أبو القاسم المَلّاحي، قال ابنُ الأبار: وكانْ في عِدَادِ أصحابِه. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وليس كذلك عندي. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2550)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 26. (¬2) حاشية ح: "ابن البقري، وابن الضحاك".

127 - عبد المنعم بن علي بن محمد بن عبد الله بن حزمون الكلبي، قرطبي روى عن أبي داود بن يحيى المعافري

وحَدَّث عنهُ بالإجازة: القاضي أبو الوليد بنُ الحاجّ، وقال: جاوَرَنا بقُرطُبةَ، وكان يُستعمَلُ في خُطّة القضاءِ بأنظارِها [15 و] وكان لا بأسَ به. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: مولدُه على ما استُقرئَ من إجازاتِ الشيوخ آخِرَ إحدى أو أوّلَ اثنتينِ وثلاثينَ وخمس مئة (¬1). 127 - عبدُ المُنعِم (¬2) بن عليّ بن محمد بن عبد الله بن حَزْمُونَ الكَلْبيّ، قُرطُبيّ. رَوى عن أبي داودَ بن يحيى المَعافِريّ. 128 - عبدُ المُنعِم (¬3) بن عُمرَ بن عبد الله بن حَسَّانَ الغَسَّانيُّ، جِلْيَانيٌّ نزَلَ القاهرةَ من مِصر، أبو الفَضْل وأبو محمدٍ. تجَوَّلَ ببلاد المشرِق سائحًا وحَجّ. رَوى عنه أبو الحَسَن عليُّ بن عبد الله ابن عبد الرّحيم الخطيبُ بضَريح الخليل، وأبو عبد الله بنُ يحيى المُرسِي؛ وكان أديبًا بارِعًا حكيمًا ناظمًا ناثرًا، وله مصَنَّفاتٌ، منها: "جامعُ أنماطِ الوسائل في القَريض والخُطَب والرسائل" أكثرُه كلامُه نظمًا ونثرًا، ومنه: قولُه -في سنة ثمانٍ وخمسينَ (¬4) وخمس مئة-[الطويل]: ¬

_ (¬1) هامش ح: "مولده سنة ست وثلاثين وخمس مئة، وتوفي سنة عشر وست مئة". (¬2) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 23. (¬3) ترجمه ياقوت في "جليانة" من معجم البلدان 2/ 157، وابن الدبيثي في تاريخه 4/ 292، وابن النجار في التاريخ المجدد 1/ 174، وابن الشعار في قلائد الجمان 4/ الورقة 127، وابن الأبار في التكملة (2551)، وفي تحفة القادم 90، وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء (مع أطباء بلاد الشام) 630، وابن سعيد في الغصون اليانعة 104 - 108، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 21، والذهبي في المستملح (619)، وتاريخ الإسلام 13/ 78 نقلًا من التكملة الأبارية وغيرها، ثم أعاده في المتوفين على التقريب 13/ 259 نقلًا من عيون الأنباء لإبن أبي أصيبعة، والصفدي في الوافي 19/ 224، وابن شاكر في فوات الوفيات 2/ 407، وذكر الذهبي أن ممن ترجم له: العماد في الخريدة، والقوصي في معجم شيوخه. (¬4) في التكملة: "وستين"، وكذلك جاءت الإشارة في حاشيته.

129 - عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم بن محمد بن فرج بن خلف بن سعيد بن هشام الخزرجي، غزناطي، أبو محمد، ابن الفرس

ألا إنّما الدُّنيا بحارٌ تلاطَمَتْ ... فما أكثرَ الغرقى على الجَنَبَاتِ وأكثرُما لاقَيْتُ يُغْرِقُ إلْفَهُ ... وقلَّ فتًى يُنْجي منَ الغَمَراتِ توفِّي سنةَ ثلاث وست مئة (¬1). 129 - عبدُ المُنعِم (¬2) بن محمد بن عبد الرّحيم بن محمد بن فَرَج بن خَلَف بن سَعيد بن هِشَام الخَزْرَجيُّ، غَزناطيٌّ، أبو محمد، ابنُ الفَرَس. تَلا بحَرف (¬3) نافع على جَدِّه، وبالسَّبع على أبي الحَسَن بن هُذَيل وقرَأَ عليهما، وسَمِع غيرَ ذلك، وبحرف نافع على أبي بكر بن الخَلُوف. ورَوى قراءةً وسماعًا على أبوَيْ عبد الله: أبيه -وتفَقَّه به في الحديث وأصُولِ الفقه وعلم الكلام- وابن سَعادةَ، وأبي عامر بن شرُويَةَ، وأبي محمد بن أيّوبَ الشاطِبيّ، وأبوَي الوليد: ابن بَقْوةَ وابن الدَّبّاغ، وأكثرً عنه، وناوَلَه أبو الحَسَن ابنُ النِّعمة "تفسيرَه"، وأبو عامر السّالِميُّ بعضَ مصنَّفاتِه وغيرَها، وأبو محمد عاشِرٌ أجزاءً من شَرحِه "المُدوَّنة"، وكلُّهم أجاز لهُ مطلقًا، إلّا جَدَّه وأباه وابنَ الخَلُوف والسّالميَّ وابنَ شرُوَيةَ فإنّهم أجازوا لهُ ما روَوْه، وزاد السّالميُّ ما ألَّف. ورَوى قراءةً وسَماعًا أيضا عن أبي بكر بن الحُسَين بن بِشْر [15 ظ]، وأبي الحَسَن بن محمد بن زِيادةِ الله ¬

_ (¬1) ذكر ابن النجار الصفدي أنه توفي في ذي القعدة سنة 602 هـ، وذكر القوصي في معجمه على ما نقل منه أنه توفي في ذي الحجة سنة 603 هـ, وإنما نقل المؤلف من ابن الأبار، ولكن ابن الأبار لم يجزم بوفاته سنة 603، وإنما قال: أو نحوها، فالقول قول ابن النجار ومن تابعه، والله أعلم. وقال ابن الدبيثي: سألت عبد المنعم الغساني عن مولده فقال: ولدت يوم الثلاثاء سابع محرم سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة بقرية يقال لها: جليانة، من قرى غرناطة بالأندلس. (¬2) ترجمه المنذري في التكملة 1/الترجمة 628، وابن الأبار في التكملة (2549)، وفي تحفة القادم (81)، وابن سعيد في رايات المبرزين (85)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 25، والذهبي في المستملح (618)، وتاريخ الإسلام 12/ 1115، وسير أعلام النبلاء 21/ 364، وابن الخطيب في الإحاطة 3/ 541، وابن تغري بردي في النجوم 6/ 180، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 116، والمراكشي في الإعلام 8/ 382، وغيرهم. (¬3) في م ط: "حرف".

وأبي عبد الله بن إبراهيمَ الجُذَاميِّ، وأبوَي العبّاس: الخَرُّوبي وابن محمد بن زيادةِ الله، وأبي محمد عبد الجَبّار بن موسى السُّماتي (¬1)، ولم يَذكُرْ أنّهم أجازوا له. وأجازَ له من أهل الأندَلُس آباءُ بكر: ابنُ بَرُنْجال وابنُ طاهر المحدِّث وابن العَرَبي وابن فَنْدِلةَ وابن أبي ليلى، وأَبوا جعفرٍ: ابنُ عُمرَ بن قبليل وابن المُرخِي، وأبو الحَجّاج القُضَاعيّ، وآباءُ الحَسَن: شُرَيْح وابنُ الباذِش وابن مَوْهب وابن نافِع ويونُسَ بن مُغِيث، وآباءُ عبد الله: الحَمزي (¬2) وابنُ سُليمانَ البُونْتِيّ وابنُ صافٍ الجَيّاني وابن غُلام الفَرَس وابن معمَر وابن نَجَاح وابن وَضّاح وابن أبي الخِصَال، وأبو عبد الرّحمن مُساعِدٌ الأضبُحي، وأبو العَبّاس ابن النَّخّاس، وأبوا القاسِم: ابنُ بَقِيّ وابنُ وَزد، وآباءُ محمد: الرُّشَاطيُّ وسِبْطُ بن عبدِ الله والوَحِيديُّ وعبدُ الحقّ بن عَطِيّة، وأبوا مَروانَ: الباجيُّ وابن قُزْمان، وأبو الوليد بن حَجّاج. ومن أهل سَبتةَ: أبو الفَضْل عِيَاضٌ. ومن أهل المشرِق: أَبوا بكر: المحمّدانِ: ابن عبد الباقي بن أحمد وابنُ عشير بن مَعروف الشِّروَاني، وأبو سعيدٍ ويقال: أبو سَغد (¬3) حَيْدرُ بن يحيى بن حَيْدَرةَ الجِيليّ (¬4)، وأبو الطاهِر السِّلَفِيُّ، وأبو عبد الله المازَرِيُّ المَهْدَويّ، وأبو عليّ الحَسَن بنُ عبد الله بن عُمرَ المقرئُ ابنُ العرجاء، وأبو الفَضْل جعفر بن زيد بن جامعِ بن الحَسَن الطائيّ، وأبو محمدٍ عبدُ الرّحمن وأبو المُظفَّر محمدٌ ابنا إمام الحَرَمَيْنِ وقاضيهما عليِّ بن الحَسَن الطَّبَري. رَوى عنه ابنُه أبو يحيى عبدُ الرّحمن، وأبو أحمدَ جعفرُ بن أبي الحُسَين بن زَعْرور، وأبو إسحاق ابنُ عبد الله بن قَسُّوم، وأَبوا بكر: ابنُ عبد النُّور وابنُ عَتِيق اللارِدِيّ، وأبَوا جعفرٍ: ابنُ زكريّا بن مسعود وابنُ عبد المَجِيد الجَيّار، وآباءِ الحَسَن: ابن الجَنّان وابنُ القَطّان وابنُ قُطْرال وابنُ واجِب وابنُ أبي ¬

_ (¬1) في ح: "الشماتي"، مصحف. (¬2) في م ط: "الجمزي". (¬3) "ويقال: أبو سعد": سقطت من م ط. (¬4) في م ط: "الجبلي".

محمد بن يحيى، وأبو الحُسَين عُبَيدُ الله بن عاصِم، وأبو الرَّبيع بنُ سالم، وأبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبو عبد الله التُّجِيبيُّ وابنُ عبد الحقِّ التِّلِمسيني، وأبَوا العبّاس: ابنُ الرُّوميّة وابنُ هارونَ، وأبَوا عَمرٍو: ابنُ سالم وسَعد بن محمد بن [16 و] عَزيز، وآباءُ القاسم المحمَّدونَ: ابنُ عبد الواحِد المَلّاحيّ وابنُ عامر بن فَرقَد وابن محمد بن عبد الرّحمن بن الحاجّ، وأبَوا محمد: ابنُ حَوْطِ الله وابن محمدٍ الكَوّاب، وأبو الوليد بن الحاجّ، وأبو يحيى هانئ. وحَدَّث عنه بالإجازةِ أبو بكر بن محُرِز، وأبو العبّاس العَزَفي، وأبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان. وكان من بيتِ علم وجَلالة مُستبحِرًا (¬1) في فنون المعارف على تفاريقِها، متحقِّقًا بها نافذًا فيها، ذكيَّ القلبِ حافظًا للفقه حاضرَ الذِّكْر لهُ، متقدِّمًا في علوم اللِّسان فصيحَ المنطِق، استَظهَرَ أوانَ طلَبه الكتابَيْن: "المُدوَّنة" و"كتابَ سِيبَوَيْه" وغيرَهما، وعُنيَ به أبوه وجَدُّه عنايةً تامّةً فأسمَعاهُ ممن أمكَنَ إسماعُه إيّاه من شيوخ زمانِه، واستجازا له مَن لم يتَأَتَّ له سَماعُهُ منهم، وطلَبَ بنفسه فاتّسَعتْ بذلك روايتُه وعَظُمت درايتُه، وشارَكَ الجِلّةَ من أعلامِ بقايا المئة السّادسة كأبي جعفر بن مَضَاءٍ وأبوَي القاسم: ابن حُبَيْش والسُّهيْلي، وأبي محمد بن عُبَيد الله في الرِّواية بالسَّماع عن طائفةٍ كبيرة من شيوخِهم، وانفَردَ عنهم بكثرةِ المُجيزين له حسْبَ ما مرَّ ذكْرُه مفصَّلًا. وكان آخِرَ تلك الطبقة وخاتمةَ أكابرِها، وقيَّد بخطِّه البارع كثيرًا، واعتنَى بـ "كتابِ سِيبوَيْه" ومصنَّفاتِ الفارِسيِّ وابن جِنِّي، وله مصنَّفات كثيرة ومختصَراتٌ نبيلة ونَظْم ونثر، وكلُّ ذلك شاهدٌ بمتانةِ عِلمِه وصحّةِ إدراكِه، ومن أجلِّها: مصنَّمُه في "أحكام القرآن"، فإنهُ أجَلُّ ما أُلِّفَ في بابه، وهُو الذي قال فيه الناقدُ أبو الرَّبيع بنُ سالم: وهُو كتاب حَسَنٌ مُفيد جَمَعَه في رَيعانِ الشَّبِيبتَيْن من طلَبِه وسنِّه، فللنَّشاطِ اللازم عن ذلك أثرُه في حُسن ترتيبِه وتهذيبِه. وفَرَغَ من تأليفِه ¬

_ (¬1) في م ط: "مستنجزًا".

بمُرسِيَةَ عامَ ثلاثة وخمسينَ وخمس مئة، وله في الأبنِية مصنَّف نافع، واستُقضيَ بغير مَوْضِع (¬1) وعُرِف بالطّهارة والجَزالة في أحكامِه. قال أبو القاسم بنُ فَزقد: سألنا من القاضي العالِم أبي محمد بن حَوْطِ الله أن نسمَعَ منه كتابَ السِّيرة، قال: فأسمَعَنا منه دُوَلًا، ثُم لمّا كان ذاتَ يوم رَمَى من يدِه [16 ظ]، الكتابَ، وقال: أرى أنّ هذا خِيانة، قُلنا: وما ذاك يا سيِّدَنا؟ قال: الذي أعتمِدُ عليه في سَماع هذا الكتابِ منه قد وَصَلَ، فقوموا بنا إليه، قال: فحَمَلَنا إلى خارج البلدِ من جهة النَّهر الأعظم وأدخَلَنا على أبي محمد عبد المُنعِم ابن الفَرَس في خِبَائه وقُدِّر أنْ سَمِعنا عليه والحمدُ لله، قال أبو القاسم: فشاهَدْتُ من أبي محمد عبد المُنعِم من الذّكاءِ والإدراكِ ما لم أعهد مِن غيرِه، ورأيتُ مناظَراتٍ أُخَرَ وكأنّي لم ألقَ قبلَه أحدًا، في كلامٍ غيرِ هذا. وقال أبو الرَّبيع بن سالم: سَمِعتُ أبا بكر بنَ الجَدِّ، وحَسْبُكَ به شاهدًا في هذا الباب، يقولُ غيرَ مرّة: ما أعلمُ بالأندَلُس أحفَظَ لمذهبِ مالك من عبد المُنعِم ابن الفَرَس بعدَ أبي عبد الله بن زَرْقُون. وكان المنصُورُ من بني عبد المؤمن كلّما وقَعَتْ إليه مسألة غريبة وقَدَّر شذوذَها، ذِكرًا أو فَهْمًا، عن الحاضِرينَ بمجلسِه من أهل العلم -وكان أبو محمدٍ هذا من أجَلِّهم- أجرى ذكْرَها بينَهم، فوقَعَت المُذاكَرةُ فيها بينَهم، حتّى إذا استَوفى كلٌّ منهم ذكْرَ ما حضره فيها استَشْرفَ المنصُورُ إلى الشُّفوف عليهم ¬

_ (¬1) هامش ح: ولي قضاء جزيرة شقر ثم وادي آش ثم جيان ثم غرناطة ثم عزل عنها ثم وليها الولاية التي كان من بعض ظهيره بها قول المنصور له: أقول لك ما قاله موسى عليه السلام لأخيه هارون: {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: 142] وجعل إليه النظر في الحسبة والشرطة وغير ذلك فكان له النظر في الدماء فما دونها، ولم يكن يُقطع أمر دونه ببلده وما يرجع إلى نظره وقام في ذلك أحسن قيام وظهرت سيرته. اهـ. وهذا النص مأخوذ عن صلة الصلة.

130 - عبد المنعم بن موسى بن يوسف الأوسي، إشبيلي فيما أحسب

باستقصاء ما من الأجوبة فيها لديهم، فعندَ ذلك يتقَدَّمُ أبو محمد فيقول (¬1): بقِيَ فيها كذا وكذا، فيأتي على ما كان المنصورُ قد أعَدَّه للظُّهورِ بينَهم، وكثُرَ هذا من أبي محمد حتى استَثْقَلَه المنصورُ، فكان من أكبرِ الدواعي إلى هجرتِه إيّاه. وقال أبو عبد الله التُّجِيبيّ، وقد عَدَّه في شيوخِه: لقِيتُهُ بمرسِيَةَ سنةَ ستٍّ وستينَ وخمس مئة، وقتَ رِحلتي إلى أبيه، فرأيتُ من حِفظِه وذكائه وتفنُّنِه في العلوم ما عجِبتُ منه، وكان يَحضُر معَنا التدريسَ والإلقاءَ عن أبيه، فإذا تكلَّم أنْصَتَ الحاضِرونَ لجَوْدة ما يَنُصُّه وإتقانِه واستيفائه جميعَ ما يجبُ أن يُذكَرَ في الوقت. وكان نحيفَ البَدَن كثيفَ المعرِفة عظيمَها، شاعرًا مطبوعًا، وأنشَدَني كثيرًا من شعرِه، واضْطَرَبَ في روايتِه قبلَ موتِه بيسير لاختلالٍ أصابَهُ صَدْرَ خمس وتسعينَ وخمس مئة، معَ عِلّةِ خَدَرٍ طاوَلتْه فتركَ الأخْذ عنه، إلى أن توفِّي على تلك الحال بغَرناطةَ عند صلاةِ العصر من يوم الأحد لأربع خَلَوْنَ من جُمادى الآخِرة سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة، [17 و]، ودُفنَ خارجَ بابِ إلبِيرة، وشَهِدَ جَنازتَه عالم لا يُحصَوْنَ كثْرةً، وكسَرَ الناسُ نَعْشَه وتقَسَّموه تبركًّا به. ومولدُه سنةَ أربع وعشرينَ وخمس مئة، قاله أبو سُليمانَ بنُ حَوْطِ الله وأبو القاسم بنُ فَرقَد. وقال ابنُه أبو يحيى عبدُ الرّحمن وأبو محمد ابنُ القُرطبيِّ عنه: إنّ مولدَه سنةَ خمسٍ وعشرينَ، زادَ أبو الرَّبيع بنُ سالم: آخِرَ السنة. 130 - عبدُ المُنعِم بن موسى بن يوسُفَ الأَوْسيُّ، إشبِيلي فيما أحسِب. 131 - عبدُ المُنعِم (¬2) بن ياسين بن عبد الوهّاب الأَزْديُّ، غَرْناطيّ، أبو محمد. رَوى عن شُرَيْح، وكان ضَريرًا (¬3). ¬

_ (¬1) في م ط: "فتقوم"، وهو خطأ بين. (¬2) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 24، وهي ترجمة أوسع مما هنا، ونقل فيها عن الملاحي. (¬3) ذكر ابن الزبير أنه توفي سنة ثمان وثمانين وخمس مئة أو نحوها.

132 - عبد المنعم بن يحيى بن خلف بن النفيس الحميري، غرناطي، سكن الجزيرة الخضراء ثم مراكش ثم الإسكندرية، أبو الطيب وأبو محمد، ابن الخلوف

132 - عبدُ المُنعِم (¬1) بن يحيى بن خَلَف بن النَّفِيس الحِميَريُّ، غَرْناطيّ، سكَنَ الجزيرةَ الخَضْراء ثم مَرّاكُشَ ثم الإسكندَريّة، أبو الطّيِّب وأبو محمد، ابنُ الخَلُوف. تَلا بالسَّبع على أبيه وأبوَي الحَسَن: ابن عبد الله بن ثابت وابن هُذَيْل، وأبي القاسم ابن الفَرَس، وبحَرْف نافع باشبيلِيَةَ على أبي الحَسَن شُرَيْح، ورَوى عنهم وعن آباءِ بكر: ابن طاهِر المحدِّث وابن العَرَبي وابن المُرْخِي وابن مَسْعود، وآباءِ الحَسَن: عبدِ الرحيم الحِجَاريِّ وعَبّاد بن سِرْحان وابن اللَّوّان وابن مَوْهب ويونُسَ بن مُغيث، وأبي داودَ الِهشَامي، وآباءِ عبد الله: جعفرٍ حفيدِ مكِّي والبغداديِّ، وأبي مَعمَر والنَّوَالِشيّ وابن أبي الخِصَال، وآباءِ العبّاس: ابن ثُعبانَ وابن حَرب وابن عَيْشُون، وأبي الفَضْل عِيَاض، وأبوَي القاسم: ابن رِضا وابن وَرد، وأبوَيْ محمد: الوَحِيديِّ وعبد الحقّ بن عَطِيّة، وأبوَيْ مَروان: ابن بُونُه وابن مسَرَّة، وأبوَي الوليد: ابن بَقْوةَ وابن خِيَرةَ. ورَحَلَ إلى المشرِق وتجوَّل ببلادِه وحَجَّ، ولقِيَ أبا الطاهر السِّلَفيَّ وأخَذَ عنه، واستقَرَّ بالإسكندَريّة مُستوطِنًا فيها بعدَ حجِّه وحدَّث بها. رَوى عنه بالأندَلُس أبو عَمرٍو عثمانُ بن الجُمَيِّل ويوسُفَ بن أحمد البَهْرانيّ، وبالإسكندَريّة أبو الحَسَن بن خِيَرةَ ولقِيَه بها سنةَ أربع وثمانينَ وخمس مئة، وابنُ المُفَضَّل المَقْدِسيُّ (¬2)، وأبو عبد الله بن عبد الرّحمن التُّجيبي. وحدَّث عنه بالإجازة أبو العبّاس العَزَفيّ؛ وكان عارفًا بالقراءات ذاكِرا لها ذا حَظٍّ من العربيّة وطَرَفٍ صالح من رواية [18 ظ]، الحديث، رديءَ الخَطّ ¬

_ (¬1) ترجمه المنذري في التكملة 1/الترجمة 104، وابن الأبار في التكملة (2548)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 22، والذهبي في المستملح (617)، وتاريخ الإسلام 12/ 19، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 471، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 132، والمراكشي في الأعلام 8/ 381. (¬2) في م ط: "القرشي"، وهو علي بن المفضل المقدسي المتوفى سنة 611 هـ صاحب "وفيات النقلة".

133 - عبد المولى بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن سعادة بن أحمد المذحجي، لوشي

غيرَ ضابط أسماءَ شيوخِه؛ خرَجَ من وَطَنِه في الفتنة ونزَلَ مَرّاكُشَ وأكتَبَ جمها القرآنَ مُدّةً ثم رَحَلَ إلى المشرِق (¬1). 133 - عبدُ المَوْلى (¬2) بن محمد بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن محمد بن سَعادةَ بن أحمدَ المَذْحِجِيُّ، لَوْشِيٌّ. 134 - عبدُ المَوْلى بن أبي بكرٍ يحيى بن خَلَف بن النَّفِيس الحِمْيَريّ، غَرْناطيّ. رَوى عن أبيه وأبي إسحاقَ بن حُبَيْش وأبي الحَسَن شُرَيْح. 135 - عبدُ المُهيمِن كان محمد بن مُفرِّج الأنصاريّ. رَوى عن أبي القاسم المَلّاحي. 136 - عبدُ المؤمن (¬3) بن عبد البَرّ، أبو القاسم. رَوى عن أبي الحَسَن بن إبراهيمَ التِّبرِيزيّ بحِصن البُونْت (¬4). ¬

_ (¬1) حاشية ح: "توفي ابن الطيب هذا رحمه الله بالإسكندرية في العشر الأول لشهر ربيع الأول المبارك من سنة ست وثمانين وخمس مئة ودفن بوعلا ومولده سنة ثماني عشرة وخمس مئة". (¬2) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 66. وفي هامش ح: "من أهل غرناطة. قال فيه شيخنا أبو جعفر ابن الزبير: أنه أخذ عن أبيه وعن أبي الحسن بن الباذش وغيرهما وقعد للإقراء بجامع غرناطة وكان من أهل المعرفة بالنحو والأدب واللغة والشعر والإقراء، جيد النظم والنثر، قال: ذكره الملاحي وقال: أنه اختلت حاله بعد ذلك وساء انتحاله وأخلد إلى الراحة والبطالة إلى أن توفي، وأحسب وفاته كانت في حدود خمسين وخمس مئة". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2589). (¬4) تقع بعد هذه الترجمة ترجمة من زيادات هامش ح، وهي: "عبد المؤمن بن عبد الملك بن أحمد بن عبد الصمد الغساني، غرناطي، أبو محمد: أخذ القراءات عن أبي عبد الله بن إبراهيم الطائي ولازمه في ذلك، وهو أجلّ من تخرج به في ذلك، وتلا أيضَا بالسبع على أبي الوليد العطار وسمع عليه "تيسير" أبي عَمرِو وغير ذلك، وأجازاه، وتلا على غيرهما وفاق أترابه في القراءات ومن فوقهم. وأخذ العربية عن أبوي الحسن العليين ابني المحمدين: الخشني والكتامي، =

137 - عبد النور بن عبد الكبير بن محمد بن عيسى بن محمد بن بقي الغافقي، إشبيلي

137 - عبدُ النُّور بن عبدِ الكَبير بن محمد بن عيسى بن محمد بن بَقِيٍّ الغافِقيُّ، إشبِيليٌّ. 138 - عبدُ الواحِد بن أحمدَ (¬1) بن عليّ السَّبَئيّ. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي. 139 - عبدُ الواحِد (¬2) بن إبراهيمَ بن مُفَرِّج بن أحمدَ بن عبدِ الواحِد بن حُرَيْثِ بن جعفر بن سَعيد بن محمد بن حَقْل الغافِقيُّ، غَرناطيٌّ، أبو محمد المَلّاحي؛ وهُو والدُ النَّسّابة أبي القاسم محمد، وسيأتي في رَسْمِه تكميلٌ في نَسَبِهما. رَوى عن أبي بكر ابن النَّفِيس، وأبي الحَسَن بن عبد الله بن ثابِت، وأبي الوليد بن بَقْوةَ. رَوى عنه ابنُه أبو القاسم محمدٌ؛ وكان محدِّثًا راوِية عَدْلًا، زاهدًا مُنقبِضًا عن مخالطةِ الناس. 140 - عبدُ الواحِد (¬3) بن جَهِير (¬4). ¬

_ = وسمع على أبي الحسن الشاري وتلا عليه بعض الكتاب العزيز بقراءات السبعة وأجاز له، وسمع أيضا على أبي عبد الله الجرشي وأبي يحيى بن عبد الرحيم وأجازا له، وأخذ بالمشافهة واللقاء بغرناطة ومالقة ومرسية عن جماعة منهم: أبو إبراهيم بن عامر، وأبو الخطاب بن خليل، وأبو زكريا بن أبي الغصن، وغيرهم. وكتب إليه بالإجازة أبو بكر ابن محرز. وكان مقرئًا متقنًا حافظًا لخلاف السبعة وغيرهم حسن الإلقاء والتعليم، بارع الخط، جيد الضبط، نحويًا، عدلاً، فاضلًا سنيًا متواضعًا، أقرأ يسيرًا ثم تأخر عن ذلك فرارًا من شر من غص به وإيثارًا للخمول، واختُرمت المنفعة به وأكره رحمه الله على الشهادة المخزنية فبلغ مَن غص به بذلك أمله وتمادت حاله على ذلك مكرهًا غير راض، مقبوض اليد نزيه النفس عما يشين، وتوفي رحمه الله ليلة النصف من شهر رمضان العظم من سنة ثمان وثمانين وست مئة. ومولده في حدود سنة ثلاثين وست مئة". (وانظر هذه الترجمة في صلة الصلة 4/الترجمة 61). (¬1) في م ط: "محمد". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2534)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 32. (¬3) ترجمه ابن عساكر في تاريخ دمشق 37/ 210، وابن الأبار في التكملة (2533). (¬4) في م: "جُبير"، محرف.

141 - عبد الواحد بن سعيد بن عبد الملك بن سعيد بن عاصم العريان الثقفي، قرطبي

كان أديبًا. توفِّي يومَ الثلاثاءِ لخمسٍ بَقِين من ذي القَغدة أربع وخمسينَ وخمس مئة (¬1). 141 - عبدُ الواحِد (¬2) بن سَعيد بن عبد الملِك بن سَعيد بن عاصم العُرْيان الثَّقَفيُّ، قُرطُبيٌّ. كان فقيهًا أُعجُوبةَ من أعاجيبِ المخلوقينَ في عِظَم أعضائه وغِلَظِها وخروجِه فيها عن المعهود من خِلْقة الآدميِّين آيةً من آياتِ الله؛ وأراده الأميرُ أبو [........] (¬3) لخِدمتِه فلم يُلْفِ مَطيّةً تحمِلُه. 142 - عبدُ الواحِد (¬4) بن سُليمانَ بن عبد الواحِد بن عيسى الهَمْدانيُّ، غَرناطيٌّ. كان من بيتِ علمٍ وجَلالة، عاقدًا للشُّروط حَسَنَ الخَطّ، حيًّا سنةَ ثمانِ وست مئة (¬5). 143 - عبدُ الواحِد (¬6) بنُ عيسى بن [19 و] دينارِ بن واقِد الغافِقيُّ، قُرطُبيٌّ. كان فقيهًا. ¬

_ (¬1) في هامش ح تعليقة طويلة طمس أكثرها وما تبقى منها يفيد أن المترجم دمشقي وليس بأندلسي، وأن ابن عساكر ذكره في تاريخ دمشق وذكر أنه رآه مرارًا ولم يسمع من شعره، ولكن أنشده عبد العزيز بن محمد لإبن جهير: قلبي أشار ببَيْنهم ... وعليه عادَ وبالُهُ (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2528). (¬3) بياض في النسخ، ولم يذكر ابن الأبار اسم الأمير. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2532)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 33. (¬5) حاشية ح: "توفِّي أبو محمدٍ عبد الواحد بن سليمان الهمداني رحمه الله شهيدا في غزاة العِقاب منتصف صفرٍ تسع وست مئة [......] ". قلنا: وهذا منقول عن صلة الصلة. (¬6) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2526).

144 - عبد الواحد بن عيسى الهمداني، غرناطي، أبو محمد

144 - عبدُ الواحِد بن عيسى الهَمْدانيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو محمد. رَوى عنه أبو عبد الله بن أحمدَ بن مالك، وكان فقيهًا مُشاوَرًا. 145 - عبدُ الواحِد (¬1) بن محمد بن بَقِيّ -بواحِدة- ابن أحمدَ بن محمد بن إبراهيمَ بن تَقِيّ -بمَعلُوّة- الجُذَاميُّ، مالَقيُّ سكَنَ بأَخَرةٍ مَرّاكُش، أبو عَمْرٍو (¬2)، ابنُ تَقِيّ -بمَعْلُوّة-. رَوى عن أبي بكرٍ عَتِيق بن قَنْترال، وأبي جعفرٍ الجَيّار، وأبي الخَطّاب ابن واجِب، وأبي سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وآباءِ عبد الله: الأندَرْشيّ وابن صاحبِ الأحكام الغَرْناطيّ، وابن عبد العزيز بن سَعادةَ، وأبي العبّاس بن ماتِع، وأبوَيْ عليّ: الرُّنْديّ وابن الشَّلَوبِين، وأبي القاسم المَلّاحي، وأبوَيْ محمد: ابن محمدٍ الشلطيشي، وعصام بن أبي جعفر بن يحيى. رَوى عنه أبنا أُختِه: أبو عبد الله وأبو جعفرٍ الطَّنْجَالِيّان، وأبو الحُسَين عُبَيدُ الله بن عاصم الدائري؛ وكان مُقرئًا مجوِّدًا محدِّثًا، ماهرًا في علم العربيّة، وَرِعًا ناسِكًا فاضلًا سنيًّا، كتَبَ بخطِّه الكثيرَ، وعُنِي بالعلم طويلًا. وتوفِّي بمَرّاكُشَ لاثنتَيْ عشْرةَ ليلةً خَلَت من رجَبِ سبع وثلاثينَ وست مئة، وهُو من قُرَباءِ أبي عليّ الحَسَن بن إبراهيمَ بن تَقِي المذكورِ بمَوْضعِه (¬3). 146 - عبدُ الواحِد (¬4) بن محمد بن خَلَف بن بَقِيّ -بواحدة- القَبْسيُّ، بُنُشْكُليُّ الأصل سكَنَ دانِيَة، أبو محمد البُنُشْكُلي. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 34، والمراكشي في الإعلام 8/ 533. (¬2) في م ط: "عمر"، خطأ. (¬3) حاشية ح: "حدثنا عنه بالإجازة شيخنا أبو فارس عبد العزيز بن إبراهيم الجوزي العدل رحمه الله وكناه أبا محمد". (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2531)، ومعجم أصحاب الصدفي (247)، والذهبي في المستملح (606)، وتاريخ الإسلام 11/ 1007.

147 - عبد الواحد بن محمد بن عبد السلام، جربيري

رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي، وتفَقَّه بأبي محمد عاشِر، ورَوى عن أبي محمد بن السِّيْد، ورَحَلَ إلى قُرطُبة فأخَذ بها عن أبي بحرٍ الأسَديِّ، وأبي عبد الله بن الحاجّ، وتفَقّه به، وأبي محمد بن عَتّاب، وأبي الوليد بن رُشْد، وتفَقَّه به، وإلى المَرِيّة فرَوى بها عن أبي الحَسَن بن مَوْهَب، وأجاز له أبو بكر بنُ بَرُنْجال. وكان فقيهًا حافظًا، ذاكرًا للمسائل، عُرِف بذلك وتصَدَّرَ لتدريسِها ونُوظرَ فيها عليه، وكان أنيقَ الوِراقة كتَبَ بخطِّه الكثير، وقَفْتُ على خطِّه بنَقْلِه "البيانَ والتحصيل" لإبن رُشْد من أصلِه سنةَ تسعَ عشْرةَ وخمس مئة (¬1). 147 - عبدُ الواحِد (¬2) بن محمد بن عبد السّلام، جِرْبَيِّريّ. استُقضيَ بطَرْطُوشةَ إلى أن توفِّي بها قبلَ [19 ظ] الأربعينَ وخمس مئة. 148 - عبد الواحِد بن محمد بن عبد الواحِد (¬3) بن إبراهيمَ الغافِقيُّ، غَرْناطيٌّ، المَلّاحيُّ، وهُو وَلَدُ النَّسّابة أبي القاسم. رَوى عن أبيه، وأبي زكريّا الأصبَهاني. 149 - عبد الواحِد (¬4) بن محمد بن عبد الواحِد الأنصاريُّ، أندَلُسيٌّ سكَنَ مَرّاكش، أبو محمد. رَوى عن أبي بكر ابن القَصِيرة. رَوى عنه أبو القاسم رَجَاء بن أبي عُمر ابن المُتَشبِّه. وكان أديبًا، حيًّا بمَرّاكُشَ في حدودِ العشرينَ وخمس مئة. 150 - عبدُ الواحد بن محمدِ بن عبد الواحد الهمدانيُّ، أبو محمد. رَوى عن القاضي أبي بكر ابن العَرَبيّ. ¬

_ (¬1) قال ابن الأبار: وتوفي في نحو الخمسين وخمس مئة. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2530). (¬3) ورد نسبه في م ط: "عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن إبراهيم"، فلعل فيه تكرارًا من الناسخ. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2529)، والمراكشي في الإعلام 8/ 533.

151 - عبد الواحد المعلم، قرطبي

151 - عبدُ الواحِد (¬1) المُعلِّم، قُرطُبيّ. رَوى عنه يحيى بنُ جَرير وتأدَّبَ به (¬2). 152 - عبدُ الواهِبِ بنُ عبد الله بن خَلَف بن سَيِّد أبيه الزُّهْري، إشبِيليٌّ. رَوى عن أبي بكرٍ خازِن. 153 - عبد الودود (¬3) بن عبد الرّحمن بن عليّ بن عبد الملِك (¬4) بن عيسى بن إبراهيمَ بن صالح الهِلاليُّ، مُنَكبِيٌّ سكَنَ غَرْناطةَ، أبو محمد، ابنُ سَمَجُون. رَوى عن عمِّه أبي محمد وأبي بحرٍ الأسَديِّ، وأبي (¬5) الحَجّاج القُضَاعيّ، وأبي الحَسَن بن مَوْهب، وأبي الوليد بن بَقْوةَ. رَوى عنه ابنُه القاضي أبو القاسم أحمد. 154 - عبدُ الوَلِيِّ (¬6) بن محمد بن أحمدَ بن عبد الوَلِيّ بن أحمدَ بن عبد الوَلِيّ، بَلَنْسِيٌّ بَتِّيُّ الأصل، أبو محمد البَتِّي. رَوى عن أبي العَرَب عبد الوهّاب البقسانيِّ. وكان عارِفًا بالقراءاتِ وتجويدِها، حافظًا للُّغاتِ ذاكرًا للآداب، حَسَنَ الوِراقة كتَبَ الكثيرَ وأدَّب أبناءَ السُّلطان، ولسَلَفِه نَباهة، وتوفِّي بعدَ السبعينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2527). (¬2) تقع بعد هذه الترجمة ترجمة من زيادات هامش ح وهي: "عبد الوارث بن سعدون الزهري قرطبي أبو سعيد. روى عن عبد الله بن الفرج النميري وكان صالحًا خيّرًا يقوم بالقرآن كل ليلة على قدم". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2593)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 67. (¬4) حاشية ح: "عبد الملك المذكور هو الملقب بسمجون وهم لواتيون فتأمل قول المصنف: إنه هلالي، وقد قال ذلك ابن الأبار وابن الزبير من قبله والصحيح أنهم لواتيون ولهم ببلدة سبتة بقية وأصلهم من طنجة، توفي عبد الودود المترجم به سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة ومولده سنةَ إحدى وخمس مئة". (¬5) في الأصل: "وأبوي"، وهو خطأ ظاهر. (¬6) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2571).

155 - عبد الولي بن محمد بن أصبغ الأزدي، قرطبي سكن غير بلد من العدوة، أبو الحسن، ابن المناصف وكناه ابن فرتون أبا محمد

155 - عبدُ الوَليِّ (¬1) بن محمد بن أصبَغَ الأَزْديُّ، قُرطُبيٌّ سكَنَ غيرَ بلدٍ من العُدوة، أبو الحَسَن، ابنُ المُناصِف. وكَنَاه ابنُ فَرْتونَ أبا محمد. رَوى عن أبي الحَسَن بن عُقَاب، وأبي عبد الله ابن الفَرَس، وأبي القاسم ابن حُبَيْش. رَوى عنه بفاسَ أبو إسحاقَ بن إبراهيمَ العَشّاب، وبتونُسَ أبو القاسم عبدُ الرّحمن بن إسماعيلَ التُّونُسيُّ ابنُ الحَدّاد. 156 - عبدُ الوهّاب بن أبي عُمرَ أحمدَ بن عبد القَوِيِّ، أبو محمد. رَوى عن أبي عُمرَ اللمتُونيِّ، وكان فقيهًا مُشاوَرًا. 157 - عبدُ الوهّاب بن أحمدَ بن محمد بن زكريّا [20 و] الأنصاريُّ، سَرَقُسْطيٌّ. كان من أهلِ العلم والعَدالة، حيًّا في حدودِ التسعينَ وأربع مئة. 158 - عبدُ الوهّاب بن إبراهيمَ بن عيسى، أبو محمد. رَوى عن شُرَيْح. 159 - عبدُ الوهّاب (¬2) بن إسحاقَ بن لُبّ الفِهْريُّ، شاطِبيٌّ، أبو محمد الحَمزيُّ (¬3). تفَقَّه بالقاضي أبي جعفر بن جَحدَر صِهرِه أبي زوجتِه. رَوى عن أبوَي الحَسَن: طاهر بنُ مُفوَّز وعبد الرّحمن بن عبد العزيز بن ثابِت. وكان فقيهًا حافظًا. توفِّي سنةَ خمسٍ وعشرينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2572)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 68. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2504). (¬3) حاشية ح: "الحمزة: قرية بشاطبة، وقيل فيها الحمزاء والنسب إليها: حمزاوي"، قلنا: وهي في التكملة بالراء المهملة، مجوّدة بخط ابن الجلاب.

160 - عبد الوهاب بن الحسن، أبو محمد

160 - عبدُ الوهّاب بن الحَسَن، أبو محمد. رَوى عن أبي محمد عبد الرّحمن بن عبد العزيز بن ثابِت. 161 - عبدُ الوهّاب (¬1) بن سَعيد بن مُشَرَّف، قُرطُبيُّ. كان من أهل المعرفةِ باللُّغة والأدب، وهُو الذي قال فيه أبو بكرٍ الزُّبَيْديُّ في غَلَطِ الوزير عيسى بن فُطَيْس (¬2) حينَ كتَبَ الجُخْدُب (¬3) [........] (¬4). 162 - عبدُ الوهّاب بن سُليمانَ بن وَهْب. رَوى عن شُرَيْح. 163 - عبدُ الوهّاب بن سُليمانَ المَعافِريُّ، أبو عبد الرّحمن. رَوى عن حَفيدِ مكِّي، ولعلّه الذي قبلَه يَليه. 164 - عبدُ الوهّاب بن عبد الرحمن بن صالح الهمدانيُّ، مالَقيٌّ، أبو عَمرو، ابنُ سالم. رَوى عن عمّه أبي عَمرو (¬5) بن سالم وأبي زَيْد الفازَازي (¬6) وأبي سُليمانَ بن حَوْطِ الله وأبي عبد الله بن طاهِر، وأجازَ له من الإسكندَريّة: أبو القاسم عبدُ الرّحمن بن إبراهيمَ بن عُمرَ بن العبّاس الخَطيب. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2500). (¬2) وزير عبد الرحمن الناصر. راجع ترجمته في أعتاب الكتاب: 190. (¬3) هامش ح: "الجخدب"، م: "الجحدب"، لحن العوام: "الجخطب". (¬4) بياض في النسخ، وانظر لحن العوام: 8 حيث أشار الزبيدي إلى هذه القصة دون أن يسمي صاحب الخطإ هانما قال: إنه رجل من أجلاء الحرمة ينسب إليه فنون العلم وضروب الآداب. وراجع المصدر نفسه ص 60. (¬5) في النسخ: "الربيع"، خطأ لعله سبق قلم من المؤلف، فعم المترجم يكنى أبا عمرو، وقد تقدمت ترجمته في السفر الرابع (الترجمة 5). (¬6) في م: "الفزاري"، محرفة.

165 - عبد الوهاب بن عبد الصمد بن محمد بن غياث الصدفي، لوشي، استوطن مالقة بأخرة، أبو محمد

165 - عبدُ الوهّاب (¬1) بن عبد الصَمد بن محمد بن غِيَاثٍ الصَّدَفيُّ، لَوْشِيٌّ، استَوْطنَ مالَقةَ بأَخَرة، أبو محمد. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبيِّ، وأبي عبد الله النَّوَالِشيِّ وأكثَرَ عنه، وأبي الوليد بن بَقْوةَ. وأجاز له أبو بكر بنُ فَنْدِلة، وأبو الحَسَن شُرَيْح وأبو مَروان الباجِيُّ، وأبو الوليد بن حَجّاج وغيرُهم. رَوى عنه أبو جعفرٍ الجَيّار، وابنا حَوْطِ الله، وأبو الرَّبيع بنُ سالم، وأبو عُمرَ بنُ سالم، وأبو محمد ابنُ القُرطُبيّ. وكان فقيهًا ضعيفَ الخَطّ، واستُقضيَ. وقُتلَ بإشبيلِيَةَ في فتنة الجَزِيريِّ سنةَ ستٍّ وثمانينَ وخمس مئة وصُلِب، أسألُ الله حُسْنَ العاقبة وإسبالَ سَتْر العافية. 166 - عبدُ الوهّاب بن عبد العزيزِ بن عثمانَ العَبْدريُّ، أبو محمد. رَوى عن [20 ظ] أبي الطيِّب سَعيد بن فَتْح. 167 - عبدُ الوهّاب بن عبد الملِك بن يَزيدَ الفِهْريُّ، قُرطُبيّ. كان من أهل العلم وجِلّةِ المُبرِّزينَ في العدالة، حيًّا في حدودِ الثمانينَ وأربع مئة. 168 - عبدُ الوهّاب (¬2) بن عامِر القُرَشيُّ [الفِهْريُّ] (¬3)، مالَقيٌّ، أبو محمد. رَوى عنه أبو بكر عَتِيىُّ بن محمدٍ المالَقيّ. وكان فقيهًا عاقدًا للشّروط بَصيرًا بها، عارِفًا بالحسابِ وفرائض المَواريث، وَرِعًا مُنقبِضًا عن الناس فاضلًا. 169 - عبدُ الوهّاب بنُ عليّ بن صالح الهمدانيُّ، مالَقيٌّ، أبو محمد، ابنُ سالم. له إجازةٌ من أبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي الحَكَم عبدِ السلام بن بَرُنْجال. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2510)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 38، والذهبي في المستملح (599)، وتاريخ الإسلام 12/ 819. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2507). (¬3) بياض في النسخ، وما أثبتناه من حاشية ح والتكملة.

170 - عبد الوهاب بن علي بن عبد الوهاب، قرطبي، أبو محمد

170 - عبدُ الوهّاب (¬1) بن عليّ بن عبد الوهّاب، قُرطُبيّ، أبو محمد. رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال، ورَحَلَ وحَجَّ، ورَوى بالإسكندَريّة عن أبي الطاهر السِّلَفيّ، رَوى عنه بها أبو الحَسَن بنُ المُفَضَّل وأبو عبد الله التُّجِيبيُّ نزيلُ تِلمْسين. وبمكّةَ شرَّفها اللهُ: نزيلُها أبو عبد الله بنُ أبي الصَّيْف، وعلى ظهرِ السّفينة: أبو مروانَ عبدُ الملِك بن محمد بن الكردبُوس التُّوزَرِي في وِجهتِهما من إفريقيّةَ إلى الإسكندَريّة في محرَّمِ ثلاثٍ وسبعينَ وخمس مئة. وكان راوِيةً عَدلًا خَيِّرًا فاضلًا. واستُشهدَ غَرَقًا في بحرِ جُدّةَ بعدَ حجِّه ومجُاورته بمكَّةَ شرَّفها اللهُ أوّل سنةَ سبع (¬2) وسبعينَ وخمس مئة، قالهُ التُّجِيبيُّ، وأُراه واهمًا في ذلك؛ فقد أجاز لأبي محمدٍ عبد الكريم بن مُغِيث في ذي الحجّة سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة، فابحَث عنه، واللهُ المُرشِد. 171 - عبدُ الوهّاب (¬3) بن عليّ بن محمد القَيْسيّ، وقال فيه ابنُ حَوْطِ الله: عبدُ الوهّاب بنُ محمد بن عليّ (¬4)، مالَقيٌّ، أبو محمد، ابنُ الأصَمّ والمنْشِي (¬5)، وقال ابنُ الأبّار: المَنْشَرِيّ، وقال: ومَنْشرُ: قريةٌ من قُرى مالَقةَ، وذلك غَلَط (¬6). رَوى عن أبي الحُسَين ابن الطَّرَاوة، وأبوَيْ عبد الله: الحِجَاريِّ وابن مَسْوَرة، وأبي العبّاس بن سيِّد، وأبي محمد القاسم بن دَحمانَ و [أبي] (¬7) مَرْوانَ ابن مجُبر. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2508)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 37. (¬2) في حاشية ح والتكملة: "خمس". (¬3) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة (104) ترجمة حافلة، وابن الأبار في التكملة (2511)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 39، والذهبي في المستملح (600)، وتاريخ الإسلام 12/ 1150، والصفدي في الوافي 19/ 333. (¬4) وكذلك قال ابن الأبار. (¬5) في حاشية ح: "المنشاة: من حصون مالقة الغربية". وكذلك قال ابن الزبير في صلة الصلة. (¬6) ينقل ابن الأبار هذا عن ابن فرتون وابن منداس، فالخطأ عائد إليهما. (¬7) ما بين الحاصرتين زيادة متعينة، فهو أبو مروان عبد الملك بن مجبر، كما في صلة الصلة وغيره.

رَوى عنه ابوا جعفر: الجَيّارُ وابنُ يحيى، وأبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله وأبو عَفرو بنُ سالم، وأبَوا محمد ابنَي المحمدَيْن: ابن الكَوّاب وابن المَلِيح. وحدَّث عنه بالإجازة أبو محمدٍ عبدُ الرّحيم ابنُ الشّيخ. وكان فقيهًا عاقدًا للشّروط، بصيرًا بعِلَلِها، [21 و] نافذًا في العربيّة رَيّانَ من الأدب، مُجِيدًا في النَّظْم والنَّثر ناقدًا، وَرِعًا زاهدًا فاضلًا، منبسِطَ النَّفْس طَريفَ الدُّعابة، متينَ الدِّيانةِ، قليلَ الرِّواية نازلَها، وَليَ الصّلاةَ والخُطبةَ بجامع مالَقةَ بعدَ الخَطيب أبي عبد الله الإسْتِجي. وكان قبلُ قد اثَرَ سُكْنى باديتِه مُعظمَ عُمره راضيًا بخمولِه، عاكفًا على ما يَغنيهِ من شأنِ مَعاشِه ومَعادِه، إلى أن توفِّي الخَطيبُ أبو عبد الله الإستِجيّ، انتَقلَ إلى سُكْنَى مالَقةَ إلى أن توفِّي إمامًا في الفريضة بجامع مالَقةَ وخَطيبًا به فجْرَ يوم السّبت لأربعَ عشْرةَ ليلةً خلَتْ من شوّالِ ثمانٍ وتسعينَ وخمس مئة، ودُفن بعدَ صَلاةِ العصرِ من يومِه، ومَوْلدُه سنةَ إحدى وعشرينَ وخمس مئة. وكانت بينَه وبينَ أبي القاسم السّهيْليّ وأبي الحَجّاج ابن الشَّيخ وأبي محمد ابن حَوْطِ الله وغيرهم من أُدباءِ عصره مخُاطَباتٌ ظهرَ فيها تبريزُه وحُسنُ تصرُّفِه، وسيأتي بعضُها في رَسْم أبي عبد الله بن غالب وفي رَسْم أبي الحَجّاج ابن الشَّيخ إن شاء الله (¬1). وله خُطَبٌ بارِعة وأشعارٌ فائقة ورسائلُ بديعة، وبه خَتَمَ أصبَغُ بنُ أبي العبّاس كتابَه في أعلام مالَقةَ (¬2). ويؤثَرُ من تنديرِه المُستَطْرَف (¬3): أنه دَخَلَ يومًا على بعض الوُلاة بمالَقةَ فسَألَ الوالي عنه كاتبَه أبا محمدٍ عطاءَ بنَ غالب الهَمْدانيَّ المعروفَ بابن أُختِ غالب، فقال عطاءٌ: هُو رجُلٌ من أهل البادية، فقال أبو محمد: ¬

_ (¬1) السفر الذي يحيل عليه المؤلف مفقود، وتنظر ترجمة أبي الحجاج ابن الشيخ في صلة الصلة 5/ 285. (¬2) ذكره السخاوي في الإعلان (640). (¬3) وردت القصة في صلة الصلة.

نعَم، البادية على وَجْهي بادية، لا أُنكِرُ حالي، ولا أُعرَفُ بخالي؛ فأسكَتَ عطاءً مُفحِمًا وأُعجِب الأميرُ والحاضرونَ بجواب أبي محمد. قال أبو الحَجّاج ابنُ الشَّيخ: كان الفقيهُ أبو محمد رضي اللهُ عنه قد أنشَدَني لنفسِه هذيْنِ البيتَيْن (¬1) [الوافر]: بإحدى هذه الخيماتِ جارَهْ ... تَرى هجْري وتعذيبي تجارَهْ وكم نادَيْتُ: يا هذي ارحَمِينا ... فلَسْنا بالحديدِ ولا الحِجارَهْ قال: فأنشَدتُّهما ذاتَ يوم جماعةً من الإخوان، من أهل الحَذْقِ والإتقان، فكلٌّ استَمْلَحَهما حينَ لَمَحَهما، ووَمَقَهما إذْ رَمَقَهما، واستَحْلاهُما [21 ظ]، لمّا نُشِرت حُلاهُما، إلى أن قال أحدُهم: هذا السِّحرُ الحلال، والماءُ الزُّلال، لكنْ تعالَوْا نُذيِّلِ البيتَ الأوّل، على ألّا مَطْمعَ لكم في قافيتِه ولا مُعوَّل؛ لأنه التزَمَ فيها خمسةَ أحرُفٍ تِباعًا، وهذا شيءٌ يَقْصُرُ كلُّكم عن الإتْيانِ بمثلِه باعًا، وأمّا قافيةُ الثاني فربّما، على أنّها أبعدُ من السَّما، فقلتُ له: يا هذا، لقد ضَيَّقتَ واسعًا، وأيْأَسْتَ طامعًا، وزَعمتَ أنْ ليس في الحيِّ من حَيّ، ولا في النادي من نادي، ولعلّ مَن تَزْدَريه، يَدْريه، وعسى من تحقِرُه يُجيب، بالأمرِ العجيب، فقال: بسم الله ادْعُ النِّزال بهذا الميدان، وابرُزْ للقتال إن كان لك به يَدان، فقلتُ: لِيُخرِجْ كلُّ واحدٍ منكم ما عندَه، ولْيَجْهد جُهْدَه، ولْيقُلْ على قَدرِ وُسعِه، ورِقّةِ طَبْعِه، ثم لْنبعَثْ به إلى قائلِ البيتَيْن، ولْنُحكّمْهُ فإنه عَدْلٌ ما عندَه مَيْن، يَمِيزُ الطّيِّبَ من الخبيث، والجديدَ من الرَّثيث، فرَضِيَ كلٌّ منا بهذا القول، واستَعنّا بذي القُوّةِ والحَوْل، والمِنّةِ والطَّوْل، وقال كلُّ فصيح منهم ما أمكَن، وزاحمتُهم أنا بلسانيَ الألْكَن، وألقَيْتُ دَلْوي في دِلائهم، وجعَلتُ أمشي خلْفَ أدِلّائهم، ثم جمَعتُ ما نَظَموه، ورفَعتُ ما رَسَموه، وبَعثْتُ به إليه طرائقَ قِدَدًا، ولم أُسمِّ من قائلِه أحدًا؛ بيْدَ أنّي أخَّرتُ شِعري لرِكّتِه، وقَدَّمتُ شِعرَهم لرِقّتِه، وكتَبْتُ بهذه الأبياتِ، التي ذكْرُها ¬

_ (¬1) هما في صلة الصلة.

يات، أقمتها مقامَ الرسالةِ، وإن لم تكنْ ذاتَ جَزالة، فإنّكَ تصلُ إلى مفهومِها، من منظومِها، وتقِفُ على المعنى المودَع فيها، من قَوافيها، وهي [الوافر]: أَتاكَ الشِّعرُ قد حُشِرَتْ جنودُهْ ... يؤمُّكمُ وقد نُشِرَتْ بُنُودُهْ بكلِّ مُدجَّج بطلِ كَمِيٍّ ... جَريءِ القلبِ يَسْتُرُهُ حديدُهْ مُعَسْكَرُهُ تضِلُّ البُلْقُ فيهِ ... يَشيبُ لهولِهِ منهُ وليدُهْ ولكنْ لا تُرع فالكل سَلْمٌ ... إليكَ مُسَلَّمٌ: يدُهُ وجِيدُهُ وبعدُ اسمَع أَقُلْ ولرُبَّ قولِ ... تُسَكِّتُهُ وآخرَ تستعيدُهْ تُجمِّعُنا نقولُ الشعرَ يومًا ... وما نَبْغي سوى ما نَسْتَفيدُهْ فذيَّلْنَا لكم بيتًا كَسَتْهُ ... عُلاكَ حُلًى وزانَتْهُ بُرودُهْ وكلٌّ يَدَّعي أنَّ المُعَلَّى ... لهُ والسَّبقُ أحرَزَهُ قصيدُهْ [22 و] فقدَّمناكَ للتمييزِ فاحكُم ... بحُكمِكَ إنَّ حُكمَكَ نستجيدُهْ فأنتَ إمامُ أهلِ الشِّعرِ طُرًّا ... بإجماعِ الوَرَى وهمُ عَبيدُهْ وأنت نَسيجُ وَحدِكَ لا تُبارَى ... وأنت فريدُ عصرِكَ بل عميدُهْ وهذي الخيلُ قد عُرِضَتْ فعَرِّبْ ... وهجِّنْ، لا يُفَنَّدُ ما تريدُهْ وضَغ وارفع وقُلْ تُسْمع ومَن لم ... يُطِع يُقْطَع بأمرِكمُ وَريدُهْ أدام اللهُ لك العافية، لمّا كان الشعرُ المُذَيَّلُ على غير هذه القافية، أردتُ أن تكونَ قافيةُ شعرِ هذه الرسالةِ كتلك، فقلتُ ولله المُلك [الوافر]: تذاكَرنا القَريضَ وقائليهِ ... لِنَعلَمَ فرعَهُ ونَرى نِجَارَهْ فقالوا: الشِّعرُ سهلٌ، قلتُ: كلّا ... أرُوني مِن صُدورِكُمُ انفجارَهْ حسِبتمْ أنّ حَوْكَ الشّعرَ مِثلُ الـ ... ــــــــحِيَاكةِ والخياطةِ والنِّجارهْ

فقالوا: ذاك أسهلُ، قلت: أينَ ... الشُّجاعُ يَلِجْ على أسَدٍ وِجَارهْ؟ أنا آتيكمُ منهُ ببيتٍ ... وأُعطي مَنْ يُذَيِّلُهُ الإجارهْ فقالوا: هاتِ قلتُ لهم: أجيزوا ... (بإحدى هذه الخَيْمات جارَهْ) فقالوا لي: وأنت فقُلْ، فقُلنا ... وكلٌّ يَدّعي أنْ بَذَّ جارَهْ وطال بنا النِّزاعُ وليسَ منّا امـ ... ـــــــــرُؤٌ مِن ذاك صاحبُهُ أجارَهْ بفضلِك يا فقيهُ احكُمْ علينا ... بحُكمِكَ واغتِنم هذي التِّجارهْ وقلْ حقًّا ولا تَسْتحيِ منّا ... ومن يَغْضَبْ يَعَضَّ على الحِجارهْ قال أحدُنا -هو الحاجُّ أبو عبد الله بنُ سَلَمة-[الوافر]: بإحدى هذهِ الخَيْماتِ جارَهْ .... تَرى هجْري وتعذيبي تجارهْ وتَبسِمُ عن أقاحِ لُؤَيْلِيَات ... وقلبِ غَضَنْفرٍ قَدَ اتَى وِجَارَهْ فلولا أنّ مَرءًا خاف رَبًّا ... فيَستحيي وَيسترعي نِجارَهْ لَعضَّ بِصارمٍ عَضْبٍ رُؤوسا ... تُكاليها بضَرْبٍ كالنِّجارهْ قال آخَرُ -هو أبو عبد الله ابنُ الحَنَّاط (¬1) -[الوافر]: بإحدى هذهِ الخَيْماتِ جارَهْ ... تَرى هجْري وتعذيبي تجارَهْ وكم ناديتُ: يا هذي ارحَمينا ... فلَسْنا بالحديدِ ولا الحِجارَهْ [22 ظ] فغطَّتْ عندَماسمِعتْ وقالت ... [...............] (¬2) جارَهْ أمَا تخشَى إلهكَ يا مُعَنَّى ... فقد ألبستَني بُرْدَ الإجارَهْ أغَرَّكَ حِلْمُهُ فنَطَقْتَ زُورًا ... ولم تَسأَلْهُ مِنْ نارٍ إجارَهْ ¬

_ (¬1) له ترجمة في أعلام مالقة 118 (ط. دار الغرب). (¬2) بياض في الأصول.

وقال آخَرُ -هو أبو القاسم ابنُ الكاتب (¬1) -[الوافر]: بإحدى هذه الخَيْماتِ جارَهْ ... تَرى هجْري وتعذيبي تجارَهْ وكمْ ناديتُ: يا هذي ارحَمينا ... فلَسْنا بالحديدِ ولا الحِجارَهْ فمالتْ نحوَ خَيْمتِها وقالتْ: ... ومن أشراكِنا يرجو انسجارَهْ! فلا يَكُ طامعًا في النَّيلِ إنّا ... قَطَعْنا من حبائلِنا هِجارَهْ وإنّ وِصالَنا بَسْلٌ حرامٌ ... ورُبَّتَما يُحلَّلُ بالإجارَهْ وقال آخَرُ -هو أبو علي القُرطُبيّ (¬2) -[الوافر]: بإحدى هذه الخَيْمات جارَهْ ... تَرى هجْري وتعذيبي تجارَهْ وكمْ ناديتُ: يا هذي ارحَمينا ... فلَسْنا بالحديدِ ولا الحجارَهْ أَجيبي هائمًا صَبًّا مَشُوقًا ... أجِيريهِ منَ الشَّكوى إجارَهْ فمِثلُكِ قديَرِقُّ لمُستَهامٍ ... ويرحَمُ في صَبابتِه نِجارَهْ سلامٌ طيِّبٌ عَبِقٌ على مَنْ ... أَصار بِحُسْنِهِ قلبي وِجارَهْ وقال آخَرُ -هو أبو عليّ بنُ كِسرى (¬3) -[الوافر]: بإحدى هذه الخَيْمات جارَهْ ... تَرى هجْري وتعذيبي تجارَهْ وكمْ ناديتُ: يا هذي ارحَمينا ... فلَسْنا بالحديدِ ولا الحِجارَهْ سَلِي في مُلتقَى الخيلَينِ زَحْفًا ... إذا سألَ الرَّدى منِّي الإجارَهْ هنالك تعرفينَ خَطيرَ قَدْري ... وتَسترضِينَ مِن حُرٍّ نِجارَهْ ¬

_ (¬1) له ترجمة في أعلام مالقة (269)، وصلة الصلة 3/ 189. (¬2) هو أبو علي الحسن بن أحمد الأنصاري القرطبي نزيل مالقة، وترجمته في التكملة (694). (¬3) هو أبو علي الحسن بن محمد المشهور بابن كسرى (تحفة القادم 130).

وقال آخَرُ -هو أبو عبد الله الحِجَاريّ (¬1) -[الوافر]: بإحدى هذه الخَيْماتِ جارَهْ ... تَرى هجري وتعذيبي تجارَهْ وكمْ ناديتُ: يا هذي ارحمينا ... فلَسْنا بالحديدِ ولا الحِجارَهْ أجيري هائمًا كَلِفًا مُعنًّى ... فكمْ ظَبْيٍ سِواكمْ قد أجارَهْ شريفَ الحُبِّ ليس يريدُ وَصلًا ... سوى لَثْمٍ فَصِلْ فيه نِجارَهْ [23 و] وقال آخَرُ -هُو القُرَشيُّ ابنُ أحمد (¬2) -[الوافر]: وحاشَ الحُسنِ منكِ فُديتِ أنْ لا ... يُجيرَ من البِعادِ مَن استجارَهْ فرُحمى منكِ أو عُتْبى إلينا ... فقلبي مِن هوًى يأبَى ازدجارَهْ بحُكْمِ الحُبِّ ذابَ جوًى، وطَرفي ... أبي من دمعِه إلّا انفجارَهْ ومَنْ تَصِدِ العيونُ لهُ فؤادًا ... تبِتْ حَوْباؤه للشوقِ جارَهْ وقال آخَرُ -هُو أبو الحَجّاج ابنُ الشَّيخ-[الوافر]: بإحدى هذه الخَيْماتِ جارَهْ ... تَرى هجْري وتعذيبي تجارَهْ برؤييها تضِنُّ وكلُّ جارٍ ... عَلِمتُ يَرَى معَ الساعاتِ جارَهْ فتاةٌ من بني النَّجّار تَأْبَى ... مِنَ القلبِ الشَّجِيْ إلّا انتجارَهْ تُعمِّمُ رأسَها بضَفيرِ فَرع ... وتُحكِمُ يا خليليَّ اعتجارَهْ فُتِنْتُ بها وقد فَتَنَتْ قديمًا ... حجيج مِنًى وقد فَتَنَتْ نجارَهْ وتَشتجرُ العوالي في هواها ... وكلٌّ يرتضي فيها اشتجارَهْ وإنّي مُستجيرٌ مِنْ هواها ... ولكنْ ليس تنفَعُ الاستجارَهْ ¬

_ (¬1) مترجم في أعلام مالقة (118). (¬2) ترجمته في أعلام مالقة (320) وفيه: ابن قرشية.

يا سيِّدي [المتقارب]: لك الفَضلُ بَيِّنْ لنا مَن أصابَ ... طَريقَ الصّوابِ ومَن أَخْطأَ ومَن كان في السَّيرِ مستعجِلًا ... ومَن سارَ قَصْدًا ومَن أَبْطأَ ومَن نَخْلُ بُستانِه أثمرَتْ ... ومَن زَرْعُ فَدَّانِهِ أشْطَأَ فكلٌّ يَرى أنّ أرضَ القَريضِ ... بِخَيْلِ الإصابةِ قد أَوْطَأَ أدام اللهُ عرَّك، هذه الأخبارُ لم يزَلْ أهلُ الآدابِ يَستطرفونَها قديمًا وحديثًا، وَيسيرونَ إليها سَيْراً حثيثًا، وأنت -وفَّقَك الله- وإن كنتَ قد ترَكْتَ هذه الطريقة، وسلَكْت سُبُلَ الجِدِّ والحقيقة، فلكَ -والحمدُ لله- بإخوانِكَ اهتمام، ولا سيَّما بمَن بينَك وبينَه أيُّ ذِمام. وأيضًا، فللكِتاب جَواب، وهو في اللِّزام كردِّ السلام، فلا يَثقُلْ عليك -أتمَّ اللهُ نِعمَهُ لديْك- وأجِبْ بما تيسَّرَ وخَفّ، فقد مدَننا إليك كلَّ مقلةٍ وكفّ، والسلامُ عليكَ ورحمةُ الله وبَركاتُه. فأجابَه الفقيهُ أبو محمدٍ رضيَ اللهُ عنه [23 ظ]: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، صَلّى اللهُ على (¬1) محمدٍ وعلى آلِه وسلَّم تسليمًا [مشطور الرجز]: إنَّ خليلًا ليَ مِن قُضاعَهْ ... ذَكَّرني أيّاميَ المُضَاعَهْ إذِ الهوى واللَّهوُ لي بِضاعَهْ ... مَهْلًا فذاكَ الدَّرُّ قد أضاعَهْ خِلُّكَ لم يَستَدِمِ ارتضاعَهْ أيها الفاضلُ الحَسِيب، إلى متى هذا التغزُّلُ والنَّسيب؟ ألم تَنْفَد أيامُ الجهل؟ ألم يَعُدِ الفتى كالكَهْل؟ أمَا والله، لقد أحاطتْ بالرِّقابِ السلاسل (¬2)، ¬

_ (¬1) في م: صلى الله على سيدنا ومولانا. (¬2) نثر قول أبي خراش الهذلي: وليس كعهد الدار يا أم مالك ... ولكن أحاطت بالرقاب السلاسل وعاد الفتى كالكهل ليس بقائل ... سوى العذل شيئًا واستراح العواذل

وآنَ أن يَخافَ من العقابِ المتغزِّلُ المُراسِل، رُوَيْدَك -وأنا المراد - رُوَيْدَك، فقد طالما أوهَنْتَ في تلك الخُزَغبَلاتِ عمُرَكَ وأيْدَك، وعَصَيْتَ في النُّصح عَمرَكَ وزَيْدَك، واتَّبَعتَ الأثرَ وترَكْتَ صَيْدَك، ودَراكِ دَراكِ (¬1)، سكونَ الحِرَاكِ، وخَلِّ عنك ساجِعاتِ الأَيْك، وقُلْ لها وراءَكِ وإلَيْك، ثم ما أنت وعهدُ ساكناتِ الخِيام، وإن كانت مِن مُبارَكاتِ الأيام! كم تسألُ عن أنباءِ سُعادَ سَعدًا! هلّا قلتَ قولَ الألِبَّاءِ: سُحْقًا للهوى وبُعدًا؛ هذا أوانُ الشَّرّ، يا مَن أرمَى على الأشَرِ، تعالَ فلْنَخْلَعْ تلك الليِّناتِ من الملابس، ولْنَرجع عن التُّرَّهاتِ البَسَابِس، ولْنَذَرِ الدِّيارَ وساكناتِها، ولْنُقِرَّ الأطيارَ على وُكُناتِها، ولْنذهبْ في مِنهاجٍ من صالح العمل، ولْنتأَهَّبْ لانزعاجٍ ليس يَسعَى به الجَمَل، هذا والله هُو الرأيُ السَّديد، عندَ ذَوي الرأيِ الحديد، ومعَ هذا، فلا بدَّ أنْ نَسلُكَ في مسألتِك أدنى سُبُل الإسعاف، ونتمسَّكَ من الجَوازِ بالأحْبُلِ الضعَاف، ونَتذوَّقَ حلاوةَ أخبارِ الاستهتارِ فلها طعمٌ لذيذ، ونُصدِّقَ إزْراءَ مَن أتانا بها صَفْراء يَزعُمُ أنّها نبيذ. وقد ذكرتَ أن قومًا من الشُّعراء، ذَيَّلوا في بيتًا قد كان عندي منبوذًا بالعراء، وأردتَ أنْ أقفَ على أبياتِهم، وأعرِفَ كيف تفاوتُهم في غاياتِهم، وزَعمتَ أنّ لي بَصَرًا بالتفريق، بينَ مَن سار قَصْدًا أو حاد عن الطريق، فسأقفُ عليها وإن كان الباعُ قصيرًا، ولم يكنِ الناقدُ بصيرًا [الطويل]: فإنْ لا أكُنْ كلَّ الشُّجاعِ فإنّني ... [بضربِ الطّلى والهامِ حقُّ عليم] (¬2) وإلّا أكُنْ كلَّ الجوادِ فإنّني ... على الزّادِ في الظَّلماءِ غيرُ لئيمِ قال أحدُهم [الوافر]: فلولا أنّ مَرْءًا خافَ رَبًّا .... (البيت) ¬

_ (¬1) في م: ودارك در السكوت. (¬2) ورد الشطر الثاني من هذا البيت في الأصول كالشطر الثاني من البيت الذي يليه. وهو خطأ لعله سهو من الناسخ، والبيتان لبعض بني أسد وقال التبريزي في شرح الحماسة: إنهما لعبد العزيز ابن زرارة، وانظر شرح المرزوقي 1/ 378 (القطعة: 83).

هذا كلامٌ لا يَصدرُ إلا عن الرَّصِين المُهذَّب، الذي لا تَستفِزّه ذواتُ العيونِ والبَنانِ المُخضَّب، وما أقربَه من منزلةِ الفلاح، مَنْ خاف رَبَّه في مواصلةِ المِلاح، ولَشَدَّ ما أبرَقَ في شِعرِه وأرعَد، وتهدَّد وتوَعَّد، ومَوَّة وشَعْوَذ، واستطالَ على الجَزالةِ واستحوَذ، عَفَا اللهُ عنه، إن لم يكنْ ذا صارمٍ عَضْب، فإنه ذو لسانٍ عَذْب. وتاليه على أحسنِ هَدْي وأَمّ، وهما في الخَشْيةِ رَضيعا ثَنيِ أُمّ، وصاحبتُه واعظةٌ فصيحة، نصَحتْه و"الدّينُ النَّصيحة"، كرَّرتِ الوَعْظ، وكَسَرتِ النَّعْظ، لله دَرُّها! لقد على في الصالحاتِ قَدْرُها. والثالثُ غيرُ مَبْخوسِ الكَيْل، وهُو القائل [الوافر]: فلا تَكُ طامعًا في النَّيْل وإنه في النَّسيب، لمَوفورُ النَّصيب، وإن حرَمتْه صاحبتُه وصلًا، وجعَلتْه حَرامًا بَتْلًا، فقولُها [الوافر]: "ورُبَّتَما يُحَلَّلُ بالإجارَهْ" دليلٌ على أنْ قد لانَ بعضُ الحِجارهْ، وقد أوجَدَتِ السبيلَ إلى التحليل، غيرَ أنّ "رُبَّ" للتقليل. وليتَني كنتُ جارًا، لمن أصار حُسْنُ الجار قَلبَهُ لها وِجارًا، هذا العاشقُ حقًّا، وسُحْقًا لمن قال (¬1): "فسُلِّي ثيابي من ثيابِك" سُحقًا، لقد توسَّلَ في شعرِه بلطيفِ سبب، وأشار إلى شريفِ نَسَب، وأجاد الخُضوعَ لمحبوبِه والضّراعَة، حتّى كاد يمُدُّ إلى مطلوبِه ذِراعَه. ولقد أرسَلَ نهارَه في الحرب وارِدًا وَخفًا، من قال: "سَلِي بي مُلتقَى الخَيْلينِ زَحْفا"؛ فإنْ يَصدُقْ فلستُ في لَبْس، إنه أشجعُ من أخي عَبْس، ألا تَراهُ يقول [الوافر]: "إذا سألَ الرَّدى منِّي الإجارَهْ"؟ ¬

_ (¬1) القائل هو امرؤ القيس في معلقته "قفا نبك"، والبيت كاملاً: وإن تك قد ساءتكِ مني خليقة ... فسُلي ثيابي من ثيابك تنسُلِ

فهذه بَلِية، زائدةٌ على المَنِيّة، وعنترةُ يقول (¬1) [الكامل]: إنَّ المنيةَ لو تُمَثَّلُ مُثِّلَتْ ... مِثْلي إذا نَزَلوا بِضنْكِ المنزلِ فهذا يزعُمُ أنه يُشبِهُ الموت، وبينَه وبينَ مَن يستجيرُ منهُ الرَّدى فَوْت، وإن صحَّ دعواه، عندَ مَن يهواه، جَنَتْ يُمناه، ثَمرَ مُناه، ولعلّه -واللهُ يغفرُ له- يُنشِدُ إذا التقَى الصَّفّان، وتَدانَى الصِّنفان، ونَظَرَ إلى سَرَعانِ الخيل، وعاد النهارُ كالليل [السريع]: [24 ظ] لستُ على القِرنِ بعَطَّافِ ... ولا لدى الحربِ بوَقّافِ لكنَّني أهرُبُ مستعجِلًا ... لو رُبِطَت رِجلي إلى قافِ [الطويل]: ويُنشِدُ والحَرْبُ العَوَانُ كأنّها ... منَ الهوْلِ بحرٌ في تدافُعِه طَمَا: (وقالوا: تَقَدَّمْ، قلتُ: لستُ بفاعلِ ... أخافُ على فَخَّارتي أن تَحَطَّما) (¬2) ثم حَكَى قَصِيرا حين رَكِبَ العَصَا (¬3)، وقال: اللهمَّ اغفِر لمَن عصَى. وحبَّذا القائلُ [الوافر]: شريفُ الحُبِّ ليس يريدُ وَصْلًا ... سوى لَثْمٍ فَصِلْ فيه نجارَهْ هذا رجلٌ يَرجِعُ إلى عَفاف، ويقنَعُ بكَفاف، سَلَكَ في هواهُ أحمدَ طريقِه، وقنِعَ ممّن يَهواهُ بمَجّة رِيقِه، ليس الغِسْل (¬4)، الطالبِ للنَّسْل، وإذا تمادتِ العلّة، ¬

_ (¬1) من ديوانّه: 58 (ط. صادر - بيروت). (¬2) البيت لأي دلامة، قاله حين دعاه أبو مسلم لمبارزة أحد الفرسان. (انظر الأغاني 10/ 280 ط. دار الثقافة). (¬3) قصير هو صاحب جَذيمة المضروب به المثل: "لا يطاع لقصير أمر"، والعصا: فرس جذيمة. (¬4) الغِسْل: الكثير الضراب.

واشتَدّتِ الغُلّة، فلا شاف، كارتشاف، ولا مُطفئَ حريق، كرَشْفةِ رِيق. ولَعَمري! لقد شارَكَ في الصِّفة، من كان عنهُ الضميرُ فاسقَ الشَّفة، أيْؤْمَن (¬1) هذا الفاضل، وأين من؟ ومثله فلْيُؤتمنْ، غيرَ أنه يَبعُدُ عندي أن يكونَ الجازِرُ ينفُخُ ولا يَسلُخ، وكيف تجتمعُ شفاهُ الأحباب، ثم لا تُقرعُ حَلْقةُ الباب! وهل سمِعتَ بمن رتَعَ حولَ الحِمى وإن كان مُحترِزًا، إلّا صيَّرهُ جُرُزًا (¬2)؟ وخَبِّزني أمالَقى، مَن سألَ في شعرِه العُتْبى والرُّحمى أم عراقيّ، وقد سكَنَ الحِمى، ينسابُ في توصُّلِه إلى المأرِب انسيابَ الأيْم، ويَلِجُ بلطيف توسُّلِه على الكواكبِ أبوابَ الخَيْم، وكلُّ رفيق فذو توفيق. وأمّا الذي فتنَتْه إحدى بناتِ النجَّار، فرَوْضُه في الشّعرِ أنفُ اليَنَمَةِ (¬3) والجَرجار (¬4)، نَيَّف على إخوانِه في اللُّزوم، وزَحَفَ إلى أقرانِه مشدودَ الحَيْزُوم، غيرَ أنّ في شعره [الوافر]: فُتِنْتُ بها وقد فَتَنَتْ قديمًا ... حجيجَ مِنًى وقد فَتَنَتْ نجارَهْ إنّي أُسائلُهُ (¬5) عن هذه المرأة: يا أبا الحَجّاج، كيف فَتَنَتْ قديمًا قلوبَ الحُجّاج، ثم لم يُغيِّر القِدَمُ بهجتَها، منذُ قضَتْ حجَّتَها؟! ولم يزَلِ القِدَمُ يُغيِّرُ الحدودَ والرسوم، فكيف الخدودُ والجُسوم؟ وأخبَرَ أنها الآنَ تُعمِّمُ رأسَها بضَفِير فَرْع، وهذا رأسٌ يجب أن يكونَ أرضًا غيرَ ذاتِ زَرْع، وليس هنا شُبْهة، في أنه كلَّه جَبْهة، ومَن أخبَرَكَ من الفَتَياتِ الناسكات أنّها مُسِنَّة، فقُلْ لهنّ: أنْ إنَّ إنَّه، مستحيلٌ غيرُ جائز، أن يَفتَتِنَ هذا الشاعرُ بالعجائز، فإن أزالَ [25 و] لفظةَ قديم، فأنا له أصحبُ من نَديم. ¬

_ (¬1) في م ط: "أنؤمن". (¬2) أرض جرز: أُكل نباتها. (¬3) في م ط: "النعمة". (¬4) الينمة والجرجار: نوعان من النبات، والروض الأنف: المحمي الذي لا يرعاه أحد. (¬5) في النسخ: "أسائلها".

ثم نعودُ إلى استغفارِ الملِك الغَفّار، فإنّ رحمتَه واسعة، وعن المُحسِنين غيرُ شاسعة، اللهمَّ اجعَلْنا من عِبادِك المُحسِنين، واغفِز لنا ما أجرَمنا في سالفِ السِّنين، واستعمِلْنا بطاعتِكَ بَقيّةَ أعمارِنا، وأصلِحنا في إعلانِنا وإضمارِنا، إنّك كريمٌ رحيم. أعزَّك الله، ربّما كان في كلامي بعضُ دُعابة، لم أذهبْ بها إلى مَعَابة، فلك الفَضْلُ في بَسْطِ العُذْرِ لدَيْهم، وإيصالِ التحيّة إليهم، ثم السلامُ الأتَمّ، الأعمُّ الاكرم، على أخي ووَليِّي في الله الفقيه الأجَلِّ أبي الحَجّاج، ورحمةُ الله وبرَكاتُه. ونَظَمَ أبو الحَجّاج ابنُ الشيخ -رحمه اللهُ- أربعةَ أبيات التزمَ في كلِّ بيتٍ منها كافًا دون تَكرار، وجعَلَها بخمسةِ القوافي بلفظِ وَكَفَ، وبَعَثَ بالقوافي مسَطَّرةً دونَ الأبيات إلى الخَطيب أبي محمد عبد الوهّاب بن عليّ رحمه الله، وسألَه أن يَبْنيَ على تلك القوافي، وقَدَّمَ بينَ يدَيْ ذلك خمسةَ أبياتٍ أقامَها مقامَ الرسالة ولم يلتزم الكافَ في هذه الأبياتِ الخمسة إلّا في آخِرِ بيتٍ منها حسْبَما تراه، وهي [المتقارب]: أيا مَنْ له بالمعالي كَلَفْ ... ومَنْ وَجْهُهُ البدرُ لا بالكَلَفْ أجِزْ ذا الكلامَ وسُقْ كلَّ لفظٍ ... بكافٍ وبعدُ احتمِلْ ذي الكُلَفْ كلامٌ فصيحٌ وخَطْبُ فسيحٌ ... بنقسٍ كقارٍ وطِرسٍ كَلِفْ وإياكَ تَكرارَ ما سُقْتُهُ ... فتُلفَى كحَطَّابةِ النشّوكِ لَفْ ولكنْ كلامًا كذا كُلُّهُ ... بكافٍ وكنْ بالكمالِ كَلِفْ فأجابَه أبو محمدٍ رحمهما الله: سلامٌ كريمٌ عَميم، على أخي ووَلِيِّي في الله تعالى، الفقيه الحاجِّ أبي الحَجّاج. كتبتُ، وأنا مجِلُّ قَدْرِكم العَليّ، عبد الوهّاب بن عليّ، بعدَ أنْ وافاني كتابُكُم الكريم، وأنا أُحاولُ أنْ يَبْتنيَ على زَوْجِهِ وَلَدي عبدُكُم وَيرُوم، فكتبتُ ما تَسَنَّى، وأرى أنَّا ما أحسنَّا؛ لأنّي رأيتُكَ كثيرَ الفِرَار، ممّن أخَذ في القوافي بالتَّكرار، ولم يَلُكْ كلامَه ذلك اللَّوْك، وكان كحصَّادٍ لَفَّ معَ السُّنْبُلِ الشَّوْك،

وهذا هو دابي، وإلى هذه الغاية بَلغْتُ في (¬1) آدابي، لكنْ قُلتُ [25 ظ]، لنَفْسي: خُذي المِنجَلَ واحتزِمي، وما التزمَ صاحبُكِ فالتزِمي، ونهضْتُ نحوَ الفِرار مُقلَّصَ الأذيالِ والأردان، واستَنَّ محَلُّك من القوافي في مكوَّنِ عقلي، وقال للشارِدة منها: قِفي عَقْرى حَلْقَى، وأنشَدَ بعدَ أن تمدَّد مستريحًا واستلقَى [متقارب]: أجدتُ الحصادَ ولم أَنْبُلِ (¬2) ... إذا ما حصَدتُ سوى السُّنْبلِ أَخْيرَ وَليٍّ تَوَلَّيْتُهُ ... وأزكى وَليٍّ إذا ما بُلي تصفَّحْ مقالًا له جِدَّةٌ ... معَ الدّهرِ ما أنْ بُلي بالبَلي وإنّي لأزحَمُ، إن يَضعُفوا ... عنَ امثالِهِ، جانبيْ يَذْبُلِ على أنّني دونَكم والذُّرا ... مكانُ الحضِيض من الأجبُلِ * * * كرُمتَ فكنتَ كغَيثٍ وكَفْ ... وكامَلْتَ كعبًا فكعَّ وَكَفْ فشُكرًا كثيرًا لمَلْكٍ كبيرٍ ... كفاكَ اكتسابَ كنوزِ الوَكَفْ وكمْ كاشحٍ كاتمٍ كيْدَهُ ... نكَأْتَ بكَلْمِ كلامٍ وَكَفْ وكلَّلْتَ بالسَّبكِ كانونَ ذكْرٍ ... ومثلُكَ بالمِسكِ أذكَى وَكَفْ واقرَأْ بعدُ مِن سلامي المُعادِ أتمَّه وأعمَّه، وأزكاهُ وأعلاه. والقطعةُ التي نَظَمَ أبو الحَجّاج ولم يبعَثْها إلى أبي محمدٍ هي [المتقارب]: ركِبتَ الكبائرَ والمُهلِكاتِ ... وأمسَكَ كلُّ حكيمٍ وَكَفّ وذكْرَ المليكِ الشَّكورِ الوكيلِ ... ترَكْتَ وأكثَرتَ عكمَ الوَكَفْ ¬

_ (¬1) في م: "بلغتْ بي". (¬2) في م: "أبقل".

فكيف تَزَكَّى وكم مُنكَرٍ ... كَسِبتَ بكَيْدِ كلامٍ وَكَفّ فنَكِّرْ وَكِسْ وادَّكِرْ ولتكُنْ ... كئيبًا تُبَكِّي كمسكٍ وكَفْ وقال أيضًا أبو الحَجّاج، ولم يُكرِّر فيها كافَ ضميرٍ ولا كافَ تشبيه ولا كافَ مصدر، ولا اسمَ فاعل [متقارب]: كتَبْتُ شِكاتي لكَعْبٍ كفيلٍ ... بكشفِ الكروبِ وكَتْم الكَلَفْ تدارَكْ بكَنّاتِ بَكْري الكِعابَ ... فعندَكَ بالمكرُماتِ كَلَفْ وأكرَهُ تَكرارَ كافاتِها ... فتُكسَى ذكاءً كثيفَ الكلَفْ ولكنْ كلامًا كذا كُلُّهُ ... بكافٍ وكنْ بالكمالِ كَلِفْ (¬1) [25 و] وتكفيكَ مكنونةٌ شُكِّلتْ ... بلكّ كمسكٍ بصَكٍّ كَلِفْ قال أبو الحَجّاج: لمّا فَرغْتُ من هذا قال لي بعضُ الأصحاب: لم تترُكْ كافًا، فكتَبْتُ إليه في كتِف بهذه الأبيات [المتقارب]: لكَهْفِ الذَّكاءِ ورُكْنِ الزَّكا ... ءِ شارِكْ وحرِّكْ كَمِينَ الكتِفْ فكَبْكِبْ كَمِيَّهُمُ وانكفِئْ ... بكُلِّهمُ بشِراكِ كتِفْ وكَنْزَهُمُ اكمَحْ ومَسْكَنَهمْ ... فذِكْرُك فأْكُلْهُمُ كالكتِفْ وقال أيضًا والتزَمَ في القافية ما تَراه [المتقارب]: أتُكرِي وتضحَكُ والناسِكو ... نَ أكثرُهم راكعٌ مُعتكِفْ ويَشكُرُ لكنْ بأكبادِهِ ... كلومٌ كَوَتْهُ كُواها تَكِفُ فكفِّر كِذَابًا وإفْكًا ونَكْثًا ... تَكلَّلْتَهُ واستَكِنْ واستَكِفْ وكأْسُ السُّكُرْكةِ مُسْكِرةٌ ... وَالَاكوابَ كَسِّرْ لكيما تَكِفْ ¬

_ (¬1) تكررت الأبيات: 2 - 4 في النسخ.

وكتَبَ إليه أبو الحَجّاج ابنُ الشَّيخ رضي اللهُ عنهُما بمُقَطَّعاتٍ من شعرِه، وفصُول من نَثْرِه، يَستفهمُه فيها، كما جرَتْ بينَهما به العادة، أدام اللهُ لهما السّعادةَ، وسأَلهُ أن يَكتُبَ له بما أمكَنَ من كلامِه وقَدَّم بينَ يدَيْ مطلَبِه ذلك هذه الأبياتَ اللُّزوميّات [الخفيف]: املإِ الطِّرسَ سِحرَ نظمٍ ونثرٍ ... ملأَ اللهُ طِرسَكمْ حَسناتِ إنْ بعثْتُم لنا بما لاحَ منهُ ... فبما عنَّ لي ولاحَ سِناتِ والقبيحَ اجتَنِبْهُ في ذاك لا تَأْ ... تِهِ ما اسْطَعْتَ صاحِ والحُسنَ فكتَبَ إليه أبو محمدٍ رحمه اللهُ بما حضَرَ من كلامِه نظمًا ونثرًا وكتَبَ معَه [الخفيف]: قد بعَثْنا إليكَ نظمًا ونثرًا ... جَلَّ هذا وذا عن السَّقَطاتِ ولكَمْ جاهلٍ له صوتُ عَيْرٍ ... وتَراهُ يَعيبُ جَزسَ قَطاةِ قلَّ إنصافُهُ وصافَى غُواةً ... كلُّهم قائلٌ له السَّقَطاتِ ومحاسنُه كثيرةٌ أثيرة، ولاستطابتِها أورَدنا منها ما أورَدْنا، ولولا خوفُ الخروجِ عن مقصدِ الكتاب لأتَيْنا منها بأكثرَ ممّا جئنا به، وفي هذا القَدْر كفايةٌ وشهادَةٌ على مكانِه من هذا الفنّ (¬1) [26 ظ] ¬

_ (¬1) زاد في هامش ح بعد هذه الترجمة ترجمة لم ترد في الأصل وهي: "عبد الوهاب بن قطن العقيلي، قنبيلي أبو محمد، كان فقيفا جليلًا أديبًا شاعرًا ناثرًا خاطب القاضي أبا عبد الله بن حسون أيام قضائه بغرناطة بقصيدة حسنة تظلَّم فيها من جيرانه أهل حصن الحواير في عين ماء لهم بقنبيل وشكر القاضي وأثنى على عدله وفضله، وكانت وفاة هذا القاضي سنة تسع عشرة وخمس مئة، ومن القصيدة المذكورة [الوافر]: أقاضي المسلمين لنا حقوق ... ستعلمها وتعلم مقتضاها لنا عين مقسمة علينا ... وليس لقا الحيا شيء سواها لنا خمس من الأثمان منها ... وسائرها الحواير منتهاها ورثناها تراثًا من قديم ... فتروينا بريٍّ من رواها" قلنا: وهذه الترجمة من صلة الصلة 4/الترجمة 36.

172 - عبد الوهاب بن محمد بن أحمد بن غالب بن خلف بن محمد بن عبد الله التجيبي، بلنسي، أبو العرب البقساني

172 - عبدُ الوهّاب (¬1) بنُ محمد بن أحمدَ بن غالبِ بن خَلَف بن محمد بن عبد الله التُّجيبيُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو العَرَب البقسانيّ. سَمِع ببَلَنْسِيَةَ أبا إسحاقَ الخَفَاجيَّ، وأبا بحبر الأسَديَّ، وأبا بكر ابنَ العَرَبي، وأبوَي الحَسَن: خُلَيْصَ بن عبد الله وابنَ واجِب، وأبا زَيْد ين مِنْتَال، وأبا عبد الله المَوْرُوريَّ، واَباءَ محمد: البَطَلْيَوْسيَّ وابنَ خَيْرونَ والوَجْدي. وكان قد خَرَجَ إثْرَ الفتنة الرُّوميّة من بَلَنْسِيَةَ صُحبةَ أخيه، فتردَّد في بلاد الأندَلُس، ورَوى بشاطبة عن أبي عامر بن حَبِيب، وأبي محمد الرِّكْلِي، وأبي الوليد بن قَبْرون اللارديّ، وبمُرسيةَ عن أبي عليّ الصَّدَفي، وأبي محمد بن أبي جعفرٍ، وبغرناطة عن أبي الحَسَن (¬2) بن كُرز، وأبي خالد يزيد بن المهلب وتأدَّبَ ببعضِهم. وأجاز له من أهلِ الأندَلُس: أبو جعفر بن جَحْدَر، وأبَوا الحَسَن: شُرَيْح وعبد الرّحمن بن عفيف، وأبو عِمْران بن أبي تليد، وأبَوا محمد: ابن عَتّاب وابن عِطِيّة، وآباء الوليد: أحمد بن طَرِيف ومحمد بن رُشْد وهشام بن بَقْوَة؛ ومن أهل المشرق (¬3): أبو عليّ ابن العَرْجاء. رَوى عنه أبو الحَسَن بن سَعْد الخَيْر وأبو عُمر بن عَيَّاد، وأبَوا محمد: ابن سُفيان وعبد الولي بن محمد البَتِّي، وأبو مروان ابن الجَلّاد. قال ابنُ الأبّار: وتركَ الروايةَ عنه شيوخُنا البَلَنْسِيُّونَ ولا بأسَ به فيما قرأ أو سَمِعَ، ولم يكن مَسْمُوعُه من الحديث مُتّسعًا. وكان عارفًا بالفقه، بصيرًا بعقد الشروط، مشارِكًا في النحو والعَرُوض، حافظًا للآداب واللُّغات، مُمَتَّعَ المُجالسة، ذاكرًا لغرائب الأخبار ومُلَح ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2506)، وفي معجم أصحاب الصدفي (248)، والذهبي في المستملح (598)، وتاريخ الإسلام 12/ 50. (¬2) بن قبرون ... أبي الحسن: سقط من م ط. (¬3) في م: "الشرق".

173 - عبد الوهاب بن محمد بن حكم الأنصاري، سرقسطي

الحكايات، وطُرَف الفوائد، أديبًا شاعرًا مُخسِنًا خطيبًا بالغًا، حسنَ الخطّ، كتب الكثير وأحكم ضبطه. وَلّاه بأخرةٍ من عُمُره أبو الحَسَن زيادة الله ابن الحَلّال قضاء لُرِيّة سنة ست وأربعين وخمس مئة. مولده ببلنسية في شعبان تسع وسبعين وأربع مئة، وتوفِّي بها يوم الخميس لثمانٍ بقينَ من محُرمِ اثنين وخمسين وخمس مئة وصلى عليه أبو الحَسَن ابن النِّعمة يوم الجمعة بعده. 173 - عبدُ الوهّاب (¬1) بنُ محمد بن حَكَم الأنصاريّ، سَرَقُسْطيٌّ. اختَصرَ ذكْرَه ابنُ بَشْكُوال (¬2)، وكَمَّله ابنُ الأبّار. 174 - عبدُ الوهّاب بن محمد بن عبد الله بن عبد المُعطي بن يحيى. رَوى عن أبي بكر بن مُحرِز المُسِنّ. 175 - عبدُ الوهّاب بن محمد بن عُبَيد الله [27 و] بن أحمدَ بن العاص اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ. رَوى عن أبوَي الحَسَن: حَبِيب بن محمد بن حَبِيب ومحمد بن عَيّاش، وأبي الحَكَم عبد الرّحمن بن محمد بن حَجَّاج، وأبوَي العبّاس: ابن محمد بن مِقْدام وابن مُنذِر، وأبوَي القاسم: ابن محمد بن أبي هارونَ وابن يَزيدَ بن بَقِيّ. رَوى عنه ابنُ أُختِه أبو القاسم الحَسَنُ بنُ أبي محمد عبد الله بن الحَسَن. وكان مُقرئًا مجوّدًا فاضلاً متصدِّرًا (¬3). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2501). (¬2) الصلة (815). (¬3) يقع في هامش ح بعد هذه الترجمة: "عبد الوهاب بن محمد بن عبد الله الصنهاجي أبو محمد، روى ... " (وطمس سائر الترجمة، وهي رقم: 2509 في التكملة، فلتراجع).

176 - عبد الوهاب بن محمد بن عبد القدوس بن عبد الوهاب الأنصاري، أبو القاسم

176 - عبدُ الوهّاب (¬1) بن محمد بن عبد القُدّوس بن عبد الوهّاب الأنصاريّ، أبو القاسم. له رحلةٌ رَوى فيها بمِصرَ عن أحمدَ بن سَعيد بن أحمدَ المُقرِئ الحَوْفيّ. 177 - عبدُ الوهّاب (¬2) بن محمد بن عبد الملِك اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ. رَحَلَ وحَجَّ ورَوى بمكّةَ كرَّمها اللهُ عن أبي عبد الله الحُسَين بن عليّ الطَّبري (¬3). وقَفَلَ إلى بلده. رَوى عنه أبو الحَكَم عَمْرُو بن حَجَّاج، وأبو محمد بنُ غالب العَطّار؛ وكان شيخًا فاضلًا وَرِعًا زاهدًا، اكتَبَ القرآنَ بمسجدِ المُراديِّ بإشبيلِيَةَ مُناوبًا أبا بكرٍ دِحْيَةَ (¬4)، وكان حيًّا سنةَ سبعَ عشْرةَ وخمس مئة. 178 - عبدُ الوهّاب (¬5) بن المُعتمِد أبي القاسم محمد ابن المُعتضِد أبي عَمْرو عَبّاد بن محمد بن إسماعيلَ بن عَبّاد اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ، أبو الحَزْم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن بشكوال في الصلة (814) ترجمة أوفى مما ذكره ابن عبد الملك هنا، لكنه قال فيه: عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب بن عبد القدوس الأنصاري، فقدّم عبد الوهاب على عبد القدوس، وقال: كذا قرأت نسبه بخطه، وذكر أنه توفي لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة اثنتين وستين وأربع مئة ودفن بمقبرة ابن عباس بقرطبة، وأن مولده في سنة ثلاث وأربع مئة. وترجمه الذهبي في وفيات السنة المذكورة من تاريخ الإسلام 10/ 120 نقلاً من ابن بشكوال، ثم أعاده في وفيات سنة 463 من غيره 10/ 158، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 482، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 136. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2502)، والذهبي في المستملح (595)، وتاريخ الإسلام 11/ 277. (¬3) ذكر ابن الأبار أنه سمع منه صحيح مسلم في رمضان سنة 492 هـ. (¬4) هو أبو بكر دحية بن أحمد بن هارون كما ذكر ابن الأبار. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2503)، والذهبي في المستملح (596)، وتاريخ الإسلام 11/ 370، والمراكشي في الإعلام 8/ 540.

179 - عبد الوهاب بن محمد، إشبيلي، أبو محمد اليلبشي

وكَنَاهُ ابنُ الأبّار أبا محمد، وكان يُلقَّبُ في أيام رِياستِهم عزَّ الدولة. رَوى ببلدِه في إمارة أبيه عن أبي عبد الله مالكِ بن وُهيْب وتأدَّب به، وأبي الحَسَن بن الأخضَر، وأخَذ عِلمَ الطبّ عن أبي الحَسَن شِهاب بن محمد المُعَيْطيّ، وغُرِّب بخَلْع أبيه مُنتقلًا معَه إلى العُدوة، فصَحِبَ مالكَ بن وُهيْب ثانيةً بمَرّاكُش، وتفقَّه به ورَوى عنه الحديثَ ولازَمَه مختصًّا بصُحبتِه. وكان خيِّرًا فاضلًا وَقُورًا حسَنَ الهدي معروفَ النّزاهةِ والجلالة والعدالة، وَلِيَ صَلاةَ الفريضة بجامع مَرّاكُش واستُنيبَ في الخُطبة به دهرًا، ثم آثَرَ التخلِّيَ عن ذلك كلِّه والانقباضَ واختار التحوُّل إلى تادلَى فتوفِّي بها بعدَ العشرينَ وخمس مئة. 179 - عبدُ الوهّاب (¬1) بن محمد، إشبِيليٌّ، أبو محمد اليَلْبَشِيُّ (¬2). رَوى عن أبي الحَسَن العَبْسي، وأبي داودَ المُقرِئ، وأبي القاسم عبد الوهّاب ابن محمد بن عبد الوهّاب. تَلا عليه أبو الحَسَن نَجَبةُ، ورَوى عنه؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، تصَدَّر لذلك طُولَ عُمرِه بمسجدِ عَرَفةَ بمقرُبة من باب البَيّاسِينَ (¬3) من إشبيلِيَةَ وحدَّث [27 ظ] بيسير. 180 - عابِدُ (¬4) بن مَسْعود بن عابد الصَّدَفيُّ، بَرْبَشْتَريٌّ سكَنَ بَلَنْسِيَة. كان رجُلًا صالحًا خيّرًا، مُصحَفيًّا بارعَ الخَطّ مُجيدَ الضَّبط مُقتدًى به في ذلك متنافَسًا فيما يَكتُبُ منه ومُتَغالًى به. توفِّي بجزيرة شُقْرَ بعد سنةِ ستٍّ وثلاثينَ وخمس مئة، وكان قبرُه بها معروفًا مَزُورًا مُتَعرَّف البرَكة إلى أن تغَلَّب عليها الرُّوم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2505)، والذهبي في المستملح (597). (¬2) هامش ح: يلبش على ثلاثة فراسخ من بطليوس. وكذلك قال ابن الأبار. (¬3) هامش ح: ابن الأبار: "الدياسين". (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2998).

181 - العادل بن إبراهيم ابن العادل العبدري، منرقي، أبو الحكم

181 - العادلُ بن إبراهيمَ ابن العادل العَبْدَريُّ، مَنُرْقيٌّ، أبو الحَكَم. رَوى عن أبي عُثمانَ سَعيد بن حَكَم، وأبي الرَّبيع بن عليّ الكُتَاميِّ كثيرًا، وأبي بكرٍ محمد بن محمد بن صَافٍ، وأبي عليّ التِّلِمسيني. وكان مُشارِكًا في علوم جَمّة، حَسَنَ المُداعَبة والمُفاكَهة، ذا حظٍّ من قَرْض الشّعر، وكان معَ مُداعبتِه ومُفاكَهتِه مرضيًّا عندَ الخاصّةِ والعامّة. 182 - عاشِرُ (¬1) بن محمد بن عاشِر بن خَلَف بن مُرَجَّى بن حَكَم الأنصاريّ، يَنَاشْتِيٌّ سكَنَ شاطِبَةَ، أبو محمد. رَوى عن أبيه، وتلا بالسّبع على أبي جعفر بن محمد بن ذِرْوةَ المُرادِيِّ. ورَوى عنهُ وتدَبَّج معَه، وببعضِها على أبي القاسم ابن النَّخّاس ولقِيَهما بقُرطُبةَ. ورَوى الحديثَ عن أبي بحرٍ الأسَديِّ، وأبي بكر ابن العَرَبيّ، وأبي جعفر بن جَحْدَر، وأبي الحَسَن بن واجِب، وأبوَيْ عبد الله: المَوْرُوريِّ وأبي عامر بن حَبِيب، وأبي عليّ الصَّدَفيّ، وأبي عِمرانَ بن أبي تَلِيد، وأبي محمد بن عَتّاب، وتفَقَّه بأبي محمد بن أبي جعفر، وتأدَّبَ بأبي محمد بن السِّيْد. وحَدَّث بالإجازةِ عن أبي عبد الله الخَوْلانيِّ وأبي الوليد بن رُشْد. وكتَبَ إليه من المشرِق: أبو الحَجّاج بنُ نادر وأبو الحَسَن رَزِينُ بن معاويةَ، وصحِبَ أبا الحَسَن (¬2) بنَ مُغِيث وأبا الحُسَين (¬3) بنَ سِرَاج وأبا عبد الله بن حَمِيد، واستَكْثَرَ من لقاءِ الأكابر من كلِّ طبقة، ورأى أبا عبد الله بنَ فَرَج يُؤتَى به ليلةَ سبع وعشرينَ من رمضانَ إلى الجامع بقُرطُبةَ على دابّة بين عَدْلَيْنِ ليشهَدَ خَتْم القرآن به. ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1125)، وابن الأبار في التكملة (3000)، ومعجم أصحاب الصدفي (281)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 346، والذهبي في المستملح (758)، وتاريخ الإسلام 12/ 362. (¬2) في م ط: "العباس"، خطأ. (¬3) في م ط: "الحسن"، محرف.

رَوى عنه أبَوا بكر: ابنُ أبي جَمْرةَ ومُفوَّز بن طاهر، وأبو الخَطّاب بن واجِما، وآباءُ عبد الله: الأَنْدَرْشيّ وابن سَعادةَ المُعَمَّر، وابنُ أخيه، وأبو عُمرَ بن عاتٍ، وأبو القاسم بن البَرَّاق، وأبَوا محمد: عبدُ المُنعِم ابن الفَرَس وغَلْبُون. وكان فقيهًا حافظًا للمسائل مَعْنيًّا بالرأي، معروفًا بالفَهْم والإتقان [28 و] بصيرًا بالفتوى، أنجَبَ تَلامذةِ أبي محمد بن أبي جعفر، وشُوورَ ببلده وببَلَنْسِيَةَ، وشَرَحَ "المُدوَّنةَ" مسألةَ مسألة بكتابٍ كبير سمّاه: "الجامعَ البسيط وبُغْيةَ الطالبِ النَّشيط" بَلَغَ فيه إلى كتابِ الشهادات، في نحو مئة جُزء، حَشَدَ فيه أقوالَ الفقهاء ورَجَّح بعضَها واحتَجَّ له، وتوفِّي قبلَ إكمالِه. قال أبو إسحاقَ بن قريعات: قلتُ لأبي سُليمانَ بن حَوْطِ الله: هل رأيتَ أحفَظَ من أبي بكر ابن الجَدِّ؟ قال: نعَمْ، رأيتُ عاشِرًا، وكان أحفَظَ منه. واستَقْضاهُ أبو محمد عبدُ المُنعِم بن سَمَجُونَ على باغُه أيامَ قضائه بغَرْناطةَ، ثم صحِبَه إذ استُقضيَ بإشبيلِتةَ فاستَقْضاه ببعض المُدُن الغربيّة ولازَمَه مُدّة، ثم عاد إلى شرقِ الأندَلُس فتعرَّفَ به أبو زكريّا بنُ غانيةَ وجَلَّ عنده وحَظِيَ لديه، وقدَّمه ببَلَنْسِيَةَ إلى خُطّة الشُّورى فكان بها رأسَ المُشاوَرِينَ وإليه كانت تُرَدُّ صِعَابُ المسائل ومُشكلاتُها، ثُم استَقْضاه بمُرسِيَةَ وأعمالِها في أواخِر تسع وعشرينَ فبقيَ قاضيَا لهم بها إلى انقراضِ دولة أهلِه اللَّمْتُونيِّينَ منها في أواخر تسع وثلاثينَ وخمس مئة، فصُرفَ أجملَ صَرف، واستقَرَّ بشاطبةَ يُدرِّسُ الفقة ويُسمعُ الحديث، وعليه كان مدارُ المُناظرة لغَزارةِ حفظِه وتمكُّن معرفتِه وتفنُّنِه في العلوم وإيرادِه الأخبارَ والنّوادر. وكان يُكاتبُ الإمامَ أبا القاسم ابنَ وَرد في ما عسى أن يُشكِلَ عليه من نَوازلِ الأحكام فيُجيبُه أبو القاسم، وجمَعَ من ذلك ومن أجوِبة أبي الوليد بن رُشْد "ديواناً" مُفيدًا؛ وكانت بينَه وبينَ أبي جعفر بن أبي جعفرٍ وَحْشةٌ أيامَ استقضاءِ أبي محمد بمُرْسِيَة، فلمّا ثار أبو جعفرٍ بها أرسَلَ فيه، فظَنَّ بعضُ حَسَدتِه أنه إنّما بعَثَ ليَنالَه بمكروه، فلمّا دخَلَ عليه قام له بإكرام حَفيل وبِرّ واسع، ولاطَفَه أجملَ مُلاطَفة ونَدَبَه إلى الدخول معَه

183 - عاصم بن خلف بن محمد بن عقاب التجيبي، بلنسي، أبو محمد

في ما دخَلَ فيه فامتَنعَ أبو محمد من ذلك. وكان يُحدِّثُ أنه ألفَى طلَبةَ العلم عندَ أبي جعفر هذا مُتقلِّدي السُّيوف قد صاروا حَشَمًا وخَدَمًا، وقَعَدَ أبو محمد في تلك الفِتن كلِّها عاكفًا على العلم مُفيدًا ومُستفيدًا مُقبِلًا على ما [28 ظ] يَعنيه، ناظرًا في أسبابِ معيشتِه، إلى أن لحِقَ بربِّه. وكان خَيِّرًا فاضلًا، ذا وِرد منَ اللّيل، فكان دأْبُه متى أشكَلَ عليه شيءٌ من مُتَشابهِ القرآن تلاوةً جعْلَ بعضِ تلامذتِه يقرَأُ عليه السُّورةَ المتضمِّنةَ ما أشكَلَ عليه ولا يُعيِّنُ له موضعَ الإشكال، ولا يعرفُ القارئ مرادَه من تعيينِ تلك السُّورة؛ ليُثبِّتَ يقينَه ويُقوِّي سُكونَه ويُرسِّخَ حفظَه. وكُفَّ بصَرُه. وتوفِّي بشاطِبةَ سنةَ سبع وستينَ وخمس مئة، ومولدُه بيَناشْتُهْ سنةَ أربع، وقيل: ستّ وثمانينَ وأربع مئة. 183 - عاصِمُ (¬1) بن خَلَف بن محمد بن عُقاب التُّجِيبيُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو محمد. رَوى عن صِهرِه أبي الحَسَن بن واجِب، وأبوَيْ محمد: ابن سَعيد الوَجْدي، وتفَقَّه به، وابن السِّيْد. وكان مُتفنِّنًا فقيهًا حافظًا يَغلِبُ عليه عِلمُ الرأي، لَسِنًا فصيحًا جَزْلًا مَهِيبًا، صادعًا بالحقّ، مُقِلًّا صَبُورًا، دَرَّس "المُدوَّنةَ" دهرًا طويلًا، وشاوَرَه القاضي أبو الحَسَن بنُ عبد العزيز. وتوفِّي ببَلَنْسِيَةَ معتقَلًا في سِجنِها في جُمادى الأولى سنةَ سبع وأربعينَ وخمس مئة أثناءَ ثورةِ عبد الملِك بن شلبان المعروفِ بابن جلوبة بها، ودُفنَ بداخِل سُورِها ابنَ سبعينَ سنةً أو نحوِها. 184 - عاصِمُ (¬2) بن زيد بن يحيى بن حَنْظَلَة بن عَلْقَمةَ بن عَدِيِّ بن زَيْد بن حِمار بن زَيْد بن أيّوب بن مَجْروفِ بن عامِر بن عُصَيّةَ بن امرِئ القَيْس بن زَيدِ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2972)، والذهبي في المستملح (752)، وتاريخ الإسلام 11/ 906. (¬2) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (954)، والضبي في بغية الملتمس (1543)، وابن ظافر الأزدي في بدائع البدائه (21)، وابن الأبار في التكملة (2969)، وابن سعيد في المغرب 2/ 123.

مَنَاةَ بن تَمِيم بن مُرِّ بن أُدِّ بن طابخةَ بن إلياسَ بن مُضَرَ بن نِزَار بن مَعَدِّ بن عدنانَ التَّميميُّ العَبّاديُّ، قُرطُبيّ، أبو المَخْشِيّ؛ وأبوه زيدٌ هو الداخِلُ من المشرِق إلى الأندَلُس. كان شاعرًا مطبوعًا مجوِّدًا حُلوَ الألفاظ بارعَ المعاني، وكان مُنقطِعًا إلى سُليمانَ بن عبد الرّحمن بن مُعاويةَ، وكان هِشَامُ بن عبد الرّحمن يَشْنَؤُهُ لانقطاعِه إلى أخيه فبُغِيَ عليه عندَه، وأُنشِدَ له أبياتٌ فيه قيل: إنّها صنِعَت على لسانِه، وإنّما له منها بيتٌ واحدٌ قصَدَ به معنًى فحَرَّفَه الساعي عليه إلى غيرِه، وهو [الوافر]: وليس كشانئ إن سِيْلَ عُرفًا ... يُقلِّبُ مُقلةً فيها اعوِرَارُ وكان هشام أحوَلَ، فقيل له: إنّما عَرَّضَ بك ولم يُرِد سِواك، فاغتَمَّ [29 و] لذلك، وكان واليًا بماردَةَ، فأعمَلَ الحِيلةَ فيه حتى سِيقَ إليه فأمَرَ بقَطْع لسانِه وسَمْل عينَيْه. ولمّا بَلَغَ ذلك الإمامَ عبدَ الرّحمن شَقَّ عليه ما ارتكَبَه ابنُه هشامٌ من أبي المَخْشِيّ وكتَبَ إليه يُعنِّفُه ويُقبِّحُ فعلَه، وصار أبو المَخْشِيِّ بعدَ ذلك يتكلّمُ كلامًا ضعيفًا وبَقِي أعمى، وفي ذلك يقول (¬1) [الرمل]: خَضَعَتْ أُمُّ بناتي للعِدَى ... أَنْ قضَى اللهُ قضاءً فمضَى ورأَتْ أعمى ضَريرًا إنّما ... مَشْيُهُ بالأرضِ لمسٌ بالعَصَا فبَكَتْ وَجْدًا وقالت قولةً ... وهْي حَرَّى بلَغَتْ مِنّي المدى ففؤادي قَرِحٌ (¬2) من قولِها ... ما مِنَ الأدواءِ داءٌ كالعمى وإذا نالَ العمَى ذا بَصَرٍ ... كان حيًّا مثلَ مَيْتٍ قد ثَوَى وكأنّ الناعمَ المسرورَ لم ... يَكُ مسرورًا إذا لاحَ الرَّدى ¬

_ (¬1) من هذا الشعر أربعة أبيات في تاريخ افتتاح الأندلس: 59. (¬2) في النسخ: "قريح".

185 - عاصم بن عبد العزيز بن محمد بن سعد بن عثمان التجيبي، بلنسي، أبو الحسن، ابن القدرة

185 - عاصمُ (¬1) بن عبد العزيز بن محمد بن سَعد (¬2) بن عُثمانَ التُّجِيبيُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ القُدْرة. رَوى عن أبيه، وأبي الوليد الوَقَّشي. رَوى عنه أبو عبد الرّحمن بن جَحّاف. وكان فقيهًا مُشاوَرًا، أديبًا ذا حظّ من النَّظم، أنشَدَ أبو عبد الرّحمن بنُ جَحّاف قال: أنشَدَني أبو الحَسَن عاصمُ بن عبد العزيز ابنُ القُدْرةِ لنفسِه [السريع]: يا قمرَ التِّمِّ الذي لم يزَلْ ... يَحمي حمى الحُسْنِ بلا مَيْنِ إنْ لم تَجُد بالوصلِ يومًا فقد ... عَرَّضْتَ لِلْحَيْنِ بلا مَيْنِ 186 - عاصمُ (¬3) بن عيسى بن أحمدَ بن عيسى بن محمدٍ الأسَديُّ، رُنْديٌّ. رَوى عن بن أبي القاسم السُّهيْلي (¬4). 187 - عاصمٌ (¬5)، غَرْناطيٌّ. تَلا عليه بحَرْف نافع، أبو حَفْص السَّلامَاني (¬6). 188 - العاص بن محمدِ بن أحمدَ بن العاص. رَوى عن خَلَف بن محمد بن كَوْثَر، وكان فقيهًا نبيلَ التقييد، حيًّا سنةَ خمسٍ وستينَ وخمس مئة. 189 - العاص بن محمد بن العاص اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ. كان من فُقهاءِ بلده وعُدولي وحُسَبائه، حيًّا سنةَ خمسٍ وخمسينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2971). (¬2) في م: "سعيد"، محرف. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2973). (¬4) تقع بعدها ترجمة في هامش ح وهي: "عاصم بن محمد التميمي أشبوني روى عن صهره أبي علي الطيطل بن إسماعيل، روى عنه حفيده أبو إسحاق إبراهيم بن الحسن بن عاصم". (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2970). (¬6) في م: "السلاني".

190 - عامر بن أحمد بن خالص، بطليوسي، [29 ظ]، أبو الحسن

190 - عامرُ (¬1) بن أحمدَ بن خالِص، بَطَلْيَوْسيٌّ، [29 ظ]، أبو الحَسَن. كان فقيهًا، وَلِيَ قضاءَ بلدِه، وسَمِع وهو قاضٍ به من أبي عليّ الغَسّاني إذ قَدِمَه زائرًا سنةَ تسع وستينَ وأربع مئة. 191 - عامرُ بن أحمدَ الأشجَعيُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي القاسم عبد الرّحيم بن محمد ابن الفَرَس (¬2). 192 - عامرُ بن الحَسَن بن عامر بن أبي الحَسَن. رَوى عن أبي القاسِم ابن بَشْكُوال. 193 - عامرُ بن سُليمانَ بن أحمدَ بن سُليمانَ النَّفْزِيُّ. 194 - عامرُ (¬3) بن عبد الله بن خَلَف التُّجِيبيُّ، وَشْقيٌّ. سَمِعَ أبا عُمرَ بنَ عبد البَرّ. 195 - عامرُ بن عبد الله بن عامر الأنصاريّ، مُرْسِيّ، أبو الحَسَن. رَحَلَ ورَوى بمكّةَ شرَّفها اللهُ عن أبي المُظفر محمد بن عليّ بن الحُسَين الشَّيْباني سنةَ خمسٍ وثلاثينَ وخمس مئة، وبالإسكندَريّة عن أبي الطاهر السِّلَفيّ. 196 - عامرُ بن محمد بن عبد الملِك الأنصاريُّ، إشبِيليٌّ. 197 - عامرُ بن محمد بن قاسم التُجيبيُّ، أبو الحَسَن. رَوى عنِ القاضي أبي بكر ابن العَرَبي. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2945). (¬2) أثبت في هامش ح عند هذا الموضع الترجمة التالية: "عامر بن إبراهيم الأنصاري إشبيلي أبو محمد، أخذ عن شيوخ بلده وعن أبي القاسم ابن بشكوال في وروده عليهم سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة وكان من جملة فقهاء بلده" (وانظر ترجمته في صلة الصلة 4/الترجمة 329). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2944).

198 - عامر بن محمد بن يحيى بن محمد بن عامر

198 - عامرُ بن محمد بن يحيى بن محمد بن عامر. رَوى عن أبي الحُسَين يونُسَ بن مُغِيث. 199 - عامرُ (¬1) بن محمد الأنصاريُّ، طُلَيْطُليٌّ سكَنَ قُرطُبةَ، أبو الحَسَن. تَلا بالسّبع ورَوى الحديثَ ودَرَس العربيّة على أبي عبد الله المَغَامِّيّ، وتفَقَه بأبي بَكْرٍ عُبَيدِ الله بن أدهمَ، وأبي جعفرٍ عبد الصَّمد بن موسى بن هُذَيْل، وابن أبي عبد الصَّمد. رَوى عنه أبو جعفر بن مَضَاءٍ وقال: كان زَوجَ عمّتي وممّن أنعَمَ اللهُ عليّ بصُحبتِه. وكان مُقرئًا نَحويًّا من أهل العلم والعمَل، آخِرَ تلامذةِ القاضي ابنِ أدهمَ بقُرطُبة، وأحدَ الفُضَلاءِ الأجِلّة والعلماءِ الأذكياء. توفِّي بقُرطُبة سنةَ أربعينَ وخمس مئة وقد أربَى على الثمانين. 200 - عامرُ بن المُنتصِر. رَوى عن أبي عليّ الصّدَفي. 201 - عامرُ بن موسى بن محمد الأُمَويُّ، وَشْقيٌّ سكَنَ قُرطُبةَ، أبو يحيى. رَوى عن أبي الحَسَن ابن القَفَّاص، وأبي القاسم ابن الطَّيْلَسان. 202 - عامرُ (¬2) بن هِشَام بن عبد الله بن هِشَام بن سعيد بن عامرِ بن خَلَف بن مُطَرِّف بن مُحسِن بن عبد الغافِر بن مَهْديّ بن عبد الواحِد بن هِشَام الأَزْديّ، قُرطُبيٌّ بَيَانيُّ الأصل، أبو القاسم. رَوى عن أبيه، وأبي بَكْر بن خَيْر، وأبي جعفر بن [30 و] يحيى، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال، وأبي محمد بن مُغِيث. رَوى عنه ابنُه أبو عَمْرٍو محمد، وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيّ شيخُنا. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2947)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 328. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2948)، والرعيني في برنامج شيوخه (197)، وابن سعيد في المغرب 1/ 75، والذهبي في المستملح (748)، وفي تاريخ الإسلام 13/ 739.

وكان أديبًا شاعرًا مُفلِقًا، كاتبًا بارعًا، كتَبَ عن أبي محمد بن أبي حَفْص بن عبد المؤمِن وغيرِه، وإيّاه أبَّنَ بخاتمةِ القسم الثالثِ (¬1) من مقصورتِه، وكان قد اختَصّه كثيرًا وحَظِيَ عندَه، وله مصنَّفاتٌ أدَبيّةٌ نافعة ومقاماتٌ بارعة، فمِن مصنَّفاتِه: "المُخصَّص في شَرْح غريبِ الملَخَّص"، و "مثبِّطُ العَجْلان ومُنشِّطُ الكسلان في الأدب" يَقرُبُ حجمُه من ثُلُثَي "أمالي" البغدادي، و"المقصُورةُ" المشارُ إليها، جَعَلَها ثلاثةَ أقسام، الأؤل: في الزُّهد وتأنيبِ النفْس والتنَدُّم على تضييع أيام الشّباب والتضرُّع إلى الله سبحانَه واستغفارِه وما شاكَلَ ذلك، والثاني: مبنيٌّ على حديثه - صلى الله عليه وسلم -: "بُنِي الإسلامُ على خمس"، والثالث: في شَكْوى الزّمان وما مُنِيَ به من بعض الحَسَدة الخُوّان، المتظاهرينَ بصِفاتِ أصفياءِ الإخوان، وتأبينِ مُصطنعِه السيِّد أبي محمدٍ عبد الله بن أبي حَفْص بن عبد المؤمن المذكور. وعُدَّتُها مئةٌ وخمسةٌ وستونَ بيتًا أو نحوُها، وذكَرَ في صَدْرِها أنه نَظَمَها في أسبوع أو شَيْعِهِ من بعض أيام رَمَضان، وأنه أنشَأَها لإبن أخيه ثم شَرَحَها شَرْحًا مُفيدًا بسَطَ القولَ في كثيرٍ من شَرح أبياتِها وأودَعَها فوائدَ غريبة ونُكتًا أدبيّة عجيبة، وسيأتي لهذا المقصورة ذكْرٌ في رَسْم أبي زكريّا بن موسى الِهنْتَاتيِّ - إن شاء اللهُ - لسببٍ اقتضى إيرادُه هنالك. ومن مصنَّفاتِه: "ثَمرَةُ الغُراب في أجناسٍ من التجنيسِ غِرَاب". وكان جُلَّ عُمُره على خير وفَضْل واستقامةِ حال، حتى مَرَّ ذاتَ يوم بسَكْرانَ طافح فعَيَّرَه بما شاهَدَه من سُوءِ حالِه، فابتُلي بشُرب الخَمْر والانهماكِ فيه، فصار لا يَغُبّ شُربَها ولا يَضحو من سُكرِها، وعلى ذلكَ فقد قال في حالِه ما يدُلُّ على حُسنِ عقيدتِه وصفاءِ سَريرتِه (¬2) [مخلّع البسيط]: شرِبتُها عالمًا بأنّي ... أتيْتُ في شُربِها كبيرهْ [30 ظ] مُرتَجيًا رحمةً وعَفْوًا ... بحُسنِ مالي من السَّريرهْ ¬

_ (¬1) في م ط: "الثاني"، وهو خطأ. (¬2) برنامج الرعيني (198).

وقال: ونَقلتُه من خطِّه [البسيط]: إنّا إلى الله مِن دُنيًا مضَتْ وقَضَتْ ... ولم أَبِتْ وَجِلًا من خشيةِ الله تُرِي البِطالةُ في ميدانِها بطلًا ... منّي وآنَسُ أن أَلهو معَ اللاهي يامن أُرجِّيه في سِرِّي وفي عَلَني ... كما يُرَجِّيه حقًّا كلُّ أَوّاهِ حرَفتَني الجاهَ في الأُولى وحُرمَتَهُ ... فاجمَع ليَ الحظَّ في الأُخرى معَ الجاهِ ياربِّ إنْ فئتُ عن شيبٍ قَدَ اكرَهَني ... عسى قَبُولُ مَتَابي بعدَ إكراهِ نَفْسي التي أورَطَتْني غيرُ مُبقِيةٍ ... ما أورَطَتْني -وحقِّ الله- إلّا هي أنشَدتُ ذلك كلَّه على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيّ عنه، وشعرُه كثيرٌ جيِّد. وكانت بينَه وبينَ أبي إسحاقَ الزَّوَاليِّ وغيرِه من أُدباءِ وقتِه مُخاطَباتٌ تشةدُ بمَتانةِ أدبِه وبَراعته، وقد مَرَّ له ذكْرٌ ببعض نَظْمِه في رَسْم أبي إسحاقَ الزَّوَالي؛ أنشَدَ قولَ الشاعر (¬1) [الكامل]: ما بالُ شيخٍ قد تَخَدَّدَ لحمُهُ ... أفنَى ثلاثَ عمائمٍ ألوانا سوداءَ حالكةً وسَحْقَ مُفَوَّفٍ ... وأجَدَّ لونًا بعدَ ذاك هِجَانا قال أبو القاسم: أخَذْتُه فأحدَثْتُ فيه معنًى طريفًا لم أُسبَقْ إليه، وهو [البسيط]: مُبيضُّ شَعريَ كالقِرطاسِ ناصعُهُ (¬2) ... وقبلَ ذا كان لونَ الحبرِ بَرَّاقا وصار من شَمَطٍ يحكيهِ مُكتَتَبًا ... حتى متى كان هذا الدهرُ وَرَّاقا؟! ¬

_ (¬1) البيتان من قصيدة تنسب لغير ما شاعر؛ فهي للنابغة الجعدي في حماسة البحتري: 207، ولأبي محلم في شرح المختار: 334، ودون نسبة في الكامل 1/ 204، وفي المعمرين: 93 رواها المدائني عن أبي الشماخ الطائي. (¬2) ناصعه: سقطت من م.

203 - عامر الصفار، قرطبي

وُلدَ في رجَبِ ثلاثٍ وخمسينَ وخمس مئة، وقال ابنُ الأبّار: سنةَ أربع، وتوفِّي بقُرطُبةَ في رمضانِ ثلاثٍ وعشرينَ وست مئة. 203 - عامرٌ (¬1) الصَّفّارُ، قُرطُبيّ. كان عالمًا بالفرائضِ والحِساب والمِساحة معلِّمًا بذلك، أخَذَ عنه محمدُ بن إبراهيمَ الأمينُ وسواه. 204 - عَبّادُ بن أحمدَ بن محمد بن إبراهيمَ بن أبي القاسم الأَزْديُّ، إشبِيليٌّ، أبو عَمْرٍو. تَلا بالثّمانِ على أبي عبد الله بن عبد الرّحمن بن جُمهور، تَلا عليه ابنُه أبو بكرٍ محمدٌ، وكان مُقرِئًا فاضلًا. وتوفِّي ليلةَ السّبتِ مُستهلَّ جُمادى الآخِرة، عامَ أحدٍ وثلاثينَ وست مئة. 205 - عَبّادُ بن خَلَف، رُنْديٌّ، أبو عَمْرو. رَوى عن [31]، أبي الحَسَن شُرَيْح. 206 - عَبّاد (¬2) بن خَليفةَ المنصُوريُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 207 - عَبّادُ بن عَبُّود، أبو محمد. رَوى عن القاضي أبي بكر ابن العَرَبي، وكان أستاذًا. 208 - عَبّادُ بن محمد بن أشرَف. كان فقيهًا، وقَفْتُ على خَطِّه بنَقْلهِ "البيانَ والتحصيل" لنفْسِه من أصل المصنِّف. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2946). (¬2) سقطت هذه الترجمة من م.

209 - عباد بن محمد بن يحيى بن عبادل، سرقسطي، أبو العيش

209 - عَبّاد (¬1) بن محمد بن يحيى بن عَبَادِل، سَرَقُسْطيٌّ، أبو العَيْش. رَوى عن أبي عبد الله بن يحيى بن سَعيد سَماعًا. رَوى عنه أبو محمد الرِّكْليّ، وهُو في عِدَادِ أصحابِه، وشريكُه في السَّماع على أبي عبد الله المذكور. وكان حافظًا للُغاتِ ذاكرًا للآداب. 210 - عُبَادةُ. رَوى عن عبد الدائم بن مَرْزُوق. رَوى عنه ابنُه إبراهيم. 211 - عَبّاسُ بن أيّوبَ بن محمد بن نُوح الغافِقيُّ، بَلَنْسِيٌّ، وهُو أخو أبي عبد الله بن نُوح. كان من أهل العلم، حيًّا في رمضانِ سبع وتسعين وخمس مئة. 212 - عَبّاس (¬2) بن عبد الرّحمن بن عَبّاس بن ناصِح الثَّقَفيُّ، خَضْراويٌ، أبو العلاء. رَوى عن جَدّه وعن غييره، وكان فقيهًا لُغَويًّا حافظًا، وكانت له رِياسةٌ ببلدِه. 213 - العَبّاسُ (¬3) بن العَبّاس بن غالبٍ الهَمْدانيُّ، مالَقيّ الأصل، أبو الفَضْل. رَوى عنه أبو عَمرو بنُ سالم، وكان أديبًا ظَريفًا بارعَ الكتابة جيِّدَ الشِّعر سريعَ البَدِيهة، ربّما أملَى ارتجالًا في وقتٍ واحد شعرًا ومُوشَّحةً ورسالة، فيأتي في ذلك ما يَبهَتُ الحاضرين. وكان حَسَنَ العِشرة (¬4) جميلَ الأخلاقِ وطِيءَ اكناف، وكان قد باعَ بعضَ كُتبِه فكتَبَ إليه الأستاذُ أبو محمدٍ القُرطُبيُّ في ذلك (¬5) [الكامل]: ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2996) وفيه: عبادل. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2955). (¬3) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة (108) وساق الكثير من شعره. (¬4) في م: "العشيرة"، وفي ط: "المعاشرة". (¬5) أدباء مالقة (108).

214 - عباس بن وليد، قرطبي

نُبَّئْتُ عبّاسًا توَزَّع كُتْبهُ ... نَهْبًا وأصبحَ عن هواها مُعزَلا فعجِبتُ من بَطَلٍ يبيعُ سلاحَهُ ... عَمدًا ويُضْحي في الكتابةِ أعزَلا فأجابَه أبو الفَضْل رحمه الله [الكامل]: يا مَوْئلي ولقد تَخِذْتُك مَوْئلا ... أَقصِر فإنك غيرُ مُتَّهم القلى بِعتُ الدّواوينَ الأُصولَ لكي أُرى ... بأصولِ أشجارٍ شرَيتُ مُموَّلا (¬1) [31 ظ] 214 - عَبّاس (¬2) بن وَليد، قُرطُبيٌّ. رَوى عن المحمّدَيْنِ: ابن سَحنُون وابن عبد الحَكَم، وكان حيًّا سنةَ ثلاثٍ وسبعينَ ومئتين. 215 - عَبّاس بن عليّ، أبو بكر. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجي. 216 - عَبْدُوسُ (¬3) بن حَكَم، أبو مَرْوانَ. كان أديبًا لُغَوّيًا كاتبًا، صَنَّف في الحُلَى والشِّيَاتَ المستعمَلة في ديوانِ الجيش كتابًا مختصَرًا نبيلًا مُفيدًا. 217 - عَبْدونُ (¬4) بن حَيْوَةَ بن ملامِس الحَضْرَميّ، إشبِيليٌّ. رَوى عن أبيه (¬5). ¬

_ (¬1) أثبتت الترجمة التالية في هامش ح: "عباس بن عياش، تدميري أبو المغيرة، له رحلة إلى المشرِق، حج فيها وأخذ بالقيروان عن حماس وابن بسطام وابن عون". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2954)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 341. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2997). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2994). (¬5) ترجمة أبيه حيوة بن ملامس في جذوة المقتبس (391)، وبغية الملتمس (672)، وأخبار مجموعة (107)، والبيان المغرب 2/ 51، ونفح الطيب 3/ 48، وهو أحد النفر اليمانيين الذين قاموا بأمر عبد الرحمن بن معاوية الداخل حتى خلص له الأمر.

218 - عبود بن محمد أو يحيى بن عيسى المرادي؛ قبري

218 - عَبُّودُ بن محمد أو يحيى بن عيسى المُرادِيُّ؛ قُبَّريٌّ. كان من أهل العلم والتقَدُّم في العدالة والبَصَر بعَقْدِ الشروط وجَوْدة الخَطّ، حيًّا بعدَ الأربع مئة. 219 - عُبَيْدُ (¬1) بن ناصِرةَ بن يزيدَ العُتْكيُّ، ويقال: عُبَيدةُ. رَوى عن مالِك بن أنس. 220 - عُتْبةُ (¬2) بن محمد بن عُتْبةَ الجُرَاويُّ، غَزناطيٌّ، وادي آشيُّ الأصل، أبو يحيى. استقْضاهُ المتوكِّلُ على الله أبو عبد الله محمدُ بن يوسُفَ بن هُود على الأندَلُس فكان بها قاضيَ الجماعة، وكان من أهلِ العلم والنَّباهةِ والجزالة والنُّفوذ، وقُتلَ سنةَ خمسٍ وثلاثينَ وست مئة. 221 - عَتِيقُ (¬3) بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن عبد الرّحمن الأَزْديُّ، أُورِيُوليٌّ، أبو بكر، ابنُ جِرْ بِقَيْر. رَحَلَ إلى المشرِق رحلتَيْنِ: أُولاهُما: حَجَّ فيها سنةَ تسع وثمانينَ وأربع مئة، وجاوَرَ بمكّةَ، شرَّفَها اللهُ سنينَ، ورَوى فيها عن أبي عليّ الحَسَن بن عبد الله بن عُمرَ المُقرئ ابن العَرجاءِ، وحَيْدرِ بن يحيى بن حَيْدرٍ الجِيليِّ الصُّوفيّ، ورَزِين بن مُعاويةَ، وأبي الفَوارس الزَّيْنَبيّ، سنةَ تسعينَ، وبمحضَر أبي بكر ابن العَرَبي، وعن أبي محمد عبد الله بن محمد بن إسماعيلَ المصريِّ الغَزَّال؛ وأُخراهُما: سنةَ عشرينَ وخمس مئة، وسَمِع فيها من أبي بكرٍ اللَّفتُواني وأبي القاسم زاهِر بن طاهر الشَّحّاميِّ قَدِمَها حاجًّا سنةَ ست وعشرينَ وخمس مئة، وبمصِرَ من أبي الحَجّاج بن نادر، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2982). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2981)، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 131. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2927)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 107، والذهبي في المستملح (740)، وتاريخ الإسلام 12/ 31.

222 - عتيق بن أحمد بن عتيق بن الحسن بن زياد بن جرج، [] بلنسي نزل مراكش، أبو بكر الذهبي، وهو ولد العلامة أبي جعفر الذهبي

وأبي طاهرٍ السِّلَفيِّ، وتدَبَّجَ معَه، وأبي عبد الله الرّازي، وأجاز له أبو شُجاع البَلْخِيّ. وقَفَلَ إلى بلدِه بروايةٍ واسعة وغرائبَ انفَردَ بها وفوائدَ قُصِدَ لأَجلِها. رَوى عنه أبو بكر بنُ أبي ليلى، وأبو جعفر بن خَلَف بن سُليمانَ السَّرَقُسْطيّ، وآباءُ عبد الله: ابنُ الحَسَن بن سَعيد وابنُ خَلَف المُحارِبيّ وابنُ عليّ [32 و]، ابن حَبِيب، وأبو عُمرَ بن عَيّاد، وأبو القاسم ابن بَشْكُوال. وحدَّث عنه بالإجازةِ أبو عبد الله بنُ عَيّاش. وكان من أهل العناية بالرّواية والثِّقة والعدالة. مولدُه أوَّل محرَّم سَبغ وستينَ وأربع مئة بأُورِيُولةَ، وتوفِّي بها سنةَ إحدى وخمسينَ وخمس مئة. 222 - عَتِيقُ بن أحمدَ بن عَتِيق بن الحَسَن بن زِياد بن جُرْجَ، [.......] (¬1) بَلَنْسِيٌّ نزَلَ مَرّاكُش، أبو بكر الذَّهبيُّ، وهُو وَلَدُ العلَّامة أبي جعفرٍ الذَّهبي. رَوى عن أبيه، وأبي القاسم عبد الرّحمن التُّونُسيِّ بن الحَدّاد، وكان عاقدًا للشّروط (¬2). 223 - عَتِيقُ (¬3) بن أحمدَ بن عُمرَ بن أَنسٍ العُذّريُّ، مَرَوِيٌّ، وَلَدُ أبي العبّاس العُذْريِّ الدِّلائي. رَوى عن أبيه سَماعًا، ولقِيَ أبا الفَتْح السَّمَرْقَنْديّ، وأجاز له أبو الوليد الباجِيُّ. حَكَى عنه أبو بَحْر حكايةً. ¬

_ (¬1) بياض في النسخ. (¬2) تقع بعد هذه الترجمة ترجمة في هامش ح: "عتيق بن أحمد بن عبد الباقي، لورقي، نزل دمشق، أبو بكر، كان شيخًا صالحًا زاهدًا عابدًا صحب جماعة من الزهاد وانتفع به جماعة وكان حسن الأخلاق كثير الإغضاء، وتوفي بدمشق في سنة ست عشْرةَ وست مئة ودفن بمقابر الصوفية، ويقال: إنه بلغ مئة سنة، رحمه الله ونفع به". (ترجمته في تكملة المنذري 2/الترجمة 1722، وتاريخ الإسلام للذهبي 13/ 478). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2921)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 105.

224 - عتيق بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن سلمون، بلنسي

224 - عَتِيقُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن إسماعيلَ بن سَلْمونَ، بَلَنْسِيٌّ. تأدَّب في النَّحو بأبي عبد الله بن نُوح، وأبي محمد بن عَبْدُون، وعَلَّم ذلك وأدَّبَ به. واستُشهدَ في فَتا؛ من سِنِّه بكائنةِ غرباله يومَ الجُمعة مستَهلَّ جُمادى الأُولى سنةَ ثمانينَ وخمس مئة. 225 - عَتِيقُ (¬2) بن أحمدَ بن محمد بن خالدٍ المَخْزوميُّ، بَلَنْسِيّ، أبو بكر، ابنُ الخَصْم. تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن بن هُذَيْل، وسَمِع الحديثَ على أبي الحَسَن طارقِ بن يَعيشَ، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ، ودرَّس الفقة على أبي بكر بن أسَد ولازَمَه وتمَّيزَ في أصحابِه بالشُّفوف، وأبي الحَسَن بن عزِّ الناس وأخَذَ عنه معَ ذلك الأصُولَ، وأبي الوليد بن خِيَرةَ؛ واللُّغاتِ والآدابَ على أبي الحَسَن ابن النِّعمة. رَوى عنه أبوا عبد الله: ابنُ نَسَع وابنُ نُوح؛ وكان بارِعًا في العربيّة متقدِّمًا في التنقيرِ عن معانيها وعِلَلِها أديبًا ماهرًا، فقيهًا مُشاوَرًا، ذا بصَر في الحديثِ ومعرفةِ رجالِه، فَهِمًا ذكيًّا مُتقِنًا لكلِّ ما يتَولّاه، مُحببًا صالحًا زكيًّا مُنقبِضًا، درَّس الفقة وأسمَعَ الحديثَ واللُّغاتِ وعِلْمَ العربيّة. وتوفِّي بقُسُنْطانِيةَ في جُمادى الأُولى سنةَ تسع (¬3) وأربعينَ وخمس مئة، وسيقَ إلى بَلَنْسِيَةَ فدُفنَ بها. 226 - عَتِيقُ (¬4) بن أحمدَ بن محمد بن [32 ظ] يحيى الغَسّاني، غَرْناطيٌّ، أبو بكر، ابنُ الفَرّاء. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2929)، والذهبي في المستملح (741)، وتاريخ الإسلام 12/ 641. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2925)، والذهبي في المستملح (739)، وتاريخ الإسلام 11/ 934. (¬3) جاء في حاشية ح: "ابن الأبار: ثمان"، قلنا: وهو كذلك فيه. (¬4) ترجمه ابن الخطيب في الإحاطة 4/ 80 - 82 ونقل من هذا الكتاب، وابن القاضي في درة الحجال 3/ 181.

227 - عتيق بن أحمد بن محمد، أبو بكر

تَلا بالسَّبع على أبي [........] (¬1) مَسْمَغُور، وتفَقَّه بأبي العبّاس بن زَرْقون، وأخَذ "كتابَ سِيبوَيْه" عن أبي الحَسَن الأُبَّذي، والطبَّ عن أبي عبد الله بن المُهلَّب. وكان جامعًا لفُنون من المعارف معروفَ النُّبل في كلِّ ما يَتناولُ من الأمورِ العلميّة، وقَيَّدَ كثيرًا وعُنِي بالعلم العنايةَ التامّة. وصَنَّفَ "نُزهةَ الأبصار في نَسَب الأنصار"، و"نَظْمَ الحُليّ في شَرْح أُرجوزة أبي عليّ" يعني الطِّبِّيّةَ المنسُوبةَ إلى ابنِ سِينا، واستُقضيَ بالمُنَكَّب (¬2)، وعُرف بالعدالة والنَّزاهة. مولدُه بغَرناطةَ في ذي حِجّة خمسٍ وثلاثينَ وست مئة. 227 - عَتِيقُ بن أحمدَ بن محمد، أبو بكر. رَوى عن أبي محمد بن السِّيْد. 228 - عَتِيقُ بن أحمدَ بن مَيْسَرةَ بن أحمدَ بن محمد بن مَيْسَرةَ -ونَسَبَه أبو الحَجّاج بنُ محمد البَيّاسيُّ حَسَبَ ما وقَفْتُ عليه في خطِّه: عَتِيقَ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن مَيْسَرةَ- الغافِقيُّ قُرطُبيٌّ فَرْغَلِيطيُّ الأصل، أبو بكر الفَرْغَلِيطي. رَوى عن أبي عبد الله بن مُناصِف. رَوى عنه أبو الحَجّاج بنُ محمد البَيّاسيُّ، وأبو محمد بن عُبَيد الله القُرطُبيّ، وكان أديبًا حافظًا للتواريخ والأنساب، ذاكرًا للأخبار، طويلَ ذُيول الكلام، إذا كتَبَ أو تحدَّث يأتي بطَوامَّ لا مِثلَ لها، له في ذلك أخبارٌ عجيبة ونوادرُ مُضحِكة. ¬

_ (¬1) بياض في النسخ، وجاء في حاشية ح: "عبد الله بن محمد بن إبراهيم". (¬2) بهامش ح: "وولي أيضًا قضاء المرية مدة ومنها كتب إلينا مجيزًا جميعًا (تواليفه) وهو يتولى إذ ذاك قضاءها وذلك في شهر ربيع الأول أسنة، سبع وثمانين وست مئة. ومن شيوخه الذين روى عنهم سوى من ذكر: إسماعيل بن يحيى العطار، وعبد الرحمن بن عبد المنعم ابن الفَرَس، وأبو علي ابن الأحوص، وأبو القاسم بن ربيع الأشعري. ومن تواليفه التي أجازها لنا معينة غير ما ذكر: [مختصر] البرهان لامام الحرمين، وإنفاق المقتر وتلفيق المقصر، فيما كتبه أو كتب به إليه نظمًا أو نثرًا. وكان ملاذًا للطلبة والقصاد، متفننًا في جملة علوم، رحمه الله تعالى".

229 - عتيق بن أحمد بن يحيى بن مجبر الأنصاري، مالقي، أبو بكر

229 - عَتِيقُ بن أحمدَ بن يحيى بن مُجبرٍ الأنصاريُّ، مالَقيٌّ، أبو بكر. رَوى عن أبي جعفرٍ الجَيّار وأبي عليّ الرُّنْدي وأبي محمد بن القُرطُبيّ. وكان خَيِّرًا فاضلًا، مُعتَنيًا بالعلم حَسَنَ التقييد نَبيلَ الخَطّ ضابطًا، من خِيارِ عِبادِ الله الصّالحين. أخبَرَني صاحبُنا الفاضلُ أبو عبد الله بنُ عَيّاش عن أبي بكر بن حَبِيب المالَقيِّ، قال: كان أبو بكرٍ هذا قاعدًا في ظلِّ شجرة بصَحْن جامع مالَقة، وقارئٌ يقرأُ كتابَ "الحِلْية" لأبي نُعَيْم على الناس يُسمِعُهم إيّاه، فجَرَى ذكْرُ أحدِ الفُضَلاءِ المذكورينَ فيه وذكْرُ مناقبه وكراماتِه، فصاح صَيْحةً ثم سكَتَ وسكَنَ فحُرِّك فأُلِفيَ ميِّتًا، رحمه الله. 230 - عَتِيقُ (¬1) بن أسَد بن عبد الرّحمن بن أسَد الأنصاريُّ، يَناشْتيٌّ، نشَأَ بمُرْسِيَةَ، أبو بكر. رَوى عن أبي الحَسَن يحمص ابنِ البَيّاز، وأبي عليّ بن سُكّرَة وأكثَرَ عنه، وأبي محمد بن أبي جعفر، وأبي عبد الله بن فَرَج بن سُليمانَ المِكْنَاسيّ [33 و]. رَوى عنه سِبْطُه أبو محمد بنُ سُفيانَ، وأبو إسحاقَ ابنُ خَفَاجةَ، وأبَوا بكر: عَتِيقُ بن أحمدَ ابن الخَصْم ومُفوَّزُ بن طاهر بن مُفوَّز. وكان فقيهًا متحقِّقًا بالفقه، وهُو كان الأغلبَ عليه، دَرِيًّا بالفَتاوَى بَصيرًا بالأحكام نافذًا في المعرِفة بعَقْدِ الشُّروط، وله فيها مختصَرٌ عظيمُ الجَدوى، إلى ما كان عليه من حُسن المشارَكة في الحديثِ والأدبِ واللُّغة والنَّحو وقَرضِ الشِّعرِ والبلاغة وإنشاءِ الخُطَب وحِفظ الأخبار؛ درَّس الفقة وأسمَعَ الحديثَ، وكانت الفُتْيا تَدورُ عليه وعلى أبي محمدٍ عاشِر مُدّةَ قضاءِ أبي الحَسَن بن عبد العزيز، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2923)، وفي معجم أصحاب الصدفي (275)، والذهبي في المستملح (837)، وتاريخ الإسلام 11/ 687، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 499، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 139.

231 - عتيق بن الحسن، سرقسطي، أبو بكر

واستُقضيَ بشاطِبَةَ مرَّتين، أُولاهُما: من قِبَل أبي بكر بن أسْوَدَ ثم صَرَفَه، وأُخراهما: بتقليد أبي زكريّا بن غانِيةَ بعدَ تقديمهِ إيّاه للشُّورى. توفِّي بشاطِبةَ ليلةَ الجُمعة الثانية والعشرينَ من جُمادى الآخِرة سنةَ ثمانٍ وثلاثينَ وخمس مئة. 231 - عَتِيقُ بن الحَسَن، سَرَقُسْطيٌّ، أبو بكر. رَوى عنه أبو الحَسَن بنُ هِشَام اللَّوْرَقي. 232 - عَتِيقُ بن الحُسَين بن عبد الله بن محمد بن أبي عبد الله رَشِيق (¬1) التَّغلَبيُّ، بَيّاسِيٌّ نزَلَ مُرْسِيَة، أبو بكر. تَلا على أبيه، وأبي بكر بن عليّ بن حَسْنُون. ورَوى عن أبي الحُسَين بن زَرقُون، وأبي سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبي عِمرانَ المارْتُليِّ الزاهد، وأبي العبّاس النَّبَاتي، وأبي القاسم بن بَقِيّ، وأبي محمد بن حَوْطِ الله. وأجازَ له أبو بكرٍ عَتِيقُ بن عليّ بن سَعيد العَبْدَريّ، وأبو الخَطّاب أحمدُ بن محمد بن واجِب وأبو عُمرَ أحمدُ بن هارونَ بن عات، وحد [........] (¬2) ابنُه صاحبنُا أبو علي (¬3)، وحدّثنا عنه هو وأبو محمد مَوْلى سَعيد بن حَكَم، كتَبَ إليه. وكان مُقرِئًا محدِّثًا فقيهًا نَحويًّا، أديبًا تاريخيًّا، آخِذًا بحظٍّ وافرٍ من علم الطبِّ، عارِفًا بعلم الكلام وأصُول الفقه، فَرَضِيًّا عَدَديًّا عاقدًا للشّروط، وصنَّف في الحديث وغيرِه؛ وكان آدمَ اللّون. وُلدَ لثَمانٍ بَقِينَ من جُمادى الآخِرة عام أحدٍ وثمانينَ وخمس مئة، وتوفِّي بمُرسِية غُرّةَ ذي حِجّةِ أحدٍ وستينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) رشيق: سقطت من م ط. (¬2) كذا في الأصول، وكتب بهامش ح: حدثاني عنه معَا. (¬3) انظر عنه كتاب الدكتور محمد بن شريفة: ابن رشيق المرسي: حياته وآثاره.

233 - عتيق بن شعيب بن إبراهيم الأنصاري، أبو بكر

233 - عَتِيقُ بن شُعَيْب بن إبراهيمَ الأنصاريّ، أبو بكر. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرة. 234 - عَتِيقُ (¬1) بن عبد الله بن محمد بن [23 ظ] إبراهيمَ اللَّخْميُّ، إشبيليٌّ، أبو بكر، ابنُ اليَابُري؛ رَحَلَ وحَجَّ ورَوى بالإسكندَريّة (¬2) عن أبي عبد الله بن منصُور الحَضْرَميِّ. رَوى عنه أبو الحَسَن الدَّبّاجُ، وأبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله، لقِيَه بسَبْتَةَ، وحدّثنا عنه أبو الحُسَين اليُسْر؛ وكان محدِّثًا فاضلًا، زاهدًا يعيشُ من بِضاعةٍ كانت بيدهِ يُديرُها في تجارة. 235 - عَتِيقُ بن عبد الله بن يوسُفَ بن خَيْر الأَزْديُّ. رَوى عن أبي الحَسَن عبد الجَليل بن عبد الجَبّار. 236 - عَتِيقُ (¬3) بن عبد الجَبّار بن يوسُفَ بن مُحرِز الجُذَاميُّ، بَلَنْسي، أبو بكر. سَمِعَ من أبي داودَ المُقرئ، وأبي محمد ابن السِّيْدِ واختَصَّ به وأكثَرَ عنه، وكان بارعَ الخَطّ رائقَ الوِراقة، نافذًا في عَقْد الشُّروط، كتَبَ عن قُضاة بلدِه أبوَي الحَسَن: ابن عبد العزيز وابن واجِب، وأبوَيْ محمد: ابن جَحّافٍ والوَجْديِّ نَحْوًا من أربعينَ عامًا، ووَليَ خُطّةَ المَناكِح ببلدِه، وبه توفِّي سنةَ تسع وثلاثينَ وخمس مئة وقد نَيَّف على الستّينَ من عُمرِه. 237 - عَتِيقُ بن عبد الحَميد الأنصاريّ، أبو بكر. رَوى عنه أبو عَمرٍو زيادُ ابنُ الصَّفّار. وكان مُقرِئًا فاضلًا وخَطَبَ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2936)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 113 مع الغرباء. (¬2) هامش ح: " (سمع) بالإسكندرية من ابن دليل وحماد بن هبة الله والكركنتي، وبدمشق من الخشوعي والقاسم بن عساكر، وببغداد من ابن كليب وابن الجوزي، وتوفي سنة اثنتين وعشرين وست مئة، ومولده على رأس الخمسين والخمس مئة، روى عنه ابن سيد الناس". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2924)، والذهبي في المستملح (738)، وتاريخ الإسلام 11/ 710.

238 - عتيق بن علي بن خلف بن أحمد بن عمر بن سعيد بن محمد بن الأيمن بن عمر بن يحيى بن سعيد بن الأيمن بن عمرو بن يحيى بن وليد بين محمد بن عبيد بن عمر، من ولد عبد الرحمن بن معاوية، الأموي، مربيطري، استوطن آخرا رابطة البتي خارج مالقة، أبو بكر، ابن قنترال

238 - عَتِيقُ (¬1) بن عليّ بن خَلَف بن أحمدَ بن عُمرَ بن سَعيد بن محمد بن الأيمَنِ بن عُمرَ بن يحيى بن سَعيد بن الأيمَن بن عَمرِو (¬2) بن يحيى بن وَليد بين محمد بن عُبَيْد (¬3) بن عُمرَ، من وَلَد عبد الرّحمن بن مُعاويةَ، الأْمُويُّ، مُربَيْطَريّ، استَوطَنَ آخرًا رابطةَ البَتِّي خارجَ مالَقةَ، أبو بكر، ابنُ قنترال. تَلا بالسّبع مُفردًا على أبي الحَسَن بن النعمة، وبها جامعًا على أبي محمدٍ القاسم بن دَحْمان، وتأدَّبَ به في العربيّة والآداب، وبحَرْف نافع إلّا حِزْبًا أو حِزْبَيْن من خاتمةِ القرآن على أبي محمد بن كَبَّال، والزَّهْراوَيْنِ (¬4) على أبي بحرٍ عليِّ بن جامع الكفيف، وقرَأَ عليهم، وسَمِعَ غيرَ ذلك. وأخَذ أيضًا بين قراءةٍ وسَمَاع عن أبي إسحاقَ بن مُلْكُون، وأبي بكرٍ يحيى بن مُفرِّج ابن القَرّاق، وأبي الحَسَن بن عبد الرّحمن الزَّهْريّ، وآباءِ عبد الله: ابن حَمِيد وابن زَرْقُون وابن يوسُفَ بن سَعادةَ وابن الفَخّار وابن المُجاهِد وقرَأَ عليه بعضَ "الموطَّإ" روايةَ اللَّيْثي، وأجاز له باقي روايتِه من طريق الرّاوِية أبي محمدٍ الباجِي، وأبوَي القاسم: ابن حُبَيْش والسُّهيْلي، وأبوَيْ محمد: ابن عُبَيد [34 و] الله وابن مَوْجُوَال، وأكثرُ مَن ذُكِرَ أجازَ له. وأكثرَ عن أبي الحَسَن صَالح بن عبد الملِك ولم يَذكُرْ أنه أجاز له. ومن أشياخِه سوى مَن ذُكِر، ولا أتحقَّقُ الآنَ كيفيّةَ أخْذه عنه: أبو بكر بن خَيْر، حَدَّثه وأجاز له. وأجاز له: أبو الحَسَن بن هُذَيْل، وأبو القاسم ابنُ بَشْكُوال، وأبو مَرْوانَ ابن قُزْمان، هؤلاءِ شيوخُه بالأندَلُس. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن خميس في أعلام (أدباء) مالقة، الترجمة 112، وابن الأبار في التكملة (2935)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 110، والذهبي في المستملح (744)، وتاريخ الاسلام 13/ 345، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 500، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 139. (¬2) في التكملة: "عمر". (¬3) هذا الاسم ليس في التكملة. (¬4) يعني: البقرة وآل عمران.

ثُم رحَلَ حاجًّا عامَ أحدٍ وستينَ وخمس مئة، فلَقِيَ في وِجهتِه أعلامًا رَوى عنهم، منهم بالجزائر: أبو محمد عبد المُنعِم بن عَشِير قرَأَ عليه وأجازَ له، وأبو يوسُفَ حَجَّاجُ بن سَكاتّه قرَأَ عليه وناظَرَ عندَه، وبالإسكندَريّة أبو الطاهِر السِّلَفيُّ وابنُ عَوْف، قرَأ عليهما وسَمِعَ وأجازا له، وبمكّةَ كرَّمها اللهُ أبو الحَسَن بنُ عبد الله ابن حَمُّود المِكْنَاسيّ الطّويلُ الجِوار بحَرَم الله، فأكثَرَ عنه وأجاز له. وقَفَلَ إلى الأندَلُس فتصَدَّر بمالَقةَ للإقراءِ والتحديث. رَوى عنه آباءُ القاسم: ابنُه، والقاسمان: ابنُ الأصفَر وابنُ الطَّيْلَسان، وابنُ فَرْقَد، وأبَوا بكر: ابنُ سيِّد الناس وابن عبدِ النُّور، وأبَوا جعفرٍ: الجَيّارُ وابنُ يوسُف الواشِريّ، وأبو الحَجّاج المربلي، وأبَوا الحَسَن: ابن أحمدَ بن مَسْعود المُحارِبي وابن عبد الوَدود، وأبو الخَطّاب بن خَليل، وأبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وآباءُ عبد الله: ابنُ أحمدَ الواشِريُّ وابن عَسْكَر وابن قاسم الهاشِميّ، وأبو العبّاس بن هارونَ، وأبو عليّ الحَسَن بن عليّ بن سَمعان، وأبو عَمرو بنُ تَقِيّ، وآباءُ محمد: ابنُ أبي بكرٍ الأبّار والحَرّارُ والكَوّاب، وحدَّثنا عنهُ من شيوخِنا: أبو جعفرٍ الطّنْجَاليّ، وأبو الحَسَن الرُّعَيْني، وأبو الحُسَين اليُسْر. وكان شيخًا صالحًا وَرِعًا زاهدًا ناسِكًا، صحيحَ الاعتقاد، مُعوِّلًا على مذهب مالك مُعظِّمًا له، رحيمَ القلبِ سَريعَ البُكاء عند ذكْرِ الصّالحين، قديمَ الطّلَب للعِلم، حاملًا لكتابِ الله وسُنّة رسُولِه - صلى الله عليه وسلم -، مُواظِبًا على تلاوة القرآن كثيرَ النُّصْح في إقرائه مُتثبِّتًا، لا يَشغَلُه عن سَماع القارئ عليه شيءٌ ولا يبتغي على إقرائه (¬1) أجرًا إلّا منَ الله تعالى، أقرَأَ قديمًا، وأذِنَ له شَيْخُه أبو القاسم السُّهيْليُّ في الإقراءِ بمجلِسه شهادةً له بالتحصيل والإدراك. مَوْلدُه [34 ظ] لثِنْتَي عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من ذي حِجّةِ عام ستٍّ وعشرينَ وخمس مئة، قاله أبو عبد الرّحمن بنُ غالبٍ وقَطَعَ به، ونحوُه وقَفْتُ عليه في خطِّ أبي عبد الله بن أحمدَ الواشِريّ. ¬

_ (¬1) "متثّبتًا ... إقرائه": سقطت من م.

239 - عتيق بن علي بن سعيد بن عبد الملك بن موسى بن عبد الله بن يغقوب بن أيوب بن شريح بن الحسن بن رزين العبدري، طرطوشي المولد ميورقي المنشإ، بلنسي الاستيطان، أبو بكر، ابن الصفار

وذكَرَ عنه أبو القاسم بن فَرقَد أنّ مولدَه سنةَ سبع أو ثمانٍ، على الشكِّ منه (¬1)، وقال أبو جعفرٍ الجَيّار: توفِّي بمالَقةَ غَداةَ يوم الأحد ودُفنَ إثْرَ صَلاة عصرِها لتسع بَقِينَ من رجبِ ثِنْتَيْ عشْرةَ وست مئة، وكان قد أوصَى إليَّ أن أغسِّله فغَسَّلتُه وكفَّنته، ودُفن بحَوْمة الشّريعة من خارجِها، ونحوَه في تاريخ الوفاة قال ابنُ فَرْقَد، ونقَلتُه من خطِّه، وقال الواشِريُّ: ونقَلتُه أيضًا من خطِّه: توفِّي في الثاني والعشرينَ، ولم يَذكُرِ اليومَ. 239 - عَتِيقُ (¬2) بن عليّ بن سَعيد بن عبد الملِك بن موسى بن عبد الله بن يَغقوبَ بن أيوبَ بن شُرَيْح بن الحَسَن بن رَزِين (¬3) العَبْدرِيُّ، طَرْطُوشيُّ المولدِ مَيُورْقيُّ المنشَإ، بَلَنْسيُّ الاستيطان، أبو بكر، ابنُ الصَّفّار (¬4). تَلا بالسَّبع على أبي بكر بن نُمَارةَ، وأبوَي الحَسَن: ابن هُذَيْل وابن النِّعمة. ورَوى قراءةً وسَماعًا على أبي جعفر بن مَشَلْيُون، وأبوَيْ عبد الله: ابن حَمِيد وابن سَعادة. وأجازَ له من أهل الأندَلُس: أبو إسحاقَ الغَرْناطيّ، وأبو الحَسَن بنُ هِلال، وأبَوا عبد الله: ابنُ عُبَادةَ الجَيّاني وابن الفَرَس، وآباءُ محمد: عبدُ الحقِّ ابنُ الخَرّاط وعُلَيْم والقاسم بنُ دَحْمانَ، وأبو القاسم ابنُ بَشْكُوال، ومن أهل المشرِق: أبو إبراهيمَ الغَسّانيُّ وأبو زكريّا بن علي بن يحيى القَيْسي، وأبو الطاهرِ السِّلَفيّ، وأبو عبد الله محمدُ بن عُمرَ بن أحمدَ بن جامعٍ الشافعيُّ، وأبو الفَضْل الغَزْنَوي، وأبو محمد بنُ بَرِّي، وعساكرُ بن عليّ. ¬

_ (¬1) هامش ح: "كما قال ابن فرقد قال أبو عبد الله ابن الطراز، وقال: الشك من الشيخ، وهو ممن أخذ عنه". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2933)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 109، والذهبي في المستملح (742)، وتاريخ الإسلام 12/ 1220، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 550، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 139. (¬3) ط م: "زيد". (¬4) في التكملة: "العَفّار" -بالعين المهملة والفاء المشددة- كذلك وجدت بخط ابن الجلاب من التكملة، وبخط الذهبي: "العَقار" -بالقاف- ولا يعوّل عليه لقلة درايته بالأندلسيين.

240 - عتيق بن علي بن عبد الله بن محمد التجيبي، شقوري لاردي الأصل، أبو بكر اللاردي

رَوى عنه أبَوا بكر: ابن رَشِيق وابنُ عبد الرّحمن، وأبَوا جعفرٍ: ابن محمد بن وَهْب وابن يوسُفَ ابن الدّلّال، وأبو الحَسَن محمدُ بن أبي بكر بن محمد بن أبي حَفْص بن واجِب، وآباءُ عبد الله: ابن حور وابن عبد الملِك بن نُوح وابن الشَّيخ، وأبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبَوا عمرو: ابنُ سالم وابن عَيْشُون، وأبو عليّ حَسَنُ بن عبد الرّحمن الرَّفّاء وأحمدُ بن محمد بن عبد الجَليل وعليُّ بن محمد بن عليّ بن مُحرِز، ومحمد بن يوسُفَ بن سُليمان. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا متحقِّقًا بالأداءِ متقدِّمًا في صناعةِ الإقراء، قَعَدَ لذلك مُدّةً طويلة، [35 و]، وكان فاضلًا ديّنًا فقيهًا حافظًا ذاكرًا للمسائل، بصيرًا بعَقْد الشّروط، حَسَنَ الخَطّ جيِّدَ الضَّبط. خَطَبَ بجامع بَلَنْسِيَةَ وشُوورَ بها، واستُقضيَ وكانت في أحكامه شدّةٌ وفي أخلاقهِ حِدّة، وتوفِّي بها قاضيًا ضُحاءَ يوم الثلاثاءِ لستٍّ وعشرينَ، قاله ابنُ أبي البقاء، وقيل: يومَ الاثنينِ لسبع وعشرينَ؛ قاله أبو الرَّبيع بنُ سالم، وقال غيرُهما: لخمسٍ وعشرينَ لذي حِجّةِ ست مئة، ودُفنَ لصَلاة العصر من ذلك اليوم، وصَلّى عليه أبو الحَسَن بنُ خِيَرة، ودُفنَ بمقبُرةِ باب الحَنَش، ومولدُه سنةَ ثلاثٍ وثلاثينَ وخمس مئة. 240 - عَتِيقُ (¬1) بن عليّ بن عبد الله بن محمدٍ التُّجِيبيُّ، شَقُوريٌّ لارِديُّ الأصل، أبو بكر اللارِديُّ. رَوى عن أبي العبّاس الأُقْلِيجي، رَوى عنه ابنُه أبو عبد الله، وكان فقيهًا حافظًا واستُقضِيَ. 241 - عَتِيقُ (¬2) بن عليّ، مُرسِيٌّ، أبو بكر، ابنُ الوَزّان. أكثَرَ عن أبي القاسم بن حُبَيْش وأطال ملازمتَه، وكان من أهل الفَهْم والنُّبلِ والذّكاء. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2931)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 111. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2934).

242 - عتيق بن عيسى بن أحمد بن عبد الله بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن مؤمن الأنصاري الخزرجي، من ذرية عبادة بن الصامت رضي الله عنه فيما ذكر أبو الحسن بن مغيث، قرطبي، أبو بكر

242 - عَتِيقُ (¬1) بن عيسى بن أحمدَ بن عبد الله بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن مُؤْمن الأنصاريُّ الخَزْرَجي، من ذُرِّيّة عُبَادةَ بن الصّامت رضي اللهُ عنه فيما ذكرَ أبو الحَسَن بن مُغيث، قُرطُبيّ، أبو بكر. سَمِع بقُرطُبةَ على أبي إسحاقَ بن ثَبَات، وآباءِ بكر: البِرْزَاليّ وابن عَيّاش وابن بَطّال (¬2) وابن مُدِير، وآباءِ جعفر: البِطْرَوْجيِّ وابن شانِجَةَ وابن (¬3) عَطّاف، وأبوَي الحَسَن: عبد الرّحيم الحِجَاريِّ ويونُسَ بن مُغيث، وأبي الحَكَم ابن مَشَلْيان، وأبي خالدٍ القُرَشيّ، وأبي عبد الله بن فَرَج صاحبِ الأحكام بقُرطُبة، وأبوَي القاسم: ابن بَشْكُوال وابن رِضا، وأبوَي الوليد: ابن خِيرَةَ وابن رُشْد. وبإشبيلِيَةَ على أبي إسحاقَ بن حُبَيْش، وأبي بكر ابنِ العَرَبيّ، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي عُمرَ أحمدَ بن صَالح. وبالمَرِيّة على أبوَي الحَسَن: ابن مَعَدان وابن مَوْهب، وأبوَيْ عبد الله: ابن وَضّاح وابن أبي أحَدَ عَشَر، وأبي العبّاس ابن العَرِيف واختَصَّ به. وبغَرناطةَ على أبي بكر ابن الخَلُوف. وبَجيّانَ على أبي الحَسَن وليد بن الموثَّق، وأبي عبد الله البغداديِّ. وبِوادي آشَ على أبي إسحاقَ [35 ظ] بن رَشِيق. وبالجزيرةِ الخَضْراء على أبي العبّاس بن زَرْقُون. وبَسبْتةَ على أبي الفَضْل عِيَاض، وأجازوا له إلّا ابنَ شانِجَة؛ وآباء [.........] (¬4)، ولقِيَ جماعةً غيرَ هؤلاء. وأجاز له: أبو أحمدَ بُن رِزْق، وآباءُ بكر: ابنُ زيدانَ وابنُ طاهرٍ المُحدَّث وعَيّاشُ بن الفَرَج، وأبو الحَجّاج القُضَاعي، وآباءُ الحَسَن: ابنُ ثابت وابن نافع وابن اللَّوّان، وآباءُ عبد الله: البُونْتيُّ (¬5)، وحفيدُ مكِّي والحَمْرِي والقُرَشِيُّ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2926)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 107، والذهبي في المستملح (740)، وتاريخ الاسلام 12/ 31. (¬2) في م ط: "بصال". (¬3) شانجة وابن: سقطت من م ط. (¬4) بياض في النسخ. (¬5) في م ط: "البوني".

243 - عتيق بن غالب، داني، أبو بكر

الناصِريّ وابنُ معمَر، وأبو عَمرٍو الخَضِرُ، وأبو الفَضْل بن شَرَف، وأبَوا محمد: الرّشاطيّ وابن عَطِيّة. ولم يَمِلْ إلى طلبِ هذا الشأنِ إلّا بعدَ أن جاوَزَ الثلاثينَ من عُمرِه ففاتَه الأخْذُ عن جماعةٍ وافرة ممّن أدرَكَ من شيوخ عصرِه. رَوى عنه ابنُه أبو الحَسَن وأبو بكر بن خَيْر، وهُو في عِدَاد أصحابِه (¬1)؛ وكان مَوْسومًا بالفَضْل مُتَصاوِنًا منقبِضًا كثيرَ الحَياء والصَّمت والمُثابَرة على وظائفِ الخير والبِرِّ بأصحابِه، مائلًا إلى الصّالحينَ وأهل التصوّف يُهاديهم ويُتحفُهم في أماكنِهم وُيحسنُ نُزُلَ من ألَمَّ به منهم ويُسارعُ إلى قضاءِ حوائجِهم بمالِه ونفسِه. وكتَبَ بخطِّه الكثيرَ من العلم، وعُنيَ أخيرًا بالتقييد وروايةِ الحديث، وله "برنامَجٌ" ضمَّنَه رواياتِه و"رسالةٌ في الفِتن والأشراط"، ومصنَّفٌ جَمَع فيه "كلامَ شَيْخِه أبي العبّاس بن العَرِيف نثرًا ونظمًا" (¬2)، وآخَرُ جمَعَ فيه "كلامَ الزاهد أبي عبد الله بن يوسُفَ السَّبْتيِّ ابنُ الأبّار ورسائلَه وحِكَمَه"، وغيرُ ذلك من التقاييد. وُلد يومَ الاثنينِ في العَشْرِ الوُسَط من ربيعٍ الأوّل سنةَ ست وتسعينَ وأربع مئة، وتوفِّي قريبَ الزَّوال من يوم الاثنينِ لأربعَ عشْرةَ بقِيَتْ من المحرَّم [عامَ] ثمانيةٍ وأربعينَ وخمس مئة. 243 - عَتِيقُ (¬3) بن غالب، دانِيٌّ، أبو بكر. سَمِع أبا داودَ الِهشَاميَّ وغيرَ واحدٍ من أصحابِ المغَامِيّ، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا تصدَّر لذلك في حياة شيخِه أبي داود. 244 - عَتيقُ (¬4) بن محمدِ بن أحمدَ بن عبدِ الحَمِيد الأنصاريّ، مالَقيٌّ، أبو بكر. ¬

_ (¬1) انظر فهرست ابن خير: 519، 537. (¬2) لعله هو "مفتاح السعادة وتحقيق طريق الإرادة" الذي حققته الدكتورة عصمت دندش ونشرته دار الغرب الإسلامي. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2922)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 105. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2930)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 111.

245 - عتيق بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عبد الملك، بلنسي، ابن القلاس

تَلا بالسَّبع على أبي عبد الله بن مِسْوَرةَ، واختَصَّ بأبي محمد عبد الوهّاب بن عامر وتحقَّق به في علم الفرائض وعَقْد الشُّروط. رَوى عنه أبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وكان [36 و] متقدِّمًا في علم الفرائض مُبرِّزًا في عَقْد الشُّروط بَصِيرًا بعِلَلِها. توفِّي لتسعٍ خَلَوْنَ من جُمادى الآخِرة سنةَ ستٍّ وثمانينَ وخمس مئة (¬1). 245 - عَتِيقُ بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عبد الملِك، بَلَنْسيٌّ، ابن القَلّاس. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ تسع وتسعينَ وخمس مئة. 246 - عَتِيقُ بن محمد بن خَلَف بن مَرْزُوق، بَلَنْسيٌّ. 247 - عَتِيقُ بن محمد بن عَتِيقُ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن الأَزْديُّ، أُورِيُوليّ. له إجازةٌ امن أبي الحَسَن رَزِين والحَسَن بن عبد الله بن عُمرَ المُقْرئ. 248 - عَتِيقُ (¬2) بن محمد عَتِيق بن عَطّاف الأنصاريّ، بَلَنْسيٌّ أو مُرْسِيٌّ لارِديُّ الأصل، أبو بكر، ابنُ المُؤذِّن. رَوى عن أبوَيِ (¬3) الحَسَن: ابن هُذَيل، وابن النِّعمة، وأبوَيْ عبد الله: ابن الفَرَس وابن يوسُفَ بن سَعادَة، وأبي العبّاس ابن الحَلّال. وأجاز له أبو بكر بن محُرِز البَطَلْيَوْسيُّ وأبو مَروان بن قُزْمان. رَوى عنه أبو عبد الله بن نُوح وتأدَّب به في العربيّة. وكان فقيهًا حافظًا للمسائل، حَسَنَ المشارَكة في العربيّة، موصُوفًا بالذكاءِ والفَهْم وفصاحةِ العبارة وبَيانِ الخَطابةِ والذّكاءِ والزّكاء، أقرَأَ في حياةِ شيخِه أبي الحَسَن ابن النِّعمة، ¬

_ (¬1) في حاشية ح: "ومولده سنة ثلاث عشرة وخمس مئة". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2938). (¬3) في النسخ: "أبي"، ولا يستقيم.

249 - عتيق بن محمد بن علي بن أبي الفرج الأزدي، مالقي

وكان أبو الحَسَن بن هُذَيْل يصِفُه بالأُستاذيّة، وأنهضَه أبو بكر بن أبي جَمْرةَ إلى خُطّة الشُّورى، واستَقْضاهُ الأميرُ محمد بن سعد (¬1) على لُرِيّة؛ وكان أبو عبد الله بن نُوح يُثْني عليه ويَصِفُ ذكاءَه وزكاءه أيامَ أخْذِهما على الشّيوخ، ويَذكُرُ حُسنَ عبارته وبيانِه في المذاكرة. وتوفِّي ببَلَنْسِيَةَ في حياةِ أبيه سنةَ أربع في قول محمد بن عَيّاد. وقال أبو الرَّبيع بنُ سالم: سنةَ خمسٍ أو ستٍّ وخمسينَ وخمس مئة، ومَوْلدُه سنةَ سبع وعشرينَ وخمس مئة. 249 - عَتِيقُ بن محمد بن عليّ بن أبي الفَرَج الأَزْديُّ، مالَقيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا بعدَ الخمسينَ وخمس مئة. 250 - عَتِيقُ بن محمد بن عليّ الغَسّاني (¬2)، بَلَنْسيّ، الجَنّان (¬3) حِرفتُه التي كان يَتلبَّسُ بها ويتعيَّشُ منها، ويُلقَّبُ إبريلَ؛ لطُولِه. تَلا على أبي بكر بن محمد بن وَضاح، وأبي الحَجّاج بن [36 ظ]، عليّ بن عبد الرزّاق، وأبي الحَسَن بن أحمدَ العَشّاب، وأبي زَيْد القُمارِشيِّ، وأبي صالح محمد بن أبي صالح الزّاهد، وأبوَيْ عبد الله: ابن عبد الله الإسْتِجيِّ وأبي يحيى بن رِضا، وأبي محمد بن عبد العَظيم. ¬

_ (¬1) هو المشهور بابن مردنيش، قام بأمر مرسية لما أفل أمر المرابطين بالأندلس، واتسع سلطانه فاستولى على جيان وغَرْناطةَ وبلنسية وطرطوشة، ثم جرت أهوال بينه وبين الموحدين حتى توفي سنة 567 هـ (انظر أعمال الأعلام: 298 وتاريخ ابن خلدون 6/ 237 وغيرهما من المصادر التاريخية). (¬2) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 112، وبهامش ح: "أخذ أبو بكر الجنان هذه القراءات عن أبي جعفر أحمد بن يوسف الفحام المقرئ بمالقة وكان يختلف إليه من حصن بلش وبينهما أربعة وعشرون ميلًا صابرًا على ذلك لا يفتر ولا يعطل حرفته ببلش حتى أكمل عليه قراءات السبعة". (قلنا: هذا منقول عن صلة الصلة). (¬3) هامش ح: "يكنى أبا بكر".

251 - عتيق بن محمد بن يحيى بن أبي بكر عتيق المعافري، بلنسي، أبو بكر

وكان مُقرِئًا عارِفًا بالقراءات حَسَنَ القيام عليها مُتقِنًا في الأداء، دَخَل مَرّاكُشَ وأغْماتَ وريكةَ وأقرأ بهما وبغيرِهما، واستقرَّ أخيرًا بغَرْناطةَ إلى أن توفِّي بها في حدودِ السبعينَ ولست مئة، بعدَما كُفَّ بصَرُه نفَعَه الله، وترَكَ زَوْجًا أخَذَتْ عنه القرآنَ بالسَّبع وأتقنَتْها. 251 - عَتِيقُ بن محمدِ بن يحيى بن أبي بكرٍ عَتِيقٍ المَعافِريُّ، بَلَنْسيٌّ، أبو بكر. رَوى عن أبي الحَسَن بن مَعْدَان، وأبي عبد الله بن زُغَيْبةَ، وأبي القاسم أحمدَ بن محمد بن بَقِيّ. 252 - عَتِيقُ بن مُفرِّج الأنصاريّ. رَوى عن عَبّاد بن سِرْحان. 253 - عَتِيقُ بن موسى بن عَقِيل، بَلَنْسيّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنة سبع وتسعينَ وخمس مئة. 254 - عَتِيقُ (¬1) بن يَحيى المَذْحِجيّ، أبو بكر (¬2). رَوى عن أبي الحَسَن صَالح بن عبد الملِك الأوْسيّ. رَوى عنه أبو القاسم المَلّاحيُّ، وكان فقيهًا حافظًا خطيبًا فاضلًا. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2932)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 108، والذهبي في المستملح (743)، وتاريخ الإسلام 13/ 80. (¬2) بهامش ح: "هو عتيق بن يحيى بن محمد بن علي بن حارث بن محمد بن سبيع بن حارث المذحجي حمي، أخذ بمالقة عن أبي إسحاق بن قرقول وصالح المذكور وغيرهما، وانتقل إلى غرناطة فولي الصلاة بجامعها ثم استعفى من ذلك وكتب بها. وكان من أهل الفضل والورع والدين حسن التعليم لكتاب الله، مشاركًا في الفقه والحديث، جيد المحرفة. مولده سنة ثلاث أو أربع وثلاثين وخمس مئة وتوفي يوم الثلاثاء الثاني عشر لشوال سنة ثلاث وست مئة وصلى عليه من الغد قاضي الجماعة أبو محمد عبد الحق ودفن بمقبرة باب إلبيرة وكانت جنازته مشهودة" (قلنا: هو مستفاد من صلة الصلة).

255 - عتيق بن يوسف بن محمد بن عميرة التجيبي

255 - عَتِيقُ بن يوسُفَ بن محمد بن عَمِيرةَ التُّجِيبيُّ. رَوى عن أبي عبد الله بن عبد الرّحيم ابن الفَرَس. 256 - عَتِيقُ بن يوسُفَ بن شاكر، أبو بكر. رَوى عن أبي جعفر بن عَوْن الله. 257 - عَتِيقُ [..........] (¬1)، غَرْناطيٌّ، أبو بكر الدَّركلي. تَلا على أبي محمد الكَوّاب، وحَدَّث عن أبي الحَسَن سَهْل بن مالك وأبي عامر بن رَبِيع، وأخَذَ النَّحوَ عنِ ابن عبد السّلام. وكان مُقرِئًا فقيهًا حافظًا، استُقضيَ بغير مَوْضِع من أنظارِ غَرْناطةَ فعُرِف بالعدالةِ والنزاهة. مولدُه بغَرْناطةَ سنةَ خمسَ عشْرةَ وست مئة. 258 - عثمانَ بن أحمدَ بن محمد بن عثمانَ الرُّعَيْني، أبو عَمْرو. رَوى عن محمد بن مَسْعود بن خَليفة. 259 - عثمانُ بن أحمدَ بن يحيى بن محمد بن أحمدَ بن يوسُفَ بن أحمد بن العَوّام الحَضْرَميُّ، إشبِيليٌّ، أبو عَمْرو. رَوى عن أبي مَروانَ محمد بن أحمدَ الباجِي، وقَيَّد رحلتَه في رسالةٍ سَمّاها "الرّحلةَ الباجِيّة والعَرُوسَ التّاجِيّة" ثم أتْلاها بأُخرى وَسَمَها بـ"الرِّسالة التِّبريزيّة في الصّلةِ الإبْريزيّة للرِّحلة [37 و]، الباجِيّة والعَرُوسِ التَّاجِيّة" ضمَّنَها ما دار بينَه وبينَ أبي العبّاس بن عبد الوهّاب بن زَزقُونَ المذكورِ قَبْلُ في شأنِ هذه الرّسالة من مُكاتَباتٍ ابتداءً وجوابًا. رَوى عنه أبو محمد بنُ قاسم الحَرّار (¬2). وكان فقيهًا عاقدًا للشّروط، مُبرِّزًا في العدالة، عُنيَ بالعلم طويلًا، وكتَبَ بخطِّه كثيرًا، وكان له حَظٌّ صالح ¬

_ (¬1) بياض في النسخ. (¬2) في م ط: "أبو محمد قاسم الخراز"، خطأ.

260 - عثمان بن إدريس، طليطلي، أبو القاسم

من بَراعة الكتابة. مَوْلدُه في اللّيلة الحاديةِ والعشرينَ من ذي حِجّةِ أحدٍ وثمانينَ وخمس مئة، نقَلتُه من خطِّه. 260 - عُثمانُ بن إدريسَ، طُلَيْطُليّ، أبو القاسم (¬1). تَلا على أبي عبد الله بن عيسى المَغَاميّ وأخَذَ عنه جُملةً من مصنَّفاتِ أبي عَمرو بن الصَّيْرَفي، ورَوى أيضًا عن أبي بكرٍ خازِم. تَلا عليه أبو العبّاس بن عبد الرّحمن بن الصَّقْر، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا. 261 - عثمانُ (¬2) بن خَلَف، أندَلُسيّ، أبو عَمْرو. قَدِمَ دِمشقَ سنةَ ثلاث وثلاثينَ وأربع مئة، وحدَّث فيها بـ"قصيدةٍ مُسَمَّطة في السُّنة" من نَظْم محمد بن عبد الله بن عبد الخالق عن بعضِ أصحاب أبي عبد الله ابن الوَشّاء. رَوى عنه أبوا الحَسَن العَلِيّان: ابنُ أحمدَ بن زُهَيْر وابنُ محمد بن شُجاع بن أبي الهوْل الأنطاكِيّ، وأبو العبّاس بن قُبَيْس وغيرُهم. 262 - عثمانُ (¬3) بن رَبِيعةَ، أندَلُسيٌّ. له مصنَّفٌ في "طبقات شعراء الأندَلُس". توفِّي قريبًا من سنة عَشْرٍ وثلاث مئة (¬4). 263 - عثمانَ بن سعد (¬5) بن رَمَضانَ الأنصاريُّ، أبو سَعيد. رَوى عن أبي الوليد الباجِيّ. ¬

_ (¬1) في م ط: أبو العباس. (¬2) ترجمه ابن عساكر في تاريخ دمشق 38/ 354، وابن الأبار في التكملة (2655). (¬3) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (702)، والضبي في بغية الملتمس (1184)، وياقوت في معجم الأدباء 4/ 1601، وابن الأبار في التكملة (2652)، والصفدي في الوافي 19/ 485. (¬4) هامش ح: "في طبقة ابن ربيعة هذا عثمان الملقب بحرقوص، ألَّف في طبقات الشعراء، ذكره ابن الفرضي (890) فتأمله". قلنا: وذكره الزبيدي: 288، والذهبي في تاريخ الإسلام 7/ 372. واسمه عثمان بن سعيد الكناني وقد توفي قريبًا من عشرين وثلاث مئة. (¬5) في م: "سعيد".

264 - عثمان بن سعيد الصدفي، طليطلي نزل قرطبة

264 - عثمانُ (¬1) بن سَعيد الصَّدَفيّ، طُلَيْطُليٌّ (¬2) نزَلَ قُرطُبةَ. كان يُقرئُ القرآنَ بمسجدِ الدالِيةِ منها، ثُم رَحَلَ حاجًّا فتوفِّي بالمدينة صَلَواتُ الله على دَفِينِها وسَلامُه. 265 - عثمانُ بن عبد الله بن إبراهيمَ، أبو سَعيد (¬3). رَوى عن أبي محمد عبد الحقِّ بن بُونُه. 266 - عثمانُ (¬4) بن عبد الله بن إسماعيلَ بن دُلَيْم، بَجّانيٌّ مَيُورْقيُّ الأصل، وقيل: خَضْراوي، أبو عَمْرو. وهُو ابنُ أخي القاضي أبي عُمرَ أحمد. رَوى عن أبي عُمرَ يوسُفَ بن أفلَحَ، رَوى عنه الحُمَيْديّ، وذكَرَه الأميرُ أبو نَصْر بن ماكُولا في كتابِه "الإكمال في المؤتلِفِ والمختلِف"، وقال: إنه من جزيرةِ مَيُورْقة [37 ظ] 267 - عثمانُ (¬5) بن عبد الله، غَرْناطيٌّ. أخَذ عنه القراءاتِ أبو الحَسَن عليُّ بن يحيى القُرَشيُّ المُنَكَّبِي. انظر لعلّه الراوِي عن ابن بُونُه. 268 - عثمانُ بن عبد الله. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ عُبَيد الله بن محمد الجُذَاميّ، ولعلّه الذي قبلَه يَليه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2653). (¬2) في هامش ح: "أبو سعيد". (¬3) في م ط: "ابن سعيد". (¬4) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (701) ونسبه إلى جده، وابن ماكولا في الإكمال 3/ 330، وابن بشكوال في الصلة (875)، والضبي في بغية الملتمس (1183)، وابن الأبار في التكملة (2654)، وجاء في هامش ح: "ذكره ابن بشكوال مختصرًا". (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2658).

269 - عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن عبد الرحمن بن محمد بن يحيى الكلبي

269 - عثمانُ بنُ عبد الرّحمن بن عُثمانَ بن عبد الرّحمن بن محمد بن يحيى (¬1) الكَلْبيُّ. 270 - عثمانُ بن عبد الرّحمن الأَزْديُّ. رَوى عن أبي عُثمانَ طاهرِ بن هِشَام. 271 - عثمانُ (¬2) بن عثمانَ الهَمْدانيّ، غَرْناطيٌّ، أبو عَمْرو، ابنُ فَرَنْجالَه. كان من أهل المعرِفة بالفقه، وَليَ الأحكامَ وشُوورَ ببلدِه. 272 - عثمانُ (¬3) بن عليّ بن عثمانَ، شِلْبيٌّ أو إسْتِجيّ وإليها نَسَبَهُ، أبو عبد الله، ابنُ أبي الخِصَال، سَكَنَ إشبيلِيَةَ، أبو عَمْرو ابنُ الإمام. رَوى ببلدِه عن أبي بكرٍ محمد بن إبراهيمَ العامِري، وبقُرطُبةَ عن أبوَيْ بكر: ابن العَرَبي وابن المُرخِي، وأبوَيْ عبد الله: جعفرٍ حَفيدِ مكِّيّ وابن أبي الخِصَال. وكان من جِلّة الأُدَباءِ وعِلْيةِ الكُتّاب والشُّعراء، وصنَّفَ كتابًا حَسَنًا في كتّاب أهل عصرِه وشُعرائهم على مَنْحَى "الَمطمح" و "قلائدِ العِقْيان" وسَمّاه "سِمطَ الجُمان وسَقْطَ الأذهان" (¬4) دَلّ به على حُسنِ إنشائه وجَوْدة انتقائه. وتوفِّي بعدَ الخمسينَ وخمس مئة. 273 - عثمانُ (¬5) بن عليّ بن عيسى اللَّخْميُّ، بشجي سالِميُّ الأصل، سَكَنَ مُرْسِيَةَ، أبو عَمْرو السالِميُّ. ¬

_ (¬1) في م ط: "يحيى بن محمد"، لعله مقلوب. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2656). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2660)، والذهبي في المستملح (637)، وتاريخ الإسلام 12/ 199. (¬4) هو من المصادر الرئيسة التي ينقل منها ابن سعيد في المغرب، كما ينقل منه المقري في نفح الطيب. وتوجد من الكتاب مقتطفات ضمن مجموع مخطوط عند الدكتور محمد بن شريفة صورته، وقد نشرته الدكتورة حياة قارة بعنوان: "المقتضب من كتاب سمط الجمان وسَقْط الأذهان". (¬5) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1191)، وابن الأبار في التكملة (2657)، وفي معجم أصحاب الصدفي (278)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 144.

274 - عثمان بن عمر بن عبد الوهاب المعافري، شاطبي، أبو بكر

رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ، وأجاز له أبو داودَ المُقْرِئ. رَوى عنه أبو عَمرٍو زيادُ ابن الصَّفّار، وكان مُقرِئًا محُدِّثًا فقيهًا فاضلًا، وَلِيَ الصّلاةَ والأحكام. 274 - عثمانُ بن عُمرَ بن عبد الوهّاب المَعافِريُّ، شاطِبيٌّ، أبو بكر. 275 - عثمانُ (¬1) بن عَمرٍو، مَوْرُوريٌّ، أبو عَمْرو. كان نَحويًّا أدَّبَ به زمانًا بإشبيلِيَةَ، وكان ذا سَمتٍ ووَقار ومذهبٍ جميل. 276 - عثمانُ بن عيسى بن سَعيد اليَمانيُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم، مُبرِّزًا في العدالة، حيًّا سنةَ ثمانينَ وثلاث مئة. 277 - عثمانُ (¬2) بن فَرَج بن خَلَف العَبْدريُّ، سَرَقُسْطيٌّ، استَوطَنَ القاهرة، أبو عَمْرو. رَوى عن أبي بكرٍ عبد الله بن طلحةَ، وأجازَ له: أبو الحَجّاج بنُ عبد العزيز اللَّخْميُّ، وأبو الحَسَن عليّ بن عليّ (¬3) البَيْهَقيّ وأبَوا [38 و]، عبد الله: ابنُ أحمدَ الرازي وابنُ أبي سَعيد بن عبد الله، وأبو العبّاس أحمدُ بن مكِّي البَسْكَري. رَوى عنه أبو إبراهيمَ عَوَضُ بنُ محمود، وآباءُ عبد الله: الأندَرْشيّ والتُّجِيبيُّ ومحمدُ بن المَرْزُبان الصُّوفي. وكان مُحدِّثًا راوِيةً مُتقِنًا عدلًا متّسعَ الرِّواية، رَحَلَ فحَجّ وعكَفَ على نَشْرِ العلم وإفادتِه عُمُرَه الطّويلَ نفَعَه اللهُ، وكان حيًّا سنةَ سبعينَ وخمس مئة (¬4). ¬

_ (¬1) ترجمه الزبيدي في طبقات النحويين (293)، وابن الأبار في التكملة (2651). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2661)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 146, والذهبي في المستملح (638)، وتاريخ الإسلام 12/ 442. (¬3) بن علي: سقط من م ط. (¬4) حاشية ح: "توفي فيما ذكر ابن المفضّل سنة ست وسبعين". قلنا: هو أبو الحسن علي بن المفضّل المقدسي المتوفى سنة 611 هـ وكتابه الذي ذكر فيه وفاة المترجم هو "وفيات النقلة" الذي ذيّله أبو محمد عبد العظيم المنذري بالتكملة.

278 - عثمان بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم العبدري، بياسي سكن مدينة فاس واستقر أخيرا بسبتة، أبو عمرو، ابن الحاج

278 - عثمانُ بن محمد بن عبد الله بن إبراهيمَ العَبْدَريُّ، بَيّاسيٌّ سكَنَ مدينةَ فاسَ واستقَرَّ أخيرًا بسَبْتَةَ، أبو عَمْرو، ابنُ الحاجّ. رَوى بفاسَ عن أبي البقاءِ يعيشَ، وأبي الحَسَن بن موسى الأنصاريِّ السالِميّ ابن النَّقِرَات، وأبي ذَرِّ بن أبي رُكَب، وأبي القاسم عبد الرّحمن بن يوسُفَ بن الحَسَن بن زانيف ولازمه نحوَ خمسةَ عشَرَ عامًا، وأبي محمد قاسم بن محمد بن عبد الله القُضَاعيِّ ابن الطّويل؛ وبمُرسِيةَ عن أبي القاسم أحمدَ بن محمد الطَّرَسُونيّ؛ وبإشبيلِيَةَ عن أبي الحَسَن بن زَرْقونَ، وأجازا له. ورَحَلَ معَ أبيه وحَجّا معًا، ورَوى بمكّة كرَّمها اللهُ عن أبي عبد الله بن إسماعيلَ بن أبي الصَّيف اليَمَنيّ (¬1) وبُرهانِ الدِّين أبي الفُتُوح نَصر بن أبي الفَرَج بن عليّ الحُصْريِّ وأبي القاسم عَتِيق أحمدَ بن باقا. رَوى عنه أبو الرَّبيع سُليمانُ بن [......] (¬2) الحاحِيُّ، والقاضي أبو زكريّا بن أبي حَيُّون، والحاجُّ أبو عبد الله ابنُ الخَضّار الضَّرير، وأبَوا محمد: عبدُ العزيز بن إبراهيمَ بن عبد العزيز بن أحمدَ الهَوّاريّ، وعبد الله مَوْلى أبي عثمانَ سَعيد بن حَكَم، وحدَّثنا عنهُ، وحدَّث عنه بالإجازة أبو العبّاس ابنُ فَرْتُون (¬3). وكان ديِّنَا صالحًا فاضلًا، عَدلًا فيما ينقُلُه ضابطًا لِما يُحدِّثُ به ثقةً فيما يَأثُرُه، صابرًا على إسماع الحديثِ مُثابِرًا على إفادةِ ما كان عندَه، حَسَنَ الخُلق، أَمَّ طويلًا بمسجدِ القَفّال من سَبْتَة. مَوْلدُه عامَ خمسةِ وسبعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بسَبْتةَ في العَشْر الأُوَل من جُمادى الأُولى سنةَ ثلاث وستينَ وست مئة. 279 - عثمانُ بن محمد بن عثمانَ المَعافِريُّ، أبو عَمْرو. رَوى عن أبي عبد [38 ظ] الله بن نُوح وأبي محمد بن بُونُه. ¬

_ (¬1) في م ط: "التميمي"، محرفة. (¬2) بياض في النسخ. (¬3) هامش ح: "وحدث أيضًا عنه من شيوخنا: أبو جعفر بن الزبير وأبو القاسم بن الطيب وأبوا عبد الله: النولي وابن خلوف وغيرهم".

280 - عثمان بن محمد بن عثمان، أبو عمرو

280 - عثمانُ بن محمد بن عثمان، أبو عَمْرو. رَوى عن محمد بن عبد الله بن يَزيدَ. رَوى عنه مَرْزوقُ بن فَرَج. 281 - عثمانُ بن محمد بن عُمرَ بن خَميس الحَجْريُّ، أبو سَعيد. رَوى عن أبي محمد بن حَوْطِ الله. 282 - عثمانُ (¬1) بن محمد بن عيسى بن عثمانَ بن عليّ بن عيسى اللَّخْميُّ، مرسِيٌّ سالِميُّ السَّلَف، أبو عَمْرو (¬2) البَجَجِيّ (¬3). وهو ابنُ أختِ أبي عبد الله القَسْطَليّ. رَوى عن أبي الحَسَن بن هُذَيْل، وأبوَيْ عبد الله: ابن عبد الرّحيم وابن يوسُفَ بن سَعادةَ، وأبي عليّ بن عَرِيب، وأبي القاسم بن حُبَيْش ولازَمَه. رَوى عنه أبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبو عيسى محمدُ بن محمد بن أبي السَّدَاد. وكان فقيهًا حافظًا مدرِّسًا للفقه، أديبًا ماهرًا، ذا مُشارَكة في علم الحديث، وحظ صَالح من قَرْض الشِّعر. دَخَلَ يومًا مجلسَ أبي العبّاس ابن الحَلّال القاضي فسألَ بعضَ الحاضِرينَ عنه فقيل له: هُو ابنُ أختِ أبي عبد الله القَسْطَليّ، فأنشَدَ السائلُ متمثِّلًا (¬4) [الطويل]: فإنَّ ابنَ أُختِ القومِ مُصْغًى إناؤُهُ ... إذا لم يُزاحِم خالَه بأبٍ جَلْدِ (¬5) ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1176)، وابن الأبار في التكملة (2663)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 147، والذهبي في المستملح (645)، وتاريخ الإسلام 12/ 642. (¬2) في م: "عمر". (¬3) في التكملة وصلة الصلة: "البشجي" وهو جائز، لأنه بين الجيم والشين. (¬4) البيت للنمر بن تولب في الشعر والشعراء: 227، وعيون الأخبار 3/ 89، وفصل المقال: 12، ونسب في نظام الغريب: 14 لدريد بن الصمة. (¬5) إصغاء الإناء: كناية عن التنقص والهضيمة.

283 - عثمان بن محمد بن عيسى بن يعمر

فأجابَه أبو عَمرٍو بَديهةً [الوافر]: أنا ابنُ الاكرَمينَ مِنَ الِ لخْمٍ ... وأخوالي أُولو عالي السَّناءِ وليس إنَايَ بين القومِ مُصْغًى ... لأنّي من بني ماءِ السماءِ وكان له سَلفٌ في العلم، وقد تقَدَّم ذكْر جَدِّ أبيه في مَن سُمِّي بهذا الاسم. مولدُه سنةَ سبع وعشرينَ وخمس مئة، وتوفِّي بمُرسِيَةَ عقِبَ جُمادى الأولى سنةَ ثمانينَ وخمس مئة. 283 - عثمانُ بن محمد بن عيسى بن يَعمُر. رَوى عن أبي عبد الله أحمدَ الخَوْلانيِّ ومالكٍ العُتْبيّ. 284 - عثمانُ بن محمد (¬1) المُرَاديُّ، أبو عَمْرو. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي. 285 - عثمانُ بن هِشَام بن أبي المُوَقَّى الأنصاريُّ. رَوى عن أبي عُمرَ بن عبد البَرّ. 286 - عثمانُ (¬2) بن يوسُفَ بن أبي بكر بن عبد البَرّ بن سَيْدَى بن أبي القاسم ثابِت بن عبد الله بن يحيى بن محمد بن عبد البَرّ بن مُعافَى الأنصاريّ، سَرَقُسْطيٌّ، بِلْشيذيُّ الأصل، وقيل: بِلْجيطيُّهُ [39 و] أبو عَمرٍو وأبو محمد. تَلا بالسَّبع على أبي زيد الفَهْميِّ ابنُ الوَرّاق، وأبي محمدٍ يحيى بن محمد بن حَسّانَ القَلْعي، وبقراءةِ نافع على أبي زَيْد بن حَيْوة، وأخَذَ "تيسيرَ" الدانيِّ عن أبي الحَسَن بن هُذَيل، والعربيّةَ والآدابَ عن أبي جعفر بن سِرَاج وأبي الحَسَن ابن طاهرٍ البُرجِيّ. ¬

_ (¬1) محمد: سقطت من م ط. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2662)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/ الترجمة 145، والذهبي في المستملح (639)، وتاريخ الإسلام 12/ 601، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 510، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 146.

287 - عدل بن محمد بن عدل الغافقي، أبو الحسن

رَوى عنه أبو الرَّبيع بنُ سالم، وأبَوا عبد الله: ابنُ حُسَين بن عبد الله بن عُمر وابن عَيّاد وأبو عُمر بن عَيّاد، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا ضابطًا محقِّقًا، تاريخيًّا ذاكرًا ملوكَ بلدِه وقُضاتَه وعُلماءه، فقيهًا حافظًا، عاقدًا للشّروط بَصيرَا بالأحكام جيِّدَ الدُّرْبة فيها، تردَّد في الكثير من كُوَرِ بَلَنْسِيَةَ وأقرَأَ فيها واستَوطَنَ لُرِيَّة، ثُم رَحَلَ عنها حاجًّا سنةَ إحدى وثلاثينَ وخمس مئة، فكاد يَغرَقُ في ركوبِه البحرَ، فعاد إليها واستقَرَّ بها واستُقضيَ فيها وفي جزيرة شُقْر. وُلد بسَرَقُسْطةَ أوّلَ يوم من شعبانَ سنةَ سَبْع وثمانينَ وأربع مئة وتوفِّي بلُرِيَّة منتصفَ ذي قَعْدةِ سبعِ وسبعينَ وخمس مئة، وصَلّى عليه الأستاذُ أبو زكريّا بنُ أبي إسحاق. 287 - عَدلُ (¬1) بن محمد بن عَدل الغافِقيّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي. 288 - عَدِيُّ (¬2) بن عليّ بن عبد الله القَيْسيُّ، إشبِيليٌّ سكَنَ سَبْتةَ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عليّ بن الشَّلَوبِين. وكان حافظَا لفُروع المذهبِ المالكيِّ ذاكِرًا لمسائلِه، حاذِقَا في النَّحو متحقِّقًا به، دَمِثًا عاقلًا يعيشُ من بضاعةٍ له يُديرُها في تجارة كان شديدَ الاحتياط فيها والتحرُّزِ من مُواقَعة خَلَل يَدخُلُ عليه بسببِها، وتوفِّي بسَبْتة. 289 - عُذْرةُ بنُ إبراهيمَ بن مُسَلَّم بن عُذْرةَ العُذْريُّ، مَوْرُوريٌّ (¬3). ¬

_ (¬1) ذكره أبو طاهر السلفي في معجم السفر وأورد بعض شعره ثم قال: "عدل هذا كتب كثيرًا من الحديث عن ابن سكرة ونظرائه بالأندلس، وكان حسن الخط ضابطًا، ومن جملة ما كتبه كتاب الاستيعاب في معرفة الصحابة لإبن عبد البر، وهو الآن عندي، وسمع عليَّ وبقراءتي على غير شيخ بالإسكندرية عند وصولي إليها سنة إحدى عشرة وخمس مئة جملة صالحة. ثم رجع إلى بلده مرسية، وهي مدينة كبيرة بشرق الأندلس وكتب لي جزءًا من شعره بخطه وقرأه عليَّ" (ص 303)، وترى من هذا أن المؤلف لم يطلع على هذه المعلومات واكتفى بالنقل من ترجمة الضبي المختصرة في بغية الملتمس (1271). (¬2) هامش ح: "هو والد صاحبنا عبد الله بن عدي". (¬3) بعد هذا بياض في النسخ.

290 - عذرة بن أبي بكر بن عبد العزيز بن عذرة

290 - عُذْرةُ بنُ أبي بكر بن عبد العزيز بن عُذْرة. له إجازةٌ من أبي مَرْوانَ بن عبد العزيز الباجِيِّ سنةَ عشرينَ وخمس مئة. 291 - عَرِيبُ (¬1) بن سَعيد، قُرطُبيٌّ، عِدَادُه في المَوالي من بيتٍ يُعرَفونَ ببَني التُّركي. كان أديبًا شاعرًا مطبوعًا تاريخيًّا تامَّ المعرفة بالأخبار، [39 ظ] ذا حظٍّ من النَّحو واللُّغة، طبيبًا ماهرًا شديدَ العناية بكُتُبِ الأطباءِ القُدَماءِ والمحدَثين (¬2)؛ وله مصنَّفاتٌ منها: "تاريخُه الذي اختَصَره من تاريخ أبي جعفرٍ الطَّبَريِّ" وأضاف إليه "أخبارَ إفريقيّةَ والأندَلُس"، وهو كتابٌ مُمتِع، ومنها: كتابُه في "الأنْواء" (¬3) وهُو مفيدٌ مستعمَلٌ معتمَد، ومنها: كتابُه في "خَلْق الإنسان وتدبيرِ الأطفال" ومنها: كتابُه في "عيون الأدوية"، وأنشَدَ له ابنُ فَرَج في كتابِ "الحدائق" كثيرًا (¬4)؛ وكان فيه بَأْوٌ شديد، قال أبو عثمانَ سعيدُ بن عثمان (¬5): شَهِدتُه يومًا وقد دَخَلَ على الحاجب جعفرِ بن عثمان (¬6) في منزلِه برَبَض الرُّصافة وعندَه جِلّةُ الخَدَمة ووجوهُ الناس وسعيدُ بن عبد الله الشَّنْتَرِينيُّ (¬7) أقرَبُ أهل المجلِس منه مَقْعدًا، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2974)، وهو الذي ذيّل على تاريخ أبي جعفر بن جرير الطبري. أما المطبوع من صلة تاريخ الطبري باسم: عريب بن سعد فالمفروض أن يكون له، ولكن طبيعة المادة المذكورة فيه تختلف عفا وصف به كتاب عريب، وينظر نفح الطيب 2/ 302. (¬2) أغفل ذكره صاعد وابن جلجل. (¬3) نشره دوزي وترجمه شارل بلا إلى الفرنسية (ليدن: 1961 م). (¬4) هو الأديب أبو عمر أحمد بن فرج، وكتابه "الحدائق" اللهُ للحكم المستنصر وعارض به كتاب "الزهرة" لإبن داود الأصبهاني، انظر الجذوة (176)، وبغية الملتمس (331)، والمغرب 2/ 56، وله أشعار في اليتيمة 2/ 16، ومسالك الأبصار 11/ 195 وترجمته في تاريخ الإسلام 8/ 174، والوافي 8/ 77. (¬5) لعله النحوي الأديب الذي ترجم له الحميدي (476) وبغية الملتمس رقم (808). (¬6) يعني الحاجب المصحفي. (¬7) انظر شعرًا له في ابن عذارى 2/ 393.

292 - عريب بن عبد الرحمن بن عريب القيسي، سرقسطي، سكن مرسية، أبو الحسن

وكانت له خاصّةٌ به ومَيْل إليه، فتَخطَّى رقابَ الناس واحدًا واحدًا حتّى قَرُبَ من الحاجِب، فاستَحْيا منه وأقعَدَه في فُرجةٍ كانت بينَه وبينَ الشَّنتَريني، فغاظَه ذلك وأحفَظَه، وتناوَلَ رُقعةً من بين يَدَي أحدِ كتّابِه، وكتَبَ فيها هذينِ البيتَيْن بَديهةً، وناوَلَهما الحاجبَ وهما [الخفيف]: حالَ بيني وبينَ وَجْهِك في المجـ ... ــــلسِ شخصٌ على القلوبِ ثقيلُ ما توَهَّمتُ قبلَها أنَّ شخصًا ... بينَ قلبي وناظِري سَيحُولُ واستعمَلَه الناصِرُ على كُور أَشُونةَ سنةَ إحدى وثلاثينَ وثلاث مئة. وكانت له من الحاجب المنصُور أبي عامر محمدِ بن أبي عامِر منزلةٌ وخاصّةٌ حتى صَدَرَ منه جَفاءٌ بمجلسِه لأَبي الحَسَن عليّ بن محمد السَّعيدي (¬1) القادم من العراق، وكان مُغَنِّيًا ماهرًا واحدَ عصرِه في صناعة الألحان، فغنَّى المنصورَ بقطعةِ لَبِيد (¬2) [مشطور الرجز]: "مهلًا أبَيْتَ اللَّعنَ لا تأكُلْ مَعَهْ" الأشطارَ، فلم يُؤاكلْ عَرِبيًّا بعدَها ولا شارَبَه، وكان خازنَ السِّلاح. 292 - عَرِيبُ (¬3) بن عبد الرّحمن بن عَرِيب القَيْسيُّ، سَرَقُسْطيٌّ، سَكَنَ مُرسِيَةَ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ، وأجاز له الرئيسُ أبو عبد الرّحمن بنُ طاهر (¬4). وكان نَحْويًّا لُغَويًّا أديبًا حَسَنَ الخَطّ جميلَ الوِراقة [40 و]. توفي سنةَ ثِنْتَيْ عشْرةَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) في م: "السعدي". (¬2) انظر ديوان لبيد (59). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2975)، والمعجم في أصحاب الصدفي (276). (¬4) من أعيان مرسية، حكم فيها مدة من الزمن أيام ملوك الطوائف حتى أخذها ابن عمار من يده فانحاز إلى بلنسية، وتوفي بها سنة 507 هـ (انظر القلائد: 56، والقسم الثالث من الذخيرة، وأعمال الأعلام: 232، والمغرب 2/ 247).

293 - العز بن أحمد بن هارون، قرطبي عدوي الأصل، أبو تميم

293 - العِزُّ بن أحمدَ بن هارونَ، قُرطُبيٌّ عُدويُّ الأصل، أبو تَمِيم. أكثرً عن أبي القاسم ابن الإفْلِيليّ (¬1). رَوى عنه أبو عبد الله بنُ أبي الخِصَال، وابنُ أبي زَيْد الفَهْمي، وكان حافظًا للُّغة ذاكِرًا للآدابِ مُبرِّزًا في فَهْمِها. توفي سنةَ ثمانٍ وثمانينَ وأربع مئة. 294 - عَزّانُ (¬2) بن عبد الملِك بن عَزّانَ بن عبد الملِك بن محمد بن عَزّان. كان من عاقِدي الشُّروط بإشبيلِيَةَ، عَدْلًا في الشّهادة، حيًّا سنة تسعَ عشْرةَ وست مئة. 295 - عَزّانُ بن أبي مَرْوان بن عبد الملِك بن محمد بن عَزّان. رَوى عن شُرَيْح. 296 - عَزّانُ بن محمد بن عبد الملِك بن عَزّان، مَوْرُوريّ. 297 - عَزِيزُ (¬3) بن عبد الملِك بن سُليمانَ بن يوسُفَ (¬4) بن محمد بن خَطّاب القَيْسيُّ، مرسِيٌّ سَرَقُسْطيُّ الأصل، أبو بكر. رَوى عن أبي البَرَكاتِ الزِّيزَاريِّ، وأبي الرَّبيع بن سالم، وأبي محمد بن حَوْطِ الله وغيرِهم. وأجاز لهُ من أهل الأندَلُس: أبو بكر بنُ جابر ابن الرَّمّاليّة، ¬

_ (¬1) هو إبراهيم بن محمد بن زكريا الزهري أبو القاسم المعروف بابن الإفليلي العالم اللغوي، ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (263)، وابن بسام في الذخيرة 1/ 219، وابن بشكوال في الصلة (206)، والضبي في بغية الملتمس (485)، وياقوت في معجم الأدباء 1/ 123، والقفطي في إنباه الرواة 1/ 183، وابن خلكان في وفيات الأعيان 1/ 51 وغيرهم. (¬2) هذه الترجمة والترجمتان التي بعدها، لعلها لشخص واحد، كما يفهم من معجم السفر لأبي طاهر السلفي، ص 300 - 301. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2995)، وفي الحلة السيراء 2/ 358، وابن سعيد في المغرب 2/ 252، واختصار القدح المعلى (126)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 348، والذهبي في المستملح (756)، وتاريخ الإسلام 14/ 217، وغيرهم. (¬4) هامش ح: "بتقديم يوسف على سليمان ثبت عند ابن الأبار وابن الزبير جميعًا"، فالظاهر أنه انقلب على المؤلف.

298 - عزيز بن محمد اللخمي، مالقي، أبو هريرة

وأبو جعفر بن شَرَاحِيل، وأبو زكريّا الدِّمشْقيُّ نَزيلُ غَرْناطةَ، وأبو عبدِ الله بن بالِغ، وأبَوا القاسم: ابنُ سَمَجُون والمَلّاحي. ومن أهل المشرِق: أبو الفُتُوح نَصرُ بن أبي الفَرَج الحُصْريُّ وغيرُه. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ محمد ابن الجَنّان، وأبو محمد بنُ عبد الرّحمن ابن بُرطُلُّه، وأبو المُطَرِّف أحمدُ بن عبد الله بن عَمِيرةَ؛ وكان وجية أهل بلدِه وصَنرَهمُ المُعظَّم لديهم، مشهورَ الفَضْل لديهم، أجملَ الناس صُورةً وأحسنَهم شارةً وهيئة، زاهدًا وَرِعًا ناسِكًا عابِدًا فاضِلًا، متقللًا من الدُّنيا، حريصًا على نَشْرِ العلم، ناصحًا في التعليم، مُثابِرًا على التدريس والإفادة، مُستبحِرًا في المعارِف على تشعُّبِ فنونِها متحقِّقًا بكثيرٍ ممّا كان يَنتحلُه منها، إلى بيانٍ في الخَطابة وبلاغةٍ في النَّظم والنّثر، واستمرَّ على ذلك من طريقته المُثلى مُعظَمَ عُمُرِه، حتى امْتُحِنَ برِياسة بلده وقَبِلَ ذلك ولم تُحمد سِيرتُه، فصُرِف عنها، ثم صار إليه تدبيرُ بلدِه صدرَ محرَّمِ ستةٍ وثلاثينَ وست مئة، فنَكَصَ على عَقِبَيْه ودَعا لنفْسِه وخاضَ في سَفْكِ الدماء واجتَرأَ على أخْذِ الأموال من غير وَجْهِها، واستَحلَّ من المحظوراتِ [40 ظ] ما لا نجاةَ لمُرتكبِها ولا مَخْلَصَ مِن تَبِعتِها إلّا بما يرجوهُ العُصاةُ من لُطف الله تعالى وعَفْوِه وتجاوُزِه ورحمتِه، واستَصحبَ هذه الحالَ إلى أن قُتلَ بمُرسِيَةَ بعدَ صلاة التّراويح من ليلةِ الاثنينِ التاسعةَ عشْرةَ من رَمَضانِ ستٍّ وثلاثينَ وست مئة (¬1)، وطِيفَ بجَسَدِه مسحوبًا مجرورًا بيَدِ رَعاع البلد، فكانت حالُه هذه عِبرةً للمتوسِّمين. وإنّا لله وإنّا إليه راجِعون، نسألُ الله حُسنَ العاقبة ودوامَ العافية؛ ومَوْلدُه سنةَ سبع، وقيل: تسع -وهو أصَحُّ- وستينَ وخمس مئة. 298 - عَزِيزُ (¬2) بن محمدِ اللَّخْميّ، مالَقيٌّ، أبو هُريرة. ¬

_ (¬1) قال ابن الزبير: "قتل في رمضان عام ثمانية وثلاثين". (¬2) ترجمه ابن الفرضي في تاريخه (1005)، وعبد الغني بن سعيد في المؤتلف 2/ 573، وابن ماكولا في الإكمال 7/ 6، والحميدي في جذوة المقتبس (737)، والضبي في بغية الملتمس (1255)، وابن خميس في أدباء مالقة (115)، وابن الأبار في التكملة (2989).

ذكَرَه أبو سَعيد بن يونُس وأبو محمد عبدُ الغنيِّ مكَبَّرًا (¬1)، وذكَرَه أبو القاسم يحيى بنُ عليّ مُصَغرًا (¬2) وَهمًا منهُ، هذا معنى ما ذَكَرَ به ابنُ الأبّار هذا الرَّسْمَ ولم يزِدْ. وقد ذَكَرَه أبو الوليد ابنُ الفَرَضيِّ ورَفَعَ نَسَبَه، وذَكَرَ عن مَن رَوى، وحَلّاه بما رآه، ولا أرى ابنَ الأبّارِ ذَكَرَه إلّا ليُنبِّة على ما وَقَعَ منَ الخلافِ في ضَبْطِ اسمِه، ثم لم يَستَوْفِ ما ينبغي ذكْرُه من ذلك، فإنّه بَقِيَ عليه أن يُنبِّهَ على أنّ الأميرَ أبا نَصر بنَ ماكُولا ذكَرَه مُكَبَّرًا بعدَ ذكْرِه ما نَصُّه: وعَزِيزُ بن هاعانَ الحَبْليُّ شَهِدَ فتْحَ مِصر، قالهُ ابنُ يونُس، وأتلاه قولَه: وعَزِيزُ بن محمدٍ اللَّخْمي أندَلُسيّ من أهل مالَقةَ، أبو هُريرة. انتهى ما عندَ ابن ماكُولا؛ وما نَسَبَه من ضَبْطِه كما ذَكَرَه إلى ابن يونُسَ فعُهدتُه عليه إن كان وَقَفَ عليه مجُوَّدَ الضَّبط، فأمّا ابنُ يونُس فلم يتَعرَّضْ في كتابِه إلى تقييدِ الأسماء، وقد وَقَعَ الاسمانِ في كتابي مِن تاريخ ابن يونُس مُهمَلَيْن، وهو أصلٌ عتيقٌ مقروءٌ على أبي محمدٍ عبد الغنيِّ بن سَعيد، ولم يذكُر ابنُ يونُس غيرَ هذَيْن الاسمَيْن في مَن تَسمَّى بهذا الاسم. واعلم وراءَ ذلك أنّ ابنَ الفَرَضي لم يُقيِّنه أيضًا في "تاريخِه"، غيرَ أنّي وجَدتُ في حاشيةِ كتابي مُحادًا به ذكره بخطِّ الضابط المُقيِّد أبي القاسم ابن القَنْطَريِّ ما نَصُّه: "عَزِيز، بفتح العَيْن، ذكَرَه عبدُ الغنيّ". انتهى. ولكنَّ أبا الوليد ابنَ الفَرَضيِّ قَيَّده في كتابِه "المؤتلِف والمختلف" بما [41 و] رَفَعَ الخلافَ وقَطَعَ النِّزاع وهو المَقْنَعُ في ذلك، فقال ما نَصُّه: "وعُزَيْز -بضمِّ العَيْن وفتح الزاي-: عُزَيْزُ بن محمد اللّخْميُّ أبو هُريرةَ، أندَلُسيٌّ من أهل مالَقةَ، حَدَّث عن غيير واحد من أهل بلدِه. رَوى عن بكرِ بن حَمّاد، وقد وَهِمَ فيه عبدُ الغنيِّ فذكَرَه بفَتْح العَيْن". انتهى ما قصَدنا نقْلَه، وفيه كما ترى تقييدُه مُصَغَّرًا، وتوَهُّمُ عبدِ الغنيِّ في ذكْرِه مُكَبَّرًا خلاف ما اعتمَدَه ابنُ الأبّار فاعلَمْه، وسنَذكُرُ ابنَه محمدَ بنَ عُزَيْز في مَوْضعِه من هذا الكتابِ إن شاء الله. ¬

_ (¬1) يعني "عَزيز" بفتح العين. (¬2) يعني "عُزيز" بضم العين.

299 - عساكر بن خالد بن إبراهيم بن عساكر الجذامي، إشبيلي، أبو القاسم

299 - عَساكرُ بن خالد بن إبراهيمَ بن عَساكرَ الجُذَاميُّ، إشبِيليٌّ، أبو القاسم. رَوى عن شُرَيْح. 300 - عَساكرُ بن عبد الملِك بن عساكرَ. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 301 - عِصَامُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن إبراهيمَ بن يحيى بن إبراهيمَ بن يحيى بن خَلَصةَ الحِمْيَريّ ثم الكُتَاميُّ، قُرطُبيٌّ، أبو محمد. وهو وَلَدُ الأستاذِ الخطيب أبي جعفر بن يحيى (¬2). تَلا بالسَّبع على أبيه، وتأدَّب به في العربيّة واللُّغة والأدب، وعليه مُعَوَّلُه في المعارِف. ورَوى عن أبي الحَسَن بن عُقَاب وأبوَي القاسم: ابن بَشْكُوال والشَّرَّاط، وأجازَ له ما رَواه؛ وكان ماهرًا في علوم اللسان نَحوًا ولُغةً وأدبًا، حافظًا للتواريخ ذاكِرًا لها، وَرِعًا ناسِكًا منقبِضًا، رَشَّحه أبوهُ للإقراءِ بمجلسِه فأقرَأَ فيه مُدّةً وخَطَبَ في حياتِه نائبًا عنهُ بجامع قُرطُبة، ثم بعدَه مُستبِدًّا نحوَ اثنينِ وعشرينَ (¬3) عامًا إلى أن توفِّي لإحدى عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من شعبانِ إحدى وثلاثينَ وست مئة، وقد تقَدَّم ذكْرُ نيابتِه عن أبيه في الخُطبة حينَ اعتَراهُ غَشِيَ أثناءها، ودُفنَ بمقبُرة أُمِّ سَلَمة. 302 - عِصَام بن محمد بن عِصَام الخَوْلانيُّ، أبو محمد. رَوى عن أبي طالب بن عَقِيل بن عَطِيّة. 303 - عِصَامٌ، سَرَقُسْطيّ، أبو الحَسَن. كان عارِفًا بالفقه بَصيرًا بعَقْد الشّروط، واستُقضيَ بالجزائرِ الشّرقية بعدَ أخيه أبي الحَسَن، وتوفِّي سنةَ أربع وثلاثينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3001)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 347. (¬2) ترجمته في تكملة ابن الأبار (262)، كما تقدمت ترجمته في السفر الأول من هذا الكتاب (564). (¬3) هكذا في النسخ، وفي هامش ح: "اثني عشر"، وهو الذي في التكملة.

304 - عطاء بن غالب الهمداني، مالقي، أبو الحسن وأبو محمد، ابن أخت غالب

304 - عطَاءُ بن غالبٍ الهَمْدانيّ، مالَقيّ، أبو الحَسَن وأبو محمد، ابنُ أُختِ غالب. رَوى عنه قريبُه أبو عَمْرو بن سالم، وكان مَتينَ الأدب شاعرًا مُجِيدًا خطيبًا بليغًا يُحاضرُ الملوكَ ويُجالسُهم، وهُو الذي جَرَتْ له [41 ظ] معَ الخطيبِ أبي محمدٍ عبد الوهّاب بن عليّ الحكايةُ المُسَطَّرةُ في رَسْم أبي محمد (¬1)، فراجِعْها إن شئتَ. توفِّي في حدود ثمان وست مئة. 305 - عَطاءُ بن يَزيد. 306 - عفّانُ (¬2) بن قُرَيْش بن مَرْوان، إشبِيليٌّ أبو محمد. رَوى عن أبي الحُسَين عبد الوهّاب بن الحُسَين بن الوليد. رَوى عنهُ أبو عبد الله بن يَزيدَ الأحدَبُ الإشبِيليّ، وكان مؤدِّبًا يُقرئُ القرآنَ ويُعلِّم به. 307 - عَفّانُ (¬3) العامِريّ، سَكَنَ طُلَيْطُلةَ. رَوى بها عن أبي عبد الله محمد بن إبراهيمَ الخُشَنيِّ وغيره، وكانت له عنايةٌ بالعلم وسَماعِه. 308 - عَقِيلُ (¬4) بن محمد بن أحمدَ بن عبد الله الخَوْلانيٌّ، شِلْبيٌّ باجِيُّ الأصل باجةَ الغَرْب، أبو الحَسَن الباجِيُّ وابنُ العَقْل. تَلا بالسّبع على أبي بكر بن المُفرِّج الربوبلة، وأبوَيِ الحَسَن: شُرَيْح وابن الدُّشّ، وأبي داودَ بن يحيى، وأبي عبد الله حفيدِ مكِّي، وأبي العبّاس ابن النَّخّاس، وأبوَيِ القاسم: ابن رِضا وعبد الرّحيم ابن الفَرَس. ¬

_ (¬1) الترجمة (171). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2992). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2991). (¬4) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة (147)، وابن الأبار في التكملة (2965)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 340، والذهبي في المستملح (750)، وتاريخ الاسلام 13/ 194، وابن الخطيب في الإحاطة 4/ 230، وابن فرحون في الديباج 2/ 135، والمركشي في الإعلام 9/ 318.

309 - علي بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن خلف بن يوسف بن مسعود المحاربي، غرناطي

وحدَّث عن أبي بكر ابن العَرَبي، وأبي الحَسَن يونُس بن مُغِيث، وأبي الحُسَين ابن الطّلّاءِ، وأبي حَفْص بن يحيى ابن صاحبِ الصّلاة، وأبوَيْ عبد الله: ابن المُناصِف ومالكِ بن هلال، وأبي العبّاس بن محمد بن حاطِب، وأبي القاسم عبد الرّحمن بن عَفيفةَ، وأبي مروان الباجِيّ، وأبي الوليد محمد بن يونُس بن مُغِيثٍ ببلدِه وبقُرطُبةَ وإشبيلِيَةَ. رَوى عنه أبو البقاء يَعيشُ، وأبو بكرٍ محمدُ بن عليّ بن زيد أو يَزيدَ الكاتبُ، وأبو زكريّا المَرجِيقي؛ وكان مُقرِئًا مجُوِّدًا عارفًا بطُرُق القراءاتِ واختلاف القُرّاء حَسَنَ الضّبط لِما يتولّاه من ذلك، ذا حظٍّ وافر من رواية الحديث، مبرِّزًا في علم العربيّة، زاهدًا فاضلًا متواضِعًا، وخَطَبَ ببلدِه مُدّةً وتصَدَّر للإقراءِ به ووَليَ الصّلاةَ بجامعِه، وصنَّف "الأمثالَ الكامنةَ في القرآن" وغيرَ ذلك. 309 - عليُّ بن أحمد بن إبراهيمَ بن عبد الله بن خَلَف بن يوسُفَ بن مَسْعود المُحارِبيُّ، غَرْناطيُّ. رَوى عن أبيه وأبي القاسم المَلّاحيّ، ورَحَلَ إلى العدوة طالبًا العلمَ، فأخَذَ بفاسَ عن أبي ذَرّ بن أبي رُكَب وغيره، وإلى المشرِق فحَجَّ، وأخَذَ بالشام [42 و] عن التاج أبي اليُمْن الكِنْديّ، وعاد إلى بلدِه غَرْناطةَ، فأُخِذ عنه بها واستُقضيَ فيها، وعُرِف بالعدل والنّزاهة والفَضْل. 310 - عليُّ (¬1) بن أحمدَ بن أبي بكبر الكِنَانيّ، قُرطُبيٌّ طُلَيْطُليُّ الأصل، استَوطَنَ بلدَ فاسَ، أبو الحَسَن، ابنُ حُنَيْن؛ لتجديدِه مسجِدًا منسوبًا لابنِ حُنَيْنٍ والتزامِه الأمامةَ به والتدريسَ فيه. رَوى بقُرطُبةَ عن أبي بكرٍ خازم، وأبي الحَسَن العَبْسيِّ وتلا بالسَّبع عليه، وأبي عبد الله بن فَرَج، وأبي عِمرانَ النَّسيم، وأبوَيِ القاسم: ابن الحَصّار ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2760)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 220، والذهبي في المستملح (669)، وتاريخ الإسلام 12/ 411، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (480)، والكتاني في سلوة الأنفاس 1/ 349.

وابن مُدِير، وتَلا عليه. وبها وبجَيّانَ عن أبي عامرٍ محمد بن حَبِيب، وبالمَرِيّة عن أبي الأصبَغ عبدِ العزيز بن شَفِيع، وأبي بكر بن المُفرِّج، وبها أو بغيرِها من بلاد الأندَلُس عن أبي القاسم خَلَف بن محمد بن عِقَال. ثُم رَحَلَ فحجَّ ثلاثَ حَجّات أُولاهُنّ في موسِم خمس مئة، ورَوى في وِجهتِه بقَلْعةِ حمّاد عن أبي بكرٍ عَتِيق بن محمدٍ الرداني، وبالمَهْدِيّة عن أبي القاسم ابن الفَحّام، وبأَطْرابُلُسَ عن عبد المجِيد بن محفوظ، وبالإسكندَريّةِ عن أبي عليّ الحَسَن ابن البلّميمة، وبمِصرَ عن أبي الفَضْل سلامةَ بن أبي عبد الله القُضَاعيِّ وحَيْدَرةَ بن عليّ العَسْقلاني وأبي عُمرَ عثمانَ بن الطيِّب الفَرَميّ، وبإخْمِيمَ عن أبي محمدٍ عبد القويّ بن محمد الجَنْجَالي وصَحِبَه مُسافرًا في مَرْكَب منها إلى قُوص، وبمكّةَ كرَّمها اللهُ عن أبي الحَسَن رَزِين بن مُعاوية وصَحِبَه مُدّةَ مقامِه بها وأبي [علي] (¬1) ابن العَرجاء وأبي منصُور مَنْتانَ بن خُرَّزاذَ الهمذانيِّ مصنِّف "قصّة يوسُف"، قال: وكنتُ أكتُبُ إليه وقتَ تأليفِه إياه بإملائه أو أُمسِكُ عليه المُسَوَّدةَ وَيكتُب؛ وصَحِبَ بها الإمامَ أبا حامدٍ الغَزّاليَّ وسمِعَ منه أكثَرَ "الموَطَّإ" روايةَ ابن بُكَيْر وجُملةً من فوائدِه، ودَعَا له أن يُمتِّعَه اللهُ فأُجيبَت دعوتُه. وجال في بلاد العراق والحِجاز والشّام ومصرَ، وشاهدَ غرائبَ كثيرةً، ولقِيَ في تَجْوالِه أعلامًا كُبَراءَ لم يُعْنَ بالأخذِ عنهم، إذْ لم يكنْ لهُ كبيرُ اهتبالٍ بشأن الرِّواية، وأقام بسِيرَفاذَ (¬2) شريعة بيتِ المقدِس تسعةَ [42 ظ] أشهر يُعلِّمُ فيها القرآنَ، ثم قَفَلَ إلى المغرِب فلَقيَ بتِلمسين (¬3) أبا بحرٍ الأسَديَّ ورَوى عنه، ثم وَرَدَ مدينةَ فاسَ في غُرّة رَمَضانِ ثلاثٍ وخمس مئة ابنَ ثمانٍ وعشرينَ سنةً، ولَقِيَ بها أبا القاسم خَلَف بن يوسُف ابن الأبرَش، واشتَرى فيها دارًا وبنَى مسجدًا وتزوَّج، وذلك كلُّه عامَ قدومِه فاس. ¬

_ (¬1) بياض وفي النسخ، واستفدنا كنيته من ترجمته، وهو الحسن بن عبد الله بن عمر القيرواني. (¬2) هكذا في النسخ وصحح عليها ناسخ ح. (¬3) في م: "تلمسان" وكله صحيح.

رَوى عنه أبَوا الحَسَن: ابنُ محمد بن خِيَار وابن مُؤمن، وأبو الخَليل مُفرج بن سَلَمةَ، وأبو ذَرّ بن أبي رُكَب، وأبو القاسم بنُ بَقِيّ، وآباءُ عبد الله: الاندَرشيّ وابن حَسَن بن مُجبر وابنُ عبد الحقّ التِّلِمسيني وابن القاسم بن عبد الرّحمن بن عبد الكريم، وأبو الحُسَين يحيى بنُ محمد بن الصايغ، وآباءُ محمد: ابنُ محمد بن تَمّام وعبدُ العزيز بن زيدانَ وقاسمُ بن محمد بن عبد الله القُضَاعيُّ ابنُ الطّويل وأبو زكريّا التّادَليّ. وكان مُقرئًا للقرآن العظيم كثيرَ الاعتناءِ برواياتِه مجُوِّدًا مُتْقِنًا، فاضلًا صالحًا مشهورًا بإجابةِ الدعوة، كريمَ المجالَسة، وأسَنَّ فكان من آخِر الرُّواةِ عن بعض هؤلاءِ الشّيوخ، والتزَمَ الإمامةَ بمسجدِه والإقراءَ فيه ستًّا وستينَ سنة، إلى أن توفِّي عَفَا الله عنه في عَقِبِ رجَبِ تسع وستينَ وخمس مئة، قاله أبو الحَسَن بنُ مُؤمن. وقال أبو عبد الله بن قاسم: في شهرِ رجب تسع. وقال أبو يعقوبَ ابنُ الزَّيّات: إنه توفِّي في رَمَضانِ أربع وستينَ، وحَكًى ذلك عن أبي القاسم بن بَقِيّ، وذلك لا يصحّ؛ فقد قال أبو عبد الله بنُ عبد الحقّ: إنه لقِيَه وكتَبَ له مُجِيزًا بفاسَ في شهر ربيعٍ سنةَ خمسٍ وستّين، وقال أبو عبد الله بن حَسَن: إنه كتَبَ إليه مُجِيزًا في رَمَضانِ ثمانٍ وستّين. قال أبو الحَسَن بنُ مُؤمن: واحتَفَلَ الناسُ لشهودِ جَنازته وأتْبعوهُ ثناءً حسَنًا وذكْرًا جميلًا، وتهافَتَ العامّةُ على نَغشِه وقبرِه متبرِّكينَ بهما. ومَوْلدُه بقُرطُبةَ في رجبِ سَبْع (¬1) وسبعينَ وأربع مئة. أنشَدتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ وأبي عبد الله بن أبي محمد عبد الله البَكْريِّ، قال: أنشَدَنا أبو الحَسَن الشارِّيُّ قال: أنشَدَني أبو محمد بن زَيْدانَ لشيخِه أبي الحَسَن ابن حُنين في كُتب الإمام أبي حامد الغَزّالي [43 و] [مجزوء الرمل]: حَبَّرَ العِلْمَ إمامٌ ... أحسَنَ اللهُ خَلاصَهْ ببسيطٍ ووَسيطٍ ... ووَجِيزٍ وخُلاصهْ ¬

_ (¬1) هامش ح: ست عند ابن الأبار وابن الزبير.

311 - علي بن أبي العباس أحمد بن أبي القاسم بن حمام، إشبيلي، أبو الحسن، ابن حمام

311 - عليُّ بن أبي العبّاس أحمدَ بن أبي القاسم بن حَمَام، إشبيليّ، أبو الحَسَن، ابنُ حَمَام. رَحَلَ ورَوى بمِصرَ عن أبي العبّاس ابن الرُّوميّة. 312 - عليُّ (¬1) بن أحمدَ بن أبي القاسم الأنصاريُّ، شَرِيشيُّ الأصل نزَلَ بعضُ سَلَفِه الجزيرةَ الخَضْراءَ، أبو الحَسَن السُّمَاتيّ والشَّرِيشيّ. وقال فيه ابنُ الأبّار: يُعرَفُ بالسُّمَاتي أو البَيَانيّ، فلم يَضبِطْه، وصَوابُه ما ذكرتُه من نسَبِه: أنصاريًّا، ونسبتِه: سُمَاتيًّا وشَرِيشيًّا، وقد لَقِيتُ بالجزيرةِ الخَضْراء بعضَ عَقِبِه شيخًا موصوفًا بالخَيْرِ والصّلاح يؤدِّبُ بمسجدِ الرُّمّانة، منها، وُيعرَفُ بالشَّرِيشي. تَلا عليٌّ المترجَمُ به بالسَّبع على أبوَيْ محمد: حاجِز وعَيّاش بن عَظِيمةَ الأكبر، وببعضِها على أبي إسحاقَ بن محمد بن فَرَج وأبي عبد الله بن سَهْل، ورَوى عن أبي عَمرٍو الرُّطِنْدَال، وأجازَ له أبو الحَسَن ابنُ لبّال؛ أخَذَ عنه السَّبعَ أخوه أبو عبد الله. 313 - عليُّ (¬2) بن أحمدَ بن أبي قُوّةَ بن إبراهيمَ بن سَلَمةَ الأَزْديُّ، دانيٌّ سكَنَ مَرّاكُشَ، أبو الحَسَن، ابنُ أبي قُوّةَ. تَلا على أبيه، ورَوى عنه وعن أبي بكرٍ عبدِ الرّحمن بن مُغاوِر، وأبي جعفرٍ عبد الرّجمن بن القَصِير، وأبي عبد الله ابن الفَخّار، وأبي القاسم بن حُبَيْش، ولازَمَه عشرينَ سنة، وأبي محمد الحَجْريّ. وأجاز له أبو الفَضْل الغَزْنَويُّ، وأبو القاسم البوصيريُّ، وأبو محمد بنُ بَرِّي. رَوى عنه أبو عبد الله بن مَسْعود بن محمد المَعافِريُّ (¬3) أبو الفَتْح، وأبو العبّاس بن محمد بن عبد الله ابنُ العَزّام، وأبو عليّ عُمرُ بن يوسُف الأنصاريّ، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2794). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2801)، وفي تحفة القادم (107)، والذهبي في المستملح (685)، وتاريخ الإسلام 13/ 219، والمراكشي في الاعلام 9/ 71. (¬3) في م ط: "المعروف"، محرفة.

وأبو القاسم المَلاحي. وحَدّثنا عنه شيخَنا أبو الحَسَن الماقريَّ الكَفيفَ (¬1) رحمه الله. وكان محدثًا مُكْثِرًا ثقةً ضابطًا، عاقدًا للشُّروط مُبرِّزًا في العدالة، زَكِيًّا فاضلًا، بارعَ النَّظْم والنَّثر، رائقَ الخَطّ قوِيَّه، وله: "رَدٌّ على ابن غَرسِيّةَ اللَّعينِ في رسالتِه الشُّعوبيّة"، وغيرُ ذلك من المُنشَآت، واستُقضيَ بقَصْرِ كُتَامةَ. حدَّثني الشّيخُ الحافظُ أبو عليّ الماقريُّ رحمه اللهُ قراءةً منِّي عليه بثَغْر أسَفي [43 ظ] حَماهُ الله، قال: حدَّثنا الشّيخُ أبو الحَسَن بنُ أبي قُوّة، إملاء من كتابِه، قال: حدَّثنا القاضي أبو القاسم بنُ حُبَيْش قراءةً عليه، عن بعض أصحاب أبي عليّ الصَّدَفيّ عنه. قال أنجو الحَسَن: وحدَّثني أبي رحمه اللهُ إجازةً عن أبي العبّاس بن عيسى وأبي إسحاقَ بن جماعةَ عن أبي عليّ المذكور، عن أبي العبّاس العُذْريّ، قال: حدَّثنا أبو بكرٍ محمدُ بن نُوح بالمسجد الحرام عندَ باب بني مَخْزوم، وقرأتُه عليه، قال: حدَّثنا سُليمانَ بن أحمدَ بن أيّوبَ الطَّبَرانيُّ أبو القاسم، قال: حدَّثنا المِقْدامُ بن داودَ، حدّثنا عبدُ الله بن يوسُف، حدّثنا مالكُ بن أَنَس، عن نافع، عن ابنِ عُمرَ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "طعامُ البخيل داء، وطعامُ السَّخِيِّ شفاء" (¬2). وأنشَدتُ على شيخِنا أبي عليّ الماقريّ وكتَبَ في من كتابِه، قال: أنشَدَنا الفقيهُ أبو الحَسَن بنُ أبي قُوّةَ رضي اللهُ عنه لنفسِه [الطويل]: أرَدْنا طِلابَ العِلْمِ مع طَلَب الغِنى ... ولم نَقتصر في الجانبَيْنِ على قسْمِ ففازتْ ذوو الشّأنيْنِ كل بشأنِهِ ... فلا نحنُ في مالٍ ولا نحنُ في عِلْمِ ¬

_ (¬1) تكرر ذكر هذا الشيخ في هذا الكتاب، وقد نشر له الدكتور محمد بن شريفة رسالة في المنطق بمجلة "المناظرة" التي صدرت مدة في المغرب. (¬2) لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن عدي: لا يثبت، وقال الذهبي: كذب، وقال ابن حجر: منكر، فهو باطل عن مالك (ينظر الفوائد الموضوعة في الأحاديث الموضوعة 79).

وأنشَدتُ عليه أيضًا وقد كتَبَ في من كتابِه، قال: أنشَدَنا أبو الحَسَن أيضًا لنفسِه [البسيط]: أرواحُنا هيَ أَجنادٌ مُجَنَّدَةٌ ... بالبُعدِ تُنْكَرُ أو بالقُربِ تُعْتَرَفُ فما تناكرَ منها فهْوَ مختلِفٌ ... وما تعارَفَ منها فهْوَ مُؤْتلِفُ قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: نَظَمَ فيه معنى الحديثِ المَرويِّ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "القلوبُ جُنودٌ مُجنَّدةٌ، فما تَعارَف منها ائتَلَف، وما تَناكرَ منها اختَلَف"؛ خَرَّجَه أبو سعيدٍ أحمدُ بن محمد بن زيادِ بن بشْر الأعرابيُّ في "معجَم شُيوخِه"، قال: حدّثنا محمدٌ، يعني ابنَ صالح الأنماطيُّ كَيْلَجَة، قال: أخبَرَنا بكرٌ، قال: حدَّثنا أبو صالح كاتبُ اللَّيث، قال: حدَّثنا اللَّيثُ، عن يحيى بن سَعيد، عن عَمرةَ، عن عائشةَ قالت: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الأرواحُ جنودٌ مُجَنَّدَةٌ، فما تَعارَفَ منها ائتَلَف، وما تَناكَرَ منها اختَلَف" (¬1). وقد تقَدَّمه إلى ذلك أبو عليّ الحَسَن بنُ هانئ الحكَميُّ أبو [44 و] [نُوَاس] كما حدَّثنا [......] (¬2) حدَّثنا أبو بكرٍ محمدُ بن يحيى الصُّوليّ، حدَّثنا محمد بن سَعيد، أبو أُمَامةَ القَيْسيّ، حدّثنا أبو المِنْهال، حدّثنا يزيدُ بن زُرَيْع، قال: رأيتُ أبا نُوَاس عندَ رَوْح بن القاسم، فحَدَّث رَوْح عن سهيْل بن أبي صَالح، عن أبيه، عن أبي هريرةَ قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "القلوبُ جنودٌ مجنَّدة، فما تَعارَفَ منها ائتَلَف، وما تَناكَرَ منها اختَلَف"، قال يزيد: فقال لي أبو نُوَاس: سأجعَلُ هذا الحديثَ منظومًا في شِعر، قلتُ: فإنْ فعَلتَ ذلك فجِئْني به، فجاءني فأنشَدَني (¬3) [البسيط]: يا قلبُ رِفقًا أَجِدٌّ منكَ ذا الكَلَفُ ... ومَن كَلِفْتَ به جافٍ كما تَصِفُ وكان في الحقِّ أنْ يهواكَ مجتهدًا ... بذاكَ خَبَّرَ منّا الغابِرُ السَّلَفُ: ¬

_ (¬1) البخاري (3336)، وأخرجه مسلم (2638) من حديث أبي هريرة. (¬2) بياض في النسخ. (¬3) الأبيات في ديوانه 422 (ط. صادر، بيروت).

314 - علي بن أحمد بن أشج الفهمي

إنّ القلوبَ لَأجنادٌ مُجنَّدةٌ ... لله في الأرض بالأهواءِ تعترفُ فما تناكرَ منها فهْوَ مختلِفٌ ... وما تعارَفَ منها فهْوَ مُؤْتلِفُ فقد وافَقَه في البيتِ كما تَرى، وقصَّرَ عنه في صَدْر بييه الأوّل من بيتَيْه، وزادَ عليه في عَجُزِه زيادةً لا خفاءَ بها وبحُسنِها وتحرِّي معناها. توفِّي بمَرّاكُشَ سنةَ ثمانٍ وست مئة، وقد أدرَكْتُ بها بعضَ عَقِبه ثم انقَرَضوا، رحمَهم الله. 314 - عليّ بن أحمدَ بن أشجَّ الفَهْميُّ. رَوى عن أبي محمد بن عَتّاب. 315 - علىّ بن أحمدَ بن بَشْتَغِير، أبو الحَسَن. رَوى عن شُرَيْح. 316 - عليّ بن أحمدَ بن حُسَين بن عيسى القَيْسيُّ، شَرِيشيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكر بن خَيْر. 317 - علىّ بن أحمدَ بن حُسَين، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي محمد بن عَتّاب. 318 - على بن أحمدَ بن خَلاص، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي إسحاقَ بن فَرْقَد. 319 - على (¬1) بن أحمدَ بن سَعْدِ الله بن مالكٍ اليَعمُريّ، أُيَّدِيّ (¬2)، أبو الحَسَن. رَوى بقُرطُبةَ عن أبي مَزوانَ بن سِرَاج وغيرِه. رَوى عنهُ أبو عبد الله ابنُ أبي الخِصَال في صِغَره، وانتَفَعَ بمُلازَمتِه عندَ رحلتِه من شَقورةَ في طلبِ العلم؛ وكان نَحْويًّا أديبًا شاعرًا مُحسِنًا مشارِكًا في فنونٍ من العلم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2693)، وابن سعيد في المغرب 2/ 76، والذهبي في المستملح (644)، وتاريخ الإسلام 11/ 123. (¬2) حاشية ح: "هي من عمل جيان، وهي دار اليعمريين بالأندلس".

320 - علي بن أحمد بن سعيد بن عبد الله الكومي، مروي، أبو الحسن، ابن قنون والشنت مري

وقد ذَكَرَه أبو عَمْرو ابنُ الإمام في كتابه: "سِمط الجُمان وسِقْطِ الأذهان"، واستُقضيَ [44 ظ] ببلدِه وأقرَأَ العربيّةَ والَأدبَ، ومَولدُه سنةَ إحدى وثلاثينَ وأربع مئة، وتوفِّي سنة تسع وخمس مئة، ودُفنَ داخل قصَبةِ أُبَّدة. 320 - عليُّ (¬1) بن أحمدَ بن سَعيد بن عبد الله الكُوميُّ، مَرَوِيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ قَنُّون والشَّنْت مَرِيّ. ذَكَرَه ابنُ الأثار في مَوْضِعَيْن: في الأندَلُسيِّين، وقال: من أهلِ المَرِيّة، وفي الغُرَباء وقال فيه: من أهل المغرِب، نزَلَ المَرِيّة، وذكَرَ بعضَ شيوخِه في المَوْضِعَيْن. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وهُو عندي واحد. رَوى بالأندَلُس عن بَلَديِّه أبي عبد الله بن أحمدَ بن حمزة، وأبوَيِ القاسم: ابن بَشْكُوال والشَّرّاط. ورَحَلَ وحَجَّ، ورَوى بالبَقِيع عن أبي عبدِ الله محمد بن أحمدَ بن محمدٍ الأنصاريِّ، وبالمَوْصِل عن أبي الفَضل عبد الله بن أحمدَ الطُّوسيّ (¬2)، وبالإسكندَريّة عن أبي حَجّاج وأبي يعقوبَ يوسُفَ بن هِبةِ الله بن محمود بن الطُّفَيْل الدِّمشْقيّ، واَباءِ الحَسَن العَلِيِّينَ: ابن فاضِل بن سعد الله بن حَمْدونَ الصُّوري وابن قاسِم بن سَيْف الحُصْريِّ ومُقاتِل بن عبد العزيز البَرْقيّ، وأبوَيِ الطاهر: ابن عَوْف والسِّلَفيّ، وأبي عبد الله محمد بن حَمْد بن حامِد بن مُفرِّج بن غِيَاث الأرتاحِيّ، وأبوَيِ الفَضْل: الغَزْنَويِّ ومَنُوجَهْر بن محمد بن تُركانَ شاه. رَوى عنه أبو البَرَكات عبدُ الرّحمن الزِّيزَاريُّ الواعظُ، وأبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبو عبد الله بن الحَلّاء، وأبو القاسم المَلّاحيُّ في مَقْدَمِه على غَرْناطةَ. ¬

_ (¬1) ترجمه المنذري في التكملة 1/الترجمة 728، وابن الأبار في التكملة (2790)، ثم أعاد ذكره في الغرباء (2856)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 321، والذهبي في المستملح (719)، وتاربخ الاسلام 12/ 1175. (¬2) في هامش ح: "وسمع ببغداد من غير واحد، وتوفي رحمه الله في ليلة الحادي والعشرين لجمادى الأولى من سنة تسع وتسعين وخمس مئة".

321 - علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن سليمان بن مكثر الخولاني، أبو الحسن

وكان محدِّثًا ذاكرًا شديدَ العناية بهذا الشأن، منسُوبًا إلى معرفتِه، وَثَّقَه المَلّاحي، ورَمَاهُ بالكذِب أبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله؛ وأوْطَنَ مِصرَ والقاهرةَ، وحدَّث بهما وصَنَّف: "البُستان في علم القرآن" و"فَتْحَ المُنغلِق وجَمْعَ المُفترِق" و"الزُّلفةَ والإرشاد إلى ما قَرُبَ وعلا من الإسناد"، وغيرَ ذلك (¬1). 321 - عليّ بن أحمدَ بن عبد الله بن أحمدَ بن محمد بن سُليمانَ بن مُكثِر الخَوْلانيُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عبد الله بن هِشَام مُقِيمِ سَبْتَةَ. 322 - عليُّ (¬2) بن أحمدَ بن عبد الله بن محمد بن خِيَرةَ، بَلَنْسيٌّ، أبو الحَسَن. تَلا بقراءةِ وَرش على أبي جعفرٍ طارقِ بن موسى، وبالسَّبع على أبي جعفر ابن عَوْنِ الله الحَصّار. ورَوى بالأندَلُس عن [45 و] أبي بكرٍ عَتِيق العَبْدريّ، وأبي الخَطّاب بن واجِب، وآباءِ عبد الله: ابن سَعادةَ وابن المُجاهِد وابن نُوح، وأبي العطاءِ بن نَذِير. وأجازَ لهُ أبو الحَجّاج بنُ أيّوبَ الفِهْرِيّ، وأبو الحَكَم بنُ حَجّاج، وأبو ذَرّ الخُشَنيّ، وأبو عبد الله بن حَمِيد، وأبو محمد بن عُبَيد الله. ¬

_ (¬1) هنا ترجمة هذا موضعها وقد تأخرت في هامش ح فوقعت على الورقة 51 وهذه هي: "علي بن أحمد بن سليمان البكري، إشبِيلي، أبو الحسن. له رحلة إلى المشرِق سمع فيها من جماعة كثيرين منهم: أبو بكر عبد الله بن نصر الحراني، وأبو الحسن علي بن النفيس، وأبو حفص عُمر بن كرم الدينوري ابن الحمامي، وأبو طالب عبد اللطيف بن محمد بن علي بن حمزة القبيطي الشافعي الحراني، وأبو عبد الرحيم عسكر بن عبد الرحيم بن عسكر النصيبي بها، وأبو الفرج الفتح بن عبد الله بن محمد بن عبد السلام، وأبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ التغلبي ابن صصرى، وعبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي الشافعي، وعبد الجبار بن عبد الغني الأنصاري، وعلي بن أحمد بن إبراهيم بن واصل البصري الشافعي وغيرهم. وكان على هدي وإقبال على ما يعنيه موصوفًا بصدق وعفة ونبل، وكان حيًا سنة أربع وثلاثين وست مئة، حدث عنه بالاجازة أبو إسحاق البلفيقي الأصغر". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2836)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 290، والذهبي في المستملح (709)، وتاريخ الإسلام 14/ 149.

ورَحَلَ في آخِر ذي حِجّةٍ من سنةِ ثمانٍ وسبعينَ وخمس مئة، وحَجَّ مرَّتَيْن وجاوَرَ بمكّةَ كرَّمَها اللهُ، ولقِيَ بها أبا حَفْص المَيَانِشيَّ، وأبا الطيِّب عبدَ المُنعم بنَ يحيى بن الخَلُوف، وبالإسكندَريّة أبا الثناءَ حمّادَ بنَ هِبة الله بن حَمّادٍ الحَرّانيَّ، وأبا الحَسَن بن عَتِيق القُرطُبيَّ، وأبوَيْ عبد الله المُحمدَيْن: ابنَ أبي بكرٍ محمدَ بن الحَسَن الرَّبَعيَّ الكِركنْتي والحَضْرَميّ، وأبا المُفضَّل عبدَ المجيد بن الحُسَين ابن الحَسَن بن يوسُفَ بن دُلَيْل الخَطّي الكِنْديَّ الإسكندَرانيّ، وأبا محمد عبدَ العزيز بن عيسى بن عبد الواحد بن سُليمانَ اللَّخْميَّ الشَّرِيشيَّ الأصل، وببجَايَةَ أبا محمد عبدَ الحقّ ابن الخَرّاط، فأخَذَ عنهم. وأجاز له: أبو القاسم سعيدُ بن سُليمانَ بن سَعيد بن أحمدَ بن عبّاس بن بلال الكِنْديُّ الكُوفيّ، وأبو محمدٍ عبدُ العزيز بن فارِس بن عبد العزيز (¬1) الشَّيْبانيُّ وغيرُهم. وفي شيوخِه كثْرة. وعاد إلى بلدِه سنةَ ستٍّ وثمانين. رَوى عنه سِبْطُه أبو محمد بنُ أبي جعفرِ بن عبد الله، وأبو الحَسَن ابنُ الجَوْهريّ، وأبو عبد الله ابنُ الأبّار، وأبو عبد الرّحمن عبدُ الله بن القاسم بن زغبوش المِكْنَاسيّ، وأبو القاسم أحمدُ بن نبيل. وحدّثنا عنه القُضاةُ: أبو الحَجّاج ابن حَكَم، وأبو العبّاس بن محمد ابن (¬2) الغَمّاز -وهُو آخِرُ الرُّواة عنه وفاةً- وأبو عليّ ابنُ الناظِر. وكان مُقرئًا مجوِّدًا للقرانِ أدَّبَ به دَهْرًا ثُم ترَكَ ذلك، محدِّثًا حَسَنَ السَّمت، منقبِضًا راجحَ العقل، فاضلًا صالحًا، وَليَ الصلاةَ بجامع بَلَنْسِيَةَ والخُطبةَ به نحوَ أربعينَ سنةً لم يُحفَظْ عنه سَهْوٌ فيها إلّا في النادر، وخَطَبَ به مُنفردًا إلى أن أسَنّ فناوَبَه جماعةٌ، ثم اعتَزلَ صَلاةَ الجَهْر مُدّةً لضَعْفِه وكَبْرتِه، واختُلطَ قبْلَ موتِه بأزَيدَ من عام، فأُخِّر عن الصّلاة عند فَراغِه من صلاة الظّهر ¬

_ (¬1) بن فارس بن عبد العزيز: سقطت من م ط. (¬2) ابن: سقطت من م.

323 - علي بن أبي القاسم أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن يعيش بن حزم بن يعيش بن إسماعيل بن زكريا بن محمد بن عيسى بن حبيب بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الجبار الداخل إلى الأندلس ابن أبي سلمة الفقيه عبد الله ابن صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخاله وابن عمه وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة رضي الله عنهم أبي محمد عبد الرحمن بن عوف، الزهري، إشبيلي المنشإ والاستيطان باجي المولد، أبو الحسن

يومَ الثلاثاءِ [45 ظ] مُستهلَّ رجبِ ثلاثٍ وثلاثينَ وست مئة لاختلاطٍ ظَهرَ في كلامِه؛ فلَزِمَ دارَه ولم يُسمَعْ منه بعدَ ذلك شيء. وُلدَ سنةَ خمسينَ أو إحدى وخمسينَ وخمس مئة ببَلَنْسِيةَ، وتوفِّي بها مُنتصَفَ ليلة السّبت الثانية والعشرينَ لرجَبِ أربعٍ وثلاثينَ وست مئة، ودُفنَ عصرَ ذلك اليوم، وأنزَلَه في قبره أبو الرَّبيع بنُ سالم (¬1)، وكان الحَفْلُ في جَنازته عظيمًا حَضَرَها الأميرُ يومَئذٍ، وأتْبَعَه الناسُ ثناءً جميلًا، رحمه الله. 323 - عليُّ (¬2) بن أبي القاسم أحمدَ بن عبد الرّحمن بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن يَعيشَ بن حَزْم بن يَعيشَ بن إسماعيلَ بن زكريّا بن محمد بن عيسَى بن حَبِيب بن إسحاقَ بن إبراهيمَ بن عبد الجَبّار الداخِل إلى الأندَلُس ابن أبي سَلَمةَ الفقيه عبد الله ابن صاحبِ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وخالِه وابن عمِّه وأحدِ العشَرة المشهودِ لهم بالجنّة رضيَ اللهُ عنهم أبي محمد عبد الرّحمن بن عَوْف، الزُّهْريُّ، إشبِيليُّ المنشإِ والاستيطان باجِيُّ المولد (¬3)، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكر عبد الرّحيم (¬4) بن أبي العَيْش، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وأبوَيْ عبد الله: ابن الحاجّ وابن أُختِ غانم، وأبي محمد بن عَتّاب وأبي الوليد بن طَرِيف، قرَأَ عليهم وسَمِع وأجازوا لهُ. وسَمِعَ على أبوَيِ القاسم: الحَسَن بن عُمرَ الهوْزَنيّ، وعبد الرّحمن بن عليّ الغَسّانيِّ النّحريل، وتفَقَّه بأبي عُمرَ يوسُفَ ابن شربولية (¬5) وأبي مَروانَ الباجِيّ، وتأدَّبَ بابي الحَسَن بن الأخضَر ولازَمَه في النَّحو، ولم يَذكُرْ أنهم أجازوا له، ولقِيَ بأغماتِ وريكةَ أبا محمد بن عليّ سِبْطَ ¬

_ (¬1) هامش ح: "وفي السنة نفسها استشهد أبو الربيع رحمه الله". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2753)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 216، والذهبي في المستملح (665)، وتاريخ الإسلام 12/ 375. (¬3) هامش ح: "يريد باجة الأندلس". (¬4) في م ط: "أبي بكر بن عبد الرحيم"، خطأ، وهو مترجم في التكملة (2381). (¬5) هامش ح: "ابن الأبار: شرقولية"، قلنا: هو في التكملة (3449).

ابن عبد البَرّ، ولقِيَ أبا الوليد بنَ رُشْد، وناوَلاهُ وأجازا له، وأجاز له أبو عليّ ابنُ سُكّرة، وله "برنامَج" ذكَرَهم فيه وبَيَّن ما أخَذَه عنهم. وذَكَرَ ابنُ الأبار (¬1) أنه سَمِع من أبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ وأبي الحَسَن ابن بَقِيّ وأبي الحَسَن بن مُغِيث وأنّ أبا الحَسَن خُلَيْصَ بن عبد الله وأبا عِمرانَ بن أبي تَلِيد وأبا القاسم بنَ أبي جَمْرةَ أجازوا له، ولم يُجرِ لذلك ذِكْرًا في البرنامَج المذكور. رَوى عنه ابناهُ: أبو بكر محمدٌ وأبو القاسم، وأبو محمد عبدُ الرّحمن، وهُو آخِرُ الرُّواة عنه، وأخوه أبو المُغِيرة عَوْفٌ، وابنُ أُختِه أحمدُ بن محمد بن حَكَم، واسبوا إسحاقَ: ابن عليّ الزَّوالي [46 و] وابن محمد العَبْدريّ، وآباءُ بَكْر: عَتِيق ابن قَنْتَرال، والمُحمدونَ: ابنُ أبي زَمَنين وابن خَيْر وابن سَعيد بن يَبْقَى وابنُ يحيى النَّيّار، وأبو الحَسَن بن يحيى القُرَشيُّ وأبو الحَكَم عُبَيد الله بن غَلِنْدُه، وأبو الخَطّاب بنُ واجِب، وأبو عُمرَ يوسُفَ بن عَيّاد، وأبَوا القاسم: عبدا الرّحمن ابنا المحمّدَيْن: اليَزِيديّ وابن سَعيد بن يَبْقَى المذكور، وآباءُ محمد: جابرُ بن محمد الأُمَويّ وعبدُ الله بن جُمْهُور وابنُ محمد بن إسماعيلَ بن زُهير، وأبو مَزوانَ مالكُ بن محمد ابن الرَّمّاك، وأبو الوليد جابرُ بن محمد الحَضْرَميّ. وكان من جِلّة أعيانِ بلده وأحدَ المتقدِّمينَ به للرُّتَب العَلِية، واستُقضيَ به صَدرَ دولةِ أبي محمد عبد المؤمن بن عليّ، فحُمِدت سيرتُه. وكان محدِّثًا راويةً عَدلًا ثقةً صحيحَ السَّماع، وافرَ الحظِّ من الفقه، متقدِّمًا في العربيّة، كريمَ الذّاتِ قديمَ الشَّرَف، وأملَى في مناسكِ الحجِّ "مختصرًا" حسَنًا. مَوْلدُه بباجَةَ سنةَ تسعينَ وأربع مئة، وتوفي بإشبيلِيَةَ ليلةَ الثلاثاء [46 ظ] منتصَفَ ربيع الأوّل، وقيل: لأربعَ عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ منهُ سنةَ سبع وستينَ وخمس مئة، ودُفنَ عَقِبَ صلاةِ العَصر يومَ الثلاثاءِ المذكور بخارج بابِ قَرَمُونةَ، وصَلّى عليه ابنُه الوزيرُ أبو القاسم بمقرُبةٍ من شَفِير قبرِه، وكانت جَنازتُه مشهودةً والثناءُ عليه جميلًا. ¬

_ (¬1) التكملة (2753).

324 - علي بن أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد الكناني، أبو الحسين الوقشي

324 - عليّ بن أحمدَ بن عبد الرحمن بن أحمدَ الكِنَانيُّ، أبو الحُسَين الوَقَّشيُ. رَوى عن أبيه أبي جعفر. رَوى عنه أبو عَمْرو بن سالم. 325 - عليّ (¬1) بن أحمدَ بن عبد العزيز الأنصاريُّ، مَيُورقيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ طَيْر (¬2). رَوى بالأندَلُس عن أبي الحَسَن بن عبد الغنيّ الحُصريّ، وأبي عُمرَ بن عبد البَرّ، وأبي محمد غانم بن وَليد. ورَحَلَ وأخَذَ بدمشقَ عن أبي الفَتْح نَصر بن إبراهيمَ المقدِسي، وأبي محمد عبد العزيز بن أحمدَ ابن الكِنَانيِّ وتدَبَّج معَه، وأبي نَصر بن طلاب، وبصُورَ عن أبي عليّ الحُسَين بن سَعيد الآمِديّ؛ وبالبصرة عن أبي في التُّسْتَريِّ وأقام لدَيْه نحوَ عامَيْن؛ ثم فَصَلَ إلى عُمانَ طالبًا الحديثَ والعلم، وقَدِمَ بغدادَ فأخَذَ بها عن الخطيبِ أبي بكرٍ وتدَبَّج معَه. رَوى عنه سوى من ذَكَرَ: هبةُ الله بنُ عبد الوارِث الشِّيرازيُّ وأبو محمد ابنُ الأَكْفاني. وكان محدِّثًا مُكثِرًا عَدلًا ثقةً، حافظًا للُّغة ضابطًا لها. توفِّي ببغدادَ سنةَ سبع وسبعينَ وأربع مئة؛ قالهُ ابنُ الأكْفاني، وقال أبو غالب الماوَرديُّ: قَدِمَ علينا البصرةَ ثم خَرَجَ إلى عُمان، ولقِيتُه بمكّةَ سنةَ ثلاث وسبعين، ثم عاد إلى البصرة ¬

_ (¬1) ترجمه ابن عساكر في تاريخ دمشق 41/ 222، وياقوت في "ميورقة" من معجم البلدان 5/ 247، وابن النجار في التاريخ المجدّد، الورقة 163 (ظاهرية)، واختاره ابن أيبك الدمياطي في المستفاد (135)، والقفطي في إنباه الرواة 2/ 230، وابن الأكفاني في وفياته، الورقة 64 (نسخة لندن)، وابن الأبار في التكملة (2681)، والذهبي في تاريخ الإسلام 10/ 410، والمشتبه (419)، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 6/ 18، والسيد الزبيدي في (طنز) من تاج العروس. (¬2) هكذا في النسخ، وهو اختيار ابن الأبار قلّده المؤلف فيه، وهو خطأ صوابه: (ظُنَّيْر)، قيده الحافظ محب الدين ابن النجار في تاريخه فقال: "بضم الظاء المعجمة بعدها نون مشددة مفتوحة وياء معجمة باثنتين من تحتها ساكنة وراء"، وقال: "هكذا رأيته مقيدًا بخط ناصر بن محمد"، يعني السلامي محدث بغداد وعالمها، وهو التقييد المعتمد كما بيّنه الدكتور بشار في تعليقه على ترجمته من التكملة الأبارية.

326 - علي بن أحمد بن عبد الملك بن أحمدوس الخولاني، مرسي، أبو الحسن القرباقي

على أن يُقيمَ بها، فلمّا وصَلَ إلى بابها وقَعَ عن الجمَل فمات، وذلك سنةَ أربع وسبعينَ، قالهُ ابنُ عساكرَ عنه؛ قال: وقولُ الماوَرديِّ في وفاتِه أصَحُّ من قولِ ابن الاكْفاني؛ لأنه شاهدَ ذلك. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: ليس في مَساقِ هذه الحكاية ما يقتضي مشاهدةَ وفاتِه، وإن كان قد ذَكَرَ أنه لقِيَه بمكّةَ شرَّفها الله، فتأمّلْهُ، اللهمَّ إلّا أن يكونَ الماوَزديُّ عندَ ابن عساكرَ أضبَطَ لهذا الشّأن منَ ابن الأَكْفاني، أو يكونَ -عندَ ابن عساكر- الماوَرديُّ شاهدَ ذلك من وَجْه آخَرَ، فاللهُ أعلم. 326 - عليُّ (¬1) بن أحمدَ بن عبد الملِك بن أحمَدُوسَ الخَوْلانيّ، مُرسِيٌّ، أبو الحَسَن القرباقيُّ. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرة، وأبي الطاهِر التَّميمي، وأبي عبد الله ابن أبي الخِصَال، وهما من طبقتِه. [47 و] وأجاز لهُ أبو بكرٍ غالبُ بن عَطِيّة وأبو الحَسَن ابنُ الباذِش، ورَحَلَ حاجًّا فسَمعَ منهُ بالإسكندَريّة أبو محمد العثمانيّ: "مقاماتِ التَّميميِّ اللُّزوميّة" ولا أتحقَّقُ عَوْدَه إلى الأندَلُس (¬2). 327 - عليّ بن أحمدَ بن عبد الملِك، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عُمرَ اللَّمتُونيِّ، ولعلّه القرباقيُّ، والله أعلم. 328 - عليُّ (¬3) بن أحمدَ بن عَطِيّة المُحارِبيُّ، غَرناطيٌّ سكَنَ بَلَنْسِيَةَ، أبو الحَسَن. رَوى عن قريبِه أبي محمدٍ عبد الحقّ بن عَطِيّة، أنشَدَ عنه أبو الرَّبيع بنُ سالم. 329 - عليُّ بن أحمدَ بن عليّ بن أحمدَ بن خَلَف الأنصاريُّ، غَرناطيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ الباذِش. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2746)، وفي معجم أصحاب الصدفي (266)، والذهبي في المستملح (660). (¬2) في معجم الصدفي: "ولا أراه انصرف من وجهته التي حج فيها". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2788).

330 - علي بن أحمد بن علي بن حكم القيسي، غرناطي، أبو الحسن

رَوى عن أبيه، وأبي الوليد هِشَام بن أحمدَ بن بَقْوةَ. وأجاز لهُ آباءُ الحَسَن: جَدُّه، وشُرَيْح وتَلا عليه سَبْعَ خَتَمات بمُضمَّن "الكافي" وسمِعَه عليه، وابنُ مَوْهب ويونُسَ بن مُغِيث، وأبو إسحاقَ بن خَفَاجةَ الشاعر، وأبَوا بكر: ابنُ عبد الله بن أحمدَ بن عبد الله بن حامد وابنُ العَرَبيّ، وآباءُ عبد الله: جعفرٌ حفيدُ مكّي وابنُ الحاجِّ الشّهيدُ وابنُ رغَيْبةَ، وأبو عامر محمدُ بن أحمدَ بن إسماعيلَ الطّليْطُلي، وأبو العبّاس بن خَلَف المُجوِّد ابنُ النَّخّاس، وأبو عِمرانَ بن حَمّاد القاضي الفاضل، وأبو الفَضْل بن شَرَف وأبو القاسم أحمدُ بن محمد بن بَقِيّ، وأبَوا محمد: ابنُ عليّ سِبْط بن عبد البَرّ، وأبو محمد بن أبي جعفر. ومن أهل المشرِق: أبو الطاهر السِّلَفيّ، وأبو المُظفَّر محمد بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ بن محمد بن زيادِ بن عُمرَ بن العلاءِ بن شَيْبةَ الشَّيْبانيُّ الطَّبَري. 330 - عليّ (¬1) بن أحمدَ بن عليّ بن حَكَم القَيْسيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو الحَسَن. وقد تقَدَّم رفْعُ نَسَبِه والخلافُ فيه في رَسْم أبيه؛ رَوى عن أبيه (¬2). 331 - عليُّ بن أحمدَ بن عليّ بن خَلَف بن محمد التُّجيبيُّ، إشبِيليٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ عليّ. رَوى عن أبيه، وعمِّه أبي بكر. 332 - عليّ بن أحمدَ بن عليّ بن صَيْلوصَ الفارِسيُّ، إشبيليٌّ. 333 - عليّ بن أحمدَ بن عليّ بن عبد الله الأنصاريُّ، إشبِيليٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ القَصّاب. رَوى عن أبي الأصبَغ الطّحّان، وأبي عليّ حَسَن بن عليّ بن خَلُوف اللَّوَاتي، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2839). (¬2) هامش ح: "روى عن ابن حكم هذا أبو بكر بن مسدي، وكان فقيهًا زاهدًا فاضلًا، وله رحلة حج فيها".

334 - علي بن أحمد بن علي بن عيسى بن سعيد بن مختار بن منصور بن [47 ظ] شاكبر الغافقي، قرطبي فزغليطي الأصل وله قربى من عيسى بن دينار، الفقيه، أبو الحسن الشقوري

334 - عليّ (¬1) بن أحمدَ بن عليّ بن عيسى بن سَعيد بن مختار بن منصُور بن [47 ظ] شاكبر الغافِقيُّ، قُرطُبيٌّ فَزغَلِيطيُّ الأصل. وله قُربَى من عيسى بن دينار، الفقيه، أبو الحَسَن الشَّقُوري. تَلا على أبيه، وأبي عبد الله التُّجِيبيّ القَبْرِيّ، وأبي مَروانَ بن أبي يَدَّاس. وسَمِع منَ ابن عمّه أبي الحَسَن محمد بن عبد العزيز بن عليّ المذكور. وكتَبَ اليه مجُيزًا من أهل الأندَلُس آباءُ بكر: ابنُ طاهر وابنُ العَرَبي وابنُ مُدِير، وأبَوا الحَسَن: ابنُ هُذَيْل وابن النّعمة، وأبو زَيْد بن عبد الحقّ الخَزْرَجي، وآباءُ عبد الله: ابنُ إبراهيمَ الجُذَاميّ وابنُ عبد الرّزاق وابن وَضّاح، وأبو عَمْرو الخَضِرُ المَرَوِيّ (¬2)، وأبو محمد بن عَطِيّة، وأبو مَرْوانَ بن بُونُه، ومن أهل سَبْتةَ: أبو الفَضْل عِيَاض، ومن أهل الإسكندَريّة بن الطاهر أبو عَوْف والسِّلَفيّ. رَوى عنه أبو بكرٍ السَّقَطيّ، وأبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، وأبو محمد بن عبد الرّحمن بن برطُلُهْ، وحدَّث عنه بالإجازة جماعةٌ منهم: الأستاذُ الكبير أبو بكر بن طلحةَ وابنُه أبو محمد طلحةُ، وأبو العبّاس ابنُ الرُّوميّة، وشيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْني. وكان شيْخًا فاضلًا صالحا وَرِعًا ديِّنًا، ذا حظٍّ وافر من الأدب، واستُقضيَ ببعض أنظارِ قُرطُبة. وكُفَّ بصَره آخِرَ عمُرِه، فالتَزَمَ إسماعَ الحديث بجامع قُرطُبة. وكان عاليَ الرّواية تفَرَّد في وقتِه بالرواية عن هؤلاءِ الأكابرِ الجِلّة الذين أجازوا له وغير هم، فرَغِبَ الناسُ في الأخْذِ عنه، واستجازوهُ من أقاصي البلاد لعلوٍّ إسنادِه وثقتِه وفضلِه وعَدالتِه، وكان دَأْبُه خَتْمَ القرآنِ بينَ اليوم واللّيلة؛ وكان حافظًا له قائمًا عليه مُلازمًا تلاوتَه بجامع قُرطُبةَ الأعظم طُولَ نهارِه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2815)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 272، والذهبي في المستملح (694)، وتاريخ الإسلام 13/ 479. (¬2) في م: "المري".

335 - علي بن أحمد بن علي بن فتح بن لبال بن إسحاق بن أمية بن عبد الله بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي، شريشي، أبو الحسن، ابن لبال

وُلد لليلةٍ بقِيَتْ من شوّالِ ستٍّ وثلاثينَ وخمس مئة بقُرطُبة، وتوفِّي بها ليلةَ الاثنين الثانيةَ عشْرةَ من صَفَرِ ستَّ عشْرةَ وست مئة، ودُفن يومَ الاثنين بمقبُرة أُمِّ سَلَمةَ وبمقرُبةِ قبرِ هارونَ بن سالم الزاهد. 335 - عليّ (¬1) بن أحمدَ بن عليّ بن فَتْح بن لُبّال بن إسحاقَ بن أُميّةَ بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن مُعاويةَ بن هِشَام بن عبد الملِك بن مَرْوانَ بن الحَكَم بن أبي العاص بن أُميّةَ بن عبد شمس بن عبد مَنَافٍ الأُمَويُّ، شَرِيشيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ لُبال. تَلا بالسَّبع على أبي [48 و] الحَسَن شُرَيْح، وسَمِعَ الحديثَ عليه، ورَوى عن أبوَيْ بكر: ابن طاهر وابن العَرَبي، وأبي الحَسَن بن محمد بن مُسَلَّم الأديب، وأبي الطاهِر التَّميمي، وأبي الفَضل ابن الأعلم، وأجاز له أبو بكر بنُ فَنْدِلَة وأبو الحَجّاج القُضَاعي. رَوى عنه أبوا بكر: ابنُ الغَزَال وابن خَليفةَ وأبو الحَسَن ابنُ الفَخّار، وابنا حَوْطِ الله، وأبو العبّاس بن عبد المؤمن، وأبو عليّ ابنُ الشَّلَوبِين وأبو عَمْرو بن محمد بن غِيَاث. وكان معتنيًا بالقراءات مجوِّدًا لها، وافرَ الحظِّ من الآداب، حافظًا للتاريخ والنّسَب، متقدِّمًا في علم العربيّة، عاقدًا للشّروطِ ضابطًا لها، واستُقضيَ بشَرِيشَ فتقلَّد القضاءَ مُكرَهًا (¬2). وكان من أفاضل قُضاة زمنه صَدْعًا للحقِّ في ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2780)، وفي تحفة القادم (74)، وابن سعيد في رايات المبرزين (23)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 232، والذهبي في المستملح (678)، وتاريخ الإسلام 12/ 761، وينظر تأليف الدكتور محمد بن شريفة: ابن لبال الشريشي. (¬2) علق في هامش ح عند هذا الموضع فحكى قصة توليه القضاء ومما قاله: "سبب توليه القضاء أن والي إشبيلية كتب إلى أهل شريش أن يجتمعوا على رجل منهم يولى القضاء بها فجمعهم والي البلد فاجتمعوا عليه ولم يختلف أحد منهم فحلف ألا يكون قاضيًا ورجا أن يبروا قسمه فلم يفعلوا وكتبوا مكتوبًا باتفاقهم عليه إلى والي إشبيلية فوصل أمره إليها بولايته. فهمّ بالمشي إليه ليستعفي فمنعوه واتفقوا على المشي في طلبه إن أبى وتأدى لوالي إشبيلية المذكور أنه ضعيف الحال فأجرى له جراية من بيت المال مشاهرة فاشترى الفقيه أبو الحسن منها عبدًا فأعتقه كفارة ليمينه". قلنا: وهذا الخبر منقول عن صلة الصلة.

قضائه وقيامًا بالعَدل في أحكامِه، لا تَأخُذُه في الله لَوْمةُ لائم، ثم تخَلَّى عنه وتجرَّد لِما كان بصدَدِه من التدريس ونَشْر العلم، وكان محرِّضًا على طَلَبِه بَرًّا بطَلَبتِه، معظِّمًا لشأنِه وأهلِه، ليِّنَ الجانب لهم ناصحًا في تعليمِه، متواضِعًا في أحوالِه، متبذِّلًا في لِبستِه، أكثرُ لِباسِه جُبّةُ صُوف لا شِعَارَ لها، يتَولَّى خدمتَه لنفسِه وشراءَ ما يحتاجُ إليه وحملَ خُبزه إلى الفُرن وسَوْقَه منه تحامُلًا وقَهْرَ نفْس. وله "شَرحٌ" مفيدٌ على "مقاماتِ الحَريري" ومقالةٌ نبيلةٌ سمّاها: "رَوْضةَ الأديب في التفضيل بين المتنبِّي وحَبِيب" و"مقدِّمةٌ في العَروض" نافعة؛ وكان يَقرِضُ مُقَطَّعاتٍ من الشّعر يُجيدُ فيها، وبينَه وبينَ جماعة من أُدباءِ عصرِه مخاطَبات أدبيّة نظمًا ونَثْرًا تدُلُّ على متانةِ أدبِه. ومن نَظْمِه قولُه حين قُلِّد القضاءَ يتبرَّمُ منه [مجزوء الخفيف]: كنتُ مذ كنتُ لم أَزَلْ ... كارهًا خُطَّةَ القضا لم أُرِدها وإنّما ... ساقَها نَحْويَ القضا وُلد سنةَ ثمانٍ وخمس مئة، وتوفِّي ضُحى يوم الثلاثاءِ لثلاثٍ خَلَوْنَ من ذي قَعدة، وقيل: من ذي حِجّة ثِنْتين، وقال ابنُ الأبار: ثلاثٍ وثمانينَ وخمس مئة. ودُفن ذلك اليومَ، وكان الحَفْلُ في جَنازته عظيمًا والثناءُ عليه جميلًا، [49 ظ] ولم يَزلْ قبرُه مَزُورًا مَرْجُوَّ البرَكة، رضي اللهُ عنه (¬1). ¬

_ (¬1) تقع هنا ترجمة من الترجمات المثبتة في هامش ح وهي: "علي بن أحمد بن عليّ بن محمد بن أحمد بن محمد الخشني غرناطي بلوطي أصل السلف، وفحص البلوط بجهة قرطبة، أبو الحسن البلوطي. تلا بالسبع على أبي جعفر الطباع، وأبي عبد الملك بن إبراهيم الطائي مسمغور، وأبي الوليد العطار، وغيرهم. وقرأ جميع كتاب سيبويه تفقهًا على الأستاذ أبي اصحين علي بن محمد الكتامي بن الصاح، وقرأ عليه غيره من كتب العربية وتأدب به وعرض عليه فصيح ثعلب وغيره، واعتنى بالكتاب العزيز أتم اعتناء، وكان معلم كتّاب موصوفًا بحسن الخلق وكرم النفس مع القناعة والاقتصاد في شؤونه. كتب إلينا مجيزًا جميع ما يرويه، ومولده عام سبعة وأربعين وست مئة، وتوفي رحمه الله تعالى بغرناطة".

336 - علي بن أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن يوسف، مرباطري سكن بلنسية، أبو الحسن، ابن مرطير، وهو أخو أبي الحجاج

336 - عليّ (¬1) بن أحمدَ بن عليّ بن محمد بن أحمدَ بن يوسُف، مُرْباطَرِيٌّ سكَنَ بَلَنْسِيَةَ، أبو الحَسَن، ابن مُرطَيْر، وهو أخو أبي الحَجّاج (¬2). رَوى عن أبوَيِ الحَسَن: ابن سَعْدِ الخَيْر وابن النِّعمة، وأبي عبد الله بن حَمِيدٍ، وتأدَّبَ به في "كتاب سِيبَوَيْه". أخَذ عنه أخوه صَغيرُه أبو الحَجّاج؛ وكان نَحْويًّا أديبًا مائلًا إلى طريقة التصوُّف مؤْثِرًا للقناعة، موصُوفًا بالفَضْل والصّلاح. مولدُه سنةَ ثلاثينَ وخمس مئة، واستُشهِدَ في الكائنة على أهل بَلَنْسِيَةَ، يومَ الخميس مُستهلَّ رجبِ ثمانٍ وستينَ وخمس مئة. 337 - عليّ (¬3) بن أحمدَ بن عليّ بن يحيى الغَسّانيُّ، رُنْديٌّ سكَنَ أخيرًا مالَقةَ، أبو الحَسَن العَشّابُ. رَوى عن أبي الحَجّاج ابن الشَّيخ، وأبي الحُسَين عُبَيد الله بن قُزْمانَ، وأبي عليّ الرُّنْديّ، وأبي محمدٍ ابن القُرطُبي. وكتَبَ إليه مُجيزًا من أهل المشرِق أبو تُرابٍ يحيى بنُ إبراهيمَ بن محمد البغداديُّ، وأبو الطاهر الخُشُوعي وَجماعة تقدَّم ذكْرُهم في رَسْم أحمدَ بن عليّ الهوّاريِّ السَّبْتي. حدَّثنا عنه شيخانا: أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ وأبو عبد الله بن عَيّاش الخَزْرَجيّ. وكان مُقرئًا نَحويًّا أديبًا مُمتِعَ المجالَسة ذاكِرًا للآدابِ متينَ الدِّين خيِّرًا مشهورَ الصّلاح، أقرَأَ طويلًا برُنَدةَ ثم بمالَقةَ إلى أن توفِّي بها لثِنْتَيْ عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من ذي قَعدةِ تسع وثلاثينَ وست مئة، ودُفنَ بمقبرُة باب قنترالة بمقرُبة من الشّريعة، ومَوْلدُه يومَ عيد الأضحى سنةَ ثلاث وسبعينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2759). (¬2) هو يوسف بن أحمد بن علي (التكملة، الترجمة 3492)، وله أخ آخر اسمه محمد بن أحمد بن علي، ستأتي ترجمته في السفر السادس برقم (21). (¬3) ترجمه الرعيني في برنامجه (60)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 289.

338 - علي بن أحمد بن علي بن يوسف الأنصاري، إشبيلي

338 - عليّ بن أحمدَ بن عليّ بن يوسُف الأنصاريّ، إشبِيليٌّ. 339 - عليّ بن أحمدَ بن عليّ الأُمويّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي جعفر البِطْرَوْجي. 340 - عليّ (¬1) بن أحمدَ بن عليّ الأنصاريُّ، طُلَيْطُليٌّ استَوطَنَ مدينةَ فاسَ، أبو الحَسَن. تَلا بالسّبع على أبوَيِ الحَسَن: شُرَيْح وعبد الرّحيم الحِجَاري، ورَوى عن أبوَيْ بكر: ابن طاهر بن فَنْدِلةَ، وأبي عبد الله حَفيدِ مكّي، وأجاز له أبو بكرٍ ابنُ العَرَبي. رَوى عنه أبو البقاءِ يَعيشُ، وحدَّث عنه بالإجازة أبو الحَسَن ابنُ القَطّان؛ [50 و] وكان محدِّثًا عَدلًا فاضلًا، يَعيشُ من تجارته بسُوق القَرّاقين، وقد تصدَّر بفاسَ للإقراءِ وإسماع الحديث. 341 - عليّ بن أحمدَ بن عليّ الجُذَاميّ. رَوى عن أبي القاسم المَلّاحي. 342 - عليّ بن أحمدَ ابن الفَضْل، أُورِيُوليٌّ مالَقيُّ النَّشأةِ والاستيطان، أبو الحَسَن. كان أديبًا بارِعًا، شاعرًا مجُيدًا، حافظًا للّغة متقدّمًا في العربيّة، حَسَنَ الشّارة نَظيفَ الملبَس، تأريخيًّا. 343 - عليّ بن أحمدَ بن قاسم الغَسّانيُّ. سَمِع بالمَرِيّة على أبي عليّ الصَّدَفي. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2779)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 221، والذهبي في المستملح (677)، وتاريخ الإسلام 12/ 752، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 481.

344 - علي بن أحمد بن محمد بن أحمد بن كوثر المحاربي، غرناطي، أبو الحسن، ابن كوثر

344 - عليّ (¬1) بن أحمد بن محمد بن أحمدَ بن كَوْثَر المُحارِبيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ كَوْثَر. رَوى عن أبيه، ورَحَلَ معَه فحَجّا معًا سنةَ سبع وأربعينَ وخمس مئة. وأخَذ أبو الحَسَن بمكّةَ شرَّفَها اللهُ عن إمام المقام أبي بكر بن أبي الحَسَن الطُّوسيّ، وأبي الحَسَن بن خَلَف بن رِضا الأنصاريّ البَلَنْسيّ الكفيف وتَلا بالسَّبع عليه، وأبي حَفْصٍ المَيَانِجيِّ وأبي العبّاس الأُقْلِيجيِّ، وأبي عليّ الحَسَن بن عبد الله بن عُمرَ القَيْرَوانيّ (¬2)، وتَلا بالسَّبع عليه ولازَمَه أربعَ سنين، وأبي الفَتْح الكَرُوخِيِّ، وأبي المُظفَّر محمد بن عليّ الشَّيباني. وتلا في مِصرَ بالسَّبع على الخطيب أبي الفُتوح العَلَوي، ورَوى بها من أبي العبّاس أحمدَ بن عبد الله بن حُطَيْئةَ اللَّخْميِّ المَقْدِسيِّ سنةَ ثلاثٍ وخمسين، وأخَذَ النَّحوَ والآدابَ عن أبي محمد بن بَرِّي وأبي الوليد بن خِيَرَة القُرطُبي. وبالإسكندَريّة من أبي الحَسَن مُقاتِل بن عبد العزيز البَرْقيّ، وأبي الطَّاهر السِّلَفيّ. ثُم عاد إلى بلدِه بعلم كثيرٍ وروابة واسعة، فتصَدَّر للإقراءِ وإسماع الحديث سنةَ ستٍّ وخمسين، فأخَذ النَّاسُ عنه ورَغِبوا في السَّماع منه، واستُجيزَ من البلاد، وكان مَغِيبُه عن الأندَلُس في وِجهتِه المَشْرِقيّة نحوَ اثْنَي عشَرَ عامًا. رَوى عنه أبو بكر بنُ وَضّاح، وأبَوا جعفر: ابنُ عبد المجِيد الجَيّار وابن يوسُفَ الواشِريّ، وأبو الحَسَن بن قُطْرال، وابنا حَوْطِ الله ومحمدُ بن أبي محمد منهما، وأبو الرَّبيع بن سالم، وأبو عبد الله بن يَحْيَى بن حامدِ الله، وأبو عثمانَ سَعدٌ الحَفّار، وأبو عَمْرو بنُ سالم، وأبَوا القاسم: عبدُ الرّحيم بن إبراهيمَ ابن الفَرَس ومحمد بن عبد الواحِد المَلّاحي، وأبَوا محمد: ابن خَلَف ابن اليُسْر وابنُ محمد الكَوّاب. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2783)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 237، والذهبي في المستملح (679)، وتاريخ الإسلام 12/ 380، وذكر وفاته في السير 21/ 230، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 524، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 151. (¬2) هامش ح: "هو ابن العرجاء".

345 - علي بن أحمد بن محمد بن أبي القاسم، إشبيلي نزل دمشق، أبو الحسن، القسطار

وكان من جِلّة المُقرِئينَ وكبارِ المُجوِّدين، محدِّثًا راوِيةً عَدْلًا، فاضلَ الأخلاق، جَوَادًا سَمْحًا كريمَ النفْس، وله في القراءاتِ مصنَّفٌ نافعٌ سَمّاه: "العَرُوس". وُلد بغَرْناطةَ سنةَ تسع وعشرينَ وخمس مئة، وتوفِّي بها لخمسٍ بقِينَ من رَبيع الآخِر، وقال أبو عبد المجِيد: في جُمادى الأُولى سنةَ تسع وثمانينَ وخمس مئة. 345 - عليّ (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن أبي القاسم، إشبِيليٌّ نَزَلَ دمشقَ، أبو الحَسَن، القُسْطَارُ. رَحَلَ وحَجَّ وتجوَّل بلادَ المشرِق طالبًا العِلمَ فكتَبَ ببغدادَ ودمشقَ وغيرِهما عن طائفةٍ كبيرة، منهم: آباءُ الحَسَن: عليُّ بن محمد السَّخَاويّ، ومحمدُ بن أبي جعفرٍ القُرطُبيُّ الفَنَكي، وابنُ المُقَيَّر، وأبو عَمْرٍو عثمانُ بن عبد الرّحمن ابنُ الصّلاح، وأبو محمد عبدُ الرّحمن بن إبراهيمَ بن أحمدَ المَقْدِسيّ، وأبو المُفضَّل مُكرمُ بن محمد بن أبي الصَّقْر القُرَشيّ، وأبو نَصْر محمدُ بن هِبة الله بن مَمِيل الشِّيرازيُّ، وأبو المُنَجَّى عبدُ الله بن عُمرَ اللَّتِّيُّ آخِرُ أصحابِ أبي الوَقْت، وغيرُهم. وكان من أهل العناية بالرّواية والضَّبط والتقييد والإتقان. وتوفِّي بدمشقَ في نحوِ الأربعينَ وست مئة. 346 - عليُّ (¬2) بن أحمدَ بن محمد بن عُثمانَ بن يَحْيَى الكَلْبيُّ، شَلْطِيشيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ القابِلة. رَوى بإشبيلِيَةَ من أبي بكر ابن العَرَبي، وأبي الحَسَن شُرَيْح وغيرِهما، وبقُرطُبةَ والمَرِيّة عن جماعةٍ وافرة من عُلمائها، وبغيرها من بلاد الأندَلُس. ثُم رَحَلَ وحَجَّ، وأخَذَ من أبي الطَّاهر السِّلَفيّ، وأبي عبد الله محمد بن حامدٍ القُرَشيّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2847)، والذهبي في المستملح (710). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2751)، والذهبي في المستملح (663)، وتاريخ الإسلام 12/ 340.

347 - علي بن أحمد بن محمد بن يوسف بن مروان بن عمر الغساني، وادي آشي، أبو الحسن

ثم قَفَلَ إلى الأندَلُس وجَلَبَ فوائدَ، منها: "المصابيحُ" لأبي محمد بن مَسْعود روايتُه عن ابنِ حامدٍ المذكور عن المصنِّف، فنَزَلَ قُرطُبةَ سنةَ تسع وثلاثينَ، وصادَفَ الفتنةَ التي أثارَها أخوهُ كبيرُه أبو بكرٍ محمدٌ الثائرُ بمارْتُلةَ على اللَّمْتونيِّين، فخافَ الحاجُّ على نفسِه واختَفَى أشهُرًا بقُرطُبةَ عند صديقِه أبي بكر بن عَتِيق بن مُؤْمن لخُلّةٍ كانت قد تأكَّدت بينَهما [52 و] أسبابُها، فأخَذَ عنه حينئذٍ أبو الحَسَن بن أبي بكر بن مُؤمن؛ واشتَدَّ أسَفُه على أخيه وما نَشِبَ فيه، ثم تَأتَّى له الفصولُ عن قُرطُبة، فخَرَجَ متردِّدًا في بلاد الأندَلُس من مارْتُلةَ وشَلْطِيشَ، ثم قَصَدَ مَرّاكُشَ فاستَوطَنَها. وكان من أحسن الناس خَلْقًا وخُلقًا، مشارِكًا في فنونٍ من العلم كالحديث والفقه وأصُوله وعلم الكلام والطّبِّ، شاعرًا مُجِيدًا سريعَ المخاطر مُكثِرًا، نبيلَ المقاصد، كاتبًا بليغًا. ووَصَلَ إلى مَرّاكُشَ بعدَ قَتْل أخيه مُتسبِّبًا لصَرْف أملاكِه عليه، فمرِضَ بها وتوفِّي سنةَ خمس أو ستّ وستينَ وخمس مئة (¬1). 347 - عليّ (¬2) بن أحمدَ بن محمد بن يوسُفَ بن مَرْوانَ بن عُمرَ الغَسّانيُّ، وادي آشي، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي إسحاقَ بن عبد الرّحمن القَيْسيّ، وأبي الحَسَن طاهرِ بن يوسُف، وأبي العبّاس الخَرُّوبيّ وأبي القاسم بن حُبَيْش، وأبي محمد عبد المُنعِم ابن الفَرَس، ومحمد بن عليّ بن مُغِيرة. ¬

_ (¬1) ها هنا موضع ترجمة ثبتت في هامش ح وهي: "علي بن أحمد بن محمد بن غالب بن رزين الأزدي مرسيٌّ، أحد بيوت المهالبة بالأندلس. سمع من أبيه وتأدب بجماعة من شيوخ بلده، وأجاز له أبو محمد عبد الحق ابن الخراط. وله رحلة حج فيها بعد العشرين وست مئة. ومولده على رأس الستين وخمس مئة. يكنى أبا الحسن وكان أديبًا". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2803)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 257، والذهبي في المستملح (686)، وتاريخ الإسلام 13/ 219.

رَوى عنه أبو بكر بن عبد النُّور، وأبو جعفر ابنُ الدَّلّال، وآباءُ عبد الله: ابنُ أحمدَ المَذْحِجيّ وابن سَعيد الطَّرّاز وابنُ شُنَيْف وابن طارق، وأبو عليّ الحَسَن بن سَمْعانَ وأبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان. وكان فقيهًا حافظًا مُستبحِرًا حسَنَ النَّظَر، أديبًا شاعرًا مُجِيدًا، كاتبًا بليغًا فاضلًا، وصنَّف في شَرْح "الموطَّإ" مصنَّفًا سمّاه: "نَهْجَ المسالك للتَّفَقُّه في مذهبِ مالك" في عشَرةِ مجُلَّدات، وفي شَرْح "صحيح مسلم" وسمّاه: "اقتباسَ السِّرَاج في شَرْح صحيحِ مُسلم بن الحَجّاج"، وفي شَرْح "تفريع ابن الجَلّاب" وسمّاه: "التّرصيع في تأصيلِ مسائلِ التَّفريع"، وصنَّفَ في الأدب، ومنظوماتُه ورسائلُه شاهدةٌ بتبريزِه وتقدُّمِه، ومنها منظوماتٌ وَسَمَها بـ "الوسيلة لإصابةِ المعنى في شَرْح أسماءِ الله الحُسنى" (¬1) ضمَّن كلَّ قطعةٍ أو قصيدةٍ منها اسمًا من أسماءِ الله تعالى، منها قولُه: بسم اسم الله سبحانَه [الطويل]: قلِ: اللهُ تَستفتحْ منَ أسمائه الحُسنى ... بأعظمِها لفظاً وأعظمِها معنى هُو اللهُ فادْعُ اللهَ بالله تَقترِبْ ... لأقربَ قُرْبًا من وَرِيدِكَ أو أدنَى وأمِّلْهُ مُضْطرًّا تقِفْ عندَ بابِهِ ... وقوفَ عَزيزٍ لا يُصَدُّ ولا يُثْنَى ببابِ إلهٍ أوسَعَ الخلقَ رحمةً ... فلله ما أوْلَى لبّرٍّ وما أحنَى وقَدِّمْ من الإخلاصِ ثَمَّ وسيلةً ... تنَلْ رُتْبةَ العلياءِ والمقصِدَ الأسنَى أمولايَ هل للخَلْقِ غيرُكَ مُفْضِلٌ ... يُصَرَّحُ عنْ ذكراهُ في الفَضْل أو يُثنَى ببابِكَ مضطرٌّ شَكَا منكَ فَقْرَهُ ... لأكرمِ مَن أغنى فقيرًا ومَن أقْنَى وللفضلِ والمعروفِ منكَ عَوائدٌ ... لها الحمدُ ما أدنَى قُطوفًا وما أهنا فهَبْها لكَ الإنعامُ غُرًّا خَوالدًا ... تَفَانَى لها الأيامُ طُرًّا ولا تَفْنَى ¬

_ (¬1) منها نسخة خطية في خزانة القرويين بفاس، برقم (1340).

348 - علي بن أحمد بن محمد بن يوسف الأنصاري، مروي، أبو الحسن، ابن الغزال

وتتَبَّع الأسماء الحُسنى إلى مُنتهَى إحصائه منها؛ ونَظَمَ شمائلَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ولهُ رسالةٌ بديعة تشتملُ على نَظْم ونثر، كتَبَ بها إلى قبرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وقد ذَكَرَ أبو عبد الله ابنُ الأبّار مصنَّفاتِه فقال: وله تآليفُ ومجموعاتٌ، منها: "كتابُ الوسيلة لإصابة المعنَى في أسماءِ الله الحُسنى" فأوهَمَ بذلك أنه تألفٌ غيرُ منظوم على نحوٍ "المقصد الأسنَى" لأبي حامدٍ الغَزّالي أو "الأمَدِ الأقصىَ" لأبي بكرٍ ابن العَرَبي أو غيرهما ممّا جَرى مَجْراهُما وأُلِّف في معناهما؛ وهذه الوسيلةُ كما وَصَفْتُ لك، وما أرى ابنَ الأبّار وقَفَ عليها. مَولدُه سنةَ سبع وأربعينَ وخمس مئة، وتوفِّي في شهرِ ربيعٍ الآخِر سنةَ تسع وست مئة. 348 - عليّ (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن يوسُفَ الأنصاريُّ، مَرَوِيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ الغَزَال. رَوى عن أبي إسحاقَ ابن الحاجِّ البلّفيقيِّ الزَّاهد، والقاضي أبي بكر بن عبد الملِك بن أبي نَضِير، وأبي الحَجّاج الشَّرِيشيّ، وأبي عبد الله الشَّوّاش ولازَمَه اثنَيْ عشَرَ عامًا، وأبي عبد الرّحمن بن غالب، وأبي محمد بن حَوْطِ الله. وأجاز له ممّن لم يَلْقَه: أبو الحُسَين بن زَرْقُونَ، وأبو القاسم بن بَقِيّ. حدَّثنا عنه أبو محمد مَوْلى سَعيد بن حَكَم، كتَبَ إليه. وكان مُقرئًا مجوِّدًا، فقيهًا حافظًا فاضلًا، نَحْويًّا لُغَويًّا أديبًا، خيِّرًا صالحاً، خَطَبَ بالمَرِيّة زمانًا طويلًا زُهاءَ خمسينَ سنة، وكان حيًّا سنةَ ستّ وستينَ وست مئةٍ ابنَ اثنينِ وثمانينَ عامًا. 349 - عليّ بن أحمدَ بن محمد العَبْدَريُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبي. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 304، وفي هامش ح: "هو حفيد العابد أبي عبد الله الغزال، ولذلك كان أهل بلده يعرفونه بالحفيد، توفي بعيد سنة سبعين وست مئة". قلنا: وهذا التعليق منقول عن صلة الصلة.

350 - علي بن أحمد بن محمد القيسي، أبو الحسن، ابن محمودة

350 - عليّ بن أحمدَ بن محمد القَيْسيُّ، أبو الحَسَن، ابنُ محمودة. رَوى عن شُرَيْح. 351 - عليّ بن أحمدَ بن محمد، مَنْقَانيٌّ، ومَنْقانة: من نَظَر شَرْق الأندَلُس، أبو الحَسَن المَنْجانيّ (¬1). كان كاتبًا بارعًا، حُلوَ الشَّمائل حَسَنَ الخُلُق، متقدِّمًا في الأدب، بَرًّا بإخوانِه، رائقَ الخَطّ، كتَبَ بأَخَرةٍ عن أبي محمد عبد العزيز بن أبي زيد الَهَنْتَانيِّ مُتَوَلِّي الأشغال السُّلطانيّة، وتوفِّي بمَرّاكُشَ عام تسعةَ عشَرَ وست مئة. 352 - عليّ بن أحمدَ بن مالِك اليَعمُريُّ. كان من أهل العنايةِ بالعلم، حيًّا بعدَ الثمانينَ وأربع مئة. 353 - عليّ بن أحمدَ بن مَسْعود، أبو الحَسَن. رَوى عن شُرَيْح (¬2). 354 - عليّ بن أحمدَ بن مُسَلَّم مَوْلى محمد بن عَبّاد اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ. رَوى عن أبي عبد الله بن أبي العافية. رَوى عنه أبوا بكر: ابنُ صافٍ وابنُ طاهر الخِدَبُّ، وآباءِ الحَسَن: ابنُ لُبّال وابنُ مؤمن ونَجَبةُ، وأبو زكريّا بن ¬

_ (¬1) يعني: "المنقاني" فالكاف الأعجمية تكتب قافًا وكافًا وجيمًا. (¬2) أُثبتت بهامش ح الترجمة الآتية: "علي بن أحمد بن مسعود المحاربي غرناطي أبو الحسن. قرأ ببلده، وأجاز له أبو محمد بن علي الزُّهريّ. وله رحلة إلى المشرق حج فيها، وأخذ في رحلته بالإسكندرية من أبي الطاهر بن عوف وأبي عبد الله الحضرمي وغيرهما، واستقضي ببُرجة وكان جزلاً في أحكامه وكانت له مشاركة في المطلب واستشهد خارج بلده في ذي الحجة ثمان وعشرين وست مئة، روى عنه أبو الحسين بن ربيع". (قلنا: انظر صلة الصلة 4/الترجمة 286). وها هنا ترجمة أخرى هذا موضعها وقد وردت في ح الورقة: 55 وهي: "علي بن أحمد بن مسعود الأزدي شاطبي أبو الحسن ابن صاحب الصلاة. أخذ ببلده عن ... ابن النقرات وناظر على ابن الكتاني وأجازه بن هذيل أبو الحسن؛ أخذ عنه ابن مسدي، وكان عنده بصر بعلم الكلام؛ مولده بعد الخمسين وخمس مئة وتوفي ببلده في حدود خمس في حدود خمس وعشرين وست مئة".

355 - علي بن أحمد بن مفرج بن زياد السياري

مَرْزوق؛ وكان نَحْويًّا ماهرًا لُغَويًّا حافظًا ديِّنًا فاضلًا، أمَّ طويلًا بمسجدِ زَرَجُون من إشبيلِيَةَ. 355 - عليّ بن أحمدَ بن مُفرِّج بن زيادٍ السَّيّاريُّ. كان فقيهًا، وقَفْتُ على خطِّه بنقلِه كتابَ "البيان والتحصيل" من أصل المؤلِّف سنةَ ثلاثينَ وخمس مئة. 356 - عليّ بن أحمدَ بن وَهْبُونَ الكِلابيُّ، أبو الحَسَن. رَوى من أبي القاسم المَلّاحي. 357 - عليّ بن أحمدَ بن هارونَ الكِنَانيُّ، مُرْسيٌّ -فيما أحسَب- أبو الحَسَن. رَوى عن أبي محمد عبد الوهّاب الطّنبثائي. 358 - عليّ (¬1) بن أحمدَ بن يحيىْ الأَزْديُّ، جَيّانيٌّ نزَلَ سَبْتةَ، أبو الحَسَن. رَحَلَ فحَجَّ ورَوى عن أبي الثناءِ حمّادٍ الحَرّاني، وأبي بكرٍ عبد الرّحمن بن سُلطانَ بن يَحْيَى القُرَشيّ، وأبي محمد القاسم بن عليّ ابن عساكِر. ودَخَلَ العراقَ وغيرَه، وألزَمَ نفسَه الأذانَ بمنارِ كلِّ بلد يَدخُلُه، وأن يَرويَ حديثًا أو حديثَيْنِ عن الشّيخ الذي يلقاهُ فيه، وربّما قيَّدَه له بخطِّه، فاجتَمعَ لهُ أربعونَ حديثًا، عن أربعينَ شيخًا، من أربعينَ بلدًا. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ عبد الله الأَزْديُّ القُرطُبيُّ نَزيلُ سَبْتةَ، وأبو القاسم ابن فَرْقَد وكان رجُلًا صالحاً خِيَارًا، لم يكنْ عندَه علمٌ سوى روايةِ تلك الأحاديثِ التي رَواها كما وَصَفَ، وأناشيدَ عن بعض أولئك الشُّيوخ الذين لقِيَهم، والتَزَم الأذانَ بجامع سَبْتةَ، وكان بها عَطّارًا (¬2). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2800)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 282. (¬2) هامش ح: "مولده سنة خمس وخمسين وخمس مئة، وتوفي في حدود ثمان وعشرين وست مئة، روى عند ابن مسدي". =

359 - علي بن أحمد بن يوسف بن سلمون، بلنسي

359 - عليّ بن أحمدَ بن يوسُفَ بن سَلمونَ، بَلَنْسيّ. كان حيًّا سنةَ أربعَ عشْرةَ وست مئة. 360 - عليّ (¬1) بن أحمدَ الأَزْديّ، بَجّانيٌّ، أبو الحَسَن. عَرَضَ القراءاتِ على محمد بن خَيْرونَ ودَوَّنَ عنه ألفاظَ الأداء، وتصَدَّر للإقراء ببلدِه والإفادةِ بما عندَه. 361 - عليّ بن أحمدَ الأنصاريّ، مالَقيّ، أبو الحَسَن، ابن قرشية. رَوى عن أبي زيدٍ السُّهَيْلي، وكان ماهرًا في النَّحو، فقيهًا حافظًا، متقدِّمًا في عَقْد الشّروط، ذاهبًا إلى الاختصار في ما يَكتبه منها معَ ضَبْط أصولِها وسهولة ألفاظِها، ديِّنًا ليِّنًا عَدْلًا متواضِعًا. 362 - عليّ بن أحمدَ الباهِلي، أبو الحَسَن. رَوى عن شُرَيْح. 363 - عليّ بن أحمدَ السَّبَئيُّ. رَوى عن شُرَيْح. ¬

_ = وأُثبتت بهامش ح ترجمة هذا موضعها وهي: "علي بن أحمد بن اليسر القشيري الغرناطي أبو الحسن. أخذ ببلده عن أبي عبد الله ابن صاحب الأحكام، وأبي القاسم بن سمجون، وبفاس من أبي البقاء يعيش بن القديم وتلا عليه بالسبع، وعن أبي محمد بن زيدان وغيرهما، وبمالقة عن أبي بكر بن خلف الأميي، وأبي عبد الله محمد بن حسن الأنصاري الخطيب بها، وأبي علي الرندي، وأبي محمد القرطبي، وبإشبيلية عن أبي الحسين بن عظيمة وتلا عليه بالسبع. وروى مع هؤلاء عن أبي الخطاب بن واجب وغيره جماعة. وكان يتحرف بعقد الشروط وينوب في الأحكام بغرناطة، مشكور السيرة عدلًا فاضلًا سريًا وطيء الأكناف من أهل الدين والخير، توفي سنة ثمان وأربعين وست مئة وقد أناف على الستين رحمه الله" (قلنا: انظر هذه الترجمة في صلة الصلة 4/الترجمة 295). (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2669).

364 - علي بن أحمد العبدري، ميورقي، أبو الحسن المطرقة

364 - عليّ (¬1) بن أحمدَ العَبْدَريُّ، مَيُورْقيّ، أبو الحَسَن المِطْرَقة (¬2). رَوى عن أبي إسحاقَ بن شُعبة، وأبي عبد الله الشّكّاز، وأبي محمد بن حَوْطِ الله ورَحَلَ وحَجَّ. وقَفَلَ إلى بلدِه، وتصَدَّرَ به لإقراءِ القرآن، وناوَبَ في الخُطبة بجامعِه أبا مَرْوانَ الخَطيبَ. وتوفِّي في أسرِ الرُّوم بعدَ تغلُّبِهم على بلدِه بيسير -وكان تغلُّبُهم عليه منتصفَ صَفَرِ سبع وعشرينَ وست مئة- ويومَ وفاتِه توفِّي واليها أبو يَحْيَى محمدُ بن عليّ بن أبي عِمران. 365 - عليّ بن أحمدَ العَبْدَريُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي العبّاس العُذْري. 366 - عليّ بن أحمدَ القَيْسيُّ، إشبِيليٌّ سكَنَ بأَخَرةٍ تونُس، أبو الحَسَن، ابنُ يديره (¬3). كان فقيهًا فاضلًا ديِّنًا، وخَطَبَ برادِسَ: من أنظارِ تونُس. 367 - عليّ (¬4) بن إبراهيمَ بن حَكَم بن أحمدَ بن عليّ بن أحمدَ السَّكُونيُّ، شرِيشيٌّ كرَنَانيُّ الأصل، أبو الحَسَن الكَرَنَانيّ. رَوى عن أبي الحَسَن بن إبراهيمَ ابن الفَخّار، وأبي القاسم بن عِمران. 368 - عليّ (¬5) بن إبراهيمَ بن عليّ بن إبراهيمَ بن عليّ بن يوسُفَ بن إبراهيمَ الجُذَاميُّ، أبو الحَسَن، ابن الفَقَّاص. أكثَرَ من أبي محمد بن بُونُه ولازَمَه أعوامًا بغَرْناطةَ والمُنَكَّب، قال: ولم أُفارقْه إلى حينِ وفاتِه، وأعطاني ما كان عندَه من خُطوط أيدي شيوخِه ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2831). (¬2) هامش ح: "كان يعرف بابن مطرقة واستبد أخيرًا بخطبة بلده وكان رجلًا صالحاً غاية في حسن الوجه". (¬3) في ح: "يديده"، وعليها علامة خطأ. (¬4) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 297. (¬5) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 287، وابن فرحون في الديباج 2/ 115، وابن الخطيب في الإحاطة 4/ 174، وينظر تعليقنا على الترجمة (246) من السفر الرابع.

بالإجازة له وفهارِسِهم وأسمِعتهم؛ وأبي خالد بن رِفاعةَ، وأجاز له، وأبي العبّاس يَحْيَى المَجْرِيطي وتفَقَّه به زَمَنًا، وأبي محمد عبد الصّمد بن محمد بن يَعيش وصحِبَه بالمُنَكَّبِ مُدّة، ولم يَذكُرْ أنهما أجازا له، وأبوَيِ القاسم: ابن بَشْكُوال والشَّرّاط، ولم يَستجِزْهما، ولقِيَ أبا القاسم السُّهَيْليَّ وجالَسَه وحَضَرَ تدريسَه بمالَقةَ؛ وبها وبمَرّاكُش: أبا عبد الله ابنَ الفَخّار، وبغَرْناطةَ أبا جعفر بنَ عبد الصّمد، وبقُرطُبة الحاجَّ أبا عبد الله بن طاهر المُرْسِيّ، قال: ونزَلَ عليَّ مَقْدَمَه من المشرِق وأقام عندي أيامًا فقرأتُ عليه فيها بعضَ ما رَواه بالمشرِق وقيَّده؛ وبمُرْسِيَةَ المُسِنَّ أبا الخَيْر بِشرَ بن بِشْر، وأجازوا له. رَوى عنه ابنُه أبو [...] (¬1)، وأبو جعفر بنُ كوزانة، وأبو الحَسَن بن محمد بن محمد، وأبو طالبٍ عبدُ الجَبّار بن أبي طالب، وآباءُ عبد الله: ابنُ إبراهيمَ بن بَشِيرةَ وابن حُسَين الأُمَويّ وابنُ عبد الله بن محمد الأَزْديّ وابن عبد الملِك الغافِقيُّ وابن عبد الوَدود وابنُ القاسم الطُّلَيْطُليّ وابن محمد بن أحمدَ الأَوْسي وابن محمدٍ القَبْذاقي وابنُ يَحْيَى بن أحمد، وأبو عثمانَ سَعيدُ ابنُ الحَدّاد، وآباءُ محمد: ابنُ أحمدَ بن عُبَيد الله وعبد السَّلام الجدميويّ وابنُ عيسى البَيانيّ وقاسم بن تُبَّع، وأبو مَدْيَن شُعَيْبُ بن عبد الغَفُور (¬2) وأبو يَحْيَى عامرُ بن موسى. وكان محدِّثًا حافظًا متّسعَ الرّواية مُكثِرًا، عَدْلًا، ماهرًا في النَّحو، شديدَ العناية بالعلم ولقاءِ حَمَلتِه والأخذِ عنهم، حريصًا على إفادتِه (¬3). وُلدَ بغَرْناطةَ يومَ الأضحَى سنةَ خمسٍ وخمسينَ وخمس مئة، وتوفِّي بها لإحدى عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من ذي حِجّةِ عام اثنينِ وثلاثينَ وست مئة (¬4). ¬

_ (¬1) بياض في النسخ. (¬2) وابن عيسى ... عبد الغفور: سقط من م ط. (¬3) هامش ح: اختصر كتاب الاستذكار لأبي عمر بن عبد البر. (¬4) هنا بهامش ح ترجمة لمن اسمه "علي بن إبراهيم بن ... نزل المنكّب، أبو الحسن"، ووصفه بأنه من أهل الخير والصلاح والدين، وسقط سائر الترجمة ما عدا كلمات متقطعة.

369 - علي بن إبراهيم بن علي بن عبد الرحمن ابن الحسن الأموي، شريشي أركشي، أبو الحسن، ابن الفخار

369 - عليّ (¬1) بن إبراهيمَ بن عليّ بن عبد الرّحمن ابن الحَسَن الأُمَويّ، شَرِيشيُّ أَرْكَشيّ (¬2)، أبو الحَسَن، ابنُ الفَخّار. رَوى عن آباءِ بكر: ابن عُبَيد وابن الغَزَال وابن مالك، وأبوَيِ الحَسَن: ابن لُبّال وابن هِشَام، وأبي الحُسَين بن زَرْقُون وأبوَيْ عبد الله: ابن زَرْقُون (¬3) وابن الفَخّار، وأبي محمد الحَجْرِيّ. رَوى عنه أبو بكر بن سيِّد الناس، وأبو الحَجّاج ابنُ لُقمانَ، وأبو الحَسَن ابن إبراهيمَ الكَرَنَانيّ، وأبو الخَطّاب بن خَليل، وأبو محمد بنُ موسى الرُّكَيْبي، وأبو القاسم بن عِمرانَ. ولقِيَه أبو عبد الله ابنُ الأبّار وسَمِعَ منه بعضَ كلامِه نثرًا ونَظْمًا واستجازَه فأجاز له بلفظِه. وحدَّثنا عنه شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيّ رحمه الله. وكان عارفًا بالحديث ذاكرًا لأسماءِ رجالِه وأحوالِهم، حافظًا للفقه والآداب، أُعجوبةَ زَمَنِه في حضور الذِّكْر لذلك كلِّه (¬4)، ذا حَظّ من النَّظم والنَّثر، لم يكنْ بالجَيِّد القَوِيّ، واستُقضيَ برُنْدةَ وبالجزيرةِ الخَضْراءِ وغيرهما، وعُرِف بالفَضْل والعدالة. وُلد بعدَ مُضيّ ثُلثِ ليلة الأربعاءِ الرابعةَ عشْرةَ من ربيعٍ الأوّل سنةَ إحدى وستينَ وخمس مئة، وتوفِّي عَفَا اللهُ عنه بشَرِيش إثْرَ صلاةِ ظُهر يوم الأربعاء لثِنتَيْ عشْرةَ ليلةً خَلَت من صَفَرِ ثنتينِ وأربعينَ وست مئة؛ وقال ابنُ سيِّد الناس: سنةَ إحدى وأربعينَ، والأوّلُ الصّحيح. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2840)، والرعيني في برنامجه (50)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 291، والذهبي في المستملح (711)، وتاريخ الإسلام 14/ 386. (¬2) في هامش ح: "هي قرية من قراها". (¬3) هامش ح: "كقول المصنف رحمه الله أنه روى من أبي عبد الله بن زرقون قال أبو جعفر ابن الزبير شيخنا؛ وقال ابن مسدي: سألته -يعني ابن الفخار هذا-: هل روى عن ابن زرقون أبي عبد الله؟ فقال: لا وإنما يروي عن أبي الحسين أخيه". (¬4) هامش ح: "يقال: إنه كان يحفظ صحيح مسلم".

370 - علي بن إبراهيم بن علي الجمحي، قرطبي بلوطي الأصل، أبو الحسن البلوطي

370 - عليّ (¬1) بن إبراهيمَ بن عليّ الجُمَحيُّ، قُرطُبيٌّ بَلُّوطيُّ الأصل، أبو الحَسَن البَلُّوطيُّ. رَوى عن أبي بحرٍ صَفْوانَ بن إدريس، وأبوَيْ بكر: ابن سَمْحُونَ والقَجَالجي، وتأدَّب بهما في العربيّة، وآباءِ القاسم: أخيَلَ ولازَمَه كثيرًا وانتَفعَ بأدبِه، وابن بَشْكُوال وابن غالب. رَوى عنه أبو القاسم ابن الطَّيْلَسان؛ وكان أديبًا بارِعًا بليغًا، ذاكِرًا للأنساب، حافظًا للآداب، يقظًا متوقِّد الذِّهن، جميلَ العِشرة، سريعَ الخاطرِ في فكِّ المُعمَّى آيةً في ذلك. توفِّي بفاسَ في حدودِ ثمانِ عشْرةَ وست مئة (¬2). 371 - عليّ (¬3) بن إبراهيمَ بن عيسى الأنصاريُّ، أرْكشِيٌّ. رَوى عن أبي زكريّا بن مَرْزوق، وأبي عبد الله بن فُرَيْخ. 372 - عليّ (¬4) بن إبراهيمَ بن محمد بن عيسى بن سَعْدِ الخَيْر الأنصاريُّ، بَلَنْسيٌّ قَشْتيليُّ الأصل قَشْتِيلَ الحبيب (¬5)، أبو الحَسَن، ابنُ سَعْد الخَيْر. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2822)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 277. (¬2) ها هنا ترجمة مثبتة في هامش ح وهي: "علي بن إبراهيم بن علي التجيبي غرناطي، أبو الحسن ابن الصحاف. أخذ القراءات عن أبي بكر النفيس ولازمه مدة وأجاز له وقرأ أيضاً على أبي جعفر بن أبي الحسن المقرئ وعلى غيرهما وسمع الحديث من شيوخ، وكان من أهل الثروة واليسار والمروءة التامة وفعل الخير في السر والجهر مسارعًا إلى أفعال البر وتجهيز الأيتام وتربيتهم على ما يُرضى، مولده سنة أربع عشرة وخمس مئة وتوفي في رجب أربع وست مئة ودُفنَ بباب إلبيرة من غرناطة، رحمه الله ونفعه". (قلنا: انظر هذه الترجمة في صلة الصلة 4/الترجمة 254). (¬3) سقطت هذه الترجمة من م. (¬4) ترجمه التجيبي في زاد المسافر (55)، وابن الأبار في التكملة (2765)، وفي تحفة القادم كما في المقتضب (51)، وابن سعيد في رايات المبرزين (116)، والمغرب 2/ 317، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 193، والذهبي في المستملح (671)، وتاريخ الإسلام 12/ 493، وله ذكر في نفح الطيب 2/ 514، 652 و 3/ 330، 602، 604. (¬5) هامش ح: "هي من أعمال شنتمرية الشرق".

رَوى عن أبي الحَسَن ابن النِّعمة، ولازَمَه وتأدَّب به، وأبوَيْ محمد: ابن السِّيْد، واختَصَّ به، وابن عيسى القَلَنِّي، وأبوَيِ الوليد: محمد بن عبد الله بن خِيَرةَ وابنِ الدَّبّاغ. رَوى عنه أبو إسحاقَ بن محمد بن مُفرّج، وأبو بكرٍ صَفْوانُ بن إدريسَ، وأبَوا الحَسَن: ابنُ أحمدَ بن مَرَطَيْل وابن محمد بن مُقَصَير، وعبدُ الله بن محمد بن خَلَف بن سَعادةَ. وكان إمامًا متقدّمًا بارعًا في علوم اللِّسان نَحْوًا ولُغةً وأدبًا، وأقرَأَ ذلك عُمُرَه كلَّه، كاتبًا بليغًا، شاعرًا مُجِيدًا بديعَ التشبيه عجيبَ الاختراع والتوليد، أنيقَ الخَطّ كتَبَ الكثيرَ وأتقَنَ ضَبْطَه وجَوَّدَه، وعُنيَ بالعلم طويلًا. وكانت فيه غَفْلةٌ شديدة عُرِفَ بها وشُهِرت عنه (¬1)؛ وكتَبَ عن أبي الرَّبيع سُليمانَ بن عبد الله بن عبد المؤمن. وله مصنَّفاتٌ، منها: "اختصارُه العِقْد"، ومنها: جَمْعُ طُرَرِ أبي الوليد الوَقَّشيّ وأبي محمد ابن السِّيْد على "الكامل"، إلى زياداتٍ من قِبَلِه عليهما وسَمّاه: بـ "القُرْط"، ومنها: "إكمالُ شَرْح أبي محمد ابن السِّيْد على الجُمَل" من حيثُ انتهى إليه وتوفِّي عنه، وذلك ممّا بعدَ بابِ النُّدْبة إلى آخِر الكتاب، ومنها: "كتابُ مشاهيرِ الموشِّحينَ بالأندَلُس" وهم عشرونَ رجلًا ذكَرَهم بحُلاهم ومَحاسنِهم على طريقة الفَتْح في "المطمح" و "القلائدِ" وابنِ بَسّام في "الذَّخيرة" وابن الإمام في "سِمْط الجُمَان"، إلى غيرِ ذلك من تقاييدِه وإملاءاتِه النّبيلة المُفيدة. ومن شعرِه ما أنشَدناهُ [الكامل]: يا لاحظًا تمثالَ نَعْلِ نبيِّهِ ... قَبِّلْ مثالَ النعلِ لا متكبِّرا والثُمْ به فلطالما عَكَفَتْ بهِ ... قَدَمُ النبيّ مُرَوِّحًا ومبَكِّرا أوَ ما تَرى أنّ الشَّجيَّ مُقَبّلٌ ... طَلَلًا وإن لم يُلْفِ فيه مُخبِّرا؟! ¬

_ (¬1) انظر حكاية عن غفلته في النفح 3/ 330.

وذيَّلَها القاضي أبو أُميّةَ بن عُفَيْر بما أنشَدَناهُ على شيخِنا أبي الوليد ابنِه رحمهما الله، وهو [الكامل]: ولربَّما ذَكَرَ المُحبُّ حبيبَهُ ... بشبيهِهِ فغَدَا له مُتَصَوِّرا أوَ ما رأيتَ الصُّحْفَ يُنْقَلُ حُكْمُها ... فيُوافقُ المُتقدِّمُ المتأخِّرا؟! والمرءُ يهوَى بالسَّماعِ ولم يكنْ ... لِحُلى الذي قد هام فيه مُبْصِرا ويظُنُّ حين يَرى اسمَهُ في رُقعةٍ ... أنْ قد رَأى فيها الحبيبَ مُصَوَّرا لاسيّما في حقِّ نَعْل لم تَزَلْ ... صَوْناً لأخمصِ خيرِ مَنْ وَطِئَ الثّرى فعساكَ تَلْثُمُ في غدٍ مِنْ لَثْمِها ... كأسَ النبيِّ إذا ورَدْتَ الكَوْثَرا ومن شعرِ أبي الحَسَن بن سَعْدِ الخَيْر البديع قولُه في دُولاب (¬1) [الكامل]: لله دولابٌ يَفيضُ بسَلْسَلٍ ... في رَوْضةٍ قد أينَعَتْ أفنانا قد طارحَتْهُ بها الحمائمُ شَجْوَها ... فيجيبُها ويُرجِّعُ الألحانا وكأنه دَنِفٌ يَدورُ بمعهدٍ ... يَبكي ويَسألُ فيه عمَّنْ بانا ضاقتْ مجاري جَفْنِهِ (¬2) عن دمعِهِ ... فتفتَّحتْ أضلاعُهُ أجفانا وقولُه في رُمّانةٍ مشقَّقة، وهو من التشبيهاتِ العُقْم (¬3) [المتقارب]: وساكنةٍ من ظلالِ الغصونِ ... بخِدْرٍ تَروقُكَ أفنانُه تُضاحِكُ أترابَها فيه لمّا ... غَدَا الجوُّ تَدمَعُ أجفانُهُ كما فَغَرَ اللَّيثُ فاهُ وقد ... تَضَرَّج بالدمِ أسنانُهُ ¬

_ (¬1) الأبيات في تحفة القادم: 53، وزاد المسافر، والمغرب، والرايات، والنفح. (¬2) اقترح المعلق على ح كان يضع بدلها: طرفه. (¬3) تحفة القادم: 53.

373 - علي بن إبراهيم بن محمد بن يحيى بن أبي العافية الأنصاري

ومنها في إبرةٍ ثُقِفَتْ بمِئْبَرٍ من لِبْدٍ مِسْكيّ (¬1) [مخلّع البسيط]: ومخْيَطٍ ضاقَ عنهُ وَصْفي ... يعجزُ عن فِعْلِهِ اليَماني يَكمُنُ في لِبْدةٍ ويبدو ... كالعِرقِ في باطنِ اللِّسانِ وُلد ببَلَنْسِيَةَ في حدودِ عَشرٍ وخمس مئة، وقَدِمَ إشبيلِيَةَ في خدمةِ أبي الرَّبيع المذكور مُهنِّئًا المنصورَ ابنَ عمِّه بفتح شِلْب وارتجاعِها من يدِ وَلَد الرَّنْق (¬2)، فتوفِّي بها في ربيعٍ الآخِر سنةَ إحدى وسبعينَ وخمس مئة. 373 - عليّ بن إبراهيمَ بن محمد بن يَحْيَى بن أبي العافِية الأنصاريُّ. رَوى عن أبي عبد الله بن عبد الرّحيم ابن الفَرَس. 374 - عليّ (¬3) بن إبراهيمَ بن محمد الأنصاريُّ، سَرَقُسْطيٌّ، وقيل: وادي آشي، سَكَنَ مالَقةَ، أبو الحَسَن، ابنُ هَرَوْدَس. رَحَلَ وحَجَّ، وأخَذَ بالإسكندَريّة عن أبي الطاهِر السِّلَفيّ (¬4) سنةَ خمس وثلاثينَ وخمس مئة، ثُم عاد إلى الأندَلُس، فرَوى بالمَرِيّة عن أبي القاسم بن وَرْد وأبوَيْ محمد: الرُّشاطيّ وعبد الحقِّ بن عَطِيّة. رَوى عنه أبو القاسم ابن البَرَّاق؛ وكان ذا عناية بالعلم وروايتِه ولقاءِ مَشْيختِه، وكتَبَ بخطِّه الكثيرَ وجَوَّد ضَبْطَه وتقييدَه. ¬

_ (¬1) البيتان في زاد المسافر. (¬2) Alphonso Henriques صاحب قلمرية أو ملك البرتغال. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2725)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 196. وهو والد أبي الحكم إبراهيم الأديب الكاتب الشاعر الذي بدأ كاتبًا مع ابن ملحان المتأمر بوادي آش ثم لما قامت دولة الموحدين أصبح من خدّامهم وكتّابهم (تحفة القادم 72، والتكملة، الترجمة 396 والتعليق عليها). (¬4) هامش ح: قرأ على السلفي في التاريخ المذكور جميع إكمال أبي نصر ابن ماكولا، وقفت على صحة ذلك بخطِّ السلفي.

375 - علي بن إبراهيم بن مطرف، مالقي، وهو ابن عمة أبي عمرو بن سالم

375 - عليّ بن إبراهيمَ بن مُطَرِّف، مالَقيٌّ، وهُو ابنُ عمّةِ أبي عَمْرو بن سالم. له إجازةٌ من أبي محمد بن أبي اليابِس. 376 - عليّ بن إبراهيمَ بن يَحْيَى الكُتَاميُّ. رَوى عن أبي عثمانَ طاهِر بن هشام. 377 - عليّ (¬1) بن إبراهيمَ، مالَقيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ المُلّ. رَوى عن أبوَيْ محمد: ابن فائز وابن الوَحِيدي. رَوى عنه أبو القاسم ابنُ البَرَّاق. توفِّي بمُرْسِيَةَ لليلةٍ بقِيَتْ من محرَّمِ أحدٍ وستينَ وخمس مئة. 378 - عليّ (¬2) بن أبي بكر بن أحمدَ بن أبي البقاءِ الأصبُحيُّ، دانيٌّ، أبو الحَسَن. تَلا بالسَّبع على أبي إسحاقَ بن محُارِب، ورَوى عن أبي بكر أسامةَ بن سُليمانَ، وأبي جعفر بن برنْجال وأبوَيْ عبد الله: ابن حَمِيد وابن نُوح، وأجاز له. وكان مُقرِئًا نَحْويًّا تصَدَّرَ لإقراءِ القرآن وتعليم العربيّة، وحدَّث بيسيرٍ، ولم يكنْ بالضابط. وتوفِّي سنةَ ثمانٍ وست مئة. 379 - عليّ بن أبي بكر بن سَعْدانَ الأُمويُّ، مالَقيٌّ -فيما أظُنّ- أبو الحَسَن. له إجازةٌ من المَشْرِقيِّينَ المذكورينَ في رَسْم أبي الطَّاهر أحمدَ بن عليّ الهَوّاري باستدعاءِ أبي عبد الله بن إبراهيمَ بن حَرِيرةَ (¬3). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 197. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2802)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 242، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 151. (¬3) ها هنا ترجمة مثبتة بهامش ح وهي: "علي بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن علي بن سَمَجُون أبو الحسن منكّبي طنجيُّ أصل السلف، لقي أشياخًا جلة وأخذ عنهم وكان فقيهًا عارفًا جليلًا ذا مروءة كاملة وخلق حسن وكانت له خزانة كتب حافلة، توفِّي بالمنكب سادس شهر رمضان المعظم سنة تسع وتسعين وخمس مئة. وبنو سمجون الطنجيون لواتيون وابن الزبير وغيره من الأندلسيين ينسبهم هلاليون (كذا) وليس بصحيح، ولهم عندنا بسبتة بقية. وكانت له سابقة في العلم" (وتنظر صلة الصلة 4/الترجمة 251).

380 - علي بن أبي بكر بن علي بن عبيد بن علي القيسي ثم الكلابي، قبري، أبو الحسن

380 - عليّ (¬1) بن أبي بكر بن عليّ بن عُبَيد بن عليّ القَيْسيُّ ثم الكِلابيُّ، قَبْرِيّ، أبو الحَسَن (¬2). وكان فقيهًا جَليلَ القَدْر، سَرِيَّ الهِمّة، مستقيمَ الحال، جميلَ الطريقة، حَسَنَ السَّمتِ والهَدْي، استقضاهُ الأميرُ عبدُ الرّحمن بن الحَكَم على قُرطُبةَ بإشارةِ يَحْيَى بن يَحْيَى بعدَ إبراهيمَ ابن العبّاس أو يخامر بن عثمان، فاستمرَّت مُدّةُ وِلاييه القضاءَ والصّلاةَ إلى أن توفِّي سنةَ إحدى وثلاثينَ ومئتَيْن، ويقال: إنه صَرَفَه سنةَ تسع وعشرينَ ووَلّى مكانَه محمدَ بن زياد بن عبد الرّحمن. 381 - عليّ بن أبي بكر بن محمد، شاطِبيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى بالأندَلُس عن بعض مَشْيختِه، ورَحَلَ مُشرِّقًا فأخَذ بدمشقَ عن أبي محمد القاسم ابن الحافظ أبي القاسم عليّ ابن عساكر. 382 - عليّ (¬3) بن أبي عبد الحميد، أندَلُسيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى من أحمدَ بن وليد. رَوى عنه أبو العبّاس بن عُمرَ العُذْري. 383 - عليّ بن أبي محمد بن مُجبِّر البَكْريُّ،، مالَقيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي محمد عبد المُنعِم ابن الفَرَس. 384 - عليّ (¬4) بن إدريسَ الزَّنَاتيّ، أبو الحَسَن. ذكَرَه ابنُ الأبّار، وقال: لقِيَ أبا محمد عبدَ الحقّ بن عبد الرّحمن الإشبِيليَّ، وسَمِع من لَفْظِه بعضَ تَواليفه؛ حدَّث عنه أبو القاسم المَلّاحي، وسمّاه أبو الرَّبيع ابنُ سالم في مَشْيختِه وقال فيه: كاتبٌ أديب حسَنُ الخَطّ -ووَصَفَه بالانقباضِ- وأحسَبُه غريبًا. انتهى. ¬

_ (¬1) ترجمه الخشني في قضاة قرطبة (124)، وابن الأبار في التكملة (2667). (¬2) هامش ح: "كان يلقب يوانش". قلنا: كذلك هو في قضاة قرطبة للخشني. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2675). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2799).

385 - علي بن إسماعيل بن أحمد بن عامر الهمداني، غرناطي، طوسي الأصل، أبو الحسن الطوسي

قال المصنّف عَفَا اللهُ عنه: سيأتي لي ذكْرُ عليِّ بن محمد بن عليّ بن إدريسَ بسَماعِه من لَفْظِ أبي محمد "تلقينَ الوليد" من تصنيفِه وسَماعِ المَلّاحيِّ وغيرِه عليه إيّاه، وأظُنُّه هذا الذي ذكره ابنُ الأبار لولا وَصْفُه بجَوْدةِ الخَطّ، والذي وَعَدْنا بذِكْرِه ضعيف الخَطّ، إلّا أنْ يكونَ اختلاف الخَطّ بين الضَّعف والجَوْدة في حالي البَدْأةِ والانتهاء، ولولا أنّ المذكورَ عند ابن الأبار زَنَاتيٌّ والذي سأذكُرُه إن شاء اللهُ عَبْدَريّ، اللَّهُمَّ إلّا أن يكونَ عَبْدَريًّا بالولاء، ويكونَ المذكورُ عندَ ابن الأبار قد نُسِبَ إلى جَدّ أبيه، واللهُ أعلم. 385 - عليّ (¬1) بن إسماعيلَ بن أحمدَ بن عامرٍ الهَمْدانيُّ، غَرْناطيٌّ، طَوْسيُّ الأصل، أبو الحَسَن الطَّوْسي (¬2). رَوى عن أبي محمد عبد المُنعِم ابن الفَرَس، وكان من بيتِ علم ونَباهة. 386 - عليّ (¬3) بن إسماعيلَ بن رِزْقِ بن أبي ليلى التُّجيبيُّ، مَرَوِيٌّ، سكَنَ مُرْسِيَة، أبو الحَسَن. صَحِبَ أبا العبّاس ابنَ العَرِيف، وأبا القاسم بنَ وَرْد وغيرَهما. رَوى عنه أبو عُمر بنُ عَيّاد. 387 - عليّ (¬4) بن إسماعيلَ بن عليّ السَّعْديُّ، قَلْعي -قلعةَ يَحْصُب- أفْرَلْيَشيُّ الأصل، أبو الحَسَن الأفْرَلْيَشِيّ (¬5). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في صلة الصلة 4/الترجمة 236. (¬2) هامش ح: "هو بفتح الطاء، وروى مع من ذكر من أبي بكر بن أبي زمنين (وأبي عبد الله بن عروس) مولده سنة سبع وخمسين وخمس مئة وتوفي في حياة من سمى من أشياخه وذلك في سنة تسع وثمانين وخمس مئة". قلنا: انظر صلة الصلة. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2762). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2816). (¬5) قوله: "الأصل، أبو الحسن الأفرليشي" سقط من م ط.

388 - علي بن إسماعيل بن محمد بن أبي حكمة الأنصاري

رَوى عن ابنَيْ عمّه: أبي سُليمانَ وأبي محمدِ ابنَيْ يزيدَ السَّعْدي، وأبي عبد الله ابن سَعادةَ، وأبي القاسم السُّهَيْلي. رَوى عنه أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان؛ وكان فقيهًا فاضلًا محدّثَا ذاكرًا للآداب، خَطَبَ بجامع القَلْعة وأَمَّ به في الفريضة زمانًا، وتصَدَّر به للإقراء، وتوفِّي في نحوِ ستَّ عشْرةَ وست مئة. 388 - عليّ بن إسماعيلَ بن محمد بن أبي حِكمةَ الأنصاريُّ. رَوى عن أبي محمد بن محمد بن أبي جعفر. 389 - عليّ بن إسماعيلَ بن محمد الحَضْرَميُّ، إشبِيليٌّ. كان فقيهًا عاقدًا للشّروط مُبرّزًا في العَدالة، حيًّا سنةَ تسع وثلاثينَ وست مئة. 390 - عليّ (¬1) بن إسماعيلَ الفِهْريُّ القُرَشيّ، أُشْبُونيٌّ شَقْبَانيُّ الأصل، أبو الحَسَن الطَّيْطَل (¬2). قرَأَ العلمَ بقُرطُبةَ وأخَذ عن طائفة من عُلمائها، وأكثَرَ من حِفظ الآدابِ والأشعار حتى إنه ليُقال: إنه حَفِظَ شعرَ عشرينَ امرأةً أعرابيّة. وكان من الأدباءِ النُّبلاء والشُّعراءِ المُحسِنين، مطبوع الأغراض سَمْحَ القريحة، مُشارِكًا في الحديثِ والفقه، أنْفَدَ في التلبُّس بذلك صَدْرًا من عُمرِه، ثم مال إلى النُّسك والتقشُّف ونَظَمَ في تلك المعاني أشعارًا رائقةً وضروبًا من الحِكَم تناقَلَها النَّاسُ وحَفِظوها عنه، واتّخذَ لنفسِه رابِطة في رُقعةٍ من جَنّة له على بُحيْرةِ شَقْبانَ عُرِفت برابطةِ الطَّيطَل إلى الآنَ، ولزِمَ العبادةَ بها إلى أن توفِّي. ومن نَظْمِه [الطويل]: ¬

_ (¬1) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (712)، وابن بسام في الذخيرة 2/ 601، والضبي في بغية الملتمس (1212)، وابن فضل الله في مسالك الأبصار 11/ الورقة 440. (¬2) ينظر تعليق الدكتور بشار على الجذوة.

إذا سُدَّ بابٌ عنكَ منْ دونِ حاجةٍ ... فَدَعْهُ لأُخرى ينفتحْ لك بابُها فإنّ قِرابَ البَطْنِ يكفيكَ مِلؤُهُ ... ويكفيكَ سَوْءاتِ الأُمور اجتنابُها ولا تكُ مِبْذالًا لعِرضِكَ واجتنب ... ركوبَ المعاصي يجتنبْكَ عِقَابُها وقولُه يصف النَّملةَ (¬1) [السريع]: وذاتِ كَشْحٍ أهيفٍ شَخْتِ ... كأنَّما بُولِغَ بالنَّحْتِ زَنْجيّةٌ تحمِلُ أقواتَها (¬2) ... في مثلِ حَدَّيْ طَرَفِ الجفْتِ كأنَّما آخِرُها قطرةٌ ... صغيرةٌ من قاطِرِ الزِّفْتِ أو نُقطة جامدةٌ خَلْفَها ... قد سَقَطتْ من قَلَم المُفْتي سيَّارةٌ ميَّارَةٌ قَيْظَها ... تَدَّخِرُ القُوتَ إلى وقتِ تشتدُّ في الأرضِ على أرجُلٍ ... كشعرةِ المُخْدَجِ في البتِّ تَسْري اعتسافًا ثم قد تهتدي ... في ظُلْمَةِ اللّيل إلى الخُرْتِ (¬3) لا يَسمَعُ الإنسُ لها مَوْقِعًا ... في وَطْءِ مَيْثاءٍ ولا مَرْتِ (¬4) تشهَدُ أنّ الله في مُلكِه ... خالقُها في ذلك السَّمتِ هَيْهاتَ في تحقيقِ أعضائِها ... ما يُعْجِزُ الوَهْمَ عنِ النَّعتِ تجهَرُ بالتسبيح آناءَها ... تخاطبُ الألبابَ بالصَّمتِ سبحانَ مَن يعلمُ تسبيحَها ... ووَزْنَها من زِنَةِ البُخْتِ ¬

_ (¬1) الأبيات في الجذوة وبغية الملتمس. (¬2) في م ط: "أثقالها". (¬3) الخرت: الثقب، وهنا يعني ثقب الإبرة. (¬4) المرت: المفازة لا نبات فيها.

391 - علي بن إسماعيل، إشبيلي أبو الحسن

فنِسبتي منها لفَرْطِ الضَّنى ... نِسْبَتُها منه بلا كَتِّ (¬1) كلّا ولو حاولتُ مِنْ رِقَّةٍ ... لَحُلْتُ بين الثوبِ والطخْتِ (¬2) أرَقُّ من هذا وأضنَى ضنًى ... رِقَّةُ ذهني وضَنى بَخْتي لكنّ نفْسي وَعُلا همّتي ... نَجْمٌ لبِيذختٍ كَبيذخْتِ 391 - عليّ (¬3) بن إسماعيلَ، إشبِيليٌّ أبو الحَسَن. تَلا بالسَّبع على أبي بكر بن صَافٍ، ورَوى عن أبوَيْ عبد الله: ابن أحمدَ ابن الباجِيّ أو العاجِيِّ (¬4) وابن زَرْقُون، وأبي الوليد بن حَجّاج. رَوى عنه أبوالعبّاس بنُ عبَّاس الشَّرِيشي. وكان مُقرئًا مجوِّدًا، تجوَّل في بلاد الأندَلُس يُقرئُ القرآنَ ويُجوِّدُ عليه، وكان دَحْداحًا (¬5). وتوفِّي في حدود العشرينَ وست مئة. 392 - عليّ (¬6) بن إسماعيلَ الأندَلُسي، أبو الحَسَن. أخذ عنه أبو بكر بنُ بَرُنْجال الدانيُّ بعضَ شعرِه. 393 - عليّ بن أيّوبَ. رَوى عن أبي الحَكَم عَمْرِو بن أحمدَ بن حَجّاج. ¬

_ (¬1) الكت: الإحصاء. (¬2) كذا في الأصول، وفي الجذوة: "لجلتُ بين الثوب والتخت". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2818). (¬4) هامش ح: "ضبب عليه ابن الأبار وهو عنده في ظنه العاجي". قلنا: الذي في نسخة ابن الجلاب من التكملة: "وأبي عبد الله محمد بن أحمد بن الحاج". (¬5) الدحداح: القصير السمين. (¬6) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2696).

394 - علي بن جابر بن علي بن علي بن يحيى اللخمي، إشبيلي، أبو الحسن الدباج

394 - عليُّ (¬1) بن جابر بن عليّ بن عليّ بن يَحْيَى اللَّخْميّ، إشبيليّ، أبو الحَسَن الدَّبّاج (¬2). تَلا بالسَّبع على صِهرِه أبي الحَسَن نَجَبةَ، وأبوَيْ بكر: عَتِيق اليَابُريِّ وابن صافي، وأخَذ النَّحوَ عن أبي بكر بن طلحةَ وأبي الحَسَن بن خَرُوف وأبي حَفْص بن عُمرَ وأبي ذَرّ بن أبي رُكَب وأبي الوليد جابِر بن أبي أيّوب. وأجازَ له أبو العبّاس بن مِقْدام، وأبو محمد بن عُبَيد الله، وأبو الوليد بنُ نام. رَوى عنه أبو بكر بن سيِّد الناس، وأبو زكريّا بن محمد بن إبراهيمَ وأبو العبّاس بن عليّ المارِديُّ، وأبو عَمْرو بن عَمْريل، وأبو القاسم الحَسَنُ بن عبد الله ابن الحَسَن الحَجْريّ، وآباءُ محمد: أحمدُ بن عَبّاد وطلحةُ وابنُ محمد بن أحمدَ بن كَبِير وعبدُ الحقِّ بن حَكَم. وحدَّثنا عنه شيوخُنا: أبو جعفر الطّبّاعُ، وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيّ، وأبو الحُسَين عُبَيدُ الله بن عبد العزيز ابنُ القارئ، وأبو عبد الله بن أُبَيّ، وأبو عليّ ابن الناظِر رحمهم الله. وكان حَسَنَ السَّمتِ والهَدْي، ديِّنًا صالحاً سُنِّيًّا فاضلاً، ظريفَ الدُّعابةِ (¬3) ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2842)، والرعيني في برنامجه (32)، وابن سعيد في المغرب 1/ 255، واختصار القدح المعلى (155)، وعز الدين الحسيني في صلة التكملة 1/الترجمة 289، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 294، والذهبي في المستملح (714)، وتاريخ الإسلام 14/ 552، وسير أعلام النبلاء 23/ 209، والعبر 5/ 190، ومعرفة القراء الكبار 2/ 647، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 528، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 152، وابن تغري بردي في النجوم 6/ 371، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 153، وابن العماد في الشذرات 5/ 235. (¬2) هامش ح: "حدثنا عنه العلامة أبو الحسن بن أبي الربيع وآخرون كثيرون، وشهر بالدباج لأنها كانت صنعة أبيه عمره جله وصنعته هو في أوليته ثم نبذها لما شدا وبرع رحمه الله". (¬3) جاء في هامش ح: "كانت لأبي الحسن الدباج رحمه الله أثناء إقرائه نوادر ... وثوبه ... طاهر: كان يقرأ عنده صبي من أعيان الجند كانت له شارة وقحة، فصاح ذات يوم: يا أستاذ، فلان قال لي: أعطني قبلة! فقال الأستاذ غير مكترث: وأعطيته ما طلب؟ قال: لا؛ قال: خير (كذا) عملت، لا تعطه شيئًا؛ وأخذ فيما كان بسبيله من الإقراء. ولما خلا المجلس جاء الطالب للطالب =

حَسَنَ اللَّوْذَعيّة، مُقرِئًا مجوِّدًا، متعلِّقًا برواية يسيرة من الحديث، متقدِّمًا في العربيّة والأدب، يَقرِضُ قِطعًا من الشّعرِ يُجيدُ فيها؛ عَكَفَ على إقراءِ القرآن وتدريس العربيّة والأدب نحوَ خمسينَ سنةً لم يتعرَّضْ لسواهُ ولا عَرَّجَ على غيرِه نزاهةً عن الأطماع وأَنفةً من التعلُّق بالدُّنيا وأهلِها، وكان مُبارَكَ التعليم فنَفَعَ اللهُ بصُحبتِه والأخذِ عنه خَلْقًا كثيرًا. وكتَبَ بخطِّه الرائق الكثيرَ، وأتقَنَ ضبطَه وتقييدَه، ونُقِلَ بأَخَرءة من مسجدِه الذي أقرَأَ به أكثرَ حياتِه إلى جامع العَدَبَّس، وكان يُعلِّمُ به ويَؤُمُّ في صَلَواتِه الجَهْريّة، وَيؤُمُّ القاضي أبو جعفر بنُ منظور في صلاتَي السِّرّ؛ أُنشِدت على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْني رحمه الله عنه لنفسِه (¬1) [المجتث]: ما جاءَ عفوًا فَخُذْهُ ... وما أبى فتجَنَّبْ ولا تَرُدْ كلَّ مرعًى ... ولا تَرِدْ كلَّ مَشْرَبْ فربّما لذَّ طعمٌ ... وفيه سَمٌّ مُقَشَّبْ وبه (¬2) [البسيط]: لمّا أطَلَّتْ وشمسُ الأُفْقِ مشرقةٌ ... أبصَرتُ شمسَيْنِ من قُرْبٍ ومنْ بُعُدِ من عادةِ الشّمسِ تُعْشِي عينَ ناظرِها ... وهذه نورُها يَشْفي منَ الرَّمَدِ ¬

_ = وقال للأستاذ: والله يا سيدي لقد كذب هذا الوقح علي، فقال: يكفي ما كان، وإياك تطلب منه شيئًا آخر وتقول أيضاً: يا سيدي كذب علي، فضحك وانصرف خجلًا. وكان يلزم مجلسه بعضُ الطلبة الأعيان، لهوى كان له في بعض الفتيان، فدخل على غفلة، فرفع الأستاذ رأسه وقال: ارجع إنه ما جاء اليوم؛ فخجل وعاد على حافرته، ومنعه ذلك من مخالطة الفتى ومجالسته. ثم لم تمر إلا أيام حتى قرئ بمجلس الأستاذ قول الشاعر: وقد طَرقْت فتاةَ الحي مرتديًا ... بصاحب غير عزْهاةٍ ولا غزلِ فقال ذلك الخجل: سيدي ما العزهاة؟ فقال الأستاذ: من ينفر عن محبوبه ولا يعود إليه. فقال: يا أستاذ، ما أدري ما أعمل، إن أقمت عتبت وإن تغيرت عيرت، فضحك الأستاذ وقال ما معناه: لولا هتك السرائر ما حفظت النوادر. (قلنا: القصتان في اختصار القدح، 155). (¬1) برنامج الرعيني (89). (¬2) انظر المغرب 1/ 256، والرعيني (89)، واختصار القدح (156).

وبه [مجزوء الرجز]: ما لي أرى أَيَّامَنا ... تمرُّ مرًّا مُسْرِعا إذا حَسَبْتُ أشهُرًا ... حَسِبْتُهُنَّ جُمَعا ولم نكنْ نُعْنَى بأنْ ... تُبطئَ أو أَنْ تُسرعا لو لم تكنْ أعمارُنا ... وهنَّ يَذهَبْنَ معاً وُلدَ سنةَ ستٍّ وستينَ وخمس مئة (¬1)؛ وكان من دُعائه في حِصارِ إشبيلِيَةَ رَجَعَها اللهُ ألا يُخرِجَه اللهُ منها ولا يمتَحنَه بما امتَحَنَ به أهلَها، فتوفِّي يومَ الأربعاء لتسع بِقينَ من شعبانِ ستٍّ وأربعين ولست مئة قبلَ تغلُّب النَّصارى -دَمَّرَهم اللهُ عليها، استَنْقَذَها اللهُ- بتسعةِ أيامِ، وتوَلَّى غَسْلَه الشيخُ الصَّالح أبو الوليد الخَرّاز، ولم يحضُر الصّلاةَ عليه إلا ثلاثةُ نَفر؛ لِما حَلَّ بالنَّاس حينئذٍ من الموتِ وَبَاءً وجوعًا، نفَعَهم الله. وقال أبو الحُسَين ابنُ السِّرَاج: توفِّي عندَ دخولِهم لم يُمهَلْ؛ قال: ودُفن بدارِه وحُفِرَ قبْرُه بالسكاكينِ استعجالًا لمُواراتِه واشتغالًا عن التماسِ آلاتِ الحَفْر بهَوْل اليوم؛ وقال ابنُ الآبّار: توفِّي بعدَ دخولِ الروم بنَحْو ثمانيةِ أيام لم يزَلْ أثناءها مُرتَمِضًا مُضْطَرِبًا إلى أن قضَى نَحْبَه. والصّحيحُ ما بدَأْنا به، واللهُ أعلم (¬2). ¬

_ (¬1) هامش ح: "سئل أبو الحسن الدباج عن مولده فقال: ابتدأت القراءة على ابن صاف عام ثمانين وخمس مئة وسني إذ ذاك نحو من ثلاثة عشر عامًا". (¬2) من هامش ح: "وممن حدّثنا عن الدباج المذكور: شيخنا أبو الحكم بن أحمد بن منظور القيسي، قال أبو الحكم: أنشدني الدباج لنفسه بإشبيلية [مجزوء الرجز]: لربنا مأدبةٌ ... دعا إليها الجَفَلى فمن أتاها مُسلِمًا ... يرتعْ بروضات الفلا في الثمر الحلو الذي ... قد فاق كل ما حَلا لذّاتُه لا تنقضي ... لمن صغى ومن تلا سبحان من يسَّره ... لذكره وسَهّلا لولاه لم نُطِقْ له ... ذكرًا ولا تحمُّلا والحمد لله كما ... علّمَنا وأفضلا".

395 - علي بن جابر بن فتح الأنصاري، غرناطي، أبو الحسن اللواز

395 - عليُّ (¬1) بنُ جابِر بن فَتْح الأنصاريُّ، غَرْناطيٌّ، أبو الحَسَن اللَّوّازُ (¬2). وقال ابنُ الأبّار: يُعرَفُ بابن اللَّوَاتيّ (¬3)، وأراهُ تصحيفًا من اللَّوّاز. رَوى عن أبي بكر ابن الجَدّ، وأبوَي الحَسَن: صَالح بن عبد الملِك وابن الضّحّاك، وأبوَيْ عبد الله: ابن عَرُوس وابن الفَخّار، وأبي القاسم السُّهَيْليِّ. وأجازَ له أبو إسحاقَ بنُ قُرْقُول. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ عبد الكريم الجُرَشيّ؛ وكان محدِّثًا فاضلًا، توفِّي سنةَ تسع وست مئة. 396 - عليُّ (¬4) بن جامِع الأَوْسيُّ، مالَقيٌّ، أبو بَحْرٍ وأبو الحَسَن. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي الحُسَين ابن الطَّراوة واختَصَّ به، وأبوَيْ عبد الله: جعفرٍ حَفيدِ مكِّي وابن أُختِ غانم. رَوى عنه أبوا بكر: عَتِيق بن قَنْترال ويحيى بن أحمدَ الهَوّاري، وأبَوا جعفر: ابنُ عليّ الأَوْسيّ وابنُ محمد اللَّوْشيّ ابنُ الأصلَع، وأبو الحَسَن بن عليّ النَّفْزيُّ الأسْطَبيّ، وأبو الحُسَين عُبَيدُ الله بن محمد المَذْحِجيّ وأبو عبدِ الله بن يَرْبُوع، وأبَوا العبّاس: اليافِعيُّ وأصبَغُ بن عليّ بن أبي العبّاس. وكان نَحْويًّا ماهرًا، أديبًا شاعرًا مُحسِنًا، كاتبًا بَليغًا متفنِّنًا، عاليَ الرّواية، مكفوفَ البَصَر. أقرَأَ القرآنَ ودَرَّس العربيّةَ بمسجدِ القاضيٍ ابن حَسُّونَ من مالَقةَ مُدةً، ثم انتقَلَ عنها إلى باغوثَ (¬5) فأقام بها نحوَ ثلاثينَ سنةً مُكرَّمًا مبرورًا مُعامَلًا ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2804)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 261، والذهبي في المستملح (687). (¬2) هامش ح: "بالسين ذكره أبو عبد الله الطراز وغيره محل الزاي". (¬3) في صلة الصلة: "اللواس". (¬4) ترجمه ابن خميس في أعلام مالقة (136)، وابن الأبار في التكملة (2758)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 219. (¬5) كتب فوقها "كذا" في ح، وهي "باغُه" كما في أعلام مالقة.

397 - علي بن جعفر العبدري، داني، أبو الحسن

بما يَليقُ بأمثالِه. وكان سببَ خروجِه من مالَقةَ أنَّ مَقاقةً صُنِعَتْ في ثَلْب بعضِ أعيان مالَقةَ فنُسِبت إليه، فخافَ على نفْسِه مما عسَى لا أن ينَجَرَّ إليه منهم بسببِها، ثُمَّ إنه آثَرَ التحوُّلَ إلى مالَقةَ فشارَكَه في ذلك [......] (¬1)، وعاد إليها محترَمًا متَلقًّى بأزيَدَ مما أمَّلَ إجلالًا وتعظيمًا، وعَكَفَ بها على شأنِه من الإقراءِ والتدريس إلى أن توفِّي بها. 397 - عليُّ (¬2) بن جعفرِ العَبْدريُّ، دانيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ أحمدَ الخَضْراويُّ القُبَاعي. 398 - عليُّ (¬3) بن حامدٍ الفَزَاريُّ، مَرَوِيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكرٍ ابن صاحب الأحباس. رَوى عنه أبو العبّاس البَرَاذِعي. 399 - عليُّ (¬4) بن حَسَن بن أحمدَ الجُذَاميُّ، سالِميٌّ، أبو الحَسَن المِصْريُّ. رَوى عن أبي عبد الله بن أبي زَمَنِين. رَوى عنه أبو مَرْوانَ بن نَذِير، وكان شَيْخًا فاضلًا مُسِنًّا عاليَ الرِّواية، فكان أهلُ الثَّغْر الشَّرْقي يَرحَلونَ إليه ويغتَنِمونَ الأخْذَ عنه، وكان فقيهًا ديِّنًا صاحبَ الصَّلاة بجامع بلدِه. 400 - عليُّ بن حَسَن بن أبي الخَطّاب، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي جعفر بن عبد الرّحمن بن جَحْدَر. 401 - عليُّ بن حَسَن بن عليّ بن عبد الرّحمن، وهُو أخو عيسى. رَوى عن جَدِّه عليِّ بن [.....] (¬5). ¬

_ (¬1) بياض في النسخ، وفي أعلام مالقة أنه الفقيه أبو محمد بن أبي العباس. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2705). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2704). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2676). (¬5) بياض في الأصول، قلنا: اسم جده "عبد الرحمن"، وهذا يرجح أن كلمة "علي بن ... " تبدأ ترجمة جديدة لم يكملها المؤلف.

402 - علي بن حسن بن علي الجذامي، إشبيلي، أبو الحسن الحصار

402 - عليُّ بن حَسَن (¬1) بن عليّ الجُذَاميّ، إشبِيليّ، أبو الحَسَن الحَصّار. رَوى عن أبي إسحاقَ بن فَرْقَد. 403 - عليُّ بن حَسَن بن محمد بن عليّ الأنصاريُّ، مالَقيٌّ مَوْرِيُّ الأصل، أبو الحَسَن، ابنُ كِسْرى. وهُو وَلَدُ أبي عليّ بن كِسْرى (¬2). رَوى عن أبي الحَجّاج ابن الشَّيخ، وله إجازةٌ من المُشْرِقيِّينَ المذكورينَ في رَسْم أحمدَ بن عليّ الهَوّاري. 404 - عليُّ (¬3) بن حَسَن، حِجَاريٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي داودَ أحمدَ بن موسى، رَوى عنه أبو الحَزْم وَهْبُ بن مسَرَّةَ، وأبو محمد بن أبي زَمَنِين. 405 - عليُّ بن حُسَين بن إبراهيمَ بن يَحْيَى بن عليّ بن سُليمانَ بن يَحْيَى الأنصاريُّ الأَوْسيُّ، إشبِيليٌّ، أبو الحَسَن الأخرَس. تَلا بالسَّبع على أبي محمد طلحةَ ورَوى عنه. تَلا عليه بها أبو محمد عبدُ الله بن عليّ بن عبد الله بن محمد الخَزْرَجيّ من أهل مِكْنَاسةِ الزّيتون؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، كتَبَ بموضع أبي عبد الله بن عَبْدونَ بعد وفاتِه بتنبيهِه عليه وشهادتِه له بالإتقان، وتوفِّي سنةَ ثلاثٍ وتسعينَ وست مئة بعدَ اختلالٍ عَرَضَ له في عَقْلِه، نفَعَه الله. 406 - عليُّ (¬4) بن حُسَين بن محمد، شُقْريٌّ سكَنَ بَلَنْسِيَةَ، أبو الحَسَن، ابنُ سَعْدوكٍ والنّجّارُ. كان يَستظهرُ من "صحيح مُسلم" كثيرًا، وقيل: إنه كان يحفَظُ شَطْرَه، وتؤْثَر عنه كراماتٌ مشهورة، وتُحفَظُ له مقالاتٌ عجيبة، وكان يُخبِرُ بأشياءَ ¬

_ (¬1) في م: "حُسين"، وهكذا ورد هذا الاسم في الترجمتين التاليتين. (¬2) ترجمته في تحفة القادم (130). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2668). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2772)، والذهبي في المستملح (673)، وتاريخ الإسلام 12/ 617.

407 - علي بن حسين، من سكان دانية، أبو الحسن الشقاق

خَفِيّة لا تتَوانَى أن تَظهَرَ جَلِيّة، وكان آمِرًا بالمعروف ناهيًا عن المُنكَر يعِظُ النَّاسَ في المساجد وُيذكِّرُهم فتنفعلُ نفوسُهم لِما كانوا يعلَمونَ من دينِه وصِدق يقينِه. وكان العامّةُ حِزْبَه. وتوفِّي سنةَ ثمانٍ وسبعينَ وخمس مئة، وكانت جَنازتُه حافلةً شَهِدَها خَلْقٌ لا يُحصَوْنَ كثرةً؛ قال أبو الرّبيع بنُ سالم: لم أرَ في عُمري أكثرَ من جَمْع الناس ولا أعظَمَ في جَنازته، ودُفن بخارج بابِ الحَنَش أحدِ أبواب بَلَنْسِيَةَ، وقبرُه هناك معروفٌ يُزارُ وُيتبرَّكُ به. 407 - عليُّ (¬1) بن حُسَين، من سُكّان دانِيَة، أبو الحَسَن الشَّقّاق. رَوى عن أبي عُمرَ بن عبد البَرّ، وكان أديبًا بارِعًا، شاعرًا مُحسِنًا يمدَحُ الملوكَ، وامتدح الحاجبَ عمادَ الدّولة ابنَ هُود حينَ صارت إليه دانِيَةُ بعدَ إقبالِ الدّولة أبي الحَسَن عليّ بن مُجاهدٍ العامِري، [ومن شعرِه] [مخلع البسيط]: يا ظالمَ النَّاسِ سُدَّ حلقًا ... لأَكلِ أموالِهمْ فَتَحْتَهْ رِزقُ الفتى حاضرٌ لديْهِ ... إنْ لم يكنْ فَوقَهُ فَتَحْتَهْ 408 - عليُّ (¬2) بن حَمّاد بن يوسُفَ الأنصاريّ، إشبِيليّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكر بن خَيْر، وأبي عَمْرو عَيّاش الأكبر ابن عَظِيمةَ، وأبي محمد قاسم ابن الحاجِّ الزّقّاق. رَوى عنه أبو الأصبَغ عيسى بنُ عُمرَ بن كريمةَ، وأبو بكرٍ الفَخّارُ، وأبو العبّاس بن محمد الغَسّانيُّ، وأبو الفَضْل ابنُ القَانُهْ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2700). (¬2) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 215، وطبقته عنده متقدمة، فهو من أهل منتصف المئة السادسة.

409 - علي بن خلف بن رضا الأنصاري، بلنسي نزل مكة شرفها الله، أبو الحسن

وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، متحقّقًا بالعربيّة والأدب، متصدِّرًا لإقراءِ القرآنِ وتدريسِ العربيّة والأدبِ بمسجدِ الصَّبّاغِين، وإمامًا به في الفريضة، ذا سَمْتِ صالح ودينِ مَتِين، اشتُهرَ بالفَضْل وإجابة الدّعوة. وتوفِّي قبْلَ العَشْرِ وست مئة (¬1). 409 - عليُّ (¬2) بن خَلَف بن رِضا الأنصاريُّ، بَلَنْسيٌّ نَزَلَ مكّة شرَّفَها اللهُ، أبو الحَسَن. تَلا على أبي داودَ الهِشَاميّ؛ تَلا عليه أبو الحَسَن بنُ أحمدَ بن كَوْثَر، لقِيَه بمكّةَ كرَّمَها اللهُ سنةَ ثلاث وأربع (¬3) وأربعينَ وخمس مئة؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا ضريرَ البصَر صالحاً فاضلًا، أقرَأَ بمكةَ شرَّفَها الله. 410 - عليُّ بن خَلَف بن سَلمانَ، يابُرِيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عنه أبو العبّاس بن غَزْوانَ. 411 - عليُّ بن خَلَف بن سُليمانَ الكَلْبيُّ، ابن الأبّار. رَوى عن القاضي أبي بكر ابن العَرَبي. 412 - عليُّ بن خَلَف بن عبد الرّحمن القَيْسيُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن شُرَيْح ومحمد بن خَلَف بن سُليمانَ. 413 - عليُّ (¬4) بن خَلَف بن عليّ بن خَلَف بن فرين الفارِسيُّ، بَلَنْسيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكر بن نُمارةَ. ¬

_ (¬1) في هامش ح الترجمة الآتية: "عليّ بن حمص الأنصاري سرقسطي، أبو الحسن الرحلي: تلا بالسبع على أبي داود الهشامي وأبي إسحاق الوشقي وتصدر ببلده للإقراء وتوفي به سنة اثنتي عشرة وخمس مئة عن سبعين سنة أو نحوها". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2727)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 191، والذهبي في المستملح (654)، وتاريخ الإسلام 11/ 858. (¬3) في هامش ح: "ابن الأبار: في سنتي ثلاث وأربع". (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2733).

414 - علي بن خلف بن عمر بن هلال، غرناطي، أبو الحسن

414 - عليّ (¬1) بن خَلَف بن عُمرَ بن هلال، غَرْناطيّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكرٍ ابن الخَلُوف، وأبوَي الحَسَن: ابن الباذِش وابن كُرْز، وأبي عبد الله ابنِ أُخت غانم، وأبي عليّ منصُور ابن الخَيْر، وأبي القاسم ابن النَّخّاس، وأخَذَ عن بعضِهم القراءات (¬2). رَوى عنه أبو عُمرَ بنُ عَيّاش، وحَدَّث عنه بالإجازة أبو بكرِ عَتِيقُ بن عليّ، وأبو الخَطّاب بنُ واجِب. وكان ذا معرفةٍ بالقراءات وطُرُقها مجوِّدًا ضابطًا، سَمْحًا سَخِيًّا، خَرَجَ من بلدِه في الفتنة فاستَوطَنَ دانِيَةَ وخَطَبَ بجامعِها حينًا، ثم تحوَّل إلى مَيُورْقةَ وأقرَأَ بها القرآنَ وأسمَعَ الحديثَ، وكان من أهل العناية به متّسع الرّواية عَدْلًا، وكُفَّ بصَرُه بأَخَرةٍ من عُمُرِه نَفَعَه الله، وتوفِّي بمَيُورْقةَ في نحوِ السبعينَ وخمس مئة. 415 - عليُّ (¬3) بن خَلَف بن غالبِ بن مَسْعود الأنصاريُّ، وقال فيه ابنُ الزَّيّات: القُرَشيُّ، شِلْبيٌّ استَوطَنَ قُرطُبةَ ثم قَصْرَ كُتَامة، أبو الحَسَن، ابنُ غالب، والعارفُ. تَلا على أبوَيْ داودَ: ابنِ أَيُّوبَ وابن يَحْيَى. وسمِعَ الحديثَ على أبي القاسم بن رِضا، وأبوَيْ جعفر: ابن عبد العزيز والبِطْرَوْجيّ، وأبي الحَسَن وَليد بن موفَّق، وأبي عبد الله بن مَعْمَر، وتلا عليه بحَرْف نافعٌ، وأبي محمد النَّفْزِيّ المُرْسِي، وأبي مَرْوانَ بن مسَرَّة. وأخَذَ فرائضَ المواريث والحِساب عن أبي العبّاس بن عثمانَ الشِّلْبي. وكتَبَ إليه مجُيزًا: أبو بكرِ ابنُ الخَلُوف، وآباءُ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2764)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 209، والذهبي في المستملح (670)، وتاريخ الإسلام 12/ 443. (¬2) في م: "القراءة"، وما هنا يعضده ما في التكملة. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2773)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 213، والذهبي في المستملح (674)، وتاريخ الإسلام 12/ 656، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (297).

الحَسَن: شُرَيْح وابنُ مَوْهَب وابنُ الإمام، وأبَوا عبد الله: الجَيّانيُّ البغدادي وابنُ أبي أحَدَ عَشَر. وصَحِبَ أبا الحُسَين عبدَ الملِك ابنَ الطَّلاء، وأبا الحَكَم بنَ بَرَّجَان، وأبا القاسم ابنَ بَشْكُوال، وأبا الوليد بنَ مُفرِّج، وسَمِعَ منهم كثيرًا وأجازوا له لفظًا؛ وصَحِبَ من رجال التصوُّف، سوى مَن ذَكَرَ، أبا العبّاس ابن العَرِيف. رَوى عنه أبو الحَسَن بن مُؤْمن، وأبو الخليل: مُفرِّج بن سَلَمةَ، وأبو الصَّبر الفِهْريُّ، وأبَوا محمد: ابنُ محمد بن فَلِيج وعبدُ الجليل بن موسى القَصْري؛ وكان في فَتائه إذْ رَحَلَ إلى قُرطُبة قدِ استكتبَه الحاجُّ ابنُ بُلْكَاس اللَّمْتُونيّ فحَظِيَ عندَه كثيرًا واستَولَى عليه، وبَقِيَ معَه كذلك مُدّةً ثم رَفَضَ ذلك وتخَلى عنه زُهدًا فيه، وتصَدَّق بما ملكَتْه يمينُه أجمَع. قال أبو العبّاس أحمدُ بن إبراهيمَ الأَزْديّ (¬1): سمِعتُ أبا الصَّبر أو عبدَ الجليل يقول: وَرِثَ أبو الحَسَن بنُ غالب من أبيه نحوَ اثنَيْ عَشَرَ ألفَ دينار، فخَرَجَ عنها كلِّها تورُّعًا، فقال له أبو العبّاس ابنُ العَرِيف: يا أبا الحَسَن، هلّا طهَّرَه الثُّلث؟ ثُمَّ إنّ أبا الحَسَن آثَرَ الخُمولَ والسياحة، وطافَ البلادَ في لقاءِ العلماءِ والزُّهّاد، وانقَطعَ معَهم وألزَمَ نفْسَه من أنواع المُجاهَداتِ كثيرًا. ثُمَّ لمّا كانت فتنةُ الأندَلُس دارت عليه دوائرُ كادت تَنالُ منه، فخَلَّصَه اللهُ منها بجميلْ صُنعِه وما عَوَّدَ أولياءهُ من ألطافِه، وفارَقَ الأندَلُسَ بعدَ تردُّدِه في كثيرٍ من بلادها حتّى استَوطَنَ قَصْرَ كُتَامةَ، وصار إمامَ الصُّوفيّة وقُدوتَهم، يقصِدونَ إليه ويَهتَدونَ بآثارِه ويَقتَبِسُون من أنوارِه. قال أبو العبّاس بن إبراهيمَ الأَزْدي (¬2): سمِعتُ عبدَ الجليل أو أبا الصَّبرِ يقول: كنتُ أحضُرُ مجلسَ أبي الحَسَن فيَحضُرُه جماعةٌ من المُشَاةِ في الهواء، وكان فيهم رجلٌ يَظهَرُ في وجهِه كأثَرِ حَرْقِ النَّار منَ احتراقِ الهوى. ¬

_ (¬1) ورد الخبر في التشوف: 211. (¬2) انظر التشوف: 211.

وكان مُمكَّنًا في علوم القرآن. ولهُ في طريقة التصَوُّف مصنَّفاتٌ لا نَظيرَ لها، منها: "كتابُ اليقين". وكان له حَظٌّ وافر من الأدب وقَرْض الشِّعر، خاطَبه القاضي أبو حَفْص بن عُمرَ في أمرِ واستدعَى منه الجوابَ فكتَبَ إليه [السريع]: وما عسى يَصْدُرُ مِنْ باقلٍ ... مِنْ كَلِمٍ سَحْبانُ يَعْيَا بهِ؟ لو جاز أنْ يَسكُتَ ألْفًا ولا ... يَنطِق خُلْفًا كان أولَى بهِ فَرْضُ الجوابِ اضْطَرَّهُ صاغرًا ... أنْ يدَّعي ما ليس مِنْ بابِهِ أردتُمُ من فضلِكُمْ أن تَرَوْا ... مُعَيْدِيًا في فَضلِ أثوابِهِ فهاكُمُ عُنوانُهُ مُعرِبٌ ... عن فَهَهٍ بانَّ بإعرابِهِ لو سكتَ المِسكينُ يا وَيْحَهُ ... أغْرَى بمنْ كان منَ احبابِهِ قال أبو الحَسَن بنُ مؤمن: سألتُه يومًا وأنا حديثُ السِّن -أرى ذلك في سنة أربعينَ وخمس مئة- فقلتُ له: يا سيّدي، ما طِبُّ الهوى؟ فقال بديهةً: اليأسُ؛ قال أبو الحَسَن: فاعتَبرْتُ قولَه من حينئذٍ، فلم أرَ كلمةً أجمَعَ ولا أخصَرَ ولا أحجَّ في جوابِ ما سألتُه عنه منها. وقال أبو الصَّبر: كان من الذين (¬1) إذا رُئيوا ذُكِرَ الله. وكان عالماً أديبًا شاعرًا، ديِّنًا فاضلًا، زاهدًا متواضعًا؛ إذا رأيتَه وعَظَك بحالِه وهُو صامتٌ مما غَلَب عليه من الحضورِ والمراقبة لله تعالى، قد جمَعَ اللهُ له محاسنَ جمّةً من العلوم والمعارفِ والآداب، وخصوصًا علمَ الحقائق والرِّياضات وعلومَ المعاملاتِ والمقامات والأحوال السَّنية والآدابَ السُّنِّية. وكان من المحدِّثين، قيَّد في الحديث رواياتٍ كثيرة، ولقِيَ من المشايخ الجِلّة جملةً، غيرَ أنه كان يغلِبُ عليه المراقبةُ لله والتأهُّبُ للقائه وحُسنُ الرِّعاية والإقبال ¬

_ (¬1) في م ط: "من القوم الذين".

416 - علي بن خلف بن محمد الرعيني، أبو الحسن

على الدارِ الآخِرة، وكان قد بَلَغَ الثمانينَ سنةً وهُو في اجتهادِه كما كان في بداييه، وكان شيخَ وقتِه علمًا وحالًا ووَرَعًا، أشفَقَ خَلْق الله على الناس، وأحسَنَهم ظنًّا بهم، رحمه الله. ومما يؤْثَرُ من كراماتِه: ما ذكره أبو يعقوبَ ابنُ الزّيّات، قال (¬1): كتَبَ إليَّ مِن قَصْر كُتَامةَ أبو عِمرانَ موسى بن عبد العزيز الأنصاريّ، قال: أخبَرَني مَن أثِقُ به أنّ أبا الحَسَن كان يقول: إذا أشكَلَ عليّ معنًى في شيءٍ أنظُرُ في أيِّ وِجهةٍ كانت من جِهات البيت فأجِدُه مسطورًا. قال: وأخبَرَ الفقيهُ أبو محمد عبدُ الجليل بن موسى أنه رأى ليلةَ وفاتِه في السَّماءِ مكتوبًا: فُقِدَ وَتِدٌ، قال أبو يعقوبَ ابنُ الزَّيّات: وتوفِّي بقَصْر كُتَامةَ عام ثمانيةٍ وستينَ وخمس مئة، ويقالُ: عامَ ثلاثةٍ وسبعين. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: كانت وفاتُه ليلة السّبت الرابعةَ من جُمادى الآخِرة سنةَ ثمانٍ وستين، وعُمِّر ثلاثًا وثمانينَ سنة، فكانت ولادتُه في نصفِ عام أربعةٍ وثمانينَ وأربع مئة، ودُفنَ خارجَ رَحْبةِ البَقَر من قَصْر كُتَامة (¬2)؛ وكتَبَ إليه أبو القاسم ابنُ بَشْكُوال ووقَفْتُ على خطِّه بذلك ما نصُّ المقصودِ منه: قرَأَ الإمامُ الفاضل أبو الحَسَن عليُّ بن خَلَف بن غالب، سيِّدُنا أحسَنَ اللهُ ذِكْراهُ، جميعَ هذا السِّفر بحَضْرتي، وصَحَّحَ جميعَه، وسألَني أن أُقيِّدَ ذلك بخطِّي فأجَبتُه إلى ذلك على سبيل الطاعة لأمرِه، وتاريخُ هذا المكتوب جُمادى الأُولى من سنة خمسٍ وثلاثينَ وخمس مئة. 416 - عليُّ بن خَلَف بن محمد الرُّعَيْنيُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي جعفر البِطْرَوْجي. 417 - عليُّ بن خَلَف بن محمد اللَّخْميُّ، أبو الحَسَن الرَّقّام. رَوى عن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) التشوف: 211. (¬2) قصر كتامة هو الذي يُعرف اليوم بالقصر الكبير، وضريح أبي الحسن بن غالب هو أشهر مزار في هذه المدينة.

418 - علي بن خلف بن يوسف القيسي

418 - عليُّ بن خَلَف بن يوسُفَ القَيْسيُّ. كان من أهل العلم، حيًّا في حدود خمس مئة. 419 - عليُّ (¬1) بن خَلَف المُحارِبيّ، أبو الحَسَن. رَوى عنه ابنُه أبو محمد. 420 - عليُّ (¬2) بن خَلَف، إشبِيليٌّ، أبو الحَسَن. كان رجُلًا صالحاً مؤدِّبًا بالقرآن، مُشارًا إليه بالعبادة، وجَرَتْ له معَ أبي الحُسَين بن زَرْقُون، في مَرَض أصابَه خِيفَ عليه منه، قصةٌ تدلّ على صَلاحِه وفَضْلِه. 421 - عليُّ (¬3) بن خَلْفُونَ الهَوّاريُّ، قَرَويُّ الأصل سَكَنَ الجزيرةَ الخَضْراء، أبو الحَسَن. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ أحمدَ القُبَاعي. وكان مُقرِئًا محدّثًا فقيهًا مُشاوَرًا. 422 - عليُّ (¬4) بن خليفةَ، أندَلُسيّ. رَحَلَ حاجًّا وأخَذَ بمِصرَ عن أبي القاسم الجَوْهريّ أجوِبةَ مسائلَ في الحجّ سألَهُ عنها. رَوى عنه أبو جعفر بن محمد التُّطَيْلي (¬5). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 179، وهي أوفى مما ذكره ابن عبد الملك، فكأنه لم يطلع عليها. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2781). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2720)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 312 مع الغرباء. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2670). (¬5) في هامش ح: "ابن الأبار: أبو جعفر عمر بن محمد التطيلي".

423 - علي بن خيرة، بلنسي

423 - عليُّ بن خِيَرةَ، بَلَنْسيّ. رَوى عن أبي العبّاس العُذْري (¬1). 424 - عليُّ (¬2) بن ذي النُّون، دانِيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكرِ ابن جماعةَ، وأبي القاسم بن تَمّام. 425 - عليُّ (¬3) بن رافِع بن أحمدَ بن خَليفةَ بن سَعيد بن رافِع بن حَلْبَس الأُمَويُّ، بَلَنْسيٌّ، أبو الحَسَن. كان من أهل العلم بفرائضِ المواريثِ والحساب، أدَّبَ بذلك طويلًا. 426 - عليُّ بن رِضا الله بن عبد الرّحمن، شَرِيشيٌّ. كان فقيهًا عاقدًا للشُّروط، حَسَن السِّياقة لها، جميلَ الخَطّ، حيًّا سنةَ سبعَ عشْرةَ وست مئة (¬4). 427 - عليُّ (¬5) بن زاهِر، من أهل جبَل عَمْرو، أبو الحَسَن. رَوى عنه أبوا عبد الله: ابنُ أبي إسحاقَ وابن يونُس، وكان أديبًا شاعرًا. توفِّي بلُرِيّةَ (¬6) سنةَ ثلاثٍ أو أربع وعشرينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ها هنا موضع ترجمة مزيدة في هامش ح وهي: "علي بن الدراج داني، أبو الحسن النحوي. أخذ العربية والآداب من أبي تمام القطيني وقعد للتعليم بها، أخذ عنه أبو عبد الله بن سعيد الداني وأبو القاسم بن محمد الخزرجي وغيرهما". (قلنا: انظر التكملة رقم 2692). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2810). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2742). (¬4) في هامش ح ترجمة ها هنا موضعها هي: "علي بن رضوان بن عبد العزيز بن أبي عدي غرناطي، من إقليمها، عرض المدونة على أبي القاسم عبد الرحيم ابن الفرس وتفقه به، وكان يحفظ تفريع ابن الجلاب عن ظهر قلب، وكان فقيهًا عدلًا خيرًا فاضلًا، توفي سنة سبع وثلاثين وخمس مئة" (قلنا: هذه الترجمة منقولة من صلة الصلة 4/الترجمة 175). (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2703). (¬6) في هامش ح: "لرية وجبل عمرو من عمل بلنسية".

428 - علي بن زكريا بن محمد بن زكريا، شريشي

428 - عليُّ بن زكريا بن محمد بن زكريّا، شَرِيشيٌّ. كان من فقهاء بلدِه وعاقِدي الشُّروط بها. 429 - عليُّ بن زكريّا. رَوى عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبي. 430 - عليُّ بن زِياد بن عَبّاد -بواحدة- أبو الحَسَن. رَوى عن شُرَيْح. 431 - عليُّ (¬1) بن زيد الأنصاريّ، إشبِيليٌّ، أبو الحَسَن. له إجازةٌ من أبي الطَّاهر السِّلفي. 432 - عليُّ بن سَعادةَ بن محمد بن عَوْن الله، بَلَنْسيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ أربعَ عشْرةَ وست مئة. 433 - عليُّ بن سَعادةَ، دانِيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ. 434 - عليّ بن سَعادَة، مالَقيٌّ. رَحَلَ حاجًّا، ورَوى بمكّةَ شرَّفَها اللهُ عن قاضي الحَرَمَيْنِ أبي عبد الله الطَّبَري. 435 - عليُّ بن سَعيد بن أبي زَعْبَل القَيْسيُّ، قُرطُبيٌّ، أخو محمد. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ إحدى وخمسينَ وأربع مئة. 436 - عليُّ بن سَعيد بن رَبيع، أبو الحَسَن. رَوى عن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2734).

437 - علي بن سعيد بن محمد بن عمر اليحصبي، أبو الحسن

437 - عليُّ (¬1) بن سَعيد بن محمد بن عُمرَ اليَحصُبيّ، أبو الحَسَن. تَلا بالسَّبع على صِهرِه أبي الحَجّاج ولازَمَه سنينَ، وأبي الحَسَن الشاطِبيّ وأبي عليّ [.....] (¬2) وابن أبي زيد، وأبي القاسم الصّقِلِّي، وعبد العزيز ابن الحَسَن، وأبي محمد إمامِ الحَرَم شرَّفه اللهُ. رَوى عنه أبو عَمْرٍو زيادُ بن محمد ابن الصَّفّار (¬3). وكان مُقرِئًا مجُوّدًا، ونَظَم "إكمالَ نَقْص المُسعِدة في القراءات" نَظْمَ أبي الحَسَن عليِّ بن عبد الرّحمن ابن هارونَ بن عبد الرّحمن بن عيسَى بن داودَ ابن الجَرّاح فأفادَ به، وكان حيًّا بعدَ اثنينِ وعشرينَ وخمس مئة. 438 - عليُّ (¬4) بن سَعيدٍ الأُمَويّ، طُلَيْطُليّ. رَوى عنه ابنُه عيسى. 439 - عليُّ (¬5) بن سَعيد، شَنْتَمَريٌّ سكَنَ سَرَقُسْطة، أبو الحَسَن. تَلا بالسَّبع على أبي عبد الله المَغَامِّي، ورَحَلَ حاجًّا، ورَوى بمكّةَ شرَّفَها الله "تنبيهَ الغافلين" في الوَعْظ، تأليفَ السَّمَرْقَنْديّ عنه أو عن بعض أصحابِه عنه. رَوى عنه أبو عبد الله بن موسى بن وَضّاح، وأبو محمد القَلَنِّي. 440 - عليّ (¬6) بن سَعيد، مَيُورْقيّ، أبو الحَسَن البُنْشُكْليّ (¬7). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 166، وكتب في هامش ح: "الشنتمري الخطيب الحافظ". (¬2) بياض في النسخ. (¬3) هامش ح: "وروى أيضًا عنه أبو العباس أحمد بن عبد الملك بن عميرة الضبي، وأبو مروان عبد الملك بن أبي بكر التجيبي (المعروف بالفراء) ". (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2673). (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2711). (¬6) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2766). (¬7) في م ط: "البنشلي"، محرف، وهي نسبة إلى بنشكلة، وهو حصن بشرق الأندلس قائم إلى يوم الناس هذا.

441 - علي بن أبي الحسن سفيان

تَلا عليه بالسَّبع أبو عبد الله بنُ المُعِزِّ اليَفْرَنيّ؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا متصدِّرًا لذلك. 441 - عليُّ بن أبي الحَسَن سُفيان. رَوى بمَرّاكُشَ عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبي. 442 - عليُّ (¬1) بن سَكَنِ بن عُمر، إشبيليّ. رَوى عنه أبو عبد الله بن حَمّاد، وكان من نبهاءِ بلدِه وجِلّة أهلِه. 443 - عليُّ بن سَلامةَ الهُذَليُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي القاسم (¬2). رَوى عنه عَمْرو بن مُفرِّج. وكان حافظًا للُّغة والآداب، زاهدًا درَّس اللُّغةَ والأدبَ كثيرًا. 444 - عليُّ (¬3) بن سُليمانَ بن أحمدَ المُراديُّ، سَكَنَ قُرطُبةَ، أبو الحَسَن الفَرْغَليطيّ (¬4). رَحَلَ مُشَرِّقًا مُبعدًا، ورَوى الحديثَ بخُراسانَ من أبي عبد الله بن الفَضْل الفُرَاوي، وأبي القاسم الشَّحّاميّ، وأبي المُظفَّر القُشَيْري، وتفَقَّه على الإمام أبي ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2798)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 252، والذهبي في المستملح (684)، وتاريخ الإسلام 13/ 40، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 483، والكتاني في سلوة الأنفاس 2/ 41. (¬2) هكذا في النسخ من غير تعيين. (¬3) ترجمه السمعاني في "الفرغليطي" من الأنساب، وابن عساكر في تاريخ دمشق 41/ 516، وياقوت في معجم البلدان 4/ 254، وابن الأبار في التكملة (2728)، والذهبي في المستملح (655)، وتاريخ الإسلام 11/ 859، والسبكي في طبقات الشافعية الكبرى 7/ 224. (¬4) في هامش ح: "فرغليط قرية بشقورة، وزاد ابن الأبار في نسبه بعد أحمد: سليمان".

445 - علي بن سليمان بن علي الغساني، وادي آشي

[سَعْد] (¬1) محمد بن يَحْيَى؛ وكتَبَ الكثيرَ. وقَفَلَ إلى مكّة شرَّفَها الله وحجَّ ورام التوجُّهَ إلى مصر، فتَعذَّر عليه فرَجَعَ إلى بغداد، ثم عاد إلى دمَشْقَ وأقام بها مُدّة، ثم تحوَّل إلى حَلَبَ فدَرَّس بها. رَوى عنه أبو القاسم عبدُ الصَّمد الحَرَسْتانيُّ، وعليُّ بن عساكرَ، وابنُه أبو محمدٍ القاسم. وكان فقيهًا شافعيَّ المذهب نَظّارًا فيه حافظًا لهُ قائمًا عليه متحقِّقًا به، ديِّنًا تَقِيًّا صليبًا في ذاتِ الله. توفِّي بحَلَبَ عَشِيَّ يوم الخميس قبلَ مَغِيب الشَّمس لسَبْعٍ خَلَوْنَ من ذي الحِجّة سنةَ أربع وأربعينَ وخمس مئة، ودُفنَ يومَ الجُمعة بعدها (¬2). 445 - عليُّ بن سُليمانَ بن عليّ الغَسّانيُّ، وادي آشِي. رَحَلَ مُشَرِّقًا. ¬

_ (¬1) بياض في النسخ، وما بين الحاصرتين مستفاد من ترجمته كأن المؤلف لم يقف عليها لقلة خبرته بالمشارقة، وهو أبو سعد محمد بن يحيى النيسابوري تلميذ الغزالي، والمتوفى سنة 548 هـ، وهو مترجم في وفيات الأعيان 4/ 223 - 224، وتاريخ الإسلام 11/ 946، وسير أعلام النبلاء 20/ 312، والتحبير لأبي سعد السمعاني 2/ 252 وغيرها، وتحرفت كنيته في طبقات الشافعية الكبرى للسبكي إلى أبي سعيد 7/ 25. (¬2) ها هنا موضع ترجمة مثبتة في هامش ح وهي: "علي بن سليمان بن أحمد بن سليمان الأنصاري، مالقي نزل حضرة فاس، أبو الحسن بن سليمان، وأصله من قرطبة، وهو سبط الإمام الفاضل أبي الحجاج يوسف بن محمد بن علي بن مصامد. تلا أبو الحسن بمالقة بالسبع إفرادًا وجمعًا وترًا وشفعًا على شيخنا أبي جعفر ابن الزبير وسمع الموطأ الكبير بقراءة ابن الزبير المذكور على أبي عمر بن حوط الله غير يسير منه فإنه قرأه بلفظه، وسمع عليه تيسير الداني، وسمع من أبي علي بن الأحوص ومن محمد بن أحمد بن عبيد الله بن العاص اللخمي نزيل مالقة وأجازوه وتحرف بعقد الشروط مدة ثم تركها وأقبل على إقراء الكتاب العزيز وكان عارفًا بالقراءات عاكفًا على الإقراء رجلًا صالحًا ورعًا زاهدًا وعُمِّر وأسنّ وتوفي بفاس في أواخر شهر ربيع الأول من سنة سبع وعشرين وسبع مئة فيما بلغنا وقد كان أرمى على الثمانين وكانت جنازته مشهودة وأتبعه الناس ثناءً حسنًا كان له أهلًا رحمه الله تعالى ونفعه به".

446 - علي بن سليمان بن محمد، زهراوي سكن غرناطة، أبو الحسن الزهراوي

446 - عليُّ (¬1) بن سُليمانَ بن محمد، زَهْراويٌّ سَكَنَ غَرْناطةَ، أبو الحَسَن الزَّهْراويُ. رَوى عن أبيه، وأبي بكرٍ الزُّبَيديِّ، وأبي الحَسَن الأنطاكيّ، وأبي عبد الله الرَّبَاحِيّ، وأبي سُليمانَ عبد السَّلام ابن السَّمْح وغيرِهم من مَشْيَخة قُرطُبة. رَوى عنه أبو بكرٍ المُصَحَفيُّ، وأبو عبد الله بن قَعْنَب، وأبو عثمانَ سعيدُ بن عيسى الأصفَر. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، فقيهًا حافظًا، نَحْويًّا عَدَديًّا مُهندِسًا، وهما أغلبُ عليه، وله في التفسير مصنَّفٌ كبيرٌ وفي المعاملاتِ على طريق البُرهان كتابٌ مستعمَلٌ مُفيد (¬2)، إلى غيرِ ذلك. ورَحَلَ وحجَّ وأمَّ في الفريضة (¬3) بجامع غَرْناطةَ القديم، وأقرَأَ به القرآنَ والفقهَ والنَّحوَ وغيرَ ذلك ممّا كان يَنتحلُه من العلوم. 447 - عليُّ (¬4) بن صالح بن أبي اللَّيثِ الأسعدِ بن الفَرَج بن يوسُف، طَرْطُوشيٌّ سَكَنَ دانِيَةَ، أبو الحَسَن، ابنُ غُرِّ الناس. نَشَأَ بمَيُورْقةَ. وأخَذ بها عن أبي محمد ابن الصَّيْقَل، وتجوَّل في بلاد الأندَلُس طالبًا العلمَ، فرَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي، وأبي القاسم بن وَرْد، وأبي الوليد ابن رُشد. رَوى عنه أبو بكر أُسامةُ بن سُليمان، وأبو الحَجّاج بنُ عبد الله بن يوسف بن أيُّوب، وأبو عبد الله وأبوه أبو عُمر بنُ عَيّاد، وأبو القاسم بنُ البَرَّاق، ¬

_ (¬1) ترجمه صاعد في طبقات الأمم (80)، والضبي في بغية الملتمس (1220)، وابن الأبار في التكملة (2671)، وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء (484)، وابن فرحون في الديباج 2/ 117، والمقري في نفح الطيب 3/ 375. (¬2) اسمه كتاب الأركان. (¬3) في م ط: "الفريضة والنافلة"، وفي التكملة: "وأمَّ في صلاة الفريضة بالجامع القديم من غرناطة". (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2752)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 208، والذهبي في المستملح (664)، وتاريخ الإسلام 12/ 376، وابن الخطيب في الإحاطة 4/ 183، وابن فرحون في الديباج 2/ 119.

448 - علي بن صالح بن عبد الرؤوف، قرباقي، أبو الحسن

وأبو محمد بن سُفيانَ، وسُليمانُ بن محمد بن خَلَف، ويحيى بن عُمرَ بن الفَصِيح، وحدَّث عنه بالإجازة أبو القاسم بن سَمَجُون. وكان عالمًا بالفقه حافظًا لمسائلِه، متقدِّمًا في علم الأصُول، ثاقبَ الذِّهن ذكيَّ الفؤاد، بارعَ الاستنباط مسدَّدَ النظَر متوقِّدَ المخاطر، فصيحَ العبارة، ذا حظٍّ من قَرْض الشّعر. واستَخلَصه الأميرُ أبو زكريّا بن غانِيةَ أيامَ إمارته ببَلَنْسِيَةَ لمشهورِ معرفتِه ونَباهتِه، ثم صار صُحْبَتَه إلى قُرطُبةَ سنةَ سبع وثلاثين، ولازَمَه إلى أن توفّي أبو زكريّا بغَرْناطةَ سنةَ ثلاث وأربعين، فانتَقلَ إلى شرقِ الأندَلُس واستقَرَّ بدانِيَةَ. وله مصنَّفاتٌ منها: "كتابُ العُزْلة" ومنها "شَرْحُ معاني التحيّة". وُلدَ بطَرْطُوشةَ سنةَ ثمانٍ وخمس مئة، وقُتل بدانِيَةَ مظلومً عن إذْنِ ابن سَعْد في آخِر رمضانَ سنةَ ستٍّ وستينَ وخمس مئة. 448 - عليُّ (¬1) بن صالح بن عبد الرَّؤوف، قَرَباقيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عنه أبو عبد الرّحمن بنُ غالب. 449 - عليُّ بن طاهِر بن يوسُفَ الأُمَويُّ، شاطِبيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى بمَرّاكُشَ عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي القاضي. 450 - عليُّ (¬2) بن عبد الله بن أحمدَ البَكْريُّ، مُرْسيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ مِيْقُل. وهُو أخو أبي الوليد، وقَلَبَ ابنُ عَيّاد اسمَه وكُنْيتَه فقال فيه: أبو عليّ الحَسَن، غَلَطًا منه. رَحَلَ وحَجَّ، ورَوى بمكّةَ شرَّفَها اللهُ سماعًا عن أبي أُسامةَ محمد بن أحمدَ بن القاسم الهَرَويّ وغيره، وتوفِّي قبلَ الخمسينَ وأربع مئة. 451 - عليُّ (¬3) بن عبد الله بن إبراهيمَ الباهِليُّ، مالَقيٌّ، أبو الحَسَن. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2821). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2677). (¬3) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 301.

452 - علي بن عبد الله بن البراء، بلنسي، أبو الحسن

رَوى عن أبي عَمْرو بن سالم (¬1). 452 - عليُّ بن عبد الله بن البَرَاء، بَلَنْسيٌّ، أبو الحَسَن. لهُ إجازةٌ من أبي الحَسَن شُرَيْح. 453 - عليُّ (¬2) بن عبد الله بن ثابِت بن محمد بن عبد الرّحمن الأنصاريُّ الخَزْرَجيّ، من ذُرِّية عُبَادةَ بن الصَّامت رضيَ اللهُ عنه، غَرْناطيّ، أبو الحَسَن، ابنُ سَمْراء. تَلا بحَرْف نافعٌ على أبيه وابن خالِه أبي حَفْص بن سَمُرةَ ومؤدّبه أبي مَرْوانَ السالِميّ، وبالسَّبع على أبوَي الحَسَن: ابن الدُّشّ وابن كُرْز، وأبي الحُسَين يَحْيَى ابن البَيّاز، وأبي داودَ الِهشَاميّ، وأجاز له هؤلاء. ورَوى الحديثَ سَماعًا وغيرَه عن أبي الحَسَن ابن الأخضَر، وأبي عبد الله ابن زُغَيْبةَ، وأبي عليّ الصَّدَفي، وأبوَي القاسم: ابن الأبرَش وابن أبي جَوْشَن، وأبي محمد بن عَتّاب. وأجاز له أبو بكرِ خازِم، وأبَوا عبد الله: ابنُ أُختِ غانم ومَوْلَى الطلاع، وأبو عليّ الغَسّاني. ورَحَلَ وحَجَّ، وسَمِعَ بمكّةَ كرَّمَها اللهُ "جامعَ البخاريِّ"، إلّا أوراقًا يسيرةً (¬3)، على أبي مكتوم بن أبي ذرّ، وبعضَ "صحيح مُسلم"، في شوّالِ ستٍّ وتسعينَ وأربع مئة، على أبي عبد الله الحُسَين بن عليّ الطَّبَري ولم يَستجِزْهُ في باقيه. ولقِيَ بالإسكندَريّة أبا عبد الله بنَ منصُور الحَضْرَميّ فأخَذ عنه وأجازَ له. ¬

_ (¬1) هامش ح: "ولقي الباهلي هذا القاضي أبا عبد الحق ببلدة تلمسين وقرأ عليه برنامجه وأجاز له وكان من أهل الصون والتعفف والاقتصاد، محب في الأدب مؤثر له، ينظم وينثر، توفي ببلده مالقة سنة سبعين وست مئة" (قلنا: وهذا منقول من صلة الصلة). (¬2) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1223)، وابن الأبار في التكملة (2722)، وفي معجم أصحاب الصدفي (263)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 180، والذهبي في المستملح (651)، وتاريخ الإسلام 11/ 711، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 552، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 160. (¬3) في هامش ح: "إلا تسع ورقات".

وقَفَلَ إلى الأندَلُس فرَوى عنه آباءُ بكر: ابنُ رِزق والفَلَنْقيُّ وابنُ مؤمن، وأبَوا الحَسَن: ابنُ محمد بن عبد الوارث وابنُ الضَّحّاك واستجازَه لابنَيْه يحيى ومحمد، وآباءُ عبد الله: ابنُ حَمِيد ابن الصَّقْر وابن عَرُوس وابن الفَرَس وأبو العبّاس ابنُ الصَّقْر (¬1)، وأبَوا محمد: ابن عليّ بن خَلَف وعبدُ الصَّمد بن محمد بن يَعيش. وحدَّث عنهُ بالإجازة جماعةٌ منهم: أبو الحَسَن بن مُؤمن وأبو عبد الله بنُ عبد الرّحيم. وكان من جِلّة المقرِئينَ المجوّدين، ذا حظٍّ وافر من روايةِ الحديث، زاهدًا فاضلًا خيِّرًا مأثورَ الكرامات، مشهورًا بإجابةِ الدَّعَوات، كريمَ الطِّباع سِريَّ الِهمّة، في غاية من التقشُّف والتخامُل والتزام سَنَنِ الصّالحين والجَرْي على مَناهجِهم والاقتفاءِ بسبيلِهم، والإكباب على ما يَعْنيهِ من تدريس العلم ونشرِه، قليلَ المُخالَطة للناس، وكان خَطيبًا بجامع غَرْناطةَ وصاحبَ الصّلاة به؛ وغَزَا بلادَ العدوِّ غَزَواتٍ كثيرةً على قدَميْهِ ابتغاءَ الأجر. قال أبو عبد الله ابنُ الصَّقْر: سمِعتُه رحمه اللهُ يقول: كنتُ في إحدى (¬2) الغَزَواتِ ونحن خارجونَ من بلدِ العدوِّ على مَقرُبة من بلد الإسلام في موضِع قَفْر، ومعي رَفيقٌ لي، وقد أدرَكَني من الضَّعف والإعياءِ ما لم أقدِرْ معَه على الحركة والمَشْي حتى سَقَطتُ على الأرض، فقال لي رفيقي: قُمْ فانهَضْ، فإنّ هذا موضع مَخُوف ولا نأمَنُ ما يلحَقُنا فيه من شُذَّاذ العَسْكر وسُفهائهم أو منَ اتّباعٍ يكونُ من النَّصارى لنا، فقلتُ له: لا أقدِرُ على ذلك بوَجْهٍ إلّا لو أكَلْتُ شيئًا من لحم، فقال لي رفيقي: أوَ مَوضعُ لحمٍ هذا؟ ومن أين يوجَد؟ فقلت: لعلّ اللهَ يُيسِّرُه لنا، فجَعَلَ صاحبي يلتفِتُ يمينًا وشمالًا خِيفةَ ما يَلحَقُنا ممّا ذَكَرَه، وبالقُرب منا صخرةٌ عظيمة، فنظَرَ إليها صاحبي فإذا عليها شيءٌ يضْطَربُ، فنَهَضَ إليها وإذا هي حَجَلةٌ قد نَشِبت في شيءٍ من الشّعْراءِ فلم تستطع التخَلُّصَ منه، فقَبَضَ عليها ¬

_ (¬1) وابن عروس ... الصقر: سقطت من م ط. (¬2) في النسخ: "أحد" كأنه سبق قلم.

صاحبي وذَكَّاها وأخرَجَ زِنادًا كانت عندَه وقَدَحَ نارًا، وجَمَعَ شيئًا من الحطَب وأوقَدَ النَّارَ وشَوى تلك الحَجَلة، وقَرَّبها إليّ فأكلتُها وقَوِيَتْ نفْسي وقُمتُ ومشَيْتُ حتى لحِقتُ بالعسكر؛ قال ابنُ الصَّقْر: وهذه من الكراماتِ التي تُنسَبُ إلى الفُضَلاء ويُتحدَّثُ بها عن الأبرار، ولم يكنْ رحمه اللهُ بمُقصِّرٍ عنهم. ولمّا ثار أبو الحَسَن بنُ أضحَى (¬1) وأهلُ غَرْناطةَ على مَن كان بهامش لَمْتُونةَ واعتَصَمَ لَمْتُونةُ بقَصَبتِها، وعجَزَ أهلُ غَرْناطةَ عن التغلّب عليهم فيها، اقتَضَى رأيهم إسنادَ أمرِهم إلى رئيسٍ كبير يُوَلُّونَه على أنفُسِهم، فمال ابنُ أضحَى وصنَّف الفُقهاءَ وجماعةً معَهم إلى القاضي أبي [جعفر] (¬2) ابن حَمْدِين الثائرِ بقُرطُبة، ومال أهلُ الثَّغر وعامّةُ البلد إلى أبي جعفر بن هُود الملقَّب بالمُستنصِر لشُهرةِ اسمِه وبُعْدِ صِيتِه في الرِّياسة واستيلائه على بِطْرَوْجَ وجَيّانَ وغيرِهما، وطَمَعِهم في مقاومتِه مَن بالقَصَبة من لَمْتُونة، فساعَدَهم ابنُ أضحَى ومَن معَه على ذلك، واتّفَقوا جميعاً على استدعاءِ ابن هُود، وأن يكونَ الرسُولُ في ذلك إليه الفقيهَيْن: الخطيبَ أبا الحَسَن هذا والمُشاوَرَ أبا جعفر بنَ طلحةَ بن عَطِيّة، فحَمَلوا عليهما في ذلك فتوَجَّها فيه لِما رَأَياهُ مصلحةً للمسلمين. ولمّا لقِيَا المُستنصِر وألقَيا إليه ما جاءا به عن أهل بلدِهما جمَعَ عسكرًا من أَوْباش النَّصارى وسُقّاطِ الجُند، ونَهَدَ قاصدًا إلى غَرْناطةَ ومَعه الفقيهانِ المذكوران، واتّصَلَ ذلك بلَمْتُونةَ، فشَقَّ عليهم، وعَلِموا بُعْدَ صيتِ ابن هُود وأنه إن تمَّ له دخولُه إلى غَرْناطةَ مُغالِبًا لهم كان في ذلك بوارُهم، وتحقَّقوا أيضاً فُسُولةَ جُندِه وأنّهم لا دفاعَ لديهم ولا حَمِيّةَ عندَهم -أجمَعَ رأيُهم على مُصادمتِه، فبَرَزوا له على نحوٍ ثلاثة أميال من غَرْناطة مُستمِيتينَ، وألقَوْا عليه أنفُسَهم وصادقُوهُ القتالَ، فانهزَمَ أصحابُه وقُتل منهم جمعٌ عظيم، وكان ممّن استُشهِدَ هنالك الخطيبُ ¬

_ (¬1) هو علي بن عمر بن أضحى الهَمْداني. (¬2) بياض في النسخ، وهو أبو جعفر بن حمدين، انظر خبر ثورته في أعمال الأعلام: 252، وما بعدها وراجع في ثورة ابن ضحى كتاب الحلة السيراء 2/ 211 فما بعدها.

أبو الحَسَن هذا رحمه الله وقُطع رأسُه، وذلك يومَ الثلاثاءِ لإحدى عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من ذي حِجّةِ تسع وثلاثينَ وخمس مئةٍ وقد قارَبَ السبعينَ من عُمرِه، وتسَنَّم ابنُ هُود وفَلُّ جُندِه الأوعارَ وشواهقَ الجبالِ حتى أطَلُّوا على غَرناطة، فأَلْفَوْا بسَفْح بعضِ الجبال هنالك عسكرًا للَمتُونةَ نزَلَ هنالك تضييقًا على أهل البلدِ من تلك الجهة، يَرأَسُه أبو [عبد الله] (¬1) ابن وانودين (¬2)؛ فلمَّا عايَنُونهم مُنحدِرينَ من أعالي الجبال عَلِموا أنّهم مُنهزِمون، فرَكِبوا إليهم من فَوْرِهم وقَصَدوا إلى الموضع الذي رامُوا الدُّخولَ منه إلى غَرناطة، وهو بابُ مَوْرُور، فتَلاقَى الفريقانِ بمقرُبةٍ منه، وتقاتلوا تقاتُلًا شديدًا، فقُتل من جماعة ابن هُود جُملةٌ كثيرة، منهم: أبو جعفر بنُ عَطِيّةَ المذكور، وقُطعَ رأسُه وحُملَ إلى محَلّة ابن وانودين، وأُدخِل جسَدُه إلى البلد، وكاد ابن هُود يُقبَضُ عليه لولا أنه حُمِيَ من أعلى السُّور وفُتح له بابُ مَوْرُور فدَخَلَ عليه معَ مَن نَجا من حزبِه؛ ورُمي في تلك العَشِيّة برأس الخطيبِ أبي الحَسَن بالعَرَّادةِ (¬3) من القَصَبة إلى المدينة، حَنَقًا عليه وإبلاغًا في التشفِّي منه، فدُفنَ بالمدينة ضُحى يوم الغد، وهُو يومُ الأربعاءِ لعَشْرِ بقِينَ من ذي حجّة المذكور، وصَلّى عليه الفقيهُ أبو عبد الله الفاسيُّ، ولم يكنْ جسَدُه حيث يُوصَلُ إليه، ولا يُعرَفُ لو تَأتَّى الوصُولُ إلى القَتْلى الذين كان منهم لكثرتِهم، نفَعَه الله؛ ولمّا دَخَلَ ابنُ هُود إلى غَرْناطةَ انتَقلَ ابنُ وانودين إلى القصَبة مُنضافًا إلى مَن كان بها من قومِه، وأصبح النَّاسُ إلى موضع محَلّتِه، فألفَوْا به رأسَ أبي جعفر، فسِيقَ إلى المدينة وضُمَّ إلى جسَدِه ودُفن، رحمةُ الله عليه (¬4). ¬

_ (¬1) بياض في النسخ، وكنيته مستفادة من البيان المغرب لإبن عذاري حيث تكرر ذكره. (¬2) في م ط: "واخودين". (¬3) العرادة: شبه المنجنيق. (¬4) ها هنا موضع ترجمة مزيدة في هامش ح وهي: (علي بن عبد الله بن الحاج الحارثي غرناطي فيما أحسب أبو الحسن بن عمادي اشتغل أول أمره بالكتابة والعمل ثم رجع إلى صناعة التوثيق وألف فيها كتابًا مختصراً وكان صالحاً متعبدًا منقبضًا عن الناس كثير التلاوة لكتاب الله تعالى والصلاة، توفي سنة ست وست مئة". (قلنا: انظر صلة الصلة 4/الترجمة 255). =

454 - علي بن عبد الله بن الحسن بن هانئ اللخمي، غرناطي

454 - عليُّ بن عبد الله بن الحَسَن بن هانئ اللَّخْميُّ، غَرْناطيّ. رَوى عن أبي الحَسَن ابن الباذِش (¬1). 455 - عليّ (¬2) بن عبد الله بن خَلَف بن محمد بن عبد الرّحمن بن عبد الملِك الأنصاريُّ، مَرَوِيٌّ، سَكَنَ بَلَنْسِيَةَ، أبو الحَسَن، ابنُ النِّعمة. أخَذَ بين قراءةٍ وسَماع عن أبي بحر سُفيانَ بن العاص، وأبي بكر ابن العَرَبي، وآباءِ الحَسَن: خُلَيْص العَبْدَري، وأكثَرَ عنه، وابن دُرِّي وعَبْدَي الرّحمن ابنَيْ بَقِيّ، وعبد الله بن عَفِيف وعبد العزيز بن شَفِيع وعَبّاد بن سِرْحان، أخَذَ عنهما في صِغَرِه بالمَرِيّة، وآباءِ عبد الله: ابن باسُّه وتلا بالسَّبع عليه، وابن الحاجّ وتفَقَّه به، وابن المَوْرُوريّ وابن نَجاح، وأبي عامر بن إسماعيلَ الطُّلَيْطُليّ، وأبي العبّاس بن عيسى الدانيّ، وأبي عليّ بن سُكَّرةَ، وأبوَيْ عَمرانَ: ابن أبي تَلِيد وابن خَمِيس وتَلا عليه بالسَّبع، وأبي القاسم بن بَقِيّ، وآباءِ محمد: ابن السّيْدِ، وتأدَّبَ به ¬

_ = وها هنا موضع ترجمة أخرى وهي: "علي بن عبد الله بن الحسن القبي -بباء واحدة- أبو حسن السنيدي غرناطي. روى عن شيوخ بلده ونظر في أحباسه في الدولة الباديسية وكان جليلًا وزيرًا نبيه القدر كثير الثروة فاعلًا للخير توفي في حدود الثمانين وأربع مئة أو بعدها بقليل رحمه الله تعالى". (قلنا: انظر صلة الصلة 4/الترجمة 158). (¬1) ها هنا موضع ترجمة مزيدة في هامش ح وهي: "علي بن عبد الله بن خطاب إشبِيلي، أبو الحسن. أخذ عن المحدث أبي بكر النيار وكان جليسًا له في دون واحد، وكانا على هدي واحد وسمت متقارب وأخذ معه عن أبي الحسن بن الجنان. روى عنه أبو الخطاب بن خليل وناب في إشبيلية في أحكام القضاء فحُمدتْ سيرته وكان أولاً يميل إلى الظاهر ثم عزم على مذهب مالك، وكان من الفضلاء وتوفي قبل ست مئة رحمه الله، قاله ابن الزبير، فانظره مع علي بن عبد الله بن يوسف ابن خطاب الآتي بعد". (قلنا: انظر هذه الترجمة في صلة الصلة 4/الترجمة 250)، وعلي بن عبد الله بن يوسف بن خطاب ستأتي ترجمته في الرقم (481)، وتوفي سنة 629 هـ. (¬2) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1224)، وابن الأبار في التكملة (2755)، وفي معجم أصحاب الصدفي (286)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 223، والذهبي في المستملح (667)، وتاريخ الإسلام 12/ 376، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 171.

ولازَمَه وأكثَرَ عنه، وابن عَتّاب وعبد القادر الصَّدَفيِّ في صِغَرِه، وأبوَي الوليد: ابن رُشْد، وتفَقّه به، وابن طَرِيف، وأجازوا له. وأخَذ عن أبي الحَسَن محمد بن واجِب ولم يَذكُرْ أنه أجاز له، وأبي الحَسَن يونُس بن محمد بن مُغيث، وإجازتُه إياه مُشكِلة، ويَظهَرُ أنه لم يُجِزْه. ولقِيَ أبا عبد الله البَلَغيي وحفيدَ مكِّي وابنَ أُختِ غانم وأجازوا له. وأجازَ له ممّن لم يُذْكَر لَقْيُه إياه: أبو جعفر بنُ بَشْتَغِير، وأبو الحَجّاج بن [...] (¬1)، وأبو الحَسَن شُرَيْح، وابنُ الأخضَر، وأبو الحَكَم يحيى بن محمد بن أبي المُطّرِّف، وأبو زيد الفَهْميُّ الوَرّاق، وأبو عبد الله عبدُ الرَّحمن بن عبد الله بن جَحّاف، وأبو محمد بنُ حَبِيب الشاطِبيّ، وأبَوا القاسم: ابنُ صَوَاب وابن أبي ليلى، وآباءُ محمد: الرِّكْليُّ وابن مَسْعود الرَّبَاحي وابنُ أبي جعفر، وأبو الوليد بن خَدِيج. وله "برنامَجٌ" ضمَّنَه ذكْرَهم وإيرادَ ما أخَذَ عنهم وكيفيّةَ تلقِّيه ذلك منهم، وقد ذكَرَهم في برنامَج وبيَّنَ فيه كيفيّةَ أخْذِه العلمَ وروايتهِ إيّاهُ عنهم (¬2)، وهُو موجودٌ بأيدي الناس [...] (¬3). رَوى عنه أبو (¬4) عبد الله، ابنُ عليّ بن الزُّبَيْر سِبْطُه، وأبو إسحاقَ الزَّوَاليّ، وأبَوا بكر: عَتِيق بن قَنْترال ويحيى الأَرْكَشيّ، وأبو الخَطّاب بن واجِب، وأبو الحَجّاج بن أحمدَ بن مَرَطَيْر، وأبو داودَ بن حَوْطِ الله، وأبَوا جعفر: ابنُ عليّ بن عَوْن الله وابن عَتِيق الذّهَبيّ، وأبو محمد بن نَصْرون، وأربوا الحَسَن: ابنُ أحمدَ بن مَرَطَيْر وابنُ سَعْدِ الخَيْر، وآباءُ عبد الله: ابنُ أيُّوبَ بن نُوح وابنُ عبد العزيز بن ¬

_ (¬1) بياض في النسخ. (¬2) هكذا في النسخ وهو تكرار بيّن. (¬3) بياض في الأصول. (¬4) في النسخ: "أبا" أو "آباء" ولا يستقيم؛ لأنَّه لم يذكر سوى سبطه هذا، وهو أبو عبد الله محمد بن علي بن الزبير القضاعي المتوفى سنة 627 هـ، والمترجم في السفر السادس في هذا الكتاب (الترجمة 1201)، فضلًا من أنه سيذكر آباء عبد الله ممن روى عنه. والظاهر أنه قدّمه لقرابته.

سَعادةَ وابن محمد بن عبد العزيز بن واجِب وابن عليّ بن البَرّاق وأحمدَ بن مَسْعود، وأبو عليّ الحُسَين بن يوسُف بن زُلَال وأبو عُمَر أحمدُ بن هارونَ ابن عاتٍ، وأبو عامر نَذيرُ بن وَهْب بن كثير، وأبو العطاءِ بن نَذير، وأبو محمد غَلْبُون ابن محمد بن غَلْبُون (¬1)، وزكريّا بن عبد الله بن عبد الملِك ومحمد بن عبد الرّحمن المُهْرِيُّ الشاطِبي. وكان خاتمةَ العلماءِ بشَرْقِ الأندَلُس في عصرِه، متفنِّناً في معارفَ جَمّة، راسخًا في العلم مُقرئًا مجوِّدًا، مفسِّرًا محدِّثًا، راوِيةً حافظًا، فقيهًا مُشاوَرًا، بارعًا في علوم اللِّسان، دَمِثًا ناسكًا، حَسَنَ الحال ليِّنَ الجانب محمودَ السِّيَر، مُوسِراً، عاكفًا على تدريس العلم وإفادتِه مُعينًا طلبتَه بالتمكين من أَصُولِه وتقريبِ التعليم وجَوْدةِ التفهيم، فرَغِبَ النَّاسُ في الأَخْذِ عنه وكثُرَ الراحلونَ إليه والوافدونَ عليه، وخَطَبَ بجامع بَلَنْسِيَّة وأمَّ في الفريضة زمانًا طويلًا. وقد وَصَفَه الكاتبُ الأبرع أبو بكرٍ يحيى بنُ محمد الأَرْكَشيُّ في مقامتِه التي سَمّاها: "قِسْطاسَ البيان في مراتِب الأعيان" بما نصُّه ونقَلتُه من خطِّه: فقيهٌ عارف، وحاملُ أدواتٍ ومعارف، وما هُو إلّا زُبدةُ زمانٍ تمخَّضَ العصرُ عنها، ورَوْضةُ علومٍ تضَوَّع القَطْرُ منها، تُلتمَسُ أشتاتُها من عندِه وتُقتبَس، ويُفزَعُ إليه في كلِّ ما أشكَلَ منها والتبَس، ذهَبَ في اقتنائها أهدى مذهَب، وامتَطَى إلى حامليها صَهْوةَ الهجيرِ الملَهَّب، حتّى انتهجَتْ له شِعابُها، وانقادتْ إلى فهمِه صِعَابُها، وما زال متتبِّعًا مساقطَ أثَرِها، حتى رَوِيَ من سَلسبيلِها وكَوْثرِها، فشيَّدَ ما عُنيَ به تشييدًا، وجَوَّدَه إتقانًا وتقييدًا، فطالِبو العلم والأَدب، يَنْسِلونَ إليه من كلِّ حَدَب، فيقتبِسُونَ عيونَه من عندِه، ويقتَدحُونَ فيه واريَ زَنْدِه، واللهُ تعالى يُبقيه مُعتنيًا بالعلم وأهلِه، متلقِّيًا لهم بِرُحْبِهِ وسَهْلِه، ولا زال موصُوفًا بالنَّبالةِ والذّكاء، كما لم يزَلْ مجبولًا على الجلالةِ والزكاء، ولا بَرِحَ الدهرُ بإقبالِه خاطبًا، والسعدُ في حِبالِه حاطبًا. ¬

_ (¬1) بن محمد بن غلبون: سقطت من م ط.

وله مصنَّفاتٌ جامعة، منها: "رِيُّ الظَّمآن في تفسير القرآن"، حَكَى عنه أبو الحَسَن بنُ لُبّ أنه كان في حينِ اشتغالِه بجَمْعِه يَبِيتُ في بيتِ كُتُبِه ويُطفئُ المصباح، فكلّما تذكَّر شيئًا قام وأوقَدَه ونظَر ثم يعودُ ويُطفئُه، فكان هذا دَأْبَهُ، كأنَّه يلتمسُ بذلك خُلوَّ المخاطر في الظُّلمة. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: قد وقَفْتُ على بعض هذا الكتاب، وكان كاملًا عندَ بعض الطلَبة بِدَرْعَةَ في سبعةٍ وخمسينَ مجلَّدًا متوسّطةً، بعضُها، وفيه أوّلُها، أكثرُها بخطّ تلميذِه الأخصّ به أبي جعفر بن عَوْن الله، وأكثرُها، ومنه آخِرُها، بخطِّ أبي عبد الله محمد بن أبي الحَسَن محمد بن عبد العزيز بن واجِب، وتاريخُ فَراغِه من نَسْخِهِ مُنْسَلَخُ جُمادى الآخِرة، سنةَ سبع وستينَ وخمس مئة. ومنها: "الإمعان في شَرْح مصنَّفِ أبي عبد الرّحمن" بَلَغَ فيه الغايةَ من الاحتفال وحَشْدِ الأقوال، وما أرى أنّ أحَدًا تقَدَّمَه في شَرْح كتابٍ حَديثيٍّ إلى مثلِه توسُّعًا في فنون العلم وإكثارًا من فوائدِه، وقد وقَفْتُ على أسفارٍ منه مُدْمَجةٍ بخطِّه (¬1) أكثرُها ضَخْم، وكان تجزِئةً ثلاثةَ عَشَرَ، وله غيرُ ذلك مما أفاد به. وكان ممّن سادَ بنفسِه في العلم ولم يكنْ له سَلَفٌ فيه، ولكنّه وُفِّق لطلبه وشغِف به ورُزِق الرَّغبةَ فيه والحرصَ عليه. وحَكَى أبو الحَسَن بنُ لُبّ: أنَّ أباه كان صَيْقلًا، وأنه أرسَلَه يومًا في حاجة فأبطَأَ عليه، فتوجَّه في طلبِه فوجَدَه في حَلَقةِ أبي محمد ابن السِّيْد يتَسمَّعُ ما يُقرأُ فيها، فصَرَفَه عنها مُهانًا إلى تلك الحاجة وارتَقبَ إتْيانَه إيّاهُ بها، فابطَأَ أكثرَ من إبطائه في المرةِ الأولى، فخَرجَ يتَطلَّبُه فأَلْفاهُ هنالك أيضاً، فأخَذ في تَعْنيتهِ ولَوْمِه وأفرَطَ في ذلك، وبينَما هو يُوبِّخُه وُيفنِّدُ راسله وَيعِدُه (¬2) على إبطائه أقبَلَ أخوه عمُّ أبي الحَسَن، وكان تاجرًا ¬

_ (¬1) هامش ح: "وقد وقفت أنا أيضاً على بعضه بخطه وهو كما ذكر، لا نظير له في كثرة الإفادة". (¬2) كذا ولعلها: ويوعده، أو: ويعذله.

مُوسِرًا، فقال لأخيه: ما لكَ وله؟ فقال: هذا الخَلَفُ (¬1) السَّفيهُ الرأي الفاسدُ النظر يَترُكُ شُغلَه الذي أُهِّلَ له ويشتغلُ بما لا يُفيدُه، وهل يَرجو مثلُ هذا أن يكونَ من أهل العلم أو لهُ استطاعةٌ على القيام به؟ فقال له أخوه: لعلّك تُحبُّ القراءة؟ فقال: نعم؛ فقال لأبيه: دَعْهُ في كفالتي، فضَمَّهُ إليه واعتَنَى به وأحسَنَ إليه وترَكَه وما أحَبَّ من طلبِ العلم؛ فقال أبو الحَسَن: فما فُتِحَ لي إلّا بعدَ بُطءٍ ومُشارفةِ يأسٍ، وكنتُ في كَرْبٍ من ذلك. ثم لمّا فتحَ اللهُ عليه همَّ بالرِّحلة في لقاءِ حَمَلةِ العلم والأَخْذِ عنهم، فقَصَدَ إلى دارِ عمِّه فلم يُلْفِه بها، وكان ممّن يُواقعُ شُرْبَ الخمرِ أحيانًا، فعَمَدَ إلى أواني الخمر وخُوَيْبِيَةٍ كانت لهُ منها، فكَسَرَ ذلك كلَّه وخرَجَ لرحلتِه. ولما جاء عمُّه إلى منزلِه أخبرَتْه زَوْجُه بما فعَلَ ابنُ أخيه، وقالت له: أرأيتَ ذلك الذي رَبَّيتَه وأحسنتَ إليه وقُمت بمَؤونتِه ما فعَلَ معَك؟! قال: فحَرَجَ عليَّ وغضِب. ثم غابَ أبو الحَسَن نحوَ عشَرةِ أشهر ثُم رجَعَ، فكان يُحَلِّقُ بجانب من المسجد، وشيْخُه أبو محمد ابنُ السِّيْد يُحلِّق بجانب آخَرَ منه، وكان بلسانِه لَثْغٌ شديدٌ في الراء يقلبُها غَيْنًا خالصةً، فحَكَى أبو الحَسَن بنُ لُبّ: أنه جاءه يومًا واعظٌ ذو هيئة ورُواء، فاستَأذَنَه في الوَعْظِ على المِنبر، وأبو الحَسَن حينئذٍ خطيبُ الجامع ببَلَنْسِيَة وصاحبُ الصَّلاة به، فأَذِنَ له، فلمَّا رَقِيَ المِنبَرَ وأخَذ في وَعْظِه جاء بلَحْنٍ فاحش يُحيلُ أكثرَ المعاني إلى أضدادِها، وغيَّرَ آيَ القرآن، ولمّا سَمِع أبو الحَسَن شَناعةَ لَحْنِه قام إليه وأنزَلَه عن المِنبَر، وأخَذ بأُذُنِه حتى أخرَجَه على بابِ المسجدِ وهو يقولُ له: الدُّوغ الدُّوغ -يريدُ: الدُّورَ الدُّور- لإفراطِ لَثْغِه، يعني: أنه لا ينبغي لمثلِه أن يَعِظَ على المنابر في المساجد ولكنه يتَطوَّفُ على الدُّور. وُلد بالمَرِيَّة سنَة إحدى وتسعين، وقيل: سنةَ تسعين، وقيل: بعدَ التِّسعينَ وأربعِ مئة، وانتَقلَ أبوُه إلى بَلَنْسِيَةَ سنةَ ستٍّ وخمس مئة، ورَحَلَ إلى قُرْطُبةَ سنةَ ثلاث عشْرةَ، واشتَكَى لتسع بقِينَ من رَمَضانِ سبع وستينَ وخمس مئة، فافتَصَدَ ¬

_ (¬1) بفتح اللام: الولد الطالح في هذه القرينة.

456 - علي بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الغفور بن فزارة الفهري، أبو الحسن

مُخاطرًا، وتوفِّي من هذه الشِّكاية ببَلَنْسِيَةَ عَشِيَّ يوم الثلاثاءِ لليلتَين بقِيَتا من رَمَضان المذكور، ودُفنَ خارجَ بابِ طلّ، وكانت جَنازتُه مشهودةً احتَفَل لها النَّاسُ وأسِفوا لفَقْدِه وأثنَوْا عليه خيرًا، رحمه الله. 456 - عليُّ (¬1) بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن عبد الغَفُور بن فَزَارةَ الفِهْريُّ (¬2)، أبو الحَسَن. تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن بن هُذَيْل، ورَوى عن أبي بكر بن أسوَدَ وأبي العبّاس الأُقْلِيجيِّ، وأبي عيسى بن وَرَهْزَن، وأبي محمد بن عَلْقمةَ، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ. رَوى عنه أبو الرَّبيع بن سالم؛ وكان شَيْخًا معروفًا بالصّلاح والانقباضِ عن خِلْطةِ الناس، عاقدًا للشروطِ ذا عنايةٍ بها. توفّي في حدود التسعينَ وخمس مئة. 457 - عليّ (¬3) بن عبد الله بن عبد الرّحمن الأنصاريُّ، إشبِيليٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ عبد الله وابنُ أُميَّةَ. رَوى عن أبي ذَرّ بن أبي رُكَب. رَوى عنه أبو بكرٍ ابن البَنّاءِ، وأبَوا الحَسَن: الرُّعَيْنيُّ شيخُنا وابنُ عُصفور، وأبو العبّاس بن هارونَ، وأبو محمد يحيى بن محمد بن هشام. وكان متحقِّقًا بالنَّحوِ ذَكياً بارعَ الخَطِّ والأدب، درَّسَ العربيّةَ والآدابَ زمانًا، وكتَبَ بخطِّه الأنيقِ كثيرًا من كُتُبِ المبتدئين: كـ"الجُمَل" و"أشعارِ السِّتة" و"الحَماسة المازِنيّة" و"فصيحِ" ثَعْلب ونحوِها؛ وقَفْتُ على نُسَخ كثيرة مما ذكَرْتُه بخطّه لِما كان يُرغَبُ منه في ذلك وُينافَسُ له في ثمنِه، وجَرَت بينَه [71 و] وبينَ الأستاذِ أبي بكر بن طلحةَ مُخاطَباتٌ شِعْريّة في مسائلَ نَحْويّةٍ عَويصةٍ أفاد بها. وتوفي قبلَ العشرينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2785)، والذهبي في المستملح (680)، وتاريخ الإسلام 12/ 881 و 924. (¬2) في هامش ح: "بلنسي". (¬3) ترجمه الرعيني في برنامجه (29).

458 - علي بن عبد الله بن عبد العزيز اللخمي، إشبيلي، أبو الحسن، ابن صاحب الرد

458 - عليُّ (¬1) بن عبد الله بن عبد العزيز اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ صاحبِ الرَّدّ. رَوى عنه أبو عُمر بنُ حَوْطِ الله. 459 - عليُّ بن عبد الله بن عبد الكريم بن عليّ بن لَبِيد الأنصاريُّ، أبو الحَسَن الأُشْبُونيّ. رَوى عن أبي بكر بن طلحةَ، وأبي الحَسَن نَجَبةَ، وأبي محمد بن حَوْطِ الله؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا نَحْويًّا ماهرًا، أقرَأ القرآنَ ودرَّسَ العربيّةَ مُدّةً. 460 - عليُّ بن عبد الله بن عبد الملِك بن يوسُفَ الأنصاريُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبي وأبي [الوليد] (¬2) سُليمانَ بن رَوْبيل. 461 - عليّ (¬3) بن عبد الله بن عبد الملِك اللَّخْميُّ، خَضْرَاويٌّ إشبِيليُّ الأصل وبها أهلُ بيته، وانتَقلَ سَلَفُه هذا منها صُحبةَ الراضي أبي خالدٍ يَزيدَ ابن المعتمِد محمد بن عَبّاد حينَ وَلِيَها من قِبَلِ أبيه قبلَ الثمانينَ وأربعُ مئة، أبو الحَسَن الباجِيُّ. رَوى عن أبي عَمْرٍو حاجِز، وابنَيْ حَوْطِ الله (¬4). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 245. (¬2) بياض في النسخ، والكنية مستفادة من ترجمته المتقدمة في السفر الرابع من هذا الكتاب (182)، وهو: سليمان بن عبد الملك بن روبيل. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2837). (¬4) زاد المعلق على هامش ح عند هذا الموضع: "وولي الصلاة والخطبة بالجزيرة ثم ولي قضاءها وكان حسن التلاوة والمعرفة بالقراءات. مولده سنة تسع وستين وخمس مئة يوم الثلاثاء لتسع وعشرين خلت من شهر ربيع الأول وتوفي ممتحنًا بالاستخفاء خائفًا من السلطان في سنة خمس وثلاثين وست مئة رحمه الله. وهو علي بن عبد الله بن عبد الملك بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد ابن الراوية أبي محمد عبد الله بن محمد بن شريعة، هكذا كان يكتب نسبه بخطه. ومن شيوخه غير من ذكر (...) وأحمد بن محمد بن مقدام، وأبو الأصبغ بن عبد العزيز الجزولي، وأبو علي الباجي، وأبو (...) القباعي، وابن حجاج، وأبو ذر الخشني، وأبو سليمان بن حوط الله وغيرهم؛ حدث بالإجازة عنه البلفيقي الأصغر".

462 - علي بن عبد الله بن عباس العاملي

462 - عليّ بن عبد الله بن عَبّاس العامِليّ. رَوى عن أبي عُثمانَ طاهرِ بن هشام. 463 - عليّ بن عبد الله بن عَبّاس الكَلْبيّ، إشبِيلي نزَلَ بأخَرةٍ تونُس، أبو الحَسَن الزَّيّات. تفَقَّه على أبي الحُسَين بن زَرْقُون، وأبي العبّاس بن مُنذر ويحيى بن بَطَال. وكان فقيهًا حافظًا لمذهبِ مالك متصدّرًا لتدريسِه، صابرًا على نَشْر العلم، وَرِعًا فاضلًا، يَعيشُ من عَمل يدِه، عُرِضَت عليه الدُّنيا وخُطَطُها فزَهِدَ فيها وأعرَضَ عنها. وُلد بإشبيلِيَةَ عامَ ثلاثةٍ وتسعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بتونُس ضَحْوةَ يوم الأربعاءِ لأربع بِقينَ من محرمِ ثلاثة وسبعين وست مئة، وصُلِّيَ عليه إثْرَ صلاة العصر من يوم وفاتِه، ودُفن بالزَّلَّاج، واحتَفَل النَّاسُ لشهودِ جَنازته احتفالًا قَل العهدُ بمثلِه، وخَرَجَ لها الخاصُّ والعامّ حتى لَيقالُ: إنه لم يُعْهَدْ بمثلِها (¬1). 464 - عليّ (¬2) بن عبد الله بن عَبّاس، مالَقيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عنه أبو محمد بنُ أحمد الوَحِيدي؛ وكان رجُلًا صالحاً إمامًا بجَبَل فارو (¬3)، ولعلّه العامِليُّ الراوِي عن طاهرِ بن هشام، فيحقَّقُ إن شاء الله. 465 - عليُّ بن عبد الله بن عُثمانَ السَّكُونيُّ، أبو محمد. رَوى عن [71 ظ] أبي الحَكَم عَمْرو بن أحمدَ بن حَجّاج. 466 - عليّ (¬4) بن عبد الله بن عليّ بن خَلَف بن أحمدَ بن عُمرَ اللَّخْميُّ، أُورِيُولي انتَقلَ إلى المَرِيّة سنةَ ثِنتينِ وسبعينَ وأربع مئةٍ أو نحوِها، أبو الحَسَن الرُّشَاطيّ. ¬

_ (¬1) كتب عند هذا الموضع بهامش ح: "ذكر لي أنه عُزم عليه أن يلي قضاء الجماعة بتونس فلما رأى شدة عزمهم عليه أصبح يبيع الزيت فتركوه، رحمه الله". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2684). (¬3) في النسخ: "فاروق" وكتب فوقها "كذا" في ح، وسيصوبه من بعد بإسقاط القاف، وهو الصواب. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2690).

467 - علي بن عبد الله بن علي بن عبد الله بن علي بن خلف بن أحمد بن عمر اللخمي، مروي أوريولي الأصل، أبو الحسن الرشاطي؛ وهو ولد النسابة أبي محمد، روى عن أبيه

وهو والدُ النَّسّابة أبي محمد؛ صَحِبَ أبا الوليد الباجِيَّ، حَكَى عنه ابنُه أبو محمد، وكان خيِّراً في ديِّنًا فاضلًا. 467 - عليّ بنُ عبد الله بن عليّ بن عبد الله بن عليّ بن خَلَف بن أحمدَ بن عُمرَ اللَّخْميُّ، مَرَوِيّ أُوْرُيوليُّ الأصل، أبو الحَسَن الرُّشَاطيّ؛ وهو وَلد النَّسّابة أبي محمد، رَوى عن أبيه. 468 - عليّ (¬1) بن عبد الله بن عليّ بن محمد بن أحمدَ بن عبد الله، الراوِيةُ اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ أبو الحَسَن الباجِيّ. رَوى عنه الخطيبُ أبو الحَكَم بنُ حَجّاج، وأبو الحَسَن سالمٌ الباهِليٌّ وأبو طالبٍ عبدُ الجَبّار بن عبد الغَفُور الكَلَاعِيّ. 469 - عليُّ بن عبد الله بن عليّ، إشبِيلي. غيرُ الباجِيِّ المذكورِ آنفًا. كان بارعَ الخَطّ، حيًّا في حدود الثلاثينَ وخمس مئة. 470 - عليُّ (¬2) بن عبد الله بن عليّ، شاطِبيٌّ سكَنَ مُرْسِيَة، أبو الحَسَن، ابنُ البَنّاد. صَحِبَ القاضيَ أبا بكر بنَ أبي جَمْرةَ واختَصَّ بهِ ورَوى عنه، وعن أبوَيْ عبد الله: ابن عبد الرّحيم وابن يوسُفَ بن سَعادة، وأبي مَرْوان بن قُزْمانَ. رَوى عنه أبو بكر بنُ جابِر السَّقَطيّ، وأبو محمد بن عبد الرّحمن بن بُرطُلّه، وحدَّث عنه بالإجازةِ أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ شيخُنا وأبو محمد طلحةُ. وكان فقيهًا حافظًا، مُشاوَراً متعفِّفًا، منقبِضًا عن الدُّنيا، ذا جِدَةٍ ويَسَار، حَسَنَ اللّقاء، عاكفًا عُمَره على استفادةِ العلم وإفادتِه، محدِّثًا ضابِطًا مُتقِنًا أديبًا، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2706). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2812)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 270، والذهبي في المستملح (692)، وتاريخ الإسلام 13/ 415.

471 - علي بن عبد الله بن علي، أبو الحسن

وله في الفنَّيْنِ مصنَّفاتٌ حِسَان أُخِذَتْ عنه وانتُفعَ بها، منها: "ترتيبُ أحاديثِ التقَصي على أبوابِ الموطَّإ". وتوفِّي بمُرسِيَةَ يومَ الخميس لستٍّ خَلَوْنَ من رجَب، وقيل: لأربعَ عشْرةَ بقِينَ منهُ، سنةَ أربعَ عشْرةَ وست مئة، ودُفن عقِبَ صَلاة الجُمعة تاليهِ. 471 - عليُّ بن عبد الله بن عليّ، أبو الحَسَن. رَوى عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبي، ولعلّه أحَدُ المذكورينَ قبلُ بينَ وَلَد الرُّشاطِيّ وابن البَنّاد أو غيرِهم، واللهُ أعلم. 472 - عليُّ (¬1) بن عبد الله بن فَرَج الغَسّانيُّ، غرْناطيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي القاسم المَلّاحي، رَوى عنه أبو عبد الله ابنُ الحَلّاء، وكان شيخًا [72 و] صالحاً وَرِعًا عارفًا بالقراءاتِ والنَّحو، تصدَّر لإقرائهما والتعليم بهما (¬2). 473 - عليُّ بن عبد الله بن محمد بن أبي عَبْدةَ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عبد الله بن أيّوبَ بن نُوح. 474 - عليُّ (¬3) بن عبد الله بن محمد بن حَزْم، قُرطُبيٌّ -فيما أحسِبُ- أبو الحَسَن. حدَّث عنه بالإجازة لفظًا أبو القاسم ابنُ بَشْكُوال. 475 - عليُّ بن عبد الله بن محمد بن عبد الله الأنصاريُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكر بن طَلْحة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2795)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 258. (¬2) جاء في هامش ح: "كان أبو الحسن بن عبد الله بن فرج يعرف بالزيتوني. أخذ عن أبي عبد الله بن عروس الأستاذ ولازمه كثيرًا وانتفع به، وروى عنه أبو علي الحسن بن سمعان ووصفه بالتقدم في علم العربية، وكان من الحفاظ يستظهر موطأ مالك" (قلنا: وهذا مستفاد من صلة الصلة). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2724).

476 - علي بن عبد الله بن محمد بن مالك اليعمري

476 - عليُّ بن عبد الله بن محمد بن مالِك اليَعمُريُّ. رَوى عن الشهيد أبي عبد الله ابن الحاجِّ. 477 - عليُّ بن عبد الله بن محمد بن مُجْبِر البَكْريُّ، مالَقيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عبد الله بن أيّوبَ بن نُوح. 478 - عليُّ بن عبد الله بن محمد الهَوّاريّ، أبو الحَسَن. رَوى عن الحاجِّ أبي عبد الله ابن صاحبِ الصَّلاة بمالَقةَ، وكان محدِّثَا نبيلاً كاتباً مُحسِناً (¬1). 479 - عليُّ بن عبد الله بن مُطرِّف بن خَلَف الأنصاريّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي الأصبَغ عيسى بن أبي البَحْر وأبي بكرِ ابن العَرَبي. 480 - عليُّ (¬2) بن عبد الله بن موسَى بن طاهر الغِفَاريُّ، سَرَقُسْطيّ، أبو الحَسَن البُرْجِيُّ (¬3). تَلا بالسَّبع على أبي المُطَرّف ابن الوَرّاق، ورَوى عن أبوَيْ عبد الله: ابن ملحانَ وابن الخَرَّازِ وتأدَّب به، وأبي عليّ بن سُكّرةَ (¬4) وأبي محمد ابن السِّيْد. رَوى عنه أبو بكرِ يحيى بنُ إبراهيمَ التَّغْلَبيُّ وأبو الحَسَن بن عبد العزيز بن مَسْعود، وأبو مَرْوان ابن الصَّيْقَل. ¬

_ (¬1) ها هنا تقع ترجمة مزيدة بهامش ح وهي: "علي بن عبد الله بن محمد بن يوسف بن أحمد الأنصاري قرطبي أبو الحسن ابن قطرال القاضي الفاضل، اكتب تمام رسمه من التكملة". (قلنا: ترجمته في التكملة (2843) والتعليق عليها). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2718)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 185، والذهبي في المستملح (649). (¬3) هامش ح: "هو منسوب إلى بُرْجة -بضم الباء- من أعمال (¬4) لم يذكره ابن الأبار في المعجم الذي ألفه في أصحابه.

481 - علي بن عبد الله بن يوسف بن خطاب بن خلف بن خطاب المعافري، إشبيلي بلساني الأصل، أبو الحسن

وكان لُغَويًّا أديبًا، ذا حظٍّ صَالح من روايةِ الحديث، بارعَ الخَطِّ أنيقَ الوِراقة نبيلَ التّقييد مُتقَنَ الضَّبط، كتَبَ بخطِّه الرائقِ الكثيرَ وجَوَّدَه، وأقرَأَ ببلدِه في حياة شيخِه ابنِ الوَرّاق، وتَجوَّلَ في أقطار الأندَلُس، واستقَرَّ بأَخَرةٍ في وادي آشَ وأقرأ بها وذُبح بها سنةَ خمس أو ستٍّ وثلاثينَ وخمس مئة (¬1). 481 - عليُّ (¬2) بن عبد الله بن يوسُفَ بن خَطّاب بن خَلَف بن خَطّاب المَعافِريُّ، إشبِيليٌّ بَلَسَّانيُّ (¬3) الأصل، أبو الحَسَن. تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن نَجَبةَ، وسَمِعَ على أبي بكرٍ النَّيّار، وأبي الحَسَن عبد الرّحمن بن مَسْلَمةَ، وأبي عبد الله بن زَرْقُون. وأجاز له أبو بكر بنُ خَيْر وأبو القاسم ابنُ بَشْكُوال. رَوى عنه أبو القاسم بن فَرْقَد وأبو محمدٍ الحَرَّار. وكان محدِّثًا راوِية، فقيهًا ظاهريَّ المذهب، عاقدًا للشُّروط مُبرِّزًا في تجويدِها، حَسَنَ الخطّ ذا مشارَكة في الأدبِ وحظٍّ [72 ظ] من النَّظم والنّثر، واستُقضيَ بإشبيلِيَةَ وقتًا، واستنابَهُ القضاةُ بها كثيرًا في الأحكام، وكُفَّ بصَرُه بأَخَرة فلزِمَ دارَه إلى أن توفِّي نصفَ ليلة الأحدِ السابعةَ عشْرةَ من ذي قَعْدةِ سنة تسع وعشرينَ وست مئةٍ وهو ابنُ ثمانينَ سنةً وأشْهُر، ودُفن عَصْرَ ذلك اليوم بمقبرة النَّخيل. ¬

_ (¬1) في صلة الصلة: "في حدود 540 أو بعدها بيسير"؛ قلنا: وعند هذا الموضع تقع ترجمة مزيدة بهامش ح وهي: "علي بن عبد الله بن هارون، مالقي أبو الحسن. أنشد له أصبغ بن أبي العباس في "أدباء مالقة" [الخفيف]: يا صديقا صفا ضميرًا وظنا ... وحوى المكرمات فنًّا ففنّا مجد كل امرئ لدى النقد لفظ ... وسنا مجدك المجد معنى" قلنا: هذا من صلة الصلة 4/الترجمة 202. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2832)، والذهبي في المستملح (705)، وتاريخ الإسلام 13/ 896. (¬3) هامش ح: "بلسانة: قرية على نهر إشبيلية الأعظم".

482 - علي بن عبد الله الفهري، قرطبي

482 - عليُّ بن عبد الله الفِهْريُّ، قُرطُبيٌّ. كان فقيهًا عاقدًا للشّروط، حيًّا سنةَ إحدى وعشرينَ وخمس مئة. 483 - عليُّ بن عبد الله، إشبِيليٌّ، أبو الحَسَن، غُلامُ الحُرَّة. كان أديبًا حافظًا، شاعرًا مُحسِنًا، كاتبًا بارِعًا، ذا مشارَكة في الطبِّ وتقَدم في معرفة النَّبات، وله "شَرْحٌ في كتابِ دياسقوريدوسَ" أفادَ به، وضَبَطَ كثيرًا من أسماءِ الأدوية المذكورة فيه، تلَقّاها عن مملوكتِه آنّه القريقيّة (¬1)، وكانت وقَعَتْ إليه من سَبْي سَرقُوسةِ صِقِلِّيَة، وكانت أُمُّها قابلةً عارفةً للحشائِش والأدوية؛ وشَرَّقَ وحَجَّ وجالَ في كثيرٍ من بُلدانِ المغرِب، ووَقَفَ على أعيانِ الكثير من النَّبات فيه وفي غيرِه. 484 - عليُّ (¬2) بن عُبَيد الله بن عبد الله بن خَلَف الأَزْديّ، بَلَنسِيٌّ إشبِيليُّ الأصل انتَقلَ منها أبوه، أبو الحَسَن الزّوق (¬3). تَلا بالسبع على أبي عبد الله بن حَمِيد، ورَوى عن أبي بكر بن مُغاوِر، وأبي عبد الله بن نُوح وأبي القاسم بن حُبَيْش. وأجازَ له أبو الطاهرِ بنُ عَوْف وأبو عبد الله بنُ الحَضْرَميّ وأبو القاسم بنُ جَارةَ. وكان مُقرِئًا تصَدَّر لذلك، وتصَدَّى لعقدِ الشُّروط، وكان له بصَرٌ بها. وُلد سنةَ تسع وأربعينَ وخمس مئة؛ وتوفِّي في محرَّم أو صَفَرِ ثلاثٍ وتسعينَ وخمس مئة، وثَكِلَه أبوه. 485 - عليُّ (¬4) بن عُبَيد الله بن عبد الله بن محمد بن محمد بن القاسم بن حَمُّود العَلَويُّ، مالَقيٌّ -فيما أظُنُّ- أبو الحَسَن. ¬

_ (¬1) Anna, the Greek (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2789). (¬3) هامش ح: "ابن الأبار: ابن الزوق". (¬4) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة (119)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 247. وجاء في هامش ح: "ذكر ابن خميس هذا الشريف في أدباء مالقة وقال: توفي سنة سبع وتسعين وخمس مئة".

486 - علي بن عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار بن مروان بن سلمون اللخمي

كان أديبًا شاعرًا مُحسِنًا حَسَنَ الخُلق جميلَ العِشرة طيِّبَ النفْس. 486 - عليُّ بن عُبَيد الله بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الجَبّار بن مَرْوانَ بن سَلمونَ اللَّخْميُّ. 487 - عليُّ بن عبد الرّحمن بن إبراهيمَ بن محمد التُّجِيبيُّ، قُرْطُبيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة. 488 - عليُّ بن عبد الرّحمن بن بِيطَش (¬1) البَلَويُّ. رَوى عن شُرَيْح. 489 - عليُّ (¬2) بن عبد الرّحمن بن حَزْمُونَ، مُرْسِيّ، أبو الحَسَن، ابن حَزْمُون. رَوى عنه أبو عبد الله ابنُ الطَّراوة. وكان شاعرًا مُفلِقًا ذاكرًا للآدابِ والتواريخ، أحدَ بوَاقعِ الدّهر، بذيءَ اللِّسان مُقذِعَ الأهاجيِّ بارعَ التصرُّفِ في النَّظم، وكان شديدَ القَنَا وارد الأَنْف أزرقَ حادَّ النظر أسِيلَ الوَجْه باديَ الشرِّ مَهِيبًا. قال لي شيخُنا أبو الحَسَن: رأيتُه بدُكَّانِ بعض الوَرّاقينَ من مُرْسِيَةَ وأنا لا أعرِفُه، فسألتُ عنه فعُرِّفْتُه فاستَعَذْتُ بالله من شرِّه ولم أتعَرَّفْ لهُ. كانت بينَه وبينَ جماعة من أُدباءِ عصرهِ مُخاطَباتٌ ومُراجَعاتٌ تشهَدُ بتقَدُّمِه في الأدبِ واستقلالِه بما يُحاولُ من النَّظم وإجادتِه فيه؛ وَرَدَ مَرّاكُشَ مرّاتٍ، منها -وأُراها آخِرَها- قَدْمةٌ على المُستنصِر مادحًا له ومُتظلِّمًا من المَجْرِيطيِّ العامل حينَئذٍ على مُرْسِيَة ومُستعدِيًا عليه لضَرْبِه إيّاه بالسِّياطِ لما أُنْهِيَ إليه من ثَلْبِه إيّاه، وَيذكُرُ أنه كان يقولُ وهو يُضرَب: {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء: 89] فيُجاوبُه المَجْرِيطيُّ قائلًا له: {ذَلِكَ بِمَا ¬

_ (¬1) في م: "يبطش". (¬2) ترجمه التجيبي في زاد المسافر (32)، وابن خميس في أدباء مالقة (134)، وابن سعيد في المغرب 2/ 214، والمقري في أزهار الرياض 2/ 211 وغيرهم. وأشعاره مبثوثة في كتب الأدب الأندلسي.

قَدَّمَتْ يَدَاكَ} [الحج: 10] وأطال سِجنَه؛ ولمّا قَدِمَ على المُستنصِر وتبَرَّأَ عندَه مما نُسِب إليه من هَجْوِ المَجْرِيطي نَفَذَ أمرُ المُستنصِر بإعدائه على المَجْرِيطيِّ وتمكينه منه وتحكيمِه فيه حتى ينتصفَ منه بمثِلِ ما جنَى عليه، وانقَلبَ ابنُ حَزْمونَ بهذا الأمر فلم يصِلْ إلى الأندَلُس إلّا والمُستنصِرُ قد توفِّي، ولم يَبْلُغْ إلى أملِه من المَجْرِيطي، فاشتدَّ أسَفُه لذلك؛ ومن شعرِه [مخلع البسيط]: يا مَن لهُ بالأنامِ أُنْسٌ ... وهْو إلى اللهوِ ذو التفاتِ حالُكَ في المُوبِقاتِ حالي ... قَدُّ قناةٍ على قناةِ أَستغفرُ اللهَ من ذنوب ... أنا بها نازلُ الصِّفاتِ لكنَّ حَشْوَ الحَشَاء رجاءٌ ... [...] في واسع الجِهاتِ ياربِّ عَفْوًا لِما تقَضَّى ... وتوبةً في الذي سياتي ومنه، وقَصَدَ إلى بعضِ الرؤساء، وهو أبو سَعيد بنُ جامع، وكان لدارِه بابانِ، فرَقَبَ خروجَه ليَلقاهُ في أحدِ البابَيْن، فقيل: إنهُ خرَجَ من الباب الآخرَ، فقال، [البسيط]: نعوذُ بالله مِن وَجْدٍ ومن بَيْنِ ... ومن وقوفٍ على دارٍ ببابينِ ومنْ زيارةِ أرباب بلا عَدَدٍ ... لا يملِكونَ حياتي لا ولا حَيْني إنِّي وَجَدْتُهمُ لمّا رَجَوتُهُمُ ... كالريحِ تطلُبُها (¬1) ما بينَ كفَّيْنِ وهذه القصيدةُ التي رَفَعَ إلى المُستنصِر شاكيًا بالمَجْرِيطي [الطويل]: إليكَ إمامَ الحقِّ جُبْتُ المَفاوِزا ... وخَلَّفْتُ خَلْفي صِبْيةً وعجائزا يُرَجِّينَ سَيْبَ الله ثم حَنانَكُمْ ... إمامَ الهوى حتى يَمُتْنَ عزائزا (¬2) ¬

_ (¬1) في م ط: "تقلبها". (¬2) في م ط: "عجائزا".

لعَمْري لقد وَدَّعْتُ منهنَّ مُكْرَهًا ... جَآذرَ في أكنانِها وبَراغزا (¬1) يَقُلْنَ وقد قَبَّلْنَ رأسي بَواكيًا ... وقَرَّبْنَ منِّي حَلْقَةً ومَهامزا: إلى أين تَمضي؟ قلتُ: للمَلِكِ الذي ... يُفيدُ صِلاتٍ جمةً وجوائزا لمُستنصِرٍ بالله يَرْدعُ ظالمًا ... ويَنصُرُ مَظْلومًا ويُحيي جَنائزا فعَزَّيتُ نَفْسي واقتَعَدْتُ شِمِلَّةً ... تَرى خَلْفَها كُوْمَ المهارَى جَوامزا (¬2) كأنَّ لها من جاهِد الشدِّ ناخِسًا ... يُهَيِّجُها عندَ الفُتورِ وهامزا وما رِمتُ مِرْقالَ الودائقِ والسُّرى ... أُقَطِّعُ غِيطانَ الفلا والأماعزا (¬3) إلى أن بُدَا نورُ الهُدى متألِّقًا ... كما شِمْتَ مَفْتُوقًا من الصُّبحِ بارزا مَقامَ أميرِ المؤمنينَ ومَن يَزُرْ ... مَقامَ أبي يعقوبَ أصبح فائزا ألا إنَّ عَبْدًا للجواهرِ ناظمًا ... وللسُّنْدُسِ العالي منَ الحمدِ طارزا بَغَوْه فلم يَسْطِعْ دفاعًا ولم يَجِدْ ... هنالكَ إلا طاعنَ القلبِ واخِزا (¬4) ألم تَخشَ مَجْرِيطيُّ حين غمَزْتَني ... ظَلومًا بأنْ تَلْقَى على الظُّلْمِ غامزا؟! بلى والذي تَسْري الرِّكَابُ لبيتِهِ ... مُخَيَّسةً تحت الشَّكيمِ غَوامزا (¬5) لَينتصِرنَّ اللهُ منكَ فلا تكُنْ ... لهُ بالذي لا يَرتضيهِ مُبارِزا ¬

_ (¬1) البراغز: جمع برغز، وهو ولد البقرة الوحشية. (¬2) شملة: ناقة سريعة، كوم: جمع كوماء وهي الناقة العظيمة السنام. جوامز: واثبة. (¬3) رمت، بكسر الراء: تركت، مرقال: تقطع المفاوز، الودائق: جمع وديقة وهي منتصف النهار؛ الأماعز: جمع أمعز وهو الأرض الغليظة. (¬4) المعروف بغوا عليه بمعنى ظلموه متعديًا بالحرف. (¬5) سقط هذا البيت من م؛ وروي "الحجيج" موضع "الشكيم" في ط؛ والمخيسة: المذللة بالركوب؛ الغوامز: الظالعة في سيرها.

إلى الله أشكو مُشرَئبًّا إلى الغِنى ... حَريصًا على كسْرِ المخازنِ حافزا ألا إنَّ قارونَ استعَزَّ (¬1) بكَنْزِهِ ... فَواهًا لِمنْ أضحىَ كقارونَ كانزا ألم يعلَمِ الإنسانُ أنَّ أمامَهُ ... مَقامًا لِما أوعَى وأمْرًا مُنَاجِزا فما بالُهُ استَغنَى فنَهْنَهَ واجبًا ... وجَوَّزَ ما لم يَجْعلِ اللهُ جائزا؟! فأقسِمُ بالله الذي نَوَّرَ الهُدى ... وصَيَّر بين البحرٍ والبحرِ حاجِزا لقد ظَلَموا شيخَ القَوافي يَصُوغُها ... قصائدَ مما يُنْتقَى وأراجِزا أداروا عليهِ منْ سِمَامِ اعتدائهمْ ... أباريقَ ممّا يُتَّقَى وقَواقِزا وشَقُّوا عليه ظالمينَ أديمَه ... كأنْ قد أصابوهُ عن الحقِّ ناشِزا همُ جَرَّدوني مِن لَبُوسِ اعتنائكمْ ... وهمْ ألبَسُوني من نَجِيعي قَرامزا وهمْ أوْطَأوا ساقيَّ أدهمَ كلّما ... تحرَّكْتُ غَنَّاني فصيحًا ورامِزا ولم أقترِفْ إثمًا يُميتُ مَعَاذِري ... ولا جئتُ ذَنْبًا يترُكُ العفوَ عاجِزا سوى أنْ رأَوْا والحمدُ لله وَحْدَهُ ... حَفيظًا لنا ممّا نَخافُ وحارِزا فهَمُّوا ولولا ما وَقَى اللهُ غَيَّبوا ... حُشاشَةَ نَفْسي واستباحوا الجَرامزا (¬2) ولو قَذَفتْ بي الريحُ في أرضِ هُرمُزٍ ... وعَهْدِكَ عندي ما اتَّقيْتُ الهَرامزا وتالله ما آنَسْتُ إلّا مَواردًا ... عِذابًا وطَبَّاخًا أنيقًا وخَابِزا رجاءً وخوفًا أنْ يُرى النَّقْعُ تَحتَهُ ... لواءُ الهُدى يَمضي به النصْرُ قافزا إذا أمَّ مِحلالُ العِدا وَجَدَ الرَّدى ... به مُسْبَطِرًّا بارِزًا ومُناهزا كذلك حتى يَجمَعَ اللهُ خلْقَهُ ... على حُبِّكمْ أرواحَهُمْ والغرائزا ¬

_ (¬1) في م ط: "استفز". (¬2) الجرامز: جمع جرموز وهو البيت الصغير.

490 - علي بن عبد الرحمن بن زرقون، بلنسي

خليفةَ ربِّ العالَمينَ الذي بهِ ... هَدَى اللهُ منا أنفُسًا ونَحائزا ألَسْتَ على الإسلامِ قُبَّةَ رحمةٍ ... بنَى اللهُ أوتادًا لها ومَراكزا فلا زالَ سلطانُ الإمامةِ جامعًا ... لأمرِكَ طاعاتِ العبادِ وحائزا 490 - عليُّ بن عبد الرّحمن بن زَرْقُونَ، بَلَنْسِيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. 491 - عليُّ بن عبد الرّحمن بن زُعرورٍ العامِليُّ، مالَقيٌّ، وهو ابنُ خالةِ أبي عَمْرو بن سالم. له إجازةٌ من أبي محمدٍ عبد الحقِّ بن بُونُهْ. 492 - عليُّ (¬1) بن عبد الرّحمن بن سَيِّد بن غالب بن مَعْمَر المَذْحِجيُّ، مالَقيٌّ، أبو الحَسَن. وهو أخو الراوِيةِ أبي عبد الله. رَوى عن أبي عليّ الغَسّانيّ وكان من أهل العلم والرِّواية، وتوفِّي في شوّالِ ثلاثِ وثلاثين وخمس مئة، ودُفنَ في حَضِيض جبَلِ فارو (¬2). 493 - عليُّ بن عبد الرّحمن بن طاهِر. 494 - عليُّ (¬3) بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن نِزَار، شاطِبيٌّ فيما أحسِبُ. رَوى عن أبي الفَتْح السَّمَرْقَنْدي، وأبي الوليد الباجِيّ. رَوى عنه أبو الحَجّاج بن نادِر. 495 - عليُّ بن عبد الرّحمن بن عُبَيد الله الخَوْلانيُّ. رَوى عن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2714). (¬2) في النسخ: "فاروق"، وجاء في حاشية ح: "الصواب: فارو آخره واو". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2685).

496 - علي بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن زكريا بن عبد الله بن إبراهيم بن حسنون الحميري الكتامي، بياسي، أبو الحسن

496 - عليُّ (¬1) بن عبد الرّحمن بن عبد العزيز بن زكريّا بن عبد الله بن إبراهيمَ بن حَسْنُونَ الحِمْيَريُّ الكُتَاميُّ، بَيّاسيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكر بن خَلَف. بن النَّفيس، وأبي الحَجّاج بن يَسْعُون، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي عليّ منصُور ابن الخَيْر، وأبي محمد بن خُلُف الزَّنْقي، أخَذ عنهم القراءات وسَمِع منهم. رَوى عنه ابنُه أبو بكر؛ وكان مُقرئًا فاضلًا استُقْضيَ ببلدِه، ووَليَ الصلاةَ والخُطبةَ بجامعِه. 497 - عليُّ بن عبد الرّحمن بن عبد العزيزِ ابن القاسِم الهَمْدانيُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي محمد بن عُبَيد الله (¬2). 498 - عليُّ (¬3) بن عبد الرّحمن بن عليّ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن يَعيشَ بن حَزْم بن يَعيشَ بن إسماعيلَ بن زكرِيّا بن محمد بن عيسَى بن حَبِيب بن إسحاقَ بن إبراهيمَ بن عبد الجَبّار الداخِل إلى الأندَلُس ابن أبي سَلَمةَ الفقيهِ ابن عبد الرّحمن بن عَوْف الزُّهريِّ صاحبِ رسُولِ الله - صَلَّى الله عليه وسلم - ورضيَ عنه، كذا نقَلتُ نَسَبَه من خطِّه (¬4)، إشبيليٌّ، أبو الحَسَن الزُّهْريُّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2745)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 210. (¬2) بهامش ح: "أبو الحسن الهمداني هذا من أهل مالقة أخذ من أبوي بكر: ابن عبد الجبار قاضيها والكتندي. وأجاز له: أبو بكر بن الجد، وابن أبي زمنين، وابن عمران، وأبو علي غالب بن زياد، وأبَوا الحسن: ابن كوثر ونجبة، وأبو عبد الله بن زرقون، وأبو العباس بن مضاء، وأبو القاسم بن حبيش، وأبو محمد بن عبد الرّحيم ابن الفرس. وقد سمع على جماعة ممن ذكر وعلى غيرهم وشارك قريبيه القاضيين أبا محمد وأبا سليمان ابني حوط الله في كثير ممن أخذا عنه وسمع بقراءتهما الكثير. وأجاز له من أهل المشرق: أبو عبد الله الحضرمي، وأبو محمد القاسم ابن عساكر وغيرهما. واستُقضي، وكان من جلة الطلبة حيًّا سنة تسع وست مئة". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2841)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 292، والذهبي في المستملح (713)، وتاريخ الإسلام 14/ 459. (¬4) في هامش ح: "وكذلك وقفت أنا أيضاً عليه في خطه".

499 - علي بن عبد الرحمن بن علي بن جراح القيسي، إشبيلي، أبو الحسن المستيري

تلا بالثّمانِ وبالإدغام الكبير عن أبي عَمْرِو على أبي بكر بن صَافِ الإشبيليّ. وسَمِعَ "صحيحَ البخاريِّ" على أبيه أبي محمدٍ عبد الرّحمن، ولزِمَ أبا إسحاقَ بنَ مُلْكُون مُدّةَ في تعلُّم اللُّغة العربيّة، وأجازوا له (¬1). رَوى عنه أبو عبد الله ابنُ الأبّار. وكان شيخًا فاضلًا حَسِيبًا من بيتِ نَباهةٍ وجَلالة، ولِيَ خُطّةَ المَناكِح ببلدِه مدّةً ممتدّة، وقضاءَ الجماعة في إمارة أبي مَرْوانَ أحمدَ بن محمد الباجِي، والخُطبةَ بجامع العَدَبَّس بأَخَرةٍ من عُمُرِه. وتوفِّي في ربيع الآخِر سنةَ ثلاثٍ وأربعينَ وست مئة، ومولدُه عامَ خمسينَ وخمس مئة. 499 - عليُّ بن عبد الرّحمن بن عليّ بن جَرّاح القَيْسيُّ، إشبِيليٌّ، أبو الحَسَن المستيريّ (¬2). رَوى عن أبوَيْ بكر: عَتِيق بن عليّ البَلَنْسِيِّ وابن العرَبيّ الحاجِّ وأبي الحُسَين ابن زَرْقُونَ وأبي المعالي سَعْد الجُعَيْدي. 500 - عليُّ (¬3) بن عبد الرّحمن بن عليّ بن عبد الرّحمن الخُشَنيُّ، من ذُرِّيةِ أبي ثَعْلبةَ الخُشَنيِّ صاحب رسُولِ الله - صَلَّى الله عليه وسلم - ورضيَ عنه، أُبَّذِيٌّ سَكَنَ إشبيلِيَةَ زمانًا إلى أن تغلَّبَ النَّصارى دمَّرَهم اَللهُ على إشبِيلِيَةَ، فتحَوَّلَ إلى غَرْناطة، أبو الحَسَن الأُبَّذِيّ. أخَذ العربيّةَ والآدابَ على أبي الحَسَن الدَّبّاج، وأبي عليّ ابن الشَّلَوْبِين واختَصَّ به كثيرًا؛ وكان نَحْويًّا ماهرًا حَسَن التصرُّف والتعليم معروفَ الخيرِ والعفاف والانقباض عن مخالطةِ الناس والتحامُلِ والقَناعة وحُسن الخُلُق، وُلدَ بأُبَّذَةَ، ثلاثَ عشْرةَ وست مئة. ¬

_ (¬1) هامش ح: "كما ذكر المصنف ذكر ابن الأبار أن ابن مُلكون أجاز له وليس ذلك بصحيح فإني قرأت بخطه رحمه الله أنه لم يجز له قال: إذ لم تكن عادته، قال: وقرأت عليه كتبًا كثيرة". (¬2) هكذا في ح وفوقه علامة خطأ. وفي ط: "المسيري" وفي م: "المستير". (¬3) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 307 وهو فيه: "علي بن محمد بن عبد الرحمن" وذكر أنه توفي سنة 680 هـ، وقال: "أقرأ بمالقة عند خروج أهل إشبيلية، وقرأت عليه إذ ذاك بها طائفة من إيضاح الفارسي". وفي هامش ح بعض هذه المعلومات.

501 - علي بن عبد الرحمن بن القاسم، أبو الحسن

501 - عليُّ بن عبد الرّحمن بن القاسِم، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عبد الله بن نُوح. ولعلّه عليُّ بن عبد الرّحمن بن عبد العزيزِ ابن القاسم المذكورُ قبلُ، واللهُ أعلم. 502 - عليُّ (¬1) بن عبد الرّحمن بن يوسُفَ بن يوسُفَ (¬2) بن مَرْوان بن يحيى بن الحُسَين بن أفْلَحَ بن قَيْس بن سَعْد بن الحَسَن بن طَرِيف بن عليّ بن الحُسَين بن يحيى بن سَعيد بن قَيْس بن سَعْد بن عُبَادةَ الخَزْرَجيِّ صاحبِ رسُول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -. كذا نقَلتُ نَسَبَهُ من خطِّ غيرِ واحد من عَقِبِه، وأرى أنّ فيه تخليطاً، وأنه ليس من ذُرِّية قَيْس بن سَعْد بن عُبَادةَ، وإنّما هو من ذُرِّيةِ سَعيد بن سَعْد بن عُبَادة، فقد ذَكَرَ أبو محمد بنُ حَزْم في "جَماهِر النَّسَب" (¬3) أنّ لسَعيدِ بن سَعْد هذا عَقِبًا بالأندَلُس بقريةٍ يقالُ لها: قَرْفَلان (¬4) من عَمَل سَرَقُسْطةَ من قِبَلِ الحُسَين بن يحيى بن سَعيد بن سَعْد بن عُبَادة، ولذلك أرى أنّ إقحامَ قَيْسٍ بينَ سَعيدٍ وسَعْد وَهمٌ، واللهُ أعلم؛ وأيضًا، فإنّ عُبادةَ الشاعرَ ابنَ ماءِ السَّماءِ (¬5) من هذا البيت، وهُو: عُبَادةُ بن عبد الله بن محمد بن عُبَادةَ بن أفْلَحَ بن الحُسَين، فأفْلَحُ مقَدَّمٌ على الحُسَين في هذا النَّسَب وعكْسُه في نَسَبِ عليّ المترجَم به؛ وقد ذَكَرَ الحَكيمُ (¬6) أنَّ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2686)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 163، والذهبي في المستملح (642)، وتاريخ الإسلام 10/ 815. (¬2) "بن يوسف": سقطت من م ط. (¬3) انظر جمهرة الأنساب (365). (¬4) في الجمهرة: "قربلان"، وفي الروض المعطار: "قربليان"، وعقدة الفاء واضحة تمامًا في ح. (¬5) انظر ترجمة عبادة الشاعر في جذوة المقتبس (663) وبغية الملتمس رقم (1123) والذخيرة 1/ 361 والصلة (966)، ونسبه الذي ساقه ابن عبد الملك هنا أورده ابن بشكوال أيضاً نقلًا عن ابن الفرضي في كتاب طبقات الشعراء له، وينظر مزيد مصادر عنه في التعليق على الجذوة. (¬6) لا ندري لمن تنصرف هذه الكلمة في هذا الموطن لكثرة المعروفين بها ومنهم محمد بن إسماعيل الحكيم والحكيم الأزدي (الزبيدي: 300، 327) وشهر ابن باجة باللقب كثيرًا وصلته بسرقسطة لا تخفى؛ وإن كانت "الحكم" انصرفت إلى المستنصر وكان كثير الاهتمام بالأنساب. وقد كتب الدكتور محمد بن شريفة مقالة عن هذا الحكيم عنوانها "حول مؤرخ أندلسي مجهول".

بسَرَقُسْطةَ بيتَ الحُسَين بنِ يحيى الثائرِ بها، وهُو: الحُسَينُ بن يحيى بن سَعيد بن سَعْد (¬1) بن عُبَادةَ، قال: ومن أهلِه عُبَادةُ بنُ أفْلَحَ بن سَعيد بن يحيى بن سَعِيد ابن سَعْد. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وعُبَادةُ هذا هو أبو جَدِّ عُبَادةَ الشاعرِ، ولم يَذكُرْ أنّ الحُسَين أبًا (¬2) لأفْلَحَ ولا ابنًا له. وعليٌّ المترجَمُ به طُلَيْطُليّ، خرَجَ منها قبْلَ تغلُّبِ الرُّوم عليها بيسير (¬3)، وتجوَّلَ في كثيرٍ من بلادِ الأندَلُس وسَكَنَ طائفةً منها، فنزَلَ بَطَليَوْسَ ثم إشبيلِيَةَ ثم قُرطُبة؛ أبو الحَسَن اللُّونْقُه، وتفسيرُه الطويل. رَوى عن أبوَيْ بكر: خازِم وابن الغَرَّاب وأبي الحَسَن يونُسَ بن مُغيث، وأبي سَعِيد الوَرّاق، وأبي شاكر بن مَوْهَب، وأبي العبّاس العُذْرِيّ، وأبي عليّ الغَسّانيّ، وأبي عُمرَ بن عبد البَرّ، وأبي القاسم أصبَغَ ابن المُناصِف، وآباءِ محمد: ابن خَلَف ابن السَّقَّاط وابن عَتّاب وابن محمد الشارِقيّ، وأبي المُطرِّف عبد الرّحمن بن محمد بن سَلَمَة، وعَدَّ ابنُ الأبّارِ في شيوخه أبا عبد الله ابنَ السَّقّاط؛ رَوى عنه ابنُه أبو محمدٍ الحَسَن. وكان فقيهًا عارِفًا مجتهِدًا في طلب العلم، وَرِعًا موفورَ الحَظّ من علم الطّبّ، لَقِنَه عن أبي المُطرِّف بن وافِد (¬4)، وكان مُسدَّدَ العلاج وله مُجَرَّباتٌ في الطبِّ نافعةٌ أُخِذَت عنه فحُمِدَ اختبارُهُ إيّاها واختيارُه؛ وتوفِّي بقُرطُبةَ عامَ ثمانيةٍ أو تسعةٍ وتسعينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) من هنا إلى آخر الفقرة سقط من م. (¬2) كذا في النسخ. (¬3) كان تغلب الروم على طليطلة عام 478 هـ. (¬4) انظر ترجمته في طبقات الأمم 83 - 84، وابن أبي أصيبعة 3/ 79 (ط. بيروت) وكان حيًّا في سنة ستين وأربع مئة.

503 - علي بن عبد الرحمن النميري، غرناطي، أبو الحسن

503 - عليُّ (¬1) بن عبد الرّحمن النُّمَيْريُّ، غَرْناطيٌّ، أبو الحَسَن. وهو من بيتِ الراوِية أبي عبد الله، فإن يكُنْ أخاه، وهو الغالبُ على الظّنِّ، فقد تقَدَّم رفْعُ نَسَبِه فيمَن يُسمَّى أبوه عليَّ بن عبد الرّحمن. وكان من بيتِ علم ونَباهة، معروفَ الصّلاح والخَيْر والفَضْل، وَوِليَ صلاةَ الفريضة بجامع بلدِه. وتوفِّي ضُحاءَ يوم الثلاثاءِ لثمانٍ بقِينَ من ربيعِ الآخِر سنةَ ثِنْتَيْ عشْرةَ وخمس مئة، وتوفِّيت زوجُهُ عصرَ ذلك اليوم، فخُرِج بنَعْشَيْهما ضُحاءَ يوم الأربعاء بعدَه، وصَلَّى عليهما القاضي أبو سَعِيد خلوفُ بن خَلَف الله، واحتَفل القاضي لحضورِ جَنازتَيْهما فلم يتَخلَّفْ عنهما أحدٌ من أهل غَرْناطة (¬2). 504 - عليُّ بن عبد الرّحمن اليَحْصُبيُّ، باغِيّ، أبو الحَسَن. رَوى عن شُرَيْح. 505 - عليُّ بن عبد الرّحمن، أبو الحَسَن، ابنُ الوَسَّاد. رَوى عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبي. 506 - عليُّ بن عبد السّلام بن مُطرف الأُمَويُّ، أبو الحَسَن. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2697)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 152. (¬2) جاء في هامش ح: "قال فيه شيخنا أبو جعفر ابن الزبير: علي بن عبد الرحمن بن هشام النميري إمام الفريضة بجامع غرناطة، وهو جد جد الحافظ أبي عبد الله النميري. وقال في وفاته: يوم الثلاثاء الحادي والعشرين لربيع الآخر من سنة ثنتي عشرة وأربع مئة، وذكر باقي الترجمة، ولعلّه أصوب مما قال ابن الأبار والمصنف، والله أعلم". كما جاء ها هنا موضع ترجمة مزيدة بهامش ح وهي: "علي بن عبد الرحمن النَّحْلي -بفتح النون وسكون الحاء الغفل بعدها لام منسوبًا- الزَّاهد أبو الحسن الجباح مالقي الأصل، وتجول في أقطار الأندلس وسواحلها سياحة وتبتلًا وانقطاعًا وكان من كبار الزهاد العبّاد، وكان ببلنسية في ولاية أبي زكريا ابن غانية عليها، فاستخلصه لنفسه وأسند إليه بشرق الأندلس النظر في أسارى المسلمين وفكهم، فوفق من ذلك إلى ما حُمد فيه غَناؤه" (قلنا: هذا الرجل مترجم في التكملة الأبارية 2740).

507 - علي بن عبد الصمد بن شرحبيل اليافعي

لهُ إجازةٌ من المَشْرِقيِّينَ المذكورينَ في رَسْم أبي الطاهِر أحمدَ بن عليّ الهَوّاري. 507 - عليُّ بن عبد الصَّمد بن شُرَحْبِيلَ اليافِعيُّ. رَوى عن أبي العبّاس ابن النَّحّاس. 508 - عليُّ بن عبد الصَّمد بن عليّ بن محمد بن سَعِيد الأنصاريُّ، إشبِيليّ، أبو الحَسَن، ابن الجَنّان (¬1). رَوى عن آباءِ بكرٍ: ابن طلحةَ وابن عليّ الحاجّ وابن أبي جَمْرةَ وابن أبي زَمَنِين، وأبوَي الحَجّاج: ابن عبد الله بن أيّوبَ وابن عبد الرّحمن بن غُصْن، وأبي الحُسَين ابن الصّائغ، وأبي حَفْص بن عُمرَ، وأبي ذَرّ بن أبي رُكَب وأبي الصَّبرِ الشَّهيد، وأبوَي العبّاس: ابن مَضَاءٍ وابن مِقْدام، وأبي العطاءِ بن نَذير، وآباءِ محمد: التادلَيِّ وابن جُمْهور والحَجْريِّ وعبد المُنعِم ابن الفَرَس، وأبي الوليد جابِر بن أبي أيّوب. رَوى عنه أبو عَمْرو بنُ عَمْريل، وأبو محمد طلحةُ. وحدَّث عنه بالإجازةِ أبو عبد الله الطَّنْجَاليّ وأبو عُبَيدةَ محمدُ بن محمد بن فَرْقَد. وكان محدِّثًا ضابطًا مُتقنًا متيقِّظًا ذاكِرًا للتواريخ الحديثيّة، عارِفًا بطُرُقِ الرِّواية ثقةً فيما يَأُثُره عَدْلًا فيما يَرويه، عاقدًا للشُروط بصيرًا بعِلَلِها، مُبرِّزًا في العدالة (¬2). 509 - عليُّ بن عبد العزيز بن حَزْم. سَمِعَ بالمَرِيّة على أبي عليّ ابن سُكّرةَ. ¬

_ (¬1) في هامش ح: "مولد ابن الجنان هذا سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة". (¬2) هامش ح: ترجمة مزيدة وهي: "علي بن عبد الصمد بن محمد بن يعيش الغساني. مُنكّبي، أبو الحسن. أخذ من أبيه، وأبي بكر الكتندي، وأبي القاسم ابن سَمَجون، وكان كاتبًا بارع الخط حسن الكتابة والمعرفة، التزم الكتابة إلى حين وفاته، وكان بمدينة سلا سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة، وثكله أبوه".

510 - علي بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز بن عوسجة بن أزراق، سرقسطي، أبو الحسن

510 - عليُّ (¬1) بنُ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيزِ بن عَوْسَجةَ بن أزْرَاق، سَرَقُسْطيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبوَيْ عليّ: الغَسّاني وابن سُكّرةَ، وأبي عِمرانَ بن أبي تَلِيد، وأبي محمد بن عَتّاب؛ وكان فقيهًا وَلِيَ خُطّةَ الأحكام. 511 - عليُّ بن عبد العزيزِ بن إبراهيمَ الكَلْبيُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجيّ. 512 - عليُّ بن عبد العزيزِ بن عليّ. كان من أهلِ العلم، حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. 513 - عليُّ (¬2) بن عبد العزيزِ بن محمد بن مَسْعود القَيْسيُّ، بَسْطيٌّ سكَنَ مدينةَ فاسَ، أبو الحَسَن. تَلا على أبي الحَسَن بنِ أبي طاهر البُرْجِيّ وأبي القاسم اللَّبْسيّ. تَلا عليه أبو عبد الله بنُ خَلَف بن بالغ، والخطيبُ أبو محمد قاسمُ بن محمد بن طَويل. وكان متقدِّمًا في تجويدِ القرآن وإتقان حروفِه، أقرَأَهُ بفاسَ وغيرِها، ودرَّسَ الفقهَ، وكان حافظًا للمذهبِ المالكيِّ ذاكرًا لمسائلِه، وله في القراءاتِ مصنَّفٌ مُفيدٌ سمَّاه: "الاستدلال على رفع الإشكال في جَمْعِ (¬3) القراءاتِ وتبيينِ المعاني المُبهَمات". 514 - عليُّ بن عبد العزيزِ بن محمد الأنصاريّ، إشبِيليٌّ فيما أحسِب. 515 - عليُّ (¬4) بن عبد العزيز بن مُقاتِل القَيْسيُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكر بن أبي زَمَنِين. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2689) وفي معجم أصحاب الصدفي (285). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2735)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 194. (¬3) في م: "جميع". (¬4) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 265. وترجمته أفضل مما هنا، فقد ذكر أنه يعرف بابن عين الزجاج، وذكر من شيوخه: ابن بونه، وابن سمجون، وابن خروف، وله تأليف في الفرائض، نقل ذلك عن الملاحي.

516 - علي بن عبد العزيز الزناتي، قرطبي، أبو الحسن

516 - عليُّ (¬1) بن عبد العزيز الزَّنَاتيّ، قُرطُبي، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي إسحاقَ بن ثَباتٍ سنةَ ثلاث وثلاثينَ وخمس مئة. 517 - عليُّ (¬2) بن عبد العزيز القُرَشيُّ المَرْوانيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي جعفر بن يحيى، وأبي عبد الله بن جابِر، وأبي عليّ المالَقيِّ، وأبوَي القاسم: ابن بَشْكُوال وابن غالب. وأخَذَ أصُولَ الفقه عن رُكن الدِّين أبي عبد الله الرُّعَيْنيّ. رَوى عنه أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان؛ وكان محدّثًا فقيهًا سَرِيًّا فاضلًا، واستُقضيَ في بعضِ المواضع. 518 - عليّ بن عبد العزيز الهاشمي، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي القاسم أحمدَ بن محمد بن بَقِيّ. 519 - عليُّ بن عبد العزيز، آبليّ، أبو الحَسَن. رَوى عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبي. 520 - عليُّ بن عبد العزيز، إشبِيلي -فيما أرى- أبو الأصبَغ، ابنُ النَّيّار، وأُراه مقلوبًا. رَوى عن أبي عليٍّ الغَسّانيِّ، وأبي القاسم بن مَنْظور، ورَوى عنه أبو محمدٍ عبدُ الحقِّ ابنُ الحافظ (¬3). 521 - عليُّ بن عبد الملِك الجُمَحيُّ، أبو الحَسَن، ابنُ مُلوك. رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال 2/ 756، وياقوت في معجم البلدان 3/ 151، وابن الأبار في التكملة (2715)، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 4/ 104، وابن حجر في تبصير المنتبه 2/ 623. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2819). (¬3) فوقها في ح علامة خطأ، ولم يبين أي حافظ هو.

522 - علي بن عبد الواحد بن عبد العزيز الغافقي

522 - عليُّ بن عبد الواحِد بن عبد العزيزِ الغافِقيّ. رَوى عن شُرَيْح. 523 - عليُّ بن عبد الوهّاب بن محمد. حَدَّث عنه بالإجازة أبو بكرٍ عبدُ الله بن حِزْب الله. 524 - عليُّ (¬1) بن عَبَادِل، إشبِيليّ، أبو الحَسَن. رَحَلَ فحجَّ، ورَوى بمكّةَ كرَّمَها الله، عن أبي ذَرّ الهَرَويِّ، وقَفَلَ إلى بلدِه. ورَوى عنه محمدُ بن عُمر بن وليدٍ الهَوْزنيّ سنةَ ثِنْتينِ وخمسينَ وأربع مئة. 525 - عليُّ (¬2) بن عَتِيق بن أحمدَ بن عبد الله بن عيسَى بن عبد الله بن محمد ابن مُؤمن الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ، من ذُرِّية عُبَادةَ بن الصّامتِ رضي اللهُ عنه، فيما ذَكرَ أبو الحَسَن بنُ مُغيث، قُرطُبيٌّ نزَلَ بأَخَرةٍ مدينةَ فاسَ، أبو الحَسَن، ابنُ مُؤمن. رَوى عن آباءِ بكر: أبيه وابن خَيْر وابن عَيّاش والفَلَنْقِيّ، وأبوَيْ إسحاق: ابن الأمين وابن قُرقُول، وأبي جعفر بن أبي مَرْوان، وكذا كَنَاهُ، والمعروفُ في كُنْيتِه: أبو العبّاس؛ وأبي الحَكَم بن غَشِلْيانَ، وآباءِ الحَسَن: خَليل وسَلام وابن حُنَيْن وابن غالب، وأبي خالد بن عبد الجَبّار، وأبوَيْ عبد الله: ابن خَليل وابن الرَّمّامة، وأبي الفَضْل حَفيدِ الأعلم، وأبوَي القاسم: ابن رِضا وابن الفَرَس، وأبوَيْ محمد: الحَجْريِّ وعبد الحقِّ ابن الخَرّاطِ وأكثَرَ عنه بالأندَلُس وببجَايَةَ، وأجازوا له. وعُني أبوهُ بإسماعِه صغيرًا، فأسمَعَه على أبي إسحاقَ بن ثَبَات، وآباءِ بكر: عبد العزيزِ بن مُدير واليَحْييَيْن: البِيزاليِّ وابن بَصَّال، وابن رَيْدان، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2679). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2793)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 248، والذهبي في المستملح (682)، وتاريخ الإسلام 12/ 1150.

وأبوَيْ جعفر: البطْرَوْجيِّ وابن عَطّاف، وأبي الحَجّاج بن رُشْد، وأبي الحَسَن وليد بن مُوفَّق وأَبي الحُسَين اللَّبْليّ وأبي عبد الله بن أبي الخِصَال وأبي عامر بن قَيْصَر وأبي القاسم ابن بَشْكُوال، وآباءِ محمد: ابن فَرَج وابن مُفيدٍ والنَّفْزِيِّ المُرْسي وعبد الحقِّ بن عَطِيّةَ وعبد الغَفُور، وأبي مَرْوانَ بن مسَرَّةَ، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ، وأجازوا أيضاً له. واستَجاز له: أبا بكرٍ ابنَ العرَبي، وأبا الحَسَن عبدَ الرّحيم الحِجَاريَّ، وأبا عبد الله حفيدَ مكّي، وأَراهُ إيّاه، فقَبَّل أيديَهم واستَوهَبَ له دُعاءهم؛ وأبا أحمدَ بنَ رِزق، وأبوَيْ إسحاقَ: ابنَ أحمدَ بن رَشِيق وابن حُبَيْش، وآباءَ بكرٍ: ابن الخُلُف وعَيّاشًا اليابُرِيَّ وابنَ فَنْدِلةَ وابنَ المُرْخِي وابنَ مَسْلمةَ ويحيى بنَ الحَسَن القُرَشيّ، وأبا جعفر ابنَ المُرْخِي، وأبا الحَجّاج القُضَاعيّ، وأبا الحَسَن سَعْدَ بن خَلَف، وشُرَيْحًا، وعَبَّادَ بن سِرْحان، وابنَ الزَّقّاق، وابنَ فَيْدٍ، وابنَ مَعْدَان، وابن نافعٌ، ومحمدًا ابنَ الوَزَّان، ويونُسَ بن مُغيث، وأبا الحُسَين ابن الطَّلّاء، وأبا داودَ بنَ يحيى، وأبا الطاهِر الأشْتَرْكُونيَّ، وآباءَ عبد الله: الأحْمرَ والبُونْتيَّ والجَيّانيّ والبغداديَّ والحَمْزِيّ وابنَ صَافٍ وابنَ غَفْرَال وابن مَعْمَر وابنَ المُناصِف وابن نَجاح وابن وَضّاح وابن أبي أحَدَ عشَرَ، وآباء العبّاس: الأُقْلِيجيّ وابن رَزْقُونَ وابن العَرِيف، وأبا عُمرَ أحمدَ بن صالح، وأبا عَمْرو الخَضِر، وأبوَي الفَضْل: ابنَ شَرَف وعِيَاضًا، وأبوَي القاسم: ابنَ بَقِيّ وابن وَرْد، وأبا محمد الرُّشَاطيَّ، وأبا مَرْوانَ الباجِي، وأبا الوليد محمدَ بن خِيَرةَ. واستَجازَ لنفسِه: أبا بكر بن مَيْمون، وأبوَي الحَسَن: ابن ثابِت وابن مُسَلَّم، وأبا القاسم ابنُ الرَّمّاك ولقِيَهما، وأبا محمدٍ قاسمًا ابنَ الزَّقّاق، فأجازوا كلُّهم له. وأخَذ عن أبي بكرٍ الأمرُوشيِّ ولم يَستجِزْهُ، وأبي جعفرٍ عبد الرّحمن ابن القَصِير، وأبي الحَسَن الشّلْطِيشيِّ، وأبي عبد الله التُّجِيبيِّ، وأبي عُمرَ بن حَزْم السَّلالِقيِّ، وأبي القاسم موسى بن نام؛ ولم يذكُرْ أنهم أجازوا له.

ورَحَلَ مُشَرِّقًا سنةَ ستينَ وخمس مئة، وحَجَّ سنةَ إحدى وستينَ، وأقام في رحلتِه أزيَدَ من عامَيْن، ولقِيَ بالإسكندَريّة أبا الفَضْل أحمدَ وأبا عبد الله محمدًا ابنَيْ منصورٍ الحَضْرميَّيْن، وأبا محمد الدِّيباجِيَّ، فسمعَ عليهم وأجازوا له واستَجازوه لأنفُسِهم، وآباءَ الطَّاهر: الدِّيباجِيَّ وابنَ عَوْف والسِّلَفيَّ، وأبا العبّاس السَّرَقُسْطيّ ابنَ الفقيه وأبا محمدٍ عبدَ السَّلام السَّفَاقُسيّ، فسمعَ عليهم وأجازوا له؛ وذَكَرَ أبو العبّاس بن عبد المُؤمن أنّ أبا الطاهِر السِّلفيَّ استجازَه أيضاً لنفسه، وما أرى ذلك صحيحًا؛ لأنَّه لو كان لأثبتَهَ في ذِكْرِه من برنَامَجِه وعَدَّه من كُبرِ مفاخرِه. ولقِيَ بمكَّةَ أدامَ اللهُ تكريمَها أبا الحَسَن بن حَمُّود المِكْنَاسيَّ، وأبا محمد الأَشِيريَّ فأخَذ عنهما قراءةً وسَماعًا وأجازا له؛ وأجاز له أبو إسحاقَ المَوْصِليُّ، وأبو الحَجّاج القَرَوي، وآباءُ الحَسَن: ذُبْيان وابنُ قَنان وابن المَحَلِّي وأبو الخَطّاب العُلَيْمي وأبو الرِّضا طارقٌ وأبو سَعْد محمدٌ المَسْعودي (¬1)، وكَنَاهُ أبا عبد الله، وكذلك كَنَاهُ بعضُهم، والصّحيح في كُنْيتِه أبو سَعْد (¬2)، وأبو الضِّياء القَزْوينيّ، وآباءُ عبد الله: ابنُ حمزةَ بن أبي الصَّقْر والرَّحَبيّ والكِرْكنْتيّ، وآباءُ القاسم: البُوصِيري وابن جَارَةَ وابن العَرِيف وابن عسَاكرَ وابن نَصْرُون، وآباءُ محمد: ابنُ بَرِّي وابن صابِر وعبدُ الغنيِّ بن سُرور وعبد الواحِد بن عَسْكَرٍ وعبد الوهّاب البَرْقي والمبارَكُ ابن الطَّبّاخ ومَضَال (¬3) وابنُ عَطّاف، ولقِيَه، وأبو يعقوبَ بنُ الطُّفَيْل. واستجاز له شرَف الدِّين أبو الحَسَن ابن المُفضَّل المَقْدِسيُّ أبوَي الثناءِ: حَمّادًا الحَرّانيَّ ومحمودًا البغداديَّ، وأبا الجُيوش عساكرَ، وأبا الحَسَن أحمدَ بن حمزةَ الدِّمشقيَّ، وأبا حَفْص الجُوَيْني، وأبا الخَطّاب المَيانجِيَّ، وأبا الضِّياء بَدْرًا الحَبَشيّ، وأبا الطاهِر بن مَعْشَر، وأبا عَمْرو عثمانَ العَبْدَريَّ، وأبا الغنائم ¬

_ (¬1) في م ط: "المسعود". (¬2) في م ط: "سعيد"، في المرتين، خطأ. (¬3) كذا في الأصول، وفوقها في ح علامة خطأ.

المُظفَّرَ الشَّحّاميَّ، وأبا الفداءِ إسماعيلَ المَوْصِلي، وأبا الفَضْل عبدَ الله النَّجْرانيّ، وعبد الرّحمن بن رَجاءٍ الغَزْنَويَّ، ويحيى بن قُلُنبا (¬1)، فأجازوا له. وأجازت له تَقِيّةُ قطعةً صالحة من نَظْمِها باستدعاءِ ابنِها أبي الحَسَن بن حَمْدون. وقد ضمَّنَهم برنامجَه الذي سَمّاه "بغْيةَ الراغِب ومُنْيةَ الطالب"، وهو برنامَج حَفيل أودَعَه فوائدَ كثيرةً كاد يَخرُجُ بها عن حدِّ الفهارِس إلى كُتُب الأمالي المُفيدة، وقَفْتُ على نُسخةٍ منه بخطِّه في ثمانيَة عَشَرَ جُزءًا أكثرُها من نحوِ أربعينَ ورقةً، واقتضَبَه في ثمانية أجزاءٍ من تلك النِّسبة وَقَفْتُ عليه أيضاً بخطِّه؛ ورأيتُ نسخةً أخرى من الأصلِ في سِفَرْينِ كبيرين، ويكونُ هذا البرنامَجُ في حجم "جامع التِّرمذي" أو أشفّ، وعرَّفَ فيه أحوالَ رجالِه الذين رَوى عنهم وذكَرَ أخبارَهم ومناقبَهم ومَراتبَهم في العلم وسِيَرَهم وأخلاقَهم، وأسنَدَ عن جُمهورِهم أحاديثَ وحكاياتٍ وأناشيدَ وأدعِيةً وطُرَفًا مُستَطرَفة، فجاء كثيرَ الإمتاع منوَّعَ الفنونِ والأغراض، وصَدَّرَه بطَرَف صالح من بَيان فضلِ العلم وصناعةِ الحديث وطُرُقِ الرِّواية وكيفيّة الضَّبْط، إلى غير ذلك من آدابٍ عِلميّة وفوائدَ حديثيّةٍ نافعة. رَوى عنه بالإسكندَرّية أبوا الحَسَن: ابنُ فاضل بن سَعْد الله بن حَمْدون الصُّورِيُّ ابنُ تَقِيّةَ المذكورر وابنُ أبي المَكارم المُفضَّل المَقْدِسي المُتقدِّما الذِّكر، وأبو عبد الله محمدُ بن عيسى بن نِزَار المَسُوفيّ، وأبَوا محمد: عبدُ الله بن إبراهيمَ بن عبد الله الجُذَاميُّ، وعبدُ الكريم بن أبي بكر بن عبد الملِك الرَّبَعي، وأبو المَحاسنِ حاتمُ بن محمد بن الحُسَين المُقْدِسي، وقد تقَدَّم ذكْرُ استجازة بعضِ شيوخِه الإسكندريِّينَ إياه، وفي ذلك من شَرَفِه والشّهادة له بالجَلالة ما لا خفاءَ به؛ وبالمغرِب آباءُ الحَسَن: ابنُ خِيَرةَ والشارِّي وابنُ القَطّان، وأبو الرَّبيع بن ¬

_ (¬1) في النسخ: "ويحيى قليبي"، وهو تحريف ظاهر، وما أثبتناه هو الصواب، وينظر سير أعلام النبلاء 23/ 237.

سالم، وأبو زكريّا يحيى بنُ أبي بكر بن عبد الله بن جَبَل، وأبَوا عبد الله: ابنُ أحمدَ الفاسِيّ ابنُ الطّويل ومحمدُ بن أحمدَ بن مُؤمن القَيْسيُّ الفاسِيّ، وأبو عبد الرّحمن التُّجِيبيّ، وأبو العبّاس بن عبد المُؤمن، وأبو القاسم بن عبد الرّحيم بن إبراهيمَ ابن الفَرَس وأبو محمد بنُ أحمدَ المولي أبو الحَجّاج. وكان محدِّثًا راوِيةً مكثِرًا، عُنيَ بهذا الشأن طويلًا وبَخَتَ فيه، حاضرَ الذِّكر للآدابِ والتواريخ عمومًا، وخصوصًا تواريخَ المحدِّثين، ماهرًا في عِلم الكلام والطبِّ موفَّقَ العلاج، بارِعًا في التعاليم، أديبًا شاعرًا حسَنَ التصرُّف، متقدِّمًا في صنْعة التوثيق وفي ما كان ينتحلُه من العلوم؛ ونَظَم في العقائد قصيدةً جامعة كبيرةً وقَفْتُ عليها، وفيها بخطِّه إلحاقُ بيوتٍ كثيرة وتصحيحٌ، ورأيتُها أيضاً منسوبةً إلى غيرهِ، فاللهُ أعلم. وكان مُمتِعَ المجالَسة؛ قال أبو العبّاس بن عبد المُؤمن: كنّا معَه أيامَ القراءة عليه في رَوْضة، قال: وآتَيْتُ أبا عبد الله ابن السَّقّاط يومًا فوجَدتُه ممتلئًا سُرورًاً وفي عينَيْه أثرُ بُكاء، فقال لي: فاتَكَ مجلسٌ شريف، قلتُ له: وما ذاك؟ فقال لي: الآنَ قام من موضعِك أبو الحَسَن بن مُؤمن فذاكَرَنا بأنواعٍ من الأدب ما سَمِعنا مثلَها. قال أبو الحَسَن بن مُؤمن: لمّا اجتَمْعتُ بالحافظ أبي الطاهِر السِّلفيِّ ودخَلتُ إليه في منزلِه أكرَمَني وأبدَى لي مَبَرّةً وإقبالًا وأثنَى على أهل الأندَلُس خيرًا، ثم سأَلَني عن حوائجي، فذكرتُ له مقاصدي وأنّ جُلَّ قَصْدي بتلك البلاد لُقْياه والأخْذُ عنه، فأنعَمَ بذلك ووَعَدَني بكلِّ خير؛ ثم أنشَدتُه أبياتًا كنتُ رَوَّيتُها وأنا بالبحرِ في مدحِه، وهي هذه [الطويل]: ظمِئتُ فهلْ لي في مواردِكمْ رِيُّ؟ ... وهل ليَ في أكنافِ عزِّكمُ فَيُّ؟ وقد طُفْتُ في الآفاقِ علِّيَ أنْ أرى ... بها أحدًا والحيُّ ما إنْ به حَيُّ قصَدْتُ إليكمْ من بلادٍ بعيدةٍ ... وأنصَبَ جسمي للسُّري نحوَكمْ طيُّ

لعلّكَ تَجْلو عَنْ فؤادي صَداءَهُ ... فقد مَدَّ أطنابًا به الجهلُ والعِيُّ وتُقْبِسُني كفَّاك مِن شَرْعِ أحمدٍ ... كواكبَ أبدَتْها خُراسانُ والرَيُّ وحَاشاكمُ مِن أنْ يَضيعَ لدَيْكُم ... رجائيَ أو يُخْشَى على حاجتي لَيُّ أبا طاهرٍ أحرَزْتَ دينَ مُحمَّدٍ ... وناهيكَ فَخْرًا لا يُماثِلُهُ شَيُّ فأوضَحْتَ من علمِ الحديثِ مَعالمًا ... وبَيّنْتَ موقوفًا وما هو مَرْوِيُّ وعلَّمْتَنا نَقْدَ الرِّجالِ ومَيْزَهمْ ... ومَن كان ذا جَرْحٍ ومَن هُوَ مَرْضيُّ ومنْ أجْل حِفْظِ الدين سُمّيتَ حافظًا ... فلا زلتَ محفوظًا وقدرُكَ مَرْعيُّ ودُمتَ قريرَ العينِ في ظلِّ نعمةٍ ... فخارُكَ منشورٌ ومجدُكَ مَبْنيُّ في أبياتٍ سقَطَتْ من حِفظي، فزاد من إكرامي وبِرِّي؛ لأنَّه كان كثيرَ الاهتزازِ للشِّعر. وعلى الجُملة، فمحاسنُ هذا الرجل كثيرةٌ ولم يَخْلُ معَها من طَعْنٍ عليه، فقد ذَكَرَه الناقدُ أبو الحَسَن ابنُ القَطّان في "برنامَج شيوخِه" وقال: كان مُتقنًا في علم الرِّواية وذا معارفَ سواها من علم الكلام والتوثيق والطّب، وكان شاعرًا، إلا أنه لم يكنْ مَرْضِيًّا في دينِه عند الناس، وكتَبَ مُحاذيًا ذكْرَه في هذا البرنامَج بالحاشيةِ منه ما نصُّه: كان ضابطًا عارِفًا بما يَرويه يُرمَى في دينهِ بالمَيْل إلى الصّبا خاصّةً (¬1). قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: وهذه خَلَّةٌ إن صَحَّت عنه أخلَّتْ بجميع ما يُعْزَى إليه من الفضائل التي ذكَرْنا وغيرِها. وقرأتُ بخطِّ المُقيِّد التأريخيِّ أبي العبّاس بن هارون في ذكْرِ أبي الحَسَن ابن مُؤمنٍ هذا، فقال: أدرَكتُه عَفَا اللهُ عنه، في رحلتي إلى فاس، وهُو ممّن كتَبَ ¬

_ (¬1) عند هذا الموضع بحاشية ح بخط مخالف: "قد سلط على ابن القطان من ثلبه فانظره في رسمه (...) من هذا الكتاب".

526 - علي بن عطية الله بن مطرف بن سلمة اللخمي، بلنسي، أبو الحسن، ابن الزقاق وابن الحاج

الكثيرَ وأدرَكَ شيوخًا جِلّة وتجَوَّل معَ أبيه، وكان من أهل العلم، ودَخَلَ كثيرًا من مُدُن الأندَلُس في أوّلِ فتنةِ اللَّمْتُونيِّينَ، واستَجازَ له أبوه كثيرًا من الشّيوخ؛ وكانت عندَ أبي الحَسَن هذا معارفُ وإدراكٌ وعنايةٌ بالعلم، وله شعرٌ صالحٌ ومصنَّفاتٌ في غيرِ ما فنّ من الأُصول والطِّبِّ والحديثِ والرِّجال، وبرنامَجُ روايتِه حَفِيل، وحَجَّ ولقِيَ أبا الطَّاهر السِّلَفيّ ونمَطَه من كبارِ المُسنِدين، وكتَبَ عنه عدّةُ رجالٍ بالمشرِق، وعُمِّر طويلًا حتّى ناهَزَ السبعينَ، وكان آخرَ أمره شاهدًا بدارِ الإشراف بفاس، وبها توفِّي عَفَا اللهُ عنه، وكانوا لا يَرضَوْنَه لأمرٍ كبير نَسَبوهُ إليه ولعلّه كَذِبٌ عليه، تغَمَّدَنا اللهُ وإيّاه برحمتِه. وقال أبو العبّاس بنُ هارونَ، وقرأتُه بخطِّه: قال لي الشَّيخ المُسِنُّ أبو العبّاس أحمدُ بن عليّ بن عبد الله اللَّخْميُّ المعروفُ بابن الحائك: أربعةٌ من أهل فاسَ متعاصِرونَ لا تُرضَى أحوالُهم: الحاجُّ أبو الحَسَن بن مُؤمن، وأبو حَفْص ابنُ البَيْراقي وأبو محمد ابن الياسَمِين وأبو عبد الله بن عبد الحَميد كاتبُ ابن توندوت، لكنّ ابنَ عبد الحَميدِ صَلُحت حالُه بأَخَرة. وُلدَ لتسع خَلَوْنَ من شوّالِ اثنينِ وعشرينَ وخمس مئة، وقَفْتُ على ذلك في خطِّه، وقال ابنُ الأبار: مولدُه سنة [79 ظ] ثلاثٍ وعشرينَ، وتوفِّي بفاسَ سنةَ ثمانٍ وتسعينَ وخمس مئة خلافَ ما عُمِّره ابنُ هارون. 526 - عليُّ (¬1) بن عَطِيّةِ الله بنُ مطرِّف بن سَلَمةَ اللَّخْميُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ الزَّقّاق وابنُ (¬2) الحاجّ. ¬

_ (¬1) ترجمه العماد في الخريدة 2/ 564 (قسم المغرب والأندلس)، وابن دحية في المطرب (100)، وابن سعيد في المغرب 2/ 323، ورايات المبرزين (116)، وابن الأبار في التكملة (2709)، والذهبي في المستملح (648)، وتاريخ الإسلام 11/ 478، والصفدي في الوافي 21/ 316، وابن شاكر في فوات الوفيات 3/ 47، وابن العماد في الشذرات 4/ 89، وغيرهم. وقد حققت ديوانه الفاضلة عفيفة ديراني، وعليه المعتمد في تخريج أشعاره الواردة في هذا الكتاب. (¬2) في م ط: "وأبو".

ويُذكَرُ أنّ بينَه وبينَ بني عَبَّاد قَرابةً وأخفَى أبوهُ نَفْسَه بعدَ خَلْعِهم، وتلبَّسَ بالأذانِ في مَنَار المسجد الجامع ببَلَنْسِيَة. رَوى عن أبي محمد البَطَلْيَوْسيِّ. رَوى عنه آباءُ بكر: ابنُ عبد الرّحمن الكُتَنْديّ واليَحْيَيانِ (¬1): ابنُ رِزق وابنُ محمد الأَرْكَشيّ؛ وكان شاعرًا مُجِيدًا غَزِلًا حَسَنَ التصرُّف في معاني الشعر، نبيلَ الأغراض، وشعرُه واصفًا ومادحًا ومتغزِّلًا شاهد بإجادتِه، وهو مدوَّن موجودٌ بأيدي الناس، ومنه في وَصْف قَوْس (¬2) [البسيط]: يارُبَّ مائسةِ الأعطافِ مُخْطَفةٍ ... إذا دَنَا نَزْعُها فالعيشُ منتزَحُ ظلَّتْ تَرِنُّ فظلَّ النَّزْعُ يَعطِفُها ... كما ترَنَّمَ نَشْوانٌ به مَرَحُ وقد تأَلَّق نَصْلُ السَّهمِ مُندفعاً ... عنها فقُلْ: كوكب يَرْمي به قُزَحُ وفيها (¬3) [الكامل]: مَنْ كان يبغي أن تضاهيَ كَفُّهُ ... أُفُقَ السماءِ بما حَوَتْ من أنجُمِ لا تخلُ منّي راحتاهُ لدى الوَغَى ... أرمي العِدا بشِهابِ قَدْحٍ مُضرَمِ فأنا التي تَحكي الهلالَ مَعاطفي ... وأنا التي تَحكي الكواكبَ أسهُمي وفي معنًى آخَرَ (¬4) [الطويل]: وساقٍ يحُثُّ الكأسَ حتى كأنَّما ... تلألأ منها مِثلُ ضَوْءِ جبينِهِ سَقَاني بها صِرْفَ الحُمَيَّا عَشِيّةً ... وثنَّى بأُخرى مِن رحيقِ جُفونِهِ هضيمُ الحَشَا ذو وَجْنةٍ عَنْدَمِيَّةٍ ... تُريكَ قِطافَ الوردِ في غير حينِهِ فأشرَبُ من يُمناهُ ما فوقَ خدِّهِ ... وألثُمُ مِنْ خَدَّيهِ ما في يمينِهِ ¬

_ (¬1) في النسخ: "واليحيين" ولا تستقيم نحواً. (¬2) الديوان (23)، والمغرب 2/ 329. (¬3) هي القطعة (108) في الديوان. (¬4) الديوان (119)، وينظر المطرب (102)، والشريشي 1/ 209 وغيرهما.

وفي التضرُّع إلى الله تعالى (¬1) [المجتث]: يا عالمَ السرِّ منِّي ... اصفَحْ بفضلِكَ عنّي مَنَّيتُ نَفْسي بعَفْوٍ ... مولايَ منكَ ومَنّ وكان ظنّي جميلًا ... فكنْ إذَنْ عندَ ظنِّي [80 و] وفي وَصْفِ بَلَنْسِيَة (¬2) [الوافر]: بَلَنْسِيَةٌ إذا فكَّرْتُ فيها ... وفي آياتِها أسنَى البلادِ وأعظمُ شاهدي منها عليها ... بأنّ جمالَها للعينِ بادِ كساها ربُّها دِيباجَ حُسْنٍ ... له عَلَمانِ من بحرٍ ووادِ وله (¬3) [الطويل]: وآنسةٍ زارتْ معَ اللّيلِ مضجَعي ... فعانَقْتُ غُصْنَ البانِ منها إلى الفَجْرِ أُسائلُها: أين الوِشاحُ؟ وقد سَرَتْ ... مُعَطَّلةً منه مُعَطَّرةَ النَّشرِ فقالتْ وأَوْمَتْ للسّوارِ: نقَلْتُهُ ... إلى معصمي لمّا تَقَلْقَلَ في خَصْري وفي نحوٍ منهُ (¬4) [الوافر]: وخَوْدٍ ضَمَّ مئزرُهَا كثيبًا ... يُهالُ وبُرْدُها غُصْنًا يَرَاحُ لها قُلْبٌ أبي النُّطقَ اكتتامًا ... وسرُّ نظامِها أبداً مُباحُ وقد أمَرَتْهما بالكَتْمِ لكنْ ... أطاعَ سِوارُها وعصَى الوِشاحُ ¬

_ (¬1) الديوان (118). (¬2) الديوان (32). (¬3) الأبيات في المطرب (103)، والمغرب 2/ 332. (¬4) الديوان (41)، والمطرب (103)، والمغرب 2/ 332.

527 - علي بن أبي بكر عتيق بن إسماعيل، قرطبي، أبو الحسن

ولهُ، وأمَرَ أن يُكتَبَ على قبرِه (¬1) [الطويل]: أإخوانَنا والموتُ قد حال دونَنا ... وللموتِ حُكمٌ نافذٌ في الخلائقِ سبقْتُكُم لِلْحَين والعمرُ حَلْبَةٌ ... وأعلمُ أنَّ الكلَّ لابُدَّ لاحقي بعَيْشِكُم أو باضطجاعيَ في الثَّرى ... ألم نَكُ في صَفْوٍ من العيشِ رائقِ؟ فمَنْ مَرَّ بي فلْيَمْضِ بي مُترحّمًا ... ولايَكُ مَنْسِيًّا وفاءُ الأصادقِ وتوفِّي سنةَ ثمانٍ وعشرينَ، وقيل: بعدَ الثلاثينَ وخمس مئة، ولم يَبلُغ الأربعينَ من عُمُرِه. 527 - عليُّ بن أبي بكرٍ عَتِيق بن إسماعيلَ، قُرطُبيّ، أبو الحَسَن. رَوى ببلدِه عن أبي الوليد ابنِ الدَّبّاغ، وفي غيرِه. 528 - عليُّ (¬2) بن عليّ بن أحمدَ بن سُليمانَ النَّفْزِيّ، إسطبيٌّ (¬3) سَكَنَ غَرْناطةَ، أبو الحَسَن. تلا على أبي بحرٍ الكفيفِ وتأدَّبَ به في العربيّة (¬4). ورَوى عن أبي زَيْد السُّهَيْليّ وأكثَرَ عنه، وأبي مَرْوانَ بن قُزْمان. رَوى عنه أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان؛ وكان فقيهًا عارِفًا بمذهبِ مالك منسوبًا إلى فَهْمِه وحُسنِ الاستنباطِ في النّوازل، حيًّا سنةَ ثلاثَ عشْرةَ [80 ظ] وست مئة. 529 - عليُّ بن عليّ بن سَعِيد السُّلَميُّ. رَوى عن عبد الصَّمد بن عبد الرّحمن اللَّبْسِي. ¬

_ (¬1) الديوان (71)، وفوات الوفيات 2/ 128. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2811)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 273. (¬3) هامش ح: "منسوب إلى إسطبة". (¬4) في م ط: "النحو".

530 - علي بن علي بن علي، مالقي، ابن الحاج

530 - عليُّ بن عليِّ بن عليٍّ، مالَقيّ، ابنُ الحاجّ (¬1). 531 - عليُّ (¬2) بن عُمرَ بن أبي الفَتْح بن عبد الرّحمن بن إبراهيم، بَلَنْسِيٌّ، أبو عليّ. له إجازةٌ من أبي عبد الله بن زَرْقُون. رَوى عنه أبو الحَسَن طاهرُ بن عليّ الشُّقْريُّ، وأبو عبد الله ابنُ الأبّار. وكان فقيهًا حافظًا للمسائل قائمًا عليها، مشارِكًا في أصُول الفقه، واستُقضيَ ببَلَنْسِيَة، ودرَّسَ الفقهَ زمانًا بمسجد سُرُنْباقَ برَبَض ابن عَطُوش منها، وانتَصَبَ وَقْتًا لعَقْدِ الشّروط، وكان من أهل البصَر بها، لَهِجًا بالأدب، رَديءَ الخَطّ. وتوفِّي ببَلَنْسِيَة مُنسَلَخَ شعبانِ ثلاثةٍ وعشرينَ وست مئة، وصَلّى عليه أبو الحَسَن بن خِيَرة، وحَضَرَ السّلطانُ يومَئذٍ جَنازتَه، ودُفن بمقبُرة بابِ بَيْطَاله وقد نَيَّفَ على الثمانينَ (¬3). 532 - عليُّ (¬4) بن عُمرَ بن محمد بن مُشرَّف بن محمدِ بن أحمدَ بن أضْحَى بن عبد الله بن خالدِ بن يَزيدَ بن الشَّمِر بن عبد شَمْس، ابنِ الغَريب الهَمْدانيُّ، غَرْناطيّ، أبو الحَسَن. ¬

_ (¬1) في م ط: "أبو الحجاج". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2828)، والذهبي في المستملح (701). (¬3) بهامش ح ترجمة مزيدة تقع في هذا الموضع وهي: "علي بن عمر بن علي الأنصاري غرناطي، أبو الحسن الملاحي وليس من نزلاء قرية الملاحة. روى عن أبي بكر بن الجد قرأ عليه بغرناطة، وعن أبي الحسن بن دري، وأبي مروان ابن عمر المشاور. توفي ببلده سنة خمس وثمانين وخمس مئة وكانت جنازته مشهودة"، (قلنا: انظر هذا في صلة الصلة 4/الترجمة 233). (¬4) ترجمه الفتح ابن خاقان في قلائد العقيان (527)، وابن الأبار في التكملة (2726)، والحلة السيراء 2/ 211، وابن سعيد في المغرب 2/ 108، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 190، والذهبي في المستملح (653)، وابن الخطيب في الإحاطة 4/ 583.

533 - علي بن عمر الزهري، لورقي، أبو القاسم

ويقال لخالدِ بن يزيدَ: الغريبُ؛ لأنَّه أولُ مولودٍ من العَرَب الشاميِّينَ بكورةِ إلبيرةَ. رَوى عن شُيوخ (¬1) [بلده] وغيرِهم. رَوى عنه أبو جعفر بن ثابتٍ الوادي آشي، وأبو خالد يزيدُ بن رفاعةَ، وأبو عَمْرٍو حمزةُ بن عليّ. وكان فقيهًا متقدِّمًا في الحِفظ للمسائل، دَرَّس الفقهَ مُدّةً، أديبًا شاعرًا مجوِّدًا ذا ارتجال، واستُقضيَ بالمَرِيّة بعد أبي عبد الله ابن الفَرّاء سنةَ أربعَ عشْرةَ وخمس مئة، ثم صُرِف وعاد إلى غَرْناطةَ فاستقَرَّ بها، وصارت إليه رياستُها وتدبيرُ أمرِها في رَمَضانِ تسع وثلاثينَ عند انقراضِ دولةِ اللَّمْتُونيِّين منها، ولم تطُلْ مدّتُه في تدبيرِها، بل توفِّي على إثْرِ ذلك بأيامٍ قلائل؛ ومولده بالمَرِيّة في شهرِ ربيعٍ الأوّل سنةَ ثِنْتَيْن وسبعينَ وأربع مئة. 533 - عليُّ (¬2) بن عُمرَ الزُّهْريُّ، لُورْقيّ، أبو القاسم. رَوى عن أبي عُمرَ الطّلَمَنْكيّ، وأبي عَمْرٍو المُقرئ. رَوى عنه أبو القاسم خَلَفُ بن عبد الله بن مُدِير سنةَ ثمانٍ وخمسينَ وأربع مئة. وكان مُقرئًا مجوِّدًا فقيهًا حافظًا، واستُقضي ببلدِه. 534 - عليُّ بن عُمر، غَرْناطيٌّ، أبو الحَسَن القَلانسيُّ. رَوى عن أبي الحَسَن بن أحمدَ ابن الباذِش. 535 - عليُّ بن عُمرَ بن محمد بن يوسُفَ الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكرٍ يحيى الأَرْكَشِيّ، وأبوَي القاسم: ابن بَشْكُوال وابن غالب. 536 - عليُّ بن عيسى بن زيد المُراديُّ الأَزْديُّ، نَزَلَ جَيّانَ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكر بن أبي (¬3) رُكَب وأبي محمدٍ الرُّشَاطي. ¬

_ (¬1) هكذا في النسخ، وأضفنا إليه لفظة "بلده" بين حاصرتين ليستقيم النص. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2680). (¬3) في النسخ: "أبو"، ولا تصح.

537 - علي بن عيسى بن عبد الله بن عبد الصمد الأملوكي

537 - عليُّ بن عيسى بن عبد الله بن عبد الصَّمد الأُمْلُوكيُّ. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 538 - عليُّ بن عيسى بن عبد الله الصَّدَفيُّ. رَوى عن أبي عبد الله بن خَلْفُون. 539 - عليُّ بن عيسى بن عليّ بن مَسْلَمةَ المَعافِريُّ، إشبِيليٌّ، أبو الحَسَن. كان تأريخيًّا حافظًا أديبًا بارِعًا كاتبًا مُحسِنًا (¬1). 540 - عليُّ (¬2) بن غالِب بن عبد الرَّحمن بن غالِب، وَشْقيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي المُطرِّف عبد الرّحمن بن موسَى بن أبي الحَزْم بن أبي دِرْهم. 541 - عليُّ بن غالِب بن محمد بن حَزْمُونَ الكَلْبيّ. رَحَلَ مُشرِّقًا؛ وقَفْتُ على نُسخة من "سُبُل الخَيْر" بخطِّه، كتَبَها بمكّةَ شرَّفها الله، وفَرَغَ منها يومَ السّبت غُرّةَ جُمادى الآخِرة سنةَ ثلاثينَ وخمس مئة، وكان نبيلَ الخَطّ ضابِطًا مُتقِنًا. 542 - عليُّ (¬3) بن غَزْلُون، شُونيّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي الوليد الوَقَّشِيِّ الحديثَ، وأخَذ العربيّةَ والأدبَ واللُّغةَ عن أبوَيْ عبد الله: ابنُ خَلَصةَ وابنُ رُلَّان؛ وكان من بيتِ نَباهة وَجِدَةٍ وسراوةٍ واعتناءٍ بالعلم؛ وسَلَفُهُ حَمَلوا إلى موضعِهم أبا عبد الله بنَ فَتْحونَ بن مُكرَم السَّرَقُسْطيَّ بعد انفصالِه من قُرطُبةَ عند تغلُّب البَرابِر واستيلائهم عليها ونزولهِ بمُرْبَيْطَر، فأقام عندَهم مُدّةً طويلةً تحت بِرٍّ وحَفاوة. وتوفِّي عليٌّ هذا قريبًا من سنة أربعٍ وثمانينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) بهامش ح ترجمة مزيدة وهي: "علي بن عيسى المقرئ مروي نزل مالقة، أبو الحسن. أخذ عنه أبو القاسم السهيلي"، (قلنا: انظر صلة الصلة 4/الترجمة 182 وفيها: أخذ عنه أبو زيد السهيلي). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2712). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2683).

543 - علي بن فتح بن جابر الأنصاري، أبو الحسن الأصولي

543 - عليُّ بن فَتْح بن جابِر الأنصاريُّ، أبو الحَسَن الأُصُوليُّ. 544 - عليُّ بن فُتوح العَبْدَريُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي مَرْوانَ بن مسَرّةَ. 545 - عليُّ بن فَرَج العَبْدريُّ، أبو الحَسَن؛ وهُو والدُ الراوِية أبي عبد الله. 546 - عليُّ بن فَرْقَد بن خَلَف بن محمد بن الحَبِيب بن عبد الله بن عَمْرو ابن فَرْقَد القُرَشيُّ العامِريُّ، مَوْرُوريٌّ. 547 - عليُّ (¬1) بن الفَضْل بن عليّ بن أحمد بن سَعِيد بن حَزْم الفارِسيُّ أبو محمد. رَوى عن أبيه أبي رافِع. رَوى عن أبو عُمرَ أحمدَ بن عليّ (¬2). 548 - عليُّ بن قاسِم بن محمد بن عليّ، أبو الحَسَن. رَحَلَ مُشرِّقًا، ورَوى بمصِرَ عن أبي العبّاس ابن الرُّوميّة. 549 - عليُّ بن قاسِم ابن الحاجِّ محمد بن مُبارَكٍ، مَوْلى الأُمَويِّين، إشبِيليّ، ابنُ الزَّقّاق. رَوى عن أبيه وأبي القاسِم أحمدَ بن محمد اللَّخْميِّ ابن نُصَيْر، وله إجازةٌ من أبي القاسم بن مُغازِل. 550 - عليُّ (¬3) بن لُبِّ بن عليّ بن شَلْبُونَ، بَلَنْسِيٌّ، أبو الحَسَن. أخَذَ العربيّةَ عن أبي إسحاقَ السُّهَيْلي، ورَوى عن أبي الرَّبيع بن سالم واختَصَّ به، وأبي محمد بن حَوْطِ الله. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2687). (¬2) بهامش ح ترجمة مزيدة وهي: "علي بن الفضل بن الحكم المرواني قرطبي، أبو الحسن المعاهد، أخذ عنه ابن مسدي، وتوفي سنة ثلاثين وست مئة أو في حدودها، رحمه الله". (¬3) ترجمة ابن الأبار في تحفة القادم (151).

551 - علي بن لب بن محمد بن حسين بن قحافة، بلنسي

قَدِمَ مَرّاكُشَ واستُعمِلَ على خِزانةِ الكُتُب بها، وكان فقيهًا راوِيةً ذا حظٍّ من الأدب وقَرْض الشِّعر، مُوسِرًا كثير الإحسان لقاصِديه، مِطْعامًا واسعَ المعروف، وهُو القاَئلُ في أبي عبد الله ابن الأبّار (¬1) [الكامل]: لا تعجَبوا لمضَرّةٍ عَمَّتْ جميـ ... ـع الخَلْق صادرةٍ عن الأبّارِ أوَ ليسَ فَأْرًا خِلقةً وحقيقةً؟! ... والفأرُ مجبولٌ على الإضرارِ فقال ابنُ الأبّار [الكامل]: قُلْ لإبن شَلْبُونٍ مَقالَ تَنَزُّهٍ: ... غيري يُجاريكَ الهجاءَ فجارِ إنّا اقتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بينَنا ... فحَمَلْتُ بِرَّةَ واحتَمَلتَ فِجاري 551 - عليُّ بن لُبِّ بن محمد بن حُسَين بن قُحَافةَ، بَلَنْسِيٌّ. 552 - عليُّ بن لُبِّ بن محمد، بَلَنْسِيٌّ. وهُو غيرُ الذي قبلَه، وكانا حَيَّيْنِ سنةَ ثمانٍ وخمس مئة. 553 - عليُّ (¬2) بن محمد بن أحمدَ بن حَرِيق المَخْزُوميُّ، بَلَنْسِيّ، أبو الحَسَن. حدَّث عن أبي جعفرٍ الحَصّار، وأبوَيْ عبد الله: ابن حَمِيد وابن سَعادةَ، وأبي القاسِم ابن بَشْكُوال، وتأدَّب بأبي محمد بن يحيى الحَضْرَميّ. ¬

_ (¬1) كتب حذاءه بهامش ح: "لو تركت نقل هجاء أهل العلم وغيرهم كان أجمل بك أيها الشيخ". (¬2) ترجمه التجيبي في زاد المسافر (64)، وابن الأبار في تحفة القادم (كما في المقتضب منه 12)، والتكملة (2826)، وابن سعيد في المغرب 2/ 218، ورايات المبرزين (86)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 280، والذهبي في المستملح (699)، وتاريخ الإسلام 13/ 714، وسير أعلام النبلاء 22/ 295، والصفدي في الوافي 21/ 418، وابن شاكر في فوات الوفيات 3/ 64، والفيروزآبادي في البلغة 165، وابن قاضي شهبة في طبقات النحويين 2/ 179، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 182، وللدكتور محمد بن شريفة: ابن حريق البلنسي، حياته وآثاره.

رَوى عنه أبو القاسِم ابنُه وابنُ عَمِيرةَ (¬1)، وأبو الحَجّاج البَيّاسِيُّ، وأبو الحَسَن طاهرُ بن عليّ الشُّقْريّ، وآباءُ عبد الله: ابن أحمدَ ابن الطَّرَاوة وابن إبراهيمَ الكُتَاميُّ وابن عبد الله ابن الأبّار، وأبو العبّاس بنُ طلحةَ السّاعِديُّ، وأبو القاسم مُحيي الدِّين محمدُ بن محمد بن سُرَاقةَ، وأبو محمد بن بُرْطُلُّهْ. وكان شاعرًا مُفْلِقاً مُجِيدًا سريعَ البديهة بارِعًا مَرْوِيًّا ومُرتَجلاً، كاتبًا بليغًا مُكثِرًا من نَظْم الكلام ونَثْرِه، حَسَنَ التصرُّف في فنونِه، لم يَشِنْ كلامَه قطُّ بتضمينِه ثَلْبَ أحدٍ ولا هَجْوَه، حافظًا لأيام العَرب وحديثِ رسُول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - وأخبارِ الصَّحابة، ذاكرًا للُّغة، فَكِهَ المُحاضَرة حُلوَ النادرة، معَ وَقارٍ وتَؤُدة، فسيحَ المجال في الآداب، يُقِرُّ له بالتقدُّم فيها بُلَغاءُ عصرِه. قَدِمَ مَرّاكُشَ وامتَدحَ أُمراءها، وكان مبرورًا عندَهم معروفَ المكانة مُقرَّبًا لديهم مَقْضيَّ ما يَعرِضُ له من المآربِ قِبَلَهم، وله أمداحٌ في الأمراءِ بالأندَلُس. وشِعرُه كثيرٌ مدوَّن وقَفْتُ عليه في مجلَّديْنِ ضَخْمينِ، و"مُعَشَّراتٌ غَزَليّة" و"مقصورةٌ" عارَضَ بها ابنَ دُرَيْد و "أُرجوزةٌ بديعة" عارَضَ بها أبا الحَسَن بن سِيدةَ على حروفِ المعجَم في ما اسمُك يا أخا العَرب، ومقالتُه المُسَمّاة: بـ "الرِّسالةِ الفَريدة والأُملُوحةِ المُفيدة" ضمَّنَها أبياتَ "الجُمَل" موطِّئًا لكلِّ بيتٍ منها بما يَستدعي معناه حتى يُدرجَه أثناء كلامِه، لم يُتقدَّمْ إلى مثلِها، وقَفْتُ عليها بخطِّه وشَرْحِها؛ وشُهِرَ عنه تجنُّبُه النَّظْمَ في الخَبَبِ من أنواع العَروض، فقال له السيِّدُ أبو عِمرانَ بنُ أبي عبد الله بن أبي يعقوبَ بن عبد المؤمن وقد حَضَرَ عندَه أوّلَ ساعاتِ الرَّوَاح إلى الجُمُعة (¬2) [المتدارك]: خُذْ في الأشعارِ على الخَبَبِ ... فنُكولُكَ عنهُ مِنَ العجَبِ هذا وبَنو الآدابِ قَضَوْا ... بعُلوِّ مكانِكَ في الأدبِ ¬

_ (¬1) في م ط: "عمرة"، محرف. (¬2) انظر تحفة القادم: 45. ويبدو أن الموحدين كانوا يقترحون على الشعراء النظم على هذا البحر (وهو المتدارك)، ومن هذا اقتراح يعقوب بن المنصور على ابن حزمون، كما في المعجب (370).

فأتاه عقِبَ صلاة الجُمُعة من ذلك اليوم بقصيدةٍ فريدة تَنيفُ على [....] (¬1) بيتًا، أوّلُها [المتدارك]: أَبعَيْدَ الشيبِ هوًى وَصِبا ... كلّا لا لهوَ ولا لَعِبَا ووَقَفَ على قبرِ أبي بحرٍ صَفْوانَ بن إدريسَ فقال مُرتجِلًا [الوافر]: أبا بحرٍ سلامُ الله يَتْرَى ... عليكَ وإن تكنَّفَكَ الحِجَابُ أَحُومُ على كَنِيِّكَ لست أرْوَى ... وأقْرَعُ في سَميِّكَ لا أُجابُ دَنَتْ بكَ شُقَّةٌ ونأَى مَحلُّ ... فسِيّانِ انتزاحٌ واقترابُ فحَسْبي أنْ أُرقرِقَ دمعَ عيني ... وتُسعِدُني السَّحائبُ والصِّحابُ ووقَفْتُ على قولِ الكاتبِ أبي عبد الله بن عَيّاش في ذمِّ بَلَنْسِيَةَ (¬2) [الطويل]: بَلَنْسِيَةٌ بِينِي عن القلبِ سَلوةً ... فإنكِ أرضٌ لا أحِنُّ لزَهْرِكِ وكيف يُحبُّ المرءُ دارًا تقَسَّمتْ ... على صَارِمَيْ جُوع وفتنةِ مُشرِكِ فقال يُردُّ عليه، وهُو لُزومي (¬3) [الوافر]: بَلَنْسِيَةٌ نهايةُ كلِّ حُسْنٍ ... حديثٌ صَحَّ في شرقٍ وغربِ فإن قالوا: محَلُّ غلاءِ سِعْرٍ ... ومَسْقِطُ دِيمَتَيْ طَعنٍ وضَرْبِ فقُلْ: هيَ جنَّةٌ حُفَّت رُبَاها ... بمكروهَيْن: من جُوعٍ وحربِ مولدُه ببَلَنْسِيَةَ في رَمَضانِ أحدٍ وخمسينَ وخمس مئة، وتوفِّي بها عِشاءً -وقيل: بعدَ هَدءٍ- من ليلة الاثنينِ السابعةَ عشْرةَ من شعبانِ ثِنتَيْنِ وعشرينَ وست مئة، ¬

_ (¬1) بياض في النسخ، وأورد ابن الأبار في تحفة القادم (46) جملة صالحة من هذه القصيدة. (¬2) البيتان في ياقوت "بلنسية" ونسبهما لإبن حريق، وفي زاد المسافر (الترجمة رقم 7). (¬3) الأبيات في ياقوت "بلنسية"، وزاد المسافر.

554 - علي بن محمد بن أحمد بن حمدين الخولاني

وصَلّى عليه أبو عبد الله بنُ قاسم الخَطيب (¬1)، ودُفنَ عصرَ اليوم المذكورِ بمقبُرة بابِ بَيْطالةَ. 554 - عليُّ بن محمد بن أحمدَ بن حَمْدِينَ (¬2) الخَوْلانيُّ. لهُ إجازةٌ من عَبّاد بن سِرْحانَ وأبي القاسم بن جَهْوَر. 555 - عليُّ (¬3) بن محمد بن أحمدَ بن عبد الله الأنصاريُّ، غَرْناطيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي الحَسَن بن أحمدَ بن كُرْز. رَوى عنه سِبطُه أبو القاسم المَلّاحي. 556 - عليُّ بن محمدِ بن أحمدَ بن عليّ بن إبراهيمَ بن محمد بن هِشَام بن سَكُوت. 557 - عليُّ (¬4) بن محمد بن أحمدَ بن فَيْد الفارِسيُّ، قُرطُبيٌّ نَزَل إلْش. رَوى بالأندَلُس عن أبي بحرٍ الأسَديِّ وأبوَيْ بكر: ابن العَرَبي وابن طاهر المحدِّث، وأبي جعفرٍ البِطْرَوْجيّ، وأبي الحَجّاج القَفّال، وأبوَي الحَسَن: شُرَيْح ويونُسَ بن مُغِيث، وأبي عبد الله ابن الحاجِّ، وأبوَيْ محمد: ابن عَتّاب وابن مُنْتان، ¬

_ (¬1) هو محمد بن عبد الله بن محمد بن خلف بن علي بن قاسم الأنصاري، كانت له منزلة كبيرة في شرق الأندلس، توجه من بلنسية وقت حصارها إلى مرسية لاستمداد أهلها، وبعد سقوط بلنسية أقام بأوريولة إلى أن مات سنة 640 هـ (التكملة، الترجمة 1691). (¬2) في م: "حميد". (¬3) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة بترجمة أفضل من هذه، فذكر أنه يُعرف بابن العلاء، ويعرف سلفه قديماً ببني ثعبان، وذكر جملة من شيوخه، وذكر أنه ولد في أول سنة 483 هـ بمدينة المرية، وتوفي بحصن بلش من حصون مالقة في السابع من شهر رمضان سنة 581 هـ (صلة الصلة 4/الترجمة 231). (¬4) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1202)، وابن الأبار في التكملة (2756)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 218، والذهبي في المستملح (668)، وتاريخ الإسلام 12/ 377.

وأبي مَرْوان بن مسَرَّةَ، وأبي الوليد بن طَرِيف، وأجاز لهُ من أهلها: أبو القاسم ابنُ وَرْد، وأبو محمدٍ النَّفْزي المْرسِيّ. ورَحَلَ سنةَ ثلاثينَ وخمس مئة، وحَجَّ وأخَذَ عن جماعة، منهم بمكّةَ شرَّفَها اللهُ: أبو بكرٍ محمدُ بن عَشِير بن معروفٍ الشِّرْوانيُّ، وأبو عليّ ابنُ العَرْجاءِ، وأبو الفَضْل جعفرُ بن زيد الطائيُّ، وأبو محمدٍ المبارَكُ ابنُ الطَّبّاخ، وأبو المُظفَّر الشَّيْبانيُّ قاضي الحَرَمَيْنِ وتدَبَّجَ معَه، وبالإسكندَريّة نزيلاها: أبو العبّاس السَّرَقُسْطيّ ابنُ الفقيه وأبو الطَّاهر السِّلَفيُّ وأكثَرَ عنه، فكان السِّلَفيُّ يقول: كتَبَ عنّي ألفَ ورَقة؛ ومنهم: أبو سَعدٍ حَيْدرُ بن يحيى الجِيليّ، وأبو العِزِّ سُلطانُ بن إبراهيمَ المَقْدِسيُّ؛ وقَفَلَ إلى بلدِه بفوائدَ كثيرةٍ وغرائبَ جَمّة. رَوى عنه أبو الحَسَن بن مُؤمِن، وأبو الخَطّاب بنُ واجِب، وآباءُ عبد الله: التُّجِيبيّ وابنُ سَعِيد المُراديُّ وابن عبد الصَّمد القَلَنِّي، وأبو القاسم ابنُ بَشْكُوال، وهو من طبقتِه. وقد حدَّث عنه أبو الحَسَن رَزِينُ بن مُعاويةَ بسيرةِ رسُول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - "تهذيبَ ابن هشام" عن السِّلَفيِّ، والسِّلَفيُّ يُحدِّث عن رَزِين بالإجازة، وهذا من طَرِيف الاتّفاق في الرّواية. وكان محدّثًا حافظًا ثقةً عَدْلًا كاملَ العناية بروايةِ العلم وتقييدِه، حريصًا على استفادتِه مُشتغِلًا بصناعةِ الحديث، موصُوفًا بالذّكاءِ والفَضْل والتواضُع، نزيهَ الهِمّة كريمَ الطَّبع جليلَ القَدْر؛ خَرَجَ من قُرطُبةَ في الفتنة بعدَ الأربعينَ وخمس مئة فنَزَلَ إلْش ووَليَ الصلاةَ والخُطبةَ بجامعِها وأسمَعَ الحديثَ، ورُحِلَ إليه في السَّماع عليه رغبةً في الأخْذِ عنه. قال أبو الحَسَن بنُ مُؤمن، وقد حدَّث عنه بحديث: نَقلتُ هذا الحديثَ من خطِّ أبي الحَسَن، وكان في آخِرِه بخطّ شيخِنا أبي القاسم ابن بَشْكُوال: سَمِع هذا الحديثَ المتقدِّم من لفظِ الشَّيخ الفقيه السيِّد أبي الحَسَن عليِّ بن محمد بن فَيْدٍ -أدام اللهُ بركتَه- خَلَفُ بنُ عبد الملِك ابن بَشْكُوال ضَحْوةَ يوم الجُمُعة غُرّةَ صَفَرِ أربعٍ وثلاثينَ وخمس مئة.

558 - علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن خلف الأنصاري السالمي

مولدُه بقُرطُبةَ قبلَ التسعينَ وأربع مئة، واستُشهِدَ في خروجِه من إِلْشَ معَ عامّة أهلِها خوفًا على أنفُسِهم من الأميرِ محمدِ بن سَعْد (¬1)؛ إذ كانوا قد خَلَعوا دعوتَه، وذلك سنةَ سبع وستينَ وخمس مئة. 558 - عليُّ بن محمدِ بن أحمدَ بن محمد بن خَلَف الأنصاريُّ السّالِميُّ. 559 - عليُّ (¬2) بن محمد بن أحمدَ بن مُنَخَّلٍ النَّفْزِيُّ، شاطِبيٌّ، أبو الحَسَن. سَمِعَ على أبي بكر بن أبي زَمَنِين، وأبي محمدٍ عبد المُنعِم ابن الفَرَس وأجازا له هما وأبو بكر بنُ عَطِيّةَ، وأبو جعفر بن حَكَم، وأبو عبد الله بن عَرُوس. حَكَى عنه أبو العبّاس العَزَفيُّ في "برنامَجِه"، وحدَّث عنه بالإجازة لفظًا أبو عبد الله ابنُ الأبار، ووَلِيَ القضاءَ ببعض كُوَرِ بلدِه، وتوفِّي آخرَ الثلاثينَ وست مئة. 560 - عليُّ بن محمد بن أحمدَ بن نَصْر، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عليٍّ الصَّدَفي. 561 - عليُّ بن محمد بن أحمدَ بن يَبقَى المَعافِريُّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ ثلاثَ عشْرةَ وست مئة. 562 - عليُّ (¬3) بن محمد بن أحمدَ الأَزْديُّ، دانِيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ الصَّيْقَل. رَوى عن أبي العبّاس بن عيسى، وأبي القاسم بن وَرْد. رَوى عنه أبو الحَجّاج ابن أيُّوب؛ وكان فقيهًا مُشاوَرًا حافظًا للمسائل، درَّسَ "المدوَّنةَ" ونُوظرَ فيها. 563 - عليُّ (¬4) بن محمد بن أحمدَ الأنصاريُّ، قُرطُبيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ عُقَاب وأبو زُوَيْتَةَ. ¬

_ (¬1) في م ط: "سعيد"، وليس بشيء. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2834)، والذهبي في المستملح (707). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2738)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 183. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2768)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 186.

564 - علي بن محمد بن أحمد البلوي، مروي

رَوى عن أبي الحَسَن العَبْسيّ. رَوى عنه أبو بكر بنُ هِشام، وأبو جعفر بن يحيى، وابنُه أبو محمد عِصَام، وأبَوا الحَسَن: ابنُ حَفْص وعبدُ الوَليِّ ابنُ المُناصِف، وأبو الحَسَن يحيى بن الصائغ الزّاهد، وأبو عبد الله الشَّنْتِالي، وأبو الوليد هِشام بن عبد الله. وكان إمامًا في الفريضة بالجامع الأعظم من قُرطُبةَ، طَهَّره اللهُ، مُقرئًا به، محدِّثًا ثقةً عَدْلًا صحيحَ السَّماع، وأسَنَّ حتى كان منفرِداً في وقتِه برواية "الشّهاب" عن العَبْسيِّ عن القُضَاعيِّ سَماعًا متّصلًا، فأخَذَه النَّاسُ عنه رغبةً في عُلوِّ إسنادِه واستنادًا إلى صحّةِ سَماعِه؛ وتوفِّي بقُرطُبةَ سنةَ أربع وسبعينَ وخمس مئة، ودُفن بمقبُرة أُمِّ سَلَمةَ. 564 - عليُّ بن محمد بن أحمدَ البَلَويُّ، مَرَوِيٌّ. كان فقيهًا عاقدًا للشُّروط عَدْلًا، حيًّا سنَة إحدى عشْرةَ وست مئة. 565 - عليُّ (¬1) بن محمد بن أحمدَ الجُذَاميُّ، مالَقيٌّ سَكَنَ سَبْتةَ، أبو الحَسَن، ابنُ غَمَّاد، وابنُ الغَمّاد، بغَيْن معجَم. تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن فَتْحون ابنِ أبي البقاءِ، وأبي القاسم خَلَف ابن النَّخّاس، وأبي محمد بن سَهْل صاحب ابنِ الصَّيْرَفي. تَلا عليه أبو الحَسَن صالحُ ابن خَلَف، وأبو العبّاس بن المَعْذور، وأبو القاسم عبدُ الرّحمن القَرّاقُ السَّبْتيّ. وكان مُقرئًا مجوّدًا ضابطًا متصَدَّرًا لذلك، ضرير البصر نفعه الله نحويًا ماهرًا، انتقل إلى سبتة من مالَقةَ أيَّام الفتنة التي أثارها بها أبو الحَكَم الحُسَين بن الحُسَين بن حَسُّون (¬2) وأقرَأَ القرآنَ ودَرَّس العربيّةَ زمانًا، وتوفِّي بها عامَ ثلاثينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2710)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 187. (¬2) انظر خبر هذه الفتنة في أعمال الأعلام: 254، وقد كانت سنة 538 هـ. فقول ابن عبد الملك بعدُ أن وفاة المترجم به كانت سنة 530 هـ: مما يستوقف النظر.

566 - علي بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن الضحاك الفزاري، غرناطي، أبو الحسن، ابن البقري

566 - عليُّ (¬1) بن محمد بن إبراهيمَ بن عبد الرّحمن بن الضَّحّاك الفَزَاريُّ، غَرْناطيّ، أبو الحَسَن، ابنُ البَقَريّ. أكثَرَ قراءةً وسَماعًا على أبي إسحاقَ بن عبد العزيز بن أبي تَمّام، وآباءِ بكر: ابن بِشر (¬2) وابن الخَلوُف وابن طاهر وابن العَرَبيّ، وأبي جعفر البِطْرَوْجيِّ وأبي الحَجّاج الأُنْديّ، وأبوَي الحَسَن: شُرَيْح وابن مَوْهَب، وأبوَيْ عبد الله: ابن خَلَف بن موسى وابن عبد الرزّاق، وأبي الفَضْل عِيَاض، وأجازوا له. ورَوى سَماعًا وقراءةً على أبي أحمدَ بن رِزْق، وآباءِ إسحاقَ: ابن الإمام وابن ثَبَات وابن حُبَيْش وابن رَشِيق، وأبي الأصبَغ عيسى بن شاهِد، وآباء بكرٍ: عبد العزيزِ بن مُدير وابن فَنْدِلة وابن مَسْلَمةَ، وآباءِ الحَسَن: خَطّاب بن أحمدَ وعبد الرّحيم الحِجَاريِّ وعَبّاد بن سِرْحان وابن ثابِت وابن لُبٍّ وعَمْرِو بن محمد ابن يَدَّرَ ومحمد ابن عَظِيمةَ ويونُسَ بن مُغيث وأبي زَيْد بن عبد الحقّ، وأبي الطَّاهر بن حَجّاج، كذا كَنَاهُ والمعروفُ: أبو الوليد؛ وآباءِ عبد الله: حَفيدِ مكّيٍّ والحَمْزيِّ وابن سُليمانَ بن مَرْوان وابن فَرَج وابن وَضّاح وابن أبي أحَدَ عَشَر وابن أبي الخِصَال، وآباءِ العبّاس: ابن ثُعْبان وابن حَرْب وابن محمدٍ التُّدْمِيريِّ وحامد بن أيُّوب، وآباءِ القاسم: ابن بَقِيّ وابن محمد بن نُصَيْر وابن وَرْد، وآباءِ محمد: شُعَيْب اليَابُرِيِّ وابن خَلَف وابن بَقِيِّ وابن عليّ بن عبد العزيز بن فَرَج وابن محمد النَّفْزِي وعبد الصَّمد الجَيّاني، وأبوَيْ مَرْوانَ: الباجِي وابن بُونُه، وأبوَي الوليد: ابن بَقْوَى وابن الدَّبّاغ، وأجازوا له، وأبي الحَسَن ابن البيذَش ولم يَذكُرْ أنه أجاز له، وأبوَيْ عبد الله: ابن مالكٍ واللَّوْشِي، وأبي العبّاس الطَّرْطُوشيّ، وأبوَي القاسم: ابن الأبرَش وابن أبي جَمْرة، وأبوَيْ محمد: ابن سِمَاك وعبد الحقِّ بن عَطِيّة، وذَكَرَ أنهم لم يُجيزوا له، وأبي الحَسَن سَلام، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2732)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 205، والذهبي في المستملح (658)، وتاريخ الإسلام 12/ 51، وابن فرحون في الديباج 2/ 115. (¬2) في م: "بشير".

