الذهب المسبوك في تحقيق روايات غزوة تبوك

عبد القادر بن حبيب الله السندي

[تقديم]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كلمة الناشر إن الحمد للَّه نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه ونصلى ونسلم على عبده ورسوله وخليله وخيرته من خلقه الداعى إلى اللَّه بإذنه وسراجا منيرا نبينا محمد بن عبد اللَّه بن عبد المطلب الهاشمى القرشى المكى ثم المدني من أرسله اللَّه رحمة للعالمين بشيرا ونذيرا يبشر من اطاعه واتبعه بالجنة وينذر من عصاه وخالف نهجه بالنار، دعى إلى اللَّه على بصيرة حتى أتاه اليقين وأنزل اللَّه عليه قوله: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (¬1). وبعد: فقد أراد اللَّه لى أن أزور أخى فى اللَّه الشيخ عبد القادر بن حبيب اللَّه بن كورو السندى ذات يوم ودار بيننا البحث العلمى كما جرت عادة طلاب العلم عند اللقاء وسألته عن رسالته فى الماجستير المسماة بالذهب المسبوك فى تحقيق روايات غزوة تبوك ماذا تم فيها وكنت مشتاقا إلى نيل نسخة منها لما امتازت به من دقة فى البحث على نهج المُحَدِّثِيْن لا على نهج كثير المُحْدَثِيْن فأخبرني أنها مازالت بدون طبع وقد تم لها التصريح الرسمى من قبل وزارة الاعلام السعودية برقم 759/ م 31 وتاريخ 5/ 12/ 1403 هـ بتوقيع مدير فرع المطبوعات بالمدينة المنورة بالنيابة. فاشتاقت نفسى لنشرها لعلى أنال من طلاب العلم دعوة مباركة ينفعنى ¬

_ (¬1) سورة يوسف آية رقم (108).

اللَّه بها فى الدنيا ويوم لقاه ولعلى أكون زودت المكتبة الاسلامية بجوهرة نفيسة برزت فى هذا العصر الذى صار حشو الكلام المجرد من غير اسناد مسلك الكثير من الباحثين وربما اسند القول إلى غير ثقة فأخذ قوله على علاته منهجا ولربما كان من أعداء البشرية والاسلام وأهله. وحيث أن الرسالة مُوَثَّقَةً وسمح لها بالطبع طلبت منه حفظه اللَّه الاذن لى بطبعها ونشرها وها أنا ذا أقدمها بين يديك وأحيل الحكم عليها إليك والمنصف التقى لا يهضم صاحب الحق حقه وإن وجد زلة تغتفر غفرها وإن خفى أمر نافع أظهره. وآخر دعوانا أن الحمد للَّه رب العالمين. وصلى اللَّه على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. الناشر الفقير إلى عفو اللَّه محمد بن بكرى بن حسن السميرى المدرس بالمسجد النبوى الشريف علي صاحبه أتم الصلاة والتسليم وعضو رئاسة البحوث العلمية للدعوة والإرشاد المدينة المنورة

"خلاصة الرسالة"

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " خلاصة الرسالة" الحمد للَّه الذى أعزنا بمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، إذ بعثه إلينا هاديا، ومرشدا ومجاهدا، وداعيا إلى اللَّه بإذنه وسراجا منيرا، والصلاة والسلام على خليله الهادى إلى الحق الأبلج، وعلى من سار بهداه، من الأولين والآخرين إلى يوم الدين أما بعد، فهذا موجز بسيط لما فى هذه الفصول الثلاثة والسبعين، من أمره -صلى اللَّه عليه وسلم- وشأنه، من رفعة هذا الدين، وبذله صلى اللَّه عليه وسلم ماله، وحياته، وجهده لإعلاء كلمة الدين، وذلك قيامه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى سنة تسع من الهجرة، بأداء أكبر واجب اسلامى نحو تمديد هذه الرسالة السامية، وهو اداؤه صلى اللَّه عليه وسلم فريضة الجهاد، فى آخر غزوة غزاها -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهي غزوة تبوك. فخرج إليها -صلى اللَّه عليه وسلم- فى رجب سنة تسع من الهجرة، يوم الخميس، لخمس خلون من رجب بأكبر جيش إسلامي بلغ عدده ثلاثين ألفا، على أصح الروايات المحققة فى قحط شديد من كل شئ،

حين طابت الثمار، واشتهيت الظلال والنساء والناس إليها صعر (¬1). لم يكن سبب وقوع هذه الغزوة، أمرا خاصا كما يقوله اليعقوبى فى تاريخه، أنه خرج إليها -صلى اللَّه عليه وسلم- لاخذ ثأر ابن عمه جعفر ابن أبي طالب رضي اللَّه تعالى عنه الذى استشهد فى غزوة مؤتة، ولا ما يقوله ابن سعد فى طبقاته الكبرى، أنة توجه إليها بناء على الاخبار التى وردت الى المدينة، بأن الروم جمعت جموعا كبيرة فى الشام، فتريد الهجوم على المدينة، وهناك أسباب أخرى ذكرها المؤرخون إلا أنها لم تكن صحيحة لانها لم تثبت عن طريق الأسانيد الصحيحة، إنما خرج إليها -صلى اللَّه عليه وسلم- بناء على أمر إلهي شامل، عندما أنتهت الحروب الداخلية فى الجزيرة العربية، فعليه أن يوجه عنايته الى خارج الجزيرة لإبلاغ هذه الرسالة السامية، مستندا على قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (¬2) هذا هو الامر الالهى الذى كان سببا أساسيا لوقوع غزوة تبوك، وهو قول ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة وسعيد بن جبير، وقتادة، والضحاك بن مزاحم الهلالى، وغيرهم رحمهم اللَّه تعالى. وقد بحثت عن أسانيد هذه الاقوال، فوجدتها كلها تقريبا صالحة للاحتجاج بها، ففصول هذه الغزوة عبارة عن مائة وعشرين حادثة متنوعة وقعت فى غزوة تبوك، وقد حققت منها، ثلاثًا وسبعين حادثة ¬

_ (¬1) مائلون. (¬2) سورة التوبة الآية 29.

على طريق المحدثين، عن طريق الاسناد، وقد تكون بعض هذه الحوادث متداخلة، بعضها فى البعض الآخر إلا أنها تختلف نوعيتها عن مثيلاتها فى جوانب أخرى، وتشمل هذه الحوادث التى جرت على يد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- منذ خروجه من المدينة حتى رجوعه إليها، فمثلا، حادثة سبب وقوع الغزوة، ووجه تسميتها بتبوك، ولماذا سميت العسرة، وعدد جيش العسرة، كيفية اتخاذ الالوية فى الغزوة، ونفقات الصحابة فيها على الترتيب، وقصة كعب بن مالك واصحابه رضى اللَّه تعالى عنهم، وما نزل فيهم من القرآن، وموقف المنافقين من هذه الغزوة، ومعجزات الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- التى صدرت عنه فى الغزوة، إثناء سيره إلى تبوك، ورجوعه منها، وقصة ديار ثمود وما جرى فيها، وإكرامه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعض أصحابه فى الغزوة كصلاته خلف عبد الرحمن بن عوف رضي اللَّه تعالى عنه، ومقالته -صلى اللَّه عليه وسلم- فى مناديل سعد بن معاذ الذى استشهد فى غزوة الاحزاب، وصلح رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مع صاحب أيلة، كيفية صلاته هناك، ومدة اقامته -صلى اللَّه عليه وسلم- فى تبوك. وغير ذلك من الحوادث، ثم استقباله -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمدينة عند رجوعه من تبوك من قبل الصبيان والولائد والنساء وغيرهم ممن كانوا تخلفوا بعذر. ورجزهم بابيات رقيقة أخرجها النسائي وغيره بهذه المناسبة السعيدة: طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ... ما دعا للَّه داع وصلى اللَّه عليه وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

الإهداء

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الإِهداء إلى كل مسلم يرغب السير على طريق الحق، مهما كان وعرا، فيتبع أثر رسول اللَّه- صلى اللَّه عليه وسلم في سيرته، ودعوته وجهاده، وفى كل شئ من شأنه أن يجعله مسلما مثاليا على وجه الأرض، كما أراده اللَّه منه. فيسير هذا العالم المحتضر على أثره طائعا مختارا فى الحق، وعلى الحق، ولأجل الحق، وبذلك يصبح هذا المسلم خليفة اللَّه فى أرضه جلّ وعلا. عبد القادر بن حبيب اللَّه

شكر وتقدير

شكر وتقدير الحمد للَّه وحده، والصلاة والسلام على من لا نبى بعده، أما بعد: فقد قال ربنا جلّ وعلا: {وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} (¬1). وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: فيما روى عنه أبو هريرة رضى اللَّه تعالى عنه: "من لم يشكر الناس لم يشكر اللَّه عزّ وجل" (¬2) وقال أيضا -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن أشكر الناس للَّه عزّ وجل أشكرهم للناس" (¬3). وقال أيضا -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير" ومن لم يشكر الناس لم يشكر اللَّه، التحدث بنعمة اللَّه شكر، وتركه كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب" (¬4). فبناء على هذه الآية الكريمة، والأحاديث النبوية يطيب لى أن أتقدم بأجزل الشكر، وأوفر الثناء وأعذب الآمال السنية، وأطيب الدعوات ¬

_ (¬1) سورة النمل الآية (40). (¬2) أخرجه الإمام أحمد فى مسنده (258/ 2) بسند بلا بأس به، وكذا أبو داود فى سننه فى كتاب الأدب والترمذى فى جامعه فى كتاب البر. (¬3) أخرجه الإمام أحمد فى مسنده باسناد جيد (212/ 5) عن الأشعث بن قيس الكندى رضي اللَّه تعالى عنه. (¬4) أخرجه الإمام أحمد فى مسنده بسند حسن (278/ 4) عن النعمان بن بشير رضى اللَّه تعالى عنه.

الروحية، إلى فضيلة الدكتور العلامة الشيخ/ محمد أمين المصرى رحمه اللَّه ذلك الرجل الكريم الخلص الذى وهب حياته لأعمال البر -فيما علمت- فسخر اللَّه قلبه، وضميره وروحه. ذلك الانسان الكريم الذى أحببته فى اللَّه حبا جما، منذ أن عرفته عن كثب، فوجهنى إلى الخير توجيها طيبا ولاعانته المعنوية، ومساعدته المادية أثر عميق فى نفسى منذ أن انتظمت بهذا المنهل العلمى المبارك (قسم الدراسات العليا) بهذا الجوار الكريم كما اتقدم ايضا بجزيل شكرى وعظم تقديرى لفضيلة الدكتور العلامة/ محمد خليل هراس الذى أشرف على هذه الرسالة إشرافا مباشرا، فأعطاني من علمه الجم، وخلقه النبيل، وتوجيهاته القيمة، الشئ الكثير -رحمه اللَّه تعالى وغفر له- وكذا فضيلة الدكتور العلامة محمد السماحى الذى ساعدني فى ترتيب هذه الرسالة، وتنظيم فصولها، فضيلة الدكتور الاستاذ محمد مصطفى الأعظمى الذى أعارني بعض المخطوطات النادرة، وفضيلة الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم الدوسرى مدير مكتبة الحرم الكى، وأمينها المساعد الشيخ عبد اللَّه بن عبد الرحمن المعلمى، وجميع المسئولين بها، وفقهم اللَّه تعالى. كما أتوجه إلى اللَّه عزّ وجل، بالدعاء الخالص، لسماحة العلامة العالم السلفى الشيخ محمد نصيف رحمه اللَّه تعالى الذى أعاننى اللَّه عن طريقه قبل أن يلقى ربه، بالاطلاع على عظيم المخطوطات النافعة، والمطبوعات القيمة التى استفدت منها بمعلومات عظيمة تتصل بهذه الدراسة.

كما أتقدم إلى غيرهم وهم كثير بحيث لا يسع المقام، ذكر اسمائهم، خالص شكرى، وعاطر ثنائى، جزاهم اللَّه خيرا، وأحسن إليهم، وبارك فى أعمالهم، وجهودهم، وتولاهم، أنه سميع مجيب، وبالاجابة جدير.

المقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ المقدمة الحمد للَّه الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وإمام الأولين والآخرين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فإنه لما كان علم المغازى والسير من العلوم النافعة الشريفة التى تنافس فيها المتنافسون، وشمر عن ساعد الجد فى تحصيلها العاملون المخلصون. اذ هو علم يحث المسلم النبيل عل الاقتداء بنبيه المصطفى صلى اللَّه عليه وسلم، وإلى التخلق بحقائق أقواله وأفعاله -صلى اللَّه عليه وسلم- التى توصله إلى دار السلام، وإنه لعلم نافع عظيم يطلع المسلم خلال دراسته التى درج عليها المحدثون القدماء فى الاسلام -على ما كانت عليه الصورة الاسلامية الحقيقية فى العهد النبوى الشريف وفى العهود الاولى من الخلافة الاسلامية الراشدة. وليس ثمة شك، أن دراسة هذا العلم والتعمق فيه لهى دراسة

تعين على تفسير كتاب اللَّه تعالى وسنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- كما قال عز من قائل: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (¬1) وقال أيضا: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (¬2) وكما صح عن الصديقة بنت الصديق رضي اللَّه تعالى عنهما فيما روى عنها سعد بن هشام رحمه اللَّه تعالى قال: سألت عائشة رضي اللَّه تعالى عنها، فقلت: أخبرينى عن خلق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فقالت رضي اللَّه عنها: كان خلقه القرآن (¬3). فالآيتان الكريمتان والحديث وما فى معناها، يدل دلالة واضحة على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان صورة واضحة، ومثالا حيا، لما جاء به كتاب اللَّه تعالى من أحكام، وآداب، ومعاملات، فبقى الحال -برهة من الزمن- فى العهد النبوى الشريف، وفيما بعد من الخلافة الراشدة، -على أحسن ما يرام، لقرب العهد به -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم تطاول الوقت، وكر الدهر، -وللَّه فى ذلك حكمة بالغة- فاتى على المسلمين ¬

_ (¬1) سورة الاحزاب رقم الآية (21). (¬2) سورة آل عمران رقم الآية (31). (¬3) رواه أحمد فى مسنده (45، 91، 111، 163، 188/ 6) ومسلم فى صحيحه فى كتاب المسافرين، وأبو داود فى سننه فى كتاب التطوع، والترمذي فى جامعه فى كتاب البر، والنسائي فى سننه فى قيام الليل، وابن ماجه فى سننه، كتاب الاحكام، والدارمي فى سننه، كتاب الصلاة.

عهد وقعت فيه الكارثة العظمى، والمصيبة الكبرى، مصداقا لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: فيما روى عنه عمرو بن عوف رضي اللَّه تعالى عنه، قال: "فواللَّه ما الفقر أخشى عليكم، ولكنى أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم، كما بسطت علي من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتلهيكم، كما ألهتهم" (¬1). فظهر هذا اللهو واضحًا جليًا فى حياة المسلمين بعد أن فقدوا تلك القيادة الرشيدة العالمية، فاستغل الاعداء الماكرون -من اليهود عليهم لعائن اللَّه، ومن لف لفهم من أمم الشرق والغرب فرصة اللهو هذه، فوجهوا خلالها تلك الطعنات الخبيثة، الى صميم رسالتنا الخالدة، والى حاملها -صلى اللَّه عليه وسلم-، والى أصحابه البررة الكرام، والى كل من حمل هذا العلم صافيا نقيا. فأول ما بدأ به هؤلاء الاوباش هو أن أوجدوا جماعة كبيرة فى صفوف المسلمين، بعد أن غذوها غذا ماديا الحاديا يمكن أن يحولوا به مجرى التاريخ الاسلامى الحافل، الى ما أرادوا به من ايقاع الفتن، والشرور، والاضطراب، والى كل ما من شأنه أن لا تبقى هذه الأمة المجيدة على اصالتها، وروحها الطاهرة النقية المهذبة عن طريق الوحى السماوى، ورسالتها السامية الخالدة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخارى فى الصحيح، فى عدة مواضع: الجزية (1) مغازى (12) رقاق (7) ومسلم فى الزهد، حديث رقم (6) الترمذى فى السنن، القيامة، وابن ماجه فتن (18) ومسند الامام أحمد، (137/ 4، 327/ 1).

فظهر الوضع فى حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل ظهور تلك الفلسفة العلمانية اللادينية التى ضيعت على هذه الامة ثقافتها الدينية، وسياستها الحكيمة، فأخذ هذا الوضع يتطور تطورا خطيرا، ولم يكن محصورا على أحاديث الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فحسب بل فى أحاديث الصحابة رضي اللَّه تعالى عنهم، التى توقع بينهم الفرقة، والشقاق. أخرج الحاكم فى مستدركه، بإسناده عن عبد اللَّه بن مسعود رضى اللَّه تعالى عنه فى قصة وفاة أبي ذر رضي اللَّه تعالى عنه، وفيه، أن عثمان نفى أبا ذر إلى الربذة الحديث (¬1). وفى إسناد هذا الخبر، بريدة بن سفيان الاسلمى، وهو شيعي رافضى، كما قال عنه الذهبى فى الميزان: بريدة بن سفيان الاسلمي، قال البخاري: فيه نظر وقال أبو داود: لم يكن بذاك، وكان يتكلم فى عثمان. وقال الدارقطي: متروك. وقيل كان يشرب الخمر، وهو مقل (¬2). وقال الحافظ ابن حجر: ليس بالقوي، وفيه رفض من السادسة (¬3). قلت: إن لم يكن هذا الحديث قد بلغ درجة الوضع إلا أنه قريب منه، وهو حديث منكر، وقد أخرجه ابن إسحاق فى السيرة (¬4)، ومحمد ¬

_ (¬1) انظر الحاكم فى المستدرك (50 - 51/ 3). (¬2) ميزان الاعتدال للذهبي (306/ 1). (¬3) تقريب التهذيب (96/ 1) وتهذيب التهذيب (433 - 434/ 1). (¬4) سيرة ابن هشام (168/ 4).

ابن جرير الطبري فى تاريخه (¬1) وكما سترى الكلام على هذا الحديث فى موضعه من هذه الرسالة، فى وفاة أبي ذر رضي اللَّه تعالى عنه بالتفصيل (¬2). هكذا بدأ هذا الهجوم على الاسلام، منذ أول يوم عن هذا الطريق اللاذع الرهيب الذى اتخذه المستشرقون، اساسا قويا، ومنهاجا صلبا فى الهجوم على الاسلام بعد أن مهد لهم الطريق، عن هؤلاء الوضاعين الكذابين المنتسبين الى الاسلام -والاسلام منهم براء- فنشط هؤلاء المستشرقون نشاطا مرموقا فى مهمتهم الشيطانية فى الهجوم الشنيع الخفي الذى لا يتمكن من إدراكه أحد إلا من رزقه اللَّه تعالى، علما واسعا، وثقافة عالية. أورد المستشرق الالماني جوزيف هوروفتس فى ترجمة ابان بن عثمان الاموى رحمه اللَّه تعالى بعد أن ساق فى ترجمته عدة روايات مختلفة بطرق فنية رائعة مع ذكر مصادرها كما سيأتى فحاول أخيرا أن يتكلم بشئ خفي يمس به عدالة هذا التابعى الإِمام فلم يجد ما يبرر به إمام النقد العلمى إن وجه إليه، فحاول -بطريق فنى رائع أجمل- فى أن يأتي بشئ يقربه عينه ويثلج صدره، ويطفئ غيظه فأتى فى ترجمة ابان بن عثمان هذه العبارة (ولم تقصر عناية أهل المدينة على العلوم الدينية وحدها، بل عنوا أعظم عناية بالموسيقي والشعر). ¬

_ (¬1) تاريخ الأمم والملوك (371/ 2). (¬2) انظر الفصل الثاني والثلاثين ص 303 - 309.

ومن الخطا أن يظن أنه لا توجد صلات بين العلماء والشعراء، وإن علماء الدين كانوا جميعا معادين للشعر، بل وجد فى المدينة نفسها اعلام من العلماء الدينيين قد برزوا فى قول الشعر، وأشهر مثل لذلك تتحقق فيه هذه الصلة، عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، حفيد عتبة بن مسعود، وهو ممن حارب مع النبي- فى أحد، وقد خصص أبو الفرج الاصبهاني فى "كتاب الاغانى" فصلا لعبيد اللَّه هذا، وأورد طائفة من شعره، وفعل مثل ذلك ابن سعد أيضا فى طبقاته، وهو معدود من فقهاء المدينة السبعة، وحينما تيّمَه حب هذلية حسناء دعا الفقهاء الستة الآخرين فى اشعاره التى يخاطبها بها، ليشهدوا على قوة حبه الذى برح به قال: أحبك حبا لو علمت ببعضه ... لجدت عليّ ولم يصعب عليك شديد وحبك -يا أم الصبي- مدلهى ... شهيدى أبو بكر، وأى شهيد ويعلم وجدى القاسم بن محمد ... وعروة ما القى بكم، وسعيد ويعلم ما أخفى سليمان علمه ... وخارجة يبدى لنا ويعيد متى تسألى عما أقول فتخبرى ... فللحب عندى طارف وتليد (¬1) قلت: من العجب جدا أمر هذه الابيات التى هي ترجمة صحيحة عن نفسية عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة إن صح الاسناد إليه. فعلينا أن نرجع الى ترجمة عبيد اللَّه هذا المذكور حتى نعرف عن شخصيته، وحقيقته هل هذه الابيات تتفق مع ترجمته؟ أو هناك فى دس ¬

_ (¬1) انظر المغازى الأولى ومؤلفوها جوزيف هورفتس ترجمة حسين نصار 6 - 7 الطبعة الحلبية الاولى سنة 1369 هـ بمصر.

من دسائس الأعداء الماكرين؟ قال الحافظ ابن حجر فى ترجمته: قال الواقدى: كان عالما، وكان ثقة فقيها، كثير الحديث، والعلم، شاعرا، وقد عمى، وقال العجلى: كان أعمى، وكان أحد فقهاء المدينة، تابعي ثقة، رجل صالح جامع للعلم، وهو معلم عمر بن عبد العزيز. وقال أبو زرعة: ثقة مأمون، امام. وقال ابن حبان فى الثقات: كان من سادات التابعين. وقال ابن جرير الطبرى: كان مقدما فى العلم، والمعرفة بالاحكام، والحلال والحرام، وكان مع ذلك شاعرا مجيدا. وقال ابن عبد البر: كان أحد الفقهاء العشرة، ثم السبعة الذين تدور عليهم الفتوى، وكان عالما فاضلا مقدما فى الفقه، تقيا، شاعرا محسنا، لم يكن بعد الصحابة الى يومنا فيما علمت فقيه أشعر منه ولا شاعر أفقه منه. وقال عمر بن عبد العزيز: لو كان عبد اللَّه حيا ما صدرت الا عن رأيه انتهي كلام الحافظ ملخصا (¬1) قلت وهو من رجال الكتب الستة وقد أخرج له البخاري جملة من الاحاديث فى الاحكام، قبل أن ندرس اسناد هذه الابيات نقف هنا قليلا، ونسأل الاستاذ جوريف هوروفتس كيف أدخلت هذه الابيات المنسوبة الى عبيد اللَّه بن عبد اللَّه ابن عتبة فى ترجمة أبان بن عثمان، وأنت تتكلم على مؤلفى المغازى الأولى، وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه لم يكن مؤلف المغازى مع اعترافك؟ ¬

_ (¬1) تهذيب التهذيب (23 - 24/ 7)

ب - وهل هناك ارتباط وثيق مع المعاني التى تحمل هذه الابيات فى طياتها مع الشخصية المباكة التى ترى ما قيل فى ترجمتها؟ ثم السؤال الأخير: جـ - هل درست اسناد هذه الابيات؟ وأنا أتولى الجواب: أ - لا مناسبة أبدا بين ايراد هذه الابيات فى ترجمة ابان بن عثمان بن عفان رحمه اللَّه تعالى. الا للنيل من شخصية مماثلة فى الزهد، والورع، واسقاط عدالته. ب - لا تتفق هذه المعاني القبيحة التى تشم منها رائحة الزنا مع شخصية عبيد اللَّه بن عبد اللَّه المذكور المترجم لها آنفا. جـ - اما الاسناد فهو كاد أن يكون موضوعا كما سترى. قال أبو الفرج الاصبهاني (¬1): حدثنا محمد بن جرير الطبرى، والحرمى بن العلاء، ووكيع، قالوا: حدثنا الزبير بن بكار، قال: حدثنى اسماعيل بن يعقوب، عن أبي الرتاد، عن أبيه، قال: قدت المدينة امرأة من ناحية مكة، من هذيل، وكانت جميلة، فخطبها الناس، وكادت تذهب بعقول أكثرهم، فقال فيها عبيد اللَّه بن عبد اللَّه ابن عتبة بن مسعود ثم ساق الابيات المذكورة. ¬

_ (¬1) الأغانى (96/ 8) طبعة بولاق.

رجال الاسناد

قلت: ننظر الآن ما مدى قيمة هذا الاسناد الذى يأتى الجرح الشديد عن طريقه فى التابعى المذكور، وقد ثبت لدينا عدالته بإجماع المحدثين الذين مر ذكرهم عند الحافظ فى التهذيب؟ رجال الاسناد: ابن الفرج الاصبهانى: قال الخطيب فى تاريخه باسناده الجيد عن محمد الحسن بن الحسين النوبختى يقول: كان أبو الفرج الاصبهانى، أكذب الناس، كان يدخل سوق الوراقين وهي عامرة، والدكاكين مملؤة بالكتب، فيشترى شيئا كثيرا من الصحف، ويحملها إلى بيته، ثم تكون رواياته كلها منها، ثم قال الخطيب وكان أمويا يتشيع (¬1). وقال الذهبى فى سير أعلام النبلاء: كان وسخا زريا (¬2). قلت: وفى اسناد هذه الابيات رجل آخر مجهول، وهو ذكوان القرشي، ولم أجد له ترجمة فى المراجع التى بين يدى، الا ما قال فيه الحافظ ابن حجر: قيل: ان أباه أي عبد اللَّه بن ذكوان القرشي -كان اخا أبي لؤلؤة قاتل عمر (¬3). ومهما يكن من أمر، فإن هذه الابيات لا تجوز أن تنسب الى ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد للخطيب (398/ 440/ 11). (¬2) نقلا عن الاعلام لخير الدين الزركلى (88/ 5). (¬3) تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر (503/ 5).

عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، عن طريق هذا الاسناد الذى كاد أن يكون موضوعا. ولا ذنب للمستشرق الالمانى على نقلها مع جهل حال رجال الاسناد، ولكن الذنب على من وضع هذه الرواية -لمجرد كون عبيد اللَّه المذكور شاعرا-، ونسبها الى ذاك التقى الزاهد الثقة الامام. ولقد وجد كتاب المستشرق جوزيف هوروفتس مملوءا بهذه السخافات الواهية، والحكاية المكذوبة التى لا تخلو منها صفحة من صفحات الكتاب، الا أن هذا المثالي الواحد فيه كفاية على رد كتابه، وعلى ما درجوا عليه، من وضع مخططات جهنمية، وأساليب ماكرة، لتدمير الثقافة الاسلامية، وهم فى ديارهم، وجامعاتهم التى لم تؤسس إلا على هذا الأساس، لكى تؤدى لهم هذه الخدمات على يد من يفد إليهم من ديار المسلمين، بعد أن يمنحوهم تلك الشهادات التى هى فى الواقع شهادة فى الاستشراق وللاستشراق، ولم تكن شهادة علمية يرضى اللَّه تعالى عنها، والمؤمنون، وأما موقف من حمل تلك الشهادة من المسلمين فلربما أن يكون الحامل لها كشافا عوراتهم، وخبيئاتهم للمسلمين إن شاء اللَّه تعالى، كما فعل الفيلسوف الاسلامى، وشاعر الشرق الاسلامى الدكتور محمد اقبال رحمه اللَّه تعالى فى كتابه الفذ "بانك درا" (¬1) إلا أن ¬

_ (¬1) هو كتاب ألفه الدكتور فى اللغة الاردية بعد عودته من أوربا، وطبع عشر مرات فى لاهور، نشره ابنه جاويد اقبال، وهو عبارة عن أحاسيس، ومشاعر نحو امجاد الاسلام والمسلمين الماضية وانطباعات حملها الدكتور فى نفسه، نحو تأخر هذه الأمة المجيدة، في أشعار رقيقة، كف عما يقوم به الغرب والشرق من أعمال شنيعة ضد الاسلام والمسلمين.

هذا الموقف نادر جدا بالنسبة لما هو حال شباب المسلمين اليوم، قال محمد بن سيرين -أحد أئمة التابعين الكبار، فيما روى مسلم فى مقدءطة صحيحه باسناده عنه، قال: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم. وقال ابن المبارك: الاسناد من الدين، ولولا الاسناد، لقال من شاء، ما شاء (¬1). هناك رواية أخرى، أخرجها مسلم فى مقدمة صحيحه أيضا، وهى صالحة للمتابعات والشواهد، قال أبو عقيل صاحب بهية: كنت جالسا عند القاسم بن عبيد اللَّه، ويحيى بن سعيد، قال فقال يحيى: للقاسم: يا أبا محمد: إنه قبيح على مثلك، عظيم أن تسأل عن شئ من أمر هذ، الدين فلا يوجد عندك عنه علم، ولا فرج، أو علم، ولا مخرج؟ فقال له القاسم: وعم ذاك؟ قال: لانك ابن أمامى هدى، أبى بكر، وعمر، قال: يقول له القاسم: أقبح من ذاك عند من عقل عن اللَّه، أن أقول: بغير علم، أو آخذ، عن غير ثقة، قال: فسكت فما أجابه (¬2). ¬

_ (¬1) انظر مقدمة صحيح مسلم ص 84، والالماع للقاضى عياض ص 17.انظر نفس المصدر ص 87. (¬2) مقدمة صحيح مسلم 90 - 91 بشرح النووى انظر كتاب العلم لابن أبي خيثمة ص 116 و 138 واقضاء العلم العمل للخطيب البغدادى 205 - 211.

قلت كل هذه الدوافع التى جعلتنى أن أختار هذا الموضوع للتحقيق، والتمحيص، حتى ادرك ما مدى الاصالة التى بقيت عندنا، بعد وقوع تلك المؤامرة التاريخية الخطيرة التى مر ذكرها. ولست فى ذلك مبتدعا أو محدثا، لما مر بكم بعض تلك النصوص، من مقدمة صحيح مسلم، انظر مقدمة جامع مسانيد الامام أبى حنيفة لابي المؤيد الخوارزمى فى أحاديث موضوعة فى مناقب الامام أبى حنيفة رحمه اللَّه تعالى (¬1). ولما كان لوضع الاحاديث فى التشريع الاسلامى على يد هؤلاء الأعداء أثر سئ جدا كما مر بكم بعض الامثلة، هيأ اللَّه تعالى لبقاء هذه الرسالة السامية رجالا مخلصين، يدافعون عنها، ويذبون عن سنة نبيها -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأتوا بعجب العجاب فى هذا الميدان، فكانت خدماتهم فريدة فى العالم كله، يقول الدكتور اسبرنكر -أحد المستشرقين الالمان- مهما افتخر المسلمون بعلم اسماء الرجال فهو افتخار قليل بالنسبة لما سجل لهم من حياة رجال الحديث، وجمع لهم من هذه الثروة العلمية الهائلة التى لم تعرف أمة من أمم الأرض بهذا العلم سواهم (¬2). ولما تحقق لدى ما اشرت إليه، فى الصفحات السابقة من وجود أحاديث كثيرة موضوعة مكذوبة على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ¬

_ (¬1) ص 17 - 22 طبع الكتاب بالهند فى سنة 1332 هـ فى مجلدين. (¬2) نقلا عن سيرة البخارى للشيخ عبد السلام المباكفررى فى اللغة الاردية ص 31.

منهج البحث

فى مغازيه -صلى اللَّه عليه وسلم- وفى غيرها من الاحكام الشرعية، ولآداب المرعية، ونحوها، كذا على أصحابه البررة الكرام وعلى غيرهم من أئمة الهدى كالامام أبى حنيفة، والشافعى، ومالك، وأحمد بن حنبل رحمهم اللَّه تعالى، لذا وجدتنى، أن أختار تحقيق هذا الجزء المهم من مغازى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهي غزوة تبوك، وآخر غزوة غزاها صلى اللَّه عليه وسلم فى سنة تسع من الهجرة. منهج البحث أما منهج البحث: فهو عبارة عن معرفة الحديث الصحيح، والحسن، والضعيف بجميع أقسامه، من أحاديث مرفوعة، وآثار موقوفة، مقطوعة من أحاديث غزوة تبوك، وبيان الارسال فيها إن وجد، كذا الاعضال، والانقطاع، والتعليق عن طريق الدراسة النقدية، لرجال الاسناد، بناء على قواعد اصول الحديث المعروفة عند أهل الحديث، لا عن طريق التقليد، ثم الحكم على الحديث إما صحة، أو ضعفا حسب ظهور نتيجة الدراسة النقدية. ثم تخريج الحديث، عن الكتب المسندة من كتب الحديث، والتفسير، والمغازى والسير وغيرها، مما يعتنى أصحابها بالاسناد. ثم ذكر محل ورودها فى كتب أخرى فى موضوع الاستدلال، أو للشواهد أو نحوها ككتب الفقه، والتفسير، واللغة، والأدب، والبلدانيات ونحو ذلك مما عرف أصحابها بالباع الطويل فى موضوع ما.

العقبات التى واجهت البحث

هذا هو المنهج بالاختصار، وليس الكلام على متن الحديث داخلا فى منهج البحث، لان هذه مرحلة مستقلة وسوف يفرغ لها إن شاء اللَّه تعالى، فى وقت آخر. العقبات التى واجهت البحث من الطبيعى جدا، أن هذا البحث على هذا النمط -كما هو واضح لدى أهل هذا الفن لم يبحث من قبل، على هذا النهج، لان كثيرا ما ينقل على الالسنة، أن أحاديث المغازى والسير، وفضائل الاعمال، والملاحم، والرقاق ونحوها، مما وقع فيها التساهل منذ قديم الزمان، فينظر إليها المحدثون القدماء وغيرهم بغير النظرة التى ينظرون بها إلى أحاديث الأحكام، والعقائد، وهذا القول كثرا ما ينسب الى الإمام أحمد بن حنبل رحمه اللَّه تعالى، كما نقله فضيلة الشيخ حسن مشاط فى انارة الدجى فى مغازى خير الورى (¬1) وعند البحث عن اسناده فوجد عند الخطيب البغدادى إذ قال رحمه اللَّه تعالى باسناده الجيد عن الإمام أحمد بن حنبل: قال رحمه اللَّه تعالى: إذا روينا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى الحلال، والحرام، والسنن، والاحكام، تشددنا فى الاسانيد، وإذا روينا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فى فضائل الاعمال، وما لا يضع حكما، ولا يرفعه، تساهلنا فى الاسانيد (¬2). ¬

_ (¬1) ص 17 الطبعة الأولى. (¬2) الكفاية فى علم الرواية ص 134.

قلت: هذا هو الميزان الصحيح الذى وضعه المحدثون القدماء، وعلى رأسهم جبل السنة وأمام الهدى أحمد بن حنبل الشيبانى رحمه اللَّه تعالى فى الاستدلال بالحديث الضعيف أو استعماله للشواهد، أو المتابعات ولا يمكن حمل قولهم رحمهم اللَّه تعالى على الحديث الضعيف. الذى ضعف اسناده الى حد لا يمكن أن يتحمل ضعفه، أو يتقوى به حديث آخر مثله زيادة على ذلك أن التقسيم الحاضر للحديث الى ثلاثة اقسام معروفة لم يكن الا من وضع متأخرى أهل الحديث، وهو معروف عند أهله، كما قال الامام ابن كثير رحمه اللَّه تعالى: إن هذا التقسيم إذا كان بالنسبة الى ما فى نفسى الامر فليس الا صحيح، أو ضعيف (¬1). قلت: فالحديث الضعيف المراد به من قولهم هو الحديث الحسن الذى جعل فى النهاية قسما متوسطا لدى المتأخرين. فعلى هذه القاعدة المعروفة التى أشرت إليها آنفا وضعت أساس هذه الدراسة المتواضعة متطفلا على مائدة هؤلاء العباقرة الامجاد رحمهم اللَّه تعالى. وحقا: عند بدء هذه الدراسة واجهتنى بعض المشاكل من نواح متعددة: أ- إن هذا الموضوع لم يبحث من قبل على هذا النمط، حتى يمكن الاستهداء به ولو فى بعض الأمور. ب- عدم وجود المشرف الذى يتطلبه البحث فى بداية الأمر، لأن من عرف هذه الدراسة النقدية والتخريجية وعاش فيها وقتا طويلا، ¬

_ (¬1) الباعث الحثيث ص 20.

يغفل أحيانا عن معرفة بعض رجال الاسناد، خصوصا إذا اتفقت اسمائهم، واسماء آبائهم، واسماء بلدانهم، وهم فى طبقة واحدة، وقد اتفق أخذهم الحديث عن شيخ واحد، فهناك يحصل الخلط بين اسمائهم، وعدم التمييز بينهم، وهذا من أخطر شئ مرّ عليّ فى هذه الدراسة، انظر ما قاله الحاكم فى علوم الحديث عن هذا الموضوع (¬1) كيف لا يحصل هذا، وأنا حالي كرجل يلقى نفسه فى اليم ولا يحسن العوم؟ وقد وقع مثل هذا الخطأ عن أمير المؤمنين فى الحديث، الامام أبى عبد اللَّه محمد بن اسماعيل البخارى رحمه اللَّه تعالى فى -تاريخه الكبير، ذاك الجهبذ الكبير، والناقد البصير الذى اتسم كتابه العظيم "صحيح البخارى" بما اتسم به من الدرجة العالية، والمنزلة الرفيعة، من حيث القبول والاقبال عليه، حتى أصبح أصح كتاب بعد كتاب اللَّه تعالى. قال الامام أبو القاسم الرافعى الكبير باسناده الجيد، عن أبى زيد المروزى، الفقيه، قال: كنت نائما بين الركن والمقام، فرأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فى المنام، فقال: يا أبا زيد: إلى متى تدرس كتاب الشافعى، ولا تدرس كتابي؟ فقلت: يا رسول اللَّه: وما كتابك؟ قال: هو جامع محمد بن اسماعيل البخاري (¬2). ¬

_ (¬1) علوم الحديث للحاكم ص 225 - 229. (¬2) التدوين فى اخبار أهل العلم بقزوين 161 - 178 خ انظر مقدمة فتح البارى ص 460.

قلت: مع هذه المنزلة الرفيعة، لم يسلم عن الخطأ رحمه اللَّه تعالى تاريخه الكبير فيأتى ابن أبى حاتم الرازى صاحب كتاب الجرح والتعديل المتوفى سنة 327 هـ، فيستدرك عليه، فى كتابه بيان خطأ محمد بن إسماعيل البخارى فى التاريخ (¬1)، ثم يأتى الخطيب البغدادى المتوفى سنة 463 فيكتب كتابا مفصلا، ويسميه موضح أوهام الجمع والتفريق (¬2) كأنه يرد على ابن أبى حاتم فى كتابه الآنف الذكر، فى بعض المواضع، ويخطئ البخارى رحمه اللَّه تعالى فى مواضع أخرى، لم يشر إليها ابن أبى حاتم الرازى، وهكذا يأتى الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمى رحمه اللَّه تعالى فيكتب مقدمة جميلة للغاية، على كتاب الخطيب المذكور يدافع فيها عن الإمام البخارى رحمه اللَّه تعالى، ويذكر أوهام الخطيب الخفية. كما وقع مثل هذا الخطأ بل أقبح منه، ما وقع عن الشيخ محمد زاهد الكوثرى: كتابه، تأنيب الخطيب على ما ساقه فى ترجمة أبى حنيفة من الأكاذيب (¬3) ثم استدرك عليه الشيخ العلامة الامام عبد الرحمن بن يحيى المعلمى فى كتابه الفذ "التنكيل بما فى تأنيب الكوثرى من الاباطيل" (¬4). ¬

_ (¬1) هو مطبوع بالهند الطبعة الأولى 1380 بتحقيق العلامة الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمى رحمه اللَّه. (¬2) هو مطبوع بالهند فى جزئين متوسطين 1378 بتحقيق الشيخ المعلمى رحمه اللَّه. (¬3) طبع الكتاب بمصر الطبعة الأولى، 1361. (¬4) طبع الكتاب فى جزئين بدمشق نشره العالم السلفى الشيخ محمد نصيف رحمه اللَّه، الطبعة الأولى أعيد تصويره فى الرياض من قبل الرئاسة العامة لشئون الافتاء والدعوة بعدد كثير جدا.

قصة مشكلة غريبة

فإذا عرفت هذا -فاعلم أن هذا من أخطر الفنون الاسلامية، ومنه تتسرب العلل غالبا فى الحديث. ولقد وقع مثل هذه الاوهام عن جملة عن أعلام المحدثين الكبار، كما ستراها إن شاء اللَّه تعالى مفصلا فى طيات هذه الرسالة المتواضعة. فإذا كان الأمر كما ذكر، فإنا من باب أولى أن يزل قدمى، ويضطرب قلبي، لانى لم أحمل رصيدا علميا كافيا، يمكن لى الاستقلال به. قصة مشكلة غريبة وقعت فى مشكلة غريبة حرت فيها أكثر من شهرين أو أكثر وهى أنى التقيت نصا معلقا، حكم عليه الحافظ ابن حجر فى فتح البارى بالضعف الشديد، فصرت أبحث عن اسناده، حتى أطمئن بدراسته، ونقد رجاله، هل الحافظ رحمه اللَّه تعالى أصاب فيه أو وقع منه تساهل؟ والكتاب الذى أحال علية فى الفتح، هو موجود بمكتبة الحرم المكى (¬1)، الا انه مطموس بحيث لا يمكن الاستفادة منه بحال من الأحوال، ومع ذلك حاولت فى أن أتحصل ما أشار إليه الحافظ، فلم أنجح، ثم واصلت البحث عنه فى بحار كتب كثيرة فلم أجده الا معلقا عن الاخرين أيضا، حتى عزمت السفر الى الرياض لهذا الغرض لانى علمت أن هناك مصادر مخطوطة، ويمكن لى الاستفادة منها، فلم أجده أيضا، ثم واصلت البحث عنه بطرق أخرى كثيرة، فوجدته فى غير مظانه، وحينئذ فرحت فرحا شديدا وشكرت اللَّه على ذلك، فوضعته فى الصلب، مع أن صاحب المصدر الاخير هو أقدم وأجود من الحافظ ابن حجر الا انى ¬

_ (¬1) هو سند الحافظ أبى يعلى الموصلى المتوفى 307 هـ.