وآباءِ عبد الله: ابن الخَرّاز -قال: أنشَدَني كثيرًا من شعرِه- وابنِ المُناصِف والنَّوَالِشِيّ، وأبي عَمْرٍو الخَضِر -وقال: إنه لم يَستجِزْهم- وأبي الحَسَن سَعْد بن خَلَف، ولم يَذكُرْ كيف حَمَلَ عنه. ولقِيَ أبا جعفر بنَ خَلَف بن حَكَم، وأبا الحَجَّاج بن جَبَلةَ، وأبوَيِ الحَسَن: ابنَ عبد العزيز الإمامَ ومحمدَ بن أبي خَيْثَمة، وناوَلَه، وأبا محمد بنَ خَطّاب وأجازوا له، وأبا الحَسَن دِحْيَةَ وأجازَ له قراءةً أبي عَمْرو. وأجاز له مُعَيَّنًا: أبو عبد الله بنُ يحيى الخَوْلانيُّ، وأبو مَرْوانَ بن القَصِير ما رواه عن ابن سَهْلٍ فقَطْ، ومُطلَقًا: أبو إسحاقَ بن صالح، وأبو الأصبَغ عبدُ العزيز بن عُبَادة، وآباءُ بكر: البِرْزَاليُّ وابنُ صَافٍ الجَيَّانيّ وابنُ عبد العزيز الغَسّاني وابنُ المُرْخِي، وأبو رُكَب وأبو جعفر بنُ الحُصَين، وآباءُ الحَسَن: أحمدُ ابن القَصِير وطارقُ بن يَعيشَ المَخْزوميُّ والمالطيُّ وابنُ مَعْدانَ وابنُ النِّعمة، وأبو حَفْص بن أيّوبَ، وأبو الرَّبيع المُقرئ، وآباءُ عبد الله الجَيّاني البغداديُّ وابنُ خَلَف وابن مُنعِم وابن مَعْمَر وابن نَجاح وابن يَبْقَى، وأبو عبد الرّحمن مُساعدٌ، وأبو عامِر محمدُ بن جعفر، وأبَوا العبّاس: ابنُ خَلَف النُّمَيْريّ وابن النَّخّاس، وأبَوا عِمرانَ: ابن حَمّاد وابن سَيِّد، وأبو الفضائل عيسى بنُ محمد، وأبَوا القاسم: عبدُ الرّحمن بن عبد الله وابن الفَرَس، وأبَوا محمد: الرُّشَاطيُّ وابن الوَحِيدي، وأبو مَرْوانَ بن مَسَرَّة. وله شيوخٌ غيرُ هؤلاءِ في ما قال في "برنامَجِه" الذي لَخَّصتُ منه تسميةَ شيوخِه هؤلاءِ، وكيفيّةَ أخْذِه عليهم، منهم: أبوا عبد الله: ابنُ الحاجّ والنُّمَيْريُّ، وأبو العبّاس الزَّنْقيّ، وأخَذَ عنه عِلمَ الكلام. ومن شيوخِه سوى مَن ذُكِر -ونقَلتُه من خطِّه-: أبو الحَكَم عبدُ الرّحمن بن عبد الملِك ابن غَشِلْيان. رَوى عنه ابنُه أبو محمدٍ عبدُ المُنعِم، وابنُ اختهِ أبو جعفر بن شَرَاحِيل، وأبو بكر بن أبي زَمَنِين، وأبو الحَسَن بن فَتْح بن جابِر، وهُو آخرُ الرُّواة عنه، وأبو عبد الله بن أحمدَ بن الصَّقْر.

567 - علي بن محمد بن إبراهيم الأنصاري، داني

وكان محدِّثًا نبيلًا، حافظًا للتواريخ وطبقاتِ الرُّواة وتعديلهم وتجريحِهم، مميِّزًا صحيحَ الحديث من سَقيمِه، عُنِي بهذا الشأنِ طويلًا، ماهرًا في عِلمَي الكلام وأصُولِ الفقه، أديبًا، وله مُصنَّفاتٌ كثيرةٌ في الحديث وتواريخِه والكلام، منها: "شرْحُ إرشادِ أبي المعالي" (¬1) و "أصُولُ الفقه" و "أجوِبةٌ على مسائلَ" اقتُضِيَ منه الجوابُ عليها، ورَدٌّ على مقالاتٍ في أنواع شتّى، ظَهَرَ في ذلك كلِّه إدراكُه وحُسنُ نَظَرِه، وكتَبَ بخطِّه كثيرًا وجَوَّدَه على شدّةِ إدماجِه؛ مولدُه آخِرَ جُمادى الآخِرة سنةَ تسع وخمس مئة، وتوفِّي سنةَ اثنتَيْنِ وخمسينَ وخمس مئة (¬2). 567 - عليّ بن محمد بن إبراهيمَ الأنصاريُّ، دانِيٌّ. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ. 568 - عليُّ بن محمد بن أبي بكر بن محمد، بَلَنْسِيٌّ، ابنُ القَلّاس. كان حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. 569 - عليُّ (¬3) بن محمد بن أبي تَمّام الطائيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو الحَسَن. تَلا على أبي محمدٍ القاسم بن دَحْمانَ بالسَّبع، وقيل: بحَرْفِ نافعٍ فقطْ، لقِيَه بمالَقةَ وتأدَّبَ به في العربيّة، وحدَّث عن أبيه وأبي القاسم ابن بَشْكُوال وأبي الوليد بن رُشْد الأصغر واختَصَّ به، وكان كاتبَه. رَوى عنه أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان؛ وكان فقيهًا عاقِدًا للشّروط، مُبرِّزًا في العدالة معروفَ النّزاهة قديمَ التعيُّن، وَرِعًا فاضلًا، واستُقضيَ، وتوفِّي ليلةَ ¬

_ (¬1) هامش ح: "وسمه بمنهاج السداد في شرح الإرشاد، والذي له في أصول الفقه وسمه بمدارك الحقائق" (وتنظر صلة الصلة والديباج). (¬2) هامش ح: "هكذا قال المصنف: اثنتين وخمسين، تبع في ذلك لإبن الأبّار. وقال شيخنا أبو جعفر ابن الزبير: توفي في الكائنة بغرناطة سنة سبع وخمسين وخمس مئة، خرج في جملة مَن خرج من غرناطة يريد وادي آش ففُقد قبل أن يصل إليها ولم يوقع له على خبر". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2809)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 267، والذهبي في المستملح (691)، وتاريخ الإسلام 13/ 319.

570 - علي بن محمد بن أبي الجهم القرشي

الأربعاءِ مُستهَلَّ ذي قَعْدةِ أحَدَ عشَرَ وست مئة، ودُفنَ إثْرَ صلاةِ عصرِ يوم الأربعاءِ المذكور بمقبُرةِ أُمِّ سَلَمةَ. 570 - عليُّ بن محمد بن أبي الجَهْم القُرَشيُّ. رَوى عن شُرَيْح. 571 - عليُّ (¬1) بن محمدِ بن أبي العَيْش الأنصاريُّ، طَرْطُوشيُّ سكَنَ شاطِبةَ، أبو الحَسَن. أخَذ القراءاتِ عن أبي الحَسَن ابن الدُّشّ، وأبي المُطَرِّف ابن الوَرَّاق، وحدَّث عن الشّهيد أبي عبد الله ابن الحاجِّ، وتأدَّب بأبي الحَجّاج بن يَسْعُون. رَوى عنه أبو بكرٍ مُفوَّزٌ وأبو محمد عبدُ الله ابنا طاهر بن مُفوَّز، وأبو الحُسَين بن جُبَيْر؛ وكان شيخًا صالحاً فاضلًا حَسَنَ القيام على تجويدِ كتاب الله حافظًا له مُثابِرًا على قراءتِه، موفورَ الحَظّ من النَّحو (¬2). 572 - عليُّ بن محمد بن أبي قُرّةَ الغافِقيُّ، إشبِيليُّ، أبو الحَسَن. 573 - عليّ بن محمد بن إدريس الأنصاريُّ، دانيٌّ. سَمِعَ بالمَرِيّة على أبي عليّ الصَّدَفي. 574 - عليُّ بن محمد بن بالِغ النَّحْليّ، أبو الحَسَن (¬3). رَوى عن أبي العبّاس بن طاهر، وكان زاهدًا فاضلًا. 575 - عليُّ (¬4) بن محمد بن بَقِيّ الغَسّانيُّ، وادي آشِيٌّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2757)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 199، والذهبي في المستملح (661). (¬2) وقال ابن الزبير: "كان حيًّا بُعيد الوسط من عشر الستين وخمس مئة". (¬3) في هامش ح: "قد نبهنا على أبي الحسن علي بن عبد الرحمن النحلي الزاهد فانظره مع هذا" (قلنا: هو في التعليق على الترجمة 503، ومترجم في التكملة 2740). (¬4) ترجمه الرعيني في برنامجه (75)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 284.

576 - علي بن محمد بن بيطش المخزومي، أبو الحسن

رَوى عن أبي إسحاقَ بن أبي البَقاء، وأبي جعفر بن حَكَم، وأبي عبد الله بن إبراهيمَ بن قُرَشيّةَ، وأبي القاسم ابن البَرّاق. رَوى عنه شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيني، وحدَّثَ عنه بالإجازة أبو عبد الله الطَّنْجَاليّ. وكان شيخًا صالحًا مُنقبِضًا عن مخالطةِ الناس، مُقبِلًا على ما يعنيهِ من وظائفِ البِرِّ وأفعال الخير مستوهَبًا منه الدعاءُ، وخَطَبَ ببلدِه (¬1). 576 - عليُّ بن محمد بن بَيْطَش المَخْزُوميُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي الرَّبيع بن سالم. 577 - عليُّ بن محمد بن حارِث السالمِيُّ، أبو الحَسَن. له إجازةٌ من أبي محمد عبدِ المُنعِم ابن الفَرَس. 578 - عليّ (¬2) بن محمد بن الحَسَن بن خَلَف بن يحيى الأُمَويُّ، دانِيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ بَرُنْجال. رَحَلَ وحَجَّ، وأخَذَ يسيرًا بالإسكندَريّة عن أبي الطَّاهر السِّلَفيّ، أنشَدَ عنه أبو الرّبيع بنُ سالم قال: أنشَدَني أبو الطَّاهر السِّلَفيُّ لنفسِه [مجزوء الكامل]: غَرَضي من الدُّنيا صديـ ... ـقٌ لي صدوقٌ في المِقَهْ يَرعى الجميلَ وعينُهُ ... عن كلِّ عيبٍ مُطْرِقَهْ وإذا تغَيَّر مَن تغيَّرَ ... كنتُ منهُ على ثِقَه 579 - عليُّ بن محمد بن حَسَن الأنصاريُّ، إشبِيليٌّ جَيّانيُّ الأصل نزَلَ مَرّاكش، أبو الحَسَن الجَيّانيّ. أخَذ العربيّةَ والآدابَ عن أبي الحَسَن الدَّبَّاج، وأبي عليّ ابن الشَّلَوْبِين، أخَذ عنه كثيرٌ من أصحابِنا، وأخَذْتُ عنهُ وجالستُهُ كثيرًا، وانتَفَعْتُ بمُذاكرتِه في الطريقة الأدبيّة. ¬

_ (¬1) قال ابن الزبير: "كان حيًّا سنة سبع وعشرين وست مئة". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2782).

وكان أديب النفْس كاتبًا بليغًا، شاعرًا مُجِيدًا، رقيقَ الغَزَل بارعَ المَنازع، فائقَ النَّظْم والنثرُ، مبرِّزًا في فَهْم المعاني، نَحْويًّا ماهرًا ذاكرًا للُّغاتِ والآداب، من أبرعِ مَن رأيتُه خَطًّا، وكان لا يُحسِنُ بَرْيَ القلم، إنّما كان يُبْرَى لهُ، وكان قد شَرَعَ في الجَمْع بين "تفسيرَي الزمخشَريِّ وابن عَطِيّة" فخَلَصَ (¬1) منه جملةٌ واختُرِم قبْلَ إتمامِه، ورَجَّزَ "الأحكام في مُحجِزاتِ النبيِّ عليه الصلاةُ والسلام" تأليفَ شيخِنا أبي محمد حَسَن ابن القَطّان ترجيزًا حسَنًا مستوعَبَ الأغراض. وله منظوماتٌ كثيرةٌ في مقاصدَ شَتّى ورسائلُ منوَّعة، وكلُّ ذلك شاهدٌ بتبريزِه وجَوْدة مآخِذِه، وكان نَفّاعًا بجاهِه سَمحًا بمالِه مؤْثِرًا بما ملَكَتْ يمينُه، كثيرَ الإطعام متصدِّقًا على الفُقراءِ والمساكين، مبسوطَ اليدِ كريمَ الأخلاق طيِّبَ النفْس، وله رسالةٌ بارعة كتَبَ بها إلى قبرِ النبيّ - صَلَّى الله عليه وسلم -، وهي: "إلى سيِّد المُرسَلين، ورسُولِ ربِّ العالَمين، الذي جُعِلَتْ له الأرضُ مسجدًا وطَهُورًا، وكان ولم يزَلْ منتقِلاً من صُلبِ آدمَ نورًا، من يَلجَأ إليه يومَ الفَزَع الأكبرِ النَّبِيُّون، ويَرجو مذخورَ شفاعتِه في غدٍ المُسِيئون، ذُؤابةُ بني هاشمِ، المُتجَشِّمُ في ذاتِ الله سبحانَه أصعبَ المجاشِم، الذي نبَعَ بين أصابعِه الماء، وانهَلَّت بدعوته السماء، وحَنَّ إليه الجِذْعُ حنينَ الثَّكْلى، وأنبَأَهُ الذَّراعُ بسُمِّه وقد رام لهُ أكلًا، من أظَّلتْه الحمائم، وناجَتْه العِظامُ الرَّمائم، وأقَرَّ بنُبوّتِه الضَّبُّ وشَهِدَ لهُ بذلك تصديقًا، واستشفَعَ به ريمُ الفَلاةِ فمَرَّ طليقًا، المُصطفى المختار، قامعُ جيشِ الغِوايةِ وقد فار، ذو الحَوْض المورود، والمقام المحمود، واليوم العظيم المشهود، الذي انشَقَّ له القمر، ودانَ له الأسوَدُ والأحمر، ولاحَ النُّورُ الإلهيُّ من قَسَماتِه، وعَرَفَه الكَهَنةُ والأحبارُ قبلَ كونِه بسِماتِه، بُشْرى الكليم، والنافثُ بالإسلام في قلبِ السَّليم، المَيْمونُ النَّقيبةِ والطَّليعة، المُشيرُ إلى الأصنام فخَرَّت صَريعة، حبيبُ الله وخَليلُه، ومَن أُنزِلَ عليه تحريمُه وتحليلُه، وقام على صِدقِه برهانُ الحقِّ الواضح ودليلُه، الذي أعجَزَ البُلَغاءَ وهم أوفرُ الناس في وقتهِ عَدَدًا، ¬

_ (¬1) في م ط: "فلخص".

ولوِ اتَّخذوا البحرَ مِدادًا والأشجارَ مَدَدًا (¬1)، فَضَحَهم بباهرِ آياتِه، ومَحَا فجْرَهُم الكاذبَ سُطوعُ (¬2) إياتِه (¬3)، الذي جُمِعَتْ له شَتّى الفضائل وضُروبُها، ورُدَّت عليه الشَّمسُ وقد حان غروبُها، مَبْلَغُ الأملِ القَصيّ، التافلُ في عَيْنِ الوَصِيّ، من سبَّحَت في كفِّه الأحجار، وجاءت تجُرُّ فروعَها الأشجار، من أحسَنَ في ذاتِ الله المَصَاعِ، وأطعَمَ الجيشَ الكبيرَ من عَنَاقٍ وصَاع، من أرادَ أبو جَهْلٍ أن يَغتالَهُ ويخونَه، فرأى هَوْلًا ونارًا عظيمةٌ دونَه، مَنْ ناجاهُ بعَزْم القوم ثَبِير، وأنبَأَ بكذّاب في أُمّتِه ومُبِير، العاقبُ الحاشر، ذو المناقبِ التي أعيَتْ نَشْرَ الناشر، صَلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وذُرِّيتهِ وصَحْبِه صلاةً دائمةً ما نَمَّ عَرْفُ ثنائه، ولَفَّ الفجرُ الثُّريّا في مُلائه، من العبدِ المذنبِ المُخطي، المُسرع بأملِه المُبطِي، الذي غَذِيَ بحبِّك وليدًا، وأخَذَ الإيمانَ بكَ نَظَرًا وتقليدًا [الطويل]: * غَذِيتُ بحُبِّ الهاشميِّ وليدا (¬4) * وتحالَفَ معَ الشَّوق (¬5) إليك في أسحمَ داج، عَوْضُ ما نتفرَّقُ صفاءً ليس فيه تَدَاج، وقرَأَ أُمَّ الإخلاصِ في محبّتِك فعمَلُهُ غيرُ خَدَاج، الذي ثبَّطَتْه الأقدار، وعاقَه الفَلَكُ المُدار، عن الحلول بِمشَاهدِك الكريمة، والمُثولِ في مَعاهدِك التي هي لِصادي الأمل أنقَعُ دِيمة. كتبتُه وأنا أتنفَّسُ الصُّعَداء، وأُناجي بل أَغبطُ أهلَ زيارتك السُّعَداء، وللزَّفَراتِ تَصَعُّدٌ وانحدار، وللعَبَراتِ تردُّدٌ في الَجفنِ وانهمار، طَوْرًا تسيلُ كالغمامةِ الثَّجّاجة، وتارَةً كأنّي أنظُرُ من وراءِ زُجاجة [الكامل]: * إنّي كتَبْتُ وفي فؤاديَ لوعةٌ * ¬

_ (¬1) في م: "مددًا والأشجار عددًا". (¬2) في م: "بسطوع". (¬3) إياةُ الشمس: ضوءها وشعاعها وحُسنها. (¬4) صدور الأبيات التي يوردها في هذه الرسالة هي أوائل قصائد له سيوردها بعدُ. (¬5) ما أبرزناه من هذه الرسالة بالبُنط العريض سيكرر إيراده مصدِّرًا به قصائد له.

حَسْرةً على تفريطٍ حَرُّهُ يتَّقدُ على الأحشا، ونَدَمًا على أملٍ أخشَى أن يُفصَلَ بين قليبِه والرَّشا، وكيف أَلذُّ حياةً (¬1)، أو آمَنُ من الخطوبِ بَياتًا، ولم أعبُرْ لزيارتك سَبْسَبًا ولا لُجّة، ولا أقَمتُ على دعوى الشّوقِ إليك بُرهانًا ولا حُجّة، ولا أحرَمْتُ لحَرَم الله وحَرَمِك، ولا مدَدْتُ يدَ الافتقارِ فيه إلى كرَمِك؟! بعيدٌ على دعوى المحبّة أن تَصِحّ، وعلى خُلَّبِ العَزْم يَشِحُّ أنْ يَسِحّ، وإلّا فعِنانُ البَطَل خَوّار، والمُحبُّ إذا ما اشتاقَ زَوّار، ولعلّ العاجزَ يقولُ قولًا يُظهِرُ فيه مَجازَه، وكم دونَه من مَهْمَهٍ ومفازَة، أو يتأوّلُ جَليَّ النصُوص، ويتمثَّل: فكم أرض جَدبٍ ولصوص، كلّا، لو أصفَى دُرَّةَ صفائه، لأخرَجَها اليَمُّ إلى الساحل، بل لو وَفَّى لله حقَّ وفائه، أحَلَّه ذِروةَ البلدِ الماحل، ضلَّ أظَلُّهُ وقد أقام، وحاد عن السبيلِ وما استقام، وللعاجِزِ مُتَأوَّل، إذا لم يكنْ عندَه مُعَوَّل، تارَةً يَطرُقُ الغَرَر، ويقولُ: لا إضرارَ ولا ضَرَر، وُيحرَمُ ارتكابَ الأخطار، وُيحيلُ على غيرِ ذي جَناح إمكانَ المَطَار، وُيجيزُ التيمُّمَ معَ وجودِ الماء، ويُطيلُ الأملَ ولم يَبْقَ إلا خافتُ الذِّماء، ويُصوِّرُ الجائزَ في صور المحال، ولا يُنشِدُ القريضَ إلّا والجَريضُ دونَه قد حال، ويُهوِّلُ اللُّجَّة والمَرْت، ويقولُ: الجَمَلُ لا يلجُ الخَرْت، هلّا فلا الفلاه، ونفَى أن تولَدَ السِّعلاة، ومشَى ولو على مستعِرِ الجَمْر، ووَكَلَ الأمرَ في ذلك إلى صاحبِ الأمر، يخفِضُه الآلُ ويرفَعُه، ويتعرَّضُه الرِّئبالُ فيدفَعُه [الكامل]: * هلَّا فليتَ إليه ناحيةَ الفلا * فإنّ عَزْمًا في الله لا يتَعذَّرُ (¬2) معَه أمَل، وغَرَضًا في ذاتِه أوشَكَ به أن يقالَ: قد كَمَل، إلّا أنّ الجَدَّ خُلِعَ نَجادُه، كما أن الجِدَّ طُوِيَ بِجَادُه، وما هِي إلّا عِللٌ ثقيلةٌ منَعَتِ الصَّرف، وأسماءٌ ضَعُفت فبُنِيَتْ على الوَقْف، حينَ أشبَهَتِ الحَرْف، لو فتَحَ في الأرض بابَ الضَّرَب، وتخَطَّى بصحيح عَزْمِه مَبارِكَ الجَرَب، لجَنَى ثمرةَ الصَّبر، وكملَ لهُ حسابُ الجَبْر، وإنّما منَعَه خَفَضٌ لكنْ ¬

_ (¬1) تُقرأ: حياتا؛ للسجع. (¬2) سيورد هذه الجملة ثانية ص 250، وثَمَّ: لا يبعد.

ليس على الجِوار، ورَفْضٌ للحَزْم أعقَبَ ندامةَ ابنِ غالبٍ عند مُبايَنةِ نُوَار (¬1)، يقولُ: لا أستطيعُ السَّبيل، رِضا بالمَرْتَع الوَبِيل، هلّا أنِفَ من مقام المُجرم، وتشَوَّف إلى مقام المُحرِم، وزَجَرَها وهُو البائسُ أيامِن، حتّى يحُلَّ البلدَ الآمِن [الكامل]: * هلَّا زَجَرْتَ العِيسَ تنفخُ بالبرى (¬2) * ورَحَلَ لبُغْيةِ المكارم، واستقبَلَ آثارَ القوم الأكارم، ليَلثُمَ مَواطئَ سَعى فيها بالوَحْي الرُّوحُ الأمين، وتخَطَّى عَرَصاتِها سيِّدُ المرسَلين! كيف لي أن أُمرِّغَ الخدَّ في عبيرِ ثراها، أو أبلُغَ الجَدَّ الأعظمَ عندَما أراها؟! هل يَطِيشُ عند ذلك لُبِّي أو يَذهَل، أو يزيدُ أُوامي عندَما أرِدُ ذلك المَنْهَل؟ مَن لي بالخَيْف ومِنى، وهل هما إلّا أجلُّ بُغْيةٍ ومُنى؟ أظُنُّك ضَلَلْتَ الطريق، وإلّا فأْينَكَ من ليالي التشريق؟ وهلّا أزدَلَفْتَ إلى المُزدَلِفة، ونَقَعتَ أُوامَ النفْسِ الكَلِفة وتَرَكْتَ حُطامَكَ إلى الحطيم وزَمْزَم، واقتدَيْتَ في العَزْم بشَنْشَيةٍ من أخْزَم! أرأيتَ استلامَ الحَجَرِ حِجْرًا؟ أم بقِيتَ في ليل الغِواية وقد تَبلَّجَ لك الرُّشدُ فَجْرًا؟ أم حُجِبتَ عن البيتِ العتيق، وقَصَّرتَ عن التقصيِر وما حلَّقت على التحليق؟ وما تنفَعُك الدّموعُ المُفاضة، وقد حُرِمتَ طَوافَ الإفاضة؟ هل قَرَعتَ إلى الصَّفا كلَّ صَفاة، وامتَطيْتَ إلى المَرْوةِ أطرافَ المَرْوِ الحِدَادِ بعزمةٍ مُستوفاة، وأجمَعْتَ في حالِ انفرادٍ وجمع، على الحُلولِ بجَمْع، ووَلَّيتَ أمرَ عزْمِك مستحقَّه، وجَعَلتَ لعَرَّافِ اليمامة حقَّه، لعلّه يَشفيكَ من وَجْدِك، أو يُنشِقُك نَفْحةً من صَبا نَجْدِك؟ وإنّما أنت الطَّليحُ المُلقَى، والصّحيحُ لغيرِ سببٍ يُسْتلقَى، بَرْقُ عَزْمِك خُلَّب، وصُلْبُ نيّتِك غيرُ صُلَّب، ليتَ شِعري! ما يُسكِنُ هذا الشّوقَ المُثار؟ وهل أُعفِّرُ وَجَناتي في تلك المشاهدِ الكريمةِ والآثار؟ قَسَمًا يا ذا الخُلُقِ العظيم، بمقامِك الأعْظَم، إنّ حُبَّك ¬

_ (¬1) هو الفرزدق، والنوار زوجته وقد ندم حين طلقها. (¬2) في مكان إيراد القصيدة بعدُ (ص 250): في البرى.

قد تخَلَّل وسَرَى في الأعْظُم، فهو رَوحُ النْفس وغِذاؤها، ويُوْحُ (¬1) [88 ظ] الأُنسِ يَسطَعُ ضياؤها، بلُبانِه الطيِّب فُطِنْت، وبرَمامِه المستصجَبِ فُطِمت. اللهمَّ يا ربِّ فأنْجِدْ عبدَك المُسيءَ وأعِنْه على أداءِ الفريضة، واشْفِ من لواعجِ شوقِها لبيتكَ الكريم ونبيِّكِ العظيم نَفْسَهُ المريضة، اللهمَّ فطيِّبْ قلبَه بانتشاقِ رِيح طَيْبَة، ولا تجعَلْ أملَه فيك ورجاءه في كرَمِك إلى إخفاقٍ وخَيْبة [الطويل]: * إليكَ إلهي رَغْبتي وبُكائي * اللهمَّ يا ربِّ فبَلِّغْه من ذلك سُؤلَهُ وأُمنيَّتَه، قبلَ أن تقضِيَ مَنيَّتَه، وَشَفِّعْ صالحَ قولِه بعاجِل عملِه، قبلَ حُلولِ أجَلِه، اللهمَّ انفَعْهُ بما يَنطوي عليه من حبِّ نبيِّكَ الكريم، وخليلِكَ الذي بوَّأتَه أسنَى مراتبِ التقريبِ والتكريم، وحَبَوْتَه بينَ جميع خَلْقِك بمَزيّةِ التفضيل عليهم والتقديم، واختِمْ لعبَدِك المُسيء بخاتمةِ الخَيْرِ والسَّعادة بفضلِك يا ذا الفَضْل العظيم، وعلى سيِّدِنا ومَوْلانا محمدٍ وعلى آلِه وصَحْبِه وذُرِّيتهِ أفضلُ الصلاةِ والتسليم، ما نَقَعَ العَذْبُ الزُّلال نفوسَ الهِيم، وصَدَعَ البَرْقُ رداءَ اللّيلِ البهيم، بحَوْلِه وفَضْلِه". وقرأتُها عليه ونقَلتُها من خطِّه. وأنشدت عليه لنفسِه من قصائدِه الحِجَازيّات [الرمل]: كيف لا أندُبُ عهدًا بالحِمى ... عن جُفوني طارقَ النومِ حَمَى؟ نَزَعَتْ شوقًا إليه مُهجةٌ ... لم يَدَعْ منها الهوى غيرَ ذَما يا ليالِيْنا بذي الغَوْرِ أمَا ... يتَسلَّى القلبُ عنكنَّ أمَا وعهودًا باللِّوى قد سَلَفَتْ ... لم أزَلْ أبكي عليهنَّ دَمَا يَصْدُقُ البَرْقُ فؤادي حسرةً ... فأنا أبكي إذا ما ابتَسَما ورياحُ الغَورِ مهما نَسَمَتْ ... أوقَدتْ نارَ الجَوَى فاضْطَرَما ¬

_ (¬1) يُوح: اسم الشمس.

لا تَلومُوني على الوَجْدِ فما ... يَفْغَرُ المُنصفُ باللومِ فَمَا كيف لي بالخَيْفَ يَدْنو ومِنًى ... فهما همُّ فُؤادٍ فَهُما يا حُداةَ العِيس رِفقًا إنّها ... شَكَتِ الجَهْدَ وبُعْدَ (¬1) المُرتَمى فهْي تستنشقُ هبّاتِ الصَّبا ... كلّما وافَتْ بنَجْدٍ عَلَما أنِّسُوها بالتذاذٍ إنّها ... نَعَمٌ تَفْهَمُ تلك النَّغَما طاوِياتٌ لم يَدَعْ منها ... السُّرى ودَخيلُ الشوقِ إلّا الأعظُما [89 و] تقصِدُ الحُوَّمُ من أعيُنِها ... نُطَفًا ليستْ تُرَوِّي مِن ظَما وَيمُدُّ السَّيرُ منْ أعناقِها ... خَيزُرانًا حين تُبْدي السَّأَما حَمَلتْ أشباهَها فهْيَ بهمْ ... كقِسِيٍّ قد أقلَّتْ أسهُما أوهَنَ الوَخْدُ قُواهُنّ فإنْ ... لاحَ نجدٌ خِلْتَ فيها لَمَما مَدَّتِ الأعناقَ لمّا رَمَّلت ... بنَقا الرَّملِ وأكنافِ الحِمى هادياتٍ بالهوادي كلّما ... ضلَّ حادٍ جاذبَتْهُ الخِطَما جنِّبوها مورِدَ الماءِ فقد ... حَرَّمَتْهُ أو تَزُورَ الحَرَما يا خَليليَّ رُوَيْدًا إنّها ... لَتُعاني الشّوقَ مِثلي فاعلَما أنشِقاها نَفْحةً نَجْديّةً ... راحةُ المشتاقِ أن يَنتَسِما وعِداها بعِداها ظَفَرًا ... وسُرورًا يومَ تأتي الموسِما فبهِ تُمحَقُ آثارُ السُّرى ... وتبادُ البِيدُ حتى تُعدَما إنّها قد حَمَلتْ شُعْثًا إذا ... ما بَكَوْا قلتَ: غمامٌ سَجَما ومتى أنُّوا اشتياقًا وشَكَوْا ... صَدَعوا الصَّخرَ وشاقوا الأعصَما شَرِبوا الدمعَ حَميمًا وارتوَوْا ... ولِذا عافُوا الزُّلالَ الشَّبِما ¬

_ (¬1) في م ط: "وطول".

لم يَزُمُّوا العِيسَ حتى حَرَّموا ... كلَّ ماءٍ أو يَحُلُّوا زَمْزَما لا تَلُمْهمْ في البُكا مُعتدِيًا ... كلُّ جَفْنٍ شامَ أو هامَ هَمَى حَسْرَتا إنْ لم أكنْ في سِلكِهمُ (¬1) ... وبهم مشتملًا مُنتظِما مَنْ عَذِيري من زمانٍ قد مضَى ... أقرَعُ السِّنَّ عليه نَدَما حَسْرَتا إنْ لم أُبَلَّغْ أملي ... قبلَ أنْ يأتيْ الرَّدى مُخترِما يا جميلَ اللُّطفِ واغفِرْ زَلَّتي ... وأقِلْني عَثَراتي مُنعِما بَرَّحَ الفقرُ إلى رُحماكَ بي ... لا يُداوي الفقرَ إلا الكُرَما إنْ يكُنْ ذَنْبي عظيمًا قد غَدَا ... عَفْوُكَ الواسعُ منه أعظَما أثقَلَتْ ظَهْري ذُنوبٌ صحْتُ مِن ... تحتِها: واأسَفًا واألَما! قَرَعَ البابَ بها مُسترحِمٌ ... لا يكُنْ بابُكَ عنه مُبهَما إنّ حَسْبي في غدٍ أن أغتَدي ... لائذًا بالمُصطفى مُحترِما [89 ظ] بشفيعِ المُذنِبينَ المُرتجَى ... في غدٍ يشفَعُ فيهمْ كَرَما النبيُّ الأبطحيُّ المُجتبَى ... سيِّدُ الخَلْقِ الكريمُ المُنتمَى الرسُولُ الساطعُ النُّورِ الذي ... قد جَلا نورُ هُداهُ الظُّلَما المَكِينُ المُعتَلي السامي إلى ... قابَ قَوْسَيْنِ أوَ ادْنَى مُكْرَما خيرُ خَلْقِ الله طُرًّا سادَهمْ ... بعلاءٍ عَرَبًا أوعَجَما فعليه صَلَواتُ الله ما ... شَدَتِ الوُرْقُ فشاقَتْ مُغرَما [غَذِيتُ بحبِّ الهاشِميِّ] [الطويل] غَذِيتُ بحبِّ الهاشميِّ وليدا ... فألفَيْتُ أمري في هواهُ حَميدا غَذِيتُ به طفلًا صَغيرًا وناشئًا ... وكهلًا فما ألْفَيْتُ عنه مَحيدا ¬

_ (¬1) هذه هي رواية ط، وفي ح م: "سلككم".

تطعَّمتُه في ثَدْي أُمِّيْ ولم أُطِقْ ... به صَدَرًا حينَ استَطَلْتُ وُرودا وأقسَمْتُ أنْ ألْقى الإلَه بحُبِّهِ ... يمينًا عليها اللهُ كان شهيدا إذا غَرَّدَ القُمْريُّ فاضَتْ مَدامعي ... فريدًا كأنّيْ قد نَثَرْتُ فريدا ويَهتاجُ أشجاني نَسيمٌ إذا هَفَا ... بنِيرانِ شَوْقي زادَهنَّ وَقودا أبادَ الأسى صَبْري وأفنَى تجلُّدي ... وكنتُ على مرِّ الخطوبِ جَلِيدا وتحالف معَ الشَّوق [الكامل]: إنّي كتبتُ وفي فؤاديَ لوعةٌ ... حُشِيَتْ بحَرِّ جحيمِها الأَحشاءُ أبكي لفَرْطِ شَقاوتي لو أنهُ ... يُدني الحَبيبَ من المُحبِّ بكاءُ دمعًا متى أجرَيْتُ وادي فَيْضهِ ... ذهَبَتْ به أنفاسيَ الصُّعَداءُ يا حَسْرَتا نائي الأحبَّةِ نازحٌ ... يَرجو اللِّقاءَ وأين منهُ لقاءُ هامي الجُفونِ معَ البَنانِ تمازَجَتْ ... في وجنتَيْه أدْمُعٌ ودماءُ أعشَى نواظرَه البكاءُ وصدَّعَتْ ... أكبادَه الأشواقُ والبُرَحاءُ يُذْري المدامعَ عابِثًا بالتُّربِ لا ... تُشجيهِ لا هندٌ ولا أسماءُ شوقًا لقبرِ المصطفى ومحبّةً ... في خيرِ مَنْ طَلَعَتْ عليه ذكاءُ يا فوزَ قومٍ طَيَّبوا وَجَناتِهمْ ... * بتُرابِ طَيْبَةَ همْ همُ السُّعداءُ حسرةٌ على تفريط [الوافر]: أرى دعوى المحبّةِ لا تَصِحُّ ... وخُلَّبُ بَرْقِ عَزْمِكَ لا يَسِحُّ [90 و] ولو تُطوى على عَزْمٍ صحيحٍ ... لَهاجَكَ مِن نسيمِ الغَوْرِ نَفْحُ وكنتَ تطيرُ من طَرَبٍ متى ما ... يَلُحْ لك من بُروقِ الخَيْفِ لَمْحُ ولم يَردُدْكَ لَفْحٌ من هَجِيرٍ ... ولا من ليلةٍ ليلاءَ جُنْحُ

أتْشْجيك الحمائمُ كلَّ حينٍ ... وما في مُقلتَيْكَ لهنَّ رَشْحُ؟ أصخرٌ قلبُكَ المُعمَى عليهِ ... صَليبٌ لا يؤثِّرُ فيه قَدْحُ؟ سكِرْتَ بكأسِ غَيِّك أيَّ سُكرٍ ... ثقيلٍ ما أظنُّك منهُ تَصْحو تَضيقُ خُطاك عن خيرِ البرايا ... وفيها إنْ قَصَدْتَ سِواه فَسْحُ لقد صرَعَتْكَ حَرْبُ الغَيِّ صَرْعًا ... بقلبِكَ لا بجسمِك منه جُرحُ وإلا فعِنانُ البَطَل خوّار [الكامل]: هلّا فَلَيْتَ إليه ناحيةَ الفلا ... وبقِيتَ ما تَضْحَى بها مُتَخيِّلا ومَشَيْتَ والسِّعلاةَ لا مُتَوِّحشًا ... وصَدَمْتَ حَرَّ الجمرِ لا مُتملمِلا وصحِبتَ آلَ القَفْرِ منتجِعًا لهُ ... وترَكْتَ آلَكَ منهمُ مستبدِلا ووَطِئتَ من شَوْكِ القَتَادِ أزاهرًا ... تَنْدَى وبالرَّمضاءِ رَوْضاً شوقًا إلى قبرِ النبيِّ محمدٍ ... حتى تَحُلَّ بمُنتداهُ وتَنزِلا حتى تُمرِّغَ حُرَّ خدِّك في ثَرَى ... عَرَصاتِهِ متضرِّعًا مُتَذلِّلا هلّا سعَيْتَ إليه أغبرَ حافيًا ... وكأنْ ركِبتَ له أغَرَّ محُجَّلا متألِّفًا للوَحْشِ في فَلَواتِها ... متأنِّسًا بظِبائها متعلِّلا يَجْلُو عليك الصُّبحُ وجهًا مُشْرِقًا ... ويُريكَ جُنحُ الليل طَرْفًا أكحَلا حتى تحُطَّ الرَّحْلَ في قبرٍ بهِ ... حَفَّتْ ملائكةُ السماواتِ العُلا قبرِ النبيِّ الهاشميِّ محمدٍ ... أكْرِمْ بمنزلِهِ المقدَّسِ منزِلا فإنّ عَزْمًا في الله لا يَبعُدُ معَه أمل [الكامل]: هلَّا زجَرْتَ العِيسَ تَنْفُخُ في البَرى ... ووَصَلْتَ في الفَلَواتِ سَيْرَكَ بالسُّرى حتى تُعفِّرَ وجنتَيْكَ بتُربةٍ ... من أجلِها ولها ذَمَمْنَا العَنْبرا

ورحَلْت نحوَ الهاشميِّ محمدٍ ... خيرِ الأنام وخيرِ مَنْ وطِئَ الثَّرى وتحُلّ أرضًا لستُ من شَغَفٍ بها ... أرضَى بديلًا من حَصاها الجَوْهرا [90 ظ] هلّا مشَيْتَ ولو على جَمْرِ الغَضَى ... وكأنّهُ نَبْتُ الرِّياض مُنوِّرا هلا هجَرْتَ له مِهادَكَ مؤْثِرًا ... حَرَّ الهَجِير عليه لا متأثِّرا شوقًا إلى خيرِ الأنام محمدٍ ... أكرِمْ به ذاتًا وأكرِمْ عُنصُرا هَيْهاتَ أنت مقصّرٌ حتى تُرى ... يومًا هناك مُحلِّقًا ومُقصِّرا هلّا قَرَعْتَ السِّنَّ من نَدَم على ... زمنٍ مضَى متلهِّفًا متحسِّرا هلّا بكَيْتَ له وقَلَّ لهُ البُكا ... حقًّا ولو تَذري النجيعَ الأحمرا صَدَعَ الهوى أعشارَ قلبِكَ والهوى ... مذْ كان أعْيَا صَدْعُهُ أن يُجبَرا ورَحَلَ لبُغْيةِ المكارِم [مجزوء الكامل]: بين الحَطِيمِ وزَمْزمِ ... أرْسِلْ جفونَك بالدمِ واضرَعْ إلى الرّحمنِ في ... تلك المعالِم تُرْحَمِ لا تَرْضَ إلّا عن دمٍ ... فيها كلَوْنِ العَنْدَمِ إنّ الدُّموعَ البِيضَ لا ... تمحو خَطايا المُجرمِ بالله يا رِيح الصَّبا ... أنْهِي سلامَ المُغرَمِ بُثِّي حديثَ أساهُ في ... نادي الحَجيج الأعظمِ واندَيْ بمَسْراكِ البليـ ... ـل عليهمُ وتَنَسَّمي وبعَرْفِ رِيحِكِ مَتِّعي ... مُهَجَ المطايا الرُّزَّمِ بُثِّي حديثَ متيَّمٍ ... يَهوَى المطارَ إليهمِ تُصغي الحَمامُ لشَجْوِهِ ... فيقولُ: وَيْكِ تَعلَّمي وتصيخُ نحوَ نَحيبِه ... فتُمدُّه بتَرنُّمِ

أرأيتَ استلامَ الحَجَر حِجْرًا؟ [الطويل]: إليكَ إلهي رغبتي وبُكائي ... وفيكَ غَدا دونَ الأنامِ رجائي ومنكَ سألتُ العفوَ عن عُظْمِ زَلَّتي ... وما خابَ يومًا سائلُ الكُرَماءِ إذا أنتَ في جُنْح الدُّجُنّةِ لم تُجِبْ ... ندائي وإلّا مَنْ يُجيبُ ندائي؟! لفضلِكَ أزمَعتُ الرَّحيلَ فحَسْرَتا ... إذا أنا لم يَحْسُنْ لديكَ ثَوائي أسيرُ بلا زادٍ ولا متأهِّبًا ... كذلك يُغشَى منزِلُ الفُضلاءِ شفيعي لك المختارُ أحمدُ إنهُ ... عليكَ بحقٍّ أكرمُ الشُّفَعاءِ [91 و] فيا ربِّ يَسِّرْ لي زيارةَ قبرِهِ ... وماذا على فَضْلِ الإلهِ بِنَاءِ فقد طال شَوْقي نحوَهُ وتلهُّفي ... عليه وأَوْدى لاعجُ البُرَحاءِ أعَضُّ بَناني حَسْرةً وتندُّمًا ... وأبكي اشتياقًا لو يُفيدُ بُكائي يقولونَ لي: عزِّ الفؤادَ لعلّهُ ... يُفيقُ وأنّى لاتَ حينَ عزاءِ إلى قبرِ خيرِ العالَمينَ محمدٍ ... نُزوعي، ودائي منه وهْو دوائي ألا بَلِّغي بالله يانَفْحَة الصَّبا ... نفائثَ أكبادٍ إليه ظِمَاءِ وأنهي تحيّاتي إليه وعَطِّري ... شَذا مِسْكِ دارِيْنٍ بعَرْفِ ثنائي تحيّةَ مقصوصِ الجَناحَيْنِ واقعٍ ... رَهينِ فناءٍ أو أسيرِ بناءِ غدا يَعتِبُ الأجفانَ في صَفْوِ دمعِها ... فلم تَرْضَهُ حتى هَمتْ بدماءِ متى عَذَلوا في الدَّمعِ كَفْكَفتُ غَرْبَهُ ... فسالَ بأَرْداني وفضلِ رِدائي وبَلَّتْ أديمَ الأَرضِ دِيمتُهُ التي ... يشِبُّ الأسى منها بساكبِ ماءِ بقاءُ نعيمي في زيارةِ أحمدٍ ... وكلُّ نعيمٍ صائرٌ لفَناءِ

580 - علي بن محمد بن الحسن الحضرمي، من سكان غرناطة، قيرواني الأصل، أبو الحسن المرادي

واستُقضيَ بحِصن القَصْر من نَظَر إشبيلِيَةَ وقتًا، واستَكْتبَه الرّشيدُ من بني عبد المُؤمن فكتَبَ عنهُ قليلًا، ثم صار يُستعمَلُ في الأعمال السُّلطانيّة، فوَلِيَ خُطَّةَ الإشراف على بلاد حَاحَة من نَظَر مَرّاكُش، فتوفِّي بتامَطّريتَ ثالثَ عيد الأضحى من سنة ثلاثٍ وستينَ وست مئة، ودُفنَ بقِبْلي جامعِها، وقد زُرتُ قبرَه هنالك نفَعَه اللهُ بغُربتِه، ووَرِثَه بيتُ مالِ المسلمين. 580 - عليُّ (¬1) بن محمد بن الحَسَن الحَضْرَميّ، من سُكّان غَرْناطةَ، قَيْرَوانيُّ الأصل، أبو الحَسَن المُرادِيّ (¬2). رَوى عن أبي بكرٍ أبيه الفقيه الأصُوليِّ الأديب، وأبي بحرٍ سُفيانَ بن العاص، وأبي الحَسَن بن مَوْهَب، وأبي عليّ بن سُكّرة، وأبي عِمرانَ بن أبي تَلِيد، وأبي القاسم بن وَرْد، وأبوَيْ محمد: ابن أبي جَعْفر وابن عَتّاب، وأبي الوليد بن رُشْد. وذكَرَ أبو محمد بن حَوْطِ الله أنه رَوى عن أبي مَرْوانِ بن سِرَاج (¬3). رَوى عنه أبو الحَجّاج بن موسى الكفيفُ، وأبو خالد يَزيدُ بن رِفاعةَ وأبو القاسم بن سَمَجُون. وكان محدِّثًا فقيهًا ذا حظٍّ من الأدبِ وقَرْض الشِّعر، واستُقضيَ ببعض الكُوَر. ومما استَفاضَ [91 ظ] من شعرِه (¬4) قولُه في الحُجّة على إثباتِ القَدَر [البسيط]: علمي بِقُبحِ المعاصي حين أَركَبُها (¬5) ... يقضي بأنِّيَ محمولٌ على القَدَرِ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2729)، وفي معجم أصحاب الصدفي (265)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 184، والذهبي في المستملح (656). (¬2) في تكملة ابن الأبار: "ابن المرادي"، وإلى مثل هذا إشارة في هامش ح. (¬3) بعدها في م ط: وفيه نظر، والكلمة في هامش ح من زيادات المعلق، نقلًا عن ابن الأبار. (¬4) هامش ح: بل ذكر ابن الأبار أنها من شعر أبيه، أبي بكر. (¬5) ابن الأبار: "أوثرها".

581 - علي بن محمد بن إحلالة، بلنسي

لو كنتُ أملِكُ نَفْسي أو أُدبِّرُها ... ما كنتُ أطرَحُها في لُجّةِ الغَرَرِ حُمِّلتُ أمرًا ولم أقدِرْ عليه ولم ... أكُنْ لأقضيَ أفعالًا على القُدَرِ ويُروى: "كُلِّفتُ فعلًا"؛ و"لأقضيَ أفعالًا بلا قُدَرِ". وكان في عِلمِ ربِّي أَنْ يُعذِّبَني ... فلم أُشاركْهُ في نَفعٍ ولاضَرَرِ (¬1) وُيروى: "وجازَ في عَدْل ربِّي" وهو أصوَبُ إن شاء الله. إنْ شاءَ نَعَّمني أو شاءَ عَذَّبَني ... أو شاءَ صَوَّرَني في أقبحِ الصُّوَرِ ياربِّ عَفْوَكَ عنْ ذنبٍ قضَيْتَ به ... عَدْلًا عليَّ وهَبْ لي صفْحَ مُقتَدِرِ وُيروى: "صَفْحَ مُغتفِرِ". 581 - عليُّ بن محمد بن إحلالةَ، بَلَنْسيٌّ. كان من أهلِ العلم، حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. 582 - عليُّ (¬2) بن محمد بن خُثَيْم الأنصاريُّ، إشبِيليٌّ، أبو الحَسَن. رَحَلَ وحَجَّ ورَوى بمكّةَ، شرَّفَها اللهُ، عن أبي شُجاع زاهرِ بن رُستُم، وتوفِّي بإشبيلِيَةَ عامَ ستةٍ وأربعينَ وست مئة. 583 - عليُّ بن محمد بن خَلَف بن عليٍّ الأوسَيُّ. رَوى عن أبي الحَسَن عَبّاد بن سِرْحان. 584 - عليُّ (¬3) بن محمد بن خَلَف الأوْسِيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي الحَسَن ابن الباذِش واختَصَّ به ولازَمَه كثيرًا، وأبي القاسم فَضْل الله بن محمد. رَوى عنه أبو جعفرٍ ابنُ الباذِش، وأبو عبد الله بن عبد الرّحمن. ¬

_ (¬1) ابن الأبار: "نفعي ولا ضرري". (¬2) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 293. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2707)، والذهبي في المستملح (647).

585 - علي بن محمد بن خلف بن قيطون، أبو الحسن

وكان مُقرِئًا مجوِّدًا ضابطًا، نَحْويًّا ماهرًا فاضلًا، أقرَأَ القرآنَ ببلدِه ودرَّسَ فيه العربيّة، وتوفِّي عصرَ يوم الأربعاءِ لليلتَيْنِ بقِيَتا من شعبان، ودُفنَ يومَ الخميسِ بعدَه سنةَ ستٍّ وعشرينَ وخمس مئة. 585 - عليُّ بن محمد بن خَلَف بن قَيْطُونَ، أبو الحَسَن. رَوى عنه أبو بكر بنُ أحمدَ بن سيِّدِ الناس. 586 - عليُّ بنُ محمد بن خَلَف بن محمد بن مَقَصَيْر، بَلَنْسيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي الحَسَن بن سَعْدِ الخَيْر. 587 - عليُّ (¬1) بن محمد بن خَلَف المَغِيليُّ، شاطِبيٌّ، أبو الحَسَن المَغِيليُّ. رَوى عن أبي عبد الله بن بَرَكةَ، حَكَى عنه أبو عُمرَ بن عَيّاد، وهو في عِدادِ أصحابِه، وكان ثقةً خيِّرًا. 588 - عليُّ بن محمد بن خَلَف، أبو [92 و] الحَسَن. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ وأُراه والأوْسِيَّينِ قبلَه رجلًا واحدًا (¬2)، والله أعلم. 589 - عليُّ (¬3) بن محمد بن خُلَيْدٍ اللَّخْميُّ، سكَنَ المَرِيّة ثم مَرّاكُشَ، أبو الحَسَن، ابنُ الإشبِيليّ. أخَذ عن أبي القاسم بن وَرْد واختَصَّ به؛ أخَذ عنه أبو عَمْرٍو عثمانُ السَّلالقيّ، وأبو القاسم عبدُ الرّحيم ابن المَلْجوم؛ وكان حافظًا للفقه نافذًا في أصُولِه، متحقّقًا بعلم الكلام، خطيبًا بليغًا، وله مصنَّفٌ سَمّاه: "المِعْراج" قَدِمَ به على عبد المُؤمن بن عليّ وهُو مُحاصِرٌ أغماتَ وَريكةَ في جُمادى الأولى سنةَ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2744). (¬2) رسمت الكلمتان في النسخ بالرفع "رجل واحد" وهو خطأ غير خفي. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2754)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 217، والذهبي في المستملح (666)، وتاريخ الإسلام 12/ 378.

590 - علي بن محمد بن ديسم، مرسي، أبو الحسن

إحدى وأربعينَ وخمس مئة، فحَظِيَ عندَه وأكرَمَ وِفادتَه ورَقّاهُ إلى رُتَب عَلِيّةٍ نال بسببِها دُنيا عريضة وجاهًا مَدِيدًا، وتوفِّي بمَرّاكُشَ سنةَ سبع وستينَ وخمس مئة (¬1). 590 - عليُّ (¬2) بن محمد بن دَيْسَم، مُرْسِيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عبد الله بن حَمِيد، وابن سَعادةَ، وأبي القاسِم بن حُبَيْش، وتأدَّبَ في النَّحو قديمًا بأبي الحَسَن بن الشَّرِيك. رَوى عنه أبو محمد بنُ عبد الرّحمن ابن بُرْطُلّهْ. وكان مُقرِئًا نَحْويًّا فاضلًا، صَبُورًا على حالهِ، صرُورةً ما تزوَّجَ قَطّ، عَفيفًا مَرْضِيَّ الجُملة، وتعيَّشَ أحيانًا مما يَكتُبُ بخطِّه، وكان رائقَ الوِراقة بارعَ الخَطّ، وتوفِّي لسنةَ ثلاثٍ أو أربع وعشرينَ وست مئة (¬3). 591 - عليُّ (¬4) بن محمد بن زكريَّا بن يحيى الأنصاريُّ، من سُكّانِ أوْرِيُولة، أبو الحَسَن السِّكِّيُّ واللّارِدِيّ. رَوى عن أبي بكر بن أحمدَ بن عماد وأبي محمدٍ البَطَلْيَوْسيّ، وكان مُقرئًا نَحْويًّا لُغَويًا. 592 - عليُّ (¬5) بن محمد بن زيادةِ الله الثَّقَفيُّ، مُرْسِيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عنه أبو محمد بنُ عبد المُنعِم ابن الفَرَس، وكان فقيهًا حافظًا، درَّسَ "المدوَّنةَ" وغيرَها، واستُقضيَ. ¬

_ (¬1) تحدث المؤرخ ابن صاحب الصلاة بتفصيل عن لقاء المترجم بعبد المؤمن وحظوته لديه (المن بالإمامة 160 - 162). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2829)، والذهبي في المستملح (702)، وتاريخ الإسلام 13/ 744. (¬3) هامش ح: "أخذ عنه أبو بكر بن مسدي وقال: أخبرني أن مولده على رأس الستين أو قبلها بيسير". (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2737)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 173. (¬5) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1198) وذكر أنه يُعرف بابن الحلال، وذكر وفاته، ولكن الرطوبة اغتالت التاريخ فبقي منه "وخمس مئة".

593 - علي بن محمد بن سعيد بن أبي الفتوح بن حمزة القيسي، شاطبي، أبو الحسن، ابن الطشتلير

593 - عليُّ بن محمد بن سَعِيد بن أبي الفُتُوح بن حمزةَ القَيْسيُّ، شاطِبيّ، أبو الحَسَن، ابنُ الطَّشْتَلَيْر. رَوى عن أبي القاسم بَكّار ابن الغَرْدِيس، لقِيَه بسِجِلْماسَةَ، وبها وبفاسَ عن أبي عبد الله بن عليّ ابن الصَّيْقَل، وعَبّاد بن سِرْحان. رَوى عنه عبدُ الملِك بن محمد بن عبد العزيز. 594 - عليُّ بن محمد بن سَعِيد بن حَسُّونَ [....] (¬1)، ابن عُمرَ الأنصاريّ. كان بجزيرةِ شُقْر، من أهل العلم، حيًّا سنةَ ستٍّ [92 ظ] وعشرينَ وخمس مئة. 595 - عليُّ (¬2) بن محمد بن سَعِيد الأنصاريُّ، قُرطُبيّ، أبو الحَسَن، ابنُ الفَحّام. تَلا بالسَّبع على أبي بكر بن سَمْحُونَ، وأبي القاسم الشَّرّاط، ورَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال. وكان شيخًا صالحًا موصُوفًا بالنُّسكِ والعبادة يتَعيَّشُ من كدِّ يمينِه في خِياطةٍ يَنتحلُها، ويَؤُمُّ في صلاة الفريضة بمسجدِ أبي رَبَاح من قُرطُبة. توفَّي سنةَ أربعَ عشْرةَ وست مئة. 596 - عليُّ بن محمد بن سُليمانَ بن خَلَف الأنصاريُّ، إشبِيليٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكرٍ السّلاقي، وأبي ذَرٍّ بن أبي رُكَب، وكان محدِّثًا أديبًا بارعَ الخَطّ أنيقَ الوِراقة متقِنَ الضَّبط. 597 - عليُّ بن محمد بن عبدِ الله بن أبي الرَّبيع القُرَشيُّ، إشبِيليٌّ. رَوى عن أبي القاسم بن أبي هارونَ، وكان ضابِطًا مُتقِنًا، حيًّا سنةَ عشرينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) بياض في النسخ. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2813)، والذهبي في المستملح (693)، وتاريخ الإسلام 13/ 415.

598 - علي بن محمد بن صالح، مروي، أبو الحسن

598 - عليُّ بن محمدِ بن صَالح، مَرَوِيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 599 - عليّ بن محمد بن عبد الله بن جابر الأنصاريُّ، مالَقيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ النّجّار. رَوى عنه أبو عبد الله الطَّنْجَالي، وكان مُكتِبًا مجوِّدًا، فاضلًا ديِّنًا، توفِّي سنةَ إحدى وعشرينَ وست مئة. 600 - عليُّ (¬1) بن محمد بن عبد الله بن حَزْمُونَ الكَلْبيّ. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجي. 601 - عليُّ (¬2) بن محمد بن عبد الله بن عليّ بن خَلَف بن جعفرِ بن حَزْم الجُذَاميُّ، قُرطُبيٌّ مَوْرُوريُّ الأصل، أبو الحَسَن. كان من بيتِ علم وجَلالة وجِدَةٍ ويَسَارٍ ونَباهة، وامتُحنَ بالإجلاءِ عن وَطنِه من قبل أبي الوليد بن جَهْوَر في رَبيع الأوّل سنةَ أربعينَ وأربع مئة، فاستقَرَّ آخِرًا بمُرْسِيَةَ، وتوفِّي مُغرَّبًا قبل خمسينَ وأربع مئة. 602 - عليُّ (¬3) بن محمد عبد الله بن محمد بن حَزْمُونَ الكَلْبيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو الحَسَن. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 189، وجاء في هامش ح: "زاد ابن الزبير في عمود نسبه محمدًا بين عبد الله وحزمون وقال: روى عن عبد الجليل بن عبد العزيز وأبي داود سليمان بن يحيى المقرئ، وقال ابن مسدي: التدبيري الأديب، مولده سنة اثنتين وخمسين". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2678)، وأبوه مذكور في الصلة البشكوالية (1157) وفيه: "محمد بن عبد الله بن علي بن حذلم بن خلف بن جعفر وذكر أنه توفي سنة 438، وذكر ابن الفرضي جده (922) وهو فيه: علي بن حذلم بن خلف بن جعفر"، وتوفي علي هذا في جمادى الآخرة سنة (363 هـ)، وهو الذي ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1215). (¬3) هذا هو الذي ذكره ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 189، والذي أشرنا إليه في الترجمة رقم (600) فهما عنده واحد، والله أعلم.

603 - علي بن محمد بن عبد الله بن معدان الصدفي، من سكان المرية، أبو الحسن الركاني

رَوى عن أبي الحَسَن عبدِ الجَليل بن عبد العزيز وأبي داودَ بن يحيى. 603 - عليُّ (¬1) بن محمد بن عبد الله بن مَعْدَانَ الصَّدَفيّ، من سُكّان المَرِيّة، أبو الحَسَن الرَّكانيّ (¬2). رَوى عن أبي إسحاقَ بن صَالح، وأبي الحَسَن بن هُذَيْل، وأبي الطاهر السِّلَفيِّ، وأبي العبّاس بن إبراهيمَ بن أحمدَ الأنصاريّ، وأبي القاسم اللَّبْسي، وأبي [93 و] محمد الرُّشَاطيّ، وأبي مَرْوانَ بن مَسَرّةَ، وانتَقلَ إلى العُدوة فأقرَأَ هنالك. 604 - عليُّ (¬3) بن محمد بن عبد الله الجُذَاميُّ، مَرَوِيٌّ، أبو الحَسَن البَرْجِيُّ، بفَتْح الباءِ بواحدة. تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن ابن الدُّوْش، وأبي داودَ الِهشَاميّ (¬4)، وأبي عِمرانَ اللَّخْميّ. وسَمِعَ الحديثَ من أبوَيْ عليّ. الغَسّانيِّ والصَّدَفيّ. رَوى عنه أبو إسحاقَ بن صالح، وأبو بكر بن نُمَارةَ، وأبو العبّاس بن العَرِيف. وكان مُقرئًا مجُوِّدًا ضابِطًا ذاكرًا للقراءات، أصولِها وحُروفِها، فقيهًا حافظًا متفنِّنًا في العلوم، خيِّرًا صالحًا، واستُفتيَ في إحراقِ ابن حَمْدينَ كُتُبَ أبي حامدٍ الغَزّالي، بتأديبِ محُرقِها وتضمينِه قيمتَها، وتابَعَه على ذلك أبو بكرٍ ¬

_ (¬1) ترجمه السلفي في معجم السفر (250)، وياقوت في "ركانة" من معجم البلدان 3/ 63، وابن الأبار في التكملة (2757). (¬2) منسوب إلى ركانة من ثغور بلنسية، وهي بفتح الراء مقيّدة تقييد القلم في معجم السفر للسلفي، وفي معجم البلدان بضم الراء تقييد قلم أيضًا، والأصح الأول وهو المتفق مع اسمها الأجنبي Requena. (¬3) ترجمه ياقوت في "برجة" من معجم البلدان 1/ 374، وابن الأبار في التكملة (2694)، وفي المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (253)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 165، والذهبي في المستملح (645)، وتاريخ الإسلام 11/ 124. (¬4) في م: "الهاشمي"، خطأ بيّن.

605 - علي بن محمد بن عبد الله الأنصاري، سرقسطي

عُمرُ بن الفَصِيح وأبو القاسم بن وَرْد، ودارت له في ذلك معَ قاضي المَرِيّة حينَئذٍ، أبي عبد الملِك مَرْوانَ بن عبد الملِك، قصّةٌ غريبة. وتوفِّي بالمَرِيّة سنةَ تسع وخمس مئة. 605 - عليُّ بن محمد بن عبدِ الله الأنصاريُّ، سَرَقُسْطيٌّ. كان من أهل العلم، مُبرِّزًا في العدالة، حيًّا سنةَ ستٍّ وثلاثينَ وأربع مئة. 606 - عليُّ بن محمد بن عبد الله الحَضْرَميُّ، إشبيليٌّ. كان فقيهًا عاقدًا للشُّروطِ بَصيرًا بها، حيًّا سنةَ تسع وثلاثينَ وست مئة. 607 - عليُّ (¬1) بن محمد بن عبد الرّحمن بن أحمدَ بن منصُور الأنصاريّ، بَلَنْسيٌّ لغونيُّ (¬2) الأصل، أبو الحَسَن. تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن بن هُذَيْل، وحدَّث عنه، وعن أبي الحَسَن ابن النِّعمةِ، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ، وأجاز له أبو بكر بنُ الخَلُوف. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا متصدِّرًا لذلك، وخَطَبَ ببعض كُوَرِ بَلَنْسِيَةَ، واستَأْدَبَه السُّلطانُ حينَئذٍ لبَنِيه. وتوفِّي آخرَ أربع وسبعينَ وخمس مئة. 608 - عليُّ بن محمد بن عبد الرّحمن بن رَبيع الأشعَريُّ، قُرطُبيٌّ. كان من بيتِ علمٍ وجَلالة ونَباهة، حيًّا سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة. 609 - عليُّ بن محمد بن عبد الرّحمن بن سَعيد القُرَشيُّ الزُّهريُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي ذَرّ بن أبي رُكَب، لقِيَه بفاسَ. رَوى عنه أبو عبد الله ابنُ أبي جعفرٍ الجَيّارُ. 610 - عليُّ بن محمد بن عبد الرّحمن بن عُمَارةَ العَبْدريُّ، بَلَنْسيٌّ، أبو الحَسَن [93 ظ]. رَوى عن أبي الرّبيع بن سالم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2769). (¬2) في هامش ح: "لغون من عمل سرقسطة"، هذا من ابن الأبار.

611 - علي بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن علي القضاعي ثم البلوي، إشبيلي قرطبي الأصل، ويعرف سلفه بها ببني علي، أبو الحسن البلوي

611 - عليُّ (¬1) بن محمد بن عبد الرّحمن بن محمدِ بن عبد الله بن عليّ القُضَاعيُّ ثُم البَلَويُّ، إشبِيليٌّ قُرطُبيُّ الأصل، ويُعرَفُ سَلَفُه بها ببَني عليّ، أبو الحَسَن البَلَويّ. رَوى عن آباءِ بكر: ابن الجَدِّ وابن خَيْرٍ وأكثَرَ عنه، وابن صَافٍ وتلا عليه بالسَّبع، وأبوَيْ عبد الله: ابن زَرْقُونَ وابن المُجاهِد، وأبي عُمرَ عَيّاشٍ الأكبر ابن عَظِيمة، وأبوَي القاسم: ابن بَشْكُوال والسُّهَيْلي، قرَأَ عليهم وسَمِعَ وأجازوا له؛ وتفَقَّه بأبي الرَّبيع المَقُوقي. وأجاز له من أهل الأندَلُس: أبو جعفر بنُ مَضَاء، وأبو القاسم ابن الحاجِّ، والشَّرّاطُ، وأبو محمد عبدُ المُنعِم ابن الفَرَس، وأبو الوليد ابنُ المُناصِف. ومن أهل المشرِق: أبو الطاهرِ السِّلَفي. رَوى عنه شيخانا: أخوه أبو القاسم وأبو الحَسَن الرُّعَيْني، وأبو بكر بنُ سيِّد الناس، وأبَوا محمد: الحَرّار وطَلْحةُ، وأبو عبد الله بن سَعِيد الطَّرّاز. وكان كبيرَ عاقِدي الشُّروط بإشبيلِيَةَ وصَدْرَ المُبرِّزينَ من عُدولِها، أثبَتَ الناسِ على شهادةٍ وإن طال أمرُها، وَقُورًا مَهِيبًا سَرِيَّ الهمّة خيِّرًا فاضلًا حليما، سالمَ الصَّدر، حَسَنَ الخُلُق على شدّةِ انقباضٍ كانت فيه وقلّةِ انبساط معَ الناس وكثرةِ نِفارٍ منهم وحَذَر من مخُالطتِهم أولَ ما يَلقاهُ قاصدُه، فإذا خَبِرَ منه سلامةَ الجانب وصحّةَ القَصْد والمعاملةَ بالجَدِّ قابَلَه من حُسن القَبول وجميل العِشرة بما لا مزيدَ عليه، مُحرِجًا في إسماعِه الحديث، ضابِطًا راويةً ثِقةً في نَقْلِه، كاملَ المعرفة بالفقه وفرائض المواريثِ والحسابِ والعَروض. وُلدَ يومَ الخميس لثمانٍ بقِينَ من ربيع الأوّل عامَ أربعةٍ وخمسينَ وخمس مئة، وتوفِّي لإحدى عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ، وقال ابنُ الأبار: في المُوفي ثلاثينَ من ربيعٍ الآخِر ثلاثة وعشرينَ وست مئة، والأوّلُ الصحيح (¬2). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2827)، والرعيني في برنامجه (42)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 281، والذهبي في المستملح (700)، وتاريخ الإسلام 13/ 744. (¬2) وقال الرعيني: في التاسع والعشرين من شهر ربيع الآخر.

612 - علي بن محمد بن عبد الرحمن بن هشام الأنصاري الأوسي، قرطبي سكن مراكش ثم رباط الفتح، أبو الحسن

حدَّثني الشّيخُ المُسِنُّ أبو القاسم البَلَويّ رحمه الله، قال: حدَّثني أخي وكبيري أبو الحَسَن [....] (¬1). 612 - عليُّ بن محمد بن عبدِ الرّحمن بن هِشَام الأنصاريُّ الأوْسِيُّ، قُرطُبيٌّ سكَنَ مَرّاكُشَ ثم رِبَاطَ الفَتْح، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكر بن خَيْر، وأبي عبد الله ابن الفَخّار، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال. رَوى عنه ابنُه أبو عبد الله شيخُنا (¬2). وكان [94 و] محدّثًا راوِية عَدْلًا، ووَلِيَ بعضَ الأعمالِ السُّلطانيّة فسار فيها أحمدَ سيرةٍ ولم يَنتقلْ عن عَدالةٍ وفَضْل وجَلالة. وتوفِّي برِبَاطِ الفتح سنةَ ثِنْتينِ وعشرينَ وست مئة. 613 - عليُّ (¬3) بن محمد بن عبد العزيزِ بن عِقَال الفِهْريّ، بُونْتى سَكَنَ بَلَنْسِيَةَ، أبو الحَسَن. كان من أهل العلم والنَّباهة، وَليَ أحكامَ بلدِه للقاضي أبي محمد بن جَحّافٍ أو غيِره، وتوفِّي ببلدِه. 614 - عليُّ بن محمد بن عبد العزيزِ، بَلَنْسيّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. 615 - عليُّ (¬4) بن محمد بن عبد الملِك بن عبد العزيز اللَّخْميُّ، قُرطُبيٌّ سكَنَ إشبيلِيَةَ ومَرّاكُش، أبو الحَكَم، ابنُ المُرْخِي. رَوى عن أبيه أبي بكرٍ، وأبي الحَسَن بن مُغِيث، وأبي عبد الله حَفيدِ مكّي، وأبي القاسم ابن رِضا. وأجازَ له أبو بكرٍ ابنُ العَرَبي، وأبو الحَسَن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) بياض في النسخ. (¬2) ستأتي ترجمته في السفر الثامن (الترجمة 127). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2743). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2778)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 228، والذهبي في المستملح (676)، وتاريخ الإسلام 12/ 642.

616 - علي بن محمد بن عبد الملك القيسي، من سكان إشبيلية، أبو الحسن الأشوني

رَوى عنه ابنُه أبو بكر وأبو سُليمانَ بنُ حَوْطِ الله. وكان من بيتِ عِلم وجَلالة نبيهَ القَدْر، أحدَ الكَتَبة المُجِيدينَ (¬1) الفائقينَ لفظًا وخَطًّا، متينَ المَعارِف الأدبيّة، سَرِيَّ الهمّة كريمَ الأخلاق، وكتَبَ عن أبي يعقوبَ بن عبد المُؤمن زَمانًا، ثم إنّ أبا يعقوبَ خيَّمَ بظاهر إشبيلِيَةَ في غَزَواتِه ونَهَى أهلَ محَلّتِه كلَّهم عن الدُّخولِ إلى إشبيلِيَةَ، فدَخَلَ إليها أبو الحَكَم هذا فهجَرَه أبو يعقوبَ ثم أقصاهُ ولم يُعِدْهُ بعدُ إلى الكتابة، وذلك في سنة [....] (¬2). 616 - عليّ (¬3) بن محمد بن عبد الملِك القَيْسيُّ، من سُكّان إشبيلِيَةَ، أبو الحَسَن الأشونيّ. رَوى عن أبوَيْ بكر: ابن طاهر المحدِّث وابن العَرَبي، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وكان محدِّثًا راوِيةً أُستاذًا. 617 - عليّ بن محمد بن عبد الواحِد بن إبراهيمَ بن مُفرِّج بن أحمدَ بن عبد الواحِد بن حُرَيْث الغافِقيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو الحَسَن المَلّاحيُّ. وهو وَلَدُ النَّسّابة المحدِّث أبي القاسم، رَوى عن أبيه وأبي زكريّا الدِّمشقي. 618 - عليُّ (¬4) بن محمد بن عبدِ الوارِث الأنصاريُّ، غَرْناطيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي إسحاقَ بن صَالح، وأبي بكرٍ ابن العَرَبي، وأبي جعفرٍ ابن الباذِش، وأبي الحَجّاج القُضَاعيِّ، وآباءِ الحَسَن: ابن ثابِت وشُرَيْح وعَرِيب، وأبي الحَكَم بن [94 ظ] غَشِلْيَان، وأبوَيْ عبد الله: النُّمَيْريِّ وابن وَضّاح، وأبي القاسم بن وَرْد، وأبوَيْ مَرْوانَ: ابن بُونُه وابن مَيْسَرةَ، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ. ¬

_ (¬1) في م ط: "المجتهدين"، وهو تحريف. (¬2) بياض في النسخ، ويفهم من البيان المعرب أنها سنة ثمانين وخمس مئة. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2767)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 174، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 194. (¬4) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 229، وذكر أنه توفي سنة (580 هـ) أو نحوها.

619 - علي بن محمد بن عبد الودود، مربيطري، أبو الحسن

رَوى عنه أبو عبد الله الأنْدَرْشيّ؛ وكان محدّثًا راوِيةً مُكثِرًا ثقةً في ما يَرويهِ ضابِطًا مقيِّدًا مُتقنًا. 619 - عليُّ (¬1) بن محمد بن عبد الوَدُود، مُرْبَيْطَريٌّ، أبو الحَسَن. تَلا بالسَّبع على أبي عبد الله محمد بن عبد العزيز بن واجِب، وسَمِع الحديثَ على أبوَيْ عبد الله: ابن الخَبّاز وابن قَنْتَرال. وله إجازةٌ من أبي الطاهِر بن عَوْف، وأبي عبد الله الحَضْرَميّ، وأبي القاسم بن جَارة. رَوى عنه أبو عبد الله ابنُ الأبّار، وكان شَيْخًا صالحًا عاقِدًا للشّروط، وَلِيَ الأحكامَ والخُطبةَ والصّلاةَ ببلدِه. وتوفِّي به في صَدْرِ ذي الحجةِ من سنة ثلاثٍ وثلاثينَ وست مئة. 620 - عليُّ بن محمد بن عُصفورٍ الحَضْرَميُّ، إشبِيليٌّ. كان عاقدًا للشّروط، عَدْلًا مُبرِّزًا، زاكيًا فاضلًا. 621 - عليُّ (¬2) بن محمد بن عَقِيل (¬3)، من أهل شَنْتَمَرِيّةِ الشَّرق، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عبد الله المَغَامِّي. 622 - عليُّ بن محمد بن عليّ بن أحمدَ بن حَسَن الطائيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو الحَسَن، مُسمغُور (¬4). رَوى عن خالِه أبي عبد الله بن إبراهيم. 623 - عليُّ بن محمد بن عليّ بن إسماعيلَ بن عليّ الرَّبَعيُّ. 624 - عليُّ بن محمد بن عليّ بن إدريسَ العَبْدريُّ، أبو الحَسَن. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2835)، والذهبي في المستملح (708)، وتاريخ الإسلام 14/ 111. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2721). (¬3) هكذا في النسخ، وفي التكملة بخط ابن الجلاب: "عقال". (¬4) في م ط: "مسمقور".

625 - علي بن محمد بن بيبش الأنصاري، مالقي

سَمِع من لَفْظ أبي محمدٍ عبدِ الحقّ الخَرّاط "تلقينَ الوليد" أحدَ مصنَّفاتِه، سنةَ ستٍّ (¬1) وسبعينَ وخمس مئة. رَوى عنه أبو إسحاقَ بنُ عُبَيد الله بن محمد المَذْحِجيّ، وأبو الحُسَين عُبَيد الله المذكورُ، وأبو القاسم المَلّاحي سنةَ أربع وثمانينَ وخمس مئة، وكان محدِّثًا نبيلًا ثقةً؛ قال أبو محمد ابنُ الخَرّاط، في ما كتَبَ له: محَلّ الابْن. 625 - عليُّ بن محمد بن بِيبَش الأنصاريُّ، مالَقيٌّ. 626 - عليُّ بن محمد بن عليّ بن جعفرٍ، بَلَنْسيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ أربعَ عشْرةَ وست مئة. 627 - عليُّ (¬2) بن محمد بن عليّ بن جَمِيل المَعافِريُّ، مالَقيٌّ، استَوطَنَ الشامَ وعُرِف هنالك بزَيْن الدِّين، أبو الحَسَن، ابن جَميل. رَوى بالأندَلُس عن بعض شيوخِها (¬3)، وبسَبْتةَ عن أبي الصَّبر الفِهْري، ورَحَلَ مُشَرِّقًا فأخَذَ ببِجَايةَ عن أبي [95 و] محمد عبد الحقّ ابن الخَرّاط، وبدمشقَ عن أبي الطاهرِ الخُشُوعيِّ وأبي محمدٍ القاسم بن أبي القاسِم عليّ ابن عساكر، وذَكَرَ أبو عبد الله بنُ مُجبرٍ أنّ له روايةً عن أبي القاسم عليِّ بن عساكر (¬4)، وبالمسجدِ الأقصىَ عن جمالِ الدِّين أبي القاسم عبد الرّحيم بن عليّ بن إسحاقَ بن شِيثَ بن مَرْوانَ القُرَشيّ سنةَ أربع وست مئة وأبي الفَرَج يحيى بن أبي الرَّجاءِ محمودِ بن أبي الفَرَج سَعْدِ بن أبي طاهر أحمدَ بن محمودِ بن أحمدَ بن محمد الثَّقفيِّ سنةَ ثِنْتَيْنِ ¬

_ (¬1) سقطت من م. (¬2) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة (127)، والمنذري في التكملة 2/الترجمة 1087، وابن الأبار في التكملة (2796)، والذهبي في المستملح (683)، وتاريخ الإسلام 13/ 117، والعبر 5/ 13، وابن تغري بردي في النجوم 6/ 197، وابن العماد في الشذرات 5/ 17. (¬3) هامش ح: "سمع بمالقة بلده من أبي القاسم السهيلي". (¬4) هامش ح: "وسمع بمصر من أبي الفتح محمود بن أحمد بن علي القابوني".

وثمانينَ وخمس مئة، ومُخلِص الدِّين أبي الفَضْل يونُسَ بن محمد بن بُنْدارٍ الصُّوفيّ الدِّينَوَريِّ السَّبَئيّ. وحجّ، أُرى ذلك سنةَ سبع وسبعينَ، ولقِيَ هنالك أعلامًا فرَوى عنهم. رَوى عنه ببَيْتِ المقدِس أخوه أبو زَيْد عبدُ الرّحمن، وأبو الحَسَن بن محمد بن خَرُوفٍ القُرطُبي (¬1). وكان وَرِعًا زاهدًا، فاضلًا حافظًا الحديثَ، عارِفًا بالقراءات، إمامًا في النَّحو، حسن الخَطّ، شُهِرَ في بلادِ الشام بمتانةِ الدِّين وكمال الفضل؛ ولمّا افتَتحَ صلاحُ الدِّين بيْتَ المقدِس التمَسَ إمامًا يكونُ خطيبَه وصاحبَ الصلاة به، فأجمَعَ من حضَرَ هناك من العلماءِ والأفاضل المشار إليهم على أنه لا أحقَّ من أبي الحَسَن هذا بذلك المنصِب، فقدَّمَه لذلك، وإيّاه عندي عَنَى عمادُ الدِّين الأصبَهانيُّ ابن أَلُهٍ كاتبِ السُّلطان صلاح الدين رحمَهما اللهُ بقولِه في كتابه: "الفتح القُسِّي في الفَتْح القُدْسي" (¬2): "ورَتَّبَ السُّلطانُ في قُبّةِ الصّخرة إمامًا من أَحسنِ القُرّاءِ تلاوةً، وأزينِهم طَلاوةً، وأنْداهم صَوْتًا، وأسماهم في الدِّيانةِ صِيتًا، وأعرَفِهم بالقراءاتِ السَّبع بل العَشْر، وأطيبِهم في العَرْفِ والنَّشْر، وأغناهُ وأقناه، وأولاهُ لِما وَلّاه، ووَقَفَ عليه دارًا وأرضًا وبُستانًا، وأسدَى إليه معروفًا دارًّ وإحسانًا"، وبقولِه في كتاب "البَرْق الشّامي": "وأقام السُّلطانُ بها إمامًا حسَنَ التّلاوة، حافظًا للقرآنِ جامعًا في القراءةِ للعُذوبة والحلاوة". واستمرَّتْ حالُه كذلك معلومَ الجَلالة إلى أن توفِّي، فكانت جَنازتُه مشهودةً لم يَتخلَّفْ عنها كبيرُ أحد، حتّى إنّ النَّصارى الذين كانوا بالكنيسة [95 ظ] هنالك اتَّبَعوا جَنازتَه ورَمَوْا بعضَ ثيابِهم على نَعْشِه، وأخَذَ بعضُهم يُناولُ بعضًا إياها ويمسَحُونَ بها على وجوهِهم تبرُّكًا بهِ رضي اللهُ عنه، وكانت وفاتُه ¬

_ (¬1) هامش ح: "والزكي أبو محمد المنذري". (¬2) انظر الفتح القسي: 65 (ط. ليدن).

628 - علي بن محمد بن علي بن الحسن بن أبي الحسين متوكل بن حسان بن حسين بن ربيع بن بلج الأصبحي، قنسري من جند الشام، أبو الحسن

[سنةَ خمسٍ وست مئة] (¬1)، وقال ابنُ الأبار: إنه عاد إلى الأندَلُس، وإنّ أخاه رَوى بها عنه، وما أُرى ذلك صحيحًا، واللهُ أعلم. 628 - عليُّ (¬2) بن محمد بن عليّ بن الحَسَن بن أبي الحُسَين متوكِّلِ بن حَسَّانَ بن حُسَين بن رَبيع بن بَلْج الأصبُحيُّ، قِنَّسْرِيٌّ من جُندِ الشام، أبو الحَسَن. أخَذَ بقُرطُبةَ عن أبي سُليمانَ عبد السلام بن السَّمْح، وأبي عبد الله بن أحمدَ بن قادِم، وأبي العلاءِ صاعدِ بن الحَسَن، وأبي عُمرَ أحمدَ بن أبي الحُبَاب، وأبوَيِ القاسم: خَلَف بن سُليمانَ بن غَمْرُون وأحمدَ بن أَبَانَ بن سيِّد، وأبي محمد بن إبراهيمَ الأصِيليّ وأبي يحيى زكريّا ابن الأشَجّ. وذَكَرَ ابنُ بَشْكُوال روايتَه عن أبي أيّوبَ بن غَمْرونَ، لا عن ابنِه خَلَف. رَوى عنه ابنُه أبو جعفرٍ محمدٌ، وأبو بكرٍ المُصحَفي، وأبو عبد الله بن نَبَات، وكان أديبًا بَليغًا، مُشارِكًا في النَّحو، حافظًا للُّغات ذاكرًا للآداب، وصنَّفَ في "التشبيهات" كتابًا حَسَنًا. وتوفِّي قريبًا من الثلاثينَ وأربع مئة. 629 - عليُّ بن محمد بن عليّ بن عبد الله بن عُبَيد الله بن سَعِيد بن محمدِ بن ذي النُّون بن محمدِ بن ذي النُّون الحَجْريّ، قَنْجَايريّ، أبو الحَسَن. وهو أخو الراوِية الزاهد أبي محمد بن عُبَيد الله. رَوى عن أبي عبد الله بن أبي أحَدَ عشَرَ، وكان محدِّثًا راوِيةً عَدْلًا ضابطًا صالحًا فاضلًا. 630 - عليُّ بن محمدِ بن عليّ بن عبد الله بن محمد بن أبي عَبْدةَ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عبد الله بن أيُّوبَ بن نُوح، وكان من أهل العناية التامّةِ بالعلم جَرْيًا على سَنَنِ سَلَفِه، من بيتِ علم وجَلالة. ¬

_ (¬1) بياض في النسخ وأثبتناه من الزيادات في هامش ح. (¬2) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (707)، وابن بشكوال في الصلة (883)، والضبي في بغية الملتمس (1194)، وياقوت في معجم الأدباء 5/ 1923، وابن الأبار في التكملة (2672)، والمقري في نفح الطيب 3/ 173.

631 - علي بن محمد بن علي بن عبد العزيز بن جابر بن أوس بن حفص ابن أوس بن عزيز بن إسماعيل بن معمر بن حسان بن سلمة بن حيي أبي الصباح ابن يحيى ابن الجبير اليماني، قرطبي، أبو الحسن، ابن حفص

631 - عليُّ (¬1) بن محمد بن عليّ بن عبد العزيزِ بن جابِر بن أَوْس بن حَفْص ابن أوْس بن عَزِيز بن إسماعيلَ بن مَعْمَر بن حَسّان بن سَلَمةَ بن حُيَيٍّ أبي الصَّباح ابن يحيى ابن الجُبَيْر اليَمانيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ حَفْص. أكثَرَ عن أبيه، وعلى أصُولِه كان يعتمدُ في الإسماع، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال، ولازَمَه. ورَوى سَماعًا وقراءةً على أبي عبد الله ابن المُناصِف، وأبي القاسم بن غالِب، وأبي محمد بن مُغِيث وأجازوا له. وسَمِعَ [96 و] على أبي الحَسَن بن عُقَابـ "الشِّهابَ"، ولقِيَ أبا إسحاقَ بن كوزانةَ، وأبا الأصبَغ بن أبي الخِصَال، وأبا بكر بنَ خَيْر، وأبا الحَسَن بن هِشَام اللُّورْقيّ، وأجازوا له؛ وأجاز له ممن لم يَلْقَ أبو الحَسَن نَجَبةُ. رَوى عنه أبو جعفرٍ التُّسُوليُّ، وأبو عبد الله بن عليّ الغَرْناطيُّ الكاتب. وحدَّثنا عنه جماعةٌ من شيوخِنا، منهم: أبو الحَسَن الرُّعَيْني. وكان محدّثًا ضابطًا لِما يَنقُلُه ثقةً في ما يَرويه، زاهدًا وَرِعًا متقشِّفًا، مشكورَ الأحوالِ مشهورَ الفَضْل معروفًا بالصَّلاح والخَيْر ومَتَانةِ الدِّين والاقتداءِ بسَنِيِّ الآثارِ السُّنِّيّة (¬2). 632 - عليُّ بن محمد بن عليّ بن عبد الملِك الأنصاريُّ، شَرِيشيٌّ -فيما أحسِب -أبو الحَسَن، ابنُ البَلَنْسيّ. رَوى عن عبد الرّحمن بن عُمرَ بن حَفْص. 633 - عليُّ بن محمد بن عليّ بن عيسَى الحَجْريُّ، شَرِيشيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ سبعَ عشْرةَ وست مئة. 634 - عليُّ بن محمد بن عليّ بن فُتُوح الأنصاريُّ. رَوى عن أبي عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن واجِب، وتَلا عليه؛ وكان بارعَ الخَطّ مُتقِنًا مجوِّدًا لكتابِ الله تعالى، حسَنَ القيام عليه (¬3). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2806)، والرعيني في برنامجه (52). (¬2) هامش ح: "وجد خطه لبعض من أخذ عنه مؤرخًا منتصف شوال سبع عشرة وست مئة". (¬3) بهامش ح ترجمة مزيدة وهي: "علي بن محمد بن فرج القيسي الكاتب البارع مؤلف كتاب الفتح المبين في معرفة وجوب الجهاد في الدين".

635 - علي بن محمد بن علي بن محمد بن خروف الحضرمي، إشبيلي، أبو الحسن، الدريدنه

635 - عليُّ (¬1) بن محمد بن عليّ بن محمد بن خَرُوفٍ الحَضْرَميُّ، إشبِيليٌّ، أبو الحَسَن، الدُّريدنه. تَلا بالسَّبع على أبي بكر بن صَافٍ، وأبي محمد قاسم ابن الزَّقّاق. ورَوى الحديثَ عن أبي بكر بن خَيْر، وابن زَرْقُون، وأبوَيْ عبد الله: ابن الرَّمّامة وابن المُجاهِدِ وتفَقَّه بهما، وأبي القاسم ابن بَشكُوال، وأبي محمد بن عُبَيد الله، وأبي مَرْوانَ بن قُزْمان. وأخَذ علمَ الكلام وأصُولَ الفقه عن العارِف أبي عبد الله الرُّعَيْنيِّ رُكْنِ الدِّين، وأبي الوليد بن رُشْد الأصغَر، والعربيّةَ والآدابَ عن أبي إسحاق بن مُلْكُون وأبي بكر بن طاهر ولزِمَه، وعليه أتقَنَ "الكتابَ" وعنُه لَقِنَ أغراضَه، وأبي سُليمانَ السَّعْديِّ، وأبي محمدٍ القاسم بن دَحْمان. رَوى عنهُ آباءُ بكر: ابنُ عبد النُّور وابن فَحْلُونَ والقُرطُبيُّ، وآباءُ الحَسَن: الدَّبّاجُ والشارِّي وابنُ القَطّان، وأبو الحُسَين عُبَيدُ الله بن عاصم الدائريُّ، وأبو الخَطّاب بن خَليل، وأبو عبد الله الرُّنْديُّ المسلهم، وأبو العبّاس بن هارونَ، وأبو القاسم عبدُ الرّحمن بن محمد بن عبد الرّحمن المَصموديُّ ابنُ رَحْمُون [96 ظ] وأبو محمد بن قاسم الحَرّار، وحدَّثنا عنه من شيوخِنا أبو الحَسَن وأخوهُ أبو محمدٍ الرُّعَيْنِيّان، وأبو زكريّا ابن عَتِيق وأبو عليٍّ الماقريّ. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا حافظًا للقراءات، نَحْويًّا ماهرًا، عَدَديًّا فَرَضيًّا، عارِفًا بالكلام وأصُولِ الفقه، وقد صَنَّفَ في كلِّ ما يَنتحلُه من العلوم مصنَّفاتٍ مُفيدةً شرَّقَت وغرَّبَت، وتداوَلَ الناسُ انتساخَها رغبةً فيها وشهادةً بجَوْدتِها. ¬

_ (¬1) ترجمه ياقوت في معجم الأدباء 5/ 1969، والقفطي في إنباه الرواة 4/ 186، وابن الأبار في التكملة (2805)، والرعيني في برنامجه (28)، وابن خلكان في وفيات الأعيان 3/ 335، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 259، والذهبي في المستملح (688)، وتاريخ الإسلام 13/ 220، وسير أعلام النبلاء 22/ 26، والصفدي في الوافي 22/ 89، واليافعي في مرآة الجنان 4/ 21، وابن كثير في البداية والنهاية 13/ 53، والزركشي في عقود الجمان، الورقة 225، وابن الفرات في تاريخه 5/ 1/ 144، والفيروزآبادي في البلغة 164، وغيرهم. وقد خلط بعضهم بين ابن خروف النحوي هذا وبين ابن خروف الشاعر الآتية ترجمته في هذا السفر (رقم 673).

وكان كثيرَ العناية بالرّدِّ على الناس، فرَدَّ على إمام الحَرَمَيْنِ أبي المعالي النَّيْسابوُريِّ في كتابِه: "الإرشادِ والبُرهان"، وعلى أبي الحُسَين ابن الطَّراوة في مقدِّماتِه على أبوابِ الكتاب، وعلى الأعلَم في "رسالتِه الرَّشِيدّية" وغيرِها، وعلى أبي محمد بن حَزْم في بعض مقالاتِه، وعلى أبي إسحاقَ بن مُلْكُونَ وأبي الوليد بن رُشْد وأبي القاسم السُّهَيْليّ في مسائلَ كثيرة، وعلى أبي جعفر بن مَضَاء، وعلى غيرِهم من أهل عصرِه. وشَرَحَ "كتابَ سِيبَويْه" وسَمَّاه: "تنقيحَ الألباب في شَرْح غوامضِ الكتاب" و"جُمَلَ الزَّجّاجي"، وله مُصنَّفاتٌ في القراءاتِ مستجادة، وكان وقتَ طلبِ العلم مختصًّا بخدمةِ شيخِه رئيس النُّحاة أبي بكر بن طاهر، فيذكرُ أنه غاب على بعضِ كُتُبِه وهما حينَئذٍ بفاسَ فسُجِنَ من أجل ذلك، ولم يزلِ القاضي أبو محمد بن عُمر أبو القاضي أبي حَفْص يتَلطَّفُ في أمرِه حتّى سُرِّح، وأزال ما حَدَثَ بسببِ ذلك من الوَحْشة بينَه وبينَ شيخِه أبي بكر بن طاهر، وعاد إلى خدمتهِ والقراءةِ عليه كما كان. وكان أبو الحَسَن، رحمه اللهُ، صَرورةً لم يتزوَّجْ قَطُّ إلى أن توفِّي، وكان يقول: والله ما حلَلْتُ مِئْزَري قطُّ على حَلالٍ ولا حَرام، وكان مشهورًا بالصِّدق وطهارةِ الثَّوب والصِّيانة والعَفاف، متجوِّلًا عُمُرَه على البُلْدان، يُديرُ بضاعةً له كانت في تجارةٍ أكثرُها في إقامة أواني الخَشَب المخروطة، وأكثرَ ما كان يترَدَّدُ بينَ رُنْدةَ وإشبيلِتَةَ وسبْتةَ وفاسَ ومَرَّاكُشَ فمتى حَلَّ ببلدٍ شَرَعَ في إقامة ما يُقيمُ من ذلك إن كان بلدَ إقامة، أو بيعِه إن كان بلدَ بَيعْ ما أقامه بغيِره، وانتَصَبَ لتدريسِ ما كان لدَيْه من المعارفِ رَيْثَما يتمُّ غَرَضُه في البيع والإقامة، ويَستوفي الجُعْلَ على الإقراءِ من الطّلبة، [97 و] ولا يُسامحُ أحدًا في القراءةِ عليه إلا بجُعْل يُرتِّبُه عليه، ثم يرحَلُ، هكذا كان دَأْبُه. وكان وَقُورَ المجلس مَهيبًا. ورَفَعَ إلى الناصِر من بني عبد المُؤمن نُسخةً من "شَرْح كتابِ سيبوَيْه" بخطِّه في أربع مجلَّدات، فأثابَهُ عليه بأربعةِ آلاف درهم من دراهمِهم، وقد رأيتُ هذه النُّسخةَ وأخرى بخطِّه أيضًا.

وذَكَرَ لي بعضُ الرَّحّالِينَ أنه رأى بمدرسةِ الفاضل البَيْسانيِّ من القاهرة نُسخةً بخطِّ المصنِّف في مجلَّدٍ واحد، وقد انتَسخَ كثيرًا لنفسِه ولرؤساءِ عصرِه. وقال شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْني (¬1): كان جامدًا على ما لَقِنَ (¬2) عن ابن طاهر، قليلَ التصرُّف بكيءَ العبارة، متسرِّعًا لإنكارِ ما لا يَعرِف. قال: وكانت بينَه وبينَ شيخِنا أبي عليّ الرُّنْديِّ رحمَهما الله مُناقَضاتٌ في مسائلَ من العربيّة أنشَقَه أبو عليٍّ فيها الخَرْدَل، فما قام معَه ولا قَعَد. وقال لي شيخُنا أبو زكريّا بنُ عَتِيق: كان شديدَ الضَّجَر عند تتبُّع البحثِ معَه والمساءلةِ له، فعَهْدي به مرّاتٍ إذا ضويقَ في المجلس يأخُذُ قُرْقَيْهِ (¬3) ويقومُ من مجلسِه دونَ سَلام ولا كلام، ويتَخطَّى ما يقابلُه من الحلقة، ثم يُردُّ وجهَه إلى الطّلبة ويقولُ لهم: ما أراكم عَزَمتُم على إكمال قراءةِ "الكتاب" ما أخَذتُم أنفُسَكم بهذه المآخِذ، أو نحوَ هذا من القول، ثم ينصرف. وأصابَه قبْلَ موتِه خَدَرٌ واختلاطُ عقل، أدَّى ذلك إلى أن ثَقِفَ القاضي بإشبيلِيَةَ حينَئذٍ أبو محمد بنُ حَوْطِ الله أو أبو حَفْص بن عُمر -وقيل: أبو مح مد عبدُ الحق، ولا يصحُّ- مالَه وحَجَرَ عليه، فقَصَدَه معترِضًا له ومتظاهِرًا بالسّلامة من الاختلال، واستطالَ عليه بلسانِه وأغلَظَ له في القول، فلم يسَعِ القاضيَ إلّا صَرْفُه مبرورًا، والاحتياطُ عليه رَعْيًا لشاختِه، ورحمةً له؛ وشُهرةِ مكانِه قبلُ من العلم والدِّين، قال أبو العبّاس بنُ هارون: رأيتُه في تلك الحال ماشيًا في أزِقّة إشبيلِيَةَ ذاهلًا حافيًا لا يَشعرُ بما هو فيه. ¬

_ (¬1) برنامج الرعيني: 81. (¬2) في ح: "لقي"، وفي الحاشية: "لعله تلقى أو لقن". (¬3) قُرق -بضم القاف الأولى- لم ترد في اللسان، وهي من استعمال الأندلسيين، وقد أوردها دوزي في قاموس الملابس وقال: إنها تشبه ما نسميه "الصندل"، وذكرها في ملحق المعاجم ونقل من رياض النفوس: "فجلس في الموضع الذي تلقى فيه النعال والأقراق"، قلنا: والقَرّاق: صانعها، يرد في بعض التراجم الأندلسية والمغربية.

636 - علي بن محمد بن علي بن محمد بن عبد الرحمن بن [97 ظ] هيصم الرعيني، إشبيلي أبو الحسن، ابن الفخار، صنعة أبيه، والبطشي، وكان سلفه فيها يعرفون ببني الحاج

وتوفِّي بإشبيلِيَةَ في العَشْر الوُسَط من جُمادى الآخِرة، وقال ابنُ الأبّار: في صَفَرِ تسع وست مئة ابنَ ثمانينَ سنةً أو نحوِها. 636 - عليُّ بن محمد بن عليّ بن محمد بن عبد الرّحمن بن [97 ظ] هَيْصَم الرُّعَيْنيُّ (¬1)، إشبِيليٌّ أبو الحَسَن، ابنُ الفَخّار، صَنْعة أبيه، والبَطْشي، وكان سَلَفُه فيها يُعرَفونَ ببني الحاجّ. كتَبَ لي ذلك كلَّه بخطه إلّا شُهرتَه بابن الفَخّار، وأخبَرَني به غيرَ مرّة، وأنه أرادَه أبوه على تعلُّمِها فلم تُساعدْه دَرْيتُه عليها فصُرِفَ عنها، وذَكَرَ الراوِيةُ أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان أنّ الحاجّ الذي يُنسَبُونَ إليه هو هَيْصمٌ المذكور. تلا القرآنَ العظيمَ بالسّبع وبالإدغام الكبيرِ عن أبي عَمْرو بن العلاءِ على أبي بكرٍ القُرطُبيّ، وبقراءتَي الحَرَميَّيْنِ وبعضَه بقراءةِ أبي عَمْرٍو، على أبي بكر بن عبد النُّور، وأكثَرَ عنهما وأجازا له، وبقراءةِ وَرْش على أبي بكرٍ ابن الرَّمّاك ومؤدِّبِه أبي عليّ الزَّبّار، وقَرأَ عليهما غيرَ ذلك، ولم يَذكُرْ انهما أجازا له؛ وبها (¬2) على أبي العبّاس بن مُنذِر وأبي عِمْرانَ الجَزِيري، وسَمِعَ عليهما غيرَ ذلك، وذَكَرَ أنهما لم يُجيزا له، وأخَذ بينَ سَماع وقراءةٍ عن أبي إسحاقَ بن غالب، وآباءِ بكرٍ: السَّقَطيّ وابن طَلْحَة وابن قَسُّوم، ولازَمَهم، وابنِ العَرَبيّ الحاجِّ وابن الغَزّال الشَّرِيشيِّ وابن مُطرِّف، وأبوَيْ جعفر: الجَيّار وابن كوزانةَ، وآباءِ الحَسَن: البَلَوي وترَدَّدَ إليه كثيرًا، وابن جَبَلةَ وابن خَرُوف والدَّبّاجِ وسَهْل بن مالك وابن قُطْرَال، وأبوَي الحُسَين: ابن زَرْقُون ولزِمَه كثيرًا وتفقَّه به، وابن مُجَمَّل الصُّنْهاجيّ، وأبي زكريّا بن مَرْزوق، وأبي زَيْدٍ الفازازي واختَصَّ به طويلًا، وأبي سُليمانَ بن ¬

_ (¬1) هذا هو أبو الحسن الرعيني (592 - 666 هـ) شيخ المؤلف وصاحب البرنامج المفيد الذي حققه صديقنا الأستاذ إبراهيم شبوح (دمشق 1962 م)، وهذا الحشد الذي أورده المؤلف من شيوخ الرعيني مستمد من البرنامج وفيه ما لم يرد في البرنامج أيضًا، وله ترجمة في صلة الصلة 4/الترجمة 146 وهي ترجمة مختصرة. (¬2) أي بقراءة ورش.

حَوْطِ الله، وآباءِ عبد الله: الأَغْماتي وابن خَلْفُون وابن مَرْج الكُحْل، وأبي عامرٍ يحيى بن رَبيع، وآباءِ العبّاس: ابن عبدِ المؤمن والعَزَفيّ وابن عبدِ البَرّ، ويقال فيه: أبو القاسم، والنَّبَاتي المالَقيِّ، وأبوَيْ عليّ: الرُّنْديِّ وابن الشَّلَوْبِين، وأخَذَ عنه "الكتابَ" وغيرَه، وأبي عُمرَ بن مَسْلَمةَ وأبي عَمْرو بن سالم، وأبوَي القاسم: ابن بَقِيّ والقاسم ابن الطَّيْلَسان، وانتَفعَ به كثيرًا، وأبي محمد عبد الكبير، ولزِمَه ستةَ أعوام في طريقةِ التوثيق وتفَقَّه به، وأجازوا له مُطلَقًا. وقرَأَ على أبي بكرٍ اللارِديِّ وأبي جَعْفر بن مَسْلَمةَ، وأجازا (¬1) له ما قرَأَ عليهما خاصّة، وعلى أبوَيْ إسحاق: ابن حِصْن واختَصَّ به، وابن زَغْلَل ولزِمَه في [98 و] تعلُّم الفرائض، وأبوَيْ بكر: الخَدُوج (¬2) وابن المُرْخِي، وأبي جعفر بن فَرْقَد، وآباءِ الحَسَن: ابن بَقِيّ والشاري وابن عبد الله، وأبي الحَكَم ابن بَرَّجَانَ، وأبوَيْ عبد الله: الأَزْديِّ السَّبْتيّ وابن رَشِيق، وأبي محمد الشَّلطيشي ولزِمَه للتفقُّه به مُدّةً طويلة، ولم يُجيزوا له. وصَحِبَ طويلًا أبا بكر بنَ هِشام، وأبوَيْ بكر: محمدَ بن أبي عامر بن حَجّاج ويحيى التُّطِيليَّ، وأبا جعفر بنَ سِمَاك، وأبا زكريّا ابنَ العَطّار، وأبوَيْ عبد الله: ابنَ دادُوش وابن المَوَّاق، وأبوَي القاسم: ابن الصَّوّاف المِصْريَّ وابنَ فَرْقَد، وأبا المتوكِّل الهَيْثم، وأبا موسى عيسى الذُّجِّيَّ، وانتَفَع بهم ولم يَذكُرْ أنهم أجازوا له. ولقِيَ أبا إسحاقَ ابن سيِّد أبيه وأجازَ له السَّبعَ خاصّةً، وأبوَيْ بكر: عَتِيقَ ابن قَنْتَرال وابنَ مُحرِز، وأبا البَرَكات الفارِسيَّ وصحِبَه وآباءَ الحَسَن: ابنَ حَفْص والعَشّابَ وابنَ الفَخّار وصَحِبَه كثيرًا، وأبا الخَطّاب بنَ واجب، وأبا زكريّا بن عُصفُور التَّلِمْسينيَّ جها، وأبوَيْ عبد الله: ابن الخَطيب البِجَائيَّ وابن عَطِيّةَ المالَقيَّ، وأبوَي العبّاس: ابن الرُّوميّة والقَنْجَايري، وأبا عليّ بنَ سَمْعانَ وأبا عَمْرٍو محمدَ بن غِيَاث، وآباءَ محمد: ابن حَوْطِ الله والكَوّابَ وعبدَ الرّحمن ¬

_ (¬1) في النسخ: "وأجازوا". (¬2) بالدال في الأصول وبالذال مضبوطًا في نسخ البرنامج.

الزُّهْريَّ، وأبوَي القاسم: عبدَ الرّحمن بن إسحاقَ المَزياتيَّ الفاسيَّ بها، وعامرَ بن هِشَام، والحاجَّ أبا يَخلُف حمَامةَ بن محمد بن عِمرانَ الزّمُوريَّ بها. ورأى أبا القاسم محمدَ بن عبد الواحِد المَلّاحيَّ بغَرْناطةَ ولم يتَعرَّفْ له، وأجازوا له. وأجاز له ممّن لم يَذكُرْ لقاءه إيّاهم، وإن كان يَغلِبُ على الظنِّ أنه لقِيَهم أو أكثرَهم: أبو إسحاقَ ابنُ القُرطُبي، وأبَوا جعفر: ابنُ عليّ ابن الفَحّام وابنُ مَسْعود، وأبو الحَسَن القَسْطَليّ، وأبو زَيْدٍ القُمارِشيّ، وأبَوا عبد الله: ابنُ حَرِيرةَ وابنُ عِيَاض، وأبو عيسَى بن أبي السَّدَاد، وأبو محمدٍ الباهِليّ، وأبو المكارم قاصِدُ بن يَعمُر. وكتَبَ إليه مُجيزًا ولم يَلْقَه من أهل الأندَلُس: أبو إسحاقَ الزَّوَاليّ، وأبو بكرٍ عبدُ الرّحمن بن دَحْمانَ، وآباءُ الحَسَن: ابنُ البَنّاد وثابتٌ الكَلَاعيُّ والشَّقُوريُّ وابن هِشَام الشَّرِيشيّ، وأبَوا الرَّبيع: ابنُ حَكِيم وابنُ سالم، وبَعَثَ إليه بجُملةٍ وافرة من مصنَّفاتِه، قال (¬1): وانتَفعتُ به رضيَ اللهُ [98 ظ] عنه وإن كان في شَرْق البلادِ وكنتُ في غَرْبِها، واستَفَدتُ منه على بُعد الدارِ ما لم أستفِدْه من سِواه على قُربِها؛ وآباءُ عبد الله: ابن سَعادةَ والشَّوّاشُ وابنُ صاحبِ الأحكام وابنُ صَلَتَانَ وابنُ عبد البَرّ وابن المُناصِف، وأبو العبّاس بنُ يَزيدَ العُكّاشِيّ، وأبو عِمرانَ السَّخّانُ، وأبَوا عَمْرٍو: ابن بَشِير وابن عَيْشُون، وأبو القاسم الطَّرَسُوني، وأبَوا محمد: عبدُ الصَّمد اللَّبسيّ وابن المَلِيح؛ ومن أهل تِلِمْسينَ: أبو عبد الله بن عبد الحقّ، ومن أهل القاهرةِ: كمالُ الدِّين أبو البَرَكات عبدُ القويّ بن أبي المَعالي عبد العزيز بن الحُسَين بن عبد الله بن أحمدَ التَّميميُّ السَّعْديُّ الصِّقِلِّيُّ الأصل ابنُ الجَبَّاب (¬2)، وخَطيبُها جمالُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ بن هبة الله بن سَلامةَ بن ¬

_ (¬1) برنامج الرعيني: 67. (¬2) هكذا ضبط الاسم في ح وأصول البرنامج بالجيم وتشديد الباء، وقد ترجم العماد في الخريدة (1/ 189) وابن شاكر في الوفيات 1/ 587 لوالده عبد العزيز الشهير بالقاضي الجليس وكتب الاسم هنالك "الحباب" بالحاء المهملة، وهو غلط بيّن، فقد كان جدهم عبد الله يعرف بالجَبَّاب لجلوسه في سوق الجباب. وتنظر تكملة المنذري 3/الترجمة 2002، وسير أعلام النبلاء 22/ 244.

المُسَلَّم بن عليِّ بن هبة الله اللَّخْميُّ ابن الجُمَّيْزِي، وقاضي القُضاة بها زينُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ بن يوسُفَ بن عبد الله بن بُنْدارٍ الدِّمشقي، وحَيْدرُ بن محمودٍ الأنصاريُّ الشافعيُّ، وعبدُ القادر بن أبي عبد الله البغداديّ، وعبدُ القادر بن محمد ابن سَعِيد بن جَحْدَر الفارِسيُّ، ونَصْرُ بن محمد بن المُظفَّر بن أبي الفُنون (¬1) النَّحْويّ؛ ومن أهل مِصرَ: أبو الفَضْل أحمدُ بن أبي عبد الله محمد بن أبي المَعالي عبد العزيز ابنُ الجَبَّاب (¬2) ابنُ أخي أبي البَرَكات المذكور، وبُرهانُ الدِّين أبو محمدٍ عبدُ العزيز بن سَحْنُون بن عليّ الغُمَاريُّ الخالِدي (¬3)، وتَقيُّ الدِّين أبو الطاهِر إسماعيلُ بن ظافِر بن عبد الله العُقَيْليّ، وأبو [الوفاء] (¬4) عَوَض بن محمودِ بن صَاف بن علي بن إسماعيلَ الحِمْريُّ البُوْشِيُّ، وأبو الحَسَن عليُّ بن عبد الصَّمد ابن محمد ابن الرَّمّاح، وأبو عبد الله محمد بن عُمرَ بن يوسُفَ الأنصاريُّ القُرطُبيّ؛ وذَكَرَ في شيوخِه الأندَلُسيِّين أبا محمد بنَ عَطِيّةَ المالَقيّ، وأبا مَرْوانَ بن سُليمانَ بن عيسى الأنصاريّ، ولم يُبيِّنْ كيف أخْذُهُ عنهما؛ وله شيوخٌ غير مَن ذُكِرَ، منهم: ابنُ عُفَيْر وأبو العبّاس ابنُ الرُّوميّة (¬5) [....] (¬6). ولمّا وَرَدَ أبو عبد الله بنُ عابِد الأندَلُسَ وتعرَّضَ فيها للتلبُّس بالكتابة عن بعض رؤسائها، خاطَبَه أبو عبد الله ابنُ الجَنّان برسالةٍ التزَمَ العينَ في كلماتِه جُمَع، وهي هذه [99 و] [الكامل]: يا ظاعنًا عنَّا ظعَنْتَ بعِصمةٍ ... ورجَعْتَ معتمِدًا بعزٍّ صاعدِ ¬

_ (¬1) تنظر تكملة المنذري 3/الترجمة 2437، وتاريخ الإسلام 13/ 943. (¬2) في م ط: "الجياب"، مصحف. (¬3) الخالدي: سقط من م ط. (¬4) بياض في النسخ، ولم يرد في البرنامج، واستفدنا كنيته من ترجمته في تكملة المنذري 3/الترجمة 2649، وتاريخ الإسلام 14/ 117. (¬5) مر ذكره في شيوخه. (¬6) بياض في النسخ.

عَرِّجْ على رَبْعِ العلاءِ مُعَرِّسًا ... بِمَعَانِ عزِّ المعتزي للعابدِ (¬1) العالمِ الأعلى العميدِ لعصرِهِ الـ ... ـمُعْلي لأعلامِ العلومِ العاقدِ وعسَاكَ تُعِلُمُه بِعَقْدِ مُعَظِّمٍ ... عنِّي وعهدِ مساعدٍ كالساعدِ لتعودَ عنه برِفعةٍ فرِقاعُهُ ... عندي لعَمْرُ عُلاهُ أعظمُ عائدِ طالعتُكَ يا عمادي الأرفَع، وعِتَادي الأنفَع -علا كَعْبُك، وعزَّ شِعْبُك، وساعَدَك عَصْرُك، وتباعَدَ عنك عُصْرُك (¬2)، وارتَفَعتْ مصاعِدُك، وعَمَرتْ معاهدُك، وأعجَزتَ بدائعُك، وأعجَبتْ صنائعُك، وسَعِدَ مُعاشرُكَ ومَعاشرُك، وقَعَد مُعاليكَ عن مَعاليك- مطَّلعًا على اعتقادِ الاعتداد، ومُسمِعًا علياءَكَ التعريفَ بالاعتماد، ليتعاضَدَ المعقولُ بالمسموع، وتتعاقَدَ على رَعْي ودائعِ الضُّلوع، ويتَعبَّدَ للمطالعةِ مَهْيَع، ويَعذُبَ للمراجعةِ مَشْرَع، ولعَمْرُ يَراعتِكَ المُبتدَعة، وبَراعتِك المخترَعة، وطبعِك المَعِين، وانطباعِك المُعِين، وأسجاعِكَ المُرَصَّعة، وأشعارِك المُصَرَّعة (¬3)، لَعَمَرْتُ عَصْرًا يمنَعُني عن إعلامِكَ بالإعظام، إعظامُك عن الإعلام، ويَعُوقُني إيضاعُ البضاعة، ويُضِيعُني عَدَمُ الاستطاعة، ويُعيدُني عِيِّي عهدَ السَّمع والطاعة، وتُعوزُني العبارة، وتُعجِزُني الاستعارة، على رُقعةٍ أبعَثُها لبقاعِك، وأستعيضُ عنها بعضَ قِراعِك، فعُذْتُ بالعَيْن، عِيَاذَ المُعْدَم بالعَين (¬4)، فأَرْعَتْني سَمْعًا، وأعارَتْني سَجْعًا، ودَعَتْني لاتّباعِها، ووعَدَتْني باتّساعِ باعِها، فعجِبتُ لتَصَرُّعِها (¬5)، بعدَ تمنُّعِها، وتواضُعِها معَ ترفُّعِها، فعرَّفَتْني بإلماعِهَا، معنى اجتماعِها، وأعلمَتْني بطَوْعِها، لزعيمةِ نوعِها (¬6)، للمُمتنعةِ بترفيع المصاعِد، المتَّبِعةِ ¬

_ (¬1) في النسخ: "عز المعتزيل العابد" والتصويب من هامش ح، قال: "أظنه: المعتزى للعابد"، ولم يقطع به. (¬2) عصرك: وقتك، ويعني بها وقت الأجل. (¬3) في النسخ: المسرعة، والتصريع في الشعر: جعل عروض البيت مثل ضربه. (¬4) العين: الذهب أو المال. (¬5) التصرع: كالتضرع، التذلل والاستخذاء. (¬6) في م ط: "نزعها".

لتعريفِ عددِ العابِد، فأعظَمْتُ موقعَها، ورفَعْتُ موضعَها، وعاينتُها مُهطِعةً لداعيها، متبرِّعةً بسعيدِ مَسَاعيها، فانعَمَرَتْ بجَمْعِها الشِّعاب، وأذعَنَتْ لعظَمتِها الصِّعاب، فعَبَّ عُبَابُها، وعَمَّ [99 ظ] إيعابُها، وأوسَعَتْ رَبْعي إمراعًا، وأقطعَتْني العِدَّ إقطاعا، وَرَعَتْ لمعتمِدِها انقطاعًا، فقَنَعْتُ ببعضِ عطائها المُمتِع، وأعفاني عَفْوُها عن التَّعبِ المُتَعْتِع، وجعَلْتُ عُجَالتي بعَلَمِها مُعْلَمة، وبالاعترافِ بعارفتِها مُعْلِمة، ولتشعُّب المعاني، وتصعُّبِها على المُعَاني، أعلنتُ بالقناعة، واعترَفْتُ عندَهنَّ بضعفِ البِضاعة، فعَذَلْنَ وعَذَرْن، وأعنَّ وأطَعْن، وتبِعْنَ واندفَعْن، وعَلِمْنَ المانعَ عن جميعِهنّ، فرَجَعْنَ بعد اصطناعِ معروفٍ أعرِفُه لصنيعهِنّ؛ فافعَلْ يا عقيدَ العوارف، وعميدَ المعارِف، فعلَهُنّ، عندَ اعتذاري بالعَجْز، وتواضَعْ لمُعظِّمِكَ تواضُعَ الأعزّ، فألمعيَّتُكَ تدعوكَ للإسعاف، ومَعْلاتُكَ تَعطِفُكَ على الضِّعاف، فعلّامةُ عُمان، وشاعرُ النُّعمان، والساعديُّ وأسجاعُه، والعِبَاديُّ (¬1) وإمتاعُه، والأصمعيُّ وسَماعُه، يعجِزونَ عن تنويع بديعِك وبديع تنويعِك، فعُذرًا لمنتجعٍ تضيَّعَ عُشْبُه، ومتَّبَعٍ تصدَّع شِعبُه، أطلَعَها عليك مُتلفِّعةً للعِيِّ عَباية، ومُستطلِعةً عندَك عناية، يدعو عهدَكَ ليجمَعَ شَعاعَه، ويُطلِعَ عليك شُعاعَه، وليَنعُمَ برُقعةٍ كالرَّقيع، وبديعةٍ كالضّريع، اعْتَزَتِ المَعْلواتُ لعادتِك، وهمَعَتْ عينُ سَعادتِك، وأعزَّك العزيزُ بطاعتِه، وعَصَمَ العلمَ بعِصمتِك عن إضاعتِه، بعزّتِه العظيمة، ونِعمتِه العميمة، وتعتمدُك عاطرةً تتضوَّعُ عَنْبرًا وعبيرًا، وتُعبِّرُ عن تعطُّشي لمَشارِعِك تعبيرًا. فشاعَتْ هذه الرِّسالةُ بالأندَلُس، وتُنوقِلت شَرْقًا وغَرْبًا، وتُحدِّثَ بعَجْزِ أبي عبد الله بن عابِد عن مُراجعةِ أبي عبد الله ابن الجَنّان، فراجَعَهُ شيخُنا ¬

_ (¬1) علّامة عمان: الإشارة غير واضحة وربما عنى ابن دريد لأنه نشأ بعمان ولا نراه العماني الراجز فإنه ليس من عُمان وإن نسب إليها، وشاعر النعمان هو النابغة؛ أما الساعدي فالنسبة فيه إلى بني ساعدة من الخزرج ولعله هنا يعني قس بن ساعدة واضطره لزوم العين إلى ذلك، وإلا فإن قس بن ساعدة إيادي النسب، وأما العبادي فقد يشير إلى عدي بن زيد العبادي الشاعر.

أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ -رحمه اللهُ- عاتبًا، والتزَمَ من العَيْنِ في كلِّ كلمة ما التزَمَ أبو عبد الله ابنُ الجَنّان وزادَ التزامَ العينِ قبلَ رَوِيِّ الأبياتِ التي افتتحَ بها هذه المراجَعة، وهي هذه [الكامل]: أعِدِ التعهُّدَ للعميدِ بعَطْفةٍ (¬1) ... تَعْنِي (¬2) برَجْعةِ عهدِك المُتباعِدِ وأعِدَّ سمعَك للعِتابِ أُعيدُهُ ... لتعودَ للإعتابِ عَوْدَ مُساعدِ أعَهِدْتَ عَقْدَ العزمِ عندي عاريًا ... عن رَعْي عهدِ مُعاهدٍ وَمُواعدِ [100 و] فعدَوْتَ عادَتَكَ العليَّةَ مَنْزعًا ... وعَدَلْتَ عن عَضُدٍ عرفتَ (¬3) وساعدِ وعَطَفْتَ عن عَمْدٍ عِنانَ عِنايةٍ ... عنِّي فُعذْتُ بعزِّك المتصاعدِ وتنعَّمتْ بعيونِ سَجْعِك أَعيُنٌ ... نَعَّمتَها ومسامعٌ لأَباعدِ عجبًا لساعٍ مُعمِلٍ لعنايةٍ ... تَعدوهُ منفعةُ العناءِ لقاعدِ يا عَلَمي المتَّبَع، وعارِضي المنتجَع (¬4)، ومعتمَدي المُطاعُ الممتنع، تعهَّدَتْكَ للنِّعَمِ هُمَّعُ عِهادِها (¬5)، ورعَتْك للعِصَم شُرَّعُ صِعادِها (¬6)، واعتنَى السَّعدُ بإعلائك، واعتَلَى العِلمُ باعتنائك، ورُفِعَتِ الأعيُنُ لزعامةِ إبداعِك، وعُمِدَت البَراعةُ بدِعامةِ اختراعِك، وسَعِدَ سعْيُك، ووَسِعَ المعارفَ وعيُك، وأمرَعَ رَبْعُك، وأمعَى طَبْعُك (¬7)، وصُرع عِداتُك؛ وصَعِدَتْ مَعْلُوّاتُك، وأُشْرِعَت للصعودِ مَهايعُك (¬8)، وأُترِعَت بالسُّعودِ مَشارعُك، يُطالعُك بأضْوعِ العَطِراتِ عَبَقًا، ¬

_ (¬1) في م ط: "بقطعة". (¬2) تعني: تنبت. (¬3) في ح: "عرت"، وبين الراء والتاء خرم. (¬4) في م ط: "المستجع"، وكذلك في ح، إلا أن التصويب فوق الكلمة بخط دقيق. (¬5) العهاد: الدفعات من المطر، والهمع: الهاطلة. (¬6) الصعاد: الرماح. (¬7) أمعى: يقال في النخل إذا أرطب. (¬8) المهايع: جمع مهيع وهو الطريق.

وأسرَعِها لعُلاك عَنَقًا (¬1)، مُتابعُ تعظيمِك، ومُنتجِعُ تعليمِك، عليٌّ الرُّعَيْني، وبعدُ: فرُقعتُك الرفيعةُ عَنَّتْ فعَنَتِ العقولُ لروائعِها إذعانًا، ورَفَعتْ مَعالمَها إشعارًا بتعجيزِ مُتعاطيها وإذعانًا، واستَدعَتْ مُدَّعي مُعارضتِها ليُعملَ مُعارِضًا لبدائعِها إمعانًا، فكَعَّ إعياءً وإبداعًا (¬2)، واطّلعَ فارتَدعَ عَجْزًا وانقطاعًا، واستتبعتُه فعاذ بعِظَمِها ارتياعًا، وأسمَعْته فاستعادَ عجائبَها استماعًا، وأُولعَ بمُراجعتِها فتلعثَمَ (¬3) عِيًّا، ودَعَا دَعِيًّا، لتعالي مَطالعِها عن المطامِع (¬4)، وتعاصي منازعِها على المتنازع، وتدفُّعِها بالعُبَاب (¬5)، وترفُّعِها عن العَاب، وتلفُّعِها بعِنانِ الإعجاز، وتمنُّعِها بالاعتزاءِ للاعتزاز، وتعَلِّيها ليَفَاعٍ العالَم المتوسِّع، وتعرِّيها عن تنطُّع المتعالِم المتطبِّع (¬6)، اعتامَ عقودَها عَلَمٌ فرَع (¬7)، وصَنَعٌ (¬8) بَرَع، استعدَّ بمعانَة عِدِّه (¬9)، وأسعَدتْه إعانةُ العليِّ لعبدِه، فعَمَدَ لإعذابِ عيونِها، وعُني باستيعابِ عيونِها، وأعرَسَ لعَذَارها وعُونِها، واستجمَعَ لجَمْع أنواعِها، وتتبع عِيابَ متاعِها (¬10)، وقطعَ علائقَ اعتذارِها وامتناعِها، واستعرَضَ عقائلَ بزاعَتِها (¬11)، وعرَضَ أعلاقَ بضاعتِها، وابتَدعَ صناعتَها، [100 ظ] فنَعِمَ ونَعَّم، وأترَعَ وأفعَم، وفَرَّعَ وشَعَّب، فأعجَب، وألمَع، فأقنَع، ودَعاها فبَخَعت بالطاعة (¬12)، واستَعطاها فأعطَتْ وُسْعَ ¬

_ (¬1) العنق: السير السريع. (¬2) الإبداع: كلال الراحلة وانقطاع صاحبها. (¬3) في جميع النسخ: "فتعلثم". (¬4) في م ط: "الطامع". (¬5) في النسخ: "وتدبعها بالعياب". (¬6) المتطبع: المتكلف ما ليس فى طبعه. (¬7) اعتام: اختار، علم: شبهه بالجبل، فرع: علا وارتفع. (¬8) الصنع: الحاذق. (¬9) معانة: غزارة، العد: البئر القديمة التي لا ينضب ماؤها. (¬10) العياب: الحقائب. (¬11) البزاعة: الملاحة وذكاء القلب. (¬12) بخعت: أقرت.

الاستطاعة، وأرعاها سَمْعَ عناية، وعَيْنَ رعاية، فعَدَتْها عوادي الإضاعة، وعنك يا رافعَ أعلام المعالي، والمُدافِع لليَراع عنِ العوالي، عبَرَ الاعتبار، ولعُلاكَ أُعيدَ المستعار، فعبَّادانُ وعُمان، والعراقُ والنُّعمان، والصَّريعُ والخَليعُ والبديع، والبُعَيْث والعُقَيْلي، والعَتّابيُّ والعُتْبي، والأعشَيانِ والأعمَيَان، والعَيْنانِ والعَلَمان (¬1)، والأعلامُ وبِقاعُهم، والعلماءُ وأسطاعُهم (¬2)، عندَك اجتماعُهم، وعليك انعقَدَ إجماعُهم؛ ولَعَمْرُ مُربْعِ عَلائك، ومُعَفِّرِ أعدائك، وطابع طِبَاعِك، على انطباعِك، ومُعَطِّر بقاعِك، بضَوْع رِقاعِك، لأعلى عَلَم عِلمِك، وأعرَفَ عن الألمعيّة عُقدةَ عَزْمِك، وأبدَعَ ألمعيّتَك، وأعذَبَ لَوْذَعيّتَك، وجعَلَ العِلْيةَ رَعْيَتَك، فعلا عصرٌ أُودِعْتَهُ على الأعصار، وتعدَّى المِعطالَ للمِعطار، وتمتَّعَ بالعَشِيَّةِ والعَرار (¬3)، واسترجَعَ عَرارًا بعد تعاقُبِ الأعمار، واستطَلَع لُمعَ الأسجاع وَبِدَعَ الأشعار، وتسرَّع عندَ سَماعُ مُصَرَّعها ومُرَصَّعها لخَلْعِ العِذار؛ وعجَبًا لِعَدْوِكَ مَنْزِعَك العَيْني، لفَرْعِ العابِد عن الرُّعَيْني، ورُعَيْنٌ أعَزُّ معارفِك، وأعرفُ بمعارِفِك، وأطوعُ ¬

_ (¬1) بعض هذه الأسماء واضح الدلالة، فالصريع: هو مسلم بن الوليد صريع الغواني، والخليع: هو الحسين بن الضحاك، والبديع: هو بديع الزمان الهمذاني، والبعيث: الشاعر الأموي المجاشعي الذي دخل في المهاجاة بين جرير والفرزدق، والعتابي: هو عمرو بن كلثوم الشاعر المترسل (الأغاني 13/ 107 والفهرست: 181)، والعتبي: هو أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله بن معاوية وكان فصيحًا توفي سنة 228 هـ (الفهرست، 182 وطبقات ابن المعتز: 314) وهناك أبو النصر العتبي من شعراء اليتيمة. أما العقيلي فتدل على غير واحد ولعلها تعني هنا بشار بن برد لأنه كان عقيليًا بالولاء أو أبا الحسن العقيلي أو مزاحمًا العقيلي، وكذلك الأعشيان لأن العُشْوَ كُثر وأشهرهم أعشى قيس وأعشى هَمْدان، وكذلك الأعميان فهناك من بلغائهم -إذا عددنا العقيلي بشارًا- أبو العيناء وأبو العلاء المعري. (¬2) أسطاعهم: كذلك هي في النسخ، ولعل صوابها: وأسقاعهم، والسقع: لغة في الصقع وهي الناحية. (¬3) إشارة إلى قول الشاعر وهو الصمة القشيري: تمتع من شميم عرار نجد ... فما بعد العشية من عرار

أتباعِك، وأسرعُ لاتّباعِك، تدعوها فتسمع، وتستتبِعُها فتَتْبَع، ويَصعُبُ انتزاعُ العادة، وُيتْعِبُ عناءُ الإعادة، ومعَ تعرُّضي للمعارَضة فاعترافي يُعْرَف، واستعطافي يُتَعَرَّف، فأَوْسِعْني عُذرًا أتَطَلَّعُه، وادفَعْ عنّي ذُعرًا أتوقَّعُه، ودَعْني لأدَعَ الاضطلاع بالأعباء، وأرفَعَ العَصْبَ بالعَبَاء، وأتنطَّعَ بالعُجْمة عندَ العرَبِ العَرْباء، عَمَرْتَ وعواملُ سَعْدِك رافعة، وعوالمُ عَصْرِك لِعزِّك خاضعة، وعَصِيَّاتُ اليَراعاتِ لطاعتِك مُسارِعة، بمَعونةِ المُعين المُنعِم، ومعَاذ الأعطَر الأضوَع عليك يَعبِقُ فيَسطَعُ متضوِّعُه، ويهمَعُ فيَمرَعُ متَنَجِّعُه، ما هَجَعَتْ عَيْن، وهَمَعَتْ عَيْن، وسطَعَت عَيْن، بعزَّةِ العزيز. فراجَعَه أبو عبد الله ابنُ الجَنّان على شَرْطِ التزام العَيْنِ في [101 و] كلِّ كلمةٍ أيضًا بقولهِ [الوافر]: أتَعْتَبُني عماديَ عَمْدَ عَيْنِ ... وعينُ العُذرِ تعرِفُهُ كعَيْني (¬1) وعَهْدي عَهْدُ مُعتقِدٍ عَليمٍ ... بمعتزِّ اعتزائِكَ في رُعَينِ وعَجْزي مُعلِنٌ بالعُذْرِ عنّي ... فدَعْ عَتْبي أيا سَمْعي وعَيْني وعوِّدْني التعهُّدَ باعتناءٍ ... وعَوِّذْ عَهدَنا عن لَقْعِ عَيْنِ (¬2) وضَعْ لِلعَدْلِ مِعيارَ اعتدالٍ ... عظيمٍ مُعتَلٍ عن عَيْبِ عَيْنِ (¬3) أأعمَدُ للبديعِ بديعِ عصري ... بعينِ العِيِّ عَنَّتْ بالمعَيْنِ وعندي عَقْدُ إعظامٍ وعلمٍ ... بعُلياهُ لعَمْدي مانعَيْنِ وضَعْفي عاقَني عن بعثِ عَينٍ ... تُعَوِّضُها بعِقْيانٍ وعَيْنِ (¬4) ¬

_ (¬1) عمد عين: عمدًا صريحًا، عين العذر: حقيقته وشخصه. (¬2) لقع العين: الإصابة بالعين. (¬3) سقط البيت من م، العين في الميزان: الميل إلى إحدى الناحيتين. (¬4) العين: الطليعة ويعني به هنا الرسول، والعين: الذهب عامة أو المال الناض الحاضر.

فعُدْتَ عليَّ معتمَدي بصُنع ... لتصنَعَني على رَعْيٍ وعَيْنِ (¬1) وَتُمرعَ عَرْصَتي عن بُعْدِ عَهدٍ ... بعهدٍ هامعٍ عن عَين عَيْنِ (¬2) وتُبدعَ للمعالي مُعجِزاتٍ ... فتُطلعَ للعيونِ شُعاعَ عَيْنِ (¬3) فيا عَلَمًا لأعلامٍ عِظامٍ ... علا بالعِلم أعلى المَطلَعَيْنِ ويا عينًا يُعرِّفُنا رُعَينًا ... بعزِّ العزمِ عندَ المَجْمَعَيْنِ ويا مُعتامَ صَنْعتِه اختراعًا ... عجيبَ النوعِ معتامًا لعَيْنِ (¬4) سأتبَعُ شَرْعَكَ الأعلى اتّباعًا ... وأشرَعُ عند عَذْبِ المَشْرَعَيْنِ وأُطلعُ للعيونِ على شِعابٍ ... ببَعْثِ طليعةٍ وببعثِ عَيْنِ (¬5) وأدعو عُرْبَها شَعْبًا فشَعبًا ... لأجمعَ جَمعَ عينٍ للرُّعَيْنيْ وأَرجعَ شِيعةً لعُلا عَليٍّ ... وأنزِعَ بانتزاعي مَنزِعَيْنِ وعندي بعدَ عودتيَ اعترافٌ ... ومعذِرةٌ تُعادُ لذي رُعَيْنَ وبعضُ الشعرِ عن عينٍ عَرِيٌّ ... فعُدَّ الموضِعَيْنِ بموضِعَيْنِ (¬6) يا عُمدتي وعَصَري، وعُدَّتي لِعُصُري، ومَشرَعي ومُشرِعِي، وعَضدي وعذبي -نعُمْتَ عينًا بمُتتابع النَّعماء، وعَلَوْتَ يفاعَ العِزّةِ القَعْساء، وهمَعَتْ مرابيعُك، ونبَعَت ينابيعُك، وتطلَّع صديعُك، وانطبَعَ بديعُك، وساعَدَك الإسعافُ وساعفَك الإسعاد، ورجَعَ لتعليمِك المستعارُ والمستعاد، وارتفَع بإصعادِك العلاءُ ¬

_ (¬1) صنعه على عينه: أي بإشفاق أو من حيث يراه. (¬2) العين: السحاب. (¬3) العين: الشمس أو شعاعها. (¬4) العين: حقيقة الشيء. (¬5) العين: الطليعة أو الديدبان. (¬6) في القصيدة موضعان لم ترد فيهما العين وهما "في" في البيت الثاني و"لذي" في البيت التاسع عشر.

وعلا برِفعتِك الإصعاد [101 ظ] وأُعمِلتْ لربوعِكَ العِيس، واسْتُعْذِبَ بعَقْوتِك التعريس -أعلِمْني: أبصنعاءَ معالمُكَ وبِقاعُك؟ فبصنعتِها أُعْلِمَتْ ووُشِّعَتْ رِقاعُك، وعرِّفني: أرَجَعَتْ طوالعُ السَّجْعِ، وعادتِ الشِّعرى، مطبوعةً شِعرًا، ورَفَعَتْ بِرْقِعُ بُرْقُعَها (¬1)، وأطلَعْت برُقعتِك طِلْعَها (¬2)، فصَدَعت بمُعجزتِك الساطعة صَدْعًا، وقَطَعت عن مُعارضتِها الدَّعاوى المعترضةَ قطعًا، فعاينّا عُقْلةَ العَجْلان، وأُعجوبةَ السَّماع والعِيَان، واعتَقَلتْ عقولَنا عَقِيلتُكَ العلياء، وعربيّتُك العَرُوبُ العَيْناء، فعارَضَتْ واعتَرضَتْ، وعنَّت فعنَّتَتْ، وعنَّت وأتعَبَتِ المُعانيَ للمَعاني، وقَطَعت المتعاطيَ عن التّعاطي، فيا لَمعجمةٍ معجِبة، ومُطيعةٍ مَنِعة، فَوَ إعجازِ بَراعتِك الناصعة، وإعجابِ يَراعتِك الصانعة، لَعرَّضَتْني للعَناء، مُعرِّضةٌ بالاعتناء، عند استدعائها لبضاعتي، وتعنيفِها على إضاعتي، فاتّسع المقطوعُ على الراقع، وأوجَعَ وقْعُ العتابِ الواقع، وأعَدْتُ والإعادةُ مشروعةٌ للمضيِّع، وتصنَّعتُ والعادةُ اصطناعُ المتصنِّع، والعَيْنُ معَ نعتِها بالمُعانة، وبعثِها لبعوثِ الإعانة، تُعْوزُ عند التضرُّع لمُطالعتِك، ويُزعزِعُها الرُّعبُ عن مراجعتِك، وبعدَ معاناةٍ عمَدْتُ للعابِدي (¬3)، وتشجَّعتُ تَشَجُّعَ عامرٍ العامِري (¬4)، وعدولُها عنك تَعلمُ معناه، فاعذُرْ متعَب عَتْبِك ومُعَنَّاه، فو معشوقِ الدَّعج ومعسولِ اللَّعَس، وانصداع الصَّديع عن عابثٍ للشعورِ عَسْعَس (¬5)، وعَفْقةِ العِذار (¬6)، وعَطْفة الاعتذار، ومُراعاةِ عهودِ العلاقة والاعتلاق، وانعطافِ الفروع الناعمةِ للتنعُّم بالاعتلاق، نعَمْ، والعيشِ ونعيمِه، والسَّعدِ المُساعدِ بعظيمِه وعميمِه، ¬

_ (¬1) برقع: السماء، وقال أبو علي الفارسي: هي السماء السابعة، لا ينصرف. (¬2) الطلع: كل مطمئن في كل ربو إذا اطلعتَ رأيت ما فيه. (¬3) يعني أبا عبد الله ابن عابد الذي توجهت إليه الرسالة. (¬4) لعل المشار إليه هو عامر بن الطفيل العامري. (¬5) الصديع: الفجر ويعني به هنا الشيب، عسعس: أقبل بظلامه. (¬6) عفقة العذار: عطفه.

والمَرْبَعِ المَريع (¬1) المَنيع، والرَّبْعيِّ (¬2) المرصِّع للرَّبيع، ومعاطاةِ المُعاطي العاطر، ومُطاوعةِ المعاصي المعاصر، والمعالنةِ برائع شعارِك، والمعاينةِ لبدائع أشعارِك، واللوامع والهوامع، والشعائرِ والشّرائع -لَرُعْتَنَا (¬3) بمُخترَعاتِك، وخَرَعْتَنَا بمُبتَدَعاتِك (¬4)، وامتَنَعتْ عنّا عينيَّتُكَ امتناعَ رُعَيْن، وعَزَّت بِدَعُها باستتباعِها عن التُّبَّعَيْن، فاستَصْعَبَت على المُصعَبيّ (¬5)، واعتزَلَتْ عن المُعتزليّ، وطوَّعتِ المُطَّوِّعيّ (¬6)، وعَقَلت العُقَيْلي، وعَرَتْ عن [102 و] مُعارفةِ المَعَرِّيّ، واستَعْبَدت عَبْدانَ والعبدَكاني (¬7)، وَعَدتْ عن تعاليها العَلَويَّ والعُثماني (¬8)، وبَعَّدت عن تعاطيها العَنْبريَّ والزَّعفَرانيّ (¬9) وأعوَزَت بعَدَم نوعِها عَمْرًا والثعالبيّ (¬10)، وعَمَدت لوَضْع عمادِ العماد (¬11)، وعَزَتْ إسماعيلَ المُعتزِيَ لعبَّاد (¬12)، ولفَعَتِ العَجَّاج، بالنَّقْعِ والعَجَاج، وأعيَتْ على السَّعديِّ وساعِدَة (¬13)، ¬

_ (¬1) المريع: المخصب. (¬2) الربعي: أول ما يظهر من زهر في الربيع. (¬3) غير واضحة في النسخ. (¬4) خرعتنا: رميتنا بالخُراع وهو الجنون. (¬5) لا نقطع جازمين بالذي يعنيه هنا، ولعله أبو الطيب المصعبي من شعراء اليتيمة (4/ 79). (¬6) المطوعي: يعرف بهذه النسبة أبو حفص عمر بن علي المطوعي من شعراء اليتيمة والدمية. (¬7) عبدان: في شعراء اليتيمة من اسمه عبدان الأصفهاني الخوزي فلعله هو المقصود، أما العبدكاني فلعله ابن عبد كان كاتب الدولة الطولونية. (¬8) النسبتان عير محدودتي الدلالة، فالعلوي: ابن طباطبا أو الشريف الرضي أو المرتضى وكثير غير هؤلاء، والعثماني كذلك في التعميم. (¬9) الإلماع بين للجمع بين النسبتين، ولكن غموض الدلالة أيضًا وارد في المقام، وهناك عون بن علي العنبري من مداح سابور بن أردشير، وأبو القاسم الزعفراني من مداح الصاحب بن عباد. (¬10) عمرو بن بحر الجاحظ أو عمرو بن مسعدة، والثعالبي صاحب اليتيمة. (¬11) العماد الأصفهاني كاتب صلاح الدين الأيوبي. (¬12) يعني إسماعيل الصاحب بن عباد. (¬13) السعدي، لا نراه يعني ابن نباتة هنا وإنما المخبل السعدي لأنه جمعه مع ساعدة، وهو ابن جؤية الشاعر الهذلي.

وأضعَفَتْ عضُدَ الجَعْديِّ وساعدَه، وفَرَّعت بالعراق جَمْعَ الشّعراء، ورفعَتْك على العُظَماء، وعظَّمتْك عند العلماء، وأشعَرَتْ بعجيبِ مَنازِعِك، وشَرعتْ تعنيفَ مُنازعِك؛ فبعيدٌ على الشاسع عن الصّنعة المتباعِد، الراجع عن النُّجعةِ بعُرْقوبِيِّ المواعِد، شروعٌ بشرائعِك العَذْبة، وتشرُّعٌ بشرائعِك الصَّعبة، أيُعادَلُ المستضعَفُ بالمستطيع، ويُعدُّ المستعصي كالمُطيع، ويُجعَلُ العُصفورُ كالعُقَاب، والعَيْر كأعوَجِيِّ العراب؟ فاربَعْ على الأتباع، يا قاطعَهم عن الاتّباع، باتّساع الباع، وإمعانِ المَلعانِ (¬1) والإسراع، فبتواضُعِك ترفَعُنا، وبموضوعاتِك تنفَعُنا، وبعُراك اعتلاقُنا، ولعُراك إعناقُنا، ومعارفُك أعرفُ المعارف، وعلوُّ علومِك مُعْتَقَدُ الظاعنِ والعاكف، ونَبْعَتُكَ ممتنعٌ عُودُها عن العَجْم، ورِفعتُك عالٍ عمودُها عند العَرَب والعُجْم، فرَعْتَ الأعلامَ فرُعْتَ العوالم، وتعبَّدتَ المعاليَ فعبَّدْتَ المعالم، وطُبعتَ على طِباع الانطباع، وطَبَعتَ عَسْجدَ الصناعة عُقودًا لأعناقٍ وَرُعْثًا (¬2) لأَسماع، وأعطاك عُطارِدٌ مستطاعَه (¬3)، ودَعَاهُ داعيكَ فأطاعَه، فأطلعتَها كاعبًا لَعُوبًا، وعَروسًا لَعُوبًا (¬4)، عراقيّةَ الطبائع، مُعْرِقةَ البدائع، عَنَتِ العيونُ لطلعتِها، وتتلَّعتِ الأعناقُ لتلعتِها. وبَعْدَ عِلْمِنا بتبرُّع براعتِك بإطلاعِها، وترجيع العُبَيْديِّ والعوديِّ معبَدَ سَماعِها، اعتمدَتْنا عَيْنُها الثُّعليّة (¬5)، وأسعدَتنْا بمُعاينتِها عنايتُك العَلِيّة، فعميدُنا العَمِيريُّ، ورفيعُنا النُّعماني، وبديعُنا العُشْبِيّ (¬6)، ¬

_ (¬1) الملعان: الإسراع في السير. (¬2) الرعث: جمع رعاث وهو ما تقرط به الأذن. (¬3) من خصائص عطارد عندهم في البنية حسن القامة وحسن النطق، وفي الأخلاق الذكاء والفطنة والحكمة والسكينة والوقار والعطف والرأفة والثبات في كل أمر ورعاية الحق ... إلخ. (¬4) كذا، ولعلها: عروبا. (¬5) المنسوبة إلى بني ثعل وهم مضرب المثل في الرماية. (¬6) هؤلاء من أدباء الأندلس المعاصرين حينئذ لإبن الجنان؛ فالعميري: هو أبو المطرف بن عميرة، والنعماني: لعله عمر بن عيسى بن النعمان وبينه وبين أبي المطرف مراسلة، والعشبي: يشير إلى غير واحد من المشتغلين بالأعشاب أو علم النبات وأشهرهم ابن الرومية.

وجميع العِلْيةِ البَرَعة، المعروفينَ بالمعارف المتَّسعة، استَعظَموا روائعَ عُجابِها، واستَعْطَوْا بضائعَ عيابِها، واستعطَروا نوعَها (¬1)، واستبدَعوا نوعَها، واعادوا [102 ظ] مستعذَبها، واستعذَبوا مُعَادَها، ودَعَوْا للاستعلام عنك يا عَلمَ الأعلام سُعادَها، وعَيَّنوا علَيَّ الإعادةَ شرعًا، وجَعَلوني أُتبعُ عِيْصَها فرْعًا، فاتّبعْتُ الجماعة، وعشَوْتُ بلُمَع الإلماعة، معَ علمي بصعوبةِ مَسْعاي، وبُعدِ السَّعدانِ عن مَرْعاي (¬2)، فجمَعْتُ جَزْعَها، وجزَعْتُ على جزع جِزْعَها (¬3)، وعرضتُها لأعرِضَها على العارِف بعيوبِ السِّلعة، وأُعطيَها مُعطَى العائد بالشُّفعة، فارفَعْ عندَ العِثار بضَبْعِها (¬4)، وشفِّعْ شفيعَ الاعتذارِ بتعذُّر (¬5) شفعِها، وارْعَ عهدَ اعتقادي، وعقدَ اعتمادي، فعندي لبِعادِك التعاجُ لوعة، واعتلاجُ روعة، وضَراعتي للعليِّ العظيم، السّميع العليم، عساه يجمع المصدوع، وينقَعُ الضلوع، ويُطْلِعُ علَيّ أعلاقَك وعقائلَك، ويمنَعُ بمعتَقَلاتِك معاقلَك، ويرفَعُ قواعدَك، ويُعلي مصانعَك ومصاعدَك، وُيمتعُ بمعاقدِ العزِّ معاقدَك، وُيمرعُ بالسعودِ مرابعَك ومعاهدَك، بعزّتِه وعظَمتهِ، وعليكَ يا مُعلّمي وعَلَمي عَبْقَةٌ متضوِّعةُ العَرف، معروفةُ الإعادة مُعادةُ العُرْف، تُعْلِمُكَ بتعظيم المعتمِدِ على علائك، المعتدِّ باعتنائك. فأجابَه شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمه اللهُ على شَرْط التزام العَيْن في كلِّ كلمةٍ أيضًا [الوافر]: عُلاكَ عَلَتْ عُلُوَّ الشِّعرَيَيْنِ ... مصاعِدةً لأعلى المَطَلعَيْنِ وأربعةُ السعودِ عَنَتْ لسعدٍ ... عَدَتْك برَعْيِهِ لَقَعاتُ عَيْنِ ¬

_ (¬1) نوعها: تمايل الريح بها. (¬2) السعدان: من المراعي الطيبة وفي المثل: "مرعى ولا كالسعدان". (¬3) الجزع: ضرب من الخرز ويعني به عبارات الرسالة، والجزع: مصدر بمعنى القطع للوادي، والجزع -بالكسر- منعطف الوادي أو ما اتسع من مضايقه. (¬4) أعنها على النهوض، والضبع: وسط العضد. (¬5) بتعذر: سقطت من م ط.

ومعهَدُك العليُّ تعهَّدتْه ... بهامعِها عهودُ عِهادِ عَيْنِ أعادَ على العلا عَصْرَيْ سعودٍ ... برَيْعانِ المعارفِ مُمرَعَيْنِ عُنِيتَ بمنزِعَيْ عملٍ وعلمٍ ... عنايةَ مولَعٍ بالمَنْزِعَيْنِ تساعدُك المَعَانةَ باعتمادٍ ... على طبعٍ وصُنعٍ طيِّعَيْنِ وتُعطيك المعاني والمعالي ... عِنانَيْ طائعينِ متابِعَيْنِ فتخترعُ البدائعَ بارعاتٍ ... لمبدعَي البديع الأبرَعَيْنِ وتَعتامُ العجائبَ مُطلِعاتٍ ... سواطَعها على سَمْعٍ وعَيْنِ وتعتمدُ العقولَ بمُعجِزاتٍ ... أشعّتُها تَروعُ السَّاطِعَينِ [103 و] أطاعَك بارعًا شعرٌ وسَجْعٌ ... لطَوْعِك سارَعَا متبرِّعَيْنِ أمُطلِعَها عليَّ رقاعَ علمٍ ... تطالعُ بالعيونِ عِيَانَ عَيْنِ ومُسمِعَها براعةَ مستعدٍّ ... بأبرعَ مُستعادِ المِسْمَعَيْنِ ومودعَها بضاعةَ ألمعيٍّ ... قريعِ عزازةٍ قعساءَ عَيْنِ مُعَنْونة على عِكْمَيْ بديع ... بأعلاقِ المعارفِ مُتْرَعَيْنِ ومعتمَدي بعارفةِ اعتناءٍ ... عرَفتُ لعَرفِها عِرفانَ عَيْنِ كرَعْتُ بِعِدِّها فنَعُمتُ عيشًا ... كعطشانٍ تَطَعّمَ عَذْبَ عَيْنِ أَعِرْ سمعًا لعُذرِ العجزِ عنها ... فتصنعَ باعتبارٍ مَصنَعَيْنِ (¬1) وللأعذارِ منفعةٌ وعُذْرٌ ... تُعُرِّفَ، عاقَ عَمْرًا عن رُعَيْنِ (¬2) ¬

_ (¬1) المصنع: الشيء المستملح. (¬2) لعله يشير إلى قصة عمرو بن أسعد أحد التبابعة، وخاله ذي رعين، وكان عمرو قتل أخاه حسانًا ونهاه ذو رعين عن ذلك، ثم ندم على قتل أخيه وأصابه أرق فقيل له: لا يزول عنك إلا إذا قتلت كل من أشار عليك بقتل أخيك، فجمعهم وفيهم ذو رعين، فذكَّره ذو رعين ما كان من نهيه له عن قتل أخيه، وبذلك نجا من القتل.

وعندي لاعترافي واعتلاقي ... شفاعةُ شافعَيْنِ مُشَفَّعَيْنِ وتجمَعُنا الشعوبُ وعقدُ عهدٍ ... مُريعِ الربعِ فارْعَ الجامعَيْنِ وثعلبةٌ ليَعرُبَ مُعتزاهُ ... ويَعرُبُ معتزًى للتُّبَّعَيْنِ عَمَرتَ مُعَرَّفًا دعةً وعزًّا ... وعِشتَ بنعمةٍ ونَعَامِ عَيْنِ علاؤُكَ مَشعَرُ إعظامي، ومَفْزَعُ اعتصامي، وعمدةُ اعتمالي، وصَعْدَةُ اعتقالي، وعزوةُ اعتمادي، وعُروةُ اعتدادي، ومَهْيَعُ إشراعي، ومَرْبَعُ نزاعي، وعهدةُ اعتلاقي، وعدَّةُ أعلاقي، ومعهدُ اتّباعي، ومصعَدُ استسعادي، بمعَانِك أضعُ عصا الظاعن، وأمتنعُ عن الطاعن، وأستعلي عن السامع والمُعايِن، وبعنايتِك أُعالي الرّعان، وأتعاطَى الإمعان، وأدَّعي الإفراج، وأعني اليَراع، وأُدافعُ العِيّ، وأُضارعُ الألمعي، وأُعادي المَعِيب ... ـي (¬1)، وبعَيْنِك إعلاني بصنائعِك، وإذعاني ببضائعِك، واعترافي بطاعتِك، واستضعافي عندَ ضلاعتِك، واستطعامي مُستعذَبَ معانتِك، واستطواعي المستصعَب بإعانتِك، واستطلاعي طَلْعَ عيدانتِك (¬2)، واسترجاعي رَجْعَ عَنانتِك (¬3)، فارْعَني رَعْيَ أتباعِك، وأرْعِني رَعْيَ سماعِك، واعتقِدْني عاجزًا عن بعض مُستطاعِك، فالمعاني عانيةٌ باختراعِك، ومُخْتَرَعَتُها عُوْنٌ بافتراعِك، والدعاوَى منقطعةٌ بإعجازِك وإبداعِك، والد ... ى (¬4) مجتمعةٌ على انطباع طباعِك، واتّساع [103 ظ] باعِك، ومُعارضُك مدفوعٌ عن عُرْضِك، مَرُوعٌ بطلائعِ عَرْضِك، مُسْمَعٌ -على إيساع عُودِه عَجْمًا وعَضًّا-: أيعارِضُ إمَّعةٌ عِضًّا (¬5)، الخِرْوَعُ يُعْضَدُ ويُعْضى (¬6)، والنَّبع يَقْرَعُ بعضُه ¬

_ (¬1) كذا في النسخ، ولعلها: الإمعي. (¬2) في ح: "عيدانيك"، والعيدانة: النخلة. (¬3) العنانة: السحابة. (¬4) كذا في النسخ. (¬5) العض: الداهية. (¬6) الخروع: الشجر الهش، يعضد: يكسر، يعضى: يقطع أجزاءً.

بعضًا (¬1)، لِيُعَدِّيَ عن المعْجِزِ العائدِ بإعناتِه، ويدعَ التعنِّيَ بالمَعُون ومُعاناتِه، ويَعْنوَ للمُنعمِ بالعِتق على عُناتِه؛ وطلَعَتْ عليَّ بإطلاعِك أُعجوبةُ المسموع، وعَروبةُ الأسبوع (¬2)، ورُعبُوبةُ البرقوع (¬3)، يسطَعُ لَمَعانُها، وينصَعُ عِقْيانُها، ويُستبدعُ عِيانُها، ويَستعبِرُ العيونَ عيانُها، ويَستتبعُ العقولَ عننُها (¬4)، وَيروعُ الضلوعَ ظَعنُها، لَعُوبًا أَمتعتْ بعُلوِّ منازعِك، وعَروبًا أعرَبَتْ عن عذوبةِ مشارعِك، فوَدَعَجِها المتعشَّق، ولَعَسِها المعتَّق، وتَلْعِها الفارع، وفَرْعِها اليانع، ورَدْعِها الساطع (¬5)، ومِعصَمِها المُفْعَوعم، ومِعطفِها المتنعِّم، ومواقعِ عِقْدِها، ومعاقدِ عهدِها، وبَزاعتِها (¬6) المستطلعة، وعِصابتِها المرصَّعة -لاعتقدتُها مُعجِزةَ الأعصار، وعطوتُها عَطِيةً متعَدّاةً بالاعتصار، وعلِمتُ تعزُّزَها عن المُعادِ والمُعار، ونَعِمتُ بمعانيها العجيبة تنعُّمي بالعروسِ المِعطار، أعزَّزُ باعتزازِ (¬7) عُنصرِها لعَلمٍ أعْلمها ببعض أَعلامِه، واعتزاز علمِها برفيعِ أعلامِه، وتسَرُّعِها مع تمنُّعِها لاعتزامِه، أبدعَ بدائعَها، وأعذبَ مشارعَها، وعبَّد مهايعَها، وعيَّنَ مرفوعَها، وعَنْعنَ مقطوعَها، وعزَلَ معلولَها، واستعملَ عدولَها، فاستجمَعَتْ أنواعَ البراعة، واستعادت أعلامَ الصِّناعة، وأسمَعَتْ عجائبَ الإعراب، وأودعَتْ لُمعَ الأعراب، وجمَعَت الصُّنعَ والطَّبع جمعَ الاستيعاب، وأعطَت الأعيُنَ والأسماعَ جوامعَ عَجَبِ العُجاب، فربيعٌ على بُعدِ الأعْصُر بمعاليها يَسْجَع، وبمَراعيها يَرْتَع، والجامعيُّ عندَها يُرجِّع، وجعفرٌ يوقِّع، والعَبْدريُّ يُرصِّع، ¬

_ (¬1) النبع: شجر صلب، وهذا مثل، انظر الميداني 2/ 197، والعسكري 2/ 231، وفصل المقال: 58، 120 وقيل: إن زيادًا قاله في معاوية. (¬2) عروبة الأسبوع: يوم الجمعة. (¬3) البرقوع: لغة في البرقع. (¬4) العنن: الاعتراض، ولعلها: عمنها بمعنى الإقامة؛ لتكون في مقابل "ظعنها" من حيث المعنى. (¬5) الردع: أثر الخلوق والطِّيب، أو الصبغ بالزعفران. (¬6) البزاعة: الظرف. (¬7) كذا ولعلها: باعتزاء.

وأشجَعُ يَصْدَعُ ببدَعِه (¬1)، والمُرعِّثُ (¬2) يعشَقُ بمِسْمَعِه، والخُزاعيّان: دِعبلٌ يُعْرِبُ عن مَعْلوّاتِ يَعْرُب، ومُعنَّى عَزّةَ (¬3) يُعاني علقمَ إعراضِها ليَعذُب، والعَدِيّانِ: العامليُّ يُعْرِقُ ويُعْمِن، والعِبَاديُّ للنُّعمان يَعْنو ويُذْعِن (¬4)؛ وعمرُ تدفَعُ عنه كاعباهُ ومُعْصرُه (¬5)، والعَتِيقيُّ يُسعدُه ويَعْذِرُه (¬6)، والعَرْجيُّ تَروعُه عيونُ العِين وتَذْعَرُه (¬7)، والمُولَع بعُقارِه وعِنانِه، [104 و] يُعلن بخَلْع عِذارِه وعِنانِه (¬8)، والعَنَزيُّ (¬9) وعُتْبيّاتُه، والصانعُ ومُعتصميّاتُه (¬10)، وتابعُهُ وجَعْفريّاتُه (¬11)، والمطبوعُ وعَضُدِيّاتُه (¬12)، وشاعرُ المعَرّةِ وعَنْقاؤه (¬13)، وعُبْدانُ الشِّعر وعُتَقاؤه (¬14)، والعبّاسيُّ والعَلَويّ، والعَبْشَميُّ والعَبْديّ، والعَطويُّ والعَبْدريّ، والعُكْليُّ والعَكِّي العامِريّ، والمعمَرِيُّ والعَمِيدي، وعَمْرونُ المَسْعَديّ، والوَكِيعيُّ ¬

_ (¬1) هو أشجع السلمي، انظر الأغاني 18/ 143، وطبقات ابن المعتز: 251، وتهذيب ابن عساكر 3/ 60. (¬2) المرعث: بشار بن برد. (¬3) معنى عزة: كثير بن عبد الرحمن الخزاعي المشهور بكثير عزة. (¬4) العاملي: عدي بن الرقاع، والعبادي: عدي بن زيد. (¬5) يشير إلى قول عمر بن أبي ربيعة: فكان مجني دون من كنت أتقي ... ثلاث شخوص كاعبان ومعصر (¬6) ابن أبي عتيق صاحب عمر بن أبي ربيعة. (¬7) العرجي: عبد الله بن عمر بن عمرو من شعراء الدولة الأموية (الأغاني 1/ 357). (¬8) هذا ينصرف إلى غير شاعر منهم الوليد بن يزيد وأبو نواس ومن كان على طريقتهما في خلع العذار. (¬9) العنزي: أبو العتاهية لأنه مولى عنزة، وعتبياته: قصائده في عتبة جارية رائطة بنت أبي العباس السفاح. (¬10) الصانع: أبو تمام، ومعتصمياته: قصائده في المعتصم. (¬11) تابعه: البحتري، والجعفريات: ما قاله في مدح جعفر المستنصر. (¬12) المطبوع: المتنبي، وعضدياته: أمداحه في عضد الدولة. (¬13) أبو العلاء المعري، وعنقاؤه: إشارة إلى قوله: "أرى العنقاء تكبر أن تصادا". (¬14) عبدان الشعر أو عبيده: الذين يسرفون في تنقيحه أمثال زهير والحطيئة.

والمُقفَّعيّ، وعبدُ العزيز السَّعديّ (¬1)، وشعرُ الأشعريِّ الأعلميّة (¬2)، وأعدادُ أعيانٍ يجمَعُهم شِعارُ العَلَميّة، وَيسَعُهمُ اعتبارُ العَيْنيّة، ومتتبِّعُهم يتعرَّضُ للعُبابِ العِدّ، ويعالجُ أعقادَ عالج بالعَدّ، عَمْري لاعتمَدتُ شِياعَها (¬3) معجِبًا، وعاودتُ استماعَها متعجِّبًا، ورجَّعتُ أسجاعَها مُستعذِبًا، وعلِمتُ موقعَها بمسامع المساطع (¬4)، وموضعَها عندَ بَوارع المطالع، وانطباعَها للضَّليع واستعصاءها على الظالع، وتعرَّضتُ لاستعلام نزاعتها (¬5)، وتعلُّم اختراعاتِها، فأَعرَضَتْ عن أطماعي، وعرَّضتْ بعُسُوِّ طِباعي، وأسمعَتْني: أعَوْدٌ يُعلَّمُ العَنْج (¬6)، وعُشيٌ يتَعاطَوْنَ الدَّعج، ارْبَعْ على ظلعِك، واقنَعْ بوُسعِك، فرَبَعْتُ وقَنَعتُ، وسمِعتُ وأطعت، مع تعرُّفي لإطلاعِك على الرُّقعة المبعوثة لعَقْوتِك (¬7)، المنعوتةِ باتّباع دعوتِك، وإعلامِك بالمُعرِّفينَ بمَغْزاها، وتعرُّفِك بالسَّماع طِلعَ معناها؛ وتعريفُ العُبَيْديّ، كسَمْعِك بالمُعَيْدِيّ، والعُودي عُوديَ شَرْعًا، مع اتّباعِه مُعطى المعجزاتِ تسعًا، والعِيانُ عَطَّل دَعْوايَ المسموعة، وأطلَعَ عليَّ أعلامَك المتبوعة، فعرَفْتُ عَجْزي باستطاعتِك، واستَعَنْمتُ على عِيِّي ببراعتِك، وأتبعتُها بأهزع الجُعْبة (¬8)، معترِفًا بانقطاعي عن مَنازعِها الصَّعبة، وتبرَّع عَلَمُنا العَليُّ العُمَريّ (¬9) ¬

_ (¬1) عاد هنا إلى تعداد نِسَب لا يمكن التثبت من أمرها على وجه التحديد، ولكننا نشير منها إلى العطوي فقد ذكره أبو حيان في الشعراء المحارفين وكذلك العميدي، أما الوكيعي فيمكن أن يكون منسوبًا إلى ابن وكيع التنيسي، وأما عبد العزيز فهو ابن نباتة السعدي. (¬2) كذا ورد في النسخ، ولم نتبينه. (¬3) الشياع: صوت قصبة ينفخ فيها الراعي. (¬4) المساطع: جمع مسطع وهو مكان السطوع ويعني به الفجر. (¬5) نزاعتها: منتماها. (¬6) من أمثالهم: عود يعلم العنج، والعود: الجمل المسن، والعنج: الرياضة، وهو شبيه بقولهم: ومن العناء رياضة الهرم (انظر فصل المقال: 157، والميداني 1/ 309، والعسكري 2/ 61). (¬7) العقوة: الناحية والساحة. (¬8) الأهزع من السهام: الذي يبقى وحده. (¬9) العميري: أبو المطرف ابن عميرة.

عميدُ العِلم وقَريعُه، وعمادُ العصرِ وبديعُه -اتّبعَتِ العلماءُ أعلامَه، وأُشعِرتِ العظماءُ إعظامَها- باستبداعِها على بُعْدِ انتجاعِها، وضَعْف انتزاعِها، وعَدَم اضطلاعِها، عَملٌ بمعلوم مَعْلاتِه، ووضعٌ للصَّنيعة عند عارفٍ بعارفةِ مَسعاتِه، وشَفَعَها بعقيلتِه (¬1) الرافعة لأشعّتِها العيون، المُودَعةِ عيونًا ينقطع عنها المدَّعون، إنعامٌ لإنعامِك شافع، وإسعادٌ لعلم السعادةِ رافع، فعجِّل مُنعِمًا برُقعتِها الرفيعة، وأنعِمْ [104 ظ] مُعجِلًا بطلعتِها البزيعة، ليعاودَ العمرُ عندي مَيْعَه، وتجمَعَ بيعتَيْنِ بسَعْيِك الناجع بَيعَه، وأدعو لسميع الدعاء الصاعد، المطَّلع على الأعمالِ والعقائد، العليم بإعلانِ المعلَن وعَقدِ العاقد، ليُعينَك بالسعاداتِ المُسْعِدة، ويُمتِعَكَ بمَعْلُوّاتِك المتعدِّدة، ويُسعدَك بعَوارفِه المتعهِّدة، بعِزّتِه وعميم نعمتِه، وتُعانقَ عِرَاصَك متعطِّرةٌ يستعيرُ العبيرُ ضَوْعَها، ويعدَمُ عبقُ العَرْف العليل نوعَها، متعاقبةً تعاقُبَ الأعصار، متتابعةً تتابعَ ساعات الأعمار. ولمّا وقَفَ الأعلامُ المسَمَّوْنَ في هاتَيْن الرسالتَيْن على الرسالةِ الأولى من رسالتَيْ شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْني، أنشَأَ الكاتبُ الأبرع أبو المُطَرِّف بن عَمِيرةَ رسالةً التزمَ في كلِّ كلمة منها النّون -باعتبار الرُّعَيْني وابنِ الجَنّان- وهي التي استَدعَى شيخُنا أبو الحَسَن بقوله: "بعقيلتِه الرافعة لأشعّتِها العيون" الفَصْلَ من أبي عبد الله ابن الجَنّان، ثم كتَبَ في التماسِها إلى أبي المُطَرِّف الكتابَ الآتيَ بعدَ إثباتِ هذه الرسالةِ النُّونية -إن شاء اللهُ تعالى- فقطَعَ عن بَعْثِها إليه ما طرَأَ في الجزيرة منَ اختلال، وتفرُّقٍ كان لغير اتّصال، ولم يُقْضَ اتّصالُ شيخِنا أبي الحَسَن إلا من قِبَلي، حسبَما تعرَّفتُه منه فيما ذَكَرَ لي، وذلك في سنة خمسٍ وخمسينَ وست مئة. وهذه الرسالةُ النُّونية من إنشاءِ أبي المُطرِّفِ رحمه الله [الطويل]: محاسنُ دنيانا تَبينُ لناظرٍ ... يُنَقِّبُ عنها مُستَبِينًا لِعَيْنِها نجيبُ الرُّعَيْنيِّينَ مارنُ أنفِها ... ونَدْبُ بني الجَنّانِ إنسانُ عينِها ¬

_ (¬1) هي رسالة أبي المطرف التي التزم فيها حرف النون، وسيوردها المؤلف بعد الانتهاء من هذه الرسالة.

فإنْ أنشأا نَظْمًا ونثرًا فمُزنةٌ ... تُنمِّقُ أكنافَ الحزونِ بعَينِها وإنْ نحنُ أسنَدْنا النفائسَ عنهُما ... رأينا نقودَ الناسِ تعنو لعينِها البيانُ أنواع، وإن ظُنَّ أنّ يمينَه صَناع، فلِنَسْجِه ناسٌ نعرِفُهم نقلًا وعِيَانًا، ونَعُدُّهم زمانًا فزمانًا، فنجدُ مَناقلَهم نابية، ونِسَبَهم مُتَدانية، ومَنازعَهم عن الإحسان وانية، مَعانٍ عُون، وغِيطانٌ وحزُون، ونُكَتٌ تَنْدُر، ونُبَذٌ عيونُ النقدِ نحوَها تنظُر، وإنّما الصِّناعةُ لناظَمَيْ جُمانِها، ومتناولَيْ عِنانِها، اللذين ينوِّعانِ الإنشاء، ويَضَعانِ (¬1) أمكِنةَ [105 و] النقبِ الهناءِ (¬2) نَهْضًا نحوَ المنتهَى، ونَبْذًا بفِتَن النُّهى، ومَن كالأسنى شأنًا، الأدنى منّا مكانًا، نَوْءٌ هَتّان، ونَوْرٌ فَتّان، وحُسنٌ يقارنُه إحسان، نِعمَ النائي قِرْنٌ وقَرين، ومَنْهَلٌ مَعِين، وحَظّان: دُنيا ودين، جنَى جنَّتيْهِما دان، وسَنَا نيِّرْيهِما للعيونِ ثان؛ إنْ نَظَمَا أنْسَيَا فِنْدَ زِمَّان، ونابغةَ بني ذُبْيان، وابنَ الحُسَين عندَ بني حَمْدان، وحُنْدَجان (¬3) ونَسيبه بالحِسَان، وابنَ القَيْن (¬4) ونصيبَه من الإحسان، وإنْ نثَرَا فمَن ساكنُ أرَّجان، ونائبُ ديوانِ الإنشاء ببغدان، وأصنافٌ كان من شأنِهم وكان يمينًا بالرّحمن، والمثاني والقرآن، وبالنُّور والسَّكِينة، والنبيِّ ومكانِه من المدينة، وبسَنا جبينِه، ونُبوع المَعِين من يمينِه، وبالسارِينَ بالبُدْن، والسائرينَ بينَ الحُجون والرُّكْن، إنّهما للَبِنَتا بناءِ البيان، وأنجبُ أبناءِ الزمان، نَزَلا منزلةَ الفرقَدَيْن، وتناوَلا أنواعَ المناقبِ بيدَيْن، فمِن نزاهةٍ تُناطِحُ كِيوان، ونَوالٍ يُنسي معنَ بني شَيْبان، وفطانةٍ كبنتِ الزَّنْد، وثناءٍ أنمَّ من نسيم الرُّند، وناهيكَ بقَنًا لسْنَ من الرُّدَيْنيّة، لكنّها أبنَى للمنازلِ السَّنِية، وأنّى للدّان، وإنْ نَهَلت من نَجيع اللِّبان، وأين بناتُ الكنائن، مُنذِرةً بالمنايا الكوامن، ¬

_ (¬1) وإنما ... ويضعان: سقطت من م. (¬2) من المثل: يضع الهناء مواضع النقب، والهناء: القطران، والنقب: الجرب. (¬3) حندجان أو حندج: امرؤ القيس. (¬4) ابن القين: الفرزدق وبذلك كان يعيره جرير.

من الناحلةِ أبدانًا (¬1)، النُّضاريّةِ ألوانًا، المانعةِ والمانحة أحيانًا وأحيانًا، تنشُرُ حسَناتِ الزمن، وتنمِّقُ نسيجَ صنعاءِ اليمن، فمِن مُنتجع نَبْتِها منوِّرًا، ومن مُعاين منظرِها قنًا وأسِنّةً وسنوّرًا، هنالك يتبيَّنُ الِهنْديُّ والرّدان، والصِّنديدُ والجَبان، ويُستنطَقُ المنخوبُ الجَنَان، فيَجبُنُ عن المنطِق، وتُسَنُّ الموضونةُ فتكونُ كنسيج الخدَرْنق (¬2)، ومنَ افتنانِها، واندفاقِ بيانِها، أنْ تناوَلا العَيْنَ فغَنِما، ونَبَّها من عيونِهما نَوْمًا، ونَهَباها نَفْضًا لفِنائها، ونَقْضًا لبنائها، فانثنَتْ تُفنِّدُ مصنِّفَ ديوانِها، أنِ اعتنَى بمكانِها، ونوَّه بعُنوانِها، وتَنْآدُ مُستنصِرةً معانيَها المتباينة، وقُرَناءها المُبايِنةَ والمُساكنة، فيسمعَنْها أنّ الإنذارَ بَيَّن، والانتظارَ لنوبتِنا تعَيَّن، وكأنّ بنا ونحن نُسَفُّ للناسِر، ونُعَدُّ بينَ الأنيابِ والمَناسِر، فهنيئًا لهذينِ العَلَمَيْنِ صناعةٌ بيانيّة، ونَصاعةٌ نَيْسانيّة، وتناولٌ لفنونِ الإتقان، وتنقُّلٌ بينَ [105 ظ] الإقناع والبُرهان {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه: 63] نزَّها منصبَهما عن الدَّنَس، وزيَّنا بمحاسنِهما جانبيَ الأندَلُس، فلجانبِها: ابنُ الجَنّانِ السَّنيّ، وللثاني نادرةُ الزّمنِ الرُّعَيْنيّ، فتجنَّبَتْهما نوائبُ الزمان، ونامَتْ عنهُما عيونُ الحَدَثان، واكتنفَتْهما نِعَمُ المَنّان. ونختِمُ بتحيّتَيْنِ عَبِيقتَيْنِ عينيتَيْنِ غَدِقتَيْنِ طيِّبتَيْنِ صَيِّبتَيْنِ، تنتابُ فِناءهما منزلًا، وتنمُّ بناديهما عَنْبرًا ومندِلًا. وهذه الرِّسالةُ التي كتَبَ بها شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْني يتشَوَّفُ في بعضِها إلى هذه الرِّسالة النُّونية، وخاطَبَ بها أبا المُطَرِّف بنَ عَمِيرة: التحيّةُ الكريمة، البَهِيّةُ الوسيمة، تُخيِّمُ بنادي المجدِ المؤسَّس بناؤه، ووادي الفضل المقدَّس فِناؤه، حيث أزهارُ الأدبِ نَضِيرة، وزواهرُ الحَسَب مُنيرة، أرى عَلَمَ أعلامِ الجزيرة، ومنِ الذَّخيرةُ دونَ ذكْرِه في عظماءِ عُلمائها ليسَتْ بذَخيرة، الفقيهُ الجليل الرئيسُ الأصيل، أبو المُطَرِّف ابنُ عَمِيرة، أبقاه اللهُ وآياتُ بلاغتِه ¬

_ (¬1) يعني الأقلام. (¬2) الخدرنق: ذكر العناكب.

البازغةُ تَسطُع، وآياتُ بَراعتِه بالحِكَم البالغة تصدَع، كتَبَ مقتبِسُ أنوارِ إفادتِه، وملتمِسُ الزُّلفى بأداءِ حقِّ سيادتِه، المؤثَرُ المبتدَر لتمشيةِ إشارتِه وتوفيةِ إرادتِه فلان؛ وقد وافاني أيها العَلَمُ الذي سحَرتْ نفائسُ أنفاسِه، وتفخَرُ الطُّروسُ بلطوخ أنقاسِه، من قِبَلِكم كتابان (¬1) استبَقَا على نَسَق، بل شِهابانِ ائتلَفا في غَسَق، أمّا أحَدُهما فأشار إلى تقدُّم خطابٍ لم أحظَ لعَدَم البَخْت بتَلاق، وأثار بذكْرِ الرسالة النُّونيّةِ النُّورِيّة كوامنَ أشواق، ومَن لي أن تسمحَ الأيامُ بلقائها، أو تسنَحَ سانحة قَبولٍ من تِلقائها، حتى أتوسَّم مشرقَّ محُيَّاها، وأتنسَّمَ عبَقَ رَيّاها، وأتنعَّمَ بإدالةِ قُربِها من نَواها، وأتعلَّمَ إعجازَ الصدورِ والإعجاز من فَحْواها؛ ليتَها ورَدَت فسَرَدت جوامعَ البيان، وبهَرَت مداركَ السَّمع والعِيَان، فلقد قَضَتْ للنُّون بالشُّفوف، وأحظَتْها بالمَزِيّة على سائرِ الحروف، فطار ذكْرُها في الآفاق، وفاق قَدْرُها في الأعلاق، وترفَّعت عن الميم وهي مُؤاخيتُها في الجَهْرِ والغُنَّة، وادَّعَتْ فما نُوزعتْ أنّ لها في [106 و] ذواتِ الإعجام حَوْزَ الزعامة وقَوَدَ الأعِنّة؛ وبالتفاتِ سيِّدي إياها فازَت بهذا الشَّرف وحُقَّ لها؛ وامتازتْ عن نظائرِها من الأحرُف حين استعمَلَها؛ وأمّا الآخَرُ فإنه جَلا صُوَرًا تُحرزُ الجمالَ والحُسن، وتلا سُوَرًا تُعجِزُ المصافعَ اللُّسْن، وأهدى دُرَرًا يحِقُّ لها الادّخارُ والخَزْن، وكسا حِبْرًا لم يُخلَعْ مثلُها على الرَّوض المُزْن؛ حقًّا! إنّ سيِّدي وله الفَضْلُ والمنّ، ألقَى عليّ حُلى نفاستِه التي بمثلِها يُنْفَسُ ويُضَنّ، وعَزَا إليّ علا رياستهِ التي على غير أعطافِه لا تُسَنّ، فلو حَسُنْتُ بنفسي ظنًّا، وانتَحَلْتُ ما عليّ خَلَعَهُ ممتنًّا، لقيل: "بكَى الخَزُّ من رَوْح" (¬2)، وشَدَا الحَمامُ في غير دَوْح، ومَنْ لي بمجاراةِ مَنْ حَوى مدى الحَلبةِ متوهِّلًا فلم يُدْرَك، ومساماةِ من تبوَّأ عليَّ الرُّتبةِ متأهلًا فلم يُشرَك؟ أمَا إنّ الفِكرَ دونَ مُداناة أدنى ¬

_ (¬1) كتابان: سقطت من م ط. (¬2) اقتباس من قول الشاعرة حميدة بنت النعمان بن بشير: بكى الخز من روح وأنكر جلده ... وعجت عجيجًا من جذام المطارف

عَفوهِ لَطليح، وإنّ الاعترافَ بالعجز لَمريح وحَسْبي وقد بلَّحْتُ، وصرَّحتُ من قُصوري بما صَرَّحت، عهدٌ صحيح، ووُدٌّ صريح، وثناءٌ لا أُرِيمُه ما طلَعَتْ شمسٌ وهبَّت ريح، إن شاء اللهُ تعالى؛ وأستنهضُ سيِّدي اقتضاءَ جوابِ المقام الإماريِّ المتوكِّلي -أيَّده اللهُ تعالى- عن كتابَيْه المُوافيَيْنِ بالتهنِيَة، الوافيَيْنِ لشكرِ الله على ما أَوْلى في مُستجلَى صُنعهِ الجميل من التيسيرِ والتَّسنِية، وقد انتهَيْتُ إلى العمل بتلك الإشارة، وأدَّيتُ المعنى وإن قَصَّرتُ في العبارة، وأبدَيْتُ في حقِّه ما يجبُ لدى مَثابةِ الإمارة، والجوابُ واصلٌ إلى سيِّدي صُحبةَ هذا المكتتِب، وقادمٌ من جَنابِه الرَّحْبِ على مَعْلمِ العلم ومُنتْدَى الأدب، بحولِ الله تعالى، وهو سبحانه يَزِينُ السيادةَ بطُولِ بقائه، ويَزيدُ الإفادة بحُسنِ لقائه، بمنِّه وفَضْلِه. وكتَبَ أبو المُطَرِّف بن عَمِيرةَ، وهو قاضٍ برِباطِ الفَتْح، إلى شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ وهُو بسَبْتةَ [الكامل]: قلبي على شَرْع الصَّفاءِ أبا الحَسَنْ ... لكَ طائعًا فَرْضَ الهوى والمدحَ سَنّ ووحقِّ مَن جمَعَ المحاسنَ فيك ما ... أبصَرتُ بعدَك ما يقالُ له: حَسَنْ كتابي إلى شيخي الذي بإسنادِه أعلو، وعِمادي الذي عن ذكْرِه لا أخْلو، وأنا على ما عَلِمَه من حبٍّ فيه، وتعظيم على قَدْر معرفتي بحقِّه أُو فيه [106 ظ] والسؤالُ عنه ديونُ لساني، والشوقُ إليه دَيْدَني وشَاني، وما كنتُ أحسِبُ إلّا أنه وضَعَ عصا التَّسْيار، وأزمَعَ مُكْثًا في تلك الدِّيار، ولكنّي مرةً كنتُ أنسُبُه إلى المَرِيّة، وتارَةً كنت أحسِبُه في الجهةِ الأحمَريّة، وربّما قَدَّرتُ أنّ حِمصَ به استأثَرَتْ، وأشواقَه إليها تكاثَرت، فعاد إليها كما يعودُ إلى الجِيدِ الحُليّ، أو إلى الفقيدِ الوَليّ، إلى أنْ طلَعَ عليَّ خطُّهُ كالصُّبح في الغَسَق، أو السِّحرِ في نُجْلِ الحَدَق، فقلتُ: أفي عينيّ سِنةٌ أم هي يَقْظَى، وهذه رؤيةٌ لم أخَلْها بها تحظَى، ولمّا استبَنْتُ العِيَان، وتأمَّلتُ ذلك البيان، قلت: هذا بزٌّ يشهدُ لليدِ التي نسجَتْه، وبَزْرٌ لا تُجْهَلُ أرضٌ هي أخرجتَه، بل هو سَنَا يُشَهِّرُ كوكَبَه، وتركيبٌ يظهَرُ فيه أثرُ مَنْ ركَّبه، فكان

عندي أحسَنَ من النارِ في عين المقرور، ومنَ الماء في كبدِ المحرور، وأعجَبَ من ضياءِ الصُّبح لاحَ لممنوع الكَرى، ومن سوادِ اللّيل أخفَى كَلِفًا بالسُّرى، وعجَبًا لسيِّدي! ضَنّ برُقعةٍ منه خاصّة، وحِصّةٍ فيه لَجناح الهمِّ حَاصّة، أفَتَرى قلَمَه اكتفَى بما فيه ناب، أم تذكَّر الخَطيئةَ فخَرَّ راكعًا وأناب؟ فللمُعترِض أن يقول: هذه الصُّورة، كما إذا حجَّ عن غيرِه الصَّرورة، فإنّ بعضَ من يحتَجُّ، يقول: إنه يقَعُ الحَجّ، ولكنَّ قلمَه أعرَبُ بالاستدلال، وأغوَصُ على حَلِّ الإشكال، فيدَّعي أنّ الكتابَ يقضي الواجبَيْن، ويقَعُ على الجانبَيْن، قيل لبعض الشافعيّة: أيُعيدُ السجودَ من ظَنَّ سهوًا فسَجَد، ثم تذَكَّر على الأثَر أن السَّهوَ ما وُجِد؟ فقال: أنا للإعادةِ ناف، وذلك السُّجودُ عن نفسِه وعن غيرِه كاف، فسألوهُ الدلّيلَ مُعنِّتِين، فقال: اعتبِروا حالَ الشّاةِ من الأربعين. إيهِ يا سيِّدي! كيف أنتم بَعدي، وهل عندَكم على النَّأي وَجْدٌ كوَجْدي؟ وما عندَكم في رَسيسِ الحُبّ، وأشواقِ المحبِّينَ بحِسْبِ البُعدِ والقُرب؟ فذلك معنًى تنازعَتْه الشُّعراء، واختَلَفتْ فيه الآراء، وقد دبَّرتُم الأمرَيْن، وذُقتُم الطَّعمَيْنِ المُرَّيْن، وما رأيُكم في المقام هنالك، فإنّ له غُصّة، أو التقدُّم وهل تمُكنُ فيه فُرصة؟ والبَنُونَ والجُملة، كيف حالُهم تفصيلًا؟ فالجُملةُ معلومة، وحياةٌ مطلَقة فإنّ الطِّيبةَ منها معدومة، وما فعَلَتْ أبياتُ ازُمّور؟ [107 و] وهل وَجَدَ نَقْرُها زَمْرًا، أم لقِيَ زَيْدُها عَمْرًا، أم هي بالعراء، تنادي بالوَيْلِ على الشِّعرِ والشُّعراء؟ وقد نَفَثَ الخاطرُ بأبيات، لها صوتٌ لمعناها مُوات، وهي [المنسرح]: صاحَ بهمْ صائحُ الرحيلِ فما ... منهمْ على البَيْن واحدٌ سَلِما وجاشَ بالرَّوْع عُقْرُ دارِهمُ ... منْ بَعْدِ ما كان سرْ بهمْ حُرِما فهمْ عباديدُ في البلادِ ولا ... شَمْلَ لفَلِّ الخطوبِ منتظِما قد أقسَمَ الدهرُ أن يمزِّقَهُمْ ... وجَنَّبَ الحِنْثَ ذلك القَسَما يا سائلي عن بُكايَ بعدَهُمُ ... بكَيْتُ دمعًا حتى بَكيتُ دَمَا

سيدي، حالُ أخيكم هنا على ما يُرضي كمالَكُمْ عافية، ونعمةً شافية، وأنا إلى جوابِكمْ ناظر، وبه إذا وَقَعَ إلي طائر، واللهُ يُطيلُ بقاءكم، ويحرُسُ إخاءكم. فأجابَه شيخُنا بهذه الرِّسالة [الكامل]: وافى الكتابُ وقد تقَلَّد جيدُهُ ... ما أنت مُحْسِنُ نَظْمِه ومجيدُهُ من كلِّ معنًى ضِمْنَ لفظٍ في حُلى ... خطٍّ يَزينُ طُلى الطُّروسِ فريدُهُ أأبا المُطَرِّف دعوةً من خالصٍ ... لعُلاكَ غائبُ وُدِّهِ وشهيدُهُ أنت الوحيدُ بلاغةً وبَراعةً ... ولك البيانُ طريفُهُ وتَليدُهُ فالنَّثرُ أنت بديعُهُ وعمادُهُ ... والنظمُ أنتَ حبيبُه ووليدُهُ (¬1) إيه أيها السيد الذي جلَّتْ سيادته، وحلّت صميمَ الفؤادِ ودادته، دامت سعادته، وهامت بما ينفع الناس عادته، أُلقي إليَّ كتاب كريمٌ خَطَّتْه تلك اليُمنى التي اليُمنُ فيها تَخُطُّه، ونُسِقَتْ جواهرُ بيانِه التي راقَ بها سِمْطُه، فلا تسألوا عن ابتهاجي بأعاجيبِه، وانتهاجي لأساليبِه، وشِدّةِ كَلَفي بالتماح وسيمِه، وجِدّةِ شَغَفي باسترواح نسيمِه، فإنهُ قَدِمَ وأُنسُ النفسِ راحلٌ فاستعادَه، وسَجْمُ ورَوْضُ الفِكرِ ماحِلٌ فجادَه، لا جَرَمَ أنه بما حَوى من حُرَق النَّوى، ورَوى من طُرُق الهوى، وبكَى للرَّبع المُحِيل، وشكا من صائح الرَّحيل، هيَّجَ لواعجَ الأشواق وأثارَها، وحرَّك للنفسِ حوارَها، فحَنَّت (¬2)، واستوهَبَ العَيْنَ مِدرارَها، فما ضَنَّت، فجاشَتْ لوعةٌ استكَنَّت [107 ظ] وتلاشَت سَلْوةٌ عنَّتْ، ووَكَفَ دمعٌ كَفّ، وثَقُلَ عَذْلٌ خَفّ، واشتَدَّ الحنين، وامتدَّ الأنين، وعلا النَّحيبُ، وعَرَا الوَجِيب، والتقَى الصب والحين، ودَرَى المُحبُّ قَدْرَ ما جناه البَيْن، وطالما أعمَلَ في احتمال المشاقِّ عزيمَه، وشدَّ لاجتيابِ الآفاق حيَازيمَه [المنسرح]: ¬

_ (¬1) ورّى ببديع الزمان والعماد الأصفهاني وحبيب أبي تمام والوليد أبي عبادة البحتري. (¬2) من المثل: "حرك لها حوارها تحن".

ودعًّ مَثْوى المقامِ معتزِما ... ألَّا يُرى للغرامِ مُلْتَزما وأزمَعَ النأْيَ عن أحبَّتِهِ ... والبينَ عن دارِه التي رَئما وما دَرى أنه بعزمتهِ ... أشعَلَ للبينِ في الحشَا ضرَما وهل جَرى ذاك في تصوُّرِهِ ... فربّما أحدَثَ الهوى لَمما إنْ هيَ إلّا نَوًى مُشتِّتةٌ ... شَمْلًا من العيشِ كان منتظِما وعاذلٍ قال لي يُعَنِّتُني ... لا تُبْدِ فيما فعلتَه نَدَما قلتُ له: هل رأيتَ قَبْليَ مَنْ ... فارَقَ أوطانَهُ فما نَدِما لا حيلةٌ في يدِي فأُعمِلَها ... عَدْلٌ من الله ما بهِ حَكَما أمَا إنّ القلبَ لو فهِمَ حقيقةَ البَيْن قبِلَ وقوعِه، وعَلِم قَدْرَ ما نفَثَ من الرَّوع في رُوعِه، لَبالغَ في اجتنابِه، واعتَقدَ المُعفَى عنه من قَبِيل المعتنَى به، ولَحا اللهُ الأطماعَ فإنّها تَستدرِجُ المرءَ وتَستجِرُّه، وتَستخرجُ حين تُعرِبُه ما يَسُرُّه، ما زالت تَفتِلُ في الذِّروة والذِّروة، وتختِلُ بالترغيب في الجاهِ والثروة، حتّى أنأَتْ عن الأحبابِ والحبائب، ورَمَتْ بالغريبِ أقصَى المغارب، فيا لَوحشةٍ ألوتْ بإيناسِه، ويا لَغُربَةٍ أحلَّتْه في غيرِ وطنِه وناسِه، ويا عَجَبًا للأيام وإساءتِها، وقُربِ مسَرّتِها من مساءتِها، كأنّها لم تُتحِفْ بوِصَال، ولم تُسعِفْ باتصال، ولم تُمتِّعْ بشباب، ولم تَفتَحْ لقضاءِ أو طارِ النفس كلَّ باب [الخفيف]: عجَبًا للزّمانِ عَقَّ وعاقا ... وعَدِمْنا مسَرّةً ووِفاقا أين أيامُهُ وأين ليالٍ ... كلآلٍ تلألؤًا واتّساقا كم نعمْنا بظِلِّها فكأنّا ... مدَّ منها الصِّبا علينا رُوَاقا كم بغَرْناطةٍ وحِمصٍ وصلْنا ... باصطباحٍ من السرورِ اغتباقا [108 و] في رُبَي نَجْدِ تلك أو نهرِ هذي ... والأماني تَجري إلينا اشتياقا

في رياضٍ راقَتْ رُواءً ولكنْ ... حين رَقَّ الحَيا لها فأراقا رَقَّ فيها النَّسيمُ فهْو نَسيبٌ ... قد سَبَى رِقّةً نفوسًا رِقاقا وثَنَى للغُصونِ منها قُدودًا ... فتلاقَى تصافُحًا واعتناقا كلَّما هَبّ من صِباهُ عليلٌ ... وتداوَى بها العليلُ أفاقا حَكَمَ السَّعدُ بالأحبّةِ فيه ... بكؤوسِ الوِصالِ أنْ تتساقَى ثم كرَّتْ للدهرِ عادةُ سَوْءٍ ... شقَّ فيها خَطْبُ النَّوى حينَ شاقا شتَّتَ الشمْلَ بعدَ طُولِ اجتماعٍ ... وسَقَى للفراقِ كأسًا دِهاقا وأعادَ الأوطانَ قَفْرًا ولكنْ ... قد أعاد القُطّانَ منها الرِّفاقا ليتَ شِعري والعِيسُ تَطوي الفَيافي ... أشَآمًا تَنوي بنا أم عِراقا يا حُداةَ الحَمُول رِفقًا بصَبٍّ ... بلَغَتْ نفْسُه السياقَ اشتياقا آهِ من شجْوهِ وآهٍ لبَيْنٍ ... ألزمَ النفسَ لوعةً واحتراقا هذه يا سيِّدي استراحةٌ من فؤاد وَقَذَتْهُ الفُرْقَةُ والقَطيعة، واستباحةٌ لحِمَى الوَقار بما لم تَحْظُرْهُ الشريعة، فقديمًا تُشوكيتِ الأحزان، وتُبوكيتِ الأوطان، وحَنَّ المشتاق، وعنَّ له من الوَجْد ما لا يُطاق، فاستَوقفَ الرَّكبَ لشكوى البلابل، واستوكفَ السُّحبَ لسُقْيا المنازل، وفدَّى الركبَ وإن زادَه كَرْبًا (¬1)، ومَنْ له أن يُكِبَّ لائمًا له تُربًا، حسبُه دموعٌ تَفيضُ مجاريها، ونجومٌ يُساهرُها ويُساريها [الكامل]: ألِفَ السُّهادَ فشأنُهُ إدمانُهُ ... واستَغْرقَتْ أحيانَهُ أَشجانُهُ وشكا جَفاءَ الطَّيفِ إذْ لم يأتِهِ ... هل مُمكنٌ مالم ينَمْ إتيانُهُ واستعبَدتْه صَبابةٌ وكذا الهوى ... في حُكمِه أحرارُهُ عِبدانُهُ ¬

_ (¬1) من قول المتنبي: فديناك من ربع وإن زدتنا كربا ... فإنك كنت الشمس للشرق والغربا

كم رامَ كتمانَ المحبَّةِ جَهْدَهُ ... ودموعُهُ يبدو بها كتمانُهُ وإذا المُحِبُّ طَوى حديثَ غرامِهِ ... طيَّ الضلوع وَشَتْ به أجفانُهُ سيّدي، قد مدَدْتُ أطنابَ الإطالة في غيرِ طائل، واستَمدَدْتُ (¬1) طبعًا غيرَ معينٍ ولا سائل، ولستُ أمتَري في أنّي أُسْئم سَمْعَكم وأُمِلُّه، وأُقدِمُ [108 ظ] من هذا الهَذْرِ عليه بما أنزِّهُه عنه وأُجِلُّه، وعلى ذلكم فلا بدَّ أن أعودَ إلى ذكْرِ خطابِكم الذي حَلَّأ الخَطْب، وحلّى اللؤلؤَ الرَّطْب؛ وتجَلَّى بينَ سيّئاتِ الزّمان حَسَنة، وتَحلَّى من محَاسنِ البيان ما لا يُوفي في المادحَ ببعضِه ولو أعمَلَ المدحَ سَنة، فقد تضمَّن أصُولًا وجَبَتْ إجابتُها، وإن حَجَبَتْ مَهابتُها، وتعيَّنَ التقصِّي عن عُهَدِها، وإن تبيَّنَ العَجْزُ عن تقصِّي أمَدِها، منها: أنكم عَجِبتُم منِّي حيث ضَنَنْتُ برُقعة أقرِنُها بالمخاطَبة الخَلاصيّة العَلِيّة، وأُودُعها ما تعورِفَ بينَ الأصفياءِ من إنهاءِ المودّةِ وإهداءِ التحيّة، فطَوْرًا خِلتُموني مكتفِيًا بالنِّيابة، ولو ابتَدأتُم بنافلةِ الكتابِ لَقُلتُ بفَرْض الإجابة، وتارةً عَرَضَتِ التأويلاتُ الفِقْهيّة، وفُرِضَتِ المسألتانِ: الحُجِّيةُ والسَّهويّة، فرأيتُم أولًا: أنّ الكتابَ يُجزئُ عن متولِّيهِ من الجانبَيْن، وتوهَّمتُم ثانيًا: أنّي أردتُ قضاءَ الواجبَيْن، وصَيَّرتُه كالعامل يعملُ عمَلَيْن، أو الفاعلِ يتَعدَّى فعلُه إلى اثنَيْن، أو اللّفظِ يقَعُ باشتراك على معنيَيْن، وكلُّ ذلكم -وَصَلَ اللهُ نَفاسةَ كمالِكم- لم يكنْ، وإهمالُ حقِّكم الأكيدِ الوُجوب لم يَسْهُلْ قطُّ عليَّ ولم يَهُنْ، ولكنّي ابتَدرتُ الخِطاب، وآثَرتُ الاقتضاب، فانزَعجَ الرَّقّاصُ (¬2) قبلَ أن يقتضيَ كتابي في سَيْرِه، وضمِنَتْ هذه الوِزارةُ أن يتوجَّهَ بعدُ معَ غيِره، ولو ذهَبْتُ إلى ما أشَرتُم إليه من الاجتزاءِ والاقتصار، لأثبَتُّ تحيّتي عقِبَ تلك الأسطار، مُقترنةً بالاعتذار، ولكنّكم عجَّلتُم عليَّ بالعَتْب، ونسَبْتُم إليّ ما لم أَجْنِهِ من الذنب، ولا تثريبَ فقد حصَلَ المطلوب، وكل ما يفعلُ المحبوبُ ¬

_ (¬1) غير واضحة في النسخ، وفي ح: واستنبذدت، وفوقها علامة خطأ، ولعل ما أثبتناه هو الصواب. (¬2) الرقاص أو الركاض: الذي ينقل البريد.

محبوب؛ وأمّا سؤالُكم -حفِظَكم الله- كيف أنا بعدَكم، وهل وجَدتُ في فُرقةِ الوطنِ والأحبّة وَجْدَكم، فلم تشكُّوا أنّي متحمِّلُ من ذلك ضِعفَيْن، ومُفارِقٌ دونَ الأبوَيْنِ والبنينَ إلفَيْن، أمّا غَرْناطيُّها فقد سَنَّى اللهُ به الاجتماع، وأسألُه تعالى أن لا يجعَلَ موقِفًا منه الوداع، وأمّا إشبيلِيُّها فإنّي أحاولُ انتظامَ الشَّمل به وأَرومُه، وأرجو أن يتكيَّفَ بفضل الله على قربٍ قدومُه، وأمّا استعلامُكم قولي في الحبِّ وأطوارِه، واستفهامُكم عن رأيي في الشوق ومَثارِه، [109 و] وأنّ الشُّعراءَ تنازَعَتْ هذا المعنى فكلٌّ شرَّقَ بغرامِه، ونَطَقَ عن مقامِه، وأخبَرَ عن ذَوْقه، وعبَّرَ عن ما رجَحَ نَأْيًا أو خَفَّ قُربًا من شوقِه، والأشواقُ بحار، والخواطرُ فيها تَحار، وأجرى الأقوالِ عندي في ذلك معَ القَصْد (¬1) [الطويل]: بكلٍّ تداوَيْنا فلم يُشْفَ ما بنا ... على أنَّ قُربَ الدارِ خيرٌ من البُعدِ وأمّا سؤالُكم عن رأي في المقام بهذه البُقعة، فسأورِدُ الجوابَ عليكم بما يقفُ عليه العَزْمُ في هذه الرُّقعة، واختياري على الجُملة أن آخُذَ عند لَحاقِ الجُملة الإشبيليّة في الرِّحلة ثم لا أدري ما تجيءُ به الأقدار، وربُّك يَخلقُ ما يشاءُ ويختار؛ وأمّا قِطعتُكمُ التي أجَدتُم بأَزمُّورَ تأسيسَها، وأفدتُم مُنعِّمين نفيسَها، فكنتُ وإن لم أدرِكْ شَأْوَها، فقد حَذَوْتُ في الجوابِ حَذْوَهَا، وعلَّقتُه بمقلوبِها، وإن قَصَّر عن أسلوبِها، وكان من أمَلي أن أُجَدِّدَ معَكم في رِباط الفتح عهدًا بالقُرب، وقدَّرتُ أنْ يُتاحَ هنالكم تلاقي السَّفينِ والرَّكْب، فأخْلَفَ التقدير، وأعجَلَ عن اللَّحاق المَسِير، وضاعتِ الرُّقعةُ أثناءَ شواغلِ الأسفار وشغوبِها، وذَهَلتْ عنها النفْسُ بما مسَّها من لُغوبِها، وشاهدي في صدق هذه الدعوى والتي قَبلَها، عِلمُ هذه الوِزارة العَلِيّة التي أفاضَت فضلَها (¬2)، وأعجَزَت الزّمانَ أن يُوجِدَ مثلَها، فكلُّ هذا كان منها بمرأًى ومَسْمع، وبمحضرٍ من عِيانِها ومطلَع، ¬

_ (¬1) البيت ليزيد بن الطثرية (الأغاني 5/ 213). (¬2) "فضلها": سقطت من م ط.

ثم شَرَدتُ عن حِفظي تلك القطعةَ وما قيَّدتُ من جَوابِها، ووجَبَ لتذكيرِكم الآنَ استئنافُ هذه وإن كنتُ لا أرضى بها [الكامل]: لبيكَ ها أنا للصفاءِ مُديمُ ... وعلى الوفاءِ مدى الحياةِ مقيمُ وإليك من خَلَدي صميمَ مودّةٍ ... ليَ في اعتقادِ خلوصِها تصميمُ وإذا تنازَعَتِ الحديثَ فمَنزِعي ... أنّ المنازعَ في عُلاك مُليمُ اعزِزْ على الخُطَط التي بكَ فَخْرُها ... أن يَستبدَّ بها عليك لئيمُ تَعْسًا لأقلام الكتابةِ ليتَها ... لم يَعتمِدْها البَرْيُ والتقليمُ لهِجَت بتأخيرِ السَّبوقِ وقدَّمتْ ... مَن لا يحِقُّ لذاتِه التقديمُ قعَدتْ وقامت في اغتصابِ حقوقِهمْ ... ومنَ الحَسادةِ مُقعِدٌ ومُقيمُ أيفوتُ مثلَ أبي المُطرِّف حظُّهُ ... وينالُ قومٌ بالفهاهةِ ذيمُ؟! [109 ظ] ما ضَرَّها أنْ لو توَلَّى أمرَها ... منه كفيلٌ بالبيانِ زعيمُ ومحمِّلٌ منها اليمينَ يراعةً ... تَروي الطُّروسَ بمُزْنِها وتسيمُ يا سابقَ البُلغاءِ غيرَ مُدَافعٍ ... لكَ دونَ غيرِك ينبغي التسليمُ قَسَمًا بمَجْدِك لا يزالُ مُساوِقًا ... للدّهرِ ما لك في بنيهِ قَسيمُ أنَّى وأنت وحيدُ عصرِكَ سُؤدَدًا ... ولك المناقبُ كُلُّهنَّ كريمُ! ومَآثرٌ سَلَفيّةٌ زكَّى بها ... شَرَفًا حديثًا من عُلاك قديمُ أولَيْتَ إذْ والَيْتَ فضلَك كلَّ ما ... يَقضي بهِ لك في الجلالِ الخِيمُ وحَبوْتَ إذ ناديتَني وأنلتَني ... جاهًا وأحداثُ الزمانِ تضيمُ وخَلعتَها حُللًا عليَّ بمثلِها ... [.........................] (¬1) ¬

_ (¬1) بياض في النسخ.

هذا الزمانُ كما عَلِمتَ حظوظُهُ ... شتّى وعهدُ بنيهِ فيه سليمُ قد يُحْرَمُ الليثُ الهصورُ حظوظَهُ ... منه ويدركُها لديه الريمُ وإذا عجَزتُ فإنّ حسبيَ واقيًا ... رَبٌّ بأسرارِ العبادِ عليمُ لازلتَ محميَّ الجوانبِ ماتلا ... مِصراعَ بيتٍ في القريض قَسيمُ سيِّدي، رضيَ اللهُ عنه، يسمَحُ في ما يَلْمَح، ويُغضي عن ما لا يرتضي، فلم أتعاطَ المعارضةَ ولو سامَنِيها ما نَطَقْت، ولم أَدَّع المُساجَلةَ ولو رامَني عليها ما أطَقْت؛ إنّما أنا قَطرةٌ من سحابِه، وفَلْذةٌ من سِخَابِه، ومُنفقٌ من فضلٍ سخا به، وإن سَخِط والله المعيذ، فماذا يقولُ للأستاذِ التلميذ؟ أسألُ اللهَ له بقاءً سعيدًا، وارتقاءً يُدرِكُ به من العزّةِ القعساءِ شَأْوًا بعيدًا، بمنِّه. قال المصنِّف عَفَا اللهُ عنه: قد وقَعَتْ إليّ القصيدةُ التي ذكَرَ شيخُنا أبو الحَسَن رحمه اللهُ أنّ الرُّقعةَ التي تضمَّنتها ضاعت له، وهي هذه [الكامل]: يا صاحبي والدهرُ لولا كرّةٌ ... منهُ على حفظِ الذِّمام ذميمُ أمُنازعي أنت الحديثَ فإنهُ ... ما فيه لا لغوٌ ولا تأثيمُ ومُروِّضٌ مَرْعى مُنايَ فنبتُهُ ... من طولِ إخلافِ الغيوم هشيمُ طالَ اعتباري بالزّمان وإنّما ... داءُ الزمانِ كما علمتَ قديمُ [110 و] مَجْفُوُّ حظٍّ لا يُنادى ثم لا ... ينفَكُّ عنه الحذفُ والترخيمُ وأرى إمالَتَه تدومُ وقصرَهُ ... فعَلامَ يُلْغَى المدُّ والتفخيمُ؟ وعَلامَ أدعو والجوابُ كأنّما ... فيه بنصٍّ قد أتَى التحريمُ؟ لم ألقَ إلامُقْعِدًا، غيرَ الأسى ... فلديَّ منه مُقْعِدٌ ومُقيمُ وشرابيَ الهمُّ المعتَّقُ خالصًا ... فمتى يساعدُني عليه نديمُ؟

غاراتُ أيامي عليّ خَوارجٌ ... قَعَدِيُّها في طبعِه التحكيمُ (¬1) ولواعجٌ يحتاجُ صالي حرِّها ... أمرًا به قد خُصَّ إبراهيمُ ولقد أقولُ لصاحبٍ هُوَ بالذي ... أدركتُ من عِلمِ الزمانِ عليمُ لا يأسَ من رَوْحِ الإله وإن قَسَتْ ... يومًا قلوبُ الخَلقِ فهْوَ رحيمُ ولعلَّ مَيْتَ رجائنا يُحييهِ مَن ... يُحيي عظامَ المَيْتِ وهْي رميمُ قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وكلامُ شيخِنا أبي الحَسَن نظمًا ونثرًا بارع، ولضروبِ الإحسان جامع، وقد رأيتُ أن أختِمَ رَسْمَه بقطعةٍ وقصيدة حِجازيتَيْن، وقصيدتَيْنِ رَبّانيتَيْن؛ وهذه القصيدةُ الحِجَازّية أنشدتُها عليه [الطويل]: حنيني إلى البيتِ العَتيقِ شديدُ ... وشوقي إلى وادي العقيقِ يزيدُ فيا ليت شعري هل يُبَاحُ إليهما ... وصولٌ فيحظى بالوصال عميد؟ ومَنْ ليَ أنْ أُدعى إلى حَرَمَيْ هدًى ... وهل لي على تلك البقاعِ وفود؟ وهل ناقعٌ لي ماءُ زمزمَ غُلّةً ... لها بين أحناءِ الضلوعِ وَقود؟ وهل أنثني نحو الرسولِ لِطَيْبَةٍ ... فيدنو لقلبي مِنْ مُناهُ بعيد؟ وألصقُ خدّي من ضريحِ محمدٍ ... بحيثُ تلاقتْ في ثراه خدود وحيث استهلتْ بالدموعِ نواظرٌ ... لها في سوى تلك الربوع جمود؟ فما ليَ لا أسعى إليها مُبادرًا ... بقيةَ عُمرٍ تنقضي وتبيد! تحثّ ركابي نحوها عزمةُ امرئ ... بمحْياهُ في ذات الإله يجود يَهُمُّ فيُلقي بين عينَيْهِ عزمةً ... ويمضي مضاءَ السّهمِ حيث يُريدُ ¬

_ (¬1) هامش ح: "من قول أبي نواس: فكأني وما أزين منها ... قعدي يزين التحكيما"

فأقضي ذَماءَ النفْسِ في عرصاتِها ... غريبًا لدَيْها والغريبُ شهيدُ [110 ظ] وإنّ امرءًا يقضي فريضةَ ... وزَوْرةَ قبرِ المصطفى لَسعيدُ وقد فاز بالحُسنى ونال زيادةً ... سعيدٌ يُواريه هناك صعيدُ سلامٌ على البيتِ الحرام وطيبةٍ ... يكُرُّ على رَبْعيهِما ويعودُ سلامَ محُبٍّ كلّما ذكْرُ [أرضِها] (¬1) ... تبادَرتِ الأجفانُ منهُ تجودُ والقطعةُ الحِجَازيّة ختَمَها ببيت من بيتَيْ بلالِ ابن حَمامةَ رضيَ اللهُ عنه (¬2)، وقد أنشَدتُها عليه، وهي [الطويل]: ألا هل إلى البيتِ العَتِيقِ سبيلُ؟ ... وهل ليَ في وادي الأراكِ مَقيلُ؟ وهل لصَدٍ من ماءِ زمزمَ نغبةٌ (¬3) ... يُفَلُّ بها بينَ الضلوع غليلُ؟ ومَن لي أتاح اللهُ سُؤليَ أَنْ أرى ... دُموعيَ في بطن المَسِيل تَسيلُ؟ فيا نجدُ أنجِدْني بهَبَّةِ نَفْحةٍ ... تمُرُّ بعِطْفِ الروضِ وهْو بَليلُ ففي نَفَسٍ منها عليلُ عُلالةٍ ... لقلبي وهل يَشفي العليلَ عليلُ؟ ويا كعبةً رَصَّ الخليلُ بناءَها ... أمَا مُسعِدي يومًا إليكِ خليلُ؟ ثكِلتُ فؤادي يومَ أنساكِ أو أرى ... إلى الصبرِ والسُّلوانِ عنكِ سبيلُ فلا زال بي شوقٌ إليكِ مبرِّحٌ ... ولا فاتَني وَجْدٌ عليكِ طويلُ ¬

_ (¬1) بياض في ح ط، والزيادة من م. (¬2) هو بلال مؤذن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكان حين هاجر إلى المدينة أصابته الحمى فكان يقول: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بواد وحولي إذخر وجليل؟ وهل أردن يومًا مياه مجنة ... وهل يبدون لي شامة وطفيل؟ (وينظر العقد لإبن عبد ربه 5/ 282). (¬3) في م ط: "نفثة".

وقَبْلي بلالٌ قال يشكو غرامَهُ ... وقد شاقَهُ ظلٌّ هناك ظليلُ: "ألا ليتَ شِعري هل أبيتَنَّ ليلةً ... بوادٍ وحولي إذْخِرٌ وجَليلُ" وهذه القصيدةُ الرَّبّانيّة، وأنشَدتُها عليه [الطويل]: هُياميَ ما بينَ الجوانحِ ثائرُ ... وداءُ غرامي للفؤادِ مخُامرُ وطيُّ ضُلوعي بالأَسى ما أَقَلُّهُ ... تكلُّ القُوى عن حملِهِ والمرائرُ وقد جدَّ بي وَجْدٌ وبَرَّح بي جوًى (¬1) ... وغَصَّتْ بأسرابِ الدموعِ المحاجرُ سَكِرتُ وما دارتْ عليَّ مُدامةٌ ... ولا فتَنَتْ عقلي عيونٌ فواترُ وجاوزتُ أوطارَ الغرام تخَطِّيًا ... إلى حيثُ لا تُلفَى خَواطٍ خواطرُ وجاد حيَا دَمْعي رياضَ رياضتي ... فأزهارُها ممّا سَقاها نواضرُ فَنائيَ في وَجْدٍ وجودٍ ومِيتَتي ... حياةٌ وخَوْفي الأمرَ (¬2) ممّا أُحاذرُ وكلُّ هوًى لابدَّ من غايةٍ لهُ ... وغاياتُ حبِّي ما لهنَّ أواخرُ [111 و] مَرامي مرامي أعجَزَتْ كلَّ عاشقٍ ... فما رامَها إلّا انثَنى وهْوَ قاصرُ وقد ذَهَلتْ عن عُروةٍ بي عُذْرَةٌ ... وقد نَسِيتْ مجنونَها بيَ عامرُ ورَدَّت وقد حامتْ على الوردِ فانثَنَتْ ... نفوسٌ صَوادٍ عن ظَماها صوادرُ تَصرَّفَ بي هذا الهوى تحتَ حُكمِهِ ... وسُلطانُهُ مذْ كان للخَلْق (¬3) قاهرُ ومَلَّكْتُهُ نفسي فَصالَ عليَّ بي ... وضافَرَه قلبٌ وسَمْعٌ وناظرُ دَعاني فلبَّيتُ ائتمارًا وإنّني ... ولو لم يكنْ يدعو مبادٍ مُبادرُ ¬

_ (¬1) في م ط: وقد جد بي وبرح به جوى، وهو مضطرب. (¬2) كذا، ولعلها: الأمن. (¬3) في م ط: "للحق".

فمنهُ لقلبي بالصّبابةِ آمِرٌ ... ومنه عن السُّلوانِ ناهٍ وناهرُ وما اقتادني إلّا إلى حُبِّ واحدٍ ... تقدَّسَ أن تُعزَى إليه النظائرُ فوافَى جَناني وهْوَ بالوَجْدِ عامرٌ ... وألفَى لساني وهْو بالجُودِ شاكرُ تبارَكَ مَنْ آياتُهُ تبهرُ الوَرَى ... وأنوارُه تَعْنو إليها البصائرُ تَتيهُ عقولُ الخلقِ في مَلَكوتِهِ ... وترجِعُ أبصارٌ وهُنَّ حَواسرُ هُو الله هادي مَنْ يشاءُ لسُبْلِهِ ... إذا جارَ عن مُثْلى الطريقة جائرُ هُو الله كلٌّ ماخلا اللهَ باطلٌ ... وكلٌّ سواهُ غائبٌ وهْو حاضرُ إلى ظلِّ رُحماهُ أوَيْتُ وفَضْلَهُ ... قصدتُ ومنه لي وليٌّ وناصرُ رَجَوْتُك ياربِّي لسدِّ مَفاقِري ... وسترِ هَناتي يومَ تُبْلى السرائرُ فكنْ لرجائي يا إلهي محقِّقًا ... إذا غيَّبَتْني في ثَراها المقابرُ وهذه القصيدةُ الثانية، وأنشَدتُها عليه [الطويل]: جمالُ حبيبي للغرامِ دَعاني ... فيا عاذلَيْ قلبي عليه دَعاني بصُرْتُ بما لم تَبصُرا أنتما بهِ ... بعينِ فؤادي لا بعينِ عِيَاني وأدركتُ ما لم تُدرِكا منْ بهائهِ ... فوَجْدي به غيرُ الذي تَجِدانِ فإنْ شئتُما أن تَعرِفا ما أُكِنُّهُ ... وأنْ تعلَما سرَّ الهوى فسَلاني تجلّى لفِكري نورُ مَن أنا عبدُهُ ... فوُلِّهَ معقولي وجُنَّ جَنَاني وأُشرِبَ قلبي هيبةً ومحبةً ... وصالت عليه شدَّةُ الخَفَقانِ وحانَ فَنائي في وجودِ جلالِهِ ... فحَسْبيَ أنّي في المحبّةِ فانِ حبيبٌ سَقاني مُنْعمًا كأسَ حُبِّهِ ... فلم أَصْحُ من حُبِّيهِ منذُ سَقاني وثِقتُ به لا أرتجي لإقالتي ... سواهُ إذا زلَّتْ بيَ القَدَمانِ

637 - علي بن محمد بن علي بن موسى الأنصاري، شريشي، أبو الحسن، ابن الغزال

[111 ظ] رضا منى نَفْسي وغايةُ بغيتي ... ومالي بصَبْرٍ عن رضاهُ يدانِ وحُبّيَ فيه لاعتزازي [....] (¬1) ... وكلُّ هوًى في غيرِه لَهواني مُدامي مُدارٌ من إدامةِ ذكْرِهِ ... بتنزيهِهِ لا مِنْ مُدام قِيانِ وراحُ ارتياحي أن تلوحَ لوائحٌ ... يَغيبُ بها عن فكريَ الثَّقَلانِ سَماعي لِما يُتْلَى من الوَحْي مُؤْنِسي ... ومُبهجُ نَفْسي لا سَماعُ قِيَانِ ولَذّةُ عَيْشي أن أفوزَ بخَلوةٍ ... أُجاري بها الأشجانَ ملءَ عِنَاني وأنثُرُ خوفًا من دُموعي وخَشْيةً ... على الخدِّ من عَيْنيَّ نَظْمَ جُمانِ وقد راع رَوْعي أن تكونَ محبّتي ... مُجرَّدَ دعوى غيرِ ذاتِ بيانِ وإلّا فما بالي على الذنبِ عاكفًا ... وفي أسرِ إصرارِ اغتراريَ عانِ؟! علامةُ حُبِّي أن أُطيعَ وأتَّقي ... وألّا يَراني اللهُ حيث نَهاني مولدُه بإشبيلِيَةَ في شعبانِ اثنينِ وتسعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بمَرّاكُشَ سَحَرَ ليلةِ الأربعاء الرابعةِ والعشرينَ من شهرِ رَمَضانِ ستٍّ وستينَ وست مئة، ودُفنَ عقِبَ ظُهرِه بجَبّانة الشيوخ مُقاربًا مقابلةَ بابِ السادة أحدِ أبوابِ قَصْر مَرّاكُش، وكان الحَفْلُ في جَنازتِه عظيمًا لم يتخلَّفْ عنها كبيرُ أحد. 637 - عليُّ (¬2) بن محمد بن عليُّ بن موسى الأنصاريّ، شَرِيشيّ، أبو الحَسَن، ابنُ الغَزّال. رَوى عن أبي بكر بن عُبَيد وأبي الحَسَن بن لُبَّال. ¬

_ (¬1) بياض في النسخ. (¬2) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 260، وفي هامش ح: "بل ذكر شيخنا أبو جعفر ابن الزبير أنه كان يكنى أبا بكر وأنه روى عن آباء بكر: ابن الجد وابن مالك وابن عيسى وأبي الحسن بن ناصر، وأبي محمد بن حباسة الأزدي؛ أخذ عنه أبو الخطاب بن خليل وكان فقيهًا مشاورًا مقرئًا ببلده، أخذ الناس عنه وتوفي في حدود سنة تسع وست مئة، رحمه الله".

638 - علي بن محمد بن علي بن هذيل، بلنسي أصيلي الأصل -أصيلا العدوة- أبو الحسن

638 - عليُّ (¬1) بن محمد بن عليّ بن هُذَيْل، بَلَنْسيٌّ أصِيليُّ الأصل -أصيلا العُدوة- أبو الحَسَن. تَلا بالقراءات السَّبع وغيرِها على رابِّهِ (¬2) أبي داود، ونشَأَ في حِجْرِه واختَصّ به وأكثَرَ عنه ولازَمَه أزيَدَ من عشرينَ سنة، وأبي الحُسَين ابن البَيَّاز. ورَوى عن أبي بكرٍ خازِم، وأبي الحَسَن طارقِ بن يَعيشَ، وأبوَيْ عبد الله: ابن سَعادةَ وابن عيسى (¬3) بن يوسُفَ الكِنَانيِّ الطُلَيْطُلي، وأبوَيْ محمد: الرِّكْليِّ والسَرَقُسْطيِّ الحاجّ، وسَمِعَ "جامعَ التِّرمذي" على الحاجِّ الراوِية أبي عبد الله بن سَعادةَ لعُلوِّ سنَدِه فيه، وأجاز له أبو عليّ الصَّدَفيُّ وأكثرُ شيوخِه المُسَمَّيْنَ قبلُ. رَوى عنه آباءُ بكر: ابنُه وابنُ خَيْر وابنُ رِزق وأبو جعفرٍ طارقُ بن موسى المَعافِريُّ، وأبَوا الحَسَن: القَسْطَليّ ومحمدُ بن [112 و] أحمدَ بن سَلمونَ، وآباءُ عبد الله: ابنُ أحمدَ بن مَسْعود الشاطِبيُّ والأنْدَرْشيُّ وابن حَمِيد وابن خَلَف وابن نُوح وابن يوسُفَ ابنُ الخَبّاز، وأبو عُمرَ بن عاتٍ، وآباءُ محمد: عبدُ الحقِّ ابنُ الخَرّاط وعبدُ الكبير وعبدُ المُنعِم ابنُ الفَرَس. وكان صَدْرَ المُقرِئينَ وإمام المجوِّدين، عُمِّرَ فانتَهت إليه رياسةُ الإقراء بشَرْق الأندَلُس في عصرِه، مُتقِنًا ضابطًا مجوِّدًا حَسَنَ الأخْذ على القُرّاء، مشهورَ الفضل والزُّهد والثِّقة والعَدالة، صالحًا متواضِعًا خيِّرًا كثيرَ الحَياءِ صَوّامًا قَوّامًا، واسعَ المعروفِ كثيرَ الصَّدَقة متقلِّلًا من الدُّنيا مُعرِضًا عن أهلِها، وكان متى توَجَّه إلى ضيعتِه لِمَليلةَ -من جُزْءِ الرُّصافة بغَرْبيِّ بَلَنْسِيَةَ- صَحِبَه طلَبةُ العلم إليها ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1200)، وابن الأبار في التكملة (2749)، وفي معجم أصحاب الصدفي (267)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 211، والذهبي في المستملح (662)، وتاريخ الإسلام 12/ 322، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 573. (¬2) الراب: الذي رباه. (¬3) في ح: "وأبوي عبد الله بن عيسى"، ورجح في الحاشية ما ثبت في المتن في كل من م ط.

للقراءةِ عليه والسَّماع منه، فيَحمِلُ ذلك منهم طَلْقَ الوَجْه مُنشرحَ الصَّدر جميلَ الصَّبر، وينتابونَه ليلًا ونهارًا فلا يَسأَم من ذلك ولا يَضجَرُ على كُبرتِه حسبَما كان عليه أمرُه معَهم قبلَها، وأقرَأَ ببَلَنْسِيَةَ وأسمَعَ أزيَدَ من ستينَ سنة، وكان أثبتَ الناس في "أبي داود"، وإليه صارت أُصولُه العتيقةُ الكثيرةُ في فنونِ العلم بخطِّه، وانفرَدَ بالرِّواية عنهُ بلِقاهُ والسَّماع منه أزيَدَ من عشرينَ سنة. قال أبو الحَسَن محمدُ بن سَلمون: كان يتَصدَّقُ على الأرامل واليَتامى بمالِه من دقيقٍ وأدم وغيرِ ذلك، فتقولُ له زَوجُه: إنك لتَسعَى بهذا العمل في فقرِ أبنائك، فيقولُ لها: لا والله بل أنا شيخٌ طَمّاعٌ أسعَى في غِناهم. وكنّا نقرَأُ عليه في مرَضِه الذي توفِّي منه، فكان لا يُسمَعُ منه كلامٌ في أيام الثلاثاءِ والأربعاءِ والخميس إلّا أن يُناديَ اللهَ سائلًا منه قَبْضَه يومَ الجمُعة، فإذا جاوَزَه رُؤيَ يومَ السبتِ أسِفًا سَيّئَ الحال نكِدَ البال، فيستمرُّ أمرُه كذلك إلى انقضاءِ يوم الاثنين، فإذا كان يومُ الثلاثاءِ ظهَرَ عليه سرورٌ وابتهاجٌ لطَمَعِه في الموتِ يومَ الجمُعة، وتكرَّر ذلك منه حتى عُرِفَ له ومَنّ اللهُ عليه بمطلوبِه (¬1) فقُبِضَ يومَ الخميس ودُفنَ يومَ الجمُعة كما كان يَسألُ ويدعو، رحمه الله. وُلدَ سنةَ إحدى وسبعينَ وأربع مئة، قاله أبو عبد الله الأَنْدَرْشيُّ عنه، وقال أبو الخَطّاب بنُ واجِب عنه: إنّ مولدَه عامَ سبعينَ أو بعدَه بعام (¬2)، لم يتحقَّقْ [112 ظ] ذلك، وتوفِّي بعد صَلاة ظُهر يوم الخميس لثلاثَ عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من رجَبِ أربع وستينَ وخمس مئة، وصَلّى عليه أبو الحَسَن ابنُ النِّعمة، وحضَرَ جَنازتَه جَمْعٌ عظيمٌ من الناس، وشَهِدها سُلطانُ بَلَنْسِيَةَ يومَئذٍ أبو الحَجّاج بنُ سَعْد، وتزاحَمَ الناسُ على نَعْشِه متبرِّكينَ به باكِينَ فَقْدَه، وأتْبَعوهُ ثناءً حسَنًا وذِكْرًا جميلًا، ورَثاه أبو محمد بنُ واجِب بقصيدة حسَنة منها [البسيط]: ¬

_ (¬1) "بمطلوبه": سقطت من م ط. (¬2) "بعام": سقطت من م ط.

639 - علي بن محمد بن علي بن يوسف بن عزيز بن زنون، إشبيلي، أبو الحسن

لم أَنْسَ يومَ تهادتْ نَعْشَهُ أسفًا ... أيدي الوَرى وتراميها على الكَفَنِ كزهرةٍ تَتهاداها الأكُفُّ فلا ... تُقيمُ في راحةٍ إلّا على ظَعَنِ قال أبو الحَسَن بنُ سَلمون: كذلك كان هذا، فإنّ الناسَ كانوا يتعلَّقونَ بالنُّطُق والسُّقُف ليُدرِكوا النَّعْشَ بأيديهم ثم يمسَحوا بها وجوهَهم. 639 - عليُّ (¬1) بن محمد بن عليّ بن يوسُفَ بن عَزيز بن زنُّون، إشبِيليّ، أبو الحَسَن. كان أديبًا شاعرًا مجوِّدًا بارِعًا تجَوَّل بشَرْقِ الأندَلُس وغَرْبِها وأجاز البحرَ إلى بَرِّ العُدوة، وتطَوَّفَ على بلادِه وقَدِمَ مَرّاكُشَ وسِجِلْماسَةَ وغيرَها، ورَفَع للرَّشيد من بني عبدِ المؤمن أُرجُوزةً طويلةً على طريقةِ ابن سِيدة في "ما اسمُك يا أخا العَرَب" تتجزَّأُ منها أُرجوزةُ ابن سِيدة نحوَ الرُّبع، وأُرجوزةٌ ضمَّنَها أسماءَ خَيْل العرَب والمشاهيرِ من أهل الإسلام وشرَحَها مبيِّنًا قصصَها، ورَفَعَه إلى والي سِجِلْماسَةَ حينَئذٍ أبي (¬2) محمد عبد الله بن أبي زكريّا بن أبي إبراهيمَ معَ أُرجُوزةٍ ضمَّنَها مَناقِلَه رحلةً فرحلة (¬3): من بَلَنْسِيَةَ إلى سِجِلْماسَة، وقصائدَ بديعةً في مَدْح النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وكان ذلك مما بَرَّز فيه وشُهِدَ بفضلِ إدراكِه وبراعةِ إنشائه ونُبل مَنازعِه وجَوْدة اختيارِه. 640 - عليُّ بن محمد بن عليّ بن يوسُفَ الأنصاريُّ، بَلَنْسيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ذكره صاحب الروض المعطار في مادة "آزمور" منه، فقال: مدينة في بلاد المغرب فيها صنّف الأديب الكاتب أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن زنون الكتاب المسمى "الفرائد التؤام والفوائد التوام في أسماء الخيل المشاهير الأعلام"، صنّفه لصاحب سبتة أبي علي الحسن بن خلاص سنة تسع وثلاثين وست مئة، وهو كتاب حسن مفيد مليح في فنه، وقال في آخره: صنّفه مؤلفه علي بن محمد بن علي بن زنون بمدينة آزمور. (ص 5). وينظر نفح الطيب 4/ 15. (¬2) في النسخ: "أبو"، وينظر عنه البيان المغرب (قسم الموحدين) ص 360. (¬3) هامش ح: "لعله: مرحلة فمرحلة".

641 - علي بن محمد بن علي بن يوسف الكتامي، إشبيلي استوطن غرناطة بعد استيلاء النصارى، قصمهم الله، على إشبيلية، رجعها الله، أبو الحسن، ابن الضائع، بضاد معجم

641 - عليُّ (¬1) بن محمد بن عليّ بن يوسُفَ الكُتَاميُّ، إشبيليٌّ استوطَنَ غَرْناطةَ بعد استيلاءِ النصارى، قَصَمَهم الله، على إشبيلِيَةَ، رجَعَها اللَه، أبو الحَسَن، ابنُ الضّائع، بضادٍ معجَم. أخَذ العربيّة عن أبي زكريّا بن ذي النُّون، وأبي عليّ ابن الشَّلَوبِين، وعلِمَ الكلام وأُصولَ الفقه على أبي عامرٍ يحيى بن رَبيع، وأبي الفُتُوح بن فاخِر، وأبوَيْ محمد: ابن ستاري والفاسِيّ. وأجازَ له [113 و] أبو بكر بنُ محُرِز وأبو الحُسَين ابنُ السَّرَّاج، وأبو الخَطّاب بنُ خليل، وأبو زكريّا ابنُ المُرابِط، وأبَوا عبد الله: الأَزْديُّ السَّبْتيّ وابنُ جَوْبَر، وأبو العبّاس بن فرتُون. رَوى عنهُ طائفةٌ من أهل غَرْناطة، وكتَبَ إليّ بإجازةِ ما كان عندَه مطلقًا؛ وكان نَحْويًّا ماهرًا حسَنَ التصَرُّف في علم الكلام وأصُولِ الفقه، وافرَ الحظِّ من الفقه، وله جَمْعٌ حسَن بيْنَ شَرْحَي السِّيرافيِّ وابن خَرُوف "كتابَ سِيبوَيْه"، إلى غيرِ ذلك من مصنَّفاتِه في العربيّة وما كان يَنتحلُه من العلوم. وُلد بإشبيلِيَةَ سنةَ أربعَ عشْرةَ وست مئة، وتوفِّي بغَرْناطةَ في ربيع الآخِر سنةَ ثمانينَ وست مئة. 642 - عليُّ بن محمد بن عليّ الغافِقيُّ، إشبِيليٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي الحَكَم عبد الرّحمن بن محمد بن حَجَّاج، وأبي سعيدٍ فَرَج (¬2) ابن عبد الله. 643 - عليُّ بن محمد بن عليٍّ الغافِقيّ، أبو الحَسَن، ابنُ قميت. ¬

_ (¬1) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام 15/ 394 وقيّد الضائع بالحروف فقال: بضاد معجمة وعين مهملة، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 309، وابن الخطيب في الإحاطة 4/ 120، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 204 نقلًا عن ابن الزبير. (¬2) في م ط: "فرح".

644 - علي بن محمد بن علي، طليطلي نزل غرب الأندلس، أبو الحسن، ابن بلوط

رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي، وأبي محمد بن محمدٍ ابن أبي جعفر، أُراه غيرَ الذي قبلَه، واللهُ أعلم (¬1). 644 - عليُّ (¬2) بن محمد بن عليّ، طُلَيْطُليٌّ نزَلَ غَرْبَ الأندَلُس، أبو الحَسَن، ابنُ بَلُّوط. رَوى عن أبي الوليد الباجِي. رَوى عنه أبو جعفرٍ ابنُ الباذِش، وكان فقيهًا حاضرَ الذِّكْر للمسائل دَرِبًا في الفتاوَى في النَّوازل، توفِّي ليلةَ السّبت ودُفنَ عصرَ يوم السبت لعَشْرٍ بقِينَ من شوّالِ اثنَيْ عشَرَ وخمس مئة ابنَ ثمانينَ عامًا أو نحوِها (¬3). 645 - عليُّ بن محمد بن عُمَارةَ، بَلَنْسِيٌّ نزَلَ بِجَاية. كان فقيهًا عاقدًا للشروط. 646 - عليُّ (¬4) بن محمد بن عِمرَانَ، بَلَنْسِيٌّ بوُنْتيُّ الأصل، أبو الحَسَن، ابنُ النَّقّاش. تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن ابن النِّعمة، ورَوى عن أبي عُمرَ اللَّمْتُونيِّ، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ. وتَفَقَّه بأبي بكر بن أسَد، وأبي محمد بن عاشِر. وأجازَ له أبو بكرٍ ابنُ العَرَبي وأبو الحَسَن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) بهامش ح: "علي بن محمد بن علي الغافقي قرأ على أبي عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن بن سعد الفهري، ابن الصيقل المرسي، جميع الأربعين على مذاهب أهل التصوف من جمعه، فانظر هل هو أحد اللذين ذكر المصنف أم غيرهما". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2698). (¬3) بهامش ح ترجمة مزيدة وهي: "علي بن محمد بن علي بن محمد الغساني غرناطي أبو الحسن ابن المرشاني، ومرشانة من أعمال المرِية أصله منها، وله بغرناطة آباه وبيته بها نبية، سمع أباه وابن رفاعة وابن عروس وابن كوثر وعبد المنعم في آخرين، وله إجازات حسان، أخذ عن ابن مسدي، وولي الخطبة ببلده، ومولده على رأس الخمسين وخمس المئة". (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2763).

647 - علي بن محمد بن عمر اللمري

وكان رجلًا صالحًا حَسَنَ الصَّوت يُحْضِرُهُ الأُمراءُ بمجالسِهم لقراءةِ كتُبِ الرَّقائقِ والمغازي وما في معناها لصَلاحِه وطِيب نَغَمتِه، واختَصَّ بأبي بكرٍ [....] (¬1) بن غانيةَ لذلك، وكان يَحضُرُ معَه غَزَواتِه. 647 - عليُّ بن محمد بن عُمرَ اللمري (¬2). رَوى عن أبي عبد الله بن يوسُفَ بن سَعادةَ. 648 - عليُّ بن محمد بن عُمرَ، أبو الحَسَن الكَتّانيُّ. سَمِعَ بسَرَقُسْطةَ على أبي محمد بن محمد بن فُورْتِش، وكان [115 ظ] من أهل العلم والعَدالة، حيًّا في حدودِ تسعينَ وأربع مئة. 649 - عليُّ بن محمد بن عيسَى، بَطليَوْسيٌّ أُبَّذِيُّ الأصل. رَوى عن أبي محمد بن عَتّاب. 650 - عليُّ (¬3) بن محمد بن فَرَجُون (¬4) القَيْسيُّ، قُرطُبيٌّ استَوطَنَ بأَخَرةٍ فاسَ، أبو الحَسَن. رَوى بالأندَلُس عن بعضِ شيوخِها، ورَحَلَ وحَجَّ، ورَوى بالإسكندَريّة عن أبي الحَرَم مكِّي بن أبي الطاهر بن عَوْف، وأبي الطاهِر السِّلَفيّ، وأبي عبد الله الكِرْكنْتيِّ، وابن أُختِه أبي محمد عبد السّلام، وأبي القاسم بن جارَةَ. وقَفَلَ إلى الأندَلُس فرَوَى عنه بَنو حَوْطِ الله الأخَوان: أبو محمدٍ وأبو سُليمانَ، وأبو عُمرَ وأبو القاسم ابنا أبي محمد، وأبو عَمْرٍو سالم وأبو القاسم عبدُ الرّحمن ¬

_ (¬1) بياض في النسخ. (¬2) فوقها علامة خطأ في ح. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2797)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/ الترجة 252، والذهبي في المستملح (684)، وتاريخ الإسلام 13/ 40، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 483، والكتاني في سلوة الأنفاس 2/ 41. (¬4) في م ط: "فرحون"، خطأ.

651 - علي بن محمد ابن الفضل المعافري، أبو الحسن

ابنا سالم، وأبو محمد ابنُ القُرطُبيّ، ثم تحوَّل إلى فاسَ فرَوى عنه بها أبو البقاءِ يَعيشُ بن عبد الله بن أحمدَ بن عليّ الحَسَنيّ ابنُ الطويل. وكان فقيهًا حافظًا، شاعرًا مُحسِنًا، ماهرًا في الحسابِ عارِفًا بفرائضِ المَواريث، وعَلَّم بهما طويلًا بفاسَ، ذاكرًا تواريخَ الصّالحين وأخبارَهم؛ ومصنَّفاتُه في ذلك كلِّه جليلةٌ نافعة، منها: "لُبَابُ (¬1) اللُّبَاب في بيانِ مسائلِ الحساب" وكتابُ "الزّاهِر في المواعظِ والآداب" (¬2). وكُفَّ بصَرُه قديمًا نفَعَه اللهُ، ثم عاد إلى المشرِق فجاوَرَ بمكّةَ، كرَّمها اللهُ، إلى أن توفِّي في محرَّمِ أحدٍ وست مئة. 651 - عليُّ (¬3) بن محمد ابن الفَضْل المَعافِريُّ، أبو الحَسَن. كان كاتبًا بارِعًا، شاعرًا مُجِيدًا، حَسَنَ الخُلُق كريمَ الشمائل، لَوْذَعيًّا نظيفَ الملابس، جميلَ العِشرة، وكان بينَه وبينَ أبي البحرِ صفْوانَ بن إدريسَ وغيِره من أُدباءِ عصرِه مُكاتَباتٌ ومُراجَعات ظهَرَ فيها نُبلُه وبَراعةُ مآخِذِه وإجادتُه. وحَضَرَ وقتًا متنزِّهًا بوادي إشبيلِيَةَ في طائفةٍ من أصحابِه، منهم أبو بحرٍ صَفْوانُ بن إدريسَ ومُدّعٍ الرمايةَ وهو لا يُحسِنُها، فطَلَبَ من أبي بحرٍ وَصْفَ ذلك الحالِ فقال [الرجز]: أعِدْ على سَمْعي أحاديثَ المُنَى ... فما قبيحٌ أنْ تُعيدَ الحَسَنا وغنِّني بذِكْرِها لياليًا ... إنّ الغناءَ بِهَوى النفْسِ غِنى وداوِ بالأخبارِ عنها أُذُني ... فرُبَّ أخبارٍ تُداوي الأُذُنا يا نعمةً من زمنٍ مُساعدٍ ... لو شئتَ منه رَدَّ أمسٍ أمكَنا [116 و] ما كانتِ اللَّذَّاتُ إلا حُلُمًا ... شاهدتُها أثناءَه تيَقُّنا ¬

_ (¬1) في هامش ح: "ابن الأبار: لب". (¬2) منه نسخة خطية في الخزانة العامة بالرباط. (¬3) ترجمه التجيبي في زاد المسافر (31)، وابن سعيد في المغرب 2/ 286، واختصار القدح المعلى (108)، والمقري في أزهار الرياض 2/ 211.

أسحارُهُ أسحارُ أربابِ النُّهى ... وهكذا الآصالُ إيصالُ المُنَى رَعْيًا لإخوانِ الصَّفاءِ إنّهمْ ... أكرَمُ عِلقٍ في الحياةِ يُقتنَى وأين همْ قد (¬1) ذَهَبتْ أشخاصُهمْ ... لم يبقَ منهمْ بعدَهمْ إلّا الكُنَى هيَ استعاراتٌ كمِثلِ الشِّعرِ لا ... يفعَلُ ما قال إذا ما امتُحِنا لكنّما ابنُ الفَضْلِ فيهمْ نُدرةٌ ... ولستُ بالفَذّ أُحاجي اللَّسِنا إذا وَصَفْتُ بالصفاءِ نَفْسَهُ ... عَبَّرَ عنّي جِدُّهُ وبَيَّنا إن انتمَى فالفضلُ من آبائهِ ... إذا عرَفْتَ الأصلَ تدري ما الجَنَى إيهٍ وإنْ سوَّفَ فيه دهرُهُ ... فالدهرُ قد كان يعُقُّ الفِطَنا وما رماحُ الخَطِّ إلّا خَشَبٌ ... ما لم تكنْ مُشْرَعةً لِتَطْعَنا لا يُنْكَرُ الفَلُّ على بِيضِ الظِّبا ... نعَمْ ولا عَضُّ الثِّقافِ للقَنا بينَ الحظوظِ والأديبِ فِتَنٌ ... ثَكِلتَها ألا استحالتْ هُدَنا هذا المُجِيدُ لا أبو تَمَّامِهمْ ... إذا ثَوى في نَجْدِهِ واستَوطَنا وما يضَرُّ السيفَ أضحَى ماضيًا ... ألّا يكونَ مُنتَماُه اليَمَنا هُوَ الذي أفادنيهُ زَمَني ... فكيف بالله أذُمُّ الزَّمنا؟! وخيرُ مايَكتسِبُ المرءُ أخٌ ... يَرى به سرَّ الوفاءِ عَلَنا فيا شقيقي نِسبةً إنِ ارتَقَتْ ... موالدُ الآدابِ أن تجمَعَنا هاتِ الحديثَ عن نهارٍ مُونِقٍ (¬2) ... مصقولِ وَجْهِ الجوِّ لمّاعِ السَّنا وفتيةٍ قد أثمرَتْ أنفُسُهمْ ... فرائقُ (¬3) الأفعالِ منهمْ يُجتنَى ¬

_ (¬1) في م ط: "إذ". (¬2) "مونق": سقطت من م ط. (¬3) في ح م ط: "حدا ففي".

إذا دعا المنجودُ فيهمْ مَنْ فتًى ... يُنجِدُني أجابَهُ الكلُّ: أنا تألَّفوا من كلِّ شِعبٍ حيّزًا ... كأنّهمْ من نُخبةٍ وفدُ مِنَى وبادَروا مَيْدانَ نهرٍ فائضٍ ... يَعْصي المطايا وَيُطيعُ السُّفُنا رَقَوْهُ أُفْقًا فوقَ بِكرٍ أشبَهَتْ ... من الهلال الشكلَ لا التلوُّنا كأنّها فوقَ الخليج عقربٌ ... تبَوَّأَتْ ظهْرَ الحُبَابِ مَوطِنا وطارَدوا فيه الأماني نُهَزًا ... فأشْمُلًا طَوْرًا وطَوْرًا أيمُنا [116 ظ] لا بَرِحَ الغَيْثُ يَجُودُ شطَّهُ ... وَجِزْعَهُ حيثُ تلَوَّى وانحنَى فكمْ هناك للصِّبا من معهدٍ ... دلَّ الهوى فيه على الجِسم الضَّنى تُردِّدُ العَيْنُ الهوى يومَئذٍ ... أمانيًا والقلبُ يَجْني فِتَنا عُجْنا جِيَادَ الماءِ ملءَ شَدِّها ... لم يعترِضْها سَأَمٌ ولا وَنَى تَحمِلُنا من الجِيَادِ أرجُلٌ ... وهذه تحملُنا أكُفنا جُزْنا عليها معهَدًا فمعهَدًا ... إذا رأينا منزِلًا قُلنا: هُنا حتّى إذا ما اكتَحَلتْ أبصارُنا ... بِشَنْتَبوسَ لم نَرِمْها وَطَنا ذاتِ البِثَى البِيضِ التي تنَظَّمتْ ... كنَظْمِكَ العِقدَ فُرادى وثُنا كأنّها تاجٌ تجَلَّى تحتَها ... عِقدٌ من النهرِ يفوتُ الثّمَنا مُبْيَضَّةٌ من غيرِ سَوْءٍ معَها ... ثُعبانُ وادٍ لا يَصيرُ غُصُنا وصاحبٍ في الطَّبعِ منه رِقَّةٌ ... لو أنّها في جِسمِه كانت ضَنَى يَنزِعُ في القوسِ فيَرمي أسهُمًا ... مُصيبةً تقضي ظُباها الحُنَنا (¬1) مالتْ به خَمْرُ الهوى حتى انبَرى ... يَرمي الحمَامَ فيُصيبُ الأغصُنا ¬

_ (¬1) كذا؛ ولعل صوابه: تمضي ظباها حتنى، والمعنى تقع في الهدف متقاربة المواقع.

إذا أمَرْناهُ بصيدِ طائرٍ ... كأنّما قُلنا لهُ: اضرِبْ غُصُنا فلو دَرَيْنا أنهُ خالَفَنا ... قُلنا له: اضرِبْ غُصُنًا لعلّنا أطهَرُ مِن بُرْدِ التَّقِيِّ سَهْمُهُ ... ما مُسَّ فيه الدّمُ إلّا بالمُنَى لو أنّ ذاك السَّهمَ عندَ قِبلتي ... إذًا لَصَلَّيتُ إليه مُوقِنا تُظِلُّه الطّيرُ ولا تَرهَبُه ... فهْيَ له ظلٌّ وليست بجَنَى قد علِمتْ عِلمًا بأنّ نَصْلَهُ ... عن دَمِها أعفُّ نصلٍ مُقتنَى تَشْدو إذا ما أرسَلَ السَّهمَ لها ... كأنّما أهدَى إليها فَنَنا كأنّما السَّهمُ يُراعي عهدَها ... أيامَ غنَّت في ذُراه مُيَّنا (¬1) يَذكُرُ تحت شَدْوِها مَراحَهُ ... ورقصهُ لهوًا بها ودَدَنا فكلّما أنبَضَ صافٍ سَهْمُه ... كأنّما يُحْسِنُ ألّا يُحْسِنا تخَّيَلَ الوادي هناك حَرَمًا ... لذاك ما خلَّى الحَمامَ أُمَّنا وربّما وافَى الخليجَ وارِدًا ... فأقصَدَ الحوتَ وما تيقَّنا [117 و] ورَمْيةٍ عن غيرِ قصدٍ قَرْطَسَتْ ... فهْيَ لِرامٍ لا يُعَدُّ مُحسِنا يا وَيْحَها منهُ إذا تَدَرَّعَتْ ... بالماءِ شقَّ السّهمُ ذاك الجَوْشَنا يا صاحبيْ والنُّصحُ من شَرْطِ التُّقى ... دعَ السِّهامَ وتوَقَّ الأيمُنا وسَلْ غزالَ السِّربِ ما لطَرْفِهِ ... يَجرَحُ جِسمًا في حشاهُ سَكَنا الجارُ لا يُضيعُ حقَّ جارِهِ ... وقد سكَنْتَ القلبَ فارعَ البَدَنا دَلّ المَشُوق بغرورٍ لينُهُ ... فيا له صَبًّا تدَلّى فدَنا تَيَّمَني مَنْ طرْفُهُ مُستضعَفٌ ... تَراه كالمؤمنِ لَيْنا هيِّنا ¬

(¬1) كذا ولعلها: مجنا أو مسنا، من مجن أو مسن، وهما بمعنًى.

وتحتَ ذاك اللِّينِ منك شدّةٌ ... تُشبهُ جِدَّ الموتِ في لعبِ القَنا يا غُصُنًا أثمرَهُ قلبي الشَّجِي ... لو أنهُ بين ذراعيَّ انثَنَى غادَرَني غِبَّ النَّوى مُقْتَسمًا ... أبكي المغَاني وأزورُ الدِّمَنا وصاحبُ الحبِّ معنًّى أبدًا ... يُسْلَفُ أفكارًا فيقضي شَجَنا فأجابَه أبو الحَسَن بنُ الفَضْل [الرجز]: حرَّكْتَ بالشَّجوَى جَوًى قد سَكَنا ... فعلِّلِ النفْسَ بما تمكَّنا واستصحبِ الدهرَ على عِلَّاتِهِ ... وليس إلّا أن تُرَى مغتَبِنا الدهرُ ما تعلَمُ ذو تصرُّفٍ ... وأسأَلْ به منهُ فصيحًا ألكَنا لم يكترِثْ في حالتَيْه مَنْ غدا ... بكلِّ ما يَجري القضاءُ مُؤمنا فاستَلزِمِ الحَزْمَ إذا خَطْبٌ بِها ... واستَشعِرِ الخطبَ إذا أمرٌ عَنَا (¬1) وإن ندَبْتَ بالوفاءِ صاحبًا ... فإنهُ ما آبَ منذُ ظَعَنا لا تَنخدعْ في الناسِ واخبَرْ مِنهمُ ... مَنْ شِئْتَهُ تجِدْهُ داءً زَمِنا وهم بنو الدُّنيا فمَن يَصرفُهُمْ ... أن يُضمِروا تحتَ هُدونٍ دَخَنا أخَذتُ نَفْسي بانقباضي عنهمُ ... فصار لي لمّا أطَلْتُ دَيْدَنا سِيّانِ عندي والهوى مختلِفٌ ... قَصدْتُ خَلقًا أو عَبَدْتُ وَثَنا وقد تَساوى في طِباعي أنّني ... لبِستُ ذُلًّا ولبِستُ كفَنا أفضَلُ ما حازَ الفتى قناعةٌ ... وعِفّةٌ تَثنيهِ عن سُبْلِ الخَنا انظُرْ إلى أجداثِهمْ معتبِرًا ... هل ثَمَّ فرقٌ بينَ فقرٍ وغِنى؟ [117 ظ] وليسَ للإنسانِ إلّا ما سعَى ... وإنّ خيرَ السَّعي تخليدُ الثَّنا ¬

_ (¬1) كذا ورد، ولعل الصواب: إذا خطب بغى (أو عتا)، واستشعر الصبر.

مَنْ شاء أن يَذكُرَ أفعالَ العُلا ... في دهرِهِ كان لها مُؤَبِّنا لولا ابنُ إدريسٍ وفَضْلُ خُلْقِهِ ... لَما بَدَا منْ مِدَحي ما بَطَنا شقيقُ نَفْسي تُرْبَةً وغُربةً ... وأدَبًا وَمَذْهَبًا وَسَنَنا تَلوَّنَ الدهرُ على عاداتِهِ ... وهْو كما أدريهِ ما تَلوَّنا علِقتُ منهُ بالمعالي كلِّها ... فَخْرًا لنفْسِ ابنِ عليٍّ مقتنَى فاضرِبْ به تجِدْه عَضْبًا ناصِلًا ... واستسْقِهِ تجدْهُ غَيْثًا هَتِنا مهذَّبُ الفكرةِ مصقولُ النُّهى ... مُستعذَبُ الخِبرةِ معسولُ الجَنَى تُستوقِفُ الأفلاكُ إعجابًا به ... ويَستدِرُّ في المُحولِ المُزُنا أشهرُ من نُورِ الصّباح المُجتلَى ... أنضَرُ من نَوْرِ الأقاحِ المُجتنَى كمالُهُ من أولِ المعقولِ لم ... تطلُبْ عليه فكرَه تبرْهُنا قد بعَثَ الآدابَ من مَرقَدِها ... شُعْثًا فقامتْ تسطيلُ الوَسَنا وشافَ مَرآها فلاحَ آخِرًا ... كما تبدَّتْ أوّلًا أو أحسَنا لم يُذْكِ نورَ الرُّوح في أجسادِها ... إلّا بذِهنٍ قد أنار الفِطَنا إيهٍ أبا بحرٍ وعندي مِقْوَلٌ ... يُحسِنُ أن يَشكُرَ تلك المِنَنا أحسَنْتَ بي فهاكَ حبِّي صادقًا ... والمرءُ محبوبٌ إذا ما أحسَنا مثلُكَ من أبصَرَ (¬1) حالَ خِلِّه ... فأبطَنَ الشَّكوى بها وأعلَنا أعظمتَ أنْ راعَ الزمانُ أدبي ... وهل تَرى ذا أدبٍ مُؤَمِّنا (¬2) وفيكَ لم يَقْبَلْ فروضَ حقِّها ... أفِيَّ ترجو أن يُقيمَ السَّنَنا (¬3) ¬

_ (¬1) في ح: "أبصار" وفوقها علامة خطأ. (¬2) هذا البيت والذي يليه في اختصار القدح: 110 ورواية الأول: "أنكرت ... وهل رأيت ذا نهى". (¬3) اختصار القدح: "لم تقض الفروض ... تقيم".

ألستَ مَن سيَّرَها غَرائبًا ... تُتوِّجُ الشامَ وتكسو اليَمَنا أصْغَتْ لها بَغْدانُ حتّى استَصغَرَتْ ... حبيبَها وَمُسْلمًا والحَسَنا ما لي أرى شمسَ الضُّحى لم تلتمسْ ... كفَّك كي تلثُمَها تَيَمُّنَا؟! أين التي أنتَ لها مستوجِبٌ ... لو أنصفَ الدهرُ الذي تَخَوَّنا؟ فعَدِّ عنه مُضِربًا ومِلْ بنا ... إلى حديثٍ لا يُمِلُّ الألسُنا وعاطِني كأسَ المُجون إنّها ... تُثيرُ عِشْقًا في الفؤادِ كَمُنا [118 و] أتذكُرُ العهدَ الذي مَرَّ لنا ... بذي النَّقا حيثُ ظِباءُ المُنحنَى أيامَ ظَلَّ الدهرُ عنّا غافلًا ... حتى جنَيْنا العَيشَ غَضًّا ليِّنًا؟ ولا كيومٍ شرِبَتْ أرواحُنا ... راحَ الهوى فيه بكاساتِ المُنى في فتيةٍ بل فتنةٍ تنظَّموا ... سِمْطًا أأبصرتَ النجومَ مَوْهنا مِنْ كلِّ صافي الذهنِ وَقَّادِ الحِجَى ... كأنَّه من ذهنِهِ تكوَّنا لم تجتمعْ إلّا لهُ أفعالُه ... فمِلْ إليه تُلْفِ حُسْنًا مُحسَنا كنتُ أذمُّ زَمَني مِنْ قبلِهمْ ... فيومَ صَافَوْني حمِدتُ الزَّمنا سرْنا على اسم الله فوقَ نَهَرٍ ... تفنَّنَ الحُسْن به تَفَنُّنا إذا استقامَ خِلتَهُ وذيلةً ... تَرْجِعُ نِصْفَ دُمْلُج إذا انثَنى وربّما تَصوغُهُ ريحُ الصَّبا ... سَلاسلًا تقتادُ فيها الفِتَنا كما سألتَ الوَصْلَ غِرًّا فاكتسَى ... جبينُهُ من أُنُفٍ تغَضُّنا حتّى إذا ما مُوِّجتْ متونُهُ ... أبصَرْتَ في بطنِ فتاةٍ عُكَنا مِلْنا على شطَّيهما كعاشقٍ ... يجني الوِصالَ من هنا ومِن هنا وتحتَنا حاملةٌ محمولةٌ ... تحمِلُها دَأبًا لكي تحمِلَنا

أعَدَّها للأُنسِ مَن أنشَأَها ... لذاك ما أحكَمَها وأتقنا وزانَها لمّا كسَا أعطافَها ... لونَ الشبابِ فأثارَ الدّدَنا كأنّما دُهْمَتُها بَنَفْسِجٌ ... صافحَ مِنْ متنِ الغديرِ سَوْسنا جَرَتْ على الماءِ وخَفَّ وَطْؤُها ... أليس تَدري جَرْيَها مُستيقِنا؟ ولو تشاءُ في الهواءِ مَسْبَحًا ... مِنْ خفَّةٍ في جسمِها لأمكَنا كأنّها غُزَيِّلٌ أفزَعَهُ ... محُتمِلٌ فاشتدَّ يَبغي مأْمَنا كم ملعَبٍ بين الحِمى وملعَبٍ ... جُزْنا بها كالبرقِ أو جازَتْ بنا سقَى ثَراها القَطْرُ من معاهدٍ ... متّصلاتٍ كأنابيبِ القَنا ما لاحَ منها منزلٌ إلّا ولم ... تقترحِ النفْسُ سواه مَوطِنا حتّى وصَلْنا جَنَّةَ الجَسْرِ التي ... تَحوي الجمالَ أظهُرًا وأبطُنا فالحمدُ لله الذي أذهَبَ عن ... نفوسِنا في شنتبوسَ الحَزَنا [118 ظ] ما فاتَنا لمّا بدا جَمالُها ... كلُّ جمالٍ قبلَها قد فَتَنا وما جَهِلنا غيرَها لكنّنا ... جئنا عليًّا فنَسِينا الحَسَنا نِعمَ المغاني لم يَضِفْها ناظرٌ ... إلّا قَرَتْه الحُسنَ نُورًا بيِّنا كم مجلسٍ تظُنُّه ومجلسٍ ... يخدُمُه إيوانُ كسرى مُذعِنا من رَفَعَ الصوتَ به مُلعثَمًا ... ردَّ عليه صوتُه مبيِّنا راقَ فلاحَ وَجْنةً وافتتَحَتْ ... طاقاتُه فيه فكانت أعيُنا هي القُصورُ البِيضُ لا ما حَدَّثوا ... عن إرمٍ وغيِرها من البِنا تختطفُ الأبصارَ من لأْلائها ... واللّيلُ قد أرخَى القِناعَ الأدكنا كأنّما النَّهرُ الخِضَمُّ تحتَها ... مجرَّةُ الأُفقِ امتدادًا وسَنا

وهْيَ عليه كالنجومِ سَحَرًا ... بينَ جُموعٍ وفُرادى وَثَنا لا نَشَرتْ كتابَ حُسنٍ روضةٌ ... إلّا بهاتيكَ البُنا مُعَنْوَنا ولا أبادَ الدهرُ منها مصنَعًا ... حتى تُرى وهْي تُبيدُ الأزمُنا فكمْ لنا ما بينَها من مَسْمَعٍ ... ومنظرٍ ومَعْشَقٍ، وكمْ لنا إن أبصَرَتْ شمسُ الضُّحى مُجونَنا ... تنقَّبتْ بالغَيْم كي لا تُفْتَنا أو سَمِعتْ وُرقُ الحَمام شدْوَنا ... مِلْنَ إلينا وتركْنَ الأغصُنا فمِن جمالٍ يستفِزُّ ناظرًا ... ومن حديثٍ يستميلُ أذُنا وشادنٍ في مُقلتَيْهِ مَرَضٌ ... أَعدى الجسومَ فبَدا فيها ضَنَى يُسيءُ ما شاءَ ولكنَّ الهوى ... يُبْصِرُ سوءَ الفعلِ منه حَسَنا ونافرٌ يقتُلُنا إذا نأَى ... مستأنِسٌ يَنشرُنا إذا دَنا مَنْ غَرَسَ النظرةَ في وجنتِهِ ... فقد جنَى العشقَ ونِعمَ ما جنَى وغيرُ بِدعٍ فتنةٌ بِحَسَنٍ ... مَنْ أَبدعَ الحُسنَ قضَى أن يَفْتِنا وصاحبٍ حُلوِ المُزاحِ مُمتعٍ ... يُصْفي السرورَ ويقُدُّ الشَّجَنا خادَعَنا لمّا مشَى ما بينَنا ... محتجِنًا لقوسِه مُضْطبِنا يحكي لنا ما شاءَهُ تظرُّفًا ... ويَزدهي برَمْيِهِ تمجُّنا ويدَّعي التصميمَ في أغراضِهِ ... ولو رمَى بَغْدانَ أصمَى عَدَنا [119 و] حتّى تدَلَّى طائرٌ من أيكةٍ ... لم يبقَ إلّا أن يقولَ: ها أنا قُلنا لهُ: قد أكثَبَ الصَّيدُ فقُمْ ... فأَرِنا من بعضِ ما حدثتَنا فقامَ كسلانَ يمُطُّ حاجِبًا ... ويتمطَّى بينَ أينٍ ووَنَى وبينَما أوترَها وبينَما ... كانت تشَظَّى في يديهِ إحَنا وعندَما رمَى حَمامَ فَنَنٍ ... أخطأهُ وما أصابَ الفَنَنا

652 - علي بن محمد بن فضيل اللخمي، إشبيلي نزل تونس، أبو الحسن

أستغفرُ اللهَ له إنْ لم يكنْ ... أطعَمَنا الصَّيدَ فقد أضحَكَنا لو أنّ رَضْوى مَثُلَتْ من كَثبٍ ... لسهمِه لَصافَ عنها وانثَنَى ولو رمَى الواديَ حين مدِّهِ ... لهابَه السَّهمُ وأمَّ السُّفُنا ولو لأفكاري رمَى أسهُمَه ... ولم يُرِعْها اللحظُ باتَتْ أُمَّنا يا طَرْفَ مَن أهوى على بُعدِ المدى ... أصمَيْتَني فبات قلبي مُثخَنا لم يَنْجُ من تلك الجفونِ بشَرٌ ... كأنّها صَرْفُ المنايا والمُنَى وابِأَبي والله أحوى أحوَرٌ ... يُقطِّعُ القلبَ ويُضني البَدَنا كنت حسِبتُ أن تفسيراتِهِ (¬1) ... عن رحمةٍ في طَرْفِه إذا رَنا حتى امتُحِنتُ فحَصَلتُ دانيًا ... منها على طولِ العذابِ والعَنا والمرءُ مغرورٌ ببادي رأيِهِ ... ويظهَرُ الحقُّ إذا ما امتُحِنا ظَبْيٌ تركْتُ وَطَني أطلبُهُ ... فصحَّ لي أنّي تركتُ الوَطَنا فلستُ أدري والأمانيْ ضَلَّةٌ ... أوَطنًا أندُبُه أم سَكَنا؟ توفِّي في ربيعٍ الأول عامَ سبعةٍ وعشرينَ وست مئةٍ ابنَ أربع وستينَ سنة. 652 - عليُّ بن محمد بن فُضَيْل اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ نَزَلَ تونُس، أبو الحَسَن. كان أديبًا تأريخيًّا نبيلًا، مَن أبرَع الناس خَطًّا. توفِّي ليلةَ الجُمعة السابعة والعشرينَ من ذي قَعْدةِ ستٍّ وسبعينَ وست مئة. 653 - عليُّ (¬2) بن محمد بن لب بن سعيد القَيْسيُّ، طُلَيْطُليٌّ، قالهُ ابنُ خَيْر (¬3)، وغلَّطَه ابنُ الأبّارِ في ذلك، سكَنَ إشبيلِيَةَ، أبو الحَسَن الباغِيُّ باغُه دانية. ¬

_ (¬1) كذا في النسخ، ولعلها: "تفتيراته" أو "تفتيرًا به". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2717)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 181، والذهبي في المستملح (650)، وتاريخ الإسلام 11/ 637. (¬3) ينظر فهرسته 56، 58، 71، 526، 534، 547 (ط. د. بشار).

654 - علي بن محمد بن محمد بن أحمد بن أبي العافية اللخمي، مرسي قسطلي الأصل، أبو الحسن القسطلي

رَوى عن أبي داودَ الِهشَاميِّ وأبي عبد الله المَغَامِّي. رَوى عنه أبَوا بكر: ابنُ خَيْر وابن رِزْق، وأبو الحَسَن نَجَبةُ، وأبو عبد الله النُّمَيْريّ، وأبو [141 ظ] القاسم عبدُ الرّحمن بن عليّ السَّبْتيّ القَرَّاق. وحدَّث عنه بالإجازة أبو جعفر بنُ حَكَم وغَلِطَ فيه. وكان مُقرِئًا حَسَنَ القيام على تجويدِ القرآن، ضابطًا لاختلافِ القُرّاء، زاهدًا وَرِعًا فاضلًا، وأمَّ بمسجدِ ابن بَشْكُوان (¬1)، واستُشهِدَ نفَعَه الله. 654 - عليُّ (¬2) بن محمد بن محمد (¬3) بن أحمدَ بن أبي العافِية اللَّخْميُّ، مُرْسِيٌّ قَسْطَليُّ الأصل، أبو الحَسَن القَسْطَليُّ. رَوى عن صِهرِه زَوْج عمّتِه وأبي امرأتِه أسماءَ أبي القاسم بن حُبَيْش، وأبي بكر بن أبي ليلى، وآباءِ عبد الله: ابن حَمِيد وابن الفَرَس وابن يوسُفَ بن سَعادةَ، وأبي عليّ بن عليّ. وأجاز له أبو الحَسَن بن هُذَيْل. رَوى عنه ابنُ أُختِه أبو عبد الله بنُ الحَسَن بن حازِم، وأبو القاسم بن نَبيل، وحدَّثني عنه شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْني. وكان ذا حظٍّ من العلم ليسَ بالوافر، واستُقضيَ بمُرْسِيَةَ مرَّتَيْن وببَلَنْسِيَةَ وشاطِبة، وكان جَزْلًا مَهِيبًا أشبَهَ بالرؤساءِ منه بالفقهاءِ والقُضاة، وكُفَّ بصَرُه بأخَرة، وعلى ذلك كان يتَولَّى الأعمالَ ويعتسِفُ الطُّرُق. مولدُه في ربيعٍ الأوّل سنةَ أربع وخمسينَ وخمس مئة، وأثارَ فتنةً جَرَّتْ هلاكَه فقُتلَ بمُرْسِيَةَ ليلةَ الأربعاء، وقال ابن الأبار: ليلةَ الثلاثاء، سابعة جُمادى الأولى عامَ ستةٍ وعشرينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) هكذا في النسخ، وتنبه إلى ذلك المعلق على نسخة ح فقال: "ابن الأبار: ابن بشير". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2830)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 283، والذهبي في المستملح (703)، وتاريخ الإسلام 13/ 816. (¬3) هكذا بتكرار "محمد" في نسبه، وفي جميع مصادر ترجمته: "علي بن محمد بن أحمد بن أبي العافية".

655 - علي بن محمد بن محمد بن شعيب، أشوني نزل جزائر بني زغنا، أبو الحسن الأشوني

655 - عليُّ (¬1) بن محمد بن محمد بن شُعَيْب، أشُونيٌّ نَزَل جزائرَ بني زَغَنّا، أبو الحَسَن الأَشُونيّ. رَوى عنه أبو محمد عبدُ الواحد بن محمد بن حَبِيب اللَّخْميُّ الجزائري. وكان نَحْويًّا لُغَويًّا أديبًا حافظًا تأريخيُّا، واستَملَى منه أبو محمد بنُ حَبِيب المذكور "أماليَه الأدبيّة" المنسُوبةَ إليه فأملاها من ذِكْرِه، وهي أمالٍ نبيلةٌ مُفيدة شاهدةٌ بفَضْل حِفظٍ وجَوْدة اختيارٍ وحُسن تصرُّف، وقد أودَعَها جُملةً وافرة من مُنشَآتِه نثرًا ونطمًا، ومنها قولُه يحُضُّ على طلبِ العلم والاجتهادِ فيه [البسيط]: إنّ العلومَ لأشخاصٌ مُعَيَّنةٌ ... فلا يَراهُنَّ إلّا لُبُّ مَنْ دَرَسَا مَنْ شَرَّدَ النّومَ والظلماءُ عاكفةٌ ... فكيف حتى يُضاهيْه الذي نَعِسا فادرُسْ تَسُدْ وتكنْ في الناسِ معتليًا ... ورُحْ -هُدِيْتَ- لنُورِ العلم مقتبِسا [142 و] وفي نحوِه [المتقارب]: تعلَّمْ خليليَ حينَ الشبابِ ... تَفُقْ بالعلوم الرجالَ الكبارا فمَنْ واظبَ العلمَ صاحِ صغيرًا ... نفَى عنه عندَ السؤالِ الصَّغارا وفي التنبيهِ على طلبِ الأدب واقتناء الكُتُب [الوافر]: عليك بصحبةِ الأُدباءِ يا مَنْ ... يُحاولُ أنْ يَسُودَ على الصِّحابِ فما في الناسِ أرفعُ من أديبٍ ... ولا في الأرضِ أرفعُ من كتابِ وفي نَظْم المثَل الجاري على ألسِنة الناس: "الرأيُ للرأي مَصْقَلة" [الطويل]: إذا صدئتْ مِرآةُ فهمِك فاجْلُها ... بِرأي أخي نُصح مُصيبٍ يُقَرْطِسُ (¬2) ولا تُمضِ رأيًا منكَ دونَ مَشُورةٍ ... فإنّ اقترانَ الرأي بالرأي مِدْوَسُ (¬3) ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2716). (¬2) يقرطس: يصيب. (¬3) المدوس: أداة الصقل.

وفي الزُّهد [المتقارب]: يقيني يقيني بحَوْلِ الإلهِ ... ولو كنتُ دهري عن الرُّشدِ لاهِ وإحياءُ قلبي بذِكْرِ المليكِ ... وكوْنيَ عن ذكْرِهِ غيرَ ساهِ فما الفوزُ إلّا بصَفْوِ الضّميرِ ... ودينٍ مَتينٍ وتَرْكِ المناهي وتقوى القلوبِ ورَفْضِ الذنوبِ ... ودفع العيوبِ حِذارَ النّواهي وفي القناعة [المنسرح]: لاتسألِ الناسَ حَبَّ خَرْدلةٍ ... ولسَلْ إلهًا براكَ من طينِ فرِزقُهُ للعبادِ ذو سَعَةٍ ... ليس بفانٍ ولا بمنونِ وفي الاعترافِ بالذنب، وقوّة الرّجاءِ في عَفْو الرّبّ [البسيط]: لاقُوةً ليَ ياربِّ فأنتصرُ ... ولا بَراءةَ من ذنبي فأعتذرُ فإنْ تُعاقِبْ فإنّي مُذنبٌ نَطِفٌ (¬1) ... وإن صَفَحْتَ فمنكَ الصَّفحُ يُنْتَظَرُ أنت العظيمُ فإنْ لم تَعْفُ مقتدِرًا ... عن العظيم فَمَنْ يعفو ويَقتدرُ؟! وفي وَصْفِ حالِه حين دَخَل الجزائر [الكامل]: يا وَيْحَ ناءٍ شَطَّ عن أحبابِه ... وسَقاهُ طولُ البُعدِ مُرَّ شرابِهِ قذَفَتْ به أيدي النَّوى في معشَرٍ ... لم يَحفَلوا طُرًّا بعُظْم مُصابِهِ يُمسي وُيصبحُ هائمًا متحيِّزًا ... قد عَضَّهُ صَرْفُ الزمانِ بنابِهِ [142 ظ] مازال يجعَلُه دَريئةَ سهمِهِ ... حتى غزاهُ بِشرْيهِ وبصابِهِ أَمَّ الجزائرَ كي يُصادفَ مُلْطفًا ... يكسو الذي يشكوهُ منْ أوصابِهِ فإذا الأنامُ غُذُوا بثَدْيٍ واحدٍ ... في كلِّ قُطرٍ آهلٍ بسحابِهِ ¬

_ (¬1) نطف: مريب متلطخ بالعيب.

656 - علي بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الخشني، من ذرية أبب ثعلبة الخشني رضي الله عنه، إشبيلي أبذي الأصل، نزل غرناطة بعد تغلب النصارى على إشبيلية، أبو الحسن الأبذي

لا يَطمَعُ السُّبروتُ فيما عندَهُ ... كالقَفْرِ لا يُرْجَى شرابُ سرابِهِ (¬1) حقًّا لقد ذهبَ الكرامُ من الوَرى ... لم يبقَ إلّا كلُّ جِلْفٍ جابِهِ إن كان جارَ عليَّ دهرٌ جائرٌ ... فالدهرُ أُغريَ باللَّبيبِ النابِهِ ورَفَلتُ في سُمْلِ الثيابِ فلم يُضِعْ ... شَرَفَ المهندِ مسترِثُّ قِرابِهِ حُرٌّ كساهُ العُدْمُ ثوبَ خمولِهِ ... وكأنّما قارونُ في أثوابِه توفِّي سنة سبع وثلاثين وخمس مئة. 656 - عليُّ (¬2) بن محمدِ بن محمد بن عبد الرّحمن الخُشَني، من ذُرِّية أبب ثَعْلبةَ الخُشَنيِّ رضيَ اللهُ عنه، إشبيليٌّ أُبَّذِيُّ الأصل، نزَلَ غَرْناطةَ بعد تغلُّبِ النَّصارى على إشبيلِيَةَ، أبو الحَسَنَ الأُبَّذِيُّ. أخَذ عن أبي عليّ ابن الشَّلَوْبِين واختَصَّ به كثيرًا ولازَمَه. أخَذ الناسُ عنه كثيرًا، وكان متقدِّمًا في علم العربيّة، حاضَرَ الذِّكْرِ لأقوال النُّحاة، حَسَنَ الإلقاء، تصدَّر لإقراءِ العربيّة طويلًا، وتوفِّي بغَرْناطةَ في رجبِ ثمانينَ وست مئة. 657 - عليُّ بن محمد بن محمدِ بن محمد الأنصاريُّ، قُرطُبيٌّ -فيما أحسِب- أبو الحَسَن. رَوى عن أبي الحَسَن ابن الفَقّاص، وأبي القاسم ابن الطَّيْلَسان. 658 - عليُّ بن محمد بن محمد المُراديُّ. رَوى عن أبي عبدِ الله بن حبَاسة. 659 - عليُّ بن محمد بن مَرْوانَ القَيْسيُّ، إشبِيليٌّ. كان عاقدًا للشُّروط بصيرًا بها، حيًّا سنةَ خمسٍ وخمسينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) السبروت: المحتاج المقلّ. (¬2) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 307، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 199 نقلًا من الإحاطة، ولم نقف عليه فيه.

660 - علي بن محمد بن مجاهد

660 - عليُّ (¬1) بن محمد بن مُجاهِد. رَوى عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ. 661 - عليُّ بن محمد بن مُسَلَّم الأُمَويُّ، إشبِيليّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي، وأبي عبد الله أحمدَ الخَوْلاني، وكان مُقرِئًا. 662 - عليُّ بن محمد بن مُسَلَّم البَلَويُّ. 663 - عليُّ (¬2) بن محمد بن مُسَلَّم، مَوْلى المعتمِد أبي القاسم محمد بن عَبّاد اللَّخْميِّ، إشبيليٌّ، أبو الحَسَن. أخَذ النَّحو عن أبي عبد الله بن أبي العافية ولازَمَه فيه طويلًا. أخَذ عنه أبو بكر بنُ طاهر، وأبو الحَسَن نَجَبَةُ، وأبو الوليد بنُ نام وغيرُهم. وكان [141 و] من جِلّةِ النَّحْويِّين، درَّس النّحوَ كثيرًا وعَلَّم به، وشُهِرَ بجَوْدةِ الإلقاء وإنجابِ التلاميذ، وكان حيًّا سنةَ تسع وثلاثينَ وخمس مئة. 664 - عليُّ (¬3) بن محمد بن منصُور الغافِقيّ، أبو الحَسَن، ابنُ شَرَّاجة (¬4). رَوى بالأندَلُس عن أبوَيْ عبد الله: الإستِجِيِّ وابن الفَخّار، وأبي العبّاس ابن اليتيم، وأبي القاسم السُّهَيْليِّ وأكثَرَ عنه، وأبي محمد عبدِ الحقّ بن بُونُهْ، وبسَبْتَةَ عن أبي محمدٍ الحَجْري، وبمَرّاكُشَ عن نَجَبةَ وأبي العبّاس ابن مَضَاء. وأجاز له أبَوا بكر: ابنُ الجَدّ وابن أبي جَمْرة، وأبو جعفر بن حَكَم، وأبو الحَسَن بن كَوْثَر، وأبو خالد بنُ رِفاعة، وآباءُ عبد الله: ابنُ حَمِيد وابن زَرْقُون وابنُ نُوح، وأبو القاسم الشَّرّاطُ، وأبو محمدِ عبدُ المُنعِم ابن الفَرَس. ¬

_ (¬1) وقعت هذه الترجمة في ح بعد الترجمة التي تليها وجاءت الترجمة رقم (661) مكررة. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2723)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 172، والذهبي في المستملح (652)، وتاريخ الإسلام 11/ 713، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 206. (¬3) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 271. (¬4) جاء في هامش ح: "تقييده بشين معجم مفتوح وراء مشددة وألف وجيم وتاء تأنيث" قلنا: هذا منقول من صلة ابن الزبير.

665 - علي بن محمد بن موسى اللخمي، أبو الحسن

رَوى عنه أبو إسحاقَ بن عبد العزيز الفَخّار، وكتَبَ إليه من أهل المشرِق الجماعةُ المذكورونَ في رَسْم أبي الطاهر أحمدَ بن عليّ الهَوّاري، وكان مُقرِئًا مجوّدًا محدِّثًا راوِية، ذا حظّ صالح من النَّحو والأدب، تصَدَّر لإفادةِ ما كان عندَه [من العلم] (¬1) دَهْرًا طويلًا، وكان ضريرًا، نفَعَه الله (¬2). 665 - عليُّ بن محمد بن موسى اللَّخْميُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي جعفر بن عَوْن. 666 - عليُّ بن أبي عبد الله محمد بن نَجْدةَ الطائيُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكر بن عَتِيق اللارِديّ، وكان فقيهًا جليلًا، واستُقضى. 667 - عليُّ بن محمد بن هارونَ بن خَلَف بن هارونَ السُّمَاتيُّ، إشبِيليٌّ تُرْجَاليُّ الأصل. رَوى عن أبي الحَسَن خَضِر بن محمد بن نَمِر. رَوى عنه أبو العبّاس. 668 - عليُّ بن محمد بن هِشَام بن حَيّانَ الأُمَويُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي العبّاس بن عبد المؤمن. 669 - عليُّ (¬3) بن محمد بن يَبْقَى الخَزْرَجيُّ، أورِيُوليٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ جِبِلُّه، بجيم معقودٍ وباءٍ بواحدة مكسورَيْن ولام مشدَّد مضموم وهاءِ استراحة. رَوى بالأندَلُس عن أبي عبد الله بن يوسُف بن سَعادةَ، ورَحَلَ مُشَرِّقَا صُحبةَ أخيه أبي بكرٍ (¬4) وأبيهما سنةَ ثلاثٍ وسبعينَ وخمس مئة، ورَوى عن مَن أدرَكَه هنالك من بقايا الشيوخ، كأبي حَفْص المَيَانِجيِّ، وأبي سعدٍ محمد بن عبد الرّحمن ¬

_ (¬1) زيادة انفردت بها م. (¬2) هامش ح: "توفي ببلده مالقة في عشر العشرين وست مئة" (انظر صلة الصلة). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2833)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 288، والذهبي في المستملح (706)، وتاريخ الإسلام 13/ 928. (¬4) اسمه محمد.

670 - علي بن محمد بن يحيى بن بسام القيسي، أبو الحسن

المَسْعوديِّ، وأبي طابٍ أحمدَ بن مُسَلَّم بن رَجاءٍ اللَّخْميّ التَّنُوخيّ، وأبوَي الطاهِر: ابن عَوْف والسِّلَفي، وآباءِ عبد الله: الحَضْرَميِّ والطُّوسيِّ إمامِ المقام شرَّفَه الله، [119 ظ] والقَزْويني والكِرْكنْتي، وأبي القاسم مخلُوفِ بن عليّ بن جارَةَ، وأبي محمد ابن سَعْدِ الله الحنَفيِّ، وأبي يعقوبَ بن الطُّفَيْل الدِّمشقيِّ، وفاطمةَ بنت سَعْدِ الخَيْر. وآثَرَ أخوه أبو بكرٍ المقامَ هنالك فاستَوطَنَ القاهرة (¬1)، وقَفَلَ أبو الحَسَن هذا إلى الأندَلُس فاستقَرَّ ببلدِه أُورِيُولةَ، وأسمَعَ بها الحديثَ، فرَوى عنه أبو السُّبَيْل (¬2) وأبو القاسم بن نَبيل، وأبو محمد بنُ عبد الرّحمن ابن بُرْطُلُّه، وحدَّثنا عنه شَيْخانا: أبو الحَسَن الرُّعَيْني وأبو عليّ ابنُ الناظرِ رحمهما الله، وحَدَّث بالإجارةِ عنه أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان بإفادةِ شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيّ (¬3). وكان شَيْخًا صالحًا، حَسَنَ السَّمتِ، متواضِعًا فاضلًا مَرْضِيَّ الجُملة، راوِيةً عَدْلًا في ما يَنقُلُه، صحيحَ السَّماع، خَطَبَ ببلدِه أُورِيُولةَ زمانًا، وكان صاحبَ الصّلاة بجامعِها، ملتزِمًا إسماعَ الحديثِ به، معروفًا بالخيِر ومَتانةِ الدِّين إلى أن تُوفِّي ببلدِه سنةَ ثلاثينَ وست مئة. 670 - عليُّ بن محمد بن يحيى بن بَسّام القَيْسيُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكرٍ عَيّاش بن فَرَج، وأبي جعفر بن إبراهيمَ الكُونْكِي، وآباءِ الحَسَن: عبد الرّحمن بن عَفِيف وعبد الرّحيم الحِجَاريِّ وعبد الجليل وفَضل الله ويونُس بن مُغِيث، وآباءِ القاسم: ابن بَقِيّ وابن رِضا وعبد الرّحيم بن محمد البَيّاسي، وأبي محمد بن عَتّاب، وأبي الوليد بن طَرِيف. وأجاز له أبو الحَسَن عَبّاد بن سِرْحان، وأبو القاسم عيسى بن جَهْوَر. رَوى عنه أبو محمد وأبو الحَسَن ابنا أحمدَ بن محمد بن عليّ بن عَلُّوش. ¬

_ (¬1) في هامش ح: "وتوفي بها في العشرين من ذي قعدة سنة سبع عشرة وست مئة". قلنا: هكذا قال المنذري في التكملة 3/الترجمة 1768 ونقله الذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 530 عنه. (¬2) فوقها علامة خطأ في ح. (¬3) في هامش ح: "وروى عنه أيضًا القاضي أبو بكر بن رشيق وأبو العباس أحمد بن علي الأنداري وغيرهما".

671 - علي بن محمد بن يحيى بن ناصر الأنصاري، قرطبي، أبو الحسن

671 - عليُّ (¬1) بن محمد بن يحيى بن ناصِر الأنصاريُّ، قُرطُبيّ، أبو الحَسَن. تَلا على أبي بكر (¬2) بن صَافٍ الجَيّاني، وأبي الحَسَن عبد الجليل. ورَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجيِّ، وأبي داودَ بن يحيى، وأبوَيْ عبد الله: ابن مَعْمَر وابن نَجاح، وآباءِ القاسم: ابن بَقِيّ وابن رِضا وعبد الرّحيم ابن الفَرَس، وأبي مَرْوانَ ابن مَسَرَّة. وأجاز له أبو إسحاقَ بن فَرْقَد وأبو بكرٍ ابنُ الجَدّ، وأبو عبد الله بن مَعْمَر. رَوى عنه أبو بكر بنُ عليّ ابن الغَزّال، وأبو الحَسَن بن محمد ابن البَلَنْسْي. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا نَحْويًّا متقدِّمًا متصَدِّرًا لإقراءِ القرآنِ وتدريس العربيّة (¬3). 672 - عليُّ (¬4) بن محمد بن يَنَيرَ (¬5) الأنصاريُّ، من ساكني مالَقةَ [120 و] وأصلُه من الثَّغر الشَّرقي. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي، وأبي بحرٍ الأسَديِّ، وأبي عبد الله المَوْرُوريِّ، وأبي عِمرانَ بن أبي تَلِيد، وأبي محمد بن أبي جعفر، وكانت له عنايةٌ تامّة بلقاءِ الشيوخ والأخْذِ عنهم، وكتَبَ الكثير. 673 - عليُّ (¬6) بن محمد بن يوسُفَ بن خَرُوفٍ القَيْسيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ خَرُوف. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2775)، والذهبي في المستملح (675)، وتاريخ الإسلام 12/ 656. (¬2) في هامش ح: "أبو عبد الله: كنى ابن الأبار لإبن صاف هذا". (¬3) في هامش ح ترجمة مزيدة وهي: "علي بن محمد بن يزيد الميورقي، أبو الحسن. أخذ عنه أبو بكر بن مسدي وذكره في معجم شيوخه". (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2713)، وفي معجم أصحاب الصدفي (257). (¬5) في هامش ح: "هو على اسم الشهر العجمي سواء". (¬6) ترجمه التجيبي في زاد المسافر (62)، وابن الشعار في قلائد الجمان 4/ الورقة 409 (سزكين)، وابن خلكان في وفيات الأعيان 7/ 100، وابن سعيد في رايات المبرزين (49)، والمغرب 1/ 136، والغصون اليانعة (138)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 246، والذهبي في المستملح (698)، وابن فضل الله في مسالك الأبصار 11/ الورقة 480 وغيرهم. وانظر بلا بد تعليقنا على ترجمة ابن خروف النحوي المتقدمة ترجمته.

رَوى عن مَشْيَخةِ بلدِه، ثم رَحَلَ وحَجَّ، وحمَلَ عن أبي الطاهر الخُشُوعيِّ "مقاماتِ الحَرِيري" سَماعًا لثلاثينَ منها وإجازةً لسائرِها، وكتب هنالك الحديث، وجاوَرَ بالقُدس ورَوى فيه عن أبي الحَسَن بن جميل المالَقيّ، وجاوَرَ بغيرِه، واستقَرَّ بمِصرَ (¬1). رَوى عنه أبو عَمْرو بنُ سالم. وكان شاعرًا مُجِيدًا بارعَ التشبيهاتِ نبيلَ المقاصِد ولا سيَّما في المُقَطَّعات، فله في نَظْمِها الشَّأوُ الذي لا يُدرَك، ولمّا عُرِفَ بالمشرِق حَظِيَ عندَ أهلِه واحتَفَلوا في بِرِّه والقيام بحقِّه، واعتَرفوا بفَضْلِه؛ وممّا شاع من شعرِه قولُه في وَصْفِ سِنْديّ (¬2) [الكامل]: ومُنوَّع الحرَكاتِ يلعَبُ بالنُّهى ... لبِسَ المحاسنَ عندَ خَلْع لِباسِهِ متأوِّدٌ كالغُصنِ عند كثيبِهِ ... متلاعبٌ كالظَّبي عند كِنَاسِهِ بالعقل يلعَبُ مُقبِلًا أو مُدبِرًا ... كالدّهرِ يلعَبُ كيف شاء بناسِهِ ويضُمُّ للقدَمَيْنِ منه رأسَهُ ... كالسيفِ ضُمَّ ذُبابُهُ لرِيَاسِهِ وهذا من التشبيهاتِ العُقْم على قلبٍ فيه تُمكِن تسويتُه بوَجْه ما. ومنه يَستهدي كَبْشًا (¬3) [المجتث]: يامَن حوى كلَّ مَجْدٍ ... بِجِدِّهِ وبجَدِّهْ أتاك نَجلُ خَروفٍ ... فامنُنْ عليه بجَدِّهْ ومنه في قَوْس عربيّة دارت بيدِ شابّ وسيم فأصابَتْ إحدى ثناياه فكسَرَتْها [البسيط]: بعدًا لناحلةٍ زَوْراءَ مُزْرِيةٍ ... بالبابليّةِ ذات الغُنْج والحَوَرِ ¬

_ (¬1) في هامش ح: "قفل ابن خروف هذا من رحلته الأولى فأقام بقرطبة يسيرًا ثم عاد إلى المشرق". (¬2) الأبيات في صلة الصلة 4/الترجمة 246. (¬3) أوردهما في زاد المسافر.

يَطوي الهلالُ لها كَشْحًا على حَنَقٍ ... لمّا بَدَتْ مِثلَه في راحتَيْ قمرِ بابَ اللُّمى قَرَعتْ منه وما كرَعَتْ ... فنالتِ الذمَّ في وِرْدٍ وفي صَدَرِ [121 ظ] لم تخشَ نَرْجِستي عينَيْه لا خشيتْ ... ولم يَبِتْ منهما خَلْقٌ بلا حَذَرِ لم تَرْعَ سَوْسَنتَيْ كفَّيْهِ لا رُعِيَتْ ... وللوَرى بهما نَفْعٌ بلا ضَررِ في أُقحوانتِه الفَلْجاءِ قد عَبَثَتْ ... وعَطَّلَت بعضَها من حِليةِ الأثرِ فقال عنها لسانُ الحال مُعتذرًا ... وربّما قُبِلت أعذارُ مُعتذرِ: إنّ الغُصونَ إذا مالت معاطفُها ... بالرَّوض تَنثُرُ ما تلقَى من الزَّهَرِ وفي المعنى (¬1) [الكامل]: لا زُرتِ يا زَوْراءُ كفَّ حُلاحلٍ ... يومَ الهِيَاج ولا رَمَيْتِ نِبَالا نازعتِ عندَ الرَّمي مُقلةَ شادنٍ ... تُصمي القلوبَ وما تُغِبُّ نِصَالا وقَرَعْتِ ما يُحمَى بها حسَدًا لهُ ... لمّا غدا بَدْرًا ولُحتِ هلالا فغَدَتْ جُمانةُ سِنِّهِ مَرْجانةً ... وغدا قُراحُ رُضابِهِ جِرْيالا وفي استدعاءِ حبّةِ مِسك [مخلع البسيط]: يا ماجدًا لا يزالُ يحكي ... في مجدِهِ عمَّهُ وخالَهُ وَجِّهْ لوَجْهِ المدادِ منّي ... حبّةَ مسكٍ تكونُ خالَهْ وفي معنًى آخَرَ (¬2) [الطويل]: تبَلَّجَ صُبحُ الذِّهن منِّيَ واضحًا ... فغارَتْ من الأهوالِ شُهبٌ عواتمُ ولو كان ليلُ الجَهْلِ عنديَ حالكًا ... للاحَتْ به مِثلَ النجومِ الدّراهمُ ¬

_ (¬1) الأبيات في زاد المسافر. (¬2) البيتان في زاد المسافر.

674 - علي بن محمد بن يوسف بن عبد الله الفهمي، قرطبي يابري الأصل حديثا، طليطلي أصل السلف قديما، سكن سلا ثم مراكش، أبو الحسن الفهمي

وفي مكبولٍ من أبياتٍ لم يَحضُرْني منها عندَ التقييد غيرُ هذا [الطويل]: وحُجِّلْتَ والطَّرفُ الجَوادُ محُجَّلٌ ... وقُيِّدتَ والمعنى الغريبُ مُقَيَّدُ وكان بينَه وبينَ أبي جعفر بن يحيى الخطيبِ تباعُد، وقد قال يخاطبُه: [....] (¬1). توفِّي بحَلَبَ متردِّيًا في بئرٍ في نحوِ العشرينَ وست مئة. 674 - عليُّ (¬2) بن محمد بن يوسُفَ بن عبد الله الفَهْميُّ، قُرطُبيٌّ يابُرِيُّ الأصلِ حديثًا، طُلَيْطُليُّ أصلِ السَّلَفِ قديمًا، سَكَنَ سَلَا ثم مَرّاكُش، أبو الحَسَن الفَهْميُّ. تَلا في إشبيلِيَةَ بالسَّبع على أبي بكر بن خَيْر، وأبي الحَسَن نَجَبةَ، وبغَرْناطةَ على أبي عبد الله بن عَرُوس، وأبي محمد عبد المُنعِم بن الخَلُوفِ سنةَ [122 و] ثمانٍ وستينَ وخمس مئة، وسَمِع منهم، ومن أبي عبد الله ابن الغاسِل وأبي العبّاس بن مَضَاءٍ وأكثَرَ عنه. وأجاز له من أهل الأندَلُس: أبو إسحاقَ بن فَرْقَد، وأبو الرَّبيع الخُشَنيّ، وأبو زَيْد السُّهَيْلي، وأبو عبد الله القبَاعي، وأبَوا القاسم: ابنُ بَشْكُوال وابن الحاجّ، وأبو محمد بن عُبَيد الله وسِواهم. ومن أهلِ المشرِق: أبو الطاهر السِّلَفيُّ وابن عَوْف. رَوى عنه أبَوا عبد الله: ابنُ سَلَمةَ الشاطِبيُّ ابنُ الأديب وابنُ عليّ البَطَلْيَوْسِىُّ المَوْصِليّ. وكان حافظًا للقرآنِ العظيم مجوِّدًا لهُ عارفًا بالقراءاتِ قائمًا عليها، آيةً من آياتِ الله في حُسنِ الصَّوت، آخِذًا بطَرَف صالح من العربيّة، ذا حَظّ من روايةِ ¬

_ (¬1) بياض في النسخ. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2817)، والذهبي في المستملح (696)، وتاريخ الإسلام 13/ 510 ثم أعاده في 13/ 551 بسبب الاختلاف في تاريخ الوفاة، والمراكشي في الإعلام 9/ 68.

الحديث، ذَكِيَّا فَهِمًا يَقِظًا ضَريرًا، واجتازَ المنصُورُ من بني عبد المُؤمن به يومًا وهُو يقرأُ بمقبُرةٍ على جاري عادتِه، فأخَذَ بقلبِه طِيبُ نغَمتِه وحُسنُ إيرادَه، فقَرَّبَه واستَخْلَصَه وأمَرَه بتعليم أولادِه وقراءةِ حِزبٍ من التراويح في رَمَضان، فكان يقرأُه بحرفِ عاصم ويؤْثِرُه على غيرِه؛ ثم خَبِرَ أحوالَه وعرَفَ صَوْنَه وعَفافَه، فأمَرَه بتعليم بناتِه فاستَعْفاهُ من ذلك معتذِرًا بأنه يُدرِكُ بعضَ التفرِقة بينَ الألوان، فأحظاهُ ذلك عندَه لِما تحقَّق من صِدقِ نُصحِه، وألزَمَه تعليمَهنّ، وكان ذلك سببَ إثرائه وسَعة حالِه واقتنائه الرِّباعَ الجيِّدةَ الكثيرةَ بمَرّاكُشَ وغيِرها، وانتهى استغلالُه من رِباعِه بمَرّاكُشَ وحدَها خمسَ مئةِ درهم من دراهمِهم في اليوم الواحد؛ وإليه يُنسَبُ الحَمّامُ الذي بالعُدوةِ الشَّرْقيّة من ساقِيَةِ مَرّاكُش على المَحلِّ (¬1) الأعظم منها والعَقارُ المُجاورُ له. ولمّا توَجَّه المنصورُ إلى سَلَا مُستصحِبًا أولادَه، أمَرَهم بالكَوْنِ معَ أبي الحَسَن هذا وألحَفَ به، فلمّا برَزَ أهلُ سَلَا للقاءِ المنصورِ رأى بعضُهم أبا الحَسَن هذا يحُفُّ به أولادُ المنصورِ ويُعظِّمونَه ويُوَقِّرونَه، فقال: هكذا ينبغي أن يَرجِعَ الغريبُ إلى وطنِه وإلّا فلا. ولمّا شَرَعَ في بنائه المشارِ إليه -وذلك في أيام الناصِر ابن المنصُور- عَرَضَ له مُلكُ أحدِ جيرانِه ممّا يُصلِحُ بناءه فرام شراءه [122 ظ] منهُ فامتنَعَ من بَيْعِه إلّا بزيادةٍ كثيرة على قَدْرِ قيمتِه، فأجرَى ذلك أبو الحَسَن معَ من أوصَلَه إلى الناصر، فذَكَرَ الناصرُ لأهل مجلسِه هذه القصّةَ في معرِض العَتْب لهم وقال: لقد فرَّطتُم في حقِّ شيخِنا ومعلِّمنا ومعلِّم إخوانِنا وأخَواتِنا أبي الحَسَن الفَهْمي، فقالوا: وما ذلك وأيُّنا يَجهَلُ مكانتَه أو لا يَعرِفُ قدرَه ويُوفي حقَّه؟ فقال لهم: أراد شراءَ مُلكٍ يُحَسِّنُ له ما يريدُ بناءه، فلم تَسْعَوْا له في تملُّكِه، فقالوا: إنّ مالكَه اشتَطَّ في ثمنِه كثيرًا؛ فقال: يُشتَرَى له بما عَزَّ من الثمنِ وهان ويُرضَى صاحبُه وتُقضَى حاجةُ الفَهْميّ؛ فقالوا: إنه لا ينقا (¬2) إلى شرائه بالثمنِ ¬

_ (¬1) في هامش ح: "لعله: المحج". (¬2) كذا في النسخ، ولعلها: "ينقاد".

الذي عَيَّنَه مالكُه، فقال: يا لَلعجَب! أتُحوِجُونُه إلى دَفْع ثمنِه من تِلقاءِ نفسِه وصُلبِ مالِه؟ هلّا دفَعتُم ثمنَه من أموالِكم وتقرَّبتُم بذلك إلى مَرْضاةِ أبي الحَسَن وتَقَمُّن مسَرّتِه، فذلك الذي يَسُرُّنا ويُرضينا؟ فانفَصلوا عن المجلِس وابتاعوا ذلك المالَ من ربِّه بما أرضاهُ وحازه أبو الحَسَن وحَسَّنَ به ما كان قد قَصَدَ إلى تحسينِه من ذلك البناء. وإنّما أراد الناصرُ بهذا كلِّه تبيينَ مكانتِه عندَه والإشادةَ بتمكُّن حُظوتِه لديه، وإلّا فقد كان يكِلُه إلى شرائه لنفسِه أو يأمُرُ له بثمنِه من مالِه؛ وتحصَّلَ له بالِهبة من بني المنصُور وحاشيتِه ووُزرائه وعُمّالِه من الأموال والكُتُب النَّفيسة والذّخائرِ ما لا يُحصَى كثرةً، فإنهُ كان شديدَ الكدية كثيرَ إعمالِ الحِيَل في ذلك، مُصانعًا، لتمكُّنِه من جانبِ أُولي الأمر واختصاصِه بهم. وكان من عادتِه أنه متى بَلَغَه أنّ أحدًا صارت إليه فائدةٌ من جانب السُّلطان أو وَلِيَ ولايةً أو استُعمِلَ في خُطّه قَصَدَ إليه أو بَعَثَ رسُولًا نحوَه يلتمسُ منه إسَهامَه في عِمالتِه أو منافعِها، فلا يَسَعُه إلّا إسعافُه بذلك. وحَكَى الشّيخُ أبو الحَسَن بن قُطْرال (¬1)، قال: كانت كُبرى ديارِ أبي الحَسَن الفَهميِّ القريبةِ من حَمّامِه قبلَ تملُّكِه إيّاها لبعض ذوي قَرابةِ أبي الفَضْل ابن مَحْشَرةَ (¬2) الكاتب، وإنه كان قاعدًا يومًا عند بابِها، فاجتازَ به أبو الحَسَن الفَهْميُّ وتكفَّفَه فلم يُجْرِ اللهُ له على يدِه شيئًا، وانصَرفَ من عندِه خائبًا؛ ثم دارتَ الأحوالُ وتَرِبَ رَبُّ [132 و] تلك الدار واضْطُرَّ إلى بيعِها، فتداوَلَها المُلّاكُ إلى أنْ صارت إلى أبي الحَسَن الفَهْمي؛ وبينَا هو قاعدٌ يومًا بمَدخلِها وبعضُ العَطّارينَ يزِنُ هنالك فُلفُلًا كان قد ابتاعَه أبو الحَسَن منه أو باعَهُ له، فعَرَضَ له ذلك الذي كان رَبَّ الدار بالسؤال، فعَرَفَ أبو الحَسَن صوتَه، فقال: لعلّك فلان! فقال: نعم، فتناوَلَ بيدِه المِلَتَّ الذي يستعملُه العَطّارونَ ¬

_ (¬1) في م: "قرطال". (¬2) وقع في بعض النسخ: "محشوة"، والصواب ما أثبتنا، وتنظر ترجمته في عنوان الدراية 30، والبيان المغرب (قسم الموحدين) 163، والشهب اللامعة 213 - 214.

675 - علي بن محمد بن يوسف بن علي بن فتوح بن سعيد بن عبد الله بن أحمد بن زيد بن السمح بن مالك الخولاني، خضراوي

في اغترافِ أكثرِ سِلعِهم وحَثَا له من ذلك الفُلفُل حَثَياتٍ كثيرة لها قيمةٌ صالحة ودفَعَها إليه، فانصرَفَ بها، وحمِدَ الله أبو الحَسَن على ما خَوَّله من نِعَمِه، ثم ذكَرَ سؤالَه إياه قبلَ ذلك ببابِ تلك الدار وتخييبَهُ إياه وصَرْفَه على الوَجْه الذي كان قد صَرَفَه عليه حسبَما ذكَرَ، فسبحانَ مُديلِ الأمور الفَعّال لِما يريد. ولهُ إلى الآنَ عقِبٌ بأغماتِ وريكةَ خامِلون. وتوفِّي بمَرّاكُشَ سنةَ سبعَ أو ثمانِ عشْرةَ وست مئة، وتخَلَّف من الكُتُبِ ما بِيع في زمنِ المجاعة الشديدة بمئة ألفِ درهم. 675 - عليُّ بن محمد بن يوسُفَ بن عليّ بن فُتُوح بن سَعِيد بن عبد الله بن أحمدَ بن زَيْد بن السَّمْح بن مالكٍ الخَوْلانيُّ، خَضْراويٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ عشرٍ وست مئة (¬1). 676 - عليُّ (¬2) بن محمد الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو الحَسَن. وهو جَدُّ أبي القاسم المَلّاحيِّ لأُمِّه. رَوى عنه سِبْطُه أبو القاسم المذكور. 677 - عليُّ (¬3) بن محمد التُّجِيبيُّ، أندَلُسيٌّ. أخَذ بقُرطُبة عن أبي إسحاقَ المجَنْقوني، ورَحَلَ مُشَرِّقًا واستَوطَنَ طَبرِيّة من بلادِ الشام، وتصَدَّرَ للإقراءِ بها، لقِيَه هنالك أبو عبد الله بنُ إبراهيمَ القيجاطيُّ، وأخَذ عنهُ في حدودِ ستٍّ وتسعينَ وخمس مئة. 678 - عليُّ (¬4) بن محمد الزُّهْريّ، بَسْطِي، أبو الحَسَن. ¬

_ (¬1) عند هذا الموضع بهامش ح: "انظر علي بن محمد بن يوسف بن عبد الملك الأنصاري الوراق أبا الحسن بن المؤذن والمسفر والمحتسب". قلنا: وانظر الترجمة (683) والتعليق عليها. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2777)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 231 وذكر له ترجمة أفضل من هذه، وأنه توفي بحصن بلش من حصون مالقة في السابع من شهر رمضان سنة إحدى وثمانين وخمس مئة. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2792). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2820).

679 - علي بن محمد الكناني، أبو الحسن

تَلا بالسَّبع على أبي العبّاس الأنْدَرْشيّ، أخَذ عنه أبو محمد قاسمُ بن محمد ابن الأصفَر، وكان مُقرِئًا متصدِّرًا لذلك ببلدِه، وتوَلَّى الصلاةَ والخُطبةَ به. 679 - عليُّ بن محمد الكِنَانيُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي اللَّيث نَصْر التَّنْكُتِيِّ ببَلَنْسِيَةَ سنةَ ستٍّ وستينَ وأربع مئة. 680 - عليُّ (¬1) بن محمد المُرادي، بَلَنْسيٌّ سكَنَ بعضَ بلادِ العُدوة، أبو الحَسَن، ابن البَلَنْسيّ. تَلا بالسَّبع على أبي [123 ظ] الحَسَن بن لُبّ الشَّهيد، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا متصدِّرًا للإقراءِ ذا حظّ وافر من العربيّةِ والآداب، وله رَجزٌ حَسَن في هجاءِ المُصْحَف سمّاه "بالمُنصَّف" رفَعَه إلى الأمير أبي عليّ الحَسَن بن عبد المُؤمن، وقال فيه [الرجز]: أكملتُهُ في النِّصفِ من شعبانا ... فظهَرَ الفَضْلُ به وبانا عامَ ثلاثةٍ إلى ستِّينا ... من بعدِها خمسٌ من المِئِينا وله رجَزٌ في "فَصيح ثَعْلب" وشَرحه، ورفَعَه إلى أبي يعقوبَ بن عبد المؤمن، وقال قريبًا من آخِره [الرجز]: فكَمُلَ المنظومُ في شعبانِ ... سنةَ سَبْعٍ عَدَّ ذي بيانِ من السِّنينَ بعدَها ستِّينا ... من بعدِها خمسٌ من المِئِينا 681 - عليُّ بن محمد، جَزِيريٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن القاضي أبي بكر ابن العَرَبي. 682 - عليُّ بن محمد، أبو الحَسَن اللارِديُّ. له إجازةٌ من الشَّرقيِّينَ المذكورينَ في رَسْم أبي الطاهرِ أحمدَ بن عليّ الهَوّاري. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2761).

683 - علي بن محمد، مرسي، أبو الحسن المسفر

683 - عليُّ (¬1) بن محمد، مُرْسِيّ، أبو الحَسَن المُسفر. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي. رَوى عنه أبو عبد الله الشارِّيّ، وكان محدِّثًا (¬2). 684 - عليُّ (¬3) ابن المُبارَك، قُرطُبيّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي مَرْوانَ بن سِرَاج سَماعًا، وأجاز له هو وأبو بكر محمدُ بن سابِق الصِّقِلِّيُّ وأبو عبد الله بن فَرَج وأبو عليّ الغَسّاني، وكان من أهل العناية بشأنِ الرِّواية. 685 - عليُّ (¬4) بن مُبارَك، مُرْسِيٌّ، أبو الحَسَن، أبو البَساتين. رَوى عنهُ أبو عبد الله بن عِيَاض المَنْتِيشيّ، وكان مُقرئًا متصوِّفًا واعظًا فاضلًا، أنشَدَ له أبو الوليد ابنُ الدَّبّاغ، ولعلّها لغيرِه وتمثَّل بها [مخلع البسيط]: جالِسْ عليمًا يُفدْكَ علمًا ... فالعلمُ من عالِمٍ يُفادُ أعرِضْ عن الجهلِ لا تُرِدْهُ ... فالجهلُ في غَيِّه عِنادُ العلمُ تِبرٌ وذا رَمادٌ ... هل يَستوي التِّبرُ والرَّمادُ؟ توفِّي بمُرْسِيَةَ ودُفنَ حِذاء قبرِ أبي الأصبَغ عيسى بن عبد الرّحمن السّالِمي. قال ابنُ الأبار: عليّ بنُ مبارَك الواعِظُ، من أهل مُرْسِيَةَ، يُعرَفُ بابن أبي البَساتين، وُيكْنَى أبا الحَسَن، كان مُقرِئًا صُوفيًّا. [124 و] رَوى عنه أبو عبد الله بن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2825). (¬2) هامش ح: "أظنه علي بن محمد بن يوسف بن عبد الملك الذي نبهنا عليه من قبل، فإن يكن هو فقد سمع من أبي الحجاج بن شيخ وأبي جعفر بن حكم وأبي أحمد بن سفيان، وأجاز له أبو القاسم بن سمجون وأبو زكريا الدمشقي ورحل حاجًا فأدى الفريضة وعاد إلى بلده مرسية وأخذ عنه بها وتوفي بها سنة إحدى وعشرين وست مئة، ومولده بعد الخمسين والخمس مئة". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2691). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2688).

عِيَاض المَنْتِيشيّ، وتوفِّي بمُرْسِيَةَ سنةَ خمس مئة، وقبرُه يُحاذي قبرَ أبي الأصبَغ عيسى بن عبد الرّحمن الفقيه السالِمي؛ من خطِّ ابن حُبَيْش، وفيه عن ابن الدَّبّاغ: وأنشَدَ له، ولعلّه تمثَّل به: جالِسْ عليمًا (الأبياتَ الثلاثة). هذا ما ذكَرَهُ به ابنُ الأبّار هنا؛ وذكَرَ في كُنَى الغُرَباءِ من حرفِ الباء ما نصُّه (¬1): أبو البَساتين الواعِظُ الصُّوفي، حدِّثتُ عن أبي خالد يزيدَ بن عبد الجَبّار القُرَشيِّ المَرْوانيّ، قال: أنشَدَني شيخُنا أبو محمد عبدُ الله بن إبراهيمَ النَّحْويّ قال: أنشَدَني الأستاذُ أبو البَساتين الواعظُ الصُّوفي: مُكِبٌّ على النَّحوِ ... البيتَيْن (¬2)؛ انتهى. فهما عندَه رجُلانِ كما ترى، أحدُهما: أبو البَساتين، وهُو من الغُرَباء، والآخَرُ: ابنُ أبي البَساتين وهُو مُرْسِيّ. والترجمتانِ عندي لرجُل واحد، وهو: عليُّ ابن المُبارَك المُرْسِيُّ أبو الحَسَن أبو البَساتين، كما ذكَرْناه؛ لاتّحادِ طبقتِهما واتّفاقِهما في الانتحالِ وغرابةِ الكُنْية، ولِما ذكَرَه أبو الوليد ابنُ الدَّبّاغ به، فإنه قال في رَسْم البِلاليِّ وما يُشبِهُه من حرفِ الباء من كتابِه في تقييد ما يقَعُ فيه التحريفُ ولا يؤمَنُ فيه التصحيفُ لرُواةِ العلم من أهل الَأندَلُس، ما نصُّه: وأمّا البِلاليُّ فهُو: يونُسُ بن عيسى بن خَلَف الأنصاريّ، نُسِبَ إلى بِلالَة من عَمل قُونْكة -مدينة من مُدن جَوْفي الأندَلُس- وأصلُه من مدينةِ سالم، بها وُلد ثُم انتَقلَ منها إلى قُونْكة. وذكَرَه بما رأى أن يَذكُرَه به، ثم قال: وتوفِّي شيخُنا أبو الوليد -يعني يونُسَ البلاليَّ المذكورَ رحمه الله- في سنة ثمانٍ وخمس مئةٍ بحاضِرةِ مُرْسِيَةَ، حضَرتُ الصّلاةَ عليه ودَفْنَه حِذاءَ قبرِ صِهرِه أبي الأصبَغ عيسى بن عبد الرّحمن بن سَعِيد الفقيه السّالِميِّ ¬

_ (¬1) انظر التكملة، الترجمة 616. (¬2) يشير إلى قوله [المتقارب]: مُكبٌّ على النحو يُعنَى بهِ ... ليسلَمَ في قوله من زلَلْ يقول: أقوِّمُ زَيْغ اللسانِ ... فهلًا يقوِّمُ زَيْغَ العملْ

الحافظ رحمه الله، وحِذاءَهما قبرُ أبي الحَسَن عليِّ بن المُبارَك المُقرئ الواعظِ المعروفِ بأبي البَساتين. أنشَدَني صاحبي أبو عبد الله محمدُ بن عبد الرّحمن بن عِيَاض المَخْزُوميُّ المقرئُ الأديبُ الشاطِبيّ ثم المَنْتِيشيُّ، والشِّينُ غيرُ خالصة، ومَنْتِيشةُ: قريةٌ من قُرى شاطِبة، رحمه الله، قال: سَمِعتُ أبا الحَسَن عليَّ بنَ المبارَك يُنشِد: جالِسْ عَليمًا ... (الأبياتَ الثلاثة). فقد خالَفَ ما عندَ [124 ظ] ابنِ الأبار ما عندَ ابنِ الدَّبّاغ في موضعَيْنِ: أحَدُهما: من قِبَلِ ابن الأبار أو ابن حُبَيْش لا مَحالةَ، وهو زيادةٌ له في قولِه: وأنشَدَ له، وليس عندَ ابن الدَّبّاغ، وإنّما ذكَرَ الأبياتَ غيرَ مَعْزُوّة من قِبَلِه ولا من قِبَلِ صاحبِه أبي عبد الله المَنْتِيشي؛ والثاني. زيادةُ "ابن" في قولِه: ابنِ أبي البَساتين، فإنّ الذي عندَ ابن الدَّبّاغ: المعروفُ بأبي البَساتين، لا ابنِ أبي البَساتين، فيَحتمِلُ أن يكونَ ذلك من قِبَلِ ابن حُبَيْش ونقَلَه من خطِّه ابنُ الأبّار، وهو الظاهر، ويَحتمِلُ أن يكونَ من قِبَلِ ابنِ الأبار وهو عندي بعيد؛ لأنّ كتابَ ابنِ الدَّبّاغ الذي نقَلتُ منه أصلٌ صحيح أُراه كُتِب في حياةِ المصنِّف، وأقدمُ الآثارِ فيه كَوْنه لأبي عُمر بن عَيّاد ثم لأبي الخَطّاب بن واجِب ثم لإبن عمِّه أبي الحَسَن ثم وَهَبَه لأبي عبد الله المومناني، ثم أتحَفَني به الصاحبُ الأوَدُّ في الله الأفضلُ أبو عبد الله بنُ عيسى الماقريُّ مُستوطِنُ ثَغْر آسفي حماه الله، وكافَأَ فضلَه وشكَرَ إفادتَه، وقد نَقَل من هذا الأصل أبو عبد الله ابنُ الأبّارِ وغيرُه، وقرأوه علي أبي الخَطّاب بن واجِب، فيَبعُدُ عندي أن يُخالفَ ابنُ الأبار ما في كتابِ ابن الدَّبّاغ ولا يذكُرَ مُستنَدَهُ في ذلك، واعتمادُه على ما ثَبَتَ عند ابنِ الدَّبّاغ أوْلَى به منَ اعتمادِه على ما في خطِّ ابن حُبَيْش، واللهُ أعلم. فأمّا ثُبوتُ الألفِ واللام للَمْح الصِّفة في "المبارَك" عندَ ابن الأبار وسقوطها عندَ ابن الدَّبّاغ فمخالفةٌ لا عِبرةَ بها، فلذلك لم نَعرِضْ لها، وأمّا كونُه مُرْسِيًّا فيَحتمِلُ أن يكونَ من قِبَلِ ابن حُبَيْش أو ابنِ الأبّار، وأنا أُوَلِّي متوَلِّي ذلك منه ما توَلَّى، وإن

686 - علي بن مخلص الأنصاري، أبو الحسن

كانا عندَ ابن الأبار رجُلَيْنِ مِنْ وَجْهٍ وَثِقَ به إمّا بأنْ يكونَ الغريبُ أبا هذا المُرْسِيِّ، وإمّا أن يكونا أجنبيَّيْنِ، وذلك كلُّه بعيدٌ عندي، فعليه عُهدتُه، واللهُ أعلم. 686 - عليُّ بن مُخلِص الأنصاريُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي محمد عبد المُنعِم ابن الفَرَس. 687 - عليُّ (¬1) بن مَسْعود بن عليّ بن مَسْعود بن إسحاقَ بن إبراهيمَ بن عِصَام الخَوْلانيُّ، سَرَقُسْطيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي القاسم ثابتِ بن عبد الله بن ثابِت، وذكَرَه ابنُ الأبّار، وقال: كان فقيهًا مُشاوَرًا حافظًا "للمُدوَّنة" بارِعًا في [125 و] الوثائق، وله حَظٌّ وافرٌ من الأدب؛ وَليَ قضاءَ مَيُورْقَةَ، وهُو الذي خَرَجَ معَ الخطيبِ أبي زَيْد بن مَنْتيال إلى الأميرِ أبي الطاهر تَمِيم بن يوسُفَ بن تاشَفِين في حصارِ سَرَقُسْطةَ وكلَّماهُ عن أهلِها بمَحْضَر أبي الغَمْر السائبِ بن غرّونَ في مُناجَزةِ العدوّ، فجَبُنَ عن ذلك، وكان انتقالُه بالجيوش عنها سببَ نَجاح الرُّوم إلى أن مَلكوها، وأنشَدَنا القاضي أبو إسحاقَ بنُ عائشةَ المَيُورْقيُّ له [البسيط]: الموتُ يقطَعُ ما أمَّلْتُ من أَملي ... لو صحَّ عَقْلي طلَبْتُ الفوزَ منْ مهَلِ من أين أُرضيكَ إلّا أنْ توفِّقَني ... هيهاتَ هيهات ما التوفيقُ مِنْ قِبَلي هكذا أنشَدَنا أبو إسحاقَ ببَلَنْسِيَةَ، وكتَبْناهُما عنه، ولم يَزِدْنا عليهما؛ وقد غَلِطَ في نِسبة هذا الشِّعر إلى ابن عِصَام هذا، ولعلّه تمثَّلَ به، وهذان البيتانِ من قطعةٍ مجوَّدة لغيرِه، أوّلُها [البسيط]: الموتُ يقبِضُ ما أطلَقْتُ من أمَلي ... ................. (البيتَ) ما يَنقضي أملٌ إلّا إلى أملٍ ... فالدهرَ في ذا وذا لم أَخْلُ من شُغُلِ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2701).

688 - علي بن مطرف بن حسين، يعرف بابن خالد

يا لَهْفَ نَفْسي على نَفْسي وحُقَّ لها ... ماذا يُعَدُّلها من سيِّئ العملِ ألْهُو بباطنِ دُنيا لا دوامَ لها ... وأستريحُ إلى اللَّذاتِ والغَزَلِ من أينَ أُرضيكَ (البيت) فارحَمْ بعزَّتِك اللهُمَّ مُلتهِفًا ... ممّا جَنَى واغتفِرْ ما كان من زَلَلِ توفِّي سنةَ ثمانِ عشْرةَ وخمس مئة. 688 - عليُّ بن مُطرِّف بن حُسَين، يُعرَفُ بابن خالد. 689 - عليُّ (¬1) بن أبي موسَى مُطرِّف بن محمد بن عبد الله الكِنَانيّ، بَلَنْسيٌّ وَشْقيُّ الأصل، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكر بن رِزق، وأبي الحَسَن بن هُذَيْل، وأبي عبد الله بن يوسُف بن سَعادةَ وأكثَرَ عنه، وأبي القاسم بن حُبَيْش. وأجازَ له أبو بكر بن محُرِز البَطَلْيَوْسيّ، وأبو عبد الله ابنُ الفَخّار، وأبو مَرْوانَ بنُ قُزْمانَ وغيرُهم. وكان تامَّ العناية بشأنِ الرِّواية، وكتَبَ الكثيرَ، واعتُبِطَ فلم يحدِّثْ بشيءٍ مما رَواه، وكان أبو الخَطّاب بنُ واجِب يُثْني عليه كثيرًا. توفِّي ببَلَنْسِيَةَ يومَ الجُمعة لأربعَ عشْرةَ ليلة بقِيَتْ من جُمادى الآخِرة من سنة أربع وستينَ وخمس مئة، ومولدُه بها في شهرِ ربيعٍ الأوّل من سنة ثلاثٍ [125 ظ] وعشرينَ وخمس مئة. 690 - عليُّ بن مُعاذ بن سَمْعانَ الرُّعَيْنيّ، بَجّانيّ. رَوى عن عبد الملِك بن حَبِيب، وأجاز لابنِ نَباتٍ وغيره من أهل قُرطُبة، وكان لُغويًّا نَسّابةً استَقْدَمَه الحَكَمُ المُستنصِرُ بالله ليقتبسَ من علمِه، وكان عندَه جميعُ كُتُبِ عبد الملِك بن حَبِيب وروايتِه، وأقام بقُرطُبةَ بحَوْمةِ مسجدِ سَلَمةَ نَحْوًا من سنة، ثم عاد إلى بَجّانةَ مَسْكَنهِ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2748).

691 - علي بن معاوية اللخمي، إشبيلي، أبو الحسن

691 - عليُّ بن مُعاويةَ اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ، أبو الحَسَن. رَحَلَ مُشَرِّقًا، رَوى قديمًا بمِصرَ عن السِّلَفيّ. 692 - عليُّ (¬1) بن مُغيث بن محمد بن مُغيث بن سَعْدونَ بن الصّميلِ المَعافِريُّ، أبو الحَسَن. رَوى عنه أبو عبد الله بن شُقَّ اللّيل. 693 - عليُّ بن مُفرِّج السَّالِميُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عبد الله بن عيسى ابن المُناصِف، وكان فقيهًا حافظًا. 694 - عليُّ (¬2) بن مُفرِّج، أبو الحَسَن الجَنْجَاليّ. رَوى عن أبي محمدٍ عبد الحقِّ بن عَطِيّة؛ حدَّث عنه نَصْرُ بن عبد الله الشَّقُوري، وكان خطيبًا. 695 - عليُّ (¬3) بن مُنذِر بن عبد الرّحمن الأُمَويُّ، طَرْطُوشيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى بالأندَلُس عن بعض شيوخِها، ورَحَلَ وحَجَّ، ودَخَلَ بغدادَ، وأخَذَ بها عن أبي الحَسَن سَعْدِ الخَيْر، والخطيبِ أبي زكريّا التِّبرِيزيِّ، وأبوَي الفَتْح: الكَرُوخيِّ ومُفْلِح بن أحمدَ الدُّومي. رَوى عنه أبو الحَسَن عُلَيْمُ بن عبد العزيز، وأبو العبّاس الأَندْرَشيّ، وكان من جِلّة المُقرِئين وحُفّاظِ الحديث، عارِفًا بطُرُقِ الرِّواية ضابِطًا ثقةً فيما ينقُلُه، وَرِعًا صالحًا فاضلًا. 696 - عليُّ بن موسَى بن خَلَف بن محمد بن سَهْل بن أحمدَ الأنصاريُّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2674). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2784). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2719)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 171.

697 - علي بن موسى بن عبد الملك بن سعيد بن خلف بن سعيد بن محمد بن عبد الله بن سعد بن الحسن بن عثمان بن الحسين بن عبد الله الداخل إلى الأندلس ابن سعيد بن عمار بن ياسر بن مالك بن كنانة بن قيس ابن الحصين ابن لوذيم -ويقال: لوذين- ابن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر الأكبر ابن يام بن عنس -واسمه زيد- ابن مالك بن أدد بن زيد العنسي المذحجي، قلعي قلعة يحصب، ويقال لها أيضا: قلعة بني سعيد نسبة إليهم، سكن تونس، أبو الحسن

697 - عليُّ (¬1) بن موسَى بن عبد الملِك بن سَعِيد بن خَلَف بن سَعِيد بن محمد بن عبد الله بن سَعْد بن الحَسَن بن عُثمانَ بن الحُسَين بن عبد الله الداخِل إلى الأندَلُس ابنِ سَعِيد بن عَمّار بن ياسِر بن مالكِ بن كِنَانةَ بن قَيْس ابن الحُصَيْن ابن لوذيم -ويقال: لوذين- ابن ثَعْلبةَ بن عَوْفِ بن حارِثةَ بن عامرٍ الأكبرِ ابن يامَ بن عَنْس -واسمُه زَيْد- ابن مالكِ بن أُدَدِ بن زيد العَنْسِيُّ المَذْحِجيّ، قَلْعيٌّ قَلْعةَ يَحصُب، ويقال لها أيضًا: قلعةُ بني سعيدٍ نسبةً إليهم، سكَنَ تونُس، أبو الحَسَن. رَوى بالأندَلُس عن بعض شيوخِها، وحَجَّ، وتجوَّل بالشام والحجاز، ودَخَلَ المَوْصِلَ وبغدادَ، وأخَذ عن جماعةٍ وافرة ممّن [126 و] أدرَكَ هنالك، وعاد إلى تونُس (¬2). 698 - عليُّ (¬3) بن موسى بن عليّ بن موسى بن محمد بن خَلَف، ويقال: عليُّ بن موسى بن أبي القاسِم بن عليّ، الأنصاريُّ السَّالِميُّ، جَيّانيٌّ نزَلَ مدينةَ فاس، أبو الحَسَن، ابنُ النَّقِرات. تَلا بالسَّبع على أبي عبد الله بن حُطَيْئةَ، وأبوَيْ محمد: ابن عليٍّ الشَّنْتَرِينيِّ وأبي محمد الفِهْري، وتَلا أيضًا على أبي عليٍّ حُسَين بن عَرِيب، ورَوى عن أبوَيْ إسحاقَ: ابن إبراهيمَ بن خَلَف المَخْزوميِّ وابن قُرقُول، وأبي الحَجّاج بن فُتُوح ¬

_ (¬1) ترجمه صاحب مختصر القدح المعلى (1)، والصفدي في الوافي 22/ 253، وابن شاكر في فوات الوفيات 3/ 103، والأدفوي في البدر السافر (35)، وابن رافع السلامي، كما في منتخب المختار (145)، وابن الخطيب في الإحاطة 4/ 152، والزركشي في عقود الجمان، الورقة 228، وابن فرحون في الديباج 2/ 112، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 209، وحسن المحاضرة 1/ 555، والمقري في نفح الطيب 2/ 262 وغيرهم، وتنظر مقدمة المغرب بتحقيق الدكتور شوقي ضيف. وقد نشر من مؤلفاته: المغرب، ورايات المبرزين، وعنوان المرقصات والمطربات، وبسط الأرض في طولها والعرض، والغصون اليانعة، واختصار القدح المعلى، وتوفي على الأرجح سنة 685 هـ. (¬2) بعد هذا بياض كثير تركه المؤلف ولم يعد إليه. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2787)، والذهبي في المستملح (681)، وتاريخ الإسلام 12/ 1003.

699 - علي بن موسى بن محمد بن شلوط، بلنسي، أبو الحسن الشبارتي

العَشّاب، وأبي الحَسَن بن الحَسَن اللَّوَاتيّ، وآباءِ عبد الله: ابن خَلَف ابن الشَّبُوقي وابن عليّ ابن الرَّمّامة وابن عيسى، وأبي العبّاس بن عبد العزيز بن أبي طورقية. رَوى عنه أبو الحَجّاج بنُ محمد الأُنْديّ، وأبو الحَسَن ابنُ القَطّان، وأبو عبد الله التُّجِيبيّ، وأبو العبّاس: ابنُ طاهر بن خَلَف وابنُ عبد الله السَّكُوني، وأبو عليّ حَسَن بن عبد الرّحمن البَلَنْسيّ. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا محدِّثًا راوِية، حافظًا للآدابِ عارِفًا بالأنساب، صالحًا وَرِعًا فاضلًا زاهدًا، ذا حظٍّ من قَرْضِ الشِّعر، تصَدَّرَ للإقراءِ بمدينةِ فاسَ وخَطَبَ بجامع القَرَويِّينَ منها. مولدُه بجَيّانَ في رَمَضانِ خمسَ عشْرةَ وخمس مئة، وكان حيًّا سنة خمسٍ (¬1) وتسعين. 699 - عليُّ (¬2) بن موسى بن محمد بن شلوط (¬3)، بَلَنْسِي، أبو الحَسَن الشّبارتي. رَحَلَ وحَجَّ، وسَمِعَ بمكّةَ، شرَّفَها اللهُ، من أبي الحَسَن بن حُمَيْد، وأبي محمدٍ المبارَك ابن الطَّبّاخ، وقَفَلَ إلى المغرِب فسَكَنَ تِلمْسينَ مُدّة، ثم تحوَّل إلى بلدِه. رَوى عنه أبو عبد الله ابنُ الأبار؛ وكان محدِّثًا عَدْلًا خِيَارًا، متحرِّفًا بالطبِّ ماهرًا فيه. وتوفِّي في نحوِ العَشْرِ وست مئة. 700 - عليُّ (¬4) بن أبي الحُسَين بن مُؤمن بن محمد بن عليّ بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن عُمرَ بن عبد الله بن منظورِ بن عُصفورٍ الحَضْرَميُّ، إشبِيليٌّ استَوطَنَ بأخَرةٍ تونُس، أبو الحَسَن، ابنُ عُصفور. ¬

_ (¬1) في التكملة: "ثلاث". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2807)، والذهبي في المستملح (689)، وتاريخ الإسلام 13/ 245. (¬3) في هامش ح: "مهمل الضبط هنا وعند ابن الأبار". (¬4) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 302، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 210، والمراكشي في الإعلام 9/ 134.

701 - علي بن ميمون، بلنسي، أبو الحسن، ابن الشوليه

أخَذ العربيّة والأدَب عن أبي الحَسَن الدَّبّاج، وأبي عليّ ابن الشَّلَوبِين واختَصَّ به كثيرًا. رَوى عنه الحَسَن بن عبد الرّحمن بن عُذْرة، وحدَّثنا عنه أبو عبد الله بنُ أُبَيّ، وأبو محمدٍ مَوْلى سعيدِ بن حَكَم. وكان ماهرًا في علم العربيّة، رَيّانَ من الأدب، حَسَنَ التصرُّف [127 ظ] من أبرَع مَن تخَرَّج على أبي عليٍّ ابن الشَّلَوبِين وأحسَنِهم تصنيفًا في علوم اللِّسان، وشَرَحَ "كتابَ سِيبوَيْه" و"جُمَلَ الزَّجّاجي". ومصنَّفُه في "التصريف" جليلٌ نافع و"مُقرَّبُه" في النَّحوِ شاهدٌ بذِكْرِه للعربيّة وإشرافِه على مشهورِها وشاذِّها، وقد تجوَّلَ وسَكَنَ ثَغْرَي آنفا مرّةً وآزمورَ أخرى، وأوطَنَ بأَخَرةٍ تونُس، فعُرِف بها قَدْرُه، ودَخَلَ مَرّاكُش. مَوْلدُه بإشبيلِيَةَ عام سبعةٍ وتسعينَ وخمس مئة، وهُو عامُ السَّيْل الكبير، وتوفِّي بدارِ سُكْناهُ من قصَبة تونُس، بعدَ ظُهرِ يوم السّبت لستٍّ بَقِينَ من ذي قَعْدةِ تسع وخمسينَ وست مئة، ودُفنَ عَقِبَ العصرِ من يوم وفاتِه. 701 - عليُّ بن مَيْمون، بَلَنْسيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ الشوليه. رَوى عن أبي الرَّبيع بن سالم. 702 - عليُّ بن نَجَبةَ بن يحيى بن خَلَف بن نَجَبةَ بن أحمدَ بن نَجَبةَ بن يوسُف بن عبد الله بن محمد بن نَجَبةَ الرُّعَيْنيُّ، إشبِيليٌّ سكَنَ مَرّاكُش، أبو الحَسَن. وهو وَلَدُ الأستاذِ أبي الحَسَن نَجَبةَ؛ رَوى بمَرّاكُشَ عن أبيه، وأبي بكرٍ عَتِيق "الفَصيح" وأبي جعفر بن مَضاءٍ وأبي محمد بن حَوْطِ الله، وكان متينَ الأدب شاعرًا مُجِيدًا كاتبًا بليغًا بارعَ الخَطّ، كتَبَ الكثيرَ وِرَاقةً وإنشاءً، وله اختصارٌ مُتقَن في "أغاني" الأصبهاني. 703 - عليُّ بن نَجَبةَ، إشبِيليٌّ، أبو الحَسَن.

704 - علي بن وهب بن لب بن عبد الملك بن أحمد بن محمد بن نذير الفهري، بلنسي

رَوى عن الحاجِّ أبي عُمرَ مَيْمونِ بن ياسين اللَّمْتُونيّ (¬1). 704 - عليُّ بن وَهْب بن لُبِّ بن عبد الملِك بن أحمدَ بن محمد بن نَذِير الفِهْريُّ، بَلَنْسيٌّ. 705 - عليُّ (¬2) بن هَابِيلَ بن أحمدَ بن محمد الأنصاريُّ، مَرَوِيّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي الوليد الباجِي، ورَحَلَ مُشَرِّقًا. رَوى عنه بمكّةَ شرَّفَها اللهُ، أبو طاهر إسماعيلُ بن عُمرَ بن أحمدَ القُرَشيُّ المُقرئ، وكان موصُوفًا بالزُّهدِ والفَضْل. وفي كتابِ ابن بَشْكُوال (¬3): هابيلُ بن محمد بن أحمدَ الإلبِيريّ، فإنْ يكُنْ أبا عليٍّ هذا فقد قَلَبَ نسَبَه وبَدَّل الأنصاريَّ بالإلبيريّ، على أنّ أبا الطاهر الراويَ عن عليّ هذا لم يكنْ بالضابِط في تقييدِه، واللهُ أَعلم. 706 - عليُّ (¬4) بن هِشَام بن إبراهيمَ بن عليٍّ الجُذَاميُّ، لُوْرْقيٌّ سَكَنَ قُرطُبة، أبو الحَسَن اللُّوْرْقيُّ. رَوى عن أبوَيْ بكر: عَتِيق بن الحَسَن السَّرَقُسْطي وابن نُمَارةَ، وأبوَي الحَسَن: ابن النِّعمة وابن هُذَيْل، [128 و] وأخَذ القراءةَ عنه. رَوى عنه أبو إسحاقَ بنُ إبراهيمَ بن محمد، وأبو الحَسَن بن حَفْص، وأبو حَفْص بن صمع، وأبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله. ¬

_ (¬1) تقع هنا ترجمة مزيدة بهامش ح وهي: "علي بن نزار بن جعفر بن أبي هاشم الضني -بكسر الضاد المعجم بعدها نون منسوبًا- وادي آشي أبو الحسن. أخذ عن شيوخ بلده، وكان من علية الطلبة وأدبائهم وفصحائهم ونبهائهم جيد الكتابة والشعر وتوفي ببلده، قاله الملاحي، رحمه الله". (قلنا: انظر صلة الصلة 4/الترجمة 203 فهو ينقل منها). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2695). (¬3) الصلة (1446). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2771)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 244، والذهبي في المستملح (672).

707 - علي بن هشام بن إبراهيم بن علي الخولاني، أبو الحسن

وكان من جِلّةِ المُقرِئينَ ومجوِّديهم، عارفًا بطريقةِ النَّحو، راويةً مقيِّدًا، ضابِطًا حَسَنَ السَّمْت، متواضِعًا معروفَ الصِّيانة مشهورَ العفاف (¬1)، وَقُورًا شاعرًا مُجِيدًا، سريعَ الدَّمعة رَطْبَ اللِّسان بالذِّكْر، قلَّما يقولُ شعرًا إلّا ختَمَه بذكْرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - والصلاةِ عليه وعلى آلِه؛ أقرَأ زمانًا طويلًا بجامع قُرطُبةَ، واستُقضيَ بأشُونَةَ، ووَليَ الصّلاةَ والخُطبةَ بلُورْقَةَ، وغلَبَ عليه الزُّهد، وانتَقلَ إلى العُدوة، وتوفِّي بمَرّاكُشَ بعدَ التسعينَ وخمس مئة. 707 - عليُّ (¬2) بن هشام بن إبراهيمَ بن عليّ الخَوْلانيُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي الحَسَن بن هُذَيلٍ. 708 - عليُّ (¬3) بن هِشَام بن حَجّاج بن الصَّعْب اللَّخْميُّ، شَرِيشيٌّ إشبِيليُّ أصلِ السَّلَف، أبو الحَسَن. وزادَ ابنُ الأبار "عُمرَ" بينَ هِشام وحَجّاج، وقد وقَفْتُ على نَسَبِه بخطِّه في غير موضِع، وليس فيه ذكْرٌ لعُمرَ، وفيه بعدَ حَجّاج: "ابنِ الصَّعْب"، ومن البعيد أن يَذكُرَ الجَدَّ الأبعد ويترُكَ الأقرب، واللهُ أعلم. رَوى بالأندَلُس على أبي بكر بن طاهر النَّحْويّ، ورَحَلَ مُشَرِّقًا سنةَ ثمانٍ وستينَ وخمس مئة فحَجَّ، ولقِيَ بمكّةَ شرَّفَها اللهُ -فيما أحسِبُ- ضياءَ الدِّين أبا أحمدَ عبدَ الوهّاب بن عليّ بن عليّ البغداديَّ الصُّوفيَّ ابن سُكَيْنَةَ، والواعظَ أبا عليّ عُمرَ ابن إبراهيمَ وأبا محمد عبدَ الرّحمن بن إسماعيلَ بن أبي سَعْد النَّيْسابُوريَّ الصُّوفي، وبعد صَدَرِه من الحجِّ بمِصرَ: نزيلَها أبا يحيى اليَسَعَ الجَيّانيَّ، وبالإسكندَريّة أبوَي الطاهر: ابنَ عَوْف والسِّلَفيَّ ولازَمَه مُذْ سبعينَ وخمس مئةٍ إلى أن توفِّي (¬4) ¬

_ (¬1) العفاف: سقطت من م. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2786). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2814)، والرعيني في برنامجه (9)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 274، والذهبي في المستملح (695)، وتاريخ الإسلام 13/ 481. (¬4) توفي السلفي سنة 576 هـ.

وحضَرَ جَنازتَه، وأكثَرَ عنهما، وبَلَديَّهُ أبا عبد الله بنَ حُبَاسةَ وأبا عليّ حَسَن بن محمد بن الحَسَن بن الرُّهَيْبل (¬1)، وببجَايةَ أبا محمد عبدَ الحقّ ابن الخَرّاط، واختَلَفَ إليه نحوَ خمسة أشهرٍ ورَغَّبه في المقام معَه ليقرَأَ عليه ويؤخَذَ عنه، وبسَبْتةَ أبا محمد بنَ عُبَيد الله، وأكثَرَ عنه، وببلدِه أبا بكر بنَ مالك، وكلُّ مَن ذكرَ أجازَ له مطلَقًا؛ وبالإسكندَريّة أيضًا المُتقنَ [128 ظ] أبا محمد عبدَ المجيد بن أبي الحَسَن شَدّاد بن المُقدَّم بن عبد العزيز التَّميمي، وتَلا عليه بالسَّبع وغيرِها وأكثَرَ عنه ولازَمَه نحوَ خمسِ سنين، والمُقرئَ الزاهد أبا المنصُور مُظفَّرَ بن سِوَار بن هِبةَ بن عليٍّ اللَّخْميّ ولازَمَه مُدةً طويلةً تَلا عليه فيها بالسَّبع، وقرَأَ غيرَ ذلك، وأبا الفَوارس نَجَا بن تَغلِبَ اليكيَّ المُقرئَ الضَّريرَ وتَلا عليه وقرَأَ عليه غيرَ ذلك، وأجازوا له ما أخَذ عنهم؛ ولقِيَ ببلدِه بعدَ وصُولِه من المشرِق المحدِّثَ أبا بكر بنَ عُبَيد وأكثَرَ مُلازمتَه إلى أن تصَدَّرَ للإقراء، ولم أقفْ على إجازتِه له؛ ومن شيوخِه الإسكندَريِّينَ، ولا أتحقَّقُ الآنَ كيفيّةَ أخْذِه عنهم: الأخَوان: أبو الطاهِر إسماعيلُ وأبو محمدٍ عبدُ الله الدِّيباجِيّان، وأبو الحَرَم مكِّيُّ بن أبي الطاهِر بن عَوْف وأبو عبد الله الكِرْكنْتي، وتَلا بالسَّبع عليه، قاله ابنُ الأبّار، وأُراهُ واهمًا في ذلك، واللهُ أعلم؛ وأبو القاسم بن مَخْلوف بن عليّ بن جارَةَ وعبدُ الرّحمن بن سَلامةَ بن يوسُفَ بن عليّ؛ ومن شيوخِه، ولا أعرِفُ أين لقِيَهم: المُقرئُ أبو إسحاقَ إبراهيمُ بن أبي الخَيْر مَسْعود بن سَعِيد بن محمد الأنصاريُّ قراءةً عليه، ولم يَذكُرْ أنه أجازَ له (¬2). واستَجازَ بعدَ قُفولِه من المشرِق: أبا العبّاس الأنْدَرْشيَّ، وأبا القاسم ابنَ بَشْكُوال فأجازا له. وذَكَرَ ابنُ الأبار في شيوخِه بمكّةَ شرَّفَها اللهُ، أبا الحَسَن المِكْنَاسيَّ، وأبا حَفْص المَيانِجيَّ، وأبا محمد المبارَكَ ابن الطَّبّاخ، وبالإسكندَريّة أبا عبد الله الحَضْرَمي؛ وقد عُنِي بذِكْرِ شيوخِه في "برنامَج" يَخُصُّهم تلميذُه الأخَصُّ به ¬

_ (¬1) ينظر تاريخ الإسلام 12/ 799. (¬2) له: سقطت من م ط.

709 - علي بن هشام بن محمد السلولي

أبو إسحاقَ البونسيّ، ولم يَذكُرْ فيه واحدًا من هؤلاءِ الأربعة، وكذلك وقَفْتُ على إجازاتِ شيوخِه له بخطوطِهم فلم أُلْفِ لهم فيها ذكْرًا البتّةَ، فاللهُ أعلم. رَوى عنه أبو إسحاقَ (¬1) البونسيُّ (¬2)، وآباءُ بكر: ابنُ جابِر وابنُه السَّقَطِيّان، وعَتِيقُ بن محمد الصَّدَفيُّ وابنُ عيسى الحَجْري وابنُ فَحْلونَ ومحمدُ بن أبي عَمْرٍو عثمانَ الطَّبَريُّ، وأبو زكريّا بن خَلَف العَطّارُ، وأبو عبد الله بن عليّ الشَّقُوريُّ، وأبَوا علي: العُمَرانِ: ابنُ خَلَف المذكورُ وابن يوسُفَ التَّميميُّ، وأبو العبّاس بن يحيى الجَرَاويُّ، وأبو القاسم بن فَرْقَد، وأبَوا محمد: الحَرّارُ وابن عُمرَ بن خَلَف المذكورُ وعبد الله بن [129 و] أبي الحُسَين ابن الفَخّار، وعبدُ المُحرِز (¬3) بن عبد الرزّاق الحِمْيَريُّ، ومحمد بن أحمدَ بن أبي طالبٍ اللَّخْمي، ومحمد بن أحمدَ بن وَهْب؛ وحدَّث عنه بالإجازة جماعةٌ منهم: شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمه الله. وكان مُقرِئًا فاضلًا عَدْلًا ثقةً، إمامًا في تجويدِ القرآن، مُبرِّزًا في حِفظِ الخلاف بينَ القُرّاء، وكانت القراءاتُ بِضاعتَه التي لا يتقَدَّمُه أحدٌ في معرفتِها ولا يُدانيه، تصَدَّر ببلدِه بعد قُدومِه من المشرِق للإقراءِ وإسماع الحديث وغيرِه، فأخَذَ عنه أهلُ بلدِه وغيرُهم من الراحِلينَ إليه وكثُرَ الانتفاعُ به، ووَلِيَ الصّلاةَ بجامع بلدِه، وكانت معيشتُه من تجارةٍ يُديرُها في الصّابون، ولم يزَلْ مأخوذًا عنه ومُستفادًا منهُ إلى أن توفِّي لعَشْرٍ بقِينَ من ربيعٍ الآخِر سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة، قاله ابنُ الآبّار، وقال أبو [....] (¬4): إنه توفِّي سنةَ سبعَ عشْرةَ وست مئة. 709 - عليُّ بن هِشَام بن محمد السَّلُوليّ. رَوى بغَرْناطةَ على أبي الأصبَغ بن سَهْل سنةَ أربعٍ وثمانينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) في م: "أبو الحسن". (¬2) في م ط: "التونسي" حيثما ورد، وهو تصحيف. (¬3) فوقها علامة خطأ في ح. (¬4) بياض في النسخ، وفي هامش ح: "القول الأخير في وفاته قاله ابن الزبير شيخنا رحمه الله".

710 - علي بن هلال بن علي بن حسن بن عبد الأعلى بن هلال الحضرمي، بلنسي نزل سبتة، أبو الحسن، ابن هلال

710 - عليُّ بن هلالِ بن عليّ بن حَسَن بن عبد الأعلى بن هلالٍ الحَضْرَميُّ، بَلَنْسيٌّ نزَلَ سَبْتةَ، أبو الحَسَن، ابنُ هلال. أخَذ العَدَدَ عن أبي عبد الله البلاليّ، والهندسةَ عن أبي محمد الخَوْلانيِّ الجُمَيِّل، والطِّبَّ عن أبي العبّاس البِطْبِط. وكان عَدَديًّا ماهِرًا مُهندِسًا حاذِقًا طبيبًا بارِعًا فائقًا في ذلك كلِّه موفَّقَ العلاج، سديدَ الرأي في تعرُّفِ العلاج (¬1) ومداواتِه، متعرِّضًا لذلك مقصودًا فيه، ولم يزَلْ مُعظَمَ عُمرِه شديدَ الضَّنانة لِما كان عندَه من المعارف، شَرِسَ الخُلُق عندَ التعلُّم متعزِّزًا على المتعلِّمين لا يُتلمذُ له أحدٌ عزَّ أوهان إلّا واقفًا أسفلَ دُكّانِه الذي تصَدَّى فيه للفتاوَى الطِّبِّية، ثم سَمَحَ بأخَرةٍ لبعضِ الطَّلَبة وأسعَفَهم بالجلوس لإقرائهم في مسجدٍ يقرُبُ من موضعِه، فاغتُنِمَ ذلك منه وأُخِذ في تلك الحال عنه. وُلد ببَلَنْسِيَةَ سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بسَبْتةَ [....] (¬2) سبعينَ وست مئة، وتخَلَّف من الكُتب فيما كان ينتحلُه من المعارفِ ما لا نَظيرَ له كثرةً وجَوْدة [129 ظ]. 711 - عليُّ بن يحيى بن أحمدَ بن مَيْمون المَخْزُوميُّ، بَلَنْسيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. 712 - عليُّ بن يحيى بن بَنْدود، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي مَرْوانَ بن مسَرّةَ. 713 - عليُّ بن يحيى بن عليّ بن سَعِيد بن محمد بن عَمْريلَ الكِنَانيُّ، إشبيليٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ الفَخّار وابنُ يَحْيُولَش. ¬

_ (¬1) في متن ح: "العلج" وبإزائه في الهامش: "لعله حال العليل". (¬2) في هامش ح: توفي بها لسبع عشرة ليلة خلت من صفر من سنة ثمان وسبعين وست مئة. وفي م: سنة سبعين، دون بياض.

714 - علي بن يحيى بن عيسى القرشي، منكبي، أبو الحسن الأطربي

رَوى عن أبي الحَكَم بن بَرَّجَانَ، وأبي زكريّا بن مَرْزُوق، وأبي عبد الله بن فريخ، وأبي العبّاس بن عبد المُؤمن، وأبي الوليد ابن الحاجِّ. رَوى عنه أبو بكر بن مُطرِّف بن بندود؛ وكان خافظًا للُّغاتِ، شديدَ العناية بضَبْطِها، ثقةً في نقلِه، آخِذًا بحظٍّ وافر من رِواية الحديث، وقِسْطٍ صالح من العربيّة، أديبًا كتَبَ الكثيرَ وأتقَنَ تقييدَه، واشتُهرَ بالطّهارة والعِفّة والصِّيانة، وكان أحيانًا يعمَلُ مع أبيه الفِخَارة. وُلدَ بإطريانةَ ضُحاءَ يوم الجُمعة لثِنْتَي عَشْرةَ ليلةً خَلَتْ من شوالِ ستٍّ وثمانين وخمس مئة (¬1). 714 - عليُّ (¬2) بن يحيى بن عيسى القُرَشيّ، مُنَكَّبِيّ، أبو الحَسَن الأطربيُّ (¬3). تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن بن كُرْز، وأبي عبد الله الجُذَاميِّ، وعثمانَ بن عبد الله. رَوى عنه أبو الخليل مُفرِّج بن سَلَمةَ، وأبو زَيْد السُّهَيْلي، وحدَّث عنه بالإجازة أبو بكر بن خَيْر. ¬

_ (¬1) هامش ح: "أجاز لإبن عمريل من المشارقة: أبو أحمد بن سُكينة، وأبو البقاء العكبري وأبو حامد حفيد أبي الفضل الأرموي وأبو محمد بن الأخضر وغيرهم، أخذ عنه أبو إسحاق البلفيقي وهو في عداد أصحابه". اهـ. وقد وردت ترجمات مزيدة بهامش ح ندرجها ها هنا، وهي: • علي بن يحيى بن علي: شاطبي نزل دمشق، أبو الحسن. أجازنا بخطه جميع ما يرويه من دمشق في سابع عشر جمادى الأخرى خمس وتسعين وست مئة. • علي بن يحيى بن علي بن أحمد الحضرمي، مالقي، أبو الحسن. رحل إلى المشرق مع أبيه ونعت أبوه هناك بزين الدين، سمع علي المترجم به على أبي عمرو ابن الصلاح جميع كتاب علوم الحديث من جمعه بدمشق وذلك في مجالس أربعة آخرها خامس شوال من سنة أربع وثلاثين وست مئة وأجاز له جميع مروياته، وكان عارفًا بالنحو. • علي بن يحيى بن عمرو بن بقاء الجذامي، قرطبي، أبو الحسن المرجوني، بفتح الميم وسكون الراء بعدها جيم مضموم وبعد الواو نون منسوب، أخذ عن أبي بكر ابن العربي جامع الترمذي وغيره. (وترجمه ابن الأبار في التكملة (2776)). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2731). (¬3) هامش ح: "هي قرية قريبة من منكّب".

715 - علي بن يحيى بن غالب ابن الصفار

وكان من جِلّة المُقرِئينَ مقدَّمًا في صَنْعة التجويدِ عارفًا بأصُولِه، ذاكِرًا ما اختَلَف فيه القرّاءُ؛ تصَدَّرَ للإقراءِ ببلدِه، وتوَلَّى الصلاةَ به. مولدُه سنةَ ثِنْتَيْنِ وسبعينَ وأربع مئة، وتوفِّي في رجَب اثنَيْن وخمسينَ وخمس مئة. 715 - عليُّ بن يحيى بن غالِب ابن الصَّفّار. رَوى عن أبي جعفر ابن الباذِش. 716 - عليُّ بن يحيى بن فاخِر، أبو الحَسَن. رَوى بمَرّاكُشَ عن أبي بكر بن أسوَد. 717 - عليُّ بن يحيى بن محمد بن عليّ بن هِشَام القَيْسيّ، سَكَنَ مَرّاكُشَ، أبو الحَسَن، الأخفَش. رَوى عن أبي زيدٍ السُّهَيْلي، وآباءِ عبد الله بَني الأحامد: الإستجِيِّ وابن أَبَان وابن نخيل، وأبي حَفْص بن إبراهيمَ الغَسّاني، وأبوَي العبّاس ابنَي المحمَّدَينِ: ابن خَلُوص والخَرُّوبي، وأبي محمد قاسم ابن الزَّقّاق؛ وكتَبَ إليه مُجيزًا أبو الطاهر السِّلَفي. رَوى عنه صِهرُه محمدُ بن عبد الله المُهاجِر، وأبي رحمَه اللهُ وتَلا عليه بالسَّبع، وأبو عبد الله بنُ عبد الله بن عبد العزيز الخَرُوف، وأبو العبّاس بن [130 و] عبد الله السَّكُوني. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا مُتقِنًا ضابِطًا فاضلاً، خطيبًا بسِجن مَرّاكُش، وسيأتي له ذكْرٌ في رَسْم صِهرِه المذكور. 718 - عليُّ (¬1) بن يحيى بن محمد بن يحيى بن أبي العافيةِ الأنصاريُّ، دَرَوْقيُّ الأصل (¬2) سَكَنَ مُرْسِيَةَ، أبو الحَسَن. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2808)، والذهبي في المستملح (690)، وتاريخ الإسلام 13/ 260. (¬2) هامش ح: "دروقة: من عمل سرقسطة".

719 - علي بن يحيى بن يحيى بن يزيد الأنصاري

رَوى عن أبوَيْ عبد الله: ابن الفَخّار وابن مُدرِك، وأبوَي القاسم: ابن حُبَيْش والسُّهَيْلي. رَوى عنه ابن أُختِه أبو عبد الله بنُ حازم؛ وكان محدِّثًا جليلًا، ذا حظٍّ من النَّثْر، وجمَعَ بينَ "صَحيح مسلم" و"سُنَن أبي داودَ" جَمْعًا حسَنًا. 719 - عليُّ بن يحيى بن يحيى بن يَزيدَ الأنصاريُّ. رَوى عن أبي الحَجّاج ابن الشَّيخ. 720 - عليُّ بن يحيى الأَزْديُّ، جَيّانيٌّ، أبو الحَسَن. رَحَلَ وحَجَّ، حدَّث عنه بالإجازة أبو عبد الله وأبو جعفرٍ شيخُنا، الطّنْجَالِيّانِ؛ وكان زاهدًا فاضلًا خيِّرًا صالحا عاكِفًا على أعمالِ البِرّ. 721 - عليُّ بن يحيى التُّجِيبيُّ، مَنُرْقيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي الحَكَم مُنذِر بن محمدٍ المَنُرْقيِّ البَلَغييِّ، وأبي عثمانَ سَعِيد بن حَكَم، وأبي العبّاس ابن الفُتُوح (¬1)؛ وكان متقدِّمًا في النَّحو والأدب، خطيبًا فاضلًا صالحًا، درَّسَ بمَنُرْقةَ زمانًا ما كان عندَه وانتَفعَ الناسُ به. 722 - عليُّ (¬2) بن يَربُوع، أبو الحَسَن. كان من جِلّة الفقهاءِ وعِلْيةِ النُّبَهاء، واستُقضيَ بمالَقةَ، وتوفِّي سنةَ خمسٍ وسبعينَ وخمس مئة. 723 - عليُّ (¬3) بن اليَسَع، بَلَنْسيٌّ نزَلَ تونُس، أبو الحَسَن. رَوى عنه أبو القاسم عبدُ الرّحمن بن إسماعيلَ ابن الحَدّادُ التونُسي بها. ¬

_ (¬1) في م: "الفتوح"، وفوقها علامة الخطإ، وما أثبتناه من م ط. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2770). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2791).

724 - علي بن يوسف بن أبي غالب خلف بن غالب العبدري، داني، أبو الحسن، ابن أبي غالب

724 - عليُّ (¬1) بن يوسُفَ بن أبي غالبٍ خَلَف بن غالبٍ العَبْدريُّ، دانيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ أبي غالب. تَلا بالسَّبع على أبي بكرٍ عَتِيق بن محمد بن عبد الحميد وأبي حَفْص بن أبي الفَتْح، ورَوى عن أبوَيْ بكر: ابن بَرُنْجال وابن الحَنّاط، وأبي العبّاس بن عيسى، وتفَقَّه بهم، وأبي بكر بن أسوَدَ وأبي الوليد يونُسَ بن بنج. وأخَذ اللُّغاتِ والآدابَ عن أبي بكرِ اللّباتيِّ وأبوَيْ عبد الله: ابن أبي الخِصَال وابن عَمّار المَيُورْقيّ، وأبي محمد عبد العزيز بن عثمانَ ابن الصَّيْقَل، وأنشَدَ عن أعرابيٍّ لنفسِه. وأجازَ له أبو عبد الله المازَرِيّ. رَوى عنه ابنُه أحمد؛ وكان فقيهًا حافظًا للمسائل، صَدْرًا في أهل [130 ظ] الشُّورى، دَرِبًا بالفُتْيا، بَصيرًا بعَقْد الشّروط، أديبًا بارِعًا متقدِّمًا، نَحْويًّا محقِّقًا لُغَويًا ذاكرًا، طيِّبَ المحادثة ذا حظٍّ من قَرْض الشِّعر، وَليَ الأحكامَ ببيرانَ (¬2) مُدّةً طويلة وأفتَى طُولَ عُمُرِه. مولدُه لثلاثَ عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من صَفَرِ اثنينِ وثمانينَ وأربع مئة، وتوفِّي في آخِر سنةِ ثِنْتَيْنِ وأوّل سنة ثلاثٍ وستينَ وخمس مئة؛ قاله أبو عُمرَ بنُ عَيّاد؛ وقال سُفيان: توفِّي سنةَ تسع وخمسينَ؛ فاللهُ أعلم منِ المُصيبُ منهما. 725 - عليُّ بن يوسُفَ بن زُلَال الأنصاريُّ، بَلَنْسيٌّ، أبو الحَسَن، وأظُنُّه أخا الحُسَين المذكور بموضعِه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2741)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 234، والذهبي في المستملح (659)، وتاريخ الإسلام 12/ 280. وجاء في حاشية ح: "هو علي بن اليسع بن عيسى بن حزم بن اليسع، جياني، ونزل أولاً بلنسية مع أبيه ثم تحوّل إلى تونس فنزلها. روى عن أبيه وغيره، وكان من جلة المقرئين، وكذلك أبوه وجده" (قلنا: هذا من صلة الصلة لإبن الزبير). (¬2) هامش ح: "بيران: من أعمال دانية، جبرهما الله".

726 - علي بن يوسف بن شريف العذري، أبو الحسن

رَوى عن أبي الحَسَن بن هُذَيْل؛ رَوى عنه أبو بكرٍ المَعافِريُّ الفِرِّيشيُّ (¬1)، وأبو جعفرٍ الجَيَّار، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، ضابِطًا راوِيةً للحديث عارِفًا بطُرُقه ثقةً في نَقْله، معَ الوَرَع التامّ والزّهد والصّلاحِية والدِّين المتين والفَضْل. 726 - عليُّ (¬2) بن يوسُفَ بن شَريفٍ العُذْرِيّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكر بن طاهِر المحدِّث. 727 - عليُّ بن يوسُفَ بن عبد الرّحمن الأنصاريُّ، إشبِيليٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا في حدودِ الخمسينَ وخمس مئة (¬3). 728 - عليُّ بن يوسُفَ بن عليّ بن يوسُفَ بن لُبّ، بَلَنْسي، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عبد الله بن نُوح عامَ خمسةٍ وست مئة. ¬

_ (¬1) نسبة إلى مدينة فريش غربي فحص البلوط بالأندلس. (¬2) هامش ح: "علي بن يوسف بن عبد الله بن الشريف، هكذا قال ابن مسدي وهو ممن أخذ عنه، فا نظره". (¬3) في هامش ح ترجمتان مزيدتان وهما: " • علي بن يوسف بن علي العبدريُّ، غرناطي، أبو الحسن ابن الحاج. كان معدودًا في أهل العلم، كتب إلينا مجيزًا جميع ما يرويه في سنة اثنتين وتسعين وست مئة. (قلنا: ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 310، وذكر أنه توفي سنة ثمان وتسعين وست مئة). • علي بن يوسف بن علي بن باق، مرسي، أبو الحسن. روى عن أبي بكر بن غلبون، وأبي عبد الله بن زكريا المعافري، وأبي العباس بن نبيل، لقيهم، وأخذ عنهم بالقراءة والسماع وأجازوا له، واستجاز له شيخنا أبو جعفر بن الزبير القاضي أبا الخطاب بن خليل فأجازه، وكان معلم كتاب يؤخذ عنه القرآن، وخطب بالرشاقة من بلده بعد خروجهم عنه إلى حين انفصالهم فقُتل رحمه الله في غدرة النصارى إياهم بمقربة من حصن وركل في جمادى الأخرى سنة أربع وسبعين وست مئة، وكانت فيه سراوة وفضل ولم يكن بالضابط". (قلنا: انظر هذا في صلة الصلة 4/الترجمة 305).

729 - علي بن يوسف بن فرج، ثغري

729 - عليُّ بن يوسُفَ بن فَرَج، ثَغْرِي. 730 - عليُّ (¬1) بن يوسُفَ بن محمد بن أحمدَ الأنصاريُّ، دانيٌّ سَكَنَ مُرْسِيَةَ، أبو الحَسَن، ابنُ الشِّرِّيك. تَلا بالسَّبع في دانِيَةَ على أبي إسحاقَ بن محُارِب، وتأدَّب فيها بالنَّحو عندَ أبي القاسم بن تَمّام، ثم رَحَلَ إلى مُرْسِيَةَ فاستَوطنَها، ورَوى بها عن أبي عبد الله بن حَمِيد، وأبي القاسم بن حُبَيْش، ورَوى أيضًا عن أبي زيد السُّهَيْلي. رَوى عنه ابنُه أبو الحَجّاج وأبَوا بكر: ابنُ الطيِّب وابن محمدٍ المَعافِريُّ الفِرِّيشيُّ، وأبو محمد بن عبد الرّحمن بن بُرْطُلّه؛ وحدَّث عنه بالإجازة أبو العبّاس ابن فَرْتُون. وكان مُقرِئًا حَسَنَ القيام على تجويدِ كتابِ الله، ضابطًا لأحكام القراءات، بارعًا في عِلم العربيّة، ذا مشارَكةٍ حسَنة في غيرِ ذلك من المعارِف، ضَريرًا أشلَّ اليدَيْن، نفَعَه الله، آيةً من آياتِ الله في الفَهْم والذكاء؛ وَيذكُرُ أنه كان نَجّارًا، فلمّا كُفَّ [131 و] بصَرُه انقَطعَ إلى طلبِ العلم فبرَّزَ في النَّحو، وتأثَّلَ من الإقراءِ وتعليم العربيّة مالًا جَسِيمًا. وتوفِّي يومَ الخميس عَقِبَ رجبِ تسعَ عشْرةَ وست مئة؛ هذا الصّحيحُ في تاريخ وفاتِه، ومولدُه بدانِيَةَ سنةَ خمسٍ وخمسينَ وخمس مئة (¬2). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2823)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 278، والذهبي في المستملح (697)، وتاريخ الإسلام 13/ 581، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 213. (¬2) هنا ترجمة مزيدة في هامش ح: "علي بن يوسف بن موسى القيسي السالمي، جياني، أبو الحسن. روى القراءات وغيرها عن المقرئ أبي عبد الله محمد بن أحمد بن سعيد المعافري ابن الفراء صاحب مكي. روى عنه المقرئون: أبو الحسن ابن الباذش، وأبو القاسم بن أبي رجاء اللبسي وأبو مروان بن عبد الملك بن محمد بن طفيل القيسي وغيرهم، توفي في حدود سنة خمس مئة" (قلنا: هذه الترجمة من صلة الصلة 4/الترجمة 164).

731 - علي بن يوسف بن يزيد، أبو الحسن، وهو والد الكاتب أبي بكر محمد

731 - عليُّ (¬1) بن يوسُفَ بن يَزيدَ، أبو الحَسَن، وهو والدُ الكاتب أبي بكرٍ محمد. رَوى عن أبي الحُسَين ابن الطَّلّاء وأبي محمد بن عَمْرُوس. رَوى عنه أبو محمد عبدُ المجِيد بن عبد القادر الكَلْبيّ. 732 - عليُّ (¬2) بن يوسُفَ القَيْسيُّ، جَيّاني قَلْعيُّ الأصل قَلْعةَ سالم، أبو الحَسَن السالِميُّ. تَلا بالسَّبع على أبي عبد الله بن أحمدَ المَعافِريِّ ابن الفَرّاء. تَلا عليه أبو الأصبَغ بنُ اليَسَع، وأبو الحَسَن ابنُ الباذِش، وأبَوا عبد الله: ابنُ عُبادةَ وابن غَفْرَال، وأبو القاسم اللَّبسيُّ، وأبو مَرْوانَ بن طُفَيْل وغيرُهم؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا تصَدَّرَ للإقراءِ وعُمِّر وأسَنّ. 733 - عليُّ (¬3) بن يوسُفَ اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ، أبو الحَسَن. كتَبَ عنه أبو عُمرَ بنُ عَيّاد بعضَ فوائدِه، وكان أديبًا تجوَّل ببلاد الأندَلُس، واستَوطنَ المَرِيّة إلى أن تغلَّب الرُّوم عليها، فسَكَنَ دانِيَةَ ثم بَلَنْسِيَةَ بأخَرةٍ، وتوفِّي بشاطِبةَ (¬4) في حدودِ الستينَ وخمس مئة. 734 - عليُّ (¬5) بن يوسُفَ، سَرَقُسْطيّ، أبو الحَسَن، ابنُ الإمام. رَوى عن بعض مَشْيَخةِ بلدِه، واستجازَ له القاضي أبو عليّ بنُ سُكّرةَ في رحلتِه إلى المشرِق جماعةً ممّن لقِيَ هنالك، منهم: أبو الحَسَن ابنُ العَلّاف، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2774)، وجاء في هامش ح: "علي بن يوسف بن علي بن يزيد، هكذا قال فيه ابن الأبار، فينبغي أن تقدم ترجمته إلى حيث يليق به". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2702)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 164، والذهبي في المستملح (646). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2739). (¬4) في هامش ح: "ابن الأبار: توفي بناحية شاطبة". (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2730)، والذهبي في المستملح (657).

735 - علي بن يوسف، أبو الحسن

وأبَوا الحُسَين: أحمدُ بن عبد القادر والمبارَكُ بن عبد الجَبّار، وأبو الخَطّاب ابن البَطِر، وأبو الفَضْل بن خَيْرونَ، وأبو المعالي ثابتُ بن بُنْدار، وقد ذُكِرَ سائرُهم في رَسْم أبي جعفر بن عبد الرّحمن بن بالِغ. رَوى عنه أبو الوليد بنُ خِيَرةَ. وكان خيِّرًا زاهدًا ذا حظّ صالحٍ من الأدب. 735 - عليُّ بن يوسُفَ، أبو الحَسَن. رَوى عن شُرَيْح، وكان فقيهًا. 736 - عليُّ بن يونُسَ بن طيِّب الأنصاريُّ. رَوى عن أبي بحرٍ سُفيانَ بن العاص. 737 - عليُّ بن المَدِيني، مُرْسِيٌّ، أبو الحَسَن. كان أديبًا شاعِرًا وله مُعَشَّرات. 738 - عليُّ بن الدَّرَّاج، دانِيٌّ، أبو الحَسَن. أخَذ العربيّةَ عن أبي تَمّام القَطِينيّ، أخَذ ذلك عنه أبو عبد [131 ظ] الله بنُ سَعِيد، وأبو القاسم عبد الرحيم بن محمد الخَزْرَجيّ، وكان نَحْويًّا (¬1) لُغَويًّا، تصَدَّرَ لإقراءِ ذلك ببلدِه. 739 - عليٌّ البُطَيْطيُّ، إشبِيليٌّ. كان عاقدًا للشُّروط بارعَ الخَطّ، تدرَّبَ في كَتْبِ الشّروط بين يدَي ابن الشرة (¬2) ثُم بين يدَيْ أبي بكرٍ ابن النَّيّار، وشُهِرَ (¬3) أمرُه، واستنابَه في الأحكام أبو عبد الله بن أحمدَ الباجِيّ، ثُم أصحَبَه أبو عليّ الحَسَن بن حَجّاج ابنَه محمدًا لمّا وَلِيَ قضاءَ قُرطُبة كاتبًا عنه ونائبًا. ¬

_ (¬1) في م ط: "محدثًا"، وهو تحريف، فهو نحوي معروف. (¬2) في ح فوقها علامة خطأ. (¬3) في ط: "واشتهر".

740 - عليم بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن القاسم بن خلف -ويقال: عبيد الله بن أبي القاسم خلف، وهو الصواب- ابن هاني العمري، من ذرية عمر بن الخطاب رضي الله عنه، شاطبي الأصل، نشأ ببعض أعمال دانية، أبو الحسن وأبو محمد

740 - عُلَيْم (¬1) بن عبد العزيز بن عبد الرّحمن بن عُبَيد الله بن القاسم بن خَلَف -ويقالُ: عُبَيدُ الله بن أبي القاسم خَلَف، وهو الصَّواب- ابن هاني العُمَريّ، من ذُرِّيّة عُمرَ بن الخَطّاب رضيَ اللهُ عنه، شاطِبيُّ الأصل، نَشَأَ ببعضِ أعمالِ دانِيَةَ، أبو الحَسَن وأبو محمد. سَمِعَ بشاطِبةَ: أبا الأصبَغ بن إدريسَ، وأبا بكر بنَ أسَد، وأبا عبد الله بنُ مغاوِر، وأبا جعفر بن جَحْدَر، وبدانِيَةَ أبا إسحاقَ بن جماعة، وأبا عبد الله بن سَعِيد، ومَكَثَ بها سنين (¬2). ثم رَحَلَ إلى المَرِيّة وسَمِعَ أبوَي الحَجّاج: الأُنْدِيَّ وابنَ يَسْعُون، وأبا عَمْرٍو الخَضِرَ بن عبد الرّحمن، وأبا القاسم بن وَرْد، وأبا محمد الرُّشَاطِي. ومن شيوخِه سوى من ذُكِرَ: أبو الحَسَن بنُ المُنذِر. رَوى عنه أبو بكر عَتِيقُ بن عليّ العَبْدريُّ، وأبَوا عُمرَ: ابن عاتٍ وابن عَيّاد، وأبو محمد بن سُفيان. وكان محدِّثًا حافظًا لمُتونِ الأحاديث، صالحًا زاهدًا رافضًا للدُّنيا، وَرِعًا فاضلًا واعظًا ناصحًا، نفَعَ اللهُ بصُحبتِه خَلْقًا كثيرًا، وكان مُثابِرًا على الدراسة يَستظهِرُ "الموطَّأ" و"الصَّحيحين" و"المُدوَّنة" وكثيرًا من كُتُبِ الرأي والتفسير؛ وكان يقول: ما حَفِظتُ شيئًا فنَسِيتُه، وكان الغالبَ عليه حِفظُ السُّنن وعلوم القرآن، وكان ذا حظّ وافر من الأدبِ وعلم الكلام وعبارةِ الرُّؤيا وقَرْض الشِّعر، وكان بارًّا بأصحابِه حسَنَ العِشرة لهم كثيرَ الاعتناءِ بأحوالِهم سريعَ البِدَار إلى قضاءِ حوائجِهم يقطَعُ اليومَ والأيامَ في النظَر في مصالحِهم والسَّعي الجَميل في التهَمُّم بمَآربِهم وأمورِهم، محبَّبًا عندَ العامّة والخاصّة، محتسِبًا نفْسَه في تغيير ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2999)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 345، والذهبي في المستملح (757)، وتاريخ الإسلام 12/ 322. (¬2) هكذا في النسخ، وفي التكملة: "سنتين".

741 - عمر بن أحمد بن إسحاق بن واجب

المناكر، مُواظِبًا على أورادِه من أفعالِ الخَيْر ووظائفِ البرِّ ليلًا ونهارًا، وقد تقدَّم له ذكْرٌ في رَسْم طارقِ بن يَعيشَ (¬1). وكان له بيتٌ قد أعَدَّه لخَلْوتِه والتفرُّغ فيه لعبادتِه وتهجُّدِه وقراءةِ كُتُبِه، مُعتزِلًا [132 و] فيه عن عِيَالِه، فقام فيه ليلةً إلى تهجُّدِه على جاري عادتِه، ثم إنّ أهلَه فقَدوا صوتَه فالتمَسُوه فوجَدوهُ مَيِّتًا، وقيل: إنهُ توفِّي عِشيّة يوم السبت لخمسٍ بَقِينَ من ذي القَعْدة -وقيل: أو ذي حجة- أربع وستينَ وخمس مئة، وقيل: سنةَ خمسٍ وستينَ وقد قارَبَ الستينَ وذلك ببَلَنْسِيَةَ، واحتُمِل إَلى شاطِبةَ فدُفنَ بها من الغَدِ في البَقِيع المتّصل بجامعِها، ووَجَدَ الناسُ عليه وَجْدًا شديدًا وأسِفوا لفَقْدِه وتمسَّحوا بنَعْشِه تيمُّنًا به، ولم يزَلْ دَأْبُهم التبرُّك بتُراب قبرِه والاستشفاء به للمرضَى، نفَعَ اللهُ به. 741 - عُمرُ بن أحمدَ بن إسحاقَ بن واجِب. رَوى بسَرَقُسْطةَ عن أبي محمد بن سُرورٍ البَكْري. 742 - عُمرُ (¬2) بن أحمدَ (¬3) بن خَلْدونَ الحَضْرَميُّ، إشبِيليٌّ، أبو البقاء. أخَذ التعاليمَ والطّبّ عن مَسْلَمةَ (¬4) المَرْجِيطيِّ. ¬

_ (¬1) في السفر الرابع، الترجمة (221). (¬2) ترجمه صاعد في طبقات الأمم (81)، وابن حزم في الجمهرة (460)، وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء (485)، وابن الأبار في التكملة (2614)، وكناه ابن حزم وصاعد وابن أبي أصيبعة: "أبا مسلم". (¬3) وضع فوقها " كذا" في ح ثم علق في الهامش بما يلي: "هو عمر بن محمد بن بقي بن عبد الله بن خلدون الحضرمي، أبو مسلم. أخذ الحساب عن مسلمة المذكور وصحب أبا إسحاق بن الروح بونه واستفاد منه كثيرًا من علم الحساب أيضًا وروى عنه تواليفه فيه، وهو أول من علمه الحساب. وأخذ الطب عن أبوي محمد: الإلبيري والسوسي وغيرهما، أخذ عنه أبو خزرج الطب وغيره وكتب عنه فوائد وقال: مولده سنة ست وسبعين، يعني وثلاث مئة، وذكر وفاته كما قال المصنف، وزاد: للنصف من شهر رمضان". (¬4) في م ط: "مسألة"، محرف.

743 - عمر بن أحمد بن عبد الرحمن بن يزيد بن هاني اللخمي، غرناطي، سكن المنكب، أبو علي

وكان من أهل المعرِفة بالهندسةِ (¬1) والهيئة والطبِّ، ماهِرًا في ذلك كلِّه، توفِّي سنةَ تسع وأربعينَ وأربع مئة. 743 - عُمرُ (¬2) بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن يَزيدَ بن هاني اللَّخْميّ، غَرْناطيٌّ، سكَنَ المُنَكَّب، أبو عليّ. رَوى عن أبي محمدٍ عبد الحقِّ بن بُونُه، ورَحَلَ مُشَرّقًا، ورَوى بالإسكندَريّة عن نَزِيلها أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد بن سُليمانَ اللَّخْميِّ النَّحْوي. رَوى عنه أبو إسحاقَ البِلِّفِيقيُّ (¬3) الأصغرُ وأبو جعفر بن يوسُف وابنُه أبو عبد الله الواشِرِيان. 744 - عُمرُ بن أحمدَ بن عُمرَ بن أنسٍ العُذْريُّ، مَرَوِيّ، ابنُ الدَّلائيِّ. وهو وَلَد الراوِية أبي العبّاس العُذْري (¬4)؛ رَوى عن أبيه. ¬

_ (¬1) في م: "بالهندسة والحساب". (¬2) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 132، وفي هامش ح: "زاد شيخنا أبو جعفر ابن الزبير في نسبه بين عبد الرحمن ويزيد: أحمد، وقال فيه: الغافقي، قال: وكان فقيهًا فاضلًا ورعًا من أهل الخط الحسن والوراقة الجيدة والدين المتين، توفي بمنكب آخر سنة ثلاث وست مئة، فانظر ما ذكره المصنف من رواية البلفيقي عنه، فلعله الأكبر". قلنا: لم نجد في ترجمته عند ابن الزبير "الغافقي" فقد نسبه لخميًا، وكذلك نسب جده عبد الرحمن بن يزيد (3/الترجمة 287)، ولكن ورد في ترجمته بعد اللخمي "القانصي"! (¬3) قيد عز الدين الحسيني هذه النسبة فقال: "بكسر الباء الموحدة وتشديد اللام المكسورة وكسر الفاء وسكون الياء آخر الحروف وبعد القاف ياء النسب، نسبة إلى بِلَّفيق: حصن عند المرية" (صلة التكملة، الترجمة 881). (¬4) لوالده هذا ترجمة في جذوة المقتبس (237)، والصلة البشكوالية (141)، وبغية الملتمس (446)، ومعجم البلدان لياقوت 2/ 460، وتاريخ الإسلام 10/ 417، والعبر 3/ 290، والوافي بالوفيات 7/ 259، والمقفى للمقريزي 1/ 333، وشذرات الذهب 3/ 357 وغيرها، وهو أحد الجغرافيين الأندلسيين، وله كتاب "نظام المرجان في المسالك والممالك" وقد بقيت منه قطعة قام بدراستها الدكتور حسين مؤنس في بحثه عن الجغرافية والجغرافيين الأندلسيين. انظر صحيفة معهد الدراسات، المجلدان 7/ 8/ 277 - 292. وقيد الصفدي الدلائي بفتح الدال المهملة، وهي نسبة إلى دلاية Dalias إحدى قرى المرية.

745 - عمر بن أحمد بن عمر بن سكن الأموي، إشبيلي، أبو حفص

745 - عُمرُ (¬1) بن أحمدَ بن عُمرَ بن سَكَنَ الأُمَويُّ، إشبِيليٌّ، أبو حَفْص. رَحَلَ وحَجَّ، ورَوى بالإسكندَريّة عن أبي الطاهِر السِّلَفيّ وعاد إلى بلدِه. 746 - عُمرُ (¬2) بن أحمدَ بن عُمرَ بن موسى الأنصاريُّ، طريانيّ، أبو عليٍّ الزَّبّارُ. تَلا على أبي عَمْرٍو عَيّاش بن الطُّفَيْل وابن بُرّال، ورَوى الحديثَ عن أبوَيْ عبد الله: ابن حَسَن بن مُجبر وابن خَلْفونَ، وأبي محمد بن حَوْطِ الله، وتفَقَّه بأبي عبد الله بن زَرْقُون ثم بابنِه أبي الحُسَين، وأبوَيْ محمد: الشَّلْطِيشيِّ وعبدِ الكبير، وأخَذ العدَدَ والفرائضَ عنِ الشَّقّاق. رَوى عنه أبو إسحاقَ بنُ محمد البِلِّفيقيُّ نَزيلُ سَبْتةَ، وأبو بكر بنُ سيِّدِ الناس (¬3) وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ شيخُنا. وكان [132 ظ] ظاهِريَّ المذهب، منقبِضًا عن أبناءِ الدُّنيا متقلِّلًا منها، عاكفًا على الاستفادةِ مقيِّدًا، مجتهِدًا في أعمالِ البِرِّ خِيِّرًا زاهدًا وَرِعًا، مُنقطِعًا إلى الله تعالى، ملتزِمًا إقراءَ كتابَ الله تعالى وإكتابَه، واحدَ زَمانِه صلاحًا وسَلامةَ باطن، واختَصَر "صحيحَ مسلم" (¬4) اختصارًا حَسَنًا، وأضافَ إليه زياداتِ البُخاريِّ في "صحيحِه"، وكان اختصارُه إيّاه بإشارةِ شيخِه أبي محمد بن حَوْطِ الله وإمدادِه إيّاهُ فيه بفَضْل معرِفتِه، فجاء من أنبَل المختصَرات وأتقَنِها. أخبَرَنا شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ (¬5) رحمه الله، قراءةً عليه، قال: قال لي شيخُنا أبو محمدٍ الشَّلْطِيشي، وقد جَرَى ذكْرُه -يعني أبا عليّ الزَّبّارَ- في هذا: إنّ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2629). (¬2) ترجمه الرعيني في برنامجه (1)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 136 ووقع فيه: "عمر بن أحمد بن موسى بن عمر" كأنه مقلوب، وما هنا موافق لما في برنامج الرعيني، وهو الذي ينقل منه المؤلف. (¬3) هامش ح: قال فيه ابن سيد الناس: هذا المحدث الصالح (قلنا: هذا مذكور في صلة الصلة). (¬4) هامش ح: "قال البِلِّفيقي أبو إسحاق -وهو ممن أخذ عنه- إنه كان يحفظ مسند مسلم". (¬5) برنامج الرعيني (1).

747 - عمر بن أحمد بن عمر العمري، من صرحاء ولد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ميورقي، أبو علي

هذا الرجُلَ في عَفَافِه وانكفافِه لَكَما قال بعضُ التابعينَ وقد سُئل عن عبد الله بن عُمرَ رضيَ اللهُ عنهما: لو كان الناسُ كابن عُمر ما أغَلَقَتْ أُمُّك بابَها؛ قال شيخُنا أبو الحَسَن: هكذا قال لي شيخُنا أبو محمدٍ رحمه الله، والمشهورُ أنّ عبدَ الله بن عُمر، رضيَ اللهُ عنهما، قال ذلك عن نفْسِه لرجُل قال له في خبرٍ يَطُول (¬1). توفِّي أبو عليٍّ هذا سنةَ سبع وثلاثينَ وست مئة. 747 - عُمرُ (¬2) بن أحمدَ بن عُمرَ العُمَريُّ، من صُرَحاءِ وَلَد عُمر بن الخَطّاب رضيَ اللهُ عنه، مَيُورْقيّ، أبو عليّ. رَوى عن أبي عبد الله الشّكّان، وأبي مَرْوان ابن الخَطيب. وكان حافظًا اشتُهِرَ باستظهارِ "الموطَّإ" والذكْرِ لمسائلِ الرأي وسرْدِ أقوال الفقهاء، واستُقضيَ بالجَبَل بعدَ انحياز الفَلِّ المَيُورْقيِّينَ إليه إثْرَ تغلُّبِ الرُّوم على مَيُورْقَةَ وأعمالِها، وتوفِّي بحِصنِ بُلانْسةَ سنةَ ثمانٍ وعشرينَ وست مئة. 748 - عُمرُ بن أحمدَ، أبو حَفْص، ابنُ المحتسِب. 749 - عُمرُ بن إبراهيمَ بن عبد الله الزِّياديُّ، أبو حَفْص. رَوى عن أبي محمدٍ عبد الحقِّ بن عَطِيّة. 750 - عُمرُ بن إبراهيمَ بن عبد الغَنيِّ الجُذَاميُّ، أبو حَفْص. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ. 751 - عُمرُ بن إبراهيمَ بن عليّ بن مَسْعودٍ الأنصاريُّ، أبو حَفْص. رَوى عن أبي جعفرٍ الباذِش. 752 - عُمرُ بن إبراهيمَ بن عليّ الأنصاريّ، قُرطُبيٌّ، أبو عَمْرو. رَوى عن أبي الحَسَن الدَّبّاج. ¬

_ (¬1) طبقات ابن سعد 4/ 161 "أبو الوازع قال: قلت لإبن عمر: لا يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم، قال: فغضب وقال: إني لأحسبك عراقيًا وما يدريك ما يغلق عليه ابن أمك بابه؟ ". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2638).

753 - عمر بن إبراهيم بن مالك الأنصاري، أبو حفص التاهرتي

753 - عُمرُ (¬1) بن إبراهيمَ بن مالكٍ الأنصاريُّ، أبو حَفْص التّاهَرْتيُّ. رَوى بقُرطُبةَ عن أبي عبد الله بن مُطَرِّفٍ الكِنَانيّ. رَوى عنه أبو محمد بنُ هُذَيْل [133 و] الفِهْرِيُّ سنةَ ستٍّ وأربعينَ وأربع مئة. 754 - عُمرُ (¬2) بن إبراهيمَ بن مَلّاس الفَزَاريُّ، إشبِيليٌّ، أبو حَفْص. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي، وأبوَي الحَسَن: شُرَيْح ويونُسَ بن مُغِيث، وأبي القاسم أحمدَ بن محمد بن بَقِيّ. 755 - عُمرُ بن إبراهيمَ الغَسّانيُّ، أبو حَفْصٍ وأبو عبد المُنعِم، ابنُ البَحْري. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ. رَوى عنه أبو الحَسَن بنُ يحيى الأخفَش. 756 - عُمرُ بن أبي السداه، أبو حَفْص. رَوى عن أبي بكر بن سَلَمة. 757 - عُمرُ بن أبي سيِّد الناس، أبو حَفْص. رَوى عن أبي عليٍّ الصَّدَفي. 758 - عُمرُ (¬3) بن أبي الفَتْح بن سَعِيد بن أحمدَ القَيْسيُّ، دانيٌّ أبو حَفْص. تَلا بحَرْفِ نافع على أبي إسحاقَ الشَّلُونيّ، وبالسَّبع على أبي العبّاس بن أبي عُمر المقرئ، وبها إلّا خمسةَ أحزاب أوّلُها سُورةُ الجُمُعة على أبي الحَسَن الحُصْري. تَلا عليه أبو الحَسَن بنُ أبي غالبٍ الدّاني؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، وصَنَّف في القراءاتِ كتابًا حسنًا سمّاه بـ"العُنْوان". 759 - عُمرُ بن أبي محمد بن أبي عليّ. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2613). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2632). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2618).

760 - عمر بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل، من أهل شنت مرية الغرب، أبو حفص

760 - عُمرُ (¬1) بن إسماعيلَ بن محمد بن إسماعيلَ، من أهلِ شَنْتَ مَرِيّةِ الغَرْب، أبو حَفْص. وسَمَّى ابنُ الأبار جَدَّه عُمرَ ومن خطِّ المُتقِن أبي بكر بن خَيْر نقَلتُه كما أثبتُّه (¬2). رَوى بالأندَلُس عن بعض أهلِها، ورَحَلَ وحَجَّ، ورَوى بمِصرَ عن أبي الحَسَن عليّ بن عبد الرّحمن بن قاسم الحَضْرَميّ، وبمكّة، كرَّمَها اللهُ، عن أبي عليّ الحُسَين بن طِحَال المِقْداديّ، وأبي عليّ ابن العَرْجاءِ، وأبي المُظفَّر الشَّيْبانيّ الطَّبَري. رَوى عنه أبو بكر بنُ خَيْر. 761 - عُمرُ (¬3) بن أنَس بن دلهاثِ بن أنَس العُذْريُّ، دَلَائيٌّ، وهو والدُ الراوية أبي العبّاس الدَّلَائي. رَحَلَ وحَجَّ ورَوى بمكّةَ كرَّمَها اللهُ عن أبي ذرّ الهَرَويّ (¬4). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2620)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 122. (¬2) هامش ح: "بل الصواب ما قاله ابن الأبار وكذلك ألفيته في فهرسة ابن خير المذكور بخطه دون إشكال وكذلك ذكره ابن الزبير". (قلنا: انظر فهرسة ابن خير: 200، 220، 227، 398، 452 وغيرها وفيها عمر لا محمد). (¬3) انظر ترجمة أبي العباس أحمد في الصلة (141) وفيها خبر عن رحلة الأب وابنه معًا. (¬4) ها هنا تجيء ترجمات مزيدة في هامش ح وهي: • عمر بن تميم بن عبد الله الكتامي: شريشي، أبو علي. روى عن أبي بكر بن مالك الشريشي، وأبوي الحجاج: ابن الشيخ والمنصفي، وأبي الحسين ابن الصايغ، وأبي العباس العزفي، وأبي عمرو بن غياث، وأبوي محمد: ابن حوط الله وابن فليج وغيرهم. حدث عنه أبو إسحاق البلفيقي الأصغر. وكان ثقة فيما يرويه متحرزًا فيما ينقله. قال أبو محمد طلحة: اختبرته بالسؤالات فلم يعثر، وكان مشهورًا بالديانة والاجتهاد في الطلب، أقرأ زمانًا ووعظ وكانت عنده رشاقة وحلاوة، مولده بشريش عام سبعين وخمس مئة، قال أبو إسحاق البلفيقي -ونقلت ذلك من خطه-: وأنبأني بذلك ابنه أبو القاسم عنه: سمعت عمر بن تميم يقول، سمعت عبد الجليل بن موسى، سمعت أبا الحسن بن غالب، سمعت الحمزي، سمعت ابن المرابط يقول: قال لي السلطان: عَيّن لي من أين أرتب لك أجرًا. قلت: ما كنت لأبيع الأجر بالأجرة. =

762 - عمر بن جزي، بلوطي سكن قرطبة، أبو حفص

762 - عُمرُ (¬1) بن جُزَيّ، بَلُّوطيٌّ سَكَنَ قُرطُبةَ، أبو حَفْص. سَمِع سعيدَ بن خُمَيْر، وطاهرَ بن عبد العزيز، وعُبَيد الله بن يحيى وغيرهم. رَوى عنه أبو بكرٍ محمدُ بن مَوْهَب القَبْرِيّ، وقالَ فيه: عَمْرٌو، وحدَّث عنهُ أبو محمدٍ عبدُ الله بن يوسُفَ البَلُّوطيُّ أحدُ شُيوخ الصاحبَيْن، واضْطَرَب أو اضْطَرَبا فيه، فمرّةً سَمّياهُ عُمرَ أبا حَفْص، ومرّةً سَمّياهُ حَفْصًا، وفي باب "حَفْص" ذكَرَه ابنُ الفَرَضي (¬2)، ولعلّه أثبَتُ، واللهُ أعلم [134 ظ]. 763 - عُمرُ (¬3) بن حَفْص، جَيّانيُّ. كان فقيهًا واستُقضيَ بكُورةِ إلبِيرةَ، وأصهَرَ بابنتِه أُمِّ عَمْرو لأصبَغ بن عثمانَ بن الوليد بن هِشَام بن عبد الرّحمن بن مُعاوية. 764 - عُمرُ (¬4) بن خَطّاب بن يوسُفَ بن هلال، بَطْلَيَوْسيٌّ، أبو حَفْص، ابنُ المارِدِيّ. رَوَى عن أبيه وأبي بكر بن الحَسَن المُراديِّ، وأبي الحَسَن العَبْسي، وأبوَيْ عبد الله: ابن فَرَج وابن قاسم بن أحمد، وأبي عَمْرٍو السَّفَاقُسيِّ، وأبوَي القاسم: عبد الدايم بن مَرْزوق ونَجاح مَوْلى يوسُف بن عبد الله، وأبي محمدٍ الشَّنْتِجاليِّ وغيرهم، وله "برنامَجٌ" ضمَّنَه ذكْرَهم. ¬

_ = • عمر بن حبيب بن محمد بن حبيب الحسيني، شريشي أبو علي بن حبيب كان ماهرًا في الطب وله فيه مختصر نبيل أخذه عن أبيه وعن غيره، أخذ عنه ابنه أبو القاسم إبراهيم بن عمر الطب، وقد تقدم ذكر أبيه حبيب في الكتاب وذكر إبراهيم في المستلحقات. • عمر بن الحسن العقيلي: قنبيلي أبو حفص. رحل إلى قرطبة وقرأ بها وأخذ عن مشايخها وتفقه بهم وشوور ببلده، أخذ عنه أحمد بن سليمان وجبر بن عبد الوهاب. وتوفي في أواخر عشر الأربعين وخمس مئة. (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2605). (¬2) تاريخ علماء الأندلس (369). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2603). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2619)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 119، وينظر فهرسة ابن خير رقم (1300) بتحقيق الدكتور بشار.

765 - عمر بن خلف الهاشمي، أبو حفص

رَوى عنه أبو حَفْص عُمرُ بن عَبّاد (¬1) بن أيّوبَ، وأبو العبّاس بن محُرِز، وكان معلِّمَ عربيّة، درَّسَها مُدّةً بإشبيلِيَةَ، ثم تحوَّلَ إلى شَرِيشَ وبها توفِّي سنةَ إحدى وخمس مئة. 765 - عُمرُ بن خَلَف الهاشِميُّ، أبو حَفْص. رَوى عن أبي عليٍّ ابن سُكّرةَ. 766 - عُمرُ بن خَلَف، يَابُريٌّ، أبو حَفْص، ابنُ اليتيم. رَوى عن أبيه وأبي الوليدِ الباجِيّ، رَوى عنه أبو عبد الله بن خَلَف الإلبِيري (¬2). 767 - عُمرُ بن خَلَف، أندَلُسيّ، أبو حَفْص. شَرَّقَ ولقِيَ أبا الطاهر إسماعيلَ بن خَلَف بن سَعِيد بن عِمرانَ المُقرئَ وسَمِع عليه "اختصارَ الحَجّة" [....] (¬3) سنةَ ستّ وأربعينَ وأربع مئة، وكان مُقرِئًا مجُوِّدًا. 768 - عُمرُ بن عبد الله بن أحمدَ بن عُمرَ بن أبي عليّ. رَوى عن شُرَيْح. 769 - عُمرُ بن عبد الله بن عُمرَ بن زرقاحٍ الخَوْلانيُّ، باجِيٌّ، أبو حَفْص. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي محمد بن عَتّاب. رَوى عنهُ أبو الخليل مُفرّجُ بن سَلَمةَ، وكان فقيهًا مُشاوَرًا. ¬

_ (¬1) هامش ح: هو بالباء الموحدة. (¬2) هامش ح: "هو عمر بن خلف بن محمد بن عبد الله اليابري، أبو حفص ابن اليتيم. رحل إلى القاضي أبي الوليد الباجي (وأخذ عنه) ولم يكن أحد من أصحابه فوقه في علم الأصول والاعتقاد، وله في ذلك تواليف كثيرة مع معرفة بالطب وقرض الشعر، وكان منقبضًا عن أهل الدنيا، وعلى خلق في الكرم والإيثار بذ الناس فيها، لا يُبقي لنفسه قليلًا ولا كثيرًا، ربما وضع عشاؤه بين يديه فيأتيه السائل فيدفعه إليه بجملته ويطوي ليلتَه، وكان يفعل بثياب لباسه مثل ذلك. توفي بقصر أبي دانس يوم السبت لسبع خلون من صفر سبع وعشرين وخمس مئة، وكان من أهل العلم والفضل، رحمه الله". (¬3) بياض في النسخ.

770 - عمر بن عبد الله بن عمر بن عطاء الصدفي، قرطبي

770 - عُمرُ بن عبد الله بن عُمرَ بن عطاء الصَّدَفيُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعَدالة والفَضْل، حيًّا سنةَ عشرينَ وأربع مئة. 771 - عُمرُ بن عبد الله بن عُمر، بَلَنْسيّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ أربع عشْرةَ وست مئة. 772 - عُمرُ (¬1) بن عبد الله بن هَرْثَمةَ بن ذَكْوانَ بن عبد الله بن عَبْدُوسِ بن ذَكْوانَ الأُمَويُّ، قُرطُبيٌّ، أبو حَفْص. وهو أخو القاضي أبي العبّاس، وصاحبِ المظالم أبي حاتم؛ وَزَرَ لسُليمانَ المُستعينِ بالله (¬2) وانخَلَعَ إليه وكان من حِزبِه في حَرْب المَهْديِّ بعَقَبةِ البَقَر، وقاتلَ بنفسِه، فلمّا انهزَموا صار إلى الزَّهراءِ مجُفِلًا معَ فَلِّ حِزب المُستعين، وقد كان محمدُ بن هشام بن عبد الجبار حَطَّه عن [135 و] منزلةِ الوِزارة؛ توفِّي آخرَ يوم من ذي حِجّة ثلاثٍ وأربع مئة، وصَلّى عليه القاضي أبو العبّاس أخوه، ودُفنَ بمقبُرةٍ ابن عبّاس. 773 - عُمرُ (¬3) بن عبد الرّحمن بن عُمرَ بن عبد العزيز بن حُسَين بن عُذْرةَ الأنصاريُّ، خِضْراويٌّ، أبو حَفْص، ابن عُذْرة. رَوى ببلدِه عن أبي العبّاس بن زَرْقُون، وبإشبيلِيَةَ عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي، وبقُرطُبةَ عن أبي الحَسَن يونُسَ بن مُغِيث، وأبوَيْ عبد الله: ابن المُناصِف وابن أبي الخِصَال، وأبي القاسم بن بَقِيّ وأبي مَرْوانَ بن مسَرَّةَ، وبغيرِها عن أبي عبد الله ابن عُمرَ بن أزهَرَ، وأبي الفَضْل عِيَاض، وأبي محمدٍ ابن (¬4) الوَحِيدي. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2611). (¬2) هو سليمان بن الحكم الأموي بويع بقرطبة منتصف ربيع الأول سنة أربع مئة بعد وقعة كانت له على أميرها محمد بن هشام بن عبد الجبار الملقب بالمهدي، انظر أخباره وأخبار ابن عبد الجبار في ابن عذاري 3/ 50 - 118، والذخيرة 1/ 1/ 24 - 34 (ط. أولى). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2630)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 129، والذهبي في المستملح (630)، وتاريخ الإسلام 12/ 588. (¬4) سقطت من م.

774 - عمر بن عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الله بن عمر الأنصاري الأوسي

رَوى عنه أبو الوليد القَسْطَليّ الأديبُ، وحدَّث عنه بالإجازة أبو عليٍّ الرُّنْدي. وكان فقيهًا حافظًا، راوِيةً للحديثِ منسُوبًا إلى معرفتِه، ذا حظٍّ وافِر من الأدب. ناظِمًا ناثرًا، حدَّث ودرَّسَ الفقهَ وغيرَه، واستُقضيَ ببلدِه وبسَبْتةَ، فحُمِدَت سِيرتُه، وتوفِّي ببلدِه في ذي قَعْدةِ -وقال ابنُ الأبار: في أوّل رَمَضان- ستٍّ وسبعينَ وخمس مئة. 774 - عُمرُ بن عبد الرّحمن بن يوسُفَ بن عبد الله بن عُمرَ الأنصاريُّ الأوْسِيُّ. 775 - عُمرُ (¬1) بن عبد العزيز بن إبراهيمَ بن عيسى بن مُزاحِم، مَوْلَى عُمرَ بن عبد العزيز، إشبِيليٌّ، ابنُ القُوطِيّة. وهُو والدُ اللُّغَويِّ أبي بكر محمد، وقد تقَدَّم ذكْرُ أوّليّتِهم في رَسْم [....] (¬2). رَحَلَ فحَجّ، وقَفَلَ إلى بلدِه، واستَقْضاهُ الناصرُ على إسْتِجةَ سنةَ إحدى وثلاث مئة، ثم على إشبِيلِيَةَ سنةَ ثِنْتينِ وثلاث مئة، واستمرَّ في الوِلايتَيْنِ سبعةَ أعوام وسبعة أشهُر. 776 - عُمرُ بن عبد العزيز بن أبي عامر. رَوى عنه عبدُ العزيز بن يحيى بن لَبِيد. 777 - عُمرُ (¬3) بن عبد العزيز ابن الحَسَن القَيْسيُّ، لُورْقيٌّ. أخَذ القراءاتِ على أبي الحَسَن الشَّنْتَمَريّ، حدَّث عنه ابنُه أبو الأصبَغ عبدُ العزيز. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2599). (¬2) بياض في النسخ. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2633).

778 - عمر بن عبد العزيز السبئي، إشبيلي -فيما أحسب- أبو حفص

778 - عُمرُ (¬1) بن عبد العزيز السَّبَئيُّ، إشبِيليٌّ -فيما أحسِبُ- أبو حَفْص. رَوى عن أبي عبد الله بن إبراهيمَ الدَّيْبُلي. رَوى عنه أبو القاسم عبدُ الرّحمن ابن عَمْرِو ابن الحَذّاء، وأبو عبد الله بَقِيُّ بن يُمْن بن بَقِيّ. 779 - عُمرُ بن عبد الغنيّ. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفيّ، وأظُنُّه ابنَ إبراهيمَ المذكورَ قبلُ (¬2)، ونُسِبَ هنا إلى جَدِّه، والله أعلم. 780 - عُمرُ (¬3) بن عبد المجِيد بن عُمرَ بن يحيى بن [135 ظ] خَلَف بن موسى الأَزْديُّ، مالَقيٌّ رُنْديُّ الأصل، أبو حَفْص وأبو عليّ، وهي المشهورةُ، الرُّنْدِيّ. رَوى عن أبي إسحاقَ بن قُرْقُول، وأبي بكر بن خَيْر، وآباءِ الحَسَن: صَالح بن عبد الملِك الأوْسِيّ وابن كَوْثَر ومحمد بن عبد العزيز الشَّقُوريّ، وأبي خالد يَزيدَ بن رِفاعةَ، وآباءِ عبد الله: ابن أحمدَ بن أَبَانٍ الشَّعْبَانيّ وابن أبي بكرٍ السَّبْتِيّ ابن الحَدّاد وابن عَرُوس وابن الفَخّار، وآباءِ القاسم: ابن بَشْكُوال والسُّهَيْليّ -وعليه عَوَّل في معلوماتِه من القراءاتِ والعربيّة- والشَّرّاط، وآباءِ محمد: الحَجْريِّ وعبد الحقِّ بن بُونُه وعبد المُنعِم ابن الفَرَس والقاسم بن دَحْمانَ، قرَأَ عليهم وسَمِع. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2607). (¬2) الترجمة (750). (¬3) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة (143)، والرعيني في برنامجه (31)، وابن الأبار في التكملة (2636)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 135، والذهبي في المستملح (632)، وتاريخ الإسلام 13/ 482، واليمني في إشارة التعيين (240)، وابن الخطيب في الإحاطة 4/ 107، والفيروزآبادي في البلغة (172)، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 594، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 176، وابن قاضي شهبة في طبقات اللغويين 2/ 198، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 220.

وأجاز له ممّن لقِيَ: أبَوا بكر: ابنُ الجَدّ وابنُ صَافٍ، وأبو حَفْص بن عبد الرّحمن بن عُذْرة، وآباءُ عبد الله: ابنُ أحمدَ الغافِقيُّ البَيْسانيّ، وناوَلَه، والإسْتِجيُّ وابنُ حَمِيد وابنُ سعيد بن مُدرِك، وذكَرَ ابنُ الأبّار أنه سَمِع منه، وأبو العبّاس ابنُ اليتيم، وأبو القاسم بنُ حُبَيْش. وممّن لم يَلْقَ من أهل الأندَلُس: أبو جعفر بنُ حَكَم، وأبو عبد الله بن زَرْقُون، وأبو عليّ الحَسَن بن عبد الله السَّعْديّ، وأبو مَرْوانَ بن قُزْمان. ومن أهل المشرِق: أبو الأصبَغ عيسى بنُ عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد بن سُليمانَ، وأبو البَرَكات الحَسَنُ بن محمد بن الحَسَن بن هبةِ الله الشافعيُّ ابنُ عساكِر، وآباءُ بكر: عبدُ الله بن عبد الواحِد بن عليّ ابن الحَسَن بن شَوّاش الدِّمشْقِيُّ وعبد الرّحمن بن سُلطان ابن يحيى بن عليّ القُرَشيُّ القاضي ومحمدُ بن يوسُفَ بن أبي بكر الآمليُّ الطَّبَريّ وأبو بكر بن حِرْزِ الله بن حَجّاج التونُسيُّ ثم القَفْصيّ، وأبو تُرابٍ يحيى بن إبراهيمَ بن محمد البغداديّ، وآباءُ الحَسَن العَلِيُّون (¬1): ابنُ عَقِيل بن عليّ بن هِبة الله التَّغلَبيُّ ابن الحُبُوبيّ وابنُ محمد بن عليّ بن مُسَلَّم بن محمد بن الفَتْح السُّلَميّ وابنُ المُفَضَّل بن عليّ المقدِسيّ، وأبو الخَطّاب عُمرُ بن حَسَن بن دِحْيةَ، وأبو رَوْح بن أبي بكرٍ الدَّوْلَعيّ (¬2)، وأبو شُجاع زاهِرُ بن رُسْتُم بن أبي الرَّجاء، وأبو طالبٍ أحمدُ بن عبد الله بن الحُسَين بن حَدِيد الكِنَانيّ، وأبو طاهِر بَرَكاتُ بن إبراهيمَ بن طاهِر الخُشُوعيُّ الفُرَشيّ، وآباءُ عبد الله المحمّدونَ: ابنُ إسماعيلَ بن عليّ بن أبي الصَّيْف وابنُ عبد الله بن موهوب بن [136 و] جامِع بن عَبْدُونَ الصُّوفيُّ ابنُ البَنّاء وابنُ عبد الرّحمن بن عبد الله التَّنسي (¬3) وابنُ عُلْوانَ التّكرِيتيُّ وابن محمد بن حامدٍ الأصبهَانيُّ الكاتبُ ابنُ أُلُه، وأبو عِمرانَ موسى بن ¬

_ (¬1) في م ط: "العلويون"، محرفة. (¬2) في م ط: "الدولغي"، مصحفة. (¬3) في م ط: "التونسي"، محرفة.

عليّ بن فَيّاض (¬1)، وأبو الفُتُوح نَصْرُ بن أبي الفَرَج بن عليّ الحُصْريّ، وأبو الفَرَج محمدُ بن عبد الرّحمن بن أبي العِزِّ الواسِطيّ، وأبو الفَضْل أحمدُ بن محمد بن الحَسَن ابن هِبة الله أخو أبي البَرَكات المذكور، وآباءُ القاسم: الحُسَين بن هِبة الله ابن محفوظِ ابنُ صِصْرَى التَّغلَبيّ (¬2)، وأعبُدُ الرحمن: ابنُ عبد الله عَتِيق أحمدَ ابنُ باقا البغداديّ وابنُ عبد المجِيد الصَّفْراويّ وابن مُقرَّبٍ التُّجِيبيُّ، وعبدُ الصَّمد بن محمد بن أبي الفَضْل الحَرَسْتانيُّ، وعبدُ الملِك بن زَيْد بن ياسين بن زيد التَّغلَبيُّ الدَّوْلَعيّ (¬3) خطيبُ جامع دمشقَ والإمامُ به، وعليُّ بن الحَسَن بن هِبة الله بن عَساكر، وآباءُ محمد: جامِعُ بن باق بن عبد الله التَّميميُّ وعبدُ الله بن عبد الرّحمن بن موسى التَّميميُّ وابنُ عبد الجَبّار بن عبد الله العُثْمانيُّ الدِّيبَاجِيّ وعبدُ الرّحيم ابن النَّفِيس السُّلَميُّ وعبدُ الكريم بن أبي بكرٍ عَتِيق بن عبد الملِك الرَّبَعيّ وعبدُ الوَهّاب ابن هِبة الله بن محمود ابن الخَلّال البَزّازُ والقاسمُ بن عليّ بن عساكرَ المذكور ويونُسُ ابن يحيى بن أبي البَرَكات الهاشميّ، وابنُ المُجَلِّي المِصْريّ، وأبو مَسْعود عبدُ الجليل ابن أبي غالب بن أبي المَعالي بن مَنْدُوْيَة، وأبو المُفضَّل محمدُ بن أبي الحُسَين بن أبي الرِّضا ابن الخَصْم، وأبَوا منصور: عبدُ الرّحمن بن محمد بن الحَسَن أخو أبي البَرَكات وأبي الفَضْل المذكورَيْن؛ ويونُسُ بن محمد بن محمد الفارِقيّ، وأبو اليُمْن زيدُ بن الحَسَن الكِنْديُّ اللُّغَويّ تاجُ الدين، وحَسَنُ بن إسماعيلَ بن الحَسَن، وحُسَينُ بن عبد السّلام بن عَتِيق بن محمد بن محمد، وعبد المجِيد بن محمد بن محمد بن الحُسَين بن علي بن الحُسَين بن عليّ، ويحيى بن ياقوت، وقال: مملوكُ العَتَبةِ الشريفة، والحُرّة تاجُ النِّساء بنتُ رُسْتُم أُختُ أبي شُجاع المذكور، وكتَبَ عنها. وحدَّث بالإجازة العامّة لأهل الأندَلُس عن أبي الطاهِر السِّلَفي. ¬

_ (¬1) وأبو عمران ... فياض: اضطربت الجملة في م وأعاد الناسخ الجملة السابقة: ابن علوان ... الأصبهاني، وينظر تاريخ الإسلام 13/ 823. (¬2) في م ط: "الثعلبي"، خطأ. (¬3) في م ط: "الدولغي"، مصحفة.

رَوى عنه أبوا الحُسَين: ابن أُخيه وعُبَيد الله الدايريّ، وأبو جَعْفر بن يحيى المآلَقيّ، وآباءُ عبد الله: ابنُ أحمدَ الزُنْديّ المُسَلْهَم وابنُ [136 ظ] أبي يحيى أبو بكر المَوَّاقُ، وابنا عَبْدَي الله: ابنُ محمد الأنصاريُّ الجُذَاميُّ الكُتَاميُّ وابنُ عليّ بن عساكر، وأبو عَمْرٍو عبدُ الواحِد بن تَقِيّ (¬1). وحدَّثنا عنه شيوخُنا: أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ، وأبَوا علي: الحَسَن بن علي الماقريّ والحُسَين ابن الناظر، وأبو محمد ابن القَطّان. وكان من أهل التفنُّن في العلوم والتوسُّع في المعارف، مُقرِئًا عارِفًا مجُوِّدًا محدِّثًا مُكثِرًا تامَّ العناية بتقييدِ الحديث، عَدْلًا ثقةً، نَحْويًّا متقدِّمًا بارعًا، أديبًا حافظًا، فاضلًا صالحا وَرِعًا، أقرَأَ القرآنَ ودرَّسَ العربيّةَ والأدبَ طويلًا بسَبْتَة، ثُم استدعاه أهلُ مالَقةَ بعدَ ارتحالِ السُّهَيْليِّ عنها -وقيل: بعدَ موتِه- للتدريس بها والإقراءِ مكانَه، فأجابَهم إلى ذلك، واستقَرَّ بها إلى أن توفِّي، وله على "جُمَل" الزَّجّاجيِّ شَرْحٌ جيِّد أفاد به. وكان (¬2) بينَه وبينَ الأستاذِ أبي محمد ابن القُرطُبيِّ من التنافُس ما يكونُ بين المتوارِدَيْنِ على مَشْرَعٍ واحد -إذ كانا المشارَ إليهما بمالَقةَ- أفضَى بهما إلى ردِّ كلِّ واحد منهما على صاحبِه في أكثرِ ما يَصدُرُ عنه، إلى أن توفِّي أبو محمد فانفَردَ أبو عليّ برياسةِ الإقراء. ومن ذلك: ردُّ أبي محمدٍ على أبي عليّ في أسانيدِ إجازةٍ كتبَها أبو عليّ لبعض الطَّلبة ذكَرَ أبو محمدٍ أنه وَهِم في مواضعَ منها، وألَّفَ في ذلك كتابَه المسمَّى بـ "المُبدي خطأَ (¬3) الرُّنْدي" (¬4). وكذلك كان بين أبي عليّ وأبي الحَسَن بن خَرُوف تنازُعٌ في مسائلَ تفسيريّةٍ ونَحْويّة ظَهَرَ فيها شُفوفُ أبي عليّ وتبريزُه عليه، رحمهم اللهُ أجمعين (¬5). ¬

_ (¬1) هو أبو عمرو عبد الواحد بن محمد بن بقي بن محمد بن تقي الجذامي المتوفى سنة 637 هـ، مترجم في تاريخ الإسلام 14/ 245. (¬2) انظر السفر الرابع ص 190. (¬3) في السفر الرابع: "لخطإ". (¬4) رد الرندي على هذا بكتاب سماه: "الخبي في أغاليط ابن القرطبي". (¬5) في صلة الصلة: أن رده على ابن خروف كان انتصارًا منه لشيخه أبي زيد السهيلي.

781 - عمر بن عبد الملك بن عمر بن دلهاث العذري، دلائي

وكان لأبي عليّ رحمه اللهُ نُبلٌ في مَنازِعِه وإتقانٌ في ما يُحاولُ بيدِه من التفسير وما يتعلَّقُ به ممّا هو كمالٌ في حقِّ المُرتسِم بالعلم وطَلَبِه؛ وقَدِمَ مَرّاكُشَ وحُدِّث عنه، وأخَذ عنه كثيرٌ من أهلِها والقادمينَ عليها، واختُلِطَ بأَخَرةٍ (¬1)، رحمه اللهُ. مولدُه سنةَ سبع وأربعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بمالَقةَ سَحَرَ يوم الجُمُعة لعَشْرٍ بقِينَ من ربيع الآخِر سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة، ودُفنَ بشَرْقي شريعتِها، وقال ابنُ غالب: في جُمادى الأولى، وهُو ابنُ ثلاثٍ وسبعين. 781 - عُمرُ بن عبد الملِك بن عُمرَ بن دِلْهاثٍ العُذْريُّ، دَلَائيٌّ. من ذوي [137 و] قرابةِ أبي العبّاس العُذْريّ. رَحَلَ وحَجَّ، ورَوى بمكّةَ، شرَّفَها الله عن أبي ذَرٍّ الهَرَويّ. 782 - عُمرُ بن عبد الملِك بن مُطَرِّف. 783 - عُمرُ (¬2) بن عثمانَ بن أبي صفْوانَ محمدِ بن العبّاس بن عبد الله بن عبد الملِك بن عُمرَ بن مَرْوانَ بن الحَكَم القُرَشيُّ الأمَويُّ، قُرطُبيٌّ. رَوى عن بَقِيِّ بن مَخْلَدٍ واختَصَّ به، وكان أديبًا شاعرًا، وتعَلَّقَ بخدمةِ السُّلطان فوَلِيَ للأميرِ عبد الله ثُم لعبد الرحمن الناصِر، وتوفِّي وقد قارَبَ السّبعين. 784 - عُمرُ (¬3) بن عليّ بن سَمُرةَ السَّلَامَانيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو حَفْص. تَلا بحَرْفِ نافع على عاصِم، وأبي عبد الله بن شُرَيْح. تَلا عليه أبو الحَسَن ابن عبد الله بن ثابِت، وقال: إنهُ ابنُ خالِه، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا متصدِّرًا لذلك صالحًا فاضلًا. ¬

_ (¬1) قال ابن الزبير: وذكره الشَّيخ في الذيل ووقع له تخليط ووهم في أخباره وقال: إنه اختل عقله آخر عمره وهذا مما لم يذكره أحد، وقد لقيت الجماء الغفير ممن قرأ على الرندي فما ذكروه بشيء من هذا بوجه. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2598). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2617).

785 - عمر بن علي بن عيسى بن علي بن مسلمة المعافري، إشبيلي سكن مراكش، أبو علي، ابن مسلمة

785 - عُمرُ بن عليّ بن عيسى بن عليّ بن مَسْلَمةَ المَعافِريُّ، إشبِيليٌّ سَكَنَ مَرّاكُش، أبو عليّ، ابنُ مَسْلَمة. رَوى عن أبي القاسم ابن الطَّيْلَسان، وكان من كبارِ العاقِدينَ للشّروط وجِلّة العُدول المشهورينَ بالتّبريز، حَسَنَ الأخلاقِ جميلَ اللّقاء، بَرًّا بكلِّ من يَلقاه، نبيلَ الخطِّ، كريمَ العِشرة، توفِّي بمَرّاكُش. 786 - عُمرُ بن عليّ بن محمد بن عليّ الكَلَاعيُّ. رَوى عن شُرَيْح. 787 - عُمرُ بن عليّ بن يوسُف، مَنُرْقِيٌّ شاطِبيُّ الأصل، أبو عليّ، ابنُ الشاطِبي. رَوى عن أبي عثمانَ سَعِيد بن حَكَم، وكان محدِّثًا راوِية عَدْلًا ضابطًا. 788 - عُمرُ بن عليّ الجُذَاميُّ، أبو حَفْص. رَوى عن شُرَيْح. 789 - عُمرُ بن عُمرَ بن أحمدَ بن نَجَبةَ، أبو (¬1) حَفْص وأبو الحَسَن وهي المشهورة. رَوى عن أبي عُمرَ اللَّمْتُونيّ. 790 - عُمرُ (¬2) بن عَبّاد (¬3) بن أيّوبَ بن عبد الله اليَحْصُبيُّ، شَرِيشيٌّ، أبو حَفْص. رَحَلَ، وحَجَّ، ورَوى بمكّةَ، شرَّفَها الله، عن أبي الحَسَن رَزِين بن مُعاويةَ، ¬

_ (¬1) في م: "ابن"، وهو خطأ بيّن. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2621)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 125، والذهبي في المستملح (627)، وتاريخ الإسلام 11/ 879. (¬3) قيّده ابن الأبار بالباء الموحدة.

791 - عمر بن عيسى بن محمد بن مزين الأودي، أبو الأصبغ

وبمِصرَ عن أبي عبد الله الرَّازي ابن الحَطّاب (¬1)، وبالإسكندَريّة عن أبي الحَجّاج ابن عبد العزيز وأبي الطاهِر السِّلَفيّ. رَوى عنه أبو بكر بنُ خَيْر، وحدَّث عنه بالإجازة أبو عبد الله بن حَمِيد، وأبو محمد عبدُ الحق ابن الخَرّاط؛ وكان خيِّرًا زاهدًا فاضلًا متقدِّمًا في جُملةِ مَعارِف. توفِّي بشَرِيش ليلةَ الأربعاء، وهو يومُ التَّروِية، من سنة خمسٍ وأربعينَ وخمس مئة. 791 - عُمرُ بن عيسى بن محمد بن مُزَيْن الأَوَديُّ، أبو الأصبَغ. رَوى [137 ظ] عن شُرَيْح. 792 - عُمرُ بن فَتْح بن سَهْل. رَوى عن أبي عُمرَ أحمدَ بن محمد بن هشام بن جَهْوَر. 793 - عُمرُ (¬2) بن فَرَج، يابُرِيٌّ. رَوى عن أبي الحَجّاج الأعلم. 794 - عُمرُ (¬3) بن أبي عَمْرو لُبِّ بن أحمدَ البَكْريُّ، بَطَلْيَوْسيٌّ، أبو حَفْص بن أبي عَمْرو، وابن الحَصّار. رَوى بالأندَلُس عن أبي عبد الله بن أبي زَمَنِين، وأبي عُمر ابن الجَسُور وغيرِهما، ورَحَلَ فحَجَّ ومكَثَ هنالك مُدّة، وسَمِعَ بمِصرَ من أبي العبّاس مُنِير بن أحمدَ بن مُنِير. ¬

_ (¬1) بالحاء المهملة، وهو محمد بن أحمد بن إبراهيم، أبو عبد الله الرازي ثم المصري مسند الديار المصرية وشيخ الإسكندرية المتوفى سنة 525 هـ (تاريخ الإسلام 11/ 436). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2616). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2612).

795 - عمر بن لب بن محمد بن حسين بن قحافة، بلنسي

رَوى عنه أبو عبد الله محمدُ بن عليّ بن محمودٍ الوَرّاق، وأبو العبّاس العُذْريّ، لقِيَاهُ بمكّةَ كرَّمَها (¬1) الله. وكان أديبًا شاعرًا مُحسِنًا، له مُقَطَّعات في الزّهد وقصائدُ مَدَحَ ببعضِها الطَّلَمَنْكيَّ على كتابِه المسَمَّى بـ "الوصُول إلى معرِفة الأصُول". وتوفِّي قريبًا من العشرينَ وأربع مئة. 795 - عُمرُ بن لُبّ بن محمد بن حُسَين بن قُحافةَ، بَلَنْسِيٌّ (¬2). 796 - عُمرُ (¬3) بن محمد بن أحمدَ بن عُدَيْس القُضَاعيّ، قُرطُبيّ، وقيل: بَلَنْسيّ، أبو حَفْص. رَوى عن أبي بكرٍ القَجَارِجِيِّ، وأبي محمد ابن السِّيْدِ واختَصَّ به كثيرًا، وتجوَّلَ طالبًا العلمَ بالأندَلُس والعُدوة وإفريقيّةَ وغيرِها، ولقِيَ ببَاجةِ الأندَلُس أبا العبّاس بن حاطبٍ ولازَمَه وعاد إلى وَطَنِه. رَوى عنه أبو الخليل مُفرِّجُ بن سَلَمةَ، وأبو القاسم أحمدُ بن يوسُفَ الجقالة، ورَوى عنه بإفريقيّةَ أبو محمد عبدُ الحقِّ ابن الحاجِّ أبي بكر بن أبي الحُسَين ابن ثُعْبان. وكان إمامًا في اللُّغة مُستبحِرًا في حِفظِها، ذاكرًا للتواريخ والآداب، نَحْويًّا يَقِظًا ماهرًا، وله في اللّغاتِ والآدابِ مصنَّفاتٌ مُفيدةٌ بانَ فيها إدراكُه وحضورُ ¬

_ (¬1) في م ط: "شرفها". (¬2) جاء في نسخة خطية من كتاب تهذيب قراءة أبي عمرو بن العلاء تصنيف أبي عمرو الداني ما يلي: "قرأ عليَّ صاحبنا الفقيه القيد المتقن أبو حفص عمر بن لب بن محمد بن حسين بن قحافة، أكرمه الله بطاعته، جميع كتاب تهذيب قراءة أبي عمرو بن العلاء المحتوي عليه هذا الجزء وأجزته له وحدثته به عن شيخي الفقيه المقرئ الزاهد أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن هذيل، عن شيخه الإمام المقرئ الزاهد أبي داود سليمان بن نجاح، عن المؤلف الحافظ أبي عمرو، رضي الله عن جميعهم. وكذا تلا عليَّ القرآن بقراءة أبي عمرو بن العلاء من روايته المذكورة في هذا التأليف وسائر القراءات السبع من رواتها المشهورين". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2628)، والذهبي في المستملح (629)، وتاريخ الإسلام 12/ 451، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 223 نقلًا من الوافي للصفدي.

797 - عمر بن محمد بن أحمد بن محمد بن مطرف بن سعيد التجيبي، أندلسي، أبو علي

ذكْرِه واستقلالِه بما تَعاطاهُ من ذلك، منها: "الباهرُ في المثَلَّث مضافًا إليه المُثَنَّيات" وقَفْتُ عليه بخطِّه في ثلاثِ مجلَّداتٍ متوسِّطة إلى الكِبَر أقرب، و"شَرْحُ الفَصيح" في مقدارِ الباهر، وقَفْتُ عليه أيضًا بخطِّه، و"الصَّواب في شَرْح أدب الكُتّاب" في ثلاثِ مجلَّداتٍ ضخمةٍ وقَفْتُ عليه بخطِّه، أجزَلَ بها الإفادة، وأقَرأ ببَلَنْسِيَةَ وإشبيلِيَةَ، ثم انتَقلَ إلى تونُس وعَكَفَ على الإفادةِ والتصنيف إلى أنْ توفِّي بها سنةَ ستٍّ وتسعينَ وخمس مئة (¬1)، ومولدُه بقُرطُبةَ -وقيل: ببَلَنْسِيَةَ- سنةَ إحدى وخمس مئة [138 و]. 797 - عُمرُ (¬2) بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن مُطَرِّف بن سَعِيد التُّجيبيُّ، أندَلُسيٌّ، أبو عليّ. يَروِي عن أبيه، وأبي مَرْوانَ بن مَسَرّةَ، وأبي عبد الله محمد بن عليّ القَيْسيُّ، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال، كلُّهم عن أبي محمد بن عَتّاب، ذكَرَه ابنُ الأبّار ولم يزِدْ، وهُو ابنُ البَيْراقي، فاسيٌّ، وسيأتي ذكْرُه في الغُرَباءِ إن شاء الله. 798 - عُمرُ بن محمد بن أحمدَ العَبْدريُّ، أبو حَفْص. رَوى عن أبي بحر بن العاص، وأبي عليّ الصَّدَفيِّ، وأبي محمد بن عَتّاب، وأبي الوليد بن طَرِيف. 799 - عُمرُ بن محمدِ بن أبي خالد. كان حَسَنَ الخَطِّ نقيَّه، مُتقَنَ الضَّبط، كتَبَ الكثيرَ، أديبًا معتَنِيًا بالكَتْبِ والتقييد، حيًّا بلَبْلةَ سنةَ تسع وستينَ وخمس مئة. 800 - عُمرُ بن محمد بن بَطّال البَهْرانيُّ، لَبْليٌّ، أبو علىّ. رَوى عن أبي أُميّةَ بن عُفَيْر. ¬

_ (¬1) ذكر ابن الأبار ومن نقل عنه كالذهبي والصفدي والسيوطي أنه توفي بتونس في حدود سنة سبعين وخمس مئة، فكان المؤلف وقف على تاريخ وفاته الصحيح. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2637).

801 - عمر بن محمد بن خلف بن حظي، أبو حفص

801 - عُمرُ بن محمد بن خَلَف بن حظي، أبو حَفْص. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي. 802 - عُمرُ (¬1) بن محمد بن عبد الرّحمن بن بِيْبَش، دانيّ، أبو حَفْص وأبو علي، ابنُ أبي رُطِلّة (¬2). تَلا في بلدِه بالسّبع على أبوَيْ عبد الله: ابن حَمِيد عند قدومه عليه، والخَسْراطُهْ، ورَوى به عن أبي بكر بن جماعةَ، وأبي الحَسَن بن غُرِّ الناس، وأبي القاسم بن تَمّام المالَقيِّ وغيرِهم، ورَحَلَ إلى مالَقةَ فتَلا فيها بالسّبع على أبي العبّاس الأنْدَرْشيّ، وأبي محمد القاسم بن دَحْمان، ورَواهُ هنالك عن القاضي أبي بكرٍ ابن الأبّار، وأبي الحَسَن بن جامِع الضَّرير، وأبي زَيْد السُّهَيْليّ، وأبي عبد الله ابن الفَخّار، سَمِع عليهم كلِّهم. وأجاز له أبو بكر بنُ خَيْر، وأبَوا عبد الله: ابن عبد الرّحيم وابن يوسُفَ بن سَعادةَ، وأبو القاسم بن حُبَيْش، وغيرهم. رَوى عنه أبو الحَسَن يحيى بن أحمدَ بن محمد بن عيسى، وأبو محمد بن عبد الرّحمن بن بُرْطُلّه؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا متصدِّرًا لذلك، وحدَّث بيسير (¬3)، وكان صدوقًا؛ وجمَعَ رواياتِه في "برنامَجِه"، ووَلِيَ خُطّةَ السُّوق، وكان مُضعَّفًا في رأيه. وتوفِّي لليلتَيْنِ بقِيَتا من شوّالِ ستٍّ وست مئة. 803 - عُمرُ (¬4) بن محمد بن عبد المُؤمن، قُرطُبيٌّ، أبو حَفْص المَرْشَانيُّ. كان عالمًا بمذهبِ مالك، ذا حظٍّ صالح من المعرِفة بعلوم اللِّسان، ضَريرًا نفَعَه الله. توفِّي سنة أربع وخمسينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2635)، والذهبي في المستملح (631)، وتاريخ الإسلام 13/ 143. (¬2) في هامش ح: "لإبن الأبار: رَطلة (بفتح الراء) ". (¬3) في م: "بيسير من الفنون". (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2615).

804 - عمر بن محمد بن عبيد، طليطلي، أراه من ذرية علي بن عيسى ابن [138 ظ] عبيد، أو من ذوي قرابته

804 - عُمرُ (¬1) بن محمد بن عُبَيد (¬2)، طُلَيْطُليٌّ، أُراه من ذُرِّية عليِّ بن عيسى ابن [138 ظ] عُبَيد، أو من ذوي قَرابتِه. حَكَى عنه أبو جعفر بن مُطاهر. 805 - عُمرُ بن محمد بن عليّ المُراديّ، أَرْكُشِيٌّ نزَلَ المَرِيّة، أبو عَمْرو (¬3). كان طبيبًا ماهِرًا موفَّقَ العلاج، حيًّا في نحوِ السَّبعينَ وست مئة. 806 - عُمرُ بن محمد بن عُمرَ بن خَميس الحَجْريّ (¬4)، أبو علي. رَوى عن أبي محمد بن حَوْطِ الله. 807 - عُمرُ (¬5) بن محمد بن عُمرَ بن عبد الله الأَزْديُّ، إشبِيليٌّ أبو عليٍّ الشَّلَوبِينُ والشَّلَوبِينيُّ. وسألَه أبو محمد الحَرّارُ عن هذه النِّسبة: أهي إلى شَلَوبِينَ، الذي بلسان رُوم الأندَلُس: الأشقرُ الأزرق، أم إلى شَلَوبَانيَةَ: بلدٍ بساحل غَرْناطة؟ فقال: كان أبي أشقرَ أزرق، وكان خَبّازًا. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2609). (¬2) "بن محمد بن عبيد": مكررة في م. (¬3) في م: "أبو عمر". (¬4) في هامش ح: "هو والد شيخنا الأديب الماهر المتكلم الشهير أبي عبد الله محمد بن عمر المعروف بابن خميس البجاوي ثم التلمسيني، رحمه الله". (¬5) ترجمه ياقوت في "شلوبينية" معجم البلدان 3/ 360، والقفطي في إنباه الرواة 2/ 332، وابن الأبار في التكملة (2639)، والرعيني في برنامج شيوخه (30)، وابن خلكان في وفيات الأعيان 3/ 451، وابن سعيد في المغرب 2/ 129 واختصار القدح المعلى 152، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 137، والذهبي في المستملح (633)، وتاريخ الإسلام 14/ 529، وسير أعلام النبلاء 23/ 207، والعبر 5/ 186، وابن مكتوم في تلخيص أخبار النحويين، الورقة 162، واليمني في إشارة التعيين (241)، وابن كثير في البداية والنهاية 15/ 262 (ط. دار ابن كثير المحققة)، وابن فرحون في الديباج 2/ 78، والغساني في العسجد المسبوك (557)، وابن تغري بردي في النجوم 6/ 358، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 224، وابن العماد في الشذرات 5/ 232.

رَوى عن أبي إسحاقَ بن مُلْكُون، وآباءِ بكر: ابن الجَدّ وابن زُهْر وابن صافٍ والنَّيَّار، وأبي جعفر بن مضاء، وأبوَي الحَسَن: ابن لُبّال ونَجَبةَ، وأبوَي الحُسَين: سُليمانَ بن أحمدَ ومحمد بن زَرْقُون، وأبي الرَّبيع بن محمد المَقُوقيّ وأبي عبد الله بن زَرْقُون، وأبوَي العبّاس: اللِّصّ ويحيى المَجْريطي، وأبي عَمْرٍو عَيّاش ابن عَظِيمةَ، وآباءِ القاسم: الحَوْفيِّ والسُّهَيْليِّ وابن أبي هارون، وأبوَيْ محمد: ابن جُمهُورٍ وعبد الحقّ بن بُونُه، وأبي نَصْر طُفَيْل بن عَظِيمة، وأبوَي الوليد: جابِر بن أبي أيّوبَ والحَسَن ابن المُناصِف، قرَأَ عليهم وسَمِع إلّا أبا الوليد بن أبي أيّوب، فإنّما استفاد منه كثيرًا بالمُذاكرةِ معَه، قال: وبه كان انتفاعي في الطريقة العربيّة؛ وسَمِع عليه يسيرًا من الأشعار العربيّة بقراءةِ أبي محمد بن حَوْطِ الله، وأجازوا له. وأجازَ له آباءُ بكر: ابنُ أزهَرَ وابنُ الحَذّاء وابنُ خَيْر وابن مالكٍ وابن مَشْكَريل وابن أبي زَمَنِين، وأبَوا جعفرٍ: الحَصّار وابنُ يحيى، وأبو الحَسَن بن كَوْثَر، وأبو خالد بن رِفاعةَ، وأبو الطاهِر السِّلَفيُّ، وأبو عبد الله بن حَمِيد، وأبَوا العبّاس بن خليل وابن مِقْدام، وأبو عَمْرٍو مُرَجَّى، وآباءُ القاسم: ابن بَشْكُوال وابن حُبَيْش والشَّرَّاطُ والقُرَشيُّ نَزيلُ بِجَايةَ، وآباءُ محمد: الحَجْريُّ وعبدُ الحقِّ ابن الخَرّاط وعبدُ المُنعِم ابن الفَرَس، وأبَوا الوليد: ابن رُشْد وَيزيدُ بن بَقِيّ، وقد جمَعَهم وفَصَّل كيفيّةَ أخْذِه عنهم في "برنامَج" نبيلٍ تعَقَّب فيه عليه الناقدُ أبو الرَّبيع بنُ سالم، فانتَصرَ وتبرَّأَ من أكثرِ ذلك لناقلِه، وبيَّن ذلك أحسَنَ بيانٍ دَلّ على أنّ له نَظَرًا [139 و] صالحًا في الروايةِ ومتعلِّقاتِها. رَوى عنه آباءُ بكر: ابن الصّابوني وابنُ سيِّد الناس وابن يوسُفَ أبو العافية، وأبَوا الحَسَن: أُمَيّةُ، ويقال: أبو مَعْبَد، وابنُ عُصفُور والأُبذِيُّ (¬1)، وأبَوا عبد الله: ابنُ الأبّار وابنُ عليٍّ الغَرْناطي، وأبَوا العبّاس: ابنُ عليّ المارِديّ وابن محمد بن منصُور الجَنْبُ، وابنُ يوسُفَ القَبليّ، وآباءُ محمد: ابن أحمدَ بن عليّ التُّجِيبيّ ¬

_ (¬1) هكذا يكونون ثلاثة: أمية، وابن عصفور (علي بن مؤمن بن محمد)، والأبذي (علي بن محمد بن محمد).

والحَرّارُ وابنُ عليّ بن سِتَاري وابنُ عليّ بن أبي قُرّة، وأبو عَمْرو عبدُ الواحِد بن تَقِيّ، وأبو عبد الرّحمن عبدُ الله بن القاسم بن زغْبُوش، وأبو محمدٍ عبدُ الحقّ بن حَكَم. وحدَّثنا عنه من شيوخِنا: آباءُ الحَسَن: الرُّعَيْنيُّ والجَيّانيُّ وابنُ الضايع، وأبو الحُسَين بن أبي الرّبيع، وأبو عبد الله بن أُبَيّ، وأبو عليّ بن منصُور الجَنْب. وكان ذا معرِفة بالقراءات، حاملًا للآدابِ واللُّغات، آخِذًا بطَرَفٍ صالح من روايةِ الحديث، متقدِّمًا في العربيّة كبيرَ أَساتيذِها بإشبيلِيَةَ، مبرِّزًا في تحصيلِها مستبحِرًا في معرفتِها، متحقِّقًا بها، حَسَنَ الإلقاءِ لها والتعبيرِ عن أغراضِها، وله فيها مصنَّفاتٌ نافعة وتنبيهاتٌ نبيلة وشروحٌ واستدراكاتٌ وتكميلات، تصَدَّر لتدريسِها بعدَ الثمانينَ وخمس مئة مُدّةً طويلةً نحوَ ستينَ عامًا، وإليه كانت الرِّحلةُ فيها، واستفادَ بسبب ذلك جاهًا عريضًا ومالًا عظيمًا وذِكْرًا شائعًا. وذكَرَ لي غيرُ واحد ممّن لقِيتُه أنه كان يَبلُغُ أحيانًا مستفادُهُ من الطَّلبة أربعةَ آلافِ درهم في الشهرِ الواحد، ثم تخلَّى عن ذلك في نحوِ الأربعينَ وست مئة بالكَبْرةِ التي لحِقَتْه واشتغالِ أهل بلدِه بما كان قد دهَمَهم من اشتعال نارِ الفتنة التي آلَتْ إلى أخْذِ الرُّوم بَلَدَهُ. وكان آنَقَ أهلِ عصرِه طريقةً في الخَطّ، وأسرَعَهم كَتْبًا وأكثرَهم كُتُبًا وأبعدَهم في الأُستاذيّةِ صِيتًا؛ على أنّ كثيرًا من أهل بلدِه كانوا يرغَبونَ بأبنائهم عنه ولا يسمَحونَ لهم بالتتلمُذِ له والقراءةِ عليه لقبيح لا يَليقُ مِثلُه بأهل العلم نسَبُوه إليه (¬1)، وكانوا يَميلونَ بأبنائهم إلى غيرِه كأبوَي الحَسَن: ابن الدَّبّاج وابن عبد الله وأبي بكر بن طلحةَ قبلَهما، وغيرِهم ممّن شُهِر بالدِّين والعَفاف وتَنَزَّه عن التُّهمة [139 ظ] بفسادِ الخَلْوة. وظَهَرت نَجابتُه قديمًا، فقد وقَفْتُ على خَطَّي الحافظِ أبي بكر ابن الجَدّ وأبي الحَسَن نَجَبةَ مُجيزَيْنِ له "كتابَ سِيبوَيْه" بعدَ أخْذِه عنهما بينَ سَماع وقراءة، وقد ¬

_ (¬1) في هامش ح: "لا أعلم من ذكر أبا علي بما عرض به المصنف، وقد لقيت من أصحابه عددًا كثيرًا، فكان حقه ألا يتعرض لمثل هذا الشيخ في شهرته وجلالة معلوماته وكثرة المنتفعين به".

808 - عمر بن محمد بن عمر بن محمد بن أبي حامد الخشني، لبلي

وَصَفاه بالأُستاذيّةِ وما يُناسبُها من أوصافِ نُبلاءِ أهل العلم وطُلّابِه، وهو ابنُ اثنينِ وعشرينَ عامًا أو دونَها، وحَسْبُك بهذا شهادةً له بالإدراكِ ولا سيّما من الحافظ. وكان مُنقطِعًا إلى بني زُهْر، وقَدِمَ مَرّاكُشَ أيامَ المنصُور من بني عبد المُؤمن؛ وكانت فيه غَفْلةٌ شديدةٌ صَدَرت عنه بسببِها نوادرُ غريبة تَناقَلَها الناسُ وتحدَّثوا بها استطرافًا لها (¬1). وُلدَ بإشبيلِيَةَ فيما ذكَرَ أنه وَجَدَه بخطِّ أبيه سنةَ ثنتينِ وستينَ وخمس مئة، وتوفِّي بها في حِصارِ الرُّوم إيّاها عَشِيَّ يوم الأربعاءِ لثمانٍ أو تسع بقِينَ من صَفَرِ خمس وأربعينَ وست مئة، وصَلّى عليه بظاهِر جامع العَدَبَّس القاضي أبو جعفر ابنُ منظور، ودُفنَ عصرَ يوم الخميس بمقبُرة مُشْكَة، وقال ابنُ الأبّار: إنّ وفاتَه كانت في منتصَفِ صَفَرٍ من السنة. 808 - عُمرُ بن محمد بن عُمرَ بن محمد بن أبي حامدٍ الخُشَنيّ، لَبْليّ. كان حيًّا سنةَ ستٍّ وخمسينَ وخمس مئة. 809 - عُمرُ بن محمد بن عُمرَ بن يحيى القَيْسيُّ، أبو حَفْص. رَوى عن شرَيْح. 810 - عُمرُ بن محمد بن عُمرَ الأنصاريُّ، مَرَوِيٌّ فيما أحسِب، أبو عليّ، ابنُ الأندَلُسيّ. رَوى عن أبي بكر بن مُفَضَّل بن مَهِيب، وشَرَّق. رَوى عنه شيخُنا أبو عبد الله بنُ هشام، لقِيَه بباعُوثا من نَظَر عَجْلونَ بالشام وهو خطيبُها، ووَصَفَه بالتقدُّم في العلم والزُّهد والفَضْل والصّلاح ومَتَانةِ الدِّين، وكان حيًّا في حدودِ الخمسينَ وست مئة. 811 - عُمرُ (¬2) بن محمد بن عُمرَ بن محمد اليَحْصُبيُّ، أندَلُسيٌّ، أبو حَفْص. ¬

_ (¬1) أورد عددًا من هذه النوادر في هامش ح وقد وردت في اختصار القدح المعلى، فلتراجع. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2627).

812 - عمر بن محمد بن فرج الأنصاري، مارتلي، أبو حاتم

أخَذ عن أبي الحَسَن بن أضحَى بعضَ شعرِه، وعُمِّر طويلًا. 812 - عُمرُ (¬1) بن محمد بن فَرَج الأنصاريُّ، مارْتُلِيٌّ، أبو حاتم. رَوى عن أبي عبد الله بن أبي العافية. رَوى عنه أبو عِمرانَ الزاهدُ المارْتُلِيُّ (¬2) مُقيمُ إشبيلِيَةَ؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، فاضلًا ديِّنًا، فقيهًا حافظًا، أديبًا صالحًا، وخَطَبَ بجامع بلدِه مارْتُلةَ ووَلِيَ الصّلاةَ به. قرأتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ رحمه اللهُ: وأخبَرَني -يعني شيخَه أبا بكر بنَ عبد [140 و] النُّور- قال (¬3): أنشدَني الخطيبُ بمارْتُلةَ أبو حاتم عُمرُ بن محمد بن فَرَج رحمه اللهُ لنفسِه في مَدْح كتاب "الشِّهاب" (¬4) للقُضاعيِّ رحمه الله [الكامل]: شُهُبُ السماءِ ضياؤُها مستورُ ... عنّا إذا أفَلَتْ تَوارى النُّورُ فافزعْ هُدِيتَ إلى شِهابٍ نورُهُ ... متألِّقٌ أبدًا له تبصيرُ تَشفي جواهرُهُ القلوبَ من العمَى ... ولطالما انشَرحَتْ بهنَّ صدورُ فإذا أتى فيه حديثُ محمدٍ ... خُذْ في الصلاةِ عليه يا نِحْريرُ (¬5) وتَرَحَّمنَّ على القُضاعيِّ الذي ... جَمَعَ (¬6) "الشِّهابَ" فسعيُهُ مشكورُ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2631). (¬2) للزاهد أبي عمران موسى بن عمران المارتلي ترجمة في المغرب 1/ 406، والتكملة (1783)، والغصون اليانعة (135)، وتحفة القادم (92) والنفح 4/ 210، 275. وتوفي عام 604 هـ وأشعاره الزهدية مفرقة في صفحات كثيرة من شرح الشريشي على المقامات. (¬3) انظر برنامج الرعيني (18). (¬4) هو شهاب الأخبار في الحكم والأمثال والآداب من الأحاديث النبوية للقاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي الشافعي (ت 454 هـ). (¬5) هامش ح: لإبن الأبار: "يا مغرور". (¬6) لإبن الأبار: "وضع".

813 - عمر بن محمد بن محمد بن هابيل الأنصاري، أبو علي

قال المصنِّف عَفَا اللهُ عنه: ولبعضِهم فيه [الطويل]: "شهابٌ" كَسَا السَّبعَ الأقاليمَ نورُهُ ... هُدى حِكَمٍ مأثورةٍ وبيانِ تَطَّلعَ من أُفْقِ النبيِّ محمدٍ ... بألفِ حديثٍ بعدَها مئتانِ إذا التاحَ في جوِّ النُّبوّةِ نورُهُ ... أشارَ بتصديقٍ له الثَّقلانِ 813 - عُمرُ بن محمدِ بن محمد بن هابِيلَ الأنصاريّ (¬1)، أبو عليّ. رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال. 814 - عُمرُ (¬2) بن محمد بن مَسْلَمةَ بن أبي محمدٍ عبد الله المنصُور بن محمد ابن مَسْلَمةَ التُّجيبيُّ، بَطَلْيَوْسيٌّ مِكْنَاسيُّ الأصل، مِكناسةَ الجَوْف، أبو محمد، المتوكِّل، ابنُ الأفطَس. كان أديبًا بارعَ الخَطِّ حافظًا للُّغة، وقَفْتُ على بطاقةٍ بخطِّ أبي عليّ الغَسّانيِّ أدرَجَها في ذكْرِ المِعا أثناءَ ما جاء من المقصورِ على فِعَل من كتابِ أبي عليّ البغداديِّ في "المقصُورِ والممدود" بخطِّ أبي شُجاع، ونصُّها: ورَوى بعضُهم: "المُؤمنُ يَأكُلُ في مِعًا واحدةٍ والكافرُ يأكُلُ في سبعة أمعاء"، فقال: مِعًا واحدة فأنَّث، وقال: سبعة بالتاء فذَكَّر، جمَعَ بينَ اللُّغتَيْن، أفادنيه المتوكِّلُ على الله أيَّده الله. انتهت. كان جَوادًا راعيًا حقوقَ بلدِه موجِبًا لهم، محُبَّبًا فيهم، مرَّتْ لهم معَه أيامُ هُدنةٍ وتفضُّل، حتّى داخَلَ أميرُ المسلمينَ يوسُفُ بن تاشَفين رؤساءَ الأندَلُس وعَزَمَ على خَلْعِهم عن مَمالِكهم أنِفَ من ذلك المتوكِّلُ وداخَلَ النَّصرانيَّ أذفونش، فاستُشْنِع ذلك من فعلِه، وقُبِضَ عليه وقُتل، [143 ظ] وذلك صَدْرَ سنة سبع ¬

_ (¬1) في هامش ح: "فقيه أديب". (¬2) راجع ترجمته في المغرب 1/ 364، وأعمال الأعلام (214)، والقلائد (36)، والمعجب (127)، وراجع حاشية المغرب 1/ 364 ففيها ذكر لمصادر أخرى.

815 - عمر بن محمد بن مفرج بن حماس الأزدي، بلنسي

وثمانينَ وأربع مئة، فكان آخِرَ رؤساءِ بني الأفطَس في بَطَلْيَوْس، وإياه رَثَى أبو محمدٍ عبدُ المجِيد بن عَبْدونَ بقصيدتِه الفريدة (¬1) [البسيط]: ما للَّيالي أقالَ اللهُ عثْرتَنا ... من الليالي وخانَتْها يدُ الغِيَرِ 815 - عُمرُ بن محمد بن مُفرِّج بن حِمَاس الأَزْديُّ، بَلَنْسيٌّ. كان من أهلِ العلم، حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. 816 - عُمرُ بن محمد بن مُوفَّق. رَوى عن شُرَيْح (¬2). 817 - عُمرُ (¬3) بن أبي الحَسَن محمد بن واجِب بن عُمرَ بن محمد بن واجِب القَيْسيُّ (¬4)، بَلَنْسيٌّ. ¬

_ (¬1) ابن عبدون من مشهوري الشعراء الكتّاب في عصر ملوك الطوائف، انظر ترجمته في المغرب 1/ 374، والقلائد (145)، والصلة (834)، والمطرب (27، 180)، والوافي 19/ 129، والفوات 2/ 19، ومسالك الأبصار 8/ 280 وقصيدته المشار إليها هي التي شرحها ابن بدرون، وأشرنا إلى هذا الشرح في ترجمة ابن بدرون ومطلعها: الدهر يفجع بعد العين بالأثر ... فما البكاء على الأشباح والصور؟! ويبدو أن البيت الذي أورده المؤلف كان أول القصيدة في بداية الحال. فقد ذكره ابن سعيد حين ذكرها (1/ 376) وقد سرد القصيدة كل من صاحب المطرب وصاحب المعجب (129). (¬2) ها هنا موضع ترجمة مزيدة في هامش ح وهي: "عمر بن محمد بن مشرف بن محمد بن أضحى الهمداني، غرناطي؛ أخذ بالمرية عن خلف الجراوي وابن المرابط، ورحل إلى المشرق وقفل إلى بلده، وكان عدلًا خيارًا فقيهًا، توفي في حدود عشر وخمس مئة". (قلنا: والترجمة في صلة ابن الزبير 4/الترجمة 118). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2626)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 126، والذهبي في المستملح (628)، وتاريخ الإسلام 12/ 130. (¬4) كتب في هامش ح: "عمر بن محمد بن واجب بن عمر بن واجب بن عمر بن واجب. هكذا ثبت عند ابن الأبار وهو أعلم بالرجل وبلدته".

818 - عمر بن محمد بن هاني، أبو حفص

رَوى عن أبيه محمد وجَدِّ أبيه عُمر، وأبي بحرٍ الأسَديِّ، وأبي بكر ابن العَرَبي، وأبوَيْ محمد: ابن خَيْرون وابن السِّيْد، سَمِعَ عليهم، وتفَقَّه بأبي محمد بن سَعِيد الوَجْديِّ، وأطال مُلازمتَه. وأجاز له أبو الحَسَن شُرَيْحٌ، وأبو عبد الله بنُ شبرِين، وأبو الوليد بن رُشْد وغيرُهم. رَوى عنه حَفيدُه أبو الخَطّاب، وأبو عبد الله بنُ سَعادةَ، وأبو عُمرَ بن عَيّاد، وأبو محمد بن سُفيان. وكان شيخًا متواضِعًا وِطِيءَ الأكنافِ حَسَنَ الهَدْي، مقتصِدًا في معيشتِه، منقبِضًا عن السُّلطان، محبَّبًا إلى الخاصّة والعامّة، من بيتِ علم وجَلالة، فقيهًا مُشاوَرًا، دَرِبًا بالفُتْيا، بَصيرًا بالأحكام، وَلِيَها لأبيه في ولايتِه قضاءَ بَلَنْسِيَةَ وشاطِبةَ إلى أقصى الثّغورِ الشَّرقيّة، ثُم استَقْضاهُ بأخَرةٍ من عُمُرِه على دانَيَة أبو عبد الله بنُ سَعْد أشهُرًا يسيرةً؛ وكان خاتمةَ (¬1) حُفّاظ الفقه بشَرْق الأندَلُس، درَّسه في حياة أبيه وبعدَ موتِه، وهو كان الغالبَ عليه. قال أبو عُمرَ بن عَيّاد: عَرَضَ كتابَ البَراذِعيِّ في "اختصار المُدوَّنة" (¬2) على أبي محمدٍ الوَجْديِّ (¬3) أربعَ عشْرةَ مرّة. مَولدُه سنةَ ستٍّ وسبعينَ وأربع مئة، وتوفِّي بِبَلَنْسِيَةَ يومَ الجُمُعة مُنسَلَخَ رَمَضانِ سبع وخمسينَ وخمس مئة، ودُفنَ صَبيحةَ عيدِ الفِطر، قالهُ حفيدُه أبو الخَطّاب؛ وقال ابنُ عَيّاد: مَولدُه سنةَ أربع وسبعينَ، ووفاتُه سنةَ ستٍّ وخمسينَ، ودُفنَ يومَ الفِطر ببابِ بَيْطَالة، وصَلّى عليه ابنُه أبو بكر، وكانت جَنازتُه مشهودة (¬4). 818 - عُمرُ بن محمد بن هاني، أبو حَفْص. رَوى عن [14] أبي عليّ الصَّدَفي. ¬

_ (¬1) خاتمة: مكررة في ح. (¬2) هو المسمى: "تهذيب المدونة". (¬3) في م ط: "الوحيدي"، خطأ، فهو منسوب إلى "وجدة" من أعمال تلمسان. (¬4) في م ط: "مشهورة".

819 - عمر بن محمد بن يريم، إشبيلي، أبو حفص

819 - عُمرُ بن محمد بن يَرِيم (¬1)، إشبِيليٌّ، أبو حَفْص. رَوى عن شُرَيْح. 820 - عُمرُ (¬2) بن محمد بن يَعمُر، مَرَوِيٌّ، أبو الخَطّاب. رَحَلَ مُشرِّقًا، وكتَبَ عنه أبو الطاهِر السِّلفيُّ، وقال: قَدِمَ علينا الثَّغرَ، وكان من الأذكياء. 821 - عُمرُ بن محمد بن يوسُفَ العَبْدريُّ، دانِيٌّ. رَحَلَ مُشرِّقًا ورَوى بالإسكندَريّة عن أبي الطاهِر السِّلَفيّ؛ ذكَرَ ذلك أبو عبد الله التُّجِيبيّ. 822 - عُمرُ بن محمد التَّزِيديُّ (¬3)، أبو حَفْص. رَوى عن شُرَيْح. 823 - عُمرُ بن محمد القُرَشيّ. رَوى عن أبي عبد الله بن أحمدَ بن منظور. 824 - عُمرُ (¬4) بن محمد الهَوْزَنيُّ، أبو حَفْص، أخو الحَسَن. رَوى عن شُرَيْح. 825 - عُمرُ (¬5) بن محمد اليَحْصُبيُّ، أَشُونيٌّ، ابنُ اليتيم. كان فقيهًا خَيِّرًا وَرِعًا. ¬

_ (¬1) في م ط: "بريم". (¬2) انظر أخبار وتراجم أندلسية: 76 - 77، وفيه "قدم علينا بعد موت أبيه ... وكان حفظة ومن الذكاء على طبقة". (¬3) فوقها في ح علامة خطأ. (¬4) هذه الترجمة سقطت من م. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2604).

826 - عمر بن محمد، ميورقي، أبو حفص

826 - عُمرُ بن محمد، مَيُورْقيٌّ، أبو حَفْص. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي. 827 - عُمرُ (¬1) بن مُحارِب بن قَطَن بن عبد الواحِد بن قَطَن بن عبد الملِك ابن قَطَنٍ الفِهْرِيُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم وله سَلَفٌ فيه، وبيتُه معروفُ الفضل. 828 - عُمرُ بن مَسْرورِ بن [....] (¬2) بن عُمرَ اليَحْصُبيّ، دانِيٌّ -فيما أحسِب- أبو حَفْص. رَوى عن أبي عليٍّ الصَّدَفي، ويونُسَ بن أبي سَهْل. 829 - عُمرُ بن مَسْعود بن محمد، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والتبريز في العدالة وجَوْدةِ الخَطّ، حيًّا سنةَ تسع وعشرينَ وأربع مئة (¬3). 830 - عُمرُ بن مُعَلَّى الهَمْدانيُّ، أبو حَفْص. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجي. 831 - عُمرُ (¬4) بن مُنذِر بن عبد السّلام الصَّدَفيُّ، أندَلُسيٌّ، أبو حَفْص. كان أديبًا حافظًا، وصنَّف في مَنْحَى "حماسةِ حَبِيب" مصنَّفًا حسَنًا أفادَ به. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2602). (¬2) بياض في النسخ. (¬3) هنا تقع ترجمة مزيدة في هامش ح وهي: "عمر بن مشرف بن أضحى بن عبد اللطيف بن غريب بن يزيد بن الشمر الهمداني غرناطي أبو حفص، وهو عم عمر بن محمد بن مشرف الملحق قبل. روى عمر المترجم الآن به عن أهل بلده وكان فقيهًا وزيرًا جليلًا توفي في حدود سنة خمس وخمس مئة، رحمه الله" (قلنا: الترجمة في صلة الصلة لإبن الزبير 4/الترجمة 117). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2642).

832 - عمر بن موسى بن سليمان اللخمي، مروي

832 - عُمرُ (¬1) بن موسى بن سُليمانَ اللَّخْميُّ، مَرَوِيٌّ. رَوى عن أبيه أبي عِمرانَ وأبي محمد بن عَتّاب، وكان مُعتنيًا بجَمْع الكُتُب وانتساخِها حريصًا على تحصيلِها. 833 - عُمرُ بن موسى بن وَضّاح، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي. 834 - عُمرُ بن أبي السَّدَاد موفَّق، مَوْلى محمد بن محمد بن مَسْلَمة، إشبِيليٌّ، أبو حَفْص. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي، وأبي الحَسَن شُرَيْح. 835 - عُمرُ (¬2) بن وَجّادٍ الأَزْديُّ، إشبِيليٌّ، أبو حَفْص. رَحَلَ وحَجَّ، وقَفَلَ إلى بلدِه؛ حَكَى عنه أبو الحَسَن بن يوسُف اللَّخميّ، وكان من أُدباءِ بلدهِ ونُبهائه، معروفَ [144 ظ] البيتِ به. 836 - عُمرُ (¬3) بن هاشم بن عبد العزيز، قُرطُبيّ، أبو حَفْص. حَكَى عنه أبو عُمر (¬4). 837 - عُمرُ بن هِشام الغَسّانيُّ، أبو حَفْص، ابنُ ميور، مَيُورْقيّ. رَوى عنه أبو الحَسَن بن يحيى الأخفَش. وقد تقَدَّم: عُمرُ بن إبراهيمَ الغَسّاني، رَوى عنه الأخفَشُ المذكورُ (¬5)، ولعلّه هذا، وحَدَث فيه تصحيفٌ أو إسقاط. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2625). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2622). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2600). (¬4) كتب في جانبها في هامش ح: "الوزير"، وفي التكملة: "حكى عنه الوزير أبو عمر أحمد بن أبي نصر". (¬5) تقدم في الترجمة (755)، ومن ثم فقد حذفنا الرقم المذكور في الطبعة السابقة لأن الكلام متصل، وهذه ليست ترجمة جديدة، فهي إشارة إلى ترجمة تقدمت، وأبقينا الأرقام التي بعدها على حالها على خطتنا في المحافظة عليها. وكتب فوقها في ح: "ليست ترجمته".

839 - عمر بن يحيى بن عمر بن لبابة مولى أبي عثمان عبيد الله بن عثمان، قرطبي، أبو حفص

839 - عُمرُ (¬1) بن يحيى بن عُمرَ بن لُبَابةَ مَوْلى أبي عثمانَ عُبَيد الله بن عثمان، قُرطُبيٌّ، أبو حَفْص. رَوى عن عمِّه محمد، وكان متشيِّعًا فيه؛ وأسلَمَ بنِ عبد العزيز. كان فقيهًا حافظًا أحد المُشاوَرينَ المرجوع إليهم في الفُتْيا آخِرَ أيام الأمير عبد الله بن محمد، ومن شُهودِ الأمانِ الذي عقَدَهُ الناصِرُ لمحمد بن هاشِم التُّجِيبيّ صاحبِ سَرَقُسْطة عندَ انخلاعِه منها في محرَّمِ ستٍّ وثلاثينَ وثلاث مئة. 840 - عُمرُ (¬2) بن يحيى بن الفَضْل، باجِيٌّ، أبو حَفْص، ابنُ صاحب الصلاة. رَوى عن أبي محمد بن عَتّاب. رَوى عنه عقيِلُ بن العَقْل. 841 - عُمرُ بن يحيى الأنصاريُّ، بَطَلْيَوْسيٌّ سكَنَ مَرّاكُش، أبو علي. رَوى عن أبي العبّاس ابن السَّقَاط. 842 - عُمرُ بن يوسُف بن عُمرَ الأَوْسيُّ. 843 - عُمرُ بن يوسُف بن عَنْبَسةَ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عليّ. رَحَلَ وحَجَّ، ورَوى بمكّةَ، شرَّفها اللهُ، عن أبي محمد بن يونُس بن يحيى الهاشِمي، ورَوى أيضًا عن أبي الحُسَين محمد بن أحمدَ بن جُبَيْر. رَوى عنه أبو محمد بن عبد الرّحمن بن بُرْطُلّه. توفِّي في نحوِ أربع وثلاثينَ وست مئة بمُرْسِيَة. 844 - عُمرُ (¬3) بن يوسُفَ بن محمد بن مَضَاءِ بن عُقْبةَ اللَّخْميُّ، إشبِيليّ، أبو حَفْص الخيْطِيُّ (¬4). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2601). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2634). (¬3) ترجمه الزبيدي في طبقات النحويين (305)، وابن الأبار في التكملة (2606). (¬4) بالخاء المعجمة، هكذا في النسخ، وكذلك هي في طبقات الزبيدي وبخط ابن الجلاب في التكملة، ولعله مأخوذ من الخياطة، ويرى الدكتور محمد بن شريفة أن هذا من التصحيف =

845 - عمر بن يوسف بن محمد التميمي، أبو علي

لقَّبَه بذلك شيخُه محمدُ بن إسماعيلَ الحكيمُ (¬1) لتكرُّرِه عليه شتاءً وصيفًا في قميصَيْنِ، فكان إذا افتقَدَه وسأل عنه قال: أين صاحبُنا الخيطِيّ؟ فلَزِمَه اللَّقَبُ. رَوى عن أبي الحَزْم عُفَيْر بن مَسْعود (¬2) ومحمدٍ المذكور. رَوى عنه أبو تَمّام غالبٌ التَّيّانيّ. وكان من أهل المعرِفة بالشِّعر ومَعانيه، شاعرًا مجوِّدًا، ذا حظٍّ من النّحو، أدَّبَ به وبالأدب. وتوفِّي بقُرطُبةَ سنةَ ثمانٍ وثلاثينَ وثلاث مئة. 845 - عُمرُ بن يوسُف بن محمد التَّميميُّ، أبو عليّ. رَوى عن أبي الحَسَن ابن الفَخّار الشَّرِيشيّ. 846 - عُمرُ بن يوسُفَ بن وَجَّادٍ الأسَديُّ، أُشْبُونيّ، أبو حَفْص. رَوى عن أبي الوليد بن رُشْد. 847 - عُمرُ (¬3) بن يوسُف، [145 و] مَرَوِيٌّ، أبو حَفْص. وهُو غيرُ ابن لبيال. رَوى عن أبي محمد بن فَرَج بن أبي سَهْل. رَوى عنهُ أبو إسحاق بن وردونَ النُّمَيْري. 848 - عُمرُ (¬4) بن يونُس بن عَيْشُونَ الجُذَاميُّ، قُرطُبيٌّ، ابنُ الحَرَّاني. رَوى عن [...] (¬5)، ورَحَلَ مُشرِّقًا معَ أخيه أحمدَ سنةَ ثلاثينَ وثلاث مئة، وأقام هنالك نحوَ عشْرِ سنينَ، ودَخَلَ بغدادَ ودرس هنالك الطبَّ، وعاد إلى ¬

_ = وصوابه: "الحيطي" بالحاء المهملة وهو لباس تلبس به حيطان الغرف الداخلية ويكون مثنى ومن هنا تشبيه لباس قميصين اثنين دائمًا بالحيطي، وأما الخيطي فلا معنى لها (كتب ذلك على تعليق له على نسخته من الكتاب - بشار). (¬1) ترجمته في طبقات الزبيدي (300). (¬2) كذلك (298). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2610). (¬4) ترجمه ابن جلجل في طبقاته (112)، وابن صاعد في طبقات الأمم (91)، وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء (487)، وابن الأبار في التكملة (2608). (¬5) بياض في النسخ.

849 - عمر ابن الطلاع

الأندَلُس سنةَ إحدى وخمسينَ، واستَوطَنَ الزَّهراءَ وخَدَمَ المُستنصِرَ بالطبِّ، وتوفِّي في أيامِه. 849 - عُمرُ ابنُ الطَّلّاع. رَوى عن أبي إسحاقَ بن حُبَيْش، وكان بارع الخَطِّ مُتقِنًا (¬1). 850 - عِمرانُ (¬2) بن محمد بن عِمرانَ الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو محمد، ابنُ النَّقّاش. كان فقيهًا حافظًا ذا عنايةٍ بالعلم، معروفًا بالصّلاح والتصاوُن. 851 - عِمرانُ بن محمدِ بن عِمرانَ بن أحمد، إشبِيليٌّ. كان فقيهًا عاقدًا للشّروط عَدْلًا، حيًّا عامَ اثنَيْ عشَرَ وست مئة. 852 - عِمرانُ بن موسى، أبو محمد. رَوى عن أبي أُميّةَ إبراهيمَ بن محمد، وأبي جعفر بن غَزْلُون. رَوى عنه أبو بكر بن عيسى. 853 - عِمرانُ (¬3) بن يحيى بن أحمدَ بن يحيى، شِلْبيٌّ، أبو محمد. أخَذ عن بعض شيوخ بلدِه، وتجوَّلَ بالأندَلُس طالبًا العلمَ، وأخَذ بقُرطُبة عن أبي بحرٍ، وبمُرْسِيَةَ عن أبي عليّ بن سُكّرةَ، وتصَدَّر ببلدِه للإقراء. ¬

_ (¬1) في هامش ح الترجمة التالية: "عمر بن السراج: جياني كان كثير التصرف في العلم حاذقًا بما يتكلم فيه منه فاضلًا ناسكًا يضرب به المثل في الفضل، رحل إلى المشرق فحضر الجمعة بأطرابلس فلما قام الناس للصلاة جلس ولم يصل معهم ولما تمت الصلاة قرب إلى صاحب الموضع وكان حاضرًا فقال له: ما منعك أن تصلي مع الجماعة؟ قال: لأنكم صليتم قبل الزوال فامتحنْ ذلك تجده كما أقول؛ فامتحن فوجد كما قال فأعيدت الصلاة والخُطبة. وتوفي بمكة شرفها الله وثكلته أمه بها، ولها في موته قصة" (قلنا: هذه ترجمة مستفادة من صلة الصلة لإبن الزبير 4/الترجمة 114). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2953). (¬3) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1250)، وابن الأبار في التكملة (2952)، وفي معجم أصحاب الصدفي (280).

854 - عمرو بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن حجاج بن عمير بن حبيب بن عمير بن أسعد اللخمي، إشبيلي، أبو الحكم، ابن حجاج

854 - عَمْرُو (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن إبراهيمَ بن أحمدَ بن إبراهيم بن حَجّاج بن عُمير بن حَبِيب بن عُمَيْر بن أسعدَ اللَّخْميّ، إشبِيليٌّ، أبو الحَكَم، ابنُ حَجّاج. رَوى عن آباءِ الحَسَن: خالِه ابن عبد الله الباجِي وابن عبد الرّحمن ابن الأخضَر وشُرَيْح، وتَلا عليه بالسَّبع، وعَبّاد بن سِرْحان، وأبوَيْ عبد الله: ابن سُليمان ابنِ أُختِ غانم وابن عبد الرّحمن السَّرَقُسْطي، وأبي عُمرَ أحمدَ بن عبد الله ابن صَالح، وأبي مَرْوانَ بن عبد العزيز الباجِي، وأجازوا له. وسَمِعَ على أبي محمد عبد الوهّاب بن محمد اللَّخْميّ المؤدِّب، ولم يُجِزْ له. وكتَبَ إليه مُجيزًا أبو الحَجّاج بن علي الأُنْديّ، وأبو عبد الله بن خَلَف الحَمْزِيّ. رَوى عنه أبو إسحاقَ بن أبي غالب البَكْريّ، وأبو الأصبَغ عيسى بن محمد الزِّياديّ، وأبو البقاءِ يَعيشُ بن علي، وأبَوا بكر: ابن خَيْر ويحيى بن محمد بن خَلَف الهَوْزَنيّ، وأبو الحَسَن بن عبد الله بن عثمانَ السَّكُونيّ، وأبو الخَليل مُفرِّجُ ابن سَلَمةَ، وأبو زكريّا بن مَرْزُوق، وأبو [145 ظ] عبد الله بن عبد الرّحمن بن جُمهُور، وأبو العبّاس بن عبد السّلام المَسِيليُّ، وأبو عُمرَ أحمدُ بن عبد الملِك الباجِيُّ، وأبو القاسم عبدُ الرّحيم ابن الملجوم، لقِيَهُ بفاسَ حين وَصَلَ إليها من مَرّاكُش في جماعةٍ من أهل إشبيلِيَةَ صُحبةَ الإمام أبي بكرٍ ابن العَرَبي ميِّتًا؛ وأبَوا محمد: ابنُ عُبيدِ الله الباجِيّ وابنُ عيسى الأُمَويّ، وأبو نَصْر فَتْحُ بن محمد بن خَلَف الجُذَاميّ، وأحمدُ بن علي الغابيّ، وعبد الله بن خَليل. وكان من أهل الإتقانِ في تجويدِ القرآن، محدِّثًا عارِفًا بطُرُق الرِّواية مُعتنِيًا بها، صَبُورًا على الإقراءِ ناصحًا فيه، خَطَبَ بالجامع القديم من إشبيلِيَةَ، وأَمَّ به في الفريضةِ زمانًا. وكان أحدَ أعيانِ بلدِه وحُسَبائهِ والمشهورينَ فيه بالفَضْل والدِّين والوَرَع، وهُو كان المُصلِّيَ بفاسَ على القاضي أبي بكر ابن العَرَبي. وكانت ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2942)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 333، والذهبي في المستملح (747)، وتاريخ الإسلام 12/ 325.

855 - عمرو بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، ابن السراج

بينَه وبينَ أبي محمدٍ عبد الحقِّ ابن الخَرّاط (¬1) صُحبةٌ متأكِّدة وموَدّةٌ صحيحة، ورغِبَ منه أبو الحَكَم مُكاتَبةً في أن يَنظِمَ له قصيدةً زُهْديّة فنَظَمَها وبعَثَ بها إليه فلم تصِلْ إلى إشبيلِيَةَ إلّا بعدَ وفاةِ أبي الحَكَم، وهي الفائيّةُ الطويلةُ الثابتةُ في رَسْم أبي محمدٍ رحمه الله. وُلدَ بإشبيلِيَةَ عَشِيَّ يوم الجُمُعة لإحدى عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من رَمَضانِ سبع وسبعينَ وأربع مئة، وتوفِّي بها إثْرَ صَلاة العشاءِ من ليلة الخميس الثالثةَ عشْرةَ من رجَبِ أربعٍ وستينَ وخمس مئة، وصَلّى عليه ابنُه الخَطيبُ أبو عُمرَ محمدٌ، وكانت جَنازتُه مشهودةً، ودُفنَ بمقبُرة مَشْكَة في رَوْضةٍ هنالك لبعض سَلَفِه، رحمَهم اللهُ، وله بمَرّاكُشَ عَقِبٌ إلى الآن. 855 - عَمْرُو بن أحمدَ بن محمد بن عبد الرّحمن الأنصاريُّ، ابن السَّرَّاج. 856 - عَمْرُو بن أحمدَ بن محمد بن حَجّاج. رَوى عن شُرَيْح. 857 - عَمْرُو بن أصبَغَ بن خالدِ بن عَبّادٍ اللَّخْميُّ، طَبِيريٌّ، أبو الحَكَم. كان شيخًا فاضلًا أديبًا تأريخيًّا حافظًا. 858 - عَمْرُو بن بَكْر بن خَلَف بن محمد بن عبد العزيز بن كَوْثَر الغافِقيُّ، إشبِيليّ شارِّيُّ الأصل. رَوى عن شُرَيْح. 859 - عَمْرُو (¬2) بن زكريّا بن زكريّا بن بَطّالٍ البَهْرانيُّ، لَبْليٌّ، أبو الحَكَم. ¬

_ (¬1) تنظر ترجمته في مقدمة كتابه: "الجمع بين الصحيحين"، تحقيق الدكتور طه بن علي بوسريح ومراجعة الدكتور بشار عواد معروف، دار الغرب، بيروت 2004 م. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2941)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 334، والذهبي في المستملح (746)، وتاريخ الإسلام 11/ 971، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 228.

860 - عمرو بن سعيد بن عمرو بن عيشون الأزدي، طليطلي

رَوى عن أبي بكرٍ ابن [146 و] العَرَبي وأكثَرَ عنه، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وتَلا بالسَّبع وأخَذ العربيّةَ عن أبي الحَسَن ابن الأخضَر. رَوى عنه أبو بكرٍ يحيى بنُ محمد الهَوْزَنيّ وأبو زَيْد العبّاسُ ابنا خَليل، وأبو العبّاس بن مِقْدَام، وأبو القاسم بن أبي هارُونَ، وأبَوا محمد: ابنُ جُمهُور وابنُ وَهْب القُضَاعيّ. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا فاضلًا فقيهًا حافظًا، وِلِيَ قضاءَ بلدِه وخَطَبَ بجامعِه، واستُشهِدَ في الكائنة على أهلِه سنةَ تسع وأربعين وخمس مئة (¬1). 860 - عَمْرُو (¬2) بن سَعِيد بن عَمْرِو بن عَيْشُونَ الأَزْديُّ، طُلَيْطُليٌّ. رَوى عن أحمدَ بن زياد. رَوى عنه ابنُه محمد. 861 - عَمْرُو بن عبد الله بن خَلْدون، أبو العاص. رَوى عن شُرَيْح. 862 - عَمْرُو بن عبد الرّحمن بن عيسى الفِهْرِيُّ. رَوى عن شُرَيْح. 863 - عَمْرُو بن أبي عَمْرٍو عثمانَ بن مَسعودٍ العَبْدريُّ. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرة. 864 - عَمْرُو بن عيسى بن عيسَى بن محمد بن عيسَى الأُمَويُّ. 865 - عَمْرُو (¬3) بن محمد بن بَدْرٍ الهَمْدانيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو الحَسَن. ¬

_ (¬1) يشير إلى حركة علي الوهيبي في ذلك العام، وقد غدر مدينة لبلة ليلًا، وفاجأها وأهلها نيام، فسار إليه الموحدون بقيادة أبي زكريا بن يومور من قرطبة، فهرب وجاء أهل لبلة يعتذرون إلى القائد الموحدي فلم يعذرهم بل قتل البريء والمذنب على السواء. انظر ابن عذاري، الجزء الثالث تحقيق ميراندة وابن تاويت والكتاني ص 29 - 30 (ط. تطوان 1962 م). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2939). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2940)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 332، والذهبي في المستملح (745)، وتاريخ الإسلام 11/ 659 و 744.

866 - عمرو بن محمد بن فندلة، أبو القاسم

رَوى عن أبي بكرٍ خازِم، وأبي عبد الله بن فَرَج، وأبي عليّ الغَسّاني. وتفَقَّه بأبوَي الوليد: ابن رُشد وابن العَوّاد. رَوى عنه أبو جَعْفر بنُ شَراحِيل (¬1)، وكان فقيهًا حافظًا، مُعمَّرًا معروفًا بالصّلاح والزُّهد ومَتَانةِ الدِّين (¬2)، حيًّا سنةَ ستٍّ وثلاثينَ وخمس مئة. 866 - عَمْرُو بن محمد بن فَنْدِلة، أبو القاسم. 867 - عَمْرُو بن محمد بن عُمرَ بن أبي حَفْص الفارِسيُّ، أبو الحَكَم. رَوى عن شُرَيْح. 868 - عَمْرُو (¬3) بن محمد بن عَمْرو اليَزِيديُّ، مشانيٌّ، أبو حَفْص وأبو الحَكَم. رَوى عن شُرَيْح. 869 - عَمْرُو بن محمد بن محمدِ بن إسماعيلَ العُثْمانيُّ أو العَتّابيُّ. رَوى عن شُرَيْح. 870 - عَمْرُو بن محمد بن مالكِ بن محمد بن زَيْدونَ المَخْزُوميُّ. رَوى عن شُرَيْح. 871 - عَمْرُو بن محمد بن مُسَلَّم بن عُبَيد الله البُنَانيّ. رَوى عن شُرَيْح. 872 - عَمْرُو بن مُفرِّج بن أحمدَ العَبْدَريُّ، أَشْبُونيّ. ¬

_ (¬1) هامش ح: "وروى أيضًا عنه أبو الحسين بن الضحاك وابن عبد الوارث، واستشهد يوم الخميس لأربع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة أربعين وخمس مئة، رحمه الله". (وهذا من صلة الصلة). (¬2) "الدين": سقطت من م ط. (¬3) تكررت هذه الترجمة في م ط.

873 - عمروس بن إسماعيل العبدري، قرطبي، [146 ظ] أبو يحيى الترجالي، والحصار؛ لإصهاره إلى بني عبد العزيز بن يحيى المعروفين ببني الحصار

رَوى عن أبوَي الحَسَن: ابن الأخضَر وابن سَلامةَ الهُذَليّ، وكان من جِلّة (¬1) المُقرِئين وأهل التجويدِ والإتقان بأداءِ الحروف، حافظًا للُّغة عارفًا بالنّحو، وافرَ الحظِّ من الأدب. 873 - عَمْرُوسُ (¬2) بن إسماعيلَ العَبْدَريُّ، قُرطُبيٌّ، [146 ظ] أبو يحيى التَّرْجَاليّ، والحَصّارُ؛ لإصهارِه إلى بني عبد العزيز بن يحيى المعروفينَ ببني الحَصّار. أخَذ عنه القرآنَ محمدُ بن عُمرَ الصّابونيُّ وتعَلَّمَه عندَه، وكان مُكْتِبًا، وَرِعًا زاهدًا فاضلًا عابِدًا مجتهدًا، نظيرَ صاحبِه أبي بكر يحيى بن مُجاهدٍ الإلبيريّ (¬3). توفِّي يوم الأحد لعَشْر بَقِينَ من جُمادى الأولى سنةَ ستٍّ وستينَ وثلاث مئة ابنَ ستٍّ وثمانينَ، ودُفنَ بمقبُرة مُتْعة. 874 - عَنْترةُ (¬4) بن فَلَاح. أحدُ قُضاةِ قُرطُبةَ القُدماءِ وفُضَلائهم. 875 - عَوْفُ (¬5) بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن أحمدَ الزُّهْريُّ، إشبيليٌّ، أبو المُغِيرة. رَوى عن أبوَي الحَسَن: أخيه وشُرَيْح. 876 - عَوْفُ (¬6) بن محمد بن عَوْف بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن أحمدَ الزُّهْريُّ، إشبِيليٌّ، أبو المُغِيرة، حفيدُ المذكورِ قبلَه. ¬

_ (¬1) في م: "جملة". (¬2) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1265)، وابن الأبار في التكملة (2995). (¬3) ترجمته في تاريخ ابن الفرضي (1594). (¬4) ترجمه الخشني في قضاة قرطبة (25)، وابن الأبار في التكملة (2993)، والنباهي في المرقبة العليا (42). (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2987). (¬6) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2988).

877 - عون بن محمد بن أحمد بن عون بن محمد بن عون المعافري، قرطبي، أبو بكر

سَمِعَ أبا محمد بنَ حَوْطِ الله وغيرَه. 877 - عَوْنُ (¬1) بن محمد بن أحمدَ بن عَوْن بن محمد بن عَوْنٍ المَعافِريُّ، قُرطُبيّ، أبو بكر. رَوى عن أبيه، وأبي بحرٍ الأسَديِّ، وأبي الحَسَن يونُس بن مُغيث، وأبي عبد الله بن فَرَج، وأبي عليّ الغَسّاني، وأبي محمد بن عَتّاب. وكتَبَ إليه مُجيزًا أبو عليّ بنُ سكّرةَ الصَّدَفيُّ وغيرُه، وكان من أهل العناية بالحديثِ وروايتِه ولقاءِ مَشْيَختِه، معَ النّباهة والذكاءِ والفَضْل. توفِّي وَسَطَ خمسَ عشْرةَ وخمس مئة. 878 - عَوْنُ بن محمد بن عَوْنِ بن نُوح الهاشِميّ، مالَقيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي سُليمانَ بن حَوْطِ الله وأبي القاسم المَلّاحي. 879 - عَوْنُ (¬2) بن يوسُفَ، طُلَيْطُليّ سكَنَ قُرطُبة. صَحِبَ محمدَ بن مسَرّةَ الجَبَلي. 880 - عَيّادُ بن محمد بن يحيى بن محمد الجُذَاميُّ. كان فقيهًا حافظًا، عاقدًا للشّروط، مُبرِّزًا في العدالة. 881 - عَيّاشُ بن عبد الله بن إبراهيمَ الجُنَيْديّ (¬3)، أبو الحُسَين. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجي. 882 - عَيّاشُ (¬4) بن عَيْشُونَ، أبو الحَسَن. رَوى بقُرطُبةَ عن عبد الملِك بن الحَسَن زُونَانَ، ويحيى بن يحيى. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2985)، وفي معجم أصحاب الصدفي (277). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2984). (¬3) فوقها علامة خطأ في ح. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2976).

883 - عياش بن فرج بن عبد الملك بن هارون الأزدي، يابري الأصل سكن بقرطبة

883 - عَيّاشُ (¬1) بن فَرَج بن عبد الملِك بن هارُونَ الأَزْديُّ، يَابُرِيُّ الأصل سَكَنَ بقُرطُبة. تَلا بالسَّبع على أبي القاسم ابن الحَصّار، ورَوى عنه وعن أبوَيْ بكر: خازِم وعبد الله بن طلحةَ وعَيّاش بن مِخْراش، وأبي الحَجّاج ابن الشمينةِ، وأبي الحَسَن العَبْسيّ، وأبي زَيْد بن محمد بن بَرّاج، وأبي طلحةَ عليّ بن [147 و] طلحةَ، وأبوَيْ محمد: ابن طلحةَ وابن عَتّاب، وأبي الوليد بن رُشْد. رَوى عنه ابنُه أبو الحَسَن عبد الملِك، وأبو جعفر بن يحيى القُرطُبيُّ، وآباءُ عبد الله: الإستجِيُّ (¬2) وابنُ حَفْص وابن الفَرَس، وأبو القاسم عبدُ الرّحمن بن عليّ السَّبْتيُّ القَرَّاق، وحدَّث عنهُ بالإجازة حسَنُ بن أحمدَ بن أيمَن. وكان مُعتنِيًا بالقرآنِ العظيم وتجويدِ حُروفِه حَسَنَ الصَّوتِ به مُتقِنًا أداءه ضابطًا لهُ، وأكتبَه بقُرطُبةَ زمانًا طويلًا وأقرَأَهُ أيضًا بجامعِها الأعظم فتخرَّج على يدِه جُمهُورُ نُبَهائها، وكان يؤُمُّ بمسجدِ أُمِّ هشام ويُدرِّسُ به النَّحوَ واللُّغة ويجلسُ يومًا في كلِّ جُمُعة يعِظُ فيه الناسَ، فنَفَعَ اللهُ به خَلْقًا كثيرًا، وكان مشهورَ الفَضْل متِينَ الدِّين صالحًا زاهدًا فاضلًا مُتصاوِنًا. توفِّي رحمه اللهُ في نحو الأربعينَ وخمس مئة. 884 - عَيّاشُ (¬3) بن محمد بن أحمدَ بن خَلَف بن عَيّاش الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو بكر الشَّنْتِيَالي. ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1254)، وابن الأبار في التكملة (2977)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 335، والذهبي في المستملح (753)، وتاريخ الإسلام 11/ 744، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 607، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 179. (¬2) في م: "الأشجعي"، محرفة. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2979)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 337، والذهبي في المستملح (755)، وتاريخ الإسلام 14/ 299، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 607، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 179.

885 - عياش بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الطفيل العبدي، إشبيلي أبو عمرو، ابن عظيمة

رَوى عن أبيه، وجدِّه للأُمِّ أبي القاسم بن غالبٍ، وخالِه أبي بَكر بن غالب، قراءةً عليهم بالسَّبع، وسَمِعَ عليهم وعلى أبي العبّاس ابن الحاجِّ، وأبي القاسم بن بَقِي، وأجاز له أبو بكر بنُ خيْر، وأبو الحَكَم بن حَجّاج، وأبو العبّاس بن مِقْدام. رَوى عنه ابنُه أبو عبد الله، وحدَّثنا عنه في كتابِه غيرَ مرّة؛ وكان من جِلّة المقرِئينَ وأئمةِ المحدِّثين المُسنِدينَ إلى ما كان عليه من النُّسك والفَضْل التامّ، خَطَبَ بجامع قُرطُبةَ زمانًا وأَمَّ به. وُلد في منتصَف رجبِ اثنينِ وسبعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بمالَقةَ سنةَ أربعينَ وست مئة (¬1)، ودُفنَ هو وأبو عامرٍ رَبيعٌ في يومٍ واحد، رحمَهما الله. 885 - عَيّاشُ (¬2) بن محمد بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الرّحمن بن محمد بن الطُّفَيْل العَبْديُّ، إشبِيليٌّ أبو عَمْرو، ابنُ عَظِيمة. رَوى عن أبوَي الحَسَن: أبيه وشُرَيْح. وأجاز له أبو الحَسَن بن هُذَيْل، وأبو الطاهِر السِّلَفيُّ. رَوى عنه ابناهُ المحمدانِ: أبو الحَسَن وأبو الحُسَين، وأبو بكرٍ محمدٌ وأبو عَمْرٍو عبدُ الرّحمن ابنا عبد الله بن مُغْنِين، وأبو بكر يحيى، وأبو طالبٍ عبدُ الجَبّار ابنا عبد الرّحمن بن ثابِت البَهْرَانيّ، وأبَوا إسحاقَ: ابن عبد الله بن قَسُّوم وابن يَمْلُول بن (¬3) [147 ظ] تِيمليّ المسكاليّ، وأبو الأصبَغ بن الردّ، وآباءُ الحَسَن: ابنُ أحمدَ بن أبي القاسم السُّمَاتيّ الشَّرِيشيّ والبَلَويُّ وابن حَمّاد يوسُفَ، وابنا ¬

_ (¬1) هامش ح: "بل كانت وفاته التاسع لربيع الأول سنة تسع وثلاثين كذلك قال ابنه أبو عبد الله شيخنا رحمه الله، ووفاة أبي عامر معه في تاريخ واحد صحيحة، وفي السنة نفسها توفي معهما سهل بن مالك؛ وقد وهم في ذلك ابن الأبار رحمه الله". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2978)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 336، والذهبي في المستملح (754)، ومعرفة القراء 2/ 571، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 607، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 179. (¬3) "بن": سقطت من م ط.

المحمدَيْن: ابن عليّ بن خَلَف القَيْسيّ، والأنصاريّ، وأبو عليٍّ ابن الشَّلَوبِين، وأبو الفضائل إسماعيلُ بن أبي الوفاءِ المِصْريُّ، وأبو القاسم عبدُ الرّحمن بن عليّ ابن القاسم الحِمْيَريّ، وأبو محمد بنُ أحمدَ بن خَلَف اللَّخْميُّ، وآباءُ مَرْوانَ: الباجِيُّ وابن عبد العزيز اللَّوَاتي وابنُ هارونَ، وأبو [....] (¬1) عبد الرّحمن بن خَلَف الرُّطُنْداليّ، وأبو زكريّا يحيى بن محمد بن أبَان. وكان من جِلّة المُقرِئينَ، صَدْرًا في المُتقِنينَ لأداءِ الحروف، قد أحكَمَ القراءةَ على أبيه وتصَدَّرَ للإقراءِ بعدَه وخَلَفَه في حَلَقتِه، وهو ممن يُشارُ إليه بالتجويد، ثم سَمَتْ به همّتُه وحَمَلَه الحِرصُ على الاستزادةِ منَ الاستفادةِ على أنْ قَصَدَ كبيرَ أصحابِ أبيه الآخِذينَ عنه والقارئينَ عليه، وهو أبو الأصبَغ السُّماتي ابنُ الحاجّ واحدُ عصِره في الإتقان، فرَغِبَ في القراءةِ عليه فأبَى من ذلك أبو الأصبَغ عليه تواضُعًا منه وتأدُّبًا معَه،؛ لمكانِه من الجَلالة وتساويهما في الرواية، فلم يزَلْ يُلحُّ عليه مُزمِعًا ألّا يَنْثنيَ عن قَصْدِه، إلى أن تحيَّلَ أبو الأصبَغ له في إبلاغِه أمَلَه بأنْ أجلسَهُ إلى جَنْبِه، وأخَذَ يُقرئُ أمامَه نُبلاءَ مَن كان يقرَأُ عليه حينَئذٍ ومَهَرَتَهم، وُيصرِّفُ صَنْعةَ التجويدِ بمحضرِه حتى تأيَّدَ أبو عَمْرٍو بذلك وأكسَبَه مَلَكةَ حُسنِ الأداءِ وجَوْدة القراءةِ والإلقاء، مُعانًا على ذلك بحُسن الصّوت. وَصَفَه بعضُ مَن لقِيَه فقال: ما كانت قراءتُه تُشبِهُ قراءةَ غيرِه، إذا سمِعتَه سمِعتَ طبعًا آخَرَ ونَغَماتٍ تُفارقُ هذه النَّغَمات. قال أبو بكر بنُ طلحةَ: كان إذا كَبَّرَ في الصّلاة لم أتمالَكْ إلّا أن أبكيَ. وكان ذا حَظّ من العربيّة، واستَدرَكَ على أبيه في كتابِه الموسُوم بـ "جالبِ الإفادة"، وكان جميلَ الهيئة معروفًا بالنّزاهةِ والعدالة والجَرْي على هَدْي سَلَفِه. توفِّي يومَ الثّلاثاءِ لستٍّ خَلَوْنَ من جُمادى الآخِرة سنةَ خمسٍ وثمانينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) بياض في النسخ.

886 - عياش بن محمد بن عياش بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الطفيل [148 و] العبدي، إشبيلي، أبو عمرو، ابن عظيمة، وهو حفيد الذي قبله

886 - عَيّاشُ بن محمد بن عَيّاش بن محمد بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الرّحمن بن محمد بن الطُّفَيْل [148 و] العَبْديُّ، إشبِيليٌّ، أبو عَمْرو، ابنُ عَظِيمةَ، وهو حفيدُ الذي قبلَه. رَوى عن أبيه أبي الحَسَن، وأبي بكر بن مَشْكَريل وأبي العبّاس بن مِقْدام وأبي الوليد جابِر بن أبي أيّوبَ. وأجاز له أبو إسحاقَ السَّنْهُوريُّ، وأبو العبّاس بن مَضَاء وأبو القاسم الحَوْفيّ. رَوى عنه أبو العبّاس بن عليّ المارِديّ. 887 - عِيَاضُ (¬1) بن بَقِيّ، إشبِيليٌّ. تَلا بالسَّبع على أبي عبد الله بن شُرَيْح وزَوْجِهِ أُمِّ شُرَيْح، وكان يفخَرُ بذلك ويُذاكرُ به شُرَيْحًا فيُقرُّ له ويُصدِّقُه. 888 - عيسى بن أحمدَ بن خَلَف الكِنَانيّ. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 889 - عيسى بنُ أبي يحيى أحمدَ بن عبد الرّحمن المُرادِيُّ، أبو عَمْرو. رَوى عن أبي الخَطّاب بن واجب. 890 - عيسى بنُ أحمدَ بن عيسى، قَسْطَليٌّ أبو موسى. رَحَلَ مُشَرِّقًا، وأخَذَ بمكّةَ، كرَّمَها اللهُ، عن أبي الفُتُوح نَصْر بن أبي الفَرَج الحُصْريِّ سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة، ورَوى عن أبي محمد عبد الرّحمن بن إبراهيمَ بن أحمدَ المَقْدِسيّ. 891 - عيسى بن أحمدَ بن محمد بن أبي عَبْدةَ، قُرطُبيٌّ. رَوى عن آباءِ بَكْر: الحُسَين بن محمد، وعبّاس بن أصبَغَ، ومحمد بن عُمرَ ابن القُوطِيّة، وأبي الحُسَين محمد بن العبّاس الحَلَبيّ، وأبي زكريّا بن مالِك بن عائذ، وأبي عبد الله بن محمد بن أبي دُلَيْم، وأبي محمدٍ قاسم بن محمد بن قاسِم بن أصبَغَ، وأبي المُغِيرة خَطّاب بن مَسْلَمةَ بن بُتْرِيّ وغيرِهم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2967)، وفي هامش ح: "يكنى أبا بكر".

892 - عيسى بن أحمد بن محمد بن موسى بن بشير بن جناد بن لقيط الكناني، قرطبي مشرقي الأصل، وجده محمد هو الداخل إلى الأندلس، الرازي

وكان أديبًا تأريخيًّا حافظًا متمكِّنَ الإشراف على أخبارِ الناس قديمًا وحديثًا، وهو الذي صنَّفَ لأبي الحَزْم جَهْوَر بن محمد بن جَهْوَر "الكتابَ الفَريد (¬1) في المكارِم والجُود" وقَفْتُ على نُسخةٍ منه بخطِّه النَّبيل، فَرَغَ من نَسْخِها يومَ المِهْرَجان الكائنِ في ربيع الأوّل سنةَ ثمانٍ وسبعينَ وثلاث مئة (¬2). 892 - عيسى (¬3) بن أحمدَ بن محمد بن موسى بن بَشِير بن جَنَّاد بن لَقِيط الكِنَاني، قُرطُبيّ مَشْرِقيُّ الأصل، وجَدُّه محمدٌ هو الداخِلُ إلى الأندَلُس، الرّازي. رَوى عن أبيه أبي بكرٍ، وكان عالمًا بالآداب، تأريخيًّا ذاكرًا للأخبار، وألَّفَ للمُستنصِر تاريخًا مُمتِعًا، وللمنصور بن أبي عامرٍ كتابًا "في الوُزَراءِ والوِزارة"، وكتابًا "في الحُجَّاب". وتوفِّي في شعبانِ تسع وسبعينَ وثلاث مئة، وقيل: إنهُ [148 ظ] أدرَكَ خلافةَ بني حَمُّود. 893 - عيسى بن أحمدَ بن موسى بن أحمدَ بن يوسُفَ بن موسى بن فَصِيل بن فَهْد بن فَصِيل ابن الإمام. رَحَلَ مُشرِّقًا، ورَوى بمكّة، شرَّفَها اللهُ، عن أبي بكرٍ عبد الله بن عِقَال الصِّقِلِّي سنةَ عشْرٍ وأربع مئة. رَوى عنه خَلَف بن سيِّد. 894 - عيسى بنُ أحمدَ بن يحيى بن عليّ الطائيُّ. 895 - عيسى بن أبي يوسُفَ الأنصاريُّ، أندَلُسيٌّ. ¬

_ (¬1) في م ط: "العزيز". (¬2) في هذا التاريخ نظر؛ لأن جهور بن محمد إنما تولى أمر قرطبة سنة 421 هـ وتوفي سنة 435 هـ؛ وقد ولد جهور سنة 364 هـ فلا يعقل أن يكون الكتاب مما كتب له في ذلك العام المذكور ولعل الصوابـ "ثمان وتسعين" فقد كان جهور ذا حظ في الحياة السياسية أيام العامريين ولقب بالوزير وبين 398 - 400 هـ يظهر اسمه على النقود مع اسم الخليفة الأموي نفسه وهو المهدي يومئذ. (¬3) هو المؤرخ المشهور وكذلك والده أحمد فإن له مؤلفات في التاريخ وفي خطط قرطبة وفي الأنساب. أما عيسى فهو عمدة من جاء بعده من المؤرخين؛ إذ ينقل عنه مثلًا ابن حيان في المقتبس وابن الأبار في الحلة عن كتابه في الحجّاب وعن غيره، وكذلك ابن عذاري في البيان المغرب، وترجمه ابن الأبار في التكملة (2878).

896 - عيسى بن جعفر بن محمد بن يوسف بن سليمان بن عيسى، إشبيلي، شنت مري أصل السلف، أبو الأصبغ ابن الأعلم

رَوى عن عليّ بن عبد الله القَطّان، رَوى عنه ابنُه غالب. 896 - عيسى بن جعفرِ بن محمد بن يوسُفَ بن سُليمانَ بن عيسى، إشبِيليٌّ، شَنْتَ مَرِيُّ أصلِ السَّلَف، أبو الأصبَغ ابنُ الأعلم. رَوى عن أبيه (¬1)، وأبي الأصبَغ، وأبي الحَسَن شُرَيْح. 897 - عيسى (¬2) بن حَبيب بن لُبِّ بن إبراهيمَ بن لُبِّ بن إبراهيمَ بن إسحاقَ بن مُطَرِّف المَعافِريُّ شِلْبيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ هَيْبَة، وهُو ابن أُختِ أبي عبد الله مالكِ بن وُهَيْب. رَوى عن آباءِ عبد الله: خالِه وأبي أحمدَ القَنْطَريِّ وابن شبرِينَ، وأبي عُمرَ مَيْمونِ بن ياسين اللَّمْتُونيّ. رَوى عنه أبو بكر بنُ خَيْر، وأبَوا العبّاس: ابن سابِق وابن صَالح، وأبو القاسم القَنْطَري. وكان ققيهًا حافظًا نَبيلًا مُشاوَرًا، استُقضيَ. وُلد في ذي حِجّةٍ بعدَ عيد الأضحَى، وقيل: ليلةَ عيدِ الأضحَى، سنةَ تسع وستينَ وأربع مئة، وتوفي بشِلْبَ سَحَرَ ليلةِ الجُمُعة التاسعةِ لصَفَرِ تسع وأربعينَ وخمس مئة، ولم يُعْقِبْ. 898 - عيسى بن حَجَّاج الجُذَاميُّ، إشبِيليٌّ. رَحَلَ مُشَرِّقًا، وأخَذ بمِصرَ عن أبي عبد الله بن الفَرَج الطُلَيْطُليّ الصَّوّاف. 899 - عيسى (¬3) بن حَزْم بن عبد الله بن عُمرَ بن اليَسَع الغافِقيُّ، كُوْلِيٌّ (¬4)، سَكَنَ جَيّانَ ثم المَرِيّة، أبو الأصبَغ، الفَخّار. ¬

_ (¬1) ترجم ابن الأبار لأبيه في التكملة (637) وأبوه يكنى أبا الفضل. (¬2) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1143)، وابن الأبار في التكملة (2902)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/ الترجمة 86. (¬3) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1142)، وابن الأبار في التكملة (2896)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 85، والذهبي في المستملح (729)، وتاريخ الإسلام 11/ 435، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 608، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 179. (¬4) هامش ح: "كولية: من عمل بسطة"، وفي م: "كوبي".

900 - عيسى بن حماد بن مالك بن حجاج بن وافق بن راهب الفزاري

تَلا القرآنَ العظيمَ على جماعة، منهم: أبوه، وأبو بكرٍ يحيى بنُ سَعِيد بن حَبِيب، وأبو جعفرٍ الخَزْرَجيُّ، وآباءِ الحَسَن: ابنُ الدُّوْش والعَبْسيُّ وابنُ يوسُفَ السّالِمي، وأبو الحُسَين ابنُ البَيّاز، وأبو داودَ الِهشَاميُّ، وأبو زكريّا بن سَعِيد المُحارِبيُّ، وأبو القاسم ابن النَّخّاس وأبو [....] (¬1) بن مدُوش. ورَوى عن أبوَيْ عبد الله: ابن فَرَج وابن المُناصِف، وأبي عليّ الغَسّاني، وأبي محمد بن عَتّاب، وأبوَي الوليد: ابن بَقْوَةَ وابن رُشْد. تَلا عليه ابنُه أبو يحيى اليَسَعُ، وأبو إسحاقَ بن قُرْقُول، وأبو عبد الله بن عُبَادةَ، وأبَوا العبّاس: ابن البَلَنْسِي وأبو محمد ابنُ البَراذِعيّ وأبو القاسم بن حُبَيْش، وأبو نَصْر فَتْح بن محمد بن فَتْح. ورَوى عنه أبو القاسم ابن [149 و] بَشْكُوال. وكان مُقرِئًا مجوّدًا ضابِطًا مُتقِنًا، فقيهًا مُشاوَرًا فاضلًا، وَلِيَ الخَطابةَ بجامع المَرِيّة والشُّورى بها مُدةَ قضاءِ أبي الحَسَن بن أضحَى، وعُرِف بالطّهارة والزَّكاءِ والوَرَع ومَتانةِ الدِّين والصّلاح والتقلُّل من الدنيا. 900 - عيسى بن حَمّاد بن مالكِ بن حَجّاج بن وافِقِ بن راهِب الفَزَارِيُّ. 901 - عيسى بن حَسَن بن عليّ بن عبد الرّحمن بن [....] (¬2)، وهو أخو عليّ. رَوى عن جدِّه عليٍّ المذكور. 902 - عيسى بن حُسَين بن عيسى القَيْسيُّ، إشبيليٌّ. كان فقيهًا عاقدًا للشُّروط، حسن الخَطّ مُبرِّزًا في العَدالة، حيًّا سنةَ خمس وسبعينَ وخمس مئة. 903 - عيسى بن خَلَف بن أبي خالد بن منصُور الِهشَاميُّ، مُرْسِيٌّ فيما أحسِبُ. ¬

_ (¬1) بياض في النسخ. (¬2) بياض في النسخ.

904 - عيسى بن رافع أحمد بن خليفة بن سعيد بن رافع بن حلبس الأموي، بلنسي، أبو الأصبغ

رَوى عن أبي الطيِّب سَعِيد بن فَتْح (¬1). 904 - عيسى (¬2) بن رافِع أحمدَ بن خَليفةَ بن سَعِيد بن رافِع بن حَلْبَس الأُمَويُّ، بَلَنْسيّ، أبو الأصبَغ. تَلا بالسَّبع على أبي الحُسَين ابن البَيّاز، وأبي داودَ الهِشَاميِّ، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا متصدِّرًا لذلك. 905 - عيسى (¬3) بن سَعِيد، أندَلُسيّ، أبو الأصبَغ. رَحَلَ مُشرِّقًا، ودخَلَ بغدادَ وأخَذ بها عن أبي بكرٍ الأبْهَرِيّ، وروى أيضًا عن أبي الحَسَن بن مِقْسَم، وقَفَلَ إلى الأندَلُس. رَوى عنه أبو بكرٍ ابنُ الغَرّاب. 906 - عيسى (¬4) بن سَلَمةَ (¬5) بن يوسُفَ الأنصاريُّ، من ساكني مَيُورْقةَ، أبو الأصبَغ. رَوى عن أبي الحَسَن ابن النِّعمة، وادَّعى الرّوايةَ عن أبي الحَسَن بن هُذَيل. رَوى عنه غيرُ واحد. وتوفِّي في نحوِ العشرينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) هنا ترجمة مزيدة في هامش ح وهي: "عيسى بن خلف اليعمري أبذي -بالباء واحدة والذال المعجم- أبو الأصبغ صاحب الوردة. أخذ القراءات عن أبي القاسم الخزرجي. أخذ عنه أبو عبد الله بن فرج الثغري وكان مقرئًا". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2899)، وفي هامش ح: "ألفي اسم عيسى هذا بخط يده على نسخة من "ناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي قد قرأها على أبي داود الهشامي وسمع ابنه خليفة من عيسى بتاريخ ثلاث وتسعين وأربع مئة وقد كتب اسمه هكذا: عيسى بن أحمد بن خليفة بن نافع؛ فينبغي أن يقدم ووهم المصنف فيه، ووهم ابن الأبار من قبله". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2887). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2913)، وابن الزبير في صلة الصلة الترجمة 93. (¬5) في م: "مسلمة"، محرف.

907 - عيسى بن سليمان بن عبد الله بن عبد الملك بن عبد الله بن محمد الرعيني، مالقي، أبو محمد الرندي

907 - عيسى (¬1) بن سُليمانَ بن عبد الله بن عبد الملِك بن عبد الله بن محمد الرُّعَيْنيُّ، مالَقيٌّ، أبو محمد الرُّنْدِيّ. رَوى بالأندَلُس عن أبي إسحاقَ الزَّوالي، وأبي الحَجّاج ابن الشَّيخ، وأبي العبّاس الجَيّار، وأبي محمد ابن القُرطُبيِّ وغيرِهم. ورَحَلَ وحَجَّ، وأقام في رحلتِه نحوَ ستةَ عشَرَ عامًا (¬2)، ولُقِّب هنالك برَشيدِ الدِّين، واستَكثَرَ من لقاءِ مشايخِ تلك البلاد ووالَى الأخْذَ عنهم، وعُني بذلك العنايةَ التامّة، فرَوَى بدمشقَ عن أبوَيْ عبد الله: خطيبِها الدَّوْلَعيّ (¬3)، ونزيلِها البِرْزَاليِّ (¬4)، ونزيلِها أبي عُمرَ بن غالبِ بن محمد بن حُبَيْش، وأبي القاسِم الحُسَين بن هِبة الله بن محفوظِ بن صِصْرَى الرَّبَعيِّ التَّغْلَبيِّ، وأبي نَصْر محمد بن [149 ظ] هِبة الله بن مَمِيل وأبي [محمد] (¬5) عبد العزيز بن عُثمانَ بن أبي طاهِر بن مُفَضَّل بن سُرورِ بن عيسى الإرْبِليّ وأبي [الفضل] (¬6) إسماعيلَ الشَّيْبانيِّ الحَنَفي. ورَوى عن أبي إبراهيمَ عبد الله بن أبي عُمرَ محمد بن أحمدَ بن محمد بن قُدَامةَ، ومُحيي الدين أبي الفَرَج عبد الرّحمن بن أبي محمد عبد الغَنيّ بن عبد الواحِد، ورَضِيِّ الدِّين أبي محمد ¬

_ (¬1) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة (148)، وابن الأبار في التكملة (2914)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 96، والذهبي في المستملح (733)، وتاريخ الإسلام 14/ 81، وسير أعلام النبلاء 23/ 22، وابن العماد في شذرات الذهب 5/ 156 نقلًا عن ابن ناصر الدين في بديعيته. (¬2) في هامش ح: "بل أقام نحو عشرين". (¬3) في هامش ح: "الدولعية: قرية من قرى الموصل، أصل هذا الشيخ منها وهو محمد بن أبي الفضل بن زيد بن ياسين بن زيد ... هدية بن ... التغلبي الأرقمي" (قلنا: ترجمته في وفيات سنة 635 هـ من تاريخ الإسلام 14/ 192). (¬4) هو الزكي البرزالي المتوفى سنة 636 هـ (تاريخ الإسلام 14/ 224). (¬5) بياض في النسخ، والكنية مستفادة من ترجمته في تاريخ الإسلام 14/ 503. (¬6) بياض في النسخ، وفي هامش ح: "هو أبو الفضل إسماعيل بن إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن سليمان الشيباني الموصلي الأصل القصراوي المولد". (قلنا: توفي سنة 629 هـ وترجمته في تكملة المنذري 3/الترجمة 2389، وتاريخ الإسلام 13/ 878).

908 - عيسى بن سليمان بن عيسى المعافري، قرطبي

عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الجَبّار، وأبي [عبد الله] (¬1) محمد بن عبد الواحِد بن أحمدَ بن عبد الواحِد بن أحمدَ بن عبد الرّحمن المَقْدِسيِّيْنَ. وقَفَلَ إلى الأندَلُس، ووَصَلَ إلى مالَقةَ في أوائل إحدى وثلاثينَ وست مئة برواياتٍ واسعة وفوائدَ جَمّة وغرائبَ نافعة، على أنه امتُحِن بالأسر في صَدَرِه، فذهبَ عنه كثيرٌ مما جَلَب، فرَوى عنه بها أبو بكر بنُ خميس وأبو عبد الله بنُ عليّ بن عَسْكَر، وهو في عِدَادِ أصحابِه، وحَدَّث عنه بالإجازة أبو عبد الله ابنُ الأبار، ورَوى عنه بسَبْتةَ أبو العبّاس بن فَرْتُون. وكان محدِّثًا ضابطًا مُتقِنًا حَسَنَ الخَطّ، كتَبَ الكثيرَ، قائمًا على معرفةِ الرجال، مميِّزًا صحيحَ الحديث من سَقيمِه، مُبرِّزًا في علومِه، دَيِّنًا فاضلًا، قُدِّمَ للإمامة بجامع مالَقةَ فمرِضَ قبْلَ الصّلاة فيه بالناس، وتوَالَى مرَضُه إلى أنْ توفِّي رحمه اللهُ لثمانٍ خَلَوْنَ من ربيعٍ الأوّل سنةَ ثِنتينِ وثلاثينَ وست مئة، ولم يَطُل الإمتاعُ به، ومَولدُه في أحدِ شهرَيْ ربيعِ أحدٍ وثمانينَ وخمس مئة (¬2). 908 - عيسى بنُ سُليمانَ بن عيسى المَعافِريّ، قُرطُبي. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ عشرينَ وأربع مئة (¬3). ¬

_ (¬1) في هامش ح: "يكنى أبا عبد الله وهو محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد العزيز بن إسماعيل بن منصور المقدسي الحافظ الرحال المصنف في الحديث، الفاضل". (قلنا: تنبهْ لاختلاف نسبه بعد أحمدَ عما أورده المؤلف في المتن فهو غلط بيّن في المتن والتعليق، والصواب في نسبه أنه: أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور، كما جاء بخط عز الدين الحسيني في صلة التكملة (160)، وخط الذهبي في تاريخ الإسلام 14/ 472، وسير أعلام النبلاء 23/ 126، وهو الضياء المقدسي المشهور المتوفى سنة 643 هـ). (¬2) في هامش ح: "حدثني عن عيسى الرعيني المذكور القاضي الأجل أبو عبد الله بن علي بن أحمد بن علي بن برطال الأموي المالقي وهو آخر من روى عنه إجازة بإفادة خاله أبي عبد الله محمد بن علي بن خضر بن عسكر المذكور داخل الكتاب جميع ما يرويه". (¬3) ها هنا ترجمة مزيدة في ح وهي: "عيسى بن شهاب، وادي آشي، أبو الأصبغ. روى عن أبي عبد الله بن هشام الفهري، روى عنه أبو إسحاق البلفيقي وأخذ عنه حديث الأخذ باليد بشرطه من المسلسل. كان حيًّا في حدود سنة أربعين وست مئة". (قلنا: انظر هذه الترجمة في صلة الصلة 4/الترجمة 97).

909 - عيسى بن صالح، قرطبي، أبو الأصبغ

909 - عيسى (¬1) بن صَالح، قُرطُبي، أبو الأصبَغ. رَوى عن مكِّيِّ بن أبي طالب. رَوى عنه القاضي أبو عبد الله بنُ خَليفةَ، ولعلّه غَلِطَ في اسم أبيه، فإنّ المشهورَ بالرِّواية عن مكِّي عيسى بن خِيَرةَ. 910 - عيسى (¬2) بن عبد الله اللَّخْميُّ، شَرِيشيٌّ، أبو موسى الذُّجِّي (¬3). رَوى عن أبي إسحاقَ الزَّوَالي. رَوى عنه أبو القاسم عبدُ الكريم بن عِمرانَ، وشيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيّ. أُنشِدت على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْني، ونقَلتُه من خطِّه، قال: أنشَدَني لنفسِه يُنَفِّرُ بعضَ رُؤساءِ العرَب عن استكتابِ يهوديّ [150 و] [الوافر]: أيا ابنَ الأكرَمِينَ ومَن عُلاهُ ... يُوافقُ فَرْعَها السامي أُصولُ أترضَى أن تكونَ فتَى هلالٍ ... وقَيْسٍ وابنُ عمِّكمُ الرسُولُ وتَحمي دينَهُ بالسيفِ نَصْرًا ... وكاتبُكمْ يُكَذِّبُ ما يقولُ؟ وتَنقُدُهُ عليك العُرْبَ طُرًّا ... أمَا في المسلمينَ به بَديلُ؟ متى نَصَحَتْ يهودُ العُرْبَ يومًا ... أحِقدُهُم لأوْسِكُمُ يزولُ أيحكُمُ فيهمُ سعدٌ بحُكمٍ ... ويُلْفَى من يهودَ لكمْ خليلُ؟! (¬4) 911 - عيسى (¬5) بن عُبَيد الله بن هَنِيَّا اللَّخْميُّ، شِلْبيٌّ، أبو الأصبَغ. رَوى عن أبي الحَسَن ابن الطَّلّاء. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2890). (¬2) ترجمه الرعيني في برنامجه (112) ص 212. (¬3) منسوب إلى "ذُجَّة" من قرى شريش، كما ذكر الرعيني. (¬4) يشير إلى حكم سعد بن معاذ في بني قريظة أن يقتل منهم من جرت عليه المواسي وتسبى النساء والذرية وتقسم الأموال. (¬5) في هامش ح: "أحسبه عيسى بن عبد العزيز الآتي بعد فانظره" (الترجمة 920).

912 - عيسى بن عبد الرحمن بن أزهر الحجري، شريشي، أبو الأصبغ

912 - عيسى (¬1) بنُ عبد الرّحمن بن أزهَرَ الحَجْريُّ، شَرِيشيٌّ، أبو الأصبَغ. رَوى عن أبوَي القاسم: ابن جَهْوَر وابن مُدِير. رَوى عنه ابنُه أبو بكرٍ يحيى. 913 - عيسى (¬2) بنُ عبد الرّحمن بن عُقَاب الغافِقيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو الأصبَغ. تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن الحُصْري، وأجاز له ونَظَم إجازتَه له في قصيدة، وهي [الطويل]: أجَزْتُ لعيسى السَّبعَ في خَتْمةٍ قَرَا ... عليَّ بها فلْيَرْوِ ذلك ولْيُقْرِي بما شاء منها أو بها فهْو أهْلُهُ ... بإتقانِه مَعْ ضَبْطِه أحْرُفَ الذِّكرِ وقوةِ حِفْظٍ ثم صحةِ نَقْلِهِ ... فما مِثلُه من طالبٍ لا ولا مُقْري وأذكُر صَحْبي كلَّهُمْ في إجازتي ... له بالذي أروي فمنهمْ أبو بِشْرِ سَليلُ المُعَلَّى جاءَ من قَيْروانِهِ ... وعبدُ الإلهِ ابنُ الحَمِيد أخو البِرِّ ومنهمْ أبو العبّاس يحيى بنُ خالدٍ ... وصاحبُهُ الحَبْرُ النّبيلُ أبو عَمْرِو سَليلُ ابنِ يحيى ثُم أذكُرُ بعدَهُ ... أبا القاسم البَرْقيَّ ثم أبا بكرِ محمدًا ابنَ الخازنِ بنِ محمدٍ ... وزيرَ عمادِ الدولةِ الساميَ القَدْرِ ومنهم أبو الخَطّاب نَجْلُ ابنِ يوسُفٍ ... سَليلُ ابنِ يُمْنٍ جَلَّ ذلك من وِزْرِ وصاحبُنا السَّبْتيْ عليُّ بن يَخلُفٍ ... وسائرُ صَحْبي نافرُ (¬3) العلمِ كالدُّرِّ نظَمْتُ له شعرًا تضمَّنَ ماقَرَا ... لخمسِ ليالٍ قد خَلَوْنَ من الشهرِ لشعبانَ في ستٍّ وسبعينَ حِقْبةً ... وزِدْ مئتَيْنِ في اثنتينِ من الدّهرِ بِذلكُمُ يَزْهو أبو الأصبَغ الذي ... أجَزْتُ ويدعو اللهَ بالحمدِ والشُّكرِ [150 ظ] ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2903). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2897). (¬3) كذا ولعلها: "ناثر".

914 - عيسى بن عبد الرحمن بن عيسى بن أصبغ بن هشام، لاردي، أبو الأصبغ، ابن كراديس

عَليٌّ على عَلْيا علَيَّ عُلًا عَلا ... فجَلَّ عن الأشباهِ والشِّركِ والوِزْرِ فيا مَنْ تَعالَى في عُلوِّ سَمائهِ ... ويا عالمَ النَّجوى ويا كاشفَ الضُّرِّ عيسى (¬1) ابنُ عُقَابٍ من عِقَابكَ أنجِهِ ... وعطفًا على أُستاذِهِ الحُصُريِ الفِهْرِي أنشدتُها على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْني، قال: حدَّثني بها أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، قال: أنشَدَنيها أبو الأصبَغ عيسى بنُ محمد بن عيسى بن عبد الرّحمن بن عُقَاب بمسجدِ أُمِّ مُعاويةَ من قُرطُبة، قال: أنشَدَني أبي محمدُ بن عيسى، قال: أنشَدَني أبي عيسى، قال: كتَبَ لي بهذه الإجازة المنظومة عندَ إكمالي عليه القرآنَ بالقراءات السَّبع في خَتْمة، وأنشَدَنيها المُقرئُ الإمامُ أبو الحَسَن عليُّ بن عبد الغَنيّ الفِهْري الحُصْريُّ رحمه الله. رَوى عنه ابنُه أبو عبد الله، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، أقرَأَ القرآنَ طويلًا بجامع قُرطُبة، وأتَى يومًا إلى مِصطَبةِ إقرائه فأخَذ يَتنفَّلُ، فلمّا رفَعَ رأسَه من سجودِه وأراد النهوضَ إلى القيام عَثَرَ في ثوبِه فسقَطَ إلى الأرض ميِّتًا، نفَعَه الله. 914 - عيسى (¬2) بن عبد الرّحمن بن عيسى بن أصبَغَ بن هِشام، لارِديّ، أبو الأصبَغ، ابنُ كرَاديس. رَوى عن أبي عُمرَ أحمدَ بن حُسَين، وأبي المُطَرِّف عبد الرّحمن بن محمد بن أحمدَ بن هِشَام. وكان أديبًا حافظًا، وله شرْحٌ جيِّد في قصيدة أبي مَرْوانَ الجَزِيري في السُّنّة والحِكَم والوَصَايا والأمثال (¬3)، وكان بعدَ الأربعينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) اقرأ بخطف الياء. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2893). (¬3) هو عبد الملك بن إدريس الجزيري الكاتب أبو مروان من وزراء الدولة العامرية (انظر الجذوة، الترجمة 625) وقصيدته المذكورة كتب بها إلى بنيه، وهي طويلة وأولها: ألوي بعزم تجلدي ... نأي الأحبة واعتياد تذكري ومنها أبيات في الجذوة واليتيمة 1/ 437.

915 - عيسى بن عبد الرحمن بن عيسى بن عبد الرحمن، قرطبي، أبو القاسم المجريطي، وابن الحاج، وهو أخو أبي العباس يحيى

915 - عيسى (¬1) بن عبد الرّحمن بن عيسى بن عبد الرّحمن، قَرطبيّ، أبو القاسم المَجْرِيطيُّ، وابنُ الحاجِّ، وهُو أخو أبي العبّاس يحيى. رَوى عن أبي جعفر البِطْرَوْجيِّ، وأبي القاسم بن محمد بن بَقِيّ. 916 - عيسى بنُ عبد الرّحمن التُّجيبيُّ، طُلَيطُليٌّ، أبو الأصبَغ. رَوى عن شُرَيْح. 917 - عيسى بن عبد الرّحمن بن عيسى (¬2) التُّجيبيُّ، إشبِيليٌّ، أبو القاسم، ابنُ الحاجّ. رَوى عن أحمدَ بن محمد بن بَقِيّ. 918 - عيسى (¬3) بن عبد الصَّمد، أبو الأصبَغ. رَوى عن شُرَيْح. 919 - عيسى (¬4) بن عبد العزيزِ بن عبد الواحِد بن سُليمانَ اللَّخْميّ، شَرِيشيٌّ استَوطَنَ الإسكندَريّة، أبو القاسم، الوَجِيه. رَوى عن أبي إسحاقَ بن محمد التُطِيليّ وادَّعى [151 و] الإكثارَ عنه في السَّماع منه، وأبي الطاهر السِّلَفيِّ وأكثَرَ عنه. رَوى عنه أبو إسحاقَ بن محمد بن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2907). (¬2) "بن ... عيسى": سقطت من م ط. (¬3) هذه الترجمة سقطت من م ط. (¬4) ترجمه المنذري في التكملة 3/الترجمة 2398، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 94، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 899 فما بعدها، وفيه ترجمة كتبها العلامة أثير الدين أبو حيان الغرناطي بناءً على سؤال الذهبي، لعلها في كتابه "الدر الحبي في جواب أسئلة الذهبي" وفيها معلومات مفيدة لا تجدها عند غيره، وتذكرة الحفاظ 4/ 1414، ومعرفة القراء 2/ 614، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 609، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 179، وابن حجر في لسان الميزان 4/ 401، وابن تغري بردي في النجوم الزاهرة 6/ 279، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 235، وحسن المحاضرة 1/ 499، وابن العماد في شذرات الذهب 5/ 133، والخونساري في روضات الجنات 1/ 308 وغيرهم.

920 - عيسى بن عبد العزيز بن هنيا اللخمي، شلبي، أبو الأصبغ

غُلَيْب القَيْجَاطِيُّ وأبو عليّ عُمرُ بن أحمدَ بن هاني، قال ابن الأبار (¬1): وقَفْتُ على ذلك من "برنامَجِه" وأنا بريءٌ من عُهدتِه؛ لعَدَم الإحاطةِ بما فيه منَ المَناكِر، ولهذا الشّيخ من التخليطِ والغَلَط الذي لا يقَعُ فيه أحدٌ ممّن زاوَلَ هذه الصِّناعةَ أدنى مُزاولة، عَفَا اللهُ عنه وسَمَحَ له. 920 - عيسى (¬2) بن عبد العزيز بن هنيا اللَّخْميُّ، شِلْبيٌّ، أبو الأصبَغ. رَوى عن أبي القاسم بن رِضا وغيرِه. رَوى عنه أبو البقاءِ يَعيشُ بنُ عليّ. 921 - عيسى (¬3) بن عبد الواحِد، أبو الأصبَغ، ابنُ أُختِ اللُّمَائيُّ. رَوى عن عَطِيّة بن سعيد الأندَلُسي. حدَّث عنهُ أبو الوليد بنُ مِيقُل "بجامع الترمذي" مُناولةً عن عَطِيّةَ عن أبي جعفر بن الحَكَم الحَجَبيِّ عن أبي جعفرٍ محمد بن جُماهِرَ عن أبي عيسى، وهو إسنادٌ غريبٌ غيرُ معروف، قاله ابنُ الأبّار. 922 - عيسى (¬4) بن عبد الواحِد. رَوى عن بَقِيِّ بن مَخْلَد. 923 - عيسى بن عليّ بن عيسى المَعافِريُّ. رَوى عن أبي مَرْوانَ بن عبد العزيز الباجِيِّ، وكان فقيهًا مُبرِّزًا في العدالة. 924 - عيسى بن عليّ بن عيسى، أبو الأصبَغ. له إجازةٌ من أبي محمد بن عَتّاب. ¬

_ (¬1) في هامش ح: "لم أقف عليه في التكملة". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2908)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 87، وجاء في هامش ح التعليق الآتي: "هو المتقدم الذكر فيما أحسب الذي نبهنا عليه" (ينظر التعليق على الترجمة 911) وذكر ابن الزبير أنه كان حيًّا سنة خمس وخمسين وخمس مئة. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2884). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2876).

925 - عيسى بن عمرو بن شجرة المعافري

925 - عيسى بن عَمْرِو بن شَجَرةَ المَعافِريُّ. رَوى عن أبي الحَسَن بن حَمّاد. رَوى عنه أبو بكر بنُ أحمدَ بن سيِّد الناس. 926 - عيسى (¬1) بن عَيّاش بن محمد القَيْني، مالَقيٌّ، أبو الأصبَغ. كان متفنِّنًا في معارفَ جَليلة، حَسَنَ التصرُّف فيما يتناولُ من العلوم، محدِّثًا متكلِّمًا نَحْويّا أديبًا فقيهًا، مُبرِّزًا في عَقْد الشُّروط، خَطيبًا فاضلًا ديِّنًا وَرِعًا، صنَّفَ في علم الحديثِ وغيِره، وقَدِمَ للخَطابة بجامع مالَقةَ والإمامة (¬2) به عامَ اثنينِ وعشرينَ، التزَمَ ذلك إلى أن توفِّي وقتَ الرَّواح لصلاة الجُمُعة لثلاثٍ خَلَوْنَ من شعبانِ ثمانٍ وعشرينَ وست مئة، وصُلِّي عليه على شَفِير قبرِه إثْرَ صلاةِ العصرِ من يوم السّبت تالي يومِ وفاتِه [151 ظ]. 927 - عيسى (¬3) بن فَتْح، شاطِبيُّ السُّكْنَى. صَحِبَ أبا جعفرٍ البَتِّي وأبا داودَ المُقرئ، وكان حافظًا للأخبار، ذاكرًا للتواريخ والآداب والأشعارِ واللُّغات، مُشارِكًا في النَّحو، ومالَ إلى دراسةِ الفقه فانتقَلَ إلى أغماتِ وَريكة، ولازَمَ أبا محمد بنَ إسماعيلَ الأندَلُسي ففَقُهَ، ثم استُقضيَ بأغمات، واستمرَّت وِلايتُه نحو ثلاثة أعوام، وتوفِّي سنةَ أربع وخمس مئة في عَشْرِ الثمانين. 928 - عيسى (¬4) بن فُطَيْس بن أصبَغَ بن عيسى بن فُطَيْس، الوزيرُ، أبو الأصبَغ. رَوى عن أحمدَ بن بَقِيّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة (146)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 95. وجاء في هامش ح: "قرأ على أبي إسحاق بن أغلب الزوالي"، وهو أمر مذكور في صلة ابن الزبير. (¬2) في م ط: "والإقامة". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2894). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2877)، والمقري في نفح الطيب 1/ 387.

929 - عيسى بن لب بن محمد بن الحسين بن خلف بن أيوب بن ديسم بن يوسف بن ديسم بن إسماعيل بن العافية بن إبراهيم بن مقدم بن طريف بن مقدم بن طريف بن عمر بن أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف؛ كذا نقلت نسبه من خطه، الزهري []، أبو الحسن

929 - عيسى بن لُبِّ بن محمد بن الحُسَين بن خَلَف بن أيّوبَ بن دَيْسَم بن يوسُفَ بن دَيْسَم بن إسماعيلَ بن العافِية بن إبراهيمَ بن مُقَدَّم بن طَرِيف (¬1) بن مُقَدَّم بن طَرِيفِ بن (¬2) عُمرَ بن أبي سَلَمةَ عبد الله بن عبد الرّحمن بن عَوْف؛ كذا نقَلتُ نَسَبَه من خطِّه، الزُّهْريّ [....] (¬3)، أبو الحَسَن. رَوى عن صِهرِه أبي زَوْجِه أبي عبد الله ابن الأبار، وأبي الحُسَين ابن السَّرّاج، وأبي بكر محمد بن أحمد بن سيِّد الناس (¬4). 930 - عيسى بن محمد بن أبي الفَضْل، بَلَنْسيٌّ. كان من أهل العلم؛ حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. 931 - عيسى (¬5) بن محمد بن أصبَغَ بن محمد بن أصبَغَ بن عيسى بن أصبَغَ الأَزْديُّ، قُرطُبيٌّ، أبو الأصبَغ، ابنُ المُناصِف. والدُ القاضي أبي عبد الله والكاتبِ أبي عِمرانَ والنَّحويِّ أبي إسحاقَ. رَوى عن أبيه، وأبي بكرٍ عبد العزيز بن خَلَف بن مُدِير، وخرَجَ زَمَنَ الفتنة إلى بلدِ إفريقيّةَ وتجوَّلَ بها واستَوطنَ القَيْروانَ. رَوى عنه أبناؤه المذكورونَ، ولم يكنْ من أهل هذا الشّأن. ¬

_ (¬1) في م ط: "طرائف". (¬2) "طريف بن": سقطت من م ط، ويبدو أن معلق ح قد زادها اعتمادًا على ما أورده ابن الزبير. (¬3) بياض في الأصول. (¬4) في هامش ح: "وروى أيضًا عن أبي بكر بن محرز، وأبوي الحسن: ابن حيوة وابن قطرال، وأبي الربيع بن سالم، وأبي عبد الله بن قاسم، وأبي عامر بن نذير، قرأ عليهم وأجازوا له وسمع. مولده سنة خمس عشرة وست مئة، وتوفي بتونس ليلة الاثنين لأربع وعشرين ليلة خلت من شهر رمضان ستٍّ وثمانين وست مئة، ومن شعره [الطويل]: عدانيَ همٌّ لادكار أحبتي ... يراوحني طورًا وطورًا يباكرُ وكل قصي الدار يذكر أهله ... ولكن كذكري ليس يذكر ذاكرُ واستجاز له أبو إسحاق البلفيقي جملة وافرة من أهل المشرق". (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2910).

932 - عيسى بن محمد بن بقي، حجاري

932 - عيسى (¬1) بن محمد بن بَقِيّ، حِجَاريٌّ. رَوى عن أبي عُمرَ الطَّلَمَنْكيّ، رَوى عنه ابنُه إسماعيلَ. 933 - عيسى (¬2) بن محمد بن حَبيب الحِمْيَريُّ، طِلْياطيٌّ، من بيت الوزيرِ حَبِيبٍ الحِمْيَريّ (¬3). تَلا بالسَّبع على أبي بكر بن صَافٍ وأبي محمد الباجِيِّ الكفيف، وسَمِعَ الحديثَ من أبي بكر ابن الجَدّ وأبي عبد الله بن زَرْقُون، وصَحِبَ القاضيَيْنِ: أبا حَفْص بن عُمرَ وأبا محمد بن حَوْطِ الله، ومن قِبَلهِما وَلِيَ قضاءَ موضعِه والصّلاةَ والخُطبةَ بجامعِه؛ رَوى عنه أبو عبد [152 و] الله بن أيّوبَ السَّكُونيُّ. وكان مُقرِئًا ماهرًا فقيهًا حافظًا صاحبَ دُعابة، توفِّي في حدودِ خمسٍ وست مئة (¬4). 934 - عيسى بن محمد بن زكريّا التَّميميُّ، أبو الأصبَغ، ابنُ الزاهد. رَوى عن أبي الحُسَين ابن الطَّلّاء، وكان فقيهًا حافظًا مُشاوَرًا بَصِيرًا بالفتوى دَرِبًا في معانيها. 935 - عيسى بن محمد بن شاهِد الأنصاريُّ، إشبيليٌّ. رَوى عن أبي محمد ابن السِّيْد. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ عبد الرّحمن الأُمَويّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2888). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2912). (¬3) يعني الوزير الأديب إسماعيل بن محمد الحميري الملقب بحبيب صاحب كتاب "البديع في وصف الربيع" من شعراء المعتضد بن عباد (ت 440 هـ) انظر المغرب 1/ 245، والذخيرة 2/ 99، والجذوة (296)، وبغية الملتمس (534)، ومعجم الأدباء 2/ 735، والوافي 9/ 209. (¬4) ها هنا ترجمة مزيدة في هامش ح وهي: "عيسى بن محمد بن زكريا الأنصاري تدميري، أبو الأصبغ. روى عن أبي بكر محمد بن خلف بن سليمان بن فتحون ولازمه وأكثر عنه، وقيد بخطه الكثير وكان من أهل الاعتناء، حيًّا في حدود أربعين وخمس مئة" (قلنا: انظر هذه الترجمة في صلة الصلة 4/الترجمة 84).

936 - عيسى بن محمد بن شعيب الغافقي، قرموني استوطن مدينة فاس، أبو موسى الأشل؛ لشلل كان بيده اليمنى

936 - عيسى (¬1) بن محمد بن شُعَيْب الغافِقيُّ، قَرَمُونيٌّ استَوطَنَ مدينةَ فاسَ، أبو موسى الأشَلّ؛ لِشَلَلٍ كان بيدِه اليُمنى. رَوى عن أبوَيْ بكر: الأبيض وابن العَرَبي، وأبي عبد الله جعفرٍ حَفيدِ مكِّي، وأبي العبّاس ابن سيِّدٍ اللِّصّ، وأبي محمد بن عَتّاب. رَوى عنه أبو الحَسَن ابنُ القَطّان، وأبو محمد عبد العزيز بن رَيْدان (¬2). وكان فقيهًا حافظًا عارِفًا ماهرًا في عَقْد الشُّروط بَصِيرًا بعِلَلِها، نَحْويًّا بارعًا، أديبًا كاتبًا، شاعرًا محُسِنًا، جميلَ العِشرة طَريفَ الدُّعابة، حَسَنَ الخَطِّ وَرّاقًا. توفِّي بفاسَ بعدَ صلاةِ المغرِب من ليلة الجُمُعة، وقيل: يومَ الخميس، لتسع بقِينَ من جُمادى الآخِرة سنةَ ستّ، وقيل: سنةَ سَبْع، وثمانينَ وخمس مئة، ودُفنَ إثْرَ صلاةِ الجُمُعة، قاله أبو الحَسَن ابنُ القَطّان؛ وقال ابنُ فَرْتُون: إنه توفِّي سنةَ ستٍّ وثمانينَ. 937 - عيسى (¬3) بن محمد بن عبد الله بن خَلَف العَبْدريُّ، مَرَوِيٌّ، أبو الأصبَغ، ابنُ الواعِظ. صَحِبَ أبا بكرٍ يحيى بنَ بَقِيّ، وتغَرَّب عن وَطَنِه في الفتنة فسَكَنَ إلْش، ورَوى بها عن أبي الحَسَن بن فَيْد. رَوى عنه أبو عُمر بن عَيّاد، وكان أديبًا ناظمًا ناثرًا ماهرًا، وُلدَ بالمَرِيّة سنةَ سبع وخمس مئة، وتوفِّي صادرًا عن مُرْسِيَةَ إلى إلْشَ سنةَ ستٍّ وسبعينَ وخمس مئة أو نحوِها. 938 - عيسى بن محمد بن عبد الله اللَّخْميُّ، سَرَقُسْطيٌّ. كان من الفُقهاءِ المُبرِّزِينَ في العدالة، حيًّا سنةَ ستٍّ وثلاثينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2909)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 88، والذهبي في المستملح (731)، وتاريخ الإسلام 12/ 820، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 128. (¬2) في م ط: "زيدان"، خطأ. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2906).

939 - عيسى بن محمد بن عتيلة الأموي، قرطبي

939 - عيسى بن محمد بن عَتِيلةَ (¬1) الأُمَويُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ ثلاثٍ وتسعينَ وثلاث مئة. 940 - عيسى (¬2) بن محمد بن [152 ظ] عُمرَ بن أسوَدَ، مَرَوِيٌّ، أبو الأصبَغ. رَحَلَ وحَجّ، وأخَذ عن أبي ذَرّ الهَرَويِّ وأبي محمد الشَّنْتِجاليّ، وعاد إلى بلدِه. رَوى عنه قريبُه أبو إسحاقَ بن أحمدَ بن أسوَدَ وأبو بكرٍ عُمرُ بن أحمدَ بن الفَصِيح، وكان مُقرئًا محدِّثًا. 941 - عيسى بن محمد بن عُمرَ بن محمد بن عيسى. 942 - عيسى بن محمد بن عُمر، قُرطُبيٌّ، أبو الأصبَغ الألْبِيُّ (¬3). رَوى عن أبي مَرْوانَ بن مسَرّةَ. 943 - عيسى بنُ محمد بن عيسى بن إسماعيلَ الزِّيَاديُّ، إشبِيليٌّ أبو الأصبَغ. وهُو أخو عبد الله ويحيى. رَوى عن أبي الحَكَم عَمْرِو (¬4) بن أحمدَ بن حَجّاج، وأبي العبّاس ابن النَّخّاس، وأبي الحَسَن شُرَيْح. 944 - عيسى (¬5) بن محمد بن عيسى بن عبد الرّحمن بن عُقَاب الغافِقيُّ، أبو الأصبَغ. تَلا على أبوَيْ عبد الله: أبيه وابن أبي جعفرٍ ابن غَفْرِيل (¬6)، وأبي القاسم بن رِضا. رَوى عن أبي الوليد ابن الدَّبّاغ. رَوى عنه أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان. ¬

_ (¬1) في م ط: "عقيلة". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2891). (¬3) في م ط: "الألي". (¬4) في م: "عمر". (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2911)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 92، والذهبي في المستملح (732)، وتاريخ الإسلام 12/ 1222، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 614، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 181. (¬6) في م ط: "عفريل".

وكان من حُسَباءِ قُرطُبةَ وفُضَلائها ومجوِّدي مُقرِئيها، أَمَّ بالناس في أشفاع رَمضانَ بجامعِها كثيرًا، وأكتَبَ القرآنَ مُدّةً طويلة، ثُم توَلَّى خُطّةَ المواريثِ مُدّةً ظَهَرَتْ فيها أمانتُه، وكان كثيرَ تلاوةِ القرآن حَسَنَ الصّوت به جميلَ الإيرادِ له. حدَّث أنه مَكَثَ غائبًا ببلاد النَّصارى، دمَّرَهُم الله، ببعضِ جزائرِ البحرِ زمانًا، إذ كان قد امتُحِن بالأسرِ في البحر، وقد رَكِبَه مُشرِّقًا حاجًّا، وأنّ سببَ سَراحِه أنه تَقاطَعَ معَ الله تعالى على إنقاذِه من الأسر بمئةِ خَتْمةٍ يختِمُها من القرآنِ العزيز، فكان متى خَتَمَ خَتْمةً قام إلى حائط فخَطَّ فيه خَطًّا، فبَيْنا هو يومًا قد خَتَمَ القرآنَ وكانت تمام الخَتماتِ المئة، وهو لم يَشعُرْ لذلك، رأى طائرًا كان محبوسًا في قَفَص هنالك وقد انفَتَحَ له باب القَفَص فخرَجَ منه ووَقَفَ على ظهرِه فسَوَّى جناحَيْهِ وطار، فوقَعَ بخاطرِه أنّ ذلك تنبيهٌ من الله عزَّ وجَلّ لهُ، فقام إلى تلك الخَطّات التي كان يَخُطُّ بالحائط، فعَدَّها فألْفاها مئةَ خَطّة، فخرَجَ في اللّيلة الآتية إلى شاطئ البحر، فوَجَدَ هنالك زَوْرَقًا فدَخَلَ فيه هُو وجماعةٌ معَه من المسلمينَ الأُسارى فنَجّاهُم الله بنَجاتِه، وخَرَجوا جميعًا إلى [153 و] بلادِ المسلمينَ سالمين، والحمدُ لله ربِّ العالمين. وُلدَ عامَ ستةٍ وعشرينَ وخمس مئة، وتوفِّي يومَ السّبت لاثنَتيْ عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من محرَّمِ ستٍّ مئة، وصَلّى عليه المُقرئُ أبو عبد الله بن عَيّاش الشَّنْتِياليّ، ودُفنَ بمقبُرةِ ابن عبّاس (¬1). ¬

_ (¬1) هنا تقع ترجمة مزيدة في ح (الورقة: 154) وهي: "عيسى بن محمد بن عيسى بن محمد التجيبي وادي آشي نزل المرية، أبو الأصبغ. تلا بالسبع على أبي محمد الدهان وأحزابًا من القرآن بالسبع جمعًا على أبي عبد الله البسطي، وصحب الزاهد العابد أبا إسحاق البلفيقي اكبر مدة، وأخذ بسبتة عن أبي العباس العزفي، وبفاس عن ابن الكتاني وابن عشري، وبمراكش عن أبي الحسن ابن القطان، وبالمرية عن أبي عبد الله بن هشام وسمع منه وأجاز له. وكان معلم كتّاب مقرئًا بالقرآن العزيز، لزم ذلك نحو ثلاثين سنة بالمرية وغيرها، وكان من أهل الخير والصلاح والعفة، تلا عليه بحرف نافع أبو إسحاق البلفيقي الأصغر وقرأ عليه غير ذلك".

945 - عيسى بن محمد بن عيسى بن موسى بن عيسى بن سعيد الأنصاري، بلنسي، أبو الأصبغ المنزلي

945 - عيسى (¬1) بن محمد بن عيسى بن موسى بن عيسى بن سَعِيد الأنصاريّ، بَلَنْسي، أبو الأصبَغ المَنْزِليُّ. رَوى عن جَدِّه عيسى وتفَقَّه بأبي بكر بن بَرُنْجالَ وغيرِه، وكان عاقدًا للشُّروط مَعْنيًّا بها، معروفًا بالخيرِ والفَضْل، وُلدَ سنةَ تسع وتسعينَ وأربع مئة، وتوفِّي قريبًا من الأربعينَ وخمس مئة. 946 - عيسى (¬2) بنُ محمد بن فُتُوح بن فَرَج بن خَلف بن عَيّاش بن وَهْبُون ابن فَتْحُونَ بن حَرْب الهاشِميُّ، بَلَنْسيُّ النَّشأة والسُّكْنى مُنْتُشُونيُّ الأصل، أبو الأصبَغ، ابنُ المُرابِط. تَلا بالسَّبع على أبي بكر الصَّنّاع الهُدهُد، وأبي زَيْد الوَرّاق، وأبي عبد الله ابن باسُهْ، وأبي عِمرانَ اليَنَاشْتِيِّ الضّرير، ورَوى عن أبي داودَ المُقرئ، وأبي عليّ الصَّدَفي. تَلا عليه بالسَّبع أبو عبد الله ابنُ الخَبّاز، ورَوى عنه أبو عبد الله بنُ سَعادةَ المُعمَّر، وحدَّث عنه بالإجازة ابنا عَيّاد؛ وكان متقدِّمًا في صَنْعة الإقراء، صَدْرًا في رُؤساءِ مُتقِني الأداء، متصدِّرًا لذلك، عارِفًا بالشّروط، حَسَنَ الخَطّ، وله في روايةِ وَرْش مصَنَّفٌ سَمّاه بـ "التقريب والحَرْش" (¬3). وُلدَ سنةَ تسع وسبعينَ وأربع مئة، وتوفِّي ببَلَنْسِيَةَ لخمس خَلَوْنَ من رجَبِ ثِنتَيْنِ وخمسينَ وخمس مئة، وقيل: توفِّي سنةَ إحدى وخمسين. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2901). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2904)، وفي معجم أصحاب الصدفي (273)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 89، والذهبي في المستملح (730)، وتاريخ الإسلام 12/ 52، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 614، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 181. (¬3) في هامش ح: "سمعت جميعه في أصل مؤلفه بخطه على ابن صالح ببجاية وحدثنا به سماعًا بلفظه ابن زاهر مرتين وقرأته مرارًا وعرضًا عن ظهر قلب على ابن الولي، وتفقهًا فيه وقراءة أيضًا على ابن برطلة بسماع ثلاثتهم من ابن سعادة المعمر، وزاد ابن زاهر منهم: وابن عون الله - جميعًا عن مؤلفه".

947 - عيسى بن محمد بن نعمان البكري، بلنسي، أبو بكر

947 - عيسى (¬1) بن محمد بن نُعمانَ البَكْريُّ، بَلَنْسيٌّ، أبو بكر. أخذ عن شيوخ بلدِه وتفَقَّه ببعضِهم، وكان مُشارِكًا في فنونٍ من العلم. توفِّي يومَ وَقِيعة أَنِيشَةَ، وهو يومُ الخميس لعَشْرٍ بقِينَ من ذي حِجّةِ أربع وثلاثينَ وست مئة. 948 - عيسى بنُ محمد بن يوسُفَ بن سُليمانَ بن عيسى، إشبِيليٌّ شَنْتَمَرِيُّ الأصل، أبو الأصبَغ. وهُو حفيدُ الأعلم. رَوى عن أبي الحَسَن يونُسَ بن مُغيث (¬2). 949 - عيسى بن محمد الأنصاريّ، أبو الأصبَغ. رَوى عن أبي [155 ظ] الحَسَن ابن الباذِش. 950 - عيسى بن محمد العَبْدريُّ، أبو الأصبَغ. رَوى عن أبي محمدٍ الرُّشَاطِيّ. 951 - عيسى بن محمد، أبو الأصبَغ، ابنُ الحطام. رَوى عن أبي عِمرانَ المقرئ، رَوى عنه أبو إسحاقَ بنُ قُرْقُول؛ وكان مُقرِئًا فاضلًا ديِّنًا، عُمِّر طويلًا. 952 - عيسى (¬3) بن محمد، أبو عبد الله. رَوى عن محمد بن أحمدَ بن حمّاد زُغْبةَ، رَوى عنه ابنُ جُمَيْع (¬4). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2915). (¬2) في هامش ح: "وروى أيضًا حفيد الأعلم المذكور عن أبي عبد الله محمد بن أبي الحسين بن إبراهيم بن يحيى وسمع منه وأجاز له، وقفت على خطه له مؤرخًا بالعشر الآخر لذي حجة ثلاثين وخمس مئة، وقال فيه: صاحبنا". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2889). (¬4) أورد بهامش ح مثلًا من مروِيات ابن جميع منقولًا من معجمه.

953 - عيسى بن محمد

953 - عيسى (¬1) بن محمد. رَوى عن أبي لواءٍ ياسين بن محمد بن عبد الرّحيم، ورَحَلَ مُشرِّقًا، وحَكَى عنه أبو سعيد بن يونُس (¬2). 954 - عيسى (¬3) بن مَسْعود بن عليّ بن مَسْعود بن إسحاقَ بن إبراهيمَ بن عيسى بن محمد بن عيسى الأُمَويُّ، قُرطُبيٌّ. كان مُكتِبًا متقدِّمًا في التأديب، مقدَّمًا في الإمامة في صلاةِ الفريضة. 955 - عيسى بن مُنِيب بن كامِل الأُمَويُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ ثمانينَ وثلاث مئة. 956 - عيسى (¬4) بن موسى ابن بَشْكُوال، أبو موسى. رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال. 957 - عيسى (¬5) بن موسَى بن عُمرَ الشَّعْبانيُّ، مَشْلُونيٌّ سَكَنَ غَرْناطةَ، أبو الأصبَغ، ابنُ زَرْوَال. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي عبد الله ابن أُختِ غانم، وأبي محمد بن أيّوبَ الشاطِبيّ، وأبي مَرْوانَ الباجِيّ. رَوى عنه أبو بكر بن خَيْر (¬6)، وهو في عِدادِ أصحابِه، وكان من جِلّة أهل ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2882). (¬2) ها هنا تقع ترجمة مزيدة في هامش ح (الورقة: 155): "عيسى بن مزين أبو الأصبغ. كان فقيهًا موصوفًا بزهد وفضل، روى عنه المقرئ أبو الحجاج يوسف بن يحيى بن بقاء اللخمي وذكره" (قلنا: انظر هذه الترجمة في صلة الصلة 4/الترجمة 90). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2900). (¬4) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 91. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2905). (¬6) ينظر فهرسته 34، 503.

958 - عيسى بن موسى بن عيسى بن سعيد الأنصاري، بلنسي، أبو الأصبغ المنزلي

الأدب بليغًا شاعرًا مجُيدًا ماهرًا، خطيبًا مِصقَعًا، وله قصيدةٌ طويلةٌ ميميّةٌ في الردِّ على نقفورَ عظيمِ الرُّوم (¬1). 958 - عيسى (¬2) بنُ موسى بن عيسى بن سَعِيد الأنصاريُّ، بَلَنْسيٌّ، أبو الأصبَغ المَنْزِلي. رَوى عن أبيه، وأبي داودَ المُقرئ، وأبي الوليد الباجِي، وتفَقَّه بأبي عبد الله ابن رَبيعةَ وغيرِه. رَوى عنه حفيدُه أبو الأصبَغ عيسى بنُ محمد المذكورُ قبلُ (¬3)، وأبو عبد الله بن سُليمانَ القَلْعيُّ الوَرّاق؛ وكان عارِفًا بالفقه متحقِّقًا به، عاقدًا للشُّروط مُبرِّزًا في البَصَرِ بها، متقدِّمًا في المشاوَرينَ دَرِبًا بالفتوى، وهو كان مفتيَ صاحبِ الأحكام أبي محمد واجِب بن عُمر. وتوفِّي ليلةَ الثلاثاءِ تاسعةَ عشْرةَ لربيع الأوّل سنةَ ثلاثٍ وعشرينَ وخمس مئة. 959 - عيسى (¬4) بنُ نُمارةَ، قُرطُبيٌّ فيما أحسِب. رَحَلَ مُشرِّقًا، وأخَذ معَ [156 و] أخيه كبيرِه سعيدٍ عن أبي عبد الله محمد بن الحُسَين بن يوسُفَ الأصبَهانيّ سنةَ ثِنتينِ وعشرينَ وأربع مئة. 960 - عيسى بن يحيى بن حاتم -أو حَكَم- القَيْسيُّ. 961 - عيسى بنُ يحيى بن عيسى بن أبي الأدهَم. ¬

_ (¬1) رواها عنه أبو بكر بن خير وأولها [الطويل]: من الملك المنصور من آل هاشم ... سليل السراة المنجبين الأعاظم وهي 172 بيتًا. ولابن حزم قصيدة مثلها في الرد على نقفور وقد جعلها الدكتور إحسان عباس ملحقة بكتابه "تاريخ الأدب الأندلسي - عصر سيادة قرطبة" فيما ألحقه من شعر ابن حزم، ومثلهما قصيدة ثالثة في الموضوع نفسه لأبي بكر القفال الشاشي أوردها السبكي في طبقات الشافعية. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2895)، والذهبي في المستملح (728)، وتاريخ الإسلام 11/ 388. (¬3) الترجمة (945). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2885).

962 - عيسى بن يحيى بن عيسى بن برال، مروي، أبو الحسن

962 - عيسى بن يحيى بن عيسى بن بُرَّال، مَرَوِيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن خالِه أبي الحَسَن بن مَعْدَان. 963 - عيسى (¬1) بن يحيى بن عيسى بن عبد الرّحمن بن أزْهَرَ الحَجْريّ، شَرِيشيٌّ، أبو القاسم. رَوى عن أبي الحَسَن بن جميل، وأبي العبّاس بن عبد المُؤمن، وأبي عَمْرو بن غِيَاث. رَوى عنه أبو بكر بنُ أحمدَ بن سيِّد الناس. وتوفِّي سنةَ سبع وثلاثينَ وست مئة. 964 - عيسى (¬2) بن يحيى بن عيسى، أبو الأصبَغ، ابنُ اللِّيطاني. رَوى عن أبي الحُسَين ابن الطَّرَاوة. 965 - عيسى (¬3) بنُ يحيى، أبو الأصبَغ. رَحَلَ مُشرِّقًا، وأخَذ عن أبي القاسم الجَوْهَريّ. رَوى عنه أبو عبد الله ابنُ الأحدَب الإشبِيليّ. 966 - عيسى (¬4) بن يَخْلُف، من أهل رَيُّه. رَوى عن سَعِيد بن نَصْرٍ وصَحِبَه وأكثَرَ عنه، وحَكَى أنّ سَعِيدَ بن نَصْر حدَّث بكثير من "الموطّإ" عن قاسم بن أصبَغَ، ولم يَذكُرْ هذا أبو عُمرَ بنُ عبدِ البَرّ، بل حدَّث عنه بجميع "الموطَّإ"، وحِفظُه وأمانتُه لا خفاءَ بهما، فاللهُ أعلم. 967 - عيسى (¬5) بن يوسُفَ بن سُليمانَ بن عيسى، إشبِيليٌّ شَنْتَمَرِيُّ الأصل، أبو الأصبَغ وأبو أيّوب، ابنُ الأعلم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2916). (¬2) هذه الترجمة ساقطة من م ط. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2881). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2883). (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2892).

968 - عيسى بن يوسف بن عيسى بن إسماعيل الأنصاري

وهُو وَلَدُ أبي الحَجّاج الأعلم ... وأبي عبد الله (¬1) بن فَرَج. رَوى عن أبيه، وكان له اختصاصٌ بأبي [الحُسين] (¬2) عُبَيد الله ابن المعتمِد بن محمد بن عَبّاد حتى استَوْزَرَه ونال معَه دُنيا عريضة. 968 - عيسى بنُ يوسُفَ بن عيسى بن إسماعيلَ الأنصاريُّ. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 969 - عيسى بن يوسُفَ بن محمد المَخْزُوميُّ الفَرّاء. رَوى عن شُرَيْح. 970 - عيسى بن يوسُفَ بن يوسُفَ بن سُليمانَ بن عيسى، إشبيليٌّ شَنْتَمَرِيُّ الأصل، أبو الأصبَغ، ابنُ الأعلم. وهو حفيدُ أبي الحَجّاج الأعلم. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 971 - عيسى ابنُ الحاجِّ التُّجيبيُّ، أبو الأصبَغ. رَوى عن أبي عبد الله ابن الفَرَس، لعلّه المَجْرِيطيُّ أو الراوي عن أبي [156 ظ] القاسم بن بَقِيّ أحَدُ المذكورينَ قبلُ، واللهُ أعلم. 972 - عيسى ابنُ الشبيكة، شِلْبيٌّ فيما أحسِب، أبو الأصبَغ. رَوى عن أبي الحَسَن ابن الطَّلّاء. 973 - عَيْشُونُ (¬3) بن محمد بن محمد بن عَيْشونٍ اللَّخْميُّ، مُرْسِيٌّ نَزَلَ تونُس، أبو عُمر. سَمِع أباه، وأبا العبّاس بنَ عَمِيرةَ، وأبا جعفر بنَ شَرَاحِيل وأبا عبد الله ابنَ الأبار وتدَبَّجَ معَه. وأجاز له أبَوا بكر: ابنُ حَسْنُون وعبد الله بن عَطِيّة، وابن أبي زَمَنِين، وأبَوا جعفر: ابنُ حَكَم وابن مَضَاء، وأبو الحَجّاج ابنُ الشَّيخ ¬

_ (¬1) هناك نقص وقع قبل كلمة "وأبي عبد الله"، وقد وضع معلق ح علامة تحويل عند هذا الموضع ثم لم يثبت شيئًا في الحاشية. (¬2) بياض في الأصول، والكنية مستفادة من ترجمته. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3002).

[الغين]

وأبو العبّاس بن مِقْدام، وأبو العطاءِ بن نَذير، وأبو القاسم بن سَمَجُون، وأبو كاملٍ المالَقيّ، وأبو محمد عبدُ الحقّ الخَزْرَجيّ، وغيرُهم. وُلد سنةَ تسعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بتونُس في أواخِر رجبِ أربعٍ وأربعينَ وست مئة. 974 - غازي بن عليِّ بن عبد العزيز السَّعْديُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي القاسم عبد الرّحيم بن محمد ابن الفَرَس (¬1). 975 - غالبُ بن أحمدَ بن حَفْصُون، أبو الوليد. رَوى عن أبي الحُسَين ابن الطَّلّاء. 976 - غالبُ بن أحمدَ بن خالد، أبو تَمّام. رَوى عن أبي داودَ الهِشَاميّ. 977 - غالبُ (¬2) بن أُميّةَ بن غالب. ويقال فيه: أُمَيّةُ بن غالب، وقد تقَدَّم في منِ اسمُه أُميّة. 978 - غالبُ بن حَسَن بن سيِّد بُونُهْ الخُزَاعيّ (¬3)، أبو تَمّام. ¬

_ (¬1) ها هنا ترجمة مزيدة في هامش ح وهي: "غالب بن أحمد بن أصبغ بن عبد الصمد القشيريُّ وادي آشي ومن قرية أرنتيرة من سندها، روى عن غالب بن عطية وأبوي الوليد: ابن رشد وابن زياد العوفي. روى عنه أبو تمام العوفي وأبو عبد الله بن خلف بن اليسر وكان فقيهًا جليلًا توفي سنة ستين وخمس مئة" (قلنا: انظر هذه الترجمة في صلة الصلة 4/الترجمة 352). (¬2) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (750)، والضبي في بغية الملتمس (1275)، وابن الأبار في التكملة (3007)، والذهبي في المستملح (759). (¬3) في هامش ح: "هو غالب بن حسن بن أحمد بن سيد بونه الخزاعي، وادي لشتي. روى عن أبيه، وأبي عبد الله بن مُزين المذكور. وصحب قريبه أبا أحمد بن سيد بونه وانتفع بصحبته. وكان أبو تمام مقرئًا وأستاذًا مباركًا واستقضي، ويقال: إنه كان يختم القرآن في صلاته ما بين الفريضة والنافلة ولم يزل على ذلك حتى مات، وكانت وفاته سنة إحدى وخمسين وست مئة. حدثنا عنه ... ووادي لشت من نظر دانية" (قلنا: أصبنا بعضَهُ مطموسًا في هامش ح، والترجمة في الصلة 4/الترجمة 355، وغاية النهاية 2/ 2 وغيرهما).

979 - غالب بن الحسن بن عبد الولي، أبو تمام، ابن العجنة

رَوى عن أبي عبد الله بن مُزَيْن ابن الكَمّاد (¬1). رَوى عنه أبو الحَسَن فَضْل ابن فَضِيلة، وحدَّثنا عنه مُكاتَبةً. 979 - غالبُ بن الحَسَن بن عبد الوَليِّ، أبو تَمّام، ابنُ العَجْنة. 980 - غالبُ بن زيدونَ، أبو الحَسَن. رَوى عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبي. 981 - غالبُ بن عبد الله بن أحمدَ بن مَسْعود بن مُفرِّج بن مَسْعود بن سُفْيانَ بن صَنْعُون بن سُفيانَ، شِلْبيٌّ، سَكَنَ بعضُ سَلَفِه قَنْطرةَ السَّيْف، أبو محمد القَنْطَريّ. وهو أخو أبي القاسم محمد. رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال وغيرِه من شُيوخ أخيه، شارَكَه في بعضِهم، وكان فقيهًا حافظًا مشاورًا. 982 - غالبُ (¬2) بن عبد الله بن أبي اليُمْن بن محمد بن (¬3) عامِل القَيْسيُّ، مَيُورْقيٌّ سكَنَ دانِيَةَ، أبو تَمّام القَطِينيُّ (¬4). تَلا بالسَّبع على أبي عَمْرٍو المُقرئ وأجاز له مُطلَقًا، وسَمِعَ من أبي عبد الله حَبِيب بن أحمدَ وأجاز له [157 و] مَرْوِيّاتِه عن قاسم بن أصبَغَ وأبي عليّ البغداديِّ وغيرِهما. ورَحَلَ إلى صقلِّيَةَ سنةَ أربعَ عشْرةَ وأربع مئة فأخَذ بها عن ¬

_ (¬1) في م: "والكماد". (¬2) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (751)، وابن بشكوال في الصلة (980) مختصرًا ونقلًا من الحميدي وابن سكرة، والضبي في بغية الملتمس (1274) وسماه "غالب بن محمد"، وابن الأبار في التكملة (3008)، والذهبي في المستملح (760)، وتاريخ الإسلام 10/ 222، وسير أعلام النبلاء 18/ 326، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 2، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 185، والمقري في نفح الطيب 4/ 12. (¬3) قوله: "محمد بن" سقطت من م ط. (¬4) في هامش ح: " قطين: قرية بميورقة".

983 - غالب بن عبد الله بن هنيا، شنتمري، أبو بكر

أبي العلاءِ صاعدِ بن الحَسَن. وقَدِمَ الأندَلُس فرَوى عن أبي عُمرَ بن عبد البَرّ، وصَحِبَ أبا الفُتُوح ثابتًا الجُرْجانيَّ وأكثَرَ عنه، رَوى عن أبي الوليد الباجِي. رَوى عنه أبو الأصبَغ بنُ شَفِيع، وأبو بكرٍ يحيى ابنُ الفَرَضيّ، وأبو الحَسَن عبدُ الرّحمن بن أفلَحَ القَلَبَّق. وكان مُقرِئًا محدِّثًا، ذا عنايةٍ بالعربيّة والآداب، درَّس ذلك طويلًا. قال أبو الحَسَن عبدُ الرّحمن بن أفلَحَ المذكورُ: أجاز لي جميعَ رواياتِه، ثم سألتُه عن سنِّه ومَوْلدِه وبلدِه فقال: وُلدتُ سنةَ ثلاث وتسعينَ وثلاث مئةٍ في جزيرة مَيُورْقَةَ بقريةِ أبي التي يقال لها: يُلْيَرُ، ثم توفِّي أبي ورَجَعتُ مع أُمِّي إلى قرية والدِها التي يقال لها: قَطِين، وأقَمتُ بها إلى سنة سبع وأربع مئة، ثم ارتَحلتُ إلى حاضرةِ مَيُورْقةَ لطلبِ العلم فنُسِبتُ إلى قَطِينَ قريةِ أُمِّي، وهذا أمرٌ لم يسأَلْني عنه أحدٌ غيرُك ولا أخبَرتُ به أحدًا سواك. وتوفِّي في اليوم الثاني عَشَر من رَمَضانِ خمس وستينَ وأربع مئة، وقيل: سنةَ ستٍّ وستينَ، والأوّل الصّحيح. 983 - غالبُ بن عبد الله بن هنيّا، شَنْتَمَرِيٌّ، أبو بكر. رَوى عن أبوَي الحَسَن: محمد بن الوَزّان ويونُس بن مُغيث. 984 - غالبُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن غالبٍ القُرَشيُّ، بَلَنْسيٌّ، أبو تَمّام. رَوى عنه أبو عبد الله ابنُ الخَبّاز البُنَاني، وكان مُكتِّبًا صالحًا فاضلًا. 985 - غالبُ (¬2) بن عبد الرّحمن بن محمد بن غالبٍ الأنصاريُّ، قُرطُبيٌّ، أبو بكرٍ وأبو تَمّام. وهُو وَلَدُ الأستاذِ أبي القاسم الشّرّاط. تَلا بالسَّبع على أبيه، وأبي بكر بن خَيْر، وسَمِعَ منهما ومن أبي القاسم ابن بَشْكُوال وأكثَرَ عنهم، وأبي إسحاقَ بن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3011). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3013)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 354، والذهبي في المستملح (763)، وتاريخ الإسلام 12/ 1222، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 240.

986 - غالب -ويقال: عبد الغالب- ابن عبد الكريم بن غالب -ويقال: عبد الغالب- ابن وهب بن حزم بن علوان القرشي

طَلْحةَ، وأبي بكرٍ الزرعَال، وأبوَي الحَسَن: عبد الرّحمن بن أبي القاسم بن بَقِيّ وابن عُقاب، وآباءِ عبد الله: ابن حَفْص وابن عراق وابن عليّ اللارِديّ، وأبي العبّاس بن مَضَاءٍ، وأبي محمد بن يَزيدَ السَّعْديّ. وأجاز له جماعةٌ من الأكابر، منهم: أبَوا الحَسَن: ابن حُنَيْن وابن كَوْثَر، وأبَوا محمد: عبدُ الحقِّ بن بُونُهْ والقاسم بنُ دَحْمان، [157 ظ]. رَوى عنه ابنُ أُختِه أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان وأبو الوليد ابنُ الحاجّ. وكان من جِلّة المُقرِئينَ، ونُبلاءِ المحدِّثين، ومَهَرةِ النَّحْويِّين، حافظًا للُّغة ذاكرًا للآداب، معَ الفَضْل والزُّهد التامّ، بارًّا بإخوانِه، حَسَنَ المحاضَرة كريمَ المجالسة، ذا صَوْت حَسَن في القرآنِ والحديث، وأقرَأَ كثيرًا بمجلِس أبيه في حياتِه وبعدَ وفاتِه، وأسمَعَ الحديثَ ودرَّس العربيّة والآداب، وكان يَقرِضُ شِعرًا لا بأسَ به. وُلدَ بين العشاءَيْن من ليلة الثلاثاءِ الثامنةَ عشْرةَ من جُمادى الآخِرة سنةَ تسع وخمسينَ وخمس مئة، وتوفِّي في الرُّبع الأوّل من ليلةِ السّبت السادسة من ربيعٍ الاَخِر عامَ ستٍّ مئة، ودُفنَ لِصْقَ أبيه بمقبُرة أُمِّ سَلَمة، وصَلّى عليه صِهرُه إمامُ الفريضة بالجامع الأعظم أبو عبد الله بن عَيّاش المُقرئُ الشَّنْتِيالي. 986 - غالبُ -ويقال: عبدُ الغالب- ابنُ عبد الكريم بن غالب -ويقال: عبدُ الغالب- ابن وَهْب بن حَزْم بن عَلْوانَ القُرَشيُّ. 987 - غالبُ (¬1) بنُ عبد الملِك بن عبد العزيز بن موسى الكَلْبيُّ، مَنُورْقيٌّ. رَوى عن خالِه الرئيس أبي عُثمانَ سَعِيد بن حَكَم، وأبي الحُسَين بن حُبَيْش اللَّخْميِّ الكاتبِ الأبرع. ¬

_ (¬1) له ترجمة في درة الحجال 3/ 260 وفيها: "قال ابن الزبير الأصغر: وقفت على الإجازة بخطه مؤرخة بالسادس من شهر ربيع الآخر سنة 686 وسمى من شيوخه جملة شاركه فيهم ابن الزبير". وتوجد نسخة من ديوان المتنبي بخطه.

988 - غالب بن علي بن غالب اليحصبي، قرطبي، أبو بكر، ابن الزيات

988 - غالبُ بن عليِّ بن غالبٍ اليَحْصُبيُّ، قُرطُبيّ، أبو بكر، ابنُ الزَّيّات. رَوى عن أبيه وأبي جعفر بن يحيى وأبي القاسم الشَّرّاط. 989 - غالبُ (¬1) بن محمد بن أبي نَصْر السَّهْميُّ، من أهل شَنْتَمَرِيّةِ الغَرْب، أبو تَمّام. تَلا بالسَّبع على مكِّيِّ بن أبي طالب، وتصَدَّر للإقراءِ وأُخِذَ عنه، ووَليَ أحكامَ بلدِه في إمارةِ المُعتضدِ بن عَبّاد، وعُرِف بالعَدْل والصَّدْع بالحقّ، وكان به صَمَم، وتوفِّي سنةَ تسع وستين (¬2) وأربع مئة. 990 - غالبُ بن محمد بن إسماعيلَ بن غالب، بَلَنْسيٌّ. كان من أهل العلم حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة (¬3). 991 - غالبُ (¬4) بن محمد بن غالبٍ اللَّخْميُّ، مُرسيٌّ، أبو عَمْرٍو، ابن حَبِيش، بفَتْح (¬5) الحاءِ وكسرِ الباء. رَوى بالأندَلُس عن أبي عبد الله بن حَمِيد، وأبب القاسم بن حُبَيْش، ورَحَلَ مُشرِّقًا ونزَلَ دمشقَ، وأخَذ بها عن أبي حَفْص عُمرَ بن طَبَرْزَذ وأبي عليّ حَنْبلٍ (¬6) الرُّصَافيّ البغداديَّيْنِ، وأبي اليُمنِ الكِنْديِّ وغيرِهم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3009). (¬2) في النسخ "وتسعين" وهو خطأ بيّن، وما أثبتناه من التكملة، والمعتضد بن عباد تولى الحكم سنة 433 هـ وتوفي سنة 461 هـ، كما هو معروف في ترجمته. (¬3) جاء في هامش ح: "صحب غالب بن محمد بن إسماعيل هذا أبا الحسين بن جُبير وغيره من الأدباء، وسمع الحديث وكتب كثيرًا مع فهم، وضرب في النظم بسهم، قرأ عليه أبو الربيع بن سالم بلديّه بعض شعر ابن جبير المذكور وتوفي سنة تسع وعشرين وست مئة وكان يحترف بالتجارة مرة وبالوراقة أخرى". (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3014)، والذهبي في المستملح (764)، وتاريخ الإسلام 13/ 904. (¬5) من هنا إلى قوله: "حبيش" سقط كله من م ط. (¬6) في النسخ: "خليل" وهو تحريف ظاهر، وترجمة حنبل مشهورة، فينظر تاريخ الإسلام 13/ 92.

992 - غالب بن محمد بن هشام بن محمد بن زياد العوفي، وادي آشي، أبو تمام

حدَّث عنه أبو محمدٍ عيسى الرُّنْدِيُّ، وحدَّث عنه بالإجازة أبو عبد الله بنُ عَسْكَر، وتوفِّي في نحوِ الثلاثينَ وست مئة [158 و]. 992 - غالبُ (¬1) بن محمد بن هِشَام بن محمد بن زِياد العَوْفيُّ، وادي آشي، أبو تَمّام. رَوى عن أبي إسحاقَ بن صَالح، وأبي بكرٍ ابن الخَلُوف، وأبي جعفرِ ابن الحُصَيْن، وأبوَي الحَجّاج: القُضَاعيِّ وابن يَسْعُون بن هُذَيْل، وأبي عبد الله الحَمْزِي، وأبي عليّ الصَّدَفي، وأبي عَمْرِو الخَضِر بن عبد الرّحمن، وأبي القاسم ابن وَرْد، وأبوَيْ محمد: الرُّشَاطيِّ وعبد الحقِّ بن عَطِيّة، وابي مَرْوانَ بن القَصِير. رَوى عنه أبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله وأبو الكَرَم جُودي وأبو القاسم (¬2) ابنُ البَرَّاق والمَلّاحيُّ وأبو الوليد ابنُ الحاجّ. توفِّي ببلدِه سنةَ ستٍّ وثمانينَ وخمس مئة. 993 - غالبٌ (¬3) القارئ، من سُكّان قُرطُبة، أبو تَمّام، الجَلّاد. كان أحدَ مجوِّدي القرآنِ وقُدَمائهم؛ ذَكَرَه الرّازي. 994 - غِرْبِيبُ (¬4) بن خَلَف بن قاسم القَيْسيُّ، لَوْشِيٌّ سَكَنَ مالَقةَ، أبو الحَسَن، مَجْرِيطيُّ الأصل، المَجْرِيطيُّ. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ، وأبي عليّ بن سُكرةَ. رَوى عنه أبَوا الحَسَن: محمدُ بن عبد الوارِث، وصَالح بن عبد الملِك الأوْسِيّ، وقرَأَ عليه القرآنَ عدّةَ خَتماتٍ وتفَقَّه به ثم صاحَبَهُ بعدُ في الطَّلبِ والرِّحلة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3012)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/ الترجمة 253، والذهبي في المستملح (762)، وتاريخ الإسلام 12/ 785. (¬2) وأبو القاسم: سقطت من م ط. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3006). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3017)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 357، والذهبي في المستملح (765) والضبط من خط الذهبي.

995 - غربيب بن عبد الله الثقفي، سكن طليطلة، أبو عبد الله

وكان مُقرِئًا عارفًا بوجوهِ القراءات محدِّثًا عَدْلًا فقيهًا حافظًا متكلِّمًا، وله رسالةُ "البيان في مَن أفطَرَ في يوم من أيام رَمَضان، وهل يستديمُ الصّومَ بقيّةَ اليومِ أو لا؟ " دَلَّت على مكانِهِ من الفَهْم، والتصرُّفِ في فنونٍ من العلم. 995 - غِربِيبُ (¬1) بن عبد الله الثَّقَفِيُّ، سكَنَ طُلَيْطُلة، أبو عبد الله. كان أديبًا شاعرًا مُحسِنًا، ذكيًّا ثاقبَ الفِطنة، زاهدًا معروفَ الفَضْل، ويقال: إنّ الذي أخرَجَه من قُرطُبةَ وقوعُه في أُمرائها وإعلانُه بتجويرِهم. ومن شعرِه (¬2) [الوافر]: يُهدِّدُني بمخلوقٍ ضعيفٍ ... يَهابُ من المنيَّةِ ما أهابُ وليس إليه مَحْيا ذي حياةٍ ... وليس إليه مَهْلِكُ مَنْ يصابُ لهُ أجَلٌ ولي أجلٌ وكلٌّ ... سيَبلُغُ حيث يُبْلِغُه الكتابُ ومايَدري لعلَّ الموتَ منهُ ... قريبٌ أيُّنا قَبْلُ المصابُ لعَمْرُكَ ما يَرُدُّ الموتَ حِصنٌ ... إذا جاء الملوكَ ولا حِجابُ لعَمْرُك إنّ مَحْيايَ ومَوْتي ... إلى مَلِكٍ تذِلُّ له الصِّعابُ إلى مَلِكٍ يُدوِّخُ كلَّ مَلْكٍ ... وتخضَعُ من مَهابتِه الرِّقابُ ومنه [من الرمل]: أيُّها الآمِلُ ما ليسَ لهُ ... طالما غَرَّ جَهولًا أمَلُهْ رُبَّ مَنْ باتَ يُمَنِّي نَفْسَهُ ... خانَهُ دونَ مُناهُ أَجَلُهْ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن حيان في المقتبس 76 (مكي)، والحميدي في جذوة المقتبس (756)، والضبي في بغية الملتمس (1281)، وابن الأبار في التكملة (3016)، وابن سعيد في المغرب 2/ 23، والمقري في نفح الطيب 4/ 332. (¬2) الأبيات في كثير من مصادر ترجمته.

996 - غصن بن إبراهيم بن أحمد بن غصن القيسي، وادي آشي، أبو الحسن

وفتًى بَكَّر (¬1) في حاجاتِهِ ... عاجلًا أعقَبَ رَيْثًا عَجَلُهْ قلْ لمَنْ مَثَّلَ في أشعارِهِ: ... يَذهَبُ المرءُ وتبقَى مُثُلُهْ نافِسِ المُحسِنَ في إحسانِهِ ... فسيكفيكَ مُسيئًا عمَلُهْ توفِّي في أيام الحَكَم بن هِشَام، قاله ابنُ القُوطيّة، وقال ابنُ حَيّان: سنةَ سبع ومئتَيْنِ قبلَ ولايةِ عبد الرّحمن بن الحَكَم. 996 - غُصنُ (¬2) بن إبراهيمَ بن أحمدَ بن غُصن القَيْسِيُّ، وادي آشيٌّ، أبو الحَسَن. كذا جَعَلَ ابنُ الأبّار جَدَّه "أحمد"، ووقَفْتُ عليه في خطِّه: "يحيى"، إلّا أن يكونا رَجُلَيْن. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ، وأبوَي الحَسَن: شُرَيْح ويونُسَ بن مُغيث؛ وكان شديدَ العناية بالعلم حَسَنَ الصّوت، استعمَلَه الملوكُ (¬3) في قراءةِ الأعشار أيامَ الجُمَع، وتوفِّي بمَرّاكُش. 997 - غُصنُ بن مَرْزوق. 998 - غَطِيفُ بن أبي المَلِيح القُشَيْريُّ، أبو العلاء. رَوى عن أبي القاسم المَلّاحي. 999 - غَلْبُونُ (¬4) بن محمد بن عبد العزيز بن غَلْبُونَ بن فَتْحُونَ بن غَلْبُونَ بن عُمرَ الأنصاريُّ، مُرْسِيٌّ، أبو محمد. ¬

_ (¬1) في هامش ح: "يكر"، ووضع عليها "صح". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3020)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 358. (¬3) سقطت من م ط. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3021)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 359، والذهبي في المستملح (766)، وتاريخ الإسلام 13/ 381، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 3، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 185.

1000 - غليب، طليطلي، أبو تمام

تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن بن هُذَيْل، وأبي عليّ بن عَرِيب، وسَمِع منهما ومن أبي بكر بن أبي ليلى، وآباء الحَسَن: صالح بن عبد الملِك الأوْسِي وابن فَيْد وابن النِّعمة، وآباءِ عبد الله: ابن حَمِيد وابن سَعادةَ وابن عبد الرّحيم، وأبي العبّاس ابن إدريَس، وأبي عُمرَ يوسُفَ بن عَيّاد، وأبي القاسم بن حُبَيْش، وأبي محمدٍ عاشِر. وأجازَ لهُ أبَوا بكر: ابنُ الجَدّ وابن خَيْر، وآباءُ عبد الله: ابن زَرْقُون وابن الفَخّار وابنُ مَدْرِك، وأبو العبّاس ابنُ اليتيم، وآباءُ القاسم: ابن بَشْكُوالَ والسُّهَيْليُّ والقاسمُ بن دَحْمان، وآباءُ محمد: ابنُ جُمهور وابن عُبَيد الله وعبد الحقِّ ابن الخَرّاط. رَوى عنه أبو بكرٍ محمدٌ وأبو إسحاقَ بن غالبِ ابن بَشْكنال، [159 و] وأبو جعفر بن مالِك ابن السَّقّاء، وأبو الحَسَن محمدُ بن يوسُف بن لُبّ، وأبو محمد بنُ عبد الرّحمن بن بُرْطُلُّهْ؛ وحدَّث عنه بالإجازةِ أبو عبد الله ابنُ الأبّار. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا مُتقِنًا، راوِيةً للحديث عَدْلًا ضابطًا ثقةً في ما ينقُلُه، معلومَ النّباهة، عاقدًا للشّروطِ ماهرًا في رَبْط أُصولِها، مُشارِكًا في العربيّةِ والأدب، متينَ الدِّين تَقِيًّا فاضلًا، تصَدَّر للإقراء وشُهِرَ بحُسن الأداء. مَولدُه عَشِيَّ يوم الاثنينِ لثلاثٍ خَلَوْن من جُمادى الآخِرة سنةَ ستٍّ وأربعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بمُرْسِيَةَ لأربعَ عشْرةَ خَلَت من شهر ربيع الثاني سنةَ ثلاثَ عشْرةَ وست مئة، وفيها استَرجَعَ المسلمونَ شُرْقَيْرَةَ، من ثُغورِ مُرْسِيَةَ، من أيدي النَّصارى، أحانَهم (¬1) الله. 1000 - غُلَيْب (¬2)، طُلَيْطُلِيّ، أبو تَمّام. رَوى عنه الصّاحِبانِ. ¬

_ (¬1) في النسخ: "أخانهم" بالمعجمة، وهو خطأ، وأحانهم: أهلكهم. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3018)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 356، ووقع فيه: غليب بن تمام.

1001 - غياث بن عبد الصمد بن محمد بن غياث الصدفي، لوشي، أبو الحسن

1001 - غِيَاثُ (¬1) بن عبد الصَّمد بن محمد بن غِيَاث الصَّدَفيُّ، لَوْشِيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبوَي الحَسَن: شُرَيْح ويونُسَ بن مُغيث، أخَذ عنه بقُرطُبةَ سنة إحدى وثلاثينَ وخمس مئة. 1002 - فاتح، مَوْلى صاحبِ الأحكام أبي جعفرٍ أحمدَ بن محمد بن رُومان. له مُصنَّفٌ حَسَن في "الحدودِ والحقائق". 1003 - فاتح، مَوْلى عبد الله بن موسى الأُمَويُّ، أبو نَصْر. روى عن أبي الحَسَن بن أحمدَ الزُّهْريّ. 1004 - فاتح، مَوْلى أبي الحَسَن عليِّ بن محمد بن عائشةَ الصُّنْهاجِيِّ اللَّمْتُونيِّ. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي. 1005 - فاتح، مَوْلى أبي القاسم محمد بن عُبَيد الله بن محمد بن فَنْدِلة. رَوى عن أبي الحُسَين ابن الطَّلّاء. 1006 - فاتنٌ (¬2) الحِكَميُّ الخادِمُ المعروفُ بالصغير وبالخازِن، قُرطُبي، أبو القاسم. كان في عِلم اللِّسان والبَصَر باللُّغة أوحَدَ لا نظيرَ له، أقَرَّ له بذلك أبو بكرٍ الزُّبَيديّ، وعليه عَوَّل المنصُورُ أبو عامر بنُ أبي عامِر في مُناظرةِ صاعدٍ اللُّغَويّ فقَطَعَه وازدادَ ابنُ أبي عامرٍ عُجبًا به. وكان ضابطًا لكُتُب اللغة قائمًا عليها، حَسَنَ الخَطّ، راجِحَ العقل واسعَ المعرِفة، فصيحَ اللَّهجة معَ عفافٍ الطُّعمة ونَزاهة ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3019). (¬2) ترجمه ابن بسام في الذخيرة 4/ 28، وابن الأبار في التكملة (3060)، والمقري في نفح الطيب 3/ 82.

1007 - فارح مولى السيد أبي عبد الله الحرضاني، واسمه محمد بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي

النفْس ومَتانةِ الدِّيانة. توفي يومَ الأحد لأربعَ عشْرةَ ليلةً خَلَت من رجبِ تسع [وتسعين] وثلاث مئة (¬1) إثْرَ خَلْع مَوْلاه هِشَام المؤيَّد [159 ظ]. 1007 - فارحٌ مَوْلى السيِّد أبي عبد الله الحُرْضَاني (¬2)، واسمُه محمدُ بن يوسُف بن عبد المُؤمن بن عليّ. رَوى عن أبي الحَسَن نَجَبةَ، وأبي عليّ ابن الشَّلَوْبِين؛ وكان متقدِّمًا في علوم اللِّسان، بارعَ الخَطّ، جميلَ الهيئة فَصيحَ اللسان فارسًا بَطَلًا مِقْدامًا، قُتلَ صَبْرًا صَدْرَ الفتنة الناشئة بينَ أبي العلاءِ المأمون والمعتصِم ابن أخيه في أواخِر سبع وعشرينَ وست مئة، وسيأتي له ذكْرٌ في رَسْم أبي الحَسَن نَجَبةَ، إن شاء الله. 1008 - فائزُ (¬3) بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن فائزِ بن عبد الرّحمن (¬4) العَكِّيُّ، قُرطُبيٌّ سَكَنَ مالَقةَ (¬5)، أبو الحَسَن. رَوى عن أبيه وأبي مَرْوانَ بن قُزْمان، سَمِعَ منهما ومن غيرِهما. رَوى عنه أبو عبد الله الإسْتِجيُّ والطَّرّاز وأبو عَمْرو بنُ سالم، وكان شَيْخًا فاضلًا زاهدًا خَطيبًا، حيًّا سنةَ سبع وست مئة. 1009 - فائزٌ (¬6) القُرطُبي. ¬

_ (¬1) في النسخ: "تسع وثلاث مئة"، وهو سبق قلم، والصواب ما أثبتنا، كما في مصادر ترجمته، ودليله قوله: "إثر خلع مولاه هشام المؤيد". (¬2) وقعت كنيته عند ابن عذاري في "البيان" "أبو زيد"، وهو خطأ، وقد ولاه والده الخليفة يوسف بن عبد المؤمن على مدينة غرناطة عام 579 هـ، وعرف بالحرضاني لسمرته أو سواده، ويقال اليوم في الدارجة المغربية: الحرطاني. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3058)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 370. (¬4) قوله: "بن فائز بن عبد الرحمن" سقط من ط. (¬5) في هامش ح: "ويقال: مالقي". (¬6) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3057).

1010 - فائق الحكمي

كان عالمًا بالتفسير والعربيّة واللُّغة، أديبًا شاعرًا، وكان على ضِيَاع المنصُور أبي الحَسَن عبد العزيز بن عبد الرّحمن بن أبي عامِر، أخَذَتْ عنهُ ابنتُه عِلمَه، وكانت زَوْجَ أبي عبد الله بن عَتّاب. 1010 - فائقٌ الحِكَميّ. كان رَيّانَ من الأدب، عَرُوضيًّا بارعَ الخَطّ كثيرَ التقييد معروفَ الإتقان. 1011 - فَتْحُ بن أحمدَ بن محمد بن خَلَف بن سَعِيد الجُذَاميُّ، إشبِيليٌّ، أبو نَصْر الفِرْيَانيّ. رَوى عن أبي إسحاقَ بن مُلْكون وأبي الأصبَغ الطَّحّان، وأبي بكر بن خَيْر، وأبي الحَسَن بن أحمدَ الزُّهْري، وأبي الحَكَم عَمْرِو بن حَجّاج، وأبي عبد الله بن عبد الرزّاق، وأبي القاسم ابن بَشْكُوالَ، وأبي محمد بن مَوْجُوَال. وكان مُقرئًا مجوِّدًا نَبيلًا، محدِّثًا مُتقِنًا ضابِطًا، عُنيَ بالعلم طويلًا واستَنفَدَ في خِدمتِه عُمرَه، وكتَبَ بخطِّه الكثيرَ وأحكَمَ ضبطَه. 1012 - الفَتْحُ بن إبراهيمَ بن إسماعيلَ بن عبد الله بن الفَتْح بن عُمرَ العَبْدريُّ. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ. 1013 - الفَتْحُ بن إسماعيلَ بن محمد الأَزْديُّ، مالَقيٌّ، أبو بكرٍ. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجيّ، وأبي داودَ بن يحيى، وكان مُقرِئًا. 1014 - فَتْحُ (¬1) بن خَلَف. رَوى عن أبي بكر بن أبي المَوْت. رَوى عنه يحيى بن خَلَف السَّرَقُسْطيُّ صاحبُ الأحكام (¬2). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3029). (¬2) ها هنا ترجمة مزيدة في هامش ح وهي: "فتح بن خلف المقرئ، بلنسي، أبو نصر. أخذ عن أبي داود المقرئ وطبقته؛ أخذ عنه بالاسكندرية القاضي أبو محمد لعثماني".

1015 - الفتح بن عبد الله بن محمد بن [160 و] عبد الله بن صخر القيسي

1015 - الفَتْحُ بن عبد الله بن محمد بن [160 و] عبد الله بن صَخْر القَيْسيّ. 1016 - فَتْحُ (¬1) بن عليّ بن أحمدَ بن عبد الله الأنصاريّ، إشبِيليٌّ، والد أبي بكرٍ الأَشبرون المُستقضَى بأَخَرةٍ في غَرناطة. كان من جِلّة أهلِ العلم، مُبرِّزًا في العدالة والصَّرامة في الحقّ (¬2). 1017 - فَتْحُ (¬3) بن الفَرَج الأَزْديُّ، قُرطُبيٌّ، الرَّشّاش. رَحَلَ مُشرِّقًا وتوفِّي هنالك سنة عَشْر ومئتَيْنِ. ذَكَرَه ابنُ حَيّان وقرَأْتُ بعضَه بخطِّ ابن حُبَيْش، قاله ابنُ الأبار، ولا وَجْهَ عندي لذِكْرِه. 1018 - الفَتْحُ (¬4) بن الفَضْل بن عليّ بن أحمد بن سَعِيد بن حَزْم الفارِسيُّ اليَزِيديُّ، أبو العبّاس. رَوى عن عمِّه أبي سُليمانَ مُصْعَب. 1019 - الفَتْحُ (¬5) بن محمد بن عبد الله الجُذَاميُّ، خَضْرَاويٌّ، أبو نَصْر. رَحَلَ وحَجَّ، وسَمِع بالإسكندَريّة "التحديد لبُغْيةِ المُريد" في القراءاتِ السَّبع على مصنِّفه أبي القاسم عبدِ الرّحمن بن أبي بكر بن أبي سَعِيد الفَرَضيّ ابنِ ¬

_ (¬1) الترجمة 366، وتنظر صلته بالترجمة الآتية في الرقم (1034). (¬2) في هامش ح: "رحل فتح بن علي هذا إلى المشرِق في أحواز سنة ست مئة فحج وسمع بمكة شرفها الله من الشريف أبي محمد بن يونس القصار وأجاز له وسمع أيضًا من أبي عبد الله بن الصيف وسمع بالإسكندرية من عبد الرحمن بن مكي بن موقى وقفل إلى بلده سنة ستٍّ وثلاثين وست مئة ثم عزم على العود إلى الحجاز الشريف فعبر البحر إلى سبتة وأقام بها أشهرًا لتعذر السفر وقعد بها للتوثيق ثم أخذ في الحركة في البر فأدركه أجله بتازغردة من بلاد الريف ودفن بقبلي جامعها سنة سبع وثلاثين وست مئة. روى عنه أبو محمد طلحة بن أبي رُكَب". (وهذه المعلومات التي أوردها التجيبي في الهامش مأخوذة من صلة الصلة). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3037). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3032). (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3035)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 360، والذهبي في المستملح (768).

1020 - الفتح بن محمد بن عبيد الله، إشبيلي، أبو نصر

الفَحّام، وقَفَلَ إلى بلدِه، فسمِعَ منه هذا الكتابَ أبو عبد الله بن أحمدَ بن مُفرِّج الهَمْدانيّ سنةَ سبع وثلاثينَ وخمس مئة. 1020 - الفَتْحُ (¬1) بن محمد بن عُبَيد الله، إشبِيليٌّ، أبو نَصْر. رَوى عن أبوَيْ بكر: ابن سُليمانَ ابن القَصِيرة، وابن عيسى ابن اللّبانة، وأبي جعفر بن سَعْدونَ الكاتب، وأبي الحُسَين بن سِرَاج، وأبي خالد بن يَشْتَغير، وأبي الطيِّب بن زَرْقُون، وأبي عبد الله بن خَلَصةَ الكاتب، وأبي عبد الرّحمن بن أحمدَ بن طاهر، وأبي عامر بن سور، وأبي محمد عبد المجيد بن عَبْدُون، وأبي الوليد إسماعيلَ بن حَجّاج، وأبي [....] (¬2) ابن دُريْد الكاتب. رَوى عنه أبو عبد الله بن عُبَيد الله بن العَوِيص. وكان كاتبًا بارِعًا فصيحًا بليغًا ذا حظٍّ صالح من قَرْض الشِّعر، وله مصنَّفاتٌ منها: "قلائدُ العِقْيان" و"مَطْمَح الأنفُس"، و"حديقةُ المآثِر"، وترسيلُه مُدوَّن. وقَصَدَ يومًا إلى مجلس قضاءِ أبي الفَضْل مُخمَرًا، فتنسَّم بعضُ حُضورِ المجلس منه رائحةَ الخمر فأُعْلِمَ القاضي بذلك، فأمَرَ به فاستَثْبَتَ في استنكاهِه وحَدَّه حَدًّا تامًّا وبَعَثَ إليه، بعدَ أن أقام عليه الحدّ، ثمانيةَ دنانيرَ وعِمامة؛ فقال الفَتْحُ حينَئذٍ لبعض أصحابِه: عزَمتُ على إسقاطِ اسم القاضي أبي الفضل من كتابي الموسَم بـ "قلائدِ العِقْيان"، قال: فقلتُ له: لا تفعَلْ، وهي نصيحةٌ، فقال لي: وكيف ذلك؟ قال: فقلتُ له: قصّتُك معَه من الجائزِ أن تُنسَى، وأنت تريدُ أن تُخلِّدَها مؤرَّخةً! فقال لي: وكيف؟ قال: فقلتُ له: [160 ظ] كلُّ من نَظَرَ في ¬

_ (¬1) ترجمه العماد في الخريدة 3/ 538 (قسم المغرب والأندلس)، وياقوت في معجم الأدباء 5/ 2163، وابن خلكان في وفيات الأعيان 4/ 23، وابن سعيد في المغرب 1/ 259، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 638، وسير أعلام النبلاء 20/ 107، وابن الخطيب في الإحاطة 4/ 248، والمقري في نفح الطيب 7/ 29، وابن العماد في الشذرات 4/ 107، وتنظر مقدمة "مطمح الأنفس" ومقدمة "قلائد العقيان" للمترجم به. (¬2) بياض في النسخ.

كتابِك يجِدُك قد ذكَرْتَ فيه مَن هو مِثلُه أو دونَه في العلم والصِّيت فيَسألُ عن ذلك فيقالُ له فيَتَوارَثُ العِلمَ بذلك الأصاغرُ عن الأكابر، قال: فتبيَّن له ذلك وعَلِم صحَّتَه فأقَرَّ اسمَه في الكتابِ "قلائدِ العِقْيان". وسَتْرُ (¬1) هذه القصّة نحوٌ ممّا يُحكَى أنّ أبا عُيَيْنةَ بنَ محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي عُيَيْنة ابن المُهَلَّب بن أبي صُفْرةَ الأَزْديَّ كان يهوَى فاطمةَ بنتَ عُمرَ بن حَفْص هَزَارمرد (¬2) ابن المُهَلَّب، وكان يَكْني عنها بدُنْيا (¬3)، فتزوَّجَها خالدٌ ابن عمِّه، فلَجَّ أبو عُيَيْنةَ في هجاءِ خالد والتشبيبِ بفاطمة، فكان خالدٌ يُسَيِّرُه (¬4) ويَطَّرحُ به كلَّ مُطَّرَح ويُبعِدُ نَواهُ، لئلا يجتمعَ معَها بالبصرة، فيَلَجَّ في تشبيبِه بها ويجعَلَ عليها للعَيْب والعائب سبيلًا، فكان خالدٌ إذا لَجَّ في تغريبِه وتبعيدِه لَجَّ هو في هجاءِ خالدٍ والإنحاءِ عليه وفي تذكُّر فاطمةَ والشّوقِ إلى مطالبتِها والمَلاعب التي كانا يلعَبانِ بها وَلِيدَيْنِ؛ قال أبو بكر [....] (¬5) قال لي أبي، وقد تذاكَرْنا قصَّتَهما وأفضَى إلى هجائه خالدًا: ما كان أحلمَ خالدًا! ألا تراهُ كيف احتَملَ هجاءَه على مَضضِه ولم يَثِبْ به ولم يَزِدْه على التسيير والتغريب؟ ولو أراد قَتْلَه لأمكَنَه؛ لأنه إنّما كان واحدًا من قُوّادِه وتابعًا له ومضمومًا إليه، ولكنّه خافَ أن يحقِّقَ بقتلهِ قصّةَ فاطمة، فرأى احتمالَه هجاءه أصغرَ شأنًا وأيسَرَ أمرًا. توفِّي بمَرّاكُش ليلةَ الأحد لثمانٍ بقِينَ من محرَّمِ تسع وعشرينَ وخمس مئة، أُلفِيَ في بيتٍ بفُندقِ لبيبٍ مَوْلى [....] (¬6) اللَّمْتُونيّ، أحدِ فنادقِ مَرّاكُش الخَنَويّة، وقد ذُبح وعُبِثَ فيه، وما شُعِرَ به إلّا بعدَ ثلاثٍ من مقتلِه. ¬

_ (¬1) كذا في الأصول وله وجه صحيح. (¬2) في ح: هزاذمرد، وفوقها علامة خطأ. (¬3) انظر الكامل للمبرد 2/ 31، والأغاني 20/ 24 - 66، وذكر صاحب الأغاني سببًا آخر لهجائه خالدًا. (¬4) فوقها علامة خطأ في ح. (¬5) بياض في النسخ. (¬6) بياض في النسخ.

1021 - فتح بن محمد بن فتح بن محمد الأنصاري، قرطبي، أبو نصر، ابن الفصال

1021 - فَتْح (¬1) بن محمد بن فَتْح بن محمد الأنصاريُّ، قُرطُبيٌّ، أبو نَصْر، ابنُ الفَصَّال. رَوى عن أبي بكر بن خَيْر، وأبي القاسم ابن بَشْكُوالَ وأكثَرَ عنه. رَوى عنه أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان. وكان محدِّثًا عَدْلاً، حَسَنَ الصّوت جيِّدَ الإيراد، وهو الذي خَلَف أباه في القراءةِ على أبي القاسم ابن بَشْكُوالَ والتزَمَ ذلك إلى أن توفِّي ابنُ بَشْكُوال، وبقراءتِه وبقراءةِ أبيه قبلُ سَمِع أكثَرُ (¬2) [161] و، السامعينَ عليه، واستُقضيَ ببعض الجِهات، وتوفِّي في أوائلِ شهورِ ست مئة. 1022 - فَتْح (¬3) بن محمد بن فَتْح الأنصاريُّ، إشبِيليٌّ نزَلَ مدينةَ فاسَ، أبو نَصْر. تَلا في المَرِيّة بالسَّبع على أبي الأصبَغ عيسى بن حَزْم، وبِحَرْفَيْ نافع وأبي عَمْرو، إلّا روايةَ أبي شُعَيْب السُّوسي، على أبي الحَسَن بن شَفِيع، وبالسَّبع -أو بعضِها- على أبي العبّاس القَصَبي، وبمالَقةَ على أبي عليّ منصور ابن الخَيْر، وصحِبَه بها سبعةَ أعوام، وأخَذ بها أيضًا عن أبي عبد الله ابن أُختِ غانم. رَوى عنه أبو الخليل مُفرِّج بن حُسَين الضَّرير وأبو طالبِ عَقِيل بن عَطِيّة، وآباءُ عبد الله: الأنْدَرْشيُّ وابنُ عُمَرَ بن مالك المَعافِريّ وابنُ الدَّرّاج وابن يحيى بن يحيى الأنصاريّ، وأبو القاسم عبدُ الرّحمن ابن المَلْجوم، وأبو محمد عبدُ الجليل بن موسى. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3039)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 365، والذهبي في المستملح (771)، وتاريخ الإسلام 12/ 1223. (¬2) سقطت من م ط. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3036)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 363، والذهبي في المستملح (770)، وتاريخ الإسلام 13/ 543، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 6، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 186، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 511.

1023 - فتح بن محمد بن مرخب، أبو نصر

وكان مُقرِئًا عارِفًا بالقراءاتِ ضابِطًا أحكامَها ذاكِرًا أُصُولَها وخُلْفَها، أقرَأَ القرآنَ بقُرطُبةَ دهرًا، ثُم انتَقلَ إلى شِلْبَ وأقرَأَ بها، ثم تحوَّل إلى مدينة فاسَ وأقرَأَ بها. وتوفِّي في رجبِ أربعٍ وسبعينَ وخمس مئة. 1023 - فَتْح بن محمد بن مُرَخَّب، أبو نَصْر. رَوى عن أبي جعفر بن عَوْن الله. 1024 - فَتْح (¬1) بن محمد، قُرطُبيٌّ، أبو نَصْر، ابنُ الحَجّام. صَحِبَ أبا مَرْوانَ بنَ مسَرّةَ وأخَذ عنه، وكان من أهل الحديث منسُوبًا إلى معرِفتِه والإتقان فيه، وغَلَبَ عليه عِلمُ الطّبِّ وشُهِرَ به. أخَذ عنه أبو الحُسَين عُبَيدُ الله بن محمد المَذْحِجيّ. 1025 - فَتْح (¬2) بن موسى بن حَمّاد، خَضْراويّ، أبو البَرَكات القَصْريُّ. رَحَلَ مُشرّقًا وأقام هنالك، ولُقّب جَمالَ الدّين؛ رَوى عنه أبو محمد عيسى بنُ سُليمانَ الرُّنْديّ، وكان محدّثًا راوِيةً مُكثِرًا متّسعَ السَّماع صحيحَه، فقيهًا شافعيُّا، شاعرًا مجُيدًا مَدَحَ المُلوكَ وحَظِيَ لديهم، وصنَّف في ما كان يَنتحلُه من العلوم، وُلد بالجزيرةِ الخَضْراء في رجَبِ ثمانٍ وثمانينَ وخمس مئة (¬3). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3037). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3041)، وابن الشعار في قلائد الجمان 5/ 509 - 517، وأبو شامة في ذيل الروضتين (233)، وعز الدين الحسيني في وفياته 2/ 518، الترجمة 955، والذهبي في تاريخ الإسلام 15/ 89، وابن شاكر في عيون التواريخ 20/ 328، والسبكي في طبقاته 8/ 348، وابن قاضي شهبة في طبقاته 2/ 476، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 242، وحسن المحاضرة 1/ 415. وجاء في هامش ح: "وقد عده بعض أهل العلم عدويًا من أهل القصر، وقال: يذكر في الغرباء". (¬3) لم يذكر المؤلف وفاته، وقال عز الدين الحسيني في وفيات سنة (663) من صلة التكملة: "وفي الرابع من جمادى الأولى توفي الشيخ الفاضل أبو نصر فتح بن موسى بن حماد بن عبد الله بن علي بن عيسى الجزيري الأصل القصري المربى الشافعي بمدينة أسيوط من صعيد مصر".

1026 - فتح بن نصر، قرطبي

1026 - فَتْح بن نَصْر، قُرطُبيٌّ. رَوى عن أبي بكر محمد بن نِعمةَ، وأبوَيْ عبد الله: ابن إلياسَ وابن سَعِيد ابن المُرابط، وأجازَ له أبو الحَسَن عبدُ الرّحمن بن أحمدَ وأبو داودَ الِهشَاميّ. رَوى عنه أَبو خالدِ مالكُ بن أحمدَ بن الحُصَيْن بن عَطّاف. 1027 - فَتْح (¬1) بن نَصْر، مَرَوِيٌّ، أبو نَصْر. رَوى عن أبيه. رَوى عنه أبو [161 ظ] جعفرٍ ابن الباذِش، وكان وَرّافًا. 1028 - فَتْح (¬2) بن نَطَال، طُلَيْطُلِي (¬3). 1029 - الفَتْح بن هادي القُرَشيُّ. رَوى عن أبي عليٍّ الصَّدَفي. 1030 - فَتْح (¬4) بن يحيى بن سَلَمةَ بن مَهْديّ المُرادِيُّ، أندَلُسيٌّ، سكَنَ تلمسينَ، أبو نَصْر. تَلا في إشبيلِيَةَ بالسّبع على أبي الأصبَغ الطَّحّان، وأبي محمد قاسم ابن الزَّقّاق، وببَلَنْسِيَةَ على أبي الحَسَن بن هُذَيْل. رَوى عنه أبو زكريّا بنُ عُصفور، وكان من جِلّة المُقرِئينَ والحُفّاظِ المُتقِنين، مُبرزا في صَنْعةِ التجويد، عارِفًا بالرِّواياتِ حَسَنَ الضَّبطِ لِما اختَلَف فيه القُرّاء. 1031 - فَتْح (¬5) بن يوسُفَ بن حَزْم بن أبي كُبّة، مُرْسَيٌّ، أبو نَصْر ابنُ كُبَّة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3031). (¬2) ترجمه أبن الأبار في التكملة (3028). (¬3) في هامش ح: "يكنى أبا نصر، كان شيخًا فاضلًا يشار إليه بالإجابة وهو الذي صلى على فتح ابن أصبغ سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة". (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3038). (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3034)، والذهبي في المستملح (769)، ومعرفة القراء 2/ 533، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 7، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 186.

1032 - الفتح بن يوسف بن علي الفهري، قرطبي

تَلا بالسّبع على أبي داودَ الهِشَامي. أخَذ عنه أبو عبد الله الشارِّيُّ، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا متصدِّرًا ببلدِه للإقراءِ والتعليم. 1032 - الفَتْحُ بن يوسُفَ بن عليٍّ الفِهْريُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة. 1033 - فَتْح (¬1)، مَوْلى الخُشَنيّ، قُرطُبيّ، أبو نَصْر. كان من العُبّادِ العلماءِ ومن نُظَراءِ يحيى بن مجُاهِد وإخوانِه، وتوفِّي في نحوِ أربع مئة. ذكَرَه ابنُ الأبار (¬2)، وليس من شَرْطِه ولا شَرْطِنا. 1034 - فَتْح (¬3) بن مَوْلى السَّكُونيَّينَ، إشبِيليٌّ -فيما أحسِبُ- أبو نَصْر. تَلا بالسّبع على أبي بكر بن صَافٍ، ورَوى عن الحاجِّ أبي محمد بَدْر، ورَحَلَ وحَجَّ، وسَمِع بمكّة شرَّفَها اللهُ من أبي عبد الله بن أبي الصَّيْف، وأبي محمدٍ يونُسَ الهِشَاميِّ، وعاد إلى بلدِه. رَوى عنه قريبُهُ أبو عبد الله. 1035 - فَتْحُونُ بن إبراهيمَ بن عليِّ بن فَتْحُونٍ الأسَديُّ. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرة. 1036 - فَتْحُونُ بن أبي البَقَاء، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عبد الله المَغَامَّي. رَوى عنه أبو الحَسَن بن محمد ابن الغَمّاد (¬4)، وكان مُقرِئًا مجوَّدًا فقيهًا مُشاوَرًا. 1037 - فُتُوح (¬5) بن عبد الله بن فُتُوح بن حُمَيْد الأَزْديّ، قُرطُبيٌّ رُصَافيُّ المولدِ مَيْورْقيُّ السُّكْنى، أبو نَصْر. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1915) و (3030). (¬2) في هامش ح: "ذكره ابن الأبار في حرف الفاء وفي الكنى أيضًا فيمن يكنى أبا نصر فانظره". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3040)، وينظر تعليقنا على الترجمة (1016). (¬4) في م ط: "العماد"، محرف. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3542).

1038 - فتوح بن عبد الله الأنصاري، جياني، أبو نصر، ابن الفحام

والدُ أبي عبد الله الحُمَيْديِّ الحافظ (¬1). سَمِع من أبي القاسم أصبَغَ بن راشِد. سَمِع منه ابنُه أبو عبد الله المذكور. 1038 - فُتُوح (¬2) بن عبد الله الأنصاريُّ، جَيّانيٌّ، أبو نَصْر، ابنُ الفَحّام. تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن شُرَيْح. أخَذ عنه أبو عبد الله ابنُ الخَبّاز بجَيّانَ سنة [162 و] ثمانٍ وثلاثينَ وخمس مئة، وكان من أهل المعرِفة بالقراءات، مُشارِكًا في العربيّة والآدابِ واللُّغات معلِّمًا بها. 1039 - الفُتُوح بن عَطِيّة البِرْزاليُّ. رَوى عن أبي عثمانَ طاهرِ بن هِشام. 1040 - فُتُوح بن محمد بن مَنْظور بن رَبِيع بن جعفرِ بن ثَعْلبةَ الداخِل بن مالكِ بن ثَعْلبةَ بن سَلامةَ بن وَقش بن زُغْبةَ بن زَعُوراءَ بن عبد الأشهَلِ بن جُشَمَ بن الحارِث بن عَمْرِو بن مالكِ بن الأوْس بن حارِثةَ بن ثَعْلبةَ بن عَمْرِو بن عامِر، فُرطُبيٌّ سَكَنَ بعضَ بلاد العُدْوة. رَوى عنه عبدُ الله بن عُبَيد الله الحَكيمُ، وكان فقيهًا، استَقضاهُ أبو العَيْش محمدُ بن إدريسَ بن عُمرَ بن إدريسَ العَلَويّ. 1041 - فُتُوح بن يونُسَ بن حرمالش (¬3). رَوى عن أبي محمدٍ القاسم بن الفَتْح. 1042 - فَرَجُ بن أحمدَ بن سالم التَّنُوخيُّ، إشبِيليٌّ. كان من أهل العلم والنَّباهة والفَضْل والعَدالة، حيًّا سنةَ خمسٍ وخمسينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) تنظر مقدمة الدكتور بشار لجذوة المقتبس. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3043). (¬3) الميم غير معقودة في ح وفوق الكلمة علامة خطأ.

1043 - الفرج بن أصبغ بن الفرج بن فارس الطائي، قرطبي

1043 - الفَرَجُ (¬1) بن أصبَغَ بن الفَرَج بن فارسٍ الطائيُّ، قُرطُبيٌّ. سَمِع من أبيه سنةَ تسعينَ وثلاث مئة. 1044 - فَرَج بن خَلَف بن فَرَج الكِلابيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو سَعِيد. رَوى عن أبوَي الحَسَن عَبْدي الرّحمن: ابن سَعِيد بن شَمّاخ وابن عبد الله ابن عَفِيف. 1045 - فَرَج (¬2) بن طُورِينَه، وَشْقِيٌّ، أبو الحَزْم. رَوى عن أبيه أنه أقرَأَ الكتابَ الذي (¬3) صُولحَ عليه أهلُ وَشْقةَ، رَوى عنه هذا الخبَرَ أبو محمدٍ عبدُ الله بن الحَسَن، وكان أبو محمد هذا يقولُ: احفَظُوها عنِّي أنّ مدينةَ وَشْقةَ أرضُ صُلحٍ ليست أرضَ عَنْوة، هكذا حَفِظتُ عن مشايخي. 1046 - فَرَجُ (¬4) بن عبد الله بن فَرَج بن عبد الرّحمن الأنصاريُّ، إشبِيليٌّ، أبو سَعِيد. تَلا بالسّبع على أبي عَمْرو بن عَظِيمةَ، وأبي القاسم بن أبي هارُونَ التَّميمي، وسَمِعَ من أبي الحَكَم بن حَجّاج وأبي زَيْد شُعَيْب بن إسماعيلَ كُتُبَ القراءات، وأبي القاسم السُّهَيْليَّ بعضَ مصنَّفاتِه، ومن أبي محمد عبد المُنعِم ابن الفَرَس ومن أبي محمد عبد الغَفُور. وأجازَ له: أبو بكر بنُ أبي زَمَنِين، وأبو جعفر بن مَضَاء، وأبو الحَجّاج ابنُ الشَّيخ، وأبو الحَسَن نَجَبةُ، وأبو حَفْص بن عُمر، وناوَلَه [162 ظ] "التقَصِّي"؛ وأبو عبد الله بنُ زَرْقُون، وأبَوا محمد: الحَجْريّ وعبدُ الحقّ ابنُ الخَرّاط. وكان مُقرِئًا مجوَّدًا، راويةً للحديث، حيًّا سنةَ ستًّ وتسعينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3047). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3045). (¬3) في م ط: "الكتاب العزيز"، وهو تحريف بيّن. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3049)، والذهبي في المستملح (772).

1047 - فرج بن عبد الله بن وهب، قرطبي، أبو القاسم، ابن الصراف

1047 - فَرَج (¬1) بن عبد الله بن وَهْب، قُرطُبيٌّ، أبو القاسم، ابنُ الصَّرّاف. تَلا على أبي الحَسَن الأنطاكيَّ، وابن النُّعمان. 1048 - فَرَج (¬2) بن غَزْلُون اليَحْصُبيُّ، طُلَيْطُلي، ابنُ العَسّال. رَوى عن عبد الوارِث بن سُفيانَ. رَوى عنه ابنُه أبو محمد الزّاهدُ سنة أربع وعشرينَ وأربع مئة. 1049 - فَرَج بن فَرَج الأنصاريُّ. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ. 1050 - فَرَج بن محمد بن سَعِيد الخير الأنصاريُّ. رَوى عن أبي بحرٍ سُفيانَ بن العاص. 1051 - فَرَج بن محمد بن عبد الرَّؤوف بن عَزِيز -مكبَّرًا- ابن عبد الرّحمن الأنصاريُّ. 1052 - فَرَج بن هَبّار، أو هَمّار بن فَرَج، الأنصاريُّ. كان بارعَ الخَطَّ مَتقِنَ الضَّبط وَرّاقًا يُتنافَسُ فيما يَكتُب، حيًّا سنةَ سبع وعشرينَ وأربع مئة. 1053 - فَرْحُ (¬3) بن حَدِيدةَ، بَطَلْيَوْسيٌّ. رَحَلَ وحَجّ، وكان فقيهًا ظاهريَّا، عالمًا بالقراءاتِ متصدَّرًا للإقراءِ بها، وجَرَى بينَه وبينَ أميِر بلدِه المُظفَّر أبي بَكْرٍ محمد بن عبد الله بن مَسْلَمةَ بن الأفطَس الملقَّبِ بسَماجَة ما أوجَبَ انتقالَه إلى إشبيلِتَةَ، فقَدِمَها في إمارةِ المُعتضِد عَبّاد، ووافَى حينَئذٍ إكمالَ أُمَّه السيَّدة بناءَ مسجدِها المنسُوب إليها، فأجلَسَه المعتضِدُ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3046). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3048). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3056).

1054 - فرح بن خلف بن أبي الفرح، من أهل الثغر الجوفي، أبو الفضل

للإقراءِ به بعدَ أن أجْرَى عليه راتِبًا ونفَقةً من الأحباس، فلزِمَ الإقراءَ به إلى أن توفِّي يومَ الاثنينِ لثلاثَ عشْرةَ خَلَت من محرَّمِ ثمانينَ وأربع مئة، ودُفنَ يومَ الثلاثاءِ بعدَه، في رَوْضة الوزير ابن زَيْدون؛ ذكَرَه ابن بَشْكُوالَ في باب فَرَج، بفتح الراءِ والجيم، فأخَلَّ به ولم يَستَوْفِ خبَرَه (¬1). 1054 - فَرْحُ (¬2) بن خَلَف بن أبي الفَرْح، من أهل الثَّغرِ الجَوْفي، أبو الفَضْل. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ شُقَّ اللَّيلُ الطُّلَيْطُلي. 1055 - فَرْقَدُ بن يَعمُرَ بن فَرْقَدِ بن عبد الرّحمن بن محمدِ بن أحمدَ بن سُليمانَ اليَعمُرِيّ، أبو النَّجْم. رَوى عن أبي عبد الله بن سَعِيد الطَّرّاز، وتلا عليه برواية وَرْشٍ كاملًا وبرواية قالونَ إلا سُدسَ الأحقاف، ورَوى عن أبي الحَسَن سَعْدِ بن محمدٍ الحَفّار. 1056 - فَضَالةُ بن [162 و] محمد بن أحمدَ بن فَضَالةَ القَيْسيُّ. كان فقيهًا عاقدًا للشّروطِ بَصيرًا بها حَسَنَ السِّياقةِ (¬3) لفصولِها، جيِّدَ الخَطّ، حيًّا سنةَ ثمانٍ وسبعينَ وخمس مئة. 1057 - فَضْلُ الله بن محمد بن أحمدَ بن فَضْلِ الله، قُرطُبيٌّ. كان فقيهًا عاقدًا للشُّروط، بارعَ الخَطّ، مُبرِّزًا في العدالة، وكان حيًّا سنةَ أربع وعشرينَ وست مئة. 1058 - فَضْلُ (¬4) بن سَنَابلَ، تُدمِيريٌّ، أبو العبّاس. رَحَلَ وحَجّ، وسَمِع من أبي بكر بن المُنذِر وأبي جعفرٍ الطَّحَاويّ. ¬

_ (¬1) الصلة (991). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3055). (¬3) في م: "السياسة"، وهو تحريف. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3022).

1059 - الفضل بن علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الفارسي، أبو رافع

1059 - الفَضْلُ (¬1) بن علي بن أحمدَ بن سَعِيد بن حَزْم الفارِسيّ، أبو رافِع. كان فقيهًا ظاهريًّا، سَرِيًّا فاضلًا، وفيه يقولُ جَهْوَرُ بن محمد التُّجِيبي الأ [....] (¬2) ابن الفلو (¬3) [المتقارب]: رأيتُ ابنَ حزمِ ولم ألْقَهُ ... فلما التقَيْتُ به لم أَرَهْ لأنّ سَنَا وجهِهِ مانعٌ ... عُيونَ البرِيّةِ أن تُبصِرَهْ 1060 - الفَضْلُ (¬4) بن محمد بن أحمدَ بن إسحاقَ، بَلَنْسيٌّ، أبو العبّاس. كان اسمُه أحمدَ ثم تسَمَّى الفَضْلَ. سَمِع من أبي الحَسَن ابن النَّعمةِ، وأبي عبد الله بن خَلَصةَ، وأبي محمد القَلَنِّي. رَوى عنه أبو عُمر بنُ عَيّاد، وهو في عِدادِ أصحابِه، وقال: كان أديبًا ذا بَصرٍ بالحسابِ والفَرْض. وتوفِّي ببَلَنْسِيَةَ في النّصف من ذي حِجّة أربع وستينَ وخمس مئة وقد ناهَزَ السِّتينَ أو زاد عليها. 1061 - فَضْلُ (¬5) بن محمد بن عليّ بن إبراهيمَ بن فَضِيلَةَ المَعافِريُّ، أوْرِيُوليٌّ سكَنَ غَرْناطةَ، أبو الحَسَن، ابنُ فَضِيلة. رَوى عن أبوَيْ بَكْر: ابن محُرِز، ولازَمَه كثيرًا، وابن المُرابِط، وأبي تَمّام غالب بن سيّد بُونُه الخُزَاعيّ، وآباءِ جعفر: ابن الأديبِ والإشبِيليّ وابن شُهَيْد والطًّرَسُوسيّ وابن فَرَج، وأبي عبد الله بن غالبٍ الإلْشِي. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن بشكوال في الصلة (997)، والذهبي في تاريخ الإسلام 10/ 445، والصفدي في الوافي 24/ 55، والمقري في نفح الطيب 2/ 83، وذكر ابن بشكوال أنه توفي في معركة الزلاقة سنة 479 هـ. (¬2) بياض في النسخ. (¬3) لإبن الفلو ترجمة في الجذوة (360)، وبغية الملتمس (624). قال الحميدي في التعريف به: "رئيس شاعر كثير القول أديب وافر الأدب قد شاهدته بالمرية وكتبت من شعره"؛ والييتان في الجذوة والبغية. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3024). (¬5) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 371، وابن الخطيب في الإحاطة 4/ 256.

1062 - الفضل بن مفضل المذحجي، خضراوي

رَوى عنه كثيرٌ من أصحابِنا، وكتَبَ إليَّ بإجازةِ ما كان عندَه مُطلَقًا، وكان من أهل الفَضْل والدِّين المَتِين والعنايةِ التامّة بالعلم والبَراعة في التصوُّف، وله فيه رسائلُ بارعة ومقالاتٌ نافعة، وتوفِّي (¬1) ... 1062 - الفَضْلُ (¬2) بن مُفَضَّل المَذْحِجيُّ، خَضْراوي. كان من أهل المعرِفة التامّة بالنَّسَب، ذَكَرَ عنه ابنُ حَيّانَ خبَرًا في مَوْلَويةِ ناصحٍ والدِ عبّاس (¬3). 1063 - الفَضْلُ بن يحيى بن [163 ظ] عُبَيد الله بن منظورٍ القَيْسيُّ، إشبِيليٌّ. كان فَقيهًا عاقِدًا للشُّروط مُبرِّزَا في العدالة، شَهِيرَ التعيُّنِ (¬4) والحسَب، من بيتِ علمٍ وجَلالة، حيًّا سنةَ أربع وست مئة. ¬

_ (¬1) بعد هذا بياض في النسخ، وجاء في هامش ح تعليق للتجيبي نصه: "لشيخنا أبي الحسن بن فضيلة شرح الأبيات الكندية على الطريقة الصوفية وجملة تقاييد جوابية عما كان يسأل عنه من تلك الطريقة التي كان أوحد عصره فيها. كتب إلينا مجيزًا جميع ما يحمله غير مرة منها في رجب ثمانية وثمانين وست مثة، وتوفي عند طلوع الفجر من يوم الأربعاء لست عشرة ليلة خلت من محرم ستة وتسعين وست مئة، وصلي عليه من يومه إثر صلاة العصر، ودفن بجبّانة ربض البيازين من غرناطة وكانت جنازته مشهودة حضرها السلطان يومئذ أمير المسلمين أبو عبد الله ابن أمير المسلمين أبي عبد الله بن الأحمر فمن دونه، وأتبعه الناس ثناء حسنًا كان له أهلًا وما انفصلوا من دفنه إلا مع الليل". (قلنا: هذا مأخوذ من صلة الصلة، وشرح الأبيات الكندية للمترجم يوجد مخطوطًا في مكتبة خاصة بأزاريف (سوس)). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3023). (¬3) يعني أن ناصحًا والد عباس بن ناصح من الموالي، وعباس المذكور شاعر مشهور في عهد الدولة الأموية بالأندلس، انظر ترجمته في طبقات الزبيدي (262)، وتاريخ ابن الفرضي (879)، وترتيب المدارك 4/ 268، وإنباه الرواة 2/ 365، والمغرب 1/ 324. وقال ابن سعيد: "ومن كتاب الفضل المذحجي نسابة أهل الجزيرة: أن ناصحًا والد عباس كان عبدًا لمزاحمة بنت مزاحم الثقفي الجزيري". (¬4) في م ط: "شهر بالتعين".

1064 - الفضل بن يحيى القيسي، أبو الحسن

1064 - الفَضْلُ بن يحيى القَيْسيُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبوَيْ بَكْر: ابن طاهِر المحدِّث وابن العَرَبي، وأبي الحَسَن الزُّهْري، ويُمكنُ أن يكونَ الذي يَليهِ قبلَه، واللهُ أعلم (¬1). 1065 - فُضَيْلُ (¬2) بن محمد بن عبد العزيز بن سِمَاكٍ المَعافِريُّ، أندَلُسيٌّ، أبو محمد. رَوى عن أبي العبّاس بن أبي أمَيّة. رَوى عنه أبو بكر بنُ أحمد الخَفّاف، وكان مُقرِئًا مجوّدًا، متحقّقًا بالنَّحو، ذا حظًّ صالح من الأدب، وله "تعليقٌ" مُستحسَنٌ على "جُمَل" الزَّجَّاجيّ دَلّ على فَهْمِه ونُبلِه، وتناقَلَه الناسُ استجادةً له. 1066 - فُضَيْلٌ، من ذُرِّية أبي محمدٍ عبد الله بن محمد بن أيّوبَ بن عبّاس بن سَعِيد بن فُضَيْل ابن المُنذِر، إشبِيليٌّ أبو القاسم. كان إمامًا في علم الهيئة متقدِّمًا فيه ذا أخبارٍ وعجائبَ في الفضائل، وكان في حدودِ العشرينَ وخمس مئة. 1067 - فَيْدُ بن عليّ بن محمد بن أحمد بن فَيْد الفارِسيُّ، إلْشِي، أبو حنيفةَ. له إجازةٌ من أبي بكر بن طاهِر المحدِّث، وأبي محمدٍ النَّفْزِيّ المُرْسِي. 1068 - قاسمُ (¬3) بن أحمدَ بن حَسَن بن محمد بن عُبَيد الله الحَجْرِيُّ، مالَقيٌّ، أبو محمدٍ السَّكُوت. رَوى عن أبوَيْ بَكْر: عبد الرّحمن بن دَحْمان وابن عليّ بن يوسُفَ الأُمَويّ، وأبوَيْ جعفرٍ: ابنَي العَلِيَّيْنِ: ابن غالبٍ والفَحّام، وأبي صَالح محمد بن محمد بن ¬

_ (¬1) "والله أعلم" لم ترد في م ط. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3061)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 371. (¬3) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/ الترجمة 386 وهو فيه: (قاسم بن حسن بن أحمد"، وابن القاضي في درة الحجال 3/ 270.

1069 - قاسم بن أخطل

أبي صَالح، وأبي عبد الله بن عليّ بن عَسْكرِ، وأبي عَمْرِو عبدِ الرّحمن بن أبي محمد بن حَوْطِ الله، وآباءِ محمد: الباهِليِّ وابن عبد العظيم الزُّهْرِيّ وعبد العظيم ابن الشَّيخ. وأجاز له أبو الحَسَن سَهْلُ بن مالك، وحدَّث بالإجازةِ العامّة لأهل مالَقةَ عن أبي عليٍّ الرُّنْدي. رَوى عنه غيرُ واحدِ من أهل بلدِه، وكتَبَ إليَّ بإجازةِ ما كان عندَه، وكان نَبيهَا حافظًا ذا حَظّ صالح من علوم اللِّسان، واستُقضيَ بمالَقةَ وحُمِدَتْ سِيرتُه. وتوفِّي (¬1) ... 1069 - قاسمُ (¬2) بن أخْطَل. 1070 - القاسِمُ (¬3) بن أبي عليّ إسماعيلَ بن القاسِم البغداديُّ، قُرطُبيٌّ. ذَكَرَه بعضُهم، والمعروفُ جعفرٌ ابنُه، قالهُ ابنُ [164 و] و، الأبّار (¬4). 1071 - قاسمُ (¬5) بن أصبَغَ بن شَعْبانَ، قُرطُبيٌّ. سكَنَ منها مُنْيَةَ عَجَب. كان له عنايةٌ بالعلم وروايتِه. 1072 - قاسمُ (¬6) بن أيّوبَ الطائيُّ، مَرَوِيٌّ، أبو محمد. كان أديبًا كاتبًا بليغًا، وله "بستانُ الكتابة ورَيْحانُ الخَطابة" ألَّفه للمعتصِم محمد بن مَعْن بن صُمادِح وكان على شُرَطِه. ¬

_ (¬1) في هامش ح: "بمالقة في السابع من شهر ربيع الأول من عام تسعين وست مئة". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3067). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3066). (¬4) جاء في هامش ح: "ما قاله ابن الأبار صحيح؛ فإني قرأت بخط أبي علي الغساني وذكر أنه نقله من خط الحكم المستنصر بالله أن أبا علي تخلف من الولد محمدًا المعروف بأبي الهيجاء وجعفرًا المعروف بأبي الفتح، قال الحكم: ثم أعلمني بعضهم [....] ". قلنا: ولجعفر ترجمة في جذوة المقتبس (611)، والصلة (292)، ومعجم الأدباء 2/ 271، والمغرب 1/ 203، والوافي 11/ 98 وغيرها. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3064). (¬6) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3073)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 377.

1073 - القاسم بن عبد الله بن أحمد بن جمهور القيسي، إشبيلي، أبو عبيد

1073 - القاسمُ (¬1) بن عبد الله بن أحمدَ بن جُمهُور القَيْسيُّ، إشبِيليٌّ، أبو عُبَيد. رَوى عن أبيه، وأبي بكرٍ ابن الجَدّ؛ وكان عاقِدًا للشّروط مَعْنيًّا بها، حدَّث بأَخَرةٍ عندَ انقراضِ أهل الشأن، ولم يكنْ له بالحديث بصَرٌ وإن كان من أهل الصِّدق، وتوفِّي قبلَ الأربعينَ وست مئة. 1074 - القاسمُ (¬2) بن عبد الله بن أحمدَ بن جُمْهُور بن سَعِيد بن يحيى بن جُمْهورٍ القَيْسيّ، إشبِيليّ، أبو عُبَيد، ابنُ جُمْهور. أكثَرَ عن أبيه، ورَوى عن أبي إسحاقَ بن مُلْكونَ وأبوَيْ بَكْر: ابن الجَدّ (¬3) وابن طَلْحةَ، وأبي الحَجّاج المكاريِّ ولازَمَه، ولقِيَ أبا عبد الله ابنَ الفَخّار، وأجاز لهُ أبو عبد الله بنُ زَرْقون. رَوى عنه ابنُ أُختِه أبو العبّاس بن عليّ بن هارُونَ، وكان فقيهًا عاقدًا للشّروط، مُبرِّزًا في العدالة، [حيًّا] سنةَ خمس وثلاثينَ وست مئة. 1075 - قاسمُ بن عبد الله بن ظافِر الأُمَويُّ، أبو محمد. له إجازةٌ من أبي بَكْر بن عَتِيق اللّارِديّ. 1076 - القاسمُ بن عبد الله بن محمد بن القاسِم الفِهْرِيُّ. رَوى عن الشَّهيدِ أبي عبد الله ابن الحاجّ. 1077 - قاسمُ بن عبد الله القَلْعيّ، أبو محمد. رَوى عن أبي عليًّ الصَّدَفي. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3080)، والذهبي في المستملح (778)، وتاريخ الإسلام 14/ 299. (¬2) جاء في هامش ح: "أحسبه الذي قبله فتأمله وهو أخو جمهور المتقدم في موضعه من هذا الكتاب؛ مولد القاسم هذا عام أربعة وستين وخمس مئة، أخذ عنه أبو إسحاق البلفيقي، لقيه بإشبيلية سنة أربع وثلاثين". (¬3) أورد الناسخ في م هنا سهوًا عبارة وقعت في الترجمة السابقة: وكان عاقدًا ... بأخرة.

1078 - القاسم بن عبد الرحمن بن القاسم بن دحمان بن عثمان بن مطرف بن الغمر بن مرغم بن ذبيان بن فتوح بن نصر الأنصاري، بلنسي سكن مالقة، وأصله من وادي الحجارة، أبو محمد

1078 - القاسمُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن القاسم بن دَحْمانَ بن عُثمانَ بن مُطرف بن الغَمْر بن مرغم بن ذُبْيان بن فُتُوح بن نصر الأنصاريُّ، بَلَنْسيٌّ سكَنَ مالَقةَ، وأصلُه من وادي الحِجارة، أبو محمد. تَلا بالسَّبع على أبوَي الحَسَن: ابن عَيّاد وابن الغَمّاد، وبالثّمانِ عن أبي عليّ منصور بن الخَيْر. ورَوى الحديثَ، وتفَقَّه بأبي عبد الله ابن الأديب، وأبي محمد ابن الوَحِيدي. وتأدَّبَ بأبي الحُسَين ابن الطَّرَاوةِ، وأبي عبد الله بن أُختِ غانم، وأبي الفَتْح سَعْدونِ بن مَسْعود السُّهَيْلي. وأجاز له: أبو بحرٍ سُفيانُ بن العاص، وأبو جعفرٍ محمدُ بن حَكَم بن باقٍ، وأبو الحَسَن يونُسُ بن مُغيث، وأبَوا عبد الله: ابن الحاجِّ وحفيدُ مكِّي [164 ظ] وأبو القاسم بن وَرْد. رَوى عنه أبوا بكر: عبدُ الرّحمن ابنُ أخيه وعَتِيقُ ابن قَنْتَرال، وأبو جعفرٍ محمدُ بن الأصلَع، وأبو الحَجّاج ابنُ الشّيخ، وأبو الحَسَن بن خَرُوفٍ النَّحْويُّ، وأبو الخَطّاب ابن الجُمَيِّل، وأبَوا علي: الرُّنْدِيّ والقُرطُبيّ، وبَنُوه: أبو محمد -وكان يقولُ فيه: الأستاذُ الكبير- ومحمدٌ وسُليمانَ، وأبو القاسم ابنُ البَرّاق والسُّهَيْليّ، وهو في عِدَادِ أصحابِه، ويحيى بنُ أحمدَ بن أحمدَ الهَوّارِيّ. وكان كبيرَ الأساتيذِ بمالَقةَ وصَدْرَ المُقرِئينَ بها، خيَرًا فاضلًا متواضِعًا، طال عُمُرُه وعَظُمَ انتفاعُ الناس به، ورَوى عنه الأصاغرُ كما رَوى عنه الأكابر، ونَفَعَ اللهُ بالأخْذِ عنه عالَمًا كثيرًا، وكان ناصحًا في تعليمِه حريصًا على الإفادة، ضابطًا ثقةً فيما يَرويه، مَتينَ الدِّين تامَّ الفَضْل. وُلدَ ببَلَنْسِيَةَ سنةَ خمس وثمانينَ وأربع مئة، وتوفِّي بمالَقةَ عَشِيَّ يوم الاثنينِ لليلتَيْنِ خَلَتا من ذي قَعْدةِ خمسٍ وسبعينَ وخمس مئة، ودُفنَ بقِبْليِّ شريعتِها. ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1307)، وابن دحية في المطرب (216)، وابن خميس في أدباء مالقة (154)، وابن الأبار في التكملة (3076)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 380، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 558، ومعرفة القراء الكبار 2/ 551، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 19، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 191، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 255.

1079 - قاسم بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي حنينة اللخمي

1079 - قاسمُ بن عبد الرّحمن بن محمدِ بن أبي حُنَيْنةَ اللَّخْميُّ. رَوى عن أبي العبّاس بن غَزْوان. 1080 - قاسمُ بن عبد الرّحمن الأنصاريُّ. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ. 1081 - القاسمُ بن عبد العزيزِ بن محمد بن عليّ بن القاسم. 1082 - قاسمُ (¬1) بن عبد العزيزِ اللَّوَاتيُّ، أبو محمد. رَوى عن أبي محمد غانم بن وَليد. رَوى عنه أبو داودَ بنُ يحيى المُقرِئ. 1083 - قاسمُ (¬2) بن عليِّ بن صَالح بن قَيْصَرَ الأنصاريُّ، مَرَوِيٌّ، سكَنَ دانِيَة، أبو محمد، ابنُ صالح. تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن بن عبد الله بن اليَسَع، وأبي عبد الله بن سَعِيد الدانيِّ، وأبوَي العبّاس: ابن العَرِيف والقَصَبيّ. ورَوى عن أبي عبد الله بن أحمدَ بن وَضّاح الرُّشَاطيِّ، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ. وأجاز له أبو القاسم عبدُ الرّحيم ابن الفَرَس. رَوى عنه أبو بكرٍ أُسامةُ بن سُليمان؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا متصدِّرًا لذلك. قال أبو عبد الله ابنُ الأبار: أنشَدَنا أبو الرَبيع بنُ سالم، قال: أنشَدَني أبو بكرٍ أُسامةُ بن سُليمانَ الدانِيُّ بها، قال: أنشَدَني الفقيهُ الأستاذُ أبو محمد قاسمُ بن صَالح، قال: أنشَدَنا أبو العبّاس أحمدُ بن محمد ابن العَرِيف لنفسه [الوافر]: إذانَزَلتْ بساحتِك الرَّزايا ... فلا تجزَعْ لها جَزَعَ الصبيِّ [165 و] فإنّ لكلِّ نازلةٍ عزاءً ... بما قد كان من فَقْدِ النبيِّ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3074)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 377. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3077)، والذهبي في المستملح (775)، وتاريخ الإسلام 12/ 657، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 20، والقادري في غاية النهاية، الورقة 192.

1084 - قاسم بن علي بن سليمان، بطليوسي، ابن الصفار

1084 - قاسمُ بن عليّ بن سليمان، بَطَلْيَوْسيٌّ، ابن الصَّفّار. 1085 - قاسمُ بن عليٍّ الأنصاريُّ، شَرْقيٌّ، أبو محمد. رَحَلَ مُشَرّقًا ودُعيَ هنالك بنَجْم الدّين، رَوى بالقاهرة عن أبي محمدٍ صالح بن إبراهيمَ بن أحمدَ الفارِقيّ ومحمد بن أحمدَ بن عُمرَ بن أحمدَ الحَنَفي. 1086 - قاسمُ (¬1) بن عِمران، مُرْسيٌّ. سَمِع من أبي الغُصن صَبَاح بن عبد الرّحمن وابنِ لُبَابةَ. 1087 - قاسمُ ابن الفَضْل بن أبي العَيْش القَيْسيُّ. رَوى عن أبي القاسم أحمدَ بن عيسى بن عبد البَرّ. 1088 - قاسمُ (¬2) بن فِيرُّه بن أبي القاسم بن أبي خَلَف بن أحمدَ الرُّعَيْنيُّ، شاطِبيٌّ استَوطَنَ القاهرةَ، أبو محمدٍ وأبو القاسم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3063). (¬2) ترجمه ياقوت في معجم الأدباء 5/ 2216، والقفطي في إنباه الرواة 4/ 160، والمنذري في التكملة 1/الترجمة 237، وأبو شامة في ذيل الروضتين (7)، وابن خلكان في وفيات الأعيان 4/ 71، وابن الأبار في التكملة (3078)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 379، والذهبي في المستملح (776)، وتاريخ الإسلام 12/ 913، وسير أعلام النبلاء 21/ 261 ومعرفة القراء الكبار 2/ 573، وتذكرة الحفاظ 4/ 1356، والعبر 4/ 273، والصفدي في الوافي 24/ 141، ونكت الهميان 228، واليافعي في مرآة الجنان 3/ 467، والسبكي في طبقات الشافعية 7/ 270، والإسنوي في طبقات الشافعية 2/ 113، وابن كثير في البداية والنهاية 13/ 10، وابن فرحون في الديباج 2/ 149، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 20، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 192، والسيوطي في بغية الوعاة (2612)، والمقري في نفح الطيب 2/ 22، وابن العماد في الشذرات 4/ 301. وينظر تعليق الدكتور بشار عواد على التكملة والسير ومعرفة القراء. وجاء في حاشية ح تعليق للتجيبي نصه: "سماه الحافظ أبو بكر بن مسدي في معجم مشيخته خلفًا، ذكر ذلك في رسم ابنه محمد منها، وفي حرف الخاء من أسماء الآباء، وكَنى فيره بأبي عيسى".

تَلا ببلدِه على أبي جعفر، وأبيه أبي عبد الله الضَّرير ابنَي اللّايُهْ، وببَلَنْسِيَةَ على أبي الحَسَن بن هُذَيْل، وآباءِ عبد الله: ابن أحمدَ بن حَمِيد وابن عليّ بن أبي العاص النَّفْزِي وابن سَعادةَ، وسَمِع منهم، ومن أبي الحَسَن ابن النِّعمة، وأبي جعفر بن مَسْعود بن إبراهيمَ بن أشْكَنْبَذ. وتفَقَّه بأبي الحَسَن عُلَيْم بن هاني وأبي محمدِ عاشر. ورَحَلَ حاجًّا، وسَمِع بالإسكندَريّة من أبي الطاهِر السِّلَفيّ. رَوى عنه صِهرُه عيسى بنُ مكَي بن حُسَين، وآباءُ الحَسَن: ابنُ خِيَرةَ وكمالُ الدِّين عليُّ بن شُجَاغ بن أبي الفَضْل سالم القُرَشيُّ الهاشِميُّ العبّاسيُّ الضّريرُ المتصدِّرُ بالمِصْرَيْنِ: مِصرَ والقاهرة، وعليُّ بن محمد بن عبد الصَّمد بن عبد الأحَد بن عبد الغالِب الهَمْدانيُّ السَّخَاويّ، وآباءُ عبد الله: فَخْرُ الدِّين محمدُ بن أحمدَ بن الحَسَن السِّجْزِيّ ورُكنُ الدِّين ابنُ عبد الرّحمن السَّرَقُسْطي وابنُ وَضّاح الشَّغْرِي، وأبَوا القاسم: عبد الرّحمن بن إسماعيلَ التونُسيّ ابنُ الحَدّاد وابن سَعِيد بن عبد الله الشافعيُّ القَلْيُوبيّ، وأبو موسى عيسى بنُ يوسُفَ بن إسماعيلَ بن إبراهيمَ الشافعيُّ مُستوطِنُ بِلْبِيسَ، ومَكِينُ الدِّين يوسُفُ بن أبي جعفرٍ الأنصاريّ؛ وحدَّث عنه بالإجازة خَلْقٌ كثيرٌ, منهم: أبو العبّاس العَزَفيّ. وكان من جِلّة أئمّةِ المُقرِئين، كثيرَ المحفوظاتِ جامعًا لفنونِ العلم بالتفسير، محدِّثًا راوِيةً ثقةً، فقيهًا مُستبحِرًا [165 ظ] متحقِّقًا بالعربيّة مُبرِّزًا فيها، بارعَ الأدب شاعرًا مجُيدًا، عارِفًا بالرؤيا وعبارتها، ديّنًا فاضلًا صَالحاً مُراقبًا لأحوالِه حَسَنَ المقاصِد مخُلِصًا في أفعالِه وأقواله؛ جَرَتْ مسألة فقهيّةٌ بمحضَرِه، فذَكَرَ فيها نصًّا واستَحضَرَ كتابًا فقال لهم: اطلُبوها منهُ في مقدارِ كذا وكذا، وما زال يعيِّنُ لهم موضعَها حتّى وجَدوها حيث ذَكَرَ، فقالوا له: أتحفَظُ الفقهَ؟ فقال لهم: إنّي أحفَظُ وِقْرَ جَمَلٍ من كُتُب، فقيل له: هلّا درَّستَها؟ فقال: ليس للعُمْيان إلّا القرآن. حدَّثنا بهذه الحكاية شيخُنا الإمام تقِيُّ الدِّين أبو الفَتْح محمدُ بن عليِّ بن وَهْب بن مُطِيع بن أبي الطاعة القُشَيْريّ ابنُ دقيقِ العيد، رضيَ اللهُ عنه إجازةً. وحدَّثنا أيضًا إجازةً قال: وقال لي صِهرُه أبو الحَسَن عليُّ بن سالم بن شُجَاع، وكان أيضًا ضَريرًا وأخَذَ

القراءاتِ عنه: أردتُ مرّةً أن أقرَأَ شيئًا من الأصُول على ابن الوَرّاق فسَمِعَ بذلك فاستَدعاني فحَضَرْتُ بين يدَيْه، فأخَذَ بأُذُني ثم قال لي: أتقرَأُ الأصُولَ؟ فقلت: نعم، فمَدَّ بأُذُني ثم قال لي: منَ الفُضول، أعمى يقرَأُ الأصُول. وظهَرَت عليه كثيرٌ من كراماتِ الأولياء وأُثِرَتْ عنهُ، كسَماع الأذانِ مِرَارًا لا تُحصَى بجامع مِصرَ وقتَ الزَّوال من غيرِ المؤذِّنين؛ وقال: جَرَتْ بينَه وبينَ الشّيطان مُخاطبةٌ، فقال لي: فعلت كذا وكذا فسأَهلِكُ، فقلتُ له: والله ما أُبالي بك. وقال: كنتُ يومًا في طريق وتخَلَّف عنّي مَن كان معي وأنا على الدّابة، وأقبَلَ اثنانِ فسَبَّني أحَدُهما سبًّا قبيحًا وأقبَلْتُ على الاستعاذة، وبقِيَ كذلك ما شاء الله، ثم قال ليَ الآخرُ: دَعْه، وفي تلك الحال لَحِقَني مَن كان معي (¬1) فأخبَرتُه بذلك فطُلِب يمينًا وشمالًا فلم يَجِدْ أحدًا. وكان يعذِلُ أصحابَه في السِّرِّ على أشياءَ لا يعلَمُها إلا اللهُ عزَّ وجَلّ؛ وكان يعتَلُّ العِلّةَ الشديدةَ فلا يَشتكي ولا يتَأوَّهُ، وإذا سُئل عن حالِه قال: العافية، لا يزيدُ على ذلك؛ وكان ضَريرًا، فإذا جَلَسَ إليه من لا يَعرِفُه لا يَرتابُ في أنه يُبصِر؛ لأنه -لذكائه- لا يَظهَرُ عليه ما يَظهَرُ على الأعمى في حركاتِه. وكان مُجتنِبًا فُضولَ الكلام فلا يتكلَّمُ إلّا فيما تدعو إليه الضّرورة، ويمنَعُ جُلَساءه من الخَوْض في شيءٍ [166 و] إلا في العلم والقرآن، ولا يجلسُ للإقراءِ إلّا على طهارةٍ في هيئةٍ حَسَنة وخُضوع واستكانة. وتصَدَّر للإقراءِ بالمدرسةِ الفاضِليّة (¬2) من القاهرة، ثم تَرَكَه وأقبَلَ على التدريسِ إلى حين وفاتِه، وانتفَعَ به خَلْقٌ كثيرٌ لا يُحْصَوْنَ كثرةً. وله منظوماتٌ علميّةٌ ظهَرَ فيها عِلمُه واقتدارُه على ما يُحاولُ، منها: القصيدةُ الفريدة المسَمَّاة: "حِرْزَ الأماني ووَجْهَ التّهاني" أودَعَها القراءاتِ السَّبع، وكان يقولُ: لا يقرَأُ أحدٌ قصيدتي هذه إلّا نفَعَه اللهُ بها؛ لأنّي نظمتُها لله سبحانَه؛ وقصيدةٌ أخرى وَسَمَها بـ"عَقيلةِ القصائد في أسنَى المقاصِد" ضمَّنَها رَسْمَ المُصحَف. ومن ¬

_ (¬1) زاد في م: وأنا على الدابة. (¬2) في الأصول: "الفاضيلية"، محرفة.

منظوماتِه قولُه مُجِيبًا أبا الحَسَن عليَّ بن عبد الغَنيّ الحُصريّ عن أبياتِه الداليّة (¬1) [الطويل]: أُسائلُكمْ يا مُقرئي الغَرْبِ كلَّهِ ... وما مِن سؤالِ الحَبْرِ عن عِلمِه بُدُّ بحرفَيْنِ مَدُّوا ذا وما الأصلُ مَدُّهُ ... وذالم يَمُدُّوهُ ومِنْ أصلهِ المَدُّ وقد جُمِعا في كِلْمةٍ مُسْتَبينةٍ ... على بعضِكمْ تَخْفَى ومن بعضِكم تبدو فأجابه أبو محمدٍ هذا عنها بقولِه [الطويل]: عجِبتُ لأهلِ القَيْروانِ وما حَدُّوا ... لذي قَصْرِ سَوْءاتٍ وفي همزِها مَدُّوا لوَرْشٍ ومدُّ اللِّينِ للهمزِ أصْلُهُ ... سوى مَشْرعِ الثّنْيا إذا عَذُبَ الوِردُ وما بعدَ همزٍ حرفُ مدًّ يمُدُّهُ ... سوى ما سكونٌ قبلَه ما له بُدُّ وفي همز سَوْءاتٍ يُمَدُّ وقبلَهُ ... سُكونٌ بلا مدٍّ فمِن أين ذا المدُّ؟ يقولونَ: عينُ الجَمْع فَرْعُ سكونِها ... فذو القَصْرِ بالتحريكِ الاصليِّ يَعتَدُّ ويوجِبُ مدَّ الهمزِ هذا بعينِهِ ... لأنَّ الذي بعدَ المحرَّك ممتَدُّ ولولا لُزومُ الواوِ قلبًا لحُرِّكَتْ ... بجمعٍ بفَعْلاتٍ في الاسما له عَقْدُ وتحريكُها والْيَا هُذَيْلٌ وإنْ فَشَا ... وليس لهُ فيما رَوى قارئٌ عَدُّ وللحُصَريْ نَظْمُ السؤالِ بها وكمْ ... عليه اعتراضٌ حينَ فارَقَه الجدُّ ومن يَعْنِ وَجْهَ الله بالعلم فلْيُعَنْ ... عليه وإن عَنَّى به خانَه الجدُّ وممّن أجاب الحُصريَّ عن أبياته المسطورة قبلُ المُقرئ أبو إسحاق إبراهيمُ بنُ طَلحةَ الشاعرُ المعروفُ بابن الحَدّاد، فقال [166 ظ] [الطويل]: ألا أيُّها الأُستاذُ واللهُ راحم ... وغافرُ لهوٍ ظَلْتُمُ دَهْرَكُمْ تَشْدو ¬

_ (¬1) انظر أخبار وتراجم أندلسية (121)، وإنباه الرواة 3/ 106.

أسائلُكمْ يا مُقرِئي الغَرْبِ كلّهِ ... وما مِن سؤالِ الحَبْر عن علمِه بُدُّ بحرفَيْنِ مَدُّوا ذا وما الأصلُ مَدُّهُ ... وذا لم يَمُدُّوهُ ومِن أصلِهِ المَدُّ وقدجُمِعا في كِلْمةٍ مُستبِيبةٍ ... على بعضِكمْ تخفَى ومن بعضِكمْ تَبْدو وها أنا ذا في ذا الزّمانِ أُجيبُكمْ ... فأُسمعُ ما أسمَعْتُ قلبيَ مِنْ بَعْدُ بلفظةِ سَوْءاتٍ لَغَزْتَ وواوِها ... وبالألِفِ التالي لها الزائدُ الفَرْدُ فقلتَ عن المَدّاتِ ما المدُّ أصلُها ... وقلتَ لواوٍ أصلُها فَتْحُها المَدُّ وهذا مقالٌ منكَ غيرُ مُحرَّرٍ ... وحُكمٌ بجَوْرٍ حقُّه الفَسْخُ والرّدُّ فليتَكَ إذْ لم تُعطِ ذا الحقِّ حقَّهُ ... سكَتَّ ولم تُهْجِرْ وليتَكَ لم تَعْدُ فقلتَ وبعضُ القول عِيٌّ وغِيبةٌ ... على بعضِكمْ تخفَى ومن بعضِكمْ تَبْدو فيا ليتَ شِعري! ما دهاكَ وما الذي ... عَدابكَ عن نَهْج هُو الرُّشْدُ والقَصْدُ؟! وهل مَدَّ إلّا في ثلاثةِ أحرُفٍ ... هِيَ الأصلُ يَدرِيها وَيعرِفُها زيدُ؟ أحسَنُ منه: * يَدْري حُكمَها الحُرُّ والعبدُ * لها أُمّهاتٌ هُنّ ولَّدْنَ مَدَّها ... وهُنَّ لها أصلٌ وهُنّ لها وُلْدُ وهل مُدَّ حرفُ اللِّينِ إلّا لكَونِهِ ... يُضارعُها في المدِّ إنْ مُدَّ تمتَدُّ؟ وإن لم يُمَدَّ استَغْنأَ الدهرَ كلَّهُ ... عن المدِّ فيه واستوى الوَجْدُ والفَقْدُ وما أصلُ حرفِ اللِّين في جَمع بَيْضةٍ ... وسَوْءاتِكمْ إلّا التحرُّكُ لا الضِّدُّ قال السَّخاوي: وهذا كما قال [الوافر]: * فنَجهَلَ فوقَ جهلِ الجاهلينا * وذلك راعَى مَنْ رَواهُ لوَرْشِنا ... بقَصْرٍ ومَدُّوا سائرَ الحرفِ واعتَدُّوا لكونهِ الاولَى والأحقَّ بمدِّهِ ... لِما قد ذكَرْنا والإلهُ له الحمدُ

قال المصنِّف عَفَا اللهُ عنه: هَمزُ "استَغْنَأَ" في بيتٍ وإن لم يَمُدَّ خطأٌ لا عُذرَ عنه؛ ثُم إنّ هذه مآخذُ يُنزَّهُ عن الخوضِ فيها أهلُ العلم والوَرَع، ولا أدري ما حَمَلَ هؤلاءِ الأفاضلَ على تأويلِ ذلك على الحُصريِّ حتى جرَّأَهم على الإفحاش تعريضًا كتصريح، وتمريضًا في مَساقِ تصحيح، إلّا قوله: "ومن بعضِكم تَبْدو"، وليس فيه ما تأوَّلوهُ عليه إلّا [167 و] عند نَظَرِه بعينِ السُّخط. وأعدَلُ من ذلك في الحُكم وأجرى على ما يُناسبُ أهلَ الدِّين ويَليقُ بأُولي العلم ابتداءً وجوابًا ما كتَبَ به بعضُهم إلى المُقرئِ أبي الحَسَن شُرَيْح: "أيا راكبًا": أبو جعفرٍ أحمدُ بن عُبَيد الله بن هُرَيْرةَ القَيْسيُّ التُّطِيليُّ الأعمى (¬1)، وأبو بكرٍ محمدُ بن حَزْم المَذْحِجيّ، فأجاباه نَظْمًا باقتراح الخطيبِ المقرئ أبي الحَسَن شُرَيْح رحمَهم اللهُ أجمعين. أمّا جوابُ أبي جعفرٍ: فقولُه [المتقارب]: أتاني رسولُكَ يَقْفو الصوابَ ... فإمّا يعُمُّ وإمّا يَخُصّ بعَثْتَ إليَّ بهِ خاتَمًا ... فركَّبْتُ فيه من العلم فُصّ تُسائلُ عن مدِّ سَوْءاتِكمْ ... وقد جاء في قَصْرِهِ أصْلُ نَصّ ولكنَّ وَرْشًا رعَى أصلَها ... فلم يتَحيَّفْ ولم ينتقِصْ وصَحَّ له فتحُها عن هُذَيْلٍ ... فلم يَستعِرْ بجناحٍ أحصّ وأمّا جوابُ أبي بكر بن حَزْم فقولُه [المتقارب]: أيا مُوجِبًا في طِلابِ العلا ... ليُوضحَ من سُبْلها ما انغمَصْ ويا سائلًا عن دقيقِ العلوم ... إليكَ فقد أمكنَتْك الفُرَصْ بسَوْء اتِكمْ لم يُرَ القصرُ فيها ... على أصلِ وَرْشٍ لأمرٍ يُنَصّ ¬

_ (¬1) التطيلي الأعمى الشاعر الوشاح المشهور في عصر المرابطين (ت 525 هـ) وقد نشر الدكتور إحسان عباس ديوانه (ط. دار الثقافة، بيروت 1963 م) وليست المقطوعة التي وردت هنا مذكورة في ديوانه.

لأنْ كان ساكنُها عارضًا ... وبالفَتْح من حقِّهِ أن يُخَصّ أتاك الجوابُ فقُمْ فاقتنِصْهُ ... فقيمةُ كلِّ امرئ ما اقتَنَصْ * * * أيا راكبًا قاصدًا أرضَ حِمص ... لسَرْدِ النظوم ودَرْسِ القَصَصْ (¬1) فإمّا بَلَغْتَ فسائلْ شُرَيْحًا ... فذاكَ الذي في العلاما نَكَصْ بحرفٍ يُمَدُّ على غيرِ أصلٍ ... وقد جاء في قَصْرِه أصلُ نصّ وما حُرِّكتْ قبلَهُ أحرُفٌ ... ولا جاء بَدْءًا وبالمدِّ خُصّ ولا قبلَه حرفُ مدٍّ يُرى ... فصَيْدُك للعِلم أعلى قَنَصْ فأجابه شُرَيْحٌ وأبدى علةَ ذلك وحَضَرَ مجلسَه الأديبان. ومن منظوماتِ أبي محمدٍ: قولُه في ترتيبِ حروفِ "الأفعال" لأبي بكرٍ ابن القُوطيّة [البسيط]: لسَيْرِ هَجْرِ عميدٍ غُمْضُهُ خُلَسٌ ... حَوى جَوًى قلبُهُ كتمانُهُ سَرَفُ [167 ظ] شَج مُديرُ ضَرِيكٍ للنَّوى رَمِضٌ ... نَشْوانُ طَبُّ ظباءٍ ذاهلٌ دَنِفُ بِعادُهُ تَرَحٌ ثَواؤهُ زَلَهٌ ... فؤادهُ مُستهامٌ وامقٌ يَجِفُ إلى غيرِ ذلك مما برَّزَ فيه وأعرَبَ عن إجادتِه. وُلدَ بشاطبةَ في ذي الحِجّة من سنة ثمانٍ وثلاثينَ وخمس مئة، وتوفِّي بالقاهرة بعدَ صلاةِ العصرِ من يوم الأحَد لليلتَيْنِ بقِيَتا من جُمادى الآخِرة سنة تسعينَ وخمس مئة، ودُفنَ من الغَدِ بمقبُرة البَيْساني، وتُعرَفُ تلك الناحيةُ بسارِيةَ، وهي بسَفْح المُقَطَّم -جبَلٍ متّصلٍ بمِصرَ له في حِفظِ أجسادِ الموتَى خاصّةٌ عجيبة- وصَلّى عليه أبو إسحاقَ المعروفُ بالعِراقيّ إمامُ جامع مِصرَ حينئذٍ، وكانت ¬

_ (¬1) هذه هي الأبيات التي بعث بها صاحب السؤال إلى شريح.

1089 - قاسم بن قاسبم التجيبي، مروي، أبو محمد

جَنازتُه مشهودةً لم يتخَلَّفْ عنها كبيرُ أحد، وأسِفَ الناسُ لفَقْدِه وأتْبَعوهُ ذَكْرًا جميلًا وثناءً صالحاً وكان أهْلَه، رحمةُ الله عليه. 1089 - قاسمُ بن قاسبم التُّجيبيُّ، مَرَوِيٌ، أبو محمد. رَوى عنه أبو جعفرٍ يحيى المالَقيّ. 1090 - القاسمُ (¬1) بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن سُليمانَ بن محمد بن سُليمانَ الأنصاريُّ الأوْسيُّ، قُرطُبيٌّ نَزلَ بأخَرةٍ مالَقةَ، أبو القاسم، ابنُ الطَّيْلَسان والجَمَل. رَوى قراءةً وسَماعًا عن أُمِّه أُمِّ الفَتْح فاطمةَ بنت أبي القاسم الشَّرّاط، وأبي إسحاقَ الزَّواليِّ، وأبي الأصبَغ عيسى بن عُقابٍ، وأبي البَرَكات عبد الرّحمن السَّقْسيني (¬2)، وأبوَيْ بكر: عَتِيق ابن قَنْتَرالَ ويحيى بن أحمدَ بن سُعُود (¬3)، وآباءِ جعفرٍ الأحامدِ: الآجُرِّيِّ والأوْسيِّ وابن الأصلَع والجَيّارِ وابن يحيى، وعبد الله ابن مَسْلَمةَ، وأبوَي الحَجّاج: الجميميِّ وابن وَهْبونَ، وآباء الحَسَن: الشَّقُوريِّ وابن أبي تَمّام وابن إسماعيلَ السَّعْديِّ وابن عليّ النَّفْزيّ، وأبي الحَكَم عبد الرّحمن ابن محمد بن حَجّاج، وأبي زَيْدٍ الفازَازيِّ وابن عَيّاشٍ (¬4) واختَصَّ به، واللَّوْشيِّ وابن المعتصِم الزُّبَيْدي، وآباءِ العبّاس: القنجايريِّ وابن مِقْدام واليُسَّانيِّ، ويُكْنَى أيضًا أبا القاسم، وأبوَيْ عليّ: القُرطُبيّ والحُسَين ابن المالَقيِّ وأبي عَمْرٍو نَصْر ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3081)، والرعيني في برنامج شيوخه (10)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 383، والذهبي في المستملح (779)، وتاريخ الإسلام 14/ 421، وسير أعلام النبلاء 23/ 114، وتذكرة الحفاظ 4/ 1426، والصفدي في الوافي 24/ 160، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 23، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 192، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 261، وابن العماد في الشذرات 5/ 215. (¬2) فوقها علامة خطأ في ح. (¬3) في م ط: "مسعود". (¬4) في هامش ح: "يكنى ابن عياش هذا أبا بكر وقد نقص من الكلام شيء وقد قدم من يكنى بأبي بكر فتأمل ذلك".

الشَّقُوريِّ، وآباءِ القاسم الأحامِد: ابن بَقِيّ وابن جُرْج وابن رُشْد واليسَّاني (¬1)، وقد تقَدَّم أنه يُكْنَى أيضًا أبا العبّاس؛ وسُليمانَ عمِّه وعبدِ الرّحمن بن القاسم ابن السَّرَّاج (¬2) [168 و] ومحمد بن الخَطيب، وآباءِ محمد: ابن حَوْطِ الله وابن عَلُّوش وابن عَمْرو الخَزْرَجيِّ وابن عيسى المرقطاليّ، وأبي مَرْوانَ بن جُرْج، وأبي نَصْر فَتْح بن الفِصَال، وأجازوا له. وقرَأَ أيضًا وسَمِع كثيرًا على أبوَيْ بكر: غالبٍ خاله والحاجِّ ابن العَرَبي، وأبي الرَّبيع بن حَكَم، وآباءِ عبد الله: ابن عبد البَرًّ وابن غالب، وأظُنُّه قريبَه المدعوَّ با لأُستاذِ حمو، والقيجاطيِّ، وأبي العبّاس المَجْرِيطيِّ، وأبوَي القاسم: الشَّرّاطِ، جدِّه للأُمّ، والمَلّاحيِّ، وأبوَيْ محمد: الزَّهْراويّ وعبدِ الحقِّ بني محمد بن عبد الحقّ، ويسيرًا على أبي إسحاقَ بن سَعْدي وأبي بكر بن عبد النُّور، وآباءِ جعفرٍ: جدِّه، وابن أفلَحَ وابن حَكَم وابن خَمِيس والرَّبَضيِّ، وابن كَوْزَانةَ وتدَبَّجَ معَه، وابنِ غالب، وآباءِ الحَسَن: عبدِ الرّحمن بن حِزْبه والمكَّيَّ وابن عبد العزيز ويونُسَ بن مُغِيث، وأبوَي الحُسَين: عُبَيد الله المَذْحِجيِّ، ومَخْلَد بن بَقِيّ، وأبي الحَكَم أسَد كلعد، وأبي الخليل مُفرِّج وأبي زُرْعة رَوْح، وأبوَيْ زَيْد: الجُذَاميّ الناسِخ وابن عليٍّ الكَلْبيّ، والضّحّاكِ بَسّام وأبي طالب عبد الجَبّار، وآباءِ عبد الله: أبيه والأشطبي والبلاي والبنسوريِّ وابن الجَوْهريِّ وابن الحَجّام الواعِظ وابن خِيَار وابن الرّاح وابن سَالم والصَّيّاد والطُّلَيْطُليّ والغوني وابن عبدِ القادر وابن عليّ بن هُود، وأبي عِمرانَ ابن الفَخّار، وآباءِ القاسم: خَلَف بن يوسُفَ وزَيْد بن حَكَم وعبد الله بن جُرْج وعبد الرّحمن بن أبي السَّدَاد ومحمد بن أحمدَ القُشَيْريِّ وابن قُزْمان، وآباءِ محمد: عمَّه وتاشَفينَ وخَيْرٍ وابن أبي الخِصَال، وآباءِ مَرْوان: ابن الصَّيْقَل والمَرْوانيِّ وابن يوسُف اللَّوَاتيِّ، وأبي الوليد بن رُشْد، ولم يَذكُرْ أنهم أجازوا له. ¬

_ (¬1) من قوله: "ويكنى أيضًا أبا القاسم" إلى هنا سقط من م. (¬2) قبلها علامة خطأ في ح.

ولقِيَ أبا الحُسَين بنَ زَرْقُون، وأبا سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبا القاسم التونُسيَّ ابنَ الحَدّاد، وأبا محمدٍ عبدَ الكبير، وأبا المجدِ هُذَيْلَا، وأبا نَصْر الطُّفَيْلَ بن عَظِيمةَ، وأجازوا له. وكتَبَ إليه مُجيزًا ولم يَلْقَهُ من أهل الأندَلُس: أبو إسحاقَ الشَّطاطيُّ، وآباءُ بكر: ابنُ حَسْنُون وغَلْبُون وابنُ مَيْمُون وابنُ أبي زَمَنِين، وأبَوا جعفرٍ: ابنُ الحَصّار بن شَرَاحِيل، وابَوا الحَجّاج: ابنُ الشَّيخ وابن غُصْن، وأبَوا الحَسَن: ثابتٌ الكَلاعيُّ والغَسّاني، وأبو الخَطّاب ابنُ واجِب، وآباءُ عبد الله: ابنُ بالِغ وابنُ سَعادةَ وابن سَعِيد [168 ظ] المُراديُّ وابن نُوح وابن أبي نَضِير، وأبو عُمرَ بن عاتٍ، وأبو عِمرانَ المارْتُليُّ الزاهدُ، وأبو كاملٍ تَمّام، وآباءُ القاسم الأحمَدونَ: ابنُ أبي هارونَ وابن سَمَجُون وابنُ عبد البَرّ، وآباءُ محمد: شُعَيْبُ بن عامر، والقُرطُبيُّ وعبد الرّحمن الزُّهْريُّ وعبدُ المُنعِم ابن الفَرَس؛ ومن القادمينَ عليها: أبو بكرٍ عُمرُ المالِينيُّ الباخَرْزِي، كتَبَ إليه من مالَقةَ، وأبو زكريّا الأصبَهانيُّ نَزيلُ غَرْناطةَ، كتَبَ إليه منها؛ ومن سَبْتةَ: أبو الصَّبر الشَّهيدُ، وأبو العبّاس العَزَفي، ومِن أهل المشرِق بإفادةِ أبي إسحاقَ بن أحمدَ ابن الواعِظ المَرّاكُشيِّ: أبو الفَضْل جعفرُ بن أبي الحَسَن بن أبي البَرَكات الهَمْدانيّ، وأبو الهَيْثم عُبَيدُ الله بن أحمدَ بن أبي سَعْد بن حَمُّويَةَ المِصريُّ جمالُ الدَّين، وأبو القاسم عبدُ الرّحمن بن مكَّيِّ بن عثمانَ المِصْري، وآباءُ محمد: عبدُ الخالق بن صَالح بن عليّ بن رَيْدانَ المِسْكِيُّ فَخْرُ الدِّين، وعبدُ العظيم بن عبد القَويِّ بن عبد الله المُنذِريُّ شمسُ الدَّين (¬1)، وعبد المُهيمِن بن عليّ البُنَانيُّ المِصْريّ شِهابُ الدِّين، وأبو الحَسَن عليُّ بن إسماعيلَ بن عليّ بن حَسَن بن عَطِيّة الصُّنْهاجيُّ التّركانيُّ الأبْيَاريُّ صَدْرُ الدِّين، وأبو عبد الله محمدُ بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن حَسّانَ التَّنَّيسيّ. وبإفادة أبي العبّاس النَّباتيَّ ابن الرُّوميّة: الأحامدُ: ابنُ أحمدَ بن عليِّ بن أبي الفَضْل أبو القاسم ابنُ السمذي، وابن سُليمانَ بن أبي بكر بن سَلامةَ بن الأصغرِ البغداديّ، وابنُ عليّ ¬

_ (¬1) في هامش ح: "بل المعروف في نعته: زكي الدين".

ابن الحُسَين الغَزْنَويُّ الأصل أبو الفَتْح، وابنُ أبي الحَسَن محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن إبراهيمَ أبو العبّاس ابنُ صِرْما، وابنُ يحيى بن عليّ بن محمد أبو منصور ابنُ البَرّاج، وآرْسَلانُ بن عبد الله السَّيَّدي، وإسماعيلُ بن إبراهيمَ بن محمد الشَّهْرسْتَانيُّ أبو محمد، والأنجَبُ بن أبي الحَسَن بن أبي العِزَّ الدّلّال، وتُرْكُ بن محمد بن بَرَكةَ الخُزَيْميُّ العَطّار أبو بكرٍ ابنُ سَوادةَ، وثابتُ بن مُشرَّفِ بن أبي سَعْد بن إبراهيمَ الخَبّازُ الأزَجيُّ البَنّاءُ أبو محمد ابنُ شِسْتان، والحَسَنان: ابنُ إسحاقَ بن أبي منصور موهوبِ بن أحمدَ بن محمد ابن الخَضِر أبو عليّ ابنُ الجَوالِيقيّ، وابنُ عليّ بن يونُسَ البلعديّ، والحُسَين بن عُمرَ بن نَصْر بن الحَسَن ابن باز أبو عبد الله، وخَلَف بن محمد بن خَلَف الكَنْزِيّ أبو الذُّخْر، ورَيْحانُ [169 و] بن تيكانَ بن مُوسَك بن عليّ الكُرْديُّ الضَّريرُ وكتَبَ عنه، والسَّعيدانِ ابنا المحمدَيْن: ابن محمد بن سَعِيد ابن الرَّزَّاز (¬1) وابن ياسين أبَوا منصور، وصَدَقةُ بن عليّ بن جَدْوانَ أبو البِرّ ابنُ البَيِّع (¬2)، وعبدُ الله بن الحُسَين بن عبد الله العُكْبُراوِيُّ الضَّريرُ أبو البقاء وكتَبَ عنه، وعُبَيدُ الله بن عليّ بن المُبارَك بن الحُسَين بن نَغُوبا الواسطيُّ أبو المَعالي، وابنُ المُبارَكِ بن إبراهيمَ بن مُختار ابن السَّيِّدي، وأعبُدُ الرّحمن: ابن أبي سَعْد بن أحمدَ بن تُمَيرةَ وابنُ أبي بكر بن عبد العزيز الخَبّازُ الحكيم وكتَبَ عنهما، وابن إسحاقَ بن أبي منصُور موهوبِ بن أحمدَ بن محمد بن الخَضِر أبو إسحاقَ ابنُ أبي منصُور موهوبِ بن أحمدَ بن محمد بن الخَضِر أبو إسحاقَ ابنُ الجَوالِيقيّ، وابنُ سَعْد الله بن أَبي الرَّضا أبو الفَضْل الطَّحّان، وابنُ عُمرَ بن أبي نَصْر بن عليّ بن عبد الدايم الواعِظُ أبو محمد ابنُ الغَزال، وعبد السّلام: ¬

_ (¬1) في النسخ: "الرواز"، وهو تحريف، وتنظر ترجمته في تاريخ الإسلام 13/ 470. (¬2) هكذا في النسخ وفوقها علامة خطأ في ح، والصواب: "صدقة بن جَرْوان بن علي بن منصور ابن الببغ"، والببغ: بباءين موحدتين، الأولى مفتوحة والثانية ساكنة بعدها غين معجمة، هكذا قيده ابن نقطة في إكمال الإكمال 1/ 342. وتنظر تكملة المنذري 2/الترجمة 1660 والتعليق عليها، وتاريخ الإسلام 13/ 471.

ابن عبد الله بن أحمدَ بن بَكْرانَ الدّاهِريُّ أبو الفَضْل، وابنُ عبد الرّحمن ابن الأمِين أبي منصورٍ عليِّ بن عليّ بن عُبَيد الله أبو الحَسَن ابنُ سُكَيْنة، وعبدُ العزيز بن دُلَفَ ابن أبي طابي الخازِنُ، وعَبْدا اللّطيف: ابن عبد الوهّاب بن محمد بن عبد الغَنيّ بن محمد بن عبد الغَنيّ بن محمد بن جَرِيرٍ الطَّبَريّ وابنُ المُعمَّر أبَوا محمد، وعبدُ الوهّاب بن أبي المظفَّر بن أبي البَرَكات عبد الوهّاب أبو البدر الصَّفّارُ وكتَبَ عنه؛ وعَدِيُّ بن حَجّاج بن بُرْهان، والعَلِيَّان: ابن أبي الفَرَج محمد بن جعفر (¬1) بن أبي المَعالي البَصْريُّ الحَنْبليُّ (¬2) أبو الحَسَن ابنُ كُبّة، وابنُ يونُسَ بن أحمدَ بن عُبَيد الله بن هِبة الله ابن البَيِّع (¬3)، والعُمَرانِ: ابن القاسم بن المُفرّج ابن الخَضِر التَّكرِيتيُّ أبو عبد الله وابن أبي بكرٍ محمد بن أحمدَ بن الحُسَين، وابن جابر أبو نَصْر المُقرئ، والمحمّدونَ: ابن أحمدَ بن صَالح بن شافع الجِيليُّ وابنُ عُمرَ بن الحَسَن بن خَلَف القَطِيعيُّ أبو الحَسَن ابنُ قَبِيحة، وابنُ أبي نَصْبر إسحاقَ بن محمد بن أبي الحَسَن هليل (¬4) بن أبي عليّ الحَسَن بن أبي إسحاقَ بن هليل بن هارُونَ الصّابي، وابنُ بِهْرَام بن عليّ بن بِهْرَام وابنُ سعيد، وأبَوا عبد الله: ابن سَعِيد بن يحيى بن عليّ الدُّبَيْثيّ وابنُ عبد الرّحمن بن محمد، وابن عبد الرّحمن (¬5) بن أبي العِزِّ الواسِطي أبو الفَرَج، وابن محمد بن أبي حَرْب بن ¬

_ (¬1) في النسخ: "بن أبي جعفر"، وهو خطأ فهو: علي بن محمد بن جعفر، ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال 5/ 88، وابن الدبيثي في تاريخه 4/ 578، والمنذري في التكملة 3/الترجمة 2746، والذهبي في تاريخ الإسلام 14/ 150، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 7/ 282 وغيرهم. (¬2) في م: "الحنفي". (¬3) فوقها علامة خطأ في ح. (¬4) تسهيل اسم "هلال". (¬5) في النسخ: "وابن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن" ولا يستقيم؛ لأن محمد بن عبد الرحمن بن أبي العز الواسطي يكنى أبا الفرج، وهو مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 1/ 407، وتاريخ إربل لإبن المستوفي 1/ 138، وتكملة المنذري 3/الترجمة 1817، وتاريخ الإسلام 13/ 558 وغيرها، ومحمد بن عبد الرحمن الآخر هو أبو عبد الله.

عبد الصَّمد أبو الحَسَن النَّرْسِيّ (¬1)، وابنُ محمود (¬2) بن أبي محمد الحَسَن أبو [169 ظ] عبد الله النَّجّار، وابنُ أبي منصور بن أبي طاهِر بن هِبة الله بن مَرْزُوق الخَيّاطُ أبو عبد الله، والمحمودانِ (¬3): ابنُ أبي العزِّ الفارِسيّ الكازَرُونيّ وابنُ واثق (¬4)، والحَسَنُ بن عليّ الجرى (¬5) أبو القاسم ابنُ السَّمّاك، والمحتضَرُ بن عبد الله الصُّوفيُّ عَتِيقُ أبي مَسْعودٍ الثّقفيّ أبو العزّ وكتَبَ عنه، ومظفَّرُ بن عليّ بن محمد بن المظفَّر، والمُهذَّبُ بن أبي الحَسَن عليّ بن أبي نَصْر بن عُبَيد الله أبو نَصْر ابنُ قُنيدة (¬6)، ومَكِّيُّ بن أبي طاهِر بن [أبي] (¬7) العزِّ بن حَمْدونَ الطّيبي (¬8)، ويحيى بن سَعْدِ الله بن الحُسَين ابن تَمّام التَّكريتيُّ أبو الفَرَج (¬9)، وكتَبَ عنه، واليوسُفَان: ابنُ عليِّ بن يوسُفَ بن شَرِيف بن عبد الله الباذبيني (¬10) أبو العزّ، وابن عُمرَ بن ¬

_ (¬1) تاريخ الإسلام 13/ 821. (¬2) في النسخ: "وابن محمد بن محمود"، وهو خطأ، فهو: محمد بن محمود بن الحسن مؤرخ بغداد المشهور المتوفى سنة 643 هـ. (تاريخ الإسلام 14/ 478). (¬3) في م ط: "والمحمود"، خطأ. (¬4) هو محمود بن واثق بن الحسين ابن السماك أبو الشكر العطار المتوفى سنة 617 هـ، ترجمه المنذري في التكملة 3/الترجمة 1741، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 531. (¬5) فوقها علامة خطأ في ح، ولعل الصواب: "وابن واثق بن الحسن بن علي" على أن ابن السماك يكنى أبا الشكر، ووجود اسم "الحسن" بعد ابن واثق لا يصح من حيث الترتيب الذي اعتاده المؤلف، والله أعلم. (¬6) في النسخ: "قبيدية"، محرف، وهو من جهل المؤلف أو النساخ بتراجم المشارقة والصواب ما أثبتنا، وقيده المنذري فقال: "بضم القاف وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف وبعدها دال مهملة مفتوحة وتاء تأنيث" (التكملة 3/الترجمة 2262)، وينظر تاريخ الإسلام 13/ 822، والتقييد لإبن نقطة (462) وغيرهما. (¬7) زيادة متعينة، فتنظر تكملة المنذري 3/الترجمة 3092، وتاريخ الإسلام 14/ 330. (¬8) في النسخ: "الطبري" وهو تحريف، فانظر ترجمته في الحاشية السابقة. (¬9) هكذا في النسخ، والمحفوظ في كنيته: "أبو الفتوح"، وهو مترجم في تاريخ ابن الدبيثي كما في المختصر المحتاج 3/ 242، وتاريخ الإسلام 13/ 567. (¬10) في النسخ: "الباذيني"، محرف.

محمد بن عُبَيد الله أبو المحاسِن ابنُ نِظام الملِك (¬1)، وأبو بكر بنُ أبي القاسم الحَجْريّ النَجّاد. وقَفْتُ على خطوطِهم وخطِّ مَن كتَبَ عنه منهم لعُذرِه له بالإجازة، وعلى خطِّ أبي العبّاس ابنُ الرُّومية وغيره عن إذْنِ أبي العبّاس باستدعاءِ الإجازةِ منهم. وأجاز له من مِصرَ: شرَفُ الدِّين أبو محمد عبدُ الوهّاب بن عَتِيق بن عبد الرّحمن بن عيسَى بن وَرْدانَ القُرَشيُّ مَوْلى عبد الله بن سَعْد بن أبي سَرْح العامِريّ فيما أرى، فقد ذَكَرَ أبو سعيد بن يونُس في "تاريخ أهل مِصرَ" -من جَمْعِه- وَرْدانَ، وقال فيه: مَوْلى عبد الله بن سَعْد بن أبي سَرْح، قد ذُكر في أهل مِصرَ، وقيل: إنّ الذي قَدِمَ مِصرَ ابناهُ موسى وعيسى، وهذا عندي أصحُّ، وعَقِبُه بمِصرَ إلى اليوم لهم الخَطُّ الذي يُعرَفُ بخطِّ بني وَرْدان، وذَكَرَ عيسى بنَ وَرْدانَ مَوْلى عبد الله بن أبي سَرْح (¬2)، وذَكَرَ محمدَ بنَ أحمد بن عبد الله بن هاشِم بن عبد الجَبّار بن عبد الرّحمن بن عيسى بن وَرْدان، وقال فيه: العامِريُّ مَوْلى عبد الله ابن أبي سَرْح؛ فأرى عبدَ الوهّابِ هذا من ذُرِّية عبدِ الرّحمن بنْ وَرْدانَ المذكور، واللهُ أعلم، وذَكَرَ أيضًا موسى بن وَرْدانَ وسعيدَ بن موسى وغيرَهم، وقال فيهم: إنّهم مَوالي عبد الله بن سَعْد بن أبي سَرْح. واستجازَ له شَرَفَ الدِّين بنَ وَرْدانَ جماعة، منهم: [170 و] الأحمَدانِ ابنا المحمدَيْن: أبو عبد الله الأَزْديُّ بَدْرُ الدِّين وابنُ عبد العزيز بن الحُسَين بن عبد الله السَّعْديُّ أبو الفَضْل ابنُ الجَبّاب (¬3)، ومَكِينُ الدِّين أبو عليّ الحَسَن بن عليّ بن عبد المُهيمِن بن جعفر، ومَجْدُ الدِّين أبو عليّ الحَسَن بن عَقِيل بن شَرِيف بن رِفاعةَ بن غَديرٍ السَّعْدي (¬4)، وأبو القاسم حمزةُ بن عليِّ بن عُثمانَ ¬

_ (¬1) تاريخ الاسلام 13/ 567. (¬2) من قوله: "قد ذكر في أهل مصر" إلى هنا: سقط من م. (¬3) في م ط: "الجياب"، مصحف. (¬4) تاريخ الإسلام 13/ 466.

المَخْزوميُّ بهاءُ الدين، وآباءُ عبد الله المحمَّدونَ: ابنُ الحُسَين ابن المُجاورِ وابنُ عُمرَ بن يوسُف الأنصاريُّ القُرطُبيُّ وابنُ محمد بن أبي عليّ النُّوقَانيُّ شمسُ الدِّين، وأبو بكر بنُ محمد بن محمدِ بن يَبقَى بن جَبَلةَ (¬1) الخَزْرَجيّ، وهُو أخو أبي الحَسَن؛ وجَمالُ الدّين أبو المختارِ مُرتضَى بن العَفِيف أبي الجُود حاتم بن مُسَلَّم بن أبي العَرَب الحارِثي، وأبو الحَرَم (¬2) مكِّيُّ بن نِعمةَ الدُّونيُّ المَقْدِسيُّ نورُ الدّين، وعبدُ السلام بنُ الحَسَن بن عبد السّلام الفِهْريُّ سِرَاجُ الدين ابنُ الطُّوَيْر (¬3)، وابنُ عليّ بن منصور الكِنَانيُّ الدِّميَاطيُّ تاجُ الدين، وعبدُ الصَّمد ابن عبد الله بن هارونَ اللَّخْميُّ تَقِيُّ الدّين، آباءُ محمد، والعَلِيُّونَ آباءُ الحَسَن: ابنُ عبد الله شمسِ الدِّين ابن العَطّار وابنُ محمد بن رجال الشافِعيُّ وابن هِبة الله بن سَلامةَ بن المُسلم جمالُ الدِّين، وابنُ يوسُفَ بن عبد الله بن بُنْدَار كمالُ الدِّين. وبسؤالِ ابن وَرْدانَ وابن الواعظ: كمالُ الدّين أبو إسحاقَ إبراهيمُ بن عبد الرّحمن بن الحُسَين السَّعْديُّ ابن الجَبَّاب، وأبو عليّ الحُسَين بن الأنجَب المَقْدِسيُّ، وأبو الغنائم المُظفَّرُ بن عبد الله بن العبّاس بهاءُ الدِّين، وأبو محمدِ نَصْرُ الله بن صَالح بن عبد الله الشافعيُّ المِصْري بدرُ الدِّين، وأبو القاسم عبدُ الرّحمن بن محمد بن إسماعيلَ القُرَشيُّ، وعبد العزيز بن أبي الفَتْح أحمدُ بن عُمرَ بن سالم بن باقِ البَزّارُ جَمالُ الدِّين، وابنُ سَحْنُون الغُمَاريُّ شِهابُ الدِّين، وعبدُ الصَّمد بن داودَ بن محمد بن سَيْفِ الأنصاريُّ الشافعيُّ الغَضَاريُّ كمالُ الدِّين، آباءُ محمد، وأبو الرَّبيع سُليمانُ بن أحمد السَّعديُّ ابن المُغَرْبل (¬4) ¬

_ (¬1) في م: "جلبة"، محرف. (¬2) في م ط: "الحزم"، مصحف. (¬3) تاريخ الإسلام 13/ 507. (¬4) في النسخ: "العزقد" وهو تحريف ظاهر، وترجمته في تكملة المنذري 3/الترجمة 2683، وتاريخ الإسلام 14/ 106 وتوفي سنة 633 هـ.

كمالُ الدِّين، وهُمامُ بن راجِي المِصريُّ سِرَاجُ الدِّين أبو محمد (¬1). وبسؤالِ ابن وَرْدانَ وابنِ العَرَبي الحاجِّ أبي بكر: زينُ الدِّين أبو الطاهِر إسماعيلُ بن ظافِر بن عبد الله العُقَيْليّ (¬2) [170 ظ] وبسؤال أبي بكرٍ ابن العَرَبي: أبو محمدِ كمالُ الدِّين بن (¬3) عبد القَويِّ بن عبد العزيز بن الحُسَين بن عبد الله السَّعْديّ ابنُ الجَبَّاب، وبسؤالِ أبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ وابنِ الواعظ: كمالُ الدِّين أبو اليُمْن بَرَكاتُ بن ظافِر بن عَساكرَ الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ (¬4)، وبسؤالِ أبي جعفر بن إبراهيمَ بن كوزانةَ: شَرَفُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ بن أبي المكارم المُفَضَّل بن عليّ بن المُفرِّج المَقْدِسيّ؛ وممّن أجاز له منهم ولا أعرِفُ الآنَ من سألَه ذلك لهُ: أبو محمدِ عبدُ الرّحمن بن عليّ بن عثمانَ بن يوسُفَ القُرَشيُّ المِصْريُّ، وَيغلِبُ على ظنّي أنه بسؤالِ ابن الواعِظ، واللهُ أعلم؛ وله شيوخٌ سوى مَن ذُكِر. رَوى عنه غيرُ واحد، وحدَّثنا عنه من شيوخِنا: صِهرُه أبو عبد الله بن عَيّاش وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيّ. وكان من جِلّة المُقرِئين ومتقدّمي المجوِّدينَ وكبارِ المحدّثينَ المُسنِدين، عُني طويلًا أتمَّ العناية بشأنِ الرّواية واستكثَرَ من الإفادة واشتُهِرَ بالضَّبطِ والإتقان وانقَطعَ إلى خدمةِ العِلم وتقييدِ الآثار وتخليدِ الفوائد والتواريخ، وتفنَّن في المعارِف؛ تصَدَّر للإقراءِ وإسماع الحديثِ والإفادة بما كان عندَه، وعُرِف بالثّقةِ والعدالةِ والنَّزاهة وسَرَاوةِ النفْس وحَسنِ الخَطّ. ¬

_ (¬1) زاد في م: "وأبو الربيع". قلنا: وهمام هذا لا نعرفه، والمحفوظ من هذه الطبقة من العلماء المصريين هو: هُمام بن راجي الله بن سرايا بن ناصر بن داود، جلال الدين أبو العزام المتوفى سنة 630 هـ, وهو مترجم في تكملة المنذري 3/الترجمة 2457، وتاريخ الإسلام 13/ 944. (¬2) تاريخ الإسلام 13/ 735. (¬3) هكذا في النسخ، وكذا يكون ابنًا لعبد القوي ابن الجباب المتوفى سنة 621 هـ وعبد القوي ترجمته مشهورة فتنظر تكملة المنذري 3/الترجمة 2002 وتعليقنا عليها، ولا ندري صحة هذا النص. (¬4) تاريخ الإسلام 14/ 132.

1091 - قاسم بن محمد بن أحمد الأنصاري، أبو محمد

وصنَّفَ فيما كان يَنتحلُه من العلوم مصنَّفات، منها: "الجواهرُ المُفصَّلات في تصنيفِ الأحاديثِ المسَلسَلات" وقَفْتُ عليها بخطِّه، ومنها: "التبيينُ عن مناقبِ مَن عُرِف قَبْرُه بقُرطُبةَ من الصَّحابة والتابعينَ والعلماءِ والصّالحين" في مجلَّدٍ متوسِّط، وقال فيه ابنُ الأبّار: "الصّالحينَ من الأندَلُسيِّين"، وليس كذلك، ومنها: "مختصَرُ" هذا الكتاب في كُنَّاشٍ لطيف وقَفْتُ عليه بخطّه، ومنها: "زَهَراتُ البساتين ونَفَحاتُ الرّياحين في غرائبِ أخبارِ المُسنِدين ومناقبِ آثارِ المهتَدين" ضمَّنه أسماءَ معظم شيوخِه، وقَفْتُ عليه في مجلَّد جيِّد، ومنها: "اقتطافُ الأنوار واختطافُ الأزهار من بساتينِ العلماءِ الأبرار" وهو اختصارُ "زَهَراتِ البساتين" المذكور، ومنها: "بيانُ المِنَن على قارئ الكتاب والسُّنَن" وقَفْتُ عليه في سِفْر متوسِّط بخطِّه، ومنها: "ما وَرَدَ من تغليظِ الأَمر على شَرَبَةِ الخمر"، إلى غيرِ ذلك ممّا شُهِدَ له [171 و] بسَعة الرّواية وتمكُّن الدِّراية. فَصَلَ عن قُرطُبةَ، رجَعَها اللهُ دارًا للإسلام، بعدَ تغلُّب الرُّوم عليها آخرَ ثلالثى وثلاثينَ وست مئة، ونزَلَ مالَقةَ فقُدّم للصّلاة والخُطبة بجامع قَصَبتِها، والتزَمَ ذلك إلى أن توفّي بها في شهرِ ربيع الآخِر سنةَ ثِنْتينِ وأربعينَ وست مئة، ومولدُه سنةَ خمسٍ وسبعينَ وخمس مئة أو نحوَها (¬1). 1091 - قاسمُ بن محمد بن أحمدَ الأنصاريُّ، أبو محمد. سَمِعَ أبا الحَجّاج ابنَ الشّيخ. 1092 - القاسمُ بن محمد بن أبي بكر بن عاصِم بن أبي بكر (¬2) التُّجيبيّ، بَلَنْسيّ، ابنُ القُدْرة. رَوى عن أبي الحَسَن بن خِيَرةَ، وأبي الرَّبيع بن سالم، وكتَبَ إليه مجُيزًا من مكّةَ شرَّفَها اللهُ بَشِيرُ بن أبي بكر بن حامِد بن سُليمانَ الجَعْديُّ التِّبرِيزي. ¬

_ (¬1) في هامش ح: "وقيل: سنة ست". (¬2) قوله: "بن عاصم بن أبي بكر" سقطت من م ط.

1093 - قاسم بن محمد بن تبع الهاشمي، قرطبي -فيما أحسب- أبو محمد

1093 - قاسمُ بن محمد بن تُبَّعٍ الهاشِميُّ، قُرطُبيّ -فيما أحسبُ- أبو محمد. رَوى عن أبي الحَسَن ابن الفَقّاص، وأبي القاسم ابن الطَّيْلَسان. 1094 - قاسمُ بن محمد بن خَلَف بن يبقى الكَلْبيُّ، إشبِيليٌّ, أبو محمد. رَوى عن أبي إسحاقَ بن محمد الأطْريَاني. 1095 - قاسمُ بن محمد بن سَعِيد التُّجيبيُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهلِ العلم والعدالة، حيًّا سنةَ ثمانينَ وثلاث مئة. 1096 - القاسمُ (¬1) بن محمد بن عبد الرّحمن بن القاسِم بن دَحْمانَ الأنصاريُّ، مالَقيٌّ، أبو محمد. وقد تقدَّم رَفْعُ نَسَبِه وذكْرُ أوّليّتِهم في رَسْم عمِّه القاسم. رَوى عن عمِّه المذكورِ، وأبي مَرْوانَ بن قُزْمان وسواهما، وتصَدَّر للإقراءِ بمالَقة، وكان له حَظٌّ من العربيّة ودَرَّسها، وتوفِّي في نحو عشرينَ وست مئة. 1097 - القاسمُ بن محمد بن عبد العزيزِ بن عبد الله الأنصاريُّ، أندَلُسيٌّ. 1098 - قاسِمُ بن محمدِ بن عليّ بن قاسم الأنصاريُّ، بَلَنْسيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنة سبع وتسعينَ وخمس مئة. 1099 - القاسِمُ بن محمدِ بن عليّ بن محمد بن إبراهيمَ الهَمْدانيُّ، وادِيَاشيٌّ، ابنُ البَرّاق. وهُو والدُ الراوِية الأديبِ أبي القاسم ابن البَرّاق. رَوى كثيرًا عن أبيه واختَصَّ به وأجازَ له، وله إجازةٌ من آباءِ بكر: أحمدَ بن عبد الرّحمن بن جُزَيٍّ ومحمد بن أحمدَ بن أبي جَمْرةَ ويحيى بن عبد الجَبّار، وأبي تَمّام غالبِ بن محمد العَوْفيّ، وأبي الحَسَن نَجَبةَ، وأبوَيْ عبد الله: ابن حَمِيد وابن الفَخّار [171 ظ] , وأبي ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1307)، وابن الأبار في التكملة (3079)، والذهبي في المستملح (777)، وتاريخ الإسلام 13/ 618.

1100 - قاسم بن محمد بن علي بن محمد بن عمران الأنصاري، بلنسي

العبّاس بن مَضَاءٍ، وأبي العَطاءِ وَهْب بن نَذِير، وأبي عَمْرٍو عثمانَ بن الجُمَيِّل، وأبوَي القاسم: ابن حُبَيْش والسُّهَيْليّ، وأبوَيْ محمد: الحَجْريّ وعبدِ المُنعِم ابن الفَرَس. 1100 - قاسِمُ بن محمدِ بن عليِّ بن محمد بن عِمرانَ الأنصاريُّ، بَلَنْسيٌّ. كان من أهلِ العلم، حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. 1101 - القاسمُ (¬1) بن محمد بن عليٍّ الأنصاريُّ الحارِثيُّ، مَرَوِيٌّ، أبو القاسم، ابنُ الأصفَر. تَلا على أبي الحَسَن بن محمد الزُّهْريِّ البَسْطيِّ، وأبي عبد الله بن هِشَام الفِهْريّ، ورَوى عن أبوَيْ بكر: عَتِيق بن قَنْتَرال وعِصام بن أبي جعفرٍ، وآباءِ جعفر: ابن حُجّةَ وابن قاسم وابن وَهْب، وأبي الحَجّاج بن بَقاءٍ اللَّخْميِّ الغَرْناطيِّ، وآباءِ عبد الله: ابن بالِغ الخَطيب وابن صَاحبِ الأحكام وابن طاهِر بِوادي آشَ، وابن غالبٍ حَمّو وابن يَربُوع، وأبي العبّاس بن إبراهيمَ الخُشَنيِّ، وأبي القاسم المَلّاحي، وآباءِ محمد: الكَوّابِ والقُرطُبيِّ وعبد الصَّمد اللَّبْسي. رَوى عنه غيرُ واحد من أهلِ بلدِه وسِواه، وحدَّثنا عنهُ أبو محمد مَوْلى سَعِيد بن حَكَم عمّن كتَبَ إليه؛ وكان من جِلّة المُقرِئينَ وكبار المحدِّثين، تصَدَّر للإقراءِ ببلدِه طويلًا وذلك كان الغالبَ عليه، وأسمَعَ الحديثَ وأدَّبَ بالعربيّة، وأسَنَّ فأخَذَ عنهُ الآباءُ والأبناء، وعُرِفَ بالفَضْل والصّلاح والدِّين المَتِين، وأَمَّ في الفريضة بالقَصَبة من المَرِيّة، وكُفَّ بصرُه، نفَعَه اللهُ. مولدُه سنةَ إحدى وتسعينَ وخمس مئةٍ بالمَرِيّة (¬2). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3082)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 384. (¬2) في هامش ح: "وتوفي بالمرية في ذي قعدة من سنة ست وسبعين وست مئة وكان أولًا يكنى أبا محمد ثم التزم أخيرًا التكني بأبي القاسم وذكر أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - المنام وكناه بأبي القاسم، رحمه الله تعالى".

1102 - قاسم بن محمد بن قاسم بن أصبغ، قرطبي بياني الأصل

1102 - قاسمُ بن محمد بن قاسِم بن أصبَغَ، قُرطُبيٌّ بَيَّانيُّ الأصل. كان من بيتِ علم وجَلالة، فقيهًا فاضلًا مُبرِّزًا في العدالة، حيًّا سنةَ خمس وعشرينَ وأربع مئة. 1103 - قاسمُ بن محمد بن قاسم الصَّدَفيُّ، أرْشَذُونيٌّ. رَوى عن أبوَي القاسم: ابن حُبَيْش والسُّهَيْليِّ، وأبوَيْ عبد الله: ابن حَمِيد وابن (¬1) الفَخّار وأبي محمد بن بُونُهْ. وكان مُكْتِبًا فاضلًا مُقرِئًا صالحًا ذا عنايةٍ بروايةِ الحديثِ وتقييدِه، وتوفِّي في حدودِ الثلاثينَ وست مئة. 1104 - قاسمُ (¬2) بن الحاجِّ محمد بن مُبارَك الأُمَويُّ مَوْلاهُم، إشبِيليٌّ، أبو محمد، ابنُ الحاجّ والزَّقّاقُ. وقال فيه أبو الحَسَن بنُ خَرُوف: قاسم بنُ عبد الله الحاجُّ، وغَلِطَ فيه. رَوى عن أبي جعفرِ ابن المُرخِيّ، وآباء الحَسَن: [172 و] شُرَيْح وعَبّاد بن سِرْحانَ ويونُسَ بن مُغيث، وآباءِ عبد الله: أحمدَ الخَوْلانيِّ (¬3) وجعفرٍ حفيدِ مكِّي وابن لُبّ وابن نَجاح، وآباءِ عليّ: الجَيّانيِّ وحُسَين بن عَرِيب ومنصُور بن الخَيْرِ واختَصَّ به، وأبوَي القاسم: ابن بَقِيّ وابن رِضا، وأبي محمد شُعَيبٍ اليَابُريِّ، وأبي مَرْوانَ بن قُزْمان. رَوى عنه أبو إسحاقَ بنُ سيِّد أبيه، وأبو الحَسَن بنُ حَمّاد، وابن خَرُوف، وأبو الحُسَين ابنُ الصايغ، وأبو الصَّبر الشَّهيد، وأبَوا عبد الله: ابن عبد الحقّ التِّلِمْسينيُّ وابنُ قاسم بن محمدِ بن غالبِ القُضَاعيُّ، وأبو القاسم عبدُ الرّحيم ¬

_ (¬1) سقطت من م ط. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3075)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 378، والذهبي في المستملح (773)، وتاريخ الإسلام 12/ 201، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 24، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 196، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 513. (¬3) في هامش ح: "أنكر شيخنا أبو جعفر ابن الزبير أن يكون روى عن الخولاني، ونفى ذلك".

1105 - القاسم بن محمد، أندلسي، أبو محمد

ابن المَلجُوم، وآباءُ محمد: ابنُ أحمدَ بن عَلوش وعبدَ العزيز بن عبد الرّحمن القَيْسيُّ وقاسمُ بن محمد بن عبد الله القُضَاعيّ ابنُ الطَّويل، وأبو المجدِ هُذَيْل ابن محمد. وكان مُقرِئَا مجوِّدَا متقدِّمًا في صَنْعة التجويد، متحقِّقَا بالنَّحوِ ماهرًا فيه، أديبًا حافظًا حَسَنَ الخُلُق مُتواضِعًا، لقِيَ مشايخَ جِلّةً، وقَيَّدَ كثيرًا، وعُنِي بالعِلم عنايةً تامّة (¬1)، وصَنَّف في السَّبع "البديعَ"، وكان كثيرٌ من الشيوخ يُؤْثِرونَه على مُعظَم ما صَنَّف في فنِّه، وإنه لكذلك (¬2)، وأقرَأَ طويلًا بإشبيلِيَةَ وبفاسَ وبِسَلَا وغيرِها، وتوفِّي بِسَلَا في شهرِ رَمَضانِ تسع وخمسينَ وخمس مئة. 1105 - القاسمُ (¬3) بن محمد، أندَلُسيٌّ، أبو محمد. رَحَلَ وحَجّ، ورَوى عن أبي ذَرّ الهَرَويِّ، وأبي العبّاس أحمدَ بن عليّ بن الحَسَن الكِسَائيّ، وسَمِعَ بسُوسَة من أبي محمد الحَسَن بن عبد الله الأجْدَابي. رَوى عنه أبو عبد الله محمدُ بن عليّ بن عُمرَ المازَرِيُّ وغيرُه، وكان مُكْتِبًا فاضلًا زاهدًا صالحًا خَيِّرًا. 1106 - القاسمُ (¬4) بن مَسْعود، بَجّانيٌّ، أبو بكرٍ. كان رجُلًا صالحًا إمامًا في الفريضة، صاحبًا لأبي محمدٍ عبد الله بن محمد القُضَاعيِّ المُقرِئ مَقرُون، وعنهُ حَكَى أبو عَمْرٍو في "الطَّبَقات" تاريخَ وفاةِ مَقرونٍ هذا. 1107 - قاسمُ بن مَسْعود. ¬

_ (¬1) سقطت من م. (¬2) في م ط: "لذلك". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3072). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3070).

1108 - قاسم بن موسى بن العاص بن عبد الله بن كليب بن ثعلبة بن عبيد بن مبشر بن لوذان بن سلامة بن مالك بن الحسحاس بن عامر بن أنمار بن زنباع بن مازن بن [172 ظ] كنانة بن سعد بن مالك بن زيد بن أفصى بن إياس بن حرام بن جذام الجذامي، قرطبي

رَوى عن القاضي أبي بكرِ ابن العَرَبي (¬1). 1108 - قاسمُ (¬2) بن موسى بن العاص بن عبد الله بن كُلَيْبِ بن ثَعْلبةَ بن عُبَيد بن مُبشِّر بن لوذَانَ بن سَلامةَ بن مالِك بن الحَسْحاسِ بن عامِر بن أنْمارِ بن زِنْبَاع بن مازِن بن [172 ظ] كنَانةَ بن سَعْد بن مالِك بن زيد بن أفْصَى بن إياسِ بن حَرام بن جُذَام (¬3) الجُذَاميُّ، قُرطُبي. طلَبَ العِلمَ، وتصَرَّفَ في الأمانات، ووَليَ قضاءَ إشبيلِيَةَ وقَرَمُونةَ ولَبْلةَ للناصِر، وكان من بيتِ جَلالةِ ونَباهة. 1109 - القاسِمُ بن يوسُفَ بن زُهيرِ بن قاسم المَعافِريّ، مَيُورْقيٌّ فيما أرى. أجازَ له أبوه يوسُفُ المذكور. 1110 - قاسِمُ بن يونُسَ بن محمد بن أحمدَ بن النُّمَيْر الأنصاريُّ، شَرِيشيٌّ، فيما أظُنّ. 1111 - قاسِمٌ المؤدِّب. نقَلتُ من خطِّ عبد البَرِّ جامع أبي شبيث ما نصُّه: وبخطِّه -يعني أبا القاسم حاتمَ بنَ محمد الطَّرابنشيَّ (¬4) - قال: بَعَثَ قاسم المؤدِّبُ إلى أحدِ الأُمراءِ حَجَلًا وكتَبَ إليه: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أصلَحَ اللهُ الأميرَ سيِّدي، وحَفِظَه وأتَمَّ النعمةَ عليه؛ وَصَفْتُ ما بعَثْتُ به إلى الأمير أعزَّه اللهُ في هذه الأبيات، صَنَعَ اللهُ للأمير سيِّدي وأبقاه اللهُ وكفَاه [السريع]: ¬

_ (¬1) ها هنا ترجمة مزيدة في هامش ح وهي: "قاسم بن مشرف بن هاني اللخمي الغافقي، إلبيري سكن غرناطة وروى عن مشايخها. وكان فقيهًا جليلاً توفي ضحى يوم الأربعاء منتصف شعبان ست وخمسن وأربع مئة". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3065). (¬3) ورد هذا النسب في ترجمة محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن كليب بن ثعلبة -وفيه "يزيد" مكان زيد- في تاريخ ابن الفرضي (1177) وإلى وروده في ابن الفرضي أشار المعلق في هامش ح. (¬4) في م ط: "الطرابلسي" محرفة، وطرابنش: مدينة من مدن صقلية.

1112 - قاصد بن علي بن يعمر بن بكبر اليعمري، أبذي، أبو المكارم

أهدَيْتُ للماجدِ والمُجتبَى ... سبعًا وعَشْرًا من دَجاج الجَبَلْ وهْي يَعاقيبُ إذا حُصِّلَتْ ... وكلُّها ما لم تُحَصَّلْ حَجَلْ أتَتْكَ أحياءً (¬1) كما صادَها ... في شَبَكٍ ذو حِيَلٍ مُحْتبِلْ مُحمرَّةَ الأفواهِ مخضوبةَ ... الأرجُلِ زِينَتْ بصفاءِ المُقَلْ كأنّها في قَفَصٍ خُرَّدٌ ... مقصُورةٌ في خِدرِها تَندخِلْ (¬2) 1112 - قاصدُ (¬3) بن عليّ بن يَعمُرَ بن بَكبر اليَعمُريُّ، أُبَّذِي، أبو المكارم. رَوى عن أبي بكر بن حَسْنُون ولزِمَه كثيرًا واعتَمَدَه، وأبي الحَجّاج ابن الشَّيخ، وابنَيْ حَوْطِ الله، وأبوَيْ عبد الله: ابن جعفر بمُرْسِيَةَ والحَصّار ببَلَنْسِيَةَ، وأبي محمد ابن القُرطُبيّ. وكان من أهل الحقّ (¬4) والإتقانِ والعِلم بطُرُق الرِّواية وضَبْط الأسانيد، شهيرَ الأصالةِ ببلدِه، قديمَ التعيُّنِ فيه (¬5). 1113 - قَحْطانُ بن أحمدَ بن محمد بن إبراهيمَ الكَلْبي. رَوى عن أبي محمد الرُّشَاطيّ. 1114 - قَطَنُ (¬6) بن خُزَزَ بن اللَّجْلاج بن سَعْد بن سَعِيد بن محمد بن عُطارِدِ ابن حاجِب بن زُرَارةَ بن عدس بن زيد بن عبد الله بن دارِمٍ التَّميميُّ، جَيّانيٌّ. ¬

_ (¬1) في ح: "أحيانًا". (¬2) في هامش ح: "ثقل، رحمه الله". (¬3) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 392. (¬4) في هامش ح: "لعله الحذق". (¬5) في هامش ح: "ولي قضاء المناكح بسبتة سنة خمس وأربعين وولي بعد ذلك القضاء ببعض جهات مالقة وتوفي بها بعد سنة خمسين وست مئة" (قلنا: هذا من صلة الصلة). (¬6) ترجمه ابن حارث الخشني في قضاة قرطبة (99)، وابن الأبار في التكملة (3119)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 391.

1115 - قند بن نجم، قرطبي، أبو القاسم

ذَكَرَه الرُّشَاطيُّ عن عَرِيب في رَسْم اللَّجْلَاجِيِّ من حرفِ اللام، وقال فيه: وَلّاه الحَكَم قضاءَ الجماعة بقُرطُبة، نقَلتُه من خطِّه -ويعني بالحَكَم: ابنَ هِشام الرَّبَضيَّ- وذَكَرَهُ ابنُ حارِث، [173 و] وذَكَرَه أبو محمد بنُ حَزْم في "جَماهِرِه" (¬1) وزادَ في نَسَبِه عُمَيْرًا بينَ محمد وعُطارِد وذَكَرَ أنه والدُ بِشرٍ قاضي قُرطُبةَ؛ وذَكَرَ السالِميُّ بِشْرًا هذا وعَدَّه في قُضاة قُرطُبةَ للحَكَم، وقال الحكيمُ: إنه وَلِي قضاءَ جَيّان. 1115 - قِنْدُ (¬2) بن نَجْم، قُرطُبيٌّ، أبو القاسم. كان من طبقةِ مَسْلَمةَ بن أحمدَ المَجْرِيطيِّ في التحقُّق بالفلسفة، أخَذَ عنه أبو عبد الله بنُ الحَسَن الكَتّاني. 1116 - قُومِس بن باسُه بن قُومس. رَحَلَ مُشرِّقًا؛ وكان من أهل العلم، حيًّا بمِصرَ سنةَ ستٍّ وخمسينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) الجمهرة: 221 (الطبعة الأولى). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3110).

الكاف

الكاف (¬1) 1117 - كريمُ بن إسماعيلَ العَبْدريُّ، بَلَغِيّ. كان من أهل العلم والتبريز في العدالة، حيًّا سنةَ أربع وثلاثينَ وأربع مئة. 1118 - كمالُ بن عليّ (¬2) بن أحمدَ بن محمد بن كمالٍ التَّميميُّ، مَرَوِيّ. كان عاقدًا للشُّروط عَدْلًا فقيهًا، من بيتِ جَلالة، حيًّا سنةَ إحدى عشْرةَ وست مئة. 1119 - الكُمَيْتُ (¬3) بن الحَسَن، سَكَنَ سَرَقُسْطةَ، أبو بكر. رَوى عنه أبو عبد الله الحُمَيْديُّ بعضَ شعرِه، وكان أحدَ شُعراءِ عمادِ الدولة أبي جعفرٍ ابن المُستعين بالله أبي أيّوبَ بن هُود. 1120 - كَوْثَرُ (¬4) بن سُليمانَ بن الطُّفَيْل بن عبّاس بن مُعاويةَ بن المَضَاء ابن عبّاس بن عامِر بن الطُّفَيْل بن مالِك بن رَبيعةَ بن عَلْقَمة بن علافةَ (¬5) بن عَوْف ابن الأحوَص بن جعفرِ بن الحارِث العَبْدريُّ البَكْريُّ؛ بَكْرَ وائل (¬6)، إشبِيليّ. كان أحدَ الأئمة في القرآن. 1121 - كَوْثَر بن يونُس بن خَلَف البَلَويُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي القاسم عبدِ الرّحمن بن خَلَف بن عَفِيفةَ، وكان مُقرِئًا نَحْويًّا. ¬

_ (¬1) ها هنا ترجمة مزيدة بهامش ح وهي: "كامل بن عبد الرحمن الأنصاري جبلي من جبل العيون بغرب الأندلس، أبو الفضل وأبو محمد. كان من أهل الفضل والصلاح منقبضًا عن الناس ماهرًا بالقرآن من التالين له، ذا حظ من الفقه وولي الإمامة والخطبة معًا بجامع نصر ... ولم يزل عليهما إلى حين وفاته". (¬2) "بن علي"، مكررة في م. (¬3) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (784)، والضبي في بغية الملتمس (1315)، وابن الأبار في التكملة (954)، وابن سعيد في المغرب 1/ 370، وله ذكر في نفح الطيب 3/ 453 وسماه: الكميت البطليوسي. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (956). (¬5) كذا في الأصول بالفاء والمشهور: "علاثة". (¬6) أكثر النسب يدل على أنه كلابي جعفري عامري فكيف أصبح في نهاية النسب بكريًا؟

اللام

اللامُ 1122 - لاوي (¬1) بنُ إسماعيلَ بن رَبيع بن سُليمان، طَرْطُوشيٌّ، وأصلُه فيما قيل من غَرْب العُدوة. تَلا بالسَّبع على أبي داودَ الِهشَامي، وصَحِبَه عشْرَ سنينَ أوّلُها إحدى وثمانونَ، وأكثَرَ عنه بدانِيَةَ وغيرها، ورَوى أيضًا عن أبي عليّ الصَّدَفي مَقْدَمَهُ من المشرِق. 1123 - لُبُّ (¬2) بن أحمدَ بن عبد الوَدودِ بن غالبِ بن زَنُّون، مُرْبَيْطريٌّ، أبو عيسى. رَوى عن أبي عبد الله بن سَعادةَ وغيرِه. وكان أديبًا بارعًا، شاعرًا مجُيدًا، كان أبو الرّبيع بنُ سالم يُكثرُ الثّناءَ عليه ويَشهَدُ بإبداعِه في نَظْمِه (¬3). [173 ظ] 1124 - لُبُّ (¬4) بن حَسَن بن أحمدَ التُّحيبيُّ، بَلَنْسيٌّ، أبو عيسى، ابنُ الخَصْم. تَلا بالسَّبع على أبي بكر بن نُمَارةَ، وأبي الحَسَن ابن النِّعمة، وأبي جعفر بن طارق، وبحَرْف نافع على أبي الحَسَن بن هُذَيْل. أخَذَ عنه أبو بكر بنُ مُحرِز، وأبو القاسم بن الوَليِّ، وأبو محمد بن مَطروح. وكان رجُلًا صالحًا معلِّمًا بالقرآنِ مُشارًا إليه بإجابةِ الدّعوة. توفِّي بدانِيةَ قبلَ عشْرٍ وست مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (967)، وفي معجم أصحاب القاضي الصدفي (80). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (962). (¬3) ها هنا ترجمة مزيدة في هامش ح وهي: "لب بن أمية: شاطبي أبو عيسى؛ أخذ عنه أبو عمر بن عات، وكان خطيبًا أديبًا، رحمه الله تعالى". (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (964)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 246، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 34، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 199، وله ذكر في برنامج الوادي آشي (57).

1125 - لب بن حسن، أبو عيسى

1125 - لُبُّ (¬1) بن حَسَن، أبو عيسى. رَوى عن أبي بحرٍ الأسَديّ سنة خمسَ عشْرةَ وخمس مئة. 1126 - لُبُّ (¬2) بن خَلَف بن سَعِيد المَعافِريُّ، أندَلُسيٌّ. رَحَلَ حاجًّا، وعَلَّق عنه أبو الطاهرِ السِّلَفيُّ بعضَ فوائدِه. 1127 - لُبُّ بن سُليمانَ بن لُبِّ بن سُليمانَ بن محمد بن هُود الجُذَاميُّ، وَشْقيٌّ أبو عيسى. رَوى عن أبي محمد بن محمدِ بن سَعْدونَ بن مُجيب الضَّرير. 1128 - لُبُّ بن عبد الله بن أحمدَ، بَلَنْسيٌّ. كان من أهل العِلم، بارعَ الخَطّ، حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. 1129 - لُبُّ (¬3) بن عبد الله بن لُبِّ بن أحمدَ الرُّصَافىُّ؛ رُصَافةَ بَلَنْسِيَةَ، أبو عيسى. أخَذ النَّحوَ عن أبي الحَسَن ابن النِّعمة. رَوى عنه معظَمُ شيوخ بَلَنْسِيَةَ، وكان متحقّقًا بالنَّحو إمامًا فيه درَّسه كثيرًا. وتوفِّي في نحوِ التسعينَ وخمس مئة. 1130 - لُبُّ (¬4) بن عبد الجَبّار بن عبد الرّحمن، شَنْتَمَريٌّ؛ شَنْتَ مَرِيّةِ الشَّرق، أبو عيسى، ابنُ وَرَهزن. سَمِعَ أباه، والقاضيَ أبا بكرٍ ابنَ العَرَبي، لقِيَه بكوليةَ: من الثّغورِ الشَّرقيّة، إذْ غَزاها معَ الأميرِ أبي بكر بن عليِّ بن يوسُفَ بن تاشَفين، في جُمادى الآخِرة سنةَ ثِنتينِ وعشرينَ وخمس مئة؛ وأبا مَرْوانَ بن غَرْدَى. ¬

_ (¬1) سقطت هذه الترجمة من م ط. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (961)، وأبو طاهر السلفي في معجم السفر 332. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (963)، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 269. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (958).

1131 - لب بن عبد الملك بن أحمد بن محمد بن نذير بن وهب بن نذير الفهري، شنتمري؛ شنت مرية الشرق، أبو عيسى

رَوى عنه أبو عُمرَ بن عَيّاد؛ وكان فقيهًا واستُقضيَ بأخَرةٍ من عُمُرِه في بلدِه مُضافًا إلى البُونْت، وقد كان وَليَ الأحكامَ بشاطِبة، وتوفِّي سنةَ ثمانٍ وثلاثينَ وخمس مئةٍ وقد نَيَّف على السِّتين. 1131 - لُبُّ (¬1) بن عبد الملِك بن أحمدَ بن محمد بن نَذير بن وَهْب بن نَذيرٍ الفِهْريُّ، شَنْتَمَريٌّ؛ شَنْتَ مَرِيّةِ الشرق، أبو عيسى. رَوى عن أبيه. رَوى عنه ابنُه أبو العطاءِ وَهْب، وكان فقيهًا واستُقضيَ ببلدِه وِراثةً عن أبيه، ثُم سُعيَ به إلى السُّلطان فغَرَّبَه وأسكَنَه بَلَنْسِيَةَ، إلى أن توفِّي بها بعدَ الأربعينَ وخمس مئة. 1132 - لُبُّ (¬2) بن عليّ بن محمد الأنصاريُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بكر بن أحمدَ بن عبّاس سنةَ ستٍّ وثمانينَ وخمس مئة [174 و]. 1133 - لُبُّ بن عليّ بن يوسُفَ بن عبد الوارِث بن أحمدَ بن محمد بن عبد الوارِث السُّلَميُّ، ابنُ صاحبِ الصلاة (¬3). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (959). (¬2) هذه الترجمة مكررة في ح. (¬3) ها هنا ترجمة مزيدة في هامش ح وهي: "لب بن عمر بن جراح الأنصاري: إشبِيلي المولد في قول أبي إسحاق البلفيقي الأصغر، نزل سبتة، ومراكشي المولد في قول ابن فرتون، وقال ابن مسدي فيه: السبتي، والأول أصح إن شاء الله، أبو عيسى وأبو علي والأولى أشهرهما، ابن جراح. تلا بالسبع على أبي زكريا الهوزني الإشبيلي نزيل سبتة بها وتأدب بأبي الحسن ابن خروف، وأبي ذر الخشني، وقرأ بغرناطة على أبي الحسن بن كوثر: النجم والكوكب للإقليجي؛ وعلى أبي عبد الله بن عروس: بعض كتاب سيبويه، وعلى أبي القاسم إسماعيل التونسي ابن الحداد: كشاف الزمخشري ومقصورة ابن دريد وغير ذلك، وأجازوه خلا ابن عروس. أخذ عنه أبو إسحاق البلفيقي، وأبو العباس بن فرتون، وأبو المكارم بن مسدي، وغرهم. ومن شيوخه: أبو فارس عبد العزيز بن إبراهيم الجزري الشقري ثم التلمسيني نزيل سبتة. وأقرأ كتاب سيبويه وغيره من كتب النحو بسبتة مدة ولم يكن بالماهر في ذلك، وكان موسومًا بالخير والصلاح والعفاف. وتوفي بسبتة بين العشاءين من ليلة الثلاثاء ثانية شوال ثمان وثلاثين وست مئة. وصلى عليه من الغد إثر الصلاة، ودفن بمقبرة زجلو داخل المدينة".

1134 - لب بن محمد بن إشكانة الأنصاري، بلغميي

1134 - لُبُّ بن محمد بن إشكانةَ الأنصاريُّ، بَلَغمييّ. كان من أهل العِلم والعدالة، حيًّا سنةَ أربع وثلاثينَ وأربع مئة. 1135 - لُبُّ بن محمد بن الحُسَين بن سَعِيد بن الخَصِر، مَيُورْقيٌّ، أبو عيسى. رَوى عن أبيه، وله إجازةٌ من أبي زكريّا المُصَلِّي بمسجدِ العَيْثم من مِصرَ. 1136 - لُبُّ (¬1) بن محمد بن سِرْحانَ بن سيِّد الناس المَعافِريُّ، شاطِبيٌّ، أبو عيسى. رَوى عن عمِّه أبي الحَسَن عَبّاد. 1137 - لُبُّ (¬2) بن محمد بن محمد، شاطِبيّ بَلَنْسيُّ الأصل، أبو عيسى البَلَنْسيُّ. صَحِبَ أبا عُمر بن عاتٍ، وأطال مُلازمتَه وأكثَرَ عنه، وأبا الخَطّاب بنَ واجِب وأبا عبد الله بنَ سَعادةَ المُعمَّرَ وغيرَهم (¬3). وكان من أهل الثِّقةِ والعدالة ذاكرًا للحديثِ صاحبَ أُصولٍ عتيقة. توفّي بشاطِبةَ غُرّةَ جُمادى الأولى سنةَ إحدى وثلاثينَ وست مئة. 1138 - لُبُّ بن محمد بن وَهْب بن نَذيرٍ الفِهْرِيُّ، بَلَنْسيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. 1139 - لُبُّ بن محمد. كان فقيهًا جَليلًا واستُقضىَ ببَلَغِي، وكان بها قاضيًا سنةَ ستٍّ وثلاثينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (960). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (965). (¬3) في هامش ح: "أخذ عنه أبو بكر بن مسدي وقال: سألته عن مولده فقال: في حدود سنة ستين".

1140 - لب بن أبي عامر بن نذير الفهري، بلنسي، أبو عيسى

1140 - لُبُّ بن أبي عامر بن نَذير الفِهْرِيُّ، بَلَنْسيٌّ، أبو عيسى. رَوى عن أبي الرَّبيع بن سالم، لعلّه الذي يليه قَبلَه. 1141 - لُبُّ بن يوسُفَ الصَّدَفيُّ، أبو الوليد. رَوى عن شُرَيْح. 1142 - لوعاش بن محمد بن أبي الخَيْر، أبو الحَمْأة. رَوى عن أبي الخَطّاب بن واجِب. 1143 - لو عاش بن الحَسَن بن محمد اللَّخْميُّ، مَيُورْقيٌّ. كان عاقدًا للشُّروطِ عَدْلًا، حيًّا سنةَ ثَنْتينِ وتسعينَ وخمس مئة. 1144 - اللَّيثُ بن أحمدَ بن حُرَيْث العَبْدريُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العِلم والعدالة، بارعَ الخَطّ، حيًّا سنةَ سبع وثمانينَ وأربع مئة. 1145 - اللَّيثُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن اللَّيث، قُرطُبيٌّ. رَوى عن أبيه أبي عَمْرو، وكان من أهلِ الأدبِ البارع، وهُو كان الأغلبَ عليه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (966).

الميم

الميم 1146 - محمدُ بن أحمدَ بن أحمدَ الأنصاريّ، قُرطُبيّ. كان من أهل العلم [175 ظ] والتبريز في العَدالة، حيًّا سنةَ ثمانينَ وثلاث مئة. 1147 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن أَبَانٍ الشَّعْبانيُّ، رُنْديٌّ، أبو عبد الله. تَلا القرآن على أبي مَرْوانَ بن الطُّفَيْل. تَلا عليه بالسَّبع أبو عليّ الرُّنْديُّ وعندَه تأدَّب بالقرآن، وكان مُكْتِبًا محمودًا عارِفًا بالقراءاتِ ضابِطًا لها متصدِّرًا للإقراءِ ببلدِه، مذكورًا بفَضْلٍ ودينٍ مَتِين. وتوفِّي في حدود سبع وستينَ وخمس مئة. 1148 - محمدُ بن أحمدَ بن إبراهيمَ بن أسد الجُذَاميُّ، غافِقيٌّ (¬2)، أبو بكر. رَوى عن أبوَي الحَسَن: شُرَيْح وابن [....] (¬3) الزُّهْري، ولعلّه الغَرْناطيُّ المذكورُ بعدُ قريبًا من آخِر المحمَّدِينَ من بني أحمدَ، واللهُ أعلم. 1149 - محمدُ بن أحمدَ بن إبراهيمَ بن عبد الله الأنصاريُّ، إشبِيليٌّ فيما أحسِب. رَوى عن أبي العبّاس بن مُنذِر بن جَهْوَر، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، حيًّا في صَفَرِ ثلاثينَ وست مئة. 1150 - محمدُ بن أحمدَ بن إبراهيمَ بن عبد الرّحمن الضَّبِّيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحُسَين بن مَعْدَان، وأبي عليّ بن سُكّرةَ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1467). (¬2) في هامش ح: "حصن غافق من نظر قرطبة". (¬3) بياض في النسخ.

1151 - محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عيسى بن هشام بن جامع بن جراح ابن لواء الأنصاري الخزرجي، من ولد زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب ابن جشم بن الخزرج، أو من ولد زريق بن عامر بن زريق المذكور، جياني، أبو عبد الله، البغدادي؛ لطول سكناه إياها، وإليه ينسب مسجد البغدادي بجيان

1151 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن إبراهيمَ بن عيسى بن هِشَام بن جامع بن جَرّاح ابن لواءٍ الأنصاريُّ الخَزْرَجيّ، من وَلَد زُريق بن عبد حارِثة بن مالكِ بن غَضْبِ ابن جُشَم بن الخَزْرج، أو مِن وَلَد زُريق بن عامر بن زُرَيقٍ المذكور، جَيَّانيّ، أبو عبد الله، البغداديُّ؛ لطُولِ سُكناهُ إيّاها، وإليه يُنسَبُ مسجدُ البغداديِّ بجَيّانَ. رَوى ببلدِه عن مَشْيَختِه، وبقُرطُبةَ عن أبي عبد الله بن فَرَج، وأبي عليّ الغَسّاني، وأبي محمد بن عَتّاب، وأبي الوليدِ هِشام بن العوّاد. ورَحَلَ إلى المشرِق، فسَمِعَ بالإسكندَريّة أبا بكر بنَ الوليد الطَّرْطُوشيَّ، وبمكَّةَ شرَّفَها اللهُ أبا عبد الله الحُسَين بنَ عليّ الشَّيْبانيَّ الطَّبَريَّ [....] (¬2) عن جماعة من جِلّة عُلمائها كأبي بكرٍ محمد بن أحمدَ الشاشِيّ، وأبي الحَسَن عليِّ بن محمد بن عليّ الطَّبَري المعروفِ بإلكيَا هَرّاس (¬3)، ولزِمَه طويلًا وتفَقَّه به، وأبي طالبٍ الحُسَين بن محمد الزَّيْنَبي، وأبي عبد الله، ويقال فيه: أبو بكر، محمدِ بن أبي بكر بن محمد بن أبي نَصْر التَّميميِّ القَيْرَوانيِّ البارع في معرفةِ الأصُول، وأبي عليّ الحُسَين بن [176 و] أحمدَ بن عليِّ بن جعفرٍ الشَّقَّاق، وأبي [عبد الله محمد بن عتيق] (¬4) بن أبي كُدْيةَ، وغيرهم بمِصرَ والشام والمَوْصل. ثُم قَفَلَ إلى بلادِ المغرِب، وذلك في حدودِ خمسةَ عشَرَ وخمس مئة. رَوى عنه أبو بكر بنُ مُؤمن، وآباءُ الحَسَن: ابنُ خَلَف بن غالب، وابن الضَّحّاك وابن مُؤمن ومحمدٌ الشَّقُوريّ، وأبو الخَليل مُفرِّجُ بن سَلَمةَ، وآباءُ عبد الله: ابن أحمدَ بن الصَّيْقَل وابن أحمدَ بن حَمِيد والنُّمَيْريّ، وأبو العبّاس بن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1337)، والذهبي في المستملح (98)، وتاريخ الإسلام 11/ 895، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (262). (¬2) بياض في النسخ، ويصح مكان البياض أن يقال: "وأخذ ببغداد". (¬3) الكيا الهراسي (تاريخ الإسلام 11/ 52). (¬4) بياض في النسخ، وما بين الحاصرتين مستفاد من ترجمته في تاريخ الإسلام 11/ 198 وهو قيرواني الأصل، كان مدرس علم الكلام بنظامية بغداد، وبها توفي سنة 512 هـ.

عبد الرّحمن بن الصَّقْر، وأبو عليّ الحَسَن بن عبد الرّحمن بن عبد رَبِّه، وأبو القاسم عبدُ الرّحيم ابن المَلْجُوم، وأبَوا محمد: ابن عُبَيد الله وابن عليّ بن خَلَف، وغيرُهم. وكان فقيهًا حافظًا مُشاوَرًا عارِفًا بأُصُولِ الفقه، وصَنَّفَ في مسائل الخلاف "تعليقته" المشهورَة في سبعة أسفار؛ وذَكَرَ أنهُ بَعَثَ حينَ قَدِمَ إلى المغرِب ونَزلَ مدينةَ فاسَ بشيءٍ منها إلى أبي موسى عيسى بن يوسُفَ ابن المَلْجُوم فقال: هذه شِعْرا (¬1)، يعني استحسانًا لها واستعظامًا لِما احتَوَتْ عليه. ومن مصنَّفاتِه: كتابُ "أسرارِ الإيمان" في سِفر، وقد كان استَظهَرَ في صِغَرِه قبلَ خروجِه منٍ بلدِه "تهذيبَ المُدوَّنة" لأبي القاسم البَرَاذِعيّ، وعُنِي بحفظِ مسائل الفقه عنايةً تامّة، وهُو كان مُعظَمَ علمِه. وكان أوّلَ قدومِه من المشرِق إلى المغرِب (¬2) نَزلَ مدينةَ فاسَ وقَعَدَ بغَرْبيِّ جامع القَرَوِّيينَ منها يدرِّسُ الفقهَ، وأقام بها مُدّة، ثم تحوَّل إلى بلدِه جَيّان، فجلسَ فيها بمسجدِه المنسُوبِ إليه للوَعْظ والقَصَص وإيرادِ حكاياتِ الصالحين، ونَحا مَنْحَى الزُّهد، وكانت العامةُ تنتابُ مجلسَه، واستمرَّ على ذلك من حالِه إلى عام تسعةٍ وثلاثينَ، أو أربعينَ، وخمس مئة، فخَرَجَ من بلدِه للفتنةِ الدَّهْماءِ التي اجتاحَتْه وأزعَجَت أهلَه عنهُ حتّى لم يَبْقَ بها إلا عاجزٌ عن النُّقْلة لضَعْفٍ أو هَرَم أو مَن لا يُؤبَهُ له، نعوذُ بالله من الفِتَن، وما تجُرُّه من ضروب المِحَن؛ فقَصَدَ مدينةَ فاسَ ونَزلَها عامَ أربعةٍ وأربعين، وأقام بها يدرِّسُ الفقهَ وأُصولَه ومسائلَ الخلاف، وأُخِذ عنه مصنَّفاتُ شيخِه أبي [176 و] الحَسَن إلكِيَا هَرّاس، وسُئل عن معنى هذا اللفظِ فقال: معنى إلكِيَا: الحبر (¬3)، وكان لأبيه عَبِيدٌ يعمَلونَ الهَرِيسةَ فنُسِب إلى ذلك. ولم يزَلْ أبو عبد الله البغداديُّ بفاسَ مُقبِلًا على نَشْر العلم وإفادتِه إلى أن توفِّي بها يومَ الجُمُعة لخمسٍ بقِينَ من ذي الحِجّة عامَ ستةٍ وأربعينَ وخمس مئة، ¬

_ (¬1) كذا في الأصول، وله وجه من تخريج النحويين. (¬2) في م ط: "إلى أن". (¬3) المحفوظ أن إلكيا: هو الكبير القدر المقدم.

1152 - محمد بن أحمد بن إبراهيم الكلبي، أبو بكر

قاله أبو القاسم ابنُ المَلْجُوم. قال: وأخبَرَني أنّ مولدَه يومُ الخميس ثاني عيدِ الأضحى عامَ سبعينَ وأربع مئة، وقال ابنُ الزُّبَيْر: إنّ وفاتَه كانت في ذي القَعْدة، ووافَقَ في سائرِه؛ وقال أبو العبّاس بنُ الصَّقْر: إنه توفِّي سنةَ ثمانٍ وأربعينَ، واليدُ بما قالهُ ابنُ المَلْجُومِ أوثَقُ؛ لضَبْطِه وحضورِه إيّاه، واللهُ أعلم. 1152 - محمدُ بن أحمدَ بن إبراهيمَ الكَلْبيُّ، أبو بكر. رَوى عن شُرَيْح. 1153 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن إبراهيم، أبو بكر. كتب عنه أبو القاسم ابن بَشْكُوال. 1154 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن أبي بكر بن فَرْح -بسُكون الراءِ والحاءِ الغُفْل- الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ، قُرطُبيٌّ استَوطَنَ مُنْيَةَ ابن خَصِيب من أرض مِصر. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1353). (¬2) ترجمه عز الدين الحسيني في صلة التكملة (1157)، والبرزالي في المقتفي 1/ الورقة 35، والذهبي في تاريخ الإسلام 15/ 229، والصفدي في الوافي 2/ 122، وابن شاكر في عيون التواريخ 21/ 27، وابن فرحون في الديباج المذهب 2/ 208، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 80، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 7/ 65، والمقري في نفح الطيب 2/ 210، وابن العماد في الشذرات 5/ 335. كتب الحافظ أحمد بن أيبك الدمياطي (ت 749 هـ) مُضيفًا إلى ترجمة عز الدين الحسيني في صلة التكملة ما يأتي: "ذكره شيخنا أبو محمد عبد الغفار بن محمد بن عبد الكافي الشَّمُّوني في معجم شيوخه، وأورد عنه حديثًا بإجازته من عبد الوهاب بن رواج وابن الجميزي، قالا: أخبرنا السلفي. ثم قال: صحب جماعة، منهم: الشيخ أبو العباس القرطبي وقرأ عليه الكثير. وصنّف كتبًا، منها: كتاب التفسير الذي سماه "أحكام القرآن والمبين لِما تضمَّن من السُّنة وآي القرآن"، وكتاب "التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة"، و"الأسنى في شرح أسماء الله الحُسنى"، و"الإعلام بما يجب على الأنام من معرفة مولد المصطفى عليه السلام"، وكتاب "قمع الحرص بالزهد والقناعة ورد ذل السؤال بالكتب والشفاعة" وهو أربعون بابًا، و"الزَّجز المنظوم في بعض ما خصّ الله تعالى نبيه المختوم". =

1155 - محمد بن أحمد بن أبي بكر العبدري، أبو عبد الله

تَلا بالسَّبع في بلدِه على أبي جعفر بن أبي حُجّة، ورَوى عن أبي عامر بن رَبيع وأكثَرَ عنه، ورَحَلَ إلى المشرِق ورَوى هنالك عن أبي العبّاس أحمدَ بن عُمرَ الأنصاريِّ القُرطُبي، وأبوَيْ محمد: عبد المُعطي بن محمد بن عبد المُعطي اللَّخْميِّ الإسكندَرانيّ وعبد الوهّاب بن ظافِر بن عليِّ بن فُتُوح بن أبي الحَسَن القُرَشيّ ابن رَوَاج، وأكثَرَ عنه. حدّثنا عنه أبو جعفر بنُ الزُّبَيْر، كتَبَ إليه من مِصرَ، وكان من أهل العلم بالحديثِ والاعتناءِ التامّ بروايتِه، حيًّا سنةَ ثمانٍ وخمسينَ وست مئة. 1155 - محمدُ بن أحمدَ بن أبي بكرٍ العَبْدريّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الرَّبيع بن سالم. 1156 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن أبي صُوفةَ الحَجْريُّ، قُرطُبيٌّ سكَنَ الجزيرةَ الخَضْراءَ، أبو عبد الله. رَوى عنه أبو عبد الله القَبَاعيُّ. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا مُفْتِيًا راوِيةً للحديث منسُوبًا إلى العلم به، فقيهًا حافظًا عارِفًا بالنّوازل بَصِيرًا بطُرُقِ الفَتْوى، نَحْويًّا ¬

_ = اجتمعتُ به بمنية بني خصيب، فرأيت آثار الصلاح لائحة عليه، وسألته عن مصنفاته المذكورة، فأخرجها لي، فقرأت عليه من كتاب "التذكرة" أوراقًا من أوله، وناولني سائر ها، وناولني بقية الكتب المذكورة خلا كتاب "التفسير"، فإنه لم يكن عنده إلا المجلد الذي أوله سورة يوسف، وأذن لي في رواية ذلك كله عنه. ثم كتب لي الإجازة بخطه. وكان اجتماعي به بمُنية بني خصيب في أوائل سنة إحدى وسبعين وست مئة، ثم سافرت إلى الصعيد الأعلى، ثم عُدت في أواخر شوال من السنة المذكورة فأُخْبرتُ بوفاته ليلة التاسع من شوال من السنة المذكورة. نقلت ذلك من خط شيخنا عبد الغفار المذكور". وجاء في هامش ح تعليق بخط مخالف لخط التجيبي عن المترجم به ونصه: "هذا هو أبو عبد الله المفسر مصنف التفسير والأحكام، أحكام القرآن الذي لا نظير له، فضله أشياخنا التأخرون على أكثر ما بالأيدي من التفاسير وهو في نحو من ثلاثين مجلدًا، وصنف كتاب التذكرة بأحوال الدنيا وأمور الآخرة مجلدان، واختصر التمهيد وزاد زيادات مناسبة وتكلم على الآثار في خمسة أسفار، وكان من العلماء العاملين ومن الأئمة المعتمدين، نفع الله به". (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1194).

1157 - محمد بن أحمد بن أبي طالب [177 و] اللخمي

ماهرًا، وَرِعًا زاهدًا، شُووِرَ بقُرطُبةَ، ووَليَ قضاءَ الجزيرةِ الخَضْراء، وكان حيًّا سنةَ ثلاثَ عشْرةَ وخمس مئة. 1157 - محمدُ بن أحمدَ بن أبي طالب [177 و] اللَّخْميُّ. رَوى عن أبي الحَسَن بن هشام الشَّرِيشيّ. 1158 - محمدُ بن أحمدَ بن أبي العافية الإيَاديّ، قُرطُبيّ [...] (¬1). كان رجُلًا فاضلًا من أهل العِلم والصَّلاح، أَمَّ (¬2) في الفريضة بمسجدِ أُمّ هشام، واستَأْدبَه المأمونُ ابنُ المُعتمِد بن عَبّاد لوَلَدِه، وكان حيًّا سنةَ ثلاثٍ وثمانينَ وأربع مئة. 1159 - محمدُ بن أحمدَ بن أبي عامر، قُرطُبي. كان حيًّا سنةَ ستَّ عشْرةَ وخمس مئة. 1160 - محمدُ بن أحمدَ بن أبي العَيْش بن فُرَيْخ -تصغيرَ فَرْخ بالخاءِ المعجَم- إشبِيليٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي إسحاقَ بن مُلْكُون. رَوى عنه أبو الأصبَغ عبدُ العزيز بن محمد بن فَرَج، وأبو الحَسَن بن يحيى بن عَمْرِيلَ، وأبو بكر بن يوسُفَ أبو العافية، وإبراهيمُ بن عليّ بن محمد العَبْدريُّ، وعليُّ بن إبراهيمَ الأرْكَشيّ، ومحمدُ بن أحمدَ بن شَجَرةَ (¬3) ومُفرِّج بن محمد بن مُفرِّج. 1161 - محمدُ بن أحمدَ بن أبي غالب العَبْدريُّ [....] (¬4) أبو عبد الله. رَوى عنه أبو محمد بن إبراهيمَ التُّطيليّ، وكان فقيهًا حافظًا نَحْويًّا ماهرًا، وقَفْتُ له على "شَرْح الجُمَل" من تأليفه بخطِّه، وسَمّاه بـ "المُنتخَل"، وهو مختصَرٌ مفيد، واستُقضيَ. ¬

_ (¬1) بياض في النسخ. (¬2) "أمّ": سقطت من م ط. (¬3) في م ط: "شحرة". (¬4) بياض في النسخ.

1162 - محمد بن أحمد بن أبي الفتح بن منصور البكي، بواحدة، ابن الرائس

وتوفِّي بمَرّاكُشَ صَدْرَ يوم الأربعاءِ لتسع خَلَوْنَ من رَمَضانِ ستٍّ وعشرينَ وست مئة، وصَلّى عليه أبو أُمَيّةَ إسماعيلُ بن سَعْدِ السُّعود بن عُفَيْر بمقبُرةِ تَامَر اكُشْت. وذَكَرَ أبو جعفر بنُ الزُّبَيْر ما نَصّه: محمدُ بن أبي العبّاس أحمدَ بن أبي غالب، من أهل مالَقةَ ومن بيتِ علم وأدب، يُكْنَى أبا عبد الله؛ كان أديبًا كاتبًا وشاعرًا مطبوعًا، رَوى عنه أخوه أبو داودَ سُليمانُ بعضَ شعرِه، وذَكَرَه أبو عَمْرو بنُ سالم، وتوفِّي بمَرّاكُشَ سنةَ ستٍّ وعشرينَ وست مئة. فيظهَرُ من بعض ما ذَكَرَه به أنه المترجَمُ به. وقد كان ذَكَرَ قبلُ بينَ من توفِّي في محرَّم ومَن توفِّي آخرَ رجَب، وكلاهما من سنة ستَّ عشْرةَ وست مئة -ما نصُّه: محمدُ بن أبي العبّاس أحمدَ بن أبي غالب العَبْدريّ، يُكْنَى أبا عبد الله؛ كانت له مُشاركةٌ في فنونٍ من العلم كالفقه وأُصُولِه والعربيّة وغيرِ ذلك، ووُلوعٌ بالمنطِق حتى شَرَحَ كتاب "المُستصفَى" فما زادَ على أنْ أرى في مسائلِه كيفيّةَ الإنتاج بإظهارِ المُقدِّمتَيْنِ في كلِّ مسألةٍ مسألة وما تُنتجُه ورَدِّها إلى ضُروبِها من الأشكال [177 ظ] المَنطِقيّة على مَراتبِها، وقلّما تعَرَّضَ لغيرِ هذا وما سَئِم منه ولا كَلَّ على طُول الكتاب. وألّف في العربيّة تأليفًا مختصَرًا لا بأسَ به، أمّا شَرْحُه فأقلُّ شيءٍ فائدة، ووَلِيَ القضاءَ، وكذلك أبوه أبو العبّاس، وَقَفْتُ على ما ذكَرْتُه من تأليفِه. انتهى. ويظهَرُ من بعضِ ما ذَكَرَه به أيضًا أنه المترجَمُ به، ويُقطَعُ بأنّهما عندَه رجُلانِ؛ لذِكْرِه إيّاهما في طبَقتَيْنِ، وشارحُ "المُستصفَى" و"الجُمَل" هو الذي ترجَفنا به، لا محالةَ، وهُو المتوفَّى بمَرّاكُش حسبَما ذكَرْناه، وفيما وَقَعَ عندَ ابن الزُّبَيْر نظَر، واللهُ أعلم. 1162 - محمدُ بن أحمدَ بن أبي الفَتْح بن منصُور البَكِّيُّ، بواحدة، ابنُ الرائس. رَوى بمَرّاكُشَ عن أبي العبّاس أحمدَ بن محمد بن عبد العزيز القَيْسيِّ، وأبي عيسى يوسُفَ بن عيسى الشَّرِيشي.

1163 - محمد بن أحمد بن أبي القاسم الأنصاري، خضراوي شريشي الأصل، أبو عبد الله السماتي الشريشي

1163 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن أبي القاسم الأنصاريّ، خَضْراويّ شَرِيشيُّ الأصل، أبو عبد الله السُّمَاتيُّ الشَّرِيشيّ. تَلا بالسَّبع على أخيه عليّ وأبوَيْ عَمْرٍو: ابن عَظِيمةَ، وهو آخِرُ الرُّواةِ عنه، والرطنداليِّ، وشارَكَ فيهما (¬2) أخاه كبيرَه أبا الحَسَن، ورَوى عن أبي زَيْد السُّهَيليَّ وأبي محمد بن حَوْطِ الله، ولقِيَ أبا السُّعود الطيَّب. تَلا عليه بالسَّبع أبو القاسم محمدُ بن عبد الرّحيم بن الطيِّب. وكان خاتمةَ المُقرِئينَ المجوِّدين، شديدَ الحياءِ شهيرَ الزُّهد، طويلَ الصَّمت لا يتكلَّمُ إلا فيما يَعْنيه، لم يتَصدَّرْ للإقراءِ منفرِدًا به، وإنّما ثابَرَ على الإكتاب وتأديبِ النّساءِ لرُؤيا رآها إثْرَ وفاةِ أخيه أبي الحَسَن: فإنهُ سُئل منه التصَدُّرُ للإقراءِ والقعودُ له موضعَ أخيه، فامتَنعَ من ذلك ثم أسعَفَ فيه؛ فرَأى ليلةَ عَزَمَ على التصَدُّر في صَبيحتِها لذلك كأنه خرَجَ من منزلِه قاصدًا موضعَ أخيه، فاكتنَفَه شخصانِ عن اليمينِ وعن الشِّمال وقالا له: اقرَأ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: 1] , قال: فجعَلْتُ أقرأُها، وهما يَسيرانِ بي إلى أن انتهَيْنا إلى موضعِ تعليمي للصِّبْيان، وأنا حينَئذٍ قد بلَغْتُ قولَ الله تعالى: {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} [التكوير: 26] فقالا لي: إلى أين تذهب؟ لا سبيلَ لك إلى مُفارقةِ هذا الشَّأن، فنقَضَ عَزْمَه ذلك واقتصَرَ على تعليم الصِّبْيان إلّا مَن قصَدَه للتجويد [178 و] عليه فإنه كان يسمَحُ له بذلك؛ ولم يزَلْ على حالِه السَّنِيِّ من الفَضْل ومَتانةِ الدِّين إلى أن توفِّي بالجزيرةِ الخَضْراءِ سنةَ ثلاثٍ وخمسينَ وست مئة وقد أربَى على التسعين (¬3). 1164 - محمدُ بن أحمدَ بن إدريسَ الحَضْرَميّ، أندَلُسيٌّ، أبو عبد الله. له رحلةٌ رَوى فيها بمكّةَ شرَّفَها اللهُ عن الحَسَن بن عبد الله بن عُمرَ المُقرِئ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1652). (¬2) في م ط: "فيها"، وهو خطأ واضح. (¬3) في هامش ح: "بل كانت وفاته ليلة الأحد لاثنتين وعشرين خلت من صفر سنة خمس وخمسين وست مئة وصلي عليه إثر صلاة عصر الأحد، وقد بلغ ستًا وتسعين سنة".

1165 - محمد بن أحمد بن إسحاق بن طاهر، مرسي، أبو عبد الرحمن

1165 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن إسحاقَ بن طاهِر، مُرْسِيّ، أبو عبد الرّحمن. رَوى عنه أبو عَمْرِو زيادٌ ابنُ الصَّفّار وأبو نَصْر الفَتْحُ بن محمد بن عُبَيد الله. وكان أحدَ المتقدّمينَ في البلاغة بارعَ الكتابة فَصيحًا خَطيبًا أفضَتْ إليه حِينًا رئاسةُ تدبر بلدِه فسارَ فيه أحسَنَ سِيرة، وكانت أيّامُهُ أيامَ عَدْلٍ وإفضال، ودَفْعَ بَأْسٍ وتسويغَ آمال، ثُم أنحَتْ (¬2) عليه حوادثُ الأيام بما أدَّى إلى اعتقالِه، ولم تَخْلُ الاَمالُ من التعلُّق باستقلالِه، وعَوْدِه إلى أفضلِ ما عُهِد من أحوالِه، وفي مثل ذلك يقولُ أبو جعفرٍ البَتّي (¬3) من قصيدة (¬4) [الطويل]: أترْضى عن الدنيا فقد تَتَشَوَّفُ ... لَعَمْرُ المعالي إنّها بك تَكْلَفُ يقولونَ: لَيْثُ الغابِ فارَقَ غيلَهُ ... فقلتُ لهم: أنتُم له الآنَ أخوَفُ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن بسام في الذخيرة 3/ 22 فما بعدها، والفتح في قلائد العقيان (58)، والعماد في الخريدة (قسم المغرب والأندلس) 2/ 313، والضبي في بغية الملتمس (23)، والمراكشي في المعجب (180)، وابن الأبار في الحلة السيراء 2/ 116، وابن سعيد في المغرب 2/ 247، وابن الخطيب في أعمال الأعلام (252) وغيرهم. (¬2) في م: "انتحت". (¬3) في المغرب 2/ 357 ترجمة لأبي جعفر أحمد بن عبد الولي البني (بالنون) وكذلك ترجم الفتح لمن اسمه أبو جعفر ابن البني في القلائد (298)، والمطمح (91) وذكر صاحب المعجب (110) أبا جعفر أحمد بن محمد (لا ابن عبد الولي) البني وقال: "المعروف بابن البني" وذكر صاحب المطرب اثنين: أبا جعفر ... البتي (بالتاء): 124 وهو نفس الذي ترجم له الفتح وابن سعيد وعبد الواحد المراكشي، وذكر صاحب المطرب (195) أحمد بن عبد الولي البتي وسيرته تختلف عن سيرة المترجم به السابق وهذا الثاني هو الذي أحرقه السيد القنبيطور عندما احتل بلنسية سنة 488 هـ، فهذه النهاية تؤكد أنه شخص غير الأول؛ لأن هذا الأول كما قال صاحب المطرب: "وُجد هالكًا في حفرة تتمزق فيها اللحام والجلود". والبتي بالتاء قيل: إنها نسبة إلى "بتة" من قرى بلنسية، غير أن السجعة لدى ابن سعيد -وهو جغرافي أندلسي- تجعلنا نتردد في قبول الرواية بالتاء فقد جاء في المغرب: "كتاب المنة، في حلى قرية بنة". (¬4) القصيدة في القلائد (61).

ولن تَرهَبوا الصَّمصامَ إلّا إذا غَدا ... لكمْ بارِزًا من غِمدِه وهْو مُرهَفُ ستَفرُغْ يمناه لتَكتُبَ أسطُرًا ... يرى الموتُ في أثنائها كيف يَدْلِفُ إذا غَضِبتْ أقلامُهُ قالتِ القَنَا: ... فَدَيْناكَ إنّا بالمَقاتل (¬1) أعرَفُ فتكشِفُ عن سرِّ الكتيبةِ مثلَما ... رأيناكَ عن سرِّ البلاغةِ تكشِفُ وَيعتزُّ (¬2) لي هذا الزّمانُ بجَوْلةٍ ... على مَن به دونَ الوَرَى كان يُشرِفُ رُوَيْدًا قليلًا يا زمانُ فإنّهُ ... يُغِصُّك منه بالذي أنت تَعرِفُ (¬3) ولم يزَلْ أبو بكر بنُ عبد العزيز صاحبُ بَلَنْسِيَةَ يُعمِلُ الحِيلةَ في تسريحِه إلى أن سُرِّح، فتوَجَّه إلى بَلَنْسِيَةَ، فلمّا انتهَى إلى جزيرةِ شُقْر أوّلَ عمَلِ أبي بكر بن عبد العزيز كتَبَ إليه (¬4): كتابي وقد طَفَلَ العَشِيّ، وسال (¬5) بِنا إليك المَطِيّ، لها من ذِكْراكَ حاد، ومن رجاءِ لُقْياكَ (¬6) هاد، وسنُوافيكَ المساء، فنَغفِرُ للزمانِ ما أساء (¬7)، ونَرِدُ ساحةَ الأمن [178 و] ونشكرُ عظيمَ ذلك المَنّ، فهذه النفْسُ أنت مُقيلُها، وفي بُرْدِ ظلِّك يكون مَقيلُها، فلله مَجْدُك وما يأتيه، لا زِلتَ للوفاء تُحييه، ودانَتْ لك الدُّنيا، ودامَتْ بك العُليا. فبادَرَ ابنُ عبد العزيز إلى لقائه، [وأنزَلَه في قَصْر مجُاوِر لقصرِه، وأشرَكَه في أمرِه ونَهيِه] (¬8)، فكتَبَ إليه (¬9): ¬

_ (¬1) في النسخ: "بالمفاصل"، والتصويب من هامش ح والقلائد. (¬2) في ح: "وتعبر"، والتصويب عن القلائد. (¬3) في هامش ح: "من خط الأصل: تصحح هذه القطعة من مظانها ونسبة قائلها كذلك إن شاء الله. هو ابن البتي عند أبي إسحاق الأعلم". (¬4) وردت هذه الرسالة في الذخيرة والقلائد. (¬5) في القلائد: "ومال"، وفي الذخيرة: "وسار". (¬6) في الذخيرة والقلائد: "ومن لقياك". (¬7) في الذخيرة والقلائد: "ما قد أساء". (¬8) هاتان العبارتان من القلائد. (¬9) القلائد (61).

"مَنْ ذا يُضاهيك، وإلى النَّجم مَرامِيك، فشَأْوُكَ لا يُدرَك، وشِعبُك لا يُسلَك، أُقسم لأعقِدَنَّ (¬1) على عُلاك منَ الثناءِ إكليلًا، يذَرُ اللَّحظَ من سناهُ كليلًا، ولأُطوِّقَنّهُ شَرْقَ البلاد وغَرْبَها، ولأُحمِّلَنّه عُجْمَ الرجالِ وعُربَها، وكيف لا وقد نَصَرْتَني نَصْرًا مؤزَّرًا، وصَرَفْتَ عنّي الضَّيمَ عقيرًا معفَّرًا، وألبَسْتَني البَأْوَ بُردًا مُسهِّمًا، وأولَيْتَني البِرَّ فضلًا مُتمِّمًا". وله في أعلام رُؤساءِ الأندَلُس بخَلاصِه من ثِقافِه وشكرِ ابن عبد العزيز على السَّعي في تخليصِه رسائلُ كثيرةٌ بارعةٌ ضمَّنها معَ سِواها من رسائلِه أبو الحَسَن بنُ بَسّام في كتابٍ ترجَمَه بـ "سِلْكِ الجَواهر من نوادرِ ترسيلِ ابن طاهر" (¬2) -وبَقِيَ عندَه معروفَ الفضلِ مُعظَّمًا إلى أن توفّي ابنُ عبد العزيز، ثُم تغَلَّب على بَلَنْسِيَةَ طاغيةُ الرُّوم (¬3)، فأسَرَه فيمَن أَسَر، ثم كيَّفَ الله إنقاذَه، فخَلَصَ إلى شاطِبةَ؛ ولمّا انتَزَعَ اللَّمتُونيُّونَ بَلَنْسِيَةَ من يد المتغلِّب عليها (¬4) عاد ابنُ طاهر إليها، ولزِمَ بيتَه بنفْسِه خاليًا، وعلى ما يخُصه من شُؤونِه مُقبِلًا. ومن إنشائه صَكٌّ بتقديم صاحبِ أحكام على بعض جِهات مُرْسِيَةَ إذ كانت إلى نظرِه (¬5): "قَلَّدت فلانًا وفَّقه اللهُ النَّظرَ في أحكام فلانة، وتخيَّرتُه لها بعدَما خَبِرتُه، واستَخْلفتُه [عليها وقد عَرَفتُه، وقَلَّدتُه] (¬6) واثقًا بدينِه، راجِيًا لتحصينه؛ لأنه احتاطَ فَعلِم، وإن أضاع أثِم، فلْيُقمِ الحقَّ على أركانِه، ولْيَضَع العَدْلَ في ميزانِه، ولْيُساوِ بين خصومِه، ولْيَأخُذْ منَ الظالم لمظلومِه، فقِفْ (¬7) في الحُكم عندَ اشتباهِه، ونفِّذْه ¬

_ (¬1) في م ط: "لأقعدن"، وهو خطأ بيّن. (¬2) انظر الذخيرة 2/ 359. (¬3) يعني السيد القنبيطور. (¬4) كان استرداد اللمتونيين الملثمين لبلنسية عام 495 هـ على يد مزدلى وابنيه عبد الواحد وعبد الله. (¬5) ورد في القلائد (64 - 65). (¬6) زيادة من القلائد. (¬7) القلائد: "وليقف"، وكذلك استمر الأمر للغائب في بقية الجمل.

1166 - محمد بن أحمد بن [179 و] إسماعيل بن الصميل بن إسماعيل بن عمرو القيسي، بطليوسي الأصل، نزل إشبيلية، أبو بكر وأبو عبد الله

عندَ اتّجاهِه، ولا تَقبَلْ غيرَ المَرْضي في شَهادتِه، ومن (¬1) لا تَعرِفُ سوى الاستقامةِ من عادتِه، ولْتَعْلَمْ أنّ اللهَ مُطَّلعٌ على خَفِيّاتِه، وسائلُهُ يومَ مُلاقاتِه". توفِّي ببَلَنْسِيَةَ، وصُلِّي عليه بها، وحُمِلَ إلى مُرْسِيَةَ فدُفنَ بها، وقد جاوَزَ التسعينَ من عُمُرِه سنةَ ثمانٍ، وقيل: سنةَ سبع، وخمس مئة. 1166 - محمدُ بن أحمدَ بن [179 و] إسماعيلَ بن الصّميل بن إسماعيلَ بن عَمْرٍو القَيْسيّ، بَطَلْيَوْسيُّ الأصل، نَزَلَ إشبيلِيَةَ، أبو بكرٍ وأبو عبد الله. رَوى عن أبوَيْ بكر: ابن الجَدّ وابن خَيْر، وأبي جعفر بن مَضَاء، وأبوَي الحَسَن: عبد الرّحمن بن محمد بن مَسْلَمةَ ونَجَبةَ، وأبي زَيْد وأبي العبّاس وأبي محمد عبد الحقِّ بني خليل، وآباءِ عبد الله: ابنَي الأحمدَيْن: ابن عَرّاق وابن المُجاهِد، وابن إبراهيمَ ابن الفَخّار وابن سَعِيد بن زَرْقُون وابن عبد الملِك ابن بَشْكُوالَ، وأبي القاسم ابن بَشْكُوالَ، وأبوَيْ محمد: ابن أحمدَ بن مَوْجُوال وعبدِ الجَبّار بن طاهِر؛ وشيوخُهُ يُنيفونَ على سبعينَ وقَفْتُ على خطوطِ جماعةٍ منهم. رَوى عنه أبو الخَطّاب بنُ خليل وأبو الوليد إسماعيلُ ابن الأديب؛ وكان محدِّثًا مُتقِنًا ضابِطًا عُني بضَبْطِ أصُول كُتُبِه الأَعلاق وجَوَّد تقييدَها حتّى كان معتمَدًا فيها عليه ومَرجوعًا في إتقانِها إليه، وكتَبَ بخطِّه الكثيرَ، وكان جيِّدَ الخَطّ، وتوفِّي سنةَ ستٍّ مئةٍ أو بعدَها بقليل. 1167 - محمدُ بن أحمدَ بن إسماعيلَ بن قَرِيّةَ -بفَتْح القافِ وكسرِ الراء وتشديدِ الياص المسفُولة- بَلَنْسيٌّ فيما أحسِب، أبو القاسم. رَوى عن أبي الحَسَن ابن النِّعمة. 1168 - محمدُ بن أحمدَ بن الأشَجّ، بَلَنْسيٌّ فيما أظُنّ، أبو بكر. رَوى عن أبي عبد الله بن [....] (¬2) القَرَويّ. ¬

_ (¬1) "ومن": سقطت من م ط. (¬2) بياض في النسخ.

1169 - محمد بن أحمد بن أصبغ بن هيثم التغلبي، غرناطي، أبو عبد الله

1169 - محمدُ بن أحمدَ بن أصبَغَ بن هَيْثَم التَّغلَبيّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن شيوخ بلدِه، وكان فقيهًا حافظًا، وتوفِّي بالمُنكَّب في صَفَرِ ثلاثٍ وأربعينَ وست مئة. 1170 - محمدُ بن أحمدَ بن باقِ بن أحمدَ الأنصاريُّ، إسْتِجِيٌّ فيما أرى. أخَذَ السَّبعَ عن الحاجِّ أبي محمد بن محمد الإسْتِجيِّ ابن الفَخّار؛ وكان مُقرِئًا متصدَرًا مُلتزِمَ الإقراءِ إلى أن توفِّي بإستِجَةَ بعدَ الأربعينَ وست مئة. 1171 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن برد، مَوْلى بني شُهَيْد، قُرطُبيٌّ سكَنَ المَرِيّة. رَوى عن أبيه أبي حَفْص، وأبي الحَسَن عبد الملِك بن مَرْوانَ بن شُهَيْد وغيرِهما. وكان من بيتِ كتابةٍ ونَباهة، ومحمد هذا هُو والدُ أبي حَفْص بن برد الأصغَر (¬2)، وفي حياتِه توفِّي ابنُه بالمَرِيّة وثَكِلَه سنةَ خمس وأربعينَ وأربع مئة. 1172 - محمدُ (¬3) بن أحمدَ بن جُبَيْر بن محمد بن جُبَيْر بن سَعِيد بن جُبَيْر بن [179 ظ] سَعِيد بن جُبَيْر بن سعِيد بن جُبَيْر بن محمدِ بن مَرْوانَ بن عبد السّلام بن مَرْوانَ بن عبد السّلام بن جُبَيْر الكِنَانيّ الداخِل إلى الأندَلُس في طالعةِ بَلْج بن بِشْر بن عِيَاضٍ القَيْسيّ القُشَيْريّ، وفي محرَّم ثلاث وعشرينَ ومئة، وكان نزولُه ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1104). (¬2) انظر ترجمة ابن برد الأصغر في الذخيرة 1/ 374 - 413. (¬3) هو صاحب الرحلة المشهورة المتداولة المنشورة، ترجمه الجم الغفير، منهم: ابن دحية في المطرب 1/ 86، والمنذري في التكملة 2/الترجمة 1550، وابن الشعار في قلائد الجمان 6/ الورقة 63، والتجيبي في زاد المسافر (72)، وابن الأبار في التكملة (1607)، والذهبي في المستملح (249) وتاريخ الإسلام 13/ 417، وسير أعلام النبلاء 22/ 45، ومعرفة القراء الكبار 2/ 604، والعبر 5/ 51، وابن فضل الله في مسالك الأبصار 8/ 311، وابن الخطيب في الإحاطة 2/ 203، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 60، وابن تغري بردي في النجوم 6/ 221، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 1/ 277، والمقري في نفح الطيب 2/ 381، وابن العماد في الشذرات 5/ 60، والمراكشي في الإعلام 4/ 175، وغيرهم.

بكُورةِ شذُونة، وهو من وَلَد ضَمْرةَ بن كِنَانةَ بن بكرِ بن عبد مَنَاةَ بن كِنَانةَ بن خُزَيْمةَ بن مُدرِكة بن إلياسَ بن مُضَرَ بن نِزَار بن مَعَدِّ بن عَدْنان؛ بَلَنْسيٌّ نزَلَ أبوه شاطِبةَ، ثم استَوطنَ هو جَيّانَ ثم غَرْناطةَ ثم فاسَ ثم الإسكندَريّة، وأقام أثناءَ ذلك بسَبْته ومالَقةَ وغيرِهما حسبَما اقتَضَتْه الأحوال، أبو الحُسَين، وهُو سِبطُ أبي عِمرانَ بن عبد الرّحمن بن أبي تَليدٍ الشاطِبيّ. رَوى أبو الحُسَين بالأندَلُس عن أبيه، وأبي الحَسَن بن محمد بن أبي العَيْش، وأبوَيْ عبد الله: ابن أحمدَ بن عَرُوس وابن الأصِيليّ، وأخَذَ العربيّةَ عن أبي الحَجّاج بن يبقى بن يَسْعُون، وبسَبْتَةَ عن أبي عبد الله بن عبد الله بن عيسى التَّميميّ السَّبْتِيِّ؛ وأجازَ له أبو الوليد يوسُفُ بن عبد العزيز ابن الدَّبّاغ. وله رِحَلٌ ثلاثٌ من الأندَلُس إلى المشرِق حَجَّ في كلِّ واحدةٍ منها. وفَصَلَ عن غَرْناطةَ للرِّحلة الأولى أوّلَ ساعةٍ من يوم الخميس لثمانٍ خَلَوْنَ من شوّالِ ثمانٍ وسبعينَ وخمس مئة صُحبةَ أبي جعفر بن حَسّان، وحَجَّ سنةَ تسع وسبعينَ، وعاد إلى وَطَنِه غَرْناطةَ فوَصَلَ إليها يومَ الخميس لثمانٍ بَقِينَ من محرَّم إحدى وثمانينَ، ولقِيَ في هذه الرِّحلة جماعةً من أعلام العلماءِ وأكابرِ الزُّهّاد والفُضَلاء، منهم بمكّةَ، شرَّفها اللهُ: ضِياءُ الدِّين أبو أحمدَ عبد الوهّاب (¬1) بن عليّ بن عليّ ابن سُكَيْنةَ، وأبو إبراهيمَ إسحاقُ بن إبراهيمَ بن عبد الله الغَسّانيُّ التونُسيُّ وأبو حَفْص عُمرُ بن عبد المجِيد بن عُمرَ القُرَشيُّ المَيَانجِيُّ نَزيلا مكّةَ، وأبو جعفرٍ أحمدُ بن عليّ القُرطُبيُّ الفَنَكِيُّ وأبو محمد عبدُ اللّطيف بن محمد بن عبد اللّطيف الخُجَنْديُّ رئيسُ الشافعيّةِ بأصبَهانَ، وببغدادَ العالِمُ الواعظُ المُستبحِر أبو الفَرَج -وكَنَاه أبا الفضائل (¬2) - ابنُ الجَوْزي، وحَضَرَ بعضَ مجالسِه الوَعْظيّة، ¬

_ (¬1) في النسخ: "ضياء الدين بن أحمد بن عبد الوهاب"، وهو خطأ ظاهر، فالمقصود هو ضياء الدين عبد الوهاب ويكنى أبا أحمد، وهو بغدادي معروف توفي سنة 607 هـ فينظر تاريخ ابن الدبيثي 4/ 171 والتعليق عليه. (¬2) في م: "أبو الفضل".

وقال فيه (¬1): فشاهَدْنا رجُلًا (¬2) ليس من عَمْرٍو ولا زَيْد، وفي جَوْف الفِرَا كلُّ الصَّيد؛ [180 و] وبدمشقَ: أبو الحُسَين أحمدُ بن حمزةَ بن عليّ بن الحُسَين بن الحَسَن بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس السُّلَميُّ ابنُ المَوازِينيّ، وأبو سعيدٍ عبدُ الله بن محمد بن أبي عَصْرونَ، وأبو الطاهر تركاتٌ الخُشُوعيُّ وسَمِعَ عليه، وعمادُ الدِّين أبو عبد الله محمدُ بن محمد بن حامدٍ الأصبَهانيُّ الكاتبُ ابنُ أُله، وأخَذَ عنه بعضَ كلامِه وغيره، وأبو القاسم عبدُ الرّحمن بن الحُسَين بن الخَضِر ابن عَبْدَانَ، وأربوا محمد: عبدُ الرزّاق بن نَصْر بن مُسَلَّم النَّجّار، والقاسمُ بنُ عليّ بن عَساكرَ وسَمِعَ عليه، وأبو الوليد إسماعيلُ بن عليّ بن إبراهيم، والحُسَين بنُ هِبة الله بن محفوظِ بن صِصْرَى الرَّبَعيُّ التَّغْلَبيُّ، وعبدُ الرّحيم بن إسماعيلَ بن أبي سَعْد الصُّوفي، وأجازوا له، وسَمِع على بعضِهم سوى من ذَكَرَ سَماعَه هو عليه منهم؛ والشّيخُ الفاضل أبو عبد الله المُرادِيُّ الإشبِيليُّ نَزيلُ دمشقَ؛ وبحَرَّان: المتكلّمُ الصُّوفيُّ العارِفُ أبو البَرَكات حيّان بن عبد العزيز، وابنُه الحاذي حَذْوَه أبو عليّ عُمر. وهذه الرِّحلةُ هي التي صنَّفَ وذَكَرَ مَناقلَه فيها وما شاهَدَ من عجائبِ البُلدان وغرائبِ المشاهد وبدائعِ المصانع، وهُو كتابٌ مُمتِع مُؤْنِس مُثيرٌ سواكنَ النفوسِ إلى الوِفادة على تلك المَعالِم المُكرَّمة والمشاهدِ المُعظَّمة، وكان أبو الحَسَن الشارِّيُّ يقولُ: إنّها ليست من تصنيفه وإنّما قَيَّد معانيَ ما تضمَّنَتْه، فتوَلَّى ترتيبَها ونَضْدَها بعضُ الآخِذينَ عنه بناءً على ما تَلقّاهُ منه. ولمّا وَرَدَ في هذه الرّحلة الإسكندَريّة، متوجِّهًا إلى الحاجِّ في رَكْب عظيم من المَغارِبة، أمَرَ الناظرُ على البلد بالبحثِ عمّا استَصْحَبوهُ من مال على اختلاف أنواعِه، وفُتِّشَ الرِّجالُ والنِّساء، وهُتِكت (¬3) حُرمةُ الحُرم ولم يكنْ منهم إبقاءٌ ¬

_ (¬1) الرحلة (220). (¬2) في الرحلة: "مجلس رجلٍ". (¬3) في م ط: "وهتك".

على أحد، وأحلَفوهم بالأيْمان المُغلَّظة استبراءً لِما قَدَّروا غَيْبتَهم عليه، قال (¬1): فلمّا جاءَتْني النَّوبةُ وكانت معي حُرَم ذكَّرتُهم بالله ووعَظْتُهم فلم يُعرِّجوا على قولي ولا التفَتُوا إلى كلامي وفتّشُوني كما فتّشوا غيري، فاستخَرْتُ اللهَ تعالى ونظَمتُ هذه القصيدةَ ناصحًا لأميرِ المسلمينَ صلاح الدين بن أيّوبَ ومُذكِّرَا له بالله في حقوقِ المسلمينَ ومادِحًا له، فقلت (¬2) [180 ظ] [المتقارب]: أطلَّتْ على أُفْقِكَ الزاهرِ ... سعودٌ من الفَلَكِ الدائرِ فأبْشِرْ فإنَّ رقابَ العِدا ... تُمَدُّ إلى سيفِكَ الباترِ وعمَّا قليلِ يحُلُّ الرَّدى ... بكُنْدِهُم (¬3) الناكثِ (¬4) الغادرِ وخصبُ الوَرى يومَ تَسْقي الثَّرى ... سحائبُ من دمِها الهامرِ فكم لكَ من فَتْكةِ فيهمُ ... حَكَتْ فتكةَ الأسَدِ الخادرِ كسَرْتَ صليبَهمُ عَنْوةَ ... فلله درُّكَ مِنْ كاسرِ وغَيَّرْتَ آثارَهمْ كلَّها ... فليس لها الدهرَ من جابرِ وأمضَيْتَ جِدَّك في غَزْوِهمْ ... فتَعْسَا لجَدِّهُم العاثرِ فأدبَرَ مُلكُهمُ بالشآمِ ... ووَلَّى كأمسِهمُ الدابرِ جنودُكَ بالرعبِ منصورةٌ ... فناجِزْ متى شئتَ أو صابرِ فكلُّهمُ غَرِقٌ هالكٌ ... بتيّارِ عَسْكرِك الزاخرِ ثأَرْتَ لدينِ الهدى في العِدا ... فآثَرَكَ اللهُ منْ ثائرِ ¬

_ (¬1) انظر مقدمة الرحلة (28) نقلًا عن العبدري. (¬2) مقدمة الرحلة (28)، والنفح 2/ 383. (¬3) الكند: هو ما يسمى الكونت count. (¬4) في م: "الناكب".

وقُمْتَ بنصرِ إلهِ الورى ... فسمَّاكَ بالمَلِكِ الناصرِ وجاهَدتَ مجُتهِدًا صابِرًا ... فللهِ دَرُّكَ من صابرِ تَبِيتُ الملوكُ على فُرْشها ... وتَرفُلُ في الزَّرَدِ السابِري وتؤْثرُ جاهدَ عيشِ الجهادِ ... على طِيبِ عيشِهمُ الناضرِ وتُسْهِرُ جَفْنَكَ في حقِّ مَنْ ... سيُرضيكَ في جَفْنِك الساهرِ فتحتَ المقدَّسَ من أرضِهِ ... فعادتْ إلى وَصْفِها الطاهرِ وجئتَ إلى قُدْسِهِ المُرتضَى ... فخلَّصْتَهُ منْ يدِ الكافرِ وأعلَيْتَ فيه منارَ الهدى ... وأحيَيْتَ من رَسْمِهِ الداثرِ لكمْ ذَخَرَ اللهُ هذي الفُتوحَ ... منَ الزّمنِ الأوّلِ الغابرِ وخَصكَ من بَعْدِ ما زُرتَهُ ... بها لاصطناعِكَ في الآخرِ محبّتُكمْ أُلقِيَتْ في النفوسِ ... بذكرٍ لكمْ في الوَرى طائرِ فكمْ لهمُ عندَ ذكْرِ الملوكِ ... بمثلِكَ من مَثَلٍ سائرِ رفعتَ مَغارمَ أهلِ (¬1) الحجازِ ... بإنعامِكَ الشَّامِل الهامرِ [181 و] فكمْ لكَ بالشَّرقِ من حامدٍ ... وكمْ لكَ بالغَرْبِ من شاكرِ (¬2) وكمْ بالدُّعاءِ لكمْ كلَّ عامٍ ... بمكّةَ منْ مُعلنٍ جاهرِ وكمْ بَقِيَتْ حِسبةٌ في الظَّلومِ ... وتلك الذَّخيرةُ للذاخرِ ¬

_ (¬1) في النفح: "مغارم مكس". (¬2) في النفح قبل هذا البيت بيتان وهما: وأمنت أكناف تلك البلاد ... فهان السبيل على العابر وسحْب أياديك فياضة ... على وارد وعلى صادر

يُعَنِّفُ حُجَّاجَ بيتِ الإلهِ ... ويَسْطو بهمْ سَطْوَةَ الجائرِ ويكشِفُ عمّا بأيديهِمُ ... وناهيكَ من مَوقفٍ صاغرِ وقد وَقَفوا بعدَما كوشِفوا ... كأنّهمُ في يدِ الآسِرِ ويُلْزِمُهُمْ حَلِفا باطلاً ... وعُقْبى اليمينِ على الفاجرِ وإنْ عَرَضَتْ بينَهمْ حُرمةٌ ... فليسَ لها عنهُ مِنْ ساترِ أليس يخافُ غدًا عَرْضَهُ ... على الملِكِ القادرِ القاهرِ؟! وليس على حُرَم المسلمينَ ... بتلك المشاهدِ من غائرِ ولا حاضرٌ نافع زَجْرهُ ... فيا ذِلَّةَ الحاضرِ الزاجرِ ألا ناصحٌ مُبْلِغٌ نُصْحَهُ ... إلى الملكِ الناصرِ الظافرِ ظَلومٌ تَضَمَّنَ مالَ الزكاةِ ... لقد تَعِسَتْ صَفْقَةُ الخاسرِ يُسِرُّ الخيانةَ في باطني ... ويُبدي النصيحةَ في ظاهرِ فأوقعْ به حادثا إنهُ ... يُقَبِّحُ أُحْدُوثَةَ الذاكرِ فما للمَناكرِ من زاجرٍ ... سِواكَ وبالعُرْفِ من آمِر وحاشاكَ إنْ لم تُزِلْ رَسْمَها ... فما لكَ في الناسِ من عاذرِ ورَفْعُكَ أمثالَها موسِعٌ ... رداءَ فَخارِكَ للناشرِ وآثارُكَ الغُرُّ تبقَى بها ... وتلك المآثرُ للآثر نذَرْتُ النصيحةَ في حقَّكمْ ... وحُقَّ الوفاءُ على الناذرِ وحُبُّكَ أَنطقني بالقريضِ ... وما أبتغي صِلَةَ الشاعرِ ولا كان فيما مضَى مَكسِبي ... وبئسَ البضاعةُ للتاجرِ إذا الشِّعرُ صار شعارَ الفتَى ... فناهيكَ من لَقَب شاهرِ

وإنْ كان نَظْمي لهُ نادرًا ... فقد قيل: لا حُكْمَ للنادرِ ولكنَّها خَطَرَاتُ الهوى ... تَعِنُّ فتغلِبُ للخاطرِ [181 ظ] وأمّا وقد زارَ تلك العُلا ... فقد فازَ بالشَّرفِ الباهرِ وإنْ كان منكَ قَبُولٌ لهُ ... فتلك الكرامةُ للزائر ويكفيه سَمْعُكَ من سامعٍ ... ويكفيه لَحْظُكَ من ناظرِ ويُزْهَى على الروضِ غبَّ الحَيَا ... بما حازَ من ذكْرِكَ العاطرِ (¬1) ومن شعره وقد شارَفَ المدينةَ المكرَّمةَ، على ساكنِها الصّلاةُ والسلام (¬2) [المتقارب]: أقولُ وآنسْتُ بالليلِ نارا: ... لعلّ سِرَاج الهدى قد أنارا وإلّا فما بالُ أُفْقِ الدُّجَى ... كأنَّ سَنَا البَرْقِ فيه استطارا؟! ونحن من الليلِ في حِنْدسٍ ... فما بالهُ قد تجَلّى نهارا وهذا النَّسيمُ شَذَا المِسكِ قد ... أُعيرَ أَم المِسكُ منه استَعارا؟ وكانت رواحلُنا تشتكي ... وَجَاها فقد سابَقتْنا ابتدارا وكنَّا شكَوْنا عناءَ السُّرى ... فَعُدْنا نُباري سِراعَ المهارَى أَظنُّ النفوسَ قد استَشْعَرَتْ ... بلوغَ هوًى تَخِذَتْهُ شعارا بشائرُ صُبْحِ السُّرى آذنَت ... بأنَّ الحبيبَ تَدانَى مَزَارا جَرَى ذكْرُ طَيْبَةَ ما بينَنا ... فلا قلبَ في الرَّكْبِ إلّا وطارا حنينًا إلى أحمدَ المصطفى ... وشوقًا يَهِيجُ الضلوعَ استعارا ¬

_ (¬1) كتب في ح: "هنا بياض"، بعد لفظة "العاطر". (¬2) مقدمة الرحلة (6) نقلًا عن الإحاطة، والإحاطة 2/ 335 ومنها ثلاثة أبيات في النفح 2/ 487 قال المقري: وهي ثلاثة وثلاثون بيتًا من الغرّ.

ولاحَ لنا أُحُدٌ مُشْرِقًا ... بنُورٍ من الشهداءِ استنارا فمِن أجلِ ذلك ظلَّ الدُّجَى ... يُحلُّ عقودَ النجوم انتثارا ومِن ذلك التُّرْبِ طابَ النَّسيـ ... ـم نَشْرًا وعمَّ الجَنابَ انتشارا ومنْ طَرَبِ الرَّكْبِ حَثَّ الخُطا ... إليها ونادى: البِدَارَ البِدارا ولمّا حَلَلْنا فِناءَ الرسولِ ... نزَلْنا بأكرمِ خَلْقٍ جِوارا وحين دنَوْنا لفَرْضِ السلامِ ... قَصَرْنا الخُطا ولزِمْنا الوَقارا فما نُرسلُ اللَّحظَ إلّا اختلاسًا ... ولا نرفَعُ الطَّرْفَ إلّا انكسارا ولا نُظْهِرُ الوَجْدَ إلا اكتتامًا ... ولا نلفُظُ القولَ إلّا سِرارا سوى أنّنا لم نُطِقْ أعيُنًا ... بأدمُعِها غلَبَتْنا انفجارا [182 و] وقَفْنَا برَوْضتِهِ للسّلامِ (¬1) ... نُعيدُ السلامَ عليه مِرارا ولولا مَهابتُهُ في النفوسِ ... لَثَمْنا الثَّرى والتزَمْنا الجِدارا قضَيْنا بزَوْرتنا حَجَّنا ... وبالعُمَرينِ (¬2) ختَمْنا اعتمارا إليكَ إليكَ نبيَّ الهُدى ... ركِبتُ البحارَ وَجُبْتُ القِفارا وفارَقْتُ أهلي ولا مِنَّةٌ ... ورُبَّ كلامٍ يجُرُّ اعتذارا وكيف نمُنُّ على مَن بهِ ... نُؤَمِّلُ للسيِّئاتِ اغتفارا دَعاني إليكَ هوً ى كامنٌ ... أثارَ منَ الشوقِ ما قد أثارا فنادَيْمتُ: لبَّيْكَ داعي الهوى ... وما كنتُ عنكَ أُطيقُ اصطبارا ووطَّنْتُ نَفْسي لحُكْم الهوى ... عليَّ وقلتُ: رَضِيتُ اختيارا ¬

_ (¬1) في الإحاطة: "بروضة دار السلام". (¬2) في الإحاطة: "وبالعمرتين"؛ والعمران: أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.

أَخُوضُ الدُّجَى وأَرُوضُ السُّرى ... ولا أطْعَمُ النومَ إلّا غِرارا ولو كنتُ لا أستطيعُ السَّبيلَ ... لَطِرتُ ولو لم أُصادِفْ مَطارا وأجدَرُ مَن نال منكَ الرِّضا ... مُحِبّ ذَراك على البُعدِ زارا عسى لحظةٌ منكَ لي في غدٍ ... تُمَهِّدُ لي في الجِنانِ القرارا فما ضَلَّ مَنْ بهُداكَ اهتدَى ... ولا ذلَّ مَنْ بِذَراكَ استجارا ولم يزَلْ دَأْبُه تمنِّيَ الحجِّ إلى بيتِ الله الحَرام وزيارر قبرِ المصطفى عليه أفضلُ الصّلاة والسلام؛ وفي ذلك يقول (¬1) [المتقارب]: هنيئًا لمَن حَجَّ بيتَ الهدى ... وحَطَّ عنِ النفسِ أوزارَها وإنَّ السعادةَ مضمونةٌ ... لمَن حَلَّ طَيْبَةَ أو زارها وفي مثلِه يقولُ (¬2) [المتقارب]: إذابلَغَ المرءُ أرضَ الحجازِ ... فقد نالَ أفضلَ ما أمَّلَهْ وإنْ زار قبرَ نبيّ الهدى ... فقد أكملَ اللهُ ما أمَّ لهْ وله في هذا المعنى كلامٌ كثيرٌ نَظْما ونثرًا، وسيأتي بعضُ ذلك. ومنه مقالةٌ سَمَّاها: "رسالةَ اعتبارِ الناسِك في ذكْرِ الآثارِ الكريمةِ والمَناسِك" كتَبَ بها إلى وَليِّه أبي الحَسَن بن مَقَصَيْر من فاسَ عند عودتِه إلى المشرِق في ذي قَعْدةِ ثلاث وتسعينَ وخمس مئة. [182 ظ] ولمّا قَفَلَ من هذه الحَجّة ولاحَتْ له وهو على ظهرِ البحرِ جبال داييةَ من جزيرةِ الأندَلُس قال (¬3) [البسيط]: لي نحوَ أرضِ المُنى منْ شَرْقِ أندَلُسِ ... شَوْقٌ يُؤَلّفُ بينَ الماءِ والقَبَسِ ¬

_ (¬1) مقدمة الرحلة (8)، والإحاطة 2/ 236. (¬2) المصدران السابقان، والنفح 2/ 488. (¬3) مطلعها في مقدمة الرحلة (20)، والنفح 2/ 489.

لاحتْ لنا من ذُراها الشُّمِّ شاهقةٌ ... تُدني لِزُهر الدّرَاري كفَّ مُلتمسِ وقدأغَذَّتْ بنافي اليمِّ جاريةٌ ... سَوداءُ لا تستطيعُ الجريَ في يَبَسِ كأنّها وعُبابُ الماءِ يُزعجُها ... تنُصّ جِيدَ مُراعي اللحظِ مختلسِ كأنّ بِيضَ نواحيها إذا انتشَرتْ ... لواءُ صبحٍ بدا في سُدْفَةِ الغَلَسِ تُنازعُ الريحُ منها صعبَ مِقوَدِها ... فتَرتمي بعِنانٍ مُسْمِحٍ سَلِسِ لولا حِذاريَ أن أُذكي لها لَهبًا ... زَجَّيتُها برياحِ الشوقِ من نَفَسي يا ليتَ شعريَ والآمالُ مُعوِزةٌ ... وربّما أَمكَنَتْ يومًا لمُختلسِ هل يُدْنُوَنَّ مَزارُ الشوقِ إنّ بهِ ... ما شئتَ من نُهَزٍ للأُنس أو خُلَسِ وهل تَعُودَنَّ أيامٌ رشَفْتُ بها ... سُلافةَ العَيْش أحلى من جَنَى اللَّعَسِ حيث انبسَطْنا مع اللّذاتِ تنقُلُنا ... أيدي المسَرّاتِ من عيدٍ إلى عُرُسِ ولمّا (¬1) شاعَ الخَبرُ المُبهجُ المسلمينَ جميعًا حينئذٍ بفتح بيتِ المقدِس على يدِ السُّلطان الناصِر صَلاح الدِّين أبي المظفَّر يوسُفَ بن أيّوبَ بن بُوري، رحمه اللهُ، وكان يومُ فتحِه يومَ السّبت لثلاثَ عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من رجَبِ ثلاثٍ وثمانينَ وخمس مئة، كان ذلك من أقوى الأسبابِ التي بعثَتْه على الرِّحلة الثانية، فتحرَّك لها من غَرْناطةَ أيضًا يومَ الخميس لتسعٍ خَلَوْنَ من ربيع الأول من سنة خمسٍ وثمانينَ، قال: وقفَى اللهُ برحمتِه لي بالجَمْع بينَ زيارةِ الخليل عليه السّلام وزيارةِ المصطفى - صلى الله عليه وسلم - غَرْناطةَ يومَ المساجدِ الثلاثة في عام واحد متوجّهًا وفي شهرٍ واحد مُنصرِفًا. ووَصلَ إلى غَرْناطةَ يومَ الخميس لثلاثَ عشْرةَ خَلَت من شعبانِ سبع وثمانين. وفي أثناءِ المُدّة التي بينَ قُفولِه من الرِّحلة الثانية ورحلتِه الثالثة سَكَنَ غَرْناطةَ ثم مالَقةَ ثم فاسَ ثم سَبْتةَ مُنقطِعًا إلى إسماع الحديثِ [183 و] والتصَوُّف وتَرْويةِ ما كان عندَه، وفَضلُه معَ ذلك يزيد ووَرَعُه يتحقَّقُ وأعمالُه الصّالحةُ تَزْكو. ¬

_ (¬1) انظر الإحاطة 2/ 232.

وكانت رحلتُه الثالثة من سَبْتةَ بعدَ وفاةِ زوجِه الفاضلة عاتِكةَ المَدْعوّةِ بأُمِّ المَجْد ابنةِ الوزير الحَسِيب أبي جعفبر أحمدَ بن عبد الرّحمن الوَقَّشيِّ بأيام، وكانت وفاتُها يومَ السبت -رحمها اللهُ- لعَشْر خَلَوْنَ من شعبانِ أحدٍ وست مئة، بعدَ زَمانةٍ طاوَلَتْها مُدّة، ودُفِنت يومَ الأحد بعدَه، وهُو اليومُ الحاديَ عشَرَ من الشّهر؛ قال: ومِن عجائبِ اتّفاقاتِ الأقدار الباعثة على الاعتبار، أنْ كان تجهيزُها إليَّ بجَيَّانَ في الحاديَ عشَرَ من شعبانِ سبعينَ وخمس مئة، فوافَقَ تجهيزُ الحياة تجهيزَ الممات، وليلةُ القبر تُنسي ليلةَ العُرْس، فيا لَها من لَوْعةٍ وحُرقة، ولكلِّ اجتماع من خليلَيْنِ فُرقة. قال: وكان مولدُها بمُرْسِيَةَ لاثنتَيْ عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من محرَّم ستٍّ وأربعينَ وخمس مئة. ووصَلَ إلى مكّةَ شرَّفَها اللهُ أثناء اثنتَيْنِ وست مئة، وجاوَرَ بحَرَم الله الشّريف طويلًا وبيتِ المقدس، ثُم تحوَّل إلى مِصرَ والإسكندَريّة، فأقام بها يحدِّثُ ويؤخَذُ عنه إلى أن لَحِقَ بربِّه. رَوى عنه أبَوا إسحاقَ: ابنُ مَهِيب وابنُ الواعِظ، وأبو تَمّام بن إسماعيل، وأبَوا الحَسَن: ابنُ أبي نَصْر فاتح بن عبد الله البِجَائي، مُقيمٌ ببعض بلاد المشرِق، وابنُ محمد الشارِّي، وأبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبو زكريّا وأبو بكرٍ يحيى بن عبد الملِك بن أبي الغُصن وأبو عبد الله بن حَسَن بن مُجبر؛ وآباءُ العبّاس: ابنُ عبد المُؤمن والنَّبَاتيُّ وابن محمد بن (¬1) حَسَن اللَّوَاتيُّ ابن تامتيتَ وابن محمد المَوْرُوريّ، وأبَوا عَمْرو: ابن سالم وعثمانُ بن سُفيانَ بن عثمانَ بن الشّقر التَّميميُّ التونُسيّ؛ وممّن رَوى عنه بالإسكندَرّية: رَشيدُ الدِّين أبو محمدٍ عبدُ الكريم بن عطاءِ الله بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن محمد بن عيسى بن الحُسَين الجُذَاميّ، واستجازَهُ أبو إسحاقَ ابنُ الواعِظ لجماعةٍ من أصحابِه برغبتِهم إليه في ذلك، منهم: شيخانا (¬2): أبو عليّ الحَسَن بن أبي الحَسَن عليّ الماقريُّ الكَفِيف وأبو محمد ¬

_ (¬1) "بن": سقطت من م ط. (¬2) في م ط: "شيخنا".

حَسَنُ بن أبي الحَسَن عليّ ابن القَطّان [183 ظ] فأجاز لهم. ولم يزَلْ يُروَى عنه ويُسمَعُ منه ويُستجازُ من البلادِ حيثما حَلّ. وممّن رَوى عنه بمِصرَ: رَشيدُ الدِّين أبو الحُسَين يحيى بنُ عليّ بن عبد الله بن عليّ بن مُفرِّج القُرَشيّ ابنُ العَطّار وفَخْر القُضاة ابنُ الجَبَّاب وابنُه جمالُ القُضاة وعِزُّ القُضاة. وكان أديبًا بارِعًا كاتبًا بليغًا، شاعزا مُجِيدًا، سَنِيًّا فاضلًا، نزيهَ الهمّة، سرِيَّ النَّفْس، كريمَ الأخلاق، أنيقَ الطريقةِ في الخَطّ، كتَبَ في شَبِيبتِه عن أبي سعيدٍ عثمانَ بن عبد المُؤمن وعن غيرِه من ذوي قَرابتِه، وله فيهم أمداحٌ كثيرة، ثُم نزَعَ عن ذلك وتوَجَّه إلى المشرِق. وكذلك جَرَتْ بينَه وبينَ طائفةٍ كبيرة من أُدباءِ عصرِه مُخاطَباتٌ ظَهَرَت فيها بَراعتُه وإجادتُه. ونَظْمُه فائقٌ وقَفْتُ منه على مجلَّد متوسِّط يكونُ قدرَ ديوانِ أبي تَمّام حَبِيب ابن أَوْس جَمْعَ أبي بكرٍ الصُّوليِّ أو نحوَ ذلك، ومنه جُزءٌ سمّاه: "نتيجةَ وَجْدِ الجوانح في تأبينِ القَرينِ الصّالح" أودَعَه قِطَعًا وقصائدَ في مَراثي زوجِه أُمِّ المجدِ المذكورة بعدِ وفاتِها والتوجُّع لها أيامَ حياتِها تزيدُ بيوتُه على ثلاث مئة، سوى موشَّحاتٍ خمسٍ جعَلَها قريبًا من آخِرِه؛ ومنه جزءٌ سَمّاه: "نَظْمَ الجُمان في التشَكِّي من إخوانِ الزّمان" يشتملُ على أزيَدَ من مئتَيْ بيتٍ في قِطَع؛ وله ترسيلٌ بديع وحِكَم مستجادةٌ، دُوِّنَ ذلك كلُّه ونُقِل عنه. فمِن حِكَمِه: قولُه (¬1): إنْ شَرُفَ الإنسان، فبفضلٍ وإحسان، وإنْ فاق، فبتفَضُّل وإنفاق. ينبغي للإنسانِ أن يحفَظَ لسانَه (¬2)، كما يحفَظُ الجَفْنُ إنسانَه، فرُبَّ كلِمةٍ تُقال، تُحدِثُ عَثْرة لا تُقال. كمْ كَسَت فَلَتاتُ الألسِنة الحِداد، مَن وراءَها مِن ملابِس الحِداد. نحن في زمنٍ لا يَحظَى فيه بنَفاق، إلّا مَن عامَلَ بِنِفاق. شُغِلَ الناسُ عن طريق الآخِرة بزَخارفِ الأعراض، فلّجُّوا في الصّدودِ عنها والإعراض، ¬

_ (¬1) انظر الإحاطة 2/ 237. (¬2) "للإنسان ... لسانه": سقطت من م ط.

آثَروا دُنيا هي أضغاثُ أحلام، وكم هَفَتْ في حبِّها من أحلام، أطالوا فيها آمالَهم، وقصَّروا أعمالَهم، ما بالُهم لم يتَفرَّغْ لغيرِها بالُهم، ما لهم في غيرِ ميدانِها استنان، ولا [184 و] بسِوى هواها استنان، تالله لو كُشِفَت الأسرار، لَما كان هذا الإصرار؛ ولَسَهِرتِ العيون، وتفَجَّرتْ من شؤونِها العيون، فلو أنّ عينَ البصيرة من سِنَتِها هابّة، لَرَأَتْ أنّ جميعَ ما في الدُّنيا ريحٌ هابّة، ولكنِ استَولَى العمَى على البصائر، ولا يَعلَمُ المرءُ ما هو إليه صائر، أسألُ اللهَ هدايةً لسبيلِه، ورحمةً توردُ في نسيمِ الفِردَوْس وسَلْسَبيلِه، إنهُ الحَنّانُ المَنّان، لا رَبّ سواه. وقولُه (¬1): فَلَتاتُ الهِبات، أشبهُ شيءٍ بفَلَتاتِ الشَّهَوات، منها نافعٌ لا يُعْقِبُ نَدَمًا، ومنها ضارٌّ يُبقي في النفْس ألمًا، فضَرَرُ الهِبة وقوعُها عندَ من لا يعتقدُ لحقِّها أداءً، وربّما أثمرَتْ عندَه اعتداءً، وضرَرُ الشّهوة ألّا توافِقَ ابتداءً، فتعودَ لمُستعمِلها داءً، ومَثَلُها كمَثَل السُّكْر يلتَذّ صاحبُه بحُلوِ جَناه، فإذا صَحا تعرَّف قَدْرَ ما جَناه، ومنفعتُها بعكسِ هذه القضيّة، وهي الحالةُ المَرضيّة، فالأسلمُ للمرءِ أن يأتيَ أمرَه على بصيرةٍ من رُشْدِه، مستوضِحًا فيه سبيلَ قَصْدِه، وما التوفيقُ إلّا بالله، وما الخيرُ إلّا من عندِ الله، لا إلهَ إلا هو. ونَظَمَ معناه فقال [الطويل]: وكم فَلَتاتٍ للصنائعِ تُتَّقَى ... عواقبُها إنْ لم تقَعْ في محلِّها كذا شهَواتُ المرءِ إنْ لم تكنْ لهُ ... مُوافقةً عادَتْ عليها بِكَلِّها وقال (¬2) [الكامل]: لصنائع المعروفِ فَلْتَةُ غافلِ ... إن لم تَضَعْها في محلٍّ قابلِ كالنفْسِ في شَهَواتِها إن لم تكنْ ... وفْقًا لها عادتْ بضرٍّ عاجلِ ¬

_ (¬1) الإحاطة 2/ 238. (¬2) الإحاطة 2/ 237.

وقال يصفُ القلمَ من قصيدة [الكامل]: قلمٌ به الإقليمُ أصبحَ في حِمى ... بشَباتِه صَرْفُ الحوادثِ يُصرَفُ ولئن تقاصَرَ قَدُّه فلقدّهِ ... ظَلَّتْ لهُ الأسَلُ الطِّوالُ تَقَصَّفُ هل تُغنِيَنَّ المُرهَفاتُ غَنَاءَهُ ... وصَليلُها لصريرِهِ يُسْتَضعَفُ؟ حكَتِ الظُّبا والسُّمرَ فعلًا منه لو ... لاهُ لَعُطّلَ صارمٌ ومُثقَّفُ طَعْنٌ كمِثلِ النَّقْطِ منضافٌ إلى ... ضَرْبٍ كما شُكِلَتْ بنقطٍ أحرفُ [184 ظ] كل يَتيهُ بأنْ حَوَى شَبَهًا لهُ ... فانظُرْ إلى المحكيّ فهْو الأشرفُ يكفيه فَخْرًا أنَّ كلَّ مقدَّرٍ ... يَجري بما قد خطَّه ويُصرَّفُ وقال في تفضيل الشَّرق (¬1) [الكامل]: لايستوي شَرْقُ البلادِ وغربُها ... الشّرقُ حازَ الفضلَ باسترقاقِ (¬2) انظُرْ لحالِ الشمسِ عند طلوعِها ... زهراءَ تصحَبُ بهجةَ الإشراقِ وانظُرْ لها عندَ الغروبِ كئيبةً ... صفراءَ تُعْقِبُ ظلمةَ الآفاقِ وكفَى بيومِ طلوعِها من غَرْبِها ... أنْ تؤذِنَ الدُّنيا بوَشْكِ فِراقِ وقال في ذمِّ الفلاسفة [مخلع البسيط]: قد ثَبَّتَ (¬3) الغَيَّ في العبادِ ... طائفةُ الكونِ والفسادِ يلعَنُها اللهُ حيثُ كانتْ ... فإنّها آفةُ العبادِ ¬

_ (¬1) مقدمة الرحلة (9) نقلًا عن الإحاطة، والإحاطة 2/ 237. (¬2) كذا في النسخ، وفي الإحاطة: "باستحقاق". (¬3) كذا ولعله: "بثت".

دُهْريَّةٌ لا يَروْنَ رُسْلًا ... ولا يُقرُّونَ بالمَعادِ يعتقدونَ الأمورَ دَوْرًا ... والناسَ كالزَّرع والحَصادِ وفيه أيضًا [الوافر]: لأشياعِ الفلاسفةِ اعتقادٌ ... يَرَوْنَ به عن الشَّرعِ انحلالا أباحوا كلَّ محظورٍ حرامٍ ... ورَدُّوهُ لأنفُسِهمْ حلا لا وما انتَسَبوا إلى الإسلام إلّا ... لصوْنِ دمائهم أنْ لا تُسالا فيأتونَ المناكرَ في نشاطٍ ... ويأتونَ الصلاةَ وهُمْ كُسالى وفيه أيضًا [المجتث]: الدينُ يشكو بَلِيّه ... من فرقةٍ مَنْطِقيّهْ لا يشهَدونَ صلاةً ... إلّا لمعنى التّقِيّهْ ولا تَرى الشّرعَ إلّا ... سياسةً مدَنيّهْ ويؤْثِرونَ عليه ... مذاهبًا فَلْسَفيّهْ وفيه أيضًا [المجتث]: قُلْ للزَّناديقِ عنِّي ... قولًا هُوَ السيفُ أُمضيهْ أَرسلتُ شعريَ فيكمْ ... يَغزُوكمُ بقوافيهْ [185 و] صدَعتُ لله فيه ... بالحقّ والحقُّ يُرضيهْ كم ظامئ لكلامي ... يَرويهِ عُجْبًا فيُرْوِيهْ وكم غَليلِ فؤادٍ ... بصحّةِ القول يَشْفيهْ وراكبٍ لهواهُ ... عساهُ يومًا سيَثْنِيهْ لعلّكمْ أنْ تقولوا ... فإنّكمْ أهلُ تَمويهْ

مَنْ كان جاهلَ شيءٍ ... فلا يزالُ يُعاديهْ هيهاتَ بُغْضيَ فيكمْ ... في الله واللهُ يَدريهْ وذلك العِلمُ عندي ... لاخيرَ فيكمْ ولا فيهْ ولهُ في هذا الغَرَض كثيرٌ، وسيأتي شيءٌ منه في رَسْم أبي الوليد محمد (¬1) بن أحمدَ بن رُشدٍ إن شاء الله. ومن وصاياهُ النافعة، وآدابِه الجامعة: قولُه (¬2) [الطويل]: عليكَ بكتمانِ المصائبِ واصطبِرْ ... عليها فما أبقَى الزمانُ شفيقا كفاكَ من الشكوى إلى الناسِ أنه ... تَسُرُّ عدُوَّا أو تَسُوءُ صديقا وقولُه (¬3) [لطويل]: منَ الله فاسأَلْ كلَّ شيءٍ تريدُهُ ... فما يملِكُ الإنسانُ نَفْعًا ولا ضَرّا ولا تتواضَعْ للوُلاةِ فإنّهمْ ... من الكِبْرِ في حالٍ تَموجُ بهمْ سُكْرا وإياكَ ان تَرضَى بتقبيلِ راحةٍ ... فقد قيل فيها: إنّها السَّجدةُ الصُّغرى وقال في الوُلاةِ وأحوالِهم [السريع]: مَنْ كَبُرَتْ عن قَدْرهِ خُطَّةٌ ... دَاخَلَهُ من أجلِها الكِبْرُ ومَنْ سمَتْ همَّتُهُ لم يكُنْ ... لخُطّةٍ في نفسِه قَدْرُ ولايةُ الإنسانِ سُكرٌ فما ... دامتْ له دامَ به السُّكرُ مَغَايظُ الدنيا وأربابِها ... ليس عليها لامرئ صبرُ دَعْهُمْ معَ الدهرِ وأحداثِهِ ... حتّى تَرى ما يصنَعُ الدّهرُ ¬

_ (¬1) "محمد": سقطت من م. (¬2) الإحاطة 2/ 237، ومقدمة الرحلة (9). (¬3) النفح 2/ 491.

وقال يُهنِّئُ حجّاجًا اجتمعَ بهم في مكّةَ شرَّفَها اللهُ ويَتشوَقُ إليهم (¬1) [الرمل]: يا وفودَ الله فُزتُمْ بالمُنَى ... فهنيئًا لكمُ أهلَ مِنى [185 ظ] قد عرَفْنا عرَفاتٍ معَكمْ ... فلهذا بَرّحَ الشّوقُ بنا نحن بالمغرِبِ نُجْري ذِكْرَكمْ ... فغروبُ الدمعِ تجري هُتَّنا أنتمُ الأحبابُ نشكو بُعدَكمْ ... هل شَكوْتُمْ بُعْدَنا من بَعْدِنا علَّنا نلقَى خَيالاً مِنكمُ ... بلذيذِ الذِّكْرِ وهْنًا علّنا لو حَنَا الدهرُ علينا لَقضَى ... باجتماعٍ بكم في المُنحَنى لاح بَرْقٌ مُوهِنًا من أرضِكمْ ... فلعَمْري ما هنَا العيشُ هُنا صَدَعَ اللّيلَ وَميضًا وسَنًا ... فأبَيْنا أن نَذوقَ الوَسَنا كم جنَى الشّوقُ علينا من أسًى ... عاد في مَرضاتِكمْ حلوَ الجَنى ولكمْ بالخَيْفِ من قلبٍ شَجٍ ... لم يزَلْ خوفَ النَّوى يشكو الضَّنى ما ارتضَى جانحةَ الصَّدرِ لهُ ... سَكَنًا منذُ به قد سَكَنا فيُناديهِ على شَحْطِ النَّوى ... مَنْ لنا يومًا بقلبٍ مَلَّنا سِرْ بنا يا حاديَ العيسِ عسى ... أنْ نُلاقي يومَ جَمْعٍ سِرْبَنا ما عَنى داعي النَّوى لمّا دَعَا ... غيرَ صبًّ شفَّهُ بَرْحُ العَنا شِمْ لنا البَرْقَ إذا هبَّ وقُلْ: ... جَمَعَ اللهُ بجُمْعٍ شَمْلَنا ¬

_ (¬1) منها أبيات في النفح 2/ 486، والمغرب 2/ 385، ومقدمة الرحلة (18).

وقال وقد تذكَّر طَيبةَ على ساكنِها الصلاةُ والسلام [المجتث]: يا أهلَ طيْبةَ قلبي ... عَنْ منهجِ الصبرِ جارا أشكو إليكمْ زمانًا ... عليَّ بالبَيْنِ جارا وبعدَكُم لمستُ أرضى ... من البرّيةِ جارا ودمعُ عيني عليكُمْ ... لأدمُعِ المُزْنِ جارى وقال متشوقًا لأهل العقيق [مخلع البسيط]: سُكّانَ وادي العقيقِ شَوْقي ... إليكمُ في البِعادِ زادا ونَظْرةٌ منكمُ المُنى لو ... أهدَيْتُموها إليَّ زادا عهدٌ لنا عندَكمْ حميدٌ ... يا ليتَهُ بالوِصالِ عادا صادقَ فيه الكَرى جُفوني ... وبعدَكُمْ للجُفونِ عادى وقال في السَّماع من الصّوتِ الحَسَن [186 و] [الطويل]: زيادةُ حُسْنِ الصوتِ في الخَلْقِ زينةٌ ... يَروقُ بها لَحْنُ القريضِ المُحبَّرِ ومن لم يُحرِّكْهُ السَّماعُ بطَيبةٍ ... فذلك أعمى القلبِ أعمى التصوُّرِ تُصيخُ إلى الحادي الجِمالُ لَواغبًا ... فتُوضعُ في بَيْدائها غيرَ حُسَّرِ ولله في الأرواح عند ارتياحِها ... إلى اللَّحن سرٌّ للورى غيرُ مُظهَرِ وكلُّ امرئ عابَ السَّماعَ فإنهُ ... من الجَهْل في عَشْوائهِ غيرُ مُبصرِ وأهلُ الحِجا أهلُ الحجازِ وكلُّهمْ ... رأَوْ مباحًا عندَهمْ غيرَ مُنكرِ وهام به أهلُ التصوُّفِ رَغبةً ... لتهييج شَوْقٍ نارُهُ لم تُسعَّرِ (¬1) ¬

_ (¬1) سقط البيت من م ط.

فإنّ رسُولَ الله قد قال: زيِّنوا ... بأصواتِكمْ آيَ الكتاب المطهَّرِ وزانَتْ لداودَ النبيِّ زَبُورَهُ ... مَزامِرُهُ بالنَّوحِ في كلِّ محضَرِ وفي الخُلدِ إسرافيلُ يُسْمِعُ أهلَهُ ... فيُسْلِيهمُ المسموعُ عن كلِّ منظرِ فإن أَكُ مُغْرًى بالسَّماع وحُسنِهِ ... فحَسْبي اقتداءً بالكريم ابنِ جعفرِ وقال في حبِّ النبى - صلى الله عليه وسلم -، وأهلِ بيتِه الكريم (¬1) وصَحْبِه رضي اللهُ عنهم (¬2) [الطويل]: أُحِبُّ النبيَّ المصطفى وابنَ عمِّهِ ... عليًّا وسِبْطَيْهِ وفاطمةَ الزَّهْرا هُمُ أهْلُ بيتٍ أَذْهبَ الرِّجْسَ عنهمُ ... وأطلَعَهم أُفْقُ الهُدى أنجُمًا زُهْرا مُوالاتُهمْ فرضٌ على كلِّ مسلمٍ ... وحبُّهمُ أسنَى الذخائِرِ للأُخرى وما أنا للصَّحبِ الكرام بمُبغِضٍ ... فإنّي أرى البَغْضاءَ في حقِّهم كُفْرا هُمُ جاهدوا في الله حقَّ جهادِهِ ... وهمْ نَصَروا دينَ الهدى بالظُّبا نَصْرا عليهمْ سلامُ الله ما دام ذكْرُهمْ ... لدى الملإِ الأعلى وأَكْرِمْ به ذِكْرا وقال يُحرِّضُ السُّلطانَ صَلاحَ الدِّين على النظرِ فيما ظَهَرتْ (¬3) من البِدَع بالمدينة، على دَفِينِها الصّلاةُ والسلام [الوافر]: صلاحَ الدِّينِ أنت لهُ نظامُ ... فما يُخْشَى لعُروتهِ انفصامُ فأظهِرْ سُنَّةَ الله احتسابًا ... فقد ظهَرَت بها البِدَعُ العِظامُ وفي دينِ الهدى حدَثَت أُمور ... بها للدِّين حُزنٌ واغتمامُ جَديرٌ أن يُقامَ لها ارتماضًا ... مَآتمُ للورى فيها التِدامُ [186 ظ] ¬

_ (¬1) في م: "الكرام". (¬2) النفح 2/ 493. (¬3) كذا في الأصول.

وكيف يلَذُّ للأجفانِ نومٌ ... وللإسلام جَفْن لا ينامُ؟ وكيف تَطِيبُ في الدّنيا حياةٌ ... وطَيبةُ لا يَطِيبُ بها مُقامُ؟ بتُربتِها رسولُ الله ثاوٍ ... وليس لأهلِها منهُ احتشامُ لو احتَرَموهُ أو هابوهُ يومًا ... لكان لصَحْبِه معَه احترامُ وهل يَرضَى صلاتَهمُ عليهِ ... إذا سُبَّتْ صَحابتُهُ الكرامُ؟ بأُمِّ المؤمنينَ قدِ استَهانوا ... وللصِّدِّيقِ والفاروقِ ذاموا عَزَوْا بعدَ النبيِّ لهمْ ضلالًا ... لقد ضَلَّ الغُواةُ وما استقاموا وسُنَّتُهُ أضاعوها امتهانًا ... فما لهمُ بواجبِها اهتمامُ وليس يذِلُّ عندَهُم سوى مَنْ ... لهُ بجميلِ مذهبِها ارتسامُ وما يَرعَوْنَ ذِمَّةَ زائريه ... وللذِّمِّيِّ قد يُرعَى الذّمامُ ومسجدُهُ المبارَكُ عادَ سُوقًا ... لهمْ فيها على اللَّهوِ ازدحامُ يُعيدُ به الصّلاةَ مؤذِّنوهُ ... وما بإمامِهمْ لهمُ ائتمامُ إذا قاموا لها قاموا كُسَالَى ... على كُرْهٍ كأنهمُ نيامُ يُضيعونَ المواقيتَ اقتصادًا ... ليُعدَمَ للصّلاة به انتظامُ وأشنَعُ بِدعةٍ حدَثَت صلاةٌ ... لسُنِّيًّ بشِيعيًّ تُقامُ وروضتُهُ المقدَّسةُ استباحوا ... مهابَتَها فأدمُعُها سِجَامُ إذا حَفُّوا بها لعِبُوا ازدراءً ... وكان لهمْ بتُربتِها انتخامُ وقاموا للسّلام وفيه لَعْنٌ ... لقد ساءَ الهدى ذاك المقامُ ويَرقَى فوقَ مِنبَرِهِ خطيبٌ ... له في الدِّين خَطْبٌ لا يُرامُ هو القاضي وحَسْبُك من قضاءِ ... له بالجَوْرِ في الشَّرع احتكامُ

يَعِيبُ على أئمّتِنا هُداها ... إمَاميُّونَ فُسَّاقٌ لئامُ يَغُرُّهمُ لفاطمةَ انتسابٌ ... وما لهمُ بحُرمتِها التئامُ وهل يُغني انتسابُهمُ إليها ... وعن دينِ الهُدى لهمُ انصرامُ؟! ونُوحٌ لابنِه لم يُغْنِ شيئًا ... ولا أَغناهُ بالجَبَلِ اعتصامُ أعزَّ اللهُ بالإسلام قومًا ... فليس له بغيرِهمُ قِوامُ [187 و] فذلَّتْ فرقةٌ طَعَنَتْ عليهمْ ... وهيلَ على أُنوفِهمُ الرَّغامُ وكيف يعِزُّ عند الله قولمٌ ... ودينُ الله بينَهُم يُضامُ؟ نقومُ إلى الصلاةِ وهم قعودٌ ... ويَعلو عندَها لهمُ الكلامُ بِلَعْنٍ صُمَّتِ الآذانُ منه ... وسَبٍّ للصّحابةِ يُسْتدامُ وتُقرَأُ بينَ أيديهمْ جِهارًا ... تَوالِفُ كلُّها زُورٌ سُخامُ ويَسعَى بينَ أيدينا اعتراضًا ... لقَطْع صَلاتِنا منهمْ طَغامُ فلا المأمومُ يَدري ما يُصلِّي ... ولا يَدري بما صَلّى الإمامُ تَراهمْ يسخَرونَ بنا احتقارًا ... وللأحقادِ عندَهُمُ احتدامُ ويعتقدونَنا نَجَسًا خبيثًا ... فليس لهمْ لجانبِنا انضمامُ يرَوْنَ الجَمْعَ للأُختينِ حِلًّا ... وتُعْطَى البنتُ ما يَرِثُ الغُلامُ وما التجميعُ عندَهُم بشَرْع ... لقد تاهُوا بباطِلِهم وهاموا يُقيمونَ الصّلاةَ وهُمْ فُرادى ... لقد شَرَدوا كما شرَدَ النَّعامُ وليسَ لهمْ من الإسلام حظٌّ ... ولو صَلَّوا مدى الدنيا وصاموا ومَن قد خالَفَ السَّلَفَ ابتداعًا ... أَتنفعُهُ الصلاةُ أو الصيامُ؟! لقد مَرَقوا من الدينِ اعتداء ... كما مَرَقَتْ من المَرْمى السِّهامُ

لهمْ من أهلِ مذهبِهمْ شيوخٌ ... أقاموا بين أظهُرِهمْ وداموا روافضُ أحدَثوا بِدَعًا وشادوا ... قواعدَها فليس لها انهدامُ فكم غَمْرٍ أضلُّوا واستَزَلُّوا ... فَحُمَّ على الضلالِ له الحِمَامُ وكم غِرٍّ ببَذْلِ المالِ غَرُّوا ... فكانَ على الحُطامِ له انحطامُ ومُغوِيهمْ فقيهُ الرفضِ سَيْفٌ ... أتاه باسمِهِ الموتُ الزُّؤامُ وفَرَّ إليهمُ منكمْ حُسَينٌ ... مخافةَ أن يُطَوّقَهُ الحُسامُ فأضرَمَ بالمدينةِ نارَ غَيًّ ... ابتْ ألّا يُزالَ لها اضطرامُ وأوسَعَ أهلَها بِرًّا وبُرًّا ... فكان لهمْ على الغَيِّ اقتحامُ فما يُرجَى لهمْ أبدًا فلاحٌ ... ولا رُشدٌ وهل يُرجى الجَهامُ؟ وما لهمُ إلى خيرٍ مضاءٌ ... مَدَى الدُّنيا وهل يَمْضي الكَهامُ؟ [187] لعَمْرُك إنّهمْ داءُ عُضَالٌ ... وما بسوى الحسامِ له انحسامُ ومَن لم يَرْضَ حُكمَ الله شَرْعًا ... فما دَمُهُ لسافِكِهِ حرامُ إذا انحَطَّ الرَّعيّةُ في هَواها ... ولم تُرْدَعْ فراعِيها يُلامُ وإن نشَأَتْ عَوارضُ للأعادي ... فبَرْقُ السيفِ أوْلى ما يشامُ فأمضِ الهِمّةَ العُليا إليهمْ ... وجاهِدْ أيها الملِكُ الهُمَامُ وأرْضِ المصطفى في صاحِبَيْه ... بنَصْرٍ لا يُفَلُّ له اعتزامُ أَتاك رضاهُ عفوًا فاغتنِمْه ... لِما ترجو وحُقَّ له اغتنامُ إيُقبَلُ منك عندَ الله عذرٌ ... وما لكَ من أَعاديه انتقامُ؟ وما نال الحِجازُ بكُمْ صلاحًا ... وقد نالتْهُ مِصرٌ والشآمُ

1173 - محمد بن أحمد بن جزي [188 و]-بضم الجيم وفتح الزاي وتشديد الياء- مرسي، أبو عبد الله

ولولا هَيْبةٌ لدفينهِمْ لم ... تُحَجَّ الكعبةُ البيتُ الحرامُ فإن أسلَمْتَ دينَ الله فيها ... على الدنيا وساكنِها السلامُ وأهدى إليه بعضُ أصحابِه بالقاهرة مَوْزًا فكتَبَ إليه (¬1) [المجتث]: يا مُهديَ الموزِ تبقَى ... وميمُهُ لكَ فاءُ وزايُهُ عن قريبٍ ... لمن يُناويكَ تاءُ وأغراضُه في أشعارِه مُستحسَنة، ولولا خوفُ الإملالِ والخروج بها إلى غير ما لهُ قَصْدُنا لاستكثَرْنا منها؛ إيثارًا لكريم آثارِه، واستطابةً لإيرادِ أخبارِهِ وأشعارِه، وفي بعض ما أورَدْناه منها دِلالةٌ على انطباعِه، وشهادةٌ بكرمِ طِباعِه. مَولدُه ببَلَنْسِتةَ سنةَ تسع وثلاثين، وقيل: بشاطِبَةَ، سنةَ أربعينَ وخمس مئة (¬2)، وتوفِّي بالإسكندَريّة رحمه اللهُ ليلةَ الأربعاءِ التاسعةِ والعشرينَ لشعبانِ أربعَ عشْرةَ وست مئة، قاله أبو محمدٍ عيسى بنُ سُليمانَ الرُّنْدي، قال: وكنتُ حينَئذٍ بالبلاد حاضرًا عندَ موتِه؛ وأبو محمدٍ هذا من المتقدِّمينَ في الضَّبطِ والإتقان، وعند أبي القاسم المَلّاحيّ في بعض مَناقلِ أحوالِه ووفاتِه خَلَلٌ كثيرٌ لا ينبغي التعريجُ عليه؛ واللهُ يتجاوَزُ عن سيِّئاتِ الجميع بفضلِه، لا رَبَّ سواه. 1173 - محمدُ (¬3) بن أحمدَ بن جُزَيّ [188 و]-بضمِّ الجيم وفَتْح الزاي وتشديدِ الياء- مُرسِيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عليّ الصدَفي وأكثَرَ عنه، وكان مُقرِئًا فاضلًا، نفَعَه الله. ¬

_ (¬1) النفح 2/ 384. (¬2) في هامش ح: "قال الزكي أبو محمد المنذري: سألته عن مولده فقال: ليلة السبت العاشر من شهر ربيع الأول سنة أربعين وض مئة ببلنسية، قال: وتوفي في السابع والعشرين من شعبان بثغر الإسكندرية ودفن على كوم عمرو بن العاص رضي الله عنه يريد من سنة أربع عشرة" (قلنا: هذا من التكملة 2/ الترجمة 1550). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1226)، وفي معجم أصحاب الصدفي (88).

1174 - محمد بن أحمد بن جعفر العبدري، أبو جعفر، ابن السراج

1174 - محمدُ بن أحمدَ بن جعفرٍ العَبْدريّ، أبو جعفر، ابنُ السَّرَّاج. رَوى عنه أبو عَمْرٍو زيادٌ ابنُ الصَّفّار، وكان فقيهًا خطيبًا. 1175 - محمدُ بن أحمدَ بن حَرْب المَهْرِيُّ، سَرَقُسْطيٌّ. كان فقيهًا مُبرِّزًا في العدالة، حيًّا سنةَ ستًّ وثلاثينَ وأربع مئة. 1176 - محمدُ بن أحمدَ بن حَزْم المَذْحِجيُّ، إشبِيليٌّ. رَوى عن أبي الحَسَن بن الأخضَر، وسيأتي محمدُ بن أحمد بن عبد الرّحمن ابن حَسَن بن حَزْم المَذْحِجيَّ بعدُ (¬1)، ولعلّه هذا، والله أعلم. 1177 - محمدُ بن أحمدَ بن حَزمُونَ، أبو الوليد. رَوى عن أبي جعفر البِطْرَوْجيّ، وأبي عبد الله جعفرِ بن محمد بن مَكِّي. 1178 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن حَسّان، جَيّاني، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحَجّاج القُضَاعي. رَوى عنه أبو عُمرَ يوسُفُ بن عَيّاد. 1179 - محمدُ بن أحمدَ بن حَسَن بن سَعْدونَ، بَلَنْسيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. 1180 - محمدُ (¬3) بن أحمدَ ابن الحَسَن بن محمد بن الحَسَن القُشَيْريّ، قُرطُبي، أبو القاسم، ابنُ صاحبِ الصّلاة. رَوى عن أبيه، وأبوَي القاسم: ابن بَشْكُوال وابن غالِب. رَوى عنه أبو القاسم ابنُ الطيْلَسان. وكان محدِّثًا نبيلًا ذا عنايةٍ تامّة بالحديثِ ورواييه ضابطًا لكُتبه نبيلَ الخَطّ مُتقَنَ التقييدِ ثقةً فيما ينقُلُه وَيرويه له "اختصارٌ" حَسَن في "الغَوامضِ والمُبهَمات" ¬

_ (¬1) الترجمة (1266) من هذا السفر. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1397). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1577).

1181 - محمد بن أحمد بن حكم التجيبي، إشبيلي

لإبن بَشْكُوال (¬1) وقَفْتُ عليه بخطِّه في ثلاثةِ أجزاءٍ لطيفة، وتوفِّي سنة سبع وست مئة (¬2). 1181 - محمدُ بن أحمدَ بن حكم التُّجِيبيُّ، إشبِيليٌّ. كان فقيهًا عاقدًا للشُّروط حَسَنَ السِّياقة لها والضبط لأحكامِها، حيًّا سنةَ تسع وثلاثينَ وست مئة. 1182 - محمدُ بن أحمدَ بن حَكَم الجُذَاميُّ، شَرِيشيّ. 1183 - محمدُ (¬3) بن أحمدَ بن حَمَنال، بفتح الحاءِ والميم ونُون وألفٍ ولام، مُرْييٌّ، أبو القاسم، وغَلَبت [188 ظ] عليه كنيتُه. كان مُقرِئًا مجوِّدًا عَذْبَ اللَّفظ، خَطَبَ بجامع بلدِه وأقرَأَ به القرآنَ ودرَّس العربيّة، وتوفِّي ببلدِه سنةَ ثلاث وثلاثينَ وست مئة. 1184 - محمدُ بن أحمدَ بن خَشْرَم العَبْسيُّ، إشبِيليٌّ، أبو بكر. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي. رَوى عنه أبو عَمْرو مُفضَّلُ بن عبد الملِك وأبو القاسم أحمدُ بن أبي هارون، وكان أُستاذَ عربيّة مُبرِّزًا في فَهْمِها حَسَنَ التعليم لها، درَّسَها بإشبيلِيَةَ طويلًا وأنجَبَ تلاميذَ جِلّة، وحَكَى عنه أبو الحَسَن ¬

_ (¬1) في هامش ح تعليق للتجيبي نصه: "واختصرها أيضًا أبو الخطاب بن واجب". (¬2) هنا تقع ترجمة مزيدة في هامش ح وهي: "محمد بن أحمدَ بن حسن الخزرجي مالقي أخذ القراءات والعربية عن الأستاذ أبي علي بن الشلوبين ورحل إلى المشرق فتفقه بمصر على ابن القسطلاني وكان غاية في الزهد والورع والعبادة نفعه الله ونفع به، وكان أبوه نجارًا، وكان هو أول أمره ينعاش من الخياطة، فكان الناس يزدحمون عليه تبركًا به فترك ذلك وصار يتعيش من دق القصدير ويأكل من كد يمينه ولم يزل على ذلك إلى أن توفي في ليلة الثامن والعشرين لشهر ربيع الآخر من سنة إحدى وخمسين وست مئة بالقاهرة ودفن من الغد بالقرافة، وقيل: ليلة سلخ ربيع المذكور، وقد بلغ من العمر نحو خمسة وأربعين عامًا، رحمه الله ونفع به". (¬3) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 23 نقلًا عن ابن الزبير ووقعت فيه وفاته سنة ثلاث وثمانين وست مئة.

1185 - محمد بن أحمد الأنصاري الخزرجي: قيجاطي، أبو عبد الله، ابن خدريال

ابن خَرُوف في بابِ الابتداء من "شَرْحِه الكتابَ" رأيًا انفرَدَ به وكانت له نظائرُ منَ اختياراتٍ ومذاهب نصَرَها واحتَجَّ بها ولها، وقالها وألزَمَ القولَ بها. 1185 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ الأنصاريُّ الخَزْرَجيّ: قَيْجاطيّ، أبو عبد الله، ابنُ خَدْرِيال (¬2). تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن شُرَيْح وأبي القاسم ابن النَّخّاس. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ عبد العزيز بن يبقى. وكان مُقرِئًا مجوّدًا فاضلًا، واستُقضيَ بموضعِه. 1186 - محمدُ (¬3) بن أحمدَ بن خَلَف بن بِيبشَ العَبْدريُّ، أُنْدِيٌّ سكَنَ بَلَنْسِيَةَ، أبو عبد الله. حدَّث بالإجازةِ عن أبي عبد الله أحمدَ بن محمد الخَوْلانيّ، وأبي محمد عبد القادرِ ابن الحَنَّاط (¬4). رَوى عنه ابنُه أبو بكرٍ بِيْبَش. وكان فقيهًا مُشاوَرًا عارِفًا بعَقْدِ الشّروط عَدْلًا، توفّي ببَلَنْسِيَةَ عصرَ يوم الثلاثاءِ لأربعٍ خَلَوْنَ من صَفَرِ إحدى وأربعينَ وخمس مئة. 1187 - محمدُ بن أحمدَ بن خَلَف بن حَكَم، غَرْناطي. رَوى عن أبي الحَسَن عبد الرّحمن بن عبد الله بن عَفِيف. 1188 - محمدُ بن أحمدَ بن خَلَف بن داودَ القَيْسيُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العِلم والتبريزِ بالعَدالة، حيًّا سنةَ خمسٍ وعشرينَ وأربع مئة. 1189 - محمدُ (¬5) بن أحمدَ بن خَلَف بن سَعِيد بن خَلَف بن أيّوبَ اليَحْصُبيُّ، مَرَوِيٌّ دانيُّ الأصل، انتَقلَ أبوه إليها، أبو القاسم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1364). (¬2) في التكملة: "خضريال"، وعجمة الاسم تحتمل اللفظين. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1318)، والذهبي في المستملح (88)، وتاريخ الإسلام 11/ 791. (¬4) في م ط: "الخياط"، مصحف، وهو مجوّد بخط ابن الجلاب في التكملة الأبارية. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1431).

1190 - محمد بن أحمد بن خلف بن عبد الملك بن غالب الغساني، غرناطي، أبو بكر القليعي

رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي، وكان من بيتِ روايةٍ وعناية بالعلم. 1190 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن خَلَف بن عبد الملِك بن غالبٍ الغَسانيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو بكرٍ القُلَيْعيُّ. كان نبيهَ البيت رفيعَ القَدْر عاليَ الصِّيت، من [189 و] أهل العلم والفَضْل والحَسَب والدِّين؛ وأجمَعَ أهلُ بلدِه على استقضائه بعدَ أبي محمد بن سَمَجُونَ سنةَ ثمانٍ وخمس مئة فتقَلَّد قضاءه، وتوفِّي وهو يتَولّاهُ أوّلَ صَفَرِ عَشْرٍ وخمس مئة، ودُفنَ برَوْضةِ أبيه. 1191 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن خَلَف بن عُبَيد الله (¬3) بن فَحْلُونَ السَّكْسَكيُّ، سَكَنَ شَرِيش، أبو بكرٍ. تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي العبّاس المَسِيليّ، وأجاز له أبو عُمر أحمدَ بن صالح، ورَوى عن أبي إسحاقَ بن حُبَيْش وأبوَيْ بكر: ابن رَيْدانَ (¬4) وعبد العزيز بن مُدير، وأبي جعفر بن نُمَيْل، وأبي الحَسَن مُفرَّج بن سَعادةَ، وأبي غالبٍ أيمنَ القاضي، وأبي محمد بن مَوْجُوال وتفَقَّه به، وأبي مَرْوانَ بن قُزْمانَ وغيرِهم. رَوى عنه أبو الخَطّاب بن خَليل، وأبو سُليمانَ وأبو محمدٍ ابنا (¬5) حَوْطِ الله وسِواهم، وآخِرُ من حدَّث عنه بالإجازة أبو عُمر بنُ أبي محمد بن حَوْطِ الله. وكان من أهلِ العِلم والفَضْل والحِفظ، كان أبو الخَطّاب بنُ خليل يُكثِرُ الثناءَ عليه ويَشهَدُ بجَلالتِه ويرفَعُ من قَدْرِه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1184). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1515)، والذهبي في المستملح (186)، وتاريخ الإسلام 12/ 965. (¬3) في التكملة ومن نقل منها: "عبيد". (¬4) في م ط: "زيدان"، مصحف. (¬5) "وأبو محمد ابنا" سقطت من م ط.

1192 - محمد بن أحمد بن خلف بن عياش الأنصاري الخزرجي، قرطبي، أبو عبد الله الشنتيالي

وتوفِّي بعدَ وَقيعةِ الأرك بأربعةِ أيام أو نحوِها، وكانت الوَقيعةُ على الرُّوم يومَ الأربعاء لعَشْر خَلَوْنَ من شعبانِ أحدٍ وتسعينَ وخمس مئة وقد قارَبَ الثمانينَ، وغَلِطَ أبو القاسِم بن فَرْقَد في وفاتِه فقال: إنّها كانت سنةَ أربع وثمانينَ، فاعلَمْه. واللهُ الموفِّق. 1192 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن خَلَف بن عَيّاش الأنصارّيُّ الخَزْرَجيُّ، قُرطُبيّ، أبو عبد الله الشَّنْتِيالي. تَلا على صِهرِه أبي القاسم بن غالبٍ الشَرّاطِ بالسَّبعْ، وبقراءةِ نافع خاصّةً على أبي بكر بن سَمْحُون (¬2)، وتَلا على أبي إسحاقَ بن طلحةَ وأبي الحَسَن بن عُقَاب، وأبي عبد الله بن سَالم بن برتال، وأبي العبّاس بن صالح الضَّرير. ورَوى عن أبي بكر بن خَيْر، وأبوَي القاسم: السُّهَيْليِّ وابن بَشْكُوالَ واختَصّ بهِ وأجازَ له؛ وأبي محمدٍ ابن الضَفّار. وتفَقَّه بأبي الحَسَن عبدِ الرّحمن بن بَقِيّ، وأجازَ له أبو الحَسَن بن حُنَيْن. وله شُيوخٌ غيرُ هؤلاء. رَوى عنه ابنُه أبو بكرٍ عَيّاشٌ، وأبو عليّ الحُسَين ابن المالَقيِّ وبَنُوه: [190 ظ] أبو حامدٍ محمدٌ وأبو الحَسَن وأبو محمد، وأبو عِمرانَ ابنُ أخيه أبي القاسم عبد الرّحمن، وأبو عُمرَ بنُ حَوْطِ الله، وأبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان. وكان من جِلّة المُقرِئينَ ومُتقِني المجوِّدين وأكابرِ المحدَّثين، تامَّ الفَضْل شَهيرَ الصّلاحِيّةِ والتواضُع، حَسَنَ الهَدْي معروفَ الفَضْل، عالمًا عامِلًا مجتهدًا في العبادة، حافظًا للفِقه، متحقِّقًا بالنَّحو، ماهِرًا في الفرائض والحِساب، أمَّ في الفريضة بجامع قُرطُبةَ الأعظم نحوَ ثلاثينَ سنةً، وأقرَأَ به القرآنَ وأسمَعَ الحديثَ إلى أن توفِّي غَداةَ يوم الاثنينِ لثِنتَيْ عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من شعبانِ تسعٍ وست مئة، ودُفنَ عصرَ يوم الثلاثاءِ بعدَه بمقبُرة أُمِّ سَلَمةَ مع صِهرَيْه أبي القاسم بن غالبٍ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1586)، والذهبي في المستملح (232)، وتاريخ الإسلام 13/ 222، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 62، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 213. (¬2) في م ط: "سمجون"، مصحف.

1193 - محمد بن أحمد بن خلف بن عيسى الأنصاري

وابنِه أبي بكرٍ غالب، وكانت جَنازتُه في غاية الحَفْل حضَرَها الناسُ على طبقاتِهم، ولم يتَخلَّفْ عنها كبيرُ أحد؛ ومَولدُه بينَ عامَيْ أربعةٍ وخمسةٍ وثلاثينَ وخمس مئة (¬1). 1193 - محمدُ بن أحمدَ بن خَلَف بن عيسَى الأنصاريُّ. رَوى عن شُرَيْح، وأبب القاسم ابن بَشْكُوال. 1194 - محمدُ بن أحمدَ بن خَلَف بن قاسم الأنصاريُّ، أبو العبّاس. رَوى عن أبي الوليد بن رُشْد، [....] (¬2)، وكان فقيهَا فَرَضِيًّا ذا عِنايةٍ بالعلم وبراعةٍ في الخَطّ وإتقانٍ في التقييد. 1195 - محمدُ (¬3) بن أحمدَ بن خَلَف الأنصاريُّ، مالَقيٌّ، وجعَلَه ابنُ الزُّبَير إشبيليًّا، أبو عبد الله، ابنُ صاحبِ الصّلاة. رَوى عن أبوَي الحَسَن: خالِه صالح بن عبد الملِك وشُرَيْح، وتَلا عليه وأكثَرَ عنه، وعلى أبي العبّاس بن حَرْبٍ وأجازا له. وأجاز له أبو عُمرَ أحمدُ بن صَالح. رَوى عنه أبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبو عُمرَ بنُ أبي محمد بن حَوْطِ الله. وتوفِّي بعدَ عصرٍ يوم الأحدِ لثمانٍ بقِينَ من شوّالِ ثمانِ وتسعينَ وخمس مئةٍ وقد نَيَّف على الثمانين. 1196 - محمدُ بن أحمدَ بن خَلَف الغافِقيُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والتقدُّم في العدالة، حيًّا سنةَ خمسٍ وعشرينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) بهامش ح الورقة: 189 ب (191 ترقيم أصلي) تعليق للتجيبي نصه: "محمد بن أحمد بن أبي القاسم خلف، شاطبي، أبو القاسم. أديب من شعراء بلده، لقيه أبو بكر بن مسدي ببلده شاطبة سنة عشرين وست مئة وأجازه جميع نثره ونظمه". (¬2) يياض في النسخ. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1536)، والذهبي في المستملح (198)، وتاريخ الإسلام 12/ 1154، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 62، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 213.

1197 - محمد بن أحمد بن خلف القيسي، مروي، أبو عبد الله، ابن الحمزي، بالزاي

1197 - محمدُ بن أحمدَ بن خَلَف القَيْسيُّ، مَرَوِيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الحَمْزيِّ، بالزّاي. رَوى عن أبي إسحاقَ بن وَرْدونَ [191 و] وأبوَيْ بكرٍ: عبد الرّحمن بن عيسى بن رَجَاءٍ الشُّمُنْتاني ومحمد بن نعمةَ العابرِ المعروفِ بالفروج (¬1) ويُكْنَى أبا عبد الله أيضًا، وأبي عبد الله بن خَلَف ابن المُرابِط، وأبي العبّاس العُذْريِّ، وأبي عِمرانَ بن عِمرَانَ اللَّخْميّ الرامُوسِيِّ، وأبي القاسم أحمدَ الباجِيِّ، وأبي محمدٍ عبدِ الملِك حَفيدِ هاشم، وأبي الوليد سُليمانَ الباجِيّ، وأبي [....] (¬2) ابن صاحبِ الأحباس. رَوى عنه أبو إسحاقَ بن قُرْقُول، وآباءُ بكر: ابنُ خَيْر وابنُ رِزْق وابن مالكٍ وعَتِيقُ بن مُؤمن، وأبو تَمّام غالبٌ العَوْفي، وأبو جعفر بنُ مَضَاء، وآباءُ الحَسَن: ابن الضَّحَّاك وابن مُؤمن ومحمدُ بن عبد العزيز الشَّقُوريُّ، وأبو العبّاس الأنْدَرْشيُّ، وأبو القاسم ابن بَشْكُوالَ، وأبو محمد بن عُبَيد الله. وكان شيخًا فاضلًا عَدْلًا، فقيهًا حافظًا مُشاوَرًا متأدَّبَا، عَلِيَّ الهِمّة، كريمَ الطِّباع، متواضِعًا، مُكرِمًا قُصَّادَه، بَسّامًا لكلِّ من لَقِيَه حَسَنَ السِّيرة، وكان لهُ سَماعٌ قديمٌ صحيح، لم تكنْ له كُتُبٌ به فلم يتَعرَّض للتسميع، وكان رابعَ أربعةٍ من الخُطَباء يَنْتابُونَ الخَطابةَ بالمَرِيّة، فكان كلُّ واحدٍ منهم يَخطُبُ جُمُعةً في الشهر، ثُم صُرِف عن ذلك ووَليَ قضاءَ الواديَيْنِ بالمَرِيّة، فسار فيه أحسَنَ سِيرة، ثم رَغِبَ في الانصرافِ عن الخُطّة (¬3) واستَعفَى منها فأُعفِي، وتوفِّي سنةَ تسعٍ وثلاثينَ وخمس مئة بالمرية. 1198 - محمدُ (¬4) بن أحمدَ بن خَلَف الكُتَاميُّ، إشبِيليٌّ أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) في م ط: "بالفروخ". (¬2) بياض في النسخ. (¬3) يعني خطة القضاء. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1351).

1199 - محمد بن أحمد بن خليل بن إسماعيل بن عبد الملك بن خلف بن محمد بن عبد الله السكوني، لبلي الأصل، سكن إشبيلية وبها نشأ، أبو الحكم

صَحِبَ أبا القاسم محمدَ بن إسماعيلَ الرَّنْجَانيّ (¬1)، ورَحَلَ فكتَبَ عنه أبو الطاهر السِّلَفيّ. 1199 - محمدُ بن أحمدَ بن خَليل بن إسماعيلَ بن عبد الملِك بن خَلَف بن محمدِ بن عبد الله السَّكُونيّ، لَبْليُّ الأصل، سَكَنَ إشبيلِيَةَ وبها نشَأَ، أبو الحَكَم. رَوى عن أبيه وأعمامِه: أبي زَيْد وأبوَيْ محمد: عبد الله وعبد الحقّ، وأبي بكرٍ ابن الجَدّ، وأبي عبد الله بن زَرْقُون، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال، رَوى عنه بَنو إخوتِه. 1200 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن خَليل، أخو الذي يَليهِ قبلَه، لَبْليُّ الأصل سَكَنَ إشبيلِيَةَ وغيرَها، أبو الخَطّاب. رَوى عن أبيه وعمَّيْه أبي زَيْد وأبي محمد عبد الحقِّ، وأخيه أبي بكر يحيى، وابنَيْ عمِّ أبيه: أبي عبد الله وأبي محمدٍ ابنَيْ [191 ظ] عبد الغَفُور، وخالِه أبي زكريّا بن أبي الحَجّاج، وأكثَرَ عن أبوَي الحُسَين: ابن الصّائغ، وابن زَرْقون ولازَمَه كثيرً المتَاتٍ متأكَّدٍ كان بينَهما؛ وأبي القاسم بن بَقِيّ، وأبي محمد بن حَوْطِ الله. وأخَذَ قراءةً وسماعًا عن آباءِ بكر: ابن طلحةَ وابن قَنْتَرالَ وابن المُرْخِي والنيار، وأبي جعفر بن مَضَاء، وأبوَي الحَسَن: ابن خَرُوف وابن الفَخّار، وأبي الحَكَم: القُبَاعيِّ وعبدِ الرّحمن بن محمد بن حَجّاج، وأبي العبّاس بن مِقْدام، وأبوَيْ عليّ: الحَسَن بن عامِر والنّرسَاني، وأبي عَمْيرو مُرَجَّى بن يونُس، وأبي عِمرانَ المارْتُليِّ الزاهد، وأبي القاسم أحمدَ بن محمد الطَّرَسُوني، وآباءِ محمد: ابن جُمْهُور وابن الشَّكّال وعبد الرّحمن الزُّهْرِيّ وعبد الجَليل بن عُفَيْر، ولقِيَ أبا بكرٍ ابنَ الجَدّ، قال: وتذَكَّرني بعدَ وفاةِ أبي وسأَلَني فحُملتُ إليه صغيرًا، وأذكُرُ ¬

_ (¬1) بالراء المهملة، قيده ابن نقطة في إكمال الإكمال 2/ 753. (¬2) ترجمه أحمد بن أيبك الحسامي في استدراكه على صلة التكملة للحسيني نقلاً عن ابن الزبير (صلة التكملة 1/ 299)، والذهبي في تاريخ الإسلام 14/ 732 نقلًا عن ابن الزبير أيضًا.

مِن تَرحُّمِه على الوالدِ والجَدّ: ورَحِمَ اللهُ تلك العِظامَ العِظام؛ وابنَ أحمدَ بن عُبَيد، والسّلاقيَّ، وابنَ عبد النُور، وابنَ مالكٍ الشَّرِيشيَّ، وابنَ أبي (¬1) زَمَنِين، وأبا (¬2) عبد الله بنَ زَرْقُون، قال: وكان قد وَصَلَ هو وابنُه أبو الحُسَين بعدَ وفاة أبي بمُدّة إلى دارِنا زائرَيْنِ ومتفقِّدَيْنِ على عادتِهما معَه في حياته؛ وأبا عُمر بنَ عاتٍ، وأبوَيْ عَمْرو: ابن غياث وابن مَغْنِين، وآباءَ القاسم: الحَوْفيَّ وعبدَ الملِك بن بَدْرُون وابن عُذْرةَ، وكلُّهم أجاز له إلّا أخاه أبا بكرٍ فلم يَذكُرْ أنه أجازَ له. ومن شيوخِه سوى من ذكرَ: أبو عبد الله ابنُ النسرة، وأجاز له أبو زَيْدٍ السُّهَيْليّ ولم يحقِّق لُقِيَّه، وصَحِبَ أبا القاسم بنَ بَقِيّ نحوَ ثلاثينَ سنة. وكتَبَ إليه مُجيزًا ولم يَلْقَه من أهل الأندَلُس وبَرِّ العُدوة: أبو بكر بنُ صَافٍ، وأبو الحَسَن ابن لُبّال، ونَجَبةُ، وأبو ذَرّ بن أبي رُكَب، وأبو الصَّبر الفِهْرِيّ، وآباءُ محمد: التّادَليُّ والحَجْريُّ وعبدُ الحقِّ ابن الخَرّاط؛ ومن أهل المشرِق آباءُ الطاهر: ابن عَوْف والخُشُوعيُّ والسِّلَفيّ، وأبَوا عبد الله: جُوبكارُ وابن أبي الصَّيف. وقد جَمَعَ كتابًا ضمَّنَه التعريفَ بهم وبمَدارِكِهم في العلوم، وتبيينَ أحوالِهم وكيفيَّةَ أخْذِه عنهم، فضاع له عند خروجِه من إشبيلِيَةَ، رجَعَها الله، لمّا استَوْلَى عليها العدُوُّ، قصَمَه الله؛ ثُم جَمعَ بعدُ كتابًا في نحوِه [192 و] سَمّاه بـ "التَّذكِرة" اشتَملَ على نَيِّف وتسعينَ شيخًا أخَذَ عنهم مباشِرًا أو كَتْبًا، وانفردَ بالرّوايةِ عن طائفةٍ منهم، فكان آخِرَ الرُّواة عنهم، ولكنّ أبا جعفر بنَ الزُّبَير وَهِمَ في قولِه، وقد ذَكَرَ جماعةً من شيوخِه: وهو آخرُ مَن حدَّثَ عن هؤلاءِ باللِّقاءِ والمُشافَهة، فمنهم: الحافظُ أبو بكرٍ ابنُ الجَدّ، وأبو عبد الله بنُ زَرْقُون، وقد رَوى عنهما سَماعًا أبو جعفرٍ ابنُ السَّرّاج، وقد تأخَّرتْ وفاتُه عن أبي الخَطّاب بنحوِ خمسِ سنين، ومنهم: أبو جعفر بن مَضَاء، وقد سَمِع عليه ابنُ السَّرّاج المذكورُ وشيخُنا أبو القاسم البَلَويّ، وتُوفِّيا في عامٍ واحد، ومنهم: أبو عَمْرو بنُ غِيَاث، ¬

_ (¬1) "أبي": سقطت من م ط. (¬2) في ح م ط: "وآباء"، والسياق لا يدل على ذلك.

وقد لقِيَه شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْني، وتوفَّي بعدَ أبي الخَطّاب بنحوِ أربعَ عشْرةَ سنةً، ومنهم: أبو بكرٍ السّلاقي، وقد سَمِعَ عليه كثيرًا شيخُنا أبو عليّ الماقريُّ وتوفَّي بعدَ أبي الخَطّاب بنحو ستَّ عشْرةَ سنة، رَوى عنه [....] (¬1). وحدَّثنا عنه أبو جعفر بنُ الزُّبَيْر، وأبو الحَسَن ابنُ الضائع، وأبو عليّ بن رَشِيق صاحبُنا. وكان فصيحَ اللِّسان بارعَ التعبير عمّا يُحاول، كاتبًا بليغًا، شاعرًا مجُيدًا، خطيبًا مِصقَعًا مِقْدامًا على الكلام وَجَّادًا له يَرتجِلُ الخُطَبَ البليغةَ بين يدَي الملوكِ وفي المحافل الجُمهوريّة، تنبيهًا على المصالح وحَضًّا على ما فيه سَدادُ الأحوال، غيرَ متوقِّف في ذلك ولا متهيِّب لهُ كعادةِ أخيه أبي بكر يحيى وأبيهما قبلَهما، وبأبي الخَطّاب خُتِم شأنُ الخَطابةِ والبلاغة فيها بالأندَلُس، وذلك كان الغالبَ عليه معَ إجادتِه في غيره ممّا ذُكِر وُيذكَرُ من تصرُّفاتِه؛ فقد كان فقيهًا حافظًا متقدِّمًا في عَقْد الشُّروط، مبرِّزًا في علوم اللِّسان، نَظّارًا في علم الكلام وأُصولِ الفقه. وقد نَظَمَ في العقائدِ قصيدةً فريدةً سَمّاها: "ناظمةَ الفرائض (¬2) في عِقْدِ العقائد"، وصنَّف في عِلم الكلام وفي الفقه، ومن مصنَّفاتِه: "الحُجَجُ الإقناعيّة في المحجورِ إذا استُعملَ في الخُططِ الشَّرعيّة"، و"النَّفْحةُ الدارِيّة واللَّمحةُ البُرهانيّة [192 ظ] في العقيدةِ السَّنِيّة والحقيقةِ الإيمانيّة". وكان ذاكرًا للتاريخ قديمِه وحديثِه حَسَنَ الإيرادِ له، ممتِعَ المجالسة، مأمونَ الغَيْبِ والشهادة، وكتَبَ عن جماعةٍ من جِلّة قُضاةِ إشبيلِيَةَ. وقد جَمعَ أبو بكيرٍ ابنُ أخيه أبي عُمرَ كلامَه نَظْمًا ونثرًا في كتابٍ سمّاه: "الغُرَر والدُّرَر" أودَعَه جُملةً صالحة من رسائلِه ومُنشَاَتِه الإخوانيّاتِ وما يُناسبُها، ولم يُلفِ له منَ الإنشاءات السُّلطانيّة ما يُوردُهُ فيه، فقد كان أيامَ شَبِيبتِه استَعمَلَه بعضُ الأمراء في الكَتْبِ عنه، فتلبَّس به حِينًا على كَراهةٍ منه، ثُم لمّا صار في سِنِّ الاكتهال، نَزَعَ بالجُملة عن ذلك الحال، ولم يزَلْ يُرغَبُ في الخِدمة فيَصدِفُ عنها، وَيفِرُّ ¬

_ (¬1) بياض في النسخ. (¬2) كذا في النسخ، ولعلها "الفرائد".

أنَفَةً بمنصبِه منها، على ما كان عليه سَلَفُه. وفي كُتُبِه وكُتُبِ أخيه القاضي أبي بكرٍ يقولُ رئيسُ الكُتّاب وكبيرُهم أبو عبد الله بن عَيّاش: كُتبُهما رسائل، وهي معَ ذلك دواوينُ عِلم ومسائل. ومن شعرِه ما قالهُ ضَجَرًا بحالِه، وسَآمةً من حِلِّه وتَرحالِه، لنُوَب زمانِه، ونُبُوُ حِمصَ لأوطانِه، عندَ استيلاءِ الكفَرةِ عليها [البسيط]: أَشكو إلى الله ما لاقَيْتُ من زمَنِ ... في غُربةٍ عارَضَتْ في مأْلَفِ الوطنِ إذا تنكَّرَ لي حالاً تَنَكَّرَ لي ... أبناؤُهُ وأثاروا ثائرَ الإحَنِ أحالَهمْ حالُهُ مهما انتَحَى غَرَضًا ... في الاستنانِ به في ذلك السَّنَنِ فكم أحالَ منَ احوالٍ بجَفْوتِهِ ... وكم ألمَّ بآلامٍ من المِحَنِ ثم رجَعَ في الحِين، إلى عَقْدِ اليقين، في قُدرةِ الله وحَوْلِه، واستغفَرَ من قولِه بقوله [البسيط]: أستغفرُ اللهَ كم لله من مِنَنِ ... لُمْتُ الزمانَ ولا لومٌ على الزمنِ فالأمرُ لله في الحالاتِ أجمعِها ... والكلُّ لولاهُ لم يوجَدْ ولم يكُنِ هُو الذي خَلَقَ الأشياءَ مخترِعًا ... فالمَحْ بلامحةِ الألبابِ والفِطَنِ وكنْ معَ الله في علمٍ وفي أدبٍ ... مستوضِحًا سَنَنَ القرآنِ والسُّننِ قال المصنَّفُ عَفَا اللهُ عنه: في قولِ الناظم: "أجمعِها" [193 و] نظَرٌ مِن قِبَلِ استعمالِه إيّاه مُضافًا ولا تَستعملُه العرَبُ كذلك. وأكَّد ذلك المعنى وتمَّم ذلك المبنى بقولِه (¬1) [البسيط]: بمُدرِكِ العقلِ كلُّ الخلقِ مطلوبُ ... كَسْبًا ولكنْ لربِّ الخَلْقِ منسوبُ مشيئةُ الحقِّ في الأكوانِ كائنةٌ ... علمًا قديمًا وسِرُّ الغَيْبِ محجوبُ ¬

_ (¬1) "بقوله": سقطت من م ط.

1201 - محمد بن أحمد بن خليل السكوني، لبلي الأصل إشبيلي المنشإ والمسكن، أبو عمر

وكلُّ شيءٍ فمقدورٌ بقُدرتهِ ... وهْو المُسبِّبُ ما للغَيْرِ تَسبيبُ فسلِّمِ الأمرَ للأحكام وارْضَ بها ... فكلُّ حُكمٍ بصَفْحِ اللَّوْح مكتوبُ والربُّ ربٌّ وكلٌّ تحتَ قُدرتهِ ... يَقضي بما شاءَ والمربوبُ مربوبُ وكلُّ حيٍّ فعنْ رِزقٍ وعن أجلٍ ... كلٌّ بسابقةِ التقديرِ محسوبُ كفاكَ ربُّكَ أمرًا قد تكفلَهُ (¬1) ... فالهَمُّ بالكائنِ المَكفِيِّ تعذيبُ قال المصنِّف عَفَا اللهُ عنه: قولُ الناظم: "للغَيْر" لا تقولُه العرب؛ وهذا من النَّظم النَّقيِّ البارع الشاهدِ بتقدُّم مُنشئه وبلاغتِه، وتبريزِ في شَأْو إجادتِه. توفِّي عن سِنٍّ عالية في العَشْر الأُخَر من شعبانِ اثنينِ وخمسينَ وست مئة (¬2). 1201 - محمدُ (¬3) بن أحمدَ بن خليلٍ السَّكُوني، لَبْليُّ الأصل إشبِيليُّ المنشَإ والمسكَن، أبو عُمر. أخو أبي الحَكَم وأبي الخَطّاب المذكورَيْنِ آنفًا وأبي الفَضْل وأبي بكرٍ يحيى الآتي ذكْرُه بعدُ إن شاء الله. تفَقَّه على أبيه وعمَّيْه: أبي زَيْد وأبي محمدٍ عبدٍ الحقّ، ورَوى عن آباءِ بكر: ابن الجَدّ وابن مالك والنَّيّار وأبوَي القاسم: ابن بَشْكُوال والحَوْ فيِّ، وأبي الحَسَن بن لُبّال، وأبي زَيْد السُّهَيْلي، وأبي عبد الله بن زَرْقُون، وأبي العبّاس بن مَضَاء، وأبوَيْ محمد: ابن جُمهُور والحَجْريّ؛ وأجازَ له من أهل المشرِق آباءُ الطاهر: الخُشُوعيُّ والسِّلَفيُّ وابنُ عَوْف، وله شيوخٌ غيرُ هؤلاء [....] (¬4). وكان حَسَنَ المشارَكة في فُنونٍ من العلم، فقيهًا حافظًا، جيِّدَ القيام على المذهبِ المالكيّ ذاكرًا مسائلَه، وجَمعَ بينَ "الرِّسالة" و"التفريع" و"التلقين" جَمْعًا ¬

_ (¬1) في النسخ: "تكلفه". (¬2) في الحادي والعشرين من شعبان كما نقل ابن أيبك عن ابن الزبير. (¬3) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام 14/ 555. (¬4) بياض في الأصول.

1202 - محمد بن أحمد بن خليل السكوني، لبلي الأصل إشبيلي النشأة والاستيطان، أخو المذكورين قبله، أبو الفضل

محُكما، وصنَّفَ في الطّبِّ والبَيْطَرة وصَنْعة رُكوب الخَيْل وتدبيرِ الحروب (¬1) وتعليم الثِّقَاف [193 ظ] والرَّمي ومن أين يؤتَى على مُنتحِل ذلك وما ينبغي أن يأخُذَ به نفْسَه، ومعرِفةِ شِيَاتِ الخَيْل ودلائلِ العَتَاقة؛ وجَمَعَ بينَ كتابَيْ أبي مَرْوانَ بن زُهْر وابنِه أبي بكرٍ في الأغذِية جَمْعًا حَسَنًا وأضافَ إليهما فَصْلَ ذكْرِ الخَواصِّ والكُلِّيّات الواقعة في "تيسير" ابن زُهْر، وألَّف غيرَ ذلك. واستُقضيَ بغيرِ موضِع من أنظار إشبيلِيَةَ، ووَرَدَ مَرّاكُش ورأيتُه بها، وأقام فيها مُدّةً ليست بالطويلة مُتلَبّسًا بعَقْدِ الشروط، ثُم عاد إلى الأندَلُس فاستَوطَنَ لَبْلةَ بلدَ سَلَفِه إلى أن عَرَضَ له توَجُّه إلى إشبيلِيَةَ زائرًا بعضَ ذوي قَرابتِه بها، ففُقِدَ في وِجهتِه تلك فلم يُعثَرْ له على خَبَر، كذلك أخبَرني ابنُه أبو الحَكَم أحمدُ. وقال ابنُ الزُبَير: إنه فُقِد في طريقِ لَبْلةَ عندَ خروج أهل إشبيلِيَةَ منها سنةَ ستٍّ وأربعينَ وست مئة، وخبَرُ ابنِه أوْلَى بالاعتمادِ عليه، واللهُ أعلم. 1202 - محمدُ بن أحمدَ بن خَليل السَّكُونيّ، لَبْليُّ الأصل إشبيليُّ النَّشأةِ والاستيطان، أخو المذكورَيْنِ قبلَه، أبو الفَضْل. رَوى عن أبيه وأعمامِه المذكورينَ في رُسوم إخوتِه وسائرِ شيوخ إخوتِه، وله رحلةٌ حَجَّ فيها، وأخَذَ بمكّةَ، كرَّمها اللهُ، عن أبي عبد الله بن أبي الصَّيف اليَمَني، وبالإسكندَريّة عن أبي الطاهِر بن عَوْف. رَوى عنه بَنُوه وبنو إخوته، وأبو العبّاس بن فَرْتُون؛ وكان من بيتِ عليم وجَلالة، قد جَرَى تقريرُ فَضْلِه في غير موضع، وسيأتي في سواها إن شاء الله. 1203 - محمدُ بن أحمدَ بن خَيْرونَ الأنصاريُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحَجّاج بن عبد الرّازِق. 1204 - محمدُ بن أحمدَ بن رَجاءِ، من أهل شَرْق الأندَلُس. ¬

_ (¬1) في م ط: "الحروف"، محرفة.

1205 - محمد بن أحمد بن رشيد التميمي

كان أديبًا كاتبًا محُسِنًا، ذا حَظّ من قَرْض الشِّعر يُجيدُ في بعضِه، كتَبَ قديمًا عن بعض رؤساءِ عصرِه ثم تخَلَّى عن التلبُّس بالكتابة وآثَرَ العُزْلةَ والانفراد، ومن قولِه في ذلك، ونقَلتُه من خطِّه [الطويل]: ولمّا رأيتُ الخيرَ قدقلَّ أهلُهُ ... ولم يَبْقَ إلّا ناقصٌ وخسيسُ تفرَدَّتُ بالآدابِ حتى ألِفتُها ... فما لي سوى أخبارِهنَّ أنيسُ [194 و] وما الخيرُ إلّا في التفرُّدِ للفتى ... وما الشَّرُّ إلّا صاحبٌ وجَليسُ وله وقد عاجَلَه الشَّيبُ، ونقَلتهُ أيضًا من خطِّه [الطويل]: وقائلةٍ لمّا رأَتْ شَيْبَ مَفرِقي: ... أَشِبْتَ وعهدُ السنِّ غيرُ قديمِ؟! فقلتُ: يَسُوقُ الشَّيبَ قبلَ أوانِهِ ... لزومُ همومٍ أو زوالُ نعيمِ وله في معنًى آخَرَ، ونقَلتُه من خطِّه [مجزوء الرجز]: ما الكُتْبُ فيما تحتوي ... عليهِ إلّا صَدَفَهْ جوهَرُهَا أعلى وأغـ ... ـلى عندَ أهلِ المعرفهْ ولهُ، وقد سُئل عن البلاغةِ فقال، ونقَلتُه أيضًا من خطِّه: البلاغةُ: لفظٌ فَصيح، ومعنًى صَحيح، وإيجازٌ في غيرِ تقصير، وإطالةٌ في غيرِ تكرير. 1205 - محمدُ بن أحمدَ بن رُشَيدٍ التَّميميُّ. رَوى عن أبي بكر بن طَلْحةَ، وأبي عليّ الرُّنْدِيِّ، وابن أزهَرَ. رَوى عنه أبو العبّاس بنُ أبي الحُسَين بن عيسى في جُمادى الأولى سنةَ اثنتَيْنِ وعشرينَ وست مئة. 1206 - محمدُ بن أحمدَ بن رضا بن سَعيد بن عبد الملِك بن قَطَنِ بن مُطرَّف بن مَعْقِل بن عَنَان بن عُقْبة بن سالم بن مَطَر (¬1) بن موسَى بن بَكْر بن عامِر بن أسَد بن ثابِت بن كَثِير بن بَكْر بن وائلِ بن صَعْب بن عليّ بن وائل بن ¬

_ (¬1) "بن معقل ... مطر"، سقطت من م ط.

1207 - محمد بن أحمد بن الزبير القيسي، شاطبي، أبو عبد الله الأغرشي

قاصِد بن هِنْب بن أفْصَى بن دُعْمِيِّ بن جَدِيلةَ بن أسَد بن رَبيعةَ بن نِزَار بن مَعَدّ بن عَدْنانَ البَكْريُّ، أُوْرِيُوليٌّ أو لُورْقيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكر بن إبراهيمَ بن خَلَف بن محمد بن عيسى بن عُمَيْر الجُمَحيّ، وأبي عبد الله بن يوسُفَ بن عَمِيرةَ، وقَفْتُ على إجازتِهما له في رَقَّيْن، وقد ذَكَرا أنه تَلا عليهما بالسَّبع، وقرَأَ غيرَ ذلك، وقد شهِدَ عليهما بذلك حسْبَ جاري العادة في مِثلِه، وأفادني ذلك بعضُ حَفَدتِه. وكان قد وَرَدَ مَرّاكُشَ وتوفِّي بعضُ حَفَدتِه الذُّكورُ بها غريبًا وحيدًا بمارِسْتانِها، نفَعَهُ الله. 1207 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن الزُّبَيْر القَيْسيُّ، شاطِبيٌ، أبو عبد الله الأغْرشيُّ. رَوى (¬2) عن أبي محمد بن جَوْشَن وغيرِه، وكان رجُلًا صالحًا زاهدًا باديَ الخُشوع والإخبات، طويلَ البكاءِ [194 ظ] مُشارًا إليه بإجابةِ الدّعوة، وَلِيَ الصّلاةَ والخُطبةَ بجامعِ بلدِه. وتوفِّي سنةَ سبع وستّينَ وخمس مئة. 1208 - محمدُ بن أحمدَ بن زُرَيْق. له إجازةٌ من أبي ذَرّ الهَرَوي. 1209 - محمدُ بن أحمدَ بن زكريّا التَّميميُّ، شِلْبيٌّ فيما أظُنّ، أبو الوليد، ابنُ الزّاهد. رَوى عن أبي الحُسَين ابن الطَّلّاء. 1210 - محمدُ بن أحمدَ بن زكريّا المَعافِريُّ، إلْشِيٌّ، أبو عبد الله. أخَذ القراءاتِ عن أبي الأصبَغ عيسى بن سَلَمةَ، وأبي عبد الله بن مَسْعود الأَزْديّ، وحدَّث عن أبي بكر ابن النَّخّال النَّفْزيّ، وأبي عبد الله بن وَضّاح، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1422)، والذهبي في المستملح (137)، وتاريخ الإسلام 12/ 378. (¬2) سقطت من م ط.

1211 - محمد بن أحمد بن زيدون المخزومي، إشبيلي، أبو جعفر

ورَحَلَ إلى المشرِق فحَجَّ، ورَوى بمكّةَ كرَّمَها اللهُ، واليَمَن، ومِصرَ، وغيرِها عن بقايا الشّيوخ الذين أدرَكَهم هنالك، ثم قَفَلَ إلى بلدِه. رَوى عنه أبو جعفر بنُ الزُّبَيْر، وكان من أهلِ الاعتناءِ التامّ بالقراءاتِ والتقدُّم في إتقانِ الأدإءِ وحُسن التجويدِ والإقراء، وَقُورًا نَزِهًا مَهِيبًا فاضلاً، ناقدًا عارِفًا بطُرُق الرَّواياتِ وأسانيدِها. قال ابنُ الزُّبَيْر: نَبَّهني في بعضِ أسانيدَ على وَهمٍ جَرَى على عِدّةٍ من مَهَرةِ المُقرِئينَ وأئمّتِهم. فَصَلَ عن إلشَ فارًّا بدينِه فوَرَدَ غَرْناطةَ في ربيعٍ الأوّل سنةَ ثلاث وخمسينَ وست مئة، ثم فارَقَ غَرْناطةَ متوجّهًا إلى المَرِيّة، فتوفِّي ببعضِ جِهاتِها بقُربِ ذلك، رحمه الله. 1211 - محمدُ بن أحمدَ بن زيْدون المَخْزُوميُّ، إشبِيليّ، أبو جَعْفر. رَوى عنه أبو بكر بنُ خَيْر، وقال: الوزيرُ الحَسِيبُ أبو جعفر، وقال: توفَّي ليلةَ التَّروِية ثامنَ ذي حِجة سنةِ أربع وستينَ وخمس مئة. قال المصنَّفُ عَفَا اللهُ عنه: كذا ذَكَرَ ابنُ الزُّبَير هذا الرَّسْمَ واهمًا فيه، وإنّما رَوى ابنُ خَيْر عن أبيه أبي بكرٍ عبد الله، وهُو الذي وَصَفَه بما ذَكَرَه وحَكَى وفاتَه حينَ ذَكَرَ، فاعلَمْه. 1212 - محمدُ بن أحمدَ بن سِرَاج، بُرْجِيٌّ فيما أحسِب. رَوى عن أبوَي العبّاس: الأنْدَرْشيّ وابن مُطَرِّف البُرْجِي، وأبي القاسم السُّهَيْليّ. وكان مُقرِئًا مجوَّدًا تصَدَّر لذلك وأُخِذَ عنه، وتوفِّي في حدودِ خمسٍ وسبعينَ وخمس مئة. 1213 - محمدُ بن أحمدَ بن سَرْغَس، أبو القاسم [195 و]. رَوى عن أبي الرَّبيع بن سالم.

1214 - محمد بن أحمد بن سري الحجري، أبو بكر

1214 - محمدُ بن أحمدَ بن سَرِيٍّ الحَجْرِيّ، أبو بكر. رَوى عن أبي بكر بن خَيْر. 1215 - محمدُ بن أحمدَ بن (¬1) سَعادةَ، أبو بكر. رَوى عن أبي عُمرَ مَيْمونِ بن ياسين اللَّمْتُونيّ. 1216 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن سَعْدون، طُلَيْطُليٌّ، أبو بكر. رَحَلَ إلى الحَجّ فسمِعَ بمكّة، شرَّفَها اللهُ، أبا ذَرّ الهَرَويِّ، رَوى عنه أبو عامرٍ محمدُ بن إسماعيل. 1217 - محمدُ (¬3) بن أحمدَ بن سَعْدُون. لهُ رحلةٌ رَوى فيها عن محمد بن سَحْنُون. حدَّث عنه أبو الفَرَج عبدُ الله بن عبد الوارِث الطُلَيْطُلِيّ. 1218 - محمدُ (¬4) بن أحمدَ بن سُعودٍ الأنصاريُّ، دانيٌّ، أبو عبد الله. تَلا بالسَّبع وغيرِها على أبي عَمْرٍو الدّانيّ واختَصَّ به وعُدَّ من كبار تلاميذِه، وتصَدَّر للإقراءِ في حياتِه، تَلا عليه أبو داودَ (¬5) برواية قالُونَ عن نافع عندَ قدومِه إلى دانِيَةَ من بَلَنْسِيَةَ للأخْذِ عن أبي عَمْرو سنةَ اثنتَيْنِ وثلاثينَ وأربع مئة، وحَكَى أنه ساكَنَهُ ونَسَخَ الأصُولَ منه وهو دونَ العشرينَ سنة. وله تصانيفُ في القرآنِ وغيِره، منها: "الاختلافُ بينَ نافع من روايةِ قالونَ والكِسائيِّ من روايةِ الدُّورِي"، و"السَّنَنُ والاقتصاد في الفَرْق بينَ السِّين ¬

_ (¬1) "أحمد بن": سقطت من م ط. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1148). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (983). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1126)، والذهبي في المستملح (28)، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 63، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 213. (¬5) يعني: سليمان بن نجاح.

1219 - محمد بن أحمد بن سعيد بن حمزة الغساني، مروي، أبو عبد الله

والصّاد"، و"الاقتضاء للفَرْقِ بينَ الذّالِ والضّادِ والظاء"؛ وكان حيًّا في حدودِ السّبعينَ وأربع مئة. 1219 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن سَعِيد بن حمزةَ الغَسّانيُّ، مَرَوِيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ، وأبي عليّ الصَّدَفيِّ وغيرِهما. رَوى عنه أبو الحَسَن بن أحمدَ بن سَعِيد، وأبو عبد الله الأنْدَرْشِيُّ. وكان راوِيةً للحديث عارِفًا بطُرُقِ نَقْلِه منسُوبًا إلى فَهْمِه، عَدْلاً ثقةً فاضلاً، وَلِيَ الصّلاةَ والخُطبةَ بجامع بلدِه. 1220 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن سَعِيد بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الرّحمن العَبْدريُّ، بَلَنْسيٌّ سكَنَ إشبيلِيَةَ، أبو عبد الله، ابنُ مَوْجُوال. وهو أخو الفقيهِ أبي محمدٍ المذكورِ قبلُ في موضعِه. تَلا قديمًا بالسَّبع على أبي الحَسَن بن هُذَيْل، وتأدَّبَ بأبي محمدٍ ابن السَّيْد واختَصّ به، ورَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي، وأبوَي الحَسَن: شُرَيْح ومحمد بن عُمرَ بن واجِب، وأبي زَيْد بن سَعِيد الفَهْميّ، وأبوَيْ [196 ظ] عبد الله: ابن باسُه وابن عبد العزيز بن أبي الخَيْر، وأبي عليّ الصَّدَفي قبلَ موتِه بأيام، وأبي الفضل عِيَاضٍ واختَصّ به، وأبي القاسم خَلَف بن خَلَف السَرَقُسْطي. رَوى عنه أبو العبّاس بن محمد اليافِعيّ. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا تامَّ العناية بالقراءات، راوِيةً للحديث، ذا حَظٍّ وافر من العربيّة، نبيلَ الخَطّ على كثرةِ خَلَلٍ يوجَدُ فيه، وقد كَتَب الكثيرَ، واستُشهِدَ، نفَعَه الله. وذَكَرَه أبو جعفر بنُ الزُّبَير ذِكْرَ مَنْ لم يَعرِفْه ولا حَصَّلَ من أمرِه شيئًا يُعتمَدُ عليه، فقال ما نصُّه: محمدُ بن سَعِيد بن مَوْجُوالَ العَبْدريّ، من أهل بَلَنْسِيَةَ يُكْنَى أبا عبد الله، رَوى عن أبي القاسم خَلَف بن خَلَف السَرَقُسْطيِّ وأبي الحَسَن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1308)، ومعجم أصحاب الصدفي (131). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1359)، ومعجم أصحاب الصدفي (149).

1221 - محمد بن أحمد بن سعيد، قرطبي

محمد بن واجِب القاضي ببَلَنْسِيَةَ وغيرهما، وأظُنُّه عمَّ الحافظِ الجليل أبي محمد بن مَوْجُوال، وسيُذكَر. انتهى ما ذكَرَهُ به؛ ولا خفاءَ بما اشتَملَ عليه هذا الذِّكْرُ من البَتْرِ والإخداج، وأوّلُ ما فيه، وهو منشأُ ذلك كلِّه، سقوطُ "أحمد" من نَسَبِه عليه، ثم إنّ محمدَ بنَ أحمد هذا الذي ذكَرْناه مشهورٌ عندَ أهل العِلم كثيرُ الآثار أثِيرُها كما ذكَرْناه، والله أعلم. 1221 - محمدُ بن أحمدَ بن سَعِيد، قُرطُبيّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ تسعٍ وعشرينَ وأربع مئة. 1222 - محمدُ بن أحمدَ بن سَعِيد، ابنُ مُشْتالِيَةَ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ إحدى وسبعينَ وأربع مئة. 1223 - محمدُ بن أحمدَ بن سَلَمةَ الأُمَويُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجيّ وأبي القاسم ابن بَشْكُوال. 1224 - محمدُ بن أحمدَ بن سُليمانَ بن أحمدَ الزُّهْريُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي القاسم بن محمد الشَّرّاط، وكان نَحْويًّا ماهرًا درَّسَ العربيّة دهرًا. 1225 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن سُليمانَ بن عبد الله التُّجِيبيّ، أُورِيُوليّ، أبو عبد الله، ابن الصَّفّار. وهُو والدُ أبي عَمْرٍو زياد. رَوى عن أبوَيْ بكر: عُبَيد الله بن أدهمَ وابن عييسى ابن اللَّبّانة، والكاتبِ أبي الحَسَن بن اليَسَع، وأبوَيْ عبد الله: ابن الفَرّاءِ النَّحْويِّ الأعمى وابن الحَدّاد. رَوى عنه أبو عامرٍ محمدُ بن أحمدَ السّالِمي، وأبو الوليد يوسُفُ ابن الدَّبّاغ. وكان أديبًا تأريخيَّا حافظًا أيام الناس [197 و] حَسَنَ السَّياقة لِما يُوردُه منها، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1235)، وفي معجم أصحاب الصدفي (96)، والذهبي في المستملح (53).

1226 - محمد بن أحمد بن سليمان الأنصاري

وَلِيَ أحباسَ بلدِه، وصنَّفَ في أخبارِ ابن عَبّاد وشِعْرِه كتابًا سَمّاه بـ "الدُّرَرِ الأفراد في شعرِ ابن عَبّاد"، وجال في الأندَلُس وبَرِّ العُدْوة ودَخَلَ مَرّاكُش. 1226 - محمدُ بن أحمدَ بن سُليمانَ الأنصاري. رَوى عن شُرَيْح. 1227 - محمدُ بن أحمدَ بن سُليمان، شَرِيشيُّ، أبو عبد الله، الغَزَّالُ، بتشديدِ الزّاي. رَوى بالأندَلُس عن جماعةٍ من عُلمائها، ورَحَلَ إلى المشرِق، ورَوى بالإسكندَريّة عن أبي البَرَكات هِبة الله بن عبد الله بن هِبة الله بن أَوْس الأَزْديّ، وأبي المَعالي بن أبي محمد عبد الله بن عليّ المازَرِيّ (¬1). 1228 - محمدُ بن أحمدَ بن سَماعةَ، أبو بكرٍ وأبو عبد الله. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي. 1229 - محمدُ بن أحمدَ بن شَمْنُون (¬2)، قُرطُبي. ¬

_ (¬1) ها هنا موضع ترجمة زادها التجيبي بهامش ح (الورقة: 198) وهي: "محمد بن أحمد بن سليمان الزهري إشبِيلي أبو عبد الله: رحل إلى المشرِق فحج ثم رحل إلى بغداد فسمع بها من أبوي القاسم: ذاكر بن كامل الخفاف ويحيى بن أسعد بن بوش، وأبي محمد عبد الخالق بن عبد الوهاب الصابوني وأبي الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن كليب وجماعة من هذه الطبقة وممن بعدها، وسمع بإربل من أبي المظفر المبارك بن طاهر الخزاعي وأقام بالموصل مدة يسمع ويكتب، ورحل إلى أصبهان فأقام بها مدة وسمع بها من أصحاب أبي علي الحسن بن أحمد الحداد ومن بعده، ثم خرج إلى الكرج واستوطنه وحدث به، ولإربل، وكان عارفًا بالأدب فاضلًا، وشرح إيضاح الفارسي وغيره وله شعر، وتوفي في رجب من سنة سبع عشرة وست مئة ببروجرد شهيدًا بيد التتر، خذلهم الله تعالى ورحمه". (قلنا: هذا الرجل ترجمه الزكي المنذري في التكملة 3/الترجمة 1754، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 515، والصفدي في الوافي 2/ 104، وذكر أن ابن النجار اجتمع به في أصبهان، وكانت بينهما صداقة، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 25 وغيرهم). (¬2) في م ط: "سمنون".

1230 - محمد بن أحمد بن شجرة، إشبيلي

كان من أهل العلم، مُبرِّزًا في العدالة، جيِّدَ الخَطّ، حيًّا سنةَ عشرينَ وأربع مئة. 1230 - محمدُ بن أحمدَ بن شَجَرةَ، إشبِيليٌّ. رَوى عن أبي زكريّاء بن مَرْزُوق، وأبي عبد الله بن فُرَيْخ. 1231 - محمدُ بن أحمدَ بن صَالح القَيْسيّ، غَرْناطيّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي جعفر بن حَكَم، وأبي زكريّا الأصبهانيِّ ولازَمَه إلى أنْ توفِّي أبو زكريّا. وكان زاهِدًا وَرِعًا كثيرَ الصّدَقةِ والمعروف سِرًّا وجَهْرًا، وكانت بغَرْناطةَ مَسْغَبةٌ شديدة سنةَ سبعَ عشْرةَ وثمانِ عشْرةَ، فعَمَدَ إلى ما احتَوى عليه تملُّكُه من دقيقِ الأشياءِ وجَليلِها حتّى أواني الماءِ وغييرها من خُرْثيِّ المتاع الَّذي لا خَطَرَ له، وحَصَرَ أثمانَ الجميع بعد تقويمِه بالعَدْل، وأخرَجَ من جُملتِه الثُّلُث، فكان مبلغُه سبعَ مئة دينارٍ (¬1) أو نحوَها، وتصَدَّق به على أهل السَّتْرِ والتصاوُن والتعفُّف، وتوَلَّى مباشَرةَ تنفيذِه للمَحاويج، وصرَفَ إليهم منه ثلاث مئة دينار (¬2) أو نحوَها، ونالَهُ أثناءَ تلك المُحاولة (¬3) مرَضٌ كان سببَ وفاتِه، عَفَا اللهُ عنه، وعَهِدَ بصَرْفِ سائرِه ومُحاذاةِ فعلِه وتَخَيُّرِه من يُصرَفُ إليه، فامتُثلَ رَسْمُه في ذلك وحَمى اللهُ ذلك المالَ أن يصِلَ إلّا إلى مستحِقِّيه من ذَوي الحاجاتِ المتعفِّفينَ عن المسألة، تصديقًا لنيّة المتصدِّق به، نفَعَه الله، وكانت وفاتُه في أُخْرَياتِ شعبانِ ثمان عشْرةَ وست مئة. 1232 - محمدُ بن أحمدَ بن صُمادِح بن أحمدَ بن محمد بن عبد الرّحمن بن صُمادِح بن عبد الرّحمن بن عبد الله ابن المُهاجِر الداخِلْ إلى الأندَلُس ابن عَمِيرةَ (¬4) ابن المُهاجِر بن نَجْدةَ (¬5) بن شُرَيْح بن حَرْمَلةَ بن يَزيدَ بن ¬

_ (¬1) في ح: "دينر". (¬2) في ح: "دينر". (¬3) في النسح: "ونال هو"؛ وفي م ط: "الحالة". (¬4) في م: "عمرة"، محرف. (¬5) في م ط: "نجوة".

1233 - محمد بن أحمد بن طاهر بن علي بن عيسى بن محمد بن اشتر مني ابن رصيص بن فاخر بن فرج بن وليد بن وليد بن عبد الله بن نعم الخلف بن حسان بن قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي، داني، أبو عبد الله

عَيْذَبةَ بن زَيْد بن عامِر بن عَدِيِّ بن أشرَسَ بن شَبِيب بن السَّكُون بن أشْرَسَ بن كلندةَ [.....] (¬1)، يُكْنَى محمدٌ المترجَمُ به أبا يحيى، وهو سَرَقُسْطيّ. رَوى عنه ابنُه أبو الأحوَص مَعْنٌ أميرُ المَرِيّة. وكان رئيسًا غالبًا على وَشْقةَ، ثُم تَخلَّى عنها لإبن عمِّه مِنْديلِ بن يحيى التُّجِيبيِّ حين عَزَّه عليها. وكان معَ رياستِه من أهل العِلم والأدب والفَضْل، وله مختصَرٌ نبيلٌ في غريبِ القرآن، ووصيّتُه لابنيه (¬2) معًا من أنفَع الوصايا وأجمَعِها لمُعظَم آدابِ الدَّين والدُّنيا، وأصدَقِها شهادةً بوفورِ علمِه وحضورِ ذكْرِه وجَلالةِ معارِفِه ورياسةِ نفْسِه. وحَكَى ابنُ حَيّان أنه هلَكَ عَطَبًا في البحرِ الرُّومي، كان قد رَكِبَه من دانِيَةَ في مَرْكَب تأنَّقَ في صَنْعتِه واستجادةِ آلتِه وعُذتِه، وتخَيَّر أعدَلَ الأزمِنة، ومعَه خَلْقٌ كثيرٌ تَشاحُّوا في صُحبتِه، فعَطِبَ جميعُهم سوى نَفَرٍ منهم تخَلَّصوا للإخبارِ عنهم، ومَضَى هو لم يُغنِ عنه حَزْمُه ولا قُوّتُه، فكان اليمُّ أقْصَى أثَره، وذلك سنةَ تسعَ عشْرةَ وأربع مئة، زاد ابنُ زُهر: في جُمادى الأولى، بينَ يابِسةَ والأندَلُس. 1233 - محمدُ (¬3) بن أحمدَ بن طاهِر بن عليّ بن عيسى بن محمد بن اشْتَرِ مِنِّي ابن رَصِيص بن فاخِر بن فَرَج بن وَليد بن وَليد بن عبد الله بن نِعْمَ الخَلَفُ بن حَسّان بن قَيْس بن سَعْدِ بن عُبادةَ الأنصاريُّ الخَزْرَجيّ، دانيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبيه، وتفَقَّه به وبأبي بكرٍ ابن الحَنّاط، وتَلا بالسَّبع على أبي عبد الله بن سَعِيد. وكان فقيهًا حافظًا للمسائل بَصيرًا بالنّوازلِ مُشاوَرًا، من أهل الجَلالة والنَّباهة والفَضْل والنَّزاهة. ¬

_ (¬1) بياض في النسخ. (¬2) في م: "لابنتيه". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1418)، والذهبي في المستملح (133).

1234 - محمد بن أحمد بن طاهر بن محمد بن أحمد بن عمران، أبو عبد الله

مَولدُه سنةَ خمس مئة، وتوفِّي بمُرْسِيَةَ سنةَ ستٍّ وستينَ، واحتُملَ إلى دانِيَةَ فدُفنَ بها، قال أبو عبد الله ابنُ الأبّار: هذا الصَّحيحُ في وفاتِه، وغَلِطَ ابنُ عَيّاد فجَعَلَها سنةَ أربع وتسعينَ وخمس مئة. 1234 - محمدُ بن أحمدَ بن طاهِر بن محمد بن أحمدَ بن عِمْران، أبو عبد الله. رَوى عن عبد الرّحمن بن محمد بن عيسى. 1235 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن طاهِر الأنصاريُّ، إشبِيليٌّ سكَنَ مدينةَ فاسَ طويلًا في بعضِ خاناتِها، أبو بكرٍ الخِدَبُّ، بكسرِ الخاءِ المعجَم وفتح الدّال الغُفْل وتشديدِ الباءِ بواحدة. رَوى عن أبي القاسم ابن الرَّمّاك، وعنه أخَذَ "كتابَ سيبوَيْه" ولم يأخُذْه عن غيرِه فيما قال تلميذُه الأخصُّ به أبو الحَسَن بنُ خَرُوف؛ وكان قد قرَأَ قبلُ بعضَ كُتُبِ النَّحوِ الصِّغار على أبي الحَسَن بن مُسَلَّم، وقد تقَدَّم من قولِه في ذلك ما إن شئتَ أن تُراجعَه راجَعْتَه في رَسْم أبي القاسم ابن الرَّمّاك. وأخَذَ أيضًا عن أبي الحَسَن بن الأخضَر. رَوى عنه أبو بكر بنُ هُود، وأبَوا الحَسَن: ابن خَرُوف وابن هِشَام الشَّرِيشيّ، وأبو حَفْص بن عُمرَ، وأبو ذَرّ بن أبي رُكَب، وأبو عبد الله بن إسماعيلَ الأنصاريّ، وأبو القاسم عبد الرّحيم ابن المَلْجُوم، وأبَوا محمد: عبدُ الحقِّ بن خَليل وقاسمُ بن محمد بن عبد الله القُضَاعيُّ الخَطيبُ ابنُ الطّويل. وكان رئيسَ النَّحوِيِّينَ بالمغرِب في زمانِه بلا مُدافَعة، وأفهَمَهم أغراضَ سِيبوَيْه، وأحسَنَهم قيامًا على كتابِه، وأنبَلَهم إشارةً إلى ما تضمَّنَه من الفوائد، ¬

_ (¬1) ترجمه القفطي في إنباه الرواة 4/ 194، وابن الأبار في التكملة (1473)، واليمني في إشارة التعيين (295)، والذهبي في المستملح (166)، وتاريخ الإسلام 12/ 643، والصفدي في الوافي 2/ 113، والفيروزآبادي في البلغة (295)، والسيوطي في البغية 1/ 28، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (271).

وله عليه تنبيهاتٌ مُفيدة (¬1)، وهي التي بَسَطَ تلميذُه أبو الحَسَن بن خَرُوف في "شَرْحِه الكتابَ" وإيّاها اعتمَدَ وعليها عَوَّل، إذْ كان قد لازَمَ صُحبتَه كثيرًا واختَصَّ به اختصاصًا طويلًا وفهِمَ طريقتَه. وله تعاليقُ نبيلةٌ على "معاني القرآن" للإمام أبي زكريّا يحيى بن زيادٍ الفَرّاء وعلى "إيضاح" الفارِسيِّ، وعلى هذه الكُتُبِ الثلاثة وأصُولِ أبي بكرٍ ابن السَّرَّاج كان مُعَوَّلُه وبها كان اعتناؤه، ويَرى أنّ ما عَداها في الطريقة مطَّرَحٌ لا ينبغي التعريجُ عليه. وكان شَرِسَ الخُلُق عَسِرَ اللِّقاء، مُشتَطًّا على طَلَبة العلم فيما يَشترِطُه عليهم جُعْلًا على إقرائه إيّاهم، ضاغطًا في اقتضائه إيّاه منهم، شديدَ المُشاحَّة فيه، له في ذلك أخبارٌ مشهورةٌ، سَمَحَ اللهُ له، وكان معَ ذلك متحرِّفًا بالتّجارة والخِياطة؛ ويقال: إنه لم يتَأهَّلْ قَطٌّ. ورَحَلَ إلى بلادِ المشرِق، ولمّا وَرَدَ مِصرَ هَمَّ بمُناظرةِ أبي محمد عبد الله بن بَرِّي بن عبد الجَبّار بن بَرِّي [....] (¬2) كبيرِ النُّحاةِ بالبلاد المِصريّة، والمرجوع إليه بها في علم العربيّة، وقَوِيَ عَزْمُه على ذلك، فاستَنْكفَ أبو محمد من الإجابةِ إلى هذا الغَرض، ونَسَبَ هذا المقصِدَ إلى ضَرْب من الشَّرارة، وتقَدَّم إلى أبي بكرٍ عَتِيقٍ الفَصيح، المذكورِ في موضعِه من هذا الكتاب، بالاجتماع به وصَرْفِ خاطرِه عمّا عزَمَ عليه من المناظرة، إلى لقائهما لغيرِ مُذاكرةٍ قائلًا: إنّي أخشَى أن تتعصَّبَ له المَغارِبةُ وتتعصَّبَ لي المِصْرِيّةُ فيكونَ ذلك سببَ الفتنة بينَ الفريقَيْنِ، وذلك مما لا يَليقُ بأهل العلم (¬3). قال الفَصيح: فتوجَّهتُ إليه ولم أَزَلْ أُلاطفُه وأُبدي له في قَصْدِه ذلك من قبيح الجَفاءِ المنسوبِ إلى أهل المغرِب، معَ ما فيه من رُكوب الخَطَر والتعرُّض إلى ظهورِ أحَدِكُما على الآخَر، فيؤدِّي إلى سقوطِ رُتبتِه، وذَلك ما لا جَدْوى له. قال الفَصيحُ: فبان له وَجْهُ ¬

_ (¬1) في التكملة: "وله تعليق على كتاب سيبويه سماه بالطرر، لم يسبق إلى مثله". (¬2) بياض في النسخ. (¬3) وذلك ... العلم: سقطت من م ط.

1236 - محمد بن أحمد بن عبد الله بن أحمد الأنصاري، إشبيلي نزل رباط تازى، أبو بكر الخفاف

نُصْحي له وانثَنَى عن ذلك الغَرَض، ولقِيَ أبا محمد على غيرِ الوَجْه الَّذي كان قد عَزَمَ على لقائه به؛ وقد جَرَى له مِثلُ هذا الَّذي أشارَ إليه الفَصيحُ معَ الأستاذ أبي عبد الله بن أحمدَ بن هِشَام الإشبِيليِّ مُستوطِنِ سَبْتةَ، وسيأتي ذكْرُ ذلك في رَسْم أبي عبد الله إن شاء الله. ولمّا وَرَدَ دمشقَ ناظَرَ كبيرَ النُّحاة بها أبا اليُمْن زيدَ بن الحَسَن الكِنْديَّ، فحَكَم الحاضِرونَ بأنّ أبا بكر أعرَفُ منه بـ "الكتاب"، وبأنّ أبا اليُمْنِ أنبَهُ نَفْسًا. وحَجَّ، وأقسَمَ أن ينتهيَ في رحلتِه تلك إلى البصرةِ حتّى يُقرئَ "كتابَ سِيبوَيْه" في البلدِ الَّذي أُلِّف فيه متحرِّيًا الموضعَ من الجامع الَّذي يؤخَذُ فيه عن سِيبوَيْه، فأعانَه اللهُ على بِرِّ قسَمِه، وأقرَأَهُ هنالك فيما قيل، واللهُ أعلم. ثُم قَفَلَ إلى المغرِب، فاختُلِطَ في طريقِه، واستقَرَّ ببِجَايةَ يَثُوبُ إليه عقلُه أحيانًا فيتكلَّمُ في مسائلَ عويصة من النَّحو مُشكِلة مُجِيبًا سائلَه عنها فيُوضِحُها أحسَنَ إيضاح، ثم يَغلِبُ عليه فيَتْلَف، وبقِيَ على تلك الحال مُدّةً ببِجَاية، ثُم زاد عليه خَدَر، نَفَعَهُ الله، وتوفِّي بها، رحمه اللهُ، سنةَ ثمانينَ، وقيل: سنةَ ثلاثٍ وثمانينَ وخمس مئة، والأوّلُ أصَحّ. وقال أبو جعفر بنُ الزُّبَير: أحسِبُ وفاتَه كانت في صَدْر عَشْرِ الثمانينَ وخمس مئة، فلم يَضبِطْ وفاتَه؛ ولذلك ذكَرَه في تلك الطّبقة، فاعلَمْه. 1236 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله بن أحمدَ الأنصاريُّ، إشبِيليٌّ نزَلَ رِبَاطَ تازَى، أبو بكرٍ الخَفّاف. تَلا بالسَّبع على أبي محمد فُضَيْل بن محمد، وتأدَّب به في العربيّة ولازَمَه نحوَ تسع سِنين، وحدَّث عن أبي إسحاقَ بن قَسُّوم، وأبي الحَسَن الدَّبّاج، وأبي عبد الله بن أبي بكرٍ الفَخّار وأبي عليّ ابن الشَّلَوْبِين. وكان مُقرِئًا متحقِّقًا بالعربيّة وعِلم الكلام، أخَذَ عنه جماعةٌ من أهل تازَى وغيرهم، ولهُ شَرْحٌ على "إرشادِ" أبي المَعالي سَمّاه: "اقتطافَ الأزهار واستخراجَ

1237 - محمد بن أحمد بن عبد الله بن أحمد الأنصاري، قرطبي

نتائجِ الأفكار لتحصيل البُغْية والمرادِ من شَرْح كتاب الإرشاد"، ولهُ: "شَرْحٌ على عقيدةِ أبي عَمْرِو السَّلالِجي" و"الموضوعُ اكمل على كتابِ الجُمَل" إلى غيرِ ذلك من المقالاتِ والأجوِبة عن مسائلَ كانت تَرِدُ عليه ممّا جاوَرَه من البُلدان، وتوفِّي بتَازَى. 1237 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله بن أحمدَ الأنصاريُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة. 1238 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله بن أبي بكر. رَوى عن أبي القاسم المَلّاحيّ. 1239 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن عبد الله بن حِصْن الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ، من وَلَد سَعِيد بن سَعْد بن عُبَادةَ رضيَ اللهُ عنه، بَلَنْسيٌّ شارِقيُّ الأصل، سَكَنَ عَقِبُه مُرْبَاطَرَ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الوليد الوَقَّشيِّ ولازَمَه أزيَدَ من ثلاثةِ أعوام أو نحوِها. وكان من بيتِ نَباهة، سَرِيَّ النفْسِ حَسَنَ الخَطّ، شديدَ العناية بالعِلم، وتوفِّي قبلَ العشرينَ وخمس مئة. 1240 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن عبد الله بن سَعْدِ بن مُفرِّج الهَمْدانيُّ، خَضْراويٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي نَصْر فَتْح بن محمد الجُذَاميّ. رَوى عنه أبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله. وكان ذا حَظّ من الرِّواية، فقيهًا عاقدَا للشُّروطِ بَصيرًا بها، متقدِّمًا في الفرائضِ والحِساب. توفِّي يومَ الثلاثاءِ لثلاثَ عشْرةَ ليلةً خَلَت من رَمَضانِ أربع وست مئة، ابنَ تسعينَ سنة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1222). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1562)، والذهبي في المستملح (213)، وتاريخ الإسلام 13/ 101.

1241 - محمد بن أحمد بن عبد الله بن عباش العبدي، إشبيلي أبو عبد الله المرشاني

1241 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله بن عَبّاش العَبْديُّ، إشبِيليٌّ أبو عبد الله المَرْشانيّ. رَوى عن الحاجِّ أبي بكرٍ ابن العَرَبي، وله رحلةٌ إلى المشرِق حَجَّ فيها، وكان حيًّا سنةَ خمسَ عشْرةَ وست مئة. 1242 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله بن محمد بن أيّوبَ الأوْسيُّ، بَلَنْسيٌّ -فيما أرى- ابنُ الأصَمّ. كان وَرّاقًا حَسَنَ الخَطّ جيّدَ الضَّبط، كتَبَ الكثيرَ وأتقَنَه، وكان في حدودِ ستٍّ مئة. 1243 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله بن محمد بن سابِق، إشبِيليٌّ. رَوى عن شُرَيْح. 1244 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن عبد الله بن محمد بن سُليمانَ بن صَالح بن تَمّام العُذْرِيُّ، سَرَقُسْطيٌّ، ابنُ فُورْتِش. لقَبٌ غَلَبَ على سُليمانَ جَدِّ جَدِّه فسَرَى في عَقِبِه وشُهِروا به، وهو جَدُّ القاضي أبي عبد الله بن إسماعيل. رَحَلَ حاجًّا ولقِيَ محمدَ بنَ محمد ابن اللَّبّاد وغيرَه؛ وكان فقيهًا حافظًا، وَلِيَ قضاءَ سَرَقُسْطةَ وتُطِيلةَ وأعمالِها للناصِر وابنِه المُستنصِر، وكان محمودَ السِّيرة معروفًا بالعدلِ والنزاهة. 1245 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن محمد بن محمد بن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1010). (¬2) ترجمه الغبريني في عنوان الدراية (291)، والحسيني في صلة التكملة (827)، واليونيني في ذيل المرآة 2/ 131، والذهبي في تاريخ الإسلام 14/ 916، والعبر 5/ 255، والصفدي في الوافي 2/ 121، واليافعي في مرآة الجنان 4/ 151، والفاسي في ذيل التقييد 1/ 48، والعيني في عقد الجمان 1/ 326 (مطبوع)، وابن تغري بردي في النجوم 7/ 205، وابن العماد في الشذرات 5/ 298، وهو جد فتح الدين ابن سيد الناس.

أبي القاسم سيِّد الناس، وغَلَبتْ عليه كُنْيتُه حتّى صارت كالاسم، وربّما كُنِيَ أبا الفَضْل، ابن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن سيِّد الناس بن أبي الوليد بن مُنذِر بن عبد الجَبّار بن سُليمانَ بن عبد العزيز بن حَرْب بن محمد بن حَسّانَ بن سَعْدِ بن عبد الرّحيم بن خَلَف بن يَعمُرَ بن مالكِ بن بَهْثَةَ بن حَرْب بن وَهْب بن حلي بن أحمَسَ بن ضُبَيْعةَ بن رَبيعةِ الفَرَس بن نزَار بن مَعَدِّ بن عدنان اليَعْمُريُّ، إشبِيليٌّ أُبَّذيُّ الأصل (¬1)، وسَلَفُه ناقلة من مَنْبِج، وقد ذكَرَ أبو محمد بن عُبَيد الله الحُكَيْمُ منهم أبا الوليد بنَ مُنذِر المذكور، ورفَعَ نَسَبَه إلى يَعمُرَ بن مالكٍ كما أثبَتْناه. سَكَنَ شَرِيشَ مُدّة وبِجَايةَ أُخرى واستَوطَنَ بأخَرةٍ تونُس، أبو بكر، ابن سيِّد الناس. تَلا على أبيه وجَدَّته أُمِّ أبيه أُمِّ العفاف نُزْهةَ بنتِ أبي الحُسَين سُليمانَ بن أحمدَ بن سُليمانَ اللَّخْميّ، تَلا بالتِّسع: السَّبع المشهورة وقراءتَيْ يعقوبَ وابن مُحَيْصن، وعلى أبيه زيادةً بثِنتَيْنِ وعشرينَ روايةً من الشّواذّ، وقرَأَ عليهما جُملةَ كُتُب، ولازَمَ جَدّتَه نحوَ ستة أعوام ونصف، وأباه نحوَ خمسةَ عشَرَ عامًا ونصف، وبالثمانِ: السَّبع وقراءةِ يعقوبَ على أبي الحُسَين محمد بن أبي عَمْرٍو عَيّاش بن عَظِيمةَ ولازَمَه نحوَ سبع سنين، وبالسَّبع على أبي بكرٍ عَتِيق بن عليّ المُرْبَاطَرِيِّ (¬2)، وقرَأَ عليه غيرَ ذلك، وبها على أبي الحَسَن بن جابِر الدَّبّاج ولازَمَه أزيَدَ من عشرينَ عامًا، وأبي زكريّا بن محمد القَطّان ولازَمَه نحوَ سبعةٍ وعشرينَ عامًا، وبقراءاتِ الحَرَميَّيْنِ وأبي عَمْرٍو على أبي محمد بن عُبَيد الله الباجِيّ، وبقراءةِ الحَرَميَّيْنِ على أبي زكريّا بن أحمدَ بن مَرْزوق، وبروايةِ وَرْش عن نافع خَتماتٍ على الحاجِّ أبي العبّاس بن محمد بن الصُّمَّيْل، وسَمِعَ عليه (¬3) كثيرًا، وبها ¬

_ (¬1) قال الغبريني: وأصله من أبذة عمل جيان، وهي ما والاها دار اليعمريين بالأندلس. (¬2) في م ط: "المربطوي". (¬3) في م ط: "بها" في موضع "عليه".

على أبي نَصْر الطُّفَيْل بن محمد بن عَظِيمة (¬1)، وبعضَ القرآن بها على أبي العبّاس بن محمد بن مِقْدام، وبرِواية قالُونَ عن نافع خَتَماتٍ على أبي العبّاس بن أبي عبد الله ابن المُجاهِد. ورَوى عن آباءِ بكرٍ: صِهرِه ابن تَمِيمٍ ولازَمَه نحوَ ثلاثينَ عامًا، وابنِ طلحةَ، وابنَيْ عبد الله: ابن العَرَبي الحاجّ وابن قَسُّوم، وابن يحيى النَّيّار، وآباءِ إسحاقَ: ابن أحمدَ ابن المَدِينيّ وابن خَلَف السَّنْهُوريِّ، وابنَيْ عبد الله: ابن قَسُّوم وخَلَفَه بعدَ وفاتِه بمسجدِه إلى أنْ خرَجَ من إشبيلِيَةَ، أعادها الله للإسلام، واليابُريّ، وأبي جعفر بن إبراهيمَ بن فَرْقَد، وآباءِ الحَسَن: ابن إبراهيمَ ابن الفَخّار، وابنَي المحمّدَيْن: البَلَويِّ وابن خَرُوف، وسَمِع كلامَه على بعض المسائلِ النَّحْويّة ولم يقرَأْ عليه، وابن قَيْطُون ولا أعرِفُه عند غيره، ولعله مُصَحَّف من منظورٍ، واللهُ أعلم، وإن كُنْتُ لا أعرِفُه في بني منظور، وأبي الحُسَين محمد بن محمد بن زَرْقُون، وترَدَّد إليه أزيَدَ من عَشْرِ سِنين، وأبي الحَكَم عبد الرّحمن بن عبد السّلام بن بَرَّجَان، وأبي الرَّبيع بن موسى بن سالم، وأبي الصَّبر أيوبَ بن عبد الله الفِهْرِي، وآباءِ عبد الله: ابن إسماعيلَ بن خَلْفُون وابن حَسَن بن مُجبر وابن عيسى ابن المُناصِف وابن قَسُّوم وابن مغْنِين وتفَقَّه به، وآباءِ العبّاس: ابن إبراهيمَ القنجايريّ ¬

_ (¬1) قال بشار: كتب الذهبي في حاشية نسخته من تاريخ الإسلام متعقبًا على من قال: إنه سمع من أبي نصر بن عظيمة فقال: "هذا خطأ؛ أبو نصر بن عظيمة مات سنة 599 هـ". قال بشار أيضًا: أبو نصر بن عظيمة هو طفيل بن محمد بن عبد الرحمن بن طفيل المعروف بابن عظيمة، ترجمه الذهبي في وفيات سنة 599 هـ من تاريخه 12/ 1168، وإنما قال الذهبي ذلك لثبوت مولد المترجم سنة 597 هـ؛ ولذلك قال في تذكرة الحفاظ 4/ 1450: "فيما قيل". ولكن يلاحظ أن الذهبي ذكر ابن عظيمة في وفيات السنة المذكورة تقديرًا، إذ نص في ترجمته هناك على أن ابن الأبار لم يؤرخ وفاته، وانما ساق الذهبي ترجمته في وفيات سنة 599 هـ؛ لأنه أجاز فيها لأبي علي الشلوبيني ولابن الطيلسان. ومن ثم فأرى أن وفاته تأخرت عن تلك السنة، ولعل ما ذكر من سماع المترجم على ابن عظيمة في سنة 597 هـ يصلح أن يكون دليلًا على تأخر وفاة ابن عظيمة عن سنة 599 هـ، وليس علة له، والله أعلم.

وابن طَلْحةَ وابنٍ عبد المجِيد الجَيّار وابن محمد ابن الرُّوميّة، ولازَمَه نحوَ ثِنتَيْنِ وثلاثينَ سنة، قال: واستجازَ لي ولأبي ولأخوَيَّ جميعَ شيوخِه بالمشرِق، وأبوَيْ عليّ العُمَرَيْن: ابنِ أحمدَ الزَّبّار، ولازَمَه نحوَ خمس وثلاثينَ سنةً، وابن محمد الشَّلَوْبِين ولازَمَه نحوَ أربع وثلاثينَ سنة، وأبي عُمرَ أحمدَ بن هارُونَ بن عاتٍ، وأبي عِمرانَ ابن حُسَين المارْتُليِّ الزاهد، وأبوَي القاسم: أحمدَ ابن يَزيدَ بن بَقِيّ ومحمد بن عامِر بن فَرْقَد، وآباءِ محمد: ابن أحمدَ البِجَائيِّ ابن الخَطيب وابن سُليمانَ بن حَوْطِ الله وعبد الرّحمن بن علي الزُّهْريّ وعبد الكبيرِ، واختَلَفَ إليه مُدّةً، وأبي مَرْوانَ محمد بن أحمدَ الباجِيِّ الخَطيب، وأبي المُطَرِّف عبد الرّحمن بن عبد الله الزُّبَيْديِّ وجالَسَه مُدّةً، وأكثَرَ عن أكثرِهم، وكلُّهم أجاز له مُطلَقًا. وأجازَ له ولم يَلْقَه من أهل الأندَلُس وما والاها من بَرِّ العُدْوة: أبو العبّاس صِهرُه ابنُ تَمِيمٍ بن هشام، قال: واستجازَ لي في رحلتِه سنةَ ثلاثٍ وست مئة جميعَ من لقِيَ وأخَذَ عنه ببلادِ المشرِق جَزَاهُ اللهُ خيرًا؛ وابنُ محمد العَزَفيُّ، وأبو البقاءِ يَعيشُ بن عليّ، وأبو بكر بن عليّ بن حَسْنُون، وآباءُ جعفر: ابنُ عبد الله بن شَرَاحِيل وابنُ عليٍّ الحَصّارُ وابن محمد بن يحيى، وأبو الحَجّاج بن محمد ابن الشَّيخ، وأبو الحَسَن بن أحمدَ الشَّقُوري، وأبو الحُسَين محمدُ بن أحمدَ بن جُبَيْر، وأبو حَفْص بنُ عبد الله بن عُمرَ، وأبو الحَكَم عبدُ الرّحمن بن أبي عُمرَ بن حَجّاج، وأبو الخَطّابِ أحمدُ بن محمد بن واجِب، وأبو ذَرّ مُصعَبٌ الخُشَنيُّ، وأبو سُليمانَ بن سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وآباءُ عبد الله بنو الأحامد: ابن سَعادةَ وابن الشَّوّاش وابن صاحبِ الأحكام وابن أيّوبَ بن نُوح وابن عبد العزيز بن سَعادةَ، وأبو عليّ عُمرُ بن عبد المجِيد الرُّنْديّ، وآباءُ القاسم الأحمدَانِ: ابنُ عبد الودودِ بن سَمَجُونَ وابن محمد بن أبي هارُونَ، وعبدُ الرّحيم بن عيسى ابن المَلْجُوم ومحمدُ ابن عبد الواحِد المَلّاحي، وآباءُ محمد: ابن الحَسَن ابن القُرطُبيّ وعبدُ العزيز بن عليّ بن رَيْدانَ وغَلْبُون.

ومن أهل المشرِق: الأحامدُ: أبو العبّاس بنُ أبي السَّعاداتِ أحمدَ البَنْدَنِيجيّ وابن سُليمانَ بن سَلامةَ (¬1) المَوْصِليّ وأبو عبد الله بنُ أبي الغنائم محمد ابن المُهتَدي وأبو القاسم بن عبد الله بن عبد الصَّمد السُّلَميّ، وبَدَلُ بن المُعمَّر (¬2) التّبريزيّ أبو الخَيْر، وداودُ بن أحمدَ بن مُلاعِب أبو البَرَكات، وزاهرُ بن رُستُم أبو شُجاع وأبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن الكِنْديّ، وعبد الرّحمن بن عبد الله بن عَلْوانَ الأسَديُّ أبو محمد، وعبدُ الصَّمد بن محمد الحَرَسْتَانيُّ أبو القاسم، وعبدُ العزيز بن محمد ابن الأخضَر أبو محمد، وعبدُ المُحسِن بن الفَضْل الطُّوسيُّ أبو القاسم خَطيبُ المَوْصل وابنُ خطيبِه، وعبد الوهّاب بنُ عليّ ابن سُكَيْنةَ أبو أحمد، وعثمانُ بن عبد الرّحمن أبو عَمْرٍو ابنُ الصَّلاح، وعليّ بن أبي الفَتْح ابن ماسُويَةَ الواسِطيُّ أبو الحَسَن، وعُمرُ بن محمد بن (¬3) طَبَرْزَد أبو حَفْص، ومحمد بن أحمدَ بن صَالح أبو المعالي، ومنصورُ بن عبد المُنعِم الفُرَاوِيُّ أبو الفَتْح، والمؤيَّدُ بن محمد الطُّوسيُّ أبو الحَسَن، ويونُسَ بن أبي البَرَكات الهاشِميُّ أبو محمد، وقال: في طوائفَ من مُسنِدي العراق والشام ومِصرَ وغيرِها يتَعذَّرُ إحصاؤهم، ويدعو إلى السَّآمةِ استقصاؤهم؛ وقد تقَدم قولُه استجازةَ أبوَي العبّاس: صِهره ابن تَمِيمٍ وابن محمد ابن الرّوميّة جميعَ شيوخِهم بالمشرِق؛ ولَخَّصتُ ذكْرَ مشايخِه هؤلاءِ من إجازةٍ (¬4) كتَبَ بها إلى بني الفقيه الرئيسِ الأوحَد أبي القاسم العَزَفيِّ، وذكَرَ فيها أنّ له "برنامَجًا" يتضمَّنُ رواياتِه، ولم أقِفْ عليه. رَوى عنه صِهرُه أبو محمد بنُ محمد بن كَبِير، وأبو بكر محمدُ بن محمد بن عبَّاس اللَّخْميُّ، وأبو عبد الله بن صَالح الكِنَانيُّ الشاطِبيُّ نَزيلُ بِجَايةَ بها، وأبو العبّاس بن عثمانَ بن عَجْلان. ¬

_ (¬1) "سلامة": سقطت من م ط. (¬2) في م ط: "معمر". (¬3) "وعلي ... محمد بن": سقطت من م ط. (¬4) في هامش ح: "وقفت عليها".

وكان حافظًا للقرآنِ العظيم منسُوبًا إلى تجويدِه وإتقانِ أدائه، ذا حَظٍّ من التفسير وروايةِ الحديثِ واشتغالٍ برواييه وتشبُّع بمعرفةِ الرُّواة، ومُشارَكةٍ في العربيّة وقَرْض الشِّعر، أكتَبَ بحِصن القَصْر من نَظَر إشبيلِيةَ مُدّةً، وفي الإكتابِ أذهَبَ مُعظَمَ عُمُرِه بالأندَلُس، ثُم فَصَلَ عنها وأكتَبَ القرآنَ بقريةٍ خاملة من قُرى شَرِيش تُدعَى بَوْنِينَهْ -بباءٍ بواحدة معقودة مفتوحة وواو ساكنة ونونَيْنِ أُولاهما مكسورةٌ وأُخراهُما مفتوحة وبينَهما ياءٌ مسفولة وهاءِ سَكْت- وهي مجُاوِرةُ كرَنانَه: إحدى مشاهيرِ قُرى شَرِيش، وفَصَلَ عنها إلى سَبْتةَ ثُم إلى بِجَايةَ بعدَ الأربعين، فذُكِرَ هنالك بجَوْدةٍ وخَيْر وفَضْل ودِين، فقُدِّم إلى الإمامة والخُطبة بجامعِها، ثُم استُدعيَ مُنَوَّهًا في حدود أربعةٍ وخمسينَ وست مئة إلى تونُس وقُدِّم للخُطبة بجامعِها الجديدِ والصّلاة به، وتصَدَّى لإسماع الحديثِ وغيره متظاهرًا بسَعة الرِّواية والإكثارِ عن الشّيوخ، حسْبَما تقَدَّمتِ الإشارةُ إليه في سَرْدِ شيوخِه، فأنكَرَ كثير من الناس عليه ذلك، ونَسَبوه إلى ادّعاءِ ما لم يَرْوِه ولقاءِ من لم يَلْقَه على الوَجْه الذي زَعَمَه. وعلى الجُملة، فكان قاصِرًا عمّا تعاطاهُ من ذلك شديدَ التجاسُرِ عليه متأيِّدًا بما نالَهُ منَ الجاهِ والحُظْوة عندَ الأمير بتونُسَ الَّذي وَلّاه الخُطبةَ والإمامةَ بجامعِه، والحقُّ وراء ذلك. وقد وقَفْتُ على جوابه بخطِّه لمَن سألَه عن موضع سَلَفِه بالأندَلُس، وسببِ حلولِهم بإشبيلِيَةَ، أَعادها اللهُ للإسلام، رأيتُ إثباتَه هنا، وإن كان فيه بعضُ طُول؛ لتَعلَمَ منهُ بعضَ أحوالِه، ونصُّه: "أمّا أصلُنا فمن مَنْبجِ الشام وخَرَجَ سَلَفُنا غَزاةً في طالعةِ بَلْج، واستَوطَنوا أبّذَة جَيّان، ويقالُ: إنّها شبيهةٌ ببلدِهم في خِصبِها واتّساع خَيْرِها، كذا رأيتُهم وسَمِعتُهم يتلفَّظونَ بها، بالذالِ المعجَمة، وفي أخبارِها ما يدُلُّ على أنّ العرَبَ إذْ ذاك تكلَّموا فيها بالدّال المهمَلة، يقالُ: إنّ بَلْجًا مَرَّ بها أو غيرُه فشَبَّهها بمَنْبِج، فقال: ما اسمُ هذه البلدة؟ قالوا: أُبَّدَة، قال: أَبَّدُوها على يَعمُر، فنزَلتْها يَعْمُرُ وبَقُوا

بها إلى غَلَبةِ الرُّوم عليها، ومَن لم يكنْ يَعْمُرِيَّا فهُو طارئٌ عليها؛ وللكلام على أشياءَ من هذه الجُملة مكانٌ غيرُ هذا. ولم يزَلْ سَلَفي بها إلى سنة نيِّفٍ وخمسين". قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: يعني وخمس مئة. رَجْعٌ: "وقد ثار بها بل بجَيّانَ بَلْدتِها ابنُ هَمْشَك فغَرَّبَهم منها احتياطَا -زَعَمَ- على استيساقِ إمْرتِه بها، فنَقَلَ منها جَدِّي الأعلى الشّيخَ الفقيهَ أبا عبد الله محمدَ بنَ يحيى بن محمد وبَنِيه الأربعةَ الفقهاءَ الأنباهَ أبا عليّ الحُسَينَ بن محمد وأبا الحَجّاج يوسُفَ بن محمد وأبا محمدٍ عبدَ الله جَدّي أبا أبي وأبا بكرٍ يحيى بنَ محمد وكان أصغَرَهم، واحتُبِسَ الشِّيخُ عندَه في منزِلي مُكرَّمًا إلا أنه محجورٌ عليه التصَرُّفُ دونَ بَنيه، فتحيَّلَ بَنوهُ وخرَجوا عنه وقد أُخِيفوا ولم تسَعْهِم طاعة، وكرِهوا التوجُّهَ إلى مُرْسِيَةَ لنقيضِهِ ابن مُرْدَنيس (¬1) لمّا تخوَّفوا مِن لَحاقِ معَرّةِ أميرِهم بأبيهم، فلَحِقوا بإشبيلِيَةَ، وقدِ استَوْسَقَ بها ملِكُ المُؤمنيّة، فرَفَعَ أمرَهم لواليها إذْ ذاك -أظُنُّه ابنَ الجَبْر أو غيرَه- فرَفَعَهم إلى العُدْوة حتّى بايَعَ ابنُ هَمْشَك ورَغِبوا في العَوْدة إلى أندَلُسِهم فأُسعِفوا بذلك على أن يَسكُنوا إشبيلِيَةَ، فكان ذلك؛ وأُمِرَ أبوهم باللَّحاقِ بهم فاجتَمَعوا بها، فمِن هذا كان أصلُ موقعِنا بإشبيلِيَةَ في حدودِ سنة ثمانِ وخمسينَ وخمس مئة، فتأهَّلوا بها ووُلدَ لهمُ الأولادُ إلّا من كان منهم وُلدَ له قبلَ ذلك، وهم معلومونَ بتواريخِهم، وبَقِيَتْ أملاكُنا ببلدِنا أُبَّذةَ إلى تغلّبِ العدُوِّ عليها، واتَّخَذْنا أملاكَا أُخَرَ بعِمالات إشبيلِيةَ داخلَها وخارجَها وما يرجعُ إليها، ولم تزَلْ عامّتُها بأيدينا إلى تغلُّبِ العدُوِّ عليها سنةَ ستٍّ وأربعينَ وست مئة، نفَعَ اللهُ بذلك. مولدُ جَدِّي الفقيه أبي محمدٍ بأُبَّذةَ سنةَ إحدى عشْرةَ وخمس مئة، وتوفِّي بإشبيلِيَةَ عامَ الأرك سنةَ إحدى وتسعينَ، ومَولدُ أبي بإشبيلِيَةَ في جُمادى الآخِرة سنةَ إحدى وتسعينَ، وتوفِّي بها في منتصَف جُمادى الأُولى سنةَ ثمانِ عشْرةَ وست مئة؛ ¬

_ (¬1) كذا بالسين، ويرد في المصادر أيضًا بالشين.

ومَوْلدي بقريةٍ من قُرى إشبيلِيَةَ عَمل حِصْن القَصْر بالشَّرَف تُسمَّى الحُجَيْرةَ، خرَجَ أَبَواي لها في غَلّةِ الزّيتون لضَمِّ فائدِ أملاكِهم، وكانا متحابَّيْنِ لا يَصبِرُ أحَدُهما عن الآخَر، فخَرَجا جميعًا إليها، فكانت ولادتي بها لعَشْرِ ليالٍ بقِيَتْ من شهرِ أكتوبَر الأعجَميِّ، ولا أدري ما وافَقَ من الأشهرِ العربيّة؛ لتَلَفِ تقييداتي وتقييداتِ سَلَفي في ضَيْعة كُتُبي، إلّا أنّ والدتي كانت تقول: كُنْتُ ليلةَ موسم يَنّيرَ من أربعينَ ليلةً، وإلّا ما تحقَّقتُه بأخَرةٍ من وجوه: أنّ ذلك كان في صَدْرِ سنة سبع وتسعينَ، قبلَ السَّيلِ الكبيرِ بإشبيلِيَةَ بأشهُر". انتهَى نَقْلُ ما قصَدتُ إليه من جوابِه، وكان بخطِّه كما ذكَرْتُه، وقد اشتَملَ على كثيرٍ يدفَعُه أهلُ المعرفة من أهل بلدِه إشبيلِتةَ بمَنْشئِه وحالِه وانتحالِه وخُمولِه بها وإقلالِه. وذَكَرَ أحدُ بَنيهِ أنه وُلد في صَدْرِ محرَّمِ سبع وتسعينَ، وتوفِّي بتونُسَ لثمانٍ، وقيل: لسبع بَقِينَ من جُمادى الآخِرة سنة تسع وخمسينَ وست مئة. قال المصنِّف عَفَا اللهُ عنه: كان هذا السَّيلُ الَّذي ذَكَرَه الخَطيبُ أبو بكرٍ من أكبرِ السُّيول وأعظمِها عِبرةً وأشدِّها آثارًا، وقد ذَكَرَهُ التأريخيُّ أبو العبّاس بنُ عليِّ بن هارونَ فنقَلتُ من خطِّه فُصولًا في ذِكْرِه، منها: "كان السَّيلُ بإشبيلِيَةَ يومَ الاثنين بعدَ صَلاة الظّهر، وفيه وقَعَ السُّور، وكان المتهدِّمُ مسافتينِ منه ما بينَ باب أَطْرَيانَةَ وباب المؤذِّن وبناحيةِ الدَّقّاقِينَ حيثُ البركةُ هنالك، وأطار الماءُ الشُّقّةَ من السُّور نحوَ الأربعين باعًا، وكان هذا اليومُ يومًا هائلًا، ولو كان هذا الحادثُ باللّيل لهَلَكَ فيه آلافٌ من الناس، وذلك في التاسعَ عشَرَ لجُمادى الآخِرة عامَ سبعةٍ وتسعينَ وخمس مئة، ووافَقَه من العجَميِّ السادسُ والعشرونَ من مارْس؛ وكان انتهاؤه يومَ الأربعاء، وعايَنْتُ في هذا السَّيل القواربَ تُعَدّي بباب سَابَاطَ النساءَ بباب العَطّارِين، وكان دخولُها وخروجُها على باب المؤذِّن، ولم يَكنْ أحدٌ من المُعَدِّينَ يُعَدّي إلّا في القوارب القُرطُبيّة؛ لعِظَم الماءِ وجَفائه". ومنها: "وعايَنْتُ قواربَ المُعَدِّينَ تُعَدّي بأَوّلِ دربِ الدَّبّاغِين بقُرب جامع العَدَبَّس وبأوّل القَصْر الذي بقُرب سُوق باب الحديد". ومنها: "وصارت إشبيلِيَةَ ما بينَ

1246 - محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد الأموي، غرناطي، ابن الغاسل

المياه كأنّها جزيرةٌ، وكان من لُطف الله تعالى أنْ لم يَمُتْ في هذه الكائنة أحدٌ إلّا نحوَ خمسةِ أنفُس". انتهى ما قَصَدتُ نقْلَه. 1246 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله بن محمد الأُمَويُّ، غَرْناطيٌّ، ابنُ الغاسِل. رَوى عن أبي القاسم المَلّاحي. 1247 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله بن مَطْروح، لَبْلِيّ، أبو عبد الله. رَوى عن شُرَيْح، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا. 1248 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله بن وَهْب. رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال. 1249 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن عبد الله بن هِشَام الفِهريُّ، لُوْرْقيٌّ، أو مَرَوِيٌّ، مُرْسِيُّ الأصل، أبو عبد الله الشَّوّاش. رَوى عن أبوَيْ بكر: ابن خَيْر وابن أبي ليلى، وأبوَي الحَسَن: ابن النِّعمة وابن فَيْد، وآباءِ عبد الله: ابن إبراهيمَ ابن الفَخّار وابن حَمِيد وابن عبدِ الرّحيم وابن يوسُف بن سَعادةَ، وأبوَي القاسم: ابن حُبَيْش والسُّهَيْليِّ، وأبوَيْ محمد: الحَجْريّ والقاسم بن دَحْمان، وأبي موسى القُزوليّ، وأكثرُهم بالإجازة. رَوى عنه أبو إسحاقَ بن محمد البَلَّفِيقيّ الصَّغير، وأبَوا بكرٍ المحمّدان: ابنُ الطيِّب وابنُ غَلْبون، وأبو الحَسَن بن أحمدَ ابنُ الغَزّال، وأبو عبد الله بنُ لُبّ ابن الصائغ، وأبو عُمرَ بن حَوْطِ الله، وأبو القاسم قاسمُ ابنُ الأصفَر، وأبو محمد بن عبد الرّحمن بن بُرْطُلُّهْ. وحدَّثنا عنهُ شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمَه اللهُ. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا مُتصدِّرًا، راوِيةً للحديث عَدْلًا، أُستاذًا متقدمًا في النَّحوِ واللّغةِ والأدب، أنجَب مَنْ تخرَّج بالمَرِيّة على أبي موسى القُزوليِّ أيامَ كونِه بها، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1625)، والذهبي في المستملح (264)، وتاريخ الإسلام 13/ 583، والفيروزآبادي في البلغة (300)، واليمني في إشارة التعيين (297)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 28.

1250 - محمد بن أحمد بن عبد الله بن يحيى بن خلاص بن يبقى الخولاني

معروفَ الفَضْل كثيرَ التواضُع، من أبرَع الناس خطًّا وأتقَنِهم تقييدًا، وتردَّد مِرارًا على مُرْسِيَةَ فأسمَعَ بها وأُخِذ عنه واستُفيدَ منه. توفِّي بالمَرِيّة سنةَ تسعِ عشْرةَ وست مئة، ودُفنَ بمقبُرة الأحرَش من رَبَضِها. وقال أبو القاسم بن فرْقَد: توفِّي سنةَ ستَّ عشْرةَ، والأوّلُ أصَح. 1250 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله بن يحيى بن خَلاص بن يَبقَى الخَوْلانيُّ. 1251 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله بن فَرْح ابن الجَدِّ الفِهْرِيُّ، إشبِيليُّ، لَبْليّ الأصل، أبو بكر. رَوى عن عمِّه الحافظِ أبي بكرٍ ابن الجَدّ، وأبي الحَجّاج المكلاتي. وكان أديبًا ظَريفًا حَسَنَ المشارَكة في فنونٍ من العِلم، من بيتِ نَباهة ورياسةٍ بالعلم، استُقضيَ بحِصن القَصْر من شَرَفِ إشبيلِيَةَ، ولم تَطُلْ مُدّتُه في ذلك، ودَخَلَ مَرّاكُش مرَّتَيْنِ أُخراهُما في وَفْد إشبيلِيَةَ القادمينَ على أبي محمد عبد الواحِد ابن أبي يعقوبَ بن عبد المُؤمن، وهو الَّذي كتَبَ لأبي مَرْوانَ الباجِيّ: "الحسَبُ والوِزارة، أعزَّكُم الله، قد خُلقا بالابتذال، وصارا من لِباس الأنذال، فرأيتُ الاقتصارَ على الاختصار، وتَرْكَ التشطيط في التخطيط". وكان كثيرًا ما يختلِفُ بينَ إشبيلِيَةَ ولَبْلَةَ إلى أنْ توفِّي بلَبْلةَ سنةَ ثلاثينَ وست مئة. 1252 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله الألْهانيُّ. 1253 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله الأنصاريُّ، غَرْناطيُّ، أبو عبد الله، ابنُ الحَلّاء. لهُ روايةٌ عن أهل بلدِه، وحَجَّ، وكان فقيهًا وَرِعًا فاضلًا، توفِّي بعدَ العشرينَ وخمس مئة. 1254 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله الأنصاريُّ، أبو عبد الله. رَوى عن عليِّ بن عبد الله بن عبد الملِك الباجِيّ، وكان مُقرِئًا ضابِطًا مُتقِنًا.

1255 - محمد بن أحمد بن عبد الله المري

1255 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله المرِّيّ. وأخشَى أن يكونَ مصحَّفًا من المريِّي نِسبةً إلى المَرِيّة على غيرِ قياس. رَوى عنه أبو إسحاقَ البَلَّفِيقيُّ الأكبر. 1256 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله الغَسّانيّ. رَوى عن أبي عليّ الرُّنديّ سنةَ خمسَ عشْرةَ وست مئة. 1257 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله الكَلاعيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكرٍ محمد بن عبد الرّحمن الأَزْديّ الفَخّار، وأبوَي الحَسَن: ابن حَمْدونَ (و) ابن القَصّار الهَوّاريّ، وأبي الحُسَين يحيى بن عليّ القُرَشيّ رَشِيد الدِّين العَطّار، وأبي زكريّا يحيى بن عبد المَجِيد، وأبي محمد بن عبد الرّحمن ابن بُرطُلّه وغيرِهم. رَوى عنه [....] (¬1)، وكان شيخًا صالحًا زاهدًا فاضلًا مُقرِئًا مجوِّدًا، مَولدُه سنةَ ستٍّ وعشرينَ وست مئة. 1258 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله اللَّخْميُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي القاسم بن محمد بن بَقِيّ. 1259 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الفَخّار. رَوى عن أبي جعفر أحمدَ بن محمد بن وَهْب، وأبي الحَسَن أحمدَ بن محمد بن واجِب، وأبي عبد الله بن يوسُفَ ابن الدَّبّاغ، وأبي عامرٍ نَذير بن نَذير، وأبي محمد عبد الكريم بن عَمّار، والحَسَن بن محمد بن الحَسَن؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا شديدَ العناية بالقرآنِ العظيم وإتقانِ أدائه. 1260 - محمدُ بن أحمدَ بن عُبَيد الله بن بَشْتَغير الألْهانيُّ، أبو بكر. رَوى عن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) بياض في النسخ.

1261 - محمد بن أحمد بن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موسى الأنصاري، إشبيلي، أبو عبد الله، ابن المجاهد

1261 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن عُبَيد الله بن عبد الرّحمن بن موسى الأنصاريُّ، إشبِيليُّ، أبو عبد الله، ابنُ المُجاهِد. شُهرةٌ عرِف بها أبوه إذْ كان لا يَسمَعُ بغُزاةٍ ولا سَرِيّة إلّا تجهَّز لها وسارَعَ إليها وبادَرَ نحوَها. قرَأَ أوّلَا على أبي العبّاس القَرَمُوني، ورَوى الحديثَ عن أبي مَرْوانَ الباجِي، وتفَقَّه به على أبي عُمر أحمدَ بن مُبَشّر، وأبي القاسم محمد بن إسماعيلَ الرَّنْجانيّ، وأبي يوسُفَ الزّنَاتيّ؛ ولازَمَ مجلسَ أبي بكرٍ ابن العَرَبي نحو ثلاثةِ أشهر، ثُم ترَكَ التردُّدَ إليه فقيل له في ذلك، فقال: كان يُدرِّسُ وبَغْلتُه عند البابِ ينتظرُ الركوبَ إلى السُّلطان، وتأدَّبَ بأبي الحَسَن ابن الأخضَر. رَوى عنه أبَوا بكر: ابنُ خَيْر (¬2) وعَتِيقُ ابن قَنْتَرال، وأبَوا الحَسَن: البَلَويُّ وابن خَرُوف النَّحوي، وأبو الخَطّاب عُمرُ ابن الجُمَيِّل وأبو الصَّبر السَّبْتي، وآباءُ عبد الله: ابن قَسُّوم الزاهِد وابن هارُونَ وابن يوسُفَ بن عبد الله بن محمد بن عامُور، وأبو العَبّاس بن مُنذِر، وأبو عُمرَ محمدُ بن أحمدَ بن عبد الملِك الباجِيّ، وأبو عَمْرِو عبدُ الرّحمن بن مغْنِين، وأبو عِمرانَ المارْتُليُّ، وآباءُ محمد: ابن أحمدَ بن جُمْهُور والشَّنْتَرِينيُّ وابن عُبَيد الله الباجِيُّ، وأبو مَرْوانَ بنُ أحمدَ أبي عُمرَ الباجِيُّ المذكور. وكان واحدَ وقتِه زُهدًا في الدّنيا واجتهادًا في العبادة وتمكُّنِ الورَعُ الصَّحيح وتوَقِّي الشُّهرةِ والرّغبة في الخُمول والإيثار بما عندَه، معدودًا في الأولياءِ ذَوي الكراماتِ الشَّهيرة والبَراهينِ الصّالحة والمُكاشَفاتِ وإجابة الدَّعَوات ممّن بَعُدَ العهدُ بمِثلِه، ولم يكنْ يسمَحُ لأحدٍ في التعرُّض إليه بهديّة أو تُحفة قلَّتْ أو ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1449)، والرعيني في برنامجه (93)، والذهبي في المستملح (153)، وتاريخ الإسلام 12/ 544، والعبر 3/ 66، واليافعي في مرآة الجنان 3/ 400، والنباهي في المرقبة العليا (106)، والمقري في نفح الطيب 2/ 29، وابن العماد في الشذرات 4/ 248. (¬2) ينظر فهرسته: 48، 308، 342، 430.

كثُرت، لا منَ الملوكِ ولا من غيرِهم، على اختلافِ طبقاتِ الناس، إلّا من آحادٍ من بعضِ خُلْصانِه ممّن قد تحقَّق طِيبَ مكسَبِهم، وذلك في النَّزْرِ اليسيرِ والنادرِ من الأوقات. وكتَبَ الكثيرَ من العلم بخطِّه، وكان مُثابِرًا على طَلَبِه مُرغِّبًا فيه كلَّ من يَغْشاهُ من أصحابِه، وافرَ الحَظِّ من علم القراءاتِ والفقه، وعُرِضَتْ عليه أوانَ طَلَبِه ولايةُ القضاء بشَرِيش فنَفَرَ من ذلك وامتَنعَ حتى أُعفِيَ؛ وكان مُقتصِدًا في أحوالِه: اقتَصرَ في إجراءِ معيشتِه على نَسْخ المصاحف بعدَ طُول تردُّدِه في التماسِ حِرفةٍ ليَسلَمَ من تَبِعاتِها فلم يَجِدْها. واستدعاهُ أبو يعقوبَ بنُ عبد المُؤمن فأجابَه وقرَّرَ لديه من أعذارِه في إعفائه من العَوْدِ إليس ما اقتَضَى عندَه قَبولَه، فأسعَفَه في ذلك عملًا على مساعدتِه، وعَرَضَ عليه مالًا فأبَى من قَبولِه، فتَرَكَه لرأيِه مُوافقةً عليه ووقوفًا عند مَرْضاتِه. وكان تلميذُه الأخصُّ به أبو عِمرانَ المارْتُليُّ، إذا جَرى ذكْرُه بينَ أصحابِه يقول: لو رأيتُموهُ رأيتُم فردًا من أفرادِ الزّمان وبَدَلًا من الإبدالِ لا يُقدَّرُ ولا يُمثَّلُ إلّا بالصدر الأوّل والسَّلَفِ الصالح. ومما يؤْثَرُ عنه من كراماتِه وحمايةِ الله إيّاه: أنّ أبا العبّاس الشهيرَ بالبُرَيْرَق ويُعرَفُ أيضًا بأبي رَقِيقةَ -وكان أحدَ أصحابِه- كان يُهدي إليه أوّلَ طِيبِ العنبِ كلَّ سنةٍ شيئًا من عِنَبِه الَّذي يَجنيه من موضعِه الصائرِ إليه بالإرثِ عن آبائه عن أجدادِه منذُ زمن الفَتْح، فكان دَأْبُ أبي عبد الله قَبولَ هديّتِه؛ لتحقُّقِه طِيبَ أصلِها، ولمّا كان في بعض الأعوام رَدَّها عليه وأبَى قَبولَها، فرابَ ذلك أبا العبّاس وشَقَّ عليه وغاب عنه السببُ فيه، فعَمَدَ إلى أبي عبد الله وسألَه عن مُوجِب رَدِّ هديّتِه ومخالفةِ ما عوَّدَه من قَبولِها، فقال له: إنّما صرَفْتُها عليك؛ لأنّها ليست من مالِك، فابحَثْ عنها. فرَجَعَ أبو العبّاس إلى منزلِه وسألَ أهلَه فأُخبِرَ أنّ ذلك العنبَ من جَنّة أحدِ جِيرانِهم، وقيل له: إنّا رأينا عنبًا أكحَلَ طيِّبًا ليس لنا مثلُه، فرأينا أنْ نُهديَه إلى الشّيخ أبي عبد الله ونؤْثرَه به، فسُرِّيَ عن أبي العبّاس ما كان قد وَجَدَ في نَفْسِه من ذلك وعَلِمَ أن اللهَ سبحانَه قد وَقَى

وَليَّه من تناوُلِ شُبهة. وكراماتُه ومَآثرُه كثيرةٌ أثيرة، وقد دَوَّنَ منها الزاهدُ الفاضلُ أبو بكر بنُ قَسّوم جُملةً صالحه في كتابِه: "محاسنِ الأبرار في معاملةِ الجَبّار". حدَّثني الشَّيخُ السَّنِيّ أبو الحَسَن الرُّعَيْنيّ -رحمه اللهُ- قراءةً منِّي عليه قال (¬1): "أخبَرَني الشّيخُ الصّالح أبو محمد الشَّنْتَرِينيُّ الفقيهُ، قال: كان عندَنا بإشبيلِيَةَ شاعرٌ يُعرَفُ بأبي عبد الله البَراذِعيّ، وكان يعمَلُ أبدًا على زيارةِ أبي عبد الله ابن المُجاهِد رحمه الله، فكان يُعطيه في اليوم الَّذي يأتيه فيه نصفَ القُرصة التي كانت قُوتَهُ في يومَيْنِ اثنَيْن، فإنهُ كان يَدفَعُ لي درهمًا فيَستنفِقُ منه ستةَ عشَرَ يوفا قُرصة في يومَيْن، والقُرصةُ حينَئذ (¬2) من أربع وعشرينَ أُوقيّة، وأنه زارَه في أحدِ الأيام فأعطاه قَلَنْسُوةً وخُبزًا وعُنقودَ عنبٍ ودِرهمَيْنِ اثنَيْن، فقال أبو عبد الله البَراذِعيُّ المذكور: ما رأيتُ أكرمَ من ابن المُجاهدِ وزُرتُه (¬3) فأعطاني كُسوتَه وقُوتَه ودْراهمَه، ثم قال فيه هذه الأبيات (¬4) [الطويل]: لكلِّ بني الدُّنيا نصيبٌ (¬5) منَ امِّهِ ... يُلاحظُهُ ذو اللُّبِّ لحظَ المُشاهدِ فأمّا بنو الأُخرى فإنّ نصيبَهمْ .... منَ امِّهمُ مُسْتَدرَكٌ بالشواهدِ وفُرْقانُ بينَ الحالِ والحالِ مُدْرَك .... لذي نُهْيَةٍ في هذه الدارِ زاهدِ فتًى طلَّقَ الدّنيا ثلاثًا فبَتَّها .... ليَظفَرَ في الأُخرى بحَوْراءَ ناهدِ له خَلَدٌ في جنّةِ الخُلْدِ راتعٌ .... وظاهرُ شخصٍ منه بين المَشاهدِ فإنْ يَكُ منهمْ بينَ أظهُرِنا فتًى .... فإنّي لأرجو أنهُ ابنُ المُجاهدِ ¬

_ (¬1) انظر الخبر في برنامج الرعيني (93)، والضمير في "قال" يرجع إلى ابن قسوم. (¬2) في البرنامج: "إذ ذاك". (¬3) في البرنامج: "زرته". (¬4) هي في برنامج الرعيني (94). (¬5) في ح: "نصيبًا"، وهو خطأ.

1262 - محمد بن أحمد بن عبيد الله بن محمد بن سابق

له عندَنا عهدٌ كريمٌ ذِمامُهُ .... حَمِيد إذا ذُمَّتْ لئامُ المعاهدِ فيا ربِّ مَتِّعْنا بتشديدِ (¬1) عهدِهِ .... وجَدِّدْ له من بِرِّكَ المتعاهِدِ قال المصنِّف عَفَا اللهُ عنه: هذه الأبياتُ لُزوميّة، وهي شاهدةٌ بإجادةِ ناظمِها، أعظَمَ اللهُ أجرَه. مولدُه سنةَ ثلاثِ وثمانينَ وأربع مئة. قال أبو الرَّبيع بنُ سالم: كان إذا سُئل عن مولدِه يقول: وُلدتُ سنةَ ثلاثٍ وثمانينَ وأربع مئةِ قبلَ أن يَسلُبَ اللهُ ابنَ عَبّاب مُلكَه بعام. وتوفِّي -قَدَّس اللهُ روحَه- عَصْرَ يومَ الاثنين لثمانٍ بَقِينَ من شوّالِ أربعٍ وسبعينَ وخمس مئة، ودُفنَ ضُحى يوم الثلاثاءِ برَوْضة قُبور سَلَفِه بمقبُرةِ المطْخَشيليّ. 1262 - محمدُ بن أحمدَ بن عُبَيد الله بن محمد بن سابِق. رَوى عن شُرَيْح. 1263 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن عُبَيد الله الرُّعَيْنيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله المَشّاط. كان من أهل المعرِفة والنَّباهة، وتقَلَّد النظَرَ في أحباسِ جعفرِ الفتَى الحاجِب، وتوفِّي ابنُه صاحب الشّرطة أبو المُطرِّف عبد الرّحمن في حياتِه فتوَلَّى الصَّلاةَ عليه، وتأخَّرتْ عنه وفاتُه بنحوِ سنتَيْنِ إلى حدودِ أربع مئة. 1264 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن يَعيشَ بن حَزْم بن يَعيشَ بن إسماعيلَ بن زكريّا بن محمد بن عبسى بن حَبيب بن إسحاقَ بن إبراهيمَ بن عبد الجَبّار الداخِل إلى الأندَلُس ابن أبي سَلَمةً الفقيهِ عبد الله بن عبد الرّحمن بن عَوْف الزُّهْريّ، إشبِيليٌّ. رَوى عن أبي محمد بن عَتّاب. ¬

_ (¬1) في البرنامج: "أمتعنا بتجديد". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1053).

1265 - محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن أبي العيش اللخمي، طرطوشي، نشأ بالمرية وسكن شاطبة، أبو عبد الله، ابن الأصيلي

1265 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن أبي العَيْش اللَّخْميُّ، طَرْطُوشيٌّ، نشَأَ بالمَرِيّة وسَكَنَ شاطِبةَ، أبو عبد الله، ابنُ الأصِيلي. عُنيَ بالتجَوُّل في طلَبِ العلم فتَلا بالسَّبع على أبي عليّ منصورِ ابن الخَيْر، ورَوى عن أبي الحَجّاج بن يَسْعُونَ، وآباءِ عبد الله: ابن الحاجّ وابن أبي الخِصال وابن أُختِ غانم، وأبي محمد البَطَلْيَوْسيّ. رَوى عنه أبو الحُسَين محمدُ بن أحمدَ بن جُبَيْر وأبو عُمر يوسُفُ بن عَيّاد. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا ضابطًا مُتقِنًا نَحْويًّا ماهرًا موصُوفًا بجَوْدةِ الفَهْم وتمكُّن المعرِفة، تصدَّر بشاطِبةَ لإقراءِ القرآن وتدريس العربيّةِ فانتَفعَ به الناسُ، وكان ضعيفَ الخَطّ. مَولدُه بطَرْطُوشةَ سنةَ ستًّ وتسعينَ وأربع مئة، وتوفِّي سنةَ ستٍّ وستينَ وخمس مئة، قاله ابنُ سُفيانَ؛ وقال محمد بن عَيّاد: توفِّي سنة سبع وستينَ، فاللهُ أعلم. 1266 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن حَسَن بن حَزْم المَذْحِجيّ. وقد تقَدَّم ذكْرُ محمدِ بن أحمدَ بن حَزْم المَذْحِجيّ (¬2)، ولعلّه هذا، واللهُ أعلم. 1267 - محمدُ (¬3) بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن سَعْد الفِهْرِيُّ، مُرْسِيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الصَّيْقَل، ويُلقَّبُ أبا هُريرةَ؛ لتتبُّعِه الآثارَ وروايتِه إيّاها وعنايتِه بها. رَوى عن أبي بكرِ ابن أبي ليلى، وأبي الحَجّاج القُضَاعيّ، وآباءِ الحَسَن: طارِق بن موسى وعَبّاد بن سِرْحان وابن مَوْهَب، وأبي الحَكَم عُمرَ الصُّوفيِّ الشَّهيد، وآباءِ عبد الله بني الأحامد: ابن إبراهيمَ وابن موسى -وأظُنُّه ابنَ وَضّاح- ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1419)، والذهبي في المستملح (334)، وتاريخ الإسلام 12/ 354. (¬2) الترجمة 1176. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1366)، والذهبي في المستملح (108)، وتاريخ الإسلام 12/ 201.

1268 - محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن سليمان بن محمد الزهري، بلنسي، أبو عبد الله، ابن القح وابن محرز

وابن الحاجِّ وابن عليّ بن محمد ابن المُغِيرةِ، وأبي عامرٍ محمد بن حَبِيب، وأبوَي العبّاس: الأُقْلِيجيِّ وابن العَرِيف، وأبي محمد بن محمد الخُشَنيّ بن أبي جعفر، وأبي مَرْوانَ بن هِبة الله القُرَشيِّ، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ ولازَمَه وأكثَرَ عنه، وأجازوا لهُ. وكذلك أجازَ له مُكاتَبةً آباءُ بكر: ابنُ أسوَدَ وابنُ طاهر وابنُ العَرَبي، وأبو الحَجّاج بن يَسْعُونَ، وأبَوا الحَسَن: شُرَيْح ويونُسُ بن مُغيث، وأبو عبد الله الحَمْزيّ وأبو الفَضْل عِيَاضٌ، وأبو القاسم بنُ بَقِيّ، واسلوا محمد: الرُّشَاطيُّ وابنُ عَطِيّةَ؛ ومن أهل المشرِق: أبو الطاهِر السِّلَفيُّ، وأبو محمد العُثمانيُّ الدِّيباجيُّ وأبو المظفَّر محمدُ بن عليٍّ الشَّيْبانيُّ الطَّبَريّ، وحَيْدرُ بن يحيى الجِيلي. رَوى عنه أبو بكر بن سُفيانَ. وكان ذا عِنايةٍ بالعلم وروايتِه، وكتَبَ الكثيرَ على ضَعْفِ خطِّه، وجَمَعَ فوائدَ جمّة، وصنَّف في أنواع من عِلم الحديث (¬1) وتاريخ رِجالِه وغيرِهم، وقد ضُعِّف، وتوفِّي بمُرْسِيَةَ بعد الخمسينَ وخمس مئة. 1268 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن سُليمانَ بن محمد الزُّهْريُّ، بَلَنْسِيُّ، أبو عبد الله، ابنُ القُحِّ وابنُ مُحرِز. وليس محُرِزٌ أبًا لهم، وإنّما هو اسمٌ لحِقَ بهم فشُهِروا بالنِّسبة إليه. رَوى عن آباءِ الحَسَن: صِهرِه ابن هُذَيْل، وصَحِبَه نحوَ ثلاثينَ سنةً، وابنِ سَعْدِ الخَيْر وابن النِّعمة وطارقٍ، وأبي بكر بن خَيْر، وأبي عبد الله بن يوسُف بن سَعادةَ، وأبي القاسم بن حُبَيْش لقِيَهم وأكثَرَ عنهم. رَوى عنه ابنُه أبو بكر، وهو أبو عبد الله بنُ أبي البَقاء. ¬

_ (¬1) جاء في هامش ح تعليق للتجيبي: "من تصانيفه ووقفت عليه بخطه: كتاب الأربعين حديثًا على مذاهب أهل التصوف وطرائق ذوي العبادات والتخوف؛ قرأه عليه يعلى بن محمد بن يعلى الغافقي ومحمد بن إبراهيم بن محمد الجمحي البلنسي وسمعه عليه عبد الله بن عبد الرحمن بن بتري البلنسي في شعبان سنة أربع وأربعين وخمس مئة". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1563)، والذهبي في المستملح (214)، وتاريخ الإسلام 13/ 121.

1269 - محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن العاص اللخمي، إشبيلي استوطن بأخرة مالقة، أبو بكر

وكان مجوِّدًا للقرآنِ العظيم عارِفًا بوجوهِ القراءات، ضابطًا لها، حافظًا للحديثِ ثقةً فيما يَأثُرُه، ثَبْتًا فيما يُسنِدُه، ذا حظٍّ صالح منَ الفقه، مُجيدًا في النَّظم، ومنه في ترتيبِ حروفِ "العين" وما أشبَهَه [الطويل]: عَلِقْتُ حبيبًا هِمْتُ خيفةَ غَدْرِهِ ... قليلٌ كَرَى جَفْني شكا ضُرَّ صَدِّهِ سَبَا زَهْوُه طفلًا ديانةَ تائبٍ ... ظلامتُهُ ذنبٌ ثَوى رَبْعَ لَحْدِهِ نَواظرهُ فتّاكةٌ بعميدِهِ ... مَلاحتُه أجرَتْ ينابيعَ وَجْدِهِ مولدُه سنةَ سبعٍ أو ثمانٍ وعشرينَ وخمس مئة، وتوفِّي ببَلَنْسِيَةَ سَحَر ليلة يوم الجُمُعة الثانية من جُمادى الأُولى سنةَ خمس وست مئة. 1269 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن عُبَيد الله بن العاص اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ استَوطَنَ بأخَرةٍ مالَقةَ، أبو بكر. تَلا في بلدِه بالسَّبع على أبي بكرٍ عَتِيق بن خَلَف ابن قَنْتَرال، وأبي الحُسَين ابن عَظِيمةَ، وأبي القاسم بن أبي هارُون، وأخَذَ عن أبي الحَكَم عبد الرّحمن بن حَجَّاج، وأبي العبّاس بن مِقْدام "كافيَ" ابن شُرَيْح، وله شيوخٌ غيرَ هؤلاء. تَلا عليه أبو بكرٍ أحمدُ المدعوُّ بحميد ابن أبي محمد ابن القُرطُبيّ، وأبو جعفر بنُ الزبير، وحدَّثنا عنه. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا حافظًا للحديثِ راوِيةً لهُ ضابطًا لِما يحدِّثُ به، من أهل الطَّهارةِ والزّكاءِ والفَضْل والتعيُّن الشّهير، فَصَلَ عن إشبيلِيَةَ حين تغَلَّبَ الرُّومُ عليها، دمَّرَهم اللهُ ورَجَعَها، فسَكَنَ مالَقةَ، وعرَفَ مكانَه الأستاذُ أبو بكرٍ حميد، فأقعَدَه معه في مجلس إقرائه وتَلا عليه ورغَّبَه في إقراءِ الناس، فتَصدَّى لذلك ولم يكنْ تعرَّضَ إلى شيء من ذلك ببلدِه، فاشتُهِرَ فَضْلُه وانثالَ الناسُ للأخذ عنه وعَلَا صِيتُه بتلاوةِ الأستاذ أبي بكرٍ حميدٍ عليه، وأخْذِ الطَّلبة بالأخْذِ عنه، وعُمّر كثيرًا وأسَنَّ وخَطَبَ برابِطة البَتِّي من مالَقةَ دهرًا، ثُم أقعدَتْه

1270 - محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن محمد النفزي، شاطبي، أبو عبد الله وأبو الوليد، ابن قبوج، بفتح القاف وضم الباء وواو مد وجيم مشربة صوت الشين

الكَبْرةُ عن التصرُّف فلزِمَ دارَه إلى أن توفِّي بمالَقةَ سنةَ ستٍّ وستينَ وست مئة، ومَولدُه سنةَ ستِّ وسبعينَ وخمس مئة. 1270 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن عُبَيد الله بن محمدٍ النَّفْزِيّ، شاطِبيّ، أبو عبد الله وأبو الوليد، ابنُ قَبُوج، بفَتْح القافِ وضمِّ الباءِ وواوِ مدٍّ وجيمٍ مُشرَبةٍ صوتَ الشِّين. تَلا على أبي الحَسَن بن هُذَيْل، ورَوى عنه وأجازَ له، وتفَقَّه بأبوَيْ محمد: عاشِر وهارُونَ بن عاتٍ، ورَوى عنهما، رَوى عنه ابنُه أبو الحُسَين عُبَيدُ الله وأبو محمد بنُ خِيَرة. وكان وافرَ الحظّ من الفقه دَرَّسَه مُدّةً، وشُهِرَ بالحِفظِ للمسائل والرأي، وعُرف بالعدالةِ والثِّقة. توفِّي بعدَ ستَّ عشْرةَ وست مئة؛ نَسَكَ بأَخَرةٍ، وكان على طريقةٍ حسَنة وهَدْي صالح، وله في ذكْرِ ما انقَطعَ هو إليه من الزُّهد في الدُّنيا (¬1) [الطويل]: غنِيتُ بما عندي وما ليَ لا أغْنَى؟! ... وأعرَضْتُ في قَصْدي عن العَرَضِ الأدنى إلى العالَمِ الأعلى عَلَوْتُ بهمَّتي ... فوافَقْتُ ما يَبْقَى وفارقتُ ما يفنَى ترَكْتُ للَذَّاتِ البهائم أهلَها ... وهِمتُ بما يُعْنَى به عالمُ المعنى توفِّي بعد ستَّ عشْرةَ وست مئة؛ مولدُه بشاطبةَ سنةَ إحدى وسبعينَ وخمس مئة، وتوفِّي (¬2) ببِجَايةَ يومَ الخميس لليلةٍ خَلَتْ من جُمادى الأُولى سنةَ ثِنتَيْنِ وأربعينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) في هامش ح: "نسبة هذه الأبيات لأبي عبد الله الشاطبي وهم (إنما هي) لأبي الحسين ... وفي رسمه، وجاءت هنا على وجه (التمثل) والله أعلم". (¬2) فوقها في ح: "كذا"، وإزاءها في الهامش: "لعله ابنه أبو الحسين". قلنا: وهذا التعليق ضروري إذ ذكرت الوفاة مرتين بتاريخين مختلفين.

1271 - محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن عيسى بن إدريس التجيبي، مرسي، أبو القاسم

1271 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن عيسى بن إدريسَ التُّجِيبيّ، مُرْسيّ، أبو القاسم. رَوى عن أبيه، وأبوَيْ بكر: ابن خَيْر وابن أبي ليلى، وأبوَي الحَسَن: ابن النِّعمة وابن فَيْد، وآباءِ عبد الله: ابن حَمِيد وابن يوسُفَ بن سَعادةَ وابن عبد الرّحيم ابن الفَرَس، وهو كان يُمْسِكُ أصُولَه على السامعينَ عليه عندَ كسَلِه اعتمادًا على ثقتِه ورُكونًا إلى أمانتِه، وابن أبي حُبَيْش وأبي محمدٍ عاشرٍ وأبي الوليد بن رُشْد، لازَمَه بقُرطُبةَ وأخَذَ عنه علمَه؛ وأجاز له أبو القاسم ابن بَشْكُوال. رَوى عنه ابنُ أختِه أبو بحرٍ صَفْوانُ بن إدريسَ، وأبو الرَّبيع بنُ سالم، وأبو محمد بن أبي بَكْرٍ الدانيّ، وحدَّث عنه بالإجازةِ أبو بكرٍ محمدُ بن غَلْبُون. وكان فقيهًا حافظًا مُتقِنًا أديبًا ذا حظٍّ من قَرْض الشِّعر ومُشارَكة في الكتابة؛ قال فيه أبو الرَّبيع بنُ سالم: فاضلٌ على الإطلاق، متقدِّمٌ في نَزاهةِ النفْس وكرَم الأخلاق؛ واستَقضاهُ ابن رُشد في غير جِهةٍ من جِهات قُرطُبة، ولم يزَلْ يُرشِّحُه وينهَضُ به حتى استُقضيَ بالجزيرةِ الخَضراءِ ثم بشاطِبَةَ، فحُمِدَتْ سِيرتُه، ثم صُرِفَ عنها وقتَ مِحنةِ أبي الوليد بن رُشْد وتتبُّعِ أصحابِه، ثم استُقضيَ بدانِيَة. ومن نَظْمِه: ما أنشَدَه أبو عبد الله ابنُ الأبّار، قال: أنشَدَني له صاحبُنا أبو محمد بنُ أبي بكرِ الدّانيُّ عنه (¬2) [مخلع البسيط]: يا مُوقظَ النفسِ عَلّمَنْها ... ولا تَكِلْها إلى الجَهالهْ فالنَّفْس بدرٌ والعلمُ شمسٌ ... والجهلُ فيها سوادُ هالَهْ قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: هذانِ البيتانِ لُزوميّان، ولا يصِحُّ في ثانيهِما أن يكونَ مُخلَّعًا؛ لوقوع "مفعولُن" في صَدْرِه موقعَ "فاعِلن" ومخرَجُه عندي من ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1553)، والذهبي في المستملح (207)، وتاريخ الإسلام 13/ 45. (¬2) البيتان في التكملة.

1272 - محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد الأنصاري، غرناطي، أبو عبد الله، ابن الفراء

المُنسرح على رأي لي فيه قرَّرتُه في غير هذا الموضِع، ليس هذا الكتابُ موضعَ بَسْطِه، وإذا كان كذلك استَجَرَّ الأوّلَ إليه، فاعلَمْه. مولدُه سنةَ خمسٍ وخمس مئة، وتوفِّي بدانِيَةَ وهو يتَولَّى قضاءها في شهرِ ربيعٍ الأوّل سنةَ إحدى وست مئة. 1272 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن محمدٍ الأنصاريُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الفَرّاء. رَوى عن أبوَيْ جعفر: ابن الباذِش والبِطْرَوْجيِّ، وأبي عبد الله النُّمَيْريِّ، وأبي القاسم أحمدَ بن محمد بن بَقِيّ. رَوى عنه أبو القاسم محمدُ بن عبد الواحِد المَلّاحي؛ وكان محدِّثًا راوِيةً حافظًا وَرّاقًا نَبيلًا بارعَ الخَطّ جميلَ المنزِع فيه مُتقَنَ التقييد. 1273 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن مُحرِز السُّمَاتيّ إلْشِيّ، أبو بكرٍ وأبو عبد الله. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي، وأبي عُمرَ أحمدَ بن يحيى ابن الحَدّاد، وأبي محمد بن عَتّاب، وأبي [....] (¬2) بابْشَاذ، وأبي القاسم خَلَف ابن الحَصّار وابن مُزاحِم، ولقِيَ أبا عليّ الصَّدَفيَّ. رَوى عنه أبو بكر بنُ أبي زَمَنِين، وأبو الحَسَن نَجَبةُ. ذَكَرَه ابنُ فَرْتُون، وذكَرَه أبو جعفر بنُ الزُّبَير فقال فيه: الأُمَويُّ السُّمَاتيُّ، من أهل الثَّغرِ، لقِيَ أبا عليّ بنَ سُكّرةَ الصَّدَفيَّ، وأبا بكرٍ ابنَ العَرَبي ولازَمَه، ورَوى معَهما عن ابن عَتّاب، وأبي القاسم خَلَف بن إبراهيمَ ابن الحَصّار، وأبي عُمرَ أحمدَ بن يحيى الحَدّاد، وقرَأَ بقُرطُبةَ على أبي مَرْوانَ بن سِرَاج، وغيرِ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1544). (¬2) بعد لفظة "أبي" علامة تحويل، ثم لم يثبت شيئًا في الهامش.

1274 - محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمود، أبو عبد الله

هؤلاء؛ قال ابنُ خَيْر: سألتُه عن مولدِه فقال لي: وُلدتُ سَحَرَ ليلة الاثنينِ لعَشْرٍ خَلَوْنَ من جُمادى الأُخرى سنةَ تسع وسبعينَ وأربع مئة، قبلَ كائنة الزَّلّاقة بشهرٍ. وتوفِّي صَبِيحةَ يوم الثلاثاءِ أوّلَ يومٍ جُمادى الأخرى سنةَ تسع وستّينَ وخمس مئة، فكمُلَ له من العُمُر تسعونَ سنةً وعشرةُ أيام. رَوى عنه ابنُ خَيْر ونَجَبةُ بن يحيى والقاضي أبو بكر بنُ أبي زَمَنِين والحافظُ أبو محمدٍ القُرطُبيُّ، وهو آخِرُ من رَوى عنه، وذَكَرَه الشّيخُ في "الذَّيْل" وخَلَطَ في ذكْرِه واختَلَف عليه اسمُه فظنَّهما اسمَيْنِ وما تخَلَّص له منهُ شيءٌ. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: انتَهى ما ذكَرَه به ابنُ الزُّبَير مشتمِلًا على أوهامٍ؛ أحَدُها: جَعْلُه إيّاه أُمَويًّا (¬1) سُمَاتيًّا، وذلك لا يلتئمُ إلّا أن يكونَ أُمَويًّا بالولاء، وذلك لا يُعرَف؛ والثاني: جَعْلُه من أهل الثّغر، وأرى الثَّغرَ مصحًّفًا من إلْش؛ ومنها: عَدُّه أبا محمدٍ ابنَ القُرطُبيِّ في الرُّواة عنه، ولا يَصحّ، اللُّهمّ إلّا أن يكونَ أجازَ له، وذلك لا يُعلَم، وإنّما المُجِيزُ له ابنُ مُحرِز الإشبيليّ؛ ومنها: ما قالَهُ في ابن فَرْتُونَ من أنه خَلَطَ في ذكْرِه فظَنَّهما اسمَيْنِ وما تخلَّصَ لهُ منهُ شيءٌ، وذلك وَهَمٌ وتقصيرٌ في البحث، وهما رجُلان: هذا المذكورُ هنا والآخَرُ محمدُ بنُ أحمدَ بن مُحرِز بن عبد الله بن سَعِيد بن مُحرِز بن أُميّةَ، بَكّيّ، وقيل: بَطَلْيَوْسيٌّ، سكَنَ إشبيلِيَةَ، أبو بكر المَنْتَانَجشيُّ، وعن هذا الأخيرِ نقَلَ ابنُ خَيْر ما أخبَرَه به من مَولدِه كما تقَدَّم، فقد تبيَّن بعَمُودِ النسَب والبلد (¬2). 1274 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن محمود، أبو عبد الله. رَوى عن أبي داودَ الهشَاميِّ، وأبي عليّ الصَّدَفي. ¬

_ (¬1) في هامش ح: "لم يثبت في نسخ (صلة الصلة) قوله: "أمويًّا" وهي النسخ التي ... ". (¬2) وروى عنه ابن خير في فهرسته: 394، 397، 421، ومحمد بن أحمد بن محرز البطليوسي توفي سنة 569 هـ، وهو من مترجم في التكملة الأبارية، وتاريخ الإسلام 12/ 423 وغيرهما.

1275 - محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن موسى المرادي، أبو بكر

1275 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن موسى المُرادِيّ، أبو بكر. له إجازةٌ من المُجاوِر بمكّةَ، شرَّفها اللهُ، الحَسَنِ بن عبد الله بن عُمرَ المُقرئ. 1276 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن موسى المُرادِي، أبو الوليد. وهُو أخو الَّذي يَليهِ قبلَه؛ لهُ إجازةٌ من الحَسَنِ المذكور. 1277 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن نَصْر بن فَرَج، غَرْناطيٌّ، أو من ساكِنيها، أبو عبد الله. رَوى عن شُيوخ غَرْناطةَ، وكان فقيهَا جَليلًا عاقدًا للشّروط، حيًّا سنةَ أربع وستين وخمس مئة، وتوفِّي عن سنٍّ عالية. 1278 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن يَزيدَ بن هاني اللَّخْميُّ، غَرْناطيٌّ، سكَنَ المُنكَّب، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله بن بُونُهْ، وأبي القاسم أحمدَ بن عبد الوَدود بن سَمَجُونَ، وأبوَيْ محمد: عبد الحقّ بن بُونُه وعبد الصَّمد الغَسّاني. وكان فقيهًا عاقِدًا للشّروط بَصيرًا بعِلَلِها، جيِّدَ الخَطّ. توفِّي عَقِبَ أحدِ ربيعَيْ سنة تسعَ عشْرةَ وست مئةٍ وسنُّه نحوُ خمسينَ سنةً. 1279 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن الأنصاريّ، طُلَيْطُليُّ سكَنَ مدينةَ فاسَ، أبو عبد الله، ابنُ بُرِّ البيوت. تَلا على أبي عبد الله بن عيسى المَغَامِّي في موضع إقرائه بالبَلاطِ الأوسَط من الجامع الأعظم بطُلَيْطُلةَ، أعادها اللهُ للإسلام، وبقُرطُبةَ على أبي الحَسَن العَبْسيّ، وأبي القاسم خَلَف ابن الحَصّار. تَلا عليه أبَوا العبّاس: ابنُ عبد الرّحمن بن الصَّقْر وابنُ محمد بن خلوصٍ وأبو عليّ حَسَنٌ ابن الخَرّاز؛ وكان من جِلّة المُقرِئينَ المجوِّدين.

1280 - محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الأنصاري، طليطلي نزل مدينة فاس، أبو عبد الله، ابن فرقاشش، بضم الفاء وسكون الراء وقاف وألف وشينين معجمين أولهما مفتوح

1280 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن عبد الرّحمن الأنصاريُّ، طُلَيْطُليٌّ نزَلَ مدينةَ فاسَ، أبو عبد الله، ابنُ فُرْقاشَش، بضمِّ الفاء وسكونِ الراء وقافٍ وألفِ وشِينَيْنِ معجَمَيْنِ أوّلُهما مفتوح. تَلا في بلدِه بالسَّبع على أبي الحَسَن ابن الإلبِيريِّ، وأبي عبد الله المَغَامِّي. تَلا عليه أبو إسحاقَ الغَرْناطي؛ وكان مُقرِئًا ضابِطًا مُتقِنًا، وأقرَأَ بمسجد حمزةَ من غَرْناطةَ حين اجتازَ بها، وفيه تَلا عليه أبو إسحاقَ المذكورُ، وله "مختصَرٌ" نَبيل في اختلافِ القُرّاءِ السَّبعة. 1281 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن الجُشَميُّ، إقليميٌّ، أبو عبد الله، ابنُ المَصْموديّ. رَوى عن صِهرِه أبي جعفر بن صَدَقةَ، وكان من أهل المعرِفة التامّة بالفقه، ذا خَطٍّ حَسَن. توفِّي بقرية شلارسَ في حدود السبعينَ وخمس مئة. 1282 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن الزُّهْريُّ. رَوى عن أبي عبد الله بن يوسُفَ بن سَعادةَ، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا. 1283 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن عبد الرّحمن العُبَيْديُّ، إشبِيليٌّ، أبو بكر، ابنُ البَنّاء. تَلا القرآنَ على أبي الحَسَن بن عَظِيمةَ، ورَوى عن أبي بكر بن طَلْحةَ وأبوَي الحَسَن: ابن جابِر الدَّبّاج وابن عبد الله بن آمِنةَ، واختَصَّ به كثيرًا، وأبي الحَكَم بن بَرَّجَان، وأبي عليٍّ ابن الشَّلَوْبِينَ، وأبي محمد فُضَيْل، وأبي المتوكِّل الهَيْثَم، وأبي المَجْد هُذَيْل، وغيرِهم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1190)، والذهبي في المستملح (42)، وتاريخ الإسلام 11/ 196، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 1/ 275. (¬2) ترجمه ابن سعيد في المغرب 1/ 249، واختصار القدح المعلى (118).

وكان أديبًا كاتبًا شاعرًا، مُكثِرًا من الفنَّيْنِ على شدّة تكلُّفٍ منهُ لهما، فلذلك كان لا يوجَدُ على ما يَصدُرُ عنه نظمًا أو نثرًا رَوْنَقُ الانطباع ولا رِقّةُ الطِّباع (¬1)، وكان أحدَ من دارَ عليه تدبيرُ بلدِه بأخَرةٍ حتّى استَولَى عليها الرُّومُ، وقد جَمَعَ لهُ بعضُ خَواصِّه ترسيلَه في أربعةِ مجلَّدات ضخمة، فلما وقَفَ عليها كتَبَ بخطِّه على ظهرِ أوّلِها لنفسِه [السريع]: إنّي تأمّلتُ فلم أستجِدْ ... أكثرَ ما فيه ولم أرْضَهُ ورُمتُ بالإحسانِ فَوْزًا فلا ... سماءَهُ نِلتُ ولا أَرْضَهُ وكان حَسَنَ الخَطّ أنيقَ الطريقة في الوِراقة متقَنَ التقييد، رَتَّب على نفسِه وظيفةً من النَّسخ في كلِّ يوم لم يكنْ يَترُكُها على حال إلّا أن يَعُوقَه عن الوفاءِ بها عائقُ مَرَض أو سَفَر سوى ما يُعلِّقُه من الفوائد ويَقيِّدُه من الغرائب المُنتقاة سائرَ أيامِه، فقد كان كثيرَ الولوع بذلك شديدَ الرَّغبةِ في الاستكثارِ منه، حتّى إنه لَيُقالُ: إنه أخرَجَ معَه بخروجِه من إشبيلِيَةَ نحوَ خمسِ مئة مجلَّد بخطِّه، وقد وقَفْتُ على نحوِ ستّينَ منها أو أزيَدَ. وقد كَتَبَ عن وُلاة إشبيلِيَةَ من بني عبد المُؤمن واختَصَّ كثيرًا منهم بأبي عِمرانَ بن أبي عبد الله بن يوسُفَ بن عبد المُؤمن، وكان بينَه وبينَ أبي المُطَرِّف بن عَمِيرةَ وأبي عبد الله ابن الجَنّان وغيرهم من أُدباءِ عصرِه مُكاتَباتٌ [....] (¬2). توفِّي بسَبْتةَ بعدَ صَلاة العصرِ يومَ الجُمُعة لستٍّ خَلَوْنَ من شوّالِ ستٍّ وأربعينَ وست مئة ابنَ نحوِ خمسةٍ وستينَ عامًا. ¬

_ (¬1) قال ابن سعيد: "وعُرف بالكتابة والإمامة في طريقتهما، ولو فتشتْ رسائله لم توجد له نادرة ولا فصل مستطرف، وما كان إلا ناسخ رسائل الناس. وقال: وكنت قد كتبت من نظمه ونثره كثيرًا ثم تفقدته بعين الانتقاد فنبذت الجميع". (¬2) بياض في النسخ.

1284 - محمد بن أحمد بن عبد الرحمن، أوريولي نزل تونس، ابن الأديب

1284 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن، أُورِيُوليٌّ نزَلَ تونُس، ابنُ الأديب (¬1). رَوى عن أبي بكر بن مُحرِز ابن القُحّ، وأبي العبّاس بن شُهَيْد. 1285 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن، باجِيٌّ، أبو بكر. رَوى عن القاضي أبي بكر بن عبد الله العَرَبي. 1286 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الأعلى، بَلَنْسيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ فَرْغَلُوش، بفَتْح الفاءِ أُختِ القاف وإسكانِ الراء وفتح الغَيْن المعجَم وضمِّ اللام وواوٍ وشِين معجَم. لهُ إجازةٌ من أبي عبد الله بن عبد الحقِّ التِّلِمْسينيّ (¬2). 1287 - محمدُ (¬3) بن أحمدَ بن عبد الخالقِ بن مَرْزُوق بن عبد الله اليَحْصُبيُّ، خَضْراويٌّ، أبو عبد الله، ابنُ العُقَابيِّ، بضمِّ العَيْن الغُفْل وقاف وألفٍ وباءٍ بواحدةٍ منسوبًا. رَوى عنه أبو عبد الله القُبَاعيُّ؛ وكان فقيهًا، حافظًا من أهلِ الحِذْق في العربيّة، وحضورِ الذِّكر في اللُّغات، شَهِيرَ التعيُّن ببلدِه، واستُقضيَ به. ¬

_ (¬1) في هاشم ح تعليق للتجيبي نصه: "تلا ابن الأديب المذكور بالسبع على أبي العباس أحمد بن محمد بن شهيد الأوريولي المذكور، وأخذ "الكتاب" بمضمن تفسير ابن الصيرفي واستظهره عليه هو و"شهاب" القضاعي و"رسالة" ابن أبي زيد و"فصيح" ثعلب وغير ذلك، وسمع من أبي الحسين بن ديسم، وأبي عبد الله محمد بن أحمد (....) الأنصاري المليلي، وأبوي محمد عبدي الله: ابن عبد الرحمن بن برطله وابن يوسف بن أبي بكر و (....) المعافري ومن غيرهم. وقد حدث، وكتب لنا بإجازة جميع ما يرويه من تونس، وكان ثقة حافظًا. وتوفي بتونس عند طلوع الشمس من يوم الاثنين السابع والعشرين لشوال ثمانية و (....) وست مئة، رحمة الله عليه". (¬2) في هامش ح تعليق للتجيبي: "وقفت عليها بخط ابن عبد الحق المذكور، وتاريخها: ثاني عيد الفطر سبع وست مئة". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1376).

1288 - محمد بن أحمد بن عبد الصمد، أبو عبد الله السندسي

1288 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الصَّمد، أبو عبد الله السُّنْدُسيُّ. رَوى عن شُرَيْح، وكان مؤذِّنًا. 1289 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن عبد العزيز بن سَعادةَ النَّفْزِيُّ، شاطِبيٌّ، أبو عبد الله. وهو ابنُ أخي أبي عبد الله بن عبد العزيز بن سَعادةَ. تَلا بالسَّبع على أبي إسحاقَ بن خَليفةَ، وأبوَيْ بكر: ابن سَيدُ بُونُهْ وابن نُمارة، وأبي الحَسَن بن هُذَيْل وغيرهم. ورَوى الحديثَ عن آباءِ عبد الله: عمِّه المذكور وابن بَرَكةَ وابن يوسُفَ بن سَعادةَ، وأبي الحَسَن عُلَيْم، وأبي محمد عاشِر، وتفَقَّه به. وأخَذَ علومَ اللِّسان نَحْوًا وأدبًا ولُغةً عن أبوَي الحَسَن: ابن سَعْدِ الخَيْر وابن النِّعمة، وأبي عبد الله بن حَمِيد، وأبي محمد عَبْدون وغيرهم، وأجازَ له جميعُهم. رَوى عنه أبو إسحاقَ بنُ بَشْكُنال، وأبو بكر ابنُ المُرابط، وأبَوا عبد الله: ابنُ الأبار، وفاوَضَه في مسألةٍ من "جُمَل" الزَّجّاجي، وأَجازَ له، وابنُ عليّ ابن فَتْح، وأبو محمد بنُ عبد الرّحمن بن بُرْطُلُّهْ؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا متصدِّرًا متحقِّقًا بالنَّحو ضابِطًا للُّغة حافظًا لها، درَّس ذلك كلَّه. وتوفِّي بعدَ إقعادِه في إحدى جُمادَيَيْ أربعَ عشْرةَ وست مئة؛ وقال أبو محمد بنُ بُرْطُلُّهْ: توفّي سنةَ ثمانِ عشْرةَ وست مئة، ولم يَضبِطْ ذلك (¬2). 1290 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد العزيز بن محمد بن سَعْدونَ، أبو عبد الله وأبو عامرٍ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1605)، والذهبي في المستملح (247)، وتاريخ الإسلام 13/ 417، ومعرفة القراء 2/ 603، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 67، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 29. (¬2) في هامش ح: "روى عنه ابن مسدي وقال: إنه توفي سنة ست عشرة وست مئة، والصحيح ما رواه المصنف أولًا، والله أعلم".

1291 - محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن سعدون، بلنسي، أبو عبد الله

رَوى عن أبي بكر بن أبي زَمَنِين، وأبي الخَطّاب بن واجِب، وآباءِ عبد الله: الأنْدّرْشيّ والتُّجِيبيِّ نزيل تِلِمْسينَ، وابن يوسُفَ بن عَيّاد، وأبوَي العبّاس: ابن مَضَاءٍ ويحيى المَجْرِيطيّ، وأبي محمد عبد المُنعِم ابن الفَرَس. رَوى عنه أحمدُ ومحمدٌ ابنا أبي عبد الله بن نُوح. 1291 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد العزيز بن محمد بن سَعْدونَ، بَلَنْسيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الخَطّاب بن واجِب وأبي عبد الله بن نُوح، وكان مُقرئًا نَبيلًا حَسَن الخَطّ. 1292 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد العزيز الرُّعَيْنيُّ، جَزِيريٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن شُرَيْح. 1293 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد العزيز، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله بن محمد الفَلَنْقِيِ، وأبي العبّاس بن محمد بن خلوصٍ، وأبي محمد قاسمٍ بن محمد الزَّقّاق. رَوى عنه أبو الحَسَن مُنذِرُ بن يحيى وتَلا عليه، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا. 1294 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد المجيد بن سالم بن تَمّام بن سَعِيد بن عيسى بن سَعِيدٍ الحَجْريّ، مالَقيّ، أبو عبد الله، ابنُ الجَيّار. وهُو وَلَدُ الفاضل أبي جعفرٍ الجَيّار. رَوى عن آباءِ جعفر: أبيه والحَصّار وابن محمد بن عَيّاش الكِنَانيّ، وأبي الحَجّاج ابن الشَّيخ، وأبي محمد الخُشَنيّ، وأبي الرَّبيع بن سالم، وأبي سُليمانَ بن حَوْطِ الله. وأجازَ له المَشْرِقيُّونَ المذكورونَ في رَسْم أبي الطاهِر أحمدَ بن عليّ السَّبْتيّ باستدعاءِ أبي عبد الله بن إبرَاهيمَ بن حَرِيرةَ. وكان من نُبلاءِ أقرانِه وأذكيائهم، بارعَ الخَطّ متقَنَ التقييد، عُني بالعلم ولقاءِ حَمَلتِه أتمِّ عناية، وانقَطعَ إلى خدمتِه إلى أن توفِّي دونَ الثلاثينَ من عُمرِه، وثَكِلَه أبوه، رحَمَهما الله.

1295 - محمد بن أحمد بن عبد الملك بن بونه []

1295 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الملِك بن بُونُه [....] (¬1). لهُ إجازةٌ من أبي الحَسَن ابن الباذِش. 1296 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن عبد الملِك بن صَخْر اللَّخْميُّ، شَرِيشيٌّ، أبو بكر. رَوى عن أبي إسحاقَ بن مُلْكونَ، وأبي بكر بن عُبَيدٍ الأرْكَشيِّ وغيرِهما. رَوى عنه أبو بكر بن موسى بن فَحْلون. وكان شَيْخًا صالحًا من أهل العِلم، وله رحلةٌ حَجّ فيها. 1297 - محمدُ (¬3) بن أبي عُمرَ أحمدَ بن عبد الملِك بن عبد العزيز بن عبد الملِك ابن أحمدَ بن عبد الله بن محمد بن عليّ بن شَريعةَ بن رِفَاعةَ بن صَخْر بن سَمَاعةَ الداخِل إلى الأندَلُس، اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ, أبو عبد الله الباجِيّ. وهو شقيقُ سَمِيِّه أبي مَرْوانَ المذكورِ بعدَه يَليه وأسَنُّهما؛ وأُمُّهما أُمُّ القاسم ابنةُ الوزير أبي بكرٍ محمد ابن الحاجِّ أبي القاسم جابِر ابن الراوِية أبي بكرٍ محمد بن مُغِيرةَ بن محمد بن المُغِيرةِ بن عبد الملِك بن مُغيرةَ بن مُعاويةَ بن المُؤمن الداخِل إلى الأندَلُس ابن الوليد بن يَزيدَ بن عبد الملِك بن مَرْوانَ بن الحَكَم بن أبي العاص بن أُمَيّةَ بن عبدِ شَمْس. رَوى عن أبيه وأبي بكرٍ ابن الجَدّ، وتفَقَّه به، وأبي عبد الله ابن المُجاهِد، وتأدَّبَ في النَّحْو والآدابِ بأبي إسحاقَ بن مُلْكون. رَوى عنه أبو العبّاس بن محمد المَوْرُوري. وكان دُرِّيَّ اللَّون أكحَلَ محُجَّبًا حالكَ الشَّعر حَسَنَ القَدّ والضَّرب، وَقُورًا ديِّنًا، مُنقبِضًا حَسَنَ السَّمتِ والصَّوت، وَلي الخُطبةَ ببلدِه واستُقضيَ به، ثم ¬

_ (¬1) بياض في النسخ. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1545). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1571)، والذهبي في المستملح (222)، وتاريخ الإسلام 13/ 135.

1298 - محمد بن أحمد بن عبد الملك، وقد تقدم رفع نسبه آنفا في رسم أخيه، إشبيلي، أبو مروان الباجي

صُرف عن القضاءِ بأبي محمدٍ عبد الحقِّ بن عبد الله بن عبد الحقِّ سنةَ خمسٍ وست مئة؛ وقال عثمانُ بن العَوّام: إنه دامَ قاضيًا إلى أن توفِّي، والأوّلُ أصَحّ. وكانت وفاتُه، رحمه اللهُ، بإشبيلِيَةَ بعدَ صَلاة العشاءِ من ليلةِ الأحد التاسع والعشرينَ من شوّالِ ستٍّ وست مئة، ودُفنَ ضُحَى يوم الاثنينِ تاليهِ. وهُو أبو أبي مَرْوانَ أحمدَ المدعوّ بالمُعتضِد بالله مُدَبِّر إشبيلِيَةَ أيامَ خلافِ أهلِها على المدعوِّ بأميرِ المسلمينَ المتلقِّب بالمتوكِّلِ أبي عبد الله محمد بن يوسُف بن هُود، فقُتل أبو مَرْوانَ هذا خارجَ إشبيلِيَةَ في خبَرٍ يَطُولُ ذكْرُه، لثلاثٍ خَلَوْنَ من جُمادى الأولى سنةَ إحدى وثلاثينَ وست مئة، عصَمَنا اللهُ من الفِتن. 1298 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن عبد الملِك، وقد تقَدَّم رَفْعُ نَسَبِه آنفًا في رَسْم أخيه، إشبِيليّ، أبو مَرْوانَ الباجِي. تَلا بالسَّبع وغيرها على أبي عَمْرٍو عَيّاش بن عَظِيمة، وسَمِعَ الحديثَ على الحافظَيْنِ أبوَيْ بكر: ابن الجَدّ، وأكثَرَ عنه، وابن عليّ، وبقراءةِ أبيه على أبي عبد الله بن أحمدَ بن المُجاهِد. وأخَذَ العربيّةَ واللُّغةَ والآدابَ على أبي إسحاقَ بن مُلْكون، وأبي بكر بن طَلْحةَ، وأجازوا له إلّا أبا إسحاقَ بن مُلكون. وأجاز له أبوه، وأبو حَفْص بن عُمرَ، وأبو زيد السُّهَيْليّ وأبو عبد الله ابن الفَخّار، وأبو العبّاس بن مِقْدام، وأبو القاسم ابن بَشْكُوال، وأبو محمد بنُ عُبَيد الله. ورَحَلَ إلى المشرِق حاجًّا، وسَمِعَ بدمشقَ على نزيلِها المحدِّث الشهيرِ أبي عَمْرو عثمانَ [....] (¬2) ابن الصلاح تأليفَه في علوم الحديث. ¬

_ (¬1) ترجمه المنذري في التكملة 3/الترجمة 2797، وأبو شامة في ذيل الروضتين (164)، وابن الأبار في التكملة (1676)، والذهبي في المستملح (298)، وتاريخ الإسلام 14/ 184، وسير أعلام النبلاء 23/ 29، والصفدي في الوافي 2/ 118، والمقري في نفح الطيب 2/ 379، وللدكتور محمد بن شريفة: أبو مروان الباجي ورحلته إلى المشرق. (¬2) في هامش ح: "هو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى بن أبي نصر النَّصري الشهرزوري ثم الموصلي نزيل دمشق الثافعي المعروف بابن الصلاح".

وهذا الأصلُ الَّذي سَمِعَ فيه قد صارَ إليّ والحمدُ لله، وفيه خطُّ ابن الصَّلاح بتصحيح التّسميع وقد تضَمَّن إذْنَه في روايتِه عنه لكلِّ من حَصَّلَ منه نُسخة، فانتسَخَ منه جماعةٌ من جِلّة أهل العلم ونُبَلائهم، منهم: أبو الحَسَن الشارِّيُّ، وأبو عَمْرٍو عثمانُ ابنُ الحاجِّ، وأبو القاسم أحمدُ بن نَبيل وغيرُهم، ونَسَختُ منه نُسخةً لبعضِ الأصحابِ لأمرٍ اقتَضَى ذلك لم يَسَعْ خلافُه. وأخَذَ بدمشقَ أيضًا قراءةً منه عن أبي نَصْر محمد بن هِبة الله بن مُمِيل الشِّيرازيّ. رَوى عنه حفيدُ أخيه أبي محمد، وآباءُ عبد الله: أبو بكر بنُ أحمدَ بن سيِّد الناس وابن أحمدَ الرُّنْديّ وابنُ أبي بكرٍ ابن المَوّاق وابن الخَضّار نَزيلُ سَبْتةَ، وصحِبَه في وِجهتِه المَشْرِقيّة وحَجَّ معَه ولزِمَه إلى أن فَرَّقَ الموتُ بينَهما، وأبو عَمْرٍو عثمانُ بن أحمدَ بن العوّام، وأبو القاسم عبدُ الكريم بن عِمرانُ وأبو محمد ابن قاسم الحَرّار، ورَوى عنه بدمشقَ جماعةٌ، منهم: أبو عبد الله البِرْزَاليُّ وأبو [الحسن] (¬1) القَسطار وابنُ يَريم الإشبِيليُّونَ؛ وأبو محمد بنُ محمد بن أحمدَ ابن الحَجّام. وكان من ساداتِ بييه الأفاضل ببلدِهم، ذا خَلْقٍ وَسيم وخُلُق عظيم، دُرِّيَّ اللّون أسيلَ الوَجْه حسَنَ الضَّربِ والقَدّ إلى الطُّول، قد علا بأَخَرةٍ إحدى كريمتَيْه بَياضٌ لم يَشِنْها؛ وكان كريمَ النفْس حَسَنَ اللِّقاءِ بَرًّا بأصحابِه ومُنتابِيه، متواضعًا جميلَ السَّعي في حَوائج الناسِ عمومًا وخصُوصًا، مُبَخَّتًا في تيسيرِ قضائها، متواضعًا صَوّامًا قَوّامًا سَرِيَّ الهِمّة كاملَ أدواتِ الفَضْل، خطيبَ زمانِه، مُثابِرًا على تلاوة القرآن، حافظًا للحديث، من أحسنِ الناس صَوْتًا بهما وأطيَبِهم نَغَمةً في الرادِهما، جيِّدَ الخَطّ والضَّبْط ذاكرًا للفقه، استُقضيَ ببلدِه أيامَ إمارةِ أبي العلاءِ إدريسَ ابن المنصُور من آل عبد المُؤمن وبعدَها، ¬

_ (¬1) في هامش ح: "هو أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن أبي القاسم الإشبيلي القسطار".

فعُرِف بالعَدْل والنَّزاهة ووَطْأةِ الأكناف ولِين الجانبِ حتّى يقالُ: إنه ما سَجَنَ مُدّةَ قضائه أحدًا. وخَطَبَ بجامع بلدِه دهرًا طويلًا، وترَدَّد على حضرةِ مَرّاكُشَ مِرارًا، موفَدًا مبرورًا خَطيبًا (¬1) عندَ الأمراءِ بها مَقْضيَّ المآرِب. وبعدَ الطارئ على أبي مَرْوانَ أحمدَ ابن شقيقِه أبي عُمرَ محمد -حَسْبَما تقَدَّمتِ الإشارةُ آنفًا إليه- عَزَم على الحجِّ، فباع جُلَّ أملاكِه بداخِل إشبيلِيَةَ وخارجَها، وفَعَلَ في سائرِها ما اقتضاهُ نَظره من تصييرٍ وتحبيس وصَدَقة وغيرِ ذلك من الوجوه، محُصِّنًا ذلك كلَّه بالإشهادِ عليه، وفَصَلَ من إشبيلِيَةَ يومَ [....] (¬2) لثمانٍ خَلَوْنَ من ربيعٍ الآخِر سنةَ ثلاثٍ وثلاثينَ وست مئة قاصدًا سَبْتةَ من بَرِّ العُدوة، وأقلَعَ منها في مَرْكَب رُوميٍّ يوم الأربعاء، لسَبْع خَلَوْنَ من محرَّم أربع وثلاثينَ وست مئةٍ سائرًا معَ العوالي من بَرِّ الأندَلُس إلى مالَقةَ إلى المُنَكَّب إلى المَرِيّة إلى قَرْطاجَنَّةَ إلى لَقَنْتَ، وفارَقَ بَرَّ الأندَلُس إلى جزيرةِ يابِسةَ إلى جَزيرةِ مَيُورْقَةَ، فدَخَلَ مَرْساها ليلةَ الخميس الثالثةِ والعشرينَ من محرَّمٍ المذكور، وأقلَعَ منه ليلةَ الخميس التالي لها إلى جزيرةِ قَبْرَيْرةَ، فباتَ بها ليلةَ الجُمُعة، وأقلَعَ منها صُبحَ يوم الجُمُعة إلى مَرْسَى سَرْدانِيَةَ، فدَخَلَه يومَ الثلاثاءِ لأربعٍ خَلَوْن من صَفَر، وأقلَعَ منه يومَ الخميس لستٍّ خَلَوْنَ من صَفَر إلى صِقِلِّيَةَ، فجاوَزَها، ثم رَدَّته الرِّيحُ إلى مَرْسَى سرقُوسةَ: إحدى مُدُنِ الجزيرة، فدَخَلَه ليلةَ الأربعاءِ الثانيةَ عشْرةَ من صَفَر، وأقام به إلى عَشِيّة يوم السّبت لسبعٍ خَلَوْنَ من ربيعٍ الأوّل، ونَزلَ إلى سرقُوسةَ وأقام بها من ليلة الأحدِ الثامنةِ من ربيع الأوّل إلى يوم الاثنينِ لاثنتَيْ عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من جُمادى الآخِرة، وانتَقلَ إلى المركَب وأقام به رَيْثما تُساعدُه الريحُ على سَيْرِه، فأقلَعَ منها يومَ الأربعاءِ إلى جزيرةِ إقرِيطِشَ في ثمانيةِ أيام، ثُم إلى جَزيرةِ قُبْرُصَ في خمسةِ أيام، ثُم إلى عَكّا في ثلاثة أيام، ¬

_ (¬1) كذا ولعلها "حظيًّا". (¬2) بياض في النسخ.

وكان المَرْكَبُ يَسيرُ كلَّ يوم من سَرقُوسةَ إلى عَكّا مئةَ ميل، فدَخَلَ عَكّا يومَ الأربعاءِ لأربعَ عشْرةَ ليلةً بقِيَت من رجَب، وقَدِمَ دمشقَ غُدوةَ يوم [....] (¬1) لسبع خَلَوْنَ من رَمَضان، وأقام بها إلى مُنتصَفِ شوّال، فخَرَجَ منها معَ الرَّكْبِ الشاميِّ، وكان له سبعةُ أعوام لم يتَوجَّهْ إلى مكّةَ شرَّفها اللهُ، فصار إلى بُصْرَى في أربعةِ أيام إلى الأزرق إلى تَيْماءَ إلى خَيْبَرَ إلى مدينة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كرَّمَها اللهُ، وزارَ قبرَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأقام بها يومَيْنِ، وانفصَلَ على طريقِ الرَّكب إلى وادي العَقِيق وبئرِ عليّ وذي الحُلَيْفة ومنها أحرَمَ إلى شِعب عليّ إلى بَدْرٍ إلى رابِغَ إلى الجُحْفة إلى بطنِ مرّ إلى مكّة، شرَّفَها اللهُ، فقَدِمَها لأرَبعٍ خَلَوْنَ من ذي الحِجّة فنزَلَ بالأبطَح. ولمّا قضَى فريضةَ الحجّ نَزلَ بدارِ إمام المالكيّة عندَ باب العُمرة، وكان من أمَلِه التوجُّهُ إلى العراق، فإذا الرَّكْبُ العراقيّ لم يَصِلْ إلى مكةَ تلك السَّنةَ خوفًا من عاديةِ الكافِر التُّركي، ثُم خَرَجَ من مكّةَ، زادَها اللهُ شَرَفًا، في محرَّمِ خمسٍ وثلاثينَ متوجِّهًا إلى مِصرَ، فسَرَى مُدلِجًا لشدّةِ الحَرِّ بالنّهار إلى حَدّةَ ومن حَدّةَ إلى جُدّةَ، ومنها رَكِبَ البحرَ، فمالت به الرِّيحُ إلى سُلَق في يوم وليلة، فسار منها مُصعِدًا إلى دبادبَ وخَرَجَ في البَرّ وسار منها ثمانيةَ أيام إلى عيذابَ في سَحْراءِ (2) البُجَاة، وهم نصارى سُودٌ، وأقام بها نحوَ ثمانيةٍ وعشرينَ يومًا، وقَطَعَ سَحْراءَها (¬2) في عشرينَ يومًا إلى قَنَا، وكان بهذه الرُّفقةِ في نحو سبعينَ رجُلًا، فلقِيَهم في تلك الصَّحراءِ قومٌ من النُّوبة دَخَلوها للغارة، فسَلَبوا الرُّفْقةَ، وسار من قَنَا إلى قُوصَ في يوم. وكان الملِكُ الكاملُ قد توَجَّه إلى دمشقَ وجِهاتِها ذلك العام يُحاولُ رَدَّ البلاد التي كانت لأخيه الأشرفِ إلى طاعتِه، فوافاهُ وهُو بالورادةِ من طريق دمشقَ ¬

_ (¬1) بياض في النسخ. (¬2) كذا بالسين.

الخَبَرُ بأنهُ وَصَلَ إلى الحجِّ وإلى دمشقَ رجُل مغرِبيٌّ فاضلٌ يُعرَفُ بالباجِيّ، وأثْنَوْا عليه خَيْرًا عندَه، وقد كان صاحبَ المدارس بمِصرَ أبو الخَطّاب عُمرُ بن حَسَن ابن دِحْيَّةَ المذكورُ قبلُ بموضعِه من هذا المجموع (¬1)، توفِّي سنةَ ثلاثٍ وثلاثينَ وست مئة، حسْبَما ذُكِر هنالك، فتَولَّى النظَرَ فيها مَنْ لا يَصلُحُ لها. ولمّا أُثني على أبي مَرْوان الباجِيِّ عندَ الملِك الكامل أراد صَرْفَ النظَرِ في المدارِس المِصْريّة إليه، فسأل عنهُ فأُخبِرَ أنه قد نَهَضَ إلى الحَجّ، فأمَرَ بالبحثِ عنه في جميع بلادِه وتلقِّي الرُّكْبانِ في شأنه والإحسانِ إليه وإفادِهِ (¬2) عليه، فطُيِّرتِ الحَمامُ من بلدٍ إلى بلدٍ في الوَصَاة به. فبَيْنا أبو مَرْوان قد قَدِمَ على قُوص، كما ذُكِرَ آنفًا، خَرَجَ إلى الرَّكْب قومٌ من قِبَلِ والي المدينة يسألونَ عنه حسْبَما أُمِروا به، فأُخبِروا بأنهُ في تلك القافلة، فاجتمَعوا به وساروا معَه إلى والي قُوص، وكان يُدعَى بابن زَغْبُوش، فألقَى إليه أمرَ الملِك الكامل في حقِّه وبالَغَ في إكرامِه والحِفايةِ به، ودَفَعَ له خمسينَ دينارًا مِصريّةً وأثوابًا من لِباس أهل تلك البلادِ فيها حرير، فأبَى أبو مَرْوانَ قَبُولَ شيءٍ من ذلك، وبعدَ لَأْيٍ ومُراجعةٍ طويلة قَبِلَ الدَّنانير على كراهة، ورَدَّ الأثوابَ وقَبَضَ تلك الدنانيرَ بعضُ خَدَمتِه وكان يُدعَى بابن مَذْكور؛ وسَمِعَه حينَئذٍ بعضُ خواصِّه، وهُو أبو الحَجّاج الأُبَّدِيُّ، وكان ممّن حَجَّ معَه، يدعو بدُعاءٍ قال فيه: اللهُمَّ اقبِضْني إليك قبلَ الاجتماع به. ثم سار من قُوصَ في النِّيل إلى إخمِيمَ إلى مُنْيَةِ ابن خَصِيب، ولها مسجدٌ جامعٌ حسَنٌ على شاطئ النّيل، فقال أبو مَرْوان: قد كنت سَمِعتُ بهذا الجامع، وأُريدُ الصّلاةَ به، فصار إليه، فإذا فيه جماعةٌ اجتَمَعوا لقراءةِ العلم، فصَلَّى به الظّهرَ والعصرَ والمغرِب، ولمّا هَمَّ بالانصرافِ تعرَّضَه بعضُ أولئك الحاضِرينَ ¬

_ (¬1) لم ترد ترجمته في باب "عمر" فهل في النسخ نقص؟ (¬2) كذا بدل "وإيفاده".

وقد سألوا عنه فأُخبِروا به فأقبَلوا إليه مُسلِّمينَ عليه وراغبينَ منهُ في مَبِيتِه عندَهم، فباتَ معَهم وانصَرَفَ من الغَدِ إلى السَّفينةِ وبه شَكَاةٌ، وسُئل عن غذائه عندَ أولئك الذين أضافوهُ فقال: ما كان إلا يسيرَ تمرٍ وعَسَل. وأقلَعَ من مُنْيَة ابن خَصِيب إلى مِصرَ، وقَطَعَ تلك المسافةَ في سبعة أيامٍ والشَّكاةُ متزيِّدة؛ ولمّا وَرَدَ مِصرَ أراد دُخولهَا في خُفْيةٍ حتّى لا يَشعُرَ به أحَد، فدَخَلَها وقتَ العشاء ونزَلَ منها بخانِ المَلّاحِين، وُيعرَفُ بخان ابن الرَّصّاص، ولم يَعلَمْ أحدٌ بوصُولِه، فأقام به ليلتَه تلك ويومَها، وتوفِّي في ثُلُثِ اللّيلة القابلة، وهَوَّنَ اللهُ عليه الموتَ وَيسَّرَه تيسيرًا عجيبًا؛ ولمّا أصبحَ ميِّتًا أقبَلَ جماعةٌ من الصُّلَحاءِ والزُّهّاد في طائفة كبيرةٍ من لفيفِ الناس مغَلِّسينَ يقرَعُونَ بابَ الخان ويقولونَ لقيِّمِه: افتَحْ لنا نُصَلِّ على الفقيه أبي مَرْوانَ الباجِيِّ المتوفَّى الليلةَ هنا؛ وكان ممّن حضَرَ ذلك الجَمْعَ رجُلٌ صالحٌ فاضلٌ من أهل العلم والدِّين يُدعَى بعِزِّ القُضاة ويُعرَفُ بابن الجَبَّاب، من بيتِ جَلالةٍ وعِلم بمِصرَ، فتوَجَّه معَ حفيدِ أخي أبي مَرْوانَ وبعضِ خَواصِّه إلى العادل ابن الملِك الكامل الذي استنابَهُ أبوه على مِصرَ، فوافَوْه بقَصْرِه من القَلْعة بالجَبَل المُقَطَّم المُطِلِّ على القاهرةِ ومصرَ، فأعلَمَه بوصُول الفقيه أبي مَرْوانَ، فسُرَّ به وسأل عنه فقيل: وَصَلَ بارحةَ أمس وتوفِّي اللّيلة، فتأسَّفَ لذلك، وأمَرَ بتجهيزِه، فقال له حفيدُ أخيه وأصحابُه: عنده جِهَازُه، فشُرِعَ في غُسْلِه وتكفينِه، وأُلقِيَ في النَّعْش، ورُمِيَ عليه كساءٌ أخضر، ولُفَّ بشَريطَتيْ غمّ طويلتَيْنٍ لَفًّا مُحكَمًا متقارِبًا حتّى كان بينَ الشَّريطَتيْنِ غِلَظُ إصبَع، وصلّى عليه جُمهورُ الناسِ بالخان. ولمّا فَرَغَ الغاسلُ منه وخَرَجَ بالرِّداءِ الذي غَسَّلَه فيه تعَلَّق الناسُ بذلك الرِّداء وغَلَبُوهُ عليه حتّى لم يَبْقَ بيدِه منه إلّا قَدْرُ ما أمسَكَ بأناملِه، والسَّعيدُ منهم مَن صار إليه منه قَدْرُ فَتِيلٍ لكثرةِ تَرامي الناسِ عليه، وكان منهم مَن رَغِبَ من الغاسِل في بَيْع ما بقِيَ عندَه من الرِّداء، فباعَهُ منه ولم يكنْ بَقِيَ عندَه منهُ إلّا يسير.

1299 - محمد بن أحمد بن عبد الملك بن عيسى اليحصبي

وحُمِلَ الفقيهُ على تلك الحالة وقتَ صَلاة العصرِ إلى المُصَلَّى بالشَّريعة، وسِيرَ به سَيْرًا حَثيثًا، فاستَبَقَ الناسُ إليه، فمنهم مَن يَرمي إليه عِمامتَه فإذا وصَلتْ إلى النَّعش وجَذَبَها اشتَركَ ناسٌ معه فيها فلا يبقَى لهُ منها إلّا قَدْرُ ما يُمسِكُ بيدِه، ومنهم من يُرسِلُ رداءَه فيَجري الحالُ فيه على ذلك، وصُلِّي عليه هنالك مرّة ثانيةً في جَمعْ عظيم، ثُم سِير به كذلك إلى مَدفِنةٍ بالقَرافةِ حيث قُبورُ الصّالحينَ والفُضَلاء، وإذا جماعةٌ كبيرةٌ من كُبَراءِ الناس وأعلامِهم ينتظرونَه هنالك، لم يكونوا صَلَّوْا عليه، فقالوا: لا بدَّ أن نُصلِّي عليه قبلَ دَفنِه، فصَلَّوْا عليه وهُو بشَفيرِ القَبْر مرّةً ثالثة، ووُريَ في قبرِه بمقبُرة الشُّهداءِ المنسوبة إلى سارِيَةَ، واختَطفَ الناسُ ترابَ قبرِه مرّةً ثم ثانيةً ثم ثالثة، وأقبَلَ عليهمُ اللَّيلُ وانفَصَلوا عنه، فلمّا كان من الغَدِ أصبح قبرُه مَبْنيًّا كأحسنِ ما يُبنَى من القبور، فتساءل الناسُ عمّن بناه، فلم يَجِدوا عنه مُخبِرًا، وجعَلَ حفيدُ أخيه وأصحابُه عندَ رأسِه تاريخًا. وكانت وفاتُه ليلةَ الجُمُعة الثامنةِ والعشرينَ من جُمادى الأولى من عام خمسةٍ وثلاثينَ وست مئة، ومولدُه بإشبيلِيَةَ سنةَ أربع وستينَ وخمس مئة. 1299 - محمدُ بنْ أحمدَ بن عبد الملِك بن عيسى اليَحصُبيّ. له إجازةٌ من أبي عُمرَ بن عبد البَرّ.

سلسلة التراجم الأندلسية الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة تأليف أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الملك الأنصاري الأوسي المراكشي (634 هـ - 704 هـ) حققة وعلق عليه الدكتور إحسان عباس الدكتور محمد بن شريفة الدكتور بشار عواد معروف [المجلد الرابع]

© دَار الغرب الإسلامي جَميع الْحُقُوق محَفوظَة الطبعة الأولى 2012 م دَار الغرب الإسلامي العنوان: ص. ب: 677، تونس: 1035 جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة. لَا يسمح بِإِعَادَة إصدار الْكتاب أَو تخزينه فِي نطاق استعادة المعلومات، أَو نَقله بِأَيّ شكل كَانَ، أَو بِوَاسِطَة وَسَائِل الكترونية، أَو كهروستاتية، أَو أشرطة ممغنطة، أَو وَسَائِل ميكانيكية، أَو الاستنساخ الفوتوغرافي، أَو التسجيل وَغَيره دون إِذن خطي من الناشر.

الذّيل وَالتّكملة لِكتَابي الْمَوْصُولِ والصِّلَةِ [4]

[تابع الميم]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ صَلّى اللهُ على سيِّدِنا ومولانا محمدٍ وعلى آلهِ وسَلَّم تسليمًا 1 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن عبد الملِك بن موسى بن عبد الملِك بن وَليد بن محمد بن وَليد بن مَرْوانَ بن عبد الملِك بن أبي جَمْرةَ محمدِ بن مَرْوانَ بن خَطّاب ابن عبد الجَبّار بن خَطّاب بن مَرْوانَ بنَ يَزيدَ مَوْلى مَرْوانَ بن الحَكَم الأُمَويُّ، مُرْسِيٌّ، أبو بكر، ابنُ أبي جَمْرة. وإلى جَدِّه عبد الجَبّار يُنسَبُ أحَدُ أبواب قُرطُبة، وجَدُّه عبدُ الملِك الأعلى ابنُ أبي جَمْرةَ كان قد سَمِعَ بالقَيْرَوانِ على سَحْنُونِ بن سَعِيد، ومن طريقِه بوَساطةِ آبائه على نَسَقِهم (¬2) أبًا فأبًا يَروي "المُدوَّنةَ" عن سَحْنُون، وهذا من جِلّةِ أسانيدِ المعالي. رَوى عن أبيه، وقريبِه أبي القاسم محمدِ بن هِشَام بن أحمدَ بن وليد -وفي وَليدٍ هذا، وهُو الأقربُ نَسَبًا، يجتمعُ معَه- وأبي بحرٍ سُفيانَ بن العاص، وأبوَي الحَسَن: ابن النِّعمة وابن هُذَيْل، وأبي عبد الله بن يوسُفَ بن سَعادةَ، وأبي عامرٍ محمد بن حَبِيب بن شرويَة، وأبي الفَضْل عِيَاض، وآباءِ محمد: ابن أبي جعفرٍ وعبدِ الحقِّ بن عَطِيّةَ وعاشِر، وأبي الوليد ابن الدَّباغ، سَمِعَ عليهم وأجازوا له إلّا ابنَ أبي جعفر. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن نقطة في الإكمال الإكمال 2/ 57، وابن الأبار في التكملة (1540)، والذهبي في المستملح (201)، وتاريخ الإسلام 12/ 1182، وسير أعلام النبلاء 21/ 398، والمشتبه (247)، والعبر 4/ 309، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 69، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 217، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 3/ 307، وابن العماد في الشذرات 4/ 327، ومخلوف في شجرة النور (162). (¬2) في م: "تمنعهم"، وهو تحريف.

وأجاز له من أهل الأندَلُس: أبو بكرٍ ابنُ العَرَبي، وأبو الحَسَن شُرَيْح، وأبو القاسم بنُ وَرْد، وأبو محمدٍ الرُّشَاطيُّ، وأبو الوليدِ بن رُشْد، ومن أهل المشرقِ: أبو الطاهِر السِّلَفيّ وأبو عبد الله المازَرِي. رَوى عنه قريبُه أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن عبد الملِك بن أبي جَمْرةَ، وآباءُ بكر: ابنُ غَلْبون وابنُ مُحرِز وابنُ مَشَلْيُون (¬1)، وأبو جعفر بنُ زكريَّا بن مَسْعود، وأبو الحَسَن بن عبد الصَّمد ابنُ الجَنّان، وأبو الرَّبيع بن سالم، وأبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله -وهو وأبو بكر بنُ مَشَلْيُونَ آخِرُ الرُّواةِ عنه- وأبو عَمْرٍو نَصْرُ بن بَشِير، وآباءُ محمد: ابن حَوْطِ الله وابن محمد الكَوّابُ وعبدُ الكبير. وكان من بيتِ عِلم وجَلالة، وتعيُّنٍ شهيرٍ وأصالة، فقيهًا حافظًا، فصيحَ اللِّسانِ أديبًا بليغًا حَسَنَ المُشارَكة، ذاكرًا للتواريخ محدِّثًا عاليَ الرِّواية، آخِرَ من حدَّثَ عن واحدٍ عن أبي عَمْرٍو ابن الصَّيْرَفيّ والسامعينَ على أبي محمد بن جعفر، وكان إذْ سَمِعَ عليه ابنَ سبعةِ أعوام أو نحوِها. واستُقضيَ ببلدِه مرَّتَيْنِ وببَلَنْسِيَةَ سنةَ أربعينَ وخمس مئة، وعُرِف بالعَدْل في أحكامِه والجَزالةِ في قضائه، وقد ظَهَرَ في روايتِه بأخَرةٍ اضطرابٌ مُسَّ من أجلِه وتُكُلِّمَ فيه بسببِه، واللهُ أعلم. ومن مصنَّفاتِه: "شَرْحُ صحيح مُسلم" و"إقليدُ التقليد" و"الإعلام في التعريفِ ببني أبي جَمْرةَ الأعلام" (¬2). مولدُه عَشِيَّ يوم الأربعاءِ لخمسٍ خَلَوْنَ من ربيعٍ الآخِر سنة ثمانِ عشْرةَ وخمس مئة، وتوفِّي بمُرْسِيَةَ غُدوةَ يوم السّبت آخِرِ يوم من المحرَّم، وقيل: في العَشْر الوُسَط من صَفَرِ (¬3) تسع وتسعينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) سيأتي ضبطه بالحروف في الترجمة (58) من هذا السفر. (¬2) عد له ابن الأبار أيضًا: "نتائج الأبكار ومناهج النظار في معاني الآثار"، و"الإنباء بأنباء بني خطاب". (¬3) هو قول أبي سليمان ابن حوط الله، وقال ابن الأبار إنه وهم.

2 - محمد بن أحمد بن عبد الملك الأنصاري، مالقي، أبو بكر، ابن الحرار

2 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الملكِ الأنصاريُّ، مالَقيٌّ، أبو بكر، ابن الحَرَّار. أجاز له المَشرِقيُّونَ المذكورونَ في رَسْم أبي الطاهِر أحمدَ بن عليّ. رَوى عنه أبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله. 3 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الملِك الجُذَاميُّ، أبو بكر. رَوى عن شُرَيْح. 4 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الوَدُود بن عبد الرحمن بن عليّ بن عبد الملِك بن إبراهيمَ بن عيسى بن صَالح الهِلَاليّ، مُنَكَّبيٌّ، أبو بكر. وَلَدُ القاضي الأديب أبي القاسم بن سَمَجُون. روى عن أبيه. روى عنه أبو عمرو بن سالم؛ وكان حاذقًا نبيلًا مبرّزًا في معرفة فرائض المواريث، عفيفًا فاضلًا. 5 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن عبد الوَدُود البَكْريُّ، مَيُورْقيّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي إسحاقَ بن شُعبةَ، وأبوَيْ عبد الله: الشّكاز وابن غَيْداء، وأبي محمد بن حَوْطِ الله. وكان فقيهًا مُشاوَرًا حافظًا من أهل الفَضْل والدِّين، ذا مُشاركةٍ في النَّحو وقَرْض الشِّعر، واستُقضيَ بَميُورْقَةَ قبلَ تغلُّبِ الرُّوم عليها بشهرٍ أو نحوِه -وكان دخولهُم إيّاها عَنْوةً يومَ الاثنينِ لأربعَ عشْرةَ خَلَت من صَفَرِ سبع وعشرينَ وست مئة- وفي مثلِ هذين: اليوم والشهر من عام تسعةٍ كانت وَقيعةُ العِقاب. 6 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن العاص، باجِيٌّ، أبو عبد الله الباجِيّ. رَوى عن أبي جعفرٍ ابن صاحِبِ الصّلاةِ، وأبي العبّاس بن خاطِبٍ وغيرهما. رَوى عنه أبو الحَسَن بنُ إسماعيلَ الحَصّار (¬3)؛ ورَوى المَلّاحيُّ عن محمد بن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1653)، والذهبي في المستملح (81)، وتاريخ الإسلام 13/ 842. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1468). (¬3) في م: "ابن الحصار".

7 - محمد بن أحمد بن عامر، سالمي، أبو عامر السالمي

أحمدَ بن أبي العاص اليابُرِيّ، ولعلّه هذا، وغَلِطَ (¬1) الملّاحيُّ في نسبتِه؛ وسيأتي ذكْرُ محمدِ بن أحمدَ بن محمد الأُمَيِّيِّ الباجِيِّ أبي عبد الله بن أبي العاص، فيُنظَرُ معَ هذا إن شاء الله. 7 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن عامر، سالِميٌّ، أبو عامرٍ السالميُّ. رَوى عن أبيه، وأبي جعفر بن مَسْعَدةَ، وأبي عبد الله بن أحمدَ بن سُليمانَ الأُورِيُوليّ ابن الصَّفّار. رَوى عنه أبو محمدٍ عبدُ المُنعِم ابن الفَرَس. وكان أديبًا فَصِيحًا تاريخيًّا حافظًا، وصنَّفَ في الحديثِ والآدابِ واللُّغة والتواريخ وعبارةِ الرُّؤيا كُتُبًا مُفيدة، منها: "دُرَرُ القلائد وغُرَرُ الفوائد في أخبار الأندَلُس وأمُرائها وطبقاتِ علمائها وشُعرائها" وقَفْتُ على السِّفرَيْن: الأوّلِ والثاني منه، وأراهُما ثُلُثَيْنِ بخطِّه، وقد كَتَبَ على ظهرِ الأولِ منهما بخطِّه ونَسَبَه لنفْسِه [الطويل]: كتبتُ وإنّي بالمَنيّةِ مُوقنٌ ... وإنّ كتابي بعدَ مَوْتي سيُنسَخُ وقد نَسَخَتْ كفِّي تواليفَ جَمّةً ... تعودُ معَ الأيام تَبلَى وتُنسَخُ سأَبلَى وأفنَى بالترابِ وإنّها ... لَتبقَى وإسرافيلُ في الصُّور يَنفُخُ فيا رَبِّ عفوًا عن يدٍ خطَّتِ الخَطا ... فقد يُخطئُ الإنسانُ في ما يؤرِّخُ وقال في صَدْر هذا الكتابِ: "ولم أزَلْ مُولَعًا بالتأليف، راغبًا في التصنيف، جعَلتُه هِجِّيرايَ، وقطعتُ به دُنياي، دونَ تقرُّبٍ به لرئيس، ولو سَمَحَ فيه بمالٍ نَفيس، فممّا ألّفتُهُ إلى انقراضِ دولة المُرابِطينَ في سنة تسع وثلاثينَ وخمس مئة: "كتابُ سِرَاج الإسلام ومنهاج السلام من مجرَّدِ كلام النبيِّ عليه السّلام"، ¬

_ (¬1) في م: "أو غلط". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1394)، والذهبي في المستملح (119)، وتاريخ الإسلام 12/ 161، والصفدي في الوافي 2/ 111، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 28.

وهُو سِفْران، و"كتابُ حِلية الكاتب وبُغْيةُ الطالب في الأمثالِ السائرة والأشعارِ النادرة"، و"كتابُ حِلية اللِّسان وبُغْيةُ الإنسان في الأوصافِ والتشبيهات والأشعار السائرات"، و"كتابُ طبقاتِ الشُّعراءِ الأعلام في الجاهليّة والإسلام" إلى هذا التاريخ مُرتَّبًا على حروف الهجاء، وهو أربعةُ أسفار، و"كتابُ بُستانِ الأنفُس في نَظْم أعيانِ الأندَلُس" إلى هذا التاريخ، وهو ثلاثةُ أسفار، و"كتابُ مِنهاج الكتاب" (¬1) أنشَأْتُ رسائلَه وبوَّبتُه على خمسةَ عشَرَ بابًا ورتَّبتُه على ثلاثةِ رُسوم: فَصلٌ إلى مَن هو فوقَك، وفَصلٌ إلى مَن هو مثلُك، وفَصلٌ إلى مَن هو دونَك، وضمَّنتُ كلَّ فصلٍ ثلاثَ رسائلَ عارَضْتُ به كتابَ الصاحبِ ابن عَبّاد في مثلِه. قال المُصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وَقَفْتُ على هذا الكتابِ، وهو نبيلُ المنزِع. رَجْعٌ: و"كتابُ بَهْجة وفَرْجة" على مثالِ "كليلةَ ودِمْنة" أنشَأتُه إنشاءً وجاء في هذا العصرِ مُستغرَبًا، و"كتابُ المُنتخَب من لُغاتِ العرَب" مُرَتَّبًا على حروفِ الهجاء، مَبْنيًّا أتقَنَ بناء، وهو سِفرانِ كبيران، و"كتابُ الاعتذار في القِصَص والأخبار، على نهايةِ التقريبِ والاختصار"، وهُو سِفْران، و"كتابُ تَذْكِرةِ الأزمان وتبصِرةُ الأذهان "جَمَعَ علومًا، وجَدَّدَ من الدّهرِ آثارًا ورُسومًا، وهُو سِفْران. و"كتابُ العِبارة" مُبوَّبًا على خمسينَ بابًا. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وقَفْتُ عليه في مجلَّدٍ وَسَط بخطِّه، وهُو جيِّدٌ في بابِه. رَجْع: و"كتابُ الأزهار في اختلافِ اللّيل والنّهار"، و"كتابُ الأسرار في التجارِب والأخبار"، و"كتابُ الشِّفاء في طبِّ الأدواء". انتهى تسطيرُ مصنَّفاتِه التي ذكَرَها في صَدْرِ كتابِه "دُرَر القلائد وغُرَر الفوائد" منقولًا من خطِّه كما ذكَرْتُه. وقد وقَفْتُ له في هذا الكتابِ على أغلاطٍ لُغَويّة وأوهام نَحْويّة وضروب من الخَلَل في الهجاءِ الخَطّي مصدرُ بعضِها -فيما أرى- الغَفْلة، ولا جوابً عن بعضِها إلّا الغَفْلةُ والجَرْيُ على المألوفِ من عبارةِ العوامّ. ¬

_ (¬1) توجد منه نسخة خطية في الخزانة العامة بالرباط.

8 - محمد بن أحمد بن عامر، مرباطري، أبو عبد الله

وممّا صَنَّفه بَعْدُ: "كتابه في الفتنةِ الكائنة على اللَّمْتُونيِّينَ بالأندَلُس سنةَ أربعينَ وما يليها قبلَها وبعدَها"، ومختصَرُه في كتاب سَمّاه "عِبرةَ العِبَر وعجائبَ القَدَر، في ذكْرِ الفِتن الأندَلُسيّةِ والعدويّةِ بعدَ فسادًا لدولةِ المُرابِطِيّة"، وقَفْتُ عليه بخطِّه، وصار إليّ في سَفْرتي إلى تِلِمْسينَ بفاسَ في جُمادى الأخرى تسعٍ وتسعينَ وست مئة (¬1). وتوفِّي سنةَ تسع وخمسينَ وخمس مئةٍ أو نحوِها. 8 - محمدُ بن أحمدَ بن عامر، مُرْبَاطَريّ، أبو عبد الله. له رحلةٌ إلى المشرِق أخَذَ فيها بالإسكندَريّة عن أبي الطاهِر السِّلَفيِّ وأبي عبد الله بن منصورٍ الحَضْرَمي. 9 - محمدُ بنُ أحمد بن عُتْبةَ العُقَيْليُّ، وادي آشيٌّ، أبو بكر. سَمِعَ القاضيَ أبا بكرٍ ابنَ العَرَبي وأجازَ له، وكان من بيتِ علم ونَباهة. 10 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن عُثمانَ القَيْسيُّ ثم النُّمَيْريّ، مَرَوِيُّ السُّكْنَى وادي آشيُّ الأصل، أبو عبد الله، ابنُ الحَدّاد. وأُمُّه أختُ القاضي أبي عُمرَ ابن الحَذّاء. رَوى عن خالِه أبي عُمرَ المذكور، رَوى عنه عبدُ الله بن عَوْف وأبو عبد الله بنُ أحمدَ بن سُليمان ابنُ الصَّفّار. وكان شاعرًا مُجِيدًا مُفلِقًا، مَفْخَرةً من مفاخرِ عصرِه، متصرِّفًا في فنون من العلم، متقدِّمًا في التعاليم والفلسفة، مُبرِّزًا في فكِّ المُعَمَّى لا يكادُ يُدرَكُ ¬

_ (¬1) في م: "تسع وست مئة" وليس بشيء. (¬2) ترجمه ابن خاقان في مطمح الأنفس (91)، وابن بسام في الذخيرة 1/ 528، والعماد في الخريدة 2/ 204 (قسم الأندلس)، والقفطي في المحمدون من الشعراء 1/ 106، وابن خلكان في وفيات الأعيان 5/ 41، وابن الأبار في التكملة (1137)، وابن سعيد في المغرب 2/ 143، والذهبي في المستملح (28)، وتاريخ الإسلام 10/ 587، وابن فضل الله في مسالك الأبصار 11/ 400، والصفدي في الوافي 2/ 86، وابن شاكر في فوات الوفيات 3/ 283، وابن الخطيب في الإحاطة 2/ 333 وغيرهم.

فيه شَأْوُه، وله مصنَّفاتٌ في العَروض لا نظيرَ لها نُبلًا وإفادةً، منها: "المُستَنْبَط في عِلم الأعاريضِ المهمَلةِ عندَ العرب مما تقتضيه الدوائرُ الأربعُ من الدوائر الخمسِ التي تنفَكُّ منها أشعارُ العرب"، ومنها: "قَيْدُ الأوابِد وصَيْدُ الشّوارِد في إيرادِ الشواذِّ والرَّدِّ على الشُّذّاذ"، ومنها: "الامتعاضُ للخليل"، وهو كتابٌ مَزَجَ فيه الأنحاءَ الموسيقيّةَ بصناعةِ العَروض يرُدُّ فيه على سَعِيد بن فَتْحُون السَّرَقُسْطيِّ المنبُوزِ بالحمار فيما تعَقَّبَه على الخليل وانفردَ به من أحكام العروض. وشعرُه كثيرٌ جيِّد مدوَّنٌ وقَفْتُ على نُسجةٍ منه في ثلاثةِ أسفارٍ ضَخْمة مُبَوَّبًا على حروفِ المعجَم، ومنه [الكامل]: واصلْ أخاكَ وإن أتَى بقَطيعةٍ ... فخُلوصُ شيءٍ قلَّما يُتَمَكَّنُ ولكلِّ حُسْنٍ آفةٌ موجودةٌ ... إن السِّراجَ على سَنَاهُ يُدَخِّنُ ومنه [المجتث]: الناسُ مِثلُ حَبَابٍ ... والدهرُ لُجَّةُ ماءِ فعالمٌ في طُفُوٍّ ... وعالمٌ في انطفاءِ قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: لم تَستعمِلِ العرَبُ "انفعل" مُطاوعَ "أفعل" إلّا شاذًّا، فقولُه: "انطفاء" لا يستقيمُ على مشهورِ كلام العرب، وقد قالوا: أطلَقْتُه فانطَلَقَ. وقدِ امتَدحَ طائفةً من ملوكِ الأندَلُس واختَصَّ بالمعتصِم أبي يحيى محمد بن مَعْن بن صُمَادِح وأكثَرَ منَ امتداحِه؛ وكان لأبي عبد الله هذا أخٌ فقَتَلَ رجُلًا، ونالَتْ أبا عبد الله بسببِه مُطالبةٌ أخفَى نفْسَه من أجلِها حينًا حتى قُبِض على أخيه واعتُقل، ففَصَلَ أبو عبد الله إلى مُرسِيَةَ ونَفَذَ منها إلى سَرَقُسْطة، فاحتَلّها يومَ السبتِ لثلاثَ عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من شعبانِ أحدٍ وستينَ وأربع مئة، فاغتَنَم وِفادتَه المُقتدرُ أحمدُ ابنُ المُستعين بن هُود، وقابَلَه منَ الإقبالِ عليه والتَّحَفِّي به بما لا كِفاءَ لهُ،

11 - محمد بن أحمد بن عثمان، بلنسي، أبو عامر البرياني -بضم الباء بواحدة وكسر الراء المشددة وياء مسفولة وألف ونون، منسوبا لولادته ببريانة

وأقام في كَنفِه مُدّةً وامتَدحَه وابنَه الحاجبَ المُؤتمِنَ، ثم فَصل عنه في جُمادى الأولى سنةَ أربعٍ وستينَ وأربع مئة، وعاد إلى المَرِيّة قاصِرًا أمداحَه على أميرِها المعتصِم، إلى أن توفِّي في حدودِ الثمانينَ وأربع مئة. 11 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن عُثمانَ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عامر البُرِّيانيُّ -بضمِّ الباءِ بواحدةٍ وكسرِ الراءِ المشدَّدة وياءٍ مسفولةٍ وألِفٍ ونُون، منسوبًا لولادتِه ببُرِّيَانةَ. صَحِبَ أبا محمد القَلنّيَّ وكان يحضُرُ مجلسَه كثيرًا، وكان من أترابِ أبي إسحاقَ الخَفَاجيِّ وأصحابِه المختَصِّينَ به. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ نابِل؛ وكان من عِلْيةِ الأُدباء وجِلّة الشُّعراء، ومن نَظْمِه: قولُه في الصَّنَم الذي بشاطِبة [البسيط]: بقيّةٌ من بقايا الرومِ معجبةٌ ... أَبدى البُناةُ بها من علمِهم حِكَما لم أدرِ ما أضمَروا فيها سوى أُممٍ ... تتابَعَتْ بعدُ سَمَّوْهُ لنا صَنَما كالمِبرَدِ الفردِ ما أخطا مُشَبِّهُهُ ... حقًّا لقد بَرَدَ الأيامَ والأُمما كأنه واعظٌ طال الوقوفُ بهِ ... ممّا يُحدِّثُ عن عادٍ وعن إرَمَا وانظُرْ إلى حَجَرٍ صَلْدٍ يكلِّمُنا ... أشجَى وأوعَظَ من قُسٍّ لمن فَهِما وقد أخبَرني بهذه القطعة إنشادًا منِّي عليه وبعضُها قراءةً شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْني رحمه اللهُ، قال: أخبَر في وأنشَدني الراوِيةُ المُحدِّثُ أبو القاسم القاسمُ ابنُ الطّيْلَسان، قال: أنشَدَني أبو عِمرانَ موسى بنُ عيسى بن خَلَف اللَّخْميُّ ابنُ الفَخّار، قال: أنشَدَني أبو عبد الله الفَخّارُ الرجُلُ الصّالحُ الغَرْناطيُّ، وأخبَرَني قال: اجتَمعَ جماعةٌ من الأدباءِ بشاطِبة، فيهم الأستاذُ ابنُ عثمان، فتوافَقُوا على أن يقولَ كلُّ واحدٍ منهم أبياتًا في وَصْف الصَّنَم الذي بها، وتأجَّلُوا في ذلك ليلةً، ¬

_ (¬1) ترجمه التجيبي في زاد المسافر 91، وابن الأبار في التكملة (1266)، والذهبي في المستملح (67)، وتاريخ الإسلام 11/ 651، والصفدي في الوافي 2/ 94، والمقري في نفح الطيب 4/ 116.

12 - محمد بن أحمد بن عصام، مرسي، أبو بكر، ابن اليتيم

فلمّا أصبَحوا أتَوا الأُستاذَ ابنَ عثمانَ فقالوا له: أنشِدْنا يا أستاذُ ما قلتَ، فأنشَدَهم هذه الأبياتَ، فلمّا سَمِعوها مَزَّقَ كلُّ واحدٍ منهم بطاقتَه وأقَرُّوا له بالسَّبْقِ والتقدُّم. وأسَنَّ وطال عُمُرُه. 12 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن عِصَام، مُرْسِيّ، أبو بكر، ابنُ اليتيم. رَوى عن أبي عبد الله بن عبد الرحيم ابن الفَرَس. رَوى عنه أبو بكر بنُ سُفيان. وكان فقيهَا فَهِمًا نَبيهَا أديبًا بليغًا مشكورَ الأحوالِ فاضلَ الخُلُق. توفِّي ببلدِه سنة ثلاثٍ وخمسينَ وخمس مئة. 13 - محمدُ بن أحمدَ بن عُصفُور. رَوى عن شُرَيْح. 14 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن عَطِيّةَ بن موسى بن عبد العزيز الأنصاريُّ، دانيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الخَطّاب بن واجِب، وأبي عُمرَ بن عاتٍ. وأجاز له أبو بكرٍ ابنُ أبي جَمْرةَ، وأبو القاسم بنُ حُبَيْش. ورَحَلَ إلى المشرِق ورَوى بمكّةَ، شرَّفَها اللهُ، عن أبي عبد الله بن أبي الصَّيْف، وبالإسكندَريّة عن أبي إسحاقَ بن عبد الله بن يعقوبَ البَلَنْسِيّ، وأبي الثّناءِ حَمّادٍ الحَرّانيِّ، وأبي الحَسَن ابن المُفضَّل، وأبوَيْ عبد الله: الحَضْرَميِّ والكِرْكِنْتيِّ، وأبي القاسم منصُور بن خَميسٍ الأندَلُسيِّ. وكتَبَ إليه أبوا الطاهر: الخُشُوعيُّ والمبارَكُ بن أبي المعالي، وأبو عبد الله السِّجْزِيُّ جُوبكار، وأبو الفَرَج عبدُ المُنعِم بن عبد الوهّاب بن كُلَيْب الحَرّاني وغيرُهم. وأطال التجوُّلَ هنالك، وكتَبَ على ضَعْفِ خطِّه. وعاد إلى بلده وحدَّثَ فيه بيسير، وغَمَزَه بعضُهم. وتوفِّي سنةَ ثلاثٍ وعشرينَ وست مئة أو نحوِها (¬3). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1370). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1644)، والذهبي في المستملح (274). (¬3) بهامش بـ: "أخذ عنه ابن مسدي وقال: إن مولده قبل الستين وخمس مئة".

15 - محمد بن أحمد بن عفيف

15 - محمدُ بن أحمدَ بن عَفِيف. سَمِعَ بالمَرِيّة على أبي علي بن سُكّرة. 16 - محمدُ بن أحمدَ بن عليّ بن أحمدُ بن عليِّ بن أحمدُ بن عبد الله بن جعفر. 17 - محمدُ بن أحمدَ بن عليّ بن خَلَف التُّجيبيُّ، إشبِيليٌّ. كان عاقدَا للشُّروطِ من بيتِ علم ونَباهة. 18 - محمدُ بن أحمدَ بن عليّ بن عيسى الحَجْرِيُّ، شَرِيشيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ سبعَ عشْرةَ وست مئة. 19 - محمدُ بن أحمدَ بن عليّ بن كَبِير -بالباءِ بواحِدة- البَهْرانيُّ المِقْداديُّ، إشبِيليّ، أبو عَمْرو. رَوى عن أبوَيْ بكرٍ: ابن خَيْر وابن الجَدّ، رَوى عنه ابنُه أبو محمدٍ عبدُ الله، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا. 20 - محمدُ بن أحمدَ بن عليّ بن محمد بن أبي خَلَف بن محمد القُرَشيُّ العَبْدَريُّ، بَلَنْسِيٌّ. كان حَسَنَ الخَطّ جيِّدَ الضّبط مختصًّا بالقاضي أبي محمد أحمدَ بن جعفرِ بن جَحّافٍ قاضي قُضاةِ الشَّرق، حيًّا في أواخرِ أربع وأربعينَ وخمس مئة. 21 - محمدُ بن أحمدَ بن عليّ بن محمد بن مَرَطَيْر، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله. كان متقدّمًا في معرفةِ التعاليم، أخَذَها عن أبي بكر بن إبراهيمَ بن سَعْد الخَيْر، من أبرَع أهل عصرِه خَطًّا وأتقنِهم بما يتَولّاه من انتساخ الكُتُبِ التعاليمية وإحكام تشكيلِها، لا يتقَدَّمُه في إتقانِ ذلك أحدٌ، معَ الصِّحة الموثوقِ بها في ذلك الشأن، حتى صارت كُتبه حُجّةً عندَ أربابِ ذلك الفنِّ يرجِعونَ إليها ويُعوِّلونَ عليها. 22 - محمدُ بن أحمدَ بن عليّ بن مَيْمونٍ المَخْزُوميُّ، بَلَنْسِيٌّ.

23 - محمد بن أحمد بن علي بن يحيى بن عون الله، بلنسي داني الأصل، ابن الحصار

23 - محمدُ بن أحمدَ بن عليّ بن يحيى بن عَوْنِ الله، بَلَنْسِيٌّ دانيُّ الأصل، ابنُ الحَصّار. رَوى عن أبيه أبي جعفرٍ، وأبي العطاء وَهْب بن نَذِير. 24 - محمدُ بن أحمدَ بن عليّ التُّجِيبيُّ، إلْشِيّ نَزلَ أُورِيُولةَ، أبو عبد الله الرباط. سيأتي محمدُ بن عليّ بن محمد أبو عبد الله الرّباط، ولعلّه هذا. رَوى عن أبي عبد الله بن موسى ابن البادي، تَلا عليه أبو بكرٍ ابنُ المُرابِط سنةَ تسعينَ وخمس مئة، وكان مُقرِئًا جليلًا زاهدًا فاضلًا. 25 - محمدُ بن أحمدَ بن عليّ، قُرطُبيٌّ، أبو بكر الباغائيُّ. رَوى عن أبيه صَغيرًا، وكان كثيرَ الحِفظ واسعَ المعرِفة مُقرِئًا، أَمَّ في الفريضة بجامع قُرطُبةَ الأعظم وأقرَأَ به، وتوفِّي في شعبانِ سبعينَ وأربع مئة. 26 - محمدُ بن أحمدَ بن عليّ الرُّعَيْنيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله بن أيّوبَ بن نُوح بمالَقةَ. 27 - محمدُ بن أحمدَ بن عليّ العَبْدريُّ، أُندِيٌّ. رَوى عن أبي العبّاس العُذْريِّ، وأبي الوليد الباجِيّ. 28 - محمدُ بن أحمدَ بن عليّ المَذْحِجيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحَسَن بن أحمدَ بن عُمرَ الوادي آشيِّ، وأبي عليّ بن سَمْعانَ. 29 - محمدُ بن أحمدَ بن عليّ، شاطِبيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله بن مُغاوِر. 30 - محمدُ بن أحمدَ بن عليّ، قُرطُبيٌّ، الفِرِّيشيُّ، والدُ الراوِية أبي عبد الله. رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال.

31 - محمد بن أحمد بن علي، أبو عبد الله، ابن الخازن

31 - محمدُ بن أحمدَ بن عليّ، أبو عبد الله، ابنُ الخازِن. رَوى عن أبي عَمْرو بن سالم، ولعلّه الرُّعَيْنيُّ الذي قبلَه. 32 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن عَّمارٍ التُّجِيبيُّ، لارِديٌّ، أبو بكرٍ وأبو عبد الله. تَلا على أبي عبد الله بن بَقَاء، ورَحَلَ إلى بَلَنْسِيَةَ إثْرَ استرجاعِها من الرّوم في منتصَفِ رجَبِ خمسٍ وتسعينَ وأربع مئة في شوّالٍ منها وهو ابنُ ثمانِ عشْرةَ سنةً، فلقِيَ أبا داودَ الِهشَاميَّ في كَبْرةٍ من سِنِّه، وأخَذَ عنه السبعَ في خَتْمةٍ واحدة وبعضَ تصانيفِ أبي عَمْرٍو وأجاز له، وعاد إلى بلدِه وتصَدَّر للإقراءِ به، ثم رَحَلَ إلى مُرْسِيَةَ صدرَ رجَبِ سبع وتسعينَ، فسَمِعَ من أبي عليّ بن سُكّرةَ وأقرَأَ بها القرآنَ أيضًا؛ ثم تحوَّلَ آخِرَ ثلاثٍ وخمس مئة إلى أُورُيولةَ وخَطبَ بجامعِها، واستَمرَّ إقراؤ بها إلى حينِ وفاتِه. رَوى عنه أبو الحَسَن بن محمد بن زكريّا، وأبَوا عبد الله: ابن مُعْطٍ والمِكْنَاسِيُّ، وأبو عَمْرٍو زيادٌ ابنُ الصَّفّار، وأبو القاسم بنُ فَتْحُون. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا متقدّمًا في النَّحوِ مُشارِكًا في فنونٍ من العلم، وصنَّفَ في القراءاتِ وغيرِها، ومن مصنَّفاتِه: "رَوْضةُ المدارِس وبَهْجةُ المجالس". مَولدُه في رَمَضانِ سبعٍ وسبعينَ وأربع مئة، وتوفِّي لأربعٍ بقِينَ من رَمَضان تسعَ عشْرةَ وخمس مئة. 33 - محمدُ بن أحمدَ بن عُمرَ بن إبراهيمَ بن عشَرةَ التُّجِيبيُّ، بَلَنْسِيٌّ. رَوى عن أبي الحَسَن بن خِيَرةَ وأبي الرّبيع بن سالم. 34 - محمدُ بن أحمدَ بن عُمرَ البَلَويُّ، طَرْطُوشيٌّ سالِميُّ الأصل، أبو عَمْرٍو السّالِميّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1216)، وفي معجم أصحاب الصدفي (92)، والذهبي في المستملح (49)، وتاريخ الإسلام 11/ 304، والصفدي في الوافي 2/ 93، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 76، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 220.

35 - محمد بن أحمد بن عمر، قرطبي، أبو عبد الله الصابوني

رَوى عن أبيه. رَوى عنه أبو القاسم ابنُ البَرّاق، وأبو محمد عبدُ المُنعِم ابن الفَرَس. وكان متفنِّنًا في المعارِف، مائلًا إلى الآداب، حافظًا للتواريخ ذا حظٍّ من قَرْضِ الشِّعر، وكتَبَ عن الأميرِ محمد بن سَعْد في إمارته، وقد تقَدَّم ذكْرُ محمد بن أحمدَ بن عامِر أبي عامر السّالِميّ، ولعلّهُ هذا فيُحقَّقُ إن شاء الله. 35 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن عُمرَ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله الصّابُونيُّ. تَلا على أبي يحيى عَمْرُوس، وتفَقَّه بأبي بكرٍ محمد بن عُبَيد الله المُعَيْطِي، وكان فقيهًا، حَكَى عنه ابنُ عَفِيف. 36 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن عِمرانَ بن عبد الرحمن بن محمدِ بن عِمرانَ بن نُمَارةَ الحَجَريّ -بفَتْح الجيم، من ذُرِّية أَوْس بن حَجَر التَّمِيميِّ شاعرِها في الجاهلية- بَلَنْسِيٌّ، أبو بكر، ابنُ نُمارةَ، بضمِّ النون. نقَلَه أبوه سنةَ سبعٍ وثمانينَ وأربع مئة من بَلَنْسِيَة لتغلُّبِ الرُّوم عليها تلك السنةَ وهو صغيرٌ إلى المَرِيّة فنَشَأ بها. تَلا بقُرطُبةَ على أبي القاسم ابن النَّخّاس وعليه اعتمادُه، ولم يَذكُرْ أنه أجازَ لهُ؛ وبالمَرِيّة على أبي الحَسَن بن محمد الجُذَاميِّ البُرْجِيِّ، وأبي عبد الله بن الحَسَن البَلَغييِّ، وسَمِعَ منه. وسَمِعَ الحديثَ على أبي بحرٍ سُفيانَ بن العاص، وأبي الحَسَن عَبّاد بن سِرْحانَ، وأبي عليّ وأبي محمدٍ عبد القادرِ الصَّدَفِيَّيْنِ، وأبي القاسم ابن العَرَبي، وتفَقَّه بأبي القاسم خَلَف بن خَلَف بن الأنقَر، وتأدَّبَ بأبي محمد ابن السِّيْد، وأجازوا كلُّهم له. ولقِيَ بمُرْسِيَةَ أبا محمد بنُ أبي جعفر، وحَكَى عنه، وصَحِبَ أبا العبّاس ابنَ العَرِيف. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1056). (¬2) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (37)، وابن الأبار في التكملة (1047)، وفي معجم أصحاب الصدفي (157)، والذهبي في المستملح (127)، وتاريخ الإسلام 12/ 305، ومعرفة القراء 2/ 528، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 78، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 220.

37 - محمد بن أحمد بن عميثل الأنصاري، أبو عبد الله

وأجاز له أبَوا بكر: عُمرُ بن أحمد ابن الفَصِيح وغالبُ بن عَطِيّة، وأبو الحَسَن شُرَيح، وأبو عبد الله أحمدُ الخَوْلانيّ، وأبو محمد بن عَتّاب، وكانت عَودتُه إلى بَلَنْسِيَةَ من رحلتِه إلى قُرطُبة سنةَ ثمانٍ وخمس مئة. رَوى عنه أبو الحَسَن بن هِشام اللُّورْقيُّ، وأبو الخَطّاب بن واجِب، وآباءُ عبد الله: ابن عبد الحقّ التِّلِمْسينيُّ وابن مَشَلْيُون وابن يَعيشَ، وأبو عُمرَ بن عاتٍ، وأبو القاسم ابنُ البَرّاق. وكان من أهل الإتقان في تجويد القرآن، تصَدَّرَ لذلك بأخَرةٍ، وهُو كان الغالبَ عليه، معَ تمام العناية بشأنِ الرِّواية وحِفظ المسائل والإشرافِ على الخلاف والاعتناءِ بالآثار والبصَرِ بالآداب والأخبار. عُني بلقاءِ الشّيوخ والأخْذِ عنهم كثيرًا، إلى النَّزاهة والتواضُع معَ الَنَّباهة في بلدِه والوَجَاهة؛ وكان أبو الحَسَن بنُ هُذَيْل يُثني عليه ويصِفُه بالانقباضِ عن خِدمة السُّلطان، على كثرةِ مالِه وسَعة حالِه، وامتُحِن بالسَّجن سنةَ ثلاث وثلاثين، وكتَبَ هنالك "شَرْحَ مقدِّمة ابن بابْ شَاذ" وكَتَبَ لهُ "المقدمة" به. وكان آخِرَ من أسنَدَ القراءاتِ عن ابن النَّخّاس تلاوةً. مولدُ ببَلَنْسِيَةَ يومَ الأربعاء يومَ عاشُوراءِ أربعٍ وثمانينَ وأربع مئة، وتوفِّي يومَ الاثنين إمّا لثلاثَ عشْرةَ بقيت أو لاثنتَيْ عشْرةَ بقِيت أو ستٍّ بقِينَ من شعبانِ ثلاثٍ وستينَ وخمسِ مئة، وصَلّى عليه أبو الحَسَن ابنُ النِّعمة، ودُفن غُدوةَ يوم الثلاثاء، وكانت جَنازتُه مشهودة. 37 - محمدُ بن أحمدَ بن عُمَيْثِل الأنصاريُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عليّ الصدَفي (¬1)، ورَحَلَ إلى المشرِق قديمًا، وحَجَّ قبلَ أخْذِه عن الصَّدَفي، ثم رَحَلَ رحلةً أخرى سنةَ سبع وعشرينَ وخمس مئة، وأخَذ عن أبي الطاهر السِّلَفيّ، وكان حيًّا سنةَ ثمانٍ وأربعينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) لم يذكره ابن الأبار في المعجم الذي ألفه في أصحاب الصدفي.

38 - محمد بن أحمد بن عيسى بن إبراهيم بن مزاحم، سرقسطي، أبو حاتم

38 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن عيسى بن إبراهيمَ بن مُزاحِم، سَرَقُسْطيٌّ، أبو حاتم. كان فقيهًا حافظًا نَزِهًا زاهدًا، توفِّي ببَلَنْسِيَةَ عصرَ يوم الخميس لثلاثَ عشْرةَ ليلةً خَلَت من رجبِ ثلاثٍ وثلاثينَ وخمس مئة. 39 - محمدُ بن أحمدَ بن عيسى بن جُنَادة. 40 - محمدُ بن أحمدَ بن عيسى بن محمد بن عيسى بن إسماعيلَ بن عيسى بن إسماعيلَ بن عيسى بن عبد الرحمن بن حَجّاج اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ، سكَنَ بأخَرةٍ مَرّاكُش، أبو بكر. رَوى عن أبيه أبي الوليد، وأبي بكر محمد بن يوسُف أبي العافية، وأبَوَي الحَسَن: الدَّبّاج وابن قَطْرَال، وأبي زَيْد بن عليّ المنستيريِّ، وأبي العبّاس بن هارُون، وأبي علي ابن الشَّلَوْبِين، وأبي عَمْرٍو طاهر وأبي يحيى أبي بكر بن هشام، وروايتُه عن أكثرِهم بالإجازة. رَوى عنه صِهرُه علي بنتِه زَيْنبَ أبو عُبَيدةَ محمدُ بن أبي القاسم محمد بن فَرْقَد، وأبو عبد الله بنُ أحمدَ الشِّلْبِيّ. وكان شديدَ العناية بالعِلم صادقَ الكَلَف به والرّغبة فيه مُقرِّبًا لأهلِه، نَفّاعًا بجاهِه ومالِه، سَمْحًا جَوادًا مُحسِنًا، جَمّاعةً للكُتُب عاكفًا على المُطالعة والتقييد، نبيلَ المآخِذ العلميّة، مُشارِكًا في فنونٍ من العلم، متواضِعًا ذكيًّا، ذا حَظٍّ من الأدبِ وقَرْض الشِّعر، مُوفَّقًا في تصانيفِه في فنونٍ من المعارِف السَّنِيّة، فَخَرَ بيتَه على كثرة عَدَدِه وقلّةِ المشكورِ فيه، فمِن مصنَّفاتِه: كتابٌ كبير جَمَعَ فيه رجالَ الكُتُب السِّتة: البخاريّ ومسلم وأبي داودَ والنَّسَويّ والترمذيّ وابنِ ماجة، مَعرِّفًا أحوالَهم وتواريخَهم وما ينبغي أن يُذكَروا به، فجاء من أعظم ما أُلِّف في بابِه جدوى، وأغزَرِه فوائدَ على اختصارِه النّبيل، يكونُ في خمسةِ أسفارٍ متوسِّطة، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1265).

41 - محمد بن أحمد بن عيسى بن هلال، قرطبي، ابن القطان

ومنها: "تكميلُ الشيوخ النَّبَل" لإبن عساكر في سِفرٍ وَسَط، ومنها: "المنهَجُ الأقوَم في فضل الصلاةِ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - "، ومقالةٌ سَمّاها "خبيئةَ الصّدر في تعيينِ ليلةِ القَدْر"، وأخرى سَمّاها [....] في معنى قولِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "قل هو الله أحد تَعدِلُ ثُلُثَ القرآن"، ومقالةٌ سَمّاها "تنبيهَ الأنام على فضلِ مَن شابَ شَيْبةً في الإسلام"، وأرجُوزةٌ في معجِزات النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَمّاها "كتابَ نَظْم الدُّرَر السَّنِيّة في معجِزاتِ سيِّد البَرِيّة"، وشَرَحَها في سِفر ضَخْم في حجم "الموطَّإ" أو نحوِه؛ إلى غيرِ ذلك من المقالاتِ والفوائد التي كان يَعمُرُ بالنظرِ في جمعِها أوقاتَ خَلَواتِه. وكتَبَ بخطِّه البارع الأنيق كثيرًا، واستقضاهُ المعتضِدُ من بني عبد المُؤمن بعدَ أبي إسحاقَ المَكّادِيِّ، ثم المُرتفَى بعدَ أبي عبد الله محمد بن يحيى الخَطيب، وعُرِف في الكَرَّتَيْنِ بالعَدْل والنَّزاهة والصَّرامةِ في تنفيذ الأحكام وإنصافِ المظلوم من الظالم، وخَطَبَ بالجامع الأعظم الأعلى مُدّةَ قضائه الأخيرة، إلى أن توفِّي يومَ الثلاثاء لعَشْر بقِينَ من شعبانِ سنة أربع وخمسينَ وست مئة، وصَلّى عليه بالمُصلَّى على الجنائز في جَوْفي خارج الجامع المذكورِ القاضي بعدَه الفاضلُ أبو محمد عبدُ الواحد بن مخلوف بن موسى الهزميريُّ المَشّاط، وحَضَرتُ جَنازتَه والصّلاةَ عليه في خَلْقٍ لا يُحصَوْنَ كثرةً، واحتُمِلَ إلى مَدفِنِه بدُوَيْرةٍ كان قد اتّخَذَها للتفرُّغ فيها معَ من يَغْشاه من أكابرِ أهل العِلم ونُبهائهم للنظر في العلم وأسبابِه والمُذاكرة فيه ومقابلة ما يُنسَخُ أو يُستنسَخ، وهي بحَوْمة المَرْج بمقرُبة من باب تاغزوت داخلَ البلد، وقد كان دُفن في مجلسِها الذي كان يَجتمعُ فيه مع أهل العِلم جماعةٌ من كُبَراءِ أهل العلم، منهم: شيخُنا أبو محمد العِراقيُّ وأبو زكريّا بن عليّ المعروفُ بابن راحِل، وفي ذلك المجلِس دُفن بعدَهم ومعَهم، رحمةُ الله عليهم أجمعين. 41 - محمدُ بن أحمدَ بن عيسى بن هلال، قُرطُبيٌّ، ابنُ القَطّان. وهو وَلَدُ أبي عُمرَ ابن القَطّانِ الفقيه، توفِّي ودُفن يومَ الجُمُعة لتسع بقِينَ من شعبانِ أربع وتسعينَ وأربع مئة.

42 - محمد بن أحمد بن عيسى التجيبي، قرطبي، أبو يحيى، ابن الحاج

42 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن عيسى التُّجيبيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو يحيى، ابنُ الحاجّ. رَوى عن الحاجِّ أبي بكرٍ ابن (¬2) العَرَبيِّ، وأبي جعفر بن يحيى، وأبي عبد الله ابن الشَّرّاط، وأبي القاسم بن بَقِيّ، وأبي محمد بن حَوْطِ الله؛ وكان من بيتِ جَلالة ونَباهة وعِلم، ذا حظّ صَالح من الفقه وبَراعةِ الأدب، استَقضاهُ بسَبْتَةَ أبو علي ابنُ خلاص حينَ رأَسَ بها. وتوفِّي سنةَ ثمانٍ أو تسع وأربعينَ وست مئة. 43 - محمدُ بن أحمدَ بن عَيْسُون -بفَتْح العَيْن الغُفْل وإسكان الياءِ المسكونة وضمِّ السِّين الغُفْل وواوٍ ونون- المَعافِريّ، أبو عبد الله. رَوى عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبي. 44 - محمدُ (¬3) بن أحمدَ بن غالبِ بن خَلَف بن محمد بن عبد الله التُّجِيبيّ، بَلَنْسِيّ، أبو عبد الله البَقَسَّانيّ (¬4)، بفَتْح الباءِ بواحدة والقاف وتشديد السِّين الغُفْل وألِف ونونٍ منسوبًا. وهُو والدُ أبي العرَب عبد الوهّاب. صَحِبَ أبا محمد القَلَنِّيَّ، وكان بارِعًا في الحِساب وفرائض المواريث ذا مشاركةٍ في الطبِّ. وتوفِّي في نحوِ الثلاثينَ وخمس مئة. 45 - محمدُ بن أحمدَ بن فَرَج اللَّيْثيُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ اثنتينِ وأربع مئة. 46 - محمدُ (¬5) بن أحمدَ بن فِرْناس -بكسر الفاءِ وإسكان الراء ونُون وألِف وسِين غُفْل- غَرْناطيٌّ، وقيل: مَرَوِيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبوَي عبد الله: الحَمْزيّ وابن المُرابِط، وأبي العبّاس العُذْريِّ، وأجازَ له أبو الوليد الباجِي. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1076)، والذهبي في المستملح (323). (¬2) بعد هذه الكلمة وقع خرم في النسخة، واعتمدنا في النص على م وحدها. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1249). (¬4) نسبة إلى قرية بغربي بلنسية. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1204)، والذهبي في المستملح (44)، وتاريخ الإسلام 11/ 279.

47 - محمد بن أحمد بن فطيس، غرناطي

رَوى [عنه] أبو بحرٍ يوسُفُ بن أحمدَ بن أبي عَيْشُون، وأبو جعفرٍ ابن الباذِش، وأبو العتاس ابن البَراذِعيّ؛ وكان مجوِّدًا للقرآنِ العظيم عارِفًا بآدابِه جيِّد القيام على قراءتِه، ذا مشاركة في النَّحو وفَهْمٍ وحُسن تصرُّف. توفِّي بالمَرِيّة سنةَ أربعَ عشْرةَ، وقيل: سبعَ عشْرةَ، وخمس مئة، وهو لِدَةُ أبي الحَسَن ابن الباذِش، ووُلد أبو الحَسَن سنةَ أربعٍ وأربعينَ وأربع مئة. 47 - محمدُ بن أحمدَ بن فُطَيْس، غَرْناطيٌّ. رَوى عن شُرَيْح، وأبي محمد شُعَيْب بن عيسى، وأبي القاسم أحمدَ بن محمد ابن بَقِي. 48 - محمدُ بن أحمدَ بن فَوْز، مولى أميرِ المؤمنين، أبو عبد الله. أجازَ له أبو عَمْرو ابنُ الصَّيرَفي، حدَّث عنه بالإجازة أبو بكرٍ عبدُ الكريم بن غُلَيْب أبو عبد الله؛ رَوى عن أبي محمد بن سَعْدون. 49 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن قاسم بن الوليد الكَلْبيُّ، أبو الأصبَغ. رَوى عنه أبو عبد الله بن عبد السّلام. 50 - محمدُ بن أحمدَ بن قاسم الأُمَويُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ تسعٍ وعشرينَ وأربع مئة. 51 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن أحمدَ بن محمدِ بن أحمدَ بن عبد الله بن رُشْد، قُرطُبيٌّ، أبو الوليد، الحفيدُ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1060). (¬2) ترجمته مشهورة وسيرته مذكورة، وألف الكثير من الباحثين في سيرته، منها كتاب الدكتور محمد بن شريفة: "ابن رشد الحفيد - سيرة وثائقية". وترجمه الضبي في بغية الملتمس (39)، والمنذري في التكملة 1 /الترجمة 469، وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء 530 (ط. الحياة)، وابن الأبار في التكملة (1523)، وابن سعيد في المغرب 1/ 104، والذهبي في المستملح (190)، وتاريخ الإسلام 12/ 1039، وسير أعلام النبلاء 21/ 307، والعبر 4/ 287، والصفدي في الوافي 2/ 114، وابن فرحون في الديباج 2/ 257، والنباهي في المرقبة العليا (111)، وابن تغري بردي في النجوم 6/ 154، وابن العماد في الشذرات 4/ 320 وغيرهم.

حدَّث عن أبوَي القاسم: أبيه وابن بَشْكُوال، وأبي جعفر بن عبد العزيز، وأبي الفَضْل عِيَاض، وأبي مَرْوان بن مسَرَّةَ. وأخَذ العربيّةَ عن أبي بكر بن سَمْحُون، والطبَّ عن أبي مَرْوان بن جريول البَلَنْسِيّ، ولقِيَ جماعةً وافرةً من أهل العلم أخَذَ عنهم؛ وأجاز له أبو عبد الله المازَرِيّ. رَوى عنه أبو بكر بن جَهْوَر، وأبو الحَسَن سَهْلُ بن مالك، وأبو الرّبيع بن سالم، وأبو عامر بن نَذير، وآباءُ القاسم: عبدُ الرحيم بن إبراهيمَ ابن الفَرَس وابنُ عيسى ابن المَلْجوم والقاسمُ ابنُ الطَّيْلَسان ومحمد بن محمد بن عبد الرحمن ابن الحاجِّ، وأبو محمد عبدُ الكبير. وكان متقدِّمًا في علوم الفلسفة والطبِّ منسوبًا إلى البراعةِ فيها وإدامةِ الفِكر وتدقيقِ النظر في معانيها، ذا حظّ وافر من علوم اللِّسان العَرَبي، كثيرَ الإنشاد لشواهدِ شِعْرَيْ حَبِيبٍ والمتنبِّي، والإيرادِ للحكاياتِ والأخبار؛ تنشيطًا لطَلَبة العلم بمجلسِه؛ واستُقضيَ بإشبِيليَةَ ثم بقُرطُبةَ فنظَرَ حينَئذٍ في الفقه وصنَّفَ فيه كتابَه المسَمَّى "بدايةَ المجتهد وكفايةَ المُقتصِد"، ونقَلتُ من خطِّ التأريخيِّ المُقيِّدِ المُفيد أبي العبّاس بن عليّ بن هارونَ ما نصُّه: أخبَرَني أبو عبد الله محمدُ بن أبي الحُسَين بن زَرْقُون: أن القاضيَ أبا الوليد بنَ رُشد استعار منه كتابًا مُضَمَّنُهُ أسبابُ الخلاف الواقع بينَ أئمة الأمصار، من وَضْع بعض فُقهاء خُراسان، فلم يُردَّهُ إليه وزاد فيه شيئًا من كلام الإمامَيْنِ أبي عُمرَ بن عبد البَرّ وأبي محمد بن حَزْم ونسَبَه إلى نفسِه، وهو الكتابُ المسَمَّى ببداية المجتهِد ونهاية المُقتصِد؛ قال أبو العبّاس ابنُ هارون: والرجُلُ غيرُ معروفٍ بالفقه وإن كان مقدَّمًا في غير ذلك من المعارِف. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: ومن مصنَّفاتِه سوى ما ذُكِر: "المسائِلُ الطِّبِّيّة"، "مناهجُ الأدِلّة في أصولِ الدّين"، "فَصْلُ المقال في بيانِ ما بينَ الشريعةِ والحِكمة من الاتّصال"، "مختصَرُ المُستصفَى"، "شرحُ العقيدة الحُمْرانيّة"، "مقالةٌ في الجَمْع بينَ اعتقادِ المشّائينَ والمتكلّمينَ من عُلماءِ الإسلام"، "مقالةٌ في كيفيّةِ

وجودِ العالَم في القِدَمِ والحدوث"، "مقالةٌ في الكلمة والاسم المشتَقّ"، "مقالةٌ في أنّ اللهَ تعالى يعلَمُ الجُزْئيّات"، "مقالةٌ في الوجودِ السَّرمَديّ والوجودِ الرَّبّاني"، "مقالةٌ في كيفيّة دخولِه في الأمر العزيز وتعلُّمِه فيه وما فَضَلَ من عِلم المَهْدي"، "الرّدُّ على الغَزّاليِّ في تهافتِ الفلاسفة"، "كيف يُدعَى الأصم إلى الدخولِ في الإسلام"، "الضّروريُّ في النَّحو"، "الجوامعُ في الفلسفة"، "الضّروريُّ في المنطِق"، "تلخيصٌ في السَّمَاع الطّبيعي" و"في السماءِ والعالَم" و"في الكونِ والفساد" و"في الآثارِ العُلْويّة" و"في كتاب النفْس" و"في المقالةِ الحاديةَ عشْرةَ من كتابِ الحَيَوان لأرسطاطاليس" -وذلكَ تسعُ مقالات- و"في الحسّ والمحسوس" و"في ما بعدَ الطّبيعة" و"في كتاب الأخلاط" و"في كتاب نيقلاوس" و"في شرح أبي نَصْر، المقالة الأولى من القياس للحكيم" و"في مدخلَ فرفوريوس" و"في كتاب أرسطاطاليسَ في المنطِق"، "جوامعُ سياسةِ أفلاطُون"، "مختصَرُ المجسطي"، "ما يُحتاجُ إليه من كتاب إقليدِس"، "في المجسطي"، "شرحُ السماءِ والعالَم"، "شرح السَّمَاع الطّبيعي"، "شرحُ كتاب النفْس"، "شرح كتاب البُرهان للحكيم"، "شرحُ ما بعدَ الطّبيعة"، "الكُلِّيّات في الطّبّ"، "مقالة في التِّريَاق"، "شرح أرجُوزةِ ابن سِينا الطِّبّية" له، و"في العِلَل والأعراض" له، و"في الأعضاءِ الآلِمة" له، و"في الحِمْيَات" له، و"في المقالاتِ الخمس من الأدويةِ المفرَدة" له، و"في المقالاتِ التِّسع من حِيلة البُرءِ" له، "شرح اتّصال العقل بالأسباب لأبي بكرٍ ابن الصائغ"، "شرح مقالة الإسكندَر في العَقْل"، "مقالةٌ على أوّلِ مَقُولةِ أبي نَصْر"، "مقالةٌ على قولِ أبي نَصْر للمدخَل والجِنس والفَصْل"، "مقالةٌ في الجِرْم السَّماوي"، مقالةٌ أخرى فيه"، "مقالة أخرى فيه"، "مقالةٌ في المَقُولِ على الكُلّ"، "مقالةٌ في عِلم النفْس"، "مقالةٌ أخرى فيه"، "مقالةٌ في المِزاج المعتدِل"، "مقالةٌ في مسألة من العِلَل والأعراض"، "مقالة في لزوم النتائج للمقايِس المختلِطة"، "مقالةٌ في المقدِّمة المطلَقة"، "مقالةٌ في المقايِس الشَّرْطيّة"، "تعليقٌ على بُرهانِ الحكيم"، "مقالةٌ على مسألةٍ من السّماءِ والعالَم"، "تعاليقُ على المقالةِ السابِعة والثامنة من السَّمَاع"،

"مقالةٌ له في الحَيَوان"، "مقالةٌ في البُزُورِ (¬1) والزُّروع"، "مقالةٌ في جوهرِ الفَلَك"، "مقالةٌ في المحرِّك الأوّل"، "مقالةٌ في حركة الجِرْم السَّماوي"، "مقالةٌ أخرى فيها"، "تعاليقُ على أوّل كتابِ أبي نَصْر"، "أخرى على أوّل بُرهانِ (¬2) أبي نَصْر"، "مقالةٌ في المسائل البُرهانية"، "تعاليقُ على كتاب النفْس"، "مقالةٌ في نَوْبةِ الحُمّى الثابتةِ بأدوار"، إلى غيرِ ذلك من التعاليق والمسائلِ المبثوثة. وكان حَسنَ الخُلُق جميلَ المُداراة فصيحَ العبارة وَجَّادًا للكلام في المجالس السُّلطانية والمحافلِ الجُمهوريّة. قال أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان: سَمِعتُ كلامَه بالمسجدِ الجامع من قُرطُبة وهو يَحُضُّ الناسَ على الجهاد والغَزْو في سبيل الله ويورِدُ ما جاء في فَضْلِه من كتابِ الله تعالى وسُنّة رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، بلسانٍ طَلْق وإيرادٍ مُستحسَن؛ قال: وخرَجْنا معَه يومَ ورود الخبرَ بهزيمة الرُّوم على حِصن الأركةِ صُحبَة عَلَاماتِ (¬3) الطاغية أذفونش، فلمّا اجتمَعْنا معَ الواصِلينَ به وشاهَدْنا عندَهم عَلَاماتِ العُداةِ منكوسة سجَدَ القاضي شكرًا، وسجَدَ جميعُنا عندَ سجودِه شكرًا لله تعالى؛ وحدَّثنا الحديثَ الذي أورَدَه أبو داودَ في "مصنَّفِه" بسندِه: أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جاءه أمرُ سرورٍ أو بُشِّر به خَرَّ ساجدًا شاكرًا لله تعالى، يَرويه القاضي أبو الوليد عن أبيه، عن أبي عليّ الغسانيِّ، عن أبي عُمرَ بن عبد البَرّ، عن أبي محمد عبد المُؤمن، عن أبي بكرٍ ابن داسُه، عن أبي داود. وكانت وَقيعةُ الأركةِ المذكورةُ ظُهر يوم الأربعاء لتسع خَلَوْنَ من شعبانِ أحد وتسعينَ وخمس مئة. وكان على تمكُّنِ حُظوتِه عند الملوك وعِظَم مكانتِه لديهم لم يُنفِّقْ جاهَه قَطُّ في شيءٍ يخُصُّه ولا في استجرارِ منفعةٍ لنفسِه، إنّما كان يَقصُرُه على مصالح بلدِه خاصّة ومنافع سائرِ بلاد الأندَلُس عامّة. ¬

_ (¬1) في م: "البروز". (¬2) في م: "فرسان". (¬3) علامات: جمع علم، وهو جمع مستعمل في العامية المغربية.

واستمرَّت حالُه على ما ذُكِر من تولِّي القضاءِ بقُرطُبة وصَرْف التهمُّم به والاعتناءِ بمآرِبِه إلى أنْ نُكِبَ النَّكبةَ الشَّنعاءَ في عام ثلاثةِ وتسعينَ وخمس مئة، وقد ألَمَّ أبو الحَجّاج بن غَمْر بذِكْرِها في "تاريخهِ" فقال: وأمّا أبو الوليد بن رُشد فكان قد نشَأ بينَه وبينَ أهل قُرطُبة قديمًا وَحْشةٌ جَرَّتها أسبابُ المُحاسَدة، ومُنافسةِ طُول المُجاوَرة، فانتَدَبَ الطالِبونَ لِنَعْي أشياءَ عليه في مصنَّفاتِه تأَوَّلوا الخروجَ فيها عن سَنَن الشريعة، وإيثارَه لحُكم الطبيعة، وحَشَروا منها ألفاظًا عديدة، وفصولًا ربَّما كانت غيرَ سديدة، وجُمِعت في أوراق، وقيل: إنّ بعضَها أُلِفيَ بخطِّه، ومشَى رافعوها إلى حضرة مَرّاكُش سنةَ تسعينَ، فشَغَلَ عن الالتفات إليها والوقوف عليها ما كانت الحالُ بسبيلِه من الاستعدادِ والنظرِ في مُهمّات الجهاد، فَنكَصَ الطالِبونَ على أعقابِهم، وقَنِعوا من الظفَر بسُرعة إيابِهم. ولمّا كان الوصولُ إلى الأندَلُس اشْتُغِلَ بما كان من أمورِ (¬1) الحركات، فكسَدت سُوقُ السِّعايات، وضُرِب عن كلِّ طالب ومطلوب، والأعداءُ -لا كانوا- لا يَسْأمُونَ من الانتظار، وَيرقُبونَ أوقاتَ الضِّرار؛ فلمّا كان التَلوُّمُ من المنصُور بمدينة قُرطُبة، وامتَدَّ بها أمدُ الإقامة، وانبسَط الناسُ لمجالِس المُذاكَرة، تجدَّدت للطالِبينَ آمالُهم، وقَوِي تألُّبُهم واستر سالُهم، فأدلَوْا بتلك الأُلْقِيَات، وأوضَحوا ما ارتَقَبوا فيه من شنيع الهَفَوات، الماحيةِ لأبي الوليد كثيرًا من الحَسَنات، فقُرئت بالمجلس وتُؤولتْ أغراضُها ومعانيها، وقواعدُها ومبانيها، فخَرَجت بما دَلَّتْ عليه أسوأَ مخرَج، وربّما ذَيَّلَها مكْرُ الطالِبين، فلم يُمكنْ عندَ اجتماع الملإِ إلّا المُدافعةُ عن شريعةِ الإسلام، ثُم آثَرَ الخليفةُ فضيلةَ الإبقاء، وأغمَدَ السيفَ التماسَ جميلِ الجزاء، وأمَرَ طلَبةَ مجلسِه وفقهاءَ دولته بالحضورِ بجامع المسلمين، وتعريفِ الملإِ بأنه مَرَقَ من الاين، وأنه استوجَبَ لعنةَ الضالّين، وأضيفَ إليه القاضي أبو عبد الله بنُ إبراهيمَ الأصُوليُّ في هذا الازدحام، ولُفَّ مَعه في خِرَق هذا المَلام، لأشياءَ أيضًا نُقِمَت عليه في مجالِس المُذاكَرة وفي أثناءِ كلامِه معَ توالي الأيام، فأُحضِرا ¬

_ (¬1) هنا ينتهي الخرم المشار إليه في النسخة ب.

بالمسجد الجامع الأعظم بقُرطُبة، وتَكلَّم القاضي أبو عبد الله بن مَرْوان فأحسَنَ، وذكَرَ ما معناه: أن الأشياءَ لا بدَّ في كثير منها أن تكونَ لها جهةٌ نافعة وجهةٌ ضارّة، كالنارِ وغييى ها، فمتى غَلَبَ النافعُ على الضارّ عُمِل بحَسبِه، ومتى كان الأمر بالضِّدّ فبالضّدّ، فابتَدرَ الكلامَ الخطيبُ أبو علي بن حَجّاج وعرَّفَ الناسَ بما أُمِر به (¬1)، من أنّهم مَرَقوا من الدِّين، وخالَفوا عقائدَ المؤمنين، فنالَهم ما شاء اللهُ من الجَفَا، وتفرَّقوا على حُكم مَن يعلَمُ السرَّ وأخفى، ثم أُمِر أبو الوليد بسُكْنى اليَسَّانة، لقولِ من قال: إنه يُنسَبُ في بني إسرائيل، وأنه لا يُعرَفُ له نسَب في قبائل الأندَلُس، وعلى ما جَرى عليهم من الخَطْب فما للملوكِ أن يأخُذوا إلّا بما ظَهَر، فإليهما تنتهي البَراعةُ في جميع المعارِف، وكثير ممّن انتفَع بتدريسِهم وتعليمِهم، وليس في زمانِهما من هو بكمالِهما، ولا مِن نَسْجِ مِنوالِهما. وتفرَّق تلاميذُ أبي الوليد أيدي سَبَا. ويذكرُ (¬2) أنّ من أسبابِ نكبتهِ هذه اختصاصَه بأبي يحيى أخي المنصُور والي قُرطُبة. وأخبَرَ عنه أبو الحَسَن بن قَطْرَالَ أنه قال: أعظمُ ما طَرَأَ عليَّ في النَّكبة أنّي دخَلتُ أنا ووَلَدي عبدُ الله مسجدًا بقُرطُبة، وقد حانت صلاةُ العصر، فثار لنا بعضُ سَفِلةِ العامّة، فأخرَجونا منه. وكتَبَ عن المنصُور في هذه القضيّة كاتبُه أبو عبد الله بنُ عَيّاش كتابًا إلى مَرّاكُشَ وغيرها يقولُ فيما يخُصُّ حالَهما منه: "وقد كان في سالف الدّهر قومٌ خاضوا في بحورِ الأوهام، وأقرَّ لهم عوامُّهم بشُفوفٍ عليهم في الأفهام، حيث لا داعيَ يدعو إلى الحَيّ القَيُّوم، ولا حاكمَ يفصِلُ بين المشكوكِ فيه والمعلوم، فخَلَّدوا (¬3) في العالَم صُحُفًا ما لها من خَلاق، مُسَوَّدةَ المعاني والأوراق، بُعْدُها ¬

_ (¬1) تنظر خطبته في التحريض على ابن رشد في البيان المغرب 219. (¬2) علق في هامش ب بقصة الزرافة، وأنها من أسباب نكبته. (¬3) يشير ابن عياش في هذه الفقرة إلى فلاسفة اليونان.

من الشريعة بُعْدُ المشرِقَيْن، وتباينُها تبايُنُ الثَّقلَيْن، يُوهِمونَ أنّ العقلَ ميزانُها، والحقَّ بُرهانُها، وهم يتشعَّبونَ في القضيّةِ الواحدة فِرَقًا، ويسيرونَ فيها شواكلَ وطُرُقًا، ذلكم بأنّ اللهَ خَلَقَهم للنار وبعمَل أهل النار يعملون، {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [النحل: 25] ونشَأ منهم في هذه السَّمْحة البيضاءِ شياطينُ إنس {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: 9] , {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: 112] فكانوا عليها أضرَّ من أهل الكتاب، وأبعدَ عن الرَّجْعةِ إلى الله والمَآب؛ لأنّ الكِتابيَّ يجتهدُ في ضَلال، ويجِدُّ في كَلَال، وهؤلاءِ جهودُهمُ التعطيل، وقُصاراهمُ التمويهُ والتخييل، دبَّتْ عقاربُهم في الآفاقِ بُرهةً من الزمان، إلى أن أطْلَعَنا اللهُ سبحانَه منهم على رجالٍ كان الدّهرُ قد سالَمَهم على شدّةِ حروبِهم، وأغفَى عنهم سنينَ على كثرةِ ذنوبِهم، وما أُمْلِيَ لهم إلّا ليزدادوا إثمًا، وما أُمهِلوا إلّا ليَأخُذَهُم الله الذي لا إلهَ إلّا هو وَسِع كلَّ شيءٍ علمًا. وما زلنا -وصَلَ اللهُ كرامتَكم- نُذكِّرُهم على مقدارِ ظنِّنا فيهم، وندعوهم على بصير إلى ما يُقرِّبُهم إلى الله سبحانَه ويُدنيهِم، فلمّا أراد اللهُ فضيحةَ عَمَايتِهم، وكَشْفَ غِوايتِهم، وُقِفَ لبعضِهم على كُتُبٍ مسطورةٍ في الضَّلال، موجبةٍ أخْذَ كتابِ صاحبِها بالشِّمال، ظاهرُها موشَّحٌ بكتابِ الله، وباطنُها مُصرّحٌ بالإعراضِ عن الله، لُبِّسَ فيها الإيمانُ بالظُّلم، وجيءَ منه بالحرب الزَّبونِ في صُورة السِّلم، مزلّةٌ للأقدام، وسُمٌّ يدِبُّ في باطن الإسلام، أسيافُ أَهل الصليب دونَها مفلولة، وأيديهم عمّا ينالُه هؤلاءِ مغلولة، فإنّهم يوافقونَ الأُمّةَ في ظاهرِهم وزِيِّهم ولسانِهم، ويخالفونَهم بباطِنهم [وغَيِّهم] (¬1) وبُهتانِهم، فلمّا وقَفْنا منهم على ما هو قَذًى في جَفْن الدِّين، ونُكتةٌ سوداءُ في صَفحةِ النُّورِ المُبِين، نَبَذْناهم في الله نَبْذَ النَّواة، وأقصَيْناهم ¬

_ (¬1) زيادة من م، ولعلها "وغيبهم".

حيث يُقصىَ السَّفهاءُ من الغَواة، وأبغَضناهم في الله، كما أنَّا نحبَّ المؤمنينَ في الله، وقلنا: اللهمَّ إنّ دِينَك هو الحقُّ اليقين، وعِبادك هم الموصُوفونَ بالمتّقين، وهؤلاءِ قد صَدَفوا عن آياتِك، وعَمِيَتْ أبصارُهم وبَصائرُهم عن بيّناتِك، فباعِدْ أسفارَهم، وألْحِقْ بهم أشياعَهم حيث كانوا وأنصارَهم، ولم يكنْ بينَهم إلّا قليلٌ وبين الإلحام بالسيفِ في مجال ألسنتِهم، والإيقاظِ بحدِّه مِن غَفْلتِهم وسِنَتِهم (¬1)، ولكنّهم وقَفوا بموقفِ الخِزْي والهُون، ثم طُرِدوا من رحمة الله {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام: 28]. فاحذَروا -وفَّقَكمُ الله- هذه الشِّرذمةَ على الإيمان، حِذرَكم من السُّموم الساريةِ في الأبدان، ومَن عُثِر له على كتابٍ من كُتبِهم فجزاؤه النارُ التي بها يُعذَّبُ أربابُه، وإليها يكونُ مآلُ مؤلِّفِه وقارئه ومآبه، ومتى عُثر منهم على مُجرٍ في غُلَوائه، عَمٍ عن سبيل استقامتِه واهتدائه، فلْيُعاجل فيه بالتثقيفِ والتعريف: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [هود: 113] {أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} [آل عمران: 22] {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: 16]. واللهُ تعالى يُطهّرُ مِن دنَس المُلحِدينَ أصقاعَكم، ويكتُبُ في صحائفِ الأبرارِ تظافُرَكم على الحقِّ واجتماعَكم، إنه مُنعِمٌ كريم". وحدَّثني الشّيخ أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمه اللهُ قراءةً ومُناوَلةً من يده، ونقَلتُه من خطّه، قال: وكان قد اتّصَلَ -يعني شيخَهُ أبا محمد عبدَ الكبير (¬2) - بابن رُشد المُتفَلسِف أيامَ قضائه بقُرطُبة، وحَظِي عنده فاستكتبَه واستَقَضاه. وحدَّثني، رحمه اللهُ، وقد جَرى ذكْرُ هذا المُتفَلسِف وما لهُ من الطّوامِّ في محُادّةِ الشريعة، فقال: إنّ هذا الذي يُنسَبُ إليه، ما كان يظهَرُ عليه، ولقد كُنْتُ أراه ¬

_ (¬1) في م ب: "ومنتهم". (¬2) هو عبد الكبير بن محمد بن عيسى الغافقي، انظر برنامج شيوخ الرعيني: 37.

يخرُجُ إلى الصلاةِ وأثَرُ ماءِ الوضوءِ على قدمَيْه، وما كِدتُ آخُذُ عليه فَلْتةً إلا واحدةً، وهي عُظمى الفَلَتات، وذلك حين شاع في المشرِق والأندَلُس على ألسِنة المُنجِّمة أنّ رِيحًا عاتِيةً تهُبُّ في يوم كذا وكذا في تلك المُدة تُهلِكُ الناس، واستفاضَ ذلك حتّى اشتَدّ جزَعُ الناس معَه واتَّخذوا الغِيرانَ والأنفاقَ (¬1) تحتَ الأرض توَقِّيًا لهذه الرِّيح؛ ولمّا انتشرَ الحديثُ بها وطَبَّقَ البلادَ استَدعَى والي قُرطُبةَ إذ ذاك طلَبتَها، وفاوَضَهم في ذلك، وفيهم ابنُ رُشد، وهُو القاضي بقُرطُبةَ يومَئذٍ، وابنُ بندود، فلمّا انصَرفوا من عند الوالي تكلَّم ابنُ رُشد وابنُ بندود في شأنِ هذه الرِّيح من جهة الطّبيعة وتأثيراتِ الكواكب؛ قال شيخُنا أبو محمد عبدُ الكبير: وكنتُ حاضرًا، فقلتُ في أثناء المفاوَضة: إنْ صحَّ أمرُ هذه الرِّيح فهي ثانيةُ الريح التي أهلكَ اللهُ تعالى بها قومَ عاد؛ إذْ لم تُعلَمْ ريحٌ بعدَها يعُمُّ إهلاكُها، قال: فانبَرى إليَّ ابنُ رُشد ولم يتَمالكْ أنْ قال: والله وجودُ قومِ عادٍ ما كان حقًّا، فكيف سببُ هلاكِهم! فسُقِطَ في أيدي الحاضِرين وأكبَروا هذه الزَّلةَ التي لا تَصدُرُ إلّا عن صَرِيح الكُفرِ والتكذيب لِما جاءت به آياتُ القرآن الذي لا يأتيه الباطلُ مِن بينِ يدَيْه ولا مِن خَلْفِه. وقال ابنُ الزُّبَير: كان من أهل العلم والتفنُّن، وأخَذ الناسُ عنهُ واعتَمَدوه، إلى أن شاع عنه ما كان الغالبَ عليه في علومِه منَ اختيار العلوم القديمة، والرُّكونِ إليها، وصَرْفِ عِنانِه جُملةً نحوَها، حتى لخَّص كتُبَ أرِسطو الفلسفيَّة والمنطقِيّة، واعتمَدَ مذهبَه فيما يُذكَرُ عنه ويوجَدُ في كُتُبِه، وأخَذ يُنحي على مَن خالَفَه، ورامَ الجَمْعَ بين الشريعة والفلسفة، وحاد عمّا عليه أهلُ السُّنة؛ فتَرَكَ الناسُ الرِّوايةَ عنه، حتى رأيتُ بَشْرَ اسمِه (¬2) متى وقَعَ للقاضي أبي محمد بن حَوْطِ الله إسنادٌ عنه؛ إذْ كان قد أخَذ عنه، وتكلَّموا فيه بما هو ظاهرٌ من كُتُبِه. ¬

_ (¬1) وقع اضطراب هنا في أوراق النسخة ب، فجاءت تتمة الصفحة السابقة في الصفحة 18/ أ. (¬2) أي: حك اسمه.

وممّن جاهَرَه بالمُنابزة والمُهاجَرة: القاضي أبو عامر يحيى بن أبي الحُسَين ابن رَبيع (¬1)، ونافَرَه جُملةً، وعلى ذلك كان ابناه: القاضي أبو القاسم وأبو الحُسَين، ومنَ الناس مَن تعامَى عن حالِه، وتأوَّل مُرتكبَه في انتحالِه، واللهُ أعلمُ بما كان يُسِرُّه من أعمالِه، وحسبُنا هذا القَدْر. وقد كان امتُحِن على ما نُسِب إليه، وامتحانُه مشهور. وقال الحاجُّ أبو الحُسَين بن جُبَيْر فيه وفي نَكبتِه [مخلع البسيط]: الآنَ قد أيقَنَ ابنُ رُشدٍ ... أنَّ تواليفَهُ تَوالف يا ظالمًا نَفْسَهُ تأمَّلْ ... هل تجِدُ اليومَ مَنْ يُوالفْ؟! وله فيه [مخلع البسيط]: لم تلزَمِ الرُّشدَ يا ابنَ رُشْدٍ ... لمَّا عَلا في الزمانِ جَدُّكْ وكنتَ في الدِّينِ ذا رِياءٍ ... ما هكذا كانَ فيه جَدُّكْ وله [السريع]: الحمدُ لله على نَصْرِهِ ... لفِرقةِ الحقِّ وأشياعِهِ كان ابنُ رُشدٍ في مدى غَيِّهِ ... قد وَضَعَ الدينَ بأوضاعِهِ حتى إذا أوضَعَ في طُرْقِهِ ... تَوى لفيهِ عند إيضاعِهِ فالحمدُ لله على أخْذِهِ ... وأخْذِ مَن كان مِنَ اتباعِهِ وله فيه [الكامل]: نَفَذَ القضاءُ بأخْذِ كلِّ مَرَمَّهٍ (¬2) ... متفلسفٍ في دينِهِ مُتزَنْدقِ بالمنطِق اشتَغَلوا فقيل: حقيقةٌ ... إنَّ البلاءَ مُوَكَّلٌ بالمنطِقِ ¬

_ (¬1) هو يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن ربيع (انظر ترجمته في التكملة رقم 3420، وشيوخ الرعيني: 72). (¬2) في حاشية ب: "لعله: مموه".

وله فيه [مخلع البسيط]: خليفةُ الله أنت حقّا ... فارْقَ من السَّعْدِ خيرَ مَرْقى حَميتُم الدِّينَ من عِداهُ ... وكلِّ مَنْ رامَ فيه فَتْقا أَطلعَكَ اللهُ سِرَّ قومٍ ... شَقُّوا العصا بالنِّفاقِ شَقَّا تفَلْسَفُوا وادَّعَوْا علومًا ... صاحبُها في المَعادِ يَشْقَى واحتَقَروا الشَّرعَ وازدرَوْهُ ... سَفاهةً منهمُ وحُمقا أوسعتَهمْ لعنةً وخِزيًا ... وقلتَ: بُعدًا لهمْ وسُحقا فابْقَ لدينِ الإلهِ كَهْفًا ... فإنهُ ما بقِيتَ يبقَى وله [البسيط]: خليفةَ الله دُمْ للدينِ تَحْرُسُهُ ... منَ العِدى وتقيهِ شرَّ [كلِّ] فئهْ فاللهُ يجعَلُ عَدْلًا من خلائفِهِ ... مُطَهّرًا دينَهُ في رأسِ كلِّ مئهْ وله [الطويل]: بلغتَ أميرَ المؤمنينَ مدى المُنى ... لأنكَ قد بلَّغتَنا ما نُؤَمّلُ قصَدتَ إلى الإسلام تُعلي منارَهُ ... ومقصِدُكَ الأسنَى لدى الله يُقْبَلُ تدارَكْتَ دينَ الله في أخْذِ فِرقةٍ ... بمنطِقِهمْ كان البلاءُ الموكَّلُ أثاروا على الدّينِ الحنيفيِّ فتنةً ... لها نارُ غَيٍّ في العقائدِ تُشعَلُ أقمَتُهمُ للناس يُبرَأُ منهمُ ... ووَجْهُ الهُدى من خِزْيِهمْ يَتهلَّلُ وأوعَزْتَ في الأقطارِ بالبحثِ عنهمُ ... وعن كُتْبِهمْ، والسَّعيُ في ذاك أجملُ وقد كان للسّيفِ اشتياقٌ إليهمُ ... ولكنْ مقامُ الخِزي للنفْسِ أقتلُ وآثرْتَ دَرْءَ الحدِّ عنهمْ بشُبْهةٍ ... لظاهرِ إسلام، وحُكمُكَ أَعدلُ

52 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن علي القيسي، أبو عبد الله الشاطبي

وله فيه غيرُ ذلك ممّا يطولُ إيرادُه (¬1). ثم عُفِي عنه واستُدعي إلى مَرّاكُشَ فتوفِّي بها ليلةَ الخميس التاسعةَ من صَفَرِ خمس وتسعينَ وخمس مئة، بمُوافقة عاشِر دجنبر، ودُفن بجَبّانةِ بابِ تاغزوتَ خارجَها ثلاثةَ أشهر، ثم حُمِلَ إلى قُرطُبةَ فدُفنَ بها في رَوْضة سَلَفِه بمقبُرة ابن عبّاس، ومولدُه سنةَ عشرينَ وخمس مئة. 52 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن إبراهيمَ بن محمد بن عليّ القَيْسيُّ، أبو عبد الله الشاطِبيُّ. 53 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن أبي هارونَ التَّمِيميُّ، إشبِيليٌّ، أبو عُمر، ابنُ أبي هارون. رَوى عن أبيه، وأبوَيْ بكر: ابن طلحةَ وابن قَسّوم، وأبوَي الحسن: ابن خَرُوف النَّحويِّ وابن خِيَار، وأبي العبّاس بن مُنذر وأبي علي ابن الشَّلَوْبِين، وأبوَيْ محمد: ابن الباجِي وابن حَوْطِ الله. رَوى عنه أبو الحَجّاج بن لُقمانَ وأبو عُبَيدةَ محمدُ بن محمد بن فَرْقَد وأبو القاسم محمدُ بن عبد الرحيم بن الطيِّب، وحدَّثنا عنه أبو بكر بن يَربُوع وأبو الحُسَين بن أبي الرَّبيع؛ وكان من جِلّة المُقرِئين وكبارِ الأُستَاذِين، متقدِّمًا في النّحو والأدب، صالحًا متغافِلًا عن أمورِ الناس. مولدُه سنةَ خمس وسبعينَ وخمس مئة، وتوفي بالجزيرةِ الخَضْراء، إثْرَ خروج أهل إشبِيليَةَ سنةَ ستّ، وقيلِ: سنةَ سبع وأربعينَ وست مئة، وهو أصَحّ، ومَولدُه بإشبِيليَةَ سنةَ خمسٍ وسبعينَ وخمس مئة. 54 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن أحمد بن ثَعْلبةَ القُرَشيُّ العَبْدَريُّ، غَرْناطيٌّ، أبو بكر. ¬

_ (¬1) انظر ما سيورده في ترجمة الزاهد ابن قسوم في هذا السفر (الترجمة 705)، وما أورده أيضًا في ترجمة ابن جبير في السفر الخامس من هذا الكتاب.

55 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن سهل الأنصاري الأوسي، سرقسطي سكن بلنسية، أبو عبد الله، ابن الخراز

رَوى عنه أبو محمد بنُ عبد الرحمن بن بُرطُلُّه، وكان أديبًا مُحسِنًا فيما يتوَلّاه من نَظْمِ الكلام ونثرِه. 55 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن سَهْل الأنصاريُّ الأَوْسيُّ، سَرَقُسْطيٌّ سكَنَ بَلَنْسِيَةَ، أبو عبد الله، ابنُ الخَرّاز. رَوى عن أبي بكر عيسى ابن صاحبِ الأحباس، وأبي عبد الله بن يونُس، وأبي العبّاس العُذْريِّ، وأبي الوليد الوَقَّشِيِّ واختَصَّ به وكان قارئَ مجلسِه. رَوى عنه أبو الحَسَن بن عبد الله بن طاهِر، وأبو الطاهر التَّمِيميُّ، وأبو عبد الله بن إدريسَ المَخْزوميُّ، وأبو عامِر محمد بن رِزق، وأبو محمد القَلنِّيُّ؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، راوِية للحديثِ مُكثِرًا عَدْلًا، بارعَ الخَطّ مَتِينَ الأدب جيِّد الشِّعر، تصَدَّرَ للإقراءِ بالثَّغْر وغرو موضع، وأبوه أبو جعفرٍ هو الذي خاطَبَه أبو عامر بن غَرْسيّةَ برسالتِه الشُّعوبية. 56 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن محمدِ بن أحمدَ بن عبد الله بن الحُسَين بن أبي الفَتْح بن حِصن بن لربيقَ بن عَفْيُونَ بن غَفايشَ بن رِزق بن عَفِيف بن عبد الله بن رَواحةَ بن سَعِيد بن سَعْدِ بن عُبَادةَ الخَزْرَجيُّ، بَلَنْسيّ شارِقيُّ الأصل سكَنَ مُرْبَاطَر، أبو عبد الله. وهو خالُ أبي الخَطّاب بن واجِب. رَوى عن صِهرِه أبي عليّ بن بَسِيل وغييره. رَوى عنه ابن سُفيان؛ وكان من أهل السَّرَاوة والنّزاهة، وقُدِّم إلى قضاءِ مُرْبَاطَر مضافًا إلى الصلاة والخَطابةِ بجامِعها، وتوفِّي سنةَ سبع وستينَ وخمس مئة. 57 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن عبد الرحمن بن يحيى الكِنَانيّ، إشبِيليٌّ, أبو بكر. رَوى عن طائفةٍ من أهلِ بلدِه وغيرِهم، منهم: أبو ذَرّ مُصعَبُ بن أبي رُكَب، ورَحَلَ إلى المشرقِ حاجُّا مُرافِقًا أبا العبّاس بن أحمدَ بن رأس غَنَمةَ حسبَما ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1220)، والذهبي في المستملح (51). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1423).

58 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الملك بن سعيد بن يوسف الأنصاري، أبو عبد الله بن مشليون، بميم وشين معجم مفتوحين ولام ساكن وياء مسفولة وواو مد ونون، بلنسي شلبي الأصل

ذُكِر في رَسْم أبي العبّاس (¬1). وكان محدِّثًا راوِيةً عَدْلًا ديِّنًا فاضلًا جميلَ العِشرة بَرًا بإخوانه كريمَ العهد وَفِيًّا. واستُشهد، نفَعَه اللهُ، والمسلمونَ على شَرْبَطْرةَ سنةَ ثمانٍ وست مئة، وسِيق إلى إشبِيليَةَ فدُفن برَوْضة سَلَفِه منها بمقرُبة من مسجد السيِّدة، داخَلَ إشبِيليَةَ، رَجَعَها الله. 58 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن عبد الملِك بن سَعِيد بن يوسُفَ الأنصاريّ، أبو عبد الله بن مَشَلْيُون، بميم وشينٍ معجَم مفتوحَيْن ولام ساكِن وياءٍ مسفولة وواوِ مَدّ ونون، بَلَنْسِيٌّ شِلْبِيُّ الأصل. وكان سَلَفُه بشِلْبَ يُعرَفونَ فيها ببني الحَبِيب، وكانوا من رُؤسائها وأعيانِها، ثم نُقلوا عنها إلى شُبُربَ في الدّولة العامِرية، فاستَوطَنوها، فكانوا أيضًا من أعيانِها، ولقِّب بعضُهم فيها بمَشَلْيُون فسَرَى في عَقِبِه. رَوى عن أبي بكر بن نُمَارةَ وطبقتِه، وجالَسَه أبو عبد الله ابنُ الأبّار كثيرًا واستجازَه لنفسِه فأجاز له؛ وكان فقيهًا حافظًا مُعمَّرًا. مَولدُه ليلةَ الأحد لِثنتَيْ عشْرةَ ليلةً خَلَت من رجَبِ اثنين وأربعينَ وخمس مئة، وتوفِّي ببَلَنْسِيَّة لتسعٍ بقِينَ من ربيع الأوّل سنة ثِنتين وثلاثينَ وست مئة. 59 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن طاهِر القَيْسيُّ، إشبِيليٌّ، أبو بكر. ¬

_ (¬1) حاشية بهامش ب: "سمع بمكة شرفها الله تعالى من جوبكار وزاهر بن رستم ويونس الهاشمي، روى عنه ابن مسدي، ومولده على رأس الستين وخمس مئة". (¬2) ترجمه المنذري في التكملة 3/الترجمة 2505، والرعيني في برنامجه (97)، وابن الأبار في التكملة (1668)، والذهبي في المستملح (291)، وتاريخ الإسلام 14/ 54، ومعرفة القراء 2/ 639، والعبر 3/ 210، والصفدي في الوافي 4/ 261، واليافعي في مرآة الجنان 4/ 75، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 219، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 254، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 201، وطبقات المفسرين 3/ 90، وابن العماد في الشذرات 5/ 145.

60 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد المجيد السلمي، غرناطي مليشي الأصل، انتقل جده إلى غرناطة أول دولة لمتونة، أبو عبد الله، ابن عروس، وهو جده لأمه

حَفيدُ الراوِية المحدِّث المُتقِن أبي بكر بن طاهر. رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال. 60 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن سعيد بن عبد المجيد السُلَميّ، غَرْناطيٌّ مليشيُّ الأصل، انتقلَ جَدُّه إلى غَرْناطةَ أوّلَ دولة لَمْتُونةَ، أبو عبد الله، ابنُ عَرُوس، وهو جَدُّه لأُمِّه. تلا بالسَّبع على أبي بكر بن الخَلُوف، وأبي الحَسَن بن ثابِت، وأبي عبد الله النَّوَالِشيّ، وبقراءات الحرَميَّيْنِ وأبي عَمْيرو على أبي الحَسَن ابن الباذِش، وتوفِّي أبو الحَسَن. ورَوى عن أبوَيْ بكر: ابن مَسْعود بن أبي رُكَب وابن مُفرِّج الأنصاريّ، وأبي جعفر ابن الباذِش، وأبي الحَجّاج المتكلِّم، وأبوَي الحَسَن: شُرَيْح وعَبّاد بن سِرْحان، وأبي عبد الله بن إبراهيمَ الجُذَاميّ، وأبي محمد بن عَطِيّة، وأبوي مَرْوانَ: ابن بُونُه وابن مسَرَّةَ؛ وأجاز له أبو بكر ابنُ العَرَبي، وأبو الحَسَن بن مِندِيلٍ، وأبو الوليد ابنُ الدَّبّاغ. رَوى عنه أبو الحَسَن ابنُ أختِه سَهْلُ بن مالكٍ، وابنُ قَطْرَال، وأبو جعفر الجَيّار، وابن عَمِيرةَ الشَّهيدُ، وأبو الحُسَين بن جُبَيْر، وأبو الرَّبيع بن سالم، وأبو سُليمان بن حَوْطِ الله، وأبو عثمانَ سَعْدٌ الحَفّار، وأبو عَمْرو بن سالم، وأبو القاسم المَلّاحي، وأبَوا محمد: ابن حَوْطِ الله وابن محمدٍ الكَوّاب، وأبَوا يحيى: ابن عبد الرحيم -وهُو آخِرُ الرّواة عنه- وهاني بن هاني. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا ضابطًا طيّبَ النَّغَمة للقرآن، فقيهًا جَليلَ القَدْر، فاضلًا صالحًا، محدِّثًا عَدْلًا ثقةً، فقيهًا حافظًا، وَجيهًا عند أهل بلدِه؛ تصَدَّر للإقراءِ به وإسماع الحديثِ وتدريس العربيّة والأدب، وكان جيّدَ التعليم في كلّ ما كان يؤخَذُ عنه، من أحسنِ الناس خَلْقًا وخُلُقًا، وأجمَلِهم عِشرةً وأسرَعِهم مُبادرةً ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1505)، والذهبي في المستملح (182)، وتاريخ الإسلام 12/ 915، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 81، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 221، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 38.

61 - محمد بن أبي القاسم أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن حمدين التغلبي، قرطبي، أبو عبد الله

إلى قضاءِ حوائج المسلمين، وأوصَلِهم للرَّحِم، وأكثرِهم مشاركةَ لجميع الناس في كلِّ ما يَعرِضُ لهم من مَآربِهم، مُعظَّمًا عندَ الخاصّة والعامّة؛ خَطَبَ بجامع بلدِه، وكان صاحبَ الصلاةِ به. وتوفِّي عندَ فراغ المؤذِّن من الأذانِ لصلاة العصر من يوم الأربعاء منتصَفَ رجَبِ تسعينَ وض مئة، ودُفنَ إثْرَ صلاةِ العصر من يوم الخميس تاليهِ، واحتَفلَ الناسُ لشهودِ جَنازيه وازدَحَموا على نَعْشِه فوقَ أعناقِهم وعلى أكفِّهم، وأتْبَعوهُ ثناءً صالحًا وأسَفًا طويلًا؛ ومولدُه سنةَ سبعٍ وخمس مئة، وقال أبو الرَّبيع بن سالم: مَولدُه سنةَ ثِنتَيْ عشْرةَ وخمس مئة. 61 - محمدُ بن أبي القاسم أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن عليّ بن محمدِ بن عبد العزيز بن أحمدَ بن حَمْدِين التَّغلَبيُّ، قُرْطُبيّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله بن أيّوب بن نُوح، رَوى عنه ابنُه [....] (¬1)، وأبو بكر بن محمد بن عبد العزيز ابن أُختِ أبي القاسم بن صَاف. 62 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ اللَّخْميُّ، إشبيليٌّ. رَوى عن أبي عبد الله أحمد الخَوْلاني. 63 - محمدُ بن أحمد بن محمد بن أحمدَ. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ. 64 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن محمد بن إبراهيمَ بن خَلَف بن سَعِيد بن شُعَيْب الأنصاريُّ، قُونْكيُّ الأصل، أبو القاسم، ابنُ السَّقّاط. كان أديبًا بارعَ الكتابة شاعرًا مُجِيدًا متينَ المعارِف، كتَبَ عن بعض أُمراءِ لَمْتُونَة، وقُتلَ بمدينةِ فاسَ في حدودِ الأربعينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) بياض في النسخ. (¬2) ترجمه ابن القاضي في جذوة الاقتباس (259)، والمراكشي في الإعلام 3/ 9.

65 - محمد بن أبي عمر أحمد بن محمد بن أبي خيثمة القيسي، جياني سكن غرناطة، أبو الحسن

65 - محمدُ بن أبي عُمرَ أحمدَ بن محمد بن أبي خَيْثَمةَ القَيْسيُّ، جَيّانيٌّ سكَنَ غَرناطة، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي الحَسَن بن سَهْل، وأبي بكر بن سابِق، وأبي الحَسَن ابنِ الباذِش، وأبي عليّ الغَسّاني وغيرهم. وصَحِبَ أبا الحُسَين بن سِرَاج صُحبةَ مُؤاخاةٍ. رَوى عنه أبو الحَسَن ابنُ الضَّحّاك وابنُه عبدُ المُنعِم. وكان فقيهًا حافنها مُشاوَرًا مُبرِّزًا في علوم اللّسان نَحْوًا ولُغة وأدبًا، متقدِّمًا في الكتابة والفصاحة، جامعًا فُنونًا من الفضائل والمعارِف، على غَفْلة كانت فيه، وصنَّف في شرح غريب "صحيح البخاريّ" مصنَّفًا مُفيدًا. وتوفِّي ليلةَ السّبت الثامنةَ والعشرينَ من جُمادى الأولى سنةَ أربعينَ وخمس مئة. 66 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن أبي العافية اللَّخميُّ، مُرْسِيٌّ قَسْطَليُّ الأصل، أبو عبد الله القَسْطَليُّ. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي، وأبي محمد بن أبي جعفر، وتفَقَّه به. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ سُليمان ابن بُرْطُلُّه وغيرُه؛ وكان نَبيهَ القَدْر في بلدِه، متقدّمًا في المعرفة بالمذهبِ المالكيّ، متصدِّرًا لتدريسِه، مبرّزًا في حِفظه، عَدْلًا رِضًا صَدْرًا في أهل الشّورى، معروفَ النّزاهة والجَلالة. توفّي أوّلَ ذي الحِجة من سنة ثمانٍ وخمسينَ وخمس مئة. 67 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن أبي الفَيّاض، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والتبريز في العدالة، حيًّا بعدَ الثمانينَ وخمس مئة. 68 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن محمد بن إسماعيلَ بن سَلَمون، أبو الحَسَن. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1389)، وفي معجم أصحاب الصدفي (155)، والذهبي في المستملح (117). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1646)، والذهبي في المستملح (276)، وتاريخ الإسلام 13/ 781، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 82، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 222.

69 - محمد بن أحمد بن محمد بن جابر الحضرمي، إشبيلي

تَلا رِوايةَ وَرْش على أبي الحَسَن بن هُذَيْل وقرَأَ عليه "التيسيرَ" وغيرَه. رَوى عنه أبو إسحاق بن يوسُف الجيلقيّ، واصلوا عبد الله: ابنُ الأبّار وابن زكريّا الإلْشِيّ، وأبو عبد الرحمن عبدُ الله بن زَغْبوش، وأبو العباس بن محمد ابن الغَمّاز، وهو آخرُهم، وأبو الفضل العبّاس ابن الغَرابِيلي. وكان شيخًا صالحًا مُقرِئًا مجوِّدًا وَرِعًا فاضلًا عَدْلًا مَرْضِيًّا، يقعُد أحيانًا في دُكّان له بالعَطّارين. توفِّي ببَلَنْسِيَةَ ليلة الأحد الثانيةَ والعشرينَ لربيع الآخِر عام أربعةٍ وعشرينَ وست مئة، ودُفن إثْرَ صلاةِ العصرِ من يوم الأحد المذكور بمقبُرة باب بَيْطَالةَ، ومَولدُه في النِّصف من سنة سبعٍ وأربعينَ وخمس مئة (¬1). 69 - محمدُ بن أحمد بن محمد بن جابِر الحَضْرَميُّ، إشبِيليٌّ. 70 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن حُبَيْش -بضمِّ الحاء الغُفْل وفتح الباءِ بواحِدة وإسكان الياءِ المسفولة وشينٍ معجَم- اللَّخْميّ، باجِيّ، أبو بكر. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي، وأبي الحَسَن شرَيْح، وكان أديبًا بارعًا حَسَنَ التصرُّف في النظم والنثر، ذا مشاركةٍ في غيرِ ذلك. مَولدُه سنةَ ثمانٍ وخمس مئة، وتوفِّي [....] (¬2). 71 - محمدُ (¬3) بن أحمدَ بن محمد بن حَسَن (¬4) بن إسحاقَ بن عبد الله بن إسحاقَ بن مُهَلَّب بن جعفر، مَوْلى [....] (¬5) قُرطُبيٌّ شَذُونيُّ الأصل، أبو بكر. رَوى عن أبي بكرٍ عبد الرحمن بن أحمد التُّجِيبيّ، وآباءِ عبد الله: ابن إبراهيمَ ابن محمود وابن الحَذّاء والرَّيِّيّ، وأبي الحَسَن التِّبريزيّ، وأبي سعيد الجَعْفَري، ¬

_ (¬1) كتب فوق هذه الترجمة في ب: "انفرد آخر عمره بسماع صحيح البخاري من ابن هذيل". (¬2) بياض في النسخ. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1158)، والذهبي في المستملح (23)، وتاريخ الإسلام 9/ 753. (¬4) في م: "حسين". (¬5) بياض في النسخ.