مخطط السير فى منهج البحث

خالفت قاعدة التحقيق لغرض ما يخفى عليك، وهكذا سرت فى هذه الدراسة بهذا الجوار الكريم، وكانت هناك مشاكل أخرى، الا أنها لم تكن الى حد بعيد تقف موقفا سلبيا عن التقدم فى البحث، وحالي كما ذكرت، فقير فى كل شئ، مضطرب فى التفكير الذى هو وسيلة طيبة -فى سبك تلك المعانى التى أخذتها فى قالب جميل، وزيادة على ذلك، ما هناك من المشاكل العائلية، والعوائق النفسية والتى لا يخلو منها أى انسان، خصوصا فى هذا العصر، وأنا فى حالة كهذه مع التذلل أمام الرب جل وعلا أتمناه الفتح المبين، والطريق المنير فى هذا السبيل سبيل العلم، والمعرفة، والعمل به، والدعوة اليه، مطمئنا الى رحمته، وعدله، وحكمته، وعلمه، وهو الملاذ الوحيد، ومتيقنا فى وعده الكريم، {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (¬1) فتلك بعض المشاكل بالاختصار. مخطط السير فى منهج البحث أ- أما مخطط السير الذى اخترته، فهو عبارة عن جمع المادة المناسبة من أحاديث غزوة تبوك من مصادر عديدة من أمهات كتب السنة وغيرها، مما يعتنى أصحابها بالاسناد. ب- ثم توزيعها، وسبكها فى هيكل البحث، تحت فصول معروفة ¬

_ (¬1) سورة العنكبوت رقم الآية (69).

مناسبة حسب التزتيب الزمنى للغزوة، ولا يخفى عليك أنى اعتبرت الغزوة كلها كباب واحد، ثم قسمت هذا الباب الى ثلاثة وسبعين فصلا، والفصل عبارة عن حادثة معينة وقعت فى الغزوة، وهى عبارة بتعبير أوضح، عن أعمال، وأقوال، وتقريرات نبوية، ومعجزات صدرت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو كرامات صدرت عن بعض الصحابة رضي اللَّه تعالى عنهم، وما نزل فيها من القرآن الكريم فى شأن هذه الغزوة، وستبدأ الغزوة بالفصل الأول فى وجه تسميتها باسم تبوك، وتنتهى بالفصل الثالث والسبعين فى وفاة عبد اللَّه ابن أبى ابن سلول، هذا ما يتعلق بجمع المادة، ووضعها تحت فصول معروفة. ج- شكلية الرسالة: أما شكلية الرسالة، فإنها تخالف ما درج عليه البحث الحديث، لكون هذه الدراسة لم تتفق أبدا فى طبيعتها مع الشكلية الحديثة التى سار عليها بعض من اغتر بالباحثين المستشرقين، لأن همتهم كلها، أو غالبها مصروفة فى هذه الشكليات فقط، وأما العلم وحقائقه فليس عندهم غالبا، الا التحريف والزيغ، وقلب الحقائق العلمية الثابتة التى سار عليها المحدثون الاولون، كما رأيت من صنيع المستشرق جوزيف هوروفتس وأنا لا أنكر فضل هذه الشكليات التى سار عليها هؤلاء، الا أنها أشياء ثانوية، ولذا سرت فى تحقيق هذه الغزوة كما سار عليه الشيخ المحدث أحمد محمد شاكر رحمه اللَّه تعالى

فى تحقيقه على تفسير ابن جرير الطبرى (¬1) وهو أنى وضعت الحديث أو الأثر فى صلب الرسالة، والتحقيق فى أسفلها فى الهامش، وقد يزيد التحقيق عن الأصل، لانه قد توجد هناك ملابسات خطيرة، أو أوهام وقعت فى بعض رجال الاسناد، أو سقط فى بعض الأسماء، ثم آراء المحدثين المختلفة فى بعض رجال الاسناد، ونحو ذلك، ثم تخرج الحديث الذى يشمل الكتب الستة، وغيرها، لذا أعتذر الى من يخفى عليه هذه الظاهرة، فيوجه الى النقد متسرعا غير مبال لما أشرت إليه آنفا من حيث كثرة الهوامش أو التطويل فيها، مع أن الصلب قد يكون عدة أسطر. د- التحقيق: أما التحقيق الذى اخترته، فهو عبارة عن نقد رجال الاسناد، من أوله من ينتهى اليه الاسناد، دون الصحابة، وذلك ان لم يكن الحديث قد أخرجه الشيخان أو أحدهما فقط، وفى مثل هذه الحالة لا حاجة لى فى نقد الرجال، ولو للتعليم تأدبا معهما رحمهما اللَّه تعالى، فإنهما قد جازا القنطرة، كما يقولون. الا فى حالة واحدة، وهى إذا كان الحديث روى عند البخاري رحمه اللَّه تعالى معلقا فقط، أو روى عند مسلم فى المتابعات والشواهد فسأبحث عن رجال الاسناد، وسأذكر موضع التعليق فى كتب أخرى، ¬

_ (¬1) طبع فى سبعة عشر مجلدا الى سورة الحجر فيما أظن الطبعة الأولى بمصر الناشر دار المعارف بمصر.

وللحافظ ابن حجر رحمه اللَّه فى تعاليق البخارى كتاب حافل عظيم سماه تغليق التعليق (¬1) وأما إذا كان الحديث روى عند الإمام أحمد فى مسنده مثلا وعند غيره من الأئمة، وقد أخرجه الشيخان أيضا، ففى مثل هذه الحالة أنا مختار فى أن أبحث عن رجال الإمام أحمد وغيره أو لا أبحث، ولا أقصد حينئذ صحة الحديث، بل هناك أمور كثيرة، منها التمرن على حفظ تراجم رجال الحديث، ومعرفة كتب تراجم الحديث، والتطبيق العملى لما درس فى مصطلح الحديث. وزد على ذلك أن الاسناد قد يكون ضعيفا عند الإمام أحمد وغيره مع أن الحديث مروى عند الشيخين باسانيدهما الصحيحة. وهذه هى الفائدة عن بحث رجال الاسناد، بعد تخريج الحديث، أما إذا كان الحديث لم يرو فى الصحيحين أو فى أحدهما مطلقا. فهنا الزم نفسى على نقد رجال الاسناد، والبحث عنهم، ثم الحكم على الحديث أما صحة أو ضعفا أو نحو ذلك، حسب ما ظهر عن الدراسة النقدية، وأحيانا لا أبحث عن رجال الاسناد اطلاقا فى حديث ما. فأفهم فى مثل هذه الحالة أن رجال الاسناد كلهم ثقات، أو يحتج بحديثهم وقد مر ذكرهم فى الاسانيد السابقة. وفى ذكر رجال الاسناد فوائد عظيمة نافعة خصوصا إذا كان طالب العلم حديث العهد بهذه الدراسة، لانه قد يخطئ فى تعيين بعض رجال ¬

_ (¬1) هو موجود بمكتبة الحرم المكى فى مجلد واحد، وللعبد الفقير فى وصفه مقالة متواضعة نشرتها جريدة الندوة بعددها الصادر 3517 فى 20/ 4/ 1391 هـ وفى عدد 22/ 4/ 1391 هـ.

فوائد التخرج

الاسناد، والتمييز بينهم فإذا ذكرهم فقد بزلت ذمته الى حد بعيد، لانه لا يبلغ الدرجة العلمية الكافية التى تمكنه من الحكم على صحة الحديث أو ضعفه بمجرد قوله: هذا حديث صحيح أو حسن، أو نحو ذلك، وأما إذا وضع رجال الاسناد أمام أهل العلم فى بحثه، ثم حكم حسب هذه الدراسة الحاضرة على اسناد معين بالصحة أو الضعف فهذا أسلم له ولدينه، وعلمه فإذا كان مخطئا فى نفس الأمر فى عدم معرفة الرجال أو خلط بين اسمائهم فحينئذ قد يوجه اليه النقد الذى يوجهه الى صوابه، إن شاء اللَّه تعالى. ثم يوضع التخرج الذى سبقت دراسته قبل نقد الرجال. فوائد التخرج أما فوائد هذا النوع من الدراسة، فلا يخفى عليك، ان فى تخرج الحديث لفوائد عظيمة نافعة، لا يمكن استيعابها فى هذه المقدمة الموجزة إلا أنى أذكر لكم بعضا منها على سبيل المثال: أ- معرفة طرق الحديث المتعددة التى يمكن أن تكون كلها صحيحة فى حالة ما فيحكم على الحديث المروى عن هذه الطرق حينئذ بالتواتر، أو بالشهرة أو نحو ذلك، أو تكون بعض طرقها صحيحة، وبعضها ضعيفة فحينئذ تكون هذه الطرق كلها، أو بعضها فى اعتبار المحدث، فلا يمكن أن يحكم على الحديث الا فى ضوئها، وهذا من أكبر الفوائد.

ثمرة الرسالة

ب- ومنها معرفة الزوائد، واختلاف الالفاظ مثلا، ومعرفة الزيادة فى متصل الاسانيد فإذا عرفت هذا فاعلم أنى، قد اخترت للتخرج منهاجا خاصا، وهو إذا كان الحديث قد أخرجه البخاري فى مواضع عديدة من جامعه الصحيح، كما هى عادته رحمه اللَّه تعالى وتفننه معروف مشهور فى رواية الحديث الواحد، وتقطعه وايراده تحت أبواب فقهية معروفة بأسانيده المختلفة. فإنى إذا وجدت الحديث عنده رحمه اللَّه تعالى بهذه المثابة فسأذكر مواضع الحديث التى ورد فيها عنده رحمه اللَّه تعالى، ثم سأذكر التخرج عن بقية أمهات الكتب الستة ورد فيها عندهم رحمهم اللَّه تعالى، ثم سأذكر التخرج عن بقية أمهات الكتب الستة وغيرهم. ثم أذكر تخرج الحديث من كتب المغازى والسير والتفسير مما يعتنى أصحابها بالاسناد، وبعد انتهاء التخرج، قد أذكر مواضع الحديث فى كتب أخرى فى موضع الاستدلال، وقد لا أذكر، وذلك متروك للحالة التى أعيشها، فهذا هو مخطط السير فى منهج البحث بالاختصار وقد يكون هناك بعض التعديل فى بعض المواضع، عن هذا المخطط، الا أنه نادر، والنادر لا حكم له. ثمرة الرسالة أما الثمرة التى تقدمها هذه الرسالة المتواضعة فإنها ثمرة ذات جوانب عديدة:

أ- منها ما تتعلق بصورة العلم الرائعة التى اطلعت عليها، خلال دراستى هذه فوجدت، ان العلم الذى أصبح الآن لدى كثير من شباب المسلمين، سوقا تجاريا يباع فيه، ويشترى، ويكسب رواءه مكاسب مادية عظيمة، وشهرة عالية رفيعة، وجاها مرموقا لدى مجموعة طيبة ثرية فى المجتمع، فلا أثر له حينئذ الا ما كان من هذا القبيل -الا ما شاء اللَّه تعالى. أما صورة العلم التى تلمع فى الصادر التى اطلعت عليها خلال هذه الدراسة، خصوصا فى رجال الحديث، فإنها أورع صورة مثالية، جعلتنى بحمد اللَّه تعالى -انظر الى هذا العلم بنظرة أخرى غير ما كنت أراه قبل بدء الدراسة، أراه الآن اخطر مسئولية يحملها المسلم امام ربه جل وعلا، ولذا لا اطمع كثيرا فى حمل هذه الشهادة، خوفا من عدم قدرتى لاداء هذه الامانة العلمية كما أراده اللَّه تعالى منى، ومن كل مسلم. وهذه أكبر ثمرة تقدمها الرسالة بالنسبة لشخصيتى الحقيرة. ب- ومنها ما تتعلق بالكشف عن جملة أحاديث متنوعة الاسانيد لغزوة تبوك منها ما هي صحيحة ومنها ما هي حسنة، ومنها، ما هي ضعيفة، ومنها ما هي موضوعة مكذوبة على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وغير ذلك كما ستراها فى مواضعها من هذه الرسالة. جـ- الاطلاع على بعض المخطوطات النادرة فى الحديث، ورجاله كما ستشاهدها فى جريدة المصادر والمراجع، وكذا المطبوعة منها، باقسامها المتنوعة.

د- بعض الاطلاع على نفسيات المحدثين خلال تجريحهم، وتعديلهم لراوٍ ما من رواة الحديث، ويظهر ذلك جليا فى أسلوبهم التعديلى والتجريبى وخلال دراسة تراجمهم المختلفة. هـ- التمرن على التطبيق العملى فى هذه الدراسة المتواضعة لما درس نظريا من قواعد اصول الحديث، وحفظ بعض تراجم رجال الحديث. و- الولع المستمر الذى جعلنى لا أصبر عن التزود بالعلم والمعرفة، حتى عزمت على أنى ساقف على هذه الثغرة الاسلامية المفتوحة التى يوجه منها السهام المسمومة الى رسالة الاسلام، مدافعا عن حوضة الدين، ورسالة السماء الاخيرة، واكشف عما وضعه المستشرقون ومن قبلهم من الملاحدة من مناهج موبوءة، ومبادئ دراسية استشراقية، ولم تكن هي الا مظاهر خلابة يكمن فى طياتها عداء سافر للاسلام والمسلمين. * * *

رموز الرسالة

رموز الرسالة أما رموز مصادر الرسالة فإنى لم أضعها لكثرة المصادر، والمراجع لانه يتحم عليّ بوضع الرموز الشاملة لجميع الكتب المستعملة، وهذا قد يؤدى الى الارتباك فى الرجوع الى المصادر، وهذا واقع كثيرا ومجرب ولذا انصرفت عن هذا العمل الى ذكر اسم المصدر كاملا فى الهامش. وأما رموز رجال الاسناد فهذا مما هو أهون على الجميع معرفته ولذا اخترت الرموز التى اختارها الحافظ ابن حجر لكتابه تقريب التهذيب وهي كالاتى. فللبخارى فى صحيحه -خ- فإن كان حديثه عنده معلقا "خت" وللبخارى فى الادب المفرد (بخ) وفى خلق افعال العباد "عخ" وفى جزء القراءة "ز" وفى رفع اليدين "ى" ولمسلم "م" لأبى داود "د" وفى المراسيل له "مد" وفى فضائل الانصار "صد" وفى الناسخ "خد" وفى القدر "قد" وفى التفرد "ف" وفى المراسيل "ل" وفى مسند مالك "كد" وللترمذى "ت" وفى الشمائل له "تم" وللنسائى "س" وفى مسند على له "عم" وفى مسند مالك "كن" ولابن ماجه "ق" ونما التفسير له "فق". فإذا كان الرجل من رجال الكتب الستة فأرمز له "ع" وإذا كان من رجال السنن الأربعة فالرمز له "عم".

الإعتذار

الإِعتذار وأخيرا اعتذر إلى الجميع عما وقع منى من السهو والخطأ والزلل اثناء سبك هذه المعلومات فى هذه الفصول التى لم ترتب ولم تنظم بحيث أن تكون رسالة جمعت جميع مقومات النجاح والتفوق، إنما هي جهد مقل وعمل متواضع موجز وانموذج -قد يكون صالحا إن شاء اللَّه تعالى- لدراسة السيرة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام فإن وفقت فيها فهو من عند اللَّه عز وجل وتوفيقه وسداده اياي، وإن كان غير ذلك فهو منى ومن نفسى {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} (¬1). والله عز وجل أسأله أن يتقبل منى هذا العمل القليل الموجز، ويجعله خالصا لوجهه الكريم، ويعفو عنى ما صدر منى من الخطأ، والتقصير، ويلهمنى الرشد والصواب فى المستقبل، وينفع به اخوانى المسلمين إنه سميع مجيب وبالاجابة جدير. وصلى اللَّه وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. عبد القادر حبيب اللَّه بن كورو السندى مكة المكرمة 3/ 3/ 1392 هـ ¬

_ (¬1) سورة يوسف رقم الآية (53).

الفصل الأول فى وجه تسمية الغزوة باسم تبوك

الفصل الأول فى وجه تسمية الغزوة باسم تبوك قال الإِمام مسلم فى صحيحه: حدثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن الدارمى، حدثنا أبو علي الحنفى، حدثنا مالك، (وهو ابن أنس) عن أبى الزبير المكى، أن أبا الطفيل عامر بن واثلة أخبره، أن معاذ بن جبل، أخبره، قال: خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، عام غزوة تبوك. فكان يجمع الصلاة، فصلى الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا حتى إذا كان يوما أخر الصلاة، ثم خرج، فصلى الظهر والعصر جميعا، ثم دخل، ثم خرج بعد ذلك، فصلى المغرب والعشاء جميعا، ثم قال: "انكم ستأتون غدا إن شاء اللَّه عين تبوك، وانكم لن تأتوها، حتى يضحى النهار، فمن جاءها منكم، فلا يمس من مائها شيئا حتى آتى" فجئناها، وقد سبقنا اليها رجلان، والعين مثل الشراك تبض بشئ من ماء، قال: فسألهما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هل مستما من مائها شيئا؟ " قالا: نعم، فسبهما النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال لهما ما شاء اللَّه أن يقول قال: ثم غرفوا بأيديهم من العين، قليلا قليلا، حتى اجتمع فى شئ قال: وغسل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيه يديه ووجهه، ثم أعاد فيها فجرت العين بماء منهمر، أو قال: غزيرا -شك أبو علي-

أيهما قال: حتى استسقى الناس، ثم قال: "يوشك يا معاذ، ان طالت بك حياة أن ترى هاهنا قد ملئ جنانا" (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم كتاب الفضائل (60 - 61/ 7). قلت: وجه الدلالة على وجه تسمية الغزوة معروف من ورود (كلمة عين تبوك) فى الحديث. والحديث أخرجه مالك فى موطأه (247/ 2). والإمام أحمد فى مسنده (237 - 238/ 5) -وابن حبان فى صحيحه (145/ 1). قال الحافظ فى الفتح (84/ 8): وتبوك، المشهور فيها عدم الصرف للتأنيث، والعلمية، ومن صرفها، أراد الموضع، ووقعت تسمتها بذلك فى الأحاديث الصحيحة، منها حديث مسلم انكم ستأتون غدا عين تبوك. وكذا أخرجه أحمد، والبزار، من حديث حذيفة. وقيل: سميت بذلك: لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- للرجلين اللذين سبقاه، الى العين، مازلتما تبوكونها، منذ اليوم، قال ابن قتيبة: فبذلك سميت تبوك، والبوك كالحفر انتهى. قلت: ابن قتيبة هذا هو عبد اللَّه بن مسلم بن قتيبة أبو محمد صاحب التصانيف صدوق قليل الرواية، قال الخطيب فى تاريخه (170/ 10): كان شقة دينا فاضلا، وقال الحاكم: أجمعت الأمة، على أن القتيبى كذاب، قال الذهبي فى الميزان (503/ 2) رادا على الحاكم على زعمه: هذه مجازفة قبيحة، وكلام من لم يخف اللَّه، ثم قال الذهبى: ورأيت فى مرآة الزمان، أن الدارقطنى قال: كان ابن قتيبة يميل الى التشبيه، منحرف عن العترة، وكلامه يدل عليه وقال البيهقى: كان يرى رأى الكرامية، وقال ابن المنادى: مات فى رجب سنة 276 هـ. من هريسة سخنة، فأهلكته. انظر لسان الميزان (357 - 359/ 3) وكتاب العلو للذهبي 145 - 146 قال القرطبي فى تفسيره (280/ 8): انما قيل لها: غزوة تبوك لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى قوما من أصحابه، يبوكون حسي تبوك، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = أى يدخلون فيه القدح، ويحركونه ليخرج الماء. فقال مازلتم تبوكونها بوكا، فسميت تلك الغزوة غزوة تبوك قاله الجوهرى. انتهى كلامه. قلت: الجوهرى هذا هو إسماعيل بن حماد الجوهرى ترجم له الحافظ ابن حجر فى لسان الميزان (400/ 2). وقد ذكر الجوهرى هذا الحديث فى كتابه الصحاح ونسبه الى ابن قتيبة انظر الصحاح (1576/ 4). بتحقيق أحمد عبد الغفور عطار. والروض للسهيلى (316/ 2). وغريب الحديث والأثر لابن الأثير (162/ 1). ومعجم البلدان لياقوت الحموى (14 - 15/ 2). ذكر الحديث الفيرورآبادى فى المغانم المطالبة فى معالم الطابة 73/. قال الشيخ أبو عبيد عبد اللَّه بن عبد العزيز البكرى الاندلسى المتوفى سنة 487 هـ فى كتابه معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع: (303/ 1) تبوك، بفتح التاء، وهى أقصى أثر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهى أدنى أرض الشام، وذكر القتيبى: قلت: هو عبد اللَّه بن مسلم بن قتيبة، من رواية موسى بن شيبة، عن محمد بن كليب، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جاء غزوة تبوك، وهم يبوكون حسيها بقدح، فقال: مازلتم تبوكونها بعد، فسميت تبوك ومعنى تبوكون، تدخلون فيه السهم الخ. . قلت: لم أجد هذا الحديث فى كتب الموضوعات لابن الجوزى، والسيوطى، والسخاوى، وعلى القارى، والاحاديث الضعيفة. للشيخ محمد ناصر الدين الألبانى. وتنزيه الشريعة لابن العراق. وأما اسناده الذى أشار إليه البكرى فليس كاملا فيما علمت، لان البخارى رحمه اللَّه تعالى قد أشار الى هذا الاسناد بقوله فى التاريخ الكبير (219/ 1/ 1) محمد بن كليب، هو ابن جابر بن عبد اللَّه مدينى، عن محمود ومحمد ابنى جابر قاله لنا أحمد بن الحجاج، عن موسى بن شيبة، وقال البخاري: حدثنى ابن عبادة، حدثنا يعقوب، حدثنا موسى بن شيبة، عن محمد بن كليب عن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = محمد بن جابر قال: انتقضت قريظة، وعن موسى بن شيبة عن محمود بن كليب عن محمود بن جابر، خرج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الى حمراء الاسد، قال أبو عبد اللَّه: فلا أدرى هذا أخوه أم لا، قلت: يظهر من كلام البخارى رحمه اللَّه تعالى أن محمود بن جابر هذا لم يسمع من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وليس له صحبة، وكما أن الحافظ بن عبد البر وابن الاثير وابن حجر لم يذكروه فى كتبهم التى كتبوها فى الصحابة. فبناءًا على هذا الأمر فالاسناد أما مرسل وأما معضل وأما منقطع، واللَّه تعالى أعلم. وأما موسى بن شيبة فهو موسى بن شيبة بن شيبة أو ابن أبى شيبة، مجهول، وله مراسيل من السادسة/ مد انظر التقريب 28/ 2). قلت: لو صح هذا الحديث باسناد جيد الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعنى حديث ابن قتيبة. لم يكن حجة فى وجه التسمية، لانه قد صح عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما أخرجه مسلم، وأحمد، ومالك فى موطأه والذى سبق تخريجه، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: إنكم ستأتون غدا إن شاء اللَّه تعالى عين تبوك وإنكم لن تأتوها حتى يضحى النهار، الحديث. . . فهذا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سماها تبوك قبل أن يأتيها أحد فلا وجه لقول ابن قتيبة فى تسمية الغزوة بتبوك، بناء على هذا الحديث. انظر بلوغ الارب فى مآثر العرب ص 255. وحديث معاذ بن جبل -رضي اللَّه عنه- أورده الإمام ابن القيم فى زاد المعاد (10/ 3) والحافظ ابن كثير فى البداية والنهاية (12/ 5) وابن هشان فى سيرته (170 - 171/ 4). والواقدى فى مغازله (1012/ 3) وابن عساكر فى تاريخه (416 - 417/ 1) وأبو نعيم فى دلائل النبوة 455 - 456. والهيثمى فى موار الظمآن فى زوائد ابن حبان ص 145 وابن قتية فى المعارف: (165/ 1) وصاحب كنز العمال (373/ 6). انظر أحكام القرآن للقاضى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = أبى بكر العربى (942/ 2) وتفسير الطبرسى (44/ 10) والخازن (292/ 2) وانظر القاموس المحيط لفيروزآبادى (306/ 3). ومبارك الازهار شرح مشارق الانوار (266/ 1). والمصباح للرافعى (74/ 1). وصحيح الاخبار عما فى بلاد العرب من الآثار (42/ 4). تجريد التمهيد لابن عبد البر (156 - 157). خلاصة الوفاء ص 264 وتتمة المختصر بأخبار البشر (105/ 1) تهذيب اللغة للأزهرى (405/ 10). وجمهرة نسب قريش ص 27 فى التعليق ورحلة ابن بطوطة ص 111، الفايق فى غريب الحديث (87/ 1)، مناهل الصفا فى تخرج أحاديث الشفا للسيوطى ص 38 انظر بلوغ الارب فى معرفة أحوال العرب للألوسى (195/ 1)، والنجم الثاقب فى أشرف المناقب ص 22.

الفصل الثانى فى وجه تسمية الغزوة بالعسرة

الفصل الثانى فى وجه تسمية الغزوة بالعسرة قال البخاري باب غزوة تبوك، وهى العسرة: حدثنى محمد بن العلاء، حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد اللَّه بن أبى بردة، عن أبى بردة، عن أبى موسى رضي اللَّه تعالى عنه قال: أرسلنى أصحابى الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أسأله الحملان لهم، إذ هم معه فى جيش العسرة، وهى غزوة تبوك، فقلت يا نبي اللَّه: إن أصحابى أرسلونى اليك لتحملهم، فقال: واللَّه لا أحملكم على شئ، ووافقته وهو غضبان ولا أشعر، ورجعت حزينا من منع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومن مخافة أن يكون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وجده فى نفسه عليّ، فرجعت الى أصحابى، فأخبرتهم الذى قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلم ألبث الا سويعة، إذ سمعت بلالا ينادى: أى عبد اللَّه بن قيس، فأجبته. فقال: أجب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يدعوك، فلما أتيته قال: خذ هذين القرينين (¬1) وهذين القرينين لستة أبعرة أتباعهن حينئذ من سعد، فانطلق بهن الى أصحابك، فقال: ان اللَّه، أو قال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يحملكم ¬

_ (¬1) القرينين المراد منه، الجملين المشدودين احدهما الى الآخر. وقيل النظيرين المتساووين قاله الحافظ فى الفتح (85/ 8).

على هؤلاء فاركبوهن، فانطلقت اليهم بهن، فقلت: ان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يحملكم على هؤلاء، ولكنى واللَّه لا أدعكم حتى ينطلق معى بعضكم الى من سمع مقالة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لا تظنوا أنى حدثتكم شيئا لم يقله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالوا: انك عندنا لمصدق، ولنفعلن ما أحببت، فانطلق أبو موسى بنفر منهم حتى أتوا الذين سمعوا قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومنعه أياهم ثم أعطاهم بعد، فحدثوهم مثل ما حدثهم به أبو موسى (¬1). قال مسلم فى صحيحه: حدثنا أبو بكر بن النضر بن أبى النضر، قال: حدثنى أبو النضر هاشم بن القاسم، قال: حدثنا عبد اللَّه الاشجعى، ¬

_ (¬1) البخارى (3/ 6) كتاب المغازى. قلت: هذا الحديث أخرجه البخارى فى عدة مواضع، منها فى كتاب التوحيد (129/ 9) وفى كتاب الكفارات (123/ 8) و (124/ 8). وكتاب الذبائح والصيد (82/ 7). وفى كتاب الخمس (71/ 4). وغير ذلك من المواضع أخرجه أيضا فى كتاب الأيمان (108/ 8) وأخرجه مسلم فى كتاب الأيمان أيضا (82/ 5) والإمام أحمد فى مسنده (221/ 4). والنسائى فى كتاب الأيمان (9/ 3) تحت باب الكفارة قبل الحنث. وابن ماجه فى الكفارات (681/ 1). انظر فتح البارى (84/ 8). فإن الحافظ استوعب الموضوع فى وجه التسمية. قلت: فالرواية هذه واضحة الدلالة على ما كان عليه الصحابة رضي اللَّه عنهم من ضيق شديد فى كل شئ.

عن مالك بن مغول، عن طلحة بن مصرف، عن أبى صالح، عن أبى هريرة قال: كنا مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فى سير، قال: فنفدت ازواد القوم، قال: حتى همّ بنحر بعض حمائلهم، قال: فقال عمر: يا رسول اللَّه: لو جمعت ما بقي من أزواد القوم فدعوت اللَّه عليها، قال: ففعل، قال فجاء ذو البر ببره، وذو التمر بتمره، قال: وقال مجاهد: وذو النواة بنواه، قلت: وما كانوا يصنعون بالنوى، قال: كانوا يمصونه، ويشربون عليه الماء، قال: فدعا عليها، قال: حتى ملأ القوم أزودتهم، قال: فقال عند ذلك: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأنى رسول اللَّه. لا يلقى بهما عبد غير شاك فيهما الا دخل الجنة (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم (41 - 42/ 1) والبداية والنهاية لابن كثير (9 - 10/ 5) قلت: قال النووى فى شرحه على مسلم (221 - 223/ 1): وفى الرواية الأخرى عن الأعمش، عن أبى صالح عن أبى هريرة، أو عن أبى سعيد، شك الأعمش، قال: لما كان يوم غزوة تبوك الحديث .. هذان الاسنادان مما استدركه الدارقطنى، وعلله، فأما الأول. فعلله من جهة أن أبا سلمة وغيره، خالفوا عبيد اللَّه الأشجعى فرووه عن مالك بن مغول، عن طلحة من أبى صالح مرسلا. وأما الثانى فعلله، لكونه اختلف فيه عن الأعمش -فقيل فيه: أيضا عنه عن أبى صالح. عن جابر، وكان الأعمش يشك فيه. قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه اللَّه تعالى: هذان الاستدراكان من الدارقطنى مع أكثر استدراكاته على البخارى ومسلم لا قدح فى اسانيدهما، غير مخرج لمتون الاحاديث من حيز الصحة، وقد ذكر فى هذا الحديث: أبو مسعود ابراهيم ابن محمد الدمشقى الحافظ. فيما أجاب الدارقطنى عن استدراكاته على مسلم رحمه اللَّه: أن الأشجعى ثقة، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = مجود فإذا جود ما قصر فيه غيره حكم له به. ومع ذلك فالحديث له أصل ثابت، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. برواية الأعمش له مسندا، وبرواية يزيد بن أبى عبيد، وأياس بن سلمة بن الأكوع عن سلمة. قال الشيخ أبو مسعود: رواه البخارى عن سلمة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وأما شك الأعمش فهو غير قادح، فى متن الحديث، فإنه شك فى عين الصحابى الراوى له، وذلك غير قادح، لان الصحابة رضي اللَّه تعالى عنهم كلهم عدول، هذا آخر كلام الشيخ أبى عمرو رحمه اللَّه تعالى. قال الامام النووى: قلت: وهذان الاستدراكان لا يستقيم واحد مهما. أما الأول، فلأنا قدمنا سابقا أن الحديث الذى رواه بعض الثقات موصولا وبعضهم مرسلا، فالصحيح الذى قاله الفقهاء وأصحاب الحديث: أن الحكم لرواية الوصل، سواء كان راويها أقل عددا من رواية الارسال، أو مساويا، لانها زيادة. قلت: وزيادة الثقة مقبولة. وهو موجود هنا كما قاله الحافظ أبو مسعود الدمشقى، جود وحفظ فإن قصر فيه غيره، وأما الثانى فلأنهم قالوا: إذا قال الراوى: حدثنى فلان أو فلان وهما ثقتان احتج به بلا خلاف. لان المقصود من الرواية عن ثقة مسمى، وقد حصل، وهذه قاعدة ذكرها الخطيب البغدادى فى الكفاية. انتهى كلام النووى. قلت: رجال الاسناد الذى دار عليهم الكلام كلهم ثقات أما عبيد اللَّه الأشجعى فهو عبيد اللَّه بن عبد الرحمن الاشجعى، أبو عبد الرحمن، الكوفى، ثقة، مأمون اثبت الناس كتابا فى الثورى، من كبار التاسعة، مات 182/ خ م ت س ق انظر التقريب (536/ 1) وأما مالك بن مغول فهو مالك بن مِغْوَل، بكسر أوله وسكون المعجمة، وفتح الواو الكوفى، أبو عبد اللَّه، ثقة، ثبت، من كبار السابعة، مات 159 على الصحيح/ انظر التقريب (226/ 2) وأما طلحة فهو طلحة بن مُصرف بضم أوله، فكسر مع التشديد، ابن عمرو بن كعب اليامى: بالتحتانية الكوفى، ثقة، قارئ، فافضل من الخامسة، مات 112 وبعدها/ انظر التقريب (379 - 380/ 1). وقال: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأما أبو صالح فهو ذكوان، أبو صالح، السمان الزيات المدنى، ثقة، ثبت، وكان يجلب الزيت الى الكوفة، من الثالثة، مات 101/ع التقرب (238/ 1). أما كلام الامام النووى الذى يتعلق بزيادة الثقة والذى أحاله أبى الخطيب فهو موجود فى الكفاية فى علم الرواية للخطيب البغدادى ص 424 - 475. وأما اشارة أبى مسعود إبراهيم بن محمد الدمشقى الحافظ الى حديث أخرجه البخارى عن سلمة بن الأكوع عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلت هو حديث أخرجه البخارى فى كتاب الشركة (120/ 3) عن سلمة بن الأكوع، وأما قول النووى: وفى الرواية الأخرى عن الأعمش الخ. . . فهى رواية أخرجها مسلم أيضا إذ يقول رحمه اللَّه تعالى: حدثنا سهل بن عمان، وأبو كريب محمد بن العلاء، جميعا عن أبى معاوية، قال: أبو كريب: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبى صالح، عن أبى هريرة، أو عن أبى سعيد، شك الأعمش، قال: لما كان غزوة تبوك، أصاب الناس مجاعة قالوا: يا رسول اللَّه: لو أذنت لنا، فنحرنا نواضحنا، فأكلنا وأدهنا فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: افعلوا قال: فجاء عمر فقال: يا رسول اللَّه: إن فعلت قل الظهر، ولكن أدعهم بفضل ازوادهم، ثم أدع اللَّه لهم عليها بالبركة، لعل اللَّه أن يجعل فى ذلك فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: نعم، قال: فدعا بنطح فبسطه، ثم دعا بفضل ازوادهم، قال: فجعل الرجل يجئ بكف ذرة، قال: ويجئ الآخر بكف تمر قال: ويجئ الآخر بكسرة، حتى اجتمع على النطع من ذلك شئ يسير، قال: فدعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالبركة، ثم قال: خذوا فى أوعيتكم، قال: فأخذوا فى أوعيتهم حتى ما تركوا فى المعسكر وعاء إلا ملئوه. قال: فأكلوا حتى شبعوا، وفضلت فضلة، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأنى رسول اللَّه لا يلقى اللَّه بهما عبد غير شاك فيحجب عن الجنة. انظر مسلما (26 - 27/ 1) والحديث بهذا السياق أخرجه أحمد في سنده (11/ 3) وأورده القرطبى فى تفسيره (279/ 8) =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقال: وقال ابن عرفة: سمى جيش تبوك جيش العسرة، لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ندب الناس، الى الغزوة فى حمارة، القيظ، فغلظ عليهم، وعسر، وكان ابان ابتياع الثمرة. وانما ضرب المثل بجيش العسرة، لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يغز قبله فى عدد مثله انتهى كلامه. قلت: وجه التسمية لهذه الغزوة بالعسرة، وجه معلوم، وأمر مبين، من هذه النصوص وما يخفى عليك ما جاء فى حديث كعب بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه الطويل، والذى أخرجه الشيخان وغيرهما. وفيه من الالفاظ التى تدل على الحالة العسرة التى وقعت فيها هذه الغزوة. أما قول القرطبى قال ابن عرفة الخ. . . فقلت: ابن عرفة هو الحسن بن عرفة بن يزيد العبدى أبو علي البغدادى، صدوق من العاشرة مات سنة 257 هـ ت - ن ق انظر التقرب (168/ 1). قلت: وله جزء لى الحديث ذكره الكتانى فى الرسالة المستطرفة ص 87. وصاحب معجم المؤلفين (245/ 1) وصاحب كشف الظنون (583/ 1) انظر التجريد الصريح للزبيدى (92 - 97/ 2) انظر الاحسان فى تقريب صحيح ابن حبان (151/ 1).

قال أبو جعفر: حدثنى يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنى عمرو بن الحارث (¬1) عن سعيد (¬2) بن أبى هلال، عن عتبة بن أبى عتبة (¬3)، عن نافع بن جبير بن مطعم (¬4)، عن عبد اللَّه بن عباس: أنه قيل لعمر بن الخطاب رحمة اللَّه عليه: حدثنا عن شأن العسرة، فقال: (خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الى تبوك فى قيظ شديد، فنزلنا منزلا أصابنا فيه عطش، حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع، حتى أن كان الرجل ليذهب يلتمس الماء، فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع، حتى أن الرجل لينحر بعيره، فيعصر فرثه فيشربه، ويجعل ما بقى على كبده، فقال ¬

_ (¬1) عمرو بن الحارث، هو عمرو بن الحارث بن يعقوب الانصارى مولاهم، المصرى، أبو أيوب ثقة فقيه حافظ من السابعة، مات قديما، قبل الخمسين ومائة/ ع انظر التقريب (67/ 2). (¬2) أما سعيد بن أبى هلال فهو سعيد بن أبى هلال الليثى مولاهم، أبو العلاء المصرى قيل: مدنى الأصل، وقال ابن يونس: بل نشأ بها، صدوق، لم أر لابن حزم فى تضعيفه سلفا، الا أن حكى عن أحمد أنه اختلط، من السادسة، مات بعد الثلاثين ومائة، وقيل: قبلها، وقيل: قبل الخمسين ومائة/ ع انظر التقريب (307/ 1). (¬3) أما عتبة فهو عتبة بن مسلم المدنى، وهو ابن أبى عتبة، التيمى مولاهم، ثقة، من السادسة/ خ م س. ق انظر التقريب (5/ 2). (¬4) أما نافع بن جبير فهو نافع بن جبير بن مطعم النوفلى، أبو أحمد، أو أبو عبد اللَّه، المدنى، ثقة فاضل، من الثالثة، مات سنة 99/ ع انظر التقريب (295/ 2).

أبو بكر: يا رسول اللَّه إن اللَّه قد عودك فى الدعاء خيرا، فادع لنا، قال: أو تحب ذلك؟ قال: نعم، فرفع يديه، فلم يرجعهما حتى مالت السماء فأطلت، ثم سكبت، فملئوا ما معهم، ثم رجعنا ننظر فلم نجدها جاوزت المعسكر (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير بن جرير الطبرى (541/ 14) قال الحاكم فى المستدرك (159/ 1) حدثنا أبو سعيد اسماعيل ابن أحمد الجرجانى، أنبا محمد بن الحسن العسقلانى، ثنا حرملة بن يحيى، انبأ ابن وهب، أخبرنى عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبى هلال، عن عتبة -وهو ابن أبى حكيم- عن نافع بن جبير عن عبد اللَّه بن عباس أنه قيل لعمر بن الخطاب ثم ذكر الحديث. قال العبد الفقير: ويتعجب من الحاكم رحمة اللَّه تعالى عليه إذ حكم على عتبة المذكور بانه ابن أبى حكيم، وهذا وهم ظاهر منه -رحمه اللَّه تعالى، بل هو عتبة بن مسلم لان عتبة بن أبى حكيم لم يعرف له سماع من نافع بن جبير، وقد ترجم له الحافظ فى التقريب وهو أيضا من الطبقة السادسة انظر التقريب (4/ 2)، والتهذيب (94/ 7). وتهذيب الكمال للمزى (903 - 904/ 4). فلم يثبتوا لهذا سماعا أو لقاء بيما أثبتوا لعتبة بن مسلم سماعا كثيرا. ومن هنا يتأكد تأكيدا بأن الحاكم رحمه اللَّه تعالى قد وهم. وان الشيخ ناصر الدين الالبانى الذى يعتبر اليوم نادرة فى هذا الفن قد اعتبر هذا وهما وقال ان هذا من أوهام الحاكم الكثيرة، قلت: ويتعجب من الامام الذهبي أيضا بأنه وافق الحاكم على هذا الوهم إذ قال: فى التلخيص (159/ 1): ابن وهب أنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبى هلال، عن عتبة بن أبى حكيم عن نافع بن جبير عن ابن عباس. . . ثم قال الذهبي: هذا الحديث على شرطهما. قلت: كيف يكون على شرطهما؟ ان سلمنا جدلا ان هذا هو عتبة بن أبى حكيم قال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الحافظ فى التقريب (5/ 2): فى ترجمته صدوق يخطئ كثيرًا من السادسة مات بصور مات بعد الأربعين ومائة رمز له بأنه من رجال البخارى فى أفعال العباد. نعم قد أخرج له البخارى انظر خلق أفعال العباد ص 31 و 43 وليس هو على شرطه فى الجامع الصحيح. قال الذهبى فى الميزان (28/ 3): عتبة بن أبى حكيم عن مكحول وغيره قال أبو حاتم: صالح وقال ابن معين: ضعيف وقال مرة ثقة، ولينه أحمد، وهو متوسط حسن الحديث. ثم يحكم عليه الامام الذهبي اخيرا بحد ما يسوق عدة روايات جاءت عن طريقة قلت: هذا بعيد من الصحة. قال النسائي: ليس بالقوى. وقال: مرة ضعيف. قال العبد الفقير: لم يكن الحديث الذى قيل أنه جاء عن طريقه عند الحاكم صحيحا. وقد ثبت من هذا كله وهم الحاكم والذهبي معا رحمهما اللَّه تعالى. وقد أورد الحديث الشيخ محمد الغزالى فى فقه السيرة ص 440 بتحقيق الشيخ ناصر الدين الألبانى قال الألبانى معلقا على هذا الاثر: ذكره ابن كثير فى التاريخ (4/ 9) من رواية عبد اللَّه بن وهب بسنده عن ابن عباس ثم قال: اسناده جيد وهو عندى غير جيد، لأنه من رواية عتبة بن أبى عتبة وقد ذكره الحافظ فى اللسان (4/ 129) وذكر ان العقيلى أورده فى الضعفاء ثم ساق له حديثين، ثم قال: لا يتابع عل الحديثين جميعا، نعم: قد أورد الحديث الهيثمى فى المجمع (6/ 194 - 195) ثم قال: رواه البزار والطبرانى فى الأوسط ورجال البزار ثقات، فإذا صح هذا، فالحديث حسن ان شاء اللَّه تعالى أو صحيح انتهى تعليق الشيخ ناصر. قلت: قال الحافظ فى اللسان (129/ 4): عتبة بن أبى عتبة القزاز له عن عكرمة لا يتابع عليه روى عن مالك بن الحسن وفى مالك نظر، قاله العقيلى ثم ساق الحديثين ثم قال فى نهاية الحديثين =

قال أبو جعفر: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فى سَاعَةِ الْعُسْرَةِ}. . الآية الذين اتبعوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك، قبل الشام فى لهبان الحر على ما يعلم اللَّه من الجهد أصابهم فيها جهد شديد، ¬

_ = لا يتابع عليهما جميعا انتهى كلامه. فيظهر من هذا أن هذا هو القزاز وهو منكر الحديث وهو غير معروف سماعه عن نافع بن جبير وذاك لم يرو عن مالك بن الحسن الذى قال فيه الحافظ: وفى مالك، نظر، وقد رجع شيخنا الشيخ ناصر الدين الألبانى عما قاله فى هذا التحقيق على فقه السيرة لمحمد الغزالى الى أنه عتبة بن مسلم انظر تحقيقه على صحيح ابن خزيمة رقم الحديث 101 والصفحة 52 - 53: لكن ابن أبى هلال كان اختلط بآخر انتهى. قلت: علل الحديث هنا فى صحيح ابن خزيمة بأنه روى عن طريق سعيد بن أبى هلال فى حال الاختلاط، وسكت، لم يأت الشيخ بالدليل الذى يمكن أن يكون قاطعا فى المسئلة. قال العبد الفقير: أظن ليس هذا مما درج عليه المحدثون من ترك حديثه فهذا إمام البخارى رحمه اللَّه تعالى قد أخرج له فى صحيحه جملة من الأحاديث فى الأصول وهو ثقة فقيه حافظ، ولم يكن اختلاطه قد بلغ إلى حد يمكن أن يترك حديثه فهذا شريك بن عبد اللَّه القاضى الذى اختلط وتغير عندما تولى القضاء. فاشهر أمره وشاع صيته ولم يكن أمر سعيد بن أبى هلال كهذا واللَّه تعالى أعلم.