72 - محمد بن أحمد بن محمد بن حسين، أبو الوليد

وأبوَي القاسم: خَلَف بن غَيْث وعبد الرحمن بن أبي يَزيدَ المِصْري، وأبي عُمرَ بن عبد البَرّ، وأبي محمد عليّ بن حَزْم، وهما في عِدَادِ أصحابِه، وأبي الوليد ابن الفَرَضيّ، وله استدراكٌ نبيلٌ عليه في "تاريخهِ" يشهَدُ بنَباهتهِ ومعرفتهِ. وكان شديدَ العناية بالرِّواية ضابطًا مُقيِّدًا كاتبًا بليغًا، من بيتِ وِزارةٍ وجَلالة، حَظِيًّا عند ملوكِ عصرِه مَكِينًا لديهم يسفرُ بينَهم في إصلاح ما ينشأُ لبعضهم من قِبَل بعضٍ حالَ الفتنة، وأحدَ الوجوه الذين رتَّبَهم المُستظهِرُ أبو المُطرِّف عبدُ الرحمن بن هشام لحُسنِ أدبِه وسَعةِ معرفتِه؛ وتحوَّل بعدَه إلى شرقِ الأندَلُس فجَلَّ قَدْرُه عند أهلِه وعُرِفَ فضلُه لديهم، وتوفِّي في حدودِ الخمسينَ وأربع مئة. 72 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن حُسَين، أبو الوليد. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجي. 73 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن حُسَين، مَرَوِيٌّ. كان فقيهًا عاقدًا للشّروط عَدْلًا، حيًّا سنةَ إحدى عشْرةَ ولست مئة، ويمكنُ أن يكونَ المذكورَ بالرِّواية عن البِطْرَوْجيِّ أو غيره، فزِدْ فيه بحثًا. 74 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن خَطّاب. رَوى عن أبي الوليد ابن الدَّبّاغ. 75 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن خَلَف بن سَعِيد الجُذَاميُّ، إشبِيليٌّ. رَوى عن أبي الأصبَغ الطَّحّان. 76 - محمدُ بن أحمد بن محمد بن خَلَف بن قهربَ بن مَسْلَمةَ اللَّخْميُّ. رَوى عن محمد بن عبد الرحمن الخَوْلانيّ، وأبي مَرْوان الباجِي. 77 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن زكريّا الأنصاريُّ، سَرَقُسْطيٌّ، أبو عبد الله. سَمِع على أبي محمد بن محمد ابن فُورْتِش، وكان من العلماءِ بالحديث، حيًّا سنةَ تسعينَ وأربع مئة.

78 - محمد بن أحمد بن محمد بن سعيد بن أيمن السعدي، غرناطي، أبو عبد الله

78 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن سَعِيد بن أيمَنَ السَّعْدِيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحَسَن بن أحمدَ ابن الباذِش، رَوى عنه أبو محمد عبدُ الحق بن محمد الجُمَحيّ، وكان متقدِّمًا في إقراءِ القرآن، دَيِّنًا فاضلًا فَرَضِيًّا ماهرًا، مُبرِّزًا في العربيّة، أدَّبَ بها في غَرْناطةَ، وعُرِفَ بالفضل والدِّين، وتوفِّي في طريقِ الحجازِ سنةَ ثلاثينَ وخمس مئة. 79 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن سَعِيد بن مُطرِّف التُّجِيبيُّ، من أهل قلعةِ أيّوبَ، نزَلَ مدينةَ فاسَ، أبو عبد الله البيراقيّ. كذا ذَكَرَ هذا ابنُ الزُّبَير، وصَحَّح على سعيدٍ الواقع عندَه بين محمدٍ ومُطرِّف بخطِّه؛ وابنُ فَرْتُون، وكرَّره ابنُ الأبّار، وهو غَلَطٌ على ما سنبيِّنُ في رَسْم محمد بن أحمدَ بن محمد بن مُطرِّف بن سَعِيد (¬2) إن شاء الله. 80 - محمدُ (¬3) بن أحمدَ بن محمد بن سُفيانَ السُّلَميُّ، لَقَنْتِيٌّ سكَنَ تِلِمْسينَ، أبو بكر. رَوى عن أبي الحَسَن بن مَوهَب، وأبي القاسم خَلَف بن مُفرِّج ابن الجَنّان، وأبي محمد بن أبي جعفرٍ وغيرِهم. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ عبد الحقِّ التّلمسينيّ، وقال: صَحِبتُه وسَمِعتُ منه وأمتَعَني بحديثه. وكان أوحدَ زمانِه في كتابة العقود والشّروط، وكان له في الشّعرِ والكتابة السُّلطانية بعضُ التقدُّم والنفوذ، توفِّي بتلمسينَ في حدودِ السبعينَ وخمس مئة. 81 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن سَلَمةَ الخَزْرَجيُّ، إشبِيليٌّ، أبو بكر الحَصّار. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1316)، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 1/ 258. (¬2) الترجمة (117). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1387)، والذهبي في المستملح (155)، وتاريخ الإسلام 12/ 150.

82 - محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن عمر بن سليمان الغافقي، خضراوي، أبو عبد الله القباعي

رَوى عن أبي أُمَيّةَ بن عُفَيْر، وأبي الحَسَن الدَّبّاج، وأبي الحُسَين ابن السَّرّاج، وأبي زيد بن عليّ المنستيريّ، وأبي العبّاس النَّباتيّ، وأبي علي ابن الشَّلَوْبِين، لازَمَه والدَّبّاجَ كثيرًا. وكان ذا حظّ من العربيّة، أقرَأَ بها بغَرْناطةَ ومالَقةَ إلى أن توفَّي في حدودِ ثمانٍ وخمسينَ وست مئة. 82 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن سُليمانَ بن عُمرَ بن سُليمانَ الغافِقيّ، خَضْراويّ، أبو عبد الله القُبَاعيّ. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبي، وآباءِ الحَسَن: شُرَيْح وابن خَلْفونَ القَرَوي أو القَزْويني ويونُسَ بن مُغيث، وآباءِ عبد الله: ابن أحمدَ بن أبي صُوفةَ وحفيدِ مكّيّ وابن أحمدَ بن عبد الخالق وابن عُمرَ الأنصاريِّ وابن مَعْمَر وابن أُختِ غانم، وأبي العبّاس بن زَرْقُون، وأبي محمد الوَحِيديّ. وأجاز له أبو جعفر بن عبد العزيز وأبو عليّ الصَّدَفيُّ وغيرُهما. رَوى عنه أبو البقاءِ يَعيشُ بن القديم، وأبو الحَسَن بن القاسم، وأبو الخَطّاب بن الجُمَيِّل، وأبو الصَّبر السَّبْتيُّ، وأبو محمد قاسمُ ابن الطّويل الفاسِيُّ، ويوسُفُ بن أحمدَ البَهْرَانيّ. وكان فقيهًا مُشاوَرًا حَسَنَ الخُلُق فَكِهَ الدُّعابة معَ الخَشْية والخشوع، وَلِي الصّلاةَ والخُطبة بجامع بلدِه، وكان حيًّا بعدَ السبعينَ وخمس مئة. 83 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن محمد بن سُليمانَ بن محمد بن سُليمان بن محمد بن سُليمان الأنصاريُّ الأوْسيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الطَّيْلَسان وابنُ سُليمان. رَوى عن أبيه، وأبوي القاسم: صِهرِه ابن غالبٍ وابن العَطَويّ. رَوى عنه ابنُه أبو القاسم القاسمُ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1441)، وفي معجم أصحاب الصدفي (162)، والذهبي في المستملح (148)، وتاريخ الإسلام 12/ 502. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1476).

84 - محمد بن أحمد بن محمد بن سهل الأموي، طليطلي نزل مصر، أبو عبد الله، ابن النقاش

وكان من بيتِ عِلم وفَضْل، مُوثِرًا موسِرًا مبارَكَ المال مُعانًا على إنفاقِه في ذاتِ الله، حَسَنَ الخُلُق بارًّا بإخوانِه متواضِعًا. مَولدُه عامَ سبعةٍ وثلاثينَ وخمس مئة، وتوفِّي في صَفَرِ أحدٍ وثمانين وخمس مئة، وصَلّى عليه صِهرُه أبو القاسم بن غالب، ودُفن بمقبُرة أُمِّ سَلَمةَ لِصْقَ قبر أبيه. قال أخوهُ عبدُ الله: أتاني بعدَ يومَيْنِ أو ئلاثة من وفاة أخي أبي عبد الله رجُلٌ صالح يُعرَفُ بابن بالِيَةَ، فقال لي: كُنْتُ أرى ليلةَ موتِ أخيك أبي عبد الله في النوم قائلًا يقولُ لي: تشهَدُ في غَدٍ إن شاء اللهُ جَنازةَ رجُل صَالح من أهل الجنّة يُدفَنُ في مقبر أُمِّ سَلَمةَ، فلمّا أصبحتُ وصَلَّيتُ الصّبح غَدَوْتُ إلى المقبُرة وأقمتُ بها اليومَ كلَّه أرى من يُدفَنُ فيها، فلمّا كان بعدَ صلاة العصر خُرِجَ بجنَازة أخيك أبي عبد الله إلى المقبُرة، ووالله ما دُفن فيها ذلك اليومَ أحدٌ سواه، فأبشِرْ واعلَمْ أنه من أهل الجنّة إن شاء الله. 84 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن سَهْل الأمويُّ، طُلَيْطُليٌّ نزَلَ مِصرَ، أبو عبد الله، ابنُ النَّقّاش. تَلا في بلدِه على أبي عبد الله المَغَاميِّ، وأخَذ في رحلتِه عن أبي عبد الله بن بَرَكات، ومَهْديِّ بن يوسُفَ الوَرّاق، وتصَدَّر للإقراءِ بجامع مِصرَ العَتيق فأخَذَ الناسُ عنه، وممّن أخَذ عنه من الأندَلُسيِّينَ: أبو الحَسَن موسى بن قاسم الشِّلْبيّ، وأبو زكريّا بن سَيد بُونُه، وأبو عبد الله بنُ سَعِيد الدانيّ، وأبو العبّاس ابنُ الفقيه السَّرَقُسْطيّ. 85 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن سيِّد أبيه الزّهْريُّ، إشبِيليٌّ. كان من جِلّة فُقهاء بلده وكبار عاقِدي الشّروط به، مع التقدُّم في الدِّين والتبريزِ في العدالة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1253)، والذهبي في المستملح (62)، وتاريخ الإسلام 11/ 509.

86 - محمد بن أحمد بن محمد بن شاب الأموي، أبو بكر البزلياني

86 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن شاب الأمَويُّ، أبو بكر البزَلْيَانيّ. رَوى عن أبي الحَسَن بن الأخضَر واختَصَّ به، وكان له ضَبْطٌ وتحصيل. 87 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن محمد بن طالب بن أيمَنَ بن مُدرِك بن محمد بن عبد الله القَيْسيُّ، قَبْريٌّ, أبو عبد الله. رَوى بالأندَلُس عن طائفة من أهلها، ورَحَلَ إلى المشرِق سنةَ ثِنتينِ (¬3) وثلاث مئة، وسَمِعَ بالإسكندريّة من [....] (¬4) العَلّاف وغيرِه، وبمِصرَ من أبوَي الفَضْل: العبّاس بن محمد الرافِقيّ (¬5) وأبي محمد بن حَمْدان، وأبي قُتَيْبةَ مُسلم (¬6) بن الفَضْل البغداديّ، وأبي محمد بن الوَرْد، ويحيى بن الرَّبيع العَبْديّ (¬7)، وجماعةٍ سواهم. وكان رجُلًا صالحًا مؤدِّبًا فاضلًا. توفِّي بسَبْتةَ (¬8) ليلةَ الجُمُعة لأربعٍ خَلَوْنَ من ربيع الأوّل سنةَ اثنتَيْنِ وستينَ وثلاث مئة. 88 - محمدُ (¬9) بن أحمدَ بن محمد بن طاهِر، وادي آشِيّ، أبو بكر. رَوى عنه أبو بكر بن رِزق. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1350). (¬2) ترجمه ابن الفرضي في تاريخه (1301)، والذهبي في تاريخ الإسلام 8/ 206، والمقريزي في المقفى 5/ 145. (¬3) في تاريخ ابن الفرضي: "ثنتين وأربعين". (¬4) بياض في النسخ. (¬5) هكذا في النسخ وفي تاريخ ابن الفرضي: "الواقفي"، محرف، وهو مترجم في تاريخ الإسلام 8/ 99. (¬6) في تاريخ ابن الفرضي: "سالم". (¬7) في تاريخ ابن الفرضي: "العُبيدي". (¬8) عند ابن الفرضي أنه دفن في مقبرة الربض بقرطبة! (¬9) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1331).

89 - محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن خلف بن إبراهيم بن أبي عيسى لب بن بيطير بن خالد بن بكر التجيبي، قرطبي، أبو الوليد، ابن الحاج

89 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن عبد الله بن أحمدَ بن خَلَف بن إبراهيمَ بن أبي عيسى لُبُّ بن بِيَطَيْر بن خالد بن بكرٍ التُّجيبيُّ، قُرطُبي، أبو الوليد، ابنُ الحاجّ. ولُبُّ في نَسَبِه: بضمِّ اللام وتشديدِ الباءِ المعقودة وضمِّها؛ وبِيَطَيْرُ فيه: بكسر الباءِ المعقودة وفتح الياءِ المسفولة وفتح الطاءِ الغُفْل وإسكان الياء المسفولة وراء. رَوى عن أبوَيْ بكر: ابن العَرَبب الحاجِّ ويحيى بن محمد الأَرْكَشِيّ، وأبي تَمّام غالبٍ العَوْفي، وأبوَيْ جعفر: ابن مَضَاء -ولازَمَه بإشبيِلتة نحوَ ثمانية أشهر وِلاءً وترَدَّد عليه من قُرطُبة مرّات وتأدَّب به في العربيّة والآداب- وابن يحيى الخَطيب، وأبي الحَسَن نَجَبةَ، وأبي الحُسَين بن رَبيع، وصَحِبَه طويلًا وأكثَرَ عنه، وأبي سُليمان بن حَوْطِ الله، وأبوَيْ عبد الله: ابن حَفْص -ولزِمَه مُدّةً طويلة- وابن المُناصِف وأبي العبّاس يحيى بن عبد الرحمن المَجْرِيطيّ، وأبوَي القاسم: ابن بَقِيّ وابن غابي الشَّرّاط، وتَلا عليه بالسَّبع وبغيرِها، وتأدَّبَ به في النَّحو واللّغة والأدب، وأبوي محمد: ابن حَوْطِ الله -وصَحِبَه وأكثَرَ عنه وانتفَعَ به واستفاد منه- وعبد المُنعِم ابن الفَرَس وأبي الوليد بن بَقِيّ، سَمِعَ عليهم وقرَأَ وأجازوا له. وتأدَّبَ بأبي بكرٍ غالب بن أبي القاسم الشَّرّاط وصَحِبَه، وسَمِع ببَلَنْسِيَةَ أبا الرّبيع بن سالم، ولم يَذكُرْ أنهما أجازا له، ولقِيَ أبا القاسم جَدَّه للأُمِّ محمدًا ابنَ القاضي الشَّهيد أبي عبد الله ابن الحاجّ، قال: وتوفِّي وأنا ابنُ أربع سنينَ وأعقِلُ منه أشياء، وابنَ بَشْكُوالَ، قال: وستّ، فسَلَّمتُ عليه، فسأل عني ودَعَا لي، وابنَ سَمَجُون في وِفادتِه على قُرطُبة، وأبا إسحاقَ بن محمد بن كوزانةَ، وأبا البَرَكات الزبزاريَّ الواعِظ وأبا بكر بن أبي جَمْرةَ، وأبا الحَسَن بن أحمدَ الشَّقُوريَّ وأبا عبد الله ابنَ الفَخّار وأبا عُمر بن عاتٍ وأجازوا له. وكتَبَ إليه مُجِيزًا من أهل الأندَلُس وما يليها من بَرِّ العُدوة: آباءُ بكر: عبدُ الرحمن بن مُغاوِر، والمحمّدانِ: ابنُ خَلَف بن صَافٍ وابن عبد الله ابن الجَدّ، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1694)، والذهبي في المستملح (313)، وتاريخ الإسلام 14/ 395، والمراكشي في الإعلام 4/ 231.

90 - محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن أحمد الأنصاري، مروي، أبو عبد الله الأندرشي وابن البلنسي وابن اليتيم

وأبو جعفر الحَصّار، وأبو الحُسَين يحيى ابنُ الصائغ، وآباءُ عبد الله: ابن بَشْكُوال -قال: وكانت بينَه وبينَ أبي صداقةٌ- وابنُ حَمِيد وابن زَرْقون وابنُ نُوح، وأبو القاسم بن حُبَيْش ومحمد بن عليّ ابن البَرّاق، وأبَوا محمد: ابنُ عُبَيد وعبدُ المُنعِم ابن الضَّحّاك، وأبو مَرْوانَ بن محمد بن عبد الملِك. ومن أهل المشرِق: أبو الحَسَن بن المُفضَّل المَقْدِسيّ؛ وقد جَمَعَ في ذكْرِهم -إلّا أبا الرَّبيع بنَ سالم- مُعجَمًا نبيلًا مُفيدًا تلميذُه الأخَصُّ به أبو محمد طلحةُ، وسَمّاه "تلبيةَ الحاجّ إلى تعرُّفِ رجالِ القاضي أبي الوليد ابن الحاجّ". رَوى عنه أبو بكر بنُ أحمدَ بن سيِّد الناس، وأبو الحَسَن بن يحيى الكِنَانيّ، وأبو العبّاس بن عليّ المارديّ، وأبو عَمْرٍو أحمدُ بن عليّ بن عَمْرِيل، وأبو محمد طلحةُ المذكورُ. وحدَّثنا عنه أبو علي ابن الناظر. وكان من بيتِ عِلم وجَلالة وحَسَب ونَباهة، يلتقي في أحمدَ بن خَلَف جَدِّ جَدِّه معَ القاضي الشَّهيد أبي عبد الله جَدِّ أُمِّه، وكان من أبرَع الناسِ خطًّا وأنبَلِهم فيه طريقة، فقيهًا فاضلًا جليلَ القَدْر، استُقضيَ ببلدِه فحُمدت سِيرتُه وشُهِر بالعَدْل وحُسن المأخَذ في الفَصْل بينَ الخصوم وإنفاذ الأحكام والصَّلابة في الحقّ، ثم خَرَجَ منه بدخول الرّوم إياه يومَ [....] (¬1)، فنزَلَ إشبيليَةَ فتولَّى قضاءها إلى أن توفِّي بها في أوائل جُمادى الأُولى سنةَ إحدى وأربعينَ وست مئة، ومولدُه بقُرطُبةَ إمّا آخرَ سبع، وإمّا أوّل ثمانٍ وستينَ وخمس مئة. 90 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن محمد بن عبد الله بن أحمدَ الأنصاريُّ، مَرَويٌّ، أبو عبد الله الأَنْدَرشيُّ وابنُ البَلَنْسِيّ وابنُ اليتيم. ¬

_ (¬1) بياض في النسخ. (¬2) ترجمه المنذري في التكملة 3/الترجمة 2009، وابن الأبار في التكملة (1636)، وابن الصابوني في تكملة إكمال الإكمال (334)، والذهبي في المستملح (271)، وتاريخ الإسلام 13/ 678، وسير أعلام النبلاء 22/ 250، والعبر 5/ 84، والصفدي في الوافي 2/ 116، وابن تغري بردي في النجوم 6/ 260، وابن العماد في الشذرات 5/ 95. وذكر الذهبي أن ابن مسدي روى عنه في معجمه وطوّل ترجمته وأطنب، وأن ابن الزبير استوفى ترجمته أيضًا.

تجوَّل طالبًا العلمَ ببلاد الأندَلُس والعُدْوة وأكثَرَ عن أبوَي العبّاس: أبيه ومحمد بن يَزيدَ بن خَيْر، وأبي إسحاقَ بن قُرْقُول، وأبي الحَسَن صَالح بن عبد الملِك الأوْسيِّ، وأبي زَيْد السُّهَيْلي، وأبي عبد الله ابن الفَخّار، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال، وأبي محمدٍ عبد الحقِّ ابن الخَرّاط، وأبي مَرْوانَ بن قُزْمان، وأجازوا له، وعن أبوَيْ محمد: ابن عُبَيد الله -ولازَمَه بقَنْجاير (¬1) - وقاسم بن دَحْمان، ولم يُصرِّحْ بإجازتهما له، وأخَذَ قراءةً وسَماعًا عن أبي بحرٍ يوسُفَ بن أبي عَيْشُون، وآباءِ بكر: ابن خَيْر وعبد الكريم بن غُلَيْب ويحيى الغَسّانيّ، وآباءِ الحَسَن صَالح بن خَلَف وابن حُنَيْن وابن النِّعمة وابن هُذَيْل، وآباءِ عبد الله: الإسْتِجيِّ وابن حَمِيد وابن عليّ بن مُطرِّف وابن الفَرَس وابن مُدرِك، وآباءِ العبّاس: ابن البَراذِعيِّ وابن بِشْر والخروفي وأبي القاسم ابن حُبَيْش، وأجازوا له، وعن أبي خالد يَزيدَ بن رِفاعةَ وأبي عليّ بن عَرِيبٍ، لم يُصرِّح بإجازتِهما له. ولقِيَ أبا جعفر بن بُونُه، وناوَلَه جُملةً كبيرةً، وأبوَي الحَسَن: عبد الرّحمن بن بَقِيّ وابن محمد بن عبد الوارِث، وأبا الرّبيع بن عبد الواحِد الهَمْدانيَّ، وأبوَيْ عبد الله: ابن أحمدَ بن حمزةَ وابن يوسُف بن سَعادةَ، وأبوَي العبّاس: ابن إدريسَ وابن المَحْلول النافِعيَّ، وأبا محمد عاشِرًا وأبا الوليد محمدَ بن يونُس بن مُغيث -وكَنَاهُ أبا عبد الله ووَهِمَ في ذلك- وأجازوا له. وأجاز له ممّن لم يَذكُرْ أنه لَقِيه: أبو إسحاقَ بنُ فَرْقَد، وأبو بكر بن رِزْق، وأبو الحَسَن عبدُ الرحمن بن عبّاس الجُذَامي -كذا كَنَاه، والمعروفُ في كُنْيتِه: أبو القاسم- وأبو عبد الله ابن الرَّمّامة، وأبو القاسم الشَّراط -وكَنَاهُ أبا زيد ووَهِمَ- وآباءُ محمد: ابن محمد بن سَهْل وابن مَوْجُوال وابن موسى، وأبو نَصْر فَتْح بن محمد بن فَتْح. ورَحَلَ إلى المشرِق حاجًّا، فلقِيَ في وِجهتِه أعلامًا جِلّة، ورَوى عنهم سَماعًا، فأكثر عن أبي الخَطّاب عُمرَ بن عبد المجيد بن عُمرَ القُرَشيّ المَيَانِجي ¬

_ (¬1) قنجاير: من عمل المرية.

نَزيلِ مكّة، شرَّفها الله، وأبوَي الطاهر: إسماعيلَ بن عَوْف وهاشم بن أحمدَ بن عبد الواحد بن هاشم الحَلَبيّ، وأبوَي القاسم: عليّ بن الحَسَن بن هِبة الله ابن عساكرَ ومَخْلوفِ بن عليّ بن عبد الحقّ ابن جَارَة، وأبي محمد عبد الله بن عبد الرّحمن الدِّيَباجِيّ ابن أبي اليابس (¬1)، وأجازوا له، وعن أبي البَرَكات عبد الله بن عبد الرّحمن الدَّوْلَعيّ، وأبي الحَسَن بن المُفَضَّل، وأبي الطاهر السِّلَفيّ، وأبي عبد الله بن عبد الله بن الحَسَن الهَرَوي -كذا كَنَاهُ، والمعروف في كُنْيتِه: أبو الفَتْح، وفي اسم جَدِّه التصغير- وابن مَنصُور الحَضْرَمي وأبي الفَرَج ابن الجَوْزيّ، وأبوَيْ محمد: عبد الله بن عبد السّلام ابن عَصْرُونَ والمبارَك بن عليّ بن الحُسَين بن عبد الله بن محمدٍ البغداديّ ابن الطَّبّاخ، والكاتبة شُهْدةَ بنتِ أبي نَصْر أحمدَ بن الفَرَج بن عُمرَ الإبَرِيّ، ولم يَذكُرْ أنّهم أجازوا له. وسَمِع على أبوَي الحَسَن: سَعْد بن مُظفَّر، سِبْط الرئيس أبي بكر محمد بن إبراهيمَ الأهْوازِيّ، وعليّ بن الحَسَن بن هِبة الله الخِلَعيّ، وأبي سَعْد -وبعضُهم يَكْنِيه أبا سعيد، وكَنَاه بعضُهم أبا عبد الله- محمدِ بن عبد الرّحمن بن محمد بن أبي الحَسَن بن مَسْعود المَسْعوديّ -وكَنَاهُ أبا بكر، ولا تُعرَف- وأبي الطاهر إسماعيلَ بن عبد الرّحمن الدِّيباجِيّ ابن أبي اليابس (¬2)، أخي أبي محمدٍ المذكورِ آنفًا، وأبي الفَتْح نَصْر بن عبد الملِك ابن السَّرِيّ المَوْصِليّ، وأبي الفَوارسِ شُجاع بن أبي القاسم الحَسَنيّ الخَابَرانيّ (¬3)، وأبي محمد شِيثَ بن إبراهيم بن محمد، وأبي مُطيع عبد الرزّاق بن محمد بن رُسْتةَ الأصبَهانيّ، وأجازوا له مُطلَقًا، وعلى أبي المكارم عبد الرحيم بن عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر البغداديّ، وأجاز له مُعيَّنًا. ¬

_ (¬1) في الأصلين: "إلياس"، محرف، والصواب ما أثبتنا، قيده ابن نقطة في الإكمال 6/ 238، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 9/ 201، وعبد الله توفي سنة 572 هـ، وهو مترجم في تاريخ الإسلام 12/ 511 وغيره. (¬2) كذلك، وتوفي سنة 572 هـ أيضًا، وهو مترجم في تاريخ الإسلام 12/ 508 وغيره. (¬3) في النسختين: "الحابراني"، وهو منسوب إلى "خابران" (معجم البلدان 2/ 334).

وسَمِع أبا أُسامةَ محمدَ بن عليّ بن حُسَين الأنْباريَّ، وأبا إسحاقَ المالَقيّ، وأبوَي البَرَكات: حياء بن عبد العزيز وخَيْرَ بن يَعْلَى بن عبد الصَّمد بن رجاءٍ البُوسَنْجيّ، وآباءَ الحَسَن: صَدَقةَ بن عبد الواحِد بن حَيُويَةَ القُهِسْتَانيَّ، والعَلِيَّيْنِ: ابنَ عبد الله البَطائحيَّ وابنَ يحمى بن عبد القُدّوس بن جَهْضَم، وأبا الخَيْر مَسْعودَ ابن يحيى بن أبي بكر بن الحَسَن المِصْري، والمُفَضَّلَيْنِ: ابنَ إسماعيلَ بن هارُونَ السّامَانيَّ وابنَ محمد بن عبد الجَليل الكَرْخيّ، وأبا الرَّجاءِ قُطْبَ الدِّين ابنَ طاهر بن عبد الخالق الهَمَذانِيّ، وأبوَيْ رِفاعةَ: عبدَ الصَّمد بنَ يحيى بن عبد الرحيم البُوسَنْجِيِّ وابنَ خالد بن شُجاع الخُوَيِّيَّ الشافعيَّ، وأبا سُليمان داودَ بن محمد بن الحَسَن بن خالدٍ الخالِديَّ، وأبا سَهْل ناصِرَ بن عليّ بن محمد العَلَويَّ، وأبا الطّيِّب نِعمةَ الله بن داودَ بن يَعْلَى (¬1)، وأبا عبد الله محمدَ بن عبد القُدُّوس القُهِستَانيَّ، وأبا العبّاس حَمْد بن عبد الرزّاق بن يحيى بن عبد القاهِر الخَوْلانيَّ، وأبا عليّ إسماعيلَ بن عبد الواحِد السِّجِسْتَانيّ، وأبا عَمْرٍو عثمانَ بن فَرَج العَبْدَريَّ، وأبوَي الفَتْح: المُظفَّر بن نَصْر ونَصْرَ بن عبد الحَكَم بن الحُسَين البغداديّ، وأبوَي المُفَضَّل: عبدَ الله بن محمد بن عبد القاهِر الطُّوسيَّ ومَعْنَ بن عبد الرزّاق السِّنْجاريّ، وأبوَي القاسم: عبدَ الكريم بن أحمدَ الشافعيَّ وابن هَوازِنَ القُشَيْريّ، وأبا منصُورٍ عبدَ العزيز بن عبد الله بن حمزةَ الأصبَهانيّ، وأبا اليُسْر عَطاء بن الفَضْل بن محمود التِّبْرِيزيَّ (¬2)، وأبا يَعْلَى زيادَ بن عبد الله بن عبد الخالق الخُوارِزْميَّ، وأبا يحيى بنَ عبد الرحمن بن عبد الله الغَسّاني، وخَيْرَ بن يَعْلَى البوسَنْجِيّ، غيرَ أبي البَرَكات المذكورِ قبلُ، ولم يَذكُرْ أنّهم أجازوا له، وأكثَرُ ذلك مَسْطورٌ في "برنامَج" روايتِه، ووقَفْتُ عليه بخطِّه. رَوى عنه بالمشرِق أبو الحَسَن بن المُفَضَّل، وتدَبَّجَ معَه، وأبو عبد الله بن أبي عليّ الحُسَين بن مُفرِّج المَقْدِسيّ ووَلَدُه أبو المعالي أحمدُ، وأبو العبّاس أحمدُ بن ¬

_ (¬1) "ابن داود بن يعلى": مكررة في م. (¬2) في م: "البتويزي"، محرفة.

يحيى الأنصاريّ، وأبو البقاءِ صالحُ بن عليّ بن أبي بكرٍ الزَّنَاتيّ، وآباءُ محمد: عبد الله ابن سَعِيد بن يوسُفَ التُّوزَرِيّ وابن محمد بن سَعادةَ الدانيُّ وابنُ يحيى الإسكَنْدَرانيُّ وعبدُ العزيز بن عيسى بن عبد الواحِد، وأبو عُمرَ بن عاتٍ، وعبدُ الله بن إبراهيمَ ابن يوسُفَ الأنصاريّ، وعبدُ الغنيِّ بن ظافِر المِصْرِيّان، ومحمدُ بن أبي بكرٍ المساريّ بالأندَلُس، وأبو إسحاقَ الأوْسِيّ، وأبو بكر بنُ الطّيِّب، وأبو الحَجّاج بن أبي رَيْحانةَ، وآباءُ عبد الله: ابن جوبَر وابن سَعْدون وابنُ سَعِيد الطَّرّازُ والطَّنْجَاليُّ وابن محمد بن سَمَاعةَ، وأبو العبّاس بن محمد بن مَكْنونٍ، وأبو عَمْرٍو عبدُ الواحِد بن بَقِيّ، وأبو محمد بن عبد الرّحمن بن بُرْطُلُّه. وحدَّثنا عنه أبو إسحاق ابن القَشّاش وأبو جعفرٍ الطَّنْجاليُّ، رحمهما الله. وكان ممّن أطال التَّجْوالَ في طلَب العِلم وأبعَدَ الرِّحلةَ في التماسِه بالأندَلُس وبَرِّ العُدوة وبلاد المشرِق: الأُبُلّةِ والإسكندَريّة ومصرَ والشّام والمَوْصِل والكوفةِ وبغدادَ ومكّةَ والمدينةِ، كرَّمَهما الله، وحَجَّ وقَفَلَ إلى الأندَلُس، وكان معدودًا في المُجوِّدينَ من مُقرئي القرآن، حَسَنَ التصَرُّف في طريقةِ الحديث، بَرَّ المعاملة، جميلَ العِشْرة، كثيرَ البِشْر، كريمَ الأخلاق، عَدْلًا ثقةً فيما يرَويه، وقد تكلَّم بعضُ المنافِسينَ عليه وغمَزَه بالاضْطِرابِ في روايته، وذلك ممّا لا ينبغي الالتفاتُ إليه ولا التعريجُ عليه، فقد رَوى عنه جِلّةٌ بالمشرِق والمغرِب ووَثّقوهُ واستجازُوه، وممّن حدَّث عنه بالإجازة أبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وهو من أقرانِه، واستُقضيَ بدلايةَ مُدّةً، ثم وَليَ الخُطْبةَ بجامع قَصَبة المَرِيّة، إلّا أنه كان لا يُقيمُ إسنادًا، فقد حدَثَ عليه الوَهمُ في غيرِ إسناد، ولعلّ ذلك سببُ التكلُّم فيه. قرَأْتُ على شيخِنا أبي إسحاقَ ابن القَشّاش (¬1) بمَرّاكُش، قال: قرأتُ على ¬

_ (¬1) ابن القشاش هذا ولي قضاء الجماعة في عهد الموحدي، ولما ظهر له اختلال الأمور استعفى ووجه رسالة أوردها ابن عذاري في البيان المغرب (466 - 468 من قسم الموحدين).

الشّيخ الحاجِّ الراوِية أبي عبد الله الأنْدَرْشيّ، أنشَدَني الحافظُ الإمامُ أبو القاسم عليُّ بن الحَسَن، قدَّسه الله، ابنُ عساكرَ لنفسِه [الكامل]: واظِبْ على جَمْعِ الحديثِ وكَتْبِهِ ... واجهَدْ على تصحيحِهِ في كُتْبِهِ واسمَعْه من أربابِهِ نقلًا كما ... سَمِعوهُ من أشياخِه تسعَدْ بهِ (¬1) واعرِفْ ثقاتِ روايةِ من غيرِهمْ ... كيما تمَيِّزُ صِدْقَهُ من كِذْبِهِ فهو المفسِّرُ للكتابِ وإنّما ... نَطَقَ النبيُّ لنا به عن ربِّه فتفَهَّمِ الأخبارَ تعرِفْ حِلَّهُ ... من حُرْمِهِ مَعَ فَرْضِهِ من نَدْبِهِ وهُو المُبيَّنُ للعبادِ بشَرْحِهِ ... سيَرَ (¬2) النبيِّ المصطفى مَعَ صَحْبِهِ وتتبَّعِ العالي الصّحيحَ فإنهُ ... قُرْبٌ إلى الرّحمن تَحْظَ بقُرْبِهِ وتجنّبِ التصحيفَ فيه فربّما ... أدَّى إلى تحريفهِ بل قَلْبِهِ واترُكْ مقالةَ مَن لَحاكَ بجهلِهِ (¬3) ... عن كَتْبِهِ أو بِدعةٍ في قلبِهِ فكفى المحدِّثَ رفعةً أنْ يُرتضَى ... ويُعَدَّ من أهلِ الحديثِ وحِزبِهِ (¬4) مرِضَ في طريقِه إلى مالَقةَ، وخرَجَ منها مريضًا إثْرَ صلاةِ الجُمُعة لثلاثٍ بقِينَ من ربيعٍ الأوّل، وتوفِّي على ظهرِ البحرِ متوجِّهًا إلى بلدِه المَرِية يومَ السّبت لليلتَيْنِ بقِيَتَا من ربيع الأوّل المذكورِ عامَ أحد وعشرينَ وست مئة، فأنزَلَه ابنُه بالمُنكَّب ميِّتًا وحَمَلَه إلى المَرِيّة فدَفَنَه بها حِذاءَ أبيه بمقبُرة باب بَجَّانةَ من ظاهرِ ¬

_ (¬1) في هامش ب: "تُرحم به". (¬2) في هامش ب: "سنن". (¬3) في هامش ب: "لجهله". (¬4) أثبت المعلق بهامش ب هنا سندًا طويلًا له في رواية هذه الأبيات: أوله "أنشدنيها بالمسجد الأقصى عمره الله بذكره، من الأرض المقدسة أبو عثمان بن زيدون، قال: أنشدني أبو العباس ابن فرح ... " إلخ.

91 - محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن لب بن يحيى بن محمد بن قرلمان المعافري، قرطبي، أبو بكر

المَرِيّة. ومَولدُه ضُحى يوم الأحد لخمسٍ خَلَوْنَ من شوالِ أربعٍ وأربعينَ وخمس مئة. 91 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن عبد الله بن لُبّ بن يحيى بن محمد بن قَرْلمانَ المَعافِريّ، قُرطُبيّ، أبو بكر. وهو وَلَدُ أبي عُمر الطَّلَمَنْكيّ، وجَدُّه لأُمِّه أبو جعفر بن عَوْن الله، أصهَرَ إليه أبوه أيامَ مقامِه بقُرطُبة. رَوى عن أبي جعفرِ جَدِّه المذكور، وأبي محمد بن قاسم القَلْعيّ البِطْرَوريِّ وسواهما. وله إجازةٌ من أبي الحَسَن مجُاهِد بن أصبَغَ البَجّانيِّ، وأبي عبد الله بن المُفرِّج، وأبي زكريّا يحيى بن خالدٍ ابن صاحبِ الصلاة. وشارَكَ أباه في طائفة من جِلّة شيوخِه. لقِيَه أبو عبد الله بنُ عبد السلام واستَجازَهُ لنفسِه فأجازَ له. مَولدُه سنةَ سبع وستينَ وثلاث مئة، وتوفِّي -فيما أحسِبُ- قبلَ الثلاثينَ وأربع مئة. 92 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله (¬2) بن يحيى بن فَرْح بن الجَدِّ الفِهْريُّ، إشبِيليٌّ لَبليُّ الأصل، أبو بكر. رَوى عن عمِّه الحافظِ أبي بكر، وكان يَختلفُ بين إشبيلِيَةَ ولَبْلةَ، وتوفِّي بها سنةَ اثنتَيْنِ وثلاثينَ وست مئة، ودخَلَ مَرّاكُشَ ولقِيَ بها أبا العبّاس بنَ جعفرِ السَّبْتيّ (¬3). 93 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن عبد الله بن مَرْوانَ بن عبد الملِك النَّفْزيّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1593)، والذهبي في المستملح (17). (¬2) كذا هو في الأصلين وإذا صح فهو في غير موضعه، لأنه يقع بين من يسمى "محمد بن أحمد بن محمد". (¬3) هو صاحب الضريح المشهور في مدينة مراكش، وهو مترجم في الإعلام للمراكشي 1/ 234.

94 - محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن يونس بن حبيب الأنصاري، سرقسطي، أبو عبد الله

94 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن عبد الله بن يونُسَ بن حَبِيب الأنصاريُّ، سَرَقُسْطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبوَيْ عبد الله: ابن سَمَاعةَ وابن فُورْتِش، وأبي عُمرَ بن عبد البَرّ وأبي عَمْرٍو ابن الصَّيْرَفيّ، وأبوَي الوليد: الباجِيّ والوَقَّشي، ورَحَلَ إلى المشرِق حاجًّا، فأخَذ ببعض بلادِ إفريقيّةَ عن أبي حَفْص عُمرَ بن أبي القاسم بن أبي زَيْد القَفْصيّ، وقَدِمَ دمشقَ فحدَّث بها عن هؤلاءِ وغيرِهم. رَوى عنه أبو محمد ابنُ الأكْفانيّ، وذَكَرَ عنه تدليسًا ضعَّفَه به، وتوفِّي في جُمادى الأخرى أو رجَبٍ من سنةِ سبع وسبعينَ وأربع مئة. 95 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن عبد الله الخَوْلانيُّ، ابنُ الأبّار. رَوى عن أبي عبد الله بن منظور، وكان جيِّد الخَطّ والضَّبط، حيًّا سنةَ ثمانٍ وخمسينَ وأربع مئة. 96 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن عبد الله القَيْسيُّ، مَرَويٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن خالِه أبي الحَسَن بن مَعْدان. 97 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن محمد بن عبد الله الكَلاعيُّ، قُرطُبيٌّ نَزلَ [تونُس] أبو عبد الله. له رحلةٌ رَوى فيها عن أبوَي الحَسَن: ابن حَمْدون الوَزّان -أظُنُّه ابنَ حَمْدونَ الوَرّاق- وابن الغَضّار الهَوّارِيّ، ورَشيدِ الدِّين (¬3) أبي الحُسَين يحيى بن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن عساكر في تاريخ دمشق 51/ 105، وابن الأبار في التكملة (1131)، والمقري في نفح الطيب 2/ 153. (¬2) ترجمه الوادي آشي في برنامجه 65 - 66، وابن القاضي في درة الحجال 1/ 253. (¬3) كتب المعلق هنا: سمع على رشيد الدين هذا أربعين الأستاذ أبي القاسم القشيري رحمه الله في طريق أهل الحقيقة، نفع الله بهم.

98 - محمد بن أحمد بن محمد بن عمرال الغافقي، مروي، أبو بكر

عليّ القُرَشيّ ابن العَطّار، وأبي زكريّا بن عبد المجِيد، وأبي محمد بن بُرْطُلُّه، ورَوى أيضًا عن أبي بكرٍ محمد بن عبد الرحمن الأزْديِّ الفَخّار (¬1). 98 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن محمد بن عَمْرال (¬3) الغافِقيُّ، مَرَويٌّ، أبو بكرٍ. رَوى عن أبي بكر بن أسوَدَ، وآباءِ الحَسَن: ابن مَعْدَان وابن مَوْهَب وابن نافع، وأبي الفَضْل بن شَرَف، وأبي القاسم بن وَرْد، سَمِع عليهم وقرَأَ وأجازوا له، وهُو آخِرُ مَن حدَّث عنهم بالسَّماع. حدَّث عنه بالإجازة أبو سُليمانَ وأبو عُمرَ ابنا حَوْطِ الله. وكان فقيهًا حافظًا عاقِدًا للشّروط بَصيرًا بعِلَلِها، نافذًا في معرِفةِ ما يُصلحُها ويُفسدُها، طويلَ المُزاوَلة لها، وله فيها مختصَر حَسَنٌ نافع. ¬

_ (¬1) قال المعلق التجيبي: "اختصر المؤلف رحمه الله ترجمة هذا الكلاعي، فأثبتها هنا بأوفى مما ذكره به: هو محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله الكلاعي، قرطبي نزل تونس، أبو عبد الله الكلاعي. روى عن جماعة من أهل الأندلس والعُدوة، منهم: أبوا إسحاق الإبراهيمان: ابن خمير والرعيني اللوري، وأبو بكر محمد بن عبد الرحمن الأزدي ابن الفخار، وأبَوا الحسن: الزهري والزيات، وآباء زكريا: ابن حارث وابن عبد المجيد والقطان، وآباء العباس: ابن أمية وابن الرومية وابن عجلان والمليلي، وآباء محمد: ابن برطله وابن الحجام وابن ستاري وعبد الحميد بن أبي الدنيا، وغيرهم؛ ومن أهل المشرق: عن الرشيد العطار المذكور، وسمع عليه أربعين أبي القاسم القشيري في طريق أهل الحقيقة، والزكي المنذري الحافظ، وأبوي عبد الله: التوزري وابن سراقة، وأبوي محمد: ابن عبد السلام عز الدين الحافظ وابن عبد الواحد الرزاز، وغيرهم. وكان شيخًا صالحًا عابدًا زاهدًا صوفيًّا، يتكلم على طريقة أهل الحقيقة وأرباب القلوب كلامًا حسنًا، وصنف في ذلك عدة تصانيف، منها: "كتاب الرسالة الذوقية في بعض طرق الصوفية" و"كتاب تحفة الحبيب وأنس اللبيب" و"كتاب تلقين المبتدي وتهذيب المقتدي" و"كتاب نزهة العين وجلاء الغين" و"كتاب زهرة العين وجلاء الرين فيما يتعلق بصلاح الباطن وفرض العين". كتب إلينا مجيزًا جميع ما تجوز له روايته من تونس غير مرة، رحمه الله؛ وتوفي بها يوم السبت الموفي عشرين لشهر ربيع الآخر عام ثلاثة وتسعين وست مئة، وهو ابن ثمانين سنة أو نحوها، ودفن من يومه بعد صلاة العصر بالزلاج، يرحمه الله تعالى". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1531)، والذهبي في المستملح (195)، وتاريخ الإسلام 12/ 1119. (¬3) في التكملة: "بن عبد الرحمن بن عمرال".

99 - محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن مسعود الفهري، مروي، أبو عبد الله الترياسي -بكسر التاء المعلوة وإسكان الراء وياء مسفولة وألف وسين غفل منسوبا- وابن الشيخ

توفِّي منتصَفَ ليلة الاثنينِ الرابعةِ والعشرينَ من صَفَرِ سبع وتسعينَ وخمس مئة، ومولدُه سنةَ ثمانٍ وخمس مئة. 99 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن عبد الرّحمن بن مَسْعودٍ الفِهْريُّ، مَرَويٌّ، أبو عبد الله التِّرْياسيّ -بكسرِ التاءِ المَعْلُوّة وإسكانِ الراء وياءٍ مسفولة وألِف وسين غُفْل منسوبًا- وابن الشّيخ. رَوى بسَبْتَةَ عن أبي عبد الله الأزْديِّ، وابن جوبَر وأخَذ عنه القراءات، وبمالَقةَ عن أبي إسحاقَ الأوْسيّ وأبي محمد بن عَطِيّة، ولزِمَ بالمَرِيّة أبا الحَسَن الشارِّيَّ وأكثَرَ عنه. وأجاز له: أبو جعفر بنُ عَوْن الله، وأبو عبد الله بن نُوح، وأبو عُمرَ بن عاتٍ. رَوى عنه أبو جعفرٍ ابن الزُّبَيْر وتدَبَّج معَه. وكان من بيت عِلم ودِين، مُكْتِبًا فاضلًا وَرِعًا سَنيًّا ناسِكًا، فقيهًا عاقدًا للشّروطِ مقصُودًا إليه بسببِها لحِذْقِه بعِلَلِها ونفوذِه في أحكامِها، خَطَبَ بجامع المَرِيّة وأَمَّ به، وتوفِّي بها سنةَ ستّينَ وست مئة. 100 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن عبد العزيز الحِمْيَريّ، قُرطُبيٌّ إستِجيُّ الأصل سَكَنَ مالَقةَ، أبو عبد الله الإسْتِجيّ. تلا بالسَّبع على أبي الأصبَغ عبد العزيز بن موسى الشاطِبيّ، وأبي بكرٍ عَيّاش بن الفَرَج، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي زَيْد بن الحَسَن اللَّخميّ، وأبي القاسم عبد الرحمن بن رِضا، وأبي محمد بن فائز، وروى عن بعضِهم غيرَ ذلك. ورَوى الحديثَ عن أبي بكر ابن العَرَبي، وأبوَيْ عبد الله: حفيدِ مكِّيّ وابن مَعْمَر، وأبي العبّاس بن حَرْب، ولم يَذكُرْ تلاوتَه عليه، وأبي القاسم بن جَهْوَر، وأبي مَرْوانَ بن بُونُه. رَوى عنه أبو إسحاقَ بن عليّ الزَّوَاليّ، وأبو بكر يحيى بنُ أحمدَ الهَوّاريّ وأبو جعفرٍ الجَيّار، وأبَوا الحَسَن: ابن محمد بن منصُور وابن يحيى الأخفَش، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة (26)، وابن الأبار في التكملة (1456)، والذهبي في المستملح (159)، وتاريخ الإسلام 12/ 602.

101 - محمد بن أحمد بن محمد بن عطية القيسي، مالقي، أبو عبد الله

وأبو سُليمان بن حَوْطِ الله، وأبو عبد الله الأنْدَرْشيّ، وأبو عليّ الرُّنْدِيّ، وأبو عِمرانَ النَّجّار، وأبَوا محمد: ابن حَوْطِ الله وابن عبد العظيم. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، فاضلًا صَالحًا عَفِيفًا ديِّنًا، محدِّثًا متّسعَ الرِّواية، قال أبو جعفرٍ الجَيّار: أخبَرني جَدِّي عنه يومًا بحديث ثم قال لي: مشَيْتُ البلاد ورأيتُ الزُّهّاد، وصاحَبْتُ العلماءَ والعُبّاد، فلم أرَ أفضلَ من أبي عبد الله الإسْتِجيِّ رحمه الله؛ وَلِيَ الخَطابةَ والصّلاةَ بجامع مالَقةَ، واستمرَّ على ذلك إلى أن توفِّي بمالَقةَ سنةَ سبع وسبعينَ وخمس مئة. 101 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن عَطِيّةَ القَيْسيُّ، مالَقيٌّ، أبو عبد الله. وهو أخو الحاجِّ أبي محمد (¬2). رَوى عن آباءِ عبد الله: ابن أيّوبَ بن نُوح وابن حَمِيد وابن زَرْقُونَ وابن الفَخّار، وأبوَي القاسم: السُّهَيْليّ وابن حُبَيْش، وأبي محمد عبد الحقّ بن بُونُه. حدَّثنا عنه شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمه الله، وكان فقيهًا عاقِدًا للشُّروط، عارِفًا بأحكامِها، متقدِّمًا في إتقانِها، حَسَنَ السِّياقةِ لها، سَهْلَ المآخِذ فيها، جيِّد الخَطّ، استَنابَهُ في القضاءِ بمالَقةَ قاضيها أبو عبد الله بن أبي مَرْوان الباجِيُّ مُدّةً، ثم استَبَدَّ، فعُرِف في الحالَيْنِ بالعدالة والجَزالة وحُسن السِّيرة وكرَم الأُحدُوثة، والتقَدُّم في ضُروبِ الفضائل. توفِّي لثلاثٍ خَلَوْنَ من ذي قَعْدةِ سنة سبعٍ وعشرينَ وست مئة. 102 - محمدُ (¬3) بن أحمدَ بن محمد بن عُمرَ بن إبراهيمَ الفِهْريّ، إشبِيليُّ الأصل، سكَنَ تونُس، أبو عبد الله، ابنُ الجَلّاب. ¬

_ (¬1) ترجمه الرعيني في برنامجه: 138. (¬2) ترجم الرعيني لأبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن عطية القيسي في برنامجه: 139. (¬3) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة مع الغرباء 3/الترجمة 31، وقد تكلّم عيه ابن رُشيد في الرحلة طويلًا وسرد مؤلفاته وذلك في الجزء السادس الذي ما يزال مخطوطًا. وابن الجلاب هذا هو كاتب النسخة النفيسة المتقنة من التكملة الأبارية (تنظر مقدمة الدكتور بشار للتكملة).

رَوى عن أبوَيْ بكر: ابن أحمدَ بن سيِّد الناس وابن محمد بن مُحرِز، وأبي الحُسَين ابن السَّرَّاج وأبي المُطرِّف ابن عَمِيرةَ، وأبي عبد الله ابن الأبّار، ولازَمَه طويلًا وأكثَرَ عنهُ، وأبي عثمانَ سَعِيد بن حَكَم وأكثَرَ عنه، وغيرِهم. وكتَبَ إليه أبو إسحاقَ بن محمد بن عُبَيْدِيس، وأبَوا بكر: عَتِيقُ بن الحَسَن بن رَشِيق وابن الطَّيِّب العُتَقيّ، وأبو الحُسَين بن مُؤمن بن عُصفور، وأبو زكريّا بن أبي بكر بن عُصفُور، وآباءُ عبد الله: ابن عبد الله الأَزْديُّ وابن عبد الرّحمن ابن جوبَر وابنُ عبد الكريم الجُرَشيّ وابن عِيَاض، وأبَوا العبّاس: ابنُ عليّ المارِديّ وابن يوسُفَ ابن فَرْتُون، وأبو عَمْرٍو عُثمانُ بن محمد ابن الحاجّ، وأبو العَيْش محمد بن عبد الرّحيم بن أبي العَيْش، وأبو عليّ الحُسَين بن عبد العزيز ابن الناظِر، وأبو القاسم قاسمُ بن محمد بن الأصفَر، وأبو يحيى عبدُ الرحمن بن عبد المُنعِم ابن الفَرَس، وأبو يعقوبَ بن موسى المحسانيّ؛ ومن أهل الإسكندَريّة: عبدُ الله بن عليّ بن إسماعيلَ الأبياريّ وعبدُ الكريم بن عطاءِ الله بن عبد الرّحمن ابن عبد الله بن محمد بن عيسى، وعبدُ الوهّاب بن مَكِّي بن عبد العزيز بن عبد الوهّاب بن أبي الطاهِر بن عَوْف، والمُحمّدانِ ابنا العَلِيَّيْنِ: ابنُ أبي الفَرَج وابنُ المُعِزّ؛ ومن القاهرة: إسماعيلُ بن محمود ابن باكويةَ؛ ومن مِصرَ: عبدُ المُحسِن بن يونُس بن عبد المُحسِن الخَوْلانيُّ القُضَاعيّ ابن سَمْعون، وعبد المُنعِم بن عبد الوهّاب بن محمد رئيسُ المؤذِّنينَ بها، وعليُّ بن عبد الرزّاق ابن الحَسَن بن محمد المَقْدِسيّ ابنُ القَطّان، وأبو الكَرَم لاحِقُ بن عبد المُنعِم بن قاسم الأرتَاحيّ، وأبو الحُسَين يحيى بن عليّ القُرَشيُّ رَشيدُ الدِّين ابنُ العَطّار؛ ومن الدِّيار المِصريّة: أحمدُ بن حامدِ بن أحمدَ الأرْتَاحيّ وإسماعيلُ بن القَوِيّ بن أبي العِزّ بن داودَ بن عَزُّوزٍ الأنصاريُّ وأبو بكر بن عليّ بن مَكارِم بن فِتْيانَ الأنصاريُّ الدِّمشقيُّ الشافعيُّ وخليلُ بن أبي بكر بن محمد المَرَاغيّ أبو الصَّفا وعبدُ الرحمن بن مُرهَف الشافعيُّ وعبد العزيز بن عبد السّلام وأبو عَمْرٍو عثمانُ بن مَكّيِّ بن عثمانَ وأبو الحَسَن عليُّ بن أحمدَ بن عليّ القَسْطَلّانيّ وعيسى بن سُليمانَ

103 - محمد بن أبي الخطاب أحمد بن محمد بن عمر بن محمد بن واجب القيسي، بلنسي، أبو الحسن

ابن رَمَضانَ الشافعيّ، والمُحمَّدون: أبو الحَسَن بنُ الأنجَب بن أبي عبد الله بن عبد الرّحمن البغداديُّ النَّعّالُ وابنُ أبي الخَيْر النَّحْويّ، وأبناءُ المحمَّدِين: أبو القاسم بن سُرَاقةَ وابنُ محمد التَّيْميُّ البَكْريُّ وابن البَغداديّ، واليوسُفانِ ابنا عَبْدَي الله: الصّارمُ بن إبراهيمَ والوَجْديّ. وكانت له عنايةٌ تامّة بروايةِ الحديث ومعرفة رجالِه، ومعرفةٌ بالتاريخ، وحَظٌّ صَالح من الأدبِ وقَرْض الشِّعر وإنشاءِ النَّثر، ومشارَكةٌ في النَّحو. ومن مصنَّفاتِه: "الفوائدُ المُتخيَّرة" و"إشعارُ الأنام بأشعارِ المنام" وغيرُ ذلك من التقاييدِ والتعاليقُ التي عُني بها واحتَفلَ في جَمْعِها والاستكثارِ منها؛ حدَّثنا عنه أبو محمد مَوْلى أبي عثمانَ سَعِيدُ بن حَكَم، واستُشهدَ رحمه الله، قَتَلَه العدوُّ الرُّوميُّ بعدَ أن أبلَى بلاءً كثيرًا حتى قُتلَ مُقبِلًا غيرَ مُدبِرٍ في مَرْكَب غَلَبَ العدوُّ عليه، وذلك في شهرِ رَمَضانِ أربعٍ وستينَ وست مئةٍ وقد ناهَزَ الاكتهال. 103 - محمدُ بن أبي الخَطّاب أحمدَ بن محمد بن عُمرَ بن محمد بن واجب القَيْسيُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبيه أبي الخَطّاب، وأبي عبد الله بن أحمدَ بن مَسْعودٍ ابن صاحب الصلاة. 104 - محمدُ بن أبي الوليد أحمدَ بن عُمرَ الشِّلْبيُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي الحَسَن الدَّبّاج. 105 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن عِمرَانَ الصَّدَفيُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي الحُسَين عبد الملِك بن محمد ابن الطَّلّاء. 106 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن عيسى بن جِدَار، مالَقيٌّ، أبو عبد الله الحِمْيَريُّ. كان شاعرًا مطبوعًا رقيقَ الطّبع، حيًّا في حدود العشرينَ وست مئة.

107 - محمد بن أحمد بن محمد بن عيسى بن عبد الله بن رجاء الأنصاري، إلبيري

107 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن عيسى بن عبد الله بن رَجَاءٍ الأنصاريُّ، إلْبِيريٌّ. 108 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد بن غالبٍ الأنصاريُّ، قُرطُبيّ، أبو عبد الله، ابنُ الشَّرَّاطِ والأُستاذُ حَمْد. تَلا بالسَّبعِ على عمِّه أبي القاسم، ورَوى عنه وعن أبي ذَرّ بن أبي رُكَب، وأبي عبد الله بن عثمان بن يقيميس. رَوى عنه أبو عامِر يحيى بن أُبَيّ، وآباءُ القاسم: القاسمانِ: قريبُه ابنُ الطَّيْلَسان وابنُ الأصفَر، وابنُ رَبيع. وكان من أهل المعرفة التامّةِ بالقرآن والحِفظ للُغةِ العَرَب، والتقدُّم في النَّحو، والاعتناءِ بالضَّبط والتقييد، محصِّلًا مُتقِنًا، معَ الزُّهد والصّلاحِيّة والدِّين المَتِين، تصَدَّر لإقراءِ القرآن وإسماع الحديثِ وتدريس العرَبيّة واللُّغة بجامع قُرطُبةَ الأعظم. وتوفِّي عند غروبِ الشّمس ليلةَ الجُمُعة الحاديةَ عشْرةَ من محرَّمِ ستَّ عشْرةَ وست مئة، ودُفنَ من الغَدِ إثْرَ صلاةِ الجُمُعة بمقبُرة أُمِّ سَلَمةَ معَ سَلَفِه؛ قاله أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، وقال أبو جعفر بن علي القُرطُبيّ: توفِّي منتصَفَ المحرَّم، وتقييدُ ابن الطَّيْلَسان أوْلى، واللهُ أعلم. 109 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن الفَرَج الطائيُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العِلم، عاقِدًا للشّروط، مُبرِّزًا في العدالة، حيًّا في سنة اثنتينِ وثمانينَ وأربع مئة. 110 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن قادِم. 111 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن محمد بن اللَّيث. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1615)، والذهبي في المستملح (256)، وتاريخ الإسلام 13/ 483، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 86، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 222، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 45. (¬2) ترجمه صاعد في طبقاته (83)، وابن الأبار في التكملة (1114).

112 - محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن سابق، أبو الوليد، روى عن أبي عبد الله بن عيسى ابن المناصف

أخَذَ عن أبي عبد الله بن بُرْغُوثٍ العَدَديّ (¬1)، وكان له بَصَرٌ بالفقه والنَّحو واللُّغة وتحقُّقٌ بالتعاليم، إلى كمالِ مروءةٍ وسَراوةِ همّةٍ وجَلالة. توفِّي بشُرِيُّونَ (¬2) سنةَ خمسٍ وخمسينَ وأربع مئة، ووَليَ القضاءَ بشُرِيُّون. 112 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن محمد بن سابِق، أبو الوليد، رَوى عن أبي عبد الله بن عيسى ابن المُناصِف. 113 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن محمد القَيْسيُّ، ابنُ حُبَّة. 114 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن محمد. روى عن أبي عبد الله بن الحاجِّ الشَّهيد، وأبي محمد بن عَتّاب، ولعلّه الذي يَليهِ قبلَه. 115 - محمدُ (¬3) بن أحمدَ بن محمد بن مُجبرٍ التُّجيبيّ، سَرَقُسْطيٌّ نَزلَ مِصرَ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي حَفْص عُمرَ بن محمد بن الحُسَين المَقْدِسيّ. حدَّث عنه بالإجازة أبو سُليمان بن حَوْطِ الله. 116 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن مَحْبوب الرُّعَيْنيُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العِلم والتقييد وجَوْدةِ الخَطّ، حيًّا سنةَ أربعٍ وثمانينَ وثلاث مئة. 117 - محمدُ (¬4) بن أحمدَ بن محمد بن مُطَرِّفِ بن سَعِيد التَّجيبيُّ، من أهل قَلْعةَ أيّوب، سَكَنَ مدينةَ فاسَ، أبو عبد الله البَيْرَاقيُّ، بفَتْح الباءِ بواحِدة وإسكان الياءِ المسفولة وراء وألِف وقافٍ منسوبًا. ¬

_ (¬1) هو محمد بن عمر بن محمد. (¬2) شريون من أعمال بلنسية. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1485). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1488).

وقَفْتُ على نَسَبِه في خَطِّ ابنِه أبي الخَطّاب عُمرَ بغير موضِع، بتقديم مُطَرِّف على سَعِيد كما ذكَرْتُه، وعَكَسَه ابنُ فَرْتُون ومُقتفيهِ أبو جعفر بنُ الزُّبَير، فجَعَلا سَعِيدًا بينَ محمد ومُطَرِّف، وقَفْتُ على ذلك في خَطَّيهِما، وقد صَحَّح ابنُ الزُّبَير بخطِّه على سَعِيد الواقع عندَه بين محمد ومُطَرِّف، وذلك غَلَطٌ لا محالة، فقد وقَفْتُ عليه في خطِّ أبي عبد الله نفسِه وقد كتَبَ بعدَ محمد: ابن مُطَرِّف بن سَعِيد (¬1)، ولم يزِدْ عليه، وإن كان يَحتملُ على بُعْد أن يكونَ مُطَرِّفٌ جَدًّا شُهِرَ به بيتُه فنَسَبَ نفْسَه إليه، لكنه يأبَى ذلك ما ذكَرْتُهُ من عمَل ابنِه أبي الخَطّاب، وبحسَب تقديمِ مُطَرِّف على سَعِيد في موضِع وعَكْسِها في آخَرَ وَهِمَ أبو عبد الله ابنُ الأبّار فظَنَّهما رجُلَيْن وذكَرَهما في رَسْمَيْن (¬2) جعَلَ بينَهما نحوَ مئةٍ وسبعينَ رَسْمًا، والصّحيحُ أنّهما واحدٌ كما بيَّنتُه فاعلَمْه، واللهُ الموفِّق. رَوى عن أبي بحرٍ سُفيانَ بن العاص، وأبي بكرٍ غالب بن عَطِيّةَ، وأبي عليّ بن سُكّرةَ، وأبي محمد بن عَتّاب، وأبي الوليد بن رُشْد. رَوى عنه ابنُه أبو الخَطّاب المذكورُ. وكان من أهل العِلم بالحديث، وافرَ الحَظّ من الفقه، مقيِّدًا ضابِطًا، وكان عندَه أعلاقُ كُتُبٍ نَفِيسة عُني بضَبْطِها وأتقنَ تقييدَها، إلى ما كان عليه من التُّقى والانقباضِ والصَّلابة في الدِّين، ووفورِ العَقْل وحُسن السَّمتِ وصِدق الوَرَع، والمُواظَبة على تلاوة كتابِ الله تعالى والتهجُّد به؛ وقد ظَهَرت على يدِه كراماتٌ مأثورةٌ منها، وهو من تكَثير القليل: ما حدَّث به ابنُه أبو الخَطّاب المذكورُ قال: لمّا احتاجَ والدي إلى عَقْد نِكاح أُختي معَ متزوِّجِها، قال لي: يا عمر، كلِّمْ منَ الشُّهودِ والإخوان والجِيران مَن يَحضُرُ عَقْدَ النِّكاح، قال: فكلَّمتُ جماعةً من الناس، فلمّا كان من الغَدِ واجتَمَعوا أمَرَ باشتراءِ ثمن قِنطارٍ من حَلْواءَ ورُبع قِنطار من الكعك، فاشتُريَ ذلك، فلمّا حَضَرَ قلت: هذا ما لا يقومُ بمن ¬

_ (¬1) الترجمة (79). (¬2) التكملة، الترجمتان (1136 و 1488).

118 - محمد بن أحمد بن محمد بن معدان الأموي

دعَوْتُه، فقال لي: كم كلَّمتَ من الناس؟ قلت: نحوَ مئة وخمسين، فقال: يكفيهِم إن شاء الله، ثم إنه جاء إلى الموضِع الذي الطّعامُ [فيه] فجَعَلَ يُرتِّبُه ويقدِّمُ للناس، قال: فأكلَ جميعُ مَن حَضَرَ وفَضَلت منه بقيّةٌ صالحةٌ، وما أرى ذلك إلّا ببَرَكةِ تناوُله ودعائه، رحمه الله. انتَقلَ قديمًا من بلدِه لنائرةِ العدُوِّ فاستَوطنَ مدينةَ فاسَ إلى أنْ توفِّي بها بعدَ الأربعينَ وخمس مئة. 118 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن مَعْدانَ الأمويُّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ خمسٍ وعشرينَ وأربع مئة. 119 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن نافع المَيُورْقيُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي عَمْرو بن سالم. وكان حَسَنَ السَّمت فاضلَ الخُلُق، عفيفًا أديبًا ذكيًّا يَقِظًا، من بيتِ فَضل وجَلالةٍ وعِلم، وخَطَبَ أبوه بمَيُورْقَةَ. 120 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن وَهْب اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ. تَلا بالسَّبع على أبي العبّاس ابن مُنذِر وأجاز له، وسَمِع أبا إسحاقَ بنَ محمد بن حِصْن وأكثَرَ عنه، وأبوَي الحَسَن: ابن هِشَام الشَّرِيشيّ -وأجاز له أيضًا (¬1) - وأبا القاسم أحمدَ بن محمد بن شجرةَ، وأبا محمد عبدَ الرّحمن بن عليّ الزُّهْريَّ وأجاز له. رَوى عنه أبو بكرٍ محمدُ بن يوسُفَ بن إبراهيمَ الحَرّاليّ، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا. 121 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن هِشام. 122 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن يحيى الأنصاريُّ الأَوْسيُّ، إشبِيليٌّ. رَوى عن أبي أُمَيّةَ بن عُفَيْر، وأبي محمدٍ طلحة. 123 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن يحيى القَيْسيُّ، إشبِيليٌّ فيما أحسِبُ، ابن محمودةَ. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح، والمُجوِّدِ أبي العبّاس ابن النَّخّاس. ¬

_ (¬1) أيضًا: لم ترد في ب.

124 - محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى، شلبي، أبو الوليد، ابن الملاح

124 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن يحيى، شِلْبيٌّ، أبو الوليد، ابنُ المَلّاح. رَوى عن أبي الحَسَن عبد الملِك بن محمد ابن الطَّلّاء. 125 - محمدُ بن أحمدَ بن محمدٍ الأَزْديُّ، رُقُوطيٌّ -بضمِّ الراءِ والقاف وواوِ مَدّ وطاءٍ غُفْل منسوبًا- أبو عبد الله، ابنُ عَسْكَر. رَوى بالأندَلُس عن بعض أهلها، ورَحَلَ إلى المشرِق وحَجَّ، ورَوى عن أبي القاسم عبد الرّحمن بن أبي بكر عَتِيق بن أبي سَعِيد خَلَف القُرَشيّ الصِّقِلِّي ابن الفَحّام. رَوى عنه أبو عبد الله الأغْمَاتيُّ، وأبو محمدٍ عبدُ الكبير، وكان راوِيةً للحديثِ ضابطًا لِما يَنقُلُ، ثقةً. 126 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد الأُمُيِّيُّ، باجِيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ أبي العاص. رَوى عن الخَطيب أبي جعفر بن يوسُفَ (¬1) ابن صاحبِ الصّلاة. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ رَوْبِيل، ويوسُفُ بن أحمد البَهْرانيّ، وقد تقَدَّم رَسْمُ محمد بن أحمد بن محمد بن العاص (¬2) وأُراه هذا وسَقَطَ منه ما بينَ "ابن" و"العاص"، فيُحَقَّقُ إن شاء اللهُ تعالى. 127 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد الأنصاريُّ، قُرطُبيٌّ. رَوى عن أبي القاسم خَلَف بن عبد الله بن صَوَاب، وأبي مَرْوانَ إسماعيلَ بن محمد بن سُفيان. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا عارفًا بالقراءات، وله شَرْحٌ في قصيدةِ أبي الحَسَن الحُصْريِّ في قراءة نافع لا بأسَ به. 128 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد الجُذَاميُّ، إشبِيليٌّ. أحدُ نُبهائها وعُدولها، كان حيًّا سنةَ خمس وخمسينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) ابن يوسف: مكررة في م. (¬2) انظر الترجمة رقم (6) فيما تقدم.

129 - محمد بن أحمد بن محمد الصدفي، إشبيلي، أبو بكر، ابن الصابوني، يلقب بالحمار

129 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد الصَّدَفيُّ، إشبيليٌّ، أبو بكر، ابنُ الصّابُوني، يُلقَّبُ بالحِمار. لقَّبَه به أبو عليّ ابنُ الشَّلَوْبِينَ فلَزِمَه، وكان كثيرًا ما يَقلَقُ لهُ، وله بسببِه نوادرُ. رَوى عن أبي الحَسَن الدَّبّاج، وأبي الحُسَين بن زَرْقُون، وأبي عليّ ابن الشَّلَوبِينَ المذكور. وكَلَّفَه بعضُ الفُقهاءِ النَّظمَ في رَبْطِ أصلٍ من الفقه في الإقالةِ والاستقالة فقال [البسيط]: إمّا أردتَ صحيحَ البيعِ تعلَمُهُ ... من جنسِ فاسدِهِ فاستَفْتِني وسَلِ إنْ وافَقَ الثمَنُ المثمونَ فاجتَمَعا ... في الجنسِ كانا على قِسمَيْنِ في العملِ فإنْ يكُنْ رِبَوِيًّا لم يَجُزْ أبدًا ... إذا تفاضَلَ مُنْسَأً إلى أجَلِ وإنْ يكُنْ ضدَّ هذا فلتكُنْ أبدًا ... من أنْ يُباعَ بتأخيرٍ على وَجَلِ وبِعْهُ نقدًا بفضلٍ أو مُماثَلة ... واسلُكْ سبيلي فهذا أوضحُ السُّبُلِ وإنْ هما افتَرَقا في الجنسِ واختَلَفا ... لم يَخْلُوا أن يكونا ساعةَ البَدَلِ إمّا طعامَيْنِ أو عَيْنَيْنِ قد حَضَرا ... أو غيرَ ذلك، هذا الرأيُ لم يَفِلِ فإنْ يكُنْ ذاك عَيْنًا لم يكُنْ أبدًا ... فيه النَّساءُ بوَجْه فاعتقِلْ هَمَلِ ومِثلُه كلُّ مطعومٍ سَمِعتَ بهِ ... فلْتَسْرِ في أثَري تأمَنْ منَ الزّلَلِ وما عدا ذَيْنِ كان البيعُ أجمَعُهُ ... فيه يجوزُ، فلا تَركَنْ إلى العِلَلِ إلّا إذاكان ما تُعطي إلى أجلٍ ... من جنسِ ما بِعتَ فاحذَرْ ذاك وامتثِلِ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في تحفة القادم (161)، وابن سعيد في المغرب 1/ 23، واختصار القدح المعلى (69)، والصفدي في الوافي 2/ 9، وابن شاكر في فوات الوفيات 2/ 209، والمقري في نفح الطيب 3/ 518.

130 - محمد بن أحمد بن محمد الصدفي، طليطلي

أو كان أكلًا ولم يَقبِضْه منكَ فلا ... تزِدْهُ أكلًا نَسِيئًا خُذْ بذا وقُلِ وإنْ يكُنْ ذاك مطعومًا ويقبِضُهُ ... فلا ترُدَّ طعامًا مُنسِئًا تَحُلِ وإنْ يكُنْ رَبَويًّا في الطعامِ فلا ... تزِدْهُ من جِنسِه حُيِّيتَ من رجُلِ وفي المزيدِ من المُبتاعِ تقبِضُهُ ... على الإقالة أصلٌ غيرُ ذي دَخَلِ من المبيعاتِ معهودٌ يُعيِّنُها ... وضِدُّها فاستمِعْ قولًا بلا خَطَلِ وما تَعيَّنَ منهُ قد يُباعُ إلى ... حِينٍ ونَقْد وعَقْدُ البيع لم يزَلِ فإنْ يكُنْ ثمنُ المُبتاع مُنتقَدًا ... لا زِلتَ تُنقَدُ ما أحبَبْتَ في جَذَلِ فاحسِبْهُ بيعًا كباقي البيع يُفسدُهُ ... ما يُفسدُ البيعَ من وَهْنٍ ومن خَلَلِ وإنْ يكُنْ غيرَ منقودٍ فيُنظَرُ في ... زيادةِ المشتري في كلِّ مُحتمَلِ 130 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد الصَّدَفيُّ، طُلَيْطليٌّ. كان من أهلِ العلمِ، بارعَ الخط، مُبَرِّزًا في العدالة، حيًّا سنة إحدى وأربعين وأربع مئة. 131 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد الغافِقيُّ، سَرَقُسْطيٌّ. كان من أهل العلم والتبريزِ في العدالة، حيًّا سنةَ ستٍّ وثلاثينَ وأربع مئة. 132 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد الغافِقيُّ، قُرطُبيٌّ بَيْسَانيُّ الأصل، أبو عبد الله البَيْسَانيّ، ويقال: الفَيْسَانيّ، وابنُ عراق. تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن عَوْنِ الله بن عَوْن الله، وأبي القاسم ابن الحَصّار، ويقال: ابنِ النَّخاس وكان يكرَهُها؛ وحدَّث عنهما وعن أبي بحر بن العاص وأبي محمد بن عَتّابٍ وتفَقَّه به. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1465)، والذهبي في المستملح (164)، وتاريخ الإسلام 12/ 631، ومعرفة القراء الكبار 2/ 547، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 86، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 222.

133 - محمد بن أحمد بن محمد القيسي، رندي سكن مراكش، أبو عبد الله الرندي والمسلهم

رَوى عنه أبو جعفرٍ الجَيّارُ، وابنا حَوْطِ الله، وأبو القاسم عبدُ الرّحيم بن إبراهيمَ ابن الفَرَس، وحدَّث عنه بالإجار أبو عليّ الرُّنْديّ. وكان فقيهًا عاقِدًا للشُّروط، عَدْلًا مُقرِئًا متصدِّرًا متحدِّثًا راوِيةً مُعمَّرًا، ولحِقَتْه زَمانةٌ بأخَرةٍ من عُمُرِه عاقَتْه عن التصرُّف، فلزِمَ دارَه بحَوْمةِ بابِ الفَرَج من الرَّبَض الشَّرقي، وأقرَأَ هنالك وأسمَعَ، وكان آخِرَ الرُّواة بالسَّماع عن أبي القاسم ابن الحَصّار. مَولدُه سنةَ تسعينَ وأربع مئة، وتوفِّي في رجب، وقيل: في جُمادى الآخِرة، سنةَ تسع وسبعينَ وخمس مئة. 133 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن محمد القَيْسيُّ، رُنْديٌّ سكَنَ مَرَّاكُشَ، أبو عبد الله الرُّنديُّ والمسلهم. رَوى عن أبي إسحاقَ بن أحمدَ الرُّنْدي، وأبي البَرَكاتِ عُمرَ بن مودودٍ الفارِسيِّ، وأبوَيْ بكر: ابن أبي تَلِيد وابن عليّ بن المَرْضِيّ، وأبوَي جعفر: ابن يحيى الخَطيب وابن يَسْعُون الشَّرِيشيّ، وأبوَي الحَجّاج: ابن الشَّيخ -وأجاز له شَفاهًا- وابن المُعزِّ المُكَلّاتيّ، وآباءِ الحَسَن: حازم بن حازم وسَهْل بن مالكٍ وابن خَرُوف النَّحْويّ والدَّبّاج وابن السُّعود وابن عَفّانَ وابن الفَضْل وابن القَطّان، وأبي الحُسَين محمد بن محمد بن زَرْقُون، وأبي الحَكَم يوسُفَ بن رختاط، وأبي الخَطّاب أحمدَ بن محمد بن واجِب، لقِيَه وأجاز له، وأبي الرَّبيع بن أبي العزيز، وأبي بكرٍ -ويقال: أبو زكريّا- بن محمد بن أَبَانٍ الشَّعْبانيّ، وأبي سُليمانَ ابن حَوْطِ الله، وأبي الصَّبر السَّبْتيّ، وآباءِ عبد الله: ابن إبراهيمَ ابن حَرِيرةَ وتدَبَّجَ معَه، وابن أبي العبّاس بن وَرْد وابن عبد الله البَرنامَج، وآباءِ العبّاس: ابن إبراهيمَ الطَّنْجِيِّ وابن شُكَيْل وابن عليّ بن هارُون وابن محمد العَزَفيّ، لقِيَهُ بسَبْتَةَ وسَمِع عليه وناوَلَه وأجاز له، وأبوَيْ عليّ: الحَسَن بن عبد الله بن يوسُف -أجاز له- وعُمرَ بن عبد المجِيد الرُّنْديّ، ولزِمَه ببلدِه وبمَرّاكُشَ، وأبي عُمرَ بن عاتٍ، ¬

_ (¬1) ترجمه المراكشي في الإعلام 5/ 364.

وأبي عَمْرٍو محمد بن عبد الله بن غِيَاث، وأبي القاسم بن بَقِيٍّ وأكثَرَ عنه، وابن الحَدّاد التونُسيّ، وأبوَيْ محمد: ابن حَوْطِ الله وعبد الحقِّ بن عبد الله بن عبد الحقّ، وأبي مَرْوانَ محمد بن أحمدَ الباجِيّ، لقِيَه بطَرِيفَ ومَرّاكُشَ وناوَلَه، والحاجّ القَلْفَاط وغيرهم. [وكان] (¬1) محدِّثًا مُكثِرًا متّسعَ الرِّواية أديبًا، من أبرَع الناس خَطًّا، عاقِدًا للشُروط، جَمّاعةً للكُتُب وفوائدِ الشّيوخ، نسّابةً لخطوطِ العلماء، ذاكرًا للتواريخ، حَسَنَ المُحاضَرة، جميلَ اللِّقاء، جالَسْتُه مرّات؛ وكان صديقًا لأبي رحمَهُ اللهُ، ولإكثارِه غَمَزَه بعضُ أشياخِنا وتكلَّموا فيه، وكان شيخُنا الناقدُ العَدْلُ أبو محمد حَسَنُ بن عليّ ابن القَطّان يُصرِّحُ بتكذيبِه وادّعائه تحميلَ شيوخٍ ما ليس في روايتِهم وحَمْلِه عنهم ما لا صَحَّ له، وقد كان يَظهَرُ ذلك منه، ولعلّه بالإجازةِ، واللهُ أعلم. وكان ذا حَظّ من الكتابةِ وقَرْض الشِّعر يُحسنُ في أقلِّه، ومنه، ونقَلتُه من خطِّه [الطويل]: يُسائلُني مَن لا أُراعُ بوُدِّهِ ... فأكتُمُه حالي وليس أخارَيْبِ إذا كان دائي من أماكنِ لَذّتي ... ترَكْتُ عَذُولي حائضًا ظُلَمَ الغَيْبِ ومنه، ونقَلتُه من خطِّه أيضًا [مجزوء المتدارك]: كيف أخشَى بذَنْبي ... دَرَكاتِ الجحيمِ بين رَبٍّ رحيمٍ ... ورسُولٍ كريم؟! ومنه، ونقَلتُه أيضًا من خطِّه، وكتَبَ به إلى شيخِه أبي الحَسَن بن خَرُوف وقد نالَتْه منه وَحْشة [المجتث]: هَبْني أسَأْتُ أمَالي ... في نَيْل عَفْوِك سُولُ وَسِيلتي وشَفيعي ... إلى رِضاكَ الرسُولُ ¬

_ (¬1) سقطت من ب م، ولا بد منها.

ومنه، ونقَلتُه أيضًا من خطِّه مُذَيِّلًا ثلاثةَ (¬1) أبيات تُنسَبُ إلى أبي زكريّا بن إسحاقَ بن محمد بن عليّ المَسُوفيِّ، ابنِ غانِيَةَ (¬2) [الطويل]: أظُلمًا ورُمحي ناصِري وحُسَامي ... وضَيْمًا وعَزْمي قائدي وزِمَامي ولي بأسُ بطّاشِ الذِّراعَيْنِ ضَيْغَمٍ ... يُناضلُ عن أشبالِهِ ويُحامي ألا غَنِّياني بالصَّهيلِ فإنهُ ... سَماعي ورَقْرَاقُ الدماءِ مُدامي وحُطّا على الرَّمضاءِ رَحْلي فإنّها ... بِسَاطي وخَفّاقُ البنودِ خِيَامي فزاد عليها [الطويل]: وصُونا جِيادي إنَّهنَّ مَنابِري ... وسَيْفي لساني والمِرَاسُ كلامي تُطاوِعُني الأملاكُ وهْيَ أعِزَّةٌ ... وتَلهَجُ شوفًا أنْ يُلِمَّ سَلامي وإنْ قَصَّر الِهنْديْ أطَلْتُ غِرارَهُ ... برأيٍ بعيدِ البَتْرِ وهْيَ دَوامي أخُوضُ غِمارَ المَهْمَهِ القَفْرِ كالدُّجَى ... بِصارمِ عَزْمٍ لا يُضيعُ ذِمَامي وأُنْضي رِكابي إنْ تَضَوَّرَ خائفٌ ... فأُشبِعُه من لَذّةٍ ومَنامِ وأبذُلُ مالي والحياةَ لطالبٍ ... وأمنَعُ عِرضي أنْ يُنالَ بِذامِ وأُرعِدُ كي لا يَجْهلَ الظُّلمُ سَطْوتي ... وأَخفِضُ عن عَتْبِ الوليِّ مَلامي ولا أُتبعُ الأحياءَ لمحةَ ناظرٍ ... وإن كان فيها لَوْعتي وغَرامي وأغفِرُ زَلّاتِ الكريمِ تعفُفًا ... ويَكرَعُ في صدرِ العدوِّ حسامي توفِّي يومَ الثلاثاءِ قبلَ طلوع الشمس لأربعٍ خَلَوْنَ من صَفَرِ ثلاثٍ وخمسينَ وست مئةٍ وقد زادَ على الثمانينَ أربعَ سنينَ أو خمسًا، ودُفنَ ضُحى يوم الأربعاءِ تاليهِ بمقبُرة بابِ أغْمَات. ¬

_ (¬1) كذا في ب م؛ وهي أربعة. (¬2) وردت في الروض المعطار (605، مادة: وادي آش) منسوبة إلى عبد البر ابن فرسان الوادي آشي، وكان وزيرًا ليحيى ابن غانية الميورقي.

134 - محمد بن أحمد بن محمد، حجاري

134 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد، حِجَاريٌّ. رَوى بمِصرَ عن أبي محمد بن الوليد بن سَعْد. 135 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد، أبو بكرٍ البزليانيُّ (¬1). رَوى عن شُرَيْح. 136 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن محمد، مُرْسِيٌّ نَزَلَ تونُس، أبو عبد الله، ابنُ الدارِس (¬3). كانت له روايةٌ قليلة وتقَدَّمٌ في الطّبّ. 137 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفيّ. 138 - محمدُ (¬4) بن أحمدَ بن مالكٍ المُرِّيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكرٍ غالبِ بن عَطِيّة، وأبوَيْ محمد: ابن عليّ القاضي وعبد الواحِد بن عيسى. رَوى عنه أبو خالد بنُ رِفاعةَ، واختَلَف إليه للتفَقُّه في ¬

_ (¬1) في ب: "البزدلياني"، وكتب المعلق في الهامش: "لعله البزلياني"، وجاءت على الوجه في م. (¬2) ترجمه الغبريني في عنوان الدراية (45 - 47). (¬3) كتب المعلق بحاشية بـ: "المعروف في كنية ابن الدارس هذا "أبو القاسم"؛ وكان مع تقدمه في الطب عارفًا بالعربية، أقرأ ببجاية قانون الجزولي في العربية وأرجوزة ابن سينا في الطب، وكان فاضل الذهن، مع مشاركة جيدة في أصول الدين؛ ولذا نظم مزدوجة نظم فيها بعض الأدوية، وله غير ذلك؛ أخذ عنه الغافقيان: أبو عبد الله ابن يعقوب وأبو العباس الغبريني، وأبو بكر ابن الفلاس وغيرهم. ونزل تونس باستدعاء المستنصر له، وكان من جملة من يجالسه، وتوفي بها عام أربعة وتسعين وست مئة؛ وهو أموي النسب، رحمه الله تعالى. وكان من عادته إذا سئل عن مسألة من الطب لا يجيب فيها إلا بعد إمعان النظر على طريقة الحذاق وأرباب الدين. أخبر صاحبنا الفقيه الطبيب أبو عبد الله ابن الإمام العلامة أبي الحجاج يوسف بن أبي القاسم محمد بن أحمد أنهم إنما يُعرفون ببني أندارس، بنون قبل الدال، وصحفته العامة". (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1295).

139 - محمد بن أحمد بن محرز بن عبد الله بن سعيد بن محرز بن أمية، بطليوسي، أو بكي بالباء بواحدة، سكن إشبيلية، أبو بكر المنتانجشي

"المدوَّنة"، وأبو الرّبيع بن عبد الواحِد وإخوتُه وغيرُهم من أهل بلدِه. وكان محدِّثًا عارِفًا بصناعة الحديث فَهمًا لها، فقيهًا مُشاوَرًا جَليلًا، تصَدَّر لإسماع الحديث وتدريسِ الفقه مُدّةً. وتوفِّي بغَرْناطةَ سنةَ سبع وثلاثينَ وخمس مئة. 139 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن مُحرِز بن عبد الله بن سَعِيد بن مُحرِز بن أُمَيّةَ، بَطَلْيَوْسيٌّ، أو بَكِّيٌّ بالباءِ بواحِدة، سَكَنَ إشبِيليَةَ، أبو بكر المُنْتَانْجشيُّ. رَوى عن أبيه، وأبي بكر بن جَوْهَر، وأبي الحُسَين بن سِرَاج، وآباءِ عبد الله: حفيدِ مكِّيّ وابن الحاجِّ وابن حَمْدِين وابن راس كَسَا، وأبي عليّ المدلينيِّ، وأبي القاسم الهَوْزَنيّ، وأبي محمد بن عَتّاب، وآباءِ الوليد: ابن رُشْد وابن طَرِيف ومالكٍ العُتْبيّ. وتَلا على أبوَيْ بكر: ابن بَيّاضَة وابن مخراش (¬2)، وأبي عبد الله بن مُزاحِم، وأبي القاسم ابن الحَصّار؛ وتأدَّب بأبي بكر ابن القبطورنُهْ، وأخَذ النَّحوَ على أبي عبد الله بن أبي العافية، ومن شيوخِه سوى مَن ذُكِر: ابنُ عاصم وابنُ أيّوبَ وابنُ عَوْن، وأُراه أبا جَعْفر؛ وأجاز له أبو عبد الله أحمدُ بن محمد الخَوْلانيّ. رَوى عنه أبو بكر بنُ أبي زَمَنِين، وابنُ خَيْر، وأبو الخَطّاب بن واجِب، وأبو زكريّا بن مَرْزوق، وأبو عُمر يوسُفُ بن عَيّاد؛ وكان فقيهًا حافظًا مُشاوَرًا، أديبًا حافلًا ممتِعَ المجالَسة. مَولدُه سَحَرَ ليلة الاثنينِ العاشرةِ من جُمادى الأخرى سنةَ تسع وسبعينَ وأربع مئة قبلَ يوم الزَّلّاقة بشَهْر، وكان يومُ الزَّلّاقة يومَ الجُمُعة لعَشْر خَلَوْن من رجَب من العام المذكور، وتوفِّي يومَ الثلاثاء غُرّةَ جُمادى الآخِرة سنةَ تسع وستينَ وخمس مئة ابنَ تسعينَ سنةً غيرَ عشَرةِ أيام، وفي هذه السنة كانت غَزْوة السّبطاط وفَتْحُ قَنْطرةِ السَّيف عَنْوةً. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1426)، والذهبي في المستملح (139)، وتاريخ الإسلام 12/ 423. (¬2) في م: "مخواش"، محرف.

140 - محمد بن أحمد بن محمود

وقد تقَدَّم رَسْمُ محمد بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن مُحرِز وما وَهِمَ فيه أبو جعفرٍ ابنُ الزُّبير، فراجِعْه إن شاء الله (¬1). 140 - محمدُ بن أحمدَ بن محمود. رَوى عن أبي داودَ الهِشَاميّ. 141 - محمدُ بن أحمدَ بن مُدِير الأَزْديُّ، أبو القاسم. رَوى عن أبي [. . . .] (¬2) عبد الجَليل وأبي محمد بن عَتّاب. رَوى عنه الخَطيبُ أبو جعفر بن يحيى، وكان من جِلّة الفقهاءِ وعِلْيةِ الأُدباء، جيِّدَ التصَرُّف في النَّظْم والنثر، واستُقضيَ برُنْدةَ بعدَ أبيه. 142 - محمدُ بن أحمدَ بن مَرْوانَ بن سَعِيد بن فَهْدٍ اللَّخْميُّ، إشبيليٌّ ابنُ القانُه، بقافٍ وألِف ونونٍ مضموم وهاء. رَوى عن الحاجِّ أبي بكر بن مالك المارْتُليّ، وأبي الحَسَن بن عَتِيق بن مُؤمن، وأبي محمد عبد الحقّ بن بُونُهْ. رَوى عنه ابنُه أبو الفَضْل محمد. وكان راوِيةً مُكثِرًا فقيهًا حافظًا واستُقضي. مولدُه في منتصَف صَفَرِ سبع وأربعينَ وخمس مئة، وتوفِّي لثلاثَ عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من جُمادى الأُخرى سنةَ خمسَ عشْرةَ وست مئة. 143 - محمدُ بن أحمدَ بن مَرْوانَ بن عبد الله بن مَرْوانَ بن أحمدَ بن مَرْوان بن محمد بن مَرْوان بن عبد العزيز الأمَويُّ، بَلَنْسِيٌّ. 144 - محمدُ (¬3) بن أحمدَ بن مَرْوانَ بن محمد بن مَرْوانَ بن عبد العزيز بن محمد بن حامِد بن رجاءِ بن شاكرِ بن خَطّاب التُّجيبيُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) الترجمة (1273). (¬2) بياض في النسختين. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1339).

145 - محمد بن أحمد بن مسعود بن عبد الرحمن الأنصاري، ويقال: الأزدي، وإلى الأزد يرجع الأنصار، شاطبي، أبو عبد الله، ابن صاحب الصلاة

تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن بن هُذَيْل، وسَمِع الحديثَ على أبوَي الحَسَن: طارقِ بن يَعيشَ وابن النِّعمة، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ، وتفَقَّه بأبي بكر بن أسَد وأبي محمد عاشِر. استَقضاهُ على بَلَنْسِيَةَ ابنُ عمِّه أبو عبد الملِك مَرْوانُ بن عبد الله بن مَرْوان -وفي مروانَ هذا يجتَمِعانِ-أيامَ تأمُّرِه بها، واستَقْضاه ثانيةً أبو عبد الله بن سَعْد لمّا أفضَتْ رِياستُها إليه وصار تدبيرُها إلى نظَرِه، فعُرِفَ في المرَّتَيْنِ بحُسن السِّيرة وجميل الوَقَار وسَعة الحِلم وشدّة العارضة في الحقّ والصّلابة فيه، قَتَلَه أبو مَرْوانَ بن شلبانَ في ثورته ببَلَنْسِيَةَ سنةَ سبع وأربعينَ وخمس مئة، وغَلِطَ ابنُ سُفيان في تاريخ قَتْلِه فجَعَلَه سنةَ ستٍّ وأربعينَ، ومَولدُه سنةَ سبع وخمس مئة. 145 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن مَسْعود بن عبد الرّحمن الأنصاريُّ، ويقال: الأزْديُّ، وإلى الأَزْد يَرجعُ الأنصار، شاطِبيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ صاحب الصّلاة. رَوى عن أبي الحَسَن ابن النِّعمة، وابن هُذَيْل وأكثَرَ عنه، وتَلا بحَرْف نافِع عليه، وهُو آخِرُ التالِينَ عليه، وأجاز له سنةَ ثلاثٍ وستينَ وخمس مئة، وأبي عبد الله بن سَعادةَ. رَوى عنه أبو بكر بن مَشَلْيُونَ، وأبَوا الحَسَن: أحمدُ بن محمد بن واجِب ومحمد بن أبي الخَطّاب بن واجِب، وأبَوا عبد الله: ابن الزِّقّ وابن زكريّا الإلْشيّ، وأبو عبد الرّحمن عبد الله بن زَغْبُوش، وأبو العبّاس بن محمد بن الغَمّاز، وهُو آخِرُهم فيما أرى، واللهُ أعلم. وكان ذا عنايةٍ بالعِلم، كتَبَ منهُ الكثيرَ، وأسَنَّ فاحتيجَ إليه؛ لتأخُّر وفاتِه عن أصحاب أبي الحَسَن ابن هُذَيْل. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1649)، والذهبي في المستملح (279)، وتاريخ الإسلام 13/ 799، ومعرفة القراء 2/ 612، والصفدي في الوافي 2/ 117، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 88، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 222.

146 - محمد بن أحمد بن مسعود بن هارون السماتي، إشبيلي

مَولدُه بشاطِبةَ في صَفَرِ اثنينِ وأربعينَ وخمس مئة، وتوفِّي ببَلَنْسِيَةَ (¬1) في شوّالِ خمس وعشرينَ وست مئة. 146 - محمدُ بن أحمدَ بن مَسْعود بن هارُونَ السُّماتيُّ، إشبِيليٌّ. رَوى عن شُرَيْح. 147 - محمدُ بن أحمدَ بن مَسْعود القَيْسيُّ، طُلَيْطُليٌّ. كان من أهل العدالة وجَوْدةِ الخَطّ، حيًّا سنةَ إحدى وأربعينَ وأربع مئة. 148 - محمدُ بن أحمدَ بن مُطرِّف بن عبد الرّحمن بن عبد الله الفِهْرِيُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي الحَسَن ابن الأخضَر وشُرَيْح. 149 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن مُطَرِّف الأمَويُّ، مالَقيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله بن زَرْقُون. 150 - محمدُ بن أحمدَ بن مُطَرِّف البَكْريُّ، تُطِيليٌّ، سَكَنَ المَرِيّة، أبو عبد الله، ابنُ بُقُورْنيَةَ بباءٍ بواحِدة وقاف مضمومَيْن وواوٍ وراء ساكنة ونونٍ مكسور وياءٍ مسفولة مفتوحة وهاء. رَوى عن أبي أحمدَ الطّلبيِّ، وأبي الحَسَن الحُصْريِّ، وأبي عبد الله بن خَلَصَةَ الشاعر، وأبي العبّاس بن أبي عَمْرو الدانيّ، وأبي محمد بن سَهْل، وأبي القاسم خَلَف بن إبراهيمَ الطُّلَيْطُليّ، وأبي الوليد الباجِي. رَوى عنه أبو إسحاقَ بن قُرْقُول، وأبو بكر بن رِزْق، وأبو القاسم بن حُبَيْش، وسُليمانُ بن عبد الملِك بن رَوْبِيل، وكان من جِلّة المُقرِئينَ المجوِّدينَ وعِلْيةِ الأُدباءِ المُبرِّزين. ¬

_ (¬1) بهامش ب: قال ابن مسدي: إنه توفي بشاطبة ". . ." وقد روي عنه، ويجب أخذ الصحيح منه. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1662).

151 - محمد بن أحمد بن مطرف، حجاري، أبو عبد الله، ابن الموره، بفتح الميم وإسكان الواو وضم الراء وهاء ساكنة

151 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن مُطَرِّف، حِجَاريٌّ، أبو عبد الله، ابنُ المَوْرُهْ، بفَتْح الميم وإسكانِ الواو وضمّ الراء وهاءٍ ساكنة. رَوى عن أبي محمد الشَنْتِجَالي، وكان حيًّا سنةَ خمسٍ وستينَ وأربع مئة. 152 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن مُعْطٍ التُّجيبيُّ، أُورِيُوليٌّ، وقال ابنُ الزُّبَير فيه: إشبِيليّ، أبو أحمد. وهو ابنُ عمِّ والد أبي عبد الله التُّجِيبي. تَلا بالسَّبع في الأندَلُس على أبي بكر بن أحمدَ بن عَمّار اللارِديّ. وله رحلةٌ إلى المشرِق أدَّى فيها فريضةَ الحَجّ، وتَلا بالسَّبع في مكّةَ، شرَّفَهًا اللهُ، على أبي عليّ ابن العَرْجاء، وقَفَلَ إلى بلدِه. تَلا عليه قريبُه أبو عبد الله التُّجِيبيُّ المذكورُ ولازَمَه طويلًا. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا عَدْلًا وَرِعًا صالحًا ثقةً، تصَدَّر للإقراء، وأمَّ في الفريضة بالمسجدِ المعروف به عندَ باب القَنْطَرة طُولَ ثَوائه ببلدِه، وكان حيًّا في رَمَضَانِ خممس وستينَ وخمس مئة. 153 - محمدُ بن أحمدَ بن مُفيد. رَوى عن أبي محمد بن عَتّاب. 154 - محمدُ بن أحمدَ بن موسى بن أحمدَ بن وَضّاح القَيْسيُّ، مُرْسِيٌّ تُدْمِيريُّ الأصل، سَكَنَ المَرِيّة، أبو عبد الله. رَوى بالأندَلُس عن أبي عبد الله أحمدَ بن محمد الخَوْلانيّ، وأبي عليّ بن سُكّرةَ فأكثَرَ عنه، وآباءِ محمد: ابن محمد بن أبي جعفرٍ وعبد الرّحمن بن عَتّاب وعبد القادر الصَّدَفيّ. ورَحَلَ إلى المشرِق فحَجّ، وأخَذَ في رحلتِه عن أبي بكرٍ الطَّرطُوشيّ وأبي الحَسَن بن المُشرَّف الأنْماطيّ، وأبي زكريّا يحيى بن إبراهيمَ بن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1124). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1414)، والذهبي في المستملح (130).

155 - محمد بن أحمد بن موسى بن نزار الأموي، قرطبي فقيه عدل مبرز في الشهادة

عُثمانَ، وأبي الطاهِر السِّلَفيّ، وأبي عبد الله الرّازي. رَوى عنه أبوا بكر: ابنُ خَيْر (¬1) وابن رِزْق، وأبو جعفر بن مَضَاء، وأبو القاسم بن حُبَيْش، وأبَوا محمد: الحَجْريّ وعبدُ المُنعِم ابن الفَرَس. وكان فقيهًا حافظًا مُشاوَرًا عارِفًا بالمسائل. توفِّي في جُمادى الأخرى سنةَ تسع وثلاثينَ وخمس مئة. 155 - محمدُ بن أحمدَ بن موسى بن نِزَار الأمَويُّ، قُرطُبيٌّ فقيهٌ عَدْلٌ مُبرِّز في الشّهادة. كان حيًّا سنةَ تسع وعشرينَ وأربع مئة. 156 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن موسى بن هُذَيْل العَبْدَريُّ، مُرْبَاطَريٌّ، أبو عبد الله. رَوى بالأندَلُس عن أبيه أبي العبّاس وغيره، ورَحَلَ إلى المشرِق وحَجّ، ورَوى بمكّةَ، شرَّفَها اللهُ، عن أبي الحَسَن عليّ بن حُمَيْد الأطْرابُلُسيّ، وبدمشقَ عن أبي القاسم ابن عساكر، وبالإسكندَريّة عن أبي الحَجّاج بن محمد بن أبي طالب التَّنُوخِيّ، وأبي الضِّياء بَدْر بن عبد الله الحَبَشيّ، وآباءِ الطاهر: السِّلَفيّ والعُثمانيِّ وابن عَوْف، وأبي عبد الله بن منصور، وأبي القاسم بن جارَةَ وغيرِهم. وشارَكَ أبا عبد الله التُّجِيبيَّ وأبا عُمرَ بن عاتٍ في السَّماع من بعضِهم سنةَ ثِنتينِ وثلاثٍ وسبعينَ وخمس مئة، ثم عاد إلى بلدِه وحدَّث فيه بيسير. رَوى عنه أبو الرَّبيع بن سالم، وتوفِّي بمُرْبَيْطَرَ سنةَ ثِنتينِ أو ثلاثٍ وتسعينَ وخمس مئة. 157 - محمدُ بن أحمدَ بن موسى القَيْسيُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي بكر بن مالكٍ الشَّرِيشي. ¬

_ (¬1) انظر فهر سته (281). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1520)، والذهبي في المستملح (188)، وتاريخ الإسلام 12/ 982، والمقري في نفح الطيب 2/ 219.

158 - محمد بن أحمد بن موسى النفزي، شاطبي، أبو عبد الله

158 - محمدُ بن أحمدَ بن موسى النَّفْزِيُّ، شاطِبيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله بن مُغاوِر (¬1). 159 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن نَصْر النَّفْزِيُّ، رُنْديُّ الأصل، أبو عبد الله الرُّنْديّ. رَوى عن أبي الأصبَغ بن خِيَرةَ مَوْلى ابن بُرْد، وأبي بحرٍ الأسَديّ، وأبوَيْ عبد الله: أحمدَ الخَوْلانيّ وابن فَرَج مَوْلى ابن الطَّلّاع، وأبوَيْ عليّ: الغَسّانيِّ والصَّدَفي، وأبي محمد بن عَتّاب وغيرهم. رَوى عنه أبو الحَسَن ابنُ الباذِش، وهُو في عِدَادِ أصحابِه ومُشارِكيه في السَّماع، وابنُ خَلْفُون القَرَويُّ وأبو عبد الله ابن الرّاهب؛ وكان ذا عنايةٍ برواية الحديث ولقاءِ حَمَلتِه، معَ الدّين والفَضْل، وتوفِّي بأغْماتَ سنةَ أربعَ عشْرةَ وخمس مئة. 160 - محمدُ بن أحمدَ بن وَهْب. تقَدَّم محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله بن وَهْب (¬3)، رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال. 161 - محمدُ بن أحمدَ بن هاشم. رَوى عن شُرَيْح. 162 - محمدُ (¬4) بن أحمدَ بن هِشَام بن إبراهيمَ بن خَلَف اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ سكَنَ سَبْتةَ. وجَعَلَه ابنُ الأَبّار منها فذَكَرَه في الغُرَباءِ غَلَطًا منه. ¬

_ (¬1) هو أبو عبد الله بن مغاور بن حكم بن مغاور السلمي الشاطبي المتوفى سنة 536 هـ، مترجم في التكملة (1274). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1196)، وفي معجم أصحاب الصدفي (86)، والمراكشي في الإعلام (594). (¬3) في السفر الخامس، الترجمة (1248). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1723)، والذهبي في المستملح (330)، والصفدي في الوافي 2/ 131، واليمني في إشارة التعيين (298)، والفيروزآبادي في البلغة (209)، والسيوطي في البغية 1/ 48.

رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي، وأبي الخَليل، وله إجازةٌ من الحافظ أبي الطاهِر السِّلَفيّ. رَوى عنه أبو الحَسَن بن أحمدَ الخَوْلانيُّ، وأبو عبد الله بنُ عبد الله بن سَعِيد الكِنَانيّ، وابنُ العابِد بن غازٍ السَّبْتيّ، وأبو عليّ حَسَنُ بن محمد الجُذَاميّ، وأبو عُمرَ يوسُفُ بن عبد الله الغافِقيّ. وكان نَحْويًّا لُغَويًّا أديبًا، تاريخيًّا ذاكِرًا أخبارَ الناس قديمًا وحديثًا وأيامَهم، حَسَنَ الخُلُق، درَّس ما كان ينتحلُه من العلوم بسَبْتَةَ طويلًا، وصنَّف فيما كان لديهِ من المعارِف مصنَّفاتٍ مُفيدةً، منها: "تقويمُ اللِّسان" نَحَا فيه مَنْحَى الزُّبَيْديِّ في "لَحْن العامّة" وصَدَّره بالتعقُّب على الزُّبِيدي في أشياءَ نَسَبَ العامّةَ فيها إلى اللَّحن وهم فيها على الصّواب، ومنها: "شرحُ مقصُورةِ ابن دُرَيْد" و"شرحُ أبيات الجُمَل" و"شَرْحُ قصيدِ الهاشِميِّ في ترحيل النَّيِّرَيْن" و"شَرْحُ قصيدِ الحَرِيريِّ في الظّاء" و"شرحُ الفَصيح لثَعْلب" إلى غيرِ ذلك من المقالات، وكلُّ ذلك مما اشتُهِرَ عنه، وعَظُمَ انتفاعُ الناسِ به. وكانت بينَه وبينَ الأُستاذ أبي بكر بن طاهِر الخِدَبِّ (¬1) مناظَرةٌ في مسائلَ من "كتابِ سِيبوَيْه" قياسيّةٍ ونَقْليّة، ظهَرَ فيها شفوفُ أبي عبد الله بن هشام على أبي بكر ابن طاهِر، واستَظهَرَ عليه في كلِّ ما خالَفَه فيه بالنصُوص الجَلِيّة والآراءِ المؤيَّدة بالحُجَج الواضحة، فاشتَدَّ على ابن طاهِر ظهورُ أبي عبد الله عليه وإفحامُه إيّاه، وانصَرفَ عنه واجمًا مُغضَبًا؛ ولمّا استقَرَّ ابنُ طاهر بمنزلِه بعَثَ إليه ابنُ هشام بضيافةٍ بِرًّا به وقيامًا بحقِّه، فرَدَّها أبو بكرٍ عليه ولم يَقبَلْها فعُدَّ ذلك من جفاءِ خُلُقِ ابن طاهر. وكان لإبن هشام تصَرُّفٌ حَسَنٌ في النَّظْم، ومنه أبيات ضمَّنَها معانيَ الخال في كلام العَرب على اختلافِها، وهي [الطويل]: ¬

_ (¬1) هو محمد بن أحمد بن طاهر الأنصاري الإشبيلي النحوي (ت 580 هـ)، تقدمت ترجمته في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 1235).

أقولُ لخالي وهْو يومًا بذي خالي ... يَروحُ ويَغْدو في بُرودٍ من الخالِ: أمَا ظَفِرتْ كَفّاك بالعُصُرِ الخالِ ... برَبَّةِ خالٍ لا يُزَنُّ بها الخالِ تمُرُّ كمَرِّ الخالِ يَرتَجُّ رِدفُها ... إلى منزلٍ بالخالِ خَلْوٍ من الخالِ فلا الخالُ يُخفي الخالَ من سيفِ لحظِها ... بلى هُو أمضى في الفؤادِ منَ الخالِ أقامت لأهلِ الخالِ خالًا فكلُّهُمْ ... يؤُمُّ إليها من صحيحٍ ومن خالِ وخالٍ تَخالُ الخالَ بعضَ سِنانِهِ ... يحِنُّ إلى خالٍ ويَنفِرُ عن خالِ بمؤْخَرِه خالٌ من الضَّربِ بالعصا ... ولو كان خالٌ لم يَهَبْ سَطْوةَ الخالِ واستدرَكَ عليه بعضُهم الخال: الجَواد، والرجُلُ الضعيف، والطريقُ في الرَّمل، ونَظمتُها فقلتُ: .............. (¬1) وهذه الأبياتُ أقربُ للحِفظ وأكبرُ شَهادةً باقتدارِ مُنشئها على النَّظْم من لقصيدةِ التي دَيَّلَ فيها أبو الطيّبُ عبدُ الواحِد بن عليّ اللُّغَويُّ القصيدةَ التي أنشَدَها ثَعْلبٌ وما كمَّلَها به أبو إسحاقَ بن فَرْقَد حسبَما تقَدَّم في رَسْمِه، وقصيدةُ أبي الطيِّب نقَلتُها من خطِّه ومن تأليفه في "مَراتبِ النَّحْويِّين"، وهي (¬2) [الطويل]: أَلِمَّ بربعِ الدارِ بانَ أنيسُهُ ... على رَغْم أنفِ اللهوِ قَفْرًا بذي الخالِ مساعدَ خلٍّ أو مُقَضّيَ ذِمّةٍ ... ومحُييَ قَتْلى بعضُ سُكّانِه خالِ خَلا منهمُ من حيثُ لم تَخْلُ مهجتي ... ولم يَخْلُ من نُؤْيٍ وأورَقَ كالخالِ وكم جلَّلتْ أيدي النَّوى وصُروفُها ... على الزمنِ الخالي المُحبِّينَ بالخالِ ¬

_ (¬1) بياض في ب م. (¬2) مراتب النحويين: 35.

تبصَّرْ خليليْ الرَّبعَ شُيِّعتَ دائمًا ... بقلبٍ من الوَجْد الذي حَلّ بي خالِ ألم تَرَني أُرعي الهوى من جَوانحي ... رياضًا كهَمِّ المرءِ ذي النَّعَم الخالِ أذُوقُ أمرَّيْهِ بغيرِ تكرُّهٍ ... مَذاقةَ مَوْفورٍ على جَرْعهِ خالِ وأسكُنُ منه كلَّ وادٍ مَضَلَّةٍ ... وآلَفُ رَبْعًا ليس من مَأْلَفِ الخالِ وكم أنتَضي فيه سيوفَ عزائمٍ ... وأَنْضو ثيابَ البُدْنِ عن جَمَلٍ خالِ وكم من هُدًى نَكَّبْتُ عنه إلى هوًى ... وحقٍّ يَقينٍ حِدْتُ عنهُ إلى خالِ ومهما تُذَلِّلْني لليلى صَبابةٌ ... فغيرُ مُعرَّى القَدْر من مَلبَسِ الخالِ تَطامَنَ طَوْدي للهوى يَستقيلُهُ ... وألحَقَ أطوادَ الأعَزّين بالخالِ أضَنُّ بعهدي ضَنَّ غيري برُوحِهِ ... وأبذُلُ رُوحي بَذْلَ ذي الكرَم الخالِ وإنْ أخْلُ من شيءٍ فلا من صَبابةٍ ... خَلَتْ شِرَّتي كالغيثِ بُلَّ به الخالِ وإنْ تَخْلُ ليلى من تذكُّرِ عهدِنا ... فكم أيقَنَ الواشُونَ أنّي بها خالِ وإنْ يَزعُموا أنّي تخلَّيْتُ بعدَها ... فما أنا عنها بالخَليِّ ولا الخالِ وكذلك ما ذَيَّل به أبو محمد بنُ السِّيْد، ولْنُورِدْ كلامَه في ذلك، قال: والخالُ لفظةٌ مشتركة تتَصرَّفُ على معانٍ كثيرة، ووجَدتُ ثَعْلبًا والمُفضَّلَ وابن مِقْسَم قد أنشَدوا ثلاثةَ عشَرَ بيتًا، آخِرُ كلِّ بيتٍ منها خالٌ بغير معنى الآخَر، ورأيتُ قائلَها قد أغفَلَ ألفاظًا أُخَرَ كان ينبغي أن تُضَمَّ إليها، فزِدتُ فيها أبياتًا ضمَّنتُها ما لم يَذكُرْه الشاعر، فبَلَغَت اثنَيْنِ وعشرينَ بيتًا، وفي الرواياتِ اختلافٌ ذكَرْتُ منها ما وَقَعَ عليه الاستحسانُ ورأيت إثباتَها في هذا الموضع زيادةً في الفائدة، وهي (¬1) [الطويل]: ¬

_ (¬1) مراتب النحويين: 33 واللسان (خيل).

أتعرف أطلالاً شَجَوْنَكَ بالخالِ ... وعَيْشًا غَريرًا كان في العُصُرِ الخالِ لياليَ رَيْعانُ الشّبابِ مُسلَّطٌ ... عليَّ بعِصْيانِ الإمارةِ والخالِ وإذ أنا خِدْنٌ للغَوِيِّ أخي الصِّبا ... وللغَزَلِ المِرِّيح ذي اللهوِ والخالِ وللخَوْدِ تصطادُ الرّجالَ بفاحمٍ ... وخَدٍّ أسيل كالوَذيلةِ ذي خالِ إذا رَئمتْ ربعًا رَئمتَ رِباعَها ... كما رَئِم الميثاءَ ذو الرِّيبةِ الخالِ الخالي هذا منقوصٌ كالقاضي، وهُو: الذي لا أهلَ له. زمانَ أُفَدّي من يَرَاحُ إلى الصِّبا ... بعَمِّيَ من فَرْطِ الصَّبابةِ والخالِ وقد علِمتْ أنّي وإن مِلتُ للصّبا ... إذا القومُ كَعُّوا لستُ بالرَّعِشِ الخالِ ولا أرتضي إلّا المُروءةَ خُلّةً ... إذا ضَنَّ بعضُ القومِ بالعَصْبِ والخالِ نوعٌ من الثّيابِ تُصنَعُ باليَمَن. وأنّي إذا نادى الصَّريخُ أجَبْتُهُ ... على سابحٍ عَبْلِ الشَّوا أو على خالِ إذا قُطِفَتْ عَنْسٌ وذُمَّ خَلاؤها ... فما هُو بالواني القَطُوفِ ولا الخالِ اسمُ فاعل من خَلأَ البعيرُ: إذا جَرَى، حُذِفت همزتُه. وإنّا لَنُصفي الخيلَ دونَ عِيالِنا ... فمِن غابقٍ طَرْفًا بمَحْضٍ ومن خالِ منقوصٌ من خليت الخلا: إذا قطعته. جيادٌ تُباري العاصفات ولا يُرى ... بها من لجانٍ يَستبينُ ولا خالِ ظلعٌ يَعتري الدابّة. وإنّي لَحادٍ للكُماةِ إلى الوغَى ... ولستُ بحادٍ للحُدوجِ ولا خالِ من قولهم: هو خالٍ: مائل، وخائل مالٍ.

163 - محمد بن أحمد بن هشام اللخمي، أبو عبد الله

وإنّي لحُلْوٌ للصَّديقِ مُرَزَّأٌ ... ولستُ بجِبْسٍ في الرّجالِ ولا خالِ هو منقوصٌ؛ وهو الذي لا يُعنَى بأمرٍ ولا يَهتبلُ به ويَخلُدُ إلى الراحة. وإن ضَنَّ خالُ المُزْنِ يومًا بنَيْلِهِ ... فإنّ نَدى كَفَّيَّ مَغْنٍ عن الخالِ خالُ السَّحاب؛ وهو مَخِيلتُه وما يُرى فيه من علامةِ المَطَر. نَماني إلى العَلْياءِ كلُّ سَمَيْدَع ... تَراه إذا حُلَّت حُبى القوم كالخالِ حَوَيْنا جميعَ المجدِ جُودًا ونَجْدةً ... فما شئتَ من ليثٍ هَصُورٍ ومن خالِ الرجلُ الجواد، شُبِّه بخال السّحاب. وما أبصَرَتْ عينٌ لنا قَطُّ سيِّدًا ... على حَرَج يُزجَى إلى الموتِ بالخالِ ثوب يُسَجَّى به الميِّت، يريدُ أنهم إنّما يموتونَ في الحربِ لا على فُرُشِهم. فحالِفْ بحِلفي كلَّ خِرْقٍ مهذَّبٍ ... وإن لا تُحالفْني فخالِ إذًا خالِ أمرٌ من خالَيْتُه؛ إذا تارَكْتَه وتخَلَّيتَ عنهُ. وما زلتُ حِلفًا للسَّماحةِ والعُلى ... كما احتَلَفتْ عَبْسٌ وذُبيانُ بالخالِ موضعٌ غيرُ الذي ذكَرَه امرؤُ القَيْس. وثالثُنا في الحِلف كلُّ مهنَّدٍ ... لِما رِيمَ من صُلبِ العِظام به خالِ حرامٌ عليكَ الدَّهرَ قَطْعُ سَراتِنا ... فلاقِهمُ في مجمَعِ القومِ أو خالِ من المُخالاة؛ وهي الملاقاةُ في خَلْوة. توفِّي بإشبِيليَةَ سنةَ سبع وسبعينَ وخمس مئة. 163 - محمدُ بن أحمدَ بن هشام اللَّخْميُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكر بن طاهر وأبي جعفرٍ البِطْرَوْجي وسَمِع عليهما، وعن غيرِهما، كذا ذكَرَه ابنُ الزُّبَير، وأظُنُّه المفروغَ من ذكْرِه، واللهُ أعلم.

164 - محمد بن أحمد بن هلال القيسي، قرطبي، أبو عبد الله

164 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن هلالٍ القَيْسيُّ، قُرطُبيّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله بن فَرَج، وأبي محمد بن عَتّاب. رَوى عنه أبو الحَسَن عُبَيد الله بن محمد المَذْحِجيّ. 165 - محمدُ بن أحمدَ الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. 166 - محمدُ بن أحمدَ بن يحيى القَيْسيّ. رَوى عن شُرَيْح. 167 - محمدُ بن أحمدَ بن يحيى المُراديُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ تسع وثمانينَ وأربع مئة. 168 - محمدُ بن أحمدَ بن يحيى، أبو الحُسَين. رَوى عن أبي الحُسَين ابن الطَّلّاء، لعلّه الذي يَليهِ قبلَه. 169 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن يَربُوع، جَيّانيٌّ نَزَلَ بَلَّسَ: من عَملِ لُوْرْقةَ، أبو عبد الله. أكثَرَ عن أبي عبد الله ابن العَرَبي، وأبي القاسم السُّهَيْليِّ، وأبي محمد القاسمِ بن دَحْمان، وجُلُّ روايتِه عن هؤلاءِ الثلاثة، ورَوى عن أبوَيْ إسحاق: ابن فرْقَد وابن مُلْكونَ، وأبي بحرٍ عليِّ بن جامع، وأبي بكر ابن الجَدّ، وأبوَيْ جعفر: ابنِ مَضَاءُ بن يحيى (¬3)، وأبي الحَسَن ابن خَرُوف النَّحْوي، وأبي ذَرّ بن أبي رُكَب، وأبي سُليمانَ داودَ بن يَزيدَ السَّعْدي، وأبوَيْ عبد الله: ابن حَمِيد وابن الفَخّار، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1379). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1594)، والذهبي في المستملح (239)، وتاريخ الإسلام 13/ 261، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 49. (¬3) في النسختين: "وابن مضاء بن يحيى" ولا يستقيم.

وأبي العبّاس ابن اليتيم، وأبي القاسم بن حُبَيْش، وأبوَيْ محمد: ابن مُغِيث ابن الصَّفار، وابن أبي العبّاس المالَقيّ، وأبي موسى بن عِمرانَ القاضي. رَوى عنه أبوَا جعفرِ: ابنُ عبد الملِك الجَيّانيُّ وابن مالكٍ ابنُ السَّقّاء، وأبو الجَيْش محمدُ بن إبراهيمَ البَسْطيّ، وأبو عبد الله بن قُرَشِيّةَ القارِجيُّ، وأبو عبد الرّحمن بن غالبِ، وأبو محمد بن أيّوبَ الجَيّاني. وكان مُقرِئًا حَسَنَ الأَخْذ على القُرّاء، مُتقِنَا ضابِطًا، ذا حظٍّ وافرٍ من رِواية الحديث، عَدْلًا فيما يَنقُلُه، مُبرِّزًا في علم العربيّة، ذاكرًا للآداب، بَصيرًا بصَنْعة الحساب، كاتبًا شاعرًا، أقرَأَ ودرَّس ذلك كلَّه وحدَّث، وكان يتردَّدُ للإقراءِ والتعليم بينَ جَيّان وقيجاطة وأُبَّذةَ، وخرَجَ بأخَرةٍ من جَيّان واستَوطَنَ قيجاطةَ ثم بَلَّسَ، ويقال: إنه عاد إلى بلدِه، ولمّا وَرَدَ قيجاطةَ كتَبَ إلى ماجدٍ أن ينزلَه، فأجابهُ: في كلِّ جُحْر ضَبّة، فكتب إليه أبو عبد الله [الكامل]: يا ماجدًا إنْ جاد كان وَضِيعا ... أو قال قولًا كان فيه بَديعا قيجاطةٌ قد ضَيَّقت أجحارَها ... وأرى لكم ما بينَهنَّ وُقوعا وزعَمْتَ أنّ لكلِّ جُحْر ضَبّةً ... فاستبدِلَنَّ مكانَه يَربُوعا من نَظْمِه في لُوْرقة [البسيط]: أخسِسْ بِلُرْقَةَ، لا تنزِلْ بساحتِها ... فإنّ ساكنَها في الويلِ مدفونُ أرضٌ أبَي اللهُ أن تَنْشي أخا كرمٍ ... فإنّها سَقَرٌ والماءُ غِسْلينُ وله في كبيرِها ابنِ أحلَى [المتقارب]: قصَدتُ ابنَ أحلَى فألفَيْتُهُ ... أشدَّ مِرارًا من العَلْقمِ على الماء في دارِهِ زحمةٌ ... وفيها على الخُبْزِ سَفْكُ الدمِ

170 - محمد بن أحمد بن يوسف بن أحمد أو محمد الأنصاري، غرناطي، أبو عبد الله، ابن صاحب الأحكام

وألَّفَ في فنونِ الأشعار كتابًا حَسَنًا جيِّد الانتخاب سَمّاه "حديقةَ الأزهار". وتوفِّي سنةَ ستٍّ وست مئة (¬1). 170 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن يوسُفَ بن أحمدَ أو محمدٍ (¬3) الأنصاريُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ صاحبِ الأحكام. رَوى عن أبي الحَسَن ابن الضَّحّاك، وأبي سُليمانَ بن يَزيدَ، وحدَّث بالإجازة عن أبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي الحَكَم عبد الرحمن ابن غَشِلْيان، وأبي القاسم بن رِضا، وأبي محمد بن خَلَف بن بَقِيّ المجاهِد، شارَكَ أباه فيهم. رَوى عنه أبَوا بكر: ابنُ جابر السَّقَطيُّ وابن غَلْبُون، وأبو جعفر بنُ عثمانَ الوراد، وآباءُ عبد الله: ابن أحمدَ الواشِريُّ وابن سَعِيد الطَّرّازُ وابن يوسُفَ الطَّنْجاليّ، وأبَوا القاسم المحمّدان: ابن عبد الواحِد المَلّاحي وابن عامِر بن فَرْقَد، وأبو الوليد إسماعيلُ بن يحيى. وحدَّث عنه بالإجازةِ الأستاذُ الكبير أبو بكر بنُ طَلحةَ، وابناه: أحمدُ وطلحةُ، وأبو محمد بنُ قاسم الحَرّار، وشيخانا: أبو جعفرٍ الطَّنْجاليُّ وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمهما الله. وكان شيخًا صالحًا فاضلًا مُسنِدًا عاليَ الرِّواية، آخِرَ الرُّواة عن أبي الحَكَم ابن غَشِلْيانَ وبعضِ المُجِيزِينَ له، أسمَعَ الحديثَ واستُجيز من البلاد اغتنامًا لعلُوِّ روايتِه، وشهادةً بثقتِه وأمانتِه؛ وكان فقيهًا عاقدًا للشّروط، مشهورَ العدالة، مُقيِّدًا ضابطًا نبيلًا عفيفًا، شديدَ الانقباضِ عن الناس، مُقِلًّا من الدنيا، يُجري معيشتَه ممّا يَعودُ عليه في عَقْدِ الوثائق، وكان ذا علم بأصولهِا، ومعرفةٍ تامّةٍ بموادِّها. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "روى عنه ابن مسدي وقال: مولده قبل الخمسين بيسير". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1606)، والذهبي في المستملح (248)، وتاريخ الإسلام 13/ 419، وسير أعلام النبلاء 22/ 61. (¬3) في هامش ب تعليق للتجيبي نصه: "الصحيح محمد، وهو ابن فتوح بن علي بن وليد، وروى عنه أيضًا أبو بكر بن مسدي".

171 - محمد بن أحمد بن يوسف بن روفيل، بالفاء []

قال أبو بكر بنُ جابر: لم ألقَ في رحلتي مثلَ أبي عبد الله ابنِ صاحبِ الأحكام صَلاحِيّةً ودينًا وفضلًا؛ قال: وذكَرْتُه للقاضي أبي محمد عبد الحقّ بإشبِيليَةَ فأثنَى عليه كلَّ الثناء، وكان قد خَبِرَه أيام ولايتِه القضاءَ بغَرْناطة. مَوْلدُه سنةَ ثمانٍ أو تسع -والشكُّ منه- وعشرينَ وخمس مئة، قاله أبو عبد الله الطَّرّازُ، وقال أبو عبد الله ابنُ الأبّار: مَولدُه سنةَ ثلاثٍ أو إحدى وثلاثين، قال: والشكُّ منه أيضًا، واليدُ بقول الطَّرّازِ أوثَقُ، واللهُ أعلم. وتوفِّي فُجَاءةً في آخِرِ رَكْعةٍ من صَلاة المغرِب ليلةَ الثلاثاءِ السابعة، وقال ابنُ الزُّبَير: ليلةَ الاثنينِ السادسة من رجَبِ أربعَ عشْرةَ وست مئة، ودُفن عَقِبَ صَلاة العصرِ من الغَدِ بمقبُرةِ باب إلبِيرةَ إزاءَ قبرِ أبيه. 171 - محمدُ بن أحمدَ بن يوسُف بن روفيل، بالفاء [. . . .] (¬1). 172 - محمدُ بن أحمدَ بن يوسُف بن عليّ بن سَعِيد السُّلَميُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله الواشِريّ. رَوى عن أبي بكرٍ عَتِيق بن عليّ بن قَنْتَرال، وأبوَيْ جعفر: ابن حَكَم وابن شَراحِيل، وأبوَيْ عبد الله: ابنِ صاحبِ الأحكام وابن عبد العزيز بن سَعادةَ، وأبي العبّاس القنجايريِّ، وأبي عليّ عُمرَ بن أحمدَ بن هاني، وأبوَي القاسم: أحمدَ ابن عبد الوَدُود بن سَمَدُون والمَلّاحي، وأبوَيْ محمد: عبد الصَّمد اللَّبْسِيّ وعبدِ المُنعِم ابن الفَرَس. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا ديِّنًا فاضلًا صالحًا، عُنيَ بالعلم ولقاءِ حَمَلتِه، وانقَطعَ إلى صُحبةِ الصالحينَ كثيرًا، وكان صاحبَ الصّلاة (¬2). ¬

_ (¬1) بياض بمقدار خمس كلمات. (¬2) بهامش ب: "روى عنه ابن مسدي وقال: مولده على رأس الثمانين، وتوفي سنة ثلاث وعشرين وست مئة".

173 - محمد بن أحمد بن يوسف بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد البلوي، أبو عبد الله، ابن الإمام

173 - محمدُ بن أحمدَ بن يوسُفَ بن محمد بن عبد الرّحمن بن محمد البَلَويُّ، أبو عبد الله، ابنُ الإمام. رَوى عن أبي إسحاقَ الخَفَاجيّ. 174 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ الأمويّ، مالَقيّ، أبو عبد الله، ابنُ مَسْوَرة. رَوى عنه أبو الحَجّاج ابن الشَّيخ، وأبو كامل الخَطيبُ وغيرُهما، وكان مُقرِئًا متصدِّرًا ببلدِه ضَريرًا. 175 - محمدُ بن أحمدَ الأمَويّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي مَرْوانَ بن مسَرّةَ، ولعلّه ابنُ مَسْوَرةَ المذكورِ آنفًا. 176 - محمدُ بن أحمدَ الأنصاريُّ، شاطِبيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الوَليّ. تَلا على أبوَيْ عبد الله: ابن عبد العزيز بن سَعادةَ: بالسَّبع، وابن يوسُفَ بن سَعِيد النَّبَاتيِّ: بحَرْفِ نافع. رَوى عنه ابنُه أبو القاسم محمدٌ، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا مُكْتِبًا فاضلًا. 177 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ الأنصاريُّ، أندَلُسيٌّ، أبو الحَكَم. كان فقيهًا أشعَرِيًّا؛ توفِّي ببيتِ الخُطبة من دمشقَ يومَ الخميس لتسعٍ خَلَوْن من جُمادى الآخِرة سنةَ تسع وسبعينَ وأربع مئة. 178 - محمدُ (¬3) بن أحمدَ التُّجيبيُّ، قُرطُبيّ، أبو عبد الله القَبْرِيّ. تَلا بالسَّبع على أبي بكر بن أبي رُكَب، وأبي القاسم ابن النَّخّاس، وتأدَّبَ في النَّحو عندَ أبي عبد الله بن أبي العافية. رَوى عن خازِم؛ تَلا عليه أبو الحَسَن الشَّقُورِيُّ وأبو عَمْرٍو نَصْر بن عبد الله. وكان مُقرِئًا حَسَنَ التجويد، ماهرًا في العربيّةِ ذاكرًا للُّغات، تصَدَّر للإقراءِ وتدريس ما كان عندَه، ووَلِيَ الخُطبة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1357). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1135). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1513).

179 - محمد بن أحمد الثقفي، جياني، أبو عبد الله، ابن مروية، بفتح الميم وتشديد الراء وواو مد وياء مسفولة وهاء

179 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ الثَّقَفيُّ، جَيّانيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ مَرُّوْيَة، بفَتْح الميم وتشديد الراءِ وواوِ مَدّ وياءٍ مسفولة وهاء. رَوى عن أبي جعفر بن رِزق، وأبي الحَسَن بن حَمْدِينَ، وأبي عبد الله ابن الطَّلّاع، وأبي مَرْوان بن مالك. رَوى عنه أبو عبد الله بن عُبادةَ؛ وكان فقيهًا حافظًا مُشاوَرًا، درَّس الفقهَ طويلًا، واستُقضيَ ببلدِه. 180 - محمدُ بن أحمدَ الجُذَاميُّ، غَوْناطيٌّ فيما أحسِبُ، أبو عبد الله، ابنُ الجَزّار. تَلا على شُرَيْح، ورَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا محدِّثًا راوِيةً عَدْلًا. 181 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ الخَوْلانيُّ، غَرْناطيّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بحرٍ الأسَديّ، وأبي بكر غالب بن عَطِيّةَ. وكان محدِّثًا عارِفًا بالأصُول، أسمَعَ الحديثَ، ودرَّس ما كان عندَه، ووَلِيَ الصّلاةَ والخُطبةَ بجامع بلدِه، وتوفِّي قبلَ الأربعينَ وخمس مئة. 182 - محمدُ (¬3) بن أحمدَ العَكِّيُّ، لَوْشِيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الأصلَع. رَوى عنه ابنُه أبو جعفر. 183 - محمدُ بن أحمدَ الغافِقيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي مَرْوانَ بن مسَرّةَ. 184 - محمدُ (¬4) بن أحمدَ اللَّخميُّ، مربليٌّ، أبو عبد الله، ابنُ جامع. رَوى عن أبي عبد الله ابن الراهِب، وكان حيًّا قبلَ السبعينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1210). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1292)، والذهبي في المستملح (80). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1510). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1436).

185 - محمد بن أحمد المعافري، أبو عبد الله

185 - محمدُ بن أحمدَ المَعافِريُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحُسَين ابن زَرْقُون، ولعلّه بعضُ من تقَدَّم، فيُحقَّقُ إن شاء اللهُ تعالى. 186 - محمدُ بن أحمدَ، خَضْراويٌّ، أبو عبد الله، ابنُ السّرة. رَوى عنه أبو الخَطّاب بن خَليل. 187 - محمدُ بن أحمد، خَضْراويّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي جعفرٍ ابن المُرْخِيّ، وأبي الحَسن بن جعفرٍ العَبْدَريّ الدّانيّ، وأبي عبد الله ابن أختِ غانم. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ إبراهيمَ ابن الفَخّار. 188 - محمدُ بن أحمدَ، طَلَيْطُليٌّ، أبو عبد الله. تَلا على أبي عبد الله بن عيسى المُغَاميِّ. تَلا عليه أبو العبّاس بن الصَّقْر؛ وكان من جِلّة المُقرِئينَ، ولعلَّه ابنُ بُرِّ البيوتِ فتأمَّلْه. 189 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ، قُرطُبيٌّ، أبو بكر الكَتّانيُّ. رَوى عن بعض شيوخ الصاحبَيْنِ وحاضَرَهما عندَه ورَوَيَا عنهُ، وذكَرَه ابنُ شِنْظِيرَ في "برنامَجِه". 190 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ اليتيم. تَلا على ابن النُّعمان، وكان معدودًا في قُرّاءِ بلدِه. 191 - محمدُ (¬3) بن أحمدَ، قَلْعيٌّ من قَلْعةِ أيّوبَ، أبو عبد الله، ابنُ الحاجّ. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ عبد السلام، وكان رجُلًا فاضلًا. وكُفَّ بصَرُه بأخَرةٍ، نفَعَه الله. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1043). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1035). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1065).

192 - محمد بن أحمد، مجريطي، أبو الحسن

192 - محمدُ بن أحمدَ، مَجْرِيطيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي محمدٍ ابن السِّيْد. 193 - محمدُ بن أحمدَ، مَرَوِيٌّ جاوَرَ بمكّةَ، شرَّفها اللهُ، طويلًا، أبو عبد الله. رَوى عنه أبو عُمرَ مَيْمونُ بن ياسين اللَّمْتُونيّ؛ وكان زاهدًا فاضلًا من أهل العنايةِ التامّةِ بعلوم القرآن، وله اختصارٌ حَسَن في "تفسيرِ القرآن" لأبي جعفرٍ الطَّبري. 194 - محمدُ بن أحمدَ، يقوريّ، أبو بكر، من أهل الغَرْب الأقصى. قاله ابنُ الزُّبَيْر، ولا يَجتمعُ مع اليقوريِّ إلّا أن يكونَ مصحَّفًا أو يكونَ أصلُه منها؛ لأنّ يقورَ من عَملِ شاطِبة (¬1). رَوى عن أبي عليّ الغَسّاني، رَوى عنه أبو عليّ حَسَنُ ابن الزرقالة، وكان حيًّا سنةَ ثلاثٍ وثلاثينَ وخمس مئة. 195 - محمدُ بن أحمدَ، أبو بكر، ابنُ صاحبِ الصلاة. رَوى عن أبي عُمرَ مَيْمونِ بن ياسين اللَّمْتُونيّ. 196 - محمدُ بن أحمدَ، أبو الوليد، ابنُ المَلّاح. رَوى عن أبي الحُسَين ابن الطَّلّاء. 197 - محمدُ بن أحمدَ، ابنُ البقص. رَوى عن شُرَيْح. 198 - محمدُ بن أَبَانٍ الشَّعْبانيُّ. رَوى عن أبي محمد بن عَطِيّة. رَوى عنه ابنُه أبو بكرٍ يحيى. 199 - محمدُ بن إبراهيمَ بن أحمدَ بن إبراهيمَ الأنصاريُّ، سَرَقُسْطيٌّ. 200 - محمدُ بن إبراهيمَ بن أحمدَ بن أبي العاص الأنصاريُّ الأَوْسِيُّ، بَسْطيّ، أبو الجَيْش. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "ثبت في صلة شيخنا ابن الزبير: بقوري، بباء بواحدة، وقال: من أهل غرب الأندلس الأقصي".

201 - محمد بن إبراهيم بن أحمد بن حسن الطائي، غرناطي، أبو عبد الله مسمغور، بفتح الميم وإسكان السين الغفل وفتح الميم وغين معجم وواو مد وراء

رَوى بالأندَلُس عن أبي الحَسَن بن واجِب، وأبي سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبوَيْ عبد الله: الحَجْرِيّ وابن يَربُوع، وأبي [. . . .] (¬1) محمد بن نَجَبةَ، ورَحَلَ إلي المشرِق وحَجّ، وأخَذ بالإسكندَريّة عن كمال الدِّين أبي الحَسَن عليِّ بن شُجاع بن سالم القُرَشيِّ وأبي العبّاس بن عُمرَ (¬2) القُرطُبيّ، وزكيِّ الدِّين أبي [محمدٍ عبد العظيم] (¬3) المُنذِريِّ، ومحُيي الدِّين أبي [بكر] (¬4) ابن سُرَاقةَ، وبمكّةَ، شرَّفها اللهُ، عن شَرَف الدِّين أبي [. . . .] القُرطُبي وخَطيبِها أبي داودَ سُليمانَ بن خليل العَسْقَلاني، وقاضِيها أبي موسى عِمرانَ بن ثابِت بن خالدٍ القُرَشيِّ، وغيرهم. ثُم قَفَلَ إلى المغرِب فاستَوطَنَ تونُس وحدَّث بها. وكان متقدِّمًا في عِلم النَّحو، حافظًا للآدابِ حَسَنَ المُشارَكة في فنونٍ من العلم، وصَنَّفَ في الوثائقِ والآداب، ورَجَّزَ في القراءاتِ والطّبّ. مَولدُه ببَسْطةَ سنةَ ستٍّ وتسعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بتونُس يومَ الثلاثاءِ لتسعٍ بقِينَ من صَفَرِ اثنَيْنِ وستينَ وست مئة. 201 - محمدُ (¬5) بن إبراهيمَ بن أحمدَ بن حَسَن الطائيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله مَسْمَغور، بفَتْح الميم (¬6) وإسكان السِّين الغُفْل وفَتْح الميم وغينٍ معجَم وواوِ مَدّ وراء. ¬

_ (¬1) بياض في النسختين. (¬2) بعد هذه اللفظة سقط من م ما يساوي ورقة من ورقات (ب) واتصل الكلام اتصالًا يوهم أنه لا سقط هنالك. (¬3) بياض في النسخة، وما بين الحاصرتين مستفاد من ترجمته. (¬4) بياض في النسخة، والكنية مستفادة من ترجمته، أبو بكر محمد بن محمد بن ابراهيم بن الحسين بن سراقة الأنصاري الشاطبي المنعوت بالمحيي والمتوفى بالقاهرة في شعبان من سنة 662 هـ، ترجمه عز الدين الحسيني في صلة التكملة 2/ 509، وابن المستوفي في تاريخ إربل 1/ 456، وابن الشعار في قلائد الجمان 7/ الورقة 78، وابن سعيد في المغرب 2/ 388، واليونيني في ذيل مرآة الزمان 2/ 304، والذهبي في تاريخ الإسلام 15/ 61 وغيرهم. (¬5) ترجمه ابن الجزري في غاية النهاية 2/ 43، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 204. (¬6) في هامش ب: "مسمغور -بضم الميم- رأيته بخط مَن يُعتد به".

202 - محمد بن إبراهيم بن أحد بن حمام، قرطبي

تَلا بالسَّبع وغيرِها على أبي محمدٍ الكَوّاب ولازَمَه مُدّةً، وتَلا بها على أبي عبد الله الطّرّاز، ورَحَلَ إلى إشبِيليَةَ فتَلا بها على أبي الحَسَن الدَّبّاج، وإلى مالَقةَ فتَلا بها على أبي جعفرٍ ابن الفَحّام، ورَوى عن أبي الحَسَن سَهْل بن مالك، وأبي عامرٍ يحيى بن عبد الرّحمن بن رَبيع، وأبي [....] (¬1) ابن الفَخّار بمالَقةَ، وأخَذ العربيّةَ عن أبي الحَسَن الدَّبّاج، وأبي عليّ ابن الشَّلَوْبِين. وكتَبَ إليه مُجيزًا: أبو بكر بنُ مُحرِز، وأبو الرّبيع بن سالم، وأبو عَمْرٍو نَصْر بن بَشِير وأبو القاسم أحمدُ بن عُمرَ الخَزْرَجيُّ القُرطبيُّ. حدَّثنا عنه أبو جعفر بنُ الزُّبَير. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا ضابِطًا مُحْكمًا لخلافِ السَّبعة، إمامًا في إتقان الأداءِ حَسَنَ الأخْذِ على القُرّاء، آخرَ أهل هذا الشأن بالأندَلُس، ذا حظّ صَالح من علم العربيّة، درَّس ذلك كلَّه زمانًا، وكان ناصحًا في التعليم صابِرًا عليه مُنقطِعًا إليه، مشتغلًا بنفسِه مُقبِلًا على ما يَغنيه مُنقبِضًا عن خُلطةِ الناس، وَرِعًا فاضلًا ديِّنًا لا يَغتابُ أحدًا ابتداءً ولا جوابًا ولا انتصارًا، عُرِضَتْ عليه الإمامةُ في بعض الصَّلَوات بجامع غَرْناطةَ فلم يُجبْ إلى ذلك استصغارًا لنفسِه، وقد كان أهلًا لِما فوقَ ذلك. مَولدُه بغَرناطةَ سنةَ ستٍّ مئة، وتوفِّي بها آخرَ يوم من رَبيع الأوّل سنةَ سبعينَ وست مئة. 202 - محمدُ بن إبراهيمَ بن أحدَ بن حَمَام، قُرطُبيٌّ. كان فقيهًا مُبرِّزًا في العدالة، حيًّا سنةَ خمسٍ وعشرينَ وأربع مئة. 203 - محمدُ (¬2) بن إبراهيمَ بن أحمدَ بن خَلَف بن جَماعةَ بن مَهْديّ البَكْريُّ، دانيٌّ، أبو بكر. ¬

_ (¬1) بياض، ولعل المقصود: أبو عمران بن عيسى بن خليفة اللخمي القرطبي المعروف بابن الفخار المتوفى سنة 621 هـ، وهو مقرئ معروف مترجم في التكملة لإبن الأبار (1784)، وتاريخ الإسلام 13/ 683. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1477).

204 - محمد بن إبراهيم بن أحمد بن عبيد الله، أبو عبد الله، ابن قند، بفتح القاف وإسكان النون ودال غفل

رَوى عن أبيه، وأبي عبد الله بن الحَسَن بن سَعِيد الدانيّ. وأجاز له أبو الطاهِر السِّلَفيُّ، وأبو عبد الله المازَريُّ، وأبو عليّ ابنُ العَرْجاء، وأبو المظفَّر الشَّيْبانيّ. حدَّث عنه بالإجازة أبو الرَّبيع بنُ سالم. وكان فقيهًا عارِفًا بالأحكام، مُبرِّزًا في عَقْد الشُّروط، جيِّد الخَطّ حَسَنَ السَّمتِ والهَدْي، مشكورَ السِّيرة، من أهل العِلم والفَضْل والحِلم، وَليَ قضاءَ بلدِه. وامتُحِنَ بأخَرةٍ من عُمُرِه، فقُبِض عليه واعتُقل بمُرْسِيَة، وتوفِّي بها معتقَلًا في العَشْرِ الأُوَل من شهر رَبيع الأوّل سنةَ إحدى وثمانينَ وخمس مئة، وصُلِّي عليه وسِيق إلى قُسْطنطانِيَةَ فدفن معَ سَلَفِه بها. 204 - محمدُ بن إبراهيمَ بن أحمدَ بن عُبَيد الله، أبو عبد الله، ابنُ قَنْد، بفَتْح القاف وإسكان النّون ودالٍ غُفْل. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ القاضي. 205 - محمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن أحمدَ بن خُزَرٍ، بضمِّ الخاء المعجَم وفتح الزَاي وراء، الحَكَمِيُّ، حَكَمَ بن سَعْدِ العشيرة، غَرْناطيٌّ، أبو بكر. وهُو خالُ أبي محمدٍ عبد المُنعِم بن محمد بن عبد الرّحيم ابن الفَرَس. رَوى عن صِهْرَيْه: أبي القاسم عبد الرّحيم وأبي عبد الله محمد، وتفَقَّه به، وأبي الحَسَن بن أضحَى، وأبي محمد عبد الحقّ بن عَطِيّة. وأجاز له أبو الحَسَن ابنُ النِّعمة. وكان فقيهًا حافظًا ذا حَظّ وافِر من الأدب، انتَقلَ في الفتنة إلى أُورِيُولَةَ، واستُقضيَ بإلْشَ وغيرِها من الكُوَر، وسُعيَ به إلى السُّلطان فقُتلَ ظُلمًا سنةَ سبع وستينَ وخمس مئة. 206 - محمدُ (¬2) بن إبراهيمَ بن أحمدَ بن محمد بن المُعتصِم اللَّخْميّ، إشبِيليٌّ سَكَنَ قُرطُبةَ ومالَقةَ، أبو عبد الله الزَّبِيديُّ، بفَتْح الزاي وكسر الباء بواحِدة وياءِ مَدّ ودالٍ غُفْل منسوبًا. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1424). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1573)، والذهبي في المستملح (224).

207 - محمد بن إبراهيم بن أحمد الأنصاري، مالقي -فيما أحسب- أبو عبد الله

وقال ابنُ الزُّبَير فيه: اللَّخْميُّ ثم الزُّبَيْدي، وضبَطَه بضمِّ الزاي فيما وقَفْتُ عليه بخطِّه (¬1)، وزُبَيْد لا ترجِعُ إلى لَخْم، والصّوابُ ما قَيّدناه، واللهُ أعلم. تَلا بالسَّبع على المُجوِّد أبي الأصبَغ الطّحّان، وسَمِع الحديثَ على أبي إسحاقَ بن قُرقُول، وأجاز له القاضي أبو بكر ابنُ العَرَبي. رَوى عنه أبو القاسم القاسمُ ابنُ الطَّيْلَسان؛ وكان فقيهًا حَسَنَ السَّمت والهيئة، وَقُورًا جميلَ الشارَة، واستُقضيَ بكثيرٍ من بلاد بَرِّ العُدوة، فتجوَّل بها زَمانًا. مَولدُه بإشبِيليَةَ عامَ تسعةٍ وثلاثينَ وخمس مئة، وتوفِّي في حدود العَشْرِ وست مئة. 207 - محمدُ بن إبراهيمَ بن أحمدَ الأنصاريُّ، مالَقيٌّ -فيما أحسِبُ- أبو عبد الله. رَوى عن أبي مَرْوانَ بن بونُهْ. 208 - محمدُ (¬2) بن إبراهيمَ بن أحمدَ الجُذَاميُّ، قُرطُبيّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكرٍ خازِم، وأبوَي الحَسَن: شُرَيْح والعَبْسي، ويونُس بن مُغِيث، وأبي عبد الله بن فَرَج مَوْلى ابن الطَّلّاع، وأبي عليّ الغَسّاني. رَوى عنه أبو خالد المَرْوانيُّ، وحدَّث عنه بالإجازةِ أبو الحَسَن الشَّقُوريّ، وكان حيًّا سنةَ ثمانٍ وثلاثينَ وخمس مئة. 209 - محمدُ بن إبراهيمَ بن أحَمدَ الكَلَاعيُّ، غَرْناطيٌّ. له رحلةٌ إلى المشرِق لقِيَ فيها عَلَمَ الدِّين أبا عبد الله بنَ سُليمانَ الشاطِبيّ. 210 - محمدُ بن إبراهيمَ بن أبي الخَيْر بن عبد الرّحمن بن عليّ البَلَويُّ. 211 - محمدُ بن إبراهيمَ بن أبي زاهِر، أبو زاهر. رَوى عن أبي عبد الله جعفرٍ حَفيدِ مَكّي. ¬

_ (¬1) وكذلك وجد بخط ابن الجلاب من التكملة الأبارية. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1280)، والذهبي في المستملح (77)، وتاريخ الإسلام 11/ 690.

212 - محمد بن إبراهيم بن إسحاق، حجاري، أبو عبد الله

212 - محمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن إسحاق، حِجَاريٌّ، أبو عبد الله. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ عبد السّلام. 213 - محمدُ بن إبراهيمَ بن إسماعيلَ بن عبد الله بن الفَتْح بن عُمرَ العَبْدَريُّ. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ. 214 - محمدُ (¬2) بن إبراهيمَ بن إلياسَ اللَّخْميُّ، مَرَوِيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ شُعَيْب، وهُو جَدُّه لأُمِّه. رَوى عن جَدِّه لأُمِّه المذكورِ، وأبي عَمْرِو الدانيّ، وأبي محمدٍ مكِّيّ وغيرِهم؛ حَمَّله أبو جعفر بنُ أبي حجّةَ التلاوةَ على أبي العبّاس المَهْدَويّ. رَوى عنه أبو بكر بن صَافٍ الجَيّاني، وأبَوا الحَسَن: ابنُ مَوْهَب وابنُ نافع، وأبو عبد الله ابن مَعْمَر. وكان من جِلّة المُقرِئينَ المجوِّدين، متحقِّقًا بالنَّحو، ذا حظّ وافرٍ من الأدب، تصَدَّر بجامع المَرِيّة لإفادةِ ذلك كلِّه، إلى حُسنِ خَطّ وجَوْدةِ ضَبْط، وكان حيًّا سنةَ إحدى وثمانينَ وأربع مئة. 215 - محمدُ بن إبراهيمَ بن بَيْطَيْر، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله حفيدِ مَكّي. 216 - محمدُ بن إبراهيمَ بن جابِر بن عُمرَ بن عبد الرحمن بن عُمرَ المَخْزُوميُّ، إشبِيليٌّ فاسيُّ الأصل حديثًا مَرّاكُشِيُّه قديمًا، أبو عبد الله، ابنُ القَفّال. أخَذ عن أبيه، وشَرَّق وحَجّ، وكان مُتشبِّعًا بالعلم غيرَ محصِّل لشيء، مُتلبِّسًا بالوَعْظ وسُلوكِ مسلَكِ أبيه فيه، ولم يكنْ من رجال ذلك في وِرْدٍ ولا صَدَر؛ توفِّي بمَرّاكُشَ سنةَ ثلاثٍ وستينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1077). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1139)، والذهبي في المستملح (30)، وتاريخ الإسلام 10/ 661.

217 - محمد بن إبراهيم بن حسن بن سقبال، بكسر السين الغفل وإسكان القاف وباء بواحدة وألف ولام، أبو الحسن

217 - محمدُ بن إبراهيمَ بن حَسَن بن سِقْبال، بكسرِ السِّين الغُفْل وإسكان القاف وباءٍ بواحِدة وألِفٍ ولام، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي الحَسَن بن مَوْهَب. 218 - محمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن خَلَف بن أحمدَ الأنصاريُّ، مالَقيٌّ بَلَنْسِيُّ الأصل، أبو عبد الله، ابنُ الفَخّار (¬2). رَوى عن آباءِ بكر: ابن حَبِيب وابن طاهِر المحدِّث، وابن العَرَبيِّ وأكثَرَ عنه، وأبي جعفرٍ البِطْرَوْجيّ، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي الحَكَم الحُسَين ابن حَسُّون، وآباءِ عبد الله: ابن أحمدَ الجَزِيريّ وابن حَسَن الأُمَويّ وابن محمدٍ القُرَشيّ وابن مَعْمَر وحَفِيد مَكِّيّ، وأبي العبّاس بن حَسَن بن سَيِّد، وآباءِ محمد: ابن عبد الغَفُور المُرْسِيّ وابن فايز وابن مُفيد، وآباءِ مَرْوانَ: ابن بُونُه وابن مجُبر وابن مسَرَّةَ. وله إجازةٌ من أبي الطاهِر السِّلَفيّ وأبي المُظفَّر عبد الرحمن بن عليّ الشَّيْبانيِّ الطَّبَريّ. رَوى عنه أبو بكرٍ عَتِيقُ بن قَنْتَرال، وآباءُ جعفر: الجَيّارُ وابنُ عَمِيرةَ الشَّهيدُ وابنُ زكريّا بن مَسْعود وابن محمد الزّنَاتيُّ، وأبَوا الحَجّاج: ابنُ علا الناس وابن محمد ابن الشَّيخ، وآباءُ الحَسَن: ابن الفَخّار الشَّرِيشيّ وابن الفَقّاص، وبَنو المُحمّدِينَ: ابن خِيَار وابن القَطّان والشارِّي وابن منصُور، وأبو الحُسَين ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (53)، وابن خميس في أدباء مالقة (15)، والمنذري في التكملة 1/الترجمة 242، وابن الأبار في التكملة (1506)، والذهبي في المستملح (183)، وتاريخ الإسلام 12/ 916، وسير أعلام النبلاء 21/ 241، وتذكرة الحفاظ 4/ 1355، والعبر 4/ 274، واليافعي في مرآة الجنان 3/ 469، وابن تغري بردي في النجوم 6/ 136، وابن العماد في الشذرات 4/ 303، والمراكشي في الأعلام 4/ 125 وغيرهم. (¬2) بهامش ب: وفي الأندلسيين أيضًا أبو عبد الله ابن الفخار القرطبي، كان يحفظ المدونة وينصها من حفظه، قاله ابن بشكوال، وقال عنه: إنه كان يحفظ النوادر أيضًا لإبن أبي زيد ويوردها من حفظه دون كتاب (الصلة، الترجمة 1113). وفي الأصبهانيين: محمد بن إبراهيم ابن الفخار أبو نصر، كتب عنه يحيى بن مندة.

عُبَيد الله بنُ عاصم الدائريُّ، وأبو الرَّبيع بنُ سالم، وأبو زكريّا بن أحمدَ اللَّيْثيّ ابن الحَصّار، وأبو سُليمان بن حَوْطِ الله، وآباءُ عبد الله: ابنا الأحمَدَين: الأنْدَرْشيُّ والفاسيُّ ابنُ الطّويل، وابنُ زكريّا بن سَعِيد وابنُ عبد الحقّ التِّلِمْسينيُّ وابن عبد الصَّمد القَلَنِّي وابنُ مَيْمون ابنُ الناس، وأبَوا العبّاس: ابن سَلَمةَ وابن عبد الملِك البَطْبَط، وهو آخِرُهم، واللَّيْثيُّ الحَصّار، وأبو عِمرانَ ابنُ السَّخّان، وأبو عليّ الرُّنْدي، وأبَوا القاسم: ابن بَقِيّ والجَيّاني، وآباءُ محمد: ابن حَوْطِ الله وابن عبد العظيم والقُرطُبيّ، وابن محمد بن المُلَيِّح، وغَلْبُون، وأبو موسى عِمرانُ السَّلَويّ، وعبد الرّحمن بن محمد بن أبي القاسم بن مُفرِّج بن أبي العافية التُّجِيبيّ وعليُّ بن يحيى بن محمد بن يحيى الأنصاريّ وقاسمُ بن أبي يحيى أبو بكرٍ ابنُ الجَبَر، ومحمد بن أبي القاسم بن مُفرِّج بن أبي العافيةِ المذكورُ، ويحيى بن أحمدَ بن محمد اللَّيْثيّ ابنُ الحَصّار. وكان من أحفظِ أهل زمانِه للحديث والفقه واللُّغاتِ والآداب والتواريخ، آيةً في ذلك من آياتِ الله، ذا معرفةٍ بعَقْد الشّروط، قَعَدَ لكَتْبِها طويلًا بباب فنتنالةَ من مالَقَةَ، وأقرَأَ النَّحوَ والأدبَ وقتًا، معَ الوَرَع والفَضْل وشُهرةِ العدالة، بَرًّا بطلاب العِلم مُبالغًا في إكرامِهم مُتناهِيًا في التحَفِّي بهم، واستَظهَرَ في شَبِيبتِه كتابَ "السُّنَن" لأبي داود. قال أبو جعفر بنُ عَمِيرةَ: كان مقدَّمًا في الحِفظ للحديث والأغرِبة والفروع وأخبارِ الناس ما شاء، وكان يحفَظُ "كتابَ مُسلم"؛ قال: وأخبَرَني بعضُ أصحابِنا المتقدِّمين في المعرفة، قال: لو أُضيفَ هذا الكتابُ إليه فقيل: كتابُ ابن الفَخّار، لكان أحقَّ بالإضافةِ إليه منهُ إلى مسلم (¬1). وقال أبو جعفرٍ الجَيّار: كان حَسَنَ الخُلُق حَسَنَ المُلاقاة كثيرَ الذِّكْر، معَ دُعابةٍ كانت فيه، وكان حافظًا للحديث والفقه إمامًا فيهما. ¬

_ (¬1) هذه مبالغة ظاهرة.

وقال أبو عبد الله بن عبد الحقّ: كان مَلِيًّا بالحديث مُشارِكًا في غيره فاضلَ الخُلُق حسَنَ السَّمت، جميلَ المُعاشَرة والمُجالسة، لم أرَ أحفظَ منهُ للحديث. وقال أبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله: كان حافظًا وَرِعًا كثيرَ الصَّدَقة، سَمِعتُه يقول: إنه في زمانِ شَبِيبتِه حَفِظَ كتابَ "السُّنَن" لأبي داودَ، وقلَّما كان يَخْفَى عليه شيءٌ منه، وأمّا في مُدّة لقائي إياه فكان يَذكُرُ "صحيحَ مُسلم" أو أكثرَه؛ وسأله أخي يومًا وأنا حاضرٌ: هل كنتَ تستعينُ على الحِفظ بشيء ممّا يَذكُرُه الأطبّاء؟ فقال: قد كان ذلك، قال أبو سُليمان: وسَمِعتُ شيخَنا أبا زيد السُّهَيْليَّ يقول: لمّا شاهدتُ من حِفظ أبي عبد الله ابن الفَخّار صاحبِنا ما عَجَزَ عنه غيرُه، ورأيتُه قد تقَدَّم في ذلك، قلتُ: كيف أَسُودُ معَ هذا؟ فرَزَقَني اللهُ من الفقه ما قَصَّر عنهُ وسِواه، والحمدُ لله على ذلك كثيرًا؛ قال أبو سُليمان: هذا لفظُ ما قال أو معناه. وقال أبو الحَسَن ابنُ الفَخّار: كنتُ أُكثِرُ عليه بحِفظي للخِلاف، فيَضْجَرُ ويقولُ لي: إنّما قُلْ لي: ما يصحُّ عندَك من هذا، فأقولُ له: إنّما لهذا أنتم. وقال أبو الحَسَن ابنُ القَطّان: كان حافظًا للحديث، حَسَنَ الإيراد للمُطوَّلات، عارِفًا بالرجال، مُعرِبًا مقيِّدًا مُفيدًا يَقِظًا. وقال أبو الحَسَن بنُ قَطْرال: سألتُه يومًا بمنزلِه عن لفظةٍ من الأغرِبة، ذَكَرَ ما كان عنده فيها ثم قال لي: يا بُنيّ، جمَعْتُ الأغرِبةَ بالحِفظ والنَّسْخ؛ وقال: ثلاثةُ كُتُب هي عندي كسُورةٍ من القرآن: كتابُ مسلم و"المقدِّمات" لأبي الوليد ابن رُشْد و"التقَصِّي" لأبي عُمرَ بن عبد البَرّ. وقال ابنُ أُختِه الطَّبيبُ أبو محمدٍ ابنُ الفَخّار: سافَرتُ معَ خالي أبي عبد الله من مالَقةَ إلى مَرّاكُش حين استُدعيَ إليها، وكان ذلك في فَصْل الشتاء، وتوالَتْ علينا الأمطارُ والأوحال، فكان معَ ذلك لا يَفتُرُ عن القراءةِ ليلًا ولا نهارًا، مُستظهِرًا مِن حِفظِه، وسَمِعتُه ليلةً قد ختَمَ ودَعَا، فتوهَّمتُ أنه خَتَمَ القرآن، فسألتُه فقال: ختَمتُ "الموَطّأ".

219 - محمد بن إبراهيم بن خليفة المخزومي، قرطبي

وقال أبو عبد الله بنُ عَسْكَر: كان في أوّل أمرِه يعقِدُ الوثائق، وكان معَ ذلك لا يَفتُرُ عن الدّرسِ والنّظَر. ويُحكى عنه أنه كان أيامَ الفتنة بمالَقةَ ربّما طُلِبَ بالمَبِيت في السُّور أو نحوِ ذلك مما يُجمَعُ الناسُ إليه، فكان لا يُفارقُ كتابَه ولا يَفتُرُ عن دَرْس دولتِه. ولم يزَلْ على اجتهادِه وهو إمامٌ يُرحَلُ إليه حتى توفِّي رحمه الله، وكان قد وَظَّف على نفسِه وظائفَ من الكُتُب التي كان يحفَظُ يَستظهِرُها حتّى يختِمَها. وقد تقَدَّم في رَسْم أبي الحَكَم الحُسَين بن حَسُّون خَبَرُ أبي عبد الله الشاهد بجِدِّه واجتهادِه أوانَ طلَبِه العِلمَ في شَبِيبتِه، فمَن شاء راجَعَه هنالك. واستَجْلَبَه المنصُورُ من بني عبدُ المُؤمن سنةَ ثمانينَ إلى مَرّاكُش يَسمَعُ بها عليه، فانتَقلَ إليها وأكرَمَ نُزُلَه، وكان يُجِلّه كثيرًا ويُقرّبُه ويرفَعُ من شأنِه ويوجِب له حقَّه، واستَصْحبَه حين توَجَّه إلى إفريقيّةَ سنةَ [خمسٍ وسبعينَ] وخمس مئةٍ مُباهِيًا به ومُستكثِرًا بمكانِه. مولدُه بمالَقةَ لتسع خَلَوْن من رجَبِ إحدى عشْرةَ وخمس مئة، وتوفِّي بمَرّاكُشَ عقِبَ صلاةِ العصرِ من يوم الأحَد لاثنتَيْ عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من شعبان، وقال ابنُ الزُّبَير: في السابعَ عشَرَ منه، تسعينَ وخمس مئة. ويقال: إنّ المنصُورَ صَلّى عليه داخلَ جامعِه الأعظم في القُبّة الغَرْبيّة القُبْليّة منه، وفي ذلك عندي نَظَر، ودُفن بجَبّانةِ تامراكشتَ داخلَ صُور (¬1) مَرّاكُش، واحتَفلَ الناسُ لحضور جَنازته وشَهِدوها على طبقاتِهم، وأثنَوْا عليه كثيرًا وأتْبَعوه ذِكْرًا صالحًا جميلًا، وكان أهلَ ذلك، رحمه الله. 219 - محمدُ بن إبراهيمَ بن خَليفةَ المَخْزوميُّ، قُرطُبيّ. كان من أهل العِلم والتقَدُّم في العدالة، حيًّا سنةَ إحدى وخمسينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) هكذا بالصاد بدل السين المهملة، وهو مستعمل.

220 - محمد بن إبراهيم بن خلف الأنصاري، إلشي

220 - محمدُ بن إبراهيمَ بن خَلَف الأنصاريّ، إلْشِي. رَوى عن أبي إسحاقَ بن حُبَيْش. 221 - محمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن خِيَرةَ، قُرطُبيّ سَكَنَ إشبِيليَةَ، أبو القاسم، ابن المَواعِينيّ، حِرفة أبيه. رَوى عن أبوَيْ بكر: ابن عبد العزيز وابن العَرَبيّ، وأبوَي الحَسَن: شُرَيْح ويونُسَ بن مُغيث، وأبوَيْ عبد الله: حَفيدِ مكِّيّ وابن أبي الخِصَال، وأبي القاسم أحمدَ بن محمد بن بَقِيّ. وكان كاتبًا بليغًا، شاعرًا مُجِيدًا، استَكْتبَه أبو حَفْص بنُ عبد المُؤمن وحَظِيَ عنده حُظوةً عظيمةً لصِهرٍ كان بينَهما بوَجْه ما، وله تصانيفُ تاريخيّةٌ وأدبيّةٌ، منها: "رَيْحان الآداب ورَيْعانُ الشّباب" (¬2)، و"الوِشَاحُ المُفصَّل"، وكتابٌ في الأمثالِ السائرة، وكتاب في الآداب نَحَا به مَنْحَى أبي عُمرَ بن عبد البَرّ في "بَهْجة المَجالِسِ". وكان حَسَنَ الخَطّ رائقَه، سلَكَ به في ابتدائه مسلَكَ المُتقِن أبي بكر بن خيْر، ثم نَزَعَ عنها إلى آنقَ منها وأبرَعَ، وعُني طويلًا بلقاءِ الشُّيوخ والأخْذِ عنهم والاستفادةِ منهم حتى سادَ بنفسِه وبمَعارِفِه، ونال باختصاصِ أبي حَفْص إيّاه جاهًا عريضًا وثَرْوةً واسعة. وتوفِّي بمَرّاكُشَ سنةَ أربع وستينَ وخمس مئة. 222 - محمدُ بن إبراهيمَ بن ذي النُّون، أبو بكر. رَوى عن أبي عبد الله حَفيدِ مَكِّي. 223 - محمدُ بن إبراهيمَ بن سَعِيد بن أحمدَ الأمَويُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العِلم والعدالة، حيًّا سنةَ ثلاثٍ وسبعينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1433)، وابن سعيد في المغرب 1/ 247، والصفدي في الوافي 1/ 351. (¬2) حققه مصطفى الحيا بإشراف الدكتور محمد بن شريفة.

224 - محمد بن إبراهيم بن سعيد بن عبد الله بن سعيد، دروقي، أبو عبد الله، ابن زرياب

224 - محمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن سَعِيد بن عبد الله بن سَعِيد، دَروقيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ زِرْياب. كان فقيهًا حافظَا مُشاوَرًا فاضلًا زاهدًا. توفِّي ببَلَنْسِيَةَ ليلةَ الخميس منتصَف رَمَضانِ اثنَيْنِ وعشرينَ وخمس مئة. 225 - محمدُ بن إبراهيمَ بن سَعِيد الأنصاريُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي جعفر بن عَوْن الله. 226 - محمدُ بن إبراهيمَ بن سَعِيد القَيْسيُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العِلم وجَوْدةِ الخطّ والعدالة، حيًّا سنةَ أربعٍ وثمانينَ وثلاث مئة. 227 - محمدُ بن إبراهيمَ بن سَعِيد، أبو عبد الله، ابنُ الأديب. رَوى عنه أبو عبد الله بن الحَسَن ابنُ الخَطيب، وكان راوِيةً فقيهًا، استُقضيَ. 228 - محمدُ (¬2) بن إبراهيمَ بن شاسٍ القَيْسيُّ، سالميٌّ سَكَنَ سَرَقُسْطةَ، أبو عبد الله. رَوى عنه أبو عبد الله بن سيدراي، وكان أديبًا مُولَعًا بالتقييدِ والضَّبْط. 229 - محمدُ بن إبراهيمَ بن شَجرةَ الأمَويُّ. رَوى عن شُرَيْح. 230 - محمدُ بن إبراهيمَ بن شُعَيْب. رَوى عن أبي العبّاس بن غَزْوان. 231 - محمدُ بن إبراهيمَ بن عبد الله بن بَغُونش، بباءٍ بواحِدة مفتوحة وعين معجَم وواوِ مَدّ ونون وشِين معجَم، المَعافِريُّ. رَوى عن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1234) وذكر أنه لقي أبا بكر ابن العربي وتناول منه مختصر ابن أبي زيد. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1241).

232 - محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن حكم بن بشيرة الغافقي، أبو عبد الله

232 - محمدُ بن إبراهيمَ بن عبد الله بن حَكَم بن بَشِيرةَ الغافِقيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحَسَن ابن الفَقّاص، وأبي القاسم القاسم ابن الطَّيْلَسان. 233 - محمدُ بن إبراهيمَ بن عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الرّحمن بن أبي العافية. 234 - محمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن عبد الله بن غالِب بن يَعْلَى الأَزْديُّ، وقال ابنُ الأبار: إنّ مُنتَماهُ في غُمَارةَ من البَرْبر، مالَقيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ حَرِيرةَ، بحاءٍ غُفْل وراءَيْنِ بينَهما ياءُ مَدّ. رَوى بالأندَلُس عن أبي بكر بن أبي زَمَنِين، وأبي جعفر بن حَكَم، وأبي الحَجّاج ابن الشَّيخ، وأبي الحَسَن بن منصورٍ الكفيف، وأبي الحَسَن بن زَرْقُون، وأبي سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبي عبد الله ابن الفَخّار، وأبوَيْ علي: حَسَن بن محمد بن كِسْرى، وعُمرَ بن عبد المجِيد الرُّنْديّ، وأبي محمدٍ القُرطُبيّ. وأجازَ له أبو القاسم بن سَمَجُون، وأبوا محمد: الحَجْريُّ وابن الفَرَس. ورَحَلَ إلى المشرِق فأدَّى فريضةَ الحَجّ وأخَذَ عمّن أدرَكَ من بقايا الشّيوخ هنالك كأبي إسحاقَ بن هِبة الله المعروف بابن البُتَيْت -تصغيرُ بَتّ، بباءٍ بواحِدة وتاءٍ مَعْلُوّة- وأبي الأصبَغ عيسى بن عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحِد بن سُليمان، وأبي بكر بن حِرْزِ الله بن حَجّاج التونُسيّ، يُعرَفُ بالقَفْصيّ، وأبي الحَسَن عليِّ بن المُفَضَّل المَقْدِسيّ، وأبي الخَطّاب عُمرَ بن حَسَن ابن الجُمَيِّل، وأبي شُجاع زاهرِ بن رُسْتُم بن أبي الرَّجاءِ بن محمدٍ الأصبَهانيّ، وأبي طالبٍ أحمدَ بن أبي الفَضل عبد الله بن أبي عليّ الحُسَين بن حَبِيب الكِنَانيّ، وآباءِ عبد الله المُحمّدِينَ: ابن إبراهيمَ بن أحمدَ الخَبْري -بفَتْح الخاءِ المعجَم وإسكان الباءِ بواحِدة وراءٍ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال 2/ 39، وابن الأبار في التكملة (1677)، والذهبي في المشتبه (152)، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 2/ 296، وابن حجر في تبصير المنتبه 1/ 252، والمقري في نفح الطيب 2/ 52، والمراكشي في الإعلام 4/ 237.

منسوبًا- الفارسيِّ الفيروزآبادي (¬1) وابن إسماعيلَ بن عليّ بن أبي الصَّيْف (¬2) اليَمَنيّ وابن عُلْوانَ التَّكرِيتيّ إمام المقام وابن عِمادٍ الحَرّانيّ وابن مَوْهُوب ابن البقاءِ الصُّوفيّ، وأبي العبّاس أحمدَ بن مُشتَري الجَنّة الغَزْنَويِّ، وأبي عِمرانَ موسى ابن فَيّاض، وأبي الفَتْح حُسام بن يوسُفَ بن يونُسَ الأزْديِّ، وأبي الفُتُوح نَصْر بن أبي الفَرَج الحُصْريّ، وأبي الفَضْل جعفرِ بن أبي الحَسَن الهَمْدانيّ، وآباءِ القاسم أعبُدِ الرَحمن: ابن عبد الله عَتِيق أحمدَ بن بَاقَا البغداديِّ وابن عبد المجِيد بن إسماعيلَ ابن عُثمانَ بن يوسُفَ بن الحُسَين بن حَفْص ابن الصَّفْراويّ وابن مُقرَّب بن عبد الكريم بن الحَسَن بن عبد الكريم أبي القاسم بن أبي الحَسَن بن أبي محمدٍ وعبد الملِك بن دِرْبَاس، وآباءِ محمدٍ أعبُدِ الله: ابن عبد الرّحمن بن موسى التَّميميِّ وابن عبد الجَبّار بن عبد الله العُثمانيّ وابن محمد بن المُجَلِّي بن الحارِث (¬3) الرَّمْليّ، وعبد الرّحيم ابن النَّفِيس بن هِبة الله بن وَهْبانَ بن رُوميِّ بن سَلْمانَ بن صَالح بن محمد بن وَهْبانَ السُّلَميِّ، وعبد الخالق بن صَالح بن عليّ بن رَيْدانَ (¬4) المِسْكِيّ، وعبد الكريم بن أبي بكرٍ عَتِيق بن عبد الملِك الرَّبَعيّ، وعبد المجِيد بن محمد بن محمد بن الحُسَين بن محمد بن الحُسَين بن عليّ، ويونُسَ بن يحيى الهاشِميِّ ابن القَصّار، وأبي المُظفَّر محمد بن عُلْوانَ ابن مُهاجِر المَوْصليّ، وأبي المعالي أحمدَ بن محمد بن الحُسَين ابن الواعِظ، وأبي المَيْمونِ بن وَرْدانَ، وأبي اليُمْن بَرَكات بن ظافِر بن عساكرَ، والخَضِر بن عليّ الإرْبِليّ. وأجاز له أبو رَوْح بنُ أبي بكر الدَّوْلَعيُّ، وأبو القاسم عبدُ الصَّمد بن محمد بن أبي الفَضْل الحَرَسْتانيُّ، ويحيى بن ياقُوتٍ، والحُرّةُ تاجُ النِّساء بنتُ رُسْتُم بن أبي الرّجاء أختُ أبي شُجاع المذكور، وقَفَلَ إلى بلدِه. ¬

_ (¬1) في النسخ: "الفيروزبادي"، محرف، وينظر تاريخ الإسلام 13/ 720. (¬2) في النسختين: "الضيف" بالضاد المعجمة، مصحف، وينظر تاريخ الإسلام 13/ 223. (¬3) هو: عبد الله بن محمد بن عبد الله بن مُجَلِّي بن الحسين بن علي بن الحارث (تكملة المنذري 2/الترجمة 1511، وتاريخ الإسلام 13/ 373). (¬4) في النسختين: "زيدان" بالزاي، مصحف، وينظر تاريخ الإسلام 13/ 409.

235 - محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن قسوم بن مهنى اللخمي، إشبيلي، أبو عبد الله

رَوى عنه أبو إسحاقَ بنُ عَيّاش وأبو الأصبَغ عبدُ العزيز بن إسماعيلَ الطَّبِيريّ، وأبو عبد الله بن أحمدَ المسلهم، وأبو عَمْرو بن سالم (¬1). وكان من أتمِّ الناس عِنايةً بطريقةِ الحديث ولقاءِ الشّيوخ والاستكثار من الأخْذِ عنهم، وكتَبَ بخطِّه الكثير، وكان حَسَنَ الخَطّ نبيلَهُ ضابطًا مُتقِنًا، وكان المُعَيَّنَ للقراءةِ على الشّيوخ ببلادِ المشرِق؛ لحُسْن صَوته وجَوْدةِ إيرادِه، وبقراءتِه سَمِع عليهم أكثرُ طَلَبة العلم ورُواةِ الحديث هنالك، وله في الحديث مصنَّفاتٌ، منها: "كتابُ الأربعين في فَضْل المَعُونة والمُعِين" وهو كتابٌ حَسَن، وقَفْتُ عليه بخطِّه. وكان أوّلَ أمرِه عَدْلًا ثقةً فيما يَرويه، إلى أن أصابتْه فتنةٌ تُرِك الحديثُ عنهُ من أجْلها، ووَرَدَ مَرّاكُش وأقام بها يسيرًا يعقِدُ الوثائق، وكان مُبرِّزًا في معرفتِها، ثُم صُرِف في بعض الأعمال السُّلطانية بجهة السُّوس، فتوفِّي بتارودانتَ قاعدةِ بلادِه في رجَبِ سبعٍ وثلاثينَ وست مئة، ومَوْلدُه في ربيعٍ الأوّل سنةَ اثنتَيْنِ وسبعينَ وخمس مئة. 235 - محمدُ بن إبراهيمَ بن عبد الله بن قَسُّوم بن مُهَنَّى اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ، أبو عبد الله. رَوى ببلدِه عن بعضِ مَشْيَختِه، ورَحَلَ إلى المشرِق وحَجّ، وسَمِع بمكّةَ "أخبارَها" للأزْرَقيِّ على أبي المظفَّر محمد بن عليّ بن الحُسَين الشِّيْبانيّ الطَّبَريِّ في جُمادى الأخرى سنةَ خمسٍ وثلاثينَ وخمس مئة، في نُسخة نَسَخَها بدار رجُل استَأْدَبَه لوَلَدِه في دارِه خارجَ باب عَزْوَرَة (¬2)، وتمَّ نَسْخُها يومَ الخميس لتسعٍ بقِينَ من جُمادى الأُولى سنةَ خمس وثلاثينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "حدثنا عنه شيخنا أبو عامر عمر بن عياش القرطبي". (¬2) كُتِبَ بهامش ب: "كذا كتب في الأصل "عزوره" بالعين، وكذلك ينطق به عوام المكيين الآن والمجاورين معهم، وصوابه بالحاء المهملة المفتوحة بعدها زاي ساكنة وراء مخففة وهاء، هذا الثابت، ويقال: إنه بفتح الزاي وتشديد الواو، والأول أصح وأكثر وأشهر عند المحققين، وأنشدوا: يوم ابن جُدْعان بجنب الحَزْوَرهْ ... كأنه قيصر أو ذو الدَّسْكرهْ =

236 - محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن المنخل، شلبي، أبو بكر

236 - محمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن عبد الله بن المُنخَّل، شِلْبيٌّ، أبو بكر. أنشَدَ عنه أبو محمد بنُ أحمدَ بن عبد الملِك الشِّلْبيُّ، وكان متقدِّمًا في المعرفةِ بالأدب شاعرًا مجُيدًا، حَسَنَ الخَطّ، مُشارِكًا في عِلم الكلام، معَ صَلاح وخَيْر، وشِعرُه مدوَّنٌ، ومنه [الطويل]: مضَتْ ليَ ستٌّ بعدَ سبعينَ حَجّةً ... ولي حَرَكاتٌ بعدَها وسُكونُ فيا ليتَ شعري! كيف أو أينَ أو متى ... يكونُ الذي لابدَّ أنْ سيكونُ 237 - محمدُ بن إبراهيمَ بن عبد الله التَّغلَبيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ وأبي جعفرٍ البِطْرَوْجي. 238 - محمدُ بن إبراهيمَ بن عبد الرّحمن بن إبراهيمَ بن هِشَامٍ ابن الأميرِ عبد الرّحمن بن الحَكَم الرَّبَضيّ بن هشام بن عبد الرّحمن بن مُعاويةَ بن هِشام بن عبد الملِك بن مَرْوان. كان من أهل العلم والنُّبْل وجَوْدة الخَطّ والانقباض عن مخالطةِ الناس، وقد كتَبَ بخطِّه الكثيرَ وأتقَنَه، وتعيَّشَ بالوِراقة دهرًا، وكان حيًّا سنةَ خمس وعشرينَ وأربع مئة، وقَفْتُ على نُسختَيْن بخطِّه من مُصَنَّف ابن وَكِيع في "سَرِقاتِ المتنبِّي" وعلى غيرِها. 239 - محمدُ بن إبراهيمَ بن عبد الرّحمن بن مُسَلَّم، بَلَنْسِيٌّ فيما أحسِب. ¬

_ = وكان قديمًا يدعى بباب بني حكيم بن حزام وبباب بني الزبير بن العوام، وكانت الحزامية أغلب عليه، وعامة المكيين اليوم يسحبون من طاف طواف الوداع وأراد الانصراف إلى عنده وأن يكون خروجه من المسجد على هذا الباب ويزعمون أن من خرج عليه لا بد أن يعود إليهم، وأن العادة جرت بذلك، والله أعلم". (¬1) ترجمه التجيبي في زاد المسافر (129)، وابن الأبار في التكملة (1399)، وابن سعيد في المغرب 1/ 387، والذهبي في المستملح (121)، وتاريخ الإسلام 12/ 202، والصفدي في الوافي 2/ 7، والمقري في نفح الطيب 3/ 520.

240 - محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الرعيني، مرسي وشقي الأصل سكن مراكش طويلا، أبو بكر وأبو عبد الله الوشقي

240 - محمدُ بن إبراهيمَ بن عبد الرّحمن الرُّعَيْنيُّ، مُرْسيٌّ وَشْقِيُّ الأصل سَكَنَ مَرّاكُشَ طويلًا، أبو بكرٍ وأبو عبد الله الوَشْقيُّ. رَوى عن أبي بكر بن أبي جَمْرةَ، وأبي عبد الله بن حَمِيد، وأبي القاسم بن حُبَيْش، وأبي موسى القَزوليّ. وكان متحقِّقًا بعلوم اللِّسان نَحْويًّا ماهرًا، أديبًا بارِعًا، شاعرًا مُجيدًا، كاتبًا بليغًا، طيِّبَ النَّفْس حَسَنَ الأخلاق، جميلَ المُعاشَرة فاضلَ الطِّباع. ودرَّس بمَرّاكُشَ مُدّةً وقرأَ عليه بعضُ أولاد المنصُور. وله اختصاراتٌ في كثيرٍ من كُتُب العلم والآداب والتواريخ، كَـ "اختصارِ تفسير القرآن" لإبن عَطِيّة، و"محُكَمَ" ابن سِيدَه، و "مَطمَح" أبي الفَتْح و"قلائدِه"، و"مقدِّمات" ابن رُشد وغيرِ ذلك، وكتَبَ بخطِّه الكثيرَ، وكان نبيلَ الخَطّ في طريقةِ أهل شَرْق الأندَلُس، وتلبَّس في مَرّاكُشَ بعَقْد الشّروط والشَّهادة. وتوفِّي بمَرّاكُشَ في حدود العشرينَ وست مئةٍ ابنَ ستينَ سنةً أو نحوِها. 241 - محمدُ بن إبراهيمَ بن عبد الصَّمد، بَلَنْسِيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ سبعٍ وتسعينَ وخمس مئة. 242 - محمدُ بن إبراهيمَ بن عبد العزيز بن حَزْمُون، قُرطُبيٌّ، أبو القاسم. رَوى عن أبي بكرٍ عبد العزيز بن خَلَف بن مُدِير، وأبي جعفر بن عبد الرحمن البِطْرَوْجيّ. 243 - محمدُ بن إبراهيمَ بن عبد العزيز الكِلابيُّ، أبو عبد الله. سَمِع على أبي عليّ الصَّدَفي. 244 - محمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن عبد الملِك الأزْديُّ، قيجاطيٌّ نَزلَ مُرْسِيَةَ، أبو عبد الله القارِجيُّ وابن قُرَشِيّة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1699)، والذهبي في المستملح (317)، وتاريخ الإسلام 14/ 468، ومعرفة القراء الكبار 2/ 645، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 45، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 204.

245 - محمد بن إبراهيم بن عطية العبدري، داني، أبو عبد الله

تَلا بالأندَلُس بعدَ قُفولِه من المشرِق على أبي جعفر بن عَوْن الله الحَصّار، وأبي عبد الله بن يَربُوع، وقَيَّد عنه كُتُبَ اللّغة والعربيّة والآداب، وقرَأَ حينَئذٍ على أبي القاسم بن بَقِيّ "الكافيَ" لإبن شُرَيْح، وأجازَ له، وكذلك أجازَ له أبو بكرٍ عَتِيقُ بن عليّ القاضي، وأبو جعفر بن حَكَم، وأبو الحَجّاج ابنُ الشّيخ، ولقِيَهما، وأبو الحُسَين بن زَرْقُون، وأبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وآباءُ عبد الله: ابن أيّوبَ بن نُوح وابن عبد العزيز بن سَعادةَ وابنُ الشَّوّاش، وأبو الكَرَم جُودِي، وأبو محمد عبدُ الصَّمد اللَّبْسيّ. وكانت رحلتُه إلى المشرِق سنةَ تسع وتسعينَ وخمس مئةٍ، وحَجّ، وأخَذ بمِصرَ عن الخَطيب بجامع مِصرَ أبي إسحاقَ القَرَافيِّ الجوزهر، وخطيبِ المَوْصِل الحافظ أبي الفَضْل عبد الله بن أحمدَ بن محمد بن عبد القاهر الطُّوسِيّ، ولازَمَ بالقاهرة وبمدرسةِ القاضي الفاضل البَيْسانيِّ منها أبا عبد الله محمدَ بن عُمرَ بن يوسُفَ القَرطُبيَّ نحوَ عامَيْن، وأخَذ عنه القراءاتِ وغيرَها، وأخَذ بطَبَريّةَ -من بلاد الشام- على أبي الحَسَن عليِّ بن محمد التُّجِيبيّ، وتَلا بالسَّبع عليه، وأجازا له، وبدمشقَ على أبي الطاهِر بَرَكاتٍ الخُشُوعيِّ وأبي محمدٍ القاسم ابن محدِّث الشامِ أبي القاسم عليِّ بن عساكر، ولازَمَه ورافَقَه إلى القُدس وأقام معَه فيه شهرِ رَمَضان وأيامًا يسيرةً بعدَه. رَوى عنه أبو الحَسَن بنُ محمد بن بَقِيٍّ الغَسّانيُّ، وأبو عبد الله بنُ غالب، وأبو عليّ بن رَشِيق صاحبُنا. وكان أحَدَ المُتقِنينَ للقراءاتِ وأضبَطِهم لها وأعرَفِهم لأصولِها وأحفَظِهم لِما اختَلَف القُرَّاءُ فيه، تجَرَّد لذلك كلِّه وانفردَ به؛ وكان شيخًا مُعَمَّرًا فاضلًا دَيِّنًا، خَطَبَ ببلدِه قيجاطةَ زمانًا، وخرَجَ إلى مُرْسِيَةَ وأقرَأَ بها إلى أنْ توفِّي يومَ الثلاثاءِ لسبع، وقال ابنُ الزُّبَير: يومَ الأربعاءِ لستّ، بقِينَ من محرَّمِ اثنين، وقال ابنُ الأبار: ثلاثة، وأربعينَ وست مئة. 245 - محمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن عَطِيّةَ العَبْدَريُّ، دانِيٌّ، أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1475).

246 - محمد بن إبراهيم بن علي بن سعيد، بلنسي

رَوى عن أبي إسحاقَ بن جَماعةَ، وأبي العبّاس بن طاهِر. رَوى عنه أبو عامرٍ الفِهْرِي، وكان فقيهًا صاحبَ الأحكام، وكان حيًّا سنةَ عشرينَ وخمس مئة (¬1). 246 - محمدُ بن إبراهيمَ بن عليّ بن سَعِيد، بَلَنْسِيٌّ. كان حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. 247 - محمدُ بن إبراهيمَ بن عليّ، جَيّانيٌّ نَزَلَ غَرْناطةَ، أبو بكر (¬2)، ابنُ الجَيّاني. لهُ إجازةٌ من أبي بكرٍ ابن الجَدّ، وأبي عبد الله بن زَرْقُون، وأبي محمدٍ الحَجْريّ، حدَّث عنه بالإجازة أبو عبد الله الطَّنْجَاليُّ. 248 - محمدُ بن إبراهيمَ بن عُمرَ البَكْريُّ. رَوى عن أبي القاسم أحمدَ بن محمد بن بَقِيّ. 249 - محمدُ بن إبراهيمَ بن العوّام، أبو جعفر. له رحلةٌ حَجَّ فيها، ورَوى بمكّةَ، شرَّفها اللهُ، عن محمد بن أحمدَ بن محمد بن عبد الله الأردستانيّ سنةَ ستٍّ وأربعينَ وأربع مئة. 250 - محمدُ (¬3) بن إبراهيمَ بن عيسى بن صَلتانَ الأنصاريُّ، بَيّاسيٌّ سكَنَ جَيّان، أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) هكذا في النسختين، وهو سبق قلم من المؤلف يرحمه الله، صوابه "ستٍّ مئة"، فقد أجاز لأبي عامر الفهري شيخ ابن الأبار في سنة ثمانين وخمس مئة، وأبو عامر الفهري هو نذير بن وهب بن لب، ولد سنة ثمان وخمسين وخمس مئة، وتوفي سنة ستٍّ وثلاثين وست مئة، فكيف يروي عنه؟! (ترجمة أبي عامر الفهري في التكملة 1631). (¬2) في هامش ب: "أبو القاسم، كناه ابن مسدي وقال: إنه تولى (الخطابة) بغرناطة وأنه سمع على عبد المنعم الخزرجي (بن) حكم وغيره، وكان نبيلًا جيد الفهم". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1663)، والرعيني في برنامجه (80)، والذهبي في المستملح (286)، وتاريخ الإسلام 13/ 935، وكان قد ذكره في وفيات سنة 626 هـ نقلًا من معجم شيوخ ابن مسدي وقال: أخذ عنه ابن مسدي في سنة خمس وعشرين ولم يذكر وفاته (13/ 819 - 820)، فتكرر عليه من غير أن يفطن. وجاء في هامش ب: "قال ابن مسدي: المذكور أخبرني أن مولده عينًا في سنة خمس وخمسين وخمس مئة، وذكر نسبه بخلاف ما قال المصنف فقال: محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن سعيد بن جعفر بن صلتان بن شراحيل، وهو ممن لقيه فهو أعلم به".

251 - محمد بن إبراهيم بن عيسى بن عبد الحميد بن روبيل الأنصاري، أبو عبد الله، بلنسي أندي الأصل، انتقل أبوه منها

رَوى عن أبي بكر بن حَسْنُون، وأبي الحَسَن بن كَوْثَر، وأبي عبد الله بن حَمِيد، وأبي عُبَيد البَكْريّ، وأبوَي القاسم: ابن بَشْكُوالَ وابن حُبَيْش، وأبوَيْ محمد: الحَجْريّ وعبد المُنعِم ابن الفَرَس. رَوى عنه المحمّدانِ: ابنُ جابِر السَّقَطيُّ وابن أبي أحمدَ بن مُسْدِي، وأبو الطاهر محمدٌ وأبو العبّاس عبدُ الله ابنا أبي الحَسَن محمد ابن الحاجّ. وحدَّث عنه بالإجازةِ أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ شيخُنا والأُستاذُ أبو محمدٍ طلحةُ. وكان فقيهًا حافظًا ناقدًا في عِلم العَدَدِ والفرائض، ضَارِبًا في غيرِ ذلك من العلوم بسَهْم صَالح، عاقدًا للشّروط، مُعتنيًا بالرِّواية، عَدْلًا ضابطًا، مُحترِفًا بتجارةٍ يُديرُها، توفِّي سنةَ ثلاثينَ وست مئة أو نحوِها. 251 - محمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن عيسى بن عبد الحَميد بن رَوْبيلَ الأنصاريُّ، أبو عبد الله، بَلَنْسِيٌّ أُنْدِيُّ الأصل، انتَقلَ أبوه منها. رَوى عن أبي بكرٍ أسامةَ، وآباءِ جعفر: ابن عَوْنِ الله وابن عبد الرّحمن بن مَضَاء وابن عبد المَجِيد الجَيّار وأبي الحَسَن بن خِيَرةَ وأبي الخَطّاب بن واجِب وأبي الرَّبيع بن سالم، وأبي سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبي الصَّبْر الفِهْرِيّ، وآباء (¬2) عبد الله: ابن أبي (¬3) بكر ابن المَوَّاق وابن أيُوبَ بن نُوح وابن سَعِيد المُرَاديّ وابن عبد الرّحمن التُّجِيبيّ وابن عبد العزيز بن سَعادةَ وابن أحمدَ ابن اليتيم وابن محمد ابن أبي البقاءِ، وأبي عليّ بن زُلَال، وأبوَيْ محمد: ابن حَوْطِ الله وعبد الحقّ بن عليّ الزُّهْريّ، وغَلْبون، وغيرِهم من أهل الأندَلُس. وأجاز له جماعةٌ من أهل المشرِق، منهم: أبو عبد الله القُرطُبيُّ، وأبو القاسم بنُ مُقرَّب والحَسَن بن يوسُف الشاطِبيُّ وغيرُهم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1678)، والذهبي في تاريخ الإسلام 14/ 221. (¬2) في النسختين: "وأبوي" ولا يصح، فالذين ذكرهم جملة يكنون بأبي عبد الله. (¬3) في النسختين: "أبو"، ولا تستقيم.

252 - محمد بن إبراهيم بن عيسى اللخمي، شريشي، أبو بكر

رَوى عنه أبو جعفرٍ أحمدُ بن إبراهيمَ بن محمد بن حَسَن، وأبو العبّاس بن محمد ابن الغَمّاز، وهو آخِرُهم، وأبو عليّ الحَسَن بن محمد بن لُبُّ. وحدَّث عنه بالإجازة أبو عبد الله ابنُ الأبّار. وكان محدِّثًا ديِّنًا فقيهًا ذاكِرًا للمسائل، عُنيَ بدراسة الفقه كثيرًا، مُشاركًا في النَّحو، عاقِدًا للشّروط، مُشاوَرًا، استُقضيَ بمُرْبَاطَرَ ثم بدانِيَةَ بعدَ الطارئ على بَلَنْسِيَةَ، وناوَبَ في الخُطبة بجامعِها غيرَه، وكان محمودَ السِّيرة في قضائه، جَزْلًا في أحكامِه نَزِهًا. توفِّي بمُرْسِيَةَ وهو يتَولَّى قضاءها لليلتَيْنِ أو ليلة بقِيَتْ من محرَّمِ ستٍّ وثلاثينَ وست مئة، وقال ابنُ الغَمّاز: إنهُ صَحِبَه إلى أنْ توفِّي بدانِيَةَ، ومولدُه ببَلَنْسِيَةَ سنةَ إحدى وتسعينَ وخمس مئة. 252 - محمدُ بن إبراهيمَ بن عيسى اللَّخْميُّ، شَرِيشيٌّ، أبو بكر. رَوى عن شُرَيْح، وأبي مَرْوانَ بن عبد العزيز الباجِيّ. 253 - محمدُ بن إبراهيمَ بن عيسى. غيرُ الذي قبلَه؛ رَوى عنه محمدُ بن عبد الرّحمن بن محمد الجُذَاميّ. 254 - محمدُ بن إبراهيمَ بن لؤيّ، أبو بكر. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 255 - محمدٌ (¬1) ابنُ الأُستاذِ أبي إسحاقَ إبراهيمَ بن فُتُوح بن مكحول، إشبِيليٌّ سكَنَ مدينةَ فاسَ، أبو عبد الله. رَوى عن جَدِّه للأُمِّ أبي عُمرَ أحمد بن عبد الله بن صَالح. رَوى عنه أبو البقاءِ يَعيشُ، وكان مُصحَفيًّا ضابطًا، مشهورَ العفافِ والصَّون، ذا حَظّ صَالح من الفقه وروايةِ الحديث. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن القاضي في جذوة الاقتباس (264).

256 - محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبى طالب القيسي، وشقي سكن سرقسطة، أبو طالب

256 - محمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن محمد بن إبراهيمَ بن أبى طالبٍ القَيْسيُّ، وَشْقيٌّ سكَنَ سَرَقُسْطةَ، أبو طالب. كان من أهل المعرفة باللّغة والآدابِ ذاكرًا لهما، درَّسَهما دَهْرًا، إلى حُسن خَطّ، ومُشارَكةٍ في النّظْم والنثر، وعُني بجَمْع شعرِ أبي عُمرَ بن دَرّاج القَسْطَليِّ أتَمَّ عناية، فاستَوعبَهُ مُلتقِطًا إيّاه من رِقاعِه ومظانِّ وِجْدانِه، حتى ظهَرَ شفوفُ ما حشَدَ منه على ما بأيدي الناس، ورَتَّبه على حروفِ المعجَم. 257 - محمدٌ ابنُ الإمام أبي إسحاقَ إبراهيمَ بن محمد، منازهر الأَزْديُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي، وأبي الحَسَن شُرَيْح. 258 - محمدُ (¬2) بن إبراهيمَ بن محمد بن سَعِيد الأَزْديُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو بكر، ابنُ الصَّنّاع، ويُلقَّبُ الهُدْهُدَ. تَلا على أبي داودَ الِهشَامي واختَصَّ به وعُدَّ في جِلّةِ أصحابِه، ورَوى عن أبى القاسم خَلَف بن أحمدَ بن القاسم بن داودَ. تَلا عليه أبو عبد الله بنُ أبي إسحاقَ اللُّرِيِّيُّ وغيرُه. وكان متقدِّمًا في الإقراء: إحكامَ تجويدٍ وحُسنَ أداءٍ، مُشاركًا في الأدبِ واللُّغة، حافظًا للأخبارِ والأشعار، عارفًا بعَقْد الشّروط، متصرِّفًا في الفقه، حَسَنَ الخَطّ صحيحَ النَّقْل، تصَدَّر للإقراءِ بجامع بَلَنْسِيَة إثْرَ وفاةِ شيخِه أبي داود، واستمرَّ على ذلك مُدّة، ثم انتَقلَ إلى قُرطُبةَ وأقرا بجامعِها الأعظم، واستَقْضاهُ ببعض كُوَرِها أبو عبد الله بنُ حَمْدين، ثم تحوَّلَ إلى كورةِ باغُه فتوفِّي هنالك صَدْرَ سنة ثمانٍ وخمس مئة. 259 - محمدُ بن إبراهيمَ بن محمدِ بن عبد الله بن أبي زَمَنِين المُرِّي، غَرْناطيٌّ، أبو بكر. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1156). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1181)، والذهبي في المستملح (37)، وتاريخ الإسلام 11/ 116.

260 - محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد البر الخولاني، قرطبي، أبو عبد الله

تلا القرآنَ على أبي بكرٍ ابن النَّفيس، وأبي عبد الله بن شُهَيْد، وتفقَّه بأبي الحَسَن بن عُمرَ بن أضحَى، وأبي عبد الله بن مالكٍ وغيرِهم؛ وكان من أهل المعرفة والذّكاء، من بيتِ عِلم وجَلالة. وتوفِّي مُعتبَطًا سنةَ أربعينَ وخمس مئة. 260 - محمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن محمد بن عبد البَرّ الخَوْلانيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي إسحاقَ بن كوزانةَ، وأبوَيْ بكر: ابن حَسُّون وابن خَيْر، وأبي الحَسَن محمد [. . . .] (¬2) الشَّقُوريّ، وأبي الحُسَين بن رَبيع، وأبي ذَرّ محمد بن عبد العزيز، وآباءِ عبد الله: ابن بَشْكُوالَ وابن حَفْص وابن زَرْقُون وابن عَرَّاق وابن الفَخّار، وأبوَي القاسم: ابن بَشْكُوال -وأكثَرَ عنه- وابن غالِب، وأخَذ عنه القراءاتِ وكثيرًا من كتُبِ العربيّة، وأبي الوليد الحَسَن ابن المُناصِف. رَوى عنه أبو بكر بنُ جابر السَّقَطيُّ، وأبو الحَسَن الغَزّالُ المَرَوِيُّ، وأبو القاسم القاسمُ ابنُ الطَّيْلَسان؛ وحدَّث عنه بالإجازةِ شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ وأبو محمدٍ طلحةُ (¬3). وكان شديدَ العناية بروايةِ الحديث وضَبْطِه ولقاءِ أكابرِ حَمَلتِه ومُلازمتِهم والإكثارِ عنهم، مشهورَ العدالة ومَتَانةِ الدِّين والفَضْل والصّلاحِيّة والتسَنُّن والتواضُع، معَ المعرفة للفقه والتبصُّر بالوثائق، وكان يَعقِدُها، وأَمَّ بمسجد بني الصَّفّار. قال أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان: أتَيْتُه أنا والمحدِّث أبو بكر بنُ جابر نسألُ منه الأخْذَ عنه فقال: ما أنا أهلٌ لذلك، فقُلنا: بل أنت أهلٌ له، فأنشَدَنا [الطويل]: وإنَّ بقومٍ سَوَّدوكَ لَفاقةً ... إلى سيّدٍ، لو يظفَرونَ بسيِّدِ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1634)، والرعيني في برنامجه (54)، والذهبي في المستملح (270)، وتاريخ الإسلام 13/ 619. (¬2) بياض في النسختين. (¬3) بهامش ب: "وأجاز أيضًا لأبي بكر بن مسدي".

261 - محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الجليل بن غالب بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن خلف بن القاسم بن غالب بن حمدون الأنصاري الخزرجي، إلشي، أبو عبد الرحمن، ابن غالب

توفِّي فُجَاءةً بعدَ أنْ صَلّى بمسجدِ أبي حامدٍ إمامًا عِشاءَ ليلةِ الأحَد الثانيةَ عشْرةَ من محرَّمِ أحدٍ وعشرينَ وست مئة، ودُفنَ بمقبُرةِ ابن عبّاس، قالهُ ابنُ الطَّيْلَسان، وقال غيرُه: توفِّي سنةَ عشرين. 261 - محمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن محمد بن عبد الجَليل بن غالِب بن محمد بن عبد الله بن عبد الرّحيم بن خَلَف بن القاسم بن غالِب بن حَمْدون الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ، إلْشِيٌّ، أبو عبد الرّحمن، ابنُ غالب. رَوى بمُرْسِيَةَ عن أبي بكر بن أبي جَمْرةَ، وأبي عبد الله بن تُحِيّا، وأبي عُمرَ ابن عَيْشُون، وأبوَيْ محمد: ابن حَوْطِ الله وابن غَلْبون، وأبي يحيى بن إدريسَ، وببَلَنْسِيَةَ عن أبي بكرٍ عَتِيق بن عليّ، وأبي الخَطّاب بن واجِب، وأبوَيْ عبد الله: ابن نَسَع وابن نُوح، وبشاطِبةَ عن أبي عُمرَ بن عاتٍ، وبغَرْبِ الأندَلُس عن أبي جعفر بن مانع وأبي القاسم بن بَقِيّ. وكتَبَ إليه من أهل الأندَلُس وسَكّانِها: أبو بكر بنُ أبي زَمَنِين، وأبَوا جعفر: حَكَم وابن شَرَاحِيل، وأبو زكريّا الأصبَهانيُّ، وأبو القاسم بن سَمَجُون، وأبو كاملٍ تَمّامُ بن الحُسَين، وجماعةٌ غيرهم، ومن أهلِ المشرِق: من الإسكندَريّة: أبو الحَسَن بن المُفضَّل، ومن مكّةَ شرَّفها الله: أبو شُجاع زاهرُ بن رُسْتُم، وأبو الفُتُوح نَصْرُ بن أبي الفَرَج الحُصريّ، في آخَرِين، وفي شيوخِه كثرة. رَوى عنه غيرُ واحد، منهم: أبو الحَسَن بن محمد الغَزّال، وحدَّثنا عنه شيخُنا أبو عليّ ابنُ الناظِر. وكان تامَّ العناية بشَأْن الرِّواية، ومن أهلِ التحقُّق والدِّراية، عارفًا بالحديثِ ذاكرًا لرجالِه، فقيهًا حافظًا مُدرِّسًا، حَسَنَ الخَطّ كثيرَ التقييد، ذا حظٍّ من الآداب واللُّغات، سَرِيًّا جميلَ الصُّورةِ والشّارة، سَكَنَ مُرْسِيَةَ مُدّة، واستُقضيَ بالمَرِيَّة فشُكِرتْ طريقتُه واشتُهر بالعَدْل في أحكامِه والنّزاهة ومَكارِم الأخلاق، ولم يَختلفْ أحدٌ من أهل البلادِ التي سَكَنَها في القول بفضائلِه والإعلانِ بكرَم شمائلِه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1679)، والذهبي في المستملح (299)، وتاريخ الإسلام 14/ 222.

262 - محمد بن إبراهيم بن محمد بن عمر بن عبد الملك العذري، مروي, أبو عبد الله

وتوفِّي بغَرْناطةَ إثْرَ ولايتِه قضاءَها في أُخْرَياتِ صَفَرِ (¬1) ستٍّ وثلاثينَ وست مئة. ومولدُه بشاطِبةَ يومَ الأحد لثلاثٍ خَلَوْنَ منْ جُمادى الآخِرة سنةَ خمسٍ وثمانينَ وخمس مئة. 262 - محمدُ (¬2) بن إبراهيمَ بن محمد بن عُمرَ بن عبد الملِك العُذْرِيُّ، مَرَوِيٌّ, أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكر بن مَقْيُوس، وأبي [. . . .] (¬3) الخَضر بن عبد الرّحمن، وأبي القاسم بن وَرْد، وأبي محمدٍ عبدِ الحقّ بن عَطِيّةَ. وكان حَسَنَ الخَطّ بارعَهُ، عديمَ الضّبط، يأتي فيما يحدِّثُ به بأغلاطٍ قبيحة وأوهام شنيعة، وكان حيًّا سنةَ تسع وأربعينَ وخمس مئة. 263 - محمدُ (¬4) بن إبراهيمَ -ويقال: ابنُ محمد- ابن إبراهيمَ بن محمد بن وَضّاح اللَّخْميُّ، غَرْناطيٌّ نَزَلَ شُقْرَ بعدَ حَجِّه، أبو القاسم. تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن بن هُذَيْلِ وأكثَرَ عنهُ، وأبي عبد الله بن حَمِيد، وأبي القاسم بن حُبَيْش، ورَحَلَ وحَجَّ، وتَلا بالسَّبع على أبي عليّ ابن العَرْجاءِ بمكّةَ، شرَّفَها اللهُ، سنةَ ستٍّ وسبع وأربعينَ وخمس مئة، ورَوى بها عن أبي جَعْفر بن كَوْثَر وأبي الحَسَن بن سِوَار الغَرْناطيَّيْن، ودَخَلَ العراقَ وأخَذ عن أبي محمدٍ عبد الله بن عُلْوانَ الحِلِّي، وأقام في رحلتِه نحوَ تسعِ سنين. رَوى عنه ابنُه أبو بكرٍ، وأبو عبد الله بنُ عبد العزيز بن سَعادةَ، وحدَّث عنه بالإجازةِ أبو عُمرَ بنُ عاتٍ. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "توفي نصف ليلة الجمعة لسبع وعشرين ليلة خلت من صفر المذكور". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1349). (¬3) بياض في النسختين. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1498)، والذهبي في المستملح (176)، وتاريخ الإسلام 12/ 838، والمقري في نفح الطيب 2/ 160.

264 - محمد بن إبراهيم بن محمد بن هاني الغساني

وكان مُقرِئًا مُتقِنًا مجوِّدًا، ذا حظٍّ من روايةِ الحديث، عَدْلًا فيما يَنقُلُه، معروفَ الصّلاح والزُّهد وَرِعًا مُنقبِضًا فاضلًا، مجُابَ الدعوة، خَطَبَ بجامع شُقْر، وأَمَّ به في الفريضة دَهْرًا، وتصَدَّر لإقراءِ القرآن به نحوَ أربعينَ سنةً، مُحتسِبًا لله تعالى، لم يَقبَلْ من أحدٍ قطُّ هديّة، ولا استشرَفَ إلى أجر، ولا أخَذَ من أحدٍ قَطُّ دينارًا ولا درهمًا. وتوفِّي في صَفَرِ سبعٍ وثمانينَ وخمس مئة. 264 - محمدُ بن إبراهيمَ بن محمد بن هاني الغَسّانيُّ. رَوى عن أبي عليّ بن سُكَّرةَ. 265 - محمدُ بن إبراهيمَ بن محمد بن هاني القُرَشيُّ، إشبِيليٌّ. كان بعدَ ستٍّ مئة. 266 - محمدُ بن إبراهيمَ بن محمد بن يوسُفَ الأَزْديُّ، إشبِيليٌّ، أبو عَمْرو، ابنُ زَغْلَل، بفَتْح الزاي وإسكانِ الغَيْن المعجَم ولامَيْنِ أوّلُهما مفتوح. رَوى عن أبيه، رَوى عنه شيخُنا أبو الحُسَين عُبَيد الله بن أبي الرَّبيع، وكان من جِلّة العاقدينَ للشّروط ببلدِه، مُبرِّزًا في العدالة، فقيهًا حافظًا، عارِفًا بالنّوازلِ فَرَضيًّا. 267 - محمدُ بن إبراهيمَ بن أحمدَ الأنصاريُّ. رَوى عن شُرَيْح. 268 - محمدُ بن إبراهيمَ بن محمد الجُمَحيُّ، يقال: إنهُ من أهل شَرْق الأندَلُس. رَوى عن أبي الحَسَن ابن النِّعمة، وأبي الحَكَم رَبيع بن أبي الحُسَين بن رَبيع، وأبوَيْ عبد الله: ابن حَمِيد وابن عُمرَ بن يوسُفَ القَيْسيِّ القاضي. 269 - محمدُ بن إبراهيمَ بن محمدٍ الرُّعَيْنيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن شُرَيْح.

270 - محمد ابن الأمير أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي، أبو عبد الله

270 - محمدٌ ابنُ الأميرِ أبي إسحاقَ إبراهيمَ بن محمدٍ الفارِسيّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الخَطّاب بن واجِب. 271 - محمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن مُختارٍ اللَّخْميُّ، دانِيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكر بن بَرُنْجال، وكان فقيهًا حافظًا للمسائل، مُشاوَرًا في النّوازِل. 272 - محمدُ (¬2) بن إبراهيمَ بن مُزَيْنٍ الأَوَديُّ، أكشونبيّ، أبو مُضَرَ. وَلّاه عبدُ الرّحمن بن مُعاويةَ قضاءَ الجماعةِ بقُرطُبةَ في محرَمِ سبعينَ ومئة، فتقلَّدَهُ أشهُرًا، ثم استَعفَى فأَعفاهُ، ورَحَلَ حاجَّا فأدَّى الفريضةَ. رَوى عن أبي عبد الله مالِك بن أنس (¬3)، وانصَرفَ إلى الأندَلُس، ومات عن سِنّ عالية سنةَ ثلاثٍ وثمانينَ ومئة. 273 - محمدُ (¬4) بن إبراهيمَ بن مُسَلَّم البَكْريُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله بن نُوح قديمًا، رَوى عنه أبو عبد الله ابنُ الأبار. وكان متحقِّقَا بالعربيّةِ والآدابِ جيِّدَ التعليم لها، سَهْلَ العبارة عن أغراضِها، إلى فَضْل وديانة، وانقباضِ ونَزاهة. توفِّي سنةَ ثمانِ وعشرينَ وست مئة، ودُفنَ بمقبُرةِ باب الحَنَش. 274 - محمدُ بن إبراهيمَ بن مُشَرَّف بن ذُرْوةَ الأشجَعيُّ، إلبِيريٌّ. كان عارفًا باللّغاتِ والآدابِ والأشعار، متقدِّمًا في ذلك. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1247). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (970)، والمقري في نفح الطيب 2/ 514. (¬3) بهامش ب: "حكى عن مالك رحمه الله أنه روى عنه: من قُطِعَ لسانه استؤني به عامًا، وأن مالكًا قال له: بلغني أن بالأندلس من نبت لسانه، فإن لم ينبت أُقِيدَ". (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1656).

275 - محمد بن إبراهيم بن مغيرة، إشبيلي

275 - محمدُ بن إبراهيمَ بن مُغِيرةَ، إشبِيليٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ ستٍّ وثمانينَ وخمس مئة. 276 - محمدُ بن إبراهيمَ بن المُفرِّج الأَوْسيُّ، إشبِيليٌّ، أبو بكرٍ الدَّبّاغ. رَوى عن أبيه، وأبي الحَسَن بن جابِر الدَّبّاج، وأبي عبد الله بن خَلْفُون، وأبي الوليد ابن الحاجّ. وكان فقيهًا ذاكِرًا للفروع، دَرَّسها وغيرَها، عاقِدًا للشّروط، وجلَسَ للعامّة يُعلِّمُهم فقهَ الطّهارة والصّلاة وما يَلزَمُهم؛ واستُقضيَ بالمَرِيّة ورُنْدةَ، وتوفِّي بها عامَ تسعةٍ وستينَ وست مئة عن نحوِ ستينَ سنة. 277 - محمدُ بن إبراهيمَ بن نُوح بن بُونُه، مَيُورْقيٌّ جَيّانيُّ الأصل، أبو عبد الله الجَيّاني. رَوى عنه أبو محمد بنُ عبد الرّحمن بن بُرطُلُّه، وكان ديِّنًا أديبًا، شاعرًا محُسِنًا، عدَديًّا ماهرًا. توفِّي بمَيُورْقةَ قبلَ الحادثةِ عليها. 278 - محمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن هاني بن عَيْشُون، من ساكني طُلَيْطُلةَ، أبو عبد الله الإلبِيريُّ. له رحلةٌ تَلا فيها على أبي بكر بن أشتةَ، وسَمِعَ منه بعضَ مصنَّفاته، ورَوى عن أبوَيْ بكر: الآجُرِّي والأُدْفُويّ، وأبي الحَسَن ابن حَمُّويَةَ، والحَسَن بن الخَضِر الأَسيُوطيِّ، وحمزةَ الكِنَانيّ. رَوى عنه الصّاحبانِ وقالا: إنه كان إمامَ الجامع بطُلَيْطُلة، وذَكَرَ أبو عَمْرٍو الدانيُّ أنه أقرَأَ الناسَ بالأندَلُس، وحدَّث وكُتِبَ عنه، وقرَأَ عليه غيرُ واحد، وتوفِّي بعدَ التسعينَ وثلاث مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1040)، والذهبي في معرفة القراء الكبار 1/ 388، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 47، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 205.

279 - محمد بن إبراهيم بن يحيى بن سعيد؛ قرطبي طليطلي الأصل، أبو عبد الله، ابن الأمين

279 - محمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن يحيى بن سَعِيد؛ قُرْطُبيٌّ طُلَيْطُليُّ الأصل، أبو عبد الله، ابنُ الأمين. ابنُ عمِّ المحدِّث أبي إسحاقَ ابن الأمين. أخَذ عن أبي إسحاقَ الزّرقالة، وعامرٍ الصَّفّار. وكان بارِعًا في عِلم العدَد والمِساحة وفرائضِ المَواريث، وتوفِّي سنةَ تسع وثلاثينَ وخمس مئة. 280 - محمدُ (¬2) بن إبراهيمَ بن يحيى بن عبد الملِك بن عبد الحَميد بن محمد المَعافِريُّ، طُلَيْطُليٌّ، أبو عبد الله. رَوى ببلدِه عن أبي المُطَرِّف بن مِدْرَاج. وله رحلةٌ إلى الشرِق رَوى فيها عن أبي بكر بن أحمدَ بن خَرُوف، وأبي قُتيْبةَ مُسلم بن الفَضْل. رَوى عنه الصاحبانِ وأبو عبد الله بنُ عبد السلام الطُّلَيْطُليُّونَ، وتوفِّي في رجبِ تسعٍ وتسعينَ وثلاث مئة. 281 - محمدُ (¬3) بن إبراهيمَ بن يحيى بن محمدٍ الأنصاريُّ الخَزْرَجِيُّ، مُرْسِيٌّ، أبو عبد الله الغَلَّاظيُّ. رَوى عن أبي القاسم بن حُبَيْشٍ وأكثَرَ عنه. وأجاز له من أهل المشرِق: أبو الفَضْل محمدُ بن يوسُف الغَزْنَويُّ، وأبو القاسم هِبةُ الله بن عليّ البوصِيريُّ، وأبو محمد بن بَرِّي، وأبو يعقوبَ بن الطُّفَيْل الدّمشقيُّ بإفادة أبي جعفر بن عَمِيرة. حدَّث عنه بالإجازة أبو عبد الله ابنُ الأبار. وكان محدِّثًا راوِيةً مَعْنِيًّا بهذا الشّأن، استُشهدَ، نفعَه اللهُ، يومَ الجُمُعة لليلة بقِيَت من ذي القَعْدة سنةَ اثنتينِ وأربعينَ وست مئة على أيدي رُوم تغَلّبوا على مركَبٍ رَكِبَ فيه من قَرْطاجَنّةَ ساحلَ شرقِ الأندَلُس. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1283). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1050)، والذهبي في تاريخ الإسلام 8/ 806. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1698)، والذهبي في المستملح (316)، وتاريخ الإسلام 14/ 422.

282 - محمد بن إبراهيم بن يحيى اللخمي

282 - محمدُ بن إبراهيمَ بن يحيى اللَّخْميُّ. رَوى عن أبي الوليد بن رُشْد، كان حيًّا سنةَ أربعَ عشْرةَ وخمس مئة. 283 - محمدُ بن إبراهيمَ الأنصاريُّ، مالَقيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله بن أيوبَ بن نُوح. 284 - محمدُ بن إبراهيمَ البَكْريُّ. رَوى عن أبي عبد الله حَفيدِ مَكِّي. 285 - محمدُ بن إبراهيمَ البَلَويُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي جعفرٍ ابن الباذِش. 286 - محمدُ بن إبراهيمَ الجُذَاميُّ، أبو عبد الله، ابنُ الحاجّ والقُنِيقُل. رَوى عن أبي بكرٍ غالب بن عَطِيّةَ، وأبي الحَسَن ابن الباذِش، وأبي محمد بن عَتّاب. رَوى عنه أبو جعفر بنُ أحمدَ بن صَدَقةَ، وأبو عبد الله بن عَرُوس، وأبَوا محمد: عبدُ الحقّ الجُمَحيُّ وعبدُ المُنعِم ابن الفَرَس، وأبو عليّ الحَسَن بن قاسم، وغيرُهم. وكان مُقرِئًا فقيهًا ماهرًا في علوم اللّسان وعِلم الكلام، درَّس ذلك كلَّه، واستُقضيَ بجَيّانَ وغيرِها. وتوفِّي بغَرْناطةَ إثْرَ سنةِ أربعينَ وخمس مئة. 287 - محمدُ (¬1) بن إبراهيمَ الحَضْرَميُّ، يُسّانيّ -بضمِّ الياء المسفولة وتشديد السِّين الغُفْل وألِف ونونٍ منسوبًا- أبو عبد الله. رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال، وأبي محمد القُرطُبيِّ وصَحِبَه، وكان ذا حَظّ من العربيّة واللُّغة معَ الصّلاح والفضل، وقُدِّم إلى الصلاة والخُطبة ببلدِه، واستُقضيَ به مُدّة طويلة، وصَنَّف. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1585)، والذهبي في المستملح (231)، وتاريخ الإسلام 13/ 222، وينظر التعليق على الترجمة (1470).

288 - محمد بن إبراهيبم الغساني، أبو عبد الله

288 - محمدُ بن إبراهيبمَ الغَسّانيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عليّ الرُّنْديّ عامَ خمسةَ عشَرَ وست مئة. 289 - محمدُ (¬1) بن إبراهيمَ، بَطَلْيَوْسيٌّ، أبو بكرٍ وأبو عبد الله المَدِينيّ. تَلا بالسَّبع على أبي محمد بن البيب، رَوى عنه ابنُه أبو إسحاقَ إبراهيمُ الأعلَم في "السِّلكِ المنظوم في رجالِ الموَطّإ"، وأبو عليّ حُسَينُ بن محمد البَطَلْيَوْسيُّ. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا خَطيبًا. واستُشهدَ في وَقيعة العُقَاب مُنتصَفَ صَفَرِ تسعٍ وست مئة (¬2). 290 - محمدُ بن إبراهيمَ العَطّار، أبو عامر. رَوى عن أبي جعفرٍ ابن الباذِش. 291 - محمدُ بن أبي بكر بن أبي الفَتْح العَبْدَريُّ، دانِيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكرِ أُسامةَ بن سُليمان، رَوى عنه أبو عليّ الحَسَن بن محمد بن لُبّ. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا راوِيةً ثقةً. توفِّي بدانِيَةَ قبلَ خُروج أهلِها في نحوِ ستةِ وثلاثينَ وست مئة. 292 - محمدُ بن أبي بكر بن محمد بن موسى الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ. عاقدٌ للشّروط، مُبرِّزٌ في العدالة. 293 - محمدُ بن أبي بكر بن هِشام -يُكمَّلُ نَسَبُه من رُسوم سَلَفِه- قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبيه، وعمِّه وغيرِهما من شيوخ بلدِه، وكان من بيتِ عِلم وجَلالة، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1470). (¬2) ذكر ابن الأبار هذا التاريخ لوفاة محمد بن إبراهيم الحضرمي اليَسّاني (الترجمة 287)، أما المترجم فأدرجه ضمن المتوفين بحدود سنة 580 هـ، فكأن الأمر اختلط على المؤلف.

294 - محمد بن أبي بكر الأزدي، إشبيلي أبو عبد [الله] ابن الفخار

ذاكِرًا للحديث بارِعًا في الآداب، جيِّد الخَطّ حاذيًا فيه حَذْوَ أبيه، وصَنَّف في "عمَلِ يومٍ وليلة" مجموعًا مُفيدًا. 294 - محمدُ بن أبي بكرٍ الأَزْديُّ، إشبِيليٌّ أبو عبد [الله] ابنُ الفَخّار. رَوى عن أبي عبد الله بن زَرْقُون، وكان مُكْتِبًا صالحًا، عالمًا بعِلم الكلام، درَّس "إرشادَ" أبي المعالي كثيرًا، وكان مُبارَكَ التعليم حَسَنَ الإلقاءِ صادقَ القَصْدِ في الإفادة، فنفَعَ اللهُ به خَلْقًا كثيرًا ممّن ترَدَّد للاستفادةِ منه رجالًا ونساءً، ولم يَزَلْ دَأْبُه ذلك إلى أن توفِّي في حدودِ الأربعينَ وست مئة عن سِنّ عالية، وكان من أهل الفَضل والدِّين. 295 - محمدُ بن أخيَلَ، رُنْديٌّ، أبو بكر. 296 - محمدُ (¬1) بن إدريسَ بن عُبَيد الله بن يحيى المَخْزُوميُّ، بَلَنْسِيٌّ سكَنَ جزيرةَ شُقْر، أبو عبد الله. لازَمَ في صِغَره أبا الوليد الوَقَّشيَّ وأخَذ عنه، ولكنّه لم يُحدِّثْ عنه (¬2)؛ إذْ لم يَثقْ بما أخَذَ عنه، ورَوى عن أبي بكر عبد الباقي ابن بُرَّال وأبي الحَسَن خُلَيْص بن عبد الله، وصَحِبَ أبوَيْ عبد الله: ابنَ الجَزّار وابنَ خَلَصةَ، وأبوَيْ محمد: الرِّكْليَّ وابن السِّيْد، وغيرَهم. رَوى عنه أبو الحَسَن بنُ إدريسَ الزّنَاتيّ، وأبو العبّاس بن سُليمانَ، وأبو محمد بن سُفيان، وكان مُشارِكًا في عِلم الحديث ومَيْزِ رجالِه والكلام على معانيه، متحقِّقًا بالأدب، ضابِطًا للُّغة مُتقِنًا، له حَظٌّ من قَرْض الشِّعر. توفِّي ببَلَنْسِيَةَ في ذي القَعْدة سنةَ ستٍّ وأربعينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1335)، والذهبي في المستملح (96)، وتاريخ الإسلام 11/ 896. (¬2) في هامش ب: "قال ابن عياد: لقيه (يعني أبا الوليد الوقشي) صبيًا وأخذ عنه في تلك الحال؛ فلذلك لم يحدث عنه".

297 - محمد بن إدريس بن علي بن إبراهيم بن القاسم، شقري، أبو عبد الله، ابن مرج الكحل

297 - محمدُ (¬1) بن إدريسَ بن عليّ بن إبراهيمَ بن القاسم، شُقْريٌّ، أبو عبد الله، ابنُ مَرْج الكُحْل. رَوى عنه أبو جعفر بنُ عثمانَ الوِرادُ، وأبو الرّبيع بن سالم، وآباءُ عبد الله: ابنُ الأبار وابنُ عَسْكر وابنُ أبي البقاءِ، وأبو محمد بنُ عبد الرّحمن بن بُرطُلُّه. وحدَّثنا عنه شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمه الله. وكان شاعرًا مُفْلِقًا، غَزِلًا بارعَ التَّوليد، رقيقَ الغَزَل، وكانت بينَه وبينَ طائفة من أُدباءِ عصرِه مخُاطَباتٌ ظهَرَتْ فيها إجادتُه، وله أمداِحٌ في كثيرٍ من أُمراءِ وقتِه ورُؤسائه، وكان ذلك ممّا أجاد فيه، وكان مُبتذَل اللِّباس على هيئةِ أهل البادية، ويقال: إنه كان أُمّيًّا. أنشدتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيّ رحمه الله، ونقَلتُه من خطِّه، قال: أنشَدَني -يعني أبا عبد الله بنَ مَرْج الكُحْل هذا- لنفسِه [الكامل]: عرِّجْ بمُنعَرج الكثيبِ الأعفرِ ... بينَ الفُراتِ وبين شطِّ الكوثرِ ولْتَغْتَبِقْها قهوةً ذهبيّةً ... من راحَتَيْ أَحوى المدامعِ أحورِ وعَشِيّةٍ كم كنتُ أرقُبُ وقتَها ... سَمَحَتْ بها الأيامُ بعدَ تعذُّرِ نِلنا بها آمالَنا في روضةٍ ... تُهدي لناشِقها نَسيمَ العنبرِ والدّهرُ من نَدَمٍ يُسَفِّهُ رأيَهُ ... في ما مضَى منه بغير تكدُّرِ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة 154 فما بعد، والتجيبي في زاد المسافر (8)، والقفطي في "المحمدون من الشعراء" 204، وابن الأبار في التكملة (1675)، وفي تحفة القادم (المقتضب منه 61، 99، 137، 154)، والرعيني في برنامجه (111)، وابن خلكان في وفيات الأعيان 2/ 396، وابن سعيد في المغرب 2/ 373، والرايات 220 - 221، والذهبي في المستملح (297)، وتاريخ الإسلام 14/ 155، والصفدي في الوافي 2/ 181، وابن الخطيب في الإحاطة 2/ 343، والمراكشي في الإعلام 4/ 195. وله أشعار في الطيب (ينظر الفهرس)، ولصديقنا الدكتور صلاح جرار كتاب في سيرته وشعره طبع في عمان سنة 1993 م

والوُرْقُ تَشْدو والأراكةُ تَنْثني ... والشمسُ تَرفُلُ في قميصٍ أصفرِ والرّوضُ بينَ مذهَّبٍ ومُفَضَّضٍ ... والزَّهرُ بينَ مُدَرْهَمٍ ومدنَّرِ والنهرُ مرقومُ الأباطح والرُّبَى ... بمُصَنْدَلٍ من زَهْرِه ومُعَصْفَرِ وكأنهُ وكأنّ خُضرةَ شَطِّه ... سَيْفٌ يُسَلُّ على بساطٍ أخضرِ وكأنّما ذاك الحَبَابُ فِرِندُهُ ... مهما طَفَا في صفحِهِ كالجوهرِ وكأنه، وجِهاتُهُ محفوفةٌ ... بالآسِ والنُّعمانِ، خَدُّ مُعذَّرِ نهرٌ يَهيم بحُسنِهِ من لم يَهِمْ ... ويُجيدُ فيه الشعرَ مَنْ لم يَشعُرِ ما اصفَرَّ وَجْهُ الشمسِ عند غروبِها ... إلّا لفُرْقةِ حُسْنِ ذاك المنظرِ قال شيخُنا أبو الحَسَن، رحمه الله: هذا من الشّعرِ الفائقِ الرائق الذي لا نظيرَ له. قال: وأنشَدني قطعةً أخرى [الكامل]: أرأَتْ جفونُكَ مثلَه مِنْ منظرِ ... ظِلٌّ وشمسٌ مثلُ خدِّ مُعذَّرِ وجداولٌ كأراقمٍ حَصْباؤها ... كبطونِها وحَبابُها كالأظْهُرِ قال شيخُنا أبو الحَسَن: هذا التتميمُ العجيبُ في تشبيه الجداولِ بالأراقم زَعَم أنه لم يُسبَقْ إليه. وقَرارةٍ كالعَشْرِ ثَنْيَ خميلةٍ ... سالت مَذانبُها بها كالأسطُرِ فكأنّها مشكولةٌ بمُصَنْدَلٍ ... من يانعِ الأزهارِ أو بمُعَصْفَرِ أملٌ بَلَغْناهُ بهَضْبِ حديقةٍ ... قد طرَّزَتْهُ يدا الغَمام المُمطِرِ فكأنه والزّهرُ تاجٌ فوقَهُ ... مَلِكٌ تجلَّى في بساطٍ أخضرِ راقَ النواظرَ منه رائقُ منظَرٍ ... يَصِفُ النَّضارةَ عن جِنانِ الكوثرِ

كم قاد خاطرَ خاطرٍ مُستوفِزٍ ... وكمِ استَفزَّ جَمالُه من مُبصِرِ لو لاح لي فيما تظاهَرَ لم أقُلْ: ... عرِّجْ بمُنعَرَج الكثيبِ الأعفرِ قال شيخُنا أبو الحَسَن: وأنشَدني بلفظِه لنفسِه [الكامل]: وعَشِيّةٍ كانتْ قنيصةَ فتيةٍ ... ألِفوا من الأدبِ الصّريحِ شيوخا فكأنها العَنْقاءُ قد نَصَبوا لها ... منَ الانْحناءِ إلى الوقوع فُخُوخا شَمَلتْهمُ آدابُهمْ فتجاذَبوا ... سِرَّ السُّرورِ محُدِّثًا ومُصِيخا والوُرْقُ تقرأُ سُورةَ الطَّربِ التي ... يُنسيكَ منها ناسخٌ مَنْسوخا والنهرُ قد طَمَحتْ به نارنْجةٌ ... فتيمَّمَتْ مَن كان فيه مُنِيخا فتخالهُمْ خَلَلَ السماءِ كَواكبًا ... قد قارَنت بسُعودِها المِرِّيخا خَرَقَ العوائدَ في السرورِ نهارُهُمْ ... فجَعلْتُ أبياتي لهُ تاريخا وقولُه [الكامل]: لا تُنْكِرُوا في المرءِ حُبَّ رياسةٍ ... حبُّ الرياسةِ في طِباع العالمِ كلٌّ أبوهُ آدمٌ وطِلابُهُ ... إرثُ الخلافةِ في أبيه آدمِ وقولُه في التحريضِ على التعلُّم [مجزوء الوافر]: تعلَّمْ إنْ تشأْ عِزًّا ... فكلُّ جَهالةٍ ذِلَّهْ فكم باكٍ على وِزْرٍ ... بعَيْنٍ منهُ منهلَّهْ ورُبَّتَما يزِلُّ إذا ... أراد إزالةَ الزلَّه وهل تشفَى بلا عِلم ... نفوسٌ هُنَّ معتَلَّهْ طبيبُ المرءِ عِلّتُهُ ... إذا لم يعرفِ العلَّهْ

وقولُه في ذمِّ الجهل [الطويل]: عَجِبتُ لمَن يَرجو مَتَابًا لجاهلٍ ... وما عندَهُ أنّ الذنوبَ ذنوبُ إذاكان ذنبُ المرءِ للمرءِ شِيمةً ... ولم يَرَهُ ذَنْبًا فكيف يتُوبُ؟! وقولُه في حُسنِ الظّنّ بالله عزَّ وجَلّ، حقَّق اللهُ رجاءه [الخفيف]: إنَّ ظَنِّي بمَن عصَيْتُ جميلٌ ... أتراهُ معذِّبي؟ ما أظُنُّ ما أَراهُ إلّا يَجودُ بعَفْوٍ ... إنَّ قلبي بعفوِهِ مُمطئنُّ حاشَ لله أنْ يخيِّبَ ظنِّي ... إنهُ لا يَخِيبُ في الله ظنُّ وقولُه يَتندَّمُ لذنوبِه ويَذكُرُ بعضَ الواعِظينَ ويَستدعي منه الدُّعاء [الكامل]: اذكُرْ ذُنوبَكَ أيُّهذا الناسي ... واستَغْفِرَنَّ اللهَ ربَّ الناسِ واقرَعْ على ما فاتَ سنَّكَ نادمًا ... واكرَعْ من العَبَراتِ في أكواسِ وانفُضْ عن الدُّنيا يدَيْكَ ولا تكُنْ ... تُعنَى بهذي الأَرْبُعِ الأدراسِ واكحَلْ جفونَكَ بالسُّهادِ فإنّما ... يُرضي حبيبَك غايةُ الإيناسِ أتنامُ عمَّن ليس يمنَعُ وصلَهُ؟! ... أَخطأتَ أَنْ خالفتَ كلَّ قياسِ مَن بات مُلتَذًّا بقُرب حبيبِهِ ... لم تتّصِلْ أجفانُهُ بنُعاسِ لو أنّ وَجْدَكَ لا يُفَتَّرُ لم تكنْ ... تنسَى حبيبًا لم تجِدْه بناسِ إلّا وجَدْتَ الوجدَ فيه لذّةً ... إلّا رأيتَ السُّقمَ خيرَ لباسِ انظُرْ لنفسِكَ قبلَ وقتِ رحيلِها ... واذكُرْ بقَبْرِك قلَّةَ الإيناسِ يا ذا الذي أهدى لنا تُحَفَ الهُدى ... وأعاد ذكْرَ الدِّين بعدَ تَناسِ حيَّتْكَ نَفْسٌ صَبَّةٌ بتحيّةٍ ... وَرَدَتْ عليكَ نفيسةَ الأنفاسِ تَرجو بيُمنِكَ دعوةً من مؤمنٍ ... بُنِيتْ من التوفيقِ فوقَ أَساسِ

عن خاطرٍ صعبِ القيادِ مُخاطرٍ ... من كثرةِ الأوزارِ في وَسْواسِ وقريحةٍ بالسيّئاتِ قريحةٍ ... خَمَدَت وكانت في ذكاءِ إياسِ هزَّت مواعظُكَ القلوبَ تشوُّقًا ... حتّى أَلانتْ كلَّ قلبٍ قاسِ فلْتَشْفِها بعدَ الضّلالةِ بالهُدى ... أنت الطّبيبُ لها وأنت الآسي وقال رجُل: الحمدُ لله على كلِّ حال، فقيل له: هذا موزونٌ فأجِزْه، فقال مُلتزِمًا ما لا يَلزَم [السريع]: الحمدُ لله على كلِّ حالْ ... بحالِ حِلٍّ وبحالِ ارتحالْ بَدَأَنا عن قُدرةٍ أوّلًا ... ثم يعيدُ البَدْءَ بعدَ استحالْ أرواحُنا دَيْنٌ لآجالِنا ... ومَلَكُ الموتِ عليها مُحالْ يقتادُنا الموتُ وأعمارُنا ... كأنّها العِيسُ ونحن الرِّحالْ يا تارِكًا أوزارَه بعدهُ ... باقيةً لم تَستحِلْ واستحالْ إنّا إلى الله وإنّا لهُ ... نُعامِلُ اللهَ بهذا المُحالْ هل ينفَعُ النفْسَ على ضَعْفِها ... محِالُها عند شديدِ المِحالْ؟! لا تَنتحلْ غيرَ التُّقى خُطّةً ... فإنَّ تقوى الله خيرُ انتحالْ واستغفرِ اللهَ على ما مضَى ... وجدِّد التوبةَ في كلِّ حالْ واذكُرْ إذا حُلتَ فكم نادمٍ ... لم يُغْنِهِ من نَدَمٍ حين حالْ قَرَّتْ عيونٌ شاهداتٌ لها ... بنُورِ من تشهَدُ فيه اكتحالْ وقولُه [الطويل]: ألا بَشِّروا بالصُّبح منِّيَ باكيًا ... أَضرَّ معَ اللّيلِ الطّويل به البُكا ففي الصُّبح للصّبِّ المتيَّمِ راحةٌ ... إذا اللّيلُ أَجرى دمعَهُ وإذا شكا ولا عَجَبٌ أن يُمسِكَ الصُّبحُ عَبْرتي ... فلم يزَلِ الكافورُ للدمِ مُمسِكا

وقال أبو بكر بنُ محمد بن جَهْوَر: رأيتُ لإبن مَرْج كُحْلٍ مَرْجًا أحمرَ قد أجهَدَ نفْسَه في خدمتِه فلم يُنجِبْ، فقلتُ له [البسيط]: يامَرْجَ كُحْلٍ ومَن هذي المُروجُ لهُ ... ما كان أحوَجَ هذا المَرْج للكُحُلِ ما حُمرةُ الأرضِ من طيبٍ ومن كرَمٍ ... فلا تكُنْ طَمِعًا في رزقِها العَجلِ فإنّ من شأنِها إخلافَ آملِها ... فما تُفارقُها كيفيّةُ الخَجَلِ فقال أبو عبد الله بنُ مَرْج كُحْل [البسيط]: يا قائلًا إذ رأى مَرْجي وحُمرتَهُ: ... ما كان أحوَجَ هذا المَرْجُ للكُحُلِ هُو احمرارُ دماءِ الرُّومِ سيَّلَها ... بالبِيض مَنْ مَرَّ مِنْ آبائيَ الأُوَلِ أحببتُهُ أنْ حَكَى مَنْ قد فُتِنْتُ بهِ ... في حُمرةِ الخدِّ أو إخلافِهِ أملي قال شيخُنا أبو الحَسَن، وقرأتُه عليه ونقَلتُه من خطِّه: عرَّفتُه يومًا بحاجةٍ قُضِيَتْ له كان لها من نفسِه مكان، فأنشَدَني مُرتجِلًا [الوافر]: أبا حَسَنٍ أعندَكَ أنّ عَيْني ... إذا ما أبصرَتْكَ تَقرُّ عَيْني مكانُكَ في المودّةِ من فؤادي ... مكانُكَ في السَّراوةِ من رُعَيْنِ قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: أرى أنّ في تصريع البيتِ الأوّل إيطاءً فتأمَّلْه. وكتَبَ إلى أبي عَمْرٍو محمد بن عبد الله بن غِيَاث [الوافر]: أبا عَمْرٍو ولي نَفَسٌ ونَفْسٌ ... تَهادَى ذا إليكَ وذي تَجيشُ وجأشٌ كلّما لاقَى بصبرٍ ... جيوشَ هوًى أمدَّتْها جيوشُ وقلبٌ ضَلَّ عنّي لستُ أدري ... أمَثْواهُ الجزيرةُ أم شَرِيشُ سوى أنّي يَطِيرُ إليك رُوحي ... بأجنحةِ الهوى والشّوقُ رِيشُ كأنّما لم نَنَلْ بالجَزْعِ أُنْسًا ... تَلُوذُ به حَوالَيْنا الوحوشُ

ومن سِرِّ السرورِ لنا مِهَادٌ ... وفوقَ رؤوسِنا منه عُروشُ وقد راشَ الشّبابُ جناحَ أُنْسي ... بحيثُ جناحُ غيري لا يَرِيشُ فيا عَجَبًا من الأيام تُبدي ... لنا دَعَةً وأيدينا تَبُوشُ أَلا لله منكَ صَفِيَّ وُدٍّ ... لهُ رُجْحانُ حِلمٍ ما يَطيشُ تَمازجَ رُوحُهُ حُبًّا برُوحي ... فما أدري بأيِّهما أعيشُ كتبتُه يا سيّدي والوُدّ تَنْدَى عَرارتُه، وتفهقُ بالعَذْبِ النَّمير قَرارتُه، لا مزيدَ فيه فأُبيِّنَه، ولا غائبَ منه فأشخِّصَه وأُعيِّنَه، عن شَوْقٍ يُطارحُ الحَمَام، ودمع يُساجلُ الغَمَام، وذكْرٍ متى عَنّ لي تفَجَّعتُ فتوَجَّعت، ولربّما سَجَعتُ فرَجَّعت [الوافر]: أبا عَمْرٍو متى تَقْضي اللّيالي ... بلُقياكمْ وهُنّ قَصَصْنَ رِيشي؟! أَبَتْ نَفْسي هوًى إلّا شَرِيشًا ... ويا بُعْدَ الجزيرةِ من شَرِيشِ! وأخبَرَنا أنه اجتَمعَ في مُرْسِيَةَ بأبي بحرٍ صَفْوانَ بن إدريسَ (¬1)، قال: وكنّا مُزمِعينَ على فُرقةٍ وبَيْن، فقال لي: أجِزْ [مخلع البسيط]: أنتَ معَ العينِ والفؤادِ ... دنَوْتَ أو كنتَ ذا بِعادِ فقلت [مخلع البسيط]: فأنت في القلبِ في السُّوَيْدا ... وأنت في العينِ في السَّوادِ ومنه [الرمل]: مَثَلُ الرِّزقِ الذي تَطلُبُهُ ... مَثَلُ الظّلِّ الذي يمشي مَعَكْ أَنت لا تُطلْبُهُ متَّبِعًا ... فإذا وَلَّيْتَ عنه تَبِعَكْ ¬

_ (¬1) قال المعلق بهامش ب: "أخبرني الخطيب الصالح أبو عبد الله بن صالح ببجاية، قال: أخبرني القاضي أبو محمد بن برطله، قال: أخبرني الأديب أبو عبد الله المعروف بمرج الكُحل، قال: اجتمعت بمرسية مع أبي بحر، وذكر القصة".

298 - محمد بن إدريس الجذامي، بلنسي، أبو عبد الله الجالقي وابن غرانة

ومنه [الطويل]: دخَلتُمْ فأفسَدتُمْ قلوبًا بمُلكِكُمْ ... فأنتُمْ على ما جاء في سُورةِ النَّمْلِ وبالعدلِ والإحسانِ لم تتَخلَّقوا ... فلستُمْ على ما جاء في سُورةِ النَّحْلِ توفِّي ببلدِه يومَ الاثنينِ لليلتَيْنِ خَلَتا من شهر ربيع الأوّل، ودُفنَ يومَ الثلاثاءِ بعدَه سنةَ أربع وثلاثينَ وست مئة. 298 - محمدُ (¬1) بن إدريسَ الجُذَاميُّ، بَلَنْسِيٌّ (¬2)، أبو عبد الله الجالقيُّ وابنُ غُرَانَة. رَوى عن أبي القاسم بَكّارِ بن بُرْهُون الغردِيس، رَوى عنه يَزيدُ بن رِفاعةَ، وكان أحدَ الفُقهاءِ المُشاوَرِين. توفِّي سنةَ سبعٍ وعشرينَ وخمس مئة. 299 - محمدُ بن إدريسَ الفِهْرِيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوالَ وعبد الجَبّار بن أحمدَ بن مَرْوان ومحمد ابن أحمدَ بن سُفيان، وكان حيًّا سنةَ ثلاثٍ وسبعينَ وخمس مئة. 300 - محمدُ بن إدربسَ اللَّخْميُّ، أبو عبد الله. رَوى عن شُرَيْح. 301 - محمدُ (¬3) بن أرقَمَ السَّبَئيُّ، قُرطُبيٌّ. كان نَحْويًّا ذا معرفةٍ بالحساب متفنِّنًا فيه، واستَأْدبَه الأميرُ محمدُ بن عبد الرّحمن لأولادِه: القاسم وأصبَغَ وعثمان. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1242)، والذهبي في المستملح (56)، وتاريخ الإسلام 11/ 465. (¬2) في التكملة أنه غرناطي، وإلى مثل ذلك تنبيه في حاشية ب. (¬3) ترجمه القفطي في إنباه الرواة 3/ 69 - 70، وابن الأبار في التكملة (977)، وله ذكر في طبقات الزبيدي (279)، والمقتبس لإبن حيان 48 (أنطونيا).

302 - محمد بن إسحاق بن عياش الزناتي، غرناطي، أبو عبد الله الكماد، حرفته التي كان قديما منتحلها

302 - محمدَ بن إسحاق بن عيّاش الزّنَاتيّ، غَرْناطيٌّ (¬1)، أبو عبد الله الكَمَّاد، حِرفته التي كان قديمًا مُنتحلَها. رَوى عن أبي بكر بن أبي زَمَنِين وتفَقَّه به، وأبي الحَجّاج ابن الشَّيخ، وأبي الحَسَن بن كَوْثَر، وأبي خالد بن رِفاعةَ، وأبي عبد الله بن عَرُوس، وأبي محمدٍ عبد الحقِّ بن بُونُه. وكان فقيهًا حافظًا شديدَ الشَّغَف بالعلم، وتلبَّس أحيانًا بالوَعْظِ في البادية. وتوفِّي بغَرْناطة أوّلَ رَمَضانِ ثمانِ عشْرةَ وست مئة. 303 - محمدُ (¬2) بن إسحاقَ اللَّخميُّ، شِلْبيٌّ، أبو بكر، ابنُ المِلْح وابنُ المَلّاح. رَوى عنه ابناهُ أبو القاسم أحمدُ وأبو محمدٍ عبدُ الملِك، وكان أديبًا بارعًا، شاعرًا محُسِنًا. 304 - محمدُ بن أسَدِ بن محمد الأنصاريُّ. رَوى عن أبي القاسم المَلّاحي. 305 - محمدُ بن إسماعيلَ بن أحمدَ بن سَكَنٍ الحَضْرَميُّ، إشبِيليٌّ. له رحلةٌ أخَذ فيها عن أبي الطاهِر السِّلَفِيّ. 306 - محمدُ بن إسماعيلَ بن أحمدَ الخَوْلانيُّ، إشبِيليٌّ. عاقدٌ للشّروطِ بها. 307 - محمدُ بن إسماعيلَ بن حُسَين. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ. 308 - محمدُ بن إسماعيلَ بن خَلَف بن سليمانَ بن محمد الحَضْرَميُّ. رَوى عن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) جاء في هامش ب تعليق نصه: "مالقي، قاله ابن مسدي، وروى عنه". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1191).

309 - محمد بن إسماعيل بن خلف العكي، قرطبي

309 - محمد بن إسماعيلَ بن خَلَف العَكِّيُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العِلم والتبريزِ في العدالة، حيًّا في حدودِ أربع مئة. 310 - محمدُ (¬1) بن إسماعيلَ بن سَعدِ السُّعود بن أحمدَ بن هِشام بن إدريسَ ابن محمد بن سَعِيد بن سُليمانَ بن عبد الوهّاب بن عُفَيْر الأمَويُّ، وقد تقَدَّم في رَسْم أبيه (¬2) تحقيقُ نَسَبِهم وما قيل فيه، لَبْليٌّ سكَنَ إشبيلِيَةَ طويلًا ثم مَرّاكُشَ، أبو الوليد. رَوى عن أبيه أبي أُمَيّةَ، وأبي بكر بن طلحةَ، وأبي الحَسَن بن عبد الله، وأبوَي الحُسَين: ابن زَرْقُون وابن عَظِيمةَ، وأبي عبد الله بن تَمِيم البَهْرَانيّ، وأبي عليّ ابن الشَّلَوْبِين، وأبي القاسم موسى بن نامٍ، وأبي محمد عبد الحقّ بن عبد الله بن عبد الحقّ وغيرِهم. قرأْتُ عليه وسَمِعتُ، وأجاز لي وأنشَدَني كثيرًا من شعرِه، وطالَعَني بجُملةٍ من رسائلِه، وكان من بيتِ علمٍ وجَلالة، أديبًا جيِّدَ الكتابة، شاعرًا محُسِنًا، طيِّبَ النّفْس كريمَ الأخلاق، حَسَنَ اللّقاءِ كثيرَ البِرّ، سالمَ الباطن، ممتِعَ المُجالسة فكِهَ المحاضَرة مليحَ التندير، مشكورَ الطريقة، قديمَ النَّجابة، تلبَّسَ طويلًا في الأندَلُسِ ومَرّاكُشَ بعَقْد الوثائق، وكان بصيرًا بها وبعِلَلِها، نافذًا في معرفتِها، واستُقضيَ ببلدِ نفيسَ: من أحوازِ مَرّاكُش، ثم بالسُّوس، وعُرِف في ذلك كلِّه بالنزاهةِ والعدالة. مَولدُه عامَ ثلاثةٍ وتسعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بمَرّاكُشَ بعدَ عصرِ يوم الأربعاء لاثنتَيْ عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من جُمادى الأولى سنةَ سبع وستينَ وست مئة، ودُفنَ عصرَ يوم الخميس بعدَه بمقبُرة بابِ الصالحة، أحدِ أبواب مَرّاكُشَ الشّرقيّة. ¬

_ (¬1) ترجمه المراكشي في الإعلام 5/ 364. (¬2) مترجم في التكملة (496)، وتاريخ الإسلام 14/ 289.

ومن شعرِه ما أنشَدَنيه، ونقَلتُه من خطِّه [البسيط]: أقصِرْ، ففي الحرصِ والتطويلِ للأملِ ... عَجْزٌ يؤدّي إلى التقصيرِ في العمَلِ غَرَّ الغَرورُ بآمالٍ تكفَّلَها ... فهل تكفَّلَ بالتأخيرِ للأجَلِ؟ فشمِّرِ الذَّيلَ من هَزْلٍ لَهوْتَ بهِ ... عن ساقِ جِدِّك واخلَعْ بُردةَ الكسلِ واعمَلْ لأُخراكَ في دُنياكَ مجتهدًا ... قبلَ الرحيلِ ولازِمْ أُهبةَ العَجلِ وخيرُ زادِكَ تقوى الله في ظَعَنٍ ... فلْتَدَّخِرْ مِن تُقاهُ زادَ مُرتحِلِ وأَيقظِ النفْسِ من نَوْماتِ غَفْلتِها ... بئسَ المُغرَّرُ من يُغْفي على وَجَلِ لله قومٌ لحبِّ الله قد قَسَموا ... زمانَهُمْ قِسْمةَ المحبوبِ في الأزَلِ: نهارُهُمْ لصيامٍ فيه متّصلٍ ... وليلُهم لقيامٍ غير مُنفصلِ جُنوبُهمْ تَتجافَى عن مَضاجِعهمْ ... فلا تُرَى خَلْفَ أستارٍ ولا كِلَلِ يَدْعونَ ربَّهمُ خوفًا وآوِنةً ... يَدعُونَهُ طَمَعًا، يا حُسْنَ منتقلِ! كأنّهمْ بسَوادِ اللّيل قد كَلِفُوا ... فيَرفُلونَ من الظَّلماءِ في حُلَلِ من حبِّها أسكَنوها في نَواظِرِهمْ ... فمن ظلام اللّيالي ظُلْمةُ المُقَلِ كحَلْتَ عينَيْك كي تحظَى بكُحلتِهمْ ... (ليس التكحُّلُ في العينينِ كالكَحَلِ) فاسهَرْ تَنَلْ نُورَ مَنْ أذكَى عيونَهُمُ ... في كُحْلةِ اللّيلِ نورٌ ليس في الكُحُلِ أولئك القومُ نِعمَ القومُ قد شُغِلوا ... بالله حينَ الورَى بالنومِ في شُغُلِ فاسمَعْ عَوِيلَهمُ واتْبَعْ سبيلَهمُ ... تسلُكْ بما سلَكُوهُ أفضلَ السُّبُلِ ولْتُدْمِنِ القَرْعَ في بابِ الرجاءِ عسى ... أنْ يُفْتَحَ البابُ للرّاجي على مَهَلِ يا ربِّ يا ربِّ هذي قطعةٌ صَدَرَتْ ... عن صَدْرِ مَنْ قطَعَ الأيامَ بالغَزَلِ

فتُبْ عليه وكفِّرْ ما تُعِدُّ له ... بها بخيرِ البَرايا خاتمِ الرُّسُلِ وصِلْ صلاةً وتسليمًا عليه، إلى ... جلالِكَ انتهتِ الآمالُ يا أملي ومنهُ في ذمِّ الجهل والحَضِّ على طلبِ العلم، وأنشدتُه عليه [السريع]: للعلمِ نورٌ مُستبِينٌ كما ... للجهلِ أيضًا ظُلمةٌ في الوَرَى فالعلمُ يَسْمو بكَ فوق السُّها ... والجهلُ يهوي بك تحتَ الثرى فذُدْ عنِ العينِ، بإسهارِها ... في طلبِ العلم، لذيذَ الكرى وامشِ به نُورًا فما مَنْ يَرى ... مَمْشاهُ بالنُّورِ كمَن لا يَرى ومنهُ في الغَزَل، وضمَّنه معنَى نَحْويًّا [الكامل]: يا سائلي: هَلَ افَقْتُ من ألمِ الهوى ... إنّي فريقٌ والمُفيقُ فريقُ ضِدَّانِ في طرفَيْنِ منْ عِلَّاتِهِ ... حَلَّا بجُثْماني فكيف أُفيقُ؟! العينُ في بحرِ الدموع غريقةٌ ... والقلبُ في نارِ الولوعِ حريقُ أبِعِلَّتَيْنِ -وأنت نَحْويٌّ- تَرى ... صَرْفي لبُرءٍ؟! ما لذاك طريقُ ومنه في التمسُّك بالبَذْلِ والإحسان [المتقارب]: ألا لا تَلُمْنيَ أنْ أبذُلا ... ولا تمنَعَنِّيَ أن أسألا فإن رُمتَ بُخْلي على سائلٍ ... بَخِلتُ عليك بأنْ أبخَلا فإنّ الثناءَ لمن يبتغيهِ ... كذا يقتنيهِ وإلّا فلا ومنه، في فريضةِ بِنتَيْنِ وشقيقَتيْنِ [الطويل]: أيا مُدَّعي علمِ الفرائضِ أَفْتِ في ... مُوارَثةٍ قَلَّ المحيطُ بها عِلْما: نساءٌ على شَطْرَيْنِ أضحَيْنَ أربَعًا ... أَحَطْنَ بميراثٍ فأفنَيْنَهُ قسما فصار لشَطْرٍ بالسَّوِيّةِ بعضُهُ ... وبعضٌ لشَطْرٍ بالسّويّةِ قد عَمَّا

فكان لإحدى مَنْ حَوى الشّطرُ منهما ... كحظِّ اثنتينِ من أخيه ولا ظُلما؟ فإن كنتَ ذا فَهْمٍ بها وبشَرْحِها ... فقد فُقْتَ في إيضاح ألغازِها فَهْما ومنه، في الحثِّ على التّوبة والأعمالِ الصالحة [الكامل]: يا أيُّها الإنسانُ إنّك كادحُ ... كَدْحًا تُلاقيهِ فتُبْ ياكادحُ لا يَستوي في الوزنِ كَدْحٌ طالحٌ ... يومَ الجزاءِ غدًا وكدحٌ صالحُ هذاخفيفٌ طائشٌ ميزانُهُ ... رأيَ العِيَانِ وذا ثقيلٌ راجحُ شَتّانَ بينَ مخفِّفٍ ومثقِّلٍ ... خَسِرَ التجارة ذا، وهذا رابحُ فترى المُخفِّفَ مُثْقَلًا بذنوبِهِ ... عكسَ القضيّة، والمثقِّلُ رابحُ ومنه، يُعزِّي شيخَنا أبا الحَسَن في ابنِه الأنجَب صاحبِنا أبي الحُسَين محمدٍ رحمه الله، وسمِعتُه ينشُدُهما إياه عند الفَراغ من مُواراتِه، على قبرِه [البسيط]: أبا الحُسَينِ لئن غُيِّبْتَ في جَنَنِ ... فما تَغَيَّبَ ما خَلَّفْتَ من حَسَنِ وإذْ أُجُورُ الرّزايا فوقَ ما رزَأَتْ ... فلا كأَجْرِكِ، فاصبِرْ يا أبا الحَسَنِ ومنه [المتقارب]: صغارُ ذنوبِكَ تَبْني الكبارْ ... فلا تحقِرَنَّ الذنوبَ الصِّغارْ فإنّ صغارَ حِجارِ البناءِ ... بها يتَحكّمُ وَصْلُ الصِّغارْ (¬1) ومنه، في معنى: "جُبِلت القلوبُ على حُبِّ مَن أحسَنَ إليها وبُغْض من أساءَ إليها" [الطويل]: أساءوا فأبغَضْناهُمُ ثم أحسَنوا ... إلينا فأحبَبْناهمُ ليس ذا بِدْعا تُحِبُّ القلوبُ المُحسِنينَ جِبِلَّةً ... وتُبغِضُ أيضًا مَن أساء لها طَبْعا ¬

_ (¬1) كذا ولعله "الكبار".

ومنهُ، في معنى قولِ أبي بكرٍ الصِّدِّيق رضيَ اللهُ عنه: الطّبيبُ أمرَضَني؟ [الكامل الأحذّ]: تَعِبَ المُبكِّرُ بالدّليلِ إلى ... غيرِ الكَفيلِ لهُ بعافيتِهْ وقدِ استراحَ منِ استنامَ لمَنْ ... هُوَ آخِذٌ أبدًا بناصيتِهْ فاستَشْفِ مُمْرِضَكَ الطبيبَ ولا ... تَستَشْفِ مَن يَعيا بداهيتِهْ وفي المعنى [السريع]: لا تعتمِدْ إلّا على الله في ... شفائهِ من مَرَضٍ أحرَضَكْ ما يكشِفُ الضُّرَّ ويَشفي سوى ... طبيبِكَ الأعلى الذي أمرَضَكْ ومنه، في مثالِ نَعْل النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -[الخفيف]: يا مِثالًا مُماثلًا لعظيمٍ ... كلُّ ما ماثلَ العظيمَ عظيمُ ياشَبيهًا لنَعْلِ حِبٍّ قديمٍ ... فلهُ في القلوبِ حُبٌّ قديمُ كرَمُ النَّعل مِن لِباس كريمٍ ... كلُّ ما يَلبَسُ الكريمُ كريمُ فالثُموا نَعْلَهُ وصَلُّوا عليه ... فهْو دَأْبًا بكمْ رَءوفٌ رحيمُ وذَيَّلَ البيتَيْنِ اللذينِ كان بلالٌ رضيَ اللهُ عنه يُنشِدُهما، وهما [الطويل]: ألا ليتَ شِعري هل أبيتنَّ ليلةً ... بوادٍ وحَوْلي إذْخِرٌ وجَليلُ؟ وهل أَرِدنْ يومًا مياهَ مَجَنَّةٍ ... ويبدو لعَيْني شامةٌ وطَفِيلُ؟ فقال [الطويل]: وهل لي لبيتِ الله حجٌّ مُعجَّلٌّ ... يُيَسَّرُ في قَصْدي إليه سبيلُ أطُوفُ به سبعًا وألثُمُ رُكنَهُ ... وأدعو وعَيْني بالدموعِ تَسيلُ؟ وهل عرَفاتٌ أنتَحِيها بوَقْفةٍ ... تَحُطُّ ذُنوبًا حَمْلُهنَّ ثقيلُ؟

311 - محمد بن إسماعيل بن سعد السعود بن أحمد بن عفير، شقيق أبي الوليد المفروغ الآن من ذكره، أبو العباس

وهل أَرتوي من ماءِ زَمْزمَ محُرِمًا ... فيَبرُدَ من حرِّ المَشُوقِ غليلُ؟ وهل بعدَه طِيبٌ لعَيْشي بطَيْبةٍ ... بزَوْرةِ قبرٍ حَلَّ فيه رسولُ (¬1) به خَتَمَ اللهُ النّبوّةَ، زادَها ... بهِ شَرَفًا تعلو به وتَصُولُ أُمرِّغُ خَدِّي في تُرابِ حريمِهِ ... وأذكُرُ أشواقي له فأُطيلُ وأسألُ منه ليَ الشفاعةَ في غدٍ ... لعلّيَ يُقْضَى لي لديهِ قَبُولُ؟ فيا رَبِّ وَصّلْني إليهِ بجاهِهِ ... لدَيْك، فيشفَى بالوصولِ عليلُ عليه صلاةُ الله ثم سَلامُهُ ... معًاما تَوالتْ بُكرةٌ وأَصيلُ ومنه [البسيط]: أبدى المُعمَّرُ للتعمير بهجتَهُ ... به فقلتُ: أتهوى أرذلَ العُمُرِ؟! ألستَ تُبصرُ ذا التعميرِ مُنتكِسًا؟ ... فقال: غَطَّى هوى الدُّنيا على بَصَري وقد مَرَّ له ذكْرٌ في رَسْم أبيه، وسيأتي له ذكْرٌ في رَسْم الشريفِ يونُس (¬2). 311 - محمدُ بن إسماعيلَ بن سَعْدِ السُّعود بن أحمدَ بن عُفَيْر، شقيقُ أبي الوليد المفروغ الآنَ من ذكْرِه، أبو العبّاس. رَوى عن أبيه، وكان شاعرًا مُجِيدًا مُفْلِقًا يَفضُلُ على أخيه أبي الوليد في النَّظْم، كما يَفضُلُ أبو الوليدِ عليه في النَّثْر، ومن شعرِه يخاطبُ أبا إسحاقَ بنَ يوسُف ابنَ الحَجَر -الآتي ذكْرُه في الغُرَباءِ من هذا الكتاب إن شاء الله (¬3) - ويَصِفُ له شِكايةً ألمّتْ به ويَستدعي طِبَّها منه [البسيط]: نَظْمي ونثري استَمِدَّا نُخبةَ الفِكَرِ ... وقلِّدا المجدَ منها خِيرةَ الدُّرَرِ ¬

_ (¬1) في ب م: "الرسول". (¬2) سيأتي في قسم الغرباء (السفر الثامن)، الترجمة 235. (¬3) الترجمة التي يحيل عليها في السفر السابع المفقود، وينظر التعريف به في معلمة المغرب للدكتور محمد بن شريفة.

واستَنْفِدا الوُسْعَ في حَشْدِ الثناءِ لمَن ... به يَطِيبُ شذًا في الخُبْرِ والخَبَرِ حَبْرٌ هُو البحرُ (¬1) إنْ جاشت غَواربُهُ ... بالعلم فاضَتْ على العبْرَيْنِ بالعِبَرِ حقٌّ لنا أن نُباهي الأُفْقَ منهُ بمَن ... أغنى البسيطةَ عن شمسٍ وعن قمرِ وقد تكاثَرَ منه بالمآثرِ ما ... في ذاك أو تلك من زَهْرٍ ومن زُهُرِ حَوى المعارفَ طُرًّا واستقَلَّ بها ... قُطْبًا بغيرِ النُّهى والفَضْل لم يَدُرِ ما ضَرَّهُ أنْ غَدَا فردَ الوجودِ ولو ... أنّ الوجودَ عَدَاهُ عُمَّ بالضرَر فإنّما الناسُ أشباحٌ مُصوَّرةٌ ... وعِلمُه حافظُ الأرواحِ والصُّوَرِ ورُبَّ مُنكِرِ إطلاقي الثناءَ لهُ ... في حالةٍ لم تَدَعْ حُسْنَى ولم تَذَرِ فقلتُ: تجهَلُ إبراهيمَ قال: لقد ... ألهمتَني الرَّمزَ قَصرًا في بني الحَجَرِ فالاسمُ منه ببُرءِ الهمِّ فَألُ هُدًى ... والسُّقْمُ مِن واردي فُتْياهُ في صَدَرِ إنْ جاد بالنِّقْسِ (¬2) أرضَ الطِّرسِ أودَعَهُ ... غَرْسًا من العِلم أزكى من فتي الشَّجرِ كالطَّرزِ في الخَزِّ والأحبارِ همّتُها ... في الوَشْي بالحِبْرِ لا في الوَشْي بالحِبَرِ إيهٍ فدَتْكَ أبا إسحاقَ نفْسُ فتًى ... لم يَدْرِ ليلتَه نَوْمًا إلى السَّحَرِ منْ عارضٍ حَلَّ منه عارضًا فغَدَا ... في ساقطِ الشِّعْرِ يَشْكُو ساقطَ الشَّعَرِ وقد دَعَا منكَ جالينُوسُ في زمنٍ ... أغنَتْ به عَيْنُه عن سالفِ الأثَرِ وهاكَ بالحالِ دَرْجَ الرُّقْعةِ اتّصَفَتْ ... ما شئتَ من عُجَرٍ منها ومن بُجَرِ فارسُمْ بفضلِكَ تَدبيري وحَسْبُكَهُ ... والنُّجحُ بعدُ بإذنِ الله عن قَدَرِ على علائكَ بَذْلُ الجهدِ مُحتسِبًا ... أجرَ الإله ومنّي الشكرُ جِدُّ حَرِي ¬

_ (¬1) في ب م: "الحبر". (¬2) النِّقْس -بالنون بعدها قاف-: المداد: الحِبْر.

فإن سَعِدتُ فلا عُسْرٌ يُعنِّتُني ... فالسَّعدُ يُنبِطُ عَذْبَ الماءَ في الحَجَرِ ثُم السلامُ عليكمْ طيِّبًا عَطِرًا ... ما خَطَّطوهُ بوَصْفِ الطِّيبِ بالعطرِ ومنه، يؤنِّسُ أبا القاسم بنَ بَقيّ رحمه اللهُ من جريرةٍ جَرَّها عليه أبو عِمرانَ موسى بن أبي عبد الله الفازَازيّ، والتزَمَ موسى [الطويل]: أبا قاسمٍ لا تَكترِثْ لمساءةٍ ... أَتتْك، وقد كان المُسيءُ بها موسى جَنابُك مخضَرُّ الجِنانِ فلا تكُنْ ... تَولَّعُ عِشقًا بالجِنايةِ جاموسا وَهَى عَقْلُهُ فاستَحْكَمَتْ هَفَواتُهُ ... وحالَفَ منكورًا فخالَفَ ناموسا وحَسْبُكَ منهُ كلَّ يومِ وليلةٍ ... يُمَدُّ ويُطْوَى مثلَ فعلِك بالمُوسى هو الحَكَمُ المُحيي فَمَا الجَوْر مُذْ غدا ... به العدلُ مَيْتًا في ثَرى الجهلِ مرموسا ومنه، وقد أهدَى إلى بعض أصحابِه أقلامًا [الطويل]: إليكَ بها نُحْلَ الجُسوم ضئيلةً ... تقومُ بأعباءِ الأمورِ الجسائمِ أنابيبُ خَطٍّ يَنْثني عن قِصارِها ... على طُولِه الخَطِّيُّ بادي اللَّهاذمِ فكم قلم دانَتْ بطاعةِ أمرِهِ ... مُقيمًا بأقصاها جميعُ الأقالمِ فَصُرْها أبا عبد الإلهِ وسِرْ بها ... لإحرازِ أنفالٍ وحَوْزِ مغانمِ هديّةَ ذي وُدٍّ يوَدُّ لوَ انّها ... مُشفَّعةٌ بالنَّيِّراتِ الأعاظمِ ومنه، في وَصْف شعرٍ له [من الكامل]: شِعرًا تَرى الأشعارَ جابَتْ أرضَها ... أسماهُ للشِّعرى العَبورِ عَبورُ طَمِعَ العَييُّ لجهلِه في سَهْلِهِ ... وانْبَتَّ عن تحريرِهِ النِّحريرُ ويحِقُّ لي إذ فَتَّ حاتِمَهُمْ ندًى ... ألّا يُجاريَني إليكَ جَريرُ فلئن سُرِرتَ بقولِهم لك: مُنعِمٌ ... لَأنا أسَرُّ بأنْ يقالَ: شَكورُ

312 - محمد بن إسماعيل بن الصميل

ومنه، وقد سُئل التوطِئةَ لبيتَي ابنِ صفر المشهورَيْنِ في المدِّ والجَزْر، فقال [الكامل]: وسليلِ أنداءٍ عَزَوْتُ إلى الحَيا ... وإلى الغمائم سِنْخَهُ ونِجارَهُ ألقَى أبوهُ الغَيْثُ زُرْقَ نطافِهِ ... للسُّحبِ تحملُهُ فكُنَّ ظِئارَهُ حتّى أتَيْنَ به لحِين فِصالِهِ ... نَهَرًا يُمِدُّ جُمَامُهُ تيَّارَهُ فتيمَّم البحرَ المُحيطَ بجَريهِ ... إذ كان قبلَ الحاملاتِ قرارَهُ وغدا بعبرَيْه الربيعُ مُبوِّئًا ... من نَوره للزائرينَ نِثارَهُ كالصَّيرفيِّ الأريَحيِّ هَفَا بهِ ... طَرَبٌ فبَثَّ لُجَيْنَهُ ونُضَارَهُ للمدِّ في الأغوارِ بين نُجودِهِ ... خُلُجٌ كما سَلَّ الكَمِيُّ شِفارَهُ ولَرُبَّ جَزْرٍ رَدَّها لمَقرِّها ... كالأَيْمِ عاوَدَ للحِرار نجارَهُ للنهرِ في أحوالِها سرٌّ بَدَا ... لِلَطِيفِ فِكري فاستمعْ أخبارَهُ شقَّ النّسيمُ عليه جَيْبَ قميصِهِ ... فانسَابَ من شَطَّيْه يَطلُبُ ثارَهُ وتضاحَكَتْ وُرْقُ الحَمامِ بدَوْحِهِ ... هُزُوًا فضَمَّ من الحياءِ إزارَهُ مَولدُه عامَ أربعةٍ وتسعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بمَرّاكُشَ قبلَ الزّوال من يوم الثلاثاءِ لخمسٍ خَلَوْنَ من جُمادى الأولى سنةَ أربع وأربعينَ وست مئة، ودُفن يومَ الأربعاءِ المذكورِ بمقبرةِ باب تاغَزُوتَ داخِل مَرّاكُش. 312 - محمدُ بن إسماعيلَ بن الصُّمَّيْل. كان بقُرطُبةَ حيًّا سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة. 313 - محمدُ بن إسماعيلَ بن عبد الجَبّار الفِهْريُّ. 314 - محمدُ بن إسماعيلَ بن عِراك، أبو القاسم (¬1). ¬

_ (¬1) زاد في م بعدها: "ابن عراك أبو القاسم".

315 - محمد بن إسماعيل بن عيسى الأنصاري، إشبيلي، أبو عبد الله

رَوى عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبي. 315 - محمدُ بن إسماعيلَ بن عيسى الأنصاريُّ، إشبيليٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكرِ ابن العَرَبيِّ القاضي. 316 - محمدُ بن إسماعيلَ بن فَرَج بن عبد الله الأَمَويُّ -بفَتْح الهمزة- مَوْلى إبراهيمَ بن جعفرِ الزُّهْرِيّ الأَشِيريّ، سَرَقُسْطيٌّ، أبو عامر، ابنُ العَطّار. وهو أخو أبي محمد. رَوى عن أبي بكر بن طاهِر، وأبي جعفرٍ البِطْرَوْجيّ، وأبوَي الحَسَن: ابن الأخضَر ويونُسَ بن مُغيث، وأبي الطاهِر التَّميميّ، وأبي عبد الله حَفيدِ مَكِّي، وأبي مَرْوانَ عبد الرّحمن بن قُزْمان. 317 - محمدُ بن إسماعيلَ بن محمد بن إبراهيمَ الصَّدَفيُّ، أبو بكر. رَوى عن شُرَيْح. 318 - محمدُ (¬1) بن إسماعيلَ بن محمد بن إسماعيلَ بن أحمدَ بن سَكَن الحَضْرَميُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي القاسم بن يَزيدَ بن بَقِيّ (¬2). 319 - محمدُ (¬3) بن إسماعيلَ بن محمد بن إسماعيلَ بن أبي الفَوارس حُبَيْش، قُرطُبيٌّ. كان مُصحَفيًّا مُتقِنًا، ويُذكَرُ عنه أنه كان يَكتُبُ المصحَف في جُمُعتَيْنِ أو نحوِهما، وكان من بيتِ نَباهة، استَقضَى الحَكَمُ أباه على إشبيلِيَةَ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1744)، والذهبي في المستملح (349)، وتاريخ الإسلام 13/ 800، والصفدي في الوافي 2/ 218. (¬2) كتب المعلق بهامش ب: "سمع أبو بكر الحضرمي هذا من أبي الحسن نجبة وأبي الحسين بن جبير، واختص به، وأبي عبد الله بن حميد، وآباء القاسم: ابن بشكوال وابن حبيش والسهيلي وغيرهم، وكان صالحاً فاضلًا إمام جامع مرسية، وكان وراقًا كتب بخطه الكثير، مولده سنة أربع وخمسين وخمس مئة، روى عنه ابن مسدي". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1033).

320 - محمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن خميس الجمحي، قسطنطاني، أبو عامر

320 - محمدُ (¬1) بن إسماعيلَ بن محمد بن إسماعيلَ بن خَمِيس الجُمَحِيُّ، قُسْطُنْطانيّ، أبو عامر. رَوى عن أبوَيْ عبد الله: ابن نُوح -واختَصَّ به وانتفَعَ بمُلازمتِه وكان من أسلافِه- وابنُ الأبّارِ وتدَبَّجَ معه. وكان فقيهًا بَصِيرًا بالأحكام، مُبرِّزًا في عَقْد الشّروط، حَسَنَ الخَطّ، كتَبَ عن القُضاة وعُرِف بالنَّزاهة، ثم استُقضيَ ببَلَنْسِيَةَ في الفتنة فتوَلَّى قضاءها محمودَ السِّيرة، ثمِ انتَقلَ عنه مَصْروفًا بالقائم فيها على واليها، فاستُقضيَ بشاطِبة، وتوفِّي بها في صَفرِ تسعٍ وعشرينَ وست مئة. 321 - محمدُ (¬2) بن إسماعيلَ بن محمد بن إسماعيلَ بن محمد بن أحمدَ العَبْدَريُّ (¬3)، سَرَقُسْطيٌّ، أبو بكر، ابنُ فُورْتِش. رَوى عن عمّه أبي محمد بن محمد، واستَجازَ له أبو عليّ بن سُكّرةَ جماعةً من شيوخِه بالمشرِق تقَدَّم ذكْرُهم في رَسْم أبي جعفر بن عبد الرّحمن بن بالِغ. وكان فقيهًا جَليلَ القَدْر نبيهَ البيت، وَليَ أحكامَ بلدِه، ثم فَصَلَ عنهُ لمّا تغَلَّبَ الرُّومُ عليه، وجالَ في بلاد الأندَلُس فأسمَعَ بغَرناطةَ، وبها أخَذ عنه أبو جعفر ابنُ الباذِش، وأبو عبد الله النُّمَيْريّ، وحَمَلَ عنه بالإجازة لفظًا أبو جعفر بنُ حَكَم، وقد حَكَى عنه ابنُ بَشْكُوالَ وفاةَ جَدِّه (¬4)، وأجاز له، وأغفَلَه، وتوفِّي بعدَ الثلاثينَ وخمس مئة. 322 - محمدُ (¬5) بن إسماعيلَ بن محمد بن إسماعيل، من أهلِ شَنْتَ مَرِيّةِ الغرب، أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1658). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1254)، والذهبي في المستملح (63)، وتاريخ الإسلام 11/ 745. (¬3) في التكملة الأبارية ومن نقل عنها: "العذري". (¬4) الصلة (1176). (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1333).

323 - محمد بن إسماعيل بن محمد بن خميس الجمحي، مروي

له رحلةٌ إلى المشرِق رافَقَ فيها أخاه عُمرَ بن إسماعيل فحَجّا، ولقِيَ بمكّةَ شَرَّفها اللهُ أبا علي بنَ العَرْجاء، وأبا المظفَّر الشَّيْبانيَّ فأخَذَ عنهما، وقَفَلَ إلى الأندَلُس. رَوى عنه أبو بكر بن خَيْر. 323 - محمدُ (¬1) بن إسماعيلَ بن محمد بن خَميس الجُمَحِيُّ، مَرَويٌّ. كان فقيهًا من جِلّة العاقِدينَ للشّروط، عَدْلًا جيِّد الخَطّ، حيًّا سنةَ إحدى عشْرةَ وست مئة. 324 - محمدُ (¬2) بن إسماعيلَ بن محمد بن عبد الرّحمن بن مَرْوانَ بن خَلْفُونَ الأَزْديُّ، أَوْنَبِيّ -بفَتْح الهمزة وواوٍ ساكنة ونونٍ مفتوحة وباءٍ بواحِدة منسوبًا- سَكَنَ إشبيلِيَةَ، أبو عبد الله وأبو بكر، والأُولى أشهَرُهما. سَمِعَ على أبي عبد الله بن سَعِيد بن زَرْقُون، وأجاز له، وعلى آباءِ العبّاس: ابن خَليل وابنِ مِقْدام وابن محمد بن عُمرَ بن خَلَف بن سَعْدان، وأبي عليّ عُمرَ بن أبي حامدٍ الخُشَنيّ. وحدَّث بالإجازةِ عن أبي البقاءِ يَعيشَ، وأبوَيْ بكر: ابن الجَدّ والنَّيّار، وأبوَي الحَسَن: ابن الحُسَين اللَّوَاتيّ ونام، وأبي الحُسَين يحيى ابن الصائغ، وأبي ذَرّ بن أبي رُكَب، وأبوَيْ عبد الله: ابن قاسم بن عبد الكريم وابن نَفِيس، وأبي العبّاس بن عبد الله بن يونُسَ الغافِقيِّ، وأبوَي القاسم: ابن بَقِيّ وعبد الرحيم ابن المَلْجُوم، وأبوَيْ محمد: ابن حَوْطِ الله وعبد العزيز بن زَيْدان، وأبي الوليد سَعْدِ السُّعود بن عُفَيْر، وغيرِهم، ولقِيَهم أو أكثَرَهم. رَوى عنه أبوَا بكر: ابنُ سيِّد الناس وابن غَلْبون، وأبو عبد الله بن أبي بكر ابن المواق، وأبَوا العبّاس: ابنُ عليّ المارِديُّ وابن هارُون، وآباءُ محمد: طلحةُ ¬

_ (¬1) رجح القاسم التجيبي المعلق على هامش ب أن هذا والمترجم في الرقم (320) هما شخص واحد. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1683)، والرعيني في برنامجه (17)، والذهبي في المستملح (303)، وتاريخ الإسلام 14/ 222، وسير أعلام النبلاء 23/ 71، وتذكرة الحفاظ 4/ 1400، والصفدي في الوافي 2/ 218.

وابن قاسم الحَرّارُ وابن محمد بن الفَتْح؛ وحدَّثنا عنه من شيوخِنا: أبو جعفرٍ الطَّبّاعُ، وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ، وأبو علي ابنُ الناظِر (¬1). وكان من مُتقِني صناعةِ الحديث، متقدِّمًا في معرفة رُواتِه وتمييز طَبَقاتِهم وأحوالِهم، معروفًا بالصِّدق والدِّين المَتِين والجَرْي على سَنَن السَّلَف فِي الصّالح، وطأةَ أكنافٍ وتواضعًا واتّباعًا للسُّنة وتخلُّقًا بما يُستحسَنُ من سِيَرِ فُضَلاءِ المحدِّثين. ومصنَّفاتُه في الحديث وعلومِه والفقه كثيرةٌ مفيدة، منها (¬2): "مختصَرُ الموطَّإ" مجلّد، "أسماءُ شيوخ مالكٍ المخرَّجِ حديثُهم في هذا الكتاب" مجلَّد، "أغاليطُ يحيى بن يحيى الأندَلُسي في موطَّإ مالكٍ روايتَه عنه" كُرَّاسة، "مسنَدُ حديث مالكِ بن أنَس" مجلّد، "أربعونَ حديثًا جَمَعَها لابنِه أبي جعفر" كُرّاسة، "أربعونَ حديثًا أخرى جَمَعَها لبَنِيهِ: أبي جعفرٍ المذكور وأبي الوليد وأبي مَرْوان" كُرّاسة، "المُنتقَى في الرّجال التابعينَ فمَن بعدَهم" خمسةُ مجلَّداتٍ ضَخْمة، "التعريفُ بأسماءِ الصّحابة المخرَّج حديثُهم في الصَّحيح" مجلَّد، "المُعلِم بأسامي شيوخ البخاريِّ ومُسلم" مجلَّد، "رَفْعُ التَّماري فيمَن تُكلِّم فيه من رجال البُخاري" مجلَّد، "شُيوخُ أبي داود" مجلَّد، "شيوخُ التِّرمذي" مجلَّدٌ متوسِّط، "شيوخُ النَّسَويّ" مجلَّد، "شُيوخُ ابنِ الجارود" مجلَّد متوسِّط، "شيوخُ أبي داودَ والترمذيِّ والنَّسَويّ وغيرِهم" أربعةُ مجلَّدات، "مَشْيخةُ ابن زَرْقُون" كُرّاسة، "التقريبُ في علوم الحديثِ وشروطِه وصِفةِ رُواتِه" مجلَّد متوسِّط. ¬

_ (¬1) قال التجيبي بهامش ب: "وحدثنا نحن عنه من شيوخنا: ابن أبي الربيع وابن الحاج وابن عبد الغفور". (¬2) يستفاد من التعليقات على هامش ب أن التجيبي كان يملك بعض هذه الكتب بخط مؤلفها، من ذلك: مختصر الموطإ. المنتقى. شيوخ أبي داود. وقرأ "الأربعين حديثًا" الأولى على ابن عبد الغفور وسماعه منه وكان يملك متوسط شيوخ أبي داود والترمذي. . . إلخ في أربعة أسفار ثلاثة منها ضخمة ورابع صغير نحو ربع واحد منها، وكلها بخط المؤلف.

وفي "التقريبِ" هذا يقول أبو أُمَيّةَ إسماعيلُ بن سَعْدِ السُّعود بن عُفَيْرٍ يصِفُه ويُثني على مُصنِّفِه [مجزوء الرمل]: يا ابنَ إسماعيلَ قَرَّتْ ... بكَ عَيْنا خَلَفونِ بكَ أحيَا ذِكرَهُ الخا ... لقُ مِنْ بعدِ المَنُونِ جئتَ "بالتقريبِ" نَهْجًا ... للطّريقِ المُستبِينِ بصغيرِ الحَجْم يُغْني ... عن عَريضاتِ المُتُونِ كم حَوى السَّبقَ نحيفُ الـ ... ـجسم من قبلِ السَّمينِ يرِدُ الطالبُ منهُ ... مَوْرِدَ العذبِ المَعِينِ فيه تَلْقَى السَّلَفَ الصّا ... لحَ ذا الدِّين المَتِينِ شاهَدَ النَّجوى كأنْ لم ... يَنْأَ عن لَحْظِ العيونِ عادتِ السُّنّةُ منهُ ... في حِمى ليثِ العَرِينِ زَيَّفَ الخائنَ فيها ... وانتقَى نَقْدَ الأمينِ فغَدَتْ تَسحَبُ فيهِ ... ذيلَ محفوظٍ مَصونِ فلوَ انَّ ابنَ أبي حا ... تِمها وابنَ مَعِينِ جارَياهُ قَصَّرا عن ... ما احتَواهُ من فُنونِ فلْتَبِتْ يا حافظَ السُّنَّةِ ... ذا عِلم يقينِ أنّ مِنهاجَكَ محرو ... سٌ بعَيْنَيْ جَبْرَئينِ واستُقضي ببعضِ مُدُن غَرْب الأندَلُس فحُمدت سِيرتُه واستَفاضَ ثناءُ الناس عليه، وكُفّ بصَرُه في آخِرِ عُمُرِه، نفَعه الله وذَخَرَ له أجرَ كريمتَيْه، ولم يغبَّ الدّرسَ والحِفظَ طُولَ عُمُرِه إلى حينِ وفاتِه؛ مَولدُه بأُونَبةَ أوّلَ عام خمسةٍ

325 - محمد ين إسماعيل بن محمد بن عبد التواب بن خاطب اليحصبي

وخمسينَ وخمس مئة (¬1)، وتوفِّي بها -وقال ابنُ الزُّبَيْر: بإشبيلِيَةَ- يومَ التَّروِية، وقيل: في الوُسَط من ذي قَعْدةِ ستٍّ وثلاثينَ وست مئة. 325 - محمدُ ين إسماعيلَ بن محمد بن عبد التّوّابِ بن خاطِب اليَحْصُبيُّ. 326 - محمدُ (¬2) بن إسماعيلَ بن محمد بن عبد الملِك بن عبد الرّحمن بن أُمَيّةَ بن مُطَرِّف بن خَميس الجُمَحيّ، قُسْطَنْطانِيّ، أبو عامر. ويَذكُرُ أهلُ بيتِه أنهم من وَلَدِ عثمانَ بن مَظْعونٍ رضيَ اللهُ عنه. رَوى عن أبي عامر بن حَبِيب، وأبي العبّاس بن عيسى، وأبي علي الصَّدَفي، وأبي عِمْرانَ بن أبي تَليد وسِواهم؛ وتفَقَّه بأبي جعفر بن جَحْدَر، وأبي القاسم ابن الجَنَّانِ وطَبَقتِهما. وكان فقيهًا حافظًا بَصيرًا بالنَّوازل، عارفًا بعَقْدِ الشُّروط، جيِّد الخَطّ، حَسَنَ التصَرُّف في الآداب؛ كتَبَ عن أبي الحَسَن بن عبد العزيز قاضي بَلَنْسِيَةَ وغيره من قُضاتها، وتوفِّي سنةَ ثلاثٍ وأربعينَ وخمس مئة. 327 - محمدُ بن إسماعيلَ بن عَزّانَ البَكْريُّ، إشبِيليٌّ، أبو بكر الجلمانيّ. شيخٌ تجوَّل بالأندَلُس وبَرِّ العُدْوة طويلًا، وصَحِبَ عُلماءها وأُدباءها وشُعراءها، واختَصَّ بكثير من أُمرائها، وكان حاضرَ الذِّكر للآدابِ والتواريخ والأشعار مُمتِعَ المجالسة، جالَسْتُه طويلًا، وعُمِّر كثيرًا، وكانت بينَه وبينَ أخوالي صُحبةٌ متأكِّدة. وتوفِّي بمَرّاكُشَ في حدودِ الستِّينَ وست مئة ابنَ ستٍّ وثمانينَ سنةً. 328 - محمدُ بن إسماعيلَ بن محمد الصَّدَفيُّ. رَوى عن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "قال ابن مسدي: أخبرني أن مولده تخمينًا سنة خمس وخمسين". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1322)، وفي معجم أصحاب الصدفي (1037)، والذهبي في المستملح (90).

329 - محمد بن إسماعيل بن محمد القيسي، أبو بكر

329 - محمدُ بن إسماعيلَ بن محمد القَيْسيُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 330 - محمدُ بن إسماعيلَ بن محمد، إشبِيليٌّ، ابنُ صاحبِ الصلاة. كان فقيهًا عاقدًا للشروط عدلًا، حيًّا سنة اثنتي عشرة وست مئة. 331 - محمدُ (¬1) بن إسماعيلَ بن محمد، سَرَقُسْطيٌّ. له رحلةٌ معَ أبيه سَمِع فيها بالقَيْروان من أبي عِمْرانَ الفاسِيّ سنةَ عشْرٍ وأربع مئة، وتوفِّي أبوه في مُنصَرَفِه بمِصرَ سنةَ ثِنتَيْ عشْرةَ وأربع مئة، وعاد محمدٌ إلى بلدِه واستُقضي به، وكان فقيهًا حافظًا نبيهَ البيتِ جليلَ القَدْر. 332 - محمدُ (¬2) بن إسماعيلَ بن محمد، وَشْقيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الأبّار. رَوى عن أبيه، وزكريّا ابن النَّدّاف، وعبد الله بن الحَسَن المُسْدِيِّ وأكثَرَ عنه، وغيرِهم. رَوى عنه أبو الحَزْم بنُ أبي دِرهم؛ وكان محدِّثًا فقيهًا. 333 - محمدُ (¬3) بن إسماعيلَ، قُرطُبيٌّ، غيرُ الحَكِيم. كان عارِفًا بالنَّحو والشِّعر مؤدِّبًا بهما في مسجدِ مُتْعة. 334 - محمدُ بن أسوَدَ بن إبراهيمَ الغَسّانيُّ، مَرَوِيٌّ. كان عاقدًا للشُّروط فقيهًا عَدْلًا، من بيتِ علم وجَلالة، حيًّا سنةَ إحدى عشْرةَ وست مئة. 335 - محمدُ بن أصبَغَ بن أبي الغُصْن. رَوى عن أبي الحَسَن عبد العزيز بن شَفِيع، وأبي عُمرَ مَيْمونِ بن ياسين اللَّمْتُونيّ، وأبي محمد بن عَتّاب. رَوى عنه أبو محمد بنُ عُمرَ ابنُ الإمام. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1075). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1027). (¬3) ترجمه الزبيدي في طبقاته (315)، وابن الأبار في التكملة (996).

336 - محمد بن أصبغ، من سكان إشبيلية، أبو بكر

336 - محمدُ (¬1) بن أصبَغَ، من سُكّان إشبيلِيَةَ، أبو بكر. كان من أهل العلم باللُّغة والشِّعر، ذا حَظّ من العربيّة، حَسَنَ الخَطّ جيِّدَ التقييد، شاعرًا مطبوعًا سَهْلَ الكلام سَبْطَ اللَّفظ، وممّا حُفِظَ له عند وفاتِه: قولُه [البسيط]: إنّي دُعيتُ لوِرْدٍ ما له صَدَرُ ... وجاء ما كنتُ أخشاه وأنتظرُ وأقبلَ الموتُ نَحْوي في عساكرِهِ ... فالجسمُ سائلةٌ والنفْسُ تنفطرُ لوكان يُغْني فِرار منهُ أو وَزَرٌ ... لو كان عندي مَفَرٌّ منه أو وَزَرُ لكنّهُ أجَلٌ قد خَطَّه قلمٌ ... في اللَّوح يَحفِزُهُ المِيقاتُ والقَدَرُ اللهُ حَسْبيَ لا ربٌّ سواهُ ولا ... لي مَوْئلٌ غيرُه أرجو وأعتصرُ فهْو الذي إذْ يُسَمَّى في البَدِيِّ بأسـ ... ـماءٍ معظَّمةٍ يَعْفو ويَغتفرُ يا ربِّ إنّك ذو عَفْوٍ وذو كرمٍ ... فارحَمْ مُسيئًا ضعيفًا ليس يَنتصرُ في أبيات؛ وتوفِّي في ربيعٍ الأوّل سنةَ خمس وخمسينَ وثلاث مئة. 337 - محمدُ (¬2) بن أغلَبَ بن أبي الدَّوْس، مُرسِيٌّ سَكَنَ المَرِيّةَ مُدّةً، أبو بكر. رَوى عن أبي الأصبَغ عيسى بن سَهْل وتدَبَّج معَه، وآباءِ بكرٍ المحمَّدِينَ: ابن الحَسَن الحَضْرَميّ وابن سابِق الصِّقِلِّي وفَرَج بن محمد البَطَلْيَوْسيِّ ابن أبي حَدِيدةَ وابن نِعمةَ العابِر، وأبي الحَجّاج الأعلَم وتأدَّبَ به واختَصَّ به كثيرًا، وأبي الحَسَن بن خَلَف العَبْسيّ، وأبوَي الحُسَين: المبارَك بن سَعِيد الأسَديّ البغداديّ ابن الخَشّاب ويحيى بن إبراهيمَ ابن البَيّاز، وأبي زيد عبد الرّحمن بن ¬

_ (¬1) ترجمه الزبيدي في طبقاته (308)، وابن الأبار في التكملة (1009). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1186)، والذهبي في المستملح (39)، وتاريخ الإسلام 11/ 178، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (254)، والمراكشي في الإعلام 4/ 50.

338 - محمد بن أمية النصري، بياسي، وقال ابن الزبير: جياني، أبو عبد الله

سَحْنُونَ، وآباءِ عبد الله: ابن خَلَصَةَ وابن سَعْدُون وابن موسى بن مَعْيون، وأبي عليّ الجَيّانيِّ وأبي القاسم عبد الدايم بن مَرْزُوق. رَوى عنه ابنُه أغلَبُ، وشيخُه أبو الأصبَغ بنُ سَهْل، فتدَبَّجا كما ذَكَرَ، وأبَوا بكر: ابن الخَلُوف بن مُعاذ، وأبَوا عبد الله: ابن أبي الخِصَال وابن أبي زَيْد، وأبو العبّاس بن الصَّقْر، وأبو عامرٍ أحمدُ بن الفَرَج، وأبو عليّ حَسَن ابن الخَرّاز. وكان محدِّثًا واسعَ الرِّواية، عَدْلًا ثقةً، ذا حَظّ وافرٍ من الفقه، متقدِّمًا في علوم اللِّسان لُغةً ونَحْوًا وأدبًا، حَسَنَ الخَطّ جيِّدَ التقييد، كتَبَ الكثيرَ وأحكَمَ ضَبْطَه، وتجوَّل كثيرًا يُعلِّم وُيقرئ، وأدَّب الفَتْحَ المأمونَ وَيزيدَ الراضيَ ابنَي المعتمِد ابن عَبّاد بإنهاضِ شيخِه أبي الحَجّاج الأعلَم إيّاهُ لذلك، وله في شرح "أمثالِ أبي عُبَيد" كتابٌ مُفيد. وكان له شِعرٌ رائق، ومنه: قولُه يصِفُ أقلامًا [الطويل]: وناحلةٍ صُفْرٍ ولم تَدْرِ ما الهوى ... ولم تَشْكُ بَيْنًا من خَليطٍ ولا أَهلِ إذا حُفَّ منها واحدٌ بثلاثةٍ ... وأُدْليَ في بئرٍ وليس بذي حَبْلِ رأيتَ بَنانَ الصُّبح طُرِّزَ بالدُّجَى ... وصُبحًا من الكافورِ يوَشَمُ بالكُحْلِ ومنه، وكتَبَ به إلى المعتصِم أبي يحيى مَعْن بن صُمادِح في حاجة [الطويل]: إليكَ أبا يحيى مدَدْتُ يدَ المُنَى ... وقِدْمًا غَدَتْ من جُودِ غيرِك تُقْبَضُ فكانتْ كنُورِ العَيْن نام معَ الدُّجى ... فلمّا دَعَاهُ الصُّبحُ لبَّاهُ ينهَضُ وقد سَكَنَ مدينةَ فاسَ مُدّة وبتِلِمْسينَ أخرى، واستقَرَّ بأَخَرةٍ بأغماتِ وريكة، وتوفِّي بمَرّاكُشَ سنةَ إحدى عشْرةَ وخمس مئة، قاله ابنُ الصَّقْر وغيرُه، وقال ابنُ الزُّبَيْر: إنه توفِّي بتلمسينَ، وليس بشيء. 338 - محمدُ (¬1) بن أمَيّةَ النَّصْريّ، بَيّاسيٌّ، وقال ابنُ الزُّبَير: جَيّاني، أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1512).

339 - محمد بن أيمن بن خالد بن أيمن الأنصاري، بطليوسي، أبو عبد الله

رَوى عنه أبو عليّ الحُسَين بن رَشِيق، وأبو عبد الله بن الحَسَن بن الزُّبَير. وكان أُستاذًا ماهِرًا في الحسابِ والنَّحو والفرائض والأدب، وتوفِّي سنةَ إحدى وتسعينَ وخمس مئة، ومن شعرِه [الخفيف]: أيُّ عُذْرٍ يكونُ لي أيُّ عُذرٍ ... لإبن سبعينَ مُولَعٍ بالصَّبابهْ وهْو ماءٌ لم تُبْقِ منهُ اللّيالي ... في إناءِ الحياةِ إلّا صُبابَهْ 339 - محمدُ (¬1) بن أيمَنَ بن خالِد بن أيمَنَ الأنصاريُّ، بَطَلْيَوْسيٌّ، أبو عبد الله. رَوى بشاطِبةَ عن أبي عُمرَ يوسُفَ بن عبد البَرّ. 340 - محمدُ (¬2) بن أيمَنَ بن فَرَجُون -بفَتْح الراء والجيم وواوِ مَدّ ونون، ويقال فيه: فَرَج- مَوْلى الأمير هِشام بن عبد الرّحمن بن مُعاويةَ، قُرطُبيٌّ. صَحِبَ أخاه عبدَ الملِك في رحلتِه وسَماعِه بالقَيْروانِ من سَحْنُونَ، وبمِصرَ من أبي الطاهِر أحمدَ بن عَمْرو بن السَّرْح ومن غيرِهما. وكان تَقِيًّا وَقُورًا، من مشاهر مؤدِّبي القرآنِ الحاذِقينَ في تعليمِه، المقرِّبينَ سبيلَ الإفادةِ به، معَ الوَرَع الشّهير والفَضلِ التامِّ والدِّين المَتِين والصّلابةِ فيه. 341 - محمدُ (¬3) بن أيمَنَ السَّيعْديُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ طلحةَ بن عَطِيّة، وكان مُقرِئًا متصدِّرًا مُشارِكًا بالعربيّة. 342 - محمدُ بن أيُّوب بن سُفيانَ الكَلْبيُّ. رَوى عن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1142) (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (979). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1317).

343 - محمد بن أيوب بن القاسم الفهري، شاطبي، أبو عبد الله

343 - محمدُ (¬1) بن أيُّوبَ بن القاسم الفِهْرِيُّ، شاطِبيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحَسَن طاهِر بن مُفوَّز، وصَحِبَه وأكثَرَ عنه، وكان نَبيهًا فاضلًا. 344 - محمدُ بن أيُّوبَ بن محمد بن أيُّوبَ [. . . .] (¬2)، قُرطُبيّ. أظُنُّه أخا أبي علي الحَسَن ابن الحَدّاد. وكان فقيهًا عاقِدًا للشُّروط ضابِطًا لأحكامِها جيِّد الخَطّ، حيًّا في الخمس وأربع مئة. 345 - محمدُ بن أيُّوبَ بن محمد بن خالِد الإيَاديُّ. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 346 - محمدُ (¬3) بن أيُّوبَ بن محمد بن وَهْب بن محمد بن وَهْب بن محمد بن نُوح بن أيُّوبَ بن بَكْر بن سَهْل بن أيُّوبَ بن إبراهيمَ بن ناجِيَةَ بن داودَ الغافِقيُّ -كذا وقَفْتُ على نَسَبِه بخطِّه- بَلَنْسِيٌّ سَرَقُسْطيُّ الأصل. خرَجَ منها أبوهُ وجَدُّه حين تغَلَّب النَّصارى عليها صُلحًا فنَزَلا بَلَنْسِيَةَ في رَمَضانِ اثنَيْ عشَرَ وخمس مئة، أبو عبد الله، ابنُ نُوح. وذَكَرَ [ابن الأبار] (¬4) أنّ اسمَ نُوح وَهْب، ونُوحٌ لقَبٌ له؛ لكثرةِ وَلَدِه، فغَلَبَ عليه ونُسِبَ عَقِبُه إليه، وذَكَرَ أبو عامر بنُ مُحرِز أنّ الملقّبَ بنُوح هو أيُّوبُ بن وَهْب، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1145)، وترجم لابنه عبد الله بن محمد بن أيوب في معجم أصحاب الصدفي (195). (¬2) بياض في النسختين. (¬3) ترجمه المنذري في التكملة 2/الترجمة 1214، وابن الأبار في تكملته أيضًا (1582)، والذهبي في المستملح (229)، وتاريخ الإسلام 13/ 196، وسير أعلام النبلاء 22/ 18، ومعرفة القراء الكبار 2/ 594، والعبر 5/ 28، والصفدي في الوافي 2/ 239، واليافعي في مرآة الجنان 4/ 16، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 103، وابن تغري بردي في النجوم 6/ 204، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 58، وابن العماد في الشذرات 5/ 34. (¬4) بياض في النسختين، والذي ذكر ذلك هو ابن الأبار في ترجمة أيوب من التكملة (532).

فاللهُ أعلم. وأيُّوبُ بن إبراهيمَ، جدُّه الأعلى، هو الداخِلُ في الرَّعيلِ الأوّل من العُدْوة. رَوى عن أبيه، وأبي بكرٍ محمد بن يحيى اللُّرِيِّيَّ، وأبي جعفر بن أبي الخَيْر بن زُرَارةَ، وأبوَي الحَسَن: ابن النِّعمة وابن هُذَيْل، وتلا بالسَّبع عليه، وأبوَيْ عبد الله: ابن سَعادةَ وابن الفَرَس، وأبي القاسم بن حُبَيْش، وتفَقَّه بأبي بكرٍ يحيى بن محمد بن عِقَال. وأجازَ له آباءُ بكر: ابنُ خَيْر، وابنُ مُحرِز بن أبي ليلى، وأبو القاسم ابنُ بَشْكُوال، وأبو مَرْوانَ بنُ سَلَمةَ الوَشْقيُّ، وابن قُزْمان، ومن أهلِ الإسكندَريّة: أبو الطاهِر السِّلَفيُّ وأبو عبد الله الحَضْرَمي. رَوى عنه ابنُه أبو الفَضْل، وآباءُ بكر: ابنا المحمَّدَيْنِ: ابن مُحرِز وابن مَشَلْيُون، وآباءُ جعفر: ابن جُرْج الذَّهبيُّ، والجَيّارُ وابنُ الفَحّام المالَقيّانِ، وابنُ محمد بن وَهْب وابن يوسُف ابن الدَّلّال، وأبَوا الحَسَن أحمدُ بن واجِب وابن عُبَيد الله الزّوق، وأبو الرَّبيع بن سالم، وأبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبو زكريّا بن زكريّا الجُعَيْدي، وآباءُ عبد الله: ابنُ الأبار وابن بَكْر ابن الصائغ وابن أحمدَ بن سَعْدُون، وأبو عامر بن نَذير، وأبو عثمانَ سَعْدُ بن محمد بن زاهِر المقرئ، وأبو عليّ حَسَن بن عبد الرّحمن الرَّفّاءُ، وأبو عُمرَ بن حَوْطِ الله، وهو آخِرُهم، وأبو عَمْرو بن سالم، وآباءُ محمد: الأبار وحِزْبُ الله وابن حَوْطِ الله وابن القُرطُبيِّ، وأبو مَرْوانَ عُبَيْدُ الله بن محمد بن عُمارةَ، وأبو مُطَرِّف بن عَمِيرةَ، وعبد الله بن أحمدَ بن عليّ بن هُذَيْل، وأبو [. . . .] (¬1) بن سَمَاعةَ، وأبو [. . . .] (¬2) بن عبد الملِك، وأبو إسحاقَ بن غالِب بن بَشْكُنَال. وحدَّث عنه بالإجازة أبو بكر بن غَلْبُون، وأبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان. ¬

_ (¬1) بياض في النسختين. (¬2) كذلك.

وكان من كبارِ المُقرِئينَ وجِلّة المجوِّدين، يكادُ يَستغرقُ عُمُرَه ليلًا ونهارًا في تلاوة كتاب الله تعالى، ماهرًا في النَّحو، حافظًا الآدابَ واللُّغاتِ والأشعارَ قديمَها وحديثَها، قد جَمَعَ من المعارِف فنونًا لا يُدْرَى في أيِّها كان أكثَرَ براعةً، انفردَ في وقتِه بشَرْق الأندَلُس عن نَظيرٍ في اتّساع المعارِف والاستبحار في ضُروب العلم: من التحقيق في القراءات، وحِفظ الفقه، والدُّرْبة في الفُتْيَا، وتدقيق النّظَرَ. شُووِرَ معَ أشياخِه فكان يَفُوقُهم بحضور الذِّكر للنّوازل، وجَوْدة الاستنباط، معَ البَصَر في الحديث، والحِفظ للأخبار والتواريخ والأنساب، والاطّلاع على المعاني الأدبيّة، والوقوف على الغريب. علي أنه كان نَزْرَ الحَظّ من منثورِ الكلام، فأمّا النَّظمُ فلم يكُنْ له منهُ إلّا قِسطٌ يجِلُّ عنه. وكان سَهْلَ الخُلُق وَطِيءَ الأكناف، بَرًّا بأصحابِه، كثيرَ المُباسَطة والمُفاكَهة، مبسوطَ اليد بالإحسان والصَّدَقات، مؤْثِرًا بما مَلَكتْ يمينُه، مُقدَّمًا في عَقْدِ الشُّروط، مقصودًا إليه في رسومِها المطوَّلة، فكان يُغلِّي في الجُعْل على كَتْبِها، فلا يوجَدُ منه بُدٌّ؛ لحِذْقِه بنُكَتِها، وشدّة تحفُّظِه في رَبْطِ أصولِها، واستظهارِه لِما عسَى أن يَعرِضَ من الحكوماتِ فيها، وتحرُّزِه من دواخِل الخَلَل عليها، معَ حُسن المَسَاق وتحريرِ المقاصِد وتهذيبِ الألفاظ وبراعةِ الخَطّ ونُبْل التقييد، حتى دُوِّنت عنه. وكانت فيه دُعابةٌ أخَلَّت بجانبه عندَ القاضي أبي عبد الله ابن المُناصِف أيامَ استُقضيَ ببَلَنْسِيَة، فرَدَّ شهادتَه من أجَلِها، حتى تبيَّنَ له فَضْلُه ونزاهةُ مَنْصِبِه وتحقَّق طَوِيّتَه وحُسنَ معتقَدِه وسلامةَ دِخلتِه، فأعاده إلى رفيع رُتبتِه وجميل عادتِه. وعَرِضَتْ ببَلَنْسِيَةَ وابنُ المُناصِف مُستقضًى بها وثيقةٌ لم يضْطَلعْ بكَتْبِها ولمِ يَفِ بتقييدِها إلّا أبو عبد الله بنُ نُوح هذا، فرَغِبَ صاحبُها إليه في كَتْبِها، فلمّا فَرَغَ منها التمسَ عليها منه جُعْلًا اعتقَدَ ربُّها أنه شَطَطٌ وإفراط، فلم يَسَعْه إلا تعريفُ القاضي أبي عبد الله ابن المُناصِف ذلك، فاستَدعَى الوثيقةَ وتصَفَّحها، وتعرَّف منها استقلالَ أبي عبد الله بالصِّناعةِ وجَوْدة إيرادِه إيّاها، فأمَرَ صاحبَها بالوفاءِ لأبي عبد الله بما طَلبَه منه، وقرَّر عندَه أنه قليلٌ في جَنْبِ إتقانِه إيّاها وإحكامِه فُصولَها.

347 - محمد بن أبي بكر بن أحمد بن عياش الحارثي، منكبي، أبو بكر وأبو عبد الله

وقَدِمَ مَرّاكُش في جَمْع من أهل شرقِ الأندَلُس، فيهم: أبو عبد الله بنُ حَمِيد، وكان حينَئذٍ قاضيَ بَلَنْسِيَة، فرَفَعَ أبو عبد الله بنُ نُوح على القاضي أبي عبد الله بن حَمِيد أشياءَ لم يُقبَلْ قولُه فيها، وعاد سَعْيُه عليه حتى أدَّى إلى سِجنِه على ما سيُذكَرُ في رَسْم أبي عبد الله بن حَمِيدٍ، إن شاء اللهُ تعالى. مَولدُه ببَلَنْسِيَةَ وقتَ الزَّوال من يوم السّبت لليلتَيْن خَلَتا من جُمادى الآخِرة سنةَ ثلاثينَ وخمس مئة، وتوفِّي بها قبلَ الزَّوال بساعةٍ يومَ الاثنينِ لستٍّ خَلَوْنَ من شوّالِ ثمانٍ وست مئة، وتوَلّى غُسْلَه المؤذِّنُ أبو عبد الله ابنُ الرَّقّام، وتولَّى صَبَّ الماءِ عليه أبو الحَسَن بنُ خِيَرةَ الخَطيبُ وابن واجِب وأبو الرّبيع بن سالم، وصَلَّى عليه أبو الحَسَن بن خِيَرةَ المذكورُ بالجامع، وهُو الذي أقبَرَهُ، ونزَلَ معَه مُعِينًا في إقبارِه الأستاذُ أبو عبد الله بنُ أبي البقاء، ودُفن بعدَ عَصْر يوم الثلاثاءِ ثاني يوم وفاتِه بمقبُرةِ باب الحَنَش، واحتَفلَ الناسُ لحضورِ جَنازته، وأثنَوْا عليه طويلًا، وأسِفوا لفَقْدِه، ورُثيَ بمَرَاثٍ كثيرة، رحمه الله. قال ابنُ الزُّبَير: وما أُراه رَحَلَ عنها قَطُّ ولا خرَجَ منها -يعني بَلَنْسِيَةَ- إلى أن توفِّي، وقد ذكَرْنا خروجَه عنها وسَفَرَه إلى مَرّاكُشَ، فاعلَمْه. 347 - محمدُ (¬1) بن أبي بكر بن أحمدَ بن عَيّاش الحارِثيُّ، مُنَكَّبِيٌّ، أبو بكرٍ وأبو عبد الله. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة، وتكرر عليه، فذكره أولاً (1618)، ثم أعاده في الرقم (1705) وكناه في الأولى: أبا عبد الله، وفي الثانية: أبا بكر. وجاء بهامش ب: "وروى أيضًا ابن عياش هذا عن أبوي علي: الرندي وابن هانئ اللخمي، وأبوي محمد: القُرطبي وابن الفرس عبد المنعم، وابن جبير وغيرهم. أخذ عنه أبو إسحاق البلفيقي وقال: إنه توفي سنة ست وثلاثين. قرأت بخط أبي إسحاق: أنشدني أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بمنكّب حرسها الله قال: أنشدني أبو الحسين محمد بن جبير الكناني لنفسه: طهر بماء التقى جنانك ... واصحب على حاله زمانك ودار أبناءه عسى أن ... تنال من بغيهم أمانك واصمت إذا ما سمعت لغوًا ... ولا تحرك به لسانك"

348 - محمد بن أبي بكر بن أبي الخليل التميمي، مروي، أبو بكر، ابن ولام، وبعضهم يقول: ابن ولم

رَوى عن أبي الحَجّاج ابن الشَّيخ وأبي القاسم بن سَمَجُون، وحدَّث وأُخِذ عنه وخَطَبَ. مَولدُه يومَ الاثنينِ لثمانٍ بقِينَ من رَبيع الأوّل سنةَ إحدى وثمانينَ وخمس مئة، وتوفِّي بعد الأربعينَ وست مئة. 348 - محمدُ (¬1) بن أبي بكر بن أبي الخَليل التَّمِيميُّ، مَرَوِيّ، أبو بكر، ابنُ وَلّام، وبعضُهم يقول: ابنُ وَلَّم. تَلا بالسَّبع في إشبيلِيَةَ على أبي الحَسَن شُرَيْح، ورَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي، وأبوَيْ عبد الله: ابن خَلَصةَ النَّحْوي وابن أبي الخِصَال، وأبي العبّاس ابن العَرِيف، وصَحِبَه ونَحا طريقَه، وأبي القاسم بن وَرْد، وأبي محمد عبد الحقّ بن عَطِيّةَ، وغيرِهم. رَوى عنهُ أبو بكر بنُ سُفْيان وأبو عبد الله بنُ نُوح. وكان من أهل الفَهْم والتيَقُّظ، حَسَنَ الخَطّ، مُشارِكًا في الأدبِ وعَقْدِ الشُّروط، وفَصَلَ عن بلدِه فأوطَنَ بعضَ جهاتِ بَلَنْسِيَة، وتوفِّي ببعض جِهات شاطِبةَ وهو يتَولَّى بها الأحكامَ سنةَ سبع وخمسينَ وخمس مئة. 349 - محمدُ بن أبي بكر بن سَعِيد بن عبد الغَفُور الأنصاريُّ الأوْسيُّ، قُرطُبيٌّ نزَلَ بأَخَرةٍ مَرّاكُش، أبو عبد الله الحَرّار، حِرْفته التي كان قديمًا ينتحلُها. كان عاقدًا للشُّروطِ حَسَنَ السِّياقةِ لها، مُثابِرًا على المُطالعة، فكِهَ المحاضَرة، وهُو أبو صاحبِنا أبي القاسم هِبة الله، جالسْتُه كثيرًا وخَبُرتُ منه جَوْدةً. وتوفِّي بمَرّاكُشَ يومَ الخميس لثلاثَ عشْرةَ بقِيَتْ من رجَبِ ثمان وخمسينَ وست مئة، ودُفن من الغَدِ إثْرَ صلاةِ الجُمُعة بجَبّانةِ الشّيوخ. 350 - محمدُ بن أبي بكر بن محمد بن حَكَم، بَلَنْسِيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1386)، والذهبي في المستملح (114)، وتاريخ الإسلام 12/ 133.

351 - محمد بن أبي بكر بن محمد بن غلبون التجيبي، لورقي، أبو القاسم

351 - محمدُ (¬1) بن أبي بكر بن محمد بن غَلْبُونَ التُّجيبيُّ، لُورْقيٌّ، أبو القاسم. وهو أخو أحمدَ. رَوى بقُرطُبةَ عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي، وأبو جعفرٍ البَطْرَوْجيّ، وأبي الحَسَن يونُسَ بن مُغِيث. 352 - محمدُ بن أبي بكر بن محمد بن موسى الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ. كان عاقِدًا للشّروط مُبرِّزًا في العدالة. 353 - محمدُ (¬2) بن أبي بكر بن يوسُفَ بن عَفْيُونَ الغافِقيُّ، شاطِبيٌّ، أبو عبد الله وأبو عُمَر، وهي أشهرُهما، ابنُ عَفْيُون. رَوى عن أبي عبد الله بن بَرَكةَ، وأبي محمدٍ عبد الغَنيّ بن مَكّي، وتفَقَّه به وتخرَّج بينَ يدَيْه في عَقْدِ الشُّروط، وصَحِب أبا جعفر بنَ سَلّام، وأبا الحُسَين بن جُبَيْر وسواهما من الأُدباء. رَوى عنه أبو الرَّبيع بن سالم، وأبو عُمرَ بن عاتٍ؛ وكان فقيهًا عَدْلًا ثقةً فاضلًا، عارفًا بعَقْد الشُّروط، وله فيها مختصَرٌ أودَعَه كثيرًا ممّا ليس من بابِه فعِيبَ عليه، وصنَّف كتابًا في "عجائبِ البحر"، وآخَرَ في "أخبارِ الزُّهّادِ والعُبّاد"، وآخَرَ في الآدابِ والتواريخ سَمّاه "نتائجَ الأفكار وغرائبَ الأخبار"، وجَمَعَ شعرَ ابن جُبَيْر في صِباه، وكان مُشارِكًا في الأدب، وكتَبَ عن القاضي أبي الحَسَن طاهِر بن حَيْدَرةَ بن مُفوَّز. مَولدُه سنةَ ثمانِ عشْرةَ وخمس مئة، وتوفِّي بعدَ سنة أربع وثمانينَ وخمس مئة، وذَكَرَه ابنُ الزُّبَير قبْلَ مَن توفِّي سنةَ ثلاثٍ وستينَ وخمس مئة، وذَكَرَ قبلَه رجُلَيْن، وذَكَرَ قبلَهما مَن توفِّي على قولِه بعدَ السّتينَ وخمس مئة. 354 - محمدُ ابنُ الحاجِّ أبي بكر، طَرْطُوشيٌّ. كان بقُرطُبةَ سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1446)، والذهبي في المستملح (152). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1487).

355 - محمد بن أبي تمام الطائي، قرطبي، أبو عبد الله

355 - محمدُ (¬1) بن أبي تَمّام الطائيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله ابن الطَّلّاع وغيرِه. رَوى عنه ابنُه عليّ. 356 - محمدُ (¬2) بن أبي جَعْفر بن سَعِيد -ويقال: ابنُ عبد الرّحمن- ابن غَفْرال، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله. تَلا بالسَّبع على أبي القاسم ابن النَّخّاس، وروَى عنه، وعن أبي الحَسَن بن يوسُفَ السالِميّ، وأبي زكريّا بن حَبِيب المُحارِبيّ وغيرِهم. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ عبد الرحيم، وأبو العبّاس بن صَالح الكَفيفُ، وأبو القاسم ابنُ بَشْكُوال، وأغفَلَه، وأبو الوليد يَزيدُ بن بَقِيّ وسواهم، وكان مُقرئًا مجوِّدًا تصَدَّر للإقراء. 357 - محمدُ (¬3) بن أبي الخَليل، مُرْسِيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله ابن الفَرَس وتفَقَّه به، وكان فقيهًا حافظًا ذا دُرْبةٍ في الأحكام، وبصَرٍ بعَقْد الشُّروط، وحَظٍّ وافرٍ من العربيّة، واستُقْضيَ بشاطِبةَ. وتوفِّي يومَ الأربعاء لأربعٍ خَلَوْنَ من صَفَرِ سبع وست مئة. 358 - محمدُ (¬4) بن أبي الخِيَار العَبْدَريُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله. تفَقَّه بأبوَيْ عبد الله: ابن الحاجِّ وابن حَمْدِين، وأبي القاسم أصبَغَ بن محمد، ولم تكُنْ له عنايةٌ بالرواية، تفَقّه به أبو الوليد بنُ خِيَرة وأبو القاسم ابن الحاجّ. وكان مُستبحِرًا في علم الرأي نَظّارًا فيه مدرِّسًا لهُ، وترَكَ التقييدَ بأَخَرةٍ ونَزَعَ إلى الأخْذِ بالحديث، وله تنابيهُ على "المدوَّنة"، و"رَدٌّ على أبي عبد الله ابن الفَخّار"، ومصنَّفٌ في "آدابِ النِّكاح"، وآخَرُ في "أحكام الشِّجَاج"، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1293). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1301). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1575). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1244)، والذهبي في المستملح (58)، وتاريخ الإسلام 11/ 494.

359 - محمد بن أبي رباح الزاهد، قرطبي

وكلُّ ذلك ممّا أبانَ عن استقلالِه بجَوْدة النّظر، ودَلَّ على تقدُّمه في الحِفظ وسَعة معارِفه. توفِّي بقُرطُبةَ يومَ الأربعاءِ لعَشْرٍ خَلَوْنَ من ربيع الأوّل سنةَ تسع وعشرينَ وخمس مئة. 359 - محمدُ (¬1) بن أبي رَبَاح الزاهِد، قُرطُبي. سَمِع من ابن وَضّاح. 360 - محمدُ بن أبي الرّبيع، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله. له رحلةٌ إلى المشرِق رَوى فيها قديما بمِصرَ عن أبي الطاهِر السِّلَفيّ. 361 - محمدُ بن أبي سعيدٍ العَبْدَريُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي جعفر البِطْرَوْجيّ. 362 - محمدُ بن أبي العاص بن الزُّبَيْر، شَنْتِجَاليٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ. 363 - محمدُ (¬2) بن أبي العافِية، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله. رَحَلَ إلى السَّماع على أبي عُمرَ بن عبد البَرّ بشاطِبةَ، وصَحِبَ ثَمَّ طاهرَ بن مُفوَّز، وكان ذا عناية بالحديث وروايتِه، فقيهًا حافظًا، وتوفِّي في صَدْر ذي القَعْدة سنةَ تسعٍ وسبعينَ وأربع مئة. 364 - محمدُ (¬3) بن أبي عِلَاقةَ البَوّابُ، قُرطُبي، ويقال فيه: ابنُ عِلَاقةَ (¬4). وقد تقَدَّم. 365 - محمدُ بن أبي العَيْش بن أبي أيُّوب. رَوى عن أبي القاسم الحَسَن الهَوْزَنيّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (998). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1136). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (997)، والمقري في نفح الطيب 2/ 150. (¬4) بهامش ب: "ذكره الرازي مكنى، وابن أبي الخصال غير مكنى".

366 - محمد بن أبي الفرج، شاطبي، أبو عبد الله

366 - محمدُ بن أبي الفَرَج، شاطِبيٌّ، أبو عبد الله. كان مُقرِئًا مجوِّدًا. 367 - محمدُ بن أبي القاسم بن مُفرِّج بن خَلَف بن أبي العافِية التُّجِيبيُّ. رَوى عن أبوَيْ عبد الله: ابن الفَخّار وابن عبد الرّحيم ابن الفَرَس. 368 - محمدُ بن أبي اللَّيث الغافِقيُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي جَعْفرٍ البِطْرَوْجي. 369 - محمدُ (¬1) بن أبي المِسْك، دانيٌّ، أبو عبد الله؛ رَوى عن أبي الوليد الوَقَّشيِّ وأبي داودَ الهِشَاميّ. رَوى عنه زكريّا ابنُ صاحبِ الصّلاة والد أبي محمد بن عَبْدُون. 370 - محمدُ بن أبي بكرٍ ابن عَفْيُون الغافقي، نزيلُ القاهرة. رَوى عنه أبو الصّفاء خالصُ بن مَهْدي وابنُه أبو عَمْرٍو سعدُ بن خالص. وأظُنّه حفيدَ محمد بن أبي بكر بن يوسُف بن عَفْيُون المذكورِ قبلُ، فيُحقَّقُ ويُعمَلُ في ترتيبِه بحسَب ذلك، إن شاء الله. 371 - محمدُ (¬2) بن بَسّام بن خَلَف بن عُقْبةَ الكَلْبيُّ، سَرَقُسْطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أخيه عبد الله بن بَسّام. رَوى عنه الصاحبان، وكان رجلًا فاضلًا أَمَّ بجامع بلدِه دهرًا. 372 - محمدُ (¬3) بن بَشِير بن محمد المَعافِريُّ. كذا ذكَرَه ابنُ الأبّار، حكاه عن ابن الفَرَضيّ، وعن ابن حَيّان: محمدُ بن سَعِيد بن بَشِير بن شَرَاحِيل، وعن ابن شَعْبان: محمدُ بن بَشِير بن سَرَافِيل المَعافِريّ، وسيأتي ذكْرُه في رَسْم محمد بن سَعِيد بن بَشِيرٍ إن شاء اللهُ تعالى. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1157). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1042). (¬3) ترجمه الخشني في قضاة قرطبة (47)، والقاضي عياض في ترتيب المدارك 3/ 327، وابن الأبار في التكملة (971)، والنباهي في المرقبة العليا (47).

373 - محمد بن بكر بن محمد [55 ب] بن عبد الرحمن بن عيسى بن بكر بن أبي الأسعد بن الصائغ الفهري، بلنسي، أبو عبد الله

373 - محمدُ (¬1) بن بكر بن محمد [55 ب] بن عبد الرّحمن بن عيسى بن بكر بن أبي الأسعَد بن الصائغ الفِهْريُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الخَطّاب بن واجِب، وأبي عبد الله بن نُوح، وأبي عُمرَ بن عاتٍ وغيرهم. وأجاز له أبو عبد الله بنُ نُوح، وأبو القاسم بنُ حُبَيْش، وأبَوا محمد: عبدُ الحقّ بن بُونُه وعبد المُنعم ابن الفَرَس. رَوى عنه أبو عبد الله ابنُ الأبّار؛ وكان حافظًا للحديث، ذاكرًا للتواريخ، ماهرًا في صَنْعة الحساب، ذا حظّ صالح من الطِّبّ، من بيتِ كتابةٍ وجلالة. توفِّي سنةَ ثمانِ عشْرةَ وست مئة. 374 - محمدُ بن أبي بكرٍ الصَّرِيحيُّ، قَنْبِيليٌّ، أبو عبد الله. رَوى بقُرطُبةَ عن مَشْيَختِها، وكان فقيهًا حافظًا أفتَى ببلدِه زمانًا، ثم انتَقلَ إلى بعض بلاد العُدْوة فسَكَنَه، وتَلبَّسَ بالأعمالِ السُّلطانيّة إلى أن توفِّي. 375 - محمدُ بن بكرٍ الكِنْديُّ، جَيّانيٌّ، أبو عبد الله. 376 - محمدُ (¬2) بن البُلِّينُه -بضمِّ الباء المعقودة وتشديد اللام وياءِ مَدّ وضمِّ النُّون وهاء- بَطَلْيَوْسيٌّ، سَكَنَ قُرطُبةَ، أبو عبد الله الغازي، لالتزامِه مسجدَ الغازي داخلَ قُرطُبة. تَلا على أبي الحَسَن الأنطاكيّ وبَذَّ تلاميذَه. تَلا عليه بحَرْف نافع أبو عبد الله الخَوْلانيّ؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا متقدِّمًا في إتقان الأداء، حافظًا هَذّاذًا، معروفَ الفضل. 377 - محمدُ (¬3) بن بُهْلُول، بَطَلْيَوْسيٌّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1626). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1084). (¬3) ترجمه صاعد في طبقاته (83)، وابن الأبار في التكملة (1119).

378 - محمد بن بياضة، بطليوسي، أبو بكر

رَوى عن أبي عبد الله بن يونُس الحِجَاريّ. رَوى عنه أبو [....] (¬1) بن عُزَيْر وغيرُه، وكان ضريرَ البصَر، متقدِّمًا في الآداب حَسَنَ القيام بها، مشارِكًا في النَّحو، أدَّب بذلك كلِّه في يَنَاشْتَة للعامّة، وبأُقْلِيشَ لبعض وَلَد خَدَمةِ السلطان، وفَصَلَ عنها بين الستينَ وأربع مئة. 378 - محمدُ (¬2) بن بَياضةَ، بَطَلْيَوْسيٌّ، أبو بكر. تَلا على أبي عبد الله المُغاميِّ. رَوى عنه أبو بكر بن مُحرِز البَطَلْيَوْسي؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا متصدِّرًا للإقراء. 379 - محمدُ بن بِيبَش بن خَلَف بن سَعِيد الأنصاريُّ، سالِميٌّ. 380 - محمدُ بن تَمّام بن أغلَبَ [....] (¬3)، قُرْطُبيُّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ ثمانينَ وثلاث مئة. 381 - محمدُ بن تَمّام بن محمد بن هاشم بن محمد الأنصاريُّ. 382 - محمدُ بن تَمِيم بن هِشَام بن أحمدَ بن حَنُّونٍ -بفتح الحاءِ الغُفْل ونونَيْنِ أوّلُهما مشدَّدٌ بينَهما واوُ مَدّ- البَهْرَانيُّ، لَبْليّ، أبو بكر. رَوى عن أبي إسحاقَ بن عبد الله اليابُرِيّ، وأبوَي العبّاس: ابن خَليل وابن محمد بن ماتِع، وأبي القاسم أحمدَ بن عيسى بن عبد البَرّ. رَوى عنه أبوا بكر: صِهرُهُ ابنُ سَيِّدِ [56 أ] الناس وابنُ عَيّاد؛ وكان محُدِّثًا حافظًا ضابطًا، كَتَبَ الكثيرَ، وكان حَسَنَ الخَطّ، وعُنِي بالرواية ولقاءِ الشيوخ؛ وتوفي سنةَ ثِنتَيْنِ وثلاثينَ وست مئة. 383 - محمدُ بن ثابت بن حُنين النَّفْزِيُّ، أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) بياض في النسختين. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1237). (¬3) بياض في النسختين.

384 - محمد بن ثابت بن علون -بفتح العين الغفل وتشديد اللام وواو مد ونون- الخشني، أبو عبد الله

رَوى عنه شيخُنا أبو عبد الله بنُ خَمِيس (¬1). 384 - محمدُ بن ثابتِ بن عَلُّوْن -بفتح العين الغُفْل وتشديد اللام وواوِ مَدّ ونون- الخُشَنيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عليّ بن سُكَّرة. 385 - محمدُ بن جابر بن أحمدَ بن عبد الله الأمويُّ. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 386 - محمدُ بن جابر بن جابر. رَوى عن أبي عبد الله بن أحمدَ بن منظور. 387 - محمدُ بن جابر بن حَسَن الأنصاريُّ. 388 - محمدُ (¬2) بن جابِر بن عليّ بن سَعِيد بن موسى بن عُثمانَ بن عدنانَ الأنصاريُّ، إشبيليٌّ، أبو بكر، السَّقَطيُّ؛ شُهرةٌ قديمة في سَلَفِه لا يَعرِفونَ أصلَها. رَوى عن أبوَيْ (¬3) إسحاقَ: الأطريانيِّ وابن موسى بن هارون، وآباءِ بكر: ابن طلحةَ وابن مالِك الشَّرِيشيّ وابن أبي زَمَنِين، وأبوَيْ جعفر: الجَيّار وابن عَمِيرةَ، وعبد الله بن عبد الرّحمن بن مَسْلَمةَ، وأبوَي الحَسَن: الشَّقُوريِّ ونَجَبةَ، وأبي الحَكَم بن حَجّاج، وأبي الخَطّاب بن واجِب، وأبي ذَرّ بن أبي رُكَب، وأبي الصَّبر الفِهْرِيّ، وأبوَيْ عبد الله: ابن صاحبِ الأحكام وابن عبد البَرّ، وآباءِ العبّاس: القَنْجايريِّ وابن ماتِع وابن مِقْدام، وأبي القاسم المَلّاحي، وأبي محمد بن ¬

_ (¬1) أمام هذه الترجمة علق في هامش ب: "جزيري خَضْراوي إمامٌ في الفقه والعربية، ماهر في عقد الشروط، رحل منها إلى سبتة في حدود الأربعين وخمس مئة، فكان بها كبير الموثقين وتميز إلى أن جفاه قاضيها يومئذ إبراهيم بن فتح فارتحل إلى المغرب وهنالك توفي" (ملحوظة: خط يختلف قليلًا عن خط التجيبي). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1665)، والرعيني في برنامجه (48). (¬3) في م: "أبي"، خطأ.

389 - محمد بن جابر بن محمد الفزاري، إشبيلي

عليّ الزُّبَيْريّ، وأبي الوليد جابِر بن أبي أيوب، قَرأَ عليهم وسَمِع وأجازوا له. وأجاز له جماعةٌ كبيرة من أهل الأندَلُس والمغرِب والشرِق، وفي شيوخِه كثرةٌ يُنِيفُونَ على مئتين، مَن لقِيَه هو وكتَبَ إليه ضمَّنَهم غيرَ ما مجموع له. رَوى عنه أبو العبّاس ابنُ الناظِر الأمَويُّ، وأبو محمدٍ طلحةُ، وحدَّثنا عنه شيوخُنا: أبو جعفر بنُ عليّ الطَّبّاع، وأبو الحَسَن بن محمد الرُّعَيْنيّ، وأبو علي الحُسَينُ بن عبد العزيز ابن الناظِر. وكان أحدَ المُتقِنينَ لعلم القراءات والمُبرِّزِينَ في تجويد القرآن، أحكَمَ الناسِ إعطاءً للحروف حقَّها من مَخارِجها، معَ تهذيبِ اللّسان، نَحْويًّا حاذِقًا أديبًا، قَيَّدَ من الحديثِ والآداب كثيرًا، وعُنيَ بذلك أتمَّ عناية، على فاقةٍ لازمَتْه عُمُرَه اضْطُرَّ من أجلِها إلى التنقُّل في طلب المعيشة. وقَدِمَ شرقَ الأندَلُس فأخَذَ عن طائفةٍ من مشيَختِه، وكان ثقة ثَبْتًا ضابِطًا لِما يَرويه، شديدَ الاحتياطِ عليه، لا يُسامِحُ في الإسماع إلّا بمحضَر أصلِه أو أصل يَرجِعُ إليه. وكان يُجيدُ مقطَّعاتِ الشعر [56 ب] وكان أيسَرَ شيء عليه النَّظْم، فمِن شِعرِه: ما أنشَدَه الأستاذُ أبو محمد طلحةُ، قال: أنشَدَني أبو بكر بنُ جابر الأستاذُ لنفسِه [السريع]: يا ناقدَ الدرهم في حكِّه ... مَحَكُّكَ الدرهمُ لو تشعرُ وعائبَ الناقصِ في طَيْشِهِ ... طَيْشُكَ في تحصيلِهِ أكثرُ فأنت كالباحثِ عن حَتْفِهِ ... تَخْبُرُ ما أنت به تُخْبَرُ مولدُه سنةَ سبع وستينَ وخمس مئة، وتوفِّي بإشبيلِيَةَ ليلةَ منتصَف شعبانِ أحدٍ وثلاثينَ وست مئة، ودُفن بمقبُرة مُشْكَة. 389 - محمدُ بن جابر بن محمد الفَزَاريُّ، إشبيليٌّ. كان حيًّا سنةَ ثِنتَيْنِ وثلاثينَ وست مئة.

390 - محمد بن جابر بن يحيى بن محمد بن سعيد بن هاشم بن غمار -بغين معجم مفتوح وشد الميم وفتحه- ابن ذي النون الثعلبي، غرناطي، أبو الحسن وأبو عبد الله، ابن الرماليه

390 - محمدُ (¬1) بن جابِر بن يحيى بن محمد بن سَعِيد بن هاشمِ بن غَمَّار (¬2) -بغَيْن معجَم مفتوح وشدِّ الميم وفَتْحِه- ابن ذي النُّون الثَّعلَبيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو الحَسَن وأبو عبد الله، ابنُ الرَّمالْيَهْ. أخَذَ القراءاتِ عن أبي الحَسَن شُرَيْح، ورَوى عنه، وعن أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ، وأبي جعفر ابن الباذِش وأكثَرَ عنه، وأبوَيْ عبد الله: النُّمَيْريّ وابن أبي الخِصَال، وأبوي الفَضْل: ابن شَرَف وعِيَاض، وأبي محمد عبد الحقّ بن عَطِيّة، وتفَقّه بأبي الوليد ابن خِيَرة، وأجاز له أبو بكرٍ يحيى بنُ بَقِيّ كلامَهُ نثرًا ونظمًا. رَوى عنه أبوا جعفر: ابن خَديجةَ وابن عُثمانَ الوَرّاد، وأبو الوليد إسماعيلُ العَطّار، وأبو موسى عِمرانُ السَّلَويُّ، وأبو عَمْرو بنُ عَيْشون. وكان فقيهًا جَليلًا نبيهَ القَدْرِ وَجيهًا، مُعتنِيًا أتمَّ العناية بشأن الرِّواية، وطال عُمُرُه ومال إلى البِطالة وأخلَدَ إلى الراحةِ زمانًا، ثمَّ أقلَعَ بأخَرةٍ وتصدَّى بجامع غَرْناطةَ لإقراءِ القرآن وإسماع الحديث. توفِّي إثرَ ذلك سنةَ خمس وست مئة، ومَوْلدُه سنةَ أربع وخمسينَ وخمس مئة. 391 - محمدُ بن جابِر، برغواطي. رَوى عن أبي العبّاس بن محمد بن مِقْدام. 392 - محمدُ بن جابِر الضَّرير، أبو عبد الله. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجيّ. 393 - محمدُ بن جَبْر بن هِشام بن خَلَف بن حَبَّ النُّوْن -ورأيتُه كثيرًا ما يكتبُه: حَبَّنُّون، بالباءِ بواحدة مفتوحةٍ ونون مشدَّدَيْن وواوِ مَدّ ونون- ما لَقيٌّ قُرطُبيُّ الأصل. ¬

_ (¬1) ترجمة ابن الأبار في التكملة (1567)، والذهبي في المستملح (218)، وتاريخ الإسلام 13/ 122. (¬2) في التكملة: "غَمْر"، وبذلك تنبيه في هامش ب.

394 - محمد بن أبي أحمد جعفر بن أحمد بن خلف بن حميد -مكبرا- ابن مأمون الأنصاري -ونسبه أبو محمد ابن القرطبي أمويا من صريحهم، وذلك غير [57 أ] معروف- بلنسي أسلي الأصل، أبو عبد الله

بارعُ الخَطّ مُتقِنُ الضّبط، كتَبَ الكثيرَ، وتَلبَّس بعَقْدِ الشروط، وعُرِف بالعدالة. 394 - محمدُ (¬1) بن أبي أحمدَ جعفرِ بن أحمدَ بن خَلَف بن حَمِيد -مُكبَّرًا- ابن مأمونٍ الأنصاريّ -ونَسَبَه أبو محمدٍ ابنُ القُرطُبيِّ أُمَويًّا من صَريحهم، وذلك غيرُ [57 أ] معروف- بَلَنْسيّ أسليُّ الأصل، أبو عبد الله. رَوى عن أبي إسحاقَ بن صالح، وأبي بكر ابن أبي رُكَب، ورَحَلَ إليه إلى جَيّان واختَلَف إليه في النَّحو ثلاثينَ شهرًا؛ وأبي جعفر بن ثُعْبانَ، وأبي الحَجّاج القَفّال، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وتَلا بالسبع عليه، وأبي محمد بن عبد الحقّ بن عَطِيّة، قرأَ عليهم وسمع وأجازوا له. وقرأ على أبي الحَسَن بن ثابت، وأجاز له ما رَواه عن أشياخِه بالمشرِق، وعلى أبي الأصبَغ عبد العزيز بن عُبَادة، وأبي الحَسَن بن هُذَيْلِ وتَلا بالسَّبع عليه، وأبوَيْ عبد الله: ابن عبد الرّحمن المَذْحِجيّ الغَرْناطيّ، وابن فرَج القَيْسيِّ وتَلا عليه بالسَّبع، وأبي القاسم خَلَف بن فَرْتُون، ولم يذكُر أنهم أجازوا له. وكتَبَ إليه مجُيزًا ولم يلقَهُ، أو لَقِيَهم ولم يقرَأْ عليه ولا سمع: آباءُ بكر: عبدُ العزيز بن مُدِير وابن العَرَبي وابن فَنْدِلة، وآباءُ الحَسَن: طارقُ بن موسى وابن مَوْهَب ويونُسُ بن مُغيث، وأبو حَفْص بن أيّوبَ، وأبو الحَكَم عبدُ الرّحمن ابن غَشِلْيان، وأبَوا عبد الله: الجَيّانيُّ المعروفُ بالبغدادي -وذكَرَ ابنُ الزُّبَيْر أنه لقِيَه بها وذكَرَه ابنُ حَمِيد في مَن لم يلقَهُ في بَرنامجِه- وابنُ مَعْمَر، وأبو عامر بن شَرُّويةَ، وأبو مَرْوانَ الباجِيّ، هؤلاء شيوخُه الذين ضَمَّن بَرنامجَه ذكْرَهم. وذكَرَ أبو عبد الله بنُ يَربوع أنَّ له روايةً عن أبي الحُسَين ابن الطَّراوة. ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (79)، والمنذري في التكملة 1/الترجمة 112، وابن الأبار في التكملة (1493)، والذهبي في المستملح (171)، وتاريخ الإسلام 12/ 820، وسير أعلام النبلاء 21/ 276، ومعرفة القراء 2/ 559، وابن الخطيب في الإحاطة 3/ 70، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 108، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 68.

رَوى عنه أبو بحرٍ صَفْوانُ بن إدريسَ، وأبَوا بكر: ابن عَتِيق اللّارِديّ وابن قَنْتَرال، وآباءُ جعفر: الجَيّارُ والذّهبيُّ وابن عَمِيرةَ الشَّهيد، وأبَوا الحَسَن: ابن حَزْمُون وابن عُبَيد الله الزوق، وأبو الحُسَين عُبَيدُ الله بن عاصم الدائريّ، وأبو الرَّبيع بن سالم، وأبو زكريّا بن زكريّا الجُعَيْديّ، وأبو سُليمان ابنُ حَوْطِ الله، وآباءُ عبد الله: الأَنْدَرْشِيّ وابنا الحَسَنَيْن: ابن مُجبر التُّجِيبي وابن إبراهيمَ الوَشْقيّ وابنْ صَلْتان وابن عبد الحقّ التِّلِمْسيني وابن يَرْبُوع، وأبو العبّاس العَزَفيّ، وأبو عثمانَ سَعْدٌ الحَفّار، وأبو عليّ عُمرُ بن صمع، وأبو عِمران ابن السّخان، وآباءُ القاسم: الطيِّبُ بن هِرَقْل وعبدُ الرحيم بن إبراهيم ابن الفَرَس والمَلّاحي، وأبو محمد بن محمد بن خَلَف بن اليُسْر، وأبو الوليد ابنُ الحاجّ. وكان صَدْرًا في مُتقِني تجويد القرآن العظيم، مبرِّزًا في النَّحو، إمامًا معتمَدًا عليه في الفنَّيْن، بارعَ الأدب وافرَ الحظِّ من البلاغة والتصرُّف البديع في الكتابة، رديءَ الخَطّ، طيِّبَ الإمتاع بما يوردُه ويَحكيه، ذا حظٍّ صالح من رواية الحديث والفقه وأُصولِه، كريمَ الأخلاق حَسَنَ السَّمْت، [57 ب] متواضِعًا كثيرَ البِشْر، وَقُورًا، ديِّنًا وَرِعًا، وَصَفَه بذلك غيرُ واحد ممّن أخَذَ عنه؛ قال أبو بكر بن عَتِيق اللّارِديّ: أدْناني عندَ قراءتي عليه فِهرِستَه حتى كانت رُكبتي على رُكبتِه. وصَحِبَ صديقَه أبا القاسم بنَ حُبَيش في وِجهتِهما إلى مَرّاكُش، فكان بحُسْنِ خُلُقَه، يتولَّى بنفسه خدمةَ أبي القاسم طُولَ سفرِهما حتى يراه مَن لا يَعرِفُ قَدْرَه، فَيظُنُّه تلميذًا لأبي القاسم. وقال أبو سُليمان بن حَوْطِ الله: هو ممّن اعتمَدتُ عليه في طريق القراءات والنَّحو؛ لتقَدُّمِه في ذلك وجَوْدة معرفتِه. وَلِي قضاءَ بَلَنْسِيَةَ أعوامًا فحُمدت سيرتُه وشُكرت طريقتُه، وكان عَدْلًا في أحكامِه جَزْلًا في رأيِه صَلِيبًا في الحقّ. وقال غيرُه: كانت ولايتُه قضاءها لعَشْرٍ خَلَوْنَ من جُمادى الآخِرة سنةَ إحدى وثمانين، فتمادى عليه أعوامًا.

395 - محمد بن جعفر بن أحمد بن محمد بن جعفر بن سفيان المخزومي، شقري، أبو عبد الرحمن

وقال أبو محمد عبدُ الحقّ بن إبراهيمَ: رَفَعَ أبو عبد الله بن نُوح إلى المنصور على أبي عبد الله بن حَمِيد أشياءَ منها: أنه كان إذا امتَنعَ أحدٌ من شِرارِ أهل البادية وجُفاتِهم من إجابة الدعوة إليه أمَرَ بحَرْق بابِه وانتقال مالِه وتثقيفِه في المودع، فأمَرَ المنصورُ قاضيَه أبا عبد الله بنَ مَرْوان بتحقيق هذه القضية، وكَتْبِها له مفسَّرة، فأتى بها في جُملة مسائل، وقد وَقَعَ ذلك منه بغَرَض المنصور، وأخَذ يَعرِضُها عليه مسألةً مسألة، فعند ذكْرِه قصّةَ أبي عبد الله بن حَمِيد قال المنصورُ وقد علا صوتُه: سبحانَ الله! ولم يكن ابنُ حَمِيد عندَنا بهذا الاجتهاد! ألم تسمعْ إلى قول رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لولا أنْ أشُقَّ على أُمّتي لأَمَرتُ بحطبٍ يُحطَب"؟ وذكَرَ الحديث؛ ثم قال: أَمثلَ هذا تَرْفَعُ إلينا؟ انتظِرْ ما يقالُ فيك، اخرُجْ، فأدَّبهُ، قال: فسُجِن ابنُ نُوح ولم يُسَرَّحْ حتى رَغِب في إطلاقِه ابنُ حَمِيدِ وألَحَّ في ذلك. ونزَلَ بأخَرةٍ مُرْسِيَةَ فناوَبَ في الصّلاة والخُطبة بها أبا القاسم بنَ حُبَيْش، وأقرَأَ بجامعِها، وله شَرْح على "إيضاح" الفارسيّ، وآخَرُ على "جُمَل" الزَّجّاجي، وشُهِر بجَوْدة القيام على "كتاب سِيبوَيْه" والنفوذِ في فَهْم غوامضِه. مولدُه ببَلَنْسِيَةَ سنة ثلاثَ عشْرةَ وخمس مئة، وتوفِّي بمُرْسِيةَ إثْرَ صَدَره عن قُرطُبةَ وقد أكل شيئًا من حَبّ الملوك (¬1) عَرَضَ له منهُ إسهالٌ مات بأثَرِه عشِيَّ يوم السبت لثلاثَ عشْرةَ ليلة بقِيَتْ من جُمادى الأُولى سنةَ ستٍّ وثمانينَ وخمس مئة، ودُفن عصرَ يوم الأحدِ بعدَه بظاهرِها، لِصْقَ صديقِه أبي القاسم ابن حُبَيْش، إزاءَ مسجد الجُرْف خارجَ باب [58 أ] ابن أحمدَ أحدِ أبوابِ مُرْسِيَة؛ وقال ابنُ الزُّبَير: إنه توفّي في شوّالٍ من السنة. 395 - محمدُ (¬2) بن جعفرِ بن أحمدَ بن محمد بن جعفرِ بن سُفيانَ المَخْزُوميّ، شُقْريٌّ، أبو عبد الرّحمن. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "قراصيا". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1670)، والذهبي في المستملح (294)، وتاريخ الإسلام 14/ 85.

396 - محمد بن جعفر بن خيرة، مولى رزق، مولى ابن فطيس القرطبي، بلنسي، أبو عامر، ابن شروية

رَوى عن أبيه أبي أحمدَ. ورَحَلَ إلى المشرِق وحَجّ، ولقِيَ في طريقِه ببجَايةَ نزيلَها أبا محمد عبدَ الحقّ الإشبيليّ، رَوى عنه بالإجازة أبو عبد الله ابنُ الأبّار، لقِيَه. وكان له حَظٌ نَزْرٌ من الكلام نثرًا ونظمًا، ولم يكنْ له بصَرٌ بالحديث، وعلى ذلك فقد أُخِذَ عنه وسُمِع منه. وتُوفِّي يومَ الخميس، ودُفن لصلاة الجُمُعة بعدَه لخمسٍ بقِينَ من شوّالِ اثنَيْن وثلاثينَ وست مئة. 396 - محمدُ (¬1) بن جعفرِ بن خِيَرة، مَوْلى رِزق، مَوْلى ابنِ فُطَيْس (¬2) القُرطُبيّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عامر، ابنُ شَرُّويّة. رَوى في صِغَرِه عن صِهرِه أبي الوليد الوَقَّشيِّ ولازَمَه وأجاز له، وقد تُكُلِّم في روايته عنهُ لذلك، وما تُكُلِّم به في ذلك فلا يُلتفتُ إليه، فقد وقَفْتُ على خَطِّ أبي بحرٍ سُفيانَ بن العاص في طبقة سَماع جماعةٍ على أبي الوليد، ومنهم أبو عامرٍ هذا، فاعلم ذلك. ورَوى أيضًا عن أبي بكر عبدِ الباقي بن بُرَّال، وأبي الحَسَن طاهر بن مُفوَّز، وأبي داودَ الهِشَاميّ. وأجاز له القاضي أبو عبد الله ابنُ السَّقّاط وأبو القاسم حاتمُ بن الأطْرابُلُسيّ. رَوى عنه أبو بكر بنُ أبي جَمْرة، وأبو عبد الله بن حَمِيد، وأبو عُمر يوسُفُ بنُ عَيّاد، وأبو القاسم ابنُ بَشْكُوال، وأغفَلَه. وكان شيخًا من نبهاءِ بلدِه، معروفَ النّزاهةِ والفضل، جميلَ الشارة، وليَ الخُطبةَ بجامع بلدِه، وكان جَهِيرَ الصّوتِ فيها، وأسَنَّ وعُمر طويلًا حتى ثَقُلَ، فكان لا يَرقَى المِنبرَ للخُطبةْ إلّا بمُعين، واقتَنَى من دفاترِ العلم ودواوينِه كثيرًا. وتوفي سَحَرَ ليلة الاثنين السادسةِ من ذي قَعْدة سَبْع وأربعينَ وخمس مئة وقد قارَبَ المئة، وكان أضَنَّ الناس بالإعلام بمولدِه، وغَلِطَ ابنُ حُبَيْش في وفاتِه فجعَلَها سنةَ ستٍّ وأربعين، وكذلك قال أبو طالبِ عَقيلُ بن عَطِيّة، وأُراه تلَقّاهُ من ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1342)، والذهبي في المستملح (102)، وتاريخ الإسلام 11/ 909. (¬2) في التكملة: "مولى رزق لإبن فطيس"، وفي هامش ب: "ابن فطيس القرطبي أيضًا مولى".

397 - محمد بن جعفر بن عبد الرحمن بن صاف الغساني، جياني، سكن قرطبة كثيرا وغرناطة، أبو بكر، ابن صاف

ابن حُبَيْش، واللهُ أعلم. وصلَّى عليه أبو الحَسَن بن النّعمة، ودُفن خارجٍ بابِ بَيْطالةَ، وما زال قبرُه هنالك معروفًا يُتبرَّكُ به إلى أنِ استَولَى الرُّومُ ثانيةً على بَلَنْسِيَةَ في أواخِر صَفَرِ ستّ وثلاثينَ وست مئة، فطَمَسوه وسائرَ قبورِ المسلمين. 397 - محمدُ (¬1) بن جعفرِ بن عبد الرّحمن بن صافٍ الغَسّانيُّ، جَيّانيٌّ، سَكَنَ قُرطُبةَ كثيرًا وغَرناطة، أبو بكر، ابنُ صافٍ. تَلا على أبي بكرٍ خازِم وأبي الحَسَن العَبْسيّ [58 ب] واعتَمدَه في القراءات، وأبي عبد الله بن إبراهيمَ بن شُعَيْب، وأبي داود. ورَوى عن أبي بحر بن أسَد، وأبي داودَ الِهشَاميّ، وأبي عليّ الغَسّانيّ، وأبي عبد الله بن خَليفةَ، وأبوَيْ محمد: ابن عَتّاب، وابن السِّيْد، وأبي مَرْوانَ بن سِرَاج، وأبي [القاسم] السميسر الشاعر، وأبوي الوليد: ابن رُشْد وابن طَرِيف. رَوى عنه آباءُ الحَسَن: صالحُ بن يحيى وابنُ الضَّحّاك وابن محمد بن ناصِر وابن النِّعمة، وهُو في عِدادِ أصحابه، وأبو الحُسَين وأبو عبد الله بن عبد الرّحيم وأبو القاسم ابنُ بَشْكُوال، وأَغفَلَه، وآباءُ محمد: عبدُ الحقِّ بن بُونُه وعبدُ المُنعم ابن الضَّحّاك وابن الفَرَس، وأبو الوليد يونُسُ بن موسى التُّجِيبي. وكان مُقرِئًا عارفًا متحقِّقًا بتجويد القرآن العظيم، ضابطًا لأُصولِه، مُبرِّزًا في حفظ القراءات، أقْرَأَ بجامع قُرطُبةَ الأعظم، وأَمَّ في الفريضة بمسجد رَحْبةِ أبَانٍ منها، وكذلك أقْرأَ بغَرناطةَ وبَلَنْسِيَةَ، ثم عاد إلى قُرطُبة، ثم فَصَلَ عنها عند انقراضِ دولة اللَّمتُونيِّينَ فاستقَرَّ بوَهْرانَ إلى أن توفِّي بها سنةَ أربع وأربعينَ وخمس مئةٍ وقد قارَبَ الثمانينَ. 398 - محمدُ (¬2) بن جعفرِ بن عبد الرّحمن الهَمْدانيُّ، أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (78)، وابن الأبار في التكملة (1325)، والذهبي في المستملح (93)، وتاريخ الإسلام 11/ 864، ومعرفة القراء الكبار 2/ 534، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 109، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 227. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1193).

399 - محمد بن جعفر بن محمد بن أبي سعيد بن أحمد بن إبراهيم بن سعيد بن شرف بن عبد الله الجذامي، برجي

رَوى عن أبي محمد بن عَتّاب، وكان فقيهًا مُشاوَرًا. 399 - محمدُ (¬1) بن جعفرِ بن محمد بن أبي سَعِيد بن أحمدَ بن إبراهيمَ بن سَعِيد بن شَرَف بن عبد الله الجُذَاميُّ، بُرْجيٌّ. رَوى عن أبيه أبي الفَضْل، وكان من أبرَعِ الناس خَطابةً وأبدَعِهمِ نَظْمًا ونثرًا، وأشدِّهمُ اقتدارًا على الإنشاد، وكان هو وأبوه وجَدُّه ثلاثةَ بُلَغاءَ في نَسَق. 400 - محمدُ بن جعفرِ بن محمد بن عَبْدُوس. كان حَسَنَ الخطّ بارعَه مُتقنَ الضَّبط. 401 - محمدُ بن جعفرِ بن محمد بن يوسُفَ الأنصاريُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي، وله إجازةٌ من أبي الحَسَن عَبّاد بن سِرحان. 402 - محمدُ بن جعفرِ بن هارونَ بن عيسى الأنصاريُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي الحَسَن عبد الرّحمن بن محمد بن أفلَحَ، وأبي عُمر مَيْمُونِ بن ياسين اللَّمْتُونيّ. 403 - محمدُ بن جعفرٍ التَّميميُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الرَّبِيب. رَوى عنه عبدُ البَرّ جامعَ أبي شبيث، وكان أديبًا بارِعًا، ذا حظّ صالح من قَرْض الشِّعر، حيًّا سنةَ أربع وتسعينَ وأربع مئة. 404 - محمدُ بن جعفرٍ الهَمْدَانيّ، أبو عبد الله الشَّرْقيّ (¬2). أخَذَ عن أصحاب أبي عَمْرو، وأقْرأ بجامع قُرطُبة، وأظُنُه المذكورَ قبلُ بروايةٍ عن أبي محمد بن عَتّاب (¬3). وكان عالمًا بالقراءات نَبيهًا. وتوفِّي سنةَ ثلاثَ عشْرةَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن سعيد في المغرب 2/ 232، وابن فضل الله في مسالك الأبصار 11/ 238. (¬2) بهامش ب: "نسبة إلى شرق الأندلس". (¬3) انظر الترجمة رقم (398).

405 - محمد بن جودي بن قاسم بن مثبت -بثاء مثلثة وباء بواحدة وتاء معلوة- ابن حيان بن محمد بن زياد الداخل [59 أ] دوركري، أبو عبد الله

405 - محمدُ بن جُودي بن قاسم بن مثبت -بثاءٍ مثلَّثة وباءٍ بواحدة وتاء مَعْلُوّة- ابن حَيّان بن محمد بن زيادٍ الداخِل [59 أ] دوركري، أبو عبد الله. كان مُعتنيًا بالنَّحوِ واللُّغة ورواية الأشعار، حيًّا سنة ثلاثينَ وثلاث مئةٍ، وضافَ عندَه بعضَ حَسَدتِه من أهل إقليمِه فخَنَقَه فيما يُذكَر. 406 - محمدُ بن جَهْوَر بن محمد، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم وجَلالة البيت والتعيُّن، حيًّا سنةَ اثنتَيْنِ وثمانينَ وأربع مئة. 407 - محمدُ (¬1) بن حاتم بن يحيى بن متوكِّل التَّميميُّ، إشبيليٌّ قُرْطُبيُّ الأصل، أبو بكر، ابنُ الحَذّاء. رَوى عن آباءِ بكر: ابن الجَدّ وابنِ عُبَيد وابن مالك، وأبي عبد الله بن زَرْقُون، وأبي العبّاس بن سَيِّد، واختَصّ به، وكان من جِلّة تلاميذِه، أديبًا بارِعًا رائقَ الشِّعر، نبيلًا ذا خِصَال محمودة، من بيت علم ونَباهة، واستُقضيَ بشَرِيش، ووَلِيَ وقتًا أحكامَ النِّساء بإشبيلِيَةَ، واستنابَهُ بعضُ قُضاتِها، وشُكِرت أحوالُه في ذلك كلِّه، ولم يزَلْ على عفافٍ وطريقةٍ محمودة إلى أن توفِّي لستٍّ بقِينَ من جُمادى الأُولى سنةَ أربع وعشرينَ وست مئة. 408 - محمدُ بن جعفرٍ الكاغَديُّ. كان من أهل العلم بمَيُورْقَةَ، حيًّا سنةَ سبعينَ وخمس مئة. 409 - محمدُ (¬2) بن حارِث بن محمد بن فِيرُّهْ بن حَيُّون الصَّدَفيُّ، سَرَقُسْطيٌّ سكَنَ مُرْسِيَة، أبو عبد الله، ابنُ سُكّرة. رَوى عن عمِّه أبي عليّ الصَّدَفيّ وصِهرِ عمِّه أبي محمد بن بُرْطُلُّه، وكان رجُلًا صالحًا خيِّرًا، مُواظِبًا على تلاوة كتاب الله تعالى، وأقْرَأه وأَمَّ في الفريضة ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1647)، والذهبي في المستملح (277)، وتاريخ الإسلام 13/ 782. وجاء في هامش ب: "روى عنه أبو بكر بن مسدي وزاد في عمود نسبه "محمدًا" بين "يحيى" و "متوكل"". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1413).

410 - محمد بن حارث، إشبيلي، أبو بكر الحداد، وقرذاج

بمسجدِه المنسوب إليه بمقرُبةِ باب الفَرَج داخلَ مُرْسِيَة، وكان أبو محمد بن غَلْبون يُثْني عليه كثيرًا. 410 - محمدُ (¬1) بن حارث، إشبيليٌّ، أبو بكرٍ الحَدّاد، وقَرْذاج (¬2). رَوى عن أَبي الحُسَين بن زَرْقُون، وكان حافظًا للحديث يَستظهرُ "صحيحَ مُسلم" أسانيدَ ومُتونًا، وكان رجلًا صالحًا فاضلًا. توفِّي سنةَ خمس وست مئة أو نحوِها. 411 - محمدُ (¬3) بن حاضِر بن مَنِيع العَبْدَريُّ، دانيٌّ، أبو عبد الله. صحِبَ الأستاذَ أبا الحَسَن بنَ سُبَيْطَة التعاليميَّ وأخَذَ عنه تأليفَه في البُروج والمنازل، وله ألَّفَه، حدَّث عنه به عُلَيْم بن عبد العزيز. 412 - محمدُ بن حامِد بن سَعِيد، أبو سَعِيد. رَوى عن أبي عبد الله بن شَرَف، رَوى عنه عبدُ البَرّ مُؤلَّف أبي شبيث. 413 - محمدُ (¬4) بن حامد، قُرطُبيٌّ. رَوى عن بَقِيِّ بن مَخْلَد، كان مؤدِّبًا. 414 - محمدُ (¬5) بن حَبِيب بن محمد بن محمد -أو أحمد- عامر (¬6) الحِمْيَريُّ، مالَقيٌّ نزَلَ إشبيلِيَةَ، أبو بكر. رَوى عن صِهرِه أبي الحَسَن شُرَيْح، وأبوَيْ عبد الله: ابن شُرَيْح وابن منظور. رَوى عنه أبو عبد الله ابنُ الفَخّار؛ وكان مُقرِئًا متصدِّرًا خَطَبَ بجامع بلدِه. [59 ب]. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1564)، والذهبي في المستملح (215). (¬2) هكذا في النسختين، وفي التكملة: "قزداج"، وبهذا جاءت الإشارة في هامش ب أيضًا. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1415). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (994). (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1286). (¬6) هكذا في النسختين، وفي هامش ب: "لعله سقط عليه: ابن".

415 - محمد بن حبيب، ويقال: ابن أبي حبيب، جياني سكن قرطبة، أبو عامر

415 - محمدُ (¬1) بن حَبِيب، ويقال: ابنُ أبي حَبِيب، جَيّانيٌّ سكَنَ قُرطُبة، أبو عامر. تَلا عليه أبو الحَسَن بن حُنَيْن، وكان مُقرِئًا، حيًّا قبلَ خمس مئة. 416 - محمدُ بن حَجّاج بن موسى. رَوى عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبي. 417 - محمدُ بن حجر بن عُبَيد الله بن عبد العزيز بن رَفاعةَ، لَبْليٌّ أو شَرِيشيٌّ. 418 - محمدُ بن حِزبِ الله بن عبد الصَّمد بن أحمدَ بن مالك بن بلالٍ الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبوَي الحَسَن: جدّه للأُمّ ابن خِيَرةَ ومحمد بن أحمدَ بن سَلمون، وأبي الرّبيع بن سالم، وأبوَيْ عبد الله: ابن الأبّار وابن عليّ بن الزُّبَير، وأبي عثمانَ سَعْد بن عليّ بن زاهِر؛ وأجاز له من أهل الأندَلُس وأهل العُدْوة: أبوا الحَسَن: سَهلُ بن مالك وابن حَرِيق، وأبو الحُسَين يحيى بن عبد الله بن محمد بن أبي بكرٍ الأنصاريّ، وآباءُ العبّاس: العَزَفيّ وابن فَرْتُون والنَّبَاتي، وآباءُ محمد: البِجَائيُّ ابنُ الخطيب والقُرطُبيّ وعبدُ الحقّ الزُّهْريّ وعبدُ الكبير، ومن أهل المشرِق: بَشِيرُ بن أبي بكر حامد بن سُليمانَ الجَعْفَريُّ التِّبْرِيزيّ، وأبو الفَضْل جعفرُ بن عليّ الهَمْدانيّ، وحُسَين بن حَسَن بن إبراهيمَ الخَليليّ، وسُليمانُ بن خَليل بن إبراهيمَ المكِّيّ العَسْقَلانيّ، وأبو القاسم عبدُ الرّحمن ابن الصَّفْراويّ، وأبو الميمون عبدُ الوهّاب بن عَتِيق بن هِبة الله بن وَرْدانَ القُرَشيّ، وعيسى بن عبد العزيز بن عيسى. 419 - محمدُ بن حِزبِ الله، أخو الذي يليه قبلَه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1173).

420 - محمد بن حزم بن بكر التنوخي، طليطلي سكن قرطبة، ابن المديني

رَوى عن جَدِّه للأُمّ أبي الحَسَن بن خِيَرةَ وأبي الرّبيع بن سالم. وأجاز له أبو بكر بنُ مُحرِز، وأبَوا الحَسَن (¬1) وأبو الحُسَين (¬2) وأبَوا العبّاس (¬3) غير النَّبَاتي، وأبو عثمانَ وعبدُ الحقِّ المذكورونَ في رَسْم أخيه، وعليُّ بن عبد الوهّاب بن محمد، وأبو عيسى بن أبي السَّدَاد. 420 - محمدُ (¬4) بن حَزْم بن بكرٍ التَّنُوخيُّ، طُلَيْطُليٌّ سكَنَ قُرطُبة، ابنُ المَدِيني. سَمِع من أحمدَ بن خالد وغيره، وصَحِبَ محمدَ بن مسَرَّةَ الجَبَليّ قديمًا، واختَصَّ بمُرافقتِه في طريق الحجِّ ولازَمَه بعدَ انصرافِه، وكان من أهل الوَرَع والانقباض. 421 - محمدُ (¬5) بن حَزْم، قُرطُبيٌّ. رَوى عن أبانِ بن عيسى، وبَقِيِّ بن مَخْلَد، وقاسم بن محمدِ، ومحمد بن وَضّاح، ويحيى بن مُزَيْن، وكان معلِّمًا بالقرآن، أدَّبَ به أحمدَ بنَ بَقِيّ ومحمدَ بن هاشم الأقُشْتَيْن. وكان خيّرًا فاضلًا، من أهل العناية التامّة بالعلم والرِّواية وتقييد الآثار والتواريخ والأخبار والطُّرَف، لم يكنْ بالأندَلُس أجمَعُ للدّواوين منه [60 أ] ولا أصبرُ على الكتاب ولا أدوَمُ على النَّظَر، معَ التقدُّم في الإتقان والتبريز في الدِّين. ونقَلَ جميعَ كُتُبِ محمد بن عبد الله بن الغازي عنه، وكُتُبِ محمد بن عبد السّلام الخُشَنيّ، ورَحَلَ حاجًّا سنةَ ثِنتَيْنِ وثمانين، ورَكِبَ البحرَ فتوفّي على ظهرِه فكُفِّن ¬

_ (¬1) يعني: سهل وابن حريق. (¬2) يعني: يحيى بن عبد الله الأنصاري. (¬3) يعني: العزفي وابن فرتون. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1008). (¬5) ترجمه الخشني في أخبار الفقهاء (198)، وابن الفرضي في تاريخه مختصرًا (1161)، وابن الأبار في التكملة (981).

422 - محمد بن حسان، قرطبي، ابن جلجل

وصُلِّي عليه وأُلقيَ في البحر، وكان أبوه معلِّمَ عامّة، وكانت له أختٌ تؤدِّبُ أيضًا، وتجمَعُهم ثلاثتَهم في التعليم دارٌ واحدة. 422 - محمدُ (¬1) بن حَسّان، قُرطُبيّ، ابنُ جُلْجُل. وهو أخو سُليمانَ بن حَسّان بن جُلْجُل الطَّبيب وأسَنُّ منه. سَمِع من أحمدَ بن الفَضْل الدِّينَوَرِيّ وأبي زكريّا ابن الشامَة ووَهْب بن مسَرّةَ وغيرِهم، وكان له اعتناءٌ بالحديث ولقاءِ حَمَلتِه والأخْذِ عنهم. 423 - محمدُ (¬2) بن حَسَن بن أحمدَ بن محمد بن موسى بن سَعِيد بن مَسْعودٍ الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الوزيرِ والبَطَرْنيّ. تَلا على أبيه أبي عليّ، ورَوى عن أبي الحَجّاج بن محمد المَعافِريّ، وأبي العطاءِ بن نَذِير وأكثرَ عنه. وأجاز له أبو بكر بنُ أبي جَمْرة، وأبَوا جعفر: ابنُ حَكَم وابن عَمِيرة، وأبَوا محمد: الحَجْريُّ وعبدُ المُنعم ابن الفَرَس. رَوى عنه صِهرُه أبو عبد الله ابنُ الأبّار. وكان عاقدًا للشُّروط بَصيرًا بها وبعِلَلِها، بارعَ الخَطّ أنيقَ الوِراقة، مُشاركًا في الكتابة، استُقضيَ ببعض كُوَرِ جهتِه، وانتَقلَ إلى تونُس، وبها توفِّي بين صلاتَي الظهرِ والعصر من يوم الأربعاءِ لأربعٍ خَلَوْنَ من ربيع الآخِر سنةَ سبع وثلاثينَ وست مئة، ودُفن لصلاة الغَداة من يوم الخميس بعدَه بمقرُبة من المُصَلَّى بظاهرِها، ومَوْلدُه ببَلَنْسِيَةَ سنةَ ثلاث وسبعينَ وخمس مئة. 424 - محمدُ بن الحَسَن بن أحمدَ بن محمد بن أحمد الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ، غَرناطيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الجَلّاء. وقد تقَدَّم رَفْعُ نَسَبِه في غير موضع من رسوم سَلَفِه. رَوى عن أبي عبد الله بن عيسى الهَمْداني وغيرِه من سَلَفِه، وكان من جِلّة أعيان غَرناطةَ وكبارِ نُبَهائها، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1015). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1688)، والذهبي في المستملح (307).

425 - محمد بن الحسن بن أحمد بن يحيى بن عبد الله الأنصاري، مالقي قرطبي الأصل، أبو الخطاب، ابن القرطبي

جَوَادًا مُفضلًا واسعَ المعروف عظيمَ الصَّدَقات، فَعّالًا للخَيْرات، مُحبَّبًا إلى أهل بلدِه، معظَّمًا عند الخاصّة والعامّة. توفي بغَرناطةَ سنةَ خمسينَ وثلاث مئة، وكان الحفلُ في جَنازتِه عظيمًا، حضَرَها السّلطانُ فمَن دونَه، ودُفن ببابِ إلبِيرة. 425 - محمدُ بن الحَسَن بن أحمدَ بن يحيى بن عبد الله الأنصاريُّ، مالَقيٌّ قُرطُبيُّ الأصل، أبو الخَطّاب، ابنُ القُرطُبي. وهو أخو الأُستاذ [60 ب] أبي محمد. 426 - محمدُ بن الحَسَن بن إبراهيمَ بن سَعْد، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله الطَّرَسُونيُّ. رَوى عن أبي محمد بن عَتّاب، وأبي الوليد بن رُشْد وغيرِهما. رَوى عنه أبو بكر بنُ أبي زَمَنِينَ وغيرُه. وكان فقيهًا حافظًا مُشاوَرًا، درَّس الفقهَ كثيرًا وعُرِف بتمكُّن الرِّواية، وانتُفعَ كثيرًا به، وتوفِّي عن سنٍّ عالية. 427 - محمدُ (¬1) بن الحَسَن بن إبراهيمَ الأنصاريُّ، غَرناطيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ بَدَاوَة. رَوى عن أبي أُميّةَ إبراهيمَ بن مُنبِّه، والقاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبي، وآباءِ الحَسَن: شُرَيْح وابن هُذَيْل وابن النِّعمة. رَوى عنه أبو القاسم المَلّاحي؛ وكان محدِّثًا عَدْلًا فاضلًا، من أبرع الناس خطًّا وأجوَدِهم ضَبْطًا، تحرَّف بالطِّب، وعُمِّر وأسَنّ، وكان حيًّا سنةَ ثمانٍ وتسعينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1539)، والذهبي في المستملح (200)، وتاريخ الإسلام 12/ 1154. وجاء في هامش ب: "روى عنه أيضًا ابن مسدي وزاد في نسبه بعد إبراهيم: "الحسين" وقال: مولده على رأس العشرين وخمس مئة تقريبًا".

428 - محمد بن الحسن بن الحسين المذحجي، قرطبي انتقل بأخرة إلى سرقسطة، أبو عبد الله الكتاني، نسبة إلى الكتان

428 - محمدُ (¬1) بن الحَسَن بن الحُسَين المَذْحِجيُّ، قُرطُبيٌّ انتَقَل بأخَرةٍ إلى سَرَقُسْطة، أبو عبد الله الكَتّاني، نسبةً إلى الكَتّان. رَوى عن أبي عبد الله العاصِميّ، وأبي القاسم فَهْد بن نَجْم، وسعيد بن فَتْحُون، وعُمرَ بن يونُس الحَرَّانيّ، ومحمد بن عَبْدونَ الجَبَليّ، ومَسْلَمةَ المَرْجِيطيِّ وغيرِهم. رَوى عنه: أبو بكر المُصحَفيُّ وأبو محمد بنُ حَزْم؛ وكان متقدِّمًا في صناعة الطّب، مُشاركًا في الأدب والشعر، وله كلامٌ في الحِكَم والرسائل، وكُتُبٌ معروفةٌ فائقةُ الجَوْدة عظيمةُ المنفَعة سليمة. توفِّي قريبًا من العشرينَ وأربع مئةٍ وقد قارَبَ الثمانينَ سنةً. 429 - محمدُ (¬2) بن الحَسَن بن الخَضِر، مَيُورْقيٌّ، أبو عبد الله. وله رحلةٌ إلى المشرِق حَجَّ فيها، وسَمع بالإسكندَريّة سنةَ ثمانٍ وستينَ وخمس مئة من أبي الطاهر السِّلَفيّ، وأبي محمد عبد الله بن يوسُفَ القضائي الأُنْدِيّ، وكان من أهل العناية بطلَب العلم، معروفًا بالوَرَع، وأقْرَأَ بمَيْورْقة، وكان حيًّا سنةَ اثنتَيْ عشْرةَ وست مئة. 430 - محمدُ بن الحَسَن بن خَلَف بن أحمدَ بن يحيى، دانيٌّ. رَوى عن أبي الأصبَغ عبد العزيز بن عبد الملِك بن شَفِيع، وأبي داودَ بن نَجاح، وآباءِ عبد الله: أحمدَ الخَوْلانيّ وابن شبرينَ وابن فَرَج، وأبي عليّ الصَّدَفيّ، وأبي محمد بن عَتّاب. ¬

_ (¬1) ترجمه صاعد في طبقاته (82)، والحميدي في جذوة المقتبس (35)، وابن بسام في الذخيرة 3/ 237 - 238، والضبي في بغية الملتمس (81)، وياقوت في معجم الأدباء 6/ 2521، وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء (491)، والذهبي في المستملح (13) وتاريخ الإسلام 9/ 334، والصفدي في الوافي 2/ 348 و 3/ 16، وهو صاحب كتاب "التشبيهات من أشعار أهل الأندلس" المطبوع (بيروت 1966 م). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1430).

431 - محمد بن الحسن بن الزبير بن الحسن بن الحسين الثقفي، جياني سكن بأخرة غرناطة

رَوى عنه أبو عبد الله بنُ مَرْوان ابنُ الأديب وابنُه أبو بكر عبدُ الرّحمن ابنُ الأديب، وكان محُدِّثًا نبيلًا، حَسَنَ التقييد والخطِّ ضابطًا، حيًّا سنةَ ثلاثٍ وثلاثينَ وخمس مئة. 431 - محمدُ بن الحَسَن بن الزُّبَير بن الحَسَن بن الحُسَين الثَّقَفيُّ، جَيّانيٌّ سكَنَ بأخَرةٍ غَرناطة. وهُو قريبُ أبي جعفر [61 أ] بن إبراهيمَ بن الزُّبَير. تلا بالسّبع على أبي عليّ الحُسَين (¬1) بن عبد الله السَّعْدي، ولازَمَه في العربيّة والأدب وأكثَرَ عنه، ورَوى عن أبي عبد الله بن أُميّة وأبي [....] (¬2) ابن حَنُّون وأبي [الفَضْل بن عبد السّلام] (¬3) الغَيْدَويّ. رَوى عنه قريبُه أبو جعفر ابنُ الزُّبَير المذكورُ؛ وكان شَيْخًا وَقُورًا سَنيًّا مُنقبِضًا عن الناس، مُقرئًا مجوِّدًا، محدِّثًا مُتقِنًا، أديبًا فاضلًا، ليِّنَ الجانب حَسَنَ الخُلقُ، استُقضيَ ببعض أنظارِ بلدِه، وخَطَبَ بجامع قصَبة مالَقةَ أيامَ ابن هُود، وأسَنَّ وامتَدَّ عُمُرُه، وتصَدَّى لعَقْد الشروطِ بمالَقة، وكُفَّ بصَرُه، نفَعَه الله، فلزمَ دارَه نحوَ سبعةِ أعوام إلى أن توفِّي بغَرناطةَ سنةَ ثلاثٍ وستينَ وست مئة (¬4). 432 - محمدُ بن حُسَين بن سَدَلِّيْن -بسينٍ غُفْل ودالٍ كذلك مفتوحَيْن ولام مشدَّدة وياءِ مَدّ ونون- العَبْدَرِيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي العبّاس بن طاهر. 433 - محمدُ (¬5) بن الحَسَن بن عليّ بن صالح بن سالم الهَمْدانيّ، مالَقيٌّ، أبو الحُسَين. ¬

_ (¬1) في هامش ب: "الحسن"، ولعله تصويب. (¬2) بياض في النسختين. (¬3) زيادة من هامش ب، وهي من إضافات المعلق القاسم التجيبي. (¬4) بهامش ب: "مولده سنة سبعين وخمس مئة". (¬5) ترجمه المنذري في التكملة 2/الترجمة 1041، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 101.

434 - محمد بن الحسن بن علي الأنصاري، بلشي، بباء بواحدة مفتوح وكسر اللام المشددة وشين معجم منسوبا، أبو عبد الله، ابن الخطيب

رَوى عن أبي محمدٍ عبد الحقّ بن بُونُه. رَوى عنه ابنُ عمِّه أبو عَمْرو بنُ سالم. وكان فقيهًا حافظًا، عاقدًا للشّروط متقدِّمًا فيها، مُبرِّزًا في العدالة، ظاهريَّ المذهب، وصَنَّفَ فيه، وله رحلةٌ أدَّى فيها فريضةَ الحجّ (¬1). 434 - محمدُ بن الحَسَن بن عليّ الأنصاريُّ، بَلِّشِيّ، بباءٍ بواحدة مفتوح وكسر اللام المشدَّدة وشينٍ معجَم منسوبًا، أبو عبد الله، ابنُ الخطيب. رَوى ببلدِه عن أبي محمد بن عبد العظيم، وبمالَقةَ عن أبي محمد ابن القُرطُبيّ، ورَوى أيضًا عن أبي عبد الله بن إبراهيمَ بن سَعِيد ابن الأديب. وله إجازةٌ من أبي عبد الله بن زَرْقُون، وأبي محمدٍ عبد الحقّ بن بُونُه. رَوى عنه أبو العباس بنُ فَرْتُون. 435 - محمدُ (¬2) بن الحَسَن بن عليّ اللَّخْميّ، دانيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ التُّجيبيّ. تأدَّب في "كتاب سِيبَوَيْه" عند أبي جعفرٍ الذَّهبيّ وبحَثَ معَه في علوم الأوائل، ورَوى عن أبي عبد الله بن حَمِيد، وأبوي القاسم: ابن تَمّام المالَقيّ وابن حُبَيْش، وأبي محمد عبد المُنعم ابن الفَرَس؛ وأجاز له أبو الطاهر السِّلَفيّ. روى عنه أبو عبد الله ابنُ الأبّار. وكان حَسَنَ الخُلُق واسعَ المعروف، سَمْحًا كريمَ المَبرّة، بارعَ الأدب بليغَ الكتابة، وافرَ الحظِّ من النَّحو، وقد درَّسه وقتًا. واستُقضِيَ ببلده، فعُرِف بالعَدْل في أحكامِه والنّزاهة في أحوالِه. مولدُه سنةَ ستينَ وخمس مئة، وتوفِّي صَدرَ يوم الأربعاء لأربعَ عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من رَمَضانِ ثمانِ عشْرةَ وست مئة. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "وسمع أيضًا من أبوي القاسم: عبد الملك ابن بشكوال وابن عبد الله السهيلي، سمع منه بمصر الزكي أبو محمد عبد العظيم المنذري، وتوفي في سنة أربع وست مئة" (قلنا: انظر التكملة لوفيات النقلة). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1624)، والذهبي في المستملح (263) وتاريخ الإسلام 13/ 555.

436 - محمد بن الحسن بن قعنب الأسدي، [61 ب] غرناطي، أبو عبد الله

436 - محمدُ (¬1) بن الحَسَن بن قَعْنَب الأسَديُّ، [61 ب] غَرناطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحَسَن بن سُليمانَ الزَّهْراويّ الغَرناطي. رَوى عنه أبو الحَسَن بن أحمدَ ابن الباذِش؛ وكان فقيهًا ديّنًا فاضلًا زاهدًا، وأَمَّ في الفريضة بجامع غَرناطةَ في أيام المظفَّر بادِيسَ بن حَبُوس، وكانت وفاةُ باديسَ سنةَ خمس وستينَ وأربع مئة. 437 - محمدُ (¬2) بن الحَسَن بن كامل، مالَقيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الفَخّار، صاحبُ نصف الرَّبَض. كان أديبًا كاتبًا مُحسِنًا، عظيمَ الجِدَةِ شهيرَ اليَسَار، لم يكنْ ببلدِه نظيرُه في سَعة الحال وكثرةِ المال، وكانت بينَه وبينَ بني حَسُّون مُنازَعات ضَيَّقوا فيها عليه حتى سِيقَ لهم مُصَفَّدًا، فلم يزَلْ يَستعطِفُهم وَيستمِيلُهم حتى عَفَوْا عنه. توفّي سنةَ تسع وثلاثينَ وخمس مئة. 438 - محمدُ (¬3) بن الحَسَن بن محمد بن الحَسَن الجُذَاميُّ، مالَقيّ، أبو عبد الله. كان من حُسَباءِ مالَقةَ وأعيانِها وجِلّةِ نبهائها، أديبًا كاتبًا مطبوعًا شاعرًا مُحسِنًا، فقيهًا ذكيًّا فَطِنًا، بارعَ الخَطّ؛ استقضاه الأميرُ محمدُ بن هُود بمالَقةَ عام ستةٍ وعشرينَ وست مئة، واستمرَّ قضاؤه بها نحوَ أربع سنين، ثم شُنّع عليه أنه هَمَّ بالقيام على ابن هُود، فتوجَّه نحوَ إشبيلِيةَ قاصدًا ابنَ هُودٍ متبرِّئًا من ذلك، وراغبًا منه الإقامةَ معَه وصُحبتَه حيثما كان، فصَرَفَه أبو عبد الله الرّميميُّ وزيرُ ابن هودٍ إلى مالَقةَ، وأقام معَه بها أيامًا، ثم ذهبَ معَه إلى غَرناطة، فكُبِّل فيها وسُجِن بها مدّةً طويلة، ثم سُرِّح وامتُحِن، نفَعَه اللهُ كثيرًا. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1166). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1282). (¬3) ترجمه النباهي في المرقبة العليا (112)، وذكر أنه توفي سنة 631 هـ.

439 - محمد بن حسن بن محمد بن خلف بن حازم الأنصاري الأوسي، قرطاجني سرقسطي الأصل، أبو عبد الله

439 - محمدُ (¬1) بن حَسَن بن محمد بن خَلَف بن حازِم الأنصاريُّ الأَوْسيُّ، قَرْطاجَنِّيٌّ سَرَقُسْطيُّ الأصل، أبو عبد الله. رَوى عن خالِه أبي الحَسَن بن أبي العافية، وعن أبي بكر بن أبي جَمْرةَ. رَوى عنه ابناه: أبوا الحَسَن حازمٌ وعليّ، وكان فقيهًا أديبًا، وخَطَبَ ببلدِه، واستُقضِيَ نيِّفًا على أربعينَ سنة. وتوفِّي في شوّالِ اثنَيْنِ وثلاثينَ وست مئة ابنَ ثمانٍ وسبعينَ سنة. 440 - محمدُ (¬2) بن الحَسَن بن محمدِ بن سعِيد الأمَويُّ مَوْلاهم، دانيٌّ أبو عبد الله، ابنُ غُلام الفَرَس. والفَرَسُ: لقبٌ لأحدِ تجّار دانِيَةَ اسمُه: موسى، وكان سعيدٌ أبو جَدِّ أبي عبد الله مَوْلاه. تَلا بالسّبع على أبوَي الحَسَن: ابن الدُّشّ (¬3) وابن شَفِيع، وأبي الحُسَين ابن البَيّاز، وأبي داودَ الهِشَامي. ورَوى بينَ قراءةٍ وسَماع عن أبي الحَجّاج بن أيوبَ العَبْديّ، وأبي عبد الله بن الحاجّ، وآباءِ محمد: ابن السِّيْد وعبد الرّحمن بن محمد بن عَتّاب، وعبد القادر الصَّدَفيّ، وأبي الوليد بن رُشْد، ولقِيَ أبوَيْ عبد الله البَلَغِيَّيْن، وأبا عليّ منصورَ بنَ الخَيْر [62 أ] وأجازوا كلُّهم له. ورَوى عن أبي بكرٍ يحيى بن محمد الفَرَضيّ، وأبي عليٍّ الصَّدَفيّ، وأبي عِمرانَ بن سُليمانَ، وأبي القاسم خَلَف بن فَتْحُون، وأبوَيْ محمد: ابن أبي جعفر وابن أبي ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1667)، والذهبي في المستملح (292) وتاريخ الإسلام 14/ 84، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 88، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 223. (¬2) ترجمه السلفي في معجم السفر (340 - 341)، والضبي في بغية الملتمس (88)، والقفطي في إنباه الرواة 3/ 103، وابن الأبار في التكملة (1338)، وفي معجم أصحاب الصدفي (142)، والذهبي في المستملح (99)، وتاريخ الإسلام 11/ 910، ومعرفة القراء الكبار 1/ 505، والعبر 3/ 3، وابن فضل الله في مسالك الأبصار 4/ 405، وابن مكتوم في التلخيص 201، واليافعي في مرآة الجنان 3/ 285، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 121، وابن تغري بردي في النجوم 5/ 303، وابن العماد في الشذرات 4/ 144. (¬3) بهامش ب: "أيضًا الدوش"، أي: تكتب بالوجهين.

الفَضْل البُونْتيّ، وأبوَي الوليد: مالك العُتْبيِّ ويونُس بن أبي سهولة، وأجازوا له ما سَمِع منهم. وتلا القرآنَ على أبي عبد الله السَّبْتيّ، وأبي محمدٍ عبد العظيم، ورَوى عن أبي إسحاقَ بن جماعةَ وأبي بكرٍ عَتِيق بن أحمد. وأخَذ علمَ الفرائض عن أبي محمد الزُّبَيْر بن محمد، والحسابَ عن أبي العبّاس بن خَلَف اليَحْصُبِيّ. ولقِيَ أبا الحَسَن ابنَ الدَّرّاج، وأبا العبّاس بنَ هلال، وأبوَيْ علي: حُسَين بن الحَنّاط والكفيفَ، وأبا القاسم خَلَف بن أبي بكر، ولم يَذكُرْ أنّ أحدًا منهم أجاز له. وأجازَ له أبو بكر ابنُ العَرَبي، ولم يَذكُرْ لقاءه إيّاه، وأنشَدَ عن ابن قَتيلةَ الشِّلْبيّ، وأظُنُّه موسى بنَ أحمدَ بن موسى أبا الحَسَن، فهؤلاءِ شيوخُه بالأندَلُس. ثُم رحَلَ إلى المشرِق بنيّة الحجِّ، ففَصَلَ عن دانِيَةَ يومَ الاثنين لتسع خَلَوْنَ من جُمادى الآخرة سنة سبع وعشرينَ وخمس مئة، فأدَّى الفريضةَ سنةَ ثمانٍ وعشرين، ورَوى بمكّةَ، شرَّفها اللهُ، عن أبي بكر بن مُطَهَّر بن الحَسَن بن محمد الجَوْهري، وأبي سَعْد حيدرِ بن يحيى الجيليّ، وأبي شُجاع عُمرَ بن محمد بن نَصْر البَلْخيِّ، وأبي عليّ الحَسَن بن عبد الله بن عُمرَ ابن العَرْجاء، وقاضي الحَرَمَيْنِ أبي المظفَّر الطَّبري، وتدَبَّج معَه، وإمام المقام أبي المعالي مَرْزُبان بن أحمد بن يوسُفَ الشارِيّ، وبمِصرَ عن أبي عبد الله محمدِ بن سَهْل الأندَلُسيّ وأبي العِزّ سُلطان بن إبراهيمَ المَقْدِسيّ، وبالإسكندَريّة عن أبي الطاهر السِّلَفيّ وأبي عبد الله بن أبي سَعِيد الأندَلُسيّ، وإمام مسجدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وببجَايةَ عن أبي محمدٍ عبد الله بن محمد ابن حَسَن المَقَّريِّ، بفتح الميم، وحيث لا أتَحقَّقُها الآنَ عن أبي زيد الحَسَن بن عليِّ بن الفَضْل خطيب آمُل، وأبي عبد الله الحُسَين بن أحمد بن طحال المِقْداديّ وأبي العبّاس أحمدَ بن عُمر بن عليّ الينبعاني، وأخَذ عنهم بينَ سَماع وقراءة، وأجازوا له إلّا أبا زيد وأبا العبّاس المذكورَيْنِ فلم يَذكُرْ أنهما أجازا له. وكتَبَ إليه مُجيزًا من المَهْدِيّة أبو عبد الله المازَريّ، ولم يَذكُرْ لقاءه إيّاه؛ وقَفَلَ إلى الأندَلُس، فدَخَلَ بلدَه سَحَرَ ليلة عيد الأضحى سنةَ ثلاثينَ وخمس مئة بفوائدَ جَمّة ورِوايات واسعة عالية.

رَوى عنه آباءُ بكر: بِيبَش وابنُ رِزْق وابن هُذَيْل، وأبو جعفر بن عَوْن الله الحَصّار، قاله ابنُ الزُّبَير فانظُرْهُ، [62 ب] وقال: هُو آخرُ من رَوى عنه؛ وأبوا عبد الله: ابنُ عبد العزيز بن سَعادةَ وابن هِشام ابن الصَّفّار، وأبو عبد الملِك مَرْوانُ بن عبد الله بن عبد العزيز، وأبو العبّاس الأُقْلِيجيّ وأبو عُمر يوسُفُ بن عَبّاد، وأبو القاسم ابنُ بَشْكُوال، وآباءُ محمد: ابنُ محمد والأَشِيريّ وعبدُ المُنعم ابن الفَرَس. ورَوى عنه بالإسكندَريّة: أبو العبّاس السَّرَقُسْطيُّ ابنُ الفقيه وأبو الطاهر السّلَفيّ، وبمكّةَ شرَّفَها الله: قاضي الحَرَمَيْنِ أبو المظفَّر، كما تقَدَّم. وكان آخرَ المَهَرةِ من مُجوِّدي القرآن ومُتْقني أدائه، ومن جِلّة المحدّثين، من أهل الضَّبْط لِما رَوى والتقييد والثِّقة والذّكاء وجَوْدة الخَطّ والنُّبْل وحُسن الوِراقة، كتَبَ الكثيرَ وأتقَنَ ضبطَه، كان بخطِّه عندَ أبي عبد الله بن نُوح نسخة من "جامع التَّرمذي" في سِفْر، فكان شديدَ الضَّنَانة به، وكان لديه في غاية العزّة عليه؛ وانتهت إليه الرِّياسةُ في معرفة القراءات وعِلَلِها، معَ الحظِّ الوافر من الحديث، وحفظِ أسماءِ رجالِه، إلى مشاركة في علوم كثيرة، وكان الغالبَ عليه علمُ القراءات والأدب. وأقْرَأَ القرآنَ وأسمَعَ الحديثَ ودرَّس النَّحوَ والأدبَ طويلًا، وشُهِر بالصِّيانة والتعفُّف والوَرَع والفضل، ورَحَلَ الناسُ إليه للسَّماع منه والقراءة عليه لعلوِّ روايته واشتهار إمامتهِ وعَدالتِه؛ كان أبو عبد الله بن حَمِيد يقول: لو رآه أبو عَمْرٍو (¬1) لَسُرَّ به. وحَمَلَ عليه القاضي أبو عبد الملِك مَرْوانُ بن عبد الله بن عبد العزيز المتأمِّرُ، عند خَلْع اللَّمْتُونيِّينَ، في تقلُّد الخَطابة بجامع دانية، فتقَلَّدَها عن غيرِ رغبة، فكان إذا سُئل عن حالِه يقول: حالُ شيخٍ ابنِ سبعينَ سنة، يَطلُعُ على هذه الأعوادِ فيَكذِب! وُلد بدانِيَةَ اللّيلةَ الحاديةَ والعشرينَ من رَمَضانِ اثنَيْنِ وسبعينَ وأربع مئة، وتوفِّي بها عصرَ يوم الأحد لثلاثَ عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من محرَّمِ سبع وأربعينَ ¬

_ (¬1) يعني: أبا عمرو الداني المقرئ المشهور.

441 - محمد بن حسن بن محمد بن عبد الله بن خلف بن يوسف، ويقال فيه: محمد بن حسن بن محمد بن يوسف بن خلف، الأنصاري، مالقي، أبو عبد الله، ابن الحاج وابن صاحب الصلاة

وخمس مئة بعد خَدَر أصابَه في بعض سنة ستٍّ قبلَها، وصُلِّي عليه عصرَ يوم الاثنينِ تاليه، ودُفن بقِبْلي جامعِها الأعظم أثناءَ سماءٍ مِدْرار كثُرَ عنها الماءُ في قبرِه حتى احتيجَ إلى امتياحِه وفَرْش الرّمل لإنزالِه فيه، وشَهِدَه خَلْقٌ كثير وأثنَوْا عليه صالحًا، وكان أهلَ ذلك، رحمه الله. 441 - محمدُ (¬1) بن حَسَن بن محمد بن عبد الله بن خَلَف بن يوسُفَ، ويقال فيه: محمدُ بن حَسَن بن محمد بن يوسُف بن خَلَف، الأنصاريّ، مالَقيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الحاجّ وابنُ صاحبِ الصّلاة. رَوى بالأندَلُس عن أبي الحَجّاج ابن الشَّيخ، وأبي [63 أ] الحَسَن بن كَوْثَر، وأبي خالد يَزيدَ بن رِفَاعةَ وأكثَرَ عنه، وأبوَيْ عبد الله: ابن عَرُوس وابن الفَخّار، وآباءِ محمد: ابن حَوْطِ الله وعبد الحقِّ بن بُونُه وعبد الصَّمد بن يَعيشَ وعبد المُنعم ابن الفَرَس، وأجازوا له. وتلا القرآن على أبي عبد الله الإستِجيِّ، ورَوى الحديثَ عن أبي جعفرٍ الحَصّار، ولم يَذكُرْ أنهما أجازا له؛ ورَحَلَ إلى المشرق وحَجَّ -أرى ذلك سنةَ ثمانينَ وخمس مئة- وأخَذ بمكّةَ شرَّفها اللهُ، سَماعًا وقراءةً، على أبوَيْ إبراهيم: إسحاقَ بن إبراهيمَ بن عبد الله الغَسّاني وعُبَيد الله بن عبد اللّطيف بن محمد الخُجَنْدي (¬2)، وأبي عبد الله محمد بن عليّ بن إسماعيلَ بن أبي الصَّيْف (¬3)، وأبي علي الحَسَن بن أبي حَفْص عُمر بن عبد المجيد المَيَانِجيّ، وبالإسكندَريّة عن أبي الثّناءِ حَمّاد بن هِبة الله الحَرّاني، وأبوَيْ عبد الله: الحَضْرَميّ والكِرْكِنْتيّ، وأبي المُفضَّل عبد المجيد ابن دُلَيل، وببِجَايةَ عن أبي عبد الله ابن الحَرّار، وأبي محمد عبد الحقّ الإشبيليّ ابن الخَرّاط، وبفاسَ عن أبي الحَسَن بن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة (28)، وابن الأبار في التكملة (1584)، والذهبي في المستملح (230) وتاريخ الإسلام 13/ 223، والنباهي في المرقبة العليا (115). (¬2) علق في هامش ب: "سمع من الخجندي "الأربعون" في موسم سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة، فتأمل ذلك". (¬3) في النسختين: "الضيف"، مصحف.

442 - محمد بن حسن بن محمد بن عبد الغني، بلنسي

فَرْحُون وأبي عبد الله بن عبد الكريم، وبَسْبتةَ عن أبي محمد بن عُبيد الله، وأجازوا له؛ ولقِيَ بمكّةَ شرَّفها الله أبا عبد الله محمدَ بن مُفلح، فأجاز له لفظًا وخَطًّا، وأخَذ بالإسكنَدريّة عن نَزيلها أبي إسحاقَ بن عبد الله البَلَنْسِيّ، ولم يُجِزْ له، وقَفَلَ إلى بلده. وأجاز له من أهل الأندَلُس: أبوا بكر: ابنُ الجَدّ وابنُ أبي زَمَنِين، وأبو عبد الله ابن زَرْقُون، وأبو القاسم الشَّرّاطُ، وأبو محمد بنُ جُمْهور وغيرُهم، ومن أهل المشرِق: الحَسَن بن هِبة الله بن محفوظ الرَّبَعيُّ، وأبو الحَرَم مكِّيُّ بن أبي الطاهر بن عَوْف، وأبو الطاهر الخُشوعيُّ، وأبو القاسم ابنُ عساكر، في آخَرِينَ هم مذكورونَ في رَسْم أبي الطاهر أحمدَ بن عليّ الهَوّاريّ السَّبْتي، باستدعاءِ أبي عبد الله بن إبراهيم بن حَرِيرة. رَوى عنه أبو إسحاقَ القَصِيرُ المالَقيّ، وأبو بكر بنُ عبد النُّور، وأبو جعفر بن عثمانَ الورادُ، وأبَوا الحَسَن: ابن عبد الله الهَوّاريّ ومحمد بن أبي زكريّا بن مجاهد، وأبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله وأبو الطاهر أحمدُ بن عليّ بن عبد الله الهَوّاريُّ المذكور، وأبوا عبد الله: ابن أبي جعفرٍ ابنُ الجَيّار وابن سَعِيد الطَّرّاز، وأبو عَمْرو بن سالم، وآباءُ القاسم: عبد الرّحمن بن سالم ومحمدٌ ابنُ الزَّيْتُونيّ والمَلّاحيُّ، وأكثرُهم نُظراؤه وأسَنُّ منه. وكان مُقرِئًا صَدْرًا في أئمّة التجويد، محدِّثًا [63 ب] مُتقِنًا ضابطًا، نبيلِ الخَطِّ والتقييد، ديِّنًا فاضلًا، وصَنَّفَ في الحديث، وخَطَبَ بجامع بلدِه، وأمَّ في الفريضة به زمانًا، واستمرَّت حالُه على نَشْر العلم وبثِّه وإفادتِه إلى أنْ أكرَمَه الله بالشهادة في وَقيعةِ العُقَاب، يومَ الاثنين منتصَف صَفَر تسع وست مئة، وذُكِر عنه من الثّبوتِ ذلك اليومَ وطلَبِ الشهادة والحضِّ على الجهاد ما دلَّ على إخلاصِه وصِدقِ يقينهِ، نفَعَه اللهُ ورضيَ عنه. 442 - محمدُ بن حَسَن بن محمد بن عبد الغنيّ، بَلَنْسِيٌّ. كان حيًّا سنةَ ثمانينَ وخمس مئة. 443 - محمدُ بن حَسَن بن محمد بن فَرَج الرُّعَيْنيُّ، غَرْناطيٌّ فيما أحسِب.

444 - محمد بن حسن بن محمد الأموي، مالقي، أبو عبد الله

444 - محمدُ (¬1) بن حَسَن بن محمد الأمَويُّ، مالَقيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عنه أبو عبد الله ابنُ الفَخّار، وكان مُقرئًا حافظًا للُّغات عارفًا بالعربيّة، درَّسها دهرًا. 445 - محمدُ (¬2) بن الحَسَن بن محمد العَبْدَريُّ، بَلَنْسِيّ، أبو بكر، وكنَاهُ ابنُ بَشْكُوالَ أبا عبد الله، ابنُ سُرُنْبَاق. وإلى سَلَفِه ينتسبُ مسجدُ الغُرفة الذي برَبَضِ ابن غَطُّوس داخلَ بَلَنْسِيَة. رَوى عن أبي الحَسَن خُلَيْص بن عبد الله، وأبي عامر بن حَبِيب، وأبي عليّ بن سُكّرة. وكتَبَ إليه مُجيزًا أبو القاسم خَلَف بن محمد بن صَوَاب. وكان مَعْنيًّا بالرِّواية ولقاءِ المشايخ والرِّحلة في سَماع العلم. 446 - محمدُ بن الحَسَن بن يوسُف [....] (¬3) مُرْسِيٌّ، نزَلَ تونُس، أبو بكر، ابنُ حُبَيْش. 447 - محمدُ بن الحَسَن بن يوسُف بن عبد العظيم، مالَقيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي محمد عبد الحقِّ بن بُونُه. 448 - محمدُ بن حَسَن الحَضْرميُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحَسَن عبد الرحمن بن أحمدَ ابن المَشّاط. 449 - محمدُ بن الحَسَن، ابنُ القُرَشيّ. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ القاضي. 450 - محمدُ (¬4) بن الحَسَن، أندَلُسيٌّ، أبو بكر. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1302). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1354)، وفي معجم أصحاب الصدفي (147). (¬3) بياض في النسختين. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1115)، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 127، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 232.

451 - محمد بن حسين بن أحمد بن حبيش بن أسد التميمي الحماني، قرطبي، أبو عبد الله الطبني

رَوى عن عبد الوارِث بن سُفْيان، وله رحلةٌ إلى مِصرَ. رَوى عنه أبو الحَسَن أحمدُ بن محمد القَنْطَريّ، وكان مُقرِئًا. 451 - محمدُ بن حُسَين بن أحمدَ بن حُبَيْش بن أسَدٍ التَّميميُّ الحِمّاني، قُرطُبيّ، أبو عبد الله الطُّبْنيّ. أخَذ عنه عبد البَرّ مؤلَّفَ أبي شبيث، وكان بقيّةَ آلِ بيتهِ وأسنَّهم. توفِّي في النِّصف الآخِر من شوّالِ إحدى وتسعينَ وأربع مئة. 452 - محمدُ (¬1) بن الحُسَين بن أحمدَ بن يحيى بن بِشْر الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ، مَيُورْقيُّ الأصل سَكَنَ غَرناطةَ مدّةً، أبو بكر المَيُورْقي. وأسقَطَ ابنُ الزبير "الحُسَينَ" من نَسَبَه. وقال في "بشْر": بَشِير، وكلاهما غَلَط [64 أ] فمن خطِّه نقَلتُ نَسَبَه. رَوى بالأندَلُس عن أَبي بكر عبد الباقي بن محمد الحِجَاريّ، وأبوَيْ عليّ: الصَّدَفيّ والغَسّاني، وأبي مَرْوانَ الباجِي. ورَحَلَ إلى المشرِق وحَجَّ، وأخَذ بمكّةَ كرَّمها الله عن أبي ثابت -ويقال: أبو الحَسَن وأبو راجِح وأبو الوَقَار- رَزِين بن معاويةَ بن عَمّار الأندَلُسي، وأبي الفَتْح عبد الله ابن محمد بن محمد بن محمد البَيْضاويّ، وأبي نَصْر عبد الملِك بن أبي مُسْلم بن أبي نَصْر الهَمْدانيّ النَّهَاوَنْدي. وبمِصرَ والإسكندَريّة: عن أبي بكر بن الوليد الطَّرْطُوشيّ، وأبوَيْ عبد الله: ابن أحمدَ الرّازي وابن بَرَكات، وأبوَي الحَسَن العَلِيَّيْنِ: ابن الحُسَين المَوْصِلي ابن الفَرّاء وابن مُشرَّف، وأبي زَيْد عبد الرّحمن بن فاتِك وأبي الفَتْح سُلطانَ بن إبراهيمَ المَقْدِسيّ، وأبي القاسم عبد الرّحمن بن أبي بكر ابن الفَحّام وغيرهم. وقَفَلَ إلى الأندَلُس، فحدَّث بغير بلدٍ منها لتجوُّلِه فيها. رَوى عنه ابنُ رِزق، وكَنَاهُ أبا عبد الله، وأبَوا جعفر: ابنُ عبد الله ابن الغاسِل وابن عُمرَ بن مَعْقِل، وأبو الحَسَن ابنُ الضَّحّاك، وآباءُ عبد الله: ابن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1277)، وفي معجم أصحاب الصدفي (123)، والذهبي في المستملح (74) وتاريخ الإسلام 11/ 675، والمقري في نفح الطيب 2/ 155.

453 - محمد بن الحسين بن أحمد الأنصاري، برياني، أبو بكر

أحمدَ بن الصَّقْر، وابنا عبد الرّحمن: الأسْلَميُّ والنُّمَيْريّ -وقال فيه: "الأَزْدي" تدليسًا؟ إذِ الأنصارُ مرجِعُهم إلى الأزْد- وابنُ عبد الرّحيم ابن الفَرَس، وأبوا العبّاس: ابنُ عبد الله ابن أبي سباع وابن عبد الرّحمن بن الصَّقر، وآباءُ محمد: طاهرُ بن أحمدَ بن عَطِيَّة المَرِيِّي وعبدُ الحق ابن الخَرّاط وعبدُ المُنعم ابن الضَحّاك وابنُ الفَرَس. وكان محدِّثًا واسعَ الرِّواية عارِفًا بالحديث وعِلَلِه وأسماءِ رجالِه، مشهورًا بالإتقانِ والضَّبط، ثقةً فيما نَقَلَ ورَوى، ديِّنًا ذكيًّا متخاملًا، فاضلًا خَيِّرًا مُتقلِّلًا من الدُّنيا، ظاهريَّ المذهب داوديَّهُ، يغلِبُ عليه الزُّهدُ والصَّلاح. وامتُحِن من قِبَل عليِّ بن يوسُف بن تاشَفين، فحُمِل إليه صُحبةَ أبي الحَكَم ابن بَرَّجان وأبي العبّاس ابن العَرِيف، وضُرِبَ بالسَّوط عن أمرِه، وسَجَنَه وقتًا ثم سَرَّحَه، وعاد إلى الأندَلُس وأقام بها يسيرًا، ثم انصَرفَ إلى المشرقِ، فتوفِّي بالجزائر في شهر رَمَضانِ سبع وثلاثينَ وخمس مئة. وقد أخَلَّ أبو جعفر ابنُ الزُّبَير بذِكْرِه في موضِعَيْن، فأسقَطَ "الحُسَين" (¬1) من نَسَبِه، وصَحَّف بِشْرًا ببشير، وأغفَلَ كثيرًا من الإعلام بحالِه، فاعلَمْ ذلك، واللهُ الموفِّقُ لا ربَّ غيرُه. 453 - محمدُ بن الحُسَين بن أحمد الأنصاريُّ، بُرْيانيّ، أبو بكر. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ. 454 - محمدُ (¬2) بن الحُسَين بن أبي البقاءِ فاخرِ (¬3) بن الحُسَين الأمويُّ - من وَلَد عثمانَ بن عفّانَ رضيَ اللهُ عنه [64 ب] فيما يقال- أُنْديّ، أبو بكر وأبو عبد الله. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "بل الحسين ثابت عنه في النسخة التي اعتمدها آخرًا من صلته". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1268)، والذهبي في المستملح (68). (¬3) في التكملة: "بن أبي البقاء بن فاخر"، وعلق التجيبي في هامش ب بقوله: "وأحسب الصواب ما ثبت هنا".

455 - محمد بن حسين بن أبي بكر الحضرمي، داني، أبو بكر، ابن الحناط

رَوى عن أبوَيْ بكر: ابن الخَلُوف وابن العَرَبي، وأبي جعفر محمد بن حَكَم بن باقٍ، لقِيَه بتِلِمْسين، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي محمد عبد الحقِّ بن عَطِيّةَ، وأبي الوليد بن بَقْوةَ، وتفَقَّه في تِلِمْسينَ أيضًا بأبي القاسم عبد الرّحيم بن جعفرٍ المزيانيّ؛ رَوى عنه أبو عُمرَ يوسُف بن عَيّاد. وكان محدِّثًا ضابِطًا لِما رَواه وقَيَّده، فقيهًا حافظًا للمسائل، واقفًا على "المدوَّنة"، متقدِّمًا في عَقْد الشُّروط، مُقِلًّا صابرًا خيِّرًا فاضلًا، وَلِيَ الأحكامَ بتِلِمْسينَ وبإشبيلِتةَ، ثم بِلُرِيّة، مضافةً إلى الصّلاة والخُطبة، من قِبَلِ القاضي أبي الحَسَن بن عبد العزيز، سنةَ ثلاثينَ وخمس مئة، واستُقضيَ بشِبْرَانَة: من الثَّغر الشَّرقي، وتوفِّي بأُنْدةَ في رَمَضانِ خمس وثلاثينَ وخمس مئة ابنَ سبعينَ سنةً أو نحوِها. 455 - محمدُ (¬1) بن حُسَين بن أبي بكر الحَضْرَميُّ، دانيّ، أبو بكر، ابنُ الحَنّاط. تَفقَّه بأبيه وسَمِعَ أبا داودَ الهِشَاميَّ، وأبوَيْ علي: ابن سُكّرةَ والغَسّاني. رَوى عنه أبو الحَجّاج بن سَمَاجَةَ، وأبو الحَسَن بنُ أبي غالب، وأبو عبد الله بن عيسى. وكان فقيهًا مدرِّسًا مُشاوَرًا، من بيتِ عِلم وصلاح. توفِّي ليلةَ الاثنينِ مستهَلَّ جُمادىَ الآخِرة سنةَ أربعَ عشْرةَ وخمس مئة. وغَلِطَ ابن عَيّاد في وفاته، فجَعَلها في رجَبِ ثلاثَ عشْرةَ وخمس مئة. 456 - محمدُ بن حُسَين بن أبي مَرْوان، خَضْراويٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن شُرَيْح، وكان فقيهًا مُشاوَرًا. 457 - محمدُ بن حُسَين بن الحَسَن الصَّدَفيُّ، أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1199)، وفي معجم أصحاب الصدفي (85)، والذهبي في المستملح (43)، وتاريخ الإسلام 11/ 225، وفي هامش ب ضبط "الحناط" بالحاء المهملة والنون.

458 - محمد بن حسين بن حسين بن مؤمل

رَوى عن أبي القاسم أحمدَ بن محمد بن بَقِيّ؛ كان فقيهًا حافظًا، وقَفْتُ على نُسخةٍ بخطِّه في نُسخة من "البيانِ والتحصيل" نقَلَها من أصل المؤلِّف. 458 - محمدُ بن حُسَين بن حُسَين بن مُؤمِّل. 459 - محمدُ بن حُسَين بن خَلَف بن أحمدَ الجُذَاميُّ، أبو بكر. رَوى عن شُرَيْح. 460 - محمدُ بن حُسَين بن سَعِيد بن الخَضِر، مَيُورْقيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي إسحاقَ بن مَيْمون، وله رحلةٌ حَجَّ فيها، ورَوى بمكّةَ شرَّفها الله عن نَزيلِها الطَّويلِ الجِوَارِ بها أبي الحَسَن بن عبد الله بن حَمُّود المِكْنَاسيّ، وبمِصرَ وغيرها عن أبي زكريّا بن عليّ الدانيّ المُصَلّي بمسجد العَيْثَم، وأبوَي الطاهر: السّلَفي وابن عَوْف، وأبي القاسم أحمدَ بن جعفرِ بن أحمد بن إدريس الغافقيّ وأبي محمد بن يوسُف القُضَاعيّ الأُندِيّ؛ رَوى عنه أبو الحَجّاج ابن زُهَيْر بن قاسم السَّعْدي. 461 - محمدُ (¬1) بن الحُسَين بن عبد الله بن عُمَر بن هارونَ [65 أ] بن موسى، لُريِّيٌّ سكَنَ بَلَنْسِيَةَ، أبو عبد الله الشُّونيّ (¬2). رَوى عن أبي بكر بن نُمَارةَ، وأبوي الحَسَن: ابن هُذَيْل وابن النِّعمة، وأبوَيْ عبد الله: ابن حَمِيد وابن سَعادةَ، وأبي محمد عثمانَ بن يوسُف البلجيطيّ، وأجاز له أبو بكرٍ ابن أبي جَمْرة. رَوى عنه أبو عبد الله ابنُ الأبّار. وكان مُقرِئًا مُجوّدًا، جليلَ القَدْر فقيهًا عاقِدًا للشّروط، وَليَ الأحكامَ ببَلَنْسِيَةَ مِرارًا، وقيل: كان يَخلُفُ القُضاةَ المؤخَّرينَ عنها، وكتَبَ بخطِّه الكثيرَ. وتوفِّي ظهرَ يوم الثلاثاءِ لخمسٍ خَلَوْنَ من ذي قَعْدةِ سنة تسع وست مئة، ودُفنَ لصلاة العصرِ من يوم الأربعاءِ يليه بمقبرة بابِ بَيْطالة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1587)، والذهبي في المستملح (233) وتاريخ الإسلام 13/ 224. (¬2) نسبة إلى "شون" من عمل بلنسية، وكذلك جاء التعليق في هامش ب.

462 - محمد بن حسين بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الله المعافري، إشبيلي، أبو بكر، ابن العربي

462 - محمدُ بن حُسَين بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمدَ بن محمد بن عبد الله المَعافِريّ، إشبيليّ، أبو بكر، ابنُ العَرَبي. وهو ابنُ أخي القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبي؛ رَوى عن عمِّه، وأبي الحَسَن شُرَيْح. 463 - محمدُ بن حُسَين بن عابِد الأسَديُّ، قُرطُبيٌّ. له رحلةٌ حَجَّ فيها وأخَذ عن أبي ذَرّ الهَرَوي. 464 - محمدُ (¬1) بن حُسَين بن عُبَادةَ القَيْسيُّ، بَطَلْيَوْسيٌّ، أبو بكر وأبو عبد الله، والأُولى أشهرُهما. رَوى عن أبي الأصبَغ عبد العزيز بن أحمد بن دُحَيْم الرَّبِيح، وأبي بكرٍ ابن البَطْرَني، وأبي الحَسَن جُزَيّ بن سَلَمةَ، وأبي حَفْص عُمرَ بن أحمدَ التّوزَريّ، وأبي زيد الأشْبُونيّ، وأبوَيْ عبد الله: ابن عبد الله بن عبد الرّحمن الأمَويّ وابن مالِك الأصبَحيّ، وأبي مَرْوانَ بن غالب، وآباءِ الوليد: ابن رُشْد وسُليمانَ بن عبد الملِك بن رَوْبيل وهِشام بن عِمران، وله إجازةٌ من أبي عبد الله بن شِبرين. رَوى عنه أبو عليّ حَسَنُ بن محمد بن حَكَم، وأبَوا القاسم الخَلَفانِ: ابن خَلَف بن فَرَجُون وابن هِشام الأشْبُونيّ. وكان مُقرِئًا حَسَنَ القيام على تجويدِ كتاب الله، راويةً للحديث منسوبًا إلى معرفتِه، جيِّد الضَّبطِ والتقييد، متقدِّمًا في النَّحو وحفظِ اللُّغةِ والأدب، درَّس ذلك كلَّه زَمانًا. وتوفِّي سنةَ ستينَ وخمس مئة. 465 - محمدُ (¬2) بن حُسَين بن عُمرَ بن حَسَن بن عبد الله بن أحمدَ المَعافِريُّ، إشبِيليّ، أبو القاسم، ابنُ العَرَبي. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1176). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1326).

466 - محمد بن حسين بن محمد بن أحمد، قرطبي

رَوى عن أبوَيْ بكر: قريبِه ابن العَرَبي القاضي، وابن فَتْحُون. 466 - محمدُ بن حُسَين بن محمد بن أحمد، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا في حدود التِّسعينَ وأربع مئة. 467 - محمدُ بن حُسَين بن محمد بن حُسَين الأمويّ، قُرطُبيٌّ فيما أحسِب، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحَسَن ابن الفَلّاس وأبي القاسم القاسم ابن الطَّيْلَسان. 468 - محمدُ (¬1) بن حُسَين بن محمد بن عَرِيب [65 ب] الأنصاريُّ، طَرْطُوشيٌّ سَكَنَ سَرَقُسْطة، أبو عبد الله. رَوى عن أبي زَيْد ابن الوَرّاق، أخَذ عنه أبو عليٍّ ابنُ الأمير أبي بكر بن تِيفْلويتَ اللَّمْتُونيّ أمير سَرَقُسْطة، وغيرُه. وكان كثيرَ التجَوُّل في بلادِ الأندَلُس والعُدْوة، حَظِيًّا عندَ الملوك متردِّدًا عليهم، ورَغِبَ إلى أبي بكر بن تِيفْلويت، وهو أميرُ سَرُقُسْطة، في إقراءِ ابنهِ أبي عليّ بجامعِها في حياة شيخِه أبي زيد ابن الوَرّاق، وأَذِنَ له في ذلك، وتصَدَّر هنالك سنةَ ثمانٍ وخمس مئة، وشُهِرَ بعلم العبارة والنُّفوذِ فيها وحُسن التهَدِّي بمعانيها. 469 - محمدُ بن الحُسَين بن محمد المَعافِريُّ. رَوى عن الحاجِّ أبي بكر ابن العَرَبي. 470 - محمد (¬2) بن الحُسَين بن موفَّق، مَيُوْرقيّ، أبو عبد الله الشَّكّاز. رَوى عن أبي بكرٍ أُسامةَ بن سُليمان، وآباءِ عبد الله: ابن غَيْداءَ وابن المُعِزّ وابن وَقّاص، وأبي محمد بن حَوْطِ الله. رَوى عنه أبو زكريّا بنُ أبي بكر بن محمد بن عَيّاد. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1182). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1651)، والذهبي في المستملح (280) وتاريخ الإسلام 13/ 820.

471 - محمد بن الحسين بن موفق

وكان مُقرِئًا مجوِّدًا نَحْويًّا، تصَدَّر لإقراءِ القرآن والتعليم بالعربيّة، وصَنَّف في القراءاتِ كتابًا سَمَّاه بـ "المُيسَّر"، وخَطَبَ بجامع بلدِه حينًا. واختُلِط بأخَرةٍ، فلزِم دارَه إلى أن توفِّي في شعبانِ ستٍّ وعشرينَ وست مئة قبلَ الحادثة الشَّنْعاء على أهل مَيُوْرْقةَ -جبَرَها الله- من قِبَل النَّصارى -دمَّرَهم اللهُ- بنحوِ ستةِ أشهُر. 471 - محمدُ بن الحُسَين بن موفَّق. رَوى عنه أبو محمد بنُ عبد العزيز بن عُبَيد الله المَعافِريّ. 472 - محمدُ (¬1) بن الحُسَين الفِهْريُّ، قُرطُبيٌّ، أبو بكرٍ وأبو عبد الله. رَوى عن أبي عليّ البغداديِّ واختَصَّ به، وكان وَرّاقَه ومستنبه (¬2). رَوى عنه أبو خالدٍ هاشمُ بن محمد التَّرّاسُ وأبو القاسم ابنُ الإفْلِيليّ. وكان متقدِّمًا في حفظِ اللُّغاتِ والآداب، وهُو الذي توَلَّى معَ صاحبِه في لزوم أبي عليّ البغداديّ: محمد بن مَعْمَر الآتي ذكْرُه بعدُ إن شاء الله، تخليصَ ما تخَلَّفه أبو عليّ غيرَ مهذَّب من كتابِه "البارع في اللُّغة"، فاستَخْرَجاهُ من أصولِه التي بخطِّه وخطِّهما مما كانا قد كَتباهُ بينَ يدَيْه، وذلك ما عدا كتابَ الهمزةِ وكتابَ العَيْن من الكتاب "البارع"، فلمّا كمُلَ رَفَعاهُ إلى الآمِر به الحَكَم المُستنصِر بالله، وأراد أن يقفَ على ما فيه من الزّيادة على النُّسخة المجتمَع عليها من كتابِ "العَيْن"، فبَلَغَ ذلك ثلاثًا وثمانينَ وستَّ مئة وخمسةَ آلافِ كلمة؛ ذَكَرَ ذلك محمدُ بن الحُسَين الفِهْريُّ المذكورُ في كتابِه الذي سماه "جَوامعَ كتابِ البارع" [66 أ] , وقَفْتُ على ذلك في الكتابِ الذكور بخطِّ كاتبِه للحَكَم محمد بن عليّ بن محمد الأشْعَريّ المِصريّ الوَرّاق؛ وقال في هذا الكتاب: قال لنا أبو عليّ إسماعيلُ بن القاسم غيرَ مرّة: قال لنا أبو بكر بنُ دُرَيْد وابنُ الأنْباريّ: كتابُ "الألفاظ" ليعقوبَ بضاعة، ¬

_ (¬1) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (945)، والضبي في بغية الملتمس (1533)، والقفطي في إنباه الرواة 4/ 142، وابن الأبار في التكملة (1031)، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 70. (¬2) كذا في النسختين، وعلق التجيبي في هامش ب بقوله: "ولعله: ومستمليه". قلنا: ولعلها: "ومستنيبه"، "ومستنبَهه".

473 - محمد بن حسين، بلنسي، وأصله من ناحية لرية، أبو عبد الله، ابن رلان، براء مضموم ولام ألف مشدد ونون

وكتابُ "إصلاح المنطِق" لهُ أيضًا: بضاعة، وكتابُ "أدَبِ الكُتّاب" لإبن قُتَيْبةَ بضاعة، وكتابُ "الغَريب" لأبي عُبَيد بضاعة، وكتابُ "شَرْح الحديث" له أيضًا: بضاعة. وقد قرأْتُ بخطِّ أبي عليّ الغَسّاني على ظهرِ كتابي من الإصلاح بخطِّ الغَسّانيِّ أيضًا ما نصُّه: ذَكَرَ أبو عبد الله محمدُ بن الحُسَين الفِهْرِيُّ وَرّاقُ أبي عليّ البغداديِّ في مقدِّمة كتابِ "البارع"، من تأليفه: قال لنا أبو عليّ إسماعيلُ بنُ القاسم غيرَ مرّة: قال لنا أبو بكر بن دُرَيْد وابنُ الأنْباري، فذَكَرَ الكلامَ إلى آخِرِه. 473 - محمدُ (¬1) بن حُسَين، بَلَنْسِيّ، وأصلُه من ناحية لُرِيّة، أبو عبد الله، ابنُ رُلَّان، براءٍ مضموم ولامِ ألفٍ مشدَّد ونون. وابن عُزَير يقولُ فيه: أُرِلْيان: بضمِّ الهمزة وكسرِ الراء وإسكانِ اللام وياءٍ مسفولة وألفٍ ونون. أخَذ عن أبي محمد ابن الأسْلَميّة وغيرِه، تَلا عليه أبو [....] (¬2) ابن عُزَيْر وأبو محمد بنُ الفَضْل البُونْتي. وكان من مُجوِّدي كتابِ الله القائمينَ عليه البُصَراءِ بغريبِه وإعرابِه، إلى تفنُّن في الآداب واتّساع المعرفة به، والتحقُّق بعلم العربيّة، وحُسن البيان وجَوْدةِ التعليم والثِّقة، دَرَّس ذلك كلَّه زمانًا، وكان لا يُقرئُ شيئًا لا يتَحقَّقُه. وتوفِّي بعدَ الستينَ وأربع مئةٍ بيسير. 474 - محمدُ بن حُسَين، طُلَيطُليٌّ، أبو عبد الله. تَلا على أبي عبد الله بن عيسى المَغَامّيّ، تَلا عليه أبو العبّاس بن عبد الرّحمن ابن الصَّقْر، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا فاضلًا. 475 - محمدُ بن حُسَين، قُرطُبيّ، أبو عبد الله الفُرْتُلِيْليّ، بضمِّ الفاء وسكون الراءِ وضمِّ التاء المَعْلوّة ولامَيْنِ بينَهما ياءُ مَدّ منسوبًا. رَوى عن أبي عيسى، رَوى عنه أبو الوليد الوَقَّشيّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1122). (¬2) بياض في النسختين.

476 - محمد بن حطيئة القيسي، أبو عبد الله

476 - محمدُ (¬1) بن حُطَيْئةَ القَيْسيُّ، أبو عبد الله. تَلا على أبوَيْ عبد الله: المَغَامّيِّ وابن شُرَيْح ورَوى عنهما. تَلا عليه أبو الحَسَن ابن النَّقِرات. 477 - محمدُ (¬2) بن حَفْص بن أشعثَ، قُرطُبيٌّ، أبو عامر، ابنُ الأُرَيْخَة، أخو ثابت. كان فقيهًا جَليلَ القَدْر مُبرِّزًا في العدالة، معدودًا في المشاوَرينَ المشرَّفين بسِمة الوِزارة زمن الفتنة، عفيفًا سهلَ الخُلُق، مُشاركًا في الآداب، من أماثل طبَقتِه. توفِّي صَدْرَ جُمادى الآخرة سنةَ تسع وعشرينَ [66 ب] وأربع مئة، ودُفنَ بمقبُرة الرَّبَض العَتِيقة. 478 - محمدُ بن حَكَم بن رَجَاء بن حَكَم الأنصاريُّ، إلْبِيريٌّ. كان من جِلّة مشايخ الفقهاءِ ببلدِه، وتوفِّي بعدَ سنة أربع مئة. 479 - محمدُ (¬3) بن حَكَم بن سَعِيد، قُرطُبي، يُعرَفُ بالخال. كان عاكفًا على الورَاقة مُجيدًا فيها، وكتَبَ بخطِّه الكثيرَ في فنون من العلم، وكان ضابطًا مُتقِنًا، ولم يزَل الناسُ يتنافَسونَ فيما كتَبَ بخطِّه إلى الآنَ، وكان حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وثلاث مئة. 480 - محمدُ (¬4) بن حَكَم بن محمد بن أحمدَ بن باقٍ الجُذَاميُّ، سَرَقُسْطيٌّ قُرطُبيُّ الأصل، سَكَنَ غَرناطةَ مُدّة ثم استَوطنَ بأخَرةٍ مدينةَ فاس، أبو جعفر، ابنُ باق. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1309). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1092). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1048). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1279)، والذهبي في المستملح (76) وتاريخ الإسلام 11/ 691، وابن الخطيب في الإحاطة 3/ 72، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 96، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (255).

481 - محمد بن حكم بن محمد بن ثوابة اللخمي: إشبيلي أبو القاسم

رَوى عن أبي الأصبَغ بن سَهْل، وأبوَيْ بكر: ابن الحَسَن الحَضْرَميّ وابن سابِق، وأبي جعفر بن جَرّاح، وأبي طالبٍ السَّرَقُسْطيِّ الأديبَيْنِ، وأبوَيْ عبد الله: ابن نَصْر وابن يحيى بن هاشم المحدِّث، وأبي العبّاس الدِّلَائيّ وأبي عُبَيدٍ البَكْريّ، وأبي عُمرَ أحمد بن مَرْوانَ التُّجِيبي البَلُّوطيِّ الزاهد، وأبي الفوارس محمد بن عاصم، وأبوَي القاسم: ابن فَرْتُون، وهُو في عِدَاد أصحابِه، وعبد الدائم ابن مَرْزوقٍ القَيْروانيّ، وأبي محمد بن فُورْتِش، وأبي مَرْوانَ بن سِرَاج. وأجاز له أبو الوليد الباجِيّ. رَوى عنه أبو إسحاق ابن قُرْقُول وأبو الحَسَن صالح بن خلف واللواتي (¬1)، وآباء عبد الله: ابن حَسَن السَّبْتيّ وابن الحَسَن الأُبّذي، وتوفي قبله، وابنُ خلف ابن الإلبيريّ والنميريّ وأبو العبّاس بن عبد الرّحمن ابن الصَّقر وأبو علي حسن ابن الخزاز، وأبو الفضل بن هارون الأزديّ، وأبَوا محمد: عبد الحقّ بن بُونُه وقاسم بن دَحْمان، وأبو مروان بن الصَّيْقل الوَشقيّ. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، متحقِّقًا بعلم الكلام وأصول الفقه محصلًا لهما، متقدِّمًا في النّحو حافظًا للغة، حاضِرَ الذِّكر لأقوال أهل تلك العلوم، جيِّدَ النظر متوقِّدَ الذِّهن، ذكيَّ القلب، فصيحَ الكلام؛ وليَ أحكام فاس، وأفتى فيها ودرّس بها العربيّة: كتاب سيبويه وغيره وشرح إيضاح الفارسي، وكان قيِّمًا على كتبه وكتب ابن جِنِّي والسَّيْرافي، وصنف في الجدل مصنَّفين كبيرًا وصغيرًا، وله عقيدة جيِّدة، وتوفِّي بفاس، وقيل: تِلِمْسين -وهو أصح- سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة، وكانت لبعض سلفه (¬2) رياسة بمدينة سالم من الثغر. 481 - محمدُ بنُ حَكَم بن محمد بن ثَوَابة اللَّخميُّ: إشبِيليٌّ أبو القاسم. رَوى عن أبي بكر ابن العَرَبيّ القاضي [67 أ] وأبي الحَسَن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "هو أبو الحسن". (¬2) بهامش ب: "هو ذو الوزارتين محمد بن أحمد كان صاحب مدينة سالم وقتل بها سنة عشرين وأربع مئة".

482 - محمد بن حكم، شريشي، أبو بكر

482 - محمد بنُ حَكَم، شَرِيشيٌّ، أبو بكر. رَوى عن أبي إسحاق بن فَرْقَد. 483 - محمد بنُ حَمْد بن محمد، شَرِيشيٌّ قرطبيُّ الأصل، يُعرف بالذَّهبي. رَوى عن أبي بَكْر بن مُحْرِز الزُّهريِّ. رَوى عنه أبو الحَسَن الكِرْناني. وكان محدّثًا حافظًا عدلًا فاضلًا، توفّي سنة ثمان وخمسين وست مئة. 484 - محمدُ بن حَمْد، قُرطُبيّ، أبو العبّاس، ابنُ الذَّهبي. رَوى عن جعفرٍ حفيدِ مكِّيّ. 485 - محمدُ (¬1) بن حَمْدُون، قُرْطُبيٌّ، أبو الوليد. كان معلِّمَ آدابٍ فَهِمًا لها حَسَنَ التصرُّف فيها. توفِّي سنةَ خمس وأربع مئة. 486 - محمدُ بن حمزةَ بن جُودي السَّعْديُّ، إلبِيريٌّ، أبو عبد الله، ابنُ القَفّال. رَوى عن شيوخ بلدِه، وكان من جِلّةِ حُسَبائه وكبار فُقهائه ومتقدِّمي أعيانِه، ولعلّ حمزةَ بنَ محمد بن حمزةَ المذكورَ في موضعِه وَلَدُه، واللهُ أعلم. 487 - محمد بن حمزةَ بن عليّ. رَوى بالأندَلُس عن بعض شُيوخِها، ورَحَلَ إلى المشرِق وحَجّ، وأخَذ بمكّةَ، شرَّفها الله، عن قاضي الحرَمَيْنِ أبي عبد الله الحُسَين بن عليّ الطَّبري. 488 - محمدُ بن حُمَيْد -مصغَّرًا- أبو القاسم البُرْجانيّ. كان كاتبًا شاعرًا مطبوعًا، كتَبَ عن عليّ بن إدريسَ بن جامع القتيلِ بالأندَلُس على يدَيْ أبي العلاءِ إدريس، الملقَّبِ بعدُ بالمأمون من بني عبد المؤمن، وألّف في تاريخ الفتنة الناشئة بعدَ المُستنصِر من آلِ عبد المؤمن، وعاشَ بعد قَتْل ابنِ جامع مُدّةً قليلة، وتوفِّي على رأس الثلاثينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1110).

489 - محمد بن حيان، شاطبي فيما أرى

489 - محمدُ بن حَيّان، شاطِبيٌّ فيما أرى. رَوى عن أبي عِمرانَ بن أبي تَلِيد. 490 - محمدُ (¬1) بن خالدٍ الأمويُّ، قُرطُبيٌّ. روى عن محمد بن وَضّاح. 491 - محمدُ بن خالدٍ البَكْريُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجيّ. 492 - محمدُ بن خالدِ السُّلَميُّ، قُرطُبيّ، أبو عامر. رَوى عن أبي عبد الله بن أبي الخِصَال. 493 - محمدُ (¬2) بن خَشْخاش، قُرطُبيّ، أبو بكر. رَوى عن أبي سُليمانَ عبد السلام بن السَّمْح، وأبي عليّ البغداديّ، وأبي القاسم أحمدَ بن أبانِ بن سيّد "زاهر" أبي بكرٍ ابن الأنْباريّ عن أبي عليّ؛ إذْ كان يَضِنُّ به، فلم يَسمَعْه منهُ إلّا ابنُ سيّد، وعنه رواه أصحابُ أبي عليِّ أجمعون. رَوى عنه أبو بكر المُصحَفيّ، وكان عارِفًا بالآداب والمعاملات والهيئة، ووَلِيَ الشّرطةَ ببلدِه. 494 - محمدُ بن خَضِر. رَوى عن أبي الحَسَن ابن النِّعمة. 495 - محمدُ (¬3) بن خَطّاب الأَزْديُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله [68 ب]. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (993). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1074). (¬3) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (47)، والضبي في بغية الملتمس (109)، والقفطي في إنباه الرواة 3/ 124، وابن الأبار في التكملة (1052)، والصفدي في الوافي 3/ 41، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 99.

496 - محمد بن خلصة، من سكان دانية، شذوني الأصل، أبو عبد الله الشذوني

رَوى عن أبيه، وأبي بكرٍ ابن القُوطِيّة، وأبي عبد الله الرَّبَاحيّ، وأبي عليّ البغداديِّ وغيرِهم. وكان متقدِّمًا في العربيّة مستقلًّا بمعرفتِها، حافظًا للُّغاتِ والآداب، ذا حَظٍّ من قَرْض الشِّعر، دَرَّس ما كان يَنتحلُه من العلوم زمانًا بني الأكابر، وانحازَ إلى بني حُدَيْر معلِّمًا أبناءهمُ العربيّةَ والآدابَ، وكان قبلَ أربع مئة. 496 - محمدُ (¬1) بن خَلَصةَ، من سُكّانِ دانِيَة، شَذُونيُّ الأصل، أبو عبد الله الشَّذُونيُّ. رَوى عن أبي الحَسَن بن سِيدَه. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ مُطَرِّف التُّطيليّ، وأبو عُمرَ بن شَرَف. وكان شاعرًا مجوِّدًا، متحقِّقًا بعلوم اللِّسان، دَرَّسَها بدانِيَةَ وبَلَنْسِيَة، وشعرُه مدوَّن، واختَصَّ بإقبالِ الدولة أبي الحَسَن عليِّ بن مُجاهد العامِريّ، وله فيه وفي المقتدِر أحمدَ بن سُليمان بن هُود أمداح، وشعرُه كلُّه جيِّد، ومنه يُلغِزُ في حازم [السريع]: أُحَبُّ من ثالثِهِ ثُمْنَهُ ... والسُّبعُ في أوّلهِ يكتبُ والسُّبعُ في الثُّمنِ [و] ذاك اسمُهُ ... يَعرِفُ هذا كلُّ من يحسُبُ ووقَفْتُ على مقالةٍ لأبي محمد ابن السِّيْد يُردُّ فيها على الأُستاذ أبي عبد الله ابن خَلَصة، فلا أدري أهو هذا أم غيرُه، وإنما شكَّكني في تقدُّم طبقة أبي عبد الله بن خَلَصةَ المترجمَ به على زمانِ ظهورِ أبي محمد ابن السِّيْد، واستقلالهِ بالمعارفِ التي كان يَنتحلُها؛ لأنّ مولدَه سنةَ أربع وأربعينَ وأربع مئة، وآخِرُ ما عُرِف من ¬

_ (¬1) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (49)، وابن بسام في الذخيرة 3/ 239، والضبي في بغية الملتمس (111)، وياقوت في معجم البلدان 3/ 329، والقفطي في إنباه الرواة 3/ 125 والمحمدون من الشعراء 2/ 410، وابن الأبار في التكملة (1125)، والذهبي في المستملح (27) وتاريخ الإسلام 10/ 307، والصفدي في الوافي 3/ 42، ونكت الهميان 248، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 100.

497 - محمد بن خلف بن أحمد بن عساكر الجذامي

عُمرُ أبي عبد الله بن خَلَصةَ المذكورِ أنه كان حيًّا سنةَ ثمانٍ وستّينَ وأربع مئةٍ وبقُرب ذلك توفِّي وابنُ السِّيْد ابنُ أربع وعشرينَ سنة، فاللهُ أعلم، وإن كنتُ لا أذكُرُ في طبقة ابن السِّيّد من يُعرَفُ بأبي عبد الله بن خَلَصة، فلعلّه هذا ويكونُ ذلك من شواهدِ القِدَم نَجابة أبي محمد ابن السِّيْد، واللهُ أعلم. 497 - محمدُ بن خَلَف بن أحمدَ بن عساكرَ الجُذَاميُّ. رَوى عن أبي بكر بن طاهِر المحدِّث، وكان مُقيِّدًا نبيلًا، أديبًا بارعَ الخطِّ والتقييد. 498 - محمدُ بن خَلَف بن أحمدَ بن عليِّ بن حُسَين اللَّخْميُّ، أبو عبد الله، ابنُ الشَّبوقي، بفَتْح الشِّين المعجَم والباءِ وواوٍ وقاف منسوبًا. رَوى عن أبي الأصبَغ عيسى بن أبي البَحْر، وأبي العبّاس بن مكحول، وأبي جعفر بن محمد بن عبد العزيز، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي عبد الله بن خَلَف بن أحمد بن قاسم الخَوْلانيّ، وأبوَيْ محمد: ابن عليّ اللَّخْمي سِبْطِ أبي عُمرَ [69 أ] بن عبد البَرّ وابن عَتّاب، وأبي يحيى محمد بن عُبَيد الله بن صُمادِح. رَوى عنه أبوا الحَسَن: ابنُ موسى بن النَّقِرات وابن عبد الرّحمن بن يحيى المَصْمُودي، وأبو عليّ حُسَين بن عليّ بن القاسم بن عشَرةَ السَّلَويُّ وبَنُوه. وكان محدِّثَا فقيهًا ظاهريَّ المذهب، وهُو ممّن غُرِّب عن الأندَلُس واعتُقل بمَرّاكُشَ أيام الأمير أبي الحَسَن عليّ بن يوسُف ابن تاشَفينَ اللَّمْتُونيّ، وقَفْتُ على مجموع في التصوُّف ذَكَرَ أنه كتبَه بسِجن مَرّاكُش، وفَرَغَ منهُ آخرَ يوم من رَمَضانِ تسع وعشرينَ وخمس مئة. 499 - محمدُ بن خَلَف بن أحمد بن قاسم الخَوْلانيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبوَيْ عبد الله: ابن أحمد بن منظورٍ وابن شُرَيْح، رَوى عنه محمد بن خَلَف بن أحمدَ ابن الشَّبوقي.

500 - محمد بن خلف بن إبراهيم بن أيوب بن إبراهيم بن عبادة بن بالغ الهاشمي، بسطي، أبو بكر وأبو عبد الله

500 - محمدُ (¬1) بن خَلَف بن إبراهيمَ بن أيوبَ بن إبراهيمَ بن عُبَادةَ بن بالِغ الهاشِميّ، بَسْطيٌّ، أبو بكرٍ وأبو عبد الله. رَوى عن أبي أُميّةَ إبراهيمَ بن مُنبِّه، وأبي جعفرٍ عبد الرّحمن بن أحمدَ ابن القَصِير، وأبي الحَجّاج بن يَسْعُونَ، وأبي الحَسَن بن عبد العزيز بن مَسْعود وأبي عبد الله بن عبد الرّحيم ابن الفَرَس، وأبي العبّاس الخَرُّوبي. رَوى عنه ابنُه أبو الحَسَن محمدٌ، وأبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبوا القاسم: القاسم ابن الطَّيْلَسان والمَلّاحي؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا ضابِطًا، محدِّثًا عَدْلًا، من ذَوي التعيُّن ببلدِه، وَلي قضاءه والصّلاةَ والخُطبةَ بجامعِه. وتوفِّي به سنةَ إحدى عشْرةَ وست مئة، ومَولدُه في الليلة الثانية والعشرينَ من جُمادى الأولى سنةَ أربع وعشرينَ وخمس مئة. 501 - محمدُ بن خَلَف بن إبراهيمَ بن خَلَف بن سَعيِد، قُرطُبيٌّ، أبو بكر، ابنُ الحَصّار وابنُ النَّخّاس، وكان أبوه المُقرئُ أبو القاسم يكرَهُها (¬2). رَوى عن أبيه، وأجازَ له أبو الحُسَين سِرَاجٌ، رَوى عنه أبو محمد عبدُ الصَّمد ابن يَعِيش. 502 - محمدُ بن خَلَف بن إبراهيمَ الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ، غَرناطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله بن نَجاح. ورَحَلَ فحجَّ، وكان فاضلًا. 503 - محمدُ بن خَلَف بن إبراهيمَ التُّجيبيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عَمْرٍو ابن الصَّيْرَفيّ. رَوى عنه أبو أحمدَ جعفرُ بن عليّ بن محمد. 504 - محمدُ بن خَلَف بن الأسعدِ اللَّخْميُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1600)، والذهبي في المستملح (243) وتاريخ الإسلام 13/ 323. (¬2) بهامش ب: "إذا كان يكرهها فلم لم يعرض عنها"؟! ".

505 - محمد بن خلف بن أيوب الألهاني، أبو بكر

505 - محمدُ بن خَلَف بن أيّوبَ الألهانيُّ، أبو بكر. رَوى عن شُرَيْح، ولعلّه الذي في المَتْن. 506 - محمدُ بن خَلَف بن أيّوب، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحُسَين ابن الطَّلّاء. 507 - محمدُ بن خَلَف بن بالِغ الهاشِميُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي القاسم أحمدَ بن محمد بن بَقِيّ [69 ب] سنةَ ثمانِ عشْرةَ وخمس مئة، وكان مُقرِئًا مجوّدًا جليلًا فاضلًا، وأُراه من ذوي قَرابةِ محمدِ بن خَلَف بن إبراهيمَ بن بالِغ المذكورِ قبلُ، واللهُ أعلم. 508 - محمدُ بن خَلَف بن جعفرِ بن خَلَف بن أبي المَنِيع بن أحمد. رَوى بدانِيَةَ عن أبي عَمْرٍو ابن الصَّيْرَفي. 509 - محمدُ (¬1) بن الخَلَفِ بن الحَسَن بن إسماعيلَ الصَّدَفيُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ عَلْقَمةَ. صَحِبَ أبا محمد بنَ حَيّان الأروشيَّ وأمثالَه، رَوى عنه ابنُه عبدُ الله، وكان يَنتحلُ الكتابةَ وقَرْضَ الشِّعر، على تقصيره فيهما، وله تاريخٌ في تغلُّب الرُّوم على بَلَنْسِيَةَ قبلَ خمس مئةٍ سَمّاه بِـ "البيان الواضح في المُلمِّ الفادح" ليس بذاك، وله تآليفُ غيره. مَولدُه سنة ثمانٍ وعشرينَ وأربع مئة، وتوفِّي يوم الأحد لخمسٍ بقِينَ من شوّالِ تسع وخمس مئة. 510 - محمدُ بن خَلَف بن حَسَن الكَلَاعيُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي بكر بن طاهر المحدِّث. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1183)، والذهبي في المستملح (38) وتاريخ الإسلام 11/ 125.

511 - محمد بن خلف بن حسن اليحصبي، إشبيلي

511 - محمدُ بن خَلَف بن حَسَن اليَحصُبيُّ، إشبيليّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ خمس وخمسينَ وأربع مئة. 512 - محمدُ بن خَلَف بن خَطّاب، أبو بكر. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 513 - محمدُ بن خَلَف بن خَلَف بن إسحاقَ بن أبي أُميّةَ، أبو عبدِ الله. رَوى عن أبي بكر بن نُمَارةَ، وأبي الحَسَن بن نِعمةَ، وأبي عبد الله بن منصُور. رَوى عنه يوسُف بن أبي بكر بن يوسُف. 514 - محمدُ بن خَلَف بن دُعَيْم الكَلْبيُّ، إشبيليٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ القاضي. 515 - محمدُ بن خَلَف بن سَعِيد، أبو عبد الله المَنْتَشُوْنيّ، بفتح الميم وإسكان النُّون وفَتْح التاءِ المَعْلُوّة وشينٍ معجَم وواوِ مَدّ ونون منسوبًا. رَوى عن أبي الوليد الباجِيّ. وكان محدِّثًا حافظًا، حَسَنَ النظَر في الطّب مُسدَّدَ الرأي في العلاج. 516 - محمدُ بن خَلَف بن سلَمةَ اللَّخْميُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عِمْرانَ بن أبي تَلِيد. 517 - محمدُ بن خَلَف بن سليمانَ بن محمد بن سليمانَ بن محمد الطائيُّ. رَوى عن أبوَيْ بكر: حازِم وابن مُفرِّج الرّبُوبلة، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي عبد الله بن أبي العافية، وأبي العبّاس بن إبراهيمَ بن مَسْلَمةَ المَعافِريِّ، وأبي عليّ الغَسّاني. رَوى عنه أبو إسحاق بنُ محمد بن خَلَف المُراديُّ، وأبو الحَسَن بن خَلَف القَيْسي؛ وكان مُقرئًا عارِفًا بالتجويد، وافرَ الحظّ من رواية الحديث، بَصيرًا بالنَّحو، درَّس ذلك كلَّه زمانًا.

518 - محمد بن خلف بن [70 أ] سليمان بن محمد الحضرمي، أبو بكر

518 - محمدُ بن خَلَف بن [70 أ] سُليمان بن محمدٍ الحَضْرَميُّ، أبو بكر. رَوى عن شُرَيْح. 519 - محمدُ (¬1) بن خَلَف بن صاعِد الغَسّانيُّ، لَبْليُّ الأصل، سَكَنَ شِلْب، أبو الحُسَين، ابنُ اللَّبْليّ. تَلا بالسَّبع على أبي القاسم ابن الحَصّار ورَوى عنه، وأبي الوليد إسماعيلَ ابن غالبٍ اللَّخْميّ، ورَوى عن أبي الحَسَن العَبْسيّ، وأبوَيْ عبد الله: ابن الحاجِّ -ولازَمَهُ كثيرًا- وابن شِبرين، وأبي القاسم بن رِزْق وأبي محمد بن عَتّاب، وأبي الوليد بن رُشْد، قرَأَ عليهم وسَمِعَ وأجازوا له. وله إجازةٌ من أبي عليّ الصَّدَفي. ورَحَلَ إلى المشرِق وأدَّى فريضةَ الحجّ، ورَوى بمكّةَ -كرَّمها الله- سَماعًا عن أبي الحَسَن رَزِين بن مُعاويةَ، وبالإسكندَريّة عن أبي الحَجّاج المَيُورْقيِّ وأكثَرَ عنه، وأبي الطاهر السِّلَفِيّ، وأبي عبد الله بن المُسَلَّم القُرَشيّ المازَريّ وأبي محمدٍ الدِّيباجي، وبالمَهْديّة عن أبي عبد الله التّميميِّ المازَريّ، وأجازوا له جميعًا. وقَفَلَ إلى الأندَلُس. رَوى عنه أبو بكر بن خَيْر (¬2)، وأبو الحَسَن بن مُؤْمن، وأبو القاسم القَنْطَري. وكان فقيهًا حافظًا، عارفًا بعَقْد الشُّروط بَصيرًا بعِلَلِها نافذًا في ضَبْطِها، مستقلًّا بما قُلِّد من الشُّورى ثُم القضاءِ بشِلْب، معروفًا بالعدالة. توفِّي ظُهرَ يوم الخميس لليلتَيْنِ خَلَتا من جُمادى الآخرة سنةَ سبع وأربعينَ وخمس مئة، ودُفن يومَ الجُمُعة بعدَه. 520 - محمدُ بن خَلَف بن عبد الله الخَوْلانيّ، قُرطُبيّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بَحْر. وكان مُقرِئًا محدِّثًا فاضلًا، وأمَّ بجامع قُرطُبة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1340)، وفي معجم أصحاب الصدفي (143)، والذهبي في المستملح (100) وتاريخ الإسلام 11/ 910. (¬2) ينظر فهرسته 163، 553.

521 - محمد بن خلف بن عبد الله الزجاج

521 - محمدُ بن خَلَف بن عبد الله الزَّجّاج. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرَة. لعلَّه الذي قبلَه. 522 - محمدُ (¬1) بن خَلَف بن عُبَيد الله (¬2) بن أبي القاسم المَعافِريُّ القُرطُبيّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحَسَن عبد الجَليل وأبي القاسم بن رضا (¬3). رَوى عنه أبو مَرْوانَ بن إبراهيمَ بن هارون العَبْدَريّ. 523 - محمدُ (¬4) بن خَلَف بن عبد الله (¬5) المَعافِريُّ، مَيُورْقيٌّ، أصْلُه من نواحي بَلَنْسِيَة، أبو عبد الله البِنْيُوْليّ، بكسر الباءِ بواحدةٍ وإسكان النّون وياءٍ مسفولة وواوِ مَدّ ولام منسوبًا، والمُرْضَجْنُه، بضمِّ الميم وإسكانِ الراء وفتح الضّاد المعجَم وإسكان الجيم وضمّ النّون وهاء. رَوى عن أبي إسحاقَ القُرطُبيّ. رَوى عنه أبو مَرْوان الخطيب؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا فاضلًا متيقِّظًا فَهِمًا، ذا حظّ وافِر من الأدب، أقْرَأَ وأسمَعَ، أظُنُّه المذكورَ قبلَه يليه، وكرَّرَه أبو عبد الله ابنُ الأبار (¬6)، فاجعَلْ تحقيقَه من مَباحثِك، واللهُ المُرشِدُ لا ربَّ غيرُه. 524 - محمدُ [70 ب] بن خَلَف بن عبد الرّحمن الأمَويُّ، أَشْبُونيٌّ. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ القاضي. 525 - محمدُ (¬7) بن خَلَف بن عبد الرّحمن، شاطِبيٌّ، أبو عبد الله السِّجِلْماسيّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1490). (¬2) في التكملة: "عبد الله". (¬3) في النسختين: "أيضًا"، ولا معنى لها، ولعله سبق قلم، وما أثبتناه من التكملة. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1526). (¬5) في التكملة: "عبيد الله". (¬6) في الرقم (1490). (¬7) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1400).

526 - محمد بن خلف بن عبد العزيز الأنصاري

رَوى عن أبي إسحاقَ بن خفاجة، ورَحَلَ إلى المشرِق وحَجَّ، وأخَذ بالإسكندَريّة عن أبي القاسم بن جارَةَ، ولم يكنْ له كبيرُ عنايةٍ بالحديث. مَوْلدُه ببَلَنْسِيَةَ لسبع بقِينَ من شوّالِ أربع وخمس مئة، وتوفِّي بشاطِبَة سنةَ إحدى وستينَ وخمس مئة. 526 - محمدُ بن خَلَف بن عبد العزيز الأنصاريُّ. رَوى عن شُرَيْح. 527 - محمدُ بن خَلَف بن عبد العزيز الكَلاعيُّ، إشبيليٌّ، الحَوْفيّ. وهُو والدُ القاضي أبي القاسم. كان فقيهًا عاقدًا للشُّروط، مُبرِّزًا في العدالة جيِّدَ الخَطّ. 528 - محمدُ (¬1) بن خَلَف بن عبد الملِك المَعافِريُّ، أبو عبد الله. رَوى عنه ابنُ عبد السّلام، وكان شَيْخًا صالحًا. 529 - محمدُ بن خَلَف بن عَيّاش العَبْديُّ. كان حيًّا سنةَ ثلاثٍ وأربعينَ وخمس مئة. 530 - محمدُ بن خَلَف بن عيسى الرُّعَيْنيُّ. كان حيًّا سنةَ ثِنتَيْنِ وتسعينَ وأربع مئة. 531 - محمدُ بن خَلَف بن عبسى، أبو الأصبَغ. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ، ولعلّه الذي يليه قبلَه. 532 - محمدُ بن خَلَف بن عَيْسُونَ المَعافِريُّ، أبو عبد الله. رَوى عن محمد بن محمد بن إسماعيلَ الواعظ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1081).

533 - محمد بن خلف بن قاسم الخولاني، إشبيلي، أبو عبد الله

533 - محمدُ (¬1) بن خَلَف بن قاسم الخَوْلانيُّ، إشبيليٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عليّ الغَسّاني وأبوَيْ محمد: ابن حَزْم وابن خَزْرَج، رَوى عنه ابنُه أبو العبّاس، كان حيًّا سنةَ أربع وتسعينَ وأربع مئة. 534 - محمدُ بن خَلَف بن محمد بن أحمد، إشبيليٌّ. كان عاقدًا للشُّروط متقدِّمًا في البصَرِ بها، مُبرِّزًا في العدالة، حيًّا في حدودِ التسعينَ وخمس مئة. 535 - محمدُ (¬2) بن خَلَف بن محمد بن عبد الله بن صَافٍ اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ، أبو بكر. تلا على أبي الحَسَن شُرَيْح ولازَمَه، وأبي محمد شُعَيْب بن عيسى، ورَوى عن أبي بكر بن أبي رُكَب، رَحَلَ إليه فلقِيَه بجَيّان، وأبوي الحَسَن: عبد الرّحيم الحِجَاريّ وعليّ بن مُسلم وتأدَّب به، وأبي عبد الله ابن الأحمر، وآباءِ القاسم: ابن بَقِيّ وابن رِضا، وابن الرَّمّاكِ واختَلفَ إليه في العربيّة. وأجاز له أبو الحَسَن يونُسُ بن مغيث، وأبو عبد الله حفيدُ مكِّيّ، وأبو مَرْوانَ الباجِيُّ، وأبَوا الوليد: ابنُ حَجّاج وابن ظَرِيف. رَوى عنه أبوَا القاسم: ابنُه وابن فَرْقَد، وأبو أُميّةَ بن عُفَيْر، وأبَوا بكر: ابنُ طلحةَ وابنُ عبد الرّحمن بن عليّ [71 أ] الزُّهْريّ، وأبَوا الحَسَن: الزُّهْريُّ والدَّبّاج، وابنا حَوْطِ الله، وأبو عامر بنُ أُبَيّ، وأبَوا العبّاس: ابن أبي أُميّةَ وابنُ مُنذِر، وأبو عليّ بن الشَّلَوْبِين، وأبو عَمْرٍو ابنُ مَغْنِين. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1158). (¬2) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (78)، وابن الأبار في التكملة (1491)، والذهبي في المستملح (170) وتاريخ الإسلام 12/ 806 ومعرفة القراء 2/ 555، والصفدي في الوافي 3/ 46، والفيروزآبادي في البلغة (317)، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 137، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 100.

وكان كبيرَ المُقرئينَ بإشبيلِيَةَ المتقدِّمَ عليهم في إتقانِ التجويد والتبريزِ في حُسْن الأداء، معَ حظٍّ صالح من النَّحوِ والأدبِ واللّغة وقَرْض الشِّعر، والدِّين المَتِين والفَضْل التامّ، وحُسْن الهيئة والانقباضِ عن أهل الدُّنيا والإقبال على ما يَعْنيه. قال أبو محمد طلحةُ: أثنَى أبي يومًا على أبي عَمْرو ابن عَظِيمة، قلت: فلمَ لم تَقرأْ عليه وقرَأْتَ على ابنِ صَافٍ؟ فقال: ابنُ صافٍ كان أعلم. وقال أبو القاسم بن فَرْقَد: عَهِدتُ أبا بكر بنَ صاف -وغالبُ أحوالِه الانقباضُ والوقارُ والجَرَيانُ على هَدْي القَرَأةِ، غَيورًا على مَن عندَه من أولاد الناس- إذا دَخَل إليه مَن يريدُ مُجالستَه أمهَلَه يسيرًا ثم أسكَتَ القارئ، وأقبَلَ عليه: ألكَ حاجةٌ؟ وإلّا انصرِفْ راشدًا؛ فإنَّ هؤلاءِ الأولادَ كالأبكار لا يَصلُحُ أن يُجالسَهم أحد، أو نحوَ هذا. وقال أبو محمد بنُ حَوْطِ الله: قصَدْتُ زمانَ رحلتي في طلبِ العلم إلى الأخْذِ عن أبي بكر بن صَافٍ بصِيته ومكانِه من العلم، فعند مُثولي بباب المسجد، وسِنِّي سِنُّ من يَستبِدُّ بالرحلة، خَرَجَ إليّ وقال لي: ما لك؟ قلت: أريدُ القراءة، قال: لا؛ لأنّ عندي صِغارًا لا تَصلُحُ بهم مُجالستُك، أو كما قال. وكان الناسُ يتنافسونَ في الأخْذِ عنه والقراءةِ عليه، حتّى كثُرَ القَرَأةُ عندَه، فكان لا يُقرئُ معَ القرآنِ شيئًا من النَّحو والآداب إلّا يومًا أو يومَيْنِ في الجُمُعة. وتمادَى على الإقراءِ نحوَ خمسينَ سنة. ولهُ شَرْح على الأشعار الستة، وعلى "الفصيح" لثَعْلَب، وتأليف في ألِفاتِ الوَصْل والقطع، ومسائلُ في آيٍ من القرآن، وأجوِبةٌ لأهل طَنْجةَ عن سُؤالاتِهمُ: المُقرِئينَ والنَّحْويِّين من أهل إشبيلِيَةَ. أنشَدتُ على الشّيخ القاضي أبي الوليد محمد بن إسماعيلَ بن عُفَيْر، رحمه الله، قال: أنشَدتُ على أبي، رحمه الله، قال: أنشَدتُ من حِفظي بين يدَيْه -يعني

536 - محمد بن خلف بن محمد بن حوس اللخمي، سرقسطي

أبا بكر بنَ صَافٍ هذا- البيتَيْنِ المشهورَيْنِ له المنسوبَيْنِ إليه، واستَخْبَرتُ أنهما له، فقال: أوَتَحفَظُونَهما يا شياطين؟! وهما (¬1) [البسيط]: قالوا: حبيبُك مُلتاثٌ فقلتُ لهم: ... نَفْسي الفِداءُ له من كلِّ محذورِ [71 ب] يا ليتَ عِلَّتَه بي غيرَ أنَّ لهُ ... أجْرَ العليلِ وأنّي غيرُ مأجورِ توفِّي، رحمه الله، في أحدِ شهرَيْ ربيع سنةَ ستٍّ وثمانينَ وخمس مئة، وقيل: سنةَ خمس وثمانين. 536 - محمدُ بن خَلَف بن محمد بن حَوْس (¬2) اللَّخْميُّ، سَرَقُسْطيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا في حدود تسعينَ وأربع مئة. 537 - محمدُ بن خَلَف بن محمدِ بن سَعِيد بن إسماعيلَ بن يوسُفَ الأنصاريُّ، سَرَقُسْطيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الأنقَر. رَوى عنه أخوه أبو القاسم خَلَفٌ، وكان أديبًا شاعرًا مُحسِنًا. 538 - محمدُ (¬3) بن أبي القاسم خَلَف بن محمد بن عَمِيرةَ، مَرَويٌّ، سَكَنَ مَرّاكُشَ، أبو عبد الله. رَوى بالمَرِيّة عن أبوَيْ بكر: ابن أسوَدَ -ولازَمَه في العُدوتَيْن واختَصَّ به كثيرًا وكان القارئَ عليه- وابنِ العَرَبي، ثُم جاوَرَه بمَرّاكُش مُدّةً، قال: وكنتُ أُجالسُه ليلًا ونهارًا، وآباءِ الحَجّاج: القُضَاعيِّ وابن محمد المقري وابن يَسْعُون، ¬

_ (¬1) بهامش ب: "البيتان المذكوران لمسلم بن الوليد الشاعر الملقب بصريع الغواني، نسبهما له أبو الفرج في أغانيه، وصدر البيت الأول منهما عنده: "قالوا: أبو الفضل محموم فقلت لهم" ولم يتنبه لذلك شيخاي ابن الزبير وابن عبد الملك رحمهما الله. ولُقِّب مسلم هذا بصريع الغواني لقوله: هل العيش إلا أن تروح مع الصبا ... وتغدو صريع الكأس والأعين النجل؟ " (ثم كلمات مطموسة) قلنا: يُنظر ديوانه: 43، 323. (¬2) ضبب فوقها في ب ولم يصححها. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1457) ترجمة مقتضبة، وينظر المن بالإمامة 162.

539 - محمد بن خلف بن محمد بن يونس، مريي، أبو عبد الله

وآباءِ الحَسَن: عبد العزيز بن شَفِيع وابن مَعْدانَ وابن مَوْهَبٍ، وأكثَرَ عنه، وابن نافع، وآباء عبد الله: ابن أحمد بن هَيْثم والحَمْزيِّ وابن زُغَيْبَةَ وابن الفَرّاء وابن وَضّاح وابن أبي أحَدَ عشَرَ وأبي العبّاس القَصَبيّ، وأبوَيْ علي: ابن عَرِيب، والمغْرَاويِّ الأحدَب ثم تَرَكه، وآباء القاسم: أحمدَ بن وَرْد وعبد الرّحمن بن عبد الله بن سَعِيد الحَضْرَميِّ وعبد الرّحمن بن قاسم التُّجِيبيّ -كذا سمّاه، وأُراهُ عبدَ الرّحيم، وهُو الحِجَاريّ- وأبوَيْ محمد: الرُّشَاطيِّ وعبد الحقِّ بن عَطِيّة، وأبي المعالي رافع بن القيِّم الإسكندَريّ؛ وبمُرْسِيَةَ عن أبي محمد بن أبي جعفر وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ، وبَبلَنْسِيَةَ عن أبي محمد ابن السِّيْد، وبقُرطُبةَ عن أبي الحَسَن يونُس بن مُغيث، وأبوَي القاسم: ابن بَقِيّ وابن رِضا، وأبي محمد بن عَتّاب، ولقِيَه وأبو محمدٍ مريضٌ، فسَمِع عليه يسيرًا وأجاز له، ولقِيَ بها أبوَيْ عبد الله: ابنَ الحاجّ وابنَ أُختِ غانم، وأبوَي الوليد: ابنَ رُشْد وابنَ طَرِيف، وأخَذَ عن أبي إسحاق بن خَفَاجةَ، وأبي الفَضْل بن شَرَف، وأبي محمد ابن الحاجّ اللُّورْقيِّ الكاتب. وأجاز له ممّن لم يلقَهُ هو: آباءُ الحَسَن: شُرَيْحٌ وعَبّادُ بن سِرْحان وابنُ واجِب، وأبو عبد الله المازَريُّ، وأبو الفَضْل عِيَاض. روى عنه أبو الخَطّاب وأبو عَمْرٍو ابنا الجُمَيِّل، وأبو عبد الرّحمن قاسمُ بن أبي يحيى، وأبو بكر بنُ الجَبْر، وأبو عليّ بن صمع، وأبو محمد سَعْدون البُرْجَاني. وكان فقيهًا [72 أ] حافظًا محدِّثًا مُسنِدًا عاليَ الرِّواية، وأسَنَّ كثيرًا فتُنُوفِسَ في الأخْذِ عنه والسَّماع عليه ومنهُ، وسَكَنَ مَرّاكُشَ طويلًا، وكتَبَ لإبن تاشَفينَ ثم لأبي محمدٍ عبد الله بن عبد المُؤْمن، وكان رائقَ الخَطّ بارعَ الكتابة متينَ الأدب، ثم نَزَعَ عن ذلك وانقَطعَ إلى نَشْر العلم وإسماع الحديث وغيرِه إلى أن توفِّي بمَرّاكُشَ عامَ ستةٍ وسبعينَ وخمس مئة. 539 - محمدُ (¬1) بن خَلَف بن محمد بن يونُس، مَرِيِّيٌّ، أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1385) وفيه أنه من أهل لُرِيّة من عمل بلنسية.

540 - محمد بن خلف بن محمد السلاماني، لوشي، أبو عبد الله

رَوى قديمًا عن أبي عِمرانَ بن أبي تَلِيد، وتعلَّم عَقْدَ الشُّروط بينَ يدَيْ أبي الأصبَغ عيسى بن موسى المنزلي، وتأدَّبَ بأبي الحَسَن بن زاهِر، وكان مُعدَّلًا خِيَارًا، وَليَ الصَّلاة والخُطبةَ بجامع بلدِه، وخرَجَ منه في الفتنة فتوفِّي بشاطِبةَ في رجَبِ سبع وخمسينَ وخمس مئة. 540 - محمدُ بن خَلَف بن محمدٍ السَّلامانيُّ، لَوْشيٌّ، أبو عبد الله. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ تسع وتسعينَ وخمس مئة. 541 - محمدُ بن خَلَف بن محمدٍ المَعافِريُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم حيًّا في حدودِ الأربعينَ وأربع مئة. 542 - محمدُ (¬1) بن خَلَف بن محمدٍ القَيْسيُّ، جَيّانيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ المُحتسِب. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ، وأبي الحَسَن بن سِرَاج، وأبي عليّ بن سُكّرَة، وأبي محمد بن عَتّاب، وأبي الوليد العُتْبيّ وغيرِهم، وكان معلِّمَ أدبٍ وعربيّة، وسُمِعَ منه، وكان حيًّا سنةَ ثِنتَيْنِ وثلاثينَ وخمس مئة. 543 - محمدُ بن خَلَف بن محمد القَيْسيُّ، طُلَيْطُليٌّ. كان من أهل العلم والعدالة وجَوْدة الخَطّ، حيًّا سنةَ إحدى وأربعينَ وأربع مئة. 544 - محمدُ بن خَلَف بن مالك، قُرْطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ ستٍّ وثمانينَ وأربع مئة. 545 - محمدُ (¬2) بن خَلَف بن مَرْزوقِ بن أبي الأحوَص، بَلَنْسِيٌّ أُندِيُّ الأصل، أبو عبد الله، ابنُ نسَعَ -بالنُّون- والزَّنَاتيّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1263)، وفي معجم أصحاب الصدفي (114). (¬2) ترجمه المنذري في التكملة 1/الترجمة 758، وابن الأبار في التكملة (1541)، والذهبي في المستملح (202) وتاريخ الإسلام 12/ 1183 ومعرفة القراء 2/ 581، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 138، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 235.

546 - محمد بن خلف بن موسى الأنصاري الأوسي، إلبيري الأصل، أبو عبد الله، ابن الإلبيري

رَوى عن آباء الحَسَن: صِهرِه ابن هُذَيْل -واختَصَّ به ولازَمَه وأكثَرَ عنه- وطارق بن يَعِيشَ المَخْزوميِّ وابن النّعمة، وأبي بكرٍ عَتِيق بن الخَصْم، وأبي عبد الله بن سَعادةَ، وأجاز له أبو القاسم بنُ حُبَيْش. رَوى عنه أبو بكر بنُ مُحرِز، وأبو جعفر بن يوسُف ابن الدَّلّال، وأبو الحَسَن بنُ خِيَرة، وأبو حَفْص بن لَيْث بن قُحَافةَ، وأبو زكريّا بن زكريّا الحَفِيديّ، وأبَوا عبد الله: ابنُ عبد الرّحمن بن جوبر وابن أبي البَقاء، وأبو عيسى محمدُ بن محمد بن أبي السَّدَاد، وأبَوا محمد: ابنُ الأبّار وابن مطروح. وكان من كبارِ المُقرِئينَ وأئمّة المُتقِنين، ثقةً صَدوقًا [72 ب] ضابطًا، زاهدًا متقلِّلًا من الدّنيا مُنقبِضًا عن مُخالطة أهلِها، متعفِّفًا شهيرَ الفضل والدِّيانة، ذاكرًا للُّغاتِ والغريب، حافظًا للمَغازي والأنساب، ربّما استَظْهرَ "سِير ابنِ إسحاق" -تهذيبَ ابن هشام- و"استيعابَ" أبي عُمرَ بن عبد البَرّ. وُلد إمّا سنةَ ثمان، وإمّا سنةَ إحدى عشْرةَ وخمس مئة، وقال أبو عامر بن مُحرِز وأبو عبد الله ابنُ الأبّار: سنة تسع، من غيرِ شكّ (¬1)، وقال ابنُ الزُّبير: سنةَ إحدى عشْرةَ، وتوفِّي ببَلَنْسِيَةَ صُبحَ يوم السّبت لاثنتَيْ عشْرةَ ليلةً خَلَت من شعبانِ تسع وتسعينَ وخمس مئة؛ وقال ابنُ الزبير: توفِّي سنةَ اثنتين وتسعين، وقد غَلِطَ في المولِد والوفاة ولم يَضبِطْهما، ودُفن لصلاة العصر من اليوم المذكورِ بمقبُرة بابِ بَيْطالة، وصَلّى عليه أبو الحَسَن بنُ خِيَرة، وكانت جَنازتُه مشهودة. 546 - محمدُ (¬2) بن خَلَف بن موسى الأنصاريُّ الأَوْسيُّ، إلبِيريُّ الأصل، أبو عبد الله، ابنُ الإلبِيري. وغَلِط أبو زيد بنُ نِزار في اسم أبيه فجَعَلَه يوسُف. رَوى عن أبي جعفرٍ محمد بن حَكَم بن باقٍ، وأبي حَفْص بن خَلَف ابن اليتيم، وأبوَي الحَسَن: ابن ¬

_ (¬1) وهو الذي رجحه التجيبي في تعليق له على نسخة ب. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1276)، والذهبي في المستملح (73) وتاريخ الإسلام 11/ 676.

خَلَف العَبْسي وابن محمد بن عبد العزيز بن حَمْدِين، وأبوَيْ عبد الله: ابن عبد العزيز المَوْرُوري وابن فَرَج مَوْلى ابن الطَّلّاع، وأبي العبّاس بن محمد الجُذَاميّ، وأبي عليّ الغَسّاني، وأبي عَمْرو زيادٍ ابن الصَّفّار، وأبي القاسم أحمدَ بن عُمرَ بن وَرْد. وأخَذَ علمَ الكلام عن أبي بكر بن الحَسَن المُرَاديّ، وأبي جعفرٍ محمد بن حَكَم بن باقٍ، وأبي الحَجّاج بن موسى الكَلْبيّ، وتأدَّب في بعض مسائلِ النَّحو بأبي القاسم خَلَف بن يوسُفَ بن فَرْتُون بن الأَبْرَش. رَوى عنه أبو إسحاقَ بنُ قُرقُول، وأبو خالدٍ المَرْوانيُّ، وأبو زيد بن نِزار، وأبو عبد الله ابنُ الصَّيْقَل المُرْسِيّ، وأبو القاسم عبدُ الرّحمن بن عبد الله بن سَمْعانَ، وأبو الوليد بنُ خِيَرة. وكان متكلِّمًا واقفًا على مذاهبِ المتكلِّمين، متحقّقًا برأي أبي الحَسَن الأشعَريّ، ذاكرًا لكُتُبِ الأُصول والاعتقادات، مُشاركًا في الأدب، متقدِّمًا في الطبِّ. ومن مُصنَّفاتِه: "النُّكَت والأمالي في الردِّ (¬1) على الغَزّالي"، و"البيان في الكلام على القرآن"، و"الأُصول إلى معرفةِ الله ونُبوّةِ الرسول"، و"رسالةُ الانتصار على مذاهبِ الأئمّةِ الأخيار"، و"رسالةُ البيان عن حقيقة الإيمان" و"الردُّ على أبي الوليد ابن رُشْد في مسألة الاستواءِ الواقعة له في الجُزءِ الأوّل من مقدِّماتِه"، و"شَرْحُ [73 أ] مُشكِل ما وقَعَ في الموطَّإ وصحيح البخاري". وكان قد شَرَع في تصنيفه (¬2) عامَ ثمانيةَ عشَرَ وخمس مئة في شوّالٍ منه، وبلغ بالكلام فيه إلى النُّكتة الرابعة والخمسينَ لتسع خَلَوْنَ من صَفَر تسعَ عشْرةَ، ثم قَطَعت به قَواطعُ من المرضِ مختلفةٌ وعِلَلٌ جَمّة، ومطالعةُ كُتُبٍ طبّيّة (¬3) في معالجة العَيْن لرُؤيا رَآها كان يقال له فيها: ألَّفْتَ في نُور البصيرة فألِّفْ في نُور البَصَر، ¬

_ (¬1) في التكملة: "في النقض"، ومن هذا الكتاب نسخة في الإسكوريال. (¬2) الضمير يعود على كتاب "النكت والأمالي"، كما يفهم مما يأتي، وعبارة المؤلف مرتبكة. (¬3) في م ب: "طيبة"، وهو تحريف.

547 - محمد بن خلف بن اليسر بن عبد الله بن مروان بن اليسر بن طليق بن جميل القشيري المضري، غرناطي، أبو عبد الله

تنفَعْ وتنتفعْ، فأضْرَبَ (¬1) عن إكمالِ "النُّكَت"، وأقبَلَ على تأليفه النافع في مُداواة العين، وهُو كتاب جَمُّ الإفادة، ثم أخْطَرَ اللهُ ببالِه إكمالَ "النُّكَت" في مستهَلِّ ربيع الأوّل من سنة ستٍّ وثلاثينَ وخمس مئة، فأكمَلَها في يوم السّبت لخمسٍ بَقِينَ من جُمادى الآخِرة من العام. وكان له حظٌّ نَزْرٌ من قَرْض الشِّعر، أنشَدَ في بعض "النُّكت" قولَه يمدحُ إمامَ الحرَمَيْنِ أبا المعالي يوسُفَ بنَ عبد الله بن عبد الملِك الجُوَيْني [الخفيف]: حُبُّ حَبْرٍ يُكْنَى أبا للمعالي ... هُو دِيْني ففيه لا تَعذِلوني أنا والله مُغرَمٌ بِهواهُ ... عَلِّلوني بذكْرِهِ عَلِّلوني - واختصارُ "رعاية" المُحاسبيِّ إلى غير ذلك. وُلد يومَ الثلاثاء لاثنتَيْ عشْرةَ ليلةً خَلَت من ربيع الآخِر سنةَ سبع وخمسينَ وأربع مئة، وتوفِّي في جُمادى الآخِرة سنةَ سبع وثلاثينَ وخمس مئة. 547 - محمدُ بن خَلَف بن اليُسْر بن عبد الله بن مَرْوانَ بن اليُسْر بن طَلِيق بن جَمِيل القُشَيْريّ المُضَريُّ، غَرناطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكرٍ ابن النَّفيس، وأبي تَمّام غالبِ بن أحمد القُشَيْريّ، وآباءِ الحَسَن: ابن الباذِش وابن كُرْز وابن مَوْهَب وعَمْرِو بن بَدْر، وأبي عبد الله بن فَرَج بن أبي سَمُرة وغيرِهم. وكان فقيهًا جليلًا. مَوْلدُه بعدَ الثمانينَ وأربع مئة، وتوفِّي سنةَ ثمان وستينَ وخمس مئة. 548 - محمدُ بن خَلَف بن نَصْر القُضَاعيُّ. 549 - محمدُ بن خَلَف بن وَهْب اللَّخْميُّ، إشبيليٌّ، أبو بكر، القَرَّاق. تَلا بالسَّبع على أبي بكرٍ الزُّهْري، وأبي العبّاس بن مُنذِر. وتَلا عليه بها شيخُنا أبو الحُسَين عُبَيدُ الله بن عبد العزيز ابن القاري. ¬

_ (¬1) في م ب: "فأضرم".

550 - محمد بن خلف الرعيني

550 - محمدُ بن خَلَف الرُّعَيْنيُّ. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي. 551 - محمدُ بن خَلَف السَّكُونيُّ. رَوى عن أبي القاسم الهَوْزَني. 552 - محمدُ بن خَلَف المُحارِبيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكرٍ عَتِيق بن أحمدَ الأُورِيُوليّ، وكان فقيهًا مُشاوَرًا. 553 - محمدُ (¬1) بن خَلَف المَعافِريُّ، مَيُورْقيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ غَيْدَاء. [73 ب] رَوى عن أبوَيْ إسحاق: الغَرناطيِّ وابن فَتْحُون، وأبي محمد بن سَهْل المَنْقُوري. رَوى عنه أبو عبد الله الشَّكّازُ؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا نَحْويًّا ماهرًا، بَذَّ في ذلك أهلَ بلدِه، وتصَدَّرَ لإقراءِ القرآن وتعليم العربيّة. وتوفِّي بمَرّاكُشَ سنةَ إحدى وست مئة. 554 - محمدُ (¬2) بن خَلَف، شاطِبيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحَسَن ابن الدُّوْش وغيرِه. رَوى عنه أبو عامر بنُ حُمَيد وكان ممّن شارَكَه في السَّماع. 555 - محمدُ بن خَلَف، طَرْطُوشيٌّ. رَوى عن أبي عبد الله بن أحمدَ بن منظور. 556 - محمدُ بن خَلَف الدَّبّاغُ، غيرُ الذي يليه قبلَه. رَوى عن أبي عبد الله بن أحمدَ بن منظور. 557 - محمدُ (¬3) بن خُلَيْد بن محمدٍ التَّميميُّ، مَرَويٌّ أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1554)، والذهبي في المستملح (207) وتاريخ الإسلام 13/ 45. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1198). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1396).

558 - محمد بن خليفة بن تيمصلت، أبو عبد الله

رَوى ببلدِه عن أبي الحَجّاج القُضَاعيّ، وبقُرطُبةَ عن أبي القاسم بن جَهْوَر؛ وكان أديبًا متصدِّرًا لإقراءِ الأدب، حيًّا في شعبانِ تسع وخمسينَ وخمس مئة. 558 - محمدُ (¬1) بن خَليفةَ بن تِيْمَصَلْت، أبو عبد الله. حدَّث عن أبيه. حدّث عنه أبو إسحاقَ بن عليّ بن طلحة؛ وكان مُقرِئًا. 559 - محمدُ بن خَليفةَ بن عبد الله بن خَلَف بن هِشام بن يحيى القَيْسيُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي الحَسَن بن لُبَّال. 560 - محمدُ بن خَليل بن سَهْل بن خَليل، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ أربع وستينَ وأربع مئة. 561 - محمدُ بن محمد (¬2) بن وَكيل القَيْسيُّ، مالَقيٌّ، أبو الوليد. رَوى عن أبيه، رَوى عنه أبو جعفرٍ ابنُ الجَيّار. 562 - محمدُ (¬3) بن خَليل بن يوسُف بن نَضِيْر -بفتح النُّون وضاد معجَم وياءِ مَدّ وراء- الأنصاريُّ، سَرَقُسْطيٌّ سَكَنَ بَلَنْسِيَةَ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي محمد يوسُفَ بن سَمَجُون، وأبي المُطرِّف ابن الوَرّاق؛ وكان ذا عناية بطلبِ العلم ولقاءِ حَمَلتِه، حيًّا بعدَ الثلاثينَ وخمس مئة. 563 - محمدُ (¬4) بن خَميِس، غَرْبيٌّ سكَنَ إشبيلِيَةَ كثيرًا، أبو عبد الله. رَوى عنه أبو الفَضْل عِيَاض، وكان رجُلًا صالحًا فاضلًا، صَدْرًا في شيوخ الصُّوفيّة في وقتِه، معروفًا بالإخلاص ذاكرًا للرقائق، وصنَّف في التصوُّف وما في معناه كتابًا حَسَنًا سمّاه "المنتقَى من كلام أهل التُّقى". ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1201). (¬2) كذا ورد، وهو غير جار على الترتيب المتبع. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1259). (¬4) ترجمه القاضي عياض في الغنية (28)، وابن الأبار في التكملة (1224).

564 - محمد بن خليل، أبو عبد الله

564 - محمدُ بن خليل، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بحرٍ الأسَديِّ، وأبي بكر ابن العَرَبيّ، وأبي محمد بن عَتّاب. رَوى عنه أبو الحَسَن بن حمزةَ المكركيُّ سنة إحدى وستينَ وخمس مئة. 565 - محمدُ (¬1) بن خِيَرةَ، مولى أبي هريرة، الكاتبُ للظافر إسماعيلَ بن ذي النون، طُلَيْطُليٌّ. أخَذ عن [74 أ] ابن الصَّفّار، وابن برْغُوث. وكان أحدَ المُبرِّزينَ في علمَي العدَدِ والفرائض، وعلَّم ذلك في قُرطُبة، وكان حيًّا سنةَ ستّينَ وأربع مئة. 566 - محمدُ بن داودَ بن محمد بن شِمْر. رَوى عن أبي عليّ الغَسّانيِّ، وأبوَيْ محمد: عبد الرّحمن بن غِيَاث وعبد القادر، وأبي الوليد أصبَغَ بن محمد. 567 - محمدُ (¬2) بن رافع بن أحمدَ بن خَليفةَ بن سعيد بن رافع بن حلبس الأمَويُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله. كان عارفًا بالعربيّة وأقْرأَها وقتًا. 568 - محمدُ (¬3) بن رافع بن غِرْبيب، سَرَقُسْطيٌّ. أحدُ الشُّهودِ على الطَّلَمَنْكيِّ بخلاف السُّنّة. 569 - محمدُ (¬4) بن رافع بن محمد بن حَسَن بن رافع القَيْسيُّ، مُرْسِيٌّ، أبو عبد الله. تأدَّبَ في العربيّة بأبي جعفر بن مُفرِّج المَلّاحيِّ. رَوى عن أبوَيْ عبد الله: ابن حَمِيد والمَوْلى، وأبي القاسم بن حُبَيْش وأكثرَ عنه واختَصَّ به، وأبي محمد ¬

_ (¬1) ترجمه صاعد في طبقات الأمم (82)، وابن الأبار في التكملة (1121). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1365). (¬3) ترجمه ابن الأبار فى التكملة (1090)، والذهبي في المستملح (16). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1517).

570 - محمد بن حكم بن رجاء بن محمد الأنصاري، إلبيري

ابن عُبَيد الله، وتفَقَّه بأبي عَمْرٍو البَشِيجيّ، وأجازَ له أبو القاسم ابن بَشْكُوالَ في آخَرينَ سواه. وكان من أهل العلم بالقراءةِ والعربيّة، مُعتَنيًا بالحديث وروايته، حَسَنَ الخُلُق جميلَ الهَدْي، وأقرَأَ القرآنَ والعربيّةَ دهرًا، واستُقضيَ بمُولَةَ وتوفِّي بإشبيلِيةَ عند توجُّهِه إليها في وَفْد مُرْسِيةَ لتهنئةٍ بفتح الأرْك (¬1)، في ذي حجةِ إحدى وتسعينَ وخمس مئة، وقال ابنُ الزُّبَيْر: سنةَ اثنتينِ وتسعينَ، ولم يُعيِّن الشهرَ، ومولدُه سنةَ أربع وخمسينَ وخمس مئة. 570 - محمدُ بن حَكَم (¬2) بن رَجَاء بن محمد الأنصاريُّ، إلبِيريٌّ. رَوى عن أهل بلدِه، وكان فقيهًا مُشاوَرًا. توفِّي بعدَ الثلاثينَ وأربع مئة. 571 - محمدُ (¬3) بن رِزْق الله بن مُطرِّف بن أبي سَعْدون الأمَويُّ، بَطَلْيَوْسيٌّ. رَوى عن أبي بكرٍ عاصم بن أيُّوبَ ولازَمَه، وأبي القاسم محمدٍ ابن الحَدّاد وأبي محمد بن عُمَر ابن الخَرَّاز، وكان أديبًا ماهرًا، واختَصَرَ "شَرْحَ" الطَّبيخيِّ شعرَ حَبِيب اختصارًا حَسَنًا وأضاف إليه فوائدَ شَهِدت بنُبلِه وسَعة معرفتِه. 572 - محمدُ بن رِزقِ الله، شاطبيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله بن مُغاوِر. 573 - محمدُ (¬4) بن أبي المنذِر رِزْق بن عبد الله، مَرَوِيٌّ، أبو عامر. وكان رِزقٌ أبوه عِلْجَا مَوْلًى لبعض أهل المَرِيّة. رَوى عن أبي الحَسَن يونُسَ بن محمد بن مُغِيث، وأبوَيْ عبد الله: ابن أحمدَ بن سَهْل وابن خَطّاب، وأبي عليّ الغَسّانيِّ؛ رَوى عنه ابنُه أبو بكرٍ يحيى، وكان رجُلًا فاضلًا ذا ثروةٍ وَيَسار وسَعةِ حال. ¬

_ (¬1) Arco، ومعناها قوس، أي: "عقد". (¬2) هكذا في النسختين، فإذا صح فإنه جاء في غير موقعه الصحيح. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1202). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1243)، والذهبي في المستملح (57).

574 - محمد بن رسلان بن خلف بن عبد الرحمن بن رسلان، من أهل قلعة ورد

574 - محمدُ بن رَسْلانَ بن خَلَف بن عبد الرّحمن بن رَسْلان، من أهل قلعةِ وَرْد. رَوى عن أبي عُمر مَيْمونِ بن ياسين اللَّمْتُونيّ. 575 - محمدُ (¬1) بن رُشَيْد -مُصغَّرًا- ابن عيسى بن أحمدَ بن محمد بن عليّ بن باز، أبو عبد الله. رَوى بالمَرِيّة ومالَقةَ عن أبي زيد السُّهَيْليِّ، وأبي عبد الله ابن المُرابِط، وأبي العبّاس البَلَنْسِيِّ، وأبي محمد قاسم بن دَحْمان، وأبي مَرْوانَ بن أبي بكرٍ الفَرّاء، وتوفِّي بعدَ ستٍّ مئة [74 ب]. 576 - محمدُ (¬2) بن رِضا بن أحمدَ بن محمد، طُلَيْطُليٌّ. رَوى عن خَلَف بن أحمدَ الرَّحَويِّ سنةَ ثلاثٍ وعشرينَ وأربع مئة، وكان مَعْنيًّا بالرِّواية والفقه هو وأخوه أحمد. 577 - محمدُ بن الزُّبَيْر بن إسحاقَ بن الزُّبَيْر، بَلَنْسِيٌّ. كان حيًّا سنةَ أربعَ عشْرةَ وست مئة. 578 - محمدُ (¬3) بن الزُّبَيْر، مُرْسِيٌّ جَنْجَاليُّ الأصل، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكر بن حَسْنُون، وأبي محمد بن حَوْطِ الله. وكان مُقرِئًا مُجوِّدًا، نَحْويًّا ماهرًا، تصَدَّر لإقراءِ القرآن وتعليم العربيّة، واشتُهرَ بالصّلاح والفضل. توفِّي سنةَ عشرينَ وست مئة. 579 - محمدُ بن زكريّا بن بَطّالٍ البَهْرانيُّ، إشبيليٌّ أبو القاسم. رَوى عن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة (25)، وابن الأبار في التكملة (1555)، والذهبي في المستملح (208) وتاريخ الإسلام 13/ 68. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1087). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1590)، والذهبي في المستملح (237).

580 - محمد بن زكريا، إشبيلي ابن الطنجية

580 - محمدُ (¬1) بن زكريّا، إشبيليٌّ ابنُ الطَّنْجيّة. حَكَى عنه أبو بكر ابن القُوطِيّة في "تاريخهِ" (¬2)، وكان أديبًا حافظًا ذاكرًا للتواريخ والأخبار. 581 - محمدُ بن زكريّا، إشبيليٌّ، أبو بكر. رَوى عن أبي الحَسَن ابن الطَّلّاء. وكان فقيهًا حافظًا مُشاوَرًا. 582 - محمدُ (¬3) بن زيادةِ الله بن عيسى الثَّقَفيُّ، مُرْسِيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الحَلّال، وهو والدُ القاضي أبي العبّاس. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرة. وكان شيخًا جليلًا من أهل الفَضْل والدِّيانة والعقل، معظَّمًا في بلدِه. توفِّي في ذي قَعْدةِ سنةِ ستٍّ وأربعينَ وخمس مئة. وغَلِطَ ابنُ سُفيانَ في وفاتِه، وشَكَّ فيها أبو الرَّبيع بنُ سالم. 583 - محمدُ بن زيدِ الله بن عبد الجَبّار الباهِليُّ، أبو طالب. رَوى عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ، وشُرَيْح. 584 - محمدُ (¬4) بن زيد مَوْلى الأمير عبد الرّحمن بن الحَكَم، قُرْطُبيٌّ، أبو عبد الله. أخَذ عن الحَكِيم محمد بن إسماعيل، وكان عالمًا بالعربيّة صحيحَ الرّوايةِ للشّعر. 585 - محمدُ بن زَيْد، أبو عبد الله. رَوى عن أبي محمد ابن السِّيْد، حدَّث عنه بالإجازة أبو عامر بنُ نَذير، وكان أحَدَ أفراسِ الكلام نثرًا ونَظْمًا، مُجِيدًا بارِعًا، كتَبَ عن بعض الأُمراء، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (999). (¬2) ينظر تاريخ ابن القوطية (29). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1336)، والذهبي في المستملح (98) وتاريخ الإسلام 11/ 895، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (262). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1003).

586 - محمد بن سالم الأنصاري، أبو عبد الله السالمي

وامتَدحَ السّلاطينَ والرُّؤساء، وكانت بينَه وبينَ طائفة من أُدباءِ عصرِه مكاتَباتٌ ظهَرَتْ فيها [75 أ] إجادتُه. 586 - محمدُ بن سالم الأنصاريُّ، أبو عبد الله السالِميُّ. رَوى عن أبي مَرْوانَ بن مسَرَّةَ. 587 - محمدُ (¬1) بن سالم، قُرْطُبيٌّ، أبو عبد الله، ابن بُرْتال، بضمِّ الباء بواحدة وإسكان الراءِ وتاءٍ معلولة وألِف ولام. تَلا عليه أبو عبد الله الشَّنتجاليّ، وكان مُقرِئًا مُعمَّرًا إمامًا في الفريضة بمسجد البَلَنْسيِّ من قُرطُبة، وكان حيًّا في حدود الثمانينَ وخمس مئة، ولعلّه المذكورُ آنفًا راوِيًا عن ابن مسَرَّة. 588 - محمدُ (¬2) بن سَعَادةَ بن عُمرَ الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ قَدِيم. تفَقَّه بأبي الوليد الوَقَّشيّ، وتأدَّبَ في العربيّة بأبي العبّاس الكفيف، وتوفِّي في نحو أحدٍ وثلاثينَ وخمس مئة. 589 - محمدُ بن سَعَادةَ، أبو بكر. رَوى عن أبي عُمرَ مَيْمونِ بن ياسين اللَّمْتُونيّ. 590 - محمدُ بن سَعْدِ الله بن خلَف -أو واجِب- البَلَويُّ. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 591 - محمدُ بن سَعْد بن أسَدٍ الجُهَنيُّ، قُرْطُبيٌّ طُلَيْطُليّ (¬3). كان من بيتِ علم، فقيهًا عاقدًا للشُّروط، مُبرِّزًا في العدالة، حيًّا سنةَ عشرينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1458). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1261). (¬3) في هامش ب: "لعله طليطلي الأصل".

592 - محمد بن سعد بن زكريا بن عبد الله بن سعد، من ساكنى دانية، أبو بكر

592 - محمدُ (¬1) بن سَعْدِ بن زكريّا بن عبد الله بن سَعْد، من ساكنى دانِيَةَ، أبو بكر. كان من أهل العلم بالطّبِّ والتعاليم والفلسفة، وهُو مؤلِّفُ "التّذكِرة" الجاري عليها اسمُ السَّعْديّة نسبةً إليه، وكان حيًّا سنةَ ستَّ عشْرةَ وخمس مئة. 593 - محمدُ بن سَعْد بن سَلَمةَ. رَوى عنه عبدُ العرْيز بن يحيى بن لَبِيد. 594 - محمدُ بن سَعْد بن شَجَرةَ، أبو بكر، أظُنُّه إشبيليًّا. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 595 - محمدُ (¬2) بن سَعْد بن عثمانَ التُّجيبيُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ القُدْرة. رَوى عن أبي عبد الله ابن الفَخّار، وأبي عبد الرّحمن بن جَحّافٍ حَيْدَرةَ وغيرِهما. رَوى عنه ابنُه أبو بكر عبدُ العزيز. 596 - محمدُ بن سَعْدُون الهاشميُّ، من أهل شَنْتَ مَرِيّةِ الشَّرق، سَكَنَ مُرْسِيَةَ، أبو بكر وأبو عبد الله، ابنُ طرافش. رَوى عن أبي الحَسَن بن هُذَيْل، وأبي عبد الله بن عبد الرّحيم، رَوى عنه أبو جعفر بنُ زكريّا بن مَسْعود، وكان شيخًا فقيهًا مُقرِئًا، فاضلًا صالحًا، متيقِّظًا عَدْلًا، بارعَ الخَطّ، وَليَ الصّلاةَ والخُطبةَ بجامع مُرْسِيَةَ والأحكامَ بها، واستمرَّ على الخَطابة والصّلاة إلى أن توفِّي سنةَ ثِنتَيْنِ وتسعينَ وخمس مئة. 597 - محمدُ (¬3) بن سَعِيد بن أحمدَ بن سَعِيد بن عبد البَرّ بن مُجاهد ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1203). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1102). (¬3) ترجمه المنذري في التكملة 1/الترجمة 118، وابن الأبار في التكملة أيضًا (1494)، والذهبي في المستملح (172) وتاريخ الإسلام 12/ 821 وسير أعلام النبلاء 21/ 147، وتذكرة الحفاظ 4/ 1361 والعبر 4/ 258، والصفدي في الوافي 3/ 102، وابن فرحون في الديباج 1/ 259، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 143، وابن تغري بردي في النجوم 6/ 112.

الأنصاريُّ، إشبيليٌّ سَكَنَ بعضُ سَلَفِه بَطَلْيَوْسَ، أبو عبد الله، ابنُ زَرْقون، لقَبٌ جَرَى على بعضِ آبائه، اختُلِفَ في تعيينِه، [75 ب] وذلك مذكورٌ في رَسْم أبيه. رَوى سَماعًا عن أبيه، وأبي [بكرٍ] (¬1) ابن القبطورنُهْ، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وآباءِ عبد الله: أحمدَ الخَوْلانيِّ -ومن طريقِه علا إسنادُه، وهو آخِرُ الرُّواة عنه- وابنِ الحاجّ وابن شِبرين -أخَذَ عنه مصنَّفات أبي الوليد الباجِيِّ لا غيرُ (¬2) - وابن فتوح بن محمد الأنصاريّ، وأبي عليّ بن سَهْل الخُشَنيّ وأبي عِمرانَ بن أبي تَلِيد ولقِيَه بمَرّاكُشَ، وأبي الفَضْل عِيَاض واختَصَّ به وكتَبَ عنه أيامَ استقضائه بغَرناطة، وأبي القاسم ابن الأبَرَش، وآباءِ محمد: الوَحِيديِّ وعبد الرّحمن بن عَتّاب وعبد المجِيد بن عَبْدُونٍ ولازَمَه كثيرًا، وأبي (¬3) مَرْوانَ الباجِيّ. رَوى عنه آباء الحُسَين: ابنُه محمدٌ وابنُ السَّرَّاج وابنُ عاصم الدائريُّ، وأبَوا إسحاق: الأعلمُ وابن قَسُّوم، وأبو أُميّةَ بنُ غُفَيْل، وأبو البقاءِ يَعيِشُ، وآباءُ بكرِ: ابن إسحاقَ وابن أبي العبّاس بن خَليل وابن عبد النُّور القُرْطُبيُّ وابن قَنْتَرال، وأبو الحَجّاج بن عبد الله الغافِقيُّ، وآباء الحَسَن: البَلَويُّ وابن الفَخّار الشَّرِيشيُّ وابن الفَقَّاص وابن قطرال، وأبوَا الخَطّاب: ابن خليل وابن واجِب، وأبو سُليمان ابن حَوْطِ الله، وأبو الرَّبيع بن سالم، وآباء عبد الله: ابنُ أبي بكر الفَخّار وابن حَسَن وابن خَلْفُون وابن عبد البَرّ، وأبو عامر بن أُبَيّ، وآباءُ العبّاس: ابن عبد المُؤْمن والعَزَفيُّ والنَّبَاتيّ، وأبوَا عليّ: الرُّنْديُّ وابنُ الشَّلَوْبِين، وأبو عَمْرو بن مَغْنِين، وآباءُ القاسم: أحمدُ البَلَويُّ شيخُنا وعبدُ الرحيم بن إبراهيمَ ابن الفَرَس والمَلّاحيُّ، ¬

_ (¬1) بياض في المتن، والإصلاح من هامش ب. (¬2) بهامش ب: "قال أبو علي الشلوبين في فهرسته: والشيوخ الذين أجازوه -يعني لإبن زرقون هذا- جميع ما رووا، من خطه لي نقلت أسماءهم، فذكر جماعة منهم أبو عبد الله بن شبرين المذكور، فهذا يرد ما داخل المتن من أن ابن شبرين إنما أخذ عنه ابن زرقون مصنفات الباجي لا غير، وقد ذكر أبو القاسم ابن بشكوال أن ابن شبرين كان يحمل عن الباجي كثيرًا من رواياته، رحم الله جميعهم". (¬3) في الأصل: "وأبو" كأنه سبق قلم.

وآباءُ محمد: ابن أحمدَ بن جُمهُور وابن حَوْطِ الله وابنُ القُرْطُبيّ، وأبو الوليد إسماعيلُ ابن الأديب، ومحمد بن أحمدَ ابن الحاجّ. وكان محدِّثًا مُسنِدًا عاليَ الرِّواية ثقةً، فقيهًا مُشاوَرًا حافظًا، يعترفُ له أبو بكرٍ ابنُ الجَدّ بذلك، بَصيرًا بأحكامِ القضاء، ماهرًا في عَقْد الوثائق، وَقُورًا ذكيًّا رَصِينَ العقل، متينَ الدِّين، رَيّان من علم الأدب، كاتبًا مُجِيدًا، شاعرًا مُحسِنًا، حَسَنَ المشاركة في الطّب، كثيرَ البِشْر، وَطيءَ الأكناف، جميلَ الشّارةِ والهيئة، نبيهَ القَدْر، أحسَنَ الناس خُلُقًا وأحناهُم على طَلَبةِ العلم وأجمَلَهم توَدُّدًا لآلِه، أنفَقَ عُمُرَه في إسماع الحديث وتدريس المذهبِ المالكيِّ وتعليم الأدب، صَبُورًا على ذلك معَ الكَبْرة، يتَكلَّفُ ذلك وإن شَقَّ عليه. واختَصَر "المنتقَى" للباجِيِّ أنبلَ اختصار، وجمَعَ بين "المنتقَى" و"استذكارِ" ابن عبد البَرّ، وتمَّمَ فيه ما رأى تتميمَه، واستدرَكَ ما اقتضَى نظره استدراكَه، ونبَّهَ [76 أ] على مواضعَ يجبُ التنبيهُ عليها؛ فقال ابنُ الزبير: إنه جَمَعَ بينَ الصَّحيحَيْنِ، وإنّما جمَعَ بينَهما ابنُه أبو الحُسَين، وكان على كَبْرته وعلوِّ سنِّه ممتَّعًا بحواسِّه، ورام يومًا النهوضَ من مجلسِه فلم يستطعْ من الكِبَر، حتى اعتمَدَ على مُعين، فلمّا استوَى قائمًا أنشَدَ متمثِّلًا [مخلع البسيط]: قد صرتُ عندَ الحِسَانِ زيفًا ... وغيَّرَ الحادثاتُ نَقْشي وكنتُ أمشي ولستُ أعيَا ... فصِرتُ أعيَا ولستُ أمشي قال شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ: وكان كثيرًا ما يُنشدُ -يعني أبا الحُسَين ابنَ زَرْقُون-: أصبحتُ عند الحِسان ... البيتَيْنِ. قال المصنِّفُ عَفَا الله عنه: هذانِ البيتانِ يُنسَبانِ إلى أبي محمد عبد الجَبّار ابن حَمْدِيسَ الصِّقِلِّي (¬1) المذكورِ بموضعِه من هذا الكتاب، ولم يقَعا إليَّ في نُسخة من ديوانِ شعرِه، واللهُ أعلم. ¬

_ (¬1) ديوان ابن حمديس (287) مع اختلاف في الرواية.

قال شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ (¬1): وكان كثيرًا ما يُنشِد -يعني ابنَ عبد المجيد رحمه الله- أنّ أبا العبّاس أصبَغَ بنَ أبي العبّاس ذَكَرَ أنّ ابنَ سيّد دَخَلَ عليه بعضُ أصحابِه، فأراد أن يقومَ إليه بِرًّا بهِ، فثَقُلَ عن ذلك فتمثَّل بقول ابن حَمْدِيس [مخلع البسيط]: أصبحتُ عند الحِسانِ زيفًا ... غيَّرتِ الحادثاتُ نَقْشي وكنتُ أمشي ولستُ أعيا ... فالآنَ أعيا ولستُ أمشي فقال ابنُ أخْيَلَ [مخلع البسيط]: وإنْ أقُمْ قام بي أُناسٌ ... كأنّهمْ حاملونَ نَعْشي قال ابنُ أبي العبّاس: وقلتُ أنا [مخلع البسيط]: والذِّئبُ إنْ أَخْشَ منهُ عَدْوًا ... فالأُسْدُ كانتْ تخافُ بَطْشي وقال آخَرُ (¬2) [مخلع البسيط]: فالحمدُ لله من زمانٍ ... يُهدِّمُ الموتُ كلَّ عرشِ وكان الناسُ يَرحَلونَ إليه رغبةً في الأخْذِ عنه والسَّماع منه؛ لعُلوِّ روايتهِ، وإن كان فيها مُقِلًّا. ومن مصنَّفاتِه: "الجَمْع بين سُنن أبي داودَ وجامع التِّرمذي"، ومنها: "الأنوار" جَمَعَ فيه بينَ "المنتقَى" و"الاستذكار". واستُقضِيَ بشِلْبَ ولَبْلةَ وسَبْتةَ مُدّة، وبشَرفِ إشبيلِيَةَ أخرى قبلَها، وبشَرِيش، فَحُمِدتْ سِيرتُه وعُرِف بالعدل والنَّزاهة [76 ب] وبسَراوة الهمّة. حدَّثنا الشّيخُ المُسِنُّ المُسنِد أبو القاسم البَلَويُّ رحمه اللهُ قراءةً علينا بلفظهِ، قال: حدثنا القاضي أبو عبد الله بنُ زَرْقون إجازةً، قال: حدثنا الرّاوِيةُ ¬

_ (¬1) برنامج شيوخ الرعيني (34). (¬2) كذا في م؛ وقد قطعت الراء في ب، وكتب فوق الكلمة "كذا"، وعند الرعيني: "أخي".

أبو عبد الله أحمدُ بن محمد الخَوْلانيُّ إجازةً، قال: أخبرنا أبو الحَسَن عليُّ بن حَمُّوْيَةَ الشّيرازيُّ بإشبيلِيَةَ -قَدِمَها علينا فقُرئَ عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا أبو بكرٍ أحمدُ بن سلْم، قال: أخبرنا أبو مُسلم الكَشِّيُّ، قال: حدثنا محمدُ بن عبد الله الأنصاريُّ، قال: حدّثنا ابنُ عَوْنٍ، عن الشَّعْبيِّ، قال: سمِعتُ النُّعمانَ بنَ بَشِير يقولُ: سمعتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول - ووالله لا أسمَعُ أحدًا بعدَه يقولُ: سمِعتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول-: "إنّ الحلالَ بَيّن، وإنّ الحرامَ بَيّن، وإنّ بينَ ذلك أُمورًا مُشتبِهات"، وربّما قال: مُشتبِهة، "وسأضرِبُ لكم في ذلك مثلًا: إنّ اللهَ حَمَى حِمًى، وإنّ حِمى الله ما حَرَّم، وإنه مَن يَرْعَ حوْلَ الحِمَى يوشِك أن يُخالط الحِمَى"، وربّما قال: "مَن يُخالط الرِّيبةَ يوشك أن يَخسَر" (¬1). وقرَأْتُ على الشَّيخ أبي الحَسَن الرُّعَيْنيّ رحمه اللهُ، ونقَلتُه من خطِّه، قال (¬2): أنشَدَني شيخُنا أبو الحُسَين بن زَرْقُون لأبيه أبي عبد الله مُذيِّلًا الأبياتَ الأربعةَ الواقعةَ في "زهر الأدب" وغيرِه، المنسُوبةَ إلى الأمير أبي الفضل عُبَيد الله ابن الأميرِ أبي نَصْر أحمدَ بن عليّ بن مِيكالَ، وهي [الوافر]: أقولُ لشادنٍ في الحُسنِ فَرْدٍ ... يَصيدُ بلحظِهِ قلبَ الكَمِيِّ: ملَكْتَ الحُسنَ أجمعَ في قَوامٍ ... فأدِّ زكاةَ منظرِك البَهيِّ وذاك بأنْ تَجودَ لمُستهامٍ ... بِرِيقٍ من مُقبَّلِك الشَّهيِّ فقال: أبو حنيفةَ لي إمامٌ ... فعندي لا زكاةَ على الصّبِيِّ فذيَّلَها أبو عبد الله جامعًا بين أقوالِ أئمّة الفقهاءِ المنتشِرة مذاهبُهم بقولِه [الوافر]: فإن تكُ مالكيَّ الرأي أو مَنْ ... يَرى رأيَ الإمام الشافعيِّ فلا تَكُ طالبًا منّي زكاةً ... فإخراجُ الزكاةِ على الوَلِيِّ ¬

_ (¬1) بعده بياض بقدر سطرين، وأصل حديث ابن عون عن الشعبي في البخاري 3/ 69 وغيره باختلاف لفظي. وينظر المسند الجامع 15/ 529 - 531 ففيه تفصيل تخريج الحديث. (¬2) برنامج شيوخ الرعيني (35).

وحدَّثني بهذَيْنِ البيتَيْنِ أبو القاسم البَلَويُّ رحمه اللهُ عن ناظِمهما أبي عبد الله، إجازةً، وبالإسنادَيْنِ عنه، يُلغِزُ فيمن اسمُه عبدُ المُنعم ويَذكُرُ أنه ابنُ تيسيت [الهزج]: [77 أ] أيا مَن لا أُسمِّيهِ ... كما يَعرِفُ كِتْماني أنا شَطْرُ اسمِكمْ حقًّا ... فكنْ لي شَطْرَهُ الثاني وحدَّثني الشَّيخُ أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ والحافظُ أبو عليّ الحَسَنُ بن أبي الحَسَن الماقَريُّ الكفيفُ، قالا: حدثنا الأستاذُ الأديبُ أبو القاسم البَلَويُّ رحمه الله عن ناظمِهما أبي عبد الله، إجازةً وبالإسنادَيْنِ عنه يُلغِزُ فيمن اسمُه عبدُ المُنعم، ويَذْ (¬1) [كُرُ] منه حكاياتٍ مُستطرَفةً عن أشياخِه وعن غيرِهم وأناشيدَ في كلّ فن من الأدب، فذاكَرْتُه في بعض العَشَايا ببعض مآخِذِه فوَجَدَ هِزّةً من كلامي وأنِسَ به وقال لي حينَئذٍ: أعلمتَ أنّ بيني وبينكَ أُخوَّة التُّربة؟ فقلتُ له: وكيف ذلك؟ فقال لي: إنّي وُلدت ببلدِك، فزِدتُ بالحال غِبْطة وشكرتُه على هذا القَدْر من التأنيس ودعوتُ له، ثم زادني في الحديث حكايةً مُستطرَفةً أودعتُها "شَرْح المقامات" (¬2). ¬

_ (¬1) ضبب فوقها في ب. (¬2) ترك المؤلف بياضًا بعد ذلك فكأنه أراد إيراد الحكاية المستطرفة التي ذكرها الشريشي في "المقامات" 3/ 123 وها هي ذي: "حدثني الفقيه أبو عبد الله بن زرقون في بستانه بطريانة أيام قراءتي عليه النوادر والكامل، وكان رحمه الله ذاكرًا بالطريقة الأدبية مع تميزه بالطريقة الفقهية فدارت بيني وبينه في إحدى العشيات أنواع من المذاكرات في فنون أدبيات فاهتز، رحمه الله، وهش وأظهر السرور بي وأنا يومئذ غلامٌ ما بقل عذاري فقال: لقد علمت أن بيني وبينك أخوة. قلت: وكيف ذاك يا سيدي؟ فقال: إني ولدتُ ببلدك شريش، فزدتُ بالحديث غبطة واسترحت منه، فقال لي: ومع ذلك فثم قصة مستطرفة: اعلم أني كنت اجتزتُ بشريش قافلًا من العُدوة مع الفقيه أبي بكر بن العربي، رحمه الله، فلما صرنا في بطاحها وبين كرماتها وجنّاتها أخذ الفقيه أبو بكر يثني عليها بكل لسان، على كثرة ما رأى من البلدان ويقول: إن الأشياء التي جُمعت فيها لا تكاد تجتمع في بلدة من كثرة الزرع والضرع والزيت والعصير والملح =

598 - محمد بن سعيد بن أبي عثمان الأموي، طليطلي

مَوْلدُه بشَرِيش ليلةَ الخميس منتصَفَ ربيعٍ الأوّل سنةَ ثِنتَيْنِ وخمس مئة، وفي ذي القَعْدة منها أجاز له أبو عبد الله الخَوْلانيّ، وقال ابنُه أبو الحُسَين: إنّ مولدَه سنةَ إحدى وخمس مئة، وتوفِّي بإشبيلِيَةَ ليلةَ الاثنين منتصَفَ رجَبِ ستٍّ وثمانينَ وخمس مئة، وصَلّى عليه ابنُه أبو الحُسَين على شَفِير قبرِه بالكُدْية خارجَ بابِ قَرَمُونةَ إثْرَ صلاة العصرِ من يوم الاثنينِ المذكور، واحتَفلَ الناسُ لحضورِ جَنازته، وأسِفوا لفَقْدِه وأثنَوْا عليه خيرًا، وكان أهلًا لذلك، رحمه الله. 598 - محمدُ بن سَعِيد بن أبي عثمانَ الأمويُّ، طُلَيْطُليٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ إحدى وأربعينَ وأربع مئة. 599 - محمدُ (¬1) بن سَعِيد بن بَشِير بن شَرَاحِيل. كذا نَسَبَه أبو مَرْوانَ ابنُ حَيّان، وقال فيه ابنُ شعبان: محمدُ بن بَشِير بن سَرَافِيل، وقال ابنُ الفَرَضيّ في بعضِ معلَّقاتِه: محمدُ بن بَشِير بن محمد، وقالا: المَعافِريُّ، وقال أبو عبد الملك أحمدُ بن محمد بن عبد البَرِّ فيه: محمدُ بن بَشِير المَعافِريُّ، وكَنَاهُ أبا بكر، وقال ابنُ حارث: محمدُ بن سَعِيد بن بَشِير بن شَرَاحِيل المَعافِريُّ، وقال خالدُ بن سَعْدٍ في ترجمة محمد بن سَعِيد بن بَشير [....] (¬2) [77 ب] ثم قال بعدَ تراجمَ كثيرة: محمدُ بن بَشِير [....] (¬3) فظُنَّ به أنهما عندَه ¬

_ = وغير ذلك، فقلت له: أعلمتَ أني ولدتُ بها؟ فقال لي أبو بكر: أتقول أنت الآن: "مسقط الرأس شريش" فقلت له مجيزًا: "وبها كنتُ أعيش" فقال أبو بكر: "بلدة يوجد فيها"، فقلت: "كل شيء ويريش" فقال أبو بكر: "وردها من سلسبيل"، فقلت: "وصحاريها عريش" ثم سرنا في طريقنا على قوافي السروجية فرددناها شريشية وقطعنا بها الطريق ونحن لا نشعر فكانت أسرَّ عشية رأيت بمجالسة مثل هذا الفاضل وسنه قد نيف على الثمانين بسنتين يحدثني عن ابن العربي وابن عَبْدون ونظرائهما وسرنا في رياض كلها نزهة على نهر إشبيلية وهي أمامنا على بهجتها وجمالها مادحًا لي ولبلدي ليدخل عليَّ بذلك مسرة. نسأل الله تعالى أن يبلغه غاية السرور في دار البقاء". (¬1) ينظر قضاة الخشني (47 - 59)، والمرقبة العليا للنباهي (47). (¬2) بياض في النسختين. (¬3) كذلك.

600 - محمد بن سعيد بن ثابت العبدري، من أهل الثغر الشرقي، أبو عبد الله

رجُلان، وذَكَرَ الأوّلَ مختصرًا واحتَفلَ في ذكْرِ الثاني، ويظهرُ أنهما واحدٌ كرَّرَهما غَلَطًا، واللهُ أعلم. ثم نسبتُه إلى شَراحِيل فيها نَظَر، فقد ذَكَرَ عبدُ الله الحُكَيِّم في كتابِه في "أنساب الداخِلينَ إلى الأندَلُس من العرَب وغيرِهم" (¬1) في رَسْم المَعافِر: بقُرطُبةَ منهم بيتُ محمد بن بَشِير القاضي، ولهم بقيّة، وبيتُ بني شَراحِيل، وهم أصهارُ بني بَشِير، وكانوا أهلَ صلاح، ولهم بقيّة؛ ويُمكنُ عندي أن يكونا رجُلينِ أحدُهما: محمدُ بن بَشِير بن محمد كما قال ابنُ الفَرَضيّ، والثاني: محمدُ بن سَعِيد بن بَشِير كما قال ابنُ حَيّانَ وابنُ حارث والسالميُّ. وعلى الجُملة، فتحقيقُه ممّا أشكل، فاجعَلْهُ منك على ذكْرٍ. 600 - محمدُ (¬2) بن سَعِيد بن ثابِت العَبْدَريُّ، من أهل الثَّغْر الشَّرْقيّ، أبو عبد الله. رَوى عنه أبو زاهِر سَعِيد بن أبي زاهِر. وكان رجُلًا فاضلًا صالحًا صاحبَ الصَّلاة بموضعِه. 601 - محمدُ بن سَعِيد بن جُبَيْر بن محمد بن جُبَيْر [الكناني] (¬3). ابن عمُّ أبي الحُسَين محمد بن أحمدَ بن جُبَيْر. كان أديبًا بارعًا رائقَ الخَطّ بارعَ الكتابة، قائلًا النَّفيسَ من الشِّعر، من بيت عِلم وجَلالة. 602 - محمدُ بن سَعِيد بن حَرْب الأَزْديُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الوليد الباجِيّ. 603 - محمدُ (¬4) بن سَعِيد بن حِمَاس الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ فيما أحسِب، نَزَلَ مَرّاكُشَ، أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) تنظر مقالة الدكتور محمد بن شريفة عن هذا الكتاب ومؤلفه الحُكيّم في مجلة القنطرة، ومجلة أكاديمية المملكة المغربية. (¬2) ترجمة ابن الأبار في التكملة (1128). (¬3) بياض في النسختين، وما بين الحاصرتين من ترجمة أبي الحسين بن جبير المتقدمة في هذا الكتاب. (¬4) ينظر التشوف (304).

604 - محمد بن سعيد بن خلف بن جهور القضاعي، بيراني، أبو عبد الله

رَوى عن أبي الحَسَن بن هُذَيْل، رَوى عنه أبو يعقوبَ ابنُ الزَّيّات، وكان مُقرِئًا مُجوِّدًا عارفًا بالقراءاتِ ضابِطًا أحكامَها، عاقدًا للشُّروط، مُبرِّزًا في العدالة. توفِّي بمَرّاكُشَ في حدود ست مئة. 604 - محمدُ (¬1) بن سَعِيد بن خَلَف بن جَهْوَر القُضَاعيُّ، بَيْرانيٌّ، أبو عبد الله. رَوى قديمًا عن أبي عبد الله بن بَرَكة. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ أبي البقاء، وكان محدِّثًا، وتوفِّي في نحوِ سَبعْ وتسعينَ وخمس مئةٍ وهُو بين السبعينَ إلى الثمانينَ. 605 - محمدُ بن سَعِيد بن خَلَف بن شُهَيْد المُهْرِيُّ. 606 - محمدُ (¬2) بن سَعيد بن خُمَيْر بن عبد الرحمن، قُرْطُبيٌّ. رَوى عن أبيه، وهو الذي صَلَّى عليه عند وفاتِه في صَفَرِ أحدٍ وثلاث مئة. 607 - محمدُ (¬3) بن سَعيد بن رِفاعةَ بن الفَرَج بن أحمدَ القُرَشيُّ, قُرْطُبيٌّ، أبو بكر. رَوى [78 أ] عن جَدِّه رِفاعةَ، رَوى عنه ابنُ خَزْرج. 608 - محمدُ بن سَعيد بن سَلَمةَ بن عبّاس، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ ثلاثٍ وثلاثينَ وأربع مئة. 609 - محمدُ بن سَعيد بن عبد الجَبّار المُرَاديُّ، أبو عبد الله. رَوى بغَرناطةَ عن أبي الأصبَغ بن سَهْل سنةَ أربع وثمانينَ وأربع مئة. 610 - محمدُ بن سَعيد بن عُصفُورٍ الحَضْرَميُّ، إشبيليٌّ. كان فقيهًا عاقدًا للشُّروط، حيًّا سنةَ تسع وعشرينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1532)، والذهبي في المستملح (196). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (987). (¬3) ذكره ابن بشكوال في الصلة (424)، وترجمه ابن الأبار في التكملة (1083).

611 - محمد بن سعيد بن محمد بن جراح المرادي، سرقسطي

611 - محمدُ بن سَعيد بن محمد (¬1) بن جَرَّاح المُرَاديُّ، سَرَقُسْطيٌّ. كان من أهل العلم والتّبريز في العدالة، حيًّا سنةَ ستٍّ وثلاثينَ وأربع مئة. 612 - محمدُ بن سَعيد بن محمد بن أبي زاهِر اللَّخْميُّ، سَرَقُسْطيٌّ. وهو والدُ سَعيدٍ المذكور بموضعِه من هذا الكتاب. [كان] من أهل العلم وجَلالة القَدْر والتبريزِ في العدالة، حيًّا في ستٍّ وثلاثينَ وأربع مئة. 613 - محمدُ (¬2) بن سَعيد بن عليّ بن يوسُفَ الأنصاريُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله الطَّرّازُ، وهُو سِبْطُ أبي عبد الله النُّمَيْريِّ. رَوى عن أبي إسحاقَ الزَّوَاليّ، وآباءِ بكر: ابن طلحةَ وابن عبد النُّور وابن قَنْتَرال، وآباءِ جعفر: الجَيّار وابن شَراحِيل وابن فَرْقَد وابن يحيى الحِمْيَريّ، وأبي الحَجّاج بن عبد الصَّمد بن نَمَويّ، وآباءِ الحَسَن: أبناءِ الأحامد: الجَيّانيِّ وابن خُمَيْر والوادي آشيِّ والبَلَويِّ وابن جابِر بن فَتْح وفائز وابن هِشام الشَّرِيشيّ، وأبي الحُسَين ابن زَرْقُون، وأبي الخَطّاب بن واجِب، وأبي الرَّبيع بن سالم، وأبي زكريّا الأصبَهانيّ نَزيل غَرْناطةَ، وأبي زيد الفازَازيِّ، وأبي سُليمان بن حَوْطِ الله، وأبي الصَّبر الفِهْريِّ، وآباءِ عبد الله: ابن أحمدَ بن عبد العزيز ابن الفتوت وابن خَلفُون وابن صاحبِ الأحكام وابن صاحبِ الصّلاة وابن عبد الرّحمن بن إدريسَ وابن عثمانَ بن سَعِيد بن يقيميس، وآباءِ العبّاس: العَزَفيِّ وابن قاسم بن مُفرِّج القُرَشيِّ الزُّهْريّ وابن ماتِع، وأبوَيْ عليٍّ العُمَرَيْنِ: الرُّنْديّ وابن أبي محمد عبد الرّحيم بن عُمرَ بن عكيسٍ الحَضْرَميّ، وأبي عَمْرٍو مُرَجَّى المرجيقي، وآباءِ القاسم: أحمدَ بن ¬

_ (¬1) هذه الترجمة والتي بعدها قد وقعتا في غير موضعهما الصحيح، من حيث الترتيب. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1702)، والذهبي في المستملح (320) وتاريخ الإسلام 14/ 532 وسير أعلام النبلاء 23/ 285، وابن الخطيب في الإحاطة 3/ 41، وابن فرحون في الديباج 2/ 277، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 1/ 283، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 144، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 236.

عُمرَ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن المعروف بالقُرْطُبيّ وابن بَقِيّ والتّونُسيِّ وابن الحَدّاد وابن سَمَجُونَ والطَّرْسُوسيِّ وعبد الرّحمن بن يوسُف بن الحَسَن بن رازِق وابن عبد السّلام الغَسّانيِّ وابن [78 ب] فَرْقَد والمَغِيليّ والمَلّاحي، وآباءِ محمد: ابن حَوْطِ الله والكَوّاب وابن القُرْطُبيّ وعبد الصمد اللَّبسِيّ وعبد العزيز بن زيدان وعبد الكبير وعبد اللَّطيف البغداديّ النَّرْسِيّ وقاسم بن محمد بن عبد الله القُضَاعيّ ابن الطَّويل. وأجاز له مُكاتبةً ولم يلقَهُ، من أهل الأندَلُس: أبو جعفر بنُ عبد الله الحَصّار، وآباءُ الحَسَن: ابن حَفْص وابن خَرُوف النَّحْوى والشَّقُورِيّ، وأبو الرَّبيع بن حَكَم، وآباءُ عبد الله: الأندَرْشيُّ وابن بالِغ وابنُ الشَّوّاش وابن عبد العزيز بن سَعَادةَ وابن نُوح، وأبو عُمرَ بن عاتٍ، وأبو عَمْرو بن عَيْشُون، وأبوَا محمد: عبدُ الرّحمن بن أبي الحَسَن الزُّهْريُّ وغَلْبُون، ومن أهل المشرِق: أبو عبد الله محمدُ بن أحمدَ بن الحَسَن السِّجْزِيّ جوبكار وأبو اليُمْن زيدُ بن الحَسَن الكِنْديُّ، وقد ضَمَّنَ ذكْرَهم بَرنامَجًا اشتمل على فوائد. رَوى عنه أبو النَّجم فَرْقَدُ بن يَعْمُر، وحدّثنا عنه أبو جعفرٍ الطَّبّاع؛ وكان شديدَ العناية بشأن الرِّواية، كثيرَ الاهتمام بلقاءِ حَمَلة العِلم ممّن أطال الرِّحلةَ في طلَبِه بالأندَلُس والعُدوة، وكان ضابطًا لِما قَيَّد ورَوى، ثقةً فيما يُحدِّثُ به، من أبرَع الناس خَطًّا وأنبَلِهم تقييدًا، حافظًا الحديثَ عارفًا رجالَه، ذا حظٍّ صالح من الأدبِ وعلوم اللِّسان والتاريخ، فصيحًا بليغًا. وقد تقَدَّم في رَسْم أبي إسحاقَ ابن قُرْقُول (¬1) ذكْرُ أثَرِه الكريم وعملِه النافع في الإفادةِ بتصحيح "مَشارِق الأنوار" من مصنَّفاتِ القاضي أبي الفَضْل عِيَاض، فراجِعْه، إن شاء الله. مَوْلدُه بِغَرناطةَ في العَشْر الأُوَل من ذي حجةِ ثمانٍ وثمانينَ وخمس مئة، وتوفِّي بها أوّل شوّالِ خمس وأربعينَ وست مئة بعد زَمانة، نفَعَه اللهُ ورحمه. ¬

_ (¬1) لم يصل إلينا هذا القسم فهو في السفر الثاني، وهو مفقود.

614 - محمد بن سعيد بن عمر بن ذي النون الثعلبي، إلبيري

614 - محمدُ بن سَعِيد بن عُمَر بن ذي النُّون الثَّعْلَبيُّ، إلْبِيريٌّ. رَوى عن أبي عبد الله ابن أبي زَمَنِينَ وغيره من أهل بلدِه وغَرْناطة، وبقُرطُبةَ عن أبي محمد بن دَحُّون. وكان فقيهًا فاضلًا زاهدًا، وجَرَتْ له معَ [الوزير] (¬1) اليهُوديِّ ابن نغراله (¬2) لعَنَه اللهُ قِصَصٌ لم يَسَعْهُ القرارُ معَه في بلدِه، فهاجَرَ إلى طُلَيْطُلةَ فارًّا بنفسِه ودينهِ؛ فسَكَنَ الفَهَميِّينَ منها إلى أن توفِّي بها بعدَ الأربعينَ وأربع مئة. وهُو جَدُّ أبي بكر بن جابر ابن الرّماليه [79 أ] المذكورِ بموضعِه قبلُ. 615 - محمدُ (¬3) بن سَعِيد بن محمد بن سَعِيد بن أحمدَ بن محمد بن مُدرِك بن عبد العزيز بن عُثمانَ بن أحمدَ بن عيسى بن مُدرِك الغَسّانيُّ، مالَقيٌّ قُرْطُبيُّ الأصلُ، أبو عبد الله. ولجَدِّه الأعلى عبدِ العزيز بن عُثمان روايةٌ عن بَقِيِّ بن مَخْلَد وابن وَضّاح وغيرهما. رَوى أبو عبد الله عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ وأبي جعفرٍ ابن المُرْخِي، وأبوَي الحَسَن: عَبّاد بن سِرْحانَ ويونُسَ بن مُغِيث، وآباءِ عبد الله: ابن الحاجّ وابن مَعْمَر وابن أُخت غانم، وأبوَي القاسم: ابن بَشْكُوالَ -وهو في عِدَادِ أصحابِه- وابن بَقِيّ، قرَأَ عليهم وسَمع وأجازوا له. وكتَبَ إليه مُجيزًا ولم يَلْقَه: أبو بحرٍ سُفيانُ بن العاص، وأبو الحَسَن بن مَوْهَب، وأبو محمد بن عَتّاب، وأبو الوليد بن رُشْد، وله روايةٌ عن أبي الأصبَغ عيسى بن محمد بن أبي البحر، وأبي عبد الله بن نَجاح، وأبي محمد عبد الحقِّ بن عَطِيّة، فلا أدري أبالإجازة أم بغيرها؟ رَوى عنه أبو الحَجّاج ابنُ الشِّيخ، وأبو عبد الله الأنْدَرْشيُّ، وأبو عليّ الرُّنْديُّ، وأبو محمد [بن] (¬4) غَلْبُون. ¬

_ (¬1) بياض في النسختين. (¬2) ينظر كتاب التبيان للأمير عبد الله الزيري 36 - 54. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1438)، والذهبي في المستملح (145) وتاريخ الإسلام 12/ 452. (¬4) زيادة متعينة.

616 - محمد بن سعيد بن محمد المرادي، مرسي، أبو عبد الله

وكان محدِّثًا راوية وَرّاقًا بارعَ الخَطِّ حَسَنَ التقييد، تأريخيًّا بصيرًا بالخُطوط عارفًا بعُزْوتِها إلى كُتّابِها، شديدَ العناية باقتناءِ ذخائرِ الكُتُب وأعلاقِها، مُنافِسًا فيها مُغالِيًا في أثمانِها، واجتَمعَ عندَه منها ما لا شيءَ فوقَه كثرةً وجَوْدة، ويَذكُرُ في سببِ ذلك أنّ مجاعةً حدَثَت في بعضِ بلاد الرّوم فأوسَقَ مَرْكَبًا كبيرًا بالزَّرع وأوعَزَ إلى مُتحمِّلهِ ألّا يبيعَ لهم شيئًا منه إلّا بالكُتُب، وكان حَسَنَ المعرفة بانتقائها فجُلِبَ له منها الكثيرُ النَّفِيس الذي عَجَزَ عن الاتّصال به كثيرٌ من أبناءِ عصرِه، ووَقَفْتُ على خطِّ أبي القاسم ابن بَشْكُوالَ له وقد ناوَلَهُ "الصِّلةَ" وغيرَها من مصنَّفاتِه، وفيه: وكتَبَ بخطِّه على سبيل الطاعة له، واللهُ يَصُونُ قَدْرَه ويُجمّلُ ذكْرَه، وتاريخُه [....] (¬1). 616 - محمدُ (¬2) بن سَعِيد بن محمدٍ المُراديُّ، مُرْسِيٌّ، أبو عبد الله. تلا بالسَّبع على أبي الحَسَن بن هُذَيْل وسَمِع منه، وأبي عليّ بن عَرِيب، ورَوى عن آباء بكر: عبد الله بن حَمِيد وابن سَعَادةَ وابن عبد الرّحمن وابن أبي ليلى، وأبي القاسم بن حُبَيْش، وأبي محمد عاشِر، وأجازوا له جميعَ رواياتِهم إلّا ابنَ أبي ليلى. وكتَبَ إليه مُجيزًا: أبو الحَسَن: ابن فَيْد وابنُ النِّعمة، وأبو [79 ب] القاسم ابنُ بَشْكُوال، وأبو محمد بن عُبَيد الله. رَوى عنه أبو بكرٍ محمدُ بن غَلْبُون، وأبو عبد الله بنُ عليّ بن خالد، وأبو عبد الله بن إبراهيمَ بن جَوْبر، وأبو عُمرَ بن حَوْطِ الله، وأبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، وأبو محمد بن عبد الرّحمن بن بُرْطُلّه. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا محدّثًا ضابِطًا، أديبًا فاضلًا، وله في مخارج الحُروف رَجَزٌ حَسَن، وأقْرَأَ وأسمَعَ، وكان كبيرَ المُقرِئينَ ببلدِه في وقتِه. ¬

_ (¬1) بياض في النسختين. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1570)، والذهبي في المستملح (221) وتاريخ الإسلام 13/ 135 ومعرفة القراء الكبار 2/ 594، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 145.

617 - محمد بن سعيد بن مقيم الأموي، قرطبي

مَوْلدُه سنةَ ثِنتَيْنِ وأربعينَ وخمس مئة، وتوفِّي، قيل: بقُرطُبة، ليلةَ الجُمُعة الحادية والعشرينَ من رَمَضانِ ستًّ وست مئة، وقيل: بمُرْسِيةَ، منتصَفَ رَمَضانَ المذكور، ودُفن بمسجد الجُرْف خارج مُرسِيَة، وقيل: ببني محمد على مقرُبةٍ من مسجد إقرائه المنسوب إلى عبد العزيز بن غَلْبُون جَدِّ أبي محمد بن غَلْبُون، فيحتملُ أن يكونَ توفِّي بقُرطُبةَ ودُفن بها ثم حُمِل إلى مُرْسِيَةَ فدُفن بأحدِ الموضعَيْن قبلَ الآخَر، واللهُ أعلم. 617 - محمدُ بن سَعِيد بن مُقِيم الأمويُّ، قُرْطُبيٌّ. حدَّث بالإجازة عن أبي محمدٍ عبد الله بن الوليد بن سَعْد بن بكرٍ الأنصاريّ، رَوى عنه عبدُ الحقِّ بن محمد بن أحمد. وكان من جِلّة أهل العدالة ببلدِه، حيًّا في حدودِ تسعينَ وأربع مئة. 618 - محمدُ بن سَعِيد بن يَبْقَى الخَوْلانيُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي الحَسَن الزُّهْريّ. 619 - محمدُ (¬1) بن سَعِيد، إلبِيريٌّ، أبو عبد الله. قاضي الجماعة بقُرطُبةَ لعبد الرّحمن بن الحَكَم بعدَ يحيى بن يَعْمُر وَوِليَ بعدَهُ يخامِر؛ وكان ديِّنًا فاضلًا، نقَلتُه من خطِّ الواشِريّ؛ وقال ابنُ الفَرَضيّ (¬2): إنّ يُخامرَ وَلِيَ بعدَ إبراهيمَ بن العبّاس. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: هذا ملخَّصُ ما ذَكَرَه به ابنُ الزُّبَير ذِكْرَ من لم يُحصِّلْ من أمرِه ما يُعتمَدُ عليه، ومحمدُ بن سَعِيد هذا أبو عبد الله، قدَّمه الأميرُ عبدُ الرّحمن لقضاءِ الجماعة بقُرطُبةَ بعدَ عَزْلِه أبا العبّاس إبراهيمَ بن العباس بن عيسى بن عُمرَ بن الوليد بن عبد الملِك بن مَرْوان، وذلك أوّلَ سنةِ أربعَ عشْرةَ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن سعيد في المغرب 1/ 149. (¬2) تاريخ علماء الأندلس (1645)، وينظر قضاة قرطبة للخشني 121 - 123.

620 - محمد بن سعيد، داني، أبو عبد الله، ابن مشتاليه

ومئتَيْن، أشار به يحيى بنُ يحيى على الأمير عبد الرّحمن، وكان قد خَبِرَه يحيى وامتَحَنَه أيامَ ترَدُّدِه للتجارة إلى إلبِيرَةَ، فتَولَّى القضاءَ جميلَ المذهب محمودَ السِّيرة. وكان حَسَنَ السَّمتِ والهيئة، كان الناسُ [80 أ] يُثْنُونَ عليه ويُجمِّلونَ وَصْفَه، فلم يزَلْ قاضيًا إلى أوّل سنة عشرينَ ومئتَيْن، فشاوَرَ فيها في قضيّةٍ من أحكامِها الفقهاءَ، فأشار عليه يحيى بنُ يحيى برأيهِ، وقد كان طَوْعَ يحيى، وخالَفَه سَعِيدُ بن حَسّان وعبدُ الملِك بن حَبِيب وغيرُهما، فتوقَّف عن القضاءِ فيها وأدخَلَ عليهم قضيّةً ثانيةً شاوَرَهم فيها مُكاتَبةً على العادة، فلمّا أتى كتابُه يحيى بنَ يحيى أصابه واجِدًا عليه، فقال لرسُولِه: ما أفُكُّ له كتابًا ولا أُشيرُ عليه بشيءٍ؛ لأنّي قد أشَرْتُ عليه في قصّة فلانٍ فلم يُنفِذِ القضاءَ وعلَّقَه، فلمّا انصَرفَ إليه رسُولُه وأعلَمَه بما خاطَبَه به يحيى بنُ يحيى رَكِبَ مِن فَوْرِه إليه، فقال له: لم أظُنَّ أنه يَشُقُّ عليك توقُّفي عن القضاءِ لفلان، ولكنّي أقضي لهُ يومي هذا وأُنفِذُ قضيّتَه وإسجالي، فقال له يحيى: وتفعل؟ قال: نعم، فقال له يحيى: يا هذا، إنّما ظننتُ إذْ خالفَنَي أصحابي كأنّك توقَّفتَ عن القضاءِ مُستخيرًا لله تعالى، متخيِّرًا في الأقوال، إذْ عنِ استثباتٍ أو شَكّ دَخَلَ عليك في أمري عليكَ برأي، فأمّا إذْ صِرتَ تقضي برِضا مخلوقٍ ضعيف فلا خيرَ فيما تجيءُ به، فارفَعْ تَستعفي فإنه أستَرُ لك، وإلّا رَفَعْتُ في عَزْلِك، فرَفَعَ يَستعفي، فعُزِل عن القضاء، ووَليَ مكانَه يُخامِر بن عثمانَ أبو مُخارِق، وذلك أوّل عشرينَ ومئتَيْنِ كما تقَدَّم، وكانت ولايةُ القضاءِ في أيام عبد الرّحمن بإشارر يحيى بن يحيى. فهذا ما يُعتمَدُ في ذكْرِ هذا الرجل، ذكَرَه أبو عبد الملِك بن عبد البَرّ وغيرُه. 620 - محمدُ بن سَعِيد، دانيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ مشتاليَهْ. 621 - محمدُ (¬1) بن سَعِيد، سَرَقُسْطيٌّ، ابنُ المَشّاط. كان له اعتناءٌ بعلم العدَد، ورَحَلَ في طلبِه إلى مِصرَ، لقِيَه القاضي صاعدٌ. ¬

_ (¬1) ذكره صاعد في طبقات الأمم (70)، وترجمة ابن الأبار في التكملة (1116).

622 - محمد بن سعيد، غرناطي

622 - محمدُ (¬1) بن سَعِيد، غَرْناطيٌّ. رَوى عن مكِّيِّ بن أبي طالب. حدَّث عنه بالإجازةِ أبو هارونَ موسى بنُ خَلَف بن أبي دِرهم، وكان رجلًا صالحًا خيِّرًا زاهدًا. 623 - محمدُ (¬2) بن سَعِيد، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله. وَلّاه أحكامَ بلدِه القاضي عبدُ المُنعم بن سَمَجُون، ثم صُرِف عن ذلك، واستُقْضيَ بالمَرِيّة آخِرَ سنة أربع وعشرينَ وخمس مئة. 624 - محمدُ (¬3) بن سَعِيد، قُرْطُبيُّ، [80 ب] أبو عبد الله، الإمامُ. رَوى عن أبي بكرٍ محمد بن أحمدَ بن خالد، وأبي محمد بن محمد بن نَصْر، حدّث عنه بالإجازة أبو عَمْرٍو ابن الصَّيْرَفيّ. 625 - محمدُ (¬4) بن سَعِيد، مَيُورْقيٌّ، أبو عبد الله. حَجَّ سنةَ ثِنتَيْنِ وأربع مئة، ورافَقَ في رحلتِه أبا محمد عبدَ الحقّ بن هارونَ الصِّقِلِّيَّ الفقيه، فأخَذ عنه مصنَّفاتِه، وقَدِمَ إمامُ الحرَمَيْن أبو المعالي مكّةَ، شرَّفَها اللهُ، وهما بها فلزِماه، وأخَذ عنهُ مصنَّفاتِه، وقَفَلَ أبو عبد الله هذا إلى مَيُورْقَةَ وتصدَّر بها لتدريس الفقه وأصُولِه، وقَدِم على مَيُورْقةَ أبو محمد عليُّ بن أحمدَ بن حَزْم، فكتَبَ ابنُ سَعِيدٍ هذا إلى أبي الوليد الباجِيّ، فسار إليه من بعض سواحل الأندَلُس، فناظَرَ ابنَ حزم، وتضافَرا عليه حتى أفْحَماهُ وأزْعَجاه عن مَيُورْقَة، وكان ذلك سبَب القَطيعة بينَ الباجيِّ وابن حَزْم. 626 - محمدُ (¬5) بن سُفيانَ بن أبي إسحاقَ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1100). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1238). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1044). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1112)، والذهبي في المستملح (24). (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1192).

627 - محمد بن سفيان بن العاص بن أحمد بن العاص بن سفيان بن عيسى بن عبد الكبير بن سعيد الأسدي، بلنسي مرباطري الأصل

رَوى عن أبي المعالي إدريسَ بن يحيى الواعظ، كتَبَ عنه أبو الحَسَن ابنُ النّعمة كثيرًا من مُنشَداتِه، وكان واعظًا بمسجده المُشتهِر بمسجدِ الغَلَبة، ووَليَ حِسبةَ السُّوق. 627 - محمدُ بن سفْيان بن العاص بن أحمدَ بن العاص بن سُفيانَ بن عيسى (¬1) بن عبد الكبير بن سَعِيد الأَسَديُّ، بَلَنْسِيٌّ مُرْباطَرِيُّ الأصل. رَوى عن أبيه، وأبي الوليد الوَقَّشيّ، شارك أباه فيه. 628 - محمدُ بن أبي النَّجا سَلَمةَ بن عُمر، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحسن ابن النّعمة. 629 - محمدُ بن سَلَمةَ بن موسى، بَلَنْسِيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. 630 - محمدُ بن سَلَمةَ الأنصاريُّ، أبو عبد الله. رَوى عن شُرَيْح. 631 - محمدُ بن سَلَمةَ اللَّخْميُّ، شاطِبيٌّ، ابنُ الأديب. رَوى عن أبي الحَسَن بن محمد الفَهْميِّ. 632 - محمدُ بن سَلْهَبِ بن سَلْهَب، أبو الوليد. رَوى عن أبي الحُسَين ابن الطَّلّاء. 633 - محمدُ بن سَلِيم الأنصاريُّ، بفَتْح السّين وكسر اللام وياء مَدّ وميم. رَوى عن شُرِيْح. 634 - محمدُ بن سُليمانَ بن إبراهيمَ بن بَدْر الأصبَحيُّ. ¬

_ (¬1) في النسختين: "عسا"، وما أثبتناه من ترجمة والده سفيان في الصلة البشكوالية (526) وهو شيخ ابن بشكوال.

635 - محمد بن سليمان بن إبراهيم، جياني، أبو عبد الله

635 - محمدُ (¬1) بن سُليمانَ بن إبراهيمَ، جَيّانيٌّ، أبو عبد الله. قَدِم طُلَيْطُلةَ وسمعَ بها مع الصّاحبَيْنِ ورَوَيا عنه ولزِما الرِّباطَ بها. 636 - محمدُ بن سُليمانَ بن إبراهيمَ الحَضْرَميُّ، أبو بكر. رَوى عن شُرَيْح. 637 - محمدُ بن سُليمانَ بن خَلَف بن جَبْر الأنصاريُّ، أَشُونيُّ، أبو القاسم. رَوى عن أبي الحَسَن عبدِ الجليل بن عبد العزيز، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا متصدِّرًا. 638 - محمدُ بن سُليمانَ بن خَلَف المُرَاديُّ، أبو عبد الله، قُرطُبيٌّ. رَوى عن شُرَيْح [81 أ] وأبي القاسم أحمدَ بن محمد بن بَقِيّ. 639 - محمدُ (¬2) بن سُليمانَ بن خَلَف النَّفْزِيُّ، شاطِبيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ بَرَكةَ. تَلا بحرف نافِع على أبي الحَسَن بن شَفِيعِ، وبالسَّبع على أبي الحَسَن مُغاوِر، ورَوى عن أبوَيْ جعفر: ابن جَحْدَر وابن غزْلُون، وأبي عامر بن حَبِيب، وأبي عِمرانَ بن أبي تَلِيد، وأبي القاسم ابن الجَنّان، وأبي محمد بن ثابت، وأبي الوليد بن قَبْرُون. ورَحَلَ صغيرًا إلى مُرْسِيَةَ فسمعَ على أبي عليّ الصَّدَفيّ وتفَقَّه بأبي محمد بن أبي جعفر، وله روايةٌ عن أبي مَرْوانَ بن مسَرّة. رَوى عنه أبوا عبد الله: ابنُ أخيه أحمدُ وابن عبدِ المُنعم بن سَعَادةَ. وكان فقيهًا متّسعَ الحِفظ ذاكِرًا للمسائل، يَستظهرُ "مقدِّماتِ" ابن رُشْد، ويَسرُدُ مُتونَ الأحاديث، بَصيرًا بعَقْد الشُّروط دَرِبًا بالفَتْوى، وَلِيَ ببلدِه خُطّةَ الشُّورى، فكان رأسًا فيها منفردًا بالتقدُّم في معانيها، وَرِعًا متقلِّلًا من الدُّنيا على ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1055). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1369)، وفي معجم أصحاب الصدفي (152)، والذهبي في المستملح (109).

640 - محمد بن سليمان بن سيدراي الكلابي، من أهل قلعة أيوب، سكن بلنسية، أبو عبد الله القلعي

كثرةِ ما نال منها، مُقتصِرًا في عِيْشتِه على بُلْغةٍ كانت بيدِه وَرِثَها من أبيه، محُبَّبًا إلى الخاصّة والعامّة. قال أبو عُمر بنُ عَيّاد: سمِعتُ أبا الوليد ابنَ الدَّبّاغ يقول: أبو عبد الله ابنُ بَرَكة حافظٌ للمسائل، فذكَرْتُ ذلك لإبن بَرَكة فسُرّ به وترحَّم على أبي الوليد ابن الدَّبّاغ. مَوْلدُه بشاطِبةَ في جُمادى الأُولى من سنة ثمانينَ أو إحدى وثمانينَ وأربع مئة، وتوفِّي بها لأربع مضَيْنَ من جُمادى الأولى سنةَ ثلاث وخمسينَ وخمس مئة، قاله ابنُ عَيّاد، وقال ابنُ سُفيان: توفِّي سنة ثِنتَيْنِ وخمسينَ وخمس مئة. 640 - محمدُ (¬1) بن سُليمانَ بن سِيدْرَاي الكِلابيُّ، من أهل قلعةِ أيُّوب، سَكَنَ بَلَنْسِيَةَ، أبو عبد الله القَلْعيّ. رَوى عن أبي الأصبَغ المنزليِّ (¬2)، وأبي بكرٍ ابن العَرَبيّ، وأبي الحَسَن بن واجِب، وأبي عبد الله القَبْرِيريّ. رَوى عنه أبو عبد الله ابنُ الخَبّاز، وأبو عُمرَ بنُ عَيّاد. وخَرَجَ من بلدِه لمّا تغلَّب الرُّوم عليه بعدَ وَقيعة كُتَنْدةَ سنةَ أربعَ عشْرةَ وخمس مئة، فالتزَمَ بَيْعَ الكُتُب في دُكّان له وَرّاقًا كأبيه قبلَه. وتوفِّي ببَلَنْسِيَةَ في رجَبِ ثمانٍ وأربعينَ وخمس مئةٍ وقد نَيَّف على السّبعين، وقيل: إنه توفِّي ابنَ إحدى وثمانين، والله أعلم. 641 - محمدُ بن سُليمانَ بن شاطِر. رَوى عن شُرَيْح. 642 - محمدُ (¬3) بن سُليمانَ بن عبد العزيز بن غَمْر السُّلَميُّ، شاطبيٌ، أبو بكر. رَوى عن [81 ب] أبي بكر بن مُغاوِرٍ وغيره من مَشْيَخةِ بلدِه. رَوى عنه أبو محمد بنُ بُرْطُلّه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1346). (¬2) بهامش ب: "هو منسوب إلى منزل عطا بمقربة من سبتة". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1601).

643 - محمد بن سليمان بن عاصم النفزي، أبو عبد الله

وكان من العلماءِ بالأدب والعدَد والفرائض والمساحة، درَّس ذلك كلَّه، وكان حَسَن الإقراءِ والتعليم، جيِّدَ القيام على "مقاماتِ" الحريريّ والتنقيرِ عن معانيها، حَسَنَ النظَر في فكِّ المُعمَّى. واستُقضيَ بإلْش، وتوفِّي بشاطبةَ عقِبَ رجَبِ ستَّ عشْرةَ وست مئة. 643 - محمدُ بن سُليمانَ بن عاصم النَّفْزيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عُمرَ بن عبد البَرّ، رَوى عنه عبدُ الجليل بن أحمدَ بن مَرْوان، وكان محدِّثًا نَحْويًّا أديبًا. 644 - محمدُ (¬1) بن سُليمانَ بن قاسم الأنصاريُّ، أبو عبد الله. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ عبد السّلام. 645 - محمدُ بن سُليمانَ بن محمد بن أبي الرَّبيع [....] (¬2)، قُرطُبيٌّ. كان فقيهًا عاقدًا للشروط جيَّدَ الخَطّ عَدْلًا، حيًّا سنةَ ثمانٍ وعشرين وخمس مئة. 646 - محمدُ بن سُليمان بن محمد بن دَعمُون، أُبَّذيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال، وكان مُقرِئًا متصدِّرًا. 647 - محمدُ (¬3) بن سُليمانَ بن محمد بن سُليمانَ بن عبد الملِك بن عليّ بن يوسُفَ بن إبراهيمَ بن خَلَف بن عبد الكريم المَعافِريُّ الحِمْيَريُّ، شاطبيٌّ نزَلَ الإسكندَرّيةَ، أبو عبد الله، عَلَمُ الدِّين. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1091). (¬2) بياض في النسختين. (¬3) ترجمه عز الدين الحسيني في صلة التكملة (1180)، واليونيني في ذيل مرآة الزمان 3/ 71، والبرزالي في المقتفي 1/ الورقة 41، والذهبي في تاريخ الإسلام 15/ 249، والصفدي في الوافي 3/ 127، وابن شاكر في فوات الوفيات 3/ 371، وعيون التواريخ 21/ 48، والمقريزي في المقفى 5/ 693، وهو من شيوخ الحافظ أبي محمد الدمياطي، ذكره في معجم شيوخه.

648 - محمد بن سليمان بن محمد بن عبد الله السبئي، مالقي، أبو عبد الله، ابن الطراوة

رَوى عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله الشاطبيِّ المُجاوِر، وأبي الفَضْل جعفر بن عليّ بن أبي البَرَكات بن جعفر بن يحيى الهَمْدانيّ، وصَحِبَ الشَّيخَ العارفَ الزاهد أبا العبّاس أحمدَ بن محمد اللَّخْميَّ المُولي (¬1) المعروفَ بالراس، فنال بَرَكتَه وانتَفعَ بصُحبتهِ. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ إبراهيمَ بن أحمدَ الكِلابيُّ الغَرْناطيّ، وحدَّثنا عنه أبو العباس بن محمد ابن الغَمّاز. وكان محدِّثًا حافظًا، صالحًا زاهدًا متصوِّفًا صادقَ الوَرَع، ماهرًا في علم الكلام، فقيهًا نَظّارًا، أفتَى بالإسكندَريّة ودرَّس وصَنَّف فيما كان يتَولّاهُ من العلوم. مَوْلدُه بشاطبةَ سنةَ خمس وثمانينَ وخمس مئة، وتوفِّي في رَمَضانِ ثنتَيْنِ وسبعينَ وست مئة، ودُفن إزاءَ شيخِه أبي العبّاس الراسِ المذكور. 648 - محمدُ بن سُليمانَ بن محمد بن عبد الله السَّبئيُّ، مالَقيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الطَّرَاوة. وهُو وَلَدُ الأُستاذ أبي الحُسَين؛ رَوى عن أبيه. 649 - محمدُ (¬2) بن سُليمانَ بن موسى بن سُليمانَ الأَزْديُّ، مُرْسِيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ بُرْطُلّه، وقد تقَدَّم رفْعُ نَسَبِه في باب عبد [82 أ] الله. رَوى عن آباءِ عبد الله: ابن سَعَادةَ وابن عبد الرحيم والقَسْطَليّ، ولازَمَ صُحبةَ القاضي أبي العبّاس ابن الحَلّال. وكان فقيهًا حافظًا ذاكرًا للمسائل، فَهِمًا متيقِّظًا معروفَ الصَّوْن والعفاف. توفِّي قبلَ اكتهالِه سنةَ ثلاثٍ وستّين وخمس مئة. ¬

_ (¬1) منسوب إلى "مولة": مدينة قريبة من مرسية، ووقع في تكملة المنذري: "المورلي" وهو شيخ الحافظ المنذري، توفي سنة 615 (التكملة 2/الترجمة 1584). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1408)، ومخلوف في شجرة النور (146).

650 - محمد بن سليمان بن نجاح مولى هشام المؤيد

650 - محمدُ بن سُليمانَ بن نَجاح مَوْلى هِشام المؤيَّد. رَوى عن أبيه أبي داود. 651 - محمدُ بن سُليمانَ الأنصاريُّ. روى عن شُرَيْح. 652 - محمدُ بن سُليمانَ بن يحيى الخَوْلانيُّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ ثمانٍ وسبعينَ وخمس مئة، أظُنُّه روى عن شُرَيْح. 653 - محمدُ (¬1) بن سُليمانَ التُّجيبيُّ، سَرَقُسْطيٌّ نَزَلَ المَرِيّةَ، أبو عبد الله. رَوى عنه أبو محمد بنُ عبُيد الله، وكان من أهل المعرفة بالقراءات والفرائض والحساب، وصَنَّفَ في ذلك كلِّه. توفِّي في حدودِ الثلاثينَ وخمس مئة. 654 - محمدُ بن سُليمانَ التُّجيبيُّ، شاطبيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحَسَن عَبّادِ بن سِرْحان. 655 - محمدُ (¬2) بن سُليمانَ الحَجْريُّ، إشبيليٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الخَرّاز. تأدَّبَ في العربيّة بأبي الحَسَن ابن الأخضَر، أخَذَها عنه أبو إسحاقَ بنُ مُلْكون، وكان ماهرًا في النَّحو، قَعَدَ لتدريسِه طويلًا. 656 - محمدُ بن سُليمانَ الحَضرَميُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الفَرّاء. رَوى عن أبي الحَسَن يونُسَ بن مُغيث، ولعلّه المبدوءُ به، واللهُ أعلم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1312). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1429).

657 - محمد بن سليمان الرعيني، قرطبي، أبو عبد الله، ابن الحناط

657 - محمدُ (¬1) بن سُليمانَ الرُّعَيْنيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الحَنّاط. رَوى عنه أبو عبد الله بن مرغوبٍ، وأبو الأصبَغ عبدُ العزيز بن خَلَف، وأبو الوليد بن حَمْدُون. كان ضَريرًا، من أوسَع الناسِ معرفةَ بعلوم الجاهليّةِ والإسلام، حاذقًا بالطّبِّ والفلسفة، ماهرًا في العربيّة والآدابِ الإسلاميّة، شاعرًا مُفْلِقًا كاتبًا بليغًا، وكان يُنسَبُ إلى رَهَقٍ في دينه لم يُفصِحْ فيه لشَيَخِهِ وانقطاعِه إلى أبي [الحَزْم] (¬2) ابن جَهْوَر وتأديبِه أولادَه، واللهُ أعلمُ بحقيقةِ أمرِه. وله رسائلُ ومدائحُ، منها: المَهْرَجانيّة سمّاها "وَشْيَ القلم وحَلْيَ الكَرَم" خاطَبَ بها الحاجب المظفّر أبا بكر بنَ أبي محمد بن الأفطس، وقد وَهِم الأديبُ أبو الطاهر التَّميميُّ في قوله: إنه كتَبَ بها إلى المظفَّر بن أبي عامر، وقَفْتُ على هذا في خطِّه؛ ومنها: "النَّيرُوزيّة" وكتَبَ بها إلى العالي الحَمُّوديّ، ورَسَمَها بـ "نَظْم المعالي في الملِك العالي"، وافتتَحَها [82 ب] بقولِه: "هنّأَ اللهُ أميرَ المؤمنين وابنَ خاتَم النبيِّين مُلْكًا كان تأييدُ الإله رائدَه، وحُسنُ اليقين به قائدَه". وهذا يَرُدُّ قولَ أبي بكر الأَرْكَشيِّ إنه خاطَبَ بها الحاجب المظفَّر بن أبي عامر، وقَفْتُ على ذلك أيضًا في خَطِّه، والعالي هذا هو: إدريسُ ابنُ المُعتَلي يحيى بن عليّ بن حَمُّود. إلى غير ذلك من الرسائلِ البارعة. وكان ابنُ الحَنّاط ممّن خاف من أبي الحَزْم بن جَهْوَر بسببِ ما شاعَ عنه من هجائه إيّاه، فلحِقَ ببني حَمُّود وهاجَرَ إليهم وأكثرَ من مديحِهم، وطار ذكْرُه بالتشيُّع فيهم والاختصاصِ بهم. ومن نَظْمِه: قولُه في مطلَع قصيدة (¬3) [الكامل]: ¬

_ (¬1) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (60)، وابن بسام في الذخيرة 1/ 338، والضبي في بغية الملتمس (124)، وابن الأبار في التكملة (1098)، وابن سعيد في المغرب 1/ 121، والذهبي في المستملح (19) وتاريخ الإسلام 9/ 479، والصفدي في الوافي 3/ 124، وله ذكر في نفح الطيب 1/ 296, 483, 503 و 3/ 263, 288, 610, 611. (¬2) بياض في النسختين والكنية مستفادة من الذخيرة 1/ 302 وغيرها، وستأتي بعد قليل. (¬3) الذخيرة 1/ 347 مع بعض اختلافات في الرواية.

لم يَخْلُ من نُوَبِ الزّمان أديبُ ... كلَّا فشأنُ النائباتِ ينوبُ أُمسي مرادًا للخطوبِ وأغتدي ... غَرَضًا تُفوِّقُ نحوَه فتُصيبُ وإذا انتمَيْتُ إلى العلوم وجدتُها ... شيئًا تُعَدُّ به عليَّ ذنوبُ وغَضَارةُ الأيام تأبَى أنْ يُرى ... فيها لأبناءِ الذّكاء نصيبُ ولذاك مَنْ صَحِبَ الليالي طالبًا ... جَدًّا وفَهْمًا فاتَهُ المطلوبُ وكلَّفه المُعتلي بالله يحيى بنُ عليّ بن حَمُّود في بعض مَجالسِه تذييلَ بيتَيْ تميم بن المُعِزّ في أخيه نِزارِ صاحب مِصرَ في وَداعِه إياه، وهما (¬1) [المتقارب]: أُقيمُ وتَرحَلُ! ذا لا يكونُ ... لئن صحَّ هذا ستَدمَى عيونُ فإنّي وإيّاكَ مثلُ اليدَيْنِ ... ولكنْ لكَ الفضلُ أنت اليمينُ فقال ابنُ الحَنّاط [المتقارب]: سأسَلو بيَحْيى وأيامِهِ ... فعُذرُ السُّلُوِّ به مُستبِينُ إمامٌ تجمَّعَ في راحتَيْهِ ... لأهلِ المحبّةِ دُنيا ودينُ جَنابٌ خَصيبٌ ورَوْضٌ أَريضٌ ... وظِلٌّ ظَليلٌ وماءٌ مَعِينُ لئن كان مِن قبلِه جَدُّهُ ... علينا الوَصيَّ فهذا الأمينُ قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: تَلقّي القَسَم بحرف التنفيس، كما وقَعَ في عَجُز البيت الأوّل من بيتَيْ تميم، لا يجوزُ، كما لا يجوزُ تلقِّيه بالفاءِ كما في عَجُز البيت الآخِر من أبياتِ ابن الحَنّاط، فغَلَطُهما من بابٍ [83 أ] واحد، وإنّما غَلَطُهما مُراعاةُ الشَّرط الذي تقتضيه "إن" التي دَخَلتْ عليها اللامُ، والعرَبُ لا تَعتبرُه، وإنّما تُراعي المقدَّم من القَسَم إذا اجتَمعَ معَ الشَّرط وإياه تُجيب؛ قال اللهُ سبحانَه: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126] وقال: {وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ ¬

_ (¬1) لم يردا في ديوانه.

بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ} [الروم: 58] في آيٍ كثيرة، وقد غَفَلا معًا عن هذا القانون أو جَهِلاه، واللهُ أعلم. وفي المُعتلي بالله يحيى بن عليّ الحَمُّوديِّ يقول [المتقارب]: شَرُفْتُ بيَحْيى فلم أُجهَلِ ... وفُتُّ بفضلي فلم أُفْضَلِ وأَحرَقْتُ بالذُّلِّ قلبَ العدوِّ ... وأقرَرْتُ بالعزِّ عينَ الولي سَمَتْ همّتي بيَ حتى اعتلَى ... على النَّجم قدريَ بالمُعتَلي إمامٌ تُمَيِّزُ في وجهِهِ ... صفاتِ النبيِّ وسِيما علي ولأبي عبد الله أشعارٌ ذهبَ إلى الإغرابِ فيها بنظمِها على غيرِ أوزان الشِّعر العربيّة المحفوظة عندَ العرب، منها قولُه: لو كان يدري بما فعلْ ... أحيا المحبَّ الذي قتلْ ظبيٌ بعينيهِ أسهمٌ ... في كلِّ قلب لها عملْ يحمَرُّ في خدِّه دمي ... ويدَّعي أنّه خجَلْ وهذا وزنٌ لم تَنظِمْ عليه العرب، وهو قد غيَّر فيه مجزوءَ البسيط الذي شاهدُه: ماذا وقوفي على رسمٍ خلا ... مُخْلَوْلقٍ دارسٍ مُستعجِمْ؟! فاستعمَلَه أحذَّ العَروض والضَّرب مَخْبونًا، فكان تفعيلُه: مستفعلنْ فاعلنْ مستفعلنْ، فأصاره الحَذَذ -وهو: إذهابُ الوَتد رأسًا، وهو: عِلُنْ، فبقِي مُسْتَفْ، ثم خَبَنَ فحَذَفَ ثانيَه فصار: مُتَفْ فنُقل إلى مثل وزنه وهو: فَعِلْ، فصار كلُّ واحدٍ من الشَّطرينْ: مُستفعلنْ فاعلنْ فَعِلْ، وهو وزنٌ لم يرِدْ عن العرب. وقولُه، وقد أودَعَه أثناءَ رسالةٍ خاطَبَ بها الوزيرَ أبا العبّاس بنَ أبي حاتم ابن ذَكْوانَ ليأخُذ بمُعارضتِها أبا عامر بنَ شُهَيْد، ولْنذكُرِ الرسالةَ كلَّها؛ لبراعتِها، وهي:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1): يا عُدَّتي، والسيِّدُ الذي قلَّدتْه الفُتُوّةُ أعِنَّتَها، وملَّكتْه المُروءةُ أزِمَّتَها، الإسهابُ كُلفة، والإيجازُ حِكمة، [83 ب] وخواطرُ الألبابِ سهام، يُصابُ بها أغراضُ الكلام، فمَن أصمَى الرَّميةَ أولُ سِهامِه مقصدًا، لم يكنْ بطُول الرمايةِ مُجِيدًا. وأخونا أبو عامر -سلَّمه اللهُ- يُسهِبُ نثرًا وُيطوِّلُ نظمًا، شامخًا بأنفِه، ثانيًا من عِطْفِه، متخيِّلًا أنه قد أحرَزَ قصَبَ السَّبْق في الآداب، وأُوتيَ الحِكمةَ وفَصْلَ الخطاب، يَستقصرُ أساتيذَ الأُدباء، ويستجهلُ شيوخ العلماء [البسيط]: وابنُ اللَّبونِ إذا ما لُزَّ في قَرَنٍ ... لم يستطعْ صَوْلةَ البُزْلِ القناعيسِ (¬2) وكتبتُ إليك بهذه الأبيات خاليةً من اللّفظِ الوَحْشي، والطَّبعِ البَدَويّ، تُروقُك منظَرًا، وتَشُوقُك مَخْبَرًا [مخلع البسيط]: درٌّ على أنَّهُ كلامٌ ... سِحرٌ ولكنَّهُ حَلالُ أوردتُها لُجّةَ الكرَم خائضًا وسابحًا، وأرعَيْتُها رَوْضةَ الأدب مُريحًا وسارحًا، في ليلة بِتُّها والكفُّ الخَضيبُ سِوارُه البدر، والشِّعرى العبور وشاحُها النَّسْر، وكأنما سماؤها رَوْضةٌ تفتَّحت النُّجومُ وَسْطَها زَهَرًا، وتفَجَّرَتِ المجَرَّةُ خِلالَها نَهَرًا، تتبسَّمُ جوانبُه أُقحُوانًا، وتتضَوَّعُ مسالكُهُ ظيَّانًا، وادٍ يَسيلُ بعسجَد، على رَضْراضِ زَبَرْجَد، وجَوٌّ نادَمَتْ مُزُنُه النَّوْرَ فانتشى، وعانَقَتْ رِيحُه الغُصْنَ فانثنى، فما شئتَ من خجِلٍ خدُّه، وثملٍ قَدُّه، فلله مَبِيتي ذلك مَبِيتًا، أحييتُهُ للهمِّ مُميتًا، بهمّةٍ لا ينقضي سَهَرُها، أو يتقَضَّى وَطَرُها، فلمّا أصَبْتُ الغُرّة، وأقصَدتُ الثَّغرة، توسَّدتُ عَرارًا، وتناومتُ غِرارًا، حتى إذا ما نبَّهني الفجرُ ببَردِه، وسَرْبَلَني الصُّبحُ ببُرْدِه، هبَبْتُ من النَّومة، وصحَوْتُ عن النَّشوة، فزفَفْتُها إليك بنتَ ليلتِها عذراء، وجَلَوْتُها عليك كريمةً فكرتُها حسناء، تتلفَّحُ بحَبِرة حِبر، وتتبخترُ في ¬

_ (¬1) ورد في الذخيرة 1/ 340 مقتطفات من هذه الرسالة. (¬2) البيت لجرير، ديوانه 250، والتاج (قنعس).

شعارةِ شعر، مؤتلِفٌ بين رَقِّها ومدادِها، ومجتمِعٌ في بياضِها وسوادِها، الليلُ إذا عَسْعَس، والصّبحُ إذا تنفَّس، خِتامُها ياقوتٌ نُظِم بسِلك، ورُقعتُها كافورٌ نُمنِم بمِسْك، خواطبُها العيونُ، وأزواجُها النفوس، ولا عِطرَ بعدَ عَرُوس، تحسَبُ خطَّها تَيَّمهُ لفظُها فشكا، وتخالُ القلمَ رَقَّ لِما به فبَكى، فأنشِدْها (¬1) أخاك الشُّهَيْديَّ مُكلّفَه على العَروض والقافية مُعارضتَها (¬2) [84 أ] ومحُمِّلَه على اللِّين والشّدة مُقارضتَها، فستوقدُ بقلبه قَبَسًا، وتضرِبُ في أُذُنِه جَرَسًا، يتبيَّن بهما حظَّه، ويتعرَّف لغيرِه فضلَه، إن شاء اللهَ، والسّلامُ عليك يا عُدّتي ورحمةُ الله: أَقصَرَ عن لوميَ اللائمُ ... لمّا درى أنّني هائمُ ما زلتُ في حبِّه مُنصِفًا ... مَنْ لم يزَلْ وهْو لي ظالمُ مُهفهَفٌ ماسَ في بُردِهِ ... غضٌّ ثَنَتْهُ الصّبا ناعمُ شمسٌ ولكنّما فَرْعُهُ ... ليلٌ على صُبحِها فاحمُ أسهَرُ ليلي غرامًا بهِ ... وهْو أخو سَلْوةٍ نائمُ (¬3) إنّ ابنَ ذكوانَ ذو راحةٍ ... ديمتُها صوْبُها دائمُ لم يأتلِقْ بَرْقُها خُلَّبًا ... ولا اتّقى خُلْفَها الشائمُ ومن أبوهُ أبو حاتمٍ ... قصَّر عن جُودِهِ حاتمُ يبني (¬4) العُلَى بالنَّدى جاهدًا ... وغيرُه للعُلى هادمُ محكَّكٌ حُوَّلٌ قُلَّبٌ ... محنَّكٌ عازمٌ حازمُ تُبصِرُهُ دهرَهُ قاعدًا ... وهْو بأعبائهِ قائمُ ¬

_ (¬1) في الأصل: "فأنشدنا". (¬2) لا توجد معارضة لهذه القصيدة في ديوان ابن شهيد الذي جمعه يعقوب زكي. (¬3) في ب م: "النائم"، وما هنا هو الذي في الذخيرة. (¬4) في ب م: "يا بن"، خطأ.

658 - محمد بن سليمان العكي، ابن الموروري

إنْ لقيَ الخَطْبَ في جيشِهِ ... لاقاهُ من بطشِهِ هازمُ إذا انتضَى سيفَه مُعلِنًا (¬1) ... لم تَدْرِ مَنْ منهما الصارمُ شمائلٌ ما لها عائبٌ ... وسؤْدَدٌ ما لهُ لائمُ يا أحمدًا حَمْدُهُ رِفعةٌ ... أنْفُ حسودي بها راغمُ من لم يكنْ شاعرًا عالمًا ... فإنّني الشاعرُ العالمُ البدرُ في أَخمُصِي شِسْعةٌ ... والنّجمُ في خِنْصَري خاتمُ والشمسُ لو حُكِّمتْ حُرّةً ... أبصرتَها وهيَ لي خادمُ والدُّرُّ لو بلَّغوهُ المنى ... نَظَّمهُ في فمي ناظمُ أفديكَ من سيِّدٍ شُكرُهُ ... فَرْضٌ على عبدِهٍ اللازمُ لازال في دهرِهِ سالمًا ... فالكلُّ منه بهِ سالمُ 658 - محمدُ (¬2) بن سُليمانَ العَكِّيّ، ابنُ المَوْرُوريّ. سَمِعَ من أحمدَ بن خالد [84 ب] وصَحِبَ محمدَ بن مسَرَّةَ واختَصَّ به، وأخَذ عنهُ كُتبه وضبَطَها، وكان من أهل الفضل والزُّهد. وتوفِّي لاثنتَيْ عشْرةَ ليلة بقِيَتْ من ذي القَعْدة سنةَ سبع وخمسينَ وثلاث مئة. 659 - محمدُ (¬3) بن سُليمانَ، أبو بكر، ابنُ القَصِيرة. ¬

_ (¬1) في الذخيرة: "مُعْلمًا". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1016). (¬3) ترجمه ابن بشكوال في الصلة (1253) فذكر أنه توفي سنة (508 هـ) عن سن عالية، والفتح في قلائد العقيان (104)، والعماد الأصبهاني في الخريدة (قسم المغرب والأندلس) 3/ 383، وابن دحية في المطرب (81)، والمراكشي في المعجب (227)، وابن الأبار في إعتاب الكتاب (222)، وابن سعيد في المغرب 1/ 350، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 116، وابن الخطيب في الإحاطة 2/ 516 نقلًا عن ابن الصيرفي مؤرخ الدولة المرابطية. والملاحظ أن ابن بشكوال زاد هذه الترجمة إلى كتابه بأخرة.

660 - محمد بن سنان بن سليمان الأميي

رَوى عن أبي الحَجّاج بن الأعلَم، وأبي الحَسَن شُرَيْح. رَوى عنه أبو الوليد هِشامُ بن يوسُف ابن المَلْجوم، لقِيَه بمَرّاكُشَ سنةَ اثنتَيْنِ وتسعينَ وأربع مئة، وكان كاتبًا مُجِيدًا بارعَ الخَطّ، كتَبَ عن أبي يعقوبَ يوسُف بن تاشَفينَ اللَّمْتُونيّ. 660 - محمدُ بن سِنَانِ بن سُليمانَ الأُميِّيُّ. روى عن أبي جعفرٍ ابن الباذِش، وكان مُقرِئًا. 661 - محمدُ بن سِوَار بن موسى بن أحمدَ بن سِوَار الحِمْيَريّ، شُقْريٌّ. رَوى عن أبي بَحْرٍ سُفْيانَ بن العاص، وسِوَارٌ فيهما: بكسر السِّين الغُفْل وتخفيف الواوِ وألفٍ وراء. 662 - محمدُ بن سَهْل بن أسَدِ بن سَهْل بن لُؤْلؤةَ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ إحدى وتسعينَ وأربع مئة. 663 - محمدُ (¬1) بن سَهْل الصَّدَفيُّ، من أهل غَرْب الأندَلُس، أبو عبد الله. رَوى عن شُرَيْح، وكان مُقرِئًا متصدِّرًا. 664 - محمدُ بن سَهْل المَصْمُوديُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله. له رحلةٌ إلى المشرِق رَوى فيها قديمًا عن أبي طاهرٍ السِّلَفيّ. 665 - محمدُ (¬2) بن سيِّد بن يَعْلَى البِرْزَاليُّ، شِلْبيٌّ، أبو بكر. وزَعَمَ ابنُ الأبّار أنه إشبيليٌّ وأنه يُكْنَى أبا عبد الله، والصحيحُ ما بدَأْنا به. رَوى بالأندَلُس عن أبي إسحاقَ بن حُبَيْش، ورَحَلَ إلى المشرِق وأخَذ بالإسكندَريّة عن أبي الطاهِر السّلَفيّ، وقَفَلَ إلى بلده، وحدَّث به وأسمَعَ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1480). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1383).

666 - محمد بن شداد، ويقال فيه: شاذان، طليطلي، أبو عبد الله، ابن الحداد

666 - محمدُ (¬1) بن شَدّاد، ويقال فيه: شاذان، طُلَيْطُليٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الحَدّاد. رَوى عن أبي عبد الله بن إبراهيمَ بن شُقَّ اللّيلُ. رَوى عنه محمدُ بن إبراهيمَ بن قاسم. أنشَدَني الشّيخُ أبو الحَسَن عليُّ بن محمد بن عليّ الرُّعَيْنيُّ رحمه الله، وكتبَه لي بخطِّه، قال (¬2): أنشَدَني أبو بكر بنُ عبد النّور، وكتَبَ لي بخطّه، قال: أنشَدَنا أبو الحَجّاج يوسُف بن محمد ابن الشَّيخ، وكتَبَ لي بخطِّه، قال: أنشَدَنا القاضي أبو محمدٍ العُثمانيُّ، وكتبَه لي بخطّه، قال: أنشَدَني الشّيخُ أبو عبد الله محمدُ بن صَدَقةَ بن سُليمانَ، وكتبَه لي بخطّه، قال: أنشَدَني أبو عبد الله محمدٌ ابنُ البَكْريّ، وكتبَه لي بخطِّه [85 أ] قال: أنشَدَني محمدُ بن إبراهيمَ بن قاسم، وكتبَه لي بخطّه، قال: أنشَدَنا أبو عبد الله محمدُ بن شاذانَ ابن الحَدّاد بطُلَيْطُلةَ وكتبَه لي بخطِّه، قال: أنشَدَنا أبو عبد الله محمدُ بن إبراهيمَ بن موسى بطَلَبِيرَةَ لنفسِه، وكتبَه لي بخطِّه [الوافر]: رأيتُ الإنقباضَ أجلَّ شيءٍ ... وأَدعى في الأمورِ إلى السلامهْ فهذا الخَلْقُ سالِمْهمْ ودَعْهُمْ ... فخُلطتُهُمْ تعودُ إلى النّدامهْ ولا تُعْنَى بشيءٍ غيرِ شيءٍ ... يقودُ إلى خَلاصِك في القيامهْ كذا وقَعَ عندَ شيخِنا أبي الحَسَن، وكذا كتبَه لي بخطّه ابنُ شاذان، وكذلك ثَبَتَ في مُسلسَلاتِ أبي القاسم ابن الطَّيْلَسان، ووقَعَ في مُسلسَلاتِ أبي محمد بن حَوْطِ الله: ابنُ شَدّاد، وكذلك وقَعَ عندَ أبي عبد الله ابن الأبار إنشادًا وكَتْبًا عن أبي الرّبيع بن سالم وأبي جعفرٍ ابن الدَّلّال، كلُّهم عن أبي الحَجّاج ابن الشيخ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1152)، وذكره الرعيني في ترجمة أبي بكر محمد بن عبد النور بن أحمد السبئي المقرئ من "برنامجه" 17 - 18. (¬2) معجم شيوخ الرعيني (17 - 18).

667 - محمد بن شريح بن محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن شريح بن يوسف بن عبد الله بن شريح الرعيني، إشبيلي, أبو بكر

إنشادَا وكَتْبًا؛ ووقَعَ عندَهم كلِّهم أنّ محمدَ بن إبراهيم البَكْريَّ قال: أنشَدَني محمدُ بن إبراهيمَ بن قاسم، فأوْهَمَ ذلك أنّهما رجُلانِ وهو واحدٌ هو: محمدُ بن إبراهيمَ بن قاسم البَكْريّ، وهو من شيوخ أبي الحَسَن يونُس بن مُغيث، وتبيَّن أيضًا في "صِلة" (¬1) ابن بَشْكُوالَ وغيرِ موضع. وابنُ عيسى، الذي يَروي عنه ابنُ الحَدّاد، هو ابنُ شُقّ اللَّيل، استَوْطنَ طَلَبِيرةَ، وهو طُلَيْطُليٌّ. وفي صَدْر البيت الأوّل "رأيتُ الانقباض" فيضبِطُه بعضُهم بقطع همزة الوَصْل ترجيحًا للزِّحافِ الحَسَن، وهو إسكان الخامس من مُفاعلتُن المسمى بالقَصْر، على الزِّحاف القبيح، وهو ذهابه رأسًا، ويسمى العَقْل، وفي صَدْر الثالث: "ولا تُعْنَى" يُثبِتُ بعضُهم فيه الألف، وهو من قَبِيل ما تقَدَّم في قطع همزةِ الوَصْل من الانقباض، ولو وَصَلَ بإسقاطِ الهمزة وحَذْف الألف للخَرْم لم يَنكسِر البيتانِ ولكنّهما يكونانِ مشتمِلَيْنِ على زِحافٍ قبيح كما تقَدَّم؛ وكثيرًا ما تفِرُّ العرَبُ من الزِّحاف القبيح إلى الزِّحاف الصالح، ومن الزِّحاف الصالح إلى الزِّحاف الحَسَن، ومنَ الزِّحاف الحَسَن إلى السلامة حرصًا عليها أو على ما يُقرِّبُ منها، إلّا في مواضعَ كان المُزاحَف فيها أعذبَ من السالم. وقد أشبَعتُ القولَ في هذا وبيَّنتُ [85 ب] عملَ العربِ فيه في موضعِه من كتابي "الجامع في العَروض". 667 - محمدُ (¬2) بن شُرَيْح بن محمد بن شُرَيْح بن أحمدَ بن محمد بن شُرَيْح بن يوسُف بن عبد الله بن شُرَيْح الرُّعَيْنيّ، إشبيليٌّ, أبو بكر. رَوى عن أبيه أبي الحَسَن، وأبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ وصَحِبَه في وِجهتِه إلى المغرب. وكان أحدَ وجوهِ بلدِه ونُبَهائه، مقدَّمًا فيه بسَلَفِه ونفسِه. مَوْلدُه سنةَ ثلاث وخمس مئة، وتوفِّي صَدْرَ يوم الخميس لأربع خَلَوْنَ من جُمادى الأُولى سنةَ ثلاثٍ وستّينَ وخمس مئة، وصَلَّى عليه إثْرَ صلاة الجُمُعة ¬

_ (¬1) الصلة (1232). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1405)، والذهبي في المستملح (125).

668 - محمد بن شعيب بن سليمان بن خاطب اليحصبي

الخطيبُ أبو عُمر محمدُ بن أبي الحَكَم بن حَجّاج، ودُفن بمقبر مَشْكَةَ مُلاصِقَ أبيه وجَدِّه رحمهما الله، ولم يُعقِبْ إلّا ابنةً. 668 - محمدُ بن شُعَيْب بن سليمانَ بن خاطِب اليَحْصُبيُّ. رَوى عن أبي داودَ المَعافِريُّ. 669 - محمدُ (¬1) بن شُهَيْدٍ المُهْرِيُّ، من أهل غَرناطةَ، أبو عبد الله. رَوى عن أبوَيْ محمد: ابن محمد بن أبي جعفر، وعبد الرّحمن بن عَتّاب. رَوى عنه أبوا بكر: عبدُ الرّحمن بن مَسْعَدةَ وابن إبراهيمَ بن أبي زَمَنِين، وأبو محمد عبدُ الحقِّ بن محمد الجُمَحيّ. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، نَحْويًّا أديبًا، متصدِّرًا بمَطَخْشارشَ لإقراءِ ما كان عندَه. وتوفِّي بعدَ الثلاثينَ وخمس مئة. 670 - محمدُ بن أبي الحَسَن صابرِ بن محمد بن صابرٍ القَيْسيُّ، مالَقيٌّ، أبو عبد الله. رَوى بالأندَلُس عن بعض أهلِها، ورَحَلَ إلى المشرِق وحجَّ، وأخَذ بالإسكندَريّة عن أبي القاسم عبد الرّحمن بن إبراهيمَ بن عُمر بن العبّاس ابن الخطيب. وقَفَلَ إلى بلدِه، فرَوى عنه ابنُه أبو جعفر وأبو عَمْرو سالمُ بن صالح بن سالم، وعبدُ الوهّاب بن عبد الرّحمن بن صالح بن سالم. 671 - محمدُ (¬2) بن صافِ بن خَلَف بن سَعِيد بن مَسْعود الأنصاريُّ، أُورِيُوليٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبيه، وأبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ، وأبي عليّ الصَّدَفيِّ، وأبي محمد بن أبي جعفرٍ، وأبي مَرْوانَ بن غَردي وغيرِهم. وأجاز له أبو الوليد ابنُ رُشْد "المُدوَّنةَ" و"المقدِّماتِ" عليها من تأليفه، وأجازه من المَهْديّة نزيلُها أبو عبد الله المازَريُّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1401)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 119. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1368)، وفي معجم أصحاب الصدفي (152)، والذهبي في المستملح (109).

672 - محمد بن صالح بن أحمد بن محمد الكتاني، شاطبي نزل بجاية، أبو عبد الله

رَوى عنه أبو عُمر يوسُفُ بن عَيّاد. وكان فقيهًا حافظًا، استُقضيَ ببلدِه بعدَ أبي القاسم [86 أ] بن فَتْحُون من قِبَل ابن سَعْد. مَوْلدُه بعدَ الثمانينَ وأربع مئة، وتوفِّي مصروفًا عن القضاءِ في ذي القَعْدة سنةَ اثنتَيْنِ وخمسينَ وخمس مئة. 672 - محمدُ (¬1) بن صالح بن أحمد (¬2) بن محمدٍ الكَتّانيُّ، شاطِبيٌّ نزَلَ بِجَايةَ، أبو عبد الله. رَوى عن آباءِ بكر: ابن محمد بن وَضّاح وابن محمد ابن مُحرِز وابن أحمد بن سيِّد الناس، وأبي الحَسَن بن عبد الله بن قطرال، وأبوَي الحُسَين: أحمدَ بن محمد ابن السَّرّاج وعُبَيد الله بن محمد بن قبوج، وأبوَيْ عبد الله: ابن عبد الله ابن الأبّار وابن لُبّ بن ذَخِيرةَ، وأبي عثمانَ سَعْدِ بن عليّ بن زاهِر، وأبوَي القاسم: أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن يَزيدَ بن بَقِيّ ومحمد بن محمد عُرِف بابن الوَلِيّ، وأبي محمد بن عبد الرّحمن بن بُرْطُلّه. رَوى عنه أصحابُنا: أبو عبد الله بنُ مَسْعود، وأبي محمدٍ عبدُ الوهّاب بن عليّ بن الحَسَن المليَانيّ، وأبو جعفرٍ أحمدُ بن محمد بن محمد بن محمد الأنصاريُّ الوادي آشيٌّ ابنُ الخَشّاب. وكان شيخًا صالحًا فاضلًا، مجُوِّدًا للقرآن العظيم مُتقِنًا لأدائه، لازَمَ إقراءه طويلًا، واشتُهر بالفَضل والدِّين وغَزارة العَبْرة وحُسن الخُلُق وجميل العِشْرة والمُلاقاة، وكان له حَظٌّ من الأدب وقَرْض الشِّعر، ومنه (¬3) [الطويل]: ¬

_ (¬1) ترجمه العبدري في رحلته (27)، والتجيبي في عنوان الدراية (48)، والوادياشي في برنامجه (136)، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 154، وابن القاضي في درة الحجال 2/ 17. (¬2) بهامش ب: "ابن عيسى" (بعد لفظة: أحمد). (¬3) بهامش ب: "أنشدنيها -رحمه الله- بلفظه لنفسه بجامع بجاية الأعظم، وفي البيت الثالث منها: "بلثم ترابه" بدل "بشم"".

673 - محمد بن صالح بن أحمد بن محمد بن صالح الأنصاري، ونسبه ابن الزبير قيسيا ولم يذكر جده، فما فوقه، إشبيلي، أبو عبد الله، ابن الزيات

أَرى العُمْرَ يَفْنَى والرجاءُ طويلُ ... وليس إلى قُربِ الحبيبِ سبيلُ حبَاه إلهُ الخَلْق أحسنَ سيرةٍ ... فما الصّبرُ عن ذاك الجمالِ جميلُ متى يشتفي قلبي بشمِّ تُرابِهِ ... ويَسمَحُ دهرٌ بالمَزارِ بخيلُ دلَلْتُ عليه في أوائل أسطُري ... فذاك نبيٌّ مصطفًى ورسُولُ ومنه، وصَدَّرَ به جوابَ كتابٍ وَرَدَ عليه من قِبَل شيخِنا أبي العبّاس ابن الغَمّاز رحمهما الله [الرمل]: أفلا أشكُرُ بَدْرًا أَفَلا ... وكتابُ الوَصْل منه وَصَلا سَمَحَ الحُسنُ بأنْ أحيا بهِ ... ما أماتَ الحُزنَ لمّا رَحَلا أيُّ طِرْسٍ جلَّ كم همٍّ جلا ... أيُّ سِحرٍ حلَّ أو شَهْدٍ حلا! مَن لعَيْني بأداءِ الشّكرِ إذْ ... رَمَقَتْ ما رقَمَتْ يُمْنى العُلا؟! قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: هذا من الشِّعر العالي النَّفيس [87 ب] فتأمَّلْه. مولدُه لليلةٍ بقِيت من ذي قَعْدةِ عام أربعةَ عشَرَ وست مئة (¬1). 673 - محمدُ (¬2) بن صالح بن أحمدَ بن محمد بن صالح الأنصاريُّ، ونَسَبَه ابنُ الزبير قَيْسيًّا ولم يَذكُرْ جَدَّه، فما فوقَه، إشبيليٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الزَّيّات. رَوى بالأندَلُس عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ، وأبي عبد الله القَنْطَريّ، ورَحَلَ إلى المشرِق وحَجّ. وأخَذ بالإسكندَريّة عن أبي طاهر السِّلَفيّ، وأبي عبد الله الرّازي ابن الخَطّاب وغيرهما. رَوى عنه أبو الأصبَغ الطَّحّانُ، وأبو بكر بن خَيْر (¬3)، وأبو القاسم القَنْطريُّ، وابن بَشْكُوال، وأبو محمد بن عَلُّوش. ¬

_ (¬1) هامش ب: "وتوفي رحمه الله ببجاية في العشر الوسط لصفر من عام اثنتين وتسعين وست مئة، وصلى عليه أبو محمد ابن علوان على شفير قبره بشارع باب البنود بإزاء بيوت من حارة فرات، وسمعت عليه الكثير وأجازني غير مرة جميع ما يرويه". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1373)، والذهبي في المستملح (112). (¬3) انظر فهرسته (215).

674 - محمد بن صالح بن محمد بن سعد بن نزار بن عمرو بن ثعلبة المعافري، قرطبي، أبو عبد الله

674 - محمدُ (¬1) بن صالح بن محمد بن سَعْد بن نِزَار بن عَمْرو بن ثَعْلبةَ المَعافِريُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله. رَوى بالأندَلُس عن طائفةٍ من أهلِها، ثمِ رَحَلَ إلى المشرِق فسمعَ إسماعيلَ ابن محمد الصَّفارَ، وبكرَ بن حَمّاد التاهَرْتيَّ، وخيْثَمةَ بن سُليمان، وأبا سَعِيد ابنَ الأعرابيِّ، وغيرَهم. رَوى عنه أبو عبد الله الحاكمُ، وأبو القاسم الحَسَن بن محمد بن حَبِيب النَّيسابُوريُّ وغيرهما، قال أبو عبد الله الحاكمُ: اجتَمعْنا بهَمَذانَ سنةَ إحدى وأربعين، يعني وثلاثَ مئة، فتوَجَّه منها إلى أصبَهان، وكان قد سمع في بلادِه ومِصرَ من أصحابِ يونُس، وبالحجازِ والشّام والجزيرة من أصحابِ عليّ بن حَرْب، وببغدادَ، ووَرَدَ نَيْسابورَ في ذي الحجّة سنةَ إحدى وأربعينَ [....] (¬2) الكثير، ثم خَرَجَ إلى مَرْو، ومنها إلى بُخارَى، فتوفِّي بها في رجَبِ ثلاثٍ وثمانينَ وثلاث مئة، وذكَرَه ابنُ الفَرَضيّ مقطوفًا غيرَ مَكْنيٍّ ولا مرفوع النسب، وقال (¬3): إنه استَوْطنَ بُخارى وتوفِّي بها سنةَ ثمان (¬4) وسبعينَ وثلاث مئة. وقولُ الحاكم أولى، واللهُ أعلم. 675 - محمدُ بن صالح بن محمدِ الأنصاريُّ، إشبيليٌّ. كان أحدَ فُقهاء بلدِه، ومن أهل العدالة فيه، وأظُنُّه جدَّ والد ابن الزَّيّات المذكورِ آنفًا قبل هذا، واللهُ أعلم، وكان حيًّا سنةَ خمس وخمسينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن عساكر في تاريخ دمشق 53/ 270، وابن الأبار في التكملة (1032)، والذهبي في تاريخ الإسلام 8/ 458، والمقريزي في المقفى 5/ 387، والمقري في نفح الطيب 2/ 142، 152. (¬2) بياض في النسختين. (¬3) تاريخ علماء الأندلس (1353). (¬4) في النسختين: "ثلاث" وهو سبق قلم، والصواب ما أثبتنا وهو الذي في تاريخ ابن الفرضي، وهو الذي قصده المؤلف، وإلا فلا معنى لقوله بعد ذلك: "وقول الحاكم أولى"؛ لأن الحاكم ذكر وفاته سنة ثلاث وابن الفرضي سنة ثمان، والله الموفق.

676 - محمد بن طاهر بن أحمد بن عطية بن محمد بن عبد الله بن قاسم المري، حجاري، أبو عبد الله

676 - محمدُ بن طاهر بن أحمدَ بن عَطِيّةَ بن محمد بن عبد الله بن قاسم المُرّيّ، حِجَاريٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي العبّاس الخَضِر بن أحمدَ المَعافِريّ. 677 - محمدُ (¬1) بن طاهر بن عليّ بن عيسى الأنصاريُّ [88 أ] الخَزْرَجيُّ، دانيٌّ، أبو عبد الله. وهو أخو أبي العبّاس، وقد تقَدَّم رفَعُ نَسَبِه في رَسْم أخيه. سَمِعَ ببلدِه أبا داودَ الِهشَاميَّ وأبا الحَسَن الحُصْريّ، ثم رَحَلَ حاجًّا وقَدِم دِمَشْق سنةَ أربع وخمس مئةٍ ودرَّس بها العربيّةَ مُدّة، فرَوى عنه بها جماعةٌ منهم: أبو الحَسَن هِبةُ الله ابن الحَسَن بن عساكرَ أخو الحافظ أبي القاسم، وقال أبو القاسم ابنُ عساكر: رأيتُه بدمشقَ وأنا صغيرٌ ولم أسمَعْ منه شيئًا. وخَرَجَ إلى بغداد فأقام بها إلى أن توفِّي سنةَ تسعَ عشْرةَ وخمس مئة، ويُذكَرُ أنه كان شديدَ الوَسْوسة في الوضوء. 678 - محمدُ بن صَبَاح (¬2) بن عبد الملِك بن صَبَاح القَيْسيّ، مَوْرُوريٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ ثمانينَ وخمس مئة. 679 - محمدُ (¬3) بن طاهر بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن طاهر القَيْسيُّ، إشبيليٌّ، أبو بكر. رَوى عن جَدِّه أبي بكرٍ، وأبي الأصبَغ السُّمَاتيِّ وتَلا عليه، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال، وكان من أهل الوَرَع والصّلاح. وتوفيِّ سنة ثلاثٍ وست مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن عساكر في تاريخ دمشق 53/ 284، وابن الأبار في التكملة (1212)، والذهبي في المستملح (46) وتاريخ الإسلام 11/ 305، والصفدي في الوافي 3/ 168، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 120، والمقري في نفح الطيب 2/ 142. (¬2) تأخرت هذه الترجمة عن موضعها. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1558)، والذهبي في المستملح (209) وتاريخ الإسلام 13/ 84.

680 - محمد بن طاهر بن محمد بن طاهر، أبو عبد الله

680 - محمدُ بن طاهر بن محمد بن طاهر، أبو عبد الله. رَوى عن خُلَيْص بن [عبد الله بن أحمد] (¬1)، العَبْدَريّ. 681 - محمدُ بن طاهر بن يوسُفَ الأنصاريُّ، مُرْسِيٌّ، أبو عبد الله. رَوى بالأندَلُس عن بعض مَشْيختِها، ورَحَلَ إلى المشرق مُرافقًا الشَّهيدَ أبا جعفر بنَ عَمِيرة، وحَجَّ، ورَوى بالإسكندَريّة عن أبي الطاهر بن عَوْف، وأبي عبد الله الحَضْرَميّ، وابن دُلَيْل الكِنْديّ، وبمِصرَ عن أبي الفَتْح محمود بن أحمدَ بن عليّ المحموديّ، ومخلوف بن جارَةَ، وأبي محمد ابن بَرِّي، وسَلَمةَ ابن الأنباريّ. رَوى عنه أبو الحَسَن ابنُ الفَقّاص. وكان فقيهًا حافظًا ذاكرًا للمسائل، واستُقضِي. 682 - محمدُ (¬2) بن طاهِر بن مُقاتِل بن محمد القَيْسيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بَحْر الأَسَديّ، وأبي الحَسَن ابن الباذِش، وأبوَيْ عبد الله: الخَوْلانيِّ الفاسِيّ والطلييِّ وغيرِهم. وكان فقيهًا عاقدًا للشروط بصيرًا بعِلَلِها نافذًا في معرفتِها، أحْكَمَ صناعتَها بين يدَيْ أبي عبد الله الطليي، آيةً في التحقُّق بِمَيز الخُطوط، وتخرَّج به فيها. وكان حافظًا لكتابِ الله تعالى [88 ب] ضابطًا لوجوه قراءاتِه، طيِّبَ النَّغَمة به، غزيرَ الخِبرة في تلاوته، كئيرَ الخشوع صادقَ الإخبات، مُختارًا للإمامةِ في التراويح بمسجد غَرناطةَ الأعظم، متينَ الدِّين تامَّ الفَضْل مشهورَ الخَيْرِ والصّلاح. مَوْلدُه سنةَ ثِنْتينِ وخمس مئة، وتوفِّي لإحدى عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من ربيع الأوّل سنةَ أربع وسبعينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) بياض في النسختين، وما بين الحاصرتين مستفاد من ترجمته في الغنية للقاضي عياض (150)، والصلة لإبن بشكوال (413) وغيرهما. (¬2) وقعت هذه الترجمة في م قبل الترجمتين السابقتين.

683 - محمد بن طاهر، وادي آشي، أبو عبد الله

683 - محمدُ بن طاهر، وادي آشيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عنه أبو القاسم قاسم بن الأصفَر. 684 - محمدُ (¬1) بن طلحةَ بن محمد بن عبد الملِك بن أحمدَ بن خَلَف بن الأسعَد بن حَزْم الأمَويُّ. وقَدَّم ابنُ الزُّبَير في هذا النسبـ "خَلَفًا" على "أحمد" ومن خَطِّ الأستاذِ الضّابط أبي محمد طلحة -يَحتملُ أن يكونَ ابنَه- نقَلتُ هذا النّسَبَ كما أثبتُّه أوّلَ؛ انتَقلَ به أبوه إلى إشبيلِتةَ فاستَوْطَنَها، أبو بكر. تَلا بالسَّبع على أبي بكر بن صافٍ، وتأدَّب في العربيّة به، وبأبي إسحاقَ بن مُلْكون، وأبي بكرٍ ابن الجَدّ، وأبي القاسم السُّهَيْليّ، وأبي الوليد جابر بن أَيُّوب. وأجاز له أبو بكر بنُ مالك وأبو الحُسَين ابن الصائغ، وأبو الصَّبر الشَّهيد، وأبو محمدٍ الحَجْريّ. رَوى عنه ابنُه أبو محمد طلحةُ، وأبو إسحاقَ بن حَسّان، وأبو أُميّةَ بن عُفَيْر، وآباءُ بكر: ابن جابر السَّقَطيُّ وابن سيِّد الناس وابن عبد النُّور والقُرطُبيُّ وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ شيخُنا، وابنُ عبد الصَّمد ابن الجَنّان، وأبو الخَطّاب بن خليل، وآباءُ العبّاس: المَوْرُوريُّ والنَّباتيُّ وابنُ النَّجّار وابنُ هارون، وأبو عليّ ابن الشَّلَوْبِين، وأبو عِمرانَ الجَزِيريُّ، وأبو مَرْوانَ الباجِيُّ، وأبو الوليد بن عُفَيْر شيخُنا. وكان من مُتْقني تجويدِ القرآنِ العظيم، ولم يقرَأْه تأدبًا معَ شيخِه أبي بكر بن صافٍ توقيرًا له؛ إذْ كان انتصابُه للتدريس في حياتِه، ثم استمرَّت حالُه بعدَ وفاةِ شيخِه على ما كان عليه. وكان إمامًا في العربيّة، مقدَّمَا في فَهْمِها، متحقِّقًا بمعانيها، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1621)، وابن سعيد في المغرب 1/ 253، والذهبي في المستملح (260) وتاريخ الإسلام 13/ 557، واليمني في إشارة التعيين (315)، والفيروزآبادي في البلغة (325)، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 157، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 121، والمقري في نفح الطيب 3/ 476.

685 - محمد بن طيب بن عمر الهمداني، قرطبي، أخو أحمد المذكور بموضعه من هذا الكتاب

متيقِّظًا لدقائقِها، صَدْرَ أساتيذِ إشبيلِيَةَ في ذلك غيرَ مُدافَع. وكان من جَوْدة التعليم وإجادة الإلقاء وسُهولة العبارة في غايةٍ لا يُدرَكُ شَأْوُه فيها، مائلًا في النَّحو إلى آراءِ أبي الحُسَين ابن الطَّراوة، ثم غَلَبَ عليه ذلك فشَرَدَ عنه الجُمهور. ومصنَّفاتُه في النَحو مشهورةٌ معروفةُ الفضل جَمّةُ الفوائد، وكان ذا حظٍّ صالح من الفقه وأصولِه وعلم الكلام، مُنقبِضًا عن أبناءِ الدنيا شديدَ الفِرار من خُلطتِهم، كثيرَ الحَذَرِ منهم. قال أبو القاسم بنُ فَرْقَد: كان أبو بكرٍ ابنُ صافٍ يَفْخَرُ ممّن قرَأ عليه بأبي بكر بن طلحة، وأبي العبّاس بن مُنذر، قال: وكان يُحدِّثُنا متعجِّبًا من أمرِه أنه كان في أوّليّتِه لا يَفُوهُ عندَ سَماع الدول (¬1) ببِنت شَفَة، فكان يَستبرِدُه وَيسْتَغبيه، إلى أنِ اندفَعَ يومًا بما أَبْهتَ الحاضرينَ، وتمادَى على ذلك من حالِه إلى أنْ سما قَدْرُه. مَوْلدُه بيابُرةَ منتصَفَ ذي حجةٍ من سنة خمس وأربعينَ وخمس مئة، وسيقَ إلى إشبيلِيَةَ صغيرًا فنشَأَ بها وسَكَنَها إلى أن توفِّي بها ليلةَ جُمُعة في الوسط من صَفَرِ ثمانِ عشْرةَ وست مئة، وصُلِّي عليه عَقِبَ صلاة الجُمُعة، ودُفن بالنَخيل الأصغر داخلَ إشبِيليَةَ، وكان الحَفْل في جَنازته عظيمًا، وأتْبَعَه الناسُ ثناءً حسَنًا، وكان أهلًا لذلك، رحمه الله. 685 - محمدُ بن طيِّب بن عُمرَ الهَمْدانيُّ، قُرطُبيٌّ، أخو أحمدَ المذكورِ بموضعِه من هذا الكتاب. كان من أهل العلم وجَوْدة الخَطّ، حيًّا سنةَ أربع وثمانينَ وثلاث مئة. 686 - محمدُ بن الطّيّب بن محمد بن الطّيّب العتقيُّ، مُرْسيٌّ، أبو بكر. رَوى عن أبيه أبي القاسم ولازَمَه، وتَلا بالسّبع على أبي الحَسَن بن يوسُف بن الشَّرِيك ورَوى عنه، وأبي الخَطّاب بن واجِب، وأبوَيْ عبد الله: ابن أحمد الأنْدَرْشيّ وابن هِشام الشَّوّاش. حدَّثنا عنه أبو محمد مَوْلى أبي عُثمانَ سَعِيد بن حَكَم. ¬

_ (¬1) الدول: جمع دولة، وهي الجلسة للرواية (الدرس).

687 - محمد بن عبد الله بن أحمد بن أيوب الطائي، أبو بكر وأبو عبد الله

وكان من بيت عِلم ونَباهة وجَلالة، فقيهًا فاضلاً، قائمًا على الأصول، حافظًا للأنساب، متقدِّمًا في الحساب، مُشاركًا في فنونِ العلم، استُقضيَ بلُوْرْقَةَ ثم بمُرْسِيَةَ وخَطَب بجامعِها بعدَ ابن طرافش، وتوفِّي على ذلك سنةَ خمسٍ وخمسينَ وست مئة بعدَ صلاة يوم الجُمُعة لثلاثٍ خَلَوْنَ من ربيع الآخِر، وقيل: توفِّي بأُورِيُولة، ومَوْلدُه بمُرْسِيةَ ضَحْوة يوم الجُمُعة منتصَف شعبانِ أربع وتسعينَ وخمس مئة. 687 - محمدُ بن عبد الله بن أحمد بن أيّوبَ الطائيُّ، أبو بكر وأبو عبد الله. رَوى عن أبي الأصبَغ عيسى بن أبي بَحْر الشَّنْتَرِينيّ. 688 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن أحمدَ بن خَليفةَ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ. 689 - محمدُ بن عبد الله بن أحمدَ بن عبد الله بن موسى البَلَويُّ، (¬2) نزَلَ مَرّاكش، أبو عبد الله القُبَاجيُّ، بضمِّ القاف المعقود وباءٍ بواحدة وجيم معقودة. 690 - محمدُ بن عبد الله بن أحمدَ بن سَماك العامِليُّ، مالَقيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبيه وغيره. وكان فقيهًا ذاكرًا للمسائل، مُشاوَرًا عارِفًا بالأحكام، جَرَت بينَه وبينَ بني حَسُّون، رُؤساءِ مالَقةَ، مُنازَعة، ففرَّ منهم إلى غَرناطة، ثم صار إلى مَرّاكُش أوّلَ أيام أبي محمدٍ عبد المُؤْمن فاستَقرَّ بها، ومنها وَلِيَ قضاءَ مالَقةَ بعدَ مصيرها إلى عبد المُؤْمن بقَتْل أبي الحَكَم المتأمِّر بها من بني حَسُّون، وكان قَتْلُه في ربيعِ الأوّل عام ثمانيةٍ وأربعينَ وخمس مئة، وقد تقَدَّم ذلك في رَسْمِه، ثم وَليَ قضاءَ غرْناطةَ، فكان أوّل قاضٍ استُقضيَ بها في دولةِ عبد المُؤْمن، جَزْلًا في أحكامِه مسَدَّدَ الأغراض في أقضِيته، وذكَرَ المَلّاحيُّ أن المنتقلَ إلى غَرْناطةَ جَدُّه، وقد وَليَ أبوه قضاءها سنةَ سبع وثلاثينَ وخمس مئة، وكان أبو عبد الله حيًّا سنةَ خمس وخمسينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) وقعت هذه الترجمة في ب قبل سابقتها. (¬2) بياض في النسختين.

691 - محمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الملك بن شراحيل الهمداني، غرناطي، أبو عبد الله

691 - محمدُ بن عبد الله بن أحمدَ بن عبد الملِك بن شَرَاحِيلَ الهَمْدانيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله. له إجازةٌ من أبي إسحاقَ ابن حُبَيْش. 692 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن أحمدَ بن عليّ بن سَعِيد بن خَلَف بن سَعِيد بن خَلَف بن محمد بن عبد الله بن الحَسَن بن سَعْد بن عُثمانَ بن الحَسَن بن عبد الله العَنْسيُّ -بالنُّون- غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي القاسم المَلّاحيِّ، وله رحلةٌ إلى المشرِق سمع فيها من جِلّةٍ بمِصرَ والإسكندَريّة ودِمشقَ وبغدادَ وما وراءها، منهم: أبو عبد الله ابنُ عمادٍ الحَرّانيُّ، وأبو [محمد عبد الصمد بن داود بن محمد] (¬2) بن سَيْف الغَضَائريُّ وسواهما، وعُنيَ بالرِّواية، وكتَبَ الكثيرَ، وفُقِد بأصبَهانَ حين استَوْلى عليها المَجُوسُ الخارجونَ من ما وراءَ النَّهر قبلَ الثلاثينَ وست مئة (¬3). 693 - محمدُ بن عبد الله، أخوه، أبو القاسم. رَوى عن أبي القاسم المَلّاحيّ. 694 - محمدُ بن عبد الله بن أحمدَ بن محمد بن عبد العزيز الحِمْيَريُّ، مالَقيٌّ إسْتِجيّ الأصل، انتَقلَ سَلَفُه منها إلى مالَقةَ، أبو عبد الله الإسْتِجيُّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1660)، والذهبي في المستملح (288)، وينظر كلام التجيبي على الترجمة (1304). (¬2) ما بين الحاصرتين بياض في النسختين، واستفدنا ما ذكرناه بين الحاصرتين من ترجمة ابن الصابوني في "الغضاري" من تكملة إكمال الإكمال (ص 269 - 270)، قال: "الغضاري: بفتح الغين والضاد المعجمتين جماعة، وفاته (يعني: ابن نقطة): شيخنا أبو محمد عبد الصمد بن داود بن محمد بن سيف الأنصاري الغضاري المقرئ". وترجمه التركي المنذري في وفيات سنة 629 هـ من التكملة ولكن وقع فيه اسم جده "يوسف" بدلًا من "سيف" (3/الترجمة 2410)، وتابعه الذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 516. (¬3) يعني: المغول، بقيادة طاغيتهم جنكيزخان، ولم يكونوا مجوسًا.

695 - محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن قاسم بن علي بن قاسم بن يوسف أمير الأندلس ابن عقبة بن نافع، الفهري، أبو عبد الله، يمن الدولة

أخَذ ببلدِه عن أبي بكرٍ عَتِيق بن خَلَف المُرْبَيْطريّ، وابنَيْ حَوْطِ الله، والحاجِّ أبي عبد الله ابن صاحبِ الصلاة، وأبي محمد ابن القُرطُبيّ, وبقُرطُبةَ عن أبي جعفر بن يحيى. رَوى عنه أبو بكر بن خَميس، وأبو الحَكَم مالكٌ شيخُنا. وكان ذا مُشاركة في فنون العلم، يَغلِبُ عليه الأدبُ، أقْرأَ بجامع مالَقةَ، وقُرئَ عليه "صحيحُ البُخاريّ" فاستَجَرَّه غالبُ أدبِه على كلام في بعض أحاديثِ الجامع نُقِمَ عليه، فقَطَعَ الإقراءَ وتحوَّل إلى غَرناطة، فتوفِّي بها بقرب وصولِه إليها، وكان من أبرع الناس نَظْمًا ونثرًا، وكان حيًّا سنةَ تسع وثلاثينَ وست مئة. 695 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن أحمدَ بن محمد بن قاسم بن عليّ بن قاسم بن يوسُف أميرِ الأندَلُس ابن عُقْبةَ بن نافِع، الفِهْريُّ، أبو عبد الله، يُمنُ الدّولة. رَوى عن أبي الحَسَن عليّ بن إبراهيمَ التِّبريزيِّ ابن الخازِن، وكان نبيهَ البيت شديدَ العنايةِ بالعلم، ورَأَسَ حينًا بقَلْعة ألبُونْت: من عملِ بَلَنْسِيَةَ مقرِّ آبائه الرؤساء، وبرَسْمِه صَنَع أبو محمد ابنُ حَزْم "رسالتَه في فضل الأندَلُس" وأطال فيها الثناءَ عليه وعلى سَلَفِه. 696 - محمدُ (¬2) بن عبد الله بن أحمدَ بن محمد بن قاسم، سَرَقُسْطيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الأنصاريّ. رَوى عن أبيه وغيره. رَوى عنه ابنُ عبد السّلام، واستُقضيَ ببلدِه، وكان حيًّا بعدَ أربع مئة. 697 - محمدُ (¬3) بن عبد الله بن أحمدَ بن محمد بن يحيى بن يحيى الأنصاريُّ، إشبيليٌّ، أبو بكر القُرطُبيّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1101)، والذهبي في المستملح (20)، والمقري في نفح الطيب 3/ 160. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1072). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1661)، والرعيني في برنامجه (3)، والذهبي في المستملح (287)، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 1/ 273.

رَوى عن أبي إسحاقَ الشّطاطيِّ، وأبي البقاءَ يَعيشَ ابن القديم، وآباءِ بكر: ابن الجَدّ وابن صافٍ -واختَصَّ به- وابن طلحةَ وابن فُرَيْخ وابن أبي زَمَنِين، وآباءِ جعفر: ابن حَكَم القَيْسيّ وابن محمد بن اليُسْر وابن مَضَاءٍ وابن يحيى الحِمْيَريّ وأبي الحَجّاج بن غُصْن، وآباءِ الحَسَن: البَلَويِّ وابن خَرُوف النَّحْويّ وابن مُؤْمن ونَجَبةَ، وآباءِ الحُسَين: محمد بن عَيّاش بن عَظِيمةَ وابن زَرْقُون ويحيى ابن الصائغ، وأبي الحَكَم عبد الرّحمن بن محمد بن حَجّاج، وأبي ذَرّ بن أبي رُكَب، وأبي الصَّبر أيوبَ الفِهْريّ، وآباءِ عبد الله: ابن بُونُه والتُّجِيبيِّ وابن سَعِيد بن زَرْقُون وابن عُثمانَ بن سَعِيد بن يقيميس وابن الفَخّار وابن قاسم بن عبد الرّحمن بن عبد الكريم التَّميميِّ وابن قَسُّوم الفَهْميّ وابن محمدٍ الحَضْرَميّ العُنْفُقةِ، وأبي عامر بن مَرادةَ، وآباءِ العبّاس: ابن مِقْدام وابن مُنذِر وابن أبي أُميّةَ والقنجايري، وأبوَيْ عليّ: ابن الشَّلَوْبِين وابن أحمدَ الزَّبّار، وأبوَيْ عَمْرو: عَيّاش بن عَظِيمةَ وابن عَيْشُون، وآباءِ القاسم: ابن بَقِيّ وابن شَجَرةَ وعبد الرّحمن ابن المَلْجوم وابن أبي هارون، وآباءِ محمد: التادَليِّ وابن جُمْهُور والحَجْريِّ وابن حَوْط الله وعبد الكبير وعبد المُنعم ابن الفَرَس وأبي المَجْد هُذَيْل، وآباءِ الوليد: ابن أبي مَرْوان (¬1) ... رَوى عنه أبو إسحاقَ البلَّفيقيُّ الأصغرُ، وأبو بكر بن يوسُف أبو العافية، وأبو العبّاس بن عُثمانَ بن عَجْلان، وأبو محمد طلحة. وحدَّثنا عنه من شيوخِنا: أبو جعفرٍ الطَّبّاع، وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ، وأبو عليّ ابنُ الناظِر (¬2). ¬

_ (¬1) كذا هو، وفيه نقص. (¬2) بهامش ب: "وحدث عنه العلامة أبو الحسن بن أبي الرمح". وبهامش ب أيضًا: "وروى عنه أيضًا أبو بكر بن مُسدي وقال: سمعت كلامه في الفقه والتصوف، ورأيته حسن التصرف، وما عليه في صدقه اختلاف، وسمعت أبا القاسم بن فرقد يطعن عليه في نفس ما ادعاه من روايته عن أبي عبد الله ابن الفرس وابن النعمة وابن أعلى. مولده بعد الخمسين وخمس مئة".

698 - محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد القيسي، إشبيلي أشبوني الأصل، ابن الكماد

وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، متواضِعًا عابِدًا وَرِعًا فاضلاً، متقلِّلًا من الدنيا، عاكفًا على التقييد، حَريصًا على استفادةِ العلم وأخْذِه (¬1) عن أهلِه كبارًا وصِغارًا، لا يَأبى مِن أخْذِه عمّن هُو مثلُه أو دونَه، ووَصَفَه شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ -وكان شديدَ الملازمةِ له- بالزُّهدِ والفَضل وجَوْدةِ القيام على معرفة القراءاتِ وإتقانِه إياها والعنايةِ بالفقه والعكوف عليه، قال: وكان يُقرئُ القرآن والعربيّةَ بمسجدِ ابن عبدِ ربِّه، ثم تحوَّل بأخَرةٍ إلى مسجدِ أبي عبد الله ابن المُجاهِد تبركًّا بإقراءِ أبي عبد الله ابن المُجاهِد فيه وإقراءِ تلميذِه أبي عبد الله بن قَسُّوم بعدَه، رحمَهم اللهُ أجمعين؛ واستمرَّ على ذلك زمانًا طويلاً، ثم تركَه وأقْبلَ على إسماع الحديثِ وترويته إلى أن توفِّي، رحمه الله، [عن من عالية] غُرّةَ شعبانِ ثمانٍ وعشرينَ وست مئة. 698 - محمدُ بن عبد الله بن أحمدَ بن محمد القَيْسيُّ، إشبيليٌّ أُشْبُونيُّ الأصل، ابنُ الكَمّاد. كان من أهل العلم بعَقْد الشُّروط في [....] (¬2) والعدالة، حيًّا في حدود عَشْرٍ وست مئة. 699 - محمدُ بن عبد الله بن أحمدَ بن محمد القَيْسيُّ. وهُو عندي (¬3) الذي فُرعَ الآنَ من ذكْرِه. كان بقُرطُبةَ، من أهل العلم، حيًّا سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة. 700 - محمدُ (¬4) بن عبد الله بن أحمدَ بن مَسْعود بن مُفرِّج بن مَسْعود بن صَنَعون بن سُفْيان، أبو القاسم القَنْطريُّ. ¬

_ (¬1) هذا هو ترجيح المعلق في هامش ب، وفي المتن صورة قريبة من "وتأتيه". (¬2) كلمة غير مقروءة في الأصل. ولعل "في" وما بعدها أن تقرأ "والثقة". (¬3) ترجيح من المعلق على هامش ب. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1403)، والذهبي في المستملح (123) وتاريخ الإسلام 12/ 265، والمراكشي في الأعلام 4/ 105.

سَكَنَ بعضُ سَلَفِه قَنْطرةَ السَّيف. رَوى عن أبي إسحاقَ بن حُبَيْش، وآباءِ بكر: الأُمْرُوشيِّ وابن زيوإنَ وابن العَرَبيِّ وأكثَرَ عنه، ومحمد بن إبراهيمَ العامِريِّ وابن المُرْخِي ويحيى ابن النَّفِيس، وأبوَيْ جعفر: البِطْرَوْجيِّ وابن المُرْخِي، وأبي الحَجّاج الأنديّ القَفّال، وآباءِ الحَسَن: شُرَيْح وعبد الرّحيم الحِجَاريِّ وعيسى بن حَبِيب بن هَيْبةَ، والمالكيِّ، وابن فَيْد وابن مَوْهَب ومحمدٍ الوَرّاق ويونُس بن مُغيث، وأبوَي الحُسَين: ابن الطَّلّاء واللَّبْليّ، وأبوَي الحَكَم: عبد الرّحمن بن غَشلْيان وعبد السّلام بن بَرَّجَان، وأبي داودَ بن يحيى المَعافِريّ، وأبي زَيْد بن إدريسَ، وأبي الطاهر الأشْتَركونيِّ، وآباءِ عبد الله: جعفرٍ حَفيدِ مكِّي وابن الحاجِّ والحَمَويّ وابن صَالح وابن مَعْمَر وابن وَضّاح وابن أبي الخِصَال، وأبي العبّاس بن جَعْفر بن خَصِيب القِيجَاطيّ، وآباءِ القاسم: ابن بَقِيٍّ وابن بَشْكُوال وابن وَرْد وعبد الرّحيم ابن الفَرَس، وأبوَيْ محمد: عبد الله النَّفْزِيّ وابن مَوْجُوال، وأبوي مَرْوان: الباجِيِّ وابن مسَرّة. رَوى عنه أبو البقاءِ يَعيشُ، وأبو بكر بنُ خَيْر (¬1)، وأبو عَمْرٍو مُرَجَّى بن يونُس وأبو الخليل مُفرِّج بن سَلَمةَ، وهو أسَنُّ منه. وكان من بيتِ علم وفقهٍ وحديث وجَلالة، محدِّثًا كاملَ المعرفة بصناعة الحديث، واسعَ الرِّواية ثقةً حافظًا فقيهًا مُشاوَرًا مُشارِكًا في فنون، أديبًا جَمّاعَة للدّواوين جيِّدَ الانتقاءِ لها، ضابطًا مُتقِنًا، حَسَنَ التقييد نبيلَ الخَطّ كتَبَ الكثير، وعُنيَ بالعلم والرِّحلة فيه أتمَّ عناية، واستَدْرَك على أبي القاسم ابن بَشْكُوالَ في "صلتِه" كثيرًا (¬2). وتوفِّي بمَرّاكُش ليلةَ الأربعاءِ الرابعة من ذي حجةِ أحدٍ وستّينَ وخمس مئة، ودُفن من الغَدِ، وصَلَّى عليه الخطيبُ أبو محمد بن محمد بن عِمْرانَ الصَّدَفيُّ الشِّلْبيّ معَ من كان هنالك من جيرانِه أهل شِلْبَ في وِفادِتهم على مَرّاكُش. ¬

_ (¬1) ينظر فهرسته 537. 555. (¬2) تنظر مقدمة الدكتور بشار للصلة 1/ 17.

701 - محمد بن عبد الله بن أحمد بن ملحان الطائي

701 - محمدُ بن عبد الله بن أحمدَ بن ملْحانَ الطائي. رَوى عن أبي القاسم أحمدَ بن محمد بن بَقِيّ. 702 - محمدُ بن عبد الله بن أحمدَ بن نَهِيْك الزُّهْريُّ، شِلْبيٌّ، أبو الحُسَين. مَوْلدُه في ذي الحجّة سنةَ تسع وستينَ وأربع مئة، وتوفِّي ببَاجَةَ مُغرَّبًا عن وطنِه يومَ الأربعاء لليلتَيْنِ خَلَتا من ذي القَعدة سنةَ خمس وأربعينَ وخمس مئة. 703 - محمدُ بن عبد الله بن إبراهيمَ بن حَزْم الأنصاريُّ، إشبِيليٌّ. 704 - محمدُ بن عبد الله بن أحمدَ الكُتَاميُّ، أبو القاسم. رَوى عن شُرَيْح. 705 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن إبراهيمَ بن عبد الله بن قَسُّوم بن أصبَغَ بن إبراهيمَ بن مُهَنّى اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ، أبو بكر. رَوى عن أبوَيْ إسحاق: ابن أحمدَ بن سيّد أبيه، وابن مُلْكون وأخَذ عنه العربيّةَ والآدابَ، وعن أبي العبّاس بن سيِّد وأكثَرَ عنه، وأبي عِمْرانَ المارْتُليِّ وأخَذَ عنه طريقةَ التصوّفِ ولازَمَه طويلًا وانتفَعَ بصُحبتِه. وأجاز له أبو بكرٍ ابنُ الجَدّ. رَوى عنه أبو بكر بن سيِّد الناس، وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ، وأبو الحُسَين عُبَيدُ الله بن عبد العزيز بن القاري؛ شَيْخانا، وأبو عُبَيدةَ محمدُ بن محمد بن فَرْقَد، وأبو عَمْرٍو أحمدُ بن عَمْرِيل، وأبَوا القاسم: عبدُ الكريم بن عِمْرانَ والقاسمُ ابن الطَّيْلَسان، وأبو محمدٍ طلحةُ. وكان أديبًا بارِعًا، ناظمًا ناثرًا، زاهدًا وَرِعًا مُتبتِّلاً، كتَبَ في شبيبتِه عن بعض أُمراءِ وقتِه، ونال معَه دُنيا واسعةً وجاهًا عريضًا، ثم ترَكَ ذلك زُهدًا فيه وانقطاعًا إلى الله تعالى وتعويلًا على ما لدَيْه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1690)، والرعيني في برنامجه (34)، والذهبي في المستملح (309) وتاريخ الإسلام 14/ 300.

أخبرَني الشّيخُ أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمه اللهُ قراءةً منّي عليه، ونقَلْتُه من خطِّه، قال: قال لي شيخُنا أبو محمدٍ الشلطيشيُّالفقيهُ السّنيُّ رحمه اللهُ وقد جَرَى ذكْرُ شيخِنا أبي بكرٍ هذا: لا أعلمُ أحدًا من أهل عصرِنا زَهِدَ في الدنيا حقيقةً زُهدَ أبي بكر، فإنه زَهِدَ عن تمكّن فيها وظهورٍ عند بَنيها، وبعدَ إقبالِها عليه أعرَضَ عنها وأقبَلَ على عبادةِ ربِّه ورَفَضَ ما كان في يدِه منها، واشتَغلَ مُدّةً بتعليم كتابِ الله العزيز ونَسْخِه، ولزِمَ صُحبةَ الزاهِد أبي عِمرانَ واقتَدى به وعِملَ على سُنّتِه. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وكان له ديوانٌ جَمَعَ فيه ما صَدَرَ عنهُ من نَظْم ونَثْر أيامَ تَنَشُّبِه في الخِدمة التي أنقَذَه اللهُ منها, ولمّا نَزَعَ عنها مزَّقَه وخَرَقَه، ولم يُخطِرْ على بالِه شيئًا منه حتى لقِيَ الله عزَّ وجَلّ. وله ديوانُ شعر زُهْديٍّ مرتَّبٌ على حروفِ المعجَم، وطريقتُه في نَظْمِه سهلةُ المَسَاق، بعيدةٌ عن التكلُّف، دالّةٌ على صدقِ نيّته وفضلِه. وله مصنَّفاتٌ في التصوّف والمواعظ والزُّهد وأخبارِ الصّالحين، منها: "محاسنُ الأبرار في معاملةِ الجَبّار"، ومنها: "النُّبْذةُ المُشتمِلةُ على شُذور من المنظومِ والمنثور". وكان متقلِّلًا من الدُّنيا كثيرَ المُجاهَدة لنفسِه والمحاسبةِ لها، أخبَرني الشَّيخُ أبو الحَسَن الرّعَيْنيّ مشافهةً، قال: كان قُوتُ أبي بكر بن قَسُّوم، رحمه الله، قُرَيْصَة تُصنَعُ له من رُبْع رَطْل حُوَّارى، فكان يُفطرُ على أكثرِها ويتسحَّرُ لصيامِه تسنُّنًا بأقلِّها، نفَعَه الله؛ وكُفّ بصَرُه آخِرَ عُمُرِه، ضاعَفَ اللهُ له مذخورَ أجرِه. قال شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ , رحمه الله، وأنشَدْتُه عليه وكتبَه لي بخطِّه: قرأتُ عليه في ديوانِ شعرِه بعدَ ما كُفَّ بصَرُه [الطويل]: أقولُ وحكمُ الله يَنفُذُ في الوَرَى (¬1) ... وقد عَلِمَ الرّحمنُ صِدقَ مُرادي: ألا ليْتَ عيني أذهبَ الدَّمعُ نُورَها ... ويا ليتَ خوفَ النارِ فتَّ فؤادي ¬

_ (¬1) في البرنامج: "الفتى".

وقال في: قلتُ هذا المعنى، وله نظائرُ من شعري، فقَضَى اللهُ بذهابِ بصَري وَفقَ ما تمنَّيتُ فيما نفَثْتُ به من شِعري. ومن شِعره رحمه الله [الكامل]: عِلمُ الشّريعةِ قد عَفَتْ آثارُهُ ... فالكلُّ يَخبِطُ منهُ في عمياءِ ومفَى الحلالُ فما بقِيْ منهُ سوى ... خبَرٍ كما وَصَفوا عن العَنْقاءِ ومنه في رثاءِ ابنِه [المتقارب]: يمرُّ الحبيبُ بقبرِ الحبيبْ ... فلا ذا ينادي ولا ذا يُجيبْ وكيف يُجيبُ رَهينُ الثَّرى ... رَمَاهُ الحِمامُ بسَهْمٍ مُصيبْ تُنُوسيَ لمّا نأَى عهدُهُ ... وأقفَرَ منه اللِّوى والكثيبْ إذا أُودعَ المَيْتُ في لَحْدهِ ... فليس له -وَيْحَهُ- من حبيبْ ومنه [الوافر]: تجنَّبْ ما استطعتَ إخاءَ قومٍ ... حديثُهمُ إذا اعتبروا عُجابُ فظاهرُهمْ إذا نُظِروا ثيابٌ ... وباطنُهمْ إذا خُبِروا ذئابُ ومنه [الخفيف]: مُتْ بداءِ السكوتِ فالصَّمتُ حُكمٌ ... رُبَّ نُطقٍ والموتُ طيَّ جوابِهْ واخزِنِ السرَّ في الفؤادِ فما ضَمَّ ... حسامَ الكَمِيِّ مثلُ قِرابِهْ ومنه [البسيط]: عليكَ بالقَصْدِ فيما أنتَ كاسِبُهُ ... فأفضلُ الناسِ عبدٌ طابَ مكسِبُهُ لا يَستفزَّكَ حرصٌ لا ولا طمَعٌ ... فالرِّزقُ يَطلُبُنا لا نحن نَطلُبُهُ

ومنه [الطويل]: إذا كنتَ ذا تقوى فلا تكُ عاكفًا ... على الدُّونِ من حُبِّ الإلهِ وطاعتِهْ فإنّ جوادَ السَّبْقِ ليس بِمُقْصِرٍ ... عن الجَرْيِ إلا أن يُلمَّ بغايتِهْ ومنه [الكامل]: لا ذَنْبَ عنديَ للغَواني إنْ بَدَا ... منّي المَشِيبُ فعِفْنَ ما قد عِفتُهُ كرِهَ الغَواني مِن بياضِ مَفارقي ... ما لو بَدَا برؤوسِهنَّ كرِهتُهُ ومنه [الطويل]: تحفَّظْ إذا استَوْدَعْتَ سرُّا فما استَوى ... حفيظٌ على النَّجوى وآخَرُ نافثُ ألا إنَّ سِرَّ المرءِ فاشٍ برَغْمِه ... إذا ما تلقّاهُ العدُوُّ المباحثُ توقَّعْ ظهورَ السِّرِّ من غير مِرْيةٍ ... إذا كان بين اثنينِ في السرِّ ثالثُ ومنه [البسيط]: لا يُحرِجَنَّكَ ضِيقُ العَيْشِ وارْضَ بهِ ... لا بدَّ من سَعةٍ طَوْرًا ومن حَرَجِ واصبِرْ لربِّك (¬1) مهما شِدّةٌ عَرَضَتْ ... عند الشدائدِ يأتي اللهُ بالفَرَجِ ومنه [الطويل]: إذا كنتَ ذا مالٍ فكنْ ذا محامدٍ ... فما خيرُ مالٍ لا يؤثَّلُ بالحمدِ؟! هل المالُ إلا عارةٌ مُسترَدَّةٌ؟! ... فجُدْ كرَمًا إنّ العواريَ للردِّ ومنه [البسيط]: لامَ العواذلُ أَنْ لم أبتهِجْ فَرَحًا ... في يوم عيدي ولا استأنسْتُ بالعيدِ لي في ذنوبي التي قد طَوَّقتْ عُنُقي ... شُغْل شُغِلْتُ بهِ عن زهرةِ العيدِ ¬

_ (¬1) بهامش ب: "أظنه: واصبر لدهرك".

ومنه في ذم المتعلِّقينَ بالعلوم القديمة [الطويل]: ألا قبَّحَ الرّحمنُ شرَّ عصابةٍ ... تَدينُ بأقوالِ الغُواةِ وتَقتدي تصَدِّقُ ما قال ابنُ سيْناءَ ضِلّةً ... وتُكْذِبُ قولَ الهاشميِّ محمدِ أقاويلُ إفْكٍ ما لها من حقيقةٍ ... تُفيدُ سوى الكفرِ الصَّريحِ المجرَّدِ ألا غَضْبةٌ لله في نَصْرِ دينهِ ... تقُدُّ طُلاهمْ بالحسامِ المهنَّدِ؟! ومنه في المعنى [المتقارب]: عَذيري، عَذيريَ من فُرْقةٍ ... غَدَتْ للشّريعةِ أعدى العِدى تَدينُ بما قالهُ فاسقٌ ... تزَنْدقَ في قولِه واعتدى تُصدّقُ قولَ ابنِ سيْنائها ... وتُكْذِبُ قولَ نبيِّ الهدى متى يأذَنُ اللهُ في حَسْمِها ... بضَرْبِ الحُسام وحزِّ المُدى؟! ومنه [الطويل]: إذا أنت لم تقرَأْ لتعلَمَ سُنَّةً ... فتأتيَ معروفًا وتُقلعَ عن نُكْرِ وإلّا ففيمَ الجَهْدُ والكَدُّ والعَنَا ... وقَطْعُ الليالي بالدراسةِ والذِّكرِ؟! تجُرُّ ذيولًا حذَّرَ الشَّرعُ جَرَّها ... وها أنت من نصِّ الحديثِ على ذكْرِ وتأنفُ كِبْرًا إن وُعِظْتَ ديانةً ... وإنّك ذو علم بما جاء في الكِبْرِ إذا كنتَ تدري ثم تأتي مجُاهرًا ... خلافَ الذي تدري فليتَكَ لم تَدْرِ ومنه [البسيط]: شاوِرْ أخا الحَزْم إنْ نابَتْكَ مُعْضِلَةٌ ... فالرأيُ للرأي مَنْجاةٌ من الغَرَرِ لا تصدَعَنَّ برأيٍ منكَ منفردًا ... حتى تُشاورَ أهلَ الحِلم والنَّظَرِ فالكفُّ لا تَفلُقُ الهاماتِ وَطْأتُها ... أو تستعينَ بحدِّ الصارم الذَّكَرِ كذلك القوسُ لا تُعطيكَ قوَّتَها ... حتى يكونَ لها عونٌ من الوَتَرِ

ومنه [الكامل]: اطلُبْ بعلمِكَ أو بزُهْدِكَ واجِدًا ... مُلكًا كبيرًا فوقَ كلِّ كبيرِ وصُنِ الديانةَ لا تُدنِّسْ ثوبَها ... سَفَهًا بحظٍّ منكَ [جِدُّ] حقيرِ فمنَ القبائح عالمٌ أو زاهدٌ ... يُغْشَى فيوجَدُ في انبساطِ (¬1) أميرِ ومنه مُصلحًا كلمةَ مُلحدٍ مرَقَ عن الدِّين، وعَدَلَ عن سبيلِ المُهتَدين [الطويل]: ضحِكْنا وكان الضحكُ منا سفاهةً ... وحُقَّ لنا -أهلَ البسيطةِ- أن نَبكي ألم تَدْرِ أنَّ الموتَ حقٌّ وأننا ... سنَحْيا لمُلكٍ أو سنَحْيا إلى هُلْكِ هل المرءُ إلا كالزُّجاجةِ كلَّما ... تخلَّلها صَدْعٌ أُعيدتْ إلى السَّبْكِ؟! ومنه [مجزوء الخفيف]: لا تَرى العِلمَ أنْ يُغا ... ليَ في الكُتْبِ درهَمُكْ إنّما عِلمُك الذي ... حيثُما سِرتَ يَقْدُمُكْ ومنه [مجزوء الخفيف]: لا تَرى العِلمَ كلَّ ما ... صحَّحَتْهُ روايتُك إنّما عِلمُك الذي ... أَحكمَتْهُ دِرايتُك ومنه [الخفيف]: نزِّهِ النَّفْسَ عن دَنيَّةِ دُنيا ... واجتزئْ من كثيرها بالقليلِ فغنى المالِ ربّما ساقَ للفَقْـ ... ـر وللدَّيْنِ والحسابِ الطويلِ رحِمَ اللهُ حازمًا ذا دهاءٍ .... آخِذًا أُهبةً ليومِ الرحيل ¬

_ (¬1) في ب م: "البساط".

ومنه [الكامل]: شاوِرْ أخاك إذا دهَتْكَ مُلِمَّةٌ ... فالرأيُ يُصلحُهُ استشارةُ حازمِ لا تَقدُمَنَّ على هواكَ بعَزْمةٍ ... حتى تُشاورَ كلَّ طَبٍّ عالمِ واشهَدْ بنَجْواكَ الكتومَ فإنهُ ... لا خيرَ في الشكوى لغير الكاتمِ لا يقطَعُ السّيفُ المؤلَّلُ غَرْبُهُ ... حتى يؤيَّدَ جانباهُ بقائمِ ومنه [الوافر]: دفعتُ إلى الزمانِ غُرابَ بَيْنٍ ... فعوَّضَنيَ الزمانُ به حَماما فإن يكُنِ الغرابُ جَنَى اغترابًا ... فقد جلَبَ الحَمامُ لنا حِماما ومنه [الطويل]: إذا شئتَ يومًا أنْ تخِفَّ على الورى ... وتُحرِزَ من أهل الموَدّاتِ وُدَّهُمْ فأعطِهمُ ما كان عندَكَ وافرًا ... ووفِّرْ عليهمْ كلَّ ما كان عندَهمْ ومنه [الطويل]: تَقَنَّعْ من الدنيا بقوتٍ فإنّها ... بلاغٌ لذي عقل عِقالٌ لمُستغني فأيْسَرُها يكفي اللَّبيبَ وكلُّها ... إذا أنت لم تُعْطَ القناعةَ لا يُغْني ومنه [الطويل]: تواضَعْ لتسموْ في الأنامِ فكلَّما ... تواضَعْتَ قِدْمًا كنتَ في الناسِ أرفعا فما العِزُّ في أن يَرفَعَ المرءُ نفسَهُ ... ولكنّه في أنْ يَهُونَ فيُرْفَعا ومنه [البسيط]: أصبحتُ لا أنا في الزُّهّادِ مُنقطِعٌ ... حقًّا ولا كاسبٌ أغدو إلى السوقِ مثلَ النَّعَامةِ لا طيرٌ فتُلحِقَها ... معَ الطيورِ ولا تُحْدَى معَ النُّوقِ

ومنه، محذِّرًا من قراءةِ المنطِق وصُحبةِ أهلِه [الكامل]: قد قلتُ قولًا للخليقةِ ناصحًا ... قولَ المحقِّقِ والنصيح المُشفِقِ (¬1): لا تَصْحَبَنْ ما عِشتَ قارئَ منطِقٍ ... "إنَّ البلاءَ موكَّلٌ بالمنطِقِ" ومنه [الكامل]: أَضرِبْ عن الدُّنيا هُدِيتَ ولا تَخَلْ ... جهلًا بأنك قد تركتَ نَفيسا فلئنْ هَجَرْتَ لقد هَجَرْتَ حقيرةً ... ولئن وَصَلْتَ فقد وصَلْتَ خَسيسا ومنه [الطويل]: كتبتُ وعندي لا محالةَ أنني ... ستَفْنَى يدي والخطُّ يُتلَى ويُدْرَسُ وإنّي لَذو علمٍ يقينٍ بأنهُ ... سيَفْنَى كما تفنَى اليدانِ ويَدْرُسُ ومنه [البسيط]: يا أهلَ الأُخْرى تحَرَّوْا مقصِدًا أَممًا ... وسلِّموا لبني الأُخرى سبيلَهمُ خَلُّوا فلم يَعرِضوا أُخراكمُ لكُمُ ... فسلِّموا أنتمُ دُنياهمُ لهمُ ومن شعرِه في رثاءِ ابنِه سوى ما تقَدَّم [من الكامل]: شَطَّتْ بمن تهواهُ عنكَ الدارُ ... وقضَتْ عليك بحُكمِها الأقدارُ برِّدْ لهيبَ الشّوقِ منك بعَبْرةٍ ... تنقَعْ ضلوعَكَ إنّها لَحِرارُ رحَلَ الحبيبُ عن الحبيبِ فدمعُهُ ... عند التذكُّرِ واكفٌ مِدْرارُ في الجَفْنِ منه عَبْرةٌ سيَّالةٌ ... تَسقي الخدودَ وفي حَشاهُ النارُ يا حُرقةً يا فَجْعَةً يا لَوْعةً ... سكَنَتْ فؤادي ما لها مقدارُ ¬

_ (¬1) كتب فوقها بهامش ب: "تقدم في ترجمة جابر بن محمد المالقي ما نحا به نحو هذين البيتين، فراجعهما إن شئت".

يا ظاعنًا حطَّ الرِّكابَ بمعشَرٍ ... عمِيَتْ علينا منهمُ الأخبارُ لله منكَ هلالُ عشرٍ قورِنَتْ ... بثلاثةٍ لو يَكمُلُ الإبدارُ أَنِسَتْ بزَوْريك القبورُ وأصبحتْ ... منك الديارُ كأنهنَّ قِفَارُ ولقد أردتُك أن تعيشَ لكَبْرتي ... وزَمَانتي فأرادَكَ الجَبّارُ ولقد تراكَضْنا الحياةَ لغايةٍ ... فسبَقْتَ أنت وخانَني المِضمارُ ما إنْ وجَدتُ على مُصابِكَ ناصرًا ... إلا الدموعَ فإنّها أنصارُ ومنه في غير ذلك المعنى [البسيط]: لا تقرَبِ الناسَ تَسْلَمْ من غوائلِهمْ ... إنّ السعيدَ فتًى لم يعرفِ الناسا لا تصحَبنَّ أخا غَدْرٍ ومَنْقَضةٍ ... للعهدِ ليس يَرى في نَقْضِهِ باسا يلقَى أخاهُ ببِشرٍ ضاحكًا فإذا ... كَبَابهِ الدهرُ لم يَرفَعْ به راسا خيرُ الوِدادِ -هَداكَ اللهُ- وُدُّ فتًى ... إذا رأى خَلَّةً منْ صاحبٍ آسَى ومنه [البسيط]: دعِ الدراهمَ لا تَعرِضْ لمكسبِها ... فأطيبُ الكسبِ إن كشَّفْتَهُ شُبَهُ أمّا الحلالُ فشيءٌ قد سمِعتُ بهِ ... ورُبَّ شيءٍ سمِعناهُ ولم نرَهُ ومنه [البسيط]: يا وَيحَ قومٍ على مولاهمُ اجتَرَأوا ... كأنّهمْ لكتابِ الله ما قَرَأوا أربابُ جِدٍّ إذا دُنياهمُ ذُكِرتْ ... يومًا وإن ذُكِرتْ أُخراهمُ هَزِئوا أمَا تَرُوعُهمُ كأسٌ لها جرَعٌ ... كريهةُ الذّوقِ أو نومٌ لهُ نَتَأوا؟!

كم من ملوكٍ ذوي جاهٍ وتكرِمةٍ ... على النّعيم وخفضِ العيشِ قد نَشَأوا غاداهمُ الموتُ كُرهًا في مساكنِهمْ ... فما أطاقوا امتناعًا لا ولا دَرَأوا جَرُّوا الذّيولَ بظَهْرِ الأرض ثم همُ ... بعدَ الحِراك ببطنِ الأرضِ قد هَدَأوا! ومنه [الوافر]: فلا تكتُبْ يمينُكَ غيرَ خطٍّ ... بَهِي بَيّنٍ صحَّتْ يمينُكَ ولا تكتُبْ بها خَطًّا دقيقًا ... فأحوَجُ ما تكونُ له يخونُكْ ومنه [المتقارب]: تَحفَّظْ منَ القومِ ما كنتَ فيهمْ ... فإنَّ اجتنابَهمُ لن تُطيقا وكن بيْنَ حالَيْنِ أعمًى بصيرًا ... سميعًا أصمَّ سَكوتًا نَطوقا ولا تطلُبَنَّ صَديقًا أمينًا ... فقد عَدِمَ الناسُ ذاك الصَّديقا ومنه [البسيط]: اكتُمْ حديثَكَ إلا عن أخي ثقةٍ ... فالسرُّ إن جاوَزَ الإثنينِ مبثوثُ واحذَرْ عدوَّكَ لا تحقِرْ عداوتَهُ ... فربّما أسهَرَ الضِّرغامَ بُرغوثُ ووَلِيَ بعضُ إخوانِه القضاءَ فكتَبَ إليه يَعِظُه [الطويل]: ألا فاعتبِرْ يومَ القضاءِ وفصلَهُ ... إذا حَشَرَ اللهُ الخلائقَ أفذاذا ودع خُطّةَ الأحكامِ ويْلَكَ لا تبَلْ ... ولو أنّ مِصرًا قد وَلِيت وبغداذا تذكَّرْ حديثًا في القُضاةِ رويتَهُ ... صحيحًا وعُذْ بالله أفلحَ مَنْ عاذا فلو قيل في: مَن أحمقُ الناسِ كلِّهمْ؟ ... أشرفُ إلى القاضي وقلتُ لهم: هذا وسيأتي شيءٌ منه في رَسْم أبي عِمرانَ المارْتُليِّ رحمه الله.

706 - محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله، قرطبي شذوني الأصل، سكن سلفه أصيلا: من بلاد العدوة

مَوْلدُه لثلاثَ عشْرةَ ليلةَ خَلَتْ من رجَبِ ثلاثٍ وستِّينَ (¬1) وخمس مئة، وتوفِّي بعدَ صَلاة العشاءِ ليلةَ الخميس الرابعةَ من ذي حجّةِ تسع وثلاثينَ وست مئة، ودُفن يومَ الخميس بكُدْيَةِ الخَيْل، واحتَفلَ الناسُ لحضورِ جَنازته تبرُّكًا به، وأسِفوا لفَقْدِه، وأتْبَعُوهُ ثناءً صالحًا، رحمه الله. 706 - محمدُ (¬2) بن عبد الله بن إبراهيمَ بن محمد بن عبد الله، قُرطُبيٌّ شَذُونيُّ الأصل، سَكَنَ سَلَفُه أَصِيلا: من بلادِ العُدْوة. هو وَلَدُ الفقيه أبي محمد الأَصِيلي؛ رَوى عن أبيه واستَنْفَدَ بالكتابةِ مصنَّفاتِه، وحَكَى ابنُ حَيّانَ أنّ أبا محمدٍ الأَصِيليَّ ذكَرَ لأصحابِه قبلَ موتِه بمُدّة ما يتَوقَّعُ من حُلول الفتنة على رأس أربع مئة، وما يحمِلُه فيها من إشارة، فشنَّعَ فيها وسألَهمُ التأمينَ على دعائه ألاّ يؤخِّرَه إليها، وأنهم فَعَلوا، فقال: ولا ابني محمدًا هذا، وهو واحدُه وله مِن نفْسِه ألطَفُ منزلة، وهو مُقتبِلُ الشباب، فشايَعُوهُ فيما أراد من ذلك، وأنّ محمدًا لَيتوجَّدُ منه، فقَدَّر اللهُ سبحانَه الاستجابةَ، وتوفِّي قبلَ أربع مئة. 707 - محمدُ بن عبد الله بن إبراهيمَ الحَسَنيُّ، غكَرْناطيٌّ، أبو عبد الله. له إجازةٌ من جماعةٍ من المَشْرِقيِّينَ أجازوا لأبي الصبر أيوب ومن ذكر معه في الاستدعاء. 708 - محمدُ بن عبد الله بن أبي بكر بن طَبِيب، بَلَنْسِيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ ثمانينَ وخمسِ مئة. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "سنة ثلاث وخمسين، قاله البلفيقي الأصغر أبو إسحاق وقرأت ذلك بخطه، وهو ممن أخذ عنه، فتأمله". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1051).

709 - محمد بن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن أبي بكر القضاعي، بلنسي أندي أصل السلف، أبو عبد الله، ابن الأبار والحافظ

709 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن أبي بكر بن عبدِ الله بن عبد الرّحمن بن أحمدَ بن أبي بكرٍ القُضَاعيُّ، بَلَنْسِيٌّ أُنْدِيُّ أصلِ السَّلَف، أبو عبد الله، ابنُ الأبّارِ والحافظُ. رَوى قراءةً وسَماعًا عن أبي بكر بن محمد بن مُحرِز وأكثَرَ عنه، وأبوَيْ جعفر: ابن عليّ الحَصّار -وتَلا عليه بالسَّبع وبقراءة يعقوب- وابن يوسُفَ ابن الدَّلّال، وأبي حامدٍ محمدِ بن محمد بن أبي زاهر وأبي الحَجّاج بن محمدٍ القُضَاعيِّ قريبِه، وآباءِ الحَسَن: أحمدَ بن محمد بن واجب، وابن أحمدَ بن خِيَرةَ وأكثَرَ عنه، وابن عبد الله بن قُطْرال وابن أبي نَصر البِجَائيِّ , وأبي الحُسَين أحمدَ بن محمد ابن السَّرَّاج، وأبي الخَطّاب أحمدَ بن محمد بن واجِبٍ وأكثَرَ عنهُ، وأبي الرَّبيع بن سالم واحتَذَى به ولازَمَه أزيَدَ من عشرينَ سنةً، وأبوَيْ زكريّا: ابن زكريّا الجُعَيْديّ وابن محمد بن عبد الرّحمن المُراديِّ البَرْقيّ، ولقِيَه بتونُس، وأبي سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وآباءِ عبد الله: ابن أيّوبَ وابن نُوح -وتَلا عليه بالسبع ولزِمَه نحوَ عامَيْن- وابنَيْ عبدَي الله: ابن الصَّفّار وابن محمد بن خَلَف بن قاسم، وابن عبد العزيز بن سَعادةَ وابن يحيى ابن البَرْذَعيّ، وأبي عامرٍ نَذيرِ بن وَهْب ¬

_ (¬1) ترجمه ابن سعيد في القدح المعلى 192 - 195 والمغرب 2/ 309 ورايات المبرزين (81)، والحسيني في صلة التكملة 1/ 423، الترجمة 760، والغبريني في عنوان الدراية 309 - 313، الترجمة 95، والذهبي في تاريخ الإسلام 14/ 896 وسير أعلام النبلاء 23/ 336 وتذكرة الحفاظ 4/ 1452 والعبر 5/ 249، والصفدي في الوافي 3/ 355، وابن شاكر في ذوات الوفيات 3/ 404 وعيون التواريخ 20/ 245، واليافعي في مرآة الجنان 4/ 150، وابن خلدون في العبر 6/ 283، وابن قنفذ في وفياته (وفيات سنة 658)، وابن تغري بردي في النجوم 7/ 92، والمقري في أزهار الرياض 3/ 204 ونفح الطيب 2/ 589، وابن العماد في الشذرات 5/ 275. وكُتبت عنه دراستان مفصلتان نسبيًا، أولاهما كتبها الدكتور عبد العزيز عبد المجيد نشرت بتطوان سنة 1951 م، ونالت جائزة مولاي الحسن سنة 1951 م، وثانيتهما رسالة دكتوراه للدكتور أنيس عبد الله الطباع تقدم بها لجامعة مدريد سنة 1959 م ثم ترجمها إلى العربية ونشرف ببيروت. وتنظر مقدمات: الحلة السيراء، وإعتاب الكتاب، ومقدمة الدكتور بشار عواد معروف لنشرته من التكملة.

وأكثَرَ عنهُ، وأبي العبّاس بن عبد المُؤْمن الشَّرِيشيّ، وأبوَي عليّ: الحَسَن بن محمدٍ الشَّعّار والحُسَين بن يوسُفَ بن زُلال، وأبوَي القاسم: أحمدَ بن حَسّانَ وعبدِ الرّحيم بن أحمدَ بن عُلَيْم، وأبوَيْ محمد: ابن عبد الله بن مطروح وابن محمدٍ النامِيسيّ، وأجازوا لهُ كلُّهم. ورَوى أيضًا عن أبيه أبي محمد، وتَلا عليه بحَرْف نافع، وأبي إسحاقَ بن محمد وثيق، وأبي الحَسَن بن محمد بن حَرِيق، قال: واستفَدْتُ بصُحبتِه، وآباءِ عبد الله: ابن إبراهيمَ بن مُسْلم وابن إدريس ابن مَرْج الكُحل وابن الحُسَين ابن التُّجِيبيّ وابن حَسَن ابن الوزيرِ، وأكثر عن أكثرِهم، ولم يَذكُرْ أنّهم أجازوا له. وسَمِعَ يَسيرًا على أبي البقاءِ خيَار بن عبد الله، سَمِع مُذاكَرتَه، وأبوَيْ بكر: ابن طلحةَ وابن عليّ بن يَزيد وأجاز له، وأبو جعفر بن محمد بن خَلَف القُلْبَيْرِيِّ (¬1) بموضع تعليمِه وسَمِع عليه التلاوةَ بحَرْف نافع، وآباءِ الحَسَن: ابن إبراهيمَ ابن الفَخّار وابن محمد بن عبد الودود ومحمد بن أحمدَ بن سَلمون، وناوَلَه، وأجازوا له، وأبوَي الحَسَن اليَحْيَيَيْنِ: ابن أحمدَ بن عيسى وابن عبد الله بن أبي حَفْص، وأجاز لهُ لفظًا، وأبي زكريّا بن داودَ التادَليِّ، وآباءِ عبد الله: ابن أحمد بن عبد العزيز بن سَعادةَ وابن بكرٍ وابن عبد الله ابن غَطُّوس، قال: واستَفَدْتُ منهُ بعضَ مَرْسُوم الخَطّ، وابن عبد الله بن نُعمان وابن عبد الجَبّار، وسَمِع كلامَه في التفسير وأجاز له، وابن عليّ بن الزُّبَير، وأجاز له، وابن محمد بن سُليمانَ بن أبي البقاءِ وابن وَهْب بن نَذير، قال: ولم يُجزْ لي، وأبي عليّ الحَسَن بن عليّ الأَغْماتيّ وعُمرَ بن محمد ابن الشَّلَوْبِين، وآباءِ محمد: ابن بادِيس -وحضرَ تدريسَه- وابن محمد بن سَعْدون، وأجاز له، وعبد الحقّ بن محمد الزُّهْريِّ، وأجاز له ما أجاز لهُ السِّلَفيّ، وواجبِ بن محمد بن واجِب، وأجاز له لفظًا، وناوَلَه أبو إسحاقَ بنُ أحمدَ بن خِيرَةَ وسَمِعَ منه وأبو عبد الله بن حُسَين الشُّونيّ، ¬

_ (¬1) سيأتي ضبط هذه النسبة في الترجمة (719) من هذا السفر، وقد تقدمت ترجمته في السفر الأول، الترجمة (506)، وهو أحمد بن محمد بن أحمد بن خلف.

ولم يَذكُرْ أنّهما أجازا له؛ وتدَبَّجَ معَ أبي بكرٍ محمد بن مُفَضَّل بن مَهِيب، وأجاز كلُّ واحدٍ منهما صاحبَه، وأبي الحَجّاج بن عبد الرّحمن ابن المرِيْنُهْ، وأجاز لهُ لفظًا، وأبي عامرٍ محمد بن إسماعيلَ بن حُسَين، ولم يُجِزْ أحدٌ منهما الآخَرَ، وأبي العبّاس بن عليّ البُنْيوليِّ (¬1) وأكثَرَ عنهُ، وأقَلَّ أبو العبّاس عنه، وأبي عُمرَ عَيْشُون بن محمد، وأجاز له. وصَحِبَ أبا إسحاقَ بن عائشةَ، وأبا جعفر بنَ عليّ، وأبا الحَكَم مَرْوانَ بن عَمّار، وأبا عبد الله بنَ عبد الله بن سُكاتُهْ، وأبا محمد بن محمد بن حَفْص، وأجاز له وأخَذَ عنه، وأبا إسحاقَ بنَ محمد السَّهْليَّ، ولم يَذكُرْ أنه أخَذَ عنه. وتفَقَّه بأبي الحَسَن بن عُمرَ بن أبي الفَتْح. وذاكَرَ أبا إسحاقَ بن عيسى بن مُناصِف، وأبا بكر عبدَ الله بن إبراهيمَ ابن البنّاء، وأبا جعفر بنَ محمد بن وَهْب، وأبا عبد الله بنَ إسماعيلَ بن خَلْفُون، ولم يَذكُرْ أنّهم أجازوا له. ولقِيَ أبا إسحاقَ بنَ محمد بن سيّد الناس، وأبوَيْ بكر: ابن علي القُرَشيَّ وابنَ محمد بن وَضّاح، وآباءَ الحَسَن: سَهْلَ بنَ مالك وابنَ محمدٍ البَلَويِّ وابنَ محمد بن المُنَخَّل، وأبا الحُسَين محمدَ بن محمد بن زَرْقون، وآباءَ عبد الله: ابن أحمدَ ابن مَشَلْيُون، وصَحِبَهُ، وابن إبراهيمَ بن رَوْبيل وابن عيسى ابن المُناصِف، وأبا عيسى محمدَ بن محمد بن أبي السَّدَاد، وأبا القاسم أحمدَ بن محمد بن مَنتْيال، وأبوَيْ محمد: ابنَ أحمدَ وابنَ الخَطيب البِجَائيَّ وابن إبراهيمَ بن مَنْتيال، وأجازَ لهُ، وأبا جعفر بنَ جُمهُور، وأبا العبّاس ابنَ الرُّوميّة، وأبا علي الحَسَنَ بن عبد الرّحمن الرَّفّاء، وأبا القاسم أحمدَ بن محمد الطَّرَسُونيَّ، وأبا مَرْوانَ محمدَ بن أحمدَ الباجِيَّ، ولم يأخُذْ عنهم ولا ذَكَرَ أنّهم أجازوا له. وكتَبَ إليه مجُيزًا ممّن لم يَلْقَهم جماعةٌ من أهل الأندَلُس وما صاقَبَها من بَرِّ العُدْوة، وفيهم من أهل المشرِق، منهم: أبو البَرَكات عُمرُ بن مَوْدودٍ الفارسيُّ ¬

_ (¬1) منسوب إلى بنيول من أعمال بلنسية.

السَّلَماسيُّ، وأبو بكر بن أحمدَ بن أبي زَمَنين، قال: وهُو أعلى شيوخي الأندَلُسيِّينَ إسنادًا، وأبو جعفر بن يوسُف بن عَيّاد، وأبو الحَسَن بن محمد الشارِّيُّ، وأبو الرِّضا بَسّامٌ، وأبو زكريّا بن أبي بكر بن عُصفُور، وأبو زيد بن محمد القمارشيُّ، وآباءُ عبد الله: ابن إبراهيمَ الغِلاظيُّ وابن أحمدَ ابن اليَتِيم وراجحُ بن أبي بكرٍ العَبْدَريُّ، ويقال فيه: أبو الوفاء، وابنُ عبد الرّحمن التُّجِيبيُّ، وابن عليّ بن عَسْكَر، وابنُ قاسم بن مَنْداس، وابن محمد بن باز، وأبو عبد الرّحمن محمدُ بن جعفرِ بن سُفْيان، وأبو عامرٍ محمدُ بن عليّ بن هُذَيْل، وأبو عُمرَ أحمدُ بن هارونَ بن عاتٍ، وأبو القاسم أحمدُ بن يَزيدَ بن بَقِيّ، وآباءُ محمد: عبدُ الرّحيم بن يوسُفَ ابن الشَّيخ، وعيسى بن سُليمانَ الرُّنْديُّ، وغَلبُونُ بن محمد، وأبو الوليد إسماعيلُ بن يحيى العَطّار. ومن أهل المشرِق من أهلِه وبعضُهم من أهل الأندَلُس المُستوطِنينَ هنالك، منهم: أبو البَرَكات عبدُ القَويِّ بن عبد العزيز السَّعْديُّ ابنُ الجَبَّاب، وأبو بكرٍ عبدُ العزيز بن أبي الفَتْح أحمدَ بن عُمر بن باقا، وأبَوا الحَسَن: عليُّ بن محمد بن عليّ بن منصُور البغداديُّ ابن المُقَيَّر، وعليُّ بن هِبة الله بن سَلامةَ الشافعيُّ ابن الجُمَّيْزِيّ، وأبو الخَطّاب عُمرُ بن حَسَن بن عليّ بن دِحْيةَ ابن الجُمَيِّل السَّبْتيُّ -وسيُذكَرُ في الغُرَباءِ من هذا الكتاب إن شاء الله-, وأبو زَيْد بن محمد بن جَمِيل المالَقيُّ، وأبو سَعْد بن أحمدَ بن أبي سَعْد ابن حَمُّويَةَ الجُوَيْنيُّ، وأبو الطاهر إسماعيلُ بن ظافِر بن عبد الله العُقَيْليُّ، وأبو عبد الله محمدُ بن عبد الله بن أبي الفَضْل المُرْسِيّ، وأبو العبّاس أحمدُ بن عُمرَ بن إبراهيمَ الأنصاريّ القُرطُبيُّ نَزيلُ الإسكندَريّة، وأبو عليّ حُسَينُ بن يوسُفَ بن الحَسَن بن عبد الحقِّ الشاطِبيّ، وأبو القاسم حمزةُ بن عليّ بن عُثمانَ القُرَشيُّ المَخْزُويُّ، وعبدُ الرّحمن بن محمد بن عبد العزيز اللَّخْميُّ، وآباءُ محمد: عبدُ الله بن محمد بن عبد الله بن المُجَلِّي الرَّمْليّ وعبدُ السّلام بن الحَسَن بن عبد السّلام الفِهْريّ ابن الطُّوَيْر وعبدُ العزيز بن سَحْنُون بن علي الغُمَاريُّ وعبدُ الوهّاب بن ظافِر بن علي بن رَوَاج.

ورَوى بالإجازة العامّة عن أبي بكرٍ محمد بن عليٍّ الطائيِّ الحاتميِّ ابن العَرَبي، ولقِيَ أبا عبد الله بن عيسى المومنانيَّ وعَدَّه من شيوخِه، وذكَرَ أنّ من شيوخِه أبا الحَسَن بنَ عبد الرّحمن الزُّهْريَّ، ولم يَذكُرْ لَقْيَهُ إياه، ولا بيَّن كيفيةَ حملِه عنهما. ورأى من أكابرِ أهل العلم طائفةً ولم يأخُذْ عنهم، منهم: أبو أحمدَ جعفرُ بن عبد الله بن سيِّد بُونُه الخُزَاعيُّ، وأبو إبراهيمَ إسحاقُ بن إبراهيمَ بن يَغْمور، وأبو بكر بن جابِر السَّقَطيُّ، وصَحِبَه، وأبو الحَجّاج بن محمد بن طمْلوس، وسايَرَهُ مرّاتٍ، وأبَوا الحَسَن بنُ محمد بن أبي عشَرةَ وابنُ محمد القَسْطَليُّ، وأبَوا الحَكَم: عبدُ الرّحمن بن عبد السّلام بن بَرَّجَان ويوسُفُ بن عَيّاد المليانيُّ، وأبَوا عبد الله: ابن أحمدَ بن مَسْعود ابن صاحبِ الصَّلاة وابن يَخْلُفْتِينَ الفازَازيُّ، وأبو الفُتُوح بن عُمرَ بن فاخِر، وأبو القاسم الطيِّبُ بن محمد العُتَقيُّ، وأبَوا محمد: ابن إدريسَ بن شُقَّ اللَّيلُ وعبدُ الحقّ بن عبد الله بن عبد الحَقّ. ولم يَزَلْ يسمَعُ العِلمَ ويتَلقَّاهُ عن الكبيرِ والنَّظير والصَّغير شَغَفًا به وحِرصًا عليه إلى مُنتهَى عمُرِه. رَوى عنه، سوى مَن تقَدَّم تدبُّجُه معه: سالمٌ مَوْلاه، وصِهرُه علي بنته أبو الحُسَين عيسى بن لُبّ بن دَيْسَم، وأبَوا إسحاقَ: ابن أحمدَ بن إبراهيمَ ابن بيطش أخو أبو بكر بن أحمدَ بن سيِّد الناس لأُمِّه وابنُ عبد الرّحمن بن عَيّاش، وأبَوا بكر: ابن سيِّد الناس المذكورُ وابنُ عبد الله بن مطروح، وأبو الحَجّاج بن أحمدَ بن حَكَم شَيْخُنا، وأبَوا الحَسَن: ابن إبراهيمَ بن محمد التّجَانيُّ التونُسيُّ وابن محمد بن رَزِين، وآباءُ الحَكَم: ابن أبي محمد بن أبي نَصْر السَّهْميُّ الفاسِيّ والحَسَنُ بن عبد الرّحمن بن عُذْرةَ وابنُ المُجاهد، وآباءُ عبد الله: ابن أحمدَ بن سيِّد الناس وابنُ أحمدَ ابن الجَلّاب وابنُ صالح، وأبو عليٍّ الحَسَن بن الحَسَن بن منصُور الجَنْب، وأبو الفَضْل عيَّاشُ بن عبد الرّحمن بن عَيّاش أخو أبي إسحاقَ المذكور، وآباءُ محمد: ابن عبد الرّحمن بن بُرْطُلّه وابنُ محمد بن كثِير وابنُ محمد بن هارونَ ومَوْلى أبي عُثمانَ سَعيدِ بن حَكَم، وحدثنا عنه. واستُجيزَ من البلاد الدّانِية والقاصِية

شَرْقًا وغَرْبًا، وفيهم مَن هُو أسَنّ منه، وممّن روى عنه: أحمدُ بن يحيى ابن الشَّيخ وعبدُ الرحمن بن محمد بن زَيْن، وغيرُهم. وكان آخِرَ رجالِ الأندَلُس بَراعةً وإتقانًا، وتوسُّعًا في المعارف وافتنانًا، محدِّثًا مُكثِرًا، ضابِطًا عَدْلًا ثقةً، ناقدًا يَقِظًا، ذاكرًا للتواريخ على تبايُن أغراضِها، مستبحِرًا في علوم اللِّسان: نَحْوًا ولُغةً وأدبًا، كاتبًا بليغًا، شاعرًا مُفْلِقًا مُجِيدًا. عُنيَ بالتأليف وبَخَتَ فيه، وأُعِين عليه بوفور مادّتِه وحُسن التهَدِّي إلى سُلوكِ جادّتِه، فصنَّفَ فيما كان يَنتحلُه مصنَّفاتٍ برَّزَ في إجادتِها، وأعجَزَ عن الوفاءِ بشُكرِ إفادتِها، منها: "المَوْرِدُ السَّلْسَل في حديث الرحمة المُسَلسَل"، و"المأخَذُ الصّالح في حديث مُعاويةَ بن صالح"، و"الأربعونَ حديثًا عن أربعينَ شيخاً، من أربعينَ مصنَّفًا، لأربعينَ عالمًا، من أربعينَ طريقًا، إلى أربعينَ تابِعًا، عن أربعينَ صاحبًا، بأربعينَ اسمًا، من أربعينَ قَبِيلاً، في أربعينَ بابًا" أبدَى به اقتدارَه معَ ضِيق مجالِه عمّا عَجَزَ عنه المَلّاحيُّ من ذلك على ما نبيِّنُه عليه في رَسْمِه إن شاء الله؛ و"الاستدراك على أبي محمدٍ ابن القُرْطُبيِّ ما أغفَلَه من طُرُقِ رواياتِ الموطَّإ"، و"مختصرُ أحكام ابن أبي زَمَنِين في الفقه"، و"قَصدُ السَّبيل ووِرْدُ السَّلسَبِيل، في المواعظِ والزّهد" أربعةُ مجلَّدات، و"التكمِلة لكتابِ الصِّلة" في مجلَّدَيْنِ ضَخْمَيْن، و"الإيماء إلى المُنجِبينَ من العلماء"، و"الشّفاء في تمييزِ الثِّقاتِ من الضُّعفاء"، و"هِدايةُ المعتسِف في المؤتلِف والمختلف"، وهذه الكتُبُ الثلاثة مقصورةٌ على أهل الأندَلُس، و"معجَمُ أصحاب أبي عُمرَ بن عبد البَرّ" و"معجَم أصحابِ أبي عَمْرٍو المقرئ" و"معجَم أصحابِ أَبي عليٍّ الغَسّاني" و"معجَمُ أصحابِ أبي داودَ الِهشَاميّ" و"معجَمُ أصحاب أبي عليٍّ الصَّدَفيّ" و"معجَمُ أصحابِ أبي بكرٍ ابن العَرَبي" و"معجَم شُيوخ أَبي الحُسَين أحمدَ بن محمد ابن السَّرّاج"، و"معجَم شُيوخِه" و"بَرنامَجُ رواياتِه "، و"إعتابُ الكُتّاب"، و"إعصارُ الهبوب في ذكْرِ الوَطَنِ المحبوب"، و"الوَشْيُ القَيْسي في اختصارِ الفَتْح القُسِّي"، و"قِطَعُ الرِّياض في بِدَع الأغراض" مجلّدانِ ضَخْمان، و"الانتداب للتنبيهِ على زَهْرِ الآداب"، و"الحُلّة

السِّيَراء في شُعراءِ الأُمراء"، و"خَضْراءُ السُّندس في شُعراءِ الأندَلُس" من أوّل فَتْحِها إلى آخرِ عُمُرِه، و"الماضُ البَرْق في شُعراءِ الشَّرق"، و"تُحفةُ القادم" عارَضَ به "زادَ المُسافر" لأبي بحرٍ صَفْوانَ بن إدريسَ، و"دُرَرُ السِّمط في خبَرِ السّبْط" على طريقة أبي الفَرَج ابن الجَوْزيّ، و"مَعدِنُ اللُّجَيْن في مَرَاثي الحُسَين"، و"إحضارُ المُرهِج في مِضمارِ المُبهِج" على نحوِ كتابِ أبي منصورٍ الثّعالبيّ، و"مظاهرةُ المَسْعَى الجميل ومحاضَرةُ المرعَى الوَبيل في مُعارَضةِ مَلْقَى السَّبيل" على حروفِ المعجَم بنَظْم ما يُنثَر بعدَ نَثْر ما يُنظَم، و"فُضالةُ العُبَاب ونُفَاضةُ العُيَاب" في نحوِ أُرجوزةِ ابن سِيدَه ومَن نَحَا مَنْحاه في ما اسمك على حروفِ المعجَم، و"ديوانُ شعرِه" على الحروف، ومجموعُ رسائلِه، إلى غير ذلك، وهي تُنِيفُ على خمسينَ مصنَّفًا (¬1). وكان قد شَرَعَ في شَرْح "البخاريِّ" فعاقَه عن إتمامِه ما حُمَّ من محتوم حِمامِه، وكان شديدَ الرغبة في إفادةِ العلم. ودارَتْ بينَه وبينَ أُدباءِ عَصْرِه مُكاتَبات: مُفاتَحاتٌ ومجُاوَبات، ظَهَرَ فيها شفوفُه وتبريزُه، ولا سيّما في النَّظم، فانهُ بَهْرَجَ فيه شَبَهَهم إبريزُه. وممّا استفاضَ ذكْر استحسانِه من شعرِه قصيدةٌ استَصْرخَ بها الأميرَ الأجَلّ أبا زكريّا أميرَ إفريقيّةَ لنَصْر الأندَلُس، وقَدِمَ عليه بها حين توَجَّه إليه رسُولًا عن أمير شرقِ الأندَلُس حينئذٍ أبي جَميل زَيَّانَ بن أبي الحَمَلات مُدافِعِ بن أبي الحَجّاج بن مَرْدنيش، وهي هذه (¬2) [البسيط]: أَدْرِكْ بخيلِك خَيْلِ الله أندَلُسا ... إنَّ السّبيلَ إلى مَنْجاتِها دَرَسا وهَبْ لها من عزيزِ النَّصرِ ما التمسَتْ ... فلم يزَلْ منكَ عزُّ النَّصرِ مُلْتَمَسا وحاشِ -ممّا تُعانيه- حُشاشتَها ... فطالما ذاقتِ البَلْوى صباحَ مسا ¬

_ (¬1) طبع من هذه المصنفات: التكملة، ومعجم أصحاب أبي علي الصدفي، وإعتاب الكتاب، والحلة السيراء، وتحفة القادم، ودر السمط، ومظاهرة المسعى الجميل، وديوان شعره. (¬2) انظر أزهار الرياض 3/ 207.

يا لَلْجزيرةِ أضحَى أهلُها جَزَرًا ... للحادثاتِ (¬1) وأمسى جَدُّها تَعِسا في كلِّ شارقةٍ إتمامُ (¬2) بائقةٍ ... يعودُ مأتمُها عندَ العِدا عُرُسا تقاسَمَ الرُّومُ لا نالَتْ مَقاسمُهمْ ... إلا عقائلَها المحجوبةَ الأُنُسا وكلِّ غاربةٍ إجحافُ نائبةٍ ... تَثني الأمانَ حِذارًا والسرورَ أسَى وفي بَلَنْسِيَةِ منها وقُرطُبةٍ ... ما يَنسِفُ النَّفْسَ أو ما ينزِفُ النَّفَسا مدائنٌ حلَّها الإشراك ... جَذْلانَ وارتَحلَ الإيمانُ مبتئسا وصيَّرتْها العوادي العابثاتُ بها ... يَستوحشُ الطَّرْفُ منها ضِعفَ ما أَنِسا فمِن دَسَاكِرَ كانت دونَها حُرُمًا ... ومن كنائسَ كانت قبلَها كُنُسا يا لَلمساجدِ عادتْ للعِدا بِيَعًا ... وللنِّداء غَدَا أثناءَها جَرَسا لهفي عليها إلى استرجاعِ فائتِها ... مَدارسًا للمثاني أصبحت دُرُسا وأربُعًا غنِمتْ يُمنى (¬3) الرَّبيع لها ... ما شئتَ من خِلَعِ مَوْشِيّةِ وكِسا كانت حدائقَ للأحداقِ مونِقةً ... فصَوَّحَ النَّضرُ من أزهارِها (¬4) وعسا وحالَ ما حولهَا من منظرِ عَجَبٍ ... يَستجلسُ الرَّكبَ أو يَستركبُ الجَلِسا سُرعانَ ما عاثَ جيشُ الكفرِ واحَرَبا ... عيثَ الدَّبا في مَغانيها التي كَبَسا وابتزَّ بِزَّتَها لمَّا تحيَّفَها ... تحيُّفَ الأسَدِ الضّاري لِما افتَرَسا فأين عيشٌ جنَيْناهُ بها خَضِرًا؟! ... وأين غُصنٌ (¬5) جَنَيْناهُ بها سَلِسا؟! ¬

_ (¬1) بهامش ب: "للنائبات". (¬2) في أزهار الرياض: "إلمام". (¬3) في أزهار الرياض: "أيدي". (¬4) بهامش ب: خ: "أدواحها". (¬5) بهامش ب: "عصر".

محا محاسنَها طاغٍ أُتيحَ لها ... ما نامَ عن هَضْمِها حينًا ولا نَعِسا ورَجَّ أرجاءها لما أحاطَ بها ... فغادَرَ الشُّمَّ من أعلامِها خُنُسا خَلَا له الجوُّ فامتدَّتْ يداهُ إلى ... إدراكِ ما لم تطَأْ رِجلاهُ مختلِسا وأكثَرَ الزَّعمَ بالتثليثِ منفردًا ... ولو رأى رايةَ التوحيدِ ما نبَسا صِلْ حَبْلَها أيُّها المولَى الرّحيمُ فما ... أبقَى المِراسُ لها حبلًا ولا مَرَسا وأَحْيِ ما طَمَسَتْ منها العُداةُ كما ... أحيَيْتَ من دعوةِ المَهْديِّ ما طُمِسا أيامَ صِرتَ بنَصْرِ (¬1) الحقِّ مُستَبِقًا ... وبِتَّ من نُورِ ذاك الهَدْيِ مقْتَبِسا وقمتَ فيها بأمرِ الله مُنتصرًا ... كالصارم اهتزَّ أو كالعارضِ انبَجَسا تمحو الذي كثَّفَ (¬2) التجسيمُ من ظُلَمٍ ... والصبحُ ماحيةٌ أنوارهُ الغَلَسا وتقتضي الملِكَ الجَبّارَ مُهجتَه ... يومَ الوَغَى حِيرةً لا تَرقُبُ الخَلَسا هذي وسائلُها تدعوك من كثَبٍ ... وأنت أفضلُ مرْجوٍّ لمن يَئِسا وافَتْكَ جاريةً بالنُّجحِ راجيةً ... منكَ الأميرَ الرِّضا والسيِّدَ النَّدُسا خاضتْ خضَارةَ يُعليها ويَخفِضُها ... عُبَابُهُ فتعاني اللِّينَ والشَّرَسا وربّما سَبَحَتْ والرِّيحُ عاتيةٌ ... كما طلَبْتَ بأقصى شدِّهِ الفَرَسا تؤمُّ يحيى بنَ عبد الواحدِ بن أبي ... حَفْصٍ مُقبِّلةً من تُرْبِه القُدُسا مَلْكٌ تقلَّدتِ الأملاكُ طاعتَهُ ... دينًا ودُنيا فغَشَّاها الرِّضا لبَسا من كلِّ غادٍ على يُمناهُ مُستلِمًا ... وَكلِّ صادٍ إلى نُعماهُ ملتمِسا مؤيَّدٌ لو رَمَى نَجْمًا لأثبتَهَ ... ولو دَعَا أُفُقًا لبَّى وما احتبَسا ¬

_ (¬1) في أزهار الرياض: "سرت لنصر"، وبهامش ب: "أيان". (¬2) في أزهار الرياض: "كتب".

تالله إنّ الذي تُرجَى السُّعودُ لهُ ... ما جالَ في خَلَدٍ يومًا ولا هَجَسا إمارةٌ يَحمِلُ المقدارُ رايتَها ... ودولةٌ عِزُّها يَستصحبُ القَعِسا يُبدي النهارُ بها من ضَوْئه شَنَبًا ... ويُطلعُ اللّيلُ من ظَلْمائه لَعسا ماضي العزيمةِ والأيامُ قد نَكَلتْ ... طَلْقُ المُحَيّا ووَجْهُ الدّهرِ قد عَبَسا كأنه البدرُ والعلياءُ هالتُهُ ... تحُفُّ من حولِه شُهْبُ القنا حَرَسا تدبيرُه وَسِعَ الدُنيا وما وَسِعَتْ ... وعَرْفُ معروفِهِ آسَى الوَرَى وأَسا قامتْ على العدلِ والإحسانِ دعوتُهُ ... وأنشَرَتْ من وجودِ الجُودِ ما رُمسا مباركٌ هَدْيُهُ بادٍ سكينتُهُ ... ما قام إلا إلى حُسنى ولا جَلَسا قد نوَّرَ اللهُ بالتقوى بصيرتَهُ ... فما يُبالي طُروقَ الخَطْبِ مُلتبِسا بَرَى العُصاةَ وراشَ الطائعينَ فقُلْ ... في اللَّيثِ مُفترِسًا والغَيْثِ مُرتجِسا ولم يُغادرْ على سَهْلٍ ولا جبلٍ ... حيًّا لَقاحًا إذا وفَّيتَه بَخَسا فرُبَّ أصيَدَ لا تَلقَى به صَيَدًا ... ورُبَّ أَشْوَسَ لا تُلفي له شَوسا إلى الملائكِ يُنْمَى والملوكِ معًا ... في نَبْعةٍ أَثمرتْ للمجدِ ما غَرَسا من ساطع النُّورِ صاغَ اللهُ جوهرَهُ ... وصان صيغتَهُ أنْ تَقْرَبَ الدَّنَسا لهُ الثَّرى والثُّرَيّا خُطّتانِ فلا ... أعزَّ من خُطَّتَيْهِ ما سَمَا ورَسا حَسْبُ الذي باعَ في الأخطارِ يَركَبُها ... إليه مَحْياهُ أنَّ البيعَ ما وُكِسا إنَّ السَّعيدَ امرُؤٌ ألقَى بحضرتِهِ ... عَصَاهُ محُتزِمًا بالعدلِ مُحترِسا فظلَّ يوطِنُ من أرجائها حَرَمًا ... وباتَ يُوقدُ من أضوائها قَبَسا بُشرى لعبدٍ إلى البابِ الكريم حَدَا ... آمالَهُ ومن العِدِّ المَعِينِ حَسا كأنّما يَمتطي واليُمنُ يَصحَبُهُ ... من البحارِ طريقًا نحوَهُ يَبَسا

فاستقبَلَ السَّعدَ وَضّاحًا أسرَّتُهُ ... من صَفْحةٍ فاض منها النُّورُ فانعكسا وقبَّلَ الجُودَ طَفَّاحًا غَواربُهُ ... من راحةٍ غاضَ فيها البحرُ فانغَمَسا يا أيُّها الملِكُ المنصورُ أنتَ لها ... علياءَ تُوسعُ أعداءَ الهدى تَعَسا وقد تواترتِ الأنباءُ أنك مَن ... تُحيي بقتلِ ملوكِ الصُّفْرِ أندَلُسا طَهِّرْ بلادَكَ منهمْ إنّهم نَجَسٌ ... ولا طهارةَ ما لم تَغسِلِ (¬1) النَّجَسا وأوطِئ الفَيْلقَ الجَرّارَ أرضَهمُ ... حتى يُطَأطئَ رأسًا كلُّ من رَأَسا وانصُرْ عَبِيدًا بأقصىَ شَرْقِها شَرِقَتْ ... عيونُهم أدمُعًا تَهمي زكًا وخسَا همْ شِيعةُ الأمرِ وهْي الدارُ قد نُهِكتْ ... داءً متى لم تُباشِرْ حَسْمَه انتَكَسا فاملأ -هنيئًا لكَ التمكينُ- ساحتَها ... جُرْدًا سَلاهبَ أو خَطِّيَّةً دُعُسا واضرِبْ لها موعدًا بالفَتْح تَرقُبُهُ ... لعلَّ يومَ الأعادي قد أتَى وعسى [..................... ... ...............................] (¬2) فممّن استَحسَنَ جوابَه منهم الأُستاذُ أبو عبد الله، [......] (¬3) قال [البسيط]: بَشْراكمُ إنَّ رَسْمَ الكُفرِ قد دَرَسا ... فارتَجَّ إيوانُ أهلِ الشِّركِ وارتَجَسا بُشراكُمُ اليومَ إنّ النَّصرَ مُقتبِلٌ ... عن جِدِّ عزمٍ يكرُّ النفْسَ والنفَسا وغَيْرةً لبلادِ الله أنْ يطأَ الـ ... ـتّثليثُ وهْو خبيثٌ أرضَها القُدُسا وهِمّةٌ أقسَمتْ في النفْس لا احتَجنَتْ ... عن أرضِ أندَلُسٍ مالًا وإنْ نَفُسا لكي تعودَ إلى الإسلام عادتُهُ ... ويَلبَسَ الحقُّ نُورًا بعدَ أن لُبِسَا ¬

_ (¬1) في أزهار الرياض: نغسل -بالنون- وقال المقري: هو أصوب مما وقع بخط بعضهم بالتاء لأن مثله لا يصلح للمخاطبات السلطانية. (¬2) بياض بقدر أربعة أسطر. (¬3) بياض في النسختين.

وتَستوي قَدَمُ الإسلام ثابتةً ... في دارِه لا تَرى دَحْضًا ولا دَهَسا كأنّكمْ بجنودِ الله طالعةً ... رايتُها في ثناياكمْ زكًا وخسا كأنّكمْ بجنودِ الله قد خَضَدَتْ ... بالسَّيفِ من شَوْكةِ الإشراكِ ما نَخَسا تلك التي لا يُريمُ النَّصرُ طالعَها ... بما اكتَسَى من أسامي أهلِها وكَسَا حتى تُوازيْ بحولِ الله أندَلُسٌ ... أمنًا وكثرةَ إيمانٍ طَرابُلُسا بكلِّ أجرَدَ مختالٍ تُفَرِّسُ في ... إلهابِه البَرْقَ لولا ما تَرى الفَرَسا عليه كلُّ طويلِ الباعِ منْصَلِتٌ ... كأنّه غُصُنٌ في مَتْنِهِ غُرِسا ماضي العزيمةِ آبّاءُ الهضيمةِ ركّابُ ... العظيمةِ لا نِكْسًا ولا شَكِسا حامي الحقائقِ فرّاجُ المضائقِ محـ ... ـمودُ الخلائقِ لا وَعْرًا ولا شَرِسا يرضَى الوغَى مَعْلَمًا والموتَ مُعتصَبًا ... والضَّربَ مدَّرعًا والطَّعنَ متَّرَسا تمَّت به لتميمٍ كلُّ مكرُمةٍ ... فلا زُرارةَ في العليا ولا عدُسا ومن سَليمِ بن منصُورِ بْنِ عكرِمةٍ ... شُمٌّ إذا اعتَجَروا لم تتَّهمْ فطسا بِيضٌ غدا فَرْعُهمْ يَسري إلى مُضرِ الـ ... ـحمراءِ أصلًا سَرى هذا وذاك رَسَا همُ الأولى أَوْطَنوا قِدْمًا طَرابُلُسًا ... فكيف لا يُوطِنونَ اليومَ أندَلُسا؟! وهْي الحدائقُ غُلْبًا كلّما غَلَبت ... على كريمٍ أفادت طبعَه سَلَسا كم استقَرَّ بها الإِسلامُ محترَمًا ... حِماهُ بالبِيض أو بالسُّمرِ مُحترَسا وكم أدارَ رحَى الحربِ الزَّبُونِ بها ... الأعداءُ فيها فلم يزبنْ ولا نُكِسا مازال ساكنُها بالعدلِ متَّسِمًا ... بالدِّينِ ملتبِسًا للخيرِ مُلتمِسا أو قارئًا لكتابِ الله مجتهدًا ... أو مُبْلِيًا في مَثَارِ النَّقْع مُنغمِسا أو راحلًا نحوَ بيتِ الله مُغترِبًا ... أو قافلًا من إياةِ العلم مُقتَبسا

وباذلًا نفْسَه في الله محُتسِبًا ... أموالَهُ في سبيلِ الله مُحتبِسا قد فاز فيها بإحدى الحُسْنيَيْنِ ... فإمّا غارِمًا عُشُرًا أو غانمًا خُمُسا ولم تزَلْ عُصبةُ التوحيدِ تكلؤُها ... مُصيخةً نحوَ داعيها وإن هَمَسا إذا المُلِمّةُ ضافتْ رَحْلَ ضيفِهمُ ... داسُوا لها النارَ أو حاسوا لها القَبَسا واستَنْجَدوا بأسَهمْ في نَصْرِهِ فعَدَوْا ... عنه مُعاديَهُ خَزْيانَ مُبتئسا لو أنكمْ قبلَ إلمامِ العدوِّ بكمْ ... دعوتمُوهمْ لألفَيْتُمْ أُساةَ أَسى ولو مدَدتُمْ قُبَيْلَ السَّيلِ أيديَكمْ ... لم تعدَموا أن يمُدُّوا نحوَكمْ مرسا لكنْ أتيتُمْ وقد عمَّ السَّقامُ وقد ... يَشفي العليلَ علاجٌ بعدَما نُكِسا لقد تراخَيْتُمُ حتى فشَتْ عِللٌ ... يُعيي التنطُّسُ فيها الحاذقَ النَّطِسا والسَّهمُ مالم يُرَشْ قبلَ الرِّماءِ بهِ ... كالغُصن شُذِّبَ إلا أنهُ يَبُسا ما حيلةُ الغَوْثِ فيمَن جاء يَطلُبُهُ ... واليَمُّ قد طَمَّ والإنسانُ قد غَطَسا أَعزِزْ على ملّةِ الإسلام أنْ فُجِعت ... فيكمْ بأربع دُرْسٍ غُودرت دُرُسا فأمكنَتْ فُرصةٌ فيكمْ عدوَّكمُ ... فكان مُفترِشًا بل كاد مُفترِسا وصار في كلِّ دارٍ مأتمٌ لكمُ ... أَضحى كما قُلتمُ عندَ العِدا عُرُسا فعندَها غضَبِتْ للحقِّ عُصْبتُهُ ... فكلُّ ذي كَبِدٍ من حيثُ لان قَسا لمّا رَعَوْا ما لكمْ من ذمَّةٍ عَبَروا ... إليكمُ البحرَ لا رَهْوًا ولا سَلِسا فأَقْبَلُوكمْ نواصي كلِّ طائفةٍ ... وإنْ غدا إلْفُها في الماءِ قد غُمِسا يَحمِلنَ أهلَ مَضاءٍ في الحروبِ سَرَوا ... رَكْبًا ولكنّهمْ في صُورة الحبسا في الطمْسِ يَستبطئونَ الرِّيحَ عاصفةً ... حِرصًا لإتمام نُورِ الله إذ طُمِسا

إذْ عاينوا الصَّعبَ والضَّعفَ اللّذَيْنِ بكمْ ... فكلُّ ذي نعمةٍ آسَى بها وأَسا وأوسَعوكمْ قِرًى كانوا أحقَّ بهِ ... لدَيْكُمُ فاعجَبوا للأمرِ أن عُكِسا وما جَهِلتُمْ حقوقَ الضَّيفِ بل حَبَس ... الأيدي من الحَصْرِ والإحصارِ ما حَبَسا وَدُّوا لوِ اتَّخذتْ في البحرِ عَزْمتُهمْ ... إلى العِدا سَرَبًا أو مَسلَكًا يَبَسا حفيظة لم تزَلْ كالمُلكِ حافظةً ... وأنفُسًا لم يُفارِقْ عِزُّها قَعَسا يَبْكونَ من رحمةٍ للدِّين أنْ نُسِفَتْ ... أطوادُه ولجَدِّ المُلكِ أن تَعِسا وأنْ تَخاذلَ أهلُ الأرض فاتَّفَقوا ... على الخلافِ رجالًا في ثيابِ نِسا لا يَنصُرونَ أخًا لو رامَ نَصْرَهمُ ... ولا يُوفُّونَهُ التشميتَ لو عَطَسا ليقضيَ اللهُ أمرًا كان فاعلَهُ ... والحمدُ لله فيما سرَّ منه وسَا سيَنصُرُ اللهُ والإِسلامُ أُمَّتَهُ ... بالقادةِ العظماءِ الذادةِ الرُّؤسا يَسترشِفُونَ قدودَ السُّمرِ قائمةً ... فيحسَبونَ لَماها في القَنا لَعَسا لا يَأْلَمونَ المنايا في أسِنّتِها ... كأنما الطَّعنُ لَثْمٌ بينَهمْ خُلِسا يا أهلَ دانِيةٍ أودَتْ بَلَنْسِيَةٌ ... عَزَاكُمُ إنه للقَطْفِ ما اغترَسا لا تَيْأَسوا إنّ خيلَ الله ناظرةٌ ... لأنْ يقالَ: اركَبي، ويلٌ لمن يَئِسا ولا يَسُرَّ عدوًّا رِبحُ صَفْقتِه ... في غَبْنِكمْ فقديمًا طالما وُكِسا ترقَّبوا اليُسرَ بعدَ العُسرِ واعتَبِروا ... بمَن مضَى فلعلَّ الله أو فعسى وأمِّلوا النَّصرَ في العُقْبى فإنّ قَضَاءَ ... ءَالله بالخير مَرْجوٌّ صباحَ مَسَا كمْ نعمةٍ صُحِبَتْ حتى إذا سُحِبَتْ ... سِيمَ الذي ألبسَتْهُ خَلْعَ ما لَبِسا كم خُرِّبَتْ دارُ قومٍ بعدَما عَمَرَتْ ... وكم توَحَّشَ سِرْبٌ بعدَما أَنِسا

ثم ارعَوى الدّهرُ فانتاشَ الحَسِيرَ كما ... راشَ الكَسِيرَ فوَلَّى الأمرَ مُنكبِسا وهذه عادةُ الأيام فانتظِروا ... فليس يكشِفُ إلا اللهُ ما التَبَسا لا بدَّ لله من إنجازِ موعدِه ... وإنْ تَطاوَلَ إنساءٌ وطال نَسا [....] (¬1) أبو عبد الله محمدُ بن أحمدَ الحَضْرَميُّ قال [البسيط]: لبَّاكَ مُصْغٍ لِداعٍ كلما نَبَسا ... ما زال مُذْ دهرِهِ للغَزْوِ مُلتمِسا غَضْبانَ لله لو يَرضى لشِرعتِهِ ... يَقْظانَ عن نُصْرةِ الإسلام ما نَعِسا وما عسى مَن عسا إيناعَ زَهْرتِها ... وقَطْفَها قد أتى مُستعجِلًا وعسا إنْ شانَ مِن دَنَسِ الخِذلانِ شائنةٌ ... فقد هَمَى غيثُ نَصْرٍ يغسِلُ الدَّنَسا أو شابَ مِن دَلَسِ الإخفاق شائبةٌ ... فقد أتى نقْدُ إنجاح نفَى الدَّلَسا خيل تُخيِّلُ من نَقْع الهِيَاج دُجًى ... فتبتغي فيه من نارِ القَنا قَبَسا فلو أُتيحتْ عصا موسى إذَنْ سَلكتْ ... من العُبَاب طريقًا للوغَى يَبسا تُحالفُ السَّعدَ لا تَأْلو تُخالفُهُ ... فلو رأتْ مِسطَحًا يومًا لَما تَعِسا كأنْ بها وعزيزُ النَّصرِ رائدُها ... كخادمٍ لرضا مخدومه التَمَسا من كل غاديةٍ في الكفرِ عاديةٍ ... تُرْدي وتَرْدي فتحدي النَّفْس والنَّفَسا بكلِّ ليثٍ ولكنْ باللّيوثِ سَطَا ... ليست بَراثنُهُ إلا قنًا دُعسا عاري الأشاجع لكنْ من شجاعتِهِ ... كاسٍ، فسائلْ به عريانَ قد لَبِسا قاسٍ على الفَرْي ساقٍ سيفَهُ عَلَلًا ... من النَّجِيع فجرِّبْ ما سَقَى وقسا يُلْهيه ألعَس أحوى ظلَّ يُشْرِعُهُ ... في الحربِ عن رَشْفِه أحوى حوى لَعِسا تناصَفَ الرأيُ والإقدامُ فيه فلا ... يزالُ مفترِصًا طَوْرًا ومُفترِسا ¬

_ (¬1) بياض.

ضَراغمُ الغابِ إلا أنّها تَخِذَتْ ... ملابسَ الرَّقْش في يوم الوغَى لُبُسا من كلِّ أروَعَ راعي الجيشَ مدَّرِعًا ... وابتَزَّ بِزّةَ رَبِّ الجيش متَّرِسا كتائبٌ لا تَرى الرُّوحَ الأمينَ بها ... إلّا على فَرَسٍ لم تَدْره فَرَسا فاءَتْ على فئةِ التوحيدِ رايتُها ... كما تهَدَّلَ فوقَ الرَّوضِ ما غَرَسا فأوْجدوا من وجودِ الأمنِ مُنعدِمًا ... وشيّدوا من بِنا الإسلام ما دَرَسا قلْ للجزيرةِ، لا يُصبحْ بها جَزَرًا ... أو يُمسِ إلّا أَعاديها صباحَ مسا: لا تَيْأَسي فعزيزُ النَّصرِ ضاءَ لهُ ... صُبحٌ كصِدقِ رجاءٍ عادَ مَن يئسا وكالهُدى نَسَخَ التضليلَ مُحْكَمُهُ ... وكالصَّباح جلا لَأْلاؤُهُ الغَلَسا كتائبٌ تَدَّني منها لدانِيَةٍ ... نَواطقٌ بنداءٍ يُخْرِسُ الجَرَسا فاستَشعِري الفتحَ إنجازًا بلا عِدَةٍ ... كما سَقَى الغَيْثُ عَفْوًا ما ذَوى وعسا كتائبٌ من جيوش النَّصر لا كُتُبًا ... وحارساتٌ من التأييدِ لا حَرَسا عسى فتوحٌ تأتَّى للهُدى صَدَرتْ ... عنها حُتوفٌ تأتَّى للضلالِ عسى وعلَّ أنْ يوطِنَ التوحيدُ مَوطنَهُ ... قَسْرًا ويُخلي من التثليثِ أندَلُسا متى يَحُلُّ بها الإيمانُ في نِعَمٍ ... تَتْرى وَيرحَلُ عنها الكُفرُ مُبتئسا وتَنثني ألسُنُ الإيمانِ ناطقةً ... بما ابتغَى ولسانُ الكُفرِ قد خَرِسا بحيثُ تَهْدِمُ راحاتُ الهُدى بِيَعًا ... مَنْ باع في هَدمِها مَحْياهُ ما وُكِسا فيُفصحُ الدّهرُ فيها بعدَ عُجْمتِهِ ... وَيضحَكُ الدِّينُ منها ضِعفَ ما عَبَسا كأنْ بها آنَسَتْها العينُ لازَمَها ... ما يُؤْنِسُ الوحشَ أو ما يوحشُ الأُنسا فردَّ من طُولِها طُولُ القَنا قِصَرًا ... قَسْرًا ومن شَمَمٍ في هضَبِها خَنَسَا

فتحٌ لأهلِ التَّبَدِّي باليقينِ بَدَا ... هجاؤُهُ في أُولي التضليلِ قد عُكِسا فمِن ندًى فيكمُ آسَى عديمَ غِنًى ... ومن وغًى قد أَسا منكُمْ كليمَ أسى لم يَحْمِ عنكمْ صَنيعًا نأيُ دارِكُمُ ... والغَيثُ يَهمي بأقصىَ الأرضِ مُرتجِسا والشمسُ في رابع الأفلاكِ مقْبِسةٌ ... من نُورها في حَضِيض الأرض مُقتبسا وإنْ نَأَتْ بالعِدا دارٌ فدانِيَةٌ ... منهُمْ وقائعُ تُبقي حيَّهمْ رمسا والقوسُ أصمَى وأرمَى وهْي نابيةٌ ... وربّما قارنتْ إنْ قاربَتْ تَعَسا والرُّمحُ أقضَى وأنضَى إنْ قذَفْتَ بهِ ... بُعدًا وليثُ الشَّرى يَنْأَى إذا افتَرَسَا إنّ التشاغُلَ عنكمْ شاغلٌ بكُمُ ... كم قائمٍ تحسَبُ الأبصارُ في الجُلَسا! ولم يُعِقْ عن وشيكِ النَّصرِ من شُغُلٍ ... إلا اختلاس أوانٍ عاق مُختلِسا وعَقْدُ سِلمٍ على الإِسلامِ عائدُهُ ... دهرًا وتليينُ خَطْبٍ لم يزَلْ شَرِسا فقد يُذَلَّلُ من صعبِ الأمورِ وقد ... يُراضُ من جامحاتِ الخَطْبِ ما شمسا دعوتُم ناصرًا في الله محُتسِبًا ... أموالَهُ في جهادِ الكفرِ مُحتبِسا وما البخيلُ بجدواهُ سوى رجُلٍ ... بنفسِه في سبيل الله قد نَفَسا فطالعوامن صباحِ النَّصر مَطلَعَهُ ... كم ظامئ قد سَقاهُ الغيثُ مُنبجِسا واليُسرُ من بعدِ إعسارٍ أتى ويَرى ... مَنْ أوحَشَ السُّهدُ دهرًا بالكَرى أَنِسا والعونُ بالله فيما عنَّ من أَربٍ ... نَعتادُهُ قام صَرْفُ الدهرِ أو جَلَسا وما سِواه فصَلْنا حَبْلَ عُرْوتهِ ... وما وَصَلْنا له حَبْلًا ولا مرسا ونستضيءُ بأنوارِ اليقينِ فما ... نَهابُ ظلماءَ خَطْبٍ أَمَّ مُلتبسا تَعرى من الأيْدِ أيدينا على ثقةٍ ... أن نكتسي خِلَعًا من أَيدِه وكِسا

والرومُ فاءت إلى أفيائها فئةٌ ... ذلت كما رَأَسَ المرؤوسَ مَن رَأَسا همُ العدا ومَواليهمْ كمِثلِهمُ ... والماءُ أنجَسَه أن خالَطَ النَّجسا والأريُ حُلوٌ فإنْ قاسى مذاقَتَهُ ... شَرْيٌ فقد آضَ للإمرار مُنعكِسا إن يقترِبْ منكمُ الخِذلانُ فارتَقِبوا ... نَصْرًا فكمْ سَرَّ دهرٌ قبلَ ذاك أسا وإن غدا طامسًا رَبْعُ النُّهى فلقد ... بَدَا التأسِّي مُعيدًا منهُ ما طُمِسا كم من ثمارِ لهًى تَجني أكُفُّ نُهًى ... ومن ليالي أسًى تَجْلو شموسَ أُسى! وكم فريقٍ يُريه الدهرُ مجتمِعًا ... ومأتمٍ بعدَ أَيامٍ يُرَى عُرُسا! [....] (¬1) بن أبي عَجِيبةَ، قال من قصيدة [البسيط]: أخلِقْ بجِدِّ الأعادي أنْ يُرَى تَعِسا ... وأن يُعاودَ سَعْدُ الجَدِّ أندَلُسا بنصر مَلْكٍ لحزبِ الله منتقمٍ ... لم يُدْعَ قطُّ إلى الإنجادِ فاحتبَسا وطامسٍ ما بَدَا للكُفرِ من أثرٍ ... ومُظهرٍ من رسُوم الدِّينِ ما طُمِسا إذاذكَرْتَ اسمَه كي تستعيذَ بهِ ... من كيدِ شيطانِ إنسٍ نازع خَنَسا ذو سِيرة درَسَتْ بينَ الورى سُوَرًا ... وكم ملوكٍ سواه ذكْرُهمْ دَرَسا فإنْ تكنْ غُيِّرتْ أعلامُ أَرضِكمُ ... وكلُّ ما كان منها ناضِرًا يَبِسا فإنّ يحيى بنَ عبد الواحِد بن أبي ... حَفْصٍ سيَنشرُ منها كلَّ ما رُمِسا كذاك كان لها الجَدُّ الكريمُ أبو ... حفصٍ وإنَّ له في جَدِّه لأُسا كأنّكمْ بالذي أمسى يَسُومُكمُ ... ضَيْمًا يعودُ عليه الضَّيمُ مُنعكِسا يوَدُّ لو أنه في الجوِّ طِيرَ بهِ ... من شدّةِ الذُّعر أو في الماءِ قد قُمِسا لوكان في زمنِ الحُمْسِ الذين مَضوْا ... إذَنْ لألبَسَ ثوبَ الذِّلّة الحُمُسا ¬

_ (¬1) بياض.

من قصيدةٍ لأبي عبد الله بن أبي يحيى يونُس [البسيط]: أبشِرْ وبَشِّرْ بنَصْرِ الله أندَلُسا ... إنّ الأميرَ إليها يسبِقُ النفَسا فإنْ يكُنْ كافرٌ للسمعِ مسترِقًا ... فسُمْرُ يحيى الرِّضا شُهْبٌ أتَتْ حَرَسا وإنْ بَدَا لذوي كُفرٍ بها قَبَسٌ ... فشمسُ إيمانِ يحيى تَفضحُ القَبَسا وإنْ عَفَارَ سْمُها بالجَوْرِ وانطَمَسا ... فعدلُه مستجِدٌّ منه ما طُمِسا وإنْ غَدَا نافسًا قِدحَ الكفورِ بها ... فالدِّينُ نافَسَهُ في ذاك إن نَفَسا بُشْرى الجزيرةِ إنّ النصرَ باشَرَها ... يُميتُ كُفرًا ويحيي أرسُمًا دُرُسا وكم أَعاد وأبدى في العِدا وبَدَا ... وعاد يَمْحو بلِينِ التوبةِ الشَّرسا مَلْكٌ له حَسَبٌ قد زانَهُ أدبٌ ... دامتْ له رُتبٌ من فوقِها جَلَسا فكانت عِدةً سَخت الأقدارُ عَقْدَ إنجازِها، وترجيةً نَسَختِ الأعذارُ حُكْمَ حقيقتِها بمجازِها، وعاد أبو عبد الله ابنُ الأبار إلى مُرسِلِه فألفَى الأحوالَ قد أعضَل داؤها، وقواعدَ البلاد قد غَلَبَ عليها أعداؤها، فترَكَها هاجرًا، وقصَدَ حضرةَ تونُس مهاجِرًا، فأقبَلَ السّلطانُ عليه، وصَرَفَ خُطّةَ الكتابة العليا إليه، ثم أدركَتْه جَفْوةٌ من قِبَل الأمير أفضَتْ إلى تغريبِه وانتقالِه إلى بِجَاية، وفي أثنائها ألّف "إعتابَ الكُتّاب" فأقام ببِجَايةَ طويلًا عاكفًا على العلم ونشرِه. ومن نثرِه، وإن كان على إجادتِه فيه ينحَطُّ عن نَظْمِه (¬1): ما كتَبَ به من بِجايةَ إلى المستنصِر بالله يهنِّئُه بجَلْب الماءِ إلى جامع تونُس، عَمَرَه اللهُ بكلمةِ الإسلام، وهُو في معنى ما كتَبَ به أبو المُطرِّف بنُ عَمِيرةَ حسبَما ثَبَتَ في رَسْمة [البسيط]: الحمدُ لله حمدًا لا نقلِّلُهُ ... هذا الزمانُ الذي كنّا نُؤَمِّلُه ¬

_ (¬1) بهامش ب تعليق بخط مختلف عن خط المعلق الأصيل -وهو التجيبي- وكذلك تعليق آخر على حاشية الورقة 104 ب في الثناء على نشر ابن الأبار، وليس للتعليقين من قيمة تاريخية أو نقدية.

{بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ: 15] ودولةٌ مبارَكة لمَحاسنِها سُفور، إلى أبي حَفْص آلوا، فهل جالتِ النّجومُ حيث جالوا، أو نالتِ الملوكُ بعضَ ما نالوا؟ مُلْكٌ يشتملُ الإقبال، وعز يُقلقلُ الأجبال، وكرَمٌ صريحُ الانتماءِ في النَّماء، وشَرَفٌ سَمَت ذوائبُه على السماء، إلى عدلٍ وإحسان، هما قِوامُ نوع الإنسان، معَ رِفْقٍ وإسجاح، ضَمِنا كلَّ فوزٍ ونجاح، فقد آضَتِ البَطحاءُ أنوارًا، وفاضتِ البركاتُ نِجادًا وأغوارا، ألبَسَ العامَ ربيعًا، والعالَمَ جميعًا، والسُّعودُ طالعة، والعصورُ. طائعة، بصالح الأعمالِ تَحَلّيها، وعلى مِنَصّة الكمالِ تجَليها، فمَن ذا -أيُّها المولى- يُجاريكَ إلى مدى، أو يُباريكَ في إقدام صادقٍ وندى، وآياتُك للأبصارِ هدى، وحياتُك للكُفّارِ رَدى؟! بسِيرتك عَدَلَ الدّهرُ وما جار، ولولا نورُ عزّتِك ما أنار [الوافر]: لقد حَسُنَتْ بك الأوقاتُ حتى ... كأنَّك في فمِ الزمنِ ابتسامُ أعرَقْتَ في المجدِ والعَلْيا، وعُنِيتَ بالدينِ فعَنَتْ لك الدنيا، أيُّ عنيدٍ أو عميد ما ألقَى باليد، واتّقَى في اليوم عاقبةَ الغد، إصفاقًا على التعوُّض بصَفْحِك وإسعادِك، وإشفاقًا من التعرُّض لصِفاحِك وصِعادِك، تَعمُرُ بالحَسناتِ آناءَك، وتَتْبَعُ في القُرُبات آباءَك، بانيًا كما بَنَوا، بل زائدًا على ما أتَوا، وبادئًا من حيث انتهَوْا [الطويل]: أُناسٌ من التوحيد صِيغتْ نفوسُهمْ ... فزُرْهمْ تَرى (¬1) التوحيدَ شخصًا مُركَّبا ومن ساكباتِ المُزْنِ فَيْضُ أكُفِّهمْ ... فرِدْهمْ تَرِدْ ماءَ الغَمام وأَعذبا أمجادٌ أجواد، في الحِبا بحارٌ وفي الحبَى أطواد، تقَيَّل أبو زكريّا نَهْجَ أبي محمد، وأُيِّدا جميعًا بأبي حَفْص المؤيَّد [الكامل]: نَسَبٌ كأنَّ عليه من شمسِ الضُّحى ... نُورًا ومن فَلَقِ الصَّباح عمودا أولئك صفوةُ الأئمّة، وحَفَظَةُ الأَذِمّة، والقائمونَ دونَ الأُمّة، في الحوادثِ المُدْلَهِمّة، وهذه الدّولةُ المحمَّديّة، الخالدةُ بمكانِها الدعوةُ المَهْديّة، إليها انتهَتِ المَراشِد، وعليها التقَتِ المحامد، وبها اعتزَّتْ حين اعتزَتْ إليها العناصرُ ¬

_ (¬1) كذا غير مجزومة، وهي صحيحة الوزن بالجزم!

والمَحاتِد، ومن خصائصِها من فِعال الوجود، وفي مَراسمِها الإيثارُ بالموجود، والبِدارُ إلى إغاثةِ الملهوف وإعانة المَنْجود، ما بَرِحَتْ للخيراتِ إيضاعُها وخَبُّها، وبالصاحاتِ غَرامُها وحُبُّها، حتّى لقد فهِمَتْ أسرارَها، وأودَعَت أنوارَها، وكَفَلت أو كُلّفت إفشاءَها وإظهارَها؛ يمينًا، إنَّ يمينَ الحقِّ بها طُولَى، ولَلآخِرةُ خير لها من الأُولى، بمولانا -أعزَّه الله- عَزَّ مكانُها، وخَلَدت سَديدةً آثارُها شديدةً أركانُها, لا جَرَمَ أنهُ الطاهر، كالماءِ الذي جَلَبَه للطَّهارة، والظاهر ولاءً ولواءً، في مَصعَدِ الخلافة ومقعدِ الإمارة، بالسَّعادةِ الأبديّة وَجْدُه وكَلَفُه، وما همُّه إلا تجاوُزُ ما أسلَفَه سَلَفُه، فجَّر من الأرض يَنبُوعًا، وجَدَّد للجَدوى رُسومًا عافيةً ورُبوعًا، ساحتُه الحَرَم وهو زَمْزَمُ قُصّادِه وحُجّاجِه، وراحتُه البحر الخِضَمّ غيرَ طعمِه وارتجاجِه، لله ما أطهَرَه خِلالاً، وأظهَرَه جَلالاً، "هكذا هكذا وإلّا فلا لا"، غابَتْ كُماةُ المعارك وشَهِد، ونامَتْ وُلاةُ الممالكِ وسَهِد، فمتى قَسَطوا أقْسَط، وإذا غَوَّروا أنْبَط، ولذلك ما أبطَلَ عمَلُه أعمالَهم وأحبَطَ عليهم على صفتي الندى والباس، وسَلَبَهم مَنْقبتَيْ حمزةَ والعبّاس، فلا غَرْوَ أنْ أَمَّن ووَقَى، ثُم لمّا كَسَا وأطعَمَ سقَى، أيةُ نُعمى وفَتْ بالميعاد، وحُسنى مِثلُها يُعَدُّ للميعاد، آتتْ بماءٍ مَعِين قد أصبحَ غَوْرًا، وملأت ما بينَ لابتَيْها جِنانًا تَرِفُ ظلًّا وترِفُّ نَوْرًا، فيا بُشرى لتونُس أخصَبَ جَديبُها، وأحسَنَ وَصْفَ الرَّوض والغديرِ أديبُها، وطالما أطلَعَتْ صحراءَ بل رَمْضاء، فكم للإمارة قِبَلَها من يد بيضاء، غُشِّيَت حِبَرَ الحُبور والسرور، وعُوّضَتْ بَرْدَ الظِّلِّ من وَهَج الحَرور، خمائلُ وجداول، تُزاوِلُ منها العينُ ما تُزاوِل، تلك يضِلُّ مَن أحصاها، وهذه يصِلُّ بها حَصَاها، ويا لَقَصْرِها السّعيد نَعِمت أدواحُه، وهبَّت على خُضْرِ الأغصانِ وزُرْقِ الغُدرانِ أرواحُه، هذا أوانٌ بات السَّماحُ المُفاضُ يَسقيه، وبات الجُودُ الفَضْفاضُ ينقَعُ جَوادُهُ ويشفيه، وهنيئًا للمسجدِ الجامع أن رَوِيت جَوانحُه الصَّاديَة، وجُمِعت في شِرعتِه الساريةُ والغادية، فها هو فَجْرهُ بادي الغُرَر والأوضاح، وصَخرُه منفجرٌ بالزُّلَال القَراح، وللجُمهورِ بصَفْوِه المُنساب، لهجُ الغُيّابِ

بالإياب، وطَرَبُ الشِّيب لذكْرِ الشّباب، أمسَوْا قد وَعَوا مأربَهم، وأضحَوْا قد عَلِمَ كلُّ أُناسٍ مَشْربَهم، فهم يَرِدونَ على العَذْب النَّمير، ويجِدونَ بَرَكةَ رأي الأمير، مكرُمةٌ ذَخَرَها لسُلطانِه الزّمان، وكرامةٌ هُنّئ بها الإيمان, وسلَّمتْ ليمينِه فيها الأيمان، وقضيّةٌ إن حُجِبت عن داود فما حُجِب عنها سليمان [البسيط]: جمَعْتَ للناسِ بينَ الرّيِّ والشَّبَعِ ... فهمْ بأخصبِ مُصطافٍ ومُرْتَبَعِ ولم تدَعْ كرَمًا إلا أتيتَ بهِ ... تُضيفُ مُبتدَعًا منه لمُبتدعِ لمّا وَليتَ خَلَعْتَ الخيرَ أجمَعَهُ ... عليهمُ فبَدَوْا في أجمل الخِلَعِ وحَسْبُ مجدِك ما أَولاهُ جُودُك مِنْ ... رَفْعِ الدعاءِ له في كلِّ مجتمعِ لله أيامُكَ استَوْفَتْ محاسنَها ... فلا مَزِيَّةَ للأعيادِ والجُمَعِ دامَتْ مساعيك والأقدارُ تُسْعِدُها ... تُولي المساجدَ إنصافًا من البِيَعِ وكتَبَ إلى الإِمام زكيّ الدِّين أبي محمدٍ المُنذِريِّ رحمه الله، شاكرًا وشافعًا، ونقَلتُه من خطِّه: شيخُنا وسيِّدُنا الرئيسُ الفاضل، العالِمُ العامل، الحافظُ الحافل، زكيُّ الدِّين، وإمامُ المحدِّثين، وسيِّدُ المُسنِدين، أبو محمد بنُ عبدِ القويِّ المُنذِريّ، أبقاه الله، يُرغَبُ في بقائه، ويُحرَصُ من أقاصي الآفاقِ على لقائه، إليه تُضْرَبُ أكبادُ الإبِل، ونحوَه تُركَبُ أثباجُ البحار، وفي قصدِه تُخاضُ أحشاءُ البِيد، شوقًا لرؤيةِ العلم في رُواة السُّنَن، وتيمُّنًا بمفخَرةِ مِصرَ على الشامِ والعراقِ فضلاً عن اليمَن، وأوّلُ ما أُفاتحُ به مَعْلَم علمِه الذي تدعوني جَنَباتُه، ولا تَعْدوني ثمرتُه الحُلوةُ وجنَّاتُه، أن أقولَ: السّلامُ الكريمُ الجَزيل العميمُ عليه ورحمةُ الله وبَركاتُه، فإنْ أَذِنَ في الزّيادة، وهي عادةُ أُولي السِّيادة [المنسرح]: أرسَلتُ نَفْسي على سجِيّتِها ... وقلتُ ما شئتُ غيرَ مُحتشمِ وعُجالتي هذه وإن أدَلَّت، حتى أخلَّتْ، وأقدَمتْ إلى أن نَدِمَت، فعن تشريفٍ من تعريف، بذكْرٍ في ناديه، أحسَبُه صَدْرًا وأعُدُّه سِرًّا وجهرًا في غُرِّ

أياديه، وكم سَحَبتُ له الرداءَ عُجْبًا ليس لي شيمة، واستَصْحَبْتُ فيه الثناءَ و"خيرُ العمل ما كان ديمة"، ثم بقِيتُ بعدَها أقعُدُ به وأقوم، وأُحاولُ المكافأةَ عليه وأَرُوم، وعَقدَ الضّميرُ أن أسيِّرَ لشُكرِها يدًا بيضاء، أو أستنيبَ سائلًا من فضلِها الإغضاء. ولمّا استقَلَّ مُستندًا لمكانِه، ومستَسْعِدًا بزمانِه، صاحبُنا الفقيهُ الحَسيبُ المليءُ المُحدّثُ المجتهدُ الصُّوفيُّ أبو علي الحَسَن ابنُ الفقيه القاضي أبي عليّ الحَسَن بن عَتِيق بن المنصُور الجَنْبِ التَّميميُّ، عرَّفَه اللهُ في مناقلِه العصمةَ والسلامة، ولا أوجَدَه في مآخِذِه الفترةَ والسآمة، حَمَّلتُه ذلك واثقًا بأدائه، وراكنًا لحُسنى إعادتِه وإبدائه، وبيتُهُ -أدام اللهُ عُلاكم- نَباهتُه قديمة، وطريقتُه في البيوتاتِ الإفريقيّة بل المَغْرِبيّة قويمة، وأبعَدُ أملِ هذا الصاحبِ وأقصاه، إذا هو أدَّى فريضةَ حجٍّ إن شاء الله، لُزومُ ساحتِكم العُلْيا، والاقتداءُ بكم في أمرَي الدِّينِ والدُّنيا، وسُؤدَدُكم الباهر يخفِضُ له جناحَه، وُيسوِّغُه من إسباغ حِلمِه اقتراحَه، فما بَرِح للسُّنَن النّبويّة خادمًا، وعلى مشارع العلوم الشَّرعيّةِ حائمًا، في ذلكُم حَلَّ وارتَحل، ولله ما انتَحَى وانتحَل، وتشفيعي فيما يُوسعُه رَفْعًا ونَفْعًا، مما أَصِلُ عليه الشُّكرَ وَتْرًا وشَفْعًا، وإنّي لأرجو محافظتَه على التقييد، وبراءتَه من التفنيد، أن يُجيدَ في خدمتِه إمامَنا وإمامَه، ويُفيدَ مَنْ وراءَه من عيونِ ما استفاد أمامَه، والله يُحظيه بما اعتمدَه وتوَخَّاه، ويُسعدُنا بلقاءِ من أمَّل أن يَلْقاه، بمنّه وكرَمِه، ومَعادُ السلام الأجزَل، المباركِ الأطيَبِ الأكمل، يعتمدُكم به مُستديمُ حياتِكم، المتميِّزُ في تلاميذِكم ورُواتِكم، المُتبَاهي في تعظيم جانبِكم، وتقديم واجبِكم، محمدُ بنُ عبد الله بن أبي بكرٍ القُضَاعيُّ، ورحمةُ الله وبرَكاتُه، من بِجَايةَ -كلأَها اللهُ- في غُرّة ربيعٍ الآخِر سنةَ أربعٍ وخمسينَ وست مئة. وبعدَ مُدّة ممتدّة استدعاه المُستنصِرُ بالله أبو عبد الله مُكرَّمًا مبرورًا، فانقَلبَ إلى حضرتِه مسرورًا، فأنشَدَه حين انتهَى إليه، ووَقَعَ بصَرُه عليه [الكامل]: بُشْرايَ باشَرْتُ الهُدى والنُّورا ... في قصديَ المُستنصِرَ المنصُورا وإذا أميرُ المؤمنينَ لقِيتَهُ ... لم تَلْقَ إلا نَضْرَةً وسرورا

ولمَ لا وأنت المسَمَّى باسم محمدٍ رسُول الله، وكُنيتُك الكُنْيةُ العزيزةُ: أبو عبد الله، وعلامتُك الشَّريفة: الحمدُ لله والشُّكرُ لله، ولقَبُك على المنابرِ: المستنصِرُ بالله المنصورُ بفضلِ الله؟! ومن كان لله كان اللهُ له. وأُتحِفَ المُستنصِرُ بغُصن سَوْسَن اجتمعتْ فيه سَوْسَنات سبع، فاستَغْرَبَه المستنصِرُ والحاضرون وفيهم ابنُ الأبار، فابتَدَره في وَصْفِها [البسيط]: وسَوْسناتٍ أرَتْ من نظمِها بِدَعًا ... ولم يزَلْ دهرُ مولانا يُري بِدَعَهْ شبيهةٌ بالثُّريّا في تألُّفِها ... وفي تألُّفِها تلقاكَ مُلتمِعَهْ هامتْ بيمناه تبغي أن تُقبِّلَها ... واستَشْرَفَت تبتغي مَرْآهُ متَّلعَهْ ثم اتَّقى بعضُها من بعضِها غَلبًا ... على البِدارِ فوافَتْ وهْي مُجتمعَهْ وله في تفضيل السَّواد [الخفيف]: لا تَعيبوا السَّوادَ فهْو مُناكمْ ... في فروعٍ وأعيُنٍ وحواجبْ ولقد تجعَلونَ منه رُقوشًا ... ونقوشًا على خدودِ الكواعبْ وأرى اللَّيلَ عندَكمْ مُستحَبًّا ... وأَرى الصُّبحَ عابَهُ كلُّ عائبْ وسلِ المِسكَ والغواليَ عنهُ ... وسلِ الحِبرَ في صحيفةِ كاتبْ وعِذارًا إذا ألمَّ بخَدٍّ ... دَبَّ فيه كما تدِبُّ العقاربْ وكفَى أنه لحَبّةِ قلبي ... ولعَيْني وللشّبابِ مُناسبْ ومن نَظْمِه في الزُّهد والتُّكْلانِ على الله تعالى [السريع]: إلامَ في حَلٍّ وفي رَبْطِ ... تخبِطُ جهلًا أيّما خَبْطِ؟! دعِ الوَرى وارجُ إلهَ الوَرى ... فإنهُ ذو القَبْضِ والبَسْطِ ليس لِما يُعطيهِ من مانعٍ ... ولا لِما يمنَعُ من مُعطِ

710 - محمد بن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الحق بن عبد السلام القيسي، رقوطي أغماتي الأصل، استوطن إشبيلية، أبو عبد الله الأغماتي

ولم يَطُلْ مقامُه بتونُس حتى نُقِمَ عليه خَوْض تاريخيٌّ نُسبَ إليه، فقُتلَ أشنعَ قِتْلة، وغودرَ أوعَظَ مُثْلة، وذلك غُدْوةَ يوم الثلاثاء لعَشْر بقِينَ من محرَّمِ ثمانٍ وخمسينَ وست مئة، ونسألُ الله دوامَ العافية وحُسنَ العاقبة؛ وكان مَوْلدُه ببَلَنْسِيَةَ عندَ صَلاة الغَداة من يوم الجُمُعة في أحدِ شهرَيْ ربيع من سنة خمسٍ وتسعينَ وخمس مئة، وقد تقَدَّم لهُ ذكْرٌ في رَسم أبي الرَّبيع بن سالم، وفي رَسْم أبي محمد بن عبد الرّحمن بن بُرْطُلّه، وسيأتي في رَسم أبي الحَسَن محمد بن محمد بن نُوح إن شاء الله. 710 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الحقِّ بن عبد السلام القَيْسيُّ، رُقُوطيٌّ (¬2) أغْماتيّ الأصل، استَوْطَنَ إشبِيلِيَةَ، أبو عبد الله الأغْمَاتيّ. رَوى عن أبي عبد الله بن عَسْكرٍ وأبي عَمْرٍو ومُرَجَّى بن عبد الملِك، وتَفَقَّه به. رَوى عنه أبو بكر بنُ عبد النُّور، وبَنُوه: أحمدُ وقاسمٌ ومحمد، وأبو الحَجَّاج بن عبد الغَنيّ، وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ شيخُنا، وأبو الفَضْل طاهرُ بن محمد. وكان فقيهًا حافظًا، بَصيرًا بعَقْدِ الشُّروط متقدِّمًا في معرفة أصولِها، خَطَبَ واستُقضيَ ببعضِ الجِهات، وُلد برُقُوطَ في صفرِ ستٍّ وأربعينَ وخمس مئة، وكان حيًّا في صَفَرِ أربعَ عشْرةَ وست مئة. 711 - محمدُ بن عبد الله بن أبي شَرَاحِيلَ اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ. 712 - محمدُ بن عبد الله بن أبي القاسِم العجاليُّ. كان حيًّا بفاسَ سنةَ تسع وتسعينَ وخمس مئة. 713 - محمدُ (¬3) بن عبد الله بن أبي يحيى بن محمد بن مَطْروح التُّجيبيُّ، بَلَنْسِيٌّ، سَرَقُسْطيُّ الأصل، أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1595)، والرعيني في برنامجه (78). (¬2) منسوب إلى "رقوط" من عمل مرسية. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1572)، والذهبي في المستملح (223).

714 - محمد بن عبد الله بن إدريس، طليطلي أبو عبد الله الصائغ

رَوى عن أبي الحَسَن ابن النِّعمة، وأجاز له أبو بكر بنُ أبي جَمْرة. رَوى عنه ابنُه أبو محمد، وأبو عبد الله بن أبي البقاء؛ وكان تأريخيًّا حافظًا مُعتنيًا بالأخبارِ والآداب، فَكِهَ المحاضرة مليحَ التندير، وجمَعَ شعرَ أبي بكرٍ يحيى ابن محمد الجَزّار السَّرَقُسْطيِّ وسمَّاه "رَوْضةَ المحاسن وعُمدةَ المُحاسِن" (¬1). مَوْلدُه بعدَ أربعينَ وخمس مئة، وتوفِّي سنةَ ستٍّ وست مئة. 714 - محمدُ بن عبد الله بن إدريسَ، طُلَيْطُليٌّ أبو عبد الله الصائغ. رَوى عن أبي مَرْوان بن مَسَرّة. 715 - محمدُ بن عبد الله بن أصبَغَ بن أحمد، مالَقيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ أبي العبّاس، أخو هِشام. رَوى عن شُيوخ بلدِه وغيرِهم، وكان من بيتِ عِلم وجَلالة، وتعيُّنٍ شهو وأصالة، فقيهًا حافظًا مُشاوَرًا، بارعَ الأدب شاعرًا مُجِيدًا، كاتبًا بليغًا، ولمّا اضْطَرَبت أحوالُ بلدِه مالَقةَ تحوَّل عنها ولحِقَ بالمعتمِد بن عَبّاد، فجَلَّ لدَيْه ونفَقَتْ سُوقُ أدبِه عندَه، ثم عاد إلى بلدِه وتوفِّي به ودُفن بمسجدِ النَّخْلة بحَوْمةِ الدُّروبِ من مالَقةَ. 716 - محمدُ بن عبد الله بن أصبَغَ، أبو بكر. رَوى عن أبي إسحاقَ بن حُبَيْش، وأبي عُمرَ ميمونِ بن ياسين اللَّمْتُونيّ. 717 - محمدُ (¬2) بن عبد الله بن البَرَاءِ التُّجيبيُّ، خَضْراويٌّ، أبو بكرٍ وأبو عبدِ الله. ¬

_ (¬1) يوجد قسم منه مخطوط بالخزانة العامة بالرباط، وقد حُقق ودُرس باشراف الدكتور محمد بن شريفة. (¬2) ترجمه القاضي عياض في الغنية (15)، وابن الأبار في التكملة (1170) وفي تحفة القادم (المقتضب منه 10)، والسيوطي في البغية 1/ 150 وخلط بينه وبين ابن الفراء النحوي الضرير فجعلهما واحدًا!

718 - محمد بن عبد الله بن البراء، بلنسي، أبو عبد الله

رَوى عن أبي بكرٍ المَرْشانيِّ، رَوى عنه أبو الفَضْل عِيَاض. وكان متقدِّمًا في عِلم العربيّةِ والآداب؛ مُجِيدًا في قَرْض الشِّعر، وأقرَأَ النَّحوَ والآدابَ بسَبْتةَ مُدّة، وعُمِّر طويلاً، وتوفِّي ببلدِه في حدودِ خمس مئة. أنشَدَ عنه أبو الفَضْل عِيَاضٌ لنفسِه في مُخلِف وَعْد [الكامل]: ووعَدتَني وزعَمْتَ أنك صادقٌ ... فظلَلْتُ من طَمَع أجيءُ وأَذهبُ فإذا اجتمَعْتُ أنا وأنت بمجلسٍ ... قالوا: مُسيلِمةٌ وهذا أشعَبُ 718 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن البَرَاء، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبوَي الحَسَن: ابن النِّعمة وابن هُذَيْل، وأبي حَفْص بن واجِب. وتَفقَّه بأبي بكر بن أسَد، وأبي محمدٍ عاشِر. ورَحَلَ إلى المَرِيّة فسَمِعَ بها من أبي القاسم بن وَرْد. وكان من أهل الدِّين والفَضْل، فقيهًا حافظًا للمسائل بصيرًا بالنّوازِل دَرِبًا بالفَتْوى، قَلَّده القاضي أبو محمد بنُ جَحّاف ببلدِه خُطةَ الشُّورى فاستقَلَّ بها. وتوفِّي في رجَبِ ثمانٍ وأربعينَ وخمس مئة. 719 - محمدُ بن عبد الله بن بِيبَش المَخْزُوميُّ، بَلَنْسِيٌّ قُلْيَيْريُّ الأصل -بضمِّ القاف وإسكانِ اللام وياءَيْنِ مسفولتَيْنِ أولاهُما مفتوحة وثانيتُهما ساكنة وراءٍ منسوبًا- أبو بكر. تفَقَّه بمشيَخةِ بلدِه، وشُووِرَ به وأفتى، ثم رَحَلَ حاجُّا فأخَذ عن أبي الطاهر السِّلَفيِّ بالإسكندَريّة سنةَ تسعٍ وثلاثينَ وخمس مئة، وتوفِّي هنالك. 720 - محمدُ (¬2) بن عبد الله بن حَسّانَ الأنصاريُّ، أندَلُسيُّ الأول سَكَنَ القَيْروانَ، أبو عبد الله، ابنُ المنظور، أو ابنُ أبي المَنْظور. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1345)، والذهبي في المستملح (104). (¬2) ترجمه القاضي عياض في ترتيب المدارك 5/ 329 - 330، والمالكي في رياض النفوس 2/ 357، وابن الأبار في التكملة (1001)، والذهبي في تاريخ الإسلام 7/ 710، والداعي إدريس في عيون الأخبار 5/ 253، وفي هامش ب: "هو طريفي".

721 - محمد بن عبد الله بن الحسن بن هاني اللخمي، غرناطي، أبو عبد الله

رَحَلَ فسَمِع إسماعيلَ القاضيَ، والحارثَ بنَ أبي أُسامةَ، وأبا محمد بنَ قتيبة، وأبا يعقوبَ الدَّبَريَّ. رَوى عنه عبدُ الله بن هِشام، وابنُ التَّبّان، وابن عَيْشُون الطُّلَيْطُليُّ، واستَقْضاهُ إسماعيلُ الشِّيعيُّ على القَيْروان، وبه توفي سنةَ أربع أو سبعٍ وثلاثينَ وثلاث مئة ودُفن ببابِ سَلْم. 721 - محمدُ بن عبد الله بن الحَسَن بن هاني اللخْميُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن طائفةٍ من أهل بلدِه، وكان فقيهًا جَليلَ القَدْرِ معظَّمًا عند الخاصّةِ والعامّة، من بيتِ نَباهةٍ وحَسَبٍ ودِين. توفِّي بالمُنكَّب لإحدى عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من صَفَرِ ثمانٍ وخمسينَ وخمس مئة. 722 - محمدُ بن عبد الله بن الحَسَن العَبْسيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله السَّنْديُّ (¬1). رَوى عن شُيوخِ بلدِه، وكان شَيْخًا فقيهًا، وزيرًا جَليلًا نبيهَ القَدْر ساميَ الذِّكْر في الدّولة البادِيسيّة. توفِّي بعدَ السبعينَ وأربع مئة. 723 - محمدُ بن عبد الله بن الحَكَم بن شَبِيب بن أغْلَبَ بن أحمدَ بن قَحْطَبةَ الطائيُّ. رَوى بوادي آشَ عن أبي محمدٍ طلحةَ بن محمد بن عُمر، وكان من الأُدباءِ البَرَعة، جميلَ الخَطّ حَسَنَ التقييد. 724 - محمدُ بن عبد الله بن خَطّاب، أبو عَمْرو. رَوى عن شُرَيْح. 725 - محمدُ بن عبد الله بن خَلْدون، إشبِيليٌّ. رَوى عن أبي عبد الله بن أحمدَ بن مَنْظُور. ¬

_ (¬1) منسوب إلى "سند": بلدة في الأندلس، ذكرها ياقوت في معجم البلدان 3/ 268.

726 - محمد بن عبد الله بن خلف بن سوار، شاطبي سكن دانية، أبو عامر

726 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن خَلَف بن سِوَار، شاطِبيٌّ سَكَنَ دانِيَةَ، أبو عامر. رَوى عن أبي الحَسَن الشَّقَّاق، وكان من بيت نَباهة وأدب، شاعرًا مُحسِنًا. 727 - محمدُ بن عبد الله بن خَلَف القَيْسيُّ، أبو عبد الله، ابنُ الجَيّار. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرة. 728 - محمدُ بن عبد الله بن خَلَف اللَّخْميُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي محمد بن محمد بن أبي جَعْفَر. 729 - محمدُ (¬2) بن عبد الله بن خِيَار، مَيُورْقيٌّ سكَنَ قُرطُبةَ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي إسحاقَ بن أحمدَ الغَرْناطيِّ وغيره، وكان مُقرِئًا مُجوّدًا، زاهدًا مُكْتِبًا، ينسَخُ المصاحف، ويؤُمُّ في صلاةِ الفريضة بمسجدِه من قُرطُبة، إلى أن توفِّي بها لثمانٍ بقِينَ من شوّالِ ثلاثٍ وعشرينَ وست مئة. 730 - محمدُ (¬3) بن عبد الله بن ذِمام، مالَقيُّ الأصل، بَلِّشيٌّ انتَقلَ إلى مالَقةَ. رَوى عن بعضِ أهل بلدِه، رَوى عنه أبو عَمْرو بنُ سالم، وكان متحقِّقًا بالنَّحو، بارعَ الأدب، عالمًا بالعَروض، ديّنًا فاضلاً، ظريفَ الدُّعابة مليحَ التندير، أنشَدَ له أبو عَمْرو بن سالم مما قالهُ عندَ موتِه والتزَمَ ما تَراه [الخفيف]: كيف أرجو من المنايا خَلاصًا ... وأَرى كلَّ مَنْ صحِبتُ دَفينا وأرى الناسَ يُنقَلُونَ سِراعًا ... كلَّ يوم إليهمُ مُرْدَفينا سرْبلوا اليومَ بينَهم سابِغاتٍ ... فتَراهُم إذا اغتَدَوْا مُغدَفينا قد أصابتْهمُ سِهامُ المنايا ... وسترمَى السِّهامُ لابدَّ فينا ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1363). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1641). (¬3) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة (14)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 129.

731 - محمد بن عبد الله بن رفاعة، إلبيري فيما يقال

731 - محمدُ بن عبد الله بن رِفَاعةَ، إلبِيريٌّ فيما يقال. رَوى عن أبي عُمرَ أحمدَ بن وليدِ بن عَوْسَجةَ، رَوى عنه أحمدُ بن عُمر. 732 - محمدُ بن عبد الله بن زَيْد المهاجِر. رَوى عن صِهرِه أبي الحَسَن بن يحيى بن هِشام الأخفَش، كان أديبًا له حظٌّ من قَرْضِ الشِّعر، ومنه يُذَيِّلُ بيتَ صهرِه أبي الحَسَن [الطويل]: سلامٌ كأنواع القَريضِ فوافرٌ ... مَديدٌ بَسيطٌ كاملٌ فطويلُ فذيَّلَه بقوله [الطويل]: على الأدبِ الغَضِّ الذي راقَ زَهْره ... كوارفِ رَوْضٍ قد غَدَاهُ بَليلُ وإلّا كمِسكٍ في مَفارقِ غادةٍ ... كأُملودِ بانٍ والنّسيمُ عليلُ 733 - محمدُ بن عبد الله بن سَعِيد بن عَبّاس بن مُدِير الأَزْديُّ، قُرْطُبيٌّ أُشْبُونيُّ الأصل. رَوى عنٍ أبي داودَ الهِشَاميّ، وأجازَ له أبو عُمرَ بنُ عبد البَرّ، وكان من أبرَع الناسِ خَطًّا، بديعَ الوِراقة، متقدِّمًا في معرفةِ الأدب. 734 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن سَعِيد بن هِشام الرُّعَيْنيُّ، أبو بكر المأْمُونيُّ. لهُ ولأبيه إجازةٌ من أبي عُمرَ بن عبد البَرّ، وأجازَ محمدٌ لبنيه في ربيع الأوّل سنةَ سبع وتسعينَ وأربع مئة، ورَوى عنه أبو عَمْرٍو زيادٌ ابنُ الصَّفّار. 735 - محمدُ بن عبد الله بن سَعِيد العَنْسيُّ، أبو القاسم. رَوى عن أبي القاسم المَلّاحيّ. 736 - محمدُ بن عبد الله بن سَعِيد القَيْسيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عليٍّ الصدَفيِّ، وأبي محمد بن عَتّاب. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1163).

737 - محمد بن عبد الله بن سعيد الكناني، أبو عبد الله

737 - محمدُ بن عبد الله بن سَعِيد الكِنَانيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله بن هِشام الإشبِيليِّ نَزيلِ سَبْتَةَ، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، نَحْويًّا ماهرًا، أديبًا بارِعًا. 738 - محمدُ بن عبد الله بن سَعِيد، أبو الحَسَن وأبو عبد الله البشكلاريّ. رَوى عن أبي عُمرَ بن عبد البَرّ وأبي الوليد الباجِيّ. 739 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن سُفْيانَ بن سِيدالُه التُّجيبيُّ، شاطِبيٌّ قُونْكيُّ الأصل، أبو بكر. رَوى عن أبي عامر بن حبِيب، وأبي القاسم ابن الجَنّان، وأبي الوليدِ ابن الدَّبّاغ، وصِهرِه أبي بكر بن أسوَدَ وتفَقَّه به، وأبي عبد الله بن مُغاور. وكتَبَ إليه مُجيزًا أبو بكرٍ ابنُ العَرَبي. رَوى عنه ابنُه محمد؛ وكان ذاكرًا للأخبارِ حافظًا لأسماءِ الرُّواة، وجَمَع في علماءِ الأندَلُس كتابًا وَصَلَ به "صِلَة" ابن بَشْكُوالَ فيما ذكرَ، ولم أقفْ عليه. وتوفِّي سنةَ ثمانٍ وخمسينَ وخمس مئة. 740 - محمدُ (¬2) بن عبد الله بن سُليمانَ بن داودَ بن عبد الرّحمن بن سُليمانَ بن عُمرَ بن حَوْطِ الله الأنصاريُّ الحارِثيُّ، مالَقيٌّ أُنْديُّ أصلِ السَّلَف، أبو القاسم. رَوى عن أبيه، وعمِّه، وأبي الحَسَن نَجَبةَ، وأبي الوليد بن أبي أيُّوبَ، وأبي عبد الله بن أيُّوب بن نُوح، وأبي العبّاس بن مَضَاءٍ، وأبي محمد ابن الفَرَس. وأجاز له جماعةٌ باستجارةِ أبيه إيّاهم له، منهم: أبو إسحاقَ بنُ مُلْكون، وأبَوا بكر: ابنُ الجَدّ وابن عُبَيد، وأبو جعفر بنُ شَرَاحِيل، وآباءُ الحَسَن: سُليمانُ بن أحمدَ بن سُليمان، وصالحُ بن خَلَف الأوْسيُّ وابنُ كَوْثر، وأبو خالدٍ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1388)، والذهبي في المستملح (116)، وتاريخ الإسلام 12/ 151. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1579)، والذهبي في المستملح (228).

741 - محمد بن عبد الله بن سليمان الأنصاري، بلنسي، أبو عبد الله، ابن هاجر

يَزيدُ بن رِفاعةَ، وأبو زكريّا الدِّمشقيُّ نَزيلُ غَرناطةَ، وأبو الصَّبر الفِهْرِيُّ، وآباءُ عبد الله: الإسْتِجيُّ وابنُ بالِغ وابنُ حَمِيد وابن زَرْقُون وابن الفَخّار وابن المُرابِط، وأبو عُبَيد البَكْريُّ، وآباءُ القاسم: ابنُ بَشْكُوال وابنُ حُبَيْش والحَوْفيُّ وابن سَمَجُون وابنُ غالب، وآباءُ محمد: ابنُ جُمْهُور وابن عُبيدِ الله وعبدُ الحقِّ ابن بُونُه وابنُ الخَرّاط وعبدُ الصَّمد بن يَعِيش. وكان أحدَ النُّجَباءِ النُّبَهاء، كتَبَ عن أبيه أكثَرَ مدّةِ قضائه، ووَلِيَ الأحكامَ لأبيه بمُرْسِيَةَ وقُرطُبة، وبها توفِّي يومَ الأربعاء لاثنتَيْ عشْرةَ ليلةَ خَلَتْ من ذي قَعْدةِ سبع وست مئة، ودُفنَ ظُهرَ اليوم المذكور، وثَكِلَه أبوه، ومَوْلدُه يومَ الخميس لأربعَ عشْرةَ ليلةَ خَلَتْ من جُمادى الأُخرى سنةَ ثمانٍ وسبعينَ وخمس مئة. 741 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن سُليمانَ الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ هاجر. تَلا بالأندَلُس على أبي بكر بن نُمارةَ، وأبي زكريّا بن محمد (¬2) بن أبي إسحاق، ورَوى عن أبوَي الحَسَن: ابنَ النّعمة وابن هُذَيْل وأبي عبد الله ابن حَمِيد. ثم رَحَلَ إلى المشرِق سنةَ إحدى وسبعينَ، وحَجَّ سنةَ ثِنْتَيْنِ بعدَها، ثم حَجَّ بعدَها حَجّتَيْن، وجاوَرَ بمكّةَ -كرَّمها اللهُ- عامَيْن، ورَوى بها عن أبي الحَسَن عليِّ بن حُمَيْد بن عَمّار الطَّرابُلُسيّ، وأبي محمدِ البارَك ابن الطَّبّاخ، ورَوى بالإسكندَريّة عن أبي الطاهرِ السِّلفيّ وأبي عبدِ الله بن منصورٍ الحَضْرَميّ، وعاد إلى بلدِه. رَوى عنه أبو بكر بنُ غَلْبُون، وأبو الحَسَن بن خِيَرةَ، وأبو الرَّبيع بنُ سالم، وأبو عبد الله بنُ أبي البقاء. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1534)، والذهبي في المستملح (197) وتاريخ الإسلام 12/ 1154، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 179، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 243، والمقري في نفح الطيب 2/ 239. (¬2) في التكملة: "أحمد".

742 - محمد بن عبد الله بن يوسف الجذامي، بلنسي سكن شاطبة، أبو عبد الله

وكان مُقرِئًا جليلاً، محدِّثًا حافظًا، يتعيَّشُ من تجارةٍ يُديرُها، ويَصرِفُ أكثرَ رَيْعِها في الصَّدَقات وفكِّ الأسرى وشِبْه ذلك من وُجوهِ البِرّ، واشتُهرَ بالوَرَع الصادق والصَّلاح والفَضْل والزُّهدِ التامّ. وُلد بعدَ الثلاثينَ وخمس مئة، وتوفِّي بمُرْسِيَةَ ليلةَ يوم الأربعاءِ الثانيةَ أو الثالثةَ لمحرَّمِ ثمانٍ وتسعينَ وخمس مئة، وصُلِّي عليه إثْرَ صلاةِ العصر من اليوم المذكور، ودُفن خارجَها بالمُصلَّى الجديد. 742 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن يوسفٍ الجُذَاميُّ، بَلَنْسِيٌّ سَكَنَ شاطِبةَ، أبو عبد الله. تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن ابن الدُّوْش، وأبي داودَ، ورَوى الحديثَ عن أبي بكر بن مُفوَّز، وتأدَّب في العربيّة بأبي بكرٍ يحيى ابن الفَرَضيّ. رَوى عنه أبو محمدٍ عبدُ الغَنيِّ بنُ مكِّي، وكان مُقرِئًا متصدِّرًا ضابطًا أديبًا شاعرًا، توفِّي قبل عشرينَ وخمس مئة. 743 - محمدُ بن عبد الله بن طاهِر بن حَيْدَرةَ بن مُفوَّز بن أحمدَ بن مُفوَّز ابن عبد الملِك بن مُفوَّز بن غَفُولِ بن عبد ربِّه بن صَوَاب بن مُدرِك بن سَلَام بن جَعْفرٍ الداخِلِ إلى الأندَلُس، المَعافِريُّ، شاطِبيٌّ، أبو الَحُسَين، ابنُ مُفوَّز. رَوى عنه أبو الحُسَين ابنُ أخيه أبي بكرٍ أحمد، وكان من بيتِ عِلم وحسَب وتعيُّنٍ شهير. 744 - محمدُ بن عبد الله بن عبد الله العَكِّيُّ، إشبِيليٌّ فيما أظُنّ. 745 - محمدُ بن عبد الله بن عبد الله. رَوى عنه عبدُ العزيز بن يحيى بن لَبِيد. 746 - محمدُ بن عبد الله بن عُبَيد الله بن عبد الله بن عبد الرَّحمن الزّجاليُّ، قُرْطُبيٌّ، أبو عامرٍ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1229).

747 - محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسبط الكندي

رَوى عن أبيه أبي محمد، رَوى عنه عبدُ البَرّ أبو عُمرَ مؤلَّفَ أبي شبيث. 747 - محمدُ بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن أَسْبَطَ الكِنْديُّ. 748 - محمدُ بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن البَرَاء. لعلّه أحدُ ابنَيْ عبدَي الله ابنَي البَرِّ المتقدِّمَيْن. 749 - محمدُ بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن محمد بن سَعادةَ بن أحمدَ بن عُثمانَ المَذْحِجيُّ، لُوْرْقيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ سَعادةَ. رَوى عن أبوَي الحَسَن: ابن الباذِش والعَبْسي، وأبي الحُسَين بن سِرَاج، وأبي عليٍّ الغَسّاني، وله إجازةٌ من أبي العبّاس بن عبد البَرّ الكِنَانيِّ القُرطُبيّ. وكان فقيهًا حافظًا مُشاوَرًا، مُشارِكًا في الحديثِ والنَّحو، بارعَ الأدب رائقَ الخَطّ حسَنَ النَّظْم والنثر، شُووِرَ بغَرناطةَ، وتوفِّي صَبْحَ يوم السّبت لتسع بقِينَ من صَفَرِ ثِنتينِ وثلاثينَ وخمس مئة. 750 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن مُفيدٍ الطائيُّ، قُرْطُبيٌّ، أبو عبد الله وأبو الفَضْل، وهي أشهرُهما، النَّجّارُ. رَوى عن أبيه، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وأبوَيْ جعفرٍ: البِطْرَوْجيِّ وابن صَالح، وأبي عبد الله جعفرٍ حفيدِ مكّيّ، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال، وسَمِع عليهم وأجازوا له، ولقِيَ أبا بكرٍ ابنَ العَرَبيّ وأجاز له. وكتَبَ إليه مُجِيزًا ولم يلقَه: أبو بكر بنُ فَنْدِلَه، وأبو الحَسَن بن مَوْهَب، وأبو القاسم عبدُ الرّحيم ابن الفَرَس. رَوى عنه أبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبو القاسم المَلّاحيُّ، وأبو محمد بنُ حَوْطِ الله؛ وكان راوِيةً عَدْلًا مُكثِرًا فقيهًا حافظًا. توفِّي بعدَ الثمانينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1463).

751 - محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الأموي، بطليوسي، أبو بكر وأبو عبد الله

751 - محمدُ بن عبد الله بن عبد الرّحمن الأمَويُّ، بَطَلْيَوْسيٌّ، أبو بكرٍ وأبو عبد الله. رَوى عن أبوَي الأصبَغ العِيسَيَيْنِ: ابن أبي البَحْر وابن محمد بن شاهد، وأبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ، وأبي الحَسَن شُرَيْح. رَوى عنه أبو عبد الله بن حُسَين بن عُبَادة. 752 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن عبد الرّحمن الأمويُّ، دانيٌّ نزَلَ سَبْتةَ، أبو عبد الله الأشقَرُ. تلا بالسَّبع على أبي الحَسَن بن شَفِيع، وأبي محمد بن إدريسَ وجماعةٍ غيرهما، ورَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي. رَوى عنه أبو الصَّبر الفِهْرِيُّ؛ وكان شَيْخًا فاضلًا عاليَ الرواية, متصدِّرًا لإقراءِ القرآنِ بسَبْتَة، معروفًا بإجابةِ الدعاء. توفِّي لإحدى عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من جُمادى الآخِرة سنةَ تسع وخمسينَ وخمس مئة. 753 - محمدُ بن عبد الله بن عبد الرّحمن الأنصاريُّ، إشبيليٌّ يانِبيُّ الأصل، سَكَنَ مَرّاكُش، أبو بكرٍ اليانِبيُّ. أخَذ عن صهرِه الأستاذِ أبي بكر بن عبد العزيز السَّلاقيّ، وبه انتَفعَ وعليه عَوَّل، وخَلَفَه في حَلَقتِه بعدَ وفاتِه بمَرّاكُش، فدَرَّس العربيّةَ والآدابَ، وكان ذا بَأْوٍ شديد ونُزوع بنفْسِه إلى أكثرَ ممّا يجبُ له، وكان يَقرِضُ شِعرًا يُجيدُ في أقلِّه، وتوفِّي ولم يَبلُغ الأربعينَ أو بَلَغَها بمَرّاكُشَ في ذي الحجّة عامَ سبعةَ عشَرَ وست مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1391)، والذهبي في المستملح (118) وتاريخ الإسلام 12/ 162، ومعرفة القراء 2/ 548، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 180، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 243.

754 - محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الحضرمي، إشبيلي، أبو بكر وأبو عبد الله

754 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن عبد الرّحمن الحَضرَميُّ، إشبِيليٌّ، أبو بكرٍ وأبو عبدِ الله. تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن شُرَيْح، ورَوى عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبي، رَوى عنه القراءاتِ أبو زكريّا الهَوْزَنيُّ، وعُمِّر وأسَنَّ، واحتَملَ عندَ ابن الأبار أن يكونَ البَطَلْيَوْسيَّ، وغَلِطَ في نَسَبِه الهَوْزَنيَّ أو الأشقر، وذلك عندي بعيدٌ؛ لاختلافِ بلادِهم ونسبتِها، واللهُ أعلم. 755 - محمدُ (¬2) بن عبد الله بن عبد الرّحمن اليَحْصُبيُّ، شاطِبيُّ، أبو عامرٍ، ابنُ حِنَان (¬3). رَوى عن أبي جعفر بن جَحْدَر، وأبي الحَسَن طارِق بن يَعِيشَ لقِيَهُ ببَلَنْسِيَة، وأبي عامر بن حبِيب، وأبي عليّ الصدَفيّ، وأبي عِمرانَ بن أبي تَلِيد. وكان من بيتِ جَلالةٍ ونَباهة، ذا عنايةٍ بالرِّواية. 756 - محمدُ بن عبد الله بن عبد العزيز بن عليٍّ اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ، الباجِيُّ. كان حيًّا سنةَ تسع وعشرينَ وخمس مئة. 757 - محمدُ بن عبد الله بن عبد العزيز بن محمدٍ المَعافِريُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله. 758 - محمدُ بن عبد الله بن عبد العزيز الرُّعَيْنيُّ المَعافِريُّ، مالَقيٌّ، أبو عبد الله. سَمِعَ على أبي الحَجّاج ابن الشَّيخ، وأبي العبّاس القَنْجايريِّ، وأبي محمد ابن القُرْطُبيّ، وأجاز له أبو إسحاقَ بن عُبَيْدِيسَ، وأبو جعفرٍ الجَيّار. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1452)، والذهبي في المستملح (155)، والمراكشي في الإعلام 5/ 362. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1330)، وفي معجم أصحاب الصدفي (140). (¬3) قيده ابن الأبار في معجم أصحاب الصدفي فقال: "بكسر الحاء المهملة ونون بعدها مخففة".

759 - محمد بن عبد الله بن عبد العظيم بن عبد الوهاب بن محمد بن عبد الرحمن بن مفوز العقيلي

وكان رجُلًا فاضلًا وَرِعًا زاهدًا، لا يَدَّخِرُ شيئًا لغَدٍ، صَوّامًا قَوّامًا مُجتهدًا في العبادة، ويُسِّرت له زَوْجٌ من أصلح النِّساءِ وأفضلِهنّ أعانَتْه على دِينِه. وتوفِّي بمالَقةَ بعدَ دعاءٍ بالموتِ خوفَ فتنة، فأجابَ اللهُ دعاءه غيرَ مفتونٍ عقِبَ ذي حجّةِ سنةِ خمسٍ وستينَ وست مئة ابنَ نحوِ ثمانينَ سنة. 759 - محمدُ بن عبد الله بن عبد العظيم بن عبد الوهّاب بن محمد بن عبد الرّحمن بن مُفَوَّزٍ العُقَيْليُّ. 760 - محمدُ بن عبد الله بن عبد الملِك بن أبي الخِصَال الغافِقيُّ، قُرْطُبيٌّ شَقُوريُّ الأصل، أبو عبد الله. رَوى بالأندَلُس عن غيرِ واحد، ورَحَلَ إلى المشرِق، وأخَذ بالإسكندَريّة عن أبي الطاهِر السِّلَفيّ. 761 - محمدُ بن عبد الله بن عبد الملِك الأمَويُّ، قُرطُبيٌّ. كان فقيهًا جليلَ القَدْر مبرِّزًا في العدالة، حيًّا سنةَ خمس وعشرينَ وأربع مئة. 762 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن عبد الوارِث، بَجَّانيٌّ، وقيل: مُرْسِيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن حاتم الطّرَابُلُسيِّ. رَوى عنه أبو جعفرٍ ابنُ الباذِش؛ وكان ديِّنًا فاضلاً، خَطَبَ ببلدِه، وكان أخشَعَ الناس في خُطبتِه، ووَلِيَ الصّلاةَ بها معَه. وتوفِّي سنةَ سبع وأربعينَ وخمس مئة، قالهُ ابنُ عَيّاد، وقال ابنُ سُفيان: سنةَ خمسٍ وأربعين. 763 - محمدُ بن عبد الله بن عبد الوَدُود الأنصاريُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحُسَين عبد الرّحمن بن أُبيّ، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال، وآباءِ محمد: ابن فَرَج وعبد الصَّمدِ بن محمد بن يَعِيش وعبدِ المُنعم ابن الفَرَس. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة وعدَّه اثنين؛ فترجم للبجاني في الرقم (1205)، وللمرسي في الرقم (1344).

764 - محمد بن عبد الله بن عامر بن أبي عامر محمد بن وليد بن يزيد بن عبد الملك المعافري، قرطبي خضراوي الأصل

764 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن عامر بن أبي عامرٍ محمدِ بن وَليد بن يَزيدَ بن عبد الملِك المَعافريُّ، قُرطُبيٌّ خَضْراويُّ الأصل. وهو جَدُّ المنصور، أبو أبيه، وابنُ حارث يُسقِطُ من نَسَبِه عامرًا استَقْضاه الأميرُ عبدُ الله على إشبيلِيَةَ سنةَ ثِنْتيْنِ وثمانينَ ومئتَيْن، وكانتِ الصّلاةُ في أيامِه إلى غيرِه. 765 - محمدُ (¬2) بن عبد الله بن عبّاس، سَرَقُسْطيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ المَوَّاق. رَوى عن أبي عبد الله بن سَعْدون، وأبي الوليدِ الباجِيِّ وغيرهما، وكان فقيهًا حافظًا، أديبًا ماهرًا، استُقضيَ بروطةَ. وتوفِّي سنةَ ثلاثٍ وخمس مئة. 766 - محمدُ (¬3) بن عبد الله بن عَرُوس، مَوْرُورِيٌّ، أبو عبد الله. كان دقيقَ النظرِ في العربيّة، بَصيرًا بالعَروضِ والحِساب، واعتُبِطَ سنةَ ثمانٍ وثلاثين وثلاث مئة. 767 - محمدُ بن عبد الله بن عليِّ بن أحمدَ السَّعْديُّ، قَلْعيٌّ، أبو عبد الله. كان فقيهاً حافظًا، وَليَ أحكامَ بلدِه والخَطابةَ أزيَدَ من خمسٍ وعشرينَ سنة، وتوفِّي سنة ثلاثٍ وخمس مئة. 768 - محمدُ بن عبد الله بن عليِّ بن عبد الملِك بن يحيى بن عبد الملِك بن الحَسَن الأزْديُّ، مُرْسِيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ بُرْطُلُّه. وقد تقَدَّم رفْعُ نَسَبِه في رَسْم عبد الله بن موسى بن سَلْمانَ وغيره. صَحِبَ القاضيَ أبا عليّ الصَّدَفيَّ، والفقيهَ أبا محمد بنَ محمد بن أبي جعفر، وشُووِرَ معَه، وكان من بيتِ علم وجَلالة، توفِّي سنةَ إحدى وعشرينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (982). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1179). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1002).

769 - محمد بن عبد الله بن علي بن يسعون التجيبي، مروي، أبو عبد الله

769 - محمدُ بن عبد الله بن عليِّ بن يَسْعُون التُّجِيبيُّ، مَرَوِيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفيّ. 770 - محمدُ بن عبد الله بن عليٍّ الصَّدَفيُّ، أبو بكر. رَوى عن شُرَيْح. 771 - محمدُ بن عبد الله بن عليٍّ الفافِقيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ الحَذّاء. رَوى عنه عبدُ البَرّ مؤلَّفَ أبي شبيث، وكان من أهل العلم بالآداب، ذاكرًا للأخبارِ راوِيةً للأشعار. 772 - محمدُ بن عبد الله بن عُمرَ بن أبي بكرٍ الزهْريُّ، مَرَويٌّ فيما أحسَب، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبدِ الله بن زُغَيْبةَ، وأبي القاسم أحمدَ بن محمد بن بَقِيّ. 773 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن عُمرَ بن عليّ بن إسماعيلَ بن عُمرَ الأنصاريُّ الأوْسيُّ، قُرطُبيٌّ سَكَن مَرّاكُشَ طويلًا ثم محوَّل بعدَ تجوُّلٍ إلى تونُسَ فاستَوْطنَها، أبو عبد الله، ابنُ الصَّفار والبَرنامَج؛ إمّا لِما جَمَعَ من فنونِ المعارف، وإمّا لِما استَوْلَى على كثرِ أعضائه من الآفات، فقَلَّ عضوٌ من أعضائه سَلِم من آفة، وهذا الاعتبارُ في شُهرتِه أعرَفُ عندَ الناس. تَلا بالسَّبع على أبي القاسم الشَّرّاط، رَوى عنه "الهِدايةَ" لمكِّيٍّ سَماعًا وأجاز له، وسَمِع من خَلْقٍ لا يُحصَوْنَ كثرةً، منهم: أبو بكرٍ ابنُ الجَدّ وسمع عليه "الموطَّأ" والصَّحيحَيْن و"سُننَ أبي داود" وأجاز له، وأبو الحَسَن نَجَبةُ، تَلا عليه بالسَّبع وقرَأَ عليه من حِفظِه "تيسيرَ" أبي عَمْرو و"سِيَرَ" ابن إسحاق و"كاملَ" ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1689)، وابن سعيد في المغرب 1/ 117، والذهبي في المستملح (308) وتاريخ الإسلام 14/ 300 ومعرفة القراء الكبار 2/ 644، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 182، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 244، والمقري في نفح الطيب 2/ 119.

المُبرِّد، وسَمِع عليه "صحيحَ البُخاريّ" وغيرَ ذلك، وأجاز له؛ وأبو ذَرٍّ الخُشَنيُّ، وأبو خالد يَزيدُ ابن رِفاعةَ، وأبو سُليمانَ داودُ بن يَزيدَ السَّعديُّ، وأبَوا عبد الله: ابنُ زَرْقُون وسمع عليه "أماليَ القالي" وأجاز له، وابنُ الفَخّار، سَمِع عليه "الموطأَ" و"صحيحَ مُسلم" وأجاز له؛ وأبو العبّاس بن مَضَاء، سَمِعَ عليه الصَّحيحَيْن و"أقضيةَ" ابنِ الطَّلّاع، وناوَلَه تأليفَه في العربيّة وأجاز له ما رَواه، وآباءُ (¬1) القاسم: ابنُ بَشْكُوال، سَمِعَ عليه "شِهابَ" القُضَاعيّ، وابنُ حُبَيْش: سَمِع عليه بمُرْسِيَةَ "الموطَّأَ" والصَّحيحَيْنِ و"مَغازيَ موسى بن عُقْبة"، وأجاز له؛ وآباءُ محمد: ابنُ عُبَيد الله: عَرَضَ عليه عن ظَهْرِ قلب "مُلخَّص القابِسيّ" وسَمِعَ الصَّحيحَيْنِ و"مصنفَ النَّسَويّ" و"سُننَ" أبي داودَ والدارَقُطنيِّ، وأجاز له، وابنُ يزيدَ السَّعْديُّ: سَمِعَ عليه "أمثالَ " أبي عُبَيْدٍ وابنِ الفَرَس. وكتَبَ إليه مُجيزًا: أبوا بكر: ابنُ خَيْر وابنُ أبي جَمْرة، وأبو الحَسَن بن كَوْثَر، وأبو عبد الله بن حَمِيد، وأبو العطاءِ بنُ نَذير وغيرُهم. ورَحَلَ إلى المشرِق، فلقِيَ بالمَهْديّة أبا القاسم بنَ مَجَكان، وأبا يحيى ابن الحدّاد، وهما من أصحابِ أبي عبد الله المازَريّ، وأجازا له. وحدّث بالإجار العامّة عن أبي الطاهِر السِّلَفيّ. رَوى عنه أبو الحَجّاج بنُ موسى بن لاهِيَةَ، وأبو عبد الله ابنُ الأبّار، وحدَّثنا عنه القاضي أبو محمدٍ حَسَنُ ابنُ القَطّان. وكان أحفَظَ أهلِ زمانِه لأنواع العلوم، بارعًا في النَّحو حاضرَ الذِّكر للآدابِ والتواريخ، شاعرًا مُفْلِقًا، كاتبًا محُسِنًا، مُمتِعَ المُجالَسة حارَّ النادرة سريعَ الجواب، مُبادرًا إلى قضاءِ حوائج إخوانِه، نَفّاعًا بجاهِه، وجالَ في بلاد الأندَلُس وبَرِّ العُدوة شرقًا وغَرْبًا، ودَخَلَ بغدادَ، وأسمَعَ الحديثَ ودرَّس الأدبَ والنَّحوَ حيثما حَلَّ من البلاد، وقَفَل إلى المغرِب ولم يحُجّ. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، والصواب: "وأبوي".

ومن شعرِه مُجِيبًا عن قصيدةٍ نَظَمَها أبو زيدٍ الفازَازيُّ (¬1) عن المأمونِ أبي العلاءِ إدريس ابن المنصُور، وبَعَثَ بها إلى النَّجم هلالِ بن مُقَدَّم الخلْطِيِّ أحدِ أُمراءِ العرب، وذلك من إشبِيلِتةَ، سنةَ خمس وعشرينَ وخمس مئة، لخبرٍ فيه طُول، مُقتضَبُه: أنّ أهلَ الحلِّ والعَقْدِ من أهل مَرّاكُشَ اقتضَى رأيُهم التَّدْبير الذي كان سببًا في خَرابِ بلدِهم وإبادة مُلكِهم، فرأَوْا خَلْعَ أبي محمد عبدِ الواحد بن يوسُف بن عبد المُؤْمن وتقديمَ ابن أخيه أبي محمدٍ عبد الله بن يعقوبَ المنصور، وتلقَّبَ أبو محمدٍ هذا بالعادل، ثم خَلَعوهُ وكتَبوا إلى أخيه أبي العلاءِ المأمون مُبايعِين، ثم استَبْطأوه فنكثوا عليه وبايَعوا أبا زكريّا يحيى الملقَّبَ بالمعتصِم ابنَ الناصِر أبي عبد الله أخي المأمون، فامتَعضَ المأمونُ لعمِّه أبي محمد ولأخيه العادل ولنفسِه، وجَمَعَ جُموعًا من أصنافِ الخَلْق من عرَب وبَرْبَر مُعظَمُهم هسكُورةُ، وهي قبيلةٌ من قبائلِ البَرْبَر الكائنينَ بشَرْقي مَرّاكُش، واستَنْصرَ بهم وبجَمْع (¬2) من النَّصارى، وزَحَفَ بالجميع إلى مَرّاكُش، وتقابَلَ بظاهرِها معَ ابن أخيه أبي زكريّا، فكان الظَّفَرُ للمأمون، واستَوْلَى على مَرّاكُش، وقَتَلَ من أكابرِ الدّولة وصَناديدِها في مجلسٍ واحد صَبْرًا أزَيدَ من أربعينَ نَفْسًا، ثم استَحرَّ القَتْل فيمن شَذَّ عن ذلك المجلس منهم ومن قبائِلهم على طبقاتِهم، فقَتَلَ منهم أُلوفًا لا تُحصىَ كثرةً، وكانت فتنةٌ مُظلِمة وحوادثُ شَنيعة لذِكْرِها موضعٌ غيرُ هذا، وإنّما ألمَعْتُ بهذه النُّبذة من ذِكْرِها انجرارًا من إيرادِ قصيدتَي الفازَازيِّ والبَرنامَج؛ فكتَبَ أبو زيدٍ الفازَازيُّ عن المأمونِ إلى أبي النَّجم هلالٍ الخلْطِيِّ يُحرِّضُه على الطاعة (¬3) [البسيط]: ¬

_ (¬1) هو عبد الرحمن بن يخلفتن بن أحمد الفازازي (ت 627 هـ) , انظر التحفة (133)، وبرنامج شيوخ الرعيني (101). (¬2) في ب: "واستنصر بجمع". (¬3) انظر القصيدة في البيان المغرب 3/ 260 (تطوان)، وكان هلال بن مقدم الخلطي قد بايع لأبي العلاء المأمون وصرح بأنه لن يتبع يحيى ولو سقاه كاس الحميّا.

الطَّعنُ والضَّربُ منسوبانِ للعرَبِ ... بالسَّمْهَريّةِ والهِنْديّةِ القُضُبِ والحربُ تَبعَثُ منها كلَّ معترَكٍ ... حَفائظًا تترُكُ الأعداءَ في حرَبِ حازوا الوفاءَ إلى الإقدام وانتَسَبوا ... إلى خِلالِ المعالي كلَّ منتسبِ تجشَّمَتْ جُشَم نَصْرَ المعدِّ لها ... أسنَى الجوائزِ من مالٍ ومن نَشَبِ وجاءت الخُلَطُ المشكورُ مَقْدمُها ... كالأُسْدِ تبدو عليها سَوْرَةُ الغَضبِ خَفُّوا إلى نَصْرِ حزبِ الله واحتَفَلوا ... في عسكرٍ صَخِبٍ أو جَحْفَلٍ لجِبِ كتائب ضاقتِ الأرضُ الفضاءُ بها ... في ظلِّ أَلويةٍ منشورةِ العَذَبِ فمن صَوارمَ مثلِ النارِ في صُعُدٍ ... ومن سَوابقَ مثلِ الماءِ في صَبَبِ بحرٌ على البرِّ مرتَج غَواربُهُ ... من فوقِه قِطَعُ الرّاياتِ كالسُّحُبِ شواهدٌ صَدَقتْ فيهمْ مَخايلُها ... بما لهمْ من صميم الدِّين والحسَبِ تذكَّروا مِنَنَ المنصُورِ فاعتَرفوا ... لنَجْلِه بعدَ كرَّاتٍ من الحِقَبِ والفضلُ يبدو على الأحرارِ رَونقُهُ ... وليس يَخفَى على الباقي من العَقِبِ أمّا هلالٌ فقد أوفَى بذمّتِهِ ... وفاءَ راعٍ لحقِّ الدِّين والأدبِ رأى الخلافةَ حلَّتْ غيرَ موضعِها ... فأدركَتْه عليها غَيْرةُ العربِ وقال: لا سِلمَ حتى يستقادَ لها ... من ظُلْم مُستلبٍ أو جَوْرِ مغتصِبِ وسَلَّمَ الأمرَ للأَوْلى (¬1) الأحقِّ بهِ ... بالرَّغم من أنْفِ أهلِ الغدرِ والكذبِ وافتْ مُصرِّحةً بالوُدِّ بيعتُهُ ... طليعةً بجزيلِ النَّصر والغَلَبِ جَمْعًا لفضلَيْنِ يلقى الحُسْنَيَيْن بهِ ... نَصرُ الكتائبِ في الهيجاءِ والكُتُبِ صَبْرًا أبا النَّجم صبرًا إنّها قُحَمٌ (¬2) ... تُجْلَى وتُمحى بفضلِ الله عن كثَبِ ¬

_ (¬1) في ب م: "للأول". (¬2) في البيان: "ظلم".

ودُمْ على حالةٍ تَجْني عواقبَها ... أذكى من المِسكِ في أحلى من الضَّرَبِ وعندَنا لكَ إيثار ومرتبةٌ ... تنحَطُّ عنها مزايا سائرِ الرُّتَبِ وسوف تلقَى بعَوْنِ الله مَأْثُرةً ... تحظَى براحتِها من ذلك التّعبِ فقال أبو عبد الله البَرنامَجُ يُجيبُه عنها (¬1): نسَبْتَ شرَّ عَبيدِ العُجْم للعرَبِ ... جهلًا بفضلِ رسُولِ الله والنَّسَبِ أصِخْ لتسمعَ أنسابَ الذين همُ ... شعارُكمْ في الخطوبِ السُّودِ والنُّوَبِ كانت عَبيدَ العصا للقُرْمطيْ فإذا ... وافَى الموفَّقُ لاذتْ منه بالهَرَبِ حَلَّت محُلَّأةً بيرًا وقد رحَلتْ ... عنها بنو جُشَمٍ من مائها الأَشِبِ خالتْهمُ الخيلُ رِعيانَ الشِّياه لها ... فلم تَضِرْها وجَدَّتْ بعدُ في الطَّلبِ لو أعلمَتْ وائلٌ يومًا بدعوتِها ... فيها لَما شربتْ ماءً من القُلُبِ ونيطتِ الخُلَطُ الرَّذْلَى بهمْ نسبًا ... كأنّها القَبَسُ الصيفيُّ بالذَّنَبِ فإن تكنْ في الوغَى من طلحةٍ سَلِمتْ ... فذا الموفَّقُ وَصْفًا ليس باللَّقبِ وليس من رَهَبٍ يُنجيهمُ هَرَبٌ ... ما يَبعَدوا يَقْرُبوا للحَيْنِ والشَّجبِ أمّا هلالٌ فقد حاقَ المَحاقُ بهِ ... لاقَى الوَبَالَيْنِ من حَرْبٍ ومن حَرَبِ حلَّ الحضيضَ سقوطًا وهْو مُحترِقٌ ... تحتَ الشُّعاعِ بشُهْبِ الهندِ لا الشُّهُبِ وغرَّهُ خُلَّبٌ من شاعرٍ مَلِقٍ ... فنال صاعقة لا واكفَ السُّحُبِ وظلَّ من رُتَبِ العليا على عِدَةٍ ... فالتُّربُ يَعْلوهُ، ما يرقَى على الرُّتَبِ وصار يطمَعُ في مالٍ وفي نشَبٍ ... فصار مُنتشِبًا في بَرْثَنِ النشَبِ فقُلْ له: لو أراد الخيرَ فازَ بهِ ... الصَّيفَ ضيَّعْتَ جَهْلًا حافلَ الحَلَبِ ¬

_ (¬1) البيان المغرب 3/ 261 وكان جواب البرنامج بأمر من يحيى ابن الناصر.

لمّا أوَتْ عاصمٌ للدِّين واعتصمَتْ ... بحَبْلهِ نالتِ الدُّنيا بلا نصبِ فإن يكنْ مُهتدٍ منها بكمْ فكما ... تُلْفَى خلالَ رمادٍ قطعةُ الذَّهبِ ومَن عصَى منكمُ فالموتُ يَطلُبُهُ ... يُمسي ويُصبُح معدودًا من النَّهبِ والحقُّ شمسٌ سَناها ليس يَحجُبُهُ ... وإنْ تَراكمَ غَيْمُ الزُّورِ والكذبِ يحيى خليفةُ ربِّ العالمينَ ومن ... يَجْهَلْهُ يُعْلِمْهُ خطُّ السُّمْرِ والقُضُبِ نال الخلافةَ عن خُبْرٍ وعن خَبَرٍ ... محقَّقٍ وبإرثٍ من أخٍ وأبِ اختارَهُ اللهُ فاختارتْه صَفْوتُهُ ... من البَرِيّة، أهلُ الدِّين والحَسبِ لم يَذْخُروا نُصحَهُمْ للدِّين واجتَهدوا ... ما كان عن رَهَبٍ منهمْ ولا رَغَبِ ليست بنكثٍ ولا كُتْبٍ قد اختَلفَتْ ... ولا كتائبُ أهل البغيِ والصُّلُبِ لم ينتصِرْ بالنَّصارى والبُغاةِ على الـ ... ـمُطهَّرِينَ من الأدناسِ والرِّيَبِ خليفةٌ مرتضًى أنصارُ دعوتِهِ ... أنصارُ أمرِ الهدى الباقي على الحِقَبِ طعنُ الصُّدورِ وضَرْبُ الهامِ عندَهمُ ... ماءُ الحيا شَبِمًا قد شُجَّ بالضَّرَبِ قُبْحُ الوغَى عندَهمْ حُسْنٌ وراحتُهمْ ... ما نالهم في اعتلاءِ الدِّينِ من تعبِ وحرُّ جاحمِها بَرْدُ العشيَّةِ في ... رَوْضٍ عليلٍ نَسيمًا غِبَّ مُنسكبِ أيا إمامَ الهُدى إنَّ البلادَ لكمْ ... شَرْقًا وغربًا، فنائِيْها كمُقترِبِ وإن يُجادِلْكَ بالمنصورِ ذو جَدَلٍ ... فنَجْلُ نوحٍ ثَوى في قسمةِ (¬1) العَطَبِ وإن يقُلْ: هُو عمٌّ, فالجوابُ لهُ: ... عمُّ النبيِّ بلا شكٍّ أبو لهبِ (¬2) هل يَمُتُّ بشيءٍ لا تمُتُّ بهِ ... بل زِدتَ فخرًا، ملأتَ الدَّلوَ للكربِ ¬

_ (¬1) كذا في ب م والبيان، وفي المغرب: "قمة". (¬2) بهامش ب: "أساء الأدب بهذا المثال".

774 - محمد بن عبد الله بن عمر الفهري، أبو بكر

إذا عصاكَ مُطيعٌ ليس مُنتفِعًا ... يومَ القيامةِ بالطاعاتِ والقُرَبِ وُيرتَجى العفوُ للعاصي بطاعتِكمْ ... فإنّها سببٌ ناهيكَ من سببِ أيُمْنَحُ المرءُ والقهّارُ يمنَعُه ... ويوهَبُ الأمرُ والوهّابُ لم يَهَبِ؟! فدُمتَ للدِّينِ تحميهِ وتحفَظُهُ ... من كلِّ باغٍ وعادٍ عابدِ الصُّلُبِ مولدُه بقُرطُبةَ سنةَ ستينَ وخمس مئة، وتوفِّي بتونُسَ ضَحْوةَ يوم الأربعاء لثلاثَ عشْرةَ ليلةً خَلَت من جُمادى الأخرى سنةَ تسع وثلاثينَ وست مئة، وصُلِّي عليه إثْرَ العصر ذلك اليوم بالجامع الأعظم، ودُفن بمقرُبة من المُصَلَّى بظاهرِ تونُس. 774 - محمدُ بن عبد الله بن عُمرَ الفِهْرِيُّ، أبو بكر. رَوى عن محمد بن أبي زَيْد. 775 - محمدُ بن عبد الله بن عَمْرِو بن عبد الله بن [....] (¬1) بن سَعِيد بن الرّوح الأمويُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي عبد الله بن شِبرين في شعبانِ ثمان وتسعينَ وأربع مئة. 776 - محمدُ (¬2) بن عبد الله بن عيسَى بن عبد الرّحمن، وقيل: ابن محمد، ابن عبد المجيدِ التُّجيبيُّ، من أهل قَلْعة أيُّوب، أبو عبد الله القَبْرِيرِيُّ. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ سِيْدرَاي، وكان أحدَ حُفّاظ الفقهاءِ وجِلّةِ المُشاوَرين، بصيرًا بالمذهب المالِكيّ، أديبًا شاعرًا، وصنَّفَ كتابَ "الانتصار لإبن العَطّار في ما رَدَّه عليه أبو عبد الله ابنُ الفَخّار"، وله مسائلُ في الأذانِ والحضانة وغيرُ ذلك، مما يشهَدُ بتقدُّمِه في الحِفظ وجَوْدة نَظَرِه وحُسن استنباطِه. ¬

_ (¬1) بياض في النسختين. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1240)، والذهبي في المستملح (55).

777 - محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد أبي زمنين المري، إلبيري، أبو بكر، ابن أبي زمنين

777 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن عيسى بن محمد أبي زَمَنِين المُرِّيُّ، إلبِيريٌّ، أبو بكر، ابنُ أبي زَمَنِين. رَوى عن أخيه أبي عبد الله وتفَقَّه به، وإليه ينتسبُ الراوِيةُ أبو بكر بنُ أبي خالد بن أبي زَمَنِين المتأخِّرُ، لا إلى أخيه أبي عبد الله الفقيه المصنِّف في الأحكام وغيرها؛ وكان محمدٌ المترجَمُ به من أهل العلم، وقدِ استقُضيَ بإلبِيرةَ، وله صنَّف أخوهُ الأحكامَ المشهورة حين وَليَ القضاءَ بإلبِيرة، وتوفِّي قاضيًا عليها سنةَ ثمانٍ وعشرينَ وأربع مئة. 778 - محمدُ (¬2) بن عبد الله بن عيسى بن نُعمانَ البَكْرِيُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله. أخَذ عن أبوَيْ بكر: ابن جُزَيّ وابن سَعْدِ الخَيْر عِلمَ الفرائض والحساب، وكان متحقِّقًا فيهما مؤدِّبًا بهما. سَمع منه أبو عبد الله ابنُ الأبّار بعضَ مُنشَداتِه، وكان من أهل الصَّلاح والعَدالة. مَوْلدُه سنةَ إحدى وخمسينَ وخمس مئة، وتوفِّي في صَدْرِ ثِنتينِ وثلاثينَ وست مئة. 779 - محمدُ بن عبد الله بن عيسى التُّجيبيُّ، إلبِيريٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الناشي. رَوى عن أبي عيسى اللَّيْثيِّ وغيره، رَوى عنه سَعِيدُ بن خَلَف بن جعفرٍ الكَلَاعيُّ، وكان فقيهًا جَليلًا ذا دِراية ورِواية، حيًّا بعدَ العشَرة وأربع مئة. 780 - محمدُ (¬3) بن عبد الله بن غَيّاث -بغَيْن معجَم مفتوح وياءٍ مَسْفولة مشدَّدة وألفٍ وثاءِ مثَلَّثة- الجُذَاميُّ، شَرِيشيٌّ، أبو عَمْرو. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1054). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1667). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1631) وهو فيه: محمد بن عُبيد الله، والرعيني في برنامجه (37)، وابن سعيد في المغرب 1/ 305، والذهبي في المستملح (268) وتاريخ الإسلام 13/ 620.

رَوى عن أبي إسحاقَ ابن مُلْكون، وآباءِ بكر: ابن أزهَرَ وابن الجَدّ وابن مالِك، وأبي الحَسَن بن لَبّال، وأبي عبد الله بن زَرْقُون، وأبي العبّاس بن سيّد الكِنَانيِّ، وأبوَي القاسم: ابن بَشْكُوال وابن المَوَاعِينيّ، وأبي محمد بن عُبيد الله. رَوى عنه أبو إسحاقَ التونُسيُّ، وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ شيخُنا، وأبو عبد الله ابنُ إبراهيمَ بن محمد بن عبد الجَليل بن غالِب، وأبو القاسم المَلّاحي. وكان أديبًا شاعرًا مجُيدًا، كاتبًا محُسِنَا، بارعَ التصرُّف في منظوم الكلام ومنثورِه، شهيرَ التعيُّنِ عندَ أهل بلدِه، معروفَ القَدْر عندَهم وعندَ سواهم، ديِّنًا فاضلًا حَسَنَ السِّيرة؛ وشِعرُه في أمداح الملوكِ والرؤساء وغير ذلك كثيرٌ جيِّد، ونَظَمَ الكُرّاسَةَ القُزوليّةَ (¬1) في رَجَزِ ينزلُ عن نمطِ شعرِه، وأدرَكَه خَرَفٌ واختلاط بأخَرةٍ من عُمُرِه، وكان قد كتَبَ في شَبِيبتِه عن الأمير إسماعيلَ بن عبد المُؤْمن وحَظِيَ عندَه كثيرًا؛ ووَرَدَ مَرّاكُش وامتدحَ أُمَراءها. حدَّثني الشَّيخُ أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ، رحمه الله، قال: لقِيتُه سنةَ خمسَ عشْرةَ وست مئةِ وأخَذْتُ عنه، ثم استَجَزْتُه سنةَ ستَّ عشْرةَ، فكتَبَ إليّ مُجِيزًا، وقال في أثناءِ مكتوبِه: قَسَمًا بما يكونُ به القَسَم، لقدِ استفتَحْتَ بابًا وإنه لَمغلقٌ مبهَم، واستنطَقْتَ أعجَميًّا ومن أينَ له أن يُفصحَ الأعجم؟! ونفَخْتَ حيث لا ضَرَم [البسيط]: أُعِيذُها نَظَراتٍ منكَ صادقةً ... أن تحسَبَ الشَّحمَ فيمَن شَحْمُهُ وَرَمُ ثم قال بعدَ ذِكْر مَنْ ذكَرَ من أشياخِه: ولقد تركْتُ منَ الأشياخ من لا ينبغي أن يُترَك، ويجبُ أن يُتيمَّنَ بذِكْرِه وُيتبرَّك، غيرَ أن القِدَمَ والهَرَمَ والألم صرفَتْني عن الإسهابِ والتطويل، وما يُطيلُ شيخٌ له بعدَ نَوْماتِ العيون باللّيل نظرةُ تخبيل، وكَتْبُه تخييل، وعَيْشُه تنكيل، وقدِ اتّضحَ له من السبعينَ إلى الثمانينَ السبيل؟! ¬

_ (¬1) ذكرنا غير مرة أن الكاف الأعجمية تُكتب بالقاف تارة وبالكاف تارة، وبالجيم تارة أخرى، وهي "الجزولية" المشهورة.

781 - محمد بن عبد الله بن فرتون، سرقسطي، أبو عبد الله

وأنشَدتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ رحمه الله، قال: أنشَدَنا أبو عَمْرِو ابن غيَّاث لنفسِه فيما أذِنَ لي فيه [الطويل]: صَبَوْتُ وهل عارٌ على الحُرِّ إنْ صبا ... وقِيدَ بِعَشْرِ (¬1) الأربعينَ إلى الصِّبا؟! يرى أنَّ حبَّ الحُسنِ في الله قُربةٌ ... لمَن شاء بالأعمالِ أن يتقرَّبا وقالوا: مَشِيبٌ، قلتُ: واعجبًا لكمْ ... أيُنكَرُ نُورٌ قد تخَلَّل غَيْهَبا؟! وليس مَشِيبَا (¬2) ما تَرَوْنَ وإنّما ... كُمَيْتُ الصِّبا مما جَرى عادَ أشهَبا وشعرُه كثير رقيقٌ جيِّد، وكانت بينَه وبينَ جماعةِ من أُدباءِ عصره مُكاتَباتٌ ظهَرَت فيها إجادتُه. مَوْلدُه سنةَ ستٍّ وثلاثينَ وخمس مئة، وتوفِّي في ذي الحجّة سنةَ تسعَ عشْرةَ، وقيل: في العَشْرِ الأُوَل من المحرَّم، عشرينَ وست مئة. 781 - محمدُ (¬3) بن عبد الله بن فَرْتُون، سَرَقُسْطيٌّ، أبو عبد الله. وَليَ قضاءَ الجماعة ببلدِه، وهُو الذي انتَصرَ لأبي عُمرَ الطَّلَمَنْكيِّ من الشُّهداءِ عليه بأنه حَرُوريٌّ سَفّاكٌ للدِّماء يَرى وَضْعَ السُّيوف على صالحي المسلمين، فأسقَطَ شهادتَهم وكانوا خمسةَ عشَرَ من فقهاءِ سَرَقُسْطةَ ونُبهائها، وأسجَلَ بذلك على نَفْسِه سنةَ خمسِ وعشرينَ وأربع مئة. 782 - محمدُ بن عبد الله بن فَرْتُون. رَوى عن أبي عبد الله بن عَتّاب. 783 - محمدُ (¬4) بن عبد الله بن فُطَيْس، قُرْطُبيٌّ، أبو عامر. ¬

_ (¬1) كذلك هو عند الرعيني، وبهامش ب: "بعيد". (¬2) بهامش ب: "بشيب". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1089). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1140).

784 - محمد بن عبد الله بن فطيس، مالقي

رَوى عن القاضي يونُس بن عبد الله، رَوى عنه أبو الحَسَن يونُسُ بن محمد ابن مُغيث. 784 - محمدُ بن عبد الله بن فُطَيْس، مالَقيٌّ. ويقال: إنه من بني فُطَيْس الإلْبِيريِّينَ المُنتقلينَ منها إلى مالَقةَ. كان طبيبًا ماهرًا وأديبًا شاعرًا، وكان في أيام بني حَسُّون حَظِيًّا لديهم خفيفًا عليهم، وله فيهم أمداحٌ كثيرة. 785 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن محمدِ بن أحمدَ بن عبد الله بن خَلَف بن إبراهيمَ بن أبي عيسى لُبّ بن بيَطَيْر بن خالد (¬2) بن بكرٍ التُّحيبيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ الحاجّ. رَوى عن أبي بكرٍ غالب بن أبي القاسم الشَّرّاط، وأبي جعفر بن يحيى، وأبي العبّاس يحيى المَجْرِيطيِّ، وأبي القاسم بن بَقِيّ، وأبي محمد بن حَوْطِ الله وغيرِهم. وأجاز له أبو جعفر بنُ مَضَاء، وأبو عبد الله بن زَرْقون، وأبو القاسم الشَّراطُ، وأبَوا محمد: ابنُ عُبيد الله وعبدُ المُنعم ابن الفَرَس، وأبو الوليد يَزيدُ بن بَقِيّ، وغيرُهم. حدَّثنا عنه أبو عليّ ابنُ الناظِر. وكان عالمًا مُبرّزًا مُتفنِّنًا، مُقرِئًا مُجوِّدًا، نَحْويًّا متحقِّقًا، وقَفْتُ على مجموع له في النَّحو بخطِّه على مَنْحَى الزَّمخشَريِّ في "مُفصلِه"، وكأنه مختصَرٌ منه. وكان بارعَ الخَطّ حَسَنَ المنزع فيه، نظيفَ الملبَس بهيَّ المنظر، استُقضيَ بغَرناطةَ والجزيرةِ الخَضْراء، فشُكِرت سِيرتُه وشُهَر بالنَّزاهةِ والعدالة، واستدعاهُ الرَّشيدُ من بني عبد المُؤْمن إلى تعليم وَلَدِه وتأديبِه لِمَتَاتٍ كان له إليه، فقَدِم مَرّاكُشَ وتلبَّس بما دُعيَ إليه مُدّةً يسيرة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1695)، والحسيني في صلة التكملة 1/ 86، والذهبي في المستملح (312) وتاريخ الإسلام 14/ 394. (¬2) في م: "خويلد".

786 - محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن قاسم بن هلال، قرطبي

وتوفِّي بمَرّاكُشَ (¬1) عامَ أحدِ وأربعينَ وست مئة، ومَوْلدُه يومَ الثلاثاء لأربَع عشْرةَ ليلةَ بقِيَتْ من شَعْبانِ أربع وسبعينَ (¬2) وخمس مئة. وهو والدُ صاحبِنا الفقيه الفاضل الوَرع أبي محمدِ عبد الله، رحمه الله، وهو من بيتِ عِلم وجَلالة. 786 - محمدُ (¬3) بن عبد الله بن محمد بن أحمدَ بن قاسم بن هلال، قُرطُبيٌّ. رَوى عن أبيه وغيره، وكان من أهل النَّباهة والعَدالة، وأحدَ الشُّهود على أبي إسحاق الشَّرَفِّي برَدِّ أبي عبد الله ابن العَطّار إلى خُطّة الشُّورى وإماطةِ السُّخْطة عنه في صَفَرِ سبع وثمانينَ وثلاث مئة. 787 - محمدُ (¬4) بن عبد الله بن محمد بن أحمدَ المَعافِريُّ. كذا وقَفْتُ على نَسَبِه بخطّه في غيرِ موضع، وكذلك ذَكَرَه غيرُ واحدِ من الآخِذينَ عنه منهم: أبو بكر بنُ أحمد بن سيِّد الناس وشيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ وأبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان وأبو محمدٍ طلحةُ، وغيرُهم، وقَلَبَ أبو عبد الله ابنُ الأبّارِ بعضَ نَسَبِه فقال فيه: محمدُ بن عبد الله بن أحمدَ بن محمد، وقال فيه ابنُ الزُّبَيْر: محمدُ بن عبد الله بن أحمدَ بن محمد بن محمد ابن العَرَبيِّ المَعافِريّ، وذلك كلُّه وَهمٌ منهما لا مَحالةَ، وهو إشبِيليٌّ، أبو بكر، ابنُ العَرَبي، من ذَوي قَرابةِ القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "في أواخر المحرم، قاله البلّفيقي، نقلته من خطه، وهو ممن أخذ عليه (وجاء بعده: مثل قول ابن مسدي) ". (¬2) بهامش ب: "أربع وتسعين، قاله ابن [مسدي] وروى عنه، وقال: إن وفاته في أواخر المحرم من السنة المذكورة". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1038). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1619)، والرعيني في برنامجه (46)، والذهبي في المستملح (259)، وتاريخ الإسلام 13/ 525، والمقري في نفح الطيب 2/ 626، وجاء بهامش ب: "محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن العربي، هكذا أثبت نسبه ابن مسدي".

تلا بالأندَلُس على أبي محمدٍ قاسم ابن الزَّقّاق، ثم رَحَلَ إلى المشرِق رِحلتَه الأُولى سنةَ ثِنْتينِ وسبعينَ وخمس مئةٍ وحجَّ، ورَوى بالإسكندَريّة عن أبوَي الطاهر: ابن عَوْف والسِّلَفيّ، وأجازا له، وعاد إلى الأندَلُس، ثم رَحَلَ إلى المشرِق رحلتَه الثانيةَ، وفَصَلَ عن إشبيلِيَةَ لها غُرةَ ذي قَعْدةِ ستٍّ وتسعينَ وخمس مئة، ولقِيَ فيها جماعةً من بقايا الشُّيوخ بمكّةَ، شرَّفَها الله، وجُدّةَ وبغدادَ والمَوْصِل ومصرَ والإسكندَريّة، وقيَّدَ مَناقلَ أحوالِه فيها، وذكَرَ بعضَ ما عايَنَه بتلك البلاد، وبعضَ مَن لقِيَ بها من الفُضَلاءِ والزّهّاد، وقَفْتُ عليها بخطِّه؛ فلقِيَ بمكّةَ شرَّفَها الله: أبا الحَسَن عليَّ بن عبد الله الفُرِّيانيَّ، بضمِّ الفاء وتشديدِ الراء المكسورة وياءٍ مسفولة وألِف ونونٍ منسوبًا، والزاهدَ المُتبتِّلَ ربيعَ بن محمودٍ المارْدِينيَّ، وأبا شُجاع زاهرَ بن رُسْتُم، وأبا عبد الله بنَ أبي الصَّيْف، وأبا محمدٍ يونُسَ بن محمد الهاشميَّ؛ وبجُدّةَ: أبا بكرٍ محمدَ بن عليّ بن محمد القُشَيريَّ الحاتِميَّ ابنَ العَرَبي؛ وببغدادَ ضياءَ الدِّين أبا أحمدَ عبدَ الوهّاب بن عليّ بن عليّ بن سُكَيْنةَ، وأبا عبد الله إسماعيلَ بنَ أبي تراب عليِّ بن عليّ بن وَنّاس القَطّان، وأبا العبّاس أحمدَ بنَ الحَسَن بن أبي البقاءِ العاقُوليَّ، وأبا عليٍّ ضياءَ بنَ أحمدَ بن أبي عليّ بن الخُرَيْف -بضمِّ الخاءِ المعجَم وراءٍ وياءِ تصغيرٍ وفاء- وأبوَيْ محمد: عبدَ الله بن دَهْبَل -بفَتْح الدال الغُفْل وهاءٍ ساكن وفتح الباءِ بواحدةٍ ولام -ابن كارَة- بكافٍ وألِف وراءٍ مفتوح وهاء (¬1) - وعبدَ السّلام بنَ [المبارك] (¬2) بن أحمدَ بن صَبُوخا (¬3)، ومَكِينَ الدِّين عبدَ الواحد بن عبد السّلام بن سُلطان. ¬

_ (¬1) هكذا قيده، وفي هذا التقييد نظر، قال بشار: الذي وقفتُ عليه بخطوط الحفاظ المتقنين والنسخ المتقنة: "كارِه" بكسر الراء وآخره هاء، من "كَرِه", هكذا وجدتها بخط الذهبي، وهي كذلك في نسخ التكملة للمنذري ونسخ تاريخ ابن الدُّبيثي، وينظر إكمال ابن نقطة 5/ 76 والتعليق عليه. (¬2) بياض في النسختين، واستفدنا ما بين الحاصرتين من ترجمته في تاريخ ابن الدبيثي 4/ 115، وتكملة المنذري 2/الترجمة 926، وتاريخ الإسلام للذهبي 13/ 63 وغيرها. (¬3) في النسختين: "صبوحا" بالحاء المهملة، وهو تصحيف، والتصويب من مصادر ترجمته المذكورة في الهامش السابق.

وحضَرَ بها مجالسَ ثلاثةً من مجالِس وَعْظ الإِمام أبي الفَرَج ابن الجَوْزيّ، وكانت آخرَ مجالِس وَعْظِه، وبعدَ خمسةَ عشَرَ يومًا من آخِر مجلسٍ منها توفِّي أبو الفَرَج، عفا اللهُ عنه، ليلةَ الجُمُعة الثانيةَ عشْرةَ من رَمَضانِ سبع وتسعينَ وخمس مئة، وقال: وسنُّه سبعٌ وتسعونَ سنةً على ما أخبَرَه به بعضُ تلامذتِه المختصِّينَ به العارفينَ بأخبارِه. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: أرى، واللهُ أعلم، أنه جَرَى عليه الوَهمُ في ذكْرِ تسعينَ في سنِّه، واراها ثمانين؛ لِما تقَرَّرَ من أنّ مَولدَه في حدودِ العَشْر وخمس مئة (¬1)، ولِما استقرَيْتُه من أوقاتِ سَماعِه على شيوخِه، وأحوالِه في أخْذِه عنهم، حسْبَما تضمَّنَه معجَمُه في ذكْرِهم، وأرى مَغْلَطَه في ذلك وقوعُ بصَره أوّلَ على تسعينَ المذكورةِ في وفاتِه، فهي مُجاورتُها على ما وقَفْتُ عليه في خطِّ ابن العَرَبيِّ كما ذَكَرَ، فوَهِمَ في ذلك حالَ النَّقل، واللهُ أعلم. رجَعْنا إلى ذكْرِ الحاجِّ أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ: ثم حضَرَ بعدَه مجلسَ ابنِه الملقَّب بمُحيي الدِّين، وكان أصغرَ وَلَدِه -قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وأرى اسمَه يوسف (¬2) - وحضَرَ بها مجلسَ شِهابِ الدِّين أبي حَفص السُّهَرَوْرِدي؛ ولقِيَ بالمَوْصِل خطيبَه أبا القاسم عبدَ المُحسِن بن عبد الله بن أحمدَ بن محمد بن عبد القاهِر الطُّوسيَّ، وبمِصرَ أبا الحُسَين ابنَ الخَليليّ، وعندَه عايَنَ التوقيعَ الكريمَ النَّبَويَّ الذي أقطَعَ به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - تمَيمًا الدَّارِيَّ وإخوتَه حَبْرونَ والمرطوم وبيتَ عينُون وبيتَ إبراهيم وما فيهِنّ، وكان بخطِّ عليِّ بن أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه وشَهادتِه وشهادةِ الخُلفاءِ الثلاثةِ قبلَه، وهم فيه على ترتيبِهم في الخلافة، ¬

_ (¬1) جاء بهامش ب: "مولده سنة ثمان وقيل: سنة عشر، وأول سماعاته سنة ست عشرة". (¬2) بهامش ب: "اسمه يوسف دون شك، حدثنا عنه غير واحد من شيوخنا، وتوفي رحمه الله شهيدًا ببغداد في وقيعة التتر سنة ست وخمسين وست مئة، ومولده ببغداد لثنتي عشرة ليلة خلت من ذي قعدة سنة ثمانين وخمس مئة، رحمه الله". قلنا: تنظر ترجمته في تاريخ الإسلام 14/ 854.

أوّلُهم: عَتيق ابن بوقُحافة (¬1)، وآخِرُهم: علي ابنُ بو (¬2) طالب، وقد وقَفْتُ على نُسخةِ هذا التوقيع الكريم بخطِّ أبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ وقد حاكَى فيه خطوطَهم، ووضْعَ المكتوبِ وعِدّة أسطارِه وأوائلها وأواخرِها. ولقِيَ بالإسكندَريّة أبا الحَسَن عليَّ بن المُفضَّل المَقْدِسيَّ، والزاهدَ الفاضِل أبا العبّاس الصِّقِلِّيَّ، وقَفَلَ منها إلى الأندَلُس سنةَ أربع وست مئة، وفي هاتَيْن الرِّحلتَيْنِ حَجَّ سبعَ حِجَج، وجاوَرَ بالحرمَيْنِ الشريفَيْنِ خمسَ سنين. وسَمِع بعدَ هذه العَوْدة على أبي القاسم، ويقال: أبو جعفر، أحمدَ بن محمد بن جُرْج سنةَ إحدى عشْرةَ وست مئةٍ بقُرطُبة، وبها في التاريخ على أبي الحَسَن محمد بن عبد العزيز الشَّقُوريِّ، وبإشبيلِيةَ في التاريخ على أبي الحَسَن عبد الرّحمن بن عليّ الزُّهْريِّ، ثم عاد إلى المشرِق رحلتَه الثالثةَ، ومن قُرطُبةَ فَصَلَ إليها يومَ الاثنين لعَشْرٍ بقِينَ من ربيعٍ الأوّل عامَ اثنَيْ عشَرَ وست مئة، وأقام هنالك فلم يعُدْ إلى الأندَلُس بعدُ. روى عنه آباءُ محمد: ابنُه والرُّعَيْنيُّ شيخُنا وابنُ قاسم الحَرّار، وأبَوا بكر: ابنُ سيِّد الناس وابنُ عبد النُّور، وأبو جعفر بنُ كُوزانةَ، وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ شيخُنا، وأبو العبّاس ابنُ الرُّوميّة، وأبو المعالي سَعْدٌ ابنُ الجُعَيْديِّ وأبو الوليد ابنُ الحاجّ (¬3). وكان خيِّرًا فاضلاً، متصوِّفًا متواضِعًا، بارًّا بأصحابِه وإخوانِه، مشهورَ التعيُّن والأصالة، من بيتِ علم وجَلالة، صحيحَ اليقين ليِّنَ الجانب وَطِيءَ الأكناف حَسَنَ الخُلُق. حدَّثني الشّيخُ أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمه اللهُ قراءةً منّي عليه ونَقْلًا من خطِّه، قال: ذَكَرَ لنا -يعني أبا بكر ابنَ العَرَبيِّ هذا- بمحضَرِ شيخِنا أبي بكر بن ¬

_ (¬1) هكذا في النسختين. (¬2) كذلك. (¬3) بهامش ب: "وروى عنه أيضًا أبو بكر بن مسدي، وقال: ذكر لي أن له إجازة من ابن العربي الكبير، قال: وليس ببعيد".

788 - محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي زاهر، بلنسي، أبو عبد الله

عبد النُّور، أنّ الشّيخَ الزاهدَ المُتبتِّل ربيعَ بنَ محمود المارْدِينيَّ، رحمه الله، أخبَرَه بمكّةَ زادَها اللهُ تشريفًا، ليلةَ الثلاثاء الخامسةَ والعشرينَ من جُمادى الآخِرة سنةَ تسع وتسعينَ وخمس مئة، بعدَما سألَه وهو مُستقبِلٌ الكعبةَ المُعظَّمة، أنه وَصلَ إلى قَلْعة مارْدِينَ شيخٌ ممّن صحِبَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، [وصافَحَه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -] (¬1) ودَعَا له بطُول العُمُر، فقال الشَيخُ: وَصَلتُ إلى هنا منذُ مئةِ سنة، وليس حوْلَ القلعة بناءٌ، ثم غِبتُ سنينَ كثيرةً وعُدتُ ورأيتُ خانًا بخارج القلعة، ثم غِبتُ وعُدتُ هذه الكَرّة، وكان الشّيخُ رضيَ اللهُ عنه وعن أصحابِ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضيَ عنهم (¬2) قد تدَلَّت حاجباهُ على عينيه من كِبَرِ سِنَّه. قال شيخُنا أبو الحَسَن رحمه الله: قال شيخُنا أبو بكرٍ ابنُ العَرَبي: فسألتُ الشّيخَ ربيعًا المذكورَ عن سنِّه في ذلك الوقتِ فقال: من ستةِ أعوام إلى سبعة، فقلتُ له: صافِحْني كما صافَحَك صاحبُ رسُولِ - صلى الله عليه وسلم -، فوَضَعَ يدَه اليُمنى على يدي اليُمنى وشدَّ عليها وقال: هكذا صافَحَني صاحبُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، قال شيخُنا أبو الحَسَن: عايَنّا هذا الخبرَ مكتوبًا عندَ أبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ شيخِنا حسَبَ ما ذكَرَه، وصافَحْناهُ عليه تبرُّكًا كما ذَكَرَ، واللهُ ينفَعُ بالنِّية في ذلك؛ قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وصافَحتُ الشّيخَ أبا الحَسَن رحمه اللهُ تيمُّنًا بذلك، واللهُ يُجازي على القَصْدِ فيه. وُلدَ الحاجُّ أبو بكرٍ ابنُ العَرَبي بإشبيلِيَةَ في جُمادى الآخِرة من عام اثنينِ وأربعينَ وخمس مئة، وقال ابنُه الفقيهُ المحدِّثُ أبو محمد: إنه اتّصلَ به وصَحَّ عندَه أنه توفِّي بالإسكندَريّة عام سبعةَ عشَرَ وست مئة، وذَكَرَ الأستاذُ أبو محمدٍ طلحةُ أنه توفِّي سنةَ إحدى أوِ اثنتَيْنِ وعشرينَ وست مئة، والأخْذُ بقول ابنهِ أوْلى وأحَقّ، واللهُ أعلم. 788 - محمدُ (¬3) بن عبد الله بن محمد بن أبي زاهِر، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) زيادة من برنامج الرعيني. (¬2) كذا وهو مكرر. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1503)، والذهبي في المستملح (180) وتاريخ الإسلام 12/ 917.

789 - محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل السلمي، مرسي، أبو عبد الله ابن أبي الفضل

تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن بن هُذَيْل، ورَوى عن أبي الحَسَن ابن النِّعمة. رَوى عنه ابنُه أبو حامدٍ محمدٌ. وكان مَتينَ الدّين تامَّ الفضل، صادقَ الوَرَع معروفَ الصّلاح، أقْرَأَ القرآن حياتَه وكان حَسنَ القيام على تجويدِه، وأسمَعَ كُتُبَ الرَّقائقِ والمَواعظ. وخَطَبَ ببعضِ جِهاتِ بَلَنْسِيَة، وتوفِّي بها مستهلَّ ربيع الأوّل سنةَ تسعينَ وخمس مئةٍ ابنَ ثلاثٍ وستينَ سنةً، واحتَفلَ الناسُ لشهود جَنازته فلم يتخلَّفْ عنها كبيرُ أحد. 789 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن محمد بن أبي الفَضْل السُّلَميُّ، مُرْسِيٌّ، أبو عبد الله ابنُ أبي الفَضْل. رَوى بالأندَلُس عن غير واحد من مَشْيَختِها، منهم: أبو القاسم بنُ حُبَيْش، وبسَبْتةَ قديمًا عن أبي محمد بن عُبَيد الله، ورَحَلَ إلى المشرق، ولقِّب هنالك شَرَفَ الدِّين، وأطال التجوُّلَ ببلادِه، وأخَذَ بنيسابورَ عن أبي الحَسَن المؤيَّد ابن محمد الطُّوسي، وأخَذَ أيضًا عن منصُور بن عبد الله بن عبد المُنعم بن محمد بن الفَضْل الفُرَاويّ، وبمكّةَ، شرَّفَها اللهُ، عن أبي محمدٍ يونُسَ بن يحيى الهاشِميّ. رَوى عنه جماعةٍ من أهل الأندَلُس وغيرِهم هنالك، منهم: أبو عبد الله بنُ زكريّا الإلْشِيُّ وأبو العبّاس بنُ المُزَيّن، وأبَوا محمد: ابنُ عَطِيّةَ وعيسى بن ¬

_ (¬1) ترجمه ياقوت في معجم الأدباء 6/ 2546 وتوفي قبله بتسعة وعشرين عامًا، وابن النجار في التاريخ المجدد كما دل عليه المستفاد (17)، وأبو شامة في ذيل الروضتين (195)، وابن الأبار في التكملة (1708)، والحسيني في صلة التكلمة 1/ 346، واليونيني في ذيل المرآة 1/ 76، والذهبي في المستملح (324) وتاريخ الإسلام 14/ 786 وسير أعلام النبلاء 23/ 312 والعبر 5/ 224، والصفدي في الوافي 3/ 254، وابن شاكر في عيون التواريخ 20/ 117، والسبكي في طبقات الشافعية 8/ 69، والإسنوي في طبقات الشافعية أيضًا 2/ 451، واليافعي في مرآة الجنان 4/ 137، وابن كثير في البداية 13/ 197، والفاسي في ذيل التقييد 1/ 144، والعقد الثمين 2/ 81، والمقريزي في المقفى 6/ 121، وابن تغري بردي في النجوم 7/ 59، والسيوطي في البغية 1/ 144، والمقري في نفح الطيب 2/ 241، وابن العماد في الشذرات 5/ 269، وغيرِهم.

سُليمانَ المالَقيّانِ، ومن أهل العُدْوة: أبو محمد بنُ محمد بن أحمدَ ابن الحَجّام؛ ومن أهل المشرِق: أبوا الحَسَن: عليُّ بن أحمدَ بن عبد المُحسِن بن أبي العبّاس بن محمد بن عليِّ بن الحَسَن الحُسَيْنيُّ الغَرّافيُّ، وعليُّ بن محمد بن منصُور ابن المُنَيِّر، وشمسُ الدِّين أبو محمدٍ عبدُ الواسع بنُ عبد الكافي بن عبد الواسع بن عبد الجليل الأَبْهَرِيُّ الفقيهُ الصُّوفيُّ شيخُنا، وأبو القاسم بنُ أبي بكرٍ التَّميميُّ ثم التونُسيُّ ابنُ زَيْتون؛ وحَدَّث عنه بالإجازة أبو عبد الله ابنُ الأبّار. وكان شيخاً (¬1) محدِّثًا راوِيةً مُكثِرًا عَدْلًا ثقةً، تردَّد بينَ مكّةَ والمدينةِ، كرَّمَهما اللهُ، والشامِ وغيرِها من البلاد نحوَ خمسينَ سنةً، فحَجَّ كلَّ سنة، واستمرَّ على هذه الأعمالِ المبرورة حتّى شُهِرَ ذكْرُه وعَظُمَ صِيتُه، وكان كلّما قَدِمَ على بلدٍ احتَفلَ الوُلاةُ والأكابرُ من الوزراءِ وغيرِهم للقائه، متبرِّكينَ به راغبينَ إليه في قضاءِ ما يَعِنُّ له من مَآربه، فلم يتعرَّضْ إلى أحدٍ من الناس على طبقاتِهم لاستقضاءِ حاجة، إلا الاطَّلاع على ما في خزائنِهم من الكُتُب، فيغتنمونَ المُبادرةَ إلى مُرادِه، فيستعيرُ منها ما لهُ فيه غَرَض، ويعكُفُ على انتساخِه أو تعليقِ ما اختار منه، أو المعارضةِ به، ويَصرِفُهُ إلى ربِّه، حتى اجتَمعَ له من الفوائدِ ما لم يجتمعْ عندَ غيره، وكثيرًا ما كانت تُعرَضُ عليه نفائسُ الكُتُبِ التي لهُ فيها غَرَضٌ على حُكم الهِبة أو الهَدِيّة، فلا يُسعِفُ أحدًا بقَبُولِ شيءٍ من ذلك، ولم يزَلْ فضلُه يتزيَّد، وذكْرُه بالعلم والفَضل والدِّين يُشتهَر، ومكانُه من الجلالةِ والعبادة والاجتهادِ في الأعمال الصّالحة يُشتهَر، إلى أنْ تَوفِّي بالزَّعقة (¬2): من رَمْلةِ الشام فيما ذَكَرَ ناصرُ الدِّين الفقيه المُدرِّسُ أبو عليٍّ منصُورُ بن محمد الزّواويّ ¬

_ (¬1) في ب م: "شيخنا". (¬2) بهامش ب: "توفي رحمه الله بالزعقة: منزلة بين العريش والداروم من الرملة، وذلك في النصف من شهر ربيع الأول سنة خمس وخمسين وست مئة، وهو متوجه من مصر إلى دمشق، ودفن هنالك، ومولده بمرسية في ذي الحجة من سنة تسع وستين وخمس مئة". قلنا: هذا هو الصواب في وفاته، ذكره الجم الغفير، ومنهم: عز الدين الحسيني في صلة التكملة والذهبي في كتبه.

790 - محمد بن عبد الله بن محمد بن أصبغ

المشداليُّ مقيمُ بِجَايةَ، وقال: إنه حضَرَ وفاتَه حيث ذَكَرَ، فلا ينبغي أن يُلتفَتَ إلى قولِ مَن قال: إنه توفِّي بالحَرَم الشّريف، وأنهَى خبَرَه الفقيهُ الحاجُّ أبو عثمانَ سعيدُ بن عليّ ابن يبطاسنَ المَغْرِبيُّ، وتُعُرِّفَ ذلك ببِجَايةَ غُرّةَ رجبِ ثمانٍ وأربعينَ وست مئةٍ ابنَ تسعينَ أو نحوِها، واللهُ أعلم. 790 - محمدُ بن عبد الله بن محمد بن أصبَغَ. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 791 - محمدُ بن عبد الله بن محمد بن ثَعْلبةَ اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ. 792 - محمدُ بن عبد الله بن محمد بن جعفرٍ الأَزْديُّ. رَوى عن شُرَيْح. 793 - محمدُ بن عبد الله بن محمد بن حَسّانَ الكَلْبيُّ. رَوى عن شُرَيْح. 794 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن محمد بن حَجّاج، أبو عبد الله بن محمد بن حَجّاج. رَوى عنه أبو الرّبيع بنُ سالم. 795 - محمدُ (¬2) بن عبد الله بن محمد بن خَلَف بن عليّ بن قاسم الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله، أصلُه من قَلْعة أَيُّوب، ويقال: إنه من بيتِ أبي محمد بن قاسم قاضيها. تَلا بالسَّبع على أبي عبد الله بن نُوح واختَصَّ به وأطال مُلازمتَه، وأخَذَ عنه العربيّةَ والآداب، ورَوى عن أبي الخَطّاب بن واجِب، وأبي العطاء بن نَذِير. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1509). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1691)، والذهبي في المستملح (310) ومعرفة القراء 2/ 645 وتاريخ الإسلام 14/ 327، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 178، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 243.

796 - محمد بن عبد الله بن محمد بن خليل القيسي، إشبيلي سكن فاس كثيرا ثم مراكش بأخرة، أبو عبد الله

رَوى عنه أبو جعفر بنُ إبراهيمَ بن محمد بن حَسَن، وشَيْخانا: أبو الحَجّاج ابن حَكَم وأبو عليّ ابنُ الناظر، وأبو عبد الله ابنُ الأبار، وأبو القاسم بن نَبيل، وأبو محمد بن عبد الرّحمن بن بُرْطُلُّه. وكان عارفًا بالتفسير شديدَ العنايةِ به، وتصَدَّر لإلقائه والإفادةِ به وقتًا في جامع بَلَنْسِيَة، مُقِلًّا من الرِّواية متشدِّدًا فيها, لا يكادُ يُجيبُ إليها ولا يسمَحُ بها إلا على عُسر، ماهرًا في أُصولِ الفقه، ذا حظٍّ من النَّظْم والنثر، زاهدًا وَرِعًا شهيرَ الفَضْل، عُنيَ أوّلَ طلَبِه بعَقْدِ الشُّروط ثم رفَضَهُ زُهدًا في الدُّنيا، وإيثارًا للعُزْلة، وانقطاعًا إلى الاجتهاد في التماسِ العلم، ومن مُنشآتِه: "بُغْيةُ النفوسِ الزَّكيّة في الخُطَب الوَعْظيّة" و"نَسيمُ الصَّبا" على مَنْحَى أبي الفَرَج ابن الجَوْزيّ. ودُعي إلى الخُطَبة بعدَ وقوع الفتنة وقُرِّرَ عندَه مَسِيسُ الحاجة إليه في ذلك، فأجابَ، ثم استَعْفَى فأُعفِيَ، وأقام بشاطِبةَ حالَ حصارِ بَلَنْسِيَة؛ لأنه كان قد وَجَّه إلى مُرْسِيَةَ لاستمدادِ أهلِها، وخَطَبَ بأُورِيُولةَ، وبها توفِّي عصرَ يوم الخميس لليلتَيْنِ بقِيَتا من رجب ستٍّ وثلاثينَ وست مئة، ودُفن لصلاة الجُمُعة، وحَضَرَ جَنازتَه الخاصّةُ والعامَّة، وازدَحَموا على نَعْشِه حتى كسَروه متبرِّكينَ به، وقال أبو محمد بنُ عبد الرَّحمن بن بُرطُلُّه: إنه توفِّي سنةَ أربعين، ولم يَضبِطْه (¬1)، ومَولدُه يومَ الاثنينِ لثمانٍ بقِينَ من رمضانِ أربعٍ وسبعينَ وخمس مئة. 796 - محمدُ (¬2) بن عبد الله بن محمد بن خَليل القَيْسيُّ، إشبِيليٌّ سَكَنَ فاسَ كثيرًا ثم مَرّاكُشَ بأَخَرةٍ، أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "الصحيح ما قاله ابن برطله، فكذلك قال تلميذه ابن الأبار، وهو أعلم بأهل بلاده، قال ابن الأبار بعد أن ذكر وفاته في رجب من سنة أربعين: وفي ظهر يوم الخميس العاشر من شوال بعده قدم أحمد بن محمد بن هود بجماعة من وجوه النصارى فملّكهم مرسية صلحًا" (ولا شك أن ذلك في سنة أربعين). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1434)، وفي معجم أصحاب الصدفي (161)، والذهب في المستملح (142) وتاريخ الإسلام 12/ 444، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 1/ 265، والمراكشي في الإعلام 4/ 108.

797 - محمد بن عبد الله بن محمد بن سراج الأموي، قرطبي

وقال أبو عبد الله ابنُ الأبّار: إنه لَبْليٌّ، وأرى أنّ مُوهِمَه في ذلك ظَنُّه بعضَ بني خليلٍ اللَّبْلِيِّينَ، وليس منهم، وهو قَيْسيٌّ وأولئك سَكُونيُّون. رَوى عن أبي بحرٍ صَفْوانَ بن العاص، وآباءِ بكر: خازِم وابن العَرَبيّ وغالبِ بن عَطِيَّة ومحمد بن حَيْدَرةَ، وآباءِ الحَسَن: شُرَيْحٍ وابن الأخضَر وابن دُرِّي والعَبْسيِّ وابن مَوْهَب، وأبوي الحُسَين: ابن سِرَاج وابن الطَّراوة، وأبي الحَكَمِ بن بَرَّجَان، وآباءِ عبد الله: ابن أبي الخَيْر وابن أبي العافية وابن حَمْدِين وابن فَرَج مَوْلى ابن الطَّلّاع، ومالكِ بن وُهَيْبٍ ولازَمَه ستَّ سنين واستفاد منهُ كثيرًا، وأبي العلاءِ بن زُهْر، وأبوَيْ عليّ: ابن سُكّرةَ والغَسّانيِّ، وأبي عِمرانَ بن أبي تَلِيد، وآباءِ القاسم: أصبَغَ بن المُناصِف والخَلَف ابن الأبَرَش ومحمدٍ النَّخّاس وابن الزَّنْجاني، وآباءِ محمد: ابن أبي جعفرٍ وابن السِّيْد وابن يَربُوع وعبد الرّحمن بن عَتّاب وعبد المجِيد بن عَبْدون، وآباءِ الوليد: أحمد بن طَرِيف ومحمد بن رُشْد وهشام بن العَوّاد ومالكٍ العُتْبيِّ. رَوى عنه أبو إبراهيمَ الطُّوسيُّ، وهو آخِرُ الرُّواة عنه، وأبو البقاءِ يَعِيشُ ابنُ عليّ وأبو زكريّا بن عبد العزيز بن عَزُّون الفاسيُّ، وآباءُ عبد الله: ابن أحمدَ الاندَرشِيُّ وابن حُبَاسةَ وابن عبد الحقِّ التِّلِمْسينيُّ، وأبو عليّ حَسَنُ بن محمد البَطَلْيَوْسيُّ، وأبو يحيى هانئُ بن هانئ، وأبو القاسم بن عبد البَرّ القَرْمُونيُّ، وأبو محمدٍ قاسمُ بن فِيرُّه الشاطِبيُّ. وكان محدِّثًا عاليَ الرِّواية مُفتَنًّا في جُملةِ معارف، ماهرًا في كلِّ ما يَنتحلُ منها، عُني بلقاءِ المشايخ كثيرًا، واستَجاز مَن لمِ يلقَهُ منهم، فاتّسعَتْ روايتُه وأسَنَّ، فكان آخرَ الرُّواة عن أبي عبد الله بن فرَج وأبي عليّ الغسانيِّ موتًا، وكتَبَ عن بعضِ الرُّؤساء اللَّمْتُونيِّين، وكان بارعَ الخَطّ، ثم نَزَعَ عن ذلك، وكُفَّ بصَرُه أخيرًا، وتوفِّي بمَرّاكُش سنةَ سبعينَ وخمس مئة. 797 - محمدُ بن عبد الله بن محمد بن سِرَاج الأمَويُّ، قُرطُبيٌّ.

798 - محمد بن عبد الله بن محمد بن سعيد بن خطاب، أبو الحسين

كان من أهل العِلم وجَوْدة الخَطِّ وجَلالةِ القَدْر، حيًّا سنةَ ثمانينَ وثلاث مئة. 798 - محمدُ بن عبد الله بن محمد بن سَعِيد بن خَطّاب، أبو الحُسَين. رَوى عن شُرَيْح، وكان بارعَ الخَطِّ متقِنَ الضَّبط. 799 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن محمد بن عبدِ الله بن أحمدَ بن موسى الخُشنيُّ، مُرْسِيٌّ، أبو جعفر بنُ أبي جعفر. رَوى عن أبيه الحافظ أبي محمد بن أبي جعفرٍ وتفَقَّه به، وتأدَّب بالعربيّة بأبي بكرٍ ابن الجَزّار، وأجاز له أبو الوليد ابنُ الدَّباغ ولقِيَه. رَوى عنه أبو بكر بنُ أبي جَمْرةَ، وأبو محمدٍ هارونُ بن عاتٍ، وصَحِباه أعوامًا، وأبو عبد الله بن عبد السّلام الجَمَليّ، وأبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن طاهِر. وكان فقيهًا حافظًا مُستبحِرًا في عِلم الرأي، حَسَنَ القيام على "المُدوَّنة"، يُلقي من حِفظِه مسائلَها، ذكيًّا جيِّد القريحة بارعَ الاستنباط، أصيلًا وجيهًا كاملَ المروءةِ مشهورَ الوفاء، رَصِينَ العقل جَزْلَ الرأي، أبيَّ النَّفْس سَرِيَّ الهمّة كريمَ الطَّبع، شديدَ التحريض على طلبِ العلم والترغيبِ فيه. كان أبو محمد القَلَنِّيُّ يُثني عليه ويقول: هو أفهمُ من أبيه. وقال أبو محمد بنُ عاتٍ: كنتُ أيامَ دَرْسي عليه الفقهَ قد نزَلَ عليّ بعضُ مَعارفي من أهل شاطِبة، فشَغَلَني عن مطالعةِ دَوْلتي من "المدوَّنة"، فلمّا أصبَحْنا غَدَوْنا إلى الشّيخ فألقَى علينا المسائل، فأخطأَ الطّلبةُ في إيرادِ الجوابِ عنها حتى انتهَى إليّ فلم آتِ بالجواب على وجهِه، فألقَى الجُزءَ من يدِه وقام مُغضَبًا، قال أبو محمد بنُ عاتٍ: فاجتَزْتُ عليه وهُو في دِهْليز دارِه، فدعاني واشتَدَّ عليَّ في القولِ وقال: تركْتَ وطنك وأتيْتَ لطلبِ العلم ثم تُفرِّطُ ولا تجتهد؟ فاعتذَرْتُ له ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1303)، والذهبي في المستملح (84) وتاريخ الإسلام 11/ 733.

بضَيْفي الذي باتَ عندي، فقال: ما ينبغي لطالبِ العلم أن يَبِيتَ عندَه أحد، ولا أن يَبِيتَ عندَ أحد، ولا ينزِلَ عليه ضَيْف، ولا يشتغلَ بأحدٍ من مَعارفه، ولا يَصرِفَه شيءٌ عمّا هو بسبيله، فشكرتُه ونَفَعني نُصحُه، وما وقَعْتُ بعدُ في مثلِها. ولم يكنْ له في حياةِ أبيه كبيرُ اجتهاد، فلمّا توفِّي أبوه وخَلَفَه في حلَقتِه كان كأفضلِ مَن أطال الاجتهادَ في الطّلب لذكائه وتوقُّد خاطرِه، ثم استُقضيَ ببلدِه عند خَلْع اللَّمْتُونيِّين، ثم قُلِّد رياستَه إلى ما والاهُ وعُدَّ من عملِه، فتقَلَّدها كارهًا، وكان يقول: لستُ لها بأهلٍ ولا تَصلُحُ لي، أريدُ أن أُمسِكَ الناسَ بعضَهم عن بعض حتى يجيءَ من يكونُ للأمرِ أهلًا. وكان أوّلُ ظهورِه أنّ أباه أبا محمدٍ لمّا أُلزم أداءَ وظيفٍ كان الناسُ يؤدُّونَه على ضِياعِهم ورِباعِهم أَنِفَ من ذلك وأبى من أدائه، حتّى عُطِّلت عليه أملاكُه ومُنع من غَلّتِها، فكان يَختِمُ كلَّ يوم مجلسَه بالدُّعاء على الوالي الذي عَطَّلها عليه، ويُقسِمُ ألاّ يؤدِّيَ درهمَ مَغْرَمٍ بباطل أبدًا، فتوجَّه ابنُه أبو جعفرٍ هذا إلى القاضي أبي الوليد ابن رُشْد بقُرطبةَ طالبًا منه مُخاطبةَ أميرِ المسلمينَ بمَرّاكُش في ذلك؛ لِما اشتُهِرَ من مكانة أبي الوليدِ عندَ وُلاة الأمرِ اللَّمْتُونيِّين، واحترامِهم جانبَه وإجلالِهم إيّاه وقَبولِ شفاعاتِه، والوقوفِ عندَ آرائه وإشاراتِه، فكتَبَ له بما رَغِبَ فيه، وقَصدَ إلى مَرّاكُشَ وأنهى كتابَ القاضي أبي الوليد إلى أمير المسلمينَ، فكتَبَ له منشورَ تنويهٍ وإكرام، وكتَبَ إلى الوالي حينَئذٍ بمُرْسِيَةَ أنْ يَرفَعَ الطلبَ عنه بما ذَكَرَ، ويُحاشيَه من إلزام شيءٍ من تلك الوظائف، ولا يَعرِضَ له إلا بأحفلِ المَبرَّة، فأقبَلَ به، ولم يكنْ ذلك عن رأي أبيه ولا تعرَّض له، وإنّما كان ذلك امتعاضًا من أبي جعفرٍ هذا. ولم يزَلْ أمرُه في الجلالةِ والظّهور يتَمادَى حتى انتهَتْ إليه رياسةُ بلدِه وأحوازِه كما ذُكِر، واستَصْرَخَه أهلُ غَرناطةَ فتلكَّأَ ثُم أجابَهم وفَصَلَ عن مُرْسِيَةَ لإحدى عشْرةَ ليلةً بقِيت من صَفَرِ أربعينَ وخمس مئة، فأقام بلُوْرْقةَ أيامًا، ثم بَلَغَ واديَ آش، فبولغَ في إكرامِه، ثم انتهَى إلى غَرْناطةَ فبرَزَ له اللَّمتُونيُّون، هذا قولُ

800 - محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الله المعافري، إشبيلي، أبو بكر، ابن العربي

السالمي، وقُتلَ أوّلَ عام أحدٍ وأربعينَ وخمس مئة بمقرُبة من غَرْناطةَ، وكان قد قَصَدَها في جيشٍ أزَيدَ من ألفِ فارس لأمرٍ اقتضَى ذلك، فهَزَموا جيشَه، وقُتِلَ هو وجماعةٌ معَه، وحُمِلت جُثّتُه إلى غَرْناطة فدُفنَ بها، ومَوْلدُه سنةَ خمسِ مئةٍ أو في حدودِها، وقيل: إنه لم يبلُغْ سِنُّه خمسًا وثلاثينَ سنةً، واللهُ أعلم. 800 - محمدُ بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمدَ بن محمد بن عبد الله المَعافِريُّ، إشبِيليٌّ، أبو بكر، ابنُ العَرَبيّ. رَوى عن جَدّه أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ. 801 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن محمدِ بن عبد الله بن محمد بن عبد الملِك، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الغاسِل. وهُو ابنُ خالِ أبي عبد الله النُّمَيْريِّ. نَدَبَه ابنُ عمّتِه أبو عبد الله النُّمَيْريُّ هذا إلى طلبِ العلم، وحَرَّضَه على لقاءِ حَمَلتِه والأخْذِ عنهم، ورَحَلَ إلى بعضِهم فرَوى عن أبي إسحاقَ بن حُبَيْش، وآباءِ بكر: ابن بَرُنْجال وابن بِشْر وابن الخَلُوف وابن طاهِر وابن العَرَبيّ وابن فُورْتِش، وأبي جعفرٍ ابن الباذِش، وآباءِ الحَسَن: ابن الباذِش وابن ثابتٍ وابن لُبّ ومحمدٍ الوَزّان ويونُسَ بن مُغيث وشُرَيْح، وعليه اعتمَدَ في القراءات وأكثَرَ عنه من سَماع المصنَّفاتِ فيها، وأبوَيْ عبد الله: النُّمَيْريّ المذكور، وهو الذي علَّمه وأفادَه كما تقَدَّم، وجعفرٍ حفيدِ مكِّي، وأبوَي القاسم: ابن بَقِيّ وابن الفَرَس، وآباءِ محمد: ابن أيُّوبَ والنَّفْزيِّ المُرْسِيّ وعبد الحقّ بن عَطِيّةَ وأبي الوليد بن بَقْوةَ، سَمع على هؤلاءِ وقرَأَ وأجازوا له. وأجاز له ولم يلْقَهُ: أبو إسحاقَ بنُ ثَبَات، وأبو بكرٍ الأَسَديُّ، وأبو بكر بن فَتْحُون، وأبَوا الحَسَن: ابن مَوْهَب وابن هُذَيْل، وآباءُ عبد الله: البُونْتيُّ والحَمْزيُّ وابن زُغَيْبةَ وابنُ عبد الرزّاق وابن عَفِيف وابن مَعْمَر وابن وَضّاح، وأبو القاسم ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1439)، والذهبي في المستملح (146) وتاريخ الإسلام 12/ 658.

802 - محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن مسلمة بن أحمد بن محمد بن حباسة الأزدي -كذا وقفت على نسبه بخطه- شريشي، أبو بكر وأبو عبد الله، وهي أشهرهما

ابنُ وَرْد، وأبَوا محمد: ابن السِّيْد وابن عَتّاب، وأبو مَرْوانَ الباجِيُّ، وأبَوا الوليد: ابنُ حَجّاج وابن طَرِيف. وله شيوخٌ غيرَ من ذُكِر، ولا أعلمُ الآنَ كيفيّةَ روايته عنهم، منهم: أبو بكر بنُ الحَسَن بن بَرُنْجال، وأبَوا الحَسَن: طارقُ بن موسى وعبدُ الرّحمن بن عبد الله بن عَفِيف، وأبو عبد الله بنُ سُليمانَ البُونْتيُّ، وأبو الفَضْل عِيَاض، ومن أهلِ المشرِق: أبو الطاهرِ السِّلَفيُّ. حدَّث عنه بالإجازة أبو الحَسَن الفَهْميُّ الضَّرير. وكان من جِلّة المُقرِئين وأئمّة المحدِّثين، حَسَنَ الخَطِّ متقِنَ الضَّبط، مشهورَ الفَضْل متينَ الدِّين معروفَ الصَّوْن والعفافِ والانقباض، أكتَبَ القرآنَ عُمُرَه إلى أن توفِّي ليلةَ الاثنينِ غُرّةَ جُمادى الأُخرى سنةَ سبع وسبعينَ وخمس مئة. 802 - محمدُ (¬1) بن عبدِ الله بن محمد بن عبد الله بن مَسْلَمةَ بن أحمدَ بن محمد بن حَبَاسةَ الأَزْديُّ -كذا وقَفْتُ على نَسَبِه بخطِّه- شَرِيشيٌّ، أبو بكر وأبو عبد الله، وهي أشهرُهما. رَوى عن أبيه، وأبي عبد الله بن خَليل. ورَحَلَ إلى المشرِق وحَجّ، ورَوى بالإسكندَريّة عن أبي الحُسَين يحيى بن أبي عبد الله الرّازي، وأبي طالبٍ التّنوخي، وأبوَي الطاهر: السِّلَفيِّ وابن عَوْف، وأبوَيْ عبد الله: الحَضْرَميِّ وابن عليٍّ الرَّحَبيِّ المقرئ، وأبوَي القاسم: عبد الرّحمن بن خَلَف بن محمد بن عَطِيّةَ التَّميميِّ وابن نَصْرون المؤذِّن ولعلّه التَّميميُّ المذكور (¬2)؛ وأبي محمد الدِّيباجِيِّ؛ وقفَلَ إلى بلدِه بروايةٍ متّسِعة وفوائدَ جَمّة. رَوى عنه أبو الحَسَن بنُ هشام الشَّريشيُّ، وأبو الخَطّاب بنُ الجُمَيّل، وأبو محمد بنُ يونُس الغافِقيُّ، وعليُّ بن محمد المُرادِيُّ، ومحمد بن عثمانَ، وعارَضَ معَه أبو بكر بنُ خَيْر "الأربعينَ حديثًا" للسِّلَفيِّ، وتوفِّي شهيدًا. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1471)، والذهبي في المستملح (165). (¬2) لأن ابن نصرون المؤذن اسمه عبد الرحمن ويكنى أبا القاسم، كما في التكملة وغيره.

803 - محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله الأنصاري، بلنسي، البونتي

803 - محمدُ بن عبد الله بن محمد بن عبد الله الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ، البُونْتيُّ. كان كاتبًا بارعَ الخَطِّ جيِّدَ التقييد، حيًّا بمَرّاكُشَ سنةَ ستٍّ وثمانينَ وخمس مئة. 804 - محمدُ (¬1) بن أبي خالدٍ عبدِ الله بن محمد بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد بن إبراهيمَ بن محمد بن أبي زَمَنِين عدنانَ بن بَشِير بن كَثِير المُرِّيُّ. كذا نقَلتُ نَسَبَهُ من خَطِّ صاحبِه المتحقّقِ به النَّسّابةِ أبي القاسم المَلّاحيِّ، وهُو غَرْناطيٌّ إِلبِيريُّ الأصل، أبو بكرِ وأبو عبد الله، وهي قليلةٌ. ومحمدُ بن عبد الله بن عيسى المذكورُ في هذا النَّسَبِ هو القاضي أخو الفقيه الزاهدِ أبي عبد الله سمِّيَ به، ويُكْنَى أبا بكر، وقد تقَدَّم ذكْرُه في موضعِه من هذا المجموع (¬2). رَوى أبو بكر المترجَمُ به عن أبوَيْ إسحاق: ابنِ حُبَيْش وابن صَدَقةَ، وآباءِ بكر: ابن خَيْر وابن رِزْق، وانتَفَعَ بصُحبتهِ وطُولِ مُلازمتهِ، وابنِ العَرَبيِّ وابن مُحرِز، وآباءِ الحَسَن: شُرَيْح والزُّهْريّ وصالح بن عبد الملِك وابن الضَّحّاك، وأبي سُليمانَ داودَ بن يَزيدَ، وأبي عليٍّ الحَسَن بن عليّ الخُشَنيِّ، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال، وأبوَيْ محمد: ابن مَوْجُوال والقاسم بن دَحْمانَ، وأبي مَرْوانَ بن قُزْمان. وكتَبَ إليه أبو بكر بنُ نُمارةَ، وآباءُ الحَسَن: عبدُ الرّحيم بن قاسم الحِجَاريُّ وابن النِّعمة وابنُ هُذَيْل، وآباءُ عبد الله: ابنُ حَمِيد وابن الرّمامة وابنُ عبد الرزّاق وابن الفَوَس، وأبو العبّاس بنُ إدريسَ، وأبو العطاء بنُ نَذير، وأبو محمد عبدُ الحقِّ ابنُ الخَرّاط؛ ومن أهل المشرِق: من مكّةَ، شرَّفَها اللهُ: المُجاوِرانِ بها: أبو الحَسَن بن حَمُّود المِكْنَاسيُّ وأبو عليٍّ الحَسَنُ بن عليٍّ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة (25)، وابن الأبار في التكملة (1556)، والذهبي في المستملح (208) وتاريخ الإسلام 13/ 68. (¬2) الترجمة (777).

البَطَلْيَوْسيُّ، ومن الإسكندَريّة: أبو الطاهر السّلَفيُّ وابنُ عَوْف، وأبو محمدٍ العُثمانيُّ الدِّيباجيُّ، وغيرُهم. ومن شيوخِه سوى مَن ذُكِر: آباءُ بكر: ابنُ أحمدَ بن نُمَارةَ وابنُ مُجاهد، وأظُنُّه أبا عبد الله ابنَ المُجاهد، ويحيى بنُ عبد الله بن عيسى، وآباءُ الحَسَن: ابنُ عُبَيد الله، وأظُنُّه الزَّوْقَ، وابنُ يحيى، وأظُنُّه الأطرَبيَّ، ومُخلصٌ، وآباءُ عبد الله: ابنُ الحَسَن الطَّرْسُوسيُّ وابنُ سَعِيد بن زَرْقُون وابنُ قاسم الهِلاليُّ، وأبو القاسم ابنُ حُبَيْش، وأبو العباس بن عبد الرّحمن، وأظُنُّه ابنَ مَضَاء، وأبو محمدٍ عبدُ السلام ابن أحمدَ التُّجِيبيُّ، وأظنُّه من أهلِ المشرقِ، وأبو علي حَسَنُ بن إبراهيمَ بن ثَبَات. رَوى عنه أبَوا جعفر: الجَيّارُ وابنُ يوسُفَ ابن الدَّلال، وأبو الحَسَن ابنُ الجَنّان، وأبو الرَّبيع بنُ سالم، وأبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبو عبد الله بنُ عبد الكريم الجُرَشيُّ، وأبو عُمرَ بن حَوْطِ الله، وأبو عَمْرو بنُ سالم، وأبو العبّاس المَوْرُوريُّ، وأبو القاسم المَلّاحيُّ، وآباءُ محمد: ابن الحَسَن ابنُ القُرطُبيِّ، ثم ترَكَه ولم يَذكُرْ لذلك علّةً، وابنا المُحمّدَيْن: ابنُ خَلَف بن اليُسْر والكَوّابُ، وأبو الوليد إسماعيلُ بن يحيى، وأبو يحيى بنُ عبد الرحيم. وكان من أشدِّ الناس عِنايةً برواية الحديث وضَبْطِ الأسانيد، حَسَنَ الخَطِّ جيِّدَ الضَّبْط، فقيهًا بَصيرًا بالأحكام نافذًا فيها متقدّمًا في معرفتِها، مُشاركًا في فنونٍ من العلم، كاتبًا بارِعًا مُفوَّهًا فَصِيحًا، ذاكرًا تواريخَ من وَرَدَ الأندَلُس من العرَب قديمًا ومنازلَهم ومَراتبَهم وأخبارَهم، لا يُجارَى في ذلك، فصيحًا بليغًا يتكلَّمُ عندَ السّلاطين في محافلِ الوفود، حَسَنَ العِشْرةِ والمُلاقاة، وَلِيَ قضاءَ غَرناطةَ زمانًا ثم صُرِفَ عنها، واستُقضيَ بمالَقةَ، وشُهِرَ بالعَدْل والجَزالة وتمشِيةِ الحقّ، لا تأخُذُه في الله لَوْمةُ لائم. وكان لا يُخبِرُ بمولدِه متى سُئلَ عنه إلى أنْ ألَحَّ عليه أحدُ طلبتهِ المختصِّينَ به في السُّؤال عن ذلك قبلَ وفاتِه بيسير، فقال: ليَ اثنانِ وسبعونَ عامًا، قال: وسمِعتُ أحدَ شيوخي يقول: ما سُئل أحدٌ عن مولدِه فكتَمَه ثم أخبَرَ به إلّا دَنَا

805 - محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن نصر، أبو الحسن

أجَلُه، وأرى أجَلي قد حَضَر، واللهُ أعلم. وتوفِّي بغَرْناطةَ مصروفًا عن القضاءِ في الثُّلُثِ الأوّل من ليلةِ الجُمُعة الثالثة عشْرةَ من شهرِ ربيع الأوّل سنة ثِنْتينِ وست مئة، وقال أبو جعفرٍ ابنُ الزُّبَيْر: إنّ مولدَه سنةَ ثلاثٍ وثلاثينَ وخمس مئة، وحَكَاهُ أيضًا ابنُ الأبّار عن أبي جعفرٍ ابن الدَّلّال عن أبي القاسم ابن سَمَجُون، ويأبَى ذلك ما تقَدَّم من قولِه ووفاتِه، ويَظهَرُ أنّ مولدَه سنةَ ثلاثينَ، واللهُ أعلم. 805 - محمدُ بن عبد الله بن محمدِ بن عبد الرّحمن بن محمد بن نَصْر، أبو الحَسَن. حدَّث بالإجازةِ عن أبي محمد بن الحَسَن ابنِ القُرْطُبيّ. 806 - محمدُ بن عبد الله بن محمد بن عليِّ بن أبي بكر بن خَمِيس الأنصاريُّ، أسطبونيٌّ نزَلَ الجزيرةَ الخَضْراءَ، أبو عبد الله، ابنُ خَمِيس. نقَلتُ نَسَبَه من خطّه إلى الأنصاريّ (¬1)، ونَسَبَهُ أبو القاسم محمدُ بن عبد الرّحيم بن الطيِّب فقال فيه: محمدُ بن عبد الله بن محمد بن إبراهيمَ بن يحيى ابن يوسُفَ بن يحيى بن خَمِيسٍ الأنصاريُّ، وهو غَلَط. رَوى عن قريبِه ابن عمِّ أبيه أبي عِمرانَ بن فَتْح بن خَمِيس، وأبي جعفرٍ ابن الفَحّام، وأبي عبد الله بن ثابِت، وأبي القاسم عبد الله بن يحيى بن أُبَيّ، وأبي موسى عِمرانَ السَّلَويّ. رَوى عنه ابنُه أبو جعفرٍ، وأصحابُنا: قريبُه أبو بكر بنُ محمد القَللوسيُّ، وأبو إسحاقَ بن أحمدَ بن عليٍّ التّجِيبيُّ، وأبو عبد الله بنُ عُمر بن رُشَيْد؛ ولقِيتُه بالجزيرة الخَضْراء، وسمِعتُ منه بعضَ كلامِه، وأجاز لي ولمَن أدرَكَ حياتَه من وَلَدي، وأدرَكَها منهم محمدٌ وأحمد، كان اللهُ لهما. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "كما نقله المصنف من خط أبي عبد الله نقلته أنا أيضًا من خط ابنه سواء، وكان صاحبنا أبو بكر القللوسي ابن محمد يقوله كما نقله ابن الطيب، وأحسب أنه هو الذي جر الوهم فيه على ابن الطيب، والله أعلم".

807 - محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن مروان، لبلي

وكان حافظًا للفقه، حاضرَ الذِّكْر لجوابِ ما يُسألُ عنه من النّوازلِ فيه، دَمِثًا متواضِعًا حَسَنَ اللِّقاءِ ديِّنًا، ذا حظٍّ وافر من الأدب وقَرْض الشِّعر، بارعَ الخَطّ، أَمَّ طويلًا في الفريضة بالجامع الأعظم من الخَضْراء، وخَطَبَ فيه عَقِبَ وفاةِ خطيبِه أبي محمد بن موسى الرُّكَيْبيِّ بخُطبٍ كان يُنشئُها للجُمَع والأعياد، واستمرَّ على الإمامةِ والخَطابة إلى أن توفِّي، عَفَا اللهُ عنه، بعدَ وَهْنٍ، من ليلة السّبت الخامسةِ من صفَرِ (¬1) ثمانٍ وثمانينَ وست مئة بالجزيرة الخَضْراء، ودُفنَ عصرَ يوم السّبت المذكور بمقرُبةِ إلبِير التي على الطريق خارجَ بابِ المقبُرة، واحتَفلَ الناسُ لحضورِ جَنازته كثيرًا وأثنَوْا عليه صالحًا، وكان لذلك أهلاً، رحمةُ الله عليه. ومَوْلدُه -حسْبَما نقَلتُه من خطِّه- بأسطبونةَ عندَ الزّوال من يوم الأحد ثامنَ عشَرَ ذي قَعْدةِ ثلاثَ عشْرةَ وست مئة، بموافقة السادس والعشرينَ من فِبرَير، وانتَقلَ منها إلى الخَضْراءِ سنةَ خمس أو ستٍّ وثلاثينَ وست مئة. 807 - محمدُ (¬2) بن عبد الله بن محمد بن عليِّ بن عبد الله بن مَرْوانَ، لَبْليٌّ. مَوْلدُه سنةَ سبع وخمسينَ وخمس مئة (¬3)، لم يزِدْ في ذكْرِه ابنُ الأبّار على هذا، وذكَرَه أثناءَ مَن توفِّي بعدَ الأربعينَ وست مئة. 808 - محمدُ بن عبد الله بن محمد بن عُمرَ القَيْسيُّ، ابنُ زُعَانَهْ، بضمِّ الزاي وعَيْنٍ غُفْل وألِف ونونٍ وهاءِ سَكْت. 809 - محمدُ بن عبد الله بن محمد بن عيسى بن فُطَيْس، قُرطُبيٌّ، أبو عامر. رَوى عن القاضي يونُسَ بن عبد الله، وكان منقبِضًا متخامِلًا جَوادًا بما يملِك، لا يتوجَّع لإنفاقِ ما وَجَد، وأدرَكَه آخِرَ عُمُرِه إقلالٌ، وكان أبو عبد الله ¬

_ (¬1) بهامش ب: "توفي في الثلث الأول من ليلة السبت الخامس والعشرين لصفر، كذا رأيته بخط شيخنا أي جعفر، فتأمله". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1707). (¬3) في ب م: "وست مئة"، وهو سبق قلم لا ريب فيه؛ ولذلك أصلحناه.

810 - محمد بن عبد الله بن محمد بن لب القيسي، أبو عبد الله

ابنُ فَرَجٍ يقول: لم يبقَ بقُرطُبةَ ولا بغيرِها مَن سَمِع معي "الموطَّأَ" على القاضي يونُسَ ابن عبد الله غيرَ أبي عامر بن فُطَيْس. وتوفِّي تحتَ سَتْرٍ وصيانةٍ، رحمه اللهُ، ليلةَ الأحد الرابعةَ أو الخامسةَ من ذي القَعْدة سنةَ إحدى وتسعينَ وأربع مئة، ودُفنَ بعدَ صلاة العصر من يوم الأحدِ المذكور في صَحْن مسجدِهم من محَلّتِهم برَبَض شِبْلار (¬1). 810 - محمدُ بن عبد الله بن محمد بن لُبّ القَيْسيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبوَيْ بكر: ابن زَيْدونَ وابن طاهرٍ المحدِّث، وأبي الحَسَن شُرَيْح. 811 - محمدُ بن عبد الله بن محمد بن اللَّيث بن حَرِيش العَبْدَريُّ، قُرطُبيٌّ، أبو بكر. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ ثلاثٍ وتسعينَ وأربع مئة. 812 - محمدُ (¬2) بن عبد الله بن محمدِ بن عليّ بن مُفرِّج بن سَهْل الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ غَطُّوْس، بغَيْن معجَم مفتوح وطاءٍ غُفْل مشدَّد وواوِ مدّ وسينٍ غُفْل. رَوى عن أبي الحَسَن بن هُذَيْل، أخَذَ عنه أبو عبد الله بنُ الأبار بعضَ مرسُوم الخَطّ، وكان مُنقطِعًا إلى كتابةِ المصاحف، متقدِّمًا في بَراعةِ خَطِّها، إمامًا في جَوْدة ضَبْطِها، على غَفْلةٍ كانت فيه، وممّا شاع أنهُ نَسَخَ من كتابِ الله عَزَّ وجَلَّ ألفَ نُسخة، وأنّ ذلك عن قَسَمٍ أنْ لا يَخُطَّ حرفًا من غيره تقرُّبًا إلى الله وتنزيهًا ¬

_ (¬1) ذكرها ياقوت في معجم البلدان باسم "شبلاد" نقلًا عن ابن الفرضي (معجم البلدان 3/ 322)، والذي في نسخ ابن الفرضي بالراء، وكذلك جاءت بالراء بخط ابن الجلاب من التكملة في ترجمة سعيد بن عمر بن عبد النور المعروف بالموروري (3203)، فيصحح تعليقي على تاريخ ابن الفرضي (593) و (670)؛ إذ لعل ذلك من أوهام ياقوت حال النقل اشتبهت عليه الراء بالدال المهملة، والله أعلم. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1597)، والذهبي في المستملح (240) وتاريخ الإسلام 13/ 247، والصفدي في الوافي 3/ 351.

813 - محمد بن عبد الله بن محرز، قرطبي

لتنزيلِه أن يَخلِطَه بسِواه، فسُعِدَ بالإعانة على بِرِّ هذا القَسَم، ودَأَبَ على هذا العمل المبرور عُمُرَه، وتنافَسَ الناسُ على طبقاتهم: الملوكُ فمَن دونَهم، فيما يوجَدُ من خطِّه، وخَلَفَ في ذلك أباه وأخاه، وكانوا كلُّهم آيةً من آياتِ الله في إتقانِ هذه الصَّنعةِ المباركة، إلى ما كان عليه من الانقباضِ عن الناس، والصّلاح والخَيْر. وتوفِّي في حدودِ عشْرٍ وست مئة. 813 - محمدُ بن عبد الله بن مُحرِز (¬1)، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ خمس وعشرينَ وأربع مئة. 814 - محمدُ بن عبد الله بن محمد بن النّدا، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم، مُبرِّزًا في العدالة، حيًّا سنةَ إحدى وخمسينَ وأربع مئة. 815 - محمدُ (¬2) بن عبد الله بن محمد بن وَقّاص اللَّمَطيُّ، مَيُورْقيٌّ. رَوى بالأندَلُس عن أبي جعفرٍ عبد الرّحمن بن القَصِير، وله رحلةٌ حَجَّ فيها، وسَمِعَ من آباءِ الطاهر: الإسماعيلَيْنِ: ابنِ عُمرَ القُرَشيِّ الأندَلُسيِّ وابن عَوْف، وبَرَكاتٍ الخُشُوعيِّ، وأبي عبد الله المَسْعوديِّ. وقَفَلَ إلى بلدِه، وتوَلَّى الصلاةَ والخُطبَة بجامعِه، وخَطَبَ أيضًا بالعُدوة للأمير أبي زكريّا يحيى بن إسحاقَ أيامَ ظهورِه بها، وكان خَطيبًا مِصقَعًا، ذا حظٍّ نَزْرٍ من قَرْض الشِّعر. توفِّي سنةَ ثمانٍ وست مئةٍ أو نحوِها. 816 - محمدُ بن عبد الله بن محمد بن يوسُفَ بن مُنعِم اللَّخْميُّ، أبو عبد الله الصَّبّاغُ (¬3)، بَسْطيُّ الأصل، انتَقلَ أبوه منها، نشَأَ بغَرْناطةِ. ¬

_ (¬1) هذه الترجمة غير منسجمة مع الترتيب البخاري. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1627)، والذهبي في المستملح (267) وتاريخ الإسلام 13/ 584، والمقري في نفح الطيب 4/ 308. (¬3) بهامش ب: "نُسِب لهذه الصناعة لاشتغاله أولًا بها مع أبيه، رحمهما الله".

817 - محمد بن عبد الله بن محمد الجذامي، شلطيشي سكن مالقة، أبو عبد الله

رَوى عن أبي بكر بن أبي زَمَنينَ وأطال مُلازمَته وانتفَعَ به، وأبي سُليمانَ بن يَزيدَ، وأبي عبد الله بن عَرُوس، وأبي القاسم المَلّاحيِّ، وأبي محمدٍ عبد المُنعم ابن الفَرَس، وصَحِبَ القاضيَ أبا إسحاقَ البَلَّفِيقيَّ وانتفَعَ بصُحبتِه ولازَمَه إلى أن توفِّي. وكان فقيهًا عارفًا عاقِدًا للشُّروطِ بارعًا في إتقانِها، أحْكَمَ صِناعتَها عندَ أبي بكر بن أبي زَمَنِين، وكان حَسَن الضَّبط سَهْلَ الكتابة مائلًا إلى الاختصار فيها، معَ إجادةِ توفِيةِ المعاني، ذا معرفةٍ بالنَّحو والأدب، مائلًا إلى التصوُّف، حَسَنَ الخُلقُ ذا مُروّةٍ وكرَم نَفْس. توفّي بإشبيلِيَةَ يومَ الجُمُعة لأربعَ عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من ذي قَعْدةِ سنةِ ستَّ عشْرةَ وست مئة وقد بَلَغَ ستةً وستينَ عامًا. 817 - محمدُ بن عبد الله بن محمد الجُذَاميُّ، شَلْطيشيٌّ سكَنَ مالَقة، أبو عبد الله. كان فقيهًا حافظًا ذاكِرًا للمسائل ضابِطًا لقوانينِها، دَرَّسها بجامع مالَقةَ الأعظم، وكان نَزِهًا حَسَنَ السَّمت قَويمَ الهَدْي، رَكِبَ البحرَ منتقلًا عن مالَقةَ فاستُشهدَ غَرَقًا, ولفَظَه البَحْرُ بساحلِ مالَقةَ بعدَ يوم أو يومينِ من ركوبِه إياه، لثمانٍ خَلَوْنَ من صَفَرِ أربع وثلاثينَ وست مئة. 818 - محمدُ بن عبد الله بن محمد الخَوْلانيُّ. رَوى عن شُرَيْح. 819 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن محمد القَحْطانيُّ، قُرطُبيٌّ سكَنَ تونُس، أبو عبد الله، ابنُ أبي دَرَقة. رَوى عن أبي عبد الله ابن الرّمامة. رَوى عنه أبو عبد الله بن عيسى ابن المُناصِف؛ وكان فقيهًا جَليلاً، واستُقضيَ بتونُس. وتوفِّي في ذي الحجّة من سنة خمسٍ وتسعينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1524)، والذهبي في المستملح (191) وتاريخ الإسلام 12/ 1043.

820 - محمد بن عبد الله بن محمد الكتامي، إشبيلي، أبو بكر، ابن مغنين

820 - محمدُ بن عبد الله بن محمدٍ الكُتَاميُّ، إشبِيليٌّ، أبو بكر، ابنُ مَغْنِين. رَوى عن أبي عَمْرٍو عَيّاشِ بن محمد بن عبد الرّحمن بن عَظِيمةَ. 821 - محمدُ بن عبد الله بن محمد الكَلْبيُّ، مَوْرُوريٌّ سَكَنَ إشبيلِيَةَ. رَوى عن أبي بكرٍ البِرْزَاليِّ واختَصَّ به، وأبي الحَسَن شُرَيْح. 822 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن محمد المَذْحِجيُّ، أبو عبد الله، ابنُ الرّاهِب. رَوى عن أبي عبد الله بن نَصْر الرُّنْديِّ، حدَّث بمربلةَ: من عملِ مالَقةَ، في حدودِ الخمسينَ وخمس مئة. 823 - محمدُ بن عبد الله بن محمد، إشبيليٌّ, ابن الضِّرس. رَوى عن شُرَيْح. 824 - محمدُ بن عبد الله بن محمد، أبو الحَسَن البُشْكُلاريُّ. رَوى عن أبي الوليد الباجِيّ. 825 - محمدُ (¬2) بن عبد الله بن محمد البُشْكُلاريُّ. كان وَرّاقًا بارعَ الخَطّ، انتَسَخَ كثيرًا لإقبالِ الدّولة أبي الحَسَن ابن المُوفَّق مجاهد، وكان حيًّا سنةَ ستٍّ وخمسينَ وأربع مئة. 826 - محمدُ بن عبد الله بن محمد، ابنُ الحَذّاء. رَوى عن أبي محمد بن هارون، لقِيَه بسَرَقُسْطة. 827 - محمدُ بن عبد الله بن محمد القاصرشيُّ. رَوى عن شُرَيْح. 828 - محمدُ بن عبد الله بن محمودٍ الأمويُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم، مُبرِّزًا في العدالة، حيًّا سنةَ ثلاثٍ وتسعينَ وثلاث مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1362). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1206).

829 - محمد بن عبد الله بن مرشد مولى ابن طملس الوزير، قرطبي، أبو القاسم

829 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن مُرشِد مولى ابنِ طُمْلُس الوزير، قُرطُبيٌّ، أبو القاسم. كان جامعًا لكثر من فنونِ العلم، متقدِّمًا في صَنْعه الكتابة، حَسَنَ المشارَكة في الرِّياضات، ذاكرًا للآداب، حافظًا للأشعارِ والأخبار، حاضرَ الذِّكْر لها. مَوْلدُه سنةَ ستٍّ وخمسينَ وثلاث مئة، وتوفِّي للنِّصفِ من ذي حجّةِ سنة ثمانٍ وأربعينَ وأربع مئة. 830 - محمدُ بن عبد الله بن مَرْغوب، قُرطُبيٌّ. رَوى عن أبي عبد الله بن سُليمانَ ابن الحَنّاطِ واختَصَّ به، رَوى عنه عبدُ البَرِّ صاحبُ أبي شبيث (¬2). 831 - محمدُ بن عبد الله بن مَسْعود بن عُمرَ المَعافِريُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي الحَسَن يونُسَ بن مُغيث، وأبي القاسم أحمدَ بن محمدِ بن بَقِيّ. 832 - محمدُ بن عبد الله بن مُعاويةَ اللَّخْميُّ، أبو عبد الله. رَوى عن شُرَيْح. 833 - محمدُ (¬3) بن عبد الله بن مُفوَّز بن غَفُول بن عبد رّبه بن صَوَابِ بن مُدرِك بن سَلَام بن جعفرِ, لداخِل إلى الأندَلُس، المَعافِريُّ، شاطِبيٌّ، أبو عبد الله. رَحَلَ إلى قُرطُبةَ فأقام بها مُدّةً؛ فلذلك غَلِطَ فيه أبو القاسم ابنُ بَشْكُوالَ فجعَلَه من أهلِها. رَوى عن أبي الحَزْم وَهْب بن مسَرّةَ وأكثَرَ عنهُ ولازَمَه واختَصَّ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1107)، والذهبي في المستملح (22) وتاريخ الإسلام 9/ 716. (¬2) في ب: "شبيب"، خطأ. (¬3) ترجمه ابن بشكوال في الصلة (1096)، والضبي في بغية الملتمس (76)، وابن الأبار في التكملة (1067)، والذهبي في تاريخ الإسلام 9/ 156.

834 - محمد بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن موسى، أبو الحسن

به، ولمّا أراد وَداعَه منصرِفًا عنه قال له: أوْصِني، قال: أوصيكَ بتقوى الله العظيم، وحِزْبِك (¬1) من القرآن، وبِرِّ الوالدَيْن. ثُم رَحَلَ إلى المشرِق حاجًّا، فأخَذَ بالقَيْروانِ عن أبي العبّاس بن أبي العَرَب وغيره، ثم قَفَلَ إلى بلدِه فكان مُنقطعَ القَرين في الزُّهدِ والعبادة، متقلِّلًا من الدُّنيا، كثيرَ الصَّوم والصلاة، دَؤوبًا على التلاوة وذكْرِ الله تعالى، مُجابَ الدّعوة، قد اشتُهِرَ بذلك وعُرِف به. توفِّي سنةَ عَشْرٍ أو أوّل إحدى عشْرةَ وأربع مئةٍ وقد قارَبَ المئة، وكانت جَنازتُه مشهودةً احتَفلَ لها الناسُ كثيرًا. 834 - محمدُ بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن موسى، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي بحر بن العاص، وأبي محمد بن عَتّاب. 835 - محمدُ بن عبد الله بن موسى بن نِزَارٍ الأمويُّ، قُرْطُبيٌّ. كان فقيهًا عاقدًا للشُّروط بَصيرًا بعِلَلِها، مُبِرِّزًا في العدالة، حيًّا سنةَ تسع وعشرينَ وأربع مئة. 836 - محمدُ (¬2) بن عبد الله بن مَيْمونِ بن إدريسَ بن محمد بن عبد الله العَبْدَريُّ، قُرْطُبيٌّ استَوطَنَ مَرّاكُشَ، أبو بكر، ابنُ مَيْمون. رَوى عن أبي بكرِ ابن العَرَبيّ، وآباءِ الحَسَن: شُرَيْح وعبد الرحمن بن بَقِيّ وابن الباذِش ويونُسَ بن مُغيث، وأبي عبد الله ابن الحاجّ، وأبي محمد بن عَتّاب، وأبي الوليد ابن رُشْدٍ ولازَمَه عشْرَ سنين، قرَأَ عليهم وسَمعَ وأجازوا له. ¬

_ (¬1) في ب م: "وحزبًا"، وهي بمعنى. (¬2) ترجمه ابن دحية في المطرب (198)، وابن الأبار في التكملة (1421)، وابن سعيد في المغرب 1/ 111 والرايات (77)، والذهبي في المستملح (136) وتاريخ الإسلام 12/ 380، وابن فرحون في الديباج 2/ 285، والفيروزآبادي في البلغة (329)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 147، والمراكشي في الأعلام 4/ 107.

وسَمع أبا بحرٍ الأَسَديَّ، وأبوَيْ بكر: عَيّاشَ بن عبد الملِك وابنَ أبي رُكَب، وأبا جعفرٍ ابنَ شانْجُه وأبا الحَسَن عبدَ الجليل، وآباء عبد الله: ابن خَلَف ابن الإِلبِيريِّ وابنَ المُناصِف وابنَ أُختِ غانم، ولم يَذكُرْ أنّهم أجازوا له. ورَوى أيضًا عن أبوَيْ عبد الله: جعفرٍ حفيدِ مكِّي وابن مَعْمَر، وأبي الوليد بن طَريف. رَوى عنه أبو البقاءِ يَعيشُ ابنُ القديم، وأبو الحَسَن بن مُؤْمن، وأبو زكريّا المَرْجيقيُّ وأبو يحيى أبو بكرٍ (¬1) الضَّرير، واختَصَّ به. وكان عالمًا بالقراءات، ذاكرًا للتفسير، حافظًا للفقهِ واللُّغةِ والآداب، شاعرًا مُحسِنًا، كاتبًا بليغًا، مُبرِّزًا في النَّحو، جميلَ العِشرةِ حسَنَ الخُلُق متواضِعًا، فكِهَ المحاضرة طَريفَ الدُّعابة، وصنَّف في غير فَنّ من العلم، وكلامُه نظمًا ونثرًا كثير مُدوَّن. ومن مصنَّفاتِه: "مَشاحذُ الأفكار في مآخِذ النُّظّار"، وشَرْحاه: الكبيرُ والصَّغير على "جُمَل" الزَّجّاجي، و"شَرْحُ أبياتِ الإيضاح العَضُديّ"، و"مقاماتِ الحَرِيريّ"، و"شَرْحُ مُعشَّراتِه الغَزَليّة ومُكفِّرتِها الزُّهْديّة"، إلى غيرِ ذلك، وكلُّه مما أبانَ به عن وُفورِ علمِه، وغَزارة مادّتِه، واتّساع معارِفِه، وحُسن تصرُّفِه. واستُقضيَ بمنتورَ: من عمل قُرطُبة، فحُمِدت سِيرتُه، ثم صُرِف عن ذلك، وآثَرَ التحوُّلَ إلى مَرّاكُش، وانتَصبَ لتدريسِ ما كان يَنتحلُه من فنونِ العلم، فقَلَّ مَن لم يأخُذْ عنه من طلبة العلم بها، وكان بنو عبد المُؤْمن وأتباعُه يتنافَسُونَ في القراءةِ عليه، ويتباهَوْنَ في إجزالِ أياديه، وكان يَحضُرُ مجلسَ عبد المُؤمن معَ أكابرِ من يَحضُرُه من العلماء فيَشِفُّ على أكثرِهم بما كان عليه من التحقُّق بالمعارف، إلى أن أنشَدَ عبدَ المُؤْمن أبياتًا كان قد نَظَمَها في أبي القاسم عبد المُنعم ابن محمد ابن تيسيتَ المذكورِ في مَوْضعِه من هذا الكتاب، وهي [من المتقارب]: ¬

_ (¬1) هكذا في النسختين.

أبا قاسمٍ والهوى جِنَّةٌ ... وها أنا من مَسِّها لم أُفِقْ تقَّحمتَ جاحمَ نارِ الضُّلوعِ ... كما خُضتَ بحرَ دموعِ الحَدَقْ أكنتَ الخليلَ أكنتَ الكليمَ ... أمِنتَ الحريقَ أمنتَ الغَرَقْ فهجَرَه عبدُ المُؤمن، ومنَعَه من الحضورِ بمجلِسه، وصَرَفَ بَنيهِ عنِ القراءةِ عليه، وسَرَى ذلك في أكثرِ من كان يقرأُ عليه ويتردَّدُ إليه، على أنه كان في المرتبةِ العُليا من الطّهارةِ والعفافِ والذّكاء. وفي أبي القاسم هذا، وكان أزرقَ، يقولُ وقد دَخَلَ عليه ومعَه أبو عبد الله بنُ أحمدَ بن محمد الشاطِبيُّ وأبو عثمانَ سعيدُ بن قوشترةَ المذكورانِ في موضِعَيْهِما من هذا "المجموع"، فقال ابنُ قوشترةَ [الكامل]: عابوهُ بالزَّرَقِ الذي بجفونهِ ... والماءُ أَزرقُ والسِّنانُ كذلكا فقال أبو عبدُ الله الشاطِبيُّ: الماءُ يُهدي للنفوسِ حياتَها ... والرُّمحُ يَشرَعُ للمنونِ مَسالِكا فقال أبو بكر بنُ مَيْمون: وكذالثاني أجفانِه سبَبُ الرَّدى ... ولقد أرى طِيبَ الحياةِ هنالكا وله في أبي القاسم هذا مُقَطَّعات غَزَليّةٌ كثيرة حُفِظت عنه وتناقَلَها الناسُ. ومما استفاضَ من شعرِه: قولُه في صِباه [الكامل]: لا تكترِثْ بفِراقِ أوطانِ الصِّبا ... فعسَى تنالُ بغرهنَّ سعودا فالدُّرُّ يُنظَمُ عند فَقْدِ بحارِهِ ... بجميلِ أجيادِ الحِسانِ عقودا وقال: أنشَدتُهما شَيْخيَ الأديبَ الكاتب أبا جعفر بنَ شانْجُهْ، فقال: والله يا بُنيّ لقد غُصْتَ في بحرِ الأدب فاختَرْتَ منه دُرّةً نفيسة.

قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: معنى هذا البيتِ الأخير قد تداوَلَه الناسُ كثيرًا قديمًا وحديثًا، فلأبي الثناءِ حَمّادِ بن هبة الله الحَرّانيِّ [البسيط]: قالوا: ترحَّلتَ عن دارٍ نشَأْتَ بها ... وليس للمرءِ إلّا دارُهُ شرَفُ قلتُ: انظُروا الدُّرَّ في التِّيجانِ موضعُهُ ... لمّا تفتَّح من مكنونِهِ الصَّدَفُ أنشَدتُهما على شيخِنا الراوِية الحافظ أبي عليٍّ الحَسَن بن عليّ الماقَريِّ عن أبي [....] (¬1) فيما أُذِنَ له فيه عن قائلِهما، وأنشَدتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ لنفسِه [البسيط]: فارِقْ ولا تَغْنَ بالأوطانِ تَعمُرُها ... ففي سواها تنالُ العزَّ والشَّرَفا فالدُّرُّ لم يَعْلُ أجيادَ الحِسانِ ولا ... زانَ التّرائبَ حتى فارَقَ الصَّدَفا وفيما أوردتُه من هذا كفاية، إذِ الإطالةُ في مثلِه تُخْرِج عن مقصودِ الكتاب، وله موضعٌ آخرُ، وإنّما اورِدُ من هذا وأشباهِه ما أورِد، لِما جُبِلَتْ عليه النفوسُ الزَّكيّة من المَيْل إلى هذه الطريقة الأدبيّة، إلى ما فيه من إجمامِها خوفَ الإملال، وإصلاحِها في تصريفها بالنَّقْل من حالٍ إلى حال. ومن مشهورِ شعرِ الأستاذِ أبي بكر بن مَيْمونٍ: قولُه، نفَعَه اللهُ [الطويل]: توسَّلتُ يا ربِّي بأنّيَ مؤمنٌ ... وما قلتُ: إنّي سامعٌ ومطيعُ أيصْلَى بَحرِّ النارِ عاصٍ موحِّدٌ ... وأنت كريمٌ والرسُولُ شفيعُ؟! وذيَّلَها بعضُ الأُدباء، فقال [الطويل]: ومن يتَشفَّعْ بالنبيِّ محمدٍ ... عليه صلاةُ الله، كيف يَضيعُ؟! شفاعتُه مقبولةٌ ومحلُّهُ ... لدى ربِّهِ في الأنبياءِ رفيعُ ¬

_ (¬1) بياض في النسختين تركه المؤلف فلم يعد إليه.

837 - محمد بن عبد الله بن هارون بن عمر

ولي بصريحِ الحُبِّ فيه وسيلةٌ ... بها جانبي مما أَخافُ منيعُ وحُبِّ ضجيعَيْه بتُربةِ طَيبةٍ ... فلله مدفونٌ بها وضجيعُ فيا ربِّ سوِّغْني رضاكَ بحبِّهمْ ... فأنت مُجيبٌ للدعاءِ سميعُ وقولُه، وحضَرَتْه الوفاة، وآنسَه بعضُ أصحابِه بترَجِّي الشّفاءِ من مرَضِه وإطالةِ عُمُرِه [مخلع البسيط]: أيرتجي الخُلْدَ مَنْ عليهِ ... دلائلٌ للرَّدى جَليّهْ أوّلُه مُخبِرٌ بثانٍ ... ذاك مَنِيّ وذي مَنِيّهْ؟! وقد قال في هذا المعنى الباخَرْزِيّ [الوافر]: أرى أَولادَ آدمَ أطَرتْهم ... حُظوظُهمُ من الدُّنيا الدَّنِيّهْ فلِمْ بَطِروا وأوّلُهمْ مَنِيٌّ ... إذا نُسِبوا وآخِرُهم مَنيَّهْ؟! توفِّي الأستاذُ أبو بكر بنُ مَيْمونِ، عفَا اللهُ عنه، على خير عمل بمَرّاكُشَ يومَ الثلاثاءِ لاثنتَيْ عشْرةَ ليلةَ بقِيت من جُمادى الآخِرة سنةَ سبع وستينَ وخمس مئة، ودُفن بمقبُرة باب تاغزوتَ داخلَ مَرّاكُشَ وقد قارَبَ السّبعينَ أو بَلَغَها. 837 - محمدُ بن عبد الله بن هارونَ بن عُمر. له إجازةٌ من أبي العبّاس العُذْريّ. 838 - محمدُ بن عبد الله بن هارون. رَوى عن أبي مَرْوانَ عبدِ العزيز الباجِيِّ. 839 - محمدُ بن عبد الله بن يَبْقَى بن عِصام. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرة.

840 - محمد بن عبد الله بن يحيى بن فرح بن الجد الفهري، إشبيلي لبلي أصل السلف، أبو بكر، ابن الجد، بجيم مفتوح وقال، وفرح في نسبه: بفاء مفتوح وراء ساكن وحاء غفل

840 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن يحيى بن فَرْح بن الجَدِّ الفِهْريٌّ، إشبيليٌّ لَبْليُّ أصلِ السَّلَف، أبو بكر، ابنُ الجَدّ، بجيم مفتوح وقال، وفَرْحٌ في نَسَبِه: بفاءٍ مفتوح وراءٍ ساكن وحاءٍ غُفْل. أخَذَ العربيّةَ والآدابَ واللُّغاتِ عن أبي الحَسَن بن الأخضَر، وسَمع الحديثَ على أبوَي القاسم: ابن منظور الهَوْزَنيِّ وأبي محمد بن عَتّاب، ولقِيَ أبا بحرٍ وشُرَيْحَا، ومالكَ بن وُهِيْبٍ واختَصَّ به، وأبوي الوليد: ابن رُشْد -وناوَلَه من مصنَّفاتِه: "البيانَ والتحصيل في شَرْح العُتْبِيّة" و"المقدِّماتِ على مسائل المُدوَّنة"- وابنَ طَرِيف، وأجازوا له. وجالَسَ أبا بكرٍ ابن العَرَبيّ، وأبا القاسم الزَّنْجانيَّ، وأبا مَرْوانَ الباجِيَّ. رَوى عنه أبو إسحاقَ بن عبد الله بن قَسُّوم، وآباءُ بكر: ابنُ أحمدَ بن كَبير وابنُ طلحةَ وابنُ أبي العبّاس بن خَليل وابنُ قَنْتَرال، وأبو جعفرٍ ابنُ السَّرّاج، وأَبو الحَسَن بن قُطْرال، وأبَوا الحَسَن: ابنُ عَظِيمةَ وهَمّامُ بن إبراهيم، وأبو الخَطّاب عُمرُ بن الجُمَيِّل، وأبو ذَرّ بن أبي رُكَب، وأبو الرَّبيع بن سالم، وأبو زَيْد بن خليل، وأبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبو عبد الله بن خَلْفُون، وأبَوا العبّاس: ابنُ خَليل وابن الرُّوميّة، وأبو عليٍّ ابن الشَّلَوْبِين، وأبو عَمْرو بن غَيّاث، وآباءُ القاسم: ابنُ عبد الرّحيم بن إبراهيمَ ابن الفَرَس وابنُ المَلْجوم وابن يحيى بن حَكَم، وآباءُ محمد: ابن جُمهُور وابنُ حَوْطِ الله وابنُ القُرطُبيِّ وعبدُ الحقِّ بن إبراهيم، وأبو مَرْوانَ الباجِيُّ الخَطيبُ الحاجُّ وعبدُ الرّحمن بن يحيى بن عبد الرّحمن ابن حَكَم، وغيرُهم لا يُحصَوْنَ كثْرةً، وقد جَرَى ذكْرُ أكثرِهم في هذا الكتاب. ¬

_ (¬1) ترجمه المنذري في التكملة 1/الترجمة 123، وابن الأبار في التكملة (1495)، وابن سعيد في المغرب 1/ 343، والذهبي في المستملح (173) وتاريخ الإسلام 12/ 822 وسير أعلام النبلاء 21/ 77 أو العبر 4/ 258، والصفدي في الوافي 3/ 335، واليافعي في مرآة الجنان 3/ 432، وابن فرحون في الديباج 2/ 245، وابن تغري بردي في النجوم 6/ 112، وابن العماد في الشذرات 4/ 286، والمراكشي في الأعلام 4/ 21.

وكان فقيهًا حافظًا، نَحْويًّا بارعًا، خَطيبًا مُفوَّهًا بليغًا، وكان أوّلَ طلبِه مائلًا إلى العربية راغبًا في الاقتصارِ عليها والتدريس لها, ولمّا رأى شيخُه أبو عبد الله مالكُ ابن وُهَيْب نفوذَه وإدراكَه وتحقّقَه بالنَّحو رَغَّبَهُ في الإكباب على العلوم الشَّرعية، وكذلك حَرَّضَه عليها أبو الوليد ابنُ رُشْد، فأقبَلَ على دَرْس فروع المذهبِ المالكيِّ، واشتَدَّت عنايتُه به حتى اتَّسعَ حِفظُه، وتُحُدِّثَ عنه بأشياءَ غريبةٍ في ذلك. وقال فيه أبو القاسم ابنُ المَلْجوم -وقد ذكَرَه في شيوخه-: حافظُ أهل المغربِ غيرَ مُدافَع، بحرٌ يَغرِفُ من محيط. وكان الحاجُّ أبو بكر بنُ عليّ يقول: هو أحفَظُ منَ ابن القاسم صاحبِ مالك؛ وقال أبو محمد طلحةُ: سألتُ أبي عنه فقال: هو البَحْر. وقُدِّم للشُّورى والفُتْيا معَ أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ ونُظَرائه بإشبيلِيَةَ، وأبو القاسم بن وَرْد قاضٍ بها، سنةَ إحدى وعشرينَ وخمس مئة. ولم يُعْنَ بالتأليف على استبحارِ حِفظِه واضطلاعِه بالتحقُّق، والإشرافِ على الرَّقائق والخِلاف، ما خلا كتابًا مختصَرًا في الزّكاة أملاهُ في صِغَرِه (¬1). ويُذكَرُ من حفظِهِ: أنه ما طالعَ شيئًا فما إلا حَفِظَه، ولا حَفِظَ شيئًا فنَسِيَه، وقال أبو الحُسَين بن زَرْقُون: ذكَرْتُ يومًا بمحضَرِه مسألةً من الفقه فقال لي: أين رأيتَها؟ فقلت: في كتاب "عُيون الأدلّة" لإبن القَصّار، تنقيح أبي محمدٍ عبد الوهّاب، فقال: ما رأيتُه قَطُّ، سُقْهُ إليّ حتى أراه، فحمَلتُه إليه ومَكَثَ عندَه ليلةً أو ليلتَيْن، ثم صَرَفَه إليّ، وبقِيَ بقيّةَ عُمرِه إذا أورَدَ المسائلَ وذكَرَ الأقوالَ ونَسَبَها على عادتِه يرُدُّ رأسَه إليّ متى حضَرتُ، ويقول لي: وقال صاحبُ كتابِك، هكذا في كلِّ الأحيان ما أُنسِي شيئًا منهُ بعدُ. وكان معَ اتّساع حِفظِه للفروع، وحضورِ ذكْرِه لها، واقتدارِه على جميع مُفترِقاتِ الأقوالِ في المسائل، وبَصَرِه بالفَتْوى في مُعضِلاتِ النّوازل، ذاكرًا للآدابِ ¬

_ (¬1) توجد منه نسخة خطية بالخزانة العامة بالرباط.

واللُّغاتِ والأنساب، تأريخيًّا حاضرَ الذِّكْر معَ الكَبْرة، متوقِّدَ الخاطِر سديدَ النظَر حارَّ التندير، عارفًا بأخبارِ أهل الأندَلُسِ عمومًا وبأخبارِ أهل بلدِه خصوصًا؛ وشاهَدَ عجائبَ من حوادثِ الدّولة اللَّمْتُونيّة وأحوالِها، فكان يَأثُرُها ويُجيدُ مَساقَها، وكان خَطيبًا عند ملوكِ عصرِه من اللَّمْتُونيِّينَ والمُؤْمنيِّين، وإن كان قد نالَتْه مِحنةٌ في كائنةِ لَبْلة، فقيِّد وسُجن ثم سُرِّح، وعرَفَه أبو يعقوبَ بنُ عبد المُؤْمن أيامَ إمارتِه بإشبيلِيَةَ، فكان يَبَرُّه ويُكرمُه وَيعرِفُ حقَّه ويؤْثرُه على غيره من طلبةِ مجلسِهِ، ثم استدعاهُ إلى مَرّاكُشَ لمّا صار الأمرُ إليه، فحَظِيَ عندَه وعَظُمَ جاهُه وأثْرى واتّسعت أحوالُه، وكان يُصغي إلى حديثِه ويَستحسنُ كلامَه وَيستطرفُ ما يأتي به في جميع ما يَشفَعُ فيه من أمورِ أهل بلدِه وسواهم، واستمرَّت كذلك حالُه عندَه في ترقِّي الرُّتبة ونَماءِ الحُظْوة إلى أن توفِّي أبو يعقوبَ وخَلَفَه ابنُه المنصُور، فزادت حُظْوتُه لديه وإحسانُه إليه وإجلالُه إياه. وهَمَّ المنصورُ وهُو بإشبيلِيَةَ بانتزاع الأملاكِ التي بأيدي أهلِها بإقطاع أبيه وجَدِّه إيّاها لهم، وتقَدَّم إليهم في إحضارِ الصُّكوك التي تَسوَّغُوها بها، فاشتَدَّ قلقُهم لذلك، واستَشْعَروا خَلَلَ أحوالِهم؛ إذْ كانوا كلُّهم أو أكثرُهم قد عُنيَ بما صار إليه منها، فشَيَّدوا المبانيَ وأحكموا الغِراسات، ومنهم من صارت لهُ إرثًا عن بعض سَلَفِه، فقَصَدوا الحافظَ أبا بكرٍ ابنَ الجَدّ ورَغِبوا منه النظَر في دَفْع هذه النازِلة عنهم، فأشار عليهم بإحضارِ مَناشيرِهم بذلك، وجَمْعِها عندَه، والتفويضِ إليه في أمرِها، فبعضُهم وثقَ برأيِه وعمِل على إشارته، وبعضُهم توقَّف ولم يثقْ بباطن الحافظ، ثم أجمَعوا على التّسليم إليه فيما رآه، ودَفَعوا إليه صُكوكَهم -وكانت كثيرةً- فحَمَلَها من الغدِ إلى مجلس المنصُور للنّظَر في ذلك، فاستَدعى المنصُورُ تلك المكتوباتِ يتصفَّحُها أو تُتصفَّحُ بين يدَيْه، فوَضَعَها الحافظُ أمامَه، ثم قال المنصورُ مُستفهِمًا ابنَ الجَدّ والحاضِرينَ من أهل العلم: هل يجوزُ للإمام نَقْضُ حُكم مَن تقَدَّمَه من الأئمّة؟ فتوقَّف الفقهاءُ عنِ الجواب قليلاً، فأشار على الحافظ بالإجابة، فقال له: ذلك جائزٌ

للإمام إذا سجَّل على نفسِه بتجويرِ من تقَدَّمه فيما فَعَلَه، فكفَّ المنصورُ عن النَّظرِ في ذلك، وأمَرَ بصَرْفِ تلك الظّهائرِ إلى أربابِها، وتمكينِهم من أملاكِهم، فدَفَعَ الحافظُ إلى كلِّ واحدٍ منهم ما كان هو قد دَفَعَ إليه منها. ولمّا أخرَجَ المنصورُ -سنةَ إحدى وثمانينَ وخمس مئة- دينارَهُ الكبيرَ المنسُوبَ إليه، البخاري عليه اسمُ "اليعقوبيِّ" إلى الآنَ، وحضَرَ الحافظُ عندَه بعضَ مجالسِه بقصرِ مَرّاكُش، فلمّا انصَرفَ أتْبَعَه بعضَ فِتيانِه بقِرطاسٍ فيه مئتا دينارٍ منها، وقال للفتى: قل للحافظ: هذا من البركةِ التي خرَجَت في هذا الوقت، وقد أرَدْنا أن تكونَ أولَ موصُول بشيءٍ منها، فلمّا صارَ القِرطاسُ بيدِه أخَذَ طَرَفَ إحرامِه الذي كان عليه، وأفرَغَ القِرطاسَ فيه وصَرَفَه على الفتى وقال له: اردُدْه على سيِّدِنا وقيل لهُ: إنّ فلانًا -يعني نفْسَه- مبالِغٌ في شُكرِ إحسانِكم، وقد صَرَفَ هذا القِرطاسَ لِما اشتُهِر عند الناس وعلى ألسنةِ العامّةِ والخاصّة من قولِهم: "إمساكُ الظُّروف يقطع المعروف" (¬1)، فلمّا أنْهَى الفتى القِرطاسَ ومقالةَ الحافظ إلى المنصور تَبسَّم، واستَطْرَفَ ما صَدَرَ عنهُ في ذلك، وملأَ القِرطاسَ بمئتَيْ دينارٍ أُخْريَيْنِ، وأمَرَ الفتى أن يَلحقَه بالقِرطاسِ ويقولَ له: أمسِكْهُ، ولا يَليقُ بنا أن نَقطعَ معروفَنا عنك؛ وقد كان الحافظُ تباطَأَ في مَشْيِهِ ارتقابًا لِما يكونُ من المنصور على أثَرِ إلقاءِ الفتى إليه كلامَ الحافظ، فلَحِقَه الفتى وهُو لم ينفصلْ عن القَصْر، فدَفَعَ إليه القِرْطاسَ الثانيَ، وأبلَغَه مقالةَ المنصُور، فسُرَّ بها وشَكَرَ عليها وأخَذَ القِرطاسَ منه انصَرفَ. ولم يزَلْ جَليلَ المكانةِ عند المنصُور، كبيرَ القَدْر مسموعَ القول مقبولَ الشَّفاعة، إلى أن توفِّي بإشبيلِيَةَ ليلةَ الخميس رابعةَ عشْرةَ شوّالِ ستٍّ وثمانينَ وخمس مئة، ومولدُه بلَبْلةَ في ربيعٍ الأوّل سنةَ ستٍّ وتسعينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) ينظر هذا المثل في كتاب الدكتور محمد بن شريفة: أمثال العوام في الأندلس 2/ 172، وأورده الزجالي بلفظ: حبس الظروف يقطع المعروف.

841 - محمد بن عبد الله بن يحيى بن فرح بن الجد الفهري، لبلي سكن إشبيلية، أبو القاسم، ابن الجد

841 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن يحيى بن فَرْح بن الجَدّ الفِهْرِيُّ، لبليٌّ سَكَنَ إشبيلِيَةَ، أبو القاسم، ابنُ الجَدّ. أخو الحافظِ أبي بكرٍ ابن الجَدّ المفروغ الآنَ من ذكْرِه. كان من أهل التبريز في المعارفِ والتحقُّق بها، كاتبًا بليغًا موفورَ الحظّ من الفقه والتكلُّم على الحديث، شُووِرَ ببلدِه واستُقضيَ بإشبيلِيَةَ، وتوفِّي سنةَ خمسَ عشْرةَ وخمس مئة. 842 - محمدُ بن عبد الله بن يَرِيم، إشبِيليٌّ أبو العاص. رَوى عن شُرَيْح. 843 - محمدُ بن عبد الله بن يَعْلَى الأنصاريُّ. رَوى عن شُرَيْح. 844 - محمدُ (¬2) بن عبد الله الأشْجَعيُّ. قَدَّمه الهيثمُ بن عُبَيد الكِلابيُّ والي الأندَلُس عند موته وتخيَّرَه لذلك، وكان فاضلًا، فصَلَّى بالنَّاس شهرَيْنِ حتى قَدِمَ عبدُ الرّحمن بن عبد الله الغافِقيُّ واليًا من قِبَل عبد الله الحَبْحَاب صاحب إفريقيّةَ والمغرب، فدخَلَها في صَفَرِ ثلاثَ عشْرةَ ومئة، وقال السالِميُّ: إنّ أهلَ الأندَلُس قدَّموهُ على أنفُسِهم بعد وفاةِ الهيثم، وقال السالِميُّ: إنّ ولايةَ عبد الرّحمن الغافِقيِّ في صَفَرِ اثنَيْ عشَرَ، قال: واستُشهدَ في أرض العدوِّ في شهر رَمَضانِ أربعَ عشْرةَ، فكانت ولايتُه سنتينِ وسبعةَ أشهر. 845 - محمدُ بن عبد الله الأنصاريُّ، طَرْطُوشيٌّ، أبو عبد الله. له رحلةٌ إلى المشرِق رَوى فيها بمِصرَ قديمًا عن أبي الطاهرِ السِّلَفيّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن بسام في الذخيرة 2/ 220 ترجمة رائقة، وابن بشكوال في الصلة (1265)، والعماد في خريدة القصر (قسم المغرب والأندلس) 3/ 393، وابن دحية في المطرب، وابن الأبار في التكملة (3102)، وابن سعيد في المغرب 1/ 341. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (969)، وينظر ابن عذاري في البيان المغرب 2/ 28، وتاريخ ابن خلدون 4/ 117.

846 - محمد بن عبد الله الأنصاري، غرناطي، أبو عبد الله السرقسطي

846 - محمدُ بن عبد الله الأنصاريُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله السَّرَقُسْطيُّ. تَلا بالسَّبع على أبي بكرٍ ابن النَّفِيس، وأكثرَ عنه مِن أخْذِ كُتُب القراءاتِ والحديث وتفَقَّه به. رَوى عنه أبو إسحاقَ بن عبد الواحِد المَلّاحيُّ، وكان من جِلّة المُقرِئين، خيِّرًا فاضلًا، صالحًا فقيهًا، مدرِّسًا مُبرِّزًا، في عُدولِ الشهود، يتَحرَّفُ بتجارةٍ في قَيْسارِيَّةِ غَرْناطة، وتوفِّي بها سنةَ سبعينَ وخمس مئة. 847 - محمدُ بن عبد الله الأنصاريُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله الزَّيْتُونيُّ. تفَقَّه باب عبد الله السَّرَقُسْطيِّ، وأخَذَ النَّحوَ عن أبي عبد الله بن عَرُوس. وكان فقيهًا ديِّنًا متواضِعًا مشهورًا بالعَفافِ [129 أ] والانقباض، تُوفِّي سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة، ودُفن بمقبُرة مَوْرُور. 848 - محمدُ بن عبد الله البَكْريُّ، حِجَاريٌّ، أبو عبد الله. رَوى عنه أبو عَمْرو بنُ سالم، وكان شاعرًا بليغًا، كاتبًا متكلِّمًا، حَسَنَ الصُّحبة، استُشهدَ بمَيُورْقةَ عندَ تغلُّب الرُّوم وقيامِهم في قصَبتِها على أهل البلد. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: كان ذلك [....] (¬1). 849 - محمدُ بن عبد الله الحِمْيَريُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي إسحاقَ ابن حُبَيْش. 850 - محمدُ بن عبد الله الغافِقيُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عبدِ الله بن أبي المُطرِّف، رَوى عنه أبو عَمْرٍو مُعوَّذُ بن داودَ الزَّاهد. 851 - محمدُ بن عبد الله اليَحْصُبيُّ، لَبْليٌّ. رَوى عن أبي عثمانَ طاهرِ بن هِشام. ¬

_ (¬1) بياض في النسختين.

852 - محمد بن عبد الله مولى القرشيين، سكن إشبيلية ثم قرطبة، أبو عبد الله، ابن الأصفر

852 - محمدُ بن عبد الله مَوْلى القُرَشِيّين، سَكَنَ إشبيليَةَ ثم قُرْطُبة، أبو عبد الله، ابنُ الأصفَر. كان مُقرِئًا نَحْويًّا أدَّب بهما والشِّعر، وكان أديبًا شاعرًا محُسِنًا في عِلم الكلام وغيره [....] (¬1). 853 - محمدُ بن عبد الله، أبو بكر البُطْريُّ، بضمِّ الباءِ بواحدة وإسكان الطاءِ الغُفْل وراءٍ منسوبًا. له رحلةٌ إلى المشرِق أدّى فيها فريضةَ الحجّ، ورَوى بالإسكندَريّة عن أبي عبد الله بن منصُورٍ الحَضْرَميِّ (¬2). رَوى عنه أبو عبد الله بن حُسَين بن عُبَادة. 854 - محمدُ بن عبد الله، طُلَيْطُليُّ الأصل، أبو بكر، ابنُ الحَرّار أو ابنُ الحَرّاز، بحاء غُفْل فيهما وراءَيْن، أو الأخيرةُ زاي. رَوى عن أبي الحَسَن ابن الأخضر، رَوى عنه أبو الحَسَن نَجَبةُ، وكان شَيْخًا صالحًا مُقرِئًا، أمَّ طويلًا برابِطة وَنان. 855 - محمدُ بن عبد الله، طُلَيْطُليٌّ, أبو عبد الله. تَلا على أبي عبد الله بن عيسى المَغامىّ. تَلا عليه أبو العبّاس بنُ عبد الرّحمن بن الصَّقْر؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا. 856 - محمدُ بن عبد الله، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله. كان فقيهًا زاهدًا، مُثابِرًا على أفعالِ الخيرِ وأعمال البِرّ كثيرَ الصَّدَقة، مُلتزِمًا غَسْلَ الموتَى محُتسِبًا، مُتقِنًا ذلك العَمَلَ؛ ورَحَلَ وحَجّ، وأُراهُ جَدَّ محمد بن عبد الله ابن الغاسِل المتقدِّم الذِّكْر (¬3). وتوفِّي سنةَ سبع وثمانينَ [129 ب] وأربع مئة. 857 - محمدُ بن عبد الله، أبو القاسم، ابنُ البَوْزُوريِّ. رَوى عن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) بياض في النسختين. (¬2) في م: "الجنب"؛ وهو صحيح أَيضًا. (¬3) الترجمة (801).

858 - محمد بن عبد الله، قرطبي، أبو عبد الله، ابن العطار

858 - مُحَمَّد بن عبد الله، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ العَطّار. رَوى عنه أبو عبد الله بن عيّاش المُؤذِّن القُرطُبيُّ؛ وكان أديبًا، ورَحَلَ وحَجّ. 859 - محمدُ (¬1) بن عبد الله، مَوْرُوريٌّ سكَنَ سَبْتةَ، أبو عبد الله. أخَذَ عنه أبو الفَضْل عِيَاض، وكان مُبرِّزًا في عِلم القراءات قائمًا عليه، ذاكِرًا لاختلافِ القُرّاء. 860 - محمدُ بن عبد الله بن الكُحْل، أبو بكر. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 861 - محمدُ بن عبد الله، أبو بكر، ابنُ اللَّجّام. رَوى عن أبي الحُسَين ابن الطَّلّاء. 862 - محمدُ (¬2) بن عبد الله، أبو عبد الله، الحَشّاءُ. رَوى عنه أبو القاسم خَلَفُ بن بَطّال. 863 - محمدُ بن عبد الله، أبو عبد الله، ابنُ قُرَشِيّة. رَوى عن أحمدَ بن عبد الجليل التُّدْمِيريِّ، رَوى عنه أبو عبد الله بنُ أبي عليٍّ المنصُورِ بن عِنَان بن لَتامَن. 864 - محمدُ بن عبد الله، أبو عبد الله، ابنُ قُرَشِيّة. رَوى عنه أبو الرَّبيع بنُ عبد الله التُّجِيبيُّ؛ وكان نَحْويًّا ماهرًا، درَّسَه زمانًا. وتوفِّي في حدودِ الثلاثينَ وخمس مئة. 865 - محمدُ بن عبد الله الخَفّافُ. يَروي عن أبي الحَسَن شُرَيْح، ولعلّه أحَدُ مَن تقَدَّم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1169)، وانظر الغنية للقاضي عياض (25). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1082)، وتنظر فهرسة ابن خير الإشبيلي (306 - 307).

866 - محمد بن عبيد الله بن أحمد بن عبد الله بن خاطب القيسي

866 - محمدُ بن عُبَيد الله بن أحمدَ بن عبد الله بن خاطِب القَيْسيُّ. 867 - محمدُ (¬1) بن عُبَيد الله بن أحمدَ بن محمد بن هِشام بن عبدِ الرّحمن بن غالِب بن سالم بن نَصْر -وقَدَّم ابنُ الأبار نَصْرًا على سالم، وأسقَطَ ابنُ الزُّبَير سالمًا بينَ غالبٍ ونَصْر- الخُشَنيُّ، رُنْديٌّ سَكَن مالَقةَ، أبو عبد الله، ابنُ العَوِيص. تَلا في مالَقةَ بالسَّبع على أبي علي منصور بن الخَيْر، وبقُرطُبةَ على أبي الحَسَن بن عبد الجَليل، وأبي القاسم بن رِضا، ورَوى عنهم، وعن أبوَيْ بكرٍ: ابن العَرَبيّ وابن المُرْخِي، وأبوَيْ جعفرٍ: البِطْروجيِّ وابن منظور، وأبوَي الحَسَن: شُرَيْح ويونُسَ بن مُغيث، وأبي الحُسَين سُليمانَ ابن الطَّراوةِ وتأدَّب به في "الكتاب"، وآباءِ عبد الله: الأحمرِ وابن نَجاح وابن أبي الخِصَال وابن أُختِ غانم وحَفيدِ مكّيٍّ، وأبي عليِّ بن سُكّرةَ، وأبي القاسم عيسى بن جَهْوَر، وأبي محمدٍ ابِن السِّيْد، وآباءِ مَرْوان: ابن سِرَاج وابن مسَرّةَ وابن أبي الخِصال، وأبي نَصْرٍ المْتْح بن عُبَيد الله، وأبي الوليد بن بَقْوة. رَوى عنه أبو جعفرٍ الجَيّارُ، وأبو سُليمانَ [130 أ] وأبو محمدٍ ابنا حَوْط الله، وأبو عبد الله بن يَرْبُوع، وأبو العبّاس العَزَفيُّ (¬2). وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، متفنِّنًا في علوم اللِّسان فاضلًا، تصَدَّر لإقراءِ القرآن وتعليم العربيّة عُمُرَه كلَّه، وأسمَعَ الحديثَ أحيانًا. مَوْلدُه في حدودِ خمس مئة، وتوفِّي بمالَقةَ غَداةَ يوم السّبت لإحدى عشْرةَ ليلةً بقِيَت من شوالِ ستّ وسبعينَ وخمس مئة. 868 - محمدُ بن عُبَيد الله بن أبي جَبَلَة. رَوى عن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1453)، والذهبي في المستملح (156) وتاريخ الإسلام 12/ 589، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 169. (¬2) وممن روى عنه أَيضًا: أبو محمد عبد الله بن عبد العظيم الزهري، كما في أدباء مالقة (78).

869 - محمد بن عبيد الله بن ثوابة اللخمي، إشبيلي أبو القاسم

869 - محمدُ بن عُبَيد الله بن ثَوابةَ اللَّخميُّ، إشبِيليٌّ أبو القاسم. رَوى عن شُرَيْح، وكان أحدَ أعيانِ بلدِه، ومن بيتِ عِلم وجَلالة، وله عنايةٌ بالتاريخ, وعنه أخَذَ أبو محمدٍ ابنُ صاحبِ الصّلاة وبه انتَفعَ في تأليفِه المشهور (¬1). 870 - محمدُ (¬2) بن عُبَيد الله بن حُسَين بن عيسى بن حَسُّونٍ الكَلْبيُّ، مالَقيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ حَسُّون. تَفقَّه بأهل بلدِه، وكان من جِلّة أعيانِه وكبار حُسَبائه، فقيهًا حافظًا، عاليَ الهمّة شريفَ النّفْس، موفورَ الحَظّ من العلم، عَدْلًا نَزِهًا سَرِيًّا فاضلًا، بارعَ الأدب فصيحَ اللّسان، ذا رُواءٍ حسَنَ وطِيبِ نَفْس. وصنَّفَ في الرقائق "المؤنسَ في الوَحدة والمُوقظَ من سِنَة الغفلة" وهو كتابٌ حسَنٌ في معناه. واستُقضيَ بغَرْناطةَ، وبه صُرِفَ أبو سَعِيدٍ خلوفُ بن خَلَف الله، فوَصَلَ إليها ليلةَ السّبت الثَّالثةَ من ذي قَعْدةِ سنة خمسَ عشْرةَ وخمس مئة، واستمرَّت ولايتُه بها إلى سنة تسعَ عشْرةَ، ومَرِضَ واشتدَّ مرَضُه، فتكلَّف التوجُّهَ إلى مالَقةَ بلدِه، فوَصَلَ إليها وقد اشتدّت عِلّتُه، فتوفِّي بها عَشِيّةَ يوم الاثنين لثمانٍ بقِينَ من جُمادى الآخِرة سنة تسعَ عشْرةَ وخمس مئة. 871 - محمدُ بن عُبَيد الله بن خَلَف، أبو عبد الله. رَوى عن أبي العطاءِ بن نَذِير. 872 - محمدُ (¬3) بن عُبَيد الله بن خَليفةَ اللَّخْميُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله. كان من أهل العلم وَرّاقًا معروفَ العدالة. توفِّي سنةَ خمسينَ أو إحدى وخمسينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) هو كتاب "المن بالإمامة على المستضعفين" الذي حققه صديقنا الدكتور عبد الهادي التازي. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1214)، والذهبي في المستملح (48) وتاريخ الإسلام 11/ 305، والنباهي في المرقبة العليا (100). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1109).

873 - محمد بن عبيد الله بن داود بن خطاب الغافقي، مرسي نزل تلمسين، أبو بكر

873 - محمدُ (¬1) بن عُبَيد الله بن داودَ بن خَطّاب الغافِقيُّ، مُرْسِيٌّ نزَلَ تِلِمْسينَ، أبو بكر. رَوى عن [130 ب] آباء بكر: ابن جَهْوَر وابن مُحرِز والمَعافِريِّ، وأبي علي الحَسَن بن عبد الرّحمن الرَّفّاء، وأبي عيسى محمد بن محمد بن أبي السَّدَاد، وأبي المُطرِّف بن عَمِيرةَ، وغيرِهم؛ وأجاز له أبو الرَّبيع بن سالم. وكان خاتمةَ الأُدَباء، بارعَ الكتابة جيِّدَ الشِّعر، استُعملَ مُدّةً بغَرناطةَ في الكتابةِ السُّلطانيّة، ثُم قَفَلَ عنها إلى بلدِه مُرْسِيَةَ وأحوالهُا قد اختَلَّت، فأقام بها وقتًا، ثم زادت أحوالهُا شدّةً، فانفصَلَ عنها إلى تِلِمْسينَ بعدَ مشاقَّ لحِقَتْه وأهوال. وجَرَتْ بينَه وبينَ جماعة من أُدباءِ عصرِه مخُاطَباتٌ ومُراجَعات أبانت عن فضلِه، وممّا يؤثَرُ من نَظْمِه: قولُه [الرمل]: رشَأٌ في الخَدِّ منه رَوْضةٌ ... ما جَناها (¬2) دانيًا للمُهتصِرْ طَلَعُ الوردُ معَ الآسِ بها ... فهوى يَغرُبُ صبرُ المصطبِرْ جال ماءُ الحُسنِ فيها والصِّبا ... فالتقَى الماءُ على أمرٍ قُدِرْ مرَّتِ الموسى على عارضِهِ ... فكأنّ الآسَ بالماءِ غُمِرْ مجمعَ البحرَيْنِ أمسى خَدُّهُ ... إذْ تلاقَى فيه موسى والخَضِرْ ومنه [الكامل]: اقنَعْ بما أوتيتَهُ تَنَلِ الغِنى ... وإذا دهَتْكَ مُلِمّةٌ فتصَبَّرِ واعلَمْ بأنَّ الرزقَ مقسومٌ فلو ... رُمْنا زيادةَ ذرَّةٍ لم نَقدِرِ واللهُ أرحمُ بالعبادِ فلا تسَلْ ... أحدًا تعِشْ عيشَ الكِرام وتؤجَرِ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الخطيب في الإحاطة 2/ 426 نقلًا عن ابن الزبير، ووقع فيه اسم أَبيه: "عبد الله"؛ والعبدري في رحلته 17. (¬2) في ب م: "فاجناها".

874 - محمد بن عبيد الله بن سعيد بن الحسن الحضرمي، قرطبي سكن غرناطة

وإذا سخِطتَ لسوءِ حالِك مرةً ... ورأيتَ نفْسَكَ قد غوَتْ فاستبصِرِ وانظُرْ إلى مَنْ كان دونَك تذَّكِرْ ... لعظيم نعمتِه عليك وتَشكُرِ ومن نثرِه: قولُه يُلغِزُ في مهثم: ما لفظٌ فَرْدٌ مدلولُ جميعِه لمداول نِصفِه ضدُّ ثاني شطرَيْه، لا يُفارقُه النُّون، ومصَحَّفُه يُبِينُه إن سُئل عنه المحزون، مفرَدٌ ومعنى الجُملة فيه مَسْبوك، ومقلوبٌ أوّلُ شطرَيْه عندَ مقلوب الثاني مفروك، وإذا تفَطَّنتَ لسِرِّه، وسَبَرْتَه حقَّ سَبْرِه، وجدتَ مُصَحَّفَه مشتقًّا من مقلوبِ شطرِه، إن قَبِلتَه مصَحَّفًا كان مُغْلَقًا، وصَلَحَ على ذاك وتلك مطلقًا، وإن حذَفْتَ منه حرفًا مهموسًا [131 أ] دَلَّ على معنًى واحد مستقيمًا ومعكوسًا؟ وكان له حَظٌّ من أصُول الفقهِ وعِلم الكلام وغير ذلك، إلى جهةِ فهمٍ وحِسّ. توفِّي بتلمسينَ يومَ عاشُوراءِ سنةِ ستٍّ وثلاثينَ وست مئة. 874 - محمدُ بن عُبَيد الله بن سَعِيد بن الحَسَن الحَضْرَميُّ، قُرطُبيٌّ سَكَنَ غَرناطة. كان فقيهًا جليلًا، خيِّرًا فاضلًا. 875 - محمدُ بن عُبَيد الله بن شُهَيْد، أبو بكر. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي. 876 - محمدُ (¬1) بن عُبَيد الله بن عبد الله بن يوسُفَ الأوْسيُّ، مالَقيٌّ، أبو عبد الله القُرطُبيُّ. رَوى عن أَبيه أبي محمدٍ، وأبي عبد الله بن نُوح، أسنَدَ عنهما القراءات. رَوى عنه ابنُه أبو إسحاقَ، وأبو عبد الله السُّهَيْليُّ المالكيُّ الضَّرير. وكان من جِلّة المُقرِئينَ لكتاب الله، القائمينَ على تجويدِه، أكتَبَهُ طويلًا برَبَض التَّبَّانِين، وشُهِرَ بالفَضْل والوَرَع والدِّين، وكان حافظًا لفروع الفقه. وتوفِّي لتسع بقِينَ من ربيعٍ الأوّل عامَ سبعةَ عشَرَ وست مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة (34).

877 - محمد بن عبيد الله بن عبد البر بن ربيعة، بلنسي شقري الأصل، أبو عبد الله

877 - محمدُ (¬1) بن عُبَيد الله بن عبد البَرّ بن رَبيعةَ، بَلَنسِيٌّ شُقْرِيُّ الأصل، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله بن حِزب الله، وأبي عُمرَ بن عبد البَرّ، وأبي المُطرِّف ابن جَحّاف. رَوى عنه أبو الحَسَن خُلَيْصُ بن عبد الله العَبْدَرِيّ؛ وكان فقيهًا مُشاوَرًا مُفتِيًا حافظًا. توفِّي والرُّومُ محاصِرونَ بَلَنْسِيَةَ سنةَ سبع وثمانينَ وأربع مئة. 878 - محمدُ (¬2) بن عُبَيد الله بن عَبْدُون الفِهْريُّ، يابُرِيٌّ. له رحلةٌ إلى المشرِق، رَوى فيها عن أبي ذَرّ الهَرَويِّ، رَوى عنه أبو محمد ابنُ أخيه عبدِ المجيد، وهنالك أبو القاسم اليابُرِيُّ المتكلَّمُ على حديثِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "خُذِي فِرْصةً مُمَسَّكة" (¬3)؛ ولعلّه هذا، واللهُ أعلم. 879 - محمدُ (¬4) بن عُبَيد الله بن عَفّانَ الغافِقيُّ، مُرْسِيٌّ سَكَنَ الحمّةَ: من أعمالِها، أبو بكر. كان فقيهًا حافظًا بصيرًا بالاتّفاق والاختلاف، مُشاركًا في الأدبِ وعِلم النَّسَب. توفِّي سنةَ ستٍّ وستينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن بشكوال في الصلة (1229)، وابن الأبار في التكملة (1154)، والذهبي في المستملح (32) وتاريخ الإسلام 10/ 587. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1143). (¬3) هو في الصحيحين: البخارِي (315)، ومسلم (332) من حديث عائشة رضي الله عنها: أن امرأةَ من الأنصار قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: كيف أغتسل من المحيض؟ فقال: "خُذي فرصة ممسكة فتوضئي ثلاثًا ... "الحديث، ومعناه: أن تأخذ قطعة من قطن أو خرقة مطيبة من مِسْك فتستعملها في مسح دم الحيض. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1417)، والذهبي في المستملح (132).

880 - محمد بن عبيد الله بن عمر بن هشام الحضرمي، إشبيلي الأصل مرسي النشأة والقراءة، تلمسيني الاستيطان، أبو عبد الله

880 - محمدُ بن عُبَيد الله بن عُمرَ بن هشام الحَضْرَميُّ، إشبِيليٌّ الأصل مُرْسِيُّ النَّشأةِ والقراءة، تِلِمْسينيُّ الاستيطان، أبو عبد الله. رَوى [132 ب] عن أَبيه أبي مَرْوانَ، وأبي بكر بن رِزْق، وأبي عبد الله بن عبد الرّحمن، وأبي القاسم بن وَرْد، ورأى صغيرًا أَبا محمد بنَ عَطِيّةَ ولم يروِ عنهُ. رَوى عنه أبو الحَسَن بنُ مُؤْمن، ولم يَذكُرْه في برنامَج شيوخِه، وأبو زكريّا بنُ عُصفُور، وكان مُقرِئًا فاضلًا صالحًا، مُقبِلًا على ما يَعْنيه، شديدَ الانقباض عن الناس، كثيرَ اللزوم لبيتِه قلّما يَبْرَحُ منه إلا لصلاة الجُمُعة أو لشهود الصّلاة في جماعة ويعودُ إليه. مَوْلدُه في محرَّمِ اثنينِ وثلاثينَ وخمس مئة، وتوفِّي بتلمسينَ سنةَ سبعَ عشْرةَ وست مئة. 881 - محمدُ بن عُبَيد الله بن محمد بن عبد الرّحمن بن أبي الفَتْح. 882 - محمدُ بن عُبَيد الله بن محمد بن مالك، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم وجَوْدة الخَطّ والتبريزِ في العدالة، حيًّا سنةَ عشرينَ وأربع مئة. 883 - محمدُ (¬1) بن عُبَيد الله بن محمد بن مَعْن بن محمد بن صُمادِح التُّجِيبيُّ، مَرَويٌّ وَشْقيُّ الأصل، أبو يحيى، سيِّدُ الدّولة. وقد تَقدَّم رفْعُ نَسَبِه في رَسْم أَبيه أبي مَرْوانَ عُبَيد الله. رَوى عن أَبيه، وأبي بكر بن الفَرَج الربوبله، وأبي العبّاس بن عثمانَ بن مكحُول، وأبي الفَضْل بن شَرَف، وأبي محمد ابن السِّيْد، وغيرِهم من أهل بلدِه وسواه. رَوى عنه أبو عبد الله ابن خَلَف الشَّبُوقيُّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1377)، وهو عنده: "محمد بن عبيد الله بن المعتصم محمد بن معن بن صمادح التجيبي"، بذكر لقب "المعتصم"، وطرح "محمد" الذي بين معن وصمادح.

وكان بارعَ الأدب، متقدِّمًا في العربيّة، متحقِّقًا بالعَروض، وصنَّفَ فيه مصنّفا لم يُخْلِه من إفادة. وكان شاعرًا محُسِنًا، اشتُهر بالفَضْل والإيثار أيامَ رياستِهم، ومَدَحَه الشّعراءُ فأجزَلَ صِلاتِهم، وممّن مَدَحَه أبو عامرٍ ابنُ الأصيلي (¬1). ولمّا اختلَّت رياستُهم بموتِ جَدِّه أبي يحيى المعتصِم لحِقَ بمَيُورْقةَ ناصِر الدّولة مبشِّرًا، ثم إلى سَرَقُسْطة، فاتّصلَ بابن هُود، ثم صار إلى طَرْطُوشة، فاتُّهم في تجوُّلِه هذا، فقُبِضَ عليه وأُجيزَ به إلى العُدْوة، فاعتُقل في سِجن مَرّاكُش؛ وله في ذلك وفي غيرِه شعرٌ كثير، فمِن شعرِه في اعتقالِه، واستشعارِه الصَّبرَ على تغيُّرِ حالِه: قولُه [الوافر]: أحبّتُنا الكِرامُ بغَوْا علينا ... وبَغْيُ المرءِ مَحبَطةٌ ونارُ وقالوا الهُجْرَ لمّا يعمَلوهُ ... وهُجْرُ القوُلِ مَنْقَصةٌ وعارٌ وما صِرْفُ الهوى حَرَمٌ مُباحٌ ... ولا محوُ الودادِ دمٌ مثارُ وقد يَنْبو الزِّنادُ لقادِحيهِ ... ويستولي على الفَرَس العِثَارُ ومنه: صبَرْتُ على منازعةِ الدّواهي ... وطَبْعُ الحُرِّ صبرٌ وائتجارُ وقلتُ: لعلّها ظُلَمٌ ألمّتْ ... وحالُ الليلِ آخرُها السِّفارُ وما أنسَى الجزيرةَ والأماني ... تديرُ لهم ودارُ العزِّ دارُ فإن يكنِ الرَّدى يكنِ اصطبارٌ ... وإن تكنِ المُنى يكُنِ اغتفارُ وقولُه يشكو النّوائب [البسيط]: صبرًا على نائباتِ الدّهرِ إنَّ لهُ ... يومًا كما فَتَكَ الإصباحُ بالظُّلَمِ إن كنتَ تعلَمُ أنّ الله مُقتدِرٌ ... فثِقْ به تلْقَ رَوْحَ الله في أَمَمِ ¬

_ (¬1) تنظر ترجمة الأصيلي في الخريدة (قسم المغرب والأندلس) 2/ 308، والمغرب 2/ 444 وغيرهما.

884 - محمد بن عبيد الله بن محمد الجذامي، أبو عبد الله

وقلّما صَبَرَ الإنسانُ مُحتسِبًا ... إلّا وأصبح في فَضفاضةِ النِّعَمِ ما زلتُ في جَزَع أصبحتُ أُظهِرُهُ ... إلّا الفناءُ، ورَيْبُ الدهرِ مُخترِمي ولو بَلَغْتُ الذي أمَّلْتُ في جَزَعي ... لكان صَبْريَ في عالٍ من الهِمَمِ ثم سُرِّح، وتوفِّي في حدود الأربعينَ وخمسِ مئة. 884 - محمدُ بن عُبَيد الله بن محمد الجُذَاميُّ، أبو عبد الله. تَلا على أبي عليٍّ حُسَين بن موسى الحَضْرَميِّ الزَّاهد، وأبي هارونَ موسى الفاسيِّ. رَوى عنه أبو الحَسَن الأطريُّ. 885 - محمدُ بن عُبَيد الله بن محمد السَّكُونيُّ، بَلَنْسِيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمسِ مئة. 886 - محمدُ بن عُبَيد الله بن هارونَ التُّجيبيُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي الأصبَغ عيسى بن أبي البَحْر، وأبي الحَسَن شُرَيْح. 887 - محمدُ بن عُبَيد الله البَكْريُّ، ابنُ الفُرَافِصة. رَوى عن أبي محمد ابن عَتّاب، رَوى عنه أبو إسحاقَ بن محمد بن كوزانة. 888 - محمدُ بن عُبَيد الله الجُذَاميُّ، أبو عبد الله. رَوى عن شُرَيْح، ولعلّه الذي رَوى عنهُ الأطريُّ، فيُحقَّقُ إن شاء الله. 889 - محمدُ بن عُبَيد الله، أبو القاسم، ابنُ فَنْدِلة. رَوى عن أبي الحُسَين ابن الطَّلّاء. 890 - محمدُ بن عُبَيد الله اللَّخْميُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي محمد ابن حَزْم. رَوى عنه أبو مَرْوانَ بن خَلَف بن معروف. 891 - محمدُ بن عُبَيد [133 ب] الله، أبو بكر، ابنُ القَصِيرة. رَوى عن شُرَيْح.

892 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد العبدري، أبو بكر

892 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن أحمدَ العَبْدَريُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي الحَسَن ابن النّعمة. 893 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن أحمدَ بن حَكِيم المَخْزوميُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبوَي الحَسَن: شُرَيْح وابن النِّعمة. 894 - محمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن أحمدَ بن خَلَصَة بن فَتْح بن قاسم بن سُليمانَ بن سُويد اللَّخْميُّ، بَلَنْسِيٌّ شُرِيُّونيُّ الأصل، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ وصَحِبَه، وأبي الحَسَن عليِّ بن سِيدَه، وأبي عليٍّ الصَّدَفي. رَوى عنه أبو بكر بن رِزْق، وأبو عبد الله بن أحمدَ بن مُطرّف التُّطِيليُّ، وأبو عَمْرٍو زيادٌ ابنُ الصَّفار. وكان حَسَنَ السَّمت معروفَ الذَّكاء جميلَ المعاملة، متقدِّمًا في علوم اللِّسان نَحْوًا ولُغةً وأدبًا، فصيحًا بليغًا، كاتبًا بارعًا، شاعرًا محُسِنًا، وكان بينَه وبينَ أبي محمدٍ ابن السِّيْد مناقَضاتٌ في بعض مقالاتِه برسائلَ استُجيدت وتنوقلتِ استحسانًا، وكان ممّا أثار غضَبَ ابن السِّيْد تعييرُه إيّاه باللَّثْغ الذي كان في لسانِه واللُّكْنة التي كانت تعتريه، وكان أبو بكرٍ ابنُ العَرَبيّ يَجِلُّه وَيشهَدُ بفضلِهِ فيما يَنتحلُه من العلوم، وربّما زارَه في منزله. تصَدَّر للإقراءِ بدانِيَةَ وبَلَنْسِيَة، ثم تحوَّل إلى المَرِيّة، وتمادى تدريسُه فيها إلى أن توفِّي بها منتصَفَ ليلةِ السّبت في عَشْر محرَّمِ أحدٍ وعشرينَ وخمسِ مئة، ودُفن لصلاة العصر منه، وصَلَّى عليه الخطيبُ ابنُ الأصبَغ ابن الحطام، وهُو أوّلُ من حدَّث عن ابن العَرَبي، وتوفِّي قبلَه بمُدّة، وقيل: توفِّي سنةَ عشرينَ، وقيل: سنةَ تسعَ عشْرةَ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1233)، وفي معجم أصحاب الصدفي (95)، والذهبي في المستملح (52) وتاريخ الإسلام 11/ 375، واليمني في إشارة التعيين (324)، والصفدي في الوافي 3/ 232، والفيروزآبادي في البلغة (334).

895 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن خلف بن أحمد بن رضا، قرطبي، أبو الوليد

895 - محمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن أحمدَ بن خَلَف بن أحمدَ بن رِضا، قُرطُبيٌّ، أبو الوليد. رَوى عن أَبيه، وأبي إسحاقَ ابن الأمين، وأبوَيْ بكر: عبد العزيز بن مُدِير، وابن العَرَبيِّ وأكثرَ عنه، وأبي الحَسَن يونُسَ بن مُغيث وأبي عبد الله ابن الحاجِّ، وأبوَي القاسم: أحمدَ بن بقِيّ وخَلَفِ بن بَشْكُوالَ وتدَبَّجَ معَه، وأبي الوليد ابن الذَبّاغ. وأجاز له آباءُ الحَسَن: شُرَيْح وعبد الجليل وابنُ نافعٍ، وأبو عبد الله جعفرٌ حفيدُ مكِّي، وأبو القاسم بن وَرْد، وغيرُهم، وكان راوية مكثِرًا عَدْلًا، من بيتِ عِلم وخَيْر. 896 - محمدُ (¬2) بن عبد الرّحمن بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن طاهرٍ القَيْسيُّ، [134 أ] مُرْسِيٌّ، أبو عبد الرّحمن. تفَقَّه ببلدِه عند أبي جعفر بن أبي جعفر، ورَحَلَ إلى قُرطُبةَ فلقيَ أَبا مَرْوانَ ابن مسَرّة، وأبا الحَسَن محمدًا ابنَ الوَزّان وطبقتَهما، ورَوى عنهم، وسَمِع أَيضًا من أبي بكر بن بَرُنْجال، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي القاسم بن وَرْد، وأبي محمدٍ عبدِ الحقِّ بن عَطِيّةَ، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ، وأجاز له أبو بكر ابنُ العَرَبيِّ وغيرُه. أخَذَ عنه كثيرًا من علم الفلسفة أبو جعفر بنُ الحَسَن بن حَسّان، وكان إلى الدِّراية أميَلَ منه إلى الرّواية، ثم طالعَ العلومَ القديمةَ فبرَّزَ فيها وعُدّ من أئمتِها, وله فيها أوضاعٌ وشروح اعتمدَها أهلُ ذلك الشأن، ورَأَسَ بمُرْسِيّةَ بعدَ انقراضِ دولة المُرابِطينَ بها يسيرًا، وكان من بيتِ رِياسةٍ وجَلالة، معظَّمَ القَدْر عندَ الخاصّةِ والعامّة، ولم تَطُلْ رياستُه، ثم تخَلَّى عنها، وخاطَبَ عبدَ المُؤْمن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1404)، والذهبي في المستملح (124). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1444) وفي الحلة السيراء 2/ 227، والذهبي في المستملح (151) وتاريخ الإسلام 12/ 544، والمراكشي في الأعلام 4/ 115، وذكره ابن القطان في نظم الجمان (50).

897 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن العاص الفهمي، مروي قرطبي الأصل، ومنها انتقل أبوه إلى المرية، أبو عبد الله، ابن أبي زيد

بمقالةٍ عِلميّة يقرِّرُ فيها صحّةَ أمرِ المَهْديِّ القائم بأمرِ الله، وبعَثَ بها إليه ثُم وفَدَ بها عليه، وتوفِّي بمَرّاكُشَ سنةَ أربع وسبعينَ وخمسِ مئة. 897 - محمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن العاص الفَهْميُّ، مَرَوِيٌّ قُرطُبيُّ الأصل، ومنها انتقَلَ أبوه إلى المَرِيّة، أبو عبد الله، ابنُ أبي زَيْد. رَوى عن أبي بحرِ سُفيانَ بن العاص، وآباءِ بكر: عبد الباقي ابن بُرَّال، والمحمَّدَيْن: ابن أغلبَ وابن العَرَبيّ، ويحيى بن محمد بن عبد الله النَّحْوي، وابن تَميم العزِّ بن بَقَنَّةَ، وأبي عبد الله بن عَطّافٍ القاضي، وأبوَيْ علي: ابن سُكّرةَ والغَسّاني، وأبي القاسم ابن العَرَبيّ، وأبي محمدِ ابن السِّيْد، وأبوَي الوليد: ابن رُشْد ومالكٍ العُتْبيّ. وأجاز له أبو بكرٍ خازم. رَوى عنه أبو إسحاقَ بن قُرْقُول، وأبوا بكرٍ: ابنُ خَيْر وابن رِزْق، وأبو العبّاس الأَنْدَرشيُّ، وأبَوا القاسم: ابنُ بَشْكُوالَ وابن حُبَيْش، وحسَنُ بنُ أبي عُمر العَنْسيُّ. وكان متفنِّنًا في علومِ اللِّسان العربيّ، مستبحِرًا في معرفتِها متحقِّقًا بها متصدِّرًا لتدريسِها، حسَنَ القَرْض للشّعر، ذا مشاركة في علم الكلام وأصُول الفقه، حَسَنَ الخَطّ جيِّد الضَّبط، صالحًا فاضلًا. توفِّي بعدَ أربع وأربعينَ وخمسِ مئة، وقال ابنُ الزُّبَير: بُعَيْدَ الثلاثينَ وخمس مئة. 898 - محمدُ (¬2) بن عبد الرّحمن بن أحمدَ بن عبد العزيز الغافِقيُّ، [134 ب] مُرْسِيٌّ، أبو القاسم، ابنُ حَمَنَال. رَوى عن أبي الخَطّاب بن واجِب، وأبي محمد ابن حَوْطِ الله. رَوى عنه أبو القاسم بنُ نَبيل؛ وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، متقدِّمَا في النَّحو، مشهورَ الدِّين والفَضْل، وخَطَبَ بجامع مُرْسِيَةَ، ووَليَ الصّلاةَ به، واستَأْدَبَه ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (194)، وابن الأبار في التكملة (1327)، وفي معجم أصحاب الصدفي (139)، والذهبي في المستملح (94) وتاريخ الإسلام 11/ 864، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 153. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1671).

899 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن سعيد الغساني، إلبيري

بعضُ الرّؤساءِ لبَنِيه، وكان متقدِّمًا في كَتْب المصاحف ومعرفة رَسْمها وإجادةِ ضَبْطِها، معَ بَراعةِ الخَطّ وجَمال الوِراقة. توفِّي أوّلَ شوّالِ ثلاثٍ وثلاثينَ وست مئة. 899 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن أحمدَ بن سعيدٍ الغَسّانيُّ، إلبِيريٌّ. رَوى عن شيوخ بلدِه، وكان فقيهًا عاقدًا للشُّروط مُشارًا إليه بالتقدُّم في معرفتِها والبَصَر بعِلَلِها. وتوفِّي بعدَ الأربعينَ وأربع مئة. 900 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن أحمدَ بن يحيى بن أحمدَ بن يَزيدَ بن هاني اللَّخْميُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عامر. رَوى عن القاضي أبي محمد بن سَمَجُون، وكان فقيهًا مُشاوَرًا، من بيتِ عِلم وجَلالة. 901 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن أحمدَ بن مُنَبِّه التَّغلَبيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عِمرانَ ابنِ السَّخّان. 902 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن أحمدَ الأنصاريُّ. رَوى عن أبي القاسم عبد الرّحيم بن محمد ابن الفَرَس. 903 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن أحمدَ الغافِقيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجيّ. 904 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن أحمدَ المُهْريُّ، شاطِبيٌّ. رَوى عن أبي الحَسَن ابن النِّعمة، وأبي محمد بن يحيى الحَضْرَميِّ، ولعلّه ابنُ حُكَيْم المذكورُ ثانيًا (¬1)، فيُحقَّقُ إن شاء الله. 905 - محمدُ (¬2) بن عبد الرّحمن بن إبراهيمَ الأنصاريُّ، بَلَنْسيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ جَوْبَر، والجيمُ مُشرَبةٌ صوتَ الشِّين والباءُ مُشرَبةٌ صوتَ الفاء. ¬

_ (¬1) الترجمة (893). (¬2) ترجمه ابن الجزري في غاية النهاية 2/ 160.

رَوى عن أبي إسحاقَ بن خِيَرة، وآباءِ بكر: أُسامةَ والعَتِيقَيْنِ: العَبْدَريِّ وابن قَنْتَرال، وابن أبي جَمْرةَ، وأبي جعفر بن عليّ بن عَوْن الله، وأبي الحَجّاج ابن أَيوب، وأبي الحَسَن بن خِيَرةَ، وأبي الحُسَين بن زَرْقُون، وأبي الخَطّاب ابن واجِبٍ وأكثَرَ عنهُ، وأبي الرّبيع بن سالم، وأبي سُليمان بن حَوْطِ الله، وآباءِ عبد الله: ابن سَعِيد المُراديّ وابن عبد العزيز بن سَعادةَ وابن نَسَع وابن نُوح، وأبي العطاءِ بن نَذِير، وأبي عُمرَ بن عاتٍ [135 أ] وأبي القاسم بن بَقِيّ، وآباءِ محمد: الزُّهْريّ وعبد العزيز بن رَيْدانَ، لقِيَه بفاسَ، والمُرْبَيْطريِّ الحاجّ وغَلْبون، لقِيَ هؤلاءِ وقَرأَ عليهم وسَمِع. ورَوى أَيضًا عن أبي أحمدَ جعفر بن أبي بكر بن سُفْيان، وأبي الحَجّاج ابن الشَّيخ، وأبي الصَّبر الفِهْرِيّ، وآباءِ عبد الله: التُّجِيبيِّ نَزيلِ تِلِمْسينَ، وابن حَسَن التُّجِيبيّ السَّبْتيّ وابن الخَبّاز وابن المُناصِف، وأبوَيْ عَمْرٍو: ابن عليّ بن هُذَيل وابن عَيْشُون، وأبي القاسم ابن سَمَجُون، وله برنامَجٌ ضمَّنَه ذكْرَهم وما أخَذَ عنهم. رَوى عنه أبوا إسحاقَ: البلَّفِيقيُّ الأصغرُ والغافِقيُّ، وأبَوا جعفرٍ: ابنُ الزُّبَيْر وابنُ سَعْد، وأبو الحَجّاج بن فَرْغَلُولش، وأبو الحَسَن ابنُ الصائغ، وأبو عبد الله التّرياسيُّ، وأبو العبّاس بن فَرْتُون، وأبَوا محمد: عبد الله ابنُ الشّيخ، ومَوْلى سَعِيد بن حَكَم. وحدَّث عنه بالإجازة أبو عبد الله الطّنْجَاليُّ وغيرُه. وكان مُقرئًا مجوِّدًا، حَسَنَ القيام على"تيسير" ابن الصيْرَفيّ (¬1)، واستَظهَرَه في صِغَرِه حِفظًا, ولم يزَلْ يَستحضرُه في كِبَرِه ذِكْرًا، وقد كان أخَذَه عن طائفةٍ من أصحابِ أبي الحَسَن بن هُذَيْل، وكان يَقعُدُ للإقراءِ والتّروِية لمن سألَ منه ذلك بمسجد سُوَيْقة سرذينةَ (¬2) أَحَد مساجد سَبْتَة، وكان شيخًا عاقلًا وَقُورًا فاضلًا، شديدَ الانقباض عن مُخالطةِ الناس، خيِّرًا، مُلازمَ الصَّمت قلَّما يتكلَّمُ ¬

_ (¬1) هو أبو عمرو الداني المقرئ المشهور. (¬2) بهامش ب: "كان يقعد بمسجد ابن خبازة بمقربة من سويقة سرذينة".

906 - محمد بن عبد الرحمن بن بدر، قرطبي

أو يبتدئُ أحدًا بكلام، فلم يكنْ كلامُه إلا جوابًا، وكان من ذَوي اليَسَارِ والجِدَة، متَحرِّفًا بتجارةٍ يُديرُها بقَيْسارِيّةِ سَبْتةَ بعدَ نُزوحِه من بلدِه، وأبضَعَ معَ ابنِه مالًا جَسيمًا فغرِقَ معَه، فلم يَظهَرْ لذلك منه جَزَع، ولا بدا عليه تغيُّرٌ؛ صَبْرًا على مصيبتِه واحتسابًا لرَزيّتِه وتسليمًا لحُكم الله وتفويضًا إليه ورِضًا بجاري قضائه، وأسَنَّ فعلَتْ رِوايتُه، وكان آخرَ الرُّواة بالسَّماع عن أبوَيْ بكر: أُسامةَ بن سُليمان وابن أبي زَمَنِين، واستمرَّت أحوالُه على الاستقامةِ واستصحابِ الفَضْل والدِّيانة إلى أن توفِّي لأربعٍ خَلَوْنَ من ذي قَعْدةِ خمسٍ وخمسينَ وست مئة، ومَوْلدُه في حدود السبعينَ وخمسِ مئة (¬1). 906 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن بَدْر، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والعدالة، حيًّا سنةَ ثلاثٍ [135 ب] وثمانينَ وأربع مئة. 907 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن أبي زَمَنِين المُرِّيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو خالد. رَوى عن شُيوخ بلدِه، وكان ذا معرفةٍ بالفقه وروايةِ الحديث، وعناية بالسَّماع، من بيتٍ مشهور بالعِلم والجلالة، واستُقضيَ بالمُنَكَّب. وتوفِّي بغَرناطةَ لستٍّ بقِينَ من ذي قَعْدةِ سنة أربع وأربعينَ وخمس مئة، ومَوْلدُه سنة سبع وتسعينَ وأربع مئة. 908 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن أبي خالد، سَرَقُسْطيٌّ. رَوى عن أبي القاسم ثابتِ بن عبد الله بن ثابت، وأبي مَرْوانَ محمد بن يوسُف بن مَرْوان، وكان فقيهًا جليلًا حافظًا. 909 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن أبي زَيْد، أبو زَيْد. [رَوى] عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "قال أبو إسحاق البلفيقي ونقلته من خطه في رسم هذا الشيخ: مولده عام ثمانية وسبعين وخمس مئة، أخبرني بذلك غير مرة وأن أصله من طرطوشة انتقل أبوه منها إلى بلنسية؛ وقد أجاز لشيخنا أبي القاسم البلفيقي وولده أبي إسحاق بقراءته".

910 - محمد بن عبد الرحمن بن أبي العاص بن يوسف بن فاخر بن عتاهية بن أيوب بن حيون بن عبد الواحد بن عفيف بن محمد بن عفيف بن عبد الله بن رواحة بن سعيد بن سعد بن عبادة، الأنصاري الخزرجي، شارقي، أبو عبد الله

910 - محمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن أبي العاص بن يوسُفَ بن فاخِر بن عَتَاهِيَةَ بن أيّوبَ بن حَيُّون بن عبد الواحِد بن عَفيفِ بن محمد بن عَفِيف بن عبد الله بن رَوَاحةَ بن سَعِيد بن سَعْد بن عُبَادةَ، الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ، شارِقيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الوليد الوَقَّشِيِّ وصَحِبَه، وأبي مُحَمَّد ابن السِّيْد. رَوى عنه أبو العاص الحَكَمُ بن محمد. وتوفِّي في نحوِ العشرينَ وخمس مئة. 911 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن أصبَغَ بن أصبَغَ بن محمد بن السَّمْح، غَرْناطيٌّ. رَوى عن أهل بلدِه، وكان من حُسَبائه وجِلّةِ فُقهائه ونبهائه. توفِّي في عَشْر الأربعينَ وخمس مئة، ودُفنَ برَوْضة سَلَفِه من مقبُرةِ باب إلبِيرةَ على قارعةِ الطريق. 912 - محمدُ بن عبد الرّحمن، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله حفيدِ مكِّيّ. 913 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن حَسّان. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجيّ. 914 - محمدُ (¬2) بن عبد الرّحمن بن الحَسَن بن قاسم اللَّخْميُّ، غَرْناطيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ هانئ. وقد تقَدَّم رفْعُ نَسَبِه في رَسْم أخيه الحَسَن. رَوى عن أَبيه، وعن أشياخ أخيه، وعن أبي بحرٍ الأسَديِّ، وأبوَيْ بكر: الطَّرطُوشيِّ وغالبِ بن عَطِيّة، وأبي الحَسَن ابن الباذِش، وأبوَيْ محمد: ابن عليّ بن سَمَجُون وابن عَتّاب، وأبوَي الوليد: ابن رُشْد وابن طَرِيف. رَوى عنه هانئٌ ابنُ أخيه الحَسَن. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1219). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1464).

915 - محمد بن عبد الرحمن بن حسين بن فرج الأنصاري، أبو عبد الله، ابن الرداء

وكان فقيهًا راوِيةً للحديث، متقدّمًا [137 أ] في النَّحو والعَروض والأدب والطّبّ، حَسَنَ الخَطّ جيِّدَ الشِّعر، جَوادًا مُفضلًا، من بيتِ حسَبٍ وجَلالة. مَوْلدُه لثلاثٍ بقِينَ من ذي حجة ثمانٍ وتسعينَ وأربع مئة، وتوفِّي بغَرْناطةَ لسبع بقِينَ من جُمادى الأُخرى سنةَ ستٍّ وسبعينَ وخمس مئة. 915 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن حُسَين بن فَرَج الأنصاريُّ، أبو عبد الله، ابنُ الرّداء. تَلا بالسَّبع علي أبي إسحاقَ بن عبد الملِك بن طلحةَ، وأبي القاسم الشَّرَّاط، وناوَلَه أبو بكر بنُ خيْر، وأجازوا لهُ [....] (¬1)، وكان مُقرِئًا فاضلًا زاهدًا متينَ الدِّين، وكُفَّ بصَرُه بأخَرةٍ، نفَعَه الله. 916 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن حَيْوَةَ. كان بارعَ الخَطّ جيِّدَ الضَّبط، حيًّا سنةَ سبع وثلاثينَ وخمسِ مئة. 917 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن خَطّاب، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ. 918 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن خَلَف بن حَسَن بن محمد النَّفْزيُّ. تَلا على أبي الحَسَن بن دُرِّيّ، تلا عليه ابنُ أُختِه أبو عبد الله بنُ قاسم الِهلاليُّ الدوركريُّ؛ وكان من مُتقِني حَمَلَةِ القرآن، نَدِيَّ الصَّوت طيِّبَ النَّغَمة، مُكْتِبًا حسَنَ التعليم، كثيرَ الاجتهادِ في العبادة من قيام وصيام وتلاوةٍ للقرآن، والسَّمْحَ بما يملِك، لَزِمَ الإمامةَ أزيَدَ من خمسينَ سنة، وكان خَطيبًا فصيحًا بليغًا. توفِّي سنةَ تسع وخمس مئة ابنَ ثلاثٍ وسبعينَ سنةً. 919 - محمدُ (¬2) بن عبد الرّحمن بن خَلَف الأنصاريُّ، بَيّاسيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ غَانَة -بغَيْن معجَم وألفٍ ونون- وابنُ القَفّال. ¬

_ (¬1) بياض في النسختين. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1375)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 154 نقلًا عن ابن الزبير.

920 - محمد بن عبد الرحمن بن ربيع الأشعري، قرطبي

رَوى عنه أبو بكر ابن حَسُّون. وكان مُقرِئًا نَحْويًّا أديبًا، درَّسهما، وتصَدَّر للإقراءِ وخَطَبَ ببلدِه. 920 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن رَبيع الأشعَريُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة. 921 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن رشيد. رَوى عنه عبدُ العزيز بن يحيى بن لَبِيد. 922 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن سِدَالُّه -بكسر السِّين الغُفْل ودال غُفْل وألفِ لام مشدَّد مضموم وهاء- المَعافِريُّ، مُرْسِيٌّ، أبو عبد الله. رَحَلَ إلى المشرِق وأخَذَ بالإسكندَريّة [137 ب] عن أبي الطاهرِ السِّلَفيّ. 923 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن سَعْدون، أبو عبد الله. رَوى عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبي. 924 - محمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن سَعِيد بن إسماعيلَ بن فِهْرٍ اللَّخْميُّ، قُرْطُبيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ عبد السّلام. 925 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن سَعِيد النَّفْزِيُّ، شاطِبيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الجَبّاب. رَوى عن أبي عليٍّ الغَسّاني، وأبي القاسم بَكّار بن الغَرْديس؛ لقِيَه بسِجِلْماسَةَ. 926 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن سَلَمةَ، قُرْطُبيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عنه عبدُ البَرّ مؤلَّفَ أبي شبيث. 927 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن سُليمانَ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوجيِّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1062).

928 - محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعيد الحضرمي، ابن الصفار روى عن أبيه

928 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن سَعِيد الحَضْرَميُّ، ابنُ الصَّفّار. رَوى عن أَبيه. 929 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن عُفَيْر، أموَيٌّ لَبْليٌّ، أبو بكر. وقد تقَدَّم الخِلافُ في نَسَبِه في رَسْم إسماعيلَ بن سَعْدِ السُّعود بن عُفَيْر. له رحلةٌ إلى المشرِق لقِيَ فيها أَبا الفَرَج ابنَ الجَوْزِيُّ وطبقتَه، وتلبَّس بالوَعْظ وسَلَكَ فيه طريقةَ شيخِه أبي الفَرَج، وعاد إلى المغرِب والأندَلُس، ودَخَلَ مَرّاكُشَ وأغمات وغيرَهما من بلاد العُدْوة، وعَقَدَ فيها مجالسَ الذِّكْر والوعظ، وكان مُستطرَفَ المَنازع فيما يأتي به منها, وله في الكُدْيةِ مآخِذُ غَريبة، أخبَرني التأريخيُّ أبو سَعِيدٍ عثمانُ بن [....] (¬1) المعروفُ بابن خَرْزوزة، قال: حضَرتُ بعضَ مجالسِه الوَعْظيّةِ بتِلِمْسين، وقد ذَكَرَ للحاضِرينَ أنه يريدُ التزوُّجَ أو التسَرِّي، والتمَسَ منهم كفايتَهم إياه النظرَ في ذلك، ثم أنشَدَ [السريع]: وقلتَ يَا رب: حمَلْناكُمُ ... لمّا طغَى الماءُ على الجارِيهْ عبدُك هذا قد طَغَى ماؤهُ ... فاحمِلْهُ يَا ربِّ على الجاريهْ فتأثَّر له الحاضرونَ وياسَرُوهُ في مطلبِه. وذَكَرَ لي غيرُ واحد أنه تكلَّمَ على أهل أغمات في مجالس، فلم يصِلْ إليه منهم إحسانٌ، فأدرَجَ في بعض مجالسِه تنبيهًا لهم وعَتبًا قولَه: [138 أ] لاعبتُ الزّمانَ، في دَسْتَ الحَدَثان، فضَرَبَني في طُرّةِ الحِرمان شاه مات، فشكَوْتُ الحالَ إلى أهل أغْمات، فكلُّهم قال: أغْ مات. ومعنى أغ بلسانِ المصامدة -وهم البَرْبرُ المُجاوِرونَ مَرّاكُش وما صاقَبَها من البلاد-: "خُذْ"، فكان معنى ما تقوَّل عليهم: "خُذْ مات"، أي: أنّ الإعطاءَ لا يوجَدُ منهم. وكان لأوّل ما ورَدَ أغْمات نزَلَ بقريتِه بشَرْقيِّ الجامع الأعظم منها، داخِلَه كانت قبلَهُ متعبَّدًا لبعض أفاضلِها، فلمّا انصَرفَ إلى منزلِه قصَدَه بعضُ وجوهِها ¬

_ (¬1) بياض في النسختين.

930 - محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن مغنين الكتامي، إشبيلي، أبو بكر ومغنين: بفتح الميم وسكون الغين المعجم ونونين بينهما ياء مد

متعذِّرينَ إليه ومتنصِّلينَ ممّا نُسِبَ إليهم، وذكَروا له أنَّهم ما زالوا منذ ورَدَ عليهم ناظِرينَ فيما يقابِلونَه به، فقال لهم: لا يُرضيني إلا ألفُ دينار، ولا آخُذُها إلا من رجلٍ واحد، فجَمَعوها ودفَعوها إلى بعضِهم، فحَمَلَها إليه فقَبِلَها وانصَرفَ عنهم. ولمّا قفَلَ إلى الأندَلُس وقصَدَ إشبيلِيَةَ وهَمَّ بعَقْد مجالسِ الوَعْظ فيها منَعَه أهلُه وقُرَباؤه وقالوا: لا نُبيحُ لك ولا نُساعدُك على التعرُّض إلى الكُدْية في بلدٍ يُعرَفُ فيه شرَفُ أسلافِك، وبمسجدٍ كان فيه أبوك خطيبًا، فانصرَفَ عنهم إلى بلادِ الأندَلُس ثم إلى العُدْوة، وشاع في الآفاق ذكْرُه، وتلَقى الناسُ أحوالَه بالاستحسان، وقابَلوهُ بضروبٍ من الإحسان. وكان حَسَنَ الصَّوت طيِّبَ النَّغَمة عجيبَ الإيراد. وتوفِّي في نحوِ العشرينَ وست مئة (¬1). 930 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن محمد بن مَغْنِيْن الكُتَاميُّ، إشبِيليٌّ، أبو بكر. ومَغْنِينُ: بفتح الميم وسُكون الغَيْن المعجَم ونونَيْنِ بينَهما ياءُ مَدّ. رَوى عن أبي الحَسَن نَجَبةَ. 931 - محمدُ (¬2) بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن مُطرّفِ بن أبي سَهْل بن ياسين النَّفْزِيُّ، شاطِبيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أَبيه أبي زَيْد وغيرِه؛ وكان من أهل العلم بالفقه والحِفظِ للمسائل والبَراعة في الأدب، ذا حَظّ صالح من قَرْضِ الشِّعر. توفّي في العَشْر الأُوَل من رمضانِ تسعينَ وخمسِ مئة. 932 - محمدُ (¬3) بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن موسى بن غَلُّوْز -بفتح الغَيْن المعجَم وتشديد اللام وواوِ مَدّ وزاي- الغافِقيُّ، مَيُورْقيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ العَنْصَريِّ، بفَتْح العَيْن الغُفْل وتسكينِ النونِ وفتح الصّادِ الغُفْل [138 ب] وراءٍ منسوبًا. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "روى عنه أبو بكر بن مسدي وقال: مولده بلبلة بعد الخمسين وخمس مئة، وتوفي بإشبيلية سنة اثنتين وعشرين وست مئة، قال: وذكر لي هو وأخوه أنهم من ذرية عثمان بن عفان رضي الله عنه". (¬2) ترجه ابن الأبار في التكملة (1507). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1134).

933 - محمد بن عبد الرحمن بن عبد السلام بن أحمد بن يوسف الغساني، غرناطي، أبو عبد الله

رَوى عنه قريبِه أبو عليٍّ الحَسَن بن أحمدَ بن غَلُّوْز. 933 - محمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن عبد السّلام بن أحمدَ بن يوسُفَ الغَسّانيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكر بن أبي زَمَنِين، وأبي عُمرَ بن عاتٍ، وأبي القاسم بن سَمَجُونَ، وأبي محمد بن حَوْطِ الله. رَوى عنه أبو محمد بن عبد الرحمن بن بُرْطُلُّه. وكان محدِّثًا نبيلًا حاذقًا ذَكيًّا, وله شَرْحٌ حَفيلٌ على كتابِ "الشِّهاب" واختصارٌ حسَنٌ في "اقتباسِ الأنوار" للرُّشَاطيّ، وكان كاتبًا وافرَ الحَظّ من الأدب، يقرِضُ شعرًا لا بأسَ به، ومنه في ذكْرِ طبقاتِ أنسابِ العرب (¬2) [الكامل]: الشَّعبُ ثم قبيلةٌ وعِمَارةٌ ... بطنٌ وفَخْذٌ والفَصيلةُ تابعَهْ فالشَّعبُ يَجمَعُ للقبائلِ (¬3) كلِّها ... ثم القبيلةُ للعِمارةِ جامعهْ والبطنُ تجمَعُه العمائرُ فاعلمَنْ ... والفَخْذُ تجمَعُه البطونُ الواسعهْ والفَخْذُ تَجمَعُ للفصائل هاكَها ... جاءَتْ على نَسَقٍ لها متتابعهْ فخُزَيْمةٌ شعبٌ وإنّ كِنانةً ... لَقبيلةٌ عنها الفصائلُ شائعهْ وقُرَيْشُها تُسْمَى العِمارةَ يَا فتى ... وقُصَيُّ بطنٌ للأعادي قامعهْ ذا هاشم فَخْذٌ وما عبّاسُها ... إلا الفصيلةُ لا تُناط بسابعهْ أنشَدَ لنفسِه هذه الأبياتَ في صَدْرِ مختصَرِه من"اقتباسِ الأنوارِ" للرُّشَاطيّ. مَوْلدُه بغَرناطةَ سنةَ ثمانٍ وستينَ وخمسِ مئة، وتوفِّي بمُرْسِيَةَ في رمضانِ تسعَ عشْرةَ وست مئة (¬4). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1629)، والذهبي في المستملح (267) وتاريخ الإسلام 13/ 584، والمقري في نفح الطيب 4/ 308. (¬2) ينظر هذا الشعر في نفح الطيب 4/ 308. (¬3) في النفح: "مجتمع القبيلة". (¬4) بهامش ب: "روى عنه أبو [] وقال: أخبرني أن [مولده] قبل الستين [وخمس مئة] ".

934 - محمد بن عبد الرحمن بن عبد السلام

934 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن عبد السّلام. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 935 - محمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن عبد العزيز بن خَليفةَ بن أبي العافيةِ الأَزْديُّ، غَرْناطيُّ كُتَنْديُّ الأصل سَكَنَ مُرْسِيَةَ ومالَقةَ كثيرًا ثم غَرْناطةَ والمُنَكَّب، أبو بكرٍ الكُتَنْديُّ. رَوى عن أبي إسحاقَ بن خَفَاجةَ، وأبوَيْ بكر: ابن العَرَبيّ وابن مَسَعود أبي رُكَب، وأبي الحَسَن يونُسَ بن مُغيث، وآباءِ عبد الله: حفيد مكِّيٍّ وابن نَجاح، وابنَي اليوسُفَيْن: ابن خَطّاب وابن عَمِيرةَ، وأبي القاسم بن أبي جَمْرةَ، وأبي محمد بن أبي جعفرٍ، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ. رَوى عنه أبو سُليمانَ وأبو محمدٍ ابنا حَوْطِ الله، وأبو العبّاس أصبَغُ بن عليِّ بن أبي العبّاس، وأبو عليٍّ حَسَنُ بن كِسْرى، وأبو عَمْرو بن [139 أ] سالم، وأبو القاسم المَلّاحي. وكان راوِيةً فقيهًا، متقدِّمًا في علوم اللّسان، بارِعًا شاعرًا مجُيدًا، كاتبًا بليغًا، سَرِيَّ النَّفْس، كتَبَ عن بعض الوُلاة بمالَقة، وكانت بينَه وبينَ جماعةٍ من أُدباءِ عصرِه من أهل مالَقةَ وغيرِهم مُفاتَحات ومُراجَعات نظمًا ونثرًا، ظهَرتْ فيها إجادتُه وحُسنُ تصرُّفِه. ومن شعرِه: ما نَقلتُه من خطّ شَيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ رحمه اللهُ وأنشَدتُه عليه، قال: أنشَدَني أبو القاسم بنُ محمد بن سُليمانَ المقَّريُّ صاحبُنا رحمه الله، قال: أنشَدَني أبو القاسم بنُ عبد الواحد صاحبُنا، قال: أنشَدَني الأديبُ أبو بكرٍ الكُتَنديّ صاحبُنا لنفسِه (¬2) [مخلع البسيط]: ¬

_ (¬1) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة (12)، وابن الأبار في التكملة (1484)، والرعيني في برنامجه (66)، وابن سعيد في المغرب 2/ 264 وفي رايات المبرزين (90)، والذهبي في المستملح (168) وتاريخ الإسلام 12/ 764، وله ذكر في نفح الطيب 3/ 497، 513. (¬2) برنامج شيوخ الرعيني (66).

936 - محمد بن عبد الرحمن بن عبادة الأنصاري، جياني أجني الأصل، أبو عبد الله

يا سَرْحةَ الحيِّ يا مَطُولُ ... شَرْحُ الذي بينَنا يَطُولُ عندي مقامٌ فهل مقالٌ ... تُصغينَ فيه لِما أقولُ ولي ديونٌ عليكِ حلّتْ ... لو أنّهُ ينفَعُ الحُلولُ ماضٍ من العيشِ كان فيهِ ... منزلَنا ظلُّكِ الظَّليلُ زال وماذا عليهِ ماذا ... يَا سَرْحَ لو لم يكنْ نزولُ حيَّ على المُدنَفِ المُعَنّى ... مَنْبِتُكِ القطرُ والقَبُولُ رَخَّم"سَرْحَ" في البيتِ الخامس، ولا يُرخَّم مثلُه في المضاف. ومن شعرِه وأعَدَّه ليُكتَبَ على قبرِه [المديد]: حيِّ قَبْرًا بالبَقيعِ حَوَى ... ذا اغترابٍ حَطَّ أرْحُلَهُ جَدَّ في تَسْيارهِ وجَرَى ... طَلَقًا ما شاءَ طوَّلهُ فهْو قد ألقَى عصاهُ ولم ... يَدَّخِرْ إلّا توكّلَه وشعرُه جيِّدٌ كثير، وتوفِّي بغَرْناطةَ وقد نَسَكَ وانقَطعَ إلى الأعمال الصّالحة سنةَ ثلاث أو أربع وثمانينَ وخمس مئة، ودُفن ببابِ إلبِيرةَ، ومَوْلدُه سنةَ سبع وخمس مئة. 936 - محمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن عُبَادةَ الأنصاريُّ، جَيّانيٌّ أجنيُّ (¬2) الأصل، أبو عبد الله. تَلا في بلدِه بالسَّبع على أبي الأصبَغ بن عيسى بن حَزْم، وأبي الحَجّاج بن عَبّاد المُرادِيِّ الأعرَج، وأبي عبد الله بن موسى الأنصاريِّ السالميِّ، وأبي زكريّا بن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1409)، والذهبي في المستملح (128) وتاريخ الإسلام 12/ 327 ومعرفة القراء 2/ 523، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 162، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 239. (¬2) بهامش ب: "هي قرية بين جيان وبين إقليم شقورة" (وهو كذلك عند ابن الأبار).

937 - محمد بن عبد الرحمن بن عصام، أبو بكر

حَبِيب، وآباءِ عبد الله: ابن أحمدَ الثَّقَفيِّ وابن عليِّ بن محمد النَّفْزِيّ وابن عُمرَ الخَزْرَجيّ ابن أبي العَصافير، وأخَذَ بقُرطُبةَ أَيضًا عن أبي الحَسَن يونُس بن مُغيث، وتفَقَّه فيها بأبي عبد الله ابن [139 ب] الحاجّ، وأبي محمد بن عَتّاب، وأبي الوليد ابن رُشْد، ولقِيَ أَبا بكرٍ وأبا الطاهِر إسماعيلَ ابنَيْ مَسْعود الخُشَنيّ. ومن شيوخِه سوى من ذُكِر: أبو إسحاقَ بنُ عبد العزيز بن أبي تَمّام، وأبو بَحْر الأَسَديُّ، وأبو الحَسَن شُرَيْح، وأبَوا عبد الله: القُرَشِيُّ الحاجُّ وابنُ أُختِ غانم، وأبو عليّ منصُورُ بن الخَيْر، وأبو القاسم ابن الفَرَس، وأبو محمد بنُ أبي جعفر. وأجاز له آباءُ بكر: غالبُ بن عَطِيّةَ وابنُ العَرَبي وابن فَنْدِلةَ، وأبوا عبد الله: أحمدُ الخَوْلانيُّ وجعفرٌ حفيدُ مكِّيّ، وأبو القاسم بنُ بَقِيّ، وأبو مَرْوانَ الباجِيُّ. رَوى عنه أبو بكر عَتِيقُ بن عليّ العَبْدَريُّ، وأبو عبد الله المُعَمَّر بن سَعادةَ وأبو عُمرَ بن عاتٍ (¬1). وكان راسخَ القَدَم في عِلم القراءات، متقدِّمًا في إتقانِ التجويد وإحكام الأداء، ذا حظٍّ من رواية الحديث ونَظَر في الفقه، أقْرَأَ بجَيّانَ مُدّةً، ثم تحوَّلَ عنه عَقِبَ الفتنة سنةَ ثلاثٍ أو أربع وأربعينَ وخمسِ مئة إلى شاطِبة، فأقْرأَ بها طويلًا، وأقْرأَ أَيضًا بمُرْسِيَةَ، وطال عُمُرُه فانتفَعَ النَّاسُ بالأخْذِ عنه. مَوْلدُه بحِصن منتورَ سنةَ ثمانينَ وأربع مئة، وتوفي بشاطِبةَ سنةَ أربع وستّينَ وخمسِ مئة، وغَلِطَ ابنُ سُفيان في وفاتِه فجَعَلَها سنةَ ستّين، وقال ابنُ الزّبَير: أحسَبُه تُوفِّي في آخرِ عشْر السّبعين. 937 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن عِصام، أبو بكر. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفيّ. 938 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن عَلّالٍ النَّفْزِيُّ، شاطِبيٌّ، أبو عبد الله. رَوى بفاسَ عن عَبّاد بن سِرْحان. ¬

_ (¬1) بعد هذا بياض يزيد عن السطر قليلا.

939 - محمد بن عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد الزهري، وقد وقع نسبه مرفوعا في غير موضع من رسوم أهل بيته، إشبيلي، أبو بكر

939 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن عليّ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن أحمدَ الزُّهْريُّ، وقد وقَعَ نَسَبُه مرفوعًا في غيرِ موضع من رُسوم أهل بيتِه، إشبيليٌّ، أبو بكر. رَوى عن أبي بكر بن خَلَف بن صافٍ وتلا عليه بالسَّبع. 940 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن عليّ بن الحَسَن الأَنْصاريّ، إشبِيليٌّ فيما أحسَبُ. رَوى عن المجوِّد أبي العبّاس ابن النَّخّاس. 941 - محمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن عليّ بن محمد بن سُليمانَ التُّجيبيُّ، لَقَنْتيٌّ سَكَنَ بأَخَرةٍ تِلِمْسين، أبو عبد الله التُّجيبيُّ وابنُ الأديب، وكان أبوهُ من ساكني أُورِيُولةَ. رَوى بالأندَلس عن أبي الحَجّاج [140 أ] بن إبراهيمَ، وأبي الحَسَن بن فَيْد، وأبوَيْ عبد الله: قريبِه ابن أحمدَ بن مُعْطٍ وابن عبد الرّحيم. وأجاز له أبو عليّ منصورٌ الأحدَبُ. ورَحَلَ إلى المشرِق حاجًّا وطالبًا للعلم، فأدَّى فريضتَه واستكْثَرَ من لقاءِ المشايخ والسَّماع عليهم، فلقِيَ في وِجهتِه تلك بسَبْتةَ: أَبا محمد بنَ عُبيد الله، وبالمَهْديّة: أَبا حفص عُمرَ بن عَتِيق بن عبد المُحسِن التَّميميَّ ابنَ سَديد، وناوَلاهُ، وقاضيَها أَبا يحيى أبو بكر (¬2) بن عبد الرّحمن بن عبد الله الغَسّانيَّ، وقرَأَ عليه، وأجازوا له. وبالإسكندَريّة: الأخوَيْنِ أَبا محمد وأبا الطاهر الدِّيباجِيَّيْنِ، والأخوَيْنِ: أَبا عبد الله محمّدًا وأبا الفَضْل أحمدَ ابنَيْ عبد الرّحمن بن منصُور الحَضْرميَّيْنِ، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1589)، والذهبي في المستملح (236) وتاريخ الإسلام 13/ 248 وسير أعلام النبلاء 22/ 24 وتذكرة الحفاظ 4/ 1494، والصفدي في الوافي 3/ 234، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 164، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 240، والمقري في نفح الطيب 2/ 379، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (276)، والكتاني في فهرس الفهارس 2/ 95. (¬2) هكذا ذكره على الحكاية.

وأبا الثناءِ حَمّادَ بن هِبة الله الحَرّانيَّ، وأبا الحَجّاج يوسُفَ بن محمد بن عليّ القَيْروانيَّ، وأبوَي الحَسَن: ذُبْيانَ بن ساتْكِينَ بن أبي المنصُور البغداديَّ وعليَّ بن المُفَضَّل المَقْدِسيَّ، وأبا الحُسَين يحيى بنَ أبي عبد الله الرّازي، وأبا الضِّياءِ بدْرَ ابنَ عبد الله الخُدَاداذيَّ، وأبا طالبٍ أحمدَ بن مُسْلم بن رجاءٍ اللَّخْميَّ، وأبوي الطاهر: السِّلَفيَّ وأكثَرَ عنهُ، وابنَ عوف (¬1)، وأبوَيْ عبد الله: ابنَ عبد الله بن الحُسَين بن عليٍّ الهَرَويّ وابنَ عمادٍ الحَرّانيَّ، وأبا عليّ الحُسَينَ بن عبد الله بن رَوَاحةَ الأنصاريَّ الحَمَويَّ، وأبا الفَضْل المُشرَّفَ بنَ أبي الحَسَن عليِّ بن المشرَّف بن المُسَلَّم الأنماطيَّ، وأبا الغنائم المُطهَّرَ بن خَلَف بن عبد الكريم النَّيْسابوريَّ الشَّحّاميَّ، وآباءَ القاسم: عبدَ الرّحمن بن خَلَف بن محمد بن عَطِيّةَ التَّمِيميَّ المؤذِّن ومحمدَ بن عليّ بن خَلَف بن عليِّ بن الحُسَين الحَسَنيَّ ابنَ العَرِيف وهِبةَ الله بن عليّ بن سُعُود البُوصِيريَّ، وآباءَ محمد: عبدَ الخالق بن إبراهيمَ بن موسى العَفِيف وعبدَ العزيز بن فارسِ بن عبد العزيز الرَّبَعيَّ الشَّيْبانيَّ وعبد الغنى بن عبد الواحِد بن عليِّ بن سُرورٍ المَقْدِسيَّ ومُقاتلَ بن عبد العزيز بن يعقوبَ البَرْقيَّ، وأبا المَحاسِن المُشرَّفَ بن المؤيَّد عليٍّ ابنِ الهَمَذانيِّ ابنَ الحاجِب، وأبا مَرْوانَ عبدَ الملِك بن محمد التُّوْزَرِيَّ، وأبا المظفَّر منصورَ بن طاهِر بن أبي القاسم الصَّفَّار. وبالقاهرة: أَبا عَمْرٍو عثمانَ بن فَرَج العَبْدَريَّ السَّرَقُسْطيّ، وبمِصرَ: أَبا عبد الله محمدَ بن عليّ بن محمد الرَّحَبيَّ، وأبا [140 ب] الفَتْح عُبَيدَ الله بن محمود بن أحمدَ بن عليّ المحمُوديَّ ابنَ الصّابُونيِّ، وأبا محمدِ عبدَ الله بن بَرِّيّ بن عبد الجَبّار المَقْدِسيَّ، وأبا المظفَّر إسماعيلَ بن عليّ بن مقشرٍ النَّحْوي، وبإحداهما: أَبا عبد الله محمدَ بن المَرْزُبانِ الحُوفيَّ، وأبا محمد عبدَ القادر بن عبد الله بن عبد الرّحمن الرُّهَاويَّ، وأبا نَصْر فتوحَ بن حمزةَ المُجَلِّيَ، وأبا يعقوبَ يوسُفَ بن هِبة الله بن الطُّفَيْل الدِّمشقيّ. ¬

_ (¬1) هو أبو الطاهر إسماعيل بن عوف محدث الإسكندرية.

وبمكّةَ شَرَّفها الله: أبوَي الحَسَن العَلِيَّيْنِ: ابنَ الحَسَن ابن قَنَانٍ الأنباريَّ ثم البغداديَّ، وابنَ حُمَيْد بن عَمَّار بن يحيى الطَّرَابُلُسيَّ، وأبا محمدٍ المبارَكَ بن عليّ بن الحُسَين بن عبد الله بن محمد البغداديَّ ابنَ الطَّبّاخ وابنتَيْهِ: مريمَ وميمُونةَ، وأجازوا كلُّهم له. وأجاز له ممّن لم يلقَهُ هُو، أو لقِيَ بعضَهم وشافَهَه: أبو إسحاقَ إبراهيمُ بن عبد الله العَسْقَلانيُّ، وأبوا بكرٍ: ابنُ أحمدَ بن خَلَف البَلْخيُّ ومحمدُ بن يحيى بن نَصْرِ الله بن سَعِيد الأمَويُّ، وأبو الثَّناءِ محمودُ بن محمد بن عليّ البغداديُّ، وأبو الجُيوش عساكرُ بن عليّ بن إسماعيلَ، وأبو الخَيْر سَلامةُ بنُ عبد الباقي بن سَلامةَ الأنباريُّ الضَّريرُ النَّحْويُّ، وآباءُ الحَسَن العَلِيُّونَ: ابنُ أحمدَ بن محمد بن أحمدَ البغداديُّ الحَدِيثيّ، وابنُ إسماعيلَ الطُّوسيّ، وابنُ حَمْدون الصُّوريُّ نَزيلُ مِصرَ، وابنُ عبد الملِك الرَّبَعيّ، وابنُ عساكرَ ابنُ المرحَّب، وابن بياضٍ اللَّكيُّ، وابنُ هِبة الله بن عبد الصَّمد الكامِليُّ، وابنُ يوسُفَ بن عليّ المِصريُّ، ومحمدُ بن عبد الله بن مُجَير الحارِثيُّ، وأبو الحَسَن عبدُ الحقّ بن عبد الخالق بن أحمدَ بن عبد القادرِ بن محمد بن يوسُف، وأبوا حَفْص العُمَرانِ: ابنُ عبد المجِيد القُرَشيُّ المَيَانْجيُّ وابن عَييق بن عبد المُحسِن التَّميميُّ، وأبو الرِّضا أحمدُ بن طارِق بن سِنَان بن محمد بن سِنَانٍ البغداديُّ القُرَشيُّ، وأبو زكريّا يحيى بنُ عليِّ بن عبد الرّحمن القَيْسيُّ، وأبو سَعْد -وبعضُهم يقولُ: أبو سَعِيد، وبعضُهم يقولُ: أبو عُبَيد الله- محمدُ بن عبد الرّحمن بن محمد بن [مسعود] (¬1) المَسْعوديُّ الفَنْجَدِيهيُّ، وأبو سُليمانَ داودُ بن محمد بن الحَسَن بن خالدٍ الخالِديُّ ابن السَّدِيد، وأبو الطاهر إسماعيلُ بن قاسم بن عبد الله الزَّيّاتُ، وآباءُ عبد الله: ابنُ أبي المَفاخِر [141 أ] سَعِيد بن الحُسَين بن محمد بن سَعِيد المأمونيُّ، والمحمَّدونَ: ابنُ أسعدَ بن عليّ بن مَعْمَر الحُسَينيُّ وابن الحُسَين بن مُفرِّج بن حاتم المَقْدِسيُّ وابنُ أحمدَ بن حامدِ ¬

_ (¬1) بياض في النسختين، وهو مستفاد من ترجمته في تكملة المنذري 1/الترجمة 41، وتاريخ ابن النجار كما في المستفاد (16)، وتاريخ الإسلام للذهبي 12/ 785 وغيرها.

ابن مُفرِّج بن غِيَاث الأرْتاحيُّ وابنُ عبد المَوْلى بن محمد بن أبي عبد الله اللَّخْميُّ وابن عبد الواحِد بن محمد ابن الصَّبّاغ وابن عليّ بن المجلي بن عليٍّ الحَرِيريُّ وابنُ يوسُفَ بن عليّ القَزْوِينيّ، وأبَوا العبّاس الأحمَدانِ: ابن حَمْد بن حامدٍ الأرْتاحيُّ وابن رَجَاءِ بن عبد الله المِصريُّ، وأبو العلاءِ محمدُ بن جعفرِ بن عَقِيل البَصْريُّ، وأبَوا عليّ الحَسَنانِ: ابن محمد بن أحمدَ بن عليّ بن أحمدَ الخابرانيُّ وابن محمد بن الحَسَن الأندَلُسيُّ، وأبَوا الفَتْح: عُبَيدُ الله بن عبد الله بن محمد بن نَجا بن شاتِيلَ البغداديُّ وعُمرُ بن عليّ بن محمد بن حَمُّويَةَ النَّيْسابُوريُّ شيخُ الشّيوخ، وأبو الفِداء إسماعيلُ بن عليِّ بن عُبَيد الله المَوْصِليُّ، وأبو الفَرَج عبدُ الرّحمن بن عليٍّ ابنُ الجَوْزيّ، وآباءُ الفَضْل: إسفيديارُ ابنُ المُوفَّق بن أبي عليّ البُوشَنْجيُّ الواعظُ وعبدُ الله بن أحمدَ بن موسى الطُّوسيُّ خَطيبُ الموصِل وعبدُ الرّحمن بن يحيى بن رجاءِ بن عليّ ومَسْعودُ بن عليّ بن عبد الله ابن النادر، وآباءُ محمدٍ أعْبُدُ الله: ابنُ عبد الله بن عبد الرّحمن الدِّمشقيُّ وابنُ عبد الجَبّار العُثمانيُّ وابنُ عَطّاف بن الحُسَين بن خَلَف وابنُ عليّ بن عبد السّلام التُونُسيُّ نَزيلُ المَوْصِل وابنُ محمد بن خَلَف بن سَعادةَ الدّانيُّ وابنُ محمد بن هِبة الله بن أبي عَمْرون الدِّمشقيُّ وابنُ أبي القاسم المِصريُّ الناسخُ وعبدُ الحقّ بن عبد الله بن عبد الرّحمن الإشبِيليُّ نَزيلُ بِجَايةَ وعبدُ الدائم بن عُمرَ بن حَسَن بن عبد الواحِد الكِنَانيُّ العَسْقَلانيُّ إمامُ المقام وعبدًالسّلام بن محمود بن أبي نَصْر الفارِسيُّ وعبدُ العزيز بن عيسى اللَّخْميُّ وعبدُ الغنيِّ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن المُسَلَّم اللَّخْميّ المِصريُّ وعبدُ الكريم بن عَتِيق الرَّبَعيُّ وعبد الواحد بن عَسْكَرِ بن عُبَيد الله المَخْزوميُّ، وأعبُدُ الوهّاب: ابنُ عبد الرّحمن بن الحَسَن الطّرغونيُّ وابنُ عليّ بن عبد الوهّاب القُرْطُبيُّ وابن مَهْديِّ بن حَسَن، وسَلامةُ بن صَفْوانَ الأَزْديُّ، ومكِّيُّ بن محمدِ بن عبدِ الملِك بن مكِّي ابنُ الشّعّار، واليَسَع بن عيسى بن حَزْم [141 ب] الغافِقيُّ، وأبو المعالي قُطْبُ الدِّين مَسْعودُ بن محمد بن مَسْعود بن طاهِر النَّيْسابوريُّ، وأبو المَفاخِر سَعيدُ بن الحُسَين بن محمد بن سَعِيد المأمونيُّ، وأبو المُفضَّل هِبةُ الله بن الحَسَن

ابن عبد السّلام المِصريُّ، وأبو المكارم المُفضَّل بن عليّ بن مُفرِّج المَقْدِسيُّ، وآباءُ منصُور الظافرانِ: ابنُ عَطِيّةَ اللَّخْميُّ وابنُ عليّ بن عبد [....] (¬1) السَّعْديُّ، ومحمدُ بن أحمدَ بن الفَرَج الوكيل، وأبو نِزارٍ رَبيعةُ بن الحَسَن بن عليّ بن عبد الله الحَضْرَميُّ اليَمَانيُّ، وأبو نَصْر عبدُ الرّحيم بن عبد الخالق بن أحمدَ بن عبد القادر ابن محمد بن يوسُفَ، وأبو هاشم عيسى بن أحمدَ بن محمد الهاشِميُّ البغداديُّ، وأبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن بن زَيْد الكِنْديُّ، وأحمدُ بن أحمد بن محمد بن عليِّ بن حَمْدي، وأحمدُ بن إسماعيلَ بن محمد القَزْوينيُّ، وحمزةُ بن عليّ بن حمزةَ بن فارِس الحَرّانيُّ ابن القُبَّيْطِيّ، وعبدُ الرّحمن بن جامِع بن غَنِيمةَ البنّاءُ، وعبدُ الجَبّار بن يحيى بن هلال ابنُ الأعرابيِّ، ومُنْجِبٌ غُلامُ الشّيخ أبي صادق مُرشِد بن يحيى المَدَنيِّ، وشُهدةُ بنتُ أحمدَ بن الفَرَج بن عُمرَ الإبَرِيّ البغداديّةُ الكاتبةُ، وله في ذكْرِهم مجموعٌ حَفِيلٌ مُمتِعٌ مُفيد. وقَفَلَ إلى المغربِ برِوايةٍ واسِعة وعِلمٍ جَمّ وفوائدَ غريبة؛ رَوى عنه أبو الحَجّاج الشَّرِيشيُّ، وأبَوا الحَسَن: الشّارِّيُّ وابن القَطّان، وابناه: أبو عبد الله الحُسَين وأبو محمدٍ الحَسَن شيخُنا، وأبو زَيْد عبدُ الرّحمن الفازَازيُّ، وابنُ أبي بكرٍ التِّلِمْسينيُّ، وآباءُ زكريّا: اليحيَيانِ: ابنُ داودَ بن أبي الفرود الزَّنَاتيُّ السَّلَويُّ وابنُ محمد بن أحمدَ، وابنُ أبي بكر بن عُصفور، وأبو بكرٍ وأبو يحيى ابنا أخيه أبي عبد الله بن أبي بكر بن عُصفور، وأبو عليّ عُمرُ بن العبّاس وابنُه أبو الحَسَن عليٌّ, وآباءُ عبد الله: ابنُ أحمدَ بن سَلَمةَ وابنُ أبي بكرٍ البريّ وابنُ عبد الله بن أحمدَ الأَزْديُّ وابنُ عبد الله القُرْطُبيُّ ثم السَّبْتيُّ، غيرَ الأزْديِّ. أَخَذَ عنه بالقاهرة أبو إسحاقَ البلَّفِيقيُّ الأصغرُ، وابنُ عبد الرّحمن ابن جَوْبَر، وابنُ عليّ بن مَرْوانَ الطَّرْطُوشيُّ، وابنُ عيسى ابن المُناصِف، وابن محمد بن محمد بن وليدٍ السَّرَقُسْطيُّ ابنُ الإِمام، وآباءُ العبّاس: العَزَفيُّ وأحمدُ بن ¬

_ (¬1) بياض في النسختين.

عبد الكريم بن مَسْعود وابنُ إبراهيمَ الكُرْديُّ الإرْبِليُّ وابن فَرتُونَ، وأبو العَيْش محمدُ بن أبي زَيْد عبد الرّحيم بن محمد بن أبي العَيْش، وعليُّ بن أبي بكر بن عبد الملِك الأنصاريُّ، وأبو موسى عِمرانُ [142 أ] السَّلَويُّ. وكان راوِيةً للحديثِ منسُوبًا إلى معرفتِه كثيرَ الأسمِعة، ثقةً فيما ينقُلُه، حريصًا على نَشْرِ العلم، حَسَنَ الخَطِّ والتقييدِ حافظًا، عُنيَ بهذا الشّأن طويلًا، واستَنْفَدَ فيه عُمُرَه، وكتَبَ بخطِّه الكثير. ذكَرَ أنه لمّا أراد القُفولَ إلى المغرِبِ قَصَدَ إلى الحافظ أبي الطاهِر السِّلَفيّ مودِّعًا فسألهُ عمّا كتَبَ عنه، فأخبَرَهُ أنه كتَبَ كثيرًا من الأسفارِ ومئينَ من الأجزاء، فسُرَّ بذلك وقال له: تكونُ محدِّثَ الغَرْبِ إن شاء الله، قد حصَّلتَ خيرًا كثيرًا، قال: ودَعَا لي بطولِ العمُر حتى يؤخَذَ عنّي ما أخَذْتُ عنه. وكان أبو محمد بنُ حَوْطِ الله كثيرًا ما يُثني عليه ويقولُ بفضلِه، وقد رَوى كلُّ واحدٍ منهما عن صاحبِه. ونزَلَ مَقْفلَه من رحلتِه هذه الحافلةِ بسَبْتةَ سنةَ أربع وسبعينَ وخمسِ مئة، فأسمَعَ بها وبفاسَ ومَرّاكُش وغيرِها من البُلدان، ثم انتَقلَ إلى تلمسينَ فاستَوطَنَها، ورَحَلَ النَّاسُ إليه وتنافَسوا في الأخْذِ عنه؛ لعُلوِّ روايتِه واشتهارِ عَدالتِه. وصنَّف في الحديث ورجالِه والمواعظِ والرَّقائق مصنَّفاتٍ مُفيدةً، منها: "أربعونَ حديثًا في الحُبِّ في الله"، وأُخرى "في فَضْل الصلاة على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - "، وأخرى "في المَواعظ"، وأُخرى "في الفَقْرِ وفضلِه"، و"تلقينُ الوليد" ضاهَى به "تلقينَ الوليد" جَمْعَ شيخِه أبي محمدٍ عبد الحقّ ابن الخَرّاط في جَمْعِه للأخوَيْنِ أبي عبد الله الحُسَين وأبي محمد الحَسَن شيخِنا ابنَيْ أبي الحَسَن ابن القَطّان؛ و"مُسَلسلاتُه": في كُرّاسةٍ ضخمة، و"فضائلُ الأشهُرِ الثلاثة: رجبٍ وشعبانَ ورَمَضان"، و"فَضْلُ عَشْر ذي الحجّة" و"مناقبُ السِّبْطَيْن الحَسَنِ والحُسَين" و"الترغيبُ في الجهاد" خمسونَ بابًا: مجلّدٌ متوسِّط، و"المواعظُ والرَّقائق" أربعونَ مجلسًا: سِفْرانِ، و"الفوائدُ الكبرى" مجلّد، و"الفوائدُ الصُّغرى": كُرّاسةٌ ضَخْمة، و"معجَمُ شيوخِه الكبير" أكثَرَ فيه من إيرادِ الأخبار وإنشادِ الأشعار فأعظَمَ به

942 - محمد بن عبد الرحمن بن عيسى الفهري

الإفادة: مجلَّدٌ كبير، و"برنامَجُ رواياتِه الأكبر": مجلَّدٌ متوسِّط، و"برنامَجُها الأصغر" (¬1): مجلَّدٌ لطيف، و"مشيَخةُ أبي الطاهِر السِّلَفيّ": مجلَّدٌ متوسِّط، إلى غير ذلك. مولدُه بلَقَنْتَ الصُّغرى سنةَ أربعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بتِلِمْسينَ في جُمادى الأولى سنةَ عَشْرٍ وست مئة. 942 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن عيسى الفِهْريُّ. [142 ب] رَوى عن شُرَيْح. 943 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن فُضَيْل اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ مَيُورْقيُّ الأصل، من ذُرِّية الكاتب أبي محمدٍ عبد الله بن محمد بن أيُّوب بن عبّاس بن سَعِيد بن فُضَيْل ابن المُقَتدِر، أبو بكر. وجَدُّه هو أبو القاسم فُضَيْلٌ المُنجِّمُ المشهور. رَوى عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ، وحَكَى عنهُ كثيرًا أبو العبّاس بنُ عليّ بن هارون، وكان إمامًا. 944 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن قاسم بن دَحْمانَ، مالَقيٌّ، أبو عبد الله. أخو أبي محمدٍ قاسِم الأُستاذ. رَوى عن أبي مَرْوانَ بن بُونُه. 945 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن محمد بن أحمدَ بن أصبَغَ بن جُمهُور الجُذَاميُّ، إشبيليٌّ، أبو عبد الله أخو أبي جعفرٍ المتقدِّم (¬2). تَلا بالسَّبع على الخَطيب أبي الحَكَم عَمْرِو بن أحمدَ بن حَجّاج، وأكثَرَ عن أبي بكر بن خَيْر، وكتَبَ إليه أبو القاسم ابنُ بَشْكُوالَ مجُيزًا ولم يلقَهُ؛ تَلا عليه أبو عَمْرٍو عَبّادُ بن أحمد. وكان شيخًا فاضلًا صالحًا، زاهدًا متقشِّفًا، شديدَ الفِرار من مُخالطةِ الناس، متصدِّرًا لإقراءِ كتابِ الله، مجوِّدًا له حسَنَ القيام عليه والضَّبطِ على قراءتِه، جيِّدَ ¬

_ (¬1) يوجد قسم منه ضمن مخطوط في الخزانة العامة بالرباط. (¬2) اسمه أحمد، وتقدم في السفر الأول، الترجمة 290.

946 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن خلف بن إبراهيم بن لب بن بيطير بن خالد بن بكر التجيبي، قرطبي، أبو عبد الله، ابن الحاج

الخَطّ متقنَ التقييد. توفِّي في رجبِ أو شعبانِ ستٍّ وثمانينَ وخمس مئة، قال أبو عَمْرٍو عبّادٌ المذكورُ: دخَلتُ عليه في مَرَضِه الذي توفِّي منه عائدًا فقال لي: ابقَ على خيرٍ يَا أَبا عَمْرو، قال: فقلتُ لهُ: ما هذا؟ فقال لي: هذا آخِرُ أيّامي، وتوفِّي غدَ ذلك اليوم؛ ورآهُ بعضُ الصُّلَحاءِ في النَّوم بعدَ وفاتِه فقال له: يَا أخي، بأيِّ شيءٍ نفَعَك الله؟ فقال: كنتُ لا أرى شيئًا من المخلوقاتِ مَيْتًا إلا قلت: سبحانَ مَن لا يَذوقُ الموتَ، فبذلك نفَعَني الله. 946 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن محمد بن أحمدَ بن خَلَف بن إبراهيمَ بن لُبّ بن بَيْطَيْر بن خالدِ بن بكرٍ التُّجيبيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الحاجّ. رَوى عن شُرَيْح، وأبي الطاهر السِّلفيِّ بالإجازة، وله سَماع من آل بيتِه وأهل بلدِه، وكان فقيهًا مُشارِكًا في فنونٍ من العلم، واستُقضيَ. وتوفِّي في ربيع الآخِر سنةَ ثِنْتينِ وسبعينَ وخمسِ مئة ولم يبلُغ الخمسينَ سنةً. 947 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن محمد بن أحمدَ بن عَطِيّةَ المُحارِبيُّ. 948 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن محمد بن بَدْرُون. رَوى بمِصرَ عن أبي [143 أ] العبّاس النَّبَاتيّ. 949 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن محمد بن سُهَيْل القُضَاعيُّ، إشبِيليٌّ, أبو عبد الله، ابنُ سُهَيْل. كان تأريخيًّا أديبًا كاتبًا مُحسِنًا، وافرَ الموادِّ من الفنون العِلميّةِ التي يَحتاجُ إليها العمال، شُهِرَ بذلك وعُرِف به، وكان مؤْثِرًا بما يملِك، كثيرَ الإحسانِ لقاصِديه، نَفّاعًا بجاهِه لمؤمِّليه، وباقتراحِه جَمَعَ شيخُنا أبو القاسم البَلَويُّ رحمَهُ الله كتابَه في الترسيل (¬1) ورفَعَه إليه، فأجْزَلَ عليه ثوابَه. ونَكَبَه المأمونُ، من بني عبد المُؤْمن، وقتلَه صَبْرًا بفاسَ سنةَ سبع وعشرينَ وست مئة (¬2). ¬

_ (¬1) من الكتاب نسخة خطية بالخزانة الملكية بالرباط. (¬2) بهامش ب: "وبفاس كان مولده ونشأ بإشبيلية، فحقه أن يذكر في الغرباء".

950 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن خلف بن علي بن غلقمون بن رزين بن غانم بن غلقمون المعافري

950 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الله بن أحمدَ بن خَلَف بن عليّ بن غلقَمونَ بن رَزِين بن غانِم بن غَلْقَمونَ المَعافِريُّ. 951 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الله الجُذَاميُّ، أبو عبد الله. رَوى عن محمد بن إبراهيمَ بن عيسى في حدودِ ثلاثَ عشْرةَ وخمسِ مئة، وأبي القاسم أحمدَ بن محمد بن بَقِيّ. 952 - محمدُ (¬1) بن أبي عَمْرٍو عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمدَ بن الطُّفَيْل العَبْديُّ، إشبِيليٌّ, أبو الحَسَن، ابنُ عَظِيمةَ. تَلا بالسَّبع في بلده على أبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي عبد الله بن عبد الرّحمن السَّرَقُسْطيّ، ورَوى به عن أبي عبد الله أحمدَ الخَوْلانيِّ، وأبي عُمرَ يوسُف بن أحمدَ بن أبي يونُس. ثم جَالَ في بلد الأندَلُس طالبًا للعلم، فتَلا بقُرطُبةَ على أبي الحَسَن القَيْسيِّ، ورَوى عن أبي بكرٍ خازِم بن محمد، وأبي جعفرٍ أحمدَ بن عبد الحقّ الخَزْرجيِّ، وأبي عبد الله بن فَرَج، وأبي عليّ الغَسّانيِّ، وأبي القاسم ابن الحَصّار، وأبي الوليدِ ابن طَرِيف، وأخَذ بدانِيَةَ عن أبي داودَ الِهشاميّ. ورَحَلَ إلى المشرِق وحَجّ، ولقِيَ في وِجهتِه أَبا عبد الله المازَريَّ بالمَهْديّة، وأبا القاسم عبدَ الرّحمن بن أبي بكر بن أبي سَعِيد ابنَ الفَحّام، وبالإسكندَريّة: أَبا الحَسَن عليَّ بن المُشرَّفِ، وأبا عبد الله بنَ منصُور الحَضْرَميَّ وتَلا عليهما، وأبا عليٍّ الحَسَنَ بن خَلَف بن بَلِّيمَةَ (¬2)، وبمِصرَ: أَبا الحُسَين يحيى وابنَ الخَشّابِ وتَلا عليه، وبمكّةَ، وصَلَ اللهُ تكريمَها: أَبا الحَسَن رَزِينَ بن مُعاوية، وأخَذَ عنهم. وقَفْتُ على شيوخِه المذكورينَ في خَطِّه؛ وكانت رحلتُه معَ أبي عليّ منصُورِ بن الخَيْر، وعمِلا على لقاءِ أبي مَعْشَر الطَّبَريّ والأخْذِ عنه والتلاوة [143 ب] عليه، فبَلَغَهما نَعْيُه بمِصرَ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1299)، والذهبي في المستملح (82) وتاريخ الإسلام 11/ 733 ومعرفة القراء الكبار 1/ 504، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 166، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 240، والمقري في نفح الطيب 2/ 155. (¬2) ينظر تاريخ الإسلام 11/ 216.

ثم قَفَلَ إلى الأندَلُس وتجوَّل في المغرِب ودَخَلَ مَرّاكُش، وعاد إلى إشبيلِيَةَ، فحدَّث عمّن لقِيَ من أهل العلم، فعُرِف مكانُه من الصّدق والعدالة، وادَّعى أبو عليّ منصُورٌ لقاءَ أبي مَعْشَر وحدَّث عنه، فرُميَ بالتكذيبِ وتُكلِّم فيه. رَوى عنه ابنُه عَيّاشٌ، وأخوه أبو العَرَب أحمدُ، وآباءُ بكر المحمَّدونَ: ابنُ خَيْر وابنُ عَبْدُونَ الحَجْريُّ وابنُ مَخْلَد، وأبو جعفر بنُ عَبّاد الأنصاريُّ، وآباءُ الحَسَن: ابنُ الضَّحّاك وابنا عبد الرّحمن: ابن بيطشٍ والحَصّار، وأبو الطاهر عبدُ السّلام بن محمد بن أبي اللَّيْث، وأبو عبد الله بنُ إبراهيمَ الأنصاريُّ، وأبو العبّاس بن مِقدام، وأبو العَيْش نام بن محمد بن نامٍ اللَّخميُّ، وآباءُ القاسم: خَلَف بن يحيى الخَوْلانيُّ وعبدُ الرّحمن بن عليّ الجُذاميُّ السَّبْتيُّ، والمحمَّدانِ: ابنُ عبد الله الكَلْبيُّ وابن عثمانَ الجُهَنيُّ، وآباءُ محمد: ابنُ إبراهيمَ بن نُعمانَ وابنُ جُمهُور وابن عبد الرّحمن اللّخْميُّ وابن محمدٍ القَيْسيُّ، وأبو الوليد إسماعيلُ بن يحيى بن شَجَرةَ القَيْسيُّ، والأحمَدانِ ابنا المحمَّدينِ: ابنِ عبد الملِك اللَّخْميُّ وابنِ فَرَج بن سَلَمةَ المُرادِيُّ، وإبراهيمُ بن محمد الطَّبَرانيُّ، والجابِران: ابنُ غالبٍ وابن مَصَالةَ، وحُسَينُ بن عليّ بن غالب، وسُليمانُ بن عبد الرّحمن البَطَلْيَوْسيُّ، وصالحُ بن مُزَيْن، وعَبْدا الله: ابن حَجّاج بن سمانةَ وابنُ محمد بن غالب، وعبدُ السّلام بن يحيى القُرَشيُّ، وعَبْدا العزيز ابنا المحمَّدينِ: ابنِ نُوح الغافِقيُّ والكَلاعيُّ، وعامرُ بن مَيْمون، وعليُّ بن فَتْحُون القُضّاعيُّ، وعيسى بن محمد المَغَاميُّ، والمحمّدانِ: ابنُ أحمدَ بن سَهْل وابنُ خَطّاب، ووليدُ بن موفَّق. وكان صَدْرًا في أهل التجويدِ للقُرآن العظيم، مُشارًا إليه في إتقانِ الأداء وجَوْدةِ الأخْذِ عن القُرّاء، ذا حَظّ وافرٍ من روايةِ الحديث ومعرفتِه، حافظًا للتواريخ والآداب، متقدِّفا في النَّحو، شاعرًا محُسِنًا، رَجَزَ في السَّبع أُرجوزةً مُزدَوجة، وفي مخارج الحروفِ أُخرى، وصنَّف في القراءاتِ وما يتعلَّقُ بها كُتبًا نافعة، منها: "جالبُ الإفادة في مخارجِ الحروف" و"مِنَحُ الفَريدةِ الحِمْصيّة في

953 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن عيسى بن عبد الرحمن بن عيسى بن سعيد بن عامر الأموي، إشبيلي، ابن الرماك

شَرْح القصيدةِ الحُصْريّة" و"شَرْحُ قصيدةِ أبي محمد [عبد الله بن يحيى] (¬1) الشّقراطسيِّ في مَدح النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -"؛ وأورَثُ عَقِبَه بُعْدَ الصِّيت في تجويدِ القرآن، فصارتِ الرِّحلةُ إليهم فيه [144 أ] ووَليَ الصّلاةَ بجامع بلدِه. وتوفِّي في صَفَرِ ثلاثٍ وأربعينَ وخمسِ مئة أثناءَ شدّةِ إشبيلِيَةَ ومِحنتِها ابنَ نحوِ سبعينَ سنة. 953 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الرّحمن بن عيسى بن عبد الرّحمن بن عيسى بن سَعِيد بن عامرٍ الأمَويُّ، إشبِيليٌّ، ابنُ الرَّمّاك. وهُو وَلَدُ الأُستاذِ أبي القاسم ابن الرَّمّاك. 954 - محمدُ (¬2) بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الرّحمن الكِنَانيُّ، مالَقيٌّ أبو عبد الله الرَّيِّيُّ، وأظُنُّها نسبةً إلى رَيُّه على غيرِ قياس. رَوى عن أبي عبد الله بن مَوْهَب الغَنَويِّ، وأبي الحَسَن الأنطاكيّ، وآباءِ محمد: الأَصِيليِّ والباجِيِّ وابن قاسم القَلْعيّ. رَوى عنه أبو محمدٍ غانمُ بن وليد. ولأبي بكر بن إسحاقَ الكاتبِ وأبي الحَسَن بن بَطّال وأبي محمد بن حَزْم ومُصعبِ بن أبي الوليد ابن الفَرَضيِّ منه إجازةٌ في غُرّة صَفَرِ ثمانٍ وأربع مئة. 955 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الملِك بن قُزْمانَ الزُّهْريُّ، قُرطُبيٌّ سَكَنَ أشُونَةَ، أبو بكرٍ وأبو عامر. رَوى عن أَبيه، وأبي جعفرٍ البِطْرَوْجيِّ، وأبي الحَسَن شُرَيْح وأبي عبد الله حَفيد مكّي، وكان من بيتِ عِلم وجلالة وحسَبٍ وأصالة. 956 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الرّحمن البُنَانيُّ، إشبيليٌّ، أبو القاسم. ¬

_ (¬1) بياض في النسخ، وما بين الحاصرتين مستفاد من ترجمته في وفيات سنة (466 هـ) من وفيات ابن قنفذ، وغيرها. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1064).

957 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عقبة، قرطبي

وهُو أخو أبي عامرٍ أحمد. رَوى عن شُرَيْح. 957 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن محمد بن عُقْبةَ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العِلم والعدالة، حيًّا سنةَ خمسٍ وثمانينَ وأربع مئة. 958 - محمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن محمد بن فَرَج بن سُليمانَ بن يحيى بن سُليمان بن عبد العزيز القَيْسيُّ، شاطبيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ تَرِيس والمِكْنَاسيُّ. تَلا بالسَّبع على أبي بكر بن إبراهيمَ بن خَلَف، وأبي عبد الله بن بقورنيةَ، وببعضِها على أبوَيْ عبد الله: ابن عِيَاض وابن الفَرّاءِ الزَّاهد، ورَوى عن أبي إسحاقَ الخَفَاجيِّ، وأبي بكر بن أَسَد، وأبي الحَسَن وليدِ بن موفَّق، وأبي زَيْد ابن الوَرّاق، وأبي عبد الله البَلَغييِّ، وأبي عامر بن حَبِيب، وأبي العبّاس بن طاهر، وأبي علي الصَّدَفيِّ، وأبي عِمرانَ بن أبي تَلِيد، وأبي القاسم خَلَف بن مُفرِّج ابن الجَنّان، وأبي محمد بن أبي جعفر، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ، ولقِيَ أَبا بكرٍ ابنَ العَرَبيّ فناوَلَه وأجاز له. وكتَبَ إليه مُجِيزًا من أهل الأندَلُس: أبوا الحَسَن: [144 ب] طارقُ بن يَعيشَ وابنُ شَفِيع، وأبو القاسم بن وَرْد، وأبو محمد بن عَتّاب، وأبو الوليد ابنُ رُشْد، ومن أهل المشرِق: أبو الطاهِر السِّلَفيُّ، وأبو عبد الله المازَريُّ نَزيلُ المَهْديّة، وأبو عليّ ابنُ العَرْجاءِ، وأبو المظفَّر الشَّيْبانيُّ، في آخَرِين. وفي شيوخِه كثرةٌ وقد ضمَّنَهم مجموعًا سمّاه بـ"التّعريف". رَوى عنه أبو بكر بنُ سُفيان، وأبو الحَجّاج بن أيّوبَ، وأبو عُمرَ بن عُبَادةَ. وكان مُقرِئًا متحقِّقًا بالقراءاتِ بصيرًا بوجوهِها، متَّسِعَ الرّواية في الحديث، شديدَ العناية بلقاءِ الشُيوخ، طلَبَ العلم قديمًا واستكثَرَ من السَّماع والقراءة، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1402)، وفي معجم أصحاب الصدفي (156)، والذهبي في المستملح (122) وتاريخ الإسلام 12/ 265.

959 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن قردمان الأموي

وأُعينَ على ذلك ببَراعةِ الخَطّ وإحكام الضَّبط، وكان ذاكرًا للتّواريخ، بَصيرًا بالنَّحو، زاهدًا متقلِّلًا من الدّنيا، كتَبَ بخطِّه الكثير وجوَّدَ ضَبْطَه، وتصَدَّر ببلدِه للإقراءِ حاذِيًا حَذْوَ جَدِّه محمد بن فَرَج، فرغِبَ النَّاسُ في الأخْذِ عنه؛ لثقتِه وأمانتِه، وتحرّيه الصّدقَ، وتحقُّقِه بما تصدَّرَ لإفادتِه. مَوْلدُه سنةَ أربع وتسعينَ وأربع مئة، وتوفِّي يومَ الجُمُعة لإحدى عشْرةَ أو اثنتَيْ عشرةَ ليلةً خَلَت من جُمادى الآخِرة سنةَ إحدى وستينَ وخمس مئة. 959 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن محمد بن قردمانَ الأمَويُّ. رَوى عن أبي محمدٍ الرّشاطيّ. 960 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن محمد بن مَشْكَرِيل، إشبِيليٌّ، أبو بكر. رَوى عن شُرَيْح، وكان عاقدًا للشّروط متحقّقًا بمعرفتِها، بارعَ الخَطّ، حيًّا بعدَ خمسينَ وخمس مئة. 961 - محمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن محمد بن مُهَلَّب الأسَديُّ، مُرْسِيٌّ، أبو بكر. رَوى عن أبي عبد الله بن أبي الخِصَال، لقِيَه بمَرّاكُشَ، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ، وكان محدّثًا راوِيةً نبيلًا، حَسَنَ الخَطّ ضابِطًا متقِنًا، أديبًا كاتبًا مُحسِنًا، من بيتِ عِلم ورِواية. 962 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن محمدٍ الحَضْرَميُّ، أبو القاسم. رَوى عن أبي بكرٍ يحيى الأَرْكَشيِّ. 963 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن محمدٍ الخَوْلانيُّ، أبو عبد الله. رَوى عنه أبو القاسم أحمدُ بن محمد بن خَلَف بن مَوْهَب وابنُه محمدُ بن أحمدَ في جُمادى الأُولى سنةَ سبع وعشرينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1270).

964 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد الرعيني، سرقسطي، أبو عبد الله

964 - محمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن محمد الرُّعَيْنيُّ، سَرَقُسْطيٌّ، أبو عبد الله. رَحَلَ إلى المشرِق فلقّب ثَمَّ برُكْن الدّين، وأخَذَ هنالك عن أبي الطاهر بن عَوْف وابنِه أبي الحَرَم مكّيّ، وأبي القاسم عليِّ بن عَساكِرَ وابنِه أبي محمدٍ القاسم [146 أ] , وأبي القاسم مَخْلوفِ بن عليّ بن عبد الحقّ القَرَويّ ابن جارَةَ، وأبي محمدٍ قاسم بن فِيرُّهِ الشاطبيِّ، وأبي المَحاسِن مُهَلَّبِ بن الحَسَن بن بَرَكات بن عليّ بن المُهَلَّب، ومُجِيرِ الدِّين محمود بن المبارَك البغداديِّ. رَوى عنه أبو الحَسَن بنُ خَرُوف، وأبو سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبو عبد الله ابن قاسم بن عبد الرّحمن بن عبد الكريم الفاسيُّ، وأبو محمدٍ ابنُ القُرطُبيِّ، وأبو موسى عِمرانُ السَّلَويّ. وكان فقيهًا نَظّارًا، عارِفًا بأصُول الفقه وعِلم الكلام، متحقِّقًا به واقفًا على مقالاتِ أربابِ النِّحَل، سَنِيًّا، فصيحَ العبارة، مقتدِرًا على جِدال المخالفينَ ودَفْع شُبَهِهم وتزييفِ آرائهم؛ واستُقضيَ بمعدِن عوام بمقرُبةٍ من مدينة فاس، فشُكِرت أحوالُه وعُرِف بالعَدْل في أحكامِه، إلى أن توفِّي به قاضيًا سنةَ ثمانٍ وتسعينَ وخمس مئة. 965 - محمدُ (¬2) بن عبد الرّحمن بن محمد العُتَقيُّ، مُرْسِيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ القاضي، ورَحَلَ وحَجّ. 966 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن محمدٍ اللَّخْميُّ، الجَبّاسُ أو ابن الجَبّاس. رَوى عن شُرَيْح. 967 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن محمد، شِلْبيٌّ، أبو بكر، ابنُ بَنَاله. رَوى عن أبي الحُسَين ابن الطَّلّاء. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1538)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 12، والذهبي في المستملح (199) وتاريخ الإسلام 12/ 1154. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1297).

968 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد، أبو عبد الله، ابن المسفر

968 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن محمد، أبو عبد الله، ابنُ المسفر. رَوى عن أبي محمدٍ الرُّشَاطيّ. 969 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن مَسْعَدةَ، سَرَقُسْطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي محمدٍ ابن السِّيْد. 970 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن مَسْعود بن أحمدَ بن مَسْعود الفِهْرِيُّ، مَرَوِيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الشّيخ. رَوى عن جَدِّه، وأبي حَفْص بن عبد العزيز القَيْسيّ، وأبي عبد الله بن عبد الرّحيم، وأبي عليّ بن عَرِيب، وأبي مَرْوانَ بن أبي بكرٍ ابن الفَرّاء. رَوى عنه أبو عُمرَ بنُ حَوْطِ الله. وقال فقيهًا ديِّنًا فاضلًا مشهورَ الصَّلاح، وخَطَبَ، وهُو جَدُّ أبي عبد الله بن أحمد. وتوفِّي في حدود ست مئة. 971 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن مُطرفِ بن محمد بن عليّ بن هُذَيْل بن هدودٍ (¬1) الهاشِميُّ، إشبِيليٌّ، أبو بكر. رَوى عن أبي إسحاقَ بن محمد بن إبراهيمَ بن المُفرِّج، وأبي الحَكَم بن بَرَّجانَ اللُّغويِّ، وأبي عليّ بن الشَّلَوْبِين. 972 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن مُعاويةَ. رَوى عن [146 ب] أبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي القاسم الهَوْزَنيّ. 973 - محمدُ (¬2) بن عبد الرّحمن بن مَعْمَر، قُرطُبيٌّ، أبو الوليد. ذكَرَهُ ابنُ بَشْكُوالَ على الصّواب في بعض معلَّقاتِه، وقَلَبَ اسمَه في "الصِّلةِ" فقال فيه: عبدُ الرّحمن بن محمد (¬3). ¬

_ (¬1) ضبب عليها في ب. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1086)، والذهبي في المستملح (14) وتاريخ الإسلام 9/ 389، 393. (¬3) الصلة (699) والتعليق عليها.

974 - محمد بن عبد الرحمن بن مفضل الخولاني، أبو بكر

كان أحَدَ الحُفّاظ للُّغة مُشاركًا في الأدب، تقَلَّد خُطّةَ التاريخ في الدّولةِ العامِريّة، ومُقابلةَ كُتُبِ المنصور محمد بن أبي عامر ووَلَدِه من بعدِه، ناظِرًا في خِزانةِ كُتُبِهمُ الحافلة، وكان جَمّاعةً للكُتُب عارفًا بعِلَلِها مميّزًا خطوطَ ناسخيها، حُجّةً في عَزْوِها إلى وَرَّاقيها، بَذَّ في ذلك أهلَ عصرِه، وأوطَنَ الجزائرَ الشَّرقيّةَ بأخَرةٍ في كنَفِ مُجاهدٍ العامِريّ، ووَلِيَ الأحكامَ هنالك إلى أنْ توفِّي بها في شوّالِ ثلاثٍ وعشرينَ وأربع مئة. 974 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن مُفَضَّل الخَوْلانيُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي الحُسَين بن زَرْقُون، وأبي عبد الله بن خَلْفُون، وأبي القاسم ابن بَقِيّ. 975 - محمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن موسَى بن عِيَاض المَخْزوميُّ، شاطِبيٌّ، أبو عبد الله المَنْتِيشيُّ. تَلا بالسَّبع على آباءِ الحَسَن: شُرَيْح وابن الدُّشّ وابن شَفِيع، وأبي الأصبَغ عيسى بن عبد الرّحمن السالِميِّ، وأبي داودَ الهِشَاميّ، وأبي عليّ منصُور بن الخَيْر، وأبي القاسم ابن النَّخّاس، ورَوى الحديثَ عن أبوَيْ بكر: ابن حَيْدرةَ بن مُفوَّز وابن العَرَبي، وأبوَي الحَسَن: عَبّاد بن سِرْحان وعليِّ بن المبارَك أبي البساتين، وأبي عبد الله بن خَليفةَ، وأبي عليّ الصَّدَفيّ، وأبي محمد بن عَتّاب. رَوى عنه أبوا عبد الله: شَيْخُه ابنُ خَليفةَ وابن تُرَيْس المِكْناسيُّ، وأبو الحَسَن بنُ محمد بن محليةَ، وأبو عَمْرٍو زيادٌ ابنُ الصَّفّار، وأبو محمد بنُ محمد بن سَهْل المقوريُّ (¬2) الضَّرير وأبو الوليد ابنُ الدَّبّاغ. ¬

_ (¬1) ترجمه ياقوت في "منتيشة" من معجم البلدان 5/ 207 - 208، وابن الأبار في التكملة (1213) وفي معجم أصحاب الصدفي (90)، والذهبي في المستملح (47) وتاريخ الإسلام 11/ 305. (¬2) ضُبِّب عليها في ب.

976 - محمد بن عبد الرحمن بن نعمان

وكان مُقرئًا مجوّدًا متصدِّرًا متقدِّمًا في عِلم التفسير، يقعُدُ لذلك كلَّ جُمُعة، ذا حَظٍّ وافر من البلاغة والحِفظ للأخبارِ والمشاركة في قَرْض الشّعرِ، حَسَنَ الخَطّ جيِّدَ الضَّبط. توفِّي بشاطِبةَ سنةَ تسعَ عشْرةَ وخمسِ مئةٍ وسنُّهُ فوقَ الأربعين. 976 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن نُعمان. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي. 977 - محمدُ بن الرّحمن بن يَبْقَى بن عِصام، أبو بكر. رَوى عن أبي عليٍّ الصَّدَفيّ. 978 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن يَزيدَ الأمَويُّ، إلبِيريٌّ. رَوى عن شيوخ بلدِه، وكان شَيْخًا فقيهًا جَليلًا، حيًّا سنةَ أربع وأربع مئة. 979 - [147 أ] محمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن الأَزْديُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله الفَرّاء. تَلا القرآنَ على أبي بكرٍ يحيى بن مُجاهدٍ الإلبِيريِّ واختَصَّ به ولَطُفَ محَلُّه منه، ورَحَلَ صُحبتَه لأداءِ فريضةِ الحاجّ؛ وكان رجُلًا صالحًا مُواظِبًا على تلاوةِ القرآن كثيرَ الخشوع، إذا قرَأَ بكَى ورَتَّل وبَيَّن في مَهَل، ويقول: أبو بكرٍ عَلَّمني هذه القراءةَ. حَكى يونُسُ ابنُ الصَّفّار القاضي أنه سَرَدَ الصومَ اثنتَيْنِ وعشرينَ سنةً قبلَ موتِ ابن مجاهِد مُفطِرًا كلَّ ليلة وقتَ الإفطار، ثم تَمادَى على ذلك بعدَ موتِه يُفطرُ عَقِبَ العشاء؛ لالتزامِه إحياءَ ما بينَ العِشاءَيْنِ، تزيُّدًا من الخيرِ واجتهادًا في العمل، نفَعَه الله. 980 - محمدُ بن عبد الرحمن الأسْلَميُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكر بن الحُسَين بن بِشْر. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1025)، والمقري في نفح الطيب 2/ 152.

981 - محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، طليطلي، أبو عبد الله

981 - محمدُ بن عبد الرّحمن الأنصاريُّ، طُلَيْطُليٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله المَغَاميّ، رَوى عنه أبو عليّ حَسَنٌ بن الخَرّاز، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا. 982 - محمدُ بن عبد الرّحمن الأَوْسيُّ، غَرْناطيّ. رَوى عن أبي القاسم حَمْد بن محمد الذَّهَبيّ. 983 - محمدُ بن عبد الرّحمن الحَضْرَميُّ، لارِديٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكر بن خَلَف ابن النَّفِيس، وكان فقيهًا مُكْتِبًا فاضلًا. 984 - محمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن الخَزْرَجيُّ، شِلْبيٌّ سَكَنَ فاسَ، أبو عبد الله. تلا على عَقِيل بن العَقْل، وأخَذَ العربيّةَ عن أبي الحَسَن بن خَرُوف، ورَوى عن أبي الحُسَين بن جُبَيْر. رَوى عنه أبو العبّاس بن فَرْتُون، وكان مُكتِبًا فاضلًا صالحًا، بارعَ الخَطّ مشهورًا بذلك، حَسَنَ السَّمت والهَدْي، مشكورَ الطريقة، وَليَ الخُطبةَ والصّلاةَ في الفريضة بجامع القَرَويِّينَ من فاسَ زمانًا. وتوفِّي عامَ ثمانيةٍ وعشرينَ وست مئة. 985 - محمدُ بن عبد الرّحمن الرُّعَيْنيُّ، باغِيّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحَسَن يونُسَ بن مُغيث. 986 - محمدُ بن عبد الرّحمن العُقَيْليُّ، وادي آشيٌّ، الجُرَاويّ. كان حَسَنَ المشاركة في الفقهِ والأدب والطِّب، شاعرًا مطبوعًا، خاطَبَ أميرَ المسلمينَ عليَّ بن يوسُفَ بن تاشَفين بقصيدةٍ طويلة تنفَكُّ منها ثلاثُ قصائد، وقال في وَصْفِها [الطويل]: [147 ب] أيا مَلِكًا يسمو بسَعْدٍ مُساعدِ ... وقَدْرٍ على عُلْوِ الكواكبِ صاعدِ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن القاضي في جذوة الاقتباس (281).

987 - محمد بن عبد الرحمن المذحجي، غرناطي لوشي الأصل، أبو عبد الله

نظَمْتُ قصيدًا في عُلاكَ مضمِّنًا ... ثلاثَ قوافٍ في ثلاثِ قصائدِ إذا فُصِلَتْ أغنَى عن البعض بعضُها ... وإن وُصِلت كانت ككفٍّ وساعدِ فدونَكَها حسناءَ عذراءَ ناهدًا ... تَمِيسُ اختيالًا في مُلاءِ المحامِدِ وطَوْلك في تشريفها بقَبولِها ... تكونُ بجِيدِ المجدِ إحدى القلائدِ فأجازه عليها بتنويهٍ كريم، وكُتِبَ صكٌّ بتحرير أملاكِه كما ابتغَى. 987 - محمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن المَذْحِجيُّ، غَرْناطيٌّ لَوْشيُّ الأصل، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحَسَن العَبْسيِّ، وأبي الحُسَين بن سرَاج، وأبي عليّ الغَسّانيّ. رَوى عنه أبو عبد الله ابنُ حَمِيد؛ وكان فقيهًا حافظًا مُشاوَرًا دَرِبًا بالفَتْوى. توفِّي بقُرطُبةَ قبلَ الأربعينَ وخمسِ مئة. 988 - محمدُ بن عبد الرّحمن، بَطَلْيَوْسيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن شُرَيْح. 989 - محمدُ (¬2) بن عبد الرحمن، شِلْبيٌّ، أبو بكر، ابنُ المِلح. رَوى عنه أبو القاسم بن تَمّام المالَقيُّ، وكان أديبًا شاعرًا مجوِّدًا, وله مَدائحُ كثيرةٌ في بني عَبّاد، وتنَسَّك آخرَ عمُرِه، وخَطَبَ ببلدِه، وَوَلِيَ الصّلاةَ بجامعِه. وتوفِّي في مُنسلَخ خمسِ مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1291)، والذهبي في المستملح (79) وتاريخ الإسلام 11/ 745. (¬2) ترجمه ابن بسام في الذخيرة 2/ 340 فما بعد، وابن خاقان في قلائد العقيان (453)، والعماد في الخريدة 3/ 466، وابن الأبار في التكملة (1171)، وابن سعيد في المغرب 1/ 383 والرايات (57)، وغيرها.

990 - محمد بن عبد الرحمن اللخمي، شريشي، ابن السراج

990 - محمدُ بن عبد الرّحمن اللَّخْميُّ، شَرِيشيٌّ، ابنُ السَّرّاج. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح، وكان فقيهًا حافظًا، واستُقضيَ. 991 - محمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن، وادِياشيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الكاتب. رَوى عن أبي زَيْد السُّهَيْليِّ وغييره. وكان أديبًا كاتبًا بارعًا، شاعرًا مُجِيدًا، متقدّمًا في الحساب والمِساحة، كتَبَ عن بعضِ أبناءِ الأُمراء بغَرْناطةَ وشَرْقِ الأندَلُس، وكان أثَيرًا لديهم حظِيًّا عندَهم، ثم نَزَعَ عن الكتابة واستُعمِلَ مُشرِفًا على غَرْناطة ثم على مَرّاكُشَ، ثم أُعيدَ إلى غَرناطةَ ناظرًا في المُستخلَصِ بها، فوَلِيَ ذلك كلَّه مكفوفَ اليد مشكورَ السّيرة، وبنَى مسجدَ دار القضاء بغَرْناطةَ من مالِه، وأصلَحَ مساجدَ غيره وسدَّدَها وفعَلَ خيرًا كثيرًا، وأوصَى في مرَضه أنه كان قد أخرَجَ في صحّتِه من صَميم مالِه أربعةَ آلافِ دينار لتتميم القَنْطَرة على وادي شنيلَ (¬2) خارجَ [148 أ] غَرْناطة، فأكَّد الإيصاءَ بذلك وإنفاذَ عهدِه فيه، واستمرَّ نظَرُه على المستخلَصِ بها إلى أن توفِّي بها سنةَ سبع وست مئة، ودُفن بدارِه في حَوْمةِ مسجدِ القاضي، ثم نُقِلَ إلى مسجدٍ أمام دارِه على ضفّة الوادي، وأُنفذِت وصيّتُه هذه في تتميم بناءِ القَنْطَرة بشنيلَ (2)، نفَعَهُ الله. 992 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن الكُحل، أبو بكر. رَوى عن شُرَيْح. 993 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن عُبَيد الله بن مهونةَ (¬3). رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الخطيب في الإحاطة 3/ 211، وورد ذكره في البيان المغرب (قسم الموحدين) 244،170. (¬2) في ب: "شنجيل"، وفي الهامش: "لعله: شنيل" قلنا: وشنجيل هو الاسم اللاتيني لها. (¬3) في ب: "مهوبة" وعليها علامة خطأ.

994 - محمد بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن الطيب بن أحمد بن علي بن أحمد بن رزقون ابن أفلح بن سحنون بن مسلمة القيسي، خضراوي، نزل سبتة، أبو القاسم، ابن الطيب

994 - مُحَمَّد (¬1) بن عبد الرحيم بن عبد الرّحمن بن الطيِّب بن أحمدَ بن عليّ بن أحمدَ بن رَزْقونِ (¬2) ابن أفلَحَ بن سَحْنُونِ بن مَسْلَمةَ القَيْسيُّ، خَضْراويٌّ، نزَلَ سَبْتةَ، أبو القاسم، ابنُ الطَّيِّب. تَلا بالسَّبع جَمْعًا إلى قولِ الله عزَّ وجَلّ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء:58] على أبي زَيْد بن عليّ المُنَسْتِيريّ، وبها مفرَداتٍ على أبي عبد الله بن أحمدَ بن أبي القاسم الشَّرِيشيّ وأبي الحَسَن بن محمد ابن الحَصّار، وبها وبالإدغام الكبير عن أبي عَمْرو، وبروايةِ يعقوبَ على أبي محمد بن موسى الرُّكَيْبيّ، وبحَرْف نافِع من طريقَيْه والإدغام الكبير عن أبي عَمْرو، وبروايةِ يعقوبَ على أبي الحُسَين عُبَيد الله بن أحمدَ بن أبي الرَّبيع، وبه على أبي عبد الله بن حَسَن بن عُمرَ بن المَحَلِّي وأبي العلاءِ القُرطُبيّ، وأكثرَ القرآن به على أبي عُمرَ محمد بن أبي القاسم أحمدَ بن أبي هارون، وبه جَمْعًا بين راوِيَيْه على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ إلى أوّل سُورة السَّجْدة. وسَمِع أَبا إسحاقَ بن بَطّال الأَرْكَشيَّ، وابنَي المحمَّدَيْن: أحمدَ ابن الكَمّاد وابن إبراهيمَ البلَّفِيقيَّ، والشَّرقيَّ، وأبا بكر بنَ محمد بن مَشَلْيُون، وأبا جعفر بن محمد بن مَكْنون، وآباءَ عبد الله: ابنَيْ عبدَي الله: ابن أحمدَ الأَزْديَّ وابن محمد بن خَمِيس، وابنَ عبد الرّحمن بن جَوْبَر، وأبا العبّاس بن يوسُفَ ابن فَرْتُون، وأبا عَمْرٍو عثمانَ بن محمد ابن الحاجّ، وأبا يعقوبَ بن موسى المحسانيَّ وأكثرَ عن مُعظمِهم، وتفَقَّه بأكثرِهم وبأبي اميّةَ إبراهيمَ بن محمد بن حَمْدون وأبوَي الحَسَن: ابن عبد الله المَتِّيويِّ وابن محمد البَصْريِّ، وأبي عبد [148 ب] الله بن الحَسَن ابن المَحَلِّي، ¬

_ (¬1) ترجمه الوادي آشي في برنامجه (122)، والصفدي في نكت الهميان (254)، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 171، وابن حجر في الدرر الكامنة 4/ 128، وابن القاضي في درة الحجال 2/ 248، والسيوطي في طبقات المفسرين 2/ 185. (¬2) بهامش ب: "هو بتقديم الراء على الزاي".

وأبي محمد بن عليّ بن ستاري، وعَرَضَ على ظهرِ قلبٍ جميعَ "السِّيرة" على الرئيس أبي القاسم محمدِ بن أبي العبّاس العَزَفيّ، وكلُّهم أجازوا لهُ إلا أَبا إسحاقَ الشَّرقيَّ (¬1). وأجاز له من أهلِ المشرقِ: تاجا الدين: أحمدُ بن ياسين بن عبد الله وأبو بكرٍ محمدُ بن يوسُف بن مُسْدي، وجمالُ الدِّين أبو أحمدَ يعقوبُ بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيمَ الطَّبَريُّ، وسِراجَا الدِّين: إبراهيمُ بن عُمرَ بن مُضَرَ الواسِطيُّ وعثمانُ بن عبد الرّحمن بن عَتِيق بن حُسَين بن رَشيِق الرَّبَعيُّ، وسَعْدُ الدِّين أبو اليُمْن بن أبي الحَسَن بن الحَسَن ابن عساكرَ، وشمسُ الدِّين عثمانُ بن موسى بن عبد الله إمامُ الحنابلةِ بالحَرَم الشّريف، وضياءُ الدِّين إسماعيلُ بنُ عبد الواحدِ بن إسماعيلَ العَسْقَلانيُّ، وأعلامُ الدِّين: الجُنَيْدُ بن عيسى بن إبراهيمَ بن أبي بكرٍ عبد الصَّمد بن محمد بن عساكرَ، وعبدُ اللّطيف بن عبد المُنعِم الحَرّانيُّ، ومحمدُ ابن عُمرَ بن خَليل العَسْقَلانيُّ ثم المكِّي، وفَخْرُ الدِّين أحمدُ بن عبد الله المشهورُ بالأزرق، وكمالُ الدِّين محمدُ بن سُلطان بن عبد الرَّحمن، ومَجْدُ الدِّين أبو الحَسَن عليُّ بن وَهْب بن مُطِيع القُشَيْريُّ ابنُ دقيقِ العيد، ومُنيرُ الدِّين عثمان بن محمد بن الزُّبَيْر، وأنوارُ الدِّين: إسحاقُ بن أبي بكر بن محمد الطَّبَريُّ المكِّيُّ وعبدُ الهادي بن عبد القَديم بن عليّ بن عيسى بن تَمِيم القَيْسيُّ ومحمدُ بن عُمرَ القَسْطَلّانيُّ، وهلالُ الدِّين إسماعيلُ بن هِبة الله بن عبد الله بن أحمدَ القُوصيُّ ابنُ الواعظة. رَوى عنه غيرُ واحدٍ من طلَبةِ سَبْتةَ، ولقِيتُه بها وجالَسْتُه مرّات، وحضَرتُ إقراءه، وكان مجوِّدًا للقرآنِ العظيم، من أحسنِ الناس صَوْتًا به وأطيبِهم نغَمةً في إيرادِه، ذا حَظٍّ صالح من روايةِ الحديث وعِلم الفقهِ والعربيّة، شديدَ القُوّة الحافظة، فاستَظْهَرَ في صِغَرِه أوانَ طلَبِه جُملةً وافرةً من دواوينِ العلم، فمما أكمَلَه حِفظًا: "تيسيرُ" أبي عَمْرو، وروايةُ وَرْش له، و"كافي" ابن شُرَيْح، و"المُفرَداتُ" له ولأبيه شُرَيْح، و"غُنْيةُ مَن مَهَر وبُغْيةُ من ظَفِر" لأبي الحَسَن محمد بن عبد الرّحمن ¬

_ (¬1) بهامش ب: "وإلا أَبا الحسن البَصْرِيّ فإنه كان لا يقول بالإجازة".

995 - محمد بن عبد الرحيم بن محمد بن فرج بن خلف بن سعيد بن هشام، من ولد سعيد بن سعد بن عبادة، الأنصاري الخزرجي -كذا قال أبو عبد الله ابن الأبار، وتقدم في رسم قريبه عبد الرحمن بن إبراهيم أنه من ذرية عبادة بن الصامت- غرناطي، أبو عبد الله، ابن الفرس

ابن عَظِيمةَ، و"شِهابُ" القُضَاعيّ، و"سِيَرُ" ابن إسحاقَ تهذيبَ ابن هِشام، و"رسالة ابن أبي زَيْد"، و"مختصَرُ الطُّليْطُليّ"، و"جُمَل" الزَّجّاجيِّ، و"الفَصِيح"، و"مثَلَّثُ قُطْرُب"، و"منظومُه" لأبي محمدِ عبد [149 أ] الوهّاب، وشعرُ امرئ القَيْس والنابغة، وحَفِظَ أكثرَ "التقَصِّي"، و"ملخَّصِ القابِسيّ"، و"تلقينِ المُبتدي"، وكثيرَا من"تفريع" ابن الجَلّاب، و"الجَمْع بينَ الصَّحيحَيْن" لإبن زَرْقُون، ومن مجالسِ الوَعْظ، ومن شِعر الطيِّب جَدِّ أَبيه، ومن "سِيبوَيْه" إلى أبوابِ النِّداء، وذلك نحوُ ثُلُثِه، وجملةَ من"الموطَّإ"، و"صحيح البخاريِّ"، ومُسلم، و"جامع التِّرمذيِّ"، و"سُنَن أبي داودَ"، والنَّسَويِّ، والدّارَقُطْنيِّ، و"إصلاح المنطِق"، وطائفةَ من "أدبِ الكُتّاب"، وبعضَ "الجامع في القراءات" لأبي القاسم عبد الرّحمن الطَّرْسُوسيِّ، وبعضَ "الأحكام الصُّغرى"، ويسيرًا من "مختصَرِ ابنِ أبي زَيْد"، ومن"مقاماتِ الحَريريّ"، إلى غيرِ ذلك (¬1). 995 - محمدُ (¬2) بن عبد الرحيم بن محمد بن فَرَج بن خَلَف بن سَعِيد بن هِشام، من وَلَدِ سَعِيد بن سَعْد بن عُبَادةَ، الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ -كذا قال أبو عبد الله ابنُ الأبّار، وتقَدَّم في رَسْم قريبِه عبدِ الرّحمن بن إبراهيمَ أنه من ذُرِّيّة عُبادةَ بن الصّامت- غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الفَرَس. وقد تقَدَّم التعريفُ بأوّليّتِهم في رَسْم أَبيه. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "قرأت وسمعت على أبي القاسم بن الطيب الكثير، وأجازني جميع ما يرويه مرات، وتوفي رحمه الله عند مغيب الشفق الأول من ليلة الثلاثاء لليلتين خلتا من شهر رمضان المعظم أحد وسبع مئة، وصلي عليه من الغد إثر صلاة العصر على شفير قبره خارج الميناء، وتولى حمله الطلبة على رقابهم، وكانت جنازته مشهودة، ومولده في يوم السبت لثمان ليال خلت من جمادى الأولى تسعة وعشرين وست مئة، وبموافقة الرابع عشر من مارس العَجَمي". (¬2) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (196)، وابن الأبار في التكملة (1420) وفي معجم أصحاب الصدفي (159)، والذهبي في المستملح (135) وتاريخ الإسلام 12/ 380، وذكر وفاته في سير أعلام النبلاء 20/ 529، والصفدي في الوافي 3/ 245، وابن فرحون في الديباج 2/ 261، وابن العماد في الشذرات 4/ 223، وغيرهم.

رَوى عن آباءِ القاسم: أَبيه وفَضْل الله ابن اللَّجّام وابن محمد بن بَقِيّ وابن وَرْد، وأبوَيْ بكر: ابن الخَلُوف وابن العَرَبي، وأبي جعفر بن عُمرَ بن خَلَف، وآباءِ الحَسَن: أحمدَ بن القَصِير وعبد الجَليل بن عبد العزيز وابن الباذِش وابن دُرِّيّ وابن عَفيف، وآباءِ عبد الله: البُوْنِتيِّ وابن الحاجّ وابن مَعْمَر وابن أبي الخِصَال وابن أُختِ غانم وحَفيدِ مكِّيّ، وأبي العبّاس ابن الزَّنْقِيّ، وأبي عليّ منصوُرٍ الأحدَب وأبي الفَضْل عِيَاض، وآباءِ محمد: ابن أحمدَ بن سِمَاك وابن أيوبَ الفِهْرِيِّ وعبد الرّحمن بن عَتّاب وعبد الحقِّ بن عَطِيّةَ، وأبي المُطرِّف ابن الوَرّاق، وآباءِ الوليد: ابن بَقْوةَ وابن رُشْد وابن طَرِيف، قرَأَ على هؤلاءِ وسَمِع وأجازوا له. وسَمِع أَيضًا وقرَأَ على أبي بحرٍ الأَسَديِّ، وأبي بكرٍ غالبِ بن عَطِيّةَ، وأبي الحَسَن يونُسَ بن مُغيث، وأبي عبد الله بن إبراهيمَ الجُذَاميِّ، وأبي محمدٍ الإلْشيِّ ابن الفقيه، ولم يَذكُرْ أنّهم أجازوا له. ولقِيَ أَبا الحَسَن بنَ كُرْز، وأبا عِمرانَ بن أبي تَلِيد، وأجازا له. وكتب إليه مُجِيزًا من أهل الأندَلُس: آباءُ بكر: ابنُ بَرُنْجالَ وابنُ طاهر المحدِّث وعَيّاشُ بن فَرَج ويحيى بنُ الفَتْح الحِجَاريُّ، وأبو جعفرٍ ابنُ المُرْخِي، وأبو الحَجّاج القَفّالُ، وآباءُ الحَسَن: إسماعيلُ بن يحيى الحِجَاريُّ وشُرَيْحٌ وعَبّادُ بنُ سِرْحان وابنُ ثابتٍ وابن خَلَف وابن طلحةَ وابنُ مَوْهَب وابن نافع، وأبو الحَكَم وأبو المُطرِّف يحيى بنُ أبي المُطرِّف، [149 ب] وآباءُ عبد الله: الأحمرُ القُرَشيُّ والبَلَغِيِّيُّ والرُّعَيْنيُّ الحاكم وابنُ زُغَيبةَ وابنُ صافٍ الجَيّانيُّ وابنُ غَفْرال وابنُ نَجاح وابن وَضّاح، وأبو العبّاس ابنُ النَّخّاس، وأبو عليّ الصَّدَفيُّ، وأبو الفَضْل بن شَرَف، وآباءُ محمد: الرُّشاطيُّ وسِبطُ ابن عبد البَرّ وابنُ السِّيْد وابن عليّ الغافِقيُّ وابن عليّ الهِلاليُّ وابن أبي جعفرٍ وابن الوَحِيديِّ وعبدُ الحقِّ ابن عبد الحقّ وعبدُ الصَّمد بن أحمدَ الأُمَيِّيُّ وعبدُ العزيز بن الحَسَن المَيُورْقيُّ وعبدُ القادر ابنُ الحَنّاط، وأبوا مَرْوانَ: الباجِيُّ وابن بُونُه.

ومن أهل المشرِق: أبوا بكرٍ المحمَّدانِ: ابنُ عبد الباقي بن أحمدَ وابنُ عِشرينَ بن معروفٍ ابن الشِّرْوَانيِّ، وأبو سعيدٍ حَيْدرُ بن يحيى بن حَيْدر الجِيليُّ، وأبو الطاهِر السِّلَفيُّ، وأبو عبد الله المازَريُّ، وأبو عليّ الحَسَنُ بن عبد الله بن عُمرَ المُقرئُ (¬1)، وأبو الفَضْل جعفرُ بن زَيْد بن جامِع بن الحَسَن، وأبو محمدٍ عبدَ الرّحمنِ وأبو المُظفَّر محمدٌ ابنا عليِّ بن الحُسَين الشَّيْبانيِّ الطَّبَريِّ، وعددُ شيوخِه خمسةٌ وثمانونَ شيخًا. رَوى عنه آباءُ محمد: ابنُه عبد المُنعِم وغَلْبُون، وأبو إسحاقَ بنُ مُجاهِد وأبو الحَجّاج بنُ عليّ بن يُوسُفَ الجُمَيْميُّ، وأبو الخَطّاب بن واجِب، وآباءُ عبد الله: ابنُ أحمدَ الشَّوّاشُ وابن أيّوبَ بن نُوح وابنُ سَعِيد المُرادِيُّ وابن عبد الرّحمن التُّجِيبيُّ، وأبو العلاءِ إبراهيمُ بن عليّ بن مُنعم، وأبو عُمرَ بن عاتٍ، وأبو عَمْرٍو نَصْرُ بن بَشِير، وهُو آخِرُهم، وأبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم وعبدُ الرّحمن بن محمد بن عَمِيرةَ، وابنُ أخيه عَتِيقُ بن يوسُف بن محمد بن عَمِيرةَ، وعليُّ بنُ يحيى بن محمد بن أبي العافية، والمحمَّدونَ: ابنُ أبي القاسم بن مُفرِّج وابن عبد الصَّمد وابنُ محمد بن موسى بن عبد الوَلِيّ، ويوسُفُ بن عليّ بن محمد بن عَدِيّ. وكان مُقرِئًا مُتقِنًا في التجويد، محدِّثًا متّسعَ الرِّواية، عَدْلًا ضابطًا، ذاكِرًا لتواريخ الرِّجال وأخبارِهم، فقيهًا حافظًا للنّوازل، مُشاوَرًا دَرِبًا بالفتوى في النّوازل، مُطَّلعًا على مواضع الخِلاف، مُعتَنيًا بحَشْدِ الآراءِ والمذاهب، أحدَ حُفّاظِ الأندَلُس للمسائل في وقتِه، مشاركًا في الأصُول، وَقُورَ المجلس سَرِيَّ الهمّة كثيرَ التسنُّنِ والاقتداء، عارفًا بعلوم اللِّسان، معَ جَوْدةِ الخَطّ وإتقانِ التقييدِ والضَّبط، وكانت [150 أ] أصُولُه أعلاقًا نَفيسةً لا نظيرَ لها، جَمَعَ منها كثيرًا وكتَبَ مُعظمَها وأحْكَمَ تقييدَها وضَبْطَها، وكان من السُّنّة والدِّين المَتِين على أوضحِ مَنْهَج وأهدى سبيل. ¬

_ (¬1) هو المعروف بابن العرجاء المالكي المتوفى سنة 540 هـ (تاريخ الإسلام 11/ 853).

وأزعجَتْهُ الفتنةُ الواقعةُ بالأندَلُس سنةَ تسع وثلاثينَ وخمسِ مئة عن بلدِه، فصار إلى مُرْسِيَةَ، ووَلّاه القاضي بها وبأعمالِها أبو العبّاس ابنُ الحَلّال خُطّةَ الشُّورى، ثم قضاءَ بَلَنْسِيَة، في رجبِ ستٍّ وأربعينَ، فلم تَطُلْ مُدّةُ استقضائه، فخَرَجَ منها مُستَعْفِيًا منها أوّلَ شوّال من السّنة؛ لانتزاءِ عبد الملِك بن سَلْمانَ أو ابن حامدِ قبلَه فيها على الأمر ابن سَعْد، وأدَّى ذلك إلى حصارِها الشّديد سنةَ سبع بعدَها، وعاد إلى مُرْسِيَةَ، إلى أن نُكِبَ ابنُ الحَلّال فصَرَفَه السُّلطانُ عمّا كان بيدِه من الخُطَط، ثم راجَعَ فيه جميلَ رأيه لِما كان عليه من الانقباض وعَدَم التلبُّس بالدُّنيا وكثرةِ الدُّؤوب على الإقراءِ والتدريس، وطال مقامُه بمُرْسِتةَ حتى صار بها أشهرَ منهُ ببلدِه، والآخَذونَ فيها عنهُ أكثرَ من الآخِذينَ عنه ببلده. قال أبو عبد الله التُّجِيبيّ: ذُكِرَ لي من عِلمِه وفَضْلِه ما أزعَجَني إليه، فلقِيتُ عالمًا كبيرًا، ووجَدتُ عندَه جماعةَ وافرةَ من شَرْقِ الأندَلُس وغَرْبِها يتَدارَسُونَ الفقهَ، ويتذاكَرونَ بينَ يدَيْه، ويسمَعونَ الحديثَ عليه، وَيتْلُونَ كتابَ الله بالقراءاتِ السَّبع، وكان يؤُمُّ في الفريضة بجامع مُرْسِيَةَ ثالثًا لأبي القاسم بن حُبَيْش وأبي عبد الله بن حَمِيد، يؤُمُّ كلُّ واحدِ منهم أسبوعًا، وكان حَسَنَ الصّوتِ بالقرآن؛ وأطال الثناءَ عليه وأطاب. وقال أبو القاسم المَلّاحيُّ: وَليَ قضاءَ بَلَنْسِيّةَ عند خروجِه من غَرناطة، فحُمِدت سِيرتُه ومشَى على سَنَن مَن تقَدَّم من قُضاةِ العدل. مَوْلدُه قُبَيْلَ الفجر من ليلةِ السّبت الثانية والعشرينَ من صَفَرِ إحدى وخمسِ مئة، وتوفِّي بإشبيلِيَةَ نصفَ ليلةِ الثلاثاءِ التاسعةَ عشَرةَ من شوّالِ سبع وستينَ وخمسِ مئة، وكان قد قَدِمَها وافدًا من مُرْسِيّةَ معَ وجوه أهلِها على أبي يعقوبَ بن عبد المُؤْمن، ودُفنَ بمقبُرةِ النَّخيل من إشبيلِيَةَ بعدَ صلاةِ العصر من يوم الثلاثاءِ المذكور، وصَلّى عليه أبو الحَكَم بن حَجّاج، ثُم نُقلَ إلى غَرْناطةَ يومَ السبت لسبع بَقِينَ من شوّالِ المؤرَّخ [150 ب] فدُفن بها، وذلك بوصيّةٍ منه؛ إذ كانت مَنْشأهُ ومَدْفِنَ أسلافِه، رحمَهم الله.

996 - محمد بن عبد الجبار بن خلف بن لب المهري

996 - محمدُ بن عبد الجَبّار بن خَلَف بن لُبّ المَهْرِيُّ. رَوى عن أبي العبّاس العُذْريّ. 997 - محمدُ (¬1) بن عبد الجَبّار بن محمد بن خَلَف القَيْسيُّ، دانِيٌّ سَكَنَ بَلَنْسِيَةَ، أبو عبد الله. تَلا بالسّبع على أبي جعفر بن طارق، ورَوى عن أبي الحَسَن ابن النِّعمةِ وأكثَرَ عنهُ، وكتَبَ إليه أبو عبد الله بن حَمِيد، وأبو القاسم بنُ حُبَيْش وغيرُهما. حدَّث عنه أبو عبد الله بن سَعِيد الطَّرّازُ. وكان مُقرئًا مجوِّدًا ضابطًا، شديدَ الأخْذِ على القُرّاءِ مُتنطِّعًا فيه، حتى عِيبَ به، سَنِيًّا فاضلًا، عازِفًا عن خُلطةِ الناس، موصُوفًا بحِدّةٍ كانت فيه، أقْرأَ بمسجدِ ابن عَيْشُون وأَمَّ به في الفريضة، وكان يُحلِّقُ بالجامع إثْرَ صَلَواتِ الجُمَع، فتُتلَى عليه آيٌ من كتابِ الله عَزَّ وجَلّ، فيَأخُذُ في تفسيرِها. قال ابنُ الأبّار: سمِعتُ ذلك منه، واستجازَهُ لي عبدُ الكريم بن عمّار، وتوفِّي في رمضانِ إحدى عشْرةَ وست مئة. 998 - محمدُ بن عبد الجَبّار المُرادِيُّ. طُلَيْطُليُّ الأصل نشَأَ بغَرْناطة، ورَوى عن شيوخِها؛ وكان شَيْخًا فاضلًا صالحًا، مؤذِّنًا بجامع قَصَبتِها، وتوفِّي بها عن سنٍّ عاليةٍ جدًّا. 999 - محمدُ بن عبد الجَبّار بن مناقرٍ الكِلابيُّ، أبو عبد الله وأبو القاسم. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجيّ. 1000 - محمدُ بن عبد الجَليل، قُرْطُبيٌّ، أبو بكر. رَوى عن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1599)، والذهبي في المستملح (242) وتاريخ الإسلام 13/ 326.

1001 - محمد بن عبد الحق بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحق الخزرجي، قرطبي، أبو عبد الله

1001 - محمدُ (¬1) بن عبد الحقِّ بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الحقِّ الخَزْرَجيُّ، قُرْطُبيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله بن فَرَج مَوْلى الطَّلّاع وأكثرَ عنهُ، وأبي محمد بن عَتّاب. رَوى عنه ابنُه أبو محمد عبدُ الحقِّ، وأبو القاسم بن يَزيدَ بن بَقِيّ؛ وكان محدِّثًا عَدْلًا فاضلًا عاليَ الرّواية، متحقّقًا بالفقه شديدَ العنايةِ به، مِن آخِر من أسنَدَ "الموطَّأَ" بالسَّماع عن أبي عبد الله بن فَرَج مَوْلى ابنِ الطَّلّاع، وتوفِّي بعدَ الستينَ وخمسِ مئة. 1002 - محمدُ بن الحقّ بن نُويلٍ الأنصاريُّ، غَرْناطيٌّ، ابنُ عَدْرُون. رَوى عن أبي الحَسَن بن عبد الله بن ثابت، واستُشهِدَ بغَرْناطةَ سنةَ سبع وخمسينَ وخمسِ مئة. 1003 - محمدُ بن عبد الحقّ، أبو عبد الله، ابنُ المَحّاء. رَوى عن أبي محمدٍ عبد الحقّ بن بُونُه. 1004 - محمدُ بن عبد [151 أ] الحميد بن أحمدَ بن العبّاس بن حارث اليَعْمُريُّ، أُبَّذِيٌّ. 1005 - محمدُ بن عبد الحميدِ بن مُحَمَّد بن وَليد بن عيسى، بَلَنْسِيٌّ فيما أظُنّ. 1006 - محمدُ بن عبد الحميد بن عليّ الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ أربعَ عشْرةَ وست مئة. 1007 - محمدُ بن عبد الحميد الأنصاريُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي محمدٍ الرُّشاطيِّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1398)، والذهبي في المستملح (120) و (141) وتاريخ الإسلام 12/ 202.

1008 - محمد بن عبد الخالق الغساني، إلبيري

1008 - محمدُ (¬1) بن عبد الخالِق الغَسّانيُّ، إلبِيريٌّ. قَدِمَ على الناصِر في أوّل خِلافتِه صَدْرًا في أهل الكُورة، وهم جُنْدُ دمشق، وقد نصَحَهم وحَضَّهم على الدُّخول في الطاعة، فاستَقْضاهُ عليهم في نصفِ ربيعِ الآخِر سنةَ ثلاث مئة، فكان أوَّلَ قاضٍ استَقْضاهُ. 1009 - محمدُ بن عبدِ ربِّه بن مُحَمَّد بن البَقَاء بن عبد ربّه القَيْسيُّ، إشبِيليٌّ. كان حيًّا سنةَ خمسينَ وخمسِ مئة. 1010 - محمدُ بن عبد الرزّاق بن خَلَف بن محمدٍ الغَسّانيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكر بن خَلَف ابن النَّفِيس، وأبي جعفرِ وأبي الحَسَن ابنَي الباذِش، وأبي القاسم عبدِ الرّحيم ابن الفَرَس وغيرِهم؛ وكان بارعَ الخَطّ حَسَنَ الوِراقة متقنَ التقييد، كتَبَ الكثيرَ وأحْكَمَ ضَبْطَه. 1011 - محمدُ بن عبد الرزّاق بن عبد الرّحمن بن وَليد، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العِلم والعدالة، حيًّا سنةَ ثلاثِ وثمانينَ وأربع مئة. 1012 - محمدُ بن عبد الرّزاق الهادي (¬2). رَوى عن شُرَيْح. 1013 - محمدُ بن عبد الرَّؤوفِ بن سَحْنُون الأنصاريُّ، سَرَقُسْطيٌّ نزَلَ أغْمات وريكةَ، أبو عبد الله. رَوى عن عمِّه أبي زَيْد عبد الرّحمن، رَوى عنه أبو العبّاس بنُ عبد الرّحمن ابن الصَّقْر. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (984). (¬2) ضُبّب عليها في ب.

1014 - محمد بن عبد السلام بن علي بن مطرف بن إبراهيم بن عمر بن إبراهيم الأموي، مالقي، أبو عبد الله، ابن مطرف

1014 - محمدُ بن عبد السّلام بن عليّ بن مُطرِّف بن إبراهيمَ بن عُمرَ بن إبراهيمَ الأمَويُّ، مالَقيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ مُطرِّف. رَوى عن أبي محمدٍ القاسم بن دَحْمانَ وغيره. وكان رائقَ الوِراقة جيِّدَ الضَّبْط، فقيهًا حسَنَ التصرُّفِ، عَدْلًا نَبيهًا، أديبًا بارعًا، سَرِيًّا فاضلًا. توفِّي في حدودِ أحدٍ وثمانينَ وخمسِ مئة. 1015 - محمدُ (¬1) بن عبد السّلام بن محمد بن يحيى بن أبي شُعَيْبٍ المُرادِيُّ، جُمَلِّيٌّ (¬2)، أبو عبد الله الجُمَلِّيُّ. رَوى عن أبي الوليد ابن الدَّبّاغ، وأبي [152 ب] عبد الله بن يوسُفَ بن سَعادةَ، وتفَقَّه به وبأبي جعفر بن أبي جعفر، وتأدَّب بأبي محمد بن مِطْحَنة. ورَحَلَ حاجًّا سنةَ ثمانٍ وعشرينَ وخمسِ مئة، فلقِيَ بمكّةَ، شرَّفَها اللهُ، أَبا عبد الله بنَ سَعِيد الدانيَّ، فقَرأَ عليه هنالك، وسَمع من أبي المَنِيع رافع بن دُغْش، وأبي نَصر الفَتْح بن محمد الجُذَاميِّ، وغيرِهما، وقَفَلَ إلى الأندَلُس فسَكَنَ مُرْسِيَةَ. رَوى عنه ابنُه القاضي أبو بكر. وكان محدّثًا راوِيةً عَدْلًا ثقةً ضابطًا فقيهًا حافظًا حسَنَ الخَطّ، كتَبَ الكثيرَ وعُني بالعلم عنايةً تامّة، وُلد بجُمَلَّةَ سنةَ إحدى عشْرةَ وخمسِ مئة، وتوفِّي سنةَ أربع وستينَ وخمس مئة. 1016 - محمدُ بن عبد الصَّمد بن عيسى الأنصاريُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن شُرَيْح. 1017 - محمدُ بن عبد الصَّمد بن عيسى الأنصاريُّ، قَلَنِّيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحَسَن بن فَيْد، وأبي عبد الله ابن الفَخّار، وأبي القاسم بن رُشَيْد الوَرّاق. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1411). (¬2) نسبة إلى جُمَلَّة من عمل مرسية.

1018 - محمد بن عبد الصمد بن محمد بن نافع القيسي

1018 - محمدُ بن عبد الصَّمد بن مُحَمَّد بن نافِع القَيْسيُّ. رَوى عن أبي عبد الله ابن الفَخّار. 1019 - محمدُ بن عبد الصَّمد بن محمد الأنصاريُّ، مُرْسِيٌّ. رَوى عن أبي عبد الله بن عبد الرّحيم، وكان بارعَ الخَطّ من أهل التقييدِ وإتقانِ الضَّبط. 1020 - محمدُ بن عبد العزيز بن أحمدَ بن كبِير الأَسَديُّ، غَرْناطيٌّ، أبو بكر. رَوى عن شُرَيْح. 1021 - محمدُ (¬1) بن عبد العزيز بن أحمدَ بن محمد بن يَبْقَى الرُّعَيْنيُّ، قيجاطيٌّ سكَنَ غَرْناطةَ، أبو عبد الله. رَوى عن أَبيه أبي الأصبَغ، وأبي إسحاقَ بن فَرْقَد، وتَلا ببلدِه على أبي عبد الله بن أحمدَ ابن خَضْريال، وببيّاسةَ على أبي بكر بن حَسُّون، ولم يُكمِل السَّبعَ عليه. رَوى عنه أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان. وكان مُكْتِبًا مجوِّدًا صالحًا فاضلًا، من أطيبِ الناس نَغَمةً بالقرآن، وجِلّةِ قُرّاءِ كتابِ الله العاملينَ به، يتَخيَّرُه الأُمراءُ للقراءةِ عليهم؛ لحُسن صوته وخشوعِه وإجادتِه وفَضْلِه ومَتانةِ دينهِ، وكان يُشارُ إليه بإجابةِ الدّعوة، وأَمَّ طويلًا في الفريضة بمسجدِ ابن جُرْج: من عِرَاص غَرْناطة، فكان الناسُ يَعمَدونَ إلى الصّلاة خَلْفَه؛ لفَضلِه وجَوْدةِ صوتِه، وأكتَبَ بمسجد قَنْطَرة الحَوّاتِين، فنفَعَ اللهُ به كلَّ من قَرأَ عليه؛ لنُصحِه في التعليم وصِدق [153 أ] نيّتِه. وتوفِّي بغَرْناطةَ نصفَ آخِر ليلة من رجبِ لستَّ عشْرةَ وست مئةٍ وقد بَلَغَ سبعينَ سنةً، وازدحَمَ الناسُ على نَعْشِه حتى حَمَلوهُ على الأنامل تبُّركًا به وكثرةِ تلاوته وعلمًا بزُهدِه وفضلِه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1616)، والذهبي في المستملح (257).

1022 - محمد بن عبد العزيز بن جعفر بن يونس بن سيد أبيه الفارسي، منكبي [] سكن غرناطة مدة ثم بأخرة مراكش، طليطلي الأصل، أبو أحمد

1022 - محمدُ بن عبد العزيز بن جعفرِ بن يونُسَ بن سيِّد أَبيه الفارسيُّ، مُنَكَّبيٌّ [....] (¬1) سَكَنَ غَرْناطةَ مدّةً ثم بأخَرةٍ مَرّاكُشَ، طُلَيْطُليُّ الأصل، أبو أحمد. رَوى عن أَبيه، وأبي إسحاقَ ابن الحَلّاء، وأبي الحَجّاج ابن الشَّيخ، وأبي الحُسَين ابن الصائغ، وأبي الصَّبر الفِهْريِّ، وأبي عبد الله بن قاسم بن عبد الكريم التَّميميٍّ، وأبي عليّ الحَسَن بن سَمْعون، وأبي عَمْرو بن عَيْشون، وأبوَي القاسم: ابن سَمَجُونَ وابن المَلْجوم، وآباءِ محمد: ابن حَوْطِ الله، ولازَمَه كثيرًا، وعبدِ الحقّ ابن بُونُه وعبد الصَّمد بن يَعيِش. وناوَلَه أبو عبد الله بنُ يَزيدَ بن رجاء، ولم يَذكُرْ أنَّهم أجازوا له. ورَوى عن أبي بكر بن أبي زَمَنِين، وأبي القاسم بن بَقِيّ، وأجازوا له، وحدَّث بالإجازةِ عن الخطيبِ أبي جعفر بن يحيى، وأبي الحَسَن ابن كَوْثَر، وأبي خالدٍ يزيدَ بن رِفاعةَ، وأبي زيدٍ السُّهَيْليّ، وأبي عبد الله ابن الفَخّار. وكان شَيْخًا عاقلًا مُتَصاوِنًا، عاقدًا للشُّروط، مُعتَنيًا بالعِلم عاكفًا على خدمتِه، كتَبَ بخطِّه الكثيرَ، وعُني بالرِّواية وعُرِف بالعدالة، ولم يكنْ في ضَبْطِه هنالك، وتوفِّي بَمرّاكُشَ سنةَ ثِنتَيْنِ أو ثلاثٍ وأربعينَ وست مئة. 1023 - محمدُ بن عبد العزيز بن حَسَن بن عبد القادر. 1024 - محمدُ بن عبد العزيز بن حَسَن الحَضْرَميُّ. رَوى عن أبي محمد بن عَتّاب، وأجاز له أبو الحَسَن أحمدُ بن أحمدَ ابن القَصِير. 1025 - محمدُ بن عبد العزيز بن حُسَين المَعافِريُّ، بَلَنْسِيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمسِ مئة. 1026 - محمدُ بن عبد العزيز بن خَلَصةَ الجُذَاميُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال. ¬

_ (¬1) بياض في النسختين.

1027 - محمد بن عبد العزيز بن خلف بن عبد العزيز المعافري، لبلي سلاقي الأصل قديما ثم رجاني، سكن إشبيلية ثم مراكش، أبو بكر السلاقي وابن الرجاني، وبعضهم يكتبه: الرجيني باعتبار إفراط الإمالة [152 ب] المستحكمة في لسان أهل الأندلس

1027 - محمدُ (¬1) بن عبد العزيز بن خَلَف بن عبد العزيز المَعافِريُّ، لَبْليٌّ سلاقيُّ الأصل قديمًا ثم رَجَانيٌّ، سَكَنَ إشبيلِيَةَ ثم مَرّاكش، أبو بكر السّلاقيُّ وابن الرّجانيِّ، وبعضُهم يَكتُبُه: الرَّجِينيَّ باعتبارِ إفراطِ الإمالة [152 ب] المُستحكِمة في لسانِ أهل الأندَلُس. رَوى عن أبي إسحاقَ بن مُلْكونَ، وآباءِ بكر: ابن الجَدّ وابن خَيْر وابن رَيْدان، وآباءِ الحَسَن: خَليل والزُّهْريّ وعبد الرّحمن بن مَسْلَمةَ، وأبي الحَكَم عَمْرِو بن أحمدَ بن حَجّاج، وأبوَيْ عبد الله: ابن المُجاهد الفاضل وابن مَيْمون بن ياسين، وأبوَي العبّاس: ابن خَليل وابن سَيّد، وأبوَي القاسم: ابن الإِمام وابن بَشْكُوال، وأبي محمد بن مَوْجُوال، وأبي مَرْوانَ بن مسَرّةَ. رَوى عنه أبوا عبد الصَّمد: صِهرُه محمدُ بن عبد الله بن عبد الرّحمن الأنصاريُّ اليابنيُّ وابن [....] (¬2)، وأبو إسحاقَ بن يوسُفَ بن جعفر، وأبو الحَسَن بنُ أبي عليّ الحَسَن بن حَجّاج بن يوسُف، وأبو الخَطّاب بن خَليل، وأبو العبّاس بن عُمرَ، وأبو محمدٍ عبدُ العزيز بن أبي محمد عبد الوهّاب بن غازٍ؛ وحدَّثنا عنه شيخُنا أبو عليّ الماقَريُّ. وكان محدِّثًا راوِيةً عَدْلًا مُكثِرًا صحيحَ السَّماع ثقةً، فقيهًا ذاكرًا أقوالَ أئمّة الفقه، نَظّارًا فيه، مُستبحِرًا في حِفظِ اللُّغاتِ والتواريخ والأشعارِ قديمِها وحديثها، متقدِّمًا في النَّحو، متحقِّقًا بذلك كلّه، حَسَنَ المشارَكة في غيرِه من فنونِ العلم، حَسَنَ النَّظْم والنّثر، جيّد الخَطّ رائقَه، لزِمَ شيخَه أَبا الحَسَنَ خليلًا أزيَدَ من سَبعْ وعشرينَ سنةً، وتصَدَّر بعدَ وفاتِه للإقراءِ بإشبيلِيَةَ وقُرطُبةَ أعوامًا قليلة، ثم نَقَلَه المنصُورُ من بني عبد المُؤْمن إلى حضرتِه مَرّاكُشَ، فأنزَلَهُ في جامعِه الأعظم لتدريس ما كان عندَه من المعارف، وحَظِيَ عندَه وعندَ ذوي الأمرِ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1500)، والسيوطي في البغية 1/ 160، والمراكشي في الإعلام 4/ 154. (¬2) بياض في النسختين.

1028 - محمد بن عبد العزيز بن خلف بن ملوك، البلوي، شاطبي فيما يقال

من آلِ بيتهِ وشِيعتِهم حُظوةً كبيرة، خَلَا أنه كانت فيه دُعابة أخَلَّت به لدَيْهم، فلم يترَقَّ إلى أعلى من رُتبةِ التدريس، ولم يكن ممّن يُستحضَرُ بمجلسِ المنصُور معَ من كان يَحضُرُه من أهل العلم؛ على أنهُ كان يشتملُ على كثيرٍ ممّن يَقصُرُ على إدراكِ أبي بكرٍ هذا، فكان من الناس من يوَجِّهُ ذلك باغتنام نَصْبِه للتدريس وشَغْلِه به وتفريغِه له، ومنهم من يَرى أنّ ذلك من أجلِ الدُّعابة التي ذكرَ إخلالها به عندَهم، ومعَ ذلك فكان من مفاخِر وقتهِ، وله في أخبارِ خَليلٍ وسَلَفِه وبيتهِ ومنَاقبِهم مجموعٌ حسَنٌ مُمتِع، كان المنصورُ يعجَبُ به ويقول: ما ينبغي لأحدٍ أن يخلوَ عنه، وأمَرَ بنَسْخِه لِخزانةِ كُتُبِه، وعُني النَّاسُ في مَرّاكُشَ بنَسْخِه واستنساخِه وإذاعتِه، [154 أ] وقد تقَدَّم ذكْرُ ذلك في رَسْم خليلٍ من هذا الكتاب. مَوْلدُه سنةَ إحدى وأربعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بمَرّاكُشَ يومَ الأربعاءِ لثلاث خَلَوْنَ من صَفَرِ إحدى وست مئة. 1028 - محمدُ بن عبد العزيز بن خَلَف بن ملوك، البَلَويُّ، شاطِبيٌّ فيما يقال. أخَذَ القراءاتِ عن أبي عبد الله بن عُبَادةَ، رَوى عنه أبو القاسم محمد بن محمد ابن الوَلِيّ، وكان مُقرِئًا فقيهًا، توفِّي بعدَ ست مئة. 1029 - محمدُ بن أبي الأصبَغ عبد العزيز بن رَيْدانَ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أنجب مَرْوانَ بن مسَرّةَ. 1030 - محمدُ (¬1) بن عبد العزيز بن سَعادَة، شاطِبيٌّ، أبو عبد الله. تلا بالسَّبع على أبي بكر بن نُمَارةَ، وأبي الحَسَن بن هُذَيْل، وأبي عبد الله بن عليّ ابن اللَّايُه، وبقراءةِ نافع على أبوَيْ عبد الله: ابن الحَسَن الدّانيِّ وابن عَرِيب، ¬

_ (¬1) ترجمه المنذري في التكملة 2/الترجمة 1559، وابن الأبار في التكملة (1608)، والرعيني في برنامجه (88)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 420 ومعرفة القراء 2/ 605 والعبر 5/ 51 وسير أعلام النبلاء 22/ 83 وفيه ذكر وفاته، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 172، وابن العماد في الشذرات 5/ 61.

وبقراءةِ يعقوبَ على أبي الحَسَن ابن النِّعمة، وختَماتٍ جَمّةً على أبي مَرْوانَ بن يَدَّاس، ورَوى عنهم، وعن أبي بكر بن أبي ليلى، وأبي حَفْص بن واجِب، وأبوَيْ عبد الله: ابن عبد الرّحمن بن عُبَادةَ، وابن يوسُف بن سَعادةَ وأكثَرَ عنه، وأبي العبّاس بن إفْرِنْد، وآباءِ محمد: عاشِر وعُلَيْم وهارونَ بن عاتٍ، قَرَأَ عليهم وسَمعَ وأجازوا له، إلا أَبا مَرْوانَ بن يَدَّاسَ فلم يَذكُرْ إجازتَه له؛ وأجاز له أبو القاسم بنُ وَضّاح، ولم يَذكُرْ لقاءه إياه. رَوى عنه: أبو إسحاقَ بن غالب بن بَشْكُنالَ، وأبو بكرٍ ابنُ المُرابِط وآباءُ جعفر: الطَّنْجاليُّ شيخُنا، وهو آخرُ الرُّواة عنه بالأندَلُس، وابنُ عليٍّ ابن الفَحّام وابنُ محمد بن شُهَيْد وابنُ مالك ابن السَّقّاء، وأبو الحَسَن وأبو عبد الله ابنا يوسُفَ القَحْطانيّانِ، وأبو الحُسَين عبدُ الملِك بن أحمدَ بن عبد الله بن مُفَوَّز، وأبو زكريّا بنُ زكريّا الجُعَيْديُّ، وأبو عبد الله ابنُ الأبار، وأبوا محمد: ابنُ ابنِ موسى الرُّكَيْبيُّ وابنُ عبد الرّحمن بن بُرْطُلُّه. وكان من جِلّة المُقرِئينَ المجوِّدين الضّابِطينَ المُتقِنين، متصدِّرًا لإقراءِ كتاب الله وإحكام أدائه والمعرفة التامّةِ بقراءتِه، حَسَنَ الخَطّ جيِّدَ الضَّبط، راويةً مُكثِرًا عَدْلًا ثقةً، من بقايا أصحابِ ابن هُذَيْل المُكثِرينَ عنهُ، ذَكَرَ أنه استوعَبَ عليه مصنَّفاتِ أبي عَمْرٍو سَماعًا، ومن آخِر السامعينَ على أبي عبد الله ابن الحَسَن الدّانيّ، ومن المُكثِرينَ [154 ب] عن أبي عبد الله بن سَعادةَ؛ وعُمِّر طويلًا فبَلَغَ المئة أو أربَى عليها مُمتَّعًا بجوارحِه كلِّها، قَدِمَ بَلَنْسِيّةَ أوّلَ شوّالِ عشرٍ وست مئة فأُخِذَ عنهُ بها، وكان أبو الخَطّاب بن واجِب يُوثِّقُه وُيثْني عليه ويقولُ بفَضْلِه وبقِدَمِ صُحبتهِ أَبا الحَسَن بنَ هُذَيْل وغيرَه من الشُّيوخ. مولدُه سنةَ أربعَ عشْرةَ، وقيل: سنةَ ستَّ عشْرةَ، وخمسِ مئة، وتوفِّي بشاطِبةَ يومَ السبت لأربع خَلَوْن، وقيل: يومَ الثلاثاء لتسع خَلَوْن، من شوّالِ أربعَ عشْرةَ وست مئة.

1031 - محمد بن عبد العزيز بن سعيد بن عقال الفهري، بونتي، أبو عبد الله

1031 - محمدُ (¬1) بن عبد العزيز بن سَعِيد بن عِقَال الفِهْرِيُّ، بُونْتيٌّ، أبو عبد الله. كان من أهل المعرفة والنَّباهة، واستَقْضاهُ ببلدِه الحاجبُ نِظام الدولة المتأخِّرُ أبو محمد بنُ محمد بن قاسم، ثم وُلاةُ لَمْتُونةَ بعدَه، وتوفِّي قبلَ العشرينَ وخمسِ مئة. 1032 - محمدُ بن عبد العزيز بن شُعَيْبٍ الخَوْلانيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن شُرَيْح. 1033 - محمدُ (¬2) بن عبد العزيز بن عبد الله الزُّغَيْبيُّ، أندَلُسيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عنه أبو محمد بنُ محمد الأَشِيريُّ. 1034 - محمدُ (¬3) بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عُبَيد الله (¬4) بن عَياش التَّجيبيُّ، بَرْشَانيٌّ سَرَقُسْطيُّ الأصل، سَكَنَ مَرّاكُشَ وتصَرَّف بتصرُّفِ ملوكِها، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله بن حَمِيد، وأبوي القاسم: السُّهَيْليِّ وابن حُبَيْش. رَوى عنه بَنُوه: أبو جعفرِ وأبو القاسم عبدُ الرّحمن وأبو [....] (¬5) مروان، وأبو جعفر بن ثُعْبان؛ وحدَّثنا عنه شيخُنا أبو القاسم البَلَويُّ، رحمه الله. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1230). (¬2) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال 2/ 739، وابن الأبار في التكملة (1332)، والذهبي في المشتبه 1/ 320، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 4/ 206، وابن حجر في تبصير المنتبه 2/ 630. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1622)، والذهبي في المستملح (261) وتاريخ الإسلام 13/ 558، وابن الخَطيب في الإحاطة 2/ 482، وابن عذاري في البيان المغرب (170)، والمراكشي في الإعلام 4/ 180. (¬4) في التكملة: "عبد الله". (¬5) بياض في النسختين.

وكان كاتبًا بارعًا فَصيحًا، مُشرِفًا على علوم اللِّسان حافظًا للُّغاتِ والآداب، جَزْلًا سَرِيَّ الهمّة كبيرَ المِقدار، حَسَنَ الخُلُق كريمَ الطَّبع، نَفّاعًا بجاهِه ومالِه، كثيرَ الاعتبارِ بطلبةِ العلم والسَّعي الجَميل لهم، وإفاضةِ المعروفِ على قُصّادِه، مُستعِينًا على ذلك بما نال من الثروةِ والحُظْوةِ والجاهِ عندَ الأُمراءِ من بني عبد المُؤْمن؛ إذْ كان صاحبَ القَلَم الأعلى عند المنصُورِ منهم، فابنِهِ الناصِرِ فابنِهِ المُستنصِر، رفيعَ المنزلةِ والمكانةِ لديهم، عامدًا الإعرابَ في كلامِه، لا يخاطبُ أحدًا من أصنافِ الناس، على تفارِيقِ أحوالِهم، إلا بكلام مُعرَب، وربّما استَعمَلَ في مُخاطبةِ خَدَمتهِ [155 أ] أو أَمتهِ من حُوشيِّ الألفاظِ ما لا يُكادُ يُستعمَلُ ولا يفهَمُه إلا حُفّاظُ اللُّغة من أهل العلم، عادة ألِفَها واستمرَّت حالُه عليها, وله اختصارٌ حَسَنٌ في "إصلاح المنطِق" ورسائلُ مشهورةُ الجَوْدة تَناقَلَها النَّاسُ كثيرًا استحسانًا لها، وشِعرٌ يُحسُنُ في بعضِه. حدَّثني الشّيخُ أبو القاسم البَلَويُّ رحمَه اللهُ، قال: كنتُ قد تعرَّفتُ به في الأندَلُس، فلمّا ورَدْتُ حضرةَ مَرّاكُشَ قصَدتُ إليه مُسلِّمًا عليه، فهَشَّ إليَّ ورحَّبَ بي وبالَغَ في التَّحَفِّي بمسألتي وإكرامي، وعَزَمَ عليّ في النزولِ عندَه، فعمِلتُ على إشارته، فأنزَلَني بعُلِّيَّةٍ في رَحْبةِ دارِ سُكناه، فمكثْتُ بها طُولَ مقامي بمَرّاكُشَ حينئذٍ، وعَرَضَ لي أثناءَ تلك المُدّة مَرَضٌ طاوَلَني، فكان لا يَدخُلُ دارَه متى وَصَلَ إليها ولا يَخرُجُ منها إذا أراد الخروجَ منها حتى يصعَدَ إليَّ ويسألَني عن حالي وعمّا انتهَى إليه مرَضي، ويُحضِرُني مَهَرةَ الأطبّاءِ للنّظرِ في علاجي وتدبير عِلّتي، ويأمُرُ في دارِه بإحكام ما يقتضيهِ نَظرهم من غذاءٍ ودَواء، وكان هذا دأْبَه معي حتى أبلَلْتُ من مَرضي، شَكَرَه اللهُ وكافَأَ فعلَه الجميل؛ ولقد وافَقَ عندي يومًا تلبينةً صُنِعت لي قدَّر أنّها قد أُخِّرت عن الوقتِ الذي يصلُحُ في استعمالِها فيه، فتغيَّر لذلك وشَقَّ عليه كثيرًا، وتوهَّمَ إهمالَ جانبي وقلةَ الاهتبالِ بشأني، وأقامَ يسيرًا، ثم نزَلَ إلى دارِه، فسمِعتُ صوتَه عاليًا بتوبيخٍ شديدٍ وتقريع مُقلِق، إمّا لأهلِه وإمّا لمن كلَّفَه القيامَ بحالي.

قال: وكنتُ أخِفُّ عليه وأشفَعُ عندَه في كبارِ المسائل، فيُسرعُ في قضائها، ولقد عرَضَتْ لبعض أصحابي من أهل بلادِ الأندَلُس حاجةٌ مُهمّةٌ كبيرة وَجَبَ عليَّ السَّعيُ فيها والتماسُ قضائها وفاءً لربِّها, ولم يكنْ لها إلّا ما قَدَّرتُه من حُسنِ نظرِه فيها، ورَجَوْتُه من جميل أثَرِه في تيسيرِ أمرِها، وكان قد أصابه حينَئذٍ التِياثٌ لزِمَ من أجلِه دارَه، فدخَلتُ إليه عائدًا، فأطال السّؤالَ عن حالي، وتبسَّطَ معي في الكلام مُبالغةً في تأنيسي، فأجَّلتُ ذكْرَ تلك الحاجة، ورغِبتُ [155 ب] منه في الشّفاعة عندَ السُّلطانِ في شأنِها، وكان مُضطجِعًا فاستوَى جالسًا، وقال لي: جَهِلَ النَّاسُ قَدْري يَا أَبا القاسم -وكرَّرها ثلاثًا- أفي مثلِ هذا أشفَعُ إلى أمير المُؤْمنين؟ هاتِ الدَّواةَ والقِرطاس، فناوَلْتُه إيّاهُما، فكتَبَ برغبتي ظهيرًا ورَفَعَه إلى السُّلطان فصُرِفَ في الحسين إليه مُعلَّمًا عليه، فاستَدْعاني ودَفَعَه إليّ وقال لي: يَا أَبا القاسمٍ، لا أرضَى منك أن تُحجِمَ عنّي في التماسِ قضاءِ حاجةٍ تعرَّضَتْ لك خاصّة، وإن كانت لأحدٍ من معارفِك أو كان منك بسببٍ عامّةً، كبُرَتْ أو صَغُرَت، فالتزِمْ قضاءها وعليَّ الوفاء، فإنّ لكلِّ مُكتَسَب زكاةً، وزكاةُ الجاهِ بَذْلُه، فشكرتُهُ على جميل ما أوْلاهُ، ودعَوتُ له بطُولِ بُقْياه. وشبيهٌ بهذا ما ذَكَرَه الخَطيبُ أبو بكر بنُ ثابت في أخبار الحَسَن بن سَهْل بإسنادِه إلى يحيى بن خاقانَ، قال (¬1): حضَرْتُ الحَسَنَ بن سَهْل، وجاء رجلٌ يَستشفعُ به في حاجةٍ فقضاها، فأقبَلَ الرجُلُ يَشكُرُه، فقال له الحَسَن: عَلامَ تشَكرُنا ونحن نَرى أنّ للجاهِ زكاةً، كما أنّ للمال زكاة؟! ثم أنشَأَ الحَسَنُ يقول [الكامل]: فُرِضَتْ عليَّ زكاةُ ما ملَكَتْ يدي ... وزكاةُ جاهي أن أُعينَ وأَشفَعا فإذا ملَكْتَ فجُدْ فإنْ لم تستطعْ ... فاجهَدْ بوُسْعِكَ كلِّه أنْ تنفَعا ¬

_ (¬1) تاريخ مدينة السلام 8/ 287.

1035 - [156 أ] محمد بن عبد العزيز بن عبد القادر القرشي، من غرب الأندلس الأقصى، أبو القاسم

ومن شعرِه في المصحفِ الإماميِّ، المنسوبِ إلى ذي النُّورَيْنِ أبي عَمْرٍو عثمانَ بن عَفّانَ رضيَ اللهُ عنه، وقد أمَرَ المنصُورُ، من بني عبد المُؤْمن، بتَحْلِيتِه وتَغْشِيتهِ بجليل الدُّرِّ ونَفِيس الياقوتِ والزُّمُرّد: قولُه [الطويل]: ونُفِّلْتَهُ من كلِّ مَلْكٍ ذخيرةً ... كأنّهمُ كانوا برَسْمِ مكاسبِهْ فإن وَرِثَ الأَملاكَ شرقًا ومَغْرِبًا ... فكمْ قد أَخلُّوا جاهلينَ بواجبِهْ وألبَسْتَه الياقوتَ والدُّرَّ حِليةً ... وغيرُك قد روَّاهُ منْ دم صاحبِهْ وقد تقدَّم في رَسْمَيْ أبي جعفرٍ الوَقَّشِيّ وأبي المُطرِّف بن عَمِيرةَ ذكْرُ هذا المُصحف، وسيأتي في رَسْم أبي الحَسَن ابن القَطّان، إن شاء اللهُ تعالى. مولدُه ببَرشانةَ سنةَ خمسين وخمسِ مئة، وبها نشَأَ، وتوفِّي بمَرّاكُشَ لخمسٍ بقِينَ من جُمادى الآخِرة سنةَ ثمانِ عشْرَةَ وست مئة. 1035 - [156 أ] محمدُ بن عبد العزيز بن عبد القادر القُرَشيُّ، من غَرْبِ الأندَلُس الأقصى، أبو القاسم. رَوى عن خالِه أبي الفَضْل حَفيدِ الأعلم، رَوى عنه أبو عليِّ بنُ الزرقالة، وكان فقيهًا أديبًا، واستُقضيَ. 1036 - محمدُ بن عبد العزيز بن عَطافٍ العُقيْليُّ، أُبَّذيٌّ مَنْتيشيُّ الأصل، أبو عبد الله. كان فقيهًا مُشاوَرًا أديبًا، حيًّا في وَسَط عَشْرِ الخمسينَ وخمسِ مئة. 1037 - محمدُ (¬1) بن عبد العزيز بن عليّ بن عيسى بن سَعِيد بن مُختارِ بن منصُور بن شاكِر الغافِقيُّ، قُرطُبيٌّ شَقُوريُّ الأصل، أبو الحَسَن الشَّقُوريُّ. رَوى عن عمِّه أبي عَمْرٍو نَصْر بن عليّ، وأبي أحمدَ بن رِزْق، وأبي إسحاقَ ابن نَبَات، وآباءِ بكر: ابن طاهِر المحدِّث وعبد العزيز بن مُدِير وابن العَرَبيّ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1462)، والذهبي في المستملح (163) وتاريخ الإسلام 12/ 632.

وابن مَسْلَمةَ ويحيى البِرْزَاليِّ، وأبي جعفرٍ البِطْرَوْجيِّ، وأبي الحَجّاجِ القُضَاعيّ، وأبوَي الحَسَن: شُرَيْح وعبد الرحيم الحِجَاريِّ، وأبي الحَكَم بن غَشِلْيانَ، وأبي الطاهر الأَشْتَرْكُونيِّ، وآباءِ عبد الله: ابن أحمدَ الحَمْزيّ والأحمرِ القُرَشيِّ وحفيدِ مكِّي، وآباءِ القاسم: ابن بَشْكُوالَ وابن رِضا وابن الفَرَس وابن وَرْد، وآباءِ محمد: ابن عليّ الغافقيِّ والنَّفْزِيِّ وعبدِ الحقّ بن عَطِيّةَ. وأجاز له أبوا الوليد: ابنُ الدَّبّاغ ومحمدُ بن عبد الله بن خِيَرةَ؛ وكتَبَ إليه مُجِيزًا من أهل المشرِق: أبو سعيد حَيْدرٌ الجِيليُّ. رَوى عنه الحاجُّ أبو بكر ابنُ العَرَبيّ، وأبو جعفرٍ الجَيّارُ، وابنا حَوْطِ الله، وأبو عبد الله بن عبد الوَدُود، وأبو عليّ الرُّنْديُّ، وأبو عُمرَ بنُ الجُمَيّل، وأبو القاسم عبدُ الرحيم بن إبراهيمَ ابن الفَرَس. وكان محدِّثًا حافظًا عَدْلًا ضابِطًا مُتقِنًا ثقةً، ناقدًا عارفًا بعِلَل الحديث ورجالِه وثِقاتِهم وضُعفائهم وأنسابِهم وطبقاتِهم، طويلَ الرِّحلة في طلبِ روايتهِ، شديدَ الاعتناءِ بسَماعِه، مُشارِكًا في اللُّغةِ والعربيّة، ذاكرًا أنباءَ الأندَلُس، مُمتِعًا بإيرادِ تواريخِها، زاهدًا فاضلًا نبيهَ القَدْرِ، من بيتِ علم وجَلالة، واستُقضيَ بشَقُورةَ فشُكِرت سِيرتُه وشُهِرت عَدالتُه وعُرِف بالصَّلابة في الحقّ وعَدَم المُبالاة [156 ب] بما لقِيَ فيه. وقال أبو محمد بنُ حَوْطِ الله: كان من أضبطِ الناس لأحكام الأسانيد، وهُو القائل: إجازةُ أبي الفَضْل بن خَيْرونَ لإبن نافِع لم تكنْ عن طلبٍ منَ ابن نافِع، فيُخافُ أن تكونَ مُواطَأةً في الأسماء؛ والرِّوايةُ عن أبي محمد بن عَتّاب عن أبي زكريّا البُخاريِّ ضعيفةٌ عندي؛ لأنّ ابنَ عَتّاب لم يَعلَمْ بإجازة أبي زكريا لهُ وإنما ورَدَتْ أو وُجِدت بعدَ موتِه. وقال أبو القاسم ابنُ بَشْكُوال: هي عندي صحيحةٌ على ذلك، قال: وقد ذاكرتُ بها بعضَ أصحابِنا -وأُراهُ ذكَرَ ابنَ مسَرّة- فقال بصِحّتِها على ذلك.

1038 - محمد بن عبد العزيز بن علي الأنصاري، أبو عبد الله

مَوْلدُه سنةَ عشرينَ وخمسِ مئة، وتوفِّي بقُرطُبَة فَجْر يوم الأربعاءِ لليلتَيْنِ خَلَتا من محرَّم تسعٍ وسبعينَ وخمسِ مئة، وصَلّى عليه أبو العبّاس يحيى المَجْرِيطيُّ، ودُفن إثْرَ صلاةِ العصر بمقبر أُمِّ سَلَمةَ على قارعةِ الطريق إزاءَ قبرِ هارون بن سالم وحيث قبرًا ابنِ حَبِيبٍ وابن وَضّاح، قَدَّس اللهُ تُربتَهم. 1038 - محمدُ بن عبد العزيز بن عليّ الأنصاريُّ، أبو عبد الله. رَوى عن شُرَيْح. 1039 - محمدُ (¬1) بنِ عبد العزيز بن محمد بن إبراهيمَ بن عثمانَ الخَزْرَجيُّ، مَرَويٌّ سَكَنَ مالَقةَ، أبو ذرّ. رَوى عن أبي إسحاقَ بن أحمدَ بن رَشِيق، وأبي بكرٍ يحيى بن خَلَف ابن النَّفِيس، وأبي جعفرِ ابن الباذِش، وأبي الحَجّاج ابن يَسْعُون، وأبوَي الحَسَن: شُرَيْح وابن عليّ بن ثابتٍ، وأبي داودَ بن يحيى، وآباءِ عبد الله: المَرْوانيِّ وابن مَعْمَر وابن وَضّاح وابن أبي الخِصَال وابن أبي زَيْد، وأبي العبّاس ابن العَرِيف، وأبي عَمْرٍو الخَضِر بن عبد الرّحمن، وأبي الفَضْل عِيَاض، وآباءِ القاسم: ابن رِضا وابن الفَرَس وابن فِهْرِ السُّلَميِّ وابن وَرْد، وآباءِ محمد: الحِجَاريِّ والرُّشاطيَّ وسِبْطِ ابن عبد البَرّ، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ؛ وأجاز له أبو الطاهِر السِّلَفيُّ. رَوى عنه أبو الأصبَغ عبد العزيز بن سقلاب، وأبو الحَسَن بن محمد بن الفَضْل، وأبو جعفرٍ اللَّوْشيُّ ابنُ الأصلع، وأبو عَمْرو بنُ سالم. وكان حافظًا للقراءاتِ ذاكرًا أصولَها، مُقرِئًا مجوِّدًا محدَّثًا راوِية، مقتصِدًا في أحوالِه كثيرَ القناعة والصِّيانة، أقَرا أيامَ الفتنة بجزيرةِ شُقْرَ بعدَ الأربعينَ وخمسِ مئةٍ القرآنَ والعربيّة والأدبَ، ثم بمالَقةَ وغيرِها، وأخَذَ النَّاسُ عنه كثيرًا، [157 أ] وكان حيًّا سنةَ سبع وسبعينَ وخمسِ مئة، وتوفِّي بمالَقةَ فيما قيل. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1511)، واسمه عنده: "محمد بن عبد العزيز المقرئ، يكنى أبا ذر" فقط.

1040 - محمد بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن عثمان الأنصاري، مروي لريي الأصل، أبو بكر، ابن الغسال -بغين معجم- وابن الغفائري

1040 - محمدُ (¬1) بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيمَ بن عُثمانَ الأنصاريُّ، مَرَويٌّ لُرِيِّيُّ الأصل، أبو بكر، ابنُ الغَسّال -بغَيْن معجَم- وابنُ الغَفَائريّ. رَوى عن أبي داودَ بن يحيى، وأبي عبد الله بن سُليمانَ بن مَرْوانَ، وأبي عَمْرٍو الخَضِر بن عبد الرّحمن، وأبوَي القاسم: ابن الفَرَس، وابن وَرْدٍ ولازَمَه، وأبي محمد الرُّشاطيِّ. رَوى عنه أبو عُمرَ بنُ عَيّاد؛ وكان محدِّثًا حافظًا، وخرَجَ من المَرِيّة بعدَ تغلُّب العدوِّ عليها، فلَحِقَ بلُرِيّةَ موطنِ سَلَفِه وحدَّث بها؛ يُنظر، لعلّه المذكورُ قبلَه. 1041 - محمدُ بن عبد العزيز بن محمد بن رَيْدانَ. أرى أنه الراوِيَ عن ابن مسَرَّةَ، وقد تقَدَّم (¬2). 1042 - محمدُ (¬3) بن عبد العزيز بن محمد بن سَعِيد بن مُعاويةَ بن داودَ الأنصاريُّ، قُرطُبيٌّ نزَلَها أبوه، دَرَوْقيُّ الأصل، أبو بكرٍ وأبو القاسم. تفَقَّه على أَبيه، ورَوى عن أبي بكير ابن العَرَبيّ، وأبي عبد الله أحمدَ الخَوْلانيِّ، وأبي علي الصَّدَفيِّ، وأبي الوليد ابن رُشْدٍ وتفَقَّه به، وكان حافظًا للحديث والفقه. وتوفِّي قبلَ العشرينَ وخمسِ مئة، وثَكِلَه أبوه. 1043 - محمدُ (¬4) بن عبد العزيز بن محمد بن شَدَّاد المَعافِريُّ، شَوْذَريٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكير ابن العَرَبيِّ، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ. رَوى عنه أبو بكر بنُ سُفْيان؛ وكان من أهل العلم والأدب، موصُوفًا بنزاهةٍ وسُكونٍ وحِلم وفَضْل، قَدِمَ مُرْسِيَةَ عندَ خَلْع اللَّمْتُونيِّينَ في حدودِ سنة أربعينَ وخمس مئة، فاستَقْضاهُ أبو العبّاس بن الحَلّال بدانِيَةَ. وتوفِّي بمُرْسِيَةَ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1360). (¬2) الترجمة (1029). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1232) وفي معجم أصحاب الصدفي (94). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1382).

1044 - محمد بن عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز بن عبد الجليل العبدري، ميورقي، أبو عبد الله البنيولي

1044 - محمدُ (¬1) بن عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز بن عبد الجَليل العَبْدَريُّ، مَيُورْقيٌّ، أبو عبد الله البُنْيُوليُّ (¬2). رَوى عن أَبيه، وأبي عبد الله بن وَقّاص, وتفَقَّه بأبي إبراهيمَ ابن عائشةَ، وكان حافظًا أديبًا شاعرًا، من بيتِ نَباهة. وتوفِّي قبلَ ست مئة. 1045 - محمدُ بن عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز الصَّدَفيُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي إسحاقَ بن فَرْقَد. رَوى عنه أبو العبّاس بن عبد الله ابن الجامة، وأبو عَمْرو بن عَمْرال، وأبَوا محمد: طلحةُ وابنُ أبي الوليد ابن الحاجّ (¬3). 1046 - محمدُ (¬4) بن عبد العزيز بن محمد بن عَتّاب [157 ب] بن مُحسِن مَوْلى عبد الملِك بن سُليمانَ بن أبي عَتّاب الجُذَاميُّ، قُرطُبيٌّ، أبو القاسم. رَوى عن عمِّه أبي محمد بن عَتّابٍ وأكثَرَ عنهُ، وأبي عبد الله ابن الحاجّ. وكان محدِّثًا فقيهًا فاضلًا ديِّنًا مُتَصاوِنًا، وهُو الذي صَلَّى على عمِّه أبي محمد ابن عَتّاب عندَ وفاتِه. وتوفِّي أبو القاسم هذا صَبيحةَ يوم الاثنينِ لخمسٍ خَلَونَ من جُمادى الآخِرة سنةَ إحدى وثلاثينَ وخمسِ مئة، ودُفنَ معَ سَلَفِه، وصَلّى عليه صِهرُه القاضي أبو عبد الله بنُ أصبَغَ بوصيّتِه إليه بذلك. 1047 - محمدُ (¬5) بن عبد العزيز بن محمد بن واجِب القَيْسيُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو الحَسَن. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1543). (¬2) منسوب إلى بنيول، من أعمال بلنسية. (¬3) بهامش ب: "هو أديب بارع الخط، سمع منه أبو إسحاق البلفيقي الأصغر، وقال: ذكر لي أنه يشتغل بالحمل والخرص، وهما خطتان لا يشتغل بهما في هذه الأزمان رجل مفلح، ولا حول ولا قوة إلا بالله، مولده سنة خمسين وخمس مئة، وكان يلقب بالربع مد، ووصفه بكيس، عفا الله عن الجميع". (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1262). (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1372).

1048 - محمد بن عبد العزيز بن محمد الأموي، قرطبي

تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن بن هُذَيْل، ورَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ، وأبوَي الحَسَن: شُرَيْح وابن النّعمة، وأبي القاسم بن رِضا، وأبي الوليد ابن خِيرَةَ، وتفَقَّه بعمِّه أبي حَفْص بن واجِب، وحَضَرَ المناظَرةَ في كُتُبِ الرأي عندَ أبي بكر بن أَسَد وأبي محمدٍ عاشِر. رَوى عنه ابنُه أبو عبد الله وابنُ سُفيان؛ وكان أديبًا نَبيهًا معتدِلًا في أمورِه، وَلِيَ قضاءَ قُسْطَنْطانِيَةَ وغيرِها من الجهات الشَّرْقيّة، فعُرِفَ بالنّزاهة وكفِّ اليدِ والعدالة. وتوفِّي ببيران سنةَ ثلاثٍ وخمسينَ وخمسِ مئة. 1048 - محمدُ بن عبد العزيز بن محمد الأمَويُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والتبريزِ في العدالة، حيًّا سنةَ عشرينَ وأربع مئة. 1049 - محمدُ بن عبد العزيز بن المبارَك، إشبِيليٌّ، أبو عبد الله الجَوْزيُّ. حج وروى عنه أبو طاهر السِّلَفي. 1050 - محمدُ (¬1) بن عبد العزيز بن يونُسَ بن مَيْمونٍ اليَحْصُبيُّ، أنتنيانيٌّ سَكَن شاطِبةَ، أبو بكر الأنتنيانيُّ. له رحلةٌ حَجَّ فيها وأخَذ عن بعضِ من لقِيَه هنالك، أنشَدَ عنه أبو عبد الله المِكْناسيُّ عن بعضِ المِصريِّينَ لنفسِه [مخلع البسيط]: أكثرتَ من زَوْرِهِ فملَّكْ ... وزِدتَ في الوصلِ فاستقَلَّكْ لو كنتَ ممّن يَزُورُ غِبًّا ... أثَّرَ في قلبِه محَلَّكْ 1051 - محمدُ بن عبد العزيز اليَعْمُريُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحَسَن الحُصْريِّ، وأبي عُمرَ بن عبدِ البَرّ. رَوى عنه أبو العبّاس بن الصَّقْر؛ وكان مُقرِئًا مجوّدًا، ماهرًا في النَّحو، ذاكرًا للآداب، شاعِرًا مُحسِنًا. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1316)، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 1/ 258.

1052 - [158 أ] محمد بن عبد العزيز، بلنسي فيما أحسب، أبو عبد الله الغشتليوني

1052 - [158 أ] محمدُ بن عبد العزيز، بَلَنْسِيٌّ فيما أحسَبُ، أبو عبد الله الغَشْتَليونيُّ. رَوى عن أبي عبد الله بن يوسُف بن سَعادةَ. 1053 - محمدُ (¬1) بن عبد العزيز، غَرْناطيُّ الأصل، أبو عبد الله الباغِيُّ. كان فقيهًا مُشاوَرًا، أحَدَ المسؤولينَ في مُخاطبة أبي محمدٍ ابن السِّيْد أَبا عبد الله بن خَلَصةَ بألفاظٍ أُنكِرت عليه فأفتَوْا جميعًا [بتأديبه] (¬2) وإسقاطِ شهادتِه. 1054 - محمدُ بن عبد العزيز قُرطُبيٌّ، الذَّهبيُّ. رَوى عن أبي إسحاق ابن فَرْقَد. 1055 - محمدُ بن عبد العزيز، شاطِبيٌّ نابُلَشيٌّ. خاطَبَ الرَّشيدَ أَبا حَفْص بنَ يوسُف بن عبد المُؤْمن [الكامل]: يا سيِّدًا ساد الأنامَ بعقلِهِ ... وبعَدْلِه يومَ الجزاءِ يُثابُ إنّا من الفقهاءِ في كَرْبٍ وقد ... سُدَّتْ لنا من دونِكمْ أبوابُ هذا ابنُ سفيان يَسُفُّ دماءنا ... وكذا ابنُ يعقوبٍ فذاك عُقابُ وكأنّما ابنُ مُفوَّزٍ بمفازةٍ ... ذئبٌ له لتهافتٍ أنيابُ فاغضَبْ عليهمْ وارْمِهمْ بعقوبةٍ ... قبلَ المماتِ، فكلُّهُمْ مُرتابُ 1056 - محمدُ بن عبد العزيز، ابنُ الغَزَال والشَّرَابيُّ. رَوى عن أبي القاسم الهَوْزَنيِّ. 1057 - محمدُ بن عبد الغَفُور بن إسماعيلَ بن خَلَف السَّكُونيُّ، لَبْليٌّ، أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1211). (¬2) بياض في النسختين، وما بين الحاصرتين مستفاد من التكملة.

1058 - محمد بن عبد الغفور بن محمد بن عبد الله بن سليمان الأسدي الأنصاري، إشبيلي، أبو بكر، ابن البياز

رَوى عن أَبيه وعمِّه خَليل، وكان أُستاذًا من أهل العلم والعمل، أقرَأَ القرآن مُحتسِبًا دَهْرًا طويلًا، وذكَرَ بعضُ عَقِبِه أنه لم تفُتْه صلاةٌ في جماعةٍ أزَيدَ من سبعينَ سنةً، نفَعَه الله. 1058 - محمدُ (¬1) بن عبد الغَفُور بن محمد بن عبد الله بن سُليمانَ الأسَديُّ الأنصاريُّ، إشبِيليٌّ، أبو بكر، ابنُ البَيّاز. رَوى عن أبي العبّاس بن عبد العزيز بن غَزْوان. رَوى عنه أبو سَعِيد فَرَجُ ابن عبد الله. وكان حيًّا سنةَ ثِنْتينِ وثمانينَ وخمسِ مئة. 1059 - محمدُ (¬2) بن عبد الغَفُور بن محمد بن عبد الغَفُور الكَلاعيُّ، من أهل غَرْب الأندَلُس، أبو القاسم. تأدَّب بأبيه، وتفَقَّه بأبي القاسم الرَّنْجانيّ، وأخَذ العربيّة عن أبي عبد الله ابن أبي العافية، وصَحِبَ أَبا الحَسَن بن بَسّام ونمَطَهُ من الأُدباء، وكانتا بينَه وبينَ أبي [158 ب] بكرٍ ابن العَرَبيّ مخُاطَباتٌ، ويحدِّثُ بواسطةٍ عنه، وكان من جِلّة الأدباء وعِلْيَة الكُتّاب، هو وأبوه وجَدُّه، وصنَّف -في الآدابِ وما يتعلَّقُ بها- رسالةَ "إحكام عِلم الكلام" (¬3) ورسالةَ "السّاجع والغِرْبِيب" ورسالةَ "الانتصار" وغيرَ ذلك، وكان له تصرُّفٌ في النَّظم معَ ذلك، والآدابُ كانت بِضاعتَه (¬4). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1482). (¬2) ترجمه ابن خاقان في المطمح (29)، وابن الأبار في التكملة (1321)، وابن سعيد في المغرب 1/ 242، والصفدي في الوافي 3/ 265، والمقري في نفح الطيب 2/ 372، وانظر مقدمة "إحكام صنعة الكلام". (¬3) في التكملة: "إحكام صنعة الكلام"، وهي مما حققه الفاضل الدكتور محمد رضوان البداية. (¬4) بهامش ب: "قال الرئيس أبو عثمان حكم عن ابن عبد الغفور هذا: إنه توفي بطبيرة بلده بعد العشر وست المئين، وكتب عن السيد أبي محمد عبد الواحد وبه اختص، وتولى الخطابة والإمامة بجامع بلده، وشرح كتاب سيبويه، قال: وكان الشلوبين يثني عليه".

1060 - محمد بن عبد الغفور بن محمد بن عكراش الأنصاري، طبري نزل مراكش، أبو عبد الله

1060 - محمدُ بن عبد الغَفور بن محمد بن عكراشٍ الأنصاريُّ، طبريٌّ نزَلَ مَرّاكُشَ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي العبّاس بن غَزْوان. رَوى عنه محمدُ بن معروفِ الكلَويُّ، وهو ابنُ عمِّ أُمِّه. 1061 - محمدُ بن عبد الغنيِّ بن محمد بن عليّ الأنصاريُّ. رَوى عن شُرَيْح. 1062 - محمدُ بن عبد القاهر الغافِقيُّ، لَبْليٌّ. رَوى عن شُرَيْح. 1063 - محمدُ بن عبد القاهر، مارتُليٌّ. رَوى عن القاضي أبي بكرِ ابن العَرَبيّ. لعلّه اللَّبْليُّ، فيُبحثُ عنه. 1064 - محمدُ بن عبد الكريم بن يوسُفَ بن عُمرَ الجرشيُّ، غَرْناطيٌّ براجليُّ الأصل، أبو عبد الله. وأسقَطَ ابنُ الزُّبَير"يوسُفَ" من نَسَبِه. رَوى بالأندَلُس عن أبي بكر بن أبي زَمَنِين، وأبوَيْ جعفرِ: ابن حَكَم وابن شَرَاحِيل، وأبوَي الحَسَن: الصدينيِّ وابن جابِر اللوَّاز، وأبي القاسم المَلّاحيِّ، وله رحلتانِ إلى المشرِق حَجَّ فيهما، أُولاهُما: سنةَ تسعينَ وخمسِ مئة أخَذَ فيها عن أبي بكر ابن الأطْرَابُلُسيِّ وأبي محمد ابن الطَّبّاخ، ولم يَستجِزْ أحدًا ممّن لقِيَ ولا استكمَلَ سَماعَ ديوانٍ إلا "الفِرْدَوْس"، فإنه سَمِعَه كاملًا على مصنّفِه أبي بكرِ ابن الأطْرابُلُسيِّ، ثم قَفَلَ إلى الأندَلُس ونَدِم على ما فاتَهُ من السَّماع هنالك على أهل العلم، فكَرَّ راجِعَا سنةَ ستٍّ وست مئة، وأخَذ عن بقايا شُيوخ الحرَمَيْنِ كأبي الحَسَن بن محمد الخَزْرَجيِّ، وابن الحَصّار المَرّاكُشيِّ المُجاوِر بحَرَم الله الشريف، وأبي شُجاع زاهرِ بن رُسْتُم، وآباءِ عبد الله: المُنَسْتيريِّ وابنِ مَوْهوب وابن أبي الصَّيف وابنِ أبي المعالي البغداديِّ -ينظر: هل هو ابنُ موهوبٍ الواقعُ في البَدْءِ؟ ويُعمَلُ بحَسَبِه، إن شاء الله-

1065 - محمد بن عبد المجيب بن محمد بن عبد المجيب الزهري، بلنسي

وأبي الفَرَج الحُصْريِّ وأبي محمدٍ يونُسَ بن أبي البَرَكاتِ الهاشِميِّ، واستكثَرَ من السَّماع عليهم، واستجازَهم وغيرَهم، وقَفَلَ إلى الأندَلُس [159 أ] بأسمِعةٍ كثيرة وخيرٍ وافر. رَوى عنه أبو الحَسَن بنُ فَرَج، وآباءُ عبد الله: ابنُ إبراهيمَ الطائيُّ وابن سَعِيد الطَّرّازُ وابنُ عِيَاض، وحدَّث عنه بالإجازة أبو عبد الله الطَّنْجاليُّ، وقال ابنُ الزُّبَير: إنه سَمِعَ عليه (¬1)، وحدَّثنا عنه أبو جعفر بنُ الزُّبَير، وأبو عليّ ابنُ الناظِر، وأبو محمدٍ مَوْلى سَعِيد بن حَكَم. وكان محدِّثًا عارفًا ثقةً تاجرًا في سِلَع العِطْر ديِّنًا فاضلًا ثقةً صالحًا زاهدًا مُجتهدًا في العبادة، وعُمِّر وأسَنَّ وانتفَعَ الناسُ به. مَوْلدُه بغَرْناطةَ سنةَ ستينَ وخمسِ مئة، وتوفِّي بها في محرَّم ثمانٍ وخمسينَ وست مئة، ودُفنَ بمقبرةِ مَوْرُور. 1065 - محمدُ بن عبد المُجِيب بن محمد بن عبد المُجِيب الزُّهْريُّ، بَلَنْسِيٌّ. 1066 - محمدُ (¬2) بن عبد الملِك بن أحمدَ بن عبد الله اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ, أبو عبد الله الباجِيُّ. رَوى عن عمه محمدٍ مؤلَفَ الوثائق والسّجِلّات. رَوى عنه أبو مَرْوانَ ابن أخيه عبد العزيز. 1067 - محمدُ (¬3) بن عبد الملِك بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن عبد القاهر بن حيِّ بن عبد الملِك العَبْسيُّ، إشبِيليٌّ. رَوى عن عمّتِه أَمَةِ الرَّحمن. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "ولنا أيضًا عنه [عن أبي] القاسم البلفيقي". (¬2) ترجمه ابن خير في فهرسته (311)، وابن بشكوال في الصلة (776)، وابن الأبار في التكملة (1160). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1099).