حتى لقد ذكر لنا أن الرجلين، كان يشقان التمرة بينهما، وكان النفر يتناولون التمرة بينهم يمصها هذا، ثم يشرب عليها، ثم يمصها هذا، ثم يشرب عليها -فتاب اللَّه عليهم، وأقفلهم من غزوهم (¬1). قال أبو جعفر: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبى نجيح عن مجاهد, (فى ساعة العسرة) فى غزوة تبوك (¬2). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (55/ 11) قال السيوطى فى الدر المنثور (3/ 386): اخرج ابن المنذر، وابن أبى حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة ثم ذكر الحديث. انظر تفسير ابن كثير مع البغوى فإنه ذكر هذه الرواية (4/ 257). قلت: ان هذا الأثر مقطوع من كلام قتادة بن دعامة السدوسى وقد صح الإسناد اليه. انظر تفسير القاسمى (8/ 3286 - 3287). وفتح البيان للسيد صديق حسن خان (212 - 213/ 4). والبحر المحيط لأبي حيان (106 - 107/ 5) والكشاف للزمخشرى (570/ 1). وروح المعانى للألوسى (40 - 41/ 11). وزاد المسير لابن الجوزى (511 - 512/ 3). وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى (86 - 87/ 2). (¬2) تفسير ابن جرير الطبرى (55/ 11). قلت: هذا الأثر صحيح الإسناد الى مجاهد وهو أثر مقطوع، وأورده السيوطى فى الدر المنثور (286/ 3) والشوكانى فى فتح القدير (394/ 2) وابن كثير فى تفسيره (396/ 2) =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وابن الجوزى فى زاد المسير (511 - 512/ 3). انظر تفسير القرطبى (277 - 281/ 8). وقال الشيخ محمود شاكر فى تحقيقه على تفسير ابن جرير الطبرى (540/ 14). هذا الأثر شبيه بأثر عبد اللَّه بن محمد بن عقيل بن أبى طالب الهاشمى. قلت: أورده ابن جرير الطبرى فى تفسيره (55/ 11) إذ قال: حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن عبد اللَّه بن محمد ابن عقيل (فى قوله تعالى {فِي سَاعَةِ العُسْرَةِ} قال: خرجوا فى غزوة تبوك: الرجلان والثلاثة على بعير. وخرجوا فى حرٍ شديد وأصابهم يومئذ عطش شديد، فجعلوا ينحرون ابلهم، فيعصرون اكراشها، ويشربون ماءها، وكان ذلك، عسرة من الماء، وعسرة من الظهر، عسرة من النفقة. وقال الشيخ محمود (540/ 14): عبد اللَّه بن محمد بن عقيل بن أبى طالب الهاشمى منكر الحديث ليس بمتقن لحديثه، من جهة حفظه مضى برقم 487. قلت: قال الحافظ فى التقريب (448/ 2): صدوق فى حديثه لين، ويقال تغير آخرة من الرابعة مات بعد الأربعين ومائة / بخ د - ت ق. وأما قول الشيخ محمود بأنه منكر الحديث فإنه نقل عن محمد بن سعد صاحب الطبقات الكبرى انظر التهذيب (14/ 6). قال الحافظ فى تهذيب التهذيب 15/ 6: قال محمد بن إسماعيل وهو مقارب الحديث قال ابن عدى: روى عنه جماعة من المعروفين الثقات. وهو خير من ابن سمعان ويكتب حديثه، وقال الساجي: كان من أهل الصدق: قلت: هو ليس بمنكر الحديث إنما ضعيف ويتحمل ضعفه واللَّه تعالى أعلم. وقال الذهبي فى الميزان: حديثه فى مرتبة الحسن الميزان (485/ 2).

قال أبو جعفر: حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حجاج عن ابن جريج من مجاهد. (ساعة العسرة) قال: غزوة تبوك. العسرة: أصابهم جهد شديد حتى ان الرجلين ليشقان التمرة بينهما، وإنهم ليمصون التمرة الواحدة، ويشربون عليها الماء (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى 55/ 11 قلت: ان هذا الأثر مقطوع من كلام مجاهد مع ضعف إسناده لان سنيد داود المصيصى ضعيف وأورده السيوطى فى الدرر المنثور (286/ 3). وقد أخرجه ابن جرير الطبرى آثارًا أخرى بهذا المعنى ومنها قوله (55/ 11): حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبى نجيح عن مجاهد {الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} قال: غزوة تبوك. قلت: ابن وكيع ساقط الحديث وبقية رجاله ثقات. ثم قال: حدثنا زكريا بن عدى، عن ابن المبارك، عن معمر، عن عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، عن جابر {الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} قال عسرة الظهر، وعسرة الزاد، وعسرة الماء، قلت: رجال هذا الاسناد كلهم ثقات إلا عبد اللَّه بن محمد بن عقيل الهاشمى فإنه تكلم فيه من جهة حفظه -انظر السيوطى فى الدر (286/ 3) فإنه أشار التي هذا الأثر إذ قال: اخرج ابن جرير الطبرى، وابن المنذر، وابن مردويه، عن جابر ثم ذكر الحديث: وأما زكريا فقد قال الشيخ أحمد شاكر فى تحقيقه على تفسير ابن جرير الطبرى (362 - 363/ 2) هو زكريا بن عدى بن زريق التميمى الكوفى، ثقة جليل ورع قال ابن سعد: كان رجلًا صالحًا صدوقًا وهو مترجم فى التهذيب، وفى التاريخ الكبير (2/ 1 / 387)، الصغير 232/ وابن سعد (6/ 284) وابن أبى حاتم (1/ 2/ 600)، ووقع هنا =

قال أبو جعفر: حدثنى إسحاق بن زيادة العطار، قال: حدثنا يعقوب بن محمد قال: حدثنا عبد اللَّه بن وهب، قال: حدثنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبى هلال، عن نافع بن جبير عن ابن عباس قال: قيل: لعمر بن الخطاب رحمة اللَّه تعالى عليه، حدثنا عن شأن العسرة فقال: عمر: خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى تبوك ثم ذكر نحوه (¬1). ¬

_ = فى المطبوعة "أبو زكريا" وزيادة أبو خطأ من ناسخ أو طابع، قلت: ذكر الحافظ فى تهذيب التهذيب (332/ 3): قال ابن سعد توفى فى بغداد فى جماد الأولى سنة 211 هـ وكان رجلًا صالحا ثقة، صدوقًا كثير الحديث، وقال مطين، وإسماعيل بن أبى الحارث، مات سنة 212 هـ زاد إسماعيل وابن حبان: يوم الخميس ليومين مضيا من جمادى الآخرة قلت: وهم الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه اللَّه تعالى فى تعيينه هذا الرجل لانه يروى عنه أبو جعفر هنا فى تفسيره مباشرة ويقول حدثنا زكريا بن عدى ومن المعلوم أن أبا جعفر ولد فى 224 - وتوفي 310 هـ كيف تصح الرواية عنه فى مثل هذه الحالة وهذا وهم ولا شك، وليس هو زكريا ابن عدى وانما هو زكريا بن علي. ولم أجد لهذا الأخير ترجمة فى المراجع التى بين يدى واللَّه أعلم بالصواب. (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى ص (55 - 56/ 11). إسحاق بن زيادة العطار لم أجد له ترجمة فى المراجع التى بين يدى. وقال الشيخ محمود شاكر معلقا على هذا الأثر (542/ 14) الأثر 17430 إسحاق بن زيادة العطار شيخ الطبرى مضى برقم 14146، ولم نجد له ذكرا وقد مضى هناك إسحاق بن أياد العطار النصرى بغير تاء، فى زياد فى المطبوعة، والمخطوطة، وغير ممكن فصل القول فى ذلك ما لم نجد له ترجمة تهدى إلى الصواب انتهى، قلت: سبق تخريج هذا الحديث فلا حاجة لاعادته هنا مرة ثانية، وأما قول الشيخ محمود شاكر: لم نجد له ترجمة فقلت: لا حاجة كبيرة فى تحصيل ترجمة لأن الحديث قد صح =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = عدنا بطريق سابقة لو وجدت الترجمة مع توثيق فيها، لكان يونس بن عد الأعلى الذى هو شيخ الطبرى فى الإسناد الأول متابعا قويا وبذلك يقوى الخبر واللَّه تعالى أعلم بالصواب. أما يعقوب بن محمد، فهو يعقوب بن محمد بن عيسى بن عبد الملك بن حميد، ابن عبد الرحمن، ابن عوف: الزهرى المدني، نزيل بغداد، صدوق كثير الوهم، والرواية عن الضعفاء، من كبار العشرة، مات سنة 213 هـ/ خت - ق انظر التقريب (377/ 2). انظر اتحاف الخيرة بزوائد المسانيد العشرة للحافظ أبى بكر البوصيرى ص 11. * * *

الفصل الثالث فى سبب وقوع غزوة تبوك

الفصل الثالث فى سبب وقوع غزوة تبوك قال الحافظ نور الدين الهيثمي: باب غزوة تبوك: من عمران بن حصين، أنه شهد عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه، أيام غزوة تبوك فى جيش العسرة، فأمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالصدقة، القوة والتأسى، وكانت نصارى العرب، كتبت الى هرقل، أن هذا الرجل الذى خرج، ينتحل النبوة، قد هلك، أصابته سنون، فهلكت أموالهم، فإن كنت تريد أن تلحق دينك، فالآن، فبعث رجلا، من عظمائهما، يقال له الضناد، وجهز معه أربعين ألفا، فلما بلغ ذلك نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، كتب فى العرب، وكان يجلس، كل يوم، على المنبر، فيدعو، ويقول: اللهم أن تهلك هذه العصابة، فلن تعبد فى الأرض، فلم يكن للناس قوة، وكان عثمان بن عفان، قد جهز، عيرا، الى الشام، يريد أن يمتار عليها، فقال: يا رسول اللَّه هذه مائتا بعير بأقتابها، وأحلاسها ومائتا أوقية، فحمد اللَّه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكبر الناس، أتى عثمان بالابل، وأتى بالصدقة، بين يديه، فسمعته يقول: لا يضر عثمان ما عمل بعد اليوم. رواه الطبرانى، وفيه العباس بن الفضل

الانصارى وهو ضعيف (¬1). ¬

_ (¬1) مجمع الزوائد (191/ 6). قلت: قال الحافظ فى التقريب فى ترجمة العباس بن الفضل: عباس بن الفضل بن عمرو بن عبيد بن حنظلة بن رافع الانصارى، الواقفى، بقاف ثم فاء، البصرى، نزيل الموصل وقاضيها، فى زمن الرشيد، متروك، واتهمه أبو زرعة، وقال ابن حبان: حديثه عن البصريين أرجى من حديثه عن الكوفيين، من التاسعة، مك سنة (183 هـ وله احدى وثمانون سنة ق. انظر التقريب (398/ 1) قلت: هذا الحديث بهذا الإسناد منكر ولا يمكن أن يكون صالحا للمتابعات والشواهد، قال الحافظ فى الفتح (85/ 8): مشيرًا إلى هذه الرواية روى الطبرانى من حديث عمران بن حصين قال: كانت نصارى العرب ثم ذكر الحديث بتمامه، فى قال الحافظ فى نهاية الحديث: وأخرجه الترمذي، والحاكم من حديث عبد الرحمن بن خباب نحوه الخ. . . قلت: لم يخرجه الترمذي بهذا السياق كله إنما أخرجه فى اتفاق عثمان رضي اللَّه تعالى عنه فى مناقبه (153 - 154/ 13) إذ قال الترمذي: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو داود، حدثنا السكن بن المغيرة، ويكنى أبا محمد مولى لآل عثمان، حدثنا الوليد بن هشام، عن فرقد، أبى طلحة، عن عبد الرحمن بن حباب، قال: شهدت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يحدث على جيش العسرة، فقام عثمان، فقال يا رسول اللَّه عليّ مائة بعير بأحلاسها، وأقتابها فى سبيل اللَّه ثم ساق الحديث ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه، لا نعرفه إلا من حديث السكن بن مغيرة، وفى الباب عن عبد الرحمن بن سمرة. انتهى قول الترمذي. قلت: السكن بن المغيرة قال الحافظ فى التقريب (313/ 1). السكن ابن المغيرة، الأموى مولاهم، البزاز، البصرى، صدوق، من السابعة/ ت. قلت: هو حسن الحديث. =

قال ابن عساكر: أخبرنا، أبو عبد اللَّه الفراوى (¬1)، أنا أبو بكر ¬

_ أما اشارة الحديث إلى الحاكم، فهو قد أخرجه بغير هذا السياق أيضًا فى المستدرك، قال الحاكم فى المستدرك (102/ 3)، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الربيع بن سليمان، ثنا أسد بن موسى، ثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب، عن عبد اللَّه بن القاسم، عن كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة، عن عبد الرحمن ابن سمرة، قال: جاء عثمان رضي اللَّه عنه، إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، بألف دينار حين جهز جيش العسرة، ففرغها عثمان، فى حجر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال فجعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقلبها، ويقول: ما ضر عثمان ما عمل، بعد هذا اليوم، قاله مرارا، قال الحاكم: هذا حديث، صحيح الإسناد، لم يخرجاه وقال الذهبي فى التلخيص: صحيح. قلت: هذا الحديث بهذا الإسناد لم يبلغ درجة الصحة، انما هو حديث حسن لغيره، لأن فيه كثير بن أبى كثير مولى ابن سمرة. قال الحافظ فى التقريب (133/ 2) مقبول من الثالثة، ووهم من عده صحابيا/ د ت س فق. قلت وقد ترحم لكثير هذا الإمام الذهبي فى الميزان (410/ 3) إذ قال: كثير (د - ت - س) مولى عبد الرحمن بن سمرة. قال ابن حزم: مجهول. ونقل بعضهم عن العجلي أنه ثقة، وذكره ابن حبان فى الثقات، قلت: لم أقف على ترجمته فى ثقات ابن حبان. والحديث أخرجه الإمام أحمد فى مسنده أيضًا (75/ 4) انظر انساب الاشراف للبلاذرى (368/ 1). (¬1) أبو عبد اللَّه الفراوى هو بضم الفاء، نسبة التى فراوة، بليدة مما يلي الخوارزم انظر اللباب لابن الاثير (200/ 2) والانساب للسمعانى (491/ 2) أما المنسوب الى هذه النسبة فجملة من =

البيهقى (¬1)، نا عبد اللَّه الحافظ (¬2) أنا أبو العباس محمد بن يعقوب (¬3). وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندى (¬4)، نا أبو الحسين بن النقور (¬5)، نا أبو الطاهر المخلص (¬6)، أنبا رضوان بن أحمد (¬7)، أجازة، قال: نا ¬

_ = العلماء منهم أبو عبد اللَّه الفراوى عمد بن الفضل بن أحمد الصاعدى النيسابورى فقيه الحرم، وكان ثقة انظر العبر فى خبر من غبر للذهبى (4/ 83 - 84). وطبقات الشافعية لابن السبكى (4/ 92 - 93). (¬1) أبو بكر البيهقى، هو صاحب السنن الكبرى انظر ترجمته فى العبر (342/ 3). (¬2) أما أبو عبد اللَّه الحافظ، فهو الحاكم صاحب المستدرك انظر ترجمته فى تذكرة الحافظ ص (1039) (1045/ 3). (¬3) أما أبو العباس محمد بن يعقوب، فهو شيخ الحاكم وثقه الذهبى فى العبر انظر ترجمته: (273 - 274/ 2). (¬4) أبو القاسم بن السمرقندى، هو الحافظ عبد اللَّه بن أحمد بن عمر، بن أبى الأشعث، أخو إسماعيل وكان ثقة انظر العبر فى خبر من غبر 37/ 4. (¬5) أبو الحسين بن النقور، هو أحمد بن محمد بن أحمد البغدادى البزاز، المحدث الصدوق توفى سنة 470 هـ انظر ترجمته فى العبر فى خبر من غبر للذهبى 272 - 233/ 3. (¬6) أبو طاهر المخلص. هو محمد بن عبد الرحمن بن العباس، البغدادى الذهبي، مسند العراق، سمع أبا القاسم البغوى، وطبقته، وكان ثقة، توفي فى مضان وله 88 سنة وكانت وفاته سنة 393 هـ انظر العبر فى خبر من غبر للذهبى (56/ 3) واللباب لابن الأثير (111 - 112/ 3). (¬7) أما رضوان بن أحمد فأنى لم أجد له ترجمة.

أحمد بن عبد الجبار (¬1)، نا يونس بن بكير (¬2)، عن عبد الحميد بن بهرام (¬3)، عن شهر بن حوشب (¬4)، عن عبد الرحمن (¬5) بن غنم، أن اليهود اتوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوما فقالوا: يا أبا القاسم، ان كنت صادقا، انك نبي فالحق بالشام. فان الشام أرض المحشر، وأرض الأنبياء. فصدق -وقال ابن السمرقندى: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم اتفقا. قال: قالوا: فغزا غزوة تبوك، لا يريد الا الشام، فلما بلغ تبوك، أنزل اللَّه عليه آيات من سورة بنى اسرائيل، بعد ما ختمت السورة {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا ¬

_ (¬1) أما أحمد بن عبد الجبار، فهو أحمد بن عبد الجبار العطاردى، الكوفى وثقة ابن حبان ذكره الذهبي فى العبر فى خبر من غبر (49/ 2) وقال الحافظ فى التقريب: ضعيف (19/ 1) وذكر وفاته 272/ د (¬2) يونس بن بكر هو يونس بن بكر بن واصل الشيبانى، يخطئ من التاسعة، مات 199/ خت - م د ت ز ق. انظر التقريب (384/ 2). (¬3) عبد الحميد بن بهرام هو عبد الحميد بن بهرام، الفزارى، المدائنى، صاحب شهر بن حوشب، صدوق، من السادسة/ بخ ت س ق انظر التقريب (467/ 1). (¬4) شهر بن حوشب، هو شهر بن حوشب الأشعرى، الشامي، مولى أسماء بنت يزيد ابن السكن صدوق، كثير الارسال، والاوهام، من الثالثة، مات 112/ بخ م - عم انظر التقريب (355/ 1). (¬5) عبد الرحمن، هو عبد الرحمن بن غنم، بفتح المعجمة، وسكون النون، الاشعرى، مختلف فى صحبته وذكره العجلى فى كبار ثقات التابعين، مات 178 خت عم انظر التقريب (494/ 1) انظر تذكرة الطالب المعلم لبرهان الدين الحلبى ص 15 قلت: هذا الحديث ضعيف بهذا الإسناد.

قَلِيلًا} سورة الإسراء 71 - 72 التى قوله تعالى {تَحْوِيلًا} فأمره اللَّه -ولم يذكر ابن السمرقندى اسم اللَّه- يعنى بالرجوع الى المدينة، وقال: فيها محياك، ومماتك ومنها تبعث (¬1). ¬

_ (¬1) انظر تاريخ دمشق لابن عساكر (167 - 168/ 1). قال ابن كثير فى تفسيره (210 - 211/ 5) مع البغوى تحت قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا} قيل: نزلت فى اليهود إذ أشاروا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بسكنى الشام بلاد الانبياء، وترك سكنى المدينة. . وهذا القول ضعيف لأن هذه الآية مكية، وسكن المدينة بعد ذلك، وقيل: أنها نزلت بتبوك وفى صحته نظر، ثم قال الحافظ ابن كثير: روى البيهقى عن الحاكم عن الاصم، عن أحمد بن عبد الجبار العطاردى، عن يونس بن بكير، عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن ابن غنم، أن اليهود ثم ذكر الحديث بتمامه الذى عند ابن عساكر، ثم قال الحافظ ابن كثير: وفى هذا الإسناد نظر، والاظهر أن هذا ليس بصحيح، فإن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يغز تبوك قبل اليهود وانما غزاها امتثالا لقوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} انتهى كلامه. قلت: ليس لغزوة تبوك سبب خاص كما قال ابن سعد فى الطبقات الكبرى (165/ 2): قالوا: بلغ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن الروم قد جمعت جموعا كثيرة بالشام، وان هرقل قد رزق أصحابه لسنة، وأجلبت معه جزام، وعاملة، وغسان، وقدموا مقدماتهم الى البلقاء، فندب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الناس، الى الخروج، وأعلمهم المكان الذى يريد ليتأهبوا، انظر الكامل لإبن الأثير (277/ 2) وقال اليعقوبى فى تاريخه (67/ 2). وغزاة تبوك غزاها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى جمع كثير، من أرض الشام، يطلب بدم جعفر بن أبى طالب، ولم يتكلم على هذه الغزوة إلا سطرا ونصف. =

قال اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} التوبة: 123. يقول أبو جعفر: يقول تعالى: ذكره للمؤمنين به وبرسوله: يا أيها الذين صدقوا اللَّه ورسوله قاتلوا من وليكم من الكفار، دون من بعد منهم يقول لهم: ابدءوا بقتال الأقرب فالاقرب اليكم دارا، دون الأبعد فالأبعد، وكان الذين يلون المخاطبين بهذه الآية يومئذ الروم، لأنهم كانوا سكان الشام يومئذ، والشام كانت أقرب إلى المدينة من العراق، فأما بعد أن فتح اللَّه على المؤمنين البلاد فإن الفرض على أهل كل ناحية قتال من وليهم من الاعداء، دون الابعد منهم، ما لم يضطر اليهم أهل ناحية أخرى من ¬

_ = وليس عنده سند قائم يؤيد قوله وإنما ميل إلى التشيع هو الذى جعله ينظر إلى هذه الحكاية بمنظاره الخاص، وتكلم الإمام ابن كثير فى البداية والنهاية (3/ 5) على سبب وقوع غزوة تبوك فأفاد وأجاد فى الموضوع ورجح أنه صلى اللَّه عليه وسلم خرج إلى تبوك بناءً على أمر الهى لكى يقيم لأمته دليلا قاطعا على فرضية الجهاد إلى أن يرث اللَّه الارض ومن عليها. لولا خوف الاطالة لنقلت ما قاله عمدة المؤرخين الإمام ابن كثير انظر (3 - 5/ 4) من البداية، قال الحافظ فى الفتع (85/ 8): وذكر أبو سعيد فى شرف المصطفى، والبيهقى فى الدلائل من طريق شهر بن حوشب. عن عبد الرحمن بن غنم ثم ذكر الحديث وقال الحافظ فى نهاية الحديث: واسناده حسن، مع كونه مرسلا، قلت: حكم على الاسناد بالحسن مع أنه ضعف أحمد بن عبد الجبار العطاردى فى التقريب انظر ترجمته فى التقريب (1/ 19) وأما قضية الارسال، فهي صحيحة لان عبد الرحمن بن غنم تابعى.

نواحى بلاد الاسلام، فان اضطروا اليهم لزم عونهم ونصرهم، لأن المسلمين يد على من سواهم، ولصحة كون ذلك، تأول كل من تأول هذه الآية، أن معناها ايجاب الفرض على أهل كل ناحية قتال من وليهم من الاعداء (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (71/ 11). قلت: قد تكون هذه الآية سببا أساسيا لغزوة تبوك، قال القرطبي فى تفسيره (297 - 298/ 8): عرفهم اللَّه تعالى كيفية الجهاد، وأن الابتداء بالأقرب فالأقرب من العدو، ولهذا بدأ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بالعرب، فلما فرغ قصد الروم وكانوا بالشام، قال الحسن: نزلت قبل أن يؤمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بقتال المشركين، فهي من التدريج الذى كان قبل الاسلام. قلت قول الحسن أنها نزلت: قبل أن يؤمر بقتال المشركين، فيها نظر واللَّه تعالى أعلم. وقال ابن كثير فى تفسيره (271 - 272) مع البغوى: أمر اللَّه تعالى المؤمنين، أن يقاتلوا الكفار أولا فأولا الأقرب فالأقرب، إلى حوزة الاسلام، ولهذا بدأ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقتال المشركين فى جزيرة العرب، فلما فرع منهم وفتح اللَّه عليه مكة، والمدينة، والطائف، واليمن، واليمامة، وهجر، وخيبر، وحضرموت، وغير ذلك من أقاليم جزيرة العرب، ودخل الناس من سائر الاحياء فى دين اللَّه أفواجا. فشرع فى قتال أهل الكتاب فتجهز لغزوة الروم الذين هم أقرب الناس بالدعوة إلى الاسلام إلخ. انظر زاد المسر لابن الجوزى (518/ 3) وفتح البيان للسيد صديق حسن خان (218 - 219/ 4). وروح المعانى (50 - 51/ 11) وقال الرازي فى تفسيره (228 - 229/ 16). . . اعلم أنه نقل عن الحسن أنه قال: هذه الآية نزلت قبل الأمر بقتال المشركين كافة، ثم أنها صارت منسوخة، بقوله {قَاتِلُوْا الْمُشْرِكِينَ كَافَةً} وأما المحققون فإنهم انكروا هذا النسخ =

قال أبو جعفر: حدثنا ابن وكيع، قال ثنا أبى (¬1)، عن سفيان (¬2) عن شبيب بن ¬

_ = وقالوا: إنه تعالى لما أمر قتال المشركين كافة أرشدهم فى ذلك الباب إلى الطريق الأصوب الأصلح، وهو أن يبتدءوا من الأقرب فالأقرب، منتقلا إلى الأبعد فالأبعد، ألا ترى، أن أمر الدعوة وقع على هذا الترتيب قال تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} وأمر الغزوات وقع على هذا الترتيب لانه عليه الصلاة والسلام، حارب قومه، ثم انتقل منهم إلى غزو سائر العرب. ثم انتقل منهم إلى غزو الشام، والصحابة رضي اللَّه تعالى عنهم لما فرغوا من أمر الشام دخلوا العراق. قلت: إن الابتداء بالغزو من الموضح القريب. أولى لوجوه عديدة، منها أن مقابلة الكل دفعة واحدة متعذرة، ولما تساوى الكل فى وجوب القتال لما فيم من الكفر والمحاربة، وامتنع الجمع، وجب الترجيح والقرب مرجح ظاهر، كما رأيت من أمر الدعوة، وكما فى سائر المهمات، ومنها أن الابتداء بالأقرب أولى. لأن النفقة فيه أقل، والحاجة إلى الدواب والآلات، والأدوات أقل، ومنها أن الفرقة المجاهدة إذا تجاوزت من الأقرب إلى الأبعد، فقد عرضوا الذرارى والأهل للفتنة؛ حصل للقوات الباكستانية فى الحرب الأخيرة مع الهند. فالقوات كانت تحارب فى أقصى الهند وتركت الأعداء فى القريب، ومن هنا ضعفت واستكانت، فنفهم من الآية الخطة المستقيمة الحربية إلى وضعها القرآن وأنها خطة عظيمة نافعة، انظر البحر المحيط لابي حيان (114 - 115/ 5) والكشاف للزمخشرى (573 - 574/ 1) وظلال القرآن للسيد قطب (43 - 44/ 11). (¬1) هو وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسى، بضم الراء وهمزة ثم مهملة، أبو سفيان الكوفى، ثقة، حافظ عابد، من كبار التاسعة، مات فى آخر سنة 196 هـ وله سبعون سنة/ ع، انظر التقريب (331/ 2). (¬2) هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثورى، أبو عبد اللَّه الكوفى، ثقة حافظ، فقيه، عابد، أمام حجة، من رؤوس الطبقة السابعة، وكان ربما دلس، مات 161 هـ، وله 64/ ع، انظر التقريب (331/ 1).

غرقدة (¬1) عن عروة البارقى (¬2) عن رجل من تميم، قال: سألت ابن عمر، ¬

_ (¬1) شبيب بن غرقدة: بمعجمة وقاف، ثقة من الرابعة/ع، انظر التقريب (346/ 1). (¬2) أما عروة البارقى فهو عروة بن أبى الجعد البارقى وهو الصحابى المعروف ذكره الحافظ فى الإصابة (468 - 449/ 2) قال الحافظ: عروة بن الجعد، ويقال ابن أبى الجعد، وصوب الثانى ابن المديني، وقال ابن قانع: اسمه أبو الجعد البارقى، وزعم الرشاطى، أنه عروة بن عياض بن أبى الجعد -رضي اللَّه تعالى عنه وأنه نسب إلى جد مشهور، وله أحاديث، وهو الذى أرسله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليشترى الشاة بدينار فاشترى به شاتين، والحديث مشهور فى البخارى وغيره وكان فيمن حضر فتوح الشام، ونزلها ثم سيره عثمان إلى الكوفة، وحديثه عند أهلها. وقال شبيب بن غرقدة رأيت فى دار عروة بن الجعد ستين فرسا مربوطة. انظر التقريب (18/ 2). قال الشيخ محمود شاكر فى تحقيقه على تفسير ابن جرير الطبرى (574/ 14) معلقا على هذا الأثر، الأثر 17481 شبيب بن غرقدة البارقى، والمشهور السلمى مضى برقم 3008 و 3009 وهو تابعى ثقة، وهكذا جاء فى المخطوطة، كما أثبته ولكن ناشر المطبوعة كتبه هكذا عن شبيب بن غرقدة عن عروة البارقى، عن رجل من بنى تميم وهو لا يصح أبدا، لان عروة البارقى وهو عروة بن أبى الجعد البارقى وهو صحابى معروف، مضى أيضًا برقم 3008 والذى حدث هناك أيضًا انه زاد فى الإسناد عروة، واستظهر أخي أنه زيادة فى الإسناد وهو الصواب، ويؤيده ما حدث فى هذا الموضع من ناسخ أو ناشر، فيما أظن ضهرة شبيب غرقدة البارقى: ظن أنه خطأ فى الإسناد فأضاف عروة بين غرقدة والبارقى انتهى كلامه. قلت أما قول الشيخ محمود شاكر فى هذا الإسناد وهو لا يصح أبدا، وعلل بأن عروة هذا صحابى يروى من رجل من بنى تميم وهو رروى بدوره عن ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنهما فقلت: لا وجه لانكاره على هذا الإسناد بالصحة، وأما اعتماده على المخطوطة فقد يكون هذا صحيحا وقد يكون غير ذلك لان صاحب المطبوعة قد يكون قد طلع، على مخطوطة أخرى وهي أقدم =

فقال الديلم، قال: عليك بالروم (¬1). قال أبو جعفر: حدثنا ابن بشار (¬2) واحمد بن (¬3) اسحاق، وسفيان بن وكيع (¬4) ¬

_ = وأصح مما طالعها الشيخ، وأما استظهار أخيه الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه اللَّه تعالى على تلك الزيادة وانكاره عليها لم يتضح لى دليله أبدا لأن الاسانيد التى أودرها البخارى، وأبو بكر بن أبى شيبة وابن جرير الطبرى لم يستدل منها على التحقيق على أن هذه الزيادة، اعنى زيادة عروة بن الجعد البارقى بين شبيب الغرقدة بن حبان بن الحارث باطلة، بمجرد عدم ايرادهم هذه الزيادة، ولا يخفى عليكم فان هذه الزيادة تد تكرن من الزيادة التى تكون فى متصل الاسانيد الوهم الذى جعل الشيخ ينكر هذه الزيادة هو أن عروة البارقى صحابى قد وقع بين التابعيين فى الإسناد، وأظن واللَّه تعالى أعلم- أن مثل هذه الرواية واقعة كثيرا فى كتب الحديث. الرواية هذه ساقطة على كل حال لاجل سفيان بن وكيع لأنها جاءت من طريقه ولو جاء عن طريق ثقة آخر، وفى نهاية الحال كما هو، لم تكن حجة عندنا لاجل المجهول الذى فيها. والرواية هذه أشارا إليها السيوطى فى الدر المنثور (293/ 3) بقوله اخرج ابن مردويه عن ابن عمر ثم ذكر النص. انظر فتح القدير للشوكانى (398/ 2) انظر ابن كثير (2/ 42) والبداية والنهاية لابن كثير (3/ 5). (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (71/ 11). (¬2) ابن بشار هو محمد بن بشار بن عثمان العبدى، البصرى، أبو بكر، بندار بضم الباء وفتحها وسكون النون، ثقة من العاشرة مات سنة 252 هـ وله بضع وثمانون سنة/ع، انظر التقريب (147/ 2). (¬3) أما أحمد بن إسحاق فهو أحمد بن إسحاق بن الحصين بن جابر السلمى، أبو إسحاق السرماوى بضم المهملة، وبفتحها وحكى كسرها إسكان الراء صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة 242 / خ انظر التقريب 10/ 1). (¬4) سفيان بن وكيع بن الجراح، أبو محمد الرؤاسى الكوفى، كان صدوقًا إلا أنه ابتلى بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح فلم يقبل، فسقط حديثه، من العاشرة/ ت ق انظر التقريب (1/ 312).

قالوا: ثنا أبو أحمد (¬1) قال: ثنا سفيان (¬2)، عن يونس (¬3)، عن الحسن (¬4) {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} قال الديلم. قال أبو جعفر: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب (¬5)، قال: ثنا عمران أخي (¬6) ¬

_ (¬1) اما أبو أحمد فهو محمد بن عبد اللَّه بن الزبير بن عمرو بن درهم الأسدى، أبو أحمد الزبيرى الكوفى، ثقة ثبت، إلا أنه قد يخطئ فى حديث الثورى، من التاسعة مات 203/ ع انظر التقريب (176/ 2). (¬2) اما سفيان فهو سفيان الثورى وقد مر بكم ترجمته مرارا انظر التقريب (311/ 1). (¬3) وأما يونس فهو يونس بن أبى إسحاق السبيعى، أبو اسرائيل الكوفى، صدوق، يهم قليلا، من الخامسة، مات 152 على الصحيح/ م عم انظر التقريب (384/ 2). (¬4) وأما الحسن فهو الحسن بن أبى الحسن البصرى، واسم أبيه: يسار، بالتحتانية والمهملة، الأنصارى مولاهم ثقة فقيه، فاضل، مشهور وكان يرسل كثيرا ويدلس،/ ع انظر التقريب (165/ 1). قلت: أثر حسن البصرى حسن الإسناد -هو مقطوع من كلامه رحمه اللَّه تعالى. وقال السيوطى فى الدر المنثور (3/ 293) أخرج ابن جرير الطبرى وابو الشيخ عن الحسن ثم ذكر الأثر. . انظر فتح القدير (398/ 2) والقرطبى فى تفسيره (297/ 8). انظر ابن جرير الطبرى (71/ 11) فقد أخرج هذا الأثر باسناد آخر وفيه سفيان بن وكيع. (¬5) يعقوب هو يعقوب بن عبد اللَّه بن سعد الاشعرى، أبو الحسن القمى، بضم القاف وتشديد الميم، صدوق يهم من الثامنة مات، 17/ خت عم / انظر التقريب 376/ 2. (¬6) وأما عمران بن عبد اللَّه بن سعد الأشعرى فإنى لم أجد له ترجمه فى المراجع التى بين يديّ.

قال: سألت جعفر (¬1) بن محمد بن علي بن الحسين، فقلت: ما ترى فى قتال الديلم؟ فقال: قاتلوهم ورابطوهم، فإنهم من الذين قال اللَّه فيهم: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} (¬2). قال أبو جعفر: حدثنى يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فى قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} قال: كان الذين يلونهم ¬

_ (¬1) أما جعفر بن محمد فهو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبى طالب الهاشمى، أبو عبد اللَّه المعروف بالصادق، صدوق، فقيه، إمام، من السادسة، مات 148/ بخ م - عم، انظر التقريب (132/ 1). (¬2) قال السيوطى فى الدر المنثور (293/ 3) أخرج ابن أبى حاتم، وأبو الشيخ، عن جعفر بن محمد، ثم ذكر الأثر بكامله كما جاء عن ابن جرير الطبرى. ومحمد بن حميد الراوى شيخ ضعيف الذى يروى عنه أبو جعفر مباشرة، ولهذا الأثر شواهد كثيرة أخرجها أبو جعفر فى تفسيره انظر التفسير (72/ 11). قال القرطبي فى تفسيره (298/ 8) قال قتادة يبدأ القتال بالأول فالأول ثم قال واختار ابن العربى أن يبدأ بالروم قبل الديلم، على ما قاله ابن عمر لثلاثة أوجه. أحدها: أنهم أهل الكتاب، فالحجة عليهم أكثر وآكد. الثانى: أنهم إلينا أقرب، أعنى أهل المدينة. الثالث: أن بلاد الأنبياء فى بلادهم أكثر فاستنقاذها مهم أوجب، واللَّه تعالى أعلم. قلت: فى هذه الآية دليل على أنه ينبغي أن يقاتل أهل كل ثغر الذين يلونهم. وإذا قيل: كيف تخطى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فى بعض غزواته وترك هذه القاعدة؟ قلنا: ربما تخطى فى حربه الذين يلونه من القبائل التى لم تدخل الإسلام ليكون ذلك أهيب له. انظر تفسير زاد المسير لابن الجوزى (518 - 519/ 3).

من الكفار العرب، فقاتلهم حتى فرغ منهم، فلما فرغ قال اللَّه تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ}. . . حتى بلغ {وَهُمْ صَاغِرُونَ} قال: فلما فرغ من قتال من يليه من العرب، أمره بجهاد أهل الكتاب، قال: وجهادهم أفضل الجهاد عند اللَّه. وأما قوله {وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} فان معناه: وليجد هؤلاء الكفار الذين تقاتلونهم. فيكم أي منكم شدة عليهم. {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} يقول: وأيقنوا عند قتالكم اياهم أن اللَّه معكم. وهو ناصركم عليهم، فان اتقيتم اللَّه وخفتموه، بأداء فرائضه واجتناب معاصيه، فإن اللَّه ناصر من اتقاه معينه (¬1). ¬

_ (¬1) تفسر ابن جرير الطبرى (72/ 11). قلت: هذا الأثر مقطوع من كلام عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوى وهو مفسر كبير ولكلامه شواهد كثيرة أخرجها ابن جرير الطبرى (71 - 72/ 11). وقال ابن كثير فى البداية والنهاية (2 - 3/ 5): قال اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} التوبة "آية 28". {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} "التوبة: 29"، انظر تفسير ابن جرير الطبرى (110/ 10) وقال: حدثنى محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد فى قوله تعالى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = دِينَ الْحَقِّ} آخر الآية) قال مجاهد: أمر محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه بغزوة تبوك. قلت: هكذا أجمع أهل المسير على أن هذه الآية نزلت على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وفيها أمر صريح لغزوة تبوك. انظر تفسير الطبرى (109/ 11) وابن كثير مع البغوى (144 - 147/ 4). وزاد المسير لابن الجوزى (419 - 420/ 3). والقرطبى فى تفسيره (109 - 119/ 8). وقال أبو حيان فى البحر المحيط (29/ 5): نزلت حين أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بغزو الروم، وغزا بعد نزولها تبوك.

الفصل الرابع فى السنة التى وقعت فيها غزوة تبوك

الفصل الرابع فى السنة التى وقعت فيها غزوة تبوك قال الحافظ ابن عساكر: أخبرنا أبو محمد هبة اللَّه بن أحمد الأكفانى (¬1)، ثنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتانى (¬2)، نا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبى نضر (¬3)، وأبو نصر محمد بن أحمد بن هارون بن الجندبى (¬4) قالا: أنبأ ¬

_ (¬1) هو أبو محمد بن الأكفانى هبة اللَّه بن أحمد بن محمد الأنصارى، الدمشقى الحافظ، وله ثمانون سنة وكان ثقة، فهما شديد العناية بالحديث، والتاريخ، وكان من كبار العدول توفي 6 محرم سنة 524 هـ. انظر العبر فى خبر من غبر للذهبى (63/ 5). (¬2) هو محمد الكتانى، عبد العزيز بن أحمد التميمى الدمشقى الصوفى الحافظ، وكان يفهم ويذاكر، قال ابن ماكولا: مكز متقن توفي فى جماد الآخرة سنة 460 هـ انظر العبر (261/ 3). (¬3) ذكره الذهبي مختصرًا فى العبر (246/ 2) ووثقه. وقال هو عبد الرحمن بن أبى نصر الدمشقى. (¬4) هو أبو نصر بن الجندبى، محمد بن أحمد، بن هارون النسائي الدمشقى، إمام الجامع، ونائب الحكم، ومحدث البلد، وقال الكتانى: كان ثقة: مأمونا، توفي فى صفر سنة 417 هـ انظر العبر (126/ 3).

أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبى العقب (¬1). نا أحمد بن إبراهيم القرشى (¬2)، نا محمد بن عائذ (¬3)، أخبرنى محمد بن شعيب (¬4)، عن عثمان بن عطاء (¬5)، عن أبيه عطاء الخراساني (¬6) عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لبث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد خروجه من الطائف ستة أشهر، ثم أمره اللَّه بغزوة تبوك، وهي التى ذكر اللَّه ساعة العسرة، وذلك فى حر شديد، وقد كثر النفاق، ¬

_ (¬1) هو أبو القاسم، علي بن يعقوب بن أبى العقب الدمشقى، المحدث المقرئ، مات سنة 393 هـ انظر العبر (298/ 2). (¬2) هو أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد اللَّه بن بكار بن عبد الملك بن الوليد بن بسر بن أرطأة بفتح أوله، وآخره تاء مربرطة، من الحادية عشرة، مات سنة 289/ س انظر التقريب (10/ 1) والتهذيب (11/ 1). (¬3) هو محمد بن عائذ، بتحتانية، الدمشقى، أبو أحمد، صاحب المغازى، صدوق من العاشرة، رمى بالقدر، مات سنة 233 هـ وله 83 سنة / درس انظر التقريب (173/ 2). (¬4) هو محمد بن شعيب بن شابور، بالمعجمة، والموحدة، الأموى مولاهم، الدمشقى، نزيل بيروت، صحيح الكتاب، من كبار التاسعة، مات سنة 200 هـ وله 84 / عم انظر التقريب (170/ 2). (¬5) هو عثمان بن عطاء بن أبى مسلم الخراسانى، أبو مسعود المقدسى، ضعيف من السابعة، مات سنة 155 هـ، وقيل سنة 151 هـ خدق انظر التقريب (12/ 2). (¬6) هو عطاء بن أبى مسلم أو أبو عثمان الخراسانى، وأسم أبيه، ميسرة، وقيل: عبد اللَّه، صدوق يهم كثيرا، ويرسل، ويدلس، من الخامسة، مات سنة 135 هـ، لم يصح أن البخارى أخرج له. / عم انظر التقريب (21/ 2).

وكثر أصحاب الصفة، الحديث (¬1). ¬

_ (¬1) انظر تاريخ دمشق لابن عساكر (408/ 1). قلت: لم يصح هذا الحديث بهذا الاسناد: والحديث أخرجه محمد بن عائذ الدمشقى فى مغازيه ومنها نقل الحافظ ابن عساكر، هذه الرواية فى تاريخه ومغازيه هذا موجودة نسخة منه فى المتحف البريطاني بلندن. وقال الحافظ فى الفتح (84/ 8): (باب غزوة تبوك) هكذا أورد المصنف، هذه الترجمة بعد حجة الوداع، وهو خطأ، وما أظن ذلك إلا من النساخ، فإن غزوة تبوك كانت فى رجب من سنة تسع، قبل حجة الوداع بلا خلاف، وعند ابن عائذ من حديث ابن عباس أنها كانت بعد الطائف بستة أشهر، قلت: إلى هذا الحديث الذى أخرجه ابن عساكر فى تاريخه والذى لم يصح بعد دراسة رجال الاسناد أشار الحافظ فى الفتح، قال الحافظ: وليس مخالفا لقول، من قال: فى رجب إذا حذفنا الكسور لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قد دخل المدية من رجوعه، من الطائف. فى ذى الحجة. وقال الزمخشرى فى الكشاف (393/ 1): تحت قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ} الآية كان ذلك فى غزوة تبوك فى سنة عشر بعد رجوعهم من الطائف، استنفروا فى وقت عسر، وقحط الخ قلت: وتبعه فى ذلك الشيخ جمال الدين القاسمى فى تفسيره تحت الآية الكريمة (3154/ 8)، قلت: لم أر لهما مستندا إلا ما ذكر الحافظ فى الفتح من تقديم حجة الوداع على غزوة تبوك فأجاب الحافظ عن هذا الوهم أجابة لا بأس بها واللَّه تعالى أعلم. وقال الشيخ محمد كرامت على الهندى فى السيرة المحمدية ص 369. . وكانت غزوة تبوك فى سنة تسع من الهجرة يوم الخميس لخمس خلون من رجب، قلت: قال النووي فى رياض الصالحين مع شرحه دليل الفالحين (120 - 121/ 1): وفى رواية أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج من =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = غزوة تبوك، يوم الخميس، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس وقال: وفى الصحيحين من حديث كعب بن مالك، قلما خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى سفر إلا يوم الخميس رواه النسائي. قلت: لم أجد هذا النص فى السنن المجتبى، فإنه قد يكون فى السنن الكبرى. والحديث قد أخرجه الإمام أحمد فى مسنده (390/ 6)، والبخارى فى صحيحه فى كتاب الجهاد (39/ 4). أما قول الشيخ محمد كرامت على فى السيرة المحمدية فإنه خرج عليه الصلاة والسلام لخمس خلون من رجب سنة تسع من الهجرة، فأنى لم أجد فى ذلك نصا صريحا فى الحديث أو فى كتب السير إلا ما ذكره الشيخ أبو بكر العامرى فى بهجة المحافل كا سيأتى فلعل الشيخ محمد كرامت على نقل هذا القول عن المذكور واللَّه تعالى أعلم. انظر خروجه -عليه الصلاة والسلام إلى تبوك يوم الخميس فى السنن للإمام الدارمي رحمه اللَّه تعالى (214/ 2). وقال ابن سعد فى الطبقات الكبرى (165/ 2): ثم غزوة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تبوك فى رجب سنة تسع من مهاجره. ثم ذكر خروجه عليه الصلاة والسلام إلى تبوك يوم الخميس (167/ 2).انظر مفتاح كنوز السنة ا. ى فنسنك ترجمة عربية ص "7". وقال أبو بكر العامرى (30/ 2) فى بهجة المحافل خرج إلى تبوك لخمس خلون من رجب سنة تسع من الهجرة والاغانى (116/ 15). ومراة الجنان ص 15 وسرح العيون فى شرح رسالة ابن زيدون ص 436. أحكام أهل الذمة (478/ 2). والأنوار المحمدية من المواهب اللدنية للشيخ يوسف إسماعيل النبهانى 126 - 127، ومصابيح السنة للبغوى (137/ 1). * * *

الفصل الخامس فى بعوث الرسول -صلى الله عليه وسلم- الى القبائل قبل غزوة تبوك

الفصل الخامس فى بعوث الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الى القبائل قبل غزوة تبوك قال الواقدى فى مغازيه: وبعث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، الى القبائل، والى مكة، يستنفرهم الى غزوهم، فبعث الى أسلم، بريدة بن الحصيب، وأمره أن يبلغ الفرع. وبعث أبارهم الغفارى الى قومه أن يطلبهم ببلادهم. وخرج أبو واقد الليثي فى قومه. وخرج أبو جعد الضمرى فى قومه بالساحل، وبعث فى بنى كعب بن عمر بن بديل بن ورقاء، وعمرو بن سالم، وبشر بن سفيان، وبعث فى سليم عدة منهم العباس بن مرداس انتهى (¬1). ¬

_ (¬1) مغازى الواقدى 990/ 3. قلت: أورد هذا النص ابن عساكر فى تاريخ دمشق مع اسناده، وفيه الواقدى ومحمد بن شجاع الثلجى وكلاهما متروكان من ناحية الحديث، انظر تاريخ دمشق (414/ 1). والسيرة الحلبية (283/ 3)، وتاريخ الخميس (136/ 2). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = انظر ابن سعد فى ترجمة بريدة بن الحصيب (63/ 1) و (160/ 2). وقال الحافظ فى الإصابة فى ترجمة أبى رهم الغفاري (71/ 4) وأخرج أحمد والبغوى: وغيرهما من طريق معمر، من الزهري، أخبرنى ابن أخي أبى رهم أنه سمع أبا رهم يقول: غزوت مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- غزوة تبوك. فذكر الحديث. وقال الحافظ وقال ابن سعد: بعثه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يستنفر قومه الى تبوك. قلت: وجد هذا النص فى ترجمة أبى رهم الغفارى فى الطبقات الكبرى 244 - 245/ 4 نقلا عن الواقدى وذكر الحافظ أيضًا فى ترجمة أبى واقد الليثي فى الإصابة 212/ 4 وفى غزوة تبوك كان ذهب لاستنفار بنى ليث إلخ. وورد ذكر البعوث أيضًا فى الطبقات الكبرى (3/ 165). قلت: لم أجد رواية صحيحة غير ما ذكره الواقدى فى مغازيه ولقد تأملت فى النقل الذى يوجد عند الحافظ فى الإصابة وابن سعد فى الطبقات الكبرى وابن عبد البر فى كتابه الاستيعاب بهذا ابن الاثير فى أسد الغابة فوجدتهم أنهما ينقلون عن الواقدى. وحال الواقدى معروف لدى أهل الحديث، وأنا ممن لا يحتج بحديثه مطلقًا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب. انظر الشعر والشعراء لابن قتيبة (632 - 634/ 2) انظر الكنى للامام البخارى ص 74 ترجمة أبى واقد الليثي. * * *

الفصل السادس فى استنفار الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصحابه الى تبوك

الفصل السادس فى استنفار الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أصحابه الى تبوك قال اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} (¬1). قال أبو جعفر فى تفسيره: تحث هذه الآية الكريمة أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على غزوة الروم، وذلك غزوة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تبوك ثم ساق الإسناد الى مجاهد بقوله، حدثنى محمد بن عمرو (¬2) قال: ثنا أبو عاصم (¬3)، قال: ثنا عيسى (¬4) عن أبى نجيح (¬5)، ¬

_ (¬1) التوبة الآية 38. (¬2) هو محمد بن عمرو بن العباس أبو بكر الباهلي البصرى ثقة ترجم له الخطيب فى تاريخ بغداد (137/ 3). (¬3) هو الضحاك بن مخلد ثقة، امام معروف، من رجال الكتب الستة انظر التقريب (373/ 1). (¬4) هو عيسى بن ميمون الجُرَشى، بضم الجيم، وفتح الراء والمعجمة، ثم المكي، أبو موسى، يعرف بابن داية، بتحتانية خفيفة، ثقة، من السابعة/ ق التقريب (102/ 2). (¬5) هو عبد اللَّه بن أبى نجيح، يسار المكي، أبو يسار، الثقفى مولاهم، ثقة رمي بالقدر، ربما =

من مجاهد (¬1) قال: أمروا بغزوة تبوك بعد الفتح، وبعد الطائف، وبعد حنين، أمروا بالنفير حين خرفت النخل، وطابت الثمار، واشتهوا الظلال، وشق عليهم المخرج (¬2). قال أبو جعفر: حدثنا القاسم (¬3)، قال ثنا الحسين (¬4)، قال: ثنى حجاج (¬5) عن ¬

_ = دلس من السادسة، مات سنة 131 أو بعدها / ع التقريب (1/ 456) قلت: دافع عنه الحافظ فى مقدمة الفتع دفاعا قويا انظر المقدمة ص 414. وذكره فى طبقات المدلسين فى الطبعة الثالثة ص 13. (¬1) هو مجاهد بن جبر، بفتع الجيم، وسكون الموحدة، أبو الحجاج، المخزومى مولاهم المكى، ثقة، امام فى التفسير، وفى العلم، من الثالثة، مات سنة احدى او اثنتين أو ثلاث، أو أربع ومائة، وله 83 سنة/ ع التقريب (229/ 2) انظر الاعتبار فى الناسخ والمنسوخ ص 210، ومناهل العرفان فى ترجمة مجاهد (487 - 488/ 1)، وجواهر الدرر للسيوطى 440. (¬2) تفسير ابن جرير الطبرى (133/ 10). (¬3) القاسم لم أجد له ترجمة، ولكن فى تاريخ بغداد (432 - 433/ 12) توجد ترجمة القاسم بن الحسن بن يزيد أبو محمد الصائغ المتوفى سنة 272 هـ فهذا يصلح أن يكون المراد، ولكن لا أطمئن الى ذلك، لأن الخطيب لم يذكر ترجمته علامات واضحة تعيين الرجل على أنه هو هو. (¬4) هو سنيد: بنون ثم دال، مصغرا، ابن داود المصيصي، المحتسب، واسمه حسين، ضعيف مع امامته، ومعرفته لكونه كان يلقن شيخه حجاج بن محمد، من العاشرة مات سنة 226/ ق التقريب (335/ 1). (¬5) هو حجاج بن محمد المصيصى الاعور، أبو محمد الترمذى الأصل، نزل بغداد، ثم المصيصة، ثقة، =

ابن جريج (¬1)، عن مجاهد، قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ} الآية، قال: هذا حين أمروا بغزوة تبوك بعد الفتح، وحنين، وبعد الطائف، أمرهم بالنفير فى الصيف، حين اخترفت النخل، وطابت الثمار، واشتهوا الظلال، وشق عليهم الخرج، قال: قالوا منا الثقيل، وذو الحاجة، والضيعة، والشغل، والمنتشر به أمره فى ذلك كله، فأنزل اللَّه {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} (¬2). قال تعالى: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (¬3). ¬

_ = ثبت، لكنه اختلط فى آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته، من التاسعة، مات ببغداد سنة 206/ ع التقريب (154/ 1). (¬1) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الاموى مولاهم، المكى، ثقة فقيه، فاضل، وكان يدلس، ويرسل. من السادسة، مات سنة 150 أو بعدها / ع التقريب (520/ 1). وذكره الحافظ فى طبقات المدلسين فى الطبقة الثالثة وقال: ص 14 قال الدارقطني: شر التدليس تدليس ابن جريج، فإنه قبيح التدليس، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح، ومن الحجيب لم يذكره الحافظ فى مقدمة الفتح قلت: ولم يخرج له البخارى فى الجامع الصحيح إلا ما صرح بالسماع عن شيخه الثقة. (¬2) تفسير ابن جرير (134/ 10). قلت انظر الدر المنثور (237/ 3)، وفتح القدير (346 - 347/ 3) وتفسير ابن كثير (383/ 2) فإنهم أوردوا هذا الأثر، ونسبوا اخراجه الى سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن أبى حاتم، وأبي الشيخ، هما صالحان للشواهد، والمتابعات ويقوى بعضهما بعضا واللَّه أعلم. (¬3) سورة التوبة الآية: 39.

قال أبو جعفر: إن لم تنفروا أيها المؤمنون الى من استنفركم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعذبكم اللَّه عاجلا فى الدنيا، بترككم النفر اليهم، عذابا موجعا، {وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} يقول: يبدل اللَّه نبيه قوما غيركم، ينفرون إذا استنفروا، ثم قال أبو جعفر: ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب (¬1)، قال: ثنا زيد بن الحباب (¬2)، قال: ثنى عبد المؤمن بن خالد الحنفى (¬3) قال: ثنى نجدة الخراسانى (¬4)، قال: سمعت ابن عباس، وسئل عن قوله: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} قال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- استنفر حيا من أحياء العرب، فتثاقلوا عنه، فأمسك عنهم المطر، ¬

_ (¬1) هو محمد بن العلاء بن كريب الهمدانى، أبو غريب الكوفى، ثقة، حافظ من العاشرة، مات سنة 247 /ع انظر التقريب (197/ 2). (¬2) هو زيد بن الحباب: بضم المهملة، وموحدتين، أبو الحسين العكلى: بضم المهملة، وسكون الكاف، أصله من خراسان، وهو صدوق يخطئ فى حديث الثورى، من التاسعة، مات سنة 203/ م عم التقريب (273/ 1). (¬3) هو عبد المؤمن بن خالد الحنفى، أبو خالد المروزى، القاضى، لا بأس به من السابعة / د - ت من التقريب (525/ 1). (¬4) هو نجدة بن نفيع الحنفى، مجهول الحال، من الرابعة/ د التقريب (298/ 1) ولم يذكره ابن حبان فى الثقات (191/ 2).

فكان ذلك عذابهم، فذلك قوله تعالى {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (¬1). قال أبو جعفر: حدثنا ابن حميد (¬2) قال: ثنا يزيد (¬3)، ثنا سعيد (¬4)، عن ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (134/ 3) قال السيوطى فى الدر (239/ 3) أخرج أبو داود، وابن المنذر، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقى فى سننه، عن ابن عباس، ثم ذكر الحديث. انظر المستدرك للحاكم (118/ 2) وأبا داود فى سننه (16/ 3). والبيهقى فى السنن الكبرى (48/ 9) والاسناد دائر عند الجميع على نجدة المذكور، وهو مجهول الحال، ومما لا يخفى عليك، ان هذا تساهل عن الحاكم والذهبى رحمهما اللَّه تعالى، على تصحيح الحديث المذكور، انظر حديث مجهول الحال فى الباحث الحثيث لابن كثير 107، انظر ما قاله ابن تيمية رحمه اللَّه تعالى ما يتعلق بأسباب النزول فى تفسير القاسمى (27/ 1). وقد أورد هذا الأثر الشوكانى فى فتح القدير (347/ 3)، وابن كثير فى تفسيره (383/ 2)، والحديث لم يصح على قواعد حديثيه واللَّه أعلم. (¬2) هو محمد بن حميد بن حيان الرازى، حافظ ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأى فيه من العاشرة، مات سنة 230/ د - ت - ق التقريب (156/ 2)، انظر الارشاد (116 - 117). (¬3) هو يزيد بن زريع، بتقديم الزاى، مصغرا، البصرى، أبو معاوية، ثقة ثبت من الثامنة، مات سنة 182/ ع التقريب (2/ 364)، انظر شرح علل الترمذي لابن رجب. (¬4) هو سعيد بن أبى عروبة، مهران: البشكرى، مولاهم، أبو النضر البصرى ثقة، حافظ، لكنه كثير التدليس، واختلط، وكان أثبت الناس فى قادة من السادسة مات سنة 157/ ع التقريب (302/ 1) ذكره الحافظ فى الطبقة الثانية فى طبقات المدلسين ص 9.

عن قتادة (¬1) {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} استنفر اللَّه المؤمنين فى لهبان الحر فى غزوة تبوك قبل الشام على ما يعلم اللَّه من الجهد، وقد زعم بعضهم أن هذه الآية منسوخة. قال اللَّه تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (¬2). قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل فى معنى الخفة، والثقل اللذين أمر اللَّه من كان به أحدهما بالنفر معه، فقال بعضهم: معنى الخفة التى عناها اللَّه فى هذا الموضع: الشباب، ومعنى الثقل: الشيخوخة، ثم ساق الإسناد الى مجاهد بقوله: حدثنى محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} قال ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (134/ 10) وقال السيوطى فى الدر (239/ 3) أخرج أبو داود، وابن أبى حاتم، النحاس، والبيهقى فى سننه عن ابن عباس ثم ذكر الحديث، وقد أخرجه أبو داود فى سننه فى كتاب الجهاد (16/ 3)، ورجال الإسناد عنده كلهم ثقات الا علي بن حسين بن واقد المروزى فإنه ضعيف. قاله الحافظ فى التقريب (35/ 2) انظر تهذيب السنن للامام ابن القيم (367/ 3)، وتفسير القرطبي (142/ 8)، وعون المعبود (319/ 2)، والسنن الكبرى للبيهقى (47/ 9). والناسخ والمنسوخ للحازمى ص 184. (¬2) سورة التوبة: الآية 41.

شبانا، وشيوخا، وأغنياء، ومساكين (¬1). قال اللَّه تعالى: {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (138/ 20). قال السيوطى فى الدر (246/ 3): أخرج الفريابى، وأبو الشيخ، عن أبى الضحى رضي اللَّه تعالى عنه قال: أول ما نزل من براءة {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا}، ثم نزل أولها وآخرها، وقال السيوطى أيضا فى الدر (246/ 3). وأخرج ابن سعد وابن أبى عمر العدنى فى مسنده، وعبد اللَّه ابن أحمد فى زوائد الزهد، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبى حاتم، وابن حبان، وأبو الشيخ والحاكم وصححه، وابن مرويه، عن أنى بن مالك، أن أبا طلحة قرأ سورة براءة فأتى على هذه الآية {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} قال: أرى ربنا يستنفرنا شيوخا، وشبانا، وفى لفظ، فقال: ما أسمع اللَّه عذر أحد، جهزونى، قال بنوه: يرحمك اللَّه تعالى، قد غزوت مع عمر رضي اللَّه تعالى عنه حين مات، فنحن نغزروا عنك فأبى فركب البحر، فمات، فلم يجدوا له جزيرة يدفنونه فيها، إلا بعد تسعة أيام، فلم يتغير، فدفنوه فيها، انظر الطبقات (507/ 3). قلت: وهناك قصة مماثلة، وقعت لأبى أيوب الانصارى رضي اللَّه تعالى عنه، أخرجها الحاكم عن ابن سيرين، وابن سعد فى الطبقات الكبرى أيضًا، قال الإمام ابن كثير فى تفسيره (385/ 2) تحت هذه الآية الكريمة أمر اللَّه تعالى بالنفر العام مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عام غزوة تبوك، انظر فتح القدير (347/ 2)، وأسباب النزول للواحدى ص 141، وزاد المسير (442/ 3)، وفضائل القرآن لأبى عبيد القاسم ابن سلام 61 - 62، وأثر مجاهد صحيح بهذا الإسناد واللَّه تعالى أعلم. . انظر الاستبصار للمقدسى ص 9.

وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} (¬1). قال أبو جعفر: كانت جماعة من الصحابة قد استأذنت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى التخلف عنه حين خرج الى تبوك فاذن لهم: لو كان ما تدعو اليه عرضا قريبا يقول: غنيمة حاضرة وسفرًا قاصدًا، يقول: موضعا قريبا سهلا، لاتبعوك، ونفروا معك اليهما، ولكنك استنفرتهم الى موضع بعيد، كلفتهم سفرا شاقا عليهم، لانك استنهضتهم فى وقت الحر، وزمان القيظ، وحين الحاجة الى السكن، ثم ساق الإسناد الى قتادة بقوله: حدثنا بشر بن معاذ (¬2) قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله تعالى {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا} الى قوله {لَكَاذِبُونَ} إنهم يستطيعون الخروج، ولكن كان تبطئة من عند أنفسهم، والشيطان، وزهادة فى الخير (¬3). ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 42. (¬2) هو بشر بن معاذ العقدى، بفتح المهملة والقاف -وأبو سهل البصرى الضرير، صدوق، من العاشرة مات بضع وأربعين ومائتين/ ت س - ق التقريب (1/ 101). (¬3) تفسير ابن جرير الطبرى (10/ 141). قلت: هذا الأثر حسن الاسناد مع أنه مقطوع من كلام قتادة رحمه اللَّه تعالى وقد أورده السيوطى فى الدر (247/ 3) ونسب اخراجه، الى عبد بن حميد، وابن المنذر، انظر فتح القدير للشوكانى (348/ 2) وزاد المسير لابن الجوزى (444/ 3) وتفسير ابن كثير (386/ 2)، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = والجامع لأحكام القرآن للقرطبى (153/ 8). وقد أخرج ابن جرير الطبرى فى تفسيره (141/ 10) أثرًا آخر عن قتادة بإسناد جيد. وقال: تحت هذه الآية: المراد بالعرض القريب فى الآية غزوة تبوك أى {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا} أى لو كان غزوة تبوك عرضا قريبًا إلخ. * * *

الفصل السابع فى تخليف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا على أهله فى غزوة تبوك

الفصل السابع فى تخليف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عليا على أهله فى غزوة تبوك قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن (¬1) جعفر، ثنا شعبة (¬2)، عن الحكم (¬3)، عن مصعب (¬4) بن سعد، عن سعد بن أبى وقاص، قال: خلف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم علي بن أبى طالب رضي اللَّه تعالى عنه فى غزوة تبوك فقال يا رسول اللَّه: تخلفنى فى النساء، والصبيان؟ ¬

_ (¬1) هو محمد بن جعفر بن زياد الوركانى، بفتحين، أبو عمران، الخراسانى، نزل بغداد، ثقة من العاشرة، مات 228/ م د س انظر التقريب (150/ 2). (¬2) هو شعبة بن الحجاج الورد العتكى مولاهم، أبو بسطام، الواسطى، ثم البصرى، ثقة، حافظ، متقن، كان الثورى يقول: هو أمير المؤمنين فى الحديث، وهو أول من فتش بالعرق عن الرجال، وذب عن السنة، وكان عابدا، من السابعة، مات 160/ع انظر التقريب (351/ 1). (¬3) هو الحكم بن عتيية، بالمثناة ثم الموحدة مصغرا، أبو محمد الكندى الكوفى، ثقة، ثبت، فقيه، إلا أنه يدلس، من الخامسة مات سنة 113 هـ أو بعدها، وله نيف وستون / ع انظر التقريب (192/ 1). وذكره الحافظ فى الطبقة الثانية من طبقات المدلسين ص 9. ولا يضر تدليسه. (¬4) وهو مصعب بن سعد بن أبى وقاص الزهري، أبو زرارة المدنى، ثقة، من الثالثة، أرسل عن عكرمة بن أبى جهل، مات 103/ع انظر التقريب (251/ 2). =

قال: أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبى بعدى (¬1). ¬

_ (¬1) انظر المسند للامام أحمد (182/ 1) و (170/ 1 و 177 و 179 و 184، 185)، (32/ 3)، (108/ 3)، وأخرجه البخارى فى عدة مواضع من جامعه الصحيح، منها فى فضائل الصحابة (17/ 5)، وفى المغازى (3/ 6)، وفى كتاب التفسير (6/ 57). ومسلم فى صحيحه فى فضائل الصحابة (120 - 121/ 7) والترمذى فى المناقب (175/ 13) وابن ماجة فى مقدمة كتابه (42 - 43/ 1) وأخرجه الحاكم فى المستدرك (108 - 109/ 3). وابن سعد فى الطبقات الكبرى (23 - 24/ 3) وأورده الهيثمى فى موارد الظمآن فى زوائد ابن حبان ص 543 وأخرجه أبو داود الطيالسى فى مسنده ص 29. والبيهقى فى السنن الكبرى (40/ 9). والمحب الطبرى فى الرياض النضرة فى مناقب العشرة (162 - 163/ 2). وابن كثير فى البداية والنهاية (7/ 5). والحافظ فى الإصابة (501 - 503/ 2). وابن عبد البر فى الاستيعاب (1097 - 1098/ 3). وقال ابن عبد البر فى الاستيعاب (1097 - 1098/ 3): وروى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لعلي رضي اللَّه تعالى عنه (أنت منى بمنزلة هارون من موسى) جماعة من الصحابة، وهو من أثبت الاثار وأصحها رواه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سعد بن أبى وقاص، وطرق حديث سعد كثيرة جدا، وقد ذكرها ابن أبى خيثمة، وغيره ورواه ابن عباس، وأبو سعيد الخدرى، وأم سلمة، وأسماء بنت عميس، وجابر بن عبد اللَّه، وجماعة يطول ذكرهم اهـ. وقد ذكر ابن عبد البر بعض هذه الطرق باسناده. انظر تاريخ الخلفاء للسيوطى 168 - 194 واليعقوبى فى تاريخه (67/ 2). والشيخ عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الديبع الشيبانى فى تيسير الوصول (371/ 3). وصاحب جمع الفوائد 516/ 2. والهيثمى فى مجمع الزوائد (109 - 111/ 9). وابن عساكر فى تاريخ دمشق (410 - 411/ 1) والكامل لابن الاثير (278/ 2). وابن سيد الناس فى عيون الأثر (217/ 2). وابن هشام فى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = السيرة (163/ 4). ابن عبد البر فى الدرر 254 ابن القيم فى زاد المعاد (3/ 30) صاحب سمط النجوم العوالى (212 - 213/ 2). ابن جرير الطبرى فى تاريخه (368/ 2). صاحب السيرة الحلبية (287/ 3). وصاحب تاريخ الخميس (125/ 2). والزرقانى على المواهب (82/ 3) والشيخ كرامت علي فى السيرة المحمدية: 370 - 371 - طرح التثريب فى شرح التقريب للعراقي (85 - 86/ 1) وأخرج هذا الحديث أبو بكر بن أبى شيبة فى مصنفه (202/ 2/ 2). وتغليق التعليق ورقه 215 وكنز العمال (405/ 6) للشيخ على المتقى بن حسام الدين. وانظر العواصم من القواصم للقاضي أبى بكر بن العربى 181 والعقد الفريد لابن عبد ربه الاندلسى (311/ 4) انظر مؤتمر نجف 25 - 27 فى المناقشة التى جرت بين السيد عبد اللَّه بن الحسين السويدى عام 1156 وبين الملاباش على أكبر شيخ علماء الشيعة ومجتهديهم فى زمن نادر شاه حول هذا الحديث انظر تنزيه الشريعة المرفوعة ص 382/ 1) فإنه أورد الحديث باسناد ابن حبان وفيه حفص بن عمر الأيلى: وقال المؤلف: (تعقب) بأن له طريقا آخر، من حديث علي، أخرجه الحاكم فى المستدرك، وصححه، وتعقبه الذهبي، بأن فى سنده عبد اللَّه بن بكر الغنوى، وهو منكر الحديث عن حكيم بن جبير، ضعيف، انظر خصائص أمير المؤمنين علي بن أبى طالب للنسائي ص 9. ومهاج السنة لابن تيمية (3/ 9 و 12/ 3) واتحاف الخبرة بزوائد المسانيد العشرة ص 453 وكتاب الكبائر للذهبى 232 - 237 فى فضائل الصحابة، والطحاوية ص 412 والمصنوع ص 176 وكتاب السنة لابن أبى عاصم ص 129 وخزانة الادب (526/ 2) المنتقى من منهاج الاعتدال للذهبى 468 - 469 الحسام المسلول ص 93 القول الفصل فيما لبني هاشم وقريش والعرب من الفضل 216 - 217/ 2. مسند الإمام زيد فى فضائل علي بن أبى طالب 453 - 459. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الفرائد الغوالى على شواهد الامالى ص 192. وذخائر العقبى فى مناقب ذوى القربى. ص 63 الائمة الاثنا عثرة لابن طولون ص 25. انظر الاشراف على معرفة الاطراف لابن عساكر (128/ 1)، مروج الذهب للمسعودى (14/ 3)، خلاصة تذهيب الكمال للخزرجى 274 - 275، فضائل الحلفاء لمحمد بن الجواد ص 21. وأسماء المغتالين من الاشراف لابن حبيب البغدادى 160 - 167. الحق المبين للنابلسى ص 24. * * *

الفصل الثامن فى تخلف كعب بن مالك وأصحابه رضي الله عنهم فى غزوة تبوك

الفصل الثامن فى تخلف كعب بن مالك وأصحابه رضي اللَّه عنهم فى غزوة تبوك قال أبو جعفر: (58 - 62/ 11) حدثنى يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال أخبرنى يونس، عن ابن شهاب، قال: غزا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- غزوة تبوك، وهو يريد الروم ونصارى العرب بالشام، حتى بلغ تبوك، فأقام بها بضع عشرة ليلة. ولقيه بها وفد أذرح، ووفد أيلة فصالحهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على الجزية، ثم قفل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من تبوك ولم يجاوزها، وأنزل اللَّه: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ}. . . والثلاثة الذى خلفوا: رهط، منهم كعب بن مالك، وهو أحد بنى سلمة، ومرارة بن ربيعة، وهو أحد بنى عمرو بن عوف، وهلال بن أمية، وهو من بنى واقف، وكانوا تخلفوا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى تلك الغزوة، فى بضعة وثمانين رجلا، فلمارجع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الى المدينة، صدقه أولئك حديثهم، واعترفوا بذنوبهم، وكذب سائرهم، فحلفوا لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما حبسهم إلا العذر فقبل منهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وبايعهم، وكلهم فى سرائرهم الى اللَّه، ونهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن كلام الذين تخلفوا،

وقال فيهم حين حدثوه فى حديثهم، واعترفوا بذنوبهم: "قد صدقتم فقوموا حتى يقضى اللَّه فيكم" فلما أنزل اللَّه القرآن، تاب على الثلاثة، وقال للآخرين {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ}. . . حتى بلغ {لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} قال ابن شهاب: وأخبرنى عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك، ان عبد اللَّه بن كعب بن مالك، وكان قائد كعب من بنيه حين عمى، قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك، قال كعب: لم أتخلف عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة غزاها قط. إلا فى غزوة تبوك، غير أني قد تخلفت فى غزوة بدر، ولم يعاتب أحدا تخلف عنها، إنما خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمسلمون يريدون عير قريش، حتى جمع اللَّه بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد، ولقد شهدت مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلة العقبة، حين تواثقنا على الإسلام، وما أحب أن لى بها مشهد بدر، ان كانت بدر أذكر فى الناس منها، فكان خبرى حين تخلفت عنه فى تلك الغزوة، واللَّه ما جمعت قبلها راحلتين قط، حتى جمعتها فى تلك الغزوة، فغزاها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى حر شديد، واستقبل سفرا بعيدا مفاوز، واستقبل عددا كثيرا، فجلى للمسلمين أمرهم، ليتأهبوا أهبة غزوهم، فأخبرهم بوجهه الذى يريد، والمسلمون مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كثير، ولا يجمعهم كتاب حافظ، يريد بذلك الديوان، قال كعب: فما رجل يريد أن يتغيب ألا يظن أن ذلك سيخفى، ما لم ينزل فيه وحى من اللَّه، وغزا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-

تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال، وانا اليهما أصعر فتجهز رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمسلمون معه، وطفقت أغدو لكى أتجهز معهم، فلم أقض من جهازى شيئًا، ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئًا، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو، وهممت أن أرتحل، فأدركهم، فياليتنى فعلت، فلم يقدر ذلك لى، فطفقت إذا خرجت فى الناس بعد خروج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يحزننى أنى لا أرى لى اسوة، إلا رجلا مغموصا عليه فى النفاق، أو رجلا ممن عذر اللَّه من الضعفاء، ولم يذكرنى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى بلغ تبوك، فقال -وهو جالس فى القوم بتبوك-: "ما فعل كعب بن مالك؟ " فقال رجل من بنى سلمة: يا رسول اللَّه حبسه برداه، والنظر فى عطفيه. فسكت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فبينما هو على ذلك رأى رجلا مبيضا يزول به السراب فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: كن أبا خيثمة، فإذا هو أبو خيثمة الأنصارى، وهو الذى تصدق بصاع التمر، فلمزه المنافقون، قال كعب: فلما بلغنى أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد توجه قافلا من تبوك حضرنى همى، فطفقت أتذكر الكذب، وأقول بم أخرج من سخطه غدا؟ وأستعين على ذلك بكل ذى رأى من أهلى، فلما قيل أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أظل قادما، زاح عنى الباطل، حتى عرفت أنى لن أنجو منه بشيء ابدا، فأجمعت صدقى، وأصبح رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قادما، وكان اذا قدم من سفر بدأ بالمسجد، فركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المخلفون، فطفقوا يعتذرون اليه، ويحلفون له، وكانوا بضعة وثمانين رجلا،

فقبل منهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- علانيتهما، وبايعهم، واستغفر لهم، ووكل سرائرهم الى اللَّه، حتى جئت، فلما سلمت تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المغضب، ثم قال: تعال، فجئت أمشى حتى جلست بين يديه، فقال لى: ما خلفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟ قال: قلت يا رسول اللَّه، إني واللَّه لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت إنى سأخرج من سخطه بعذر، لقد أعطيت جدلا، ولكنى واللَّه لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عنى، ليوشكن اللَّه أن يسخطك عليّ، ولئن حدثتك حديث صدق تجد عليّ فيه، انى لأرجوا فيه عفو اللَّه، واللَّه ما كان لى عذر، واللَّه ما كنت قط أقوى ولا أيسر منى حين تخلفت عنك، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أما هذا فقد صدق، قم حتى يقضى اللَّه فيك، فقمت، وثار رجال من بنى سلمة، فاتبعونى وقالوا: واللَّه ما علمناك اذنبت ذنبا قبل هذا، لقد عجزت أن لا تكون اعتذرت الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. بما اعتذر به المتخلفون، فقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: فواللَّه ما زالوا يؤنبونى، حتى أردت أن أرجع الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأكذب نفسي، قال: ثم قلت لهم: هل لقى هذا معى أحد؟ قالوا: نعم لقيه معك رجلان قالا مثل ما قلت، وقيل لهم مثل ما قيل لك، قال: قلت: من هما؟ قالوا: مرارة بن الربيع العامرى، وهلال بن أمية الواقفى، قال: فذكروا لى رجلين صالحين قد شهدا بدرا، لى فيهما أُسوة، قال: فمضيت حين ذكروهما لى، ونهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة

من بين من تخلف عنه، قال: فاجتنبنا الناس، وتغيروا لنا حتى تنكرت لى فى نفسى الأرض، فما هي بالأرض التى أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة فأما صاحباى فاستكانا، وقعدا فى بيوتهما يبكيان، وأما أنا، فكنت أشب القوم وأجلدهم، فكنت أخرج، وأشهد الصلاة، وأطوف فى الأسواق، ولا يكلمنى أحد، وآتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأسلم عليه وهو فى مجلسه بعد الصلاة، فأقول فى نفسى: هل حرك شفتيه برد السلام أم لا؟ ثم أصلى معه، وأسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتى نظر إليَّ وإذا التفت نحوه أعرض عنى، حتى إذا طال ذلك عليّ من جفوة المسلمين، مشيت حتى تسورت جدار حائط أبى قتادة، وهو ابن عمى، وأحب الناس الي، فسلمت عليه، فواللَّه ما رد علي السلام، فقلت: يا أبا قتادة أُنشدك باللَّه هل تعلم أني أحب اللَّه ورسوله؟ فسكت، قال: فعدت فناشدته. فسكت فعدت فناشدته، فقال: اللَّه ورسوله أعلم، ففاضت عيناى، وتوليت حتى تسورت الجدار، فبينا أنا أمشى فى سوق المدينة، إذا نبطى من نبط أهل الشام، ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة، يقول: من يدل عليّ كعب بن مالك؟ قال: فطفق الناس يشيرون له، حتى جاءنى فدفع إليَّ كتابا من ملك غسان، وكنت كاتبا، فقرأته فإذا فيه، أما بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك، قد جفاك ولم يجعلك اللَّه بدار هوان ولا مضيقة، فالحق بنا نواسك، فقال: قلت حين قرأته: وهذا أيضًا من البلاء، فتأممت به التنور فسجرته به، حتى إذا مضت أربعون من الخمسين وأستلبث الوحى إذا رسول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-

يأتينى، فقال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يأمرك أن تعتزل امرأتك -قال: فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال: لا بل اعتزلها، فلا تقربها، قال: وأرسل الى صاحبيّ بذلك، قال: فقلت لامرأتى: الحقى بأهلك تكونى عندهم، حتى يقضى اللَّه فى هذا الأمر، قال: فجاءت امرأة هلال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالت: يا رسول اللَّه ان هلال بن أمية شيخ ضائع، ليس له خادم، فهل تكره أن أخدمه؟ فقال: لا، "ولكن لا يقربنك" قالت: فقلت: إنه واللَّه ما به حركة الى شئ، وواللَّه ما زال يبكى منذ كان من أمره ما كان الى يومه هذا، قال: فقال لى بعض أهلى: لو استأذنت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى امرأتك، فقد أذن لامرأة هلال أن تخدمه، قال: فقلت لا أستأذن فيها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وما يدرينى ماذا يقول لى إذا استأذنته فيها وأنا رجل شاب؟ فلبثت بعد ذلك عشر ليال، فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من كلامنا، قال: ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أنا جالس على الحال الى ذكر اللَّه عنا، قد ضاقت عليّ نفسى وضاقت عليّ الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سلع، يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك ابشر، قال: فخررت ساجدا، وعرفت أن قد جاء فرج، قال: واذن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بتوبة اللَّه علينا حين صلى صلاة الفجر، فذهب الناس يبشروننا، فذهب قبل صاحبي مبشرون، وركض رجل الى فرسه وسعى ساع من أسلم قبلى، وأوفى الجبل، وكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءنى

الذى سمعت صوته يبشرنى نزعت له ثوبى، فكسوتهما اياه ببشارته، واللَّه ما أملك غيرهما يومئذ، واستعرت ثوبين فلبستهما، وانطلقت أتأمم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فتلقانى الناس فوجا فوجا، يهنئونى بالتوبة، ويقولون: لنهنئك بتوبة اللَّه عليك، حتى دخلت المسجد، فإذا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جالس فى المسجد حوله الناس، فخام اليّ طلحة بن عبيد اللَّه يهرول، حتى صافحنى وهنأنى، واللَّه ما قام رجل من المهاجرين غيره، قال: فكان كعب لا ينساها لطلحة قال كعب، فلما سلمت على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال وهو يبرق وجهه من السرور: ابشر بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمك، فقلت: أمن عندك يا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أم من عند اللَّه؟ فقال: لا بل من عند اللَّه، وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا سرّ استنار وجهه، حتى كأن وجهه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك منه، قال: فلما جلست بين يديه، قلت: يا رسول اللَّه إن من توبتى ان أنخلع من مالى، صدقة الى اللَّه والى رسوله، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: امسك بعض مالك، فهو خير لك، قال: فقلت: فأنى أمسك سهمى الذى بخيبر، وقلت: يا رسول اللَّه، إن اللَّه إنما أنجانى بالصدق، وإن من توبتى أن لا أحدث إلا صدقا ما بقيت، قال: فواللَّه ما علمت أحدا من المسلمين. ابتلاه اللَّه فى صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحسن مما ابتلانى، واللَّه ما تعمدت كذبة منذ قلت لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الى يومى هذا، وإنى أرجو ان يحفطى اللَّه فيما بقي، قال: فأنزل اللَّه: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى المُؤْمِنُونَ}. . . حتى بلغ {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} الى {اتَّقُوا اللَّهَ

وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} قال كعب: واللَّه ما أنعم اللَّه علي من نعمة قط، بعد أن هدانى للاسلام، أعظم فى نفسى، من صدقى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوه، فإن اللَّه تعالى قال للذين كذبوا حين أنزل الوحى شر ما قال لاحد: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}. . . الى قوله تعالى {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}. . . قال كعب: خلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- توبتهم حين حلفوا، فبايعهم واستغفر لهم وأرجأ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم أمرنا، حتى قضى اللَّه فيه، فبذلك قال اللَّه: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} وليس الذى ذكر اللَّه مما خلفنا عن الغزو، انما هو تخليفه ايانا، وأرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر اليه، فقبل منهم (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (58 - 62/ 11). قلت أخرج البخارى هذا الحديث فى عدة مواضع من جامعه الصحيح. انظر المغازى إذ قال البخارى: (4/ 6) باب حديث كعب بن مالك وقول اللَّه عز وجل {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} وأخرخ أيضًا باسناد آخر فى كتاب التفسير (58/ 6 - و 59/ 6). وفى كتاب الاحكام (67/ 9) تحت باب هل للامام أن يمنع المجرمين وأهل المعصية من الكلام معه والزيارة ونحوه، وفى كتاب الجهاد 39/ 4 تحت باب من أراد غزوة فورى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس. وأخرجه أيضًا فى المناقب فى صفة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (151/ 4) وأخرجه أيضًا فى كتاب الأدب تحت باب ما يجوز من =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الهجران لمن عصى فيه. انظر (18/ 8): أخرجه مسلم فى صحيحه فى كتاب التوبة (105 - 112/ 8) رواه النسائي أيضًا فى سننه فى كتاب المساجد تحت باب الرخصة فى الجلوس فيه والخروج منه بغير صلاة (53 - 55/ 2) رواه الإمام أحمد فى مسنده (456 - 460/ 3). مطولا ومختصرا. ورواه أيضًا فى مسنده فى موضع آخر 386 - 390/ 3. رواه البيهقي فى السنن الكبرى (33 - 36/ 9) أخرجه أبو بكر بن أبى شيبة فى مصنفه ورقه رقم 314 - 315. أورده السيوطى فى الدر المنثور (287 - 289/ 3) وقال السيوطى: أخرجه عبد الرزاق. وابن أبى شيبة، وأحمد، والبخارى، ومسلم وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبى حاتم، وابن حبان، وابن مردويه، والبيهقي، من طريق الزهري، وأخرجه ابن حبان فى صحيحه عن محمد بن مسلم المقدسى، انظر صحيح ابن حبان المخطوط (133/ 2). انظر القرطبي فى تفسيره (282 - 287/ 8) وابن القيم فى زاد المعاد (10 - 12/ 3). أورده بكلا السياقين، سياق البخارى ومسلم. ومعلقا. وابن كثير فى تفسيره (258 - 266/ 4) مع البغوى. بسياق البخارى. وأورده ابن كثير فى البداية والنهاية: (23 - 26/ 5) وابن هشام فى سيرته (159 - 161/ 4). وابن الأثير فى كتابه الكامل (182/ 2). وقال الألوسي فى روح المعانى (42 - 46/ 11) أخرج عبد الرزاق، وابن أبى شيبة، وأحمد، والبخارى ومسلم، والبيهقى من طريق الزهري ثم ذكر الحديث، انظر حديث كعب بن مالك فى السيرة الحلبية لبرهان الدين الحلبى (305 - 307/ 3). وابن حزم فى جوامع السيرة، مختصرا ومعلقا ص 249. وابن سيد الناس فى عيون الأثر (222 - 223/ 2). قلت: يظهر من هذه الرواية الصحيحة أن غزوة تبوك، وقعت فى شدة الحر، وجدب وقحط من الناس، لذلك أعلمهم الرسول العظيم -صلى اللَّه عليه وسلم- بوجهته الى أراد الخروج إليها. انظر سنن الدارمى (214/ 2) فإنه أخرج =

قال أبو جعفر: حدثنا المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا الليث (¬1) عن عقيل (¬2) عن ابن شهاب (¬3)، قال: أخبرني عبد الرحمن (¬4) بن عبد اللَّه ¬

_ = جزءا من هذا الحديث وارشاد السارى للقسطلانى (451 - 458/ 6). الاغانى (164 - 172/ 16) وشرح حديث النزول 83 شرح أبى على مسلم، وكذا السنوسى، (170 - 175/ 1)، انظر الاحتجاح بالقدر لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 103، انظر ترجمة كعب بن مالك فى معجم الشعراء للمرزيانى ص 342. انظر تحفة الظراف فى تلخيص الاطراف، انظر الكشف والبيان للثعلبى (156 - 169/ 6). (¬1) الليث: هو الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمى، أبو الحارث، المصرى ثقة ثبت، فقيه، إمام مشهور، من السابعة، مات فى شعبان، سنة 175/ ع انظر التقريب (138/ 2). (¬2) عُقَيْل، بالضم، ابن خالد بن عقيل، بالفتح، الأيلى، بفتح الهمزة بحدها تحتانية ساكتة ثم لام، أبو خالد الاموى، مولاهم، ثقة ثبت، سكن المدينة ثم الشام ثم مصر، من السادسة، مات سنة 144 على الصحيح / ع انظر التقريب (29/ 2). (¬3) ابن شهاب هو محمد بن مسلم بن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن شهاب بن عبد اللَّه ابن الحارث بن زهرة بن كلاب القرشى الزهري، وكنيته أبو بكر الحافظ الفقيه الثقة، متفق على جلالته، واتقانه، وهو من رؤوس الطبقة الرابعة، مات سنة 125 هـ. وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين/ ع انظر التقريب (207/ 2). (¬4) هو عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك الانصارى، أبو الخطاب، المدنى ثقة عالم، من الثالثة مات فى خلافة هشام / خ م د س. انظر التقريب (488/ 1).