1068 - محمد بن عبد الملك بن أحمد بن عمر الطائي، مرسي

1068 - محمدُ بن عبد الملِك بن أحمدَ بن عُمرَ الطائيُّ، مُرْسِيٌّ. رَوى عن أبي عليٍّ الغَسّانيِّ. 1069 - محمدُ (¬1) بن عبد الملِك بن أحمدَ بن محمدٍ الطائيُّ، مُرْسِيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي إسحاقَ بن ثَبَاتٍ، وأبي الحَسَن يونُس بن مُغيث، وأبي عليٍّ الصَّدَفيِّ، وأبي محمد بن عَتّاب. وكانت له عنايةٌ تامّةٌ بالحديث وروايتِه، وله مقطَّعات حِكْميّة يُجيدُ في بعضِها، منها: قولُه، ونقَلتُه من خطِّه [البسيط]: اشكُرْ منَ الناسِ مَن أوْلَى ومَن واسَى ... ولا تناسَ له بِرًّا وإيناسا فعنْ نبيّك تُرْوَى في مقالتِهِ: ... "لا يَشكُرُ الله مَنْ لا يَشكرُ الناسا" وقولُه [الخفيف]: مذ تغربتُ لم أجِدْ لي محبًّا ... وغريبٌ يُحَبُّ شيءٌ غريبُ صَدّقوا ما لمَن يَغيبُ صديقٌ ... لا ولا للذي يموتُ حبيبُ اقتَضَبَ ذكْرَه ابنُ الأبّار، ووَصَفَه فقال فيه: بارعُ الخَطّ أنيقُ الوِراقة. ولم يكنْ عندي كذلك؛ فإنّ خطَّه كان ضعيفًا جدًّا أبتَرَ الحروف [195 ب] مقطوفَها أقربَ إلى الرَّداءةِ منهُ إلى الجَوْدة، إلا أنه نقيُّ الجُملة حَسَنَ الترتيب، دالٌّ على إدمانِ النَّسْخ، وقَفْتُ على كثيرٍ منه تعليقًا ووِراقةً عُنيَ بها، فلم يَعْدُ ما وصَفْتُهُ به، واللهُ أعلم. 1070 - محمدُ (¬2) بن عبد الملِك بن إدريسَ الأَزْديُّ، قُرْطُبيٌّ خَضْراويُّ الأصل سَكَنَ إشبيلِيَةَ، أبو بكر ابنُ أبي مَرْوانَ، الحَرِيريُّ. رَوى عن أبيه. روى عنه أبو أحمدَ ابنُ الصَّفّار. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1252) وفي معجم أصحاب القاضي الصدفي (110). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1113).

1071 - محمد بن عبد الملك بن بونه بن سعيد بن عصام بن محمد بن ثور العبدري، غرناطي حجاري الأصل سكن مالقة والمنكب، أبو عبد الله

1071 - محمدُ (¬1) بن عبد الملِك بن بُونُه بن سَعِيد بن عِصام بن محمد بن ثَوْر العَبْدَريُّ، غَرْناطيٌّ حِجَاريُّ الأصل سَكَنَ مالَقةَ والمُنَكَّب، أبو عبد الله. رَوى عن أَبيه، وأبي بحرٍ الأسَديّ، وأبوَيْ بكر: ابن العَرَبي وغالبِ بن عَطِيّة، وأبوَيْ جعفرٍ: ابن غَزْلُون ومحمَّد بن باقٍ، وآباءِ الحَسَن: شُرَيْح وابن الباذِش وابن عَفِيف وابن مَوْهَب ويونُسَ بن مُغيث، وأبوَيْ عبد الله: ابن زُغَيْبةَ وابن مَعْمَر، وأبي عِمرانَ موسى بن حَمّاد الصُّنْهاجيِّ، وأبوَي القاسم: أحمدَ بن وَرْدٍ وعبد الرّحيم ابن الفَرَس، وآباءِ محمد: ابنَي العَلِيَّيْنِ: سِبطِ ابن عبدِ البَرّ وابن سَمَجُون وابن الوَحِيديِّ وابن عَتّاب، وآباءِ الوليد: ابن بَقْوةَ وابن رُشْد وابن طَرِيف، أجازوا كلُّهم لهُ ما ألَّفه ورَواهُ وسَمِع على بعضِهم. وذَكَرَ ابنُ الأبّار أنه رَحَلَ معَ أَبيه إلى قُرطُبةَ، فسَمِعَ من جماعةٍ سمّاهم، وسَمّى فيهم أَبا محمد عبَد الله بنَ عليّ سِبْطَ ابن عبد البر، وذلك لا يَصِحُّ (¬2)، لتقَدُّم استقرارِ أبي محمدٍ بأغْماتِ وريكةَ قبلَ مولدِ محمدٍ هذا، واتّصالِه بها إلى أن توفِّي واستقضائه بها وقتَ ولادةِ محمدٍ هذا، واللهُ أعلم. وذَكَرَ ابنُ الزُّبَير أنّ من شيوخِه أَبا بكرٍ ابنَ النَّفِيس وأبوَيْ عبد الله: النَّفْزِيَّ وجعفرًا حفيدَ مكِّيّ وأبا الفَضْل عِيَاضًا, ولم أقفْ على ذلك عندَ غيرِه ولا بُعْدَ فيه. رَوى عنه أبو عبد الله الأنْدَرْشيُّ، وأبو عَمْرو بنُ سالم، وأبو القاسم المَلّاحيُّ، وأبو محمد بنُ محمد الكَوّاب. وكان محدِّثًا راويةً ثقةً، حَسَنَ الهيئة بَهِيَّ المنظَر جميلَ الشارةِ، وَقُورًا كريمَ النَّفْس فاضلًا، وهُو وأخوهُ أبو محمدٍ عبدُ الحقِّ آخِرُ الرُّواة عن أبي عليّ الصَّدَفيِّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1504) وفي معجم أصحاب الصدفي (165)، والذهبي في المستملح (181) وتاريخ الإسلام 12/ 918 والعبر 4/ 274، وابن العماد في الشذرات 4/ 303. (¬2) هكذا قال، والمؤلف ذكره قبل قليل في شيوخه، ولعل الاختلاف في المكان الذي أخذ فيه عنه.

1072 - [160 أ] محمد بن عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن هارون بن جلهمة بن عباس بن مرداس السلمي صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنه، قرطبي

مَوْلدُه لستٍّ من رمضانِ ستٍّ وخمسِ مئة، وقال ابنُ الزُّبَير: سنةَ تسع، ولم يَذكُر الشَّهرَ، وتوفِّي بغَرناطة في العَشْرِ الأُوَل من جُمادى الأُولى سنةَ تسعينَ وخمسِ مئة. 1072 - [160 أ] محمدُ (¬1) بن عبد الملِك بن حَبِيب بن سُليمانَ بن هارونَ بن جَلْهَمةَ بن عبَّاسِ بن مِرْدَاسٍ السُّلَميِّ صاحبِ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضيَ عنه، قُرطُبيٌّ. رَوى عن أَبيه، وكان عالمًا فاضلًا، وقال بعضُ أهل العلم: أعلى الرُّواةِ عن عبد الملِك: ابنُه عُبَيدُ الله ثم سَعِيدُ بن النَّمِر ثم محمدُ بنُ عبد الملِك ثم يوسُفُ بن يحيى المَغَاميُّ، وأعقبَ عبدُ الملِك بن محمدٍ (¬2) هذا، وعُبَيدُ الله وسَعِيدٌ ماتا ولم يُعقِبا، وتوفِّي عُبَيدُ الله شابًّا لم يَكتهِلْ، ونقَلَ من خطِّ الحَكَم أنه: عبدُ الملِك بن حَبِيب بن رَبيع بن سُليمانَ بن هارونَ بن جَلْهَمةَ بن عباس بن مِرْداس، وقال: كذا ذَكَرَ أهلُه، والنَّسَبُ كما ذَكَرَ أهلُه، وذكَرَ عليُّ بن مُعاذٍ قال: سمِعتُ عليَّ بن الحَسَن يقول: هو عبدُ الملِك بن حَبِيبِ بن سُليمانَ بن حَبِيب. 1073 - محمدُ بن عبد الملِك بن خالدٍ أو خَلَف، بَلَنْسِيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمسِ مئة. 1074 - محمدُ بن عبد الملِك بن خِنْدِف العَتكيُّ، تُدْمِيريٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبد الله محمدٍ الرُّشَاطيِّ، حدَّث عنه بالإجازة أبو عُمرَ عبدُ الرّحمن بن أبي محمد بن حَوْطِ الله. 1075 - محمدُ (¬3) بن عبد الملِك بن أبي يحيى زكريّا، قُرطُبيٌّ، أبو بكر. سَمِعَ من أبي الحَسَن الأنطاكيِّ وغيرِه. حدَّث عنه ابنُ عبد السّلام. وكان رجُلًا فاضلًا صالحًا، إمامًا في صلاةِ الفريضةِ بمسجدِه. ¬

_ (¬1) ترجمه القاضي عياض في ترتيب المدارك 4/ 435، وابن الأبار في التكملة (976). (¬2) هكذا في النسختين، وكأنه مقلوب؛ ولذلك جاء بهامش ب: "لعله محمد بن عبد الملك". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1076).

1076 - محمد بن عبد الملك بن زهر ابن الحاج عبد الملك بن محمد بن مروان بن عبد الملك بن خلف بن عبد الله بن زهر بن عيسى بن عبد الملك بن دعمي بن جرير بن مالك بن عبد الله بن عباد بن سلام بن مالك بن عبد هبل بن مالك بن لخم بن قنص بن منعة بن برجان بن الدوس بن الديل بن أمية بن حذافة ابن زهر بن إياد [بن نزار] بن معد بن عدنان الإيادي، إشبيلي، أبو بكر الحفيد

1076 - محمدُ (¬1) بن عبد الملِك بن زُهْرٍ ابن الحاجِّ عبد الملِك بن محمدِ بن مَرْوانَ بن عبد الملِك بن خَلَف بن عبد الله بن زُهْرِ بن عيسى بن عبد الملِك بن دُعْمِيِّ بن جَرِيرِ بن مالكِ بن عبد الله بن عُبَادِ بن سَلَام بن مالكِ بن عبد هُبَلَ بن مالكِ بن لَخْم بن قَنَصِ بن مَنَعةَ بن بَرْجانَ بن الدَّوْسِ بن الدّيل بن أُميّةَ بن حُذَافةَ ابن زُهْرِ بن إيادِ [بن نزار] (¬2) بنِ مَعَدِّ بن عدنانَ الإيَاديُّ، إشبِيليٌّ، أبو بكر الحَفيدُ. رَوى عن أبي بكرٍ عاصِم النَّحْويِّ البَطَلْيَوْسيِّ وتأدَّب به في العربيّة، ورَوى عن شُيوخ بلدِه والوافدينَ عليه، وأخَذ عن أَبيه أبي مَرْوانَ، وعن جَدِّهِ أبي العلاءِ عِلمَ الطِّبّ؛ وكان أحدَ رُؤساءِ الأندَلُس ومنِ انتهَى إليه السُّؤدَدُ منهم، ذا مناقبَ جَليلة [160 ب] وخِصَالٍ جميلة، صارمًا أبِيًّا عزيزَ الجانبِ منيعَ الحِمى، أديبًا بارعًا حافظًا للحديثِ والفقه والآدابِ واللُّغة، إمامًا فيها، ماهرًا في الطِّبّ حاذقًا بالعلاج موفَّقًا فيه، لم يكنْ في أطباءِ زمانِه مَن يتقَدَّمُه، سُلطانيَّ الطِّباع، سَمْحًا جَوَادًا عظيمَ الجِدَةِ والإيثار، متواضِعًا على شَرَفِه، مُرْبِيًا بفَضْل خُلُقِه على فضائلِ سَلَفِه، يطبُّ النَّاسَ حِسْبةً، ويُعطيهم من قِبَلِه الأدويةَ العزيزةَ الوجودِ تبرُّعًا طَيِّبَ النَّفْس بها، تَفُوقُ مطاياهُ مطايا ملوكِ عصرِه، وعُمِّر طويلًا، وأدرَكَه هَرَمٌ وثِقَلُ سَمَعٍ وضَعْفُ بَصَر، وحُفِظَ عليه فَهْمُه وثقوبُ ذِهنِه وحُسنُ تصوُّرِه وبَراعةُ بيانِه، فكان يَصدُرُ عنه من ذلك في حالِ كَبْرتِه ما يَعجَزُ عنه الأذكياءُ من شُبّانِ زمانِه وكهولِهم. ¬

_ (¬1) ترجمه ياقوت في معجم الأدباء 6/ 2551، وابن دحية في المطرب (206)، والمراكشي في العجب (145)، والتجيبي في زاد المسافر (71)، وابن الأبار في التكملة (1525)، وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء (521)، وابن خلكان في وفيات الأعيان 4/ 434، والذهبي في المستملح (192) وتاريخ الإسلام 12/ 1043 وسير أعلام النبلاء 21/ 325 والعبر 4/ 288، والصفدي في الوافي 4/ 39، والمقري في نفح الطيب 2/ 247، وابن العماد في الشذرات 4/ 320، وغيرِهم. (¬2) ما بين الحاصرتين زيادة متعينة، مستفادة من ترجمة ابن أبي دؤاد في وفيات الأعيان 1/ 81، وكتب الأنساب.

ومما اشتُهِرَ به حِفظُ "صحيح البخاريِّ" إسنادًا ومَتْنًا، وكتابِ "النَّبات" لأبي حنيفةَ. وكان أوّلَ طلَبِه ألزَمَه أبوهُ موضِعًا من دارِه وبَناهُ عليه، ولم يُتْرَكْ منه إلا موضعٌ يُدخَلُ منه الطّعامُ والشّرابُ إليه، وأقسَمَ إلّا يُخرجَه منه حتى يَستظهِرَ كتابَ "حِيلةِ البُرْءِ" لجالينوس، فلم يمُرَّ عليه إلّا أمدٌ قليلٌ حتى فَرَغَ من حِفظِه، وشفَعَه بـ"تشريحِ جالينوسَ الكبير". وكان بارعَ النَّظْم فائقَ التوليدِ والاختراع، بَذَّ أهلَ زمانِه في النَّظم الذي اختَصَّ أهلُ الأندَلُس باختراعِه المعروفِ بالتوشيح، لا يُقاومُه أحدٌ من أهل الأندَلُس في ذلك كلِّه عندَهم؛ وكان معظَّمًا عند ملوكِ عصرِه من آلِ عبد المُؤْمن، مقبولَ الشَّفاعةِ عندَهم، حَظِيَّ المكانةِ لديهم، مكرَّمَ الوِفاداتِ عليهم. واستَقْضاهُ أبو يعقوبَ منهم في محِلّتِه عامَ فَتْح غُمارةَ، وهو عامُ ثلاثةٍ وستّينَ وخمسِ مئة، وفَتْح جبل الكوكَبِ يومَ (¬1)، فكان يُدعَى حينئذٍ قاضيَ الجماعة، وهو كان الناظرَ في إتمام بناءِ جامع إشبيلِيَةَ الأعظم، طهَّرَه الله، حتّى كَمُلَ حسبَما رَسَمَه لهُ المنصورُ أبو يوسُفَ يعقوبُ بن يوسُف بن عبد المُؤْمن، وكان في بعضِ وِفاداتِه على مَرّاكُشَ قد طال مقامُه بها، فحَنَّ إلى بلدِه واشتاقَ إلى أهلِه، فكتَبَ إلى أبي حَفْص بن عبد المُؤْمن [المتقارب]: [161 أ] ولي واحدٌ مثلُ فَرْخِ القَطَا ... صغيرٌ تَخَلَّفْتُ قلبي لديْهِ نأَتْ عنهُ داري فيا وَحْشَتا ... لذاكَ الشُّخَيْصِ وذاك الوُجَيْهِ تشَوَّقَني وتشوَّقْتُهُ ... فيبكي عليّ وأبكي عليهِ وقد تعِبَ الشّوقُ ما بينَنا ... فمنهُ إليَّ ومنّي إليهِ فبَلَغَتْ أَبا يعقوبَ بنَ عبد المُؤْمن فأمَرَ بصَرْفِه إلى إشبيلِيَةَ. وقد جَرى له ذكْرٌ في رَسْم جَدِّه زُهْر. ¬

_ (¬1) هكذا في النسختين، ولم تترك النسخ فراغًا بعده، وكتب بحاشية ب: "كذا" دلالة على وروده في الأصل المنتسخ منه كذلك.

وقَحَطَ فَصْلُ الشتاءِ عامَ أربعةٍ وتسعينَ وخمس مئة، ثم تَوالَى المطرُ في فصل الصَّيف، فكثُرَ الوَبَاءُ في الناسِ، فقال [من الطويل]: أيُقحِطُ مَشتانا ويُمطرُ صيفُنا؟! ... لقد صارتِ البُؤْسَى بديلًا من النُّعْمى أرى ديمةً في جَمْرةِ القَيْظِ أغدَقَتْ ... كما يُغدِقُ المحمومُ من صالبِ الحُمَّى لقد جاد صَوْبُ المُزنِ في غيرِ وقتِهِ ... حُرِمْناهُ دِرْياقًا ونُمْنَحُهُ سمّا وما القَطْرُ إلّا كالصّديقِ إذا انثَنى ... عدوًّا فلا بُقْيا لديهِ ولا رُحمَى كذا تقتضي أعمالُنا السوءَ، إنّني ... لأخشَى عِقابًا شرُّه يَشْمَلُ الدَّهْما فيا أيّها النَّاسُ اتَّقوا الله وافزَعوا ... إليه وإلّا فاحذَروا النَّقْمَةَ العُظمى وتوبوا له واستغفِروهُ وأخلِصوا ... لِما كان من تفريطِكُم، توبةً عَزْما وأكثرُ تأنيبي لنَفْسي لأنّني ... قَتلتُ الذي قد كان من شرِّها عِلما فيا ربَّنا عفوًا وصَفْحًا ورحمةً ... فقد طالما عوَّدْتَنا الرِّفقَ والحِلما رجَوْناكَ لا نَرجو سِواكَ وحسبُنا ... رجاءٌ وإخلاصٌ نفُزْ بهما قَسْما (¬1) وقال، وبلَغَ تسعًا وثمانينَ سنةً يَندُبُ نَفْسَه، وَيدعو إلى الله في المَتاب والتجاوزِ عنه يومَ المرَدِّ إليه والمآب [البسيط]: عُمْرٌ قصيرٌ ودُنيا كلُّها غَررُ ... والعيشُ في نكَدٍ والموتُ مُنتظَرُ وكلُّ نفْسٍ لها من حَتْفِها رَصَدٌ ... ليس الفِرارُ بمُنجيها ولا الحَذَرُ والموتُ لا بدَّ منهُ فاستعِدَّ لهُ ... وبعدَهُ جَنّةُ الفِردَوْسِ أو سَقَرُ فاختَرْ لنفسِك ما ترجو النّجاةَ بهِ ... وانظُرْ لها قبلَ أنْ يفوتَكَ النَّظرُ دع فانيًا والتمِسْ ما لا فناءَ لهُ ... إن كنتَ تعلَمُ ما تأتي وما تَذَرُ ¬

_ (¬1) في ب م: "نقربهما مسما"، وعلى اللفظة الأخيرة تضبيب في ب. ولعل صواب القراءة: نُقَرِّيهما قَسْما.

[161 ب] ولا تغُرَّنَّكَ الدّنيا وزُخْرُفُها ... عن المَعادِ هناك الشأنُ والخبَرُ وهذه الدارُ دارٌ لا خَلاقَ لها ... وجودُها عَدَمٌ وصَفْوُها كَدرُ والناسُ منها على خوفٍ وفي غَرَرٍ ... محُبَّبُ الناسِ ذاك الخَوْفُ والغَرَرُ وهمْ على غفلةٍ ممّا لهُ خُلِقوا ... مثلُ البهائم إلا أنهمْ بشَرُ عَمُوا وصَمّوا عن الأمرِ المرادِ بهمْ ... حتّى كأنْ مال همْ سَمْعٌ ولا بصَرُ وما أُبرِّيُّ نَفْسي إذِ ألومُهمُ ... فكلُّنا وازرٌ، وساءَ ما نَزِرُ إنّي لَأعظمُهمْ جُرْمًا وأثقَلُهمْ ... حِمْلًا، وما ليَ من عُذرٍ فأعتذرُ لكنْ رجَوْتُ وأرجو عفوَ ذي كرمٍ ... ورحمةٍ في يدَيْه النفْعُ والضَّرَرُ والعُمْرُفي كلِّ يومٍ قَطْعُ مرحلةٍ ... في إثرِ مرحلةٍ كأنهُ سفَرُ تَحْدو بنا وتَسُوقُ غيرَ وانيةٍ ... إلى مَصارعِنا الآصالُ والبُكَرُ وكلُّ ذَنْبٍ فإنَّ الله يغفِرُهُ ... إن شاء، والشِّركُ ذنبٌ ليس يُغتفَرُ جُزتُ الثمانينَ زادت تسعةً كُمُلًا ... يَا ليتَ شِعريَ ماذا بعدُ أنتظرُ! فوحِّدِ اللهَ لا تُشرِكْ به أحدًا ... أللهُ لا ملجَأ منهُ ولا وَزَرُ وفرَّ منهُ إليه ربّما وعسى ... واعمَلْ بطاعتِهِ ما ساعَدَ العُمُرُ ليس النَّجاةُ بأعمالٍ وإن حَسُنتْ ... بل رحمةُ الله مَنْجاةٌ ومُدَّخَرُ يا وَيْلَتا من ذنوبٍ جَرَّها قَدَرٌ ... فلم أُطِقْ ردَّ شيءٍ جَرَّهُ القَدَرُ يَا وَيْلَتا من ذنوبٍ إن تكنْ كثُرتْ ... فإنّها عندَ رَبِّ العرشِ تُحتقرُ سبحانَ مَنْ هُو لا تُحصَى محامِدُهُ ... ولا تُحيطُ به الأوهامُ والفِكَرُ سبحانَ من سبَّحتْ له السماءُ وما ... فيها وما تحتَها والشمسُ والقمرُ وهذا من الشِّعرِ الرائق الذي لا يتَعاطَى مثلَه إلا المُجِيدونَ من الشُّعراء، المتقدِّمونَ في حَلَبةِ البُلَغاء.

وقال يَصِفُ حالَ الكَبْرة، ويَستدعي بذلك إلى التأمُّلِ والعِبرة [مجزوء الوافر]: إذا ما شاخَ إنسانٌ ... فإنّ وجودَهُ عَدَمُ وذاك لأنهُ أبدًا ... زَمينٌ ما (¬1) به سَقَمُ ويَعزُبُ عقلُهُ عنهُ ... ولم يُلمِمْ به لَممُ ونصفُ أصمَّ نصفُ عَمٍ ... وليس عمًى ولا صمَمُ [162 أ] وتُرعِشُ كفُّه فيَزِلُّ ... عنها السَّيفُ والقلمُ وتعجَزُ رِجلُهُ عن حَمْـ ... ـلِهِ فقيامُهُ ألم على المَنْساةِ عُمْدَتُهُ ... يَلُوذُ بها ويَعتصمُ فلا سَمْعٌ ولا بصَرٌ ... ولا كَفٌّ ولا قدَمُ ولا عقلٌ يعيشُ بهِ ... كذلك يفعَلُ الهَرَمُ ألا يا معشرَ الشّبّا ... نِ كنّا أمسِ مثلَكمُ ولكنْ نال منّا الدَّهـ ... ـرُ ما يُبْقيه عندَكمُ فإنْ عِشتُمْ كما عِشنا ... سينزِلُ ما بنا بكُمُ ويا شُبّانُ من لكُمُ ... بسِنِّ الشَّيبِ من لكُمُ على هذا مضَتْ [في] سُبْـ .... ـلِها الأيامُ والأُمَمُ فيا أسَفا على عُمُرٍ ... مضَى وكأنّهُ حُلُمُ وبعَثَ بها إلى الزاهدِ الفاضل أبي عِمرانَ موسى، الآتي ذكْرُه بموضعِه من ذا الكتابِ إن شاء الله، فزاد أثناءها بيتًا بعد قولِه (¬2): ويُدرِكُهُ على ما كا ... نَ من تفريطِهِ النَّدَمُ ¬

_ (¬1) في ب م. "زمن وما". (¬2) هكذا في النسختين، ولم يعين الموضع.

1077 - محمد بن عبد الملك بن سعادة الغافقي، أبو عبد الله

وذَيَّلَها بسبعةِ أبيات وهي: ويا أسفا على التفريـ ... ـطِ والأيامُ تَنصَرمُ وما في العُمْرِ فيه صا ... لحُ الأعمالِ تُغْتَنمُ وُيستعتَبُ مَن زَلَّتْ ... بهِ فيما مضَى القَدُم ويُستدرَكُ فيه التَّو ... بُ والإقلاع والنَّدمُ فبالتّوبةِ والإقلا ... ع يُرْجى الصَّفحُ والكرَمُ وما للمرءِ والدُّنيا ... يَلوذُ بها ويُخترَمُ وتقوى الله أوْلَى ما ... يُلاذُ به ويُحترَمُ وكانت له وِفاداتٌ على مَرّاكُش، فقَدِمَها في ذي القَعْدة عامَ خمسةٍ وتسعينَ وبه شَكاةٌ عرَضَتْ له في الطّريق إليها، فتوفِّي هو وبنتُ أُختِه غُدوةَ يوم الخميس لتسع بَقِينَ من ذي الحجّة من السَّنة، [162 ب] وصَلّى عليه الناصرُ أبو عبد الله، وكان حينَ توفِّي ابنَ إحدى وتسعينَ سنةً، وقيل: إنَّ مولدَه سنةَ سبع وخمسِ مئة. 1077 - محمدُ بن عبد الملِك بن سَعادةَ الغافِقيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحَسَن ابن الفَقَّاص، وأبي القاسم ابن الطَّيْلسان. 1078 - محمدُ (¬1) بن عبد الملِك بن سُليمانَ بن عُمرَ بن عبد العزيز، إشبيليٌّ، أبو بكر، ابنُ القُوطِيّة. وأبو بكرٍ اللُّغَويُّ هو عَمُّ أَبيه. رَوى عن أبي مَرْوانَ بن إدريس الجَزِيريِّ وغيرِه. رَوى عنه أبو مُحَمَّد ابنُ العَرَبيّ والدُ القاضي أبي بكر. وكان عالمًا بالآداب، مُستبحِرًا في معرفتِها، مَشْغوفًا باستفادتِها وإفادتِها، يدرِّسُها معَ اشتغالِه بشُرطةِ بلدِه أوّلَ الدّولةِ العَبّاديّة وغيرِها من الخُطَط النَّبِيهة، ذكَرَهُ أبو عَمْرٍو ابن الإِمام وقال فيه: عالمُ الشُّعراء وشاعرُ العلماء. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1105).

1079 - محمد بن عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أحمد بن عبد الله اللخمي، إشبيلي، أبو الأصبغ الباجي

1079 - محمدُ بن عبد الملِك بن عبد العزيز بن عبد الملِك بن أحمدَ بن عبد الله اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ، أبو الأصبَغ الباجِيُّ. رَوى عن أبي عُمرَ مَيْمونِ بن ياسين، وأبي القاسم ابن بَشْكُوالَ، وكان فقيهًا جليلًا، من بيتِ حَسَبِ ونَباهة. 1080 - محمدُ (¬1) بن عبد الملِك بن عبد العزيز بن محمد بن الحُسَين بن كُمَيْل بن عبد العزيز بن هارونَ اللَّخْميُّ، قُرْطُبيٌّ شرانيُّ الأصل، أبو بكر، ابنُ المُرْخِي والوزيرُ الأجَلّ. رَوى عن أبي بحرٍ وأبي الحُسَين بن سِرَاج ولزِمَه وأبي [....] الكَتّانيِّ وأبي عُبَيد الله البَكْريِّ وأبي عليّ الغَسّانيِّ وأبي محمد ابن عَتّاب وأبي الوليد العُتْبيِّ؛ وأجاز له أبو عبد الله بن فَرَج. رَوى عنه ابنُه أبو الحَكَم عليٌّ وأبو جعفر بنُ مَضَاء، وحدَّث عنه بالإجازةِ أبو الحَسَن بنُ مُؤْمن (¬2). وكان محدِّثًا، مُتقِنًا ضابطًا، حَسَنَ الخَطّ، متقدِّمَا في حفظِ اللُّغاتِ والآداب، كاتبًا بارعًا تأريخيًّا، درَّس الآدابَ واللُّغةَ زمانًا، وانتُفِعَ به لمعرفتِه وذكائه، واستَكْتبَه عليُّ بن يوسُفَ بن تاشَفِينَ معَ صاحبِه أبي عبد الله بن أبي الخِصَال، فكانا في الإجادةِ كفَرَسيْ رِهَان. وتوفِّي ليلةَ الاثنين السابعةَ عشْرةَ من ذي الحجّة سنةَ ستٍّ وثلاثينَ وخمس مئةٍ ابنَ سبعينَ سنة، ودُفن بمقبر أُمِّ سَلَمةَ بعدَ صَلاة العصر، وصَلّى عليه ابنُه أبو الحَكَم، وكانت جَنازتُه حَفِيلةً، وشَهِدَها الزُّبَيرُ بن عُمر. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن بشكوال في الصلة (1289)، والضبي في بغية الملتمس (201)، وابن الأبار في معجم أصحاب القاضي الصدفي (120)، وابن سعيد في المغرب 1/ 307. وكأن المؤلف لم يطلع على ترجمة ابن الأبار له في معجم أصحاب الصدفي فقصّر في ترجمته. (¬2) وممن روى عنه: ابن خير الإشبيلي، كما في فهرسته 296، 324، 404، 423، 425، 462، 548،529،490.

1081 - محمد بن عبد الملك بن علي بن نصير الغافقي، مرسي، أبو عبد الله

1081 - محمدُ (¬1) بن عبد الملِك بن عليّ بن نُصَيْر الغافِقيُّ، مُرْسِيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ، وأبي عليّ الغَسّانيّ، وكان ذا عنايةٍ بشأنِ الرِّواية. 1082 - محمدُ بن عبد الملِك بن عُمرَ، بَطَلْيَوْسيٌّ. رَوى عن أبي عليّ الغَسّانيّ، وكان حَسَنَ الخَطِّ مُتقِنًا. 1083 - محمدُ بن عبد الملِك بن عَوْنِ الله، أبو بكر. رَوى عن شُرَيْح. 1084 - محمدُ (¬2) بن عبد الملِك بن عيسى بن أبي نَضِير، طيباليٌّ سَكَنَ المَرِيّة، أبو بكر. رَوى ببلدِه عن الخَطيبِ أبي الشَّرَف معزوزِ بن حَبِيب، وبمُرْسِيَةَ عن أبي عبد الله بن عبد الرّحيم وأكثَرَ عنهُ، وأبي القاسم بن حُبَيْش، وأبي مَرْوانَ بن أبي بكرٍ ابن الفَرّاء، وبقُرطُبةَ عن أبي القاسم ابن بَشْكُوالَ وأكثَرَ عنهُ. وأجاز له أبو الحَسَن بنُ هُذَيْل، وابنُ النِّعمة، وأبو عبد الله ابنُ الفَخّار، وأبو القاسم السُّهَيْليُّ، وأبو محمد بنُ عُبَيد الله. رَوى عنه أبو بكر بنُ غَلْبُون، وأبَوا الحَسَن: ابنُ أحمدَ ابن الغَزَال، ومحمدُ ابن محمد بن بالِغ. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا عارِفًا بالقراءات، بَصيرًا بالحديث، حافظًا للفقه، قَوِيمَ الهَدْي فاضلًا، حَسَنَ الخَطّ جيِّدَ الضَّبط، أقْرأَ وحدَّث وأُخِذَ عنهُ واستُقضيَ بالمَرِيّة، ووَليَ الصّلاةَ والخُطبةَ بجامعِها. وتوفِّي بها مصروفًا عن القضاءِ سنة عشرٍ أو إحدى عشْرةَ وست مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1162). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1598)، والذهبي في المستملح (241) وتاريخ الإسلام 13/ 248.

1085 - محمد بن عبد الملك بن عمر، أبو الحسين

1085 - محمدُ بن عبد الملِك بن عُمرَ، أبو الحُسَين. رَوى عن أبي الحُسَين ابن الطَّلّاء. 1086 - محمدُ بن عبد الملِك بن محمد بن إبراهيمَ بن محمد بن أحمدَ بن عبد الملِك الأنصاريُّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ أربع وعشرينَ وخمسِ مئة. 1087 - محمدُ (¬1) بن عبد الملِك بن محمد بن سُليمانَ الأَزْديُّ العَتَكيُّ، خَضْراويٌّ، أبو عبد الله، ابنُ نَسْرَةَ. وهُو من بيتِ أبي مَرْوانَ بن إدريسَ الجَزِيريِّ، ومن عَقِبِ أخيه. رَوى عن أبي العبّاس بن رَزْقون، وأبي الفَضْل عِيَاض. رَوى عنهُ ابنا حَوْطِ الله وبَنو أبي محمد بن حَوْطِ الله، وأبو الخَطّاب بنُ خَليل، وأبو العبّاس بن هارونَ، وأبو الوليد ابنُ الحاجِّ. وكان ديِّنًا فاضلًا، فقيهًا حافظًا، أديبًا مُمتِعًا حاضرَ الذِّكْرِ للتواريخ؛ واستُقضيَ بالجَزيرةِ الخَفْراءِ فحُمِدت سِيرتُه وارتُضِيَتْ طريقتُه. مَوْلدُه [163 ب] سنةَ أربعَ عشْرةَ وخمسِ مئة، وتوفِّي سنةَ ست مئة. 1088 - محمدُ (¬2) بن عبد الملِك ابن الحافظِ أبي بكرٍ محمدِ بن عبد الله بن يحيى بن فَرْح ابن الجَدِّ الفِهْرِيُّ، إشبِيليٌّ, أبو بكرٍ وأبو عبد الله. رَوى عن جَدِّه وغيره، وكان ذا جَلالةٍ في بلدِه، وحُظْوةٍ عندَ الأُمراءِ من آل عبد المُؤْمن، كاملَ السَّراوةِ جَوادًا مبسوطَ اليدِ بالصدَقات، متواضِعًا على رِفعةِ القَدْر وعِظَم الرّياسة التي وَرِثَها عن سَلَفِه وأورَثَها عَقِبَه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1548)، والذهبي في المستملح (204) وتاريخ الإسلام 12/ 1227. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1623)، والذهبي في المستملح (262) وتاريخ الإسلام 13/ 559.

1089 - محمد بن عبد الملك بن محمد بن طفيل القيسي، وادياشي أو جلياني، أبو بكر

توفّي يومَ الجُمُعة لثلاثٍ خَلَوْنَ من جُمادى الأُولى عامَ ثمانيةَ عشَرَ وست مئة، ودُفن يومَ السَّبتِ بعدَه، وكانت جَنازتُه مشهودةً. 1089 - محمدُ (¬1) بن عبد الملِك بن محمد بن طُفَيْلٍ القَيْسيُّ، وادِيَاشيٌّ أو جِلْيَانيٌّ، أبو بكر. رَوى عن أبوَيْ محمد: الرُّشاطيِّ وعبدِ الحقِّ بن عَطِيّةَ. وكان فقيهًا بارعَ الأدب، ناظمًا ناثرًا، مُشارِكًا في فنونٍ أو، معارِفَ، طبيبًا حاذقًا، واختَصَّ بالرئيس أبي جعفرٍ وأبي الحُسَين ابنَيْ مِلْحان، وله فيهما أمداحٌ كثيرة. 1090 - محمدُ بن عبد الملِك بن محمد بن عُبيد الله بن عبد العزيز التُّجِيبيُّ. 1091 - محمدُ بن عبد الملِك بن محمد بن الفَتْح بن إبراهيمَ بن جعفرٍ الأنصاريُّ، إشبِيليٌّ. وُلد بها ليلةَ الأربعاءِ لثمانٍ بقِينَ من رجبِ ثمانينَ وخمسِ مئة. 1092 - محمدُ بن عبد الملِك بن محمد بن ناهِض، إشبِيليٌّ، أبو القاسم. 1093 - محمدُ بن عبد الملِك بن محمدٍ الخَوْلانيُّ، إشبِيليٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ اثنتَيْنِ وثلاثينَ وست مئة. 1094 - محمدُ بن عبد الملِك بن محمد العَبْدَريُّ، يابُرِيٌّ. رَوى عن شُرَيْح. 1095 - محمدُ بن عبد الملِك بن محمد، مَرَويٌّ فيما أحسَبُ، أبو عبد الله الصَّبّاغُ، أو ابنُ الصَّبّاغ. رَوى عن أبي الوليد ابن الدَّبّاغ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في تحفة القادم (43)، وابن سعيد في المغرب 2/ 85، والصفدي في الوافي 4/ 37، وابن الخطيب في الإحاطة 2/ 478، وينظر البيان المغرب 3/ 88 حيث أورد له قصيدة في استنفار العرب.

1096 - محمد بن عبد الملك بن مسعود بن موسى بن بشكوال بن يوسف بن داحة بن داكة بن نصر بن عبد الكريم بن وافد الأنصاري، قرطبي شريوني الأصل، أبو عبد الله

1096 - محمدُ (¬1) بن عبد الملِك بن مَسْعودِ بن موسى بن بَشْكُوالَ بن يوسُفَ بن دَاحةَ بن داكةَ بن نَصْرِ بن عبد الكريم بن وافِد الأنصاريُّ، قُرطُبيٌّ شرِيّونيُّ الأصل، أبو عبد الله. وهُو أخو الراوِية أبي القاسم ابن بَشْكُوال. رَوى عن أَبيه، وأبي بَحْرٍ سُفيانَ بن العاص، وأبي بكرٍ ابن العَرَبيّ، وأبي جعفرٍ البطْرَوْجيِّ، وأبي الحَسَن يونُسَ بن مُغيث، وأبي عبد الله بن غُفْرالَ، [164 أ] وَأبي القاسم بن بَقِيّ، وله إجازةٌ من أبي عليّ الصَّدَفيِّ، وأبي محمد بن عَتّاب. رَوى عنه أبو الحَسَن البَلَويُّ، وأبو الخَطّاب بن الجُمَيِّل، وأبو سُليمانَ وأبو محمدٍ ابنا حَوْطِ الله، وأبوعبدِ الله بن عبد البَرّ، وأبو القاسم عبد الرحيم ابن المَلْجوم، وأبو الوليد ابنُ الحاجّ. وكان فقيهًا بصيرًا بعَقْدِ الشُّروط متحرِّفًا بها، مُشاوَرًا فاضلًا، حَسَنَ الهَدْي ظاهرَ المروءة، على خيرٍ واستقامة. مَوْلدُه عامَ خمسةَ عشَرَ وخمسِ مئة، كذا ذَكَرَ أبو محمد بنُ حَوْطِ الله عن أخيه أبي القاسم، وهُو وَهم من أبي محمد، واللهُ أعلم؛ يُبيِّنُ ذلك إجازةُ أبي عليٍّ الصَّدَفيِّ إيّاه، واستُشهِدَ أبو عليّ عامَ أربعةَ عشَرَ؛ وإنّما مَوْلدُه سنةَ تسع وخمسِ مئة، حَكَى ذلك عنه أبو القاسم عبدُ الرّحيم ابنُ الملجوم، وهُو الصَّحيحُ إن شاء الله، وتوفِّي عند صَلاةِ العشاء من ليلةِ الأربعاءِ الخامسةِ والعشرينَ من جُمادى الآخِرة عامَ سبعة وسبعينَ وخمس مئة، ودُفن إثْرَ صلاة العصر من يوم الأحدِ المذكور، وصَلّى عليه أخوه كبيرُه أبو القاسم. 1097 - محمدُ بن عبد الملِك بن مكحول اللَّخْميُّ، أبو بكر. رَوى عن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1455) وفي معجم أصحاب الصدفي (164)، والذهبي في المستملح (158) وتاريخ الإسلام 12/ 602.

1098 - محمد بن عبد الملك بن منخل بن محمد بن مشرف النفزي، شاطبي، أبو عبد الله

1098 - محمدُ (¬1) بن عبد الملِك بن مُنَخَّل بن محمد بن مُشَرَّف النَّفْزِيُّ، شاطِبيٌّ، أبو عبد الله. تَلا بحَرْف نافِع على أبي القاسم ابن النَّخّاس، وقرَأَ عليه بعضَ مصنَّفاتِ أبي عَمْرو، منها: "التيسيرُ" على أبي محمد بن سَعْدون الوَشْقيِّ الضَّرير، ورَوى عن أبي عليّ الصَّدَفيِّ، وأبي عُمرَ بن أبي تَلِيد، وأبي مُحَمَّدٍ عبد الرّحمن بن عبد العزيز بن ثابت. 1099 - محمدُ (¬2) بن عبد الملِك بن موسى بن عبد الملِك بن وَليد بن محمد بن وَليد بن عبد الملِك، مُرْسِيٌّ، ابنُ أبي جَمْرةَ. رَوى عن أَبيه وغيره من أهل بلدِه، وكان من أهل القرآنِ والحديث والفقه والمعرفة باللُّغاتِ والآداب والحسابِ والإعراب، وغَلَبَ عليه الزُّهْدُ وإيثارُ الخَلْوة والانقباضُ عن الناس والانقطاعُ إلى العبادة، وعُمِّر حتى بَلَغَ ثمانينَ سنةً، وكُفَّ بصَرُه نفَعَه الله، وكان من بيتِ عِلم وجَلالة ونَباهة وأصالة. وتوفِّي يومَ الخميس لثمانٍ خَلَوْنَ من ذي الحِجّة عامَ عشرينَ وخمسِ مئة. 1100 - محمدُ بن عبد الملِك بن وَهْب بن نُوح الغافِقيُّ، بَلَنْسيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكرٍ عَتِيق بن [164 ب] عليّ العَبْدَريُّ، وكان من بيتِ عِلم وجَلالة. 1101 - محمدُ (¬3) بن عبد الملِك بن يوسُفَ بن فرين، لُرِيِّيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبوَي الحَسَن: ابنِ هُذَيْل وابن النِّعمة، وأبي عبد الله بن سَعادةَ وغيرِهم. وأجاز له أبو الطاهر السّلَفيُّ، وأبو محمدٍ المبارَكُ ابن الطَّبّاخ. وكان من أهل الفَضْل والصّلاح، وحدَّث ورُويَ عنه، وتوفِّي سنةَ عشْرٍ وست مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1256) وفي معجم أصحاب الصدفي (103). (¬2) ترجمه السيوطي في بغية الوعاة 1/ 163 نقلًا من ابن الزبير. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1593)، والذهبي في المستملح (238) وتاريخ الإسلام 13/ 248.

1102 - محمد بن عبد الملك الأصبحي، قرطبي

1102 - محمدُ (¬1) بن عبد الملِك الأصبَحيُّ، قُرطُبيٌّ. رَوى عن إسماعيل بن بَدْر، رَوى عنه ابنُه أبو القاسم عامر (¬2). 1103 - محمدُ (¬3) بن عبد الملِك التُّجيبيُّ، سَرَقُسْطيٌّ فيما أظُنّ، أبو عبد الله. رَوى عن محُبِّ بن حُسَين. رَوى عنه أبو مَرْوانَ بنُ الصَّيْقَل. وكان مُقرئًا مجودًا. 1104 - محمدُ بن عبد الملِك الغَسّانيُّ، بَجَّانيٌّ، أبو عبد الله. كان فقيهًا جليلًا مُشاوَرًا، خَطيبًا بجامع بلدِه، وُلد سنةَ إحدى وتسعينَ وثلاث مئة. وتوفِّي سنةَ ثمانٍ وأربعينَ وأربع مئة. 1105 - محمدُ (¬4) بن عبد الملِك المَعافِريُّ، أبو عبد الله الأنداريُّ. حدَّث عنه أبو محمد بن عَشِير. 1106 - محمدُ (¬5) بن عبد الملِك، شَنْتَرينيٌّ، سَكَنَ إشبيلِيَةَ، أبو بكرٍ السَّرّاجُ. أخَذَ العربيّةَ عن أبي الحَسَن بن الأخضر، وأبي عبد الله بن أبي العافية، ورَحَلَ إلى المشرِق وحَجّ، ورَوى عن أبي القاسم النَّفْطِيّ. رَوى عنه أبو الحَسَن عليُّ بن عبد الله النابُلُسيُّ ابنُ العَطّار، وأبو حَفْص عُمرُ بن إسماعيلَ الشَّنْتَرِينيُّ، لقِيَه بمِصر. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1059). (¬2) في النسختين: "بن عامر" سبق قلم. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1197). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1290). (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1329)، واليمني في إشارة التعيين (325)، والذهبي في المستملح (95)، والصفدي في الوافي 4/ 46، والفيروزآبادي في البلغة (335)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 163، والمقري في نفح الطيب 2/ 238، وله ذكر في فهرسة ابن خير (398).

1107 - محمد بن عبد الملك، قرطبي، أبو عبد الله النحاس

وكان نَحْويًّا حاذقًا، وصنَّفَ في العربيّة مختصرًا لا بأسَ به، وفي العَروض (¬1)، واختصَرَ "العُمْدةَ" لإبن رَشِيق ونَبَّه على أوهامِه فيها (¬2)، وله "تنبيهُ الألباب على فضائلِ الإعراب" (¬3). ونزَلَ مِصرَ، وتصَدَّر بها للإقراء، وانتَقلَ حِينًا إلى اليمَن، وتوفِّي بمِصرَ مُنصَرِفًا إلى الأندَلُس سنةَ ستٍّ وثلاثينَ وخمس مئة، وقال ابنُ الأبّار: إنه توفِّي سنةَ خمسِ وأربعينَ وخمس مئة. 1107 - محمدُ (¬4) بن عبد الملِك، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله النَّحّاسُ. رَوى بالإجازةِ عن أحمدَ بن زِياد، رَوى عنه الصّاحبانِ. 1108 - محمدُ (¬5) بن عبد الملِك، مَرَوِيٌّ، أبو عبد الله. كان فقيهًا جليلًا، واستَقْضاهُ على بلدِه أبو عبد الله بن حَمْدِين، وتوفِّي لليلةٍ بقِيَتْ من ذي الحجة سنةَ إحدى [165 أ] عشْرةَ وخمس مئة. 1109 - محمدُ بن عبد المُنعم بن محمد بن عبد الرّحيم بن محمدٍ الخَزْرَجيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الفَرَسِ. تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن بن أحمدَ بن كوْثَر. 1110 - محمدُ بن عبد المَوْلَى بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن سَعادةَ بن أحمدَ المَذْحِجيُّ، لَوْشيٌّ. كان من أهل العلم، وُلد ليلةَ الجُمُعة الثانيةَ عشْرةَ من ربيعٍ الآخِر سنةَ ثلاثينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) مطبوع، حققه الدكتور رضوان البداية. (¬2) حققه الدكتور محمد قرقنان وقال به رتبة الدكتوراه بإشراف الدكتور محمد بن شريفة. (¬3) من هذا الكتاب نسخة في المكتبة الوطنية بباريس. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1039). (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1187)، والذهبي في المستملح (40).

1111 - محمد بن عبد المؤمن، غرناطي

1111 - محمدُ بن عبد المُؤْمن، غَرْناطيٌّ. رَوى عن جماعةِ من شُيوخ بلدِه، وأبي الأصبَغ بن سَهْل أيامَ استُقضيَ به، وأكثَرَ عنه، ورَحَلَ إلى العراق ولم يتَسَنَّ له أخْذُ شيءٍ هنالك. رَوى عنه أبو العباس ابنُ عبد الرحمن بن الصَّقْر. وكان حافظًا للحديثِ والآدابِ حَسَنَ المُحاضرة. 1112 - محمدُ (¬1) بن عبد النُّور بن أحمدَ بن محمد بن عُمَرَ بن عبد الخَيْر بن عبد النور بن عبد الكريم السَّبَئيُّ، إشبيليٌّ، أبو بكرٍ وأبو عبد الله. كذا نقَلتُ نَسَبَه من خطِّه، وغيَّرَه ابنُ الزُّبَير كثيرًا بالنَّقْصِ والقَلْب. رَوى عن أبوَيْ إسحاقَ: الأطريانيِّ وابن الشّطاطيِّ، وآباءِ بكر: عَتِيق بن عليّ العَبْدَريِّ، والمُحمَّدِينَ: ابن صَافٍ وابنِ طلحةَ وابن أبي زَمَنِين، واليَحْيَيَيْنِ: الأرْكَشيِّ وابن محمدٍ الجُذَاميِّ، وأبوَيْ جعفرٍ: ابن حَكَم وابن يحيى الخَطيب، وأبوَي الحَجّاج: ابن أَيُّوبَ وابن الشَّيخ، وأبي الحَسَن نَجَبةَ وأبي الحَكَم عبدِ الرّحمن ابن حَجّاج، وأبوَيْ عبد الله: ابن حَسَن ابنِ صاحبِ الصّلاة وابن زَرْقون، وآباءِ العبّاس: ابن بَشتَغِير وابن مَضاءٍ وابن مِقْدام، وأبي عليّ الحَسَن بن عليّ بن خَلَف، وأبي عِمرانَ الزّاهد، وأبي عَمْرٍو عَيّاش بن عَظِيمةَ، وأبي كامل تَمّام خطيبِ مالَقةَ، وآباءِ القاسم: الشَّرّاطِ وابن بَشْكُوالَ وابن عبد البَرّ وابن أبي هارون، وآباءِ محمد: شُعَيْبِ ابن عامر وابن جُمْهُور والحَجْرِيِّ والشّلْطِيشيِّ وعبد الحقِّ بن محمد الخَزْرَجيِّ وعبد المُنعم ابن الفَرَس، وأبي الوليد بن أبي أيّوب. وكتَبَ إليه مُجِيزًا من أهل المشرِق جماعةٌ باستدعاءِ أبي العبّاس النَّبَاتيِّ، منهم: الأحامدُ: ابنُ السِّجْزِيّ والغَزْنَويُّ وابنُ صرْما وابن البَرّاج، وآرْسَلانُ السِّيِّديُّ، وإسماعيلُ الشَّهْرِسْتانيُّ [165 ب] , والأنجَبُ الدَّلّالُ، وتُرْكٌ العَطّارُ ابنُ سَوَادةَ، وثابتُ بن مُشَرَّف، والحَسَنانِ: ابنُ الجَواليقيِّ والعَلَويُّ، والحُسَين ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1603)، والرعيني في برنامجه (4)، والذهبي في المستملح (245) وتاريخ الإسلام 13/ 421.

ابن باز وخَلَفٌ الكِنَّرِيُّ (¬1)، ورَيْحانُ بن تِيكانَ الضَّرير، والسَّعِيدانِ: ابنُ الرَّزّاز وابنُ ياسين، وصَدَقةُ ابن البَبغْ (¬2)، وعبدُ الله بن الحُسَين العُكْبَراويُّ، وعُبَيد الله بنُ نَغُوبا، وابنُ المبارَك السِّيبيُّ، وأعبُدُ الرّحمن: ابنُ أبي بكرٍ الخَبّاز وابنُ أبي سَعْد بن تُمَيْرةَ (¬3) وابن أبي منصُور الجَواليقيُّ وابنُ سَعْد الله الطّحّانُ وابنُ عمرانَ الغَزَّال، وعبدا السّلام (¬4): ابن عبد الله ابن الداهِريِّ، وابن عبد الرّحمن بن سُكَيْنةَ، وعبدُ العزيز بن خَلَف الخازِنُ، وعبدا اللَّطيف: ابنُ عبد الوهّاب الطَّبَريُّ وابن المُعمَّر، وعبدُ الوهّاب بن أبي المظفَّر الصَّفّارُ، وعَدِيُّ بن حَجّاج، والعَلِيّانِ: ابنُ أبي الفَرَج بن كُبّةَ وابنُ يونُسَ بن البَيِّع، والعُمَرانِ: ابنُ القاسم التَّكْريتيُّ وابنُ أبي بكر محمدُ بن أحمدَ، والمحمَّدونَ: ابنُ أحمدَ بن شافِع وابنُ عُمرَ القَطِيعيُّ ابن فتيْحةَ (¬5) وابنُ إسحاقَ الصّابي وابنُ بهرَام وابنُ سَعِيد ابن الدُّبَيْثيِّ وابن ¬

_ (¬1) في الأصل: "الكنزي"، مصحف، وقيده ابن نقطة في إكمال الإكمال 5/ 142، وهو أبو الذخر خلف بن محمد بن خلف منسوب إلى "كِنّر"-بكسر الكاف وتشديد النون وفتحها وكسر الراء- من قرى دُجيل، وترجمه ياقوت في "كنّر" من معجم البلدان 4/ 483، وابن المستوفي في تاريخ إربل 2/ 452، وابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة 2/ 178. (¬2) في الأصل: "البَيّع" مصحف، والبَبْغ: بباءين موحدتين، الأولى مفتوحة والثانية ساكنة بعدهما غين معجمة، هكذا قيده ابن نقطة في إكمال الاكمال 1/ 342 وغيره، وهو صدقة بن جروان بن علي بن منصور ابن البَبْغ البواب المتوفى سنة 616 هـ، ترجمه المنذري في التكملة 2/الترجمة 1660 وينظر التعليق عليه وعلى تاريخ الإسلام للذهبي 13/ 471. (¬3) في الأصل: "نميرة" بالنون، مصحف، والصواب ما أثبتنا، وهو مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 4/ 89، وتميرة قيده المنذري فقال: بضم التاء ثالث الحروف وفتح الميم وسكون الياء آخر الحروف وبعدها راء مهملة وتاء تأنيث (2/الترجمة 1589)، وينظر تاريخ الإسلام 13/ 439، والمختصر المحتاج إليه 3/ 23. (¬4) في الأصل: "وعبد السلام" ولا يصح، فهما اثنان. (¬5) قيده ابن نقطة في إكمال الإكمال، وهو محمد بن أحمد بن عمر بن الحسين بن خلف القطيعي لقبه فتيحة، بضم الفاء وفتح التاء المعجمة من فوقها باثنتين (4/ 464)، وهو صاحب "تاريخ بغداد"، وتوفي سنة 634 هـ، وتنظر مقدمة تاريخ ابن الدبيثي 1/ 50 والتعليق عليه.

عبدِ الرّحمن بن أبي العِزِّ الواسِطيُّ وابن محمد بن أبي حَرْب المُرْسِيُّ وابنُ محمد النَّجّارُ، والمحمودانِ: ابنُ أبي العِزِّ الكازَرُونيُّ وابن واثِق ابن السَّمّاك، والمختَصُّ بن عبد الله عَتِيقُ ابن أبي مَسْعود الثَّقَفِي (¬1)، ومُظفَّرُ بنُ عليّ، ومكِّيُّ بن أبي الطاهر الطِّيبيُّ، والمُهذَّبُ بن أبي الحَسَن ابن قُنيدة (¬2)، ويحيى بن سَعْدِ الله التَّكرِيتيّ، واليوسُفانِ: ابنُ عليٍّ الباذَبينيُّ وابنُ عُمَر ابن نِظام المُلْك، في آخَرِينَ جَرى ذكْرُهم مُستوفًى في رَسْم أبي العبّاس النَّبَاتيّ. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ سَعِيد الطَّرّازُ، وحدَّث عنه بالإجار أبو عبد الله الطّنجاليُّ. وحدَّثنا عنه أبو جعفر الطَّنْجاليُّ، وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ. وكان من ذَوي التّبريزِ في تجويدِ القراءاتِ والقيام عليها، واتّساع الرِّوايةِ للحديثِ والبصَر به، عُنيَ بلقاءِ المشايخ في بلدِه والرِّحلة إليهم عنايةً تامّة، وأكثرَ عنهم، وكان ضابطًا لِما يَرويه ثقةً فيما ينقُلُه، صالحًا زاهدًا وَرِعًا متواضِعًا كريمَ النَّفْس جَوَادًا متعطِّفًا على المساكين، عاكفًا على استفادةِ العِلم طُولَ عُمُرِه، ذا همّةٍ عالية في اقتناءِ الكُتُب، وتصدَّر ببلدِه للإقراءِ وإسماع الحديث، ونَشْرِ ما كان عندَه، وانقَطعَ بأخَرةٍ إلى تعليم كتابِ [166 أ] الله وإكتابِه، إلى أنِ استُشهدَ في كائنةِ قَصْر أبي دانس في آخرِ أحدِ شهرَيْ رَبيع من عام أربعةَ عشَرَ وست مئة، وكان كثيرًا ما يَحضُرُ الغَزَواتِ ويُبلي فيها البلاءَ الحَسَن، نفَعَه الله. ومولدُه يومَ الاثنينِ لسبع خَلَوْنَ من رجبِ ثلاثٍ وخمسينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) في النسختين: "البعي" وضُبب عليها، والصواب ما أثبتنا، فهو عتيق قاضي القضاة عبد الواحد بن أحمد بن محمد الثقفي المتوفى سنة 555 هـ, وهو مترجم في تاريخ ابن النجار 1/ 210، وتاريخ الإسلام 12/ 94. أما مختص هذا فتوفي سنة 619 هـ كما في تاريخ الإسلام 13/ 586 وغيره. (¬2) في الأصل: "قنترة" وضبب عليها في الأصل، والصواب ما أثبتنا وهو المهذب بن عليّ بن هبة الله الأزجي المقرئ المعروف بابن قنيدة، وقيّده المنذري حين ترجمه في وفيات سنة 626 هـ من التكملة فقال: بضم القاف وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف وبعدها قال مهملة مفتوحة وتاء تأنيث (3/الترجمة 2262)، وينظر تاريخ الإسلام 14/ 822.

1113 - محمد بن عبد الواحد بن إبراهيم بن مفرج بن أحمد بن عبد الواحد بن حريث بن جعفر بن سعيد بن محمد بن حقل، من ولد مروان بن حقل الداخل إلى الأندلس، الغافقي، غرناطي، أبو القاسم الملاحي

1113 - محمدُ (¬1) بن عبد الواحِد بن إبراهيمَ بن مُفرِّج بن أحمدَ بن عبد الواحِد بن حُرَيْث بن جعفرِ بن سَعِيد بن محمد بن حَقْل، من ولدِ مَرْوانَ بن حَقْلٍ الداخِل إلى الأندَلُس، الغافِقيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو القاسم المَلّاحيُّ. نقلتُ نَسَبَهُ إلى الغافقيِّ من خطّه، وفيه موضِعانِ ينبغي التنبيهُ عليهما، أحَدُهما: أنّ الداخلَ إلى الأندَلُس يوهمُ أنه نُعِتَ بحقلٍ الأعلى، وليس كذلك، وإنّما الداخلُ مَرْوانُ ابنُه، وهو الذي نزَلَ المَلّاحةَ من قنب قَيْس من عمَل إلبِيرةَ، وجَرى الداخِلُ وابنُ حَقْلٍ قبلَه نَعْتَيْنِ على مَرْوان، كما يقال: عُمرُ بن الخَطّاب صاحبُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ونحوُ ذلك، والثاني: تعيينُ وَلَد مَرْوانَ أبي حَقْلٍ الأسفل، واسمُه الخِيَار، بحقلٍ الأسفَل ابن الخِيَار بن مَرْوانَ الداخِل إلى الأندَلُس ابن حَقْلٍ الأعلى، فاعلَمْهُ. رَوى عن آباءِ محمد: أَبيه وابن معروفٍ التُّجِيبيِّ القادِغيِّ وعبدِ الرّحمن بن محمدِ بن محمد السُّلَميّ وابن عبد الرّزاق الأشعَريّ وعبد الحقِّ بن بُونُهْ وعبد الصَّمد ابن يَعِيشَ وعبد المُنعم ابن الفَرَس وأكثَرَ عنه ولازَمَه، وأبوَيْ إسحاقَ: ابن خالِه محمد ابن الحَلّاء وأبي عليّ الزَّواليّ، وآباءِ بكر: أُسامةَ وعبدِ الرّحمن بن مَسْعَدةَ وعبد الله بن طلحةَ وعَتِيقٍ المَذْحِجيِّ وابن أبي زَمَنِين وابن حَسْنُون وابن عَطِيّةَ والكُتَنْديِّ وابن المُصحَفيِّ، وأبي تَمّام غالبٍ العَوْفيِّ، وآباء جعفرٍ: ابن حَكَم الحَصّار وابن شَراحِيلَ وابن عاصِم المُرْسِيِّ وابن عَمِيرةَ الشَّهيد وابن مَضَاءٍ وابن اليُسْر وعبد الرّحمن بن القَصِير، وأبي الحَجّاج ابن الشّيخ، وآباءِ الحَسَن: جَدِّه للأُمِّ ابن محمد ابن الحَلّاء وابن أحمدَ بن أبي قوّةَ وابن كوْثَرٍ الكُوميِّ، وأبي الحُسَين ابن جُبَيْر، وأبي خالدٍ يَزيدَ بن رِفاعةَ، وأبي زكريّا الأصبَهانيّ، وأبوَيْ سُليمان: ابن حَوْطِ الله وابن يَزيدَ السَّعْديِّ ولازَمَه، وآباءِ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1630)، والرعيني في برنامجه (21)، والذهبي في المستملح (266) وتاريخ الإسلام 13/ 585 وسير أعلام النبلاء 22/ 162، والصفدي في الوافي 4/ 68، وابن الخطيب في الإحاطة 3/ 176، وابن العماد في الشذرات 5/ 86.

عبد [166 ب] الله: ابن بالِغ وابن بُونُه وابن حَمِيد وابن عَرُوس وابن الفَخّار، وآباءِ العبّاس: ابن الينتُه وابن خَليل وابن عَمَّار ويحيى المَجْرِيطيِّ، وأبي عُبَيد البَكْريِّ، وأبوَي القاسم: ابن سَمَجُون وابن البَرّاق، وأبي مَرْوانَ الأَوْسيِّ، لقِيَهم وقَرأَ عليهم وسَمِع، ولقِيَ أَبا يحيى بنَ مَسْعدةَ فأجازَ له لفظًا نظمَه ونثرَه. وكتَبَ إليه مُجيزًا من أهل الأندَلُس: آباءُ بكر: ابنُ أبي جَمْرةَ وابن الجَدِّ وابن صَافٍ، وأبو الحَكَم بن حَجّاج، وأبو الخَطّاب بنُ الجُمَيِّل نَزيلُ القاهرة، وآباءُ عبد الله: التُّجِيبيُّ وابنُ زَرْقونٍ وابنُ سَعِيد المُراديُّ وابنُ الصقْر وابن مُفِيد وابن نُوح، وأبَوا العبّاس: ابنُ البَلَنْسِيِّ وابنُ عليٍّ الفَنكيُّ نَزيلُ دمشقَ، وابنُ مِقْدام، وأبو عُمرَ بن عاتٍ، وأبو عَمْرٍو عَيّاشُ بن عَظِيمة، وآباءُ القاسم: ابنُ بَشْكُوالَ وابن حُبَيْش والسُّهَيْليُّ والشَّرّاطُ، وأبوا محمد: الحَجْريُّ وعبد الرّحمن بن عليّ الجُذَاميُّ. ومن أهل المشرِق: أبو الأصبَغ عيسى بنُ عبد العزيز بن عيسى بن عبد الرّحمن بن سُليمانَ، وأبو بكر بنُ حَرْزِ الله بن حَجّاج التُّونُسيُّ القَفْصيُّ، وأبو الحَسَن بن المُفضَّل المَقْدِسيُّ، وأبو حَفْص المَيَانِجيُّ، وأبو رَوْح بنُ أبي بكرٍ الدَّوْلَعيُّ وأبو شُجاع زاهرُ بن رُستُمَ بن أبي الرجاءِ بن محمد الأصبَهانيُّ، وأُختُه تاجُ النِّساء، وأبو طالبٍ أحمدُ بن عبد الله بن الحُسَين بن حَدِيد الكِنَانيُّ، وأبوا الطاهِر: إسماعيلُ بنُ عَوْف وبَرَكاتٌ الخُشُوعيُّ، وآباءُ عبد الله المُحمَّدونَ: ابنُ إسماعيلَ بن عليّ بن أبي الصَّيْف وابنُ عبد الرّحمن بن حَسَانَ التِّنِّيسيُّ ابنُ أبي زَيْد وابنُ عُلْوانَ التَّكريتيُّ، وأبو محمدٍ الكِركِنتيُّ، وابنُ منصُور الحَضْرميُّ، وأبو عِمرانَ موسى بنُ عليّ بن فَيّاض، وأبو الفُتُوح نَصرُ بن أبي الفَرَج بن عليٍّ الحُصْريُّ، وأبَوا الفَضْل: أحمدُ بن منصُور الحَضْرَميُّ والغَزْنَويُّ، وآباءُ القاسم أعبُدُ الرّحمن: ابنُ عبد الله عَتِيق أحمد بن باقا البغداديّ وابنُ عبد المجيد بن إسماعيلَ بن عُثمانَ بن يوسُفَ بن الحُسَين وحَفْصٌ ابنُ الصَّفْراويِّ وابنُ مُقرَّب ابن أبي القاسم عبدِ الكريم بن أبي الحَسَن بن أبي محمد التُّجِيبيُّ، ومَخْلوفُ بن

عليّ بن جارَةَ، وآباءُ محمد أعبُدُ الله: ابنُ عبد الرّحمن بن موسى التَّميميُّ وابنُ عبد الجَبّار بن عبد الله العُثمانيُّ وابنُ عبد الغنيِّ القَلْعيُّ خطيبُ الطائف، وعبدُ الرّحيم ابن النَّفِيس بن هِبة الله بن وَهْبانَ بن رُوميِّ بن سَلْمانَ بن صَالح بن [167 أ] محمد بن وَهْبانَ السُّلَميُّ، وعبدُ الكريم بن أبي بكرٍ عَتِيق بن عبد الملِك الرَّبَعيُّ، ويونُسُ بن يحيى بن أبي الحَسَن الهاشميُّ؛ ومنهم سوى من ذُكِرَ: ابنا أبي الطاهر بن عَوْف، وحَسَنُ بن إسماعيلُ بن حَسَن، وحُسَينُ بن عبد السّلام بن عَتِيق بن محمد بن محمد، وعبد المجيد بن محمد بن محمد بن الحُسَين بن عليّ، ويحيى بن ياقُوت، وينال مملوك العَتَبة الشّريفة، وشَيْخ الشّيوخ البغداديّ. وله شيوخٌ غيرُ هؤلاء، فقد وقَفْتُ على مكتوبٍ بخطّه أجازَ فيه لبعضِ الأندَلُسيّينَ، وسَمَّى فيه جماعةَ من أهل المشرِق، وقال فيه: وهم زُهاءُ ثلاثينَ، وسَمَّى قبلَهم فيه بعضَ من ذُكِرَ من الأندَلُسيِّين، وختَمَه بقولِه: وفيمَن ذَكَرْتُ كفايةٌ والحمدُ لله، وهم يَزيدونَ على مئةِ وخمسينَ شيخًا. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: قد ذَكَرَ ابنُ الأبّار بعضَ شيوخ المَلّاحيّ هذا وقال: وشيوخُه الذين كتَبْتُ أسماءهم من خطّه مئة وستة وثلاثونَ شيخًا، وقال ابنُ الطَّيْلَسان: وذَكَرَ لي أنّهم يَزيدونَ على مئةٍ وخمسين (¬1). قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وقد ذكَرْنا منهم هنا مئةَ وأزيَدَ من عشَرة، وأرى الفائتَ منهم هم من أهل الأندَلُس، واللهُ أعلم. رَوى عنه بَنوه، [و] عبدُ الواحِد بنُ عليّ أبو الحَسَن، والأحامدُ: ابنُ عبد الله ابنُ القُرطُبيّ أبو بكر، وابنا الإبراهيمَيْنِ: ابن صَدَقةَ وابن فَرْقَد، وابن عبد الله بن شَرَاحِيل، وابنُ عليّ بن غالب، وابنا المُحمَّدَيْنِ: ابن أحمدَ الغافِقيُّ وابن خَلَف، وابنُ عثمانَ، وابن عليّ، وابن مُظفَّر، وابن يوسُفَ الواشِريُّ آباءُ ¬

_ (¬1) بهامش ب: "قال ابن مسدي: وقد ذكرنا في شيوخه أن إجازاته تزيد على المئتين، وأما المتأخرون، يعني من شيوخه، فعدة مئين".

جعفر، وابنُ أبي بكر بن صَفْوان وابن محمدٍ اللَّخْميُّ أبو العبّاس، وابن عَتِيق بن قَنْتَرال أبو القاسم، وابنا المحمَّدَيْنِ: ابن أحمدَ الخَزْرَجيُّ وابن عبد الله المُرِّيُّ، وابنُ يحيى بن صَفْوانَ، وإبراهيمُ بن محمد بن مُنعِم، وإسحاقُ بن أبي يعقوبَ بن عبد المُؤْمن أبو إبراهيمَ، وجعفرُ بن عليّ بن خَمِيس أبو أحمد، والحَسَنان: ابنُ عليّ بن سَمْعان وابنُ محمد بن مُفرِّج أبوا عليّ، وسَعْدُ بن محمد أبو الحَسَن، وسَعِيدُ بن عليّ أبو عثمانَ، وسالمُ بن صالح أبو عَمْرو بن سالم، والسُّلَيْمانانِ: ابنُ أحمد بن عاشِر وابن موسى أبو الرَّبيع بن سالم، [167 ب] وأعبُدُ الله: ابن عَوْن بن نُوح أبو بكرٍ وابنُ أحمدَ بن جابِر، وابنا المُحمَّدَيْنِ: ابن عَطِيّةَ والقُرَشيُّ، وابنُ مَسْعودٍ الواقسوسيُّ آباءُ محمد، وابن محمد بن مُنعم، وأعبُدُ الرّحمن: ابن إسماعيلَ ابن الحَدّاد وابن صَالح بن سالم وابن يَخْلُف آباءُ القاسم، وابن أحمدَ بن أبي المِلْح أبو محمد، وعبدُ الواحِد بن بَقِيّ وعبدُ الوهّاب بن عبد الرّحمن بن سالم أبوا عمرو، وعبدُ الغنيِّ بنُ محمد أبو محمد وعبدُ المُهيمِن بن محمد، والعَلِيّون: ابنا الأحمَدَيْنِ: ابن أحمدَ الخَزْرَجيُّ وابن وَهْبُونَ، وابنُ عليّ الجُذَاميُّ، وابنُ عاصم، وابنا المحمَّدَيْنِ: ابن عليّ واليَحْصُبيُّ، آباءُ الحَسَن، وابنُ عبد الله بن فَرَج أبو محمد، وابنُ أحمدَ بن مَسْعود، وعَوْنُ بن محمد وعيسى بن سُليمانَ أبَوا محمد، وعَطِيّةُ بن أبي المَليح أبو العلاء، والقاسمُ بن محمد أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، والمحمَّدونَ أبناءُ الأحمَدِين: الجوليُّ وابنُ عَطِيّةَ الأنصاريُّ والواشريُّ والخَزْرجيُّ، وابنا الإبراهيمَيْنِ: ابن غالبٍ وابن رَوْبِيل؛ وابنُ أبي بكر بن رسا وابنُ سَعِيد الطَّرّازُ، وابنا عَبْدَي الله: الصَّباغُ والعَنْسيُّ والأنصاريُّ وابنُ عبد الكريم الجُرَشيُّ وابنُ عبد الواحد بن يوسُفَ بن عبد المُؤْمن وابن عثمانَ بن عبد العزيز، وابنا العَلِيَّيْنِ وابن أحمدَ الأنصاريُّ وابن أبي بكر بن عَيْشُونٍ وابن إسماعيلَ المنيشيُّ آباءُ بكر، [....] (¬1) بَنَان بن رَشِيد وابن عَسْكَر وابن غالبٍ وابن مُنِيف ¬

_ (¬1) بياض في الأصل.

وابن عَوْنٍ وابن عيسى بن زَنُّونٍ وابن قاسم بن تُبَّع وابن محمدٍ الحَسَنيُّ وابنا اليَحْيَيَيْنِ: ابن الحَلّاء والزُّهْريُّ والهَمَدانيُّ وابن يوسُفَ آباءُ عبد الله -ويقال في ابن يوسُفَ أَيضًا: أبو بكر- وأبو المكارِم وابنُ عبد الله العَنْسيُّ وابن محمدٍ الأنصاريُّ أبو القاسم وابن أحمدَ الأنصاريُّ وابن عُمرَ الرُّنْديُّ وابن إسماعيلَ أبو الحَسَن المنيشيُّ وابن أبي جعفر بن عَبْسُوس وابن محمدٍ ابن الغاسِل أبو يحيى، وابنا الأحمدَيْنِ ابنَيْ عَبْدي الله: ابن أبي بكر والغاسِل، وابنُ إبراهيمَ بن غالبِ الخَزْرجيُّ وابن أَسَد، وابنا العَلِيَّيْنِ: ابن عبد الله بن فَرَج وابن يوسُفَ الأشعَريُّ، وابن بَحْر بن صَفْوان، ووَهْبُون أبو القاسم، ويوسُفُ بن عبد الملِك بن حَيْدَرةَ أبو الوليد، ويوسُفُ بن محمد ابنُ الروبير، ويحيى بنُ أحمد ابنُ المُرابِطِ أبو بكر، ويونُسُ بن يوسُفَ أبو سَهْل و [....] (¬1). وكان [168 أ] محدِّثًا حافظًا مُكثِرًا، رَوى عن الكبيرِ والنَّظير والصَّغير، عارفًا بالتواريخ والأنساب ذاكرًا لها، ثقةً في نَقْلِه، بارعَ الخَطّ رائقَ الطريقة محُكَمَ الضَّبط، سُنِّيًّا متورِّعَا مُنقبِضًا عن الناس، وصنَّف فيما كان يَنتحلُه من المعارفِ مصنَّفاتِ جليلة، من ذلك: "لَمَحاتُ الأنوار وصَفَحاتُ الأزهار في ثوابِ القرآن"، ومنها تاريخٌ حافلٌ في أعلامِ إلبيرَةَ دَلّ على اعتنائه بهذا الشأنِ وحِفظِه لأسماءِ الرّجال وتمييزِ طبقاتهم، خلَّد فيه مآثرَ أهلِ بلدِه، ونشَرَ محاسنَ آثارِهم وأحيا رسُومَهم، فله عليهم بذلك اليدُ الطُّولى والفَضْلُ العظيم، ومنها: "أنسابُ الأُمم: العَرَبِ والعجَم"، وهي"الشّجرةُ" أبدَعَ في وَضْعِها وأتقَنَ تفريعَها واحتَفلَ فيها، وأتَى منها بغريبةٍ يُقِرُّ بفضلِها وجلالةِ واضعِها أهلُ ذلك الشأن، وقد وقَفْتُ على نُسختَيْنِ منها بخطِّه الأنيق، ومنها: استدراكُه في الصَّحابة على أبي عُمرَ بن عبد البَرّ، ومنها: مجالسُ في فَضْل أبي بكرِ الصِّديق رضيَ اللهُ عنه، ومنها: "برنامَجُ رواياتِه"، ومنها: أربعونَ حديثًا وترجمتُه: "كتابَ الأربعينَ حديثًا ¬

_ (¬1) بياض كثير.

1114 - محمد بن عبد الواحد بن موسى، إلشي الأصل، أبو عبد الله، ابن التيان

عن أربعينَ شيخًا من أربعينَ قبيلةً في أربعينَ بابًا من العلم من أربعينَ بينَ مُسنِد ومصنِّف عن أربعينَ من التابعينَ رضيَ اللهُ عنهم بأربعينَ اسمًا من أربعينَ قبيلةً عن أربعينَ من الصّحابة رضيَ اللهُ عنهم بأربعينَ اسمًا من أربعينَ قبيلةً، معرَّفًا بجميعِهم رحمَهم اللهُ من صحيحِ [حديث] رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - "، هكذا ترجمةُ هذا الكتاب، وذكَرَ في متنِه بدَلَ "عن أربعينَ منَ التابعينَ رضيَ اللهُ عنهم": "مسنَدةً إلى أربعينَ رجُلًا بينَ صحابيٍّ وتابعيٍّ بأربعينَ اسمًا من أربعينَ قبيلةً من قبائل العرب" وسائرُ الترجمة وافَقَ لفظًا ومعنى أو معنى ما في متنِ الكتاب؛ قال: وهذه أُعجوبةٌ محجوبة، حجَبَها اللهُ تعالى، فلم يقَعْ أحدٌ -في عِلمي- عليها، فله الحمدُ والشُّكر أنْ هَدَاني ووفَّقَني إليها. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: ما تضمَّنتْه هذه الترجمةُ من ذكْرِ أنواع الأربعين لا يَصِحُّ أكثرُها ولا يَسلَمُ على الانتقادِ منها إلّا أقلُّها، وقد نَبَّهتُ على ما لحِقَه في ما أخَلَّ به من ذلك في مقالةٍ بيَّنتُ فيها معتمَدَه ومَنْحاه. وُلد بغَرناطةَ سنةَ تسع وأربعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بها لخمسٍ خَلَوْنَ من شعبانِ تسعَ عشْرةَ وست مئة، قاله ابنُ الطَّيْلَسان (¬1)، وقال غيرُه: سنةَ عشرينَ وست مئة. 1114 - محمدُ (¬2) بن عبد الواحِد بن موسى، إلْشِيُّ الأصل، أبو عبد الله، ابنُ التَّيَّان. رَوى عن أبي عبد الله بن فَرَج، وأبي عليّ الغَسّاني، وله رحلةٌ إلى المشرِق، وحدَّث عنه هنالك أبو الطاهِر السِّلفيُّ، وكان محدِّثًا راوِيةً فقيهًا حافظًا للمسائل واستُقضىَ. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "ليلة النصف من شعبان، قاله ابن مسدي". (¬2) ترجمه السلفي في معجم السفر (332)، وابن نقطة في إكمال الإكمال 1/ 483 (مادة: التبان والتيان) نقلًا من معجم السفر للسلفي، وابن الأبار في التكملة (1257)، والذهبي في المشتبه (110)، وابن ناصر الدين في التوضيح 2/ 12، وابن حجر في تبصير المنتبه 1/ 205.

1115 - محمد بن عبد الوارث بن محمد المعافري، قرطبي

1115 - محمدُ بن عبد الوارِث بن محمد المَعافِريُّ، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والجَلالة والتبريزِ في العدالة، حيًّا سنةَ خمسٍ وثمانينَ وأربع مئة. 1116 - محمدُ (¬1) بن عبد الوارِث، تُدمِيريٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي المُطرِّف بن سَلَمةَ، رَوى عنه أبو محمد بنُ محمد بن أبي تَلِيد. 1117 - محمدُ بن عبد الوَدُود بن عَمِيرةَ، أبو عامر. رَوى عن أبي الحَسَن بن عبد الرّحمن بن الدُّوْش. 1118 - محمدُ بن عبد الوَدُود الأنصاريُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحَسَن ابن الفَقّاص، وأبوَي القاسم: ابن بَشْكُوال وابن الطَّيْلَسان، وفي هذا نَظَرٌ. 1119 - محمدُ بن عبد الوَليّ، مَجْرِيطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عنه أبو مَرْوانَ بنُ أبي بكرٍ التُّجِيبيُّ اللُّوْرْقيُّ الفَرّاء. 1120 - محمدُ بن عبد الوهّاب بن أحمدَ بن عبد القَويّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الأصبَغ بن أبي البَحْر. 1121 - محمدُ بن عبد الوهّاب بن الحَسَن الأَزْديُّ، أُشْبُونيٌّ. رَوى عن شُرَيْح. 1122 - محمدُ (¬2) بن عبد الوهاب بن عبد الملِك بن غالبِ بن عبد الرَّؤوفِ ابن غالبِ بن نَفِيس العَبْدَريُّ، بَلَنْسِيٌّ طَرطُوشيُّ الأصل، أبو عامَرٍ وأبو عبدِ الله. رَوى عن أبوَيْ محمد: ابن السِّيْد وعبد الحقِّ بن عَطِيّةَ. وكان وَرّاقًا حَسَنَ الطّريقة، كتَبَ عِلمًا كثيرًا وأتقَنَ ضبطَه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1208). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1381).

1123 - محمد بن عبد الوهاب الطائي، غرناطي، أبو بكر

1123 - محمدُ بن عبد الوهّاب الطائيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو بكر. رَوى عن أبي يحيى عبد الرّحمن بن عبد المُنعم ابن الفَرَس. 1124 - محمدُ بن عبد الوهّاب بن ير [....] (¬1) الفِهْرِيُّ، إشبِيليٌّ، أبو القاسم. 1125 - محمدُ بن عبد الوهّاب القُرَشيُّ، أُشْبُونيٌّ. رَوى عن أبي عبد الله بن عَتّاب، رَوى عنه أبو العبّاس ابنُ الزرقالُهْ. 1126 - محمدُ بن عابِد بن مَسْعود بن عابدٍ الصَّدَفيُّ، بَلَنْسِيٌّ بَرْبَشتيريُّ الأصل، أبو عبد الله. رَوى عن أبي محمد بن محمد بن سَعْدونٍ الوَشْقيِّ. 1127 - محمدُ (¬2) بن عاشِر بن خَلَف بن مُرَجَّى بن حَكَم الأنصاريُّ، يَناشْتِيٌّ. رَوى عنه ابنُه عاشِر. 1128 - محمدُ بن عاصِم بن عُبَيد الله بن محمد بن إدريسَ القَيْسيُّ، رُنْديٌّ. 1129 - محمدُ بن عاصم بن عليّ الغَسّانيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله. تَلا بالسَّبع على أبي عبد الله بن سَعِيد الطَّرّازِ ولازَمَهُ، ورَوى عن آباءِ الحَسَن: سَعْدٍ الحَفّار وسهْل بن مالك والشّارِّيِّ، وأبي عبد الله الجُرَشيِّ وابن يحيى بن عبدِ الرحيم ابن الفَرَس؛ وأخَذَ بمالَقةَ عن أبي جعفرٍ الفَحّام وأبوَيْ محمد: الباهِليِّ وابن عَطِيّة، وبسَبْتَةَ عن الوَرِع أبي صَالحِ محمد بن أبي صالح، وأبوَيْ عبد الله: الأزْديِّ وابن جَوْبَر، وأبي العبّاس بن فَرْتُونَ وغيرِهم، سَمِع ¬

_ (¬1) بياض في النسختين. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1207).

1130 - محمد بن عامر بن أحمد بن زياد الرعيني

عليهم وأجازوا له؛ وكتَبَ إليه مُجِيزًا أبو الحَسَن الدَّبّاجُ وأبو عليّ ابنُ الشَّلَوْبِين وأبو عَمْرٍو نَصْرُ بن بَشِير، في آخَرِين. وكان شديدَ العناية بالقراءاتِ وإتقانِ التجويد، ذا مشارَكة في النَّحو، أقْرأَهما أحيانًا، وعُرِف بالعفافِ والصِّدق والانقباض عن الناس. توفِّي سنةَ ثِنْتينِ وستينَ وست مئة وقد قارَبَ خمسينَ سنةً أو نحوَها. 1130 - محمدُ بن عامرِ بن أحمد بن زيادٍ الرُّعَيْنيُّ. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 1131 - محمدُ (¬1) بن عامرِ بن فَرْقَدِ بن خَلَف بن محمد بن الحَبِيب بن عبد الله بن عَمْرِو بن فَرْقَدٍ القُرَشيُّ، إشبِيليٌّ مَوْرُوريُّ أصلِ السَّلَف، أبو القاسم، ابنُ فَرْقَد. رَوى عن أبوَيْ إسحاقَ: عمِّ أبيه وابن حِصْن، وآباءِ بكر: ابن الجَدِّ وابن صَافٍ وابن العَرَبيِّ الحاجِّ وابن يوسُفَ الشَّرِيشيِّ، وأبي جعفرٍ ابن عمِّ أبيه أبي إسحاقَ المذكور، وأبوَي الحَسَن: عبد الرّحمن بن أبي بكر بن مَسْلَمةَ وابن هِشام الشَّرِيشيِّ، وأبي الحُسَين عُبَيد الله بن قُزْمانَ، وأبي الحَكَم بن حَجّاج، وأبي حَفْص بن عُمرَ، وأبي عبد الله بن زَرْقونَ، وأبي العبّاس بن مِقْدام، وأبي عُمرَ بن عاتٍ، وأبي عِمرانَ بن عِمرانَ الزّاهدِ، وأبي كامل تَمّام بن الحُسَين، وأبوَي القاسم: ابن بَقِيّ وابن سَمَجُون، وآباءِ محمد: ابن عُبَيدِ الله وعبد الرّحمن الزُّهْريِّ وعبد المُنعم ابن الفَرَس، وأبي الوليد ابن رُشْد. وتجوَّلَ طالبًا العلمَ، فأخَذَ بسِجِلْماسَةَ عن سالم بن سَلامةَ السُّوسيِّ، وبقُسَنْطِينةَ عن قاضيها أبي الفَضْل قاسم بن عليّ بن عَبْدُون، وله شيوخٌ غيرُ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1655)، والرعيني في برنامجه (59)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 843.

هؤلاء من أهل العُدْوتَيْن؛ واستجازَ له صاحبُه أبو العبّاس النَّباتيُّ طائفةً كبيرةً من أهل المشرِق: فمن أهل بغدادَ: الأحامدُ: أبناء الأحمَدِيْنَ: البَنْدَنِيجيِّ (¬1) وابنِ الحَسَن ابن حَنْظلةَ والسِّمِّذيّ (¬2) وأبي الحُسَين ابن النَّرْسِيّ وابنِ عليّ الغَزْنَويّ، وبَنو المُحمَّدِين: ابنِ أحمدَ ابن صِرْمَا (¬3)، وابن إبراهيمَ السَّاوي (¬4) وابن محمد ابن المُهتَدي وابنِ محمودٍ الواسِطيّ وابن يحيى ابن السَّرّاج، وإبراهيمُ بن عبد الرّحمن القَطِيعيُّ الخَيّاط، وآرْسَلانُ السَّيِّديُّ (¬5)، وأسعد (¬6) بنُ بقاءٍ الأزجيّ، والإسماعيلونَ: ابن باركشَ (¬7) وابن سَعْدِ الله (¬8) ابن حَمْدي وابن عبد الخالق الغَضَائريُّ وابنُ المُظفَّر الدَّبّاس (¬9) وابنُ أبي الفُتُوح البَوّابُ، والأنجَبُ الدَّلّال، ¬

_ (¬1) تاريخ ابن الدبيثي 2/ 207، وتكملة المنذري 2/الترجمة 1622، وتاريخ الإسلام 13/ 429. (¬2) هو أحمد بن أحمد بن أبي غالب ابن السِّمِّذي، أبو القاسم الدقاق المتوفى سنة 629 هـ (تاريخ ابن الدبيثي 2/ 208، وتكملة المنذري 3/الترجمة 2369، وتاريخ الإسلام 13/ 875). (¬3) هكذا قال، وهو ملبس، فهو أحمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن صرما (تاريخ الإسلام 13/ 662). (¬4) في الأصل: "السلوي"، محرف، وهو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عقيل، أبو حامد الساوي الأصل الهمذاني المولد والدار، قدم بغداد وحدث بها، وهو مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 2/ 381، وتلخيص مجمع الآداب لإبن الفوطي 4/الترجمة 3004. (¬5) هو آرسلان بن عبد الله الرومي، أبو سعيد، والسَّيِّدي نسبة إلى ولاء السيّدة ابنة الخليفة العباسي المقتفي لأمر الله (تاريخ ابن الدبيثي 2/ 564). (¬6) في الأصل: "وآباء سعد" ولا معنى لها، والصواب ما أثبتنا، وهو أسعد بن بقاء بن عبد الأزجي النجار المتوفى سنة 623 هـ، ترجمه ابن الدبيثي في تاريخه 2/ 536، والمنذري في التكملة 3/الترجمة 2103، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 735. (¬7) قال بشار: لا أعرفه. (¬8) تاريخ ابن الدبيثي 2/ 491، وإكمال ابن نقطة 2/ 298، وتكملة المنذري 2/الترجمة 1541. (¬9) هو المعروف بابن الأقفاصي، توفي سنة 615 هـ (تاريخ ابن الدبيثي 2/ 511، وتكملة المنذري 2/الترجمة 1603، وتلخيص مجمع الآداب 5/الترجمة 1408، وتاريخ الإسلام 13/ 433).

وبُزْغُش (¬1) الرُّوميُّ، وتُرْكُ بن محمد، وثابتُ بن مُشرَّف، والحَسَنانِ: ابنُ إسحاقَ ابن الجَواليقيِّ وابن عُبَيد الله (¬2) ابن الخَلّال (¬3)، ورَسَن (¬4) بن يحيى النِّيليُّ، وريحانُ ابن تيكانَ، وزَيْد بن يحيى النَّخالة (¬5)، وسَعْدُ الدِّين بن طاهر، وسَعْدُ بن جعفرٍ السَّيِّديُّ، والسَّعِيدانِ: ابنا المُحمَّدَيْن: ابن الرَّزّاز وابن ياسين، وصَدَقةُ بن البَبْغ (¬6)، وعبدُ الله بن الحُسَين العُكْبَريُّ، وعُبَيدا الله (¬7): ابن عليّ ابن نَغُوبا ¬

_ (¬1) في الأصل: "برغش" بالراء، مصحف، وهو أبو منصور بُزْغُش بن عبد الله الرومي عتيق أبي جعفر أحمد بن محمد بن حمدي، توفي سنة 616 هـ وهو مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 3/ 25، وإكمال ابن نقطة 6/ 247، وتكملة المنذري 2/الترجمة 1652، وتاريخ الإسلام 13/ 466، وتوضيح ابن ناصر الدين 9/ 212 وغيرها. وإنما ذكرته لاشتباهه مع سميه: أبي منصور بزغش بن عبد الله الرومي مولى القاضي أبي سعد الهروي، ولكنه أقدم من مولى ابن حمدي فلم يدركه أبو العباس النباتي، وهو مترجم في معجم شيوخ الحافظ أبي القاسم ابن عساكر مؤرخ الشام، الورقة 34، وإكمال ابن نقطة 6/ 246، وتوضيح ابن ناصر الدين 9/ 212. (¬2) هكذا في النسختين، والمحفوظ أنه "عبد الله"، فهو الحسن بن عبد الله بن محمد بن أحمد أبو المعالي الأنباري المعروف بابن الخلال المتوفى سنة 630 هـ، ترجمه المنذري في التكملة 3/الترجمة 2488، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 917 وهو بخطه. (¬3) في النسختين: "الحلال" بالحاء المهملة، مصحف، وينظر الهامش السابق. (¬4) في النسختين: "رسى" وضبب عليها في ب، وهو تحريف كأن المؤلف لم يتمكن من قراءته، والصواب ما أثبتنا، وهو رسن بن يحيى بن رسن النيلي الكتاني المتوفى ببغداد في صفر سنة 625 هـ قيّده المنذري فقال: "بفتح الراء وفتح السين المهملتين وآخره نون" (التكملة 3/الترجمة 2185)، وهو منسوب إلى "النيل": بليدة قريبة من الحلة المزيدية، وترجمه ابن الفوطي في تلخيصه 4/الترجمة 689، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 797. (¬5) النخالة: لقب له، وقيّده ابن نقطة في إكمال الإكمال 1/ 235 وترجمه في التقييد (275)، وابن الدبيثي في تاريخه 3/ 291، والمنذري في التكملة 3/الترجمة 1996، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 1/ 347، وتوفي ببغداد سنة 621 هـ. (¬6) في النسخ: "البيع" مصحف، والصواب ما أثبتنا، وهو صدقة بن جروان بن علي المعروف بابن الببغ، وتقدم تصحيحه، وينظر تاريخ الإسلام 13/ 471 والتعليق عليه. (¬7) في النسخ: "وعبد الله" ولا يستقيم؛ لأنهما اثنان، وينظر عن الأول في تاريخ الإسلام 13/ 713 وعن عبيد الله ابن السيبي 13/ 579.

وابن المبارَك ابن السِّيبِيّ، وأعبُدُ الرّحمن: ابنُ إسحاقَ ابن الجَوَالِيقيّ وابن سَعْدِ الله الطاحُونيُّ (¬1) وابن عبد الغنيِّ ابن الغَسّال وابنُ عُمرَ ابن الغَزَال وابن محمدِ بن يَعِيش وابن المبارَك ابن المُشْتَري وابن أبي سَعْد بن تُمَيْرةَ (¬2)، وعبدُ الرّحيم بن نَصْرِ الله ابن القُبَّيْطيّ، وعبد الحقِّ بن الحَسَن ابن الدَّجَاجيّ، وأعبُدُ السّلام: ابنُ عبد الله الداهِريُّ وابن عبد الرّحمن بن سُكَيْنةَ وابن المبارَك البَرْدَغُوليّ، وعَبْدا العزيز: ابن أحمدَ الناقدُ وابن دُلَفَ الخازِنُ، وعبدُ العظيم بن عبد اللّطيف الشَّرابي (¬3)، وعبدا اللّطيف (¬4): ابن عبد الوهّاب الطَّبَريُّ وابن المُعمَّر، وعبدُ الوهّاب بن أبي المظفَّر الصَّفّارُ، والعَلِيُّونَ: ابنُ ثابتٍ الحَذّاءُ وابن عليّ المَوْصليُّ وابن عُمرَ الحماميُّ، والعُمَرُونَ: ابنُ الأعزِّ وابن أبي بكر بن جابِر وابن أبي السَّعادات بن صِرْما، وقُرَيْش بن سُبَيعْ، والمحمَّدونَ: ابنا الأحمدَيْنِ: ابنِ شافِع والقَطِيعيُّ، وابنُ إسحاقَ الصّابي وابنُ الأعزِّ الشَّهْرَزُوريُّ وابنُ أبي الحَسَن بن نَصْر وابن بِهرامَ الجُنْديُّ وابن تَميم البَنْدنَيجيُّ وابنُ رَيْحان عَتِيقُ شُهْدةَ، وابنا السَّعيدَيْنِ: ابن الرَّزّاز وابن الدُّبَيْثيِّ، وابنا عبدَي الله: البَنْدَنِيجيُّ والصُّوفيُّ وابن محمد بن أبي حَرْب النَّرْسِيُّ وابن نَفِيس بن البقاء والمُخْتَص (¬5) بن ¬

_ (¬1) يعني: الطحان، وهو واسطي الأصل بغدادي الدار (تاريخ الإسلام 13/ 438). (¬2) في النسخ: "نميرة" مصحف، وسبق تصحيحه، وتنظر تكملة المنذري 2/ الترجمة 1589. (¬3) في النسخ: "السلماني" ولا يصح البتة، فهذا لا يعرف في نسبه أو نسبته، والصواب ما أثبتنا إن شاء الله تعالى، وهو عميد الدين أبو المكارم عبد العظيم بن عبد اللطيف بن أبي نصر بن محمد بن سهل الشرابي القزاز، أصبهاني الأصل سكن وتوفي بها سنة 617 هـ ترجمه ابن الدبيثي في تاريخ 4/ 309، والمنذري في التكملة 3/الترجمة 1774، وابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب 4/الترجمة 1376، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 509. (¬4) في النسخ: "وعبد اللطيف" ولا يستقيم، فهما اثنان. (¬5) في النسخ: "المختصر"، محرف، وهو مختص بن عبد الله الحبشي الخادم، أبو العز المتوفى سنة 619 هـ، ترجمه ابن الدبيثي في تاريخه 5/ 70، والمنذري في التكملة 3/الترجمة 1913، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 586.

عبد الله، والمَسْعودانِ: ابنُ عبد الله المُسْتَنْجدي (¬1) وابن محمودٍ البيطارُ، ومُشرَّفُ بن علي الخالِصيُّ، والمُظفَّرُ بن عليٍّ ابن رئيس الرُّؤساء، ومعتوقُ بن عليّ، والمُهذَّبُ بنُ أبي الحَسَن بن قُنَيْدةَ، والنَّفِيسُ بن أبي البَرَكاتِ بن حُفْنَى (¬2)، ويحيى بنُ القاسم التَّكرِيتيُّ، ويُرْنُقش (¬3) بن عبد الله، واليوسُفانِ: ابنُ أحمدَ ابن المَكْشُوط وابنُ عِمرانَ ابن نِظام المُلْك، وأبو بكر بنُ أبي القاسم النَّجّادُ، وأبو جعفر بنُ أبي المعالي ابن الطَّوابِيقيّ، وأبو المَفاخِر بن أبي الفَضْل البَزّازُ، وجَوْهرةُ بنتُ عبد الوهّاب الطَّبَريِّ، وخديجةُ بنتُ أبي نَصْر ابن رئيس الرُّؤساء، وسَلْمى بنتُ الحَسَن السِّيبيِّ، والصَّفِيّتانِ: بنتُ أبي جعفرٍ عبد الله ابن المُهتَدي وبنتُ أبي طاهرٍ ابن البُنْدار، وعَزّةُ بنتُ مُشرَّف. وبتكريتَ: عُمرُ بن القاسم ويحيى بنُ سَعْدِ الله. وبالمَوْصِل: أحمدُ بنُ سلمانَ ابن الأصفَر، وإسماعيلُ بن إبراهيمَ الشَّهْرَسْتانيُّ والحَسَنُ بن عليّ بن عَمّار، والحُسَيْنانِ: ابنُ أبي صَالح بن فناخُسْرو وابنُ عُمرَ بن باز، وخَلَفُ بن محمدٍ الكِنَّريُّ (¬4)، وشِهابُ بن مودود بن بارجي، وعبدُ الله بن حَسَن ابن المحروس، وعبدُ المُحسِن بن أبي الفَضل الطُّوسيُّ، وعَدِيُّ بن حَجّاج بن بُرهانٍ، وعليُّ بن محمد بن عبد الكريم، والمُحمَّدانِ: ¬

_ (¬1) في النسخ: "المنتجدي"، محرف، وهو مولى الإمام المستنجد بالله أبي المظفر يوسف الخليفة العباسي ابن المقتفي لأمر الله، وتوفي مسعود هذا سنة 615 هـ، وترجمه المنذري في التكملة 2/الترجمة 1585، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 452. (¬2) في النسخ: "حفتي" مصحف، وقيده المنذري في التكملة فقال: "بضم الحاء المهملة وسكون الفاء وفتح النون" (التكملة 3/الترجمة 1788)، وعنه الذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 565، وتوفى سنة 615 هـ أيضًا. (¬3) في الطبعة السابقة: "برنغش" بالباء الموحدة في أوله والغين المعجمة، وهو تحريف ظاهر، وهو مترجم في تكملة المنذري 3/الترجمة 2110، وتاريخ الإسلام للذهبي 13/ 756. (¬4) في النسخ: "الكنزي"، مصحف، وسبق أن أصلحناه فيما تقدم، وبينّا أن الصواب فيه ما أثبتنا.

ابنُ أبي منصُور الخَيّاطُ وابن عبد الرّحمن بن أبي العِزِّ، ومِسْمارُ بن عُمرَ بن العُوَيْس، والمُعافَى بن إسماعيلَ بن الحُسَين، ويوسُفُ بن عليّ بن شريف. وبدُنَيْصَر: عبدُ الخالق بن الأنجَب التُّسْتَريُّ. وبحَلَبَ: عبدُ المطَّلب بن الفَضْل الهاشِميّ. وبدمشقَ: أحمدُ بن عبد الله السُّلَميُّ، والحَسَن بن محمدِ بن عساكرَ، وإبراهيمُ بن عبد الواحِد بن سُرور، وداودُ بن مُلاعِب، ومحمدُ بن أبي سَعْدٍ البَكْريُّ. وبمِصرَ: عبدُ العزيز بن سَحْنون الغُمَاريُّ، وعبدُ الوهّاب بن عيسى بن وَرْدانَ. وبالإسكندَرّية: جعفرُ بن أبي الحَسَن الهَمْدانيُّ، وعبدُ الله بن عبد الجَبّار العُثمانيُّ، وعبدُ الكريم بن عَتِيق الرَّبَعيُّ، وعيسى بن عبد العزيز، ومحمدُ بن أحمدَ بن جُبَيْر. ومن أهل نَيْسابُورَ: عبدُ الرزّاق ومحمدٌ ابنا طاهِر الشَّحّاميِّ، في آخَرِينَ ذُكِرَ أكثرُهم في رَسْم أبي العبّاس النَّباتيِّ بأتمَّ من هذا الذِّكر. وحدَّث بالإجازة العامّة عن أبي مَرْوانَ بن قُزْمان. وقد ضمَّن أبو القاسم هذا ذكْرَ مشيَختِه في برنامَج احتَفلَ فيه وأفادَ به، وقَفْتُ عليه في خطِّه قديمًا، ولم يَتأتَّ ليَ الانتفاعُ به؛ لذهابه بإضاعةِ مَن لا يُقدِّرُ قَدْرَه إياه، وإنّا لله وإنّا إليه راجِعون، وإن كان لم يُعْنَ بالرِّواية ولقاءِ الشيوخ إلا بأخَرةٍ، فأخَذ عمّن أدرَكَ من بقايا الشّيوخ حين تنبَّهَ لذلك، ورَغِبَ فيه فأكثَرَ واستَبْحَر. رَوى عنه ابناهُ: أبو طلحةَ أحمدُ وأبو عُبَيدةَ محمدٌ، وأبو بَكْر بنُ أحمدَ بن سيِّد الناس، وأبو محمدٍ طلحةُ، وحدَّثنا عنه من شيوخِنا: أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ وأبو عليٍّ ابنُ الناظِر.

وكان فقيهًا مُفْتِيًا عاقدًا للشّروطِ بصيرًا بعِلَلِها، عَدْلًا مُبرِّزًا في العدالةِ في الشّهادة، راوِيةً ثقةً مُكثِرًا، شديدَ العناية بالعِلم على الإطلاق، كان يَهِمُ أحيانًا في الأسانيد، بَرًّا بالناس متواضِعًا، مُكرِمًا كلَّ مَن تعرَّضَ لهُ، راجحَ العقل حسَنَ اللِّقاء طَلْقَ الوَجْه جميلَ السِّيرة دائمَ البِشْر، فاضلًا ديِّنًا، وافرَ الحَظّ من الأدب، يَقرضُ مقطَّعاتِ الشِّعر ويُجيدُ فيها، رائقَ الوِراقة كثيرَ الدُّؤوبِ على النَّسْخ ليلًا ونهارًا، حتّى إنه كان متى دُعِيَ إلى موضِع لعَقْدِ وثيقةٍ أو شَهادة فيها استَصْحَبَ ما يَنْسَخُ، فإنْ أمكَنَتْ مُهلةٌ رَيْثَما يتِمُّ أمرُ ما توَجَّه إليه شَرَعَ في نَسْخِه؛ فلذلك خَلّف بخطِّه مِن دواوينِ العلم كِبارًا وصِغارًا ما لا يُحصَى، وقد وقَفْتُ على كثيرٍ منها. أنشَدتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ رحمَه اللهُ عن أبي القاسم بن فَرْقَد إجازةً، إن لم يكنْ سَماعًا لنفسِه، ونقَلتُه من خطِّ أبي القاسم [الطويل]: أرى زمنًا فيه المنافقُ نافقُ ... وذو الدِّين فيه أعوَزَتْهُ المَرافقُ وما المرءُ إلّا العقلُ والدِّينُ والتُّقَى ... وليس سواءً أحْوذيٌّ ومائقُ وقد قَسَم اللهُ المَعايشَ في الوَرى ... فلا العلمُ يُعطيها ولا الجهلُ عائقُ فكنْ رجلًا يَرضَى الحقائقَ شيمةً ... ولا تَكُ سِرًّا تَستهلْكَ المَخارقُ وثِقْ بالذي لايكشِفُ الضُّرَّ غيرُهُ ... فما خابَ عبدٌ في المَهمّاتِ واثقُ وقال: رأيتُ سحَرَ ليلةِ مِنًى من عام أربعةٍ وعشرينَ وست مئة كأنّ مُنشِدًا يُنشِد [البسيط]: اليومَ يومُ مِنًى والدارُ جامعةٌ ... والنَّفْسُ في جَزَع من صاحبِ الدارِ يا ربِّ فاغفِرْ ذنوبي إنّها عَظُمتْ ... وعافِني من عذابِ القبرِ والنارِ

1132 - محمد بن عامر بن فندلة، أبو بكر

ثم قال [....] (¬1) ويا ابنَ الستّينَ بلَغْتَ المُعترَك. مَوْلدُه في ذي الحِجة سنةَ ثلاثٍ أو أربع وستينَ وخمسِ مئة، وتوفِّي بإشبيلِيَةَ يومَ الجُمُعة لخمس بقِينَ من شوّالِ سبع وعشرينَ وست مئة، ودُفن ضُحى يوم السّبت تاليهِ بكُدْيةِ الخَيْل خارجَ إشبيلِيَةَ، وقال ابنُ الزُّبَير: إنه توفِّي في عَشْر الأربعينَ، قولَ من لم يضبِطْه. 1132 - محمدُ بن عامرِ بن فَنْدِلةَ، أبو بكر. رَوى عن شُرَيْح. 1133 - محمدُ (¬2) بن عامرِ بن محمد بن محمد بن خَلَف بن سُليمانَ بن شاهِد ابن الحَسَن بن يحيى بن قَيْس بن سَعْدِ بن عُبَادةَ الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ. كذا نقَلْتُ نَسَبَه من خطِّ التاريخيِّ المُقيِّدِ الثِّقةِ أبي الحَسَن الشارِّيِّ رحمه اللهُ، وذَكَرَ أنه نقَلَه من خطِّه، ووَقَع "خَلَفٌ" مقدَّمًا على "أحمدَ" في نَسَب سُليمانَ، وأُراهُ عمَّ محمدٍ هذا، بخطِّه، واللهُ أعلم، سَرَقُسْطيٌّ، أبو القاسم، وقال ابنُ الأبّار: إنه إشبِيليٌّ، أبو عبد الله. رَوى بالأندَلُس عن بعضِ مشيَختِها، ورَحَلَ إلى المشرِق صُحبةَ المجوِّد تاجِ القُرّاء أبي الأصبَغ الطّحّان، وجاوَرَ بالحَرَم الشَّريفِ كَرَّمَه اللهُ، ولقِيَ أعلامًا، منهم: الإمامُ سِرَاجُ الدِّين أبو بكرٍ محمدُ بن ياسِر الجَيّانيُّ بحَلَبَ سنةَ إحدى وستينَ وخمسِ مئة، وتجوَّل بالبلاد المَشْرِقيّة نحوَ عشرينَ سنةً متحرِّفًا بتجارة يُديرُها، وكان أكثرُ سُكناهُ تلك المُدَةَ بحَلَب. حدَّث عنه بالإسكندَريّة: أبو عبد الله محمدُ بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن حَسّانَ القَيْسيُّ التّبسيُّ، وبالقَرافة: أبو جعفر بنُ عَمِيرةَ الشَّهيد، وصَحِبَه على ظهرِ البحر، وأقاما بسِرْدانِيَةَ أزَيدَ من شهر، وأرى ذلك في مَقْفَلِهما إلى ¬

_ (¬1) بياض في النسختين. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1474).

1134 - محمد بن عامر بن هشام بن جودي السعدي، غرناطي، أبو يربوع

المغرِب، واللهُ أعلم، وقَفَلَ إلى الأندَلُس واجتازَ بسَبْتة، فرَوى بها عنه أبو إسحاقَ ابنُ الحَدّاد القَصْريُّ وأبو العبّاس العَزَفيُّ، ورُوِيَ عنه بالأندَلُس. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا تصَدَّرَ للإقراءِ بغير موضِع، ثم تحوَّل إلى فاسَ فاستَوْطنَها إلى أن توفِّي بها بعدَ الثمانينَ وخمسِ مئة. 1134 - محمدُ بن عامرِ بن هِشام بن جُوديّ السَّعْديُّ، غَرْناطيٌّ، أبو يَربُوع. رَوى عن أبي الحَسَن ابن الباذِش، وكان من بيتِ حسَبٍ وتعيُّن، ذا معرفةٍ كاملة بالفقه ومشارَكةٍ في الأدب. توفِّي في حدودِ الثمانينَ وخمسِ مئةٍ عن سِنٍّ عالية. 1135 - محمدُ بن عامرِ بن هِشام بن عبد الله بن هِشام الأزْديُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عَمْرو. وقد تقَدَّم رفْعُ نَسَبِه وذكْرُ أوّليّتِهم في رَسْم عمِّه أبي بكر بن هِشام. رَوى عن أبيه وعمِّه المذكور، وأبي البَرَكات عبد الرّحمن الزّيزاريِّ، وأبي جعفر بن يحيى الخَطيب، وأبي محمد بن حَوْطِ الله، وأجاز له أبو عُمرَ بنُ عاتٍ. رَوى عنه ابنُه أبو الوليد. وكان محدِّثًا نبيلًا، مقيِّدًا ضابِطًا حَسَنَ الخَطّ، أديبًا فقيهًا، حَسَنَ المُشاركة في فنونٍ من العلم، من بيتِ عِلم وجلالة، واستُقضيَ. وتوفِّي بسَبْتَةَ في النِّصف الأوّل من ليلةِ السّبت الثامنةِ والعشرينَ من شوّالِ ستٍّ وأربعينَ وست مئة، ودُفنَ عَصْرَ يوم السّبتِ المذكور بالمَنارةِ بمقبُرةِ رابطةِ أبي الخليل داخلَ سَبْتَةَ. 1136 - محمدُ بن عامرِ بن يحيى بن وُهَيْب، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بحرٍ سُفيانَ بن العاص. 1137 - محمدُ بن عَبّاد -بواحدةٍ مسفولة- ابن خَلَف بن محمد بن شُعَيْب الرُّعَيْنيُّ، مالَقيٌّ. كان فقيهًا عاقِدًا للشّروط.

1138 - محمد بن عبدون بن هشام الحجري، إشبيلي، أبو عبد الله

1138 - محمدُ (¬1) بن عَبْدُون بن هشام الحَجْريُّ، إشبيليٌّ، أبو عبد الله. له رحلةٌ إلى المشرِق، أخَذَ فيها بمكّةَ، شرَّفَها اللهُ، عن أبي الحَسَن رَزِين بن مُعاوية، وبالإسكندَريّة عن أبي الطاهرِ السِّلفيِّ، وعاد إلى الأندَلُس، وحدَّث وأسمَعَ، وكان عَدْلًا فيما يحدِّثُ به. 1139 - محمدُ (¬2) بن عَبْدون، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله الجَبَليُّ. تأدَّب بقُرطُبةَ ومَهَرَ في علمَي الحِساب والمِساحة، وعلَّمَهما زمانًا بقُرطُبة، ثم رَحَلَ إلى المشرِق سنةَ سبع وأربعينَ وثلاث مئة. وحَجَّ، ودخَلَ البصرةَ والكُوفة، ونَظَرَ في الطبِّ فبَرَعَ فيه، وقَدِمَ مِصرَ، فضُمَّ إلى تدبيرِ البِيمارِسْتانِ هنالك بعناية محمدٍ الخازن، وأُجريَ له خمسةُ دنانيرَ ذهبًا في الشّهر، وصار لهُ بها جاهٌ وذِكْر، وعاد إلى الأندَلُس سنةَ ستّينَ وثلاث مئة في أيام الحَكَم المُستنصر فألحَقَه في الخِدمة بالطِّبِّ بعدَ زمان، فخَدَمَه به في جُملةِ أصحابِه، ولم يختصَّ به اختصاصَهم به، فلمّا توفِّي الحَكَمُ بقِيَ على رَسْمِه، وعُنيَ به المنصورُ بن أبي عامرٍ لأذِمّةٍ كان يرعاها له، وكان قد أدَّبه بالحساب، وكان يُجزِلُ صِلاتِه وُيواليها وَيصحَبُه في غَزَواتِه، ثم استَثْقَلَه بعدَ ثلاثِ غَزَوات فلم يَغْزُ معَه بعدَها، وكان سببَ استثقالِه إيّاه إلحاحُهُ على المنصور في استنجازِ صِلةٍ كان المنصُورُ قد عوَّدَها أطبّاءَه عندَ انصرافِ منِ انصَرفَ منهم معَه من غَزَواتِه، فلمّا كان في غَزاتِه الثالثة معَهُ مَنَعَه مِن تلك الصِّلةِ التي كان يترقَّبُها ويتطلَّعُ إليها، فرَفَعَ إليه فيها فلم يُعطِه إيّاها، حتّى واجهَه فيها وشافَهَه فأعطاه إيّاها، واستَثْقَلَه فلم يَغْزُ بعدُ معَه، ثم استَعمَلَه بعدُ في علاجِه من عِلّة النِّقْرِس التي كانت قد لِزمَتْه، وله في التكسيرِ تأليفٌ حَسَن [....] (¬3). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1285). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1018)، والذهبي في تاريخ الإسلام 8/ 497، ووقع فيه: "الجيلي العدوي" من غلط الطبع، فيصحح؛ والصفدي في الوافي 3/ 307، والمقري في نفح الطيب 2/ 151. وذكره ابن جلجل في إخبار العلماء (115)، وصاعد في طبقات الأمم (91). (¬3) بياض في النسختين.

1140 - محمد بن عبود بن محمد بن أبي بكر الكناني، أندلسي، أبو عبد الله

1140 - محمدُ (¬1) بن عَبُّود بن محمد بن أبي بكرٍ الكِنانيُّ، أندَلُسيٌّ، أبو عبد الله. له رحلةٌ حدَّث فيها بدِمشقَ عن أبي تَمّام غالبِ بن عيسى الأنصاريِّ الأندَلُسيّ. 1141 - محمدُ بن أبي مَرْوانَ عُبَيد بن إدريسَ بن محمد، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكر بن أبي زَمَنِين، وأبي محمدٍ عبد الحقّ بن بُونُه. 1142 - محمدُ (¬2) بن عُبَيد بن مَلَطُون -بالطاءِ المهمَلة- الأموَيُّ، شَنْتَرِينيُّ الأصل سَكَنَ إشبيلِيَةَ، أبو بكر. رَوى عن أبي بكر بن صَافٍ، وكان مقرئًا متصدِّرًا، تجوَّل بنواحي إشبيلِيَةَ، أقْرَأَ بالمُنَسْتِيرِ وغيرِه من حصُونِها، وخَطَبَ ببعضِها وعلَّمَ القرآنَ. وتوفِّي في حدودِ ست مئة. 1143 - محمدُ بن عَتِيق بن أحمدَ بن عبد الرّحمن الأزْديُّ، أُورِيُوليٌّ. له إجازةٌ من الحَسَن بن عبد الله بن عُمرَ المُقرئ، وأبي الحَسَن رَزِين. 1144 - محمدُ (¬3) بن عَتِيق بن عبد الله بن بَسِيل، مَرَويٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ، وأبي الحَسَن يونُس بن مُغيث، وأبي عبد الله ابن الحاجِّ، وأبي محمد بن عَتّاب، وأبي الوليد ابن رُشْد. وكان محدِّثًا ضابطًا جيِّدَ الخَطِّ والتقييدِ فقيهًا حافظًا مُشاوَرًا. 1145 - محمدُ (¬4) بن عَتِيق بن عَطّافِ الأنصاريُّ، لارِديٌّ سَكَنَ بَلَنْسِيَةَ، أبو عبد الله، ابنُ المُؤذِّن. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن عساكر في تاريخ دمشق 54/ 167، وابن الأبار في التكملة (1236). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1547). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1311). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1459)، والذهبي في المستملح (160) وتاريخ الإسلام 12/ 618.

1146 - محمد بن عتيق بن على بن سعيد بن عبد الملك بن موسى بن عبد الله العبدري، بلنسي، أبو الحسن

تفَقَّه في بَلَنْسِيَةَ بأبي محمدٍ القَلَنِّي، ورَحَلَ إلى قُرطُبةَ فدَرَس بها الفقهَ عندَ أبي عبد الله ابن الحاجّ. رَوى عنه أبو عُمرَ بن عَيّاد؛ وكان فقيهًا حافظًا للمسائل، بصيرًا بالنّوازل، شُووِرَ وأفتَى ببَلَنْسِيَةَ. مَوْلدُه حولَ التسعينَ وأربع مئة، وتوفِّي في شعبانِ ثمانٍ وأربعينَ وخمسِ مئة. 1146 - محمدُ بن عَتِيق بن علىّ بن سَعِيد بن عبد الملِك بن موسى بن عبد الله العَبْدَريُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو الحَسَن. وقد تقدَّم رفْعُ نَسَبِه بأتمَّ من هذا في رَسْم أبيه. رَوى عن أبيه، وأبي عبد الله ابن المَوَّاق، وكان فقيهًا جَليلَ القَدْر، مُشاركًا في أُصولِ الفقه والطّبِّ ونحوِ ذلك، درَّس الفقهَ وأصولَه ببلدِه مُدّةً، واستُقضيَ. وتوفِّي بشاطِبةَ بعدَ الطارئ على بَلَنْسِيَة سنةَ ستٍّ وثلاثينَ وست مئة. 1147 - محمدُ (¬1) بن عَتِيق بن عليّ بن عبد الله بن محمدٍ التُّجِيبيُّ، شَقُوريٌّ لارِديُّ الأصل سَكَنَ غَرْناطةَ، أبو بكرٍ وأبو عبد الله اللارِديُّ. رَوى عن أبي بكر أبيه، وابن أبي زَمَنِين، ويحيى بن عبد الجَبّار ابن الأبّار، وأبوَيْ جعفر: ابن حَكَم ويحيى السُّلَميّ، وأبي الحَسَن بن كَوْثَر، وأبوَيْ عبد الله: ابن حَمِيد وابن عَرُوس، وابن الفَخّار، وأبي عليٍّ الحَسَن بن عبد الله السَّعْديّ، وأبوَيْ محمد: ابن عليّ المركطليّ وابن عُبَيد الله، وابن محمد الأسَديّ وعبد المُنعم ابن الفَرَس وابن لُبّ، وليس (¬2) ابنَ نَذِير، لقِيَهم بغَرْناطةَ وغيرِها من بلاد الأندَلُس والعُدْوة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1704)، والرعيني في برنامجه (74)، والذهبي في المستملح (322) وتاريخ الإسلام 14/ 556 وسير أعلام النبلاء 23/ 257، والصفدي في الوافي 4/ 80. (¬2) ضبب عليها في ب.

1148 - محمد بن عثمان بن حسين البكري، حجاري، أبو عبد الله

رَوى عنه أبو الحَسَن بنُ أبي عبد الله ابن نَجْدةَ، وأبَوا محمد: طلحةُ والحَرّارُ، وحدَّث عنهُ من شيوخِنا: أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ وأبو عليّ ابنُ الناظِر. وكان فقيهًا حافظًا مبرِّزًا في عَقْد الشُّروط، أديبًا، ذا عنايةٍ تامّة بالحديث وروايتِه، سُنِّيًا مجُانِبًا لأهل البِدَع فاضلًا، واستُقضيَ بغيرِ موضِع، وعُرف بالزّكاءِ والعدالة، واستَعْفَى بأخَرةٍ ولَزِمَ الإمامةَ بجامع المُرابِطينَ من قصَبةِ غَرْناطة. وله مصنَّفاتٌ، منها: "أنوارُ الصَّباح في الجَمْع بين السِّتةِ الصِّحاح" و"مَطالعُ الأنوار ونَفَحاتُ الأزهار في شمائلِ النبيِّ المختار"، و "صَوْبُ الغَمام ونَفَحاتُ الكُمَام في شمائلِ النبيِّ المختارِ عليه السّلام"، و "المسائلُ النُّوريّة إلى المقاماتِ الصُّوفيّة"، و "النُّكَتُ الكافية والنِّعمةُ الشافيّة في الاستدلال على مسائلِ الخلاف بالحديث"، و "الاعتماد في شرْح خُطبةِ الإرشاد" و "مِنهاجُ العمل في صناعةِ الجَدَل"، وأرجُوزةٌ حسَنةٌ في الفَرْق بين الأحرُف السِّتةِ سمّاها "الدُّرَرَ المُكلَّلة في الفَرْق بينَ الحروفِ المُشكِلة" وشرَحَها؛ وقد مَرَّ له ذكْرٌ في رَسْم أبي الحَسَن سَهْل بن مالك. وُلد في وَسَطِ صَفَرِ ثلاثٍ وستّينَ وخمس مئة، وتوفِّي بغَرناطةَ لثلاثَ عشْرةَ ليلةً بقِيتْ من رجِبِ سبع وثلاثينَ وست مئة؛ وقال أبو علي ابنُ الناظِر (¬1): توفِّي سنةَ ثمانٍ وثلاثينَ وست مئة. 1148 - محمدُ (¬2) بن عُثمانَ بن حُسَين البَكْريُّ، حِجَاريٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكرٍ عبد الباقي بن بُرّال، وأبي الرّبيع بن خَلَف الطّحّان، وأجاز له أبو عبد الله بنُ أحمد بن المَوْرُه، وأبو الوليد الوَقَّشِيُّ. وكان محدِّثًا راوِيةً جليلًا، حيًّا سنةَ تسعَ عشْرةَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) في هامش ب: "ومثل ابن الناظر قال ابن مسدي، وقد أخذ عنه، وكذلك أبو إسحاق البلفيقي وهو أيضًا ممن أخذ عنه". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1217)، والذهبي في المستملح (50).

1149 - محمد بن عثمان بن سعدون المرادي، أبو عبد الله

1149 - محمدُ (¬1) بن عُثمانَ بن سَعْدون المُراديُّ، أبو عبد الله. رَوى عنه أبو عبد الله بن عبد السّلام، وكان شيخًا صالحًا. 1150 - محمدُ بن عُثمانَ بن محمد بن عُثمانَ الأنصاريُّ، إشبِيليٌّ، ابنُ أعجبه. رَوى عن أبي عبد الله بن [....] (¬2) بن قَسُّوم سنةَ ستٍّ وثمانينَ وخمس مئة، وله إجازةٌ من أبي القاسم ابن بَشْكُوال، ولقِيَه بإشبيلِيَةَ. 1151 - محمدُ بن عُثمانَ بن عبد العزيز المُرِّيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي القاسم المَلّاحي. 1152 - محمدُ بن عُثمان. رَوى عن أبي عبد الله بن [....] حياتِه. 1153 - محمدُ (¬3) بن عَدْل الفَهْميُّ، أبو عبد الله. حدَّث عنه زكريّا بنُ غالبٍ قاضي تملاكَ من الثَّغر. 1154 - محمدُ (¬4) بن عَرِيب بن عبد الرّحمن بن عَرِيب العَبْسيُّ، سَرَقُسْطيٌّ سَكَنَ شاطِبة، أبو عبد الله، وأبو الوليد، وهي المعروفةُ. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ، وأبي علي الصَّدَفيِّ، وأبي القاسم بن وَرْد، وأبي محمد بن عَتّاب. وأجاز له الرئيسُ أبو عبد الرّحمن محمدُ بن أحمدَ بن طاهر، وأبو بكرٍ غالبُ بن عَطِيّة، وأبو الحَسَن ابنُ الباذِش وغيرُهم. رَوى عنه أبو عبد الله بن عبد العزيز بن سَعادةَ، وكان مُقرئًا مجوِّدًا، تصَدَّر للإقراءِ بشاطِبةَ وأَمَّ في الفريضة بجامعِها وخَطَبَ به. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1088). (¬2) بياض في النسختين. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1069). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1427) وفي معجم أصحاب الصدفي (165)، والذهبي في المستملح (140) وتاريخ الإسلام 12/ 454.

1155 - محمد بن أبي هريرة عزيز -مصغرا- ابن محمد بن عبد الرحمن بن عيسى بن عبد الواحد بن صبيح اللخمي

1155 - محمدُ بن أبي هريرةَ عُزَيْز -مصَغَّرًا- ابنِ محمد بن عبد الرّحمن بن عيسى بن عبد الواحِد بن صَبِيح اللَّخْميُّ. وصَبِيحٌ هو الداخلُ إلى الأندَلُس مع موسى بن نُصَيْر. مالَقيٌّ سَمِعَ من قاسم بن أصبَغَ. 1156 - محمدُ بن عَزِيز، أبو عبد الله. رَوى عن أبي محمد بن محمد بن أبي جعفر. 1157 - محمدُ بن عَطِيّةَ الأنصاريُّ، سَكَن المَرِيّةَ، أبو عبد الله. ذكَرَهُ أبو العبّاس النَّباتيُّ في شيوخِه وقال: إنه لقِيَ ببغدادَ: أبا الطاهر بنَ أبي المعالي ابن المَعْطُوش، وأبا عليّ بن أبي القاسم بن عليّ بن الخُرَيْف، وأبا الفَرَج عبدَ المُنعم بن كُلَيْب الحَرّانيَّ، ومحمودَ بن محمد بن الحَسَن، وبحرَّانَ: حَمّادَ بن هِبة الله بن حَمّاد الحَرّاني، وبدِمشقَ: أبا الطاهر بَرَكاتِ بنَ إبراهيم الخُشُوعيَّ، وأبا محمدٍ القاسمَ بن عليّ بن عَساكر، وأجازوا له، ولقِيَ بالإسكندَريّة: أبوَيْ عبد الله: الحَضْرَميَّ والكِرْكِنْتيَّ، وأبا القاسم ابنَ الخطيب، وقَرأَ على أكثرِهم. رَوى عنه أبو العبّاس النَّبَاتيُّ، وقال فيه: نَزيلُ المَرِيّة، فيُبحَثُ عنهُ: هل هو أندَلُسيٌّ أو طارئٌ عليها. وكان محدِّثًا فاضلًا، ويقال: إنه اختلطَ بأخَرةٍ. 1158 - محمدُ بن عِقَال الأَسَديُّ، قُرطُبيٌّ. رَوى عن شُرَيْح. 1159 - محمدُ (¬1) بن عِقال، سَرَقُسْطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي العبّاس العُذْريِّ، وأبي الوليد الباجِيّ. وحَجَّ سنةَ ثمانينَ وأربع مئة، ولقِيَ جماعةً، منهم: أبو داودَ بنُ إسماعيلَ الحنَفيُّ، وعاد إلى الأندَلُس؛ رَوى عنه أبو الفَضْلَ عِيَاض. ¬

_ (¬1) ترجمه القاضي عياض في الغنية (26)، وابن الأبار في التكملة (1221).

1160 - محمد بن عقيل، إستجي سكن قرطبة

1160 - محمدُ (¬1) بن عَقِيل، إسْتِجيٌّ سَكَنَ قُرطُبةَ. اختَلفَ إلى الفُقهاءِ وأخَذَ عنهم، وكان بصيرًا بالعربيّة راويةً للأشعار متصرِّفًا، أدَّب عندَ القاضي محمدِ بن عبد الله بن أبي عيسى ثم عند الزّجّاليين. 1161 - محمدُ (¬2) بن عِلاقةَ، ويقال: ابنُ أبي عِلاقة، قُرطُبيٌّ، البَوّابُ. رَحَلَ إلى المشرِقِ وأخَذَ عن أبي إسحاقَ الزَّجّاج، وأبي بكرٍ ابن الأنْباريِّ، وأبي الحَسَن بن سُليمانَ الأخفَش، وأبي عبد الله نِفْطَوَيْه، وممّا سَمِع على الأخفش: "كامل" المُبرِّد، وصار أصلُه منه إلى الحَكَم المستنصر بالله، قال الحَكَم: ولم يصحَّ كتابُ "الكامل" عندَنا بروايةٍ إلّا من قِبَلِ ابنِ عِلاقة. وتوفِّي يومَ الثلاثاءِ مستَهلَّ جُمادى الأولى سنةَ خمسٍ وعشرينَ وثلاث مئة. 1162 - محمدُ (¬3) بن عليّ بن أحمدَ بن جَعْفر، مُرْسِيٌّ، أبو يحيى. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفيِّ ولازَمَه وأكثَرَ عنهُ، وكان ذا عنايةٍ بالرِّوايةِ والتقييد، معَ حُسنِ الخَطّ ونَباهةِ البَيْت وشَرَف الأصالة. 1163 - محمدُ بن عليِّ بن أحمدَ بن فَيْدٍ الكَلَاعيُّ، أظُنُّه بَلَنْسِيًّا. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ ثمانينَ وخمس مئة. 1164 - محمدُ بن علي بن أحمدَ بن سَلمونَ، بَلَنْسِيّ. كان حيًّا سنةَ سبع وتسعينَ وخمس مئة. 1165 - محمدُ (¬4) بن علي بن أحمدَ بن عبد الرّحمن الزُّهْريُّ، إشبِيليٌّ، أبو بكر. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1006). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (997)، والمقري في نفح الطيب 2/ 150. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1248) وفي معجم أصحاب الصدفي (108). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1642).

1166 - محمد بن علي بن أحمد بن محمد الأنصاري، شاطبي استوطن مدينة فاس، أبو عبد الله، ابن الصيقل

وقد تقَدَّم رفْعُ نَسَبِه في رَسْم أبيه. رَوى عن أبيه، ورأى أبا بكرٍ ابنَ العَرَبي وكالَمَه وهُو صغيرُ السِّنّ. رَوى عنه أبو محمدٍ طلحةُ، وسَمِع أبو عبد الله ابنُ الأبار مُناظَرتَه في الطّبّ (¬1)؛ وكان حَسَنَ اللّقاءِ بَرًّا متواضِعًا نزيهَ النَّفْس كريمَ الطِّباع جَوادًا جميلَ العِشرة، عُنيَ بالحديثِ كثيرًا، وتقَدَّم في عِلم الطِّبّ. وُلدَ سنةَ خمسٍ أو ستٍّ وثلاثينَ وخمس مئة، وتوفِّي بإشبيلِيَةَ ليلةَ الأحد السابعةَ من ذي قَعْدةِ سنة ثلاثٍ وعشرينَ وست مئةٍ وقد زاحَمَ التسعينَ، ودُفن عصرَ يوم الاثنينِ، التالي ليلةَ وفاتِه، برَوْضةِ سَلَفِه بسُوق البَقَر خارجَ بابِ قَرَمُونةَ، أحدِ أبواب إشبيلِيَةَ، رجَعَها الله. 1166 - محمدُ (¬2) بن علي بن أحمدَ بن محمدٍ الأنصاريُّ، شاطِبيٌّ استَوْطَن مدينةَ فاس، أبو عبد الله، ابنُ الصَّيْقَل. رَوى عن أبي الحَسَن طاهرِ بن مُفوَّز وبه انتَفَعَ، وأبي شاكرٍ عبد الواحِد، وأبي عبد الله بن سَعْدون، وأبي عليّ الغَسّاني، وأبي القاسم خَلَف بن عُمرَ الباجِيِّ، لقِيَه بأغْماتِ وريكة، وأبوَيْ محمد: بَكّار بن الغَرْديس ولقِيَه بسِجِلْماسَةَ، وابن محمد بن عبد الصّمد الخُزَاعيِّ. رَوى عنه ابنُ أخيه ابن مُجبر، وإبراهيمُ بن أحمدَ بن فَرْتُون، وأبو الحَسَن عليُّ بن محمد الشاطِبيُّ ابن الطّشْتَلَيْر، وأبو الفَضْل عِيَاض. وكان راويةً للحديث منسُوبًا إلى التقَدُّم في معرفتِه وفَهْم صناعتِه. توفِّي بفاسَ بعدَ خمس مئةٍ بيسير. ¬

_ (¬1) يقول ابن الأبار: "لقيته بقصر الإمارة في إشبيلية وقد حضر مع الأطباء لمعالجة واليها حينئذ وسمعت مناظراته في ذلك". (¬2) ترجمه القاضي عياض في الغنية (29)، وابن الأبار في التكملة (1172)، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (251)، والمراكشي في الإعلام 4/ 28.

1167 - محمد بن علي بن أحمد بن يوسف بن إسماعيل بن خلف التجيبي، ابن حيني

1167 - محمدُ بن عليّ بن أحمدَ بن يوسُفَ بن إسماعيلَ بن خَلَف التُّجِيبيُّ، ابنُ حيني (¬1). رَوى عن أبي الوليد إسماعيلَ بن يحيى العَطّار؛ وكان مُقيِّدًا شديدَ العنايةِ بالعلم والرِّحلة في طلَبِه ولقاءِ حَمَلتهِ، وكتَبَ بخطِّه الكثيرَ، وكان مشهورًا بسرعةِ القلم. 1168 - محمدُ (¬2) بن عليّ بن أحمدَ التُّجِيبيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله النَّوَالِشيُّ. تَلا بالسَّبع على أبي داودَ الهِشاميِّ بدانِيَةَ، وأبي الحَسَن ابن الدُّوْش بشاطِبة، وأبي الحُسَين ابن النَّيّار بمُرْسِيَةَ، وأبي بكر بن خازِم، وأبي الحَسَن العَبْسيِّ بقُرطُبةَ، وله روايةٌ عن أبي الأصبَغ بن سَهْل. رَوى عنه أبو الطيِّب عبدُ المُنعِم بن الخَلُوف، وأبو عبد الله بنُ عَرُوس، وأبو محمد عبدُ الوهّاب بن غِيَاث؛ وكان مُقرئًا مجوّدًا، تصَدَّر للإقراءِ وبَعُدَ صِيتُه وكثُرَ الآخِذونَ عنه، واشتُهرَ بالإتقانِ في الأداءِ وجَوْدةِ الضَّبط على القُرّاء وعُرِف بالصّلاح والفَضْل، وكان حيًّا سنةَ ثِنتينِ وثلاثينَ وخمس مئة. 1169 - محمدُ (¬3) بن عليّ بن أحمد، مَرَوِيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ القَزّاز. رَوى عن محمد بن إبراهيمَ بن محمودٍ البخاريِّ. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ يوسُفَ ابن عَطّاف، وكان فقيهًا حافظًا للمسائل. 1170 - محمدُ بن عليِّ بن إبراهيمَ بن حَذْلَم التُّجِيبيُّ، شَرِيشيٌّ، أبو بكر. رَوى عن أبي الحُسَين بن زَرْقون، رَوى عنه أبو الحَجّاج بن عليّ بن زكريّا الشَّرِيشيّ، وكان نَحْويًّا ماهرًا، مُقرِئًا مجوِّدًا، فقيهًا حافظًا. ¬

_ (¬1) ضبب عليها في ب. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1264)، والذهبي في المستملح (66) وتاريخ الإسلام 11/ 579 ومعرفة القراء الكبار 1/ 483، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 200، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 249. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1117).

1171 - محمد بن علي بن إبراهيم بن سليمان اللخمي، إشببلي، أبو عبد الله، ابن علوش

1171 - محمدُ (¬1) بن عليّ بن إبراهيمَ بن سُليمانَ اللَّخْميُّ، إشبِبليٌّ، أبو عبد الله، ابنُ عَلّوش. رَوى عن أبي الحَجّاج الأعلَم، وأبي مَرْوانَ بن سِرَاجٍ وغيرهما. رَوى عنه حَفيدُه أبو محمد بنُ أحمد. 1172 - محمدُ بن عليّ بن إبراهيمَ بن عبد الله بن إبراهيمَ بن عبد العزيز الأَزْديُّ، إشبِبليٌّ، ابنُ زركايةَ. رَوى عن أبي الحَسَن نَجَبةَ، وأخَذَ الحسابَ والتعديلَ عن أبي العبّاس بن خرازةَ، وكان بارعَ الخَطّ حَسَنَ الوِراقة، كتَبَ الكثيرَ وجوَّدَه. 1173 - محمدُ بن عليّ بن إبراهيمَ بن عليّ بن إبراهيمَ بن يوسُفَ بن إبراهيم الجُذَاميُّ، غَرْناطيٌّ، أبو الوليد، ابنُ الفَقَّاص. رَوى عن أبوَي الحَسَن: أبيه والشارِّيّ، وأبي عليّ بن سَمْعانَ ولازَمَه. وأجاز له أبو القاسم بنُ سَمَجُون وغيرُه. وكان حَسَنَ المشاركة في فنونٍ من العلم، معروفَ النَّباهةِ والسَّراوة وكمالِ المُروءةِ وجمالِ الأخلاق وحُسن السَّمت والفَضْل التامّ، وافرَ الحَظّ من الأدبِ وجَوْدةِ النَّظْم؛ وَلِيَ أحكامَ القضاءِ نائبًا عن أبي عبد الله بن عِيَاض، ثم استُقضيَ بالمَرِيّة، فمَرِضَ بها وعادَ إلى غَرْناطةَ وهو مريضٌ وقد أُسكِتَ وخُدِّر، فلَزِمَه ذلك إلى أن توفِّي في شعبانِ خمسينَ، وقيل: إحدى وخمسين، وست مئة، قاله ابنُ الزبير، ولم يعيِّن الشهرَ. 1174 - محمدُ بن عليّ بن إبراهيمَ بن موسى الأصبَحيُّ. 1175 - محمدُ بن عليِّ بن أبي بكر، بَطَلْيَوْسيُّ الأصلِ حديثًا مَوْصِليُّهُ قديمًا، أبو عبد الله المَوْصِليُّ. رَوى عن أبي الحَسَن بن محمدٍ الفَهْميِّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1225).

1176 - محمد بن علي بن أبي حفص الأميي، مرسي، أبو عبد الله الطرسوسي

1176 - محمدُ بن عليّ بن أبي حَفْص الأُميِّيُّ، مُرْسِيٌّ، أبو عبد الله الطَّرسُوسيُّ. رَوى عن عمِّه أبي القاسم، وأبي سُليمانَ بن حَوْط الله، وكان نَبيهًا جليلًا متقدِّمًا في معارِفَ. 1177 - محمدُ بن عليّ بن أبي زَمَنِين، أبو عبد الله. رَوى عن أبي محمد عبد الحقِّ بن بُونُه. 1178 - محمدُ بن عليّ بن أحلَى الأنصاريُّ، لُوْرْقيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الخَطّاب بن واجِب، وأبي عبد الله بن عبد العزيز بن سَعادةَ، وأبي عُمرَ بن عاتٍ، وأخَذَ عِلمَ الكلام عن أبي إسحاقَ ابن المرأة، وكان متكلِّمًا داعيةً إلى اعتقادِ مذهبِ الشّوذيِّ ناصرًا له حاملًا عليه، وعنهُ انتشَرَ واشتُهِر، وصنَّف فيه وفي التفسير على طريقتِه وفي العقائدِ مصنَّفاتٍ كثيرةً، منها: العقيدتانِ: الكبرى والصُّغرى؛ ودرَّس علمَ الكلام. مَوْلدُه بلُوْرْقةَ سنةَ ثمانينَ وخمسِ مئة، وتوفِّي في شعبانِ خمس وأربعينَ وست مئة. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: ذكَرَه أبو جعفرٍ ابنُ الزُّبَير ذكْرًا جوَّدَه حسبَما اقتضاهُ عِلمُه به، فرأيتُ إيرادَ معظمِه منه؛ لِما اشتَملَ عليه، فقال: أسلَمَ سَلَفُه فأحرَزوا أموالَهم ببلدِهم، وهذا خلافُ ما تقَدَّم من نَسَبه أنصاريًّا، إلّا أن يكونَ بالوَلاء. ثم قال: ذكَرَه الشّيخُ في "الذَّيْل"، ولولا ذلك لم أكنْ لأَذكُرَه، وإنْ كان يتعيَّنُ ذكْرُه والتعريفُ به عليّ؛ لأنّي خبيرٌ عالِم بأحوالِه ومعرفةِ أتباعِه معرفةً لم يُشاركْني فيها غيري. ثم قال: كان محمدُ بن أحلَى قد لَزِمَ بمُرْسِيَةَ أبا إسحاقَ إبراهيمَ بن يوسُف بن دهاقٍ المعروفَ بابن المرأة، وقد نَبَّه على هذا في اسمِه، ونقَلَ عنهُ مذهبَ ابتداعٍ لم يُسْبَقْ إليه، وقد بَسَطتُ القولَ فيه في كتابِ "رَدْع الجاهل عن اعتسافِ المَجَاهل"، وفي رَجَزٍ طويل أوضَحْتُ فيه أصلَ المَذهب المسَمَّى عندَ ابن أحلَى: التحقيق، وفي غيِر ذلك، واللهُ ينفَعُ بالقَصْد في ذلك بمَنِّه.

وأُنبِّهُ هنا على ما يُستشعَرُ منه نزوحُ هذا المذهب عن سَنَن المسلمين، فمِن ذلك: قولُهم بتحليل الخَمْر وتحليل إنكاح أكثرَ من أربع، وأنّ المكلَّفَ إذا بلَغَ درجةَ العلماءِ عندَهم سقَطتْ عنه التكاليفُ الشَّرعيّة، وكلُّ ذلك مما استفاضَ وعَلِمَه مَن شاهَدَهم وجالَسَهم. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: كان ابنُ الزبير قد بَعَثَ إليّ بـ"رَدْع الجاهل" وبالرَّجَز المذكورَيْن، فأمّا "رَدْعُ الجاهل" فأقلُّ شيءٍ فائدةً، وأبعَدُه عن النَّفع بعلِم، معَ أنّ بعضَ أصحابِنا نقَلَ لي عن بعضِ أصحابِ ابن أحلَى أنّهم يقولون: إنّ ابنَ الزُّبَير لم يفهَمْ عنهم شيئًا من مذهبِهم ولا يتلاقَى كلامُه معَهم فيه على علمِهم في وِرْدٍ ولا صَدَر، وأمّا الرَّجَزُ المُشارُ إليه فقد تقَدَّم التنبيهُ عليه في رَسْمٍ ابن الزُّبَير ورداءةِ نَظْمِه وخُلوِّه من المعنى، وأنه هُزْأةٌ للمُستهزِئين، ولقد كان في غِنًى عن التعرُّض لنَظْمِه وأوْلى الناس بسَتْرِ عارِه منه، واللهُ يُبقي علينا عقولَنا، ويُرشدُنا إلى ما يُرضيه عنّا بفضلِه وكرَمِه؛ ثم إنْ صحَّ من مذهبِهم ما نُسِبَ إليهم من هذه الطّوامِّ فالتعبيرُ عنه بقولِه: "يُستشعَرُ" و "نزوحُ" تقصيرٌ عمّا ينبغي من تبيين ضَلالِهم وانسلاخِهم عن المِلّة الإسلاميّة؛ لردِّهمُ الكتابَ والسُّنةَ وإجماعَ الأُمّة، فحقُّه أن يقولَ ما يقطَعُ بخروج أو ما معناه هذا، واللهُ أعلم. قال ابنُ الزُّبَير: وأقْرأَ ابنُ أحلَى هذا المذهبَ، وشاعَ عنه بعضُ ذلك على شدّةِ اكتتامِهم أوّلًا وتسَتُّرِهم، فاستُدعيَ من مُرْسِيَةَ أوَّلَ أمرِه، وحُمِلَ إليها مثقَّفًا وسُجِن بها، ثم أُفْلِتَ، وبعدَ ذلك أمكنَتْه فُرصةٌ فانتهَزَها وتأمَّرَ ببلدِه، فأمكَنَه ما لم يُمكِنْه قبلَ ذلك، ورامَ حَمْلَ أهلِ بلدِه على مذهبِه بالإكراه، ثم رأى أنّ ذلك لا يتَأتَّى له ولا يتِمّ، فعَدَل إلى طريقةٍ أخرى من تقريبِ من أَخَذَ في القراءةِ معَه وأَوى إليه، وطَرْدِ مَن عَدَاهم، وأخْذِهم بضروبٍ من الأذاياتِ في الأموالِ والأبدان والتخويفِ الشّديد، وهذا فيمَن صَرَّح في المُنافَرةِ للمذهب، فلم يُمكنْ أحدًا من خواصِّ أهل بلدِه إلّا التظاهرُ بالاستجابةِ له؛ إبقاءً على نفوسِهم وأموالِهم، ودَفْعًا لأذايتِه، فمنهم المُجِدُّ والمُتظاهِر، وزاد ذلك المذهبُ معَ

مرور الأيام شِياعًا وكثُرَ أتْباعُه فيه من أهل بلدِه، وتَظاهَرَ في أحكامِه وتدبيرِ أمرِه بالعَدْل التامّ والتسويةِ بين القويّ والضّعيف والقريبِ والبعيد، إلّا فيمَن نافَرَه في مذهبه وتظاهره، فكان فيهم على ما تقَدَّم، إلّا أنه كان يتلطَّفُ في ذلك حتّى لا يُتحدَّثَ عنه إلّا بالظاهِر من أمرِه، فحَسُنت أحوالُ أهلِ بلدِه في ذلك في دُنياهم، وكان من التواضُع وحُسن التمشيَةِ بحيثُ لم يَفترِقْ حالُه أيامَ إمْرتِه وأيامَ غيرِها قبلَها، وسَاسَ بلدَه أجملَ سياسة، وكان جيِّدَ التدبير حسَنَ الرأي في دُنياه، وَفِيَّ العهدِ جَزْلًا، حَليمًا متخلِّقًا، لا يَضيعُ عندَه حقٌّ لأحد، ولا يَنفُقُ عندَه الجاه، بل كان أولادُه وخاصّتُه وأقلُّ أهلِ بلدِه عندَه في درجةٍ واحدة، فجَلَبَ هذا المُرتكَبُ نفوسَ كثيرٍ من الضُّعفاء، واستَهوَى الجَهَلةَ الأغبياء، واستَحسَنُوا تلك الظّواهر، ولم يعلَموا ما أكنَّتْه من سُوءِ الاعتقادِ تلك الضمائر، فشاعَ ذكْرُه، ورَحَلَ إليه كثيرٌ من جَهَلةِ ما يَليهِ من البلادِ للقراءةِ والتعليم من كلِّ مَن ينتمي من الجَهَلة إلى الخير، فضَلُّوا بضَلالِه. واستمرَّت حالُه على ذلك إلى موتِه، وقام جماعةٌ من أصحابِه بمذهبِه إقراءً وتعليمًا، وقَعَدَ بعضُهم بالجامع الكبيرِ بلُوْرْقةَ يُفسِّرُ الكتابَ العزيزَ على طريقتِهم في ذلك، وانتَقلَ بعضُهم إلى مُرْسِيَةَ، وأقرْأوا بها ذلك المذهبَ، وما زال يَفْشُو حتى ذَهَبَ، وأخَذَهمُ اللهُ بكُفرهم وأراهُم مثالًا، وكم بينَ الأمرَيْنِ ممّا أُعِدَّ لهم بعدَ حَشْرِهم، ونسأَلُه سبحانه السّلامةَ من المِحَن، ووقايةَ دينِنا من الابتداعاتِ والفتن. توفِّي ابنُ أحلَى في شعبانِ عام خمسةٍ وأربعينَ وست مئة، وألَّف كتابَه المسَمَّى بـ"التَّذكِرة" ثم اختَصرَه، وبذلك كان ابتداؤهم في قراءتِهم، ولم يتضمَّنْ هذا الكتابُ سوى إنكارِ الحديث، والإشارةِ إلى أنَّ الأُمّةَ بدَّلت وغيَّرت كما فَعَلَ غيرُها من الأُمم، حتّى عمَّ ذلك على دَعْواه. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: تأمَّلْ قولَه: "يَفْشو حتى ذَهَب" وتنافُرَ أجزائه، وكذلك قولُه بعدُ: "بكُفْرِهم"، فهو تصديقُ ما آخَذْتُه به في قولِه: "ما يُستشعَرُ منه نُزوحُ هذا المذهب"، واللهُ الموفِّقُ لا ربَّ غيرُه.

1179 - محمد بن علي بن أيوب، أبو عبد الله

1179 - محمدُ بن عليِّ بن أيُّوبَ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي محمد عبد الحقِّ بن بُونُه. 1180 - محمدُ بن عليِّ بن إسحاقَ بن محمد بن عليِّ بن خَلَف بن أحمدَ بن محمد بن عليّ العَبْدَريُّ، مَيُورْقيٌّ، قُرطُبيُّ أصلِ السَّلَف، نزَلَ مَنُرْقَةَ بعدَ تغلُّبِ العدوِّ على بلدِه، أبو عبد الله، ابنُ عائشة. رَوى عن عمِّه أبي إسحاقَ بن إسحاقَ، وعن أبي عثمانَ سعِيد بن حَكَم وأكثَرَ عنه. تَلا عليه بَحرْف نافِع أبو محمدٍ مَوْلى أبي عُثمانَ بن حَكَم، وعليه حَفِظَ القرآن، ودرَسَ عليه الفقهَ والنَّحوَ والأدب، وأجازَ له؛ وكان فقيهًا نَحْويًّا أديبًا حسَنَ التعليم. وتوفِّي بتونُسَ قبلَ ثلاثٍ وخمسينَ وست مئة. 1181 - محمدُ بن عليِّ بن بازٍ اليَحْصُبيُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عنه أبو جعفر بنُ عَمِيرةَ الشَّهيد، وكان فقيهًا حافظًا ذاكِرًا للمسائل، شووِرَ ببلدِه واستُقضيَ به، وكان أديبًا شاعرًا، قَدِمَ مَرّاكُشَ أيامَ أبي يعقوبَ بن عبد المُؤْمن وامتَدحَه بقصائدَ مطوَّلةٍ أجادَ فيها ما شاء، قال أبو جعفر بنُ عَمِيرةَ: أنشَدَني لنفسِه في لِباس ثوبٍ أخضر [من الطويل]: وكم قائلٍ لم يدرِ وَجْدي ولَوْعتي: ... أرى لكَ في خُضْرِ الملابسِ مذهَبا فقلتُ له: بل فاضَ دمعي صبابةً ... فعادت ثيابي من بُكائيَ طُحْلُبا توفِّي ببلدِه سنةَ سبع وثمانينَ وخمسِ مئة. 1182 - محمدُ (¬1) بن علي بُشْرَى، دانيٌّ، أبو بكر. رَحَلَ حاجًّا وسَمِع ببغدادَ من أبي بكر بن طَرْخانَ، وأبي محمد بن عُمرَ السَّمَرْقَنْديِّ وغيرِهما، وعاد إلى بلدِه، رَوى عنهُ به زاوي بنُ مُنادٍ وغيرُه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1195).

1183 - محمد بن علي بن بيطش الكناني، بلنسي، الإلشي

1183 - محمدُ (¬1) بن عليِّ بن بِيطَش الكِنَانيُّ، بَلَنْسِيٌّ، الإلْشيُّ. رَوى عنه ابنُه محمدٌ وتفَقَّه به. 1184 - محمدُ بن عليِّ بن ثابتِ بن لُبّ القَيْسيُّ. رَوى عن أبي العبّاس بن غَزْوانَ. 1185 - محمدُ بن عليّ بن جعفر، أبو يحيى. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ. 1186 - محمدُ بن عليّ بن الحَسَن بن سُليمانَ بن خَلَف بن داودَ بن عبد الرّحمن بن القاسم الجُذَاميُّ، مالَقيٌّ، أبو عبد الله السُّهَيْليُّ. أخَذَ القراءةَ عن أبي بكر بن دَحْمانَ، وأبي جعفرٍ الفَحّام، وأبي الحَسَن الشارِّيِّ، وأبي عبد الله بن رضا، وأبي محمد الأَوْسيِّ القُرطُبيِّ، وغيرِهم. وكان قارئًا مُحسِنًا عَذْبَ اللَّفظِ طِيِّبَ النَّغمة حسَنَ الإيراد، مشهورَ التعفُّف والانقباضِ والاستقامة، ضريرَ البصَر، عُرِف بالقراءة على القُبور على طريقةٍ مُستحسَنة، وتصَدَّر أوقاتًا لإقراءِ القرآن، وكان مشكورَ الأحوال متينَ الدِّين. توفِّي ببلدِه سنةَ خمس وسبعينَ وست مئة. 1187 - محمدُ (¬2) بن عليّ بن حَسَن بن عليّ التَّميميُّ، أبو عبد الله، ابنُ فقوص. رَوى عن أبي محمدٍ الرُّشاطيّ. 1188 - محمدُ بن عليّ بن الحَسَن بن محمد بن عبد العظيم الأمَويُّ، مالَقيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ عبدِ العظيم. حدَّث -فيما قيل- عن جدِّه، ورَحَلَ إلى قُرطُبةَ فأخَذ بها عن أبي عبد الله ابن فَرَج؛ رَوى عنه أبو كاملٍ تَمّام. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1294). (¬2) سقطت هذه الترجمة من م.

وكان فقيهًا عاقدًا للشُّروط، من بيتِ عِلم وجَلالة ودِين ونَباهة، وتألَّبت طائفةٌ على القاضي أبي عليّ بن حَسُّون، واتّفَقوا على الرَّفْع به ليُزالَ عنهم، فخَرَجوا عن مالَقةَ شاكِينَ به، وخَرَجَ معَهم ابنُ عبدِ العظيم هذا، فأُعلِم القاضي بحديثِهم، فجَعَلَ معهم من يتَطلَّعُ عليهم وَيسمَعُ مَقالتَهم من حيثُ لا يَشعُرُ به أحدٌ منهم، فكان ذلك الشّخصُ يُعرِّفُه من كلِّ مسافةٍ حَلُّوا فيها بما فَعلوا وما قالوا، فكان ابنُ حَسُّونٍ لا يَخفَى عليه من أمرِهم شيءٌ، فلمّا كان في بعضِ الطّريق أَخرَجوا حُوتًا وأخَذوا يحاولونَ أمرَ الغَداء، فبينَما هم كذلك أخَذوا يقَعُونَ في ابنِ حَسُّونٍ وأسلافِه وينسُبونَ القبائحَ إليهم، فقال لهم ابنُ عبد العظيم: أمّا شَتْمُكم ابنَ حَسُّون فأُوافقُكم عليه، فإنه عدوِّي وضرَّني، وأمّا أسلافُه فما فَعلوا لنا ذَنْبًا، فبأيِّ وجهٍ يُتَطرَّقُ إليهم؟ والله لا كان هذا بمحضَري أبدًا، فامتَنَعوا عن الوقوع في سَلَفِه بسببِ ابن عبد العظيم؛ فكتَبَ ذلك الشَخصُ يُعرِّفُ ابن حسُّونٍ بذلك، فسَرَّه وشَكَرَ لإبن عبد العظيم قولَه، فلم يكنْ إلّا عن قريبٍ ووَصَلَ كتابٌ لإبن حَسُّون بأنْ يفعَلَ بالشاكِينَ به ما رأى، فوصَلَهمُ الخبَرُ، وتفَرَّقوا في البلاد، فخَرَجَ ابنُ عبد العظيم إلى إشبيلِيَةَ وأقام بها حتى أدركَتْه وَحْشةٌ إلى أهلِه ووَطنِه، فعَزَمَ على الخروج إلى مالَقةَ، فبينَما هو داخلٌ على البحرِ إلى مالَقةَ وقد لبِسَ ثيابًا من ملابسِ جُفاةِ أهلِ البادية؛ لئلًا يُشعَر به، أُخبِرَ القاضي ابنُ حَسُّونٍ بوصولِه، فخَرَجَ فلقِيهُ في الطّريق، فكلمّا عمَدَ ابنُ حَسُّون إليه تنَحَّى عن الطريق خوفًا منهُ، فلم يزَلْ به حتى ضمَّهُ إلى موضِع لم يُمكنْه الخروجُ عنه، وقال له: أين تذهبُ؟ أوَلَست فلانًا؟ فلم يُمكنْه إلّا أنْ سَلَّم عليه، فقال له ابنُ حَسُّون: سِرْ في عافية، فمشَى ابنُ عبد العظيم إلى دارِه، وبقِيَ يترقَّبُ أمرَ ابنِ حَسُّونٍ فيه، فلمّا جَنَّ اللّيلُ وإذا الضَّربُ على بابِ ابنِ عبد العظيم، فخَرَجَ، فقيل له: ابنُ حَسُّونٍ يَستدعيك، فسُقِطَ في يدِه، ورجَعَ فوادَعَ أهلَه وسارَ إليه، فلمّا دخَلَ عليه قام إليه ابنُ حَسُّون ورَحَّب به وآنسَهُ بالكلام وجَعَلَ يقولُ له: سِرتُم في خروجِكم من موضِع كذا وكذا وقلتُم فيه كذا وكذا، وابنُ عبد العظيم

1189 - محمد بن علي بن حسين المخزومي، قرطبي، أبو بكر، ابن الحيني

يتعجَّبُ من ذلك، إلى أن قال له: ويومَ أكلتُمُ الحُوتَ أخَذ أصحابُكَ في سبِّ سَلَفي والوقوع في أبوَيَّ فمنعتَهم، أكذلك كان؟ قال: نعم، فقال له القاضي: فجَزاك اللهُ خيرًا وشكَرَك على فِعلِك، مِثلُك من يفعَلُ هذا، وتَرامَى عليه يُقبِّلُ رأسَه ويقولُ له: برَرْتَ أبويَّ، فوالله لا زِلتُ أبَرُّك ما دُمتُ حيًّا، ورَفَعَ بِساطَه، فأخْرَجَ له مئةَ دينار معَ ثيابٍ رفيعة وبَغْلة فارِهة وقال له: خُذْ هذا ولْتُلازِمْ مجلسي كلَّ يوم؛ فذهبَ ابنُ عبد العظيم إلى دارِه مسرورًا. وكان القاضي بعدَ ذلك لا يقطَعُ في أمرٍ من الأمورِ إلّا بعدَ مُشاوَرتِه، وعَظُمت منزلةُ ابنِ عبد العظيم وفَخُمَ ذكْرُه واستمرَّ حالُه كذلك إلى أن توفِّي في حدودِ الأربعينَ وخمس مئة. 1189 - محمدُ (¬1) بن عليّ بن حُسَين المَخْزوميُّ، قُرطُبيٌّ، أبو بكر، ابنُ الحِينيِّ. كان فقيهًا مُشاوَرًا. توفِّي سنةَ عشرٍ وأربع مئة. 1190 - محمدُ بن عليّ بن حَكَم التُّجِيبيُّ، شَرِيشيٌّ، أبو بكر. رَوى عنه أبو الحَسَن بنُ إبراهيمَ الكرنانيُّ، وكان مُقرِئًا مجوِّدًا نَحْويًّا حاذقًا، تصَدَّر بشَرِيشَ لإقراءِ القرآن وتدريس العربيّة مُدّةً مديدة، وتوفِّي بها في حدود ثمانيةٍ وأربعينَ وست مئة. 1191 - محمدُ بن عليّ بن خالِص بن محمدٍ الهُذَليُّ، أبو عبد الله، إستِجيٌّ. رَوى عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبي. 1192 - محمدُ بن عليّ بن خَلَف بن أبي سَماحةَ الحَضْرميُّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ ستٍّ وأربع مئة. 1193 - محمدُ (¬2) بن عليّ بن خَلَف بن أبي الفَرَج التُّجِيبيُّ، شاطِبيٌّ، أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1066). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1278)، والذهبي في المستملح (75) وتاريخ الإسلام 11/ 693.

1194 - محمد بن علي بن خلف التجيبي، إشبيلي، أبو بكر، ابن علي

تَلا بالسَّبع على ابن شَفِيع، وببعضِها على ابن الدُّوْش. رَوى عنه ابنُه عبدُ الله. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، مَوْلدُه في حدود السّتّينَ وأربع مئة، وتوفِّي في ربيعٍ الآخِر سنةَ ثمانٍ وثلاثينَ وخمس مئة. 1194 - محمدُ (¬1) بن عليّ بن خَلَف التُّجيبيُّ، إشبِيليٌّ، أبو بكرٍ، ابنُ عليّ. رَوى بالأندَلُس عن خالِه أبي الرَّبيع المُقُرقيِّ، وأبي بكرٍ ابن الجَدّ، وأبي عبد الله بن زَرْقُونٍ، وأبي محمد بن مَوْجُوال. ورَحَلَ إلى المشرِق قبلَ السِّتينَ وخمس مئةٍ وحجَّ، وأخَذ بمكّةَ -شرَّفها اللهُ- عن أبي الحَسَن بن حَمُّود المِكْنَاسِيِّ، وأبي حَفْص المَيَانجِيِّ وغيرهما، وبالإسكندَريّة عن أبي بكرٍ إسماعيلَ بن حَسَن ابن أبي بكر، المعروفِ باللّكّيِّ، وأبي الحَسَن عليِّ بن فَيّاض بن عليّ الأزْديِّ، وأبي الحَكَم مَرْوانَ بن مَخْلوفِ بن هِشام الطَّرابُلُسيِّ نزيلِ الإسكندَريّة وكان فقيهًا طبيبًا؛ وأبوَي الطاهر: ابن عَوْفٍ والسِّلَفيّ، وأبي العبّاس بن عليّ السَّرَقُسْطيِّ ابن الفقيه، وأبي محمد عبد السّلام بن محمد بن محمد بن عَتِيق التَّميميِّ السَّفاقُسيِّ، وأبي [....] (¬2) المُجِيريِّ الإشبيليِّ الحافظ؛ وقَفَلَ إلى بلدِه. رَوى عنهُ ابنُ أُختهِ أبو الوليد إسماعيلُ ابنُ الأديب، وأبو الحَسَن ابنُ الجَنّان، وأبو العبّاس النَّباتيُّ، وأبو مَرْوانَ الباجِيُّ. وكان محدِّثًا عَدْلًا ضابِطًا، فقيهًا سَرِيًّا، متقدِّمًا في العدالة، مُكرَمًا عند الخاصّة والعامّةِ ببلدِه، عاقدًا للشّروطِ عارِفًا بالنّوازل، مدرّسًا للفقه متقدِّمًا فيه يَقِظًا لمعانيه، وكان دُكّانُه مَأْلَفًا للجِلّة من طلَبةِ العلم بإشبيلِيَةَ، فكان أكابرُ شيوخِه يقصِدونَه بموضعِه ويغتنمونَ مُجالستَه والمُذاكَرةَ معَه والاستفادةَ منه؛ لتبريزِه في حِفظِ القرآن واستبحارِه في الذِّكْرِ لمسائلِه، وشدّةِ عنايتِه بالحديث وروايتهِ. حدَّث أبو مَرْوانَ الباجِيُّ، قال: قال أبو بكر بنُ عليٍّ حينَ سَماعي عليه السُّنَن: إنه كنتُ أرى في النَّوم كأنّ جازِرًا قد رفَعَ سَاطُورًا على قدمَيَّ ليَقطعَهما، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1529)، والذهبي في المستملح (195) وتاريخ الإسلام 12/ 1119. (¬2) بياض في النسختين.

1195 - محمد بن علي بن خلف المحاربي، غرناطي، أبو عبد الله

فكنتُ أتخوَّفُ من ذلك تخوُّفًا كثيرًا وأقولُ: نزولُ الساطورِ على قدمَيَّ أسرعُ من أن أضُمَّهما إليّ، فانتبهْتُ وإذا قدمايَ على كتابِ التِّرمذيِّ، فرفَعْتُ رجلَيَّ عنهُ، وعلِمتُ أنّ ذلك إنّما كان من أجلِ أنَّ قدميَّ كانتا على الكتاب. وامتُحِنَ من قِبَل المنصُور معَ مثيلِه في المعارِفِ والفَضْل أبي الحُسَين بن زَرْقونٍ المِحنةَ المشهورةَ، على ما سأذكُرُه في رَسْم ابن زَرْقون إن شاء اللهُ تعالى؛ ولمّا خَلَصَ من تلك النَّكبة أكثَرَ لزومَ دارِه، وانقبَضَ عن مُداخلةِ كثيرٍ من الناس، وكانت له غُرفةٌ مُشرِفةٌ على الدَّرْب الذي كانت به دارُه، فكان كثيرَ الجلوسِ بها. ثُم إنَّ المنصُورَ تذكَّرَه وأراد استدعاءهُ وتأنيسَه، فأمَرَ بالبَعْثِ عنه، فتَوجَّه إليه الشُّرطِيُّونَ، ولمّا دخَلوا على دَرْبِه ورَآهم من غُرفتهِ تلك أوْجَسَ في نَفْسِه خِيفةً منهم، ووقَعَ في خاطِرِه أنّهم إنما جاءوا إليه لشرٍّ يُرادُ به، فنَخبَ فؤادُه لذلك واستُطيرَ قلبُه ذُعرًا، وتمكنَّ ذلك منه حتّى كاد عقلُه يُختلَط، وأصابه خَدَرٌ واعتَلَّ، واختَلَّت حالُه جُملةً، ولمّا أُعلِم بما جاء إليه الشُّرطِيُّونَ لم يجِدْ من نَفْسِه ولم يوجَدْ فيه ما يَفي بالمقصُود منه، ولمّا أُعلِمَ المنصُورُ بحالِه تلك شَقَّ عليهِ ولم يتَأتَّ له حِيلةٌ في دَفْع ما أثَّر فيه الخوفُ والذُّعر، وأصابته لذلك زَمانةٌ لم ينتَفِعْ معَها بنفْسِه، ولا انتفِعَ به، وتمادَى حالُه على ذلك إلى أن توفِّي بعدَ عصرِ يوم السّبت لثلاثَ عشْرةَ خَلَت من رجَبِ ستِّ وتسعينَ وخمس مئة، ودُفنَ بعدَ العصر من يوم الأحد تالي يوم وفاتِه، رحمةُ الله عليه، واحتَفلَ الناسُ لجَنازتِه وأسِفوا لفَقْدِه وأثنَوْا عليه، وكان أهلًا لذلك، رحمه الله. 1195 - محمدُ (¬1) بن عليّ بن خَلَف المُحارِبيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ، وأبي الحَسَن يونُسَ بن محمد بن مُغيث، وكان من أهل العنايةِ بالرِّواية. 1196 - محمدُ بن عليّ بن خَلَف المُراديُّ. رَوى عن أبي الطيِّب سَعِيدِ بن فَتْح. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1328).

1197 - محمد بن علي بن خلف، مرسي، أبو بكر، ابن طرشميل

1197 - محمدُ (¬1) بن عليِّ بن خَلَف، مُرْسِيٌّ، أبو بكرٍ، ابنُ طِرشميل. رَوى عن أبي الحَسَن بن سِيده، وكان نَحْويًّا متصدِّرًا لتدريس العربيّة والتعليم بها. مَوْلدُه سنةَ خمسَ عشْرةَ وأربع مئة، وتوفِّي سنةَ ثلاثٍ وسبعينَ وأربع مئة. 1198 - محمدُ بن عليِّ بن ذِمَام، أظُنُّه جَيّانيًّا، أبو بكرٍ وأبو عبد الله. رَوى عن أبي الأصبَغ عبد العزيز بن عُبادةَ، وأبي بكر بن مَسْعود بن أبي رُكَب. 1199 - محمدُ بن عليّ بن رَشِيد، أبو عبد الله. رَوى عن أبي القاسم المَلّاحيّ. 1200 - محمدُ بن عليّ بن رَيْدانَ، أبو بكر. رَوى عن شُرَيْح. 1201 - محمدُ (¬2) بن عليّ بن الزُّبَير بن أحمدَ بن خَلَف بن أحمدَ بن عبد العزيز ابن الزُّبَير القُضَاعيُّ، مُرْبَيْطَريٌّ أُنْديُّ الأصل، أبو عبد الله. رَوى عن جدِّه لأُمِّه أبي الحَسَن ابن النِّعمةِ ولازَمَه وأجازَ له، ولم يضبطْ روايتَه عنه. وأخَذ قراءةَ نافِع على أبي جعفرٍ طارقِ بن موسى، ورَوى عن أبي العبّاس بن هُذَيْل الأبيشيِّ، وأبي عبد الله بن سَعِيد ابن الخَبّاز. وأجاز لهُ من أهل الأندَلُس: أبو عبد الله بنُ زَرْقون، ومن أهل المشرِق: أبو الثناءِ حَمّادٌ الحَرّانيُّ وأبو الطاهِر السِّلَفيُّ وابنُ عَوْف وأبو عبد الله ابنُ الحَضْرَميِّ وأبو الفَضْل الغَزْنَويُّ وأبو القاسم ابن جارَةَ وأبو محمد بن بَرِّي. رَوى عنه أبو إسحاقَ بن يوسُفَ بن يوسُفَ بن فَرَج، وأبو الحَسَن محمدُ بن محمد بن حِزْب الله، وأبو عبد الله ابنُ الأَبّار، وأبو العبّاس بن محمد ابن الغَمّاز، وهُو آخِرُهم، وَأبو القاسم بن نَبيل، وحدَّثنا عنه أبو عليٍّ ابنُ الناظر. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1129). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1654)، والذهبي في المستملح (282) وتاريخ الإسلام 13/ 844.

1202 - محمد بن علي بن سعيد بن إبراهيم، قرطبي

وكان من أهل الحِفظ للفقه والذِّكْر الحاضِر للمسائل، بصيرًا بعَقْد الشّروط، مُشارِكًا في الحساب والفرائض، متحقِّقًا بالنَّحو، أديبًا شاعرًا، وَلِيَ الأحكامَ ببلدِه أحيانًا وخَطَبَ به، وكان صاحبَ الصّلاة بجامعِه، وذَكَرَ ابنُ الزُّبير أنه استُقضيَ ببلدِه؛ ومن شعرِه يصِفُ الصُّورةَ (¬1) ... مَوْلدُه بين صلاتَي الظّهرِ والعصر من يوم الأربعاءِ منتصَفَ جُمادى الأولى سنةَ أربع وأربعينَ وخمس مئة، وتوفِّي ببَلَنْسِتةَ مُغرَّبًا عن وَطَنِه سحَرَ ليلةِ الخميس السادسةَ عشْرةَ من جُمادى الآخَرة عامَ سبعةٍ وعشرينَ وست مئة، ودُفن بقِبْليِّ المصَلَّى من ظاهرِ بَلَنْسِيَة. 1202 - محمدُ بن عليّ بن سَعِيد بن إبراهيم، قُرطُبيٌّ. كان من أهل العلم والتّبريزِ في العدالة، حيًّا سنةَ ثِنتينِ وخمسينَ وأربع مئة. 1203 - محمدُ بن عليّ بن سَعِيد بن موسى بن مسعدِ بن حَبِيبٍ الجُذَاميُّ أو الخَوْلانيُّ. 1204 - محمدُ بن عليّ بن سَعِيدٍ الأنصاريُّ. رَوى عن شُرَيْح. 1205 - محمدُ (¬2) بن علي بن سُليمانَ بن رِفاعةَ الجُذَاميُّ، شَرِيشيٌّ، أبو بكر. رَوى ببلدِه عن آباءِ بكر: يحيى بن عيسى بن زُهْر، وابن عُبَيدٍ، وابنِ مالك وابن مَيْمونٍ الأَزْديِّ، وبه أو بغيِره عن أبي بكر بن زُهْر الحَفِيد، وأبي العبّاس بن خَليل، وبسَبْتةَ: عن أبي محمد بن عُبَيد الله. رَوى عنه أبو الحَسَن بن إبراهيمَ الكرنانيُّ، وأبَوا الحَجّاج: ابنُ عليّ بن زكريّا وابنُ محمد بن لُقْمان. ¬

_ (¬1) بياض بمقدار ثلاثة أسطر؛ وبهامش ب: "وكذلك ذكر ابن مسدي أنه ولي قضاء بلده وأنه أخذ عنه، وذكر أن مولده سنة تسع وأربعين، وأن دفنه في سنة أربع وعشرين، فانظر الصحيح من ذلك، واجعله من مباحثك". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1687)، والذهبي في المستملح (305) وتاريخ الإسلام 14/ 223.

1206 - محمد بن علي بن سليمان بن محمد العامري، ابن أبي السيول

وكان محدِّثًا فقيهًا حافظًا، حسَنَ السَّمتِ والهَدْي، مبرِّزًا في الثِّقةِ والعدالة، وَرِعًا زاهدًا، أديبًا بارعًا، طبيبًا ماهرًا موفَّقَ العلاج، سَنِيًّا فاضلًا. وصنَّفَ في القرآنِ كتابًا مُفيدًا سَمّاه "تُحفةَ المطهَّرِين وأورادُ القانتين"، وصنَّفَ في الطِّبِّ كُتُبًا نافعةً، منها: "مَنْجاةُ الأطبّاء" (¬1)، ورَجّزَ للمنصُور أدويةَ التِّرياق المُركَّبِ من خمسينَ دواءً، المسَمَّى بالهِبة، ترجيزًا حسَنًا، وكان له معَ أطبّاءِ مَرّاكُشَ حينَئذٍ مُكالمةٌ ظهَرَ فيها شُفوفُه وإدراكُه، حتّى أحظاه ذلك عندَ المنصورِ فأسمَى ذلك رُتبتَه وعَرَفَ جلالتَه. وتوفِّي بشَرِيشَ عَشِيَّ يوم الثلاثاء، ودُفنَ بعدَ عَصْرِ يوم الأربعاءِ بعدَها لاثنتَيْ عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من ربيعٍ الأوّل سنةَ سبع وثلاثينَ وست مئة. 1206 - محمدُ بن عليِّ بن سُليمانَ بن محمدٍ العامِريُّ، ابنُ أبي السيّول. 1207 - محمدُ بن عليِّ بن سُليمانَ اليَحْصُبيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو الوليد. رَوى عن جدِّه للأُمِّ أبي الحَسَن ابن الباذِش. 1208 - محمدُ بن عليّ بن [...] (¬2). 1209 - محمدُ بن عليّ بن عبد الله بن سُليمانَ بن عليّ العُمَريُّ، أبو عبد الله البُرْيانيُّ. رَوى عن أبي الحَسَن بن حَفْص، وأبي سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبي عليٍّ الرُّنْديِّ. وكان ذا حَظٍّ صالح من روايةِ الحديث، نَبيلَ الخَطّ حسَنَ التقييد، مُتقِنًا لِما يتَولّاهُ من ذلك كلِّه. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "وسم كتابه هذا بـ"منجاة الأطباء وملجأ الألباء"، ومن تصانيفه في الطب كتاب "مأدبة الأطباء" المشتمل على الأحاديث في الطب، وصنف في قوله عز وجل: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى: 7] كتابًا مفيدًا؛ حدثنا عنه سبطه التاريخي أبو بكر محمد بن إبراهيم بن محمد بن يربوع الكلبي الشريشي، ومولد ابن رفاعة هذا في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وخمس مئة". (¬2) بياض في النسختين.

1210 - محمد بن علي بن عبد الله بن علي، أبو عبد الله

1210 - محمدُ بن عليِّ بن عبد الله بن عليّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكر بن طاهر، وشُرَيْح، وأبي العبّاس ابن النَّخّاس. 1211 - محمدُ بن عليّ بن عبد الله بن فَرَج الغَسّانيُّ. رَوى عن أبي القاسم المَلّاحيِّ. 1212 - محمدُ بن عليّ بن عبد الله بن محمد بن يوسُفَ بن يوسُف بن أحمدَ الأنصاريُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ قُطْرالَ. رَوى عن أبيه وأبي عِمرانَ اللُّوْرْقيِّ. وكان فقيهًا عاقدًا للشّروط، وتلبَّس بها في مَرّاكُشَ مُدّةً، مبرِّزًا في العدالة، سَرِيَّ الهِمة، من بيتِ عِلم وجَلالة، استُقضيَ ببعضِ أنظارِ قُرطُبةَ ثم بفاسَ وعُرِفَ بالنَّزاهةِ والعَدْل في أحكامِه والاستقامةِ في جميع أحوالِه. وتوفِّي بفاسَ وهو يتَولَّى قضاءها ليلةَ الأحد الثانيةَ والعشرينَ من شعبانِ خمس وأربعينَ وست مئة. ومَوْلدُه منتصَفَ رمضانِ ثمانٍ وثمانينَ وخمس مئة. 1213 - محمدُ بن عليِّ بن عبد الله بن مَرْوانَ الأنصاريُّ، لَبْليٌّ سَكَنَ رُنْدةَ، أبو عبد الله. حدَّث بالقراءاتِ عن أبي زكريّا الهَوْزَنيِّ، وأبي محمد بن عُبَيد الله نَزيلَيْ سَبْتةَ، وأبي عليّ الرُّنْديِّ. رَوى عنه المقرئُ أبو عبد الله بن إبراهيمَ الطائيُّ، لقِيَه برُنْدةَ. وكان مُقرِئًا صالحًا فاضلًا. 1214 - محمدُ بن عليِّ بن عبد الله الأمَويُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي [بكرٍ] (¬1) ابن العَرَبيّ وشُرَيْح. 1215 - محمدُ بن عليّ بن عبد الله الأنباريُّ، قُرطبيٌّ. رَوى عن أبي محمد الحَجْريِّ، رَوى عنه ابنُه محمد. ¬

_ (¬1) زيادة متعينة.

1216 - محمد بن علي بن عبد الله الحجري، ابن فرنجال

1216 - محمدُ بن عليِّ بن عبد الله الحَجْريُّ، ابنُ فَرُنْجالَ (¬1). رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال. 1217 - محمدُ بن عليِّ بن عبد الله اللَّخميُّ، إشبِيليٌّ. رَوى عن أبي زكريّا بن مَرْزوق، وأبي عبد الله بن فُرَيْخ. 1218 - محمدُ (¬2) بن عليِّ بن عُبَيد الله بن الخَضِر بن هارونَ الغَسّانيُّ، مالَقيٌّ أصلُه من قرية بغربيِّها، أبو عبد الله، ابنُ عَسْكَر. رَوى عن أبي إسحاقَ الزَّوَاليِّ، وأبي بكرٍ عَتِيق بن قَنْتَرال، وأبي جعفرٍ الجَيّار، وأبي الحَسَن الشَّقُوريِّ، وأبي الحَجّاج ابن الشَّيخ، وأبي الخَطّاب بن واجِب، وأبي زكريّا الأصبَهانيِّ مُقيم غَرناطةَ، وأبي زَيْدٍ عبدِ الرّحمن بن محمد الخارِجيِّ القُمَارِشيِّ، وهما في عِدادِ أصحابه، وأبي محمدٍ عيسى بن سُليمانَ الرُّعَيْنيِّ، وأبي سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبي عليّ الرُّنْديِّ، وأبي عَمْرٍو سالم بن سالم، وأبي الفَضْل عِيَاض، وأبوَي القاسم: ابن سَمَجُونَ والمَلّاحيِّ، وأبوَيْ محمد: ابن حَوْطِ الله وابن القُرطُبيِّ. وأجاز له جماعةٌ من أهل الأندَلُس، كأبي الحَسَن عليِّ بن أحمدَ بن يحيى الجَيّانيّ، والعُدْوةِ والمشرِق، كأبوَيْ محمد: عبد الله بن أحمدَ بن محمد ابن قُدامةَ ¬

_ (¬1) ويكتب بالباء أيضًا: "برنجال"، وهي العادة في كتابه الباء الأعجمية " p" باءً أو فاءً مثل: "أصبهان" و "أصفهان" و "بوشنج" و "فوشنج" وغيرهما. (¬2) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة (50) ترجمة رائقة، وابن الأبار في التكملة (1681)، وابن سعيد في المغرب 1/ 431، واختصار القدح المعلى (130)، والذهبي في المستملح (301) وتاريخ الإسلام 14/ 223 وسير أعلام النبلاء 23/ 65، وابن الخطيب في الإحاطة 2/ 172، وابن قاضي شهبة في طبقات النحاة 1/ 197 (ط. غياض)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 179، والنباهي في المرقبة العليا (123)، والمقري في نفح الطيب 2/ 351، وأسقط ابن الأبار "عبيد الله" من نسبه، وتنظر مقدمة أدباء مالقة للأستاذ الدكتور صلاح جرار.

ويونُسَ بن يحيى الهاشِميِّ، وأبي عبدِ الله محمد بن عبد الواحِد بن أحمدَ المَقْدِسيِّ، وأبي حَفْص عُمرَ بن أبي المَجْد الحَماميِّ، وأبي إسحاقَ إبراهيمَ بن أبي طاهرٍ بَرَكات بن إبراهيمَ الخُشوعيِّ، وراجِيَة بنتِ عبد الله الأرمنية. رَوى عنه أبوا بكر: ابنُ خَمِيس ابنُ أُختِه وابنُ أبي العُيون، وأبو عبد الله بن أبي بكرٍ البُريُّ. وحدَّث عنه بالإجازةِ: أبو عبد الله ابنُ الأبّار، وأبو القاسم بنُ عِمران، وكتَبَ بالإجازة للعراقيِّينَ أهل بغدادَ الذين استَدعَوْها من أهل الأندَلُس حسبَما تقَدَّم ذكْرُه في رَسْم أبي بكر بن هشام، وضمَّنها نَظْما ونثرًا اعتُرِفَ له بالإجادةِ فيهما، ولولا خوفُ الإطالة لاجتَلبْتُها. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا، نَحْويًّا ماهرًا، متوقِّدَ الذِّهن متفنِّنًا في جُملةِ معارِفَ، ذا حظٍّ صالح من روايةِ الحديث، تاريخيًّا حافظًا، فقيهًا مُشاوَرًا دَرِبًا بالفتوى، متينَ الدِّين تامَّ المروءةِ سُنِّيًا فاضلًا، معظِّمًا عند الخاصّةِ والعامّة، حَسَنَ الخُلُق جميلَ العِشرة رَحْبَ الصَّدر، مُسارِعًا إلى قضاءِ حوائج الناس، شديدَ الاحتمالِ مُحسِنًا إلى مَن أساءَ إليه، نَفّاعًا بجاهِه سَمْحًا بذاتِ يدِه، متقدِّمًا في عَقْدِ الوثائق، بصيرًا بمعانيها، سريعَ القلم والبَديهة في إنشاءِ نَظْم الكلام ونثرِه، معَ البلاغة والإحسانِ في الفنَّيْن. وقد تقَدَّم له ذكْرٌ في رَسْم أبي جعفر بن عبد الله بن مُجبر فراجِعْه. وَلِيَ قضاءَ مالَقةَ نائبًا عن أبي عبد الله بن الحَسَن مُدّةً، ثم وَلِيَه مُستبِدًّا بتقديم الأميرِ أبي عبد الله بن نَصْرٍ يومَ السّبت لليلتَيْنِ بقِيَتا من رمضانِ خمس وثلاثينَ وست مئة، فأشْفَقَ من ذلك وامتَنَعَ منهُ، وخاطَبَه مُستعِفيًا، وذَكَرَ أنه لا يَصلُحُ للقيام بما قَلَّده من تلك الخُطّة تورُّعًا منه، فلم يُسعِفْهُ، فتقَلَّدها وسارَ فيها أحسَن سِيرة، وأظهَرَ الحقوقَ التي كان الباطلُ قد غَمَرَها، ونَفَّذَ الأحكامَ، وكان ماضيَ العزيمة مِقْدامًا مَهِيبًا جَزْلًا في قضائه، لا تأخُذُه في الله لَوْمةُ لائم، واستمرَّ على ذلك بقيّةَ عُمرِه.

وصنَّف كُتُبًا كثيرةً (¬1) أفاد بها، منها: "المَشْرَعُ الرَّوِيّ في الزِّيادةِ على غريبَي الهَرَويّ"، ومنها: "أربعونَ حديثًا" التزَمَ فيها مُوافقةَ اسمِ شيخِه اسمَ الصّحابيّ، وما أُراه سُبِقَ إلى ذلك، وهُو شاهدٌ بكثرةِ شيوخِه وسَعةِ روايتِه، ومنها: "نُزهةُ الناظر في مناقبِ عمّارِ بن ياسِر"، ومنها: "الجُزءُ المختصَر في السُّلوِّ عن ذهابِ البصَر" ألَّفَه لصاحبِنا أبي محمد بن أبي خُرْصٍ الضَّرير الواعظِ رحمَه اللهُ، ومنها: "رسالةُ ادّخارِ الصَّبر في افتخارِ القَصْرِ والقَبْر"، ومنها: "الإكمالُ والإتمام في صِلة الإعلام بمحاسنِ الأعلام من أهل مالَقةَ الكِرام" تأليفَ أبي [العباس أصبغ بن علي بن هشام بن أصبغ بن عبد الله] (¬2) بن أبي العبّاس، واخْتَرَمَتْهُ المَنيّةُ عن إتمامِه، فتولَّى كمالَه ابنُ أُختهِ أبو بكر بنُ محمد بن خَمِيس المذكورُ، ولهذا الكتابِ اسمٌ آخَرُ وهو: "مَطْلَعُ الأنوار ونُزهةُ البصائرِ والأبصار، فيما احتَوَت عليه مالَقةُ من الأعلام والرؤساءِ والأخيار، وتقييدِ ما لهم من المناقبِ والآثار" (¬3). ومن نَظْمِه وقد استَدْعَيْتُ منه إجازةً [الطويل]: أجبتُكَ لا أنّي لِما رُمْتَهُ أهلُ ... ولكنَّ ما أحبَبْتَ محُتمَلٌ سهلُ وكيف أَراني أهلَ ذاك وقد أتَى ... عليَّ المُميتانِ: البِطالةُ والجهلُ؟! وما العلمُ إلّا البحرُ طابَ مَذاقُهُ ... وماليَ عَلٌّ في الورودِ ولا نَهْلُ فنسألُ ربِّي العَفْوَ عنّي فإنهُ ... لِما يَرتجيهِ العبدُ من فضلِه أهلُ والأبياتُ لُزوميّةٌ. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "ومن تصانيفه: شرح الآيات التي استشهد بها سيبويه، رحمه الله". (¬2) بياض في النسختين، وما أثبتناه من ترجمته في التكملة الأبارية (552). (¬3) هو المطبوع باسم "أدباء مالقة" بتحقيق صديقنا الدكتور صلاح جرار، وباسم "أعلام مالقة" بتحقيق الدكتور عبد الله الترغي.

1219 - محمد بن علي بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن زكريا بن عبد الله ابن إبراهيم بن حسنون الحميري الكتامي، بياسي سكن شوذر مدة عاد إلى بلده، أبو بكر، ابن حسنون

ومنه في صفةِ النَّعْل المتَّخَذة من الحَلْفاء، وهي التي يُسمِّيها أهلُ الأندَلُس ومَن صاقَبَهم من أهل العُدوة بالبُلْغَة (¬1)، وهي من قصيدةٍ طويلة في مَدْح المأمونِ أبي العلاءِ ابن المنصُور، من بني عبد المُؤْمن [الطويل]: رَكِبتُ إلى لُقْياكَ كلَّ مَطِيّةٍ ... مُبرَّأةٍ أن تَعرِفَ الأبَ والنَّسْلا إذا نَسَبُوها فالتَّنوفةُ أُمُّها ... ووالدُها ماءُ الغَمامِ إذا انْهَلّا وما علِمَتْ يومًا غِذاءً وإنّما ... أعارَ لها الأعضاءَ صانعُها فتَلا وقد ضَمِرَتْ حتى اغتَدتْ من نُسوعِها ... فلو عرَضَتْ للشمسِ ما أسقَطَتْ ظِلّا وما في قَراها قَدْرُ مقعدِ راكبٍ ... ولكنّها ساوَتْ مِساحتُها الرِّجْلا لتبليغِها المضطرَّ تُدْعى ببُلْغَةٍ ... وإن قِسْتَ بالتشبيهِ شَبَّهْتَها نَعْلا سأشكرُها جُهدي وأُثني بفضلِها ... فقد بلَّغتْني خيرَ مَنْ وطئَ الرَّمْلا مليكًا كأنَّ الشمسَ فوقَ جبينِهِ ... وليثُ الشَّرَى في دِرعِه حاميًا شِبْلا إذا رام أمرًا لم يكنْ فيه مِن "عسَى" ... وإن قال: كنْ؛ لم يَخْشَ في غَرضٍ مَوْلى وما ذاك إلّا أنّ في الله هَمَّهُ ... فيُجري له في ذلك القولَ والفعلا مَوْلدُه تخمينًا في نحوِ أربعٍ وثمانينَ وخمسِ مئة، وتوفِّي ظُهرَ يومِ الأربعاءِ لأربعٍ خَلَوْنَ من جُمادى الآخِرة عامَ ستةٍ وثلاثينَ وست مئة. 1219 - محمدُ (¬2) بن عليِّ بن عبد الرّحمن بن عبد العزيز بن زكريّا بن عبد الله ابن إبراهيمَ بن حَسْنُون الحِمْيَريُّ الكُتَاميُّ، بَيّاسيٌّ سَكَنَ شَوْذَرَ مُدّةً عاد إلى بلدِه، أبو بكر، ابنُ حَسْنُون. ¬

_ (¬1) ما تزال معروفة ومستعملة إلى يوم الناس هذا بهذا الاسم. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1561)، والذهبي في المستملح (212)، وتاريخ الإسلام 13/ 102 نقلًا من ابن الأبار، ثم أعاده في وفيات سنة 608 هـ نقلًا من معجم شيوخ ابن مَسْدي 13/ 198؛ ومعرفة القراء 2/ 585، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 205، 241.

1220 - محمد بن علي بن عبد الرحمن [] بن مسعدة العامري، غرناطي، أبو يحيى

وجَعَلَ ابنُ الزُّبَير "عبدَ الرّحمن" بَدلَ "عبدِ الله" في نَسَبِه وأسقَطَ "إبراهيمَ" منه، والصَّوابُ ما أثبتُّه. تَلا بالسَّبع على أبوَي الحَسَن: أبيه وشُرَيْح، وبها وبقراءةِ يعقوبَ إلى الإدغام الكبير على أبي محمد بن خَلَف الزَّنْقِيّ، ورَوى عنهم وعن أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ، وأبي جعفر بن عُمرَ بن مَعْقِل، وأبوَي الحَجّاج: الأُنْديِّ القَفّال وابن يَسْعُون وأكثَرَ عنه، وأبي عبدِ الله بن عبد الرّحمن ابن القَفّالِ ولازَمَه في العربيّة والأدب، وأبي القاسم بن وَرْد، قَرَأَ عليهم وسَمِع وأجازوا له. وأجاز له أبو بكرٍ يحيى بنُ الخلف، وأبو جعفر بن عَيْشُون، وأبو الحَسَن بن هُذَيْل، وأبو العبّاس ابنُ النَّحّاس، وأبو عليّ بن كُرَيْب، ومن أهل المشرِق: أبو عبد الله المازَريُّ، ولم يَلْقَهم. رَوى عنه ابنُه أبو عبد الله، وأبو بكرٍ عَتِيقُ بنُ الحُسين بن رَشِيق، وأبَوا جعفر: ابن شُهَيْد وابن مالك ابن السَّقّاء، وأبو الحَسَن أحمدُ بن محمد بن واجِب، وأبو محمد بن محمد الكَوّاب، والمحمَّدانِ: ابنُ محمد بن سُليمانَ وابن يوسُفَ بن عليّ، وأبو الوليد إسماعيلُ بن يحيى العَطّار، وهو آخِرُهم؛ وحدَّثَ عنه بالإجازة أبو بكر بن غَلْبُون. وكان من جِلّةِ المُقرِئينَ وأئمّة المحدِّثين، عَدْلًا ضابطًا مُتقِنًا، طيِّبَ النَّغَمة بالقراءة، فاضلًا عاليَ الرِّواية، استُقضيَ ببلدِه وتصَدَّرَ به للإقراءِ وإسماع الحديث عُمُرَه كلَّه، وعُمِّر؛ فعَلَتْ روايتُه وكثُرَ الراحِلونَ إليه فيها، وأسَنَّ حتى ضَعُفَ بصَرُه وتعذَّر الكَتْبُ عليه. مَوْلدُه سنةَ عشرينَ وخمس مئة، وقيل: سنةَ أربع وعشرينَ، وتوفِّي ببلدِه آخِرَ رمضانَ، وقيل: لثمانٍ - خَلَونَ منه، وقيل: يومَ الاثنينِ لخمسٍ خَلَوْنَ منه، سنةَ أربع (¬1) وست مئة، وصَلَّى عليه ابنُه محمدٌ، ودُفنَ بالبَقِيع خارجَ بَيّاسةَ. 1220 - محمدُ بن عليِّ بن عبد الرّحمن [....] (¬2) بن مسعدةَ العامِريُّ، غَرْناطيٌّ، أبو يحيى. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "ثمان، قاله ابن مسدي وقد أخذ عنه". قلنا: وينظر تعليقنا في الهامش السابق. (¬2) بياض في النسختين.

1221 - محمد بن علي بن عبد الرحمن بن ظافر بن إبراهيم بن أحمد بن أمية بن أحمد المرادي، أوريولي، أبو العلاء، ابن المرابط

رَوى عنه أبو القاسم المَلّاحيُّ، أجاز له لفظًا نظْمَهُ ونَثْرَه، وكان مُبرِّزًا في النَّوعَيْنِ. 1221 - محمدُ بن عليِّ بن عبد الرّحمن بن ظافِر بن إبراهيمَ بن أحمدَ بن أُميَّة بن أحمدَ المُراديُّ، أورِيُوليٌّ، أبو العلاء، ابنُ المُرابِط (¬1). رَوى عن أبي بكر بن أبي جَمْرةَ، وأبوَيْ جعفر: ابن حَكَم وابن عَوْنِ الله، وأبي الخَطّاب بن واجِب، وأبي عبد الله بن نُوح، وأبي عَمْرو بن عَيْشُون. وأجاز له مِن أهل المشرق: أبو أحمدَ عبدُ الوهّاب بن عليِّ بن عليِّ بن سُكَينةَ، وأبو الحَسَن بنُ المُفضَّل، وأبوَا القاسم: عبدُ الرّحمن بن عبد المجيد الصَّفْراويُّ وابنُ مكِّيِّ بن حمزةَ بن مُوَقَّى، وآباءُ محمد: عبدُ الرّحمن بن عبد الله بن عُلْوانَ الأَسَديُّ وعبدُ العزيز بن محمودِ بن الأخضَر وعبدُ الواحِد بن عبد السّلام بن سُلطان، وسُليمانُ بن إبراهيمَ بن هِبة الله بن رحمةَ، وعبدُ الرزّاق بنُ عبد القادر بن أبي صالح الجِيليُّ ونَصْرُ الله بن سَلامةَ بن سالم. وكان فقيهًا عاقدًا للشُّروطِ حاذِقًا فيها، واستُقضيَ، وامتُحِنَ بالأَسْر -نفَعَه اللهُ- عند خروجِه من بلدِه واستيلاءِ العدوِّ عليه، ثم افتُكَّ بعِوَض، وقَدِمَ مُرْسِيَةَ فتوفِّي بها سنةَ ثلاثٍ وستينَ وست مئة. 1222 - محمدُ (¬2) بن عليِّ بن عبد العزيزِ بن جابِر بن أَوْسَن (¬3) -بفتح الهمزةِ والسِّين الغُفْل- ابن حَفْص بن أَوْسَن -كالأوّل- ابن عُزَيْر -بالرّاء- ابن إسماعيلَ بن مُعَمَّر -بفَتْح العَيْن- ابن حَسّانَ بن سَلَمةَ بن جُبَيْر -مُصَغَّرًا، وهو ¬

_ (¬1) هو مؤلف كتاب "زواهر الفكر وجواهر الفِقَر" الذي يشتمل على طائفة من أدباء شرق الأندلس الذين ختمت بهم الحياة الأدبية في هذه الجهة. وقد حقق هذا الكتاب الجيد الدكتور أحمد المصباحي ونال به رتبة الدكتوراه بإشراف الدكتور محمد بن شريفة. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1485)، وفي النسب اختلاف عما هنا، والذهبي في المستملح (169) وتاريخ الإسلام 12/ 788. (¬3) في الأصل: "أوس"، وما أثبتناه قيده ابن الأبار بالحروف.

1223 - محمد بن علي بن عبد العزيز السعدي، أشري

أبو الصِّفَاح والي أكشونبةَ- ابن يحيى بن الجبِّيْرِ -بكسر الجِيم وتشديدِ الباءِ بواحدةٍ وياءِ مَدّ- اليَحْصُبيُّ اليَمَانيُّ، قُرطُبيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ حَفْص. تَلا بالسَّبع على أبي بكرٍ عَيّاش بن فَرَجٍ ولازَمَه وأكثَرَ عنهُ، وآباءِ عبد الله: جعفرٍ حَفيدِ مكِّيّ وابن المُناصِفِ وأكثَرَ عنه، وابن الحاجِّ وابن أبي الخِصَال، وأبي مَرْوانَ ابن مسَرّةَ وأطال مُلازمتَه واختَصَّ به، قَرَأَ عليهم وسَمِع وأجازوا له إلّا ابنَ المُناصِف فلم يَذكُرْ أنه أجاز له. وأجاز له أبو بكرٍ ابنُ العَرَبيِّ، وأبو جعفرٍ البِطْرَوْجيُّ، وأبو القاسم ابنُ الفَرَس. رَوى عنهُ أبوا الحَسَن: ابنُه وابنُ قُطْرالَ، وأبو بكرٍ المَنْتِيشيُّ، وأبَوا جعفر: الجَيّارُ وابنُ محمد أبو حُجّة، وابنا حَوْطِ الله، وأبو الرَّبيع بن حَكَم، وأبوا عبد الله: القُرَشيُّ وابنُ محمد بن فَتْح ابن الفَصَّال، وأبَوا القاسم: عبدُ الرّحيم ابنُ المَلْجُوم ومحمدُ بن محمد بن عبد الرّحمن ابن الحاجّ، وأبو الوليد ابنُ الحاجّ. وكان مُكْتِبًا عَفيفًا فاضلًا وَرِعًا، ديِّنًا متواضعًا، أديبًا حافظًا ذكيًّا، منقبِضًا عن الأمورِ السُّلطانيّةِ كلِّها، كارهًا الدخولَ فيها، مُجاهدًا نفْسَه راضيًا بالكفافِ في معيشتِه صابرًا على القَلّ، وخَطَبَ بقُرطُبةَ وقتًا، وكتَبَ من الحديثِ قطعةً صالحة، وجَمَعَ من كَتْبه جُملةً وافرة أتقَنَها وعُنيَ بضبطِها، وشَغَل نفْسَه بتقييدِها، ولازَمَ إسماعَها وإقراءَها، وكان يضبِطُها على كَبْرتِه أجودَ الضَّبطِ وأتمَّه، ويتَحرَّى الاستقامةَ والصَّوابَ في أدائها وتحميلِها، واستمرَّت على ذلك حالُه إلى أن توفَي بقُرطُبةَ مستورًا مُستغِنيًا عن الناس، في نحوِ الثُّلثُ الآخِر من ليلةِ الأحد الثامنةَ عشْرةَ من ذي قَعْدةِ أربع وثمانينَ وخمسِ مئة، ودُفنَ عصرَ يوم الأحد بمقبُرة أُمِّ سَلَمةَ حَوْمةَ مسجدِ كوْثَر، وشهِدَه جَمْعٌ كثيرٌ من الناس وأتْبَعوهُ ثناءً جميلًا وذِكْرًا حسَنًا؛ ومَوْلدُه بقُرطُبةَ بعدَ سنةِ خمس مئةٍ بنحوِ عامَيْنِ أو ثلاثة. 1223 - محمدُ بن عليِّ بن عبد العزيز السَّعْديُّ، أشريٌّ. كان طالبًا للحديث مَعْنيًّا بتقييدِه وضَبْطِه، وشُهِر بحفظِ "الموطَّإ" واستظهارِه، وكان من أهل الذكاءِ والفَضْل.

1224 - محمد بن علي بن عبد القادر، إشبيلي

1224 - محمدُ بن عليِّ بن عبد القادر، إشبِيليٌّ. كان فقيهًا عاقدًا للشّروطِ مبرِّزًا في العدالة، حيًّا في حدودِ ستٍّ مئة. 1225 - محمدُ (¬1) بن عليِّ بن عبد المُؤْمن الرُّعَيْنيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله الحاكمُ. رَوى عن أبي الأصبَغ بن سَهْل، وأبي بكر بن سابِق، وأبي عبد الله بن فَرَج مَوْلى ابن الطَّلّاع، وأبوَيْ عليّ: الغَسّانيِّ والصَّدَفيِّ. ورحَلَ حاجًّا فأخَذَ بالقَيْروانِ عن أبي الفَضْل عبد الوهّاب بن أبي القاسم زَيْدون بن عليّ السّبيبيِّ القَيْرَوانيِّ، وعاد إلى بلدِه واستُقضيَ ببعضِ جِهاتِه، ثم وَلِيَ أحكامَهُ. رَوى عنه أبو خالد بنُ رِفاعة وابنُه إبراهيم، وهو آخِرُهم، وأبو عبد الله بنُ عبد الرّحيم، وحدَّث عنه بالإجازةِ أبو عَمْرٍو زيادُ بن محمد ابن الصَّفّار. 1226 - محمدُ بن عليّ بن عُثمانَ الأَزْديُّ، مَنُرْقيٌّ، أبو عبد الله. تلا في مَيُورْقَةَ بالسَّبع على أبي عبد الله بن الحُسَين الشَّكّاز، وتأدَّب به في النَّحو وأجاز له، وأخَذ أيضًا على أبي مَرْوانَ بن إبراهيمَ بن هارون، ولم يُجِزْ لهُ. تلا عليه بالسَّبع أبو محمدٍ مَوْلى سَعِيد بن حَكَم وتأدَّبَ به في النَّحوِ والأدب، وكان مَعْنيًّا بالفقه وحفظِ المسائل، وتصدَّر للإقراءِ والأخْذِ عنه، واستُقضيَ بمَنُرْقةَ، وكان رجُلًا صالحًا. وتوفِّي بها وهو يتَولَّى قضاءها ليلةَ الاثنينِ الرابعةَ من شهر ربيعٍ الآخرِ سنةَ سبعينَ وست مئة، ومَوْلدُه في النِّصف الثاني من عام سبعةٍ وتسعينَ وخمس مئة. 1227 - . (¬2). وكان فقيهًا حافظًا جليلًا. توفِّي بغَرْناطةَ سنةَ أربعينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1306) وفي معجم أصحاب الصدفي (126)، والذهبي في المستملح (86) وتاريخ الإسلام 11/ 733. (¬2) لا بياض في الأصل، ولكن من الواضح أن هنا ترجمة قد سقط أولها.

1228 - محمد بن علي بن عصفور، إشبيلي، أبو عمرو

1228 - محمدُ بن عليِّ بن عُصفُور، إشبِيليٌّ، أبو عَمْرو. رَوى عن عن خَضِر بن نَمِر، رَوى عنه أبو العبّاس بنُ عليّ بن هارون، وكان ظاهِريًّا شديدَ التعصُّبِ لإبن حَزْم، وكان ضريرَ البصَر. 1229 - محمدُ (¬1) بن عليّ بن عَطِيّةَ العَبْدَريُّ، دانيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي العبّاس بن طاهر، وله رحلةٌ حَجَّ فيها. 1230 - محمدُ (¬2) بن عليّ بن عَطِيّةَ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله الشَّوّاشُ. كان أديبًا ذا حَظٍّ من الكتابة وقَرْض الشِّعر، واختَصَّ وقتَه وبعدَه ببَراعةِ الخَطّ، فكان أنيقَ الوِراقة رائقَها، وتوارَثَ الناسُ التنافُسَ فيما كتَبَ إلى اليوم، وكم حامَ كثيرٌ من الوَرّاقينَ على سُلوكِ طريقتِه فلم يُدركوها، وكانت وفاتُه في حدود الأربعينَ وخمسِ مئة. 1231 - محمدُ بن عليّ بن عُمرَ بن أبي الفَتْح اللَّخْميُّ، بَلَنْسِيٌّ. كان حيًّا سنةَ أربعَ عشْرةَ وست مئة. 1232 - محمدُ بن عليِّ بن عُمرَ الجُذَاميُّ، باجِيٌّ. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ القاضي. 1233 - محمدُ بن عليِّ بن عِمرانَ، أبو عبد الله، ابنُ النَّقّاش. رَوى عن أبي الرَّبيع بن سالم. 1234 - محمدُ بن عليِّ بن عيسى الحَضْرَميُّ، قُرطُبيٌّ. رَوى عن صِهرِه أبي الوليد مالكٍ العُتْبيِّ، وكان أديبًا لُغَويًّا حافظًا جيِّدَ الخَطّ والضَّبط. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1260). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1298)، والذهبي في المستملح (81) وتاريخ الإسلام 11/ 745.

1235 - محمد بن علي بن عيسى الفهري، بلنسي

1235 - محمدُ بن عليِّ بن عيسى الفِهْرِيُّ، بَلَنْسِيٌّ. كان من أهلِ العلم، حيًّا سنةَ أربعَ عشْرةَ وست مئة. 1236 - محمدُ بن عليِّ بن أحمدَ بن محمد بن غالبٍ الحَضْرَميُّ، مالَقيٌّ، أبو عبد الله أخو أحمدَ. رَوى عن أبي القاسم المَلّاحيّ. 1237 - محمدُ بن عليّ بن فَرَج العَبْدَريُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي جعفرٍ البِطْرَوْجيّ. 1238 - محمدُ بن عليِّ بن فُضَيْل، أبو الحَسَن. رَوى عن شُرَيْح، وسيأتي. 1239 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن فُضَيْل، ولعلّه هذا. 1240 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن خَلَف بن سُليمانَ بن خالدِ بن بُهْلُولِ بن عبد الرَّؤوف بن مُخارِق بن أحمدَ العَبْدَريُّ، أُنْدِيُّ سَكَنَ بَلَنْسِيَةَ طويلًا، ثم سَبْتةَ بأخَرةٍ، أبو عبد الله، ابنُ خالد. رَوى عن أبي الخَطّاب بن واجِب، وأبي الرَّبيع بن سالم، وأبوي عبد الله: ابن أيُّوب بن نُوح وابن سَعِيد المُراديِّ، وأبي عَمْرٍو محمدِ بن محمد بن عَيْشُون، وأبَوي محمد: ابن حَوْطِ الله وغَلْبُون. وكان أديبًا ذاكِرًا للتّواريخ وأيامِ الناس مُمتِعَ المُجالسة، وأسَنَّ؛ فكان من آخرِ السَّمّاعينَ على أكابرِ هؤلاء الشيوخ، وكان ثقةً فيما يَرويهِ حُجّةً فيما يُسنِدُه ويحدِّثُ به، حسَنَ الخَطّ، ذا مشاركةٍ صالحة في الطِّبّ. مَوْلدُه بأُنْدةَ معَ أوائل ثمانٍ وثمانينَ وخمس مئة، قبْلَها بيسير أو بعدَها بيسير، لم يتحقَّق الشهرَ، وانتَقلَ إلى بَلَنْسِيَةَ عامَ ثمانيةٍ وعشرينَ وست مئة، وتوفِّي بسَبْتةَ ليلةَ الثلاثاءِ الثامنةَ والعشرينَ من شوّالِ أربع وسبعينَ وست مئة.

1241 - محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن محمد الهمداني، وادياشي أبو القاسم، ابن البراق

1241 - محمدُ (¬1) بن عليِّ بن محمد بن إبراهيمَ بن محمدٍ الهَمْدانيُّ، وادِيَاشيٌّ أبو القاسم، ابنُ البَرّاق. رَوى عن أبي بحرٍ يوسُفَ بن أحمدَ بن أبي عَيْشون، وآباءِ بكر: ابن رِزْق، والعُقَيْليِّ وتلا بالسَّبع عليه، وابن أبي ليلى، وآباءِ الحَسَن: ابن غُرِّ الناس وابن فَيْد وابن إبراهيمَ ابن المَلّ وابن النِّعمة، ونَجَبةَ ولقِيَه بمَرّاكُشَ، ووليدِ بن موفَّق، وأبوَيْ عبد الله: ابن يوسُفَ بن سَعادةَ ولازَمَه أزيَدَ من ستِّ سنينَ وأكثَرَ عنهُ، وابن الفَرَس، وآباءِ العبّاس: ابن إدريسَ، والخَرُّوبيِّ وتَلا عليه بالسَّبع وأكثَرَ عنهُ وعَرَضَ عليه مِن حِفْظِه كثيرًا، ومن ذلك: "الموطَّأُ" و"الملخَّصُ" وغيرُ ذلك، وابنِ مَضَاء، وأبي عليِّ بن عَرِيب، وأبوَي القاسم: ابن حُبَيْش وابن عبد الجَبّار، وآباءِ محمد: ابن سَهْل الضَّرير وعاشِرٍ وقاسم بن دَحْمانَ، وأبي يوسف بن طلحةَ. وأجاز له: آباءُ بكر: ابنُ خَيْر وابنُ العَرَبيّ وابنُ فَنْدِلةَ وابنُ نُمَارةَ، وآباءُ الحَسَن: شُرَيْحٌ وابنُ هُذَيل ويونُسُ بن مُغيث، وأبو الخليل مُفَرِّجُ بن سَلَمةَ، وأبو عبد الله حَفيدُ مكِّي، وأبو عبد الرّحمن بن مُساعِد، وذَكَرَ ابنُ الأبار أنه سَمِعَ منه، ولم يَذْكُرْ ذلك ابنُ البَرّاق في "برنامَجِه" الذي وقَفْتُ عليه، بل سمّاه في جُملةِ الذين أجازوا له ولم يلقَهم، وأبو عامرٍ محمدُ بن أحمدَ السالِميُّ، وأبو القاسم ابنُ بَشْكُوالَ، وأبو محمد بنُ عُبَيد الله، ولقِيَه في قولِ ابن الرُّوميّة وهو باطلٌ؛ وأبَوا مَرْوانَ: الباجِيُّ وابنُ قُزْمان، وأبو الوليد بنُ حَجّاج؛ وله بَرنامَجٌ ذكَرَهم فيه وبيَّن كيفيَّةَ أخْذِه عنهم، وقَفْتُ على نُسخةٍ منه عليها خَطُّه في عَقِبِ شعبانِ أحدٍ وتسعينَ وخمس مئة، ووقَفْتُ على خطِّ أبي العبّاس بن علي بن هارونَ أنَّ أبا القاسم ابنَ البَرّاق أجاز له، وأحالَه في ذكْرِ شيوخِه على هذا البرنامَج الذي ذكَرْتُ وتوفِّي عليه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1527)، والرعيني في برنامجه 152، والذهبي في المستملح (193) وتاريخ الإسلام 12/ 1086، وابن الخطيب في الإحاطة 2/ 488.

وذكَرَهم أبو جعفر ابنُ الزُّبَير إلّا نَجَبةَ وابنَ مَضَاءٍ وابنَ حُبَيْش وعاشِرًا وأبوَيْ محمد: ابنَ سَهْل وقاسمَ بنَ دَحْمان، وزاد فيهم [...] (¬1) أبا محمدٍ ابنَ الوَحِيديِّ، وقال: إنه القاسمُ، بخطِّه، وأنه قال إثْرَهم: وجماعةٌ غيرُهم، وأحالَ على فِهرِستِه، قال ابنُ الزُّبَير، عن المَلّاحيِّ عن أبي الكَرَم بن جُوديٍّ: إنّ من شيوخِه أبا الفَضْل بنَ شرَف وأبا القاسم ابنَ الفَرَس وأبوَيْ محمد: ابنَ أبي جعفر وابنَ السِّيْد وأبا الوليد ابنَ الدَّبّاغ، قال ابنُ الزُّبَير: وأُراه وَهمًا من جُوديٍّ تَبِعَه المَلّاحيُّ عليه، فإنّ أقدمَ من سَمَّى ابنُ البَرّاق بخطِّه من شيوخِه وفاةً ابنُ فَنْدِلةَ وشرَيْح، وأقصَى ما رَوى عنهما بمجرَّد إجازة، وهكذا حالُه فيمَن ذَكَرَ من هذه الطبقة كيونُسَ ونُظَرائه، وأمّا شيوخُه باللِّقاءِ والقراءةِ فمن طبقةٍ بعدَ هذه، فيَبعُدُ حَمْلُه عن ابن السِّيْد وابن أبي جعفرٍ بُعدًا كُلِّيًّا، واللهُ أعلم؛ ثم قد ذَكَرَه النَّبَاتيُّ في شيوخِه واستوفَى جُملةً من رجالِه، فلم يَذكُرْ منهم مَنْ ذكَرَهُ المَلّاحيُّ، وأبعَدُ شيءٍ أن يُغفِلَ مثلَ ابنِ الدَّبّاغ في إمامتهِ وعِلمِه ويَذكُرَ مَن ليس من نمَطِه ممّن رَوى عنه بمجرَّدِ إجازةٍ، واللهُ أعلم. قال المصنِّف عَفَا اللهُ عنه: فيما جرى من ذكْرِ هؤلاء الشّيوخ ما ينبغي التنبيهُ عليه، من ذلك: إغفالُ أبي الطاهِر السِّلَفيّ، وهُو وإن لم يُعيِّنْ ذكْرَهُ بترجمة، يُبيِّنُ ذلك أنّ أبا القاسم جَرى في "بَرنامَجِه" على أسلوب، وهو أنه متَى أسنَدَ كتابًا عن بعضِ شيوخِه عن شيخ أجاز لأبي القاسم قال فيه بأنه عن شيخِنا أو عن شَيْخي، ويقولُ في بعضِ الأسانيد: حدّثنا به عن شيخِه، فيمَن ليس بشيخ لأبي القاسم، فمِن ذلك: قولُه في رَسْم أبي بكر بن رِزق: وجُزءٌ من سُؤالاتِ القاضي أبي بكرٍ يوسُفَ بن القاسم بن فارِس المَيَانِجيِّ وغرائبِ حديثه، أخبرنا به عن شيخِنا الشّيخ الفقيه الأجَلِّ جمالِ الحفاظ سيفِ السُّنّة نزيل الإسكندَرّية أبي طاهرٍ أحمدَ بن محمد بن أحمدَ السِّلَفيِّ الأصبَهانيِّ رضيَ اللهُ عنه؛ وفي رَسْم أبي بكر عبد الرّحمن بن أبي ليلى: وكذلك سَمِعتُ عليه "مُسنَدَ ابنِ خِيَرة" ¬

_ (¬1) بياض في النسختين.

حدَّثنا به عن شيخِنا الحافظ أبي الطاهِر أحمدَ بن محمدٍ السِّلَفيِّ الأصبَهانيّ؛ وفي رَسْم أبي الحَسَن بن فَيْد: وكتَبَ لي خَطَّ يدِه على "أجناسِ التجنيس" حدَّثني به عن شيخِنا أبي الطاهِر السِّلَفيِّ، فتبيَّنَ بهذا أنه من شيوخ أبي القاسم واللهُ أعلم، ولم يَذكُرْه فيهم النَّباتيُّ ولا المَلّاحيُّ ولا ابنُ الأبارِ ولا ابنُ الزُّبَير، فاعلَمْهُ. ومن ذلك: أنّ ما استَبعَدَه ابنُ الزُّبَير -من حَمْل أبي القاسم عن ابن السِّيْد وابن أبي جعفر- صحيحٌ، بل هو مُحالٌ على تقديرِ صحّةِ ما قيلَ من أنّ مولدَ أبي القاسم سنةَ تسع وعشرينَ، وذلك بعدَ موتِ ابن أبي جعفرٍ بنحو ثلاثِ سنين، وبعدَ موتِ ابن السِّيْد بنحوِ ثماني سنين. وإلى ذلك -بعدُ- قال في رَسْم أبي عبد الله بن سَعادةَ: وقرَأْتُ عليه خبَرَ أبي محمدٍ ابن السِّيْد البَطَلْيَوْسيِّ معَ الإمام أبي الوليد الوَقَّشيِّ في البيتَيْنِ المشهورَيْنِ له، وقطعةً من شعرِ أبي محمدٍ المذكور، حدَّثني بذلك كلِّه عنه، وفي رَسْم أبي الحَسَن ابن النِّعمة: وقرَأْتُ عليه من تأليفِ شيخِه أبي محمدٍ ابن السِّيْد؛ وفي رَسْم أبي عليّ بن عَرِيب: حدَّثنا عن أبي محمدٍ ابن السِّيْد؛ وقال في رَسْم أبي العبّاس بن إدريسَ: حدَّثنا عن أبي عليّ الصَّدَفيِّ وأبي محمدٍ ابن أبي جعفرٍ وغيرِهما؛ وفي رَسْم أبي محمدٍ عاشِر: حدَّثنا عن غيرِ واحِد من شيوخِه، كأبي عليّ الصَّدَفيّ وابن أبي جعفرٍ وغيرِهما، فهذا كلُّه يُبيِّنُ أنّ أبا القاسم إنّما يَروي عن ابن السِّيْد وابن أبي جعفرٍ وابن شَرَفٍ وابن الفَرَس وابن الوَحِيديِّ بواسطة. وفي رَسْم أبي بحر بن أبي عَيْشُون: وحدَّثني عن أبي الفَضْل بن شَرَف؛ وفي رَسْم أبي الحَسَن بن إبراهيمَ ابن الملّ: حدّثنا عن أشياخِه المالَقيِّينَ كابن فائزٍ والقاضي أبي محمدٍ الوَحيديِّ وغيرِهما؛ وفي رَسْم أبي محمدٍ قاسم بن دَحْمان: وحدَّثنا عن فلانٍ وفلان، وعن القاضي أبي محمدٍ ابن الوَحِيديِّ؛ وفي رَسْم أبي محمد بن سَهْل: حدَّثنا عن فلانٍ وفلان، وأبي القاسم عبدِ الرّحيم بن محمد. وأمّا أبو الوليد ابنُ الدَّبّاغ فلم يَجْرِ له في البرنامَج المذكورِ ذكْرٌ ألبتّةَ، ولا بروايةٍ عنهُ مباشِرةٍ ولا بواسطة، ولكنّي أرى أنه يَروي عنه بواسطةِ بعضِ شيوخِه، واللهُ أعلم.

وقولُ ابن الزُّبَير: إنه القاسمُ بخطِّه، وأنه قال إثْرَهم: وجماعةٌ غيرُهم، فأقولُ: إنّ الجماعةَ التي لم يُسمِّها هي التي استَثْنَيْنا من نَجبَةَ إلى ابن دَحْمان، وما وقَعَ فيهم من ذكْرِ ابن الوَحِيديِّ فوَهمٌ؛ لِما بيَّنّا، وأُراهُ من ابنِ الزُّبير، وأنه -عندَ ذِكْرِ أبي القاسم أبا الحَسَن بنَ عبد الرّحمن أو أبا محمدٍ قاسمَ بنَ دَحْمان- أتْبَعَه: عن أبي محمدٍ ابن الوَحِيديِّ، يريدُ بذلك أنهُ يَروي عن أبي محمدٍ ابن الوَحِيديّ، فأقْحَمَ ابنُ الزُّبَير واوًا قبلَ "عن أبي محمد ابن الوَحِيديّ" وَهمًا فتصوَّرَ منه: قاسمُ بنُ دَحْمان وعن أبي محمدٍ الوَحِيديِّ، أو: أبو الحَسَن بن عبد الرّحمن وعن أبي محمدٍ ابن الوَحِيديِّ، وذلك كثيرًا ما يَجري عندَ النَّقْل بأدنَى غَفْلةٍ وذهولٍ عن التأمُّل، فقد جَرى مثلُ هذا على أبي العبّاس النَّباتيّ في ذكْرِ شيوخ ابن البَرّاقِ هذا، حسْبَما وقَفْتُ عليه في خطِّ أبي العبّاس نفْسِه، فإنهُ لمّا ذكَرَ فيهم وليدَ بنَ موفَّقٍ قال: يَروي عن الطَّرطُوشيِّ وعن أبي الحَسَن عليِّ بن المُشرَّف بن مُسَلَّم الأنْماطيِّ وعن القُضَاعيِّ، فأوْهَمَ ذلك أنّ وليدًا يَروي عن القُضَاعيّ، وذلك باطلٌ، وإنّما الراوي عن القُضَاعيِّ: الأنْماطيُّ لا وليدٌ، وكذلك أسنَدَه ابنُ البَرّاق في رَسْم الوليد نفْسِه، فقال: كتاب "الشِّهاب" للقُضَاعيِّ، حدَّثنا به عن الشّيخ أبي الحَسَن عليِّ بن المُشرَّف بن المُسلم الأنْماطيِّ بثَغْر الإسكندَريّة، حدَّثه به عن مؤلِّفِه القاضي أبي عبد الله القُضَاعيِّ، وكذلك أسنَدَه غيرُ واحدٍ من طريقِ ابن المُشرَّف عن القُضَاعيّ؛ وكذلك أسنَدَ ابنُ البَرّاق "المؤتلِفَ والمختلِف" لعبدِ الغنيّ فقال: حدَّثنا به، يعني وليدَ بنَ موفَّق، عن الشّيخ أبي الحَسَن بن المُشرَّفِ الأنماطيِّ سَماعًا منهُ عليه بثَغْر الإسكندَريّة، حماهُ اللهُ، على القاضي أبي عبد الله القُضَاعيِّ عن مؤلِّفِه عبدِ الغنيّ، وقال ابنُ البَرّاق: وحدَّثني، يعني الوليدَ، عن الشّيخ أبي الحَسَن عليّ بن المُشرَّف بجميع ما يحمِلُ عن القُضَاعيّ، وأيضًا، فإنّ الوليدَ إنّما رَحَلَ حاجًّا في العَشْر وخمسِ مئةٍ أو نحوِها، وروايتُه عن الطَّرطُوشيِّ وابن المُشرَّف وغيرِهما من شيوخ الإسكندَريّة عامَ أحدَ عشَرَ وخمسِ مئة، فتبيَّن بهذا أنّ أبا العبّاس النَّبَاتيَّ

وَهِمَ في إقحامِه الواوَ بينَ "الأنماطيِّ" و "عن القُضَاعيِّ"، وأنّ الصَّوابَ إنّما هو "الأنماطيِّ عن القُضَاعيّ". وذَكَرَ ابنُ البَرّاق في غيرِ موضِع من "برنامَجِه" المذكور، كلّما رَوى عن شيخ له عن شيخ قد رَوى عنهُ أبو القاسم بإجازةٍ قال: حدَّثنا به عن شيخِنا فلان. فمن ذلك: قولُه في رَسْم أبي بكر بن رِزق: كتاب "التّلقين" أخبرنا به عن شيخِنا أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ، وفيه جزءٌ فيه حديثُ أبي عبد الله البخاريِّ حدَّثنا به عن شيخِنا أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ، وجزءٌ فيه "الناسخُ والمنسوخُ" لأبي داودَ حدَّثنا به عن شيخِنا أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ؛ "الاستدراكات" للدّارَقُطنيّ حدَّثنا به عن شيخِنا أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ؛ "الإلزامات" له، أخبرنا بها عن شيخِنا أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ؛ "الطّبقات" لمُسلم حدَّثنا بها عن شيخِنا أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ؛ "الإصلاح" ليعقوبَ أخبرنا به قراءةً منه على شيخِنا أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ. وفي رَسْم أبي عبد الله بن سَعادةَ: "أربعةُ أجزاءٍ من عَوالي أبي بكرٍ ابن رَيْدان" قرأتُها عليه أخبرنا بها عن الشَّيخَيْنِ الأجَلَّيْنِ الإمامَيْنِ: شيخِنا أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ وأبي الحَجّاج يوسُفَ بن عبد العزيز اللَّخْميِّ؛ جُزءٌ من حديثِ أبي الحُسَين المبارَك بن عبد الجَبّار قرأْتُه عليه أخبرنا به عن شيخِنا أبي بكر ابن العَرَبي؛ "تاريخُ الخُلفاء" لابنِ اللَّبّان، قرأْتُه عليه أخبرنا به عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ شيخِنا؛ "أدبُ الدِّينِ والدُّنيا" قرأْتُه عليه، أخبرنا به عن شيخِنا أبي بكرِ ابن العَرَبيّ؛ "خُطبةُ الفصيح وشَرْحُها للمَعَرِّيّ" قرأْتُها عليه، أخبرنا بها عن شيخِنا أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ؛ قصيدةُ الحَرِيريِّ، قرأْتُها عليه، أخبرنا بها عن شيخِنا أبي بكر ابن العَرَبيّ؛ "معرفةُ مَن يدورُ عليه الإسناد" لعليٍّ ابن المَدِينيّ، قرأْتُه عليه، أخبرنا به عن شيخِنا أبي بكر ابن العَرَبيّ؛ "فوائدُ عن أبي الحُسَين الطُّيُوريِّ" قرأْتُها عليه أخبرنا بها عن شيخِنا ابن العَرَبيِّ. وفي رَسْم أبي بكر بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى: وأجاز لي جميعَ ما رواه عن شيخِنا أبي بكرٍ

ابن العَرَبيّ. وفي رَسْم أبي محمد بن سَهْل: وحدّثنا عن فلانٍ وفلان، وعن شيخي أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ. ومن ذلك في رَسْم أبي بكر بن رِزقٍ أيضًا: "غَريبُ الحديث" لأبي عُبَيد، أخبرنا به عن شيخِنا أبي الحَسَن يونُسَ بن محمدِ بن مُغيث؛ جزءٌ من حديث أبي عبد الله بن مُفرِّج، حدَّثنا به عن شيخِنا أبي الحَسَن بن مُغيث؛ "الجامعُ. الصحيحُ" للبخاريِّ، قال: وقرَأَ بعضَه وسَمِعَ سائرَه على شيخِنا أبي الحَسَن بن مُغيث، و "طبقاتُ النُّحاة" للزُّبَيْدي، حدَّثنا بها عن شيخِنا أبي الحَسَن بن مُغيث؛ حديثُ اللَّيث بن سَعْد أخبرنا به مُناوَلةً من شيخِنا أبي الحَسَن بن مُغيث؛ وفيه: "مختصَرُ المَناسِك" جَمْعَ أبي ذَرّ، حدَّثنا به عن شيخِنا أبي الحَسَن بن شُرَيْح؛ وفيه: وسَمِعتُ، يعني "الجامعَ الصَّحيح" للبخاريِّ، على شيخِنا أبي الحَسَن شُرَيْح؛ وفيه: "أدبُ الكُتّاب" لإبن قُتَيْبةَ، أخبرنا به قراءةً على شيخِنا أبي الوليد بن حَجّاج، "الأشعارُ السِّتة" شَرْحَ الأعلمَ أخبرنا به مُناوَلةً من شيخِنا أبي الوليد بن حَجّاج إيّاه لها؛ وفيه: "النّوادرُ" لأبي عليّ، حدَّثنا به عن شيخِنا أبي عبد الله ابن مكِّيّ؛ "الفَصيحُ" لثعلب، أخبرنا به سَماعًا منهُ على شيخِنا أبي عبد الله بن مكِّي؛ "الكامل" أخبرنا به سَماعًا منهُ على شيخِنا أبي عبد الله بن مكِّي؛ وفيه: "المقصورةُ" لابنِ دُرَيْد، أخبرنا بها قراءةً منه على شيخِنا أبي الحَسَن بن هُذَيْل. وقولُه في رَسْم أبي بكر بن رِزقْ: وقال له شيخُه أبو الحَسَن عليُّ بن عبد الله ابن محمد، وفيه: وقرَأَهُ على شيخِه أبي الحَسَن بن محمد بن واجِب. وفي رَسْم أبي عبد الله بن سَعادةَ: "الأحاديثُ الأحَدَ عشَرَ النّسْطُوريّةُ الخُماسيّةُ" التي رَواها شيخُه الإمام أبو الحَجّاج؛ وفيه: وكتَبَ لي خطَّ يدِه على فِهرِستِ شيخِه أبي محمد بن عَتّاب. وفي رَسْم أبي عبد الله ابن الفَرَس: وكتَبَ لي خطَّ يدِه على فِهرِسةِ شيخِه أبي محمد بن عَتّاب، وعلى فِهرِسةِ شيخِه أبي الحَسَن عليِّ بن أحمد.

وفي رَسْم أبي بكرٍ عبد الرّحمن بن أبي ليلى: "شمائلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -" أخبرنا به عن الإمام أبي عليٍّ شيخِه؛ كتابُ "الاستدراكاتِ والإلزامات"، سَمِعتُ جميعَها عليه أخبرنا بها سَماعًا منهُ على شيخِه أبي عليّ، وكتَبَ لي خطَّ يدِه على فِهرِسةِ شيخِه أبي عليّ. وفي رَسْم ابنِ النِّعمة: وقرَأْتُ عليه من تأليفِ شيخِه أبي محمدٍ ابن السِّيْد، وقد تقَدَّم، وكتَبَ لي على فِهرِسةِ شيخِه أبي محمد بن عَتّاب، وعلى فِهرِسةِ أبي عليّ الصَّدَفيّ. وفي رَسْم أبي الحَسَن بن هُذَيْل: كتَبَ لي خطَّ يدِه ووَجَّهَ به إليَّ من بَلَنْسِيَةَ على فِهرِسةِ شيخَيْهِ: أبي داودَ وأبي بكرٍ خازِم. وفي رَسْم الوليدِ بن حَجّاج: وكتَبَ لي على فِهرِسةِ شيخِه الأعلم. فقد تبيَّن بهذا، وببعض ما تقَدَّم، عمَلُه في تمييزِه شيوخَه الذين شارَكَ شيوخَه فيهم من شيوخِهم الذين انفَردوا بهم دونَه؛ وما نَسَبَ ابنُ الزُّبير إلى جُوديٍّ من الوَهم الذي تَبِعَه عليه المَلّاحيُّ فتحامُلٌ ظاهرٌ على جُوديّ، وأقولُ على الإنصاف: إنّ الوَهمَ في ذلك من المَلّاحيّ، ولا أدري ما الذي جرَّه عليه، فأمّا جُوديٌّ فبعيدٌ إن لم يكنْ مُحالًا وقوعُ ذلك منه؛ لِما تحقَّقَ من نُبلِه وضَبْطِه وشدّةِ اختصاصِه بأبي القاسم ابن البَرّاق وطُول مُلازمتِه إيّاهُ أعوامًا عدّة، وأخْذِه عنه جميعَ مصنَّفاتِه ومُنَشآتِه وأكثرَ مَرْويّاتِه، فنِسبتُه إلى الوَهم في ذلك ممّا لا ينبغي القولُ به، واللهُ أعلم. ثُم بنَى ذلك على النّظرِ في تقدُّم وفاةِ بعضِ الشّيوخ المُجِيزينَ له على بعض، وإن كان مُعتبَرًا فغيرُه أوْلَى منه، وهو تعرُّفُ تواريخِ إجازاتِهم، وقد نَصَّ على ذلك ابنُ البَرّاق في "برنامَجِه". وفي إيرادِ ابن الزُّبَير لشُيوخ ابن البَرّاق وما انجَرَّ ذكْرُ تسميتِهم تخليطٌ فاحش، يَبِينُ ذلك باجتلابِهم من كتابِه بنصِّه، قال: رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي،

وأبي الحَسَن شُرَيْح بن محمد، وأبي مَرْوانَ الباجِيِّ، وأبي الوليد إسماعيلَ بن عيسى بن نَجاح، وأبي بكر بن فَنْدِلة، وأبي الحَسَن يونُسَ بن مُغيث، وأبي عبد الله جعفرِ بن مكِّيّ، وأبي عبد الله مُساعِدِ بن أحمدَ بن مُساعدٍ الأصبَحيِّ، وأبي الخليل مُفرِّج بن سَلَمةَ، وأبي مَرْوانَ عبد الحقِّ بن قُزْمانَ، وأبي محمدٍ ابن الوَحِيديِّ، وأبي الحَسَن بن هُذَيْل، وقَفْتُ على هؤلاءِ بخطِّه من عِلْيةِ مَن لقِيَه. فهذا نَص منه على أنه لقِيَ هؤلاءِ، وقال ابنُ البَرّاقِ: والشّيوخُ الذين أجازوني ولم ألقَهم؛ فذَكَرَ ابنَ العَرَبيِّ والباجِيَّ وابنَ حَجّاج وابنَ فَنْدِلةَ وشُرَيْحًا وابن مُغيث وابنَ مكِّيّ ومُساعدًا، وكَنَاهُ أبا عبد الرّحمن وكَنَاه ابنُ الزُّبير أبا عبد الله وَهمًا؛ ومُفرِّجَ بن سَلَمةَ وابنَ خَيْر وابنَ قُزْمان، فزاد فيهم -كما ترى- ابنَ خَيْر، ولم يَذكُرْ فيهم ابنَ الوَحِيديّ، وذَكَرَ ابنَ هُذَيْلٍ تحتَ ترجمةِ أخرى كما سأُوردُه إن شاء الله. قال ابنُ الزُّبَير: وذَكَرَ مَعهم عِلْيةً من طبقةٍ تَلِيهم، منهم: القاضي أبو عبد الله ابنُ عبد الرّحيم، وأبو الحَسَن بن النِّعمة، وأبو عبد الله بن سَعادَة ولازَمَهُ كثيرًا وقيَّد عنه، وأبو بكرٍ عبدُ الرّحمن بن أحمدَ بن أبي ليلى، والمُقرئ أبو بكر بن نُمارةَ، وأبو عامرٍ محمدُ بن أحمدَ السالِميُّ، وأبو العبّاس الخَرُّوبيُّ، وأبو القاسم ابنُ بَشْكُوالَ، وأبو الحَسَن وليدُ بن مُؤْمن. كذا قال، وإنّما هو ابنُ موفَّق، ولعلّه تغييرٌ من الناسخ. رَجْعٌ: وأبو الحَسَن بنُ غُرِّ الناس، وأبو عليٍّ حُسَينُ ابن عَرِيب، وأبو الحَسَن عليُّ بن فَيْد، وأبو بكرٍ يحيى بنُ رِزق، وأبو محمد بنُ عُبَيد الله، وأبو بكر بنُ خَيْر، وأبو بكرٍ يحيى بنُ عبد الله بن عبد الواحِد العُقَيْليُّ وتَلا عليه بقراءاتِ السّبعة؛ وأبو بحرٍ يوسُفُ بن أبي عَيْشُون، وأبو القاسم عبدُ الجَبّار البَجّانيُّ، وأبو الحَسَن عليُّ بن إبراهيمَ المالَقيُّ، وأبو يوسُفَ يعقوبُ ابن طلحةَ الجَزِيريُّ، وأبو العبّاس بن إدريسَ، ألفَيْتُ هؤلاءِ بخطِّه، وقال إثْرَ ذكْرِهم: وجماعةٌ غيرُهم، وأحال على فِهرِستِه. انتهى ما قصَدتُ نقْلَه هنا ممّا ذكَرَه ابنُ الزبير، وفيه: أبو القاسم عبدُ الجَبّار، وإنّما هو عبدُ الرّحمن بنُ عبد الجَبّار، وقد تقَدَّم ما ذَكَرَ عن المَلّاحيّ عن جُوديّ.

وقد ذَكَرَ ابنُ البَرّاقِ شيوخَه في فِهرِستِه على أربعةِ أصناف: الأوّل: الذين أجازوا له ولم يَلْقَهم. الثاني: قال فيه: ومِن شيوخي الذين أخَذْتُ عنهم بشَرْق الأندَلُس وضاعَ لي بالفتنةِ خَطُّه: أبو عامرٍ السالِميُّ، كتَبَ لي بخطِّه ووَجَّهه إليّ من مُرْسِيَةَ، ابنُ بَشْكُوال: كتَبَ لي خطَّ يدِه ووَجَّهه به إليَّ من قُرطُبةَ في ذي قَعْدةِ خمس وستينَ وخمسِ مئة، أبو الحَسَن بنُ هُذَيْل: كتَبَ لي خطَّ يدِه ووَجَّهه إليَّ من بَلَنْسِيَة على فِهرِسةِ أبي داودَ في صَفَرِ ثمانيةٍ وخمسينَ وخمس مئة وعلى فِهرِسةِ خازِم في جُمادى الأولى سنةَ اثنتين وستينَ وخمس مئة، أبو بكر بن نُمارةَ: كتَبَ إليّ على فِهرِستِه في جُمادى الأولى ثِنتينِ وستينَ وخمسِ مئة، وعلى تسميةِ أشياخِه في شعبانِ ثمانٍ وخمسينَ وخمس مئة، ووَجَّه به إليّ من بَلَنْسِيَة، أبو محمد بنُ عُبَيد الله: كتَبَ لي ولأبي القاسم إجازةً عامّةً ووَجَّهَ بها إليَّ من سَبْتةَ في ربيع الآخِر من سنةِ إحدى وثمانينَ وخمس مئة. فهكذا أورَدَ ذِكْرَ هؤلاءِ الصِّنف ولم يَذكُرْ لقاءه واحدًا منهم، وفي قولِه في كلِّ واحدٍ منهم: أنه وَجَّهَ إليه خطَّه، ما يُشعرُ إشعارًا قويًّا أنه لم يَلْقَه، واللهُ أعلم. الثالثُ: قال فيه: الأشياخُ الذين أخَذْتُ عنهم بالمُدارَسة والمُذاكَرة: أبو بكرٍ العُقَيليُّ، أبو العبّاس الخَرُّوبيُّ وأجاز له لفظًا، أبو الحَسَن وليدُ بن موفَّق وأجاز له ما أخَذَ عنهُ، أبو بكر بنُ رِزق وأجاز له جميعَ ما يَحمِلُ وتَناوَلَ منه كثيرًا، أبو عبد الله بنُ سَعادةَ أكثَرَ عنهُ ولازَمَهُ وأجازَ له ما قرَأَ عليه، أبو عبد الله بنُ عبد الرّحيم قَرَأَ عليه جُملةً صالحةً وأجاز له، أبو القاسم بنُ حُبَيْش وأكثَرَ عنه وأجاز له ما قرَأَهُ عليه وجميعَ موضوعاتِه، أبو بكر عبدُ الرّحمن بن أبي ليلى أخَذَ عنه وأجازَ له جميعَ ما قرَأَهُ عليه وجميعَ ما رَواهُ عن بعضِ أشياخِه، أبو الحَسَن ابنُ النِّعمة قَرَأَ عليه وتَناوَلَ منه وأجاز له، أبو عُمرَ يوسُفُ بن أبي عَيْشُون عَلَّق عنه جملةً من نَظْمِه ونثرِه وقَرَأَ عليه وأجاز له.

الرابع: الشُّيوخُ الذين أجازوه بالمُشافَهة: أبو القاسم بنُ عبد الجَبّار، أبو الحَسَن بنُ إبراهيم، أبو يوسُفَ يعقوبُ بن طلحةَ لقِيَه بإشبيلِيَةَ وقد كان كتَبَ إليه من جزيرةِ شُقْر، أبو العبّاس بنُ إدريسَ لقِيَه بمُرْسِيَةَ، أبو الحَسَن بن غُرِّ الناس لقِيَه بمُرْسِيَةَ غيرَ مرّة، أبو الحَسَن بنُ فَيْد كتَبَ إليه من إلْش ثم لقِيَه بمَرْسِيَةَ، أبو عليّ بن عَرِيب كتَبَ له بمُرْسِيَةَ ولقِيَه بها وحضَرَ مجالسَ إقرائه غيرَ مرّة، أبو محمد بن سَهْل لقِيَه بمُرْسِيَةَ مرّاتٍ وكُتِب له عنهُ لعُذرِه، أبو محمدٍ قاسمُ بن دَحْمان لقِيَه بمالَقةَ وكتَبَ إليه منها، أبو العباس بنُ مَضَاء كتَبَ له ولابنِه القاسم، أبو الحَسَن [....] (¬1) لقِيَه بمَرّاكُشَ وكتَبَ له ولابنِه، أبو محمد عاشرٌ، أجاز له لفظًا لضَرَرِه. وذَكَرَهم أبو العبّاس النَّبَاتيُّ، فقال: قَرَأَ على أبي بكرٍ العُقَيْليِّ، والخَرُّوبيِّ، ووليدِ بن رِزق، وابن سَعادةَ، وابن عبد الرّحيم، وابن حُبَيْش، وابن أبي ليلى، وابن النِّعمة، وابن أبي عَيْشُون. وسواء بالإجازة معَ اللّقاء: عن أبي القاسم بن عبد الجَبّار، وأبي الحَسَن بن إبراهيمَ، وابن طلحة، وابن إدريسَ، وابن غُرِّ الناس، وابن فَيْد، وابن عَرِيب، وابن سَهْل، وابن دَحْمانَ، وابن مَضَاءٍ، ونَجَبَةَ، وعاشرٍ، والحَجْريِّ. وبالإجازةِ دونَ اللِّقاء: عن ابن العَرَبيّ، وابن بَشْكُوال، والباجِيِّ، وابن حَجّاج، وابن فَنْدِلةَ، وشرَيْح، وابن مُغيث، وابن مكِّيّ، وأبي عبد الرّحمن مُساعدٍ، ومُفرِّج، وابن قُزْمانَ، وأبي عامرٍ السالِميِّ، وابن هُذَيْل، وابن نُمَارةَ. لخَّصتُ ذكْرَهم من خطِّ النَّبَاتيِّ نفْسِه، وبينَه وبينَ ما اقتَضَبتُه من ذِكْرهم في برنامَج ابن البَرّاق خلافٌ كثيرٌ لا يَخْفَى، وقد أحوَجَنا فعلُ ابنُ الزبير في ذكْرِه أشياخَ ابنِ البَرّاق وقلّةِ تثبُّتِه في نَقْلِه إيّاهم واعتمادِه ذِكْرَ المَلّاحيّ إيّاهم وما انجَرّ بسببِ ذلك كلّه إلى إطالةٍ ليست من شأنِنا، أرَدْنا بذلك التنبيهَ على عَمل ابن الزُّبَير في كثيرٍ ممن اشتَملَ عليه كتابُه، ولنُبيِّنَ أنَّ الإتقانَ له رجالٌ خصَّهم اللهُ بفضيلتِه، نفَعَ اللهُ بهم، وأوجَدَنا بركةَ الاقتداءِ بهم. ¬

_ (¬1) بياض.

رَوى عنه ابنُه القاسمُ، وأبو الحَسَن بنُ محمد بن بَقِيّ الغَسّانيُّ، وأبو عبد الله ابن يحيى السُّكَّريُّ، وأبو العبّاس النَّبَاتيُّ، وأبو عُمرَ بن عَيّاد، وهو أسَنُّ منه، وأبو الكَرَم جُوديٌّ. وكان محدِّثًا حافظًا راوِيةً مُكثِرًا ضابِطًا ثقةً، شُهِرَ بحفظِ كُتُبٍ كثيرة من الحديثِ وغيره، ذا نظرٍ صالح في الطّب، أديبًا بارِعًا كاتبًا بليغًا مُكثِرًا مُجِيدًا سريعَ البديهة في النَّظْم والنثر، والأدبُ أغلبُ عليه؛ قال أبو القاسم ابنُ المَواعِينيِّ: ما رأيتُ في عبادِ الله أسرعَ ارتجالًا منهُ. وصنَّفَ في الآدابِ مصنَّفات، منها: "بهجةُ الأفكار وفُرجةُ التَّذكار في مختارِ الأشعار"، و "مباشرةُ ليلةِ السَّفْح، من خبَرِ أبي الأصبَغ عبد العزيز بن أبي الفَتْح، معَ الأعلام الجِلّة: أبي إسحاقَ الخَفَاجيِّ وأبي الفَضْل بن شَرَف وأبي الحَسَن ابن الزّقاق"، ومنها مقالةٌ في الإخوان، خَرَّجها من شواهدِ الحِكم، ومصنَّفٌ في أخبارِ مُعاوية، ومنها: "الدُّرُّ المُنظَّم في الاختيارِ المعظَّم"، وهو مقسَّمٌ على تأليفينِ أحَدُهما: "مُلَحُ الخَواطر ولُمح الدفاتر" والثاني: "مجموعٌ في ألغاز"، ومنها "رَوْضةُ الحدائق في تأليفِ الكلام الرائق" وهو مجموعُ نظْمِه ونثْرِه وفيه فصولٌ منها: مُلتقَى السَّبيل في فَضْل رمضان، وقصيدةٌ في ذكْرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِه رضيّ اللهُ عنهم، وسَمّاها "القَرارةَ اليَثْربيّة المخصوصةَ بشَرَفِ الأحناءِ القُدُسيّة"، وستأتي بتسميطِ أبي الكَرَم جُوديٍّ إن شاء الله، و "خَطَراتُ الواجِد في رثاءِ الماجد"، و "رجوعُ الإنذار بهجوم العذار"، و "تصريحُ الاعتذار عن تقبيح العذار"، وقطعٌ من شعرِه: زُهْديّةٌ ووَعْظيّة، إلى غيرِ ذلك من الفصُول. ومن مصنَّفاتِه: مجموعُ موشَّحاتِه، وهي نحوُ أربع مئة، وصَدَّره بمقالةٍ سَمّاها: الإفصاحَ والتصريح عن حقيقةِ الشِّعر والتوشيح؛ قال: وغيرُ ذلك من المصنَّفاتِ المشروع فيها ولم تتمَّ، وهي متّصلةٌ بمدى العُمر. أنشَدتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ رحمَه اللهُ، ونقَلتُه من خطِّه، قال: سمِعتُ من لفظِه، يعني أبا الحَسَن بنَ محمد بن بَقِيّ، قصيدةً طويلةً في النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -

وأصحابِه رضوانُ الله عليهم، لشيخِه المحدِّث الأديب أبي القاسم محمدِ بن عليٍّ الهَمْدانيِّ ابنِ البَرّاق الوادِيَاشيِّ، وسَمّاها بـ"القَرارةَ اليَثْربيّة المخصوصةَ بشَرَف الأحناءِ القُدُسيّة"؛ قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: هي التي ذكَرْتُ أنّ تلميذَه الأخصَّ به أبا الكَرَم جُوديًّا سَمَّطَها، فرأيتُ إثباتَها هنا بتسميطِها؛ تبرُّكًا بها، ولم أُنشِدْها على شيخِنا أبي الحَسَن -رحمه الله- إلّا مجرَّدة عن التسميطِ، وهي هذه [الكامل]: يا مُسْبلًا من عينهِ عَبَراتِها ... أشجَتْكَ هاتفةٌ على أثَلاتِها أم شِمتَ بارقةً بِعُرْضِ فَلاتِها ... بالهَضْبِ هَضْبِ زَرُودَ أو تَلَعاتِها شاقَتْكَ هاتفةً (¬1) على نَغَماتِها محبورةٌ (¬2) ما بينَ ظلِّ فروعِها ... مشهورةٌ بغَرامِها وولوعِها معذورةٌ لو شَحَّ فيضُ دموعِها ... مصدورةٌ تفتَنُّ في ترجيعِها فيبيِنُ نَفْثُ السِّحرِ في نَفثَاتِها حَكَتِ الخَريرَ وطوَّلَتْ أسجاعَها (¬3) ... في روضةٍ عَشِقَ الحيا إيناعَها فمَنِ الكفيلُ بأنْ تردَّ طِباعَها ... إنْ راقَها رَأْدُ الضُّحى أو راعَها؟ جُنحُ الدُّجى سِيّانِ في ذِكَرَاتِها يا ساقَ حُرٍّ للحِمامِ يَسوقُها ... كَلَفٌ بذكرِكَ ضَلَّ فيه طريقُها والفجرُ من خلَلِ السّحابِ يَروقُها ... هذا يُمتِّعُها وذاك يَشوقُها فالموتُ في يَقَظاتِها وسِناتِها ¬

_ (¬1) في البرنامج: "عاكفة". (¬2) في ب م: "مخبورة". (¬3) في ب م: "أشجاعها".

ناحتْ وساعَدَ نوحَها أترابُها ... وبَدَا أساها حينَ جَلَّ (¬1) مُصابُها فجفونُها ما تلتقي أهدابُها ... ولوِ التعلُّلُ بالكرى ينتابُها نضَحتْ بِزَوْرِ الطّيفِ بَرْحَ شَكاتِها لو جاذَبَتْ سِنةَ الكَرى بزمامِها ... لَجَنَتْ لذيذَ الوَصْلِ من أحلامِها ورَمَتْ بمُحْرِضِ شَجْوِها وغرامِها ... لكنَّ بينَ جفونِها ومنامِها حَرْبًا تُثيرُ النَّهبَ في كرَّاتِها بضلوعِها أمَدَ الحياةِ تَمَلْمُلُ ... فبكاؤها بالواديَيْنِ تعَلُّلُ وسُلوُّها ما إنْ عليهِ مُعوَّلُ ... ولئنْ نطَقْتَ لها به فتقوَّلُ مَنْ للرِّياحِ بملتقَى هَبّاتِها عذَّبتِ يا ورقاءُ قلبًا مُتعَبًا ... أنشَبْتِ فيه منَ الصَّبابةِ مِخْلَبا وأحقُّ مَنْ هاج الهوى لذوي الصَّبا ... مطلولةُ الفَرْعيْنِ تُلْحِفُها الرُّبَى كنَفًا وتُلْثِمُها لمى زَهَراتِها كرَعَتْ على ظمأٍ بدِجلةَ كَرْعةً ... عَجْلى (¬2) تخافُ من الجَوارح صَرْعةً بشريعةٍ جعَلتْ هواها شِرعةً ... ويُسيغُها ماءُ النُّخيلةِ جَرْعةً تعتاضُها من مُجْتَنى نَخَلاتِها باحَتْ بشَجْوٍ لم تَسَعْهُ ضلوعُها ... فنِزاعُها بادٍ به ونُزوعُها ولِخوفِ أقْنَى ما يزالُ يَروعُها ... أقْوَتْ من الحِرصِ المشيرِ (¬3) رُبوعُها فنسيمُ عَرْفِ الروضِ من أقواتِها ¬

_ (¬1) في ب م: "حل". (¬2) في ب م: "عجًا". (¬3) ضبب فوقها في ب. ولعلها محرّفة عن: المُثِيْر.

تَخِذَتْ بأكنافِ العُذَيْبِ محلَّها ... حَذَرَ الجوارح عَلَّها ولعلَّها وشَذَتْ فأهدَتْهَا الغمائمُ ظلَّها ... وتهدَّلت أشواقُها حَصَبًا لها فتقَلَّصتْ عن مُستطابِ جُناتِها غاضَتْ مَدامعُها ولم تتسيَّلِ ... وبكَتْ على سَنَنٍ لها مُتَقَيّلِ في يانعٍ بِيَدِ النَّسيم مُميَّلِ ... وتضاءَلَتْ أسفًا على متخيَّلِ كانتْ بهِ الأيامُ شرَّ جُناتِها عُقِلت مقدِّمةُ الغَمام بسَرْوِها ... عن سَيْرِها وتلدَّدَتْ في كفوِها ببِشامِها وثُمامِها وبِضَرْوِها ... لا درَّ درُّ القَطْرِ إنْ لم يُرْوِها مِن دَرَّهِ ويلفَّ من شَجَراتِها ريحَ الصَّبا في ماءِ سَرْحتِها قِفي ... وتصارَعي مَعَ كلِّ لَدْنِ المِعطفِ فشذاكِ يُنْهِلُها بكأسِ القَرْقَفِ ... ويَهيجُ من ذِكَراتِها ويزيدُ في حرَكاتِها باللَّذْع من سَكَناتِها لو كنتَ شاهدَها لَقصَّرَخَطْوُها ... في الوَجْدِ دمعٌ ما توقَّفَ مُذْ وهَى وسأُعْمِلُ النُّجُبَ القلائصَ نحوَها ... حتى تُطارِ حَني بأبهرَ شجوَها وأَفُوقَها في بَثِّها حسَرَاتِها سَجَعاتُها عندَ الأصيلِ مُبيحةٌ ... سَبَلَ المَدامعِ فالجُفونُ قريحةٌ يا ذا الهوى دَعْها فتلك فصيحةٌ ... فلقد رَمَتْ جنَبيَّ وهْيَ جريحةٌ فوَلَجْتُ شِعْبَ الحُزْنِ في مَرْضاتِها تاقَتْ فشاقَتْ بالأُجَيْرغْ كلَّ ذي ... قلب أسيرٍ في الهوى لم يُنْقَذِ والسَّهمُ في أحشائهِ لم يَنفُذِ ... وهمَمْتُ وَجْدًا أنْ يُعارضَها الّذي ناءَتْ به الأحناءُ من زَفَراتِها

مالوا لتوديعي بذاكَ الموقفِ ... والدّمعُ بين مُحدَّرٍ ومُكَفْكَفِ وتصَّعدتْ زَفَراتُ فَرْطِ تأسُّفِ ... فخَشِيتُ أحرِقُ سَرْحَها بتلهُّفِ وتُذيبُها الأنفاسُ عن لَفَحاتِها أتْبَعْتُهم نَظَري بمنعَرَجِ اللِّوى ... أَبْغي الدّواءَ وما لقلبي مِنْ دوا أنَّى وقد عَبَثتْ به أيدي النَّوى ... وطَفِقْتُ أغسِلُ ما تَحيَّفَهُ الجَوى منها فيا للعَيْنِ مِن عَبَراتِها لا تَلْحُني إنْ ذابَ أسودُ مقلتي ... لحنينِها ولأزمُنٍ قد وَلَّتِ إن كنتَ تفهَمُها وتفهَمُ عِلّتي ... فهناك ساجِلْني وباحِثْ دِخلتي عن وَعْظِها للنَّفْسِ في غفَلاتِها شَرَفُ المدامع أن تَجودَ بعَبْرةٍ ... عن نظرةٍ عَبَرت بزاخِرِ عَبْرةِ وحمامةٌ تصِلُ الهديرَ بغَفْرةٍ ... سَجَعتْ عليكَ أخا الذُّنوبِ بسَحْرةِ فغُرِيت بالفَتّانِ مِن سَجَعاتِها واهًا لها ولشَجْوِها المُستحوِذِ ... بالشَّوقِ والتَّحنانِ دَأْبًا تغتذي وتقولُ للزَّفَراتِ: أحنائي خُذي ... هذا ومَذهبُها هديلٌ والذي تَهواهُ يُغمِضُ خَطْرةً عن ذاتِها صَدَحَتْ فكم صَدَعَتْ فُؤادًا مُبتلَى ... قرَأَتْ له حِزبَ الشُّجونِ مُرَتَّلا يا مَن أصاخَ لها فجاوَبَ مُعْوِلا ... أمُرِنّةٌ تهديك للشَّكوى فلا تمتازُ إلّا بادّعاءِ صِفاتِها؟! أتَبِيتُ يا ذا البَثِّ موفورَ القُوى ... وَلَهًا على حُكْمِ الصَّبابةِ والجَوى قلبٌ هَفَا، رسمٌ عَفَا، جسمٌ ذَوَى ... هلّا اقتَدتْ بكَ يا مُتيَّمُ في الهوى إذْ ما وُسِمْتَ به يَبُذُّ سِماتِها

ساجِلْ فدَيْتُكَ شجوَ كلِّ مغرِّدِ ... وصِلِ العَويلَ بأنّةِ المُتنهِّدِ حتى تكونَ بكَ الحمائمُ تَقتدي ... أوَ ليسَ حُبُّكَ للنبيِّ محمدِ أضعافَ ما بَثَّتْهُ مِن لوعاتِها يا مَن تطلَّعَ فاجتَلَى أنوارَهُ ... وأصارهُ يضَعُ الهُدى آصارَهُ إنْ كنتَ تَبغي في الجِنانِ جِوارَهُ ... قمْ نادِبًا أو ناشِجًا آثارَهُ في دِمَنتَيْهِ ونادِ في عَرَصَاتِها: حَسْبي رسُولَ الله حوضُك مَوْرِدا ... أَشْفي به مِن غُلّتي بَرْحَ الصَّدى وأرى جبينَك واضحًا متوقِّدا ... يا كعبةَ الإسلامِ يا كهفَ الهُدى يا صارفَ الأيّام عن عاداتِها يا مَنْ أبادَ بكلِّ أبيضَ قاطعِ ... فِرَقَ العِدا من عاندٍ ومُخادعِ حتى اكتَسَى الإسلامُ حُلّةَ وادعِ ... يا مَن تبلَّجَ نورُهُ عن صادعِ بالواضحاتِ الغُرِّ من آياتِها يا مَن تنوَّرتِ القلوبُ بحُبِّهِ ... وَصَبَتْ لهُ ولآلِهِ ولصحبِهِ مَن لي بقبرِكَ أو بنَفْحةِ تُرْبِهِ ... يا شارعًا في أُمّةٍ جُعِلَتْ بهِ وَسَطًا فنالتْ مُستدامَ حياتِها في سَرْحةٍ للشّرعِ أورَقَ عُودُها ... وَجَرَتْ بأمواهِ النَّعيم مُدودُها أنهضْتَها فأحَلَّها توحيدُها ... في دارِ خُلْدٍ لا يَشِيبُ وليدُها حيث الشّبابُ يَرِفُّ في جَنّاتِها وسُلافُها يا مَنْ لنا بسُلافِها ... كضياءِ نُور الشّمس في إشرافِها وكؤوسُها كالدُّرِّ في أصدافِها ... وتسَنَّمَ الرِّضوانُ في أكنافِها وتنسَّمَ الرَّيْحانُ من جَنَباتِها

يا جاعلَ الإيمانِ أوفرَ ذُخْرِها ... يا تاجَ مُلكٍ زان مَفرِقَ فَخْرِها يا مَن شَفَا آذانَها من وَقْرِها ... يا مُصطفاها يا مُرفِّع قَدْرِها يا كهفَها يا منتهَى غاياتِها يا مَن هَداها رحمةً لمَكارمِ ... وأزاحَها عن ذلّةٍ وجرائمِ وحَمَى حِماها نَجْدةً بصَوارمِ ... يا مُنتقاها من أَرُومةِ هاشمِ يا هاشمَ الصُّلبانِ في نَزَواتِها يا مَن حَشَا قلبَ الضّلالِ برُعبِهِ ... من قَبْلِ رُؤيةِ سُمْرِهِ أو قُضْبِهِ وطِعانِهِ الطَّعنَ الدِّراكَ وضَرْبِهِ ... يا خاضدًا للشِّركِ شوكةَ حِزْبِهِ يا نابغًا للعُربِ في جَمَراتِها يامَنْ له نَسَبٌ كعارفة المِنَنْ ... مُتبرّئ من كلّ ألكنَ لم يُبِنْ مُتخايِل بمعظَّم نَدْبٍ لَسِنْ ... في الصّيدِمن أذوائها والقلبِ مِنْ صُرَحَائها والشُّمّ من أبياتِها يا مَن أنارَ فَواضلًا ومَحامدا ... يا مَنْ أغارَ على العدوِّ مُجاهدا يا من أثارَ مَنابرًا ومساجدا ... يا ناصِبًا عَلَمَ الدّيانةِ جاهدا [193 ب] يا ذُخْرَها لحياتِها ومماتِها يا مُنقِذَ الأغلالِ من أغلالِها ... بهدايةٍ صَقَلتْ نُهَى جُهّالِها حتى غَدَتْ تُزْري بضَوْءِ ذُبالِها ... يا آخرَ النُّبَّاءِ في أرسالِها يا أوّلَ الأرسالِ في قُرُباتِها يا مَن سَقَى ماءَ اليقينِ صدورَها ... كَرَمًا وصارَ من الجحيم مُجيرَها وظهيرَها وبَشيرَها ونذيرَها ... يا من إذا جَلَتِ الغَزالةُ نُورَها فلوجهِه يُعْزَى جميلُ إياتِها

يا ليتَني أجهَدْتُ نحوك عِرْمِسا ... حتى أكونَ لدى الضّريح مُعَرِّسا وأُقبِّلَ الجُدُراتِ ثَغْرًا ألعسا ... مَن لي بحُسنِكَ كلّما اعتَكرَ الأسى في النَّفْس فاشتَملَتْ على كُرُباتِها شَنَّفْتَ بالذِّكْرِ الحكيم مَسامعا ... وأَرَيْتَ أنفُسَنا الظِّماءَ مَشارِعا ومَنابِعًا ومرابعًا ومَراتِعا ... يا غافرًا لذنوبِنا يا شافعا في المُهلِكاتِ الشُّوسِ من تَبِعاتِها بكَ يا مُشفَّعُ كان فوزُ قِداحِها ... وبكَ استبانَتْ أَوْجُهًا لنَجاحِها يا رحمةً آوَتْ لظلِّ جناحِها ... يا ضارعًا في هَدْيِها وصَلاحِها يا مُتعبَ الخَطَراتِ في أرَجاتِها رَفَّتْ نفوسٌ أنت مالكُ رِقِّها ... صَدَقتْ فأُورِثَتِ الجِنانَ بصِدقِها وقَفَتْ سبيلَك فاهتبَلْتَ بحقِّها ... يا باذلًا آناءَه في عِتْقِها يا راحضَ الأدناسِ عن خَطَراتِها أوَرَثْتَها لتحُطَّ من أوزارِها ... وتُشيدَ صَرْحَ عَلائها وفَخارِها مهما تَغَلْغلَ في ذُرى استغفارِها ... يا ماحيَ التكليفِ عن أفكارِها يا دافعَ التشبيهِ عن لَحظاتِها وعقَلْتَ حين أقَلْتَ من عثراتِها ... خُطُواتِها عن مدِّها لِهَناتِها ودرَأْتَ حَدَّكَ عن ذوي هيئاتِها ... يا آخِذًا ما ليس في شُبُهاتِها يا تاركًا للبحثِ عن نَزَعاتِها عَرَّفْتَ جاهلَها الذي لم يَنْبُهِ ... بإلهِهِ وبرُسْلِهِ وبكُتْبِهِ وجلَوْتَ بالأنوارِ ظُلمةَ قلبِهِ ... يا مُورِثَ التنزيهِ ما انفرَدتْ بهِ يا مُرضِيًا كرَمًا مُلحَّ عُفاتِها

ووردْتَ حينَ سدَدْتَ منبعَ نَفْرِها ... بمواردٍ مِنْ حَمْدِها أو شكرِها ولك الشفاعةُ في مواقِفِ حَشْرِها ... يا مَنْ به عَرَفَتْ مُدبِّرَ أمرِها وحقوقَهُ ورأتْ كمالَ ذَواتِها ولك الغَناءُ والاعتناءُ بأُمّةِ ... علَّمتَها التنزيلَ أفضلَ نعمةِ وشَفَعتَهُ كي لا تضِلَّ بحِكمةِ ... أنت الذي أنقَذْتَها من غُمّةِ فَرَّجْتَ فيها الصّعبَ من أزَماتِها وحدَوْتَها حَدْوَ الصِّعابِ الجِلّةِ ... لقرار الفِردَوْسِ حيث احتَلّتِ لم تَسترِبْ لمّا دعَوْتَ فوَلَّتِ ... وحَبْوتَها بجوامعِ الكَلِمِ التي بلَغَتْ بلاغتُها مدى مِيقاتِها ولكم دعَوْتَ مصمِّمًا أوأبْلَهًا ... حَيْرانَ يَعْسفُ للغوايةِ مَهْمَها كنتَ الدّليلَ له ففازَ بما اشتَهَى ... لولاكَ ما عَرَفَ السّبيلَ إلى النُّهَى ولضَلّتِ الألبابُ عن مَنْجاتِها وبهَدْيِك انبعَثَتْ لهَجْرِ رُبوعِها ... تَنوي البَنِيَّةَ بعدَ زَوْرِ شفيعِها زُمَرٌ (¬1) يُسامرُها أطيطُ نُسوعِها ... فعليك فَضْلُ خشوعِها وخضوعِها وإليكَ أجرُ صِيامِها وصَلاتِها كم نائلٍ ظفِرتْ به في سَفْحةِ ... نَسَمتْ بها للعفوِ أعطرُ نفحةِ في رَوْضةٍ للكشفِ أو في سَرْحةِ ... ولدَيْكَ ما خُصَّتْ به من مِنْحةِ ما بينَ حُرِّ هِباتِها وصِلاتِها ¬

_ (¬1) في ب م: "زمن".

وبيانُكَ المأثورُ يومَ عَظاتِها ... وسِنانُك المطرورُ بينَ كُماتِها وجِنانُك المعمورُ من آياتِها ... وضَمانُك المُوفي لها بعِداتِها وأمانُك المُردْي لضُرِّ عُداتِها هذي الفضائلُ خَلَّفَتْها بينَنا ... شِيَمٌ جمَعْتَ بها السَّناءَ إلى السَّنا حتى قضَيْنا بالغيوبِ تيَقُّنا ... وإذا تخَلَّصتِ الضمائرُ مُوهِنا لإجابةٍ طرَّقْتَ نهجَ دُعاتِها وإذا النفوسُ تزوَّدَتْ لمَعادِها ... ورأتْ بأنَّ الذِّكرَ أطيبُ زادِها ونأَتْ عن الدُّنيا لوَشْكِ نَفادِها ... فلكَ انتماءُ الرِّفقِ في إرشادِها وبك اقتداءُ النُّجْحِ في دَعَواتِها وحَطَطْتَ عنها عِبءَ كلِّ دناءةِ ... وختَمْتَ سَطْوتَها بحُكمِ بَراءةِ أحسَنْتَ للأيام بعدَ مَساءةِ ... ومتى اللّيالي حَدَّقَتْ لإساءةِ ذكَرَتْكَ فانتقَلَتْ إلى حسَناتِها ومَحوْتَ رَسْمَ حُقودِها وضَبابِها ... في سالفِ الأزمانِ بينَ رِبَابِها وعُقَيْلِها وَهُذَيْلِها وكِلابِها ... فجميعُ ما اجتَرَمَتْهُ في أحقابِها غَفَرَتْه يومَ بُعِثْتَ في ساعاتِها إن كان دُوِّخَتِ القرونُ وأُخمِلَتْ ... وتباشرتْ ببلوغ ما هيَ أمَّلتْ وسَقَت بَنيِها بالذُّعافِ وثمَّلَتْ ... فحُلاكَ فُزْتَ بوضعِها هي جَمَّلَتْ ما قَبَّحتْه وقَهْقَرتْ نَكَباتِها لمّا علا الطاغوتُ أفضلَ رَيْعةِ ... وجَرى بخيلٍ للضّلالِ سريعةِ ورأيتَ دينَ الله خيرَ ذريعةِ ... قَسّمْتَ أورادَ العُلا بشريعةِ بَرَزَتْ وجوهُ الفضلِ من قَسَماتِها

أضحى العُلا بفِناء رَبْعِك لائذا ... يا عِزَّه لمّا غدا بكَ عائذا وغدَوْتَ طالبَ ثأرِه بل آخِذا ... وحسَمْتَ من طُرُقِ الضّلالِ مآخِذا غرِقَتْ نفوسُ الخَلْقِ في زَلّاتِها صَدَّتْ فلم تحفِلْ بطُولِ صُدودِها ... وَدَّتْ لوِ انقبَضَتْ حِبالُ ودودِها نَدَّتْ فرَدّتَها أَناةُ صُيودِها ... ما زلتَ تجهَدُ في انتقاصِ شرودِها وتُعوِّضُ الأنوارَ من ظُلُماتِها يا ثابتًا للهَوْلِ تحتَ عَجاجِهِ ... والجيشُ مثلُ البحرِ في أمواجِهِ وحُسامُهُ يسعى به كسِراجِهِ ... حتى أضاءَ الحقُّ في مِنهاجِهِ وترَقَّتِ البُشْرَى على دَرَجاتِها حطَّتْ رِحالُكَ بينَ أكرمِ عِترةِ ... رَمَقَتْ بها الجَمَراتُ أعظمَ جَمْرةِ كم كشّفَتْ بنضالِها من غَمْرةِ ... يا مَن توَضَّحَ جَمْرُه في زُمرةِ رَقِيَتْ بسُنّتِهِ يَفاعَ نَجاتِها وعلائها لقدِ ارتَقَتْ لعلائها ... وغَنائها ومَضائها وسَنائها فوقَ المجرَّةِ في ذُرا جَوْزائها ... أقمارُ مِلّتِنا وشَهبُ سَمائها وذوو الخِلالِ الغُرِّ من سَرَواتِها سُحبُ الهُدى رَوَّى البلادَ حَبِيُّها ... فَولِيُّها يقتادُهُ وَسْمِيُّها أحبِبْ جماعتَها يطِبْ لك رَيُّها ... فسَرِيُّها صِدّيقُها وسَنِيُّها فاروقُها الوَضّاحُ عن عَزَماتِها حاز المَمالكَ واستقَلَّ بسَبْيِها ... وَدَها الأعاجمَ واستهانَ بهَدْيِها وأبادَ سِيرتَها وسالِفَ بَغْيِها ... وأثيرُها عثمانُ تالي وَحْيِها ومُزَحْزحُ الأزَماتِ عن ساداتِها

ثُبَةٌ نَماها للعلاءِ نبيُّها ... بهَرَتْ فضائلُها وفاحَ نَدِيُّها فغُدوُّها زاهٍ به وعَشِيُّها ... وعَلِيُّها في المَكرُماتِ عليُّها رَبُّ اختراطِ النَّصرِ في غَزَواتِها هدَّ الضلالَ وراعَ آمِنَ سِرْبِهِ ... ببسالةِ فَلَّت مَضاربَ عَضْبِهِ كم دامسٍ جَلَّى غَياهبَ كَرْبِهِ ... بابُ العلوم وخيرُ من جالتْ بهِ هِمّاتُهُ في مُرتَقى صَهَواتِها صارِمْ وجاهِدْ مَن يَفُوهُ بلَمْزِهِ ... أَلحفْهُ عَضْبًا راقَ عندَ مَهَزّهِ ومِنَ الذي زَعَمَ الغَوِيُّ؛ فنزِّهِ ... مَن حَفَّ بالسّبْطَيْنِ ذُروةَ عزِّهِ فتقهقَرَ التغييرُ عن هَضَباتِها أخَذَتْ بنا للهَدْي أشرَفَ مأْخَذِ ... كشَفَتْ لنا وَضَحَ الطريقِ المُنقذِ فلكلِّها عَطْفُ الرَّؤوفِ الجَهْبَذِ ... وأمَسَّها قُربى الحَواريِّ الذي لحظَتْهُ بالإيثارِ بينَ وُلاتِها نادَوْهُ في اليرموكِ وهْو مُشمِّرُ ... بالسَّيفِ يَضرِبُ كي يُذِلَّ مُتبِّرُ فمضَى بهمْ ليثٌ يَصُولُ غَضَنْفَرُ ... فلذاك تخصيصُ الزُّبيرِ معبِّرُ عن سَبْقِهِ في غُرِّها وكُماتِها بعصابةِ المختارِ أصبح مُغرَمًا ... وبِنُورِها رَمَقَ الطريقَ مُصمِّما متحيِّرٌ طلَعَتْ عليهِ أنجُما ... وأبِيُّها في الحَرْبِ طلحةُ مُنتمَى وثَباتِها في صَبْرِه وثباتِها أمّا القوِيُّ فرِدؤُها ومُعينُها ... وصَريخُها ونَصيحُها ومَكِينُها وظَهيرُها حتى تمكَّنَ دِينُها ... وأمينُها في بَعْثِها ويمينُها فيما تُشيرُ إليه من سَطَواتِها

ولهُ بأكنافِ الشَّآم وقائعُ ... حَمِدَتْه فيها أَنْسُرٌ وخَوامعُ فلذا أقولُ لكي تلَذَّ مسامعُ: ... لأبي عُبيدةَ في الجلالِ مَنازعُ يفتَرُّ زَهْرُ الرَّوْضِ عن نَفَحاتِها أردَتْ معاندَها فباتَ مُضَرَّجا ... وبَدَتْ سَنا والكفرُ ليلٌ قد سَجَا فهيَ المصابيحُ انْجَلى عنها الدُّجَى ... وحَرِيُّها العَفُّ ابنُ عوفٍ بالحِجَا ورفيعُها في حِلْمِه وأناتِها قد حاز في دُنياهُ عيشًا أرفَغا ... ورأى المواهبَ فوقَ ما كان ابتغَى ومضَى ولا صَعَرٌ يَشِينُ ولا صَغَا ... وأخو حِراستِها بمُحْتَضَرِ الوغَى سَعْدٌ مُبِيدُ الذُّعرِ دونَ حُماتِها مَن شَبَّ نارَ القادِسيّةِ وارتَقى ... إيوانَ كِسرى وهْو صعبُ المُرتقَى بالجَحْفلِ اللَّجِبِ الصَّميم المنتَقى ... والمُرتضَى شِيَمًا سعيدٌ ذو التُّقَى والسابقُ الحُنَفاءَ في حَلَباتِها قصمَتْ عِداها أشْأَمتْ أو أعْرَقَتْ ... حتَمَتْ نَداها أيسَرَتْ أو أملَقَتْ ورَمَتْ مَداها بالذّميل وأعنَقَتْ ... فئةٌ تواصَمتْ بالسَّناءِ فأشرَقَتْ شمسُ النُّبوّةِ في سَنا جَبهاتِها نُجُبٌ لفِهْرٍ أو سُلالتِه لُؤَيّ ... جَلَّتْ عن الدُّنيا غيايةَ كلِّ غَيّ ببِدارِها نحوَ المؤيَّدِ من قُصَيّ ... فالبِشرُ حَشْوُ ضُلوعِها والفضلُ طيّ بُرودِها والمجدُ حَلْيُ طِلاتِها عَزَّتْ فعَزَّت مَنْ بَغى وأذلَّتِ ... آوَتْ فداوَتْ أنفُسًا فأبلَّتِ سَعِدتْ فكم صَعِدتْ فما هيَ زَلَّتِ ... شَهِدت لها بالجنّةِ الذاتُ التي وطِئتْ بأخمَصِها ذُرا غُرُفاتِها

يا مَن لها أو باتَ يجهَلُ فضلَها ... شِمْ بَرْقَهاكيما تُصادفُ وَبْلَها مَنْ مِثلُها إن كنتَ تَطلُبُ مِثلَها ... هِيَ صَفْوةُ المختارِ فاقْتَفِ سُبْلَها وتوَخَّ أن تَستَنَّ في مَرْقاتِها ونداءَ خيرِ العالمينَ فلَبِّهِ ... واسَرحْ سَوامَكَ في حدائقِ أبِّهِ واقصِدْ مناهجَ هَدْيِه وتنَبَّهِ ... وتَحَرَّ أن تلقَى الإلهَ بحُبِّهِ وبحبِّها فتثابَ عن مَسْعاتِها لا تصرِفَنْ لُبًّا لشِعبِ شتاتِها ... متتبِّعًا ما كان من فَعَلاتِها وأصِخْ لمَن مشَّى دعاءَ هُداتِها ... فعساكَ أن تمتارَ من بَرَكاتِها رِفدًا به تعتَدُّ من طبقاتِها يا مَن تخَلَّص من أَرُومةِ شَيْبةِ ... كاللَّيثِ يَقتلعُ القلوبَ لهيَبْةِ كالغَيثِ وافَى بعدَ أطولِ غَيْبةِ ... يا طيِّبًا ضمَّتْه مِسكةُ طَيبةِ فتضوَّعتْ دارِينُ عن جُدُراتِها صِلُّ اشتياقي في فؤادي نَضْنَضا ... وجَوانحي حُنِيتْ على جمرِ الغَضَا يا خيرَ خَلْقِ الله كُنْ لي مُنهِضا ... شَوْقي لتُربتِك المقدَّسةِ اقتضَى دَنَفي وصَدَّ النَّفْس عن خَطَراتِها لي أدمُعٌ تحكي تناثُرَ جوهرِ ... شوقًا لرؤيةِ روضةٍ أو مِنبَرِ تقبيلُهُ في الحَشْرِ أعظمُ مَفْخَرِ ... فارحَمْ بكاءِ مُغرَّقٍ في أبحُرِ من دمعِه يختالُ في غَمَراتِها واصرِفْ إليهِ عطفةً لذَنوبِها ... فَيْضٌ يُنَقّي نفْسَه من حُوبِها فلقد تقَوَّس تحتَ عِبء ذُنوبِها ... واشفَعْ له في توبةٍ يَصْفو بها نَفْسًا فتُقلعَ عن قبيح سِناتِها

لا تتركَنَّ فجورَهُ متفجِّرا ... وفؤادَه ممّا يسَرُّكَ مُقْفِرا أنْشِقْهُ ريحَ التُّربِ مِسكًا أَذْفَرا ... كيما يكونُ إلى المَعادِ مشمِّرا ويَكُفُّ للأهوالِ من عَثَراتِها فيَرى بعَيْنِ بصيرةٍ وتأمُّلِ ... أنّ الأمانَ بغيرِ هذا المنزلِ فيَمِيزَ بينَ مُسدَّدٍ ومضَلِّلِ ... وَيحُوزَ في الأخرى محلَّ المُعتلي ويَفُوزَ بالتنبيهِ بينَ رُفاتِها ويَرُودَ حين يَشِيمُ أنْجَحَ بُرقةِ ... سَحَّتْ عَزَالِيها بأكرمِ وَدْقةِ روضَ الهُدى ليفوزَ منه بنَشْقةِ ... فيَعُود حُزْنًا عندَ ذاك لفُرقةِ غَسَل الصّفاءُ الشَّيْنَ عن صَفَحاتِها وتبادرَتْ تَسْقي العِطَاشَ الذُّبَّلا ... ماءَ الكُلى والسيفَ توردُه الطّلا من كلِّ ذي سَفَهٍ أحال وبَدَّلا ... فتكرَّمت ثِنْيَ الفراديسِ العُلا وتحرَّمت بالرَّعي من حُرُماتِها هذي الوسيِلةُ يا نبيًّا مُرتضَى ... قد حِكتُها فأتَتْ رداءً فُضفِضا ألحَمْتُها لأْلاءَ عِرضِكَ أبيضا ... ثم السلامُ عليك يا شخصَ الرِّضا ما دمتَ أَصْلَ رَشادِها لغُواتِها وجَنبْتَها حتى اهتَدَتْ لنَجاتِها ... وخَطَبْتُها متفنّنًا بلُغاتِها وأجَبْتَها بالوَحْي في شُبُهاتِها ... ووَهبتَها المأمولَ من طَلَباتِها ووقَيْتَها المحذورَ من آفاتِها ووضَعْتَ أرحُلَها بأرفعِ نَجْوةِ ... وجعلتَها تِبْعًا لأفضلِ قُدوةِ وعقَدْتَ ذمّتَها بأوثقِ عُروةِ ... وخصَصْتَها عندَ الإلهِ بحُظْوةِ أقطعْتَها فيها جَزيلَ هِباتِها

1242 - محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم الأنصاري، مالقي، أبو عبد الله الشلوبين

والصّلاةُ الزاكيةُ والرِّضوان، والرّأفةُ الناميةُ والحَنان، ما لَهَجَ بذِكْرِك الطيِّب لسان، وتشَفَّع وتوَسَّلَ به جَنان، وتشَرَّف وتحرَّم بإثباتِه في طِرسٍ بَنان، ورحمةُ الله وبَرَكاتُه. [الكامل]: جَوَّدتَ يا جوديُّ فيمَن جَوَّدا ... وجعَلْتَ إنشادَ القَريضِ تعبُّدا لمّا خصَصْتَ به النبيَّ محمَّدا ... ولسوفَ تَجْني ما غَرَسْتَ بهِ غدا فنفوسُنا تُجزى على عِلّاتِها وأنشَدْتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ رحمه اللهُ، ونقَلتُه من خطِّه قال: سمِعتُ من لفظِه، يعني أبا الحَسَن بنَ بَقِيّ المذكورَ، قال: أنشَدَني ابنُ البَرّاقِ لنفسِه (¬1) [الوافر]: يُشيِّعُ بعضُنا بعضًا وتَعمَى ... عن التشييع ألحاظُ المُشيِّعْ وكلُّ محصِّلٍ منا حَصيفٌ ... فإمّا غافلٌ هُو أو مُضيِّعْ وكلامُه نظمًا ونثرًا كثيرٌ جيِّد. وُلد سنةَ تسع وعشرينَ، وقال ابنُ الزُّبيرِ عن المَلّاحيّ: بعدَ سنة عَشْر، ولم يوافَقْ عليه. وغرَّبَه الأميرُ ابنُ سَعْد عن وطنهِ، وألزَمَه سُكْنى مُرْسِيَةَ ثم بَلَنْسِيَة، ولمّا مات ابنُ سَعْدٍ آخرَ يوم من رِجبِ سبع وستّينَ وخمس مئة عاد إلى وطنِه واستقَرَّ به يُفيدُ ما لدَيْه، إلى أن توفِّي به، ودُفنَ لثلاثٍ بقِينَ من رمضانِ ستٍّ وتسعينَ وخمس مئة، قال أبو القاسم ابنُ المَواعينيّ: إنه عَثَرَ في مَشْيِه فسَقَطَ فكان سببَ منيّتِه، رحمَهُ الله. 1242 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن إبراهيمَ الأنصاريُّ، مالَقيٌّ، أبو عبد الله الشَّلَوْبِين. تَلا بالسَّبع على أبي صَالح محمد بن محمد بن أبي صَالح، وتأدَّبَ به وبأبي الحَسَن بن عُصفورٍ في العربيّة. ¬

_ (¬1) البرنامج (152).

1243 - محمد بن علي بن محمد بن أبي العاص النفزي، شاطبي، أبو عبد الله، ابن اللايه

وكان رجُلًا فاضلًا متحقِّقًا بالقراءاتِ ماهرًا في النَّحو، صنَّفَ في الآياتِ التي استَشْهدَ بها سِيبوَيْه في "كتابِه" مصنّفا نافعًا أفاد به وبيَّنَ فيه وجوهَ استشهادِه بها، فجاء في حَجْم نصفِ "الكتاب"، وكمَّل ما كان قد بدَأَ به أبو الحَسَن بنُ عُصفور من التعليقِ على "القُزُوليّة" كتابًا مفيدًا، ودرَّس العربيّةَ، ونفَعَ اللهُ به خَلْقًا كثيرًا؛ لنُصحِه وصِدقِ نيّتِه في التعليم، مُحتسِبًا في ذلك، مقتصِرًا في معيشتِه على فوائدَ من أصُولِ أملاكٍ كانت له، قلَّت أو كثُرَتْ، مقتصِرًا في أمورِه كلِّها، مُنقبِضًا عن الناس، مُقبِلًا على ما يَعْنيه، متخلِّقًا بأخلاقِ أفاضلِ الصّالحينَ ممّن ظَهَرت عليه آثارُ مُلازمةِ الوَرع الفاضل أبي صالح، نفَعَه اللهُ ونفَعَ به؛ توفِّي ببلدِه في حدودِ الستينَ وست مئة. 1243 - محمدُ (¬1) بن عليِّ بن محمد بن أبي العاص النَّفْزِيُّ، شاطِبيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ اللّايُهْ. تَلا بدانِيَةَ على أبي عبد الله بن سَعِيد بالسَّبع. تَلا عليه أبو بكرٍ مفوَّزُ بن مُفوَّز، وأبو عبد الله بنُ سَعادةَ المُعمَّر، وأبو محمدٍ قاسمُ بن فِيرُّه، وكان من أهلِ المعرفة بالقراءاتِ وطُرُقِها، تصدَّر ببلدِه للإقراء، وعُرِف بالفضل والدِّين، وكان ضَريرًا، نفَعَه الله. 1244 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن إدريسَ بن أحمدَ الأنصاريُّ، [....] (¬2) غرليطشيُّ الأصل، أبو عبد الله الغَرْناطيُّ. وذَكَرَ لي شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ -رحمَه اللهُ- أنه كان قديمًا يُعرَفُ بالغرليطشيِّ فدَرَّجَ نِسبتَه إلى: الغَرْناطشيِّ ثم إلى الغَرْناطيِّ. رَوى عن أبي جعفرٍ ابن طلحةَ الساعِديِّ، وأبي الحَجّاج البَيّاسِيِّ، وأبي ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1313)، والذهبي في المستملح (87) وتاريخ الإسلام 12/ 204، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 204، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 250. (¬2) بياض في الأصل.

1245 - محمد بن علي بن محمد بن إدريس التجيبي، غرناطي، أبو عبد الله الدهان

الحَسَن بن حَفْص، وأبي زَيْد الفازَازيِّ، وأبي عبد الله بن إبراهيمَ الحِمْيَريِّ، وأبي عليٍّ ابن الشَّلَوْبِين، وأبي القاسم بن بَقِيّ وغيرِهم. وكان من أهل العنايةِ التامّةِ بالعلم، حَريصًا على لقاءِ حَمَلتهِ، وافرَ الحَظّ من النَّحوِ والأدب، عَكَفَ على الاستفادةِ عُمُرَه، وقَيَّد بخطِّه كثيرًا، وله مقالاتٌ في مسائلَ من العربيّة لا تَخْلو من فائدة، وكتَبَ عن المأمونِ من بني عبد المُؤْمن أيامَ ولايتهِ بالأندَلُس، ثم عن الأميرَيْنِ بها: ابن هودٍ وابن نَصْر. 1245 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن إدريسَ التُّجِيبيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو عبد الله الدَّهّانُ. رَحَلَ حاجًّا وتجوَّل هنالك سنتَيْ خمسٍ وستٍّ وست مئة، وأخَذ بمكّةَ، شرَّفَها اللهُ، والشّام والإسكندَريّة ومصرَ عن طائفةٍ كثيرة أزَيدَ من أربعينَ شيخًا، منهم: أبو الحَسَن بنُ أبي المكارم البَنّاء وابنُ هبة الله الدِّمشقيُّ وأبو عليّ الحُسَين ابن إسحاقَ بن مَوْهوبٍ الجَواليقيُّ، وآباءُ محمد: عبدُ الله بن أحمدَ بن قُدَامةَ وعبدُ القويِّ بن عبد العزيز الجَبّابُ وعبدُ الكريم بن علي الشَّيْبانيُّ وعبدُ الوهّاب ابن هِبة الله بن وَرْدانَ وغيرُهم، ولم يَذكُرْ أنه حَمَلَ عن أحدٍ من أهل المغرِب. أجاز لكلِّ موجودٍ من أهل غَرْناطةَ في محرَّمِ ثمانٍ وأربعينَ وست مئةٍ بسؤالِ الأستاذِ أبي جعفر بن خَلَف، وبمَحْضَر أبي الحَسَن الشارِّيّ. وكان شيخًا جليلًا سَرِيًّا، حَسَنَ السَّمتِ والخَلْق والخُلُق والهيئة، ظريفَ الملبَس، بارعَ الخَطّ، ديِّنًا خيِّرًا فاضلًا عَدْلًا، أمينًا بقَيْسارِيّةِ غَرْناطة، متحرِّفًا بالتجارةِ فيها، ثم رَحَلَ بأخَرةٍ بِنيّةِ المُجاوَرة بقيّةَ عُمرِه، فأدركَتْه منيّتُه بمِصرَ بعدَ الخمسينَ وست مئة (¬1). 1246 - محمدُ بن عليّ بن محمد بن أيُّوبَ العَكِّيُّ، أبو بكر. رَوى عن أبي بكر بن مُحرِز. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "أخذ عنه أبو بكر بن مسدي وقال: توفي بقوص قبل منتصف سنة إحدى وخمسين".

1247 - محمد بن علي بن محمد بن الحسن الحضرمي المرادي، أبو عبد الله

1247 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن الحَسَن الحَضْرَميُّ المُراديُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبيه. رَوى عنه حَفيدُ عمِّه الخطيبُ أبو المَجْد أحمدُ. وكان من بيتِ عِلم وجَلالة، وجَدُّه هو الإمامُ المصنِّفُ في أصُولِ الدِّيانات وغيرِها، الداخِلُ من القَيْروانِ واستقَرَّ بقُرطُبة. 1248 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن رَزِين الأنصاريُّ. رَوى عن أبي محمد عبد الحقِّ بن عَطِيّة. 1249 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن زاهِد القَيْسيُّ. رَوى عن أبي عبد الله حفيدِ مكِّيّ. 1250 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن سالِم الأنصاريُّ، جَيّانيٌّ سكَنَ غَرْناطةَ، أبو بكر، ابنُ سالم. رَوى عن أهل بلدِه، ورَحَلَ إلى إشبيلِيَةَ فأخَذَ بها عن أبي الحُسَين بن زَرْقُون، وأبي عليّ ابن الشَّلَوْبِين. رَوى عنه عبدُ الرّحمن بن أحمد الرَّبَعيُّ التُّونُسيُّ نزيلُ غَرْناطةَ. وكان ديِّنًا فاضلًا، من بيتِ عِفّة وطهارة، متقدِّمًا في النَّحو، درَّسَه بغَرْناطةَ طويلًا، ونفَعَ اللهُ به خَلْقًا كثيرًا. 1251 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن سليم الأنصاريُّ، إشبِيليٌّ، أبو بكرٍ وأبو عبد الله. رَوى عن أبي أُميَّةَ بن عُفَيْر، وأبوَي الحَسَن: ابن عَمْرِيل الكِنَانيِّ والدَّبّاج، وأبي العبّاس التَّيّانيِّ. 1252 - محمدُ (¬1) بن عليّ بن محمد بن شِبْل بن بكرِ بن كُلَيْب بن مَعْشَر بن عبد الله القَيْسيُّ، تُطِيليٌّ، أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) ترجمه القاضي عياض في ترتيب المدارك 7/ 216، وابن الأبار في التكملة (1070).

1253 - محمد بن علي بن محمد بن طارق، أبو عبد الله

رَوى عن أبي الأصبَغ ابن الإمام. رَوى عنه أبو الأصبَغ عيسى، وأبو هارونَ موسى ابنا أبي الحَزْم بن أبي درهم، وأبو عبد الله بن عبد السّلام وغيرُهم، وكان فقيهًا وَلِيَ أحكام بلدِه. 1253 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن طارق، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحَسَن بن عُمرَ الوادِيَاشيِّ، وأبي عليّ بن سَمْعان. 1254 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن طرافِشَ الهاشِميُّ -كذا نقَلتُ اسمَه ونَسَبَه من خطِّه- أبو عبد الله. رَوى عن أبي عبدِ الله بن يوسُفَ بن سَعادةَ. 1255 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن عبد الله العُقَيْليُّ. 1256 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن عبد الله الغافِقيُّ، ابنُ عِصام. كان من أهل العِلم بالأدب وجَوْدةِ التقييد ونُبل الخَطّ، حيًّا عامَ اثنينِ وسبعينَ وأربع مئة. 1257 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الرّحمن بن أحمدَ بن مَعْبَدٍ الغَسّانيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو بكر المَرْشانيُّ. رَوى عن أبي جعفر بن قبلالٍ، وأبي حَفْص بن محمد بن عيسى، وأبي عبد الله ابن مالك المُرِّيّ، وأبوَي القاسم: ابن الأبْرَش وابن وَرْد، وأبي محمد بن عليّ القاضي، وأبي مَرْوانَ بن بُونُه. وكان فقيهًا سَرِيًّا عاقدًا للشُّروط، معروفًا بالتّواضُع والوَرَع، مُشارًا إليه بالخيرِ الكامل والفَضْل التامّ، وَلِيَ الأحكامَ بغَرْناطةَ، ثم القضاءَ، فحُمِدت سِيرتُه وشُكرِت أحوالُه، وكان صِهرَ القاضي أبي عِمرانَ بن حَمّاد على بنتِه. مَوْلدُه سنةَ سبع وثمانينَ وأربع مئة، وتوفِّي سنةَ خمسٍ وسبعينَ وخمس مئة.

1258 - محمد بن علي بن محمد بن عبد ربه التجيبي، مالقي فيما يقال، أبو عمرو

1258 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن عبد ربِّه التُّجيبيُّ، مالَقيٌّ فيما يقال، أبو عَمْرو. له رحلةٌ سَمِع فيها بالإسكندَريّة على أبي عبدِ الله بن منصُور وغيرِه. رَوى عنه الأخَوانِ: سالمٌ وعبدُ الرّحمن ابنا صالح بن سالم. وكان راوِيةً ثقة بارعَ الأدب بليغَ الكتابة، طيِّبَ النَّفْس كاملَ المُروءة حَسَنَ الخُلقُ جميلَ العِشرة، تلبَّس بالأعمالِ السُّلطانيّة دَهْرًا، ووَلِيَ إشرافَ غَرْناطةَ وغيرِها إلى أن أُقعِد من شِكايةٍ بقدمَيْه مَنَعْته من القيام والتصرُّف، فعَكَفَ على النظرِ والمُطالعة، فانتَفعَ بذلك، وله اختصارٌ حسَنٌ في "أغاني" الأصبَهانيّ، ورَدٌّ جيِّد على ابن غَرْسِيّةَ في "رسالتِه الشُّعوبيّة" لم يقصِّرْ فيه عن إجادة. توفِّي لتسعٍ خَلَوْنَ من محرَّم اثنينِ وست مئةٍ ابنَ سبعينَ سنةً أو نحوِها. 1259 - محمدُ (¬1) بن أبي الحَكَم عليِّ بن أبي بكرٍ محمد بن عبد الملِك بن عبد العزيز بن محمد بن حُسَين بن كُمَيْل بن عبد العزيز بن هارونَ اللَّخْميُّ، إشبِيليٌّ قُرْطبيُّ الأصل، أبو بكر، ابنُ المُرْخِي. رَوى عن أبيه، وأبي العبّاس ابن سيِّد اللِّصّ. رَوى عنه أبو إسحاقَ بنُ محمدٍ الأَوْسيُّ الدَّبّاغُ وأبو يحيى أبو بكر بن هشام، وأبَوا الحَسَن: الدَّبّاجُ، والرُّعَيْنيُّ شيخُنا، وأبو الحَكَم بن بَرَّجَان، وأبو الخَطّاب بنُ خليل، وأبو عبد الله الرُّنْديُّ المُسلهم، وأبو عُمرَ بن خليل، وأبو العبّاس بن عبد المُؤْمن، وأبو عَمْرٍو حَكَمُ بن إبراهيمَ بن محمد الغَسّانيُّ. وكان بارعَ الكتابة عَريقًا في إجادتِها وعُلوِّ الطبقةِ فيها، رائقَ الخَطّ حسَنَ النَّظْم، حافظًا اللُّغةَ والآدابَ، نبيهَ القَدْر، من بيتِ عِلم وكتابةٍ ورواية، متينَ الدِّين فاضلًا متواضِعًا، متميِّزًا بالإحسانِ في مُكاتبةِ الإخوان؛ وكتَبَ معَ أبيه ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1614) وفي تحفة القادم (المقتضب منه) (125)، والرعيني في برنامجه (35)، والذهبي في المستملح (255) وتاريخ الإسلام 13/ 449، والصفدي في الوافي 4/ 157.

1260 - محمد بن علي بن محمد بن عبد الملك، أشري، أبو عبد الله، العقرب

عن أبي يعقوبَ بن عبد المُؤْمن، وكتَبَ عن أبي يحيى بن أبي يعقوب، واختَصَر لأبي يوسُفَ المنصُورِ قبلَ ولايتهِ "الغريبَ المصنَّفَ" اختصارًا حسَنًا، وكان جيِّدَ القيام على الأصل حاضرَ الذِّكرِ له، وتأليفُه في الخَيْل الذي جَمَعَه للناصِر وسَمّاه "بُغْيةَ المُرتبِط ودُرّةَ المُلتقِط" من أنبَل الموضوعاتِ وأعظمِها جَدْوى؛ وما زال مُكرَّمًا عندَ الملوكِ مَرْعيَّ السابقةِ لديهم، مشكورًا بينَ إخوانِه ومعارفِه مشهورَ الفَضْل حسَنةً من حسَناتِ دهرِه. وكان صاحبُه وصديقُه أبو محمد عبدُ الكبير يَصِفُه بصلابةِ الدِّين ومتانتِه ويقول: قلّما لقِيتُه إلّا سائلًا عمّا يخُصُّه في دينِه من أمرِ صلاةٍ وصيام ونحوِ ذلك، وكان أبو زَيْدٍ الفازَازيُّ يُثْني عليه كثيرًا ويقول: عجِبتُ له! كان لا يُحسنُ شيئًا من العلوم ولا يتصرَّفُ في مبادئها، ولا يُذاكرُ في شيءٍ منها ما خلا تأليفَه في اختصار "الغريبِ المصنَّف". قال شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيّ: كان من أهل الإنصافِ والتواضع، رأيتُ بخطِّه على مختصرِه "الغريب المصنَّف" وقد قرَأَهُ على شيخِنا حافظِ اللّغة في عصرِه أبي الحَكَم بن بَرَّجَان يقولُ عنه: وهو أعلمُ بهذا الشّأنِ منّي، وله اختصارٌ حسَنٌ في كتابِ "اليتيمة". توفِّي في العَشْرِ الأُوَل من شهرِ ربيعٍ الآخِر عام خمسةَ عشَرَ وست مئة. 1260 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن عبد الملِك، أشريٌّ، أبو عبد الله، العَقْربُ. كان نَحْويًّا أديبًا ذكيًّا جيَدَ القَريحة، شاعرًا مطبوعًا، درَّس ما كان عندَه مُدّةً، وكان حيًّا بعدَ الخمسينَ وخمس مئة. 1261 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن عليِّ بن سَعِيد بن مَسْعَدةَ العامِريُّ القَيْسيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو يحيى. رَوى عن أبي حَفْص بن سَهْل وغيرِه، وكان أديبًا بارعًا حسَنَ النَّظْمِ والنثر، من بقايا أهل الحسَبِ وجَلالةِ القَدْر، واستُعمل.

1262 - محمد بن علي بن محمد بن علي بن هذيل، بلنسي، أبو بكر وأبو عبد الله

1262 - محمدُ (¬1) بن عليِّ بن محمد بن عليِّ بن هُذَيْل، بَلَنْسِيٌّ، أبو بكرٍ وأبو عبد الله. رَوى عن آباءِ الحَسَن: أبيه، وابن النِّعمة، وطارقِ بن يَعيشَ، وأبوَيْ عبد الله: ابن سَعادةَ وابن غُلام الفَرَس، وأبي عامر بن شرويه، وأبي مَرْوانَ بن الصَّيْقَل، وأبي الوليد ابنِ الدَّبّاغ، وله رحلةٌ إلى المشرِق أخَذَ فيها عن أبي الطاهِر السِّلَفيِّ سنةَ تسع وثلاثينَ، وحجَّ سنةَ أربعينَ، ورَوى بمكّةَ، شرَّفَها اللهُ، عن أبي عليّ ابن العَرْجاء، وأجاز له أبو المظفَّر الشَّيْبانيُّ، وقَفَلَ إلى الأندَلُس سنةَ ستٍّ وأربعين. رَوى عنه ابنُ أُختِه أبو بكر بنُ محمد، وأبو الرَّبيع بن سالم، وأبو زَيْد ابن حِمَاس، وأبو عُمرَ بن عَيّاد، وابناه: أحمدُ ومحمدٌ، وكان عارفًا بالقراءاتِ متحقّقًا بها، ذا حظٍّ صالح من اللُّغة، ضابِطًا ثَبْتًا حسَنَ النّظر في العبارة، وكتَبَ بخطِّه -على ضَعْفِه- كثيرًا. وُلد عامَ تسعةَ عشَرَ وخمس مئة، وتوفِّي سنةَ ثمانٍ وثمانينَ وخمس مئة. 1263 - محمدُ (¬2) بن عليِّ بن محمد بن عليِّ بن هُذَيْل، بَلَنْسِيٌّ، أبو عامر. وهُو أخو الذي يَليهِ قبلَه. تلا بالسَّبع على أبيه وأكثَرَ عنهُ، ورَوى عن أبوي الحَسَن: طارقٍ وابن النِّعمة، وأبي عبد الله بن سَعادَة، وأجاز لهُ أبو بكر بنُ رِزق وأبو الطاهِر السِّلَفيُّ. رَوى عنه ابنُ أُختِه أبو بكر بن محمد. وكان وَرِعًا زاهدًا، حافظًا للقرآنِ عارفًا برواياتِه، قائمًا به ليلًا ونهارًا، نافِرًا عن الرِّواية لا يُجيبُ إليه تواضُعًا واستصغارًا لنفسِه، ولأنه لم يكنْ له بصَرٌ بالحديث فقُصارى من يَحمِلُ عنه أن يُجيزَ له لفظًا إنْ سَمَحَ بذلك وساعَدَ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1501)، والذهبي في المستملح (178) وتاريخ الإسلام 12/ 859. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1611)، والذهبي في المستملح (253) وتاريخ الإسلام 13/ 421 ومعرفة القراء 2/ 605، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 208، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 251.

1264 - محمد بن علي بن محمد بن هشام الأنصاري، إشبيلي، نزل القاهرة

عليه، عُرِفَ ذلك منهُ فصار يُتهيَّبُ أن يُسألَ ذلك، وكان من أهل الانقباضِ عن الناس في باديةٍ اقتَصَرَ عليها وقَنِعَ بها. توفِّي بين صلاتَي الظهرِ والعصرِ من يوم الأحد لثلاثٍ بقِينَ من ذي قَعْدةِ أربعَ عشْرةَ وست مئة ببَلَنْسِيَةَ وقد جاوَزَ السّبعينَ، ودُفن يوم الاثنينِ بعدَه بمقبُرة المُصَلّى، وكان الحَفْلُ في جَنازتِه عظيمًا تبرُّكًا به، حضَرَها والي بَلَنْسِيَة حينَئذٍ أبو عبد الله بنُ أبي حَفْص بن عبد المُؤْمن وجَمْعٌ كثيرٌ من الناس، وأتْبَعَه الناسُ ثناءً صالحًا، رحمَه الله، وكان أهلًا لذلك، وازدَحَمتِ العامّةُ على نَعْشِه. 1264 - محمدُ (¬1) بن عليِّ بن محمد بن هِشام الأنصاريُّ، إشبِيليٌّ، نزَلَ القاهرةَ. تجوَّل في بلادِ المشرِق كثيرًا، وأخَذَ ببغدادَ عن أبي إسحاقَ إبراهيمَ بن عبد الله ابن إبراهيمَ القَطِيعيّ. رَوى عنه أبو الصَّفاءِ خالصٌ وابنُه سَعْدُ بن خالِص وأبو عليّ حَسَنُ بن الحَسَن بن منصورُ الجَنْب. 1265 - محمدُ (¬2) بن عليِّ بن محمد بن عَيّاش، مَوْرُوريٌّ سَكَنَ قُرطُبةَ، أبو بكر. تَلا بالسَّبع على أبي الحَسَن العَبْسيِّ، وبها وببعضِ روايةِ يعقوبَ على أبي القاسم ابن النَّخّاس. ورَوى الحديثَ عن أبي عبد الله بن فَرَج، وأبي عليّ الغَسّانيِّ، وأبي القاسم الهَوْزَنيّ. وتفَقَّه بأبي عبد الله بن أضحَى، وأبي القاسم أصبَغَ بن محمد وأبي [....] (¬3) المدائنيّ، وأجاز له أبو بحرٍ الأسديُّ. رَوى عنه أبو بكرٍ عَتِيقٌ وابنُه أبو الحَسَن ابنا مُؤْمن. وكان خيّرًا فاضلًا وَرِعًا، بارعَ الخَطّ، معروفَ الفَضْل، حافظًا للفقه، استَظْهرَ في صِغَرِه مختصَر الفَضْل بن سَلَمة "الواضِحة"، وكانت له مُشاركةٌ جيِّدةٌ في الطِّبّ، واستكْتَبَهُ ¬

_ (¬1) سيعيده المؤلف بعد قليل (الترجمة 1270). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1334)، وفيه: "محمد بن علي بن عياش" وكناه: أبا عبد الله. (¬3) بياض في النسخ.

1266 - محمد بن علي بن محمد بن عيشون، مرسي بكي الأصل، أبو عمرو

أبو عبد الله ابنُ أضحَى أيامَ قضائه بجَيّانَ، ثم أبو عبد الله بنُ زياد بن عبد الله بن زياد صاحبُ الأحباسِ بقُرطُبةَ، وكان معروفَ الأمانة، واستُقضيَ في بعضِ الكُوَر، ووَلِيَ الإمامةَ بجامع قُرطُبةَ بأخَرَةٍ، ولَزمَها إلى أن توفِّي. قال رحمَه الله: كنتُ قد عَزْمتُ على قراءةِ الطِّبّ بإشبيلِيَةَ لأتّخِذَهُ حِرْفةً، فانتَسَخْتُ من كُتُبِ جالينُوسَ، والتزَمْتُ القراءةَ على ابن بَرَّجانَ أخي الزاهد أبي الحَكَم، وكان له دِينٌ ومعرفةٌ بالحديث وتقدُّمٌ في الطِّب، فكنتُ أنسَخُ باللّيل وأدرُسُ بالنهار، وبقِيتُ على ذلك مُدّةً، فلمّا كان في بعضِ اللّيالي رأيتُ في النوم المُقرئَ أبا الحَسَن العَبْسيَّ، رحمه اللهُ، كأنه جالسٌ في موضعِه بالمسجدِ الجامع بقُرطُبة، فكنْتُ أطّلعُ إليه من الجانبِ الأيمن لأُسلِّمَ عليه، فكان يُعرِضُ عنّي بوجهِه، فجئتُه من الجانب الأيسر فأعرَضَ عنّي بوجهِه، فجئتُه من أمامِه فكان يُدخِلُ رأسَه تحتَه، فكنتُ أقولُ له: ما ذنبي وما الذي جَنيتُ؟ فكان يُخرجُ إليَّ رأسَه ويقول: محمدُ! محمد! تركتَ قراءةَ القرآنِ والحديث ورجَعْتَ إلى قراءةِ الطِّبّ؟! فكنتُ أقولُ له: لا أعودُ؛ واستيقَظْتُ فَزِعًا، فذَكَرْتُ ذلك لأبي رحمه اللهُ، فاشتَرى لي رُزْمةَ كاغِد، واشتَغَلْتُ بكتابةِ الحديث، وكنتُ أحضُرُ عندَ الهَوْزنيِّ، ومَضَتْ لي على ذلك مُدّةٌ، فرأيتُه بعدَ ذلك في النَّوم متبسِّمًا متبشِّرًا، فكان يقول لي: أحسَنْتَ فيما فعَلْتَ، بارَكَ اللهُ فيك، أو كما قال. وتوفِّي في صَدْرِ رجبِ ستٍّ وأربعينَ وخمس مئة. 1266 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن عَيْشُون، مُرْسِيٌّ بَكِّيُّ الأصل، أبو عَمْرو. رَوى عن عمِّه أبي عَمْرٍو محمد، وأبي الخَطّاب بن واجِب، وأبي الرّبيع بن سالم، وأبَويْ عبدِ الله: ابن أحمدَ ابن اليتيم وابن سَعِيدٍ المُراديِّ وتلا عليه بالسَّبع، وأبي محمد بن حَوْطِ الله، لقِيَهم وسَمِع عليهم. وأجاز له مُكاتبةً أبو بكر بنُ حَسْنُون، وأبو جعفر بنُ شَرَاحِيل. وكان مُقرِئًا مجوِّدًا راوِيةً، ذا حظٍّ من علوم اللِّسان. مَوْلدُه سنةَ ثمانٍ وثمانينَ وخمس مئة، وتوفِّي سنةَ أربعٍ وستينَ وست مئة.

1267 - محمد بن علي بن محمد بن مجيب، بلنسي.

1267 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن مُجِيب، بَلَنْسِيٌّ. كان من أهل العلم، حيًّا سنةَ أربعَ عشْرةَ وست مئة. 1268، 1269 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن منصُورٍ الأنصاريُّ، وأخوهُ: محمدٌ، بَلَنْسِيّان. من أهل العلم، كانا حيَّيْنِ سنةَ تسع وتسعينَ وخمس مئة. 1270 - محمدُ (¬1) بن عليِّ بن محمد بن هِشام الأنصاريُّ، إشبيليٌّ استَوْطَنَ القاهرةَ، أبو بكر. رَوى عن طائفةٍ من أهل الأندَلُس، وشَرَّق وتجوَّل في البلاد طويلًا وأخَذَ ببغدادَ عن أبي إسحاقَ إبراهيمَ بن عبد الله بن إبراهيمَ القَطِيعيّ. رَوى عنه سَعْدٌ وأخوهُ خالِصُ بنُ مَهْدي، وكان راوِيةً للحديث مُكثِرًا عَدْلًا، ثقةً، جيِّدَ الخَطّ، كتَبَ الكثيرَ وأتْقَنَ ضَبْطَه. 1271 - محمدُ (¬2) بن عليِّ بن محمد بن يحيى بن يحيى بن عبد الله بن يحيى بن يحيى الغافِقيُّ، مُرْسِيٌّ استَوْطنَ سَبْتةَ، أبو عبد الله الشارِّيُّ. وهو والدُ الراوِية التاريخيِّ المُقيِّد أبي الحَسَن الشارِّيّ، وكان سَلَفُه ببلدِه يُعرَفونَ ببني يحيى. رَوى عن سَلَفِه أبي الحَسَن بن محمد، وأخَذَ القراءةَ عن أبي نَصْر فَتْح بن يوسُفَ المعروفِ بأبي كُبَّة، ورَوى عن الحاكم بمُرْسِيَةَ أبي العبّاس بن إدريسَ ولازَمَه وتفَقَّه به، وبأبي محمدٍ عاشِر. رَوى عنه ابنُه أبو الحَسَن. وكان راوِيةً للحديث فقيهًا حافظًا، ذاكِرًا للآدابِ والتّواريخ، انتَقلَ سنةَ ثِنْتينِ وستّينَ وخمس مئة إلى سَبْتةَ في الفتنة، فاستَوْطنَ إلى أن توفِّي بها سنة أربع وعشرينَ وست مئة، ومَوْلدُه سنةَ سبع وثلاثينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) انظر الترجمة رقم (1264) وقد تكرر هنا، ونبه إلى ذلك المعلق بهامش ب. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1648)، والذهبي في المستملح (278) وتاريخ الإسلام 13/ 783 ومعرفة القراء 2/ 609، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 209، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 252.

1272 - محمد بن علي بن محمد بن يحيى الأنصاري، مرسي، أبو عبد الله

1272 - محمدُ (¬1) بن عليِّ بن محمد بن يحيى الأنصاريُّ، مُرْسِيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكر بن أبي جَمْرةَ، وأبي القاسم بن حُبَيْش، وأبي محمد بن أحمدَ بن عَلُّوش. ورَحَلَ فحَجَّ، وسَمِعَ بمكّةَ، شرَّفَها اللهُ، من أبي شُجاع زاهِر بن رُسْتُم، وأبي عبد الله بن أبي الصَّيْف، وأبي الفُتُوح نَصْر بن أبي الفَرَج الحُصْريِّ، وأبي محمدٍ يونُسَ بن يحيى الهاشِميِّ وغيرِهم؛ وقَفَلَ إلى بلدِه. وكان مُقرئًا مجوِّدًا متصدِّرًا صالحًا مُقِلًّا صَبُورًا، ذا حَظّ من رواية الحديثِ والبصَر به والحِفظِ لرجالِه، وله اختصارٌ نبيلٌ في "اقتباسِ الأنوارِ" للرُّشاطيِّ، وكان يصحَبُ كثيرًا أبا القاسم الطَّرَسُونيَّ ويُجالسُه في دُكّانِه، فيَجري الغلَطُ أحيانًا على أبي القاسم في بعضِ ما يُفتي به في المسائل، فيُرشِدُه ابنُ يحيى هذا وَيرُدُّه إلى الصَّواب، وكان يَخضِبُ، وتوفِّي سنةَ سبعَ عشْرةَ وست مئة أو قبلَها بيسير. 1273 - محمدُ بن عليِّ بن محمدٍ الأزْديُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي أحمدَ جعفرِ بن عبد الله التُّجِيبيِّ. رَوى عنه عبدُ الصَّمد بنُ سَعِيد العَطّارُ. 1274 - محمدُ بن عليِّ بن محمد الأنصاريُّ، مالَقيٌّ، أبو عبد الله. رَحَلَ إلى المشرِق وسَمِع بالإسكندَريّة على أبي العبّاس السَّرَقُسْطيِّ ابنِ الفقيه. 1275 - محمدُ (¬2) بن عليِّ بن محمدٍ التُّجِيبيُّ، مُرْسِيٌّ، وقيل: إلْشيٌّ، نزَلَ أوْرِيُولَةَ، أبو عبد الله الرباطُ. تَلا على أبي عبد الله بن موسى الوَشْقيِّ [....] (¬3) ابن البادي [....] (¬4) عليه ابنُ المُرابِط. وكان رجُلًا صالحًا، متصدِّرًا لإقراءِ القرآن، زاهدًا جليلَ القَدْرِ مشهورَ الفَضْل، حيًّا سنةَ تسع وثمانينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1620). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1578). (¬3) بياض في النسختين. (¬4) كذلك.

1276 - محمد بن علي بن محمد التنوخي، أبو عبد الله

1276 - محمدُ بن عليِّ بن محمد التَّنُوخيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال. 1277 - محمدُ (¬1) بن عليِّ بن محمد الطائيُّ الحاتمِيُّ، إشبِيليٌّ مُرْسِيُّ الأصل، استَوْطنَ [دمشقَ] (¬2) ودُعي في المشرق مُحيَ الدِّين، أبو بكر، ابنُ العَرَبيِّ والحاتمِيُّ والقشَيْريُّ؛ لمُلازمتِه "رسالة القُشَيريِّ" إلى الصُّوفيّة وإكبابِه على قراءتِها ومطالعتِها. أخَذَ ببلدِه عن مَشْيَختِه، ومنهم: أبو عِمرانَ الزاهدُ المارْتُليُّ، وأخَذَ بها أيضًا عن تَقيِّ الدِّين أبي القاسم عبد الرَّحمن بن عليٍّ القَسْطلانيّ، وبفاسَ عن أبي الحَسَن بن حرزهُم، وأبي عبد الله بن قاسم وغيرِهما. ورَوى عن أبي أحمدَ عبد الوهّاب بن عليّ بن عليّ بن سُكَيْنةَ، وأبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ وتدَبَّجَ معَه، وأبي الحَسَن عليّ بن عبد الله بن عبد الرّحمن الفِرْيانيّ، وأبي الضِّياء بَدْرٍ الحَبَشيِّ وأبي عبد الله محمد بن خالدٍ الصَّدَفيِّ، وأبوَي العبّاس الأحمدَيْن: ابن داودَ بن ثابِت ابن منصُور الجَزِيريِّ الحَلْفاويِّ وابن مَسْعود بن شَدَّادٍ (¬3) المُقْرئ المَوْصِليِّ، وأبي القاسم [....] (¬4) الحَرَسْتانيِّ، وأبي محمدٍ يونُسَ بن يحيى الهاشميِّ، وأبي ¬

_ (¬1) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال 4/ 293، وابن الدبيثي في ذيل تاريخ مدينة السلام 1/ 530، وابن الشعار في عقود الجمان 7/ الورقة 179، والمنذري في التكملة 3/ الترجمة 2972، وابن الأبار في التكملة (1693)، والذهبي في المستملح (311) وتاريخ الإسلام 14/ 273 وسير أعلام النبلاء 23/ 48 وفيه مزيد مصادر عنه فراجعه إن شئت استزادة؛ وله ترجمة رائقة في العقد الثمين للتقي الفاسي 2/ 160 - 199. (¬2) ما بين الحاصرتين من هامش ب. (¬3) في النسخ: "سداد"، والصواب ما أثبتنا، وهو مترجم في تكملة المنذري 3/ الترجمة 1858، وتاريخ الإسلام 13/ 539، وتوفي سنة 618 هـ. (¬4) بهامش ب: "هو أبو القاسم عبد الله (كذا) بن محمد بن أبي الفضل يوسف بن عبد الواحد الأنصاري الخزرجي العبادي السعدي الشافعي المعروف بابن الحرستاني، حدثنا عنه ناصر الدين أبو جعفر ابن القواس". قلنا: هكذا سماه: عبد الله، والصواب: "عبد الصمد"، وتنظر ترجمته في تكملة المنذري 2/ الترجمة 1568 وفيها مصادر ترجمته. وابن القواس اسمه عمر، وهو شيخ الذهبي.

الوليد بن أحمدَ المَعافِريِّ، والزَّكِيّ بن أبي بكرٍ العراقيّ. وحدَّث بالإجازةِ العامّة عن أبي الطاهِر السِّلَفيّ، وحَمَّلَهُ ابنُ الزُّبَير الرِّوايةَ عنهُ باللقاء، وذلك باطلٌ. رَوى عنه أبو العبّاس بنُ إبراهيمَ القنجايريُّ، وهو أسنُّ منه، وأبو القاسم محُيي الدِّين محمدُ بن محمد بن سُراقَةَ، وأباحَ الحَمْلَ عنه لكلِّ من أدرَكَ حياتَه وأحبَّ ذلك، وكان من أهلِه. وكان أديبًا بارعًا كاتبًا بليغًا، ذا حَظّ من قَرْض الشِّعر، كتَبَ بالأندَلُس عن بعضِ الأُمراء، ثم تخَلَّى عن ذلك زُهدًا فيه ورغبةً عنه، وحَجَّ ولم يَعُدْ إلى المغرِب. ومال إلى التصَوُّف وصَحِبَ أعلامَ رجالِه غَرْبًا وشرقًا، وجَدَّ في طلبِه حتى بَرَعَ فيه، وله فيه وفي غيِرِه مصنَّفات كثيرةٌ تفوتُ الإحصاء، ومقالاتٌ متعدِّدة تتجاوزُ الحَصْر، منها: "الجَمْعُ والتفصيل في أسرارِ معاني التنزيل"، "الجَذْوةُ المُقتبَسة والخَطْرةُ المُختلَسة"، "مِفتاحُ السَّعادة في المدخَل إلى طريقِ الإرادة"، "المُثلَّثاتُ الواردةُ في القرآن"، "الأجوِبةُ عن المسائلِ المنصُوريّة"، وهي مئةُ سؤال؛ "مُبايعةُ القُطْب في حَضْرة القُرْب"، "مَناهجُ الارتقا، إلى افتضاضِ أبكارِ البقا، المخدَّراتِ بخَيْماتِ اللِّقا"، كذا وقَعَ وأُراه: التُّقَى، فيُبحَثُ عنه إن شاء الله؛ "ما لا بدَّ للمُريدِ منه"، "الجَلا في استنزالِ رُوحانيّاتِ المَلإِ الأعلى"، "كَشْفُ المُعمَّى عن سِرِّ الأسماءِ الحُسنى"، "شِفاءُ الغَليل"، "التحقيق في سِرِّ الصَّديق"، "الميزان"، "الإعلام بإشاراتِ أهلِ الإلهام"، "الإفهام في شَرْح الإعلام"، "السِّراجُ الوَهّاج في شَرْح كلام [الحَلّاج] "، "التدبيراتُ الإلهيّة في إصلاح المملكةِ الإنسانيّة"، "عِلّةُ تعلُّقِ النَّفْس بالجنّة"، "إنزالُ الغيوب على مراتِب القلوب"، "مشاهدةُ الأسرارِ القُدُسيّة"، "المَنْهجُ السَّديد في ترتيبِ أحوالِ الإمام البِسطاميِّ أبي يزيد"، "مِفتاحُ أقفالِ الإلهام الوحيد"، "أُنسُ المُنقطِعِينَ إلى الله"، "المبادي والغايات في حُروفِ المُعجَمات"، "الدُّرّةُ الفاخِرة في ذكْرِ منِ انتفَعْتُ به في طريقِ الآخِرة"، "مواقعُ النُّجوم"، "إنزالاتُ الوجود من خزائنِ الجُود"، "حِلْيةُ الأبدال"، "أنوارُ الفَجْر"، "الفُتوحاتُ المكِّيّة"، "تاجُ الرسائل"، "مُناصَحةُ النَّفْس"،

"التَّنزّلاتُ المَوْصِليّة"، "القَسمُ الإلهيّ بالاسم الرَّبّانيّ"، "إشاراتُ القرآن"، "الجَلالُ والجمال"، "المدخَلُ إلى العملِ بالحروف"، "المُقنع في إيضاح السَّهلِ المُمتنِع"، "عَنْقاءُ مُغرِب"، "ما يَحتاجُ إليه أهلُ طريقِ الله من الشّروط"، "الأنوار"، "المعلوم من عقائدِ علماءِ الرسوم"، "الإشارات في الأسماءِ والكِنايات"، "الحُجُبُ المَعْنَويّة"، "الجداولُ والدّوائر"، "الأعلاق"، "رَوْضةُ العُشّاق"، "تسعة وتسعين (¬1) "، "المعارفُ الإلهيّة"، "عُقلةُ المُستوفِز في الصَّنعةِ الإنسانيّة والصِّبْغةِ الإيمانيّة"، "الأحَديّة"، "ألهُوَ"، "الجلالة"، "الرّحمة"، "العَظَمة"، "المجد"، "الدَّيْمُومة"، "الجُود"، "القَيُّوميّة"، "الإحسان"، "السماءُ والفَلَك"، "الحِكمة"، "العِزّة"، "الأَزَل"، "النُّور"، "السِّرّ"، "الإبداعُ والاختراع"، "الخَلْقُ والأمر"، "القديم"، "القِدَم"، "الصّادرُ والوارد"، "المَلِك"، "القُدّوس"، "الحياة"، "العِلم"، "المشيئة"، "القَوْل"، وهو كتابُ البُرهانيّة، وهو كتابُ كلمةِ الحَضْرة، "الرَّقيم"، "العَيْن"، "الباه"، "كُنْ"، "المَبْدَأَيْنِ والمبادئ"، "الزُّلْفة"، "الإجابة"، "الرَّمز"، "المُراقبة"، "البقاء"، "القُدْرة"، "الحُكْم والشرائع"، "الغَيْب"، "مَفاتحُ الغَيْب"، "الثّواني"، "الخَزائن"، "الرِّياح"، "الكتب"، "الطَّير"، "النَّمل"، "البَرْزَخ"، "الحَشْر"، "القِسْطاس"، "القلم"، "اللَّوح"، "المُؤمنُ والمسلِم والمُحسِن"، "القَدَر"، "الشَّأن"، "الوجود"، "التحويل"، "الحَيْرة"، "الإنسان"، "التحليلُ والتركيب"، "المِعْراج"، "الأنفاسُ والرَّوائح"، "الملك"، "الأرواح"، "الهياكل"، "التُّحْفةُ والطُّرْفة"، "الحُرْقة والغَرْقة"، "الأعراف"، "زيادةُ الكَبِد"، "الأسفار"، "الأحجار"، "الفِراسة"، "الجبال"، "القرآنيّةُ والسُّنِّيّة"، "العَرْش"، "الكُرْسيّ"، "الفَلَك"، "الهباء"، "الزّمان"، "المكان"، "الحركة"، "العالَم"، "الآباءُ العُلْويّات والأُمّهاتُ السُّفْليّات"، "النَّجمُ والشَّجر"، "الساجِد" أو "سُجودُ القلب"، وهو كتابُ السّجود، "الأسماء"، "النَّحْل"، "الرِّسالة والنُّبوءة والوِلايةُ والمعرفة"، "الغايات"، "التِّسعةَ عَشَر"، "النار"، "الجنّة"، "الحَضْرة"، "العِشق"، "المُناظرةُ ¬

_ (¬1) كذا إمّا منصوبة أو مجرورة.

بين الإنسان والحَيَوان"، "المُفاضَلة"، "الإنسانُ الكامل"، "مِشْكاةُ الأنوار فيما يُروى عن الله تعالى من الأخبار"، فمنه أربعونَ حديثًا مسنَدةً وأتلاها أربعينَ غيرَ مسنَدة وعَقَّبَها بعشرينَ حديثًا كذلك وختَمَها بواحد؛ "المُبَشِّرات"، هذه بعضُ مصنَّفاته، وأكثرُها مقالاتٌ صغيرةُ الحجم. ومن نَظْمِه [الكامل]: انظُرْ إلى هذا الوجودِ المُحكَمِ ... ووجودُنا مثلُ الرِّداءِ المُعلَمِ وانظُرْ إلى خُلفائهِ في مُلْكِهمْ ... من مُفصِحٍ طَلْقِ اللِّسانِ وأعجمِ ما منهمُ أحدٌ يحبُّ إلهَهُ ... إلّا وَيمزُجُهُ بحبِّ الدرهمِ وهو من قصيدة؛ وقولُه [مجزوء الرجز]: يا من يراني عاصيًا ... ولا أَراهُ آخِذا كم ذا أراك مُنعِمًا ... ولا تَراني لائذا وذَكَرَ في "المُبشِّراتِ" قال: كان جُملةٌ من أصحابنا قبلَ أن أعرِفَ العِلْمَ قد رَغِبوا وقَصَدوني محرِّضينَ على قراءةِ كُتُبِ الرأي، وأَنا لا عِلمَ لي بذلك ولا بالحديث، فرأيتُ نَفْسي في المنامِ وكأنّي في فضاءٍ واسع، وجماعةٌ بأيديهمُ السّلاحُ يُريدونَ قَتْلي، ولا مَلْجأَ معي آوِي إليه، فرأيتُ أمامي رَبْوةً، ورسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عليها، فلجأتُ إليه، فألقَى ذراعَه إليّ وضَمَّني إليه ضمًّا عظيمًا، وقال لي: يا حبيبي، استمسِكْ بي تَسلَمْ، فنظَرْتُ إلى هؤلاء الأعداءِ، فلم أرَ على وَجْهِ الأرض منهم أحدًا، فمِن ذلك الوقت اشتَغَلْتُ بتقييدِ الحديث. وذَكَرَ فيها: رأيتُ وأنا بحَرَم مكّةَ في المنام كأنَّ القيامةَ قد قامت، وكأنّي واقفٌ بينَ يدَيْ ربِّي مُطْرِقًا خائفًا من عتابه إيّايَ من أجْلِ تفريطي، فكان يقولُ لي جَلَّ جلالُه: يا عبدي، لا تخَفْ، فإنّي لاَ أطلُبُ منك عملًا إلّا أن تَنصحَ عبادي، فانصَحْ عبادي، وكنتُ أُرشِدُ الناسَ إلى الطريقِ القَويم، فلمّا رأيتُ الداخلَ إلى طريقِ الله عزيزًا تكاسَلْتُ، وعزَمْتُ تلك الليلةَ أن أشتغلَ بنَفْسي وأترُكَ الخَلْقَ وما هم عليه، فرأيتُ هذه الرُّؤيا، فأصبحتُ وقعَدتُ للناسِ أُبيِّنُ لهمُ الطريقَ الواضح والآفاتِ

القاطعةَ بكلِّ صِنفٍ عنه: من الفقهاءِ والفقراءِ والصُّوفيّة في العوامّ، فكلٌّ قام عليّ وسَعَى في إهلاكي فنَصَرَ اللهُ عليهم وعَصَمَ فضلًا منهُ ورحمة؛ قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "الدِّينُ النَّصيحة، لله ورسُولِه ولأئمّة المسلمينَ وعامَّتِهم"، ذَكَره في "صحيح مسلم". وقال فيها: رأيتُ في المنام كأنّ القيامةَ قد قامت، وقد ماجَ الناسُ، فسَمِعتُ قراءةَ القرآنِ في عِليِّينَ، فقلت: مَن هؤلاءِ الذين يقرَأونَ القرآنَ في مثلِ هذا الوقتِ ولا خَوْفٌ عليهم؟ فقيل لي: هم حَمَلةُ القرآن، فقلت: وأنا منهم، فأُدلِيَ لي سُلَّم فرَقِيتُ فيه إلى غُرفةٍ في عِلِّيِّينَ فيها كبارٌ وصغارٌ يقرَأونَ القرآنَ على رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إبراهيمَ الخليل، فقَعدْتُ بينَ يدَيْه وافتتَحْتُ القرآنَ آمِنًا لا أعرِفُ خَوْفًا ولا هَوْلًا ولا حسابًا، ولا أدري ما همُ الناسُ فيه من الكَرْب في الحَشْر؛ قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أهلُ القرآن هم أهلُ الله وخاصّتُه"، وقال تعالى: {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ: 37]. وقال فيها: دخَلتُ بإشبيِليَةَ على الشّيخ الوَرِع الصّالح أبي عِمرانَ موسى بنِ عِمرانَ المارْتُليِّ، فأخبَرْتُه بأمرٍ سُرَّ به واستَبْشَر، فقال لي: بَشَّرك اللهُ بالجنّة كما بشَّرْتَني، فلم تمضِ أيامٌ حتى رأيتُ بعضَ أصحابِنا في المنام ممّن كان قد مات، فقلتُ له: كيف حالُك؟ فذَكَرَ خيرًا، في كلامٍ طويل، ثم قال لي: وقد بَشَّرَني اللهُ بأنّك صاحبي في الجنّة، فقلتُ له: هذا في المنام، فهاتِ الدّليلَ على قولِك، فقال: نعَمْ، إذا كان في غدٍ عندَ صلاةِ الظّهر يَطلُبُك السُّلطانُ ليَحبِسَك، فانظُرْ لنفْسِك، فلمّا أصبح وما ثَمّ أمر يوجِبُ عندي شيئًا من ذلك، فلمّا صلَّيتُ الظّهرَ وإذا بالطّلب من السُّلطان، فقلتُ: صَدَقتِ الرؤيا، فاختفَيْتُ خمسةَ عشَرَ يومًا حتى ارتفَعَ ذَلك الطّلب، وهذا من بَرَكةِ دعاءِ الصّالحين. توفِّي أبو بكرٍ هذا بدِمشقَ سنةَ سبع وثلاثينَ وست مئة (¬1). ¬

_ (¬1) بهامش ب: "توفي في ليلة الثاني والعشرين لربيع الآخر من سنة ثمان وثلاثين بدمشق، ودفن من الغد بسفح قاسيون، ومولده بمرسية في شهر رمضان المعظم سنة ستٍّ وستين وخمس مئة، وكان تقي الدين ابن تيمية يسيء القول فيه جدًا. وقال ابن شداد الحلبي في تاريخه: اختلف الناس فيه؛ فمنهم من بعَّده عن الشريعة والتمسك بها، ومنهم مَن عدَّه من الأبدال".

1278 - محمد بن علي بن محمد الفهري

1278 - محمدُ بن عليِّ بن محمد الفِهْرِيُّ. 1279 - محمدُ بن عليِّ بن محمد المُهْريُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عَمْرِو سالم بن سالم. 1280 - محمدُ (¬1) بن عليِّ بن محمد النَّفْزِيُّ، جَيّانيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الحاجّ. رَوى عن أبي محمد بن عَتّاب، وتفَقَّه بأبي عبد الله بن أصبَغ، وأبوي الوليد: ابن رُشْد وابن العَوّاد، حدَّث عنه أبو عبد الله بنُ عُبادةَ الجَيّانيُّ. وكان فقيهًا مُشاوَرًا، مدرِّسًا للمدوَّنةِ وغيرِها حافظًا، ورَحَلَ حاجًّا فأدَّى فريضتَه، وعاد إلى بلدِه، وأقبَلَ على نَشْرِ العلم وتدريسِه. 1281 - محمدُ بن عليِّ بن محمدٍ اليَحْصُبيُّ. رَوى عن أبي جعفرٍ ابن الباذِش. 1282 - محمدُ (¬2) بن عليِّ بن محمد، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ عذاري. رَوى عن أبي عبدِ الله مَوْلى الزُّبَيْديّ، رَوى عنه أبو الرَّبيع بن سالم، وكان معلِّمَه في الكُتّاب. 1283 - محمدُ بن عليِّ بن محمد. رَوى عن أبي القاسم بن مُدِير، وأبي الوليد هِشام بن أحمدَ بن وَضّاح. رَوى عنه الوزيرُ أبو عُمرَ أحمدُ بن محمد بن عَيّاد سنةَ أربعَ عشْرةَ وخمس مئة. 1284 - محمدُ بن عليِّ بن مُطرِّف، أبو عبد الله. رَوى عنه أبو عبد الله الأنْدَرْشيُّ. وكان فقيهًا حافظًا مُشاوَرًا، واستُقضيَ، وطال عُمُرُه؛ فعَلَتْ روايتُه. مَوْلدُه سنةَ ثِنتينِ وثمانينَ وأربع مئة. 1285 - محمدُ بن عليِّ بن مُعْطٍ التُّجِيبيُّ، غَرْناطيٌّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1288)، والذهبي في المستملح (78) وتاريخ الإسلام 11/ 745. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1530).

1286 - محمد بن علي بن مغيرة السكسكي، وادياشي

تَلا عليه في المكتب أبو بكر بنُ أبي زَمَنِين، وكان فقيهًا فاضلًا مُكْتِبًا إمامًا بمسجدِه، توفِّي في محرَّمِ أَحدٍ وستينَ وخمس مئة. 1286 - محمدُ بن عليِّ بن مُغِيرةَ السَّكْسَكيُّ، وادِيَاشيٌّ. رَوى عن أبي علي الصَّدَفيِّ، رَوى عنه أبو الحَسَن بنُ أحمدَ بن محمد الغَسّانيُّ. 1287 - 1289 - المحمَّدونَ بَنو عليِّ بن المُفرِّج السالميِّ: أبو عبد الله، وأبو بَحْر، وأبو بكر. رَوى (¬1) عن أبي عبد الله ابن المُناصِف. 1290 - محمدُ (¬2) بن عليِّ بن موسى الأنصاريُّ، شَرِيشيٌّ عُدْويُّ أصلِ السَّلَف، أبو بكر وأبو عبد الله الغَزّال. رَوى عن آباءِ بكر: يحيى بن عيسى بن أزهَرَ، وابن أحمدَ بن عُبَيدٍ ولازَمَه اثنَيْ عشَرَ عامًا؛ وابن مالك، وأبوي الحَسَن: ابن لَبّال وابن محمد بن ناصِر وأخَذَ عنه القراءات؛ وأبي محمد بن محمد بن حَبَاسةَ. وأجاز له: أبو إسحاقَ بنُ فَرْقَد، وأبو بكرٍ ابنُ الجَدّ. وذَكَرَ ابنُ الزُّبَير في "بَرنامَجِه" أنَ له روايةً عن أبي بكر ابن العَرَبيّ القاضي، وهو بعيدٌ، إلا أن يكونَ أجاز له صغيرًا ولا أعلمُ الآنَ مَن ذَكَرَ ذلك. رَوى عنه أبوا الحَجّاج: ابنُه وابنُ لُقْمان، وأبو إسحاقَ ابن الكَمّاد، وأبو الحَسَن بن إبراهيمَ الفَخّار والرُّعَيْنيُّ شيخُنا، وأبو الخَطّاب بنُ خليل، وحدَّث عنهُ بالإجازة: أبو محمد طلحةُ. وكان من جِلّة المُقرِئين وعِلْيةِ المجوِّدين، فقيهًا حافظًا مُشاوَرًا محدِّثًا مُسنِدًا واسعَ الرِّواية، عَدْلًا ثقةً فيما يُحدِّثُ به، تصَدَّرَ لإقراءِ القرآن وإسماع الحديثِ وتدريسِ الفقه. ¬

_ (¬1) هكذا في ب م، وجاء في هامش ب: "لعله: روَوْا". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1640)، والرعيني في برنامجه (49)، والذهبي في المستملح (273) وتاريخ الإسلام 13/ 725، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 210، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 252.

1291 - محمد بن علي بن نابل بن لب بن نذير الفهري، بلنسي، أبو عبد الله

وُلدَ في نحوِ الأربعينَ وخمسِ مئة، وتوفِّي بشَرِيشَ سنةَ خمسٍ وعشرينَ وست مئة (¬1). 1291 - محمدُ (¬2) بن عليِّ بن نابِل بن لُبّ بن نَذيرٍ الفِهْريُّ، بَلَنْسِيٌّ، أبو عبد الله. تأدَّبَ بأبي محمدٍ البَطَلْيَوْسيِّ، وحَضَرَ مجلسَ أبي محمد القَلَنِّي، وصَحِبَ أبا جعفر بنَ وَضّاح، وأبا الحَسَن ابنَ الزّقاق، وأبا عامرٍ محمدَ بن عُثمانَ البُرْيَانيَّ، وأبا مروانَ وليدَ بن صَبْرةَ، وتلقَّى منهم بعضَ أشعارِهم سَماعًا. رَوى عنه أبو جعفر بنُ عَيْشُون، وأبو الرَّبيع بنُ سالم، وأبو عامر بنُ نَذير وغيرُهم. وكان من بيتِ جَلالة ونَباهة، أديبًا ذا مُشارَكة في الكتابة. توفّي في حدود خمسينَ وخمسِ مئة. 1292 - محمدُ بن عليِّ بن وَزِير، أبو عبد الله. رَوى عن أبي إسحاقَ بن فَرْقَد. [نَجَزَ السِّفرُ السادس من كتاب "الذَّيل والتكملة لكتابي الموصُولِ والصَّلة"، تصنيفَ الشَّيخ القاضي أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الملِك الأَوْسيِّ المَرّاكُشيّ، رحمه اللهُ تعالى، يَتْلوه في أول السابع (¬3) إن شاء اللهُ تعالى: محمدُ (¬4) بن عليِّ بن ياسِر الأنصاريُّ، جَيّانيٌّ استَوطنَ حلَبَ، أبو بكرٍ سِراجُ الدِّين. والحمدُ لله وسَلامٌ على عبادِه الذين اصطفَى، وحسبُنا اللهُ ونِعم الوكيل]. ¬

_ (¬1) بهامش ب: "أخذ عنه أبو بكر بن مسدي، قال: أخبرني أن مولده في عشر ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة". (¬2) ترجمه ابن الأبار في الذيل 6/ 500، والذهبي في المستملح (185). (¬3) لم يصل إلينا السفر السابع. (¬4) ترجمه ابن عساكر في تاريخ دمشق 54/ 339، وابن نقطة في إكمال الإكمال 2/ 196، وابن الأبار في التكملة (1406)، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 307 والمستملح (126) وسير أعلام النبلاء 20/ 508 والعبر 4/ 183، والصفدي في الوافي 4/ 163، والسبكي في طبقات الشافعية الكبرى 6/ 156، وابن تغري بردي في النجوم 5/ 380، والمقري في نفح الطيب 2/ 58، وابن العماد في الشذرات 4/ 210.

1293 - محمد بن أبي جعفر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن فطيس الغافقى، غرناطي إلبيري أصل السلف، أبو عبد الله

التراجمُ التي استدرَكها التُّجِيبيُّ على هذا السفر 1293 - محمدُ (¬1) بن أبي جعفرٍ أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن فُطَيْسٍ الغافِقىُّ، غَرْناطيٌّ إلبِيريُّ أصلِ السَّلَف، أبو عبد الله. سَمِع من أبي العبّاس أحمدَ بن زَرْقون نزيل الخَضْراء، وهُو آخِرُ مَن رَوى عنه، ومن أبوَيْ بكر: ابن العَرَبيّ وابن موسى بن سيِّد خطيبِ الجَزيرةِ الخَضْراء، ومن أبي الفَضْل عِيَاض بن موسى، وهو آخِرُ من رَوى عنهُ بسَماع. وأخَذَ القراءاتِ عن أبي جعفرٍ ابن البِيذَش، وأبي عبد الله السَّعْديّ، والطّبَّ عن أبي مَرْوانَ بن زُهْر، وبَرَعَ فيه. رَوى عنه أبو بكر بنُ مُسْدي (¬2)، وقال: ذَكَرَه يومًا المَلّاحيُّ فقال خيرًا، ثم قال: إلّا أنه كان بخيلًا بالرِّواية، فعرَّفتُه بإجازته لي مرَّتَيْن: أُولى سنةِ خمس -يعني وست مئة- والثانيةُ: مَقْدَمَهُ من مَرّاكُشَ سنةَ إحدى عشْرةَ. وبيتُه نبيهٌ شهير، توفِّي سنةَ ثلاثَ عشْرةَ وست مئة عن مئة سنة وثلاثِ سنين، وكان ممتَّعًا بحواسِّه، ومَوْلدُه على رأسِ العَشْرِ وخمس مئة. 1294 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن إبراهيمَ بن عبد الرَّحمن الأَزْديُّ، أُشْبُونيٌّ، أبو عبد الله. تلا بالعَشْر: السَّبع ويعقوبَ وابن مُجبر وابن القَعْقاع -حسْبَما تضمَّنَه "الوَجيز" لأبي القاسم بن عبد الوهّاب- على الخَطيبِ أبي جعفر بن يحيى في عَرْضَتَيْنِ، وبالسّبع خاصّةً على أبي إسحاقَ الأعلم، وبحرفِ نافِع وابن كَثِير على أبي الحَسَن الهَرّاس، وبحرفِ نافع وابن كثيرٍ وأبي عَمْرٍو على أبي بكر بن جُمهُور. وله رحلةٌ إلى المشرِق حَجَّ فيها، وسَمِع بمكّةَ، شرَّفَها اللهُ تعالى، على ¬

_ (¬1) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 382 نقلًا من معجم شيوخ ابن مسدي. (¬2) يقال فيه بضم الميم وبفتحها.

1295 - محمد بن إبراهيم بن خطاب الأندلسي

ابن أبي الصَّيْف اليَمَنيّ. أخَذَ عنهُ أبو إسحاقَ البلَّفيقيُّ، لقِيَه بإشبيلِيَةَ سنةَ ستٍّ وثلاثينَ وست مئة. ومَوْلدُه بأُشْبُونةَ عامَ ثمانيةٍ وخمسينَ وخمس مئة، وتوفِّي وَسَطِ تسع وثلاثينَ وست مئة بإشبيلِيَةَ. 1295 - محمدُ (¬1) بن إبراهيمَ بن خَطّابٍ الأندَلُسيُّ. قَرَأَ على أبي بكرٍ عبد الله بن منصُور ابن الباقِلّانيِّ بشيءٍ من القراءاتِ بواسِط، وسَمِع ببغدادَ من أبي محمدٍ عبد الخالق بن عبد الوهّاب ابن الصّابونيِّ، وأبوَي القاسم: ذاكِر بن كامل ويحيى بن أسعَدَ بن بَوْش وغيرِهم، وسَمِعَ بأصبَهانَ من جماعة. وكان شيخًا صالحًا، وتوفِّي فيما بينَ مكّةَ والمدينة، شرَّفَهما اللهُ في أواخِرِ ذي حِجّة من سنة خمسٍ وتسعينَ وخمس مئة، ودُفنَ حيث توفِّي، رحمه الله. 1296 - محمدُ بن إبراهيمَ بن سَعْد بن إبراهيمَ بن سَعْدٍ الرُّعَيْنيُّ، مالَقيٌّ، أبو عبد الله. سَمع من السُّهَيْليِّ وابن الغَمّاز وغيرِهما، رَوى عنه أبو بكر بن مَسْدي، وكان عارفًا بالشّروط، من أهل العدالةِ والأصالة، رحمَه اللهُ تعالى. 1297 - محمدُ (¬2) بن إبراهيمَ بن يوسُفَ بن غُصْن -بغَيْن معجَمةٍ مضمومة وصادٍ ساكنة مهمَلة ونون- الأنصاريُّ، خَضْراويٌّ نزَلَ سَبْتةَ، أبو عبد الله القَصْريُّ؛ لأنّ أصلَه الأقدَمَ منه، وأصلُه الأحدَثُ من إشبيلِيَةَ. نشَأَ بسَبْتةَ وتأدَّب بها بالعلّامة أبي الحُسَين بن أبي الزُّبَير، وتلا بالسَّبع على أبي القاسم ابن الطيِّب، شيخَيْنا، وأجازاه، وله رحلةٌ إلى المشرِق حَجَّ فيها عدّة ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الدبيثي في تاريخه 2/ 237، والمنذري في التكملة 1/الترجمة 512، والذهبي في تاريخ الإسلام 12/ 1014. (¬2) ترجمه ابن الجزري في غاية النهاية 2/ 47.

1298 - محمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن الأزدي، أبو بكر الفخار

حِجَج، وأقْرَأَ بالمساجد الثلاثة: بالحرَمَيْنِ الشّريفَيْن وبإيلياءَ، وكان يَستظهرُ "مُوطَّأَ" مالكٍ، رحمَه الله، وكان فقيهًا عارفًا بالقراءات، حَسَنَ الوَعْظِ صادقًا فيه، زاهدًا وَرِعًا. توفِّي بإيلياءَ فيما بينَ العيدَيْنِ من سنة ثلاثٍ وعشرين وسبع مئة، ومَوْلدُه سنةَ خمسينَ وست مئة تقريبًا. 1298 - محمدُ بن أبي بكر بن عبد الرّحمن الأَزْديُّ، أبو بكر الفَخّار. رَوى عن أبي الحَسَن بن حَمّاد، وأبي الحُسَين بن [....] (¬1)، وأبي محمد ابن حَوْطِ الله. أخَذَ عنه المحدِّثُ أبو إسحاقَ البلَّفِيقيُّ، وكان يؤُمُّ بالعباديّة، وكان إذ ذاك [فيما قال] (¬2) أبو إسحاقَ ابنَ نحوِ سبعينَ سنةً. 1299 - محمدُ بن أبي القاسم بن مَرْزوقٍ الزَّنَاتيُّ. حدَّث عن أبي الحَسَن عليِّ بن محمد بن عليّ المُقرئ الزاهد، حدَّث عنه أبو الرَّبيع بنُ سالم، وكان شيخًا صالحًا، وتوفِّي في سنة تسع وتسعينَ وخمس مئة. حقِّقْه! 1300 - محمدُ بن أبي الشُّكر حُمَيْدِ بن محمد بن حُمَيْد -وهما مصَغَّران- الأَوْسي. من وَلَدِ سَعْدِ بن مُعاذٍ فيما كان يَذكُر. سَمع من أبي الحَسَن ابن حَرِيق، وأبوَي الخَطّاب: ابن الحُسَين وابن واجِب، ومن ابن مَضاء. وجالَ ببلادِ المغربِ كثيرًا، ولقِيَه أبو بكر بن مُسْدي بباجةِ القَيْرَوانِ ورَوى عنه، وكان عارفًا بالحساب، وخالَطَ الأُدباء، وتصَرَّفَ بإفريقيّةَ في الأعمال الدِّيوانيّة، وكان عارفًا بالحساب. وتوفِّي بباجةَ سنةَ ثمانٍ وعشرينَ وست مئة، ومَولدُه بعدَ السَّبعين. ¬

_ (¬1) بياض في الأصل. (¬2) زيادة متعينة.

1301 - محمد بن صالح

1301 - محمدُ بن صالح. وَلِيَ حِسبةَ الطّعام بمُرْسِيةَ، وكان مُحِبًّا في الرواية، ورَحَلَ إلى المشرِق فسَمع بدِمشقَ من أبي الطاهر الخُشُوعيِّ، وأبي عبد الله محمد بن عليّ بن صَدَقةَ، وأبي محمدٍ القاسم ابن عساكر، وسَمع بمكّة شرَّفَها اللهُ تعالى من أبي حَفْص المَيَانِشيِّ وغيرِه؛ رَوى عنه أبو بكر بنُ مَسْدي. ويحتاجُ إلى تأمُّل فاجعَلْه من مَباحثِك! 1302 - محمدُ بن أبي البَحْر صَفْوانَ بن إدريس، تُدْمِيريٌّ، أبو عبد الله. كان من أهل الأدب، ومَوْلدُه في حدودِ أربع وتسعين، أخَذَ عنه ابنُ مَسْدي، وهو في عدادِ أصحابِه. 1303 - محمدُ بن طاهِر بن عبد الله، أندَلُسيٌّ، أبو عبد الله. أخَذَ عنه أبو بكر بنُ مُسْدي وهو في عِدادِ أصحابِه، وكان من أهل الأدب. توفِّي بمَرّاكُشَ سنةَ أربع وعشرينَ وست مئة وقد بَلَغَ حدَّ الكُهولة. 1304 - محمدُ بن عبد الله بن أحمدَ بن عليِّ بن سَعِيد بن خَلَف بن سَعِيد بن خَلَف بن محمد بن عبد الله بن الحَسَن بن سَعْد بن عثمانَ بن الحَسَن بن عبد الله العَنْسيُّ -بالنُّون- وينتمونَ إلى أبي اليَقْظانِ عمّارِ بن ياسِر رضيَ اللهُ عنه، الذي قتلَتْه الفئةُ الباغية، غَرْناطيٌّ قَلْعيُّ الأصل قَلْعةَ يَحْصُب، أبو عبد الله، ابنُ سَعِيد. سَمع "الأربعينَ حديثًا عن أربعينَ شيخًا من أربعينَ قبيلةً" من تأليفِ أبي القاسم المَلّاحي -وكان جَدَّه لأُمِّه- وسمع أيضًا من أبي الحَسَن سَهْلِ بن مالك، وأبي عبد الله بن يحيى الحَلّاءِ، وأبي عامر بن رَبيع. حدَّث بأخَرةٍ من عُمُرِه، وأجاز جميعَ ما يحمِلُه. واستُقضيَ بعدّةِ مواضِع، منها: المَرِيُّة ومالَقةُ، ثم قُلِّد قضاءَ الجماعة بحَضْرةِ غَرْناطة، وفي كلِّ تلك حُمِدت سِيرتُه، وكان من أهل الصَّلاح والخَيْر. وتوفِّي بعدَ صلاة العشاءِ من ليلةِ الأحد لاثنتينِ وعشرينَ ليلةً خَلَتْ من شهرِ ربيعٍ الآخِر ثلاثة وتسعينَ وست مئة، وصُلِّي عليه من الغدِ إثْرَ صلاةِ

1305 - محمد بن عبد الله بن أبي زين العبدري، طليطلي هاجر منها إلى قرطبة، أبو عبد الله، ابن زين

العَصْر، ودُفَن خارجَ بابِ إلبِيرةَ، ومَوْلدُه في سنة ثلاثَ عشْرةَ، وقيل: أربَع عشْرةَ، وست مئة، فتأمَّل: هل هو أخو الذي ذَكَرَه المصنِّفُ أولًا (¬1) أم لا؟ فإنّي لا أعلمُ لهذا رحلةً للمشرِق وفيهما في الوفاة ما تَراهُ معَ اتّفاقِهما في الاسم وعَمُودِ النَّسَب كلِّه، أو هو الذي ذكَرَه المصنّفُ ثانيًا وكَنَاهُ أبا القاسم (¬2) ولم يُتمِّم ترجمتَه؟ هو أخو الذي ذكَرَه المصنِّف، قالهُ محمدُ بن جُزَيّ. 1305 - محمدُ بن عبد الله بن أبي زَيْن العَبْدَريُّ، طُلَيْطُليٌّ هاجَرَ منها إلى قُرطُبة، أبو عبد الله، ابنُ زَيْن. كان أحدَ النُّبلاءِ المتحقِّقينَ في علوم، عارفًا بالآدابِ وأحكام النُّجوم والحسابِ والهندَسة وغيرِ ذلك، وكان قاضيًا بطُلَيْطُلةَ لمَن كان بقِيَ بها من المسلمين، ثم هاجَرَ منها إلى قُرطُبةَ وبَعُدَ بها صِيتُه، ثم انتَقلَ منها إلى إشبيلِيَةَ فسكَنَها زَمانًا، ثم خَرَجَ سنةَ الخروج العامّة فنزَلَ سَبْتةَ، وتوفِّي بها. وكان له أولادٌ نُجَباءُ: محمدٌ وعبدُ الله وعليٌّ وأَمَةُ الرَّحمن، وكلُّهم من أهل العلم؛ ومن شعرِه، رحمه الله، وأنشَدَه لأبي محمد بن ستاري من كلمةٍ [من الوافر]: أيُنكرُ فَضْلَنا الحُسّادُ ظُلمًا ... ونحن منَ النِّجار العَبْدريِّ؟! حَجْبنا البيتَ عن عَرَبٍ وعُجمٍ ... فشاع فَخارُنا في كلِّ حيِّ فمَن يكُ سائلًا عنّا فإنّا ... أخَذْنا المجدَ إرثًا عن قُصَيِّ ¬

_ (¬1) يعني الترجمة رقم (692). (¬2) يعني الترجمة رقم (693)، وقد وردت في النفح 2/ 238 ترجمة لأبي عبد الله وأبي القاسم محمد بن عبد الله بن أحمد بن علي بن سعيد العنسي، وقال: إنه فقد بأصبهان حين استولى عليها التتار قبل الثلاثين وست مئة، فعدهما واحدًا.

1306 - محمد بن عبد الله بن زين العبدري، طليطلي، أبو عبد الله

1306 - محمدُ بن عبد الله بن زَيْن العَبْدَريُّ (¬1)، طُلَيْطُليٌّ، أبو عبد الله. رَوى عنه أبو بكر بنُ مُسْدي، وقال: أخبرَني أنّ مولدَه قبلَ الثمانينَ وخمس مئة، قلت: وكان عالمًا بالحسابِ والتعديل وعِلم الهيئة. وتوفِّي بسَبْتةَ سنةَ [....]. 1307 - محمدُ بن عبد الله بن قاسم الأنصاريُّ، بَلَنْسِيٌّ. أجازه أبو عبد الله بنُ نُوح وغيرُه، رَوى عنه ابنُ مُسْدي، وهو في عِدادِ أصحابِه، وكان له نَظْمٌ ونثر، وتوفِّي بأُوْرِيُولَةَ سنةَ أربعينَ وست مئة، ومولدُه في حدودِ سنة تسعينَ وخمس مئة، رحمه اللهُ تعالى. 1308 - محمدُ بن عُبَيد الله بن عاصم بن عيسى بن أحمدَ بن عيسى بن محمد الأَسَديُّ، رُنْديٌّ، أبو الحُسَين الدائِريُّ. أجازَه معَ أبيه في مكتوبٍ واحدٍ أبو عبد الله محمدُ بن عُمَر بن نَصْر الفنزاريُّ السَّلَويُّ، وذلك في شعبانَ من سنة ثلاثينَ وست مئة، أجاز (¬2) جميعَ ما يَرويه في سنة اثنتينِ وتسعينَ وست مئة، وتوفِّي بعدَ ذلك رحمه الله. 1309 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن الحَسَن بن محمدٍ الأنصاريُّ البَلَنْسيُّ، أبو عبد الله، ابنُ الكاهن. سَمِع ببلدِه من ابن صَاف، وصَحِبَ ابنَ المُجاهد، وتأدَّب بابن مُلْكون، وسَمع أيضًا من أبي بكر بن خَيْر، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال، وأجازا له. أخَذ عنه أبو إسحاقَ البلَّفيقيُّ الأصغر، وأبو بكر بن مُسْدي. وكان يتَحرَّفُ بالتجارة، وكان من أُمَناءِ التجّار وعِلْيتِهم، ومن أهل العِفّة والصَّون. مَوْلدُه غُرَّة شوّالِ خمسينَ وخمس مئة، وكان حيًّا سنةَ خمس وثلاثينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) هناك شبه كبير بين هذه الترجمة والتي قبلها؛ ألا أن في النسب للترجمة الأولى "بن أبي زين" بدلًا من "زين". (¬2) في الأصل: "أجازه" ولا تستقيم.

1310 - محمد بن عبد الرحمن بن يوسف بن محمد بن أبي عامر الأنصاري، أندي نزل بلنسية، أبو عبد الله

1310 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن يوسفَ بن محمد بن أبي عامرٍ الأنصاريُّ، أُنْديٌّ نزَلَ بَلَنْسِيَة، أبو عبد الله. سَمع من ابن حَمِيد، وأبي الحَجّاج بن أيُّوبَ، وابن هُذَيْل، وأجاز له ابن مُغَاوِر، ورَوى عنه أبو بكر بن مُسْدي، وكان من أهل العِفّة والطّهارة. مَوْلدُه في حدودِ خمس وستّينَ وخمس مئة، وتوفِّي في عَشْر الأربعينَ وست مئة. 1311 - محمدُ (¬1) بن عبد الرّحمن بن يعقوبَ الخَزْرَجيُّ شاطِبيٌّ، نزَلَ تونُس، أبو عبد الله، ابن يعقوبَ. من بيتِ عِلم وجَلالة، وَلِيَ القضاءَ منهم غيرُ واحد، ويعقوبُ الذي يُنْسَبونَ إليه هو الداخلُ منهم الأندَلُس. كان محمدٌ المترجَمُ به عالمًا بالفقه والأصول والعربيّة والطِّبّ وغير ذلك، وله شَرْحٌ على "قانون" الجُزُوليّ، ووَليَ القضاءَ بغير موضِع، وآخِرُ ما وَليَ قضاءَ الجماعة بحَضْرة تونُس، وفي كلِّ ذلك شُكِرتْ سِيرتُه وعُرفت جَزالتُه حتّى لم يكنْ له نَظيرٌ في ذلك في زمانِه، وسَفَرَ بينَ صاحبِ تونُس ومِصرَ فشُكِرت سِفارتُه. وتوفِّي بتونُس في الثامنَ عشَرَ لصفرٍ عامَ أحدٍ وتسعينَ وست مئة وهو يتولَّى قضاءها، رحمه اللهُ تعالى. 1312 - محمدُ بن عبد العزيز بن أحمدَ بن عبد العزيز الخُشَنيُّ، بَسْطيٌّ نزَلَ غَرْناطةَ، أبو عبد الله. قَرأَ ببلدِه على ابن بالِغ، وبغَرْناطةَ على ابن حَكَم وابن عَرُوس وغيرِهما. رَوى عنه أبو بكر بن مُسْدي، وكان يَستظهرُ وثائقَ ابن فَتْحون، ووَليَ بغَرناطة حِسْبةَ السوق، وتوفِّي بها سنةَ عشرينَ وست مئة، ومَوْلدُه بعدَ الخمسينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه الغبريني في عنوان الدراية (115)، والمقري في نفح الطيب 2/ 616.

1313 - محمد بن علي بن بكر الحضرمي، غرناطي، أبو الوليد الحضرمي

1313 - محمدُ بن عليِّ بن بكرٍ الحَضْرَميُّ، غَرْناطيٌّ، أبو الوليد الحَضْرَميُّ. سمع من أبي الحَسَن سَهْل بن مالك وأجازَ له، وكان من وجوهِ بلدِه وصُدورِهم، من أهل المُروءاتِ والسَّمتِ الحَسَن، واستَعمَلَه سُلطانُ بلدِه على وكالةِ بيتِ مالِه، وحدَّث بأخَرةٍ بيسير، وإجازةِ جميع ما تَجوزُ له روايتُه، وتوفِّي ببلدِه سنةَ [....]. 1314 - محمدُ (¬1) بن عليِّ بن محمد بن أحمدَ بن عبد الله الطائيُّ، إشبِيليٌّ، أبو بكر، ابنُ العَرَبيِّ والقُشَيْريُّ، لقبٌ غلَبَ عليه. سَمع ببلدِه منَ ابن الجَدِّ وابن زَرْقون وابن صَافٍ وأبي الوليد جابرِ بن أيُّوب، وبسَبْتةَ منَ ابن عُبَيد الله، وسَمع أيضًا من ابن أبي جَمْرة، وعبد المُنعم ابن الفَرَس، وابن مَضَاء، واختَصَّ بنَجَبةَ كثيرًا، وذَكَرَ أنه لقِيَ عبدَ الحقّ ابنَ الخَرّاط، وأنّ السِّلَفيَّ أجاز له؛ أخَذَ عنه أبو بكر بن مُسْدي. 1315 - محمدُ بن عليّ بن محمد بن حَمْدِينَ بن محمد بن محمد بن حَمْدِينَ التّغلَبيُّ، غَرْناطيٌّ نزَلَ سِجِلماسةَ، أبو عبد الله (¬2). أخَذ القراءاتِ عن ابن عَرُوس واختَصَّ به، وسَمع أبا تَمّام العَوْفيَّ، وابن بُونُه، وابن سَمَجون، وابن كَوْثر، وابن مَضاء، واختَصَّ أيضًا بالقاضي عَقِيل بن عَطِيّةَ وسَمع منه، وفي صُحبتِه انتقَلَ إلى سِجِلْماسةَ كاتبًا له، ووَلِيَ أحكامَها. أخَذ عنه أبو بكر بن مُسْدي. وكان حَسَنَ الصُّورة مُسمَّتًا طيِّبَ الصَّوت. وتوفِّي بسِجِلَماسةَ، ومَوْلدُه بغَرْناطةَ في حدودِ السِّتين وخمس مئة. وكان يقول: إنه من بني حَمْدِين القُرطبيِّينَ. ¬

_ (¬1) هو الذي تقدمت ترجمته الموسعة في الرقم (1277). (¬2) يبدو من نسبه أنه من أسرة بني حمدين المشهورة. ينظر بحث الدكتورة عصمت عبد اللطيف دندش.

سلسلة التراجم الأندلسية الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة تأليف أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الملك الأنصاري الأوسي المراكشي (634 هـ - 704 هـ) حققة وعلق عليه الدكتور إحسان عباس الدكتور محمد بن شريفة الدكتور بشار عواد معروف [المجلد الخامس]

© دَار الغرب الإسلامي جَميع الْحُقُوق محَفوظَة الطبعة الأولى 2012 م دَار الغرب الإسلامي العنوان: ص. ب: 677، تونس: 1035 جَمِيع الْحُقُوق مَحْفُوظَة. لَا يسمح بِإِعَادَة إصدار الْكتاب أَو تخزينه فِي نطاق استعادة المعلومات، أَو نَقله بِأَيّ شكل كَانَ، أَو بِوَاسِطَة وَسَائِل الكترونية، أَو كهروستاتية، أَو أشرطة ممغنطة، أَو وَسَائِل ميكانيكية، أَو الاستنساخ الفوتوغرافي، أَو التسجيل وَغَيره دون إِذن خطي من الناشر.

الذّيل وَالتّكملة لِكتَابي الْمَوْصُولِ والصِّلَةِ [5]

[استدراكات]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى اللهُ على سيّدِنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه وسلَّم تسليمًا 1 - عليُّ (¬1) بن عبد الله بن محمد بن يوسُف بن أحمدَ الأنصاريُّ، كذا نقَلتُ نَسَبَهُ [من خطِّه] (¬2)، فاسيُّ المولد، ومنها أصلُه قديمًا، ومن ناحيةِ دانيةَ حديثًا، قُرطُبيُّ [النشأةِ]. استَوطنَ بأخَرةٍ مَرّاكشَ، أبو الحسن، ابنُ قُطْرال. رَوى عن أبوي بكرٍ: "ابن الجَدّ، وابن أبي] زَمَنِين، وأبي جعفر بن محمد بن يحيى ولازَمَه كثيرًا، وأبي [الحَجّاج] ابن الشّيخ، وأبوَي الحَسَن: ابن كَوْثَر ونَجَبَةَ، وأبي الحُسَين يحيى ابن [الصائغ] وأبي خالدٍ ابن رِفاعةَ، وآباءِ عبد الله: ابن حَفْص ولازَمَه كثيرًا، وعرَضَ عليه عن ظهرِ قلبٍ من "صحيح البخاريِّ" ما عَرَضَ على الشَّرّاط، وابن حَمِيد وابن زَزقُون وابن سَعادةَ الشاطِبيّ وابن عَرُوس وابن الفَخّار، ولازَمَه، وأبوي العباس: ابن مَضَاءٍ، وحَضَرَ عندَه المُناظرةَ في "المُستَصْفَى"، ويحيى المَجْرِيطيِّ، قال: ولازمتُه كثيرًا، مسافرًا ومُقيمًا، وكان لي، رحمه الله، بمنزلةِ الوالد وآباءِ القاسم: ابن بَقِيّ، وابن رُشْدٍ الوَرّاق، وابن سَمَجُون، وابن غالب، ولازَمَهُ وعَرَضَ عليه عن ظهرِ قلب من أول "صحيح البخاريِّ" إلى آخرِ كتاب الصلاة، وابن جُمهور وابن حَوْطِ الله، وعبدِ الحقَ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2843)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 296، والذهبي في المستملح (715)، وتاريخ الإسلام 14/ 713، وسير أعلام النبلاء 23/ 304، والعبر 5/ 209، والصفدي في الوافي 21/ 214، وابن الخطيب في الإحاطة 4/ 190، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (551)، وابن قنفذ في وفياته (72)، وابن العماد في الشذرات 5/ 254، والمراكشي في الإعلام 9/ 128، وله ذكر في برنامج التجيبي (57، 67، 76، 90، 110، 129)، وإفادة النصيح (76)، وكتاب الدكتَور محمد بن شريفة: أمثال العوام 1/ 18 - 23. (¬2) طمس في الأصل، وهي زيادة متعينة، وكل ما بين حاصرتين مما يأتي فهو منا استفدناه من مصادر الترجمة أو السياق، ولا نشير إليه مستقبلًا.

ابن بُونُه، وعبدِ الصَّمد بن يَعِيشَ، وعبدِ المُنعم ابن الفَرَس. وأجاز له ولم يلقَهُ: أبو القاسم ابنُ حُبَيْش. [رَوى عنهُ] ابناه: أبو عبدِ الله محمد، وأبو محمدٍ عبدُ الله، وأبَوا الحَسَن: ابنُ ابنِه أبي محمدٍ عبد الله، وطاهرُ بن عليّ، وسِبطُه أبو يحيى عُبَيدُ الله الزَّجّاليُّ (¬1)، وأبَوا عبدِ الله: ابنُ الأبّار، وابنُ (¬2) صَالح الشاطِبيُّ. وآباءُ محمد: ابنُ بُرطُلّه، وابن قاسم الحَرّار، وابن محمد بنُ هارونَ الطائيُّ، وأبو يعقوبَ بن إبراهيمَ بن عُقَاب (¬3). وحدّثنا عنه من شيوخِنا: أبو الحَجّاج بنُ حَكَم، وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ، وأبو الطيِّب صالحُ بن شَريف، وأبو عبدِ الله بنُ أُبيّ، وأبو القاسم العَزَفيُّ. وكان قد جاوَرَني مُدّةً بدارٍ لي لِصقَ دار مَولِدي وسُكناي، وكان كثيرٌ من طلبةِ العلم بمَرّاكُشَ ينتابونَهُ بها للرِّوايةِ عنه، وكنتُ حينئذٍ غيرَ مقصِّر عن كثير ممّن (¬4) كان يتردَّدُ إليه، ولم يكنْ هناك مَن يُرشِدُني للقراءة عليه والأخذِ عنه ولم ¬

_ (¬1) هو مؤلف كتاب "ري الأوام" الذي استخرج الدكتور محمد بن شريفة منه أمثال العوام في الأندلس، راجع ترجمته مفصلة في القسم الأول من ص 1 إلى ص 49. وفي ضمنها إشارة إلى تراجم ولدي ابن قطرال: محمد وعبد الله وحفيده علي. أما أبو الحسن طاهر بن علي فترجمته في بقية السفر الرابع من الذيل والتكملة (الترجمة 284). وحفيد المترجم أبو الحسن ابن قطرال كانت له مشاركة وظهور في آخر دولة الموحدين حيث كان خطيب الحضرة، وسفر للواثق أبي دبوس آخر الموحدين لدى صاحب تلمسان. البيان المغرب (469)، والعبر 6/ 551، 558 وولد هذا الأخير هو المجاور بمكة والمتوفى بها سنة 710 هـ وله ترجمة في الإحاطة 3/ 200 - 204. (¬2) في ص: "وأبي"، وهو تحريف. انظر ترجمته في برنامج الوادي آشي: 136. والمصادر المذكورة فيه. (¬3) جاء في إجازته لإبن رشيد ما يلي: "وقرأت بشاطبة أيضَا على القاضي أبي الحسن علي بن عبد الله الأنصاري عرف بابن قطرال كتاب "الشمائل" و"الجامع الكبير" للترمذي و"الموطأ"، وسمعت عليه البخاري ومسلمًا والدارقطني و"السنن" لأبي داود و"السير" و"الاستيعاب" و"الشهاب" و"المغازي" لإبن حبيش و"التقصي" و"الملخص"، ولقيته بمراكش وسمعتُ عليه وأجازني إجازة عامة في كل ما يحمله" (الرحلة 2/ 310 - 311 ط. تونس). (¬4) في ص: "ممّا"، والصواب ما أثبتنا.

أتهدَّ إلى ذلك مِن تِلقاءِ نَفْسي فحُرِمتُ الرِّوايةَ عنه معَ أهليّتي لها وتمكُّني من أسبابِها لو شاء اللهُ، والسَّماعُ رِزق (¬1). وكان محدِّثا راوِيةً عَدْلاً، فيما يَأثَرُه، ثقة فيما يحدِّثُ به، صحيحَ السَّماع، غيرَ أنّ [أصُولَ سَماعِه كانت قد ذهبتْ حين امتُحِن] بالأسْر بأُبّذةَ وهو قاضٍ [بها بعدَ تغلُّبِ العدوِّ] الرُّوميِّ عليها [إثْرَ وقعةِ العِقاب] (¬2)، ووَقَعَ بعدُ إلى يدِه منها "التقَصِّي" لأبي عُمر بن عبد البَرّ، فكان [يُسمعُ منه. وشاع] الخبرُ عن أسرِه صَدرَ أيام المستنصِر من بني عبدِ المؤمن، فسَعَى عندَه [في افتكاكِه] كبيرُ وُزرائه أبو سعيد عثمانُ بن أبي محمد بن عبد الله بن جامِع [لموَدّاتٍ كانت] بينَهما، فيسَّر اللهُ إنقاذَه من أسْره ذلك، وقُدِّم حينَئذٍ قاضيًا بشاطِبة، [فاستمرَّ قضاؤه بها إلى سنة اثنتينِ وعشرينَ وست مئة، فانتَقلَ إلى مَرّاكُش، وحَضَرَ مجلسَ أبي الحَسَن ابن القَطّان، فكان ابنُ القَطّان يُجلُّه وَيعرفُ حقَّه ويُحضُّ أهلَ مجلسِه على (¬3) الرواية عنه والتردُّدِ إليه. ثم عاد إلى الأندَلُس، واستُقضيَ بشَرِيشَ وجَيّانَ وقُرطُبةَ في أوقاتٍ مختلفة، وأعيدَ ثانيةً إلى قضاءِ شاطِبة مضافًا إلى الخَطابة بجامعِها، وفَصَلَ عنها سنةَ سث وثلاثين، فاستُقضيَ بسَبْتةَ ثم فاسَ (¬4) ثم بأغماتِ وَريكة، ووَلِيَ خُطّةَ ¬

_ (¬1) مثل المؤلف في هذا ابن الزبير الذي لم يتحقق أمله في الأخذ عن المترجم، قال: "أخذ عنه عالم كثير، وكنت بمدينة سلا أيام كونه بفاس، وكنت أتحدث بلقائه والأخذ عنه، فلم يقض ذلك ... " (صلة الصلة 4/الترجمة 296). ويبدو أن عبارة: السَّماع رزق، من العبارات المتداولة بين المحدثين، فقد قال ابن رشيد في بعضهم: "لو تشاغل بالسماع لكان عنده من ذلك ما يفرح به ولكن السماع رزق، (رحلة ابن رشيد 2/ 317). (¬2) جاء في الروض المعطار: "وفي سنة 609 مالت عليها (أي على أبذة) جموع النصرانية بعد كائنة العقاب، وكان أهلها قد أنفوا من إخلائها كما فعل جيرانها أهل بياسة، ولم ترفع تلك الجموع يدًا عن قتالها حتى ملكتها بالسيف وقتل فيها كثير، وأسَروا كثيرًا". (¬3) في ص: "عن". (¬4) كان بين ابن قطرال قاضي فاس وابن عميرة قاضي مكناسة مكاتبات. انظر كتاب الدكتور محمد بن شريفة: أبو المطرف أحمد بن عميرة المخزومي ص 132 وما بعدها.

المَناكح وقضاءَ النِّساءِ بمَرّاكُش غيرَ مرّة، وعُرِف في ذلك كلِّه بالعدلِ والنزاهة وشدّةِ الوطأةِ على أهل البِدَع وإخافتِهم وتطهيرِ مواضع نظَرِه منهم. وكان رَيّانَ من الأب ب كاتبًا بليغًا دَمِثَ الخُلُق ليِّنَ الجانب، فقيهًا حافظًا، عاقدًا للشّروط متقدِّمًا في البَصَر بعِلَلِها، كتَبَ طويلًا عن قاضي الجماعة بمَرّاكُش أبي جعفر بن مَضَاءٍ ثم عن أبي القاسم ابن بَقِيّ أيامَ وَليَ قضاءَ الجماعة أيضًا، وأسَنَّ مُمتَّعًا بحواسِّه جُمَع، صحيحَ البدَن، أزهرَ اللون، سريعَ المشي على كَبْرتِه، شاهدتُ ذلك منه، يَكتُبُ باللّيل من الخطِّ الدّقيق وهو قد ناهزَ السبعينَ ما يكادُ يعجَزُ أكثرُ الفِتيانِ عن قراءتِه بالنهار إلّا بتعمُّل، ولقد حدَّثني الشيخُ أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمه اللهُ قال (¬1): كنتُ أقرأُ عليه روايتَه كتابَ "التقَصِّي" بدِهليزِ دارِ سُكْناه، وكان مُظلمًا، وكان جلوسُه في قَعْرِه، وكنتُ أتحرَّى الجلوسَ في أضوإِ موضعٍ منهُ، فربّما وقَعَتْ في حواشي نُسختي منه رواياتٌ مختلفة، فأريدُ تمييزَ ما يوافِقُ روايتَه من غيره، فلا أستطيعُ ذلك؛ لدقّةِ خطِّها وإظلام الموضِع الذي كنتُ أقعُدُ فيه على أنه أضوأُ من غيرِه كما ذكرتُه، فيتناولُ الكتابَ من يدي فيقرأُها دونَ توقُّفٍ ويَعرِّفُني ما يوافقُ روايتَه منها فأُعلِّمُ [عليه]. وكان حينَئذٍ ابنَ نحوِ [سبعينَ سنةً وأنا ابنَ] واحدٍ وأربعين. وكان له [في ذلك وشِبهِه، ما يَكثُرُ منه العجَبُ، [وعرَفْتُه من وَصفِ] شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ [ذلك الدِّهليزَ]؛ لأنه دِهليزُ داري التي تقَدَّم ذكْرُ سُكنَى الشّيخ أبي الحَسَن ابن قُطْرال إيّاها. وُلد بفاسَ سنةَ ثِنتينِ وستّينَ وخمس مئة، وتوفِّي عَفَا اللهُ عنه يومَ الاثنين لإحدى عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من جُمادى الأُولى عامَ أحدِ وخمسينَ وست مئة بمَرّاكُشَ وهو يتَولَّى خُطّةَ المناكح وقضاءَ النِّساء، ودُفنَ بجَبّانةِ بابِ المخزَن [من] أبوابِها الغربيّة، واحتَفلَ الناسُ لحضورِ جَنازتِه، وكنتُ ممّن حضَرَها، وأثنَوْا عليه خيرًا، وكان أهلًا لذلك. ¬

_ (¬1) لا توجد ترجمة ابن قطرال في برنامج شيوخ الرعيني ويوجد اسمه فقط ضمن ما جرده من أسماء شيوخه في آخر البرنامج. (انظر ص 185).

وذكَره ابنُ الأبّار آخرَ رَسْم من الأندَلُسيِّينَ، وقال: من أهل قُرطُبة؛ لِما غاب عنه مَولدُه ولتعصُّبِه المعهودِ منه (¬1)، وقال في وفاته: إنّها في ربيع الأول، ولم يُحقِّقْها، وأسقَطَ أحدَ اليوسُفَيْنِ من نَسَبِه (¬2)، وذكَرَ في لقائه كثيرًا من أشياخِه خلافَ ما وقَفْتُ عليه في خطِّ أبي الحَسَن نفسِه، فرأيتُ التنبية على ذلك تحقيقًا وتثبيتًا، فأقولُ: ذكَرَ أنه سَمِع ببلدِه، يعني قُرطُبةَ، أبا العبّاس ابنَ مَضَاء، وقال ابنُ قُطرال: إنه لقِيَهُ بمَرّاكُش، وهو الصَّحيح؛ لأنّ ابنَ مضّاءٍ لم يكنْ بالأندَلُس [وقتَ] طلَبِ ابن قُطْرَال العلمَ، وإنّما عاد إليها بأخَرةٍ، وبعدَ تأخيره عن القضاء كما تقَدَّم في رَسْمِه (¬3). وذَكَرَ أنه سَمِع بقُرطُبةَ أبا القاسم بنَ رُشْد القَيْسيَّ، وابنُ قُطرال إنّما لقِيَه بمَرّاكُش وقرَأَ عليه وناوَلَه وأجازَ له، كذا وقَفْتُ عليه في خطِّه، وقد كان أبو القاسم القَيْسيُّ هذا انقَطعَ إلى سُكنى مَرّاكُشَ قديمًا (¬4). وذَكَرَ أنه لقِيَ ابنَ الفَخّار بمالَقةَ، وإنّما لقِيَه بمَرّاكُش (¬5) وزادَ فيمن لقِيَ بغَرناطةَ أبا بكر بنَ أبي زَمَنِين، ولم يُجرِ له أبو الحَسَن ذكرًا في شيوخِه. وقال: ولقِيَ بسَبْتةَ أبا محمد بنَ عُبيد الله وأجاز له، وأجاز له أبو بكرٍ ابنُ الجَدّ، وأبو عبد الله بنُ زَزقون، وأبو محمد بن جُمهُور، وأبو عبد الله بن حَمِيد، وأبو العبّاس المَجْرِيطيُّ، وأبو محمدٍ عبدُ المُنعم ابن الفَرَس، ولقِيَ جميعَهم. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: يقتضي هذا لقاءه إيّاهم وحَملَه عنهم بالإجازة لا غيرُ، فلا بدَّ من كيفيّةِ حَفلِه عنهم بغير الإجازة حسبَما وقَفْتُ عليه في خطِّ أبي الحَسَن، فأمّا أبو محمد بنُ عُبيد الله فقال: لقِيتُه بسَبْتةَ وحضرتُ مجلسَه وكتَبَ ¬

_ (¬1) ذكر المؤلف في مواضع من كتابه أمثلة منه. (¬2) لا إسقاط في التكملة بل وجدنا التصحيح على "يوسف" الثاني بخط ابن الجلاب، ولعل المؤلف وقف على نسخة أخرى. (¬3) انظر الأخبار المتعلقة بتأخير ابن مضاء عن القضاء في السفر الأول من هذا الكتاب (الترجمة 291). (¬4) ترجمة أبي القاسم القيسي المذكور في التكملة رقم (222) وانظر أيضَا الإعلام للمراكشي 2/ 87، وتاريخ الإسلام 12/ 745. (¬5) ترجمة ابن الفخار المذكور في التكملة (1506) وفيها العديد من مصادر ترجمته.

في بجميع ما يحمِلُه؛ وأما أبو بكر ابنُ الجَدّ، فقال: لقِيتُه بإشبيليَةَ، وحضَرتُ مجلسَه وسمِعتُ عليه أبوابًا من ["الموطَّإ"، وأجاز لي سائرَهُ] وجميعَ ما ألَّفه وجميعَ ما يحمِلُه، وأمّا أبو محمدٍ (¬1) بنُ جُمهور فلم يَذكُرْ [أبو الحَسَن لقاءهُ] إيّاه ولا أبعدَه، ولكنّ عُهدةَ لقائه على ابن الأبّار. وذكَرَ إجا [زتَه كذلك] (¬2). وأمّا أبو عبد الله بنُ حَمِيد فلم يُجرِ له أبو الحَسَن ذكْرًا في فِهرستِه، [وقد وقَفتُ على] ذكْرِه في شيوخِه بخطَه في مكتوبٍ آخَرَ، وأمّا أبو العبّاس المَجْرِيطيُّ [فقد تقَدَّم] ذكْرُ ملازمتِه إياه، ونزيدُ الاَنَ قولَ أبي الحَسَن: قرأتُ عليه كتابَ "السُّنَن" [لأبي] داودَ، وأنشَدَني قصائدَ من شعره ولم يَذكُرْ أنه أجازَ له. وأمّا أبو محمد عبدُ المُنعم ابن الفَرَس فقال: لقِيتُه بغَرناطةَ فحضَرْتُ مجلسَه، وكان يقرأُ عليه دولةً من "سِيبوَيْه"، ودولةً من "الكامل" للمبرِّد قراءةَ تفهُّم وشَرْح، وأخرَجَ إليّ كتابَه في أحكام القرآن، فقرأْتُ عليه بعضَه، وناوَلَني سائرَه، وذكَرَ أنه ناوَلَه غيرَ ذلك، ولم يَذكُرْ أنه أجازَ له. فهذا بيانُ ما أخَلَّ به ابنُ الأبّار من ذكْرِهم؛ وقد أغفَلَ منهم ابنَ عَرُوس ولقِيَه بغَرناطةَ وحضَرَ مجلسَه وناوَلَه بمنزلِه كُتُبًا ذكَرَها، ولم يَذكُرْ أنه أجازَ له؛ وأغفَلَ أبا عبد الله ابنَ سَعادةَ، قال أبو الحَسَن: لقِيتُه بشاطِبةَ وسمِعتُ منه "كتابَ مُسلم" قراءةً علينا بلفظِه، ولم يَذكُرْ أنه أجاز له؛ وأغفَلَ أبا محمد بنَ حَوْطِ الله، وقال أبو الحَسَن: رحلتُ إليه إلى مالَقةَ فقرأْتُ عليه الكتابَ العزيزَ بحرفِ نافع، وكتابَ البخاريِّ، و"الإيضاحَ" وعرَضتُه عليه عن ظهرِ قلبِ في دُوَل، وقرأتُ عليه "أدبَ الكُتّاب" و"الحماسة"، وشاركتُه في كثيرٍ من شيوخِه ثم صَحِبتُه بعدَ ذلك مسافرًا ومقيمًا، وسمِعتُ عليه أكثرَ "كتابِ مُسلم" وقتَ كونِه قاضيًا بقُرطُبةَ، ولم يَذكُرْ أنه أجاز له؛ وأغفَلَ أبا الحُسَيَن ابنَ الصائغ، وقال أبو الحَسَن: لقِيتُه بإشبيلِيَةَ وأجاز في جميعَ ما يحمِلُه وكتَبَ لي بذلك؛ وزادَ ¬

_ (¬1) في ص: "بكر"، ويبدو أنه تحريف أو غلط من الناسخ. (¬2) ترقيع منا نرجو أن يكون صحيحًا.

2 - علي بن أبي القاسم عبد الرحمن بن أبي قنون: تلمسيني، أبو الحسن

ابنُ الأبّار فيهم أبا بكر بنَ أبي زَمَنين، وأبوي القاسم: ابنَ بَقِيّ وابنَ حُبَيْش، ولم يُجرِ لهم أبو الحَسَن ذكْرًا في فِهرستِه ولم يَذكُرْ فيها إجازةَ أحدٍ ممّنِ اشتَملتْ عليه سوى مَن نبَّهْنا عليه فاعلَمْهُ، واللهُ الموفِّق. 2 - عليُّ (¬1) بن أبي القاسم عبدِ الرحمن بن أبي قَنُّون: تلمسينيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح، وأبي عبد الله أحمد الخَوْلانيّ، وأبي عليّ الصَّدَفيّ، وأبي عِمرانَ بين أبي تَلِيد، لم يَذكر فيهم [ابنُ الأبّار أبا الحَسَن شُرَيح وقال:] سمِعَ منهم بالأندَلُس فيما بَلَغَني ويَبعُدُ ذلك عندي. [قال المصنِّفُ] عَفَا اللهُ عنه: استبعادُه هذا ظاهر، ويَقْوَى في حقِّ أبي [عبد الله الخَوْلانيّ] لوفاتِه في شعبانِ ثمانٍ وخمس مئة، إلا أن يكونَ رُحِلَ به إلى الأندَلُس [صغيرًا وسَمِع] منه حينَئذٍ، ودونَه في الاستبعاد أبو عليّ بن سُكّرةَ؛ لاستشهادِه [يومَ الخميس] لستٍّ بَقِينَ من ربيع الأوّل سنة أربعَ عشْرةَ وخمس مئة، ودونه [فيه] أبو عِمرانَ؛ لوفاتِه في ربيع الآخِر سنةَ سبعَ عشْرةَ وخمس مئة؛ فأمّا شُرَيحٌ [فلا] بُعدَ في سَماعِه منه. وكانت وفاتُه عَقِبَ جُمادى الأولى سنةَ تسع وثلاثين. رَوى عنه أبو الحَسَن بن محمد بن خِيَار، وأبو الخَطّاب ابنُ الجُمَيِّل، وأبو طالبٍ عَقِيل بن عَطِيّة، وأبو عبد الله بن عبد الحَقّ، وأبو محمد قاسمٌ ابنُ الحَشّاء. وكان مُستبحِرًا في حفظِ الفقه، متحقِّقًا بأصُولِه، وله "المقتضَبُ الأشفَى، في اختصارِ المُستصفَى" وهو كتابٌ نبيلٌ مُستجاد، وكان سَرِيًّا فاضلًا كثيرَ المعروف نَفّاعًا بمالِه وبجاهِه. وَليَ قضاءَ الجماعة بعدَ أبي يوسُفَ حَجّاج (¬2) فسار فيه أحسَنَ سيرة، وعُرِف بالعدل في أحكامِه والنّزاهةِ في أحوالِه. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2857)، والمعجم في أصحاب القاضي الصدفي (271)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 318، والذهبي في المستملح (720)، وتاريخ الإسلام 12/ 657، والمراكشي في الإعلام 9/ 60. (¬2) انظر ترجمته ومصادرها في الإعلام للمراكشي 3/ 116 (المطبعة الملكية).

3 - علي بن عبد الرحمن، إفريقي، أبو الحسن الترجقي، بتاء معلو وراء مضمومين وجيم ساكن وقاف معقودين منسويا، ولذلك يكتبه بعضهم: الترشكي

وتوفِّي قاضيًا سنةَ سبع وسبعينَ وخمس مئة. قال ابنُ الأبّار: كان حيًّا في آخِر الثمانينَ وخمس مئة. ولم يَضبِطْ ذلك. 3 - عليُّ (¬1) بن عبد الرّحمن، إفريقيّ، أبو الحَسَن التُّرُجْقِيُّ، بتاءٍ معلوّ وراءٍ مضمومَيْنِ وجيم ساكن وقافٍ معقودَيْنِ منسويًا، ولذلك يَكتبه بعضُهم: التُّرُشْكيُّ. رَوى فيما أحسِبُ عن أبي عبد الله المازَريّ، رَوى عنه أبو الحُسَين بنُ زَزقُون، وقال فيه: الأُرُجْقِيُّ، وهو وَهم، وتناوَلَ منه أبو القاسم أحمدُ بن عبد الودود بن سمَجون. رَوى عنه بعضَ شعرِه. 4 - عليُّ بن عَيّاش الأنصاريُّ، بغداديّ، أبو الحَسَن، ابنُ الدَّقّاق. ووَهِمَ ابنُ الفَرَضيِّ فيه، فقال (¬2): الدّقّاقُ، وفي اسم أبيه فجعله: شَيْبانَ. تَلا على ابن مُجاهِد وغيرِه، ورَوى عن أبي بكرٍ ابن دُرَيْد، وقَدِم الأندَلُسَ بعدَ السّبعين وثلاث مئة، ونَزلَ بَجّانةَ وأقرَأَ بها، والى قُرطُبةَ وأقامَ بها يسيرًا ولم يُقرئْ بها أحدًا، وأرى أبا الوليد ابنَ الفَرَضيِّ سَمِعَ منه حينَئذٍ، ثم توَجَّه إلى تُطِيلةَ فأوطَنَها وأقرَأَ بها. وكان من أحفظِ الناس للقراءاتِ والتفسيرِ والمعاني، شديدَ الأخذِ على القُرّاء، ذا حظّ وافر من اللُّغة والعربيّة، وحُكِي أنه شرِبَ البلاذُرَ للحِفظ فدَخَلتْ عقلَه داخلةٌ، وتوفِّي بتُطيلةَ بعدَ الثمانينَ وثلاث مئة بيسير. 5 - عليُّ (¬3) بن عيسى بن عِمران [بن دافَالَ الوَرْدَمِيشيُّ] بفتح الواو وسكونِ الرّاء وفتح الدّال وميم وياءِ مدّ وشين، [منسوبًا إلى إحدى] القبائل المجاورة بإزاءِ تِلِمسين، سَكَنَ مَرّاكُش، وقال فيه ابنُ [الأبّار: من أهل] مِكْناسةَ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبيه. رَوى عنه أبو الرَّبيع ابنُ سالم، [وأبو العبّاس] السَّبْتيُّ القَنْطَريُّ. وكان فقيهًا سريًّا فاضلًا، واستُقضيَ بفاسَ [وغيرِها. توفِّي سنةَ أربع] وتسعينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2854)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 317. (¬2) تاريخ علماء الأندلس 1/ 412 (933) وتبعه الذهبي في تاريخ الإسلام 8/ 417. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2858)، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 482.

6 - علي بن أبي نصر فاتح بن عبد الله، بجائي، [أبو الحسن] , ابن أبي نصر

6 - عليُّ (¬1) بن أبي نَصر فاتح بن عبد الله، بِجَائيٌّ، [أبو الحَسَن] , ابنُ أبي نصر. وكان فاتح أبوه رُوميًّا اشتراه أبو الحَسَن عليُّ بن الأفرم، [فلما أسَنَّ] أعتَقَه. أخَذَ أبو الحَسَن ببلدِه عن أبي عبد الله بن إبراهيمَ الأصُوليّ، ودخَلَ [الأندَلُسَ] وبَلَغَ من غربيها إلى مالَقةَ وإشبيلِيَةَ، ثم شرَّق في نحو ست مئة، وحَجَّ، وسَمِعَ بمكّةَ شرَّفَها اللهُ أبا محمد يونُسَ بن يحيى الهاشميَّ، وببيتِ المقدِس أبا الحُسَين بن جُبَيْر، وبدمشقَ أبا القاسم عبدَ الصَّمد بن محمد الحَرْستانيَّ وأبا محمد عبدَ الواحد بن إسماعيلَ بن طاهرٍ الدّمياطيَّ، وبالإسكندَريّة أبوي القاسم: الحُسَينَ بن عبد السلام وعبدَ الرحمن بن عبد الله عَتِيقَ بن أحمدَ بن باقا، وأبا الحَسَن عليَّ بنَ إسماعيلَ الأبياريَّ. وقيل: إنه انتهى في رحلتِه هذه إلى خُراسان، وأنفَقَ فيها أموالاً كثيرةً، وإنه أخَذ بالمَوْصِل والشام والعراقِ عن جماعةٍ من أهلِها. وقَفَلَ إلى بلدِه فاقرَأَ به وأسمع. رَوى عنه أبو عبد الله ابنُ الأبّار، وأبَوا العبّاس: ابنُ محمد ابن الغَمّاز، وابنُ الرُّوميّة. وحدَّث عنه بالإجازة أبو محمد مَوْلى سَعِيد بن حَكَم؛ واستُجيزَ من أقاصي البلدان وأدانيها؛ واستجازه لنفسِه ولابنَيْهِ أبو المُطرِّف بنُ عَمِيرة، فأجاز لهما، ولمّا وصَلتْ إليه الإجازةُ كتَبَ إليه: "جَزَى اللهُ سيّدَنا المُرتضَى خيرَ جزائه، وعمَّ ببركتِه طبقةَ أوليائه، وحَفِظَ شرَفَه بالعلم الذي هو من وَرَثةِ أنبيائه، إن من نِعَم الله على كثيرٍ من خَلْقِه أنْ جَعَلَ الصالحينَ في قلوبِهم محبةً خالطت بَشاشتَها وأدركَتْ برحمتِه حُشاشتَها، وصارت لهم إليه جل جلاله وسيلةً منه تُدنيهم، وبما عندَه ونِعْمَتِ العُدّةُ والأُمنيّة، تَعِدُهم وتُمنِّيهم، وسيّدُنا رضيَ اللهُ عنه حائزٌ شرفَهم، وبقيّة سلفِهم، والقائمُ على طريقتِه المُثلى، بعلوم الشريعة التي ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2872)، والغبريني في عنوان الدراية 137، والذهبي في المستملح (727)، وتاريخ الإسلام 14/ 730.

استَمْلَى وأملَى، وتأثَّلَ منها بمقدّمةِ الفوز بالنّعيم الذي لا يَبلَى، وكنتُ بما مَنَّ الله (¬1) عليَّ من عِلم بمكانِه من هذه الأُمّة، وألقَى بقلبي من [محبّتِه وله عليّ بذلك] أعظمُ المِنّة والنِّعمة، أرتادُ لمخاطبتِه وقتًا يُسهِّلُ [ورودَها، ورسولًا] يؤدِّي عنّي مقصودَها، إلى أن طَلَعتِ الآنَ عليَّ أثارةٌ من علومِه، [وإنارةٌ من زَهْرِ] نجومِه، وهي الإجازةُ التي تفَضَّل بها عليّ، وعلى عبدَيْه ابنَيّ، فقلتُ: [لقِيَ المتلَصِّصُ] مدخَلًا، ووجَدَ المترخِّصُ متأوَّلًا، وتناولتُ الإجازةَ لهما معي [مشترِكاً]، ووضعتُها على صدورِهما مُبرِّكًا ومتبرِّكًا، ورجَوْتُ أن يَجدا بها التوفيقَ [بنَهْج] محجّتِه، ويَعقِلا ما عَقَلَ محمودُ بن الرَّبيع من صُحبتِه (¬2)، وما أرغبَني في أن أُعلُي [روايتي] برؤيتِه، وأستشفيَ لحالي كلِّها ببركةِ رُقيتِه؛ وأنظُرَ إليه فأحصُلَ على عبادة، وآخُذَ عنه فأشفَعَ الحُسنى بزيادة، أنعَمَ سيّدُنا جزاهُ اللهُ من الثّواب بأوفرِ قِسْطِه، بإجازتِه التي أرجو منها للولدَيْنِ بركةَ نيّتِه ولفظِهِ وخطِّه، ولي ولدٌ ثالث هو بوِلادتي أخَصّ، ولفظُها عليه ببعضِ الاعتبارات أنَصّ، وهو فلان، ولولا أنّي أتّهمُ نفسي بفتنةِ البُنُوّة، وعيني بالرِّضا المخرِج إلى الفعل ما يُظَنُّ أنه بالقوّة، لوَصَفْتُه بعبارةٍ أعرِفُ قصورَها، ولا أرضى له ميسورَها، وأرجو أنّ فِراستَه الإماميّة قد تنثَلُّ في مِرآتِها، وتَبُثُّ له القَبولَ بإثباتِها، وشهادتُها أصحُّ من شهادتي، ونسبةُ هذا الولدِ إلى خدمةِ العلم بين يدَيْه أشرفُ من وِلادتي، كما أنّ حُرمَتَه أعزُّ مَوْئلًا، وأحمى مَعقِلًا، من أن تُذكَرَ بسُقيا نبتٍ غَرَسَتْه، وعمارة بيتٍ هي أسَّستْه، واللهُ يُعلي بالعلم والعمَل مكانَه، ويَجْزي عنّا جميعًا تفضُّلَه وإحسانَه، بمنِّه، والسلامُ الكريم، الزاكي العميم، يخُصُّه من معظِّم محلِّه الأسمى، وشاكرِ يدِه العُظمى، ابنِ عَمِيرةَ، ورحمةُ الله وبركاتُه. ¬

_ (¬1) في ص: "وكتب بما الله"، وهو تحريف ظاهر. (¬2) يشير إلى قوله: "عقلت من النبي - صلى الله عليه وسلم - مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلوٍ" أخرجه البخاري 1/ 29، 212، ومسلم 2/ 127.

7 - علي بن القاسم بن محمد بن موسى بن عيسى الفنزاري -وقد تقدم بيان أصل هذه الشهرة في رسم أبي علي حسن بن علي منهم- سلوي، أبو الحسن، ابن عشرة

وكان أبو الحَسَن من أهل الإتقانِ والضَّبطِ والأمانة، متقدِّمًا في الثِّقة والعدالة، صَدْرًا في الزُّهدِ والوَرَع والإنفاق، ملتمَسَ الدعوة، معظَّمًا عندَ الخاصّةِ والعامّة من أهل بلدِه. مَوْلدُه ببِجَايةَ سنةَ ستٍّ وستينَ وخمس مئة، وتوفِّي بها ليلةَ السّبت التاسعةَ والعشرينَ من جُمادى الآخِرة سنةَ ثنتينِ وخمسينَ وستِّ مئة، ودُفن ظُهرَ يوم السّبتِ المذكور، وصَلّى عليه الخَطيبُ أبو بكر بنُ أحمد بن سيِّد الناس (¬1). 7 - عليُّ (¬2) بن القاسم بن محمد بن موسى بن عيسى الفنزاريُّ -وقد تقَدَّم بيانُ أصل هذه الشُّهرة في رَسْم أبي عليّ حَسَن بن عليّ منهم- سَلَويٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ عشَرة. ويُذكَرُ أنّهم من عَقِب أحمدَ بن محمد ابن المُدبِّر الكاتبِ أخي إبراهيمَ وزيرِ المعتمِد وكبيرِه. كان أبو الحَسَن فقيهًا حافظًا سَرِيَّ أهل بلده وجيهًا [مؤْثرًا. استُقضيَ ببلدِه] وأورَثَ عقِبَه سؤدَدًا وشرفًا. ودَخَلَ الأندَلُسَ غازيًا سنةَ ثمانينَ وأربع مئة (¬3)، وامتَدحَه بها طائفة من أُدبائها، وشرَّق حينَئذٍ، وامتَدحَ [بالمَهْديّة ومِصرَ] وغيرهما، ثم عاد إلى بلدِه. ومما يُؤْثَرُ من مَكارمِه أنّ أبا بكرٍ عيسى [ابنَ الوكيل اليابُريَّ] كان أيامَ لَمْتُونةَ مُستعمَلًا في مَجابي غَرناطةَ، يُحكَى أنه انكسَرَ عليه [مالٌ جليل] يَبلُغُ عشَرةَ آلافِ دينار، فقُبِضَ عليه وأُشخِص منكوبًا إلى مَرّاكُش، [فلمّا بلَغَ] الموكّلون ¬

_ (¬1) هو محمد بن أحمد بن عبد الله، أبو بكر اليعمري المعروف بابن سيّد الناس المتوفى سنة 659 هـ، والمتقدمة ترجمته في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 1245)، وينظر تاريخ الإسلام 14/ 916. (¬2) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1235)، وابن الأبار في التكملة (2848)، وينظر بحث الدكتور محمد بن شريفة عن بني عشرة في مجلة تطوان 1965 م. (¬3) في التكملة: "ثمان وثلاثين وأربع مئة".

به مدينةَ سَلا خاطبَ القاضيَ مادحًا بقصيدةٍ ومُستجِيرًا به، [وطلَبَ] إيصالَها إليه، ومطلعُ القصيدة [الطويل]: سلِ البَرْقَ إذ يَلتاحَ من جانبِ البَلْقا: ... أقُرطَيْ سُلَيْمى أم فؤادي حَكَى خَفْقا؟ ولِمْ أسبَلَتْ تلك الغمامةُ دمعَها ... أرِيعَتْ لِوَشْكِ البَيْن أم ذاقتِ العِشقا؟ يقولُ فيها: غريبٌ بأقصى الغَرب فُرِّق قلبُهُ ... فآوَتْ لسَلا فَرْقًا ويابُرةٌ فَرْقا إذا ما بَكَى أو ناحَ لم يُلفِ مُسعِدًا ... على شجْوِه إلا الغمائمَ والوُرْقا ومنها في المدح: حياءٌ يغُضُّ الطَّرفَ إلّاعن العُلا ... وعِرض كماءِ المُزْنِ في المُزن بل أنقَى وفضلُ نَمِيرِ الماء قد خَضَّر الرُّبَا ... وعدلُ ضميرِ النَجم قد نوَّرَ الأُفْقا بلَغْنا بنُعماكَ الأمانيَّ كلَّها ... فما بلَغَتْ أُمنيّةٌ غيرَ أن تبقَى فعندَ وقوفِ القاضي عليها بادَرَ إلى مُخاطبة السلطان بتضمّن المال وتحمُّلِه وسؤالِ الصَّفْح عنه والإبقاءِ عليه بإعادتِه إلى عمِله، فصَدَرَ جوابُه بالإسعافِ والإسعاد، وعاد ابنُ الوكيل إلى غَرناطةَ أنبَة مَعاد (¬1). وتوفِّي أبو الحَسَن بسَلا سنةَ اثنتينِ وخمس مئة. وممّن امتَدَحَه من جِلَّة الشّعراء: أبو الوليد إسماعيلُ بن وَلّاد، ووقَفْتُ له على مجموع في أمداحِه ورثائه ومَدْح ابنِه وأخيه أبي العبّاس سمّاه: "نُزْهةَ الأدب" (¬2). ¬

_ (¬1) انظر خبر ابن الوكيل اليابري مع ابن عشرة أيضًا في إعتاب الكتاب (224 - 225)، والروض المعطار (615 - 616) تحقيق د. إحسان عباس وكذلك بحث الدكتور محمد بن شريفة في بني عشرة المشار إليه آنفًا. (¬2) هنا بياض كثير في الأصل مقدار نحو صفحة، ولعل المؤلف كان يريد أن يسوق فيه بقية كلام عن بني عشرة. وانظر مدح ابن حمديس في بني عشرة في ديوانه (557 - 558)، وبغية الملتمس (521)، ومسالك الأبصار (مخطوط). أما ابن ولاد فلم نقف على ترجمته إلى الآن.

8 - علي بن خيار، فاسي، بلنسي الأصل، أبو الحسن

8 - عليُّ (¬1) بن خِيَار، فاسيٌّ، بَلَنسيُّ الأصل، أبو الحَسَن. سَمِعَ بفاسَ على أبي عبد الله ابن الرَّمّامة ولازَمَه طويلًا وتفَقَّه به، وأبي عَمْرو السَّلالقيِّ (¬2). ورَحَلَ طالبًا، فأخَذَ بتِلِمسينَ عن أبي الحَسَن بن أبي قَنُّون، وبسَبْتةَ عن أبي محمد بن عُبَيد الله، وبقُرطُبةَ عن أبي بكر بن خَيْر وأبي القاسم ابن بَشْكُوال، وبمَرّاكُش عن أبي عبد الله ابن الفَخّار. وكان فقيهًا حافظًا مُشاوَرًا، رافضًا التقليدَ مَيّالًا إلى النّظر والاجتهاد، متفنِّنًا حَسَنَ المشاركةِ في العربيّة وعلم الكلام وأصُولِ الفقه والتصوُّف، أُخِذَ عنه العِلمُ. ووُلد في رمضانِ إحدى وأربعينَ وخمس مئة، وكان حيًّا سنةَ إحدى وست مئة. 9 - عليُّ بن محمد بن عبد الرّحمن التَّميميُّ، قَلْعيٌّ -قلعةَ حمّاد- أبو الحَسَن. رَوى عن أبي محمد بن محمد التامغلتيِّ، رَوى عنه أبو عبدِ الله بن حَمّاد، وكان محدِّثًا حافظًا عَدْلًا مُسِنًا حاجًّا. 10 - عليُّ (¬3) بن محمد بن عبد الملِك بن يحيى بن محمد بن يحيى بن إبراهيمَ بن خَلَصةَ بن سَماحةَ الحِمْيَريُّ الكُتَاميُّ، فاسيٌّ، سَكَنَ مَرّاكُش، أبو الحَسَن، ابنُ القَطّان. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2862) وهو فيه: علي بن محمد بن خيار، والذهبي في المستملح (721)، وتاريخ الإسلام 13/ 40، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 483، والكتاني في سلوة الأنفاس 2/ 183، والمراكشي في الإعلام 9/ 61. (¬2) ترجمته في التكملة (2665)، وهو عثمان بن عبد الله الأصولي صاحب "البرهانية" وإمام أهل المغرب في علوم الاعتقاد. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2869)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 285، والذهبي في المستملح (724)، وتاريخ الإسلام 13/ 866، وسير أعلام النبلاء 22/ 306، وتذكرة الحفاظ 4/ 1407، والصفدي في الوافي 22/ 70، وابن ناصر الدين في التبيان، الورقة 152، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 298، والكتاني في الرسالة المستطرفة 133، والمراكشي في الإعلام 9/ 75، وينظر كتاب الدكتو ر بشار عواد معروف: الذهبي ومنهجه 173 - 175.

رَوى عن آباءِ جعفر: قريبِه ابن (¬1) يحيى -وفي إبراهيمَ الأقربِ يلتقيانِ- وابن عبد الرّحمن بن مَضَاء، وابن يحيى بن عَمِيرةَ الشهيد، وأبوَيْ إسحاق: السَّنْهُوريِّ (¬2)، والكَلاعيِّ، وأبي بكرٍ الفَصِيح، وآباءِ الحَسَن: ابن أحمدَ بن عليّ الطُّلَيْطُليّ، وابن خَرُوف، وابن مُؤمن وابن النَّقِرات ولازَمَه ونَجَبةَ، وأبي الخَطّاب بن [واجِب، وأبي الصَبرِ بن عبد الله السَّبْتيِّ] الفِهْريِّ، وآباءِ عبد الله: ابنَي الإبراهيمَيْن: ابن البَقّار (¬3)، [وابن الفَخّار، وابن] عبد الرّحمن التُّجِيبيّ، وابن عليّ ابن الكَتّانيّ، وابن عيسى [التَّميميِّ] وأبوَي [العبّاس: ابن سَلَمةَ، والقَوارائيِّ (¬4) الشاعر، وأبي عُمرَ بن عاتٍ، وأبوَي [القاسم: ابن بَقِيّ] وعبد الرّحيم ابن المَلْجوم، وآباءِ محمد: ابني المحمّدَيْن: التادَليِّ (¬5)، وابن [السَّكّاك (¬6)، وعبد] العزيز بن زَيْدان، وأبوَي موسى: ابن شُعَيْبٍ الغافِقيّ، والقُزُوليّ، [وأبي يحيى أبي] بكر بن خَلَف ابن المَوّاق (¬7). هؤلاء لقِيَهم وأكثَرَ عنهم. ¬

_ (¬1) في ص: "أبي"، وهو تحريف صوابه ما أثبتنا، وقد تقدمت ترجمته في السفر الأول من هذا الكتاب، وهو أحمد بن يحيى المنبوز بالوزغي (الترجمة 564). (¬2) جاء في ترجمته في التكملة 1/ 298 ما نصه: "وقال أبو الحسن ابن القطان -وسماه في شيوخه-: قدم علينا تونس سنة اثنتين وست مئة واستجزته لابني حسن فأجازه وإياي، قال: وانصرف من تونس إلى المغرب ثم إلى الأندلس، وقدم علينا بعد ذلك مراكش مفلتًا من الأسر فظهر في حديثه عن نفسه تجازف واضطراب وكذب زَهَّدَ فيه، وإثر ذلك انصرف إلى المشرق راجعًا، وقد كان إذ أجاز ابني كتب بخطه جملة من أسانيده وسمى كتبًا منها "الموطأ" والصحيحان وغير ذلك، قال: وقد تبرأت من عهدة جميعه بما أثبت من حاله". وروى ابن الأبار أنه ضرب بالسياط وطيف على جمل مبالغة في إهانته في عهد الملك الكامل لأجل معاداته أبا الخطاب بن الجُمَيِّل. وانظر كذلك ما نقله القاضي ابن إبراهيم المراكشي في شأنه في الإعلام 1/ 169 - 172. (¬3) في طبعتي جذوة الاقتباس: "ابن البقال"، وهو تحريف، وستأتي ترجمته في هذا السفر، وهو مترجم في التكملة (1728). (¬4) هكذا ترسم أحيانًا والمراد: الجراوي. (¬5) التكملة (2206). (¬6) التكملة (2205)، وجذوة الاقتباس (440). (¬7) التكملة (596)، وجذوة الاقتباس (27)، وسلوة الأنفاس 1/ 224.

وكتَبَ إليه مُجيزًا: أبو [إسحاقَ] بن إبراهيمَ الأنصاريُّ (¬1)، وأبو الحَسَن بن كَوْثَر، وأبو خالد يزيدُ بن رفاعة، وأبَوا عبد الله: ابن زَرْقُون، وابن عَرُوس، وأبو القاسم بن رُشْد الوَرّاق، وأبوا محمد: الحَجْريُّ، وابن فَلِيج (¬2). هؤلاءِ هم الذين سَمّاهم في "برنامَجِه". ووقَفْتُ في خطِّه على روايتِه عن أبي إسحاقَ الكانميِّ الشاعر (¬3). رَوى عنه ابناه: أبو محمدٍ حَسَنٌ شيخُنا (¬4)، وأبو عبد الله الحُسَين، وابن أُختِه أبو عليّ عُمرُ بن محمد بن عليّ بن عَمّار، وأبو بكر بنُ محمد بن مُحرِز، وأبو الحَجّاج بن موسى بن لاهِيَة، وأبوا زكريّا: ابن يافرتن بن راحِل (¬5) وابنُ أبي عبد الله بن مروان، وآباءُ عبد الله: ابن حَمّاد والرُّنْديّ وابن عِيَاض وابن المَوّاز، وأبو العبّاس: ابنُ محمد المَوْرُوريُّ وابن عِمرانَ بن أبي الفَضْل بن طاهر، وأبو القاسم عبدُ الكريم بن عِمران، وأبوا محمد: ابن عبد الحقّ وابن القاسم الحَرّار، وأبو موسى عيسى بن يعقوبَ الهسكوريُّ، وأبو يعقوبَ بن يحيى ابن الزَّيّات، في خَلْقٍ لا يُحصَوْنَ كثرةً أخَذوا عنه بمَرّاكُشَ وغيرِها من بلادِ العُدوة إلى إفريقيّة، وبالأندَلُس. ومن شيوخِنا الرُّواة عنه سوى ابنِه أبي محمد: أبو الحَسَن الكفيفُ، وأبو زَيْد ابنُ القاسم الطَرّازُ، وأبَوا عبد الله: ابن الطَّراوة وابنُ عليّ المدعوُّ بالشّريف، وأبو محمدٍ عبدُ الواحد بن مَخْلوف بن موسى المَشّاط، وأبو يحيى أبو بكر الجُمَلَّي (¬6). ¬

_ (¬1) في ترجمته في التكملة (407)، وجذوة الاقتباس (13) ما نصه: "حكى أبو الحسن ابن القطان أنه أجاز له جميع روايته في سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة". (¬2) في ص: "مليح"، وترجمة ابن فَلِيج القاضىِ القصري في التكملة. (¬3) ترجمته في التكملة (461). وانظر نقول القاضي ابن إبراهيم في الإعلام (14)، ويضاف إليها تحفة القادم (109 - 110). (¬4) هو مؤلف "نظم الجمان" وغيره من المؤلفات النفيسة التي ألفها للمرتضى الموحدي. انظر البيان المغرب (قسم الموحدين) (452 - 453). (¬5) كذا بالأصل، وفي بغية الوعاة 1/ 193 أنه يحيى بن راجل شارح الجزولية. (¬6) ضبطت في الأصل بتشديد اللام مصححة، وهي نسبة إلى جُمَلَّة من أعمال مرسية. (وتنظر التكملة 1583).

وكان ذاكرًا للحديث مُستبحِرًا في علومِه، بصيرًا بطُرُقِه، عارفًا برجالِه، عاكفًا على خدمتِه، ناقدًا مميِّزًا صَحيحَه من سقيمِه، مُثابرًا على التلبُّس بالعلم وتقييدِه عُمُرَه، وكتَبَ بخطِّه -على ضعفِه- الكثيرَ، وعُني بخدمةِ كُتُبٍ بَلَغَ فيها الغايةَ، منها نُسخةٌ بخطِّه من "صحيح مسلم" و"السُّنن" لأبي داودَ وغيرُ ذلك، وصنَّف في الحديثِ ورجالِه، والفقهِ وأصُولِه مصنَّفاتٍ نافعةً أُخِذت عنه، منها: "نَقْعُ [الغَلَل، ونَفْعُ العَلَل"] في الكلام على أحاديثِ "السُّنَن" لأبي داود، وكمُلَ له نحوُ [.... في ثلاثةِ] أسفارٍ ضخمة، و"بيانُ الوَهم والإيهام الواقعَيْنِ في كتاب الأحكام" [وكمُلَ له] أيضًا في مقدارِ "الأحكام الشّرعية" الكبير، وعليه وضعه، وكتابٌ [في الردِّ على أبي] محمد بن حَزْم في كتاب "المُحَلَّى" مما يتعلَّقُ به من علم الحديث، ولم يَتِمَّ، [وكتابٌ] في أحكامَ الجنان، مجلَّدانِ متوسِّطان، وشيوخِ الدّارَقُطنيِّ: مجلَّدٌ متوسِّط، وكتابُ "النظر، في أحكام النظر" مجلدٌ صغير. وهذا الاسمُ من تسمية ابنِه شيخِنا أبي محمد، و"النَّزْعُ في القياس، لمُناضلةِ من سلَكَ غيرَ المَهْيَع في إثباتِ القياس"، وهو في الردِّ على أبي عليّ ابن الطّوير المذكور بعدُ إن شاء الله (¬1)، وهذه التسميةُ لشيخِنا أبي محمد ابنِه أيضًا، و"تقريبُ الفتح القُسِّي": مجلَّدٌ متوسِّط، و"تجريدُ مَن ذكَرَه الخطيبُ في تايخِه من رجالِ الحديث بحكايةٍ أو شعر": مجلّدانِ متوسِّطان، وكتاب "ما يُحاضَرُ به (¬2) الأمراء"، وبيَّن قيس طريقَ مُفاوضتِهم: مجلَّدٌ متوسِّط. و"أسماءُ الخيلِ وأنسابُها وأخبارُها": مجلّدٌ متوسِّط. و"أبو قَلَمون" (¬3): مجلّدانِ ضَخْمان. وله كتابٌ حافلٌ جمَعَ فيه الحديثَ الصَّحيح محذوفَ السَّنَد حيث وقَعَ من المسنَدات والمصنَّفات، ¬

_ (¬1) انظر رقم (32). (¬2) في ص: "ما حاضر به". (¬3) أبو قلمون: ثوب رومي يتلون ألوانًا ولا سيما إذا أشرقت عليه الشمس، ويشبه به الدهر والروض وزمن الربيع، وتسمية الكتاب لطيفة، وقد يكون موضوعه شيئًا مما ذكر، وفي مقامات البديع: أنا أبو قدمون ... في كل لون أكون

كمُلَ منه كتُبُ: الطّهارة والصّلاة والجَنائز والزّكاة، في نحوِ عشَرةِ مجلَّدات (¬1). و"مسائلُ من أصُولِ الفقه"، زَعَمَ أنه لم يَذكُرْها الأصُوليّونَ في كُتُبهم: مجلّدٌ لطيف. وله مقالات منوَّعةُ المقاصد، منها: مقالةٌ في الإمامةِ الكبرى، ومقالةٌ في القراءةِ خلفَ الإمام، ومقالةٌ في الوصيّةِ للوارِث، ومقالةٌ في المَنْع من إلقاءِ التفثِ في عَشْر ذي الحجّة للمُضحِّي، ومقالةٌ في منع المجتهدِ من تقليدِ المحدّث في تصحيح الحديثِ لذي العمَل، ومقالةٌ في الدَّين يوضَعُ على يدِ أمين فيتعدَّى فيه، ومقالةٌ في مُشاطرةِ العمّال، ومقالةٌ في الأوزانِ والمكاييل (¬2)، ومقالةٌ في الطلاقِ الثلاث، ومقالة في الأيْمانِ اللازمة، ومقالةٌ في الخِتَان، ومقالةٌ في التسفير، ومقالةٌ في معاملةِ الكافر؛ جمَعَها للناصِر من بني عبد المؤمن حينَ وفَدَ عليه البابوجُ (¬3) أحدُ عُظماءِ النَّصرانيّة، سَوَّغ له فيها القيامَ إليه عندَ معاينتِه برأيه، فلم يَرضَها الناصرُ وتحايَلَ في تلقِّيه إيّاه قائمًا عن غير قعود بخروجِه من البابِ المعتاد لخروجِه إلى قُبّة جلوسِه وهو فيها عندَ وصُول البابوج إليه (¬4)، والمقالةُ المعقولة في حُكم فتوى الميِّت والفتوى المنقولة، ومقالةٌ في فَضْل عاشُوراءَ [وما وَرَدَ] في الإنفاق فيه على الأهل، ومقالةٌ في حثِّ الإمام على [القعودِ لسَماع مظالم] ¬

_ (¬1) ذكره ابن سعيد في تذييل رسالة ابن حزم، قال: "وسمعت أنه كان اشتغل بجمع أمهات كتب الحديث المشهور وحذف المكرر" النفح 3/ 180. (¬2) ينقل عنه مؤلف الدوحة المشتبكة (78، 83) تحقيق د. حسين مؤنس. (¬3) البابوج هنا والبيبوج في العبر (بالإمالة) والببوج في المعجب والمن بالأمامة والبيان المعرب لقب لملك ليون وفسر عبد الواحد المراكشي هذا اللقب بأن معناه الكثير اللعاب، وفي الأنيس المطرب تفصيل لهذه الوفادة التي كانت حسب ابن خلدون خدعة ومكراً (انظر المعجب: 320، والعبر 4/ 392، والاستقصا، وكذلك أشياخ 2/ 99 وما بعدها، وعنان 2/ 290). (¬4) في الأنيس المطرب أنه رتب هذه الحيلة مع القائد أبي الجيوش عساكر (أو أبي الجيش محارب حسن البيان المغرب).

الرعيّة، ومقالةٌ في تبيينِ التناسُب بين قول النبيِّ صلى الله عليه [وسلم: "يتوبُ] اللهُ على مَن تاب"، وما قبلَه من الحديث، ومقالةٌ في تفسيرِ قولِ المحدِّ [ثينَ في الصّحيح]: إنه حَسَن، ومقالةٌ في تحريم التَّسابّ، ومقالةٌ في الوصيّةِ بالجَنين، ومقالةٌ [في] إنهاءِ البحثِ مُنتهاه، عن مَغْزَى من أثبَتَ القولَ بالقياس ومَن نَفاه، وهذه التسميةُ لشيخِنا أبي محمدٍ ابنِه أيضًا، وأحاديثُ في فَضْل التلاوة والذِّكر، وبرنامَجُ [شيوخِه] وعَمِلَه بأخَرةٍ، بعدَ الخمس والعشرينَ وست مئة، إلى غير ذلك من المعلَّقاتِ والفوائدِ في التفسير والحديثِ والفقه وأصُوله، والكلام والآدابِ، والتواريخ والأخبار (¬1). وكان معظَّمًا عندَ الخاصّةِ والعامّة من آلِ دولة بني عبد المؤمن، حَظِيَ كثيرًا عند المنصُور منهم فابنِه الناصِر فالمُستنصِر ابن الناصِر فأبي محمدٍ عبد الواحِد أخي المنصُور ثم أبي زكريّا المعتصم ابن الناصِر، حتى كان رئيسَ الطَّلَبة مصروفةً إليه الخُطَطُ النَّبيهة، مرجوعًا إليه في الفتاوَى. وكان قد سَعِدَ عندَ المنصُور منهم كثيرًا، فكان المنصورُ يؤْثرُه على غيرِه من أهلِ طبقتِه، وجرَتْ له أخبارٌ طريفةٌ معَه، منها: أنه عيَّنَه لقراءةِ الحديث الذي كان يُقرَأ بين يدَيْه، وكان أبو الحَسَن يَعتَريهِ بعضَ الأحيان توقُّفٌ في كلامِه، فابتدَأَ أوّلَ يوم القراءةِ فبَسْمَلَ وصَلّى على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وكانتِ العادةُ إتباعَ القارِئ التّصلِيَة بالدُّعاءِ للمنصورِ بالرِّضا، فحينَ فَرَغَ أبو الحَسَن من التّصلِية عرَضَ له التوقُّف الذي كان يَعتريهِ، فمكَثَ قليلًا ثم قال: ورضيَ اللهُ عنكم، واصلًا الدُّعاءَ بالتّصلِيةِ فيما رأى، ثم اعتَرتْه سَكْتتُه أيضًا، ثم اندَفعَ يقرَأُ الحديثَ، فاستبشَرَ لذلك المنصُورُ واشتدَّ إعجابُه به واستحسانُه إيّاه، وقال: هكذا ينبغي أن يَقرَأَ الحديثَ مَن يقرأُه بينَ أيدينا، فاصلًا بين الدُّعاءِ لنا والتّصليةِ المُتبعة البَسْمَلة وبينَه وبينَ حديثِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فأمّا سردُ البَسْمَلة والتصلِية والدُّعاءِ لنا والحديثِ في نَسَق ¬

_ (¬1) وصل إلينا من مؤلفات ابن القطان كتاب "الوهم والإيهام" وكتاب "إحكام النظر"، مخطوط في الإسكوريال، ومقالةٌ في فضل عاشوراء مخطوط بخزانة ابن يوسف بمراكش.

من غير فَصل بين ما يخُصنا من الدَّعاءِ وما قبلَه وما بعدَه فإنّا نبرَأُ إلى الله منه، فعَجِبَ الحاضِرونَ لسعادةِ أبي الحَسَن بما ظُنَّ أنّ فيه نَقْصًا عليه (¬1). وكان ذا حظٍّ من الأدب وقراءة مُقَطَّعاتِ الشِّعر، منها: [قولُه في المصحف الإمام] الذي تقَدَّم في رَسمِ أبي المُطرِّف أحمدَ بن عبد الله بن عَمِيرةَ (¬2) أنّ عبدَ [المؤمن وبَنيهِ كانوا] يزعُمونَ أنه مصحفً الإمام عثمانَ بن عفّانَ رضيَ اللهُ عنه، وقد وَضَعَه [المنصورُ] من بني عبد المؤمن، في حِجْرِه بمحضرِ الكُبَراءِ من رجالِه [المتقارب]: [ألا] فاقدُروا قدر هذا المقام ... فهذا الإمامُ وهذا الإمام إمام المصاحفِ في حِجرِ من ... به حَفِظَ اللهُ هذا الأنام وناهيكَ مِن صُحُفٍ كرِّمت ... بحِجرِالكريم سليلِ الكرامْ فطُوبى لمَن فاز من ذا وذا ... بمافيه حظٌّ ولو بالسلامْ أنشَدَنيه ابنُه أبو محمد عنه لنفسِه، وأنشَدَني أيضًا عنه لنفسِه في صفة نهرِ ماءٍ بضيْعتِه التي كانت له خارجَ باب فاس، وتُعرَفُ هناك بتاووتي (¬3) [الكامل]: ومهنَّدٍ لزِمَ التجرُّدَ فهْو لا ... ينفَكُّ مَسْلُولًا لغيرِ قتالِ ضَمِنَ النَّسيمُ صفاءَ صفحةِ وجهِهِ ... فتراه مصقولًا بغير صِقالِ وإذا تنفَّس فيه سال فِرِنْدُهُ ... وطَفَا عليه حَبابُهُ كلآلي أعجِبْ به من صارم آثارُهُ ... نَقْعُ الصَّدى وتنفُّسُ الآصالِ ¬

_ (¬1) لعل هذا أقدم نص في وصف المجالس الحديثية الملوكية التي ما تزال قائمة إلى يومنا هذا. (¬2) السفر الأول، الترجمة (231)، والمسند لأبي مرزوق، ص 456. وما بين الحاصرتين ممحو في الأصل ونقدر أنه ما أثبتنا. (¬3) ورد ذكر تاووتي بأنها قرية من جهات مراكش في التشوف (300، 309، 310) ويفهم مما ورد فيه أنها كانت معروفة ببساتينها غير بعيدة من باب المدينة (باب فاس).

ومنه، وقد عثَرَتْ به بغلتُه في وِجهتِه إلى ضَيْعتِه المذكورة وهو يسايرُ أبا عبد الله بنَ المُناصِف (¬1) رحمهما الله، فقال له ابنُ المُناصِف [البسيط]: * ما بالُها عثَرتْ وما لها قَلِقَهْ (¬2) * فأجابه مُرتجِلًا ومُداعِبًا [البسيط]: لم تعثُرِ البغلةُ السفْواءُ (¬3) إذ عثَرتْ ... من ضعفِ أيدٍ ولامن أنها خَرِقَهْ (¬4) لكنّها عَشِيَتْ من نورِ ما حَمَلت ... من العلوم فخرَّت تحتَهُ صَعِقَهْ أنشَدَنيها عنه أيضًا ابنُه أبو محمدٍ حسَنٌ رحمه الله، وقال لي: كان متى ذكَرَهما يَستعبِرُ ويستغفرُ الله منهما، وقد رأيتُه ضرَبَ عليهما (¬5) في بعض معلَّقاتِه. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وَهِمَ بعضُ الطّلبةِ فعكَسَ هذه الحكايةَ بجعلِ بغلةِ أبي عبد الله ابن المُناصِف العاثرةَ والبيتينِ له، والأمرُ في ذلك كلِّه على ما ذكرتُهُ قبلُ، وقد سَمِعتُها غيرَ مرّة من شيخِنا أبي محمدٍ ورأيتُها (¬6) بخطِّه في غير موضِع على ما وصَفْتُ. هذا بعضُ ما اشتُهِر من أحوالِه عندَ جُمهور الناس. وقد كان بعضُ من لقِيتُه ممّن لقِيَه لا يَرضاهُ ولا يَرى الرّوايةَ عنه، وينعَى عليه أمورًا كثيرة، منها: ما كان عليه دائبًا من الإرذال (¬7) بأفاضلِ أهل العلم، والغضِّ منهم [وتتبُّع سَقَطاتِهم] والتماسِ عَوْراتِهم، والتنكيتِ على الواردينَ منهم على آلِ عبد المؤمن [والوَضْع] ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في التكملة (1632) وستأتي ترجمته في هذا السفر. (¬2) في ص: "وما بما قلبة"، ونقلت في الإعلام للمراكشي: "وما بها قلبت". (¬3) السفواء: السريعة. (¬4) في "الإعلام": "حرقة"، كما قرئت صعقة: صفقة. (¬5) في ص: "منها، عليها". ولعله ضرب على البيتين لما فيهما من دعوى وإشارة خفية إلى الآية الكريمة: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [الأعراف: 143]. (¬6) في ص: "ورأيته". (¬7) هكذا في الأصل وهو من أرذلهم أي لم يرضهم، ويصح أن تكون: الازراء.

من شأنِهم إلّا أن يَستشعرَ من أحدٍ منهم عودةً إلى وطنِه، فإنه كان [يحدِّثُ بقضاءِ، مآربِه، ويُجمِّلُ السَّعيَ في تخليصِ ما إليه قَصَدَ، لئلّا يُشتهرَ أمرُه فيقعَ [الاغتباط] به من أولي الأمر، وليعودَ إلى بلده مُذيعًا شكرَه مُحسِنًا الأُحدوثةَ عنهُ، [إعجابًا] بنفسِه، وحرصًا على تفرُّدِه بالرِّياسةِ وخلوِّ الوجوهِ له. ومنها: إفراطُ الكِبْر وشدّةُ العُجب، فقد كان دَيْدَنُه أنه لا يبدأُ أحدًا بالسلام ولا يرُدُّه على من يبدَأُ به، وذاكرتُ بذلك شيخَنا أبا عبد الله المدعوَّ الشّريفَ (¬1)، وكان من المتشيِّعينَ فيه المتّشبِّعِينَ بذكْرِه المتعصِّبينَ له، فقال لي: إنه كان يُسألُ عن ذلك وُيذكَرُ له ما فيه عليه فيُجيبُ مُعتذرًا باستغراقِ فِكرِه واشتغال بالِه بالنّظرِ في أجوِبةِ ما وقَعَ من المسائل العلميّة بمجلسِ سُلطانِ الوقت أو في إعدادِ مسائلَ يُلقيها بينَهم به؛ فهُو لا يزالُ خاطرُه معمورًا بذلك وذهنُه مغمورًا به، زاعمًا أنه لا يَرى أحدًا ممّن يمُرُّ هو به، فقلتُ له: يدفَعُ ذلك حكايتُه عن نفسِه مشاهدةَ ابن العُثْمانيِّ في مرورِه به على ما سآتي بذكْرِه إن شاء الله، فانقَطَعَ. ومنها: استعمالُه المُسكِر، فقد صَحَّ عنه تناولُه إياه والتأوُّلُ فيه. ومنها: غُلوُّه في آلِ عبد المؤمن وإفراطُ تشيُّعِه فيهم، حتى عَدَّ المنصورَ أبا يوسُفَ يعقوبَ بن أبي يعقوبَ بن عبد المؤمن في جُملةِ شيوخِه الذين ضمَّنَهم برنامَجَه وصدَّرَهم بذكرِه تشيُّعًا له وغُلوًّا فيه، وليتَه لو وقَفَ في أمرِه عندَ هذا الحَدّ ولكنْ تعَدّاهُ إلى منزلةٍ تُفضي بالهاوي منها إلى مَقْتِ الله والتعرُّض لشديدِ غَضَبِه وعظيم سَخَطِه؛ وهي أنه لمّا ذَكَرَ من شيوخِه أبا القاسم ابنَ بَقِيّ وطُولَ مجالستِه إيّاه، ومُذاكرتَه معَه وسماعَه منه ما لا يُحصَى من شِعرٍ أنشَدَه إيّاه، لنفسِه ولغيرِه، ثم قال: وليس بهذا الاعتبار أذكُرُه هنا، ولا أيضًا باعتبارِ ما سمِعتُ منه من "مسنَدِ" جدِّه بَقيّ وكتاب "التفسير" له وأنه كان أهلًا للرِّواية عنه، ثم قال: وإنّما ذكَرتُه هنا؛ لأنّي قد كتبتُ عنه شيئًا أخبَرني به، قال: قال الإمامُ أميرُ المؤمنينَ ¬

_ (¬1) ما نقله القاضي ابن إبراهيم المراكشي لدى ترجمته في الإعلام (571) 4/ 281 وما بعدها.

المنصورُ رضيَ اللهُ عنه: وُلدتُ ليلةَ الأربعاء الرابعةَ من ربيع الأوّل عامَ أربعةٍ وخمسينَ وخمس مئة، فعَجبتُ من ذلك؛ لتناسُبِ ما بين الأربعاء والرابعة، وربيع وعام أربعة، فكتبتُهُ عنه. فتأمَّلْ [إعجابَه بهذه الكلمات] الشَّوْهاء وإضرابَه عن جميع ما ذَكَرَ أنه سَمِعَه منه، كتفسيرِ القرآنِ [الكريم] لبقيّ، ومسندِه، وما أنشَدَه أو سَمِعٍ منه لنفسِه أو لغيرِه وما حاضَرَهُ به أو [ذاكَرَه فيه] واطّراحَ ذلك ونَبْذَه إيّاه تهاونا به واستخفافًا بقَدرِه، وإيثارًا [لتاريخ] ولدِ خَلْق من خَلْق الله تعالى، لعلّه لا يُرضَى مثل ذلك الغُلوِّ في جانبِه من أحد على جميع ما سَطَرَ وذكَر من فنونِ المقاصِد العلميّة التي يحرِصُ الأفاضلُ على نَيْل بعضها من أكابرِ شيوخِهم، نسألُ الله العصمةَ من الخِذلان، والسلامةَ من مُوجِباتِ الحِرمان. ولقد ذاكَرتُ بهذا الفَضل أيضًا شيخَنا أبا عبد الله المذكور، وأبدَيْتُ له ما فيه من الدلالة على قَبِيح الغلوّ، فاعتَذرَ عنه بأنّ حاملَهُ عليه تخوُّفُه من أبي عبدِ الله العادل ابن المنصُور، فإنه كان قد أخْمَلَه كثيرًا وكان يتوقَّعُ منه شرًّا، فقلتُ له: إنّما وضَعَ برنامَجَه بعدَ موتِ العادل وموتِ أبي القاسم ابن بَقِيّ. وأيضًا، فهلّا ذكَرَ ذلك في رَسْم المنصُور فيكونَ ذلك أتقنَ في التأليف وأجرى على سَنَنِ المصنِّفينَ في الإعلام بالشيوخ! فأمّا أن يَذكُرَ الشّيخَ في موضعٍ ومولدَهُ بعدَ رَسْمه بأربعةَ عشَرَ شيخًا فعمل لم تَجْرِ العادةُ به، ولا خفاءَ بما فيه، ثم إنْ شاء ذكَرَ أبا القاسم بنَ بَقِيّ بما يَليقُ به إن رأى ذكْرَه في شيوخِه أو الإضرابَ عنه رأسًا، فلم يُحرِ جوابًا. وهذه عندي أكبرُ جَرحةٍ في حقِّه، لِما تضمَّنتْه من الإزراءِ بالعلم وأهلِه الذين لا يَمتري أنه به وبهم شرَفُه لوِ استضاءَ في عيانة هذه الغوايةِ بنورِ هُدى أو اعتَصَم بجُنّة توفيق. ومنها: تجرُّدُه للسَّعي بغاية الجِدّ في قَتْل الشّيخ وابنِه المُراهِق العُثمانيَّيْن، ثم استباحةُ أخْذِ دارهِما بعدَ قتلِهما مكافأة عن له على تلك المحاولة، وانتقالُه إليها بالسُّكنى فيها إلى فصولِه عن مَرّاكُش ثم لم يعُد إليها كما سيأتي ذكْرُ ذلك إن شاء اللهُ تعالى. ثم [كان] الفُضَلاءُ من أهل عصره ناقمينَ منه أحوالَه، ولقد حدَّثني الشّيخُ أبو الحَسَن الكفيفُ -وكان رجُلَ صدق- أنه سَمِعَ الورعَ المُجمَعَ على فضلِه

أبا سعيد يخلفتَن بنَ تنفليشت المتراريَّ البوغاغيَّ، رحمه اللهُ، وقد سُئل عنه فقال: ذلك شخص يُصارحُ نفسَه في أن يكونَ مُهلَّبيَّ الملوك. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: والذي أوجَبَ إيحاشَ العادل إيّاه ما حدَّثني به ابنُه أبو محمد وغيرُ واحدِ من شيوخي، قالوا: لمّا توفِّي [أبو يعقوبَ المُستنصرٍ] تَشاوَرَ أهلُ الحَلِّ والعَقْد بمَرّاكُشَ في تعيينِ من يُقلَّدُ الأمرَ بعدَه، [فأشار بعضُهم] بتقديم أبي محمد عبدِ الواحِد أخي المنصور، وكان مذكوراً في [بيتهم بحَزْم وجَوْدة] وصلاح، وأشار بعضُهم بتقديم أبي محمد بن عبد الله العادل ابن المنصُور، وكان يُرمَى بالميل إلى البطالة وإيثار الشّهواتِ والإخلادِ إلى الراحات، [وكان أبو الحَسَن] حاضرًا لتلك الشُّورى، فأنشَدَ متمثِّلَا ومنبِّهًا على التفرِقةِ بينَهما [الطويل]: إذا رَتَّلَ القرآنَ في جُنحِ [ليلةٍ] ... أُبيُّ بنُ كعبٍ لم يُغنِّ مُخارِقُ (¬1) ¬

_ (¬1) ورد البيت في آخر قطعة للقاضي الأديب الشاعر ابن حمادي الصنهاجي معاصر ابن القطان يهنئ باسترجاع بلاد إفريقية والظهور على يحيى بن إسحاق، وهي: فتوح لها في كل يوم تلاحُقُ ... كما استبقت يوم الرهان السوابقُ تجيء وما بين الزمانين مهلةٌ ... كما نسق المعطوفَ بالواو ناسقُ بشائر تعلوها تباشير مثلما ... تبلّج صبح أو تألّق بارقُ وراقت بلادُ الله فهي نضارةٌ ... خمائلُ يندى زهرها وحدائقُ كذا فليكن فتحٌ وإلا فإنما ... جميع فتوح العالمين مغالقُ إذا قرأ القرآن في غسق الدجى ... أبيّ بن كعب لم يغنِّ مخارقُ ويبدو أن البيت للشاعر المذكور، فليس في القطعة ما يشعر بالتضمين، وتمثيل ابن القطان بالبيت مقبول من جهة التاريخ فقد قيلت القطعة قبل المناسبة التي تمثل فيها ابن القطان بالبيت. وأُبي بن كعب: هو الصحابي البدري سيد القراء وأحد كتبة الوحي، أما مخارق: فهو أبو المهنى مخارق بن يحيى، من الغنين المشهورين في العصر العباسي، وفيه أيضًا يقول دعبل لما بويع إبراهيم بن المهدي بالخلافة: إن كان إبراهيم مضطلعًا بها ... فلتصلحن من بعده لمخارقِ انظر الوافي بالوفيات 4/ 157.

ثم اتَّفَقوا على تقديم أبي محمد عبدِ الواحد أخي المنصور عند وفاةِ المستنصِر إمّا منتصفَ ذي الحجّة أو لأربعَ عشْرةَ ليلةً خَلَت منه عامَ عشرينَ وست مئة، فاستمرَّت أيامُه إلى [يوم السّبت المُوفي عشرينَ] من شعبانِ إحدى وعشرينَ فخَلَعوه وأشهدَ على نفسِه بالخَلْع، ثم قَتلوهُ صَبْرًا، [وهو] أوّلُ قَتيل غَدرًا من بني عبد المؤمن، وقدَّموا ابنَ أخيه العادل وهو بمُرسِيَة؛ كتَبوا إليه ببيعتِه، فأقبَلَ إلى مَرّاكُش، وقدَّم أخاه أبا العلاء إدريس الملقَّبَ بعدُ بالمأمون على جميع بلاد الأندَلُس، فأقام العادلُ بمَرّاكُشَ إلى يومِ الأربعاءِ ولستٍّ بقِينَ من شوّالِ أربعةٍ وعشرين، وخَلَعوهُ، ثم بايَعوا أخاه المأمون على ما سألمعُ ببعضِه ملخَّصًا إن شاء اللهُ تعالى. وقد كان أُنهِيَ إلى العادل إنشادُ أبي الحَسَن البيتَ المذكور حينَئذٍ، وعرَفَ مقصِدَه فيه فأسرَّها في نفسِه، وخاف أبو الحَسَن بعدَ ذلك من سُوءِ عاقبتِها، ولمّا قَدِم العادلُ من مُرْسِيَةَ إلى مَرّاكُش كما تقَدَّم همَّ بالقَبْض على أبي الحَسَن والإيقاع به (¬1)، ثم رعَى له قِدَمَ انقطاعِه إلى أبيه وخِدمتِه إيّاه وأخاه الناصِرَ وابنَ أخيه المستنصِر وعمّه بعدَهم، فكَفَّ عنه وصَرَفَه عن التعرُّض إلى القصرِ والدّخولِ فيه إلى مَحاضرِ خواصِّ الطَّلَبة، وكان يُكني عنه متى جَرَى ذكْرُه "المُخارِقَ" إشارةً إلى البيتِ الذي أنشَدَه أبو الحَسَن، فكلّما نُمِيَ ذلك إلى أبي الحَسَن يشتَدُّ قلقُه ويتأكّدُ استيحاشُه، وكان من غريبِ الاتّفاقات أنّ العادلَ لمّا استقَرَّ بمَرّاكُشَ بعدَ قَتْل عمِّه أبي محمد وانتهابِ أكثرِ كُتُبِ الخِزانة (¬2) التي كانت بالقَصْر في جُملة ما ¬

_ (¬1) في ص: "له". (¬2) كان لهذه الخزانة مكانة كبيرة عند خلفاء الموحدين، وكان الإشراف عليها من الخطط الرفيعة عندهم، وقد وليها عدد من الأعلام نذكر منهم أبا العباس أحمد ابن الصقر في عهد يوسف بن عبد المؤمن، وأبا محمد عبد الله العراقي في عهد الرشيد الموحدي، وأبا الحسن ابن شلبون، ويقول ابن عبد الملك في خطبة الخزانة العالية: "وكانت عندهم من الخطط الجليلة التي لا يعين لتوليها إلا علية أهل العلم وأكابرهم". السفر الأول (الترجمة 292) والسفر الخامس (الترجمة 550) واختصار القدح المعلى (46). =

نُهِب من ذخائرِه، خرَجَ من قِبَل [الخليفة العادلِ إلى] أبي الحَسَن عليِّ بن أبي جامع أمرٌ بنظرِ عليٍّ في ترتيبِ ما بَقِيَ [من كُتُبِ الخِزانة] وتمييزِ كاملِها من ناقصِها، وكان مرادُ العادل بعليٍّ وزيرَهُ المذكور، [فأخبَرَ الوزيرُ أبا الحَسَن] ابنَ القَطّان بذلك وأشعَرَه بما فيه من التأنيسِ له والإيذان بالإقبالِ عليه، [فتولّاه] أبو الحَسَن في أيام كثيرة، ثم لما فَرَغَ منه طالَعَ العادلَ الوزيرُ بتمام ذلك [وترتيبِ جميع ما] اشتَمَلتْ عليه، فأمَرَ ثوابًا لمتولِّي ذلك بجُملةٍ وافرة من أمدادِ الزَّرع [وعددٍ كبير] من المال والكساء، وكان الزَّرعُ أحظاها؛ لِما كان عليه الوقتُ من الشِّدةِ والتناهي في غلاءِ الأسعار، وقد كان ذلك توالَى على مَرّاكشَ نحوَ سبعةِ أعوام، [حتى أثَّر] ذلك في كثيرٍ من أهلِها عمومًا، وفي ابن القَطّان خصوصًا؛ لكثرةِ عيالِه، وانقطاع موادِّ الفوائدِ عنه بعُطلتِه عن الأشغالِ التي كان يَنتفعُ بها ومنها. ولمّا صار ذلك كلُّه إلى ابن القَطّان وحازَه، وحَسُنت حالُه به، وسُرَّ بما مُنِحَ منه، رَفَعَ إلى العادل شاكرًا له هذا الإنعامَ الجزيل، فأنكَرَ العادلُ ما صَدَرَ عن ابن القَطّانِ من ذلك ولم يعرِفْ سببَه، فسألَ وزيرَه عنه، فقال: إنه لمّا خرَجَ الأمرُ بنظر عليّ في ترتيبِ الكُتُب لم يُخالِطْه شكٌّ في أنّ المرادَ بعلي: ابنُ القَطّان؛ لأنه كان الناظرَ فيها في المدّةِ المتقدِّمة، ولأنه العارفُ بما يحاولُ مِن ذلك، وللعلم بأنه لا يقومُ أحدٌ في ذلك التصرُّفِ مقامَه، فقال العادلُ: أرَدنا ابنَ أبي العلاء وأراد اللهُ مُخارقًا (¬1). ثم لم يأمَنْ أبو الحَسَن على نفسِه حتى خُلِع العادلُ وقُتل كما تقَدَّم. ¬

_ = ويحسن هنا تصحيح وهم وقع فيه ابن أبي زرع الذي يقول في الأنيس المطرب: "ومنهم الفقيه القاضي أبو عبد الله ابن الصقر ولي القضاء بإشبيلية، ثم نقله أمير المؤمنين يوسف إلى حضرته فولاه الخزائن وبيوت الأموال" ومن الواضح أنه فهم من خبر ولاية ابن الصقر خطبة الخزانة أن المقصود خزانة المال، ومثل هذا الوهم قد يقع للمشارقة، وذلك لأن إطلاق الخزانة في اصطلاح المغاربة ينصرف إلى خزانة الكتب. (¬1) هذا على قياس المثل: أردت عمرًا وأراد الله خارجة.

وفي نحو تمثُّلِه بالبيتِ المذكور في الفَرق بين العادلِ وعمِّه ما صَدَرَ عنه في جانبِ الوزيرِ أبي سعيد بن أبي جامع، فإنّ أبا الحَسَن كان شديدَ الاختصاص بأبي عبدِ الرّحمن محمدِ بن أبي عِمران التينمليِّ، وكان أبو عبد الرّحمن هذا كثيرَ الاعتناءِ به، والتعظيم لجانبِه، والسعي الجميل له أيامَ وزارته حتى انتَهت بسَعْيه خُططَ أبي الحَسَن نحوَ ثلاثَ عشْرةَ خُطّة، كلُّها أو جُلُّها جليلٌ مفيد، وكلُّ واحدةٍ منها إنما كان يُعيَّنُ لها أكثرُ المرتسِمينَ بالعلم قَدرًا وأبعدُهم صِيتًا، ولمّا نكِب ابنُ أبي عِمران المذكورُ وغُرِّب إلى مَيُورقةَ انفردَ بالوِزارة بعدَه أبو سعيد بنُ جامع (¬1)، فاجتازَ به أبو الحَسَن وهو جالسٌ في مجلس الوِزارة فأنشَدَ متمثِّلًا في التباعُدِ بينَه وبينَ ابن أبي عِمران [البسيط]: * كالهرِّ يَحكي انتفاخًا صُورةَ (¬2) الأسدِ * وبَلَغَ ذلك أبا سعيد، فحَقَدَها له، ولم يزَلْ يَحُطُّ من خُططِ أبي الحَسَن ويُصرِّفُ فيها غيرَه حتّى لم يبقَ بيدِه منها شيءٌ إلا القليلَ النَّزْرَ الفائدة [وما لا غَناءَ فيه]. ولمّا أخَذت مملكةُ آلِ عبد المؤمن في الاختلالِ أيامَ [المُستنصِر بسببِ ركونه] إلى الهُوينى، وعكوفِه على راحتِه، وإعراضِه عن التدبير فيما [يعودُ لشؤونِ الدولة] وتفويض النظرِ في الأمور كلِّها إلى وُزرائه وحاشيتِه (¬3) وضاعتِ ¬

_ (¬1) انظر ما عند صاحب المعجب في أبي سعيد بن جامع ص 310 وص 324 وكذلك الأنيس المطرب: 231، 236 ويذكر المراكشي ابن أبي عمران الذي كان قبل ابن جامع ولكنه يجعله أبا عبد الله محمد بن علي بن أبي عمران الضرير جد يوسف بن عبد المؤمن لأمه وقد أطلق لسانه بالثناء عليه، أما ابن عذاري فيسميه أبا يحيى بن أبي الحسن بن أبي عمران (قسم الموحدين ص 233). وقال فيه ابن الخطيب: الشَّيخ أبو يحيى بن أبي عمران وزير الخلافة، وأورد قصيدة للكاتب المشرف محمد بن عبد الرحمن الغرناطي كتب بها إلى الوزير المذكور وهو بحال شكاية أصابته (الإحاطة 3/ 212). (¬2) كذا بالأصل، والمروي: صولة أو سورة. (¬3) أشار ابن أبي زرع إلى "إدمانه على الخلاعة، وركونه إلى الملذات وتفويضه أمور مملكته ومهمات أموره إلى السفلة" (الأنيس المطرب: 243 ط. دار المنصور).

[المصالحُ وتطاولت] أيدي المُعتَدين، وعاثَ أهلُ البَغْي في الأرض، وكَثُر في أقطارِ المغربِ [ونواحي] مَرّاكُشَ قَطْعُ السُّبل والمحارِبونَ الساعونَ في الأرض فسادًا، وكان [أكثرُهم، فيما] يُذكَر، يُساهمُ -فيما يَصيرُ إليه بالتغلّب عليه وانتهابِه من أموالِ المسافرينَ [والتّجّار] المتردِّدينَ- كبيرَ الوُزراء والمرجوعَ إليه من رجالِ الدولة أبا سعيدٍ ابنَ جامع، [حتى، ليُحكى أنّ بعضَ التّجّار سُلِبوا في توجُّهِهم إلى مَرّاكُش فجاءوا إلى أبي سعيدٍ ابن جامعِ متظلِّمين، رافعينَ إليه ما جَرى عليهم، وبينَما هم وقوفٌ على بابِ دارِه، ينتظرون تيسّرَ أسبابِ الوصُولِ إليه وإلى مكالمتِه في رَفْع ما حَلَّ بهم، رأَوْا أحمالَهمُ المنهوبةَ نفسَها وكثيرًا من أمْتِعتِهم على دوابَّ داخلةٍ إلى دارِه، فكَفُّوا عن التعرّض إليه يأسًا من نجاح ما سَعَوْا فيه، وانقَلبوا عنه متأسِّفينَ متحسِّرين، واستمرَّتِ الأمورُ على هذه الحال وبهذه السبيل زمانًا، والمستنصرُ في غَفْلةٍ عن كلِّ ما يَجري، غير سائل عن رعيّتِه التي يُسألُ عنها، وإن سَألَ أجابَه الوزيرُ أبو سعيد بأنّ الجميعَ في سُبوغ نعمةٍ وشمولِ عافية، واتّساع أحوال وبَسْطِ أموال، فيقنَعُ بذلك، ويعودُ إلى انهماكِه في لَذّاتِه. وأهمَلَ معَ ذلك جانبَ الأجنادِ الذين هم آلةُ المَلِك وأعوانُه، فأرجَلَ فرسانَهم، وصُرِفت رَجّالتُهم؛ فتفاقَمَ الأمرُ واستَشْرى شرُّ المُفسِدين وكَثُرَ إضرارُهم وعَمَّ عُدوانُهم. ولمّا تمَادى ظهورُ الفساد واشتَدّت شَوْكةُ أهلِه، أجرى أبو الحَسَن ذكْرَ ذلك بمجلس الوزيرِ أبي سعيد، وأشار إليه بإنفاذِ جيش إلى بعض نواحي مَرّاكُش لرَدع مَن نَجَم به من أهل البَغْي، فأجابَهُ بأنّ ذلك لا يُحتاجُ إليه، وأنه سيَكتُبُ إلى أهل تلك الناحية بالنّفور إلى مَن تعرَّضَ إلى أرضِهم ومُدافعتِهم والقَبْضِ عليهم وقَتْلِهم ونحوِ هذا، فلم يُقنغ ذلك أبا الحَسَن فقال: لعلّ المانعَ من ذلك الاحتياطُ على المالِ الذي يَنُوبُ في تجهيزِ هذا الجيش، فقال له أبو سعيد: إنّ بيتَ مالِ المسلمينَ قد خَلا ونَفِدَ ما كانَ فيه بالإنفاقِ في مصالِحهم، وكان [قولُ أبي سعيدٍ] (¬1) تسلُّقًا ¬

_ (¬1) كل ما بين الحاصرتين محو في الأصل، ولا يختلف لفظ الممحو عما أثبتنا.

إلى صرفِ أبي الحَسَن عن التعرُّض لشيء ممّا [ذَكَرَ، ثم] قال له أبو الحَسَن: فالرأيُ عندي أن يوظَّفَ على بعضِ الأملياءِ (¬1) [قَدْرٌ من المال لإقامةِ] هذه الحركة، فقال له أبو سعيد: هذا لا سبيلَ إليه، ولا [نُوظِّفُ على الناس] ما أعفاهمُ اللهُ من بليّتِه مدّةَ آل عبدِ المؤمن، فيُخيفَهم ذلك ويُوحشَهم، [ولا نَخرُج منه بطائل] فقال له أبو الحَسَن: أنا الضّامنُ استخراجَه منهم متبرِّعينَ به [راضينَ] بإعطائه، طيِّبة به نفوسُهم، فاغتنَمَها منه أبو سعيدٍ؛ ليوقِعَ كراهيَتَه في [قلوب] أهل مَرّاكُش، وأباحَ له ذلك والنظرَ فيه، فنهضَ من عندِه، ولمّا فَصَلَ أَبو [الحَسَن] من مجلسِ أبي سعيد، وصار إلى منزلِه، تصَوَّر في خاطره أنّ أوّلَ مَن يؤخَذُ معَه في ذلك المتصرفونَ بأموالِهم وأعمالِهم في مستغَلّاتِ الأملاك مُساقاة في سوادِها أو مزارعة في بياضِها، وهم في عُرف أهل مَرّاكُش: المُرابِعونَ؛ لأنهم كانوا يعمَلونَ في ذلك على أن يكونَ لهم الرُّبعُ من فوائدِها، أو للمحاوِلينَ شراءَ غللِها من زيتون وعنبٍ وتين ورُمّان وخَضْراوات وغير ذلك ثم يبيعونَها، وهم في عُرف أهلِ مَرّاكُشَ أيضًا: القَشّاشونَ (¬2)؛ وبَعَثَه على التَّبدِية بهم ما تقَرَّرَ عندَه وعندَ غيره من أهل مَرّاكُش من اتّساع أحوالِهم وبنائهم بما صار إليهم في تلك المُدّة من الفوائدِ لتوالي غلاءِ الأسعار، ونَفاقِ سِلعِهم، وارتفاع أثمانِها إلى حدٍّ لم يُعهد مثلُه فيما تقَدَّم. فبَعَثَ في رجُل كان يُذكَرُ أنه مِن أملاهُم وأعظمِهم جِدَةً، وكان اسمُه محمدَ بنَ عليّ ويُلقَّبُ بالذِّيب، وقد أدركتُ ابنيه، وبعضُ عقِبِه الآنَ بمَرّاكُش، وكان أوّلَ أمره حلفاويًّا، فلمّا حضَرَ عندَه أنكَرَ إرسالَه عنه، لمّا لم تَجْرِ بينَهما مخالطةٌ ولا مُلابَسة، على كثرةِ مُداخَلةِ محمد بن عليّ هذا أصنافَ الناس ومُداينتِه إياهم، فتوهَّم أنّ بَعثَه ليتدايَنَ منهُ، أو يُباحثَه في أمرٍ من أمورِ الأملاكِ أو غَلّاتِها، أو نحوِ ذلك ممّا كان بسبيلِه، فقال له أبو الحَسَن مُفاتحاً له: أنت الذِّيب؟ ¬

_ (¬1) جمع مليء، وهو الغني المقتدر. (¬2) قال ابن مرزوق في "المسند" في تعريف القشاشين: "هم المتصرفون في بيع الأملاك وابتياعها والمعرفة بقدر غلاتها" (المسند الصحيح الحسن: 311 - 312).

فاستَوْحشَ من مُلاقاتِه بهذا القول، وكان كيّسًا مِقدامًا وَجّادًا للكلام، فقال له: لستُ الذِّيب، وإنّما أنا أحدُ بني آدَمَ، واسمي: محمدُ بن عليّ، فقال له: إنّما تُشهرُ بالذِّيب وبذلك تُعرَف، فقال له: ذلك لقب أجْراهُ عليّ بعضُ سُفهاءِ الناس وأراذِلِهم، ولا أرضَى لكَ ما رَضُوهُ لأنفُسِهم، فمنصِبُك أعلى من هذا، فقال له: دعَ الكلامَ في هذا وخُذْ فيما له بَعَثتُ فيك، فقال له: قُلْ أسمَعْ، فقال له أبو الحَسَن: بَلَغَني أنّ عندَك اثنَيْ عشَرَ ألفَ قِنطار من الزَّيت في جملة [رِبَاع وضِياع وأموال] فقال له: نعَم، شكرًا لله، فقال له: وما تصنَعُ بها؟ فقال: ما يصنَعُ الناسُ [بأملاكِهم وأموالِهم] فقال له: أعطِها لبيتِ (¬1) مالِ المسلمين، فإنه أحقُّ بها منك، فقال: ليس [لبيتِ مالِ المسلمينَ فيها] حقّ، فإنّي قد أدَّيتُ زكاتَها، فقال له: والقليلُ من ذلك يُقنِعُك [ويكفيكَ منه] دنانيرُ تُديرُها في الحلفاويِّينَ كما كنتَ، فقال له: إنّما أرجو من فضلِ الله [المزيدَ على ما عندي] من نعمتِه، فقال له: إن لمِ تفعَلْ ما ذكَرتُ لك طوعًا وإلّا فعلتَهُ كَرهًا، فقال: [لا أُخرجُ من] مالي مقدارَ خردلةٍ بغير حقّ أبدًا، إلّا أن أُريقَ دمي عليه، ومن قُتِل دونَ مالِه [فهو شهيد] وتراجَعا الكلامَ في ذلك طويلًا، وأبو الحَسَن قد تمكَّن منه الغَيْظ، واستَولى عليه الغضَب؛ لإخفاقِ سَعيه في المحاولةِ التي لم تنجَحْ، ثم صَرَفَه، وشاع بين أهل مَرّاكُشَ هذا المجلس، وتحدَّثوا بما جَرى فيه، ومَقَتوا أبا الحَسَن بسببِه، وحصَلَ أبو سعيدٍ على مُرادِه في أبي الحَسَن. ثم تبغَّض أبو الحَسَن عَقِبَ ذلك إلى وجوهِ دولة المستنصر ووُزرائه وحُجّابِه والمتصرّفينَ في مشاطرةِ العمّال (¬2)، فإنه أحدَثَ بها وَحشةً بين المستنصِر ورجالِ دولتِه، حتّى همَّ بالقَبْض عليهم واحدًا بعدَ واحد واستصفاءِ أموالهِم، ¬

_ (¬1) في ص: "بيت". (¬2) تقدم أن لإبن القطان مقالة في مشاطرة العمال، ويفهم من السياق أن وظيفة المتصرفين فيها أحدثت باقتراح من ابن القطان وبناء على مقالته، ومشاطرة العمال من باب محاسبة العمال التي لها أصل معروف في السنّة.

ولمّا [تحسَّسوا] ذلك واستَشْعَروه، سَعَوْا في تخلُّصِهم منه بقتلِه، فدَسُّوا عليه من سمَّه فمات، وقد تقَدَّم الإيماءُ بذلك في رَسْم أبي إسحاقَ بن الحجر (¬1). قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: جَرى قبلَ هذا استباحةُ أبي الحَسَن سكْنى دار العُثمانيّ، بعدَ سعيِه في قتلِه وقتل ابنِه، فرأيتُ إيرادَ قصّتِها؛ لئلا يتشوَّفَ إليها مُتشوِّفٌ، ولأنّها من أغربِ ما جَرى في ذلك الوقت، وقد وَقَفْتُ عليها في خطِّ أبي الحَسَن نفسِه: قال أبو الحَسَن: كان بمَرّاكُشَ طالبٌ يذكرُ أنه عثمانيُّ النَّسَب من ذُرِّية عثمانَ ابن عَفّانَ رضيَ اللهُ عنه (¬2)، وكان موثقًا شاهدًا بحَوْمةِ أجاديرَ (¬3) من مَرّاكُش، وكان له ابنٌ صغيرٌ يُذكَرُ بنُبل وذكاءٍ وتصرُّف في علوم على صِغَرِ سِنِّه، ثم ذُكِرَت عنه أشياءُ شنيعة، منها: أنّ بعضَ الطلبةِ أخبَرني أنه بَلَغَه أن قائلًا قال في النبيِّ محمد - صلى الله عليه وسلم -: لا نبيَّ بعدَ محمد، هو خاتمُ النبيين، فقال: ليس هو خاتمَ النبيئين، هذه كلمةٌ قد قالها موسى وعيسى، فبَعثْتُ عن أبيه، فلمّا حضَرَ عندي سألتُه عما نُسِب إليه من الأقوال، وقلتُ له: بَلَغَني أنه قال في نبيِّنا محمد - صلى الله عليه وسلم -: هو خاتمُ النبيئينِ، هذه كلمةٌ قد قالها موسى وعيسى؛ [فأنكَرَ أنّ ذلك] كان، وحَلَف من الأيمان ما أوجَبَت في الحالِ تصديقَه، والحملَ على الطالبِ الحاكي عنهُ، ثم قلتُ له: فهاتِ الآنَ حديثَ ابنِك، ¬

_ (¬1) السفر الذي يحيل عليه المؤلف مفقود، وستأتي الإشارة إلى ترجمة هذا الطبيب الذي يبدو أنه كان له دور في سم الخليفة المذكور، ولم ترد هذه الرواية في مصدر آخر، والرواية المتداولة بين المؤرخين أنه نطحته بقرة فمات. (¬2) لم يسم المؤلف هذا العثماني وفي اختصار القدح (196 - 197) ترجمة لمن اسمه أبو القاسم عبد الرحمن العثماني، وقد جاء فيها: "وكان يذكر أنه من ذرية عثمان بن عفان" وقد لقيه ابن سعيد بسبتة وقال: إن أصله من طلياطة عمل إشبيلية وفارقه سنة 627 هـ، وذكر أنه كان معروفاً بالرفاهية وكانت له عوائد الخواص، ولكننا لا نعرف هل بقي في سبتة أم انتقل إلى مراكش، وثمة بعض المشابه بين تصرفات هذا الرجل والمذكور هنا. وبالجدير بالذكر أن المصادر الأخبارية التي وصلت إلينا لم تشر بشيء إلى هذه الحادثة. (¬3) فوقها كلمة صح في الأصل، وحومة أجادير كانت في عدد من مدن المغرب كتلمسان وفاس.

فقال: إنَّ ابني عبد الله لم أزل حريصاً على تأديبه وتعليمِه، فوفّقهُ اللهُ، فحصل في أيسر مُدةٍ وعلى صغر سنه ما يُسْتَعظم لذوي الأسنان العالية. ثم ذكرَ ما قرأ من القُرآن والعربيّة والعَدَد والآداب والتعديل، فأنكرتُ في نفسي أكثرَ حديثه عنه، بالقياس إلى ما كنتُ أشاهد من صغر سن الابن المذكور، في حال خطوري عليه، ولقائي له في الطرق. قال: ثم إنّ الله ابتلاهُ ببليةٍ ورزأني فيه برزيةٍ علمتُ أنها عينٌ أصابت، وقَدَرٌ نفذَ، فصارَ يرى مرائي يُكلم فيها بقرائن ويُنذر بإنذارات ويؤمر بأوامر ويكون ذلك بواسطة ملائكة تارة، وبواسطة أنبياء تارة، وربما اجتمع له الصنْفان، وَيتْلُونَ معه القُرآنَ، ويُخْبرونَهُ بما يكون، ويحدِّثونَهُ بما يتفق له ويشكل عليه الشيء مما قالوا له إذا اسيتقظ، فيأتونه بعد ذلك، فيسألهم عنه فيفسرونه. وذكرَ أنه رأى من الملائكة جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل وملكًا يُلازمه وهو أول من رأى وأول ما ابتدئ به اسمه شلانون، وهو الذي لا يكاد يغيب عنه ولا يغبه، وهو الذي يأخذه متى جاءه من شدة اتصال ما بينهما، وكثافته حاجب واحد، وأحياناً كأنه طائر أخضر على قدر جَمَل، وأخذ في أشياء مثل هذا مما لا يسعه خاطر. فقلت له: أنبئني عن أول ما اعتراه هذا. قال: نعم، كنتُ عام أول في هذه الأيام أيام عيد الأضحى مصبحًا يومًا، إذ قال لي: يا أبت، رأيتُ البارحة في النوم شيخا أتاني فقال لي: أقرئ أباك السلام من الحُسين وإبراهيم. قال: فقلت له: يا بني، وما هذا؟ ومَن الحُسين وإبراهيم؟ قال: لا أدري، قال: ثم أتاه ليلة أخرى، فقال له: بلّغتَ أباك؟ فقال: نعم، ولكن مَن الحُسين وإبراهيم؟ قال: سَيُفَسَّر لكم هذا. قال: فبعد أيام ابتليتُ بالمطالبة التي طالبني بها الزيادي، حين زعمَ أني سببتُ الحُسَين عليه السلام (¬1)، واضمحلت عني تلك المطالبة بعد ما رأيتُ فيها من المشقة، ثم بعد أيام جرت لي مطالبة أخرى طالبني بها إبراهيم الكُتُبي سجِنتُ عندها، ولم يصح ما نُسب إليَّ أيضًا من سب من زعم أني سببته من العُلماء. ¬

_ (¬1) في هذا ما يدل على نزعة مروانية واضحة، وسيأتي ما يزيدها وضوحاً.

قال: وجاءه هذا الملك الذي هو شلانون، فقال له: لمَ ترَكَ أبوك وِردَه من اللّيل في البيتِ الذي كان اتّخذَه في دارِه مسجدًا؟ قال: وقد كان لي وِردٌ من اللّيل في بيتٍ من داري شغَلَتْني عنه شواغلُ الدُّنيا، وصار سهري باللّيل إنّما هو على وثيقةٍ أُبيِّضُها أو فريضةٍ [أقيِّدُها، وحينَ] قال لي ذلك، بادرتُ إلى البيت، فبنيتُهُ بِنيةً جديدة [وجدَّدتُ فراشَه، وبَلَغت] نفَقتي فيه مئتي دينار، ووجدتُها بعدَ شهرٍ قد انخَلَفَت على الأعشَرين، ورجعتُ إلى صلاتي فيه كما كنتُ (¬1)، قال: وبقيَ لي البيتُ في الدار [وفي جُدرانِها] خَلَق كأنه رُقعةٌ من غيرِ الثَّوب، فأحوَجَني ذلك إلى نفقةٍ في سائرِ [الدار]. قال: وقال لي مرةً أخرى: قُلْ لأبيك يُجرِّدِ الجُبّةَ التي عليه التي أخَذَ من فلانٍ في [كِرائه] وقد كنتُ أخذتُها ممّن يَسكُنُ لي موضعًا، وربّما لم يكنْ عندَه ما يؤدِّي فأعطاني جُبّتَه، قال: فصُرِفتِ الجُبّةُ على رَبِّها. قال: واستمرَّت عليه هذه المَرائي وصار يُخبَرُ بما يكونُ، حتى لَغابوا عنه مُدّة، ثم جاءوه أو من جاءه منهم فقال: أبطأتم عنّي، قال: شُغلٌ عَرَضَ في شرق الأندَلُس شغلنا، قال: فجاء بعدَ أيام حديثُ حِصن شلفيره وأخْذِ المسلمينَ إيّاه من أيدي النّصارى (¬2). ¬

_ (¬1) في ص: "كانت". (¬2) شلفيره كما ورد هنا أو شنفيره كما في الروض المعطار أو شرفيره كما في التكملة والذيل والتكملة: حصن على أربع مراحل من مرسية. قال ابن الأبار وابن عبد الملك: "وفيها (أي في سنة 613 هـ) استرجع المسلمون شرفيره من ثغور مرسية من أيدي النصارى" وقد خصه الحميري بمادة مطولة روى فيها قصة استرجاع هذا الحصن سنة 614 هـ بحيلة دبرها محمد بن هود الذي كان يومئذ في جند الموحدين واشتهر بسبب ذلك عند أهل شرق الأندلس فصاروا يقولون: هو الذي استرجع شنفيره؛ وقد ترددت إثر استرجاع هذا الحصن مخاطبات وسفارات إلى مراكش، وكان مما قاله الوزير ابن جامع لسفير قشتالة اليهودي ابن الفخار: أخذناه في الصلح كما أخذ منا في الصلح. (انظر الروض المعطار: 348) تحقيق د. إحسان عباس، والتكملة (3021) والذيل، وثمة إشارات إلى سفارات الطبيب اليهودي أبي إسحاق إبراهيم بن الفخار في البيان المغرب 3/ 244 والمغرب 2/ 23 والعبر 6/ 524.

قال: وأخبَرني مرّةً بخبرٍ جاء تأويلُه في رُفقةٍ أتَى عليها في الطّريق دخَلَ مَن كان فيها من التجارِ مجرَّدين. قال: وقد نَهى أن يَستجيبَ لمن يدعوهُ باسمِه أو بكُنْيتِه إلا أيوبَ، قال: وقد سألَهم عن معنى ذلك فأخبَروه أنه إشعارٌ بمِحَن خفيفةٍ تصيبُه. قال: وقد حدَّثوهُ بما يَؤُولُ إليه أمرُه، وما يَبلُغُه مُلكُه، ومن يقومُ بسُلطانِه، وعُيِّن له زمنُ ابتدائه، وزمنُ استيساقِه أمرَه ومقدارُ عُمُرِه، وهو أحدٌ وثمانونَ عامًا، وأشباهُ هذا من الأحاديثِ عنهُ ممّا سيأتي ذكْره بعدُ. فحينَ سمِعتُ هذا منهُ قلتُ له: قد عادَتْ لائمتي عليك، ولا ينفَعُك عندي تبرِّيكَ ونسبةُ ذلك إليه، فإنّي أرى أمرًا لا يَليقُ بمَن سِنّه سنّ ابنِك، وما هذا بشيءٍ غبتَ عنهُ، فجَعَلَ يحلِفُ ويؤكِّدُ ما ذهبَ إليه من التبرِّي، فقلت له: ما يُبرِّيك من هذا إلّا أن تجيئَني بالطّفل حتى أرى ما يحدِّثُ به، وكيف يتحدَّثُ به، فقال: أجيئُك به اليومَ بعدَ صلاةِ العصر. ثم عدتُ إليه بنوع آخَرَ من اللَّوم، فقلتُ له: وأيضًا، فأين أنت من تأديبِه لأوّل مسموع من هذا المنكَرات؟ فقال: قد ضربتُه مئة وخمسينَ سَوْطًا، وهممتُ بضَربه مرّةً أخرى ففرَّ منِّي، ورمَى بنفسِه في البئر، وبعدَ لأي أخرَجْناهُ، فقلتُ له: واللومُ أيضًا لاحق في ذلك بما أرى مِن تحدُّثِك عنه وإذاعتِكً لأخبارِه، فقال: وهذا أيضَا شيء ما أذنبتُ (¬1) فيه، وإنّما غُلِبتُ عليه بصورة اتَّفقَتْ لي معَه هي التي شهرت أمرَه، وذلك أنه يَبيتُ عندَ أُمِّه، وهي ساكنةٌ -لمشاجَرةٍ بينَنا-[بيتًا] في دار رجُل أمين يَسكُنُ فيها جَماعةٌ من الناس، قال: فلم يَرُعْني إلا [أحدُهمِ جاءني وقال: قد] مات ابنُك، فبادَرتُ فوجدتُ أُمَّه تَنُوحُ عليه والناسُ مجتمعون يتحدَّثونَ حديثَه، فدخلتُ إليه فوجدتُه ميِّتًا؛ فسَعَطتُه بفُلفُل مدقوق فلم يَعطُس، فوضَغتُ [] صُوفَا عند أنفِه فبدَا لنا تحرُّكُ بعض شَعَراتٍ منه، فعلمتُ أنه حيّ، فرفعتُه على ظهرِ خادم إلى منزلي، وتَبِعني من الناس خَلْق، فدَخَلوا معي، ووُضِعَ بين يدَيّ، وصِرتُ أبكي عليه لفَجَعتي به، والناسُ يُصبِّرونَني، فمِن قائل يقول: ¬

_ (¬1) في ص: "ما أذنت".

رُزئتَ، ومن قائل يقول: لقد كان نبيلًا، ومن قائل يقول: العينُ أصابَتْه، فنحن على ذلك إذ قال بعضُ الحاضرين: أرى على يده حَرارة، فجَسَسْناهُ فصدَّقْنا ذلك، ثم مَدَّ يدًا أخرى، ثم رجلَه ثم الرّجلَ الأخرى، ثم فتَحَ عينَيْه، فنادى باسم أمِّه، فقلتُ له: يا بُنيّ، أنت في داري، فقال: ومتى جيء بي إلى هنا؟ ألم أكنْ عندَ أُمِّي، فقلت: أنا جئتُ بك، فقال لي: أيُّ وقتٍ هو، قلت: طَلعتِ الشمس، قال: سبحانَ الله! فاتَتْني صلاةُ الصُّبح، فقام فتوضَّاَ وصَلّى، فمزَجْتُ له شرابَ مُضطَكا قصدتُ به تقويةَ قلبه فقال لي: قد كنتُ بَيَّتُّ الصَّوم، ويسَّرتُ سُحوري، ففاتَني ذلك، ولا يفوتُني الصَّومُ فأنا صائم، فقلت له: يا بُنيّ، وما الذي اعتَراك؟ وأيُّ شيءٍ دهاك؟ قال: بينا أنا نائم إذْ عَرَضَ لي شيخ فقال: قُم، قلت: من أنت؟ قال: أنا أبوك إبراهيم، فقمتُ معَه فأخَذني فمشَى بي فهوِيتُ في بعض الطريق في حُفرة، فقلت: ما هذه الحفرة؟ قال: هذه الحفرةُ التي أُوقِدَت لي فيها النار، ورُميتُ فيها، ثم سِرنا في أرض سهلةٍ تغرَقُ فيها الأقدام، فانتَهيْنا إلى شخصٍ فأسلَمَني إليه، فسار بي، ثم انتَهى إلى آخَرَ فأسلَمَني إليه، ثم إلى آخَرَ فأسلَمَني إليه، وذَكَرَ أن هؤلاء: جبريلُ وميكائيلُ وإسرافيلُ وهو آخرُهم، قال: فمشَى بي حتى أسلَمَني، فرأيتُ نورًا قد قَرُبتُ منه بمقدارِ أربعةِ أشبار فرُعِبتُ، فالتفتُّ إلى إسرافيلَ لأستأنسَ به فلم أجِده، ورأيتُ في التفاتي النورَ قد أحاط بي من كلِّ جانب، وبيني وبينَه ذلك المقدارُ، فسَمِعتُ صوتًا هالَني فسقَطتُ مَغْشيًّا عليّ. قال: فخَرَجَ كلُّ مَن سمِع مقالَتَه، فأخَذَ كلُّ واحدٍ منهم يتحدَّث فيَزيدُ ويَنقُص، فوجدتُ الخبرَ ذائعًا، قائلٌ يقول: تنبَّأ، وقائل يقول: أُسْرِيَ به، وزائدٌ يَزيدُ وناقصٌ يَنقُص، فجعَلْتُ أردُّ الباطلَ، وأخطئُ الخطأ، فهذا الذي أشاعَ عنهُ الحديث، وإلّا فما كنتُ بالذي يتحدَّثُ عنه بشيء. ولمّا وجَّهتُ عليه اللّومَ في تَرْكِ تأديبِه تنصَّلَ عن ذلك [وتبرأ منه، ثم] قال لي أيضًا: لقد بَلغتُ من ذلك إلى أنْ خرجتُ به يومَ هذا (¬1) فقصَدتُ إرهابَه وإزالةَ ما في نفسِه، فأخذتُه فرفعتُه ¬

_ (¬1) محو تام في الأصل، ويبدو أن الإشارة إلى عرض للجيش.

على حائطٍ [ليَفْزَعَ منه] فلمّا أنزلتُه قلتُ له: يا بنيّ، أرأيتَ ما أعطى اللهُ تعالى أهل هذا الأمر من العزِّ والمَهابةِ والأُبّهة! فضَحِكَ وقال: الجَزّارُ لا تَهُولُه كثرةُ الغَنَم (¬1). ثم حدَّثْتُ بهذا [ولدَه] في المجلس الذي أحضَرَه فيه، فقلتُ له: أهكذا كان؟ فأطرَقَ ثم رفَعَ رأسَه فقال لي: أفيكذِبُ؟ ولمّا سمعتُ منه هذا قلتُ له: انصَرِفْ وجِئْ به للموعِد، وفي خلال هذا جاء طلبةٌ فسَمِعوا بعضَ حديثِه، ورغِبوا في الحضور عشيّةَ سَماع الطفل فخَرَجوا، ولمّا صلَّيتُ صلاةَ العصرِ جاء به كما وَعَدَ، ولم يستقرَّ به المجلسُ إلا وجماعةٌ قد استَوْفَتْ لم أرَهُ يتحفَّظُ من أحدِ منهم، فأخذتُ في مُساءلتِه، فجَعَلَ الصبيُّ يحدِّثُ حديثَا لا يتلعثَمُ فيه ولا يتوقَّف، ولا يخجَلُ ولا يَهابُ، ولا يُبالي وإنكارِ مُنكَر، ولا يأنسُ بموافقة، فعجِبتُ من حالِه، فأحوَجَني ذلك إلى السؤال عن سِنِّه، فأخبَرَ أنها ثِنتا عشْرةَ سنةً، فجَعلْتُ أسألُه عمّا أسمَعني أبوه إيّاه في المجلس المفروغ منه، فجَعَلَ يحدِّثُ به كذلك وما تَركَ أذْكَرَهُ به أبوه، وربّما أخَذَه عنه فكمَّلَه، وربما سُئل عن حديثٍ فأخَذَه عنه الأبُ وحدَّث به عنه، فيُصدِّقُه الابنُ. وزاد في مسألةِ الصَّوت أنه سأل عن تفسيرِه إسرافيلَ في ليلةِ أخرى، فقيل له: معناه: لا تخافا إنّني معَكما أسمَعُ وأرى، يعني: أنت وأبيك. ولمّا انتهى ذلك إلى هذه الغاية قلتُ له: يا بنيّ، أما تعلمُ أنّ هذا كلام لا يُسمَحُ فيه، ولا يَعيشُ قائلُه بشَرع؟ فقال لي: قد سألتُ عن ذلك، فقيل لي: لا خوفَ عليك، وقد أُمِرتُ بالجَهْر وإنذارِ الناس وتعريفِهم. فقلتُ له: يا بُنيّ، ومن أمَرَك؟ قال: ربِّي. قلت: يا بُنيّ، كيف رأيتَ من رأيتَ منَ الأنبياءِ والملائكة بزَعمِك؟ قال: رأيتُهم شيوخًا إلا محمدًا، فإنه كَهْل. قلتُ: وما الكَهْل؟ -أو قال ذلك أحدُ الحاضرين- قال: مَن (¬2) وخَطَه الشَّيب. ¬

_ (¬1) هذا مثل. (¬2) في ص: "قد".

قلتُ له: يا بُنيّ، المنامُ يَصدُقُ ويكذِب، ولا تَنبني عليه الأحكام، ويكونُ له التأويل، ويَبعُدُ فيه التفسير. فقال: قد تيقَّنتُ ما قيل لي وما أُلقِيَ إليّ. قلت [يا بُنيّ، ذلك من همَزات] (¬1) الشياطين والخيالاتِ الفاسدة من المَرَض الذي أصابَك. قال: [ما هم شياطين، فإن] الشيطانَ لا يَتْلو القرآنَ ولا يتمثَّلُ بصُورة النبيّ عليه [السلام]. قلتُ له: إذا رأيتَ ذلك، أتحسُّ بألمٍ أو تنتشرُ على بدَنِك حرارة؟ [قال: لا]. قلتُ: وهل ترى شيئًا في اليقَظة؟ قال: قد رأيتُ شلانونَ في اليقَظة [مرّةً واحدة] (¬2). قلتُ: فحدّثْ عما قالوا لك في تأمينِك. قال: قد قلتُ لهم: أخافُ أن أُقتَل، فأمَّنوني وأمَروني أن أُنذِرَ الناسَ غيرَ خائف. قلتُ له: وذكَرَ أبوكَ أنّك قد دخلتَ الجنّة؟ [قال: نعم، دخلتُها] فرأيتُها على مئتينِ وعشرينَ درجة، فرأيتُ فيها أبا محمد بن حَزْم (¬3) على مئة درجة وسبغ درَج. وذكَرَ أنه رأى آخَرينَ لا أعيِّنُهم الآنَ. ¬

_ (¬1) ما بين الحاصرتين ممحو في الأصل، ولعله كما أثبتنا. (¬2) ما بين الحاصرتين يقتضيه السياق. (¬3) قد يكون في هذا دلالة على مذهبية هذه الأسرة العثمانية، وقد استغل بعض الخارجين عن الجماعة اسم ابن حزم، ومن أمثلة ذلك محمد الأندلسي صاحب الطائفة الأندلسية التي ظهرت بمراكش في عهد السعديين، وتجدر الإشارة إلى ما أثارته مؤلفات ابن حزم من جدل في عصر الموحدين. انظر مقالة للأستاذ محمد إبراهيم الكتاني بعنوان: مؤلفات ابن حزم ورسائله بين أنصاره وخصومه في مجلة الثقافة المغربية. ع. 1.

قال: ورأيتُ القاضيَ أبا عِمران بن عِمران (¬1) على إحدى عشْرةَ درجة، وأشيرَ في إلى درجة، قيل: هناك كان قبلَ أن يليَ القضاء، فلمّا وَلي القضاءَ هبَطَ، فعددتُ ما بينه وبينَ تلك الدّرجة فوجَدتُ ثِنتَيْ عشْرةَ درجة، فعَلِمتُ أنه كان على ثلاثٍ وعشرينَ درجة. فقال له بعضُ الحاضِرين: وكيف رأيتَ دَرَج الجنّة؟ أكأنّها هذه الأدراج؟ فضَحِك مُنكِرًا عليه، وقال: لا، بل هكذا: باب وفوقَه باب وفوقَه باب، هكذا أبوابٌ صاعدة بعضُها فوقَ بعض. [وذَكَر] (¬2) أنه رأى على بابِ الجنّة طائرًا صغيرًا فقيل له: هذا الصبيُّ الذي قتَلَه النَّصرانيُّ في المقبُرة (¬3)، وأنه أعطيّ في الجنّة [ثلاثَ] (¬4) زجاجاتٍ شرِبَ واحدة (¬5) كلَّها، ومن الأخرى نصفَها، ومن الأخرى ترَكَ منها يسيراً، ولم يَدرِ ما كان الشرابُ الذي فيها كلِّها. وأنه قيل له: تأهَّبْ لانقضاءِ ثلاثةٍ وثلاثينَ يومًا، قال: فكمُلَ لهُ يومَ العيد سبعة وعشرونَ يومًا وبقِيَ ينتظرُ ما يكونُ إلى تمامِها. قال: ودخلتُ النارَ، فرأيتُ فيها أشياء، من ذلك: تابوتٌ من نار، فقلتُ للمَلَك الذي معي: ما هذا؟ قال: يا عافِ، فجاء شخص عظيمٌ في يدِه مِفتاحٌ ¬

_ (¬1) هو أبو عمران موسى بن عيسى بن عمران، كان هو وأبوه من قضاة الموحدين انظر البيان (125) والمعجب (245، 246، 313، 325) والأنيس المطرب (268) والمن بالإمامة (141، 472، 495، 504، 513، 523)، وستأتي ترجمة المذكور هنا وتراجم أبيه وإخوته في هذا السفر. انظر الأرقام 5، 44، 176. (¬2) زيادة يقتضيها السياق. (¬3) الإشارة إلى حادثة كانت معروفة، ومن المعلوم أن فرقة من النصارى كانت في جيش الموحدين بمراكش. (¬4) زيادة يقتضيها السياق. (¬5) في ص: "الواحدة".

من نار كأنه جمرة، ففُتِحَ، فرأيتُ في التابوتِ شخصًا أبيضَ الجسم أسودَ الوجه في ساقَيْه كُبولٌ من نار. قلتُ: من هذا؟ قال لي: هذا من كانت تُضرَبُ على رأسِه الطبول وتُنشَرُ [له] الألوِيةُ في الدُّنيا، وسيُفسَّرُ لك بعدُ. قلتُ له: فما الذي وُعدتَ به؟ قال: أخبَروني أنّي سأملِكُ الدنيا كلَّها. وكان قد ذكَرَ في كلامِه أنه كثيرًا ما يرى في الذين يُكلِّمونَه سُليمانَ وذا القَرنَيْن، فقلتُ له: وما المعنى في ذلك؟ قال: أني أملِكُ مثلَ مُلك ذي القرنَيْن ويُسخَّرُ لي ما سُخّر لسُليمان، وذَكَرَ أنّ سُليمانَ ألبَسَه خُفَّيْن، [وأنّ ذا القرنَيْنِ فعَل] فعلًا لا أعيِّنُه الآن. قلتُ له: ومتى قيل لك يكون هذا [المُلك؟ قال: يكونُ] ابتداؤه سنةَ ثلاثينَ وست مئة. قال: وكمالُه واستيساقُه سنةَ [ثلاثٍ وثلاثينَ] (¬1). قال: وعُمري إحدى وثمانونَ سنة. قال: وإذا استَوْسَقَ ليَ المُلكُ بالمغرب تَركْتُ فيه رجلًا يقال له: محمدُ بن أحمد. قال: وحينَ ذلك أمشي إلى المشرِق فَأجِدُ المَروانيَّ، وهو محمدُ بنُ عبد الله، [فأُبايعُه] عند الرُّكنِ والمقام، ويفتَحُ البلاد، ويستولي على العراق، وهُو الذي يَتِمُّ [به] أربعونَ خليفةً (¬2). ¬

_ (¬1) محو في الأصل. (¬2) يستفاد من هذه الفقرة أن هذا العثماني كان مأخوذًا بالدعوة المروانية وما تألف حولها من نظرية موازية لنظرية الشيعة في الإمامة والإمام المنتظر، ويبدو أن أصحاب التشيع المرواني أو العثماني كانوا يتوارثون هم أيضَا ما يشبه الجفر يتضمن أخبار الملاحم الآتية والحوادث المقبلة ورجوع الدولة الأموية وظهور السفياني وغير ذلك مما وقف عليه المسعودي في كتاب البراهين في إمامة الأمويين، وما قد يكون أضيف إليه فيما بعد. انظر التنبيه والإشراف للمسعودي (291 - 292). أما عدد الأربعين خليفة فلا نعرف أساسه ولكنه يمكن أن يتألف من عدد الخلفاء الراشدين والأمويين بالمشرق والمروانيين بالأندلس (مع مراعاة العد فيمن تكررت دولتهم) ثم من صاحبنا وخلفه محمد بن أحمد وأخيراً محمد بن عبد الله.

وأنه قيل له: إنه تَتِمُّ عليه قبلَ استيساقِ أمرِه ثلاثٌ وأربعونَ هزيمة. وأنّ من جُملةِ ما أوصَوْهُ به أن يكونَ قتالُه كلُّه بالكمائن، حتّى لو لم يكنْ معَهُ إلا عشَرةٌ من الفُرسان يصف بعضهم ويَكمُنُ بعضهم. وأخبَرَ أيضاً عن مقتلِ أبيه في بعض المواطِن قبلَ استيساق أمرِه. وأخبَرَ عن الطائفةِ المنصُورة المؤيَّدة بأنهم يتعلقُ من يَبقَى منهم بجِهاتٍ من بلاد النَّصارى (¬1) بالأندَلُس. قال بعضُ الحاضرين: ومن أنصارُك؟ قال: قد سألتُ عن هذا فقلتُ حين وُعِدتُ بهذا: وكيف يكونُ ذلك ومَن لي به ولا مالَ لي ولا عزَّ، ولا قَبِيل؟ فقيل: إذا كان ذلك الوقتُ أُعطِيتَ آيتَيْنِ، إحداهُما: أنك ترجِعُ تَطيرُ بالنهارِ كما تطيرُ باللّيل الآنَ، والأخرى: قضيبانِ أحدُهما أسودُ والآخَرُ أبيض، أضرِبُ بالأبيضِ على الأسود فيعودُ اللّيلُ نهارًا والقمرُ شمسًا، وأضرِبُ بالأسودِ على الأبيض فيعودُ النهارُ ليلًا والشمسُ قمرًا. قالماله بعضُ الحاضرين: ومن الذين يقومونَ بدعوتِك؟ فانتَدبَ الأبُ يعُدُّ القبائلَ حاكيًا عنه، فعَدَّ إحدى عشْرةَ قبيلةً أكثرُها صَحراويّ، وكان الأبُ في أكثرِ هذا إمّا مشاركٌ له في الحكاية وإمّا مُذكِّرٌ بما يَترُكُ، فلم يَعدم منّي ولا من الحاضرينَ إنكارًا عليه وتعريفًا له بأنّ هذا مما يدُلُّ على أنّ أكثرَ هذا منك وإلّا فاترُكْه، فيَترُكُه قليلًا وتغلِبُه نفسُه فيعود. وجَرى من الأحاديثِ غيرُ هذا ممّا لا أذكُرُه الآنَ، وقد تعلَّقَ الحاضرونَ بأكثرِها فهي مبثوثة. ¬

_ (¬1) لعل في هذا إشارة إلى ما وقع للبياسي وأخيه أبي زيد اللذين انحازا إلى النصارى عندما ضعف أمر الموحدين في الأندلس. انظر البيان المغرب والأنيس المطرب والروض المعطار والذخيرة السنية وغيرها.

وحين انتهى إلى هذه الغاية قلتُ له: يا بُنيّ، اعلَم الآنَ أنّ هذا أمر لا يحلُّ السكوتُ عليه، ولا بدَّ من إنهائه، وأنا الآنّ قد خَطَرَ لي أن أحبِسَكما الليلةَ ها هنا حتى أبْرَأَ بكما إلى أهلِ الأمر، فقال: اصنَع ما بَدَا لك. فقال أحدُ الحاضِرين: إذًا والله يا بُنيَّ يقتلونَك. قال: يصنَعونَ أشدَّ [ما يقدِرونَ عليه]. قلت له: يا بُنيّ، والله لتُقتَلنَّ معجَّلًا أو مؤجَّلًا. قال: واللهُ يقولُ الحقّ، فإنّ الله لا يُخلِفُ وعدَه. قلت له: الشيطانُ وعَدَك ومَنّاك وغَرَّك. قال: لا، بل [هو وعدُ الله] تعالى. قلت: فإن قُتِلت؟ قال: إذا قُتِلتُ أُقتَلُ مظلومًا وأمضي إلى الجنّة. قلتُ له: [ها قد بَدَأَ] تناقُضُك، ها أنت ذا قد جوَّزتَ القتلَ وقد كنت تُمنَعُه. قال: هذا على [فَرَضِك وتقد] يرِك. قلت لهُ: اسمَع الآن، أنا إذا ذهبتُ بكَ غدًا لا تُسِئْ معيَ [الأدب، فإنه] يلزَمُني لحقِّ الخِدمة أن أحمِلَك على تقبيلِ رؤوسِهم أو ما كان منهم حين السلام عليهم. فقال: ما أفعَل. فقال له بعضُ الحاضِرين: كيف لا تفعَلُ؟ ألا تقبِّلُ أيدي أهل الأمر؟ فرفَعَ إليه يدَيْه مُنكِرًا عليه. وقال: كيف أقبِّلُ أيدي قوم اليومَ وأنا أثورُ عليهم غدًا؟ وأخَذَه الحاضِرونَ بعدَ الانتهاءِ إلى هذا المقام بأنواع من الأخْذ، منه شيءٌ عليه، وشيء على أبيه، فذَكَّرَه أبوه بما أعطَوْه، فقال: نعم، أعطَوْني شيئًا آمَنُ به وأخرَجَ من جيبِه صُرَرًا فيها أشياءُ سخيفةٌ لا تُعرَف.

وزَعَم أنّ شلانونَ قال له: ليلةَ الثلاثاءِ تأهَّبْ وزود معَ ذلك الشيءِ الذي أعطيتُك قطعةً من عُودٍ رَطْب، فأرانا جميعَ ذلك. ولمّا انتهى هذا المجلسُ إلى هذا الحدّ أذَّن المؤذِّنُ بالمغرِب فصَرفْتُه واستوثَقْتُ من أبيه وانصرَفت. وبعدَ انصرافِه عنّي نَدِمت، ورأيتُ أنّي ضيَّعتُ الحَزْم، فإنّي خِفتُ أن يرجِعا معَ أنفُسِهما فيتبيَّنَ لهما أنّ المسألةَ قدِ انتهت إلى حد لا تُترَك فيستَخْفِيا، ولم يكنْ لي حيلةٌ إلى الصّباح، ولمّا أصبَحَ غَدَوْتُ مُستخِيرًا الله تعالى (¬1)، فعرفتُ بها مجملًا إلا مواضعَ منه عَرَفَ مَن أدام اللهُ عزَّهما وفَهِما منه ما فَهِما ممّا لا يفهمُه غيرُهما. وقال الشّيخُ الموقَّرُ المكرَّم أبو سعيد (¬2): ينبغي أن نراه. فقلتُ: وما تصنَعونَ برؤييه وهو شيطانٌ لا يُبالي ما يقول؟ فصوَّب ذلك الشّيخُ أبو محمد (¬3) ووَجَّه بأنْ قال: أرأيتَ إن سمِعتُ منه في الأمر شيئا، أأترُكُه؟ والله لأفُكّنَّ عُنقَه، أو كلامًا هذا معناه. فقال الشّيخُ المكرَّم أبو سعيد: ومعَ هذا لا بدَّ من أن يصيرَ هذا الخبرُ عِيانًا. ثم قال لي: توَلَّ هذا بنفسِك، اذهب الآنَ فجئْنا به، ففعَلتُ. ولمّا دَقَّ عليه الغلامُ البابَ -وقد كنت خائفًا ألّا أجِدَه- إذا به قد خرَجَ فقلتُ له: الطريق، فدخَلَ ودخلتُ معَه وإذا بابنِه. فقلتُ: ما صَنَعَ هذا الطالبُ، هل رأى شيئًا البارحةَ؟ قال: لا، بل نام وقد نفَعَه ما أسمعتُموه، وأيضًا فإنه أكثرُ [ما يَرى المَرائي] (¬4) إذا بات عندَ أمِّه. ¬

_ (¬1) في طرة الأصل: "سبحانه". (¬2) هكذا بدون تحديد، وثمة أبو سعيد ابن المنصور، وأبو سعيد بن جامع، وأبو سعيد بن أبي حفص الهنتاتي. ولا نستطيع أن نعرف من المقصود. (¬3) أبو محمد كنية عدد من شيوخ الموحدين، ولا نستطيع أن نعرف المعني منهم هنا. (¬4) ما بين الحاصرتين ممحو في الأصل، وإكماله مستفاد من السياق، وكذلك ما يأتي.

قلت: ولعلّ هذا من إلقاءِ الأُمِّ إليه. [فقال]: الصبيُّ: والله [ما هو] إلا كما أخبَرتُكم. قلت: بسم الله، أنا قد أمِرتُ أن أُحضِرَك، [فافعَلْ ما أمرتُكَ به. فقال] الأبُ: قد عضلْته البارحةَ في ذلك فأنابَ أن يفعَلَ ما تأمُرُه به من [آدابِ السلام] عليهم. قلت: الحمدُ لله. قال: وقد عضَلته في أن لا يَذكُرَ شيئًا ممّا وُعِدَ به [ويتجنَّبَ] إسماعَه لأهل الأمر، فأنابَ إلى ذلك. قلت: أما هذه فإنّي قد [أخبرتُهم بكل] ما قلتَ من ذلك. فقال لي كلامًا معناه: ما أفْضَيْتُ بهذه الحاجةِ إلّا [إليك. فقال الابن]: لا أترُكُ شيئًا ممّا أمِرتُ بالجهرِ به، وكلُّ ما قلتُ لك أقولُه لهم. قلتُ له: ولا [تطوِّل] ولا تسيّبْ لسانَك، ولا تقُلْ إلّا جوابَ ما أسألُك عنه. قال: نعم، فخرجْتُ معَهم. ولمّا دخَلَ الطّفلُ على مَن أدام الله عزَّهم، حمَلتُه إلى كلِّ واحد منهم، فسَلَكَ كما أردتُ، وجلَسَ واستُنطِقَ (¬1) فنَطَقَ بكلّ ما تقَدَّم ذكْرُه غيرَ متهيِّبٍ ولا متحرِّج، غيرَ أنه بعدَ لأيٍ ما أخبَرَ عما وُعِد به، ولم يفعَلْ إلا بعدَ أن قال له الشّيخُ الموقَّرُ أبو سعيد: يا بُنيّ، قد قلتَ ما هو فوقَ [هذا] فلمَ سكتَّ عنه؟ قال: قد فُهِم عنّي المقصود. فقلت له أنا: كيف يُفهمُ عنكَ ما لم يُسمَع منك؟ أما أنا فقُلْ عنِّي: إني فهمتُ مقصودك؛ لأني قد سمِعتُ منك، أمّا هؤلاءِ الأشياخُ فمِن أين وهم لم يسمَعوا؟ قلت: أخبرت أنك تكونُ سُلطانًا. ¬

_ (¬1) في ص: "واستوطن".

قال: نعم، وأخَذَ يحدِّثُ بكلّ ما أريدُ أن يحدِّث به، حتّى خَطَرَ لي أنّ توقُّفَه إنّما كان لِما قد رُبِطَ من أن لا يقولَ إلا جوابَ ما يسألُ عنه. وممّا جرى في هذا المجلس أنّ الشَّيخَ المكرَّم أبا محمدٍ قال له: ولمَ تُصلِّي وتصومُ وأنت -كما تزعُم- غيرُ بالغ؟ قال: أتطوَّع. وقال له أيضًا: ولم تَتعَبُ في القراءةِ وأنت يأتيك الخبَرُ من السماء؟ قال: أخرُجُ عن صِنفي. فقال له الشّيخُ الأجَلّ المعظَّمُ أبو سعيد: وقد خرَجْتَ عنهم خروجَ سُوء، أو كلامًا هذا معناه. وجَرى فيه أيضًا أنْ قلتُ له: لمَ تكلَّمتَ بهذا الذي زعَمتَ بأنك أُمِرتَ به؟ قال: أفأعصيه؟ قلت: وقد قلتَ: إنك لم تبلُغْ، فهذه الأوامرُ من جُملةِ ما لم يَلزَمْك. قال: أفأعصيها؟ أو كلامًا هذا معناه. قلت له: أدَّبك أبوك على هذا قطُّ؟ قال: نعم، ولكنه ظلَمَني، أو كلامًا هذا معناه. قال له الشّيخُ الموقَّرُ أبو محمد: أوَلم تطلُبْ منهم ما يكونُ مصدِّقًا لك؟ قال: قد فعلتُ، وذكر قصّةَ القضيبَيْن. وحين انتهى المجلسُ إلى هذا الحدّ أمَروني [بردِّه إلى والدِه] ففعلتُ وانصرَفْتُ إلى منزلي؛ وفي بقيّةِ هذا اليوم [ورَدَ علَيّ] ما مكَّنَ الرَّيْبَ فيه، وحقَّق التُّهمةَ في حقّه، وقوَّى ذلك [عندي أنه] جاءني ذلك الطالبُ الحاكي عنه ما حَكَى من أمرِ لا نبيَّ بعدَ [محمد، هو] خاتمُ النَّبيئين، فقلتُ له: أثبتَّ (¬1) على ما قلتَ لي؟ قال: نعم، واستَجْلبَ [أشياءَ أخرى] ¬

_ (¬1) في ص: "أبنيت".

قَوَّت عندي ما أوجَبَ البكورَ بالتعريفِ بهذا كلِّه، وهاهنا سمِعتُ أنه في هذا اليوم أُمِر بالاستيثاقِ منهما بالتقييد. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: هذا آخِرُ ما وجدتُ بخطِّ أبي الحَسَن ابن القَطّان من هذه القصّة، وعرَفتُ منَ ابنِه أبي محمد شيخِنا ومن غيره من شيوخِنا أنهما قُتِلا من الغدِ صَبْرًا بالسَّيف، وأنّ الأبَ رغِبَ في تقديم الابن حتى يشاهِدَ مصرعَه، ويحتسبَه عندَ الله سبحانَه وتعالى، ويحقَّ عندَه بُطلانُ ما كان يَصدُرُ عنه من تلك التخيُّلاتِ الكاذبة، فقُدِّم الابنُ على مقترَحِه، وأُتبعَ الأبُ، فكان أمرُه عِبرةً للسائلينَ وتحدَّث الناسُ به مُدّة. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه (¬1): ولمّا توفِّي العادلُ مقتولا كما تقَدَّم، اقتضَى نظَرُ أهل الحَلّ والعَقْدِ بمَرّاكُش تقديمَ أخيه أبي العلاءِ إدريس الملقَّب بالمأمون. فبايَعوهُ وكتَبوا بيعتَهم إليه وهو بإشبيلِيَةَ، والأندَلُسُ كلُّها لنظرِه، فاستَخْلفَ على مَرّاكُشَ أبا حَفْص عُمرَ بن أبي حفص عُمرَ بن عبد المؤمن، ثم إنّهم استبطَأوهُ فنَكَثوا بيعتَه، وامتَنعَ من نكْثِها أبو حفصٍ هذا وأبو عليٍّ عُمرُ بن تفراجين، فقتلوهما وبايَعوا أبا زكريّا يحيى الملقَّبَ بالمعتصِم بنَ أبي عبد الله الناصِر، وكان ممّن حضَرَ نَكْثَ البيعةِ المأمونيّة وتقديمَ المعتصم أبو الحَسَن ابنُ القَطّان خوفًا على نفسِه من المأمون، إذ كان أخا العادل، وحرصًا على نَيْل الحُظوةِ عندَ المعتصم، كما كان حَظِيًّا عندَ أخيه المستنصِر، وأبيهما الناصِر وجدِّهما المنصُور. ولمّا انتهى إلى المأمونِ نقْضُ ما أبرَمُوه من بَيْعتِه ونكثُهم إيّاها وتقديمُهم أبا زكريّا ابنُ أخيه وكان معظمُ كبارِهم قد كتَبَ كلُّ واحد منهم كتابًا إليه بتأكيدِ البيعة وتقرير وسائلِه لديه -أحفَظَه ذلك، واشتدَّ حنَقُه عليهم، وأجاز منَ الأندَلُس ¬

_ (¬1) عارض هذه الفذلكة التاريخية بما في الأنيس المطرب (249 - 254)، والبيان المغرب (254 - 264)، والذيل والتكملة (الترجمة 773)، والإحاطة 1/ 409 - 418، والوافي بالوفيات 8/ 320 - 323.

في سبع مئةٍ أو نحوِها من النَّصارى (¬1) مستنجدًا بهم وبمَن التَفَّ عليه من قبائل العرب ورئيسُ سُفيانَ منهم أبو الحَسَن جرمون، وهسكورةُ، ورئيسُ قبيلةِ بني مصطا منهم أبو عليّ عُمرُ بن وقاريط، [فقَصدَ بهم مَرّاكُش] فبرَزَ إليه ابنُ أخيه بظاهرِها، فالتقَى الجمعانِ على إيقليز: جبَل [مُطلّ على مَرّاكُش] فهُزِمَ المعتصمُ وانتُهِبت محَلّاتُه، ودخَلَ المأمونُ مَرّاكُش [....] بقِينَ من جُمادى الأولى سنةَ سبع وعشرين وست مئة، فلمّا كان [يومُ الجُمُعة] تقدَّم أمرُه إلى قارئ العَشْرِ (¬2) الجارية قراءتها قبلَ صعودِ الإمام المِنبر [حسَبَ العادة] وعيَّنَ له قراءةَ {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] الآيات إلى قولِه تعالى: [{وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا}] إلى آخر الآية [الإسراء: 33] فاستَشْعرَ الباقونَ بمَرّاكُش من رؤساءِ الدولة أنّ المأمونَ [طالبُ ثأر] أخيه العادل، فلمّا كان من الغَدِ أُحضرَ صَناديدُهم، وكانوا اثنينِ وأربعينَ رجلًا، إلى قُبّةِ جلوسِه، وهي القُبّة التي قد كان أحدَثَها الناصرُ بزاويةِ الرّحبةِ الكُبرى، وأحا مُفتَتَحَيْها يقابلُ الشَّمال والآخرُ يُقابلَ الغرب، وقد عَمَرَ الرَّحبةَ بنحوِ ألفَيْ فارس كاملي شِكّة الحَرب، ونحوِ ألفِ راجل من الجاري عليهم اسمُ عَبِيد الدار بحرابِهم، ولّما استقَرَّ به المجلسُ أمرَ القارئَ بقراءةِ: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} [الأنبياء: 101] الآيات إلى آخِر السورة، ولمّا انتهى القارئُ إلى قولِه تعالى: {هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 103] نكَثَ المأمونُ في الأرضِ ¬

_ (¬1) في البيان المغرب 4/ 265: أن المأمون وصل من الأندلس بنحو خمس مئة فارس من الروم، وفي الأنيس المطرب (251): أن العدد كان يتألف من اثني عشر ألف فارس من النصارى. (¬2) انظر في قراءة العشر يوم الجمعة البيان المغرب 3/ 391 وهي عبارة عن قراءة القارئ عشر آيات من القرآن الكريم فيها مناسبة قبل صعود الإمام المنبر لخطبة الجمعة وقد ذكر ابن عبد الملك في ترجمة غصن بن إبراهيم القيسي الواداشي المتوفى بمراكش أنه كان "حسن الصوت استعمله الملوك في قراءة الأعشار أيام الجمع" الذيل والتكملة (الترجمة 996) ويبدو أن هذا الترتيب من تراتيب الموحدين.

بسِكّين كان في يدِه، ولمّا فَرَغَ القارئُ من قراءتِه، أقبَلَ المأمونُ على أبي الحَسَن جرمون، وأبي عليّ بن وقاريط، وكانا مقيمَيْ دعوته، واستصغاهما إلى ما يَجري بينَه وبينَ أولئك الحاضِرينَ من أكابر الدولة، ومعظمُهم من الهنتاتيِّينَ وأهلِ تينمال، وقال لقاضيه أبي زيدٍ المَكّادي (¬1): اقرَأْ هذه البيعةَ على هؤلاءِ الأشياخ، فقرَأَها عليهم، فلمّا فَرَغَ من قراءتِها قرَّرهم عليها، وقال لهم: أأنتمُ اجتمعتُم على مُبايعتي فيها ومخُاطبتي بما تضمَّنتْه؟ فقالوا: نعم، فدَفَعَ إلى القاضي كتابًا بعدَ كتاب من الكتُب التي كانوا قد كتَبوا إليه فقرَأَه، فكلّما فَرَغَ من كتاب قَرَّر كاتبه عليهً فأقرَّ بكَتْبِه إيّاهُ حتى أتى على آخِرِها، فقال: أيُّها القاضي، احكُمْ بيني وبينَ هؤلاء، فإنّهم قَتلوا أخي وعمي وبايَعوني عامةً وخاصّة، ثم نكثوا بيعتي وقَتلوا خليفتي ومن امتَنَع مِن نَكْثِ بيعتي، ولو أنهم دَعَوْني أولًا إلى مُبايعةِ ابن أخي لكنتُ أولَ مُبادرٍ إليها، ولم أتخلَّفْ على ما يَدخُلونَ فيه طرفةَ عَيْن حَسْمًا للخلاف، وإطفاءً لنارِ الفتنة، وقد كان [في نفسِه على أهل] (¬2) تينمالَ حقدٌ لسببٍ يشنُعُ إيرادُه، وقد قيل لبعض القضاة: [ما ... حكومة؟] (¬3) فقال: إنفاذُ حكومًةِ عدوٍّ في عدوّ، فقال القاضي: أسمعتُم [مقالةَ أمير المؤمنين]؟ قالوا: نعم، فقال لهم: ما جوابُكم عليها؟ فقالوا: لا جوابَ لنا عليها [إلّا رجاءَ العَفْوِ من] سيِّدِنا أميرِ المؤمنين، فقال لهم: إنّ من جناياتِكم المسرودةِ عليكم [ما لا يجوزُ فيها] العفوُ، ¬

_ (¬1) في البيان المغرب والأنيس المطرب: المكيدي (بالإمالة) ولعلهما نسبة إلى مكادة أو مكيدة بالإمالة كما ترسم بالحروف اللاتينية وهي بلدة تقع في منتصف الطريق بين طليطلة وطلبيرة. (معجم البلدان) أما القاضي أبو زيد فلم نقف على ترجمته، وسيذكره المؤلف في الآخذين عن أبي موسى الجزولي النحوي وقد كان قاضي الجماعة في عهد المأمون وولده الرشيد (البيان المغرب: 311 - 312)، وثمة أبو إسحاق المكادي قاضي الجماعة في عهد المعتضد (رسائل ابن عميرة. مخطوط) والذيل والتكملة (الترجمة: 40) وسيرد ذكره في هذا السفر، وهو ولد أبي زيد المذكور كما سيرد في هذا السفر اسم أبي العباس أحمد بن إبراهيم المكادي، ولعله ولده. (¬2) ما بين الحاصرتين ممحو في الأصل وما أثبتناه يقرأ بعضه بالمكبرة. (¬3) كذلك.

ومنها تمالؤكم على قتل خليفتي ومن تمسَّك ببيعتي عَدوانا وظَلمًا، وقد كان أحضرَ في ذلك المجلس أولادَ خليفتِه المذكور، فقال للقاضي: احكُمْ [بما تراهُ] أيُّها القاضي في هذه الواقعة حُكمَ مَن لا تأخُذُه في الله لومةُ لائم، فعندَ ذلك قال القاضي: يا أميرَ المؤمنين، مَثَلُ هؤلاء القوم كمَثَل ما قال اللهُ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (137) بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: 137، 138] , وأشار إليهم مارًّا عليهم بسَبّابتِه، فأمَرَ المأمونُ حينئذٍ بقتلِهم أجمعين، فأُخرِجوا عند مَشْرَع القُبّة وقُتلوا بالرِّماح واحدًا بعدَ آخَر، وكان فيهم شابٌّ تَرامَى إلى أبي عليّ ابن وقاريط مُستجِيرًا به، فقال أبو عليّ: يا سيّدَنا، هذا قد استجارَني، وقد علمتُم قَدرَ الدَّخيل عندَ قبيلِنا، فقال له المأمون: قد أجَرنا من أجَرْتَ يا عُمر، ولو شَفعتَ في أكثرِهم لَقَبِلنا شفاعتَك، وكان فيهم شيخُ أحدِ بني عِمران، فقال لأبي الحَسَن جرمون ولأبي علي ابن وقاريط: عندي شهادةٌ أشهدَني بها سيّدُنا المنصُورُ معَ جماعةٍ غيري في حقِّ هذا الإنسان، يعني المأمونَ، أنه ليس بابنٍ له، وإنما هو ابنُ عِلْجٍ كان يَلِجُ عليه في قصرِه، فزَنَى بأُمِّ هذا فجاءت به لغبة، فهذا قد وجَبَ عليّ إعلامُكم به؛ لئلا تغتَرُّوا بهذا الإنسان وتحسَبوا أنه لرَشْدة، فقال له المأمون: هذه فِريةٌ اختصَصتَ بها ولا بدَّ من إقامةِ الحدِّ عليك بسبِبها، فأُمِرَ به فجُلدَ ثمانينَ جلدةً، ثم قال: ولنا تقريرُك بما نَراه، فأمَرَ بكسرِ أسنانِه فكُسِرت برأسِ سيف، ثم قُتل بالرِّماح. ثم تجرَّدَ المأمونُ إلى محاربةِ مَن بقِيَ من أولئك القبائل الذين أنشَأوا تلك الفِتَن، فكانت بينَهم وقائعُ كثيرة كان الظفَر فيها كلِّها للمأمونِ على المعتصم يحيى ابن أخيه، وقَتلَ من رجالِ أولئك القبائل آلافًا لا تُحصىَ، حتّى لَيُذكَرُ أنه عَمَّ شُرُفاتِ مَرّاكُشَ بتعليق رؤوسِهم فيها، وربّما عُلِّق في بعض الشُّرُفاتِ رأسان، والمُطَّرحُ في كلِّ معترَكٍ أكثرُ من أن يَحصُره عدّ أو يأتيَ عليه حساب، وفي ذلك يقولُ [الكامل]:

أهلُ الحَرابةِ والفسادِ من الوَرى ... يُعزَوْنَ بالتشبيهِ للذكّارِ (¬1) [ففسادُه فيه الصّلاحُ لغيرِهِ ... بالقطع والتعليقِ في الأشجارِ فرؤوسُهم ذكرى إذا ما أُبصِرَتْ ... فوقَ الجذوع وفي ذُرى الأسوارِ وكذا القِصَاصُ حياةُ أربابِ النُّهى ... والعدلُ مألوفٌ بكلِّ جِوارِ لو أنّ عفوَ الله عمَّ عبادَهُ ... ما كان أكثرُهم منَ أهل النار] (¬2) قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: قد تغَلغَلَ بنا القولُ حتى خرَجْنا عن [شرطِ هذا] الكتاب أو كِدنا نَخرُجُ عنه، ولكنّها فوائدُ تعلَّقُ بعضُها بحُجَزِ بعض فأورَدْناها هنا؛ لأنّها قَلَّ أن توجَدَ مجموعةً في مكان، فلْنرجِع إلى ذكْرِ أبي الحَسَن فنقول: لمّا دخَلَ المأمونُ مَرّاكُشَ على الوجهِ الشَّنيع الذي دخَلَها عليه، فصَلَ المعتصمُ من ظاهرِها في فَلِّ أصحابِه وشيعتِه، وكان منهم أبو الحَسَن ابنُ القَطّان متولِّيًا القضاءَ بينَ حِزبِه، فانتُهِبت دارُه وذهب كلُّ ما كان فيها من مال وكُتُب، وكانت سبعةَ عشَرَ حِملًا، منها حملانِ بخطِّه، ولم يزَلْ مع مغرورِه المعتصِم في حركاتِه واضطرابِ أمرِه معَ المأمونِ عمّه إلى أنْ لجَأ المعتصمُ أمامَ عمِّه إلى سِجِلْماسة، فأدركَتْ أبا الحَسَن بها منيّتُه مبطونًا حَسِيرًا على ما فقَدَ من أهلِه وبيتِه وكُتُبِه وسائرِ مُمتلكاتِه، وكانت وفاتُه بين العشاءَيْن من اللّيلة التي أهلَّ فيها هلالُ شهرِ ربيع الأوّل من سنة ثمانٍ وعشرينَ وست مئة، ودُفن بالرُّكنِ الواصِل بين الصَّفْحَيْنِ: الشَّماليِّ والغربيِّ من الزَّنْقة لِصقَ الجامع الأعظم بسِجِلماسةَ، وقبرُه هنالك معروفٌ إلى الآن، ومَوْلدُه بفاسَ فجرَ يوم عيدِ الأضحى من سنة اثنتينِ وستينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) الذكار: الذكور من ثمار النخل والتين التي تقطع وتعلق في أشجارها للتلقيح وهي من الفصيح المستعمل في المغرب. (¬2) ما بين معقوفتين ساقط في الأصل ومحله بياض، والتكملة من الأنيس المطرب وغيره. وانظر بعض شعر المأمون في الوافي بالوفيات 8/ 320 - 323.

11 - علي بن محمد بن علي بن أبي عشرة، فاسي، أبو الحسن

11 - عليُّ (¬1) بن محمد بن عليِّ بن أبي عَشَرةَ، فاسيٌّ، أبو الحَسَن. كان فقيهًا حافظًا مُشاوَرًا بصيرًا بالفتوى، متقدِّمًا في عَقْدِ الشروطِ والإشراف على معانيها مبرِّزًا في علم فرائضِ المواريث. استُقضيَ ببَلَنْسِيَةَ سنةَ سبعَ عشْرةَ، ثم بإشبيلِيَةَ قبلَ الفتنة، ثم قلَّدَه العادلُ قضاءَ الجماعة سنةَ إحدى وعشرين، فاستقَلَّ به أكملَ استقلال، وعُرِف بالعدالة والجَزالةِ والإنصاف، فكان أبو زكريّا بنُ عليّ المدعوُّ بابن راحِيل (¬2) يقولُ: ما رأيتُ قطّ قاضيًا أبصرَ منهُ بموجِباتِ الأحكام، ولا أحسَنَ تهدِّيًا إلى مُثاراتِها ومواقع الفَضل بين الخُصوم. [توفِّي عامَ واحدٍ وأربعينَ وست مئة] (¬3). ¬

_ (¬1) سيشير إليه المؤلف في ترجمة ابن عابد الفاسي حيث يذكر أن هذا "تلبس حينًا بعقد الشروط والكتابة عن قاضي الجماعة أبي الحسن بن محمد بن أبي عشرة الفاسي بمراكش"، وقد وردت ترجمته ووفاته التي أصابها المحو هنا في الذخيرة السنية هكذا: "وفيها (أي في السنة الحادية والأربعين وست مئة) توفي الفقيه القاضي الورع أبو الحسن علي بن محمد بن أبي عشرة من أهل فاس، ولي قضاء بلنسية سنة سبع عشرة وست مئة، ثم نقل منها إلى قضاء جيان، ثم جاز إلى العدوة فاستوطن فاس إلى أن مات فدفن بخارج باب الشريعة" (الذخيرة السنية: 62). وجاء في البيان المغرب 3/ 332: "وفيه هذه السنة (634 هـ) توفي الكاتب الجليل أبو عبد الله محمد بن أبي عشرة السلاوي رحمه الله ودفن بفاس" وقال مؤلفه وهو يسرد أسماء كتاب الرشيد الموحدي (ص 283): "وأبو عبد الله الحسين ابن أبي عشرة" ويبدو أنه سقط شيء من النص الأول، ووقع تحريف في النص الثاني، ولعل أصل الاسم في النص الأول هو أبو الحسن علي بن أبي عبد الله محمد بن أبي عشرة كما هو في الذيل والذخيرة، أما الاسم في النص الثاني فالذي نعرفه من مصادر أخرى هو أبو علي الحسين بن أبي ثلاثة وكان من حاشية الرشيد وكتّابه وسيأتي ذكره. (¬2) لم نقف له على ترجمة، وهو أبو زكريا يحيى بن علي بن يافرتن المدعو بابن راحل أخذ عن أبي الحسن ابن القطان وغيره وذكر في بغية الوعاة بأنه شارح الجزولية 1/ 193 ويذكر خلال بعض التراجم في هذا السفر، وكان من أعلام العلماء في مراكش في أواخر عصر الموحدين. (الذيل 6/الترجمة 40) ولم يترجم له المؤلف فيمن اسمه يحيى لأنه لم يدخل الأندلس فلم يكن على شرط كتابه، وقد سبقت الإشارة إليه في ترجمة ابن القطان. (¬3) محو تام في الأصل، والتاريخ مأخوذ من الذخيرة السنية.

12 - علي بن محمد بن علي [بن محمد] بن يحيى بن يحيى بن عبد الله [بن يحيى بن يحيى الغافقي]، سبتي شاري الأصل، وانتقل منها أبوه سنة ثنتين وستين [وخمس مئة إلى سبتة] أبو الحسن الشاري

12 - عليُّ (¬1) بن محمد بن عليّ [بن محمد] بن يحيى بن يحيى بن عبد الله [بن يحيى بن يحيى الغافِقيُّ] (¬2)، سَبْتيٌّ شارِّيُّ الأصل، وانتَقلَ منها أبوه سنةَ ثنتينِ وستّين [وخمس مئة إلى سَبْتة] أبو الحَسَن الشارِّي. وُيشهرُ أهلُ بيتِه في شارّةَ ببني يحيى، وزاد بعضُ النُّبهاءِ [من أهل بييه (؟)] وهو أبو مروانَ عبدُ الملِك بن محمد بن عبد الملِك عن صحيفةٍ ألفاها [في مورويه (¬3) (؟)] بعدَ يحيى الأعلى بن محمد بن عبد الصَّمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن محمد [بن عبد الوهّاب] ابن أميرِ الأندَلُس عبد الرحمن بن عبد الله بن مخش بن زَيْد بن جَبَلةَ بن [ظُهيْر بن] (¬4) العائدِ بن غافِق بن الشاهِد بن علقَمةَ ابن عَكّ بن عدنان. ولم يُثبِتْ أبو الحَسَن ما تقدَّم وقال: إن جَدَّه كان يقول: لم أسمَع أحدًا من سَلَفِنا يرفَعُ هذا النسَبَ إلى غافق [سوى] هذا الرجل. رَوى أبو الحَسَن عن آباءِ عبد الله: أبيه والتُّجِيبيِّ وابنَي الحَسَنَيْن: [الخُشَنيِّ] وابن عَطِيّة ابن غازٍ وابن عبد الله بن محمد بن عيسى وابن عبد الكريم وابن عليّ ابن الكَتّانيّ، وأبي إسحاقَ السَّنْهُوريّ، وأبوَيْ بكر: الفَصيح ويحيى بن محمد بن خَلَف الهوْزَنيِّ، وأبي الحَجّاج ابن نَمَوي، وآباءِ الحَسَن: ابن خَرُوف النَّحْويّ وابن عِشرينَ وابن مؤمن، وآباءِ الحُسَين: ابن جُبَيْر وابن زَرْقون وابن ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2871)، والرعيني في برنامج شيوخه (24)، والحسيني في صلة التكملة 1/الترجمة 408، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 325، والذهبي في المستملح (726)، وتاريخ الإسلام 622/ 14، وسير أعلام النبلاء 23/ 275، والصفدي في الوافي 22/ 95، وابن الخطيب في الإحاطة 4/ 187، والغساني في العسجد المسبوك (583)، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 574، والفاسي في ذيل التقييد 2/ 215، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (485). (¬2) محو في الأصل، وما أثبتناه من مصادر الترجمة، ومن ترجمة والده. (¬3) هكذا تبدو، ولعلها مُرنيانة الغافقيين بقرب إشبيلية، كما في جمهرة ابن حزم (329). (¬4) ما بين الحاصرتين من جمهرة ابن حزم (329)، وهو ممحو في الأصل.

الصّائغ، وأبي ذَرّ بن أبي رُكَب، وأبي سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبوي العبّاس: القورائي وابن محمد الأرداجيّ، وأبي عليّ الحَسَن بن إبراهيمَ الخُزَاعيّ، وأبي عَمرٍو مُرَجّى بن يونُسَ المَرجِيقيّ، وأبي القاسم عبد الرحيم ابن المَلْجوم، وآباءِ محمد: الحَجْريّ -وأكثَرَ عنه- وابن حَوْطِ الله وابن محمد بن عيسى التادَليّ وعبد العزيز بن زَيْدان ويشكرَ بن موسى ابن العزّ؛ لقِيَ هؤلاءِ وأخَذ عنهم بينَ سَماع وقراءة، وأكثرُهم أجازَ له. وكتَبَ إليه مُجيزًا ولم يلقَهُ: أبو جعفر بنُ مَضَاء، وأبَوا الحَسَن: ابنُ القَطّان ونَجَبةُ، وآباءُ عبد الله: ابن حَمّاد وابنُ عبد الحقّ التِّلمسينيّ وابن الفَخّار، وأبوا القاسم: السُّهيْليُّ وابن حُبَيْش، وأبو محمد عبدُ المُنعم ابن الفَرَس. واستجاز بأخَرةٍ مُستكثِرًا من الاستفادةِ أبا العبّاس ابنَ الرّوميّة؛ فأجاز له من إشبيلِيَةَ. رَوى عنه أبو بكرٍ أحمدُ بن حُمَيْد القُرطُبيّ، وأبَوا عبد الله: الطّنْجاليُّ وابن عَيّاش، وأبو العبّاس بن عليّ المارِدي، وأبو القاسم عبدُ الكريم بن عِمران، وأبو محمد عبدُ الحقِّ بن حَكَم. وحدَّث بالإجازةِ عنه أبو عبد الله ابنُ الأبار، وحدَّثنا عنه من شيوخِنا: أبو جعفرٍ ابنُ الزُّبَير، وأبو الحَسَن الزُعَيْنيّ، وأبو عبد الله بنُ عبد الله بن إبراهيمَ البَكْريُّ الفاسي. وكان محدِّثا راوية مُكثرًا، ثقةً عَدلًا، ناقدًا، ذاكرًا [للتواريخ وأخبار] (¬1) العلماءِ وأحوالهم وطبقاتِهم قديمًا وحديثًا، شديدَ العنا [يةِ بالعلم] , جاعلًا الخَوْضَ فيه مُفيدًا ومستفيدًا وظيفةَ عُمُره، جمَّاعةً [للكُتب والدفاتر] , مُغاليًا في أثمانِها، وربّما أعمَلَ الرحلةَ في التماسِها حتى اقتنَى منها [مجموعةً كبيرة فيها] كلُّ عِلْقٍ نَفِيس، ثم انتقَى منها جُملةً وافرةً فحبَسَها في مدرسةٍ أحدَثَها [بجوارِ باب] القَضر أحدَ أبوابِ بحرِ سَبْتةَ، وعيَّن لها من خِيار أملاكِه، وجيِّدِ ربِاعِه [جملةً وقَفَها عليها] سالكًا في ذلك طريقةَ أهل المشرِق، وفي هذه المنقَبة الشّريفة التي تَنَبَّه لها ¬

_ (¬1) ما بين الحاصرتين ممحو في الأصل وقد لا يختلف عن لفظ المؤلف، وكذلك كل ما يأتي مثله.

[وسبَق] إلى التفرُّدِ بها كتَبَ إليه القاضي الأديبُ الأبرع أبو القاسم بنُ عِمران (¬1) مُهنِّئًا بها وشاكرًا عليها [من الطويل]: أباحَسَن زادتْ مَآثرُكمْ حُسنا ... بفعلِ جميلِ موجبِ لكمُ الحُسنا لكم أجرُهُ الأوفَى وأجرُ من اقتفَى ... سبيلَكَ فيه أو بسُنّتِك استنَّا أجَلْ واليدُ الطُّولى فليس بغَزبِنا ... حَفِيٌّ بأهل العلم منّتِك امتَنّا تخَيَّرتَ أعلاقَ الدّواوينِ مُعرِضًا ... بإدنائها منكم عن العَرَضِ الأدنى وما زلتَ منها في النَّفيس مُنافسًا ... إلى أن تسَنَّى فاشتريتَ به أسنا ألا إنّ علمًا لا تكشَّفُ حُجْبُهُ ... لأهليهِ مُستدعٍ لهُ ولهم غُبْنا فديوانُ عِلم في الخِزانة دهرَهُ ... كجِسم بلا رُوحٍ ولفظٍ بلا معنى فهُنّيتَ يا خِلّي الكريمُ فضيلةً ... رجَحتَ جميعَ الأفضلينَ بها وَزْنا ولا زلتَ تُبدي سُنّةً مستكِنّةً ... توَخَّى بها الإهمالُ مُذْ زمنٍ دَفْنا وحُيِّيت عنّي يا سَرِيُّ تحيّةً ... يَغارُ عليها القلبُ أن تَلِجَ الأُذْنا اقتضبتُها إلى سيّدي الفقيه، الذي ما زال يتخيَّرُ في الأعمالِ الصالحة الأفضلَ فالأفضلَ وينتقيه، ويتَحرَّى نَفاقَ العلم حين التزَمَ الزّهدَ فيه وقدَمَ العهدِ بمُنفِقيه، أبقاه اللهُ لسُنّة يَعِيها، ويَبذُلُ وُسعَه في إعانةِ متّبعيها، قَلَّ بمغربنا هذا وأكناف الدَّعَة فيه ممَهدَّة، والجُنوبُ غير متجافيةٍ عن فراشها، والجفونُ غيرُ مسَهَّدة، ودفاترُ العلم يُغالَى بقيمتِها فتُدَّخَر، ليس إلا ليتباهى باكتسابِها ويُفتخَر، ولا رَسْمَ ¬

_ (¬1) هو عبد الكريم بن عمران من أهل القصر الكبير وقاضيه، توفي بمراكش وهو يتولى القضاء بها سنة 643 هـ له ترجمة في التكملة (2564) وكان من أخص أصحاب الشاري، قال الرعيني: "ووقفت على أشياء نبيهة من تقييدات صاحبنا الفقيه الفاضل أبي القاسم عبد الكريم بن عمران عنه (أي عن الشاري) " (البرنامج: 76). وقد وردت الإشارة إليه وإيراد بعض شعره خلال بعض تراجم هذا الكتاب. وأحال فيه المؤلف على ترجمته وهي في السفر السابع المفقود.

فيه للمدارس، فما ظنُّك به والزمانُ فانٍ والأثرُ دارس، والفتنةُ قد ألقت عليه بكَلْكَلِها، وصَيَّرَت أهلَه نُهبةَ مأكلِها، [قد أتيتَ بها أيها السيِّدُ] (¬1) الأوحد، مُنقَّبةً بَلْجاءَ لا يُنكَرُ فضلُها ولا يُجحَد، أقمتَ بها [منارًا لأهل العلم، وسدَدتَ] ما أثّر التفريطُ في شأنِهم من الثَّلْم، ونهَجْتَ طريقةً فتحتَ [بها أبوابًا] وقد يوفَّقُ لها سواك فيَجعَلُ اللهُ من ذلك السبب أسبابًا، ولقد [أسَّستَ بهمّتِك] السَّنية، وطريقتِك السُّنِّية، ما برَزَ للوجود في أجَمل مَرْأى وأحرَزِ [صيانة، وبه للأذهان؟] المَهْنوّة بالأدهانِ إبانة، وبَرَّ آجَرَك اللهُ عن نفسِك، وعن أبناءِ جنسِك [بخيرِ الجزاء] , ووَفَاك من الأجرِ المضاعَف والخيرِ المستأنف أوفَى القِسم وأوفرِ الأجزاء؛ بمَنّهِ، والسلامُ الكريمُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه. كتَبَ مُجِلُّ قُدرتكم، ومُوالي شُكرِكم، أخوكم المُخلصُ لكم الشيِّقُ إليكم، المُطنِبُ في الثناءِ عليكم، عبدُ الكريم بنُ عِمرانَ، في غُرّة رجَبِ عام خمسةٍ وثلاثينَ وست مئة. وفي ذلك أيضًا قال الأديبُ أبو الحَسَن بن إسماعيلَ بن عبد الله بن محمد بن إسماعيلَ الأغْماتيُّ (¬2) وسمِعتُها من لفظِه رحمه الله [من الطويل]: بنيتَ لأهلِ الغَربِ مجدًا وسُؤدَدا ... وفخرًا على الأيام يبقى مؤبَّدا رفعتَ لهم ذكْرًا وأسمَيْتَ منصِبًا ... أنافَ على سامي الكواكبِ مصعدا وما الفخرُ إلّا ما يَعُمُّ بناؤهُ ... وما المجدُ إلا ما يكونُ مخلَّدا أبا حَسَنٍ أحرَزْتَ في خُطبةِ العلا ... عقيلةَ مجدٍ خَطْبُها كان أمجدا ثوَتْ دهرَها بِكرًا وما الدهرُ مُسعِد ... بكُفْءٍ لها حتى أتيتَ فأسعَدا ¬

_ (¬1) كل ما بين حاصرتين ممحو في الأصل، ولعله كما أثبتنا. (¬2) سيورد له المؤلف في هذا السفر (ترجمة يوسف ابن الجنان) شعرًا ونثرًا في مدح أبي علي الملياني والي أغمات (659 هـ - 686 هـ) ولم نقف له على ترجمة ويبدو من سلسلة نسبه أنه حفيد أبي عبد الله محمد بن إسماعيل الهواري الأغماتي المتوفى عام 581 هـ وفي التشوف ترجمته (118) وأخبار تطلعنا على مكانته العلمية والروحية في بلده أغمات. (انظر فهرس الكتاب).

وقبلَكَ لم يُنجِن بهمّتِه أخو ... عُلا نحوَها إلا سمَتْه فأوْهدا هنيئًا لكَ السَّبقُ المُبَرُّ إلى التي ... ذوي المجدِ أعيا دَرْكُها وذوي النَّدى عُنيتَ ببيتِ الله همةَ ماجدٍ ... تقيٌّ يَرى ما ليس يُجدي غدًا سُدى ولم تألُ في تنجيدِه جُهدَ مُوقنِ ... يؤمِّلُ في الفِردوس قصرًا منجَّدا ومدرسةٌ للعلم قلّدتَ جِيدَها ... من الكُتُبِ الأعلاقِ دُرًّا منَضَّدا نسَخْتَ بها حُسنَ النِّظاميّةِ التي ... أغار صَداها في البلاد وأنجَدا جعلتَ بها للدِّين أعظمَ عُدّةٍ .... صَوارمَ تحتاجُ الحسامَ المهنَّدا نفائسَ كُتْبِ لو تصَدَّى لجَمْعِها ... أخو جِدَةٍ فذِّ المعارفِ أُجهِدا غدَتْ لعلوم الشّرع سِمطًا مجمَّعًا ... وفوقَ جبينِ الدِّين تاجًا مسرَّدا وليس بوُسعي أن أجيءَ بذِكْرِها ... مفصّلةً إذ لَيس [تُحصي لها عَدا] (¬1) فمن كُتُبِ التفسيرِ أعظمُها غِنًى ... وأنفَسُها قَدْرًا [وأنفَعُها جَدَا] ومن سُنَن المختارِ ما صَحَّ نقْلُهُ ... وجاء به أهلُ العدالةِ مسنَدا ومن مُنتقَى الكُتْبِ المهذَّبُ جملةٌ ... إلى مَهْيَع الإرشاد تهدي [منِ اهتَدَى] ومن علمَي الإعرابِ واللغةِ التي ... بها أنْزَلَ اللهُ الكتابَ الممَجَّدا دفاترُ لو أنّ الخليلَ بنَ أحمدِ ... رأى عُشرَها والأصمعيُّ تبلَّدا ومن كُتُبِ التذكر ما راقَ سِمعُهُ ... وكان إلى التقوى دليلًا ومُرشِدا ولم يَغرَ من كُتْب التصوُّف جَمْعُها ... ولكنّ مما بالكتابِ تقَيَّدا أشَدْتَ بذِكْر العِلم بعدَ خُمولِهِ ... وأحيَيْتَ منه ميِّتًا كان مُلحَدا وأهَّلتَ ساحاتٍ له ومَعالمًا ... بها للمعالي معهدٌ حَلّ مَعْهدا ¬

_ (¬1) كل ما بين حاصرتين ممحو في الأصل، ويشبه أن يكون الكلام الممحو ما أثبتنا.

ولولاك بعدَ الله كانت ربوعُهُ ... يُجاوبُ في أرجائها الداعيَ الصَّدى رفعتَ منارَ الدين فازداد نوور ... وضوحًا غدا الإسلامُ منه ممَهَّدا وكانت دياجيرُ الضلالة أطبَقَتْ ... فأشعَلْتَ في ظَلمائها سُرُجَ الهُدى بذَلْتَ لمرضاةِ الإله ووجهِهِ ... ولم تَبْغِ من جاه ولا اعتدتَهُ يدا وما شئتَ إلّا أن تسُدَّ فضيلةً ... تَحُضُّ على الإتباع رأيًا مُسدَّدا لِتَفْخَر بما شيَّدتَ سَبْتةُ من على ... أقام لها مجدًا أثيلًا مشيَّدا غدَتْ مكةَ للغَرب (¬1)، كلُّ بلادِه ... لها حُسَّد، لا زِلنَ للحشرِ حُسَّدا بنَيْتَ بها للمكرُماتِ معالمًا ... وأنبَطتَ فيها للمآثرِ مَوْردا وصيَّرتَها للطالبِ العلمَ كعبةً ... يُلِمُّ بها من جاء يَبغيه مقصِدا لمثلِ الذي أحرَزْتَ فلْيَجمع امرُؤ ... وفي مثلِ ما أنفقتَهُ يُبذلُ الجَدا وما خيرُ مالِ لا يَرى المرءُ نفعَهُ ... إذا هو وافَى في القيامة مُفرَدا؟! بحَسْبِك عند الله ذكْرًا مكرَّمًا ... مُعاداةُ من في الدِّين ضَلّ وألحَدا حَرْمتَهمُ الفضلَ الذي عَمَّ نفعُهُ ... ذوي الفضل والتوحيدِ مَثْنى ومَوْحِدا وحلّأْتَهم (¬2) عن موردِ الفضل والعلا ... وقوَّضتَ من تضليلِهم ما تشيَّدا فما بعدَها للمنطقيِّينَ رفعة ... وكيف [وقد] (¬3) أوردتَ عزَّهمُ الرَّدى؟ بجُزِيتَ عن الإسلام] خيرًا ونلتَ ما ... تؤمِّلُ من رضوانِ ربِّ الورى غدا [ولا زلتَ في مجدِ] وإقبالِ عزّةِ ... تَروحُ وتغدو في المعالي مُحَسَّدا ¬

_ (¬1) ممن شبه سبتة بمكة ابن المرحل الذي يقول: سلام على سبتة المغرب ... أخيّة مكة أو يثرب (¬2) يقال: حلأه عن الماء أي: طرده ومنعه. (¬3) كل ما بين حاصرتين كلام ممحو في الأصل ولعله كما أثبتنا.

[وأكثرَ أهلُ العلم] القولَ في ذلك نظمًا ونثرًا، وقَعَدَ بها لترويةِ الحديث وإسماعِه [الشّيخُ أبو الحَسَن] المذكورُ في رجبِ خمسٍ وثلاثين وست مئة وكَثُر الأخْذُ عنه بها [واستمرَّ على] ذلك مدّة. وكان سرِيَّ الهمّة نزِة النفْس كريمَ الطَّبع سَمْحًا مؤْثِرًا، [مُعانًا على] ما يَصدُرُ عنه من المآثرِ ونُبْل الأغراض بالجِدة المتمكِّنة واليسارِ الواسع. وكان سُنِّيًّا مُنافرًا لأهل البِدع، محبًّا في العلم وطلابِه، سَمحًا لهم بأعلاقِ كُتُبه، قويَّ الرجاءِ في ذلك. [وهو] آخرُ من حدَّث عن ابن مؤمن. طلَبَ العلمَ صغيرًا ببلدِه، ورَحَلَ إلى فاسَ فأخَذَ عن مشيَختِه وغيرهم. وممّا يؤثَرُ عنه من تخصُّصِه أنه لم يُباشرْ قطُّ دينارًا ولا درهمًا، إنّما كان يَتصرَّفُ له في ذلك وكلاؤه واللائذونَ بجنابِه. وامتُحِن بالتغريبِ عن وطنِه سَبْتة (¬1) فأُجيزَ به البحرُ إلى جزيرةِ الأندَلُس في منتصَف سنة إحدى وأربعينَ وست مئة، وسُيِّرَ إلى المَرِيّة فتلقّاه أميرُها حينَئذٍ ووزراؤها وأعيانُها ورؤساؤها وأهلُ العلم فيها بما ينبغي أن يُتلَقَّى به أمثالُه من ذوي الجلالة وبُعد الصِّيت وكرَم الأحدوثة وأوسَعوا منزلَه وأجْزلوا نزولَه، ووالَوْا تأنيسَه، وأولَوه احتفاءهم وبِرَّهم، وأقام لديهم أعوامًا، وأخَذ عنهم هناك أيضًا، ثم ظهرَ الاختلالُ في أحوالِ المَرِيّة وبلادِ شَرق الأندَلُس فتحوَّلَ إلى مالَقةَ فِرارًا من الفتنة ومحاولًا العَوْدَ إلى سَبْتةَ واللَّحاقَ بأهلِه فيها، فلم يُقدَّرْ له ذلك، وأقام بها يؤخَذُ عنه العلمُ إلى أن أتَتْه منيّتُه بمالَقةَ ضَحْوةَ يوم الخميس لليلةٍ بقِيَت من رمضانِ تسع وأربعينَ وست مئة. نفَعَه اللهُ بشهادةِ الموتِ غريبًا (¬2). ¬

_ (¬1) في الإحاطة أن الذي غير به هو أمير سبتة اليناشتي الذي ضاق بالشاري لجلالته وأهليته ولأنه عرضت عليه إمارة سبتة قبله فأباها. وأخبار اليناشتي المذكور في البيان المغرب 3/ 338 - 340. ط. تطوان. والروض المعطار (مادة بليونش ومادة ينشته) وله ترجمته في الوافي بالوفيات 7/ 290. وكما تسبب في موت الشاري غريبًا مات هو أيضًا غريبًا في المشرق. (¬2) في الإحاطة المطبوعة: غريقًا، وهو تحريف.

13 - علي بن محمد بن علي الكتامي، مراكشي، أبو الحسن العشبي وابن القابلة

ومولدُه بسَبْتةَ يومَ الخميس لخمس خَلَوْنَ من رمضانِ أحدٍ وسبعينَ وخمسِ مئة. 13 - عليُّ (¬1) بن محمد بن عليّ الكُتَاميُّ، مَرّاكُشيٌّ، أبو الحَسَن العُشْبيُّ وابن القابِلة. رَوى عن طائفةٍ من أهل مَرّاكُش، ودخَلَ الأندَلُسَ وأخَذَ بها أيضًا عن جماعة من أهلِها، واختَصَّ كثيرًا بأبي الحَسَن سَهْل بن مالك ولازَمَه طويلًا، وكان أديبًا بارعًا كاتبًا بليغًا، شاعرًا مُجِيدًا، وقد جرَتْ بينَه وبينَ جماعة من أدباءِ عصرِه مخُاطَباتٌ ومُجاوَبات تدُلُّ على إجادتِه. فمِن شعرِه [من السريع]: يا سعدُ قد شَبَّ صغيرُ الهوى ... وجَدَّ عشقيَ الهازلُ المازحُ (¬2) يا سعدُ قد أسلَمَني للرَّدى ... صبرٌ حروررٌ هوًى جامحُ كأنّ قلبي حين يجتازُ بي ... بُغاثةٌ همَّ بها [جارحُ] (¬3) يمَّمتُ فيك الفألَ يُمنًا به ... ولم أقدِّرْ أنك [البارحُ] ومنه، على طريقة التصَرُّف [من الطويل]: وهى جَلَدُ المضنَى فميلوا إلى الرِّفقِ ... ورِقُّوا لِما ألقاهُ يا مالكي [رِقِّي] ¬

_ (¬1) لم نقف له على ترجمة في مكان آخر وسيرد ذكره بمناسبة رسالة كتبها إليه -وهو بمراكش- ابن عميرة في ترجمة الشريف يونس. وفي مجموع رسائل ابن عميرة (223 ك) رسالة كتبها هذا إلى أبي عبد الله ابن الجنان وأبي الحسن العشبي وهما بأوريولة (ص 212 - 215). وقد ذكره في السفر الرابع: (الترجمة 229). (¬2) هذا من قول أبي نواس: صار جدًا ما مزحت به ... رب جد جره اللعب (¬3) كل ما بين حاصرتين ممحو في الأصل وهو ظاهر من السياق، فلعله كما أثبتنا، وكذلك كل ما يأتي في هذا المجلد، فلا نكرر ذلك.

أأحبابَ قلبي، إن صلُحتُ لحبِّهم ... وهيهات من إخلاصِهم في الهوى [مذقي] همُ غايتي إن سارَعوا أو تباعَدوا ... وهمْ حافِظو عهدي وهم عارِفو حقّي وهمْ نَزَلوا من سرِّ قلبي بمنزلٍ ... خَفِي عن السُّلوانِ مُشتبهِ الطُّرْقِ وحقّهمُ لو أعتَقوا من أُسارِهم ... فؤاديَ لاختار الإسارَ على العِتقِ وما بين تعذيبِ الصّدودِ إذا رَضُوا ... وبين نعيم الوَصل عنديَ من فَرْقِ فيا سادتي إنْ ترحَموا ذُلَّ موقفي ... على بابِكف لا تكذِبوا في الهوى صِدقي وإن كنتُ أهلًا للجفاءِ بهفْوتي ... فأين الذي عوَّدتمُوني من الرِّفقِ؟ إذا لم تُواسوني على عظم فاقتي ... وضُرِّي ولم تُبقوا عليّ فمن يُبقي أُقرُّ بزَلّاتي وألتمسُ الرِّضا ... ولا نُطقَ لي قد أخرَسَتْ حالتي نُطقي فهل عائا عيشٌ مضَى في ذُراكمُ ... بدَتْ أوجُهُ الآمالِ من وجهِه الطَّلقِ وإنّي لأستسقي (¬1) لمعهدِه الحَيَا ... ولولا الحَيا ما كنتُ للدار أستَسْقي ولولا نَجيعٌ شابَ دمعي سقيتُهُ ... شآبيبَ منه مُغْنياتٍ عن الوَدْقِ فعندي دموعٌ لا تُعاصي دموعَها ... وعندي جفون لا تطاوعُ من يُرقي أنا العبدُ والمولى أحقُّ بعبدهِ ... وما ليَّ من دعوى وما ليَّ من حقِّ لجأتُ إليكم هاربَا من صدودكم ... فلا تفضَحوا سرَّ اطّراحيَ للخَلْقِ وحاشاكمُ يا سادتي من قَطيعتَي ... على قِدَمي في حبِّكم وعلى سَبْقي وما أدَّعي أنّ الجَفا خُلُقٌ لكم ... ولكنّهُ من طبع نَفْسي ومن خُلقي ¬

_ (¬1) في ص: "لأستشفي".

على كلِّ حالٍ لم أحُلْ عن عهودِكم ... ولا دِنتُ في دين الهوى بسوى الصِّدقِ وإن فاز غيري بالمنى وحُرمتُهُ ... فما حيلةُ الإنسان في قسمةِ الرِّزقِ! وكتَبَ أبو المطرِّف ابنُ عَميرةَ إلى أبي عبد الله ابن الجَنّان من مَرّاكُش الرسالةَ التي أولُها: [إلى متى افتراقٌ] واجتماع، وقد تقَدَّمت في رَسْم أبي عبد الله ابن الجَنّان (¬1) فأدرج معه [هذه الرقعةَ إليه]: كيف حالُ سيِّدي حقًّا، وواحدي ومُساعفي حين قلَّ الصَّديقُ [صدقًا، أمّا] أنا فإنّ حالي خاملةٌ لبُعدِه، ونفسي مُنقسِمةٌ من بعدِه، وله الفضلُ في إفهامي (¬2) [بحركتِه] ونشاطِه بما يؤنسُني ويُشرِّفُني، ويُقرِّطُني ويُشنِّفُني، وإعلامي بحالِه [وأعمالِه] في حِلِّه أو ترحاله، خار اللهُ له، وأنجَحَ أملَه. وكتَبَ إليه أبو المطرِّف (¬3): أبقَى اللهُ الأخَ المباركَ كريمَ الشمائل (¬4)، ناجح (¬5) الوسائل، مبسوطَ الوجهِ للسائل، مقبوضَ اليدِ عن جزيل النائل، ولا زال حميدَ المذاهب، وحيدَ المناقب، مَصُونَ الجانب، مُبلَّغَ (¬6) الحاجاتِ والمآرب، كتابي إليه من بَرْشانةَ (¬7) كلأها الله (¬8)، وقد وصلتُها بعد عَشْر، والآمالُ (¬9) بين طيٍّ ونشر، وإماتةٍ وحشر، سُبلُ مياهِها (¬10) رديّة، ومنازلُ وخيمةٌ وَبِيّة، ومتاعبُ ظاهرةٌ وخَفِيّة، ¬

_ (¬1) الترجمة المحال عليها في السفر السابع من هذا الكتاب وهو مفقود، ونقل منها ابن الخطيب في الإحاطة وعليها اعتمد في ترجمته (2/ 348 - 359) ولم يورد الرسالة المشار إليها هنا. (¬2) في ص: "في إسهامي". (¬3) توجد هذه الرسالة في مجموع رسائله المخطوطة بالخزانة العامة رقم 233 ك: 75 - 77. (¬4) كذا بالأصل، وفي الرسائل: "الكريم الشمائل". (¬5) في ص: "ناصح"، والتصويب من الرسائل. (¬6) في الرسائل: "مباح". (¬7) في الرسائل: "كتبته من برشانة". (¬8) لا وجود لهذا الدعاء في الرسائل. (¬9) في الرسائل: "والأحوال". (¬10) في الرسائل: "مبانيها".

فماذا صنَعَ البينُ المُشِتّ؟ وحتّامَ لا يقَرُّ المنْبَتّ؟ وكم (¬1) ذا يفُصُّ (¬2) ملتئم الشّمل ويفُتّ [من السريع]: عندي من الشوقِ أحاديثُ ... فأين (¬3) إمهالٌ وتلبيثُ شوقٌ وقُلْ: نارٌ لها بعدَكم (¬4) ... في القلبِ تأثيرٌ وتأريثُ يا صاحِ والوُدُّ له نسبةٌ ... فوقَ التي منها المواريثُ هلِ ذلك العهدُ على حالِهِ ... فإنّ عهدَ الناس منكوثُ ويالَشَملٍ (¬5) جامع غالَهُ ... للبَيْن تشتيتٌ وتشعيثُ وباعثٌ للعزم في طيِّهِ ... جيشٌ إلى السُّلوانِ مبعوثُ نسيرُ (¬6) في أرض جنَى أهلَها ... بالحُزنِ حَلزونٌ وطرثوثُ وماؤها صنعةُ وَضفَيْهِ في الـ ... ــــــــــأعضاءِ تلوينٌ وتلويثُ وصَرَّها الهائجُ فَحْلٌ، وفي ... مَصِيفِها الفاتر تحنيثُ (¬7) جَدَّ بها جَدَّ الشتاءِ الذي ... مكروهُهُ في الجوِّ مبثوثُ وليس من كافاتِهِ عندَنا ... إلا الذي فيه البراغيثُ (¬8) ¬

_ (¬1) في الرسائل: "وكم" من غير: "ذا". (¬2) في ص: "يقص". (¬3) في ص: "فأي"، والتصويب من الرسائل. (¬4) في الرسائل: لها في الحشا. (¬5) في ص: "وبالشمل". (¬6) في ص: "يسير". (¬7) في الرسائل: "تخنيت". (¬8) يريد الكن أو الكساء، وكافات الشتاء نظمها الحريري في قوله: جاء الشتاء وعندي من حوائجه ... سبع إذا القطر عن حاجاتنا حبسا كن وكيس وكانون وكأس طلا ... مع الكباب وكفّ ناعم وكِسا

ومُنزِلونا ما لهم عن سوى ... الأزمةِ والإعسارِ تحديثُ كانَ بعُذرِ المَحْل منعُ القِرى ... منهمْ، وزاد المنعُ مذ عيثوا هذه، أبقاك اللهُ، جرَتْ على اللّسان، وخَلَتْ من الإحسان، لكنّها دَلّت (¬1) على ما في النفْس، وشَغَلت جانبًا (¬2) من الطِّرس، واقتدَى النثرُ بنظمِها، [وقرَّبَها عجفاءَ لا مُخَّ في] عظمِها، ولولاها لمَسَّه (¬3) الإعياء، وطال عليه العناء، وهي وإن لم تكنْ [فيها إجادة] ولا على وَهْنِها (¬4) زيادة، [فإنّها مألوفةٌ معتادة؛ إنّما الهوَسُ عَروض، [هو بأرضِنا] حُوشيٌّ مرفوض، غاصَ الفِكرُ في آسنِه، فاستَخرجَ بعضَ دفائنِه، [واسمَع إن أردتَ، ورِد] ولا ريَّ إن ورَنتَ [من الدوبيت]: أحبابَ فؤادي كم أقاصي الضُّرّا ... لاصبرَ على فراقِكم لا صَبْرا عودوا للمغاني (¬5) وأعيدوا الهجْرا ... قد مِتُّ وقُربُكم حياةٌ أخرى * * * بالله قِفوا إن أزِفَ التوديعُ ... فالقلبُ بصَنع شملِنا مصدوعُ ذا حَرُّ الزوالِ في الحشا مجموعُ ... والإبرادُ في صَلاتِه مشروعُ * * * يا برقَ اللِّوى بالأُفق الشَّرقيِّ ... ذاك المُنحنى من سُيُل الوَسْميِّ قد أعشَبَ فامضِ منه للعُشْبيِّ ... بالطّيبِ من سَلاميَ العِطْريِّ * * * لله عليٌّ من فتى فتّانِ ... بالنظم وبالنثرِ وما هذانِ إلابعضُ ما فيه من الإحسانِ ... ينأى وهو بالودّ قريبٌ دانِ ¬

_ (¬1) في الرسائل: "ولكن قد دلت". (¬2) في الرسائل: "مكاناً". (¬3) في الرسائل: "لمسها". (¬4) في الرسائل: "وهيها". (¬5) في الرسائل: "للقاء".

كيف يظُنُّ أنّ الزمانَ غيرُ وَلّاد؟ وأن بلادًا تمتازُ عن بلاد؟ جاءتك وكأنّها في دجلةَ عَبَّت، ومعَ صَبا نجدٍ هبَّت، وبينَ العُذَيْب وبارقٍ نشَأتْ وشَبَّت، أو كأنّها (¬1) ترنَّمَ بها السَّفْرُ في وادي العقيق، أو حَدَا (¬2) بها الحادي إلى البيتِ العتيق، فإن عجَمتَ عُودَها، واختَبزتَ نقودَها، وجَدتَها تستحقُ الإهانة، وتنتسبُ إن صَدَقت إلى برشانة، بفِنائها مولدُها، وفي مائها مورِدُها (¬3)، ومنها يليقُ أن يكونَ مُنشِدَها، فاجعَلْها مخطوبةً لليبروح (¬4)، وقد خَلَعَ عليها خِفّةَ العقل وثِقَل الرُّوح، ومرَّتْ (¬5) بك فخالَسْتَها نظرًا، وطرَحتْ منها قَذَرًا، وولَّيتَها ظهرَك، وقليتَها دهرَك، وإن عُقِدَت على هذه المختصة، فلا بدَّ من طلاقِها على المِنَصّة، ثم تَفقِدُ الخاطبَ وهيَ حِلّ، وتُهجَرُ كأنّها في البيت صَلّ، أو من الميِّت لحمُ مُصِلّ (¬6)، سيِّدي، حفِظكم الله (¬7)، كان الوصُولُ (¬8) من المَرِيّة حرَسها الله (¬9)، وإنها لَمثابةٌ وأمن، بل جنّة (¬10) وعَدن، أحفَى مقامَها العليَّ أيدَه اللهُ المسألة، ورفَعَ بمحلِّه الشّريف المنزلة، وودَّعتُه وأنا من بِرِّه مُرتوٍ، وعلى ظهرِ الجاهِ مُستوٍ، وسِرتُ وأنا على الآمال، والشَّغفِ بذلك الجلال، مُنطوٍ ومحُتَوٍ، وبالمَرِيّةِ فارقتُ [الوديعة، ومنها أزمعُ] الرحلةَ السّريعة، وقدِ انفَصَلَ على. خير، واللهُ يكلؤُه في إقامةٍ [وسَيْر؛ ¬

_ (¬1) في الرسائل: "أو كأنما". (¬2) في الرسائل: "وحدا". (¬3) هذه السجعة ساقطة في الرسائل. (¬4) راجع ما كتبه الدكتور ابن شريفة حول هذا المنبوز باليبروح في كتابه: أبو المطرف، ص 108. (¬5) في الرسائل: "وقدر أنها مرت". (¬6) في الأصل: "يصل". (¬7) في الرسائل: "أعزك الله". (¬8) في الرسائل: "وصولي". (¬9) الدعاء ساقط في الرسائل. (¬10) في الرسائل: "جنة للآمل".

وأنا الآنَ] بين يدَيْ خروجي إلى بَسْطةَ بمشيئةِ الله (¬1) وإعانتِه، ويقال (¬2): [إنّ هذا المكانَ] أشدُّ إخافةً مما كان، واللهُ يدفَعُ المرهوب، ويكفيها الخطوب، بمنِّه. [فأجابَه] أبو الحَسَن العُشْبيُّ رحمهما الله: السيِّدُ الأوحَد العِماد [أبقاهُ اللهُ] وأطال ثناءه، والبيانُ يقفُ ببابِه متى شاءه، ويَنشُرُ مِلحَه ويُملِحُ [إنشاءَهُ] ولا زال عَلَمًا يُهتدَى به، ومَعلَمًا يُقتدَى به بآدابِه، [أما] فيما قرَّطَني به وشَنَّفَني، [وقَرَّظَني] وشرَّفَني، فقد وقَفَني موقفَ خَجَل، وألحَفَني مِطرَفَ وَجَل، فسامَني من الجواب شططًا، وطالَبَني بحُرِّ المتاع وما أجدُ إلا سَقَطًا، ولمّا وَصَلَ الكتابُ المرقَوم، والرحيقُ المختوم، اجتَلَيْتُ منه الأبيات، أو الآيات، وأنشَدتُ الأشعار، أو الأسحار، وكان عَزْمي ألا أكتُبَ، ثم خِفتُ جلالَه أن يحتَب، والعياذُ بفضلِه من أن يَعتِب، وهلُمَّ أيّها المَوْلى إلى الإنصاف، واعدِلْ إلى العدلِ الحميدِ الأوصاف، متى سوبقتِ الجِيادُ بالأعيار، وقيسَ الصُّفْرُ بالنُّضَار؟ وكيف وأنت رَيْحانةُ قُريش (¬3) التفَّتْ عليك بطحاؤها، واقتفَتْ آثارَك فُصحاؤها، وعُرِفتْ بك طُرُقُ البلاغةِ وأنحاؤها، وأنا وما أنا؟ نَسَبٌ في البرابرِ عريق وسببٌ من التعليم لا ممتدٌّ ولا وثيق، درجَتُ حيث جفاءُ الطّباع، وجفارُ التكلّف من الانطباع، والقساوةُ يلينُ الصَّخرُ وما تلين، والغَباوة يَبِينُ الصُّبحُ فما تَستبِين (¬4) [من الكامل]: بلدُ الفِلاحةِ لو أتاها جَروَلٌ ... أعني الحُطيئةَ لاغتَدى حرّاثا (¬5) ¬

_ (¬1) في الرسائل: "إن شاء الله". (¬2) في الرسائل: "ويقال: إن طريقها يقعد عليه الكافر، ويتحاماها المسافر، وعلم الله ما في النفس من ركوب الغرر ووجل الورد والصدر، والله يدفع المرهوب، ويكفينا النوائب والخطوب، وهو تعالى يديم بقاءكم، ويحفظ إخاءكم والسلام". (¬3) يشير إلى نسب أبي المطرف المخزومي. (¬4) في الأصل: "القساوة تلبس الصدر وما تلين، والغباوة بين الصبح فما يستبين"، وفي هذا تحريف لعل صوابه ما أثبتنا. (¬5) البيت لأبي تمام.

وعلى ذلك فقد أدلَلْت، ولم أدع أن قُلت [من السريع]: قد سُمِعَتْ تلك الأحاديثُ ... فالقلبُ مفؤودٌ ومجؤوثُ آياتُ أبياتٍ لها الزهرُ مبـ ... ـــــــــــثوث وسحر الشعر منفوث ورقعةٌ أو حُلةٌ أو بقلٌ ... حدائقٌ مسطورُهُ ميثُ إيهِ على العهدِ فما حَلَّ مِن ... عقودِه بعدَك تنكيثُ ذاك الهوى ما حالَ عن حالِهِ ... وشُكرُ ذاك المجدِ مبثوثُ وخُذْ أحاديثَ هُيَامي وما ... يُحصيهِ تحديثٌ وتبثيثُ مغترِب في أهلِهِ كربُهُ ... مُقتبلٌ واللهوُ مجدوثُ وسابقُ العَبرةِ في سَمعِهِ ... عن خاطبِ السَّلوة ..... ــــــــــــثُ لأسلمَتْ أيدي المطايا فمِن ... تحثيثها للصبرِ تجثيثُ هيهات أين الصَّبرُ لا أينه ... وأصلُهُ للبَيْنِ مجثوثُ يا أيُّها الفردُ الذي فضلُهُ ... فضلانِ: مكسوبٌ وموروثُ عُذرًا وفي أكنافِ تلك العُلَى ... للعذرِ تمهيدٌ وتدميثُ يا سيِّدي، كيف رأيتَ زَبْرًا، {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} [الكهف: 72] [إنّ من البيانِ] لسِحرًا، وإنّ من السِّحرِ لشعرًا، رفّهْ أيُّها السيِّد في اقتضائك، أو عامِلْ نُظراءك ومَن لكَ بنُظرائك؟ فإنّي أُنفقُ عن عُسر، وأستمِدُّ من نَزْر، وبيدِك زِمامُ الكلام، ولك طاعةُ النثرِ والنظام، تلعَبُ بعَروضِه، وتكسو مرفوضَهُ حلّةَ مفروضِه، بَيْنا أنا في تلك الحديقة أقطِفُ زهرًا، وأنشُقُ عبيرًا وعنبرًا، عثرتُ بذلك العَروضِ فلعِبَ بي وزنُه، وتوعَّر لي حَزْنُه، وبعدَ لأي ما فهِمت، وجُلت في معانيه فهِمت، وكلَّفتُ الخاطرَ شيئًا منه فعَجَز، وأكرهتُه فأبى إلا الرَّجَز، ولحقِّ الأدبُ لم أدَعْهُ، وقد جاء منه هذَيانٌ فإن نشِطتَ فاسمَعْهُ [من الدوبيت]:

يامَن لبعاده هجرتُ الأُنسا ... قد خِفتُ لغربةِ الهوى أن أُنسَى هذا كمَدي أضحَى كما قد أمسا ... وحدي كَلَفي سرَّ العذولَ أم ما من يمنَعُ محتومَ القضا من يمنَع ... قالو الصبرُ أولى قلتُ غَيري يُخدَعْ يا بينُ كمَ أدعو وست تَسمَع ... اردد سَكَني وما أردتَ فاصنَعْ أقسمتُ بذمة الهوى إن عادوا ... واستوطن رَبْعَ صدرِه الفؤادُ لا نال قيادي بعدَهم بعادُ ... عزمي حملي والقربُ منهم زادُ الله عليكم يا بريقَ نجدِ ... امرُر باللوى على الكثيبِ الفردِ واخبِر خبرَ الحيِّ الجميعَ بعدي ... هل عندهم من الأسى ماعندي واخصُض بالشِّيم عاطرَ الشميمِ ... وافضُضْ خاتمَ الغمام بالغميمِ حيث رَسَا العلاءُ في مخزومِ ... رَيْحانةُ ذاك النفَرِ الكريمِ هل تعرفُ من أريدُ إن أُعرِّفِ ... جُزْ بابن عَمِيرةٍ أبي المُطرِّفٍ واشرَح كَلَفي لهُ ولا تُحرِّفْ ... واسرُدْ ما شاهدتَ جوًى وصنِّفِ ...... الجلال بالإحلالِ ... واستكمِلْ ثناءَ ذلك الكمالِ ...... إحسانه والمَآلِ ... مالي من يد بما أنالُ ما لي [لقد طابَ] هواءُ المشارق، واعذبَّ شِربُ العُذَيب وبارِق، أمَا شارفتَ [الخيامَ وجَزعاءَ حِماها] وسَمِعتَ من صَباها ما تقولُ خُزاماها، وأنّى وبينَ بلادينا زَرُود ... هو إلا حقُّ الطاعة، وطَوْقُ الاستطاعة، ومبلَغُ البضاعةِ المُزْجاة، ... المُرْجَاة؛ والسيِّدُ الأوحَد أعلى اللهُ مقدارَه، وأدنى دارَه، يَقضي [بتكلُّفِها] ويُسامحُ في تخلُّفِها، فهل هي إلا ضَرّةُ تلك المخطوبة، وعنوانُ فضيحتِها المحجوبة، غذِيَتْ بطَبْع أبيها، وطلبت أوصافَه تشبيهًا، وستجدُ ذلك عِيانًا فيها، فإذا عَرَضَتْ إليه، وعُرِضَت بين يدَيْه، فلَيَصرف وصَلَها، ولْيُلقِ على غاربِها حبلَها، وليَغقِدْ على هذه الجِنانية الجَيّانية يدَ الضَّنَانة يجِدْها أحقَّ بها وأهلَها،

14 - علي بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن موسى الأنصاري الخزرجي، فاسي، إشبيلي الأصل سكن سبتة ومراكش وغيرهما، أبو الحسن، ابن الحصار روى عن أبيه وأبي الجيش مجاهد بن محمد، وآباء عبد الله: ابن حميد وابن زرقون وابن الفخار، وآباء القاسم: ابن حبيش وابن رشد الوراق والسهيلي، وأبوي محمد: الحجري [وعبد الحق الأزدي]

وأمّا تلك الهديُّ فقد طلِّقت لها العقائل، وأيمت الحرائرُ والحلائل، وإنّما هي عَقيلةُ الشَّرفِ والمجد، ومُطيلةُ الكَلَفِ والوَجْد، فعليّ أن أصحَبَها بالمعروف، وأعرِفَ ما لها من الشُّفوف، وأعُدُّها ذخيرةَ الأبد، ووصيّةَ الوالدِ للولَدَ، لو رأيتُني أقلِبُها وأقبِّلُها، وأتألّمُ لها حين أتأمّلُها، وأقولُ: أيُّ حُليٍّ لو صادَفَ جِيدًا، ومحَلِّ شُكرٍ لو وجَدَ مُجِيدًا، وقد وكَلْتُ الأمرَ إليه، وألقيتُ بيدي ثقةً بما لدَيْه، ثم أعودُ إلى المهمِّ المقدَّم من ذكْرِ أشواقي المؤلمة، وحُرَقي المضرَمة، برَّدَ اللهُ ببَردِ ماءِ اللقاءِ أُوارَها، وأخَذ لي بثأرِها من الفِراق فهو أثارَها، وأسألُ: كيف كانت حالُه في تلك المسالكِ المَهالك، وتخَلُّصُ سَناه من ظُلمِها الحوالك؟ وأمّا سُحَيْم فقد ظَهَرَ بغَرناطةَ حَمِيدَ الحال، شاكرًا لحُسن الصُّحبة وجميل الارتحال، وأنا رهينُ شُكرِها يدًا كبرى، وعارفةً أخرى، واللهُ يكنُفُ مولايَ بعَيْنِه وعَوْنِه، ويكفُلُه بحفظِه وصَوْنِه، ويديمُ علاءه، ويحرُسُ تصفيقَه على المعالي واستيلاءه. والسلامُ الكريمُ يخُصُّه به صَنيعتُه المُباهي بتنويهِه، الشاكرُ لأياديه التي أشارت بتنبيهِه، العُشْبيُّ، ورحمةُ الله وبركاتُه. 14 - عليُّ (¬1) بن محمد بن محمد بن إبراهيمَ بن موسى الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ، فاسيٌّ، إشبيليُّ الأصل سَكنَ سَبْتةَ ومَرّاكُشَ وغيرَهما، أبو الحَسَن، ابنُ الحَصّار. رَوى عن أبيه (¬2) وأبي الجَيْش مجُاهدِ بن محمد، وآباءِ عبد الله: ابن حَمِيد وابن زَرْقون وابن الفَخّار، وآباء القاسم: ابن حُبَيْش وابن رُشْد الوَرّاق والسُّهيْليِّ، وأبوَيْ محمد: الحَجْريِّ [وعبد الحقِّ الأزْديّ]. ¬

_ (¬1) ترجمه المنذري في التكملة 2/الترجمة 1359، وابن الأبار في التكملة (2865)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 256، والذهبي في المستملح (722)، وتاريخ الإسلام 13/ 319، والصفدي في الوافي 22/ 131، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (518). (¬2) انظر ما هي صلته بابي بكر محمد بن علي الحصار الإشبيلي المتوفى بمراكش سنة 579 هـ والذي كان من كتاب دار الأشراف (الديوانة) في عهد الخليفة يوسف بن عبد المؤمن. انظر المغرب 1/ 279، والبيان المغرب (128)، ونظم الجمان (139)، والمن بالإمامة (204).

رَوى عنه بمَرّاكُشَ أبو عبد الله محمدُ بن عبد الله بن [عبد العزيز الخَرُوف] وأبو العبّاس بن أحمد بن عبدِ الله ابن العَزّام، وأبو عليّ حَسَنُ بن عليّ [الماقَريّ] وأبو محمدٍ عبدُ العالي بن محمد الوزرواليّ، وبسَبْتَةَ أبو عبدِ الله [الأزْديُّ] (¬1). ورَحَل بأخَرةٍ إلى المشرِق وحَجَّ وجاوَرَ بمكةَ كرَّمها اللهُ [مُدّة وجالَسَ علماءها] في مجالسِهم، كأبي شُجاع زاهِر بن رُستُم بن أبي الرَّجاء الأصبَهانيِّ، وأبي [عبدِ الله] بن إسماعيلَ (¬2) بن عليّ بن أبي الصَّيْف، وأبي محمدٍ يونُسَ بن يحيى الهاشميِّ وغيرِهم، ثم انتقَلَ إلى طَيبةَ، شرَّفَها الله، فجاوَرَ بها، وعَظُمَ صِيتُه هناك، وجَلَّ قَدرُه وعُرِف فضلُه، وأُخِذ عنه العلم، فممّن رَوى عنه هناك أبو عبد الله بنُ عبد الكريم الجُرشيُّ (¬3)، وأبو محمد عبدُ العظيم بن عبد القويِّ المُنذِريُّ (¬4). وكان محدِّثًا راويةً فقيهًا عارفًا بأصُولِ الفقه، متحقِّقًا بعلم الكلام، ذا حظًّ وافر من علوم اللِّسان وقَرض الشّعر. وله مصنَّفاتٌ أفاد بها، منها: مقالةٌ في إعجازِ القرآن، و"الناسخ والمنسوخ"، وهو ثلاثةُ أوضاع: الأكبرُ والأوسَطُ والأصغر، و"تقريبُ المدارك في وَصْل المقطوع من حديثِ مالك"، و"بيانُ البيان في شرح البُرهان"، ومقالةٌ في النَّسخ على مآخِذ الأصُوليِّينَ، و"تقريبُ المَرام في تهذيبِ أدلةِ الأحكام" في أصُول الفقه، ومصنَّفٌ في عِلم الكلام، و"مقالةٌ في الإيمانِ والإسلام"، وعقيدةٌ سمّاها "تلقينَ الوليد وخاتمةَ السَّعيد"، وشَرَحَها في أربعة مجلَّداتٍ متوسِّطة، و"مقالةٌ في الحَيْض والنِّفاس"، إلى غيرِ ذلك من ¬

_ (¬1) قال ابن الزبير: وذكره شيخنا القاضي أبو عبد الله الأزدي وذكر له عدة تواليف .... ووصفه بالعلم، وذكر أن له رحلة حج فيها وأنه قرأ عليه وسمع وأجاز له وأسهب في الثناء عليه. (¬2) هو محمد بن إسماعيل. (¬3) في الأصل: "الحرشي"، وترجمته في السفر السادس من هذا الكتاب (الترجمة 1064) وفيها أنه أخذ عن أبي الحسن ابن الحصار المراكشي المجاور بحرم الله الشريف. وقال ابن الزبير: وذكره شيخنا الحاج أبو عبد الله بن عبد الكريم الجرشي فيمن لقيه بمكة شرفها الله وسمع عليه بتاريخ بذي قعدة من سنة 606 وأثنى عليه. (¬4) ينظر كتاب الدكتور بشار عواد: المنذري وكتابه التكملة، النجف 1968 م.

المصنَّفاتِ التي جلَّ مَغْزاها وعَظُمت جَنواها، ودَلّت على وُفور علمِه وإدراكِه ومتانةِ معارِفه (¬1)، ودَخَلَ الأندَلُسَ وأخَذَ بها عنه بعض ما كان عندَه. أنشَدتُ على شيخِنا أبي عليّ الماقَريِّ رحمه اللهُ بثَغْرِ اسَفي حمَاهُ الله في أواخِر جُمادى الأخرى من سنة ثلاثٍ وستّينَ وست مئة، قال: عرَضتُ عليه، يعني أبا الحَسَن ابنَ الحَضار هذا، قصيدتَه الرائيةَ التي قالها في المدنيِّ والمكيِّ من سُوَرِ القرآن، وهي اثنانِ وعشرونَ بيتًا، وذلك في شهرِ ذي الحجّة من سنة ستٍّ وتسعينَ وخمس مئة، وهي قولُه (¬2) [من البسيط]: يا سائلي عن كتابِ الله مجُتهدًا ... وعن ترتُّب ما يُتلَى من السُّوَرِ وكيف جاء بها المختارُ من مُضَرٍ ... صلَّى الإلهُ على المختارِ من مُضَرِ [وما تقَدَّم منها] قبلَ هجرتِهِ ... وما تأخَّرَ في بَدوٍ وفي حضرِ [ليُعلمَ النَّسَخَ] والتخصيص مجتهدٌ ... يؤيِّدُ الحُكمَ بالتاريخ والنظرِ [تعارَضَ النقلُ] في أُمِّ الكتابِ وقد ... توَلَّت الحِجرَ تنبيهًا لمعتبرِ [أُمُّ القرَانِ وفي أُمِّ] القُرى نزَلتْ ... ماكان للخَمسِ قبلَ الحمدِ من أثرِ [لو غابَ] ذاك لكان النَّسَخُ أوّلَها ... ولم يقُلْ بصريح النَّسخ من بشَرِ (¬3) ¬

_ (¬1) نقل ابن الزبير رأيًا الأبي الحسن الشاري في مؤلفات المترجم يختلف عن رأي ابن عبد الملك وغيره، قال: "وذكره الشيخ أبو الحسن الغافقي وأنه حضر عنده تدريس البرهان لأبي المعالي وموطإ مالك وذلك بمدينة سبتة، قال: وله تواليف لا أرضاها، ولم يرو عنه". (¬2) أورد السيوطي في "الإتقان" القصيدة المذكورة ومهد لها بما يلي: "قال أبو الحسن الحصار في كتابه الناسخ والمنسوخ: المدني باتفاق عشرون سورة، والمختلف فيه اثنتا عشرة سورة وما عدا ذلك مكي باتفاق، ثم نظم في ذلك أبياتًا فقال: يا سائلي عن كتاب الله مجتهدًا ... وعن ترتب ما يتلى من السور" (¬3) لم يرد هذا البيت في الإتقان.

[وبعد] هجرةِ خيرِ الناسِ قد نزَلَتْ ... عشرونَ من سُوَر القرآنِ في عشرِ فأربعٌ من طِوالِ السَّبع أوّلُها ... وخامسُ الخَمْس في الأنفالِ ذي العِبَرِ وتوبةُ الله إن عدَّدتَ سادسةٌ (¬1) ... وسورةُ النُّورِ والأحزابِ ذي الذِّكرِ وسورةٌ لرسولِ الله (¬2) مُحكَمةٌ ... والفتحُ والحُجُراتُ الغُرُّ في غُرَرِ ثم الحديدُ ويتلوها مجادلةٌ ... والحشرُ ثم امتحانُ الله للبشرِ وسورةٌ فضَحَ اللهُ النِّفاقَ بها ... وسورةُ الجَمْع تَذكارًا لمُذَّكِرِ وللطلاقِ وللتحريم حُكمُهما ... والنّصرُ والفتحُ تنبيهًا على العمرِ هذا الذي اتّفقتْ فيه الرُّواةُ لهُ ... وقد تعارضَتِ الأخبارُ في أُخَرِ فالرعدُ مختلَفٌ فيها متى نزَلَتْ ... والأكثرونَ يقولُ (¬3): الرعدُ كالقمرِ ومثلُها سورةُ الرحمنِ شاهدُها ... ممّا تضمَّن قولُ الجنِّ في الخبرِ وسورةُ للحَواريِّينَ قد عُلِمت ... ثم التغابُنُ والتطفيفُ ذو النُّذُرِ وليلةُ القَدر قد خُصت بمِلّتِنا (¬4) ... ولم يكنْ بعدَها الزّلزالُ فاعتبرِ وقُلْ هُوَ اللهُ من أوصافِ خالقِنا ... وعُوذتانِ ترُدُّ البأسَ بالقدرِ وذا الذي اختَلَفت فيه الرواةُ لهُ ... وربّما استُثنِيَتْ آيٌ من السُّورِ وليس كلُّ خلافٍ جاء معتبَرًا ... إلا خلافًا له حظٌّ من النظرِ قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: هكذا أخَذْنا هذه القصيدةَ عن شيخِنا أبي عليّ [الماقَريِّ] اثنينِ وعشرينَ بيتًا كما ذَكَرَ، وكذلك وقَفْتُ عليها في غير موضع ¬

_ (¬1) في الإتقان: "إن عدت فسادسة". (¬2) في الإتقان: "لنبي الله". (¬3) في الإتقان: "وأكثر الناس قالوا". (¬4) في ص: "بملتها".

15 - علي بن محمد بن يقديران، بياء سفل مفتوح وقاف [معقود] ودال غفل وياء مد وراء وألف ونون، اللمتوني، أبو الحسن

بخطِّ غيير واحدٍ من الجِلّة، وقد وقَفْتُ عليها بخطِّ آخَرِينَ منهم بزيادة بيتٍ قبلَ الأخيرِ منها، وهو قولُه: وماسِوى ذاك مكيٌّ تنَزلُّهُ ... فلا تكنْ من خلافِ الناس في حَصَرِ وكذلك وقَفْتُ عليها في كتابِ "النَّسخ" لهُ فاعلَمْه، واللهُ الموفِّق. [توفِّي] ابنُ الحَصّار، وقال فيه ابنُ الأبّار: الحَصّارُ، في نحوِ العشرين [وست مئة (¬1) رحمهُ] الله، ودُفن بالبقيع وبِيعت هناك كُتُبُه على ما ذَكَرَ لنا [بعضُهم نقلًا عمّن] أخبَرَه بذلك. 15 - عليُّ بن محمد بن يَقديران، بياءٍ سُفْل مفتوح وقافٍ [معقود] ودالٍ غُفْل وياءِ مَدّ وراءٍ وألِف ونون، اللَّمتُونيُّ، أبو الحَسَن. رَوى [بإشبيلِيَةَ؟ عن] أبي بكرٍ ابن العَرَبي. 16 - عليُّ (¬2) بن مَرْوانَ بن عليّ الأسَديُّ، بُونيٌّ قُرطُبيُّ [الأصل، انتَقلَ منها] أبوه فاستَوطنَ بُونُه، أبو الحَسَن. وهو وَلدُ أبي عبد الملِك البُونيِّ (¬3) [القُرطُبي]. رَوى عن أبيه، رَوى عنه أبو محمد بنُ خَيْرونَ القُضَاعيُّ، وأُراه لقِيَه ببَلَنْسِيَة. 17 - عليُّ (¬4) بن موسى بن حَمّاد بن عبد الرّحمن الصُّنْهاجيُّ، عُدْويٌّ، سَكَنَ غَرناطةَ حينَ استُقضيَ أبوه منها، ثم انتَقلَ بانتقالِه إلى قضاءِ الجماعة بمَرّاكُش، أبو الحَسَن. ¬

_ (¬1) هكذا قال، فذكر ابن الأبار في حدود سنة عشر وست مئة، وكله غير دقيق، وقد أرّخ الحافظ المنذري وفاته في شعبان من سنة 611 هـ، وهو الصواب (التكملة 2/الترجمة 1359). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2847). (¬3) ترجمه ابن بشكوال في الصلة (1349) وفيه مصادر ترجمته. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2850)، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 479، والمراكشي في الإعلام 9/ 56.

18 - علي بن يحيى بن سعيد بن مسعود بن سهل الأنصاري، تلمسيني قلني الأصل، سكن إشبيلية ومراكش وغيرهما من بلاد العدوتين، أبو الحسن القلني

تفَقّه بأبيه وغيره. وكان من أهل العِلم والأدب والنَّباهة. مَوْلدُه سنةَ ثلاثٍ وخمس مئة. وتوفِّي بفاسَ سنةَ أربعٍ وستينَ وخمس مئة. 18 - عليُّ (¬1) بن يحيى بن سَعِيد بن مَسْعود بن سهْل الأنصاريُّ، تلمسينيٌّ قَلَنِّيُّ الأصل، سَكنَ إشبيلِيَةَ ومَرّاكُشَ وغيرَهما من بلادِ العُدْوتَيْن، أبو الحَسَن القَلَنِّيّ (¬2). رَوى عن أبي الحَسَن بن أبي قَنُّون، وأبي عبد الله التُّجِيبيِّ وتدَبَّج معَه. وكان فقيهًا أديبًا حَسَنَ الخَطّ في الطريقتَيْنِ: الشَّرقيّة والغَرْبية. وله اختصار جيِّدٌ في "الإشراف" لإبن المُنذِر (¬3) ودرَّس بجامع قُرطُبةَ زمانًا، أنشَدَ عليه أبو عبد الله التُّجِيبيُّ من قولِه [من الطويل]: ورائعةٍ (¬4) للشَّيبِ راعَ طلوعُها ... فأنزلتُها بالقصِّ (¬5) في المنزلِ الأقصى فنادى لسانُ الحالِ: مهلًا فإنّها ... بريدٌ لجَمع (¬6) خلفَها جاء لا يُحصَى (¬7) ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2864)، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 484. (¬2) منسوب إلى قَلَنّة من حيز سرقسطة. (¬3) كتاب "الإشراف" لأبي بكر ابن المنذر أخذه عن مؤلفه جماعة من الأندلسيين وأدخلوه إلى الأندلس ومنهم منذر بن سعيد البلوطي (جذوة المقتبس ص 514)، وأبو حفص عمر بن الرفاء البجاني (الصلة 2/ 5). (¬4) في التكملة: وراعية، وفي الأصل: وداعية، ومما قيل في الرائعة قول الشاعر: أهلًا برائعة للشيب واحدة ... تنفي الشباب وتنهانا عن الغزل (¬5) في التكملة: "بالقصر". (¬6) في التكملة: "تزيد بجمع". (¬7) هذا مثل قول أبي الحسن الطرابلسي: (الخريدة، ق 4، 1 ج/ 129). وزائرة للشيب لاحت بعارضي ... فبادرتها بالقطف خوفًا من الحتف فقالت: على ضعفي استطلت ووحدتي ... رويدك حتى يلحق الجيش من خلفي فلم يك إلاعن قريب فأقبلت ... وعمت جميع الرأس رغمًا على أنفي

19 - علي بن يحيى بن القاسم الحميري الصنهاجي، ويقال: البطوئي

19 - عليُّ (¬1) بن يحيى بن القاسِم الحميَريُّ الصُّنهاجيُّ، ويقال: البُطُّوئيُّ. استَوْطنَ الجزيرةَ الخضراء، وقال ابنُ الأبّار: أصلُه من بلادِ الرّيفِ مما يُحاذي أرضَ غُمارة، أبو الحَسَن الجَزِيريُّ. رَوى بالجزيرةِ عن أبي عبدِ الله القُبَاعيّ (¬2). رَوى عنه ابنُه عبدُ الرحمن (¬3) وأبو العبّاس بنُ محمد المَوْرُوريُّ. وكان صالحًا متواضعًا مُثابِرًا على الأعمالِ المبرورة من أهل المُجاهَدة والأوراد، فقيهًا حافظًا، مدرِّسًا، عاقدًا للشُّروطِ نافذًا في معرفتِها، ومصنَّفُه فيها الذي سَمّاه: "المقصدَ المحمود في تلخيصِ العقود"، من أنبَلِ [ما أُلِّف في ذلك] وأصدقِه دِلالةً على تمكُّن معرفةِ مصنِّفِه، وكان تصنيفُه [تحريضًا لابنِه أبي] القاسم عبدِ الرّحمن على التلبُّس بكَتْبِ الوثائق والارتسام بفيها، وقد كثُرَ استعمالُ الناسي إيّاه واعتَمدوهُ وآثَروه على غيره ممّا صُنِّف في بابِه. [وَليَ أبو الحَسَن القضاءَ] بالجزيرةِ الخَضْراء، وتوفِّي بها في ربيعٍ الأول من سنة خمس وثمانين وخمسِ مئة [وهو ابنُ ستينَ سنةً] أو نحوِها. 20 - عليُّ ابنُ المَقْدِسيّ، شَرقيٌّ، دخَلَ الأندَلُسَ. كان من أهل [الطِّبِّ والمعرفةِ] بأسبابِه، وله انتسَخَ بالمَرِيّة إبراهيمُ بن عَتِيق بن دَيْسَم (¬4) "طبقاتِ الحُكماءِ والفلاسفةِ والأطبّاء" (¬5) جَمعَ سُليمان بن جُلجُل سنةَ سبع وتسعينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2855)، والغبريني في عنوان الدراية (58)، ومخلوف في شجرة النور (158). (¬2) هو محمد بن أحمد بن محمد الغافقي، تقدمت ترجمته في موضعه من السفر السادس، وهو مترجم في التكملة الأبارية (1441) وغيرها. (¬3) توفي سنة 608 هـ وهو ابن أربع وخمسين سنة، وترجمه ابن الأبار في التكملة (2347)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 351، والسيوطي في البغية 2/ 84. (¬4) في الأصل: "ديسور"، محرف، وقد تقدم ذكر وراق من هذه الأسرة اسمه علي بن محمد بن ديسم في السفر الخامس من هدا الكتاب. (¬5) ينظر الاختلاف في اسم هدا الكتاب في المقدمة التي كتبها محققه العلامة فؤاد سيّد يرحمه الله.

21 - عمر بن أحمد بن عبد الله بن أحمد، توزري سكن بجاية بأخرة، أبو حفص ابن عزرة، بفتح العين الغفل والزاي

21 - عمرُ (¬1) بن أحمدَ بن عبد الله بن أحمد، توزَريٌّ سَكَنَ بِجَايةَ بأخَرةٍ، أبو حفص ابنُ عَزَرةَ، بفتح العَيْن الغُفْل والزاي. قَدِمَ على الأندَلُس طالبًا العلمَ، فرَوى بقُرطُبةَ عن أبي بكرٍ الأسَديِّ، وأبي الحُسَين بن سِرَاج، وأبي عليّ الغَسّانيّ، وأبي محمد بن عَتّاب، وأبي الوليد العُتْبيِّ، وبالمَرِيّة عن أبي الأصبَغ عبد العزيز بن عبد الملِك بن شَفِيع، وبمُرسِيَةَ عن أبي عليّ بن سُكّرةَ وأكثَرَ عنه وأطال مُلازمتَه، وبشاطِبةَ عن أبي الحَسَن طاهرِ بن مُفوَّز، وأبي عِمرانَ بن أبي تَلِيد، وله روايةٌ عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبي. رَوى عنه ابنُه محمدٌ، وأبو إسحاقَ إبراهيمُ بن محمد بن حَبُوس التَّميميُّ، وأبَوا بكر: ابنُ حُسَين بن عُبّادة وابنُ الفقيه أبي عبد الله محمد بن حَسّان، وأبوا الحَسَن العَلِيّان: ابنُ القاضي الحَسَن بن عليّ وابنُ طاهر، وأبو حَفْص عُمرُ بن فُلفُل، وآباءُ عبدِ الله: ابنُ حَجّاج بن يوسُفَ المنجصيُّ وابنُ القائد أبي الحَسَن بن حَمدون وابنُ عليّ ابن الرَّمّامة، وأبو العبّاس بن يوسُف الجلمانيّ، وأبو العلاء رافعُ بن يوسُف الإسكندَرانيُّ، وأبو القاسم عبدُ العزيز بن عَلُّوش، وآباءُ محمد: طاهرُ بن أحمدَ بن عَطِيّةَ المُرِّيُّ -ويقال فيه: أبو الفَضْل- وعبدُ الله بن محمد بن أبي بكر بن سِبَاع وعبدُ الرحيم بن محمد بن زمرون. ومن الرُّواةِ عنه سوى من ذُكِر: أحمدُ بن عبد الرّحمن بن إبراهيمَ القُرطُبيُّ -لقِيَه بتَوْزَر- وزيريٌّ ابنُ القائد ابن الأعذر، وعبدُ الوهّاب بن خَلَفِ الله بن عبد الواحِد، وعليُّ بن محمد بن سَلمانَ الباهِليُّ، ومحمدُ بن عبد الله بن بُنَيْمان. وكان راوية للحديث مُعوَّلًا عليه في عِلمِه، ضابطًا ثقةً متقنًا، عدلًا فيما يحدِّثُ به، خيِّرًا فاضلًا، ذا أصُولٍ عِتاق عُنِي بانتقائها وبمُعاناتِها جيِّدَ الخَطّ، فقيهًا حافظًا، حيًّا سنةَ ثِنتينِ وثلاثينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1157)، وابن الأبار في التكملة (2644)، وفي معجم أصحاب القاضي الصدفي (251)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 138.

22 - عمر بن أحمد بن عمر السلمي، أراه من ذوي قرابة [القاضي أبي حفص] عمر، أبو علي

ذكَرَه أبو جعفر بنُ الزُّبير في رَسْم زيريٍّ المذكور، وقال: إنه لا يَعرِفُهما، ولم يَذكُره ابنُ الأبّار في أصحابِ الغَسّاني (¬1). 22 - عُمرُ بن أحمدَ بن عُمر السُّلَميُّ، أُراه من ذوي قَرابةِ [القاضي أبي حفصٍ] عُمر، أبو عليّ. رَوى عن أبي العبّاس بن محمد بن مِقْدام (¬2). 23 - عُمرُ (¬3) بن [حَسَن] بن عليّ بن [محمد بن] فَرح (¬4) بن خَلَف بن قُومس ابن مَزْلالِ بن مَلّالِ بن بَدر بن أحمدَ بن دِحْيةَ [الكَلْبيّ] صاحبِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. كذا نقَلتُ نَسَبَهُ من خطِّه، [ولقد قال] فيه تاجُ الدّين رئيسُ النُّحاة بدِمشقَ أبو اليُمن زيدُ بن الحَسَن الكِنْديُّ: [إنه كاذب] فيما ادَّعاه من ذلك، وذَكَرَ أنّ ¬

_ (¬1) يعني: في الكتاب الذي ألَّفه ابن الأبار في أصحاب أبي علي الغساني. (¬2) تقدمت ترجمته في السفر الأول من هذا الكتاب (الترجمة 537)، وفيها ذكر أبي علي عمر بن أحمد السلمي. (¬3) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال 2/ 60، وابن الدبيثي في ذيل تاريخ مدينة السلام 4/ 321، وابن خميس في أدباء مالقة (139)، وابن النجار في التاريخ المجدد، الورقة 97 (من مجلد باريس) وهو في المستفاد منه للدمياطي، الترجمة 160، وسبط ابن الجوزي في المرآة 8/ 698، وابن الشعار في قلائد الجمان 4/ 192، وابن الأبار في التكملة (2649)، وأبو شامة في ذيل الروضتين (163)، ومنصور بن سليم في الذيل 1/ 279، وابن خلكان في وفيات الأعيان 3/ 448، وابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب 5/الترجمة 406، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 141، والذهبي في المستملح (636)، وتاريخ الإسلام 14/ 113، وسير أعلام النبلاء 22/ 389، وتذكرة الحفاظ 4/ 1420، ودول الإسلام 2/ 103، والمشتبه (502)، وميزان الاعتدال 2/ 252، والعبر 5/ 134، والصفدي في الوافي 22/ 451، والفيومي في نثر الجمان 2/ الورقة 75، وابن كثير في البداية والنهاية 13/ 144 وغيرهم، وينظر كتاب الدكتور بشار: المنذري وكتابه التكملة، ص 134 فما بعد (النجف 1968 م). (¬4) قيده الذهبي في المشتبه (502) بفتح الفاء وسكون الراء وآخره حاء مهملة.

دحيةَ -رضي اللهُ عنه- لم يُعقِبْ، [فردّ عليه ابنُ دِحيَةَ] هذا بكتابٍ سَمّاه: "المُرهفَ الِهندي في الردِّ على التاجِّ الكِنْدي"، وأثبَتَ فيه أنّ [دحيةَ] رضيَ اللهُ عنه قد أعقَبَ، وأنه من ذُرِّيتِه، وكذلك كان يُنكِرُ عليه غيرُ واحد من أهل الأندَلُس أنه كَلْبيٌّ، ويقولُ: إنّما هو كَنْبى -بالنون- نسبةً إلى كَنْب: موضع بساحلِ الأندَلُس الشّرقى بمقرُبةٍ من دانِيَة (¬1). وكان يَصِفُ نفسَه بذي النَّسَبَيْنِ بين دِحيةَ والحُسَين، وقَفْتُ عليه من خطِّه أيضًا، وانتسابُه إلى دِحيةَ كما سرَنناهُ قبلُ، فأمّا انتسابُه إلى الحُسَين فهو فيما كان يَذكُرُ أنه سبطُ أبي البَسّام الحُسَيْنيِّ الكُوفيِّ نزيلِ مَيُورقةَ من أمِّ جدَّه، وقد رفَعنا نَسَبَه في موضعِه (¬2). وعُمرُ المترجَمُ به سَبْتيّ، وقيل: قُرطُبيٌّ أو مالَقىٌّ داني الأصل، أبو الخَطّاب، ابنُ الجُمَيِّل، لقَبٌ جَرى على محمدٍ جَدِّ أبيه. تجوَّل كثيرًا ببلادِ الأندَلُس والعُدو والمشرِق واستقَرَّ آخِرًا بالقاهرة في كنَفِ الملِك الكامل، وشهِر فيها وفي البلادِ المشرِقية ببدرِ الدِّين وابنِ الجُمَيِّل. رَوى بالأندَلُس وما صاقَبَها من بَرِّ العُدوة عن أبي إسحاقَ بن قُرقُول، وآباءِ بكر: ابن الجَدّ وابن خَيْر وعبد الرّحمن بن مُغاوِر، وأبوَيْ جعفر: ابن البَلَنْسِيّ وابن مَضَاء، وآباءِ الحَسَن: صالحٍ الأوْسيّ واللَّواتي وابن أبي قَنُّون، ¬

_ (¬1) قال الذهبي: "قرأتُ بخط ابن مَسْدي: كان أبوه تاجرًا يُعرف بالكلبي -بين الباء والفاء- وهو اسم موضع بدانية، وكان أبو الخطاب أو، يكتب: "الكلبي معًا" إشارة إلى البلد والنسب". (تاريخ الإسلام 14/ 116) قلنا: وهذا أصح من "كنبي" بالنون فالاسم معروف إلى اليوم. (¬2) يقول ابن دحية في كتابه المطرب: "وأنشدتني أخت جدي (أو جدتي) الشريفة الفاضلة أمة العزيز ابنة الشريف العالم أبي محمد عبد العزيز بن الحسن ابن الإمام العالم أبي البسام موسى"، ثم رفع نسبه إلى فاطمة الزهراء (المطرب 6) وعبد العزيز بن الحسن هذا مترجم في التكملة الأبارية (2478). وذكر ابن خلكان في ترجمة ابن دحية كان يذكر أن أمه أمة الرحمن بنت أبي عبد الله بن أبي البسام (وفيات الأعيان 3/ 449).

وأبي الحُسَين بن أُبيّ، وأبي خالد بن رِفاعة، وآباءِ عبد الله: ابن بَشْكُوال والبَيْسانيّ وابن حَمِيد، وابن زَرْقُون وابن الصَّقْر وابنِ عبد الله بن حَبَاسة وابن عَمِيرةَ والقبَاعيِّ وابن المُجاهد، وأبي عبد الملِك مَرْوانَ بن عبد العزيز، وأبي العبّاس بن سيِّد، وآباءِ القاسم: ابن بَشْكُوال وابن حُبَيْش وابن رُشْد الوَرّاق، وآباءِ محمد: ابن عُبَيد الله وابن فَرَج وابن مُغِيث وعبد الحقِّ بن بُونُه والقاسم بن دَحْمان، وأبي الوليد الحَسَن ابن المُناصِف. وبالبلادِ المشرِقيّة وأصبَهانَ وبغداد [وواسِطَ وخُراسانَ] ونَيْسابُورَ وسراسَ (¬1) وطموسَ (¬2) وجُرجانَ وساوةَ وأوَه وشِيرازَ ودِمشقَ وبيتِ المَقْدِس وغيرِها. وكانت رحلتُه أفي طلبِ الحديث، أخَذَ فيها عن] أبي إسحاقَ إبراهيمَ بن محمد بن أبي الفَضل الناصِحيّ وأبي جعفرٍ [الصَّيدَلانيِّ] وأبي الفَتْح بن محمد ابن خالَوَيْه، وأبي الحَسَن عبد الرّحيم بن عبد الرّحمن [بن الحَسَن الجرجاني] الشعري (¬3)، وأبي سعد عبد الله بن عُمرَ ابن الصَّفّار (¬4)، وأبي بكرٍ وأبي [.... وأبي] القاسم منصُور بن أبي المَعالي عبد المُنعم بن أبي البَرَكات عبد الله [بن أبي] عبد الله محمد بن الفَضْل الصّاعديِّ الفُرَاويّ (¬5)، وأبي الفَرَج عبد الرّحمن بن ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل، ولم نقف على مثل هذا الموضع. (¬2) هكذا في الأصل، ولعلها "طميس"، بلد من سهول طبرستان، وهي إحدى حدود طبرستان من ناحية جرجان (مراصد الاطلاع 2/ 892). (¬3) توفي سنة 598 هـ (وهو مترجم في تقييد ابن نقطة 358، وتكملة المنذري 1/الترجمة 635، وتاريخ الإسلام 12/ 1146). (¬4) توفي سنة 600 هـ (التقييد لإبن نقطة 327، والتكملة للمنذري 2/الترجمة 817، وتاريخ الإسلام 12/ 1199). (¬5) توفي سنة 608 هـ (التقييد لإبن نقطة 454، والتكملة للمنذري 2/ الترجمة 1212، وتاريخ الإسلام 13/ 201).

عليّ ابن الجَوْزيّ وغيرِهم، وأجاز له أبو الوقتِ عبدُ الأول (¬1)، وحدَّث بالإجازةِ عن أبي الطاهِر السِّلَفيّ. رَوى عنه ابنُه [شَرَفُ] الدِّين أبو [الطاهر محمدٌ] وابنُ أخيه [......] الدِّين [.......] (¬2)، وبالأندَلُس أبو الحُسَين عُبَيدُ الله بن عاصِم الدائريُّ، وبسَبْتةَ أبو العبّاس بن محمد المَوْرُوريُّ، وبتونُسَ أبو عبد الله بنُ عيسى ابن المُناصِف، وبالقاهرة: أبو إسحاقَ بن أحمدَ ابن الواعِظ المَرّاكُشيُّ وأبو الفَضْل أبو القاسم بن عليِّ بن عبد العزيز بن البَراءِ التنُوخيُّ المَهْدَويُّ نزيلُ تونُس. وحدَّث عنه بالإجازة أبو عبد الله ابنُ الأبّار، وأبو الوليد إسماعيلُ ابن الطَّوّاب، وأبو محمدٍ حَسَنٌ ابنُ القَطّان، كتَبَ إليه من القاهرةِ باستدعاءِ أبي إسحاقَ ابن الواعِظ. وكان راويةً للحديثِ شديدَ العناية بلقاءِ المشايخ والأخْذِ عنهم، متّسعَ الرواية، جيّدَ الخَطّ، مُحكَمَ التقييد، ذاكرًا تواريخَ المحدِّثينَ وأخبارَهم حافظًا للآداب، ذا حظّ صَالح من اللغة ومُشاربهة في العربيّة، كثيرَ الشذوذِ في أحوالِه وملبَسِه وشارته، متَّهمًا في روايتِه، مَرْميًّا بالكذِب فيما يحدِّثُ به. واستُقضيَ بدانِيَةَ مرّتَيْنِ، ثم صُرِف عنها لسيرةٍ نُعِيَتْ عليه. ولمّا قَدِم مصرَ استأْدَبَه العادلُ أبو بكر بن أيّوبَ لوليِّ عهدِه الكامِل أبي المعالي محمد. ¬

_ (¬1) هو ابن عيسى السجزي. (¬2) بياض في الأصل لا محو، وقد عرف ابن خلكان ولد المترجم وابن أخيه ونقل عنهما ولكنه لم يكنهما ولم يسمهما. وذكر السيوطي ولد المترجم فيمن كان بمصر من المحدثين الذين لم يبلغوا درجة الحفظ والمنفردين بعلو الإسناد فقال: "شرف الدين أبو الطاهر محمد ابن الحافظ أبي الخطاب عمر بن دحية ولد سنة إحدى وست مئة وسمع أباه وجماعة وولي مشيخة دار الحديث الكاملية وحدث، وكان فاضلاً مات سنة سبعين وست مئة (حسن المحاضرة 1/ 161) وترجم له الصفدي في الوافي مرتين، مرة باسم محمد بن حسن إلخ النسب ومرة أخرى باسم محمد بن الخطاب إلخ وصواب الاسم في المرة الأولى محمد بن عمر بن حسن، وصوابه في المرة الثانية محمد بن أبي الخطاب. انظر الوافي 2/ 353 و 3/ 41.

ولمّا عاد إلى مصرَ من رحلتِه العراقيّة صار لهُ بها عندَ الكامل جاهٌ عظيم وحُظوةٌ عَلِيّة ومكانةٌ كبيرةٌ بَعُدَ العهدِ بمثلِها، ونال بها دُنيا عريضةً، حتى لَيُذكَرُ أنه همَّ بنَصبِه خليفة، وبعَثَهُ رسولًا إلى الخليفةِ الناصِر لدين الله ببغداد، فتلقّاه الناصرُ أحسَنَ تلقٍّ، وقفَى مآربَه التي توجَّه رسولًا إليه بسببِها، وأجَلَّ قدرَه وأجزَلَ صِلتَه، وأنفَذَه رسولًا إلى بعضِ ملوكِ العَجَم وراءَ النّهر، فنَهضَ بذلك وأحسَنَ السِّفارةَ فيه، وعُنيَ هناك بلقاءِ بقايا شيوخ العِلم بتلك البلاد، وناظَرَهم وظهرَ شُفوفُه عندَهم وتبريزُه، وبَعُدَ صِيتُه وبعُدَ أمرُه واستفاضَ [ذكْرُه، وجَمَعَ من] فوائدِ تلك البلاد ومصنَّفاتِ عُلمائها ما لا عَهْدَ لأهلِ بغدادَ [به، ثم استقَرَّ] بالقاهرة. ومن مصنَّفاتِه سوى ما ذُكِر: "الآياتُ البيِّنات [في ذكْرِ ما في أعضاءِ رسول] الله - صلى الله عليه وسلم - من المعجِزات": مجلّد، و"المستوفَى في أسماءِ [المصطفى"]: مجلَّد، و"البِشَاراتُ والإنذارات المتلَقّاةُ من أصدقِ البراءات": [في ثلاثِ مجلّدات] و"أعلامُ النّصرِ المُبِين في المُفاضَلةِ بين أهلَيْ صِفِّين"، و"العَلَمُ المشهور [في فضائل] الأيام والشهور" (¬1). وأنشَدَني شيخُنا أبو محمدٍ حَسَنٌ ابنُ القَطّان رحمه اللهُ عن أبي الخَطّاب ابن الجُمَمل لنفسِه فيما أذِنَ له في روايتِه عنه، وأنشَدَه إياه أبو إسحاقَ ابنُ الواعِظ، قال: أنشَدَني أبو الخَطّاب لنفسِه (¬2) في نَسْخ الأحاديثِ المشهورةِ بالضَّعف [من الطويل]: أحاديثُ نسطورٍ ويُسرٍ ويَغنُمٍ ... وقولُ أشجِّ الغَرْب بعدَ خِراشِ ¬

_ (¬1) انظر في مؤلفات ابن دحية مقدمة النبراس لمحققه المرحوم العزاوي ومقدمة المطرب للأستاذ الأبياري. (¬2) روى ابن رشيد بسنده أن البيتين للحافظ السلفي. انظر أزهار الرياض 2/ 66 وكذلك في لسان الميزان 2/ 447 ونفح الطيب 3/ 66.

ونسخةُ داوب وأخبارُ تربِهِ ... أبو هُدبةَ البصريِّ شبهُ فراشِ (¬1) وأنشَدَ أبو بكرٍ عَتِيقُ بن عُمر بن عليّ القُسَنْطينيُّ (¬2) قال: سمعتُ من لفظِ أبي الخَطّاب، يعني ابنَ دِحيَةَ، قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: ونَسَبَها بعضُهم له [من الكامل]: ذِكْري لطَيبةَ طيِّبِ النفَحاتِ ... والشّوقُ منّي دائُم اللَّفَحاتِ أُهدي لها منّي تحيّةَ مغرَمِ ... تُغني عن التقبيل والرَّشَفاتِ لمَعاهدٍ عهّدت من سُكّانِها ... جِبريلُ يتلو مُعجِزَ السُّوراتِ فلئن كَحَلتُ بكُحلِ تُربةِ طيبةٍ ... طَرفي وفُزتُ برؤيةِ الحُجُراتِ لأُعفِّرَنَ مَصُونَ شَيْبي عندَها ... ما عِشتُ في الغَدَواتِ والرَّوْحاتِ وألوذُ بالقبرِ المقدَّس تُربُهُ ... وأخُصُّ مَن يَحويهِ بالصَّلَواتِ وأقولُ: يا خيرَ الأنام ومَن بهِ ... هديُ العبادِ وخُصَّ بالآياتِ اشفَغ لعبدٍ مذنبٍ من آلِكمْ ... عنهُ تُعبِّرُ ألسُنُ العَبَراتِ فلكَ الشّفاعةُ والمكانةُ والنُّهَى ... ولك الترفُّعُ في عُلى الدرَجاتِ ¬

_ (¬1) في أزهار الرياض ونفح الطيب: حديث ابن نسطور وقيس ويغنم ... وبعد أشج الغرب ثم خراش ونسخة دينار ونسخة تربه ... أبي هدبة القيسي شبه فراش وانظر في هؤلاء السبعة حسب ترتيبهم لسان الميزان 2/ 30 و 6/ 150، 298، 315، 169، 276 و 4/ 132 و 2/ 395، 434 وقد ذيل ابن جابر الوادي آشي البيتين فقال: رتن ثامن والماردي تاسع ... ربيع بن محمود وذلك فاشي وانظر رحلة ابن رشيد 3/ 71، والعقد الثمين للفاسي 5/ 504 - 507. (¬2) ترجمته في بغية الوعاة (966)، وشذرات الذهب 5/ 434، ودرة الحجال 1/ 225، ورحلة ابن رشيد 3/ 155 - 157 تحقيق ابن الخوجة، قال ابن رُشيد: واسمه كنيته.

24 - عمر بن ذمام بن المعتز الضنهاجي اللمتوني، أبو حفص

وأنشَدَني الشّيخُ أبو محمدٍ حَسَن ابنُ القَطّان رحمه الله، قال: أنبأني أبو الخَطّاب -يعني هذا- إجازةً، وأنشَدَنيه عنه صاحبُه أبو إسحاقَ ابنُ الواعِظ، قال: أنشَدَني أبو الخَطّاب [ونَسَبَها] لنفسِه [من البسيط]: [.....] تَأتّى أن يكونَ لهُ .... مالٌ فذلك أعلى الناسِ مِقدارا [....] الأيدي مقدارَ ثروتهِ ... يَزيدُ منزلةً ما زاد دينارا [.......] ولائم على عَدَم ... إنّ الفَتى لم يزَلْ للعَيْبِ سَتّارا [فعِشْ] (¬1) فتًى همُّه إعلاءُ همّتِهِ .... واستغفِرِ الله تلْقَ الله غفَّارا وُلد ببَلَنْسِيَةَ سنةَ ستٍّ وأربعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بالقاهرة لأربعَ عشْرةَ خَلَت من ربيعٍ الأول سنةَ ثلاثٍ وثلاثينَ وست مئة. وقال ابنُ الأبار: بَلَغَني أنه توفِّي بالقاهرة سنةَ أربع وثلاثينَ وست مئة. وقال ابنُ فُرتون: قبلَ الأربعينَ بيسير، قولَ من لم يضبِطْهُ. 24 - عُمرُ (¬2) بن ذَمّام بن المُعتزِّ الضُنهاجيُّ اللَّمتُونيُّ، أبو حَفْص. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرة. 25 - عُمرُ بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن محمد بن إسماعيلَ بن جَمِيل بن نَصْر بن صِمع القُرَشيُ، كذا نقَلتُ نَسَبَه من خطِّه، تونُسيّ، نزَلَ مَرّاكُش، أبو حَفْص وأبو عليّ، ابنُ صِمع. وهو سبطُ المؤدِّب المشهورِ الفَضْل بتونُسَ أبي محفوظٍ مُحرِز (¬3) بن خَلَف بن يَربُوع التّميميِّ. رَوى ببلده عن آباءِ حَفْص العُمَرَيْن: الأنبنونيِّ وابن محمد بن عبد السيّد الهاشِميّ وابن مَيْمونٍ الرَّبَعيِّ ابن الشّعريّة، وأبي ساكِن عامر بن محمد بن عامر ¬

_ (¬1) محو في الأصل، ولعل الممحو قريب مما ذكرنا. (¬2) ترجمه ابن الأبار في المعجم في أصحاب الصدفي (251). (¬3) ترجمه القاضي عياض في ترتيب المدارك 7/ 264 - 269 (طبعة الأوقاف المغربية)، وكتاب مناقبه مع مناقب الجنباني منشور في بارس 1959 م، وتوفي سنة 413 هـ.

التّميميِّ واختَصّ به، وأبي الطاهر إسماعيلَ بن إبراهيمَ القُرَشيِّ ابن الحَدّاد، وآباءِ عبد الله المُحمّدِين: ابن أحمدَ بن عُمرَ الأنصاريِّ وابن طاهِر وابن عثمانَ المؤدِّب ابن الأربسيّ، وأبي العبّاس أحمدَ بن عليّ بن عبد الجَبّار الرَّسُوليّ ابن الخَارِجيّ، وأبي القاسم عبدِ الرّحمن بن عُمرَ بن يسيني، وآباءِ محمد: عبدِ الله بن أبي القاسم، وعبد الحقِّ بن عذارٍ السُّلَميِّ، وعبد السيِّد بن محمد بن عبد السيِّد شقيقِ أبي حَفْص المذكور، وبمَرّاكُشَ وغيرِها: عن أبي بكر ابن الجَدّ، وأبي جَعفر بن مَضَاء، وأبي الجَيْش مُجاهد، وآباءِ الحَسَن: ابن عبد ربه الصِّقِلِّي وابن مؤمن وابن هشام الجُذَاميِّ ونَجَبةَ، وأبي زكريّا المَرجِيقيّ، وآباءِ عبد الله: ابن حَمِيد وابن زَرْقون وابن عَمِيرةَ وابن الفَخّار، وأبي عبد الملِك مَرْوانَ بن عبد العزيز، وأبي العبّاس بن محمد النافِعيِّ، وآباءِ القاسم: ابن أيّوبَ بن تَمّام المالَقيِّ وابن حُبَيْش والسُّهيْليِّ، وآباءِ محمد: ابن عبد الله وابن عبد الرّحمن البَكْريِّ وابن محمدٍ التادَليّ وعبد المُنعم ابن الفَرَس، وأبي الوليد [.......]. [رَوى عنه أبو] الحَجّاج ابنُ الفَتْح، وأبو الحَسَن بنُ أبي إسحاقَ بن عبد العزيز .... وأبَوا عبد الله: ابنُ عبد الله بن عبد العزيز الخَرُوف [وابن .... وأبو] العبّاس بن محمد بن عبد الله بن العَزّام، وأبو يعقوبَ ابن الزَّيّات. وكان [مُنصرِفًا عن] الدُّنيا زاهدًا فيها عن تمكُّن منها، مُجانِبًا خُلطةَ أربابِها [مائلًا إلى التقشُّف مقرِّبًا] للصّالحينَ، متواضِعًا جاريًا على سَنَن السَّلَف الصّالح، راويةً للحديث، من [أهل الضَّبْطِ] والعدالة فيما يَنقُل، متحقِّقًا بالفقه، كتَبَ الكثيرَ على ضعفِ خطِّه، وصنَّف في شواذِّ المذهبِ المالكيِّ مجلَّدًا لطيفًا. توفِّي بعدَ الزّوال يومَ الجُمُعة لأربع بَقِين من جُمادى الأولى سنةَ ثمانٍ وتسعينَ وخمس مئة، وصَلّى عليه أبو زكريّا المَرْجِيقيُّ (¬1)، ودُفن إثْرَ عصرِ يوم السّبت تالي يوم وفاتِه بمقبُرة تامَرّاكُشتَ داخلَ مَرّاكُش إزاءَ شيخِه أبي عبد الله ابن الفَخّار بوصيّةٍ منه بذلك. ¬

_ (¬1) منسوب إلى حصن مرجيق، وهو من حصون شلب.

26 - عمر بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عمر السلمي، أغماتي -أغمات وريكة- فاسي الأصل قديما، شقريه حديثا وقديما، سكن فاس كثيرا وغيرها أحيانا؛ أبو حفص، ابن عمر

قال أبو الحَجّاج ابنُ الفَتْح: رأيتُه رحمه اللهُ تعالى، يعني أبا حَفْص ابنَ صمع، في النّوم بعدَ وفاتِه، فقلتُ له: أين سُكناك؟ فقال: في حارةِ التوفيق (¬1). 26 - عُمرُ (¬2) بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عُمرَ السُّلَميُّ، أغْماتيٌّ -أغماتَ وَريكة- فاسيُّ الأصل قديمًا، شُقْريُّه حديثًا وقديمًا، سَكنَ فاسَ كثيرًا وغيرَها أحيانًا؛ أبو حفص، ابنُ عمر. حدَّث بالإجازة عن جَدِّه للأُمِّ أبي محمدٍ سِبطِ الحافظ أبي عُمرَ بن عبد البَرّ، وتفَقّه بأبيه، ولزِمَ في النّحوِ أبا بكر بنَ طاهر الخِدَبَّ واختَصَّ به كثيرًا، وأخَذ عن أبي عبد الله بن عليّ ابن الرَّمّامةِ طويلًا، ورَوى عن أبي مَرْوانَ بن مسَرّةَ، وأجازَ له أبو الطاهِر السِّلَفيُّ. رَوى عنه أبوا عبدِ الله: ابنُ أخيه أحمدُ بن عُمرَ السُّلَميّ وابنُ عبد الرّحمن التُّجِيبيُّ -وهو نظيرُه- وأبو بكر بن محمد بن عبد العزيز ابنُ أُختِ ابنِ صافٍ، وأبو جعفر بنُ فَرقَد، وأبَوا الحَسَن: الدَّبّاجُ وابن عبدِ الصّمد ابن الجَنّان، وأبو الخَطّاب بن خليل، وأبو الرّبيع بن سالم، وآباءُ العبّاس: البَطْبَط وابنُ رأسِ غنمة والمَوْرُوريُّ وابن يَعلَى بن شُكَيْل، وأبو مَرْوانَ الباجِيُّ. وكان حَسَنَ الخَلق، بهيجَ المنظر، جميلَ الهيئة، متفنِّنًا، حافظًا للفقه، راويةً مُسنِدًا، رئيسًا من رُؤساءِ النُّحاة، قال أبو الحَسَن ابنُ خَروفٍ النَّحويُّ -وكان صديقًا له-: كنّا نَجتمعُ عندَ الأستاذِ أبي بكر بن طاهر ومعَنا أبو ذرّ بن أبي رُكَبٍ ¬

_ (¬1) نقلت هذه الترجمة بالحرف في الإعلام للقاضي ابن إبراهيم المراكشي، ووردت إشارة إلى الفقيه أبي علي بن صمع في التشوف فجعل منها صاحب الإعلام ترجمة ثانية، وهما في الحقيقة شخص واحد. انظر الإعلام 1/ 328 و 9/ 273 - 274. (¬2) ترجمه التجيبي في زاد المسافر 143، وابن الأبار في التكملة (2647)، وابن سعيد في الغصون اليانعة 91، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 139، والذهبي في المستملح (635)، وتاريخ الإسلام 13/ 81، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 496، والمقري في أزهار الرياض 2/ 361، والمراكشي في الإعلام 9/ 375.

وغيرُه من جِلّة الطّلبة ونبهائهم، [فكان] أبو حَفْصٍ أحدَّنا ذهنًا وأصوَبَنا نظرًا وأسبقَنا [إلى الفَهْم والإجابة] وكان أديبًا شاعرًا مطبوعًا، كاتبًا بارعًا، مُمتِعَ [المجلس فَكِهَ المُحاد] ثة، قديمَ النَّجابة جيِّدَ الخَطّ، وغلَبَ عليه الأدبُ حتى عُرِف به. [فمِن شعرِه] المُطرِب: قولُه [من الوافر]: [همُ نَظَروا] لواحظَها فهاموا ... وتَشرَبُ عقلَ شاربِها المُدامُ [يَخافُ] الناسُ مُقلتَها سواها ... أيُذعِرُ قلبَ حامِلهِ الحُسام؟ [سَمَا] طرفي إليها وهْو باكٍ ... وتحتَ الشمس ينسكبُ الغَمامُ وأبصرُ قَدَّها فأنوحُ شوقًا ... على الأغصانِ تَنتدبُ الحمامُ وأعقَبَ بَيْنُها في الصَدرِ غمًّا ... إذا غَرَبتْ ذكاءُ أتى الظلامُ وخرَجَ في صِغَرِه معَ أبيه من مدينة فاسَ إلى لقاءِ أبي محمدٍ عبد المؤمن بن عليّ في بعض قَدماتِه عليها، فلقِيَا القاضيَ أبا يوسُفَ حَجّاجًا (¬1) فسَلّما عليه، فسأل القاضي أباه عنه قال: من الشابُّ؟ فقال أبوه: عبدُكم ابني، فسأله: هل قرأَ شيئًا؟ فقال: نعم، ويَقرِضُ الشِّعر، فقال له القاضي أبو يوسُف: أجِزْ -وكان ذلك عندَ الأصيل وقد بانَ تأثيرُ الشمس في وجهِ أبي حَفْص-[مخلع البسيط]: * وَسَمَتْك الشمسُ يا عُمرُ * فأجاز بديهة بقوله [من مخلع البسيط]: ...................... ... سمةً لنا فيها عِبَر عَرَفَتْ قَدرَ الذي صنَعَتْ ... فأتَتْ صفراءَ تعتذرُ فاستَنْبَلَه القاضي وعَدَّ ذلك من مُستغرَباتِه. ¬

_ (¬1) هو القاضي حجاج بن يوسف الهواري، قاضي الجماعة بمراكش وخطيبها، مترجم في تكملة ابن الأبار (762).

وكان أبو العبّاس القورائيُّ ببَذائهِ المشهورِ عنه كثيرَ الاجتراءِ عليه والنَّيل منه، حتى انتَهى إلى أن قال مُعرِّضًا به [من الرمل]: قَيْنةٌ في فاسَ تُدعى عَمرةَ ... ذاتُ حُسن ودلالٍ وخَفَرْ نَصِفُ السنِّ ولكن يُرتجَى ... ردُّما فات بتسويدِ الشّعَرْ قلْ لها عنّي إذا لاقيتَها ... قولةً تَترُكُ صَدعًا في الحَجَرْ هبْكِ كالخنساءِ في أشعارِها ... أو كليلى هل تُجارينَ الذَّكَرْ نَبَغت عمرةُ بنتُ ابنِ عُمر ... هذه -فاعتبروا- أُمُّ العِبَرْ فكان أبو حفصٍ لسموِّ همّتِه وعلوِّ منصبِه يُعرِض عنه ترفّعَا عن مُقاولتِه، وأنفةً منَ الانحطاط إلى مُشافهتِه، وفي شأنِه معَه يقولُ أبو حفص [من المتقارب]: نهانيَ حِلمي فما أظلِمُ ... وعزَّ مكاني فما أُظلَمُ ولابدَّ من حاسدٍ قلبُهُ ... بنور مآثرِنا مُظلِمُ رحِمتُ حَسُودي على أنهُ ... يعذّبُ فيّ ثم لا يرحَمُ بَغانا الحَسُودُ فلسنا كما ... يقولُ ولكن كما يعلَمُ وبَلَغت هذه القطعةُ أبا العبّاس فقال: والله ما أعلمُ خبرَه، [وبَلَغَ قولُه] إلى أبي حفص فقال: ذلك ممّا يقول، أي: ليس مما يعلَم، ثم إنّ [أبا العبّاس رأى عند، أبي حفصٍ نُسخةً من "السِّيَر النبويّة" كانت ممّا صحَّحها أبو حفص [وأحسَنَ ضبطَها] وأتقَنَ تقييدَها، فاستَوْهبَها منه فوَةبَها له، فكان أبو العبّاس [بعدَها إذا جَرى] ذكْرُ أبي حفص يقولُ فيه: رَيْحانةُ القُضاة. وكانت له سُرِّيّة، ثم أهدِيَتْ [إليه] وَصيفة تُعرَفُ أنها بنتُ تلك السُّرِّيّة، فكتَبَ إلى مُهدِيها إليه بعدَ صَرْفِها عليه [من الكامل]: يا مُهْدِيَ الرشإ لذي ألحاظُه ... تركَتْ فؤادي نصبَ تلك الأسهمِ إنّ الغزالةَ قد عَلِمنا قبلَها ... سرَّ المَهاةِ وليتَنا لم نعلمِ

ما عن قِلًى صُرفت إليكَ وإنّما ... صَيْدُ الغزالةِ لم يُبَحْ للمُحرِمِ رَيْحانةٌ كلُّ المنَى في شمِّها ... لولا المهيمنُ واتقاءُ المَحرمِ يا ويْحَ عنترةٍ يقول وشَفَّه ... ما شَفَّني جهرًا ولم يتكلمِ: (يا شاةُ ما قنص لمَن حلَّتْ لهُ .... حَرُمت عليّ وليتَها لم تَحرُمِ) وكلامُ أبي حفص نظما ونثرًا في جميع الفنونِ مسبوكٌ مخلَّص نبيلُ الأغراض، وله في معاني الزُّهدِ والمواعِظ وما نَحَا تلك المناحيَ قِطَعُ نظمٍ رائقة، وفصولُ نثر فائقه، منها قولُه: الدنيا، حَفِظَك الله، كما قد عَلِمت، فأعرِضْ بحِلمِكَ عن جهلِها، وارغَبْ بنفسِك عن أهلِها، واذكُرْ قبيحَ أنبائها، واصرِف حبالَ أبنائها، ولا ترتَع في رَوْضِهم، ولا تكرَع في حوضِهم، وقلِ: الله، ثم ذَرهم في خَوْضِهم (¬1)، وإذا مرَرْتَ باللاغينَ في ذكْرِ محاسنِها، اللاهينَ بحُسن ظاهرِها عن قُبْح باطنِها، فالهُ عن لهوهم، ومُرَّ كريمًا بلغوهم، مَرَّ المهتدي في سَيْرِه، وأعرِضْ عنهم حتى يخوضوا في حديثٍ غيرِه (¬2)، فالسِّيادةُ والسّعادةُ في نَبْذِها، لا في أخذِها، وفي تركِها، لا في دَرْكِها، فإليكَ عن وَضلِها إليك، وعليكَ بهَجْرِها عليك، واتلُ قولَه تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ} [طه: 131] , وقولَه تعالى: {وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [الكهف: 28] , واحرِصْ أن تكونَ منهم، [فزُخرُف الدُّنيا في نَظَر] العينِ زَيْن، وفي نظرِ العقل شَيْن؛ فغمِّضْ عينَيكَ تبصِر، [ولا تَمُدَّهما وأقصِرْ] , جَعَلَنا اللهُ ممن نظَرَ بقلبه، وأبصَرَ بلُبِّه، فأولو الألباب والفِكَر، [هم] المخصُوصونَ بالذِّكْر في الذِّكَر، والعلمُ أرفَعُ المزايا، وأوسعُ العطاياَ، [وهو غايةُ المنالِ والمَدْرَك] مَن نالَه أيُّ شيءٍ فاته؟! ومن فاتَهُ أيَّ شيءٍ أدرك؟ [ولا علمَ إلا علمُ] الكتاب والسُّنة، هما أفضلُ العطايا والمِنّة، فمَن عَلِمَهما ونظَرَ فيهما [وعَمِل بهما] , نالَ غايةَ السعادة، وأدرَكَ منتهى السِّيادة، قال اللهُ ¬

_ (¬1) اقتباس من الآية 91 من سورة الأنعام: {قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ}. (¬2) اقتباس من الآية 68 من سورة الأنعام: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}.

تعالى لنبيِّه الكريم: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} [الحجر: 87] , هذه المزايا العالية، والعطايا الواسعةُ الباقية، [لا ما نَهَتْ عنه الآيةُ الثانية] , جعَلَنا اللهُ ممّن أبصَرَ رُشدَه، وذكَرَ مرَدَّه، ووجَّه إليه قصدَه، ورَأى في أولِ أمره آخرَه، وابتغَى فيما آتاه اللهُ الدارَ الآخرةَ، بمنِّه وفضلِه. وأتْبَعَ هذا النثرَ هذه القطعةَ الشِّينية، وقد سَمَّطَها القاضي أبو أُميّةَ بن عُفَيْر، وذلك ممّا أنشَدتُه على شيخِنا ابنِه أبي الوليد بن أُميّةَ عنه، وهذا سرْدُها أصلًا وتسميطًا [من مخلع البسيط]: باعَ هداهُ بغير ثُنيا ... مَيِّتُ جَهْل مُناهُ أحيا خِبْتَ لعَمرُ النّجاح سَعْيا ... يا راكضًا في طِلابِ دُنيا ليسَ لمَن تصرع انتعاشُ أمَا تَرى راميَ الحِمامِ ... أغراضُهُ أنفُسُ الأنامِ عرَّضتَ جنْبَيْك للسِّهامِ ... تنحَّ يا عُرضةً لرامِ أسهُمُه بالردى تُراشُ يا لاهيًا أغفَلَ المَآلا ... يسحَبُ أذيالَهُ اختيالا في شَأْوِ عِصيانِهِ ضلالا ... أعذَرُ منك الفَراشُ حالا علِمتَ ما يجهلُ الفَراشُ قَدَحت زَنْدَ الهوى سَفاها ... دارٌ تورطتَ في هواها أنتَ بما صدَّتْ مَن حَباها ... تَحُشُّ (¬1) نارًا هوَت لظاها بمن له حولَها انحياشُ مَنَّتْكَ دُنياك وهْي مَيْنُ ... [..................] (¬2) ¬

_ (¬1) حش النار: أطعمها الحطب. (¬2) شطر لا يقرأ.

فهمّك التِّبرُ واللُّجَيْنُ ... تطلُبُها لا تنامُ عينُ عنها ولا يستقرُّ جاشُ مهما ثَنَى عَزْمَك ارتجاعُ ... دنياكَ فاحذَرْ [ها شَعاعُ] كم أَمَّها معشَرٌ فضاعوا ... دعها فطُلّابُها رَعاعُ طاشت بألبابِهم فطاشوا دُنياكَ هذي لها رُواءُ ... وتحتَه إن بحثتَ داءُ ما لأمانيِّها انتهاءُ ... كأنّ آمالَها ظِبَاءُ ونحن من حَيْرةٍ خِراشُ (¬1) وصِلْ صلاةً بفضلِ صومِ ... واجهد ولا تنسَ رَوْعَ يومِ يَشِيبُ من هوْلِهِ ابنُ يومِ ... واظمَأْ لتُروَى وكن كقومِ ماتوا بها عفّةً فعاشوا شِبتَ ومازلتَ عن شبابِ ... تفتحُ للَّهوِ كلَّ بابِ ظمآنَ ما عشتَ للكَعابِ ... مَن لك بالرَّيِّ من شرابِ تشتدّ من شُربِه العِطاشُ في ذمّةِ الله أولياءُ ... ليس على فَضْلِهمْ غطاءُ هاموا فدُنياهمُ وراءُ ... لم يَرِدوها فهمْ رِواءُ ووارِدوها هم العِطاشُ ¬

_ (¬1) يشير إلى قول الشاعر: تكاثرت الظباء على خراش ... فما يدري خراش ما يصيد

وَطِئَ كلَّ الثرى بِساطا ... واذكُر الحشرَ والصِّراطا يا قاطعًا دهرَه نشاطا ... إنّ لأيامِنا (¬1) انبساطا به لأعمارِنا انكماشُ أرواحُ هذا الورى طيورُ ... حولَ حِياض الرَّدى تَدورُ وإنما وِردُها القبورُ ... كأنّ آجالَنا صقورُ ونحن من تحتِها خُشاشُ قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: سقَطَ لأبي أُميّةَ من هذه القطعة بيتٌ لم يُسمِّطْه، ولعله لم يقَعْ له، وهو قولُه: [..............] دنوبًا ... لها بمسطورِك انتقاشُ بعدَ قولِه: وواردوها هم العطاشُ وقد نظمتُ تسميطَه فقلتُ (¬2). [وله خُطبة] في الحضِّ على التمسُّكِ بالكتاب والسُّنة وتجنُّب الفلسفةِ وعلوم القدماء (¬3): الحمدُ لله، وسلامٌ على عبادِه الذين اصطَفَى، عبادَ الله، [الدِّينُ] النَّصيحة، [فخُذوها] مَحْضةً صريحة، هُدى الله هو الهُدى، ومن اتَّبع رسُلَ الله اهتدَى، فإيّاكم والقُدَماءَ وما أحدَثوا، فإنّهم عن عقولِهم حدَّثوا، أتوْا من الافتراءِ بكلِّ أُعجوبة، وقلوبُهم عن الأسرارِ محجوبة، الأنبياءُ ونورُهم، لا الأغبياءُ وغُرورُهم، عنهم يُتلقَّى وبهم يُدرَكُ السُّول، عالمُ الغَيْب فلا يُظهرُ على غيبِه أحدًا إلا من ارتفَى من رسُول، الدّينُ عندَ الله الإسلام، والعلمُ كتابُ الله وسُنّةَ محمدٍ عليه السلام، ما ضَرَّ من وقَفَ عندَهما، ما جهِلَ بعدَهما، خيرُ نبيٍّ في خير أُمّة، يُزكِّيهم ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي أزهار الرياض، "لا تأمنن بها". (¬2) بعد هذا بياض في الأصل. (¬3) توجد هذه الخطبة أيضًا في رحلة العبدري: 131 (تحقيق محمد الفاسي).

وُيعلِّمُهمُ الكتابَ والحِكمة، رضيَ اللهُ عنهم، إذْ بعَثَ فيهم رسولًا منهم، وأذِن بحبِّهم وقُربِهم، فآمَنوا بما نزَلَ على محمدٍ وهو الحقُّ من ربِّهم، دَلّهم من قربٍ عليه، واختَصر لهم الطريقَ إليه، وأراهُم ما يُقرِّبُهم منه، وحجَبَهم عمّا يَحجُبُهم عنه، فما ضَرَّ تلك النفوسَ الكريمة، والقلوبَ السليمة، والألبابَ العليمة، ما زُوي عنها من العلوم القديمة، نَقّاهم من الأوضارِ والأدناس، وقال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] , فالمطلوبُ ما به فَضَلوا، وماذا علِموا وبه عَمِلوا، والقصدُ الذي به وَصَلوا؛ يُتلقَّى خيرُه، ويُتوقَّى غيرُه، {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108] , مَن أُريدَ بذلك ومَن عُنِي؛ كتابُهم أعظمُ كتاب أُنزِل، ونبيُّهم أكرمُ نبيٍّ أُرسِل؛ سيِّدُ الأنام، لبنةُ التّمام، خيرُ البريّةِ على الإطلاق، بُعِث ليُتمِّمَ مكارمَ الأخلاق، فكان للأنبياءِ خَاتمًا، ولكافّةِ الناسِ هاديًا وعليهم حاكمًا؛ أنزَلَ الكتابَ بالحقِّ إليه، مُصدِّقًا لِما بينَ يدَيْه من الكتابِ ومُهيمِنًا عليه، هو الشّفاءُ والرحمة، وفيه العِلْمُ كلُّه والحِكمة، معجِزٌ في رَصْفِه، عزيزٌ في وَصفِه، {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} [فصلت: 42] , حُجّتُه باهرةٌ قائمة، ومعجزتُه باقيةٌ دائمة، إذْ هي للنبوّةِ والرسالةِ خاتمة، به تُحكَمُ الدنيا [القائمة] , لا تَنقَضي عجائبُه، ولا تنتهي غرائبُه، ماذا أقول، وقد بَةرَ العقول، [حَسْبي حَسْبي] , {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [الكهف: 109] (¬1) [من السريع]: هذا كلامٌ للهُدى جامعُ ... فاصغِ إليه أيها السامعُ الشَّرعُ للعقلِ هدى من يَصلْ ... بينَهما برهانُهُ قا [طعُ] الشرعُ للعقلِ بلا مِريةٍ ... كالشمس للعينِ سنًا طالعُ الشّرعُ متبوعٌ به يَهتدي ... من ضَلَّ والعقلُ له تابعُ لا يَهتدي العاقلُ في قصدهِ ... إلا بما سَنَّ له الشارعُ ¬

_ (¬1) هذه الخطبة مرصعة بآي من القرآن الكريم وهي غير خافية.

هذا كتابُ الله يَهدي الوَرى ... لكلِّ عِلْم نورُه الساطعُ معرفةُ الله وآياتهِ ... ومَنْهجِ الرُّسْل [فما الرابعُ] والعلمُ والحكمةُ في طيِّهِ ... أجمَعَ وهْو المُعجِزُ الصادعُ وهو من الله فما فوقَهُ ... هادٍ إلى الله ولا شافعُ جعَلَه اللهُ فينا شافعًا، وعنّا دافعًا، ولنا هاديًا نافعًا، ولدرجتِنا بالإيمانِ به وبما تضمَّنَه رافعًا، وآتانا فيه فهمًا، وبآياتِه علمًا، وجعَلَنا ممّن انجَلى بنورِه عن قلبِه رَيْنُه، ورأى أنه شَرَفُه وزَيْنُه، واستغنَى به ولم تمتدَّ عينُه، بمنِّه وكرَمِه. وصُرِف أبو محمد بنُ محمد بن عيسى التادلَيُّ (¬1) عن قضاءِ فاسَ فكتَبَ إليه أبو حَفْص يهئئُه بانعزالِه عن خُطّةِ القضاء وَيشْكو تنشُّبَ نفسِه فيها: وَصَلَ إلينا فلان فاستقبَلْنا منه أثَرَ لقائكم، ومشاهدةَ علائكم، يَنشُرُ بِشرًا، ويَعبَقُ نشرًا، فحدَّثني بارقُهُ عن ذلك الغَمام الصيِّب، وذكَّرني بها أبي الطيِّب [من الطويل]: وألقَى الفمَ الضَّحّاكَ أعلمُ أنهُ ... قريبٌ بذي الكفِّ المُفدَّاةِ عهدُه (¬2) ¬

_ (¬1) ترجمته في التكملة (2206)، وجذوة الاقتباس رقم (114)، ونيل الابتهاج (137)، ودرة الحجال (954) وفيها غلط في التاريخ. وكان أبوه مشاورًا بفاس أيام المرابطين وولي هو القضاء في بسطة وفاس سنة 579 هـ عزل وغرب إلى مكناسة لعدله حيث توفي سنة 597 هـ وفي أعلام مالقة (ص 179) أن التادلي وولد القاضي عياض "كان قد أصابهما بعض اعتقال فباتا ليلة وصنع كل واحد منهما بيتين توافقا في معناهما، فأنشد التادلي لنفسه: اصبر إذا ما أردت أمرًا ... فالصبر مفتاح منجح والهم ليل وكل ليل ... لابد أن ينجلي بصبح وأنشد القاضي أبو محمد ولد عياض لنفسه: من حيث يغلق باب أمر يفتح ... والله أعلم بالذي هو أنجح لا تيأسن من الظلام لليلة ... طالت عليك فكل ليل يصبح" (¬2) من قصيدة المتنبي في مدح كافور التي مطلعها: أود من الأيام ما لا توده ... وأشكو إليها بيننا وهي جنده وقد كُتِبَ البيت في درج الكلام على أنه نثر.

وهو يمُدُّ أطنابَ الشُّكرِ والثناء، معَ الساعاتِ والآناء، وإن قَصُر فيما ذَكَر، وحَجَب، عما يجب، فأعلى منه عن ذلك قاصِر، ولو أنّ سَحبان له ناصِر، ولكنه قال على قَدْرِه، فخَلَّى عن عُذرِه [من البسيط]: * والنّملُ يُعذَرُ في القَدْرِ الذي حَمَلا (¬1) * ووليُّكمُ المخلِص في ودِّكم، المُثني على مجدِكم، مسرورٌ لكم بمحَلِّكم المَحُوط، وجلالِكم المغبوط، فرَغْتُم لشأنِكم، والعملِ مُهلةَ إمكانِكم، ونَقّاكمُ اللهُ من دنَس الخُطّة، ووَضَعَ عنكم إصْرَها وحَطَّه، {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: 58] , فالنازلُ عنها هو العالي، والعاطلُ [منها هو الحالي، والمُتْلوُّ] فيها هو التالي، والمعزولُ عنها هو الوالي، فمَن نَظَرَ بعينِ [الحقيقة، سلَكَ] الطريقة، التي أنتم لها أسلَك، وبها أملَك. أوزَعَكمُ اللهُ شُكرَ [نِعَمِه السَّرمَديّة؟] , وجَعَلَها لكم مطيّةَ بلاغ، إلى السعادةِ الأبديّة، فنِعمَ البلاغ، [ورَزَقَكم] البصيرةَ النيّرة، [وهي] أبعدُ في النظرِ والإدراك، وبوّأكم بصالح الدُّعاءِ [السِّماك، ومحَلُّ] بْنِكم يشكو إليكم خَسَاسةَ حالِه، وخسارةَ انتحالِه، وغَفْلتَه عن شِرعةِ [الحقّ، وسكرتَه حتى تأخَر وسبَقَ من سبَق] , ورَكِبَ الهوى فمال به العَبيط، [ولم يَعِظْهُ] فِراقُ الأحبّةِ والخَليط. وشُغِلَ بالدّنيا عن الشان، وصاحبُها أَخسَرُ صفقةً من أبي غَبْشان (¬2)، ولو طالت بَصيرتُه القصيرة، ونالت مداركَ أُولي البصيرة، لشَغلتْه خُوَيصّةُ نفسِه عن العموم، ونَظَرَ إلى عقلِه وهواه فرَدَّ إلى الحاكم المحكوم، وأعدى على الظالم المظلوم، وبدَأ بنفسِه فنَهاها عن غَيِّها، وشَفَاها من عيِّها، وطَوى ما ¬

_ (¬1) شطر بيت لأبي نصر العتبي، وأول الشعر: الله يعلم أني لست ذا بخل ... وست ملتمسًا في البخل لي عللا لكن طاقة مثلي غير خافية ... والنمل يعذر في القدر الذي حملا انظر التمثيل والمحاضرة للثعالبي ص 176. (¬2) هذا مثل مشهور، وأبو غبشان من خزاعة اشترى منه قصي مفاتيح الكعبة بزق خمر. وقصة المثل وما قيل فيه من شعر في كتب الأمثال.

انتشَرَ من أمانيِّها، فانتشارُ الرحمة في طيِّها، فخُصُّوه بخواصِّ دَعَواتِكم في صَلَواتِكم، ومظانِّ القَبُول من خَلَواتِكم، فنِعمَتِ الهديّةُ دعاءُ المؤمن لأخيه، ويعمَ الذُّخرُ لمن يُواخيه، جعَلَنا اللهُ ممّن تَراءى من وراءِ الغيب، القلوبَ الناصحةَ الحُبّ، السالمةَ من رِيبةِ الرَّيْب، وجعَلَنا ممّن تحابَّ فيه، حتى تجبَ لنا محبّتُه فيمن يَصطفيه، وجَلا بنورِ الهدى، ما رانَ على قلوبِنا من الصَّدى، حتى ينجابَ عنها حِجابُ الشّهوات، وغطاءُ الشُّبُهات، فتظةرَ فيها صورةُ الحقائق غيرَ مُشتبِهات، وأسعَدَنا بتوفيقِه، بمنِّه ورحمتِه. ومحاسنُه أجلُّ من أن تُؤثَرَ بلسان، وتُسطَرَ في ديوان، ولولا خَوْف الإطالة والخروجِ عن قَصدِ الكتاب لاجتَلَبْنا منها ما يَبهرُ العقول، ويفضَحُ المَرويَّ عن غيره والمنقول. واستُقضيَ بفاسَ وهو ابنُ نحوِ عشرينَ سنةً، عَقِبَ وفاةِ أبيه، ثم بتلمسين، ثم أعيدَ قاضيًا إلى فاسَ، واستُقضيَ بأغماتِ وَريكةَ مرّتَيْن (¬1) وبإشبيلِيَة (¬2) كذلك، صُرِف في أُولاهُما بأبي محمد بن حَوْطِ الله. وكان مشكورَ السِّيرة مشهورَ النزاهةِ والعدالة نبية البَيْتة، كريمَ الطِّباع أنقى لا يلبَسُ إلّا البياض، ولا يركَبُ إلا الحُجور (¬3) الناصعةَ البياض فكان يتلألأُ نورًا على نور. قال أبو عبد الله التُّجِيبيُّ: كان حسَنَ الخَلْق والخُلُق فصيحَ الخَطابةِ والكتابة، وكنتُ إذا رأيتُه تمثَّلتُ عند رؤيتِه بما أنشَدَ شيخُنا الحافظ السِّلَفيُّ لبعض شيوخِه في هادي بن إسماعيل [من الطويل]: لهادي بن إسماعيلَ خاءاتُ أربعٌ ... بهنّ غدا [مستوجِبًا للإمامةِ]: ¬

_ (¬1) انظر خبرًا يتعلق به أيام قضائه في أغمات في التشوف: 207. (¬2) انظر خبرًا يتعلق به أيام استقضائه بإشبيلية في السفر الأول (الترجمة 388). (¬3) الحجور: جمع حجر وهي الرمكة (أي البغلة).

خِطابُ ابنِ عَبّاد، وخَطُّ ابنِ مُقلةٍ ... وخَلْقُ ابن [يعقوبٍ، وخُلْقُ ابنِ مامةِ] (¬1) وفي صَرْفِه عن قضاءِ إشبيلِتةَ يقولُ أبو أُميّةَ بن عُفَيْر يمدَحُه [من البسيط]: سَلْ عارضَ البرقِ إن لم تسألِ السُّحُبا ... واستنشقِ الرِّيحَ منّي [حيث هبَّت صبا] كيف اعتَسفتُ الدجى فذا يُعانقُني ... كسلانَ إن نبَّهتْه [صيحةٌ وَثَبا] تَلقاهُ أخرسَ ما لم تُمضِهِ فإذا ... أمضَيْتَ حدَّيه في هام العِدا [خَطَبا] تَسري به وبي الوجناءُ في ظُلمٍ ... أوقدتُ منه ومن عَزْمي بها لَهبا حتى تبسَّمتِ الآمالُ عن قمرٍ ... تمنَّت الشمسُ لو تُنمَى له نسَبا لمّا أضاء سَنَاهُ في بني عُمرٍ ... قال الزمانُ لهم: دُوروا به شُهُبا إنْ حَلَّ ناديَ فخرٍ راق منظرُهُ ... بشرًا وهزَّتْه أنفاسُ الندى طَرَبا لاتُنكِروا البِشرَ من ناديهِ إنّ بهِ ... علمًا وحِلمًا وإيمانًا فلا عَجَبا أذكى الأنام وأسماهُم لمَعلوةٍ ... إن طالَعوا أدبًا أو ناظَروا حَسَبا لو أنّ للناس أخلاقًا تصاغُ لهم ... من فضّةٍ لغَدَتْ أخلاقُه ذهبا لم يَسحَب العُجبَ من أخلاقِ بُردتِه ... لكنْ ذيولَ المعالي والتُّقى سَحَبا أعطَتْ سُلَيْمُ رِهانَ المكرُماتِ لهُ ... لما رأَتْ أنها تسمو به العَرَبا يا وارثَ المجدِكم تُغرَى بمكسَبِهِ ... قد أثقلتْكَ العُلا إرثًا ومكتسَبا هذي سَجَاياك وقد وافَتْ على مَهلٍ ... في غُرّة الشأْوِ دع شانيكَ والذّنَبا ما أخَّروك عن الأحكام إذْ فَعَلوا ... إلا ليُلفِيَ حِينًا عزمُكَ التعَبا لئن أسمت القضايا بُرهةً فلقد ... رعَى نُهاك النّدى والدِّينَ والأدبا ¬

_ (¬1) أزهار الرياض 2/ 372 ومنه أكملنا محل المحو في الأصل. وفيه: خلات، ولعل الأنسب خاءات كما في الأصل، والإشارة إلى الصاحب ابن عباد وابن مُقلة الوزير الخطاط ونبي الله يوسف وكعب بن مامة.

27 - عمر بن عبد الحق بن إبراهيم بن عبد الله بن وهب الصنهاجي، مراكشي، أبو حفص

حسبُ المكارم أن تبقَى لها أبدًا ... وحَسْبُ حِمصٍ بأن تبني لها الرُّتَبا أصبحتَ نُورًا لأهليها يرَوْنَ بهِ ... طُرقَ العُلا وضُحى أعلامِها اللَّحِبا ونُبتَ عنهمْ منابَ الفضلِ إذ عجَزَتْ ... نفْسُ الحَسُودِ وأجرى طَرْفَهُ فكَبا وبقِيَ ابنُ حَوْطِ الله قاضيًا بإشبيلِيَةَ نحوَ العام، ثم صُرِف بأبي حَفْص واستمرَّت ولايتُه القضاءَ إلى أن توفِّي بإشبيلِيَةَ من عِلّة طاولَتْه، نفَعَه اللهُ بها، لثلاثَ عشْرةَ [من جُمادى الآخِرة عامَ] ثلاثةٍ وست مئة، وقال أبو الرّبيع بنُ سالم: توفِّي [بإشبيلِيَةَ فُجاءةً في الخامس من ربيع] الأوّل سنةَ ثلاثٍ وست مئة، وقال ابن فَرْقَد: توفّي سنةَ [اثنتينِ وست مئه]، وبعدَه استُقضيَ أبو عبد الله الباجِيُّ. ومَوْلدُه بأغمات [في حدودِ الثلاثينَ] وخمس مئة, وغَلِطَ ابنُ فَرْقَد فجعَلَه سنةَ خمسٍ وثلاثين، ونقَلَه عنهُ [ابنُ الأبار وخَطَّأه بأنّ] إجازةَ جَدِّه إياه صحيحة، وكانت وفاتُه في صَفَرِ ثلاثٍ [وثلاثينَ وخمس مئة] , ولعلّه وُلدَ سنةَ خمس وعشرينَ، فجَرى الغَلَطُ على ابن فَرقَد فجَعَلَ [الثلاثينَ عِوَضَ] العشرين، [أو] وُلدَ سنةَ إحدى أو اثنتينِ وثلاثينَ فجَعَلَ الخمسَ عِوَضَ إحداهما كما جَرَى عليه الغَلَطُ في تاريخ وفاتِه، واللهُ أعلم. 27 - عُمرُ (¬1) بن عبد الحقِّ بن إبراهيمَ بن عبد الله بن وَهْب الصُّنْهاجِيُّ، مَرّاكُشِيٌّ، أبو حفص. رَوى عن أبيه، وله إجازةٌ من أبي القاسم محمدِ بن هشام بن أبي جَمرةَ، وأبي الوليد ابن رُشْدٍ الكبير. 28 - عُمرُ (¬2) بن عبد السيِّد القُرَشيُّ الهاشِميُّ، تونُسيٌّ، أبو حفص. رَوى عن أبي عبد الله المازَريّ. ¬

_ (¬1) ستأتي ترجمة لأخيه أيى عبد الله محمد، وبينهما تشابه، ولم نقف على ترجمة والده عبد الحق بن إبراهيم. (¬2) ترجمته في التكملة (2645)، وانظر في بني عبد السيد رحلة التجاني: 345 وتاريخ الدولتين: 69 - 68.

29 - عمر بن عثمان بن محمد بن أحمد الفارسي الغزي الباخززي، خراساني ماليني، أبو بكر، شمس الدين، طنة

رَوى عنه ابنُه أبو إسحاقَ إبراهيمُ، وأبو ذَرّ بن أبي رُكَب. ودَحلَ الأندَلُس (¬1) ومن إشبيلِيَةَ استُقضيَ على بلدِه تونُسَ فانصرَفَ إليه، ولم يَستكمِلِ العامَ في ولايتِه. وتوفِّي سنةَ اثنتينِ أو ثلاثٍ وسبعينَ وخمس مئة. 29 - عُمرُ (¬2) بن عُثمانَ بن محمد بن أحمدَ الفارِسيُّ الغُزِّيُّ الباخَززيُّ، خُراسانيٌّ مالينيٌّ، أبو بكر، شمسُ الدِّين، طَنّة (¬3). رَوى عن رضيِّ الدِّين أحمدَ بن إسماعيلَ بن يوسُفَ الطالْقانيِّ القَزْوينيّ، وشَرَفِ الدِّين أبي يعقوبَ يوسُفَ بن أبي حفصٍ عُمرَ بن أحمدَ الخَطِيبيّ الخالديّ الزَّنْجانيّ. وقَدِمَ الأندَلُسَ عامَ ستٍّ مئة، ودخَلَ مالَقةَ وغَرناطةَ وغيرَهما، فرَوى عنهُ أبو جعفرٍ ابنُ الجَيّار، وأبو عليّ بن هشام، وأبو القاسم المَلّاحيُّ؛ وحدَّث عنه بالإجازة أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان. وكان من خِيَار الناس وفُضَلائهم، صحيحَ السَّماع ثقةً فيما يَرويه. مَولدُه ليلةَ الأربعاء الثامنةَ والعشرينَ من ربيعٍ الأوّل سنةَ ستينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) كان دخوله في وفد أهل القيروان وفقهاء مدينة تونس وإفريقية لتهنئة الخليفة يوسف بن عبد المؤمن بغزوته الأولى في الأندلس، وذكر ابن صاحب الصلاة أن الخليفة رحب بهم وأنزلهم وأكرمهم حتى انصرفوا إلى مواضعهم مسرورين ويبدو أنه في هذه المناسبة عين الخليفة أبو يعقوب ابنَ عبد السيد قاضيًا على بلده تونس. قال ابن صاحب الصلاة: وكان الفقيه أبو بكر ابن الجد يثني على عمر بن السيد ويقول عنه: إنه فقيه القيروان. المن بالإمامة: 517 تحقيق عبد الهادي التازي، والبيان المغرب 3/ 98. (¬2) ترجمه ابن خميس في أدباء مالقة (141)، وابن الأبار في التكملة (2646)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 140، والذهبي في المستملح (634)، والمقري في نفح الطيب 3/ 65، وهو منسوب إلى "الغُز" الطائفة من الترك. (¬3) هذا لقبه، كما صَرّح بذلك ابن خميس في أدباء مالقة.

30 - عمر بن محمد بن أحمد بن محمد بن مطرف بن لسعيد التجيبي، كذا وقفت على نسبه بخطه في غير موضع؛ فاسي، أبو حفص وأبو الخطاب البيراقي

30 - عُمرُ (¬1) بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن مُطرِّف بن لسَعِيد التُّجيبيُّ، كذا وقَفْتُ على نَسَبه بخطِّه في غيرِ موضع؛ فاسيٌّ، أبو حَفْصٍ وأبو الخَطّاب البَيْراقيُّ (¬2). رَوى -بزَغمِه قراءةً وسَماعًا وإجازةً، ونقَلتُه من خطِّه- عن آباءِ عبد الله: ابني الأحمدَيْن: أبيه، والقُبَاعيِّ، وابن إبراهيمَ ابن الفَخّار، وابن عبد الله بن خليل، وابن عليّ ابن الرَّمّامة، وابن يَبْقَى الغَسّانيّ؛ وأبوَيْ بكر: ابن الجَدّ، وابن خَيْر، وأبي الفَضْل بن عِيَاض، وأبي القاسم بن حُبَيْش، [وآباءِ محمد: ابن ....] وابن عُمَر السُّلَميِّ، وابن السَّكّاك، وابن الصّائغ، وآباءِ الحَسَن: [ابن .... وابن] الحُسَين اللَّوَاتيِّ، وابن يوسُفَ ابن المَلْجوم، وأبي مَرْوانَ [بن مسَرّة، وآباءِ عبد الله: ابن ....] وابن الرَّمّامة، وابن الفَخّار واللَّوَاتيّ، والحَجريِّ. وذَكَرَ [أنه أجازَ لهُ ولم] يلقَهُ من أهل الأندَلس: أبو الحَسَن صالحُ بن عبد الملِك [بن سعِيد الأوْسيُّ المالَقيُّ] وأبَوا محمد: ابنُ أحمدَ بن مَوْجُوال، وعبد الحقِّ ابنُ الخَرّاط؛ ومن أهل [المشرِق: أبو العبَّاس] أحمدُ بن طارق بن سِنَان، وآباءُ الطاهر: أحمدُ السِّلَفيُّ، والإسماعيلانِ: [الدِّيباجِيُّ وابنُ] عَوْف، وأبو سعيدٍ محمدُ بن عبد الرحمن المَسْعوديُّ، وأبو القاسم محمودُ بن محمد بن الحَسَن القَزْوينيُّ، وأبو الفَضْل محمدُ بن يوسُف بن عليّ الغَزْنَويُّ، ويحيى بن عبد المُهيمِن بن الحَسَن بن ملتى؛ وآباءُ محمد: عبدُ الله بن أبي الفَضْل ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (263.7). وقد تقدم في السفر الخامس نقلًا من ترجمة ابن الأبار، وقال هناك: "ذكره ابن الأبار ولم يزد، وهو ابن البيراقي، فاسي، وسيأتي ذكره في الغرباء إن شاء الله" (5/الترجمة 797)، ولأبيه ترجمة مختصرة في التكملة (1316)، ثم أعاده مختصرًا في (1488)، وينظر تعليق الدكتور بشار على ترجمته في الموضعين. (¬2) في الأصل: "السيرافي"، وفوقها ضبة، وتحرفت في جذوة الاقتباس إلى "البيراني"، وقد ضبطها المؤلف في ترجمة والد المذكور هنا فقال: البيراقي -بفتح الباء وإسكان الياء المسفولة وراء وألف وقاف منسوبًا-.

عبد الرحمن الدّيباجِيُّ، وعبدُ الغنيِّ بن عبد الواحِد بن عليّ بن سُرور بن رافع المَقْدِسيُّ، وعليُّ بن إبراهيمَ بن محمد بن يحيى بن غنائمَ الأنصاريُّ، [وتَقِيّةُ (¬1) بنتُ غَيْث بن عليّ] بن عبد السّلام الأرمنازيِّ، وفاطمةُ ابنةُ سَعْدِ الخَيْر بن محمد بن سَهْل الأنصاريِّ، نقَلتُهم كلَّهم من خطِّه. وكان محدِّثًا تأريخيًّا ذاكِرًا أحوالَ الرّجال، عارفًا بتطريق الأسانيد، شديدَ العنايةِ بشأن الرِّواية، مُواظِبًا على التقييد، جيِّدَ الخَطّ، كتَبَ الكثيرَ وأتقَنَه. وكان كذّابًا خبيثًا، مُزوِّرًا خُطوطَ الشّيوخ لنفسِه ولأبيه، ولغيرِهما (¬2)، وقَفْتُ له من ذلك على فضائحَ، نسألُ الله العِصمةَ من مُواقعةِ أمثالِها؛ وقد تقَدَّم في رَسْم أبي عليّ بن عَتِيق بن مؤمن أنه ممّن لا تُرضَى حالُه (¬3)، ومعَ ذلك فليس من شَرطِ كتابي هذا، فإنّي لا أقطعُ بدخولِه الأندَلُسَ وإن كان قد ذَكَرَه ابنُ الأبّارِ في الأندَلُسيِّينَ ذكْرَ مَن لم يعرِفْه فقال (¬4): عُمرُ بن محمد بن أحمدَ بن [محمد بن] مُطَرِّفِ بن سَعِيد التُّجيبيُّ، أندَلُسيّ، يُكنَى أبا عليّ. يَروي عن أبيه، وأبي مَرْوانَ بن مسرّةَ، وأبي عبدِ الله بن عليّ القَيْسيِّ، وأبي القاسم ابن بَشْكُوال، كلُّهم عن أبي محمد بن عَتّاب. هذا ما ذكَرَه به، وهو كما تَراهُ معطوبٌ (¬5) مُخِلٌّ به في مواضعَ لا تخفَى على متأمِّل، فذكرناهُ ببعض ما عَبَّرنا (¬6) فيه لنبيِّنَ من حالِه ما غابَ عن ابن الأبّارِ، فاعلمهُ واللهُ الموفِّق، وذَكَرَه ابنُ الأبار بعدَ أبي عليّ الرُّنْديِّ، وحقّه أن يُذكَرَ قبلَه، فإنه أعلى طبقةً منهُ. ¬

_ (¬1) انظر ترجمتها ومراجعها في وفيات الأعيان 1/ 297 وقد جاء اسمها مضببًا عليه في الأصل. (¬2) في الأصل: "وبعدهما"، ويبدو شيء من التناقض بين هذه الفقرة والتي قبلها. (¬3) انظر الذيل والتكملة 5/الترجمة 525. (¬4) التكملة (2637). (¬5) هكذا في الأصل. (¬6) في الأصل: "ما غيرنا".

31 - عمر بن محمد بن أحمد القيسي، مراكشي فاسي الأصل، [] صغيرا أبو علي ابن الفاسي، خالي

31 - عُمرُ بن محمد بن أحمدَ القَيْسيُّ، مَرّاكُشيٌّ فاسيُّ الأصل، [......] صغيراً أبو عليّ ابنُ الفاسيِّ، خالي (¬1). رَوى عن أبي إسحاقَ [الزَّواليِّ (¬2)، وأبي بكرٍ] السُّلاقيِّ (¬3) وآباءِ الحَسَن: الأخفَش، وابن القَطّان، وابن قُطْرالَ، [......] وأبوَيْ عبدِ الله: ابن الجَذع (¬4)، وابن المُناصِف، وأبي القاسم [البَلَويّ وأبي محمد بن] حَوْطِ الله. وكان أديبًا بارعَ الكتابة، آيةً من آياتِ الله في [حُسن الخُلُق ودَماثةِ] العِشرة، طيِّبَ النفْس، آلفًا مألوفًا، كان منزلُه مجمَعَ النُّبلاءِ والفُضَلاء، [يغلِبُ عليه] الحياءُ كثيرَ المواساة، نَفّاعًا بجاهِه وذاتِ يدِه، ذا حظٍّ صالح [من قَرض] الشّعر. كتَبَ عن أبي محمدٍ عبد العزيز بن يوسُفَ بن عبد المؤمن (¬5)، وكانا ابنَيْ خالتين (¬6)، ¬

_ (¬1) لم نقف على ترجمته في مكان آخر. (¬2) هو إبراهيم بن علي بن إبراهيم الخولاني الزوالي، مترجم في التكملة الأبارية (434). (¬3) مترجم في التكملة (594). (¬4) لم نقف على ترجمته، وورد اسمه في السفر الرابع (ترجمة أبي الربيع الخشيني) هكذا: أبو عبد الله محمد بن يوسف ابن الجذع. وهو بهذا النسب يكون ولد الكاتب الوزير أبي يعقوب يوسف ابن الجذع الذي كان هو وأخوه أبو محمد عبد الله ابن الجذع وزيرين لإبن مردنيش. انظرهما في المغرب 2/ 254 - 255 وخبر تمثيل ابن مردنيش بهما في المن بالإمامة: 388، 470. (¬5) في المعجب تعريف مطول بعبد العزيز هذا، وفيه أنه تقلد بالتتابع ولايات مالقة وهسكورة وسجلماسة وإشبيلية، وقد ذكر لعبد الواحد المراكشي -وهو بالمشرق- أن عبد العزيز هذا قُدم للخلافة بعد المستنصر فعده لذلك آخر الخلفاء الموحدين الذين أرخ لهم، وأطال في وصفه بالتدين والتهجد والتعبد مما يتفق مع ما ذكره ابن عبد الملك هنا، وفي أعلام مالقة ترجمة لطيفة لهذا السيد المتصوف جاء فيها: "عبد العزيز ابن أمير المؤمنين أبي يعقوب ابن أمير المؤمنين أبي محمد عبد المؤمن يكنى أبا محمد، ولي مالقة في أيام أبيه، وكان رحمه الله من جلة السادات معلوم المكان فاضلًا جليل المقدار حسن السيرة مقربًا للطلبة، محبَا فيهم معظمَا للعلم وأهله وكانت له معرفة وتصرف في الطلب، وكان يميل إلى طريق الإرادة وكان ينظم الشعر ويجيده" (المعجب: 318، 410 - 415، وأعلام مالقة، الترجمة (101)). (¬6) في الأصل: "خالتي" ولا يستقيم، ولعل ما أثبتناه هو الصواب.

واستَولَى عليه، فكان مقبولَ القولِ عندَه مشفَّعًا فيما يُناطُ به من المآرِب، دخَلَ الأندَلُس صُحبتَه، وكان قدومُهما على إشبيلِيَةَ يومَ الاثنين لستٍّ بقِينَ من ربيعٍ الآخِر عامَ تسعةَ عشَرَ وست مئة حين وَليَها أبو محمد، وصنَّف "غُنيةَ الحُفّاظ، في الجَمْع بينَ الإصلاح والألفاظ" (¬1)، وجمَعَ باقتراح أبي محمدٍ عبد العزيز دَفْترًا فيما نَظَمَ في التهجُّد وقيام الليل أجاد فيه الاختيار، ومن نظمِه فيه، ونقَلتُه من خطِّه البارع [من الكامل]: ذهبَ الظلامُ وأنت جِذعٌ راقدُ ... وأتى الصّباحُ وأنت صخرٌ جامدُ وخَلَت على الإظلام منكَ مناسكٌ ... وخَلَت على الإصباح منك مساجدُ وأولو التهجُّدِ ليلهمْ ما منهمُ ... لله إلّا راكعٌ أو ساجدُ يدعُونَ ربَّهمُ بكلِّ وسيلةٍ ... خَلَصت لهمْ فيها لديهِ عقائدُ وهَجَعْتَ يا مغرورُ ليلَكَ كلَّهُ ... وعليكَ من عينِ الإِلهِ شواهدُ فكأنّما أيقَنْتَ أنك مُغفَلٌ ... في هذه الدّنيا الدّنِيّةِ خالدُ فلكمْ تنامُ وفي البهائم نابِهٌ ... ليلًا يُسبِّحُ ربَّهُ ويُجاهدُ ومن العجائبِ ذو الجهالةِ صالحٌ ... وأخو النُّهَى في كلِّ حالٍ فاسدُ وإلى متى عمَّت فؤادَك غفلةٌ ... تَزهَى بغِرّتِها وعمُرُكَ بائدُ فانْظُرْ لنفسِك قبلَ حينِ مماتِها ... إنّ المماتَ على البِرّية وافدُ وتذكَّر السَّفَرَ البعيدَ وطولَهُ ... من غيرِ زاد والمجالُ فَدافدُ واذكُرْ نُشورَكَ بعدَ موتِك فَجْأةً ... وصحائفَ الأعمالِ منك تُشاهَدُ فعسى يَلُوحُ لك اليقينُ فربّما ... ذهَبَ الضّلالُ و ............... ¬

_ (¬1) يعني: الجمع بين إصلاح المنطق لإبن السكيت والألفاظ الكتابية للهمذاني.

32 - عمر بن محمد بن علي الصنهاجي، مراكشي سوسي الأصل، أبو علي، ابن الطوير

واللهُ ذو فضلٍ وبذلِ إقالةٍ ... مهما ارعَوى جانٍ [وآبَ مُعاندُ] فافزَعْ لبابِ مَتابةٍ مُستفتِحًا ... فهُو الذي يأوي إليه [العائدُ] وصِلِ الصّلاةَ على النبيِّ محمدٍ ... خيرُ البرّيةِ والشفيعُ [الواحدُ] فبه التوسُّلُ والتوصُّلُ كلّما ... ضاقت عليك مذاهبٌ و [مواردُ] صلّى الإلهُ عليه خيرَ صَلاتِهِ ... يَفنَى الزمانُ وفضلُها [متعاهَدُ] وكان شيخُنا أبو محمد حَسَنٌ ابنُ القَطّان (¬1)، وأبو عبد الله ابنُ الطَّراوة (¬2) [يُكثِرانِ الثناءَ] عليه والإيجابَ له والشهادةَ بتبريزِه في النُّبل، والاشتمالِ على خِلال الفَضْل، وقد صاحَباهُ طويلًا بمَرّاكُش، واشتَركا معَه في الأخْذِ عن الشّيوخ بها، وكذلك كان أبو موسى هارونُ بن محمد بن هارونَ السُّمَاتيُّ (¬3) يُبالغُ في تقريظِه؛ وقد صَحِبَه بإشبيلِيَةَ، ويصِفُه بحُسن المشاركة والجِدِّ في قضاءِ حوائج الناس. توفِّي بمَرّاكُش أولَ ليلةِ [....] الثالثةِ من شوّالِ ستةٍ وعشرينَ وست مئةٍ ابنَ خمسٍ وأربعينَ عامًا أو نحوِها، ودُفنَ خارجَ باب نَفِيس برَوْضة سَلَفِه هنالك مقابلَ الباب، وكانت جَنازتُه مشهودةً والثناءُ عليه صالحًا. 32 - عُمرُ (¬4) بن محمد بن عليٍّ الصُّنْهاجيُّ، مَرّاكُشيٌّ سُوسيُّ الأصل، أبو عليّ، ابنُ الطُّوَيْر. بذلك يُشهَرُ في إفريقيّة فما وراءَها من بلادِ المغرِب إلى مَرّاكُش، وشُهِرَ في ¬

_ (¬1) لعل المؤلف ترجم له في السفر السابع من هذا الكتاب - وهو مفقود. (¬2) سترد ترجمته في هذا السفر برقم (63). (¬3) له ترجمة في اختصار القدح: 145 وله قصيدة في رثاء إشبيلية في البيان المغرب 3/ 382 - 385 وأخرى في مدح الواعظ ابن رشيد البغدادي الوتري في هذا السفر. (¬4) لم نقف على ترجمته في مكان آخر.

مصرَ والحِجاز بأبي الخَطّاب السُّوسيّ. تفَقّه بمَرّاكُشَ على جماعةٍ من أهلِها وشَرَّق طالبًا العلمَ، وحَجَّ وجاوَرَ بمكّةَ شرَّفها الله، واختَصَّ بالفقيه أبي محمدٍ عبد الوهّاب البغداديِّ صِهرِ ابن مُعافَى، وأخَذَ عنه أصُولَ الفقه، وتعليقةَ أبي سَعِيدٍ محمد بن يحيى في مسائل الخلاف، وهو أوّلُ مَن أدخَلَها إلى المغربِ. ثم قَفَلَ إلى هذه البلاد، وأخَذ بالإسكندَرّية على أبي الحَسَن الأبياريِّ، ولازَمَ أبا العزِّ مظفَّرَ بنَ محمد ابن المُقترح، ثُم قَفَلَ إلى المغرِب، فدرَّسَ بالمَهْديّة عِلمَ الكلام وأصُولَ الفقه ومسائلَ الخِلاف، ثم رَحَلَ متجرِّدًا إلى قُطبِ الدِّين أبي عليّ النَّفْطيِّ بنَفْطةَ (¬1)، فكان قُطبُ الدِّين يقول لأصحابِه لِما عَلِمَ من صِدقِ باطنِه: هذا عُمرُ الصِّدِّيق، ثم عاد إلى المَهْدِيّة فدرَّس بها. قال أبو القاسم بنُ البَراءِ (¬2): قَدِمَ علينا بالمَهْديّة أبو علي السُّوسيُّ سنةَ ستٍّ وست مئة، فأملَى علينا "البُرهانَ" لإمام الحَرَمَيْنِ أبي المعالي من صَدْرِه، وكان يُملي علينا مسائلَ من عِلم الكلام، [وسُمِع عليه بها غيرُه] , ثم عاد إلى مَرَّاكُشَ فالتفَّ عليه الناسُ بها، وأخَذوا عنه، [ودرَّسَ بها] أصُولَ الفقه وعِلمَ الكلام، ورَوى الحديثَ وأقرَأَ العربيّة، ونوظرَ عندَه [وأقرَأَ] "رسالةَ القُشَيْريِّ" و"طبقاتِ الصُّوفيّة"، وكان يتكلَّمُ [عليهما بما يُبكي] سامعَه، وكان معَ هذا الاستبحارِ في العلوم متصوِّفًا ذا إشاراتٍ وكراماتٍ وأحوالٍ صادقة، متينَ الدِّين، زاهدًا في الدّنيا، منقبِضًا عن [أهلِها، يتصدَّقُ] بما يَصيرُ إليه منها، لا يَدّخرُ شيئًا من يومِه لغدِه، ولا يرُدُّ سائلًا ولا قاصدَ حاجة، ولم يزَلْ على حالِه ¬

_ (¬1) انظر عن نفطة: معجم البلدان 5/ 296. (¬2) هو مفخرة المهدية أبو القاسم بن علي بن عبد العزيز بن البراء التنوخي. انتهت إليه بحضرة تونس رئاسة العلم ورئاسة القرب من السلطان. ولد في حدود 580 هـ وتوفي سنة 677 هـ وله برنامج ربما هو الذي نقل منه المؤلف. انظر رحلة التجاني: 367، وتاريخ الدولتين: 33، والفارسية: 121، ودرة الأسرار: 9 - 12.

هذه إلى غايةِ عمُرِه، وكان كثيرًا ما يتمثّلُ بقولِ القاضي عليِّ بن عبد العزيز الجُرْجانيِّ (¬1) [من الطويل]: يقولونَ لي: فيك انقباضٌ وإنّما ... رأَوْا رجُلًا عن موقفِ الذُّلِّ أحجَما يَرى أنّ من داناهمُ هان عندَهمْ ... ومَن أكرَمْته عزّةُ النفْسِ أُكرِما وما كلُّ بَرْقٍ لاحَ لي يَستفِزُّني ... ولا كلُّ مَن لاقَيْتُ أرضاهُ مُنعِما وما زِلتُ مُنحازًا بعِرضيَ جانبًا ... عن الذُّلِّ أعتَدُّ الصِّيانةَ مَغنَما إذا قيل: هذا موردٌ قلتُ: قد أرى ... ولكنّ نفْسَ الحرّ تحتملُ الظَّما وإنّي إذا ما فاتَني الأمرُ لم أبِتْ ... أُقلِّبُ كفِّي إثْرَه متندِّما ولكنّهُ إنْ جاء عَفْوًا قبِلتُهُ ... وإنْ مال لم أُتبِعْه هلّا وليتَما وأقبِضُ خَطْوي عن حظوظٍ قريبةٍ ... إذا لم أنَلْها وافرَ العِرض مُكرَما وأُكرِمُ نَفْسي أن أُضاحِكَ عابسًا ... وأن أُتلقَّى بالمديح مُذمَّما أُنَهنِهُها عن بعضِ ما قد يَشِينُها ... مخافةَ أقوالِ العِدا: فيمَ أولِما ولمْ أقْضِ حقَّ العِلم إن كنتُ كلّما ... بَدَا طمَعٌ صيَّرتُهُ ليَ سُلَّما ولم أبتذِلْ في خدمةِ العِلم مُهجتي ... لأخدُمَ من لاقَيْتُ إلا لأُخدَما أأغرِسُه عزًّا وأجنيهِ ذِلّةً ... إذَنْ فاتّباعُ الجهلِ قد كان أحزَما فإنْ قلتَ: جَدُّ العلم كابٍ فإنّما ... كَبَاحينَ لم يَحْمُوا حِماهُ وأُسلِما ولو أنّ أهلَ العلم صانُوهُ صانَهمْ ... ولو عظَّموه في النفوسِ لعَظَّما ولكنْ أهانوهُ فهان ودَنَّسوا ... مُحَيّاهُ بالأطماع حتى تجَهَّما ¬

_ (¬1) ترجمة القاضي الجرجاني في وفيات الأعيان 3/ 278 والمصادر المحال عليها في الحاشية وقصيدته المذكورة مشهورة، وقد تمثل بها أيضًا معاصر المترجم ابن الزيات في كتابه التشوف: 274.

33 - عمر بن محمد بن مخلوف، تدلسي؛ أبو علي

وقَدِمَ أبو عليّ الأندَلُسَ صُحبةَ أبي إسحاقَ (¬1) ابن المنصُور حينَ وَلِيَ إشبيلِيَةَ، فأخَذَ عنه بها طائفةٌ من أهلِها وعَرَفوا فضلَه، وكان لهُ في إثباتِ [القياس رأيٌ خالَفَه] فيه أبو الحَسَن ابنُ القَطّان، وصنَّف رادًّا عليه في ذلك مصنَّفَه ["النَّزْعَ] في القياس لمُناضلةِ من سلَكَ غيرَ المَهْيَع في إثباتِ القياس" (¬2). [وُلدَ بمَرّاكُش عامَ ....] وستينَ وخمس مئة، وتوفِّي بها يومَ الاثنينِ لستٍّ بقِينَ من جُمادى الأخيرةِ اثنتينِ وعشرينَ وست مئة. 33 - عُمرُ (¬3) بن محمد بن مَخْلُوف، تَدْلِسيٌّ (¬4)؛ أبو عليّ. قَدِمَ [الأندَلُسَ طالبًا العلمَ] فتَلا بالسَّبع على أبي زكريّا الجُعَيْديِّ (¬5) ببَلَنْسِيَة، ورَوى بها عن أبَويْ [بكرٍ: أُسامةَ، وعَتِيق] المُرْبَيْطَريّ، وأبي جعفرٍ الحَصّار، وأبي الحَسَن بن خِيَرةَ، وأبي الخَطّاب بن واجِب، [وأبي عبد] الله ابن نُوح، وأبي عليّ بن زُلال، وأبي عُمرَ بن عاتٍ، وأبوَيْ محمد: عبد الحقِّ الزُّهْريِّ، [وغَلْبون] ثم عاد إلى العُدْوة، فاستَوطنَ بِجَايةَ وتصدَّر بها لإقراءِ القرآن. وتوفِّي سنةَ ستٍّ وعشرينَ وست مئة. 34 - عُمرُ بن محمدٍ الهَوّاريُّ، بِجَائيٌّ؛ أبو عليّ، ابنُ ستِّ الناس. كان أديبًا حَسَنَ التصرُّف في نَظْم الكلام ونَثْرِه؛ دخَلَ الأندَلُسَ، واستَكتَبَه ¬

_ (¬1) عَرّف به المراكشي في المعجب وذكره بكل خير وقال: إنه عرفه حين ولي إشبيلية سنة 605 هـ (انظر المعجب: 387، والبيان المغرب 3/ 230). (¬2) يراجع ما سبق في ترجمة ابن القطان. ولعبد الحميد بن أبي الدنيا الصدفي الذي أدرك ابن الطوير كتاب في الموضوع سماه: "جلاء الالتباس في الرد على نفاة القياس" (رحلة التجاني: 273 وغيرِها). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2648). (¬4) نسبة إلى تدلس مدينة كبيرة بحرية بين بجاية والجزائر (الروض المعطار: 132). (¬5) هو يحيى بن زكريا بن علي الأنصاري، مترجم في التكملة الأبارية (3415).

35 - عمر بن مودود بن عمر الفارسي

أبو [....] (¬1) ابن زَنّون المترئّسُ بمالَقةَ. ومن شعرِه -ونقَلتُه من خطِّه- والبيتُ الأخيرُ مضمَّن [من الطويل]: إلى كم أقضِّي العيشَ (¬2) شَمْلًا مُفرَّقًا ... ونفْسًا مُعَنّاةً وقلبًا مروَّعا ولي كبِدٌ إن مَرَّ ذِكْرُكمُ بها ... شدَدْتُ عليها خيفةً أن تصدَّعا (كأنّا خُلِقنا للنَّوى وكأنّما ... حرامٌ على الأيام أن نتَجمَّعا) وسيأتي له ذكْرٌ في رَسْم أبي يعقوبَ ابن الجَنّانِ، إن شاء الله. 35 - عُمرُ (¬3) بن مَوْدود بن عُمرَ الفارسيُّ. كذا نقَلتُ نَسَبَه من خطِّه، وقَلَبَ ابنُ الأبار اسمَه فقال فيه: مَوْدودُ بن عُمَر بن مَوْدود، وذكَرَه في حرفِ الميم (¬4)؛ سلماسيٌّ عمَلَ أذْرَبيْجانَ من أبناءِ ملوكِهم، شَرَفُ الدِّين، أبو البَرَكاتِ الفارسيُّ. رَوى بهَمَذانَ عن تقيِّ الدِّين أبي عبد الله محمد بن محمود ابن الحَمّاميّ، وسمعَ الكثيرَ من أبي الحَسَن ابن حَمُّوْيَةِ، وصَحِبَ ببغدادَ شِهابَ الدِّين أبا حفص وأبا عبد الله البَكْريَّ السُّهْرَوَرديَّ وسمعَ منهُ كثيرًا (¬5)، وأجاز له أبو الحَسَن مؤيَّدُ بن محمدٍ الطّوسيُّ، وعلاءُ الدِّين السَّرَخْسيُّ لقِيَهُ بمَرْو، وأطال التجوُّلَ في طلبِ العِلم والروايةِ والتفقُّهِ بالعراقِ والشام ومِصرَ. ¬

_ (¬1) بياض في الأصل، والمقصود: عبد الله بن علي بن زنون. له ترجمة في أعلام مالقة (الترجمة 85) ولا وجود للكنية في هذه الترجمة، انظر فيه كذلك: المرقبة العليا: 114، 123. (¬2) في الأصل: "أنضي النفس". (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2650)، والرعيني في برنامجه (95)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 143، والمراكشي في الإعلام 9/ 282. (¬4) التكملة (1898)، لكنه عاد فذكره على الوجه في حرف العين، كما تقدم في التعليق السابق. (¬5) هو الصوفي المشهور الشيخ عمر السُّهروردي البغدادي المتوفى سنة 632 هـ، وترجمته في ذيل تاريخ مدينة السلام لإبن الدبيثي 4/ 353 وفيه مصادر ترجمته.

وقَدِمَ الأندَلُسَ وحدَّث بها، فرَوى عنه بها من أهلِها أبو جعفرٍ ابنُ غالب، وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ شيخُنا، وأبو يعقوبَ بن إبراهيمَ بن عُقاب (¬1)، ومن سُكّان مالَقةَ: أبو عبد الله بن عِيَاض، وبَسبْتَةَ أبو العبّاس بن محمدٍ المَوْرُوريُّ. ووَرَدَ مَرّاكُشَ في حدود [خمسٍ وثلاثينَ وست مئة] فأسمَعَ الحديثَ وكتَبَ الرَّقائقَ والتصَوُّف، رَوى عنهُ [جماعةٌ من أهلِها ومنَ] المستوطِنينَ بها من غيرِهم، منهم: آباءُ عبد الله: أبي رحمه الله، وابنُ يوسُفَ القَلْعيُّ الناسكُ نفَعَ اللهُ به، وقال لي في مجلِس أبي [....] (¬2) أباك، وأبو عليّ الحَسَن بن الحَسَن ابن مكسورِ الجَنْب، وأبو المَجْدِ ابن [عَطِيّة]. وحدَّث عنه بالإجازة: أبو عبد الله ابنُ الأبّار. وكان فقيهًا شافعيَّ [المذهب، متصَوِّفًا] شديدَ العُجمة، يَرجِعُ إلى جَوْدةٍ وصحّةِ باطن، وتصحَبُه غَفْلة، وكان [مجلسُ] إسماعِه مَجمَعًا للفقهاءِ وأهل الفضل والصّلاح والخير، وكان قدومُه على مَرّاكُشَ في أيام الرّشيدِ من بني عبد المؤمن، فصُرِفَ إليه وجهُ الاعتناءِ به والتنويهُ، ووالَى برَّه وتكريمَه، وحَظِيَ عندَه حُظوةً تامّةً وأجرَى لهُ ثلاثَ مئة درهم وسبعةَ قناطيرَ ونصفَ قِنطار من الحُوَّارَى (¬3) في كلِّ شهر مَرْتبة، سوى ما يتعاهَدُه به من إحسانٍ وكُسًا وهدايا وتُحَف، فتمادَى على ذلك حالُه معَه مُدّةً إلى أن رَفَعَ إليه مقالةً في إثباتِ صنعة الكيمياء، وأنه واصِلٌ قد أدرَكَها علمًا وعملًا، وادَّعى إفادتَه إياها، فقَطَعَ الرّشيدُ عنه ما كان يُجريهِ عليه ثلاثةَ أشهرٍ حتى استَوْحَشَ من ذلك أبو البَركات وأثّر في حالِه، وكان موضعُ سُكناهُ قريبًا من مَسكَن أبي إسحاقَ ابن الحجرِ المذكورِ ¬

_ (¬1) جاء في إجازته المثبتة في رحلة ابن رشيد 2/ 213: "ولقيت بمراكش الشيخ العالم العلم أبا البركات عمر بن مودود بن عمر الفارسي وقرأت عليه البخاري، والسير، ورسالة القشيري، وأول كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم الحافظ، وسمعت عليه الموطأ ولازمته إلى أن توفي رحمه الله". (¬2) محو تام في الأصل، ويشبه القول أن يكون دعاء للمؤلف. (¬3) الحوارى، بضم الحاء وشد الواو وفتح الراء: الدقيق الأبيض، وهو لباب الدقيق.

قبلُ (¬1)، وكان كبيرَ أطبّاءِ الرّشيد والمُدِلَّ عليه والكثيرَ الخَلْوةِ به، فألقَى إليه أبو البَركاتِ ما نالَهُ من فَقْدِ الجِراية التي كانت تَجري له وجَهِلَ سببَه، فتلطّفَ أبو إسحاقَ ابنُ الحجرِ في إلقاءِ قضيّتِه إلى الرّشيد بعدَ رَصْدِه ساعةَ بَسْطٍ منه، وقال له: يا سيّدي، عبدُكم الغريبُ المُنقطِعُ إلى جانبِكم الفارسيُّ هُو ممّن شملَني وإيّاه نَسَبُ الاغتراب والأَوْيُ إلى كنَفِكم العزيز، وهو معَ ذلك جاري الجُنُب، ذَكَرَ لي ما عِيلَ له صَبْرُه وضاق من أجلِه ذَرْعُه، وذلكم توقُّف ما كان يَجري عليه من إنعامِكم منذُ ثلاثةِ أشهرٍ ولا يعرِفُ موجبَه، فتبسَّم الرّشيدُ وقال له: كيف يكونُ هذا ونحن نرى، وهو أنّا أحوَجُ إليه منه إلينا، فأكبَرَ ابنُ الحجرِ هذا الجوابَ، وقال: معاذَ الله يا سيّدي، وأنّى يُمكنُ هذا؟ فرَفَعَ الرّشيدُ طَرَفَ بِساطِه الذي كان جالسًا عليه، وأخرَجَ من تحتِه مقالةَ أبي البركاتِ في صَنْعةِ الكيمياء، وقال له: من وَصَلَ إلى هذا العلم أو هذا العمل فالملوكُ مُفتقِرونَ إليه، فلمّا وقَفَ ابنُ الحجرِ على بعضِ مضمَّنِها سُقِطَ في يدِه ولم يُحرِ جوابًا إلّا ¬

_ (¬1) هو أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف بن الحجر كبير أطباء الرشيد الموحّد ترجم له المؤلف في السفر السابع مع الغرباء وهو مفقود الآن، ولا نعرف عنه إلا الإشارات الواردة هنا وفي ترجمة ابن القطان المذكورة قبل، وفي ترجمة أبي الوليد بن عفير قصيدة يمدح بها أبا إسحاق وينعته فيها بالحبر البحر ويصف مآثره ومعارفه ويشبهه بجالينوس (انظر السفر السادس، الترجمة 311)، ويبدو لنا، والله أعلم، أن هذا الطبيب من ولد ابن الحجر زعيم المسلمين في صقلية في عهد ملكها غليام، وقد تحدث ابن جبير في رحلته عن هذا الزعيم الحمودي الأصل وصموده ومحنته بسبب ما نسب إليه من مكاتبة الموحدين وتشوفه إلى هجرة صقلية. ويبدو أنه انتقل بعد ذلك هو أو بعض أولاده إلى بجاية حيث نجد فيها في القرن السابع الهجري الفقيه أبا زيد عبد الرحمن بن علي بن محمد القرشي الصقلي المعروف بابن الحجر، وقد انتقل أولاده إلى قسنطينة حيث غدوا فيها من بيوتات العدول والكتاب وأصبحوا من ركائز الفرع الحفصي في قسنطينة ومنهم أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل قاسم بن أبي زيد عبد الرحمن بن الحجر الآنف الذكر (انظر رحلة ابن جبير: 31 - 33 تحقيق د. نصار، وعنوان الدراية: 131، والفارسية: 178 - 179 تحقيق النيفر والتركي، وراجع ما سبق في الترجمة رقم 10).

[بالاعتذارِ عنه] بضعفِ العقل وسُوءِ التدبير، واختلالِ الذِّهن وفسادِ النظر، [وتلطَّفَ في] استعطافِ الرَّشيدِ له والرغبةِ لهُ في إعادةِ ما كان يُجري [عليه من إنعامِه] فأسعَفَه في ذلك وقَضَاهُ جميعَ ما فاتَه منهُ في الأشهُرِ [السابقة، وأنحَى عليه ابنُ] الحجر باللَّوم الشديدِ وتقبيح هذا المَأْخَذ معَ سُفهاءِ المسلمينَ [وخُبَثاءِ] المُحتالين، فكيف يقابلُ به الملوك؟ ونَدِم أبو البرَكاتِ على ما كان منه. [ثم عاد] ورَفعَ له أيضًا مقالةً أخرى سَمّاها (الأوتارَ والأشفاع) أودَعَها [ذكْرَ النبيِّ]- صلى الله عليه وسلم - والخُلفاءِ من الصّحابةِ ومُعظم مَن بعدَهم ممّن شُهِرَ بالخلافةِ إلى زمانِ الرّشيد، وقضَى بتمكينِ سعادةِ الأوتار ونَقْصِها أو فَقْدِها في الأشفاع، وتمَلَّقَ بذلك إلى كونِ الرَّشيدِ وتْرًا، فهو كاملُ السَّعد، تَكثُرُ على يدَيْهِ الفتوحات، وتتّسعُ مملكتُه في المعمور، ولم يَستحسِنْ أحدٌ هذه المقالة، ولا حُمِدَ منهُ وضعُه إيّاها؛ لِما اشتَملَتْ عليه من التهاتُرِ والتناقض، وعَدِّ بعضِ الأوتار أشفاعًا وبعضِ الأشفاع أوتارًا، إلى خُلوِّها من فائدةٍ يُحرَصُ عليها ويُرغَبُ فيها، ولم يَحسُن موقعُها معَ ذلك من الرّشيدِ الذي رُفِعتْ إليه؛ لذِكرِ بعض سَلَفِه فيها بما لا يَستسيغُ عاقلٌ سَماعَ مثلِهم، ثم إنّ الوجوهَ ذاكَرَتْه في كلِّ ما نَسَبَه إلى الرّشيدِ من تأتّي الفُتوح في أيامِه وبَسْطِ مملكتِه وطُولِ عُمُرِه، فقُبِضَ الرّشيدُ غريقًا في جُمادى الأولى سنةَ أربعينَ وست مئة ابنَ ستٍّ وعشرينَ سنة، وكانت أيامُه تسعَ سنين ونحوَ نصفِ سنةٍ (¬1) معظمُها في هَرَج وغلاءٍ مُفرط وفتنٍ مُظلمة وأهوال لا قِبَلَ لأحدٍ بها إلا بعضَ سنين أواخِر العَشْرِ التي توفِّي بها، ولم يَعدَم معَ ذلك تكريمًا منهُ وتعظيمًا عندَ الخاصّةِ والعامّة من أهل مَرّاكُشَ إلى أن توفِّي بها ليلةَ الجُمُعة ودُفنَ من الغدِ إثرَ صَلاتِها، وذلك في العَشْر الأُوَل من شهر ربيعٍ الآخِر سنةَ تسعٍ وثلاثينَ وست مئة بجَبّانةِ باب نَفِيس، وشَهِد جَنازتَه خَلْقٌ لا يُحصَوْنَ ¬

_ (¬1) أيام خلافة الرشيد الموحدي من مفتتح شهر محرم من عام ثلاثين وست مئة إلى عاشر جمادى الأولى من سنة أربعين وست مئة. وأخبار دولته مفصلة في البيان المغرب 3/ 282 - 358 وفيه الحديث عن الغلاء.

36 - عمران بن موسى بن ميمون الهواري؛ سلوي، أبو موسى

كثرةً وأتبَعوهُ ثناءً صالحًا وذكرًا جميلًا، وقال ابنُ الأبّارِ في غير "تكملتِه" (¬1): إنه توفِّي بعدَ الأربعينَ، ولم يضبِطْه (¬2). 36 - عِمرانُ (¬3) بن موسى بن مَيْمونٍ الهَوّاريُّ؛ سَلَويٌّ، أبو موسى. ¬

_ (¬1) بل ذكر ذلك في التكملة (2650) كما أسلفنا. (¬2) يلاحظ أن المؤلف لم يترجم لأبي حفص عمر بن عبد الرحيم بن عمر ابن عكيس الفاسي في موضعه من هذا السفر مع أنه أشار إليه في السفر الأول (الترجمة 675) في الآخذين عن أبي العباس الشنتمري الذي أقرأ بشنتمرية وفاس ووالده عبد الرحيم ابن عكيس من الداخلين إلى الأندلس وترجم له ابن الأبار في التكملة وابن الزبير في صلة الصلة وجذوة الاقتباس. والظاهر أن الولد لم يدخل الأندلس؛ ولذلك لم يكن على شرط ابن عبد الملك وابن الأبار وابن الزبير، وعلى كل حال فلا يوجد سقط في النسخة الخطية حسبما يستفاد من تتابع أسماء المسَمّين بعُمر. (¬3) له ترجمة في صلة الصلة 4/الترجمة 350، وبغية الوعاة (نقلًا عن ابن الزبير) 2/ 233، ويبدو -والله أعلم- أنه هو الذي أشار إليه ابن عميرة في رسالة له يشكو فيها من أهل سلا لمّا كان قاضيهم (637 - 640 هـ) يقول: "والشأن في الأهلب العثنون، الأبله في علم المفروض والمسنون، إذا خنقته العبرة، وأرشته الكبرة، وحضره المحكوم عليه يقول: ظلمت فانظرني بتقواك، وانصرني بفتواك، ويقص عليه قصته وقد حشاها بهتانًا، وضم إليها أيمانًا، فخرج بمنسأته يهدج، وفي سوءته يهملج، حتى إذا قيل له: القصة كيت وكيت، وليس كما حكى ولا على ما حكيت، قال: فهلا دعاهم إلى صلح يوقع البينونة، ويرفع عنا هذه المؤونة، وأسمع طلاق الزوج ومبلغ عدده، وخروج الرجعة من يده، فقال: كان هذا أول طلاق في الإسلام، وأغضى عنه خيار الحكام، فهو يغضب للشرع وهذا دينه، ويدعى نصرة الحق والشيطان قرينه" انظر: أبو المطرف ابن عميرة: 132، ويحملنا على هذا التخمين أن المترجم كان في بلده في هذا التاريخ في التسعين من عمره وكان قاضيًا فيما سلف ويلجأ إليه أهل بلده فيما يقع عليهم من أحكام هذا القاضي الغريب، وعلى كل حال فكلام ابن عميرة -إذا كان في صاحبنا- فإنه يحمل محمل الأدبيات. وفي البغية والوافي ترجمة محمد بن موسى السلوي النحوي الأديب (ت 685 هـ) ويمكن أن يكون أخا المترجم.

37 - عياش بن أجيل -بضم الهمزة وجيم، كأنه تصغير أجل- الرعيني، مصري

رَوى عن أبي الحَجّاج ابن الشّيخ، وأبي الحَسَن ابن النَّقِرات، وأبي ذَرّ ابن أبي رُكَب، وآباءِ عبد الله: ابني الإبراهيمَيْنِ: [ابن البَقّار] , وابن الفَخّار، وابن جابِر بن يحيى بن ذي النُّون، وابن [....] وابنَيْ عبدَي الرحمن: التُّجِيبيِّ، ورُكن الدِّين، وابن عليّ الفَنْدَلاويّ، [وأبي القاسم بن عبد] الوَدُود بن سَمَجُون، وأبوَيْ محمد: الحَجريَّ وابن حَوْطِ الله. حدّثنا عنه [أبو بكر بنُ] يَربُوع، وأبو عبد الله بن خَمِيس، وأبو محمد قاسمُ بن أحمدَ بن السّكوت. [وكان مُفسِّرًا حا] فظًا مُستبحِرًا في ذكْرِ المسائل ومعرفةِ النّوازل والإشراف على [اللّغاتِ والآ] داب، ممتِعَ المجالسة، طريفَ النّوادر، متقدِّمًا في النّحو، ذا حظٍّ من قَرْض [الشِّعر] تَعرِضُ له أحيانًا غفلةٌ تصدُرُ عنه بها مُضحِكات؛ وأقرَأَ ببلدِه وبمالَقةَ ومَرّاكُشَ وغيرِها؛ واستُقضيَ ببلدِه وخَطَب بآنفا، وأُراه استُقضيَ به. وتوفِّي سنةَ ثمانٍ وأربعينَ وست مئةٍ وقد نَيَّف على التِّسعين. 37 - عَيّاشُ (¬1) بن أُجَيْل -بضمِّ الهمزة وجيم، كأنه تصغيرُ أجَل- الرُّعَيْنيُّ، مِصريٌّ. رَوى عن سَعِيد بن المسيِّب، ومعاويةَ بن حُدَيْج؛ وكان على شُرطة موسى بن نُصيرٍ، وأجاز معَه إلى الأندَلُس، ووَلِيَ البحرَ زمَنَ بني أُميّة، وقَدِمَ بالسُّفُن من الأندَلُس إلى إفريقيَّة سنةَ مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه الدارقطني في المؤتلف 3/ 1568، وابن الفرضي في تاريخه 1/ 441، وابن ماكولا في الإكمال 6/ 65، والحميدي في جذوة المقتبس (743)، والضبي في بغية الملتمس (1253)، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 1/ 173، وابن حجر في تبصير المنتبه 3/ 898. وقد سماه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ": عباسًا، بالسين المهملة؛ ولذلك ذكره الحميدي فيمن اسمه عباس من كتابه الجذوة (728).

38 - عياض بن عقبة بن نافع بن عبد القيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن الضرب بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة الفهري؛ مصري، أبو يحيى

38 - عِيَاضُ (¬1) بن عُقْبةَ بن نافِع بن عبد القَيْس بن لَقِيط بن عامِر بن أُميَّة بن الضّربِ بن الحارِث بن فِهر بن مالكِ بن النَّضْر بن كِنَانةَ الفِهْريُّ؛ مِصريٌّ، أبو يحيى. رَوى عنه أخوه أبو عُبَيدةَ مُرَّة، وإسحاقُ بنُ أبي مَرْوةَ، ويزيدُ بن أبي حَبِيب. دَخَلَ الأندَلُسَ معَ موسى بن نُصيْر، وكان من عِباد الله الصّالحين، ولمّا غَنِمَ المسلمونَ غَلُّوا غُلولًا لم يُسمَعْ مثلُه، قال عبدُ الله بن لَهِيعةَ: لم يَسلمْ من الغُلول يومَئذٍ إلّا [أبو] عبد الرحمن الحُبليُّ وابنُ شماسةَ الأكبر، وحَنَشٌ الصَّنْعانيّ، وعِياضُ بن عُقْبةَ بن نافِع الفِهرِيّ. توفِّي سنةَ مئة. 39 - عِيَاضُ (¬2) بن محمد بن عِيَاض بن موسى بن عِيَاض بن عُمرَ بن موسى بن عِيَاض بن محمد بن موسى بن عِيَاض اليَحْصُبيُّ، سَبْتيٌّ بَسْطيُّ الأصل، سَكنَ مالَقةَ، أبو الفَضْل. رَوى بسَبْتةَ عن أبيه، وأبي بكر بن بِيبَش، وأبي عبد الله بن حَمِيد، وأبي عَمْرٍو مُرَجَّى بن يونُس، وأبي القاسم بن حُبَيْش، وأبي محمدٍ الحَجْريّ -وأكثَرَ عنه- وبقُرطُبةَ عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال. رَوى عنه أبو عبدِ الله ابنُه، والتُجِيبيُّ، وأبو العبّاس ابنُ فَرْتون. وكان محدِّثًا راويةً، ثقةً شديدَ العناية بشأنِ الرّواية ولقاءِ حَمَلةِ العلم، فقيهًا حافظًا شهيرَ التعيُّن والحَسَب، من بيتِ علم وجَلالة، حَسَنَ الخُلُق ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2966)، والمالكي في رياض النفوس 1/ 132، والمقري في نفح الطيب 1/ 287، وغيرهم. (¬2) ترجمه ابن خميس في أعلام مالقة (151)، وابن الأبار في التكملة (2968)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 349، والذهبي في المستملح (751)، وابن الخطيب في الإحاطة 4/ 221، وابن فرحون في الديباج 2/ 52.

40 - عيسى بن حماد بن محمد الأوربي، تلمسيني، أبو موسى

كريمَ الطِّباع طيِّبَ النَّفْس، متبرِّعًا بقضاءِ حوائج الناس، متواضعًا معظَّمًا عند كلِّ مَن يَلقاه، مَهِيبًا مِقْدامًا، فصيحَ اللِّسان، يرغَبُ الملوكُ [في الاستماع إليه]. قال أبو عبد الله بنُ عَسْكر (¬1): لمّا تزوَّجتُ كان في نَفْسي [أن لا أستدعيَه إلّا في يوم الإطعام] وأكبَرتُ استدعاءه يومَ الذَّبح؛ لكونِه يومَ مِهنةٍ وتعب، [فبينَما أنا أتصرَّفُ في] أسبابِ ما كنتُ بصَدَدِه قُرع البابُ، فأذِنتُ في فتحِه، فإذا أبو الفَضل [يَدخُلُ عاتبًا] عليّ وقائلًا: ما كنتُ أظُنُّ منكَ هذا، هلّا استدعيتَني حتّى [أتصرَّفَ في جُملةِ من يتَصرَّف؟] فخَجِلتُ منه واعتَذرْتُ إليه بإجلالِه عن إحضاره لمثل هذه [الأشياء، فقال: لا عليكَ] الموضِعُ موضِعي، وسواءٌ استُدعِيتُ أم لم أُستَدْعَ، فشَكرتُه على [تواضُعِه وعلوِّ] قَدْرِه وجميل عِشرتِه. وُلد بسَبْتَةَ لإحدى عشْرةَ ليلةً بقِيت من المحرَّم إحدى وستينَ وخمس مئة، وتوفِّي بمالَقةَ في العَشْر الوُسَط من جُمادى الآخِرة سنةَ ثلاثينَ وست مئة. 40 - عيسى بنُ حَمّاد بن محمد الأوربيُّ، تِلِمْسينيٌّ، أبو موسى. رَوى بالأندَلُس عن أبي عليّ الصَّدَفيِّ (¬2)؛ وكان من أهل الضّبطِ والإتقان، والزُّهدِ والدّينِ المتين. 41 - عيسى بنُ حَيُّونَ. كان فقيهًا قاضيًا بأرشقولَ (¬3) لإدريسَ بن عيسى، ودخَلَ الأندَلُسَ غازيًا، حَكَى عنه أبو عُبَيدٍ البَكْريُّ في أخبارِ الأدارسة عندَ ذكْرِه مدينةَ فاس من كتابِه في "المسالك والممالك" (¬4). ¬

_ (¬1) أعلام مالقة (151)، قال ابن خميس: "حدثني خالي رحمة الله عليه قال" وخاله هو ابن عسكر، وهو مؤلف أعلام مالقة الذي هذبه وأكمله ابن أخته ابن خميس. (¬2) لم يذكره ابن الأبار في المعجم الذي ألفه في أصحاب أبي علي الصدفي. (¬3) من مدن المغرب القديمة على نهر تافنا أوى إليها بعض الأدارسة وأقاموا فيها إمارة. (الروض المعطار 26، والبكري 77 - 78 وفيه: "جنون" بدل "حيون"). (¬4) البكري 122.

42 - عيسى بن عبد الله الطويل، من أهل المدينة كرمها الله

42 - عيسى (¬1) بن عبد الله الطَّويلُ، من أهل المدينةِ كرَّمها اللهُ. صَحِبَ موسى بنَ نُصَيْر، وكان على غنائمِه بالأندَلُس أيامَ كونِ موسى بن نُصَيْر فيها. ذَكَرَه ابنُ الأبّار، وليس من شَرْط كتابِه ولا كتابي، إلّا أنْ يَغلِبَ على الظنِّ أنّ مثلَ موسى بن نُصَيْر لا يَستعمِلُ على الغنائم إلاّ مَنْ كان من أهل العلم، واللهُ أعلم. 43 - عيسى (¬2) بن عبد العزيز يَلَّبَخْت، بفتح الياءِ المسفول وفتح اللام المشدَّد، وهو اسمٌ مقتَضَب من يَلّا البَخْت، ومعنى يَلّا عندَ المَصامِدة: له أو: عندَه، ابن وَماريلي، بفتح الواو، ومعناه: ابن، وميم وراءٍ وياءِ مَدّ ولام وياءِ مَدّ، القزُوليُّ بقاف معقود مضموم، وزاي وواوِ مَدّ ولام منسوبًا، اليَزْدَكْتَنِيُّ، بفتح الياءِ المسفول وإسكانِ الزّاي وفتح الدال الغُفْل وإسكانِ الكاف وفتح التاءِ المعلوِّ ونونٍ منسوبًا. وأُمُّه تِيْلَّمان، بتاءٍ معلوّ وياءِ مَدّ ولام مشدَّد مفتوح وميم وألفٍ ونون، وهو مقتضَبٌ، من تينِ الأمان، ومعنى تين: صاحبة، بنتُ تِيْفاوْت، بتاء مسفولٍ وياءِ مَدّ وألف وواو ساكن وتاءٍ معلوّ، ومعناهُ: الضِّياء، وموضِعُه من بلادِ قَزُولةَ، يُدعَى آيدا وَغَرْدا، بهمزة وألف وياءٍ مسفول [ودال غُفْل وألف] , ومعناه: أهلٌ أو طائفة، وواو مفتوح ومعناه: [ابن، وغَيْن] معجَمٍ مفتوح وراءٍ ¬

_ (¬1) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (681)، وعنه الضبي في بغية الملتمس (1147)، وابن الأبار في التكملة (2873). (¬2) ترجمه القفطي في إنباه الرواة 2/ 378، وابن الأبار في التكملة (2920)، وابن خلكان في وفيات الأعيان 3/ 488، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 103، وابن الوردي في تاريخه 2/ 132، والذهبي في المستملح (736)، وتاريخ الإسلام 13/ 170 و 246، وسير أعلام النبلاء 21/ 497، والعبر 5/ 24، واليمني في إشارة التعيين 247، والفيروزآبادي في البلغة 179، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 611، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 180، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 236، وابن العماد في الشذرات 5/ 26.

ساكن ودالٍ غُفْل وألفٍ، ومعناه: [الفار، وأصلُه] بألفٍ قبلَه همزة، ثم تُحذَفانِ تخفيفًا، فكأنّ معنى اسم هذا [الموضع: طائفةُ ابن الفار]. شرَّقَ أبو موسى وحَجَّ وحضَرَ بمِصرَ مجلسَ أبي محمد عبد الله [بن بَرِّي بن عبد] الجَبّار بن بَرِّي رئيس النَّحْويِّينَ بالبلادِ المِصريّة، والمرجوع إليه [في عِلم] العربيّة، وأبو موسى لا يُحسِنُ شيئًا من النَّحو فبحبِّه في العلم ومُواظبتِه على طلبِه لم يمُرَّ له إلا القليلُ حتى فَهِمَ الطريقةَ وتكلَّمَ فيها معَ أربابِها، وعَكَفَ على قراءةِ النّحو عندَ أبي محمد بن بَرِّي، وقَرأَ عليه "تاج اللغة وصِحاحَ العربيّة" لأبي نَصر إسماعيل بن حَمّاد النَّيْسابوريِّ الجَوْهريّ، وكتبَه بخطِّه، ورَوى أيضًا هنالك عن مهذَّب الدِّين أبي المحاسِن مُهلَّب بن الحَسَن بن بَرَكاتِ بن عليِّ بن غِيَاث بن سَلْمانَ المُهلَّبيِّ النَّحويّ اللُّغويّ، وبالإسكندَريّة عن أبي الطاهر السِّلَفيِّ، وأبي حَفْص عُمرَ بن أبي بكر بن إبراهيمَ التّميميِّ السَّعْديِّ الصِّقِلّي. ثُم قَفَلَ إلى بلادِ المغرِب، فأقام بجزائرِ بني زَغنَى (¬1) مُدّةً أخَذَ بها عن أبي عبد الله بن إبراهيم (¬2) أصُولَ الفقه ولزِمَه حتى أتقنَه، ودرَّس أثناءَ مقامِه بها العربيّة، فأخَذَ عنه بها حينَئذٍ أبو زكريّا يحيى بنُ مُعْط بن عبد النُّور الزَّواويُّ المُستوطِنُ بعدُ دمشقَ المدعوُّ هناك بزَيْن الدِّين ناظمُ الأُرجوزةِ المهذّبةِ في النَّحْو الموسومةِ بـ "الدُّرّةِ الألفيّة في عِلم العربيّة" (¬3)، وأبو عبد الله محمدُ بن قاسم ابن مِنْداس، وأخَذَ عنه بها أو بغيرها من بلاد إفريقيّةَ أبو زكريّا يحيى بن عليِّ بن الحَسَن بن عليّ ابن حَبُوس الهَمْدانيّ، وأبو عبد الله محمدُ بن عليّ بن بلقينَ القَلْعيُّ ابن طَرَفة. ثم أجازَ البحرَ إلى جزيرةِ الأندَلُس، فكتبَ (¬4) بالمَرِيّة زمانًا، وأخَذَ عنه بها من أهلِها جماعة، منهم: أبو إسحاقَ بنُ غالب، وأبو عبد الله بن أحمدَ ابن ¬

_ (¬1) هي عاصمة الجزائر الحالية. (¬2) سترد ترجمته في هذا السفر رقم (73). (¬3) هي الألفية السابقة على ألفية ابن مالك، وهي مطبوعة، وترجمة ابن معط في بغية الوعاة 2/ 344. (¬4) هكذا في الأصل، ولعلها فمكث أو أنها بتشديد التاء.

الشَّوّاس، ثم عاد إلى العُدْوة وأخَذَ عن أبي محمد الحَجْريِّ، واستَوْطنَ مَرّاكشَ وانتَصَبَ فيها لتدريس العربيّة، فأخَذَ عنه بها أبو إدريسَ يعقوبُ بن يوسُف الصُّنْهاجيُّ، وأبو إسحاقَ ابن القَشّاش شيخُنا، وأبو بكرٍ عبدُ الرحمن ابن دَحْمان، وأبو الحَجّاج ابن علاءِ النّاس، وأبو الحَسَن ابن القَطّان، وأبو زَيْد المَكّاديُّ، وأبَوا عبد الله: ابنُ إبراهيمَ الوَشْقيُّ، وابنُ أبي الرّبيع بن محمد الإيلانيّ، وأبوا العبّاس: ابنا المحمَّدَيْنِ: ابن زكريّا المنجصيُّ، والمَوْرُوريُّ، وأبوا محمدٍ: عبدُ الصّمد ابن يُوْشْجَل، ويُكتَبُ أيضَا: يُوجْكَل، [وبالرَّسْمَيْنِ وقَفتُ عليه في خطِّ] أبي موسى في موضِعَيْن، وهو بالياءِ المسفول وواو مَدّ وجيم [معقودٍ ساكن وقافٍ] معقود مفتوح ولام، ومعناه ... المَجّونيّ [بفتح الميم وجيم] مشدَّد وواوِ مَدّ ونون منسوبًا (¬1)، وعبدُ الكريم بن محمد الخُزَاعيُّ، وأبو يعقوبَ [بن يحيى بن عيسى] بن عبد الرحمن التادَليُّ ابنُ الزَّيات. وكان كبيرَ النُّحاة غيرَ مُدافَع، [جيِّدَ التلاوة] حسَنَ الإلقاء، حافظًا للُّغة ضابطًا لما يقيِّدُ، حسَنَ الخَطّ المشرِقيّ [وافرَ الحَظّ من الفقه] بارعًا في أصُولِه، متعلِّقًا بطرَفٍ صالح من روايةِ الحديث، معَ الوَرَع والزُّهد [والصَّلاح] والانقباضِ عن مخالطةِ الناس ومُداخَلةِ أبناءِ الدنيا، وهُو أولُ من أدخَلَ "صحاحَ الجَوْهريِّ" إلى المغرِب. وله مصنَّفاتٌ في النَّحو مفيدة، أشهَرُها: التقييدُ المحاذي بهِ أبوابَ "الجُمَل" للزَّجّاجيّ المسَمَّى بالاعتماد، وبالقانونِ أيضًا، الجاري عليه بينَ الناس [اسمُ] ¬

_ (¬1) ورد اسمه في التشوف هكذا: "سمعت أبا محمد عبد الصمد بن يوجكل الركوني يقول" فهو إذن من شيوخ التادلي أو أصحابه. قال: "بلد ركونة من عمل مراكش" التشوف: 401، ووردت هذه النسبة عنده مرة ثانية (ص 21)، والتادلي ضابط وأقدم من ابن عبد الملك، وابن عبد الملك أكثر منه اطلاعًا. وقد ضبطها كما ترى بالحروف وقد وردت عنده نسبة الركوني في موضع آخر. وانظر هل النسبة المذكورة إلى جبل مكون أو إلى قلعة مجونة.

الكُرّاسة القَزُوليّة، ومن الناس -وأكثرُهم بعضُ الأندَلُسيِّين (¬1) - من يَنسُبُها لشيخِه أبي محمدٍ ابن بَرِّي ويَذكُرُ عن أبي موسى أنه كان يقول: إنها جمْعُ تلامذة أبي محمد بن بَرّي حسبَما لَقِنُوهُ عنه، ومنهم مَن يَأْثَرُ عن أبي موسى أنها من إملاءاتِ ابن بَرِّيّ على أبوابِ "الجُمَل" وأنّ أبا موسى كمَّلَها، وكلُّ ذلك ممّا لا ينبغي التعريجُ عليه، وإنّماَ هي تقوُّلاتُ حَسَدتِه النافِسينَ عليه، وإلا فلمَ [لم] تُعرَفْ إلا من قِبَل أبي موسى وقد أخَذَها الناسُ عنه ودرَّسهم إياها ولم تُشهَرْ إلا له؟ وقد وقَفْتُ على خطِّه في نُسَخ منها محمِّلًا إياها بعضَ آخِذيها عنه، ولم يأتِ بها أحدٌ زاعمًا أنه أخَذَها عن ابن بَرِّيّ على كثرةِ تلاميذِه والآخِذينَ عنه إلى عصرِنا هذا، ولم يزَلْ أبو موسى يتَولّى تهذيبَها وتنقيحَها والزّيادةَ فيها والنقْصَ منها وتغييرَ بعض عباراتها حسبَما يؤدِّيه إليه اجتهادُه ويقتضيه اختيارُه، وشهيرُ وَرَعِه يَزَعُه عن التعرُّض إلى مثل هذه التصرُّفاتِ في غير مصنَّفِه، اللهمّ إلا أن يكونَ ابنُ برِّيّ قد أذِنَ لهُ في ذلك، وهو بعيدٌ إن لم يكنْ باطلًا؛ لِما تقَدَّم من أنه لم يأتِ بها أحدٌ عنه ولا نَسَبَها إليه منذُ مئةٍ وثلاثينَ سنةً أو نحوِها وهلُمَّ جَرًّا، وعلى الجملة، فإنه كان راسخَ القَدَم في النَّحو، ولا سبيلَ إلى إنكارِ ذلك، ومصنَّفاتُه تشهَدُ بذلك، ككتابِه الذي بَسَطَ فيه مقاصدَ هذا "الاعتماد" وتوفِّي ¬

_ (¬1) منهم ابن الزبير في الصلة (4/الترجمة 103)، وابن الأبار في التكملة رقم (2920) ولعلهما تابعا في ذلك الشلوبين الذي كان يعتقد فيها أنها ليست لأبي موسى، قال أبو جعفر اللبلي: "وما ظنه غير صحيح، وقد بينت ذلك في البرنامج الكبير". وقد ألف البقوري دفين مراكش في الموضوع كتاب "الانتصار لأبي موسى الجزولي" كما أن المنصفين من الأندلسيين أعجبوا بها وعنوا بتدارسها وشرحها، ولابن حوط الله في مدحها: كراسة في النحو لكنها ... تحوي من العلم كراريسا صغيرة الحجم وقد أسَّست ... قواعد الصنعة تأسيسا قد مخض الزبد بها نحوه ... فاستوجب الشكر أبو موسى ونظمها بعضهم وهو ابن غياث الشريشي في رجز تعليمي. انظر الذيل والتكملة (6/الترجمة 779)، ورحلة ابن رشيد 2/ 236 تحقيق الشيخ ابن الخوجة، ومذكرات ابن الحاج النميري: 48.

قبلَ إكمالِه، وشَرَحَ أيضًا "إيضاحَ" الفارسيِّ جُملةً، وشَرَحَ شواهدَه مُفردةً، إلى غيرِ ذلك من التنبيهاتِ والمعلَّقات [على "كتاب] سِيبوَيْه"، و"مفصَّل" الزمخشَريّ، وغيرِ ذلك (¬1) ممّا يُعرِبُ عن وفورِ [مَلَكتِه وسَعةِ] إدراكِه في هذا الفنّ، وقد حدَّثني غيرُ واحد ممّن لقِيتُه أنّ [الشَيخَ النَّحويَّ] الحافلَ أبا عليّ ابنَ الشَّلَوْبِين (¬2) قَدِمَ على مَرّاكُش أوّل قَدَماتِه عليها [وصِيتُه بعيد،] وذِكْرُه عتيد، وهُو مستعدٌّ بما عندَه للظهورِ على من اشتَملت عليه [الحضرةُ من المُرتسِمينَ] بالعربيّة، فدَخَلَ إليها من باب دكالةَ أحدِ أبوابِها الشَّماليّة، [وكان] أبو موسى في ذلك الوقتِ يدرِّسُ في مسجدٍ على الطريق بمقرُبةٍ من ذلك البابِ [الذي اجتازَ] به الأستاذُ أبو عليّ، وسمع أصواتَ طلبةِ العلم قد عَلَت بالمُذاكَرة والمُباحثة، فسألَ عن ذلك فأُخبِر أنه مجلسُ بعضِ أساتيذِ العربيّة، فدَخَلَ إليه متشوِّفًا ومتطلِّعًا على مَراتب طلبةِ مَرّاكُشَ في النّحو، فألْفاهُم يتفاوَضُونَ في مسائلَ من النَّحو، وبينَما هو يَسَتطرِفُ مأخَذَهم في المُناظرة دَخَلَ أبو موسى رجلًا رقيقَ الأدَمة تعلوهُ صُفرة، ذا غديرتَيْنِ، مُبتذَل الملبَس، على رأسِه قُلُنْسُوة عزف، على زيِّ ذوي المِهَن من بَرابرةِ البوادي، وعندَما أطلَّ عليهم سَكَتوا وسَكَنوا هَيْبةً له وإجلالًا، ولمّا استقَرَّ بأبي موسى المجلسُ أخَذَ يتكلَّمُ في بعض أبوابِ العربيّة بضَبْطِ قوانينِها وتقييدِ مسائلِها وإحكام أصولِها بما لا عهدَ لأبي عليّ بمثلِه، فبُهِتَ عندَ ذلك وسُقِطَ في يدِه، وقال: إذا كان مثلُ هذا الموضع الخامل الذي ¬

_ (¬1) أشار ابن خلكان 3/ 484 إلى بعض مؤلفات الجزولي التي لم يذكرها المؤلف فقال: "وسمعت أن له أمالي في النحو ولكنها لم تشتهر، ورأيتُ له مختصر الفسر لإبن جني في شرح ديوان المتنبي". (¬2) ترجمته ومصادرها في السفر الخامس (الترجمة 807) وفيها أنه قدم مراكش أيام المنصور من بني عبد المؤمن، وذكر بعض من ترجم له أنه شرح الكراسة الجزولية شرحين اثنين (انظر بغية الوعاة 2/ 225) ويبدو أن ذلك وهم جره تشابه الألقاب فالذي شرح الجزولية هو أبو عبد الله محمد الشلوبين المالقي وليس أبا علي عمر الشلوبين المشهور، قال ابن عبد الملك في ترجمة الأول: "وكمّل ما كان بدأ به أبو الحسن ابن عصفور من التعليق على "القزولية" كتابًا مفيدًا" (الذيل والتكملة 6/الترجمة 1242).

لا يكادُ يُؤبَهُ له، ولا يُعَدُّ من كبارِ مجالِس العلم؛ لكونِه في أُخْرَياتِ البلد، يَنتصبُ للتدريس فيه مثلُ هذا البَرْبريِّ البعيدِ في بادي الرأي عن التكلُّم، فضلًا عن مثلِ هذا الاستبحارِ في النَّحو، فما الظنُّ بالمجالِس المحتفِلة والمساجدِ المشهورة التي يَعتني بها وبمدرِّسيها ولاةُ الأمر ويَعظُمُ فيها الحَفْل ويجتمعُ إليها أكابرُ طلبةِ العلم؟ هذا بلدٌ لا أسُودُ فيه بعلمي، فانكفَأَ للحِين من ذلك الموضع، ولم يحُلَّ بمَرّاكُشَ ولا حضَرَ مجلسًا من مجالِس أساتيذِها، وعاد إلى بلدِه إشبيليةَ مُقْضيًا العجبَ مما شاهدَه، ولمّا شاع ذكْرُ أبي موسى واشتُهر أمرُه وعُرِفَ قَدْرُه، تكاثَرَ طلَبةُ العِلم عليه وانثَالوا من كلِّ حَدْبٍ إليه حتى ضاقَ عنهم ذلك المسجدُ الذي كان يدرِّسُ فيه، فانتقلَ إلى مسجدِ ابن الأبكَم شَماليَّ محَلّةِ الشرقيِّين أسفلَ ممرِّ بابِ أغمات الأعظم إلى جهةِ العوّادِين، ولمّا نُمِيَ إلى المنصور، من بني عبد المؤمن، خبَرُه وقرِّر عندَه ما هو عليه من الدِّين والزُّهدِ والوَرَعِ والتقشُّف والإعراضِ عن الدّنيا والانقطاع إلى [نَشْر العلم والبُعدِ عن التعرُّض] لأهلِ الجاهِ من الأُمراءِ والوُلاة - وكان دأْبُ عبدِ المؤمن وبنيهِ [التنقيرَ عمّن هذه] حالُه والكشفَ عن باطنِ أمرِه متخوِّفينَ ثورتَه وخروجَه عليهم -[فأمَرَ كبيرَ وُزرائه] أبا زيدِ ابنَ يَوُجّانَ (¬1) - بياءٍ مسفولٍ مفتوح وواو مضموم وجيم مشدَّد [وألفِ مَدّ ونون - ونقيبَ] طلبةِ العلم حينَئذٍ أبا القاسم ابنَ أبي محمد المالَقيَّ (¬2) فأمَرَهما بالتوجّه إليه [وإحضارِه بينَ] يدَيْه، وأوعَزَ إلى ¬

_ (¬1) هو أبو زيد عبد الرحمن بن موسى بن يوجان الهنتاتي، انظر فيه: المعجب: 338، 387، 393 والبيان المغرب (في مواضع متعددة) والروض المعطار (مادة جنجالة). (¬2) هو الحسين بن عبد الله المعروف بابن المالقي، ولد بإشبيلية سنة 567 هـ وتوفي بمراكش سنة 617 هـ ترجمته في التكملة (741) والإعلام للمراكشي 3/ 200 وفيها أنه "كان بمراكش رئيس الطلبة، وهي خطة سلفه" أما سلفه المشار إليه فهو والده أبو محمد عبد الله، وترجمته في التكملة (2109) ونيل الابتهاج: 134 ويتردد ذكره في كتب التاريخ مثل المن بالإمامة والمعجب والبيان المغرب والأنيس المطرب، وله أولاد آخرون منهم أبو علي بن أبي محمد المالقي، كان على قضاء قرطبة واستدعي منها إلى حضرة مراكش "وقُدّم بها على طلبة الحضر خطة أبيه وإخوته" كما في البيان المغرب 3/ 233 - 234 قسم الموحدين.

وزيرِه أنه إنْ وافَقَه على الوصُولِ مَعه استَصْحَبَه مُكرَّمًا مبرورًا، [وإن بَدَا] منه تأبٍّ أو تلكُّؤٌ ضَرَبَ عنُقَه في مجلسِه وجاء برأسِه، فتوجَّها إليه، ولمّا دخَلا عليه [أمّا] نحوَهُ، فلم يَعْبَأْ بهما ولا عَرَفَ من هما، وظنَّهما ممّن قَصدَ إليه لاقتباسِ العلم، ولمّا انتَهَيا إليه سَلَّما عليه فرَدَّ عليهما السلام، ومَرَّ في شأنِه غيرَ معرِّج عليهما، فمَكَثا هُنَيْأةً، فرأَيا من حالِه وهيئتِه ومعرفتِه وهيبتِه عندَ الحاضِرينَ ما أوقَعَ في نفوسِهما إجلالَه، ثم دَنَا له الوزيرُ وقال له: أجِبْ أميرَ المؤمنين، فإنّا رسولاهُ إليك، فسَبْحَلَ وحَسْبَلَ وحَوْقَلَ وقال: ما لي ولأميِر المؤمنين! وأخَذَ يُكرِّرُها، فتشاغَلَ عنه الوزيرُ بالتكلُّم معَ بعضِ مَن وَليَه من حاضِري طلبةِ المجلس، وأشار إلى رئيس الطلبةِ بأن يُلقيَ إليه ما يُهَوِّنُ عليه إجابةَ الدّعوة والعملَ على مَرْضاةِ أميرِ المؤمنين، ويُعرِّضَ له بما تَجُرُّ الإبايةُ عن ذلك ممّا يُحذَرُ عليه، فلم يزَلْ يتَلطَّفُ به حتّى أجابَ إلى ما دُعيَ إليه على كُرهٍ منه، وتوجَّهَ معَهما، وأخَذَ أبو القاسم يؤنِسُه ويُلقي إليه صورةَ لقائه المنصُورَ كيف تكون، ويؤكِّدُ عليه في مُوافقةِ أغراضِه جمع، حتى انتَهَيا به إلى مجلسِ المنصُور، فدَخَلَ عليه متلفِّفًا في عباءةٍ مؤتزِرًا بقطعةِ ثوب صُوف، فعَجِبَ من هيئتِه، واختَبَره بكلِّ وجهٍ واستَنْطَقَه، فألْفاهُ أحدَ رجالِ الكمالِ فصاحةً ودينًا وفضلًا وعلمًا، فقرِّبَه وأدناهُ ولاطَفَه في المُكالمة حتى آنَسَه، وأمَرَه بنَزْع ما عليه من الثّيابِ ولُبْسِ كُسوةٍ كاملة قد أُعدَّت له، فامتَثلَ للأمرِ عملًا على إشارةِ أبي القاسم، ثم صَرَفَه مُكرَّمًا منوَّهًا به، وأصْحَبَ النقيبَ أبا القاسم ابنَ المالَقيِّ مؤنِسًا إياه، فلمّا انتَهَيا إلى باب السّادة، أحدِ أبوابِ القَصْر المُفْضِيةِ إلى ظاهرِه وخارجَ مَرّاكُش، قُدِّمت إليه بَغلةٌ فارهةٌ قد عُيِّنت. لركوبِه، فأشار عليه أبو القاسم بركوبِها، وتوَجَّه معَه نحوَ مَرّاكُشَ حتّى دخَلا على بابِ القصر، وهو الجاري عليه اسمُ بابِ الرَّبّ، وأبو موسى لا يَعرِفُ أين يُتوجَّهُ به، حتّى أفْضَيا إلى دارٍ بمحَلّةِ هرغةَ، فدخَلا إليها، فوجَداها [مُشتمِلةً على جميع ما] يَحتاجُ إليه طالبُ العلم المتمدِّنُ من كُتُبِ العلم منوّعة [الفنون وعَبيدٍ وإماء] وبُسُطٍ وفُرُش ومُعلَّقاتٍ ومَواعينَ وأثاثٍ وخرثيّ وأطعمةٍ على اختلافِها وتوابلَ ووقودٍ وفَخّارٍ وغيرِ ذلك، ولمّا

استقَرّا بالدارِ وتَطوَّفا عليها [ونَظَراها عُلوًا وسُفلًا] واطّلعا على جميع ما فيها، أعلَمَه أبو القاسم أنها وجميعَ ما احتَوتْ عليه له، وسَلَّمَها إليه وأقرَّه فيها وانصَرفَ عنه، ولم يزَلِ المنصُورُ بعدَ ذلك شديدَ العناية بأبي موسى راعيًا له مُفيضًا عوارفَه عليه متعهِّدًا أحوالَه متبرِّكًا [به وبرؤيتِه] وقَدَّمهُ إلى الخُطبةِ في جامعِه الأعظم المتّصل بقصرِه حين أتمَّ بناءه، فكان أولَ خطيبٍ به، واستمرَّ حالُه معَه على ذكْرٍ من التنويهِ به واعتقادِ الخير التامِّ فيه، ولمّا حضرَتِ المنصورَ الوفاةُ عَهِدَ أن يتوَلَّى غَسْلَه أبو موسى تبرّكًا به، فكان كذلك (¬1)، وكان أبو العبّاس القورائيُّ على عادتِه في التنكيتِ على الناسِ والنَّيل منهم يقولُ إذا رأى أبا موسى: الصُّفرةُ في الوجهِ كَنْزٌ من الكنوز! وأخبرَني (¬2) غيرُ واحدٍ ممن أثقه أن الفقيهَ المتفنِّنَ الوَرِعَ المُجمَعَ على فضلِه أبا سَعِيد يَخْلفتين ابن تنفليشت بن إبراهيمَ المتراريَّ البوغاغيَّ، رحمه الله، كان متى أشكَلَ عليه شيءٌ من عِلم العربيّة تعرَّض لأبي موسى في طريقِه الذي جَرَتْ عادتُه بالمرورِ عليه من دارِه متوجِّهًا إلى مجالسِ المنصُور أو إليها منفصِلًا عنه، فيَستفتيهِ فيما يَعرِضُ له، وأبو موسى راكبٌ، فيهُمُّ بالنّزولِ إليه والمُواعَدةِ معَه في الوصُولِ إلى منزلِه أو الاجتماع به في أحدِ المساجدِ القريبة من موضع تلاقيهما أو الوقوفِ معَه حتى يَفرُغا من مُحاورتِهما، فيأبَى أبو سَعِيد من ذلك كلِّه إلا مماشاتَهُ على قدمَيْه، وأبو موسى راكِبٌ، فكان أبو موسى يَقلَقُ لذلك كثيرًا تواضعًا منه وإجلالًا لأبي سَعِيد، ولا تسَعُه إلا مساعدتُه، فَيأخُذُ معَه فيما قصَدَ ¬

_ (¬1) نقل ابن مرزوق في كتابه: "المسند الصحيح الحسن" الحكاية المذكورة هنا من قول المؤلف: "ولما نمي إلى المنصور" إلى آخرها. وقد استفدنا من نقل ابن مرزوق الحرفي عن المؤلف في المقابلة وملء المحو الواقع في نسختنا الوحيدة، ومن المعروف أن ابن مرزوق كان يملك نسخة موثقة من الذيل والتكملة وصل إلينا بعض أجزائها. انظر المسند الصحيح الحسن: 341 - 343 تحقيق الدكتورة ماريا خيسوس بيغيرا. (¬2) نقل ابن مرزوق في المسند أيضًا هذه الحكاية من هنا إلى قوله: نفعه الله. انظر المسند الصحيح الحسن: 343، وزاد ما يلي: "وكان أبو سعيد هذا كبير الشأن أيضًا نفع الله بجميعهما بمنه".

إليه بسببِه حتّى ينقضيَ أرَبُه وينفصلَ عنهُ أبو سَعِيدٍ متأسِّفًا عليه مسترجعًا قائلًا: أيّ رجُلٍ استَمالتْه الدّنيا واستَهواهُ زُخرُفُها! وكان هذا القولُ من أبي سَعيدٍ بناءً على حالتِه التي سَتَرَه اللهُ فيها وأعانهُ عليها، وإلا فأبو موسى رحمه اللهُ لم يتلبَّسْ من الدّنيا إلا بما يَتظاهرُ به بينَ أبنائها تَقِيّةً منه على نفسِه، فأمّا في باطنِ أمرِه وخفِيِّ حالِه فإنه كان على أرفع درجاتِ الزُّهدِ والتقلُّل من الدّنيا، نفَعَه اللهُ. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: والشيءُ يُذكَرُ بالشّيء، كان الشّيخ أبو سَعِيدٍ هذا رحمَه اللهُ قد صنَّفَ كتابًا جمَعَ فيه فنونَ العلم على تفاريقِها حسبَما انتهى إليه إدراكُه واقتضاهُ تحصيلُه، وسمّاه "منارَ العلم" (¬1)، فأخبَرني الشّيخُ الحافظُ أبو عليّ الماقريُّ الضَّريرُ رحمَه الله، قال: كنتُ جالسًا معَ [أبي سَعِيد] هذا بدُكّانِ بعض الوَرّاقينَ من مَرّاكُشَ ولا ثالثَ معَنا، فقلتُ له: [إنّك] قد أغْرَبْتَ بوَضْع هذا الكتاب وجمَعْتَ فيه متفَرِّقاتِ ضروب العِلم [وفنونَه] فما سبَقَكَ أحدٌ إلى وَضْع مثلِه، وقد رأيتُ رأيًا أعرِضُه عليكَ، فقال: [وما هو؟ فقلت:] ترفَعُه إلى أمير المؤمنينَ، وذلك صَدْرَ أيام المستنصِر من بني عبد المؤمن، [فإنّ ذلك] أشهرُ لهُ وأنفَقُ لسُوقِه، فأضْرَبَ عن جَوابي، ولم يَرُعْني إلا صوتٌ باكٍ ولا عهدَ لي بثالثٍ معَنا، فتحسَّستُ أمرَه فتحقَّقتُ أنهُ الباكي، فقلتُ له: أبا سَعِيد، ما لك؟ فأعرَضَ عنّي وتمادَى على بُكائِه ساعةً ثم قطَعَه واستَرجَعَ، وقال لي: أحسَنَ اللهُ عزائي فيكَ وأعظَمَ أجري في المصابِ بك، قد كنتُ أعتقدُ أنّا لم ¬

_ (¬1) أشار إلى هذا الكتاب العبدري الحيحي في أول رحلته وذلك بمناسبة زيارته قبر الشيخ الصالح أبي حفص عمر بن هارون ببلد أنسا من أعلى السوس الأقصى وهو مترجم في التشوف، قال العبدري: "وذكره الشيخ الصالح أبو سعيد الحاحي المتراري في كتابه "منار العلم" وقال: إنه كان يدخل عليهم في الدرس فيقول: تهنيكم عبادة القلوب والألسن والأيدي والأعين يعني العلم، وهذا كلام من أُيّد بالتوفيق، وأُيّد بالتحقيق"، وعرض مؤلف "مفاخر البربر" إلى هذا الكتاب وإلى مؤلفه فقال: "ومنهم (أي من علماء البربر) الشَّيخ أبو عبد الله -كذا- البوغاغي، وله كتاب منار العلم" انظر الرحلة المغربية: 7 تحقيق الأستاذ محمد الفاسي، ومفاخر البربر: 72.

نَصطحِبْ إلا لله وللنّصيحةِ فيه ولتُرشِدَني إلى ما فيه تحسينُ عاقبتي والفَوْزُ بالنّعيمِ الدائم في آخِرتي، فأمّا الإشارةُ بالتعرُّضِ إلى أبناءِ الدنيا ولا سيّما بالعِلم الذي أنفَقْتُ فيه عمُري طالبًا لِما عندَ الله فما كنتُ أُقدِّرُ خطورَ ذلك ببالِك، ثم قام مُسرِعًا، ورُمتُ القبضَ عليه ففاتَني، ولمّا كان في اليوم الثالثِ لقِيَني مُسلِّمًا عليّ وقائلًا: لولا عُذرُك بكفِّ بصَرِك لآثَرْتُك بفضيلةِ البَدْءِ بالسلام؛ لإزالةِ الهجرة، ثم عاد إلى بعضِ ما كنّا عليه، ولا كالتوَدُّد الذي كان بينَنا، ولم يَزلْ عاتبًا لي على ما صَدَرَ له منّي في ذلك حتّى تفَرَّقْنا، ففَصَلَ إلى بلدِه بحاحةَ رحمَه الله (¬1). قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: ولم يزَلْ أبو موسى بعدَ وفاةِ المنصُور حَظِيًّا عندَ ابنِه الناصِر مكرَّمًا لدَيْه يَستصحِبُه في أسفارِه وَيتبرَّكُ بلقائه، إلى أن وَجَّهَه رسُولًا ومُصلِحًا في قضيّةٍ بينَ بعضِ صُنهاجةَ الساكنينَ بأزْمُور، فتوفِّي هناك ليلةَ السبت الثالثةَ عشْرةَ من شعبانِ سبع وست مئة، وصَلّى عليه عبدُ الوهّاب ودُفنَ بتُربة الشّيخ الفاضِل أبي شُعَيْب (¬2) أيّوبَ بن سَعِيدٍ الصُّنْهاجيِّ المعروفِ بالسّارَية شُهرةً عُرِف بها لطولِ قيامِه في الصّلاةِ، ومولدُه بأيدا وَغَردا عامَ أربعينَ وخمس مئة، وأخبَرني غيرُ واحدٍ - منهم الشّيخُ الفقيهُ المتخلِّقُ الفاضل أبو العبّاس أحمدُ بن عبد الله بن عبد العزيز بن عَبْدون (¬3) البَرغْواطيُّ الأصل الزّموريُّ المولدِ والنَّشأةِ ¬

_ (¬1) تقدم ذكر هذا الفقيه المتفنن الورع في ترجمة ابن القطان، ولا نعرف عنه اكثر مما ذكر هنا وهناك، ومن المؤسف حقًا أن تضيع ترجمته وموسوعته الغريبة التي لم يسبقه أحد إلى وضع مثلها. ويذكرنا موقف هذا العالم المغربي بموقف العالم الأندلسي ابن التياني الذي وجه إليه أمير بلده مجاهد العامري ألف دينار على أن يزيد في عنوان كتابه تنقيح العين هذه العبارة: "مما ألفه لأبي الجيش مجاهد" فرد الدنانير وقال: والله لو بذلت لي الدنيا على ذلك ما فعلت، فإني لم أجمعه له خاصة لكن لكل طالب عامة. انظر القصة في جذوة المقتبس (343). (¬2) ترجمة المولى أبي شعيب وأخباره في التشوف. انظر الفهرس. (¬3) له ترجمة قصيرة في درة الحجال 1/ 75 وفيها أنه "الشيخ الفقيه الصالح العالم، القدوة الكبير، العلم الشهير، نزيل أزمور وبها توفي في شهر رمضان المعظم عام 688 هـ" وهي ترجمة منقولة عن مفاخر البربر: 72.

44 - عيسى بن عمران بن دافال، بدال غفل وألف وفاء وألف ولام، المكناسي ثم الوردميشي، بفتح الواو وإسكان الراء وفتح الدال الغفل وميم وياء مد وشين معجم منسوبا، تلمسيني، سكن مراكش وغيرها، أبو موسى

هُو وسَلَفُه عبدون فمَن بعدَه المعروفُ بالصَّبّان، [المِهنة التي] كان يَنتحلُها قبلَ ضَعْفِه عن القيام بها، وهو المتّفَقُ على فضلِه، وما [أعزَّ المتّصفَ بهذه] المَنْقَبة العَلِيّةِ في عصرِنا هذا، [وإلى] عبدون جَدِّ أبيه يَنتسبُ [البابُ الغَرْبيُّ من أبوابِ] أزْمُورَ والبئرُ القريبةُ منه هنالك - قال: لمّا توفِّي أبو موسى القَزُوليُّ، رحمَه الله، تفاوَضَ أهلُ العِلم والخَيْر والصّلاح في تعيينِ مدفِنِه، فقال بعضُهم: يُدفَنُ إزاءَ أبي شُعيب، لعلّهُ يجدُ بركةَ أبي شُعَيْب، وكان ممّن حضَرَ ذلك المقامَ وتلك المُفاوضةَ الفقيهُ أبو بكر بن محمد بن أبي بكر الزَّنَاتيُّ النَّحْويّ، فقال: نعم، يُدفَنُ معَه حتى يجدَ أبو شُعَيْب برَكةَ أبي موسى؛ لأنه كان في الصّلاح والفَضْل مثلَه، ويزيدُ أبو موسى عليه بفضيلةِ العلم، فدُفنَ إلى جَنْبِه (¬1). قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وقد زُرتُ قبرَه غيرَ مرّة متبرِّكًا به وبمَن ضمَّتْه تلك التُّربةُ، وهو لاطئٌ بالأرض وَسَطَ قُبّة بين قبرَيْ أبي شُعَيْب المذكور وابن ابنِه الناسِك الوَرع أبي محمدٍ، رحمةُ الله عليهم أجمعينَ ونفَعَ بعضَهم ببعضٍ ونفَعَنا بهم وبحبِّهم. 44 - عيسى (¬2) بن عِمرانَ بن دافَالَ، بدال غُفْل وألِف وفاءٍ وألفٍ ولام، المِكْنَاسيُّ ثم الوَرْدَمِيشيُّ، بفتح الواو وإسكان الراءِ وفتح الدال الغُفْل وميمٍ وياءِ مَدّ وشينٍ معجَم منسوبًا، تِلِمْسينيٌّ، سَكَنَ مَرّاكُشَ وغيرَها، أبو موسى. ¬

_ (¬1) في مفاخر البربر 64: "وقدم (الجزولي) أزمور في مدة أمير المؤمنين الناصر وتوفي بها ودفن لزيق الشيخ أبي شعيب، وحكي أنه لقي الشيخ أبا شعيب قبل رحلته إلى المشرق فدعا له فظهرت بركة الشيخ أبي شعيب عليه". وأبو بكر النحوي المذكور لعله شارح المقامات المترجم في نيل الابتهاج: 342 ودرة الحجال وفيهما اضطراب في الاسم والتاريخ. (¬2) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1154)، وابن دحية في المطرب 43، والمراكشي في المعجب 318، وابن الأبار في التكملة (2919)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 102، والذهبي في المستملح (734) وتاريخ الإسلام 12/ 617، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 503، والمراكشي في الاعلام 9/ 399، ويذكر في المن بالإمامة (ينظر الفهرس).

رَوى ببلدِه عن أبي عليٍّ الحَسَن بن عبدِ الله ابن الخَرّاز وغيره، وقَدِمَ الأندَلُسَ طالبًا العِلمَ، فأخَذَ بالمَرِيّة عن أبي القاسم ابن وَرْد واختَصَّ به وأكثرَ عنهُ، ولقِيَ بأغماتِ وَريكةَ قاضيَها أبا محمدٍ سِبْطَ ابن عبدِ البَرّ فسَمع منه، وبمَرّاكُشَ أبا يوسُفَ حَجّاجَ بن يوسُفَ وتفَقَّه به. رَوى عنه أبو الخَطّاب ابنُ الجُمَيِّل، وأبو عبد الله بن عليّ بن مَرْوانَ، وأبو عليّ الحَسَن بن حَجّاج، وكان أحدَ رجالِ الجلال فقيهًا حافظًا قائمًا على الفقه وأصُولِه، راسخَ القَدَم في فنونٍ من العلم حسَنَ التصرُّفِ فيها، خطيبًا مِصقَعًا، مُستبحِرًا في الأدب والذِّكْرِ للتواريخ، ذا حظّ صَالح من قَرْض الشِّعر، ومنهُ في مرضِه الذي توفِّي منه يُوصي به أكبرَ بَنِيه وسائرَهم، واشتَملتْ على حِكَمٍ وآداب [من الكامل]: دع ذكْرَ دارِ مصيرُها أن تَخْرَبا ... واعمَلْ لدارِ مَقامةٍ لن تذهَبا ما كنتُ أحسَبُ يا عليُّ (¬1) مَنيّتي ... تَقْضي عليّ مُغرَّبًا عن زَيْنبا فارفُقْ بمَن سمّيتُها لك مُشفِقًا ... تُحرِزْ رضايَ [بكَفْل أُختِكَ زَينبا] فلها بقلبي لوطةٌ ومكانةٌ ... تركَتْ فؤادي مُوقدًا متلهِّبا جمَعتْ محبةَ كلِّ [مَن] ماتَتْ لنا ... فيها فصار البعضُ كُلًّا [فاعجَبا] ومحمدًا فاشغَلْهُ بالعلم الذي ... هو نافعٌ عن أن يميلَ إلى [الصِّبا] وارحَمْ غَرارةَ سنِّهِ وبقاءهُ ... لليُتْم محُتاجًا إلى أن يُطَّبا لو مِتُّ قبلَ شعورِه بأُبوّتي ... مرَّت عليه مُصيبتي مرَّ الصَّبا لكنّني عوَّدتُه ما أنْ رأى ... ما دونَهُ صار الصبيُّ مُعذَّبا ¬

_ (¬1) هو أكبر أولاد المترجم، وقد تقدمت ترجمته في الرقم (5)، وستأتي ترجمة ولده ميمون بن علي في الرقم (186).

واعلَمْ بأنْ سيكونُ سيفًا قاضبًا ... إن عاش لا يَنْبو إذا سيفٌ نَبَا يَرمي فيَصمي من نَأى عن وُدِّكمْ ... عَرَفَ المَحزَّ فما أطال المَضرِبا هذي مَخِيلةُ ذي تجارِبَ جمّةٍ ... قد يُستدَلُّ بما بَدَا عمّا اختَبَا وكذاك إخوتُهُ فكونوا ألفةً ... فبالاجتماع تُكسِّرونَ الأصلُبا وتُغالَبونَ فتَغلِبونَ عدوَّكم ... لو ظَنُّه الناسُ الأعزَّ الأغلبا وتُقى الإلهِ فقدِّموها عُدّةً ... لا تُخذَلُ الإخوانُ إن خَذَلَ الشَّبا وارضَوْا من الدّنيا بأيسرِ بُلغةٍ ... وثِقوا بما قَسَمَ الإلهُ وسبَّبا فالحرصُ مقرونٌ به ما يُتَّقَى ... وأخو القناعةِ عاشَ عيشًا طيِّبا قد طَلَّق الدُّنيا بأرفعِ همّةٍ ... فاستَعجَلَ العيشَ الهَنِيَّ الأعذَبا ولَكمْ رأينا الفاتنينَ بجاهِهمْ ... وبمالِهمْ قد مُزِّقوا أيدي سَبَا متبرِّئًا منهمْ ومن سُلطانِهمْ ... متكرِّهًا عِرفانَهمْ متجنِّبا صَرَعى بسيفِ مُشهِّرٍ أو نكبةٍ ... صاروا حديثًا في المجالسِ معجِبا يَبكي لهمْ مَن كان يَبكي منهمُ ... يَرثي لهمْ من أوردَوهُ المعطَبا أشْقَوْا معارفَهمْ وعمَّمَ شُؤمَهمْ ... من كان أُبعِدَ منهمُ أو أُقرِبا والعِلمُ كونوا يا بَنيَّ منَ اهلِهِ ... فالعلمُ أفضلُ ما أرى أن يُكسَبا فتعلّموهُ لدينِكمْ ومَعادِكمْ ... وذَرُوا أُناسًا صيَّروهُ مَكسَبا فلهمْ أشدُّ من اللُّصوصِ مضَرّةً ... ولهمْ ذئابٌ يأكلونَ الأَذؤُبا ما أن رأَيْنا عالِمًا أودى طَوًى ... لا بدَّ من عيشٍ ولو رِجلُ الدَّبا (¬1) ¬

_ (¬1) الدبا: الجراد، ويمكن أن تقرأ: الربى، ورِجل الربى: البقل

[كم آكِل دَوْمًا] لذيذَ طعامِهِ ... لم يَحْمِ يومًا نفسَه أن تُعطَبا [هذا وقد يُكدِي] المجِدُّ وربّما ... أثْرى أخو العجْزِ الذي ما أن حَبَا [والحُكمُ في النِّسوانِ] أظهَرُ عندَكمْ ... من أن أُبيِّنَ أمرَهُنَّ المُعرَبا [هذا الكلامُ وذي] التجارِبُ فصِّلتْ ... أترَوْنَ عن ذا كم وهذي مذهبا [فالقصدُ] في إرضائهنَّ هو الهُدى ... والحَطُّ في أهوائهنّ هو الوَبَا (¬1) [والأصلُ] صحةُ خِلِّهنَّ ودينُهُ ... ولَشرُّ حالاتِ الفتى أن يَذهبا فتَطلَّبوا لفتاتِكمْ متديِّنًا ... يَخشَى الإلهَ ويَستحي أن يُعتَبا وذَروا أخا المالِ العديد، فقلّما ... كان التخيُّلُ فيه إلا خُلَّبا ومتى استضافَ إلى الحَداثةِ خَيْبةً ... كان التَّظَنّيِ فيه أكذبَ أكذبا والمرءُ يمحَضُ رأيَهُ ولربّما ... ظنَّ الخِلافَ لِما يَراهُ أصوَبا لكنّ كلَّ إصابةٍ عن وَهْلةٍ ... عندَ الرّجالِ أُولي النُّهَى شِبْهُ الهَبَا واللهُ مَوْلانا يَصُونُ جميعَكمْ ... لا أرتَجي من غيرِ مولًى مطلَبا وهو الكَفيلُ برحمتي وسَعادتي ... هذا وإن كنتُ المسيءَ المُذنِبا (¬2) ¬

(¬1) والحط في أهوائهن: أي طاعتهن ومتابعتهن، من حط في هواه وانحط فيه، ويقال: أكل من حلوائهم فانحط في أهوائهم. (¬2) ورد مطلع هذه القصيدة والبيتان الأخيران منها مع اختلاف في الرواية في البيان المغرب ص 126 ولم نقف عليها تامة في مكان آخر. والقصيدة من الأدبيات المعروفة بوصايا الآباء للأبناء وهي عديدة في الأدب الأندلسي والمغربي شعره ونثره. وانظر رسالة كتبها المترجم إلى ولد له كان يدرس بمدينة فاس في الأنيس المطرب: 268، وجذوة الاقتباس: 503 - 504، وانظر كذلك قطعة شعرية له أوردها المقري في نفح الطيب 3/ 598.

45 - عيسى بن محمد، وجدي، أبو موسى

واستُقضيَ بإشبيليَةَ مُدّة، ثم وَلِيَ قضاءَ الجماعةِ بعدَ موتِ أبي الحَسَن ابن أبي قَنّون، فكان في ولايتِه القضاءَ مشكورَ السِّيرة، جَزْلًا في تنفيذِ الأحكام، معروفًا بالعدالةِ والنزاهة، ولم تَطُلْ مدّتُه في قضاءِ الجماعة، وتوفِّي بمَرّاكُشَ وهو يتَولّى قضاءَ الجماعةِ لخمسٍ بقِينَ من شعبانِ ثمانٍ وسبعينَ وخمس مئة (¬1) وأعقَبَ ذُرِّيّةً نَجُبوا وأنجَبوا (¬2) ثم انقَرضوا إلا بقيّةً خاملةً لا حظَّ فيهم لمختار، ومَوْلدُه سنةَ اثنتَيْ عشْرةَ وخمس مئة. 45 - عيسى بن محمد، وَجْديٌّ، أبو موسى. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفيّ (¬3). 46 - عيسى بن مُفرِّج بن يَخلُف الزَّنَاتيُّ، عُدويّ. رَوى عن أبي عليّ [لصَّدَفيّ] (¬4). ¬

_ (¬1) سجلت وفاته في البيان المغرب كما يلي (125): "وفي هذه السنة (أي سنة ثمان وسبعين) توفي قاضي الجماعة بمراكش أبو موسى بن عمران في الخامس وعشرين لشعبان، وكان فريد زمانه دينًا وعلمًا وأدبًا". وفي الأنيس المطرب: "وفي سنة ثمان وسبعين توفي الشيخ الفقيه القاضي الصالح الورع عيسى بن عمران قاضي الجماعة بمدينة مراكش". (¬2) تحدث عبد الواحد المراكشي عن أولاد المترجم حديث العارف بهم فقال: "وكان له أولاد ما منهم إلا من ولي القضاء، وهم: 1 - علي، وكان علي هذا رجلًا صالحًا ولي في حياة أبيه قضاء مدينة بجاية ثم عزل عنها وولي مدينة تلمسان، وهو عندنا من المشهورين بالتصميم والتبتل في دينه وممن لا تأخذه هوادة في الحق. 2 - ومن أولاد طلحة ولي قضاء تلمسان. 3 - ويوسف تركتُه قاضيًا بمدينة فاس، بلغتني وفاته وأنا بمكة سنة 620 هـ. 4 - وأبو عمران ويوسف قاضي الجماعة في وقتنا هذا" (المعجب 319). قلنا: ترجم المؤلف في هذا السفر لعلي (رقم 5) وموسى (رقم 176) وعيسى (رقم 44) ويوسف (رقم 227) وقد يكون ترجم لطلحة في القسم المفقود من الغرباء ضمن السفر السابع. (¬3) لم يذكر في المعجم لإبن الأبار. (¬4) لم يذكر كذلك في المعجم.

47 - عيسى بن ميمون بن ياسين اللمتوني، مراكشي سكن إشبيلية، أبو موسى

47 - عيسى بن مَيْمونِ بن ياسين اللَّمْتُونيُّ، مَرّاكُشيٌّ سَكَنَ إشبيلِيَةَ، أبو موسى. رَوى عن أبيه (¬1). 48 - عيسى (¬2) بنُ يحيى بن جَبَلةَ المَغرِبيُّ، فاسيٌّ، أبو موسى. وقال فيه ابن بَشْكُوالَ في بابِ عُمر: أبو موسى بن جُبَيْلةَ، على التصغير (¬3)، وهو وَهم. رَوى عنه أبو حَفْص بن محمد المُراديُّ. 49 - عيسى بنُ يوسُفَ بن أبي بكرٍ الصُّنهاجيُّ، تِلِمْسيني، سَكَنَ مَرّاكُشَ وغيرَها، أبو موسى، ابنُ تامحجلت (¬4). رَوى عن أبوَيْ عبدِ الله التُّجِيبيِّ، وابن عبدِ الحقّ، وكان ذا حظّ من الرِّواية والآدابِ والكتابة وقَرْض [الشِّعر ....]. كتَبَ عن أبي زَيْد بن يُوَجّان فابنِه محمد ثم عن أمير الأندَلُس [أبي عبد الله ابن] يوسُفَ بن نَصْر بن الأحمر (¬5). وتوفِّي بمَرّاكُشَ سنةَ إحدى وأربعينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) ترجمة ميمون بن ياسين اللمتوني في التكملة (1851) وفي هذا السفر رقم 188. (¬2) ترجمته في التكملة (2917)، وجذوة الاقتباس 2/ 501. (¬3) انظر الصلة (847) ولكن وقع فيه "جِبِيلة" بكسر الجيم والباء، فينظر التعليق عليه. (¬4) انظر ترجمة عبد الحق بن يوسف بن تمحجليت الصنهاجي في صلة الصلة (4/- الترجمة 14) ولعله أخو المترجم هنا، وفي ترجمته أنه توفي بجيان في عشر الأربعين وست مئة. (¬5) لم يذكر في كُتّاب ابن الأحمر مؤسس الدولة النصرية وقد اتخذ هذا بعض الكتاب من أهل العدوة مثل ابن عابد الفاسي وابن خطاب الهنتاتي وعدّ هذا من النادر المستغرب كما يقول ابن سعيد (اختصار القدح) وآثار ردود فعل لدى الكتّاب الأندلسيين تمثلت في الضجة الأدبية التي قام بها ابن عميرة وابن الجنان والرعيني. انظر السفر الخامس (636). أما كتابته عن ابن يوجان فقد تكون أثناء توليه تلمسان (انظر البيان المغرب، القسم الموحدي 230).

50 - عيسى بن يوسف بن عيسى بن علي بن يوسف بن عيسى [بن قاسم] بن عيسى بن محمد بن فنتروس بن مصعب بن عمير بن مصعب [الأزدي ثم الزهراني] فاسي، أبو محمد عيسى ابن الملجوم

50 - عيسى (¬1) بن يوسُفَ بن عيسى بن عليّ بن يوسُفَ بن عيسى [بن قاسم] بن عيسى بن محمد بن فنتروسَ بن مُصعَب بن عُمَيْر بن مُصعَبٍ [الأزْديُّ ثم الزَّهرانيُّ] فاسيٌّ، أبو محمد عيسى ابن المَلْجَوم. رَوى ببلدِه عن أبوَي الحَجّاج: أبيه، [ويوسُفَ الكَلْبيِّ] الكَفيفِ (¬2)، وأبي بكر بن عثمانَ بن مالكٍ الحافظ، وأبي الطيِّب [عبد المُنعِم بن مَنّ الله] وأبي عثمان سَعِيدِ بن حَدوس القَيْسيِّ، وأبي عِمرانَ القُشَيْريِّ وأبي الفَضْل [يوسُفَ] ابن النَّحْويّ، وأبي القاسم عبد الرّحمن بن عبد الملِك المَعافِريِّ، وأبي محمد بن حَسُّونِ بن تيدَرتَ بن عليّ. ورَحَلَ إلى الأندَلُس في طلب العِلم رحلتَيْن، لقِيَ في أُولاهما بقُرطُبةَ حازمًا، وأبا الحُسَين بن سِرَاج، وأَبا عبد الله بن فَرَج مَوْلى الطّلاع، وأبا عليّ الغَسّانيَّ، وأبا محمد بن عَتّاب، فقرَأَ عليهم وسَمِعَ وأجازوا له. وسَمِعَ على أبي القاسم أصبَغَ ابن المُناصِف "صحيحَ البخاريّ"، ولقِيَ في أُخْراهُما بإشبيلِيَةَ أبوَيْ عبد الله: أحمدَ الخَوْلانيَّ، وابنَ شِبرين، وسَمِع عليه، وأجازا له. وسمع بسَبْتةَ على قاضيها أبي عبد الله بن عيسى، وبأغماتِ وَريكةَ على قاضيها أبي محمد سِبْطِ ابن عبد البَرّ، وكتَبَ إليه مجُيزًا من سَبْتةَ أبو عليّ بن سُكّرةَ، ومن سِجِلْماسَةَ: بكّارُ بن عيسى الغَرْدِيس (¬3). رَوى عنه ابنُه أبو القاسم عبدُ الرحيم (¬4)، وأبو الحَسَن بن خَليفةَ، وأبو الخليل مُفرِّجُ بنُ سَلَمة، وأبو محمد بن فَلِيج. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (2918)، وابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 101، والذهبي في المستملح (734) وتاريخ الإسلام 11/ 833، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 500، والمراكشي في الإعلام 9/ 398. (¬2) ترجمته في التشوف: 83، والصلة (1509)، والغنية 226، وبغية الوعاة 2/ 362. (¬3) هو جد بني الغرديس من بيوتات العلم والفقه والكتابة بفاس. (¬4) ترجمته في التكملة (2389)، وصلة الصلة 3/الترجمة 388، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 97، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 415.

51 - الغازي []

وكان محدِّثًا حافظًا راويةً مُكثرًا عَدْلًا ثقةَ ضابطًا فقيهًا ذاكرًا للمسائل عارفًا بالنّوازِل متقدِّمًا في عِلم الفرائض، جَمّاعةً للدّواوينِ العتيقة، يُذكَرُ أنه ابتاعَ من أبي عليّ الغَسّاني أصلَه من "سُنن أبي داودَ" الذي سَمِعَ فيه من أبي عُمرَ بن عبد البَرّ، وهو أصلُ أبي عُمرَ، بمالٍ جَليل، وكان قد صار إلى أبي عليّ بابتياعِه من أبي عُمرَ بعدَ أن نَسَخَ منه أبو عليّ وقابَلَ به وأتقَنَ فَرْعَه (¬1). استُقضيَ بمِكْناسةَ الزَّيتونِ ثم بفاسَ ثم صُرِف، وأُريدَ على مُعاودةِ القضاء فامتَنَع واستَعفَى فأُعفِيَ، وأقبَلَ على نَشْرِ العِلم وتدريسِه واستمرَّ على ذلك إلى أن توفِّي بفاسَ ليلةَ الأحد الحاديةَ والعشرينَ من رجبِ ثلاثٍ وأربعينَ وخمسِ [مئة، ووُلد يومَ الاثنينِ مستهَلَّ] ذي قَعْدةِ ستٍّ وسبعينَ وأربع مئة. 51 - الغازي [....]. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبي. 52 - فاخِرُ (¬2) بن عُمرَ بن فاخِر [العَبْدَريُّ، فاسيٌّ] سَكَنَ إشبيلِيَةَ، أبو الفُتوح بن فاخِر. سَمِعَ من أبوَي الحَسَن: [ابن حَفْص] وابن القَطّان، وأبي العبّاس القنجايريِّ، وأبوَي القاسم: ابن بَقِيّ، وابن [فَرْقَد، وأبي يحيى] بن خَلَف، وتأدَّبَ في العربيّة بأبي الحَسَن بن خَرُوف. رَوى عنه أبَوا الحُسَين: [ابن أبي الرَّبيع] وابنُ الناظِر شَيْخانا، وأبو العبّاس ابنُ فَرْتون. وكان فقيهًا حافظًا [عارفًا] بأصُولِ الفقه، مُبرِّزًا في العربيّة، زاهدًا متصوِّفًا. ¬

_ (¬1) يذكر المؤرخون في ترجمة قريب المترجم عبد الرحمن ابن الملجوم المعروف بابن رقية أنه "جمع من الكتب ما لم يجمعه أحد من أهل المغرب، وخزانة كتبه كانت مشهورة في المغرب بيعت خرومها بعد وفاته بستة آلاف دينار" (انظر الذخيرة السنية 45). (¬2) ترجمه ابن الأبار بكنيته في التكملة (3044)، وكذلك فعل ابن الزبير في صلة الصلة 4/الترجمة 375، وتبعه السيوطي في بغية الوعاة 2/ 244 ولكن وقعت فيه كنيته: أبو الفرج.

53 - الفرج بن إبراهيم، بغدادي، أبو ياسر

توفِّي مُغرَّبًا عن إشبيلِيَةَ في حدودِ الأربعينَ وست مئة (¬1). 53 - الفَرَجُ (¬2) بن إبراهيمَ، بغداديٌّ، أبو ياسِر. رَوى عن أبي القاسم الحُسَين بن عليّ المَغْربيِّ الوزيرِ كتابَهُ "المُنخَّل": اختصارَ "إصلاح المنطِق" ولقِيَ بالقَيْروانِ أبا الحَسَن عليَّ بن أبي طالبٍ العابرَ، فأخَذَ عنه كتابَه المسَمَّى بـ "الأبحُرِ السَّبعة" قراءةً عليه. حدَّث عنه بالقَيْروانِ: أبو القاسم عبدُ الرّحمن بن عبد الله بن أبي سَعِيد المُطرِّز. وكان أديبًا حافلًا كاتبًا شاعرًا، وله تصنيفٌ في الطبيبِ والتطبيب وسَمَه باسم المقتدِر بالله أبي جعفرٍ أحمدَ بن سُليمانَ بن هُود صاحبِ سَرَقُسْطةَ. ذَكَرَه ابنُ الأبّار ولم يَذكُرْ دخولَه الأندَلُس، ولعلّه بعَثَ بهذا الكتابِ إلى المقتدِر، واللهُ أعلم. 54 - الفَضْلُ (¬3) بن محمدِ بن عليِّ بن طاهر بن تَميم بن [....] القَيْسيُّ، بِجَائيٌّ أَشِيريُّ أصلِ السَّلَف، أبو الفَضْل وأبو العلاءِ، ابنُ محشوَّة. رَوى عن أبي القاسم السُّهَيْليِّ، وأبي محمدٍ عبدِ الحقِّ ابن الخَرّاط. رَوى عنه أبو الرّبيع بنُ سالم. وكان بَليغَ الأدب بارعَ الكتابة رائقَ الخَطّ متواضِعًا من بيتِ عِلم وجَلالة. ¬

_ (¬1) هذا قول ابن الأبار، أما ابن الزبير فذكر أنه توفي بمراكش سنة 636. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3054)، وله ذكر في غير موضع من كتاب "بدائع البدائه" لإبن ظافر الأزدي. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3026)، والغبريني في عنوان الدراية 53، والذهبي في المستملح (767). وترجم ابن الزبير لعلي بن طاهر بن محشوة من أهل قلعة بني حماد، وهو قريبه كما يظهر (4/الترجمة 315).

55 - القاسم بن جعفر اليجفشي، أبو محمد

دَخَلَ الأندَلُسَ خادمًا بالكتابةِ المنصُورَ من بني عبد المؤمن وكتَبَ بعدَه عن ابنِه الناصِر. وُلد سنةَ أربعينَ وخمس مئةٍ أو قبلَها بيسير، وتوفِّي سنةَ ثمانٍ وتسعينَ وخمس مئة. 55 - القاسمُ بن جعفرٍ اليجفشيُّ (¬1)، أبو محمد. رَوى عن أبي عُمرَ مَيْمونِ بن ياسين اللَّمْتُونيّ (¬2). 56 - قاسمُ (¬3) بن عبدِ الرّحمن بن محمد التَّميميُّ، تاهَرْتيٌّ. وهُو والدُ أبي الفَضل أحمدَ (¬4). نشَأَ بتاهَرْتَ وأخَذَ بها عن بكر بن حَمّاد وكان يَكتُبُ له كلَّ يومٍ أربعةَ أحاديثَ ويُلزِمُه حِفظَها ويقولُ له: لا تأتِني إلا وقد حَفِظتَها. ودَخَلَ الأندَلُسَ سنةَ ثمانِ عشْرةَ، واستَصحَبَ ابنَه أبا الفضل فقَدِمَ به قُرطُبةَ وهو ابنُ تسع سنينَ. وكان فقيهًا متقدِّمًا في النّحوِ والعِلم بالشِّعر، [وهما الغالبانِ عليه] (¬5). ¬

_ (¬1) نسبة إلى يجفش (يجبش فيما بعد)، وثمة عدد من أعلام تازا ينسبون إلى بني يجفش، وهم فخذ من زناتة (مفاخر البربر: 47). (¬2) ستأتي ترجمته في هذا السفر (186). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3107). (¬4) ترجمة أحمد هذا في جذوة المقتبس (242)، وبغية الملتمس (459)، والصلة لإبن بشكوال (182)، ومعجم البلدان لياقوت 2/ 9. (¬5) لم يذكر المؤلف في هذا الحرف ترجمة قاسم بن علي بن يحيى الحسني الفاسي المعروف بالشريف الحشا الذي رحل إلى الأندلس وأخذ عن ابن بشكوال وغيره ترجم له ابن الزبير في صلة الصلة (4/الترجمة 387) وقال: "أخذ عنه الشيخ أبو العباس ابن فرتون إلا أنه لم يذكره في الذيل؛ لظنه أنه لم يدخل الأندلس" وقد سبق للمؤلف أن ذكره في ترجمة علي بن أبي قنون (ترجمة رقم 2).

57 - [محمد بن أحمد] بن خلف بن دحنان، أبو عبد الله

57 - [محمدُ (¬1) بن أحمدَ] بن خَلَف بن دَحْنانَ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الفَضْل [عِيَاض]. [توفِّي عامَ؟ ....] وخمس مئة. 58 - محمدُ بن أحمدَ بن سَلَمةَ بن أحمدَ الأنصاريُّ، تلمسينيٌّ [لُوْرْقيُّ] الأصل، أبو عبد الله، ابنُ سَلَمةَ. رَوى عن أبيه (¬2)، وأبي ذَرّ بن أبي رُكَب [....]. وكان فقيهًا محدِّثًا، أديبًا كاتبًا بارعَ الخَطِّ سَرِيِّ الهمّة، نزيهَ [النفْس حسَنَ] الخَلْق والخُلُق. توفِّي يومَ الثلاثاءِ لأربعَ عشْرةَ ليلةً خَلَت من محرَّم [....] وست مئة. 59 - محمدُ بن أحمدَ بن عبد الله بن محمد بن عُمرَ السُّلَميُّ، فاسيٌّ شُقْريُّ [الأصل، أبو عبد] الله. رَوى عن عمِّه القاضي أبي حَفْص بن عُمرَ ولازَمَه بإشبيلِيَةَ وغيرِها. ورَوى [عنه أبو] يعقوبَ ابنُ الزَّيّات. وكان فقيهًا عاقدًا للشُّروطِ بَصيرًا بمعانيها، تلبَّسَ بها في مَرّاكُشَ وفاسَ وإشبيلِيَةَ وغيرِها، بارعَ الخَطّ حافظًا للتواريخ والآداب، نبيلًا في جميع محاولاتِه. 60 - محمدُ بن أبي العبّاس أحمدَ بن أبي القاسم عبدِ الرّحمن بن عثمانَ التَّميميُّ، بِجَائيٌّ جَزائريُّ الأصل، أبو عبد الله، ابنُ الخَطيب. ¬

_ (¬1) ورد ذكره في نوازل القاضي عياض وكان يشتغل بالعدالة في عهد قضائه بسبتة كما يدل على ذلك رسم مؤرخ بعام 516 هـ (انظر مجلة المناهل 22/ 250). (¬2) ترجمة والد المترجم هنا في السفر الأول (الترجمة 177) قال ابن عبد الملك: "استدعاه أبو يوسف يعقوب المنصور بن أبي يعقوب بن أبي محمد عبد المؤمن بن علي إلى حضرته مراكش ليسمع بها عليه الحديث فقدمها وأسمع بها ثم عاد إلى تلمسين في ذي قعدة سنة خمس وثمانين وخمس مئة".

61 - محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد ابن الصقر الأنصاري الخزرجي، مراكشي، أبو عبد الله، ابن الصقر

أخو أبي محمد (¬1). رَوى عن مُعظم شيوخ أخيه. وكان فقيهًا حافظًا من بيتِ حسَبٍ وعِلم وجَلالة، واستُقضيَ ببلدِه مرّتَيْنِ وبتِلِمْسينَ وسَبْتةَ وغَرناطةَ فشُهِرَ بالعدلِ والنزاهة، وكان سَرِيًّا مؤثرًا فاضلًا. 61 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن محمد بن عبد الرّحمن بن محمد ابن الصَّقْرِ الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ، مَرّاكُشيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الصَّقْر. وقد تقَدَّم ذكْرُ أصل سَلَفِه في رَسْم أبيه (¬3) وجدِّه. تَلا على أبيه ولم يُعيِّن القراءات، وأخَذَ عنه كثيرًا من كُتُبِ الحديث والفقه وغير ذلك، ولازَمَه طويلًا، وبالسَّبع على أبي بكرٍ يحيى بن الخَلُوف، وبحَرْفِ نافِع على أبي بكر بن مَسْعود، ¬

_ (¬1) ترجمة أبي محمد عبد الله بن الخطيب أخي المترجم هنا في التكملة (2208)، وبرنامج الرعيني (94)، وعنوان الدراية: 144 - 145، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 263، وتاريخ الإسلام 13/ 611، وترجمة والدهما أي العباس الخطيب أول بيت بني الخطيب ببجاية موجودة أيضًا في عنوان الدراية: 144 قال الغبريني: "كان أكبر الناس حظوة عند بني عبد المؤمن، ولقد أسهموه ما لم يسهموا أحدًا من صنف الطلبة، وما زال ظل شرفه ضافيًا على عقبه، مسبلًا أثواب النعمة على ذوي نسبه"، وفي الغصون اليانعة: أن السيد أبا الحسن بن أبي حفص بن عبد المؤمن والي بجاية "تغير ما بينه وبين قاضيها أبي العباس أحمد ابن الخطيب وكانا فرسي رهان في الهمة والسماح بالمال في الأغراض، وكل أحد على قدر منصبه، فأكثر لجاجاته في القاضي حتى عُزل فجمع القاضي جميع ماله اثني عشر ألف دينار فأخذه معه وطلع إلى مراكش فنزل في جوار ابن مثنى، وأراه أنه لم يقصد سواه وهو حينئذ يجر الدنيا جرًا، فقال له: فيم جئت؟ أتطلب أن ترجع إلى ولايتك؟ قال: لا ولكن جئت في أن أعزل الذي عزلني وأغلب من غلبني، قال: وبأي شيء تفعل ذلك؟ قال: بك وباثني عشر ألف دينار جئت بها معي، قال: الآن حصحص الحق. فسعى ابن مثنى في عزل السيد واستعان بالمال في الحاشية إلى أن كتب للسيد بالعزل" (الغصون اليانعة 150 - 151). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1544)، وعَدّه في البلديين، والمراكشي في الإعلام (518) نقلًا عن ابن عبد الملك. (¬3) السفر الأول، الترجمة (292).

وأبي جعفر بن عليّ ابن الباذِش، وأخَذَ عنهما غيرَ ذلك، وأبي عبد الله بن عبد الرّحمن النُّمَيْريّ، قال: وأفدتُ منه جُملةً هي معظمُ ما عندي، وهو الذي شَحَذَ فَهْمي وأنار خاطِري، وبقراءاتِ الحرَمِيَّيْنِ وأبي عَمْرٍو على أبي الحَسَن بن عبد الله بن ثابِت. وسَمِعَ الحديثَ على أبي بكر بن الحَسَن بن بِشْر، والحديثَ وغيرَه على أبي الحَسَن بن محمد بن الضَّحّاك، وأجازوا له، وأجاز له أبو الحَسَن شُرَيْح. واستجازَ له أبوه أبوَيْ بكر: ابنَ عبد الله التُّجِيبيَّ، وابنَ العَرَبيّ، وأبا جعفرٍ ابن رِزق، وأبا الحَسَن عَبّادَ بن سِرْحان، وآباءَ عبدِ الله: ابنَ عبد الرّحمن بن مَعْمَر وابنَ عبد المؤمن الطَّلَبيَّ وابنَ يحيى وابنَ الحاجِّ الجَيّانيَّ، قال: وحَمَلَني إليه لمّا وَلِيَ القضاءَ بغَرناطةَ وأنا ابنُ نحوٍ من ثمانيةِ أعوام؛ وأبا الفَضْل عِيَاضًا [لمّا استُقضيَ] بغَرناطة، قال: وحَمَلَني إليه وأنا ابنُ ستةِ أعوام، فكان [يمسَحُ رأسي بيدِه]؛ وأبوَي القاسم: خَلَفَ ابنَ بَشْكُوال، ومحمدَ بن هشام بن [أبي جَمْرةَ، وحَمَلَني] إليه إذِ استُقضيَ بغَرناطةَ وأنا ابنُ أربعةِ أعوام؛ وآباءَ [محمد]: الوَحِيديَّ وابنَ عليّ سِبْط أبي عُمرَ بن عبد البَرّ وعبدَ الحقِّ بن عَطِيّةَ [وابنَ بُونُه] وأبا الوليد هشامَ بنَ بَقْوى. وأبو الحَسَن بنُ الضَّحّاك (¬1): أبا إسحاقَ بنَ مَرْوان ... وأبا بكر بنَ أحمد ابن طاهر صاحبَ الغَسّاني، وأبا الحَكَم عبدَ الرّحمن بن غَشِلْيان، وأبا عبد الله بن عبد الرزّاق. وأبو عبد الله النُّميريُّ: أبا الحَسَن يونُسَ بن محمد بن مُغيث، وأبا عبد الله جعفرَ بن محمد بن مكِّي، وأبا القاسم أحمدَ بن محمد بن بَقِيّ، فأجازوا كلُّهم له. رَوى عنه ابنُه أبو الحُسَين يحيى (¬2)، وأبو الخَطّاب عُمرُ ابن الجُمَيِّل. ¬

_ (¬1) يعني: واستجاز له أبو الحسن بن الضحاك. (¬2) لم نقف على ترجمته، ولعل المؤلف الذي ذكره هنا بالرواية لم يترجم له مع الغرباء في هذا السفر لأنه ليس على شرطه أي أنه لم يدخل الأندلس.

وكان مقرئًا مجوِّدًا، محدِّثًا راوِيةً مُكثِرًا متّسعَ السَّماع صحيحَه، عُنيَ به أبوه فأسمَعَه في صِغَرِه وسَمِعَ بنفسِه، ونَشَأَ طالبًا فاستكثَرَ من الأخْذِ عن الشّيوخ وشُغِف بتقييدِ العلم وجَمْع الفوائد، مُعانًا على ذلك بجَوْدة الخَطّ سِرايةً من أبيه وسُرعةِ الكَتْب، وكان عاقدًا للشُّروط مبرِّزًا في معرفتِها صَدْرًا في أُولي البَصَرِ بها، زاهدًا، وَرِعًا فاضلًا، مُؤْثِرًا للخَلوة والانقطاع إلى الله تعالى والانقباض عن خُلطةِ الناس، تعيَّشَ دهرًا طويلًا بالوِراقة، وكتَبَ بخطِّه الكثيرَ وأتقَنَه، واستُنيبَ على القضاءِ بمَرّاكُشَ في أوقات، فشُكِرت سيرتُه، وحُمِدتِ أحوالُه كلُّها، ذا حظٍّ من قَرْض الشِّعر صالح، وأكثرُه في الزهدِ والحِكَم وما نحا ذلك، وسلَكَ تلك المسالك، فمنه قولُه [من الطويل]: إليكَ إلهَ العرشِ يَشكو ترحُّما ... عليلٌ بأمراضِ الذنوبِ تألَّما شَكَا قلبُه لمّا تَعاظَمَ ذنبُهُ ... فحَطَّ بأرجاءِ الرجاءِ مخيِّما وعاجَ برَبْع الجُودِ يسألُ ضارعًا ... عوارفَ ربٍّ لم يزَلْ مُتكرِّما يُداوي سَقامَ المذنبينَ بعفوِهِ ... فيَصفحُ إفضالًا ويسمَحُ مُنعِما فكيف يُرى في بابِ جودِك خائبًا ... وما خابَ عبدٌ قَطُّ جودَكَ يمَّما؟! وله من هذا النّمطِ كثير. ومَوْلدُه سنةَ سبع وعشرينَ وخمس مئة بمَرّاكُشَ، وتوفِّي بها في حدود التسعينَ وخمس مئة، وله عَقِبٌ خاملٌ بها إلى الآن (¬1)، والذين شُهِروا ببني الصَّقْر فيها بأخَرةٍ إنّما هم بنو أُختِه من بني وليد، فهو خالهُم، كانوا أصهَروا إلى ¬

_ (¬1) من عقب بني الصقر في مراكش ذلك الذي أعدم في أواخر دولة الموحدين، جاء في البيان المغرب (3/ 452): "ولما رد ولد ابن الصقر على الخطيب في خطبته وكذبه حين فاه بعصمة المهدي أراد المرتضى رحمه الله أن يسجنه ولا يقتله على قوله فأبى الأشياخ والوزراء إلا وقوع قتله إلى أن غلبوا عليه فآل أمره إلى القتل خوفًا من أن يقول ذلك غيره فأمروا عليه -كذا- فقتلوه ظلمًا، قبحهم الله" وذكرت هذه الحادثة في المعيار للونشريسي 6/ 270 (ط. فاس).

62 - محمد بن [أحمد بن محمد بن خلف بن] مفرج بن خلف بن معروف بن عبد الرحمن بن معروف بن محمد بن هشام، [أبو عبد الله] ابن معروف، سلوي

أبيه بغَرناطة، وقدِ انقَرضوا إلّا القليلَ الخاملَ إلا شيخًا [نَزْرَ العلم يَعتمِدُ على] الارتزاقِ من باديةٍ له يَرجِعُ إلى جَوْدةٍ ونفورٍ عن الناس [....] اسمُه عليُّ بن أحمدَ بن وليدٍ الأنصاريّ. 62 - محمدُ (¬1) بن [أحمدَ بن محمد بن خَلَف بن] مُفرِّج بن خَلَف بن معروفِ بن عبد الرّحمن بن معروفِ بن محمد بن هِشام، [أبو عبد الله] ابنُ معروف، سَلَويٌّ. رَوى ببلدِه عن أبي إسحاقَ بن قُرقُول، [وبسَبْتةَ عن أبي محمد] بن عُبَيد الله، وبإشبيلِيَةَ عن أبي عبد الله بن زَرْقون، وأبي محمد بن [جُمْهور، وبغَرناطةَ] عن أبي جعفر بن حَكَم، وأبي الحَسَن بن كَوْثر، وأبي خالد بن رِفاعةَ، وأبي [عبد الله بن] عَرُوس، وبمُرْسِيَةَ عن أبي بكر بن أبي جَمْرةَ. ورَوى أيضًا عن أبي الحَسَن نَجَبةَ، وأبي [القاسم] بن سَمَجُون. ورَحَلَ وحَجَّ وأخَذَ بالإسكندَريّة عن أبي الحَجّاج مكيِّ بن محمد بن إدريسَ بن مُنادٍ الجَمْريِّ المُخلِّص، ورَوى أيضًا عن أبي محمد ابن الصَّبّاغ. رَوى عنه أبو العبّاس بنُ فَرتون. وحدَّث عنه بالإجازة أبو بكرٍ ابنُ غَلْبون. وكان فقيهًا محدِّثًا مُتهَمِّمًا بالعلم ولقاءِ حَمَلتِه عاقدًا للشُّروط، ولِيَ المَناكحَ بمِكناسةِ الزَّيتون، وشُكِرت أحوالُه، وعَرِف بالعدلِ والنّزاهةِ وحُسنِ الطريقة (¬2). 63 - محمدُ بن أحمدَ بن محمد بن أبي الحُسَين سُليمانَ بن محمد بن عبد الله السَّبَئِيُّ، مَرّاكُشِيٌّ، مالَقيُّ أصلِ السَّلَف، أبو عبد الله، ابنُ الطَّراوة (¬3). ¬

_ (¬1) له ترجمة في صلة الصلة 3/الترجمة 18. (¬2) قال ابن الزبير: "ذكره الشَّيخ -يعني ابن فرتون- في الذيل وقال: أجاز لي سنة عشر وست مئة وصحبته مدة بمكناسة الزيتون". (¬3) هو حفيد ابن الطراوة النحوي المشهور، انظر الذيل (4/الترجمة 196) وفي البيان المغرب (3/ 283) ذكر لأبي عبد الله ابن الطراوة ممن تولوا خطة الإشراف في عهد الرشيد الموحدي فلعله المترجم، ووالده مترجم في الذيل 6/ الترجمة 648.

64 - محمد بن أحمد بن محمد بن مروان التغمري -بتاء معلو مفتوح [وسكون الغين] المعجم وفتح الميم وراء منسوبا- سبتي، أبو عبد الله

وهُو ابنُ أُختِ الكاتبِ أبي الحَسَن عليِّ بن عَيّاش القُرطُبيِّ اليابُرِيِّ (¬1). رَوى عن أبي إسحاقَ الزَّواليِّ، وأبي جعفر بن عَوْنِ الله الحَصّار، وآباءِ الحَسَن: سَهْل بن مالك وابن حَزمُون وابن القَطّان وابن يوسُفَ بن شَرِيك، وأبي زكريّا المَرْجيقيِّ، وأبي الصَّبر الفِهريّ، وأبي عبد الله ابن الجِذْع، وأبي العبّاس بن إبراهيمَ المَكّاديّ، وأبي محمد بن حَوْطِ الله، وغيرِهم. وكان حافظًا للتواريخ على تبايُن أنواعِها، ذاكرًا لها، مُحاضِرًا بها، أديبًا بارعًا، كاتبًا مُحسِنًا، يَقرِضُ شعرًا يُحسِنُ في أقلِّه، ممتِعَ المجالسة، بارعَ الخَطّ، رائقَ الطريقة، أنيقَ الوِراقة متقَنَ التقييد، مليحَ التندير، نَسّابةً لخطوطِ المشايخ، كثيرَ الإحكام لأمورِه وأدواتِه كلِّها، ظريفَ الملابس، شديدَ المحافظة على كُتُبِه، مُثابِرًا على الاعتناءِ بتصحيحها، مُتَهمِّمًا باقتناءِ الأصُول التي بخطوطِ أكابرِ الشيوخ أو عُنُوا بضبطِها، وجَمَعَ منها جملةً وافرة. جالستُه طويلًا، واستَفَدتُ بمُذاكرتِه ومُجاورته كثيرًا، وكانت بينَه وبينَ أبي رحمهما اللهُ مودّةٌ قديمةٌ متأكِّدةٌ كان يَذكُرُها [دائمًا] ولم أستَجِزْه، ولا قرأتُ عليه، ونَدِمتُ على ما فاتَني منه، فقد كان [حريصًا على] إفادتي، رحمه الله. توفِّي بسِجِلْماسةَ ظُهرَ يوم الأحدِ لستٍّ بقِينَ [....] سنةَ تسع وخمسينَ وست مئةٍ وقد شارَفَ الثمانينَ عن عَقِبٍ خامل. 64 - محمدُ (¬2) بن أحمدَ بن محمد بن مَرْوانَ (¬3) التَّغْمَريُّ (¬4) -بتاءٍ معلوٍّ مفتوح [وسكونِ الغَيْن] المعجَم وفتح الميم وراءٍ منسوبًا- سَبْتيٌّ، أبو عبد الله. دَخَلَ الأندَلُسَ [لسَماع الحديثِ] فتجوَّلَ بها في التماسِه بالجزيرةِ الخَضْراءِ وإشبيلِيَةَ ومالَقةَ والمَرِيّة وغيرِهما. ¬

_ (¬1) هو أبو الحسن علي بن عبد الملك بن عياش، وتقدم أبوه عبد الملك في السفر الخامس، الترجمة 64. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1731)، والذهبي في المستملح (343) وتاريخ الإسلام 13/ 261. (¬3) في التكملة: "مرزوق". (¬4) منسوب إلى تغمر قبيلة من البربر، وقيدها السيوطي في البغية 1/ 540 بالعين المهملة، وما نظنه إلا واهمًا.

65 - محمد بن أحمد بن محمد اللخمي، تلمسيني، مكناسي الأصل حديثا، ألشيه قديما، أبو عبد الله، ابن الحجام، وهو أبوه

[وشرَّقَ] وأخَذَ هنالك سنةَ ستٍّ وتسعينَ وخمس مئة عن خَلْق كثيرٍ، من مشاهيرِهم: أبو القاسم عبدُ الرّحمن بنُ مكِّيّ بن مُوَقّى، وهبةُ الله بنُ عليّ البُوصِيريُّ، وأبو محمدٍ القاسمُ بن عليِّ بن عساكر، وأبو نِزار ربيعةُ بن الحَسَن الحَضْرَميُّ، وغيرُهم، وأكثرَ عنه وكتَبَ بخطِّه الكثيرَ، وكان من أهل الضّبطِ والإتقانِ والعنايةِ التامّة بروايةِ الحديث وسَماعِه من أهلِه. 65 - محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن محمدٍ اللَّخْميُّ، تلمسينيٌّ، مِكْناسيُّ الأصل حديثًا، أَلْشِيُّه قديمًا، أبو عبد الله، ابنُ الحَجّام، وهو أبوه. تَلا بالسَّبع على أبي العبّاس الأعرَج، وأخَذ بفاسَ عن أبي الحَجّاج بن عبد الصّمد بن نَمَويّ، وأبي القاسم بن يوسُفَ بن الحَسَن بن زانيفَ (¬2)، واختَصَّ بصُحبةِ أبي زَيْد الفازَازيّ (¬3). رَوى عنه ابنُه أبو محمدٍ (¬4)، وأبو زكريّا بن محمد بن طُفَيْل، وكان فاضلًا صالحا زاهدًا ذا حَظّ من الأدب وقَرْض الشِّعر، أكمَهَ، مالَ إلى طريقةِ الوعظِ ¬

_ (¬1) له ترجمة في التشوف (268)، والذخيرة السنية 51، وانظر بغية الرواد: 27 وتعريف الخلف 2/ 352، والأعلام للزركشي 6/ 214، ومعجم المؤلفين 9/ 15، وقد صُحّفت شهرة ابن الحجام في بعض هذه المصادر إلى ابن اللجام وابن اللحام. (¬2) ستأتي ترجمة ابن نموي، أما ابن زانيف فهو عبد الرحمن بن يوسف ابن زانيف، له ترجمة في جذوة الاقتباس رقم 401. (¬3) ترجمة أبي زيد الفازازي في التكملة (2356)، وبرنامج الرعيني، (38) وأعلام مالقة (100)، والإحاطة 3/ 517، وتاريخ الإسلام 13/ 837، وبغية الوعاة 2/ 91 وغيرها. (¬4) ورد ذكره في إجازة أبي إسحاق ابن الحاج هكذا: "والصالح -هو ابن الحجام زاهد واعظ، نزل تونس، وأصله من إلش، ونشأ بمراكش، أبو محمد عبد الله بن محمد بن أحمد اللخمي" وذكره أيضًا عند سرد مقروءاته فقال: "وقرأت أيضًا على الإمام أبي محمد عبد الله بن محمد اللخمي كتاب معرفة أنواع علم الحديث إملاء أبي عمرو ابن الصلاح، وحدثني به عن مؤلفه رحمه الله سماعًا عليه" رحلة ابن رشيد 2/ 132، 148. وورد ذكره مرة ثالثة في هذه الرحلة في مقدمة شيوخ الأشعري (انظر ص 409 تحقيق الشيخ ابن الخوجة) وانظر أيضًا برنامج الوادي آشي: 52، 66، 235.

والتذكير، فرَأسَ فيها أهلَ عصرِه بحُسن الصّوت وغَزارة الحفظِ وإتقان الإيراد والصِّدق والإخلاص في وصَاياهُ وتذكيرِه، فنفَعَ اللهُ به خلقًا كثيرًا في بلادٍ شَتّى، وكان آيةً من آياتِ الله في سُرعةِ الحفظ. قال أبو زَيْد الفازَازيُّ: كنتُ بحضرةِ مَرّاكُشَ أصنَعُ مجالسَ وَعْظٍ في أنواع يقومُ بها على رؤوس الناس الواعظُ أبو عبد الله، يعني هذا، في يوم الاثنينِ والخميس من كلِّ أسبوع، وكان حَسَنَ الصّوت، فصيحَ اللّسان كثيرَ البيان، وكان يأتي منزلي فأكتُبُها له، وكان يرغَبُ إليّ أن أرفَعَ صَوْتي عندَ الكتابة لأُسمِعَه، فما رأيتُ أسرعَ حفظًا منه، ما أكاد أُكمِلُها معَ ما فيها من قصائدَ إلا وقد حَفِظَها، وكان سُكناه مَرّاكُشَ باستدعاءِ المنصُور، من بني عبد المؤمن، إيّاه لذلك، وكانت ألطافُه تَتوالَى عليه إلى أن توفِّي، فحَظِيَ كذلك عندَ ابنِه الناصِر، وبالَغَ في الإحسان إليه إلى أن توفِّي، وجَرى المستنصِرُ ابنُه في الاحتفاءِ به والاحتفال في صِلاتِه مَجْرَى أبيه وجَدِّه، [ولم يكنْ يَدَّخرُ] من عَطاياهُم قليلًا ولا كثيرًا، إنّما كان يَصرِفُ ما يصِلُ إليه [من بني عبد المؤمن] وغيرِهمِ في الفقراءِ والمساكين والمحتاجينَ وتجهيزِ الضَّعيفاتِ إلى [أزواجِهنّ] هذا كان دأْبَه إلى غايةِ عُمُرِه نفَعَه الله. وقال أبو عَمْرو بنُ سالم (¬1)، [نَقْلًا عمّن حدَّثه] من طلبةِ مَرّاكُشَ قال: كان أبو عبد الله الواعظُ الأعمى من أحفظِ الناس [ولا أدري مِن أيِّهما] أعجَب: أمِن سُرعة حِفظِه أم مِن سُرعةِ خاطِرِ أبي زيدٍ الفازازيِّ الذي كان [يُمِلي الخُطَبَ] والأشعارَ ارتجالًا؟ (¬2). قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: ولابن الحَجّام كتابٌ حَفِيلٌ في الوَعْظِ سَمّاه "حُجّةَ الحافظين ومَحَجّةَ الواعظين" معظَمُ ما أودَعَه [فيه مِن كلام] أبي زَيْد ¬

_ (¬1) انظر الذيل (5/ الترجمة 164). (¬2) تحدث الرعيني عن سرعة بديهة الفازازي وقال: "شاهدته مرارًا ينظم القصيدة من أربعين بيتًا إلى سبعين فيكتبها في القرطاس كأنما هو لها ناقل لا قائل وراسم لا ناظم".

الفازَازيِّ (¬1)، وأضاف إليه يسيرًا من كلام غيرِه، واختَصَرَ هذا الكتابَ لزيمُهُ أبو زكريّا بنُ محمد بن طُفَيْل، وسَمّاه "أنوارَ مجالسِ الأذكار وأبكارَ عرائسِ الأفكار"، وقد وقَفْتُ على هذا المختصَر في مجلَّدينِ ضَخْمَيْنِ بخطِّ منتخبِه. ومما يؤثَرُ من نظمِه [من الوافر]: غريبُ الوَصْف ذو علم غريبِ ... عليلُ القلبِ من حبِّ الحبيبِ إذا ما اللّيلُ أظلَمَ قام يبكي ... ويشكو ما يُكِنُّ من النَّحيبِ (¬2) يُقطِّعُ ليلَهُ فكرًا وذكرًا ... وينطِقُ فيه بالعَجَبِ العجيبِ به من حبِّ سيّدِهِ غرامٌ ... يَجِلُّ عن التطبُّبِ والطّبيبِ ومن يَكُ هكذا عبدًا محبًّا ... يَطِيبُ تُرابُهُ من غيرِ طيبِ قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: رَفْعُ "يطيبُ" معَ جَزْم "يكُ" غيرُ مستقيم، وإصلاحُه: تَطِبْ أثوابُه، أو ما هو على وزنِه وفي معناه أو ما يُناسبُه، وسمِعتُ شيخَنا أبا القاسم البَلَويَّ (¬3) رحمه اللهُ يقول: حضَرتُ مجالسَ وعظِه كثيرًا بالجامع الأعظم من إشبيلِيَةَ، فكان في حُسن صوتِه وبَراعةِ إيرادِه، واستحكام تأثيرِه، وانفعالِ القلوبِ لتذكيرِه، بمقام تَكَلُّ العبارةُ عن وَصْفِه، ولقد شاهدتُه في بعضِها وقد نَدَبَ الناسَ إلى افتكاكِ أُسارى، فتسارَعَ الناسُ إلى بَذْلِ ما حضرِهم، وخَلَعَ كثيرٌ منهم بعضَ ما كان عليه من الثّيابِ، فعَهْدي بها قد تراكمَت أمامَ مِنبَرِه حتى كادت تَحجُبُه عن الأبصار، سوى ما وَعَدَ به، فتجمَّلَ في أثمانِ تلك الثِّيابِ مالٌ جَسِيم. وهو الذي صَلّى على أبي إسحاقَ الكانميِّ حين توفِّي حسبَما تقَدَّم ذكْرُه (¬4). ¬

_ (¬1) في برنامج الرعيني أنه روى عن الفازازي جميع خطبه التي كان ينشئها للواعظ أبي عبد الله ابن الحجام. (¬2) في الذخيرة السنية: "الوجيب". (¬3) تقدمت ترجمته في السفر الأول، الترجمة 674. (¬4) يحيل المؤلف على سفر مفقود من كتابه، ونقدر أنه السفر السابع، وقد تقدمت الإشارة إلى بعض مصادر ترجمة المذكور.

66 - [محمد بن أحمد بن هارون] بغدادي، أبو جعفر

وُلدَ بتِلِمْسينَ سنةَ ثمانٍ وخمسينَ وخمس مئة، وتوفِّي بمَرّاكُشَ في يوم الجُمُعة لأربعَ عشْرةَ ليلةً بقِيَت من شعبانِ سنة أربعَ عشْرةَ وست مئة. 66 - [محمدُ (¬1) بن أحمدَ بن هارونَ] بغداديٌّ، أبو جعفر. كذا سَمّاهُ في "تاريخِه" عَرِيبُ بن سَعِيد [القُرطُبيُّ، وحَكَى أنّ] عُبَيدَ الله الشِّيعيَّ استَوْزَرَه واستكتَبَه بعدَ أبي اليُسْر الشَّيبانيِّ [الرِّياضيِّ، وقَرَّبه وأدناه] واستَعانَ به على أمرِ أبي عبد الله -يعني داعيةَ الشِّيعة-[وأخيه أبي العبّاس] وجماعةِ كُتَامة، فكان منهُ في ذلك رأيٌ جميلٌ ونَفْعٌ عظيم، [وقال فيه ابنُ] الفَرَضيِّ (¬2): أحمدُ بن محمد بن هارونَ، وذكَرَ روايتَه عن الجاحظِ وابن قُتَيبةَ، [ولا أدري] من غَلِطَ في اسمِه منهما؛ قاله ابنُ الأبار، وقال: دخَلَ الأندَلُسَ والمغرِب. 67 - محمدُ بن إبراهيمَ بن أبي بكر بن عبد الله بن سَعِيد بن خَلُوف بن عليِّ بن نَصْر القَيْسيُّ، تِلِمْسينيٌّ. 68 - محمدُ (¬3) بن إبراهيمَ بن حِزبِ الله، فاسيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ البَقّار. رَوى ببلدِه عن أبي إسحاقَ بن قُرقُول، وأبي الحَجّاج العَشّاب، وأبي الحَسَن بن حُنَيْن، وأبوَيْ عبد الله: ابن خَليل وابن الرَّمّامة، وأبوَي العباس: ابن صَالح القُرطُبيِّ وابن محمدٍ المُراديِّ الدَّبّاج، وأبي محمد بن عُبَيد الله. وبالأندَلُس عن أبي إسحاقَ بن عليِّ بن طلحةَ، وأبوَيْ بكر: ابن خَيْر وابن عُبَيد، وأبي الحَسَن عبد الرّحمن -وسَمّاه ابنُ الطفَيْل عليًّا وَهمًا منهُ- وابن بقِيّ، وأبوَيْ عبد الله: ابن الفَخّار -لقِيَهُ بفاسَ وكتَبَ إليه من الأندَلُس- وابن المُجاهِد، وآباءِ القاسم: ابن بَشْكُوال وابن الحاجِّ والشَّرّاطِ وأبي الوليد بن رُشْدٍ الأصغَر وغيرِهم، لقِيَهم وأخَذَ عنهم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1719). (¬2) تاريخ ابن الفرضي 1/ 110. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1728)، والذهبي في المستملح (335) وتاريخ الإسلام 12/ 925.

69 - محمد بن إبراهيم بن عمر بن منصور بن عبد الله الزهيلي

وكتَبَ إليه مجُيزًا ولم يلقَهُ من أهل الأندَلُس: أبو عبد الله بنُ حَفْص، وأبو القاسم بنُ دَحْمان. وحدَّث بالإجازةِ العامّة عن أبي الطاهِر السِّلَفيّ. رَوى عنه أبو الحَسَن ابنُ القَطّان، وأبو عليّ الحُسَين بنُ الفَرَج القَصْريُّ، وأبو عِمرانَ موسى السَّلَويّ. وكان أحدَ الأئمّه في عِلم الحديث والضَّبطِ للرِّواية وحُسنِ التقييد، والتنقيرِ عن أحوالِ الرِّجال، عَلَمًا في الزُّهد والفَضْل والحِفظِ للّغة، عُنيّ بذلك كلِّه كثيرًا، واستَنفَدَ فيه عُمُرَه مستفيدًا ثم مُفيدًا إلى أن توفِّي رحمه الله (¬1). 69 - محمدُ بن إبراهيمَ بن عُمرَ بن منصُور بن عبد الله الزّهيليُّ (¬2). 70 - محمدُ بن إبراهيمَ بن محمد بن محمدِ بن إبراهيمَ بن يحيى بن إبراهيمَ بن يَحيى بن إبراهيمَ بن خَلَصةَ بن سَماحةَ الحِمْيَريُّ الكُتَاميُّ، مَرّاكُشيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ إبراهيم. رَوى عن قريبَيْه: أبي جعفر بن يحيى وأبي الحَسَن ابن القَطّان، وأبي الحَسَن بن حَرِيق، وأبي عليّ الرُّنْديِّ، وغيرِهم. رَوى عنهُ أبو عبدِ الله بن إدريسَ القرليطشيُّ. وكان متقدِّمًا في عِلم اللّسان نحوًا ولُغةً وأدبًا، حَسَن الخَطّ، وكانت بينَه وبينَ جماعة من أدباءِ عصرِه [مخُاطَباتٌ ظهَرَ] فيها شُفوفُه. ¬

_ (¬1) لم يذكر ابن عبد الملك للمترجم كتابَا، وفي الإعلام للمراكشي ما نصه: "وأبو عبد الله ابن البقار وقفت على تأليفه "كتاب الأدوار في تسيير الأنوار" بخط الموقت الطاهر بن المحجوب بن محمد الحمري السعيدي المراكشي، انتسخه عام 1320 هـ" الإعلام 4/ 33. (¬2) هكذا وردت هذه الترجمة عند المؤلف، والزهيلي نسبة إلى زهيلة من بطون نفزاوة، قال ابن خلدون: "وأما زهيلة فبقيتهم لهذا العهد بنواحي بادس مندرجون في غمارة وكان منهم لعهد مشيختنا أبو يعقوب البادسي أكبر الأولياء وآخرهم بالمغرب" (العبر 6/ 234)، وفي المقصد الشريف ذكر لعدد من الزهيليين ولكننا لم نجد رابطة بينهم وبين المذكور هنا (انظر المقصد الشريف لعبد الحق البادسي، المطبعة الملكية. الرباط (الفهرس)).

71 - محمد بن إبراهيم الغساني، تلمسيني، [سكن آسفي، أبو عبد الله] التلمسيني

71 - محمدُ (¬1) بن إبراهيمَ الغَسّانيُّ، تِلِمْسينيٌّ، [سَكَنَ آسَفِي، أبو عبد الله] التِّلِمْسينيُّ. أخَذَ ببلدِه عن أبي عبد الله التُّجِيبيِّ، وابن عبدِ [الحقِّ، وبسَبْتَةَ] عن أبي العبّاس العَزَفيّ، وبإشبيلِيَةَ عن أبي بكر بن طلحةَ، وأبي عليّ [الشَّلَوْبِين. كان] ذا حظٍّ صالح من روايةِ الحديث، عَدْلًا فيما يَرويه متقدِّمًا في ضَبْطِ اللّغات، [ذاكرًا] للآدابِ والتواريخ والأنساب، مُشاركًا في الفقهِ والنَّحوِ، ضاربًا في قَرْض الشّعرِ [بسَهْم] مُصيب، مُتَحَرِّفًا بالتجارة في القَيْساريّة بآسَفِي يقعُدُ في حانوتِه لاسترزاقِه كلَّ يوم يُديرُها فيها بعدَ الفراغ من مجلسِ تدريسِه "الموطَّأ" و"السِّيَر" والنَّحوِ والآدابَ واللّغة. وكان على طريقةٍ مَرْضِيّةٍ ومن أهل الدِّين المَتِين والانقباضِ عن مُخالطة الرؤساءِ وملابستِهم. وردتُ آسَفَي في أول قَدْمةٍ قدمتُ عليها يومَ الاثنين لأربع بقِينَ من جُمادى الأولى سنةَ ثلاثٍ وستّينَ وست مئة فعَرفْتُ مرَضَه، وقَصَدَني ابنُه جعفرٌ مسلِّمًا عنه عليّ وذاكرًا تشوُّقَه إليّ، فتواعَدتُ معَه لعيادتِه من الغدِ، فجاء إلى منزلي من الغدِ وافيًا بوعدِه ومُعتذرًا عن لقائه بعُذرٍ قبِلتُه وأدرَجَ فيه رجاءَ تماثُل حالِه وإرجاءِ لقائه إلى [يوم آخر، وتوفي] (¬2) يوم الأربعاء لليلتَيْن بقِيَتا من جُمادى المذكورة، ودُفن من الغدِ إثرَ صلاةِ الظهر بالمقبُرةِ التي بقِبلي جامع آسَفِي الأعظم، وحضَرتُ جنازتَه وكانت مشهودةً، وكنتُ قائدَ شيخِنا أبي عليّ الماقريِّ (¬3) الضَّريرِ فيها، ولم يتَخلَّفْ عنها أحدٌ، وأتْبَعَه الناسُ ثناءً جميلًا. وكان أبو عليّ يُطيلُ الثناءَ عليه ويُشيدُ بذكرِه. ¬

_ (¬1) له ترجمة في تعريف الخلف 2/ 232 ولا نعرف مصدره فيها. (¬2) زيادة متعينة لخلل في النص. (¬3) كثيرًا ما يشير المؤلف إلى شيخه هذا، ولا بد أنه عقد له ترجمة في القسم المفقود من الغرباء، وقد تحدث عنه استطرادًا بما فيه فائدة في السفر الأول (الترجمة 225، 841، 871) وانظر مفاخر البربر: 68 - 69.

72 - محمد بن إبراهيم اللواتي، أبو عبد الله

72 - محمدُ بن إبراهيمَ اللَّوَاتيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي عُمرَ مَيْمونِ (¬1) بن ياسين اللَّمْتُونيِّ بإشبيلِيَةَ، وغيرِه. 73 - محمدُ (¬2) بن إبراهيمَ المَهْريُّ، بِجَائيٌّ، نزَلَ سَلَفُه مليكشَ (¬3)، إشبيليُّ الأصل من بني مرزقان (¬4) من أهلِها، أبو عبد الله، ابنُ إبراهيمَ والأصُوليُّ. شَرَّقَ وأخَذَ بمِصرَ عن الرَّبَعيِّ والجَبّاب، وحضَرَ مجلسَ أبي الطاهر السِّلَفيِّ، ودرس قليلًا على أبي الطاهر بن عَوْف، ثم لم تُرضَ هنالك أحوالُه فأمَرَ أبو الطاهر بنُ عَوْفٍ بإخراجِه عن الإسكندَريّة، فأُخرِج منها مذمومًا، ولقِيَه أبو العبّاس بنُ عثمانَ المَلْيانيُّ (¬5) على مَقرُبةٍ من الإسكندَريّة، فلمّا لقِيَ أبو العبّاس أبا الطاهر بنَ عَوْف قال له: أين لقيتَ ذلك الزِّنديق؟ ولمّا قَدِمَ من المشرِق نزَلَ جزائرَ بني زغنا (¬6)، وأقام بها مدّةً، وأخَذ عنه [بها أبو موسى] القَزُوليُّ، ثم قَدِمَ مَرّاكُشَ فأخَذَ عنه بها جماعةٌ، منهم: [أبو عبد الله] ابنُ الجِذع، وأبو محمد بن حَوْطِ الله، وأبو يعقوبَ ابنُ الزَّيّات، [واستجازَهُ] ¬

_ (¬1) ترجمته في التكملة (1851)، وستأتي ترجمته في هذا السفر رقم 188، وقد سرد المؤلف اسم المترجم هناك مع الرواة عن أبي عمر فقال: "وآباء محمد: ابن أحمد بن موجوال، وابن إبراهيم اللواتي ... " وهو يخالف ما هنا إذ إنه يقتضي أن تكون كنيته "أبا عبد الله". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1740)، والغبريني في عنوان الدراية 208، والذهبي في المستملح (346) وتاريخ الإسلام 13/ 348، والصفدي في الوافي 2/ 8، والمراكشي في الإعلام 4/ 169. (¬3) مليكش: قبيل من صنهاجة كانت لهم إيالة ببسيط متيجة قضى عليها بنومرين لما استولوا على المغرب الأوسط، وينسب إليها بعض الأعلام (العبر لإبن خلدون 6/ 128). (¬4) في الأصل: مرزبان، وهو تحريف، وبنو مرزقان: بيت إشبيلي نبيه، ومنهم الوزير أبو القاسم ابن مرزقان (الذخيرة 2/ 520، والمغرب 1/ 266، ونفح الطيب (الفهرس). (¬5) ترجمته في عنوان الدراية: 109. (¬6) هي عاصمة الجزائر اليوم.

ابنُ نَذِير فقال له: قد أبَحْتُ لك ما سألتَ فاجتهِدْ، فالاجتهادُ [مطلوب]. وأخَذَ عنه ببجَايةَ: أبو الحَسَن بنُ أبي نَصْر، وأبو عبد الله بنُ عبد الله بن [....] (¬1). وكان متحقِّقًا بعلم الكلام، متقدِّمًا في معرفةِ أصُولِ الفقه حتى شُهِرَ [بالأصُوليِّ] وعُنيَ طويلًا بـ "مُستصفَى" الغَزّاليِّ فأصلَحَ مختلَّه، وصَحَّحَ معتَلَّه، وعلَّق عليه [تعليقاتٍ] أفادَ بها، وتُنوقلَتْ عنه، وشُهِر بالعكوفِ على العلوم القديمةِ الفلسَفِيّة، وله حَظٌّ صَالح من الفقه، وكان أوّلَ قدومه على مَرّاكُشَ يحضرُ كثيرًا مجلسَ المنصُور، من بني عبد المؤمن، فيُعامِلُ المنصورَ بضُروبٍ من الجفاء، لا يحتملُ أخفَّها الأكْفاء، حتى أثَّر ذلك عندَه وأسرَّه لهُ في نفسِه، وكان ذلك من أقوى الأسباب التي اقتَضَت عندَه تعريضَه للعنِ الناس إيّاه، ونَصْبِه لبُصاقِهم في وجهِه معَ وسيلتِه في الارتسام بتلك الطريقةِ المشنوءة، [طريقةِ] أبي الوليد بن رُشْدٍ الصَّغير، حسبَما مَرَّ ذلك في رَسْمِه (¬2)، وسأله المنصُورُ حينئذٍ: هل نَظَرَ في العلم الذي نُكِبَ ابنُ رُشدٍ بسببه؟ فأقَرَّ بقراءتِه والأخْذِ فيه، معَ تحقُّقِه مما عليه في ذلك، فكان اعترافُه من الأسبابِ التي ألحقَتْه بابن رُشْدٍ في تلك الوَقِيعةِ الشَّنيعة، وتعجَّبَ المنصُورُ والناسُ جميعًا من إجابتِه المنصورَ بالحقِّ عمّا سألَهُ كائنًا فيه ما كان، وظهَرَ منه في هذه المِحنة من الجَلَد وثبوتِ الجأش وقوّةِ النفْس ما قضَى مشاهدوهُ منه العجبَ، ثم غُرِّب إلى أغمات فأسكِنَ بها، ولم يزَلْ فيها حتى عُفِيَ عنه، واستُقضِيَ عَقِبَ العفوِ عنه ببِجَايةَ، وقد كان استُقضيَ بها مرَّتَيْنِ، وبمُرْسِيَة، واستُنيبَ بمَرّاكُشَ، وكان يقولُ حين استُقضِيَ ببِجَاية في المرةِ الأخيرة: والله ما تقلَّدتُها رغبةً فيها ولا تغبيطًا بها، ولكنْ تسجيلًا على مُقلِّدِها إيّايَ بقبيح التناقُض الذي لا يَصدُرُ عمّن له مُسْكةُ عَقْل في توليةِ القضاءِ والفَصْل في الأحكام الشّرعيّة بينَ الناس مَن صَحَّت عندَه زَندقتُه واشتغالُه بعلوم الأوائل! واستقَرَّ قاضيًا بها مُدّة، صادعًا بالحقّ، جَزْلًا في أحكامِه، ¬

_ (¬1) لعله أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد المعافري القلعي. (عنوان الدراية: 79). (¬2) انظر الذيل 6/الترجمة 51.

74 - محمد بن [أبي] يحيى أبي بكر بن خلف بن فرج بن صاف الأنصاري، مراكشي، قرطبي الأصل قديما، فاسيه حديثا، أبو عبد الله، ابن المواق

عَدْلًا في قضائه، لا تأخُذُه فيه لوْمةُ لائم، ثم عُزِلَ سنةَ ثمانٍ وست مئة بعدَ تنكيلٍ كثيرٍ نالَهُ من والي بجَايةَ أبي عبد الله ابن يومورَ الهرغيِّ، وامتحانٍ شديدٍ كان منه ضربُ وَلَدِه (¬1) بَأليم السِّياط، وسَعَى في عَزْلِه فعُزِل، وقُدِّم أبو محمدٍ عبدُ الله ابن سكاتو (¬2) الجزائريُّ، فقال أبو عبد الله لمّا بَلَغَه ذلك: عَزَلوني ولم يُولُّوا أحدًا. وكُفَّ بصَرُه بأخَرة، وبقِيَ [ببِجَايةَ] إلى أن توفِّي بها في ذي الحجة سنةَ اثنتَيْ عشْرةَ وست مئة، وقد [ذكرتُه في رَسم أبي] الوليد بن رُشْد وأبي القاسم عبد المُنعم ابن تيسيت (¬3)، وسيُذكَرُ في رَسم [أبي عبد الله] بن عليّ بن مَرْوانَ (¬4) إن شاء الله. 74 - محمدُ بنُ [أبي] (¬5) يحيى أبي بكر بن خَلَف بن فَرَج بن صافٍ الأنصاريُّ، مَرّاكُشيٌّ، قُرطُبيُّ الأصل قديمًا، فاسِيُّه حديثًا، أبو عبد الله، ابنُ المَوّاق (¬6). [رَوى عن أبي] أُميّةَ بن عُفَيْر، وأبي بكرٍ يحيى بن عبد الرّحمن بن ثابت، وآباءِ الحَسَن: ابن القَطّان -ولازَمَه واختَصَّ به- وابن قُطْرال ومحمد بن سَلمون، وأبي ذَرّ بن أبي رُكَب، وأبي الرّبيع بن سالم، وآباءِ عبد الله: ابن خَلْفون وابن دادوش والشّارِّيِّ، وأبَوي العبّاس: العَزَفيِّ والنَّبَاتيِّ، وأبي عليّ الرُّنْديِّ، وأبي ¬

_ (¬1) ساق بعض أخباره وأشعاره التجاني في رحلته، واسمه أبو زيد عبد الرحمن الأصولي (انظر ص 269 وص 378)، وترجمه النيفر في كتابه عنوان الأريب 1/ 66 فقال: "عالم جليل وشاعر نبيل، انتفع الناس بعلمه إقراءً وتأليفًا"، وقد سكن تونس ومدح أبا زكريا الحفصي وألف كتاب "تبكيت الناقد"، كان حيًّا سنة 630 هـ. (¬2) ترجمته في التكملة (2209)، وعنوان الدراية: 145، والمستملح (507). (¬3) يشير إلى ترجمته في سفر الغرباء المفقود. وللمذكور ترجمة في التكملة (2554)، وجذوة الاقتباس رقم (476). (¬4) سيعرض المؤلف لما كان بينهما من خصومة انظر رقم 129. (¬5) ناقصة في الأصل، وأبو يحيى كنية والد المترجم أما أبو بكر فهو اسمه. (¬6) هو ولد القاضي أبي بكر المترجم في التكملة (596)، وتاريخ الإسلام 12/ 1189، وجذوة الاقتباس رقم (27)، وسلوة الأنفاس 1/ 224. أما المترجم فلم نقف على ترجمته في مكان آخر.

القاسم بن بَقِيّ، وأبي محمدٍ عبدِ الحقِّ الزُّهْريّ، وأبي مَرْوانَ الباجِيّ، وأبي الوليد ابن الحاجّ. رَوى عنه أبو بكر بن عثمانَ ابن السِّجِلْماسيّ، وأبو جعفر بن محمد بن عبد الحميد، وأبو الحَجّاج بن عليّ ابن عشَرة، وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ شيخُنا (¬1)، ومحمد بن عَتِيق بن عليّ، وأبو الخَطّاب سَهْلٌ ابن زغبوش، وأبو زكريّا بن عبد الله بن يعقوب، وأبو عبد الرّحمن عبدُ الله بن زغبوش، وأبو الفَضْل الغَرابِيليُّ، وأبوا محمد: ابنُ قاسم الحَرّار وابنُ مَطْروح. وكان فقيهًا، حافظًا محدِّثًا، مقيِّدًا ضابِطًا مُتقِنًا، نبيلَ الخَطّ بارعَهُ، ناقدًا محقِّقًا، ذاكرًا أسماءَ الرِّجال وتواريخَهم وأحوالَهم، وله تعقُّبٌ على كتابِ شيخِه أبي الحَسَن ابن القَطّان الموسُوم بـ "بيانِ الوَهْم والإيهام الواقعَيْنِ في كتاب الأحكام"، جَمْعَ أبي محمدٍ عبد الحقِّ ابن الخَرّاط الجاري عليه اسمُ "الأحكام الكُبرى"، ظهَرَ فيه إدراكُه ونُبلُه ومعرفتُه بصناعةِ الحديث، واستقلالُه بعلومِه، وإشرافُه على عِلَلِه وأطرافِه، وتيقُّظُه، وبراعةُ نَقْدِه واستدراكِه (¬2). وقد عُنِيتُ بالجَمْع بينَ هذينِ الكتابَيْن مضافَيْنِ إلى سائرِ أحاديثِ الأحكام، وعلى ترتيبِها، وتكميل ما نَقَصَ منهما، فصار كتابي هذا من أنفَع المصنَّفات، وأغزَرِها فائدةً، حتى لو قلتُ: إنه لم يؤلَّفْ في بابِه مثلُه؛ لم أُبعِدْ، واللهُ ينفَعُ بالنِّية في ذلك. ولأبي عبدِ الله أيضًا مصنَّفاتٌ غيرُ ما ذُكِر، منها: شيوخُ الدارَقُطنيّ، وشَرحُ مقدِّمة صحيح مسلم، ومقالاتٌ كثيرةٌ في أغراضٍ شَتّى حديثيّةٍ وفِقْهيّة، وتنبيهاتٌ مفيدة، ووقَفْتُ على جُملةٍ من شَرْح "الموطَّإ" [له] في غاية النُّبل وحُسنِ ¬

_ (¬1) لم يعده من شيوخه في البرنامج. (¬2) ورد اسمه في رحلة ابن رشيد هكذا: "المآخذ الحفال، السامية عن مآخذ الأغفال، في شرح ما تضمنه كتاب الوهم والإيهام من الإخلال والإغفال، وما انضاف إليه من تتميم أو إكمال".

75 - محمد بن أبي بكر بن [رشيد، جمال الدين] أبو عبد الله البغدادي، ويذكر أن أصله من قصر كتامة

الوَضْع (¬1)، وكلُّ ذلك شاهدٌ بوفورِ مَعارفِه وتبريزِه، واستُقضيَ ببَلَنْسِيَةَ، وفاسَ. [ومَولدُه بها] سنةَ ثلاثٍ وثمانينَ وخمس مئة، ونشَأَ بمَرّاكُشَ واستَوطَنَها، [وبها توفِّي] سنةَ ثِنتينِ وأربعينَ وست مئة. 75 - محمدُ بن أبي بكر بن [رَشِيد (¬2)، جمالُ الدِّين] أبو عبد الله البغداديُّ، ويُذكَرُ أنّ أصلَه من قَصْر كُتَامةَ (¬3). رَوى ببغدادَ عن أبي إسحاقَ إبراهيمَ بن سَعِيد الأنصاريِّ أحدِ أصحاب ابن الجَوْزيّ، وبدمشقَ عن أبي عبد الله بن عبد الوهّاب الواعِظ ابن [الحَنْبَلي] (¬4)، وبالأندَلُس عن أبي يحيى عبد الرّحمن بن عبد المُنعم ابن الفَرَس (¬5)، رَوى عنهُ بمَرّاكُشَ [عبدُ الحقِّ] بن رَشِيد، وأبَوا محمدٍ: عبدُ الواحِد بن أبي زَيْد بن أبي زكريّا بن أبي حَفْص بن عبد المؤمن وابنُ مخلوفِ بن موسى المَشّاطُ القاضي (¬6)، وطائفةٌ من أصحابِنا، وبمِصرَ: جمالُ الدِّينِ عثمانُ بن فَتْح الدِّين أبي العبّاس ¬

_ (¬1) من مؤلفات ابن المواق التي لم يسمها المؤلف: "بغية النقاد" في أصول الحديث، ذكرها صاحب كشف الظنون ونقل عنها شراح ألفية العراقي ويوجد قسم منها في خزانة الإسكوريال وكان الكتاب موجودًا في خزانة القرويين. انظر فهرس خزانة القرويين 2/ 504. (¬2) ضبطه المديوني الجادري في شرح البردة بفتح الراء وكسر الشين (فهرس خزانة القرويين 2/ 217). (¬3) هذه أو في ترجمة لدينا لهذا الواعظ الشهير المغربي الأصل، وعليها اعتمد الأستاذ كنون في مقالته القيمة المنشورة في مجلة البحث العلمي، العدد (7). (¬4) سترد ترجمته في هذا السفر انظر رقم 121. (¬5) ترجمته في التكملة (2360). (¬6) هو أبو محمد عبد الواحد بن مخلوف بن موسى الهزميري المشاط ولي القضاء بمراكش في عهد المرتضى الموحد سنة 654 هـ بعد وفاة القاضي قبله أبي بكر ابن حجاج. انظر السفر السادس: الترجمة 40 وممن روى عن ابن رشيد خطيب تلمسان أبو عبد الله محمد بن علي بن الجمال قال تلميذه المقري الجد: حدثني أنه تاب بين يديه لأول مجلس جلسه بتلمسان سبعون رجلًا (نفح الطيب 5/ 242).

أحمدَ بن عُثمانَ بن هِبة الله بن أحمدَ بن عَقِيل القَيْسيُّ ابنُ أبي الحَوافِر، وأبو عليّ الحَسَن بن الحَسَن بن عَتِيق ابن مكسورِ الجَنْب بمحضَرِ مُحيي الدِّين محمد بن محمد بن سُرَاقة. وسمِعتُ منه كثيرًا، وجالستُه طويلًا، وحاضرتُه وذاكَرْتُه، ورُزِقتُ منه قَبولًا كثيرًا، ولزمتُ شهودَ مجالسِ وعظِه، وكانتِ القلوبُ تنفعلُ كثيرًا لكَلامِه، وترِقُّ لمَوْعِظتِه، وتتأثرُ لتذكيرِه، وكان أغزَرَ الناسِ دمعًا، إذا رَقِيَ لمِنبَر وَعْظِه لا يتمالكُ أن يُرسِلَ دموعَه فيؤثِّرَ عندَ الحاضرين من الخُشُوع والخَشْية وسَكْبِ الدموع ما لا مَزيدَ عليه، وكان يتَولَّى إنشاءَ خُطَبه التي يَفتتحُ بها مجالسَ وَعْظِه وقصائدَه المطوَّلةَ التي يختتمُها بها، وكان سَريعَ الإنشاءِ لذلك كلِّه، وكلامُه نظمًا ونثزا مؤثِّرٌ في نفوسِ سامعيهِ على ما فيه من لِين، وسمعتُه غيرَ مرّة يقول: إنّ ذَوْقَه لا يُساعدُه على النظم في وزنِ عَروض من أعاريضِ الشِّعر ما خَلا الطّويلَ، هذا على اتّساع حفظِه وحضورِ ذكْرِه فنونَ الشِّعر على اختلافِ أوزانِه، وله قصائدُ سمّاها: "الوتَريّة، في مَدْح محمدٍ أشرفِ البرّية" (¬1) كلُّ قصيدة منها أحدٌ وعشرونَ بيتًا، مفتتَحة أبياتُها بحروفِ رَوِيِّها ضَمَّنَها مَدْحَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وإيرادَ بعضِ مُعجزاتِه، تَقبَّلَ اللهُ عمَلَه، وأنْجحَ أملَه. وممّا يُغبَطُ بهذه الوَتَرِيّات وَيشهَدُ بصدقِ نيّتِه فيها ويُحَرَّضُ على حفظِها وروايتِها، وُيرغَّبُ في دراستِها واستعمالِها، ما حكاهُ رحمه اللهُ من أنه قال: رأيتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ليلةَ فراغي من تبييضِها وهي في يدِه - صلى الله عليه وسلم - ومعَه جماعةٌ من أصحابِه رضيَ اللهُ عنهم، لم أعرِفْ فيهم غيرَ أبي بكرٍ، رضيَ اللهُ عنه وعنهم أجمعين، [فلمّا رآني]- صلى الله عليه وسلم - قام إليّ ضاحكًا كالمُستبشِر بي، ثم جَعَلَ يَدفَعُها إلى [جماعةٍ] من ¬

_ (¬1) ذكرت في كشف الظنون، وقد عارضها وخمسها وشرحها بعض الأعلام وطبعت في المغرب والمشرق، والوتريات من المحفوظ المتداول في بلاد المغرب وممن لهم وتريات أيضًا أبو الحسن علي بن بلال (ت 681 هـ) وأبو زيد عبد الرحمن المكودي (رحلة التجاني: 271 - 272، وفهرس خزانة القرويين 2/ 217).

أصحابِه، وأوّلُ مَن بَدَأَ منهم به أبو بكر، رضيَ اللهُ عنه وعنهم أجمعين، [وكان]- صلى الله عليه وسلم - يقولُ لهم: انظُروا بأيِّ شيءٍ قد مُدِحتُ، وماذا قيل فيّ .... وقَعَتْ منهُ - صلى الله عليه وسلم - .... فاستيقَظْتُ فرحًا مسرورًا بما أعطاني .... وكانت هذه الرُّؤيا بمَرّاكُشَ. ثم بعدَ ذلك إلى ما يُقارِبُ ثلاثَ سنين [كنتُ أُعيدُ] نَظَري فيها وأزيدُها ترقيقًا وتنميقًا، وأدخَلتُ فيها من غرائبِ مُعجزاتِه - صلى الله عليه وسلم - ما لم أكنْ أدخَلتُهُ أوّلَ مرّة، فبينَما أنا ذاتَ ليلةٍ أكتُبُ في حرفِ الميم، وقد تعرَّضتُ فيه لمِعراجِه - صلى الله عليه وسلم -، وكنتُ قد أكثرَتُ في معظَم قصائدِها من ذكْرِ المعراج؛ لِما فيه منَ العجائب، إلّا أنّي لم أذكُرْ حديثَ جِبريلَ عليه السّلام، ووقوفَه في الموضِع المعلوم، وقولَه لرسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: ها أنت وربُّك، وزَجَّه في النُّورِ زَجّةً، ففكّرتُ في نَظْم ذلك المعنى، فيسَّرَه اللهُ عليّ في أربعةِ أبيات، وأدخلتُها في حرفِ الميم، ثم رقَدتُ باقيَ اللّيل، فرأيتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في المنام وهو يقولُ لي: إنّ اللهَ قد شَفّعَني في أهلِك وزوجِك وخادمِك، وفي جميع أصحابِك، مُشيرًا إليّ بمُسَبِّحتِه - صلى الله عليه وسلم -، فاستيقَظتُ وبي من الفَرَح والسُّرور ما لا يعلَمُه إلّا الله عزَّ وجَلّ، ويحِقُّ لي، فازدَدْتُ بها غِبطةً على غِبطة، فلله الحمدُ على كلِّ نعمةٍ عمومًا، وعلى ما ألهَمَ إليه من مَدْح حبيبِه - صلى الله عليه وسلم - خصوصًا، وكانت هذه الرؤيا بغَرْناطة. وكان فقيهًا شافعيُّ المذهب، نَظّارًا فيه، حَسَنَ المأخَذ في الاحتجاج لهُ، متوقِّد الخاطِر، ذكيًّا يَقِظًا محبًّا في العلم مُنصِفًا في المناظرةِ والمباحثة، لا يكادُ يُخلي محاضرَهُ من مفاوضةٍ علميّة ومُذاكرةٍ وبحثٍ ومساءلة، على ذلك عَرَفْناه، وكثيرًا ما كان يُتعرَّضُ له في مجالسِ وعظِه بالرِّقاع مضمَّنةً أسولةً عَوِيصة، فيَصدُرُ عنه من سُرعةِ الجواب عنها وحُسنِه وإيضاح خَفِيِّها وحلّ مُشكلِها ما يَقضي منه العَجَب، شاهدتُ منه في ذلك كثيرًا، وقصَدتُ الإغماضَ غيرَ مرّة أنا وجماعةٌ من أصحابِنا في كثير من الأسولةِ التي كنّا نُودِعُها الرِّقاعَ المرفوعةَ إليه، فيأتي [في أجوبتِها بما يَبهَرُ] الحاضرينَ سُرعةَ بديهةٍ، وحُسنَ ترتيبٍ وحَشْدَ [نُقول، ثم يَخلُصُ] إلى ما كان فيه من وَعْظِه.

وورَدَ خبَرُ الحادثة الشَّنعاءِ [الكائنة] على بغدادَ (¬1) وهُو حينَئذٍ بمَرّاكُش، وكان يَذكُرُ أنه خَلَفَ ببغدادَ [نِسوةً قد كبِرْنَ] (¬2)، وكان يقولُ حينَئذٍ في مجالسِ وعظِه: واأسَفَا للمصيبةِ [العامّة بالمسلمين] والخاصّة بي! وكان قدومُه على مَرّاكُشَ صدرَ خمسٍ وخمسينَ وست مئة. [ومَدَحَه] بعضُ أُدبائها بقصائدَ شكَرَها لهم ووقَعَتْ موقعَ استحسانٍ وسرورٍ [عندَه]. فممّا رأيتُ إثباتَه منها هنا قصيدةُ الأديب الكاتبِ البارع أبي موسى هارونَ بن عبد الله بن محمد بن هارونَ السُّمَاتيِّ الإشبيليِّ (¬3) نزيلِ مَرّاكُشَ رحمه الله، وهي [من الطويل]: أواعِظَنا جَلّتْ لدينا بكَ النُّعمى ... فنِلنا الذي كنّا نَهيمُ به قِدْما وأهدَتْ لنا بغدادُ منكَ غريبةً ... فلله ما أبهَى سَناها وما أسمى حديقةَ فضلٍ أينَعَتْ زَهَراتُها ... فقد حَسُنت مَرأًى وفاحت لنا شَمّا فلا انتقَلت عنّا ظلالُ نعيمِها ... ففي كلِّ حينٍ تُثمرُ العِلمَ والفهما مواعظُ تَسرِي في النفوسِ لطافةً ... فتُبرِئُ من داءِ السَّقام بها سُقما لقد هتَكَتْ حُجْبَ القلوبِ وإنّها ... بلُطف معانيها لَتستنزِلُ الغَمّا وقمتَ بحقِّ الله في وعظِنا فلم ... تدَعْ غَرَضًا إلّا بَرَيْتَ له سهما وأرسلتَها نحوَ القلوبِ، فكلُّها ... أصاب -لَعَمْري- مقتلَ الغَيِّ أو أَدْمى ¬

_ (¬1) هي كائنة التتر المشهورة الواقعة سنة 656 هـ، قال بشار: ونحن فارقنا الأوطان بعد الكائنة العظمى بتغلب العدو الأمريكي الكافر على البلاد، أعادها الله إلى المسلمين. (¬2) كلام ممحو في الأصل تظهر منه بعض الحروف وتجدر الإشارة إلى أن الواعظ ابن رشيد خلف ولدًا يبدو أنه عاش في المغرب وتوفي به جاء في وفيات الونشريشي: "وفيها (أي في سنة 679 هـ) توفي الفقيه العدل أبو العباس أحمد ابن المحدث الراوية أبي عبد الله محمد ابن رشيد البغدادي" (ألف سنة من الوفيات: 179 تحقيق محمد حجي). (¬3) تقدمت الإشارة إليه، انظر الترجمة رقم 31.

كشفتَ عن التنزيل حُجْبَ حقائقٍ ... وأبديتَها حتى لَأبصَرَها الأعمى فكم آيةٍ أوضَحْتَ خافيَ سرِّها ... فلاحَ سَناها للنُّهى قمرًا تَمّا وكم مُشكلٍ حلَّيتَهُ بلطائفٍ ... من الفِكْر، لولاها لأوسَعَنا كتْما وأبدَيتَ في عِلم الحديثِ غَوامضًا ... وحلَّيتَها الأوضاحَ إذْ غودرَتْ بُهْما (¬1) إذا ما اعتمدتَ النقلَ فالبحرُ زاخرٌ ... وقَدْرُك أعلى أن أقيسَ به اليمّا ومهما نحَوْتَ الرأي فالزَّندُ ثاقبٌ ... فسهمُكَ إن تُرسِلْه في غرضٍ أصمى لكَ الهمّةُ العُليا فلا ترضَ خُطّةً ... ولو عَظُمت قَدْرًا فزاحَمتِ النَّجما طُبِعتَ ذَكاءً إذْ فؤادُك جَذْوةٌ ... تأجَّجُ لم تطعَمْ ضِرامًا ولا فَحْما حوى من فنونِ العلم ما أعجَزَ الوَرى ... فلله منها ما حَواهُ وما ضَمّا تبارَكَ من سَوّاكَ خَلْقًا وقد حَشَا ... فؤادَك ........................ وأيَّدَ منكَ النُّطقَ بالحِكَم التي ... على كلِّ قلبٍ خائفٍ [وقعَتْ سِلما] أيا ديمةً تنهَلُّ سَكْبًا بكلِّ ما ... يُروِّي العِطَاشَ الِهيمَ منا .... لقد رَوَّضتْ منّا القلوبَ وأطلَعَتْ ... بها ثمَرَ التقوى فتهنئُنا .... لطائفُ وَعْظٍ بل هي السحرُ كلَّما ... سَمِعناه أيقاظًا ظننّا بنا حُلْما وأرواحُ أذكارٍ تلاقَتْ جسومُنا ... بها فكأنّ الرُّوحَ ماسكٌ [الجِسما] وإنّ لواءَ الفقرِ لمّا نشرتَهُ ... مشَى الفقراءُ تحتَه كلُّهمْ قُدْما أريتَهمُ التحقيقَ حِسًّا فأدرَكوا ... ولم يَطمَعوا أن يُدرِكوا كُنهَهُ وَهْما بعلمِكَ عَزُّوا فالزّمانُ وأهلُهُ ... لهمْ أصبحوا حَرْبًا فصاروا لهمْ سِلما فكلٌّ -لَعَمْري- أُشرِبَ الفقرَ قلبُهُ ... ولهوُ الغِنى للنفسِ يا خيرَ ما أمّا ¬

_ (¬1) الأوضاح: حلي من فضة، وبهم: مظلمة.

أيا ابنَ رَشِيدٍ أنت رُشدٌ لمُهتدٍ ... فقد وَفَر الرّحمن منه لك القَسْما ملكتَ نظامَ القولِ في كلِّ مذهبٍ ... وأبدَعتَ حتى النثرَ مُلِّكتَ والنَّظما إذا الخَصْمُ أدلَى بالحِجَاج مُناظِرًا ... فأنت بأدنَى حُجّةٍ تقطَعُ الخَصْما فدَتْك نفوسٌ قصَّرت عنك لم تجِدْ ... لهم في فنونِ العلم إن سُئلوا عَزْما فضضْتَ خِتامَ الحُجْبِ عن كلِّ غامضٍ ... وقد عَجَزوا عن أن يَفُضُّوا له خَتْما ألايا جمالَ الدِّين يا فخرَهُ، لقد ... أصابَ الذي سَمّاك في كلِّ ما سَمَّى فيَصدُقُ كلُّ اسمٍ جليلٍ عليك إذْ ... مُنِحتَ بما أحرَزْتَه مَفْخَرًا جَمّا مدحتُك إذْ بيني وبينَكَ نسبةٌ ... فغُربتُنا كان القضاءُ بها حَتْما جلاءٌ عن الأوطانِ شتَّتَ شمْلَنا ... فهل أرَيَنَّ الدّهر يُوسِعُه نَظْما؟ ببغدادَ هام القلبُ منكَ وحبُّها ... لعَمْرُك حبٌّ خالَطَ الدَّم واللَّحما فهل حاكمٌ يُعدي على الدهرِ إنهُ ... على كلِّ حالٍ يؤْثرُ الجَوْرَ والظُّلما ويا غُربةً دامت وشَطَّ مَزارُها ... كفاكِ فقد قطَّعتِ قلبَ الشَّجيْ كَلْما إذا ما الغريبُ الدارِ هَمَّ بأوْبةٍ ... هَمى الدمعُ من أجفانِهِ كلّما هَمّا عسى فَرَجٌ يُدني المُنى فلعلّها ... تُنفِّسُ عنّا البثَّ والحُزنَ والغَمّا بقِيتَ مُلقًّى ما تشاءُ مُحسَّدًا ... موَقًّى من المحذورِ متّصلَ النُّعمى [ولا زال قَطْرُ الغيثِ يهطُلُ] ديمُهُ ... على مَن أعزَّ العُربَ إذ وقَمَ العُجْما (¬1) [ومنها قصيدةٌ] للسيِّد الجليل، المشارِكِ النّبيل، أبي محمدٍ عبد الواحِد بن أبي زَيْد عبد الرّحمن بن أبي زكرّيا بن أبي حَفْص بن عبد المؤمن (¬2)، وهي هذه [من البسيط]: ¬

_ (¬1) وقم: أذلّ. (¬2) لم نقف له على ذكر، ووالده أبو زيد كان عاملًا على إفريقية لعمه يوسف بن عبد المؤمن، وأخباره في العبر لإبن خلدون والمعجب للمراكشي والبيان المغرب وغيرها.

أهلًا وسهلًا بمَن أهدَتْه بغدانُ ... ومرحبًا مَرْحبًا حيّاهُ رضوانُ [إنْ فارَقَ] الرَّيَّ رَيّاها لفُرقتِهِ ... وأخرِسَتْ بعدَه حُزنًا خُراسانُ [أو] واصَلتْ مَوصِلٌ فيه الأسى وبهِ ... قد غادرت قلبَها حَرّانَ حَرّانُ وصيَّرت عَيْشَها كالشريِ مِن وَلَهٍ ... وكان كالأرْيِ حُلوًا منه حُلوانُ وعمَّ مَن بعُمانَ الشّجوُ واتّسمت ... من بعدِ نعمتِها بالبُؤس نُعمانُ وفاهَ هاتفُ وادٍ للأراكِ متى ... أراك تدنو وهل للقُربِ إمكانُ والطَّلحُ عاد طُلَيْحًا من تلفُّتِه ... وأنّ إذْ بانَ يشكو بيْنَهُ البانُ (¬1) فإنّ حضَرْتَنا تفتَرُّ من جَذَلٍ ... به إذا فرِحت ما ضَرَّ لَهْفانُ أمَا سمِعتَ بقولِ ابن الحُسَين (¬2) وما ... قد جاء في الشِّعر حُكمٌ وهو تِبيانُ؟ إيهِ رَعَى اللهُ إخوانًا به سَمَحوا ... لنا فنحن لهُ في الدِّينِ إخوانُ ونحن جيرانُهُ من بعدِ جيرتِهِ ... ببابِ جيرونَ لا يفقدهُ جيرانُ (¬3) وما إخالُكِ يا بغدادُ عن مللٍ ... رَمَت بهِ منكِ نحو الغَرْب أوطانُ لكنْ جَرى القلمُ الأعلى بذاكَ وما ... أجراهُ يَجري ولا يعدوهُ إنسانُ إنّي سمَحتُ بعِلقٍ نظمُهُ دُرَرٌ ... من المعارفِ لا درٌّ وعِقيانُ بحرٌ ولكنّهُ عذبٌ جَواهرُهُ ... أصدافُها شقَّقتْها منه أذهانُ يُبدي الجَليَّ من المَخْفيِّ منطِقُهُ ... كأنّ ألفاظَه للسِّحر خَزّانُ معنًى رقيقٌ ولفظٌ زانَهُ زجَلٌ ... جَزْلٌ يُسدِّدُه للعقل برهانُ ¬

_ (¬1) بغدان: لغة في بغداد، والري وخراسان والموصل وحران وحلوان وعمان ونعمان والأراك والطلح: أسماء بلدان وأماكن معروفة وللممدوح بها صلة، ولجأ إليها الشاعر للتلاعب بالجناس. (¬2) لعله يقصد به المتنبي ويشير إلى قوله الجاري مجرى الأمثال: مصائب قوم عند قوم فوائد. (¬3) يشير إلى مقام الشاعر في دمشق.

تجمَّعتْ فيه أشياءٌ محاسنُها ... تَفُوقُ عدًّا إذا ما عُدّ ديوانُ إذا بدا صاعدًا أدراجَ مِنبِرِهِ ... غارَتْ عليه من الأبصارِ آذانُ (¬1) وإن تكلَّمَ غار العينُ من حسَدٍ ... فاعجَبْ فبينَهما في ذاك شَنْآنُ طَوْرًا يعلِّمُنا، طَوْرًا يُخوِّفُنا، ... طَوْرًا يُرجِّي، فهذا الوعظُ ألوانُ يا واعظًا بَهَرتْ حُسنًا مَواعظُهُ ... عليك لا زال للرّحمنِ إحسانُ ذكَّرتَ غافلَنا، علَّمتَ جاهلَنا ... حلَّيتَ عاطلَنا [فالكلُّ فرحانُ] تَصوبُ من وعظِك الأجفانُ واكفةً ... كما يَصُوبُ لصوتِ [الرعدِ هَتّانُ؟] أُيِّدتَ بالصِّدق في قولٍ وفي عملٍ ... فللدموع إذا أسمعتَ طُوفانُ كما تأيَّد في نَظْم العَرُوضِ وقد ... دَعَا الرسولَ برُوح القُدْس [حسّانُ] كم من شرُودٍ أخي غَيٍّ إلى رَشَدٍ ... قادَتْهُ يا ابنَ رَشيدٍ منك أرسانُ رأى ولولاك لم تُبصِرْ بصيرتُهُ ... وكيف يُبصرُ وجهَ الرُّشد عَمْيانُ فأنت أنت جمالُ الدِّين لا كذِبٌ ... لا جَحْدَ في ذاك، إنّ الجَحْدَ كُفرانُ لله قومٌ بهذا لقَّبُوكَ وقد ... تحَرَّوا الصِّدقَ، حُيُّوا حيثما كانوا عُذرًا فديتُكَ لم أُحْصِ الذي لكَ، هل ... يُحصي الحَصىَ ونجومَ اللّيل حُسْبانُ؟ أنَّى ولو قاسَها قُسٌّ لقَصَّر، أو ... أجرى لها طَرْفَهُ لم يُجرِ سَحْبانُ فكيف والطّبعُ لم يُطبَعْ، فُدِيتَ على ... ما يَرتضيه حديدُ القلبِ يَقْظانُ لكن جعلتكِ (¬2) أبياتي مقدِّمةً ... تَرتادُ لي موردًا، إنّي لصَدْيانُ ¬

_ (¬1) يذكرنا وصف الشاعر الأمير مجلس الواعظ ابن رشيد بوصف الرحالة ابن جبير مجلس الإمام الواعظ ابن الجوزي في بغداد. (¬2) في الأصل: "جعلت" ولا يستقيم البيت بها.

76 - محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن موسى الأنصاري، تلمسيني وشقي الأصل، أبو عبد الله البري

تبوحُ بالحُبِّ إذ قال الرسولُ: إذا ... أحَبَّ؛ واذكُرْهُ لا يَصْحَبْكَ نسيانُ ورغبةً في دعاءٍ منكَ مُبتهِلًا ... في أن يُباحَ معَ الزُّوّارِ إتيانُ إن الشّفيع الذي من جاء ناديَهُ ... مستغفرًا ظالمًا قِراهُ غفرانُ تدعو ثلاًثا بها والناس كلُّهمُ ... يؤمِّنون، فربُّ الناس مَنّانُ صلى الإلهُ عليه كلّما طلَعَتْ ... شمسٌ وما تُلِيَت آيٌ وقرآنُ وخصَّهُ بسَلام ما سَرَى فَلَكٌ ... مسخَّرٌ، ورَسَا رَضْوى وثَهْلانُ وأقام بمَرّاكُشَ مدّة، ثم رَحَلَ إلى الأندَلُس، ودَخَلَ غَرْناطةَ وغيرَها من بلاد الأندَلُس، ووَعَظَ بها، ثم كرَّ راجعًا إلى مَرّاكُش فبقِيَ فيها مُدّة، ثم فَصلَ عنها مشرِّقًا، فحَجَّ حجّةَ الفريضة، وقَفَلَ إلى المغرِب مؤمِّلًا الوِفادةَ على مَرّاكُش، فتوفِّي بتونُسَ عقِبَ صلاةِ الجُمُعة لليلةٍ بقِيَتْ من محرَّمِ ثلاثٍ وستينَ وست مئة. 76 - محمدُ (¬1) بن أبي بكر بن عبد الله بن موسى الأنصاريُّ، تلمسينيٌّ وَشْقيُّ الأصل، أبو عبد الله البُرِّيُّ. وهو أخو شيخِنا أبي إسحاقَ التلمسينيِّ (¬2) وكبيرُه. رَوى ببلدِه عن أبوَيْ عبدِ الله: عبد الرّحمن التُّجِيبيِّ، وابن عبد الحقّ. وبالأندَلُس عن أبي بكر بن محمد بن مُحرِز، وأبي الحَسَن سَهْل بن مالك، وأبي الرّبيع بن سالم، وأبي عبد الله [ابن الأبّار، وأبي المُطرِّف] ابن عَمِيرةَ وغيرِهم، وبمَنُرقةَ عن أبي عُثمانَ سَعِيد [بن حَكَم. رَوى عنه غيرُ] واحدٍ، وحدَّثنا عنه أبو محمدٍ مَوْلى سَعِيد بن حَكَم. وكان [مُعتنيًا بالأنسابِ] والحِفظِ لها، ذا مُشاركةٍ في الحديثِ ورجالِه، وحَظٍّ من [النَّظم]. ¬

_ (¬1) أخباره وأشعاره في زواهر الفكر لإبن المرابط (مخطوط الإسكوريال)، وله ترجمة في صلة الصلة 3/ الترجمة 33. (¬2) هو صاحب الأرجوزة الشهيرة في الفرائض، له ترجمة في الديباج 1/ 274 نقلًا عن ابن عبد الملك وابن الزبير، وبرنامج الوادي آشي: 114، ودرة الحجال: 177، وشجرة النور الزكية: 202، والإحاطة 1/ 326.

وله مصنَّفاتٌ مفيدةٌ، منها: "الجَوْهرة في نَسَبِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِه] العشَرة" (¬1)، ومنها: "العُمْدَة في ذكْرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - والخُلفاءِ بعَده" [في نُسختَيْن] , إحداهُما أكبرُ من الأخرى (¬2)، وفي صُغراهُما يقول -ونقَلتُه من خطِّه-[من مجزوء الرجز]: [هذا كتابُ] العُمدةِ ... للذِّكرِ خيرُ عُدّةِ مُشرِّفٌ في مَلإٍ ... مؤنِّسٌ في وَحدةِ [وفي الأخرى] يقولُ -ونَقلتُه من خطِّه أيضًا-[من السريع]: الحمدُ لله على عَوْنِهِ ... في وَضْع هذا الجامع المُختصَرْ ما أعظمَ النفْعَ به لامرئ ... على اطّلاعٍ [ليس فيه] قِصَرْ ¬

_ (¬1) في زواهر الفكر: 43 أنه رفعه إلى خزانة أبي عثمان بن حكم حاكم منرقة ولما رفعه إليه أحاله على أبي القاسم بن يامن ليرى رأيه فيه وقال يخاطبه: عساك تشقه لترى ... منازعه وتختبرا فإما أن نفهرسه ... وإما أن ترى ونرى ولم أفرغ لأنظره ... ومثلك من كفى النظرا وقد نشر الدكتور محمد التونجي طرفًا من هذا الكتاب (مكتبة النوري، دمشق، 1982 م) ولكنه لم يذكر أي شيء فيما يتعلق بمؤلف الكتاب. وللدكتور أحمد الضبيب كتابة نقدية لما نشره الدكتور التونجي. (¬2) وردت الإشارة إلى النسختين وتسميتهما في برنامج التجيبي كما يلي "كتاب العدة، المختصر من كتاب العمدة، في نسب النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء بعده، كلاهما من تأليف أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن موسى الأنصاري التلمساني نزيل جزيرة منورقة (في المطبوع ميورقة) جبرها الله تعالى ورحمه، المعروف بالبري" (انظر بروكلمان، ذيل 1/ 881 فقد سمى من مؤلفاته التي لم يسمها المؤلف: كتاب وصف مكة والمدينة وبيت المقدس، وبرنامج التجيبي: 266. تحقيق عبد الحفيظ منصور).

77 - محمد بن أبي الحسن الفارسي، مروزي، أبو عبد الله الجوهري

ورَجَزَ السِّيَرَ رَجْزًا مختصرًا، وسَمّاه "فريدةَ [....] اللآلي"، إلى غير ذلك من مصنّفاتِه. دَخَل ثغرَ مَنُرْقَةَ أسيرًا، فافتَكّه الرئيسُ بها أبو عثمانَ سعيدُ بن حَكَم (¬1) فاستقَرَّ به إلى أن توفِّي عقِبَ الزّوال من يوم الخميس لثلاثَ عشْرةَ ليلةً بقِيَتْ من ربيع الأول عامَ أحدٍ وثمانينَ وست مئة، ومولدُه لأربعَ عشْرةَ خَلَتْ من ذي الحجة عام ستةٍ وتسعينَ وخمس مئة. 77 - محمدُ (¬2) بن أبي الحَسَن الفارِسيُّ، مَرْوَزيٌّ، أبو عبد الله الجَوْهريُّ. تَلا بأصبَهانَ على الصَّفّار (¬3) المقرئ. وقَدِمَ الأندَلُسَ ودخَلَ قُرطُبةَ في أوائل جُمادى الآخِرة سنةَ ثلاثَ عشْرةَ وست مئة. وكان حافظًا مجُوِّدًا حسَنَ السَّمت فاضلًا صالحًا. 78 - محمدُ بن أبي القاسم بن مَيْمونٍ الهَوّاريُّ. كان كاتبًا بارعًا. 79 - محمدُ (¬4) بن إسماعيلَ بن محمد بن إسماعيلَ الحَضْرميُّ المتّيشيُّ، من ناحيةِ بِجَايةَ، ونزَلَ مُرْسِيَة. ¬

_ (¬1) جاء في زواهر الفكر: "ومن المفتكين على يديه أيضًا من دار الحرب، القاطنين لديه في ظل الدعة والخصب الفقيه المؤرخ النسابة الكاتب أبو عبد الله محمد بن أبي بكر التلمساني الشهير بالبري، وله فيه أمداح كثيرة" وبعد هذا قصائد متعددة للمذكور ولأخيه أبي إسحاق في مدح ابن حكم. وقد ذكر ابن الخطيب في أعمال الأعلام: 276 أن المترجم كان كاتبًا لإبن حكم بمنرقة ونقل خبرًا مرويًا عنه يتصل بسيرة الحاكم المذكور. وراجع ترجمة سعيد بن حكم ومصادرها في السفر الرابع: الترجمة 67. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1741)، وابن الزبير في الصلة 3/الترجمة (15). (¬3) في الأصل: "الصبان" محرفة، وما أثبتناه من التكملة التي ينقل منها المؤلف، وابن الزبير، وكلاهما ينقل عن ابن الطيلسان. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1744)، والذهبي في المستملح (349) وتاريخ الإسلام 13/ 800، والصفدي في الوافي 2/ 218.

80 - محمد بن أوس بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج الأنصاري الخزرجي

دَخَلَ الأندَلُس في صِغَرِه وأقام بمالَقةَ مدّةً وسكَنَ مُرْسِيَة، ومَوْلدُه بالعُدْوة. ذكَره ابنُ الأبّار في الغُرَباءِ بهذا وبغيرِه ممّا رأى أن يَذكُرَه به، وقد تقَدَّم لي ذكْرُه في الأندَلُسيِّين (¬1) لِما تبيَّنَ لي من وَهَم ابن الأبّار في نسبتِه المكانيّة، ولم يَخدُش لي في وجهِ ما ذهَبْتُ إليه من ذلك إلّا قولُ ابن الأبار: إنّ مولدَه بالعُدوة، فإنْ ترجَّحَ جُعِلُ العُهدةُ في ذلك عليه، نُقِل إلى هنا، واللهُ الموفّق. 80 - محمدُ (¬2) بن أوس بن ثابِت بن المُنذِر بن حَرام بن عَمْرِو بن زَيْد مَنَاةَ بن عَدِيِّ بن عَمْرِو بن مالكِ بن النَّجّار تَيْم الله بن ثَعْلبةَ بن عَمْرو بن الخَزْرج الأنصاريُّ الخَزْرجيُّ. مَدنيٌّ تابِعيٌّ، ولأبيه أوس صُحبة، وهو أخو حسّانَ بن ثابت. رَوى عن أبي هريرة. [روى عنه الحارثُ بن يَزيد] ومحمدُ بن عبد الرّحمن ابن نَوْفَل (¬3) الأسَديّ. وكان من أهل الفَضْل [والدِّين، حَلّاه] بذلك خالدُ بن أبي عِمرانَ التُّجِيبيُّ التونُسيُّ (¬4) لأميرِ المؤمنينَ [يزيدَ بن عبد الملِك] (¬5) وقد سأله عنه خاليًا. وغَزا المغرِبَ والأندَلُس معَ موسى بن نُصَيْر سنةَ ثلاث وسبعين، وغَزا صِقِلِّيةَ سنةَ ثِنتينِ ومئة وغَنِم منها، [ولمّا قُتل يزيدُ بن أبي] مُسلم مولى الحَجّاج ¬

_ (¬1) في السفر السادس، الترجمة 318. (¬2) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (28)، والضبي في بغية الملتمس (67)، وابن الأبار في التكملة (968)، والمقري في نفح الطيب 3/ 58، وله ذكر في تاريخ خليفة بن خياط 326، وطبقات أبي العرب 18، والبيان المغرب 1/ 49، والحلة السيراء 2/ 328. (¬3) في التكملة: "ثوبان"، ولكنه مضبب عليه، وهي علامة الوهم. (¬4) انظر أخباره ومناقبه في رياض النفوس 1/ 103 - 106، والطبقات لأبي العرب: 57، وفتوح إفريقية والأندلس، حاشية رقم 48 ورقم 143 في الترجمة الفرنسية. (¬5) ما بين المعقوفتين ممحو في الأصل، والتكملة من فتوح إفريقية والأندلس لإبن عبد الحكم ص 116 ط. الجزائر.

81 - محمد بن بكار التميمي، مسيلي، ثم قلعي

-وهو الذي أغزاهُ صِقِلِّيةَ إذ كان يزيدُ [واليَ إفريقيّةَ وعلى] مَغْزَى أهل إفريقيّة- تَراضَى أهلُها بتقديمِه على إفريقيّةَ حتى يأتيَ أمرُ أميرِ المؤمنينَ يزيدَ بن عبد الملك، ومحمدٌ غائبٌ في غَزاتِه تلك بعدَ تراضيهم على تقديم المُغيرة بن أبي بُردةَ القُرَشيِّ أحدِ بني عبد الدار وإبايتِه من ذلك حسبَما أشار عليه ابنُه عبدُ الله، فتقَدَّم محمدُ بن أوس على إفريقيّةَ حينَ قَدِمَ من صِقِلِّيةَ وأقام واليًا عليها إلى أن بَلَغَ خبَرُ مقتَل يزيدَ بن أبي مُسلم يزيدَ بنَ عبد الملِك وتقديم أهل إفريقيّةَ محمدًا هذا، فصَرَفَه وقدَّمَ بِشْرَ بن صَفْوانَ الكَلْبيّ، فقَدِمَها أوّلَ سنةِ ثلاثٍ ومئة (¬1). ويا لله لإبن الأبار في ذكْرِه محمدَ بن أوسٍ هذا في الأندَلُسيِّينَ وتشَبُّعِه بذلك. فقد جعَلَه أوّلَ مذكورٍ منهم، ولا وَجْهَ لفعلِه هذا، ولا أدري ما يحمِلُه على هذا وشِبهِه! 81 - محمدُ بن بَكّار التَّميميُّ، مَسِيليٌّ، ثم قَلْعيٌّ. رَوى عن أبي عليّ الغَسّانيِّ، ولم يَذكُرْه ابنُ الأبّار في أصحابِه. 82 - محمدُ بن تاشَفينَ بن يوسُفَ بن أبي بكر بن يِيْمَد -بياءٍ مسفول وياءِ مَدّ وفتح الميم ودالٍ غُفْل- ابن سَرْحوب، أبو عبد الله. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيِّ، وأبي عبد الله ابن الحَاجّ. وكان رئيسًا في قومِه وأحدَ أُمَرائهم، ذا عنايةٍ بالعِلم وروايتِه ولقاءِ حَمَلتِه، جيِّدَ النّظَر في التعديل ومَجاري الكواكب. وُلد في ليلة الرابعةَ عشْرةَ من ربيعٍ الأول عامَ ستة وتسعينَ وأربع مئة. 83 - محمدُ بن جابرِ بن أحمدَ القَيْسيُّ، مَرّاكُشيٌّ. رَوى بإشبيلِيَةَ عن أبي الحَسَن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) انظر في هذه الأخبار البيان المغرب لإبن عذاري 1/ 48 - 49، وفتوح إفريقية والأندلس: 110 - 116.

84 - محمد بن حسن بن أحمد بن يوسف بن أحمد بن يوسف بن أحمد بن يوسف بن أحمد التجيبي، سبتي، سكن بأخرة إشبيلية، أبو عبد الله، ابن مجبر

84 - محمدُ (¬1) بن حَسَن بن أحمدَ بن يوسُفَ بن أحمدَ بن يوسُفَ بن أحمدَ بن يوسُف بن أحمدَ التُّجِيبيُّ، سَبْتيٌّ، سَكنَ بأخَرةٍ إشبيلِيَةَ، أبو عبد الله، ابنُ مُجبر. وأصلُ سَلَفِه من طُلَيْطُلةَ، وكانوا يُعرَفونَ فيها ببني يوسُف، ويوسُفُ جدُّ أبيه، منها. رَوى عن آباءِ الحُسَين: ابن جُبَيْر وابن زَرْقُون وابن الصّائغ، وأبي ذَرّ بن أبي رُكَب، وأبي الصَّبر الفِهْريّ، وآباءِ عبد الله: الحاجِّ ابنِ أحمدَ بن عَطِيّة وابن حَمِيد وابن زَرْقُون، وكان يؤثرُه ويُقرِّبُه، وأبي عليّ الحَسَن بن [.... وأبي عُمرَ] يوسُفَ بن عبد الله الغافِقيّ، وأبي القاسِم بن حُبَيْش، [وآباءِ محمد: ابنِ عُبَيد الله الأزْديِّ] واختَصَّ به ولازَمَه طويلًا وأكثَرَ عنه؛ وابن حَوْطِ الله [وابن الأبار] القُضَاعيِّ، وأجازوا له. وسَمِع أبا الحَسَن بنَ عبد الملِك بن بَسّام الزُّهْريَّ، [وأبا الحَجّاج يوسُفَ] بن معزوز، وأبا محمد بنَ محمد بن عُمَر الأزْديَّ. وصَحِبَ الحاجَّ أبا الحَجّاج [الملقَّبَ بالشَّفَة ... ، وأبوَيْ] عبد الله: ابن أحمدَ بن يَعِيش صِهرَه، وابن يحيى الهَمْدانيَّ المالَقيَّ. وأجاز له منَ الأندَلُس: أبو أحمدَ جعفرُ بن أحمدَ بن سُفيان، وأبو إسحاقَ بن [....] وأبَوا بكر: ابنُ أبي جَمْرةَ وابنُ خَيْر، وأبو الحَسَن صَالحُ بن عبد الملك، وأبَوا عبد الله: الإسْتِجيُّ وابنُ الفَخّار، وأبَوا القاسم: ابنُ بَشْكُوال والسُّهَيْليُّ، وأبو محمدٍ القاسمُ بن دَحْمان. ومن فاسَ: أبو الحَسَن بنُ حُنَيْن، وأبو عبد الله بنُ قاسم بن عبد الكريم. ومن بِجَايةَ: أبو محمد عبدُ الحقِّ ابنُ الخَرّاط. ومن مكّة شرَّفَها الله: نَزيلاها: الطويلُ الجِوار بها أبو حَفْص المَيَانجِيُّ، وأبو الطاهر أبو الفِداء إسماعيلُ بن عليّ المَوْصِلي، وأبو أحمدَ بنُ عبد الوهّاب ابن سُكَيْنةَ. ومن الإسكندَريّة: أبو طالبٍ التّنوخيُّ، وأبو الطاهرِ بن عوف (¬2)، وأبوا عبد الله: ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1742)، والذهبي في المستملح (347) وتاريخ الإسلام 13/ 619. (¬2) كتب في الأصل: "السلفي" ثم كتب في الهامش كما أثبتنا وصحح عليه، وهو الذي في التكملة التي ينقل منها، وأبو الطاهر بن عوف إسكندراني أيضًا.

85 - محمد بن الحسن بن حجاج بن يوسف التجيبي، مراكشي، أبو عبد الله

الحَضْرَميُّ والكِرْكنتيّ. ومن القاهرة: نَزيلُها أبو العبّاس التّسوليُّ. ومن الصّعيدِ الأعلى: مُستوطِنُه أبو إبراهيمَ إسحاقُ التونُسيُّ. رَوى عنه أبو بكر بنُ سيِّد الناس، وأبَوا الحَسَن: ابنُ حَجّاج الصُّنْهاجيُّ، وابنُ محمد بن أبي الحَسَن بن مَطَريّ، وأبوه أبو عبد الله بن أبي الحَسَن بن أبي الحَكَم مُنذِر بن مَطَريٍّ المَهْرِيّ، وأبو عليّ عُمرُ بن أحمدَ الزَّبّار، وأبَوا محمد: طلحةُ وابنُ قاسم الحَرّار. وكان رجُلًا صالحًا فاضلًا، حافظًا القرآنَ العظيم، كثيرَ التلاوةِ له، رَطْبَ اللِّسان به، مُنتدِبًا لفعل ما يَستطيبُه من الأعمال الصالحة، متودِّدًا للناس، مُعتنيًا بالروايةِ مُستبحِرًا فيها، بَصيرًا بطُرُق التحديث، ذاكِرًا تواريخَ أهل بلدِه، مائلًا إلى أهل التصوُّف، متقدِّمًا في عَقْدِ الشّروط فقيهًا في معانيها. وُلد بسَبْتةَ في العَشْر الوُسَط من ذي الحِجة تسع وأربعينَ وخمس مئة، وتوفِّي بإطريانةَ عندَ طلوع فَجْر يوم الخميس لستٍّ بَقِينَ من ربيع الأول سنةَ عشرينَ وست مئة، وصُلِّيَ عليه إزاءَ جامع العَدَبّس بوصيّةٍ منه بذلك، ودُفن بإطريانةَ إثْرَ صلاة العَصْر من يوم وفاتِه، ورُئيت له كراماتٌ، رحمه الله. 85 - محمدُ (¬1) بن الحَسَن بن حَجّاج بن يوسُفَ التُّجيبيُّ، مَرّاكُشيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبيه وطائفةٍ من أعلام بلدِه، وكان ذكيًّا نبيلًا حاذقًا، واستُقضيَ بقُرطُبةَ في فَتاءٍ من سِنِّه فأصحَبَه أبوه [عليًّا البُطَيْطيَّ أحدَ عاقدي] (¬2) الشّروط بإشبيلِيَةَ كاتبًا له ونائبًا عنه. ¬

_ (¬1) هو حفيد قاضي الجماعة حجاج بن يوسف (التكملة (762)، وتاريخ الإسلام 12/ 509، والحلل الموشية: 132، والأنيس المطرب: 205 - 206، والبيان المغرب: 140)، ووالده الحسن بن حجاج بن يوسف (التكملة (722)، وجذوة الاقتباس رقم (140)، وسلوة الأنفاس 3/ 259). (¬2) ما بين معقوفين ممحو تمامًا في الأصل، والتكملة من ترجمة المذكور في السفر الخامس (الترجمة 739) وفيها ما يلي: "ثم أصحبه أبو علي الحسن بن حجاج ابنه محمدًا لما ولي قضاء قرطبة كاتبًا عنه ونائبًا".

86 - محمد بن الحسن بن عتيق بن الحسن بن محمد بن حسن التميمي، مهدوي سكن بأخرة مراكش، أبو عبد الله، [ابن منصور الجنب]

86 - محمدُ بن الحَسَن بن عَتِيق بن الحَسَن بن محمد بن حَسَن التَميميُّ، مَهْدَويٌّ سَكنَ بأخَرةٍ مَرّاكُش، أبو عبد الله، [ابنُ منصورِ الجَنْب] (¬1). ¬

_ (¬1) ما بين معقوفين ممحو تمامًا في الأصل، وقد تيسر لنا تتميمه بفضل الله، ولم نقف على ترجمتي المذكورين في مكان آخر. والمؤلف يحيل على ترجمة أبي علي الحسن بن الحسن ابن منصور الجَنْب في سفر مفقود. وقد ذكر اسمه في عدد من التراجم منها ترجمة ابن رشيد الواعظ وترجمة ابن المحلي السبتي وابن مودود الفارتسي (في هذا السفر) وترجمة الشلوبيني النحوي (في السفر الخامس) وترجمة ابن الأبار (السفر السادس) وقد كتب ابن الأبار رسالة في التوصية به إلى الإمام زكي الدين أبي محمد المنذري يقول فيها: "ولما استقل مستندًا لمكانه، ومستسعدًا بزمانه صاحبنا الفقيه الحسيب المليء المحدث المجتهد الصوفي أبو علي الحسن ابن الفقيه القاضي أبي علي الحسن بن عتيق بن المنصور الجنب التميمي عرفه الله في مناقله العصمة والسلامة"، إلى أن يقول: "وبيته -أدام الله علاكم- نباهته قديمة، وطريقته في البيوتات الإفريقية بل المغربية قويمة"، ثم يقول: "وأبعد أمل هذا الصاحب وأقصاه، إذا هو رأى فريضة الحج إن شاء الله لزوم ساحتكم العليا، والاقتداء بكم في أمري الدين والدنيا". وقد كتبت الرسالة في بجاية سنة 654 هـ انظرها في السفر السادس (الترجمة 709). ويبدو أنه حج ونزل بمصر حيث أخذ عن ابن رشيد الواعظ بمحضر محيي الدين محمد بن سراقة كما أنه درس على الشلوبيني في إشبيلية وعلى ابن المحلي في سبتة وابن مودود الفارسي في مراكش وعلى ابن الأبار في بجاية حسبما استفدناه من أسفار الذيل والتكملة الموجودة والمؤلف يقول في رفع نسبه: ابن منصور الجنب تارة وابن مكسور الجنب تارة أخرى، ويبدو أن هذه الأخيرة هي شهرة هذا البيت المهدوي الذي كان منه عدد ممن تولوا القضاء في عهد الموحدين منهم عتيق ابن مكسور الجنب وولده الحسن بن عتيق ابن مكسور الجنب ثم حفيده صاحب الترجمة هنا وأخوه أبو علي الحسن المذكور، وأخ لهما ثالث اسمه سليمان بن الحسن بن عتيق ابن منصور الجنب، ترجم له ابن الزبير في صلة الصلة وقال: "ولد بالمهدية وسكن بمراكش وكانت عنده معارف، وكان من طلبة المجلس السلطاني" (4/الترجمة 413)، وأخ رابع هو أبو بكر عتيق بن الحسن ابن مكسور الجنب. ذكر في الترجمة رقم 226. ومن أعلام هذا البيت أيضًا أبو العباس أحمد بن محمد ابن مكسور الجنب. ونقف في مجموع رسائل موحدية (مخطوط بالخزانة الملكية) على رسالة كتبها ابن مبشر (أبو العباس أحمد بن مبشر من شيوخ أبي عبد الله بن حماد الصنهاجي) إلى يوسف بن عبد المؤمن الخليفة =

87 - محمد بن الحسن العابد ابن عطية بن غازي بن خلوف بن حمد بن موسى بن هارون بن عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن أحمد بن جابر بن عبد الله صاحبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهما، سبتي، أبو عبد الله، ابن الغازي

أخو أبي [عليّ] المذكورِ قبلُ. كان شيخًا حَسَنَ الخُلُق كريمَ الطِّباع [....] بارًّا بكلِّ مَن يَغْشاهُ من أصحابِه ومعارفِه. استُقضيَ بشَرِيشَ وبأغماتِ [وريكة] فشُكِر في طريقتِه وعُرف بالعدل والتُّؤدة، ووَلِيَ بمَرّاكُشَ خُطّةَ المَناكح، واستمرَّ بها محمودَ السِّيرة إلى أن توفِّي سنةَ خمسينَ وست مئة، ودُفن بجَبّانتِهم [ببابِ] تاغزوتَ داخلَ مَرّاكُش، واحتَفلَ الناسُ لشهودِ جَنازته وأثنَوْا عليه صالحًا. 87 - محمدُ (¬1) بن الحَسَن العابِد ابن عَطِيّةَ بن غازي بن خَلُوف بن حَمْد بن موسى بن هارونَ بن عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن أحمدَ بن جابِر بن عبد الله صاحبَيْ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ورضيَ عنهما، سَبْتيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الغازي. ¬

= في رفع ظلم عن أحد الرعايا مسه من القاضي عتيق ابن مكسور الجنب جاء فيها: "وإن عتيقًا ابن مكسور الجنب الذي كسره كذب اسمه وصدق اسم أبيه، ضجت الأرض وعجت لقبح ما ياتيه، فإنه كان قاضيًا أمام النصارى دمرهم الله يخدم مكوسهم، ويفدي بنفسه الخائنة نفوسهم، قد اتخذ أعوانًا ووزعة، وأبرز شنعه وبدعه، وقد بعد عن معرفة التوحيد وعلمه، ولم يجر على حده المطرد ورسمه، بل يحكم في النوازل بالرأي الفائل، ويقضي في الحوادث، بالنظر العابث، يسلك في سبل المظالم وطرقها، ويضرب ظهور المسلمين بغير حقها"، وتمضي الرسالة وهي طويلة في شرح ما تنسبه إليه من شدة وقسوة ورشوة ومخالفة للأحكام الشرعية. ويفهم من قول المؤلف في آخر الترجمة أنه كانت لهذه الأسرة جبانة خاصة بها. وربما كانت التراجم المفقودة لأعلامها تشتمل على معلومات مفيدة وانظر كذلك (المسند الصحيح الحسن:442). (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1730)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة (11)، والذهبي في المستملح (336)، وفي تاريخ الإسلام 12/ 1005. وقد ساق ابن غازي المكناسي في فهرسه سنده في الشفاء برواية ابن غازي المترجم، ثم قال: "قلت: سميي هذا محمد بن غازي هو محمد بن حسن ... " وساق النسب كما ذكره ابن عبد الملك، ثم قال: "يحمل عن عياض وابن هشام اللخمي، حضر مناظرة ابن هشام وأبي بكر بن طاهر. ذكر ذلك تلميذه أبو عبد الله الأزدي" (فهرس ابن غازي: 109. وانظر في المناظرة التي شهدها المترجم الذيل والتكملة 6/الترجمة 162).

رَوى بسَبْتةَ عن جدِّه للأُمِّ أبي الرَّبيع سُليمانَ بن سبع (¬1)، وأبوَيْ عليّ: أبيه وحَسَن بن عليّ بن سَهْل الخُشَنيِّ، وأبي إسحاقَ ابن قُرْقُول، وأبي الحَسَن بن فَتْحون، وأبي عبد الله بن هشام، وأبي الفَضل عِيَاض، ولازَمَه كثيرًا وشُهِرَ بصُحبتِه، وأبي محمد بن عُبَيد الله. وبفاسَ عن أبي جعفرٍ محمد بن حَكَم بن باقٍ، وأبي عبد الله ابن الرَّمّامة، وأبي موسى ابن المَلْجوم، والأستاذِ الكبيرِ ابن صافٍ. ولقِيَ بالجزيرةِ الخضراءِ أبا العبّاس بن زَرْقون وأجاز له. وأجاز له مطلقًا من مالَقةَ أبو عبد الله بن عُمر وأبو محمد ابن الوَحِيديّ، ومن بَلَنْسِيَةَ أبو الحَسَن بن هُذَيْل، ومن مُرْسِيَةَ أبو عبد الله بن حَمِيد وأبو القاسم بن حُبَيْش. وأجاز له من غَرناطةَ -ما روى دونَ ما ألَّف- أبو جعفر ابنُ الباذِش. رَوى عنه أبو بكر بنُ محمد (¬2)، وأبو الحَسَن الشارِّيُّ، وأبَوا عبد الله الأزْديُّ -وهو آخِرُهم- وابنُ قاسم بن عبد الرّحمن بن عبد الكريم، وأبو العبّاس العَزَفيُّ، ولا سيّما بعدَ وفاةِ أبي محمد بن عُبَيد الله؛ إذ كان كثيرًا ما يمتنعُ من الانتصابِ للتحديثِ في حياتِه توقيرًا له وإجلالًا. وكان راويةً للحديثِ منسوبًا إلى معرفتِه مبرِّزًا في العدالةِ والثقة، ذا عنايةٍ بعَقْد الشّروط، وبصَر بعِلَلِها. واستُقضيَ ببلدِه، وكان به من أهل التعيُّن الشهير، عظيمَ الصِّيت، جليلَ القَدْر، متقدِّمًا في الأدب، شاعرًا مُحسِنًا مُكثرًا. وله منظوماتٌ علميّة تدُلُّ على رسُوخِ قدمِه في الأدب وحضورِ ذكْرِه [في] الفقه واقتدارِه على النَّظم، منها قولُه في درجاتِ الذين يَلُونَ عَقْدَ النِّكاح [من البسيط]: ¬

_ (¬1) انظر فيه اختصار الأخبار: 22، ط. ثانية، والتعريف بالقاضي عياض: 40، 41، ومقالة في دعوة الحق لسعيد أعراب. (¬2) كذا في الأصل، ولعله أبو بكر بن محرز الزهري البلنسي الذي رحل إلى ابن غازي من بلنسية إلى سبتة للسماع عليه (انظر عنوان الدراية: 170).

يا سائلًا عن ذوي الأنكاح أيُّهمُ ... أولى وأقربُ للتعصيبِ بالنَّسَبِ ومَن له [حقُّه] يُدلي به ولهُ ... عَقْدُ النِّكاح لجري ذلك السببِ إليك خُذْها كنَظْم الدُّرِّ جئتُ بها ... [كما] (¬1) نقَلْتُ عنَ أشياخي ومن كُتبِ ابنٌ ثم (¬2) ابنُهُ أوْلى وبعدَهما ... أبٌ وصنوُ شقيقٍ ثم من لأبِ وابنُ الشّقيق يَليهِ والذي لأبٍ ... والجدُّ والعَمُّ وابنُ العمِّ فاكتتِبِ ومن عَلا من أُولي التعصيبِ قُعدُدُهُ ... مِن بعدِهمْ فارْعَ ذاك الأصل وارتقبِ والمالكونَ لعُبْدانٍ بمالِهمُ ... من حقِّ مُلكٍ بلاريبٍ ولا كذبِ ثم الأُلى أنعَموا بالعِتقِ سيِّدَهمْ ... والمُعتَقونَ على التدريج في الرُّتَبِ والأولياءُ ومن صَحّت وِكالتُهُ ... والكافلونَ وسُلطانٌ غدا كأبِ ومن على يدِه قد أسلمَ امرأةٌ ... منهمْ وذو الرأي في الأهلِينَ من قُرَبِ والمسلمونَ جميعًا بعدَ ذلكمُ ... على العموم ومنها الجارُ لم يَخِبِ وفي ذكْرِ الاختلافِ فيما فسَدَ لصَداقِه [من الطويل]: وكلُّ نكاح فاسدٍ لصَداقِهِ ... ففيه رواياتٌ ثلاثٌ تُحصَّلُ: فقولٌ بأنّ العَقدَ فيه مصحَّحٌ ... وليس صَداقٌ فيه للزوج يَحصُلُ كأنكِحةِ التفويض لا فرْقَ بينَها ... وقولٌ بأنّ العَقْدَ بالفَسْخ يَبطُلُ ويُفسَخُ من قبلِ الدخولِ وبعدَهُ ... وقولٌ بأنّ الفَسْخَ قبلُ فحصِّلوا وفي معرفةِ المدّعي من المُدّعَى عليه [من السريع]: وسائلٍ عما به المُدَّعَى ... عليه تدريهِ من المُدَّعِي ¬

_ (¬1) زيادة منا؛ ليستقيم الوزن. (¬2) كذا، وهو مكسور.

88 - محمد بن حسن بن عمر الفهري، سبتي، أبو عبد الله، ابن المحلي

فقلتُ: نافي الحُكم عن نفسِهِ ... فيما عليه المُدّعِي يَدّعِي فهْو المسَمَّى عندَنا مُدَّعَى ... عليه والثاني يُرى مُدَّعِي وفيمَن لا تجبُ عليه اليمينُ بمجرَّد الدعوى [من البسيط]: وسائلٍ عن دَعاوَى كلّما ادُّعِيَتْ ... لم تُلفَ موجِبةً في الحُكم أَيْمانا فقلتُ: منها عَبيدٌ يَدَّعونَ على ... الساداتِ بالعِتقِ والتدبيرِ بُهتانا وفي الكتابةِ والإيلاءِ بعدُ، ولا ... يُلفَى لهم شاهدٌ عَدْلٌ بما كانا ومدَّعٍ بنكاحٍ دونَ بيِّنةٍ ... ولا اشتهارِ نكاح [كان إعلانا] وذاتُ زَعْم بأنّ الزّوجَ طلَّقَها ... ومدَّع والدًا عنهُ [....] ومدَّعٍ مِلكَ شَخْص لم يقرَّ لهُ ... لم يعترفْ غيرُه في [الناسِ بُرهانا] وفيمن يَحلِفُ على مالٍ ويأخُذُه غيرُه [من البسيط]: وسائلٍ عن أُناسٍ يَحلِفونَ على ... مالٍ فيأخُذُه غيرُ الأُلى [حَلَفوا] فقلتُ: والدُ بِكر في الصَّداقِ على ... زوجٍ إذا لم يكنْ من شأنِه [الحَلِفُ] ويَحلِفُ الأبُ أيضًا في الصَّداقِ إذا الأزواجُ والأبُ في مقدارِه [اختَلَفوا] وضدُّ ذاك شَريكٌ في مفاوضةٍ ... لجاحدٍ ماعليه، هكذا وَصَفوا وُلد في ربيعٍ الأول عامَ ثمانيةٍ وخمس مئة، وتوفِّي سنةَ إحدى وتسعينَ وخمس مئة. 88 - محمدُ (¬1) بن حَسَن بن عُمرَ الفِهْريُّ، سَبْتيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ المُحَلِّي (¬2). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 32، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 197، وبعض شعره في مذكرات ابن الحاج النميري 41 - 43 (نسخة مرقونة)، وانظر أيضًا برنامج الوادي آشي 64. (¬2) سيأتي شرح هذه النسبة، ولعل ما ضبطناه هو الأوفق، فلعل صاحب هذه الصنعة كان يُحلِّي الكلام بغنائه.

رَوى عن أبي الحَسَن ابن خَرُوف النَّحْويّ، وأبي عليّ ابن الشَّلَوْبِين، وأبي الصَّبر أيوبَ الفِهْرِيّ، وعَدَّ في شيوخِه أبا القاسم بنَ الطيِّب الحاج ابن معزوز، وأبا عبد الله بنَ محمد ابن جَوْهَر. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ عبد الله بن إبراهيمَ البَكْريُّ، وأبَوا عليٍّ الحَسَن بن الحَسَن ابن مكسورِ الجَنْب والحُسَينُ الخَمّاش، وأبو القاسم محمدُ بن عبد الرّحيم ابن الطيِّب المذكور، وأبو محمد عبدُ العزيز بن إبراهيمَ بن عبد العزيز بن أحمدَ الهَوّاريُّ، وجماعةٌ من أهلِ سَبْتةَ. وكان أديبًا بارعًا، كاتبًا بليغًا ناظمًا وناثرًا، عاقدًا للشّروط، مُبرِّزًا في العدالة، نَحْويًّا ماهرًا، حسَنَ القيام على تفسيرِ القرآنِ العظيم، مُذكِّرًا، حَلّق بالتفسير في سَبْتةَ مُدّة فانتفَعَ به خَلْقٌ كثير، وكان على كلامِه قَبُول، وله في النفوسِ تأثير (¬1). واستُقضيَ بسَبْتةَ يومَ الأحد لثلاثَ عشْرةَ ليلةً خَلَت من رجَبِ أربع وخمسينَ وست مئة، إثْرَ وفاةِ قاضيها قبلَهُ الشريف أبي الحَسَن بن أبي الشَّرَف رفيع (¬2)، واستمرَّت ولايتُه خُطّةَ القضاءِ مشكورَ الأحوال محمودَ السِّير مستقيمَ الطريقة مشهورَ العَدْل إلى غايةِ عُمرِه. وكان طويلًا نحيفَ الجسم، نظيفَ الملابس، وَقُورًا، جميلَ الهيئة، حسَنَ الخَلق، يَخضِبُ رأسَه ولحيتَه بالحِنّاء، ممّن ساد بنفسِه. وكتَبَ في شبيبتِه عن ¬

_ (¬1) قال ابن الزبير: "وكان يعظ الناس بمسجد مقبرة زقلو من سبتة حضرت بعض مجالسه وكلامه في التفسير على المنبر بالمسجد المذكور، وكان فصيحًا لسنًا مفوهًا نبيل الأغراض في وعظه وتحليقه، حسن التناول لا يشارك وعاظ الوقت في شيء من محدثات مرتكباتهم إنما يذكر الآية ويفسرها تفسيرًا مستوفى وينيط بذلك ما يلائم الحال والمقال من حكايات الصالحين وإشاراتهم على أحسن نهج وأبدع نسج، يأخذ من مجالسه الطالب بحظه، والعامي بنافع الترغيب والترهيب من مقصود وعظه، وولي قضاء سبتة آخر عمره ولم يزل مدة قضائه على عادته في تحليقه ووعظه". (¬2) أزهار الرياض 1/ 42، وكتاب الشرف لإبن الشاط، واختصار الأخبار: 25.

أبي عبد الرّحمن (¬1) يعقوبَ بن أبي حَفْص بن عبد المؤمن المدعوِّ بعَيْن الغزال أيامَ وَلِيَ مدينةَ فاسَ، ووَصَلَ صُحبتَه إلى مَرّاكُشَ. وكان أبوه حَسَنٌ قَوّالًا يُغنِّي في المحافل والأسواق [مُتلبِّسًا] بذلك، والمتلبِّسُ بهذا العمَل يُعرَفُ في بلاد المغرِب بالمُحَلِّي، [عَرَفتُ بمَرّاكُشَ] شيخًا محليًا ذَكَرَ لي أنه من أصحابِه ومُقاوليه، ومن شعرِه على [طريقةِ أهل التصوُّف] [من البسيط]: [هل يَطلُبُ] العشقُ قلبًا أنتَ مَطلَبُهُ ... أو يُذهِبُ الشّوقُ روحًا أنت مُذهِبُهُ [ما إنْ دعاه] هوى خَلق ليَغلِبَهُ ... إلا وحبُّك يَدعوهُ فيغلِبُهُ وكيف يرجو وِصالًا من تبعُّدِهِ ... أو كيف يَخشَى بِعادًا مَن تُقرِّبُهُ وكيف يَخرَبُ ربعٌ أنت تَعمُرُهُ ... بل كيف يَعمُرُ مسكونٌ تُخرِّبُهُ وقال أهل الهوى: شأنُ الهوى عجَبٌ ... فقلت: إنّ سُلوِّي عنك أعجَبُهُ وكل حالُ الهوى صعبٌ مسالكُهُ ... على المُحبِّ، وسَمْعُ العَذْل أصعبُهُ يا مَن أُناجيه، والأشواقُ تُوهمُني ... نَيْلَ الوِصَال، كأنّ الشوقَ يوجبُهُ كم طيبةٍ لك بالألطافِ توجدُها ... عندَ اللقا، وفَنائي فيك أطيبُهُ فارحَمْ تقلُّبَ قلبي فهْو شيمتُهُ ... حتى يكونَ بما تَرضى تقلُّبُهُ رِفقًا به فهْو في حالَيْ مُناقضةٍ ... فالقبضُ يُحزنُهُ والبَسطُ يُطرِبُهُ ومنّةُ الجُودِ تُدنيه فتؤنسُهُ ... وخَشيةُ الردِّ تُقصيهِ فتَحجُبُهُ منايَ أنت وحَسْبي أن تكونَ مُنًى ... يا واهبًا رَغَباتي قبلَ أرغَبُهُ كنْ كيف شئتَ فمالي عنك منصَرفٌ ... فالعبدُ ليس سوى مولاهُ مطلبُهُ (¬2) ¬

_ (¬1) ولي السيد أبو عبد الرحمن عددًا من الولايات منها أنه كان واليًا على مرسية، انظر البيان المغرب 116 (قسم الموحدين). (¬2) وردت في مذكرات ابن الحاج النميري مع فروق يسيرة. وذكر أنه قالها في الحمام ارتجالًا، وهي من آخر ما قاله.

وقولُه فيها أيضًا [من الطويل]: أبوحُ بما ألقاهُ فهو مباحُ ... فقَبْليَ أربابُ المحبّةِ باحوا إذا باحَ مَن قَبْلي ولم يلقَ بعضَ ما ... لقِيتُ فإنّي ما عليَّ جُناحُ أأحبابَنا لا تحسَبوا الصبرَ بعدَكمْ ... سَخِيًّا، ولا أنّ الدموعَ شِحاحُ وإن فنِيَتْ أجسادُنا وقلوبُنا ... فتلك العهودُ السالفاتُ صِحاحُ سَمَحْتُ لكمْ بالنفْس كي أربَحَ الرِّضا ... على ثقةٍ، إنّ السَّماحَ رَبَاحُ فؤاديَ منقادٌ إليكمْ مُذلَّلٌ ... فما لي إذا لَجَّ العَذُولَ جِماحُ وهل من سبيلٍ أن أطيرَ إليكمُ ... وقد حُصَّ بي ريشٌ وقُصَّ جناحُ؟ تغيَّر وقتي بعدَكمْ، فكأنّما ... صباحي مساءٌ، والمساءُ صباحُ (¬1) ¬

_ (¬1) استشهد بهذا البيت مؤلف المنزع البديع في الإخلال بشريطة "العكس والتبديل" قال: "وللإخلال بها خرج قوله: تغير وقتي بعدكم فكأنما ... صباحي مساء والمساء صباح إلى حد المستوخم الغث، وحيز المستهرم الرث، وجانب التعمل لتنقيح المباني دون تصحيح المعاني، وكان من اختلاف المعنى وفساد النظم بحيث لا يخفى؛ ذلك لعدم تساوي طرفي القضيتين وهما المساء والصباح في انعكاس أحدهما على الآخر أو وضعه له بحسب السياق، وذلك هو قبوله وصفه موضعه، وذلك أن دلالة السياق فيه هي الإخبار بشدة الحزن الموجب تغير وقته، فصار الصباح مساءً أي أظلم له الصبح، فهذا صحيح مناسب. فأما عكس هذا وهو وضع المساء للصباح وحمل الصباح عليه وقبول كل واحد منهما موضع صاحبه وهو أن المساء صباح فمبعزل عن الحزن مناقض له. فقد قصر أحد الجزءَين بحسب دلالة السياق على آخر في الحمل وقبول وصفه وموضعه لفساد المعنى؛ فلذلك ينبغي أن يتحفظ بهذه الشريطة وإلا غلطنا فأدخلنا في هذا النوع ما ليس منه". المنزع البديع: 387 ط. مكتبة المعارف. وقد يدل الاستشهاد المذكور على شيء من شهرة شعر ابن المُحلي وسيرورته.

وأوحشتُمُ فالكلُّ في الأُذْنِ نائحٌ ... لديَّ وآفاقُ الوجودِ [فِسَاحُ] وما تَفضُلُ الأيامُ أُخرى بذاتِها ... ولكنّ أيامَ المِلاح مِلاحُ خرَستُ عن الشكوى إليكمْ مهابةً ... وألسُنُ حالي بالغرام فِصَاحُ تمتُّعُ لَحْظي سُنّةٌ في جَمالِكمْ ... فإنْ لاحظَ الأغيارَ فهو سِفاحُ ويا عجَبًا أنّي أسيرٌ وأنّني ... أناشدكُم أنْ لا يُتاحَ سرَاحُ إذا هزَّ أربابُ السَّماع تواجُدٌ ... فحَظِّيَ منه زفرةٌ وصياحُ فها أنا عندَ الباب مُنُّوا أو اطرُدوا ... فما ليَ عنهُ كيف كان بَراحُ وقولُه فيها أيضًا [من الطويل]: غرامي دَعَاني والعَذُولُ نَهاني ... فوَجْدٌ وعذلٌ كيف يجتمعانِ؟! أمَا عَلِما أنّي على الشَّحطِ والنَّوى ... مقيمٌ، وأنّي والهوى أخَوانِ؟ يقولان لي: من ذا دَعاك لِما نَرى؟ ... فقلت: دَعاني حبُّه، فدَعاني ضمانٌ على قلبي الأسى بعدَ بُعدِهمْ ... إذا لم يكنْ يومَ اللِّقا بضمانِ أُعلِّلُ نَفْسي بالسُّلوِّ تعلُّلًا ... وتلك أمانٍ ما بهِنَّ أماني إذا خَفَقَ البَرْقُ اليماني بأُفْقِكمْ ... أُقابلُ ذاك الخَفْقَ بالخَفَقانِ وإن هَمَلتْ مُزنُ السّحابِ بأرضِكمْ ... يُغالبُها دمعي على الهَمَلانِ رعَى اللهُ جِيرانَ العُذَيبِ وأهلَهُ ... وإن أَتْرَعُوني من هوًى وهَوانِ همُ وَعَدوا بالغَوْر، ثم تَراوَغوا ... وهمْ عنفوا بالنّعفِ من بدلانِ وصَدّوا على صدِّي وبالخَيْفِ خَوّفوا ... وبانوا بذاتِ البَيْنِ صوبَ أبانِ لئن حُجِبوا عن ناظري فكأنّهمْ ... لقلبي يَراهم فيه رأيَ عِيانِ

89 - محمد بن الحسن الخزرجي، أبو عبد الله

وإن عَمِيَت أنباؤهمْ حيث يَمَّموا ... فسرِّيَ يرعاهمْ بكلِّ مكانِ وعنديَ ما لا يُمكنُ اللفظُ شَرْحَهُ ... وإن كنتُ معزوًّا لفضل بيانِ أورِّي بسَلعٍ والعُذَيْبِ وحاجرٍ ... وتلك مغَانٍ ما لهُنَّ معانِ (¬1) أليس قبيحًا من نفوس نفائسٍ ... بأيدي الغواني المُصْبِياتِ عَوانِ؟ وأذكُرُ سُكّان العُذَيبِ تستُّرًا ... وما ذكْرُ سُكّانِ العُذيْبِ بشانِ [ولكنْ بقلبي] مَن هو القلبُ كلُّهُ ... ومَن ذِكْرُه في خاطري ولساني [حبيبٌ إذا] لاحظتُ لم أرَ غيرَهُ ... على أنه إذ لا أراه يَراني [وإنّي] لأستحييهِ أن أشكوَ الهوى ... ومالي بما حُمِّلتُ منه يَدانِ [فمن فضلِه] وَجْدي به وتوَلُّهي ... ومن جُودِه ما أشتكي وأُعاني فُطِرتُ على حبِّي له وكأنّما ... بَراني لمعنى الحبِّ حين بَراني (¬2) مولدُه إمّا في آخِر اثنتينِ وإمّا في أولِ ثلاثٍ وثمانينَ وخمس مئةٍ [بسَبْتة] وتوفِّي بها صَبيحةَ يوم السّبت لثلاثٍ بقِينَ من رجَبِ إحدى وستينَ وست مئة، ودُفن ضُحى يوم الأحد بعدَه. 89 - محمدُ بن الحَسَن الخَزْرَجيُّ، أبو عبد الله. قَدِمَ الأندَلُسَ طالبًا العلمَ، فروَى بإشبيلِيَةَ عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ، وأبي الحَسَن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) العذيب والغور والنعف وبدلان وصدي والخيف وذات البين وأبان وسلع وحاجر: كلها أسماء أماكن ترد في الشعر وكتب البلدان. (¬2) وردت القصيدة في مذكرات ابن الحاج النميري مع أشعار أخرى للمترجم مأخوذة من برنامج أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد الغافقي نزيل سبتة، وهو من الآخذين عن ابن المحلي (المصدر المذكور (نسخة مرقونة) من ص 41 إلى ص 43 تحقيق دي بريمار).

90 - محمد بن حسون المغربي، فاسي أو مما يصاقبها، أبو عبد الله

90 - محمدُ (¬1) بن حَسُّون المغربيُّ، فاسيٌّ أو ممّا يُصاقِبُها، أبو عبد الله. أخَذَ عن أبي بكر بن عُثمانَ (¬2) وطائفةٍ من أصحابِ أبي الحَسَن اللَّمَطيّ (¬3). وبسَبْتة عن أبي عبدِ الله بن عيسى (¬4)، وبإشبيلِيَةَ عن أبي عبد الله بن يحيى، وبقُرطُبةَ عن أبي الوليد بن رُشْدٍ الكبير. رَوى عنه أبو العبّاس ابنُ الصَّقْر، وقال: كان الفقهُ بضاعتَه، ولم يكنْ في عصرِه أحفظَ منه لمسائلِ الفقه ولا أوقَفَ منه على مَناقلِ الأحكام، معَ صِيانةٍ وخيرٍ ودِينٍ مَتِين. 91 - محمدُ (¬5) بن حُسَين بن عبد الله ابن حَبُوس، فاسيٌّ أبو عبد الله. وحَبُوسٌ: مَوْلى بني أبي العافية الذين مَلَكوا المغرِبَ الأقصى أيامَ بني أُميّةَ الأندَلُسيِّينَ فمَن بعدَهم، وأصلُهم من بني مقدول من تسولَ: إحدى القبائل اللائي بجهة تازَةَ، وكانت موضِعَ بني العافية وحاضِرة سُلطانِهم إلى أيام يوسُفَ ابن تاشَفِين، فانتقَضَ مُلكُهم، وانتَثَر سِلكُهم، وذهبت أيامُهم، وتلك عادةُ الله وسُنّتُه في الذين خَلَوْا من قبل، ولن تجدَ لسُنّة الله تبديلًا (¬6). ¬

_ (¬1) ورد ذكره في نوازل القاضي عياض: 61 - 62 (مخطوط) وانظر مجلة المناهل 22 ص 251. (¬2) له ترجمة في جذوة الاقتباس رقم 26، ووالده عثمان بن مالك شارح "المدونة" له ترجمة في الجذوة أيضًا رقم 500. (¬3) كذا في الأصل ولعل الصواب: اللواتي، وترجمته في الجذوة رقم 509. (¬4) هو قاضي سبتة المعروف، ترجمته في صلة ابن بشكوال (1327) والتعليق عليه. (¬5) ترجمه التجيبي في زاد المسافر 43، وابن دحية في المطرب 199، والقفطي في "المحمدون من الشعراء" 1/ 342، وابن الأبار في التكملة (1725)، وابن القطان في نظم الجمان 134، والذهبي في المستملح (332) وتاريخ الإسلام 12/ 443، والمراكشي في الإعلام 4/ 110. وتنظر مقالات السادة: الفاسي في الثقافة المغربية 1941 م وكنون وابن تاويت الطنجي في الثقافة المغربية 1971 - 1972 م، وزمامة في مجلة كلية الآداب بالرباط 1980 م. (¬6) هذا الكلام منقول من المطرب: 199.

رَوى أبو عبد الله عن أبي بكرٍ الأبيض (¬1)، رَوى عنه أبوا محمد: ابنُ محمد التادَليُّ (¬2) وعبدُ العزيز بن عليّ بن زيدانَ (¬3). وكان شاعرًا مُفلِقًا من جِلّة فُحول الشّعراء، متفنِّنًا في معارفَ سوى ذلك من كلام ونحوٍ ولُغة. وُلد بفاسَ ونشَأَ بها، وتأدَّبَ بالعلماءِ من أهلِها والطارئينَ عليها، وقال الشّعرَ في صِباه، ثم رَحَلَ إلى تِلِمْسينَ فأقام بها يسيرًا، ثم رَحَلَ إلى مَرّاكُش فأقام بها قليلًا، ثم قَدِمَ الأندَلُسَ فتردَّد في بعض بلادِها معظمَ عصرِ شبيبتِه إلى أن ظَهَرَ أمرُ عبد المؤمن بالعُدْوةِ واستَوْلى على مَرّاكُش، فسار إليها واستَوطنَها متنقِّلًا بانتقالِ عبد المؤمن يصحَبُ رِكابَه ويسيرُ معَه في حركاتِه، [وبعدَ] انصرافِ عبد المؤمن من فتح المَهْديّة سنةَ أربع وخمسينَ وخمس مئة، [فارقَه و] عادَ إلى فاسَ فاستَوطنَها، وله في عبد المؤمن وبنيهِ أمداحٌ رائقة، [ومنها في] عبد المؤمنِ وقد حَلَّ برِباط الفَتْح من قصيدة [من الطويل]: ألا أيُّهذا البحرُ جاوَرَكَ البحرُ ... وخيَّم في أرجائكَ النفْعُ والضُرُّ وجاشَ على أمواجِك الحِلمُ والحِجا ... وفاضَ على أعطافِك الإمرُ والأمرُ وسال عليك البرُّ خيلًا كُماتُها ... إذا حاولَتْ غزوًا فقد وجَبَ النّصرُ وليس اشتراكُ اللفظِ يوجبُ مِدحةً ... ولكنّه إن وافَقَ الخَبَرَ الخُبرُ فما لكَ من وصفٍ تُشاركُهُ بهِ ... سوى خُدَع في النّطق زخرفها الشعرُ وما لك من معنًى يُشيرُ إلى التي ... تَفُوهُ به إلا السّلاطةُ والغَدْرُ ¬

_ (¬1) أخباره وأشعاره في زاد المسا فر: 66 - 71، والخريدة 2/ 160، والمطرب: 199، والمغرب 2/ 127، والنفح (الفهرس). وانظر رأي ابن حبوس فيه في برنامج الرعيني: 204. (¬2) ترجمته في التكملة (2206). (¬3) ترجمته في التكملة (2487)، وبغية الوعاة 2/ 101 - 102 وفي تاج العروس لدى ذكر الشاعر ما نصه: "روى شعره عبد العزيز بن زيدان".

فأنت خديمُ البدر والشمس عَنْوةً ... وتَخدُمُه في أمرِه الشمسُ والبدرُ ويَحويكَ شطرُ الأرض تَعمُرُ بعضَهُ ... وفي صدرِه الأفلاكُ والبحرُ والبَرُّ (¬1) ومن هذه القصيدة: هنيئًا لأهل الغَرْب إن حَلَّها (¬2) امرُؤٌ ... به تَصلُحُ الأيامُ إن فَسَدَ الدهرُ وبُشرى لهذا السّيفِ ماءٌ يحُدُّهُ (¬3) ... لقد بَهَرتْ فيه السماحةُ والبِشرُ ومنها (¬4): بنَى فَرْضةً (¬5) أُمَّ البلادِ، فكلُّها ... يَسُحُّ عليها (¬6) من مَراضِعِها دُرُّ تكنَّفَها الماءانِ من كلِّ جانبٍ ... نقيضانِ ذا حلوُ المذاقِ وذا مُرُّ فهذا عليهِ المَدُّ والجَزْرُ دائبًا ... وذلك لا مَدٌّ عليه ولا جَزْرُ ومنها: غَدَتْ نقطةً في ضِمن دائرةِ الدُّنا ... فلا أُفُقٌ يَنْأَى عليها ولا قَطْرُ فمن حيثُ ما رُمتَ الجوانبَ نِلتَها ... بيُسرٍ ولا كدٌّ عليك ولا عُسرُ ¬

_ (¬1) وردت هذه الآيات في زاد المسافر: 2 - 3 مع اختلاف في الرواية بالتقديم والتأخير والزيادة والنقصان. (¬2) حلها: أي: أرض الغرب. (¬3) كلمة غير منقوطة. (¬4) في هذا الجزء من القصيدة الذي لم يرد في موضع آخر إشارة إلى بناء عبد المؤمن قصبة الرباط أو فرضة الرباط كما يقول الشاعر، وفيه كذلك إشارة إلى حيل المهندسين في جلب الماء إليها من عين غبولة وإلى المنافع المتيسرة للمدينة بحكم موقعها، وقول الشاعر: "غدت نقطة" إلخ البيتين ينطبق على الرباط العاصمة اليوم. انظر في هذا الموضوع: الاستبصار: 140 - 141. (¬5) في الأصل: "فرقة" ولعل الصواب ما أثبتنا، والإشارة إلى فرضة رباط التي أحدثها عبد المؤمن. (¬6) في الأصل: "عليه".

كذلك (¬1) أعماقُ الجُسوم وطولُها ... وإن بَعِدت يعني بأمدادِها السِّحرُ يفوحُ ترابُ الأرضِ من طِيبِ نَشْرِهِ ... ففي معطِس (¬2) الأيام من طِيْبه نَشْرُ [ويغدو الثَّرى تِبرًا] بمَوْطِئ رجلِهِ ... وتحسُدُه فيه الفراقدُ والنَّسرُ [ولا تَحسُدُ الأيامُ] فيه ولا كما ... تَنافَسَ شهرَ الصَّوم كَرَمٌ والفِطرُ (¬3) [وكلُّ شهورِ العام] من جُلِّ همِّها ... إذا احتَلَّ شهرًا أنه ذلك الشهرُ ومن شعره في التوحيد، والزُّهد، والتمسُّك بالسُّنّة [من الكامل]: [أقصِرْ] ظِماءك (¬4) في شريعةِ أحمدِ ... تُسقَى إذا ما شئتَ غيرَ مُصرَّدِ [وتوَخَّ] أعطانَ الدِّيانة علَّها ... تُدنيكَ من حَوْض النبيِّ محمدِ (¬5) [لُذْ] بالنُّبوةِ واقتبِسْ من نُورِها ... واسلُكْ على نهج الهدايةِ تهتدِ وإذا رأيتَ الصادرينَ عشيَّةً ... عن مَنْهَل الدِّين الحنيفِ فأورِدِ الدِّينُ دينُ الله لم يعبَأْ بمُبـ ... ــــــتَدِعٍ ولم يحفِلْ بضِلّةِ مُلحِدِ قالوا: بنورِ العقل يُدرَكُ ما ورا ... ءَ الغيبِ، قلتُ: قَدِي من الدعوى قدِ بالشّرع يُدرَكُ كلُّ شيءٍ غائبٍ ... والعقلُ يُنكرُ كلَّ ما لم يَشهَدِ ¬

_ (¬1) في الأصل: "فذلك"، ويبدو أنه تحريف. (¬2) في الأصل: "معطش"، وهو تصحيف. (¬3) هكذا في الأصل، وفيه خلل. (¬4) الظماء: الظمأ، وأقصر ظماءك .. إلخ معناه: رد حوض الشريعة ولا ترد غيره. والشطر الثاني للنابغة الذبياني إذ يقول: وتسقى إذا ما شئت غير مصرد ... بصهباء في حافاتها المسك كارع وغير مصرد، أي: غير مقطوع ولا ممنوع. (¬5) أعطان: جمع عطن، وهو المناخ حول الورد.

من لم يُحِطْ علمًا بغايةِ نفسِهِ ... وهي القريبةُ، من لهُ بالأبعدِ؟ ولقد نَرى الفَلَكَ المُحيطَ وعلمُ ما ... في ضمنِه أعيى على المترصِّدِ سَعدُ المجَرّةِ بالكواكب دائمٌ ... في زَعْمِهمْ وقسيمُها لم يَسعَدِ من خَصَّ بالسُّفليِّ جِرْمَ البدرِ أم ... من خصَّ بالعُلْويِّ جِرمَ الفَرقَدِ ما شاهقُ الطَّودِ المُنيفِ وإن علا ... إلا بمنزلةِ الحَضيضِ الأوهدِ وجَوازُ عكسِ الأمرِ في ذا واضحٌ ... للعقلِ فازدَدْ من يقينِك تَرشُدِ ذاك اختصاصٌ ليس يَعلَمُ كُنهَهُ ... من ليس يوصَفُ بالبقاءِ السَّرمَدي خَفْضٌ عليك أبا فلانٍ إنّها ... نُوَبٌ تُطالعُنا تَروحُ وتغتدي سالتْ علينا للشُّكوكِ جَداولٌ ... بعدَ اليقين بها ولمّا تنفَدِ وتبَّعقت (¬1) بالكُفر فينا ألسُنٌ ... لا يَفقِدُ التضليلَ من لم تَفقِدِ أعداؤنا في ربِّنا أحبابُنا ... جرحوا القلوبَ وأقبلوا في العُوَّدِ كُشِف القِناعُ فلا هَوادةَ بينَنا ... حتى نُغادرَهمْ وراء المُسندِ ستنالُهمْ منّا الغَداةَ قَوارعٌ ... إن لم تَغُلْهم غولُها فكأنْ قدِ وتَصوبُ فيهمْ سُحْبُنا بصواعقٍ ... تلك التي جَلَبتْ منيّةَ أربَدِ (¬2) من كان يَضرِبُهم بسيفٍ واحدٍ ... فأنا أضاربُ [....] ولعَمْرُ غيرِهمُ وتلك أَلِيّةٌ ... إنّ الحِمَام لجَمْعِهم بالمرصَدِ قالوا: الفلاسفُ، قلتُ: تلك عصابة ... جاءت من الدّعوى [بما لم يُعهَدِ] ¬

_ (¬1) التبعق في الكلام: هو التوسع فيه والتكثر منه وفي الحديث: "إن الله يكره التبعق في الكلام"، وأصل هذا من تبعق المطر؛ وهو انفتاحه بشدة. (¬2) أربد: أخو لبيد الذي دعا عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - فأهلكته صاعقة، وخبره مشروح في المصادر.

خدَعَتْ بألفاظٍ تَرُوقُ لطافةً ... فإذا طلبتَ حقيقةً لم توجَدِ ذو علمِهم لو كان شاهَدَ علمَنا ... ورأى جَهابذةَ الكلام .... لَعَراهُ من حَسْرٍ (¬1) هناك تلألؤٌ ... وأقام بينَ تحيُّرٍ وتبلُّدِ أسفي ولو أنّي نُصِرتُ عليهمُ ... لثَلَمْتُ في المُهجاتِ كلَّ مُهنَّدِ يُلغَى كتابُ الله بينَ ظهورِهم ... وجميعُ مسنونِ النبيِّ محمدِ يا قاتَلَ اللهُ الجهالةَ إنها ... وَرَقٌ لأغصانِ الشبابِ الأملدِ ومنهُ في الوصايا والأمثالِ وذمِّ الزّمان [من المتقارب]: ردِ الطُّرْقَ (¬2) حتى توافي النَّميرا ... فرُبَّ عسيرٍ أتاح اليسيرا وأَرسِلْ قَلُوصَكَ طَوْرًا شمالًا ... وطَوْرًا جنوبًا وطَوْرًا دَبُورا وشُنَّ على غازياتِ البلادِ ... من النصِّ والذّمل جيشًا مُغيرا وفِرْ ماءَ وجهِك (¬3) حتى تَجِمَّ ... وأطفِ السمومَ به والهَجِيرا وطِرْ حين أنت قويُّ الجَنا ... حِ لا عُذرَ عندَك أن لا تَطيرا ولا تقَعَنَّ وأنت السليـ ... ــمُ حيث يُضاهي المَهِيضُ الكسيرا فأمُّ الترحُّل تُدعَى وَلُودًا ... وأُمُّ الإقامة تُدعى نَزُورا وذو العَجْز يرضَعُ ثديًا جَدودًا ... وذو العَزْم يرضَعُ ثديًا دَرورا يعِزُّ على النَّبْل أنّي غَدَوْتُ ... أُكَنَّى أديبًا وأُسْمَى فقيرا وأنّيَ ثُبْتُ لكفِّ الزمانِ ... يُعرِّقُ عظميَ عَرْقًا مُبِيرا ¬

_ (¬1) في الأصل: "حسن"، ولا معنى لها. (¬2) الطرق: الماء الذي خوضت فيه الإبل وبولت فيه. (¬3) وفر ماء وجهك، أي: صنه.

وما ذاك أنّيَ هَيّابةٌ ... أخافُ الرحيلَ وأشنَا المَسيرا ولكنْ بحُكم زمانٍ غدا ... يَحُطُّ الجِيادَ ويُسْمي الحَميرا قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: أغفَلَ من بيت: (وأرسِلْ قَلُوصَك) ناحيةَ الشّرق وهي فُضلاها، فبانَ بذلك نَقْصُه، وأرى أنه لو قال في بيتين [من المتقارب]: وأرسِلْ قَلُوصَكَ طُولًا وعرضًا ... دُجًى أو ضياءً سُرًى أو مَسِيرا [فطَوْرًا شَمالًا وطَوْرًا صَباءً] ... وطَوْرًا جَنوبًا وطَوْرًا دَبُورا [لَجمَعَ بين] الجهاتِ الأربع، ولكان أتَمَّ، فتأمَّلْه، واللهُ الموفِّق. وفي الاعتبار [من السريع]: للمرءِ في حِمامِهِ عِبرةٌ ... وإنّما يَعتبرُ العاقلُ يَذكُرُ بالكونَيْنِ من جنّةٍ ... ومن جحيم ذكْرُها هائلُ وإنّما يَعرِضُ أُنموذَجًا ... من ذا وذا لو نَبِهَ الغافلُ نعيمُهُ فيه الشقاءُ الذي ... يُشفِقُ منه العالِمُ العاملُ تكادُ نفْسُ المرءِ من حَرِّه ... تَزولُ لولا أنه زائلُ ياصاحبي والجِدُّ لي شيمةٌ ... وليس من أصحابي الهازلُ نحن طلْبانِ فبادِرْ بنا ... من قبلِ أن يَقنُصَنا الحابلُ بحرٌ سَلِمنا منه في ساحلٍ ... فما تَرى إن غُمِرَ الساحلُ في حيث لا تُنجي الفتى حيلةٌ ... سواءٌ الفارسُ والراجلُ وشعرُه كثير، وقد جَمَعَ له بعضُ أصحابِه المختصّينَ به ما عَلِقَ بحفظِه منه أو أحضَره ذكْرُه، أو أسْأرتْه عَوادي التنقُّل والاضطراب إلى آخِر ربيعَيْ ستّينَ

92 - محمد بن حماد العجلاني، فاسي، أبو عبد الله

وخمس مئة، فناهَزَ ذلك ستةَ آلافِ بيت وخمسَ مئةِ بيت، وقد وقَفْتُ منه على مجلّد متوسِّط (¬1). وُلد سنةَ خمس مئة، وتوفِّي سنةَ سبعينَ وخمس مئة. 92 - محمدُ (¬2) بن حَمّاد العَجْلانيُّ، فاسيٌّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي ذَرّ الخُشَنيّ والقاضي أبي عبد الله ابن الصَّيْقَل واختَصَّ به وكتَبَ عنه، وكان من العلماءِ بالحديث والعنايةِ التامّة بروايتِه وسَماعِه، من أبدع الناس حُسْنَ صوتٍ وطِيبَ نَغَمة، وهو كان المعيَّنَ لقراءة الحديث بين أيدي الأمراءِ والسّلاطين (¬3)، ودخَلَ الأندَلُسَ غازيًا فاستُشهدَ بإصابة سَهْم قضَى عليه في وَقيعة العُقَاب يومَ الاثنين منتصَفَ صَفَرِ تسع وست مئة (¬4). 93 - محمدُ (¬5) بن خَيْر بن عُمرَ بن خليفةَ مولى إبراهيمَ بن محمد بن يَغْمور اللَّمْتُونيُّ -وكان يَكتُبُ في نَسَبه: الأمَوي، بفتح الهمزة- فاسيُّ المولدِ والنَّشأة، استَوطنَ إشبيليَةَ وغيرَها من الأندَلُس، أبو بكر، ابنُ خَيْر. ¬

_ (¬1) قال ابن دحية في ترجمة ابن حبوس في المطرب: "وقد رفعت ديوان شعره للمقام المولوي السلطاني الملكي الكاملي الناصري، أدام الله إنعامه، ووالى له حسن الصنع وأدامه" المطرب: 200. وذكر القفطي في ترجمته لإبن حبوس في كتابه "المحمدون من الشعراء" أنه كان يمتلك نسخة من ديوان الشاعر، قال: "وله ديوان شعر مدون وقفت عليه وملكته، واستعاره مني علي بن القاسم بن علي بن عساكر بسفارة الصدر محمد بن محمد البكري، ولم يعد" (المحمدون 1/ 334). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1738)، والذهبي في المستملح (344). (¬3) لعل هذه الإشارة أقدم ما وصل إلينا في موضوع سارد الحديث في المجالس الحديثية الملوكية. (¬4) زاد ابن الأبار في ترجمة المذكور أنه ولي قضاء سبتة. (¬5) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (112)، ومنصور بن سليم في ذيل إكمال الإكمال 1/ 252، وابن الأبار في التكملة (1450)، والذهبي في المستملح (154)، وتاريخ الإسلام 12/ 559 وسير أعلام النبلاء 21/ 85 ومعرفة القراء الكبار 2/ 558 والعبر 3/ 69 وتذكرة الحفاظ 4/ 1366، والصفدي في الوافي 3/ 51، واليافعي في مرآة الجنان 3/ 402، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 139، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 1/ 270 و 3/ 269، =

رَوى عن أبوَيْ إسحاق: ابن حُبَيْش وابن فَرقَد، وأبوَي الأصبَغ العيسَيَيْن: ابن أبي البَحْر وابن زروال، وآباءِ بكر: البِرْزاليِّ وابن رِزق وابن طاهر المحدِّث وعبد العزيز بن يدير وابن العَرَبيّ وابن فَنْدَلةَ وابن مُحرِز وابن المُرْخِي وابن المِلْح وموسى بن سيِّد، وأبي جعفرٍ ابن المُرْخي، وأبي الحَجّاج الأُنْديِّ القَفّال، وآبا [ءِ الحَسَن: شُرَيْح] , ولازَمَه إلى حين وفاتِه وعليه عَوَّل في القراءات؛ وعبدِ الرحيم بن [قاسم] وعَبّاد بن سِرْحان وابن محمد بن لُبّ، وعيسى بن هَيْبةَ ومحمد بن الطُّفَيْل [وابن الصَّفّار] يونُسَ بن مُغيث، وأبوَي الحُسَين: سُليمانَ بن أبي زَيْد وعبدِ الملِك ابن الطّلّاء، وأبوي [حَفْص: ابن إسماعيلَ] وابن عَبّاد، وأبي داودَ بن يحيى المَعافِريِّ، وآباءِ عبد الله: ابن الأحمر وابن الحاجِّ مكِّي وابن صَالح وابن عبد الرّزاق وابن مَعْمَر وابن المُناصِف وابن نَجاح وابن [أبي] الخِصَال وابن أُختِ غانم، وآباءِ العبّاس: ابن حَرْب وابن زَرْقون وابن العَريف [....] وأبوي الفَضْل: حَفيدِ الأعلم وعِيَاض، وآباءِ القاسم: الأشْبُونيِّ وابن بَشْكُوال و [ابن الرَّمّاك] وابن رِضا والقَنْطَريِّ وابن المِلْح، وآباءِ محمد: شُعَيْب بن عيسى الأشجَعيِّ وابن مَوْجُوال وعبد الحقّ بن عَطيّة والكبتوريِّ وعبد الحقِّ بن المِلح، وآباءِ مَرْوان: الباجِيِّ وابن محمد المليلة وابن مسَرّة وأبي الوليد حَجّاج، قرَأَ عليهم وسمع. وناوَلَه أبو بكر بنُ زَيْدانَ وأجاز له. وصَحِبَ أبا جعفرٍ البِطرَوْجيَّ، وأبا العبّاس بنَ محمد بن خاطِب، وجالسَ أبا محمد المُرْسيَّ، وأجازوا له. وقرأ على أبي جعفرٍ ابن زَيْدون -وصَحِبَه كثيرًا- وأبي عبد الله ابن المُجاهد، وأبي القاسم ابن الرَّمّاك، وأبي الوليد هارونَ بن أبي الغَيْث، ولم يَذكُرْ أنهم أجازوا له. ¬

_ = وابن حجر العسقلاني في تبصير المنتبه 1/ 50، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 102 وطبقات الحفاظ 483، وابن العماد في الشذرات 4/ 252، والزبيدي في "خبر" من تاج العروس، والكتاني في فهرس الفهارس 1/ 384. وله ذكر في نفح الطيب 2/ 156، 512، 514، 598، و 3/ 64. وانظر مقدمة الدكتور بشار عواد معروف لكتابه الفهرسة.

ولقِيَ أبا القاسم بنَ فَرتُونَ وساءلهُ وأجازَ له لفظًا، ولقِيَ أبا الحَسَن محمدَ بن خَلَف اللَّبْليَّ، وأبا عبد الله ابنَ الحَمْزيّ، وأبا عَمْرٍو الخَضِرَ بن عبد الرّحمن، وأبا عَمْرو القاسمَ الزَّنْجانيَّ، وابن وَرْد، وأبا مَرْوان بن قُزْمان؛ ولم يقرَأْ عليهم ولا سَمِع، وأجازوا له. وكتَبَ إليه مجُيزًا ولم يلقَهُ من الأندَلُسيِّينَ: أبو بحرٍ الأسَديُّ، وأبَوا بكر: ابنُ الخَلُوف وابنُ عامر العامِريُّ، وآباءُ الحَسَن: طارقُ بن موسى المَخْزوميُّ وعبدُ الجليل والأطريُّ وابن اللَّوّان والمالطيُّ نزيلُ المَرِيّة وابن مَوْهَب وابن نافع وابن هُذَيْل، وأبو الحَكَم بن غَشِلْيان، وأبَوا عبد الله: ابن وَضّاح وابن أبي أحَدَ عشَر، وأبو القاسم خَلَفُ بن الرُّويُّه (¬1)، وفَضْلُ الله ابن اللَّجّام، وآباءُ محمد: خليلٌ والرُّشَاطيُّ، وابنُ عَتّاب، وأبو المطرِّف ابنُ الوَرّاق، وآباءُ الوليد: ابن بَقْوِي وابن رُشْد وابن طَرِيف. ومن المَشْرقيِّين: أبو الطاهر السِّلَفيُّ، وأبو عبد الله المازَريُّ نزيلُ المَهْديّة. وشيوخُه يُنيفونَ على مئة ضمَّن ذكْرَهم وما رَوى عنهم بَرنامَجًا حافلًا مفيدًا نبيلًا (¬2). وقال جابرُ بن أحمد القُرَشيُّ (¬3): [كتَبَ إليّ -يعني ابنَ خَيْر-] يُخبِرُني أنّ فِهرِستَه عشَرةُ أجزاء، كلُّ جُزء منها ثلاثونَ [ورقة]. قال المصنِّفُ عَفا اللهُ عنه: قد وقَفْتُ على أكثره، ومما وقفتُ [عليه: اختصارُه في] ذكْر الشّيوخ الذين رَوى عنهم وتواريخِهم وتسميةُ ما أخَذَ [عنهم، يقَعُ في سِفْرٍ] لطيفٍ هو مقدارُ ثُلُث البرنامَج، وقد استمدَدتُ منه ما اشتَملَ عليه [من الفوائد] ¬

_ (¬1) الكلمة خالية من النقط في الأصل، وترجمة ابن الرويه في التكملة (840) قال ابن الأبار: "حدث عنه ابن خير في كتابه إليه من بطليوس، أحسبه في نحو الثلاثين وخمس مئة". (¬2) انظر أسماء شيوخ ابن خير في فهرسته المطبوعة، وهم مرتبون فيها حسب بلدانهم (من ص 558 إلى ص 574 من تحقيق الدكتور بشار) وذكر المؤلف وابن الأبار أن جابر بن محمد القرشي رتبهم على حروف المعجم. (¬3) ترجمته وبعض أخباره في التكملة (658) والتعليق عليها.

لهذا المجموع، وكذلك وقَفْتُ على أسانيدِه في القراءاتِ متواترها وشاذِّها بخطِّه، في مجلَّدٍ لطيف أيضًا، وهو خارجٌ عن البرنامج. رَوى عنه ابنُ أُختِه أبو الحُسَين ابنُ السَّرّاج (¬1)، وهو آخِرُ الرواةِ عنه وفاةً؛ وأبو إسحاقَ بن عليّ الزَّواليُّ، وأبو أُميّةَ بن عُفَيْر، وأبو البقاءِ يَعِيشُ، وآباءُ بكر: بنو الأحامد: ابنُ الصَّيْقَل وابن السّرو وابنُ كَبير وابن إسماعيلَ المَنِيشي، وابن عبد الله بن أبي زَمَنين وابن عبد الرّحمن بن جُمهُور، واليَحْيَيانِ: ابن أحمد الهَوّاري وابن محمد الهَوْزَنيُّ، وأبَوا جعفر: ابن سَلَمةَ وابن محمد ابن الأصلع، وآباءُ الحَجّاج: ابن أحمدَ بن عبد الغنيّ وابن حُسَين بن عُمَر وابن عليّ الجميميُّ وابن محمد بن رجلون، وآباءُ الحَسَن: ابن أحمدَ الشَّرِيشيّ وابن حَمّاد وابن عَتِيق بن مؤمن، وبنو المحمّدِينَ: البَلَويُّ وابن ثابتٍ البَهْرانيُّ وابن خَرُوف النَّحْويّ وابن خِيَار وابن هشام والفَهْميُّ ومُرَجَّى بن يونُس، وأبو الحُسين بن عَظِيمةَ، وأبَوا الخَطّاب: ابن الجُمَيِّل وابن واجِب، وأبو الخليل مُفرِّجُ بن حُسَين، وأبو زَيْد شُعَيْب بن إسماعيلَ بن سَكَن، وأبو عليّ الكفيفُ، وأبو سُليمانَ بن أحمدَ الغافقيُّ، وأبو الطاهرِ إسماعيلُ بن أبي الحُسَين التونُسيُّ، وأبوا طالب: عبدُ الجَبّار بن هارون وعَقِيل بن عَطِيّة، وآباءُ عبد الله بنو الأحامد: ابن عَيّاش وابنا عَبْدي الله: الأنْدَرْشيُّ والشَّوّاش، وابن إبراهيمَ ابن البَقّار؛ وابنا عَبْدي الرّحمن: ابنُ الرداد وابن عَزوز، وأبناءُ اليوسفِينَ: ابن الجَذع وابن عبد الله بن محمد بن عامورَ الباهِليُّ الفاسيّ وابنُ محمد بن خَلَف القُضَاعيُّ، وآباءُ العبّاس: ابنُ عبد الله بن سيِّد الناس وابن عليّ الفِهْريّ وابن محمد بن راتع، وآباءُ عليّ: الحَسَنانِ: ابن محمد البَطَلْيَوْسيُّ وابن موسى، وعُمرُ بن عبد المجيد الرُّنْديّ، وأبو عُمرَ أحمدُ بن محمد بن مَسْلَمةَ التُّجِيبيّ، وآباءُ القاسم: ابن البُستانيّ وابن بَقِيّ وعبدُ الرحمن بن محمد الأنصاريُّ وعبدُ الرحيم ابن المَلْجوم وابن ¬

_ (¬1) ترجمته ومصادرها في الذيل والتكملة 1/الترجمة 514.

عبد البَرّ القَرَمونيُّ وابنُ أبي هارونَ وعامر بن هشام، وآباءُ محمد: ابن أحمدَ بن نُعمان، وابن عُبَيد الله الباجيُّ وابن عيسى بن صَدقون [....] وابن عمّار، ومالكُ بن عُمر، وأبَوا نَصْر: الفَتْحان: ابن أحمدَ [الفِرْيانيُّ وابن الفَصّال] ويحيى بن يحيى الأنصاريُّ، وغيرُهم ممّن جَرى له ذكْرٌ في هذا [الكتاب ممّن هو على شَرْطِه] وسوى مَن حدّث عنه بالإجازة ممّن ذَكَرَ فيه أيضًا ممّن هو [على شرطِه وسواهم]. وكان من أئمّة المُقرئين المجوِّدين وجِلّة المحدِّثينَ المُسنِدين، ثقةً [فيما يَرويه] رِضًا مأمونًا متّسعَ الرّواية، أخَذَ عن النَّظِيرِ والكبير والصَّغير، حتى اجتَمعَ [له في القراءات] ما لم يجتمعْ لغيرِه من نُظرائه. وكان متفنّنًا في علوم اللّسان متقدِّمًا في [النَّحو واللُّغة] منها. وكانت كُتُبُه وأصُولُه في غاية الصّحة ونهايةِ الإتقان لتهمُّمِه بمقابلتِها وعُكوفِه على تصحيحِها مؤيَّدًا على ذلك بحُسن الخطِّ وإتقانِ التقييدِ والضَّبط اللّذَيْن برَّزَ فيهما على متقدِّمي الأكابر من مشاهيرِ أهلِهما (¬1)، دَأَبَ على ذلك دهرَه وأنفَدَ (¬2) فيه عمُرَه، وكتَبَ بخطِّه الكثيرَ ومتِّع بصحّةِ بصَره، فقد وقَفتُ في بعض ما كتَبَ -وهو قد جاوَزَ السبعينَ من عمُرِه بسنتينِ أو نحوِهما- على ما يُقضَى منه العَجَب، دقّةَ خَطّ وإدماجَ حروف معَ البيان، فكان في ذلك وحيدًا، وأثمرَ المُغالاةَ فيها بعدَ وفاتِه حتى تجووزَت في أثمانِها الغايةُ التي لا عهدَ بها، وتمادت رغبةُ الناس في اقتناءِ ما يوجَدُ بخطِّه أو بتصحيحِه ومُنافستهم فيه إلى الآنَ. وعلى ذلك فقد وقَفتُ له على أوهامٍ مصدَرُها الغفلةُ التي يقتضيها النَّقصُ البَشَريّ، فالكمالُ لله وحدَه (¬3). ¬

_ (¬1) في الأصل: "أهلها". (¬2) في الأصل: "وأنفذ". (¬3) ذكر الشيخ محمد بن عبد الرحمن الفاسي في "المنح البادية" كلام ابن عبد الملك هنا، وهذا يدل على وقوفه على الذيل والتكملة، وانظر مآل النسخة التي وقف عليها.

94 - محمد بن ذمام بن المعتز [الصنهاجي] , أبو عبد الله

وكان حَسَنَ الخُلُق كريمَ الصُّحبة حميدَ العِشرة، يُثني عليه ويَعترِفُ بفضلِه في ذلك كلُّ مَن صاحبَه. وسمِعتُ شيخَنا أبا عليّ الماقريَّ (¬1) يقولى: سمِعتُ أبا الخَطّاب بنَ واجِب يقولى: سمِعتُ أبا عبد الله بنَ حَمِيد يقول: سمِعتُ أبا الحَسَن بنَ مُغيث يقول: أبو بكر بن خَيْر، خيرٌ ابنُ خير، وذلك في حَداثتِه وحين قراءتِه عليه، فكان أبو الخَطّاب يقول: فكيف لو رآه حينَ رأيناه؟! وَلِيَ الصّلاةَ بجامع قُرطُبةَ الأعظم سنةَ ثلاثٍ وسبعينَ وخمس مئة برغبةِ واليها حينَئذٍ، واتّصلتْ إمامتُه به إلى أن توفِّي سَحَرَ ليلةِ الأربعاء الرابعةِ من ربيع الأول سنةَ خمسٍ وسبعينَ وخمس مئة ودُفن بإزاءِ الدار التي أُنزِل فيها ثُم نُقِل إلى إشبيلِيَةَ فدُفن بمقبُرة مُشكةَ (¬2) منها، هذا أصحُّ ما قيل في وفاتِه، وكانت جَنازتُه مشهودةً لم يتَخلّفْ عنها كبيرُ أحد، وحضَرَها الوالي حينَئذٍ أبو عليّ الحَسَن بن عبدِ المؤمن (¬3) وأُتبعَ ثناءً [جميلًا] وذِكْرًا صالحًا. ومولدُه بفاسَ ليلةَ الأحد الثامنةَ والعشرينَ من رمضانِ [سنةِ اثنتينِ وخمس مئة، كذا قال لمّا] سألهُ أبو القاسم ابنُ الملجوم عنه. 94 - محمدُ بن ذِمَام (¬4) بن المُعتزِّ [الصُّنْهاجيُّ] , أبو عبد الله. رَوى عن أبي عليّ ابن سُكّرة (¬5). ¬

_ (¬1) في الأصل: "المعافري"، محرفة. (¬2) في الأصل: "مسكنه"، وهو تحريف، ومقبرة مشكة تذكر كثيرًا في كتب الصلات. (¬3) كان واليًا على قرطبة من سنة 572 إلى سنة 575 هـ (البيان المغرب: 110، 113). وكان أيضًا من كتاب والده في خلافته، كما كان واليًا على سبتة سنة 565 هـ (البيان 83 - 84) انظر المن بالإمامة: 222، 223، 239، والبيان المغرب: 83، 84، 110 - 113، والأنيس المطرب: 203، 267. وهو معدود في الأمراء الشعراء وهو توأم أخيه الحسين الذي كان واليًا على إشبيلية. (¬4) في الأصل: "هشام"، محرف، وقد تقدمت ترجمة أخيه في الرقم (24). (¬5) لم يذكره ابن الأبار في المعجم في أصحاب الصدفي.

95 - محمد بن سليمان بن يحيى البونتي، أبو عبد الله تلا على أبي عمارة سليمان بن أبي القاسم ودخل الأندلس طالبا [العلم، فقرأ] على أبي الحسن ابن أخي الدش، وأبي الحسين يحيى بن إبراهيم ابن البياز، [وسمع] الحديث على أبي بحر سفيان بن العاص، وأبوي عبد الله: الخولاني، وابن فرج، وأبي علي الغساني ولم يذكره ابن الأبار في أصحابه

95 - محمدُ (¬1) بن سُليمانَ بن يحيى البونتي، أبو عبد الله. تَلا على أبي عُمارةَ سُليمانَ بن أبي القاسم. ودخَلَ الأندَلُسَ طالبًا [العلمَ، فقرَأَ] على أبي الحَسَن ابن أخي الدُّش، وأبي الحُسَين يحيى بن إبراهيم ابن البَيّاز، [وسَمِعَ] الحديثَ على أبي بحرٍ سُفيانَ بن العاص، وأبوَيْ عبد الله: الخَوْلانيِّ، وابن فَرَج، وأبي عليّ الغَسّاني ولم يَذكُرْه ابنُ الأبّار في أصحابِه (¬2). وشرَّق فروى عنه هنالك منصُورُ بن خَميس بن محمد بن إبراهيمَ اللَّخْميّ. 96 - محمدُ بن سُليمانَ الدَّكاليُّ، أبو عبد الله. رَوى بإشبيلِيَةَ عن أبي العبّاس ابن الرُّوميّة (¬3). 97 - محمدُ بن سُليمانَ اللَّمْتُونيُّ. وأظُنُّه أخا عُمرَ بن ذِمَام (¬4) لأُمِّه. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ (¬5). 98 - محمدُ بن سير بن محمد بن عُمرَ اللَّمْتُونيُّ. رَوى عن عَبّاد بن سِرْحان. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن بشكوال في الصلة (1285)، والضبي في بغية الملتمس (127)، وابن الأبار في المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (115)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 660. (¬2) لكن ذكره في معجم أصحاب الصدفي، كما تقدم في التعليق السابق، فكانه لم يطلع على ذلك لأنه لم يذكر روايته عن أبي علي الصدفي، وقد سمع من أبي علي بمرسية، كما أنه لم يقف على وفاته، وقد توفي بالمرية في صفر سنة ستٍّ وثلاثين وخمس مئة، ولم يعرف أن ابن بشكوال ذكره في "الصلة" وفي مشيخته. (¬3) هو المعروف بالنباتي، وتقدمت ترجمته المطولة في السفر الأول (758). (¬4) تقدمت ترجمته في الرقم (24). (¬5) لم يذكره ابن الأبار في "المعجم".

99 - محمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن بن سليمان الأزدي، سبتي قرطبي الأصل، انتقل منها أبوه إلى سبتة، أبو عبد الله الأزدي

99 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن سُليمانَ الأَزْديُّ، سَبْتيٌّ قُرطُبيُّ الأصل، انتَقلَ منها أبوه إلى سَبْتَة، أبو عبد الله الأَزْديُّ. رَوى عن أبوَيْ بكر: ابن مالكٍ -ولقِيَه بشَرِيشَ وأجاز له- ويحيى بن خَلَف الهَوْزَنيِّ، وأبي جعفر بن يحيى الخطيبِ بقُرطُبةَ -وبها لقِيَه- وأبي الحَجّاج بن عبد العزيز الشّفة، وآباءِ الحَسَن: ابنَي الأحمدَيْن: الجَيّانيّ -وأكثَرَ عنهُ- وابن خُمَيْر وابن خَرُوف النَّحْويِّ وابن محمد ابن الحَصّار، وأبي الحُسَين ابن الصائغ، وأبي ذَرّ بن أبي رُكَب، وأبي الصَّبر الفِهْرِيّ، وأبوَيْ عبد الله: التُّجِيبيِّ -وأكثَرَ عنه- وابن حَسَن بن عَطِيّة بن غازي، وأبوَيْ عبد الله: ابن محمد بن عيسى التَّميميِّ والعَزَفيِّ، وآباءِ محمد: الحَجريِّ -وأكثَرَ عنهُ- وابن حَوْطِ الله، وعبد الجليل بن موسى، لقِيَ هؤلاءِ. وأجاز له ولم يلقَهُ من أهل الأندَلُس والمغرِب: أبو بكر بنُ أبي جَمْرةَ، وأبو الحُسَين بن زَرْقون، وأبَوا الخَطّاب: ابنُ الجُمَيِّل وابن واجِب، وأبَوا عبد الله: ابنُ أيّوبَ بن نُوح وابن خَلَف ابن نَسْع، وأبَوا العبّاس: ابن سُليمانَ بن طالبِ بن محمد ابن عَرَب بن البقاءِ المُرِّيُّ عُرِف بابن أبيَضَ؛ وابن عبد الرّحمن ابن مَضَاءٍ، وأبو العطاءِ بنُ نَذِير، وأبو القاسم بن بَقِيّ، وعبدُ الرّحيم ابن المَلْجوم، وآباءُ محمد: ابن جُمهُور وابن محمدٍ التادَليُّ، وعبد المُنعِم ابن الفَرَس، وأبو موسى القُزُوليُّ. ومن أهل المشرِق جماعةٌ وافرةٌ من أهل مِصرَ والإسكندَريّة: أبو قاسم هبةُ الله بن عليّ بن ثابتِ بن مَسْعود الأنصاريُّ البُوصِيريُّ، [وتقيُّ الدِّين أحمدُ] ابن طارقِ بن سِنَان، وعبدُ الملِك بن عيسى بن دِرْياس، وحَسَنُ بن .... القاسم الصّقِلِّيُّ المَدَنيُّ، وعبدُ الله بن خَلَف بن رافِع المِسْكيُّ، و [حاتمُ بن سنان بن بشر] الجرميُّ الحَبْلي (¬2)، وإسماعيلُ بن صَالح بن أنَس بن عدنانَ اللَّخْميُّ، ¬

_ (¬1) ترجمه الرعيني في برنامجه 168 - 169، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 30. (¬2) منسوب إلى حَبْلة، من أعمال الرملة، قيدها المنذري في التكملة 1/الترجمة 694، وهو مترجم في وفيات سنة 598 هـ منها، وفي تاريخ الإسلام 12/ 1139 وكانت وفاته بمصر.

و [ربيعةُ بن الحَسَن بن] عليّ بن عبد الله اليَمَني (¬1) الحَضْرَميُّ، وعبدُ الغنيِّ بن عبد الواحد بن علي [المَقْدِسيُّ،] وآباء الحسن العَلِيّانِ: ابن محمد بن يوسُفَ بن خَرُوفٍ القُرطُبيُّ، وابن المُفضَّل المَقْدِ [سيُّ، ....] بن عبد الرّحمن بن أحمدَ الأنصاريُّ، وأبَوا عبد الله: المحمّدانِ: ابن أحمدَ بن حامدِ [بن مُفرِّج] بن غِيَاث الأرْتاحيُّ، وابن سَعِيد بن الحُسَين بن محمد بن سَعِيد المأمونيُّ، [وعليُّ] بن يوسُفَ بن عبد الله بن بُنْدارٍ الدِّمشقيُّ، وعُمَرُ بن يوسُفَ بن عُلْوانَ الأسَديُّ ابن الأستاذ، والشّريفُ أبو هاشم عبدُ المطّلب بن أبي المَعالي الفَضْل بن عبد المطّلبِ ابن الحُسَين بن أحمدَ بن الحُسَين بن محمد بن الحُسَين بن عبد الرّحمن بن عبد الملِك بن صَالح بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس بن عبد المطلب الهاشميُّ رئيسُ الحنَفيّة بحَلَب (¬2). ومن أهل دمشقَ: أبو طاهرٍ بَرَكاتُ بن إبراهيمَ بن طاهر بن بَرَكات الخُشُوعيُّ، وأبو محمد عبدُ الصّمد بن جَوْشَن بن مُفرِّج بن مزروع التَّنُوخيُّ، وأبو البَرَكات عَقِيلُ بن أبي الحُسَين بن أبي الجنّ الحُسَيْنيُّ، وأبو اليُمن زَيْد بن الحَسَن بن زَيْد بن الحَسَن بن سَعْد بن عِصْمةَ الكِنْديُّ. ومن أهل حَرّان: أبو الثّناء حَمّاد بن هبة الله بن حَمّاد، وأبو عبد الله محمدُ بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية، وأبو محمدٍ عبدُ القادر بن عبد الله الرُّهاويُّ. ومن أهل المَوْصِل: نَصْرُ الله بن سَلامةَ بن سالم الهيتي (¬3)، وعبدُ الجَبّار ابن أبي الفَضْل بن أبي الفَرَج بن حمزةَ الحُصْريُّ، وفِتْيانُ بن أحمدَ بن محمد ¬

_ (¬1) في الأصل: "اليمان"، وما أثبتناه من مصادر ترجمته (وتنظر التكملة للمنذري 2/الترجمة 1246 والتعليق عليها، وتاريخ الإسلام 13/ 212). (¬2) هو المعروف بافتخار الدين، توفي سنة 616 هـ (الذهبي: تاريخ الإسلام 13/ 477). (¬3) في الأصل: "المليني"، محرفة، وما أثبتناه هو الصواب، وهو منسوب إلى "هيت" البلدة المشهورة على الفرات، قائمة إلى اليوم وفيها قبر عبد الله بن المبارك، وتنظر ترجمته في تاريخ الإسلام 12/ 1159.

ابن سَمْنِيّة (¬1)، وأبو القاسم عبدُ المُحسِن بن أبي الفَضْل عبد الله بن أحمدَ بن محمد بن عبد القاهر الطُّوسيُّ. ومن أهل بغدادَ: أبو محمدٍ عبدُ العزيز بن محمود بن المبارَك بن الأخضَر، وأبو القاسم سَعِيدُ بن محمد بن محمد بن عَطّافٍ الهَمَذانيُّ، وأبو محمد عبدُ الله بن دِهبل بن عليّ بن منصُور بن كارِه الحَرِيميُّ، وأبو الفُتوح يوسُفُ بن أبي بكرٍ المباركُ بن كامل بن أبي غالبٍ الخَفّاف، ومحمد بن هبةِ الله بن كامل الوكيلُ، وعبدُ الرزّاق بن عبد القادر بن أبي صَالح الجِيليُّ، وإبراهيمُ بن محمد بن بَكْروس، وضياءُ الدِّين أبو أحمدَ عبدُ الوهاب بن عليّ بن عليّ بن عُبَيد الله بن سُكَيْنة، وأحمدُ بن محمد بن محمد [....] (¬2)، وعبد السّلام (¬3) بن عبد الرّحمن بن عليّ بن سُكَيْنةَ، والأنجَبُ بن أبي [السَّعادات بن محمد] (¬4) بن عبد الرّحمن الحَمَّاميُّ، وأبو محمدٍ أحمدُ بن إبراهيمَ بن عبد الوهّاب، وأبو حَفْص عُمرُ بن محمد السُّهْرَوَرديُّ، وأبو الفَضْل عبدُ الواحِد [بن عبد السلام بن] سُلطانَ (¬5)، وأبو بكرٍ محمدُ بن المبارَك بن محمد بن محمد بن مَشِّق، ويَعِيشُ بن [ريحان بن مالك ¬

_ (¬1) في الأصل: "سمينة"، محرفة، وقيده المنذري بالحروف فقال: "بفتح السين المهملة وسكون الميم وكسر النون وتشديد الياء آخر الحروف" (التكملة 2/الترجمة 1398، وينظر المشتبه للذهبي 369)، وترجمه الذهبي في وفيات سنة 612 هـ من تاريخ الإسلام 13/ 348. (¬2) ممحو في الأصل، ولعله أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسين ابن الفراء، أبو العباس الحنبلي المتوفى سنة 611 هـ. (¬3) توفي عبد السلام هذا سنة 627 هـ، وهو مترجم في تكملة المنذري 3/الترجمة 2278، وتاريخ الإسلام 13/ 838 وغيرهما. (¬4) ما بين الحاصرتين ممحو في الأصل، واستفدناه من ترجمة المذكور في تاريخ ابن الدبيثي 2/ 552، وتكملة المنذري 3/الترجمة 2794، وتاريخ الإسلام 14/ 170، وسير أعلام النبلاء 23/ 14 وغيرِها، وتأخرت وفاته إلى سنة 635 هـ. (¬5) هو أبو الفضل الأزجي البيّع (تاريخ الإسلام 13/ 99).

الأنباريُّ] (¬1)، وعبدُ الرّحمن بن يحيى بن مُقبِل ابن الصَّدْر، وأحمدُ بن هبة الله بن العلاء، [وأبو الكَرَم] عبدُ السّلام بنُ أبي القاسم المبارَك (¬2) بن أحمدَ بن صَبُوخا (¬3)، وأبو عبد الله [الحُسَينُ] بن أحمدَ بن الحُسَين بن أحمدَ بن عبد الله بن أيّوب، وأبو يَعْلَى حمزةُ بن عليّ بن حمزةَ القُبَّيْطيُّ الحَرّانيّ، وأبو الحَسَن عليُّ بن محمد ابن عليّ المَوْصِليُّ الأصل، وأبو القاسم بن يوسُف بن أبي الكرم (¬4) بن أبي الحَسَن بن صَبُوخا، وأبو يوسُفَ سُليمانُ بن محمد بن عليّ المَوْصِليُّ الأصل، وعبدُ اللّطيف بن أبي النَّجِيب السُّهْرَوَرْديُّ، ومحمدُ بن عليّ بن يحيى بن عليّ بن محمد ابن الطَّرّاح، وأبو محمدٍ عبدُ العزيز بن مَعالي بن غَنِيمةَ بن مَنِينا (¬5)، وأبو ¬

_ (¬1) ما بين الحاصرتين ممحو في الأصل سوى خيال "الأنباري"، واستفدناه من تكملة المنذري 3/الترجمة 2078، وتاريخ الإسلام 13/ 728 وهو أنباري الأصل بغدادي الدار حنبلي توفي سنة 622 هـ. (¬2) في الأصل: "بن المبارك" وهو خطأ ظاهر، فهو عبد السلام بن المبارك بن أحمد بن عبد السلام، أبو الكرم الظفري المعروف بابن صبوخا، ترجمه ابن الدبيثي في تاريخه 4/ 115، والمنذري في التكملة 2/الترجمة 926، وابن الساعي في الجامع المختصر 9/ 186، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 63، وقد سمع منه ابن الدبيثي، وذكر أنه توفي في ليلة الخميس العشرين من رجب سنة 602 هـ ودفن يوم الخميس بباب أبرز. (¬3) في الأصل: "صبوحا" بالحاء المهملة، مصحف، وقيده الصفدي في الوافي بالحروف (6/ 225). (¬4) في الأصل: "بن علي الكرد" ولا معنى لها، ولعله هو المترجم في تاريخ ابن الدبيثي 2/ 199!؟ (¬5) في الأصل: "بن سينا"، وهو تحريف، وهو عبد العزيز بن معالي بن غَنِيمة بن الحسن المقرئ، أبو محمد المعروف بابن منينا المتوفى سنة 612 هـ، ومنينا، قيده المنذري بالحروف فقال: "بفتح الميم وكسر النون وسكون الياء آخر الحروف وبعدها نون مفتوحة" (التكملة 2/ الترجمة 1443)، وترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال 1/ 190 و 4/ 126 و 5/ 352، وابن الدبيثي في تاريخه 4/ 140، والذهبي في التاريخ 13/ 340 والسير 22/ 33 والمختصر المحتاج 3/ 48 والمشتبه 448 و 591 والعبر 5/ 41 وغيرهم.

عبد الله محمدُ بن أبي المعالي (¬1) بن مَوْهوب بن جامِع بن عَبْدون ابن البَنّاء، والحَسَن بن أبي سَعِيد بن سَعْد الله ابن البَوّاب، وعبدُ الله بن عثمان ابن قُدَيْرة (¬2)، وأبو إسحاقَ يوسُفُ بن أبي حامدٍ محمد بن أبي الفَضْل محمد بن عُمَرَ بن يوسُف الأرمَويّ، والمبارَكُ بن أنوشْتكِين بن عبد الله، ومحمد بن أبي الفَتْح (¬3) بن عبد الرّحمن ابن عَصِيّة (¬4) الحَرّانيّ، ومحمدُ بن عليّ بن فارس القُبَّيْطيُّ الحَرّانيّ -أخو أبي يَعْلى وهو الأصغر- وسَعِيدُ بن محمد بن سَعِيد الرَّزّاز، وعبد الغنيّ بن أبي القاسم ابن البُنْدار، وعبد الله بن عُمَرَ اللَّتِّي، وظَفَرُ بن سالم بن عليّ ابن البيطار، وأرْمانوسُ ابن عبد الله الرُّوميُّ عَتِيقُ ابن الزُّيْنَبيّ، وعبدُ الله بن صافٍ الخازِنيُّ عَتِيقُ ابن الخازِن (¬5)، وإسماعيلُ بن سَعْد الله بن محمد بن عليّ بن حَمْدي، ونَفِيس بن [أبي] (¬6) ¬

_ (¬1) اسمه عبد الله، وهو مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 1/ 387، وتكملة المنذري 2/الترجمة 1438، وتاريخ الإسلام 13/ 349، وسير أعلام النبلاء 22/ 58 وغيرها. (¬2) في الأصل: "ووزيرة"، وما أثبتناه هو الصواب، وهو عبد الله بن عثمان بن محمد بن الحسن الدقاق يُعرف بابن قديرة، توفي سنة 612 هـ، ترجمه ابن الدبيثي في تاريخه 3/ 471، والمنذري في التكملة 2/الترجمة 1420 وقيد "قديرة" بالحروف، وابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب 4/الترجمة 1085، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 339 وغيرهم. (¬3) أبو الفتح اسمه المبارك، وأما كنيته هو فأبو الرضا، وهو من أهل الحربية، ذكره ابن الدبيثي في تاريخه 2/ 100 ولم يذكر وفاته لتأخرها عن النشرة الأخيرة لكتابه التي وقفت عند سنة 621 هـ، والمترجم توفي سنة 628 هـ، وهو مترجم في إكمال ابن نقطة 4/ 176، وفي التقييد، له 114، وتكملة المنذري 3/الترجمة 2324، وتاريخ الإسلام 13/ 869 وغيرها. (¬4) عصية، مختلف في تقييده، فقد قيّده بعضهم بضم العين المهملة مصغرًا، وقيّده آخرون بفتحها، وهو الراجح، وقد غَلّط الحافظ ابن نقطة من قيّده بالضم. (¬5) قال جمال الدين ابن الدبيثي: "كان أبوه مولًى لرجل يُعرف بحُسين الخازن فنُسِب إليه، هكذا ذكر عبد الله هذا وقال لي: قرأت ... " إلخ، فهو ليس "ابن الخازن"، وتوفي عبد الله هذا بالمارستان العضدي ببغداد سنة 603 هـ ودفن بمقبرته (تاريخ ابن الدبيثي 3/ 460). (¬6) زيادة متعينة من تاريخ ابن الدبيثي 4/ 82، وتكملة المنذري 3/الترجمة 1788، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 565.

البَرَكات بن حُفْنا (¬1) الزَّعيميُّ (¬2). ومن أهل إربِل: أبو حَفْص عُمرُ بن محمد بن طَبَرْزَد الدّارْقَزِّيُّ، وأبو علي حنْبلُ بن عبد الله بن فَرَج البغداديُّ الرُّصافيُّ المُكبِّر (¬3). ومن أهل واسِطَ: أبو الفَتْح (¬4) بنُ أحمد بن بَخْتِيار بن عليّ بن محمد بن المندَائيِّ، وعليّ بن عليّ بن المبارك بن نغوبا (¬5)، وأبو طالبٍ عبدُ الرّحمن بن محمد بن عبد السّميع بن عبد الله بن عبد السّميع بن عليّ بن القاسم بن الفَضْل بن أحمدَ بن جعفرِ بن سُليمانَ بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس، وأبو الحَسَن عليّ بن أحمد بن سعيد (¬6) الدّبّاس. رَوى عنه أبو العبّاس بن فَرتُون، وأبو القاسم محمدُ بن عبد الرّحيم بن الطيب وغيرُ واحد من أهل سَبْتةَ. وحدّثنا عنه من شيوخِنا أبو الحَسَن [الرُّعينيُّ، وأبو القاسم ...] وأبو محمدٍ مَوْلى سَعيد بن حَكَم، وكان شيخُنا أبو الحَسَن كثيرًا [ما يَعِدُني باستجازته لي فلم] يَقْضِ. ¬

_ (¬1) في الأصل: "حفني"، وما أثبتناه هو الصواب، قيده المنذري بالحروف فقال: "بضم الحاء المهملة وسكون الفاء وفتح النون". (¬2) قال الزكي المنذري: "قيل: كانت أمه من موالي زعيم الدين يحيى بن جعفر صاحب المخزن فنُسب إليه، وربي مع أولاده، وسمع معهم". (¬3) هكذا نسبهما المؤلف لإربل فما أصاب، فهما ليسا من أهلها، وإنما ذهبا إليها فحدثا بها، كما في تاريخ إربل لإبن المستوفي، وهو أمر معلوم بداهة في ترجمتهما. (¬4) اسمه محمد، وهو مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 1/ 214 وفيه مصادر ترجمته الكثيرة. (¬5) في الأصل: "نقويا"، محرف، وهو مقيّد ومترجم في إكمال ابن نقطة 1/ 423، وتكملة المنذري 2/ الترجمة 1364، وتاريخ الإسلام 13/ 318، وسير أعلام النبلاء 22/ 24 وغيرها. (¬6) في الأصل: "سعد"، محرف، وهو مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 4/ 398، وتاريخ ابن النجار 3/ 58، وتكملة المنذري 2/الترجمة 1160، وتاريخ الإسلام 13/ 165، وميزان الاعتدال 3/ 113 وغيرها.

100 - محمد بن عبد الله بن حسن الزرهوني، فاسي [الأصل، أبو] عبد الله، ابن الزق

وكان شيخًا جليلًا مُسِنًّا راويةً مُكثرًا عَدْلًا ثقةً، [أكثَرُ مرويّاتِه عن أبي عبد] الله بن الغازي، وأبي محمدٍ الحَجريّ، وجماعةٍ من شيوخِه القُدماء: [بالسّماع عن جُلّهم و] بالإجازةِ عن بعضِهم. وكان فقيهًا عاقدًا للشّروط جيِّدَ الخطّ، [وَليَ خُطّةَ القضاءِ] بسَبْتةَ وعُرِفَ بالنّزاهة في أحوالِه واستقامةِ الطريقة في متصرَّفاتِه. [وُلد بسَبْتةَ إمّا] سنةَ سبع وإمّا سنةَ ثمانٍ وستّينَ وخمس مئة، وتوفِّي بها ليلةَ الثلاثاءِ [السابعةِ والعشرينَ] (¬1) من رمضانِ ستينَ وست مئة. 100 - محمدُ (¬2) بن عبد الله بن حَسَن الزَّرْهُونيُّ، فاسيُّ [الأصل، أبو] عبد الله، ابنُ الزِّقّ. أخَذَ بفاسَ عن جماعةٍ، ثم رَحَلَ إلى الأندَلُس طالبًا العِلمَ، فأخَذَ بمُرْسِيَةَ عن أبي عبد الله بن حَمِيد ولازَمَه، وأبي القاسم بن حُبَيْش، وبقُرطُبةَ وغيرِها عن محمدِ بن مَسْعود، وأبي الوليد بن رُشْد الصَّغير، وببِجَايةَ عن أبي عبد الله بن إبراهيمَ الأصُوليِّ، وأبي محمدٍ عبد الحقِّ ابن الخَرّاط. وعاد إلى فاسَ، ثم انتَقلَ منها إلى جبلِ زَرْهُونَ فاستَوطنَه. رَوى عنه أبو العبّاس ابن فَرْتُون. وكان من جِلّة النَّحْويِّين وكبار الأُستاذِين، مبرِّزًا في الذّكاء والتيقُّظ، مُشرِفًا على علوم الأوائل، متقدِّمًا في علم الكلام وأصُولِ الفقه. درَّس ما كان عندَه طويلًا، وانتَفعَ به خلقٌ كثير، وله معَلَّقاتٌ مفيدةٌ وتنبيهاتٌ نبيلة على "كتابِ سِيبوَيْه" وغيرِه ممّا كان يَنتحلُه من العلوم. وتوفِّي بجبل زَرْهُونَ. ¬

_ (¬1) محو في الأصل، وفي صلة الصلة: "توفي رحمه الله ليلة الاثنين السادس والعشرين من رمضان سنة ستين وست مئة". وذكر ابن الزبير في ترجمة المذكور أيضًا أنه "كان له مال ورثه عن أبيه وأنفقه في رحلته على الفقراء والمنتمين إلى التصوف حتى نفد وتحرف ببلده بالتوثيق". (¬2) له ترجمة في صلة الصلة 3/الترجمة 19، وفيها أن المترجم "من أهل زرهون: جبل بالمغرب من حوز مكناسة".

101 - محمد بن عبدالله بن سعيد، تلمسيني، أبو عبدالله

101 - محمدُ بن عبدالله بن سَعِيد، تِلِمْسينيٌّ، أبو عبدالله. رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرة (¬1). 102 - محمدُ (¬2) بن عبد الله بن طاهرٍ الحُسَينيُّ، فاسيٌّ؛ أبو عبد الله، ابنُ الصَّيْقَل. رَوى عن أبي إسحاقَ بن قُرقُول (¬3). رَوى عنه أبو الحَسَن ابنُ القَطّان، وأبو عبد الله بن حَمّاد العجلانيُّ (¬4) وكان راويةً للحديثِ، حافظًا لمُتونِه، بَصيرًا بعِلَلِه، عارفًا برجالِه، مُشرفًا على طبقاتِهم وتواريخِهم، عُنيَ بهذا الشأنِ أتمَّ عناية، ودرَسَه ببلدِه، واستدرَكَ على "الأحكام الكبرى" لعبد الحقِّ أحاديثَ كثيرةً في أكثرِ الكُتُب رأى أنّ أبا محمد أغفَلَها وأنّها أَوْلى بالذِّكْر ممّا أورَدَه أبو محمدٍ في "الأحكام"، دَلّ ذلك على حُسن نَظَرِه وجَوْدةِ اختيارِه، ومال وقتًا في فاسَ إلى التحليق بالوعظِ والتذكير فانجَذَبت نفوسُ الناس على طبقاتِهم إليه، وكان وَقُورَ المجلس نظيفَ الملبَس جميلَ الشّارة. [وَلاه الناصرُ، من] بني عبد المؤمن، قضاءَ الجماعة بعدَ وفاةِ أبي عبد الله [محمد بن مَرْوانَ (¬5)، فكان] محمودَ السِّيرة، مشكورَ الأحوال، صادعًا ¬

_ (¬1) لم يذكره ابن الأبار في "المعجم". (¬2) ترجمه المراكشي في المعجب 392، وابن الأبار في التكملة (1736)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/ الترجمة 14، والذهبي في المستملح (341) وتاريخ الإسلام 13/ 197، والمراكشي في الإعلام 4/ 160. (¬3) في الأصل: "فرتون" خطأ، وما أثبتناه من التكملة الأبارية، وقال ابن الزبير: (روى عن ابن حنين، وابن الرمامة، وغيرهما". (¬4) في صلة الصلة: "روى عنه شيخنا أبو الحسن الغافقي (أي الشاري) ووثقه، وكان -كما قال- واحد وقته فصاحة وخطابة ومشاركة في العلوم الدينية". (¬5) كانت وفاة القاضي ابن مروان في سنة 601 هـ وقد ذكر صاحب المعجب أن المترجم هو الذي ولي قضاء الجماعة من بعده، وفي الذخيرة السنية أنه ولي قضاء الجماعة للمنصور.

103 - محمد بن عبد الله بن عبد الكريم الأنصاري، طنجي، [أبو عبد الله

بالحقّ (¬1)، جَزْلًا مَهِيبًا [مشهورَ العَدْل إلى أن] توفِّي بإشبيلِيَةَ سنةَ ثمانٍ وست مئة، وقد قَدِمَ الأندَلُسَ غازيًا [معَ الناصِر من بني] عبد المؤمن (¬2). 103 - محمدُ (¬3) بن عبد الله بن عبد الكريم الأنصاريُّ، طَنْجيٌّ، [أبو عبد الله. رَوى] عن أبي بكر ابن العَرَبيّ، وأبي الحَسَن يونُسَ بن مُغيث، وأبي مَرْوان بن [مَسَرّةَ. رَوى عنه] أبو العبّاس العَزَفيُّ، وأبو محمدٍ الناميسيُّ. وكان من أهل الأدب. [وُلد بطَنْجةَ، وبها] توفِّي سنةَ خمسٍ وثمانينَ وخمسِ مئةٍ أو نحوِها. 104 - محمدُ (¬4) بن عبد الله بن [عيسى] الكُتَاميُّ، سكَنَ قَصْرَ عبد الكريم، أبو عبد الله، ابن المَدَرة. صَحِبَ أبا العبّاس ابنَ العَرِيف، وتأدَّبَ في النّحوِ بأبي القاسم ابن الأبْرَش. رَوى عنه أبو الرّبيع الخُشَنيُّ، وأبو محمد بن فَلِيج، وكان متحقِّقًا بعلوم اللّسان بارعًا في الأدبِ منها. 105 - محمدُ (¬5) بن عبد الله بن محمد بن عيسى بن حُسَين التَّميميُّ، سَبْتيٌّ، أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) نقل ابن الزبير عن برنامج الشاري ما يلي: "وولي قضاء الجماعة ولم يعرف له في أحكامه ميل ولا قبول هدية ولا غير ذلك، قال: ورماه أحد شهود مراكش ممن كان يردّ شهادته لما صح فيه عنده بما لا يليق به قال: وتعصب على هذا الشخص الفاضل السني في قصة ذكرها والله أعلم بحقيقه ذلك". (¬2) في الذخيرة السنية أنه مات بإشبيلية بعد رجوعه من غزوة العقاب سنة تسع وست مئة. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1730)، والذهبي في المستملح (336) وتاريخ الإسلام 12/ 807. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1361)، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 150. وقال ابن الأبار: "وأحسبه من الغرباء". (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1727)، والذهبي في المستملح (334).

106 - محمد بن عبد الله بن محمد بن عيسى بن محمد بن عبد الوهاب بن يوسف بن محمد بن دادوش اليفرني، فاسي، أبو عبد الله، ابن دادوش

رَوى عن أبيه، وأبي الفَضْل عِيَاض. رَوى عنه أبو الحُسَين بنُ جُبَيْر. كان محدِّثًا عاليَ الروايةِ فاضلًا. 106 - محمدُ (¬1) بن عبد الله بن محمد بن عيسى بن محمد بن عبد الوهّاب بن يوسُفَ بن محمد بن دادوشَ اليَفْرَنيُّ، فاسيٌّ، أبو عبد الله، ابن دادوش. رَوى عن آباءٍ بكر: ابن آسيَةَ، وابن أبي جَمْرةَ، وابن أبي زَمَنِين، وأبي جعفرٍ ابن مَضَاء، وأبي الحَسَن نَجبَةَ، وأبي ذرٍّ ابن أبي رُكَب، وأبوي العبّاس: ابن سُعود، واختَصَّ به كثيرًا، والقوارئيِّ الشاعر، وأبي (¬2) عُمرَ بن عاتٍ، وأبي القاسم عبد الرّحمن ابن المَلْجوم، وأبي محمدٍ التادَليِّ. رَوى عنه أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ شيخُنا، وأبو عبد الله ابن الموّاق، وأبو العبّاس بن فَرتُون. وكان فقيهًا حافظًا، ذاكرًا الآدابَ والتواريخَ، حَسَنَ المحادَثة ممتِعَ المحاضَرة، بهيَّ المنظر، جميلَ الرُّواء، نظيفَ الملبَس، سَرِيَّ الهمّة. استُقضيَ بغيرِ موضِع فشُكرت سِيَرُه، وارتَسَم بالعدالةِ والنَّزاهة والجَزالة وإعداءِ المظلوم على الظالم. وامتُحنَ بأسْرِ العدوِّ الرُّوميِّ إيّاه في البحرِ، نفَعَه الله، واحتُمِل إلى أَشْبُونةَ ثم افتُكّ. أنشَدتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ رحمه اللهُ، ونقَلتُه من خطِّه، قال: وكتَبَ إليّ بخطِّه ومن قولِه -يعني أبا عبد الله ابنَ دادوش-[من البسيط]: ¬

_ (¬1) ترجمه الرعيني في برنامجه 203 - 205، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 21 وهو فيه: "محمد بن محمد بن عيسى"، فكأن اسم والده سقط من المطبوع، ونقل عنه ابن عذاري في "البيان المغرب" أخبارًا تتعلق بنكبة الوزير الكاتب ابن عطية وآخر أيام المنصور، كما نقل عنه شعرًا في وفاة المنصور، وتدل نقوله أن له كتابًا في التاريخ (ينظر البيان المغرب 36، 205، 206). وفي الترجمة محو أكملناه من الترجمتين المذكورتين. (¬2) في الأصل: "وابن"، وهو تحريف.

107 - محمد بن عبد الله بن مالك الكلبي، أبو عبد الله، زبريج

يا ماجدًا لرُعَيْنٍ ينتمي حسَبًا ... شِكايتي دونَ شكٍّ أنت تُبرِيها سفينةُ الوعدِ في بحرِ الرّجا وقَفَتْ ... [فامنُنْ برِيح من الإنجازِ تُجريها] قال: وأنشَدَ لنفسِه في دُولابٍ -يعني ابنَ دادوش-[من المتقارب]: وباكيةٍ لم تُرَعْ للنَّوى ... ولا عَرفَتْ رفَراتِ [الهوى] تئنُّ أنينيَ يومَ استقَلَّ ... رِكابَ سُلَيْمى بذاتِ [اللِّوى] إذا أسبَلتْ دمعَها في الصَّعيـ ... ــــدِ أينَعَ كلّ قضيبٍ [ذَوَى] وُلد بفاسَ في ذي قَعْدةِ تسعٍ وستّينَ وخمسِ مئة، وتوفِّي بسَبْتَة [صَدْرَ تسع وثلاثينَ] وست مئة. 107 - محمدُ بن عبد الله بن مالكٍ الكَلْبيُّ، أبو عبد الله، زبريج (¬1). رَوى عن [أبي ....] (¬2) ابن الجائزةِ الإشبيليِّ، وأبي عبد الله ابن الرَّمّامة، وأبي العبّاس بن عليّ [الزَّرْهُونيِّ] (¬3) الزِّيَاديِّ المِكْناسيِّ مكناسةَ الزّيتون، وأبي عثمانَ سَعِيد بن خَليفةَ. رَوى عنه يوسُفُ البَهْرانيُّ (¬4). وكان فقيهًا عارفًا حافظًا للمسائل بَصيرًا بالفَتْوى في النّوازل. استُقضيَ وقتًا. وله مصنَّفٌ في الصلاة حَسَنٌ تلقَّاه الناسُ بالقَبولِ وحمَلُوهُ عنه ونفَعَ اللهُ به خلقًا كثيرًا. 108 - محمدُ بن عبد الله بن مُبشّرِ بن عبد الله بن يونُسَ بن عِمْرانَ القِيْسيُّ، مِكْناسيٌّ مكناسةَ الزّيتون، أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل، وضبّب عليها الناسخ. (¬2) ممحو في الأصل، ووقفنا على ترجمة أبي زكريا يحيى ابن الجائزة الشريشي (تحفة القادم: 35). (¬3) ممحو في الأصل وأكملناها من ترجمته في التكملة (320)، وهو أحمد بن علي. (¬4) ذكره المؤلف في السفر الأول في ترجمة أحمد بن مسعود (828) وقال: "روى عنه يوسف بن أحمد البهراني".

109 - محمد بن عبد الله بن مصالة الفازازي ثم الركلاوي، مكناسي مكناسة الزيتون، استوطن بأخرة فاس، أبو عبد الله، ابن عبو

وهو قريبُ الزاهدِ أبي عِمرانَ المارْتُليِّ (¬1). كان كاتبًا مجُيدًا شاعرًا محُسِنًا بارعَ الخَطّ، حيًّا بعدَ العشرينَ وست مئة. 109 - محمدُ (¬2) بن عبد الله بن مصالةَ الفازَازيُّ ثم الرِّكْلاويُّ، مِكْناسيٌّ مكناسةَ الزّيتون، استَوطنَ بأخَرةٍ فاسَ، أبو عبد الله، ابنُ عبو. رَوى عن أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ (¬3)، وأبي الفَضل عِيَاض (¬4). رَوى عنه أبو عبد الله بنُ عليّ بن هشام شيخُنا، وأبو العبّاس ابنُ فَرتُون (¬5). وكان شيخًا فاضلًا مُعتنيًا بتفسيرِ القرآن العظيم مشهورًا بمعرفتِه، درَّس زمانًا طويلًا وعُمِّر كثيرًا وعَلَتْ روايته، فكان من آخِر السامعينَ على شيخَيْهِ المذكورَيْن (¬6). 110 - محمدُ بن عبد الله بن يَلُوسْفَان -بياءٍ مَسْفول مفتوح ولام وواوِ مَدّ وسينٍ غُفْل ساكن وكافٍ (1) وألفٍ ونون- ابن عبد الرّحمن بن عُمرَ بن سَنْتَل ¬

_ (¬1) ترجمته في التكملة (1783)، وتحفة القادم (58)، والمغرب 1/ 406 - 407، والغصون اليانعة 136 - 138، وصلة الصلة 3/الترجمة 50، وتاريخ الإسلام 13/ 805 وغيرها. وانظر أيضًا برنامج الرعيني (الفهرس) ونفح الطيب (الفهرس). (¬2) له ترجمة في صلة الصلة 3/الترجمة 16 وبغية الوعاة 1/ 147 نقلًا عن النضار لأبي حيان. قال أبو حيان في توجيه اسم عبو: "وهم (أي المغاربة) يسمون عبد الله: عبو، ومحمدًا: حمو" قلنا: تحرف الاسمان في طبعة البغية إلى عبود وحمود، والوجه ما ذكرناه. هذا والمترجم ممن يستدرك على مؤلف جذوة الاقتباس. (¬3) في صلة الصلة أنه روى عنه بإشبيلية الموطأ والصحيحين وغير ذلك. (¬4) في صلة الصلة أنه سمع عليه كتاب "الشفا" وغير ذلك. (¬5) في بغية الوعاة: "روى عن أبي إسحاق الكمال وأبي جعفر ابن فرتون الحافظين" وهذا وهم ولا يتفق مع ما ذكره المؤلف، ويبدو أن سوء النقل أو سرعته هما السبب في تحريف عبارة: "روى عنه" إلى "روى عن". كما تحرفت الكماد إلى الكمال. ويؤكده قول ابن الزبير: "وذكره الشَّيخ في الذيل وروى عنه هو وأبو إسحاق ابن الكماد الحافظ وغيرهما". (¬6) لم يذكر المؤلف تاريخ ميلاده ولا وفاته، وقال ابن الزبير: كتب لبعض من أخذنا عنه بتاريخ سنة إحدى عشرة وست مئة.

111 - محمد بن عبد الله، صقلي، أبو عبد الله

-بسين غُفْل مفتوح ونونٍ ساكن وتاء مَعْلوّ مفتوح ولام- (¬1) ابن يَزيدَ الزَّنَاتيُّ ثم اليَفْرَنيّ، نزيلُ دكالةَ، عبدُ ابنِ أبي عامر (¬2). كذا نقلتُ اسمَه ونَسَبَه وتوليه من خطِّه. رَوى عن إبراهيمَ بن طلحةَ ابن العَطّار، وأبي القاسم بن غالبٍ الشَّرّاط. 111 - محمدُ (¬3) بن عبد الله، صِقِليّ، أبو عبد الله. رَوى عن أبي الحَسَن عليِّ بن أبي بكر الرَّبَعيِّ اللَّخْميِّ الفقيه (¬4). قَدِمَ الأندَلُسَ فسُلبَ في الطريق إلى غرناطةَ ودخَلَها سَليبًا، واستقَرَّ فيها يُروِّي النَّاسَ إلى أن [توفِّي سنةَ ثمانِ عشْرةَ] وخمسِ مئة. 112 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن موسى، [أبو عبد الله، ابنُ الحاجّ]. رَوى عن أبي إسحاقَ بن قُرقُول، وأبي بكرٍ عبد الرحيم. 113 - محمدُ بن عبد الرّحمن بن يحيى بن أحمدَ ابن الحاجِّ عبد الله [بن محمد بن عبد الله] (¬5) بن محمد المَغِيليُّ، فاسيٌّ؛ أبو عبد الرّحمن المَغِيليُّ (¬6). ¬

_ (¬1) كذا بالأصل مع أنه رسم بالفاء في الكلمة. (¬2) لم نقف عليه في مكان آخر، وابن أبي عامر المذكور لعله المنصور المشهور. (¬3) له ترجمة في الصلة (1328)، وبرنامج ابن عطية: 110. (¬4) هو الفقيه المالكي المشهور مؤلف التبصرة وهي تعليق كبير على المدونة. انظر ترجمته في الديباج 2/ 104. (¬5) ممحو في الأصل، والتكملة من ترجمة جد المترجم يحيى في جذوة الاقتباس رقم 619. (¬6) لم نقف على ترجمته عند غير المؤلف، وفي الأنيس لإبن أبي زرع خبر مطول عن ظروف مقتله بسبب ولائه للموحدين وتآمره مع أشياخ فاس على خلع الأمير أبي بكر بن عبد الحق المريني ومحاولة الرجوع إلى حكم المرتضى الموحد (انظر الأنيس المطرب: 294 - 295)، والمترجم من بيت بني المغيلي بفاس وهو بيت علم وثروة وتولى بعض أعلامه القضاء والكتابة في دولتي الموحدين والمرينيين، ومن هؤلاء يحيى جد المترجم المتوفى سنة 574 وحفيده المترجم هنا، وأبو غالب محمد ابن القاضي أبي عبد الرحمن - حفيد صاحب الترجمة (جذوة الاقتباس رقم 207، وانظر بيوتات فاس: 21).

114 - محمد بن عبد الرحمن القيسي، قيرواني، نزيل سبتة ثم يابسة؛ أبو عبد الله، ابن الشواذكي

رَوى عن أبي [البقاءِ يَعِيشَ بن] القَديم، وأبي (¬1) عبد الله بن أحمدَ بن البُيوت (¬2) وأبي الحَسَن بن خَرُوف [الدريدنُه] وأبي ذَرٍّ بن أبي رُكَب -وأكثَرَ عنه- وغيرِهم، وتَفقّه على أبي يحيى بن [المواق؟]. دخَلَ الأندَلُسَ مرتَيْن، إحداهُما: في بيعةِ المأمون من بني عبد المؤمن. [وكان] فقيهًا حافظًا وَجيهًا ببلدِه مكبَّرًا عند أهلِه حظِيًّا عند الأمراءِ والسّلاطين. استُقضيَ بفاسَ وحُمِدت أحوالُه وشُكِرتْ سِيَرُه. وقُتلَ بفاسَ في رجبِ ثمانٍ وأربعينَ وست مئة. 114 - محمدُ (¬3) بن عبد الرّحمن القَيْسيُّ، قَيْرَوانيٌّ، نزيلُ سَبْتةَ ثم يابِسةَ؛ أبو عبد الله، ابنُ الشّواذكي. رَوى عن أبوَي الحَسَن: ابن عبد الجليل بن محمد، والحُصْريِّ؛ وأبي الحُسَين سُليمانَ بن محمد بن الطّراوة، وأبي داودَ بن يحيى، وأبي عبد الله بن لُبّ الدَّرُوقيّ، وأبي العبّاس بن محمد المالَقيِّ، وأبي الفَضْل عِيَاضٍ وغيرِهم. رَوى عنه أبو عبد الله بن أحمدَ العَزَفيُّ -وهو ابنُ ابنِ أُختِه- وكان مُقرئًا مجوِّدًا مُعتنيًا بالعلم صالحًا خطيبًا فاضلًا. كتَبَ الكثيرَ على رداءةِ خطِّه، وعُرِف بالخيرِ ومتانةِ الدِّين، وتوفِّي بسَبْتةَ. 115 - محمدُ بن عبد الرّحمن اللَّمَطيُّ، ابنُ تازليت. رَوى عن شُرَيْح. ¬

_ (¬1) في الأصل: "وآباء"، وهو تحريف. (¬2) في الأصل: "الفتوت"، وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد الطليطلي، هاجر من بلده بعد ضياعه، وسكن فاس، وكان من جلة المقرئين. انظر ترجمته في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 1279)، وفيها: ابن بر البيوت، ولكنها ترد عند المؤلف في بعض التراجم: ابن البيوت. (¬3) لم يترجم له ابن الأبار في التكملة، ولا ابن الزبير، ولكن ذكره ابن الأبار في ترجمة أبي العباس أحمد بن محمد الغافقي المالقي من التكملة، فقال: (وأخذ عنه أبو عبد الله المعروف بابن الشواذكي" (الترجمة 154).

116 - محمد بن أبي زيد عبد الرحيم بن محمد بن أبي العيش الأنصاري الخزرجي؛ تلمسيني أندلسي الأصل، أبو العيش

116 - محمدُ (¬1) بن أبي زَيْدٍ عبد الرّحيم (¬2) بن محمد بن أبي العَيْش الأنصاريُّ الخَزْرَجيُّ؛ تلمسينيٌّ أندَلُسيُّ الأصل، أبو العَيْش. رَوى ببلدِه عن أبي بكرٍ محمد بن يوسُف بن مُفرِّج بن سَعادةَ، وأبوَيْ عبد الله: ابن عبد الرّحمن التُّجِيبيِّ وابن عبد الحقِّ، ورَوى أَيضًا عن أبي محمد بن حَوْطِ الله. حدّثنا عنه أبوا محمد: ابنُ أبي خرص الواعِظ، ومَوْلى سَعِيد بن حَكَم (¬3). وكان أديبًا بارعَ الكتابة، شاعرًا مجُيدًا، رائقَ الخَطّ، ذا مشاركةٍ في فنونٍ من العلم. دَخَلَ الأندَلُسَ وكتَبَ عن بعض الوُلاةِ بها ثم تخَلَّى عن ذلك ولزِمَ الانقباضَ، وآثَرَ الخَلْوةَ والعُزْلةَ عن الناس، ونبَذَ علائقَه منهم. وله في طريقةِ الزُّهد وسُبُل الخَيْر والوعظِ والتذكير وتنزيهِ الباري سبحانَه وما جَرَى مجرى ذلك منظوماتٌ بديعة، وقَفْتُ على كثيرٍ منها بخطِّه الأنيق، ومنها: "الحقائقُ المَصُونة في الألفاظِ الموزونة في ذكْرِ أسماءِ الله الحُسنى وصِفاتِه واقتباسِ أنوارِها من مخلوقاتِه الباهرةِ ومَصنوعاتِه". نَظَمَ في [كلِّ قطعةٍ اسمًا من الأسماءِ الحُسنى] أجادَ فيها وبَلَغَ الغايةَ؛ منها في ذكْرِ [اسم الله سبحانَه] [من الكامل]: الله قُلْ ودعِ الوجودَ وما حَوَى ... إن كنتَ [مُرتادًا بلوغَ كمالِ] فالكلُّ دونَ الله إن حقَّقْتَهُ ... عَدَمٌ على التفصيلِ [والإجمالِ] واعلَمْ بأنك والعوالم (¬4) كلَّها ... لولاهُ في مَحْوٍ وفي اضمحلالِ ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 28، ووردت إشارة في البستان لإبن مريم، ص 159 إلى محمد بن عبد الرحيم بن أبي العيش الخزرجي الخطيب بتلمسان. (¬2) في الأصل: "عبد الرحمن" وهو تحريف من الناسخ لأنه يرد عند المؤلف كما أثبتنا في مواضع أخرى، ولعبد الرحيم بن محمد بن أبي العيش والد المترجم هنا ترجمة في التكملة (رقم 2381) ومعجم أصحاب الصدفي (رقم 224)، وصلة الصلة 3/الترجمة 379، وتاريخ الإسلام 12/ 450. (¬3) في الأصل: "حكيم"، محرف. (¬4) في الأصل: "والعوامل"، وما أثبتناه هو الصواب.

فالعارفونَ فنُوا ولمّا يشهَدوا ... شيئًا سوى المُتكبِّر المُتَعالي ورأَوْا سِواه على الحقيقةِ هالكًا ... في الحالِ والماضي و [الاستقبالِ] مَن لا وجودَ لِذاتِه من ذاتِهِ ... فوجودُه لولاه عينُ مُحالِ فالمَحْ بطَرْفِك أو بعقلِكَ هل ترى ... شيئًا سوى فعلٍ من الأفعالِ وانظُرْ إلى أعلى الوجودِ وسُفلِهِ ... نظرًا تؤيِّدُه بالاستدلالِ تجدِ الجميعَ يشيرُ نحوَ جلالِهِ ... بلسانِ حالٍ أو لسانِ مقالِ هو مُمسكُ الأشياءِ من عُلوٍ إلى ... سُفل ومُبدعُها بغيرِ مثالِ وَجَبَ الوجودُ لذاتِه وصفاتِهِ ... فردًا عن الأكفاءِ والأمثالِ فاسكُنْ إليه بهمّةٍ عُلوّيةٍ ... متنزِّهًا عمّا سوى الفَعّالِ يبقَى وكلٌّ يضمحِلُّ وُجودُهُ ... ما واجبٌ كمقيَّدٍ بزوالِ وهو الذي يُرجَى وُيخشى، لا تَلُذْ ... بسِواهُ في حالٍ من الأحوالِ فالشرعُ جاء بذا وأنوارُ الهدى ... قد أيّدتْه فعِشْ خليَّ البالِ (¬1) ¬

_ (¬1) لم نقف على هذه القصيدة في موضع آخر، ووردت الأبيات الستة الأولى منها في رسائل الشيخ محمد العربي الدرقاوي 64, 91 (ط. حجرية) وهي مما يردده المنشدون، وفي نفح الطيب 5/ 260 أن أَبا مدين كان كثيرًا ما ينشد هذا البيت: الله قل، وذر الوجود وما حوى ... إن كنت مرتادًا بصدق مراد وأبو مدين متقدم الطبقة على أبي العيش المترجم هنا, وللفقيه الرغاي الرباطي (ت 1315 هـ) تخميس عليها أوله: يا غافلًا سمع النداء فما ارعوى ... وبرأسه عرش المشيب قد استوى ومؤملًا والعمر منه قد انطوى ... الله قل وذر الوجود وما حوى إن كنت مرتادًا بلوغ كمال انظر أعلام الرباط وسلا للمرحوم الجراري 2/ 85 - 86.

117 - محمد بن [عبد الجبار بن أبي بكر بن] محمد بن أبي العرب حمديس الأزدي، سر قوسي

وأتبَعَ هذه القطعةَ قطعًا ضمَّن كلَّ قطعةٍ منها اسمًا أو اسمَيْنِ من أسماءِ الله الحُسنى إلى تمامِها ناحيًا منحى أبي الحَسَن بن أحمد بن محمد بن عُمرَ الوادى آشيِّ المتقدِّم الذِّكْر [في] إنشاءاته التي أودَعَها: "الوسيلةَ لإصابةِ المعنى، في إحصاءِ أسماءِ الله الحُسنى" (¬1). ولأبي العَيْش في وَصْف حالِه وانقطاعِه إلى الله تعالى وإيثارِه العُزْلةَ، ونقَلتُه من خطّه [من الوافر]: قَنِعتُ بما رُزقتُ فلستُ أسعى ... لدار أبي فلانٍ أو فلانِ وآثرتُ المقامَ بكسرِ بيتي ... ولا أحدٌ نراه ولا يَراني ولا ألقَى خليلًا غيرَ حَبْرٍ ... مُعِينٍ في المعارفِ أو مُعانِ وقد أيقنْتُ أنّ الرّزقَ آتٍ ... وإن لم آتِهِ سعيًا أتاني وقد حَققتُهُ فهمًا وعِلْمًا ... وقد شاهدتُه رأيَ العِيانِ فلازمْ ذا بإخلاصٍ تُمَكَّنْ ... هنا وهناك من أسنى مكانِ [وكان يُنشئُ للوا] عظِ أبي محمد بن أبي خرص (¬2) رحمَه الله أشعارًا، يفتتحُ بها [مجالسَه أو يُنشِدُها] أثناءها تدُلُّ على صِدقِه وتشهَدُ بإجادتِه. 117 - محمدُ (¬3) بن [عبد الجَبّار بن أبي بكر بن] محمد بن أبي العَرَب حَمْدِيس الأزْديُّ، سَر قوسيٌّ. ¬

_ (¬1) راجع ترجمة المذكور في السفر الخامس (الترجمة 347) وفيه قطعة مختارة من كتاب "الوسيلة" المذكور. وكذلك التكملة (2803). (¬2) يُعد المؤلف في أصحابه وشيوخه، وقد يكون ترجم له في القسم المفقود من الغرباء، وقد ذكره في السفر السادس (الترجمة 1218)، قال وهو يعدد مؤلفات ابن عسكر المالقي: "ومنها: الجزء المختصر في السلو عن ذهاب البصر، ألفه لصاحبنا أبي محمد بن أبي خرص الضرير الواعظ رحمه الله ... ". (¬3) ولد الشاعر المشهور ابن حمديس وفي ديوانه قصيدة يرثي فيها زوجته التي كانت أم ولديه: أبي بكر، وعمرو قد صنعها الشَّاعر على لسان عمر يعزي أخاه أبا بكر (ق 297) وفي قصيدة أخرى (139) يشير إلى ولد له صغير تركه في سفاقس (راجع الديوان، تحقيق د. إحسان عباس) أما محمد هذا فهو في الخريدة ق 24/ 85 ونقل العماد عن ابن بشرون قوله أنه أشعر من والده عبد الجبار وأورد له قصيدة بائية.

118 - محمد بن عبد الحق [بن إبراهيم] بن عبد الله بن وهب الصنهاجي، أبو عبد الله

رَوى عن أبيه [أبي محمد، وكان أديبًا] حَسَنَ الوِراقة في الطريقة المَشْرِقيّة. 118 - محمدُ (¬1) بن عبد الحقّ [بن إبراهيمَ] بن عبد الله بن وَهْب الصُّنهاجيُّ، أبو عبد الله. رَوى عن أَبيه، وأجاز له أبو عبد الله محمدُ بن هشام بن أبي جَمْرةَ، وأبو الوليد بن رُشْدٍ الكبير. 119 - محمدُ (¬2) بن عبد الحقِّ بن سُليمانَ اليَعْمُريُّ، ويقال: البطوئيُّ، تِلِمْسينيُّ، نَدْروميُّ الأصل، أبو عبد الله، ابنُ سُليمان، والنّدروميُّ. رَوى ببلدِه عن أبوَيْ محمد: أَبيه، وتفَقَّه به، وعِمرانَ التَّلِيديِّ؛ وأبوَيْ بكرٍ: ابن عُصفُور واللَّقَنْتيِّ؛ وأبوَي الحَسَن: جابر بن محمد وابن أبي قَنُّون، وأبي عليّ حَسَن ابن الخَرّاز. وصَحِبَ الزاهدَيْنِ الفاضلَيْنِ: أَبا عبد الله بنَ محيو الهَوّاريَّ، وأبا مَدْيَن شُعَيْبَ بن الحَسَن الأندَلُسي. وبفاسَ عن أبي الحَسَن بن حُنَيْن، وأبي عبد الله ابن الرَّمّامة، وأبي محمد قاسم ابن الزّقاق، ولقِيَ بها أَبا الحُسَين اللَّوَاتيَّ وأجاز له. وبمَرّاكُشَ عن أبي الجَيْش مجُاهد، وأبوَيْ عبد الله: ابن خليل وابن الفَخّار، وأبوي القاسم: ابن حُبَيْش والسُّهَيْليّ. وبها وبإشبيلِيَةَ عن أبي بكر بن الجَدّ، وأبي جعفرِ بن مَضَاء، وأبي الحَسَن نَجَبةَ، ولقِيَ بها أَبا عِمرانَ الزاهد. ¬

_ (¬1) تقدمت ترجمة مماثلة لمن اسمه عمر، ولا نعرف هل المترجم هنا أخوه أو هو نفسه، راجع رقم 27. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1745) وفيه: "اليفرني" بدل: اليعمري، وهو الصواب إن شاء الله، والرعيني في برنامجه (92)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة (20)، والغبريني في عنوان الدراية 252، والذهبي في المستملح (350) وتاريخ الإسلام 13/ 802 وسير أعلام النبلاء 22/ 361، ويحيى بن خلدون في بغية الرواد 1/ 112، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 159، والمراكشي في الإعلام 4/ 184.

وبَسْبْتةَ عن أبي محمد بن عُبَيد الله، وصَحِبَ بها أَبا الصَّبر أيّوبَ، ولقِيَ أَبا الحُسَين ابنَ الصّائغ، وأبا عبد الله بنَ حَمِيد، وأبا محمدٍ عبدَ المُنعم ابن الفَرَس. وأجاز له من أهل الأندَلُس: آباءُ بكر: ابنُ خَيْر وابن رزق وابن نُمَارة، وأبَوا الحَسَن: ابن هُذَيْل وابن النّعمة، وأبو العبّاس الخَرُّوبيّ، وأبو القاسم ابنُ بَشْكُوال. ومن أهل المشرِق: أبو طالبٍ التّنُوخى، وآباءُ طاهر: السِّلَفيُّ وابنُ عَوْف وابن مَعْشَر (¬1)، وآباءُ عبد الله: الحَضْرَميّ والرَّحبيّ المِصريُّ والكِرْكنتيُّ، وأبو القاسم البُوصيريُّ، وأبو يعقوبَ ابن الطّفِيْل الدِّمشقيّ. وقد ضمَّن ذكْرَهم وكيفيّةَ روايتِه عنهم برنامجَهَ الذي سمّاه "الإقناع، في ترتيبِ السَّماع". رَوى عنه أبو الحَجّاج بنُ محمد بن عليّ الأسَديّ، وأبو زكريّا بن أبي بكر بن عُصفُور، وأبَوا عبد الله: ابنُ أبي بكرٍ البريّ، وابن عليّ بن حَمّاد، وأبو العبّاس المَوْرُوريُّ، وأبو العَيْش محمدُ بن عبد الرحيم [الأَنْصاريّ، وأبو موسى] بن يوسُف بن تامحجلت. وحدَّث عنه بالإجازة شَيْخا [نا: أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ، وأبو عليّ] الماقَريُّ، وأبو عبد الرّحمن عبد الله بن القاسم بن زَغْبوشَ وغيرُهم. وكان راويةً للحديث فقيهًا حافظًا متكلِّمًا متفنَنًا في علوم جَمّة بارعَ [الكتابة حَسَنَ الخَطّ] جَماعةً للكُتُبِ الجليلة مُغاليًا في أثمانِها، احتَوتْ خِزانتُه [على ما لم يجتمعْ لأحدٍ] من أبناءِ جنسِه كثرةً ونَفاسة (¬2)، وكتَبَ بخطِّه الكثير، وعُنيَ بتصحيح [كُتبه]. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي برنامج الرعيني: وأبو الطاهر إسماعيل بن علي بن بأكثر النحوي، وفي بغية الوعاة 1/ 451: إسماعيل بن علي بن أبي مقشر النحوي أبو الطاهر. (¬2) قال ابن الزبير: "وكان عنده أعلاق نفيسة من أمهات الدواوين وأصول رفيعة".

وله مصنَّفاتٌ كثيرة أحفَلُها: "المختار، في الجَمْع بين المنتقَى والاستذكار" (¬1) [وغيرُ] ذلك ممّا سمّاه في آخِر برنامجَه، وقد رأيتُ إثباتَ أسمائها هنا؛ ليقفَ عليها [المتشوِّفُ [إليها، قال هنالك: "مَراتبُ تواليفي: "الفَيْصَلُ الجازم، في فضيلةِ العِلم والعالِم" في مراتبِ العلوم، جزء. "بَرنامجَي"، وهو كمراتبِ التواليف، وسمّيتُه: "الإقناع في كيفيّة الإسماع"، جزء. "لُبابُ الإعراب"، جزءٌ كبير، "فُرقانُ الفرقان وميزانُ القرآن" جزء، "عقيدةُ عِلْيةِ (¬2) الخَلْق وزُبدةُ معرفةِ الحقّ، المضنونُ بها على غير أهلِ الصِّدق"، جزء، "غريبُ الشِّهاب"، جزء. "إكمال اللآلي على الأمالي"، سِفْران، "غريبُ الموطّإ وإعرابُه"، سِفر، وسمّيتُه: "الاقتضابَ"؛ لأني اقتضَبْتُه من الكتابِ الكبير كتاب "المختار الجامع بين المنتقَى والاستذكار"، بزياداتِ من "التمهيد" وغيرِه تونّقُ النفوَسَ وتَرُوق الأبصار، في نحوِ العشرينَ سِفْرًا، يشتملُ على نحوِ الثلاثة آلاف ورقة. "مخُتار المختار بين يدَيْ مختصَر كتابِ البخاريّ"، في سِفرٍ كبير، جزءٌ من شعري منتَخَل، "ميزانُ العمل" جزءٌ كبير، "إرشادُ المسترشدِ وبُغيةُ المُريدِ المُستبصِر المُجتهد"، سِفرٌ صغير، "الإيماءُ إلى نجاةِ المزيد" جزء، "النُّبُذة المُسعِدة واللمحةُ المُصعِدة"، في الاعتبار، جزء. "النُّكَتُ المحرَّرة والفصُولُ المحبَّرة"، في حقيقةِ التنزيه ونَفْي التشبيه، جزء، "الأجوبةُ المحرَّرة على المسائلِ المغيَّرة"، جزء. "التّسَلَّي عن الرَّزِيّة والتحَلِّي بالرّضا بقضاءِ باري البِرّية"، جزء. مجموعٌ شعريٌّ في ¬

_ (¬1) جمع فيه بين المنتقى للباجي والاستذكار لإبن عبد البر، ومنه أجزاء مخطوطة بخزانة القرويين، انظر وصفها في فهرس مخطوطات خزانة القرويين للمرحوم العابد الفاسي 1/ 177 وما بعدها، وفي السفر السادس (الترجمة 597) ذكر المؤلف أن ابن زرقون جمع بين الكتابين المذكورين وسمى كتابه "الأنوار" جمع فيه بين منتقى الباجي واستذكار ابن عبد البر وتمم فيه ما رأى تتميمه واستدرك ما اقتضى نظره استدراكه، ونبه على مواضع يجب التنبيه عليها. (¬2) في الأصل: "غلبة"، ولعل الصواب ما أثبتنا.

المواعظ، جزء. "نَفْثةُ ذي الضّراء ومَسْلاتُه برثاءِ الآباءِ الأبناء"، جزءٌ كبير. التذكِرة للنّوادرِ المتخيَّرة"، مضَى منه نحوُ ثلاثةِ أسفارٍ ولم يتمَّ، وهو بين يدَيّ. "حدودُ أنواع الحُكْم الشَّرعي"، جزء. "مُستصفَى المُستصفَى"، ابتُدئَ ولم يتمَّ. "فَصْلُ المقال في مناقلِ أحوالِ غزو أهلِ الإلحادِ والضّلال"، إلى طُلَيْطُلة، كذا، جزءٌ (¬1) ". انتهت (¬2) مشتملةً على ما رأيتُ التنبيهَ عليه، وذلك جَمْعُ التآليفِ على تواليف، وصوابُه: تآليف [....] همزةٌ وقبلَها واو، وتقديرُ كوامل هذه المصنَّفات [....] وقد تقَدَّم ليَ التنبيهُ عليه، والثلاثةُ آلافٍ بإضافة ما فيه الألِفُ واللام إلى ما ليستا فيه، وهذا ممنوعٌ، وأُتبِعُ هذه التسميةَ ما رأيتُ ذكْرَه من نَعْتِها أو [نحوِه]: قال: "وكيفيّةُ ترتيبِها أنّ أوّلَ ما ينبغي أن يُلقَى إلى ما يعتني به في طلبِ العلم هو فَضْلُ العلم لينهضَ إلى طلبه عن حرصٍ عليه ورغبةٍ فيه، ثم مَراتبُه [ليرتِّبَ العلومَ الكثيرة؟] في مراتبِها، فَيَعلمَ الأعلى من الأدنى والكُلّيَّ من الجُزْئيّ، والآلةَ [من الأصل] المقصود، واللاحقةَ من السابقة، فيَرى كلَّ علم منها في رُتبتِه فيقصِدَ إلى الأعلى منها فيجعَلَه وَكْدَه وَينظُرَ في غيره نظَرَ مشاركةٍ واستبصار؛ لئلّا يجهَلَه فيعاديَه وأهلَه، ثم يُلقَى إليه ما هو كالآلة من العلوم كعلم مَداركِ العقول وعلم اللّغة والإعراب، ثم يُلقَى إليه التفَقُّهُ في الحديثِ الذي هو الأصل وعلمُ أسرار علوم الدِّين الذي هو كالثمرة، ثم يُتبَعُ بما هو كالتتمّة للعلوم وكالمُبتدَع من جُملتِها ممّا لا يختَصُّ بعلم منها؛ فلذلك رتَّبتُها هذا الترتيب، فبدأتُ بفَضْل العلم ومَراتبِه، وثنَّيتُ بالآلة منه، وثلّثْتُ بالأصل منه، وختمتُ بما هو كالمُبتدَع من جُملتِه وكالتتمّةِ والتكميل منه، والحمدُ لله على هدايتِه" (¬3). ¬

_ (¬1) ربما كان هذا الكتاب متعلقًا بغزوة المنصور طليطلة سنة 592 هـ وهي السنة المعروفة بسنة طليطلة (انظر البيان المغرب: 198 - 200). (¬2) علق الرعيني على تسمية مؤلفاته فقال: "تواليف لها أسماء هائلة! "؟ (¬3) تؤلف هذه الفقرة المفيدة حلقة تضاف إلى الحلقات المعروفة في مراتب العلوم عند ابن حزم وابن العربي وابن خلدون وابن الخَطيب وغيرِهم من الأندلسيين والمغاربة (وانظر في ترتيب العلوم، السفر الأول، الترجمة 148).

120 - محمد بن عبد المنعم بن من الله بن أبي بحر الهواري، قيرواني الأصل، سكن الأندلس زمانا، [ثم انتقل إلى فاس، أبو] بكر، ابن الكماد

قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: نقلتُ ما تقَدَّم من تسمية هذه المصنَّفات وما أَتْبَعَ ذكْرَها به من آخِر نُسخة من "الإقناع" وعلى ظهرِها خطُّه مؤرَّخًا برجبِ ست مئة. وكان حَسَنَ الخَلْق والخُلُق، بهيجَ المنظر، رائقَ الملبَس، مُوسِرًا، مؤثرًا نَفّاعًا بجاهِه ومالِه، مِطعامًا، وجيهًا ببلدِه وسواه، خطيبًا (¬1) عندَ الوُلاة والأمراءِ والسّلاطين، تَعْروهُ أحيانًا غفلة. واستُقضيَ ببلده مرّتيْنِ فحُمِدت سِيرتُه وعُرِف بالعدل والإنصافِ والجزالة. أنشَدتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ رحمه الله، ونقَلتُه من خطِّه، لأبي عبد الله بن عبد الحقِّ هذا في عدِّ أحاديثِ البخاريّ مما أذِنَ له فيه [من الطويل]: جميعُ أحاديثِ الصَّحيح الذي رَوى الـ ... ـبُخاريُّ خمسة وسبعونَ في العدِّ وسبعةُ آلافٍ تضافُ وما مضَى ... إلى مئتينِ عَدَّ ذاك أُولو الجدِّ مولدُه سنةَ ستٍّ أو سبع وثلاثينَ وخمس مئة. وتوفِّي بتِلِمْسينَ خمس وعشرينَ وست مئة ابنَ تسع أو ثمانٍ وثمانينَ سنة. 120 - محمدُ (¬2) بن عبد المُنعم بن مَنِّ الله بن أبي بَحْر الهَوّاريُّ، قَيْرَوانيُّ الأصل، سَكَنَ الأندَلُسَ زمانًا، [ثم انتَقل إلى فاسَ، أبو] بكر، ابنُ الكَمّاد. رَوى عن أَبيه أبي الطّيِّب (¬3)، وأبي عبد الله [ابن سَعْدون القَرَويِّ]. رَوى عنه أبو الحُسَين يحيى بن عبد الباري الخُراسانيُّ المَهْدَويُّ نَزيلُ [فاسَ وأبو ....] بن يوسُف ابن البَلْخيّ؛ وحدَّث عنه أبو القاسم عبدُ الرحيم بن [عيسى ابن المَلْجوم بكتاب "علوم] الحديث" لأبي عبد الله الحاكم، وبجوابِ أبي محمد بن أبي زَيْد في [النّهيَ عن الجِد الذي الدّينِ مُناولةً منه وإجازةً -وكانا في مجلّد- لخمسٍ بقِينَ من ربيعٍ الآخِر [سنة سبع وعشرينَ] وخمس مئة. ¬

_ (¬1) يجوز أن تكون: "حظيًا". (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1722)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 8. (¬3) ترجمته في الصلة البشكوالية (838)، وتوفي سنة 493 هـ.

121 - محمد بن عبد الوهاب بن عبد الكافي بن عبد الوهاب الأنصاري، دمشقي، أبو بكر وأبو سعد وأبو عبد الله، ابن الحنبلي

قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: ذكَرَ ابنُ الأبّار [ترجمتَه] في الغُرَباء، وأمرُه عندي مُشكِل؛ لأنّ أباه كان من جاليةِ القَيْروان الخارجينَ منها عندَ خَرابِها سنةَ تسع وأربعينَ وأربع مئة، وأُراه دَخَلَ الأندَلُسَ ذلك الوقتَ أو قريبًا منه، وقد سَمِع أبو بكرِ هذا من أبي عبد الله بن سَعْدون بَبلَنْسِيَةَ في شوّال وذي قَعْدةٍ من عام ستِّ وسبعينَ وأربع مئة، فلاحتمالِ أن يكونَ أبو بكرٍ هذا قد وُلد بالأندَلس فيُعدّ لذلك من أهلِها أشكَلَ أمرُه عندي، واللهُ يُطلِعُ على الجلاءِ فيه، وجعَلَه ابنُ الأبّار فاسيًّا، ووقَعَ عندَه اسمُ جَدِّه: مِنَ الله، مضبوطًا مجوَّدًا: مِنَ الله، هكذا على صيغة "مِن" حرف الجر (¬1)، والصّواب في ضبطِه ما ذكَرْتُه، وهو بفَتْح الميم وتشديد النُّون كما يُسمَّى بفَضْل الله ورِزْق الله وشِبهِهما، وكذلك وقَعَ عندَ أبي القاسم ابن المَلْجوم، وقَفْتُ عليه كذلك في نُسختَيْنِ من بَرنامَجِه وفي نُسخة من بَرنامَج أبي موسى ابن المَلْجوم فاعلَمْه. واللهُ الموفِّق. 121 - محمدُ (¬2) بن عبد الوهَاب بن عبد الكافي بن عبد الوهّاب الأنصاريُّ، دِمَشْقيٌّ، أبو بكرٍ وأبو سَعْدٍ وأبو عبد الله، ابنُ الحَنْبليّ. رَوى عن أبي الفَرَج ابن الجَوْزيّ، رَوى عنه أبو جعفر ابنُ الزُّبَير وأبو عبد الله بن أبي بكرٍ ابن رَشِيدٍ البغداديُّ الواعظ، وصاحبُنا أبو القاسم هبةُ الله ¬

_ (¬1) هكذا قال، والذي في نسخة ابن الجَلّاب: "مَنّ الله" كما قيده المؤلف، فالله أعلم. (¬2) ترجمه عز الدين الحسيني في وفيات سنة 656 من صلة التكملة، فقال: "وفي الثاني عشر من ذي الحجة توفي الشَّيخ أبو المعالي وأبو اليُمن سعد، ويسمى محمدًا أَيضًا، ابن عبد الوهاب بن عبد الكافي بن عبد الوهَّاب بن عبد الواحد بن محمد بن علي بن أحمد الأنصاري الشيرازي الأصل الدِّمشقيّ المولد الحنبلي الواعظ الأطروش، ببلبيس، ودفن بها. ومولده بدمشق في صفر سنة ثمان وسبعين وخمس مئة" (1/ 404 - 405)، وترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 26 حيث التقي به بمرسية سنة 651 هـ, ثم بغرناطة حيث استدعاه إلى منزله وسأله عن شيوخه فذكرهم له، والذهبي في تاريخ الإسلام 14/ 816، وابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة 2/ 267، ولم يضبط ابن الزبير ولا ابن عبد الملك وفاته لبعد الشقة، وقيدها عز الدين الحسيني كما تقدم، وشطح قلم الناسخ أو ابن الزبير فذكر أنه كان شافعي المذهب.

ابن محمد بن أبي بكر بن سَعِيد بن عبد الغَفُور الأوْسيُّ، ولقِيتُه وجالَسْتُه كثيرًا، وسمعتُ وعظَه، وكان لا يكادُ يُفقَهُ ما يقولُ؛ لإفراط عُجمةٍ كانت في لسانِه، فلا يفهَمُه إلا من ألِفَه، وكان أصمَّ لا يكادُ يسمَعُ شيئًا (¬1)، فقيهًا حَنْبليَّ المذهب، آية من آياتِ الله في كثرةِ الحِفظ وحضورِ الذِّكْر وحَشْد الأقوال فيما يَجري بمجلسِه الوَعْظيِّ (¬2) أو يُحاضرُ به في غيرِه، سريعَ الإنشاء ناظمًا ناثرًا، مع الإحسانِ في الطريقتَيْن، جيِّدَ الخَطّ والكَتْب على كَبْرتِه. وَرَدَ مَرّاكُشَ في وَسَط اثنتينِ وخمسينَ وست مئة. [وكان وقتَئذٍ ابنَ] ثمانينَ عامًا, ولم يكنْ في رأسِه ولحيتِه من الشَّيبِ إلا [شُعَيْراتٌ تدرَكُ بالعَدّ] والحَصْر. وأخبَرني أنه عَرَضَ وهو ابنُ عشرينَ عامًا على أبي الفَرَج ابن الجَوْزيّ كتابَه "المنتخَب" عن ظهرِ قلب ببغداد. وفَصَلَ عن مَرّاكُشَ ذلك العامَ [عائدًا إلى المشرق] واجتازَ بسَبْتةَ وقد كان دَخَلَها أولَ ذلك العام وأجازَ منها البحرَ إلى الأندَلُس مُطوِّفًا على البلاد يَعقِدُ فيها مجالسَ الوعظ. ¬

_ (¬1) قال ابن الزبير: "وكان أصم شديد الصمم لا يكاد يسمع شيئًا البتة، إنما كنت أخاطبه بالكَتْب فيجيبني إلا في قليل فقد يفهم بالعين والإشارة". (¬2) وصف ابن الزبير مجلسه الوعظي فقال: "نبيل المنزع في وعظه، يفتتح مجالسه بالتفسير بعد الخطب، ويوسط بذكر شيء من أخبار الصالحين، وبعض فصول من كلام ابن الجوزي، ويختم بفصل من السير، هكذا أبدًا لا يخرج عن عادته فيه، مع إحراز التناسب والالتئام في الأغراض الثلاثة، وتفسيره في مجالسه على التوالي يبدأ اليوم من حيث انتهى أمس، ولا يغيب يومًا إلا لعارض، وكلامه في ذلك كله منتقى مستوفى يشهد بحسن اختياره وتقدمه في فنه ولم يكن عنده كتاب يستعين به على كل ما كان بسبيله فيما اطلعت عليه من حالة، سوى خطب من كلام شيخه أبي الفرج ابن الجوزي في سفر بخطه، مع تأليف له سماه: مصباح الواعظ، ذكر فيه من وعظ من الصدر الأول، وما ينبغي للواعظ ويلزمه إلى ما يلائم هذا مختصرًا جدًا، وقفت على هذا التفسير بجملته باستعارته منه". ثم أشار بعد هذا إلى "حرص كان فيه في باب التكسب بتحرفه الوعظي نفر عنه بعض أصحابنا".

122 - محمد بن عثمان بن سعيد بن بقيميس -بباء مسفول وقاف معقود وياء مد وميم وياء مد وسين غفل- فاسي، أبو عبد الله

وُلد بدِمشقَ في حدودِ [ثمانٍ وسبعينَ وخمس مئة] , وتوفِّي ببلبيسَ، من مِصرَ، سنة سبع وخمسينَ وست مئة (¬1). 122 - محمدُ (¬2) بن عثمانَ بن سَعِيد بن بقيميس -بباءٍ مَسْفول وقافٍ معقود وياءِ مَدّ وميم وياءِ مَدّ وسينٍ غُفْل- فاسيٌّ، أبو عبد الله. أخَذ ببِجَايةَ عن أبي محمدٍ عبد الحقّ ابن الخَرّاط. رَوى عنه أبوا العبّاس: ابن الرُّوميّة وابنُ المُزَيّن. وكان فقيهًا حافظًا عالمًا بأصولِ الفقه مشرِفًا على مسائلِ الخلاف. توفِّي سنةَ ثمانٍ وست مئة. 123 - محمدُ (¬3) بنِ عليّ بن أبي بكر بن عيسى بن حَّماد، ابنُ حماد الصُّنْهاجيُّ القَلْعيُّ، قلعةَ بني حَّماد، حَمْزيُّ الأصل، استَوطَنَ مَرّاكُشَ بأخَرةٍ، أبو عبد الله، ابن كلانونَ وابنُ حمادو. تعلَّمَ القرآنَ العظيم عندَ القاسم بن النُّعمان بن الناصِر بن عَلا الناس (¬4) ابن حمّادٍ الصنْهاجيّ، وكان يتعيَّشُ بعدَ انقراضِ دولتِهم بتعليم كتابِ الله جَلّ جلالُه. ورَوى عن أبي جعفر بن محمد بن عَيّاش بمُرْسِيَةَ، وآباءِ الحَسَن: ابن شُكر بن عُمرَ وابنَي المحمّدَيْن: ابن عبد الملِك ابن القَطّان وابن عثمانَ التَّميميِّ القَلْعيّ المُعمَّر، وأبي الحُسَين ابن زَرْقونَ بإشبيلِيَةَ، وأبي ذَرّ ابن أبي رُكَب، وآباءِ عبد الله: ابن أبي بكر بن عبد الله الحَمْزيّ وابن عبد الله بن محمد المَعافِريّ ابن الخَرّاط، وابن عبد الحقِّ التِّلِمْسَانيّ، وابن عليّ ابن مَخْلوفٍ بالجزائر، ¬

_ (¬1) ذكرنا أنه لم يضبط وفاته، فالصواب في وفاته: الثاني عشر من ذي حجة سنة 656 هـ. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1737)، والذهبي في المستملح (342) وتاريخ الإسلام 13/ 198. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1746)، وفي تحفة القادم (المقتضب منه 135)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 22، والغبريني في عنوان الدراية 252، والذهبي في المستملح (351) وتاريخ الإسلام 13/ 802 وسير أعلام النبلاء 22/ 211، ويحيى بن خلدون في بغية الرواد 1/ 112، وابن الجزري في غاية النهاية 2/ 159، والمراكشي في الإعلام 4/ 184. (¬4) وتكتب: "عَلَنّاس" أَيضًا.

وأبي العبّاس بن مبشّر بن سُرور مَوْلى الحمّاديِّينَ، وأبوَيْ محمد: عبدِ الحقّ ابن الخَرّاط ببِجَايةَ وغَلْبون بمُرْسِيَة. رَوى عنه أبو بكرٍ محمدُ بن غَلْبون، وأبو الحُسَين بن عبد الله بن عبد الرّحمن السِّجِلْماسيُّ مُستوطِنُ أَزْمُور، وأبو عبد الله بنُ عليّ بن هشام شيخُنا، وأبو العبّاس ابن فَرتُون، وأبوا محمد: ابن عبد الرّحمن ابن بُرطُلّه، وابن موسى الرُّكَيْبيُّ. وكان أديبًا، بارعَ النّظم والنّثر، نَزِهَ النَّفْس، حَسَنَ الخُلُق، ذا حظّ صَالح من الفقه وأصُولِه، متحقَقًا بالنّحو، متقدِّمًا في حفظِ اللّغاتِ والآداب، ضابطًا كُتبه، محافظًا عليها، جيِّدَ الخَطّ، كتَبَ الكثيرَ وأتقَنَ تقييدَه، ولم يزَل النَّاسُ يتنافسونَ فيما يوجَدُ بخطِّه أو بمعاناتِه، ويعتمدونَه، وصنَّف في اللّغاتِ والتاريخ والآدابِ وما جَرى مجرى ذلك مصنَّفاتٍ، منها: ["الإعلام بفوائدِ الأحكام"] لعبد الحقّ، و"شرْحُ قصيدةِ عُمرَ بن أبي ربيعةَ: أمِن آلِ نُعْم"، و"شرحُ: مقصورةِ ابن دُرَيْد"، و"الدُّبَاجة في أخبارِ صُنْهاجة"، وهذا الكتابُ غيرُ "النُّبَذ المحتاجة في أخبارِ صنْهاجةَ بإفريقيّةَ وبِجَاية". وديوانُ نَظْمِه ونَثرِه حافل، [وقد وقَفْتُ عليه] ومنه جزءٌ سمّاه "عُجالةَ المودعِّ، وعُلالةَ المشيِّع"، وكلُّه أو جُلُّه صَدَرَ [عنه أيامَ] كونِه بمُرْسِيّةَ، أفاد به بعضُ أصحابِه، وسَمّط قصائدَ وقِطَعًا [لجماعةٍ من] الشّعراء ظهَرتْ فيها إجادتُه، وعَكَفَ عامَّة عُمرِه على استفادةِ العلم [وإفادتِه]. واستُقضيَ بالجزيرة الخَضْراء وبسَلا سنةَ ثِنتَيْ عشْرةَ وست مئة، وبأَزْمُور (¬1) [كما] استُقضيَ بمُرْسِيَةَ، فحُمدت فيها كلِّها سِيَرهُ، وشُكرت أحوالُه، وعُرِف بالعدل وتمشيةِ الحقّ والجَزالةِ والطّهارة. ¬

_ (¬1) في مفاخر البربر: 65 أنه ولي قضاء أزمور في مدة أمير المؤمنين المستنصر، وذلك في سنة 616 هـ وفي الروض المعطار (مادة أزمور) حكايته وقعت بينه وبين محمد بن عقيل بن عطية وقد مر هذا بالمترجم وهو قاض بأزمور فلم يحسن لقاءه فعاتبه ابن عطية بقصيدة جيدة أولها: ألا أيها القاضي الذي خلت عهده ... تحول الليالي وهو ليس يحول وفي صلة الصلة أن المترجم "ولي قضاء رباط تازا".

124 - محمد بن علي بن جعفر بن أحمد بن محمد القيسي، قلعي -قلعة بني حماد- استوطن فاس، أبو عبد الله، ابن الرمامة

ومن نَظْمِه -وكتَبَ به من مُرْسِيَةَ إلى أبي عبد الله بن عبد الحق (¬1) التّلِمْسانيِّ شاكرًا له على إجازةٍ بعَثَ بها إليه-[من الكامل]: يَا أيُّها النَّدْبُ السَّرِيُّ الأمجدُ ... والعالِمُ الحَبْرُ الفقيهُ الأوحدُ يَا أيُّها البحرُ المحيطُ مَعارفًا ... لا تنتهي، وفوائدًا لا تنفَدُ وصلتْ إجازتُك المُجيزةُ سيّدي ... نحوَ الذي أنحو إليه وأقصِدُ إنّ الدِّرايةَ والروايةَ منتهَى ... أملي الذي أسعَى إليه وأحفدُ لازلتَ لي متفضِّلًا فأجَزْتَني ... بفوائدٍ يفنَى الزمانُ وتَخلُدُ فجزاك عنّا اللهُ خيرَ جزائهِ ... فجزاءُ مثلِك عندَنا لا يوجدُ ووَدِدتُ لو أنّي لديك، وأين مِن ... ظمآنَ في البِيدِ البَلاقِع موردُ ولقد لقِيتُك لُقيَةً لكنّها ... كانت كما أغفَى وهَبَّ مسهّدُ لم تشفِ لي كمَدًا وأنّى يُشتفَى ... بزيارةِ الطّيفِ المسهّدِ مُكمَدُ فإن استمرّت بي الحياةُ لقيتُكمْ ... حتمًا، وإلا فالمعادُ الموعدُ لا زِلتُمُ في عِزّةٍ وسعادةٍ ... ما لاحَ في جُنح الدُّجُنّةِ فرقَدُ توفِّي بمَرّاكُشَ بعدَ خَدَر أصابَه سنةَ تسع وعشرينَ وست مئة. 124 - محمدُ (¬2) بن عليِّ بن جعفرِ بن أحمدَ بن محمد القَيْسيُّ، قلعيّ -قلعةَ بني حَمّاد- استَوطنَ فاسَ، أبو عبد الله، ابنُ الرَّمّامة. لقَبٌ جَرَى على أحمدَ جَدِّ أَبيه في قولِ أبي محمد بن الياسَمِين (¬3)، ونقَلتُه ¬

_ (¬1) هو الذي تقدمت ترجمته آنفًا (رقم 118). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1724)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة (9)، والذهبي في المستملح (331) وتاريخ الإسلام 12/ 381. (¬3) لعله أبو محمد عبد الله ابن الياسمين العددي وترجمته في التكملة (2207) والغصون اليانعة: 42، والذخيرة السنية: 39، وجذوة الاقتباس رقم 444، وقد ذُكر في الآخذين عن المترجم.

[من خطِّه، ونقَلَ ابن فَرتُونَ] عن بعضِ حَفَدةِ أبي عبد الله أنه أخبَرَه [أنّ الرَّمّامةَ: امرأةٌ نُسِب] إليها، والنفْسُ إلى قول ابن الياسَمين أميَل لنُبلِه (¬1) وحَذْقِه. رَوى أبو [عبد الله عن خالِه أبي] الحُسَين بن طاهر بن محشوّة (¬2) بالجزائر، وصِهرِه أبي إسحاقَ (¬3) بن حَمّاد [وأبي عبد] الله بن الطيِّبِ بن أبي الحَسَن الكَلْبيِّ، وأبي الفَضْل يوسُفَ بن محمد [ابن النَّحْويّ] ولازَمَه وتفقَّه عندَه وبه انتفَعَ وإيّاه اعتَمَد، وأبي محمدٍ عبد [الله المقري] (¬4) -ولم يذكُرْ أنَّهم أجازوا له- وأبي بكرٍ ابن العَرَبي، وأبي حَفْص بن أحمد [التَّوزَريِّ] , وأبي الوليد بن رُشْدٍ الكبير -وشَكّ في إجازتهم له-. وأكثرَ عن أبي بحرٍ الأسَديِّ [وأجاز له]. وكتَبَ إليه مُجيزًا ولم يَلْقَهُ: أبو محمد بنُ عَتّاب، وأبو الوليد بنُ طَريف - وقد قال ابنُ الأبّار: إنه لقِيَهما- وأجاز له أبو الحَسَن عليُّ بن جعفرٍ السَّعديُّ ابنُ القَطّاع بإفادةِ أبي حفص ابن فُلفُل. رَوى عنه أبوا إسحاق: ابنا المحمّدَيْنِ: ابن عبد الله الفِهْرِيّ والأنصاريُّ أبو شامةَ، وآباءُ الحَسَن: ابن محمد بن خِيَار وابن عَتِيق بن مؤمن وابن موسى ابن النَّقِرات، وأبو ذَرّ الخُشَنيّ، وأبو الرّبيع بن مَهْدي السَّرَقُسْطيُّ، وأبو زكريّا بن عبد العزيز بن عَزّون، وأبو الطيِّب عَنْبرٌ مولى عبد الله بن مقر البادِسيُّ، وآباءُ عبد الله: ابنا الإبراهيمَيْنِ: ابن محمد أبو شامةَ -والدُ أبي إسحاق المذكورُ آنفًا- وابن البَقّار، وابن أبي درقةَ وابن قاسم بن عبد الرّحمن بن عبد الكريم، وأبو القاسم ابن بَقِيّ، وأبَوا محمد: سَالمُ بن محمد وابن محمد ابن الياسَمِين، ¬

_ (¬1) قد يستغرب هذا الوصف في حقه مع ما وُصم به من شذوذ، قال ابن الأبار: ولم يكن مرضيًّا، ويبدو أن المؤلف هنا يفرق بين علمه وسلوكه. (¬2) في الأصل: "محشرة"، وما أثبتناه من التكملة، وترجمته في صلة الصلة 4/ 315. (¬3) اسمه إبراهيم، وهو مترجم في التكملة الأبارية (456)، والمعجم في أصحاب الصدفي (45)، وهو قلعي أَيضًا. (¬4) ذكر ابن الزبير أنه من مقرة ببلاد إفريقية، أما ابن الأبار فذكر أنه روى عن أبي محمد المقرئ ببجاية.

وأبو يحيى أبو بكر ابنُ المَوّاق. وحدَّث عنه بالإجازة أبو الحَسَن بن المُفضَّل المَقدِسيُّ. وكان حافظًا للفقه نَظّارًا فيه بارعًا في معرفة أصُولِه ماهرًا في استنباطِ معانيه، شافعيَّ المذهب مُعَوِّلَا على "بسيط" الغَزّاليِّ واقفًا على عيونِه، مبرِّزًا في الكلام على [نُكَتِه] متقدِّمًا في الفَضْل والوَرَع والتواضُع والنّزاهة والوقار وحُسن الخُلُق وعُلُوِّ الهمة والانقطاع إلى العلم، وإيثار طلّابِه، وحثّهم على طلبِه. وشُهِرَ فضلُه فاستَخلصَهُ أميرُ المسلمينَ أبو الحَسَن عليُّ بن يوسُف بن تاشَفين، فكان من أخصِّ حاضِري مجلسِه لديه. ثم قَدَّمه للقضاءِ بفاسَ سنة ثلاث وثلاثين (¬1) وخمسِ مئة فتقَلّده، وسار فيه أحمدَ سيرة، واشتدَّت وَطْأتُه على المُفسِدينَ والذَّعَرة المُعتدين (¬2)، وبرَّزَ في إظهار الحقِّ والعدل والإنصاف والتسوية بين الأقوياءِ والضُّعفاء والمشروفينَ والشُّرفاء، واستمرّ على ذلك من حالِه مدّة، ثم [أُخِّر عن القضاءِ لا لِزلّة] لحِقَتْه ولا لرِيبةٍ تعلَّقت به (¬3)؛ وأقبَلَ على نشرِ العلم [والانتصابِ لإفادتِه] والجلوس للإقراء والإسماع، محتمِلًا مشَقّةَ التدريس [على كِبَرِ سنِّه] رغبةً في بثِّ العلم، وتحريضًا وإعانة لمُلتمِسيهِ. وكان [أكثرَ] أصنافِ الناس قاطبةً قضاءً للحوائج بارًّا بقاصِديه؛ وكانت الدِّرايةُ أغلبَ عليه من الرّواية؛ إذْ لم يتنبَّهْ لها إلّا في سِنِّ الكهولة؛ وقد أدرَكَ وعاصَرَ جملةً وافرةً من أكابرِ الشيوخ فلم يُعْنَ بالرّوايةِ عنهم لشَغَفِه بالعلوم النَّظرية وعَكَفَ على تحصيلِها حتى صار (¬4) رأسًا فيها فكان لذلك قليلَ الرواية. ¬

_ (¬1) في التكملة: "ست وثلاثين". (¬2) في صلة الصلة إشارة إلى موقف له من اليهود في فاس حيث منعهم من شراء أرض وبنائها. (¬3) كلام المؤلف مخالف لقول ابن الأبار: "وكان غير صالح للخطة لضعفه فلم تحمد سيرته مع أنه لم تلحقه زلة ولا تعلقت به ريبة". (¬4) في الأصل: "سار".

125 - محمد بن علي بن الحسن بن علي التميمي الغوثي، قيرواني سكن صقلية، أبو بكر، ابن البر وكان جد أبيه هو المدعو بالبر

وله مصنفاتٌ، منها: "تسهيلُ المَطْلب في تحصيل المذهب"، و"التفَصِّي عن فوائد التقَصِّي" (¬1)، و"التبيين في شَرْح التلقين" (¬2)، ومختصَرٌ نبيلٌ في أصُولِ الفقه (¬3). وُلد في رجبٍ أو شعبان -وهو كان الغالبَ على ظنِّه- سنةَ تسع وسبعينَ وأربع مئة. وقال أبو عبد الله ابنُ أبي درقةَ: إنّ مولدَه في رجبِ ثمانٍ وسبعينَ، وقال: هكذا أخبرَني عن مولدِه، وتوفِّي بفاسَ قبلَ الزَّوال أوَ عنده من يوم الاثنين لتسع بقِينَ من رجبِ سبع وستّينَ وخمس مئة، وصَلّى عليه القاضي بها حينَئذٍ أبو حَفْص بنُ عُمرَ بوصيّةٍ منه بذلك إليه، ودُفن بمقبُرة بابِ الجازيِّينَ (¬4) , وكان الحفلُ في جنازتِه عظيمًا والثناءُ عليه جميلًا والأسَفُ لفَقْدِه كثيرًا طويلًا، رحمةُ الله عليه. 125 - محمدُ (¬5) بن عليِّ بن الحَسَن بن عليّ التَميميُّ الغَوْثيُّ، قَيْرَوانيٌّ سَكَنَ صَقِلِّيَةَ، أبو بكر، ابنُ البَرّ وكان جَدُّ أَبيه هو المدعوَّ بالبَرّ. رَوى عن أبي سَعْد أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن عبد الله بن حَفْص بن خليل بن عبد الله بن إبراهيمَ المالِينيِّ، وأبي سَهْل محمد بن عليّ المَرْوَزيّ، وأبي ¬

_ (¬1) التقصي لإبن عبد البر. (¬2) التلقين للقاضي عبد الوهاب البغدادي. (¬3) وذكر له ابن الزبير اختصار الاحياء للغزالي. (¬4) باب الجازيين كما هنا أو الجيزيين كما في مواضع أخرى، هو أحد أبواب عدوة الأندلس، وذكر ابن القاضي في الجذوة أنه "هو باب الحمراء عند الناس اليوم". (¬5) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال 1/ 288، وابن دحية في المطرب 159، والقفطي في إنباه الرواة 3/ 190، وابن الأبار في التكملة (1721)، والرعيني في برنامجه 136، والذهبي في المستملح (329)، وتاريخ الإسلام 10/ 133، والمشتبه 55، واليمني في إشارة التعيين 332، والفيروزآبادي في البلغة 208، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 1/ 401، وابن حجر في تبصير المنتبه 1/ 73، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 178، وسواهم.

عليّ صَالح بن إبراهيمَ بن رِشْدِين -لقِيَه بمِصرَ سنةَ ثلاثَ عشْرةَ وأربع مئة- وأبي عِمرانَ موسى بن عيسى بن أبي حاجّ الغَفْجوميِّ الفاسيّ، وأبي القاسم ابن سَيْف، وأبوَيْ محمد: إسماعيلَ بن محمد بن عَبْدُوس، وعبدِ الوهاب بن عليّ بن نَصْر بن أحمدَ بن الحَسَن بن هارونَ بن مالكِ بن طَوْق، وأبي يعقوبَ يوسُفَ بن يعقوبَ بن إسماعيلَ بن خُرَّزاذ النَّجِيرَميّ. رَوى عنه أبو بكرٍ محمدُ بن سابقٍ الصِّقِلِّي، وأبو الحَسَن عليُّ بن حَسَن بن مُهذَّب الرَّبَعي، وأبو الطيِّب عبدُ المُنعم بن مَنِّ الله ابن الكَمّاد، وأبو العَرَب الصِّقِلِّي، وآباءُ القاسم: زَيْدونٌ وعبدُ الرّحمن بن عُمرَ القَصْديريُّ وعليُّ بن جعفرٍ السَّعديُّ، وأبو محمدٍ عبد الله بن إبراهيمَ الصَّيْرَفيُّ. وكان متحقِّقا بعلوم [اللُّغة والأدبِ] جيِّدَ الخَطّ، محُكَم الضَّبط، مقيِّدًا مُفيدًا، أكثَرَ من ضمِّ [الأصُول وعُنِيَ] بالبحثِ عنها حتى جَمَعَ منها ما لم يجمَعْه غيرُه. وقَدِمَ الأندَلُسَ عامَ ستّينَ أو نحوَه، ووقَفْتُ على خطِّه بالرّواية عنه مؤرَّخًا بجُمادى الأولى سنةَ إحدى وستينَ وأربع مئة. قرأتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرّعَيْنيِّ، رحمه الله، ونقَلتُه من خطِّه: أنشَدَني رحمه اللهُ وكتبَه لي بخطِّه -يعني أَبا جعفر بنَ عبد المجيد ابن الجَيّار- قال: أنشَدَني ابنُ الفَخّار، قال: أنشَدَني ابنُ العَرَبيّ قال: أنشَدَني أبو بكرٍ محمدُ بن سابقٍ الصِّقِلِّيُّ قال: قال لي أبو بكرٍ ابنُ البَرّ: أتيتُ القاضيَ أَبا محمد عبدَ الوهّاب بنَ عليّ بن نَصْر بالمسجد الجامع بمِصرَ، فقلتُ له: يَا سيّدَنا الإِمام أَنْتَ القائل [من المتقارب]: تمَلَّكتَ يا مُهجتي مُهجتي ... وأسهَرْتَ يا ناظري ناظري وما كان ذا أمَلي يا ملولُ ... ولا خَطَرَ الهَجْرُ في خاطري فجُدْ بالوِصالِ فدَتْك النُّفوسُ ... فلستُ على الهجرِ بالقادرِ وفيك تعلّمتُ نَظْمَ الكلامِ ... فلقَّبَني النَّاسُ بالشاعرِ؟

فقال: يَا أَبا بكر، دع ذا، فإنه كان في أيام الصِّبا. قال أبو عبد الله بنُ أبي الفَضْل عِيَاض -وقد أورَدَ هذه الحكايةَ عن ابن العَرَبي بسندِه-: هذه الحكايةُ نقلتُها من خطِّ المحدِّث أبي الوليد ابن الدَّبّاغ، والشّعرُ في كتاب "اليتيمة" للوَأْواء. قال شيخُنا أبو الحَسَن رحمه الله: الذي ثَبَتَ منه في "اليتيمة" منسوبًا لأبي الفَرَج محمد بن أحمدَ الغَسّانيِّ الدِّمشقيِّ الملقَّب بالوأواءِ بيتانِ وهما: "تمَلَّكتَ يَا مهجتي" البيتَ، "وفيك تعَلَّمتُ نظمَ الكلام" البيتَ، خاصّة. وقد حدَّث غيرُ واحد من المشيَخة بالحكاية عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ حسبَما سَردتُها أولًا. انتهى المنقولُ من خطِّ أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ رحمه الله. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وقد ذَكَرَ هذه الحكايةَ أبو عبد الله ابنُ الأبّار فقال: وقرأتُ بخطِّ شيخِنا أبي عبد الله بن نُوح: أخبَر أبو بكرٍ ابنُ العَرَبيّ قال: أخبرنا محمدُ بن سابقٍ الصقِلِّيّ، قال: أخبرنا أبو بكرٍ ابن البَرّ، قال: قلتُ لعبد الوهّاب ابن عليّ بن نَصْر القاضي: أَنْتَ القائلُ: "تملّكتَ" الأبياتَ؟ فخَجِلَ وقال: دَعْ هذا يَا أَبا بكر، فإنّها أخبارُ الصِّبا. قال ابنُ الأبّار: وقد أجازَ لي ما رواه ابنُ العَرَبيّ وألّفَه القاضيانِ أبو بكرٍ ابنُ أبي جَمْرةَ وأبو الخَطّاب بن واجِب [عنه، وَيروي ابنُ أبي جَمْرةَ] منهما عن أبي القاسم ابن وَرْد، عن محمد بن سابق الصِّقِلِّيِّ جميع ما ألَّفه ورَواهُ. قال ابنُ الأبّار: وحدّثني الخطيبُ أبو محمدٍ عبد الله بن عبد الرّحمن الأَزْديُّ، والفقيهُ أبو العبّاس أحمدُ بن مُعاويةَ السُّلَميُّ بتونُسَ، وأنشَداني، قالا: حدّثنا القاضي أبو محمد بنُ حَوْطِ الله وأنشَدَنا، قال: حدّثنا أبو عبد الله محمدُ بن إبراهيمَ بن خَلَف بن أحمد -هو ابن الفَخّار- وأنشَدَنا، قال: حدّثنا أبو بكر محمدُ بن عبد الله ابن العَرَبيّ، وأنشَدَنا، قال: أنشَدَنا [أبو بكر ابنُ البَرّ، قال: أنشَدَنا] (¬1) ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين ساقط في الأصل، وهو في التكملة، وسببه قفز الناسخ وسهوه.

أبو بكر الجَزِيريُّ، وأخبَرنا، قال: أتيْتُ القاضيَ أَبا محمد عبدَ الوهّاب في المسجد الجامع بمِصرَ، فقلتُ له: يَا سيّدَنا الإِمام، أَنْتَ القائلُ؟ وذَكَرَ الأبياتَ إلى آخِرِها، فقال رضيَ اللهُ عنه: يَا أَبا بكر، دع هذا، فإنهُ كان في أيام الصِّبا. قال ابنُ الأبّار: كذا سمِعتُ بلفظِ هذَيْنِ الشَّيخَيْنِ هذه الحكاية، وعلى ما في هذا الإسناد من رواية ابن العَرَبيّ عن ابن البَرّ كتبتُها عنهما، وهو غَلَطٌ لا شكَّ فيه؛ لأنه لم يلقَهُ ولا سَمِعَ منه، قال ابنُ الأبّار: وعندي أنّ أَبا بكر الجَزِيريَّ هو: محمدُ بن سابِق الصِّقِلِّي، نُسِب إلى جزيرة صَقِلّيةَ ويُكنَى أَبا بكر، ولا روايةَ له عن عبد الوهّاب، وهو مذكورٌ في "الصِّلة" (¬1)، فأخَّره وقَدَّم ابنَ البَرّ مَن لا يَعرِفُ زمانَهما ولا تَهدَّى إلى الفرقِ بينَهما, ولعلّ ذلك من قِبَل ابن الفَخّار وغفَلَ عنه ابنُ حَوْطِ الله. قال ابنُ الأبار: وقد وجدتُ بعضَ أصحابِنا يَروي الأبياتَ عن أبي جعفر بن عبد المجيد الحَجريِّ المالَقيّ، قال: أنشَدَني الحافظُ أبو عبد الله بنُ إبراهيمَ ابن الفَخّار قال: أنشَدَنا ابنُ العَرَبيّ قال: أنشَدَنا أبو بكرِ الجَزِيريُّ قال: أنشَدَني أبو بكر ابنُ البَرّ. وذكَرَ الأبياتَ ورواها كما أورَدَها ابنُ نُوح على الصواب. قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: جعْلُ ابنِ الأبّارِ الوَهَمَ في قلبِ هذا الإسناد من قِبَل [ابن] الفَخّار لا وَجْهَ له عندي. فقد رواهُ عنه على الصّواب أبو جعفر بنُ عبد المجيد كما نابه أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ، ووجَدَه ابنُ الأبار من رواية بعض أصحابِه عنه حسبَما ذَكَرَ ذلك كلَّه، وَيبعُدُ أَيضًا توارُدُ الخطيبِ أبي محمد بن بُرطُلة والفقيهِ أبي العبّاس بن معاويةَ على هذا الوَهَم فالحَمْلُ فيه عندي بمقتضَى هذا الإيراد على أبي محمد بن حَوْطِ الله، واللهُ أعلم. قال المصنفُ عَفَا اللهُ عنه: هذا الذي حَدَسْتُه أولًا على أبي محمد بن حَوْطِ الله قد وقَفْتُ عليه ثانيًا، فكذلك ثَبَتَ في مُسلسَلاتِه بخطِّه، [وقد وقَفَ على هذا] الخطِّ أبو محمدٍ ابنُ بُرطُلة كما وقَفْتُ عليه بخطِّه أَيضًا [....] والحمدُ لله، وما هي بأوّلِ ¬

_ (¬1) الترجمة (1325).

126 - محمد بن علي بن عبد الكريم الفندلاوي -بفتح الفاء وسكون النون وفتح الدال الغفل ولام ألف وواو منسوبا- فاسي، أبو عبد الله، ابن الكتاني، بفتح الكاف وتشديد التاء وألف ونون منسوبا

نِعَمِ الله عليّ، أوزَعَنا اللهُ شُكرَ نِعَمِه، ووقَفْتُ في بعض مُعلَّقاتي على بيتٍ قبلَ: "وفيكَ تعَلَّمتُ، وهو [من المتقارب]: [نثَرتُ الدُّموعَ] نظَمْتُ الكلامَ ... فسُمِّيتُ بالناظم الناثرِ (¬1) واعلَمْ وراءَ ذلك، أنّ هنالك في طبقةِ شيوخ ابن العَرَبي أَبا بكرِ وأبا عبدِ الله محمدَ بنَ عبد الله ابن البَرّ (¬2) الجَزِيريَّ -الجزيرةَ الخَضْراء- شيخٌ مُسِنٌّ يَروي عن أبي بكرِ ابن [المَرْشانيّ]. رَوى عنه أبو الفَضْل عِيَاضٌ، فقد يُوهِمُ أنه الواقعُ في هذا الإسناد برواية ابن البَرّ عنه وليس به. 126 - محمدُ (¬3) بن عليِّ بن عبد الكريم الفَنْدَلاويُّ -بفتح الفاءِ وسُكون النّون وفَتْح الدال الغُفْل ولام أَلْفٍ وواوٍ منسُوبًا- فاسيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ الكَتّانيِّ، بفَتْح الكاف وتشديدِ التاء وألفٍ ونون منسوبًا. أخَذَ عن أبي عَمْرٍو عثمانَ بن عبد الله السّلالقيِّ (¬4). رَوى عنه أبو الحَجّاج ¬

_ (¬1) لأبي زَيْد الفازازي قطعة في معارضة القطعة التي أكثر المؤلف من الكلام في سند روايتها ومما جاء في قطعة الفازازي: نظمت الغرام نثرت الدموع ... فسميتُ بالناظم الناثر برنامج الرعيني: 138. (¬2) كذا في الأصل، وعند المؤلف في السفر السادس (717) والتكملة (1170)، والغنية للقاضي عياض (15)، وبغية الوعاة 1/ 150 نقلًا عن ابن الزبير في الصلة وابن غالب في فرحة الأنفس وابن مكتوم أنه محمد بن عبد الله بن البراء وفي البغية المطبوعة "الفراء"، فخلط بينه وبين النحوي. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1732) وسماه: "محمد بن عبد الكريم الفندلاوي" فكأنه نسبه إلى جده وتبعه من نقل عنه، والتادلي في التشوف 335، والذهبي في المستملح (338)، وتاريخ الإسلام 12/ 1183، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 1/ 220، وينظر: سلوة الأنفاس 3/ 173، والأنيس المطرب 270، ومفاخر البربر 71. وهو منسوب إلى فندلاوة من جبال بني يازغة. (¬4) القاف فيها بدل الكاف الأعجمية ولذلك ترسم "السلالجي" أيضًا.

المُكَلاتيَّ (¬1)، وآباءُ الحَسَن: الحَضْرميّ، والشارِّيَّ (¬2)، وابنُ القطَّان، وآباءُ العبّاس: ابنُ عبد المؤمن، وبنو المحمّدِينَ: الأَزْديُّ والبَكْريُّ والشَّرِيشيُّ والعَزَفيُّ وابنُ تامتيت، وأبو عليّ عُمرُ بن عبد المجيد الرُّنْديُّ، وأبو محمدٍ الناميسيّ (¬3). وكان متحقِّقًا بعلم الكلام، متقدِّمًا في معرفةِ أصُول الفقه، ذا حظٍّ صالح من علوم اللّسان وقَرْض الشّعر. وله رَجَزٌ مشطورٌ مزدوَج في أصُول الفقه مُستنبَل (¬4). وكان زاهدًا وَرِعًا فاضلًا منقبِضًا عن الملوكِ وأبناءِ الدّنيا منقطعًا إلى العبادةِ والاجتهاد في الأعمال الصّالحة والانتصابِ لإفادةِ العلم والتدريس. واكتفَى في معيشتِه بالقليل، وقد عُرِضت عليه الدّنيا غيرَ مرّة فما أجابَ إلى شيءٍ منها ولا غَرّتْه. وكان المنصُورُ من بني عبد المؤمن قد رَغِبَ في أن يكونَ من طلَبةِ مجلسِه، فما قَدَرَ عليه البتّةَ. ¬

_ (¬1) ستأتي ترجمته، انظر رقم 229. (¬2) قال الشاري: أخذت عنه جملة وافرة من "إرشاد" أبي المعالي و"تلخيصه" تفهمًا وسمعت عليه رجزه وانظر سند ابن رُشيد السبتي في رواية هذا الرجز أو الأرجوزة كما يسميها، وأولها: الحمد لله الحكيم الفاعل ... مبتعث الرسل لقمع الباطل أعلم بأن الفقه في اللسان ... العلم من غير اعتبار ثان وهو في اصطلاح أهل الشرع ... علم بحكم ثابت بالقطع ثم أصوله على المواضعهْ ... أدلة تفضي أيها قاطعهْ رحلة ابن رشيد 2/ 266. (¬3) لم يعدَّ المؤلف منهم أَبا الحسن علي بن محمد المعروف بابن العطار، انظر ترجمته في التشوف رقم (263). (¬4) نسب إليه الأخباريون المتأخرون كتاب "المستفاد" ومنهم ابن القاضي في الجذوة والجزنائي في "جنى زهرة الآس" وابن جعفر الكتاني، وليس له وإنما هو لأبي عبد الله محمد بن قاسم بن عبد الرحمن بن عبد الكريم التميمي الذي سترد ترجمته فيما بعد، وقد التبس الأمر على المذكورين بسبب الاتفاق في الاسم والكنية، والتشابه في الجد الأعلى عبد الكريم، والاشتراك في النسبة الفاسية، والمعاصرة.

حدّثني الشّيخُ أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمه اللهُ قراءةً عليه، قال: حَدَّثَنَا الشّيخُ السُّنيُّ أبو العبّاس العَزَفيُّ إجازةً إن لم يكنْ سَماعًا، قال: حدّثني الشّيخُ الأجَلّ أبو العبّاس أحمدُ بن عليّ القَنْطَريُّ أحدُ شهودِ بلدِنا، عن القاضي أبي الحَسَن ابن قاضي الجماعةِ أبي موسى عيسى بن عِمران، أنه قال له بإشبيلِيَةَ: سألَ اليومَ سيّدُنا أميرُ المؤمنينَ المنصُورُ أَيَّده اللهُ ونَصَرَه عن الفقيه [أبي عبد الله ابن الكَتّانيّ] سؤالَ مَن يَستدعيه وَشيكًا، وأظُنُّه قد وَجَّه عنه. ثم [بَلَغَني من غير واحد من أهل التاريخ و] معرفتِه أنّ مشيَخةَ أهل فاسَ تلقَّوْهُ عندَ قفولِه إلى العُدْوة بمقرُبةٍ من شَرِيش ... فسَلَّموا عليه، فقال لهم: أفيكم ابنُ الكَتّانيّ؟ فقالوا له: لا، ثم أجاز البحرَ، وأمَرَ على أهل فاسَ بالتقَدُّم وعَرَّفَهم أنه يَستقبِلُ بلادَهم، ثم تلقَّوْه إلى وادي [سبو] (¬1) فسَلَّموا عليه، فقال لهم: أفيكم أبو عبد الله الكَتّانيّ؟ قالوا له: لا، ثم تَلقّاه قليلٌ منهم [بالقُرب من فاسَ يتَقدَّمُهم] جماعتُهم فيهم أبو الحَسَن بنُ خِيَرةَ (¬2)، فقال لهم مثلَ ذلك، فقالوا له: لا، ثم دَخَلَ فاسَ، كلأها اللهُ، وهو بها، فسألَ عنه فعَرَفَ أنه شاكٍ، فوَجّه إليه أطبّاءه ليَنظُروا في علاجِه، ثم رَحَلَ عن فاسَ ولم يلقَهُ. توفّي بفاسَ ضُحى يوم الجُمُعة لأربعَ عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من ذي الحجة سنةَ سبع وتسعينَ (¬3) وخمس مئة. وصَلّى عليه أبو يحيى أبو بكر (¬4) بنُ خَلَف ابن المواق. ¬

_ (¬1) غير واضحة في الأصل. (¬2) كذا في الأصل، ولعله تحريف والصواب: ابن خيار. وقد تقدمت ترجمته في هذا السفر. (¬3) عند ابن أبي زرع: كانت وفاته في العشر الأواسط من ذي الحجة منها (أي من سنة 595 هـ) وفي التكملة: سنة ستٍّ وتسعين وخمس مئة، وفي الجذوة: سنة خمس وتسعين وخمس مئة، وفي التشوف: عام سبعة وسبعين وخمس مئة، ويبدو أن عدد سبعين محرف عن تسعين. (¬4) في الأصل: أبو موسى بن خلف ابن المواق، ولا شك أن الكنية المذكورة تحريف من الناسخ، وفي التشوف: "وصلى عليه الفقيه أبو يحيى أبو بكر بن خلف الأنصاري المعروف بالمواق" وعند ابن أبي زرع: وشهد أمير المؤمنين جنازته.

127 - محمد بن علي ابن العابد، فاسي، أبو عبد الله، ابن العابد

127 - محمدُ (¬1) بن عليٍّ ابن العابد، فاسيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ العابد. قَدِمَ الأندَلُسَ في حدود الثلاثينَ وست مئة، وارتَسمَ بالكتابة عن الأمر أبي عبد الله بن يوسُف بن نَصْر ابن الأحمر. وكان كاتبًا مُحسِنًا، شاعرًا مطبوعًا، تلبَّس حينًا بعَقْد الشّروط والكَتْبِ عن قاضي الجماعة أبي الحَسَن بن محمد بن أبي عشَرةَ الفاسيِّ (¬2) بمَرّاكُش، وإيّاه فاتَحَ أبو عبد الله ابنُ الجَنّان بالرّسالة العَيْنيّة حسْبَما مَرّ ذكْرُ ذلك في رَسْمِه (¬3). قال أبو القاسم عبد الكريم بن عِمران: كتبتُ إليه أستَقرِضُه بعضَ قريضِه بعدَ أن شافهْتُه بذلك ووعَدَ به فمَطَلَ [من الطويل]: إذا الشّعرُ وافَى في شعار ابن عابدٍ ... تقاصَرَ فيه الوَصْفُ عن حُسن موصُوفِ سَبَى مُهَجَ الرائينَ لألاءُ لؤلؤٍ ... له فوقَ أجيادِ الإجادةِ مرصُوفِ ورَقّ نسيمًا فانتَشِق لهبوبِهِ ... شَذا وَرَقٍ من جنّة الخُلدِ مخصوفِ يُولّدُ في أهل الوقارِ سَماعُهُ ... خفوفَ اهتزازٍ مثلَ ما شطح الصُّوفي لئن زان تأليفي ببعضِ قريضِهِ (¬4) ... لقد تُجتَلَى الحسناءُ في خَشِن الصُّوفِ أيُّها الشاعرُ المُفلِق، قولةَ مُنصِف لا متملِّق، بَقِيتَ وللعُصُر بك اختيال، ولزَهْر الآدابِ من خمائل شمائلِك انثيال، ومهما ذكرَ القريض، بتصريحٍ أو بتعريض، فالناسُ فيه على براعتِك عِيال، اقتضَى الودُّ الذي لم نزَلْ نتعاطاه تعاطيَ الجِريال، والاعتدادُ [بالأُخوّةِ التي لم نفتَأْ] نجُرُّ في مجَرّة برودِها سابغةَ الأذيال، أن أهُزَّ ¬

_ (¬1) له ترجمة في الإحاطة 2/ 287، وجذوة الاقتباس رقم (203)، وقيل الابتهاج: 254، 305. وولده محمد الكاتب من بعده له ترجمة في الإحاطة 2/ 281. وانظر أيضًا اللمحة البدرية: 53. (¬2) تقدمت ترجمته في هذا السفر رقم (11). (¬3) انظر السفر الخامس، الترجمة (636). (¬4) في الأصل: "فريضة".

عِطفَ انطباعِكمُ [المختال، وأستمِدَّ] عُنصرَ طِباعِكم السَّيّال، وأتقاضَى منكم دَيْنًا ما أحملُ اللومَ [فيه إلا على] صَرْفِ اللّيال، فبعثتُ بهذه الرُّقعة على ما تَرَوْنَ بها من جَدْبِ [أديمِها، فليس لمُنتجع] في مُصُوح هشيمِها مراد، ولا لمتطلِّع في تصفُّح مرسُومِها [مُستفاد، ....] بخواطِوها شوقًا لمَواطِوِها رَقَصَ الآل، تشيرُ بمعطَّل جِيدِها، [إلى ناظم] قلائدِ النَظم ومُجيدِها، إشارةَ من راقَها لديه لألاءُ اللآل، فكيف بها إذا [قَرَعت] ففُتِح لها الباب، وكرَعَت في فمِ ذلك العُبَاب، واشتَمَلت من مَصُونِ ذخائرِه [على] اللُّباب، فهنالك تَبرُدُ الأُوام، وتَندَى بفُرادى من فرائدِ البديع وتُوام، ولا تزالُ تمرِّحُ بالثناءِ عليكم مترنِّمة، كورقاءَ في فروع الأيكِ مُهَيْنِمة، وفي دَوْحِ سرَاوتكم إن شاء اللهُ تجدُ الظّلال، وترِدُ الزُّلال، وتحُلُّ حيث حَلَّ من وَسْنى المُقَل الخَيال، فتصَدَّقْ عليها وأوفِ المِكيَال، واللهُ يُهنيكم ما مَنَحَكم من محاسنَ رائقةٍ وخِلال، ويُقِيدُ في آياتِ السحر الحلال، وسلامُ الله عليكم ما انحسَرَ قناعُ الغَيْم عن جَبينِ هلال، ولبَّى المُحرِمونَ بإهلال، ورحمةُ الله وبركاتُه. فأجابَه أبو عبد الله ابنُ العابِد بهذه الرّسالة [من الطويل]: إذا قيلَ: مَن ربُّ القَريضِ الذي لهُ ... يَدينُ؟ فقُلْ: عبدُ الكريم ابنُ عِمرانِ حَبَاني برَوْض من نتيجةِ فكرِهِ ... يَرُوقُ به للنظم والنثر زهرانِ ونزَّهَني في خطِّه وبيانِهِ ... فمن سامعٍ مُصْغ إليه ومن رانِ كسَاني به فخرًا تهنَّأتُ لُبْسَهُ ... ومن لُبْس أثوابِ الإجادة أعراني أيُّها البحرُ الوَهُوب لفُرادى الجواهرِ والتَّوام، والحَبْرُ اللَّعوب بأطوافِ الكلام، وُقيتَ عينَ الكمال، وبَقِيتَ محروسَ الجمال، تتأنقُ لمن بارالك في ارتيادِ البراعة، وتسبِقُ مَن جاراك بجيادِ اليَراعة، وتتبختَرُ من ملابِس السعادة في مُوَشَّى برودِها، وتظفَرُ من أوانِس الآمالِ المنقادةِ بشهيِّ برودِها، وَصَلتْني رُقعتُك التي

جَلَوْتَ في أسطارِها الكواعبَ، وعَلَوْتَ بإظهارِها الكواكبَ، وأظهَرْتَ في نَظْمِها ونثرِها السحرَ لمُرتادِه، وذكَرْتَ بمُستافِ عنبرِها الشّحَر (¬1) على نأْي بلادِه، فقلت: هذه غايةٌ لا أبلُغُ مَداها، وآية يتحدّى بها من أهداها، فتوقّفتُ عن الإجابة توقُّفَ الحَسِير، وانصَرفتُ إلى الإذعانِ [انصرافَ؟] الأسير، وأنشَدتُ الخاطرَ وأرجاؤه داجية: أبعدَ حَوْل [تُناجي الشوقَ ناجِية] (¬2) فأبَى لاغترارِه إلا أن يُسجِلَ عُبَابَك بهذه الصَّبابة، ويُعاجِلَ [جنابَك بما لم] يُرزَقْ سواه من عَدَم الإصابة، ومَجْدُك يُسبلُ على هذه الهَنَات [أذيالَ تجاوزِه، إذ لا] يَعدِلُ مَن قابَلِ تلك الحُلَل المُسهَمات بأسمالِ معاوزِه (¬3)، واللهُ يُبقيكم [للمفاخِر] تنظِمون عقودَها، والمآثر تَحبُرونَ بُرودَها، والسلامُ عليكم ما اعتَدلتْ أنابيب، وانْسَدَلت من الظلام جَلابيب، وهطَلَت من سماءِ بلاغتِكم شَآبيب، ورحمةُ الله تعالى وبَرَكاتُه. قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: نقَلتُ هاتَيْنِ الرِّسالتَيْن من خطّ أبي القاسم بن عِمران، وأصحَبَ أبو عبد الله ابنُ عابدٍ جوابَه نُبذةً من نَظْمِه، منها، ونقَلتُها من خطِّه في أخوَيْن: وَسيم وأحدب [من الكامل]: في ابنَيْ محمدٍ ان نظرتَ عجائبٌ ... أخَوانِ ظَبْيٌ أحورٌ وحُوارُ (¬4) فمن الجَمال بوجهِ ذاك مآثرٌ ... ومن الجِمالِ بظهرِ ذا آثارُ ¬

_ (¬1) مستاف: من الاستياف وهو الاشتمام يقال: ساف يسوف سوفًا إذا شم. والشحر: بلد معروف ينسب إليه العنبر، وفي الأصل: الشجر، وهو تحريف. (¬2) هو في الأصل، وهو شطر بيت للمعري: أبعد حول تناجي الشوق ناجية ... هلا ونحن على عشر من العشر انظر سقط الزند. (¬3) المسهمات: البرد المخططات، والمعاوز: المباذل. (¬4) الحوار: ولد الناقة.

ومنها، ونقَلتُه من خطِّه في وَسِيم متغيِّر الثَّنِيّة له خالٌ بشارِبه [من المنسرح]: وشادنٍ في القلوبِ مرتَعُهُ ... مُرَهَّفُ القَدِّ أهيَفُ الخَصْرِ نشوانُ مَن [ذاق] خمرِ مُقلتِهِ ... فما تُفيقُ أعطافُه من السُّكرِ رماهُ قومٌ بالنَّقْص حينَ غَدا ... يُزري جَمالًا على سَنا البدرِ قالوا: سوادٌ بدا بمبسِمِهِ ... وما عَهِدنا السوادَ في الدرِّ فقلتُ: ما ذلكُم بعائبِهِ ... كفُّوا، فعندي حقيقةُ العُذرِ حبّةُ قلبي رأت مُقبَّلَهُ ... فأفلتَتْ من جوانح الصّدرِ وارتشَفتْ خمرَ ريقِهِ فسَرى ... سوادُها عند ذاك في الثّغرِ ثم ثَوَتْ فوقَهُ مُخبِّرةً ... مَن عابَهُ كُنْهَ ذلك الأمرِ ومنها ارتجالًا في شاربٍ رَعِف، ونقلتُه أيضًا من خطِّه [من الكامل]: ومُهفهَفٍ للبدرِ حُسنُ جبينِهِ ... وليانع الأغصانِ مائسُ عِطفِهِ لمّا أراق دمي ولاحَ بخدِّهِ ... أجراه قَصْدُ إهانتي من أنفِهِ ومنها، ونَقلتُه من خطّه أيضًا وفيه وَصْفُ حَمّام [من السريع]: [و .........] ... في ليلةٍ من غُرَر الدهرِ [مطَرُها أشبَهَ ذا] لوعةٍ ... أدمعُهُ خوفَ النوى تجري [والبرقُ] حَكَى لمعَهُ في الدُّجى ... زَنْجيّةٌ تبسِمُ عن ثغرِ [.............] البيتَ حتى أتى ... بأربع في صُوَر البدرِ (¬1) [وجاء] بابن النحل (¬2) في زُبدةٍ ... مثلَ عنبرٍ شِيَب بالدُّرِّ ¬

_ (¬1) يشبه قرص الخبز في استدارته بالبدر. (¬2) ابن النحل: هو العسل.

128 - محمد بن علي بن محمد بن عبد الرحيم بن هشام الأنصاري الأوسي، مراكشي، نشأ بسلا، قرطبي أصل السلف، أبو عبد الله، ابن هشام

[...] هاتِ الباقّلاءَ التي ... بدَتْ لنا في حُلل خُضْرِ زَبَرْجَدٌ ضُمَّ على لؤلؤٍ ... صاغَهما مُنسكبُ القطرِ فاجتَمَعتْ أطعِمةً حقُّ مَن ... أُعطِيَها الإقرارُ بالشكرِ فلم نزَلْ نجهَدُ في ضرِّها ... حتى أراحتنا من الضُّرِّ وحينَ ضَمَّ اللّيلُ أذيالَهُ ... وانتَشَرتْ ألوِيةُ الفجرِ قُمنا لبيتٍ حرجٍ مُظلمٍ ... قُسِّم بين البردِ والحَرِّ تخالُ مَن ضمَّتْهُ أحشاؤه ... كأنما أُدرج في قبرِ تلوحُ في أقبائه أنجُمٌ ... نقيضةٌ للأنجُم الزُّهرِ تبدو نهارًا فإذا ما بدا ... جُنحُ الدُّجى غارت ولم تَسْرِ يا طيبَهُ ليلًا ويا حُسنَهُ ... صُبحًا، لقد حاز سنى العُمرِ وقد مَرّ له ذكْرٌ في رَسْم أبي جعفر بن طلحةَ الشُّقْريّ (¬1). 128 - محمدُ بن عليِّ بن محمد بن عبد الرحيم (¬2) بن هشام الأَنْصاريُّ الأوْسيُّ، مَرّاكشيٌّ، نشَأ بسَلَا، قُرطُبيُّ أصلِ السَّلف، أبو عبد الله، ابنُ هشام (¬3). رَوى بسَلا عن أَبيه (¬4)، ومؤدِّبِه أبي عليّ عُمرَ بن موسى بن الحَسَن بن عليّ بن مُكابِر بن بلولٍ الصُّنْهاجيّ الفشْتاليّ (¬5) من بني بلول، ثم مِن بني عَطّاف، وبه انتفَعَ في العربيّة والطريقةِ الأدبيّة؛ والزاهدِ الفاضل أبي إسحاقَ بن أحمدَ ¬

_ (¬1) راجع السفر الأول، الترجمة 531. (¬2) كذا في الأصل، وفي ترجمة والده عند المؤلف: عبد الرحمن. (¬3) عرّف به عبد الرحمن الفاسي في كتابه استنزال السكينة (مخطوط) نقلًا عما هنا. (¬4) له ترجمة في السفر الخامس (612) وفيها أنه قرطبي سكن مراكش ثم رباط الفتح، وولي بعض الأعمال السلطانية، وتوفي برباط الفتح سنة 622 هـ. (¬5) لم نقف على ترجمته.

القَلَبَّق (¬1)، وأبي جعفر ابن فَرْقَد (¬2)، وأبي عبد الله ابن حَمّاد (¬3)، وروى [بفاسَ] عن جماعة منهم: أبو عبد الله ابنُ عبو (¬4). وشَرَّق مرّتَيْن حَجَّ فيهما، فَصَلَ في أُولاهما من سَلا سنةَ ثمانِ عشْرةَ وست مئة، وجال في بلادِ المشرق والشَّام والعراق، ودَخَلَ بغدادَ وتَكْريتَ والمَوْصِل ومِصرَ والإسكندَريّة، ورَوى عن طائفةٍ كثيرة من بقايا الشيوخ سَماعًا وقراءةً، وأجاز له منهم جَمْع لا يُحصَوْنَ كثرةً، فمن شيوخِه ببغدادَ: أبو إسحاق إبراهيمُ بن عبد الرّحمن بن أبي [ياسر] (¬5) القَطِيعيُّ الخَيّاط، وأبو بكرٍ محمدُ بن أبي بكر بن عبد الله .... ، وأبو حَفْص عُمرُ بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن [سعد السُّهْرَوَردي] (¬6)، وأبو سَعْد (¬7) ثابتُ بن مُشرَّف بن أبي سَعْد بن إبراهيمَ الأزَجيُّ البناء (¬8)، وموفَّقُ الدِّين أبو عبد الله بن عبد اللّطيف (¬9) ¬

_ (¬1) لم نقف على ترجمته، والقلبّق: السلحفاة، في اللغة اللاتينية. (¬2) لعله أخذ عنه أثناء توليه قضاء سلا (ت 624 هـ) انظر السفر الأول، الترجمة 29. (¬3) انظر ترجمته في هذا السفر رقم (123) ولعله درس عليه أثناء قضائه بفاس. (¬4) ترجمته في هذا السفر رقم (109). (¬5) ما بين الحاصرتين ممحو في الأصل، واستفدناه من ترجمته في تاريخ ابن الدبيثي 2/ 461، وتكملة المنذري 3/الترجمة 2060، وتاريخ الإسلام 13/ 698، وهو من أهل القطيعة بباب الأزج في الجانب الشرقي من بغداد، وتوفي سنة 622 هـ. (¬6) ممحو في الأصل، وهو الصوفي المشهور الشيخ عمر السُّهروردي ثم البغدادي دفينها المتوفى سنة 632 هـ ومصادر ترجمته في التعليق على تاريخ ابن الدبيثي 4/ 353 - 354. (¬7) في الأصل: "سعيد"، محرف، وما أثبتناه من مصادر ترجمته ومنها إكمال الإكمال لإبن نقطة 3/ 170، وتاريخ ابن الدبيثي 3/ 45، وتكملة المنذري 3/الترجمة 1906، وتاريخ الإسلام للذهبي 13/ 573، وسير أعلام النبلاء 22/ 152، وتوضيح ابن ناصر الدين 5/ 93 وغيرِها. (¬8) محو في الأصل لم يبق منه سوى الألف واللام والباء، وأثبتناه من ترجمته. (¬9) هكذا في الأصل، وهو تخليط لا ندري إن كان من المؤلف أم من الناسخ صوابه: موفق الدين أبو محمد عبد اللطيف، وهو الموصلي الأصل البغدادي الشافعي الفقيه النحوي الطبيب المشهور المتوفى سنة 629 هـ، وترجمته مشهورة فينظر سير أعلام النبلاء 22/ 320 والتعليق عليه.

ابن يوسُف بن محمد بن عليّ [البغدادي] , ومحمد (¬1) بن أحمدَ بن صَالح بن شافِع الجِيليُّ، وبتكريتَ: أبو المعالي محمدُ بن نَصْر بن محمد بن المبارَك ابن البَرْدَغُوليِّ ابنُ الطاهِريّ (¬2)، وبحَماةَ: أبو القاسم عبد الله [الحُسين] (¬3) بن عبد الله بن رَواحةَ الحَمَويُّ، وبدمشقَ: خطيبُها جَمالُ الدِّين أبو عبد الله بنُ أحمدَ بن محمد بن قُدامةَ المَقْدِسيُّ، وشمسُ الدّين أبو نَصْر محمدُ بن هبة الله بن مَمِيل (¬4) الشِّيرازيُّ، والقاضي أبو [....] (¬5) الشَّهْرَزُوريُّ وغيرُهم، بإفادةِ صاحبِه أبي عبد الله بن يوسُف البِرْزاليِّ الإشبيلي (¬6) مُستوطِنِ دمشقَ. وقَفَلَ من وِجهتِه هذه سنةَ ثِنتينِ وعشرينَ وست مئة، واستَوطنَ مَرّاكُشَ وقتًا. ثم رَحَلَ إلى الأندَلُس وسَكَنَ إشبيلِيَةَ مدّة وشَرِيشَ أُخرى، ومنها فَصَلَ لرحلتِه الثَّانية سنةَ ثمانٍ وأربعينَ، وكان محرِّكُه إليها وباعثُه عليها ما حدَّثني به ونقَلتُه من خطِّه، قال: وذلك رؤيا رأيتُها في المنام لم تكنْ من أضغاثِ الأحلام؛ رأيتُ في العشْر الأواخِر من رمضانَ سيّدَ البشَر الشفيعَ المشفَّع في المَحْشَر، ¬

_ (¬1) هو أبو المعالي محمد بن أحمد بن صالح بن شافع الجيلي الأصل البغدادي، أحد الشهود المعدَّلين هو وأبوه وجده، توفي ببغداد سنة 627 هـ، وترجمته في تاريخ ابن الدبيثي 1/ 229 والتعليق عليها. (¬2) في الأصل: "الظاهري"، والصواب ما أثبتنا، وهو مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 2/ 137، وقد سمع منه ابن الدبيثي وسمع من أبيه أيضًا. (¬3) ما بين الحاصرتين ممحو في الأصل، واستفدناه من ترجمته في صلة التكملة لعز الدين الحسيني 1/ 194، وتاريخ إربل لإبن المستوفي 2/ 412، وتاريخ الإسلام للذهبي 14/ 547، وسير أعلام النبلاء 23/ 26 أو التعليق الموسّع عليه، وتأخرت وفاته إلى سنة 646 هـ, فكان من المعمرين. (¬4) مميل بالفارسية: محمد، وتنظر ترجمته في التكملة المنذرية الترجمة 3/ 2810، وتاريخ الإسلام 14/ 190. (¬5) محو في الأصل. (¬6) هو زكي الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف البرزالي الإشبيلي الأصل المتوفى سنة 636 هـ، وترجمته في سير أعلام النبلاء 23/ 55 وفيه ذكر مصادر ترجمته الكثيرة.

جالسًا على سرير، تُبرِقُ من وجهِه الأسارير، فبادرتُ إليه مُسرعًا، ووقَفْتُ بين يَدَيْه متخضّعًا، وقلتُ له بعدَ أن سلّمتُ عليه، وقُمتُ مقام المستكينِ بين يدَيْه: يَا رسُولَ الله، ما أعظمَ عندَ الله تعالى مَن سَلّم عليك، وقبَّل ثَرى نَعْلَيْك! فقال لي عليه الصلاةُ والسلامُ مجُيبًا، بعدَ أن رَحَّب ترحيبًا: إنّي أُحبُّك، إنّي أُحبُّك، [إنّي أُحبُّك] , ثلاثًا يُعدِّدُها، وُيكرّرُ الكلماتِ وُيردِّدُها، ثم قال لي في الآخِر: ومن أحبَّ شيئًا أكثرَ من ذكْرِه، فاستيقَظْتُ من منامي، وقمتُ على أقدامي، والعزائمُ منّي مشحوذة، وعِلَقُ تعلُّقي بحبالِ هذه الفانية بمُدى اليأسِ مقطوعةٌ مجذوذة، وخرَجْتُ لا أَلْوي على مُتعذِّر، خروجَ المجدِّ إلى لقاءِ المحبوبِ المشمِّر، فسِرتُ على عَوْنِ الله متورِّكًا، وبرؤيتي هذه المنامةَ متبرِّكًا، وبعُرَى وُدِّي الصّحيح، وحبِّي الصّريح متمسكًا (¬1). ولم يُعْنَ في هذه الرحلة بالأخْذِ عن أحد، [ورَوى] عن الخطيبِ بباعوثا: من أرضِ عجلونَ من بلادِ الشَّام [أبي عليّ] بن عُمرَ الأنصاريِّ ابن الأنْدَلُسيّ (¬2)، وببُونةَ عن أبي القاسم محمد [....] محمد ابن مُحرِز التَّميميّ التونُسيِّ من ذريّة الفاضل، الشهيرِ الكرامات ... [عرفتُه] بمَرّاكُش، وصحِبتُه كثيرًا وأخَذْتُ عنه معظمَ ما كان عندَه. وكان [....] من أهل الصِّدقِ والعدالة، سُنّيًّا فاضلًا مُنحِيًا على أهل البِدع [....] بارعَ الخَطّ، سريعَ البديهة في النَّظم، مُكثرًا منه محُسِنًا في بعضِه، حافظًا للقرآنِ العظيم، مُثابِرًا على تلاوته، طيِّبَ النفْس كريمَ الأخلاق جميلَ الدُّعابة مُمتِع المجالسة. ¬

_ (¬1) من قوله: واستوطن مراكش وقتًا، إلى قوله: متمسكًا، منقول بالحرف في كتاب "استنزال السكينة "لعبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي المتوفى سنة أربع وثمانين وألف، ولا يُعرف مآل النسخة التي نقل عنها (انظر الإعلام 4/ 331 - 334 ط. فاس). (¬2) ترجم به المؤلف في السفر الخامس (810) وقال: "روى عنه شيخنا أبو عبد الله بن هشام، لقيه بباعوثا من نظر عجلون بالشام وهو خطيبها، ووُصف بالتقدم في العلم والزهد والفضل والصلاح ومتانة الدين".

129 - محمد بن علي بن مروان بن جبل الهمداني، وهراني نشأ بتلمسين شلوبيني الأصل، أبو عبد الله، ابن مروان

وُلد بمَرّاكُشَ سنةَ خمس وتسعينَ وخمسِ مئة، وتوفِّي بها نصفَ ليلة الخميس الحادلة والعشرينَ من ذي قَعْدةِ أحدٍ وسبعينَ وستّ مئة، ودُفنَ إثْرَ صلاةِ العَصْر من يوم الخميس المذكور بجَبّانة أسر غسن بمقرُبة من جامع عليّ بن يوسُف، عَمَرَه اللهُ بدوام الذِّكْر فيه، وشَهِدَ جَنازتَه خَلْقٌ كثير، وأثنَوْا عليه صالحًا، وكان أهلًا لذلك. 129 - محمدُ (¬1) بن عليّ بن مَرْوانَ بن جَبَل الهَمْدانيُّ، وَهْرانيٌّ نشَأَ بتِلِمْسينَ شَلَوبينيُّ الأصل، أبو عبد الله، ابن مَرْوان. رَوى عن أبي موسى عيسى بن عِمران. رَوى عنه أبو جعفر بن ثُعْبان. وكان فقيهًا مُستبحرًا في حفظِ المسائل ماهرًا في النّظر بارعَ الخَطّ سَرِيَّ الهمّة. استُقضيَ بتلمسينَ وقتًا، ثم قَدَّمه المنصورُ، من بني عبد المؤمن، في حركتِه المَشْرقيّةِ الثَّانية -وهي حركةُ قَفْصة (¬2) - إلى قضاءِ الجماعة بعدَ صَرْف أبي جعفر ابن مَضَاء عن الخُطّة حسبَما ذُكِر في رَسْم أبي جعفر (¬3)، فتقَلَّده محمودَ السيرة متعرَّفَ العدل والنزاهة والتُّؤَدة، يُذكَرُ أنه لم يجلدْ أحدًا طولَ أيام استقضائه بسَوْط، وكان، على ما ذُكِر من مشكورِ أحوالِه، كثيرَ المَيْل إلى ... وكان المنصُورُ معجَبًا به [متحفِّيّا] (¬4) بشَخْصِه، حَظِيَ لديه كثيرًا فكان لا يَدخُلُ عليه أوجَهُ عندَه ولا أخفُّ على قلبِه منه (¬5)، معَ علمِه بما كان عليه من ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1733)، وابن سعيد في الغصون اليانعة 29، وابن الزبير في الصلة 3/الترجمة (13)، والذهبي في المستملح (339) وتاريخ الإسلام 13/ 42، والمراكشي في الإعلام 4/ 121. (¬2) كانت هذه الحركة سنة 582 هـ. (¬3) راجع السفر الأول من هذا الكتاب (291). (¬4) في الأصل: "متحنا" وفوقها ضبة، وصوابها ما ذكرنا. (¬5) أشار ابن الزبير إلى صفة من الصفات التي قربته من المنصور، قال: "وكان يخطب عند المنصور في محافل الوفود ومشاهد الجماهير قيامًا بالمصالح وإعرابًا عن الأغراض والمقاصد ... ".

الانهماكِ في التّصابي، قرأتُ بخطِّ التاريخيِّ العدل أبي العبّاس بن عليّ بن هارونَ (¬1)، قال: حدّثني أبو القاسم ابنُ بَقِي (¬2) رحمه اللهُ، قال: قال لي المنصورُ يومًا: صَحَّ عندي أنّ ابنَ مروانَ شرِبَ البارحةَ معَ نُدَمائه في المَحَجّة على الساقيةِ التي بمقرُبْة من دارِه، وذكَرَ لي أنّ خَوابيَ الشّراب في دارِه، فاذهَبْ إليها وانظُرْ ما فيها، فرغِبتُ إليه أن يُعفيَني من ذلك، فتغافَلَ عنه، وهَمّ حينَئذٍ بإقامة الحدّ عليه، وأجرى ذلك [في مجلسِه، وكان حاضرًا فيه أبو عبد الله] بنُ إبراهيمَ الأصوليُّ (¬3)، وكان بينَه وبينَ ابن مَرْوان من [التدابُر ما] يكونُ بين متنافرَيْنِ، فقال له: يَا سيّدَنا لا تفعلوا، والأوْلى [أن تلتمسَ شُبهةً يُدرَأُ] بها عنه الحَدّ، ثم [لا] تَشيعُ هذه الأُحدوثةُ حتى تبلُغَ صاحبَ بغداد [ويقال: إنّ المنتسبَ] إلى أشرفِ خُطط الشريعة شاربُ خمر! فكَفّ المنصورُ عنه عندَ ذلك (¬4)، ¬

_ (¬1) راجع ترجمته في السفر الأول من هذا الكتاب (417). (¬2) يجدر التنبيه إلى ما كان بين ابن بقي وابن مروان من تنافر وتنافس على الخطبة، وكما ساق المؤلف هذه الحكاية فقد ساق مؤلف الغصون اليانعة حكايته أخرى "مما شنع عليه أعداؤه". (¬3) تقدمت ترجمته في هذا السفر برقم (73). (¬4) وقع في كلام القاضي ابن إبراهيم محو واضطراب في الأصل، وقد اجتهدنا في ترميمه، وإذا كان المنصور كف عن إقامة الحد على القاضي ابن مروان عملًا بإشارة القاضي الأصولي، فقد أقام الحد على أحمد بن سعود العبدري القرطبي نزيل مراكش وأحد أعضاء مجلس المنصور العلمي، قال ابن عبد الملك في السفر الأول (871): "فلم يزل يحاضر طلبة العلم بمجلس المنصور الخاص بهم ويذاكرهم بين يديه مرعي الجانب ملحوظًا بعين التكرمة محترمًا لشاخته واضطلاعه بالمعارف إلى أن وجد منه يومًا بمجلس المنصور ريح مسكر فاستثبت أمره بالاستنكاه وتحقق فعند ذلك أمر المنصور بإقامة الحد عليه وبين يديه، ولما بلغ جالده أربعين أشار إليه أبو العباس بأن يكف وابتدر لباس ثيابه وقال للمنصور: أنا أحد عبدانكم ولا يجب علي سوى أربعين جلدة منتهى حد العبد، فقبل ذلك المنصور على علمه بما في طيه من التنكيت عليه، وإنما أشار بذلك أبو العباس إلى معتقد آل عبد المؤمن وطائفتهم قديمًا وحديثًا أن كل من خرج عن قبائلهم المعتقدة هداية مهديهم وعصمته فهم عبيد لهم أرقاء، فصرفه المنصور إلى منزله واستمر هجرانه إياه ومنعه حضور مجلسه".

[وبَلَغَ ابنَ مَرْوانَ] ما جَرى في المجلس، وما كان منَ ابن إبراهيمَ في شأنِه، فلِقيَه وأخَذَ في شكرِه [والثناءِ عليه] والاعتذارِ له ممّا سَلَف، فقال له ابنُ إبراهيم: خَلِّ عن هذا، فالذي بينَنا على [ما كان عليه، وإنّما فعلتُ ما فعلتُه] إبقاءً على الصِّنف وصَوْنًا له ورَعْيًا لحقّه وسترًا عليه. ثم إنّ المنصورَ نكَبَه بعدُ؛ لأنه كان يؤكِّدُ عليه أبدًا في الوُصاةِ بتفقُّدِ السّجون والنظرِ لمن فيها من المسجونينَ وتعاهُدِهم بما يُخرجُه لهم من الصَّدَقات، فكان كلّما سأله عن شيءٍ من ذلك أجابَه بأنه شديدُ العنايةِ به كثيرُ التهمُّم بأحوالِهم؛ فلمّا كان في بعض الأسحار سَمِعَ ضَجّةً عظيمة، فسأل عنها، فأُخبِر أنه صياحُ المسجونينَ واستغاثتُهم، فأرسَلَ من وَبثِقَ به في التطلُّع على أحوالِهم، فلمّا دخَلَ عليهم وسألهَم عن حالِهم أخبَروه بأنّهم في جَهْدٍ شديد، وأنّهم قد هَلَكوا جُوعًا وبردًا، ورغِبوا إليه في إيصال رَغَباتِهم إلى المنصُور وتطارُحِهم عليه في المُنّة عليهم بقتلِهم ليستريحوا من عظيم ما هم فيه من سُوءِ الحال وشدّة النَّكال، فأوصَلَ شِكايتَهم إلى المنصُور، فعَظُمَ ذلك عليه وأمر لهم بما يُصلحُ أحوالَهم (¬1)، وأمَرَ بسِجن القاضي في منزلِه فأقام به مسخوطًا عليه شهرًا أو نحوَه، ثم عَطَفَ عليه وأعاده إلى موضعِه من مجلسِه وصَرَفَه عن القضاء، وذلك بإشبيلِيَةَ سنةَ ثِنتَيْنِ وتسعينَ وخمسِ مئة. وقَدّم لخُطّةِ القضاء أَبا القاسم بن بَقِيّ، فبقِيَ قاضيًا إلى أن توفِّي المنصور، وكان من عهدِه لابنِه الناصِر إقرارُ ابن بَقيّ على القضاء طولَ حياتِه، فخالَفَ الناصِرُ في ذلك عهدَ أَبيه، فحين صارَ إليه الأمرُ صَرَفَ ابنَ بقِيّ في جُمادى الأولى سنةَ ستٍّ وتسعينَ، وأعاد إلى القضاء حينَئذٍ ابنَ مروان، فاشتدَّ إنكارُ ذلك على الناصِر، واستمرّ ابنُ مروانَ ناهضًا بأعباءِ الخُطّة، شديدَ الهَيْبة بصيرًا بالأحكام شديدَ النظرِ في الفَصْل بين الخُصوم إلى أنْ توفِّي ليلةَ الأحد تاسعةِ [جُمادى الأولى من سنة إحدى] وست مئة، ¬

_ (¬1) هذا نص واضح الفائدة قوي الدلالة في عناية ملوك المغرب قديمًا بأحوال السجون والمسجونين.

130 - محمد بن علي بن يخلف بن يوسف بن حسون، [من جزائر بني مزغنا] أبو عبد الله

ودُفن عصرَ يوم الاثنين، وصَلّى عليه [الخليفةُ الناصر، وكان الحَفْلُ في] جَنازِته عظيمًا (¬1). 130 - محمدُ (¬2) بن عليّ بن يَخلُف بن يوسُف بن حَسُّون، [من جزائرِ بني مزغنا] (¬3) أبو عبد الله. رَوى بِبجَايةَ عن أبي زكريّا يحيى بن ياسين [ابن اللُّؤلؤ، وأبي] محمد عبد الحقِّ ابن الخَرّاط. ودَخَلَ الأندَلُسَ طالبًا العلمَ فأخَذَ بإشبيلِيَةَ [عن أبي إسحاقَ] بن مُلْكون، وأبي بكر بن عيسى البَطَلْيَوْسي، وأبي محمد بن مَوْجُوال [البَلَنْسيِّ] , وأبي زَيْد السُّهَيْليِّ، وفي شيوخِه كثرة. وتوفِّي ببلدِه في الآخِر من صفرٍ [سنةَ ستٍّ] وست مئة. 131 - محمدُ (¬4) بن عُمرَ بن نَصْر الفَنْزاريُّ (¬5)، سَلَاويٌّ، أبو عبد الله. ¬

_ (¬1) مما يتصل بأبي عبد الله بن مروان أيام قضائه أنه طالب الخليفة المنصور برد أخته إلى زوجها الشيخ عبد الواحد الحفصي وقال له: إما أن تسيّر إليه أهله وإلا فاعزلني عن القضاء. وقد خضع الخليفة لحكم الشرع وانقاد لأوامره. انظر الحكاية بتمامها في وفيات الأعيان 7/ 10 - 11 والشهب اللامعة (مخطوط) والإعلام للمراكشي 4/ 121. وستأتي ترجمة ولديه أبي علي مروان وأبي عمران موسى بن مروان فيما بعده أما والد المترجم فقد كان فيما ذكر ابن سعيد "من الأجناد تقدم وساد وولي مدينة وهران" ومن هذه الأسرة -أسرة ابن جبل الهمداني- الكاتب القاضي الخطيب أبو محمد عبد الله بن جبل. (المعجب: 269، والمن بالإمامة 150، 223، 231). (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1735)، وعليها اعتمدنا في ملء الفراغات والمحو الواقع في نسختنا الفريدة. (¬3) هو في الأصل، وفي التكملة: من أهل الجزائر عمل بجاية. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1747)، والذهبي في المستملح (352) وتاريخ الإسلام 13/ 936. (¬5) وقع في المطبوع من التكملة "الفزاري" من غلط الطبع فيصحح، وهو منسوب إلى "فنزارة" التي منها خميس فنزارة (الخميسات حاليًا)، وإلى فنزارة ينسب بنو عشرة السلاويون وابن المجراد السلاوي.

132 - محمد بن عمران بن موسى الصنهاجي، عدوي

قَدِمَ الأندَلُسَ، [وشرَّقَ] وحَجّ، ورَوى عن أبي الحَسَن ابن المُفَضَّل (¬1) المَقْدِسيّ، وأبي الطاهرِ الخُشوعيِّ، وأبي محمدٍ القاسم بن عليّ بن عساكر. رَوى عنه أبو الحُسَين عُبَيدُ الله بن عاصم الدائريُّ (¬2) سنةَ ثلاثينَ وست مئة. 132 - محمدُ بن عِمرانَ بن موسى الصُّنهاجيُّ، عُدْويُّ (¬3). رَوى عن أبي العبّاس ابن النّخّاس (¬4). 133 - محمدُ (¬5) بن عِيَاض بن محمد بن عِيَاض بن موسى اليَحْصُبيُّ، سَبْتيٌّ بَسْطيُّ الأصل، نَزلَ مالَقةَ وغَرْناطةَ، أبو عبد الله، ابنُ عِيَاض. وقد تقَدَّم رفْعُ نَسَبِه في رَسْم أَبيه (¬6)، رَوى عنه، وعن أبي البَرَكاتِ الفارسيِّ السَّلَماسيِّ، وأبي الحَسَن ابن القَطّان، وأبي سُليمانَ بن حَوْطِ الله، وأبي الصَّبْر الفِهْريِّ، وأبي العبّاس العَزَفيّ، وأبوَي القاسم: ابن بَقِيّ، وعبد الرّحمن بن عليّ ابن القاسم. ¬

_ (¬1) في الأصل: "الفضل" محرف، وهو أبو الحسن علي بن المفضل المقدسيّ الإسكندراني المتوفى سنة 611 هـ صاحب "وفيات النقلة". (¬2) هو عبيد الله بن عاصم بن عيسى الدائري ترجمه ابن الأبار في التكملة (2237) وكناه أبا الحَسَن، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 278 وكناه أبا محمد، والذهبي في المستملح (524)، وتاريخ الإسلام 14/ 622. وترجم المؤلف لولده أبي الحسين محمد في السفر السادس (1308) وقال: "أجازه مع أَبيه في مكتوب واحد أبو عبد الله محمد بن عمر بن نصر الفنزاري السلوي وذلك في شعبان من سنة ثلاثين وست مئة". (¬3) نسبه إلى عُدوة المغرب. (¬4) هو أحمد بن خلف بن عيشون، تقدمت ترجمته في السفر الأول (141). (¬5) ترجمه ابن ابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 29، والذهبي في تاريخ الإسلام 14/ 789، وابن أيبك الدمياطي في مستدركه على صلة التكملة للحسيني 1/ 354 هامش (1)، وابن الخطيب في الإحاطة 2/ 226، وابن فرحون في الديباج 2/ 266. (¬6) تقدمت ترجمته في هذا السفر برقم (39).

وأجازَ له من أهل الأندَلُس: أبو الحُسَين ابن زَرْقُون. ومن أهل المشرِق ثم دمشقَ: أبو الطاهرِ الخُشُوعيُّ، وأبو محمدٍ عبدُ الصّمد بن جَوْشَن، وأبو البَرَكات ابنُ أبي الجِنّ، وأبو اليُمْن الكِنْديّ. ومن حلَبَ: أبو محمدٍ عبدُ الرّحمن بن عُلْوان، وأبو هاشم عبدُ المطّلب الهاشميُّ. ومن حَرّانَ: أبو الثناءِ حَمّاد، ومحمدُ بن أبي القاسم ابن تَيْمِيّةَ، وأبو محمدِ عبدُ القادر الرُّهَاويُّ. ومن المَوْصِل: نَصْرُ الله بن سَلامةَ الهِيْتيُّ، وعبدُ الجَبّار الحُصْريُّ، وفِتْيانُ بن أحمد، وأبو القاسم عبدُ المُحسِن الطُّوسيُّ. ومن بغدادَ: أبو محمد عبدُ العزيز بن الأخضَر، وأبو القاسم سَعِيدُ بن عَطّاف، وأبو الفُتوح يوسُفُ الخَفّافُ، وأبو محمد عبد الله بن دِهْبل، ومحمدُ بن هبة الله الوكيل، وعبدُ الرزّاق بن عبد القادر الجِيليُّ، وإبراهيمُ بن محمد بن بَكْرُوس، وأبو محمدٍ عبدُ الوهّاب بن سُكَيْنة، وأحمدُ بن محمد ابن الفَرّاء، وعبدُ السّلام ابن سكَيْنة، والأنجَبُ الحَمَّاميُّ، وأبو محمد أحمدُ الشُّبّاك (¬1)، وأبو حَفْص عُمرُ السُّهْرَوَرْديُّ، وأبو الفَضْل عبدُ الواحد بن سُلطانَ، وأبو بكر محمدُ بن المبارَك بن مَشِّق، وعبدُ الرّحمن بن يحيى ابن الصَّدْر، وأحمدُ بن هبة الله بن العلاءِ، وأبو الحَسَن عليُّ بن يوسُفَ بن صَبُوخا، وأبو عبد الله الحُسَين بن أحمدَ، وأبو يَعْلَى حمزةُ [بن عليّ بن حمزة ابن القُبَّيْطي (¬2)، وأبو الحَسَن] عليُّ بن محمد مَوْصليُّ ¬

_ (¬1) المعروف من هذه الطبقة من بني"الشُّبّاك" ببغداد: أبو الحسن علي بن أحمد بن أبي العز ابن الشباك، توفي سنة 616 هـ (وهو مترجم في تاريخ ابن الدبيثي 4/ 408، وإكمال ابن نقطة 3/ 145، وتاريخ ابن النجار 3/ 90، وتكملة المنذري 2/الترجمة 1684 وغيرِها)، أما أحمد هذا فلم نقف على ترجمة له. (¬2) الترميم من تاريخ ابن الدبيثي 3/ 208، وتكملة المنذري 2/الترجمة 939، وتاريخ الإسلام 13/ 57.

الأصل (1)، وأبو القاسم بن يوسُف بن صَبُوخا، [وأبو الفضل سليمان بن محمد بن علي بن أبي سعد، موصلي] (¬2) الأصل أخو عليّ المذكور، وعبدُ اللّطيف بن أبي النَّجيب (¬3)، ومحمدُ بن [علي بن يحيى ابن الطراح، وأبو] محمد عبد العزيز بن مَنِينا، وأبو عبد الله محمدُ بن أبي المعالي ابن البَنّاء، والحَسَن بن أبي سَعِيد بن سَعْد الله ابن البَوّاب، وعبدُ الله بن عثمان [بن قُدَيْرة] وأبو إسحاقَ يوسُفُ بن [أبي حامد محمد بن أبي الفضل محمد بن عُمر بن يوسف الأُرموي] , والمبارَكُ ابن أنوشْتِكين، ومحمدُ بن أبي الفَتْح بن عَطِيّةَ، وعبدُ الغنيِّ بن أبي [القاسم] (¬4) ابن البُنْدار، وعبدُ الله بن عُمرَ اللَّتِّيُّ، وظَفَرُ بن سالم ابن البيطار، وأرمانوسُ [بن عبد] الله، وعبدُ الله بن صَافٍ الخازِنيُّ، ومحمَّد بن عليّ القُبَّيطيُّ، وسَعِيد بن محمد الرَّزّازُ، وإسماعيلُ بن سَعْدِ الله بن حَمْدي، ونفيسٌ الزَّعِيميُّ. ومن إربِلَ: أبو حَفْص ابن طَبَرْزَد، وأبو عليّ حَنْبل الرُّصَافيُّ. ومن أواسطَ: أبو الفَتْح محمدُ بن أحمد المَنْدائي، وعليُّ بن عليّ بن نَغُوبا (¬5)، وأبو الحَسَن عليُّ بن أحمدَ الدَّبّاسُ، وأبو طالبٍ عبدُ الرّحمن بن محمد بن عبد السّلام الهاشميُّ. ¬

_ هو أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن أبي سعد الموصلي الأصل البغدادي المولد والدار الخياط المتوفى سنة 614 هـ (ترجمه ابن الدبيثي في تاريخه 4/ 510، وابن النجار في التاريخ المجدد، الورقة 9 من نسخة باريس، والمنذري في التكملة 2/الترجمة 1540، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 416). (¬2) ما بين الحاصرتين ممحو في الأصل، استفدناه من تاريخ ابن الدبيثي 3/ 357، وتكملة المنذري 3/الترجمة 1389، وتاريخ الإسلام 13/ 337. (¬3) هو عبد اللطيف بن عبد القاهر بن عبد الله السهروردي الصوفي المشهور (تاريخ ابن الدبيثي 4/ 192). (¬4) استفدنا في ملء كثير من هذه الفراغات بما ورد في الترجمة (99) من هذا السفر حيث أصلحنا النص هناك. (¬5) في الأصل: "بقويا" محرف.

134 - محمد بن عياض بن موسى اليحصبي، سبتي، أبو عبد الله، جد المذكور قبله متصلا به

حدّثنا عنه من شيوخِنا أبو جعفرٍ الطَّبّاعُ، وأبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ، وأبو عبد الله بن أُبيّ، وأبو محمد مَوْلى أبي عثمانَ بن حَكَم. ومن أصحابِنا أبو عبد الله ابن عَيّاش. وكان ماهرًا في النّحو، شديدَ العناية به، محصِّلًا له، فقيهًا حافظًا للمسائل، بصيرًا بالفتاوى في النّوازل، مُشاركًا في الأدب. واستُقضيَ بغَرناطةَ وبغيرِها، وكان آخِرَ قُضاة العَدْل بالأندَلُس مشهورَ النَّزاهةِ والطهارةِ والذّكاء. وُلد عام ثمانينَ وخمسِ مئة، قال: أظُنُّ ذلك في رجَب، وتوفِّي بغَرناطةَ وهو يتَولّى قضاءها ظُهرَ يوم الخميس لثلاثةٍ بقِينَ من جُمادى الآخِرة سنةَ خمس وخمسينَ وست مئة، ودُفن إثرَ صلاةِ الجُمُعة بعدَه، واحتَفلَ النَّاسُ بحضورِ جَنازته، وشَهِدَها الأميرُ حينَئذٍ، وأثنَى عليه النَّاسُ صالحًا وأسِفوا لفَقْدِه. 134 - محمدُ (¬1) بن عِيَاض بن موسى اليَحْصُبيُّ، سَبْتيٌّ، أبو عبد الله، جَدُّ المذكورِ قبلَه متّصلًا به. رَوى عن أَبيه أبي الفَضْل، وأبوَيْ بكرٍ: ابن رِزْق وابن العَرَبيّ، وأبي القاسم بن بَشْكُوال. رَوى عنه ابنُه أبو الفَضْل. وكان فقيهًا محدِّثًا مشهورَ العَفافِ والطّهارة عليَّ الِهمّة متواضِعًا، ذا حظّ من الأدب، ومعرفةٍ [بالأخبار، وَلِيَ القضاءَ بدانِيَةَ] قبلَ السّبعينَ وخمسِ مئة، ثم بغَرْناطَةَ، فحُمِدت [سيرتُه وعُرِفت نَزاهتُه] وتوفِّي بغرْناطةَ، وقيل: بسَبْتةَ، عامَ خمسةٍ وسبعينَ [وهُو ابنُ ثمانٍ] وأربعينَ عامًا. 135 - محمدُ (¬2) بن عيسى بن محمدِ بن أصبَغَ بن محمدِ [بن محمد بن أصبَغَ ابن] عيسى بن أصبَغَ الأَزْديُّ، مَهْدَويٌّ نشَأَ بتونُس، قُرطُبيُّ أصل [السَّلَف] , ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1726)، وابن الزبير في الصلة 3/الترجمة (10)، والذهبي في المستملح (333) وتاريخ الإسلام 12/ 560، والصفدي في الوافي 4/ 294، وابن فرحون في الديباج 2/ 266. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1632)، والرعيني في برنامجه (55)، وابن سعيد في المغرب 1/ 105، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 120، والمراكشي في الإعلام 4/ 181.

انتَقلَ أبوه (¬1) في الفِتنة عندَ انقراضِ دولةِ لَمْتُونةَ من الأندَلُس فاستَوطنَ [إفريقيّةَ] أبو عبد الله، ابنُ المُناصِف. وقد تقَدَّم تعيينُ المُناصِف من سَلَفِه في رَسْم [أبي الوليد] الحَسَن بن عيسى بن أصبَغ (¬2). رَوى أبو عبد الله -بتونُسَ- عن أَبيه، وأبي الخَطّاب ابن الجُمَيِّل، وتفَقّه بأبي الحَجّاج المَخْزوميِّ ولازَمَه كثيرًا، وقاضيها أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد القَحْطانيّ ابن أبي دَرَقةَ، وبأبي إسحاقَ الكانميِّ وتأدَّبَ به، وبأبي بكر عَتِيقِ بن عليّ الفَصِيح. وانتَقلَ إلى تِلِمْسينَ وأخَذَ بها عن أبي عبد الله التُّجِيبيّ. رَوى عنه أبوا إسحاقَ: ابنُ أحمدَ ابن الواعِظ وابنُ زكريّا الشَّبانسيّ، وأبوا بكر: ابن سيِّد الناس وابن مُحرِز، وأبَوا جَعْفر: ابنُ عبد الله بن محمد وابن عليّ البنيوليُّ، وأبو الحَسَن ابنُ القَطّان، وأبو الحُسَين [بن] عُبَيد الله بن عِصام الدائريُّ، وأبو الخَطّاب بن خليل، وأبو الرَّبيع بنُ سالم، وأبو زكريّا بن عُصفُور التِّلمْسينيُّ، وأبو عبد الله بن عبد الرّحمن بن حَوْبَر، وأبو العبّاس بن عُمرَ القُرطُبيُّ، وأبو سَعْدٍ الحَفّار، وأبو القاسم وأبو الزّهر وأبو الحُسَين بنو رَبيع، وأبوا محمد: ابن عبد الرّحمن بن بُرطُلّه وابنُ عليّ بن عبد الجليل بن عليّ بن عبد الجليل الأَزديُّ القَرَويُّ، وأبوا الوليد: ابنُ أحمدَ بن سابِق وابنُ الحاجّ. وحدّثنا عنه من شيوخِنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ، وأبو محمدٍ حَسَنٌ ابنُ القَطّان. وكان فقيهًا نَظّارًا، جانحًا إلى الاجتهاد، مائلًا إلى القولِ بمذهبِ الشافعيّ ناصرًا له مُناظرًا عليه، وكان معَ ذلك شديدَ العناية بتلقينِ القاضي أبي محمدٍ ¬

_ (¬1) تقدمت ترجمته في السفر الخامس (931). (¬2) في القسم المفقود من هذا الكتاب، ولأبي الوليد هذا ترجمة في التكملة الأبارية (690) وفي معجم أصحاب الصدفي (66)، وتاريخ الإسلام للذهبي 12/ 638، والمستملح، له (6).