ابن كعب بن مالك، ان عبد اللَّه بن كعب بن مالك، وكان قائد كعب من بنيه حين عمى، قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك فذكر نحوه (¬1). قال أبو جعفر: حدثنى يعقوب (¬2)، قال: ثنا ابن علية (¬3)، قال: أخبرنا ابن عون (¬4) عن عمر بن كثير بن أفلح (¬5)، قال: قال كعب بن مالك: ما كنت فى ¬

_ (¬1) انظر التفسير ابن جرير الطبرى (62/ 11). قلت: هذا الاثر حسن الاسناد إذا كان المثنى فى الاسناد هو محمد بن المثنى أبو موسى العنزى. انظر تفسير ابن جرير الطبرى بتحقيق الشيخ محمود أحمد شاكر (557/ 14) انظر فتح الباري (86 - 93/ 8) ومسند أحمد بن حنبل (459 - 460/ 3). قال الحافظ فى الفتح (92/ 8): وعنه أيضا أى عن الزهري الرواية عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك ووقع عند ابن جرير الطبرى عن الزهري أول الحديث بغير إسناد انظر ابن جرير الطبرى (547/ 14) بتحقيق الشيخ محمود شاكر قال الحافظ: هكذا روى السياق الأول بدون إسناد ثم اثناء الحديث أسنده كما علمت. (¬2) هو يعقوب بن إبراهيم بن كثير بن أفلح، العبدى مولاهم، أبو يوسف الدورقى بفتح، فسكون ينسب الى دورق، ثقة، من العاشرة، مات سنة 252 هـ، وله تسعون سنة، وكان من الحفاظ /ع انظر التقريب (374/ 2). (¬3) أما ابن علية هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الاسدى مولاهم، أبو بشر البصرى، المعروف بابن علية، ثقة، حافظ من الثامنة، مات سنة 193 هـ وهو ابن 83 / ع. (¬4) أما ابن عون فهو عبد اللَّه بن عون بن أرطبان أبو عون البصرى ثقة، ثبت، فاضل، من أقران أيوب فى العلم، والعمل، والسن، من السادسة مات سنة خمسين ومائة على الصحيح /ع التقريب (439/ 1). (¬5) أما عمر بن كثير فهو عمر بن كثير بن أفلح المدنى مولى أبى أيوب، ثقة من الرابعة انظر التقريب (62/ 2).

غزاة أيسر للظهر والنفقة مني فى تلك الغزاة، قال كعب بن مالك: لما خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قلت: أتجهز غدا ثم ألحقه، فأخذت فى جهازى، فأمسيت ولم أفرغ، فلما كان اليوم الثالث أخذت فى جهازى، فأمسيت ولم أفرغ فقلت: هيهات، سار الناس ثلاثا، فأقمت، فلما قدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، جعل الناس يعتذرون إليه، فجئت حتى قمت بين يديه، فقلت: ما كنت فى غزاة أيسر للظهر والنفقة مني فى هذه الغزاة، فأعرض عنى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأمر الناس الا يكلمونا، وأمرت نساؤنا أن يتحولن عنا، قال: فتسورت حائطا ذات يوم، فإذا أنا بجابر بن عبد اللَّه، فقلت أى جابر نشدتك باللَّه: هل علمتنى غششت اللَّه ورسوله يوما قط، فسكت عنى، فجعل لا يكلمنى، فبينا أنا ذات يوم، إذ سمعت رجلا على الثنية يقول: كعب كعب، حتى دنا مني فقال: بشروا كعبا (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (58/ 11) قلت: هذا الحديث صحيح الاسناد، واللَّه تعالى أعلم وقد أخرج الحديث الإمام أحمد فى مسنده (354/ 3) و (456/ 3) بهذا اللفظ المختصر * * *

الفصل التاسع فيما نزل من القرآن فى التائبين الثلاثة فى غزوة تبوك

الفصل التاسع فيما نزل من القرآن فى التائبين الثلاثة فى غزوة تبوك قال اللَّه تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} التوبة: 117. قال أبو جعفر: يقول اللَّه تعالى: ذكره لقد رزق اللَّه الانابة الى أمره وطاعة نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، المهاجربن فتركوا ديارهم، وعشيرتهم الى دار السلام، وهم انصار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. الذين اتبعوه فى ساعة العسرة منهم، على قلة النفقة والزاد والماء. {مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ} يقول من بعد ما كاد يميل قلوب بعضهم عن الحق، ويشك فى دينه، ويرتاب بالذي ناله من المشقة والشدة فى سفره وغزوه، {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ} يقول: ثم رزقهم جل وعلا الإِنابة. والرجوع الى الثبات على دينه، وابصار الحق الذى كان قد كاد يلتبس عليهم {إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} يقول: ان ربكم بالذين خالط قلوبهم ذلك -لما نالهم فى سفرهم من الشدة والمشقة

روؤف رحيم أن يهلكهم، فينزغ منهم الايمان بعد ما قد أبلوا فى اللَّه ما أبلوا مع رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وصبروا عليه من البأساء والضراء (¬1). {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} التوبة: 118. قال أبو جعفر: يقول اللَّه تعالى ذكره: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (54/ 11) انظر المفردات فى غريب القرآن ص 76. قال ابن كثير فى تفسيره (257 - 258/ 4) مع البغوى قال مجاهد، وغير واحد: نزلت هذه الآية فى غزوة تبوك، وذلك أنهم خرجوا اليها فى شدة من الامر فى سنة مجدبة وحر شديد وعسر من الزاد والماء -وقال قتادة: خرجوا الى الشام عام تبوك، فى لهبان الحر على ما يعلم اللَّه من الجهد، أصابهم فيها جهد شديد، حتى لقد ذكر لنا أن الرجلين كان يشقان التمره بينهما، وقال ابن الجوزى فى زاد المسير (511/ 3) قال المفسرون: تاب عليه من اذنه للمنافقين فى التخلف. وقال أهل المعانى: هو مفتاح كلام، وذلك انه لما كان سبب توبه التائبين، ذكر معهم. كقوله تعالي: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ}. انظر الكشاف للزمخشرى (570 - 571/ 1) والبحر المحيط لابى حيان (107 - 108/ 5) وأسباب النزول للسيوطى ص 127. وروح المعانى للالوسى (41 - 42/ 11) قلت: لم تكن العسرة ساعة معينة فى الغزوة، بل المراد من الآية: الوقت كله الذى عاشوا فيه من البداية الى النهاية ومن خروجهم الى تبوك حتى رجوعهم الى المنازل.

والانصار، وعلى الثلاثة الذين خلفوا، وهؤلاء الثلاثة الذين وصفهم اللَّه فى هذه الآية بما وصفهم به فيما قيل، هم الآخرون الذين قال جل ثناءه: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} فتاب عليهم عزّ ذكره، وتفضل عليهم. فتأويل الكلام اذن: ولقد تاب اللَّه على الثلاثة الذين خلفهم اللَّه عن التوبة، فأرجأ عمن تاب عليه، ممن تخلف عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (56/ 11). قال ابن الجوزى فى زاد المسير (512/ 3): {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} وقرأ أبو رزين، وأبو مجلز، والشعبى، وابن يعمر، "خالفوا" بألف. وقرأ معاذ القارئ وعكرمة، وحميد: "خلفوا" بفتح الخاء واللام المخففة. وقرأ أبو الجوزاء، وأبو العالية: خلفوا بفتح الخاء واللام مع تشديدها. وهؤلاء هم المرادون بقوله: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ}، وقال القرطبى فى تفسيره (281/ 8): تحت هذه الآية: قيل خلفوا عن التوبة، وهو منقول عن مجاهد وأبى مالك. وقال قتادة: عن غزوة تبوك. وحكى عن محمد بن زيد معني خلفوا تركوا لان معني خلفت فلانا تركته وفارقته قاعدًا عما نهضت فيه. ثم قال: والثلاثة الذين خلفوا: هم كعب بن مالك، ومرارة بن ربيعه العامرى، وهلال بن امية الواقفى، وكلهم من الانصار، وقد أخرج البخارى ومسلم وغيره حديثهم ثم ذكر الحديث بطوله نقلا عن مسلم. انظر تفسير ابن كثير مع البغوى (258 - 266/ 4). وفتح البيان (213 - 214/ 4) انظر روح المعانى للالوسى (42 - 45/ 11) فانه نسب اخراج حديث كعب بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه. الى عبد الرزاق فى مصنفه، وأبو بكر بن أبى شيبة ايضا فى مصنفه وأحمد والبخارى، ومسلم والبيهقى، عن طريق الزهرى.

وقال أبو جعفر: قال: حدثنا أبو داود الحفرى (¬1)، عن سلام أبى الأحوص (¬2)، عن سعيد بن مسروق (¬3)، عن عكرمة {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} قال: هلال بن أمية ومرارة، وكعب بن مالك (¬4). قال أبو جعفر: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبيد اللَّه (¬5)، عن اسرائيل (¬6)، عن ¬

_ (¬1) أما أبو داود فهو عمر بن سعد بن عبيد، أبو داود، الحفرى، بفتح المهملة والفاء، نسبة الى موضع بالكوفة، ثقة عابد من التاسعة مات سنة 203/ م عم انظر التقريب (56/ 2) قلت: هذا شيخ لسفيان بن وكيع وليس شيخا لابى جعفر لأن فى هذا الاسناد سقطا فى الاول فانتبه. (¬2) أما سلام بن أبى الأحوص، فهو سلام بن سليم الحنفى، مولاهم، أبو الأحوص الكوفى، ثقة، متقن، من السابعة، مات سنة 179/ ع انظر التقريب (342/ 1). (¬3) أما سعيد بن مسروق فهو سعيد بن مسروق الثورى، والد سفيان، ثقة من السادسة. مات سنة 126، وقيل: بعدها/ ع انظر التقريب (305/ 1). (¬4) تفسير ابن جرير الطبرى (58/ 11). قلت: هذا الاثر مقطوع ضعيف من كلام عكرمة بن عبد اللَّه مولى ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه لانه روى عن طريق سفيان بن وكيع وهو ضعيف كما مر عدة مرات. ولم أجد له مرجعا آخر غير ابن جرير الطبرى لعله انفرد باخراجه، واللَّه أعلم. (¬5) هو عبيد اللَّه بن أياد بن لقيط السدوسى، أبو السليل، بفتح المهملة وكسر اللام وآخره لام أيضا، الكوفى، كان عريف قومه، صدوق، لينه البزار وحده من السابعة، مات سنة 169/ بخ م - د - ت - س. انظر التقريب (531/ 1). (¬6) اسرائيل: هو اسرائيل بن يونس بن أبى إسحاق السبيعى الهمدانى، أبو يوسف الكوفى، ثقة تكلم =

السدى (¬1) عن أبى مالك (¬2)، قال: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} هلال بن أمية، وكعب بن مالك، ومرارة بن ربيعة (¬3). قال أبو جعفر: حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} الى قوله. . {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} كعب بن مالك، وهلال بن أمية، ومرارة بن ربيعة, تخلفوا فى غزوة تبوك، ذكر لنا أن كعب بن مالك أوثق نفسه الى سارية فقال: لا أطلقها، أو لا أطلق نفسى حتى يطلقنى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- واللَّه لا أطلقه حتى يطلقه ربه ان شاء. ¬

_ = فيه بلا حجة، من السابعة، مات سنة 160 هـ وقيل بعدها/ ع انظر التقريب (64/ 1). (¬1) السدى هو اسماعيل بن عبد الرحمن بن أبى كريمة السدى (السدة: الباب الكبير) بضم المهملة، وتشديد الدال، أبو محمد الكوفى، صدوق يهم، ورمى بالتشيع، من الرابعة، مات سنة سبع وعشرة مائة/ م عم انظر التقريب (72/ 1). (¬2) اما أبو مالك فهو غزوان الغفارى، أبو مالك، الكوفى، مشهور بكنيته، ثقة، من الثالثة/ خت و - س - ت/ انظر التقريب (105/ 2). قلت: هذا الاثر مقطوع ضعيف من كلام غزوان الغفارى وسبب ضعفه، لانه روى عن طريق سفيان بن وكيع بن الجراح وهو ساقط الحديث. ولم يرده السيوطى فى الدر المنثور ولا غيره من أهل التأويل لعل أبا جعفر انفرد باخراجه واللَّه تعالى أعلم بالصواب. (¬3) تفسير ابن جرير (58/ 11)

وأما الآخر فكان تخلف على حائط له كان أدرك، فجعله صدقة فى سبيل اللَّه. وقال: واللَّه لا أطعمه. وأما الآخر فركب المفاوز يتبع أثر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ترفعه أرض وتضعه أخرى وقدماه تشلشلان دما (¬1). قال أبو جعفر: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو معاوية (¬2)، عن الأعمش (¬3)، عن ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (57/ 11). قلت: هذا الاثر مقطوع صحيح الاسناد من كلام قتادة إلا أنه أثر غريب ولم يأت بطريق متصل آخر فيما أظن والغرابة التى فيه أن كعب بن مالك وثق نفسه بالسوارى. مع أن الآثار الاخرى لم تشر الى هذا المعنى. ولم يرد ذكره عند السيوطى فى الدر المنثور (286/ 3) ولا الشوكانى فى فتح القدير ولا الامام ابن كثير فى تفسيره. والقرطبي لم يذكره أيضا فى تفسيره. لعل أبا جعفر انفرد به واللَّه تعالى أعلم بالصواب. ولا ابن الجوزى فى زاد المسير ولا الزمخشرى فى الكشاف ولا صاحب البحر المحيط تحت هذه الآية. (¬2) أبو معاوية فى هذا الاسناد هو: محمد بن خازم بمعجمتين أبو معاوية الضرير الكوفى، عمى وهو صغير ثقة أحفظ الناس لحديث الأعمش من حديث غيره من كبار التاسعة/ ع انظر التقريب (157/ 2). (¬3) هو سليمان بن مهران انظر نزهة الالباب فى الالقاب لابن حجر ص 8. وقال أبو جعفر فى تفسيره (57/ 11): حدثنى عبيد بن الوراق، قال: ثنا أبو اسامة، عن الأعمش، عن أبى سفيان، عن جابر بنحوه. الا أنه قال: مرارة بن ربيع أو ابن ربيعة، شك أبو اسامة. وأما أبو سفيان فى هذا الاسناد هو طلحة بن نافع الواسطى، أبو سفيان، الاسكاف، نزل مكة، صدوق، من الرابعة/ ع انظر التقريب (380/ 1) =

أبى سفيان، عن جابر، فى قوله {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} قال: كعب بن مالك، وهلال بن أمية، ومرارة ربيعة، وكلهم من الأنصار (¬1). قال أبو جعفر: حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، وعمن سمع عن عكرمة، فى قوله {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} قال: خلفوا عن التوبة (¬2). ¬

_ = انظر الدر المنثور للسيوطى (286/ 3) فإنه أشار الى هذه الرواية فقال: أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ وابن مندة، وابن مردويه، وابن عساكر، عن جابر بن عبد اللَّه ثم ذكر النص كما ذكره ابن جرير. (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (56 - 57/ 11). قلت: هذا الاثر ضعيف موقوف من كلام جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه تعالى عنه. ورجال الاسناد كلهم ثقات الا سفيان بن وكيع الذى هو شيخ أبى جعفر قال فيه الحافظ ابتلى بوراقة فنصع فلم ينتصع فسقط حديثه. انظر التقريب (312/ 1) (¬2) تفسير ابن جرير الطبرى (56/ 11). قلت: ان هذا الاثر لم يثبت عن عكرمة بن عبد اللَّه مولى ابن عباس لان معمر لم يسمع منه مباشرة والسياق هذا فى الاسناد يدل أن الواسطة التى سقطت بين معمر وعكرمة ضعيفة ولذا لم تذكر واللَّه تعالى أعلم. ولو كانت الواسطة ثقة لكان الاثر مقطوعا حسنا من كلام عكرمة بن عبد اللَّه البريرى رحمه اللَّه تعالى. والحسن بن يحيى الجعد العبدى صدوق ذكره الحافظ فى التقريب (172/ 1).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقال أبو جعفر (56/ 11) فى تفسيره: حدثنا بشر، قال ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتاده، قوله {خلفوا} {فخلفوا} عن التوبة {حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ}. يقول: بسعتها غما وندما على تخلفهم عن الجهاد مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- {وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ} بما نالهم من الوحده والكرب بذلك، {وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ} يقول: وأيقنوا بقلوبهم أن لا شئ لهم يلجئون اليه مما نزل بهم من امر اللَّه من البلاء، بتخلفهم خلاف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ينجيهم من كربه، ولا مما يحذرون من عذاب اللَّه إلا اللَّه، ثم رزقهم الإنابة الى طاعته، والرجوع الى ما يرضيه عنهم لينيبوا اليه، ويرجعوا الى طاعته، والانتهاء الى أمره ونهيه {إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} يقول: إن اللَّه هو الوهاب لعباده الانابة الى طاعته، الموفق من أحب توفيقه منهم لما يرضيه عنه، الرحيم بهم أن يعاقبهم بعد التوبة، أو يخذل من أراد منهم التوبة، والانابة ولا يتوب عليه. قلت: رجال هذا الاسناد كلهم ثقات: وهذا الاثر مقطوع من كلام قتاده بن دعامة السدوسى رحمه اللَّه تعالى. قال الشيخ محمود شاكر فى تحقيقه على تفسير ابن جرير الطبرى (543/ 14) الاثر 17433 مرارة بن ربيعة المشهور مرارة بن الربيع ولكنه هكذا جاء فى المخطوطة والمطبوعة ثم جاء فى الاخبار الربيع وقد مضى مثل هذا الاختلاف فى اثر 17177 - 17178 و 17183 قلت: ذكره مسلم فى بعض نسخه هكذا كما جاء هنا. * * *

الفصل العاشر فيما نزل من القرآن فى الذين اعترفوا بذنوبهم

الفصل العاشر فيما نزل من القرآن فى الذين اعترفوا بذنوبهم قال اللَّه تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} التوبة: 102. قال أبو جعفر: يقول اللَّه تعالى ذكره: ومن أهل المدينة منافقون مردوا على النفاق، ومنهم آخرون اعترفوا بذنوبهم، يقول: اقروا بذنوبهم، خلطوا عملا صالحا، يعنى جل ثناءه بالعمل الصالح الذى خلطوه بالعمل السيء: اعترافهم بذنوبهم وتوبتهم منها، والآخر السيء هو تخلفهم عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما خرج غازيا الى تبوك وحين تركهم الجهاد مع المسلمين. ثم قال أبو جعفر وقد اختلف أهل التأويل فى المعنى بهذه الآية، والسبب الذى من أجله انزلت فيه، فقال بعضهم: نزلت فى عشرة أنفس كانوا تخلفوا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك، منهم أبو لبابة، فربط سبعة منهم أنفسهم الى السوارى عند مقدم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، توبة منهم من ذنبهم (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (12/ 11). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قال ابن الجوزى فى زاد المسير (493 - 495/ 3): تحت هذه الآية اختلفوا فيمن نزلت على قولين: 1) أنهم عشرة كما ذكر ابن جرير الطبرى تخلفوا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك انظر فى ذلك تفسير الطبرى بتحقيق الشيح أحمد شاكر (451/ 14) والدر المنثور للسيوطى 272/ 3 ونسبه لابن أبى شيبة، وابن المنذر، وابن أبى حاتم، والبيهقى فى الدلائل، عن مجاهد مختصرا، عن سعيد بن المسيب مطولا ونسبه الى البيهقى: والقول الثاني: أنها نزلت: فى أبى لبابة وحده. واختلفوا فى ذنبه على قولين: أحدهما: أنه خان اللَّه ورسوله بأشارته الى بنى قريظة حين شاوروه فى النزول علي حكم سعد فقال أنه الذبح، وهو قول مجاهد، انظر زاد المسير لابن الجوزى إذ قال هنا قد شرحناه فى الانفال "37" انظر تفسير ابن كثير (233/ 4) مع البغوى فقد نسب الى البخارى تفسير هذه الآية وأورد تحتها حديثا أخرجه البخارى فى كتاب التفسير. وانظر فتح البيان للسيد صديق حسن خان القنوجى (191/ 4) وروح المعاني للالوسى (11/ 11). والبحر المحيط لابي حيان (54 - 95/ 5). والكشاف للزمخشرى (566/ 1) وتفسير القرطبى (241 - 244/ 8). وأسباب النزول للسيوطى ص 123 ولعلي الواحدى ص 174، انظر البخارى كتاب التفسير باب رقم 133، انظر الجواهر الحسان للثعالبي (151 - 152/ 2).

قال أبو جعفر: حدثنى المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنى معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} قال: كانو عشرة رهط تخلفوا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك، فلما حضر رجوع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أوثق سبعة منهم أنفسهم بسوارى المسجد، وكان ممر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا رجع فى المسجد عليهم، فلما رآهم قال: من الموثقون أنفسهم بالسوارى؟ قالوا: هذا أبو لبابة وأصحاب له، تخلفوا عنك يا رسول اللَّه حتى تطلقهم، وتعذرهم، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وأنا أقسم باللَّه لا أطلقهم ولا أعذرهم، حتى يكون اللَّه هو الذى يطلقهم، رغبوا عنى، وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين" فلما بلغهم ذلك، قالوا: ونحن باللَّه لا نطلق أنفسنا حتى يكون اللَّه الذى يطلقنا، فأنزل اللَّه تبارك وتعالى {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} وعسى من اللَّه واجب، فلما نزلت، أرسل اليهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأطلقهم وعذرهم (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (12 - 13/ 11). قلت: أورد هذه الرواية ابن الجوزى فى زاد المسير (494/ 3) ولا يخفى عليك أن هذه الرواية منقطعة. ثم ضعف أبى صالح الذى هو عبد اللَّه بن صالح كاتب الليث بن سعد قال الحافظ فى تقريب التهذيب: صدوق كثير الغلط، ثبت فى كتابه، وكانت فيه غفلة من العاشرة انظر التقريب (423/ 1) انظر الدر المنثور للسيوطى (272/ 3) فإنه نسب اخراج هذه الرواية لابن المنذر،=

قال أبو جعفر، وقال آخرون: كانوا ستة، أحدهم أبو لبابة، وذكر من قال ذلك حدثنى محمد بن سعد، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبى، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ}. . . الى قوله {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وذلك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - غزا غزوة تبوك، فتخلف أبو لبابة وخمسة معه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم أن أبا لبابة ورجلين معه تفكروا وندموا، وأيقنوا بالهلكة، وقالوا: نكون فى الكن والطمأنينة مع النساء، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمؤمنون معه فى الجهاد، واللَّه لنوثقن أنفسنا بالسوارى، فلا نطلقها حتى يكون رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هو يطلقنا ويعذرنا، فانطلق أبو لبابة وأوثق نفسه ورجلان معه بسوارى المسجد، وبقي ثلاثة نفر لم يوثقوا أنفسهم، فرجع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من غزوته، وكان طريقه فى المسجد، فمر عليهم فقال: من هؤلاء الموثقون أنفسهم بالسواري؟ فقالوا: هذا أبو لبابة وأصحاب له، تخلفوا عنك تعاهدوا اللَّه ¬

_ = وابن أبى حاتم، وابن مردويه، والبيهقى فى الدلائل (272/ 3) انظر اسباب النزول للواحدى 174 والسيوطى 123 - انظر المسند للامام أحمد فى متعلقات هذا الاسناد (8 - 9/ 5) وتفسير القرطبى (242/ 8) والقاسمى (3247 - 3249/ 8) وتفسير ابن كثير مع البغوى (233 - 234/ 4) وفتح القدير للشوكانى (379 - 381/ 2) والتفسر الكبير للرازى (174 - 184/ 16) والكشاف للزمخشرى (167/ 1) والبحر المحيط لابى حيان (94 - 95/ 5) وروح المعانى للالوسى (12 - 14/ 11). انظر متشابه القرآن للهمذانى (344/ 1).

ألا يطلقوا أنفسهم حتى تكون أنت الذى تطلقهم، وترضى عنهم، وقد اعترفوا بذنوبهم، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: واللَّه لا أطلقهم حتى أؤمر باطلاقهم، ولا أعذرهم حتى يكون اللَّه هو يعذرهم، وقد تخلفوا عنى ورغبوا بأنفسهم عن غزو المسلمين وجهادهم، فأنزل اللَّه برحمته {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وعسى من اللَّه واجب، فأطلقهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وعذرهم، وتجاوز عنهم. (¬1) وقال أبو جعفر: وقال آخرون: الذين ربطوا أنفسهم بالسوارى كانوا ثمانية، ذكر من قال ذلك حدثنا ابن حميد، قال ثنا يعقوب (¬2) , عن ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (13/ 11). قلت: إن هذا الحديث لم يصح بهذا الاسناد لانه اسناد ضعيف جدا ورواته لا تقوم به الحجة ولا هو صالح للمتابعات والشواهد لانه قائم علي سلسلة الضعفاء انظر الدر المنثور للسيوطى فإنه أشار الي هذه الرواية (272/ 3) وقال أخرج ابن جرير الطبرى وابن المنذر، وابن أبى حاتم، وأبى مردويه، والبيهقى فى الدلائل, عن ابن عباس ثم ذكر النص. وهكذا جاء فى زاد المسير لابن الجوزى (494/ 3). والقرطبى فى تفسيره (242/ 8) والقاسمى (3247/ 8) وذكره الواحدى فى أسباب النزول ص 174 وفتح القدير للشوكانى (379 - 381/ 2) والزمخشرى فى الكشاف (567/ 1) والبحر المحيط لابى حيان (94 - 95/ 5) وروح المعانى للالوسى (12 - 13/ 11) وابن كثير فى تفسيره مع البغوى (233 - 234/ 4). (¬2) أما يعقوب فهو يعقوب بن عبد اللَّه بن سعد الاشعرى، أبو الحسن القمى بضم القاف وتشديد الميم، صدوق يهم من الثامنة مات سنة 174/ خت عم انظر التقريب (376/ 2).

زيد بن أسلم، {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} قال: هم الثمانية الذين ربطوا أنفسهم بالسوارى، منهم كردم ومرداس وأبو لبابة (¬1). وقال أبو جعفر: وقال آخرون: كانوا سبعة. ذكر من قال ذلك. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} ذكر لنا أنهم كانوا سبعة رهط تخلفوا عن غزوة تبوك، فأما أربعة فخلطوا عملا صالحا وآخر سيئا. جد بن قيس، وأبو لبابة، ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (14/ 11). قلت: هذا الاثر: معضل ضعيف، من كلام زيد بن أسلم العدوى ذكره الحافظ فى التقريب (272/ 1) ولا تقوم به الحجة لأن فيه محمد بن حميد الرازى وهو حافظ ضعيف وأشار السيوطى فى الدر المنثور الى هذا الاثر بقوله (273/ 3) أخرج ابن أبى حاتم، عن ابن زيد بن أسلم ثم ذكر الاثر بطوله. ولم ينسب اخراجه الى ابن جرير الطبرى. كذا القرطبى فى تفسيره (242/ 8) وابن كثير مع البغوى (233/ 4). قلت: كل هذه الاثار لا تقوم الحجة بها وسوف يأتى ترجيح أبى جعفر بين هذه الاثار ويذهب الى الاقوال الصحيحة فى ذلك، وهو قول من نزلت فى المعترفين بخطأ فعلهم فى تخلفهم عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وتركهم الجهاد معه، والخروج لغزو الروم حين شخص الى تبوك، وان الذين نزل فيهم جماعة، أحدهم أبو لبابة. وقال ابن كثير 385/ 2 فى تفسيره وهذه الآية وان كانت نزلت فى اناس معينين، الا أنها عامة فى كل المذنبين المخلطين المتلوثين، واللَّه تعالى أعلم.

وحرام، وأوس، وكلهم من الانصار، وهم الذين قيل فيهم {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} الآية (¬1) ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (14/ 11) قلت: هذا الاثر مرسل صحيح الاسناد الى قتادة الا ما يقال من اختلاط سعيد بن أبى عروبة انظر الاغتباط ص 12 وقال السيوطى فى الدر المنثور (273/ 3): مشيرا الى هذا الاثر أخرج ابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن قتادة ولم يذكر ابن جرير الطبرى. وأورده القاسمى فى تفسيره (3248/ 8) ونسب اخراجه الى مانسب اليه السيوطى. ولم يشر اليه الشوكانى فى فتح القدير (383/ 2) ولا ابن كثير في تفسيره (385/ 2) ولا القرطبى فى تفسيره (242/ 8) انظر فتح البيان للسيد صديق حسن خان (191/ 4). وقال أبو جعفر فى تفسيره (14/ 11) حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة {خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} قال: هم نفر ممن تخلف عن تبوك: منهم أبو لبابة، ومنهم جد بن قيس، تيب عليهم، قال: قتادة: وليسوا بثلاثة. قلت: إن هذا الاثر صحيح الاسناد مع أنه مرسل مقطوع. وذكر اثرا آخر مماثلا عن قتادة باسناد آخر وفيه ضعف بسيط إذ قال: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة ثم ذكر نحو ما ذكر فى الاسناد الاول. والحسين فى الاسناد هو سنيد بن داود المصيصي المحتسب، ضعيف، مع امامته، ومعرفته، لكونه كان يلقن حجاج بن محمد، شيخه انظر التقريب (335/ 1). ويرى الحافظ ابن حجر فى مثل هذه الحالة استئناسا قويا بالمعنى الذى يروى عن هذه الطرق فكثيرا ما يقول فى الفتح يؤيد هذا المرسل مرسل آخر روى بهذا المعنى، وانا ممن لا يشذ عن هذه القاعدة فأرى ما يراه الحافظ، واللَّه أعلم.

قال أبو جعفر: حدثت عن الحسين بن الفرج (¬1)، قال سمعت أبا معاذ، قال: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول: فى قوله تعالى {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} نزلت فى أبى لبابة وأصحابه، تخلفوا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك، فلما قفل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من غزوته، وكان قريبا من المدينة، ندموا على تخلفهم عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقالوا: نكون فى الظلال، والأطعمة، والنساء ونبى اللَّه فى الجهاد واللأواء، واللَّه لنوثقن أنفسنا بالسوارى، ثم لا نطلقها حتى يكون نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هو الذى يطلقنا ويعذرنا، وأوثقوا أنفسهم، وبقى ثلاثة لم يوثقوا أنفسهم، فقدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من ¬

_ (¬1) هو: الحسين بن فرج، أبو على وقيل: أبو صالح ويعرف بابن الخياط. بغدادى، حدث فى الغربة، عن يحيى بن سليم وغيره قال يحيى بن معين ابن الخياط ذاك نعرفه يسرق الحديث فى الصغر وقال الخطيب فى تاريخه (84 - 86/ 8) فيه ضعف قلت: لا يحتج بحديثه وقد ترجم له الحافظ فى لسان الميزان (207/ 2) وصاحب تاريخ أصبهان (266 - 267/ 1) والامام ابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل، (62 - 63/ 1/ 2) وقد أخرج الطبرى فى تفسيره (13/ 11) هذه الرواية عن طريق العوفى وهذا طريق آخر ضعيف ولا تقوم به الحجة ولا يصلح أن يكون متابعا أو شاهدا لطريق العوفى المذكور. وقد انفرد بهذا الاسناد الامام أبو جعفر لان بقية المراجع من أهل التفسير لم تذكر هذه الرواية واللَّه تعالى أعلم بالصواب. وللقرطبى فى تفسيره (242 - 244/ 8) تحت هذه الآية كلام جيد فارجع اليه فاستفد منه الدرر فى الاحكام.

غزوته، فمر فى المسجد وكان طريقه، فأبصرهم، فسأل عنهم، فقيل له: أبو لبابة وأصحابه تخلفوا عنك يا نبى اللَّه، فصنعوا بأنفسهم ما ترى، وعاهدوا اللَّه أن لا يطلقوا أنفسهم حتى تكون أنت الذى تطلقهم، فقال نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا أطلقهم حتى أؤمر باطلاقهم، ولا أعذرهم حتى يعذرهم اللَّه، قد رغبوا عنى بأنفسهم عن غزوة المسلمين، فأنزل اللَّه: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} الى قوله تعالى: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} وعسى من اللَّه واجب (¬1). قال أبو جعفر: وقال آخرون: بل عنى بهذه الآية أبو لبابة خاصة، وذنبه الذى اعترف به، فتيب عليه منه، ما كان من أمره فى بنى قريظة وذكر من قال ذلك. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن نمير (¬2)، عن ورقاء (¬3) عن ابن أبى نجيح، ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (14/ 11). (¬2) أما ابن نمير فهو عبد اللَّه بن نمير، بنون، مصغرا، الهمدانى، أبو هشام الكوفى، ثقة صاحب حديث، من أهل السنة، من كبار التاسعة مات 199 وله أربع وثمانون سنة / ع انظر التقريب (457/ 1). (¬3) أما ورقاء، فهو ورقاء بن عمر البشكرى، أبو بشر الكوفى، نزيل المدائن صدوق فى حديثه عن منصور، لين، من السابعة/ ع انظر التقريب (330/ 2) إذا قال قائل: كيف أخرج له البخارى فى صحيحه وهو ليس على شرطه: قلت أجاب عنه الحافظ فى مقدمة الفتح بجواب بليغ فانظر المقدمة 449 - 450.

عن مجاهد {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} قال: نزلت فى أبى لبابة، قال: لبنى قريظة ما قال (¬1). قال أبو جعفر: وقال آخرون: بل نزلت فى أبى لبابة بسبب تخلفه عن تبوك حدثنا محمد بن عبد الاعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، قال: قال الزهرى: كان أبو لبابة، ممن تخلف عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك، فربط نفسه بسارية فقال: واللَّه لا أحل نفسى منها، ولا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت، أو يتوب اللَّه عليّ، فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاما ولا شرابا، حتى خر مغشيا عليه، قال: ثم تاب اللَّه عليه، ثم قيل له: قد تيب عليك يا أبا لبابة فقال: واللَّه ¬

_ (¬1) انظر تفسير ابن جرير الطبرى (15/ 11). قلت: أخرج ابن جرير الطبرى أربعة آثار مقطوعة من كلام مجاهد فى تفسيره (15/ 11) باسانيد بعضها صحيحة، وبعضها حسنة ومنها ما قال، وأشار الى حلقه: ان محمدا ذا يحكم ان نزلتم على حكمه. ويذهب الحافظ ابن حجر الى أن مرسل إذا اعتضد بمرسل آخر يتقوى وتقوم به الحجة وكثيرا ما يقول الحافظ بذلك بشرط أن يكون كلا المرسلين صحيحى الاسناد. وقال الحافظ أبو عمرو فى الاستيعاب (167 - 168/ 4) قال: كان أبو لبابة ممن تخلف عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم - فى غزوة تبوك، فربط نفسه بسارية وقال واللَّه لا أحل نفسى منها، ولا أذوق طعاما، ولا شرابا، حتى يتوب اللَّه عليّ أو أموت فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاما ولا شرابا، حتى خر مغشيا عليه، ثم تاب اللَّه عليه ثم أبو عمر بن عبد البر أورد هذه الرواية نقلا عن الزهرى. قلت: وأنا أرى أن الآية نزلت فى أبى لبابة وفى نفر كانوا تخلفوا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك. واللَّه تعالى أعلم.