عبد الوهّاب، جيِّدَ النظرِ في فقهِه وتبيينِ غوامضِه، واستَدْرك فيه فَصلَ السَّلَم على طريقتِه، لإغفال أبي محمدٍ إياه منهُ (¬1)، فقال: فصلٌ. السَّلَمُ جائز، وهو: بيعٌ معلومٌ في الذِّمة ممّا ينضبطُ في الصِّفة في المَكِيل الموزونِ وغيرِ ذلك من العُروض والحَيوان والرَّقيق وسائرِ أنواع المتمَلَّكاتِ التي يجوزُ بيعُها مشاهدةَ وتَحصُرُها الصِّفة إذا غابت حَصْرًا لا يتبَعُه التعيينُ كالقمار. وله خمسةُ شروط، أحدُها: أن يكونَ في الذِّمة مطلقًا لا متعيِّنَ الذات، والثاني: أن يكونَ معلومًا [....] يتعلَّقُ الغَرَضُ بها في مثلِه، والثالث: أن يكونَ مؤجَّلًا .... أقلُّه اختلاف، وأما أكثرُه فما لم ينتهِ إلى الغَرَر لطُولِه، والرابع: أن يكونَ [....] المحلّ وسواء كان معدومًا حالَ العَقْد أو موجودًا متّصلَ الوجود ... [والخامس]: أن يكونَ رأسُ المال نَقْدًا لا مؤخَّرًا بشَرْطِ فوقِ ثلاثٍ باتّفاق ... فإذا سَلَّم بشروطِه صَحّ ولزِمَ وإن عَيَّنا موضعًا للقبض كان أتم ... لم يَبطُلْ وقُضِيَ بالعُرف في قَبْض أهل الموضِع ما سَلِموا فيه من ذلك ... في حُكم المشروط، ولا يجوزُ السَّلَمُ فيما لا يجوزُ بيعُه، كترابِ الصّاغة و ... وأنواع النجاسات وإن صَحَّ تمَلُّكُه، ولا في شيءٍ معَ جُزَاف ما شُرعَ جُزَافُه ولا في شيءٍ من المعادنِ وإن صَحّ بيعُ جميعِه معَ المشاهدة؛ لأنّ الصِّفةَ لا تحصُرُه إذا غاب، ولا في الأصُولِ الثابتة من العَقار والدُّور والأرضِينَ وما لا يُنقَلُ وإنْ حَصَرتْه الصِّفةُ عندَ المغِيب؛ لأنّ من صفاتِه المقصودةِ ذكْرَ الجهاتِ والأقطار، وذلك يُخرجُه إلى التعيين، وهو مُنافٍ لحُكم السَّلَم، ولا في طعامِ قريةٍ بعينِها أو ثمرةِ بستانٍ بعينِه إذا كان ممّا لا يُؤمنُ أن يُخلَف لأنه غَرَر، وكالسَّلَم في العَيْن، ويجوزُ الأجَلُ إلى الجُذَاذ والحَصَاد وقُدوم الحاجّ؛ لأنه معلومٌ لا يتفاوتُ قَدْرُه في الاختلافِ له. ¬

_ (¬1) ذكر ابن رُشيد كذلك في رحلته مسألة نسيان باب السلم وسقوطه من كتاب "التلقين" كما ذكر مسألة أخرى شبيهة بها، وهي نسيان باب القسم وسقوطه من كتاب قوانين العربية لإبن أبي الربيع النحوي.

وإذا حَلّ أجَلُ السَّلَم وقَبَضَ بعضَه وأقال في بعضٍ لم يجُزْ؛ لأنه بَيْع وسَلَف، فإنْ غَلَبا على التبعيض بانقضاءِ الإبّانِ فيما له إبّانٌ وما لا يُتَّهمانِ على قصدِه، ففي موجِب الحُكم اختلافهم فعن مالكٍ أنه يتأخَّرُ بالبقيّةِ إلى عام قابِل، وعلى ذلك إن تَراضَيا على المُفاصلة معجَّلًا بحسابِ ما فَضَلَ وردِّ ما بقِيَ من رأس المال لم يَجُزْ؛ لأنه يَؤُولُ إلى بَيْع وسَلَف، وقد رُويَ عنه أيضًا الجوازُ؛ لأنهما لم يَقصِداه، والثاني: قولُ أشهبَ: أن موجبَ الحُكم المحاسَبة ورَدُّ ما فَضَلَ؛ لأنّ فواتَ الأجل المعقود عليه مُخْرج له عن شرطِ العَقْدِ فيما بقِيَ، وعلى ذلك إنْ تَراضَيا على التأخير إلى عام قابِل لم يَجُزْ؛ لأنه يَؤُولُ إلى فَسْخ الدَّين في الدَّين، ومن أسلَمَ في طعام فأخَذَ عن المحلِّ طعامًا من جنسِه وبمَكِيلِه لكنْ أدنى أو أعلى من صفةِ ما أسلَمَ فيه: حُمِلَ على المُسامحة والرِّفق، وإن كان قبلَ المحلّ: لم يَجُزْ؛ لأنه في الدُّون وُضع على التعجيل وفي الأعلى عُوّض عن الضّمان، فإن كان مثلَه وعلى صفتِه من غيرِ زيادةٍ ولا [نُقْصان ... عليه، فإنْ أخَذَ عن الجِنس من الطّعامِ كالبُرِّ، أو أخَذَ أيَّ عَرَضٍ كان عن أيِّ طعام كان: لم يَجُزْ قبلَ ... الطعام قبلَ قَبْضِه، ويجوزُ ذلك في غيرِه من سائر ... إذا قَبَضَ الجنسَ الآخَرَ مكانَه، فإن تأخَّر القَبْضُ عن العَقْد ... الدَّين بالدَّين. قال أبو عبد الله ابنُ المُناصف رحمه الله: [يُفهَمُ] من كلام القاضي من كتابِ البُيوع من "التّلقين" إحالةٌ على تبيينِ [بَيْع السَّلَم] فيما يوردُه، ثم لم يقَعْ إلينا في شيءٍ من نُسَخ "التلقين"، فلعلّه نَسِيَ أو ذَهِلَ أو غيرَ ذلك من لوازم البشر، وقد رَغِبَ عند المطالعةِ لهذا الكتاب بعضُ الإخوانِ [منّي] إلحاقَ فَصْل السَّلَم إليه بما يُناسبُ الموضوعَ وغَرَضَ المؤلِّف في هذا الكتابِ من التحديق، فلم نَرَ في إجابتِه بأسًا ورَغِبْنا أن يكونَ استلحاقُه عليه بنَحْوٍ مما صرَّح به من مذهبِه واختيارِه، وتضمُّنِه بعضَ ألفاظِه من كتابِ "المَعُونة" (¬1)، فكثيرًا ما يَجري ¬

_ (¬1) هو كتاب "المعونة على مذهب علماء المدينة" للقاضي عبد الوهاب البغدادي.

بها معَ "التلقين" فلخَّصْنا هذا الفَصْلَ ونقَّحْنا ألفاظَه وضَبَطْنا معانيَه، وربّما زِدْنا تنبيهًا على أشياءَ ليست في "المَعُونة"، فاستقَلَّ إن شاء اللهُ فَصْلًا لائقًا بكتابِ "التلقين"، واللهُ الموفِّق. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: أورَدْنا هذا الفَصْلَ هنا وإن لم يكنْ من شرطِ الكتابِ؛ لغَزَارته وللإفادةِ به، ولنَدُلَّ بمُضمَّنِه على جلالةِ محرِّرِه وتمكُّنِ معرفتِه وبَراعةِ تصرُّفِه. وكان حافظًا للُّغات، رَيّانَ من الآداب، شاعرًا مجُيدًا مُرجِّزًا مطبوعًا، من بيتِ علم ورياسةٍ فيه، وتنقَّل في خُطَطِه السَّرِيّة؛ بارعَ الخَطّ في كلِّ طريقة. ذَكَرَ لي شيخُنا أبو محمدٍ ابنُ القَطّان أنه كان يكتُبُ ثلاثَ عشْرةَ طريقةً هو فيها كلِّها مجُيد. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: قد رأيتُ منها أربعَ طرائقَ، وهيَ كما وَصَفَ شيخُنا أبو محمد. وكتَبَ الكثيرَ وكان مُقِلًّا من الرِّواية ضابطًا لِما يحدِّثُ به، ثقةً فيه، صنَّفَ كثيرًا، من مصنَّفاتِه: "الإنجاد في الجهاد" (¬1) يكونُ في حجم "تفريع" ابن الجَلّاب أو أشَفَّ يسيرًا، وهو ممّا ظَهَرَ فيه حُسنُ اختيارِه وجَوْدةُ نَظَرِه وصحّة فقهِه واستنباطِه، وقَفْتُ على نُسختَيْنِ منه بخطِّه المَشْرقيِّ؛ وكان تأليفُه إيّاه بنَدْبِ أبي عبد الله بن أبي حَفْص بن عبد المؤمن (¬2) أيامَ ولاييه ببَلَنْسِيَةَ وابنُ المُناصِف قاضٍ بها، ومقالةٌ في "الأيْمانِ اللازمة"، ورَجَزٌ في فنونٍ من العلم؛ أراجيزَ مطبوعةً، منها: "الدُّرّةُ السَّنِيّة [فِي المعالِم السُّنِّية" جعَلَها في] أربعةِ مَعالم، الأول: في عِلم ¬

_ (¬1) توجد منه نسخة مخطوطة بخزانة ابن يوسف بمراكش. انظر وصفها وتحليلها في بحث الأستاذ الكتاني (الباحث س 1 ع 2). (¬2) انظر أخباره في البيان المغرب: 233 (قسم الموحدين)، والعبر لإبن خلدون 6/ 521، وكذلك ما كتب عنه المؤرخ هويس ميراندا في كتابه: التاريخ السياسي لدولة الموحدين 2/ 516 وكتابه: تاريخ بلنسية الإِسلامية 3/ 265، وكتاب ابن شريفة عن أبي المطرف ابن عميرة ص 85 وما بعدها.

الكلام، الثاني: في أصُولِ [الفقه، الثالث: في فروعِه] (¬1)، الرابع: في السِّر النّبَوية، وفي تقريظِها والتحريض على حفظِها يقولُ [من السريع]: من لم تك الدُّرةُ في حَوْزِهِ ... فجِيد عُليا مجدِ [هِ عاطلُ] روضةُ آداب حُلى سُؤدَدٍ ... منبَعُ علم وَدْقُهُ [هاطلُ] فاقت بناتُ النظم في فنِّها ... لا يتساوى الحقُّ [والباطلُ] وقَفْتُ عليها بخطِّه المشرِقيّ. ومنها: "المُذهَّبةُ في نَظْم الصِّفات من الحُليِّ والشّيَات" (¬2)، و"المُعقّبة لكتابِ المُذهَّبة"، في الأنعام والظِّباء وحُمُر الوَحْش والنَّعام [....] وما يتعلَّقُ بها. وقَفْتُ عليهما (¬3) بخطِّه المغرِبيِّ مجموعَيْنِ في مجلِّدٍ واحد، وقد خَدَمَ الأولى منهما وطرَّرَ حواشيَها بخطِّه المشرِقيّ (¬4). سَكَنَ تِلِمْسينَ كثيرًا متلبِّسًا بعَقْد الشّروط، وكان مُبرِّزًا في معرفتِها بصيرًا بعِلَلِها، ثم استُقضيَ ببَلَنْسِيَةَ، ثم نُقل منها إلى قضاءِ مُرْسِيَة فاستمرّت ولايتُه القضاءَ بها كثيرًا مشكورَ السِّيرة حتى ظهَرت منه غلظةٌ في تأديبِ بعضِ أهلِها لإفراطِ حِدّةٍ كانت فيه، وقيل: إنّما كان ذلك منه ببَلَنْسِيَة، فأُلزِم سُكنى قُرطُبةَ. ¬

_ (¬1) ما بين معقوفين ممحو في الأصل. وفي المغرب 1/ 106: "وذكر المحدث أبو العباس ابن عمر أنه جمع كتابًا فيه أربعة علوم: أصول الدين، وأصول الفقه، وفروعه، وسيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -". وتوجد من الدرة السنية مخطوطات في المغرب وتونس. انظر وصفها وتحليلًا لها في بحث الأستاذ الكتاني المذكور. (¬2) توجد منها نسخ مخطوطة في المغرب وغيره، وهي منشورة ضمن التقويم الجزائري لسنة 1930 = 1912 حسبما جاء في كتاب الأستاذ المنوني (العلوم والآداب ... ص 61) وذكر القاسم التجيبي في برنامجه أن المذهبة أرجوزة تحتوي على ألف مزدوجة (البرنامج: 283 تحقيق عبد الحفيظ منصور، وانظر بروكلمان: الذيل 1/ 910). (¬3) في الأصل: "عليه". (¬4) ينسب إلى ابن المناصف أيضًا كتاب "تنبيه الحكام في الأحكام" توجد منه نسخ مخطوطة (انظر بحث الأستاذ الكتاني).

وكان من قضاةِ العَدْل والجَزالة، جميلَ الهيئة بهيَّ المنظر تامَّ المروءة. ثم استقَرَّ أخيرًا بمَرّاكُشَ خطيبًا بجامع بني عبد المؤمن الأقدم جامع الكتبيين إلى أن توفِّي بها غَداةَ يوم الأحد لاثنتَيْ عشْرةَ ليلةً بقِيَت من ربيع الأول سنةَ عشرينَ وست مئة، ودُفنَ إثْرَ صلاةِ العصر من يوم وفاتِه خارجَ بابِ تاغزوت، وشَهِدَ جنازتَه خَلْقٌ كثير، وأسِفوا لموتِه، وأثنَوْا صالحًا، وهو كانَ خاتمةَ بيتِهم النَّبيهِ، رحمه الله. ومولدُه بتونُس -وقيل: بالمَهْديّة، وهو أصَحّ- في رجِبِ ثلاثٍ وستّينَ وخمسِ مئة. وقَبَّح اللهُ الحسَدَ المذموم، فقد حَمَلَ أَبا عبد الله ابنَ الأبّار على ذكْرِه إيّاهُ في الأندَلُسيِّينَ تشبُّعًا لهم ببعضِ ما ذكَرْناهُ به وخَتَمَ رسْمَه بما نَصُّه: وذكْرُه في الغُرَباءِ [لا يصحُّ] ضَنانةً بعلمِه على العُدوة. وكذلك ذكَرَهُ ابنُ الزُّبَيْر في الأندَلُسيّينَ ولم يذكُرْ أين وُلد لمّا لم يعلَمْه، وخَتَمَ ذكْرَه بما نَصُّه: ومولدُه بالمَهْديّة وإنّما ذكَرْتُه في البلَديّينَ تبعًا للشّيخ وغيرِه ولتأصُّلِه الأندَلُسيّ وعراقتِه. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: كان هذا مُلحقًا في حاشيةِ كتاب ابن الزُّبَير بخطِّه، وأراه إنّما ألحَقَه لمّا تعرَّفَه [من قِبَل ابن الأبّار] , وأرى أنه المَكْنيَّ عنه بغيرِه، واللهُ أعلم. ثم أنِفَ من [الاعترافِ بالوَهَم والخطإ] اللذَيْن وقَعَ فيهما بذكرِه في الأندَلُسيِّين، فاعتذَر [عن صنيعِه بهذا العُذرِ] الفاتر. وتبَعيّتُه للشّيخ مع علمِه بخطئه أقبحُ من الخطإ، [والغريبُ أنه عُنِي] بإصلاح ما وقَعَ في كتاب الشّيخ، واشتدّت عِنايتُه بذلك، ونبَّه في [خُطبةِ كتابِه] على أنه جُلُّ مقصودِه. وأما تبعيتُه غيرَه فإنْ يكُن ابنَ الأبّار فقد ذكرتُ [ما عُرِف به] من التعصُّب المشنوءِ، ولا عبرةَ بالتأصُّل والعَراقة بالنّظرِ إلى ما تقرَّر [من] الاصطلاح في الغُرباء. واللهُ يعصِمُنا من الزَّيْغ والزَّلَل، ويحمينا من مُواقعةِ الخطإ والخَطَل، ويَهدينا إلى أقوم المسالِك في القولِ والعمل، إنه مُنعِمٌ كريم، وصَلَواتُ الله وسَلامُه على سيِّدِنا محمدٍ وعلى آلِه الطيِّبينَ الأكرمين.

136 - محمد بن عيسى بن مع النصر بن إبراهيم بن دوناس -بدال غفل وواو مد وألف بعد نون وآخره سين- ابن زكريا بن سعد الله بن سعيد بن محمد بن منيب بن علي بن المنصور بن سليمان - وأملى علي حفيده صاحبنا أبو سعيد محمد، بعد منيب: ابن برون -بباء بواحدة مفتوح وراء وواو مد ونون- ابن وكيل بن هشام بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ووعدني بتحقيقه، ولم يقض بذلك حتى فصلت عن فاس، فاسي، أبو عبد الله المومناني، نزل بعض سلفه، سليمان أو غيره، بني مومنان من حوز فندلاوة بحومة فاس

136 - محمدُ (¬1) بن عيسى بن مع النَّصْر بن إبراهيمَ بن دُوْناس -بدال غُفْل وواوِ مَدّ وألفٍ بعدَ نون وآخِرهُ سين- ابن زكريّا بن سَعْدِ الله بن سَعِيد بن محمد بن مُنِيب (¬2) بن عليّ بن المنصُور بن سُليمان - وأملَى عليَّ حفيدُه صاحبُنا أبو سَعِيد محمد (¬3)، بعدَ مُنيب: ابنَ بَرُوْن -بباءٍ بواحدة مفتوح وراءٍ وواوِ مَدّ ونون- ابن وَكيل بن هشام بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عليّ بن محمد بن الحَسَن بن محمد بن عبد الله بن الحَسَن بن الحَسَن بن عليِّ بن أبي طالب رضيَ اللهُ عنه، ووعَدَني بتحقيقِه، ولم يُقْضَ بذلك حتى فصَلتُ عن فاس، فاسيٌّ، أبو عبد الله المومنانيُّ، نَزلَ بعضُ سلَفِه، سُليمانُ أو غيرُه، بني مومنانَ من حَوْزِ فَنْدَلاوةَ بحَوْمة فاس. رَوى عن أَبيه عيسى (¬4)، وصِهر أَبيه أبي محمد يشكر (¬5) بن موسى، وتفَقَّه بهما، وأبي الحَجّاج بن نَمَويّ، وأبي الحَسَن ابن القَطّان، وأبي الخَطّاب ابن الجُمَيِّل، وأبي ذَرّ الخُشَنيّ، وآباءِ عبد الله: ابن عبد الرّحمن التُّجِيبيِّ وابن عبد الحقّ وابن قاسم ابن القَطّان نزيلِ مِكْناسةَ، وأبوَي العبّاس: ابن البَقّال وابن الرُّوميّة، وأبي العلاءِ الإدريسيِّ إمام مسجدِ ابن أغلَبَ، وأبوَي القاسم: ابن زانيف وعبد الرّحيم ابن المَلْجوم، وأبي محمدٍ عبد العزيز بن زَيْدان، وأبي موسى الجُزُوليّ، وأجاز ¬

_ (¬1) ترجمه ابن خميس في أعلام مالقة (51)، وابن الأبار في التكملة (1748)، وابن الزبير في صلة 3/الترجمة (23)، والذهبي في المستملح (353) وتاريخ الإسلام 14/ 303، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 1/ 215، والمراكشي في الإعلام 4/ 229. وله أخبار في البيان المغرب 356 - 357 (قسم الموحدين)، وعبر ابن خلدون 6/ 537، والاستقصا 2/ 246. (¬2) في "التكملة": "حبيب". (¬3) لعله محمد بن عبد الرحمن المومناني القاضي المترجم في جذوة الاقتباس رقم (193). (¬4) له ترجمة في جذوة الاقتباس رقم (569). (¬5) له ترجمة في الجذوة رقم (655)، والتشوف رقم (171)، وسلوة الأنفاس 3/ 164، والأنيس المطرب 71 - 72 (ط. دار المنصور).

له هو وأبو عبد الله الشارِّيُّ، وأبو القاسم مَوْلى ابن أباقا، وأبَوا محمد: ابنُ حَوْطِ الله وعيسى بن سُليمان الرُّنْدِيُّ. وله شيوخٌ غيرُ هؤلاء. رَوى عنه بَنُوه (¬1) وغيرُ واحد. وكان محدِّثًا ناقدًا، بصيرًا بعلم الحديث، ذاكرًا لرجالِه، حافظًا لمتُونِه، مُشرِفًا على معانيه، جميلَ الخَطّ متقِنَ التقييد، جميلَ الشّاوةِ حسَنَ المشاركة ممتِعَ المجالسة، حريصًا على العلم، أنفَقَ جُل عُمرِه في اقتناءِ [الكُتُب (¬2)، ثم أصابه] التعرُّضُ لِما لا يَعْنيه من الأمورِ السُّلطانية والاقتحام [لغوائلِها حين داخَلَ السيّدَ أَبا] حَفْص بنَ أبي محمد عبد العزيز بن أبي يعقوبَ بنٍ عبد [المؤمن في القيام على الرّشيدِ] من بني عبد المؤمن، وفاوَضَه في ذلك مشافهةً ومكاتبةً، [وكتَبَ إليه مرّةً بطاقةً] ببعضِ ما كان بينَهما من ذلك الأمرِ (¬3) ودفَعَها إلى فتاهُ ليُوصلَها [إليه، وقال] له: احمِلْها إلى باب السَّرّاجين (¬4)، وهو حيثُ سُكنى أبي حَفْص، فحَمَلَها [إلى باب] القَرّاقين (¬5)، وهو بابُ الصَّرفِ من القَصْر، ودفَعَها إلى الحاجبِ عَنْبر الصًّغير (¬6)، فحَمَلَها إلى الرّشيد، وكان ذلك بقُربٍ من بعضِ المواسِم، فلمّا أعلَمَ الحاجبُ الرَّشيدَ بو [صُول البطاقة] من قِبَل المومنانيِّ وقَعَ في نفسِه أنها تذكِرةٌ بما جَرَت به العادةُ معَ مثلِه من [الإحسانِ] (¬7) في ¬

_ (¬1) المعروف من بنيه أبو عبد الله محمد الذي سترد ترجمته في هذا السفر. (¬2) في أعلام مالقة: "وكان عنده من الكتب ما لم يكن عند أحد، أدخل إلى مالقة فوائد وكتبًا لم يشاهدها قبلُ أحد من أهلها". (¬3) في البيان أن الرشيد ولى السيد المذكور ولاية عظيمة وأمره بالخروج بالعسكر إلى جهة هسكورة وغيرِها فكتب إليه المومناني براءة بخط يده يهنئه فيها بولايته وأنها إن شاء الله لخلافة تكون أو كلام يدل على هذا. (¬4) في البيان أنه باب السراجين القديم الذي كان بمقربة من جامع الكتبيين من سور الحجر. (¬5) وإن يعرف أيضًا بباب السراجين ثم أصبح يعرف بباب القراقين. انظر البيان. (¬6) في البيان: القائد أبو المسك، ولعلها كنية المذكور عند المؤلف. (¬7) في البيان أن المومناني كانت له حظوة عند الرشيد يأمر له في المواسم والأعياد بجزيل الخير والإحسان.

137 - محمد بن قاسم بن عبد الكريم التميمي، فاسي، أبو عبد الله

ذلك الموسم (¬1) فلم يتشوَّفْ إليها ولا عرَّجَ عليها واشتَغل عنها بما رأى في الحال أنه أهمُّ منها. ولمّا عاد فتاهُ إليه بعدَ بُطءٍ سألهُ عن سببِ إبطائه، فذَكَرَ أنه كان في ارتقابِ الحاجبِ عَنْبر الصّغير حتى وَجَدَ إليه سبيلًا فدَفَعَ البطاقةَ إليه، فقال له: أين دفعتَها؟ فقال له: بباب القَرّافين (¬2)! فسُقِطَ في يدِه وكتَبَ في الفَوْرِ بطاقةَ في العُذرِ عمّا تضمَّنتْه تلك البطَاقةُ الأولى، وقال له: احمِلْها إلى الحاجبِ وادفَعْها إليه، فلمّا صارت هذه البطاقةُ الثانيةُ إلى يد الحاجبِ عَرَضَها على الرّشيد، فقال: ما لهذا الإنسانِ والإلحاح، وقد رفَعَ الآنَ بطاقةً أخرى! ما هذا إلا لزيادةٍ عندَه، ففَكَّ طابَعَ هذه الثَّانية وقرأها فوجَدَها في الاعتذار عن مُضمَّن البطاقةِ الأولى، فارتابَ لها والتمسَ البطاقةَ الأولى بينَ غيرها من الرّقاع التي رُفِعت إليه ذلك الوقتَ فألْفاها مشتملةً على مقاصدَ لا يَسمَحُ الملوكُ في مثلِها، وبعَثَ في الحينِ عنه وعن أبي حَفْص وأُدخِلا إلى القَصْر، فكان آخرَ العهدِ بهما، وكان ذلك سنة تسع (¬3) وثلاثينَ وست مئة، نسألُ الله حُسنَ العاقبة ودوامَ العافية. 137 - محمدُ (¬4) بن قاسم بن عبد الكريم التَّميميُّ، فاسيٌّ، أبو عبد الله. رَوى ببلدِه عن أبي إسحاقَ ابن قُرقُول، وآباءِ الحَسَن: ابن أحمدَ بن حُنَيْن وابن الحَسَن اللَّوَاتيّ وابن موسى ابن النَّقِرات، وأبي عبد الله بن عليٍّ ابن الرَّمّامة -وهُو أولُ من سَمِع هو عليه- وأبي محمد بن محمد ابن الصّائغ السَّبْتيّ؛ وبسَبْتةَ عن أبي عبد الله بن حَسَن بن غازي، وأبي محمد بن عُبَيد الله. ¬

_ (¬1) كان الموسم حسب البيان سبعًا وعشرين من رمضان. (¬2) سبب غلط الغلام أنه كان هناك باب السراجين القديم وباب السراجين الجديد الذي أصبح يعرف بباب القراقين. (¬3) في أعلام مالقة: "ووصل مالقة خبر موته في أوائل ذي قعدة عام ثمانية وثلاثين وست مئة" أما ابن عذاري فساق الحادثة في أخبار تسع وثلاثين ثم قال في آخرها: "ولم أتحقق تاريخ هذه المسألة هل كانت في هذه السنة أو في التي قبلها". (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1734)، والذهبي في المستملح (340) وتاريخ الإسلام 13/ 84، والكتاني في فهرس الفهارس 2/ 94.

وشَرَّق وحجَّ، وأقام ببلادِ المشرِق خمسةَ عشَرَ عامًا, ولقِيَ فيها [بمكّةَ المكرّمةِ] أَبا حَفْص بنَ عبد المجيد المَيَانجيَّ وأبا الطاهر [....] , وأبا الفِداءِ إسماعيلَ بن عليّ المَوْصِليَّ الواعظَ [وأبا القاسم عبد الرحيم] (¬1) بن أبي البَرَكات إسماعيلَ بن أبي سَعْد (¬2) النَّيْسابوريَّ ... بن عبد الله بن عبد الغنيِّ القَلْعيّ، وعبدَ الوهّاب بن عليٍّ بن أُختِ [....]. وبمدينةِ الرّسولِ - صلى الله عليه وسلم - وكرَّمها أَبا جعفر بنَ يحيى [وتَدبَّج] معه. وبفُسطاطِ مِصرَ: أحمدَ بن طارقِ بن سِنَان أَبا الرِّضا، وإسماعيلَ [ابنَ الزَّيّات] أَبا الطاهر، والحَسَن بن أبي الفَتْح منصُورَ بن محمد السَّعْديَّ الدِّمياطيَّ، [وعليَّ] بن ربيعةَ بن الحَسَن بن عليِّ بن عبد الله بن يحيى التّمّارَ الحَضْرَميَّ أَبا نِزار، وسُليمانَ بن يوسُفَ الكَتّانيَّ المالَقيَّ أَبا الرَّفيع، وشُجاعَ بن محمد بن سيّدهم المُدْلجِيَّ، وعبدَ الله بن بَرِّي بن عبد الجَبّار بن بري المقدِسيَّ أَبا محمد، وعبدَ الرّحمن بن محمد بن حَسَن أَبا القاسم، وعبدَ الخالق بن صَالح بن عليّ بن ريدانَ (¬3) المِسْكيَّ أَبا محمد، وعَشيرَ (¬4) بن عليّ بن أحمدَ بن الفَتْح الجَبَلي (¬5) أَبا القبائل، وقاسمَ بن إبراهيمَ بن عبد الله المقدِسيَّ أَبا محمد، والمحمَّدِينَ: ابنَ أسعدَ بن عليّ الحَسَنيَّ الشّريفَ النَّسّابةَ أَبا عليّ، وابنَ حَمْد بن حامد بن مُفرّج بن غِيَاث الأرتاحيَّ، وابنَ طِعَان بن بَدْر بن أبي الوفاءِ أبوَيْ عبد الله، ومحمودَ بن أحمدَ بن عليّ المحموديَّ البغداديَّ الصّابونيَّ أَبا الفَتْح، ومُقاتلَ بن عبد العزيز بن ¬

_ (¬1) ما بين الحاصرتين من مصادر ترجمته مثل تاريخ ابن الدبيثي 4/ 86، وتاريخ الإسلام 12/ 640، والوافي بالوفيات 18/ 121، وهو ممن حدث بمكة. (¬2) في الأصل: "سعيد"، وهو تحريف ظاهر. (¬3) بالراء المهملة، قيده ابن نقطة، وهو من الآخذين عنه (إكمال الإكمال 3/ 55)، ويتصحف في الكتب إلى: "زيدان" بالزاي، كما في بغية السيوطي 2/ 10، ومعجم البلدان وغيرها. (¬4) في الأصل: "عسير" مصحف، وينظر تاريخ الإسلام 12/ 783. (¬5) في الأصل: "الجيلي"، مصحف، وهو من جَبَلة في بلاد الشام.

يعقوبَ البَرْقيَّ، ومُنجِبًا (¬1) مولى أبي صادق، وهبةَ الله بن عليّ بن سعود (¬2) البُوصِيريَّ أَبا القاسم، واليَحْييَيْن: ابنَ عَقِيل بن رِفاعة بن غدير (¬3) السَّعدي، وابنَ عليّ بن عبد الرّحمن القَيْسيَّ البَجّانيَّ الدانيَّ إمامَ مسجد عَيْثَم أَبا زكريّا (¬4). وبالقَرافة منها: أبا الحَسَن عليَّ بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ الحارِثيَّ الصُّوفيَّ. وبقليوبَ -إحدى قُراها-: أَبا البَحْر عبدَ الغنيِّ بن جابرِ بن عليّ بن القاسم، وابنَه أَبا الحَسَن عليًّا. وبالقاهرة: أَبا الحَسَن عليَّ بن إبراهيم بن نَجَا الأنصاريَّ الدِّمشقيَّ، والمحمدَيْن: ابنَ أبي السَّعادات عبدَ الرّحمن بن محمد بن أبي الحَسَن المسعود أَبا سَعْد، وابنَ يوسُفَ بن عليّ الغَزْنَويَّ أَبا الفَضْل، وأبا القاسم محمودَ بن محمد القَزْوينيَّ، وأبا يعقوبَ يوسُفَ بن هبةِ الله بن محمود بن طُفَيْل الدِّمشقيَّ. وبقِفْط -من الصّعيد الأعلى من مِصرَ- أَبا الحَسَن شِيثَ بن إبراهيمَ بن محمد، وأبا زكريّا يحيى الصِّقِلِّيّ. وبثَغْر الإسكندَريّة حماهُ الله: الأحامدَ: ابنَ عبد الله بن عليّ العُكْبَريَّ أَبا الفتح، وابنَ ... أَبا الفَضْل، وابنَ محمد بن أحمدَ السِّلَفيَّ أَبا الطاهر، وابن ... ، وإبراهيمَ بن عبد الله الأنصاريَّ أَبا إسحاق، وإسماعيلَ بن ... ، وأيوبَ بن عبد الله ابن أحمدَ بن أيّوبَ الفِهْريَّ السَّبْتيَّ أَبا الصَّبر ... المقدِسيَّ أَبا الحَسَن، والحَسَنَيْنِ: ابنَيْ عبد الله: ابن [عبد الرّحمن ابن الجبّاب أبا المكارم] , وحُسَين بن عبد السّلام بن عَتِيق أَبا القاسم، وحَمّادَ بنَ هبة الله بن [حماد] الحَرّانيَّ أَبا الثّناء، ودِرْعَ بن عيسى الأمَويَّ أَبا الحَسَن، وعبدَ ... الرَّبَعيَّ أَبا محمد، وابنَ يوسُفَ بن دُلَيْل أَبا الفَضْل، وعبدَ الملِك بن أبي [القاسم التوزَريَّ] أَبا مَرْوانَ ابن الكَرْدَبُوس وتدَبَّج معَه، ¬

_ (¬1) في الأصل: "منجب" ولا تستقيم نحوًا، وترجمته في تاريخ الإسلام 12/ 810. (¬2) في الأصل: "مسعود"، محرف، وتنظر تكملة المنذري 1/الترجمة 647، وتاريخ الإسلام للذهبي 12/ 1161. (¬3) في الأصل: "عذير"، مصحف، وينظر تاريخ الإسلام للذهبي 13/ 262، وعقيل بفتح العين وكسر القاف، قال بشار: هكذا وجدته مقيدًا بخط عز الدين الحسيني في "صلة التكملة"، وقيده الذهبي بضم العين مصغرًا. (¬4) مترجم في تكملة المنذري 1/الترجمة 194، وتاريخ الإسلام 12/ 890 ترجمة مختصرة.

وعبدَ الوهاب بن عبد الرّحمن بن الحَسَن ... الطّرغونيَّ أبا محمد، والعليَّيْنِ: ابنَ إسماعيلَ بن تمَيم الرَّبَعيَّ القَناويَّ -وقَنا: من صعيدِ مِصرَ- وابنَ المفضَّل المَقْدِسيَّ أبوَي الحَسَن، وفُتوحَ بن خَلُوف بن يَخلُفَ الهَمْدانيَّ أبا نَصْر، والمحمّدَيْن: ابن عبد الرّحمن الحَضْرميَّ، وابن محمد بن الحَسَن بن عليّ الرَّبَعيَّ الكِرْكنْتيَّ، والبِجَائيَّ أبا عبد الله، ومحمودَ بن صَالح بن عثمانَ المَخْزوميَّ أبا الثناء، ومخلوفَ بن عليّ بن عبد الحق القَرَويَّ أبا القاسم ابنَ جارَةَ (¬1)، والمُسَلَّمَ بن مكيّ بن خَلَف القَيْسيَّ الدِّمشقيَّ أبا الغنائم، والمظفَّرَ بن سِوَار أبا منصُور، ونَصْرَ الله محمدَ بن أحمدَ النَّصِيبيَّ أبا الفتح، ويحيى بن عبد المهيمِن أبا الفَضْل. وبأطْرابُلُسِ المغرِب: أبا محمد عبدَ المُعطي بن خَلَف بن عبد المُعطي الأنصاريَّ. وبتونُس: أبا عبد الله بن عبد الرّحمن بن محمد الرّعَيْنيَّ، وأبا القاسم بن مُشكانَ القابسيَّ. وببِجَايةَ: أبا محمد عبدَ الحقِّ بن عبد الرّحمن ابن الخَرّاط. ومن النساءِ بمِصرَ: الأختين (¬2): ستَّ الكلّ، وستَّ العِلم ابنتي (¬3) عبد الله ابن رِفاعةَ بن غَديرٍ السَّعديِّ. وبها وبالقاهرة: فاطمةَ بنتَ سَعْد الخَيْر بن محمد ابن سَهْل الأَنْصاريّ. وبالإسكندَريّة: تَقِيّةَ بنتَ الخطيبِ أبي الفَرَج غَيْث بن عليّ بن عبد السلام الأرمنازيّ؛ فقرَأَ عليهم وسَمِع وأكثرَ عن بعضِهم، وأجاز له جماعةٌ منهم. ولقِيَ أميريْ بن ناصِر بن عليّ الفارسيَّ أبا الحَسَن، وحمزةَ بن عثمانَ المَخْزوميَّ، وذُبيانَ بن ساتِكينَ بن أبي المنصُور أبا الحَسَن، وظافرَ بن عَطِيّةَ ابن مَوْلاهم اللَّخْميَّ أبا المنصور، وعثمانَ بن عبد الله بن العلاءِ الدِّمياطيَّ أبا عُمَر، ¬

_ (¬1) تكملة المنذري 1/الترجمة 20، وتاريخ الإسلام 12/ 767. (¬2) في الأصل: "الأختان" ولا تستقيم. (¬3) في الأصل: "ابنتا".

وعليَّ بن صَمْدونَ بن فاضل الصُّوريَّ أبا الحَسَن، وعليَّ بن سَعْدٍ الهَمْذانيَّ، وعُمرَ بن عليّ ... بن يحيى بن عبد الله الشَّهْرَزُوريَّ، وأبا القاسم بن ... وأبوَيْ عبد الله: ابن إبراهيمَ ابن الفَخّار ومحمدَ بن محمودِ بن عليّ الهَمَدانيَّ، وأبا الحَرَم مكيَّ بن أبي الطاهر بن [أبي العز بن حَمْدون الطِّيبي] (¬1)، وأجازوا له. وكتَبَ إليه مُجيزًا ولم يلقَهُ من أهل الأندَلُس: أبو ... ، ومن دِمياطَ: أبو إسحاقَ إبراهيمُ بن عُمرَ بن عليّ بن سَمَاقا الإسعردي (¬2) [ومن دمشقَ]: أبو العبّاس (¬3) أحمدُ ابن حمزةَ بن عليّ بن الحَسَن بن عبد الله بن العبّاس السُّلَميُّ [ابن الموازيني] , وأبو الطاهر إسماعيلُ بن عليّ ابن الجَزِيريّ، وبَرَكاتُ بن إبراهيمَ بن بَركاتٍ [الخُشُوعيُّ] , والحَسَن بن هبةِ الله بن محفوظٍ الرَّبَعيُّ، وعبدا الرحمن: ابنُ الحُسَين بن [الخَضِر] (¬4) بن عَبْدان (¬5) الأَزْديُّ، وابن عليّ بن المُسَلَّم بن الحَسَن ابن أحمدَ الخِرَقيُّ، وأبو الحَسَن بن حمزةَ بن عليّ الشافعيُّ، وأبو محمدٍ القاسمُ بن عليّ ابن عساكر. وقد ضمَّن ذكْرَهم بَرنامَجًا حافلًا سمّاه بـ"النّجوم المُشرقة في ذكْرِ من أخَذْنا عنه من كلِّ ثَبْتٍ وثقة" واختَصَر منه مجلدًا لطيفًا وقَفْتُ عليه بخطِّه. ¬

_ (¬1) ما بين الحاصرتن مستفاد من ترجمته في تكملة المنذري 3/الترجمة 3092 وتاريخ الإسلام 14/ 330. (¬2) في الأصل: "الأشعري" محرف، وهو منسوب إلى "إسعرد" مدينة من مدن أرمينية على رافد من روافد دجلة العليا، لم يذكرها ياقوت في معجمه، ينظر بلدان الخلافة الشرقية للسترنج الإنكليزي، ص 145. وهذا الإسعردي حدث بالإسكندرية وغيرها، وتولى الحكم بثغر دمياط وبمدينة بلبيس وغيرهما (التكملة للمنذري 2/الترجمة 1435، وذيل الروضتين 91، وتاريخ الإسلام 13/ 781). (¬3) هكذا كناه، والمحفوظ في كنيته: أبو الحسين، كما في ترجمته من التكملة المنذرية 1/ 71، والمصادر الكثيرة المذكورة في التعليق على ترجمته فيها. (¬4) ما بين الحاصرتين ممحو في الأصل، وهو مستفاد من ترجمته في تكملة المنذري 1/الترجمة 48، وتاريخ الإسلام 12/ 781. (¬5) في الأصل: "حمدان"، محرف، والصواب ما أثبتنا (تنظر تكملة المنذري 1/الترجمة 48، وتلخيص مجمع الآداب لإبن الفوطي 4/الترجمة 240، وتاريخ الإسلام 12/ 781).

رَوى عنه أبو الحَسَن عليُّ بن الحَسَن بن يوسُف الشَّلْطيشيُّ، وأبو عبد الله ابن حَسَن التُّجِيبيُّ ابن مجبر، وأبو العبّاس بنُ أبي الرّبيع بن ناهِض، وقد أخَذَ عنه بالإسكندَريّة أبو مروانَ عبدُ الملِك بن أبي القاسم التّوْزَريُّ ابن الكَرْدَبُوس (¬1)، وهو في عِدادِ أصحابِه ومنهم. وكان محدِّثًا حافظًا ذاكرًا للحديث ورجالِه وتواريِخهم وطبقاتِهم، ولم يكن في ضبطِه بذلك، وحدَّث بالمشرِق والمغرب. ومن مصنَّفاتِه: كتابُ "المستفاد، في مناقبِ العباد، بمدينةِ فاسَ وما يَليها من البلاد" (¬2)، سِفران، و"أدبُ المُريدِ السالك والطريقُ إلى الواحدِ المالك"، ورسالةُ "البُرهان في ذكْرِ حَنينِ النّفوسِ إلى الأحبةِ والأوطان"، و"اللُّمعة، في ذكْرِ أزواج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأولادِه [السّبعة] "، و"الإنابة في ذكْرِ طريق أهل الاستجابة"، في جُزأين، و"الإيضاح عن طريق أهل الصّلاح"، و"كشْفُ أحوالِ المفتونين عن الدّنيا بالدِّين"، و"بُستانُ العابِدين ورَيْحانُ العارِفين في ذكْرِ أهل الصَّفوة والانقطاع إلى الله بالخَلْوة"، و"التعزية في المصائب والمرزية"، و"الأغذية ممّا جاء في الحديث"، و"تُحفةُ الطالب ومُنيةُ الراغب في الأَحاديثِ النبوية العَلِيّة السَّنِيّة"، و"المنتقَى من بَهْجة المجالس"، و"زادُ الحاجّ في مناسِك الحج"، و"الأربعونَ حديثًا"، إلى غير ذلك. قال ابنُ الأبّار: بَلَغَني أنه دَخلَ الأندَلُسَ [وتوفِّي ببلدِه آخِرَ سنة ثلاثٍ] أو أوَل أربع وست مئة. ¬

_ (¬1) هو مؤلف كتاب "الاكتفاء في أخبار الخلفاء" الذي نشر منه الدكتور العبادي قطعة تتعلق بتاريخ الأندلس - معهد الدراسات الإسلامية 1971 م. (¬2) قال ابن عربي الحاتمي في الوصايا من كتابه الكبير الفتوحات: "سمعنا عليه هذا الكتاب بقراءته، أظنه مات بفاس" وقد وهم بعضهم فنسب هذا الكتاب إلى محمد بن علي الفندلاوي الذي تقدمت ترجمته، راجع رقم 126.

138 - محمد بن قاسم بن منداس [جزائري، جزائر] بني زغنا، أشيري الأصل والسلف، أبو عبد الله ابن منداس

138 - محمدُ (¬1) بن قاسم بن مَنْداس [جزائريٌّ، جزائرَ] بني زغنا، أشِيريُّ الأصل والسَّلَف، أبو عبد الله ابن مَنْداس. [أخَذَ العربيّة] عن نَزيلِها أبي موسى القُزُوليِّ، واختَصَّ به وصحِبَه إلى الأندَلُس، [وقد أكثَرَ من] الأخْذِ عنه والاستفادةِ منه، ثم تحوَّل إلى مَرّاكُش، ورَوى [بمالَقةَ عن] ابن الشّيخ، وأبي عبد الله محمد بن حَسَن الأنصاريِّ، وبقابِسَ [عن أبي القاسم ابن مجكانَ] آخِرِ الرُّواةِ عن أبي عبد الله المازَريّ، وسَمع أيضًا من أبوَي الحَسَن: ابن مؤمن، ونَجَبةَ، وأبي ذَرٍّ الخُشَنيّ، وأبي الصَّبر الفِهْريِّ، وأبي محمد بن عُبَيد الله، وحدّث بالإجازةِ العامة عن أبي الطاهر السِّلَفيِّ. رَوى عنه أبو محمد بنُ محمد بن عُبَادة، وحدّث عنه بالإجازةِ أبو عبد الله ابنُ الأبار، والرئيسُ أبو القاسم العَزَفيُّ، وحدّثنا عنه مُكاتبةً. وكان مُستبحِرًا في النّحوِ حافظًا لأقوالِ أهلِه، عُنيَ به كثيرًا، والتزَمَ تدريسَه ببلدِه الجزائرِ إلى غاية عمره. وُلد بالجزائرِ مُستهَلَّ جُمادى الأولى سنةَ سبع وخمسينَ وخمس مئة، وتوفِّي بها في أوّل جُمُعةٍ من محرَّمِ ثلاثٍ، وقيل: خمسٍ، وأربعينَ وست مئة. 139 - محمدُ (¬2) بن محمد بن عبد الله بن عيسى بن مَسْعود الكُتَاميُّ، تلمسينيٌّ، سَكَنَ سَبْتةَ، أبو عبد الله، ابنُ الخضار، أخو الأستاذ المُجوِّد أبي الحَسَن (¬3). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1750)، والذهبي في المستملح (355) وتاريخ الإسلام 14/ 478، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 214، والمراكشي في الإعلام 4/ 234. (¬2) ترجمة ابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 34، والوادياشي في برنامجه 128، وابن القاضي في درة الحجال 2/ 263، وينظر إفادة النصيح 98، 101 - 102، وبرنامج التجيبي 62، 74، 132، 135، 140، 199، 202، 272، 274. (¬3) هو أبو الحسن علي بن محمد ابن الخضار أصله من تلمسان وانتقل إلى سبتة، أخذ عنه ابن رشيد في سبتة ووصفه بالمقرئ والإمام الأوحد في العروض والقافية. له ترجمة في غاية النهاية 1/ 578، وصلة الصلة 4/الترجمة 236. توفي سنة ست أو سبع وسبعين وست مئة.

سَمِع بسَبْتةَ على الرئيس الفقيه أبي القاسم العَزَفيِّ سيرةَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، و"الدُّرَّ المنظَّم"، من تأليفِه، مرّات، وأجازَهما له. وأجاز له بها أبو العبّاس بن محمد المَوْرُوريُّ، وأبو عَمْرٍو عثمانُ بن محمد العَبْدَريُّ ابنُ الحاجّ، وسَمِع بها على أبي مَرْوانَ محمدِ بن أحمدَ الباجِيّ، وفي وِجهتِه صَحِبَه (¬1) إلى المشرِق (¬2). وبدمشقَ على أبي عبد الله محمد بن أبي جعفرٍ أحمدَ بن عليّ بن أبي بكر بن إسماعيلَ القُرطُبيِّ، وأبي العبّاس أحمدَ بن يوسُفَ ابن زِيري التِّلِمْسينيّ، وأبي عَمْرٍو عثمانَ بن عبد الرّحمن ابن الصَّلاح (¬3)، وأبي نَصْر محمدِ بن هبة الله بن مَمِيل (¬4). وناوَلَه بها أبو محمدٍ عبدُ الرّحمن بن أبي القاسم بن عبد الرّحمن بن عبد المُنعم، وأجازوا له، وأجاز له أبو الحَسَن بن أبي عبد الله بن أبي الحَسَن ابن المُقَيَّر، وأبو عبد الله بن يوسُف البِرْزَاليُّ، وعبدُ العزيز بن عثمانَ بن أبي طاهرٍ الإرْبِليُّ وعثمانُ بن عُمرَ المالِكيّ. رَوى عنه غيرُ واحد من أصحابِنا. ولقِيتُه بسَبْتةَ وحاضَرتُه كثيرًا وبايَتُّه وشاهدتُ من ذكائه وحضورِ ذكرِه [ما يَقضي منه العجَب، وكان] تأريخيًّا حافظًا أكمَهَ، يخترقُ أزِقّةَ سَبْتةَ وربَضَها [دونَ اعتمادٍ على أحد، وسايرتُه] ببعضِ شوارعِها فربّما عَطَفَ بالترحُّم أو بالذِّكْر على زقاقٍ [أو مقبُرةٍ عند مُحاذاتِه إيّاهما] , وأُخبِرتُ عنه بعجائبَ أغربَ من هذا النوع (¬5). ¬

_ (¬1) في الأصل: "صحبته". (¬2) ترجمة المذكور في السفر الخامس (1298) وقد ساق المؤلف مراحل رحلته الحجازية في الذهاب والإياب حتى مصر القاهرة حيث توفي، كما ورد خبر هذه الرحلة في إفادة النصيح لإبن رشيد: 96 - 104 وفيها أن ابن الخضار لم يفارق أبا مروان إلى وقت وفاته. (¬3) في برنامج الوادي آشي ودرة الحجال أن المترجم سمع تأليف علوم الحديث لإبن الصلاح عليه بدمشق في رابع شوال أربعة وثلاثين وست مئة. (¬4) سمع عليه حسب ابن الزبير ثلاثيات البخارِي ومن أول الديوان إلى كتاب الإيمان. (¬5) مما يتصل بهذا ما ذكره ابن الزبير من أنه دخل الأندلس تاجرًا.

140 - محمد بن محمد بن عبد [الرحمن بن عبد الملك] بن محارب القيسي، إسكندري مغربي الأصل، أبو عبد الله

مولدُه [بتلمسينَ يومَ الاثنين] منتصَفَ ذي قَعْدةِ تسعةٍ وست مئة، وتوفِّي بسَبْتةَ بعدَ صَلاةِ [.... يوم] السّبتِ آخِر أيام شوّالِ سبع وتسعينَ وست مئة (¬1). 140 - محمدُ (¬2) بن محمد بن عبد [الرّحمن بن عبد الملِك] بن مُحارِب القَيسيُّ، إسكندَريٌّ مَغْرِبيُّ الأصل، أبو عبد الله. رَوى [عن أبوَي الحَسَن]: ابن المُفضَّل وابن مُؤمن، وأبوَي الطاهر: السّلَفيِّ وابن عَوْف، وأبي عبد الله [ابن الحَضْرميّ] , وأبي القاسم بن مُوَقّى. ودخَلَ الأندَلُسَ فروَى بغَرناطةَ عن أبي جعفر بن حَكَم، وأبي محمد بن عبد المُنعم ابن الفَرَس، وأبي الوليد ابن رُشْدٍ الصّغير وغيرِهم. وأجازَ له أبو محمد التادَليُّ، وله شيوخٌ غيرُ هؤلاء. وقد تُكُلّم في دَعْواهُ الروايةَ عن السّلفيّ (¬3)، ولا بُعدَ فيها عندي. ولقِيَ أبا العبّاس أحمدَ (¬4) بن أبي بكر بن عيسى بن قُزْمانَ فأنشَدَه بعضَ شعرِ أَبيه. وُلد سنةَ أربع وسبعينَ وخمس مئة، وتوفِّي سنةَ إحدى وأربعينَ وست مئة. 141 - محمدُ بن محمد بن عيسى بن معَ النَّصْر (¬5) المومنانيُّ، فاسيٌّ، أبو بكر. وَلَدُ أبي عبد الله المذكور [قبلُ] , وقد تقَدَّم رفعُ نَسَبِه في رَسْم أَبيه (¬6). ذَكَرَ لي الخطيبُ الفاضلُ صاحبُنا أبو الحُسَين بن أبي القاسم عبد الرّحمن بن ¬

_ (¬1) عبارة ابن الزبير: "وتوفي في الموفي ثلاثين لشوال عام سبعة وتسعين وست مئة". (¬2) ترجه ابن الأبار في التكملة (1749)، والذهبي في المستملح (354) وتاريخ الإسلام 14/ 396. (¬3) قال ابن الأبار: "وكان يزعم أنه سمع من السلفي الأربعين له". (¬4) تقدمت ترجمته في السفر الأول من هذا الكتاب (722). (¬5) في الأصل: "مع الصبر"، وهو تحريف ظاهر. (¬6) الترجمة (136).

142 - محمد بن محمد بن أبي بكر الجذامي، سبتي، أبو عبد الله، وهو سبط أبي عمرو عثمان ابن الجميل

أبي عبد الله المزدغيُّ (¬1) أنه عَزَمَ وقتًا على التزوُّج، فارتادَ في بيوتِ أهل فاسَ، فأشار عليه أبو الحَسَن ابنُ زرنبق (¬2) بابنةِ أبي بكرٍ هذا وقال: لا تعدِلْ عنها، فإنّها من أهل البيتِ النّبويِّ الكريم، فعَمِلَ على إشارتِه وتزوَّجها، فهي أُمُّ بنيهِ: أبي الفَضْل وغيرِه. رَوى أبو بكرٍ عن أبيه، وأبي العبّاس النَّبَاتيِّ -لقِيَه بإشبيلِيَة- وأجازَ له أبو الرّبيع بنُ سالم. لقِيتُه كثيرًا بفاسَ وجالستُه طويلًا، وخبِرتُ منه جَوْدةَ وسلامةَ باطن. وكان له تعلُّقٌ بطَرَفٍ من الرواية. وُلد سنةَ ثلاثٍ وعشرينَ وست مئة. 142 - محمدُ (¬3) بن محمد بن أبي بكرٍ الجُذَاميُّ، سَبْتيٌّ، أبو عبد الله، وهو سِبطُ أبي عَمْرٍو عثمانَ ابن الجُمَيِّل (¬4). رَوى عن أبي الخَطّاب (¬5) عمّ أُمِّه، وأبي الحَجّاج بن نَمَويّ، وأبي الحَسَن ¬

_ (¬1) المذكور من بيت بني المزدغي -من بيوتات العلم والصلاح بفاس قديمًا - ولي الخطابة والإمامة بجامع القروس من سنة 694 هـ إلى وفاته سنة 726 هـ وقد وليهما قبله والده عبد الرحمن وجده محمد كما وليهما بعده ولده أبو الفضل محمد، وسترد ترجمة أشهر أعلام هذا البيت أبي عبد الله المزدغي بعد قليل (انظر: بيوتات فاس 8 - 9 ط. دار المنصور، وجذوة الاقتباس 1/ 60 - 64، 2/ 222، والذخيرة السنية 81 - 82 ط. دار المنصور، ونيل الابتهاج: 229، وسلوة الأنفاس 2/ 38). (¬2) هكذا في الأصل، ولعله ابن زُنْبَق -بضم الزاي وسكون النُّون وفتح الباء- من بيت بني زنبق بفاس، وهو بيت فقه وكتابة وشعر وترف، منهم أبو المكارم منديل بن زنبق الذي كان في عهد السلطان أبي عنان المريني (انظر بيوتات فاس 50 ط. دار المنصور، الرباط). (¬3) كان والده من رواة الحديث الآخذين عن القاضي عياض (برنامج الرعيني 45، وفهرس خزانة القرويين 2/ 232، ومجلة المناهل 22/ 310). (¬4) ترجمته في التكملة الأبارية (2666) والتعليق عليها. (¬5) ترجمته في التكملة الأبارية (2649) والتعليق عليها.

143 - محمد بن موسى بن بشير بن جناد بن لقيط [الكناني الرازي] والد التأريخي أبي بكر أحمد

ابن خَرُوف، وأبي الصّبرِ الفِهْريّ، وأبي عليّ الرُّنْديّ، وأبوَيْ محمد: ابن حَوْطِ الله وابن عُبَيد الله. حدَّث عنه بالإجازة صاحبُنا أبو مَرْوانَ بن موسى ابن الكمال، وكان محدِّثًا وافرَ الحَظّ من معرفةِ أصُولِ الفقه والنّحو. وتوفِّي بشَرِيش مُغرَّبًا عن وطنِه. 143 - محمدُ (¬1) بن موسى بن بَشِير بن جَنّادِ (¬2) بن لَقِيط [الكِنَانيُّ الرّازيُّ] والدُ التأريخيِّ أبي بكرٍ أحمد (¬3). كان متفنِّنًا في العلم [متحدِّثًا] فصيحًا مُفوَّهًا بليغًا. وَفَدَ مِرارًا من المشرِق على [الملوكِ من] بني مَرْوانَ بالأندَلُس تاجرًا، وهَلَك منصرَفَه من الوِفادة على [الأمير المنذِر في ربيعٍ] الآخِر سنةَ ثلاثٍ وسبعينَ ومئتين. 144 - محمدُ بن موسى الصُّنْهاجيُّ، [أبو] مَرْيَم. رَوى عن أبي عليٍّ الصَّدَفيّ (¬4). 145 - محمدُ بن مَيْمونِ بن ياسين [الصُّنْهاجيُّ اللَّمْتُونيُّ] , استَوْطنَ إشبيلِيَةَ، أبو عبد الله. رَوى عن أبيه (¬5)، وأبي محمدٍ عبد الحَقّ. رَوى عنه أبو بكر بنُ عبد العزيز السّلاقيّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1718)، والذهبي في المستملح (328). (¬2) ويرد في بعض المصادر: "حماد". (¬3) ترجمته في طبقات الزبيدي 302، وتاريخ ابن الفرضي (135)، وجذوة المقتبس (175)، وبغية الملتمس (330)، ومعجم الأدباء 1/ 472، وإنباه الرواة 1/ 136، وغيرها. (¬4) لم يذكره ابن الأبار في المعجم. (¬5) ستأتي ترجمته في الرقم (188).

146 - محمد بن وارتدفي الصنهاجي

146 - محمدُ بن وارتدفي الصُّنهاجيُّ. 147 - محمدُ (¬1) بن [يحيى] بن إبراهيمَ الخَزْرَجيُّ، مِصْريٌّ، أبو القاسم، ابنُ الصَّوّاف، وأخو أبي الوفاء (¬2). رَوى عن أبي الطاهرِ السِّلَفيّ. حدَثنا عنه شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ، لقِيَه بإشبيلِيَةَ. وكان راوِيةً للآدابِ حاضرَ الذِّكْر لها، ممتِعَ المجالسة، ذا حَظّ من قَرْض الشّعر، قرأتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيِّ ونقَلتُ من خطِّه، أنشَدَني لنفسِه فيما ذَكَرَ -يعني أبا القاسم هذا- (لُزوميٌّ) [من الكامل]: ومحاولٍ منّي خِضَابَ مَشِيبِهِ ... فلعلّ في أهل الشّبيبةِ يَحصُلُ قلتُ: اكسُهُ بسَوادِ حظّيَ مرّةً ... ولك الضّمانُ بأنه لا يَنصُلُ وكانت بينَه وبينَ أبي محمدٍ عبدِ الله بن عبد الحقّ قَرابة (¬3). وتوفِّي في نحو العشرينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1749)، والرعيني في برنامجه (110)، والذهبي في المستملح (345). (¬2) هو القاضي أبو الوفاء إبراهيم بن يحيى الخزرجي المصري الوافد على الموحدين المستقضى من قبلهم (برنامج الرعيني: 207، ونفح الطيب 3/ 68، وستأتي ترجمة ولده أبي الحجاج يوسف المتوفى بمراكش في نحو 616 هـ. انظر رقم 219). (¬3) عبارة ابن الأبار: "وكانت بينه وبين قاضيها (إشبيلية) قرابة" وأبو محمد عبد الله بن عبد الحق المهدوي الذي سماه المؤلف، ولي قضاء الجماعة بإشبيلية وتوفي سنة 589 هـ انظر ترجمته في التكملة (2203)، ولا نفهم معنى القرابة بين المترجم -وهو مصري الأصل- وبين القاضي المذكور- وأصله من المهدية- والأقرب إلى الفهم أن يكون القاضي الذي لم يسمه ابن الأبار هو أبو المكارم هبة الله المصري الوافد على المنصور والذي ولي قضاء إشبيلية سنة 579 هـ وصاحب أبي الوفاء المذكور قبل، والله أعلم. انظر البيان المغرب الموحدي: 129، ونفح الطيب 3/ 68 تحقيق د. إحسان عباس، والتكملة (2308)، وجذوة الاقتباس رقم (611).

148 - محمد بن يحيى بن داود التادلي، مراكشي، أبو عبد الله

148 - محمدُ بن يحيى بن داودَ التادَليُّ، مَرّاكُشيٌّ، أبو عبد الله (¬1). أخَذَ النَّحو بالأندَلُس عن أبي عبد الله بن محمد بن أبي البقاء -وعليه معَوَّلُه- وبمَرّاكُشَ عن أبي موسى القُزُوليّ. رَوى عنه أبو الحَسَن طاهرُ بن عليّ. وكان موصُوفا بالذكاءِ وثُقوب الذِّهن مبرِّزا في النَّحو متحقِّقًا به، درَّسه طويلًا بجزيرة شُقْر وغيرِها، واستُقضيَ. 149 - محمدُ بن يحيى، طَنْجيٌّ. رَوى عن أبي عبد الله بن أحمدَ بن منظور. 150 - محمدُ (¬2) بن يَخْلَفْتَن بن أحمدَ بن تنفليتَ الفازَازيُّ. وهو أخو أبي زيدٍ (¬3) وكبيرُه. رَوى عن أبيه، وأبي عبد الله التُّجِيبيِّ. ¬

_ (¬1) سيترجم المؤلف- فيما بعد - ليحيى بن داود التادلي، وبين الترجمتين تشابه ملحوظ، ولا نعرف هل هو والد المترجم هنا أم هو نفسه. يلاحظ أن المؤلف لم يترجم -فيمن اسمه محمد بن يحيى- لمحمد بن يحيى بن محمد العبدري الصدفي الفاسي وقد ترجم له ابن الزبير مع الغرباء في الصلة 3/الترجمة 25. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1743)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة (17)، والذهبي في المستملح (348) وتاريخ الإسلام 13/ 682، والصفدي في الوافي 5/ 213. (¬3) اسمه عبد الرحمن، وهو مترجم في التكملة الأبارية (2356)، وتحفة القادم (85) ط. دار الغرب، وبرنامج الرعيني (38)، وصلة ابن الزبير 3/الترجمة 376، وتاريخ الإسلام 13/ 837، والإحاطة 3/ 517 وغيرها. وكان لهذين الأخوين الفازازين اليجفشيين وأولادهما حظوة لدى الخلفاء الموحدين: الناصر والمأمون والرشيد والسعيد والمرتضى، وأما أولادهما فهم: أبو محمد عبد الله بن محمد استقضي بمالقة وإشبيلية (أعلام مالقة، رقم 78)، وأبو عبد الله محمد ولد أبي زيد كان من كتاب الرشيد (الإحاطة 3/ 517)، وأبو عمران موسى بن أبي عبد الله (تقدم ذكره في السفر السادس برقم 311)، وأبو زكريا الفازازي من كتاب المرتضى (البيان المغرب - قسم الموحدين 371 - 389)، وانتقل بعضهم إلى الحفصيين حيث كانت لهم حظوة ورئاسة وعلم (انظر الفارسية 122، 150).

وكان من بيتِ عِلم ونَباهة حافظًا للحديثِ يَستظهرُ حفظًا "صحيحَ البخاريِّ" أو مُعظمَه، ذا حظّ من الفقه، وتقَدُّم في معرفة الآدابِ وذكْرِ التواريخ واللّغات، كاتبًا بليغًا، شاعرًا مجُيدًا، بارعَ الخَطّ، وَقُورًا، كثيرَ التُّؤدة، حَسَنَ السَّمت، جميلَ [الهيئة ولمّا رآه] الناصرُ من بني عبد المؤمن في وَقارِه وتَؤُدتِه [أمَرَ بإعفائه] من الخِدمة بالكتابة وترفيعِه عنها وتخييرِه [القضاءَ في أيِّ] بلادِ الأندَلُس شاء، فاختار قُرطُبة، فاستُقضِيَ بها إلى أن [خَلَفَه] أبو القاسم ابنُ بَقِيّ، واستُقضيَ بمُرْسِيَةَ سنةَ ستَّ عشْرةَ وست مئة، كذا [وقَفْتُ عليه. وذكَرَه] أبو عبد الله ابنُ الأبّار، ولم يضبِطْه. ثم استُقضيَ بغَرْناطةَ [سنةَ سبعَ؟] عشْرةَ، ومنها كتَبَ إلى أبي العلاء ابن المنصُور جوابًا عن خطاب استدعاهُ به إلى قُرطُبةَ ليَستقضِيَه بها، فصادَفَ وصُولُ خِطابِه استصحابَ المطر وتعذُّرَ الخُفوف على أبي عبد الله بعيالِه وجُملتِه، وأدرَجَ في الجوابِ مُدرَجًا يبيِّنُ فيه عُذرَه بالمطر وفيه [من مخلع البسيط]: شَوْقي إلى ذلك الجلالِ ... كما رَجَا البرءَ ذو اعتلالِ وشامَ بَرْقًا حليفُ سُهدٍ ... وحام صَبٌّ على وِصالِ وكيف لا والعلاءُ وقْفٌ ... ببابِكمْ والمقامُ عالي لكنْ حَمَاني الرحيلَ نَوْءٌ ... بالَغَ في اللَّيِّ والمِطالِ طبَّبتِ الأرضَ منهُ سُحْبٌ ... مُكلَّلاتٌ مثلَ الجبالِ إنْ هاجَني للخفوفِ عَزْمٌ ... أرسى بأمطارِه الثِّقالِ فليتَهُ مَنّ باحتمالي ... على رِياح له عِجالِ فمِن قَبُولٍ إلى دَبُورٍ ... ومن جَنوبٍ إلى شمالِ حتى أوافي جنابَ مَلْكٍ ... مباركِ الخَيْم والخِلالِ ولأرى التاجَ زيَّ مَلْكٍ ... صيَّرَ تيجانَهُ المعالي

يسبِقُ ميعادَهُ إلينا ... إذا نَواهُ بذْلُ النّوالِ قُرطُبةُ منذُ حَلَّ فيها ... في خفضِ عيشٍ وأمن حالِ قد أخَذتْ منه أيَّ عهدٍ ... بالأمنِ من حادثِ الليالي هالاتُها حولَه استدارَتْ ... كالبدرِ في ليلةِ الكمالِ ولمّا وقَفَ أبو العلاءِ على جوابِه والأبياتِ التي أودَعَها المُدرَج طيَّه أمَرَ أخاه أبا زَيْد، وكان أجلَّ كُتّابه، بإجابتِه عن كتابِه وعن أبياتِ المُدرَج، فقال جوابًا عن أبياتِ المُدرَج [من مخلع البسيط]: لبَّيْكَ من مخُلصٍ مُوالِ ... مباركِ الخَيْم والخِلالِ نادَيْتَ والملتقى بعيدٌ ... سمعًا للُقياكَ في احتفالِ فبُحتَ شوقًا بذكرِ شَوْقٍ ... والجمرُ يَذْكو من الذُّبالِ فارحَلْ كما تشتهي وتهوى ... عن اهتبالٍ إلى اهتبالِ خَفِيَّ بَرٍّ شهِيَّ ذكْرِ ... خليَّ فكرٍ رخيَّ بالِ تحت ظلالٍ بلا طلالٍ ... فوقَ دماثٍ بلا بلالِ والأُفْقُ يَهفو له نسيمٌ ... يزِلُّ عن موطئ الزُّلالِ وللمطايا حثيثُ سيرٍ ... كالسُّحْبِ في مِقوَدِ الشِّمالِ تقصُرُ أيامها عليها ... فتَغنَمُ الطُّولَ في الليالي يا مجُريًا في البيانِ طَرْفًا ... نائي المدى واسعَ المجالِ وجهتَ قبلَ اللقاءِ طِرْسًا ... أشهى وصُولًا من الوِصالِ حَلَّ محلَّ الرِّضا وجلّا ... بالدرِّ من سحرِه الحلالِ واستوقَفَ الطَّرفَ إذ تَبَدَّى ... في الزَّهرِ والزُّهرِ واللآلي

151 - محمد بن يعلى بن محمد بن وليد بن عبيد الله المعافري، سبتي، أبو بكر الجوزي

[لا] يَبرَحُ الحُسنُ عنه حتّى ... يبقى بديلًا من الخَبالِ فمن شِمالٍ إلى يمينٍ ... ومن يمينٍ إلى شِمالِ أَنْتَ لعَمْري الأثيرُ حقًّا ... بما تملَّكتَ من خِلالِ وقد سَمِعنا ونحنُ نرجو ... رؤيةَ ما قيل بالكمالِ فإنْ جرى فالجميلُ منكمْ ... وليس بالبدع صِدقُ بالِ ثم قَدِمَ قُرطُبة واستُقضيَ بها إلى أن توفِّي أوّلَ انبعاثِ الفتنةَ سنةَ إحدى وعشرينَ وست مئة. 151 - محمدُ (¬1) بن يَعْلَى (¬2) بن محمد بن وَليدِ بن عُبَيد الله المَعافِريُّ، سَبْتيٌّ، أبو بكرٍ الجَوْزيُّ. وهو خالُ القاضي أبي الفَضْل عِيَاض بن موسى. رَوى بسَبْتةَ عن أبي عليّ بن خالدٍ الكِنْديّ، وجالَ في طلبِ العلم بالأندَلُس وإفريقيّةَ. مَولدُه بسَبْتةَ سنةَ ثمانٍ وعشرينَ وأربع مئة، وتوفِّي بها يومَ الجُمُعة لسبع بقِينَ من صَفَرِ ثلاثٍ وثمانينَ وأربع مئة. 152 - محمدُ بن يوسُفَ بن تاشَفينَ اللَّمْتُونيُّ (¬3)، أبو عبد الله. روى [...]. 153 - محمدُ بن يوسُفَ بن عبد الله بن محمد بن عامُور، أبو عبد الله. رَوى عن أبي إسحاقَ بن يوسُفَ بن قُرقُول، وأبي بكر بن ... ، وأبي عبد الله بن أحمدَ ابن المجاهد. ¬

_ (¬1) له ترجمة في إحدى نسخ الصلة لإبن بشكوال (ينظر التعليق عليه 2/ 244 ط. د. بشار)، وصلة ابن الزبير 3/الترجمة 6. وله ذكر في الغنية للقاضي عياض 157، 198. (¬2) ويقال فيه: "علي". (¬3) هكذا وردت هذه الترجمة، ولا نعرف أهو ولد لأمير المسلمين يوسف بن تاشفين، أم إنه مجرد اتفاق في الاسم والنسبة.

154 - محمد بن يوسف بن عبد الله قيرواني، [أصله من وادي الحجارة] انتقل منها بعض سلفه إلى إفريقية

154 - محمدُ (¬1) بن يوسُفَ بن عبد الله قَيْروانيٌّ، [أصلُه من وادي الحِجارة] انتَقلَ منها بعضُ سَلَفِه إلى إفريقيّة. كانت له عنايةٌ بالعلم ومَيْلٌ [إلى التّدوين] وحِفظِ أيام الناس وأخبارِ الأُمم وتواريخ البُلدان. ودخَلَ الأندَلُسَ [في دولة] الحَكَم المستنصِر بالله، وألَّفَ له في مسالكِ إفريقيّةَ وممالِكها ديوانًا ضَخْمًا، [وفي] أخبار ملوكِها وحروبِهم والقائمينَ عليهم كتبًا جَمّة، وفي أخبارِ تاهَرْتَ ووَهْرانَ وسجِلْماسةَ ونكورَ والبصرةِ وغيرِها كُتُبًا حِسَانًا. وحَظِيَ عندَ المستنصِر حُظوةَ تامة، وتوفِّي بقُرطُبةَ ودُفن بها. 155 - محمدُ (¬2) بن يوسُف بن عِمرانَ المَزْدَنيُّ (¬3)، فاسيٌّ، أبو عبد الله. تَلا بالسَّبع على أبي عبد الله بن أحمدَ بن البُيوت، ورَوى الحديثَ واللّغةَ والآدابَ عن أبي ذَرّ بن أبي رُكَب، واختَصَّ به كثيرًا، وأبي مُحَمَّد عبدِ العزيز بن عليّ بن زيدان، وعلمَ الكلام وأصُولَ الفقه على أبي عبد الله بن عليّ ابن الكَتّانيّ، وتفَقّه بأبي القاسم بن زانيف. ورَحَلَ إلى الأندَلُس طالبًا العِلمَ صُحبةَ أبيه في بعضِ تردُّدِه إليها تاجرًا، فرَوى بإشبيلِيَةَ وقُرطُبةَ وغيرهما عمّن أدرَكَه من شيوخِها (¬4). رَوى عنه ابناه: ¬

_ (¬1) ترجمه الحميدي في جذوة المقتبس (160)، والضبي في بغية الملتمس (304)، وابن الأبار في التكملة (1013)، والمقري في نفح الطيب 3/ 163. (¬2) ترجمته في صلة الصلة (3/الترجمة 27)، وقيل الابتهاج: 229، وجذوة الاقتباس رقم (190)، وسلوة الأنفاس 2/ 38، والذخيرة السنية: 81 - 82، وبيوتات فاس: 8 (ط. دار المنصور). ووالده أول هذا البيت مترجم في جذوة الاقتباس رقم (638)، وبيوتات فاس: 8. (¬3) نسبة إلى مزدغة، وهي كما في بيوتات فاس: قبيلة من البربر عمل قلعة صفرو، أى جبال بلاد بوبلان. (¬4) في صلة الصلة لإبن الزبير أن المترجم "لقي بتلمسان أبا عبد الله بن عبد الرحمن التجيبي وأخذ عنه".

أبو جعفرٍ (¬1)، وأبو القاسم عبدُ الرّحمن، وأبو الحَسَن بن محمد، وآباءُ عبد الله: ابنا عَبْدي الله: البَكْريُّ وابنُ الحاجِب، وابن عبد الرّحمن بن راشِد، وأبو محمد بن عبد الرّحمن العِراقيُّ. وكان ماهرًا في علوم اللّسان، جامعًا لمعارفَ سُنِّيّة سَنِة، فاضلًا، نَزِهَ النَّفْس، سَرِيَّ الهمّة، موصوفًا بالإيثارِ وكرَم الطِّباع، ومتانةِ الدّين، وإجابةِ الدّعوة، ذا حَظّ صَالح من روايةِ الحديث، ضابطًا لِما يَرويه ثقةً فيما يحدِّثُ به، حَسَنَ الإيراد لكتابِ الله، طيِّبَ النغَمة به، قائمًا على تفسيرِه. وله في التفسير كتاب حَفِيل مُفيد انتهَى فيه إلى سُورة الفتح (¬2) واختُرِم دونَه، ومن مصنَّفاتِه سواه: "أنوارُ الأفهام في شَرْح الأحكام"، انتهى فيه إلى الأقضية، ومقالةٌ على حديثِ "إذا نزَلَ الوباءُ بأرض" ... الحديثَ. وأخرى "فيما يحقُّ للفقراءِ المضْطَرّين، في أموالِ الأغنياءِ المغتَرِّين" (¬3) وعقيدةٌ مرَجَّزة (¬4). وكان (¬5) له اعتناءٌ تامٌّ بكتاب "السِّيرة" (¬6) جيِّدُ الكلام عليها. [أقرَأَ بفاسَ] ¬

_ (¬1) في بيوتات فاس 9: "الفقيه القاضي الخطيب أحمد ابن الخطيب محمد بن يوسف، وكان شاعرًا كبيرًا". (¬2) في الذخيرة السنية أنه وصل به إلى سورة تبارك الذي بيده الملك. (¬3) تتمة العنوان حسب الذخيرة السنية: "وما يجب في ذلك على الولاة الآمرين، وعلى جميع المسلمين". (¬4) في الذخيرة أنها أرجوزة في علم الأصول أولها: الحمد لله العلي الأعلى ... رب الموالي والعلى والسفلى ومالك الدنيا ويوم الدين ... ومبدع الخلق بلا معين أحمده حمدًا يوازي فضله ... فليس شيء في الوجود مثله (¬5) من هنا إلى آخر الترجمة أضيف خطأ إلى ترجمة محمد بن الحسن بن حجاج في الإعلام للمراكشي 4/ 238 نقلًا عن هذه النسخة من الذيل والتكملة وكان ذلك بسبب عدم التنبه إلى اختلاط أوراقها وعدم ترتيبها وقد بذلنا جهدنا في إعادة ترتيبها ترتيبًا سليمًا إن شاء الله. (¬6) المقصود به كتاب سيرة ابن إسحاق، ولعل اعتناء المزدغي بهذا الكتاب من تأثير شيخه أبي ذر الذي له شرح في غريبها، وهو مطبوع.

وبسَبْتةَ حينَ أوْبِهِ إليها أيامَ المتأمِّر بها أبي العبّاس اليَنَشْتيِّ (¬1)، ووَليَ الخُطبةَ [والصّلاةَ] بجامع القَرَويِّينَ الأعظم بفاسَ (¬2)، وكانت أولى صلاةٍ صلّاها [في يوم] الثلاثاءِ لأربعَ عشْرةَ ليلةً خَلَت من محرَّمِ ثلاث وخمسينَ [وست مئة، وأُخرى صلاةٍ] صلّاها عشاءَ ليلةِ وفاتِه وصَلّاها بـ (الضحى) و (ألم نشرَحْ)، وانصَرفَ إلى [دارِه] فتوفِّي فُجاءةً، رحمه اللهُ، الأحدَ الرابعةَ عشْرةَ من ربيعٍ الأول سنةَ [خمس وخمسينَ] وست مئة ابنَ اثنينِ وثمانينَ عامًا، وصَلّى عليه ابنُه الخطيبُ بجامع القَرَويِّين [الأعظم] , وخليفتُه في إمامةِ الفريضة بعدَ وفاتِه أبو القاسم عبد الرّحمن، ودُفن برَوْضةِ سَلَفِه بحَوْمةِ القَلّالينَ (¬3) من عُدْوة الأندَلُس بفاسَ، وكان الحفلُ في جنازته عظيمًا لم يتخلَّفْ عنها كبيرُ أحد (¬4)، وأسِفَ النَّاسُ لفَقْدِه وأطابوا (¬5) الثناءَ عليه، وصَحِبَتْهُ من دارِه إلى مدفِنِه طيرٌ شبهُ الخطاطيف لا عهدَ بها غَطَّت الأُفُق كثرةً، فكانت تُرفرفُ على نَعْشِه حتى ¬

_ (¬1) محو في الأصل، وترجمة الينشتي وأخباره في الروض المعطار: 103، 622، والبيان المغرب 3/ 338، واختصار القدح، وقال ابن الزبير في المترجم: "واقتصر على تفسير القرآن حتى شُهر بذلك، وكان يجلس للناس لذلك إلى أن توفي ... تعرفت أحواله أيام كوني بغرب العدوة واختلافي إلى سبتة وكان له صيت رحمه الله". (¬2) في روض القرطاس والجذوة وغيرهما أن المترجم لما "دعي للإمامة استرجع ثلاث مرات، فقيل له في ذلك، فقال: إنه أخبرني الشيخ الحافظ المحدث أبو ذر الخشني وأنا أروي عنه الأحكام في الحديث النبوي يوم توفي الفقيه عبد الله بن موسى المعلم وولي القضاعي عوضه فنظر إلى مليًّا ثم قال لي: يَا محمد! إنك تلي الإمامة بالصلاة بالناس في جامع القروين، وذلك في آخر عمرك، فلما دُعيت للإمامة ذكرت مقالة الشيخ وعلمت أن أجلي قد قرب فاسترجعت". (¬3) في بيوتات فاس وجذوة المقتبس: "ودفن بروضة سلفه بالقرب من باب الفتوح". (¬4) في بيوتات فاس: "وخرج الناس في جنازته، ولم يبق صغير ولا كبير إلا وأسف. ذكر ذلك الحافظ ابن عبد الملك في الذيل والتكملة". (¬5) كذا في الأصل، وهي صحيحة، ويقال أيضًا: وأطالوا.

156 - محمد بن يوسف الصنهاجي

ووريَ فتفرَّقت ولم يُرَ شيءٌ منها بعدُ، وطال تجُّبُ الناس منها والتحدُّث بها دهرًا (¬1). وقد جَرى له ذكْرٌ في رَسْم أبي محمد بن عبد الرّحمن العراقيّ (¬2). 156 - محمدُ بن يوسُفَ الصُّنهاجيُّ. رَوى عن شُرَيْح. 157 - مجاهدُ (¬3) بن محمد الفِهْريُّ، أبو الجَيْش وأبو الحَسَن. رَوى عن أبي الفَضْل عِيَاض بن موسى (¬4). 158 - محمودُ (¬5) بن أبي القاسم الفارِسيُّ، يُكْنَى أبا المعالي. حدَّث عنه أبو زَيْد الفازَازيُّ، ولا أدري أين لقِيَه. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: هكذا ذَكَرَ ابنُ الأبّار هذا الرَّسْمَ في الغُرَباء من غير زيادةٍ ولا نَقْص، ولا وجهَ لذكْره فيهم؛ لأنه لم يَدخُل الأندَلُسَ، على ما سأذكُرُه إن شاء الله، وإنّما ذَكَرَه تشبُّعًا على مألوفِ عادتِه واستكثارًا بما لا يصحُّ له، ولتقصره معَ ذلك في ذكْرِه؛ رأينا الإعلامَ ببعض أحوالِه، فنقول: ¬

_ (¬1) أشار إلى هذه الكرامة جميع الذين ترجموا به، ونقف على مثلها في ترجمة الحافظ ابن الفخار كما ذكره المؤرخان ابن حيان والقبشي ونقله ابن بشكوال في الصلة (1113) والقاضي عياض في المدارك. (¬2) السفر الذي يحيل المؤلف إليه مفقود. أغفل المؤلف ترجمة محمد بن عمر الدراج السبتي المشهور المتوفى سنة 693 هـ (صلة الصلة 3/الترجمة 35). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1893) وفي معجم أصحاب الصدفي (179)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة (95)، والذهبي في المستملح (391) وتاريخ الإسلام 12/ 809، والمراكشي في الإعلام 3/ 281. (¬4) هكذا هذه الترجمة عند المؤلف، وفي التكملة: "مجاهد بن محمد بن مجاهد، أندلي، يكنى أبا الجيش. روى عن أبي علي الصدفي، وأبي محمد بن عتاب، وأبي جعفر بن غزلون ونظرائهم. ذكره يعيش بن القديم وقال: لقيته بمراكش وبها توفي في ذي القعدة سنة خمس وثمانين وخمس مئة". وزاد في المعجم أنهإ سكن مراكش وحظي عند أمرائها هو وعقبه". ولهذا حفيد اسمه صهيب مترجم في التكملة (1946) وصلة الصلة 3/الترجمة 121، وتاريخ الإسلام 14/ 44. (¬5) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1874).

أبو المعالي هذا خُراسانيٌّ، يلقَّبُ شمسَ الدّين، وَرَدَ المغرِبَ والناصرُ من بني عبد المؤمن بإفريقيّةَ، ودخَلَ تونُسَ وهي أقصَى أثرِه من بلادِ المغرِب، ومنها كَرَّ قافلًا إلى بلادِه بعدَما حَظِيَ عندَ الناصر وأجْزَلَ صِلتَه، وهنالك رَوى عنه أبو العبّاس بن إسحاقَ، وأبو محمدٍ عبد الله بن عبد الجليل بن عليّ بن عبد الجليل الأَزْديُّ القَرَويُّ الحافظُ، وأبو زَيْدٍ الفازَازيُّ، وامتَدَحَه بقصيدةٍ فريدة رأينا إثباتَها هنا تكميلًا للإفادة، وتنبيهًا على ما لأهلِ المغرِب في الفَضْل من الحُسنى والزيادة [من الكامل]: [قَرُبوا وفَرْطُ دُنوِّهم] يُغْريني ... ونأَوْا وفَرْطُ صبابتي يدعوني .... منّي لُقًى ... في رَبْعِهم أشجِيهِ أو يَشجيني [وتقول لي الأطلالُ]: أين أحبّتي؟ ... وتقولُ لي الأطلالُ: أين قَطِيني؟ ... على إيثارِهمْ آثارهمْ ... لو أنّني عاملتُ من يَجْزِيني ... على تَرْكِ البكاءِ وإنّما ... نَزَفتْ شؤونُ الحبِّ ماءَ شؤوني [نَعَبَ الغُرابُ] وللمَشُوقِ كهانةٌ ... فعلِمتُ قطعًا أنه يَعْنيني [لمّا] استقَلّوا واستَقلّوا خِدْرَهمْ ... نُسِخت منايَ لديهِمُ بمَنُونِ فسبقتُهمْ وجِمالُهمْ يُحدِي بها ... وجَمالُهم من فوقِها يَحْدوني يا مُعرِضينَ وقد عرَضتُ مشيِّعًا ... رُدُّوا السلامَ فلفظةٌ تكفيني هاكمْ فؤادي فاقبَلوه وإنهُ ... ثمنٌ يجِلُّ لديَّ عن مثمونِ فنَضَوْا سُجوفَ الخَزِّ عن أحداجِهمْ ... فبَدَت ليَ الأقمارُ فوقَ غصونِ وفهمتُ سرَّ الحُسن وهْو مُكتَّمٌ ... في ليلِ شَعْر فوقَ صُبح جَبِينِ ورهَنْتُ لُبِّي والحياةُ بوقْفَةٍ ... ضَنُّوا بها من بَعْدِ قَبْض رُهونِ وتسَلَّموا رَهْني وما إنْ سَلّموا ... تيهًا فبُؤتُ بصفقةِ المغبونِ

أمَّلتُ آرامَ الكِناس ودونَها ... للطارقِ المحزونِ أُسْدُ عَرينِ وسلكتُ وَجْدًا في طريقِ هَواهُمُ ... ما بينَ مأسورٍ وبين ظعِينِ وظننتُ لينَ قُدودِهمْ بقلوبِهمْ ... فإذا القساوةُ طيَّ ذاك اللِّينِ عاهدتُّهمْ أنْ لا فِراقَ وإنما ... عاهدتُ كالحِرباءِ في التلوينِ وقرَرْتُ عينًا بالخِداع وقلّما ... قرَّتْ عيونٌ عند حُورٍ عِينِ ورجَوْتُ في تحسينِهمْ تحصينَهمْ ... فجَهِلتُ ما للصادِ معنى السّينِ ولقد مرَرْتُ على المنازلِ بعدَهمْ ... فذكرتُ عهدَ صَبابتي ومُجوني ورأيتُ من نُعمانَ ما يُشقينَني ... ورأيتُ مَن يَبرينَ ما يَبريني أيامَ طَرْفي راتعٌ في رَوْضةٍ ... للحُسن بينَ سَوالفٍ وعيونِ متفرِّقَ اللّحظاتِ في أفنائها ... للجَمْع بينَ الوردِ والنَّسرينِ ووجدتُ من رِيقٍ هناك ونَغْمةٍ ... أشهى من الصهباءِ والتلحينِ ونشَقْتُ عَرْفًا خِلتُ حين نشَقْتُهُ ... أن ................... عيشٌ نعُمتُ به فبان ببينِهِ ... صبرٌ أتاني فَقْدُه في الحينِ كان الفؤادُ برامةٍ في راحةٍ ... للوَصْل بين معاهدٍ ...... فالآنَ إذ حَلّ الصدودُ برَبْعِها ... عقَدتْ عليه عُقدة ...... يَا قلبُ طاوعتَ الجُفونَ سَفاهةً ... فجزاكَ ضعفُ فُتورِها ...... أسَرتْكَ لمّا قيَّدَتْكَ بسِحرِها ... فاخلُدْ بلا فكٍّ ولا تأمينِ خِلتَ الجُفونَ من السّيوفِ قريبةً ... ما جُرْحُ أسيافٍ كجُرح جُفونِ إياك من لَمْح اللِّحاظ فإنهُ ... سهمٌ لقَوْس الحاجبِ المقرونِ هوِّنْ إذا هوَّلتَ واعلَمْ أنّما ... تقوَى على التهويل بالتهوينِ

ولكمْ عذولٍ قد ردَدْتُ مقالَهُ ... ردَّ المقيم على مقام الهُونِ لم أستطعْ رَجْعَ الكلام وإنّما ... أعرَبتُ عما شفَّني بأنيني لا نُصحَ يُجدي في مَشُوقٍ جسمُهُ ... قد دَقَّ حتى عاد كالعُرجونِ دع ذكْرَ عُروةَ أو كُثَيِّرِ عَزّةٍ ... وابن الذَّريح وقيسٍ المجنونِ (¬1) يكفيكَ من بحرِ الغرام وعصفِهِ ... دمعُ الهوى وتنفُّسُ المحزونِ لا صبرَ لي من بعدِهم لا صبرَ لي ... ولوَ انّني في حِلم شمسِ الدِّينِ العالِم العَلَمِ الذي تَزْهَى بهِ ... أرضُ العراق إلى أقاصي الصّينِ والأوحَدِ السبّاقِ غيرَ مُدافَعٍ ... في حلبةِ المفروضِ والمسنونِ إنسانُ عين الفَضْل قلبُ ضلوعِهِ ... بشواهدٍ جَلّت عن التبيينِ بالله أو في الله أو لله ما ... يأتيهِ حين تحرُّكٍ وسكونِ لم يأتِ في الإبداع فنًا واحدًا ... إلا أتَى من بعدِه بفنونِ حَفِظَ ابنُ إسماعيل فقهَ ربيعةٍ ... زُهدَ الجُنَيْد ذكاءَ أفلاطونِ (¬2) إنْ ظَن أرسَلَ ذهنَه مستثبِتًا ... فأتاه عمّا ظنَّه بيقين يَا مَن يُعارضُه بعارضِ علمِهِ ... إياك خَوْضَ البحرِ دونَ سَفِينِ كم مُدّعٍ قد رام ما قد رمتَهُ ... بمُغالطاتٍ في حلى تزيينِ ¬

_ (¬1) يشير إلى عروة بن حزام وكثير عزة وقيس بن الذريح وقيس مجنون ليلى. (¬2) ابن إسماعيل هو البخارِي، وربيعة الرأي شيخ الإمام مالك، والجنيد الزاهد المعروف، وأفلاطون الفيلسوف المشهور، ومن الغريب تمثيل الفازازي به مع أنه اشتهر بمعاداة أهل الفلسفة، ويقول في قصيد له (برنامج الرعيني: 104): فاقذف بأفلاطون أو رسطالس ... وذويهما تسلك طريقًا لاحبا ويبدو أن القافية هي التي ألجأته إلى التمثيل به.

عَطَفَ الصّوابَ للَبْسِهِ فأزاحَهُ ... عَطْفُ الصباح على الليالي الجُونِ .......................... ... قد جاء ما قد جَلّ عن قانونِ .................... بمقوّلٍ ... بالحقِّ في تحقيقِه مقرونِ ..................... كأنهُ ... سيفُ الوصي يَجُول في صِفِّينِ (¬1) ...... إذا سمعتَ حِجَاجَهُ ... لعَدلتَ للمُزَنيِّ عن سحنونِ (¬2) عَجَزَ البيانُ فما يحيطُ بمثلِهِ ... ذلك البُروج إلى مقرِّ النونِ (¬3) يَدْري أفانينَ العلوم بأسرِها ... والناسُ يفتنُّونَ في أفنونِ ولقد أبَرَّ على الجميع بيانُهُ ... في فنَّيِ المعلوم والمظنونِ إيهٍ وللآدابِ منه فخرُها ... إذْ فاق في المنثورِ والموزونِ سِلمٌ لأبكارِ المعاني ذهنُهُ ... وسواه حَرْبٌ للمعاني العُونِ برَزَت لنا ألفاظُهُ مختالةً ... في كلِّ عِلْق للعلوم مَصُونِ وأبانَ من عِلم الكلام وغيرِهِ ... ما كان إذ ما كان غيرَ مُبِينِ وطمَتْ بحارُ علومِهِ فتقاذَفَت ... من لفظِهِ باللُّؤلؤِ المكنونِ ساوى لدَيْه معلِّمٌ متعلِّمًا ... إذْ كلُّهم في رُتبةِ التلقين صَدَروا وقد وَرَدوا بحارَ علومِهِ ... في غير ممنوع ولا ممنونِ يا طالبًا للعلم هاكَ نصيحةً ... لمجرِّبٍ في نُصحِه مأمونِ لا تَعْدِلَنْ بأبي المعالي غيرَهُ ... فتقيسَ مضنونًا على مظنونِ ¬

_ (¬1) هو الإمام علي، وصفين الوقعة المعروفة. (¬2) المزني: إسماعيل بن يحيى الإمام الجليل ناصر المذهب الشافعي، وسحنون: مصنف المدونة في الفقه المالكي. (¬3) النون: الحوت ومقره البحر.

عُنوانُ ما أخفاه من أخلاقِهِ ... بِشرٌ يلُوحُ بوجهِه الميمونِ أكرِمْ بنفسٍ للنَّفائس أُهِّلت ... فتمكَّنت في رُتبةِ التمكينِ لو يستطاعُ لدوِّنت آدابُه ... لكنّها أعيَتْ على التدوينِ حَبْرٌ يُقِلُّ لدُرةٍ من بحرِهِ ... ما جُهِّزت بُورانُ للمأمونِ (¬1) يَا سيِّدًا عمَّ البرِيّةَ فضلُهُ ... قولًا وعلمًا فاستفادوا دوني مَن شكَّ في أنْ ليس غيرَك مُعلمٌ ... بطلٌ لديه شهادةٌ بيمينِ إنّي عقَدتُ أذِمّتي بولائكمْ ... وجعَلتُ رُكنَ جلالِكمْ لركوني وتركتُ فيكَ سواكَ غيرَ معقِّبٍ ... فعَدوْتُ تموزًا إلى تشرينِ وقرَنتُ شُكرَك بالفرائضِ رفعةً ... فوجدتُه للفَرْضِ خيرَ قرينِ صُغتُ المديحَ وقد سبقتُ لمَدْحِكم ... ............... ما قلتُ قطُّ الشعرَ (¬2) لكن منكمُ ... في كلِّ صعبٍ .. ولقد بعثتُ به وأعلمُ أنهُ ... نقدٌ ولكنْ عفوُكمْ ...... وإليكَها تَشْنا سواكَ لوَانهُ ... في مُلكِ كِسرى أو ...... لو أنَّني قلَّدتُ غيرَك حُلْيَها ... أضحى بها التقريطُ ...... لم أدعُ بالدنيا لكمْ إذ لفظُها ... دونٌ ولا أرضى لكم بالدُّونِ فعليَّ أن أدعو بطُولِ بقائكم ... وعلى جميع الناس بالتأمينِ ¬

_ (¬1) كان جهاز بوران بنت الحسن بن سهل شيئًا عظيمًا، وضُرب المثل بوليمة عرسها فقيل: دعوة الإسلام (ثمار القلوب: 165). (¬2) المعروف أن صاحب القصيدة له شعر كثير؛ ولذلك لا نفهم معنى قوله هذا إلا أن تكون هذه أول قصيدة نظمها والمعروف أن معظم شعره في الأغراض الدينية فله المعشرات الزهدية والمعشرات الحبية، والعشرينيات في مدح الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهي مطبوعة.

159 - مروان بن عبد الملك بن إبراهيم بن سمجون اللواتي، طنجي، أبو عبد الملك

وكان أبو المعالي هذا فقيهًا شافعيَّ المذهب نَظّارًا فيه قويَّ الانتصار له، راسخَ القَدَم في التحقق به متقدِّمًا في الكلام فصيحًا في المناظرة، سديدَ العبارة عن أغراضِها، ذا حظّ صَالح من الأدب ناظمًا ناثرًا حسَنَ المحاضَرة طيِّبَ المحادثة آلِفًا مألوفًا. وتوفِّي بالعراق. 159 - مَرْوانُ (¬1) بن عبد الملِك بن إبراهيمَ بن سَمَجُونَ اللَّوَاتيُّ، طَنْجيٌّ، أبو عبد الملِك. شرَّقَ وسَمعَ بمِصرَ من ابن نَفِيس، وابن مُنيَّر، وأبي محمد بن الوليد، وجالَسَ عبدَ الحقّ الصِّقِلِّيَّ بها (¬2)، وأخَذ عن أبي عليّ بن أمدقيو بسِجِلْماسةَ. وكان فقيهًا حافظًا مُشاوَرًا مُفتيًا, وليَ الصّلاةَ والخُطبةَ بسَبْتةَ ثم تحوَّل إلى طَنْجةَ صَدْرَ دولة اللَّمتُونيِّينَ، فولِيَ الصّلاةَ والخُطبةَ بها ثم أحكامَها، وتصَدَّرَ قديمًا لإقراءِ القرآن، وكان مقرئًا مجوِّدًا لُغَويًّا ذا حَظّ من الشّعر يَذهبُ فيه إلى التقعر، وفصاحةٍ في الخَطابة، وكان يَستعملُ الإعرابَ في كلامِه فلا يَلحَنُ البتّةَ. توفِّي بطَنْجةَ سنةَ إحدى وتسعينَ وأربع مئة. 160 - مَرْوانُ بن عبد الملِك بن إبراهيمَ الهلاليُّ، طَنْجيُّ الأصل أَظُنُّه وُلد بها أو ببعضِ بلادِ العُدْوة، أبو محمد. جَدُّ أبي القاسم أحمدَ بن عبد الوَدُود بن سَمَجُون (¬3). قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: ذكَرَه ابنُ الزُّبَير، ولولا نَسَبُه وكُنيتُه لقلتُ: إنه الذي قبلَه، وقد أشكَلَ عليَّ أمرُه، فاجعَلْه من مباحثِك (¬4). ¬

_ (¬1) ترجمه القاضي عياض في الغنية (86)، وابن الأبار في التكملة (1808)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 64. (¬2) يعني: بصقلية. (¬3) تقدمت ترجمته في السفر الأول (351). (¬4) ويستفاد من قراءة مجموع الترجمة فيها أنه الذي قبله بدون شك.

161 - مروان بن عمار بن يحيى، بجائي، أبو الحكم

161 - مَرْوانُ (¬1) بن عَمَّار بن يحيى، بجَائيٌّ، أبو الحَكَم. رَوى ببلدِه عن أبي محمدٍ عبد الحَقِّ ابن الخَرّاط، وبفاسَ عن أبي ذَرّ الخُشَنيّ، وبسَبْتةَ عن أبي محمدٍ الحَجري. ودخَلَ الأندَلُسَ طالبًا العلمَ، فأخَذَ بها عن أبي عبد الله ابن حَمِيد، وأبي القاسم ابن حُبَيْش، وأبي محمدٍ عبد المُنعم ابن الفَرَس، وأجازوا له هم وأبو بكر ابنُ الجَدّ ولم يَلْقَهُ. وكان من الأدباءِ [النُبهاء، مشاركًا في أبوابٍ] من العلم، حَسَنَ الخَطّ، جيِّدَ الضَّبْط، طيِّبَ النَّفْس، [وكتَبَ] عن بعض وُلاة الأندَلُس، واستُقضيَ بالمَريّة، لقِيَه أبو [الرّبيع بن سالم، ورَوى] عنه، وخبِرَ أحوالَه، فكان يُثني عليه جميلًا (¬2)، وتوفِّي في نحوِ [عشرةٍ وست مئة]. 162 - مَرْوانُ بن محمد بن عليّ بن مَرْوانَ بن جَبَل الهَمْدانيُّ، تِلِمْسينيٌّ [وَهْرانيُّ الأصل] حديثًا، شَلْوبانيُّهِ قديمًا، أبو علي. تفقه بأبيه (¬3) وغيرِه، ببلدِه وبمَرّاكُش. وكان فقيهًا حافظًا للمسائل بصيرًا بالفتوى في النّوازل. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1809)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 62 وجعله من الأندلسيين. (¬2) زاد في التكملة: قال (أي: أبو الرَّبيع): "ودخل بلدنا بلنسية كاتبًا لبعض الأمراء، ولم أره أنا إذ ذاك، ثم لقيته بإشبيلية، وتصاحبنا في دار الإمارة وسواها، وأنشدني رحمه الله، قال: أنشدني أبو محمد عبد الحق، يعني الإشبيلي، لنفسه رحمه الله: لا يخدعنك عن دين الهدى نفر ... لم يرزقوا في التماس الحق تأييدا عُمي القلوب عروا عن كل معرفة ... لكنهم كفروا بالله تقليدا (¬3) هو القاضي أبو عبد الله محمد بن مروان، وقد تقدمت ترجمته في هذا السفر (129)، وستأتي ترجمة أخي المترجم موسى فيما بعد (178)، ولهما أخ آخر قال فيه ابن سعيد: "الكاتب القاضي أبو زكريا" وذكر أنه كان مثل أبيه في حفظ الأدب وأنه ولي قضاء المرية والكتابة عن الأمير أبي يحيى بن أبي زكريا الحفصي وذكر لقاءه إياه في القاهرة ووفاته سنة 652 هـ (الغصون اليانعة: 34)، وفي اختصار القدح: 24 ذكر للشيخ الفقيه الأكرم أبي محمد ابن القاضي مروان ويبدو أنه ولد المترجم هنا.

163 - مروان بن موسى بن نصير []

واستُقضيَ [....] سنةَ ثلاثَ عشْرةَ وست مئة، وبتلمسينَ وبغَرْناطةَ ومُرْسِيَة. 163 - مَرْوانُ بن موسى بن نُصَيْر [....] (¬1). 164 - مَسْعودُ بن عبد الكريم بن عليِّ بن عبد المُحسِن، تونُسيٌّ. رَوى بقُرطُبةَ عن أبي الوليد بن رُشْدٍ الصّغير. 165 - مَسْعودُ بن عليِّ بن المنصُور المَصْمُوديُّ الصّلتانيُّ المَنْفِيُّ من كُورةِ طَنْجة. رَوى -فيما أحسَبُ- عن أبي القاسم الحَسَن بن عُمرَ الهَوْزَنيُّ. وكان محدِّثًا، حيًّا سنةَ ثمانِ عشْرةَ وخمس مئة. 166 - مُصعَبُ (¬2) بن محمد بن أبي الفُرات بن مُصعَب بن زُرَارةَ القُرَشيُّ العَبْدَريُّ، صِقِلِّيّ، أبو العَرَب. قَدِمَ الأندَلُسَ وحدَّث بها عن أبي بكر بن البَرّ التَّميميّ (¬3). رَوى عنه الخطيب أبو عليّ حُسَين بن محمد بن عَرِيب (¬4). وكان حافظًا للُّغاتِ والآدابِ، شاعرًا مُفلِقًا، اكثَرَ من مَدْح رؤساءِ صِقلِّيةَ وغيرِهم. ¬

_ (¬1) بيض المؤلف لهذه الترجمة وكأنه لم يتوفر على المادة المطلوبة لها في وقت التحرير، ومروان هو أحد أولاد موسى بن نصير ومنهم عبد العزيز وعبد الأعلى وعبد الله وعبد الملك، ولهم مقام معلوم في الفتوح وأُسندت إليهم الولايات، ولهم تراجم في كتب الطبقات ومروان فيما تذكر الروايات هو الذي قتل لذريق (انظر البيان المغرب 1/ 44، ونفح الطيب 1/ 239). (¬2) ترجمه ابن بسّام في الذخيرة 4/ 208، والعماد في الخريدة 2/ 219، وابن الأبار في التكملة (1813)، وابن خلكان في وفيات الأعيان 3/ 334، والذهبي في المستملح (366) وتاريخ الإسلام 11/ 83، وابن شاكر في عيون التواريخ 12/ 16 وغيرهم. (¬3) تقدمت ترجمته في هذا السفر برقم (124). (¬4) ترجمته في التكملة (735) وفيها: "وسمع من أبي العرب الصقلي الشاعر أدب الكتّاب لإبن قتيبة، لقيه بطرطوشة وقد قارب المئة في سند فقرأ عليه وكان يرويه بعلو عن أبي بكر بن البر".

وقَفْتُ على بعضِ ما دوّن من شعرِه في مجلَّدينِ متوسِّطين، ومنه في الغَزَل [من الكامل]: شِعري وعشقي والحبيبُ ثلاثةٌ ... بَهَروا فما لَهمُ وحقِّك رابعُ فهمُ نظائرُ لا تفاضُلَ بينَهمْ ... كلٌّ لأوصافِ المحاسنِ جامعُ ولمّا تغَلَّبَ الرُّومُ على صِقِلِّيّة خرَجَ منها سنةَ أربع وسبعينَ (¬1) وأربع مئةٍ ووَرَدَ إشبيلِيَةَ على المعتمِد أبي القاسم محمد بن عَبّاد في ربيعٍ الأوّل سنةَ خمس وسبعينَ (¬2)، فحَظِيَ عندَه حُظوةً تامّة، وبالَغَ في الاحتفاءِ به، وله معَهُ أخبارٌ مُستطرَفة، منها: أنه حضرَ يومًا مجلسَ المعتمِد وقد أُدخِلَ عليه جُملةٌ وافرةٌ من دنانير الفضة فأمَرَ له بخريطتَيْن منها، وكانت بين يدَي المعتمِد صُوَرٌ صِيغت من عَنْبر من جُملتِها صورةُ جَمَلٍ مرصَّع بنَفِيس الجوهر، فقال له أبو العَرَب مُعرِّضًا: ما يَحمِلُ هذه الدنانيرَ أيّدَك اللهُ إلا جَمَل! فتبسَّمَ المعتمِدُ وأمَرَ له به، فابتدَأَ أبو العَرَب مُرتجِلًا [من البسيط]: أجدَيْتَني جَمَلًا جُونًا شَفَعتَ بهِ ... حِملًا من [الفضّة البيضاءِ لو حُمِلا] نِتاجُ جُودِك في أعطانِ مكرُمةٍ ... لا قد يُعرَّفُ [من مَنْع ولا عُقِلا] فاعجَبْ لشأني فشأني كلُّه عجَبٌ ... رفَّهتني فحملتُ [الحِملَ والجَمَلا] (¬3) وله من قصيدةِ يمدَحُه بها ويَذكُرُ قبضَه على أبي بكر بن [عَمّار] [من الطويل]: كأنّ بلادَ الله كفّاكَ إن يَسِرْ ... بها هاربٌ تَجمَعْ [عليه الأناملا] فأين بفِرُّ المرءُ عنك بجُرمِهِ ... إذا كان يَطوي في يدَيْك [المَراحلا] (¬4) ¬

_ (¬1) كذا في الأصل، وفي التكملة: "أربع وستين وأربع مئة"، وهو الصواب. (¬2) كذا في الأصل، والصواب: "وستين". (¬3) ورد الخبر في الذخيرة 4/ 209، وبدائع البدائه: 373 وغيرهما. (¬4) الذخيرة 4/ 209، والخريدة 2/ 221 وغيرهما.

167 - المغيرة بن أبي بردة، ويقال: ابن عبد الله بن أبي بردة، واسم أبي بردة: نشيط، ابن كلنانة القرشي العبدري، من أنفسهم، وقيل: حليف لهم، وقد تقدم بعض هذا في رسم عبد الله بن المغيرة

وكذلك حَظِيَ عندَ سائر ملوكِ الأندَلُس في تردُّدِه عليهم أو [استقرارِه عندَهم] , وبعدَ الحادثِ على المعتمِد بن عَبّاد لَحِقَ بسَرَقُسْطةَ في جَناب المقتدِر بالله أحمدَ ابن المُستعين بالله سُليمانَ بن أحمدَ بن محمد بن هُود الجُذَاميِّ ثم ابنِه الحاجبِ أبي عامرٍ يوسُفَ ثم ابنِه المُستعين أبي جعفرٍ أحمد، وله فيهم أمداحٌ كثيرةٌ دوِّنت في مجلّد متوسِّط، ثم صار بأخَرةٍ إلى مَيُورْقَةَ في كنَفِ صاحبِها ناصِر الدّولة أبي مَرْوانَ مُبشّر بن سُليمان، وخاطَبَه وهو بها أبو محمد عبدُ الجَبّار بن حَمْدِيسَ من بعض بلادِ إفريقيّةَ بقصيدةٍ (¬1) بارعة قرَّظَه فيها وبالَغَ في الثناءِ عليه فألفاه رسُولُه وقد مَسَّه الكِبَر واستَولَى عليه الهَرَم حتى ضَعُفت مُنّتُه وعَجَزَ عن إجابتِه، ووقَفَ بعضُ أصحابِ ابن حَمْديس على تلك القصيدة فقال له: قد حَططتَ نفْسَك عن مرتبةِ أبي العَرَب، فقال له ابنُ حَمدِيس: هو في نفسي أجَلّ وقَدْرُه عندي أعظم إلى شاختِه وحُرمةِ البلديّة التي جمعَتْنا ولم أخرُجْ معَ ذلك عن سَنَن أهل الأدب، فأقام بذلك عُذرَه، وقال: صَدقْت. وأقام أبو العَرَب بمَيُوْرقَةَ إلى أن توفِّي سنةَ ستٍّ وخمس مئة، وقد تقدَّم في رَسْم أبي بكر بن عيسى ابن اللَّبّانة (¬2) أنه دُفنَ إلى جَنْبِه، وأنه كان دَحْداحًا (¬3)، وأنّ أبا العَرَب كان طُوالًا رحمه الله. 167 - المُغيرةُ (¬4) بن أبي بُردةَ، ويقال: ابنُ عبد الله بن أبي بُرْدة، واسم أبي بُردةَ: نَشيِط، ابن كلنَانةَ القُرَشيُّ العَبْدَريُّ، من أنفُسِهم، وقيل: حليفٌ لهم، وقد تقَدَّم بعضُ هذا في رَسْم عبد الله بن المُغيرة (¬5). ¬

_ (¬1) لم نقف عليها في ديوان ابن حمديس المطبوع. (¬2) الترجمة التي يحيل المؤلف إليها في سفر مفقود. (¬3) في الأصل: "رجراجًا"، وهو تحريف، والدحداح: القصير. (¬4) ترجمه ابن سعد في الطبقات 5/ 240، وخليفة بن خياط في تاريخه 288، 292، والبخاري في تاريخه الكبير 7/الترجمة 1389، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 8/الترجمة 983، وابن حبان في الثقات 5/ 410، وابن الأبار في التكملة (1814)، والمزي في تهذيب الكمال 28/ 352، وابن حجر في تهذيب التهذيب 10/ 256، وغيرهم. (¬5) هو ولد المترجم، والإحالة على سفر مفقود، وترجمته في التكملة (1950).

رَوى المُغيرةُ عن أبي هريرةَ. رَوى عنه الحارثُ بن يَزيدَ، وسَعيدُ بن سَلَمةَ الأزرق، وعبدُ الله بن سَعِيد المَخْزوميُّ، وعبدُ العزيز بن صَالح، وموسى بن الأشعث، ويحيى بنُ سَعِيد الأَنْصاريُّ، وَيزيدُ بن أبي حَبِيب، وأبو مَرْزوقٍ التُّجِيبيُّ. وَلِيَ غزْوَ البحر [لموسى بن نُصَيْر سنةَ ثمانٍ] وتسعينَ، والطالعةَ بالبَعْث من مِصرَ لعُمَر [بن عبد العزيز]. وكان له عَقِبٌ بإفريقيّة، وقد خَرَّجَ مالكٌ في "الموطإ" [حديثَ المُغيرة عن أبي، هريرةَ في الوضوء من ماءِ البحر (¬1) من رواية سَعِيد بن [سَلَمةَ، وقولُ] أبي عُمرَ بن عبد البَرِّ فيه (¬2): "لم يروِ عنه فيما عَلِمتُ إلا صَفْوانُ [بن سُليم، ومَن] كانت هذه حالة فهو مجهولٌ لا تقومُ به حجةٌ عندَهم" وفي [قوله عن المغيرة] (¬3) أنه "غيرُ معروف، وقيل: ليس بمجهول" معدودٌ في أوهامه رحمه الله؛ فقد أخرَجَه أبو عيسى التِّرمذيُّ في "جامعِه" وقال (¬4): حديثٌ حسَنٌ صحيح. وسأل التّرمذيُّ البخاريَّ عنه فقال: هو عندي صحيح، قال: فقلت للبخاري: هشيمٌ يقول: المُغيرةُ بن أبي بَرْزَة؟ فقال: وَهِمَ فيه، إنّما هو المُغيرةُ بن أبي بُردة، وهُشيم ربّما وَهِمَ في الإسناد، وهو من المقطَّعاتِ أحفظ، وقَعَ هذا للترمذيِّ في "عِلَلِه" (¬5). قال أبو عُمرَ: لا أدري ما هذا من البخاريّ، ولو كان عندَه صحيحًا لخرَّجَه في مصنَّفِه الصّحيح عندَه، ولم يفعَلْ؛ لأنه لا يُعوِّلُ في الصَّحيح إلّا على الإسناد، وهذا الذي لا يحتَجُّ أهلُ الحديثِ بمثلِ إسنادِه. وهذا وَهَمٌ آخَرُ لأبي عُمرَ؛ فإنّ البخاريَّ إنّما قَصَدَ في "جامعِه" إلى تصحيح ما خرَّج لا إلى إخراج كلِّ ما صَحَّحَ، وقد رَوْينا بالإسنادِ إلى أبي أحمدَ بن عَدِيّ، ¬

_ (¬1) الموطأ (45) برواية يحيى الليثي (ط. د. بشار). (¬2) التمهيد 16/ 217 - 218. (¬3) ما بين الحاصرتن ممحو في الأصل، واستفدناه من التمهيد. (¬4) الجامع الكبير للترمذي (69) بتحقيق الدكتور بشار. (¬5) ونقله ابن عبد البر في التمهيد 16/ 218.

168 - منصور بن خزامة، مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

قال: سمِعتُ الحَسَنَ بن الحُسَين البَزّارَ يقول: سمِعتُ إبراهيمَ بن مَعْقِل (¬1) -هو النَّسَفيُّ- يقول: سمِعتُ محمدَ بن إسماعيلَ البخاريَّ يقول: ما أدخَلتُ في هذا الكتابِ -يعني "الجامع"- إلا ما صَحَّ وتركتُ من الصّحاح كي لا يَطولَ الكتاب. فقد صَرَّح البخاريُّ رحمه اللهُ بأنه ترَكَ من الصَّحيح عندَه قَصْدًا للاختصار، وفي حُكمِه بصحةِ هذا الحديث ومتابعةِ التِّرمذيِّ إياه على ذلك دليلٌ على أنّ راويَيْهِ سَعِيدَ بن سَلَمة والمُغيرةَ بنَ أبي بُرْدةَ في عِداد من يُقبَلُ حديثُهما ويُحتَجُّ بهما، ويؤيّدُ ذلك إدخالُ مالكٍ حديثَهما في "موطئه"، وذلك توثيقٌ لهما، ويُقوّي ذلك في المغيرة باستعمالِ عُمرَ بن عبد العزيز إياه، فلم يكنْ رضيَ اللهُ عنه لِيَستعملَ إلا أهلَ العدل والفَضْل من خِيَار هذه الأُمة، ودخَلَ الأندَلُسَ معَ موسى بن نُصَيْر، وكان يُخرِجُه أبدًا على العساكر (¬2)، وقد تقَدَّم له ذكْرٌ في رَسْم عبد الله بن المُغيرة. 168 - منصُورُ (¬3) بن خُزَامةَ، مَوْلى رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. قالَ ابنُ بَشْكُوال فيه: تابعيٌّ [إن صَحَّ خبَرُه، وحَكَى عن] عبد الله بن عابد أنه وَجَدَ بخطِّ الحَكَم ما يدُل على [تعميرِه (¬4). 169 - منصُورُ (¬5)] بن فوناس بن مُسلم بن عَبْدون بن أبي فوناس الزَّرْ [هُونيُّ، فاسيٌّ، أبو عليّ، قال] فيه ابنُ الأبّار: منصورُ بن مُسلم بن عَبْدون. ¬

_ (¬1) في الأصل: "مغفل", وهو تصحيف، وينظر تاريخ الإسلام 6/ 914. (¬2) يضاف إلى ذلك أن النسائي وثقه، وهو من المتشددين في التوثيق. ثم إن الدارقطني بحثه في العلل له (1614) بحثًا مستفيضًا، ومال إلى التوثيق والتصحيح. وينظر نصب الراية 1/ 96 - 99، ورد الدكتور بشار على ابن عبد البر في تعليقه على الموطإ 1/ 56. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1833)، وذكره المقري في نفح الطيب 1/ 288 و 3/ 11. (¬4) قال ابن الأبار: ولا يصح ذلك. (¬5) ترجمه ابن الأبار في معجم أصحاب الصدفي (174)، والتكملة (1837)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة 79، والذهبي في المستملح (368)، وتاريخ الإسلام 12/ 89 و 120.

170 - منصور بن محمد ابن الحاج داود بن عمر اللمتوني، أبو علي

أخَذَ ببلدِه [عن جماعة، منهم: أبو] الحَسَن عَبّادُ بن سرْحان، ثم وَرَدَ الأندَلُسَ طالبًا العلمَ، [فرَوى بقُرطُبةَ عن أبي] بحرٍ الأسَديّ، وأبوَيْ محمدٍ: ابن السِّيْد وابن عَتّاب، وبمُرْسِيَةَ عن [أبي عليّ الصَّدَفيّ] وأبي محمد بن أبي جعفر، وعاد إلى بلدِه. رَوى عنه أبو عبد الله بنُ [أحمدَ بن وشون (¬1)] وأبو القاسم عبدُ الرّحيم ابن المَلْجوم، وأبو محمد بن فَلِيج. وكان فقيهًا حافظًا مُفتِيًا مُشاوَرًا محدِّثًا ذاكرًا، عَدْلًا ثقةً، فاضلًا حاجًّا، وُلد عامَ اثنين [وسبعينَ] وأربع مئة، وتوفِّي بفاسَ عام ستةٍ وخمسينَ وخمس مئة. 170 - منصُورُ (¬2) بن محمد ابن الحاجِّ داودَ بن عُمرَ اللَّمْتُونيُّ، أبو عليّ. رَوى بمَرّاكُشَ عن أبي عُمرَ مَيْمونِ بن ياسين اللَّمْتُونيّ، وبقُرطُبةَ عن أبي بحرٍ الأسَديّ، وأبي محمد بن عاتٍ وأكثَرَ عنه، وبفاسَ عن أبي محمد بن أيّوب الشاطبيّ، وببَلَنْسِيَةَ عن أبي الحَسَن طارقِ بن يَعِيش، وبمُرْسِيَةَ عن أبي عليّ الصَّدفي، وأبي الوليد ابن الدَّبّاغ. وكان محدّثًا حافظًا ذكيًّا فهِمًا حسَنَ الخَطّ، واقتنَى من دواوين العلم ما لم يكنْ لأحدٍ مثلِه في عصرِه، وكانت له في قومِه رياسة، وهو فخرُ لَمْتُونةَ العِلميُّ، ليس لهم مثلُه ممّن دخَلَ الأندَلُس، وجمليه قام أبو الحَكَم بن الحَسَن بن حَسُّونٍ بمالَقةَ كما تقَدَّم في رَسْمِه (¬3)، ووَليَ بَلَنْسِيَةَ ليحيى بن عليّ بن غانيةَ نحوَ ¬

_ (¬1) من بيت بني وشون الهذليين، ولي القضاء منهم بالمغرب جملة (انظر بيوتات فاس: 41، 69) وترجمة القاضي عبد الله بن أحمد بن وشون في الجذوة رقم (436) والسلوة 2/ 49. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1836)، وفي معجم أصحاب الصدفي (173)، والذهبي في المستملح (367)، وتاريخ الإسلام 11/ 919، والمراكشي في الأعلام 7/ 255. (¬3) الترجمة التي يحيل عليها المؤلف في سفر مفقود، ويبدو أن المؤلف ساق فيها كعادته نبذة تاريخية تتعلق بأخريات دولة المرابطين في الأندلس. انظر في أيام أبي الحكم ابن حسون المذكور كتاب الإعلام لإبن الخطيب: 254 - 255.

171 - منصور بن مخلوف بن عيسى المجاجي، من بني يجفش، أبو علي

أحَدَ عشَرَ عامًا. وتوفِّي بيابِسةَ سنةَ سبع وأربعينَ، وقيل: بمَيُورْقةَ في حدودِ الخمسينَ وخمس مئة. 171 - منصُورُ بن مَخْلوف بن عيسى المجاجيُّ، من بني يجفش (¬1)، أبو عليّ. رَوى عن أبي داودَ الهِشاميّ. 172 - المُنيذِرُ (¬2) الإفريقيُّ. له صُحبةٌ، دخَلَ الأندَلُسَ فيما ذَكَرَ عبدُ الملِك بن حيث، حَكاهُ عنه الرازيّ، ولم يذكُرْ ذلك أبو عُمرَ بن عبد البَرّ ولا غيرُه ممن ألّف في الصَّحابة، وإنّما لم يَذكُروا ذلك واللهُ أعلم لبُعدِ الأمَدِ في استفتاح الأندَلُس عن وفاةِ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يتَأتّى ذلك إلا لمن عُمّر من الصّحابة رضيَ اللهُ عنهم العُمُرَ الطّويل، فبَلَغَ المئةَ أو نحوَها وإن كان فيهم مَن بَلَغَها وزاد عليها, ولكنّه لم يصحَّ عندَنا من طريقٍ يوثَقُ به أنه دَخَلَها أحدٌ منهم، ولكنه أوَرَدَ أنه، دَخَلَها فذكَرْناهُ كما ذَكَرَه من تقدَّم وتبرَّأْنا [من عُهدتِه. رَوى عنه] أبو عبد الرّحمن الحُبُلِيّ. قال أبو سعيد بن يونُس: [له صُحبةٌ] , وقال: كان بإفريقيّةَ، وقال أبو عُبَيد الله محمدُ بن الرَّبيع: [دَخَلَ مِصرَ ولهم عنه حديث] وسَكنَ إفريقيّة. وحديثُه هو ما حدَّثناهُ الحافظُ أبو [عليٍّ الماقريُّ سَماعًا] إن لم يكن قراءةً بثغرِ آسِفي حَمَاه اللهُ، قال: حدّثنا الأسعدُ عبدُ الرحمن بن مُقرَّب بن عبد الكريم ابن الحسَن بن عبد الكريم التُّجِيبيُّ [....] قال: أخبرنا أبو القاسم عبدُ الرّحمن بن مكّيِّ بن حمزةَ بن مُوَقّى بن حمزةَ الأنصاريُّ [سَماعًا] قال: أخبرنا أبو عبد الله محمدُ بن إبراهيمَ الرازِيّ، قال: أخبرنا أبو الحَسَن عليُّ بن الحَسَن بن شَعْبانَ الخَوْلانيُّ قراءةً عليه وأنا أسمع سنةَ اثنتين وأربعينَ وأربع مئة، قال: أخبرنا ¬

_ (¬1) بنو يجفش بطن من زناتة تازا وينسب إليهم عدد من الأعلام منهم مهدي بن توالا صاحب القلعة. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1875)، وتنظر الإصابة لإبن حجر 6/ 144، ونفح الطيب 3/ 5.

أبو عبد الله محمدُ بن الحَسَن بن عليّ بن محمد بن يحيى الدَّقّاقُ، قال: أخبرنا أبو عُبَيد الله محمدُ بن الرَّبيع بن سُليمانَ الأَزْديُّ الجِيزيُّ (¬1)، قال: حدثنا يحيى بنُ عثمانَ بن صَالح، قال: حَدَّثَنَا عبدُ القاهر بن رِشْدِينَ، قال: حدّثني أبي، عن حُيَيّ بن عبد الله المَعافِريّ، حدّثه عن أبي عبد الرّحمن الحُبُليِّ، عن المُنَيْذِر صاحبِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن قال: رضِيتُ بالله ربًّا وبالإِسلام دينًا وبمحمدٍ نبيًّا فأنا الزّعيمُ فلآخُذَنّ بيدِه فلأُدخِلنَّه الجنّة" (¬2). قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: كلُّ مَن ذَكَرَ هذا الرجُلَ فيما وقَفْتُ عليه فإنّما سمّاه المُنيذِرَ على لفظِ تصغير مُنذِر، وقال فيه: الإفريقيّ، أو: سَكَنَ إفريقيّة. ووقَعَ في نُسختي من "الحروف" لأبي عليّ سَعيدِ بن عثمانَ بن سَعِيد بن السَّكَن (¬3) بخطِّ القاضي الرّاوية العَدْل الضابِط أبي عبد الله محمد بن أحمدَ بن محمد بن يحيى بن مُفرِّج القُرطُبيّ (¬4) ما نصُّه: ذِكْرُ المُبتَدِر اليَمانيِّ، على لفظِ اسم الفاعل منَ: ابتَدَر. وجوَّدَ ضَبْطه في إسنادِ الحديث كذلك، وجعَلَه يمانيًّا كما ذكَرْتُه، وقال: رُوي عنه حديثٌ واحد، وأرجو أن يكونَ صحيحًا، قيل فيه: إنّ له صُحبةً، وليس بمشهور، فخَرَّجَ حديثَه عن أهل مِصرَ وهو من مَذْحِج، ويقال: من كِندَةَ، حدّثناهُ محمدُ بن هارونَ الحَضرميُّ ببغدادَ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بن يحيى الأَزْديُّ، قال: حَدَّثَنَا يحيى بنُ غَيْلانَ الأسلميُّ، قال: حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بن سَعْد، عن حُيَيِّ بن ¬

_ (¬1) هو الإِمام محمد بن الربيع الجيزي الذي والده صاحب الإمام الشافعي وله كتاب فيمن دخل مصر من الصحابة في مجلد أورد فيه مئة ونيفًا وأربعين رجلًا واستدرك عليه ابن عبد الحكم في فتوح مصر وابن يونس في تاريخ مصر وابن سعد في طبقاته، ولخص السيوطي الكتاب المذكور في حسن المحاضرة، والمؤلف ينقل عن كتاب الجيزي نفسه فيما يبدو. (¬2) ورد هذا الحديث مسلسلًا بالمغاربة في المنح البادية (مخطوط)، وهو حديث ضعيف. (¬3) كتاب الحروف في أسماء الصَّحَابَة لأبي علي ابن السكن (انظر فهرسة ابن خير، رقم 373). (¬4) ترجمته في تاريخ ابن الفرضي (1358)، وجذوة المقتبس (10)، وتاريخ دمشق لإبن عساكر 51/ 114، وتاريخ الإسلام 8/ 482.

173 - مودود بن عمر بن مودود الفارسي، كذا [ذكر ابن الأبار] اسمه ونسبه، وإنما هو: عمر بن مودود، وقد ذكر

عبد الله، عن أبي عبد الرّحمن، عن المُبْتدِر صاحبِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وكان يَسكُنُ إفريقيّةَ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن قال: رَضِيتُ بالله ربًّا [وبالإِسلام دينًا وبمحمدٍ نبيًّا فأنا الزّعيمُ لآخُذَنَّ بيدِه فلأُدخِلَنَّه الجَنّة ... "]. ولم أجدْ عن المُنَيْذِر غيرَ هذا الحديث، وهو ممّا تَفرَّدَ به، [واللهُ أعلمُ] بصحتِه. 173 - مَوْدودُ (¬1) بن عُمرَ بن مَوْدودٍ الفارسيُّ، كذا [ذَكَرَ ابنُ الأبار] اسمَه ونَسَبَه، وإنّما هو: عُمرُ بن مودود، وقد ذُكِر (¬2). 174 - موسى (¬3) بن [حَجّاج بن أبي] بكر، جزائريٌّ جزائرَ بني زغنا، أَشيريُّ الأصل، سَكَنَ بأخَرةٍ تَدَلَّس، [أبو عِمران. تنقَّل] في الأندَلُس طالبًا العلمَ نحوَ ستِّ سنين، فأخَذَ بإشبيلِيَةَ وقُرطُبةَ [والمَرِيّة عن أبي] إسحاقَ ابن حُبَيْش، وآباءِ بكر: البِرْزَاليّ وابن العَرَبيّ وابن طاهر، وأبي [الحَسَن شُرَيْح] وأبوَيْ عبد الله: ابن أصبَغ وابن وَضّاح (¬4)، وأبوَي القاسم: ابن رِضا وابن وَرْدٍ ولازَمَه إلى حينِ وفاتِه، وأبي محمدٍ عبد الحقِّ بن عَطِيّة، وأبي مَرْوانَ بن مسَرَّةَ، وأجازَ له أبو الحَجّاج بنُ رُشْدٍ القَيْسيُّ وسَمِع منه، وابن يَسْعُون، وقرَأَ عليه، وأبو عبد الله ابنُ أبي الخِصَال، وأبو محمد النّفزيُّ المُرْسيّ. وكان تامَّ العنايةِ بشأن الرّواية على رداءةِ خطِّه وعَدَم ضبطِه، وَليَ الصّلاةَ بجامع الجزائر مدّةً، وتوفِّي بتَدَلسَ منتصَفَ [صَفَرِ] تسع وثمانينَ وخمس مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1898). (¬2) في الرقم (35). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1789)، والذهبي في المستملح (362)، وتاريخ الإسلام 12/ 889. (¬4) وقف ابن الأبار على سماعه منه تأويل مشكل القرآن لإبن قتيبة في سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.

175 - موسى بن أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن عيسى المراكشي، أبو عمران المالقي

175 - موسى بنُ أبي القاسم عبد الرّحمن بن عبد الله بن محمد بن عيسى المَرّاكُشيُّ، أبو عِمرانَ المالَقيُّ (¬1). رَوى بقُرطُبةَ عن أبي عبدِ الله بن أحمدَ بن عَيّاش. 176 - موسى بن عيسى بن عِمرانَ بن دافَالَ المِكْناسيُّ ثم الوَرْدميشيُّ التِّلِمْسينيُّ، سَكَنَ معَ أبيه (¬2) وبعدَه مَرّاكُش، أبو عِمران، ابنُ عِمران. رَوى عن أبيه، وأبي عليّ حَسَن بن عبد الله ابن الخَرّاز، وأبي القاسم القُرَشيِّ، وأبي محمدٍ عبد الحقِّ ابن الخَرّاط، ويحيى بن ياسين. وكان من بيتِ علم وجَلالة، وحَسَبٍ شهير وأصالة، ذا حظّ من العلم، عظيم الوَقار والتُّؤَدة، سَرِيَّ الهمّة، موسِرًا نَفًّاعًا بجاهِه ومالِه، حظِيًّا عندَ الملوك والأُمراء، قلَّده الناصرُ من بني عبد المؤمن قضاءَ الجماعة بعدَ وفاةِ أبي عبد الله بن الصَّيْقَل (¬3)، فاستمرَّت ولايتُه القضاءَ إلى وفاةِ الناصِر، فأقرَّه بعدَه ابنُه المُستنصِر. وكان جَزْلًا في أحكامِه معروفَ النزاهة مشكورَ السِّيَر (¬4)، إلى أن توفِّي بمَرّاكُشَ وهو يتَولَّى قضاءَ الجماعة سنةَ ثمانِ عشْرةَ وست مئة. ¬

_ (¬1) هذا من بني المالقي الذين خدموا دولة الموحدين منذ ظهورها واستقروا بمراكش وأصبحوا من أهلها، ووالده أبو القاسم عبد الرحمن كان رئيس الطلبة وجده أبو محمد عبد الله ولي الخطة نفسها، راجع رقم (43). (¬2) تقدمت ترجمته برقم (44). (¬3) تقدمت ترجمته برقم (102). (¬4) هذا رأي المؤلف، ولعله رأي أهل الجد والضبط، وثمة رأي آخر يخالفه وقد يكون رأي أهل الأدب والمجون، وتصوره الحكاية الآتية: "اجتمع ابن أبي خالد وأبو الحسن بن الفضل الأديب عند أبي الحجاج ابن مرطير الطبيب بحضرة مراكش، وجرى ذكر قاضيها حينئذ أبي عمران موسى بن عمران بينهم، وما كان عليه من القصور والبعد عما أتيح له، وأوثر به، فقال أبو الحجاج: ليس فيه من أبي موسى شبه وقال أبو الحسن: فأبوه فضة وهو شَبَه =

177 - موسى بن عيسى بن محمد بن أصبغ الأزدي، مهدوي، قرطبي الأصل، أبو عمران، ابن المناصف

177 - موسى (¬1) بن عيسى بن محمد بن أصبَغَ الأَزْديُّ، مَهْدَويٌّ، قُرطُبيٌّ الأصل، أبو عِمران، ابنُ المُناصِف. [نشَأَ بتونُسَ معَ أخيه] أبي عبد الله، رَوى عن أخيه أبي عبد الله (¬2). وكان كاتبًا بارعًا، شاعرًا مجُيدًا مُكثرًا، وقَفْتُ على بعض [شعرِه في سِفْرٍ] ضَخْم يحتوي على أزيَدَ من خمسةَ عشَرَ ألفَ بيت، [وأمّا الأراجيزُ فعديدة، ومنها: "مُلحَقةُ الأدب في ما اسمُكَ يَا أخا العَرَب؟ " على طريقة ابن سِيْده وابن حَرِيق وابن زَنُّونٍ في أراجيزِهم (¬3) في ذلك المَغْزى، [وبَلَغَ] في أرجُوزته الغايةَ من الاحتفال، وهي تشتملُ على نحو ... وقَفْتُ عليه بخطِّه، ثم أعاد نَظْمَه أخصَرَ من المحتفَل ¬

_ = وقال ابن أبي خالد: كم دعاه إذ رآه عرة ... وأباه إذ دعاه يَا أبهْ" (نفح الطيب 4/ 59)، ومهما يكن الفرق بين هذا القاضي ووالده كما تقول المطارحة فإنها تبقى من قبيل الأدبيات الهزلية وقد يكون وراءها ملابسات المعاصرة والمنافسة وكذلك المنافرة المعروفة بين العُدْويين والأندلسيين فالقاضي عدوي والثلاثة المذكورون أندلسيون (انظر ترجمة ابن أبي خالد في تحفة القادم: 120، وترجمة أبي الفضل في القدح المعلى: 108، وترجمة أبي الحجاج في عيون الأنباء 3/ 127. وأبو عمران قاضي القضاة بمراكش المترجم هو الذي يقول فيه الشاعر: يخط في الرق خطًّا ... كأنه خط شيطان يفك عنه المعمى ... موسى بن عيسى بن عمران وله ولد اسمه محمد انتقل إلى تونس وكُتِبَ عليه أن يشترك في مغامرة يعقوب الهرغي الذي ثار سنة 639 هـ بطرابلس على أبي زكريا الحفصي ودعا لنفسه وتسمى بالإمام الفاطمي ولكن دعوته فشلت وقبض عليه وقتل وصلب هو وأتباعه ومنهم ولد المترجم أبو عبد الله محمد الذي كان أعد خطبة لتقرأ يوم بيعة صاحبه (انظر رحلة التجاني: 268). (¬1) ترجمته في المغرب 1/ 107 ووردت الإشارة إليه في نفح الطيب 4/ 141. (¬2) تقدمت ترجمته في هذا السفر رقم (135). (¬3) راجع في هذه الأراجيز السفر الخامس (553) و (639) والأصل فيها أرجوزة ابن سيده وهي مطبوعة.

في مقدارِ نصفِه، وقَفْتُ عليه بخطِّه، ومنها: أُرجوزةٌ في قصّة مقتل الحُسَين رضيَ اللهُ عنه، عَمِلَها باقتراح الفاضل أبي إسحاقَ إبراهيمَ بن زكريّا الدِّرعيّ المالِكيِّ الكفيف، وقد تقدَّم له ذكْرٌ في رَسْم أبي أُميّةَ بن عُفيْر، ورَسْم أبي زَيْد الفازَازيِّ (¬1)، وأشار أبو عِمرانَ في قريب من آخِر أُرجوزته إلى معنى ما ذكَرْتُه منَ اقتراح أبي إسحاقَ المذكور ذلك عليه، فقال [من الكامل]: وترى نعامتَهُ أكَنَّتْ فرخَهُ ... وذُبابُهُ ناءٍ مداهُ يَصيرُ وتكلّف الصُّرَدانِ منه لسانَهُ ... ولحرِّه في الأُذْن منه ظهورُ وحَداتُهُ قد أشرفَتْ وفراشةٌ ... وبشَعرِ صَلْصلِهِ تَراه يُشيرُ والصّقرُ واليَعْسوبُ ثم شِمامةٌ ... في الحلقِ منه أدارَهنّ مُديرُ رَحُبت دجاجتُهُ وزان غُرابُهُ ... خَرِبٌ فليس لحُسنِهنَّ نظيرُ والغُرُّ منه وناهضاهُ كأنما ... للشرّ يجري بينَهنَّ كسيرُ وترى القَطاةَ علَتْ على خطَّافةٍ ... وترى أديمًا قد علاه النُّورُ وأقَلَّ ذلك كلَّهُ بحوافرٍ ... صُلبٌ أقلَّتْها هناك نُسورُ يَعْدو وأجنحةُ الطّيورِ تمُدُّهُ ... فبَكَتْ شَمالٌ خلفَهُ ودَبُورُ وفي جغرافيا ونقَلتُه من خطِّه أيضًا [من السريع]: سافِرْ بلا زادٍ ولا مركَبِ ... من مطلَع الشمس إلى المغربِ وخُضْ بحارَ [الأرضِ] (¬2) ما عَرْبَدَتْ ... أمواجُها يومًا على مركبِ ¬

_ (¬1) ترجمة أبي أمية بن عفير في السفر الثاني وهو مفقود، وترجمة أبي زيد الفازازي المشار إليها في السفر السابع وهو مفقود أيضًا، راجع رقم (150) أما ترجمة الكفيف الدرعي فلم نقف عليها، ولم يحل المؤلف على رسمها؛ وذلك لأنه لم يدخل الأندلس فلم يكن على شرط كتابه وقد ضاع عدد كبير من تراجم أعلام المغرب بسبب التقيد بهذا الشرط. (¬2) في الأصل: "وخض بحارًا"، وأصلحناه كذا؛ ليستقيم الوزن.

وجُبْ قفارًا ليس تَعْيا بها ... في جَبَل وَعْر ولا سَبْسَبِ فهذه الدُّنيا التي سَهَّلتْ ... سُبْلَ المسافات فلم تصعُبِ .................... ... فابعَدْ بها إن شئت أو فاقرُبِ ........... مكان بها ... فسِرْ على الفورِ إلى الأرحبِ ........... كذا للفتى ... لم تذهبِ الأفكارُ في مذهبِ [وله في تغيُّر] الرُّسوم، ونقَلتُه أيضًا من خطِّه [من الطويل]: .............. طال عهدُها ... وغيَّرَ منها الرَّسمُ تغييرَ أحوالِ [فأضْحَت] كرَسْم الدارِ بأن قَطينُها ... ولا شيءَ أشجَى في الديار من الخالي وجرَّتْ عليها الرامِساتُ ذيولَها ... فعفَّى بها آثارَها جرُّ أذيالِ فأنشدتُ إذ أبصَرْتُ تغييرَ رَسْمِها: ... (ألا عِمْ صباحًا أيّها الطَّللُ البالي) وله في قالَبِ الطّوب مُلغِزًا، ونقَلتُه أيضًا من خطِّه [من الطويل]: وما بالعٌ في يومِهِ ألفَ لُقمةٍ ... وأكثَرَ أضعافًا إذا هو أُطعما؟ وما لقمةٌ إلا وتَعدِلُ وزنَهُ ... مضاعفةً؟ فافهَمْهُ فيمَن تفَهَّما إذا امتلأت أحشاؤه قام مُعجِلًا ... وخَلّى بُرازًا كلَّ ما كان لُقِّما وكان داعي نَظْم هذا المَقْتَلِ ... مُرجَّزًا في شكلِه المُفصَّلِ (¬1) بعضُ صِحابِنا الذين صَحِبوا ... في الله حبًّا جلَّ فيه السببُ رَغَّب أن يعُمَّهُ التنظيمُ ... الصاحبُ الكفيفُ إبراهيمُ المنتمي لدرعةٍ في النَّسَبِ ... المقتدي بمالكٍ في المذهبِ ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل، والظاهر أن ثمة سقطًا بحيث جاء هذا الانتقال إلى الرجز.

وقال بعدَ هذا بأبياتٍ في عُدّة هذه الأُرجوزة [من مشطور الرجز]: وحين أكمَلتُ المرادَ فكمُلْ ... ووفَّق اللهُ إلى خيرِ العملْ انتهتِ الأبياتُ منهُ عدّا ... مُزدوِجاتٍ إن بَلَغْتُ الحَدّا ألفَيْنِ في نظامِها مُرصَّعهْ ... وإن ترِدْ أفرادَها فأربعهْ وقَفْتُ عليها بخطّه أيضًا إلا يسيرًا ضاع من أوّله، وذلك مئتا بيت وستّةُ أبياتٍ مزدَوَجة لها أربع مئة بيت واثنتا عشرة مشطورة، ومنها أرجوزةٌ في قُرعة الفأل بديعة، إلى غير ذلك من الأراجيزِ التي أجاد فيها ودَلّت على اقتدارِه وتمكُّن انطباعِه. ومن نظمِه في بعض ألوانِ الخَيْل، ونقَلتُه من خطِّه [من المتقارب]: ويوم تَجارَتْ به أربعٌ ... من الخَيْل يا لك ما أعجَبا أعارَ لها الجوُّ أثوابَهُ ... سَلَكْنَ بها مذهبًا [مذهبا] فأهدَى الصّباحُ لذا حُلّةً ... لذلك أبصرتُهُ أشهَبا وأهدى دُجى اللّيل ثوبًا لذا ... فكان به أدهمًا [غَيْهَبا] ووَرَّدَ ذا شفَقٌ فاكتَسَى ... بتوريدِهِ ضَرَمًا مُلْهَبا وشمسُ الأصيل تبَدّتْ بذا ... فظلَّ لشُقرتِه مُذهَبا وقسَّم فيها هبوبَ الرِّياح ... فما اعتَرضَ البَرْقُ إلا كَبَا فهذا شَمالٌ وهذا جنوبٌ ... وهذا دَبُورٌ وهذا صَبَا وفيما يُسمَّى من الفَرَس بأسماءِ الطّير، ونقَلتُه من خطِّه أيضًا [من الكامل]: بأبي جَوادٌ ما جرى في حلْبةٍ ... فتَراهُ إلا مرَّ وهْو يطيرُ قل: كيف لا يدَعُ الطيورَ نَواكصًا ... عن شَأْوِه وتحمَّلتْه طيورُ فعلَا بهامتِهِ على عُصفُورِه ... وسَمَا بدِيكَيْهِ له التشميرُ

وله في المُجَبَّنات (¬1) [من الوافر]: وسَفّاجينَ (¬2) تحسَبُهم مُلوكًا ... إذا صَعِدوا منابرَهم جلوسًا وقد ظَفِروا بصنعةِ كيمِياءٍ ... وليس تُعِيبُ صَنْعتُها الرئيسا أذابوا من عجينهمُ لُجَيْنًا ... فصيَّرَه اللَّظى تِبْرًا نفيسا وصاغوا للَّهاةِ مجبَّناتٍ ... تكاد تُعيدُ للموتى النفوسا تعودُ خدودُهُنَّ البِيضُ حُمْرًا ... كوَجْنةِ مَن يَعِلُّ الخَنْدَريسا تلوحُ على أكفِّهمُ بُدورًا ... وتُطلعُها طواجنُهمْ شُموسا كأفلاكٍ رَبا (¬3) [و] نجوم سَعْدٍ ... طَوالع لا ترى فيها نَحِيسا كأنّ شخوصَها إذْ قابلَتْنا ... وجوهٌ لا ترى فيها عُبوسا حَشَوْا جُبْنًا بواطنَها وزُقّت ... ظواهرُها فَراقَ لها لَبُوسا جلَوْها فضّةً تزهَى بتبرٍ ... مذهَّبةً كما تَجْلو العروسا ترى أيديَهمْ أعناقَ طَيْر ... وأنمُلَها إذا اجتمَعَتْ رؤوسا وتسمَعُ في حلوقِ القوم منها ... إذا اندرجت بها أبدًا حَسِيسا ليعلمَ ذو الرَّشادِ بأنّ كيسًا ... يُفرَّغُ ....................... وكان من أبرع الناسِ خَطًّا في الطريقةِ المغرِبية، [كتَبَ أزمّةَ] المَجَابي السُّلطانية، وفاق في أحكامِها أهلَ عصرِه، وفيه يقولُ [أبو الرَّبيع] ابنُ أبي غالب (¬4)، ¬

_ (¬1) المجبنات: نوع من القطائف يضاف إليها الجبن في عجينها وتُقلى بالزيت. (¬2) جمع سفاج وهو الذي يعالج صنع المجبنات وقليها. (¬3) كذا في الأصل. (¬4) هو سليمان بن أحمد بن علي بن يوسف بن أبي غالب، أبو الربيع، تقدمت ترجمته في السفر الرابع برقم (133).

178 - موسى بن محمد بن علي بن مروان بن جبل الهمداني، تلمسيني وهراني الأصل حديثا شلوبانيه قديما، وسكن مع أبيه مراكش وقتا، أبو عمران، ابن مروان

وهو من بَديع تجنيسِ القَوافي وغريبِه ونقلتُه من خطِّ صاحبِهِما أبي القاسم بن عِمران [من الطويل]: أمالكةُ اسمَعي حديثَ المُناصفِ ... ولا تَعذِلي ما العَذْلُ رأي المُناصِفِ وإن جُرتِ رِفقًا لا كما جارتِ النَّوى ... بجَهْل فإن يوضَحْ لكِ العلمُ ناصفِ صِفي باشتياقي اليومَ سَمْعَ حديثه ... وإن كان فيه يستوي علمُنا صِفِ وخلّ المُنى يَلهَجْ بذكْرِ المُناصفِ ... فؤادي وإن افصَحْتُ فابنُ المُناصفِ وقد جَرى له ذكْرٌ في رَسْم أبي القاسم عبد الكريم بن عِمران (¬1). وتوفِّي في مَرّاكُشَ في رجبِ سنة سبع وعشرينَ وست مئة، ودُفن خارجَ باب فاسَ. 178 - موسى (¬2) بن محمد بن عليّ بن مَرْوانَ بن جَبَل الهَمْدانيُّ، تِلِمْسينيٌّ وَهْرانيُّ الأصل حديثًا شَلَوْبانيُّهُ قديمًا، وسَكَنَ معَ أبيه مَرّاكُشَ وقتًا، أبو عِمرانَ، ابنُ مَرْوان. رَوى عن أبيه (¬3) وتَفقَّه به وبغيرِه، واستُقضيَ بمالَقةَ ثم بغَرْناطةَ ثم تطُلْ مُدّةُ استقضائه بها حتى أتتْه منيّتُه في شعبانِ ثمانٍ وست مئة. وكان الحفلُ في جَنازتِه عظيمًا حضَرَه الوالي بغَرْناطةَ فمَن دونَه (¬4). ¬

_ (¬1) ترجمة أبي القاسم عبد الكريم بن عمران في السفر السابع مع الغرباء وهو مفقود، وترجمته في التكملة (2564). (¬2) له ترجمة في صلة الصلة (3/الترجمة 59)، قال ابن الزبير: "نشأ في حجر الخلافة بمراكش لاختصاص أبيه بالموحدين". (¬3) تقدمت ترجمته مع الإشارة إلى بعض أعلام هذه الأسرة (راجع رقم 129). (¬4) الوالي بغرناطة يومئذ هو أبو إبراهيم إسحاق بن أبي يعقوب بن عبد المؤمن (انظر الترجمة رقم 137).

179 - موسى بن ملول -بفتح الميم وشد اللام وواو مد ولام- الصودي -بصاد معقود ومفتوح وواو ودال غفل منسوبا- أبو عمران

179 - موسى بن مَلُّوْل -بفتح الميم وشدِّ اللام وواوِ مَدّ ولام- الصَّوْديُّ (¬1) -بصادٍ معقود ومفتوح وواوٍ ودال غُفْل منسوبًا- أبو عِمران. رَوى عن أبي القاسم ابن بَشْكُوال. 180 - موسى بن هارونَ بن خِيَار، أبو عِمران. رَوى بالمَرِيّة عن أبي القاسم ابن وَرْد. 181 - موسى (¬2) بن ياسين مَوْلى صَالح بن إدريسَ الحِميَريِّ صاحبِ نَكُور (¬3)، أبو عِمران. دَخَلَ الأندَلُس، وعُنيَ بالحسابِ والفرائض، وصنَّف بها كُتُبًا نافعةً معروفةً به. 182 - موسى بن يوسُفَ بن محمد المَغِيليُّ (¬4)، من نَظَر فاسَ. رَوى عن أبي بكرٍ ابن خَيْر. 183 - مَيْمونُ (¬5) بن أحمدَ بن محمد القَيْسيُّ، قَلْعيٌّ قلعةَ بني حمّاد، أبو الفَضْل وأبو وَكيل. نَزَلَ قُرطُبةَ وسَكنَها مُدّةً إلى أن تغَلَّبت عليها الرُّوم -قصَمَهم اللهُ ورجَعَها- فاستَوطنَ أَرْكَش (¬6). ¬

_ (¬1) ثمة أعلام بهذه النسبة، منهم: أبو عبد الله الصودي (التشوف: 174)، وجمال الدين الصودي الجدميوي إمام الفرضيين بالإسكندرية (نيل الابتهاج: 140 - 141 نقلًا عن رحلة التجيبي) وقد ضبطها كضبط المؤلف فقال: "والصودي: بفتح الصاد المهملة وسكون الواو فدال مهملة". والنسبة إلى قبيلة سودة: قبيلة مصمودية. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1788). (¬3) انظر في أصحاب نكور المغرب للبكري: 90 - 99. (¬4) النسبة إما إلى مغيلة: مدينة من أنظار فاس كما في المطرب: 124، أو إلى قبيلة مغيلة البربرية. ولعل المترجم من بيت بني المغيلي. انظر بيوتات فاس: 21. (¬5) له ترجمة في صلة الصلة (3/الترجمة 103). (¬6) كذا في الأصل، وفي صلة الصلة: مراكش، ولعلها أقرب إلى المعنى.

184 - ميمون بن جبارة بن خلفون الفرداوي، أبو تميم

وكان رجلًا صالحًا فاضلًا اشتُهر بحفظِ "موطّإ" مالِك بن أنس عن ظَهْر قلب، وأكتَبَ القرآنَ طويلًا بقُرطُبةَ [ومَرّاكُش] (¬1). [توفِّي سنةَ] خمسٍ وثلاثينَ وست مئة. 184 - مَيْمونُ (¬2) بن جُبَارةَ بن خَلْفونٍ الفَرْداويُّ، أبو تَمِيم. رَوى عنه أبو عبد الله بن عبد الحقِّ التِّلِمْسينيُّ (¬3) [وغيره]. وكان من كبار العلماء وجِلّة الرُّؤساءِ كريمَ اليدِ جميلَ الأخلاق [عظيمَ] الحُرْمة، استُقضيَ ببَلَنْسِيَةَ مُذْ سنةِ ثمانٍ وستّينَ وخمس مئة [إلى سنةِ إحدى] وثمانين، فكان محمود السِّيرة موصوفًا بالعَدْل والجَزالة. ودرَّس الأصُول [بتلِمْسانَ] وببَلَنْسِيَةَ، وبه انتفَعَ أهلُها في ذلك الفنّ، وكان يصِفُهم بالذّكاءِ وثقوبِ الذَّهن وجَوْدة القرائح. وممّن أخَذ عنه بها منهم: أبو جَعْفرٍ الذّهبيُّ وأبو الحَجّاج ابن مرطَيْر، ثم صُرِفَ عنها إلى قضاءِ بجَايةَ فتقلَّده إلى أنِ استُقدمَ إلى مَرّاكُش واستُقضيَ بمُرْسِيَةَ بعدَ وفاة قاضيها أبي الَقاسم ابن حُبَيْش (¬4)، فتوفِّي في طريقِه إليها بتلمسينَ سنةَ أربع وثمانينَ وخمس مئة. 185 - مَيْمونُ (¬5) بن عليّ بن عبد الخالق الصُّنهاجيُّ ثم الخَطّابيُّ، فاسيٌّ ¬

_ (¬1) محو في الأصل، وقال ابن الزبير: "وكان يحفظ الموطأ عن ظهر قلب ويعلِّم الكتاب العزيز بالبلدين المذكورين". (¬2) ترجمه ابن الأبار (1852)، والغبريني في عنوان الدراية 206، والذهبي في المستملح (370)، وتاريخ الإسلام 12/ 792، والمراكشي في الإعلام 7/ 310. (¬3) تقدمت ترجمته في هذا السفر رقم (119). (¬4) كانت وفاة القاضي ابن حبيش في سنة 584 هـ. (¬5) ترجمته وأخباره وأشعاره في تحفة القادم: 219 (دار الغرب)، ورايات المبرزين: 49، ورحلة ابن رشيد (مخطوط)، ومفاخر البربر: 65 - 67 (ترجمة ذاتية)، وأزهار الرياض 2/ 378 - 392 (نقلًا عن الإشادة للعزفي عن المؤلف هنا)، ودرة الحجال رقم (372) ومن المصادر الحديثة: النبوع للأستاذ كنون، والحلقة 7 من ذكريات .. والعلوم والآداب للأستاذ المنوني: 176 - 177، ورسالة المغرب س 6 ع 4.

أو من بعضِ أنظارِها، سَكَنَ بأخَرةٍ مَرّاكُشَ، أبو عَمْرو، ابن خَبّازة، نسبةً إلى خالِه الشاعر الشهير بابن خَبّازة (¬1) لمُلازمتِه إياه. رَوى بفاسَ عن أبي محمدٍ عبد العزيز بن عليّ بن زَيْدان (¬2)، وقَدِمَ الأندَلُسَ قديمًا، فروَى بها عن أبي الحَجّاج ابن الشّيخ، وأبي محمد بن الحَسَن ابن القُرطُبيّ، ثم قَدِمَها بعدُ غير مرّة بعدَ العشرينَ وست مئة وقبلَها. رَوى عنه أبوا عبد الله: ابن أحمدَ الرُّنْديُّ وابنُ عبد المُنعم اللَّوَاتيُّ، وأبو عِمرانَ بنُ أبي الحَسَن، وأبو القاسم بن عِمران. وكان أديبًا شاعرًا مُفلِقًا من أكبرِ أعاجيبِ الدّهر في سُرعة البديهة، ناظمًا أو ناثرًا، معَ الإجادة التي لا يُجارَى فيها، والتفنُّن في أساليبِ الكلام معرَبِه وهَزْلِه، على اختلافِ طرائقِ الناس بحسَبِ بلادِهم المتنازحة، جيِّد الخَطّ، قويَّ الأعضاء، معتدِلَ التركيب، متمكّنَ الصّحة، جَهْوريَّ الصّوت، وافرَ المُنّة وهو قد جاوَزَ السّبعينَ (¬3)، ذا مشاركةٍ حسَنة في عِلم الكلام وأصُول الفقه، تطوَّر كثيرًا وتنسَّك وتصَوَّف وقتًا، ووَعَظَ وتُلقّي وعظُه بالقَبُول، وعارَضَ ابنَ الجَوْزيّ في بعض فصُولِه فأجاد. ¬

_ (¬1) لا نعرف من هو هذا الشاعر بالضبط، وقد أشار ابن الأبار في تحفة القادم إلى شاعر هجاء يدعى ميمون بن علي، وهذا اسم مترجمنا وإن لم يصلنا من هجائه إلا بيتان في هجاء مهدي الموحدين، وثمة ترجمة في صلة الصلة (4/الترجمة 324) لعلم يعرف بابن خبازة السبتي واسمه علي بن محمد بن عبد الله الحضرمي وتوفي في نحو العشر وست مئة، ولكن ترجمته لا تدل على أنه كان شاعرًا. (¬2) ترجمته في التكملة (2487)، وأشار الشاعر في إجازته لبعضهم إلى شيوخ آخرين أخذ عنهم بفاس وسمى جده للأم علي بن مهدي القيسي وأبا الحسن بن حرزهم واين دوناس، كما ذكر أنه قرأ بسبتة على ابن عبيد الله الحجري وأبي الصبر أيوب. وكأن المؤلف لم يقف على هذه الإجازة؛ إذ أنه يميل إلى الاستقصاء في سرد الشيوخ إلا إذا كان غير متحقق من أخذه عنهم. (¬3) في طرة الأصل: لعله التسعين.

قال أبو القاسم ابنُ عِمْران: رأيتُه بسَبْتةَ عامَ أربعةٍ أو خمسةٍ وست مئة وهُو في زِيِّ النُّسَّاك، اجتَمَعتُ به عندَ الشّيخ الفاضل أبي العبّاس الأزرق (¬1) رضيَ اللهُ عنه وهو لابسٌ مُرَقَّعةً، وعَرَضَ عليه وأنا حاضِرٌ وثيقةً كتبَها في طلاقِه الدّنيا، ثم رأيتُه بعدَ عام ستّةٍ وعشرينَ، وسايَرْتُه في محَلّة المأمون (¬2) [المتوجِّهة إلى مَرّاكُش] وهو محتسِبُ الطعام بها، فأنشَدَني من شعرِه قطعًا كثيرةً، وكان مُكثِرًا من النّظم، فذكَرَ لي شيخُنا أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ رحمه الله أنه كان بإشبيلِيَةَ في كنَفِ أبي العلاء ابن المنصُور، وأنه لزِمَه نحوَ [... ، وجُمِعت] له أمداحُه فيه فبَلَغَت ثلاثةَ مجلَّداتٍ ضخمة، ومن أمداحِه فيه [وقد انتَقل إلى إشبيلِيَةَ] واليًا بعدَ قُرطُبة: قولُه [من البسيط]: يا سعدُ حمصُ لقد نالت بكَ الأملا ... كأنك الشمسُ قد حَلَّت بها الحَمَلا فكلُّ فصلِ ربيع ناشرٌ زَهَرًا ... تَخالُهُ فوقَ أعطافِ الرُّبى حُلَلا وأيُّ جوّ تجَلَّت فيه مُنحرِفًا ... أنوارُ عَدْلِك في الدنيا فما اعتَدَلا؟! هي السّعادةُ أحظَتْها بما سألتْ ... وحسبُ ذي السُّؤلِ أن يحظَى بما سألا [وحبّذا] نيّةٌ أضمَرْتَها صَدَقتْ ... فأكسَبَ الصِّدقُ تلك النيّةَ العمَلا قد حقَّق اللهُ آمالَ العبادِ فمُذْ ... وليتَ أذهبتَ عنها الرَّوعَ والوَجَلا إن كان فيها أميرُ المؤمنينَ وقد ... نالت بعَلْياهُ في أقطارِها الأملا فعدلُهُ كالمسَمَّى جيءَ مبتدَأً ... به وكنتَ له التوكيدَ والبَدَلا سلَّتْك كفُّ الهُدى منه على ثقةٍ ... سَلَّ الحسامِ بها كي تحسِمَ العِلَلا واليومَ قد علِمتْ أقطارُ قُرطُبةٍ ... لفَقْدِ مرآك منها ما بها نَزَلا ¬

_ (¬1) انظر ذكره في اختصار الأخبار: 19. (¬2) كان سفر المحلة المذكور من إشبيلية إلى مراكش في سنة 625 هـ (انظر البيان: 264).

باتت وسَلسالُ ذاك النهرِ في كدَرٍ ... فيها وناعمُ ذاك الرَّوْض قد ذَبُلا وأصبحتْ حمصُ جنّاتُ النّعيم وقد ... أعدَدْتَ رِفْدَك للعافي بها نُزُلا قد كان بالنهرِ معناها يَرُوقُ حلًا ... واليومَ بالبحرِ معناها يفوقُ علا بحرٌ يَهُولُ فيُفني مَوْجَ سطوتِهِ ... كما يقولُ فيُغني كلَّ مَن سألا يَفيضُ بالعلم أو بالجُودِ زاخرُهُ ... يَروي ويُروِي فيُغني قال أو فعلا فللرواةِ جميعًا والعُفاةِ بهِ ... للوِردِ سَلسالُ ماءٍ قد صَفَا وحَلا يَا واصلًا سنَدَ التوحيدِ يحمِلُهُ ... عن الخلائقِ بالمَهْديِّ متّصلا عَلياكَ كالنّصِّ لم يَبْقَ الظهورُ بها ... من البيانِ سوى التأويل محتملا وللفضائلِ أنواعٌ معدَّدةٌ ... وأنت جنسٌ على أنواعِها اشتَمَلا .... عن أن يحيطَ بها ... وهل لها غايةٌ حتى يقالَ ألا؟! .... يطوفُ الآمِلونَ بهِ ... وكفُّك الرُّكنُ مما اعتادت القُبَلا ..... بها ما صفا وبها ... بيضُ القواضبِ نارٌ تحرِقُ البطلا .... مائها بالجودِ منهمرًا ... والموتُ من نارِها بالبأس مشتعلا .... وهو من عَلياهُ في عددٍ ... مقسَّمَ الفِكرِ في أبوابِ كلِّ عُلا .... طما بحرًا سَطا أسدًا ... أضاء بدرًا ذكا رَوْضًا رَسَا جَبَلا جُودًا وعلمًا وإقدامًا ونورَ هُدًى ... وطيبَ ذكْرٍ وعلمًا بالتُّقَى كمُلا تراهُ بالخيرِ رَوْضًا حاملًا زَهَرًا ... لكنّهُ زَهَرُ الآدابِ محتفِلا يهزُّه الطَّرفُ غُصنًا حفَّ من أدبٍ ... والحِلم يُرسيه طَوْدًا بالنُّهى ثَقُلا تهوى محاسنَهُ الدنيا ليمنَحَها ... وَصْلًا فيُعرضُ هِجرانًا لها وقِلى إن سار كان مقيمًا من مهابتِهِ ... وإن أقام يُرى بالعَزْم مُرتحِلا

وعَدْلُه الشمسُ لكنْ غيرَ آفلةٍ ... وفضلُه الظِّلُّ لكن ليس مُنتقِلا حازَ العمومةَ من عدنانَ مفتخرًا ... إلى الخُؤولة من قحطانَ فاكتملا فمن سَليم بن منصُور وسُؤدَدِها ... ومن حِزام عدِيّ مجدَهُ انتَحَلا وبالجلالينِ من قَيْس ومن يَمَنٍ ... أقام قِسطاسَ وَزْنِ الفخرِ معتدلا يَا ابنَ الخلائفِ حازوا المجدَ من مُضَرٍ ... فعِزَّهم ذلَّلَ الأيامَ والدُّولا جَدَّ الزّمانُ وكان الهَزْلُ شيمتَهُ ... فينا وجاد علينا بعدَما بَخِلا فنام بالأمن جَفْنٌ بات من جَزَعٍ ... بإثمدِ السُّهد في الظلماءِ مكتحِلا وقام قاعدُ أمرِ الله منتهضًا ... يَفي بحَمْل الأماناتِ التي حَمَلا وأصبحَتْ دعوةُ التوحيدِ زاهيةً ... زهوَ العَرُوس تجُرُّ الحَلْيَ والبيضُ تهتزُّ مثلَ البيض من طرفٍ ... والخَيْلُ تعرفُ فيها نخوةَ الخُيَلا زَهَا به المجلسُ السامي وحُقَّ لهُ ... حتى لقد طار من زهوٍ به جَذِلا فقلْ لمَن يدَّعي هذا المقامَ: كفَى ... فإنّ بُرهانَ هذا يبهَرُ الجَدِلا واعجَبْ لناديه يقوَى حَمْلُهُ وبهِ ... علمٌ وحلمٌ أقلّا السهلَ والجَبَلا وكفُّه كيف تَهْمي سُحْبُ وابلِها ... وليس تُبصرُ في أرجائها بَلَلا يَا لائميهِ على الإفضال ويْحَكمُ ... وهل رأيتُمْ ................. من جاد بالذاتِ يومًا لا انتقالَ لهُ ... ومن يكنْ عَرَضًا .... منتقلا قد كاد يسبِقُ ظنِّي كونُهُ مَلِكًا ... لولا تحقُّقُ عِلمي كونَه رَجُلا كانت تُروِّعُني الأيامُ ظالمةً ... واليومَ إن قصَدَتْني بالخطوبِ فلا وكيف أخشى لجَوْرِ الدهرِ حادثةً ... وعدلُ إدريس يَنْفي الحادثَ الجَلَلا مَن صَفْحُهُ يصرِفُ الجاني بسَطْوتِهِ ... إلى المتابِ وكم صَفْح جنَى الزَّلَلا

من يَستلِذُّ ثناءَ المادِحينَ لهُ ... منّا كما يَستلِذُّ العاشقُ الغَزَلا من يُذعِرُ الأُسْدَ والهيجاءُ قد جعَلتْ ... لها الصَّوارمَ والعَسّالةَ الذُّبُلا في بعضِه بعضُ وصفِ البيض إن نَظَرتْ ... خِلتَ المضاربَ منها الأعيُنَ النُّجُلا وكلُّ حدٍّ كخدٍّ فهيَ إن دُعِيَتْ ... بيضًا ستحمَرُّ في الهيجاءِ لا خَجَلا بيضٌ تُعانقُ عشّاقَ الحروبِ هوًى ... والوصلُ منها صدودٌ يُنفِذُ الأجَلا هي السيوفُ فإن فاضَتْ جداولُها ... سقَتْ قلوبَ العدا ماءً الرَّدى نَهَلا يَا ناظمَ الحمدِ بالأموالِ يُكثِرُها ... لقد وصَلتَ من العلياءِ ما انفَصَلا وراغبَا باجتماع الحمدِ يُكسِبُهُ ... وزاهدًا بافتراقِ المال مُتّكلا ما زلت تشعرُ في نظم الفَخارِ كما ... ما زلتَ تُخطُبُ في نَثْر اللُّهى عَمَلا تُبِينُ بالفعل معنى المجدِ تُظهرُهُ ... والفعلُ أصدقُ مدلولٍ لمن عَقَلا تُرى أُعِيدَ بها المنصورُ سيِّدُنا ... فالتاجُ ثاقبُ ذاك النجم إذْ أَفَلا أحيَيْتَ قُطْرًا فقطرًا أرضَ أندَلُسِ ... كأنّك القَطْرُ يُحيي حيثُما نَزَلا يَا عاضدَ الأمرِ في سرٍّ وفي علنٍ ... حتى استقَلَّ سُموًّا بالهدى وعَلا وباذلَ النفْس والأموالِ مُبتغيًا ... إظهارَ دينِ الهدى في كلِّ ما بَذَلا أشبَهْتَ في فعلِك الصِّدِّيقَ حين دعَا ... خيرُ البرّية لبَّى الأمرَ وامتَثَلا إنفاقُ مالِك قبلَ الفتح أذكَرَنا ... من شِعْرِ حسّانَ بيتًا سُقتُهُ مثَلا: "إذا ذكَرْتَ أخا فضل بمَنْقَبةٍ ... فاذكُرْ أخاك أبا بكرٍ بما فَعَلا" يدعو الإمامُ لرعي الصَّدقِ فيك كما ... دعَا الرسولُ إلى الصدِّيق إذ فضلا نبِّهْ إلى العِلم دُنيا طالما رقَدَتْ ... عنهُ وذكِّرْ زمانًا طالما غَفَلا ........................ ... وحلّ حالي بكمْ لي ألَّف العَطِلا

....... والسعد تهزِمُهمْ ... ورَوِّح البِيضَ في الأغمادِ والأسلا وألقِ فيهم عصا موسى فإنّهمُ ... إن تُلقِها ساعةً في سِحْرِهمْ بَطَلا .......... أمر الله تَنصُرُهُ ... إذا أقام وتَرعاهُ إذا ارتَحَلا ليُهنِكَ العيدُ والصّومُ السّعيدُ فما ... قدَّمتَ من كلِّ بِرٍّ فيه قد قُبِلا ومن شعرِه: قولُه يَرثي أبا محمد بنَ أبي بكر ابن الجَدّ، وتوفِّي يومَ عيدِ الفِطر، وكان توفِّي له أخٌ قبلَه، ويُعزِّي أباهما أبا بكرٍ (¬1) [من البسيط]: أرَجّةُ الصعْقِ يومَ النَّفْخ في الصُّورِ؟ ... أم دَكّة الطُّورِ يوم الصَّعق في الطُّورِ؟ أم هَدَّت الأرضُ إظهارًا لِما زَجَرَت ... به الخليفةَ من إيقاع محذورِ؟ أم الكواكبُ في آفاقِها انتَثَرت ... وباتَتِ الشمسُ في طيٍّ وتكويرِ؟ ما للنهارِ تعَرَّى من ثيابِ سَنًا ... وشابَهَ اللّيلَ في أثوابِ دَيْجورِ؟ قد كان للصّبح طَرْفٌ زانَهُ بَلَقٌ ... مقسّمُ الخَلْق بين الدَّجْنِ والنورِ فما المُلمُّ الذي غشَّى بدَهْمتِهِ ... أديمَهُ عنبرًا من بعدِ كافورِ؟ أصِخْ لتسمعَ من أنبائها نبأً ... يَطْوي من الأُنسِ فيها كل منشورِ وانظُرْ فإنّ بني عدنانَ ما حُشِروا ... إلا لرُزْءٍ عظيمِ القَدْر مشهورِ وافَى معَ العِيْدِ لا عادت مضَاضتُهُ ... فشابَ سَلسالَهُ الأصفى بتكديرِ واعتَامَ دارًا لها في السَّبقِ جَمْهرةٌ ... من المفاخرِ أزْرَت بالجماهيرِ رمَى قريشًا فأصمَى سهمُ حادثةٍ ... أبناءَ فِهر بتفريقِ المقاديرِ فخانَها الجَدُّ في ابنِ الجَدِّ يومَ قضَى ... وأثَّر الخَطْبُ فيها أيَّ تأثيرِ لله والمجدِ ما أبقاهُ من أثرٍ ... أخرى اللّيالي بطِيب الذِّكرِ مأثورِ ¬

_ (¬1) وردت هذه القصيدة في أزهار الرياض 2/ 383، وجذوة الاقتباس: 354.

نَوّارةً عندما راقَتْ بدوحتِها ... أهوَتْ إلى التُّربِ من بين النواويرِ جار الذُّبولُ عليها بعدَما مَلأَتْ ... معاطسَ الدّهر من طِيْبٍ وتعطيرِ وسَيْفُ بأسٍ لكسر الخَطْبِ أغمَدَهُ ... صَرْفُ الحوادثِ فيها بعدَ تكسيرِ قضَى فوافَقَ شهرَ الصّوم مُرتحِلًا ... ووافَقَ الشهرَ في فضلٍ وتطهيرِ واختاره خاطبُ الخَطْب المُلمِّ بهِ ... للصِّهر كُفْئًا فأمضَى العَقدَ للحُورِ فسار للحَيْنِ مسرورًا وخلَّفَنا ... للحُزْنِ فاعجَبْ لمحزونٍ بمسرورِ نادَيْتَ أنجشةَ (¬1) الأحزانِ يومَ حَدَا ... أظعانَ قلبَي: "رِفْقًا بالقواريرِ" فالوَجْدُ والدمعُ من حُزنٍ قد اقتَسَما ... قلبي وجَفْني بمنظومٍ ومنثورِ والقلبُ بالقَيْضِ في تصعيدِ مُستعرٍ ... والجَفْنُ بالفَيْض في تصويبِ ممطورِ وسائقُ الخَطْب يَشْدو الحاملينَ لهُ ... يَسُوقُهمْ سَوْقَ حادي العيرِ للعِيْرِ وللملائكِ في آفاقِها زَجَلٌ ... قد شيَّعتْه بتهليلٍ وتكبيرِ ثنَى المُصابَ على شيخ الجزيرةِ في ... عَقْدٍ وحَلٍّ وتقديمٍ وتأخيرِ ذاق الرَّزايا على مقدارِ منصِبِهِ ... والابتلاءَ على قَدْر المقاديرِ لم يُصمِهِ الدّهرُ في الأبناءِ من حنَقٍ ... ولا بلاهُ لترقيبٍ وتحويرِ وإنّما بادَرَ الأعلاقَ منتقيًا ... يَصُونُها صَوْنَ تعظيم وتكبيرِ إن كان فَرَّقَ شَمْلَ الأُنسِ عنه فكم ... أَولاهُ للأجرِ من جَمْع وتوفيرِ يَا دهرُ حَمَّلتَهُ وقْعَ الخطوبِ، ولم ... تزَلْ تُنفِّذُ عنه كلَّ مأمورِ فلم تجرِّبْ عليه جُبنَ ذي خَوَرٍ ... في النائباتِ ولا إحجامَ مذعورِ ¬

_ (¬1) أنجشة: مولى للنبي - صلى الله عليه وسلم - كان حاديًا له، وله قال: "رفقًا بالقوارير".

أردتَ بالصَّبر عنه أن تُقيمَ لنا ... بُرهانَ تقديمِه للخَيْر والخِيْرِ يا عامرَ التُّرْب كم خلَّفتَ من كبِدٍ ... ومن فؤادٍ بثاوي الحزنِ معمورِ لو كنتَ تُحمى وتُفدى للعُلا ابتَدَرتْ ... آلافُها بالقَنا أو بالقناطيرِ أُسْدٌ تُنادي بعُقبانِ الخُيولِ إلى ... تمزيقِ لَحْم الأعادي بالقناطيرِ مشمِّرينَ إلى ورد الكريهةِ ما ... نالوا العلاءَ الذي نالوا بتقصيرِ بَنُو الكرام أولو الراياتِ قادَ بهم ... إلى الوغَى ابنُ نُصَيْرٍ كلَّ منصورِ ساقَتْهمُ غَيْرةُ الإيمانِ فانتَدَبوا ... لنُصرة الدِّين كالأُسْدِ المهاصيرِ بعَزْم كلِّ معدِّيٍّ يُسايرُهُ ... فتحُ الجزيرة بين السَّرْح والكورِ حَجُّوا أباطيلَ لذْرِيقٍ بحقِّهمُ ... فأبطلوهُ بأبطالٍ مغاويرِ وإنّما الموتُ حُكمٌ ليس يَدخُلُه ... نَسْخٌ لخَلْقٍ وعدلٌ دونَ تجويرِ يقضي على الأُسْدِ في الآجامِ حاكمةً ... وفي الكِنَاس على البِيض اليعافيرِ ويقنِصُ الشُّهْبَ في شَمِّ الجبالِ كما ... في الوكْرِ يعتامُ أفراخَ العصافيرِ أعظِمْ بآياتِه في آيةٍ عَظُمت ... فليس تُدرَكُ في حالٍ بتفسيرِ فسلِّمِ الأمرَ فالأقدارُ قد نفَذَتْ ... وكلُّ شيءٍ بتقدير وتدبيرِ ما فَقْرُ ذي الفقرِ عن جهلٍ ولا كسَلٍ ... ولا غِنى المرءِ عن كَيْس وتشميرِ ولا الحِمامُ بنقصٍ في المِزاج ولا ... ضعفُ الطبيعة عن أسبابِ تدبيرِ وكم صحيح قضَى فيها بلا مرضٍ ... وكم مريضٍ أقامته لتعميرِ وإنّما هي أحكامٌ مقدَّرةً ... على مداها وأقسام بتقديرِ فاسمَعْ بقلبِك فالأشياءُ ناطقةٌ ... وألسُنُ الحالِ تُغني كلَّ نحريرِ مقدِّماتُ اللّيالي طالما فضَحَت ... نتائجُ الغَدْر منها كلَّ مغرورِ

جَمْعُ السلامةِ معدومُ الوجودِ بها ... وكم بها للرّدى من جمعِ تكسيرِ وعاملُ الموتِ قد أحصَى مهندسُهُ ... منازلَ العُمْر عدًّا دون تكسيرِ والأرضُ طِرْسٌ وهذا الخَلْقُ أحرفُهُ ... والحَرْفُ ما بينَ ممحوٍّ ومبشورِ والدّهرُ يُعرِبُ بالأفعالِ يُظهِرُها ... طوْعًا ويُعجِمُ منها كلَّ مسطورِ وإنّما الخلقُ أسماءٌ تعاوَرَها ... إعرابُه بين مرفوع ومجرورِ وكلُّهم في مدى الأعمارِ تحسَبُهم ... كحالِها بين ممدودٍ ومقصورِ والموتُ مثلُ عَروضيٍّ يُقطِّعُ من ... أبياتِهمْ كلَّ موزونٍ ومكسورِ يا مَن يؤمِّلُ أن يبقى وكم نقَضَتْ ... أيدي المقاديرِ من إبرام تقديرِ هذي الحقيقةُ لا ما حدَّثَتْكَ بهِ ... آمالُ نفْسِك عن دُنياك من زُورِ لا تخدَعَنْك الليالي، إنّ فتنتَها ... كادت فكادت تُرينا كلَّ محذورِ كم بكرَتْ بعُبوس الخَطْبِ من ملِكٍ ... قد باتَ بالبِشر وَضّاحَ الأساريرِ سائلْ بكسرى مليك الفُرس هل تركَتْ ... له المنايا جناحًا غيرَ مكسورِ وانزِلْ بصنعاءَ في قصرِ ابن ذي يَزنٍ ... تُلْمِمْ بقصرٍ على الأغيارِ منصورِ واعبُرْ على حِيرةِ النُّعمان معتبِرًا ... تعبُرْ بأطلالِ نُعمَى ذات تعبيرِ وأين مَن كان سِجنُ الجنِّ في يدِهِ ... والإنسُ والجِنُّ في قهرٍ وتسخيرِ؟ وأين مخترِقُ الدنيا بعَزْمتِهِ ... يَطوي البلادَ بها طيَّ الطواميرِ؟ بادوا فليس بها بادٍ يُحَسُّ بهِ ... منهمْ، وأفناهمُ رَيْبُ الدّهاريرِ هو القضاءُ أبا بكر أُصِبْتَ بهِ ... فاصبِرْ وسلِّمْ له تسليمَ مأجورِ واللهُ يحرُسُ عَلْياكمْ ويدفَعُ عن ... سامي مَعاليكَ أنواعَ المحاذيرِ

وهذا كما تَراه من النّمطِ العالي، والطِّراز الكامل الحَسَن [الغالي، لا سيّما أول، قسيمَيْ مطلعِها وبينَه وثانيه انحطاطٌ يتشبَّثُ به النَّقْد، [وقولُه]: "إعرابُهُ بين مرفوع ومجرورِ" نَقَصَه من مُعرَباتِ الأسماء: المنصوبُ، [وقولُه]: "كحالِها بينَ ممدود ومقصورِ" لا يتناولُ إلا أقلَّ الأسماء وما آخِرُه منها ألف وما قبلَ آخِره حرفُ عِلّة أو أمكَنَ إلحاقُه هناك في مصطلح بعضِهم، ولكنه غَطّى حَسَنُه على قبيحِه، ودخَلَ هجينُه في شفاعةِ صريحِه. وقد رأيتُ تثليتَ هاتَيْن القصيدتَيْنِ بقصيدتِه البارعة التي نَظَمَها في مدح سيِّد البشر المصطفى محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وسمّاها (المَيْمونيّة) ليعزِّز جمالَ الرائق بكمالِ الفائق، ويَعدِلَ عن مجَازاتِ المَجازات إلى حقائقِ الحقائق، نفَعَ اللهُ ناظمَها وراسمَها ومُنشِدَها ومستجيدَها وسامعَها ومستعيدَها، وهي هذه (¬1) [من الطويل]: حقيقٌ علينا أن نَجيبَ المعاليا ... لنُفنيَ في مَدْح الحبيبِ المَعانيا ونجمَعَ أشتاتَ الأعاريضِ حِسبةً ... ونحشُدَ في ذاتِ الإله القوافيا ونقتادَ للأشعارِ كلَّ كتيبةٍ ... لنَضْرِ الهدى والدِّين تُردي الأعاديا فألسُنُ أربابِ البيانِ صوارمٌ ... مضاربُها تُنسي السيوفَ المواضيا لنُطلِعَ من أمداحِ أحمدَ أنجُمًا ... تَلوحُ فتَجْلو من سَنَاهُ الدَّياجيا كواكبُ إيمانٍ تُنيرُ فيهتدي ... بأضوائها مَن بات يُدلجُ ساريا سهوْتُ بمَدْح الخَلْق دهري، وهذه ... سُجودي لجَبْري كلَّ ما كنتُ ساهيا فلا مَدْحَ إلا للذي بمديحِهِ ... تُطيعُ إذا ما كنتُ بالمدح عاصيا رسُولٌ براهُ اللهُ من صفْوِ نورِهِ ... وألبَسَهُ بُردًا من النورِ ضافيا وما زال ذاك النُّورُ من عهدِ آدمٍ ... يُنيرُ به اللهُ العصورَ الخَواليا ¬

_ (¬1) وردت هذه القصيدة في أزهار الرياض وجذوة الاقتباس، وقد اشتملت على أمور مشروحة في السِّيَر، وتكثر الحواشي لو علقنا عليها.

ثَوى في ظهورِ الطيِّبينَ يَصُونُهُ ... وديعةُ سرٍّ صار بالبعثِ فاشيا وخصَّ بطونَ الطيِّباتِ بحَمْلِهِ ... ليَحْمِلنَ فَرعًا بالسّيادةِ زاكيا به وَزَنَ اللهُ الخلائقَ كلَّهم ... فألفاهُ فيهمْ راجحَ الوزنِ وافيا وأنقَذَنا من نارِه بظهورِهِ ... ولولاه كان الكلُّ بالشِّرك صاليا وآدمُ لمّا خاف يُجزى بذنبِهِ ... توسَّل بالمختارِ لله داعيا فتابَ عليه اللهُ لمّا دَعَا بهِ ... وأدناهُ منهُ بعدَما كان نائيا وقد يُهجَرُ المحبوبُ في حالةِ الرِّضا ... ويأبى الهوى ألّا يصدق واشيا (وعينُ الرِّضا عن كلِّ عيبٍ كليلةٌ ... ولكنّ عينَ السُّخط تُبدي المَساويا) (¬1) وأدرَكَ نوحًا في السفينةِ رعيُهُ ... فخلَّصه إذ كان في الموج جاريا وما زالَ سامٌ وهْو ثاوٍ بظهرِهِ ... على أخوَيْهِ بالفضائل ساميا فخُصِّص حتّى بالمكانِ كرامةً ... وأُسكِنَ في أعلى البلادِ مَراقيا وأُنزِلَ حامٌ بالجنوبِ مجُانِبًا ... ويافثُ في أقصى الشمالِ مُوارِيا وأُنزِلَ سامٌ للفضيلةِ وحدَهُ ... بأوسطِ معمورِ البلادِ الأعاليا وبادَرَ جبريلُ الخليلَ لأجلِهِ ... ليحميَهُ إذ أبصَرَ الجمرَ حاميا وُيخبَرُ في وقتِ البلاءِ يقينَهُ ... فصادَفَ وِرْدَ الخُلّةِ العذب صافيا فقال له: هل تسالني كفايةً؟ ... فقال له حسبي ... كافيا (¬2) فكانت عليه النارُ بَرْدًا كما أتَى ... به وسَلامًا وهْي نارٌ كما هيا ¬

_ (¬1) هذا البيت من مقطوعة لعبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر. (¬2) هكذا في الأصل، وفي البيت اختلال وسقط ظاهران.

وجازاهُ في الإسراء عنها نبيُّنا ... وألهَمَها فوقَ السماواتِ ساريا فلمّا انتَهى جبريلُ عندَ مقامِهِ ... بحيثُ تَلقَّى الأمرَ أنْ لا تَماديا أشار على المختارِ أنْ سِرْ فإنهُ ... مقاميَ لا أعدوهُ ما دمتُ باقيا [فناداه: يا جبريلُ هل لك حاجةٌ ... إلى الله فاسألها لتُعطى الأمانيا؟] فقال له: سَلْهُ لأبسُطَ رغبةٍ ... على النارِ منّي للعُصاة جَناحيا فدُلِّيَ في أُفْقِ المَهابةِ رَفْرَفٌ ... وزجُّ بُراقِ العزِّ في النورِ رُقِّيا ومن أجلِهِ خصَّ الذبيحَ فداؤه ... وفي ظهرِه المختار أصبح ثاويا فَداهُ بذِبْح عَظّم اللهُ شأنَهُ ... لأنْ كان دهرًا في الفراديسِ راعيا وثنَّى بعبدِ الله حاملِ فضلِهِ ... فكان بذاك الفَرْع للأصل راقيا لذلك ما قال الرسُولُ منبِّهًا ... "أنا ابنُ ذَبيحَيْها" يعُدُّ المعاليا وعَفَّ أبوه إذْ دعَتْه لنفسِها ... فتاةٌ رأتْ نُورَ النُّبوءةِ ضاحيا مضَى ولذاك النورِ بينَ جبينِهِ ... شُعاعُ سنًا يُعشي العيونَ الروانيا فأعرَضَ عنها ثم سار لشأنِهِ ... وكان له الرّحمنُ بالحفظِ واقيا وعاد وقد أدّى أمانةَ ربِّهِ ... لأُمّتِه وَعْدًا من الله ماضيا ومَرَّ على حيِّ الفتاة فنوديَتْ ... هَلُمِّي تصادفْ لدغةُ الحبِّ راقيا فقالت لهم: قد كان ذلك مرّةً ... لأمرٍ عصَيْنا في هواهُ النواهيا أردتُ بأن أُعطَى سناهُ وقد قضَى ... لغيري بهِ مَن كان بالحقِّ قاضيا وكم طالبٍ ما لا يُنالُ، وقاعدٍ ... سعادتُه تُبدي له السُّؤلَ دانيا وكم شاهدَتْ من آيةٍ أُمّةٌ به ... يَصيرُ بها جِيدُ الديانةِ حاليا رأتْ في معاليه مَرائيَ جَمّةً ... فصَدَّقتِ الآثارُ تلك المرائيا

وقيل لها: بُشراكِ فُزتِ بخيرِ مَن ... يُرى فوقَ أكنافِ البسيطةِ ماشيا وحَفّت به الأملاكُ في حينِ وضعِهِ ... بليلةِ إفضالِ تَزِينُ اللياليا وبشَّرَ رضوانُ الجِنانِ بخلقِهِ ... ففتَّحَ جنّاتِ النَّعيم الثمانيا ونادى منادي العزِّ: طُوفوا بأحمدٍ ... جهاتِ الدّنا طُرَّا وعُمّوا النَّواحِيا بَدَا واضعًا كفَّيْهِ بالأرضِ رافعًا ... لعينيهِ نحوَ الأفْقِ بالطرفِ ساميا وأعْوَلَ إبليسُ اللَّعينُ وقال: قد ... يئستُ وقِدْمًا كنتُ للكفرِ راجيا وسار إلى صنعاءَ شَيْبةُ جَدُّهُ ... فحَلَّ محلًّا للوِفادةِ قاضيا وحَيَّا بغمدانَ ابنُ ذي يَزَنٍ بها ... وهنَّأهُ بالمُلكِ إذ عاد واليا فقرَّبَهُ دونَ الوفودِ وخصَّهُ ... ليسمعَ قولًا في الرسالةِ شافيا وقال لهُ: إنّا وجَدْنا بكُتْبِنا ... نبيًّا يُرى من نحوِ أرضِك آتيا يموتُ أبوهُ ثم تهلِكُ أُمُّهُ ... ويكفُلُه بعضُ العمومةِ حانيا وقال له: والبيتِ ذي الحُجْب زارَهُ ... وفودُ الوَرى جابوا إليه الفَيافِيا لَأنت على ما يقتضي الوعدُ جَدُّهُ ... فشيِّدْ به للمجدِ ما كنتَ بانيا وقال له: احفَظْ ما أقولُ فإنهُ ... سيملِكُ أرضي إذ رأى المُلكَ واهيا وقولُ هِرَقْلِ إذ أظلَّ زمانُهُ ... فقال: أرى مُلكَ الخَتانِ مُوافيا وطالَعَ فيه مصحفَ الأُفْق ناظِرًا ... كما زَعَموهُ يستشيرُ الدَّراريا فلم تَنقَضِ الأيامُ حتى أتَى لهُ ... كتابُ رسُول الله للحقِّ داعيا فباحَثَ عنه أهلَ مكةَ سائلًا ... وكان بأوصافِ النبيئينَ داريا ولبَّى الهُدى لمّا دَعَاهُ جَمالُهُ ... وهام قليلًا ثم أُلفيَ ساليا ووِرْدُ الرِّضا لا يَهتدي لسبيلِهِ ... فيَروَى به مَن كان في البَدءِ صاديا

وإيوانُ كسرى ارتجَّ ليلةَ وضعِهِ ... وباتَ عليه قَصرُه مُتداعيا وزاد برؤيا الموبَذانِ ارتياعُه ... فأذهَلَه أنْ يَستبينَ المَساعيا وفسَّرَها شِقٌّ وشَقَّ غُبارَهُ ... سَطِيحٌ بسَجْع قَصَّ ما كان رائيا فنَصّا على إرسالِ أْحمدَ مثبِتًا ... لدِين الهُدى بالرغم للكفرِ ماحيا وأُخْمِدتِ النيرانُ نيرانُ فارسٍ ... وكانت تَلظَّى ألفَ عامٍ تواليا وحُمِّل ذاك الحُلمُ حُجْرَ حليمةٍ ... لتُرضِعَه درَّ الفضائلِ صافيا أبَي حَمْلَه النِّسوانُ لليُتْم وانْبَرَتْ ... له فرأَتْ من حينِها الرزقَ ناميا فحازَتْ به السَّبْق الأتانُ كرامةً ... وأخصَبَ مرعاها ففاق المراعيا وشارَفَها إذ لا تَبِضُّ بقطرةٍ ... فصارت به ثَجًّا تُروِّي الصَّواديا وفي حيِّها وافاهُ جبريلُ قاصدًا ... وأقبَلَ ميكائيلُ بالأمرِ تاليا فشَقّا به صدرَ النبيِّ لشَرْحِهِ ... فكان لِما يُلقِي له اللهُ واعيا ورَدّاهُ في الحينِ التئامًا فما تَرى ... سوى أثرٍ ما زال للشَّرح باقيا وجاءا بمِنديل وطَسْتٍ ليَغسِلا ... بماءِ الرِّضا قلبًا عن الله راضيا وعاد أخوه فازعًا مُخبِرًا بما ... جَرى من مَخُوفٍ كان للأمر جاريا فسارَتْ به من حينِهِ نحوَ أُمِّهِ ... تخافُ عليه إن أقام العَواديا وما زال محروسًا أمينًا مؤمَّنًا ... سَبُوقًا صَدُوقًا ساميَ القدرِ عاليا حيِيًّا وفِيًّا خاشعًا متواضعًا .... كريمًا حليمًا يستفزُّ الرّواسيا وفي سَيْرِهِ للشام شامَ بقُربِهِ ... بُروقَ الهدى مَن لم يكنْ قطُّ رائيا أكَبَّ عليه في طريقِ مسيرِهِ ... إليها (بَحِيرا) للهدى مُتَراميا ولمّا رأى تلك العلاماتِ لم يزَلْ ... لِما وافَقَ الكُتْبَ القديمةَ باكيا

وكانت به من غلّةِ الشّوقِ علّةٌ ... فساقَ له اللهُ الطبيبَ المداويا وقصّتُه في ذي المَجاز وعمِّه ... به ظمَأٌ قد صيَّرَ الصّبرَ فانيا فأهوى ولا ماءٌ إلى الأرض راكضًا ... ففجَّر ينبوعًا من الماءِ جاريا وكم بان من يُسرٍ لميسرةٍ به ... يَرُدُّ أخا سُكرِ الغواية صاحيا فكان إذا اشتدَّ الهَجِيرُ أظَلَّهُ ... غَمامٌ عليه لا يزالُ مُماشِيا وأخبَرَه نِسطُورُ بُصرى ببَعْثِهِ ... فأظهَرَ من غيبِ الرسالةِ خافيا وبُغِّضت الأصنامُ للمصطفى فلم ... يزَلْ هاجرًا فعلَ الضّلالةِ قاليا وكان يَرى ضَوْءًا يَلُوحُ لوجهِهِ ... ويسمَعُ تسليمًا عليه محُاذِيا ويأتي حِراءً للتحنُّثِ قاصدًا ... محبًّا لأسبابِ الوِصالِ مُراعيا وَيخرُجُ من بينِ البيوتِ لعلّهُ ... يحدِّثُ عنه النفْسَ في السرِّ خاليا وكان رآه اللهُ أكرمَ خَلْقِهِ ... فأرسلَهُ بالحقِّ للخَلْقِ هاديا وأسرى به ليلًا إلى حضرةِ العُلا ... فما زال فيها للحبيبِ مُناجيا وسار على ظهرِ البُراقِ كرامةً ... له راكبًا إذ سار جِبريلُ ماشِيا ولمّا أتا الوحيُ وارتاع قلبُهُ ... لشدّةِ ما قد كان منهُ مُلاقيا فسارَتْ به عَمْدًا خديجةُ زوجُهُ ... لتسألَ حَبْرًا بالزِّمانةِ فانيا وكان امرءًا قد مارَسَ الكُتْبَ قارئًا ... وبات لضِيفانِ المعارفِ قاريا فبَشَّرَه أنْ سوف يطلُعُ صُبحُهُ ... فيكشِفُ من ليل الغوايةِ داجيا وقال له: يا ليتَني كنتُ حاضرًا ... بها جَذِعًا أُوليكَ نفْسي وماليا ووقتُك إنْ يُدرِكْ زمانيَ يومُهُ ... ومَن لي به أنصُرْك نَصْرًا مُواليا وآيتُهُ في الغارِ إذ نَزلا بهِ ... وكان له الصِّدِّيقُ بالصِّدقِ ثانيا

وقد أرسَلَ اللهُ الحَمامَ لبابِهِ ... وقارَنَه بالعنكبوتِ مُضاهيا فباضَ على الفَوْر الحَمامُ وشَيَّدت ... من النَّسج أيدي العنكبوتِ مَبانيا فدافَعَ عن صِدِّيقِه ورسولِهِ ... بأضعفِ أسبابِ الوجودِ مقاويا وكم آيةٍ خَصَّت سُراقةَ إذ مشَى ... على أثرِ المختارِ للغارِ قافيا فشاهَدَ آثارًا من الخَسْفِ كاد أنْ ... يكونَ لقارونَ السَّفاهِ مؤاخيا ولمّا دعا بالهاشميِّ أجارَهُ ... فأبصَرَه في الحِين من ذاك ناجيا وأصحَبَه منه ظَهيرًا (¬1) مُكرَّمًا ... بخطِّ أبي بكرٍ يُخيفُ الدّواهيا وأخبَرَه أنْ سوفَ يفتحُ أمرُهُ ... مدائنَ كسرى والبلادَ الأقاصيا ويُجعَلُ في كفَّيْهِ من بعدِ فَتْحِهِ ... سِواراهُ مما يُحرِزُ الدِّينَ ساميا فأنجَزَها الفاروقُ في حينِ فَتْحِها ... له عِدَةً الصِّدق فيها مُباهيا وآياتُهُ في خَيْمتَيْ أُمِّ معبَدٍ ... وفي الشاةِ إذ لم تَبْقَ تصحَبُ راعيا وفي الذئبِ إذ أقعَى وأخبَرَ مُفصحًا ... عن المصطفى والذئبُ ما زال عاوِيا وفي الضَّبِّ لمّا أنْ دعاهُ أجابَهُ ... وقال له: لبَّيْكَ لبَّيْكَ داعيا وآيتُهُ إذ فارَقَ الجِذعَ فضْلُهُ ... فحَنَّ إليه الجِذعُ في الحالِ شاكيا وإنّ انشقاقَ البدرِ أعظمُ آيةٍ ... تَرُدُّ على من كان للدِّين زاريا وفي الجَمَل الآتي بحضرةِ صَحْبِهِ ... ليشكوَ تكليفَ المشقّةِ راغيا وقصّتُه في المَحْلِ لمّا دعا لهمْ ... فأبصَرْتَ سُحْبًا كالجبالِ هَواميا وسال بها وادي قناةٍ (¬2) لأجْلِهِ ... ثلاثينَ يومًا لم يزَلْ متواليا ¬

_ (¬1) الظهير في الاصطلاح المغربي الأندلسي: الصك. يشير إلى الكتاب الذي أعطاه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لسراقة. (¬2) وادي قناة: واد بالمدينة المنورة، وفي الحديث أنه سال شهرًا ولم يأت أحد من ناحيته إلا حدث بالجود.

وفي قصّة الزَّوْراءِ للخَلْقِ اَيةٌ ... وذِكرى لعبدٍ كان للذكْرِ ناسيا دعا بإناءٍ ليس يَنقَعُ ماؤه ... لقلَّتِه بالرّي من كان صاديا ففاضَ نَمِيرُ الماءِ بينَ بَنانِهِ ... وكان وَضوءًا للكتيبةِ كافيا ورِكوتُهُ يومَ الحُدَيْبِيَةِ التي ... أفاض بها اللهُ البنَانَ سواقيا وإشباعُهُ الجَمَّ الغفيرَ بقبضةٍ ... من التّمرِ حتى شاهدوا التمرَ باقيا وإخبارُه بالشيءِ من قبلِ كونِهِ ... فيأتي على النصِّ الذي قال حاكيا فأخبَرَ ذا النّورَيْنِ أنْ ستصيبُهُ ... على الأمر بلْوى تُعقِبُ الأجرَ وافيا فأخبَرَ عمارًا بأنّ حياتَهُ ... سيقطَعُها بالقتلِ من كان باغيا وقال لذي السِّبطَيْنِ أشقَى الورى الذي ... يُخضِّبُها من هامةِ الرأس عاصيا يُصادفُ نورَ الشَّيبِ أبيضَ ناصعًا ... فيسقيهِ صوْبَ الحَتْف أحمرَ قانيا ونَصَّ على السِّبطِ الشهيدِ بِكَرْبَلا ... فقام له الدِّينُ الحنيفيُّ ناعيا وفي الحَسَن الزاكي أبان بأنهُ ... سيُصلح بينَ الناس للأجرِ ناويا وقال لقوم: إنّ آخرَكمْ بها ... مَماتًا سيَصْلَى جاحمَ الجمرِ حاميا وقال: إذا ما مات كسرى فما تَرى ... سَمِيًّا له أخرى اللّيالي مُساميا وأخبَرَ عن موتِ النَّجاشيِّ حينَهُ ... وبينَهما بحرٌ من الموج طاميا وقال على قُرب الحِمام لبنتِهِ: ... تمَوتينَ بَعْدي فافرَحي بلقائيا وآياتُهُ جَلَّت عن العدِّ كثرةً ... فما تبلُغُ الأقوالُ منها تناهيا وأعظمُها الوَحْيُ الذي خَصَّه بهِ ... فبَلَّغَ عنه آمرًا فيه ناهيا تحَدَّى به أهلَ البيانِ بأسرِهمْ ... فكلُّهمُ ألفاه بالعجزِ وانيا وجاء به وحيًا صَريحًا يزيدُهُ ... مرورُ اللّيالي جِدّةً وتعاليا

تضمَّن أحكامَ الوجودِ بأسرِها ... وعَمَّ القضايا مثبِتًا فيه نافيا وأخبَرَ عمّا كان أو هُوَ كائنٌ ... يُرى ماضيًا أو ما يُرى بعدُ آتيا ووافَقَ أخبارَ النبيِّينَ كلِّهمْ ... وتمَّم بالغاياتِ منها المَباديا وما كتَبَتْ يُمناهُ قطُّ صحيفةً ... ولا ريءَ يومًا للصّحائفِ تاليا عليه سلامُ الله لازال رائحًا ... عليه مدى الأيام منّا وغاديا وهذه وثيقةٌ أنشَأَها في بَيْع قلبِه من ربِّه أثبتُّها عَقِبَ هذه القصائدِ الفرائد لأشفَعَ منظومَه بمنثورِه، وأشيرَ بأنّ الصادرَ عنه في الفنَّيْنِ من أفضلِ محفوظِ الكلام ومأثورِه، وهي هذه: يقولُ العبدُ الذي اعتَرَف، بما اقتَرَف، لمَوْلاه، وأقَرَّ له بما أضاعَه، لا بما أطاعَه، على ما منَحَه من النِّعَم وأَوْلاه، المَيْمونُ بنُ عليِّ بن عبدِ الخالق الخَطّابيُّ جَبَرَ اللهُ بالتّقوى كسرَه، وفكَّ من حبائلِ الدّنيا أسرَه: لم أزَلْ مدّةَ أيام، بل عِدّةَ أعوام، أُخاللُ كلَّ مُخِلٍّ بديني، وأستظلُّ من إطالةِ البِطالة بكلِّ ظلٍّ مضلٍّ يُرديني، وأُخالفُ كلَّ صالح مُصلح، وأحالفُ كلَّ طالح غيير مُفلح، وأجُرُّ أذيالَ المجونِ على أرضِ الراحة، وأطلقُ عِنانَ مُهْرِ الغفلة في ميدانِ النّسيانِ فيطيلُ جِمَاحَه ومَراحَه، راكبًا مطايا التسويفِ دون إهمال، مستوطئًا فُرُشَ الكسَلِ والانهماكِ في الشّهَواتِ والانهمال، مستوطنًا رَبْعَ التّصابي بقلّةِ الأعمالِ وكرةِ الآمال، سالكًا سبيلَ الهَزْلِ وطريقَه، تاركًا قَبِيلَ الجِدِّ وفريقَه، لا أَثْني عِناني إلى ما يَعْنيني، ولا أزالُ أعاني ما يُعَنِّيني، ولطائفُ الله عَزَّ وجَلّ التي يَضيقُ عن حَمْدِ أصغرِها الأمكنةُ الفسيحة، ولا تُطيقُ بلوغَ شُكرِها الألسنةُ الفصيحة، صافيةُ الورود، ضافيةُ البُرود، قد طَنَّبت عليَّ قِبابَها ورُواقَها، وخَلَعت بعُنُقي ثيابَها وأطواقَها، واطّردتْ بمياه النِّعمة مَذانبُها وأنهارُها، وتساوَى في القدوم بالكرم ليلُها ونهارُها، وأنا معَ ذلك لا أزيدُ إلّا غَفْلةً عن القَصْدِ السَّنِيِّ وسهوًا، ولا أستزيدُ إلا اشتغالًا عن المقصودِ السُّنِّيِّ ولهوًا، إلى أن أجرى اللهُ عادةَ إحسانِه وجُودِه، وأرادتِ

الإرادةُ السائقةُ السابقةُ إخراجَ العبدِ المذكورِ من عَدَم الغفلةِ إلى ظهورِ الإلهام ووجُودِه، فسَّلَطَ رَعْدَ الخَوْف على سحائبِ سمائي فكشَفَها وجلاها، وحَلَّ بساحةِ أرضِها سُكْرُ السُّلوِّ فسَكِرَ بها عن سواه وجَلّاها، وقلَّد أجيادَ فِكْرِه بقلائدِ حَمْدِهِ وشُكرِه وحَلّاها، وسَلَّ من سُوَيْداءِ قلبِه محبّةَ غيرِه فنزَّهَها عنه وسَلّاها، فلاحَ إصباحُ النجاح، وآذَنَ ليلُ الغفلةِ بالصَّباح، ونادى منادي الوَصْلة بمنارِ العُزلة: حيَّ على الفلاح، وصاحَ كالئُ صبح النُّجح بالسَّفَر المُعرِّسينَ: شُدُّوا المَطِيَّ فقد سال نهرُ النهار، ومال جُرفُ اللّيلِ وانهار، وانفَجَرَ عَمُودُ الفجر بنُورِه الوَضّاح، فلاح، فأفاق العبدُ المذكورُ من نوم الرُّكون إلى السكونِ والكرى، وشَمَّر للسَّيرِ ذيولَه، وضمَّر للسَّبْقِ خيولَه، إذ سَمِع: عندَ الصباح يَحمَدُ القومُ السُّرى. ثم كتَبَ العبدُ المذكورُ عَقْدًا، وعَهِدَ معَ المولى الجليل عهدًا، وهُو على خوفٍ ووَجَل، من المولى عَزَّ وجَلّ، يسألُه إدراكَ ما أمَّلَه، والوصولَ إلى ما أَمَّ له، ويتبرَّأُ من حولِه وقوّتِه إليه، ويتوكَّلُ في جميع أمورِه عليه، ويقفُ بقَدَم النَّدم بين يدَيْه، معترفًا بما كان له مُقترفًا، وراجيًا أن يكونَ من بحرِ الإحسان لدُرَرِ الامتنان مغترفًا، والعَقْدُ المذكور: هذا ما اشتَرى المَوْلى اللّطيفُ الجَليل، من العبدِ الضَّعيفِ الذَّليل، المَيْمونِ بن عليّ، اشتَرى منه في صَفْقةٍ واحدة دونَ استبقاءٍ ولا تبعيض، ولا استثناءٍ بتصريح ولا تعريض، جميعَ المنزِل المعروفِ بمنزلِ القلبِ والفؤاد، الذي مِن سُكّانِه المحبَّةُ والإخلاصُ والوِداد، حَدُّه من القِبلة قَبُولُ الأوامرِ المطاعة، ومن الشّرقِ لزومُ السَّمع والطاعة، ومن الجَوْفِ الإقبالُ على ما عليه أهلُ السُّنّةِ والجماعة، ومن الغَرْب دوامُ المُراقبة في كلِّ وقتٍ وساعة، بكلِّ ما يَخُصُّ هذا المَبِيعَ المذكورَ وَيعُمُّه، وينثهي إليه كلُّ حدٍّ من حدودِه ويضُمُّه، من داخِل الحقوق وخارجِها، ومداخِلِ المنافع ومخَارجِها، وبكلِّ ما لهُ من الآلاتِ التابعة لهُ في التصريف، والحواسِّ الجاريةِ معَه في حالتَي الإضاعةِ والتشريف، السالكةِ مَسْلكَهُ في التنكيرِ والتعريف، من يدَيْنِ ورِجْلَيْن، ولسانٍ وشَفَتْين، وعَيْنيْنِ وأُذُنيْن،

اشتراءً صحيحًا تامًّا شائعًا في جميع المَبِيع المذكور، وعامًّا ثبتَتْ قواعدُه، وظهَرَت بالتسليم الصّحيح شواهدُه، بلا شَرْطٍ ولا ثنيّا ولا خِيَار، ولا بقيّا معَ حظِّ نفسٍ ولا اختيار، بثمن رُتبتُه العنايةُ الرَّبّانيّة، وقسمتُه المشيئةُ الإلهيّة، بين عاجلٍ وآجِل، فالعاجلُ: العَوْنُ على كلِّ مندوبٍ ومفترَض، والصَّونُ عن كلِّ غَرَض وعَرَض، والثناءُ على النِّعم الظاهرةِ والباطنة، وإهداءُ الآلاءِ المتحرِّكةِ والساكنة، والآجِلُ: الفوزُ بالدارِ القُدُسيّة، والحَضرة الأُنْسيّة، التي فيها ما امتَدَّ به جَناحُ التواتر بالخَبَر الصّادقِ وانتشَر، ما لا عينٌ رأتْ ولا أُذُنٌ سمِعَتْ ولا خَطَرَ على قلبِ بشَر، من النَّعيم المُقيم السَّرمَديّ، والحُبورِ الدائم الأبديّ. سَلَّمَ العبدُ المذكورُ هذا المَبِيعَ المذكورَ تسليمًا تبرَّأَ به من المَلَكة، ورفَعَ به يدَ الاعتراضِ عن ما يفعلُ الولى الجليلُ فيما تمَلَّكَه، وأيقَنَ أنه المتصرِّفُ فيه في سرِّه وجَهْرِه، وعَلِم أن المُلكَ المذكورَ تحتَ يدِ عزّتِه وقهرِه، تجري فيه أحكامُه القاهرة، وتنفُذُ فيه قضاياهُ الباهرة، وتُحيطُ به قُدرتُه الظاهرة، وقد أحاط المَوْلى الجليلُ بهذا المَبِيع المذكور إحاطةَ ظهور، ولم يَخْفَ عليه شيءٌ من قليلِه وكثيرِه، وجليله وحقيره، ومَبانيه ومَساكنِه، ومتحرِّكِه وساكنِه، إلا اطّلعَ عليها اطّلاعَ عليمٍ قدير، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]. ولمّا سَلَّم العبدُ المذكورَ المَبِيعَ المذكورَ وأمضاه، واستَسلَمَ لمَوْلاهُ فيما حَكَمَ به وقَضَاه، تفضَّلَ عليه مَوْلاه، وغمَرَه بجُودِه العميم وأوْلاه، وجعَلَ له السُّكنَى بهذا المنزلِ المذكور مدّةَ حياتِه، والإقامةَ فيه إلى حينِ مَماتِه وإتيانِ وفاتِه؛ إذ يستحيلُ على المَوْلى الجليلِ الحلولُ في شيّ أو السكون إلى شيّ، وهو مُوجِدُ كلِّ شيّ، وخالقُ كلِّ ميِّتٍ وحَيّ، ومُريدُ كلِّ رُشدٍ وغَيّ، ومُقدِّرُ كلِّ نَشْرٍ وطَيّ، وأيضًا فبالمولى تعالى قيامُ جميع العَبِيد، وعلى قَدْرِه غِناهم وفَقرُهم لأنهُ الفَعّالُ لِما يُريد، وهُو يُيسِّرُهم لليُسرى والعُسرى فمنهم شَقِيٌّ وسَعِيد، وله الغِنَى عن كلِّ شيءٍ واللهُ هو الغنيُّ الحميد.

وقد أمَرَ المولى الجَليلُ هذا العبدَ بخدمةِ هذا المنزِل المذكور خِدمةَ التقرُّبِ إليه، وجعَلَ له التصرُّفَ فيه لقَبُول أمرِه للفَوْزِ بما لدَيْه، وبهذا المنزلِ المذكور بَساتينُ تسَمَّى بساتينَ الإخلاص، وجنّاتٌ تُعرَفُ بجنّاتِ حضْرةِ القلبِ المعروف بمحلِّ الاستخلاص. التَزَمَ العبدُ المذكورُ تسهيلَ أرضِها من شَوْكِ الشِّركِ والارتياب، وتذليلَها من حَجَرِ العُجبِ والاضطراب، في حالتَي الحضورِ والغياب، وتنقيتَها من أعشاب الحسَدِ والحِقد والكِبْر، وزَوالَ ما فيها من عوارضِ الغِشِّ والخَديعةِ والمَكر، وأن يَقطعَ منها كلَّ عُودٍ لا منفعةَ فيه بحديدِ الفِكْر، مثلَ عُودِ الحِرص والطَّمَع، وَيغرِسَ مكانَه شجرَ الزُّهد والوَرَع، ويقلِّمَ أغصانَ المَيْل إلى الأدرانِ والأقذار، وأفنانِ الركونِ إلى الأغيار والأكدار، وقُضبانِ السُّكونِ إلى الشّهَواتِ والأوطار، ويفتحَ أبوابَ البَذْلِ والإيثار، بمفاتيح الجُودِ الحميدِ المساعي والآثار، ويُطلقَ ينابيعَ التوكُّل على مُصرِّفِ الأقدار، وأن يَخدُم ما توعَّر من سواقي مياهِها الإخلاصيّة وحِيَاضِها، ويُمشيَ بالمَصْلحة المُصلحة لدوحتِها وغِيَاضِها، وَيفجُرَ بها مياهَ الصّفاءِ من الأكدار، المتّصلةَ بساقيةِ الوفاءِ في الإيرادِ والإصدار، والمُلاصقةَ بساقيةِ تَرْك الجَفافِ في هذه الدار، حتى يبدوَ إن شاء اللهُ صَلاحُها، ويَكثُرَ ببركةِ الله إصلاحُها، وتهُبَّ بقَبُولِ القَبُول أرواحُها، وتُثمرَ بجَنْي المُنى أدواحُها، فتُنبتَ قَرَنْفُلَ التنفُّل، وعودَ التبتُّل، وآسَ الأُنس والسَّوسان، وياسَمينَ اليأسِ من كلِّ إنسان، ونُعمانَ النِّعمة التي لا يَصِفُها لسان. وقد عَلِمَ العبدُ المذكور أنّ بخارج هذا المنزلِ المذكور حَرَسَ اللهُ إيمانَه، وأدام أمانَه، جيشًا نَفْسِيًّا يُغيرُ عليه في مسائه وصَباحِه، وَينتهزُ فيه الفرصةَ في غُدوِّه ورواحِه، ويقطَعُ جادّةَ السبيل، بالمرور عليها بلا مسافةٍ إلى حضرةِ الملِك الجليل، وملِكُ هذا الجيشِ المذكور النفْسُ الكثيرةُ الأغراض، الميّالةُ إلى ما يَعرِضُ من الأعراض، المعتكفةُ على المآرب المُهلِكة والأعراض، وخادمُ الملِك المذكور الشَهوةُ الموقوفةُ على خدمتِه، المَعدودةُ في أعلى حُرمتِه، ووزيرُه المُفاخَرة،

وزِمامُه المُنافسةُ في زَهرةِ الدنيا وحاجبُهُ المُكاثَرة، وقيِّم جيشِه المقدَّم، وفارسُهُ الأقدم، شجاعُ الغَضَب، الذي عندَه يتولَّد الهلاكُ وبه يكونُ العَطَب. فطلَبَ العبدُ المذكورُ من مولاهُ الإمدادَ بعساكرِ العَزْم، وفوارس الحَزْم، ورَغِبَ في الإعانة بكتائبِ السَّدادِ والتوفيق، ومواكبِ الرُّشدِ والتحقيق، وإرسالَ جُيوش الاصطبار، وفوارسَ الانتصار، والتدرُّعَ بدروعِ الأذكار، وجَوَلانَ خَيْلِ السّعادة في ميادينِ الاختيار، والعَوْنَ بإعلام العِلم، والسكونِ في حِصْن الحِلم، حتى يُذهِبَ حِدّةَ النفْس ويُزيلَ كيْدَها، ويُميتَها في المجاهدة، بسيوفِ المجالدة، وَيقطعَ قوّتَها وأيْدَها، أو يمُدَّ يدَ التسليم بقَهْرِها واضطرارِها، ويَنطِقَ بلسانِ اعترافِها وإقرارِها، أنها أَسقطَت جُملةَ دَعْواها واختيارها، ودخَلَت تحتَ امتثالِ الأوامرِ الربّانيّة مسلّمةً لأقدارِها، والعبدُ يرغَبَ [إلى] مَوْلاه رغبةَ خاشع، ويسألُه سؤالَ فقيرٍ إلى رحمتِه خاضع، في تجميل جُودِه وكمالِه، وتحسينِ وَجْهِ علمِه وعَمَلِه بالإخلاص وجَمالِه، وبُلوغِه في الدّارَيْن غايةَ آمالِه، ويستغفرُ استغفارَ آمل بحُسن الرجاءِ عاملٍ ومعامَل، أنه إن لحِقَتْه العنايةُ الربّانيّة ودخَلَ من بابِ اللطيفِ في حَرَم كرم الإلهيّة، قَهَرَ الظهورُ لذلك نفْسَه، وأظهَرَ الحضورُ أُنسَه، حتى تتطهّرَ النفْسُ المذكورةُ من الأخلاق العَرَضيّة، وتتَرقَّى عن الأغيارِ الأرضيّة، وتظهَرَ عليها الشمائلُ الحميدةُ والأخلاقُ الرَّضِيّة، وتنادي: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} [الفجر: 27 - 28]. شَهِدَ على إشهادِ البائع المذكور مَن أشهَدَه به على نفسِه عارفًا بقَدْرِه، في صحّتِه وطَوْعِه وجوازِ أمرِه. وصَلّى اللهُ على سيّدِنا محمد وعلى آلِه وسلَّم تسليمًا. وقَطَعَ مُددًا من عمُرِه في الارتسام بامتداح ملوكِ عصرِه، فكان يأتي في ذلك بما لم يُسمَعْ ذكْرُه ولا يُطمَعْ في لَحاقِه، سُرعةَ ارتجال، وحُسنَ افتنان، وبراعةَ إنشاء، له في ذلك أخبارٌ طريفة. ووَليَ بأخَرةٍ حِسبةَ السُّوق (¬1) في مَرّاكُش، ¬

_ (¬1) من الشعراء الذين أسندت إليهم حسبة الطعام أو ما يشبهها: يحيى الغزال وعزوز الملزوزي في المغرب وابن حجاج في المشرق.

186 - ميمون بن علي بن عيسى بن عمران بن دافال المكناسي الوردميشي المراكشي، أبو محمد

وتوجَّه صُحبةَ الرّشيد من بني عبد المؤمن إلى سَلَا فأدركتْه منيّتُه بها صدرَ سنةِ سبع وثلاثينَ وست مئة (¬1). 186 - مَيْمونُ (¬2) بن عليِّ بن عيسى بن عِمران بن دافَالَ المِكْناسيُّ الوَرْدميشيُّ المَرّاكُشيُّ، أبو محمد. تفَقَّه بطائفةٍ من أهلِ بلدِه وغيرِهم، وكان فقيهًا حافظًا فاضلًا، واستُقضيَ بمالَقةَ والمَرِيّة فحُمِدت سِيرَهُ وشُكِرت أحوالُه. 187 - مَيْمونُ (¬3) بن محمد بن عبّاس، تاهَرْتيٌّ، مَسِيليُّ الأصل، أبو وكيل. رَوى بإشبيلِيَةَ عن أبي الحُسَين بن زَرْقون. 188 - مَيْمونُ (¬4) بن ياسِين اللَّمْتُونيُّ، حَليفُ بني محمد: إحدى قبائل لَمَتُونةَ، مَرّاكُشيٌّ، سَكنَ المَرِيّةَ قديمًا ثم إشبيلِيَةَ بأخَرة، [أبو عُمرَ. رَحَلَ إلى المشرق] وحَجَّ وأخَذَ بمكّةَ شرَّفَها اللهُ عن أبي عبد الله الطَّبَريّ، وممّا أخَذَ عنه: "صحيحُ مسلم" بقراءةِ محمد بن هبة الله (بن مَمِيل) الدِّمشقيِّ في مجالسَ بتاريخ ثلاثٍ بقينَ من شوّالِ سبع وتسعينَ وأربع مئة (في نُسخة سفريّة) عِدّةُ ورَقها مئةُ ورقة وثلاثٌ وسبعونَ ورقةً، (في كلِّ صفح) منها خمسونَ سطرًا بخطِّ المُتقِن البارع أبي عبد الله مالكِ بن يحيى بن أحمدَ بن وُهَيْب (¬5)، وباقتراح أبي عُمرَ المذكور نَسَخَها كذلك عليه في نُسخةٍ أصغرَ منها قصَدَ بها تخفيفَ محمَلِها للرِّحلةِ والإغرابِ بها، وإنها لَمِن أغرب ما رأيتُ من نُسَخ "صحيح مسلم" وأشرفِه، وممّن سَمع بهذه القراءة أبو مَرْوانَ عبدُ الملِك بن عبد الجَبّار بن ¬

_ (¬1) يعرف قبره اليوم بسيدي الخباز عند الباب المعروف بهذا الاسم. (¬2) تقدمت ترجمة والده وأعمامه. (¬3) ترجمته ومصادرها في برنامج الرعيني رقم (11). (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (1851)، وابن الزبير في صلة الصلة 3/الترجمة (102)، والذهبي في المستملح (369) وتاريخ الإسلام 11/ 516، والمراكشي في الإعلام 7/ 308. (¬5) ترجمته في الصلة البشكوالية (1365)، وتاريخ الإسلام 11/ 436.

ذي القَرْنَيْن الأندَلُسيُّ (¬1) في آخَرينَ، وابتاعَ أبو عُمرَ أيضًا هناك نُسخةً أخرى مَشْرِقيّةَ الخَطّ من "صحيح مسلم" مجَزّأةً تسعةً وعشرينَ جُزءًا تجمَعُها ستةُ مجلَّدات، سَمِعَ فيها أيضًا على الطَّبري، وقَفْتُ عليها، ورَوى هنالك أيضًا عن أبي عبد الله محمد بن أحمدَ الأندَلُسيِّ (¬2) المُجاوِر مكّةَ شرَّفَها الله، وأخَذَ عنه اختصارَه "تفسيرَ الطَّبريّ"، وعن محمدِ بن موسى بن الفَرَج الدَّربندي وتناوَلَ منه "تُحفةَ الأصحاب في شَرْح الشِّهاب" من جَمْعِه، وعن أبي مكتوم عيسى بن أبي ذرّ الهَرَويّ، واستَقْدَمَه من مسكَنِه سَراةِ بني شَبابةَ إلى مكّة شرَّفَها الله، وابتاعَ منه أصلَ أبيه بخطِّه من "صحيح البخاريِّ" الذي سَمع فيه على شيوخِه بمالٍ جَسِيم وسَمِعَه عليه في أشهُرٍ عِدّة (¬3)، وقد وقَفْتُ على أسفارٍ ثلاثةٍ منه وهو تجزِئةُ سبعةِ أسفار. ثم قَفَلَ إلى المغرِب وأسمَعَ الحديثَ بمَرّاكُشَ وتاسقيموتَ (¬4) وغيرِهما. ¬

_ (¬1) ترجمته في السفر الخامس (51). (¬2) ترجمته في السفر السادس (193) "روى عنه أبو عمر ميمون بن ياسين اللمتوني". (¬3) روى الإمام الذهبي في ترجمة عيسى بن أبي ذر الهروي (ت 497 هـ) عن شيخه عبد المؤمن الدمياطي، قال: "قرأتُ على ابن رواج: أخبركم السلفي، قال: اجتمعنا أنا وأبو مكتوم بن أبي ذر في عرفات سنة سبع وتسعين لما حججتُ مع والدي، فقال لي الإمام أبو بكر محمد ابن السمعاني: اذهب بنا إليه نقرأ عليه شيئًا، فقلت: هذا الموضع موضع عبادة وإذا دخلنا إلى مكة نسمع عليه، ونجعله من شيوخ الحرم، فاستصوب ذلك. وقد كان ميمون بن ياسين الصنهاجي من أمراء المرابطين رغب في السماع منه بمكة، واستقدمه من سراة بني شبابة واشترى منه صحيح البخاري أصل أبيه الذي سمعه منه بحملة كبيرة وسمعه عليه في عدة أشهر قبل وصول الحجيج، فلما حج ورجع من عرفات إلى مكة رحل إلى السراة مع النَّفْر الأول من أهل اليمن" (تاريخ الإسلام 10/ 795)، ونقل هذا الكلام التقي الفاسي في العقد الثمين 6/ 462 عن الذهبي، وكلام السلفي هذا في كتابه "الوجيز في ذكر المجاز والمجيز" ص 124 (بتحقيق صديقنا الدكتور محمد خير البقاعي، دار الغرب 1991 م)، ونقل شيئًا منه أيضًا ابن الأبار في التكملة. (¬4) حصن بناه ميمون بن ياسين المترجم لمدافعة الموحدين ويقع جنوب مراكش في قيادة آيت ورير، وقد تغلب عليه الموحدون وقلعوا أبوابه وجعلوها على باب الفخارين في تنميل سنة 526 هـ وما تزال تاسقيموت معروفة وأطلالها موجودة (انظر أخبار المهدي: 41، 45 ونظم الجمان: 15، 85، 192 وهسبريس 1927).

189 - نصر بن أبي الفرج، صقلي، أبو الفتوح

رَوى عنه بَنُوه: أبو إسحاقَ وأبو جعفر، وأبو الحَجّاج، وأبو حَفْص، وأبو زكريّا، وأبَوا عبدِ الله، وأبو عِمران، وأبو موسى عيسى، وعليٌّ، ووكيلٌ (¬1)، وأبَوا إسحاق: ابنُ حُبَيْش وابن فَرْقَد، وآباءُ بكر: حُسَين بن عبد العزيز الأَشْبُونيُّ، والمحمَّدونَ أبناءُ الأحمدِينَ: ابن سَعادة وابن صاحب الصّلاة وابن أصبَغ وابن خَيْر وابن عبد الله الدَّرّاق ابن يوسُفَ الحاجّ، وأبَوا الحَجّاج: ابنُ الجِذعِ وابن مَسْرور، وآباءُ الحَسَن: الإدرِيسانِ: ابنُ سُليمان وابن موسى وسُليمانُ بن خَلَف بن سُليمان وعبدُ الرحمن بن محمد بن مَسْلَمةَ، والعَلِيُّونَ: ابنُ أحمدَ بن عبد الملِك وابنُ محمد بن عِمران وابن نَجبَةَ، وعُمَرُ بن عُمرَ بن أحمدَ بن نَجبَة وعيسى بنُ حَبِيب، والمُفرِّجان: ابن سَعادة. . .، وأبو الحَسَن سُليمان بن أبي زَيْد عبد الرّحمن بن سُليمان المُهْريّ. . . عبد الرّحمن بن شُهَيْد،. . . وآباءُ عبد الله ابنا الأحمدَيْنِ: القَيْسيُّ. . . وابنُ يحيى ابن وُهَيْب، وآباءُ العبّاس: ابنُ عبد الرّحمن ابن الصَّقْر، وابن. . . أبي طورنيةَ وابن حَكَم، وأبو عليّ الأميرُ منصُورُ بن محمد ابن الحاجِّ داودَ اللَّمْتُونيُّ، وأبو الفَضْل مبارَكٌ مَوْلى الزِّيَاديّ، وأبو القاسم ابن بَشْكُوال، وعُبَيدُ الله. . .، وآاءُ محمد: ابنُ أحمد ابن مَوْجُوال وابنُ إبراهيمَ اللَّوَاتيُّ وابنُ سُعود، [وأبَوا عليّ:] ابنُ سَعِيد بن الخَطّاب وابنُ سَهل. وكان من رؤساءِ قومِه وجِلّتِهم، محدِّثًا [راويةً] صَحيحَ السَّماع، ثقةً فيما يَرويه، فاضلًا مؤْثرًا سَمْحًا بما يملِكُه، حَسَنَ اللِّقاء، جميلَ العِشرة، كريمَ الأخلاق، جليلَ المقدار، معظَّمًا عندَ العامّة والخاصّة. توفِّي بإشبيلِيَةَ في ذي القَعْدة سنةَ ثلاثينَ وخممس مئة. 189 - نَصْرُ بن أبي الفَرَج، صِقِلِّيٌّ، أبو الفُتوح. رَوى بالأندَلُس عن أبي اللّيثِ نَصْرٍ الشّاشِيّ (¬2). ¬

_ (¬1) ترجم المؤلف في هذا السفر لبعض أولاد المترجم. انظر رقم (47) و (145) و (207). (¬2) هو نصر بن الحسن بن أبي الشاشي، دخل الأندلس تاجرًا سنة 463 هـ وصدر عنها في شوال سنة 466 هـ، وتوفي بأطرابلس الشام سنة 471 هـ (جذوة المقتبس، رقم 837، وصلة ابن بشكوال (1399) وفيها مصادر ترجمته).

190 - الوليد بن محمد بن يوسف بن عبيد الله بن عبد العزيز بن عمر بن عثمان بن محمد بن خالدبن عقبة بن أبي معيط القرشي

190 - الوليدَ (¬1) بن محمد بن يوسُفَ بن عُبَيد الله بن عبد العزيز بن عُمرَ بن عُثمانَ بن محمد بن خالِدبن عُقْبةَ بن أبي مُعَيْطٍ القُرَشيُّ. كذا رفَعَ ابنُ الأبّار هذا النّسَبَ وسَمَّى والدَ يوسُفَ: عُبَيدَ الله، ورفَعَه ابنُ حَزْم في "الجَماهر" (¬2): الوليدَ بنَ محمد بن يوسُف بن عُبَيد الله بن عبد العزيز بن خالِد بن عُثمانَ بن عبد العزيز بن خالد بن عُقْبةَ بن أبي مُعَيْط، وقد تقَدَّم في رَسْم العبّاس ابنِه ما عندَ الفَرَضيِّ في رَفْع هذا النسَب (¬3). رَوى عن بكرِ بن حَمّاد، ويحيى بن عُمرَ وغيرِهما، ودخَلَ الأندَلُسَ من بَرْقةَ عامَ اثنينِ وثمانينَ ومئتين، فأدرَكَ بها عُبَيدَ الله بنَ يحيى بن يحيى، ومحمدَ بن وَضّاح والخُشَنيَّ وغيرَهم، فأخَذَ عنهم. وعاد إلى المشرِق سنةَ تسعينَ ومئتين. 191 - الوليدُ (¬4) المَذْحِجيُّ. دَخَلَ الأندَلُسَ معَ عبد الرّحمن بن مُعاويةَ، وكان طبيبَهُ ومُدبِّرَ علاجِه وحفظِ صحتِه. أخَذَ عنه ابنُه إبراهيم. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3327). (¬2) الجمهرة: 115 رفع ابن حزم هذا النسب وهو يتحدث عن ولد خالد بن عقبة بن أبي معيط فقال عاطفًا: "وعبد الله بن عبد الله بن الوليد بن محمد بن يوسف بن عبد الله بن عبد الله بن عبد العزيز بن خالد بن عثمان بن عبد الله بن عبد العزيز بن خالد بن عقبة بن أبي معيط". وهذا حفيد المترجم هنا كما هو واضح وإنما نقلنا هذه السلسلة لما بينها وبين سلسلة المؤلف هنا من اختلاف. (¬3) الترجمة التي يحيل عليها المؤلف في سفر مفقود. وترجمة العباس المذكور في التكملة (2957)، وانظر ما يشير إليه المؤلف في ترجمة عبد الله المعيطي الذي بويع بالخلافة في شرق الأندلس، والسلسلة عنده كما يلي: عبد الله بن عبيد الله بن الوليد بن محمد بن يوسف بن عبد الله بن عبد العزيز بن عمرو بن عثمان بن محمد بن خالد بن عقبة بن أبي معيط. (¬4) له ترجمة في التكملة (3309).

192 - هلال بن أبي عقيل عطية بن أبي أحمد بن جعفر بن محمد بن عطية القضاعي، مراكشي طرطوشي الأصل، أبو زكريا

192 - هلالُ (¬1) بنِ أبي عَقِيل عَطِيّةَ بن أبي أحمدَ بن جعفرِ بن محمد بن عَطِيّةَ القُضَاعيَّ، مَرّاكُشيٌّ طَرْطُوشيُّ الأصل، أبو زكريّا. رَوى بمَرّاكُشَ عن أبي جعفر بن مَضَاء، وأبي عبد الملِك مَرْوانَ بن عبد العزيز. ودَخَلَ الأندَلُسَ كاتبًا لبعض الوُلاةِ بها. 193 - يحيى بن أحمدَ الأنصاريُّ، سَبْتيٌّ، أبو بكرٍ النّكاريُّ. رَوى عن أبي الحُسَين ابن [الصّائغ]. 194 - [يحيى (¬2) بنُ] إبراهيمَ بن حَجّاج بن يوسُفَ بن حَجّاج التُّجيبيُّ، مَرّاكُشيٌّ، [أبو زكريّا. أخَذَ] عن بعض أهل بلدِه، وكان له حظٌّ من الفقه ليسَ بالوافر. [استُقضيّ بأغماتِ] وَرِيكة، وهو الذي توَلَّى قِبلةَ جامعِها الأعظم. ¬

_ (¬1) هذا ولد الكاتب أبي عقيل عطية بن عطية الكاتب الذي قتل مع أخيه أبي جعفر بن عطية في خبر معروف، وأخوه أبو طالب عقيل القاضي الأديب مؤلف فصل المقال المخطوط بالخزانة العامة بالرباط. وترجمته في: أعلام مالقة (148)، والتكملة (1965)، وصلة الصلة 4/الترجمة 340، وتاريخ الإسلام 13/ 194، والإحاطة 4/ 230، والديباج 2/ 135. ولا بد أن المؤلف ترجم له في القسم المفقود من الغرباء كما ترجم لأبي عقيل وأبي جعفر في هذا القسم، ونرى أن ترجمة أبي جعفر بن عطية التي في الإحاطة والنفح منقولة عن المؤلف، وجد المترجم أبو أحمد جعفر بن عطية له ترجمة في جذوة الاقتباس رقم (133) وسلوة الأنفاس 3/ 258. ولا بد أن المؤلف ترجم له في السفر السابع المفقود. ومن بني عطية هؤلاء محمد بن عقيل بن عطية وكان قاضيًا ببعض جهات المغرب وله قصيدة في عتاب صديقه القاضي محمد بن حماد القلعي (انظر الروض المعطار: 5). (¬2) لم نقف على ترجمته عند غير المؤلف، وهو حفيد قاضي الجماعة بمراكش حجاج بن يوسف الهواري، وقد انتسب بنوه إلى تجيب (التكملة رقم 762، والحلل الموشية 132، وروض القرطاس 206) ومن أولاده الحسن بن حجاج بن يوسف (التكملة رقم 722، والجذوة رقم 140، والسلوة 3/ 259) وإبراهيم بن حجاج بن يوسف والد المترجم هنا، ومن أولاد الحسن بن حجاج بن يوسف المذكور أبو عبد الله محمد بن الحسن بن حجاج بن يوسف وقد تقدمت ترجمته في هذا السفر.

195 - يحيى بن أبي بكر بن مكي، بجائي، أبو زكريا

واستُقضيَ [بإشبيلِيَةَ بعدَ] استدعاءِ أبي محمدٍ عبد الحقِّ بن عبد الله بن عبد الحقّ إلى قضاءِ مَرّاكُش (¬1)، وكان أبو زكريّا هذا غيرَ مَرْضيِّ الأحوال في أحكامِه ولا مشكورًا في سِيرته، سَمَحَ اللهُ له. 195 - يحيى بنُ أبي بكر بن مكِّيّ، بِجَائيٌّ، أبو زكريّا. كان [كاتبًا بليغًا] حَسَنَ الخُلُق سرِيَّ الهمّة فاضلَ الطَّبعْ. توفِّي بإشبيلِيَةَ وهو يتَولَّى الكتابةَ عن واليها أبي العلاءِ الكبيرِ (¬2) إدريسَ بن أبي يعقوبَ بن عبد المؤمن. 196 - يحيى (¬3) بن داودَ، تادَليٌّ، سَكَنَ فاسَ، أبو زكريّا. أخَذَ العربيّةَ بفاسَ عن أبي بكر بن طاهر الخِدَبِّ، وبمَرّاكُشَ عن أبي موسى الجُزُوليّ، وبالأندَلُس عن أبي عبد الله بن محمد بن أبي البقاءِ وإيّاه اعتَمَدَ، ورَوى الحديثَ عن أبي الحَسَن بن حُنَيْن، وأبي عبد الله ابن الرَّمّامة وتفَقَّه به وبغيرِه من فقهاءِ فاسَ. ¬

_ (¬1) كان أبو محمد عبد الحق بن عبد الله قاضيًا على إشبيلية ثم استدعى منها إلى قضاء الجماعة بمراكش سنة 619 هـ. انظر ترجمته في التكملة رقم 2547، ونيل الابتهاج 184، والإعلام للمراكشي 8/ 39، وترجمة والده قاضي الجماعة بإشبيلية في التكملة رقم 2203، والإعلام للمراكشي 8/ 193. وقد تسلسل القضاء في هذه الأسرة طوال عهد الموحدين وزمنًا من دولة بني مرين، جاء في مذكرات ابن الحاج البلفيقي: "أنشدنا الفقيه القاضي أبو محمد عبد الله -قاضي أنفا -بن عبد الحق- ولي قضاء حاحة -بن عبد الله- ولي قضاء مراكش -بن عبد الحق- ولي قضاء إشبيلية -بن عبد الله- ولي قضاء إشبيلية أيضًا وقدم عليها من المهدية -بن عبد الحق- ولي قضاء إفريقية. . ." (النسخة المرقونة 136 تحقيق ألفريد دي برمار). (¬2) يدعى الكبير تمييزًا بينه وبين أخيه أبي العلاء إدريس بن يعقوب المنصور الملقب في خلافته بالمأمون ويدعى في الكتب التاريخية بأبي العلاء الصغير أو الأصغر، وكان واليًا على إشبيلية في دولة أبيه، وهو الذي بنى بها برج الذهب -الذي ما يزال قائمًا إلى اليوم- سنة 617 هـ (انظر الاستقصا 2/ 227، والمعجب 412). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3428)، والذهبي في المستملح (875)، وتاريخ الإسلام 13/ 356، والمراكشي في الإعلام 10/ 214.

197 - يحيى بن عبد الرحمن بن عبد المنعم بن عبد الله القيسي، دمشقي، نزل غرناطة وسكنها سنين، أبو زكريا مجد الدين الأصفهاني

رَوى عنه أبو عبد الله ابنُ الأبّار، وأبو محمد بنُ عبد الرّحمن ابن بُرطُلّة. وكان بصيرًا بالأحكام ذا حَظّ من الفقه وأصُولِه، مُشاركًا في العربيّة والأدب، ذاكرًا للأشعارِ، معَ ضَبْط ولَسَن وبلاغة، واستُقضيَ بجزيرة شُقْر مدّةً طويلة ثم صُرِف عن قضائها وسَكَنَها، ووَلي الأحكامَ ببَلَنْسِيَةَ لقاضيها أبي إبراهيمَ بن يَغْمور، وتوفِّي بها سنةَ اثنتَيْ عشْرةَ وست مئة. 197 - يحيى (¬1) بنُ عبد الرّحمن بن عبد المُنعم بن عبد الله القَيْسيُّ، دمَشْقيٌّ، نزَلَ غَرْناطةَ وسَكَنَها سنينَ، أبو زكريّا مجدُ الدِّين الأصفَهانيُّ. شُهِر بذلك في مجلسِ أبي الطاهر السِّلَفيّ لدخولِه أصبَهانَ وإقامتِه بها أزَيدَ من خمسةِ أعوام لدَرْس الخِلافيّات. رَوى عن أبي إسحاقَ إبراهيمَ بن سُفيان بن إبراهيمَ بن مَنْدَة، وأبي بكرٍ محمد بن أحمدَ بن أبي الفَرَج بن الفَضل السُّكَّريّ ابن ماشاذة، وأبوي الرَّشيد: إسماعيلَ بن غانِم بن خالدٍ البَيِّع، وعبد الله بن عُمرَ بن عبد الله بن عَمْرٍو الزّاهد العَدْل، وآباءِ عبد الله: المحمَّدَيْنِ: ابن مَعْمَر بن عبد الواحِد، وابن أبي الرّجاء بن محمد بن الفَضْل التَّميميِّ، وسُفيانَ بن الفَضْل بن محمد بن أبي طاهر، والنَّبيه أبي الفُتُوح ظافِر بن محمد بن بَخْتِيار، وأبي موسى الأصبَهانيِّ الخَلّال، لقِيَهم كلَّهم بأصبَهان، قال: وهم من كبارِ محدِّثيها؛ وأبي عبد الله محمد بن محمد بن محمدٍ الطُّوسيِّ ... وله مصنَّفاتٌ، ومحمد بن أبي سَعْد بن أبي سعيد [البَكْريِّ المعروفِ بالصُّوفيِّ النَّيْسابُوريِّ] وأبي الطاهِر السِّلَفيِّ بالإسكندَريّة وأخَذَ عنه. وقَصَدَ المغرِب فأخَذَ عن أبي محمد عبد الحقِّ ابن الخَرّاط ببِجَايةَ وأجاز له، وهُو الذي أشار عليه بالوَعْظِ والتذكير وامتَثلَ ذلك. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3427)، وابن الزبير في صلة الصلة 5/الترجمة (546)، والذهبي في المستملح (874) وتاريخ الإسلام 13/ 204، وغيرهم.

وقَدِمَ الأندَلُسَ وتجوَّلَ ببلادِها، وأخَذَ عنه من أهلِها: آباءُ جعفر: الجَيّار وابنُ يحيى بن عَمِيرةَ وابن يوسُف. . . [وأبو] الحَجّاج بن عليِّ بن عبد الرزّاق، وأبناءُ حَوْطِ الله، وأبو الرّبيع بن سالم، وأبَوا عبد الله: ابنُ محمد بن صَالح وابنُ سَعِيد الطَّرّازُ، وأبو الحَسَن بن عليِّ بن سَمْعانَ، وأبو [عَمْرو] بنُ سالم، وأبو القاسم المَلّاحيُّ، وابناه: عبدُ الواحِد وعليّ. وكان شديدَ الحَياء، وَرِعًا كثيرَ الصَّدَقة، مُثابِرًا على أعمالِ البِرِّ، زاهدًا في الجاه، مُنقبضًا عن رؤساءِ الدنيا، مُداخِلًا لأهل العلم، متحبِّبًا إلى طلَبتِه القاصدينَ إليه للأخْذِ عنه، مُنبسِطًا معَ أهل الدِّين والفَضْل، عالمًا بأصُولِ الفقه والتصوُّف، فقيهًا شافعيًّا، متّسعَ الرّوايةِ في الحديث، ولم يكنْ ضبطُه بذلك. ومن مصنَّفاتِه: "الرَّوضةُ الأنيقة". انتَحلَ أوّلَ قدومِه الأندَلُسَ الوعظَ والتذكيرَ، واستمرَّ على ذلك زمانًا، ودخَلَ مَرّاكُشَ وأغماتِ وَريكةَ فيما قيل، ووَعَظَ بهما ونفَعَ اللهُ به خَلْقًا كثيرًا، ثم تخَلَّى وانقَطعَ إلى خدمةِ الله تعالى وأقبَلَ على العبادةِ والمجاهدة وآثَرَ الخُمولَ والخَلْوةَ إلّا معَ طلبة العلم، ولزِمَ سُكنى رُوَيْضةٍ خارجَ غَرْناطة. وأرسَلَ إليه وإليها أبو إبراهيمَ إسحاقُ بن أبي يعقوبَ بن عبد المؤمن (¬1) وزيرَهُ راغبًا منه في الوصُولِ إليه، فأبَى من ذلك بُعدًا من التظاهُر وفِرارًا من مُلابسةِ أبناء الدُّنيا، فبَيْنا أبو زكريّا بموضِع سُكناه سَمِع قَرْعَ بابِه، فقام إلى فَتْحِه، فإذا الأميرُ أبو إبراهيمَ معَ أحدِ غِلمانِه، فدَخَلَ عندَه وقال له: جئتُ إليك إذْ لم تُرِدْ أن تصلَ إليّ، فاشتَدَّ قلقُه لذلك وقال له: أصلَحَك اللهُ، هذا أمرٌ لا يَهُونُ عليّ ولا يَحتملُه حالي، فقال له أبو إبراهيم: لا بدَّ منَ اجتماعِنا إمّا بوصُولي إليك وإمّا بوصُولِك إليّ، فقال: إذا [كان] لا بدَّ من ذلك فعسَى أن يكونَ بموضع خارجَ البلد خامِل لا يُؤبَهُ له ولا يُفطَنُ لتلاقينا فيه، وإذا أردتَ فتقَدَّمْ ¬

_ (¬1) ذكره ابن الخطيب في سرده لولاة غرناطة (انظر الإحاطة 1/ 141).

198 - يحيى بن عباس بن أحمد بن أيوب القيسي، قسطنطيني، أبو زكريا

إلى الموضِع الذي تُعيِّنُه لتلاقينا فيه، وأرسِلْ إليّ [غلامَك يُعيِّنْ ليَ] الموضعَ فأقصِدَ إليك فيه فنجلسَ فيه ما قُدِّر ونفترق، [فوافَقَ على ذلك، وكان] حالُهما في التلاقي على هذا بُرهةً من الدّهر، ثم إنّ أبا [إبراهيمَ قال: إنّي] رأيتُ أن نَبِيتَ معًا، فقال أبو زكريّا: هذا ما لا يُمكنُني [قَبُولُه أبدًا] فقال له: وما يمنَعُك من ذلك؟ فقال: إنّي عاهدتُ اللهَ أن لا أُبايتَ [أحدًا لا عندي] ولا عندَه، فتَرَكَهُ على حالِه مُستكثرًا بما تأتَّى له من مُساعدتِه [على] الاجتماع به على ما وُصِف. قال أبو جعفرٍ الجَيّار (¬1): ما رأيتُ أشدَّ حياءً منه ولا أزهَدَ، ولا تركَ بعدَه مثلَه فيما عَلِمت، وكانت له دراهمُ من مكسَبٍ طيِّب وأصل حلال، وكان قد دفَعَها إلى ثقةٍ من إخوانِه ليتَّجرَ له بها على حُكم القِرَاض فيتقوَّتَ بما يُفيءُ اللهُ عليه من رِبحِها، فلمّا مرِضَ مَرضَه الذي ماتَ منه أوصَى بثُلُثِه لأُولي السَّتْرِ من أهل غَرْناطة وجعَلَ رحمه الله تنفيذَ ذلك إلى سَعِيد بن الحاجِّ بن سَعِيد فنَفَّذَه بعدَه، وكان قد بَعَثَ إليّ بجُملةِ مال إلى مالَقةَ من غَرْناطة، وكتَبَ إليّ أن أشتريَ بها سِلَعَ حُكْرة، فإذا بَلَغَك أنّي توفِّيتُ فتصَدَّقْ بجميعِه على أهل السَّتْر، ففعَلتُ وبَقِيتِ السِّلَعُ نحوَ العامَيْن، فلمّا توفِّي بِعتُها وتصَدَّقتُ بثمنِها كما ذَكَرَ، وصادَفَ ذلك وقتَ شدّةٍ في السِّعر. وكانت وفاتُه رحمه اللهُ بغَرْناطةَ يومَ الأحد لخمسٍ خَلَوْنَ من شوّالِ ثمانٍ وست مئة، وقال ابنُ الأبّار: يومَ الاثنين يومَ وفاةِ أبي عبد الله بن نُوح ببَلَنْسِيَةَ، ومولدُه بدمشقَ سنة سبع، وقال ابنُ الأبّار: آخرَ ثمانٍ وأربعينَ وخمس مئة. 198 - يحيى (¬2) بنُ عبّاس بن أحمدَ بن أيّوبَ القَيْسيُّ، قُسْطنطينيٌّ، أبو زكريّا. أخَذ ببلدِه عن أبي زكريّا بن علي الزَّوَاويّ، وأبي زَيْد بن عليّ بن الحَجَر، وأبي عبد الله بن مَيْمونٍ السّمنطاريِّ القَلْعيّ، وأبي العبّاس بن أبي الرّبيع بن ناهِض، وأبي محمدٍ عبد الله الرِّكْليِّ بن أَمَةِ الله. ¬

_ (¬1) هو أحمد بن عبد المجيد بن سالم، تقدمت ترجمته في السفر الأول برقم (335). (¬2) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة 5/الترجمة (547).

199 - يحيى بن []، صقلي، أبو الحسن

وقَدِمَ الأندَلُسَ طالبًا العلمَ، فرَوى عن أبي الحُسَين بن زَرْقُون، وابنَيْ حَوْطِ الله، وأبي الخَطّاب بن واجِب وأكثَرَ عنه، وأبي الرّبيع بن سالم، وأبوَيْ عبد الله: ابن خَلْفُون وابن نُوح، وأبي محمدٍ عبد الحقِّ بن عبد الله بن عبد الحق، وأبي القاسم: أحمدَ بن محمد الطَّرَسُونيِّ وأكثَرَ عنه، ومحمدِ بن محمد بن عليّ بن بَاز. وأجازَ له أبو جعفرِ الجَيّارُ، وأبو عليٍّ الرُّنْديُّ؛ قرَأَ عليهم وسَمِع وعادَ إلى بلدِه بعِلم جَمّ وروايةٍ واسعة. وكان محدِّثًا عَدْلًا ثقةً مُكثرًا مَرْضيَّ الأحوال سُنِّيًّا مشاركًا [مُقبِلًا على التدريس] مُلازمًا له. توفِّي ببِجَايةَ سنةَ اثنتينِ وخمسينَ وست مئة. 199 - يحيى بنُ [. . . .] (¬1)، صِقِلِّيٌّ، أبو الحَسَن. رَوى عن شاعر الدّيار المِصريّة الأعزِّ أبي الفُتوح [نَصْر الله بن عبد الله] بن أبي القاسم مَخْلوفِ بن عليِّ بن عبد القَويّ بن الأزهر اللَّخْميِّ ابن [قَلاقس] (¬2). [رَوى عنه] أبو عَمْرو بن سالم، لقِيَه بالمُنكَّب وقال: كان بصِقِلِّيَةَ كاتبًا للرؤساء. . . . وقال: كان وَرِعًا زاهدًا فاضلًا. 200 - يحيى (¬3) بنُ عيسى بن عليّ بن محمد بن أحمدَ [المُرِّيُّ] (¬4)، تِلِمْسينيٌّ، أبو الحَسَن، ابنُ الصَّيْقَل. ¬

_ (¬1) ممحو في الأصل. (¬2) ترجمة ابن قلاقس ومصادرها في وفيات الأعيان 5/ 385 - 389 وربما أخذ عنه المترجم خلال الفترة التي قضاها في صقلية (انظر كتاب العرب في صقلية للدكتور إحسان عباس ص 287 - 295). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3423) وفي معجم أصحاب الصدفي (301)، وابن الزبير في صلة الصلة 5/الترجمة (506). (¬4) ممحو في الأصل، وهو مستفاد من مصادر ترجمته.

201 - يحيى بن محمد بن عبد الرحمن بن بقي، سلوي، أبو بكر

رَوى عن أبي عليّ بن سُكّرةَ وأكثرَ عنه. حدّث عنه أبو الفَضْل (¬1) في "المعجَم". وكان شديدَ العناية بطريقِ الرّواية موصُوفًا بالعدلِ والنّزاهة. 201 - يحيى (¬2) بن محمد بن عبد الرّحمن بن بَقِيّ، سَلَويٌّ، أبو بكر. أخَذ القراءاتِ والحديثَ والأدبَ عن مَشيَخةِ بلدِه. ودخَلَ الأندَلُسَ وسكنَ مُرْسِيَةَ وصَحِبَ فيها أبوي العبّاس: ابنَ إدريسَ وابنُ الحَلّال. رَوى عنه أبو عُمرَ بنُ عَيّاد. وكان من أهل العلم بالتفسير والأصُول والمعرفة بالآداب، متقدِّمًا في طريقةِ الوَعْظ والتذكير، قاصرًا زمانَه على ذلك، ذا حَظّ نَزْر من قَرْض الشّعر (¬3). مولدُه لليلتَيْنِ خَلَتا من ذي الحِجة سنةَ عشْرٍ وخمس مئة، وتوفِّي بمُرْسِيَةَ يومَ الأربعاء لخمسٍ خَلَوْنَ من ذي الحجة سنةَ ثلاثٍ وستّينَ وخمسِ مئة، وصَلّى عليه أبو القاسم بنُ حُبَيْش. 202 - يحيى (¬4) بن محمدِ بن عليّ بن يوسُفَ بن خَلَف بن يحيى الأنصاريُّ، سَبْتيٌّ، أبو الحُسَين، ابنُ الصّائغ. رَوى عن آباءِ بكر: ابن رِزق، وعبد الكريم بن غُلَيْب، وابن مُحرِز، وآباءِ الحَسَن: ابن أحمدَ بن حُنَيْن والأطريّ والزُّهْريّ وابن عُقاب وابن النِّعمة، وأبي الطاهر السِّلَفيّ، وآباءِ عبد الله: ابن الرَّمّامة وابن زَرْقُون وابن سَعادةَ وابن عبد الرّزاق الكَلْبيِّ وابن المُجاهد، وأبي عليّ بن سَهْل الخُشَنيّ، وأبي القاسم ¬

_ (¬1) يعني: القاضي عياض، وينظر المعجم. (¬2) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (1464)، والتجيبي في زاد المسافر 115، وابن الأبار في التكملة (3425). (¬3) قال ابن الأبار: "أنشد له أبو عمر ابن عياد أشعارًا ليست هنالك". وقد أورد له مؤلف زاد المسافر قصيدتين وجعله مسك الختام، ص 115 وما بعدها. (¬4) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3426)، وابن الزبير في صلة الصلة 5/الترجمة (545)، والذهبي في المستملح (873) وتاريخ الإسلام 12/ 1233، وهي ترجمة رائعة أكثر النقل فيها عن ابن مسدي.

ابن بَشْكُوال، وأخَذَ عنه "صِلتَه" و"برنامَجَه الأوسَط" (¬1)، وآباءِ محمد: ابن إبراهيمَ ابن الجَنّان وابن عُبَيد الله وابن كمال وابن مَوْجُوال وقاسم ابن الحاجِّ الزَّقّاق، وأبي مَرْوانَ بن قُزْمانَ وأكثَرَ عنه، وأبي موسى عيسى ابن الفَخّار. وترَدَّد كثيرًا إلى الوليِّ الصّالح ذي الكراماتِ المأثورة أبي يعزَى (¬2) يل النُّور ابن عبد الله (¬3) الهزميريِّ -هزميرةَ إيروقان- وقيل: إنه كان يقولُ: إنّ أصلَه من بني صُبح من هَسْكورة، كذا ذَكَرَ نَسَبَه التأريخيُّ أبو يعقوبَ ابن الزَّيّات (¬4)، وقال الشّيخ [أبو العبّاس العَزَفيُّ]: يللنُّور بن عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ الإيلانيِّ من أغماتِ [إيلان] وقيل: من إيروقان من عَمَل مِكناسةِ الزّيتون من بلادِ المغرِب. ورَحَلَ إليه [أبو الحُسَين ابنُ الصائغ] متبرِّكًا بلقائه وشاهَدَ من كراماتِه كثيرًا. رَوى عنه أبو إسحاقَ الواعظُ القَفّال، وآباءُ الحَسَن: الشارِّيُّ وابنُ عبد الصّمد ابن الجَنّان وابن [قطْرال] وأبو الخَطّاب بن خليل، وأبو الرَّبيع بن عَفّانَ الصَّودي، وأبو زَيْد بن عُمرَ بن عِمران. . . وآباءُ عبد الله: التُّجِيبيّانِ: ابنُ الحَسَن بن مُجبر وابنُ عبد الرّحمن نَزيلُ تِلِمْسينَ -وهو في عِداد أصحابِه- وابنُ خالص الأنصاريُّ وابن عبد الحقِّ التلمسينيُّ وابنُ يحيى بن هشام، وآباءُ العبّاس: ابن عبد الرّحمن الفِهْرِيُّ وابنُ عبد المؤمن، وأبناءُ المحمّدِينَ: ابنا الأحمدَيْنِ: العَزَفيُّ والمَوْرُوريُّ، وابن حَسَن بن تامتيت، وأبو عليّ الفَضْل بن مُعَلَّى، وأبو الفَضْل ¬

_ (¬1) لم يشر المؤلف إلى رواية ابن الصائغ كتاب "المستغيثين بالله" عن مؤلفه ابن بشكوال، والنسخة الموجودة من هذا الكتاب هي برواية أبي الحسين ابن الصائغ عن ابن بشكوال، وقد طبع في مدريد. (¬2) هو المعروف اليوم بمولاي بوعزة، وترجمته في التشوف رقم (77) وخصه جماعة بالتأليف، انظر في ذلك الإعلام للمراكشي 1/ 406 - 420. (¬3) اختلف في نسبه، في النجم الثاقب "عبد النور بن عبد الله الهزميري سيدي أبو يعزى كذا قرأت نسبه بخط الإمام القاضي أبي عبد الله ابن عبد الملك". والإشارة إلى هذا الموضع وقد عرب يلنور بعبد النور. (¬4) انظر التشوف 195.

قاسمُ بن أبي بكر بن عليّ القُرَشيُّ القَرَويُّ، وأبَوا القاسم: ابنُ الحَدّاد وابنُ رَحْمون، وأبَوا محمد: ابنُ موسى الرُّكَيْبيُّ وعبد الحق بن عَبْدون، وأبو موسى عيسى بن عَبْدون، وأبو الوليد ابنُ الحاجّ. وكان راويةً للحديثِ شديدَ العناية بلقاءِ المشايخ والأخْذِ عنهم، عارفًا بالقراءات، مجوِّدًا للقرآن حَسَنَ التأدية له، صادقَ الزُّهد والوَرَع، بارًّا بطلَبةِ العلم، صَليبًا في الحقّ مُصمِّمًا عليه، كثيرَ التقشُّف، متقلِّلًا من الدّنيا لا يَتلبَّسُ إلا بأقلِّ ما يُمكنُ من مطعَم وملبَسٍ ومسكَن. قال أبو عبد الله ابنُ عبد الرّحمن التُّجِيبيُّ (¬1) وقد ذَكَرَه آخِرَ حرفِ الياء من "معجَم شيوخِه": ختَمتُ بذكرِه هذا المجموعَ لبركتِه وفَضْلِه. وقال أبو عبد الله ابنُ مجُبر (¬2): كان مصمِّمًا في الحقّ لا تَجري لأحد مَظلمةٌ إلا كشَفَها، غَضِبَ أبو العلاء إدريسُ بن أبي يعقوبَ بن عبد المؤمن أميرُ سَبْتةَ (¬3) الشديدُ البأسِ على الناس يومًا على أهلِها، فأمَرَ أن يُحشَرَ الناسُ خارجَها في صَعِيد، وصعِدَ صَرْحًا كان صُنعَ له هنالك من الخشَب، واجتَمعَ الناسُ رفيعُهم ووَضِيعُهم، وطال بهم المُقام وضَرّتْهمُ الشمسُ، فلم يُكلِّمْهم ولا أذِنَ لهم في الانصرافِ والتفرُّق إلى أنِ انتهى الخَبَرُ إلى أبي الحُسَين ابن الصائغ رحمه الله، فجاء حتّى بَلَغَ من مَرْقَب أبي العلاءِ بحيث يُعاينُه، ثم رَفَعَ رأسَه إليه، وكان في صوتِه جَهارةٌ وفي كلامِه إرهاب، فقال له: انصُبْ صِراطَك وضَعْ موازينَك في كلامٍ غير هذا ونحوه، ثم رَدَّ رأسَه إلى الناس وقال: امشُوا من هنا، فافتَرقَ الحَفْلُ طاعةً [لأمرِه لمعرفتِهم] بمكانِه عندَ الله تعالى، ونَزلَ أبو العلاء عن مَرْقبِه ذلك [واختَلطَ] بالناس. ¬

_ (¬1) ترجمته ومراجعها في السفر السادس رقم (941). (¬2) تقدمت ترجمته رقم (84). (¬3) هو أبو العلاء الكبير أو الأكبر.

وقال أبو عبد الله ابنُ عبد الحقِّ (¬1) فيه: زاهدٌ [كبير] , بَلَغَ من التقلُّل من الدنيا الغايةَ القُصْوى والنهايةَ العُليا. وقال [أبو محمدٍ ابنُ] عبد المؤمن (¬2): كانت له بفاسَ زوجة، فكان يَزُورُها، فصادَفْتُه بها، [وسعَيْتُ إليه] في موضعِه زائرًا متبرِّكًا في جُملة من الأصحاب، واستجَزْناه فأنعَمَ، وكنتُ قد لقِيتُه قبلَ ذلك قاصدًا المسجدَ الجامعَ وعليه ثيابٌ خُشْنٌ وفي رِجلَيْه بُلغةٌ خَلِقة وعلى رأسِه قطعةُ ثوبٍ وَسِخ، وعهدي به في سُوق الحلفاءِ والناسُ يجتازون، فكلُّ مَن وقَعَت عينُه عليه بقِيَ شاخصًا فيه لا تُطاوعُه قَدَماهُ على الذهابِ عنه، ثم جلَستُ في جملةٍ من الطّلبة تذاكَروهُ وعَزَموا على قصدِه للاستجازة، فأخَذوا يتواصفونَه بشَراسةِ الخُلُق ويَهابُونَ الإقدامَ عليه، ثم عَزَموا على قَصْدِه، فأخَذوا يَدعُونَ اللهَ في طُول طريقِهم إليه أن يَكفيَهم سُوءَ خُلُقِه، فلمّا دخَلْنا عليه رأينا رجلًا أحسَنَ الناس خُلُقًا وقابَلَنا بكلِّ بشر، وعَلِم قصْدَنا فأنعَمَ ووَعَدَ بكلِّ خير، وفي غالب ظنِّي أنه استَدعى لنا شيئًا فأكَلْناهُ عندَه، ثُم انصَرَفْنا وأتَيْناهُ في اليوم الثاني فقابَلَنا بمِثل ذلك البِشر ووَعَدَنا واعتَذرَ لنا بشُغل فأتَيْناهُ في اليوم الثالث فوجَدْنا الإجازةَ مكتوبة. قال: وقلّما انكشَف عن أهل سَبْتةَ بَلِيّةٌ إلّا على يدِه، وعهدي به وقد سِيقَ أهلُ مَنُرْقَة أسرى وهم مِئُونَ (¬3)، فأُخلِيَتْ لهم فنادقُ وسُدَّت أبوابُها دون الناس وتُرِكوا يموتونَ جُوعًا، فاستغاث الناسُ بأبي الحُسَين وقالوا: جماعةٌ من المسلمينَ ¬

_ (¬1) تقدمت ترجمته رقم (119). (¬2) هو الشريشي شارح المقامات، وترجمته ومصادرها في السفر الأول، رقم (349). (¬3) في البيان المغرب تفصيل لهجوم أسطول سبتة بقيادة السيد أبي العلاء الكبير ونقتطف منه ما يلي: "ولما خفت الأنواء، وحسن الهواء أسرى إليه السيد أبو العلاء في أسطول سبتة وصبحهم فساء صباحهم وبطش بهم الأسطول قبل التئام أحوالهم وترتيب قتالهم فدخل البلد عنوة وقبض على ابن نجاح وسير مع أصحابه إلى الحضرة فهلك بها وأكثرت بها الشعراء في هذا الفتح" (البيان المغرب: 216).

بين أظهُرِنا يموتونَ جوعًا، انظُرْ في أمرِهم يا فقيهُ، فخَرَجَ إلى البحر في أوحش هيئة وأُخرِج إليه زَوْرقٌ من البحر ومشَى به في البرِّ إلى قُربِه، ورُفِعَ الفقيهُ على الأكُفِّ وأُنزِلَ فيه ثم أُدخِل البحرَ وقصَدَ إلى بليونش، وبها كان أميرُ سَبْتةَ حينئذٍ، وانصَرفَ من عندِه في أقربِ وقتٍ بصلةٍ لهم من عند الأمير، وأمَرَ له بأن تُفتحَ أبوابُ الفنادق إلى الناس يَدخُلونَ إليهم ويُواسونَهم بما شاءوا. وتوفِّي رحمه اللهُ بسَبْتةَ يومَ السبت لثمانٍ بقِينَ من شعبانِ ستٍّ مئة، وقال ابنُ الأبار: في رمضان، واحتَفلَ الناسُ لحضور جَنازته، [وكان يومُ دَفْنِه] يومًا مشهودًا لم يتَخلَّف عنه إلا القليلُ من أهل سَبْتة ... ودُفن بالمقبُرة خارجَ بابِ الصّفاح (¬1)، وقَبْرُه [بها معروفٌ] مَزُور متبرَّكٌ به إلى الآن. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وإذْ قد ذَكَرَ هذا الفاضلُ المبارَكُ أبا يعزَى نفَعَ اللهُ به ورضيَ عنه، فقد أردتُ أن أُثبِتَ هنا نُبذةً من أخبارِه ولمحةً من آثارِه، فأقول: حدَّثني الشيخانِ: الكاتبُ أبو الحَسَن الرُّعَيْنيُّ قراءةً عليه، والرئيسُ الأسنى أبو القاسم محمدٌ ابنُ الفقيه الفاضل أبي العبّاس إجازةً، كلاهما عن أبي العبّاس العَزَفيِّ قال: وكان ممّن رَحَلَ إلى لقائه -يعني أبا يعزَى المذكورَ- الشّيخُ الفقيه الراويةُ الزاهد أبو الحُسَين يحيى بنُ محمد الأنصاريُّ، عُرف بابن الصّائغ، فسمِعتُه يقول: صَحِبَني قومٌ في وِجهتي إليه أو: جَمَعَني وإياهم قدومُنا عليه، وكانوا قد تحدَّثوا في مرحلةٍ من المراحل إلى أنْ ذَكَروا الشّيخَ، فقال بعضُهم: هو جاهل أو: عاميٌّ أو نحوَ هذا، فكان معَهم رُوَيْجِلٌ أُسيْمِرٌ، فعاب عليهم ذلك وقال: تمشُونَ إليه الأيام وتُعمِلونَ إليه الرِّكاب ثم تقَعونَ فيه وتغتابونَه؟ قال: فلمّا بَلَغوا إليه وسَلَّموا عليه أمَرَ بإنزالِهم في بيت، وأمَرَ بحَطَب أخضَر فأوقِدَ ¬

_ (¬1) ذكر مؤلف اختصار الأخبار "قبر الشيخ الولي الزاهد السائح في الأرض المشهور الحاج أبي الحسين ابن الصائغ الأنصاري من أهل سبتة". وقال: إنه يقع "بمقبرة الربض البراني داخل سور البحر من الموضع المعروف بمضرب الشبكة".

فيه -ولعله كان فَصْلَ الحاجة إلى النار مثلَ فَصْل الشتاء أو الربيع- فلقُوا من ذلك شدّةً وضيقًا، ثم جاءهم بعدَ أُمّة فقال لهم: عجَبًا لكم! تفارقونَ أوطانَكم وأهليكم وتخرُجونَ إلى الله فيما تزعُمون برَسْم زيارةِ شخص أحسنتُم به الظّنَّ ثم تَقَعونَ فيه ولم يكنْ فيكم مَن غَيَّر ذلك وأنكَرَه وقام بحقِّ الله فيه إلا هذا الغُلَيِّم؟ لقد كان مقامُكم في ديارِكم وبينَ أهليكم أقربَ إلى سلامتِكم وأقضَى لحاجتِكم، ثم صَفَحَ عنهم وأوصى الجميعَ بخير. قال الشّيخ أبو العبّاس: وحدَّثني عنه الطالبُ الصيِّنُ ابنُ أُختِه أنه سَمِعَه يقول: كنتُ عند الشّيخ الصالح أبي يعزَى مرّةً معَ الحاجِّ الصالح أبي محمد بن عاصم، وكان إذا أُدخِلْنا بيتَه عليه أجلَسَني والحاجَّ على سريرِه وأخَذ في إطعام من حَضَر من الوفودِ والزُّوّار، فقلتُ للحاجّ: هذا الطعامُ غليظ ونحن لا نحتملُه! فقال لي: فما الذي يَصلُح؟ فقال أو قلت: رُغَيِّفاتُ قمح بسَمن وعَسَل، ثم حَضَرَ الطعام، وحَلَّق الحاضرونَ حِلَقًا فأرَدْنا النّزولَ لنتحَلَّق معَ الناس ونُشاركَهم فيما أكلوه، فأشار إلينا أنْ مكانكم، ثم أتانا برغائف در [مكٍ وسَمنٍ وعَسَل، وقال] لنا: كُلوا ما اشتَهيتُم. قال: وحدَّثنا عنه أيضًا، قال: [خَرَجتُ معَ] ابن عاصم المذكور، فوقَعَتْ عينُنا على أُرْخةٍ (¬1) تامّة الخَلْق [حسَنة] الوَصْف، فقال لي الحاجّ: هذه الأُرخةُ كان يَصلُحُ أن تكونَ [عندَنا بسَبْتةَ لنشربَ] لبنَها، فلمّا أردنا الانصرافَ قال: لتأخُذوا هذه الأُرْخة واحمِلوها [معَكم] لتشربوا لبنَها هنالك كما قلتُم. وحدّثني القاضي أبو محمدٍ حَسَنُ بن عليّ ابن القَطّان عن التأريخيِّ العَدْل أبي يعقوبَ ابن الزَّيّات، قال: حدثنا أبو عبد الله ابنُ خالص الأنصاريُّ قال: سمِعتُ الشّيخ أبا الحُسَين يحيى بنَ محمد الأنصاريَّ المعروفَ بابن الصائغ يقول: زرت أبا يعزَى، فلما كان وقتُ غروبِ الشمس خَرجْتُ معَ جماعةٍ لإسباغ ¬

_ (¬1) الأرخة: البقرة.

الوضوء، فلمّا بَعُدْنا من الطريق حال الأسَدُ بينَنا وبينَ القرية، فقيل لأبي يعزَى: إنّ الأسَد حالَ بينَ ضِيفانِك والقرِية، فأخَذَ أبو يعزَى عَصَاهُ في يدِه وجاء إلى الأسد يَضرِبُه بها إلى أن فَرّ، فجئنا، فأخَذَ يأكُلُ عيونَ الدُّفْلَى، فقال بلسانِه وكان لا يُحسنُ العربيّة لمَن ترجَمَ لي عنه: قُلْ لأبي الحُسَين: ما تقولونَ معشَرَ الفقهاءِ فيمن يأكُلُ هذه؟ -يعني عيونَ الدُّفْلى- فقلتُ له: قُلْ له عنِّي: إنّ الفقهاءَ يقولون: مَن أكَلَ هذا فإنه يَطرُدُ الأسَد، فأخبَرَه التُّرْجُمانُ بقولي فرأيتُه يتبسَّم. قال أبو يعقوبَ ابنُ الزّيّات (¬1): وحدَّثني محمدُ بن إبراهيمِ بن محمد الأنصاريُّ، قال: سمِعتُ أبا مَدْيَنَ يقول: سمِعتُ الناسَ يتحدّثون بكراماتِ أبي يعزَى، فذهبتُ إليه في جماعةٍ توجَّهَت لزيارته، فلمّا وصَلْنا جَبَلَ إيروقان ودخَلْنا على أبي يعزَى أقبَلَ على القوم دوني، فلمّا أُحضِرَ الطعام منَعوني الأكل، فقعدتُ في رُكن الدار، فكلّما أُحضِر الطعامُ وقمتُ إليه انتَهرَني، فأقمتُ على ذلك ثلاثةَ أيام، حتى أجهَدَني الجوعُ ونالَني الذُّلّ، فلمّا انقَضَت ثلاثةُ أيام قام أبو يعزَى من مكانِه فأتَيْتُ إلى ذلك المكان ومرَّغتُ وجهي فيه، فلمّا رفَعتُ رأسي نظرتُ، فلم أرَ شيئًا وصِرتُ أعمى، فبقيتُ أبكي طُولَ ليلتي، فلمّا أصبحتُ استدعاني وقال لي: اقرُبْ [يا أندَلُسيّ] , فدَنوتُ منه، فمَسَحَ بيدِه على عيني فأبصَرتُ، ثم مَسَحَ بيدِه على صدري وقال للحاضِرين: هذا يكونُ له شأنٌ عظيم، أو كلامًا هذا معناه، فأذِنَ لي في الانصراف وقال لي: ستَلقَى في طريقِك أسدًا فلا [يَروعُك، فإنْ غَلَبَ عليك خَوفُه] قُلْ له: بحُرمةِ يللنور إلا ما انصَرفتَ عنّي، [وسيَلقاك ثلاثةٌ من] اللّصُوص عند شجرة وستَعِظُهم فيتوبُ اثنانِ منهم [على يدِك ويرجِعُ الثالث] ثم يُقتَلُ ويُصلَبُ على تلك الشجرة، فوادَعْتُه وانصَرفْتُ، [فاعتَرضَني أسدٌ] في الطريق فأقسَمتُ عليه بأبي يعزَى، فتنحَّى عن الطريق، [وجُزتُ وما] زال يتبَعُني إلى أن خرَجتُ من الشّعراء، فرجَعَ عنّي، ثم أتَيْتُ على ثلاثةٍ [من اللّصُوصِ] وهم قعودٌ إلى أصل شجرة، فقاموا إليّ ¬

_ (¬1) الحكاية في التشوف: 318 - 319.

فوعَظْتُهم فأثَّرَتِ الموعظةُ [في قلوبِ] اثنينِ فانصَرَفا، وذهَبَ الثالثُ إلى أصل الشجرة فقَعَدَ عندَه، فسَمعَ به الوالي، فبَعَثَ إليه مَن ضَرَبَ عُنقَه وصَلَبَه على تلك الشجرة، ولم أزَلْ سائرًا إلى أن وصَلتُ إلى بِجَاية. قال ابنُ الزَّيّات (¬1): وحدّثني أبو عليّ حَسَنُ بن محمد الغافقيُّ الصَّوّافُ، وكان قد صَحِبَ أبا مَدْيَن نحوًا من ثلاثينَ سنةً وما فارَقَه حتى مات، قال: سمِعتُ أبا مَدْيَن يقول: زُرتُ الشّيخ أبا يعزَى أوّل مرّة زُرتُه، فمشَيْتُ إليه معَ رجُلَيْنِ فاشتَهى كلُّ واحد منّا طعامًا يأكُلُه عندَه، فلمّا دخَلْنا عليه قَدَّمَ لكلِّ واحدٍ منّا ما اشتهاهُ قبلَ الوصُول إليه، فأقمتُ عندَه أيامًا، فرأيتُه في تلك الأيام يُقدِّمُ الرجُلَ للصّلاة، فإن كان قارئًا مجُيدًا أقَرَّه، وإن كان لَحّانًا أخرَجَه، وكان أبو يعزَى أُميًّا ولكنه رُزِق إدراكَ عِلم هذا. قال أبو مَدْيَن (¬2): وقالت لي جماعةٌ من الفقهاءِ المُجاوِرينَ لأبي يعزَى: ثبتَتْ عندَنا ولايةُ أبي يعزَى، ولكنْ نشاهدُه يلمَسُ صُدورَ النّساءِ وبطونَهنّ ويَتفُلُ عليهنّ فيَبْرَأْنَ، ونَرى أنّ لمْسَهنّ حرام! فإنْ تكلَّمنا في هذا هَلَكْنا، وإن سكتْنا حِرْنا، فقلت لهم: أرأيتُم لو أنّ ابنةَ أحدِكم أو أُختَه أصابها داءٌ لا يطلعُ عليه إلا الزّوجُ ولم يُوجَدْ من يُعانيهِ إلا طبيبٌ يهوديٌّ أو نَصْرانيّ، ألستُم تُجيزونَ ذلك معَ أن دواءَ اليهوديِّ أو النّصرانيِّ مظنون وأنتم من مُعاناة أبي يعزَى على يقين من الشفاءِ ومن مُعاناة غيره على شكّ؟ فبَلَغَ كلامي أبا يعزَى، فكان يقول: إذا رأيتُم شُعَيْبًا فقولوا له: عسى أن يعتنقَني، كأنه استَحسَنَ جوابَه عنه. قال أبو علي (¬3): وكان أبو مَدْيَن يقول: رأيتُ أخبارَ الصّالحين من زمن أُويس القَرَنيّ إلى زمانِنا، فما رأيتُ أعجَبَ من أخبار أبي يعزَى، وينبغي أن تُكتبَ بماءِ الذهب. ¬

_ (¬1) الحكاية في التشوف: 320 - 321. (¬2) المصدر نفسه: 321. (¬3) المصدر نفسه: 321.

203 - يحيى بن محمد بن [يوسف] الأزدي، فاسي، أبو بكر

وكراماتُ هذا الشّيخ أبي يعزَى رحمه اللهُ كثيرةٌ، ولولا الخروجُ عن المقصود لأورَدْنا [جُملةً أخرى] منها تبرُّكًا واستنزالًا للرحمة بذِكْرِه، فعندَ ذكْرِ [الصّالحين تتنزّلُ، نفَعَنا اللهُ] بهم وأفاضَ علينا بركاتِهم. وقد جَرى له ذكْرٌ في رَسْم [أبي الحَسَن] ابن حَرزهُم، وقد عُني بجَمْع أخبارِه وفضائلِه الشّيخُ الفاضل [أبو العبّاس العَزَفيّ] وأبو يعقوبَ ابنُ الزَّيّات رحمهما الله، فأفرَدَ لها أبو العبّاس مصنَّفًا [سمّاه] "دِعامةَ اليقين في زعامةِ المتّقين" (¬1)، وذَكَرَ أبو يعقوبَ رَسْمَه [في كتابِه المعروف] بـ "التشوُّف إلى معرفة رجالِ التصوُّف"، فمن أرادَ استيفاءَ أكثرِ أخبارِه [فلْينظُرْها] هنالك إن شاء اللهُ، وقدِ اختَلَفا في نَسَبِه كما تقَدَّم. 203 - يحيى (¬2) بنُ محمد بن [يوسُفَ] الأزديّ، فاسيٌّ، أبو بكر. دَخَلَ الأندَلُس فلقيَ بالمَرِيّة أبا عبد الله بن موسى بن وَضّاح وأخَذ عنه "تنبيهَ الغافلين" في الوَعْظ لأبي اللّيث السَّمَرْقَنْديّ، وأبا القاسم عبدَ الغفُور بنَ أبي محمد النَّفْزيَّ، فرَوى عنه مصنَّفَه المشاهد في الرقائق. لقِيَه أبو عُمر بنُ عَيّاد بِانتنيان (¬3) سنةَ أربع وأربعينَ وخمس مئة فأجازَهما له وهو ابنُ خمسينَ سنةً أو نحوِها. كان ذا عنايةٍ بالطريقة الوَعْظيّة، عاكفًا عليها مُكثِرًا من روايةِ المصنَّفاتِ فيها. 204 - يحيى بن محمد الصُّنْهاجيُّ، أبو زكريّا. رَوى عن أبي محمد بن محمد بن جعفر (¬4). 205 - يحيى (¬5) بنُ موسى بن عيسى بن عِمْرانَ بن دافَال المِكْناسيُّ ثم الوَرْدميشيُّ، مَرّاكُشيٌّ، أبو زكريّا. ¬

_ (¬1) يوجد مخطوطًا في الخزائن المغربية. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3424)، وابن قاضي شهبة في جذوة الاقتباس 2/ 537. (¬3) من أعمال شاطبة، على ما ذكر ابن الأبار. (¬4) كتبت في المخطوط "بن أبي الفرج، ثم صُوّبت في الطرة إلى جعفر. (¬5) تقدم ذكر أبيه وجده في هذا السفر (44) (176).

206 - يحيى بن موسى بن يرأن، بياء مسفول مفتوح وراء ساكن وهمزة مفتوحة ونون، الصنهاجي الكبكالي، بفتح الكاف وسكون الباء وكاف وألف ولام منسوبا، أبو زكريا، ابن تايندوج، بتاء معلو وألف وياء مسفول ونون ساكن ودال وواو مد وجيم

[كان] فقيهًا زاهدًا فاضلًا من بيت نَباهة وعِلم وجَلالة. 206 - يحيى (¬1) بنُ موسى بن يَرْأن، بياء مَسْفُول مَفْتوح وراءٍ ساكن وهمزة مفتوحة ونُون، الصَّنهاجيُّ الكَبْكَاليُّ، بفَتْح الكاف وسكون الباءِ وكافٍ وألفٍ ولام منسوبًا، أبو زكريّا، ابنُ تاينْدُوْج، بتاء مَعْلوّ وألف وياءٍ مَسْفول ونون ساكن ودال وواوِ مَدّ وجيم. رَوى عن أبي بحرٍ سُفيانَ ابن العاص، وأبي محمدٍ ابن عَتّاب، وأبي الوليد ابن رُشْد. 207 - يحيى بنُ أبي عُمرَ مَيْمون بن ياسين اللَّمْتُونيُّ مَرّاكُشيٌّ، أبو زكريّا. رَوى بإشبيلِيَةَ عن أبيه (¬2) وسَكَنَها معَه. 208 - يَدَّرُ (¬3) بن إبراهيمَ بن يوسُف بن محمد بن عبد الله. كذا نقَلتُ هذا النسَبَ من خطِّ أبي الأصبَغ الطّحّان، ووقَفْتُ عليه في خطِّ أبي بكرٍ ابن القانه الأزرق: يَدَّرُ بنُ إبراهيمَ بن محمد بن يوسُف، ولم يزِدْ، فاسيٌّ، أبو محمد. شَرَّقَ وحَجَّ، وأخَذَ ببِجَايةَ عن أبي الأصبَغ عبد العزيز بن عليّ الطَّحان، وأُراه صَحِبَه في وِجهتِه المَشْرقيّة، وأبي محمدٍ عبد الحقّ ابن الخَرّاط، [وأبي محمد عبد الله] بن عبد الرّحمن الدِّيباجيِّ ابن أبي اليابِس. [وقَفَلَ من راحلتِه] , فدَخَلَ الأندَلُسَ وأخَذَ عنه بإشبيلِيَةَ وغيرِها [أبوا بكرٍ]: ابنُ مُلكون وابنُ مَرْوانَ ابن القانه، وأراه الأزرق، وأبو الحَسَن [بن عبد الله النَّحْويُّ] , وأبو عبد الله بنُ أبي نَصْر المُكْتِب، وأبو العبّاس بن سيِّد الناس، [وأبو بكرٍ أخو] المذكور. ¬

_ (¬1) لم نقف له على ترجمة في غير هذا الكتاب. (¬2) تقدمت ترجمت في هذا السفر (188). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3534)، وابن الزبير في صلة الصلة 5/الترجمة (618)، وابن قاضي شهبة في جذوة الاقتباس 2/ 563.

209 - [يدير بن تونارت] الهسكوري، أبو محمد

وكان محدِّثًا ضابطًا عَدْلًا خيِّرًا. وتوفِّي بقُرطُبةَ قبلَ ستٍّ مئة (¬1). 209 - [يَديرُ بن تونارت] الهَسْكوريُّ، أبو محمد. رَوى عن أبي عَمْرٍو رضا بن المنذر. وكان متقدِّمًا [في الفقه تا] مًّا فيه، درَّسه دَهْرًا. 210 - يَدِيْر (¬2) -بفتح الياءِ المَسْفول ودالٍ وياءِ مَدّ وراء- ويقال: يِيْدِيْر -بياءٍ مَسْفول وياءِ مَدّ والباقي كالباقي- ابن حِبَاسةَ بن ماكْسِن بن حَبُّوس بن زيريّ بن مُنادٍ الصُّنْهاجيُّ، غَرْناطيٌّ، أبو المُعَلَّى. رَوى عن أبي الفُتوح ثابت بن محمد الجُرجانيّ. وكان رئيسًا محبًّا في العلم وأهلِه، ذا حَظّ صَالح من الأدب واستمالةِ مُنتَحِليه، وبسببِ يَديرَ هذا امتُحِن أبو الفُتوح الجُرجانيُّ الوافدُ على الأندَلُس امتحانَه الذي أدى إلى قتلِه على الوَجْهِ الشَّنيع. وملخَّصه (¬3): أنّ أبا الفُتُوح قَصَدَ أوَل دخولِه الأندَلُس مُنذرَ بن يحيى صاحبَ سَرَقُسْطةَ، فأصاب عندَه ما شاء من كرامةٍ وأوسَعَ نزُلَه وكرَّم مكانَه وأصحَبَه وَلَدَه يحيى بنَ مُنذر المرشَّح لأمرِه ومكانِه ليأخُذَ عنه وينتفعَ به، فلم يزَلْ لديه مَكينَ المنزِل إلى أن تغيَّر عليه يحيى في سُلطانِه، بعدَ مُضيِّ والدِه منذر، ¬

_ (¬1) قال ابن الزبير في الصلة: "ووقفت على إجازته لأبي عمر بن حوط الله بتاريخ شعبان سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة، وله برنامج أحال عليه في مكتوبه وكان يعرف بالحاج يدر، وكذا يكتب رحمه الله". (¬2) أخباره في مذكرات الأمير عبد الله: التبيان 27 - 34. (¬3) أخبار ثابت بن محمد الجرجاني وترجمته وما جرى له في جذوة المقتبس (345)، والذخيرة لإبن بسام 4/ 90، وصلة ابن بشكوال (289)، وبغية الملتمس (602)، ومعجم الأدباء 2/ 773، وإنباه الرواة 1/ 263، وتاريخ الإسلام 9/ 502، والوافي بالوفيات 10/ 468، والإحاطة 1/ 454 وغيرِها. والمؤلف يعتمد هنا على ما ذكره المؤرخ ابن حيان، وكذلك فَصّل ابن الخطيب في الإحاطة فنقل عنه، ولذلك استعنا به في إصلاح ما هو ممحو في النسخة الخطية.

بسِعايةٍ لحِقَتْه عندَه فارقَه لها مختارًا وخَرَجَ عنه وجَالَ في الأندَلُس ولقِيَ ملوكَها فكلٌّ منهم أولاهُ بِرًّا وإحسانًا إلى أن لحِقَ بغَرْناطةَ وقصَدَ إلى أبي المُعَلَّى هذا فأحسَنَ الإقبالَ عليه وبالَغَ في الاحتفاءِ به والإحسان إليه وأقام في كنَفِه مُدّةً إلى أن اتّهم باديسُ بنُ حَبُّوس بن ماكْسِن ابنَ عمِّه أبا المُعَلَّى هذا القيامَ عليه وخَلْعَه إياه عن سُلطانِه، ولم يزَلْ هذا يتقرَّرُ عندَ باديسَ، ودَسَّ إليه أنّ لأبي الفُتوح في ذلك مشاركةً وإعانة، فغَمَسَ أبا الفُتوح في تُهمةِ ابن عمِّه وأخافه أشدَّ من إخافتِه، فلم يسَعْهُما إلّا الفِرارُ من غَرْناطة، فلحِقَ بإشبيلِيَةَ، وكان ممّن فَرَّ معَهما أبو ريش أحدُ أبناء عمِّ باديسَ، فاستقَرّوا جميعًا عندَ القاضي أبي القاسم محمد بن عَبّاد بإشبيلِيَةَ، ثم إنّ أبا ريش نَدِمَ على فِرارِه فطَرَحَ نفسَه على باديسَ فصَفَحَ عنه ولم يُعاقِبْه. وكان أبو الفُتوح قد ترَكَ بغَرناطةَ زوجًا له أندَلُسيّة جميلةً جدًّا، [وكان لها من نفْسِه موقعٌ] عظيم، وكان له منها ولدانِ ذكرٌ وأُنثى، فاشتَدَّ شَوْقُه [إليهم حين اضْطُرَّ إلى الابتعادِ] عنهم، وبَلَغَه أنّ باديسَ قد قَبَضَ عليهم وسَجَنَهم بالمُنكَّب [عند قَدّاح عبدِه] وصاحبِ عذابِه، فعمِلَ على العَوْدِ إلى باديسَ من غير توثقٍ [بأمان] أو مُراسلة طمعًا في صفحِه عنه صَفْحَهُ عن ابن عمِّه أبي ريش، فخاب ظنُّه، ففَصَلَ عن [صاحبِه] قاصدًا غَرْناطةَ فصادف باديسَ في عسكرِه وهو مُقبِلٌ من الوقعة [التي كانت بينَه] وبينَ إسماعيلَ بن محمد بن عَبّاد وقَتْلِه إياه في محرّم إحدى وثلاثينَ [وأربع مئة، وأُدخِلَ] على باديس، فقال له ابتداءً: بأيِّ وَجهٍ جئتَني يا نَمّام؟ ما أجرَأكَ على خالقك [وأشدَّ] اغترارَك بسِحرِك، فرَّقتَ بينَ بني ماكْسِن ثم جئتَ تخدَعُني كأنك لم تصنَعْ [شيئًا]؟ فلاطَفَه وقال له: اتّقِ اللهَ فيّ يا سيّدي وارحَمْ غُربتي وسُوءَ مقامي ولا تُلزِمْني ذنْبَ ابن عمِّك فما لي سببٌ فيه ولا حَمَلَني علىٍ الفِرار معَه إلّا الخوف، وها أنا قد لفظَتْني البلادُ عليكَ مُقِرًّا بما لم أجْنِه رغبةً في صَفْحِك عنّي، فافعَلْ فعْلَ الملوك الذين يَجِلُّونَ عن الحِقد على مثلي من الصّعاليك.

فقال: أفعلُ ما تستحقُّه إن شاء الله! انطلِقْ إلى غَرْناطة فضُمَّ حالَك والْقَ أهلَك وأصلِحْ من شأنِهم، فاطمأنّ إلى قولِه وخرَجَ نحوَ غَرْناطةَ وقد سَبَقَ الكتابُ إلى قَدّاح بحبسِه، وأُرسِلَ معَه فارسانِ وُكّلا بهِ من حيثُ لا يَشعُر استظهارًا عليه في مرورِه؛ لئلا يبدوَ له فيُنكِّبَ عن وجهتِه، فتعرَّضا له وقد خَرَجَ عن العسكر وقالا له: إنا نَصحَبُك في طريقِك، فأنِسَ بهما ولم يعلَمْ بشأنِهما، فسارا معه، فلمّا قَرُبوا من غَرْناطة إذا قومٌ ينتظرونَ أبا الفُتوح بجانبِ الطريق من زَبَانِيَة قَدّاح فعَدَلوا به وقَبَضوا عليه فحَلَقوا رأسَه وأركَبُوه على بعيرٍ وخلفَه أسودُ ضَخْم يُوالي صفْعَه، فأُدخِلَ غَرْناطةَ مُشهَّرًا بهذه الصّفة وعلى هذه الحال وقد برَزَ الخَلْقُ معَ قَدّاح للنظر إليه، وكان برهونٌ العُدْويُّ أمينُ البلد ممّن توَلَّى شأنَه، فاستغاث به من قوة الصَّفْع في مقامِه ذلك فكَلَّم له قَدّاحًا في التخفيفِ عنه، فأشار إلى الأسود بذلك، ولولا ذلك لأُتيَ عليه مِن شدّةِ قوّةِ الصَّفع، ثُم أُلقيَ في حَبْسِ ضيّق بعدَ شَهْرِه ومعَه رجلٌ من أصحابِ يَديرَ أُسِرَ في الوقعة بين باديسَ وإسماعيلَ بن عَبّاد، فأقام في الحبسِ إلى أن قَدِمَ باديسُ من إستِجةَ واستراح أيامًا بغَرْناطةَ وهو يَذكُرُ الجُرجانيَّ ويَعضُّ [أناملَه، فيُعارِضُه في أمرِه شقيقُه بلقينُ بن حَبُوس ويكذِّبُ الظنَّ به [ويقول: سأكونُ] أولَ من يشفَعُ إليه، والله لا يَصِلُ باديسُ إلى أذاه ما حَيِيت، [فارتبَكَ باديسُ] في أمرِه أيامًا ثم غافَصَ أخاه في قتلِه في وقتٍ أمِنَ فيه [معارضتَه، وأقبَلَ عليه] يسُبُّه ويَلعَنُه ويُبكِّتُه بذنوبِه ويُعلنُ الشّماتَ به ويقولُ له: [لم تُغنِ عنك نجومُك] يا كَذّاب، ألم تكنْ تَعِدُ أميرَك الفاعل -يعني ابنَ عمِّه يَيْدير- أنه سوف [يظفَرُ بي ويملِكُ] بلدي ثلاثينَ سنةً، لمَ لم تُدقِّق النظرَ لنفسِك وتحذَرْ سُوءَ ورطتِك؟ [قد أباح اللهُ] لي دَمَك، فأيقَنَ أبو الفُتوح بالموت وأطْرق ينظُرُ للأرض لا يُكلِّمُه [ولا ينظرُ] إليه، فزاد ذلك في غَيْظِ باديس، فوَثَبَ من مجلسِه والسّيفُ في يدِه، فخَبَطَ [به أبا] الفُتُوح حتى بَرَدَ فحَزَّ رأسَه، ثم قُدِّم الصُّنهاجيُّ الذي كان محبوسًا معه إلى السّيف فاشتَدَّ جَزعُه وجعَلَ يعتذرُ من خطيئتِه ويُلحُّ في ضَراعتِه فقال له باديس: أما

تستحصي يا ابنَ الفاعلة؟ يصبِرُ المعلِّمُ الضّعيفُ القلب على الموت مثلَ هذا الصَّبر ويملِكُ نفسَه عن مكالمتي واستعطافي، وأنت تجزَعُ مثلَ هذا الجَزَع وطالما عدَدتَ نفْسَك في أشدِّ الرجال! لا أقال اللهُ مُقيلَك! اضرِبْ يا غلامُ عنُقَه، فضُربَتْ عنُقُه وانفَضَّ المجلس. قال ابنُ برهون: وأحضَرَني باديسُ فأمَرَني بمُواراةِ الجُرجانيِّ إلى جانبِ أبي جعفر بن عبّاس كاتبِ زُهير ووزيرِه الذي قتَلَه باديسُ إثْرَ وقيعتِه معَ زُهيرٍ الصَّقْلَبيّ. قال المصنّفُ عَفَا اللهُ عنه: قد تقَدَّم ذكْرُ مقتلِ أحمد بن عبَاسٍ هذا في رَسْمِه (¬1). قال ابنُ برهون: ففعلتُ ما أمَرَني به باديسُ، فقبراهما في تلك البُقعة قد أسرّا أدبًا لا كِفاءَ له، وهذه البقعةُ بمقرُبةٍ من قبرِ حَبُوس بن ماكْسِن والدِ باديس. قال: وكَلَّم الصُّنهاجيُّونَ باديسَ بنَ حَبُوس في جثّةِ صاحبِهم المقتول معَ أبي الفُتوح فأمَرَ بإسلامِها إليهم فخَرجوا بها على نَعْش إلى المقبُرة من فَوْرِهم فأصابوا قبرًا قد احتُفِر لميّت من أهل البلد فاغتَصَبوا فيه صاحبَه وصَبُّوا صاحبَهم فيه، فوارَوْه التّرابَ من غير غُسْل ولا كَفَن، وانطَلقوا لسبيلِهم، وعجِبَ الناسُ من جُرأةِ هؤلاء الصُّنْهاجيِّين وتَسامحُهم في الاغتصابِ حتى الموتى في قبورِهم. قال (¬2): وهَبَّ بُلقينُ بن حَبُوس منَ انهماكِه في شُربه، فأُعلِم بقتل أبي الفُتوح الجُرجانيّ، وقد كان أجاره على أخيه باديسَ فغضِبَ لذلك أشدَّ الغضَبِ واستَوحَشَ من [أخيه، فلّما عَلِمَ بذلك] رَكِبَ إليه باديسُ واستَلْطفَهُ واسترضاهُ وأسعَفَه [بتسريح زوجةِ أبي الفُتوح] وابنِها وابنتِها منه المعتقلِينَ في المُنَكَّب كما مَرَّ ذكْرُه، [والسماح لها] ببعض ما سَلِمَ لها من مال زوجِها، على ¬

_ (¬1) انظر السفر الأول رقم (356). (¬2) من هنا إلى آخر الترجمة غير موجود فيما نقله ابن الخطيب من كلام ابن حيان.

211 - يعقوب بن محمود، تلمسيني أغماتي الأصل أبو يوسف الأغماتي

أنّ الفاسقَ قَدّاحًا استخرجَ [معظمَه منها] باشتدادِه عليها، وكانت قد استَتَرت لمّا فَرَّ زوجُها وألَحَّ في طلبِها وفتَّش الدُّورَ من أجلِها حتى وقَعَتْ بيدِه خادمٌ لها كانت تقومُ ... عليها وعذَّبَها في شأنِها فأبَتْ أن تَدُلَّ عليها حتى اغتاظَ يومًا فأهوى إلى إحدى عينَيْها فاقتَلَعَها فلم تُقِرَّ له، فأهوى إلى الأخرى ليقتلعَها فأقرَّت عند ذلك بمكان مولاتِها، فمضَى واستخرَجَها وطالَبَها بمالِ الجُرجانيِّ، فأخَذَ أكثرَه وسَلِمَ لها منه ما تستَّرت به مُدَيْدةً بعدَه. 211 - يعقوبُ (¬1) بن محمود (¬2)، تلمسينيٌّ أغْماتيُّ الأصل أبو يوسُف الأغْماتيُّ. لقِيَ بمُرْسِيَةَ أبا عليّ الصَّدَفيَّ وأخَذ عنه سنةَ إحدى عشْرةَ وخمس مئة، وعاد إلى تِلِمْسينَ فحدَّث بها، وأخَذ عنه أبو يحيى ابنُ عُصفورٍ وغيرُه. 212 - يَعْلَى بن الفُتُوح الأوربيُّ، أبو محمد. رَوى بالأندَلُس عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبي. 213 - يَعْلَى بن ناصِر اليَجْفَشيُّ، أبو الحَسَن. رَوى عن أبي عُمرَ مَيْمونِ بن ياسين اللَّمْتُونيّ. 214 - يَعْلَى (¬3) المَصْمُوديُّ، أبو محمد. كان فقيهًا، واستُقضيَ ببعضِ بلادِ العُدوة أيامَ يوسُفَ بنِ تاشَفين، ودخَلَ الأندَلُسَ معَه غازيًا صُحبةَ قاضي الجماعة حينَئذٍ أبي مروانَ المَصْمُوديِّ (¬4)، ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3518) وفي معجم أصحاب الصدفي (314). (¬2) هكذا في الأصل، وفي المعجم: حَمّاد، وفي التكملة: حَمُّود. (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3533). (¬4) هو أبو مروان عبد الملك المصمودي، ترجمه ابن الأبار في التكملة (2445)، وذكره الحميري في الروض المعطار عند كلامه على وقعة الزلاقة 292، وابن عذاري في البيان المغرب 4/ 140، والمقري في نفح الطيب 4/ 369.

215 - يكسفان بن علي اللمتوني، أبو محمد

فأكرَمَهما اللهُ بالشهادةِ في وَقيعةِ الزَّلَّاقة على النَّصارى، وكانت يومَ الجُمُعة لخمسٍ خَلَوْنَ من رجبِ تسع وسبعينَ وأربع مئة. 215 - يكسفانُ بن عليّ اللَّمْتُونيُّ، أبو محمد. رَوى بإشبيلِيَةَ عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ. 216 - يكسفانُ بن عيسى اللَّمْتُونيُّ الغَزّاليُّ، أبو محمد. رَوى بإشبيلِيَةَ عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ. 217 - يكسفانُ بن محمدٍ اللَّمْتُونيُّ. رَوى بإشبيلِيَةَ عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ. 218 - يوسُفُ (¬1) بن أحمدَ بن عَيّاد التَّمِيميُّ، مليانيٌّ، سَكَنَ بأخَرةٍ دانِيَةَ، أبو الحَكَم. شرَّقَ وتجوَّل هنالك وأخَذ سنةَ تسعينَ وخمس مئة بمَلَطْيَةَ: من الشام عن شهابِ الدِّين أبي الفُتوح ناصِر ابن رَشِيد الدِّين السُّهْرَوَرْديِّ "التنقيحات" في أصُولِ الفقه، ومن قِبَلِه استفاد أهلُ الأندَلُس [هذا الكتاب]. رَوى عنه أبو إسحاقَ إبراهيمُ بن عيسى [ابن المُناصِف، وأبو] عبد الرّحمن ابن غالِب، وأبو عليّ بن عَمّار، وأبو القاسم البَلَويُّ. [وكان] مشاركًا في أصُول الفقه، رَيّانَ من الأدبِ وهُو الغالبَ عليه، [كاتبًا مُجِيدًا ذا] حَظّ من قَرْض الشّعر ونظرٍ في الفلسفة. كتَبَ وقتًا عن أبي [عِمرانَ بن أبي] موسى بن عبد المؤمن، وقَدِمَ صُحبتَه من إشبيلِيَةَ على مَرّاكُشَ [مُستدعًى إليها] ثُم فَصلَ إلى دانِيَة، وكان شيعيًّا غاليًا، وتجوَّل في العُدوتَيْنِ، وصَحِبَ الصُّوفيّة طويلًا. وتوفِّي بدانِيَةَ سنةَ إحدى وعشرينَ وست مئة. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3503)، والذهبي في الستملح (904) وتاريخ الإسلام 13/ 684.

219 - يوسف بن أبي الوفاء إبراهيم بن يحيى الخزرجي، مصري سكن إشبيلية، أبو الحجاج، ابن الصواف

ومن شعرِه يخاطبُ الوزيرَ أبا الحَسَن عليَّ بن أبي العلاء بن جامع (¬1) في شأنِ وكيلِه، وكان يُدعَى عَمْرون، وقد مَطَلَه بشيءٍ أمَرَ لهُ به [من المتقارب]: نَوالُكَ يا سيِّدي محُسِبُ (¬2) ... ورَبْعُك للمعتفي مُخصِبُ ولفظُكَ مستعذَبٌ طيِّبٌ ... ونثرُك من عَذْبِه أطيبُ وعُذرُ وكيلِكَ في مَطْلِهِ ... يَلُوحُ ولكنّه يُتعبُ وقد صِرْتُ زيدونَ عَمْرٍو بكمْ ... وعمرونُ صار الذي يُضرَبُ وعكسَ القضيّة في عصرِنا ... يقول النُّحاةُ إذا أعرَبوا (¬3) ومنه في نَبْذِ مَلولٍ من الرؤساء [من البسيط]: أقمتُ أخدُمُكم حتّى رأيتُ لكمْ ... من المَلال ضُروبًا ليس تنفهمُ وما المَلالُ بعَيْبٍ في الملوكِ على ... أنّ المَلالَ يُنافي أصلَهُ الكرَمُ لقد طمِعتُ بتخصيصٍ يُغبِّطُني ... ولم أخَلْ أنهُ بالسّين يُرتسمُ إذا مَلِلتُمْ ولم تَسْخوا بنائلِكمْ ... فدارُ مَن قد دَرَاني قبلَكمْ حرَمُ 219 - يوسُفُ (¬4) بن أبي الوفاءِ إبراهيمَ بن يحيى الخَزْرَجيُّ، مِصريٌّ سَكَنَ إشبيلِيَةَ، أبو الحَجّاج، ابنُ الصَّوّاف. رَوى عن أبيه، وتوفِّي بمَرّاكُشَ في نحوِ ستَّ عشْرةَ وست مئة. 220 - يوسُفُ بن تاشَفين بن إسحاقَ بن محمد بن عليّ الصُّنْهاجيُّ اللَّمْتُونيُّ، مَرّاكُشيٌّ، أبو يعقوبَ. ¬

_ (¬1) من أسرة بني جامع الذين توارثوا الوزارة في صدر دولة الموحدين. انظر في أخبارهم الحلة السيراء 2/ 239 - 240، 293 (تحقيق د. حسين مؤنس). (¬2) محسب: كثيرٌ وكاف. (¬3) يشير إلى مثال النحويين: ضرب زيد عمرًا. (¬4) تقدمت ترجمة عمه والإشارة إلى ترجمة والده في الرقم (147).

221 - يوسف بن عبد الصمد بن يوسف بن علي بن عبد الرحمن بن محمد بن نموي، فاسي، أبو الحجاج، ابن نموي

كان من الرؤساءِ المتعلِّقينَ بطَرَفٍ صالح من العلم الراغبينَ في طلبِه ولقاءِ حَمَلتِه والأخْذِ عنهم، ودَخَلَ الأندَلُسَ. 221 - يوسُفُ (¬1) بن عبد الصَّمد بن يوسُفَ بن عليّ بن عبد الرّحمن بن محمد بن نَمَويّ، فاسيٌّ، أبو الحَجّاج، ابنُ نَمَويّ. دَرسَ عِلمَ الكلام وأصُولَ الفقه على [أبي عبد الله بن عبد الكريم الفَنْدَلاويِّ وصَحِبَه] إلى أن توفِّي، وأبي عَمْرٍو عثمانَ بن عبد الله السّلالقيِّ [رَوى عنه "البُرهانيّةَ"] وأبي العبّاس القورائيِّ الحافظِ، وفي شيوخِه كثرةٌ من غير [أهل بلدِه، إذْ] كان لا يَرِدُ على فاسَ عالمٌ إلا لقِيَه وأخَذَ عنه، فكثُرَ لذلك [شيوخُه، كان بعضُ] المصنِّفينَ يَدْعونَه بالظاعِن المقيم. رَوى عنه أبو إسحاقَ ابنُ ... ، وأبو الحَجّاج المُكَلّاتيُّ، وأبو الحَسَن الشارِّيّ، وأبَوا عبد الله: ابنُ أحمدَ ابن الحَجّام وابن يحيى ابن هشام، وآباءُ العبّاس: ابنُ محمد ابن تامَتِيت وابنُ عليّ بن هارون وابنُ فُرتون، وأبو القاسم ابنُ رَحْمون، وآباءُ محمد: ابن أبي بكرٍ السَّطّاحُ (¬2) وابن عبد الرّحمن العراقيُّ، وعبدُ الحقِّ بن حَكَم. وكان صَدوقَ اللّسان، حسَنَ الاعتقاد، طيِّبَ النفْس واسعَ المعرفة متفنِّنًا في علوم، مبرِّزًا في الفقه وأصُولِه إمامًا فيهما متقدِّمًا في عِلم الكلام، والاطّلاع على السِّيَر والأخبارِ والتواريخ والأشعار، رَيّانَ من الأدب (¬3)، سريعَ الحفظِ ثابتَهُ وَقّاد القريحة، ثاقبَ الذّهن، قَطَعَ عمُرَه كلَّه صَرُورةً لم يتزوَّجْ قَطّ. ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3502)، وابن سعيد في الغصون اليانعة 49، وابن الزبير في صلة الصلة 5/الترجمة (598)، والذهبي في المستملح (903) وتاريخ الإسلام 13/ 426، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (550)، والمراكشي في الإعلام 10/ 393، وغيرهم. (¬2) في عنوان الدراية 156: أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر ابن السطاح وترجمته في التكملة رقم (2373)، ويبدو من عمود نسبه أنه ابن أخي المذكور هنا. (¬3) انظر نموذجًا من شعره في الغصون اليانعة: 49.

222 - يوسف بن علا الناس، أبو الحجاج [الزناتي]

درَّس الكلامَ وأصُولَ الفقه مدّةً ببلدِه، وأخرى [بإشبيلِيَةَ] ثُم عاد إلى بلدِه سنة ثلاثَ عشْرةَ وست مئة، وقعَدَ لإسماع الحديث والسِّير بالجانبِ الشَّرقيِّ من جامع القَرَويِّين، وكانت الدِّرايةُ أغلَبَ عليه من الرّواية، وكان أبو عبد الله ابنُ الكَتّانيِّ (¬1) يقول: ما انتفَعْتُ بمُذاكرةِ أحدٍ [مثلَ] ما انتَفعْتُ بمُذاكرةِ أبي الحَجّاج ابن نَمَويّ. وُلد سنةَ أربع أو خمسٍ وخمسينَ وخمس مئة، وتوفِّي لليلتَيْنِ خَلَتا من رجبِ أربعَ عشْرةَ وست مئة (¬2). 222 - يوسُفُ بن علا الناس (¬3)، أبو الحَجّاج [الزَّنَاتيُّ] (¬4). رَوى قراءةً وسَماعًا عن أبي الحَجّاج بن محمد ابن الشّيخ، وأبي القاسم أحمدَ بن يوسُفَ الجقالة وأجاز له، وسَمِعَ على أبي محمد بن محمد الحَجريّ، وناوَلَه وأجاز له. وعلى أبي عبد الله بن إبراهيمَ ابن الفَخّار، وأبي موسى عيسى بن عبد العزيز الجُزُوليّ قرَأَ عليه، ولم يَذكُرْ أنهما أجازا له. رَوَى عنه أبو العبّاس بن محمد بن عبد الله بن العَوّام. وكان محدِّثّا زاهدًا وَرِعًا فاضلًا، حيّا بمَرّاكُشَ سنةَ تسع وست مئة. 223 - يوسُفُ بن عليّ بن جعفر، تِلِمْسينيٌّ. رَوى بإشبيلِيَةَ عن القاضي أبي بكرٍ ابن العَرَبيّ. ¬

_ (¬1) تقدمت ترجمته رقم 126. (¬2) هكذا التاريخ في صلة الصلة أيضًا: "وتوفي في الثاني من شهر رجب عام أربعة عشر وستمئة" وفي الذخيرة السنية أنه توفي في الثاني من رجب من سنة خمس عشرة وست مئة. (¬3) ترسم أيضًا علناس، وهكذا هي في التشوف، وهي صيغة مغربية للاسم العربي الفصيح: علاء الناس. (¬4) ولم يذكر المؤلف نسبته، والتكملة من التشوف 121، 392.

224 - يوسف بن علي بن عشرة، سلوي، أبو الحجاج

224 - يوسُفُ بن عليّ بن عَشَرة (¬1)، سَلَويٌّ، أبو الحَجّاج. رَوى ببَلَنْسِيَةَ عن أبي عبد الله ابن المَوّاق (¬2). وكان ذا حَظّ من روايةِ الحديث والفقه. 225 - [يوسُفُ بن عليّ؟] الصُّنهاجيُّ اللَّمْتُونيُّ، أبو يعقوبَ، ابنُ بزْوِيْنا، [بالباء] وسكونِ الزاي وواوٍ وياءِ مَدّ ونونٍ وألف. رَوى بإشبيلِيَةَ [عن أبي بكرٍ ابن] العَرَبيّ، وشرَّق وحَجّ. 226 - يوسُفُ (¬3) بن عيسى بن عليّ بن يوسُف [بن عيسى بن قاسم] المَلْجوم ابن عيسى بن محمد بن فنتروسَ بن مُصعَب بن عُمَيْر بن [مُصعَب الداخِل إلى] الأندَلُس (¬4)، أزْديٌّ، أبو الحَجّاج، ابنُ الملجوم. تفَقَّه بأبيه ورَوى عنه [وعن أبي محمد] عبد العزيز بن عامِر بن قاسم بن عبّاس بن عامرٍ الأسّديِّ الفاسيّ. ورَحَلَ [إلى سِجِلْماسَةَ] فأخَذَ بها عن أبي القاسم بَكّار بن بَرْهون بن عيسى الغَرْديس (¬5) الناشئ بها، وأجاز له عامَ ستةٍ وثمانينَ وأربع مئة. وأجاز له من قَلْعةِ حَمّاد أبو القاسم عبدُ الجَليل بن أبي بكرٍ الرَّبَعيُّ القَيْروانيُّ في ذي القَعْدة سنةَ ثمانٍ وسبعينَ وأربع مئة. ¬

_ (¬1) من بني عشرة السلويين (انظر دراسة الدكتور بن شريفة في الموضوع). (¬2) كان فقيهًا حافظًا أديبًا ماهرًا استقضي بروطة وتوفي في سنة ثلاث وخمس مئة. وتقدمت ترجمته في السفر السادس (765). (¬3) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3499)، والذهبي في المستملح (901) وتاريخ الإسلام 10/ 732، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 549، والمراكشي في الإعلام 10/ 418. (¬4) مصعب جد هذه الأسرة هو القادم من أزد السراة بالحجاز في جيش موسى بن نصير وكانت له مآثر في الجهاد، وولده عمير هو الوافد على المولى إدريس الأزهر ووزيره وكان من فرسان العرب وسادتها (انظر بيوتات فاس: 5 - 10، والاستقصا 1/ 163 وغيرهما). (¬5) هو جد بني الغرديس الفاسيين (انظر بيوتات فاس: 69).

رَوى عنه ابنُه أبو موسى عيسى (¬1). وكان محدِّثًا راويةً عَدْلًا ضابطًا فقيهًا حافظًا رأْسًا في الفُتْيا، متقدِّمًا في الأدب، من بيتِ علم وجَلالة ورياسةٍ وأصالة. ولمّا خرَجَ من الصحراء إلى المغرِب أبو بكر بنُ عُمرَ اللَّمْتُونيُّ ووَصَلَ إلى السُّوس ومعَه يوسُفُ بن تاشَفين قائدُ أعِنّتِه، وذلك سنةَ إحدى وستينَ وأربع مئة سافَرَ من فاسَ أبو الحَجّاج هذا إليهم حتى لحِقَهم بالسُّوس وأهدى إلى يوسُفَ بن تاشَفين عَيْبةَ ثياب وسَرْجًا صبريًّا، فأراد مكافأتَه على ذلك فأبَى عليه وقال له: ما أنا بتاجر ولكنّ زَناتةَ أهلُ جَوْر عندَنا وأنتم تملِكونَ بلادَنا فأردتُ معرفتَك، ثم انصَرفَ إلى فاس، ووَرَدَ أبو بكر بن عُمَر بن إبراهيمَ اللَّمْتُونيُّ فاسَ في صَفَرِ اثنَيْنِ وخمسينَ وأربع مئة وأخرج منها زَناتةَ ثم انصَرفَ عنها وترَكَ فيها جُندَه فتغلَّبَ عليهم زَناتةُ ودخَلوا فاسَ أقبحَ دخول وتداوَلوها إلى أن ورَدَها يوسُفُ بن تاشَفينَ بن إبراهيمَ اللَّمْتُونيُّ في ذي الحجة عامَ اثنينِ وستينَ وأربع مئة فألفَى بها قاضيًا أبا الحَجّاج هذا على القَرَويِّينَ منها فنقَلَه إلى قضاءِ مِكناسةِ الزّيتون ثم بعدَ بُرهة من الزمان قدَّمه لقضاءِ الجماعة بمَرّاكُش -أرى ذلك في عام أربعةٍ وسبعينَ وأربع مئة- وأجاز معَه إلى جزيرةِ الأندَلُس، وحضَرَ معَه الزَّلّاقةَ عامَ تسعةٍ وسبعينَ وأربع مئة، وكان عندَه حظِيًّا مقبولَ الإشارة معتمَدَ الرأي مسموعَ القول. وكان معَه أبو عبد الله محمدُ بن سَعْدون بن عليّ القَيْروانيُّ (¬2) يَعزِلُ برأيِهما جميعًا منَ أشارا عليه بعَزْلِه [من القضاة ويُبقي] من أشارا عليه بإبقائه. ولمّا وَرَدَ الخبَرُ من الصّحراء [بموتِ أبي بكر بن عُمر بن] إبراهيمَ اللَّمْتُونيِّ، وكان الأميرُ يوسُفُ بن تاشَفين بن إبراهيمَ [غازيًا في مكانٍ] يُعرَفُ بفَجّ ¬

_ (¬1) تقدمت ترجمته في هذا السفر رقم (50). (¬2) ترجمته في ترتيب المدارك 8/ 112، والصلة البشكوالية (1322)، وتاريخ الإسلام 10/ 549 وغيرها.

227 - يوسف بن عيسى بن عمران بن دافال المكناسي ثم الوردميشي، مراكشي، أبو يعقوب، ابن عمران

الصّاري عقَدَ له أبو الحَجّاج هذا الإمارةَ [وبايَعَه] أُمراءُ لَمْتونةَ ومَن معَهم من لمتُونةَ وسائرُ أجنادِ المغرِب، وذلك في عام [....] (¬1). [ولم يزَلْ أبو الحَجّاج] هذا قاضيًا يَرحَلُ إليه طلَبةُ العلم من فاسَ وغيرِها ومن بلادِ المَصامِدة [يدرِّسُ] الفقهَ وَيروي الحديثَ، وكذلك إذا مشَى إلى فاسَ بلدِه يؤخَذُ عنه [العلمُ روايةً] وتفقُّهًا إلى أن خَرَجَ مرّةً من مَرّاكُش قاصدًا فاسَ فتوفِّي بتونين (¬2) قريبًا من مَرّاكُش فرُدَّ ميِّتًا إلى مَرّاكُش فدُفن بها ثم نُقلَ إلى فاس، وذلك في أواخِر عام اثنينِ وتسعينَ وأربع مئة. وكانت وفاتُه في ذي القَعْدة منها، ومولدُه في ذي القَعْدة من عام سبعةٍ وعشرينَ وأربع مئة، وقيل: ليلةَ عاشوراءَ عامَ ثمانيةٍ وعشرينَ وأربع مئة. 227 - يوسُفُ (¬3) بن عيسى بن عِمرانَ بن دافَالَ المِكْناسيُّ ثم الوَرْدميشي، مَرّاكُشيٌّ، أبو يعقوبَ، ابنُ عِمران. تفقّه بأبيه وغيره من أهل بلدِه. استُقضيَ بفاسَ وبغيرِها فحُمِدت سيرتُه. ¬

_ (¬1) بياض في الأصل، وتاريخ وفاة الأمير أبي بكر مختلف فيه؛ ففي روض القرطاس والعبر والاستقصا أنها كانت عام 480 هـ وفي البيان المغرب أنها كانت "في سنة ثمان وستين وأربع مئة" وهذا ما يستفاد أيضًا من الحلل الموشية، وفي نهاية الأرب أنها كانت عام 462 هـ والتاريخ الأول هو المعتمد. أما فج الصاري الوارد في هذا النص فيقع بطرف جبل حبيب بن يوسف بين سبتة وطنجة (انظر البكري: 107، 115)، وفي هذا النص معلومات جديدة لا توجد في المصادر التاريخية المعروفة. (¬2) ذكرها الإدريسي في نزهة المشتاق في أول المراحل بين مراكش وسلا وقال: "وتونين: قرية على أول فحص أفيح لا عوج به ولا أمتًا ... " ولم يبق هذا الاسم اليوم، ويقدّر بعضهم أنه المكان المعروف اليوم باسم سيدي بوعثمان. (¬3) تقدمت ترجمة والده في هذا السفر رقم (44)، وترجمة المترجم في التشوف 349.

228 - يوسف بن عيسى بن لب، سلوي شريشي الأصل، أبو عيسى الشريشي

228 - يوسُفُ (¬1) بن عيسى بن لُبّ، سَلَويٌّ شَرِيشيُّ الأصل، أبو عيسى الشَّرِيشيُّ. رَحَلَ إلى الأندَلُس فرَوى بها عن أبي الحَجّاج يوسُفَ بن عبد الله الغافقيِّ، وإلى المشرق فأخَذ بالإسكندَريّة عن أبي عبد الله الكَرْكَنْتيّ، وبمِصرَ عن أبي الفضل محمد بن يوسُفَ الغَزْنَويّ، وتجوَّل كثيرًا هنالك واستكثَرَ من لقاءِ الشيوخ والأخْذِ عنهم، وحَجّ. رَوى عنه أبو بكرٍ عتيقُ بن الحَسَن بن مكسورِ الجَنْب، وأبو الحَجّاج ابنُ الفَتْح الباجِيّ، وأبو الحَسَن الشارِّيّ، وأبو العبّاس بنُ هارون. وكان فقيهًا حافظًا متقدِّمًا في معرفةِ الكلام وأصُولِ الفقه، ودرَّس ذلك كلَّه، وكان محرِّضًا على نَشْر العلم وبثِّه حريصًا على طلبِه حسَنَ اللقاءِ جميلَ العِشرة بَرًّا بإخوانِه وأصحابِه مائلًا إلى طريقةِ التصوُّف موصُوفًا بدينٍ متِين وفضلٍ وحُسن مشاركة. توفِّي بسَلا سنةَ تسع وعشرينَ أو ثلاثينَ وست مئة. وكان له ابنٌ اسمُه عيسى وبه كُنِيَ. 229 - يوسُفُ (¬2) بن محمد بن المُعزِّ المُكّلانيُّ، فاسيٌّ، أبو الحَجّاج، الأحدَب، ولم يكن أحدَب. [أخَذَ عِلمَ الكلام] وأصُولَ الفقه عن أبي الحَجّاج بن نَمَويّ [وأبي عبد الله ابن الكَتّانيّ]. ¬

_ (¬1) لم نقف على ترجمته عند غير المؤلف، وانظر ما هي صلته بالشريشيين السلويين: أحمد بن محمد البكري (الذيل والتكملة رقم 543) وولداه: تاج الدين الشريشي المتصوف المشهور (الإعلام للمراكشي 1/ 143 - 146) وأبو زكريا يحيى قاضي الجماعة في عهد المرتضي، وثمة شريشي سلوي آخر هو أبو علي الشريشي البكاي (المتشوف رقم 70). (¬2) لم نقف له على ترجمة عند غير المؤلف.

رَوى عنه أبو إسحاقَ بنُ قَسُّوم، وأبو بكرٍ ابنُ الجَدّ [وأبو حَفْص التِّلِمْسينيُّ] الشَّهيد، وأبَوا عبدِ الله: ابنُ أحمد الرُّنْديُّ وابنُ عيسى [... .] وأبو العبّاس بنُ هارون، وأبو عليّ الحَسَن بن أبي الحَسَن الماقريُّ، [وأبو محمد حَسَنُ بن] أبي الحَسَن ابن القَطّان شيخانا. وكان أحجَّ المَهَرةِ في عِلم الكلام [وأصُول الفقه] متحقِّقًا بالفنَّيْنِ مُشاركًا في غيرِهما من فنونِ العلم مشاركةً حسَنةً، [منقطعًا إلى] النظر، متفرِّغًا له، لم يكنْ له قطُّ أهلٌ ولا ولد، جيّدَ التعليم لمن عَلِمَ منه [الحِذْقَ] والجِدَّ في التعلُّم. وكان يتجاوزُ الاقتصادَ في أحوالِه إلى حيِّز الإقتار على اتّساع حالِه وكثرة فوائدِهِ وغزارةِ مالِه. دخَلَ الأندَلُس مرّتَيْن، أولاهما: صُحبةَ رِكَاب المنصور من بني عبد المؤمن عامَ أحدٍ وتسعينَ وخمس مئة (¬1)، وفيها عَرَفَه المنصورُ ونَبَّه عليه فقرَّبَه وأدناه وألزَمَه حضورَ مجلسِه معَ طلبةِ العلم وأحسَنَ إليه. وأُخْراهما: معَ ابنِه الناصِر عامَ سبعةٍ وست مئة (¬2). ودرَّس في المرّتَيْن، وعَظُم صِيتُه عندَ أهل الأندَلُس وجَلَّ قَدْرُه وتنافَسوا في الأخْذِ عنه والازدحام بمجلسِه. وكانت بينَه وبينَ أبي الحَسَن ابن القَطّان مُنافرةٌ شديدة ومقاطعةٌ مشهورة، وعلى ذلك فقد صَدَرَ عنه في جانبِ أبي الحَسَن ما فيه أصدقُ دِلالةٍ على حُسن دفاعِه وكرَم طِباعِه. قُرئَ على أبي الحَسَن ابن القَطّان يومًا في مُدّة العادل وهُو على الحال المتقدِّم صفتُها في رَسْمِه (¬3) حديثٌ من "أعلام النبوّة"، فتكلَّم عليه أبو الحَسَن ¬

_ (¬1) في هذا التاريخ كان جواز المنصور إلى الأندلس الذي أسفر عن غزوة الأرك (انظر تفصيل هذا في البيان المغرب (الموحدين): 192 وما بعدها). (¬2) انظر حركة الناصر في هذه السنة في البيان المغرب 236 (قسم الموحدين). (¬3) راجع ترجمته في هذا السفر رقم (10).

بما حضَرَه في مضمَّنِه ثم خَتَم الخَوْضَ فيه بأنْ قال: هذا من صَفاءِ باطن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وشفِّ جوهرِه، في كلام نحوِ هذا، فنُسِبَ إليه القولُ باكتساب النُّبوّات، وجَرَتْ في ذلك طائفة من ثالِبيه والطاعنينَ عليه وتألَّبوا وكتَبوا رَسْمَيْن: استَرْعَوا في أحدِهما شهادةَ الشهود بمقالتِه تلك، واستَدْعَوا في الآخَر فتاوى أهلِ العلم في قائل تلك المقالة، وأطالوا في ذلك وأعرَضوا، ونَسَبَه معظَمُ الفُروعيِّينَ إلى البدعة، وكفَّره آخَرون منهم، وأجمَعَ المتألِّبونَ عليه أنه لا يتمُّ لهم الغَرَضُ من هذا العمل إلا بفُتْيا أبي الحَجّاج المُكَلّاتيِّ هذا، وقالوا: هو لا شكَّ عدوُّه المُناصِبُ له، وسيغتنمُ هذه الواقعةَ للظفرِ به والنَّيْل منه، فتوجَّهوا بالرَّسمَيْنِ إليه [سائلينَ حُكمَ الله فيه] واثقينَ منه بأنه يوجبُ قتلَه أو معاقبتَه العقوبةَ الشديدة، [فلمّا نَظَرَ فيهما] لم يتوقَّفْ عن تمزيقِهما وإعدامِهما البتّة وأنْحى على الساعينَ [في ذلك بأشدِّ اللّوم، وبالَغَ في] توبيخِهم وتقريعِهم، ونال منهم أقبحَ مَنال، ثم قال لهم: يا سيِّئي النظر [وقليلي العقل، تعمَدون] إلى أجلِّ شيوخِكم وأشهرِ علمائكم وقد عَلِمتُم صِيتَه في الآفاق بأنه [وقَفَ حياتَه] واشتُهر طولَ عمُرِه في خدمة السُّنة وعلوم الشريعة حتى صار من أئمتِها [والسابقينَ] في ميدانِ المعرفة بها، وخَوْضُه أبدًا إنّما هو معَ جِلّة حَمَلتِها وعُظماءِ نقَلتِها [من عهدِ الصّحابة] رضوانُ الله عليهم إلى عصرِنا هذا، وتتعرَّضونَ إليه بمثل هذا السّعي القبيح؟! فما [الذي] تفعلونَ غدًا أو بعدَ غَدٍ معي أو معَ أمثالي ممّن لا يَعمُرُ مجالسَه أبدًا إلا بالنظر معَ القَدْريّة والخوارج والشِّيعة والرافضة والمعتزِلة والكَرّاميّة والإباضيّة والإماميّة والإبراهيميّة (¬1) وغيرِهم من الفلاسفة وأهل الأهواءِ والبِدَع الحائدينَ عن مذاهبِ أهل السُّنة ولا [يَشتغلُ إلا] في ضَرْب بعضِ أقوالِهم ببعض؟! اذهبوا خيَّبَ اللهُ سَعْيَكم وأراحَ الإسلامَ والمسلمينَ منكم. فانقَلَبوا خائبينَ وأكبَروا ذلك من فعلِه وعَظُمَ تعجُّبُهم منه، وعَمَرَ الناسُ بهذه الأُحدوثة الحَسَنة ¬

_ (¬1) كذا في الأصل ولعلها: والإسماعيلية.

230 - يوسف بن محمد بن يوسف القيرواني، قلعي، قلعة بني حماد، توزري الأصل، أبو الفضل، ابن النحوي

[مجالسَهم] مدّة طويلة، وسَكَنَ قلقَ أبي الحَسَن ودَفعَ اللهَ عنه بفعل هذا الشَّيخ ما كان يتوقّعُه من سُوءِ مَغَبّة ذلك التشنيع الرّديء، وحُفِظت هذه الفَعْلةُ مأثُرةً كبيرةً من أبي الحَجّاج هذا، وكثُر تناقُلُ الناس إياها وشُكرُ أهل العقل والفَضْل إياه عليها. وله مقالاتٌ ومصنَّفاتٌ وجيزةٌ ومتوسطة، وأجوِبةٌ عن مسائلَ كان يُسألُ عنها في عِلم الكلام وأصُول الفقه، ومنها: "لُبابُ المعقول، في عِلم الأصول" (¬1). واستَقْضاهُ المستنصِرُ من بني عبد المؤمن على بلدِ نَفّيس (¬2)، وأقَرّه مَن أتَي بعدَه منهم عليه، فاستمرَّت ولايتُه القضاءَ إلى أن توفِّي بمَرّاكُش ليلةَ الجُمُعةِ الحاديةِ والعشرينَ لذي قَعْدةِ عام ستٍّ وعشرينَ وست مئة (¬3). ولم يتخَلَّفْ لنفسِه نظيرًا فيما كان ينتحلُه من العلوم. 230 - يوسُفُ (¬4) بن محمد بن يوسُفَ القَيْروانيُّ، قَلْعيٌّ، قَلْعةَ بني حَمّاد، تُوزَريُّ الأصل، أبو الفضل، ابنُ النَّحْوي. ¬

_ (¬1) نشر هذا الكتاب في مصر بعناية الدكتورة فوقية حسين سنة 1977 م عن نسخة وحيدة محفوظة في خزانة القرويين بفاس، وفي مقدمة الكتاب يذكر المكلاتي أنه ألفه بناءً على طلب أحد العلماء، ذكر له أن المذاهب الفلسفية بقطره حاجة مفرطة الشياع، مشهورة البيع والابتياع، والاجتماع على التذاكر فيها والتعظيم لمنتحلها منكشف القناع. وذكر أبو الحسن الرعيني في برنامجه أنه قرأ على أبي زيد الفازازي طررًا رد بها على المكلاتي (برنامج الرعيني: 103). (¬2) كان بلد نفيس في عمر الموحدين بلدًا عامرًا (انظر الروض المعطار 578، ورحلة العبدري: 159). (¬3) الذين أتوا بعد الناصر حتى هذا التاريخ هم: عبد الواحد المخلوع، وعبد الله العادل، والمأمون. (¬4) ترجمه العماد في الخريدة 1/ 325، وابن الأبار في التكملة (3500) وفي تحفة القادم (8)، والذهبي في المستملح (902) وتاريخ الإسلام 11/ 213، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 362، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 552، وغيرهم. وهو صاحب القصيدة المشهورة التي مطلعها: "اشتدي أزمة تنفرجي" التي عني الناس بحفظها وشرحها ومعارضتها وتخميسها.

رَوى عن أبي الحَسَن اللَّخْميُّ وأبي زكريّا الشِّقراطسيِّ، وأبي عبد الله المازَريّ، وعبد الجليل الرَّبَعيّ. رَوى عنه أبو الحَسَن [ابنُ] إسماعيل بن حرزهُم (¬1)، وأبَوا عبد الله: ابنُ عبد المُعطي الأَذَنيُّ [وأبو عِمرانَ] ابنُ حَمّاد الصُّنْهاجيُّ، وأبو بكر ومحمدٌ ابنا [مخلوفِ بن خَلَف الله]. وكان متقدِّمًا في المعرفة بعلم الكلام وأصُول الفقه [يَميلُ إلى النظر والاجتهاد] ولا يَرى التقليدَ، ولمّا لقِيَ أبا الحَسَن اللَّخْميَّ سألهُ: ما جاء بك؟ [فقال: جئتُ] أنسَخُ كتابَك "التبصِرة"، فقال له: إنّما تريدُ أن تحمِلَني في كُمِّك (¬2) إلى المغرِب، [أو كلامًا هذا] معناه، يشيرُ إلى أنّ عِلمَه كلَّه في هذا الكتاب. وكان من أهل الفَضْل [يَهتدي بهَدْي] السَّلَف الصّالح، ذا حَظّ من الأدب وقَرْض الشّعر (¬3)، وكلامُه كلُّه جَزْلٌ عَوِيص على الفَهْم عسيرُ الإفادة، ومن نَظْمِه في تارِك الصلاة [من الكامل]: في حُكم مَن ترَكَ الصّلاةَ ... وحُكْمُهُ إنْ لم يُقرَّ بها كحُكم الكافرِ وإذا أقرَّ بها وجانَبَ فعلَها ... فالحُكمُ فيه للحُسام الباترِ ومن الأئمةِ من يقولُ بكُفرِهِ ... يَقضي له في حُكمِه بالظاهرِ وأبو حنيفةَ لا يقول بقتلِهِ ... ويقول بالضّربِ الوجيعِ الزاخرِ هذي رواياتُ الأئمة كلُّها ... وأجَلُّها ما قلتُهُ في الآخِر المسلمونَ دماؤهمْ معصومةٌ ... حتى تُراقَ بمستبينٍ باهرِ مثلَ الزِّنى والقتلِ في شَرْطَيْهما ... وانظُرْ إلى ذاك الحديثِ السائرِ ¬

_ (¬1) سقطت [بن] وتحرفت حرزهم إلى جوهر في الأصل. (¬2) كذا في الأصل وفي مصادر أخرى: "في كفك"، وهما بمعنى. (¬3) انظر بعض شعره في تحفة القادم لإبن الأبار ص 9، والخريدة للعماد 4/ 1: 406 - 407.

وأخبَرني الإمامُ الأوحد تقيُّ الدِّين أبو الفَتْح محمدٌ ابن الإمام مَجْد الدِّين أبي الحَسَن عليّ بن وَهْب بن مُطيع بن أبي الطاعة القُشَيريُّ ابنُ دَقِيق العِيد مُكاتبةً من مِصْرَ (¬1)، قال: أنشَدَني الفقيهُ المفتي هارونُ بن عبد الله بن هارون بن الحُسَين بن أحمدَ المَهْرانيُّ قديمًا، قال: أنشَدَني الفقيهُ الإمام العالِم أبو الحَسَن ابن المُفَضَّل المقدِسيُّ لنفسِه (¬2) [من الكامل]: خَسِرَ الذي تَركَ الصّلاةَ وخابا ... وأبَى معادًا صالحًا ومآبا إن كان يَجْحَدُها فحَسْبُك أنهُ ... أمسَى بربِّك كافرًا مُرتابا أوكان يترُكُها لنوع تكاسُلٍ ... غَشّى على وجهِ الصوابِ حِجَابا فالشافعيُّ ومالكٌ رَأَيا لهُ ... -إن لم يَتُبْ- حَدَّ الحسام عِقابا ومن الأئمّة من يقولُ بأنهُ ... لا يُنتهى عنهُ وإن هُو تابا إيهٍ ومنهم من يقولُ بقتلِهِ ... كُفرًا ويَقطَعُ دونَهُ الأسبابا وأبوحنيفةَ قال يُترَكُ مرّةً ... هَمَلًا ويُحبَسُ مرّةً إيجابا والظاهرُ المشهورُ من أقوالِهِ ... تأديبُهُ زَجْرًا لهُ وعقابا والرأيُ عندي أن يؤدِّبَه الإما ... مُ بكلِّ تأديبٍ يراهُ صَوابا ويكُفَّ عنه القتلَ طولَ حياتِهِ ... حتى يُلاقي في المآبِ حسابا فالأصلُ عِصمتُه إلى أنْ يَمتطِي ... إحدى الثلاث إلى الهلاكِ ركابا: الكُفْرَ أو قتلَ المكافئ عامدًا ... أو محُصَنٌ طَلَبَ الزّنى فأجابا (¬3) ¬

_ (¬1) يبدو أن مكاتبة ابن دقيق العيد للمؤلف جاءت بعد أن عرّفه به العبدري (انظر رحلته ص 140 وسنده في هذه المنظومة ص 143 - 144). (¬2) هو علي بن المفضل المقدسي المتوفى سنة 611 هـ. (¬3) وردت هذه القصيدة في رحلة العبدري، ودرة الحجال 2/ 185 ومنها أكملنا المحو الموجود في نسختنا.

231 - يوسف بن مبشر الصنهاجي

وممّا شاع من نَظْم أبي الفَضْل القصيدةُ المسَمّاة: أُمَّ الفَرَج التي مطلَعُها [من المتدارك]: * اشتدّي أزمةُ تنفَرِجي * وهي قصيدةٌ مشهورةٌ كثيرةُ الوجود بأيدي الناس ولم يزالوا يتواصَوْنَ بحفظِها ويتجافَوْنَ عما حَواه معظمُها من حُوشيِّ لفظِها (¬1). توفِّي أبو الفَضْل بقلعةِ حَمّاد في محرَّم ثلاثَ عشْرةَ وخمس مئةٍ ابنَ ثمانينَ سنة. 231 - يوسُفُ بن مُبشَّر الصُّنهاجيُّ. رَوى عن أبي الحَسَن شُرَيْح. 232 - يوسُفُ (¬2) بن المُنتصِر الصُّنهاجيُّ، من بعضِ بلادِ العُدوة، سَكَنَ غَرْناطةَ، أبو الحَجّاج. رَوى عن أبي محمد بن أيّوب الشاطبيِّ سنةَ إحدى وعشرينَ وخمس مئة. وكان من أهل العلم والنّزاهة. 233 - يوسُفُ (¬3) بن موسى بن إبراهيمَ الهَوّاريُّ، مَهْدَويٌّ سَكَنَ مَرّاكش، أبو الحَجّاج، ابنُ لاهية - وهي أَمَةٌ اجتَلَبَها الناصِرُ من المَهْديّة حين فتَحَها سنةَ [اثنتينِ] (¬4) وست مئة. ¬

_ (¬1) عني الناس بحفظ المنفردة وشرحها وتخميسها ومعارضتها. انظر تخميس أبي عبد الله المصري في رحلةٌ العبدري: 52 - 59. وممن شرحها أبو العباس النقاوسي وسمي شرحه "الأنوار المنبلجة في بسط المنفرجة" (كشف الظنون)، وانظر منفرجة ابن يجبش التازي في معارضتها في درة الحجال 2/ 149. (¬2) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3501). (¬3) لم نقف له على ترجمة عند غير المؤلف، وقد تقدم ذكر اسمه في السفر الأول، وسترد له قطعة شعرية في ترجمة نجم الدين المازندراني الآتية، ويذكر اسمه خلال بعض التراجم في هذا الكتاب، وقد يتحرف اسم لاهية إلى لامية. (¬4) بياض في الأصل، وقد فتحت المهدية بعد حصار في يوم السبت 29 جمادى الأولى سنة 602 هـ انظر تفصيل حضارها في البيان الموحدي: 220 - 224.

رَوى عن أبي الحَسَن ابن القَطّان، وأبي عبد الله بن عبد الله ابن الصَّفّار، وأبي القاسم عبد الرّحمن بن إسماعيلَ ابن الحَدّاد وغيرِهم. رَوى عنه غيرُ واحدٍ من طلبة العلم بمَرّاكُش. وكان ماهرًا في علوم اللّسان أدبًا ولغةً ونحوًا، درَّسَها أحيانًا، شاعرًا مُحسِنًا، كاتبًا بليغًا نبيلَ الأغراض في كلِّ ما يُحاولُ نظمًا ونثرًا، حسَنَ الصّوتِ بالقرآن والشّعر، يأخُذُ بمجامع القلوب متى تلا القرآنَ أو أنشَدَ الشّعر، وكان إذا حَضَرَ معَ الشّعراء للإنشاد بين يدَيْ ملوكِ عصرِه يرغَبُ إلى نقيبِ الطّلبة في إرجائهِ إلى آخرِهم، فإذا أنشَدَ آخِرًا أنسَى بطيب نغمتِه وإحسانِ إنشادِه كلَّ إحسانٍ تقَدَّم به غيرُه من مجُيدي الشّعراء، على أَنه لم يكنْ مقصِّرًا عنهم فتكونُ المجالسُ له أبدًا. وله رسالةٌ أدرَجَ فيها شواهدَ "كتاب سِيبوَيْه" على طريقةِ أبي الحَسَن ابن حَرِيق في أبياتِ "الجُمَل" (¬1) شهِدَت بالجَمْع بين قوّة الاقتدار وجَوْدة الانطباع وقفتُ عليها بخطِّه. وله في ترتيبِ [حروفِ كتاب "العَيْن"] (¬2) ونَقلتُه من خطِّه [من مخلع البسيط]: ... ... غرامُه قادَهُ كئيبا ¬

_ (¬1) راجع السفر الخامس (الترجمة 553) واسم رسالة ابن حريق: "الرسالة الفريدة والأملوحة المفيدة". وهي موجودة مخطوطة. (¬2) ما بين الحاصرتين محو في الأصل، وأكملنا اسم الكتاب اعتمادًا على ما بقي من ترتيب الحروف، ولإبراهيم ابن أصبغ في ترتيب حروف كتاب العين للخليل: عذبني حلو هوى خضته ... غواية قائدة كربي جالبة شوق ضلوع صبت ... ساحرة زاجرة طبي دوسية تيمني ظبيها ... ذوب ثناياه رضا لبي ناولني فاه بلا مانع ... واضحة إحسانها يربي قال ابن الأبار: وهو أحسن ما قيل فيه على كثرته (تحفة القادم: 132).

صبر سَقامُه زاجرٌ طبيبا ... ... شبيهُه رافعًا لهيبا ... ... محمودُ وَصلِك أن يَؤوبا قال المصنِّف: أخَلَّ بترتيب بعض عَجُز هذا البيت الآخِر، وذلك بتقديم الواو وحقُّها أن تكونَ بعدَ الياء وَتوسيطِ الهمزة فقلت [من مخلع البسيط]: نافَرْتَني فجسمي يُعادي ... محمودَ أُنس يقي وَجيبا وله في ترتيبِ حروف "تاج اللّغة وصِحاح العربيّة" (¬1) لأبي نَصْر إسماعيلَ ابن حَمّاد النَّيسابُوريِّ الجَوْهريّ وما جَرى مَجْراه، وقد تقَدَّم في صَدْرِ هذا الكتاب أنه الترتيبُ المُحكَم والذي وَضَع المتقدِّمون ومَن وُفِّق باتّباعِهم من المتأخِّرينَ عليه كتبهم وعليه رَتّبتُ كتابي هذا، فقال: ونقلتُه من خطِّه [مشطور الرجز]: أحبِبْ ببدرٍ تائهٍ ثناني ... جَمالُهُ حَليفُ خِلٍّ دانِ ذكْرُه راحي، زهرُه بستاني ... شَرَّد صبري ضامرٌ طواني ظبيٍ على غُرّتِه فَتّانِ ... قلبي كواهُ ليْتَهُ يُداني وهذا الترتيبُ بين الواوِ والهاءِ والياء يَنْخرمُ في أبوابِ "الصِّحاح"؛ لأنّ مصنِّفَه جعَلَ الواوَ والياء في بابٍ واحد بعدَ الهاء ويَطّردُ في فصولِ الأبواب وفي سائر الكتُب المشارِ إليها، وقد تقَدَّم مثلُ هذا الترتيبِ لأبي عِمرانَ ابن المُناصِف في رَسْمِه (¬2). ولي فيه ونظمتُه في بيتَيْنِ، وعُذرُ التكلُّف في مثلِهما لا يخفَى على منصف [من الطويل]: ¬

_ (¬1) انظر أبياتًا في ترتيب حروف الصحاح في نفح الطيب 6/ 265. (¬2) لا يوجد شيء مما يشير إليه المؤلف في ترجمة ابن المناصف انظر رقم (177).

234 - يوسف بن يحيى بن الحاج علي بن عبد الواحد بن غالب المهري، سلوي سكن قصر عبد الكريم مدة ومالقة مدة أخرى وسجلماسة أخرى، واستوطن بأخرة أغمات وريكة، أبو يعقوب، ابن الجنان

ألِمَّ برَوْضي تَجْنِ ثَمَّ جَنَى حيَا ... خلا دَرَّ ذي رَيٍّ زكا سَقْيُه شُرْبا صَفا ضِمْنَ طَلٍّ ظَلَّ عندَ غِنًى فَشَا ... قِرًى كِيلَ لي من نَهْي وَدْقٍ هَمَى سُحْبا توفِّي أبو الحَجّاج بمَرّاكُشَ سنةَ تسعٍ وأربعينَ وست مئة. 234 - يوسُفُ بن يحيى بن الحاجِّ علي بن عبد الواحِد بن غالبِ المُهْريُّ، سَلَويٌّ سَكَنَ قَصْرَ عبد الكريم مدّةً ومالَقةَ مدّةً أخرى وسِجلْماسةَ أخرى، واستَوطنَ بأخَرةٍ أغماتِ وريكة، أبو يعقوب، ابنُ الجَنّان. رَوى عن شيوخ [عصرِه. وكان كاتبًا] شاعرًا سَيّالَ القريحة في الطريقتَيْنِ متوسِّطَ [النَّظْم، أسرَعَ الناس] كَتْبًا وأدومَه. أخبرَني أنه نَسَخَ "التقريبَ" لإبن حَرْب (¬1) [في القراءاتِ في] يوم واحد، وأنه دأبَ صَدْرَ عمُرِه على نَسخ عشرينَ ورقةً من [الوَرَق الكبير] وسُطورُ كلِّ صفحة منها سبعةٌ وعشرون سطرًا في كلِّ يوم، [ولا يتخلَّفُ عن عادتِه, وشاهدتُ] له من ذلك ما يَقضي منه العجَبَ. وكان أبدًا يَكتُبُ عن الولاةِ ويَقعُدُ [في دُكّانِه] لعَقْدِ الشروط، ويَكتُبُ أزمّةَ المجابي السُّلطانيّة، وهو معَ هذا كلّهِ [دائبُ] النَّسخ، فقلَّ كتابٌ مستعمَلٌ مشهورٌ إلّا نَسَخَه. ولقد رأيتُ له ممّا نَسَخَ معَ اشتغالِه بما ذُكِر أزَيدَ من مئة مجلَّد في مدّة ليست بالمديدة. ¬

_ (¬1) عندنا مقرئان ينتهي نسبهما إلى حرب ولكل منهما كتاب في القراءات اسمه "التقريب" أحدهما أحمد بن محمد بن سعيد بن حرب اللخمي الإشبيلي ويكنى أبا العباس المسيلي كان حيًّا سنة 539 هـ. وصنف في القراءات السبع مختصرًا نبيلًا أسماه "التقريب". والآخر عيسى بن محمد بن فتوح بن فرج بن خلف بن عياش بن وهبون بن فتحون بن حرب الهاشمي البلنسي وكنيته أبو الأصبغ ابن المرابط (ت 552 هـ) وله في رواية ورش مصنف سماه "التقريب والحرش، في قراءتي قالون وورش" ويسمى اختصارًا "التقريب". ولا نعرف أي الرجلين والكتابين يقصد المؤلف هنا والكتاب الثاني أشهر من الأول. انظر السفر الأول، الترجمة 631، والخامس، الترجمة 946، ورحلة ابن رشيد 2/ 87 (ط. تونس) وبرنامج التجيبي: 45.

وكتَبَ عن عبد الكريم بن عِمرانَ (¬1)، وعن [عبد الله بن عليّ] بن زَنّون (¬2) أيامَ تأمُّرِه بمالَقةَ. حضَرتُ معَه يومًا قريبَ الزَّوالِ بمجلسِ أبي عليّ عُمرَ ابن الفقيه أبي العبّاس بن عثمانَ بن عبد الجَبّار بن داودَ المَتُّوسيِّ المِلْيانيّ (¬3) وهو والٍ بأغْماتِ وريكة، فذَكَرَ أنه كان ثالثَ ثلاثةٍ كُتّاب لإبن زَنُّون هو أحَدُهم، وأبو عبد الله الإسْتجِيُّ (¬4)، وأبو عليٍّ ابنُ ستِّ الدار (¬5) المذكوران في موضعَيْهما من هذا الكتاب، قال: وكان لإبن زَنّونَ خاتَمٌ يطبَعُ به كتبه لا يُفارقُه من دَواتِه ¬

_ (¬1) تقدم التعريف به في ترجمة أبي الحسن الشاري رقم (12) وقد كان قاضيًا ببلده قصر عبد الكريم، ومن الممكن أن يكون المترجم كتب عنه أثناء مقامه بهذه المدينة. (¬2) تأمر أيامًا بمالقة بعد انتهاء حكم الموحدين في الأندلس، له ترجمة في أعلام مالقة (85)، ومنها نقل مؤلف المرقبة العليا 114، 123. (¬3) هو ولد الفقيه أبي العباس الملياني الذي انتهت إليه رئاسة الشورى ببلده مِلْيانة. وترجمته في عنوان الدراية: 109 - 110، والعبر لإبن خلدون 6/ 657، وتعريف الخلف: 37، ونيل الابتهاج: 63 وكفاية المحتاج (مخطوط)، أما ولده أبو علي فقد ثار على الحفصيين في مليانة وبعد حصار دام مدة فر أبو علي إلى المغرب الأقصي ولجأ إلى السلطان يعقوب بن عبد الحق فأقطعه بلد أغمات وقد اشترك في غزوة جبل تينمل التي استؤصل فيها بقية الموحدين وكان منه الافتيات المشهور في نبش قبور الخلفاء تزلفًا أو انتقامًا، وفي عهد السلطان يوسف بن يعقوب بن عبد الحق استعمل على جباية المصامدة وسعى به مشيختهم أنه احتجن المال لنفسه فحوسب وأقصي واعتقل وهلك سنة 686 هـ واصطنع السلطان ابن أخيه أبا العباس واستعمله في كتابته ولكنه خان الأمانة وتسبب في تلك الفتكة المعروفة التي قتل فيها مشيخة المصامدة انتقامًا لعمه. وترجمته في الإحاطة 1/ 284 ومستودع العلامة، وانظر تفصيل أخبار الملياني المذكور عند المؤلف، في العبر 6/ 656 - 657، 7/ 401، 479 والاستقصا 3/ 42، 77. وتجدر الإشارة إلى اغتيال العبد سعادة من عبيد الملياني للسلطان يوسف، وهذه الفذلكة التي ذكرها المؤلف تضيف جديدًا لا يوجد عند غيره. (¬4) تقدمت ترجمة الإستجي في السفر السادس (694). (¬5) تقدمت ترجمته في هذا السفر (34).

ولا تُطبَعُ به كُتُبٌ إلّا بحضرتِه فأمَرَ ذاتَ يوم بكُتُب واستَعْجَلَ كُتّابَه الثلاثةَ فيها وانصَرفَ إلى منزلِه، فلمّا فرَغوا من كَتْبِها أرادوا إعلامَه بذلك ليَحضُرَ على خَتْمِها جَرْيًا على عادتِه، فأرادوا مطالعتَه في ذلك بكَتْبِ بطاقةٍ نثرًا، فقال لهم أبو عبد الله الإسْتِجيُّ: إنه لَيَقبُحُ بنا أن نكونَ أدباءَ شُعراءَ معَ أنّ مخدومَنا يَستحسِنُ الشّعرَ ويهتزُّ لسماعِه (¬1) ونُخاطبَه في مثل هذا بالنثر، قال: فقلنا له: أنت كبيرُنا ومقَدَّمُنا فابدَأْ لنا ما نتّبِعُك عليه ونَحْذو حَذْوَكَ فيه، فقال [من الكامل]: نُسِجَتْ بُرودُ الكُتْبِ وِفْقَ مُرادِكمْ ... فأتَتْ مفَوَّفةً بخطٍّ بارعِ وكتبَه في بطاقةٍ ودفَعَها إلى أبي عليّ، فزاد عليه بخطِّه [من الكامل]: وجَمالُها طُرُزٌ لكي تزهى بهِ ... وطِرازُها يا ذا العُلى بالطابَعِ ودفَعَ إليّ البطاقةَ فزِدتُ عليهما وكتبتُه بخطِّي [من الكامل]: فالخَتْمُ للمكتوبِ تكرِمةٌ لهُ ... وكذا رَويناهُ عنَ اكرمِ شافعِ (¬2) [فلمّا وَجّهناها معَ من] أوصَلَها إليه خرَجَ إلينا مستبشِرًا مبتسمًا [والدّواةُ التي] فيها الطابَعُ محمولةٌ بينَ يدَيْه فدفَعَه إلينا فطبَعْنا [به الكُتُبَ وأُعيدَ إلى] موضعِه على جاري العادة. وحضَرَ لإيرادِ هذه الحكاية [بعضُ مَن] يغشَى مجلسَ أبي عليّ أو يتردَّدُ إليه وله حَظّ من الأدب وقَرْض [الشّعر، ومنهم]: قريبُه (¬3) أبو عبد الله ابنُ المُعزّ (¬4)، ¬

_ (¬1) في أعلام مالقة: "وكان مع ذلك مقصودًا من البلاد يرد الناس عليه من كل قطر، وينشده الشعراء فيحسن إليهم ويرفدهم، وكان عطاؤه جزلاً وهاطله ضخمًا". (¬2) إشارة إلى الأثر: "كرامة الكتاب ختمه". انظر العقد 4/ 159، والتراتيب الإدارية 1/ 177، ومحاضرات الراغب 1/ 105. (¬3) كلمة أصابها المحو في الأصل، ويمكن أن تكون أيضًا: ونسيبه. (¬4) هكذا في الأصل، وفي قصيدة ابن الجنان كما سيأتي أنه أبو محمد عبد الله ابن المعز.

وشاعرُه أبو محمد عبدُ الله (¬1) بن يحيى بن سُليمان المتراريُّ (¬2) الحاجُّ المعروفُ بالمَرّاكُشيّ وصفيُّه الحاجُّ النبيل أبو إبراهيمَ ابنُ عبد السّلام بن عُمرَ القُزُوليُّ (¬3)، فاستَظْرَفَها أبو عليّ والحاضِرونَ وأعجِبوا بها وتفاوَضوا في شأنِها ساعةً ثم قال أبو علي: ليتَ شِعري! لو كان معَهم رابعٌ ماذا كان يقول؟ وهل تُمكنُ الزّيادةُ على هذه الأبيات؟ فقال الجميعُ: إنّ المعنى قد كمُلَ ومَنَعَ الزّيادةَ، فقال: منَ المحالِ عادةً أن يكونَ معَهم رابع، ولا يَجري مَجْراهم في الإتيانِ بمثل ما أتَوْا به فخُذوا في الزّيادة عليها، وأشار بذلك إلى ابن المُعزّ وأبي محمدٍ المَرّاكُشيِّ وأبي إبراهيمَ القُزُوليّ، وأضاف إليهم ابنَ الجَنّان مورِدَ الحكاية، ¬

_ (¬1) لا نعرف عنه إلا ما ورد في قصيدة ابن الجنان المذكور آنفًا فهو أبو محمد عبد الله ابن المعز القابسي الأصل، نشأ بالشرق أي بإفريقية حسب اصطلاح معروف، وقد وصف في القصيدة المذكورة بطيب الأصل والنجابة كما نعت بأنه ذو رواية ودراية، ويُفهم من القصيدة أيضًا أنه كان يقول شعرًا غير معرب علاوة على مشاركته في الشعر المعرب. ويصف ابن الجنان شعره غير المعرب بقوله [الكامل]: يبدي لنا شعرًا قد احكم رصفه ... بعروض اخترعت [كسجع الساجع] لم يروها الأدباء عن شعرائهم ... فاعجب لأشعار بنظم [شائع] لا بالعروض ولا اللغات تسربلت ... لكن معانيها كسم ناقع تبدي لنا غرر البيان مشوبة ... بمواعظ فاضت بهن مدامع وإذا يهاجى ماجنًا كوميّنا ... يجري الدموع بكل دمع هامع طيبًا وضحكًا لا يقاس بطيب ... ....................... وهذا الشعر الموصوف يمكن أن يكون الزجل أو عروض البلد أو الشعر البدوي مما تحدث عنه ابن خلدون في المقدمة. وثمة في الأعلام القريبة أبو فارس ابن المعز الكفيف كان مقربًا عند الواثق أبي دبوس آخر الموحدين، وذلك لفصاحته (البيان المغرب: 469). (¬2) نسبة إلى مترارة ولعله هو الذي سمي في الشعر السابق الحاج الكومي، ومترارة موطن كومية. (¬3) لم نقف له على ترجمة.

وقال له: هَبْكَ لستَ أحدَ الناظمينَ المذكورينَ قبلُ، ثم عَطَفَ عليّ وطالَبَني بالموافقة لهم في ذلك ولم يكنْ رأى لي قبلُ بيتًا واحدًا ولا أشعرتُه بأنّي خُضتُ في نَظْم قَطُّ، فاستعفَيْتُه من ذلك فلم يُعفِني وقال: وما الذي يمنَعُك وموادُّ النَّظْم كلُّها عندَك عَتِيدة؟ فلا وَجْهَ لاستعفائك ولا بدَّ من مشاركةِ الأصحاب فيما خاضوا فيه، ثم قال: لا أريدُ أن أشغَلَ خواطرَكم بالنّظر في هذا عن تأنيسِنا، ولكنِ اعمَلوا على اجتماعِنا عَقِبَ العَصْر ولْيَأْتِ كلٌّ منكم بما تيسَّر له إن شاء الله، وبعَثَ بالأخْذِ في ذلك إلى أبرع من اشتَمَلت عليه أغماتُ حينَئذٍ وأسرعِهم بَدِيهةً وأشهرِهم إجادةً وتفنُّنًا أبي الحَسَن بن إسماعيل (¬1)، وأعلَمَه بالمواعدة لإتيانِ كلِّ واحدٍ بما عندَه إثْرَ العصر، ثم انصَرَفْنا، فلمّا كان بعدَ العصرِ وافَى كلٌّ منّا بما سَنَحَ له، فقال ابنُ الجَنّان [من الكامل]: الختْمُ للمكتوبِ تكرِمةٌ لهُ ... وكذا رَويناهُ عنَ اكرمِ شافعِ فابعَثْ إلينا طابَعًا نختِمْ بهِ ... عملًا بتحريضِ الرسُول الشارعِ فالمهتدونَ قدِ اقتَفَوْا آثارَهُ ... من صاحبٍ صَدَقَ المقالَ وتابعِ وقال أبو عبد الله ابنُ المُعز [من الكامل]: وحُلاكمُ منها التُّقى فلْتَشْرَعوا ... ............................. فابعَثْ أداةً طُرْزُها طُرْزُ الوَرى ... ............................. واقرُبْ بأمرِك إذْ نأيْتَ بحَجْبِهِ ... عن مُستحِثٍّ منك خَتْمَ الطابعِ وقال أبو إبراهيمَ القُزُوليّ [من الكامل]: ولأنتمُ أوْلى الأنام بأنْ يُرى ... لسبيل خَيْرِ الخَلْق أكرمَ تابعِ فأْمُرْ لمَن يأتي بخَتْمٍ عاجلًا ... لتكونَ مقتدِيًا بقولِ الشارعِ ¬

_ (¬1) تقدم التعريف به في ترجمة أبي الحسن الشاري رقم (12).

وأتَى أبو محمدٍ المَرّاكُشيُّ ببيتَيْنِ من الطويل بعيدَيْنِ عن المعنى فرَدَّه، وقلت [من الكامل]: وفي الاقتداءِ به أجَلُّ فضيلةٍ ... فابعَثْ به لتنالَ فَضْلَ التابعِ والسرُّ إنّ السِّرَّ فيه محجَّبٌ ... بالطّبع عن مستشرفٍ ومُطالعِ فلَهِجَ أبو عليّ بذلك وحَسُنَ موقعُه منه، ولم يَصلْ أبو الحَسَن بنُ إسماعيلَ للموعد عَقِبَ العصر، فطال تعجُّبُنا من ذلك وانفَضّ المجلسُ، فلمّا كان قريبُ المغرِب خَرَجَ أبو عليّ إلى مجلسِه المُطِلِّ على الساقيةِ العُظمى السُّلطانيّة المُشرِفِ على الممَرِّ الأعظم شرقيَّ الجامع، فجالستُه هنالك منفردَيْن، وكنتُ مقابلَ الممَرّ وأبو عليّ مُقبِلٌ عليّ وقد استَدْبَرَه بعضَ الاستدبار، وإذا أبو الحَسَن بنُ إسماعيلَ مُقبِلٌ، فأعلمتُ بوصُولِه أبا عليّ وقلتُ له: ما أراه إلا أتى بشيءٍ، فقَصَدَ إلى جنبِ أبي عليّ من خارج المجلس وطَرَحَ بينَ يدَيْه بطاقةً وانصَرف، فلمّا قرَأَها أبو عليّ بالَغَ في استحسانِها، وكلّما كرَّر النظرَ فيها استَجادَها، ثم دَفَعَها إليّ، فإذا فيها بعدَ الأبيات الثلاثة الأولى ما نَصُّه: وقال معظِّمُ الجَلال، ومتملّكُ الكمال مُذيِّلًا [من الكامل]: كرَمُ الكتابِ خِتامُهُ وكذاكَ قا ... ل مُفسِّرٌ للوحي غيرَ مُدافَعِ في قول بِلقيسٍ: كتابٌ جاءني ... -مَلَئي- كريمٌ أيْ بخَتْم صادعِ ويحقُّ للمُعطي صيانةُ سرِّهِ ... وَصْفُ التكرم في الكلام الشائعِ حُكمُ الشّريعة باهرٌ أنوارُها ... لذوي العقولِ كبدرِ تَمٍّ طالعِ وبعدَها: وقال متملّكُ الكمال الأوحَدُ، وصَلَ الله سُعودَه [من الكامل]: ما إنْ تزالُ تُفيدُنا يا ذا العُلا ... حِكَمًا وآدابًا بحُكمٍ نافعِ أوضحتَ للأُدباءِ نَهْجَ سبيلِهمْ ... وأبَنْتَ مَهْيَعَ كلِّ فضلٍ جامعِ ........................... ... منها تؤُمُّ إلى المدى المتشاسعِ

والسلامُ الكريم الأحفَلُ الأسنى يخُصُّ المجدَ الأتلد، والكمالَ الأوحد ورحمةُ الله وبَركاتُه. ولمّا وقَفْتُ عليها لم أرَ فيها كبيرَ مُستحسَن، بل رأيتُها [نازلةً عمّا عُهِدَ] من إحسانِه، ومُنحطّةً عمّا أتَى به غيرُه، وعجِبتُ من إفراطِ أبي عليّ في استجادتِها على براعة نَقْدِه وجَوْدةِ تمييزِه، ثم هَجَسَ في خاطري [أنّ ذلك] لم يكنْ منه إلا لِما أتبَعَ به أبو الحَسَن تذييلَه من الأبياتِ الثلاثة في مَدْحِه، وقلتُ: أراه حاملَه على استحسانِ ما أتَى به أبو الحَسَن، فصَنَعْتُ تلك الليلةَ قصيدةً في مَدْحِه وأشرتُ إلى أنّ تذييلَ الأبيات كان عن إشارته، وزدتُ في التذييل أبياتًا، ولقِيتُه بها بعدَ العَصْر منَ الغدِ لمّا لم يتَأتَّ لقاؤه بها صَدْرَ النهار لخروجِه إلى بعضِ المواضع، ولمّا جئتُ بها بعدَ العصرِ ألفَيْتُ أبا محمد المَرّاكُشيَّ قد جاء بهذينِ البيتَيْن [من الكامل]: وولوعُ همّتِكمْ بشِرعةِ أحمدٍ ... أجلى وأبهرُ من هلالٍ طالعِ فابعَثْ بطابَعِك السّعيدِ لتقتفي ... سَنَنَ الهدايةِ كفُّ هذا الطابعِ فخَلوتُ بالمَرّاكُشيِّ وقلتُ له: هذه مَكِيدةٌ، فقال لي: هو -والله- كما حدَسْتَ، فإنه لم يَخْفَ عليَّ كونُ الأبياتِ من المديد (¬1)، ولكنّي لم أتهَدَّ إلى ما يَصلُحُ ذَيْلًا لها، فصنَعْتُ ذلك حتى أسمَعَ ما أتى به غيري فأحْذُوَ حَذْوَه، وتربَّصتُ بأبي عليٍّ (¬2) خَلْوَته بدخولِه إلى مجلسِه الخاصّ من مجلسِه العامّ، ودفعتُ إليه القصيدةَ، فلمّا رآها قال لي: لمَن هذه؟ فقلت: قفْ عليها، فقال لي: هذا خطُّك فمَن ناظمُها؟ قلت: كاتبُها، فاشتَدَّ تعجُّبُه من فعلي أولًا وإتْياني بها ثانيًا حتى كان من كلامِه أنّ هذه البلادَ وَلّادةٌ مُنْجِبة. وهذه القصيدةُ التي رفعتُ له [من الكامل]: ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل، وهي من الكامل. (¬2) في الأصل: فأبى عليَّ.

حرِّرْ من التقريظِ حُرَّ بدائعِ ... تَزْهَى بحُسن مطالعٍ ومَقاطعِ واخصُصْ بها إن شئتَ تشريفًا لها ... قُطبَ العُلى سرَّ الكمالِ البارعِ ذاك الفقيهُ ابنُ الفقيه المُعتلي ... في ذَرْوةِ الحَسَبِ الصّميم الناصعِ لأبي عليٍّ في المعالي رُتبةٌ ... أضحَتْ لمجموعِ العُلى كالجامعِ إرثًا وكسبًا حازَها وبنَى لها ... بصنائعٍ منه مَشِيدُ مصانعِ فحُلَى أبيه الحَبْر أحمدَ لم تكنْ ... إلّا حُلى البَرِّ ....... عمَّ الخلافُ فإنْ حَمِدْنا أحمدًا (¬1) ... لم نَلْقَ غيرَ [مُوافقٍ ومتابعِ] بحرُ العلوم درايةً وروايةً ... قد جال منها في المجالِ [الواسعِ] وبيانُهُ لأصولِها وفُروعِها ... [...............] فإذا يَحَارُ الفهمُ في مُستبهِمٍ ... منها جَلاهُ بالمقالِ [.........] بالعلم والدِّين المتينِ جَرى مدى (؟) ... وَرَعٍ إلى الخيرِ الجَسِيم مُسارعِ ورَعَى حِمى دينِ الهدى .. ... ووَفَى له بشعائرٍ وشرائع في الله لم تأخُذْه لومةُ لائمٍ ... كلّا ولا استهواهُ كيدُ مُخادعِ قد باعَ دُنياهُ بأُخراهُ فما ... ذا حِيزَ من ربحٍ لهذا البائعِ وتزوَّدَ التقوى بضاعةَ مخُلصٍ ... لله منقلبٍ بخيرِ بضائعِ حيّاه رِضوانُ الجِنانِ كرامةً ... بمزيدِ رِضوانٍ وعفوٍ واسعِ (¬2) يا ماجدًا لِعُلًا حَلاهُ تفنُّنٌ ... أيًّا بلاغةَ شاعرٍ أو ساجعِ فأصالةٌ وجلاةٌ وجَزالةٌ ... شَهِدَتْ لفضلِك بالبيانِ الساطعِ ¬

_ (¬1) يقصد والد الممدوح وهو الفقيه أبو العباس أحمد الملياني. (¬2) بعد هذا بياض في الأصل مقداره نحو ستة أبيات.

ونَفاسةٌ ورِياسةٌ وزعامةٌ ... بهَرَتْ فنازَعَهنّ كلُّ مُنازعِ وسيادةٌ قد زانَها بتواضُعٍ ... أكرِمْ به من سيّدٍ متواضعِ نَدْبٍ لأعلام المكارم رافعٍ ... ندسٍ لأعلام الأكارم فارعِ تلقاهُ يومَ السِّلم مبتهجَ الرؤى ... بسَنَا السّناءِ كبَدْرِ تَمٍّ ساطعِ وتُدارُ للهيجا عُقارُ قِراعِها ... فتراهُ خيرَ مُعاقِرٍ ومقارَعِ قَسَمَ الجَزاءَ موافقًا للعدلِ في ... أقسامِهِ فأصابَ حُسنَ مَواقعِ فوليُّه يحظَى بشَهْدٍ نافعٍ ... وعدوُّه يشقَى بسُمِّ ناقعِ فلذا [......] ... ولذا رَدَاهُ عن سَمُومِ مُمازعِ [......] إلّا الذي ... قد طابَ من خُلُقٍ له وطبائعِ [......] المحْل إلّا ما جَنَى ... من جُودِه المتواترِ المتتابعِ [......] وفاقَهم بفِعالِه ... كم شارح قد فات شَأْوَ الواضعِ [......] قد حَوَتْ ... لعُفاةِ نائلِها عذابَ مشارعِ كَفٌّ بها للجُودِ خمسةُ أبحُرٍ ... تبدو لرأي العَيْن خمسَ أصابعِ يا من يَقِيسُ به سواءٌ في النّدى ... ألغَيْتَ في النظر اعتبارَ الجامعِ هذا يجودُ وفي الموانع كثرةٌ ... وسواهُ ضَنَّ معَ ارتفاع المانعِ (¬1) ¬

_ (¬1) أورد المؤلف هذا البيت والذي قبله في السفر الأول عند ذكر قول ابن عميرة من قصيدة: أولئك جادوا والزمان مساعد ... وجدت لعمري وهو غير مساعد ونص كلامه هناك: "وقد ألممت بمعنى البيت الأخير من هذه الأبيات فقلت من قصيدة طويلة أمدح بها الفقيه الرئيس الأطول أبا علي عمر ابن الفقيه الأجل العلم الشهير أبي العباس الملياني وصل الله أسباب سعادته وهي أول ما رفعت إليه" ثم قال: "وسأذكر إن شاء الله سبب هذه القصيدة في رسم أبي الحجاج ابن الجنان" السفر الأول (الترجمة 231).

شعري وفكري في امتداحِ خِلالِهِ ... ما بينَ محمولٍ له ومُطاوعِ لم يَنْثنِ المُثني على عَلْيائهِ ... عن حَصْرِها إلا لعُذرٍ قاطعِ من ذا يَعُدُّ الشُّهبَ أو يُحصِي الحَصَى ... فاكفُفْ وإلا بُؤْ بيأسِ الطامعِ يا سيّدًا حاز المعالي ناشئًا ... في المهدِ بينَ حواضِنٍ ومراضعِ منك استفَدْنا كلَّ ما جئنا بهِ ... لا زلتَ تُولينا ضروبَ منافعِ لا غَرْوَ أن بَذّتْ نُهاك عقولَنا ... فالشمسُ تَبهَرُ كلَّ نجمٍ طالعِ نفَذَت إشارتُك الكريمةُ تقتضي ... تذييلَ شعرٍ في تطلُّبِ طابعِ أبياتُه مهما تُعَدُّ ثلاثةٌ ... كالرّوض جِيد بصَوْبِ غيثٍ هامعِ قد دار بينَ ثلاثةٍ إنشاؤها ... ما منهمُ إلّا مُجيدُ بدائعِ حَظَروا الزيادةَ بعدَهمْ إذ كمَّلوا ... واستَغْرَقوا المعنى بلفظٍ جامعِ فقفَوْتُ ممتثلًا على آثارِهمْ ... لا بادعًا بإصابةِ المتخادعِ قال الأديبُ الإسْتِجيُّ مُمهِّدًا ... لطلابِهم فأتَى بنظم رائعِ: "نُسِجَتْ برودُ الكُتْبِ وفقَ مُرادِكمْ ... فأتَتْ مفوَّفةً بخطٍّ بارعِ" والكاتبُ ابنُ الستِّ قال تسلُّقًا ... لحصُول بُغيتِهم بنَبْل مُنازعِ: "وجَمالُها طُرُزٌ لكي تزهَى بهِ ... وطِرازُها يا ذا العُلى بالطابعِ" وفتَى بني الجَنّان حاز الخَصْلَ في ... تضمينِه معنى كلام الشارعِ: "فالخَتْمُ للمكتوبِ تكرِمةٌ له ... وكذا رَوَيْناه عنَ اكرمِ شافعِ" وتلَوْتُهمْ وأنا المُقصِّرُ عنهمُ ... ..................... حتى أتَيْتُ بخامسٍ وبسادسٍ ... وبسابعٍ [وبثامنٍ وبتاسعِ] وبعاشرٍ كمُلتْ به عَقْدًا حَكَى ... عِقْدًا تُنضِّدُه أكفُّ [الصانعِ]

وتلفَّعَتْ خَجَلًا بأحمرَ قانئ ... وتلفَّفتْ وَجَلًا بأصفرَ [فاقعِ] عوَّذتُ بالسّبع المثاني سبعةً ... منها مخافةَ نافسٍ أو لاقعِ (¬1) ورسَمْتُ هذا الذّيلَ تحريضًا بما ... راموا وتفضيلًا لهذا الطابعِ وفي الاقتداءِ به أجلُّ فضيلةٍ ... فابعَثْ بها لتنالَ فَضل التابعِ والسرُّ إنّ السّرَّ فيه محجَّبٌ ... بالطَّبْع عن مستشرفٍ ومُطالعِ وبحَوْطِهِ عن نَقْصه وزيادةٍ ... فيه حِيَاطةَ كالئ لودائعِ وبصوْنِهِ الأسرارَ صاحبَ وَصْفِهِ ... كرمٌ فما سرُّ الكريم بذائعِ هذا [وفيه] لِصَرْفِ ناظرِ ناظرٍ ... من غيرِ إذْنٍ فيه أكبرُ وازعِ إنّ الكتابَ مخاطبٌ لكنّه ... لنواظرٍ يُثنَى خطابَ مُسامعِ ولذاك شُبِّهَ ناظرٌ فيه بمَن ... يَرْنو لنارٍ في الحديثِ الشائعِ فاختَرْ من الأبياتِ ما هُو شائعٌ ... وانبِذْ سِواها بالمحَلِّ الشاسعِ وإن اقتضَى النظَرُ الكريمُ بقاءها ... ذيلًا عليه فما له من دافعِ واسمَحْ وأغْضِ وغُضَّ طَرْفَ النَّقْدِ عن ..... . نقد إلى الإبان نوازعِ رِيعَتْ لناصِب خافضٍ أو جازمٍ ... إنْ لم تَمُدَّ لها يمينَ الرافعِ واسلَمْ وعِشْ ... فيما تشتهي ... من نَيْل آمالٍ ورَبِّ صنائعِ وأمَرَ أبا يعقوبَ ابنَ الجَنّان بمُعارضتِها فقال: ونقَلتُها من خطِّه [من الكامل]: أصغَيْتُ للأمرِ الكريم مَسامعي ... وأنَرْتُ منه مَغاربي ومَطالعي وعَمَرْتُ منه جَوانحي وتفكُّري ... وجعلتُهُ حين المنام مُضاجعي ¬

_ (¬1) اللاقع: العائن، يقال: لقعه بعينه؛ إذا عانه، ورجل لقاعة وتلقاعة.

شكرًا لِما أوليْتَني من أنعُمٍ ... طابَتْ بهنَّ مَواردي ومشارعي قرَّبْتَني هَذَّبْتَني أكسَبْتَني ... صِيتًا بشِعري في عُلًى وتواضُعِ وَجَدَ المحَلُّ له قَبُولًا فاكتَسى ... حُلَلَ المُحَلَّى ذي الرُّواءِ الشائعِ لكنْ عَرَا من دونِ قَصْدي شاغلٌ ... ما زال عن قَصْدٍ ورأي قاطعِ [......] ... بَسْط اعتذاري قبلَ سَمْع شوافعي [......] من بَذْلِ المُنى ... ولقاصديهِ لديه سُوقُ مَطامعِ [......] ويَحُوطُهمْ ... بالرأي منه وبالحسامِ القاطعِ [من يلقَهُ يلْقَ] السماحةَ والنَّدى ... أعظِمْ به كرَمًا وخيرَ مماصعِ [أخلاقُهُ] ورواقُهُ ومساقُهُ ... [......] واتّساقُ منافعِ [وخِباؤه] وبَهاؤهُ وعلاؤهُ ... شِيَمٌ تبَدَّت عن حُلىً وطبائعِ إنْ جال في إيرادِها برُويةٍ ... أصمَى الصّوابَ كسَهْمِ رامٍ بارعِ أو صادَفَ الأطوادَ منهُ مَضَاؤهُ ... سَهُلتْ مصاعبُ سَمْتِها للرافعِ للحِلم منه مَواقعٌ مَرْضيّةٌ ... للعَزْم منه مضاءُ حدٍّ رائعِ أولى من البَسْطِ الجميل محَافِلًا ... نُظِمتْ بناظم أُنسِها وبجامعِ فيها من الأدباءِ نُخْبةُ دهرِهم ... يَرْوُونَ حُسنَ مَطالعٍ ومَقاطعِ حتّى جرى ذكْرٌ لكتّاب سَعَوْا ... لرئيسِهم يومًا حضورَ الطابعِ نَظَموا طِلابَهمُ بأبياتٍ لهمْ ... كنجومِ هَقْعةَ أو كنَسْرٍ واقعِ فالإستجِيُّ لهم بَدَا بمقالِهِ ... إذْ كان في الآدابِ غيرَ مُنازَعِ: "نُسِجَت بُرودُ الكُتْبِ وَفْقَ مُرادِكمْ ... فاتتْ مفوَّقةً بخطِّ بارعِ"

ثم اقتفَى عُمَرُ الشّرقِيّ (¬1) نظْمَهُ ... أبْدَى البيانَ بخيرِ نظمٍ صادعِ: "وكمالهُا طُرُزٌ لكي تزهَى بهِ ... وطِرازُها يا ذا العُلى بالطابَعِ" وتلا ابنَ جَنّانٍ سَنِيَّ مقالِهمْ ... ونَحا اقتداء بالنبيِّ الشارعِ: "والخَتْمُ للمكتوبِ تكرمةٌ لهُ ... وكذا رَوَيْناهُ عنَ اكرم شافعِ" فرأى المُيَمَّنُ ذو المكارم والنَّدى ... تذييلَها كيما تُزانُ برابعِ فأجَبْتُهُ عملًا بآراءٍ لهُ ... حرَّكْنَ مني حُسنَ نظمٍ ناصعِ فالمهتدونَ قدِ اقتَفَوْا آثارَهُ ... من صاحبٍ صَدَقَ المقالَ وتابِعِ فابعَثْ إلينا طابعًا نختِمْ بهِ ... عملًا بتحريض الرسُولِ الوازعِ والصحْبُ قد وافَوْا بتذييل بهِ ... صَدَعوا البيانَ بكلِّ سحرٍ ماصعِ ومضَتْ لنا أيامُ أُنْسٍ أبهجَتْ ... أوقاتُها بتقاوُلٍ وتراجُع وبنَشْرِ آدابٍ بدَتْ درَجاتُها ... [في الارتفاع كمثلِ نَجْمٍ طالعِ] وبجَمْعِنا عبدَ الإلهِ القابسي ... نَجْلَ المُعزِّ [......] (¬2) بالشَّرقِ (¬3) طابَ ولادةً ونَجابةً ... وروايةً ودرايةً [......] يُبدي لنا شعرًا قدَ احْكَمَ رَصْفَهُ ... بعَروضٍ اختُرِعت [......] ¬

_ (¬1) مكسور، وفوق كلمة الشرقي في الأصل كلمة "كذا" ويجوز أن تكون: "اشرقيٌّ"، وهي الصيغة البربرية للكلمة وبها يستقيم الوزن. (¬2) محو تام، وربما كان فيه فائدة في التعريف بالشخص المذكور، ونخمن أن تكون القافية هكذا: جامع أو مدافع. وعلى هذا التخمين يمكن أن يكون هذا السيد القابسي من بني جامع أمراء قابس الذين انتهت إمارتهم على يد الموحدين وكان آخرهم الأمير مدافع. (¬3) المقصود بالشرق هنا البلدان الواقعة شرق المغرب الأقصى أي بلدان المغرب الأوسط وما وراءه حتى إفريقية؛ وذلك لأن الشخص المشار إليه هنا منسوب إلى قابس.

لم يَرْوِها الأدباءُ عن شُعرائهم ... فاعجَبْ لأشعارٍ بنَظْم [......] (¬1) لا بالعَروضِ ولا اللّغاتِ تسَرْبَلَتْ ... لكن مَعانيها كسُمٍّ ناقعِ (¬2) تُبدِي لنا غُرَرَ البيانِ مَشُوبةً ... بمواعظٍ فاضَتْ بهنّ مدامعي وإذا يُهاجي ماجنًا كوميُّنا ... يُجرِي الشؤونَ بكلِّ دمعٍ هامعِ طِيبًا وضِحْكًا لا يقاسُ بطيِّبٍ ... إلا بأخلاقِ الرئيسِ الفارعِ أبكارِ كلِّ فضيلةٍ موروثةٍ ... عن والدٍ في العلم بحرٍ واسعِ ذاك الإمامُ المعتزي لعلومِه ... إيضاحَ لَبْسِ نوازلٍ وشرائعِ الزاهدُ الوَرِعُ المسَمَّى أحمدًا (¬3) ... شمسُ الهدى علمًا وطِرسَ منافع من كان يَروي بالمكارم غُلّةً ... قد كان يُروَى علمَ شرعٍ نافعِ ما زال صَدْرًا في العلوم وفي النَّدى ... بحرًا يفيضُ لآمِلٍ ولسامعِ وأتى لنا من بعدِه نُجَباؤهُ (¬4) ... فاقوا الوَرى بمكارمٍ ومَنازعِ أبقاهمُ اللهُ وآمَلَ جُودَهمْ ... يحيا ببرٍّ دائمٍ مُتتابعِ وأدام يعقوبًا (¬5) لنا في غِبطةٍ ... يحيا بنَصْرٍ للمُضاهي سافعِ وعَدَاهُ بينَ مقتَلٍ ومجَدَّلٍ ... ومقرَّنٍ بسلاسلٍ ومجامعِ ¬

_ (¬1) محو تام في الأصل. (¬2) يبدو من الأبيات أن الشخص المذكور كان يقول شعرًا على طريقة أشعار العرب وأهل الأمصار العربية التي تحدث عنها ابن خلدون في مقدمته. (¬3) هو اسم والد الممدوح وقد تقدمت الإشارة إلى ترجمته. (¬4) يفهم من هذا أن الملياني الممدوح كان له إخوة وربما كانوا معه في أغمات ولا نعرف منهم إلا عليًّا والد أحمد الملياني صاحب الفعلة المشهورة. (¬5) هو الخليفة أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق المريني ولي نعمة الممدوح.

وجميع أقطارِ الوَرى في حُكمِهِ ... والسَّعدُ عنه الدهرَ أعظمُ دافعِ فلم يرفَعْ أبو عليّ بها رأسًا، واتّخَذَ قصيدتي سميرًا ونَجِيًّا وأُنْسًا، يُوالي مطالعتَها، ولا يَسأمُ مُراجعتَها، وكلّما رجَعَ لها بصَرَه، وأعاد فيها نظَرَه، زاد بها شَغَفًا، وشاد لها شَرَفًا، فنَفَقَ سُوقُها، وشُهِرَ سموُّها على أترابِها وبُسُوقُها، وانتَهَت شهادتُه باستحسانِها إلى الشّيخ الأديب الحَسِيب أبي عليّ حَسَن بن [] بن أبي الطاهر (¬1)، فنَظَمَ في معارضتِها هذه القصيدةَ ورَفَعَها إليه، ونقَلتُها من خطِّ ناظمِها [من الكامل]: يا خيرَ مُصْغٍ للقريضِ وسامعِ ... وأجلَّ مَن بَذَلَ النَّوالَ لقانعِ .......................... ... كزهْوِ كواعبٍ ببَراقعِ ............. وما ستَرتْهُ مِن ... غَدْرِ حِسَانٍ كالشّموس طَوالعِ [......] أبا عليٍّ إنّها ... بكَ جنّةٌ تَحْوي عذابَ مَشارعِ ... . ما تتّقيه وأهلُها ... فكأنّها الحَرَمُ الأمينُ لجازعِ [وحكَمْتَها] بالعدلِ منك مُساويًا ... بينَ العزيزِ ديانةً والضّارعِ [......] عين حَسُودِكمْ يا ذا العُلى ... وبقِيتَ من حَكَمٍ رِضًا متواضعِ [......] تقِيٍّ زاهدٍ متورِّعٍ ... شَهْمٍ كمِيٍّ للشدائدِ دافعِ حَبْرٌ نقابٌ عارفٌ متفنِّنٌ ... نَدْبٌ كريمُ مناقبٍ وطبائعِ يلقَى العُفاةَ بمُجتَلًى متهلِّلٍ ... وبنائلٍ طمَّ الخَصاصةَ قانعِ ويُريكَ نُورَ البِشرِ منه بشائرٌ ... تُدْني من الأمَلِ البعيدِ الشاسعِ وإذا تقَدَّم للوغى فبِبأسِهِ ... لعداته فيها عداد مصارعِ ¬

_ (¬1) لم نقف على ترجمته ولعل له صلة بالشريف أبي الطاهر المترجم في عنوان الدراية: 23.

تخشَى العُداةُ طعانَهُ وقِرانَهُ ... فبطاعنٍ منهُ تُنالُ وقارعِ يا ابنَ التقيِّ الزاهدِ الوَرِع الرِّضا ... والعالِم المُحيي رُسومَ شرائعِ عَلَمُ الفَخَارِ سمِيُّ خيرِ مشفَّعٍ ... في الخَلْق ذو الحَسَب الصّميم الناصعِ يَهنيكَ ما قد حُزتَ من أثرٍ ومِن ... باعٍ مَديدٍ في المعارفِ واسعِ وإليكَها ممّن تقادَمَ عهدُهُ ... بك (¬1) يا مُنيلَ فوائدٍ ومنافعِ تتضمّنُ الأبياتُ يا عَلَمَ الهُدى ... للكاتبينَ دُعابةً في طابعِ إذْ قال عندَ فَراغِهمْ من كَتْبِ ما ... أمَروا به النّحريرَ غيرَ مُنازَعِ "نُسِجَتْ بُرودُ الكُتْبِ وفقَ مرادكمْ ... فأتَتْ مفوّفةً بخطٍّ بارعِ" وتلاه في معناه أيضًا تابعٌ ... فأصِخْ سَماعًا للمُجيدِ التابعِ: "وجَمالُها طُرُزٌ لكي تزهَى بهِ ... وطِرازُها يا ذا العُلى بالطابعِ" واسمَعْ مقالةَ ثالثٍ نعُمَتْ بما ... قد قالهُ أذُنُ المُصيخ السامعِ: "فالخَتْمُ للمكتوبِ تكرِمةٌ لهُ ... وكذا رَوَيْناهُ عنَ اكرم شافعِ" ولرابعٍ فاسمَعْهُ تذييلٌ ودع ... تذييلَ سادسِ خامسٍ أو سابعِ إيهٍ وفيه زيادةٌ ناطت بهِ ... مَنعَ الزيادة رَقّ سرِّ المانعِ وبهِ كذلك ضِدُّها متعذِّرٌ ... صَعْبٌ [......] لله دَرُّ عصابةِ الأدبِ الأُلى ... سَمَحوا [......] هم كالأثافِي قد تُحَلِّي طِرْسَهمْ ... من وَشْي كُتْبٍ [......] ¬

_ (¬1) قد يفهم من هذا أن صاحب هذه القصيدة من أصحاب الممدوح الملياني الذين رافقوه عند لجوئه إلى المغرب.

فكأنّما صنعاءُ قد وهبَتْهُ من ... وشيٍ بها فَزَها بصنعةِ [صانعِ] طِرسٌ عليه الرّوضُ خالعُ لُبْسِهِ ... زمنَ الربيع فيا لهُ من خالعِ شَتَّى أزاهرُهُ فمِن يققٍ زَهَا ... ببياضِهِ الأسنى وأصفر فاقعِ مُتضاوعِ النَّفَحاتِ لكنْ بَزَّهُ ... طِيبُ الثناءِ الطيِّبِ المُتضاوعِ لله ذو أدبٍ تذكَّرَ ما جَرى ... في طابَعٍ كتب الخلائف طابعِ أصغَيْتَ سمعًا للحديثِ وحُسنِهِ ... وبه عُنيتَ لذكْرِه المتتابعِ فاقطُفْ سِراجَ المجدِ زَهْر كُمامِها ... واطرَبْ بشَدْوِ حَمام روضٍ ساجعِ لا زلتَ ترفَعُ للسيادةِ رايةً ... تَقْضي بطُولِ بقاءِ عزِّ الرافعِ وجَرى القضاءُ بما تُحبُّ وتشتهي ... وثَوى ببُرجِكَ نورُ أسعدِ طالعِ وهذه القصيدةُ وإن كانت من النّمَطِ الوَسَط فإنّها أقربُ للقَبول من قصيدةِ ابن الجَنّان. وقد التمَسْتُ تذييلَ تلك الثلاثة من بعض أصحابِنا، منهم: أبو عِمرانَ [......] التَّمِيميُّ الإفريقيّ (¬1)، فقال، ونقَلتُه من خطِّه [من الكامل]: والخيرُ كلُّ الخيرِ في أن تقتَفي ... ما جاء عنهُ وحَلَّ أُذْنَ السامعِ ¬

_ (¬1) هو الفقيه الأديب أبو عمران التميمي الإفريقي -نسبة إلى إفريقية، تونس- ذكره مؤلف الذخيرة السنية وقال: إنه كان من جلساء الأمير أبي مالك عبد الواحد بن يعقوب بن عبد الحق الذي كان يجالس العلماء والفقهاء والشعراء ويذاكرهم واختص بمنادمته ومسامرته جماعة من أهل الأدب والفقه منهم المذكور والقاضي يوسف بن أحمد بن حكم ومالك بن المرحل وعبد العزيز الملزوزي، وفي الذخيرة السنية نماذج من مسامراتهم الأدبية التي جرت بقصر الأمير في مراكش في المدة التي أعقبت دخول المرينيين إلى مراكش فيما بين سنة 668 هـ وسنة 670 هـ (انظر الذخيرة السنية: 123 وما بعدها) ويبدو أن أبا عمران هذا له صلة ما بهؤلاء التميميين الذين تقلدوا مناصب عند الحفصيين والمرينيين (انظر: مستودع العلامة ونثير فرائد الجمان).

235 - يونس بن مهذب الدين عثمان [الحسني] المازندراني؛ نجم الدين المازندراني

وأبو عِمران [......] ابن الحَرّار (¬1) فقال، ونقلتُه من خطِّه [من الكامل]: فامنُنْ بتعجيلِ الخِتام لعلّها ... يغد والرسُولُ بها بأيمَنِ طالعِ وأبو محمو عبدُ الرّحمن البَسْطيُّ (¬2)، فقال، ونقَلتُه من خطِّه [من الكامل]: وبه الحِجابُ لِما عليه قدِ انطوَى ... كالقُفْل صار على مقرِّ ودائعِ وأبو زكريّا بنُ عليّ بن يحيى بن إسماعيلَ (¬3)، فقال، ونقلتُه من خطِّه [من الكامل]: ولقد أصابَ الحَزْمُ واضعَهُ ليحـ ... ـفَظَ سرَّه أنبِلْ به من واضعِ سِرُّ الكتابِ به يُصانُ فلو عَرَا ... منه لأصبح كالحديثِ الشائعِ قال المصنِّف عَفَا اللهُ عنه: أثبتُّ هنا ما حَضَرني من هذه التذييلات؛ لأنّ فيها أمارة، على أنّ بهذه البلادِ من أهل هذا الفنِّ عِمارة، وكم تقَدَّمَها من عاضِد، [وما سُقناه هنا] على ذلك أصدقُ شاهد. توفِّي أبو يعقوبَ [ابنُ الجَنّان يومَ] السَّبت لثلاثَ عشْرةَ ليلةً خَلَت من ربيع الآخِر سنةَ [......] (¬4) وست مئة. مولدُه بِسَلا. 235 - يونُسُ (¬5) بن مهذَّبِ الدِّين عثمانَ [الحَسَنيُّ] المازَنْدَرانيُّ؛ نَجْمُ الدِّين المازَنْدَرانيّ. ¬

_ (¬1) لم نقف له على ذكر. (¬2) ذكره ابن عذاري في البيان المغرب (3/ 336 - 337) حيث نقل عنه نصين طريفين أحدهما في وصف أمير المسلمين محمد بن يوسف بن هود والآخر في وصف حال ابن الأحمر عند دخوله غرناطة. (¬3) لم نقف له على ذكر في مكان آخر. (¬4) محو في الأصل. (¬5) له ترجمة في نفح الطيب 3/ 145 - 146.

رَوى عن أخيه. وقَدمَ الأندَلُسَ [فَروى عنه] بإشبيلِيَةَ أبو القاسم خَلَفُ بن عبد العزيز القَبْتوريُّ (¬1)؛ وأجاز إلى [العُدوة] وعاد منها إلى الأندَلُس، الكاتبُ الأبرع أبو عبد الله ابنُ الجَنّان [رسالةَ] إعلامٍ بقَصْدِه للشيخ الأوحد أبي الحَسَن سَهْل بن مالكٍ (¬2) رحمَهم الله، وهي [من الطويل]: سَرى النّجمُ نَجْمُ الدِّين للغربِ قاصدًا ... من الشّرقِ كي يلقَى سِراجَ المعارفِ فقلتُ له: يا نَجْمُ بلِّغْ تحيّتي ... وذِكْري وشكري للنّدى والعَوارفِ وزُرْ في ربى نَجْدٍ (¬3) ديارَ ابنِ مالكٍ ... تجِدْ كلَّ مجدٍ من تليدٍ وطارِفِ وخيِّم لدى سَهْل فسهلٌ جَنابُهُ ... رَحيبٌ لجَوّاب الفَلا والتنائفِ وقَرَّ إذا تلقاهُ عينًا بقُربِهِ ... فسوف يَرى لُقْياك إحدى اللطائفِ وخُذْ عنه ما تَرويه إن جئتَ مكّةً ... لكلِّ مُلبٍّ بالمشاعرِ طائفِ وصِفْ لبني السِّبْطيْنِ قومَك فضْلَهُ ... فيا حُسنَ موصوفٍ ويا حُسن واصفِ كتابي إلى المجلس العلميّ، السُّنِّيّ السَّنِيّ، زاده اللهُ تكريمًا وترفيعًا، وأبقى للعلوم ببقائه تأصيلًا وتفريعًا، وحرَسَ جانبَه فلا يزالُ بالعزِّ منيعًا وبالسعدِ مَريعًا، كتابٌ يتشرّفُ بالمحمولِ إليه والحامِلِ، وتَغبِطُ النفْسُ فيه حظَّ الطِّرس وخَطَّ الأنامل، ذلكم بأنه خاطبتُ به أشرفَ المجالس، النيّرةَ المَقابِس، المحيِية رسومَ الفَضْل الدارس، وبعَثْتُه معَ كبيرٍ من الشّرفاءِ أهل البيتِ النَّبويّ، وذوي المَناسب الأطايب من ذُريّة البَتُول والوصيّ، وهو الشريفُ السيّد الأوحَد الصَّدْر العليّ الاكمَلَ الجليلُ الأفضل نَجْمُ الدِّين الحَسَنيّ، حفِظَ [الله] رُتبةَ شرفِه، وصَلّى على ¬

_ (¬1) ترجمته ومصادرها في مقدمة رسالته التي طبعت في الطبعة الملكية بالرباط بتحقيق الدكتور الهيلة، وانظر بعض ما روى خلف القبتوري عن الشريف نجم الدين في رحلةٌ ابن رشيد 2/ 155 تحقيق الشيخ ابن الخوجة. (¬2) ترجمته ومصادرها في السفر الرابع (229). (¬3) في الأصل: "مجد" وهو تحريف، ونجد من معالم غرناطة ومتنزهاتها.

المُجتبَيْنَ من سَلَفِه، وإنّ هذا المنتميَ إلى المجد الباهرِ العلياء، والجدِّ الخاتم ديوانَ الأنبياء؛ لتَظهَرُ عليه بركاتٌ يستمِدُّها من عُنصرِها، وتَسري إليه من أُسرةِ الرسالة ومعشَرِها، فمن كمالِ إنسانيّ، وجلالِ نَفْسانيّ؛ وآدابٍ حِكَميّة، وآثارٍ مضيئة رَضِيّة، حسَنةٍ حَسَنيّة؛ فإنْ تكلَّم فكلامُه شَرَكُ العقول، وإن رَسَم في القِرطاس تحيَّر التفضيلُ بين المرسوم والمَقُول؛ وبالجُملة، فسترَوْنَ منه كلَّ [ما رَقّ وراق، وأمتَعَ الأسماعَ والأحداق]. ولمّا رمَتْ به نوى الغُربة إلى بلادِ المغرِب، وهي التي شكا (عَطَنَها، وعابَها) وما استحسَنَها، واستَوْبَأَ هواءها؛ واستَوْبَلَ أهواءها، (ووَجَدَ ناسَها كالأشباح، خاليةً) من الأرواح، وسَماحَها قد غاضَ فلم يبقَ بلَلٌ من سيحِه بالساح، [فكرُت حوْقلتُهُ] واسترجاعُه، وقال أينَ رونقٌ كان قد قَرَعَ الأسماعَ سَماعُه؟ فقيل له: [ذهب] ما هنالك، وغيَّرت الغِيَرُ المسالكَ والممالك، اللهم إلّا أنّ اللهَ أبقى البلادَ التي هي للفضائل بذلك، وحسَنتَها التي هي نورٌ في اللّيالي الحوالك، [قال]: فمَن تَعْنُون؟ قلنا: أبا الحَسَن سَهْلَ بنَ مالك "سيِّدٌ يفاخِرُ به إقليمُه الأقاليم ويُباهي (¬1)، ويوجَدُ الجُودُ في ماله وهُو الآمرُ الناهي، وتؤخَذُ عنه من شريعةِ جدِّك عليه السّلام الأوامرُ والنواهي، فقال: وجَدِّي لأعُودَنَّ إلى أرضِه حثيثَ الرِّكاب، مُستسهِلًا في طلبِ الأُنْس به وَحْشةَ القَفْر اليَبَاب، حتى أحُلَّ بمَغْناه، وأحصُلَ من كمالِه على فائدتَيْ لفظِهِ ومعناه؛ فقلنا: هُديتَ يا نَجْمُ سائرًا وساريًا، وسوف تلقَى صباحَ المجدِ المنير لا مُحتجبًا ولا مُتَواريًا، فتحمَدَ سُراك، وتشهَدَ للمغرب إن شاء اللهُ بحُسن ما أراك؛ وعندَما ثنَى نحوَ ذلكم الرَّبع الآهِل العِنان، وأحبَّ أَن يردَ صفْوَ تلكم المناهِل ليعلم الأثرَ والعِيان، أصحبتُه هذه المخاطبةَ لتشرُفَ بصُحبتِه، وتمجُدَ لإضافةِ تحمُّلِه لها ونسبتِه، وقد أودعتُ شرفَه ودائعَ إخلاص، وبدائعَ اختصاص، يتفضَّلُ بتبليغِها، وتُلقيها بلاغتُه إلى فصيح الدّنيا وبليغِها، وإنّي لأرجو أن أسعدَ منكما بين سعيدَيْن، وأن نجدَ جميعًا الرحمةَ ¬

_ (¬1) ذكر ابن سعيد أنه كان صاحب العقد والحل في غرناطة، وكان يسخر من ابن هود فنفاه إلى مرسية، ولم يعد إلى بلده إلا بعد موت ابن هود. وقد امتدحه عدد من معاصريه.

مبسوطةَ بحبِّ بني السِّبْطَيْن؛ واللهُ تعالى يصلُ أسبابَ الرجاء في فضلِه العميم، ويُصَلّي على محمدٍ وعلى أهل بيتِه الكريم، وهو سبحانَه يُديمُ لكم أيها السيِّدُ الأعلى عُلوَّ المراتب، ومَتْلوَّ المناقب، ويمتِّعُ الوجودَ منكم بالعِلم المُناكِب، لأوْج الكواكب. بمَنِّه. ولمّا ورَدَ غَرنْاطةَ لقِيَ بها أبا الحَسَن سَهْلَ بن مالك، فشاهَدَ منه الجلالَ يَعبُقُ نَشْرُه، والإقبالَ يتألقُ بِشْرُه، والنّوالَ يتدفّقُ بحرُه، والكمالَ أربَى على خُبرِه خَبْرُه، ولمّا ارتَوى من لقائه، واحتَوى على ما استفادَه من تِلقائه، كرَّ راجعًا إلى سَبْتةَ مؤمِّلَا الوِفادةَ على حضرةِ مَرّاكُش، وكان بسَبْتةَ حينَئذٍ الشّيخُ أبو الحَسَن الرّعَيْنيّ فسأل [منه كَتْبَ إعلامٍ إلى أهل] مَرّاكُش فوعَدَه بذلك ثم شَغَلَه عنه شواغلُ ما [كان بصَدَدِه من الانتقال] إلى مَرّاكُش، فكتَبَ نَجْمُ الدِّين إليه ليَستنجِزَ وعْدَه [من الوافر]: [تُذكِّرُنا] الرِّقاعُ إذا نَسِينا ... ونَكتُبُ كلّما غَفَلَ الكرامُ [وإنّ الأُمَّ] لم تُرضعْ فتاها ... معَ الإشفاقِ لو سَكَتَ الغلامُ (¬1) فأجابُه أبو الحَسَن [من الوافر]: [عَذِيرُك] يا ابنَ خيرِ الخَلْق طُرًّا ... فإنّ العُذرَ يقبَلُهُ الكرامُ (¬2) ولكنْ عاقَني شُغلٌ توالَى ... ففي اليدِ والفؤادِ لهُ ازدحامُ وأصحَبَه أبو عبد الله ابنُ الجَنّان أيضًا رسالةً إلى أبي المُطرِّف بن عَمِيرةَ وهو قاضِ بِسَلا ورِباطِ الفتح يُعلِمُه بشأنِه، ومحَلِّه من الفضلِ ومكانِه، وهي هذه [من الطويل]: أيا راكبًا نحوَ الرّباطِ ولي بهِ ... حبيبٌ رباطُ الصبّرِ حُلَّ لبُعْدِهِ رُوَيْدَك أُودِعْك السلامَ رسالةً ... إلى وُدِّه فامنُنْ عليَّ وأدِّهِ ¬

_ (¬1) يبدو أن البيتين من نظم المذكور. (¬2) بعد هذا بياض في الأصل مقداره بيتان.

وبُثَّ، وُقيتَ البَثَّ، آثارَ لوعتي ... ووَجْدي وما بي من غرامٍ لمجدِهِ وقُلْ: يا ابنَ عمّي لو رأيتَ الذي .. لفَقْدِ التّداني كنتَ تخشَى لفَقْدِهِ وبالله يا نَجْلَ الشفيعِ شفاعةً ... ليُحفظَ قلبي لا أقولُ برَدِّهِ كتابي هذا يحمِلُه إلى سيِّدي الحاملُ من العلوم لواءها، ومن المكارم أعباءها، أبقى اللهُ كمالَه محروسَ السَّناء، مأنوسَ الفِناء، مقبوسَ الأضواء، نَجْمٌ في الآفاقِ سارٍ، وفي مطالع الإشراق معَ الخُنَّس الجَواري حارٍ، وهو نَجْمُ الدّين ابن مُهذِّبِه، الشريفِ الذي تعنقُ بسِرْبِه، نَجْل السيِّد الذي تعِزُّ قُريشٌ بسيادتِه، وتقَرُّ عينُ المجدِ النّبويِّ والجدِّ العَلَويِّ بمَجادتِه، زاده اللهُ تألقًا وسَنًا، وقَدَّس أبوَيْه عليًّا وحَسَنًا، وإنه لذو شِيَم عَلَويّة، وحِكَم نَبَويّة، وآدابٍ محاسنُها تجمَعُ محاسنَ الزّمن، وصنائعُها تُطلِعُ في القِرطاس صنعاءَ اليمن، ومعَ ذلك رِقّةٌ كرقّةِ النّسيم، وعُذوبةٌ كعذوبة التّسنيم، وما شاء الشَّرفُ من خُلُقٍ سَنِيّ، وخَلْق حَسَنيّ، وهمّةٍ تكلَفُ بالعُليا، وتعتسفُ المجاهلَ لتُعلمَ أعلامَ الدنيا، ولمّا سَمِع وصْفَ ذلكم الكمالِ فَراقَه، استَسْهلَ بتدانيهِ نزوحَ الوطنِ وفِراقَه، فتحمَّلَ إليه ليحمِلَ عنه ما يُتحِفُ به حجازَهُ وعِراقَه، وحين أخبِر بانتمائكم لذلكم الحَيِّ من قُريش، قال: أيْشٍ أطلُبُ غيرَ لقاءِ ابن العمِّ؟ فيا طِيبَ العَيْش، آنَسُ بقُرباه وقُربِه، وأَصُولُ على الأيام بحِزبِه؛ فقلتُ له عندَما أزمَعَ السَّير وقال: أمَلي لقاءُ المخزومي: سلِّمْ يا نَجْمُ على من يكتحلُ بسَناك ويقول عندَ لُقْياك: تبارَكَ من [خَلَقَك فسَوّاك] فبجَدِّك الرسُول صلَواتُ الله عليه وسَلامُه، وبأهل البيتِ الذين بهم مُقامُه ومَقامُه، إذا استقَرَّت بك منازلُ قاضينا الفاضل وخِيامُه، وتَجارَى في حَلَبةِ أولي المحبّة كلامُك وكلامُه؛ فقرِّرْ عندَه ما عندي وثبِّتْه، وأغرِسْهُ في ثَرى أطيب أرضٍ لديه وأنبِتْه؛ وقُلْ له: هو فيك كما عَهِدتَه متشيِّع، وبرفضِ ما سوى إمارتكَ في البلاغة متشرِّع، ليَعلمَ أنّ الأيامَ لم تُكَدِّرْ صفائي، ولم تنقُصْ وفائي، ولم تنقُضْ عهدَ خُلَصائي، فضَمِنَ ليَ التبليغَ الذي يُرضيني، وتكفَّل بأكثرَ ممّا يقولُه لساني وتخُطُّه يميني، فقلتُ: الآنَ بَلَغْتُ بُغيةً وسؤلًا، وشُرفْتُ بأن وجَدتُ إليكم منَ ابنِ عمِّ الرسُول رسولًا، فالحمدُ لله عليها

نعمةً جَلّت صورةَ فَرَحي، وتَلَتْ سَوْرةَ مقترَحي، وهذا الشريفُ الماجد، المنسوبةُ إليه المحامد؛ مليءٌ بأخبارِ المشرِق المُشرق، والشّرقِ الشَّرِق، فخُذوا عن العدلِ من بني السِّبْطَيْن، حديثَ الشرقَيْن؛ إن شاء الله. ولمّا احتَلّ برباطِ الفتح شاهَدَ من قاضيه أبي المُطرِّف رَوْضَ الأُنس ومُنى النْفس، [ومقصِدَ] الواردِ والوافد، وعالَمَ السّراوةِ جُمِع في شخصٍ واحد، وتشَوَّف للوِفادة على حضرةِ مَرّاكُشَ منتهى الرغائب، وجامعةِ أشتاتِ الغرائب، السائرةِ الذِّكرِ في الآفاق، المُنسِيةِ ببهجتِها وضخامةِ مملكتِها دمشقَ الشام وبغدادَ العراقً؛ فأصحَبَه أبو المُطرِّف كُتُبَ تعريفٍ وإعلام، إلى بعض مَن بها من السُّراةِ الأعلام، فكتَبَ إلى رئيس الكتّاب وعميدِ الآداب، وجامعِ ضروب الإحسان، أبي العلاء محمد بن أبي جعفر بن حَسّان (¬1) [من الكامل]: يا ابنَ الوصيِّ إذا حمَلتَ وصيّتي ... أوجَبْتَ حقًّا للحقوق يُضافُ وتحيّتي كلُّ التّحايا دونَها ... وكذاك دونَ رسُولِها الأشرافُ أحسِنْ بأنْ تلقَى ابنَ حَسّانٍ بها ... مهتزّةً لورودِها الأعطافُ كالرَّوض باكَرَهُ النّدى فلِقُرْبِها ... يا ابنَ النبيِّ على النّديِّ مَطافُ وعَلاك إنّ أبا العَلا ومكَانَهُ ... يُلفَى (¬2) به الإسعادُ والإسعافُ [مَن فيه للزّور ارتياحةُ] ماجدٍ ... من زورِها وأبيك ليس يخافُ [وأحقُّ من عَرَفَ] الكرامَ بوصفِهمْ ... مَن جُمِّعت منهمْ به أوصافُ [هذه يا سيّدي] تحيّة، تجبُ لها إجابةٌ وَحِيّة (¬3)، وتَصلُحُ بها هشاشةٌ وأريحيّة، ¬

_ (¬1) هو الكاتب الطبيب الأديب، خدم بصناعة الطب الخليفة المستنصر الموحدي وأصبح في آخر حياته كاتبًا في بلاط الرشيد الموحدي (ت 641 هـ) انظر ترجمته في القدح المعلى 126 - 127 وعيون الأنباء 3/ 129، وهذه الرسالة موجودة في نفح الطيب 3/ 145 - 146. (¬2) في رسائل ابن عميرة: "يلقى". (¬3) وحية: مستعجلة.

وأريحيّة، [أودعتُها بَطْنَ] هذه العُجالة، وبعثتُها معَ صدرٍ من أبناءِ الرسالة، ولله درُّه من [راضع درَّ النّبوة] متواضع معَ شرفِ الأبوّة، نازعتُهُ طُرَف (¬1) الأشعار، وأطراف [الأخبار] , فوجدتُ بحرًا حصَاهُ الدُّرُّ النَّفيس، ورَوْضًا يُجتنى (¬2) منه أطايبُ الثّمرِ الجَليس، [وُينعَتُ] بنَجْم الدِّين، وهو كنَعْتِه نَجْم يضيء سَناه، ويحُلّ بيتًا من الشّرفِ رَبُّه بناه، وقد جابَ الفضاءَ العريض، ورأى القصُورَ الحُمرَ والبِيض، ووَرَدَ الحُجون، بعدَما شربَ من جَيْحُون، وزار مشاهدَ الحرمَيْن، ثم سار في أرض الهرمَيْن، وطَوَى غيرَها لهذا الأفق مختارًا، وعبَرَ إلى الأندَلُس فأطال اعتبارًا؛ وتشوَّف (¬3) إلى مطلَع الأنوارِ المُفاضة، والنِّعَم السابغةِ الفَضْفاضة، وجعَلَ قَصْدَها لحَجّةِ سَفَرِه طوافَ الإفاضةَ (¬4)؛ وهمُّه أن يشاهدَ سَناها العُلْوي، وُيبصرَ ما يُحقَرُ عندَه المرئيُّ والمَرْوي، وهي غايةٌ يقولُ الآمِل (¬5): عليها أطلتُ حَوْمي، وجَنّةٌ يتلو الداخلُ لها: {يَالَيْتَ قَوْمِي} (¬6)، وسيّدي الأعلى هو منها بابٌ على الفتح بُني، وجَنابٌ عِنانُ الآمل إليه ثُني، وقَصَدَه من هذا الشريفِ أجلُّ قاصد، وأظلّتْه سماءُ المجدِ بجَمال المشتري وظَرْف عُطارد، ومتى نَعْتناهُ فالخبرُ ليس كالعِيان، وإن شَبّهناهُ فالتمويهُ بالشِّبْه عقوقٌ للعِقْيان، ومن [يفضَحْ] قريحتَه يقولُ لها: صِفيه، لكنْ هو يُعرِبُ (¬7) عن نفسِه بما ليس في وُسْع مُنصِفيه، ويقتضي من عزيمةِ برِّه ما لا سعَةَ للمترخِّص فيه (¬8)، إن شاء الله (¬9). ¬

_ (¬1) في النفح: "طرق". (¬2) في النفح: "يجني". (¬3) في النفح: "وتشوق". (¬4) لا توجد هذه الفقرة في رسائل ابن عميرة. (¬5) في النفح: "للأمل". (¬6) إشارة إلى الآية الكريمة {يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} [يس: 26 - 27]. (¬7) في النفح: "يعرف". (¬8) الإشارة إلى العزيمة والرخصة من المصطلحات الفقهية. (¬9) في نفح الطيب: "إن شاء الله تعالى". ولا توجد في رسائل ابن عميرة. وفي النفح الزيادة الآتية: "وهو يديم علاكم، ويحرس مجدكم وسناكم، بمنه، والسلام الكريم، الطيب العميم يخصكم به معظم مجدكم، المعتد بذخيرة ودكم، المحافظ على كريم عهدكم، ابن عميرة، ورحمة الله تعالى وبركاته. في الرابع والعشرين لربيع الآخر من سنة 639. انتهى".

وكتَبَ إلى قاضي القضاة، وأسنى موصُوفٍ بالشِّيَم المُرتضاة، بَحْرِ النَّدى وبدرِ النادي، أبي إسحاقَ بن أبي زَيْد المَكّادي (¬1) [من الكامل]: إن يُقضَ جَمْعُك بالكريم المُرتضَى ... قاضي الجماعة فالمُنى لكَ تقتضى حَكَمتْ معاليهِ لقاصدِه بما ... يَبْغي وحاشَ لحُكمه أن يُنقَضا ولأنت يا ابنَ الطيّبينَ أحقُّ مَن ... بالبِرِّ والفَضْل المُبَرِّ لهُ قضَى أحيَيْتَ من ساداتِ قومِك قُدِّسوا ... في الفَضْل والأدَبِ الوصيَّ معَ الرِّضا وأعدتَ فَخْرَ المعدِن الحَسَنيِّ في ... باقي الزّمان كعهدِه فيما مضَى أنتم وحقِّ البيتِ آل البيتِ قد ... [أُلبِستُمُ الشرَفَ النَّقيَّ الأبيضا] وأبوكمُ سألَ المودّةَ فيكمُ ... صلى [عليه اللهُ ما قمرٌ أضا] يَرِدُ على سيِّدي قاضي القُضاة، الفَذِّ في شِيَمِه المُرتضاة، من هذا [الشّريف الأجَلّ] المباركِ الأطهر [الأكمل] , نَجْم الدّين ابن مُهذَّب الدِّين، وَقَاهُ اللهُ الأفول، [وأبقاه فَرْعًا يُحيى تلك] الأصُول؛ نظيرُ النَّجم سَنًا مُنيرًا، وسُرًى ومَسِيرًا؛ وحيّاه اللهُ من ذي [مُحَيّا بِشْرُه للوَحْشة] طارد، وظَرْفُه كأنما استَملَى منه عُطارد؛ يَروي من الآدابِ عيونَها، ويَجْلو [من المحاسِن] أبكارَها وعُونَها، وقد راضَ من المسالكَ ما استَعصَى، وانتهَى إلى المغربِ الأدنى من المشرِق الأقصى؛ حتى كأنه أراد أن يَبلُغَ حيث بَلَغَ ذكْرُ مجدِه، أو يَفرُغَ من مساحة ما كان زُوِي (¬2) لسيّد الأوَلينَ والآخِرينَ جَدِّه؛ وله في معاني التَّجوال ومُعاناةِ الأهوال؛ قَصَصٌ ¬

_ (¬1) لا نجد له ترجمة في المصادر التي بين أيدينا، وقد كان قاضي الجماعة بمراكش في عهد الرشيد الموحدي وأخيه السعيد. وكان أبوه أبو زَيْد المكادي قاضي الجماعة في عهد والدهما المأمون. وفي رسائل ابن عميرة رسائل أخرى موجهة إلى أبي إسحاق المكادي هذا (وراجع الترجمة رقم 10). (¬2) في الأصل: روي، والصواب ما أثبتنا، والإشارة إلى حديث: "إن الله تعالى زوى لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها". وزوى: جمع.

إنّما يتَأدّى برَوْنقِه، من عذوبةِ لفظِه ومنطقِه؛ فإذا جاذَبَه سيّدي أطرافَه، وهزَّ بالإصغاءِ إليه أعطافَه؛ رأى صَدْرًا نمَتْه سادةٌ سُرات، وبحرًا متى يَطعَمُه قال: {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ} [الفرقان: 53] , وإنّما هو حسَبٌ وَضّاح كقمرِ الدُّجُنّة، ومجدٌ طالبيٌّ من شيعتِه ذلك الجلالُ الماضي على سَنَن السُّنة؛ يُقسَمُ له محبةٌ في أبي القاسم من بِرِّه، ويُدرَى قَدْرُه فلا يُفطَمُ ابنُ فاطمةَ من درِّه؛ إن شاء اللهُ تعالى. وكتَبَ إلى نقيبِ الطلبة، وصاحبِ القلم الأعلى من الكَتَبة، أبي زكرّيا الفازَازيّ (¬1) [من المتقارب]: "لك الخيرُ لا تُخْلِها من قَبُولِ ... وخَلِّ لها نَفَحاتِ القَبُولِ وخُذْها تحيّةَ مستأنِسٍ ... يُسلِّمُ بالبابِ قَبْلَ الدخولِ إذا وصلَتْك فأبرِزْ لها ... من البِرِّ صفحةَ بَرٍّ وَصُولِ وكنْ معَ مَن لا يرى بِرَّها ... كسمع المُحبِّ وعَذْلِ العَذُولِ فإنّ شفيعي لها ابنُ الشفيعِ ... وإنّ رسُولي بها ابنُ الرسُولِ صَلّى الله على نبيِّنا محمدٍ وآلِه، ورَزَقَنا من بركةِ المحبة فيه وفي ذَويه ما نلظ (¬2) بسؤالِه؛ والمشار إليه تولّاه اللهُ بحفظِه، من رُقعتي وتحيّتي تَزْدانُ من يدِهِ ولفظِه، وهو الشريفُ الأجَلّ، المبارَكُ الأسنى الأكمل (¬3)، نَجْمُ الدِّين ابن مهذَّب الدِّين، وإنه النَّجمُ في أوْجِه، والبحرُ متدفِّقًا بمَوْجِه؛ شَرف إلى سماءِ الكُرماءِ مَرْقاه، ¬

_ (¬1) لا نجد له ترجمة فيما بين أيدينا من مصادر، وكل ما نعرفه عنه أنه أبو زكريا يحيى بن أبي عبد الله الفازازي الذي تقدمت ترجمته برقم (150) ويستفاد مما هنا ومما في البيان المغرب 283 أنه كان ذا خطتين في عهد الرشيد الموحدي؛ وهما خطة نقابة الطلبة وخطة القلم الأعلى. (¬2) نلظ: نكثر، ومنه الحديث: "ألظوا في الدعاء بيا ذا الجلال والإكرام"، أي: أكثروا من قوله والتلفظ به في دعائكم. (¬3) هذه الفقرة غير موجودة في الرسائل.

وأدب من ماءِ الكوثر سقَاه، وكأطيبِ الثمر تخيَّره وانتقاه، والمجدُ في بُحبوحتِه (¬1)، ومعَ الدّهر متقَلِّبٌ في أرجوحتِه، سَلّ [به المنازلَ والمناهل] , والمعالمَ والمَجاهل؛ والعراقَ ورافدَيْه، والحجازَ ووافدَيْه؛ [طالبُ ربح في مالِه، وباغي] ثوابٍ لمَآلِه؛ وإن شاء سيِّدي باحَثَه عن حدثانِ الدّهر، [وحديثِ ما وراء النهر] , ورَفَعَ الرّوايةَ منه إلى عَليم، وكتَبَ بقلمِه قصّةَ كلِّ إقليم، [فقد خبِرَ الخابور] , وسَبَرَ ناسَ نَيْسابُور؛ وعاينَ من خَرابِ بُخارى؛ ودارَ حيثُ [كان ملكَ دارا]؛ وطاف بمكّةَ أولِ تُربةٍ مسَّت جِلدةَ جدِّه، وحَلَّ يثربَ مأواهُ المشرَّف (¬2) [بقصدِه] , ورأى القُدسَ ومَسْراه: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: 1]؛ ولقد جاوَرَ جَيرون، [بعدَ] ما شربَ من جَيْحُون، وقطَعَ ما بين مِصرَ ونِيلِها، وغَرْناطةَ وشنيلِها؛ فترَوْنَ منه إن شاء اللهُ مَن جابَ المسالكَ والممالكَ، وتشوَّف إلى ما هنا وهنالك؛ وأحَبَّ أن تكونَ حضرةُ الإمامة أيّدها الله بحسابِ ما عايَنَ بذلك، وما ثمرُ الجنّة من سائرِ الثمَر، ولا يَنظُرُ إلى السُّها إلّا ساهٍ عن القمر؛ وأيُّ مُذنَّبٍ يُذكَرُ معَ البحر، أم أيُّ يوم يقاسُ بيوم النَّحر؟! وسيُشاهدُ المعالمَ المقدَّسة شرَّفَها اللهُ بعين تَدري قَدْرَ ما تُعاينُه، وَيصفُها بلسانٍ لو أعارهُ لوُصفت به محاسنُه؛ ولسيّدي الأعلى عادةٌ أن يَضُمَّ إليه مَن أعلَقَ به رجاءه، ويُكرمَ كريمةَ قوم إذا جاءه؛ وهذا بلا ارتيابٍ كريمةُ الكرام، وبقيّةُ سادةِ الحرام؛ والراويةُ الصّادقُ اللَّهجة، والحديقةُ الرائقةُ البهجة؛ فهو يزيدُه على تلك العادة، ويَجْلو عليه بدارِ الإمارة وجهَ السعادة، وإنّما يُكبِرُ ابنَ أكبر السِّبْطَيْن، وُيعظِمُ مَن يَنظِمُ من جواهر لفظِه وفَخْرِه سِمْطَيْن؛ وإذا أعلى قدْرَ هذا العَلَوي، وحرَّك بالرفْع ساكنًا من بيتٍ شَرَفُه بمكان الرَّوِي؛ أولاه يدًا يُعطِّرُ ذكْرُها أندِيةَ الجلالة، ويُحيلُ في شكرِها على ذمّةِ الرسالة، ولا شرَفَ كشرفِ هذه الحَوالة؛ أدام اللهُ علاءكم، ¬

_ (¬1) في الرسائل: "فهل من المجد في بحبوحته". (¬2) في الرسائل: "الأشرف".

وحرَسَ مجدَكم وسناءكم؛ بمنِّه، والسلامُ الأتمُّ الأعمُّ يَخُصُّكم به مُعظِّمُ قَدْرِكم، ومُوجبُ إكبارِكم وبِرِّكم، أخوكم المعتدُّ بكم، المُثني عليكم، ابنُ عَمِيرة، ورحمةُ الله وبَرَكاتُه. كتَبَ في الرابع والعشرينَ لربيعٍ الآخِر سنةَ تسع وثلاثينَ وست مئة". ونقلتُها من خطِّ منشئها في البطاقةِ التي بعَثَ بها صُحبةَ نَجْم الدِّين إلى أبي زكريّا الفازازيِّ رحمهم الله. وكتَبَ إلى أخيه القاضي الأديب، المُشارِكِ الفاضل الحَسِيب، أبي عِمرانَ (¬1) [من الطويل]: "أتاك شريفٌ من ذُؤابةِ هاشمٍ ... صريحٌ كماءِ المُزْن باقٍ بمُزنِهِ له -وهْو نَجْمُ الدِّين- وجهٌ مباركٌ ... كنَجْم الدَّياجي في سَنَاهُ وحُسنِهِ وبشَّر موسى بالنبيِّ محمدٍ ... وها أنا يا موسى أُبشِّرُ بابنِهِ تَرِدُ عُجالتي هذه أيها الأخ الحبيب، والماجدُ الحَسِيب؛ [من جهةِ الشّريفِ الأجَلّ] أبقَى اللهُ منه نجمًا سائرًا في فَلكِ المَجْد، وصُبحًا مُضيئًا على [الغَوْر والنَّجْد، وأوصافُه] لا أُعيرُها استعارتي، ولا أرضَى لها عبارتي؛ وما أقولُ في مَغْذُوٍّ [بدَرِّ النبوّة] مَقْروٍّ شَرفُه في الآيِ المقروّة؟! سُؤدَدٌ يزِلُّ النّجمُ عن مَرْقاه، وأدبٌ على [شكل حَسَبِه] تخيَّره وانتقاه، فعندَه منه شرَفُ المَقُول، وشَرَكُ العقول، ولله منه طلّاعٌ من ثنايا الكمال، ناظمٌ بين الجَنوبِ والشَّمال؛ مجلسُه ¬

_ (¬1) هو أبو عمران موسى بن أبي عبد الله محمد الفازازي أخو السابق، لا نجد له ترجمة، وفي السفر السادس إشارة إلى خصومة بينه وبين القاضي أبي القاسم ابن بقي وإيراد لقطعة شعرية لأبي الوليد ابن عفير يؤنس بها القاضي المذكور من جريرة جرها عليه أبو عمران موسى بن أبي عبد الله الفازازي (الترجمة 311)، وانتقل بعض هؤلاء الفازازيين إلى خدمة الحفصيين في تونس، ومنهم أبو عبد الله الفازازي وأبو زيد عيسى الفازازي، قال مؤلف الفارسية: "وكانت للفازازيين حظوة ورئاسة وعلم" (الفارسية: 150، 151، وتاريخ الدولتين)

لمذهبِ الفَضْل مدرسة، وحفظُه لكُتُب البلاد فِهرِسة؛ مَن جالَسَه ساحَ به حيث ساح، وناوَلَه من أخبارِ البلاد مُسنداتِها الصِّحاح؛ فأدنَى منه صينَها، وعَرَضَ عليه نَصيبِينَها (¬1)، وأحَلَّه بَلْخَ (¬2) وما إليها، ونزَلَ به الكَرْخ (¬3) وما حوالَيْها؛ وقَطَعَ به السَّماوةَ (¬4) ومَهامِهَها، وأراه الغُوطةَ (¬5) وخمائلَها وفواكهَها، ومِصرَ ومنازهَها، وأقرأهُ سُوَرَ البسيطة وفقَهَه (¬6) مُتشابهَها، ثم عاجَ به على البلدِ الحرام، ومرَّ به على مواقفِ آبائه الكرام، واعتَمرَ به من التنعيم، ومشَى مَعه على زَمْزمَ والحَطِيم، [وحمَلَه] (¬7) إلى تُربةِ جَدِّه مُسلِّمًا على الحَسَن مترحِّمًا على الحُسَين؛ ونقَلَه إلى مَسْراهُ - صلى الله عليه وسلم - حيث كان قابَ قوسَيْن؛ وكم وَعَى من أعجوبة، وكشَفَ من خبيئةٍ محجوبة؛ وغريبةٍ مكتوبة؛ وقد قَصَدَ تلك الحَضْرة (¬8) حَرسَها الله، لينتهيَ إلى موضع الفائدة من خبرِه، ويبلُغَ الصّفَّ الأوّلَ من صَلاة سَفَرِه؛ وهناك يَحقِرُ من الممالك ما عايَن، ويوجبُ على كلِّ متعالٍ مَرَّ به أن يَتَطامن. وسيّدي وَقَى اللهُ كمالَه من العَيْن، يبَرُّه إذا اجتازَ به في موضعَيْن، أحدُهما: يليه بنفْسِه كما هو المعتاد، والآخر: يُسندُه إلى أخيه المبارك ونِعمَ الإسناد؛ فمجدُه -حفِظَه اللهُ- المجدُ المؤثَّل، ومكانُه من تلك الدار المكرَّمة المكانُ المؤمَّل، وللوارِدينَ عليها أملٌ به أعلقوه، وشكرٌ عليه أطلقوه؛ والمسؤولُ من الأخ الكريم وصَلَ اللهُ سعادتَه دَيْنٌ عليه في ذِمّتِه، وزَيْنٌ لحَسَبِه يسمو إليه بهمّتِه، إن شاء الله". ¬

_ (¬1) نصيبين: مدينة معروفة من بلاد الجزيرة بين دجلة والفرات (معجم البلدان 5/ 288). (¬2) بلخ: كانت مدينة عظمى في خراسان وهي اليوم قرية في أفغانستان. (¬3) الكرخ: محلة معروفة ببغداد. (¬4) الإشارة إلى بادية السماوة وهي مفازة بين العراق والشام. (¬5) الغوطة: متنزه دمشق الذي تغنى به الشعراء. (¬6) في رسائل ابن عميرة: "وفهمه". (¬7) ساقطة في الأصل. (¬8) في الرسائل: "قصد حضرة الإمامة".

وكتَبَ إلى عَلَم المَجْد وحَسَن المشاركة، الآخِذِ فيما يُسنَدُ إليه بالعزائم المباركة؛ المُنفِق جاهَه ونفائسَ مالِه، لمن أعلقَ به أسبابَ آمالِه؛ أبي زكريّا بن محمد بن مُزاحِم (¬1) [من الطويل]: " [فدَيْناكَ إنّ الفضلَ منكَ سَجِيّةٌ] ... وأنت به بَدْءًا (¬2) وعَوْدًا معوَّدُ [إذا مَرَّ ذكْرٌ منك ترتاحُ] أَنفُسٌ ... وتهتاجُ أشواقٌ ويختالُ مشهدُ [ويحيا بيحيى] مَن تفاءل باسمِهِ ... وذلك من مقلوبِهِ يتأكّدُ [أتاك ابنُ] بنتِ الهاشميِّ محمدٌ ... وحَسْبُك فخرًا مِن نَماهُ محمدُ شريفٌ له من ذاتِهِ شرَفٌ لهُ ... على النَّجم وهْو النَجمُ مَرْقًى ومصعَدُ وإنك في بِرِّ الكرام لَأوحدٌ ... كما أنَّ هذا بينَهمْ هُو أوحدُ وكيف لا وهو من الأَرومةِ السَّنِيّة، والدّوحة الحَسَنيّة، وَلَدتْه الرّسالة، فيا لَشَرفِ هذه الولادة، وشهِدَت لجدِّه أكبر السِّبْطَيْنِ بالسّيادة، وناهيك من منصِب هذه الشّهادة؛ وهو الشريفُ أبو فلان (¬3)، مَن هو النَّجمُ سناءً وسنًا، والرَّوضُ ما شئتَ من ظِلٍّ وجَنَى؛ وقد رَكِبَ البِطاءَ والسّوابق، ونزَلَ المدارسَ والخوانق (¬4)، واحتلّ الغَوْرَ والعَلَم، واستظلّ الضالَّ والسَّلَم [من الطويل]: وشرَّق حتى ليسَ للشرقِ مشرِقٌ ... وغرَّب حتى ليس للغربِ مغربُ (¬5) ¬

_ (¬1) أبو زكريا يحيى بن محمد بن مزاحم الكومي -من كومية قبيلة عبد المؤمن- كان من رجال الرشيد الموحدي وبطانته، وقد عينه مشرفًا على دار الصناعة بسبتة، ولابن عميرة قصيدة في مدحه ضمن مجموع رسائله (البيان المغرب: 350، رسائل ابن عميرة (مخطوط) الخزانة العامة بالرباط). (¬2) في الأصل: "برءًا". (¬3) في رسائل ابن عميرة: "وهو الشريف الأجل نجم الدين ابن مهذب الدين". (¬4) الخوانق: جمع خانقاه، وهي رباط الصوفية، والكلمة من المعرب المولَّد الذي استعمله المتأخرون. (¬5) البيت للمتنبي من قصيدته التي مطلعها: أغالب فيك الشوق والشوق أغلب ... وأعجب من ذا الهجر والوصل أعجب

وسترَوْنَ منه نَسَبَ الكرام مرفوعًا، وديوانَ الأدب مجموعًا، ونُخبةَ الشُّرفاءِ الطيِّبينَ أصولًا وفروعًا، وعندَكم -وَصَلَ اللهُ رِفعتَكم- عادتا بِرٍّ وبِشْر كلاهما يُنعِمُ البال، ويُفعِم السِّجال؛ وهذا الشريفُ المبارَكَ أوْلى مَن وَفَيْتُموه إيّاهما، وأنشَقتُموهُ رَيّاهما، وحَقُّ فضلِكم أن يَرعَى فضلَ حقِّه، ويختصَّه من معنى الإدناءِ والاعتناء بأجَلِّه وأدقِّه، وبإزاءِ ذلك شكرٌ هو في ذمّةِ الرسالة مترتّب، وذكْرٌ كلٌّ سمِعَ بمَسْرى طِيبِه مرحِّب؛ إن شاء الله، وهو تعالى يُبقِي جَنابَكم معمورًا، وَيزيدُ فضلَكم ظهورًا، ولا يَعدِمُكم من لدُنْه عطاءً حسابًا ومنًا موفورًا". وكتَبَ إلى نُخبةِ الأدباء، وقُطبِ تأنيسِ الغُرباء، أبي الحَسَن بن محمد بن عليّ العُشْبيّ (¬1) [من المنسرح]: "هل لك ياسيّدي أبا الحَسَنِ ... فيمن لهُ شاهدٌ [على] حَسَنِ في الشّرفِ المنتقَى له قدَمٌ ... أثبَتَها بالوَصيِّ والحَسَنِ أيُّها الأخُ الذي ملَّكتُه قيادي، وأسكنتُه فؤادي، عَهْدي بكَ تعتامُ الآدابَ النَّقيّة، وتشتاقُ اللّطائفَ المَشْرقيّة، وتنصفُ فترى أنّ في سيلِنا جُفاءً، وبمغرِبنا جَفاءً؛ وأنّ المحاسنَ نَبْتُ أرضٍ ما بها وُلِدنا، وزَرْعُ وادٍ ليس مما عَهِدنا، وأنَا في هذا أُشايعُك وأُتابعُك، وأُناضلُ منَ يُنازلُك؛ وقد أتانا اللهُ بحُجّة تقطعُ الحُجَج، وتُسكتُ الهَمَج، وهو الشريفُ أبو فلان (¬2)، [وإنه نَجْلُ الذُّرِّية المختاره، ونَجْمُ] الدُّرّية السيّارة، جَرى معَ زعزَعٍ ونَسيم، ورَتَعَ [في جَميم وهَشيم، وشاهَدَ عجائبَ] كلِّ إقليم، وشرَّقَ إلى مطلَع ابن ¬

_ (¬1) تقدمت ترجمته في هذا السفر رقم (13)، وهذه الرسالة واردة في نفح الطيب 3/ 146 - 147 تحقيق د. إحسان عباس. ولتصحح نسبة العنسي فيه فإن صوابها: العشبي نسبة إلى الحرفة، وهي مرادفة للعشاب والنباتي، أما نسبته القبيلة فهي الكتامي. (¬2) في رسائل ابن عميرة: "وهو الشريف الأجلّ نجم الدين ابن مهذب الدين".

أحلى (¬1)، وغرَّب حتى نزَلَ [شاطئَ سَلا، وقد توَجَّه] الآنَ إلى تلك الحضرة (¬2) لينتهيَ من أصابع العَدّ إلى العُقدة، [ويَحصُلَ من] مَخْضِ الحقيقةِ على الزُّبدة؛ وقد عَلِمَ أنّ ما كلُّ الخُطَب كخُطبةِ المِنبَر، [ولا جميعُ الأيام] من يوم الحجِّ الأكبر؛ وأدبُه يا سيّدي من نسبةِ أُفُقِه، بل على شكل [حسَبه وخُلُقِه]؛ فإذا رأيتَه شهِدتَ بأنّ الشّرقَ قد أتحفَنا برقّةِ بغداذِه، بل رَمانا بجُملة أفلَاذِه؛ والحظُّ فيما يجبُ من بِرِّه وتأنيسِه، إنّما هو في الحقيقةِ لجليسِه؛ فيا غِبطةَ من يسبِقُ لجِوارِه، ويَقبِسُ من أنوارِه، وأنت لا محالةَ تفهَمُه فَهْمي، وتَشِيمُ من شِيَمِه عارضًا بَرى القلوبَ الهِيم يَهْمي؛ وتَضربُ في الأخذِ من قلائدِه وفوائدِه بسَهْم ودِدتُ لو أنه سَهْمي، إن شاء الله؛ وهو تعالى يُديمُ عزتَكم ويحفَظُ مودّتكم". وشيّع أبو المُطرِّف نَجْمَ الدِّين حين سافَرَ في البحر بهذه القصيدة [من مجزوء الكامل]: يا نائيًاعنّي وهـ ... ـذا النَّأيُ لستُ أُطيقُهُ النَّجمُ أنت إذا يغـ ... ـرّبُ عادةً تشريقُهُ والفضلُ فارَقَنا وأنـ ... ـت رفيقُهُ وشقيقُهُ والصّبرُ حين تغيبُ معـ .. ـنًى ليس لي تحقيقُهُ والأُنسُ معنًى كاذبٌ ... لا ينبغي تصديقُهُ أفما ترِقُّ لمن لهُ ... دمع عليك يُريقُهُ؟ وجوًى يَحارُ لِما جَنا ... هُ حَرُّه وحريقُه يا سيِّدًا يَزهَى بهِ ... حِزبُ الهُدى وفريقُهُ ¬

_ (¬1) في الأصل: "ابن جلا"، ولا معنى له. وابن أحلى كان رئيس بلد لورقة وهي منحازة إلى الشرق في الأندلس، فلعلها المقصودة. (¬2) في رسائل ابن عميرة: "إلى حضرة الإمامة".

في البحرِ سرتَ فهانَ في ... دَعَةٍ عليك طريقُهُ وأمِنتَ فيه ما يُحمَّـ ... ـملُ أذى ويُذيقُه لك من سَمِيِّك يونُسٍ ... (¬1) مَنْجاتُهُ لا ضِيقُهُ وجميلُ عُقباهُ التي ... فيها أقام طليقُهُ وأقولُ وفَّقك الإلـ ... ـهُ وحسبُنا توفيقُه [ولمّا وَصلَ إلى مَرّاكُش] تُلقِّيَ بما يُتلَقَّى به أمثالُه، وتَرقَّى إلى الغاية في تسويغ [ما يُسوِّغُه له كمالُه] , ورَعَى كلٌّ من أعلامِها حقَّ وِفادتِه، وسَعَى بجِدِّه [في السّهرِ على ما] يجبُ له في إفادتِه، واستشرفَ إلى لقائه الرّشيدُ فاستدعاهُ [إلى مجلسِه واستدناهُ، ونالهُ] من تأنيسِه وتقرِيبه أقصى ما تمنّاهُ، وأمتَعَه الشّريفُ بما عندَه من أخبارِه، وطرَّزَ مجالسَه بمُستطرفاتِ أشعارِه، وكان ممّا أنشَدَ في مجلسِه عندَه وأخبرَ، قًال: أخبرني أخي وأنشَدني، قال: حضرتُ مجلسَ الإمام الواعظ أبي الفَرَج ابن الجَوْزيِّ رحمَه الله ببغدادَ يومَ عاشُوراءَ وقد اكتَحلَ، فقام إليه أحدُ الشِّيعة وقال له: لم تجِدْ متى تكتحلُ إلا في اليوم الذي قُتلَ فيه الحُسَين وسُفِك فيه دَمُه؟ أوَما علِمتَ أن الكُحلَ من الزّينةِ التي تُناسبُ السرور؟ وكأنّ ذلك كان نَذْرًا عليك! فأجابه أبو الفَرَج بهذينِ البيتَيْنِ ارتجالًا [من مخلع البسيط]: ولائمٍ لامَ في اكتحالي ... يومَ استحَلُّوا دمَ الحُسينِ فقلت: دَعْني أحقُّ عُضوٍ ... يحظَى بلُبْس السوادِ عيني فاستظرَفهما الرّشيدُ ولهجَ بهما وأشار بالأخْذِ في تذييلِهما بخمسةِ أبيات، فأنهى نقيبُ الطلبة تلك الإشارةَ إلى بعضِ مَن حضَر من الأدباء، فحُفِطتُ عنهم في ذلك تذييلاتٍ، منها: قولُ نقيبِهم أبي زكريّا الفازَازيّ [من مخلع البسيط]: ¬

_ (¬1) هو نبي الله يونس.

غيري بهذا الكلام يُرمَى ... فإنّ مَغْزاهُ غيرُ هَيْن لا يَدخُلَنَّ العدوُّ جهلًا ... في الحُبِّ ما بينَهُ وبيني فحُبُّ آلِ النبيِّ زَيْنٌ ... وبُغضُهمْ شَيْنُ كلِّ شَيْنِ صدَقتُ في قولتي ومثلي ... مهما يقُلْ قال غيرَ مَيْنِ حَسْبُك منّي هذا وحَسْبي ... بكاءُ عيني بمثلِ عَيْنِ وقولُ أبي عليّ ابن حازم (¬1) [من مخلع البسيط]: وهل لِباسُ السوادِ إلّا ... شعارُ حُزنٍ لا زيُّ زَيْن كأنّ عَيْنيَ بعدَ رُزْئي ... بمقتلِ السِّبطِ تحتَ دَيْنِ يُقضَى غريمُ الغرام دمعًا ... كالتِّبرِ ذَوْبًا لا كاللُّجَيْنِ لو أنّني يومَ كَرْبَلاءِ ... شهِدتُ ما حان فيه حَيْني حتى أُبيدَ العِدى ضِرابًا ... بالسّيفِ طَوْرًا وبالرُّدَيْني وقولُ أبي الحَسَن حازمِ (¬2) بن حازم [من مخلع البسيط]: أمَا تَراها تسِحُّ دمعًا ... كأن عَيْني بكَتْ بعَيْن والدمعُ مما يُدل أنّ الـ ... ـحِدادَ للحُزنِ لا لزَيْنِ إنّ مصابَ الحُسين رُزْءٌ ... فَرَّقَ بينَ العَزا وبيني حُبِّبَ لونُ الشبابِ عندي ... وصُحِّف الشَّيبُ لي بشَيْنِ حتى كأنّ المشِيبَ صُبحٌ ... سَقَى حُسَينًا كؤوسَ حَيْنِ ¬

_ (¬1) هو أبو علي الحسن بن محمد بن حازم، وهو أخو حازم القرطاجني، وقد عاش هو وأخوه مدة في مراكش خلال عهد الرشيد الموحدي، ولهما فيه أمداح، وذلك قبل أن ينتقلا إلى تونس (انظر اختصار القدح: 20 ونفح الطيب (الفهرس)) (¬2) انظر في حازم القرطاجني دراسة الشيخ الدكتور ابن الخوجة.

وقولُ أبي محمدٍ عبد العزيز الطّبيريِّ (¬1) [من مخلع البسيط]: كم خَلَعَ الدّهرُ من لباسٍ ... إلّا سوادًا في المقلتَيْن فأين بالحُزنِ عن جُفونٍ ... تجِمُّ بالدّمع بعدَ أيْنِ تَبَّت يدا قاتليهِ عَمْدًا ... لو أنّ بالصبرِ لي يَدَيْنِ مُستهدَفٌ للخُطوبِ قلبي ... يُصيبُهُ سهمُ كلِّ حَيْنِ لا حَمَلتْهُ الضّلوعُ منّي ... إن حَمَلَ الرُّزءَ في حُسَينِ وقولُ أبي عبد الله ابن الخَيّاط (¬2) [من مخلع البسيط]: علالةٌ واحتيالُ مَن لم ... يَذُدْ عن الدِّين بالرُّدَيْني وحيلةٌ ليس يَرتضيها ... إلا امرُؤٌ قاصرُ اليدَيْنِ متَيَّمٌ شفَّهُ غَرامٌ ... كَواهُ منهُ بشُعلتَيْنِ تصَعَّدتْ من حَشاهُ نارٌ ... حريقُها بينَ مُقلتَيْنِ لعلّ حُسنى صفاتِ وَجْدي ... أفوزُ منها بالحُسْنيَيْنِ وقولُ أبي يوسُفَ حَجّاج بن حَجّاج (¬3) [من مخلع البسيط]: لأنّها بالفِراقِ خُصَّتْ ... وحَجْبِ إلفٍ عنها وبَيْنِ فهْيَ تُلاقي الأسى بدمعٍ ... كفَيْض نهرٍ وماءِ عَيْنِ ¬

_ (¬1) لم نقف على ترجمته، وفي رحلة ابن رشيد ترجمة لأبي محمد عبد العزيز بن محمد بن السليم الطبيري، ولم ندرك صلته بالمذكور هنا (رحلة ابن رشيد 2/ 163 - 167). (¬2) لم نقف على ترجمته. (¬3) لم نقف على ترجمته ولعله من الأسرة الحجاجية الإشبيلية التي استقرت بمراكش، وترسم بعض أفرادها بالقضاء والكتابة في بلاط أواخر الموحدين ثم عند المرينيين (انظر السفر السادس، الترجمة 40، ومستودع العلامة: 41، وروضة النسرين: 24).

فكان حقًّا عليّ أنّي ... كَسوتُها ثوبَ حُزنِ حَيْنِ وكي أرى الدّمعَ في سوادٍ ... يَصبُغُ خَدًّا مثلَ اللُّجَيْنِ مع أنّ وَجْدي وحُزنَ قلبي ... زادا سَوادًا في المقلتَيْن إذْ كلُّ ما في الضّمير يَبدو ... بالوجهِ والعَيْن دونَ مَيْنِ وقولُ أبي عليّ بن أبي ثلاثة (¬1) [من مخلع البسيط]: فهل رأيتَ السّوادَ حُسنًا ... إلا بفَوْدٍ وعارضَيْن كم كسَفَ النَّيِّرَيْنِ حتى ... باتا به غيرَ نيِّرْينِ فالكُحلُ مما يُظَن زينًا ... وربّما أنه لشَيْنِ بل في حُسين وفي أخيهِ الـ ... ـمصلح ما بينَ الفئتَيْنِ أكحَلُها هكذا وأبكي ... ما عشتُ دمعًا بغيرِ عَيْنِ وقولُ شيخِنا أبي محمدٍ العراقيِّ (¬2) [من مخلع البسيط]: خُصَّتْ بإدراكِهِ فكانت ... أحقَّ بالحُزن يومَ بَيْنِ ¬

_ (¬1) هو أبو علي عمر بن أبي ثلاثة. لم نقف على ترجمته ويفهم من المناسبة أنه كان على صلة ببلاط الرشيد الموحدي، ويبدو أنه انتقل بعد ذلك إلى تونس حيث قضى آخر أيامه، وفي رحلة ابن رشيد قصيدة أجاب بها أبا العباس ابن القصير الذي استدعى منه بعض شعره (رحلة ابن رشيد 2/ 160 - 161). (¬2) هو أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن العراقي الفاسي من شيوخ المؤلف، وقد ترجم له في السفر السابع المفقود، ويتردد ذكره خلال التراجم، ولي خطة الخزانة في عهد الرشيد وكان نقيب الطلبة بعد ذلك، وفي البيان المغرب أنه كان من خاصة السعيد والمرتضى وتوفي في عهد هذا الأخير، ودفن بدويرة بحومة المرج بمقربة من باب تاغزوت داخل مراكش بجانب جماعة من الأعلام منهم قاضي الجماعة ابن حجاج وابن راحل وغيرهما وهو الذي روى عنه معاصره المؤرخ ولد ابن القطان خبر لقاء ابن تومرت بالغزالي. انظر البيان المغرب: 358، 371 والذيل والتكملة 6/الترجمة 40، والأجزاء الأخرى، ونظم الجمان 17 - 18، والحلل الموشية 85 - 86.

فلُبسُها للسّوادِ فَرْضٌ ... من أجلِها قيلَ: فَرْضُ عينِ سوادُ قلبي يمُدُّ كُحلي ... يَجري اضطرارًا بمقلتَيْنِ فكم أحالا ثيابَ جِسمي ... للحُزنِ كالقارِ مرتَيْنِ فلا تلُمْ في بياضِ ثوبٍ ... يَسوَدُّ لو قُدَّ مِن لُجَيْنِ وقولُ أبي عبد الرّحمن ابن زَغْبُوش (¬1) [من مخلع البسيط]: أقصرْ فإنّ الذي تراهُ ... منَ اكتحالٍ بالمُقلتَيْنِ دُخَانُ قلبٍ قدَ احرقَتْهُ ... نيرانُ حُزنٍ بغير مَيْنِ فصَّعدتْه أنفاسُ وَجْدي ... فحَلَّ منّي بالناظرَيْنِ وانظُرْ إلى ذا الرمادِ منهُ ... كيف تَبدَّى بالمَفرِقَيْنِ فحبُّ آلِ النبيّ حَتْمٌ ... على البَرايا وفَرْضُ عينِ وقولُ أبي الحَسَن بن محمد العُشْبيّ (¬2) [من مخلع البسيط]: ولائمٍ لامَ في اكتحالي ... يومَ استحَلُّوا دمَ الحُسَينِ ¬

_ (¬1) لم نقف على ترجمته، وهو أبو عبد الرّحمن عبد الله بن القاسم بن عبد الله بن محمد بن حماد بن محمد بن زغبوش. وهو من أسرة الزغابشة المكناسيين الذين بادروا إلى تأييد دولة الموحدين أول ظهورها فقتل منهم جماعة على يد يدّر بن ولكوط والي مكناسة من قبل المرابطين، ونال من بقي منهم جاهًا كبيرًا عند الموحدين، وظلوا يتولون خدمتهم في الحاشية والقضاء بالأندلس وغيرِها إلى نهاية دولتهم، وقد انتقل بعضهم من مكناسة إلى الأندلس وانتقل آخرون إلى مراكش ولعل منهم من انتقل إلى مصر حيث نجد والي قوص في عهد الملك الكامل يدعى بابن زغبوش. قال ابن غازي: "وقد ذكر ابن عبد الملك في تكملته جماعة منهم" كما أن صاحب "الإتحاف" ترجم لأربعة من زغابشة العصر العلوي، ولا بد أن أبا عبد الرحمن المذكور مترجم في السفر السابع مع الغرباء. انظر الروض الهتون: 17، 29، 52 والسفر الأول، الترجمة 531، والسفر الخامس: 1298. (¬2) تقدمت ترجمته رقم (13).

يحسَبُهُ حِليةً وزَيْنًا ... يا بُعدَ ما بينَهُ وبيني فقلتُ: دَعْني أحقُّ عُضوٍ ... يَحظَى بلُبْس السّوادِ عَيْني واستمعِ الأمرَ ثم حقِّق ... يَبِنْ لك الصّدقُ دون مَيْنِ إنّ سَوادي معَ السُّوَيْدا ... فاضا معَ الدّمع سائلَيْنِ واستوقَفا بعدُ في المَآقي ... وقْفةَ مُستَوْلِهٍ لبَيْنِ كما خَلَعتُ الشّبابَ حُزنًا ... فهْو حِدادٌ في المقلتَيْنِ وقولُ أبي الحَجّاج بن موسى بن لاهِيَةَ (¬1) [من مخلع البسيط]: أقصِرْ فماذا السوادُ كُحلًا ... أبديتُهُ مُظهِرًا لزَيْنِ سَوادُ عَيْني الذي تَراهُ ... يسِحُّ دمعًا من غيرِ عَيْنِ مَحَاهُ طُولُ البُكا عليهِ ... فسال في الشّفرِ دون مَيْنِ وانظُرْ لشَيْبٍ لم أحتسِبْهُ ... تُثبِتْ مُصابي بشاهدَيْنِ هل هُوَ إلا بياضُ جَفْني ... جرى مَشِيبًا في العارضَيْن وقولُ أبي الحَسَن ابن زَنُّون (¬2) [من مخلع البسيط]: ولو بوُدِّي ملأتُ كُحْلًا ... كلَّ بياضٍ في المُقلتَيْنِ لو كان يُجدي سوَّدتُ شَيْبًا ... في الرأس منّي والعارضَيْنِ أو كان يُغني جلّلتُ حِبرًا ... من فوقِ رأسي للأخمَصَيْنِ حتى أرى كالحديدِ لونًا ... ما كان منّي لونَ اللُّجَيْنِ فلا تلُمْني فذا مصابٌ ... ما فيه للصّبرِ من يدَيْنِ ¬

_ (¬1) تقدمت ترجمته رقم (233). (¬2) ترجمته في السفر الخامس (639).

وقولُ أبي عبد الله بن يوسُفَ المَصانعيِّ (¬1) في خمس قطعات، أُولاها [من مخلع البسيط]: وشاهدي حُبُّهُ بأنّي ... كحَلْتُ للحُزنِ لا لزَيْنِ فأمرُ قتلِ الحُسَيْنِ صعبٌ ... عليَّ والله غيرُ هَيْنِ وقد بكيْتُ الحُسينَ حتى ... قرَّحتُ جَفْنيَّ دونَ مَيْنِ فكان كُحلي لسَتْرِ ما بي ... قد يَجلُبُ الزّينَ شرُّ شَيْنِ فلا تُشنّعْ ولا تُبشِّعْ ... فلستُ مُستوجِبًا لذَيْنِ وثانيتُها [من مخلع البسيط]: حزِنتُ إذ لم أجدْ دفاعًا ... عنهُ بلفظٍ ولا يدَيْنِ وأنّني حاضرٌ لدَيْهِ ... لم أُعْزَ في نَصْرِه لأيْنِ بل قمتُ في نَصْرِه مقامًا ... يُبهَتُ بالسّيفِ والرُّدَيْني تَشيُّعي للحُسَينِ يُدرَى ... فجلَّ ما بينَهُ وبَيْني له على المسلمينَ حقٌّ ... يَلزَمُ كلًّا لزومَ دَيْنِ وثالثتُها [من مخلع البسيط]: مكتحِلٌ يومَهُ لزَيْنِ ... صاحبُ قلبٍ حليفُ رَيْنِ وينبغي لي عليه حُزْنٌ ... بسائرِ العُمْرِ دون بَيْن يختصُّ لُبْسَ السوادِ قومٌ ... وحيلَ ما بينَهُ وبيني لو كان لي لُبْسُه مباحًا ... لكان زِيِّي لحينِ حَيْني وكان في حقِّه لباسي ... لهُ ولو من سوادِ عَيْني ¬

_ (¬1) لم نقف على ترجمته.

ورابعتُها [من مخلع البسيط]: فكان كُحلي لأجلِ حُزنٍ ... ما كان كُحلي لأجلِ زَيْنِ وكيف لي زينةٌ وعَيْني ... أوْلى بحُزنٍ من كلِّ عَينِ؟! لولا اكتحالي لقيل: تُذرِي ... عليه دمعًا بغير عَيْنِ فكان كُحلي لصَبْغ دمعي ... أبلغَ صِبغ وشفْر عَيْنِ فاعجَبْ لعينٍ تجري بدمعٍ ... من غيرِ عينٍ كجَرْيِ عينِ وخامستُها [من مخلع البسيط]: لو كان للجسم لونُ كُحلي ... لُبْسٌ لَما قلتُ: زِيُّ زَيْنِ وقمتُ أنعَى الحُسَينَ فيهِ ... حتى يقولوا: غرابُ بَيْنِ وربّما النارُ في فؤادي ... أبدَتْ دُخَانًا بالمُقلتَيْنِ أو ربّما أنّ فيه سِرًا ... يُبديه شعرٌ شفيرُ عينِ سوادُ قلبي أتَى يُعزِّي ... سوادَ عَيْنيَ في الحُسَينِ وقولُ شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعينيِّ بأخَرةِ على الشّرط في التذييلِ بخمسةِ أبيات [من مخلع البسيط]: وما اكتحلتُ ابتغاءَ زَيْنِ ... ولا اعتناءً بالمُقلتَيْنِ لكنْ سوادَ القلوبِ عمَّت ... حتى تبَدَّتْ في الناظِرَيْنِ سوادُ قلبي سرَى لعَيْني ... لكي يسيلا في المَدْمَعَيْنِ فليس كحلٌ ترَوْنَ كُحلاً ... وليس زَيْنٌ خِلتُمْ بزَيْنِ وقد كان سُئل له تذييلًا عليها بأمرٍ رَشِيديٍّ لأوّل قدومِه على مَرّاكُشَ القَدْمةَ الثانية وطوَّله وأتْبَعَه بنَثْر، وهما [من مخلع البسيط]:

ولائم لامَ في اكتحالي ... يومَ استحَلُّوا دمَ الحُسينِ فقلتُ: دَعْني أحقُّ عضوٍ ... يَحظى بلُبْس السوادِ عَيْني حُزنًا ليوم عَصِيبِ كرْبٍ ... أفاضَ للعَيْنِ كلَّ عينِ أصيبَ خيرُ الأنام فيهِ ... بالطاهرِ ابن المُطهَّريْنَ مصرَعُ سِبطِ الرسُولِ ما لي ... فيه على الصَّبرِ من يدَيْنِ كَرَّ بلاءٌ بكَرْبَلاءٍ ... وهانَ ما لم يكنْ بهَيْنِ أرضَوْا عِداهُ وأسخَطوهُ ... قُبِّح راضٍ بالخُطّتَيْنِ ألم تَمِدْ يومَ ذاك أرضٌ ... وطَبَّق الرُّزءُ الخافقَيْنِ ولم تَجْرِ الافلاكُ طُرًّا (¬1) ... أم كيف دارت بالنيِّرْينِ فاليومَ ودِدتُ أنّي (¬2) ... من قبلِه قد ورَدتُ حَيْني حقًّا يزيدُ القرودِ أضحى ... يقرَعُ درَّ الثَّنيّتَيْنِ وأنّ رأسَ الحُسَين وافَى ... يحمِلُهُ ضِدُّه الرُّدَيْني لا حُزْنَ عندي كحُزنِ يومٍ ... أُودِعَهُ طَسْتَه اللُّجَيْني فليتَني مِتُّ قبلَ ما قد ... أصَمَّ ناعيهِ المَسْمِعَيْنِ وليتَني حاضرٌ فأحظَى ... في الدّمع عنهُ بالحُسْنيَيْنِ يا آلَ حرب بُؤْتُمْ بحربٍ ... فقد أتَيْتُم بكلِّ شَيْنِ عاديتُمُ المصطفى جَهارًا ... والصِّدقَ عارضتُمُ بمَيْنِ حقدًا قديمًا أثَرْتموهُ ... في حَسَنٍ قبلُ والحُسَينِ ويا شبابَ الجِنانِ صبرًا ... فقد أُصبتُمْ في السيِّدَيْنِ ¬

_ (¬1) الصدر مكسور. (¬2) كذلك.

واللهُ قد شاء أن يكونا ... في جنّةِ الخُلدِ خالدَيْنِ خاب مُعاديهما وفازا ... بفَضْل ما في الشّهادتَيْنِ (¬1) هذا يا سيّدَنا رضيَ اللهُ عنكم ما أمَرتُم به من الزّيادة، وما قرَنَه بها مقامُكم الأعلى من شَرْطِ الاستحسان، فليس في وُسع العبدِ أن يَدخُلَ تحتَ هذا الارتهان، ومن الذي يتَعاطَى أن يُجارِيَ أبا الفَرَج عُذوبةَ لفظ [وعُمقَ رَويّة، وجَوْدةَ] نظم ونثر فيما انفرَدَ به من سَجِيّة، ورِقّةَ طِباع [حضَريّة أعانه] على حُسنِ المَساق، لُدونةُ هواءِ العراق، واغتذاؤه [إيّاه] بدوام الاستنشاق، والعبدُ -وسواه- عاقَهُ عن اللَّحاق، البعدُ [عن تلك الآفاق] ومشاهدةُ دَرَنٍ بالعَشيِّ والإشراق (¬2)، وتنسُّمُ هوائه السابق إلى [الأحداق] لكنّ العبدَ بادَرَ ائتمارًا، لا مدَّعيًا اقتدارًا، ولن يُطبِقَ المَفصِل في مثل ذلك، إلا الشّعراءُ المُفْلِقون، لا الكُتّابُ المُلفِّقون، وسيّدُنا رضي اللهُ عنه يوسعُ [عبدَه] عُذرًا، ويُسدلُ عليه للإغضاءِ سَتْرًا، إن شاء اللهُ تعالى، وهو سبحانَه ينظمُ المشارقَ والمغاربَ في سلكِ مُلكِه، ويعُمُّ بإنعامِه كلَّ عبدٍ تشرَّف بالاعتزاءِ إلى مُلكِه بمَنِّه وكرَمِه. وعاد نَجْمُ الدّين إلى الأندَلُس، ودخَلَ منها في كرَّتِه هذه إشبيلِيَةَ، ثم قَفَلَ إلى سَبْتة، وخاطَبَ أبا المُطرِّف يُعلِمُه بذلك، فكتَبَ إليه أبو المُطرِّف من سَلا: ¬

_ (¬1) اشتغل بتذييل بيتي ابن الجوزي عدد من الأعلام، وقد وردت التذييلات المذكورة هنا وغيرِها أيضًا في رحلة ابن رشيد 2/ 393 (المطبوع) وفي الجزء المخطوط رقم 1737 ورقة 107 وما بعدها، وفي زواهر الفكر لإبن المرابط (مخطوط الإسكوريال). (¬2) من العجب ذم منظر (الأطلس) كما يبدو من مراكش. وإذا كنا نعذر المعتمد الذي يقول: هذي جبال درن ... مشوبة بالدرن كأنها تخبرني ... بأنها تقبرني يا ليتني لم أرها ... وليتها لم ترني فإننا لا نعذر الرعيني الذي عاش في مراكش معززًا مكرمًا وكذلك ابن مضاء القرطبي الذي يقول: يا ليت شعري وليت غير نافعة ... من الصبابة هل للعمر تنفيس؟ متى أرى ناظرًا في جفن قرطبة ... وقد تغيب عن عينيَّ نفّيس؟

"عُجالتي هذه رسمتُها خدمةً للنَّجم، المستمدِّ من نُورِ سيِّدِ العَربِ والعُجْم، زادَه اللهُ ائتلاقًا، وأبقَى للاعتناءِ به اعتلاقًا، ووَقَى كمالَه يَزينُ حجازًا وعراقًا، ويُنيرُ آثارَ الشّرفِ الذي أعرقَ فيه إعراقًا، وعندي لجلالِه ما يَعلَمُه يقينًا، وأنا أعتقدُ التوسُّلَ به إلى الله دينًا، ونَفْسي التي أستحقُّ ومَلَك، سالكةٌ بالحقيقة أنَّى سَلَك، وعلى عهدِه أُقيم، ما أقام الكهفُ والرَّقيم، واستقام الصِّراطُ المستقيم، ولعَقْدِ إضماري في محبّتِه العقدُ النَّظيم، ولله عليّ في تيسيرٍ يفي بلقائه المنّةُ الجسيمةُ والفضلُ العظيم، ولمخاطبتِه الكريمة من قلبي سُوَيْداؤه ومن عيني سُوادُها، وبها أفاخِرُ نفوسَ الأمجادِ التي بالنفائس مُفاخرتُها ومجِادُها، وهي نصيبي من الأيام، فلله موهوبُها ومُفادُها، وعندَها يُسمي إذا أدنى الأحبّةَ نأْيُها وبِعادُها، ومنها طِيبي، فكافوري قِرطاسُها ومِسكي مِدادُها، وقد وصَلَتْني منها صِلات، على بيتِ مهديها سلامٌ وصَلَوات، فحصلتُ على ذخائرِها الأخاير، ولهَجْتُ لهجَ المبشَّر بالبشائر، ونهَجْتُ سبيلَ الشُّكر لتشريفاتِها البواهي البواهر، وكان آخِرَها طلوعًا بأُفْقي، ومجيئًا على وَفْقي، الكتابُ المُعلِم بالانفصال من إشبيلِيَةَ إلى سَبْتةَ حرَسَهما اللهُ معًا، المُلمِعُ إلى جَلِيّة ما تَعرَّفَه ذلك الجلالُ مرْأًى ومستمَعًا، ورغبتي إلى شَرَفِه الأعلى في مُوالاةِ ما عوَّد من الإعلام، ووَعَدَ وإنْ شَطَّتِ النّوى من [إهداءِ التحيّة والسلام، وقد أبلَغْتُ] عن مجدِه كلَّ من أشار بالإبلاع إليه، وجميعُهم [شاكرٌ لذلك العلاءِ الذي اجتمَعَتِ] المآثرُ الهاشميّةُ لدَيْه، واللهُ يُنهِضُ الأُمّةَ بواجبِ ابن [نبيِّها الكريم، ويَصِلُ] للشّرفِ الحَسَنيِّ سُعودًا متلاصقةَ الحديثِ بالقديم، ويُصلِّي [على أهل البيتِ] النّبَويِّ صلاةً متضوِّعةَ النسيم، مورودةً بتسنيم التسليم، ومُعادُ [التحيّة والرحمة] عليكم أيُّها النَّجْمُ الثاقب، ما ازدهَتْ بكمُ المحامدُ وازدانتِ المناقب" (¬1). ¬

_ (¬1) وردت هذه الرسالة أيضًا في مجموع رسائل ابن عميرة مخطوط رقم 232 في الخزانة العامة بالرباط، وما بين معقوفين ممحو في الأصل وموجود في المخطوط المذكور.

236 - يونس بن يوسف بن يوسف بن سليمان بن محمد بن محمود بن يوب الجذامي، قصري -قصر كتامة، ويقال فيه: قصر عبد الكريم- أبو سهل وأبو الوليد، ابن طربية، وكان يقول: طربية، بفتح الطاء وسكون الراء وضم الباء بواحدة وجيم أو ياء مشددين وتاء تأنيث

236 - يونُسُ (¬1) بن يوسُفَ بن يوسُف بن سُليمانَ بن محمد بن محمود بن يوبَ الجُذَاميُّ، قَصْريٌّ -قَصْرَ كُتَامة، ويقال فيه: قَصْر عبدِ الكريم- أبو سَهْل وأبو الوليد، ابنُ طَرْبيّةَ، وكان يقول: طَرْبُيَّةَ، بفتح الطاء وسكون الراء وضم الباء بواحدة وجيم أو ياء مشددين وتاء تأنيث. سَمع من أبي الحَسَن نَجَبةَ، وأبي الحُسَين ابن الصّائغ، وأبي ذَرّ بن أبي رُكَب، وأبي عبد الله ابن الملوز، بالزاي، وأبي القاسم المَلّاحيّ، وأبوي محمد: ابن عُبَيد الله، وابن فَلِيج (¬2). وأجاز له أبو بكرٍ ابنُ الجَدّ، وأبو عبد الله ابنُ الفَخّار. رَوى عنه أبو محمدٍ عبدُ الله بن عبد العزيز بن عبد القوِيِّ القُرَشيُّ، وأبو الصَّفاءِ خالصُ بن مَهْدي، وابنُه أبو عَمْرٍو سَعْدُ بنُ خالص. وكان أديبًا ماهرًا ذا إدراكٍ وإقدام، معَ مشاركةٍ في غير ما فنّ وحَظّ من قَرْض الشعر. وقَفْتُ من نَظْمِه على مسَمَّطاتِ قصائدِ حسّانَ بن ثابتٍ رضيَ اللهُ عنه في تأبينِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - الثابتة آخرَ ما هذّبَه ابنُ هشام من "السِّيرة" التي جمَعَها ابنُ إسحاق (¬3). ¬

_ (¬1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (3515)، وابن الزبير في صلة الصلة 5/الترجمة (612)، والذهبي في المستملح (908) وتاريخ الإسلام 14/ 401، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 366. (¬2) في الأصل: "فليح" مصحف. (¬3) ختم ابن هشام السيرة بأربع قصائد في رثاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مطلع الأولى: بطيبة رسم للرسول ومعهد ... منير وقد تعفو الرسوم وتهمد ومطلع الثانية: ما بال عينيك لا تنام كأنما ... كحلت مآقيها بكحل الأرمد ومطلع الثالثة: نب المساكين أن الخير فارقهم ... مع النبي تولى عنهم سحرا ومطلع الرابعة: آليت ما في جميع الناس مجتهدًا ... مني أليّة بر غير إفناد (انظر سيرة ابن هشام 4/ 273 - 277).

ودخَلَ الأندَلُس وتجوَّل فيها ثُم سكَنَ تونُسَ وقتًا، فأخَذَ عنه بها يسيرٌ، وكان يتَسامحُ كثيرًا فيما يحدّثُ به، سمَحَ اللهُ له. واستُقضيَ بأطْرابُلُسِ إفريقيّة ثم شرَّقَ سنة سبعَ عشْرةَ أو نحوَها فحَظِيَ بالقاهرة وخَلَفَ أبا الخَطاب ابنَ الجُمَيِّل بعدَ وفاتِه بمدرستِه. وتوفِّي [وهو] يتَولّى التدريسَ بأحدِ أيوانَيْ دار الحديث الكامِليّة بالقاهرة آخرَ سنة إحدى وأربعينَ وست مئة (¬1). وهذا تسميطُ إحدى القصائدِ الحَسّانيّة المشارِ إليها، نقَلتُها من نسخةٍ سُمِعت من لفظِ مسَمِّطِها أبي سَهْل مرَّتينِ وعليها خطُّه بذلك [من البسيط]: من كان من معشرِ الباكينَ مقتصِدا ... وخاضَ في غَمَراتِ الحُزن مُتّئدا ولم يَذُبْ أسفًا ولم يمُتْ كمَدا ... أنا الذي حُزنُه لا ينتهي أبدا "آلَيْتُ ما في جميع الناس مجتهدا ... منّي ألِيّةَ بَرٍّ غيرِ إفنادِ" [.....................] وُلِعَتْ ... كأنما بتمادي الحُزنِ قد طُبِعتْ [........] بكَتْ أو هامة سَجَعتْ ... آلَتْ مقالًا وحالًا كيف كان نَعَتْ "تالله ما حمَلتْ أنثى ولا وضَعَتْ ... مثلَ الرسولِ نبيِّ الرحمةِ الهادي" [وما دُهينا] بأدهى من رَزِيّتِه ... ولا بأفظعَ يومًا من منيّتِه آلَيْتُ حِلفةَ بَرٍّ في أليَّتِهِ ... إنّ الرسُول لَفردٌ في سجِيّتِه "ولا بَرَا اللهُ خلقًا من بَريّتِهِ ... أوفَى بذمّة جارٍ أو بميعادِ" ¬

_ (¬1) كان شيخ دار الحديث الكاملية في هذا الوقت هو حافظ الديار المصرية أبا محمد عبد العظيم ابن عبد القوي المنذري (انظر كتاب الدكتور بشار: المنذري وكتابه التكملة، النجف 1968 م).

ولا أحَقَّ قضاءً عندَ مُشتَبهِ ... ولا أتمَّ اهتداءً في تقلُّبِه ولا أمَنَّ بعفوٍ في تغلُّبِه ... ولا أرَقَّ لمن يدعو لمذهبِه "من الذي كان فينا يستضاءُ بهِ ... مبارَكَ الأمرِ ذا عدلٍ وإرشادِ" يا خِيرةَ الخَلْقِ إنّ الصبرَ قد عُدِما ... إلا ذماءً وما يُجدي الغداةَ ذما مصابُك الفَظُّ قد أبكى القلوبَ دما ... يا تَرْحةً أُسكِتَتْ فلم تحلَّ فما "أمسى نساؤكَ عَطَّلنَ البيوتَ فما ... يضرِبْنَ فوقَ قفا سَتْرٍ بأوتادِ" مُفجَّعاتٍ بخير الرسْلِ حين فُقِدْ ... مروَّعاتٍ وما غيرَ الفراقِ رُودْ مسلِّماتٍ لأمرِ الله حين وَرَدْ ... مستمسِكاتٍ بصَبْر نافع وجَلَدْ "مثلَ الرواهبِ يلبَسنَ المباذلَ قد ... أيقنَّ بالبؤسِ بعدَ النعمةِ البادي" قد كنتُ أبعدَ مخلوقٍ عن الضّررِ ... حتى مُنيتُ بفَقْدي سيِّدَ البشرِ بدَّلتُ من نومتي بالذلِّ والسهرِ ... وعَزَّ صبري فلاتَ حينَ مُصطبَرِ "يا أفضلَ الخَلْقِ إنّي كنت في نهرِ ... أصبحتُ منه كمثل المفرَدِ الصادي" مضى الرسولُ إلى الربّ الحفيِّ بهِ ... فجَلَّ مِن مُرتقَى عدلٍ بأرحبِهِ يا حسرتي لكريم الخَيْم طيِّبِهِ ... ياربِّ لا تُضحِنا عن ظلِّ مذهبِهِ "حتى نؤوبَ إلى حالٍ نُسَرُّ بهِ ... يومَ المعادِ فأنت المرشدُ الهادي" أنت الكريمُ وقَصْدي بانَ مَعْلَمُهُ ... وبي من الشّوق أدهاهُ وأعظمُهُ هذا لِما أنا أُخفيهِ وتَعلَمُهُ ... يا طُولَ شوقي لذاكَ القبرِ ألزَمُهُ "مواقعُ اللَّثم منّي حينَ ألثُمُهُ ... مواقعُ الماءِ من ذي الغُلّة الصّادي"

يا ربِّ شوقي لذاكِ البيتِ يُقلقُني ... ....................... أخافُ منها ببُجْر الحَوْب توبقُني ... واحَسْرتي .............. "وما سواك منَ اسْرِ الذّنبِ يُطلقُني ... أنت القويُّ (¬1) [] ¬

(¬1) بعد هذا بياض في الأصل ولعله لذكر بقية القصائد المذيلة، وبعد البياض مباشرة تراجم النساء في ورقة واحدة.

هذا ذكر النساء

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصَلّى اللهُ على سيّدنا ومَوْلانا محمدٍ نبيِّه الكريم هذا ذكرُ النّساء أُوردَهُنَّ مُرتّباتِ على الحروف، منوَّعاتِ إلى أندَلُسيّاتِ وغرائبَ، كما فعَلْنا في الرجال: 237 - أمةُ الرّحمن (¬1) بنتُ عبد الحقّ بن غالب بن عبد الرّحمن بن غالب بن تَمّام بن عبد الرَّؤوف بن عبد الله بن تَمّام بن خالد بن خُفَاف المُحارِبيِّ، غَرْناطيّةٌ، أُمُّ هاني. كذا وقَفْتُ على اسمِها وكُنيتِها وبعض نَسَبِها بخطِّها، وقال فيها ابنُ الأبار: أُمُّ الهناء، ولم يُسَمِّها، وقد أليْنا باسمِها وكُنيتِها على الصواب. أخَذَتْ عن أبيها (¬2) وأُخِذ عنها، وكانت من أهلِ الفَهْم والعقل جيّدةَ الخط حاضرةَ النادرة سريعةَ التمثُّل. دخَلَ أبوها دارَه بغَرْناطةَ وقد قُلِّد قضاءَ المَرِيّة وعيناهُ تدمعانِ أسَفًا لمفارقةِ وطنِه فأنشَدتْه متمثِّلة [من الكامل]: يا عينُ صار الدّمعُ عندَكِ عادةَ ... تبكِينَ في فَرَحِ وفي أحزانِ قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وهذا البيتُ من أبيات، وهي [من الكامل]: جاء الكتابُ من الحبيبِ بأنهُ ... سيزورُني فاستعبَرَتْ أجفاني ¬

_ (¬1) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3590)، وابن الزبير في الصلة 5/الترجمة (625)، ونفح الطيب 4/ 292. (¬2) هو القاضي عبد الحق ابن عطية صاحب التفسير المعروف، انظر فهرس ابن عطية ومقدمة التحقيق (نشر دار الغرب الإسلامي، بيروت 1980).

238 - [أسماء بنت] أبي داود سليمان بن أبي القاسم نجاح مولى أمير المؤمنين [هشام المؤيد بالله] ابن الحكم المستنصر بالله

غلَبَ السرورُ عليّ حتى إنهُ ... من فَرْطِ عُظم مسرّتي أبكاني يا عينُ صار الدّمعُ عندَك عادةً ... تبكينَ في فَرَح وفي أحزانِ فاستقبِلي بالبِشر يومَ لقائهِ ... ودعي الدموعَ لليلةِ الأحزانِ ولها مصنَّف في القبور (¬1)، وآخَرُ في الأدعية، وفيه وقَفْتُ على اسمِها وكُنيتِها كما ذكَرْتُ مجيزة فيه مَن أخَذَ عنها. وكانت من المُنجِبات، تزوّجها أبو عليّ الحَسَن بن محمد بن حَسّان (¬2) فوَلَدتْ له أبا جعفرٍ أحمدَ (¬3) مصنِّف "الجُمَل" و"التفصيل في تدبير الصحّة في الإقامةِ [والرحيل] "، [وخَلَفَه عليها] أبو عبد الرّحمن محمدُ بن طاهر (¬4)، فوَلَدت له أبا [جعفر عبدَ الحقّ (¬5) مؤلِّف] "الأصُول في صناعة العدَد العمليّة"، وقد تقَدَّم ذكْرُ كلِّ واحدٍ [منهم في موضعِه]. 238 - [أسماءُ (¬6) بنت] أبي داودَ سُليمان (¬7) بن أبي القاسم نَجاح مولى أميرِ المؤمنينَ [هشامٍ المؤَّيدِ بالله] ابن الحَكَم المُستنصر بالله، بَلَنْسِيَّةٌ (¬8) ¬

_ (¬1) توجد منه ورقات في دشت خزانة القرويين، قال الملاحي: "وقفت على تأليفها بخطها والإصلاح فيه بخط أبيها، ورأيت تأليفها هذا عند ابنها الفقيه الحاج الطبيب الفاضل الأديب الماهر أبي جعفر أحمد بن حسان" (صلة الصلة، الترجمة 625). وكتب بعضهم في طرة هذه النسخة ما يلي: كنت رأيت هذا التأليف بسوق الكتبيين بفاس حرسها الله تعالى. (¬2) له ترجمة في الغرب 2/ 255 وفيها: أبو علي بن حسان كاتب ابن مردنيش. (¬3) ترجمته ومصادرها في السفر الأول (104). (¬4) ترجمته ومصادرها في السفر السادس (896). (¬5) ترجمته في التكملة رقم (2540). (¬6) لها ترجمة في التكملة رقم (3578)، ولها أخ مترجم عند المؤلف في السفر السادس (650). (¬7) ترجمته في الصلة البشكوالية (457). (¬8) أي: من بلنسية على النسبة.

239 - أسماء بنت علي بن خلف بن أحمد بن عمر اللخمية، مروية، الرشاطية

أكثَرتْ عن أبيها وشاركَتْه [في بعض] شيوخِه، وهي التي زوَّجها من أحمدَ بن مُحرِز (¬1)، فتى كان يقرأُ عليه، وكان [فاضلًا مقلًّا] فأعجَبَه سَمْتُه فقال له يومًا: أتحبُّ أن أُزوِّجَك ابنتي؟ فخَجِل الفتى [وذكَرَ] حاجةً تمنَعُه من ذلك، فزوَّجها منه ونظَر لها في دارٍ وزَفّها إليه. 239 - أسماءُ (¬2) بنتُ عليِّ بن خَلَف بن أحمدَ بن عُمرَ اللَّخْميّةُ، مَرَويّةٌ، الرُّشَاطيّة. حَكَى أبو محمد عبدُ الله (¬3) بن عليّ بن عبد الله بن عليّ المذكورُ في كتابِه "اقتباس الأنوار والتماس الأزهار في أنسابِ الصّحابة ورُواة الآثار" نسبتَه الرشاطيَّ وقال، ونقلتُه من خطِّه: هذه نسبتُنا التي اشتُهرنا بها، وقد كنتُ أظُنُ أنها نسبةٌ إلى موضع أو بلد (¬4)، فسألتُ عن ذلك أبي رحمه الله فقال: هذه نسبةٌ قد شُهِرنا بها نحن وآباؤنا، ولا أعلمُ لها أصلًا، فسألت عن ذلك أسماءَ عمةَ أبي رحمَهما الله، فقالت: إنّ أحدَ أجدادِنا كانت له في جسمِه شامةٌ كبيرةٌ هي التي تُعرَفُ بالوردة ويُسمِّيها العجم رُشتُه، وكانت له في صِغَرِه خادمٌ عجَميّةٌ تحضُنُه وتكفُلُه، فكانت عندَما تُخدِّعُه وتلاعبُه تقول له: رُشطاله، وكثُرَ ذلك منها حتى غلَبَ عليه وقيل: رُشاطيّ. قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: لولا الإفادةُ بهذه الحكاية عن هذه المرأة لم أذكُرْها؛ لأنّي لم أتحقَّقْ كونَها من أهل العِلم، [فإنْ كان] يوجَدُ أشباهُ هذه الحكاية عندَ مَن ليس من أهل العلم فلا تكونُ من شرطِ الكتاب. ¬

_ (¬1) تقدمت ترجمته في السفر الأول (611). (¬2) ترجمتها في التكملة (3586)، ومروية نسبة إلى المرية. (¬3) تقدمت ترجمة ابنه علي في السفر الخامس (467)، وفيه إشارة إليه، أما هو فمترجم في الصلة البشكوالية (651). (¬4) هكذا ظنها ياقوت فذكر في حرف الراء رشاطة وقال: أظنها بلدة بالعدوة. ثم نقل عن ابن بشكوال ترجمة عبد الله الرشاطي المذكور.

240 - أسماء بنت غالب مولى أمير المؤمنين الناصر لدين الله أبي المطرف عبد الرحمن بن محمد

240 - أسماءُ (¬1) بنتُ غالب (¬2) مولى أمير المؤمنينَ الناصِر لدِين الله أبي المُطرِّف عبد الرّحمن بن محمد. كانت للوزير عبد الرّحمن بن موسى بن حُدَيْر (¬3)، فطلَّقَها على عهدِ الحَكَم، فخَلَفَ عليها المنصورُ أبو عامرٍ محمد بن عبد الله بن أبي عامر ولم يُفارقْها حياتَه، وكانت أريبةً من صَوالح النساء. ولمّا خالَفَ أبوها غالبٌ وظفِرَ به المنصورُ امتَحنَها بأنْ أمَرَ بعَرْض رأس أبيها عليها لمّا أنفَذَه إلى قُرطُبة، فلمّا وُضع بين يدَيْها قالت: الحمدُ لله الذي أراحَك وحَكَم لمولاك، أمَا لولا طاعةُ الإمام المولى وحقُّ الزّوج المُطاع لقَضَيْتُ للحُزنِ عليك أوطارًا، وإنّي بالحُزن لكَ لأَوْلى منّي بالحُزنِ عليك، عليّ بماءَ الورد والطِّيب، [فغَسَلت] وجهَه ورَجَّلت شعرَه، ونثَرَت عليه مِسكًا كثيرًا [ووَجّهت به إلى] الخليفةِ هشام المؤيَّد. وكان مهلِكُ غالب يومَ السّبت [لأربع خَلَوْنَ من المحرَّم سنة] إحدى وسبعينَ وثلاث مئة. 241 - أسماءُ (¬4) العامريّةُ، إشبيلِيّةَ. [كانت شاعرةً] مُحسِنة، خاطَبَت عبدَ المؤمن بن عليّ برسالةٍ تمتُّ إليه فيها بسَلَفِها [العامريِّ، وتسألُه] رَفْعَ الإنزال عن دارِها والاعتقالِ عن مالِها، وفي آخِرها قصيدةٌ، منها [من الوافر]: ¬

_ (¬1) ترجمتها في التكملة (3566). (¬2) لغالب ترجمة في جذوة الاقتباس رقم (578). وأخباره مبسوطة في كتب التاريخ، ومنها: أعمال الأعلام: 42، 63، 64، 65، 77، 81، والبيان المغرب 2/ 278، ونقط العروس: 81 - 82 (مجلة كلية الآداب - القاهرة 1951 م). (¬3) من بيت بني حدير المشهور، وترجمته في تاريخ ابن الفرضي (798)، وبعض أخباره في المقتبس: 29، 86، 185 تحقيق د. الحجي، ونفح الطيب (الفهرس). (¬4) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3588)، والمقري في نفح الطيب 4/ 292.

242 - إشراق السويداء مولاة أبي المطرف عبد الرحمن بن غلبون القرطبي الكاتب، سكنت بلنسية

عرَفْنا النّصرَ والفتحَ المُبينا ... بسيّدِنا أمير المؤمنينا إذا كان الحديثُ عن المعالي ... رأيتُ حديثَكمْ فيها شجونا ومنها: ورِثتُمْ علمَهُ فعَلِمتموهُ ... وصُنتُمْ عهدَهُ فغدا مَصُونا 242 - إشراقُ (¬1) السُّويداءُ مولاةُ أبي المُطرِّف عبد الرّحمن بن غَلْبون القُرطُبيِّ الكاتب، سَكَنت بَلَنْسِيَةَ. أخَذت عن مولاها أبي المُطرِّف العربيّةَ واللّغةَ والآدابَ أيامَ إقامتِه بقُرطُبة، ثم انتَقلَتْ بانتقالِه عنها، وكانت قد فاقَتْه في كثيرٍ ممّا أخَذتْه عنه، وأحسَنتْ في كلِّ ما تناولَتْه، وكان لها تقَدُّمٌ في العلم بالعَروض، وبالعَروضيّة كانت تُشهَر. أخَذ عنها العَروضَ أبو داودَ المقرئُ (¬2)، وقرَأَ عليها "كاملَ" أبي العبّاس المبرِّد و"أماليَ" أبي عليّ القالي، قال: وكانت تحفَظُ الكتابَيْنِ ظهرًا تنُصُّهما حفظًا وتتكلَّمُ عليهما. وتوفِّيت بدانِيَةَ عندَ أسماءَ بنتِ مجاهد زَوْج رئيسِ بَلَنْسِيَة (¬3). 243 - أُمُّ الحَسَن (¬4) بنتُ أبي لِواءٍ سُليمان (¬5) بن أصبَغَ بن عبد الله بن وانسوس بن بُوزع (¬6) المِكْناسي مَوْلى سُليمانَ بن عبد الملك، قُرطُبيّةٌ. ¬

_ (¬1) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3571)، وذكرها المقري في نفح الطيب 4/ 171. (¬2) في الأصل: "العمري"، وهو تحريف، والمراد سليمان بن نجاح أبو داود المقرئ المشهور. (¬3) هو المنصور عبد العزيز بن عبد الرحمن بن أبي عامر. انظر خبر دولته في البيان المغرب 3/ 301. (¬4) ترجمتها في التكملة رقم (3550). (¬5) ترجمة سليمان بن وانسوس وزير الأمير عبد الله الأموي في المغرب 1/ 362 والمصادر المذكورة في الحاشية تحقيق د. شوقي ضيف، والمقتبس: 189 تحقيق د. محمود مكي. (¬6) كذا في الأصل، وفي التكملة: "يربوع".

244 - أم السعد بنت عصام بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن يحيى بن إبراهيم بن يحيى بن خلصة الحميري الكتامي، قرطبية، سعدونة

رَوَت عن بقيِّ بن مَخْلَد (¬1) سَماعًا منه وقراءةً عليه وصَحِبَتْه، وكان لها منه يومٌ في الجُمُعة تنفردُ به لأخْذِ العلم في دارِه، وممّا قرأتْ عليه بلفظِها: "كتابُ الدُّهور" وأبو القاسم أحمدُ (¬2) ابنُه يُمسكُ أصلَ الشّيخ، وكانت صالحةً زاهدةً فاضلة عاقلةً، وحجَّت وسَمِعت هنالك الحديثَ والفقهَ وعادت إلى الأندَلُس، ثم حَجَّت ثانيةً، وتوفِّيت بمكّةَ شرَّفَها الله، ودُفِنت هنالك، وقال الرازي: إنّ بقِيَّ بن مَخْلَد سَمِع منها، وغَلِط في ذلك، والصوابُ سَماعُها منه (¬3). 244 - أُمُّ السّعد (¬4) بنتُ عصام بن أحمدَ بن محمد بن إبراهيمَ بن يحيى بن إبراهيمَ بن يحيى بن خَلَصةَ الحِمْيَريِّ الكُتَاميِّ، قُرطُبيّةٌ، سَعْدونةُ. رَوَتْ عن أبيها (¬5) وجَدِّها (¬6) وخاليها: أبي القاسم عامرٍ (¬7) وأبي يحيى (¬8) أبي بكر ابنَيْ هشام. وكانت [أديبةً شاعرة] وقَفْتُ على خطِّها بالإجازة، وبَلَغَها قولُ [بعضِهم] في صِفة نَعْل رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - من قطعة [من السريع]: [(سألثُمُ المثالَ،] إذ لم أجِدْ ... للَثْم نَعْل المصطفى من سَبيلْ) ¬

_ (¬1) هو شيخ المحدثين بالأندلس، وترجمته في غير موضع. (¬2) ترجمته في تاريخ ابن الفرضي (103). (¬3) الترجمة عند ابن الأبار فيها زيادة فوائد على ما هنا حيث نقل عن الرازي أسماء ست نسوة من بيت بني وانسوس أدَّين فريضة الحج وهن: أم الحسن المذكورة وكلبية زوج أصبغ بن عبد الله ابن وانسوس وأمة الرحمن وأمة الرحيم ابنتا أصبغ هذا ورقية ابنة محمد بن أصبغ وعائشة ابنة عمر بن محمد بن أصبغ. ثم ساق ابن الأبار ترجمة مدمجة في هذه وهي ترجمة أخت القاضي منذر بن سعيد البلوطي. (¬4) ترجمتها في التكملة رقم (3609)، والذهبي في المستملح (932)، ونفح الطيب 4/ 166. (¬5) تقدمت ترجمته في السفر الخامس (301). (¬6) ترجمته ومصادرها في السفر الأول (564). (¬7) ترجمته ومصادرها في السفر الخامس (202). (¬8) ترجمته ومصادرها في برنامج الرعيني: 200.

245 - أم العز بنت أحمد بن علي بن محمد بن علي بن هذيل، بلنسية

فذَيَّلت عليه [من السريع]: [لعلّني] أحظى بتقبيلِهِ ... في جنّةِ الفِردوس أسنَى مَقِيلْ في ظلّ طوبَى ساكنًا آمنًا ... أُسقى بأكواسٍ منَ السّلسبيلْ وأمسَحُ القلبَ به علّهُ ... يَسكُنُ ما جاش به من غليلْ فطالما استَشْفى بأطلالِ مَن ... يَهواهُ أهلُ الحبّ من كلِّ جيلْ توفِّيت بمالَقةَ سنة أربعينَ وست مئة أو نحوها. 245 - أُمُّ العزِّ (¬1) بنتُ أحمدَ بن عليّ بن محمد بن عليّ بن هُذَيْل، بَلَنْسِيّةٌ. أخَذتْ قراءةَ وَرْش عن أُمّ مُعفَّر (¬2) إحدى حَرَم الأميرِ محمد بن سَعْد، وبَرَعت في حفظِ الأشعار والتمثُّل بها، وتوفِّيت بشاطِبةَ إثْرَ خروجِها من حصار بَلَنْسِيَةَ في أحد شهرَيْ ربيعٍ سنةَ ستٍّ وثلاثينَ وست مئة. 246 - أُمُّ العزِّ (¬3) بنتُ محمد بن عليّ بن أبي غالبٍ العَبْدَريِّ، دانِيّةٌ. رَوَتْ عن أبيها، ومن مَرْويّاتِها عنه: "صحيعُ البخاري"، قرأَتْه عليه بلفظِها مرَّتين، ورَوَتْ عن زوجِها أبي الحَسَن ابن الزّبَيْر وأبي الطيِّب ابن بَرُنْجال، وأبوَيْ عبد الله: ابن أبي بكرٍ وابن أيوب بن نُوح، وأبي عُمرَ ابن عاتٍ. وكانت حافظةً لكتابِ الله قائمةً عليه مجوِّدةً له بالسَّبع، وتوفِّيت سنة ستَّ عشْرةَ وست مئة. 247 - أُمُّ عَمْرٍو (¬4) بنتُ أبي مَرْوانَ ابن زُهْر، أُختُ أبي بكرٍ ابن زُهْر (¬5). ¬

_ (¬1) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3608)، والذهبي في المستملح (931). (¬2) هي صاحبة الترجمة الآتية بعد قليل (248). (¬3) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3605)، والذهبي في المستملح (929) وتاريخ الإسلام 13/ 491. (¬4) ذكرها ابن أبي أصيبعة 3/ 113، ووالدها أبو مروان عبد الملك بن زهر مترجم في السفر الخامس (31). (¬5) ترجمته ومصادرها في السفر السادس (1076)، وهو ابن زهر الحفيد.

248 - أم معفر، إحدى حرم الأمير محمد بن سعد

كانت متقدِّمةَ في الطبّ ماهرةَ في التدبر والعلاج، وحَظِيت بذلك عندَ أُمراءِ بني عبد المؤمن، فكانت تَلِجُ قصورَهم وتنظرُ في علاج مَرْضى نسائهم وأطفالِهم وإمائهم، وقد تُستفتَى في الطّبّ لرجالِهم فتزيدُ بذلك مكانةً إلى مكانتِها التي يقتضيها مَجْدُها المؤثَّل وشَرَفُها المؤصَّل، وتوفِّيت بعدَ الثمانينَ وخمس مئة. 248 - أُمُّ مُعفّر، إحدى حَرَم الأمير محمدِ بن سَعْد (¬1). أخَذَت عنها قراءةَ وَرْش أُمُّ العزِّ بنتُ أحمدَ بن عليّ بن هُذَيْل. 249 - أُمَيْمةُ (¬2) الكاتبةُ جاريةُ الحُسَين بن حُيي وحَظِيّتُه التي خَلَفَ عليها بعدَه الفقيهُ القُرَشيُّ المُغِيريّ (¬3). حَكَى ابنُ حَيّان (¬4) عن زوجِها عنها من خبرِ هشام المؤيَّد مخلوع المَهْديّ محمد بن هشام بن عبد الجَبّار وإظهارِه بعدَ [وقعةِ قَنْتيشَ ما دَلَّ على وَهْنِه وأفنِه] , وكانت أُمَيْمةُ هذه ممن يَحرُسُ هشامَا المؤيَّدَ أيامَ تغييبِه بدار الحُسَين ابن حُيَي. 250 - البهاءُ (¬5) بنتُ الأمير عبد الرّحمن بن الحَكَم بن هشام بن عبد [الرّحمن بن معاوية]. ¬

_ (¬1) هو ابن مردنيش أمير شرق الأندلس الذي ظهر عليه الموحدون، وأخباره مذكورة في كتب التاريخ، وعرف عنه مبالغته في اتخاذ الجواري. انظر ترجمته وأخباره في الإحاطة 2/ 121 - 127، وأعمال: 259 - 262، ورفع الحجب المستور 10/ 129، والمن بالإمامة والمُعْجب والحلة السيراء وغيرِها. (¬2) لها ترجمة في التكملة رقم (3569). (¬3) هكذا في الأصل وفي التكملة: "المقرئ"، والصواب فيما يبدو: "المعيطي"، الذي بويع بالخلافة، الصلة (592)، والجمهرة لإبن حزم: 115، وأعمال: 220، والبيان المغرب 3/ 116، واسمه عبد الله بن عبيد الله بن الوليد. (¬4) انظر البيان المغرب: 77، 79. (¬5) هكذا سَمّاها هنا، وفي التكملة (3539)، ونفح الطيب 1/ 350: "الشفاء".

251 - حسانة بنت [أبي المخشي] عاصم بن زيد بن يحيى بن حنظلة بن علقمة بن عدي بن زيد التميمي العبادي

كانت خيِّرةً زاهدةً عابدةً مُتبتِّلةً شديدةَ الزَغبة [في الخَيْر، وكانت تَكتُبُ] المصاحفَ وتُحَبِّسُها، وإليها يُنسَبُ المسجدُ الذي بَربَض الرُّصَافة. [تُوفِّيت في رجب سنةَ] خمسٍ وثلاث مئة فلم يتَخلَّف أحد عن جَنازتِها (¬1). 251 - حَسّانةُ (¬2) بنتُ [أبي المَخْشيّ] عاصم بن زَيْد بن يحيى بن حَنْظلةَ بن عَلْقمةَ بن عَدِيّ بن زَيْد التّميميِّ العباديّ. وكانت شاعرةً مطبوعة، ومدَحت الأميرَ عبدَ الرّحمن بن الحَكَم. 252 - حَفْصةُ (¬3) بنتُ حَمْدون [بن] حَيْوةَ، حِجَارِيّة (¬4). كانت أديبةً عالمةً شاعرة. ومن شعرِها [من مجزوء الكامل]: يا وَحْشتي لأحبّتي ... يا وَحْشةً متماديَهْ يا ليلةً ودّعتُهمْ ... يا ليلةً هي ما هيَهْ (¬5) ¬

_ (¬1) لم يذكر المؤلف في حرف الباء: بركة معتقة ابن القسام الفقيه كاتب القاضي أسلم بن عبد العزيز وهي أم الفقيه أبي محمد عبد الله بن أحمد الصابوني المعروف بابن بركة (التكملة، رقم 3565)، والبهاء بنت الأمير عبد الرحمن بن الحكم (التكملة، رقم 3547)، كما لم يذكر حرف التاء وفيه عند ابن الأبار: تميمة بنت يوسف بن تاشفين (التكملة، رقم 3582)، ولا حرف الجيم وفيه عند ابن الأبار: جؤذر جارية ابن العجوز (التكملة، رقم 3554). (¬2) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3538)، والمقري في نفح الطيب 4/ 167. (¬3) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3564)، وابن سعيد في المغرب 2/ 37، والسيوطي في نزهة الجلساء 46، والمقري في نفح الطيب 4/ 285 - 286. (¬4) نسبة إلى وادي الحجارة. (¬5) لم يترجم المؤلف لحفصة بنت الحاج الركونية (التكملة، رقم 3598)، وحفصة ابنة القاضي موسى بن حماد الصنهاجي (صلة الصلة 5/الترجمة 627) وقد أشار إليها في ترجمة زوجها القاضي أبي بكر محمد بن علي المرشاني (الذيل 6/الترجمة 1257). وحفصة ابنة أبي عبد الله محمد ابن عروس (صلة الصلة 5/الترجمة 628)، وحمدونة بنت نافع بن علي بن زرياب (التكملة، رقم 3544).

253 - حمدة بنت زياد بن بقي العوفي المؤدب، وادي آشية

253 - حَمْدةُ (¬1) بنتُ زياد بن بَقِيّ العَوْفيِّ المؤدِّب، وادي آشيّةٌ. رَوى عنها أبو القاسم محمدُ بن عليّ ابن البَرّاق، وكانت أديبةً شاعرة. قال ابنُ البَرّاق: أنشَدتْنا حَمْدةُ بنتُ زيادٍ العَوْفيّةُ لنفْسِها وقد خرَجَت متنزِّهةً بالرّملة من نواحي وادي آشَ، فرأَتْ [جاريةً] ذاتَ وجهٍ وسيم أعجَبَتْها [من الوافر]: أباح الدّمعُ أسراري بِوادِ ... به للحُسن آثارٌ بَوادِ فمن نَهَرٍ يطوفُ بكلِّ رَوْضٍ ... ومن رَوْضٍ يطوفُ بكلِّ وادِ ومن بين الظِّباءِ مَهَاةُ رَمْلٍ ... سَبَتْ لُبِّي وقد مَلَكتْ قيادي لها لَحْظٌ تُرقّدُه لأمرٍ ... وذاك اللّحظُ يمنَعُني رُقادي إذا سَدَلتْ ذوائبَها عليها ... رأيتَ البدرَ في جُنح الدّآدي كأن الصُّبحَ مات له شقيقٌ .... فمن حُزنٍ تسربَلَ بالحِدادِ (¬2) 254 - رَشِيدةُ (¬3). كانت تتجوَّلُ في بلاد الأندَلُس تَعِظُ النّساء وتُذكِّرُهنّ، وكان لها صِيتٌ واتّصافٌ بالخير. ¬

_ (¬1) ترجمها ياقوت في معجم الأدباء 3/ 1211، وابن دحية في المطرب 11، وابن الأبار في التكملة (3599)، وفي تحفة القادم (كما في المقتضب 162)، وابن سعيد في المغرب 2/ 145، ورايات المبرزين 94، وابن الزبير في صلة الصلة 5/الترجمة (622)، والذهبي في المستملح (924)، والصفدي في الوافي 13/ 163، وابن شاكر في عيون التواريخ 9/ 12 وفوات الوفيات 1/ 394، وابن الخطيب في الإحاطة 1/ 489، والمقري في نفح الطيب 4/ 287 وقال فيها: حمدة: ويقال: حمدونة، ولها عنده ترجمة رائقة. (¬2) فاته أن يترجم هنا لحميدة بنت معاوية بن صالح الحضرمي (التكملة، رقم 3536)، كما لم يذكر في حرف الخاء أحدًا وفيه عند ابن الأبار: خلة جارية معاوية بن صالح (3535). (¬3) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3592).

255 - رقية بنت الوزير تمام بن عامر بن أحمد بن غالب بن تمام بن علقمة، مولى عبد الرحمن ابن أم الحكم الثقفي

255 - رُقَيّةُ (¬1) بنت الوزيرِ تَمّام (¬2) بن عامر بن أحمدَ بن غالب بن تَمّام بن عَلْقمةَ، مولى عبدِ الرّحمن ابن أُمِّ الحَكَم الثَّقَفي. كانت كاتبةً لابنةِ الأمير المُنذر بن محمد. 256 - زُمُرُد (¬3). كانت كاتبةً حاذقة. توفّيت سنةَ ستٍّ وثلاثينَ وثلاث مئة. 257 - زينبُ (¬4) ابنةُ عَبّاد بن سِرْحان بن مُسلم بن سيّد الناس المَعافِريِّ، شاطِبيّةٌ. رَوَتْ عن [أبيها (¬5)، وأجاز لها. وكانت ديِّنةً، فاضلةً كثيرةَ الأوراد صَوّامةً قَوّامة [تَسرُدُ الصّومَ. وتوفِّيت] في حدود الثمانينَ وخمس مئة. 258 - زينبُ (¬6) ابنةُ محمدِ بن محمد بن أحمدَ بن [مُحرِز الزُّهْريِّ] , بَلَنْسِبّةٌ، تُدعى عزيزةَ، وهي أُختُ أبي بكر بن مُحرِز (¬7). [سَمِعت جَدَّها] لأُمّها أبا الحَسَن بن هُذَيْل (¬8)، وقد أُخِذَ عنها، وكانت صالحةً طيِّبة. [وُلدت] سنةَ خمسٍ وخمسينَ وخمس مئة، وتوفِّيت ليلةَ الاثنين منتصَفَ جُمادى [الأولى] سنةَ خمسٍ وثلاثينَ وست مئة، ودُفنت لصلاةِ العَصْر منه بمقبُرة باب بَيْطالةَ [بمقرُبة] من قبرِ أبي داودَ سُليمانَ بن نَجاح. ¬

_ (¬1) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3551). (¬2) ترجمته في الحلة السيراء 1/ 143 - 144. (¬3) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3555). (¬4) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3596). (¬5) ترجمته في الصلة (973) والتعليق عليه. (¬6) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3607)، والذهبي في المستملح (930) وتاريخ الإسلام 14/ 173. (¬7) اسمه محمد، ترجمته في التكملة الأبارية (1711) والتعليق عليها. (¬8) تقدمت ترجمته في السفر الخامس (368) واسمه علي بن محمد بن علي بن هذيل.

259 - زينب ابنة أبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري، قرطبية

259 - زينبُ (¬1) ابنةُ أبي عُمرَ يوسُفَ بن عبد الله بن محمدِ بن عبد البَرِّ النَّمَريِّ، قُرطُبيّة. سكَنَتْ شاطبةَ معَ أبيها ورَوَتْ عنه، وكانت صالحةً فاضلة، وهي أُمُّ سِبْطَيْه: أبي محمدٍ عبدِ الله وأبي جعفرٍ أحمدَ ابنَيْ عليّ اللَّخْميِّ، وتوفِّيت في حياة أبيها. 260 - زينبُ (¬2) ابنةُ أبي يعقوبَ يوسُفَ بن عبد المؤمن بن عليّ. وُلدَت بالأندَلُس وتزوَّجها ابنُ عمّها أبو زَيْد بن أبي حَفْص. أخَذَتْ عن أبي عبد الله بن إبراهيم (¬3) عِلمَ الكلام وغيرَ ذلك. وكانت عالمةً صائبةَ الرأي معروفةَ الشُّفوف على نساءِ زمانِها متحدَّثًا بنباهةِ شأنِها. 261 - زينبُ (¬4) المَرِيّيةُ. كانت أديبةً شاعرة، وهي القائلةُ [من البسيط]: يا أيُّها الراكبُ الغادي لطيّتهِ ... عرِّجْ أُنبِّئْك عن بعض الذي أجدُ ما عالَجَ الناسُ من وَجْد تضمَّنَهم ... إلّا ووَجْدي به فوقَ الذي وَجَدوا حَسْبي رضاهُ وإنّي في مسَرّتِهِ ... ووُدِّه آخرَ الأيام أجتهدُ 262 - سعيدةُ بنتُ محمد بن فِيرُّه الأمويِّ التُّطِيليِّ. ولها أختٌ أصغرُ منها سنَذكُرُها بعدُ بحولِ الله، سكَنَتا مَرّاكُش وكانتا من بيتِ خَيْر وصيانة، قال أبو العبّاس بنُ عبد الرّحمن ابن الصَّقْر (¬5): جاوَرَتاني ¬

_ (¬1) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3576) (¬2) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3602)، والذهبي في المستملح (926). (¬3) هو المعروف بالأصولي، تقدمت ترجمته في هذا السفر (73). (¬4) نقل هذه الترجمة المقري في النفح 4/ 286. والمريية نسبة إلى مدينة المرية. (¬5) ترجمته ومصادرها في السفر الأول (292).

263 - سيدة بنت عبد الغني بن علي بن عثمان العبدري، غرناطية، أم العلاء

فتعرَّفتُ منهما خيرًا وفضلًا وذكاءً ونُبلًا، وكانت سعيدةً تنسَخُ الكُتُب نافذةً فيما تكتبه أو تُخاطِبُ به، وتزوَّجت. 263 - سيِّدةُ (¬1) بنت عبد الغنيِّ بن عليّ بن عثمانَ العَبْدريِّ، غَرْناطيّةٌ، أُمُّ العلاء. تخَلَّفَها أبوها يتيمةً صغيرةً فنشأتْ بمُرسِيةَ وتعلَّمتِ القرآنَ وبرَعَت وجاد خَطّها، وعلَّمت في ديارِ الملوك عُمُرَها كلَّه إلى أن أقعدَتْها عَن ذلك زَمانةٌ ألزمَتْها منزلَها نيّفًا على ثلاثةِ أعوام، فخلَفَها على التعليم بنتانِ لها، وكانت قد لقِيَت أبا زكريّا الدِّمشْقيَّ (¬2) بغَرناطةَ، وبها علَّمت [القرآنَ أولَ ما نزَعَتْ لذلك، ثم انتَقلت] إلى فاسَ ثم عادت إلى غَرْناطة، ولحِقَت بتونُس فعلَّمت بقَصْر [ملكِها، ونَسَخت "إحياءَ علوم الدِّين" من أصلِه] (¬3). ولم تزَلْ قائمةً على التلاوة محافظةً على الأدعيةِ [والأذكار والسَّعي] في الخَيْرات والتوفُّر على أعمالِ البِرّ والإيثار بما تملِكُ وفكِّ الرِّقاب من الأسر [وغيرِ ذلك من أعمالِ البِرِّ] المذكورة، وتوفّيت على تلك الحالِ عَصْرَ يوم الثلاثاءِ لخمسٍ خَلَوْنَ من محرَّم سبع [وأربعينَ] وست مئة، ودُفنت لصلاة الظّهر من يوم الأربعاءِ بعدَه بمقرُبة من المصَلَّى خارجَ تونُس. ¬

_ (¬1) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3610)، والذهبي في المستملح (933) وتاريخ الإسلام 14/ 579، وابن القاضي في جذوة الاقتباس 2/ 521، وترجمة والدها عبد الغني في التكملة (2574). (¬2) تقدمت ترجمته في هذا السفر رقم (197). (¬3) يفهم من هذا أن الأصل الذي نسخت منه هو لملك تونس، وفي التكملة: "وكانت قد لقيت أبا زكريا الدمشقي بغرناطة، وبها علمت القرآن أول ما نزعت لذلك ثم انتقلت إلى مدينة فاس ثم عادت إلى غرناطة ولحقت بتونس فعلمت بقصرها أيضًا، وكتبت بخطها كتاب إحياء علوم الدين لأبي حامد من أصل أبي زكريا المذكور" وأبو زكريا المذكور هو الدمشقي، وهو الصواب، فعبارة المؤلف ملبسة.

264 - [شعاع]، جارية قاسم بن أصبغ، قرطبية

264 - [شُعاع] (¬1)، جاريةُ قاسم بن أصبَغَ، قُرطُبيّة. سَمِعتْ مَوْلاها وكانت صالحةً، ولها يُنسَبُ المسجدُ الذي برَبَض الرُّصافة من قُرطُبة. 265 - عَبْدةُ (¬2) بنتُ بِشْر بن حَبِيب بن الوليد بن حَبِيب المَرْوانيّةُ. رَوَتْ عن أبيها أشعارَه وأخبارَه. 266 - عزيزةُ (¬3) بنتُ [أبي] محمد بن حَيّان، قُرطُبيّةٌ. قال ابنُ الأبّار: وجَدتُ خطَّها بمطالعةِ بعضِ ما رَواه أبو القاسم ابنُ بَشْكُوال مطالعةَ تفهُّم وتدبُّر في شوّال إحدى وخمسينَ وخمس مئة. 267 - عَلةُ (¬4) بنتُ سُليمانَ بن مَنقُوش مَوْلى هَرِم بن سليم بن عِيَاض القُرَشيِّ العامِريّ، شَذُونيّةٌ. رَوَتْ عن أبيها ورَوى عنها ابنُها أبو عَمْرٍو عثمانُ بن محمد بن أحمدَ السَّمَرْقَنْديُّ (¬5). ¬

_ (¬1) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3561). (¬2) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3548). (¬3) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3589)، وابن الزبير في صلة الصلة 5/الترجمة (626)، ولكنه سماها: "عزيزة بنت محمد بن نميل"، وقال: "ألفيت سماعها مجلسًا من حديث أبي الفوارس طراد الزينبي سمعته من لفظها. ووقفت على خطها أيضًا على صحائف الصلة لإبن بشكوال بتاريخ ذي قعدة من سنة إحدى وخمسين وخمس مئة. وأراها أخت أبي جعفر أحمد بن محمد بن نميل، من أهل مرسية". فهو بهذا لا يظنها بنت القاضي أبي محمد بن حيان. (¬4) استخرج المؤلف ترجمتها من ترجمة والدها في تاريخ ابن الفرضي (546). (¬5) لم يذكر المؤلف في هذا الحرف عائشة بنت القاضي أبي الخطاب محمد بن أحمد بن خليل (صلة الصلة 5/الترجمة 631) كما لم يشر إليها في الراوين عنه (الذيل 5/الترجمة 1200)، وعائشة بنت إبراهيم بن موسى التدميري (التكملة، الترجمة 3559)، وعابدة أم دحون المرواني (التكملة، رقم 3537)، والعليا البلنسية (صلة الصلة 5/الترجمة 624)، وبغية الملتمس رقم (1586)، كما لم يذكر المؤلف بعد حرف الغين حرف الصاد وفيه من النساء: صواب زوج أبي إسحاق القبري (التكملة، رقم 3580، وترجمة زوجها في التكملة 337).

268 - غاية المنى

268 - غايةُ المُنى (¬1). جاريةٌ أندَلُسيّة متأدِّبة، كانت تقولُ الشّعرَ، وعُرِضَت على ابن صُمادح صاحبِ المَرِيّة، فلمّا مَثُلت بين يدَيْه قال لها: كيف اسمُكِ؟ قالت: غايةُ المُنى، فقال لها: أجيزي [من مجزوء الخفيف]: * سَلْ هوى غايةِ المُنى * فقالت [من مجزوء الخفيف]: ........... ... مَن كسَا جِسميَ الضَّنى وأراني مَدلَّهًا ... سيقولُ الهوى: أنا كذا أورَدَ السالميّ هذه الحكايةَ في "تاريخِه"، وقال أبو القاسم ابنُ حُبَيْش: سيقَتْ لإبن صُمادح جاريةٌ نبيلةٌ تقولُ الشّعرَ وتُحسنُ المُحاضرةَ، فقال: تُحمَلُ إلى الأستاذ ابن الفَرّاء (¬2) -وكان كفيفًا- ليختبرَها، فلمّا وصَلتْه قال لها: ما اسمُكِ؟ فقالت له: غايةُ المُنى. فقال [من مجزوء الخفيف]: سَلْ هوى غايةِ المُنى ... من كسَا جِسميَ الضَّنى فقالت تُجيزُه [من مجزوء الخفيف]: وأراني متيَّمًا ... سيقولُ الهوى: أنا فحَكَى ذلك لإبن صُمادح فاشتَراها. ¬

_ (¬1) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3575). (¬2) انظر فيه نفح الطيب 3/ 382 - 383.

269 - فاطمة بنت أبي علي حسين بن محمد بن فيره بن حيون الصدفي ابن سكرة، مرسية

269 - فاطمةُ (¬1) بنتُ أبي عليّ حُسَين بن محمد بن فِيرُّه بن حَيُّون الصَّدَفيِّ ابن سُكّرة، مُرْسِيّةٌ. تَركَها أبوها حينَ خَرَج غازيًا إلى كَتُنْدةَ للغَزاة التي استُشهِدَ بها قد قارَبَت الفِطام وأوصَى أنْ لا يُجمَعَ عليها فَقْدُه وفِطامُها، فنشأت صالحةً زاهدة تحفَظُ القرآنَ وتقومُ عليه وتذكُرُ كثيرًا من الحديث في الأدعية وغيرِها، كانت حسَنةَ الخَطّ ملتزمةً بمطالعةِ الكُتُب، وتزوَّجها صاحبُ الصلاة بمُرْسِيَة أبو محمد عبدُ الله بن موسى بن بُرطُلّة (¬2)، فوَلَدتْ له [عبدَ الرّحمن (¬3) فأنجَبَ ووَلَدَت له غيرَه]. وتوفِّيت بعدَ التسعينَ وخمس مئة وقد نَيّفت على [الثمانينَ]. 270 - [فاطمةُ (¬4) بنتُ] عبد الرّحمن بن محمد بن حَيْوةَ الوَشْقيّ. طلبتِ العِلمَ وسَمِعَتْ [من أبي داودَ المُقرئ بدانِيَةَ] في سنةِ تسعينَ وأربع مئة. 271 - فاطمةُ (¬5) بنت أبي القاسم عبد الرّحمن [بن محمد بن غالب] الأنصاريِّ الشَّرّاط. قُرطُبيّةٌ، أُمُّ الفَتْح. ¬

_ (¬1) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3601)، وهي ابنة أبي علي الصدفي الذي ألف ابن الأبار المعجم في أصحابه، وترجمها الذهبي في المستملح (925) باسم خديجة؛ لأنها جاءت كذلك في النسخة الأزهرية من التكملة، وهو ينقل منها. (¬2) ترجمته في التكملة (2099). (¬3) ترجمته في التكملة (2339)، ونيل الابتهاج: 163، وولده أبو محمد عبد الله الفقيه المحدث الخطيب القاضي (انظر عنوان الدراية: 191، ورحلة العبدري ورحلة ابن رشيد). (¬4) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3585)، وترجمة والدها في التكملة (2287). (¬5) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3604)، وابن الزبير في صلة الصلة 5/الترجمة (631)، والذهبي في المستملح (928) وتاريخ الإسلام 13/ 381. وترجمة والدها في التكملة (2335)، وتقدمت ترجمة أخيها غالب في السفر الخامس (985)، وزوجها محمد بن أحمد بن محمد ابن الطيلسان في السفر السادس (83)، وابنها أبو القاسم القاسم بن محمد بن أحمد ابن الطيلسان في السفر الخامس (1090).

تلَتْ على أبيها القرآنَ بحرف نافع، ثم استَظْهرتْ عليه "تنبيهَ" مكِّيّ و"شِهابَ" القُضَاعيِّ و"مختصرَ" الطُّلَيْطُليّ، وقابَلَتْ معَه ["صحيحَ] مسلم"، و"السِّير" تهذيبَ ابن هشام، و"كاملَ" المُبرِّد، و"أماليَ" القالي، وغيرَ ذلك، وسمِعتْ من لفظِه كثيرًا وحفِظت من شعرِه في الزّهد، وتلَتِ القرآنَ على أبوَيْ عبد الله: الأَنْدَرْشيِّ الزاهد، وابن المُفضَّل الكفيف. حدَّث عنها ابنُها أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، تلا عليها القرآنَ بقراءة وَرْش وقرأَ عليها ما عَرضَت على أبيها من الكُتُب، وسمِعَ منها غيرَ شيء، وأجازت له بخطها وقال: أظُنُّ أبا مَرْوانَ بن مسَرّ أجاز لها، فإنهُ الذي سَمّاها ودَعَا لها، حمَلَها إليه أبوها يومَ ولادتِها. وتوفِّيت سنةَ ثلاثَ عشْرةَ وسمت مئة. أنشَدْتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعيني قال (¬1): [أنشَدَني أبو القاسم ابن الطَّيْلَسان، قال]: أنشَدتْني والدتي فاطمةُ أُمُّ الفتح قالت: أنشَدَني [أبي] أبو القاسم عبد الرّحمن بن محمد بن غالبٍ لنفسِه [من المتقارب]: سئمتُ الحياةَ على حبِّها ... وحُقَّ لذي السُّقْم أن يَسأَما فلا عيشَ إلا لذي صحةٍ ... تكونُ له للتُّقى سُلَّما قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: وقد أنشَدتُها على شيخِنا العَدْل أبي القاسم أحمدَ بن محمد البَلَويِّ، عن ناظمِها فيما أذِنَ لي في روايتِه عنه، وأنشَدتُ على شيخِنا القاضي أبي الوليد محمد بن إسماعيلَ بن عُفَيْر، عن أبيه، لنفسِه زيادةً عليهما [من المتقارب]: ولا داءَ إلا لمَن لم يزَلْ ... يُقارفُ في دينِهِ مأثَما فلستَ تعالِجُ جَرْحَ الهوى ... -هُديتَ- بمثلِ التُّقى مَرْهَما ¬

_ (¬1) ينظر برنامجه: 29 - 30.

272 - فاطمة بنت عتيق بن علي بن خلف الأموي ابن قنترال، مالقية سكنت مراكش

272 - فاطمةُ (¬1) بنتُ عَتِيق بن عليّ بن خَلَف الأمَويِّ ابن قَنْتَرال، مالَقيّةٌ سكنَتْ مَرّاكش. وقد تقَدَّم رفْعُ نسب أبيها في رَسْمِه (¬2). كانت حافظةَ للكتاب كثيرةَ التلاوة له، مُواظبةَ على أفعالِ الخير وأعمالِ البِرّ، وكانت زَوْجَ الفاضل أبي عَمْرٍو عبدِ الواحِد بن تَقيّ (¬3) وأُمَّ صاحبِنا أبي الحَسَن محمدِ ابنِه، وتوفِّيت بمَرّاكُش في حدودِ الخمسينَ وست مئة قبلَها بيسير. 273 - فاطمةُ (¬4) الأرْحَبِيّةُ، غرْناطيّةٌ. أديبةٌ مذكورةٌ بالأدب. 274 - فَتْحونَةُ (¬5) بنتُ جعفرِ بن جعفر، مُرْسِيَّةٌ، أُمُّ الفَتْح. أديبةٌ تأريخيّة، لها في قِيان الأندَلُس مصنَّفٌ عارضَتْ به كتابَ أبي [الفَرَج الأصبَهانيّ]. 275 - [كِتْمانُ] (¬6)، قُرطُبيّة. من جَواري قَصْر الخلافةِ بقُرطُبةَ المتّصِفاتِ [بالفَهْم، وهي كانت] الكاتبةَ عن الناصِر عبد الرّحمن. 276 - لُبنَى (¬7). ¬

_ (¬1) انفرد ابن عبد الملك في ترجمتها. (¬2) في السفر الخامس (238). (¬3) تقدمت ترجمته في السفر الخامس (145). (¬4) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3594). (¬5) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3579). (¬6) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3558). (¬7) ترجمها ابن بشكوال في الصلة (1529)، والضبي في بغية الملتمس (1589)، وابن الأبار في التكملة (3557).

277 - مزن

كاتبةُ الحَكَم المستنصِر [بالله] , العادلةُ مُزْنَ (¬1) كاتبةَ أبيه الناصِر في المَرْتبة الزائدةُ عليها؛ إذ كانت [عَرُوضيّةً حاذقةً] بالكتابة بارعةَ الخَطّ أديبةً نَحْويّةً شاعرةً، بصيرةً بالحساب مشاركة، لم يكنْ في قَصْرِهم أنبَلُ منها. وتوفِّيت سنةَ ستٍّ وسبعينَ وثلاث مئة. 277 - مُزْن (¬2). كاتبةُ الناصِر عبد الرّحمن، في طبقةِ كتمانَ المذكورةِ. 278 - مَسْعَدة (¬3) بنتُ أبي الحَسَن بن أحمدَ بن خَلَف بن الباذِش، زَوْجُ أبي عبد الله بن عبد الرّحمن النُّمَيْريِّ. حدَّثت عن أبيها وأخيها أبي جعفرٍ وزوجِها النُّمَيْريِّ بمختصرَ الطُّلَيْطُليّ. وكانت فاضلةً صالحة. توفِّيت بعدَ السبعينَ وخمس مئة. 279 - مُهْجةُ (¬4) بنتُ عِصام بن أحمدَ بن محمد بن إبراهيمَ بن يحيى الحِمْيَريِّ، [قُرطُبيّةٌ، وهي] أختُ أُمِّ السّعد المذكورةِ قبلُ. رَوَت عن أبيها وجَدِّها، وكانت أديبةً شاعرة. توفِّيت بقُرطُبةَ سنةَ سبعَ عشْرةَ أو ثمانِ عشْرةَ وست مئة. 280 - مُهْجةُ (¬5) بنتُ ابن عبد الرزّاق، قَشْتَريّةٌ (¬6)، من عمَل غَرْناطةَ. كانت أديبةً شاعرةً من طبقة نَزْهونَ القُليْعيّة، وكان لها تصاوُن. ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل، وفي الصلة: "مزنة"، وينظر التعليق بعده. (¬2) سماها ابن بشكوال في الصلة (1530) مزنة نقلًا عن ابن مسعود في كتاب الأنيق، ونقله من خط ابن حيان، وذكر أنها توفيت سنة 358 هـ. (¬3) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3595)، وابن الزبير في صلة الصلة 5/الترجمة (630). (¬4) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3606). (¬5) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3600) وفي تحفة القادم (المقتضب 163). (¬6) في الأصل: بشرية، وكان يمكن قبول هذه النسبة فالبشرات من عمل غرناطة، إلا أن قول ابن الأبار: من أهل قشتر، يعيّن أنه تحريف.

281 - نزهة بنت القليعي، قال ابن الأبار: وهو -فيما أحسب- أبو بكر محمد بن أحمد بن خلف بن عبد الملك بن غالب الغساني، غرناطية

281 - نُزهةُ (¬1) بنت القُلَيْعيِّ، قال ابنُ الأبار: وهو -فيما أحسَب- أبو بكر محمدُ بن أحمد بن خَلَف بن عبد الملِك بن غالبٍ الغَسّانيُّ، غَرْناطيّة. كانت أديبةً شاعرةً سريعةَ الجَواب صاحبةَ فُكاهة ودُعابة، أخَذَتْ عن أبي بكرٍ المَخْزوميِّ الأعمى، وكانت يومًا تقرأُ عليه، فدخَلَ إليه أبو بكرٍ الكُتَنْديُّ فقال يخاطبُ المخزوميَّ [من الكامل الأحذّ]: * لو كنت تُبصرُ من تجالسُهُ * فقالت نَزْهون [من الكامل الأحذّ]: .................. ... لَغَدوتَ أخرسَ من خَلاخلِهِ البدرُ يَطلُعُ من أزرّتهِ ... والغُصنُ يمْرَحُ في غلائلِهِ ولقِيَت الأديبَ أبا بكر بنَ قُزمان وعليه غِفارةٌ صفراء، فقالت له: يا أستاذ، أصبحتَ بقرةَ بني إسرائيل ولكن لا تَسُرُّ الناظرين! 282 - نِظَامُ (¬2) الكاتبةُ بقَصْر الخلافة من قُرطُبة أيامَ هشامٍ المؤَّيد ابن الحَكَم. وكانت بليغةً مُدرِكةً محبِّرةً للرسائل، ومن إنشائها كان الخِطابُ الذي عَزَى فيه المظفَّرُ عبدَ اللِك ابنَ المنصور محمدِ بن أبي عامرٍ عن أبيه وجدَّد له العهدَ بولايتِه في شوّالِ اثنينِ وتسعينَ وثلاث مئة. 283 - وَرْقاءُ (¬3) بنتُ ينتانَ، طُلَيْطُليّةٌ سكَنَت فاسَ. ¬

_ (¬1) ترجمها الضبي في بغية الملتمس (1588)، وابن الأبار في التكملة (3591) وسمّاها: "نزهون"، وفي تحفة القادم (المقتضب منه 164)، وابن سعيد في المغرب 2/ 121، ورايات المبرزين 91، والقري في نفح الطيب 4/ 295. (¬2) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3567). (¬3) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3587)، وابن الزبير في صلة الصلة 5/الترجمة (623)، وابن القاضي في جذوة الاقتباس (523).

284 - ابنة فائز، قرطبية، زوج [أبي عبد الله بن عتاب

كانت أديبةً شاعرةً صالحةً حافظةً للقرآن بارعةَ الخَطّ، [شرَّقت] وحَجَّت. وتوفِّيت بعدَ الأربعينَ وخمس مئة. قال ابنُ فَرتون: وكانت في دار جَدِّ أبي لأمِّه. 284 - ابنةُ فائز (¬1)، قُرطُبيّةٌ، زَوْجُ [أبي عبد الله بن عَتّاب. أخَذت] عن أبيها فائزٍ علمَ التفسير واللّغة والعربيّة والشعر، وعن [زوجِها الفقهَ والرقائق] ورَحَلت إلى دانِيَةَ للقاءِ أبي عَمْرٍو المقرئ، وأخَذت عنه فألفَتْه [مريضًا من قُرحةٍ] كانت سببَ منيّتِه، فحضَرت جَنازتَه، ثم سألت عن أصْحابِه فذُكر [لها أبو داودَ بنُ نَجاح] فلحِقَت به بعدَ وصُولِه إلى بَلَنْسِيَة، فتَلَتْ عليه القرآنَ بالسَّبع في آخِر أربع [وأربعينَ وأربع مئة]. وحجَّت. وتوفِّيت بمِصرَ تمامَ حجِّها قافلةً إلى الأندَلُس سنةَ ستٍّ [وأربعينَ] وأربع مئة. 285 - ابنةُ محمد بن فِيرُّه الأمَويِّ التُّطِيليِّ، أُختُ سعيدةَ المذكورةِ قبلُ وصغيرتُها. وقد تقَدَّم ما اشتركتا فيه من حالِهما، وقال أبو العبّاس ابنُ الصَّقر: إنّ صُغراهُما كانت مُلازمةً للقراءة والنّسخ وفِعْل الخَيْر إلى أن توفِّيت شابّةً، وقال: كتبَتْ إليّ، يعني سعيدةَ، أن أُختَها المذكورةَ قالت في بعض ذوي قرابتِها وقد رأت منه بخلًا كثيرًا [من البسيط]: بخِلتَ والبُخلُ داءٌ لا دواءَ لهُ ... أعيا الأطبّاءَ طُرًّا والمُداوينا أطَعْتَ شُحَّك حتى لستَ مُقتديًا ... إذا اقتدَى الناسُ يومًا بالنبيِّينا إذا دعا لك داعٍ بعدُ مُبتهلًا ... بطُولِ فقرٍ وشُحّ قلتَ: آمينا ¬

_ (¬1) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3573)، والذهبي في المستملح (922) وتاريخ الإسلام 9/ 687، وتقدمت ترجمة والدها فائز في السفر الخامس (1009)، وزوجها عبد الرحمن بن محمد بن عتاب مترجم في الصلة (747).

286 - أم شريح ابن محمد بن شريح المقرئ، إشبيلية

286 - أُمُّ شُرَيْح (¬1) ابن محمد بن شُرَيْح المقرئ، إشبيليّةٌ. أخَذت عن زوجِها أبي عبد الله بن شُرَيْح، وكانت تقرئُ مَن خَفَّ عليها خَلْفَ سِتر بحرفِ نافع، وكان أبو بكر عِيَاضُ بن بقِيّ (¬2) قد قرأَ عليها في صِغَرِه فكان يفخَرُ بذلك ويُذاكر به ابنَها شُرَيْحًا ويقول: قرأتُ على أبيك وأُمِّك، فلي مَزِيّةٌ على أصحابِك، وماتّة لا يَمُتُّ بمثلِها أحدٌ إليك، فيُقرُّ له الشيخُ ويُصدِّقُه. قال المصنفُ عَفَا اللهُ عنه: ذكَرَها ابنُ الأبّار عن ابن خَيْر هكذا غيرَ منسوبة، وهي أُختُ أبي عبد الله أحمدَ بن محمد بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن غَلْبُون الخَوْلانيِّ ابن الحَصّار (¬3)، فهو خالُ شُرَيْح، فلعلّها ابنةُ أبي عبد الله محمد (¬4) والد أحمدَ هذا، ولم أبُتَّ بذلك؛ لاحتمالِ أن تكونَ أختَ أحمدَ المذكور لأُمِّه من غيرِ أبي عبد الله، فاجعَلْ تحقيقَ ذلك من مباحثِك واللهُ يُطلِعُ على الجلاءِ فيه. 287 - جاريةٌ (¬5) للحَكَم. أخرَجَ الحَكَمُ المُستنصِر بالله من قَصْره وَصِيفةً غُلاميّةً ذكيّةً كاتبةً فَهِمة، فأمَرَ أبا القاسم سُليمانَ بن أحمدَ بن سُليمانَ الأنصاريَّ المعروفَ بالرُّصَافيِّ وبالقَسّام (¬6) أن يُعلِّمَها التعديلَ وخِدمةَ الإسطرلابِ وما يجري مجرى هذا، فقبِلَت ذلك وحَذَقَتْه وساعدتْها قريحتُها [في ذلك، فأتقَنَتْ] عِلمَه في ثلاثة أعوام أو نحوها، وأُعجِبَ الحَكَمُ بها وألزَمَها خدمةَ ما تعلّمتْه في دارِه، ووَصلَ سُليمانَ بصلةٍ سَنِيّة وضاعَفَ له التكرِمة. ¬

_ (¬1) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3581). (¬2) تقدمت ترجمته في السفر الخامس (887). (¬3) ترجمته في الصلة (160). (¬4) ترجمته في الصلة (1172). (¬5) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3560)، ومنها رممنا بعض المحو. (¬6) كان من أعيان الخاصة في عهد الحكم المستنصر وهو من طبقة عبد الرحمن بن وافد وكانا أمينين في عهد المستنصر (انظر المقتبس: 153 تحقيق عبد الرحمن الحجي).

288 - الشلبية

288 - الشِّلْبيّةُ (¬1). لا يوقَفُ على اسمِها. كانت أديبةً شاعرةً مجُيدة، [وتظلَّمت من وُلاةِ بلدِها وصاحبِ خَراجِها] فكتبت هذه الأبياتَ إلى المنصور أبي يوسُفَ يعقوبَ من بني عبد المؤمن [من الكامل]: قد آن أن تبكي العيونُ الآبِيهْ ... ولقد أرى أنّ الحجارةَ باكيهْ يا قاصدَ المِصر الذي يُرجَى بهِ ... إنْ قدَّر الرّحمنُ رفْعَ كراهيهْ نادِ الإمامَ إذا وقَفْتَ ببابِهِ: ... يا راعيًا إنّ الرعيّةَ فانيه أرسلتَها هَمَلًا ولا مرعى لها ... وتركتَها نَهْبَ السِّباع العافيهْ شِلبٌ كلا شِلبٍ وكانت جَنّةً ... فأعادها الطاعونُ نارًا حاميهْ خافوا وما خافوا عقوبةَ ربِّهمْ ... واللهُ لا تخفى عليه خافيهْ 289 - العَبّاديّة (¬2). جاريةُ المُعتضِد عَبّاد بن محمد، أهداها إليه مجاهدٌ العامريُّ. كانت أديبةً طريفةً كاتبةً شاعرةً، ذاكرةً لكثير من اللغة. قال أبو الحَزْم ابنُ عُلَيْم (¬3) في "شَرْح أدب الكتّاب" للقَتْبي، وذكَرَ الموسعةَ، وهي خشَبةٌ بين حَمّالَيْن يجعَلُ كلُّ واحد منهما طَرَفَها على عُنقِه. وبذكرِ الموسعةِ أغرَبَتْ جاريةٌ لمجاهدٍ أهداها إلى عَبّاد، كاتبة شاعرة - على علماءِ إشبيلِيَةَ، وبالهَزْمة التي تظهَرُ في أذقانِ بعض الأحداث وتعتري بعضَهم في الخَدَّيْن عند الضَّحِك، فأمّا التي في الذّقَن فهي النُونة ومنه قولُ عثمان: دَسِّموا نُونتَه لتدفعَ العين، وأمّا التي في الخدِّ عند الضَّحِك فهي الفَحْصة، فما كان في إشبيلِيَة في ذلك الوقت مَن عَرَفَ منها واحدة. ¬

_ (¬1) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3597)، والمقري في نفح الطيب 4/ 294. (¬2) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3574)، والمقري في نفح الطيب 4/ 283. (¬3) هو الحسن بن محمد بن يحيى بن عليم البطليوسي، ترجمته في الصلة (316).

الغرائب

قال: وسَهِرَ عَبّادٌ ليلةً لأمرٍ حَزَبَه وهي نائمةٌ فقال [من المتقارب]: تنامُ ومُدنفُها يَسهَرُ ... وتُبصرُ عنه ولا يُبصرُ فأجابتْه [من المتقارب]: لئن دام هذا وهذا بهِ ... سيهلِكُ وَجْدًا ولا يَشعُرُ الغرائب (¬1) 290 - حوّاءُ (¬2) بنت إبراهيمَ بن تيفلويت. كانت خيَرةً فاضلةً كريمةً مُمدّحة، تقرأُ القرآنَ وتُحاضرُ الأدباء، وإيّاها مَدَحَ أبو جعفر بنُ عُبَيد الله بن هريرةَ القَيْسيُّ التُّطِيليُّ (¬3) [من البسيط]: ¬

_ (¬1) يلاحظ أن المؤلف بدأ الغرائب بحواء وأهمل بعض الأسماء قبلها مثل: تميمة بنت يوسف بن تاشفين التي ترجم لها ابن الأبار في التكملة رقم (3582) ونقلها مؤلف جذوة الاقتباس رقم 130، وحفصة ابنة القاضي موسى بن حماد ولها ترجمة في صلة الصلة 5/الترجمة (627). (¬2) ترجمها ابن الأبار في التكملة (3584). (¬3) انظر ديوانه: 15 - 18، وثمة بعض اختلاف بين رواية المؤلف ورواية الديوان ففي ديباجة القصيدة: "وقال أيضًا يمدح الحرة حواء" هكذا من غير نسب، وعندنا في هذا العصر سيدتان حرتان إحداهما هذه المترجم بها عند ابن الأبار وابن عبد الملك، والثانية السيدة الحرة حواء بنت تاشفين التي نجد بعض أخبارها في البيان الغرب، وهذه حواء بنت أخي يوسف بن تاشفين أمير المسلمين لأمه وزوج الأمير سير بن أبي بكر الذي كان له فضل في تمهيد الأندلس للمرابطين وولي إشبيلية واستمر فيها مدة سبع وعشرين سنة إلى أن توفي سنة 507 هـ وكانت هذه الحرة حواء أديبة شاعرة جليلة ماهرة ذات نباهة وخطر وبديهة وبراعة وكان لها مجلس للكتبة والشعراء تحاضرهم فيه وتستمع إلى حديثهم في الشعر وتنتقد عليهم، ومن أعلام هذا المجلس مالك بن وهيب وابن القصيرة وابن المرخي (انظر البيان المغرب 4/ 56 - 57). ويبدو من فحص قصيدة التطيلي أنها في حواء هذه لا في ابنة إبراهيم بن تيفلويت كما ذهب إلى ذلك ابن الأبار وابن عبد الملك هنا، فالشاعر يتوسل إليها بالجوار في إشبيلية ويسمي إخوة لها هم: يحيى ومحمد وأبو بكر، وهؤلاء هم الأمير يحيى بن تاشفين الذي ولاه أمير المسلمين =

أمَا رأيتَ نَدى حوّاءَ كيف دَنَا ... بالغَوْثِ إذ كان يأتي دونَه العَطَبُ دنيا ولا ترفٌ، دينٌ ولا قشفٌ ... مُلكٌ ولا سرَفٌ، دَرْكٌ ولا طلبُ بُرْءٌ ولا سَقَمٌ، عيشٌ ولا هَرَمٌ ... جِدٌّ ولا نَصَبٌ، وِرْدٌ ولا قُرَبُ رِدْ غمرَهُ ترتمي من كلِّ ناحيةٍ ... عُبابها الفضّةُ البيضاءُ والذهبُ مُلَيْكة لا يُوازي قَدْرَها ملكٌ ... كالشمس تَصغُرُ عن مقدارِها الشُّهبُ وهضبةٌ طالما لاذوا بجانبِها ... فما لهم لم يقولوا: معقلٌ أشِبُ أُنثى سَمَا باسمِها النادي وكم ذَكَرٍ ... يُدعى كأنّ اسمَه من لؤمِهِ لقبُ وقلّما نقَصَ التأنيثُ صاحبَهُ ... إذا تُذكّرت الأفعالُ والنُّصُبُ والحيّةُ الصَّلُّ أدهى كلّما انبعَثَتْ ... من أن تُمارسَها الأرسانُ والقُضُبُ وهذه الكعبةُ استولت على شرفٍ ... فذُبذِبت دونَهُ الأوثانُ والصُّلُبُ ومنها: يا أُختَ خير مُلوكِ الأرض إن قُصِدوا ... وإن أُعِدُّوا وإن سُمُّوا وإن نُسِبُوا: ¬

_ = علي بن يوسف على قرطبة، وفي البيان 4/ 61: "وهو ابن عمه أخي أبيه لأمه". والأمير محمد بن تاشفين الذي كلفه أمير المسلمين يوسف بن تاشفين بتحرير بلنسية (البيان 4/ 34 - 37، 40، 143)، والأمير أبو بكر، وهو أيضًا ابن أخي يوسف بن تاشفين لأمه (البيان المغرب 4/ 34). ويقول التطيلي في قصيدته: بنى لك ابن علي بيت مكرمة ... له العوالي عماد والظبا طنب ولاك أبهج فخر تفخرين به ... إذا انتدى للفخار السادة النجب وابن علي المذكور في فهمنا هو أبو الممدوحة تاشفين بن علي. جاء في البيان المغرب 4/ 56 عند ذكر حواء بنت تاشفين ما يلي: "وكان هذا تاشفين أخو يوسف بن تاشفين لأمه وابن عمه؛ لأنه لما مات تاشفين والد يوسف دخل مكانه أخوه علي" وعلى هذا تكون حواء بنت تاشفين هي التي عناها التطيلي، والله أعلم.

291 - زينب ابنة إبراهيم بن تيفلويت، أخت حواء المفروغ من ذكرها آنفا، زوج أبي الطاهر تميم بن يوسف بن تاشفين

محمدٌ وأبو بكرٍ وعزُّهمُ ... يحيى، وحَسْبُك عزًّا كلما حُسِبوا ثلاثةٌ هم مدارُ الناسِ كلِّهمُ ... كالدّهرِ ماضٍ وموجودٌ ومرتقَبُ قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: هذا من النّظم البديع، والبزُّ الغالي الرّفيع، ثم خَتَمَها ببيتٍ أراه عَوْذةً لِما تقَدَّمه، وهو [من البسيط]: قد عَمَّ بِرُّك أهلَ الأرض قاطبةً ... فكيف أُخرِجَ عنه جارُك الجُنُبُ؟! وللاشتراك الذي في لفظِ الجُنُب يَقبُحُ استعمالُه، ولا سيّما في مخاطبة النّساء، وكذلك لفظُ الذكَر الواقع في البيتِ الذي أوله "أُنثى فتأمَّلْه". 291 - زَينبُ (¬1) ابنةُ إبراهيم بن تيفلويت، أُختُ حَوّاء المفروغِ من ذكْرِها آنفًا، زَوْجُ أبي الطاهرِ تميم (¬2) بن يوسُف بن تاشَفين. ¬

_ (¬1) ترجمتها في التكملة رقم (3583). وقد اتفق ابن الأبار وابن عبد الملك على تسميتها بزينب، والذي في ديوان ابن خفاجة: 96 أنها الحرة مريم زوج الأمير أبي الطاهر تميم، وكانت ممن تقوم على كثير من الخير وتحفظ جملة وافرة من الشعر وتحاضر به وتثيب عليه، ويذكر الشاعر اسمها في هذا البيت: وكفى احتماء مكانة وصيانة ... أني علقت بذمة من مريم وقد استشهد المؤلفان المذكوران بأربعة أبيات من قصيدة ابن خفاجة على أنها في مدح من سمياها زينب، والواضح أنهما لم يقفا على القصيدة بتمامها كما أن الأبيات عندهما غير متتابعة ويبدو أن تقديم القصيدة الذي سردناه هو أصل الترجمة عندهما، ولسنا ندري كيف وقع لهما هذا الوهم، ولا نظن أن هذه السيدة كان لها اسمان، وورد اسم الحرة الفاضلة مريم بنت إبراهيم مقترنًا باسم السلطان أبي الطاهر تميم في المطرب: 201 (ط. مصر) ويبدو من النص أن أبا الطاهر مات قبلها. (¬2) كان أكبر من أخيه علي بن يوسف بن تاشفين ولما مات والدهما ودفن خرج أبو الطاهر إلى الناس ويده في يد أخيه مجددًا له البيعة، وقد ولي في عهده عدة في الأندلس (انظر أخباره في البيان المغرب 4/ 48 وما بعدها (الفهرس) ونظم الجمان (الفهرس) ومصادر ترجمته أيضًا في آخر ديوان ابن خفاجة: 443 تحقيق د. غازي).

292 - زينب ابنة إبراهيم بن يوسف بن قرقول

كانت من أهل الخَيْر والتصاوُن والصَّدقات والنوائل تقومُ على كثيرٍ من الخير، وتحفَظُ جملةً وافرةً من الشِّعر، ولها يقولُ أبو إسحاقَ الخَفَاجيُّ من قصيدة (¬1) [من الكامل]: مشهورةٌ في الفَضْل قِدمًا والنُّهى ... والنُّبل شُهرةَ غُرّةٍ في أدهمِ تُولي الأيادي عن يدٍ نزَلَ النّدى ... منها بمنزلةِ المحبِّ المكرَمِ ملكَتْ به الأحرارَ أكرمُ حُرّة ... بَسَطَ المُقلُّ بها يمينَ المُنعمِ حمَلَ الثناءَ بها القريضُ وإنّما ... حمَلَ الحديثَ روايةً عن مسلمِ 292 - زينبُ ابنةُ إبراهيم بن يوسُف بن قُرقول. وقد تقَدَّم رفْعُ نسَبِها في رسم أبيها (¬2). كانت فاضلةَ صالحة، سمِعت أباها فأكثرت، وقَفْتُ على سَماعِها عليه في "جامع التِّرمذيّ" [....] (¬3) وكانت ضابطةً مُتقِنة. 293 - سارة (¬4). ¬

_ (¬1) ديوان ابن خفاجة: 96 - 98 تحقيق د. غازي. وفيه أنه كتب بالقصيدة إلى الحرة مريم يتشفع بها إلى زوجها الأمير أبي الطاهر وأنها ما وقفت على ما كتب به حتى نفذ العهد بحملانه على أتم وجوه البر والمحافظة والمراعاة والمكارمة. (¬2) ترجمته في التكملة (393) والتعليق عليها. (¬3) كلام ممحو يبدو أنه يتعلق بتصرف والد المترجم بها في كتاب المشارق للقاضي عياض. (¬4) ورد هذا الاسم مجردًا في آخر سطر من الورقة الأخيرة في الأصل. وتتمة الترجمة وبقية النساء الغرائب في الورقات المفقودة، وأغلب الظن أن سارة هذه التي ذكر اسمها فقط هي سارة الحلبية الوافدة على الأندلس والمغرب في أواخر القرن السابع الهجري ولها مدح في أمراء الأندلس ودخلت سبتة وفاس ولها مخاطبات ومجاوبات شعرية ونثرية مع بعض الأعلام، وأغلب الظن أن ترجمتها الموجودة في جذوة الاقتباس رقم (607) منقولة من الذيل والتكملة. هذا ولا نعرف عدد الغرائب الباقيات ممن هن على شرط المؤلف ونقدر أنه ترجم لأم المجد مريم بنت أبي الحسن الشاري المسنة المسندة، وزينب بنت إسحاق الهواري المشهورة بالنفزية، وحفصة ابنة القاضي موسى بن حماد الصنهاجي ولها ترجمة في صلة الصلة 5/الترجمة 627 وغيرهن.

§1/1