لا أحل نفسى حتى يكون رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يحلنى، قال: فجاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فحله بيده، ثم قال أبو لبابة: يا رسول اللَّه: ان من توبتى أن أهجر دار قومى التى أصبت فيها الذنب، وانخلع من مالى كله صدقة الى اللَّه والى رسوله، قال: يجزيك يا أبا لبابة الثلث (¬1). قال أبو جعفر: وقال بعضهم: عنى بهذه الآية الاعراب. وذكر من قال ذلك. حدثنى محمد بن سعد، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبى، عن أبيه، عن ابن عباس {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} قال: فقال أنهم من الاعراب (¬2). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (15/ 11). قلت: هذا الاثر مقطوع باسناد صحيح الى الزهرى، وقد أورد الاثر ابن عبد البر فى الاستيعاب (167 - 168/ 4) فى ترجمة أبى لبابة. قلت: لم يشر السيوطى الى هذا الاثر فى الدر المنثور (273/ 3) وكذا الشوكانى فى فتح القدير (383/ 2) وأورده القرطبى فى تفسيره معلقا (242/ 8) ولم ينسبه الى الزهري. وسكت عنها الامام ابن كثير فى تفسيره (385/ 2) وكذلك القاسمى (3247 - 3251/ 8) وأشار الالوسى فى روح المعانى الى هذه الرواية بقوله وقيل نزلت فى أبى لبابة عندما تخلف عن تبوك انظر التفسير (12 - 13/ 11). وقال الرازى فى التفسير الكبير (175 - 176/ 16) روى أن الآية نزلت فى ثلاثة: أبى لبابة، مروان بن عبد المنذر، واوس بن ثعلبة، ووديعة بن حزام، وقيل كانوا عشرة ثم ذكر المسائل تتعلق بالتخلف وما يترتب عليه من المصائب على المتخلفين وانهم عالة على المجتمع الاسلامى فيجب معالجتهم وعدم موالاتهم. (¬2) تفسير ابن جرير الطبرى (15 - 16/ 11).=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قلت: هذا من أوهى الاسانيد التى تنسب الى ابن عباس ولم يصح وقد مر بكم مرارا، بان هذا المتن يروى كثيرا فى الطبرى ويقال له: سلسلة الضعفاء ولا تقوم به حجة. واللَّه أعلم. قال أبو جعفر فى تفسيره (16/ 11) وأولى هذه الاقوال بالصواب فى ذلك: قول من يقول: نزلت هذه الآية فى المعترفين بخطأ فعلهم، فى تخلفهم عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتركهم الجهاد معه, والخروج لغزو الروم، وان الذين نزل ذلك فيم جماعة أحدهم "أبو لبابة". انما كان ذلك اولى بالصواب فى ذلك، لان اللَّه جل وعلا قال: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} فأخبر من اعتراف جماعة بذنوبهم، ولم يكن المعترف بذنبه، الموثق نفسه بالسارية فى حصار قريظة غير أبى لبابة وحده، فإذا كان كذلك، وكان اللَّه تبارك وتعالى قد وصف فى قوله {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} بالاعتراف بذنوبهم جماعة، عل أن الجماعة الذين وصفهم بذلك السبب غير الواحد، فقد تبين بذلك أن هذه الصفة إذ لم تكن الا للجماعة وكان لا جماعة فعلت ذلك فيما نقله أهل السير والاخبار، وأجمع عليه أهل التأويل، إلا جماعة من المتخلفين من غزوة تبوك صح ما ذهب اليه غير واحد من أهل التفسير، قلت: هذا هو الصحيح فى نظرى، واللَّه تعالى أعلم بالصواب. * * *

الفصل الحادى عشر فيما نزل من القرآن فى أخذ الصدقة عن الذين اعترفوا بذنوبهم فى غزوة تبوك

الفصل الحادى عشر فيما نزل من القرآن فى أخذ الصدقة عن الذين اعترفوا بذنوبهم فى غزوة تبوك قال اللَّه تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} التوبة: 103. قال أبو جعفر: يقول اللَّه تعالى ذكره: لنبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا محمد خذ من أموال هؤلاء الذين اعترفوا بذنوبهم، فتابوا منها، صدقة تطهرهم من دنس ذنوبهم، وتزكيهم بها، يقول: وتنميهم وترفعهم من جنس منازل أهل النفاق بها، الى منازل أهل الاخلاص {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} يقول: ادع لهم بالمغفرة لذنوبهم، واستغفر لهم منها {إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ} يقول: ان دعائك واستغفارك طمأنينة لهم بأن اللَّه قد عفا عنهم، وقبل توبتهم {وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. يقول: واللَّه سميع لدعائك إذا دعوت لهم، ولغير ذلك من كلام خلقه، عليم بما تطلب لهم بدعائك ربك لهم، وبغير ذلك من أمور عباده (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (16/ 11). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قال الامام ابن الجوزى فى زاد المسير (495 - 496/ 3): قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} قال المفسرون: لما تاب اللَّه عز وجل على أبى لبابة وأصحابه، قالوا: يا رسول اللَّه، هذه أموالنا فتصدق بها عنا، فقال: ما أمرت أن آخذ أموالكم شيئا "فنزلت الآية". قال القرطبى فى تفسيره (244 - 250/ 8): اختلف فى هذه الصدقة المأمور بها فقيل: هي صدقة الفرض، قال جويبر عن ابن عباس قلت: جويبر تصغير جابر، يقال اسمه جابر، وجويبر لقب، ابن سعيد الازدى، أبو القاسم البلقمى، نزيل الكرفة، راوى التفسير، ضعيف جدا، من الخامسة مات بعد الاربعين/ قد ق - انظر التقريب (136/ 1) ثم قال القرطبى: وهو قول عكرمة فيما ذكره القشيرى. وقيل هو مخصوص عمن نزلت فيه. فإن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أخذ منهم ثلث أموالهم، وليس هذا من الزكاة المفروضة فى شئ. ولهذا قال مالك: إذا تصدق الرجل بجميع ماله أجزاه اخراج الثلث. متمسكا بحديث أبى لبابة. انظر فتح البيان للسيد صديق حسن خان (191 - 193/ 4). وكتاب التسهيل للكلبى (84/ 2). والتفسير الكبير للرازى (174 - 184/ 16). وفتح القدير للشوكانى (379 - 383/ 2). والبحر المحيط لابى حيان (95 - 96/ 5) وتفسير ابن كثير مع البغوى (234 - 235/ 4). والكشاف للزمخشرى (567/ 1) وروح المعانى للالوسى (14 - 15/ 11).

قال أبو جعفر: حدثنى المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنى معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قال: جاءوا بأموالهم، يعنى أبا لبابة وأصحابه حين اطلقوا، فقالوا: يا رسول اللَّه هذه أموالنا، فتصدق بها عنا، واستغفر لنا، قال ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئا، فأنزل اللَّه {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} يعنى بالزكاة: طاعة للَّه والاخلاص {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} يقول: استغفر لهم (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (16/ 11). قلت: إن هذه الرواية منقطعة وفيها ضعف لان أبا صالح عبد اللَّه بن صالح كاتب ليث بن سعد المصرى صدوق يخطئ كثيرا كما مرّ بكم مرارا. قال البغوى فى تفسير (234/ 4): تحت هذه الآية تطهرهم بها من ذنوبهم، وتزكيهم بها ترفعهم من منازل المنافقين، الى منازل المخلصين، وقيل: تنمى أموالهم {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} أى ادع لهم واستغفر لهم. وقال ابن كثير فى نفس هذه الصفحة: روى مسلم فى صحيحه عن عبد اللَّه ابن أبى أوفى قال: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا أتى بصدقة قوم، صلى عليهم فأتاه أبى بصدقة فقال: اللهم صل على آل أبى أوفى. قلت: أخرجه أبو بكر بن أبى شيبة والبخارى ومسلم وأبو داود والنسائي وقال الشوكانى فى فتح القدير (383/ 2): اخرج ابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضى اللَّه تعالى عنهما ثم ذكر النص الذى أخرجه ابن جرير الطبرى فى تفسيره. انظر الدر المنثور للسيوطى (275/ 3): انظر روح المعانى للالوسى (14 - 15/ 11) قال أبو حيان فى البحر المحيط (95/ 5) قال أبو عبد اللَّه الرازى: انما كانت صلاته سكنا لهم لأن =

قال أبو جعفر: حدثنى محمد بن سعد، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبى، عن أبيه عن ابن عباس، قال: لما أطلق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أبا لبابة وصاحبيه، انطلق أبو لبابة وصاحباه بأموالهم، فأتوا بها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالوا: خذ من أموالنا، فتصدق بها عنا، وصل علينا، يقولون: استغفر لنا، وطهرنا، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا آخذ منها شيئا حتى أؤمر، فأنزل اللَّه تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} يقول: استغفر لهم من ذنوبهم التى كانوا أصابوا، فلما نزلت هذه الآية أخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جزءا من أموالهم، فتصدق بها عنهم (¬1). ¬

_ = روح النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كانت روحا قوية مشرقة صافية، فإذا دعا لهم، وذكرهم بالخير ثارت آثار من قوته الروحانية، على أرواحهم، فأشرقت بهذا السبب أرواحهم، وصفت سرائرهم وانقلبوا من الظلمة الى النور ومن الجسمانية الى الروحانية قلت: قد يكون هذا غير واقع أو فلسفة المتفلسف ماذا يجيب عن دعاء الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لعمه أبى طالب الذى نزل فيه قول اللَّه تعالى {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}. (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (17/ 11). قلت: هذا من أوهى الاسناد الى تنسب الى ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما. ولا تقوم به الحجه أبدا. انظر زاد المسير لابن الجوزى فإنه أشار الى هذه الرواية فى تفسيره باشارة خفيفة (596/ 3)، =

قال أبو جعفر: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن زيد بن أسلم، قال: لما أطلق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أبا لبابة، والذين ربطوا أنفسهم بالسوارى، قالوا: يا رسول اللَّه خذ من أموالنا صدقة تطهرنا بها، فأنزل اللَّه {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} الآية. . . (¬1). ¬

_ = والسيوطى فى الدر المنثور (270/ 3). انظر التفسير الكبير للرازى (176 - 184/ 16) فذكر فى تفسير هذه الآية جملة من المسائل الفقهية وغيرها ونكت بلاغية وبعض الاحاديث. انظر فتح البيان للسيد صديق حسن (193/ 4). وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى (84 - 85/ 2). قلت: لم أجد هذه الرواية فى بقية التفاسير، لعل ابن جرير الطبرى أنفرد بها، واللَّه تعالى أعلم وليست صالحة أن تكون سببا للنزول. (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (17/ 11). قلت: هذا الاثر مقطوع ضعيف من كلام زيد بن أسلم العدوى وهو من الطبقة الثالثة: وزد على ذلك أن يعقوب بن عبد اللَّه بن سعد الاشعرى، أبو الحسن القمى لم يلق زيد بن أسلم وهو يروى عن آخر ساقط فى هذا الاسناد. وهو من الطبقة الثامنة وفاته سنة 174 هـ. وأما زيد بن أسلم العدوى فهو ان كان توفى سنة 126 هـ الا أن المزى لم يذكر فى ترجمته أنه روى عنه يعقوب القمى انظر تهذيب الكمال (452/ 2). انظر تفسير الآية فى القرطبى (244 - 250/ 8) والقاسمى فى تفسيره (3251 - 3255/ 8) وفتح القدير للشوكانى (383/ 2) وابن الجوزى فى زاد المسير (496/ 3). وتفسير ابن كثير مع البغوى (234 - 235/ 4) وتفسير البحر المحيط لابى حيان (96 - 97/ 5) وفتح البيان للسيد صديق حسن خان (193/ 4). قال السيد قطب فى ظلال القرآن (16/ 11). فأخذ الصدقة منهم =

قال أبو جعفر: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير (¬1)، عن يعقوب (¬2)، عن جعفر (¬3) عن سعيد بن جبير (¬4)، قال: قال الذين ربطوا أنفسهم بالسوارى حين ¬

_ = يشعر بانهم لا يزالون أعضاء فى الجماعة المؤمنة، يشاركون فى واجباتها وينهضون باعبائها، لم ينبذوا منها، ولم ينبثوا عنها، وفى تطوعهم بهذه الاموال تطهير وتزكية، وتقوية للروابط، بينهم وبين الجماعة، وفى دعاء الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لهم طمأنينة وسكن، وراحة من القلق والحيرة، والعذاب {وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} لجميع الدعاء، ويعلم ما فى القلوب. قال العبد الفقير: الصدقة: لها ميزة خاصة فى تطهير النفس والمال. وتربية الضمير والروح والقلب لكى يتوجه صاحبها الى معانى رفيعة سامية ولذلك يُرْوَى فى الحديث أن الصدقة تطفئ غضب الرب. أخرجه الترمذى فى السنن فى فضل الصدقة ص 86/ 2 وذلك من طريق الحسن البصرى عن أنس بن مالك مرفوعا وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه. (¬1) جرير هو جرير بن عبد الحميد بن قرط -بضم القاف وسكون الراء بعدها طاء مهملة- الضبى الكوفى، نزيل الرى، وقاضيها، ثقة صحيح الكتاب قيل: كان فى آخر عمره يهم فى حفظه، مات سنة (188 وله احدى وسبعون سنة / ع انظر التقريب (127/ 1) (¬2). . أما يعقوب فهو يعقوب بن عبد اللَّه بن سعد الاشعرى صدوق يهم من الثامنة مات (174/ خت عم انظر التقريب (376/ 2). (¬3) أما جعفر فهو جعفر بن أبى مغيره الخزاعى القمى بضم القاف، قيل: اسم أبى المغيرة، دينار، صدوق يهم من الخامسة / بخ د - ت س فق انظر التقريب (133/ 1) والتهذيب (108/ 2). (¬4) اما سعيد بن جبير -فهو امام كبير- الاسدى مولاهم، الكوفى ثقة ثبت فقيه، من الثالثة، وروايته عن عائشه وأبى موسى ونحوها مرسلة، قتل بين يدى الحجاج سنة خمس وتسعين، ولم يكمل الخمسين انظر التقريب (292/ 1).=

عفا اللَّه عنهم: يا نبي اللَّه طهر أموالنا، فأنزل اللَّه: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}، وكان الثلانة إذا اشتكى أحدهم اشتكى الآخران مثله وكان عمي منهم اثنان، فلم يزل الآخر يدعو حتى عمي (¬1). قال أبو جعفر: حدثنى يونس (¬2)، قال: أخبرنى ابن وهب، قال: قال ابن زيد، {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} قال: هؤلاء ناس من المنافقين ممن كان تخلف عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك، اعترفوا بالنفاق وقالوا: يا رسول اللَّه، قد أرتبنا ونافقنا وشككنا، ولكن توبة جديدة، وصدقة تخرجها من أموالنا، فقال اللَّه لنبيه عليه الصلاة والسلام: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (17/ 11). قلت: بحثت عن بعض تلك الروايات التى تشير الى أن الحجاج قتله غرة فلم تصح على طريقة معتبرة فاللَّه تعالى أعلم بالصواب. وقال أبو جعفر فى تفسيره (17/ 11). حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قال: الاربعة جد بن قيس، أبو لبابة، وحرام، وأوس وهم الذين قيل فيهم: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} قال: اى وقار لهم، وكانوا وعدوا من أنفسهم أن ينفقوا -ويجاهدوا- ويتصدقوا قلت: هذا الاثر صحيح الاسناد ورجاله كلهم ثقات. الا انه مقطوع من كلام قتادة. (¬2) يونس، هو يونس بن عبد الاعلى بن ميسرة الصدفى، أبو موسى المصرى، ثقة من صغار العاشرة، مات سنة 264 وله ست وتسعون سنة/ م س ق. انظر التقريب (385/ 2).

بعد ما قال {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} (¬1). قال أبو جعفر: حدثنا القاسم (¬2)، قال: ثنا الحسين (¬3)، قال: ثنى حجاج (¬4) عن ¬

_ (¬1) انظر تفسير ابن جرير الطبرى (17 - 18/ 11). قلت: لم يشر السيوطى فى الدر المنثور (275/ 3) الى هذا الاثر. ولا الشوكانى فى فتح القدير (383/ 2) ولا الامام ابن كثير فى تفسيره تحت هذه الآية (385/ 2). قلت: ابن زيد هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوى ضعيف ذكره الحافظ فى التقريب (480/ 1) وقال: ضعيف انظر الضعفاء للنسائي ص 19. قال ابن كثير فى تفسيره (386/ 2): قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا أبو العميس، عن أبى بكر بن عمرو بن عتبة، عن ابن لحذيفة، عن أبيه، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، كان إذا دعا لرجل اصابته، وأصابت ولده وولد ولده، ثم رواه عن أبى نعيم، عن مسعر، عن أبى بكر بن عمرو بن عتبة، عن ابن لحذيفة، عن أبيه، قال مسعر: وقد ذكره مرة عن حذيفة، ان صلاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، لتدرك الرجل، وولده وولد ولده. (¬2) القاسم بن الحسن ثقة ذكره الخطيب فى تاريخه (432 - 433/ 12). (¬3) الحسين: هو سنيد بنون ثم دال، مصغرا، ابن داود المصيصى، المحتسب واسمه حسين، ضعيف مع امامته ومعرفته من العاشرة/ ت انظر التقريب (335/ 1). (¬4) اما حجاج فهو حجاج بن محمد المصيصى الاعور، أبر محمد الترمذى الاصل، نزل بغداد ثم المصيصة، ثقة ثبت، لكنه اختلط فى آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته، من التاسعة، مات ببغداد سنة 206/ ع انظر التقريب (154/ 1).

ابن جريج (¬1)، قال: قال ابن عباس، قوله {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} قال: أبو لبابة وأصحابه {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} يقول: استغفر لذنونهم التى كانوا عليها (¬2). قال اللَّه تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} التوبة: 104. قال أبو جعفر: وهذا خبر من اللَّه تعالى ذكره، أخبر المؤمنين به، أن قبول التوبة، ممن تاب من المنافقين وأخذ الصدقة من أموالهم إذا أعطوها، ليسا الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - حين أبى، ¬

_ (¬1) اما ابن جريج فهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموى مولاهم، المكى، ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس، ويرسل من السادسة مات سنة خمسين ومائة أو بعدها، وقد جاوز السبعين، قيل جاوز المائة، ولم يثبت/ ع انظر التقريب (520/ 1). قلت: ذكره الحافظ فى طبقات المدلسين فى ص 13 فى الطبقة الثالثة. وقال الحافظ: قال الدارقطنى: شر التدليس، تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس، لا يدلس الا فيما سمعه من مجروح. قلت إنه لم يسمع من ابن عباس والاسناد هذا مع ضعفه منقطع. واللَّه تعالي أعلم. قال السيوطى فى الدر المنثور (275/ 3): أخرج ابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس فى قوله {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} قال: استغفر لهم. . انظر فتح القدير (383/ 2). (¬2) تفسير ابن جرير (19/ 11).

أن يطلق من ربط نفسه بالسوارى من المتخلفين عند الغزو معه، وحين ترك قبول صدقتهم بعد أن أطلق اللَّه عنهم، حين أذن له فى ذلك، انما فعل من أجل أن ذلك لم يكن اليه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وان ذلك الى اللَّه جل وعلا، وان محمدا انما يفعل ما يفعل من ترك، واطلاق، وأخذ صدقة وغير ذلك من أفعاله -صلى اللَّه عليه وسلم- بأمر اللَّه تعالى، ألم يعلم هؤلاء المتخلفون عن الجهاد مع المؤمنين الموثقوا أنفسهم بالسوارى القائلون ولا نطلق أنفسنا حتى يكون الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- هو الذى يطلقنا السائلو رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أخذ صدقة أموالهم. ان ذلك ليس الى محمد وان ذلك الى اللَّه وحده وانه جل وعلا هو الذى يقبل التوبة، ممن تاب اليه من عبادة يردها، ويأخذ صدقة من تصدق عنهم أو يردها عليه، دون محمد فيوجهوا توبتهم وصدقتهم الى اللَّه. ويقصدوا بذلك قصد وجهه دون محمد وغيره ويخلصوا التوبة له ويعلموا أن اللَّه هو التواب الرحيم (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (19/ 11). قال ابن كثير فى تفسيره (386/ 2): تحت هذه الآية قال الثورى والاعمش: كلاهما عن عبد اللَّه بن السائب، عن عبد اللَّه بن أبى قتادة، قال: قال عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه: ان الصدقة تقع فى يد اللَّه عز وجل قبل أن تقع، فى يد السائل قرأ هذه الآية. قال القرطبى فى تفسيره (251/ 8): روى الترمذى عن أبى هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ان اللَّه يقبل الصدق ويأخذها بيمينه فيربيها لاحدكم كما يربي أحدكم مهره الخ ثم قال الترمذى هذا حديث حسن صحيح. انظر زاد المسير لابن الجوزى (497/ 3). والكشاف للزمخشرى (567/ 1) والبحر المحيط =

قال أبو جعفر: حدثنا الحسن بن يحيى (¬1)، قال: أخبرنا عبد الرزاق (¬2)، قال: أخبرنا الثورى (¬3)، عن عبد اللَّه بن السائب (¬4)، عن عبد اللَّه بن أبى قتادة ¬

_ = لابى حيان (96/ 5). وروح المعانى (15 - 16/ 11) وكتاب التسهيل للكلبى (84/ 2) والتفسر الكبير للرازى (184 - 186/ 16). وفتح القدير للشوكانى (379 - 383/ 2). والدر المنثور (275/ 3). وفى ظلال القرآن للسيد قطب (16 - 17/ 11). قلت: أخرج الترمذى هذا الحديث الذى أشار إليه ابن كثير من طريق أبى هريرة رضي اللَّه تعالى عنه أيضا وذلك من فضل الصدقة صفحة (86 - 87/ 2). (¬1) الحسن هو الحسن بن يحيى بن الجعد، أبو على بن الربيع، الجرجانى، نزيل بغداد، صدوق من الحادية عشر، مات سنة (263 هـ وكان مولده ثمانين ومائة أو قبلها: ق انظر التقريب (172/ 1) وتاريخ جرجان 146. (¬2) عبد الرزاق، هو عبد الرزاق بن همام بن نافع، الحميرى مولاهم، أبو بكر الصنعانى ثقة حافظ مصنف، شهير، عمى فى آخر عمره فتغير، وكان يتشيع من التاسعة، مات سنة احدى عشرة ومائتين وله خمس وثمانون/ ع انظر التقريب (505/ 1)، انظر نكت الهميان 191 - 192. (¬3) الثورى، هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثورى، أبو عبد اللَّه الكوفى، ثقة حافظ فقيه، عابد، امام حجة، من روؤس الطبقة السابعة، وكان يدلس مات سنة 161 هـ وله اربع وستون/ع انظر التقريب (311/ 1) قلت ذكره الحافظ ابن حجر فى الطبقة الثانية ولا يخفى عليك أن أهل هذه الطبقة لا تضر تدليسها انظر الطبقات ص 10. (¬4) أما عبد اللَّه بن السائب عبد اللَّه بن السائب الكندى، أو الشيبانى، الكوفى، ثقة من السادسة/ م - س انظر التقريب. (418/ 1).

المحاربى (¬1) عن عبد اللَّه بن مسعود، قال: ما تصدق رجل بصدقة الا وقعت فى يد اللَّه قبل أن تقع فى يد السائل، وهو يضعها فى يد السائل، ثم قرأ {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} (¬2). قال أبو جعفر: حدثنا أبو كريب (¬3)، قال: ثنا عباد بن منصور (¬4) عن القاسم (¬5) أنه سمع ¬

_ (¬1) أما عبد اللَّه بن أبى قتاده، فهو عبد اللَّه بن أبى قتاده الانصارى المدنى، ثقة، من الثانية مات سنة 95 /ع انظر التقريب (441/ 1). (¬2) انظر تفسير بن جرير الطبرى (19/ 11). قلت: هذا الاثر موقوف على عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه، وهو صالح للاحتجاج به وهو أثر حسن الاسناد واللَّه أعلم. انظر زاد المسير لابن الجوزى (497/ 4). انظر السيوطى فى الدر المنثور (275/ 3) فإنه نسب اخراج هذا الاثر الى عبد الرزاق فى مصنفه والحكيم الترمذى فى نوادر الاصول، وابن أبى حاتم فى تفسيره، والطبرانى، انظر فتح القدير للشوكانى (381/ 2). وابن جرير الطبرى (19/ 11) فإنه أورد عدة آثار اخرى موقوفة بهذا المعنى، تحت هذه الآية. (¬3) أبو كريب، هو محمد بن العلاء بن كريب الهمدانى، أبو كريب الكوفى، مشهور بكنيته، ثقة، حافظ، من العاشرة، مات سنة سبع وأربعين ومائتين، وهو ابن سبع وثمانين سنة /ع انظر التقريب (197/ 2). (¬4) أما عباد بن منصور فهو عباد بن منصور الناجى: بالنون والجيم، أبو سلمة البصرى، القاضى بها، صدوق، رمى بالقدر، وكان يدلس، وتغير آخرة، من السادسة، مات سنة 152/ خت عم انظر التقريب (393/ 1) ولم يذكره الحافظ فى الطبقات أعنى طبقات المدلسين. (¬5) أما القاسم فهو القاسم بن محمد ابن أبى بكر الصديق التيمى، ثقة، أحد الفقهاء بالمدينة، قال أيوب: ما رأيت أفضل منه، من كبار الثالثة، مات سنة 106 هـ على الصحيح /ع انظر التقريب (120/ 2).

أبا هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن اللَّه يقبل الصدقة، ويأخذها بيمينه، فيربيها لاحدكم، كما يربى أحدكم مهره، حتى أن اللقمة لتصير مثل أحد، وتصديق ذلك فى كتاب اللَّه {أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} ويمحق الربا ويربى الصدقات (¬1). قال أبو جعفر: حدثنا محمد بن عبد الاعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أيوب (¬2)، عن القاسم بن محمد، عن أبى هريرة، قال: إن اللَّه يقبل الصدقة إذا كانت من طيب، ويأخذها بيمينه، وإن الرجل يتصدق بمثل ¬

_ (¬1) انظر تفسير ابن جرير الطبرى (20/ 11). انظر الدر المنثور للسيوطى (275/ 3) فإنه نسب اخراج هذه الرواية الى ابن المنذر، وابن أبى حاتم، وأبى الشيخ، وابن مردويه، انظر تفسير ابن كثير من البغوى (235/ 4) فإنه ساق هذا الاثر بهذا الاسناد نقلا عن ابن جرير الطبرى. وذكره أيضا البغوى فى تفسيره فى هذه الصفحة. انظر فتح البيان للسيد صديق حسن خان (193/ 4). انظر ابن جرير الطبرى (20/ 11) فإنه أخرج هذا المتن باسناد آخر عن أبى هريرة وفيه سليمان ابن عمر بن خالد الاقطع، القرشى العامرى الرقى: ترجمه ابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل 131/ 1/ 2 وذكر ان أباه كتب عنه. ولم يذكر فيه جرحا. والحديث حسن بهذا الاسناد إن شاء اللَّه تعالى. (¬2) أيوب، هو أيوب بن أبى تميمة، كيسان السختيانى: بفتح المهملة بعدها معجمة ثم مثناة ثم تحتانية وبعد الالف نون، أبو بكر البصرى ثقة، ثبت، حجة من كبار الفقهاء العباد، من الخامسة مات سنة 131 وله 65 سنة/ ع انظر التقريب (89/ 1).

اللقمة، فيربيها اللَّه له، كما يربى أحدكم فصيله أو مهره، فتربو فى كف اللَّه، أو قال فى يد اللَّه، حتى تكون مثل الجبل (¬1). قال أبو جعفر: حدثنى محمد بن سعد، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبى، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية، يعنى قوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} أخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من أموالهم، يعنى من أموال أبى لبابة وصاحبيه، فتصدق بها عنهم، وبقى الثلاثة الذين خالفوا أبا لبابة، وهم لم يوثقوا، ولم يذكروا بشئ، ولم ينزل عذرهم، وضاقت عليهم الارض بما رحبت، وهم الذين قال اللَّه {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ ¬

_ (¬1) انظر تفسير ابن جرير الطبرى (20/ 11). قلت: ان هذا الاثر صحيح الاسناد، عن أبى هريره رضي اللَّه تعالى عنه والاثر موقوف كما ترى. انظر الدر المنثور (276/ 3). والبغوى (236/ 4) مع ابن كثير والقاسمى فى تفسيره (3257/ 8) وفتح القدير للشوكانى (283/ 2) والقرطبى فى تفسيره (250 - 252/ 8). ذكر القرطبى فى فضائل الصدقة عدة روايات بعضها صحيحة، وبعضها حسنة انظر التفسير الكبير للرازى (184 - 185/ 16). والبحر المحيط لابى حيان (96/ 5). قال الزمخشرى فى الكشاف (567/ 1): بعد ذكر رواية أبى هريره رضي اللَّه تعالى عنه: (فان قلت) فما معنى قوله: {وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} قلت: هو مجاز من قبوله لها ثم ذكر رواية ابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه التى ذكرها الإمام أحمد فى مسنده. قلت: هو لا يقبل عن المعتزله صدقاتهم ولا العبادة مطلقا.

حَكِيمٌ} فجعل الناس يقولون: هلكوا إذ لم ينزل لهم عذر. وجعل آخرون يقولون: عسى اللَّه أن يغفر لهم، فصاروا مرجئين لامر اللَّه، حتى نزلت: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} الذين خرجوا معه الى الشام {مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} ثم قال: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} يعنى المرجئين لامر اللَّه، نزلت عليهم التوبة، فعموا بها، فقال {حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ}. . الى قوله {إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (21/ 11). قلت: خرج السيوطى فى الدر المنثور (276/ 3) تحت هذه الآية أربع روايات ولم يشر الى هذه. وقال ابن كثير فى تفسيره (387/ 2) قال ابن عباس، ومجاهد وعكرمة، والضحاك، ثم أدخل بعض الروايات فى بعضها وأوردها بسياق واحد. مع حذف اسانيدها ولم يذكر الشوكانى فى فتح القدير هذه الرواية (383/ 2). وقال على الواحدى فى أسباب النزول ص 175: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ} قال: نزلت فى كعب بن مالك وصاحبيه وغيرهم. وأورد الرواية القاسمى فى تفسيره (3260/ 8). انظر زاد المسير لابن الجوزى (497/ 3) قلت: ان هذه الرواية التى أخرجها ابن جرير الطبرى لم تصح بهذا الاسناد لأنه اسناد ضعيف جدًا وواه وكأنه كالعدم واللَّه تعالى أعلم. انظر تفسير القرطبى (252/ 8). وحجج القرآن للرازى ص 48. * * *

الفصل الثانى عشر فيما نزل من القرآن كاشفا المتخلفين فى غزوة تبوك

الفصل الثانى عشر فيما نزل من القرآن كاشفا المتخلفين فى غزوة تبوك قال اللَّه تعالى: {قل لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} التوبة: 51. قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: مؤدبا نبيه محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم-: قل يا محمد لهؤلاء المنافقين الذين خلفوا عنك: {لَنْ يُصِيبَنَا} أيها المرتابون فى دينهم {إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} فى اللوح المحفوظ، وقضاه علينا. {هُوَ مَوْلَانَا}: يقول: هو ناصرنا على أعدائه. {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}. يقول: وعلى اللَّه فليتوكل المؤمنون، فإنهم إن يتوكلوا عليه، ولم يرجوا النصر من عند غيره، ولم يخافوا شيئا غيره، يكفهم امورهم، وينصرهم على من بغاهم وكادهم (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (150/ 10). قال السيوطى فى الدر المنثور: (249/ 3) تحت هذه الآية أخرج ابن أبى حاتم عن مسلم ابن يسار رضي اللَّه تعالى عنه قال: الكلام فى القدر واديان عريضان يهلك الناس فيهما =

قال اللَّه تعالى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ} التوبة: 52. يقول تعالى ذكره لنبيه محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- قل ¬

_ = لا يدرك عرضهما، فاعمل عمل رجل يعلم أنه لا ينجيه الا عمله وتوكل توكل رجل يعلم أنه لا يصيبه الا ما كتب اللَّه له. ومما أخرج أيضا أبو الشيخ عن مطرف رضي اللَّه تعالى عنه قال: ليس لاحد أن يصعد فوق بيت فيلقى نفسه ثم يقول: قدر لى ولكن نتقى ونحذر فإن أصابنا شئ علمنا أنه لن يصيبنا الا ما كتب اللَّه لنا. انظر مسند الإمام أحمد (317/ 5 - 442/ 6) انظر سنن أبى داود فى كتاب اتباع السنة والترمذى فى كتاب القدر رقم 10 انظر مقدمة ابن ماجه وتفسير ابن كثير مع البغوى (181/ 4) وتفسير القرطبى (159/ 8) والبحر المحيط لابى حيان (50 - 51/ 5) والكشاف للزمخشرى (556/ 1) وزاد المسير لابن الجوزى (450/ 3) والخازن (317/ 2) - وفتح القدير للشوكانى (352/ 2) وقال السيد قطب فى ظلال القرآن: (73/ 10) فماذا يتربص المنافقون بالمؤمنين؟ إنها الحسنى على كل حال النصر الذى تعلو به كلمة اللَّه، فهو جزاءهم فى هذه الارض. أو الشهادة فى سبيل الحق والدرجات العليا عند اللَّه. ماذا يتربص المؤمنون بالمنافقين؟ انه عذاب اللَّه يأخذهم كما أخذ من قبلهم من المكذبين، أو يبطش المؤمنين بهم كما وقع من قبل للمشركين {فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ} والعاقبة معروفة. . . والعاقبة للمؤمنين. ثم يقول السيد قطب عليه رحمة اللَّه: والاعتقاد بقدر اللَّه، والتوكل الكامل عليه لا ينفيان اتخاذ العدة بما فى الطوق، وذلك أمر اللَّه الصريح: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} وما يتكل على اللَّه حق الاتكال من لا ينفذ أمر اللَّه. قلت: على المؤمن أن يتخذ الاسباب ويعد العدة سواء نال النصر أو لم ينله فأمره كل خير. انظر ما قاله الالوسي فى روح المعانى (115/ 10) تحت هذه الآية الكريمة.

لهؤلاء المنافقين الذين وصفت لك صفتهم، وبينت لك أمرهم: هل تنتظرون بنا إلا إحدى الخلتين اللتين هما أحسن من غيرهما، إما ظفرا بالعدو ويكون فتحا لنا بغلبتنا لهم، ففيها الاجر والغنيمة والسلامة، واما قتلا من عدونا لنا، ففيه الشهادة والفوز بالجنة والنجاة من النار، وكلتا هما مما يحب، ولا يكره، {وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا} فنقتلكم {فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ} يقول: فانتظروا إنا معكم منتظرون ما اللَّه فاعل بنا، وما اليه صائر أمر كل فريق منا ومنكم. ثم أيد تفسيره هذا بأثر ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه. إذ قال: حدثنى المثنى (¬1) قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنى معاوية، عن علي (¬2) عن ابن عباس قوله: {هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} يقول: فتح أو شهادة. قال مرة أخرى: يقول القتل، ¬

_ (¬1) قال الشيخ أحمد شاكر فى تحقيقه على ابن جرير الطبرى (176/ 1) اما المثنى شيخ الطبرى: فهو المثنى بن ابراهيم الاملى يروى عنه الطبرى كثيرا فى التفسير والتاريخ. قلت: لم أجد فى تهذيب الكمال للامام المزى فى ترجمة أبى صالح الذى هو عبد اللَّه بن صالح كاتب ليث بن سعد المصرى بأنه يروى عنه المثنى ابن ابراهيم الاملى المذكور بل ذكر المزى فى تهذيب الكمال (695/ 3) فيمن روى عن أبى صالح هذا محمد بن المثنى العنزى أبو موسى البصرى الحافظ المعروف بالزمن. ولا يخفى: أن المزى له براعة فى استيعاب المشائخ والتلاميذ وقد وجدت فى تفسير ابن جرير الطبرى بأنه كثيرا ما يقول حدثنا أو حدثنى ابن المثنى ويقول أحيانا: محمد بن المثنى ولذا أظن أن هناك سقطا فى هذا الاسم، واللَّه تعالى أعلم، ولأنى لم أجد ترجمة مثنى بن إبراهيم الاملى فى جميع المراجع التى بين يدى. (¬2) علي بن أبى طلحة هو عن ابن عباس مرسل لأنه لم يلقه لانه لم يولد الا بعد وفاة ابن عباس رضي =

فهى الشهادة والحياة والرزق، وأما يخزيكم بأيدينا (¬1). قال اللَّه تعالى: {قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ} التوبة: 53. قال أبو جعفر: قيل إن هذه الآية نزلت فى الجد بن قيس حين قال للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما عرض عليه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الخروج معه لغزو الروم هذا مالي أعينك به، ثم ساق الاسناد الى ابن عباس إذ قال: حدثنا، القاسم قال: ثنا الحسين، قال: حدثنى، حجاج، عن ابن جريج (¬2) قال ابن عباس قال الجد بن قيس: إنى إذا رأيت النساء لم أصبر حتى ¬

_ = اللَّه تعالى عنه التى أثبتها المحدثون فى عام 68 من الهجرة وأما ولادة علي بن أبى طلحة فأنى لم أجدها فى المراجع التى بين يدى وقال الحافظ فى تقريب التهذيب (39/ 2) سكن حمص أرسل عن ابن عباس ولم يره من السادسة وتوفي سنة 143 هـ فالرواية هذه ليست حجة عند أهل الحديث. وأما إذا قيل أخرج له البخارى معلقا فى الصحيح قلت: أخرج له فى الشواهد والمتابعات ولم يخرج له فى الاصول. واللَّه أعلم وإنى راجع الآن عما قلته سابقا، فى علي بن أبى طلحة عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما ولقد ثبت لديّ حجية هذه الرواية. انظر هذه الرواية فى الدر المنثور للسيوطى (246/ 3) وابن كثير مع البغوى (182/ 4) وروح المعانى للالوسى (116/ 10) والبحر المحيط لابن حيان (52/ 5) وزاد المسير لابن الجوزى (450/ 3) والقرطبى (160/ 8). انظر فتح البيان لصديق حسن خان (142 - 143/ 4). (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (151/ 10). (¬2) انظر التعليق على الصفحة 14 حول ابن جريج عن ابن عباس فالرواية هذه منقطعة كما مرّ بكم. قال السيوطى فى الدر المنثور (246/ 3): أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه =

افتتن ولكن اعينك بمالى: ففيه نزلت {أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ} (¬1). ¬

_ = ثم ذكر النص المذكور. ولم ينسب اخراجه الى أحد آخر. انظر فتح القدير للشوكانى (353/ 2) وابن كثير مع البغوى (182/ 4) والبحر المحيط لابى حيان (52/ 5) وروح المعانى للالوسى (117/ 10) انظر تفسير القرطبى (161 - 162/ 8) قال السيد صديق حسن خان فى فتح البيان (143/ 4): قال الخطيب: وهذه الآية وان كانت خاصة فى انفاق المنافقين فهي عامة فى حق كل من أنفق ماله لغير وجه اللَّه بل أنفقه رياء وسمعة فإنه لا يقبل منه الخ. . قلت: كل من ينفق ماله رياء وسمعة ففيه شبه قوى بالمنافقين المعنيين حسب ما فيه من حب السمعة لدى الناس والشهرة. قال ابن الجوزى فى زاد المسير (451/ 3): هذه الآية كقوله تعالى {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} التوبة: 80 - ثم ذكر رواية ابن عباس المذكورة وقال المعلق على التفسير وفى سندها انقطاع. وقال السيد قطب: فى ظلال القرآن (74/ 10) انها صورة المنافقين فى كل آن. خون ومداراة وقلب منحرف وضمير مدخول. ومظاهر خالية من الروح وتظاهر بغير ما يكنه الضمير. انظر الكشاف للزمخشرى (556/ 5) فتح القدير للشوكانى (353/ 2) انظر كتاب التسهيل لعلوم التنزيل لمحمد الكلبى (78/ 2) انظر أسباب النزول للسيوطى ص 187. قال فخر الرازى: فى تفسيرة: (87/ 16) تحت هذه الآية: اعلم أنه تعالى لما بين فى الآية الاولى أن عاقبة هؤلاء المنافقين هو العذاب فى الدنيا وفى الآخرة بين أنهم وان آتوا بشئ من أعمال البر فإنهم لا ينتفعون بها فى الآخرة، والمقصود بيان أن أسباب العذاب فى الدنيا والآخرة مجتمعة فى حقهم. وقلت كذا فى الدنيا لأن أسباب الراحة والخير زائلة عنهم. (¬1) تفسير ابن جرير بتحقيق أحمد شاكر (292/ 14).

قال اللَّه تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} التوبة: 65. قال أبو جعفر: يقول تعالى جل ثناءه لنبيه محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المنافقين عما قالوا من الباطل والكذب، ليقولن لك انما قلنا ذلك لعبا، وكنا نخوض فى حديث لعبا وهزوا، يقول اللَّه لمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- قل يا محمد أباللَّه وآيات كتابه ورسوله كنتم تستهزؤن، ثم أيد تفسيره هذا بعدة آثار اختار منها هذا الاثر الذى يعتبر أقرب الى الصحة. قال: حدثنا علي بن داود، قال: ثنا عبد اللَّه بن صالح، قال: ثنا الليث، قال: ثنى هشام بن سعد عن زيد بن أسلم (¬1) عن عبد اللَّه ¬

_ (¬1) زيد بن أسلم عن ابن عمر مرسل ذكره العلائي فى جامع التحصيل ورقة 63/ 1 انظر المدلسين لابن حجر ص 3. قلت إن هذا الاسناد حسن لغيره لان فيه عبد اللَّه بن صالح كاتب ليث بن سعد وهو صدوق كثير الغلط وقد وجد للاسناد المذكور شواهد ومتابعات أخرجها ابن جرير الطبرى عن قتادة وعكرمة مولى ابن عباس وعن مجاهد بن جبر المكى. انظر الدر المنثور للسيوطى (254/ 3) فإنه نسب اخراج هذه الرواية الى ابن جرير الطبرى وابن أبى حاتم وأبى الشيخ وابن مردويه. انظر تفسير القرطبى (196 - 198/ 8) وأسباب النزول لعلى الواحدى ص 169 - 170 والسيوطى 119 - 120. والتسهيل فى علوم التنزيل للكلبى (80 - 81/ 2) والتفسير الكبير للرازى (121 - 122/ 16) والكشاف للزمخشرى (559 - 560/ 1) والبحر المحيط لابى حيان (66/ 5) وروح المعانى للالوسى (130 - 131/ 10) قال الالوسى: "قد كفرتم" أى أظهرتم الكفر بإيذاء الرسول =

ابن عمر قال: قال رجل فى غزوة تبوك فى مجلس، ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء، أرغب بطونا، ولا أكذب السنا، ولا أجبن عند اللقاء، فقال رجل فى المجلس: كذبت، ولكنك منافق، لاخبرن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فبلغ ذلك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ونزل القرآن، قال عبد اللَّه بن عمر: فأنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. تنكبه الحجارة، وهو يقول: يا رسول اللَّه انما كنا نخوض ونلعب، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (¬1). قال اللَّه تعالى: {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} التوبة: 66. قال أبو جعفر: يقول اللَّه تعالى ذكره لنبيه محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-: قل لهؤلاء الذين وصفت لك صفتهم {لَا تَعْتَذِرُوا} بالباطل، فتقولوا: كنا ¬

_ = عليه الصلاة والسلام والطعن فيه {بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} -أى اظهاركم الايمان هذا وما قبله لأن القوم منافقون فأصل الكفر فى باطنهم ولا ايمان فى نفس الامر لهم. واستدل بعضهم بالآية على أن الجد واللعب فى اظهار كلمة الكفر سواء ولا خلاف بين الائمة فى ذلك. انظر تفسير ابن كثير مع البغوى (203 - 204/ 4) وزاد المسير لابن الجوزى (464 - 465/ 3). وتفسير القاسمى (3193 - 1396/ 8) انظر فى ظلال القرآن للسيد قطب (85 - 86/ 10). قال ابن هشام (168/ 4) فى سيرته: وقد كان رهط من المنافقين، منهم وديعة بن ثابت اخو بنى عمرو بن عوف يشير الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو منطلق الى تبوك ثم ذكر الرواية معلقة. (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (171 - 172/ 10).

نخوض ونلعب {قَدْ كَفَرْتُمْ} يقول: قد جحدتم الحق بقولكم ما قلتم، فى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمؤمنين به {بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} يقول: بعد تصديقكم به واقراركم به {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً} وذكر انه عنى بالطائفة فى هذا الموضع رجل واحد. ثم ذكر ابن جرير أثر ابن اسحاق بقوله وكان ابن اسحاق يقول فيما حدثنا به ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن اسحاق، قال: كان الذى عفى عنه فيما بلغنى محشى بن حمير الاشجعى حليف بنى سلمة، وذلك أنه أنكر منهم بعض ما سمع (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (334/ 14). قلت هذا الاثر معضل مع ضعفه انظر سيرة ابن هشام (525/ 2) وأشار اليه السيوطى فى الدر المنثور (254/ 3) أخرج ابن اسحاق وابن المنذر وابن أبى حاتم عن كعب بن مالك ثم ذكر النص باسناد حسن غير اسناد ابن جرير الطبرى. انظر التفسير الكبير للرازى (121 - 123/ 16) وابن كثير مع البغوى (195 - 196/ 4) والبحر المحيط لابى حيان (66 - 67/ 5) -والتسهيل فى علوم التنزيل للكلبى (79 - 80/ 2) انظر زاد المسير لابن الجوزى (466/ 3) قال عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه ما فرغ من تنزيل (براءة) حتى ظننا ان لم يبقى منا أحد الا سينزل فيه شئ. انظر فتح القدير للشوكانى (361/ 2) انظر الكشاف للزمخشرى (560/ 1) قال القرطبى فى تفسيره (198/ 8) وقال خليفة بن خياط فى تاريخه: اسمه محاشن بن حمير وذكر ابن عبد البر مخاشن الحميرى وذكر جميعهم انه استشهد باليمامة وكان تاب وسمى عبد الرحمن، فدعا اللَّه أن يقتل شهيدا ولا يعلم قبره واختلف هل كان منافقا أو مسلما. فقيل كان منافقا ثم تاب توبة نصوحا.=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقيل كان مسلما الا أنه سمع المنافقين فضحك لهم ولم ينكر عليهم. انظر تاريخ خليفة ابن خياط (56 - 57/ 1) وانظر فى ظلال القرآن لسيد قطب قال: (85/ 10) ان النص عام فى حذر المنافقين أن ينزل اللَّه قرآنا يكشف خبيئتهم ويتحدث عما فى قلوبهم، فينكشف للناس ما يخبئونه، وقد وردت عدة روايات عن حوادث معينة فى سبب نزول هذه الآيات قال العبد الفقير: هذه طبيعة النفاق التى تراها دائما تتنوع فى أساليب خبيثة ماكرة فى الافساد والايقاع بين فئة مؤمنة لئلا تتفق على المبادئ السامية. * * *

الفصل الثالث عشر فيما نزل من القرآن عن نهي الاستغفار للذين تخلفوا عن غزة تبوك بدون عذر مشروع

الفصل الثالث عشر فيما نزل من القرآن عن نهي الاستغفار للذين تخلفوا عن غزة تبوك بدون عذر مشروع قال اللَّه تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} التوبة: 80. قال أبو جعفر: يقول اللَّه تعالى ذكره لنبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ادع اللَّه لهؤلاء المنافقين الذين وصفت لك صفاتهم فى هذه الآية بالمغفرة، أو لا تدع لهم بها، هذا كلام خرج مخرج الامر، وتأويله الخبر، ومعناه: ان استغفرت لهم يا محمد، أو لم تستغفر لهم، فلن يغفر اللَّه لهم. وقوله: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} يقول: إن تسأل لهم أن تستر عليهم ذنوبهم، بالعفو منه لهم عنها، وترك فضيحتهم بها، فلن يستر اللَّه عليهم، ولن يعفو لهم عنها، ولكنه يفضحهم بها على روؤس الأشهاد يوم القيامة {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} يقول جل ثناءه: هذا الفعل من اللَّه بهم، وترك عفوه لهم عن ذنوبهم من أجل أنهم جحدوا توحيد اللَّه ورسالة رسوله {لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (198 - 199/ 10). =

قال أبو جعفر: حدثنا ابن كيع (¬1)، قال: ثنا عبدة بن سليمان (¬2)، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن عبد اللَّه بن أبيّ بن سلول، قال لاصحابه: لولا أنكم لا تنفقون على محمد وأصحابه، لانفضوا من حوله وهو القائل: ¬

_ = انظر تفسير ابن كثير مع البغوى (213 - 214/ 4) فإنه قال رحمه اللَّه تعالى: يخبر اللَّه تعالى نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن هؤلاء المنافقين ليسوا أهلًا للاستغفار، وإنه لو استغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر اللَّه لهم الخ. . . وقال القرطبى تحت هذه الآية الكريمة (215 - 218/ 8): روى أن هذه الآية نزلت فى شأن عبد اللَّه بن أبى بن سلول وصلاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثبت فى الصحيحين وغيرهما وتظافرت الروايات بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى عليه وأن الآية نزلت بعد ذلك. انظر التفسير الكبير للفخر الرازى (146 - 148/ 16) وأسباب النزول للواحدى ص 173. ولباب النقول للسيوطى ص 122 انظر كتاب الاعتبار للحازمى ص 192 - 193. انظر الدر المنثور للسيوطى (264/ 3). انظر تفسير القاسمى (3213 - 3216/ 8). وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى (81/ 2) وزاد المسير لإبن الجوزى (477/ 3). والكشاف للزمخشرى (563/ 1) والبحر المحيط لابى حيان (36/ 5). وفتح القدير للشوكانى (369 - 371/ 2). (¬1) أما ابن وكيع فهو سفيان بن وكيع بن الجراح أبو محمد الرؤاسى الكوفى كان صدوقا الا أنه ابتلى بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه فنصح فلم يقبل، فسقط حديثه من العاشرة /ت ق. انظر التقريب (312/ 1). (¬2) اما عبدة بن سليمان فهو عبدة بن سليمان الكلابى، أبو محمد الكوفى، يقال اسمه عبد الرحمن، ثقة ثبت من صغار الثامنة، مات سنة سبع وثمانين وقيل بعدها/ ع انظر تقربب التهذيب (530/ 1).

{لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} فأنزل اللَّه: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأزيدن على السبعين، فأنزل اللَّه: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} فأبى اللَّه تبارك وتعالى أن يغفر اللَّه لهم (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (199/ 10). قلت: إن هذا الحديث بهذا الاسناد لم يصح لأن فيه سفيان بن وكيع بن الجراح الرؤاسى الذى هو ساقط الحديث كما مر بكم فى ترجمته. وأما المتن فإنه روى عن عدة طرق ومنها طريق عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه فقد أخرج البخارى فى الصحيح والإمام أحمد فى مسنده والترمذى فى السنن والنسائى أيضا وابن أبى حاتم والنحاس وابن حبان وابن مردويه وأبو نعيم فى حلية الأولياء عن ابن عباس قال: سمعت عمر يقول لما توفى عبد اللَّه بن أبيّ دعى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم ذكر النص انظر الدر المنثور للسيوطى (264/ 3). وفتح البارى (110/ 3) و (251/ 8) انظر النووى على مسلم (121/ 17). أخرجه البخارى فى عدة مواضع من جامعه فى كتاب الجنائز. إذ قال رحمه اللَّه تعالى باب الكفن فى القميص الذى يكف أو لا يكف الخ. . والموضع الثاني من كتاب التفسير، والموضع الثالث فى كتاب الجهاد تحت باب الكسوة للاسارى انظر تخريج الحديث فى فتح البارى (370/ 8) والموضع الرابع. فقد أخرجه فى كتاب اللباس والموضع الخامس: فقد أخرجه فى كتاب الجنائز تحت باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة. أما المواضع التى أخرجه مسلم فمنها فى كتاب صفات المنافقين وأحكامهم ومنها فى كتاب الفضائل تحت باب من فضائل عمر رضي اللَّه تعالى عنه ثم ساق الاسناد وأما المواضع التى أخرجه فيها الإمام أحمد فى مسنده فمنها فى مسند عبد اللَّه بن عمر انظر المسند (18/ 2) و (371/ 1)، (268 و 339/ 1)، (348/ 2)

قال أبو جعفر: حدثنا ابن حميد (¬1) وابن وكيع (¬2)، قالا: ثنا جرير (¬3)، عن مغيرة (¬4) عن شباك (¬5) عن الشعبى (¬6)، قال: دعا عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن أبى سلول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الى جنازة أبيه فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: من أنت؟ قال: حباب بن عبد اللَّه بن أبيّ، فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: بل أنت عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن أبيّ بن سلول أن الحباب هو الشيطان، ثم قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: انه قد قيل لى استغفر لهم أو لا تستغفر لهم، ان ¬

_ (¬1) ابن حميد هو محمد بن حميد بن حيان الرازى حافظ ضعيف وكان ابن معين حسن الرأى فيه (/ د - ت - ق). انظر تقريب التهذيب (156/ 2). (¬2) ابن وكيع هو سفيان بن وكيع بن الجراح وقد مر بكم أنه ساقط الحديث. (¬3) وجرير، هو جرير بن عبد الحميد بن قرط الضبى أبو عبد اللَّه الرازى نزيل الرأى ثقة صحيح الكتاب/ ع انظر تقريب التهذيب (127/ 1). (¬4) مغيرة، هو المغيرة بن مقسم بكسر الميم، الضبى مولاهم، أبو هشام الكوفى الاعمى ثقة متقن، الا أنه كان يدلس ولا سيما عن ابراهيم النخعى انظر التقريب (270/ 2)، وطبقات المدلسين للحافظ ابن حجر ص 16 فإنه ذكره فى الطبقة الثالثة. (¬5) شباك، هو شباك: بكسر أوله ثم موحدة خفيفة ثم كاف، الضبى الكوفى الاعمى ثقة وكان يدلس من السادسة/ م د س ق. انظر تقريب التهذيب (345/ 1) ولم يذكره الحافظ فى طبقات المدلسين. (¬6) الشعبى، هو عامر بن شراحيل الشعبى بفتح المعجمة، أبو عمرو ثقة مشهور فقيه فاضل من الثالثة/ ع انظر تقريب التهذيب (387/ 1).

تستغفر لهم، سبعين مرة فلن يغفر اللَّه لهم، فأنا أستغفر لهم سبعين وسبعين وسبعين وألبسه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قميصه وهو عرق (¬1). قال اللَّه تعالى: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} التوبة: 81. قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فرح المخلفون عن الغزو مع رسوله والمؤمنين به، وجهاد أعدائه {بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ} يقول: بجلوسهم فى منازلهم خلف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، يقول على الخلاف لرسول اللَّه فى جلوسه ومقعده، وذلك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرهم بالنفر الى جهاد أعداء اللَّه، فخالفوا أمره وجلسوا فى منازلهم، وقوله (خلاف) مصدر من قول القائل: خالف فلان فلانا، فهو يخالفه خلافا، فذلك جاء مصدره ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (199/ 10). قلت انفرد ابن جرير الطبرى باخراج هذا الاثر فى تفسيره فيما أظن ومن المعلوم أن هذا الاثر ليس بصحيح بهذا الاسناد لان فيه محمد بن حميد بن حيان الرازى وهو ضعيف وسفيان ابن وكيع وهو ساقط الحديث. وأما تسمية حباب بن عبد اللَّه بن أبيّ بن سلول بعبد اللَّه فقد ذكره ابن سعد فى الطبقات (540 - 542/ 3) باسانيد مختلفة وبعضها صحيحة واللَّه تعالى أعلم.

على تقدير فعال كما يقال: قاتله، فهو يقاتله، قتالا، ولو كان مصدره من خلفه لكانت القراءة بمقعدهم خلف رسول اللَّه لأن مصدر خلفه خلف، لا خلاف، ولكنه على ما بينت من أنه مصدر خالف، فقرئ خلاف رسول اللَّه، وهي القراءة التى عليها قراءة الأمصار، وهى الصواب عندنا ثم ذكر أبو جعفر بقية التفسير (¬1). قال ابن جرير الطبرى: حدثنا محمد بن عبد الاعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (200 - 201/ 10). قال القرطبى فى تفسيره تحت هذه الآية: (216/ 8) المخلف المتروك، أى خلفهم اللَّه وثبطهم أو خلفهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمؤمنون لما علموا تثاقلهم عن الجهاد وكان هذا فى غزوة تبوك. وقال ابن كثير فى تفسيره: يقول اللَّه تعالى ذاما للمنافقين المتخلفين عن صحابة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك. ثم ذكر الآثار. انظر التفسير المذكور مع البغوى (214/ 4) وقال ابن الجوزى فى زاد المسير (478/ 3): بأن قعدوا لمخالفة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قاله الزجاج. وقرأ ابن مسعود، وابن يعمر، والأعمش، وابن أبى عبلة خلف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومعناها أنهم تأخروا عن الجهاد. انظر البحر المحيط لأبي حيان (5/ 78) انظر الدر المنثور للسيوطى (3/ 265). انظر الكشاف للزمخشرى (1/ 563) انظر لباب النقول فى أسباب النزول للسيوطى ص 121. . . انظر كتاب الاعتبار للحازمى 192 وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى (81/ 2). والتفسير الكبير للرازى (148 - 149/ 16) وفتح البيان لصديق حسن خان (170 - 171/ 4). وفتح القدير للشوكانى (369 - 371/ 2) أحكام القرآن للامام الشافعى (20 - 21/ 2).

عن قتادة فى قوله {بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ} قال: عن غزوة تبوك (¬1). قال أبو جعفر: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ذكر قول بعضهم لبعض، حين أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالجهاد وأجمع السير ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (201/ 10). قلت: رجال هذا الاسناد كلهم ثقات وليس بينهم انقطاع. والاثر مقطوع -كما علمت- من كلام قتادة رحمه اللَّه تعالى. انظر: الدر المنثور للسيوطى (265/ 3) فإنه نسب اخراج هذا الاثر الى ابن أبى حاتم وأبى الشيخ ولم يذكر ابن جرير الطبرى. = زاد المسير لابن الجوزى (478/ 3). = تفسير ابن كثير مع البغوى (214 - 215/ 4). = تفسير القرطبى (216 - 217/ 8). = فتح القدير للشوكانى (369/ 2). = كتاب التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى (81/ 2). ولم أر تحت هذه الآية عند ابن جرير الطبرى الا هذا الاثر المقطوع وأما بقية الآثار الاخرى فإنها ضعيفة جدا وهى مقطوعة أيضا ولذا لم أذكرها. وانظر: فتح البيان للسيد صديق حسن خان (170 - 171/ 4). والتفسير الكبير للرازى (148 - 149/ 16). تفسير روح المعانى اللألوسى (150 - 152/ 10).

الى تبوك على شدة الحر، وجدب البلاد، يقول اللَّه جلّ ثناءه {وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} (¬1). قال اللَّه تعالى: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} التوبة: 82. قال أبو جعفر: يقول اللَّه تعالى ذكره: فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فليضحكوا فرحين قليلا فى هذه الدنيا الفانية، بمقعدهم خلاف رسول اللَّه، ولهوهم عن طاعة ربهم، فإنهم سيبكون طويلا فى جهنم مكان ضحكهم القليل فى الدنيا جزاء يقول: ثوابا منا لهم على معصيتهم بتركهم النفر إذا استنفروا الى عدوهم وقعودهم فى منازلهم خلاف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- {بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} يقول: بما كانوا يتحرجون من الذنوب (¬2). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (201/ 10). قلت: إن هذا الاثر ضعيف مع أنه معضل بهذا الاسناد انظر سيره ابن هشام (2/ 517) ومن المعلوم أن المتن قد روى من طرق أخرى صحيحة فلا اعتبار لهذا الاسناد. انظر: الدر المنثور للسيوطى (365/ 3). وتفسير القرطبى (8/ 216). وفتح القدير للشوكانى (371/ 2). وتفسير ابن جرير الطبرى بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر (404/ 14) وانظر أثر رقم 17036 و 17012. (¬2) تفسير ابن جرير الطبرى (202/ 10).=

قال أبو جعفر: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن (فليضحكوا قليلا) قال: ليضحكوا قليلا فى الدنيا (وليبكوا كثيرا) فى الآخرة فى نار جهنم (جزاءا بما كانوا يكسبون) (¬1). ¬

_ = انظر تفسير زاد المسير لابن الجوزى (478/ 3) وتفسير الرازى (148 - 149/ 16) (قال القرطبى فى تفسيره (216/ 8): (فليضحكوا قليلا) أمر، معناه معنى التهديد وليس أمرًا بالضحك. والأصل أن تكون اللام مكسورة فحذفت الكسرة لثقلها. قال الحسن: "فليضحكوا قليلا" فى الدنيا "وليبكوا كثيرا" فى جهنم. وقيل: هو أمر بمعنى الخبر. قال ابن كثير فى تفسيره (216/ 4) مع البغوى: قال ابن أبى طلحة عن ابن عباس: الدنيا قليله، فليضحكوا فيها ما شاءوا فإذا انقطعت الدنيا، وصاروا الى اللَّه عز وجل استأنفوا بكاءا لا ينقطع ابدا. وقال السيد قطب فى ظلال القرآن: (102/ 10) وإنه لضحك فى هذه الارض وأيامها المعدودة، وإنه بكاء فى أيام الآخرة الطويلة. وان يوما عند دلك كألف سنة مما تعدون {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} فهو الجزاء من جنس العمل. وهو الجزاء العادل الدقيق. قلت: ولا منافاة بين هذه الأقوال المختلفة بل أنها كلها تشير الى معنى واحد. (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (202/ 10). قلت: إن هذا الاثر صحيح مقطوع، من كلام حسن البصرى رحمه اللَّه تعالى. وقد أخرج ابن جرير الطبرى فى تفسيره: اثرا آخر مقطوعا صحيحا من كلام قتادة رحمه اللَّه تعالى انظر التفسير المذكور فى نفس الصفحة المذكورة. وقال السيوطى: فى الدر المنثور (265/ 3) أخرج البخارى، والترمذي، وابن مردويه، عن أبى هريرة، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا".

قال أبو جعفر: حدثنا علي بن داود (¬1)، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنى معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} قال: هم المنافقون والكفار الذين اتخذوا دينهم هزوا ولعبا، يقول اللَّه تبارك وتعالى {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا} فى الدنيا {وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} فى النار (¬2). ¬

_ (¬1) علي بن داود، هو علي بن داود بن يزيد القنطرى، بفتح القاف وسكون النون، الآدمي، صدوق، من الحادية عشرة، / ق انظر التقريب (36/ 2). (¬2) تفسير ابن جرير الطبرى (203/ 10). قلت: فى هذا الاثر انقطاع بين علي بن أبى طلحة وابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه إلا أنه ورد مقطوعا من عدة طرق الى قتادة ومجاهد وحسن البصرى رحمهم اللَّه تعالى. انه أثر صحيح محتج به عن المحدثين والمفسرين. قال الامام ابن كثير فى تفسيره (4/ 216) مع البغوى -بعد اشارته الى هذه الرواية التى أخرجها ابن جرير الطبرى-: وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي حدثنا عبد اللَّه بن عبد الصمد بن أبى خداش، حدثنا محمد بن جبير عن ابن المبارك، عن عمران بن زيد حدثنا يزيد الرقاشى، عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "يا أيها الناس ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا، فإن أهل النار يبكون حتى تسيل دموعهم فى وجوههم، كأنها جداول، حتى تنقطع الدموع، فتسيل الدماء، فتقرح العيون. قلت: يزيد الرقاش هذا، هو يزيد بن أبان الرقاشى، يتخفيف القاف ثم معجمة، أبو عمرو البصرى، القاص بتشديد المهملة زاهد، ضعيف من الخامسة مات قبل العشرة ومائة / بخ ت - ق انظر التقريب (361/ 2).=

قال اللَّه تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} التوبة: 83. قال أبو جعفر: يقول اللَّه تعالى لنبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-: فإن ردك اللَّه يا محمد الى طائفة من هؤلاء المنافقين: من غزوتك هذه، فاستأذنوك للخروج معك فى أخرى غيرها. (فقل) لهم "لن تخرجوا معى أبدا، ولن تقاتلوا معى عدوا، إنكم ضيغ بالقعود أول مرة) وذلك عند خروج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اللَّه الى تبوك. {فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} يقول: فاقعدوا مع الذين قعدوا من المنافقين خلاف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لأنكم منهم فاقتدوا بهديهم، واعملوا مثل الذى عملوا من معصية اللَّه، فإن إلهكم قد سخط عليكم (¬1). ¬

_ = قلت: إن هذه الرواية ضعيفة أيضا الا أن لها شاهدا قويا أخرجه الحافظ أبو بكر ابن أبى الدنيا فى كتاب الرقة والبكاء، انظر تفسير البغوى (216/ 4). باسناد ضعيف آخر عن يزيد ابن رفيع انظر ميزان الاعتدال (103/ 2) وان هذين الاثرين يتقويان بعضهما بالبعض الآخر واللَّه تعالى أعلم. وللحديث شواهد أخرى عن أبى هريرة أخرجها البخارى والترمذى وابن مردويه انظر الدر المنثور (265/ 3). (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (203/ 10). قلت: قال ابن الجوزى فى تفسيره (479/ 3): (فإن رجعك اللَّه) أى: ردك من غزوة تبوك الى المدينة (الى طائفة) من المنافقين الذين تخلفوا بغير عذر، وإنما قال: (الى طائفة) لأنه ليس كل=

قال أبو جعفر: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ}. . . الى قوله {فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} أى مع النساء ذكر لنا أنهم كانوا اثنى عشر رجلا من المنافقين، فقيل فيهم ما قيل (¬1). ¬

_ = من تخلف عن تبوك كان منافقا. {فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ} معك الى الغزو، انظر اعجاز القرآن للباقلانى ص 73. قال القرطبى فى تفسيره: (217/ 8): وإنما قال (والى طائفة) لأن جميع من أقام بالمدينة ما كانوا منافقين، بل كان فيهم معذورون ومن لا عذر له ثم عفا عنهم وتاب عليهم كالثلاثة الذين خلفوا. ثم قال القرطبى: وإن قوله تعالى {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا} كقوله تعالى فى سورة الفتح: {فقل لن تتبعونا}. انظر: تفسير ابن كثير مع البغوى (217/ 4). وروح المعانى للالوسى (152 - 153/ 10) والبحر المحيط لابى حيان (80 - 81/ 5) والتفسير الكبير لفخر الرازى (150 - 151/ 16) وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى 2/ 82. وقال السيد قطب فى ظلال القرآن: (102 - 103/ 10) ان الدعوات فى حاجة الى طبائع صلبة مستقيمة ثابتة مصححة تصمد فى الكفاح الطويل الشاق. والصف الذى يتخلله الضعاف المسترخون لا يصمد فإنه يخذل فى ساعة الشدة والعسرة. الخ قلت: الامر كذلك لأنه ينتج من ذلك الخذلان والاندحار فى بقية الجيش. (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (204/ 10).=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قلت: هذا الاثر صحيح الاسناد مع أنه مقطوع من كلام قتادة وأما ما ذكر قتادة رحمه اللَّه تعالى، من معنى الخالفين أى النساء. تعقبه ابن جرير الطبرى فى تفسيره إذ قال رحمه اللَّه تعالى: فقول لا معنى له، لأن العرب لا تجمع النساء إذا لم يكن معهن رجال بالياء والنون، ولا بالواو والنون، ولو كان معنيا بذلك النساء إذا لم يكن معهن رجال بالياء والنون، ولا بالواو والنون، ولو كان معنيا بذلك النساء، لقيل: فاقعدوا مع الخوالف، أو مع الخالفات ولكن معناه مما قلنا من أنه أريد به: فاقعدوا مع مرضى الرجال وأهل زمانتهم والضعفاء ومنهم النساء، وإذا اجتمع الرجال والنساء فى الخبر فإن العرب تغلب الذكور على الإناث، ولذلك قيل (فاقعدوا مع الخالفين). قلت: تعقيب ابن جرير الطبرى على قتادة فى تفسيره: قد يكون وجيها نظرًا لما ذكره. إلا أن تخلف النساء فى الغزوات كان كثيرا جدا بالنسبة للرجال الذين كانوا يتخلفون، ومن هنا يجوز لنا أن نقول إنما ذكره قتادة بن دعامة السدوسى فهو المراد إن شاء اللَّه تعالى واللَّه تعالى أعلم بالصواب. قال ابن كثير فى تفسيره: (217/ 4) مع البغوى قال ابن عباس: أى الرجال الذين تخلفوا عن الغزاة. وقال قتادة: {فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} أى مع النساء قال ابن جرير: وهذا لا يستقيم لأن جمع النساء لا يكون بالياء والنون. . . الخ ثم رجح قول ابن عباس رضي اللَّه عنهما. قلت: إن اسناد الاثر الذى روى عن طريقه قول ابن عباس اثر ضعيف جدا وواه وهو مروى عن طريق مسلسل الضعفاء الذى يقال له: تفسير العوفى. وقال القرطبى فى تفسيره: (218/ 8) وقال الحسن: مع النساء والضعفاء من الرجال فغلب المذكر. وقيل فاقعدوا مع الفاسدين، من قولهم فلان خالفه أهل بيته إذا كان فاسدا فيهم. من خلوف فم الصائم. ومن قولك خلف اللبن، أى فسد بطول المكث فى السقاء. ثم قال القرطبى: وهذا يدل على أن استصحاب المخذل فى الغزوات لا يجوز اهـ. انظر زاد المسير لابن الجوزى (480/ 3).

قال اللَّه تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} التوبة: 84. قال أبو جعفر: يقول اللَّه تبارك وتعالى لنبيه محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-: ولا تصل يا محمد على أحد مات من هؤلاء المنافقين، الذين تخلفوا عن الخروج معك أبدا، {وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} يقول: ولا تتول دفنه وتقبره، من قول القائل: قام فلان بأمر فلان: إذا ثولى أمره {إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ} يقول: إنهم جحدوا توحيد اللَّه ورسالة رسوله، وماتوا وهم خارجون عن الإِسلام، مفارقون أمر اللَّه ونهيه، وقد ذكر أن هذه الآية نزلت حين صلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على عبد اللَّه بن أبيّ (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (204/ 10). قلت: انظر أسباب النزول للواحدى 173 - 174 فإنه ذكر بسنده من عدة طرق صحيحة ما يدل على أن هذه الآية نزلت فى عبد اللَّه بن أبيّ بن سلول. انظر زاد المسير لابن الجوزى (406/ 14) وفتح الباري (110/ 3) والنووى على مسلم (121/ 17) وأورده السيوطى فى الدر المنثور (266/ 3)، وزاد نسبته لابن أبى حاتم، وابن المنذر، وأبى الشيخ، وابن مردويه، والبيهقى، فى الدلائل. وانظر تفسير ابن كثير مع البغوى (217 - 221/ 4) فإنه استوفى على حد كبير جمبع الروايات التى تحدد سبب نزول هذه الآية فى عبد اللَّه بن أبيّ بن سلول عليه من اللَّه ما يستحق. وانظر فتح البارى (268/ 8). والحاوى للفتاوى للسيوطى (21/ 1).

الفصل الرابع عشر فيما نزل من القرآن فى نوع آخر من المتخلفين فى الغزوة

الفصل الرابع عشر فيما نزل من القرآن فى نوع آخر من المتخلفين فى الغزوة قال اللَّه تعالى: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} التوبة: 106. قال أبو جعفر: مفسرا لهذه الآية: قال اللَّه تعالى ذكره: ومن هؤلاء المتخلفين منكم حين شخصتم لعدوكم أيها المؤمنون، آخرون، ورفع قوله آخرون عطفا على قوله: وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، وآخرون مرجون: يعنى مرجئون لامر اللَّه تعالى: وقضائه، يقال منه: ارجأته، ارجئه ارجاء، وهو مرجأ بالهمز، وترك الهمز وهما لغتان معناهما واحد، وقد قرأت القراء بهما جميعا. وقيل: عنى بهذه الآية هؤلاء الاخرين من نفر ممن تخلف عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك، فندموا على ما فعلوا، ولم يعتذروا الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عند مقدمه، ولم يوثقوا أنفسهم بالسوارى، فأرجأ اللَّه أمرهم الى أن صحت توبتهم، فتاب عليهم، وعفا عنهم (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (21/ 11).=

قال أبو جعفر: حدثنى المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنى معاوية، عن علي، ¬

_ = قال ابن الجوزى فى زاد المسير (497 - 498/ 3) نزلت الآية فى كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية، وكانوا فيمن تخلف عن تبوك من غير عذر، ثم لم يبالغوا فى الاعتذار كما فعل أبو لبابة وأصحابه ولم يوثقوا أنفهم بالسوارى: فوقف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرهم ونهى الناس عن كلامهم ومخالطتهم حتى نزل قوله تعالى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا}. . . وهكذا قال القرطبى فى تفسيره (252/ 8). قال ابن كثير. فى تفسيره (237/ 4) مع البغوى: قال ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة والضحاك وغير واحد، هم الذين خلفوا عن التوبة وهم ثلاثة ثم ذكر أسماءهم. وهكذا قال صاحب البحر المحيط (97 - 98/ 5). وقال السيد صديق حسن فى فتح البيان (194 - 195/ 4): ذكر اللَّه جل وعلا ثلاثة أقسام فى المتخلفين: 1) المنافقون الذين مردوا على النفاق. 2) التائبون المعترفون بذنوبهم. 3) الذين بقى أمرهم مرقوفا فى تلك الحال: هم المرجئون لامر اللَّه من أرجيته وأرجأته إذا أخرته. وهما لغتان وقراءتان. وقال السيد قطب فى ظلال القرآن (17/ 11): وهؤلاء هم القسم الاخير من المتخلفين عن غزوة تبوك -غير المنافقين المعتذرين والمخطئين المعترفين. وهذا القسم الاخير لم يكن حتى نزول هذه الآية قد بت فى أمرهم بشئ. وكان أمرهم موكولا الى اللَّه كما سيأتي. انظر غريب القرآن لابن قتيبة ص 192.

عن ابن عباس، قال: وكان ثلاثة منهم يعنى من المتخلفين عن غزوة تبوك، لم يوثقوا أنفسهم بالسوارى، أرجئوا برهة، لا يدرون أيعذبون أو يتاب عليهم، فأنزل اللَّه {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ}. . الى قوله: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (21/ 11). قلت: إن هذا الاثر ضعيف مع انقطاعه. وقد مر بكم تفصيله مرارا. وقد رجعت الآن عن تضعيفه كما مر آنفا. وقال الامام ابن كثير فى تفسيره (237/ 4) مع البغوى: قال ابن عباس: هم الذين خلفوا عن النوبة وارجئوا وهم مرارة بن الربيع، كعب بن مالك، وهلال بن أمية، قعدوا عن غزوة تبوك، فى جملة من قعد كسلا، وميلا الى الدعة، والحفظ وطيب الثمار، والظلال، لا شكا ونفاقا، فكانت منهم طائفة ربطوا أنفسهم بالسوارى، كما فعل أبو لبابة، وأصحابه، وطائفة لم يفعلوا ذلك وهم الثلاثة المذكورون الخ. . انظر زاد المسير لابن الجوزى (497/ 3). وفتح البيان لصديق خان (194 - 195/ 4) والبحر المحيط لابن حيان (97/ 5) والقرطبى (252/ 8). الدر المنثور للسيوطى (276/ 3). وكتاب التسهيل للكلبى (84/ 2) والاحكام الكبرى لعبد الحق الاشبيلى ص 213. وقال الالوسى فى روح المعافى (16 - 17/ 11): وقرأ أهل المدينة. والكوفة غير أبى بكر (مرجون) بغير همز. والباقون (مرجئون) بالهمز وهم لغتان يقال: ارجئه وأرجيته باعطيته ومن هذه المادة (المرجئة) احدى فرق أهل القبلة وقد جاء فيه الهمز وتركه وسموا بذلك لتأخيرهم المعصية عن الاعتبار فى استحقاق العذاب. حيث قالوا: لا عذاب مع الايمان فلم يبق للمعصية عندهم أثر سموا المرجئة لانهم يرجون العمل عن النية، أى يؤخرونه فى الرتبة عنها وعن الاعتقاد الخ. . . قلت: هذا الاثر صحيح على طريق المحدثين ولم ار لاحد من المفسرين أورده بغير هذا الاسناد. واللَّه تعالى أعلم.

قال أبو جعفر: حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا سويد بن عمرو (¬1)، عن حماد ابن زيد، عن أيوب، عن عكرمة {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ} قال: هم الثلاثة الذين خلفوا (¬2). قال أبو جعفر: حدثنى محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، فى قوله: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ} قال هلال بن أمية، ومرارة الربيع، كعب بن مالك من الأوس والخزرج (¬3). ¬

_ (¬1) سويد بن عمرو وهو، سويد بن عمرو الكلبى، أبو الوليد الكوفى العابد، من كبار العاشرة، مات سنة أربع: ثلاثين ومأتين، أفحش ابن حبان القول فيه، ولم يأت بدليل / م - ت - س - ق انظر التقريب (341/ 1). (¬2) تفسير ابن جرير الطبرى (21/ 11). قلت: إن هذا الاثر ضعيف مع أنه مقطوع من كلام عكرمة بن عبد اللَّه، مولى ابن عباس، أصله بربرى، ثقة، ثبت، عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا تثبت عنه بدعة، من الثالثة مات سنة 107 وقيل بعد ذلك /ع انظر التقريب (30/ 2). قال السيوطى فى الدر المنثور (376/ 3): أخرج ابن المنذر عن عكرمة ثم ذكر المتن ولم ينسب اخراجه الى ابن جرير الطبرى. وأورد الاثر الشوكانى فى فتح القدير (383/ 2): (¬3) تفسير ابن جرير الطبرى (22/ 11).=

قال أبو جعفر: حدثنى المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة (¬1)، قال: ثنا شبل (¬2)، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ} هلال بن أمية، ومرارة بن الربيع، كعب بن مالك من الأوس والخزرج (¬3). ¬

_ = قلت: هذا الاثر صحيح الاسناد من كلام مجاهد وهو مقطوع. وقد أورده السيوطى فى الدر المنثور (376/ 3): ونسب اخراجه الى ابن المنذر، وابن أبى حاتم، وأبى الشيخ. وكذا الشوكانى فى فتح القدير (383/ 2)، والامام ابن كثير فى تفسيره (387/ 2) والقرطبى فى تفسيره (252/ 8). انظر الاصابة للحافظ ابن حجر فى ترجمة كعب بن مالك (285 - 286/ 3). وفى ترجمة مرارة بن الربيع (386/ 3) ذكر الحافظ بعض تلك الروايات التى تتعلق بتخلفهم عن غزوة تبوك ثم قصة توبتهم ونزول القرآن فيهم. انظر الرازى فى تفسيره فذكر الرواية (191/ 16) ولم ينسبها لاحد. والكشاف للزمخشرى (567/ 1) وأسباب النزول للسيوطى ص 124. قلت: وإن كان هذا الاثر مقطوعا الا أن له شاهدا قويا أخرجه ابن جرير الطبرى من طرق كثيرة (22/ 11). وهى تنتهى الى قتادة وبعضها الى الضحاك وغيرهم من التابعين. (¬1) أبو حذيفة هو موسى بن مسعود النهدى بفتح النون، أبو حذيفة البصرى، صدوق سيء الحفظ، وكان يصحف، من صغار التاسعة/ خ - د ت ق انظر التقريب (288/ 2). (¬2) أما شبل فهو شبل بن عباد المكى القارى، ثقة، رمي بالقدر، من الخامسة، قيل: مات سنة 148. (¬3) تفسير ابن جرير الطبرى (22/ 11).=

قال ابن جرير الطبرى: حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول: فى قوله {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ} هم الثلاثة الذين أخروا عن التوبة، يريد غير أبى لبابة وأصحابه، ولم ينزل اللَّه عذرهم، فضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وكان أصحاب رسول اللَّه ¬

_ = قلت: هذا الاثر صحيح الاسناد الى مجاهد، ان كان المثنى هو محمد بن المثنى الذى هو أبو موسى العنزى ثقة ثبت من شيوخ البخارى. وان كان هو المثنى بن ابراهيم الاملى حسب قول الشيخ أحمد شاكر فلا علم لى به. ولم أجد له ترجمة فى المراجع التى بين يدى. قال الشيخ محمود شاكر فى تحقيقه على تفسير ابن جرير الطبرى (466/ 14): الاثر 17177 مرارة بن ربعى. هكذا جاء فى المخطوطة فى هذا الخبر وفى الذى يليه، وصححه فى المطبوعة مرارة الربيع. ثم جاء فى رقم (17183) فى المخطوطة مرارة بن ريعة وكلاهما غير مشهور المعروف فى كتب تراجم الصحابة، والكتب الصحاح فهو فيها جميعا، مرارة الربيع الانصارى من بنى عمرو بن عوف الخ. قلت: ما ذكره الشيخ وجيه لأن البخارى ومسلم وغيرهما صرحا بأن هذا هو مرارة بن الربيع الذى تخلف عن غزوة تبوك وقال الحافظ فى الاصابة (377/ 3) مرارة بن الربيع الانصارى الاوسى من بنى عمرو ابن عوف. ويقال أن أصله من قضاعة حالف بنى عمرو بن عوف صحابى مشهور وهو احد الثلاثة الذين تيب عليهم، اخرجاه فى الصحيحين من حديث كعب بن مالك فى قصة توبته وفيه (هل لقى أحد مثل ما لقيت؟، قالوا: هلال بن أمية ومرارة بن الربيع. . الخ انظر تجريد اسماء الصحابة للذهبى (66 - 67/ 2) فإنه أكد بأنه مرارة بن الربيع. وقال الذهبى: وقيل: اسمه ابن ربيعة وهذا ضعيف.

-صلى اللَّه عليه وسلم- فيهم فرقتين: فرقة تقول: هلكوا حين لم ينزل اللَّه فيهم ما أنزل فى أبى لبابة وأصحابه، وتقول فرقة أخرى: عسى اللَّه أن يعفو عنهم، وكانوا مرجئين لامر اللَّه، ثم أنزل اللَّه رحمته ومغفرته، فقال: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ} .. الآية وأنزل {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا}. . . الآية (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (22/ 11). قلت: لا حاجة الى تخريج هذا الاثر لأن اسناده ضعيف جدا وواه. وقد تكلمت على هذا الاسناد بالتفصيل فيما مضى من الاسانيد. لأن أبا جعفر الطبرى رحمه اللَّه تعالى يقول: فى هذا الاثر حدثت بصيغة المجهول فمعناه أنه لم يرو عنه مباشرة، بل بواسطة اخرى وهذه الواسطة مجهولة: لا نعلم عن حالها، ثم الحسين هذا هو الحسين بن الفرج الخياط البغدادى كذبه يحيى بن معين وقال: وكان يسرق الحديث فى الصغر. قاله الخطيب فى تاريخه واما المتن فقد روى من عدة طرق مرسلة صحيحة فتكون تقوى بعضها بعضا وتقوم بها الحجة واللَّه تعالى أعلم. وقد أخرج الطبرى هنا (22/ 11) فى تفسيره رواية مقطوعة من كلام قتادة باسناد صحيح وهي تنص على هذا المعنى الذى اشار اليه اثر الضحاك بن مزاحم. * * *

الفصل الخامس عشر فيما نزل من القرآن فى معاتبة المتخلفين فى الغزوة

الفصل الخامس عشر فيما نزل من القرآن فى معاتبة المتخلفين فى الغزوة قال اللَّه تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} التوبة: 120. قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لم يكن لأهل المدينة، مدينة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومن حولهم من الاعراب سكان البوادى، الذين تخلفوا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك، وهم من أهل الايمان به أن يتخلفوا فى أهاليهم ولا دارهم ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه، فى صحبته فى سفره، والجهاد معه، ومعاونته على ما يعانيه فى غزوه ذلك. يقول: إنه لم يكن لهم هذا، وبسبب أنهم لا يصيبهم فى سفرهم إذا كانوا معه ظمأ وهو العطش والنصب، ويقول: ولا تعب {وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} يعنى:

ولا مجاعة فى إقامة دين اللَّه ونصرته، وهدم منار الكفر، {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا} يعنى أرضا، يقول: ولا يطئون أرضا يغيظ الكفار وطوءهم إياهم {وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا} يقول: ولا يصيبون من عدو اللَّه وعدوهم شيئا فى أموالهم وأنفسهم وأولادهم إلا كتب اللَّه لهم بذلك كله ثواب عمل صالح قد ارتضاه {إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} يقول: إن اللَّه لا يدع محسنًا من خلقه أحسن فى عمله، فأطاعه فيما أمره، وانتهى عما نهاه عنه ان يجازيه على احسانه، ويثيبه على صالح عمله، فذلك كتب لمن فعل ذلك من أهل المدينة، ومن حولهم من الاعراب ما ذكر فى هذه الآية: الثواب على كل ما فعل فلم يضيع له أجر فعله ذلك (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (64/ 11). قال ابن الجوزى فى زاد المسير (515 - 516/ 3): قال ابن عباس: المراد بهذه الآية مزينة، وجهينة، وأشجع، وأسلم، وغفار {أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} فى غزوة غزاها. وقال السيد صديق حسن خان فى فتح البيان (215/ 4): زبادة تأكيد لوجوب الغزو مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. انظر البحر المحيط (111 - 112/ 5) والكشاف (571 - 572/ 1) والرازى (223 - 224/ 16) وروح المعانى (46 - 48/ 11) والقرطبى (290 - 293/ 8) وكناب التسهيل (87/ 2) والدر المنثور (292/ 3). وابن كثير مع البغوى (266 - 267/ 4). انظر ما قاله السيوطى فى الاكليل تحت هذه الآية ص 123. إذ يقول: استدل بها أبو حنيفة على جواز الزنا بنساء أهل الحرب فى دار الحرب. قلت: هذا لا يثبت عن الامام أبى حنيفة رحمه اللَّه تعالى باسناد صحيح عنه واللَّه أعلم. انظر الاعتصام للشاطبى 226/ 2.

قال أبو جعفر: وقد اختلف أهل التأويل فى حكم هذه الآية، فقال بعضهم: هى محكمة، وانما كان ذلك لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خاصة، لم يكن لاحد أن يتخلف إذا غزا خلافه، فيقعد عنه، إلا من كان ذا عذر، فأما غيره من الأئمة والولاة، فان لمن شاء من المؤمنين إن يتخلف خلافه تخلف إذا لم يكن بالمسلمين اليه ضرورة (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (64/ 11). قلت: قال ابن الجوزى فى تفسيره (515 - 516/ 3): قال شيخنا على بن عبيد اللَّه: اختلف المفسرون فى هذه الآية، فقالت طائفة: كان فى أول الامر لا يجوز التخلف عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين كان الجهاد يلزم الكل، ثم نسخ ذلك بقوله: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} التوبة: 122 وقالت طائفة: فرض اللَّه تعالى على جميع المؤمنين فى زمان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من لا عذر له الخروج معه، لشيئين: أ- أنه الواجب عليهم أن يقووا أنفسهم به. ب- أنه إذا سرج الرسول فقد خرج الدين كله، فأمروا بالتظاهر لئلا يقل العدد وهذا الحكم باق الى وقتنا، فلو خرج امير المؤمنين الى الجهاد، وجب على عامة المسلمين متابعته لما ذكرنا فعلى هذا فالآية، محكمة. قال أبو سليمان لكل آية وجهها، وليس للنسخ على احد الآيتين طريق. قلت: لا مدخل للنسخ بين الآيتين والجمع ممكن إذ ليس هناك دليل صريح من كتاب اللَّه تعالى ولا من سنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- يومى الى النسخ لا بالنص ولا بالظاهر ولا بالاشارة وأن الخروج الى الغزوة، بناء على استنفار الامام واجب محتم على كل مسلم قادر يستطيع أن يحمل السلاح،=

قال أبو جعفر، الذين ذهبوا الى نسخ الآية. . . ثم قال: ذكر من قال ذلك. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {ما كان لاهل المدينة ومن حولهم من الاعراب أن يتخلفوا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه} هذا إذا غزا نبى اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بنفسه -فليس لاحد أن يتخلف، ذكر لنا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: لولا أن أشق على أمتى ما تخلفت خلف سرية تغزو فى سبيل اللَّه، ولكنى لا أجد سعة، فانطلق بهم معى، ويشق عليّ أو أكره أن أدعهم بعدى (¬1). ¬

_ = وقد أذن له ابواه وكل ما فى الأمر، هو أن الاستنفار، لا يكون إلا لاعلاء كلمة اللَّه تعالى ورد عدوان الظالمين على أرض مسلمة أو مهاجمة الاشرار الذين بغوا على المسلمين من الكفار وغيرهم، شرط أن يكون هناك نظام قائم مستمد من كتاب اللَّه تعالى وسنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- فى البلاد التى دعى إمامها الى الجهاد، وإما إذا كان هناك نظام لا يتفق مع الاسلام أصلا بل يناقضه ويحاربه فلا يجب على المسلم أن يلبي الدعوة خصوصا إذا كان الحاكم محاربا للَّه ولرسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-. انظر فتاوى السبكى (294/ 1). (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (64 - 65/ 11). قلت: اسناد هذا الاثر صحيح الى قتادة والاثر مقطوع. وقد يكون هذا استنباطا منه رحمه اللَّه تعالى. والحديث قد أخرجه البخارى فى كتاب الجهاد والنسائي. ومالك فى موطأه وفى معناه اخرج الإمام أحمد فى مسنده (231/ 3).=

قال أبو جعفر: حدثنا علي بن سهل (¬1)، قال: ثنا الوليد بن مسلم (¬2)، قال: سمعت الأوزاعى (¬3)، وعبد اللَّه بن المبارك (¬4)، والفزارى (¬5)، والسبيعى، ¬

_ = الآية ما كان لأهل المدينة الخ. . داعية كل مسلم يدعره إمامه الى الجهاد، ويستنفره لإعلاء كلمته يجب عليه أن يخرج الى الغزو إذا كان اليه حاجة المسلمين وإلا كان منافقا ما دام لا مانع لديه من الحضور. والآية وان كانت نزلت فى سبب خاص إلا أنها عامة فالعبرة بعموم الالفاظ، لا بخصوص الاسباب، واللَّه تعالى أعلم. (¬1) علي بن سهل، هو علي بن سهل بن قادم، الرملي، نسائي الاصل، صدوق، من كبار الحادية عشرة، مات سنة احدى وستين ومأتين/ د س انظر التقريب (38/ 2). (¬2) الوليد بن مسلم هو الولد بن مسلم القرشى مولاهم، أبو العباس الدمشقى، ثقة، لكنه كثير التدليس والتسوية، أى يدلس تدليس التسوية: وهو: أن يسقط من سنده شيخه لكونه ضعيفا أو صغيرا ويأتى بلفظ محتمل أنه سمع عن الثقة الثانى تحسينا للحديث: من الثامنة، مات آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وتسعين: مائة /ع انظر التقريب (336/ 2). قلت: ذكره الحافظ فى طبقات المدلسين فى الطبقة الرابعة ص 18. (¬3) الاوزاعى، هو عبد الرحمن بن عمرو بن أبى عمرو الاوزاعى، أبو عمرو الفقيه، ثقة، جليل، من السابعة، مات سنة 157/ع انظر التقريب (497/ 1). (¬4) وعبد اللَّه بن المبارك. هو عبد اللَّه بن المبارك المروزى، مولى بنى حنظلة، ثقة، ثبت، فقيه، عالم جواد مجاهد، جمعت فيه خصال الخير، من الثامنة، مات سنة 181 وله ثلاث وستون /ع انظر التقريب (1/ 445). (¬5) أما الفزارى فهو ابراهيم محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة بن حفص بن حذيفة الفزارى الامام=

وابن جابر (¬1)، وسعيد بن عبد العزيز (¬2) يقولون فى هذه الآية: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ}. . . الى آخر الآية إنها لأول هذه الامة وآخرها، من المجاهدين فى سبيل اللَّه (¬3). ¬

_ = أبو إسحاق الفرازى، ثقة حافظ، له تصانيف، من الثامنة مات 158/ ع انظر التقريب (41/ 1). (¬1) وابن جابر هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدى، أبو عتبة، الشامى الدارانى، ثفة من السابعة، مات بضع وخمسين ومائة/ ع انظر التقريب (502/ 1). (¬2) اما سعيد بن عبد العزيز فهو التنوخى بفتح التاء وضم النون المخففة: ينسب الى عدة قبائل اجتمعوا قديما بالبحرين الدمشقى، ثقة، امام سواه أحمد بالاوزاعى، وقدمه على أبى مسهر ولكنه اختلط فى آخر عمره من السابعة، مات سنة 167، وقيل: بعدها بعدها / بخ م - انظر التقريب (301/ 1). (¬3) تفسير ابن جرير الطبرى (65/ 11) انظر تفسير القرطبى (292 - 293/ 8) قلت: ليس هذا الاثر فى محل الاحتجاج حسب أصول الحديث، الا أنه يستأنس به استئناسا قويا فى المعنى الذى ذهب اليه هؤلاء الأئمة رحمهم اللَّه تعالى ويظهر من تراجمهم بأنهم من الجبال العظام لكلامهم وزن ثقيل، خصوصا فى مثل هذه المعانى التى استنبطوها من كتاب اللَّه تعالى، وسنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- وان الاستهانة بالجهاد فى نظر المسلمين، إلا ما شاء اللَّه تعالى. قد أدت الى مخاطر جسيمة خطيرة لا يمكن حصر نتائجها. فالرأى السديد الذى ذهبوا اليه إن لم يكن هناك نص يخالفهم هو رأيهم. واللَّه أعلم. ولا يخفى عيكم، قيمة هؤلاء العلمية لدى الامة ثم موافقة قتادة رحمه اللَّه تعالى اياهم فى نفس هذا المعنى أمر ذو شأن عظيم، فلا معنى لمخالفة رأيهم فى النظر الصحيح هذا الاعتداء الصارخ، الذى تواجهه الامة الاسلامية، فى كافة الجهات من أطراف العالم من قبل الاعداء الماكرين إنما هو نتيجة حتمية لما أهمله المسلمون من فريضة الجهاد، وعدم مبالاتهم به، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وذلك، أمر خطير قد يؤدى فى المستقبل إذا بقى الحال على ما هر الآن الى مسخ هذه الامة ومحوها عن الوجود، وهذا -لا سمح اللَّه- ان وقع فتلك حادثة خطرة، يرتقب لها الاعداء وتخطط منذ مئات السنين، اللهم يا ولى الاسلام والمسلمين الهمنا مراشد امورنا وتولنا فيمن توليت ووفقنا لما هو صالح لنا فى ديننا ودنيانا. * * *

الفصل السادس عشر فى دليل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الى تبوك

الفصل السادس عشر فى دليل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الى تبوك قال محمد بن عمر الواقدى: حدثنى، رفاعة بن ثعلبة بن أبى مالك، عن أبيه، عن جده، ومضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، من المدينة فصبح ذا خشب (¬1) فنزل تحت الدومة، وكان دليله الى تبوك علقمة بن الفغواء الخزاعي (¬2) وأقام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- له تحت الدومة، وراح منها ممسيا ¬

_ (¬1) ذا خشب بضم أوله وثانيه، بالباء المعجمة بواحدة، موضع يتصل بالكلاب على مرحلة من المدينة على طريق الشام انظر ابن الاثير فى غريب الحديث (32/ 2). ولسان العرب (355/ 2) والمغانم المطابة فى معالم الطابة للفيروزآبادى ص 129 ومعجم البلدان لياقوت الحموى (372/ 2) وتاج العروس (235/ 1) والسمهودى فى وفاء الوفاء (299/ 2). (¬2) أما علقمة بن الفغواء الخزاعى فهو علقمة بن الفغواء بفاء ثم غين الخزاعى، كان دليل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الى تبوك، روى عنه ابن عبد اللَّه، هو اخو عمرو بن الفغواء (زاد الطبرى) وكان يسكن باب أبى شرحبيل وهو بين ذى خشب والمدينة، وكان يأتى المدينة كثيرا. انظر الاستيعاب لابن عبد البر (1088/ 3) وأسد الغابة لابن الاثير (137/ 4) وقد ذكرا أنه كان دليل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الى تبوك.

حيث أبرد، وكان فى حر شديد، وكان يجمع -من يوم نزل ذا خشب- بين الظهر والعصر فى منزله الحديث (¬1). ¬

_ (¬1) مغازى محمد بن عمر الواقدى (999/ 2) انظر تاريخ دمشق لابن عساكر (416/ 1) فإنه أورد هذه الرواية نقلا عن الواقدى، انظر تحفة الابية لفيروزآبادى ص 103 ولقد تأملت فى ما كتبه أبو عمرو وابن الاثير فى كتابيهما من هذه الرواية فإنها مأخوذة من مغازى الواقدى وكذا ابن عساكر فى تاريخ دمشق، والواقدى منهم بالكذب. قال الحافظ فى التقريب (194/ 2): محمد بن عمر بن واقد الاسلمى الواقدى، المدنى القاضى، نزيل بغداد متروك مع سعة علمه، من التاسعة مات سنة 207 هـ، وله ثمان وستون /ق. قلت: لا يحتج بحديثه مطلقًا لأنه لا يلزم من رد حديثه ما دام هو منكر الحديث تعطيل فى الاحكام الشرعية بل قد يلزم من العكس فتح باب أمام الاعداء لكى يوجهوا من سهما مسموما الى رسالة الاسلام وأما كلام الخطيب فى تاريخه (153/ 3) وسارت الركبان بكتبه فى فنون العلم من المغازى والسر والطبقات فهو قول لا يحتج به على أن يقبل حديثه مطلقا. قال الذهبى فى الميزان: (26/ 3): واستقر الاجماع على وهن الواقدى مات 207 هـ. * * *

الفصل السابع عشر فى عدد جيش غزوة تبوك

الفصل السابع عشر فى عدد جيش غزوة تبوك قال الامام مسلم فى صحيحه: حدثنى سلمة بن شبيب، حدثنا الحسن بن أعين، حدثنا معقل (وهو ابن عبيد اللَّه) عن الزهري، أخبرنى عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك، عن عمه، عبيد اللَّه ابن كعب، وكان قائد كعب، حين اصيب بصره، وكان أعلم قومه، وأوعاهم لاحاديث أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: سمعت أبى كعب بن مالك، وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم يحدث أنه لم يتخلف عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة غزاها قط، غير غزوتين، وساق الحديث، وقال فيه: وغزا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بناس كثير، يزيدون على عشرة آلاف، ولا يجمعهم ديوان حافظ (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم (112/ 8). قال الحافظ فى الفتح (83/ 8): وللحاكم فى الاكليل، من حديث معاذ بن جبل رضي اللَّه تعالى عنه، خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الى غزوة تبوك زيادة على ثلاثين ألفا، وبهذا العدد جزم ابن اسحاق، قلت: لم أجد هذه الرواية فى سيرة ابن هشام لعلها ذهبت مع الاختصار وقال الحافظ: واورده الواقدى بسند آخر موصول، وزاد أنه كان معهم عشرة آلاف فرس.=

قال الواقدي: حدثنى رفاعة بن ثعلبة بن أبى مالك (¬1)، عن أبيه، عن جده، قال: جلست مع زيد بن ثابت، فذكرنا غزوة تبوك، فذكر أنه حمل لواء مالك بن النجار، فى تبوك، فقلت: يا أبا سعيد كم ترى كان المسلمون؟ قال: ثلاثون الفا، لقد كان الناس، يرحلون عند ميل الشمس، فما يزالون يرحلون، والساقة مقيمون، برحل العسكر، فسألت بعض من كان بالساقة فقال: ما يرحل آخرهم إلا مساءًا، ثم ¬

_ = قلت: جمع الحافظ فى الفتح، بين هاتين الروايتين، أعنى رواية مسلم التى جاءت عن طريق معقل بن عبيد اللَّه، ورواية الحاكم فى الاكليل، وكذا رواية الواقدى، بقوله: فتحمل رواية معقل على ارادة عدد الفرسان اهـ. انظر العقد الثمين فى فتوح الهند ومن ورد فيها من الصحابة والتابعين ص 12 وقال النووي (100/ 17) فى شرح مسلم: هكذا وقع هنا زيادة على عشرة آلاف، ولم يبين قدرها، وقد قال أبو زرعة الرازى: وكانوا سبعين الفا وقال ابن اسحاق: كانوا ثلاثين الفا، وقال: وهذا أشهر، وجمع بينهما بعض الأئمة بأن أبا زرعة عد التابع والمتبوع، وابن إسحاق عدد المتبوع فقط. انظر تاريخ ابن أبى خيثمة (الجزء الخمسون) ص 123. وقال القرطبى فى تفسيره (280/ 8): قال ابن عرفة: وانما ضرب المثل بجيش العسرة لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لم يغز قبله فى عدد مثله، لأن اصحابه يوم بدر، كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، ويوم احد سبعمائة ويوم خيبر الفا وخمسمائة، ويوم الفتح عشرة آلاف، ويوم حنين اثنى عشر الفا، وكان جيشه فى غزوة تبوك ثلاثين الفا وزيادة، وهي آخر مغازيه انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (166/ 2) فى عدد جيش العسرة إذ قال: قدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تبوك فى ثلاثين الفا من الناس، والخيل عشرة آلاف. (¬1) رفاعة بن ثعلبة لم أجد له ترجمة فى المراجع التى بين يدى.

نرحل على أثرهم، فما ننتهى الى العسكر الا مصبحين، من كثرة الناس (¬1). ¬

_ (¬1) مغازى الواقدى (996/ 3). قال ابن هشام فى سيرة ابن إسحاق (162/ 4): وضرب عبد اللَّه بن أبيّ مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عسكره، أسفل منه نحو ذباب، وكان فيما يزعمون ليس بأقل العسكرين انتهى كلامه. انطر عقد الثمين فى فتوح الهند ص 12. قلت: إنه قول مردود. حتى ابن إسحاق عبر بنفسه عن كلمة فيها رد على من يقول بذلك القول. قال الحافظ فى الفتح: (83 - 89/ 8): وقد نقل، عن أبى زرعة الرازى أنهم أى عسكر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كانوا فى غزوة تبوك أربعين الفا، وقال: ولا تخالف الرواية التى فى الإكليل اكثر من ثلاثين ألفا، لاحتمال أن يكون من قال: أربعين ألفا جبر الكسر. قلت: قد جاء النقل، عن أبى زرعة متغايرا، فذكر النووى عنه فى شرح مسلم (100/ 17) كما سبق سبعين الفا، ولم يتكلم الحافظ على هذه الرواية فى الفتح، بل أشار الى الرواية التى فيها أربعون الفا، فكأن الرواية التى نقلها النووي عن أبى زرعة والتى فيها سبعون الفا أما لم يطلع علها الحافظ واما لم تصح عنده واللَّه أعلم. وقال الحافظ: وكان الذين تخلفوا بضعة وثمانين رجلا. ذكر الواقدى فى مغازيه (996/ 3) ان هذا العدد كان من منافقى الانصار، وان المعذرين من الاعراب كانوا أيضا اثنين وثمانين رجلا من بنى غفار، وغيرهم، وان عبد اللَّه بن أبى ومن أطاعه من قومه كانوا من غير هؤلاء. كانوا عددا كثيرا اهـ قلت: مهما يكن من الامر. فإن عدد المتخلفين لم يكن متساويا مع من اشترك فى هذه الغزوة واللَّه تعالى أعلم بالصواب.=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقال السيوطى فى التدريب 406: وقد روى البخارى فى صحيحه ان كعب بن مالك قال فى قصة تخلفه عن تبوك، وأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كثير لا يجمعهم كتاب حافظ الخ. قلت: وهم السيوطى فى ذلك إذ أنه نسب إخراج هذه الرواية الى البخاري قوله ولم يخرجه بهذه الالفاظ الا مسلم كما علمت. وعلى الارجح أن يكون جيش غزوة تبوك ثلاثين الفا كما تظافرت به الروايات واللَّه أعلم.

الفصل الثامن عشر فى الالوية فى غزوة تبوك

الفصل الثامن عشر فى الالوية فى غزوة تبوك قال الواقدي: فلما رجع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، من ثنية الوداع الى تبوك، فعقد الالوية، والرآيات، فدفع لوائه الاعظم الى أبى بكر الصديق رضي اللَّه عنه، ورايته العظمي الى الزبير، ودفع راية الاوس الى أسيد بن الحضير، ولواء الخزرج، الى أبى دجانه، ويقال: الى الحباب بن المنذر ابن الجموع (¬1). ¬

_ (¬1) مغازى الواقدي (966/ 3). قلت: أخرج ابن عساكر فى تاريخ دمشق هذا النص باسناده عن الواقدي، وفيه سماع محمد ابن شجاع الثلجى عنه انظر تاريخ دمشق (415/ 1) وقال الذهبي فى الميزان (577 - 579/ 3): محمد بن شجاع بن الثلجى، الفقيه البغدادى الحنفى، أبو عبد اللَّه صاحب التصانيف. قرأ على اليزيدى قال ابن عدى: كان يضع الحديث فى التشبيه، وينسبه الى أصحاب الحديث يثلبهم بذلك. وقال الذهبي: قال زكريا الساجي: محمد بن شجاع كذاب، أحتال فى أبطال الحديث. نصرة للرأى. انظر التقريب (169/ 2) والحبر فى خبر من غير (33/ 2). قال الذهبى: متروك. وأورد الحديث صاحب السير الحلبية (285 - 286/ 3) وسياقه كسياق الواقدى ولم يعزه الى أحد، وكذا صاحب تاريخ الخميس (239/ 2). ونقل الحافظ الحديث فى الاصابة (133 - 236/ 1) =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = فى ترجمة الصديق وسياقه يدل على أنه مأخوذ عن الواقدى من مغازيه وذكر الحديث محمد بن سعد فى الطبقات الكبرى (169/ 3) إذ قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال أخبرنا محمد بن عبد اللَّه، عن الزهرى، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، قال: لما اقطع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الدور بالمدينة جعل لابى بكر، موضع داره عند المسجد، وهي الدار التى صارت لال معمر، ثم قال ابن سعد: بهذا الاسناد. وشهد أبو بكر بدرا، وأحدا، والخندق والمشاهد كلها مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ودفع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رايته العظمى يوم تبوك الى أبى بكر الصديق، وكانت سوداء وذكر الحديث ابن الجوزى فى صفة الصفوة فى ترجمة الصديق (88 - 101/ 1) بدون اسناد والسياق يدل على أنه مأخوذ عن الواقدى ورد هذا الحديث فى أحد الغابة لابن الاثير (205/ 3): نقلا عن ابن سعد. قلت: لم يصح هذا الاسناد لأنه دائر عند الجميع على محمد بن عمر الواقدى وهو متروك. وقال ابن عساكر فى تاريخه (1/ 416): باسناده عن الواقدى وأمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك كل بطن من الانصار. ان يتخذوا لواءًا وراية، والقبائل من العرب، فيها الرايات والالوية، وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دفع راية بنى مالك بن النجار الى عمارة به. حزم، فأدرك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- زيد بن ثابت، فأعطاه الراية، قال عمارة يا رسول اللَّه، لعلك وجدت علي؟ قال: لا واللَّه ولكن قدموا القرآن، وكان زيد اكثر أخذا للقرآن منك والقرآن يقدم، وإن كان عبدًا أسود مجدعا، وأمر فى الأوس، والخزرج، أن يحمل راياتهم أكثرهم أخذًا للقرآن، وكان أبو زيد يحمل لواء بنى عمرو بن عوف، وكان معاذ بن جبل، يحمل راية بنى سلمة انتهى كلام ابن عساكر. قلت: انظر هذا النص فى تاريخ الخميس (139/ 2) والسيرة الحلبية (286/ 3) وسمط النجوم العوالى (213/ 2).=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قلت: يدور هذا النص أيضا على الواقدى فى مغازيه (996/ 3): إذ قال حدثنى رفاعة بن ثعلبة بن أبى مالك عن أبيه، عن جده ثم ذكر الحديث ولم أجد ترجمة رفاعة بن أبى مالك ولو وجد وكان ثقة لم يكن حجة، على طريق أهل الحديث انظر خلاصة سيرة سيد البشر (164). * * *

الفصل التاسع عشر فى نفقة أبى بكر الصديق رضي الله تعالى عنه فى غزوة تبوك

الفصل التاسع عشر فى نفقة أبى بكر الصديق رضي اللَّه تعالى عنه فى غزوة تبوك قال الترمذي: حدثنا هارون بن عبد اللَّه البزار البغدادى (¬1) حدثنا الفضل بن دكين (¬2)، حدثنا هشام بن سعد (¬3)، عن زيد بن أسلم (¬4)، عن ¬

_ (¬1) هو هارون بن عبد اللَّه بن مروان البغدادى، أبو موسى الحمال، بالمهملة البزار، ثقة، من العاشرة، مات سنة 243 هـ وقد ناهز الثمانين./ م عم انظر التقريب (312/ 2). (¬2) هو الفضل بن دكين. الكوفى، واسم دكين، عمرو بن حماد بن زهر، التيمى مولاهم، الاحول، أبو نعيم الملائي، بضم الميم، مشهور بكنيته، ثقة ثبت، من التاسعة، مات (218 أو 219. وكان مولده سنة 130 هـ وهو من كبار شيوخ البخارى/ع انظر التقريب (2/ 110). (¬3) هو هشام بن سعد المدنى، أبو عباد، أو أبو سعد، صدوق، له أوهام، ورمى بالتشيع، من كبار، السابعة، مات سنة 160 أو قبلها / خت م عم التقريب (2/ 318) قلت: ان هذا الحديث قابل للاحتجاج به، لأن الحافظ يقول فى تهذيب التهذيب (40/ 11): قال الاجرى: عن أبى داود هشام بن سعد أثبت الناس فى زيد بن أسلم. (¬4) هو زيد بن أسلم العدوى، مولى عمر، أبو عبد اللَّه، أبو أسامة، المدنى، ثقة، ثبت، عالم، وكان يرسل، من الثالثة مات سنة 136 هـ /ع التقريب (272/ 1) قال الحافظ فى التهذيب. 3/ 395: روى عن أبيه،:عن ابن عمر، ولم يذكر الارسال بينه وبين أبيه. وهكذا قال المزي فى تهذيب الكمال (452/ 2) وبذلك يسلم هذا الاسناد عن الارسال. ان شاء اللَّه.

أبيه (¬1)، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: أمرنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن نتصدق فوافق ذلك مالا، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر ان سبقته يوما، قال فجئت بنصف مالي، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أأبقيت لأهلك؟ قلت: مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال: يا أبا بكر: ما أبقيت لأهلك، قال: أبقيت لهم اللَّه ورسوله، قلت: واللَّه لا أسبقه الى شئ أبدا، قال هذا حديث حسن صحيح (¬2). ¬

_ (¬1) هو أسلم العدوى، مولى عمر، ثقة مخضرم، مات سنة 80 هـ وقيل: بعد سنة ستين وهو ابن عشرة ومائة سنة/ ع التقريب (64/ 1). قلت: أخرج له الترمذي فى سننه فى موضعين: 1 - (51/ 1) 2 - (313/ 4)، وفى كلا الموضعين يروى هشام بن سعد المدنى عن زيد ابن أسلم انظر تحفة الأحوذى فى الصفحتين السابقتين. النسخة الهندية. (¬2) الترمذى (137 - 139/ 13). قلت: وقد أخرج الحديث الامام أبو داود فى سنه (173/ 2) فى كتاب الزكاة، تحت باب الرجل يخرج من ماله ثم ساق الاسناد هكذا، حدثنا أحمد بن صالح، وعمان بن أبى شيبة، قالا: ثنا الفضل بن دكين، ثنا هشام بن صالح، وعثمان بن أبى شيبة، قالا: ثنا الفضل بن دكين، ثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه ثم ذكر الحديث كما هو عند الترمذي. وقد جاء فى هذا الاسناد عند أبى داود الرجلان، وهما أحمد بن صالح، وعثمان بن أبى شيبة، وهما ثقتان. قال الحافظ فى التقريب فى ترجمة أحمد بن صالح (16/ 1): أحمد بن صالح المصرى، أبو جعفر =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ابن الطبرى، ثقة حافظ، من العاشرة، تكلم فيه النسائي بسبب أوهام قليلة، ونقل عن ابن معين تكذيبه، وجزم ابن حبان بأنه تكلم فى احمد بن صالح الشمونى، فظن النسائي أنه عنى الطبرى، مات سنة 248 هـ وله 78 سنة /خ د. عم. قلت: نعم تكلم فيه النسائي فى كتابه الضعفاء المتروكين ص 6 إذ قال: أحمد بن صالح المصرى ليس بثقة. قلت: الى هذا أشار الحافظ فى التقريب وقال الحافظ فى التقريب (13/ 2): (فى ترجمة عثمان ابن أبى شيبة). عثمان بن محمد بن ابراهيم العبسى، أبو الحسن بن أبى شيبة الكوفى، ثقة حافظ، شهير، وله أوهام، وقيل كان لا يحفظ القرآن من العاشرة مات سنة 239 هـ وله 83 سنة /خ م د س ق انظر التقريب (14/ 2). قلت: هو صاحب المصنف. وقد أخرج الحديث فى مصنفه (199/ 2/ 2) انظر عون المعبود على ابى داود (54/ 2)، فإنه لم يمين موضع إنفاق صديق ولا صاحب التحفة (313/ 4). وقد أخرج هذا الحديث أيضا الامام عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن الفضل الدارمى فى سننه فى كتاب الزكاة، تحت باب الرجل يتصدق بجميع ما عنده. ثم ساق الاسناد، ورجاله كلهم ثقات الا هشام بن سعد الذى يروى هنا أيضا عن زيد بن أسلم انظر سنن الدارمى (391 - 392/ 1) وقد سبق أن قلت: أن هشام بن سعد هو اثبت الناس فى زيد بن أسلم كما قال الحافظ فى التهذيب. فلا وجه لرد حديثه واللَّه تعالى أعلم. وقد أخرج الإمام أحمد فى مسنده (253/ 2) و (366/ 2) وأبو بكر بن أبى شيبة فى مصنفه (200/ 2/ 2) وابن ماجه فى مقدمة كتابه (36/ 1) قال ابن

قال الواقدي: عن عمر بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد، عبد اللَّه بن جعفر الزهري، ومحمد بن يحيى، وابن أبى حبيبة، وربيعة بن عثمان، وعبد الرحمن بن عبد العزيز بن قتادة وعبد اللَّه بن عبد الرحمن الجمحي، وعمر ¬

_ = ماجه فى مقدمة كتابه (36/ 1) حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة، وعلي بن محمد، قالا: ثنا معاوية ثنا الاعمش، عن أبى صالح. عن أبى هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: ما نفعنى مال قط، ما نفعنى مال أبى بكر، قال: فبكى أبو بكر، وقال: يا رسول اللَّه: هل أنا ومالى الا لك يا رسول اللَّه؟ قال الشيخ محمد فؤاد عبد الباقى معلقا على هذا الاسناد (36/ 1): اسناده الى أبى هريرة فيه مقال، لأن سليمان بن مهران الاعمش يدلس، وكذا أبو معاية. إلا أنه صرح بالتحديث. فزال الدليس. وباقي رجاله ثقات اهـ قلت: نعم الاعمش مدلس، إلا أن تدليسه ليس بضار لأنه من الطبقة الثانية ذكره الحافظ فى طبقات المدلسين ص 10، واشترط المحدثون التحديث لمن فى الطبقة الثالثة وما فوق، وأما إذا كان فى الثانية فما دون فلا مانع لديهم من الاخذ بروايته واللَّه تعالى أعلم. وإما أبو معاوية فهو محمد ابن خازم الكوفى أبو معاية الضرير، وهو أيضا لا ضرر فى تدليسه لأنه من الطبقة الثانية انظر الطبقات ص 11. وأخرج هذا الحديث الآخر الترمذي أيضا فى مناقب الصديق، انظر تحفة الأحوذي (310/ 4). انظر الدرر المنتثرة فى الاحاديث المشتهرة ص 232 اللآلى المصنوعة فى الاحاديث الموضوعة (286 - 290/ 1).

ابن سليمان بن خيثمة، وموسى بن محمد بن ابراهيم. وعبد الحميد بن جعفر، وأبو معشر، ويعقوب بن محمد، وابن أبى سبرة، وايوب بن نعمان، وكل قد حدثنى بطائفة من حديث تبوك، وبعضهم اوعى له من بعض، وغير هؤلاء، قد حدثنى ممن لم أسم ثقات، وقد كتبت كل ما حدثونى، قالوا: وحض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المسلمين على الجهاد، ورغبهم فيه، وأمرهم بالصدقة، فحملوا صدقات كثيرة، فكان أول من حمل أبو بكر الصديق. جاء بماله كله أربعة آلاف درهم، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: هل أبقيت لأهلك شيئا؟ قال: اللَّه ورسوله أعلم (¬1). ¬

_ (¬1) مغازى الواقدى (991/ 3). قلت: هكذا أورده معلقا بدون اسناد. وقد أخرج ابن عساكر فى تاريخه هذا الخبر (413/ 1) باسناده وفيه الواقدى ومحمد بن شجاع الثلجى، وكلاهما متروك. قلت: مهما يكن بن أمر فى شأنهما، فإنهما ممن لا يحتج بحديثهما، وشأن الصديق رضي اللَّه تعالى عنه، أظهر من الشمس، وما قام به من فداء، وتضحية فى سبيل الاسلام، وسبقه اليه، وإلى استجابة الدعوة المحمدية. أعلى، وأجل، وأرفع مما ذكر فى انفافه فى غزوة تبوك عن طريق هذا الاسناد الساقط. نعم ذكر صاحب السيرة الحلبية، هذا القدر من المال بدون اسناد (100/ 3) لعله نقله عن الواقدي، لأن السياق واحد، وكذا ذكره الشيخ محمد كرامت على صاحب السيرة المحمدية ص 370. ومن غير المعقول جدا، أن يكون لدى الصديق مال، ثم يسمع نداء الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فلا يقدم شيئا؟ وانى لم أجد سندا صحيحا يعين ما أخرجه الترمذى وابو داود فى سننيهما =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = من انفاقه رضي اللَّه عنه انظر الاصابة (333 - 336/ 2) ذكر الحافظ فى ترجمته بعض روايات الانفاق الا أنه لم يذكر عنه بأنه أنفق فى تبوك. وهكذا ابن عبد البر فى الاستيعاب (963/ 978/ 3) وابن الأثير فى أسد الغابة (205 - 224/ 3) انظر فضائل الصديق ص 6، طبقات خليفة ابن خياط 10 - 11. * * *

الفصل العشرون فى نفقة عمر بن الخطاب فى غزوة تبوك وغيره من الصحابة رضي الله عنهم

الفصل العشرون فى نفقة عمر بن الخطاب فى غزوة تبوك وغيره من الصحابة رضي اللَّه عنهم قال ابن عساكر: (¬1) أخبرنا أبو محمد هبة اللَّه بن أحمد الاكفانى (¬2)، ثنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني (¬3) أنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن ¬

_ (¬1) هو علي بن الحسن بن هبة اللَّه، أبو القاسم، ثقة، حافظ، كبير، محدث، صاحب المؤلفات النافعة فى الاسلام، منها تاريخ دمشق الكبير، ومنها الاشراف على معرفة الاطراف للسنن الاربعة والموطأ، والكتاب موجود بمكتبة مكة المكرمة فى مجلدين ومخطوط، انظر: وفيات الاعيان لابن خلكان (335/ 1). وطبقات الشافعية للسبكى (273/ 4). (¬2) هو أبو محمد بن الاكفانى، هبة اللَّه بن أحمد بن محمد الانصارى، الدمشقى الحافظ، وله ثمانون سنة، وكان ثقة، فهما، شديد العناية بالحديث، والتاريخ، وكان من كبار العدول، توفى 6 محرم سنة 524 هـ انظر: العبر فى خبر من غير (63/ 5). (¬3) هو أبو محمد الكتانى، عبد العزيز بن أحمد التميمى الدمشقى الصوفى الحافظ، وكان يفهم، ويذاكر، قال ابن ماكولا: مكثر متقن، توفِى فى جماد الآخرة سنة 460 هـ انظر العبر فى خبر من غبر للذهبى (261/ 3).

أبى نصر (¬1) وأبو نصر محمد بن أحمد بن هارون بن الجندى (¬2) قالا أنبأ أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبى العقب (¬3) أنا أحمد بن ابراهيم القرشى (¬4) نا محمد بن عائذ (¬5) أخبرنى محمد بن شعيب (¬6)، عن عثمان بن عطاء (¬7) عن أبيه عطاء الخراسانى (¬8)، عن عكرمة (¬9) عن ابن عباس، قال: لبث ¬

_ (¬1) ذكره الذهبي مختصرا فى العبر (246/ 2) ووثقه، وقال: هو عبد الرحمن بن أبى نصر الدمشقى. (¬2) هو أبو نصر بن الجندى، محمد بن أحمد بن هارون الغسانى الدمشقى، امام الجامع ونائب الحكم، ومحدث البلد، وقال الكتانى: كان ثقة، مأمونا، توفي فى صفر سنة 417 هـ. انظر العبر (126/ 1). (¬3) هو أبو القاسم، علي بن يعقوب بن أبى العقب الدمشقى، المحدث، المقرئ مات سنة 393 هـ انظر العبر 298/ 2. (¬4) هو أحمد بن ابراهيم بن محمد بن عبد اللَّه بن بكار بن عبد الملك بن الوليد بن بسر بن أرطاة، بفتح أوله، وآخره تاء مربوطة، البسرى بضم الموحدة، بعدها مهملة يكنى أبا عبد الملك، صدوق من الحادية عشرة، مات 289/ س التقريب (10/ 1) والتهذيب (11/ 1). (¬5) هو محمد بن عائذ، بتحتانية، الدمشقى، أبو أحمد، صاحب المغازى، صدوق من العاشرة، رمى بالقدر، مات 233 هـ، وله 83 سنة/ د س التقريب (173/ 2). (¬6) محمد بن شعيب بن شابور، بالمعجمة، والموحدة الاموى مولاهم، الدمشقى، نزيل بيروت، صحيح الكتاب، من كبار التاسعة مات سنة 200 وله 84 سنة عم التقريب (170/ 2). (¬7) هو عثمان بن عطاء بن أبى مسلم الخراسانى، أبو سعيد المقدسى، ضعيف من السابعة مات سنة 155 هـ وقيل سنة 151/ حذ ق التقريب (12/ 2). (¬8) هو عطاء بن أبى مسلم، أبو عثمان الخراسانى، اسم أبيه، ميسرة، وقيل عبد اللَّه، صدوق يهم كثيرا، ويرسل، ويدلس، من الخامسة، مات سنة 135 هـ لم يصح أن البخارى أخرج له/ م عم التقريب (23/ 2). (¬9) عكرمة مولى ابن عباس، ثقة، إمام، معروف، لم يثبت تكذيبه عن ابن عباس.

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد خروجه من الطائف ستة أشهر، ثم أمره اللَّه بغزو تبوك، وهى التى ذكر اللَّه ساعة العسرة، وذلك فى حر شديد، وقد أكثر النفاق. وكثر أصحاب الصفة، والصفة بيت كان لاهل الفاقة، يجتمعون فيه فتأتيهم صدقة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والمسلمين، وإذا حضر غزو عمد المسلمون اليهم، فاحتمل الرجل الرجل أو ما شاء اللَّه يشبعه. فجهزوهم، وغزوا معهم، واحتسبوا عليهم، فأمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ـ المسلمين بالنفقة عليهم فى سبيل اللَّه والحسبة، وأنفقوا احتسابا، وأنفق رجال غير محتسبين، وحمل رجال من فقراء المسلمين، وبقي أناس. وأفضل ما تصدق به يومئذ احد عبد الرحمن بن عوف، تصدق بمأتى أوقية، وتصدق عمر بن الخطاب بمائة أوقية وتصدق عاصم الانصارى بتسعين وسقا من تمر، وقال عمر بن الخطاب: يا رسول اللَّه إنى لا أرى عبد الرحمن إلا قد احتوب، ما ترك لاهله شيئا. فسأله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هل تركت لأهلك شيئا؟ قال: نعم، أكثر مما أنفقت، وأطيب، قال: كم؟ قال: ما وعد اللَّه ورسوله من الرزق والخير، وجاء رجل من الانصار يقال له أبو عقيل بصاع من تمر فتصدق، وعمد المنافقون حين رأوا الصدقات فإذا كانت صدقة الرجل كثيرة تغامزوا به وقالوا: مرائي. وإذا تصدق الرجل بيسير من طاقته تمرا، قالوا: هذا أحوج الى ما جاء به، فلما جاء أبو عقيل بصاعه من تمر، وقال وهو يعتذر ويستحي: وتركت الآخر لاهلى، فقال المنافقون: هذا أفقر الى صاعه من غيره، وهم فى ذلك ينتظرون يصيبون من الصدقات غنيهم، وفقيرهم، فلما

أزف خروج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أكثروا الاستئذان، وشكوا شدة الحر، وخافوا، وزعموا الفتنة، إن غزوا، ويحلفون باللَّه على الكذب، فجعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يأذن لهم. لا يدرى ما فى أنفسهم. وبنى طائفة منهم مسجد النفاق، يرصدون به الفاسق أبا عامر، وهو عند هرقل وقد لحق به كنانة بن عبد ياليل، وعلقمة بن علاثة العامرى، وسورة براءة تنزل فى ذلك ارسالا. ونزلت فيها آية ليست فيها رخصة لقاعد، فلما أنزل اللَّه عز وجل: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} اشتكى الضعيف الناصح للَّه ورسوله، والمريض، والفقير الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقالوا: هذا أمر لا رخصة فيه. وفى المنافقين ذنوب مستورة لم تظهر، حتى كان بعد ذلك، وتخلف رجال غير مستيقنين، ولا ذوى علة، ونزلت هذه السورة بالتبيان والتفصيل فى شأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فسار بمن اتبعه، حتى بلغ تبوك. فبعث منها علقمة بن مجزز المدلجي الى فلسطين، وبعث خالد بن الوليد الى دومة الجندل، فقال إسرع لعلك أن تجده خارجا يتقنص، فتأخذه، فوجده فأخذه وارجف المنافقون فى المدينة، بكل خبر سوء فإذا بلغهم، أن المسلمين أصابهم جهد، وبلاء تباشروا به وفرحوا، وقالوا: قد كنا نعلم ذلك، ونحذر منه، فإذا اخبروا بسلامتهم وخير اصابوه حزنوا، وعرف ذلك منهم كل عدو لهم بالمدينة، فلم يبق أحد من المنافقين اعرابي ولا غيره الا استخفى بعمل خبيث، ومنزلة خبيثة، واستعلن. ولم يبق ذوعلة إلا وهو ينتظر الفرج فيما ينزل اللَّه فى كتابه. ولم تزل سورة براءة تنزل حتى ظن المؤمنون الظنون، وأشفقوا أن لا ينفلت منهم كبير أحد

أذنب فى شأن التوبة قط ذنبا، إلا أنزل فيه أمر بلاء، حتى انقضت، وقد وقع بكل عامل تبيان منزله، من الهدى، والضلالة (¬1). ¬

_ (¬1) تاريخ دمشق لابن عساكر 408 - 409/ 1. قلت: هذا الخبر ضعيف بهذا الاسناد لأن فيه عثمان بن عطاء بن أبى مسلم الخراسانى. قال الحافظ فى التهذيب (138 - 7/ 139): قال ابن معين: ضعيف الحديث، قال عمرو ابن علي: منكر الحديث، وقال مرة: متروك الحديث قال الجوزجاني: ليس بالقوى فى الحديث. قال الذهبى فى الميزان (48 - 3/ 49) ضعفه مسلم، ويحيى بن معين. والدارقطني ثم ذكر بعض الاحاديث الى رويت عن طريقه، ثم قال. . .: هذا باطل، واسناده مظلم. قلت: فى بعض ألفاظ المتن فيها نكارة شديدة منها: قوله: أفضل ما تصدق به يومئذ عبد الرحمن بن عوف الخ. ليس الأمر كذلك. إنما أحسن صدقة قدمها يومئذ عثمان بن عفان رضي اللَّه تعالى عنه كما سيأتى إن شاء اللَّه تعالى. ومنه قوله: وبنى طائفة منهم مسجد النفاق. يرصدون به الفاسق ابا عامر، وهو عند هرقل، قد لحق به الخ. . . قلت: قال الامام ابن القيم فى زاد المعاد (3/ 9): معقبا على ابن إسحاق فيما ذكر من قصة أبى عامر الفاسق فى ذهابه الى هرقل، قال: الرابع قوله: كان أبو عامر رأسهم. . فى بناء مسجد الضرار. . وهذا وهم ظاهر لا يخفى على من دون ابن إسحاق، بل هو نفسه قد ذكر قصة أبى عامر هذا فى قصة الهجرة عن عاصم ابن عمرو بن قتادة، إن أبا عامر لما هاجر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من مكة خرج الى الطائف، فلما أسلم أهل الطائف، خرج الى الشام، فمات بها طريدا،=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وحيدا، غريبا فأين كان الفاسق، وغزوة تبوك ذهابا وأيابا؟. انتهى كلامه. قلت: يقصد الامام ابن القيم من هذا التعقيب على ابن اسحاق الى أن أبا عامر الفاسق لم يكن على قيد الحياة عند بدء غزوة تبوك. قلت اخرج ابن جرير الطبرى فى تفسيره (24 - 26/ 11) عدة آثار فى هذا المعنى ولم يصح منها شئ من حيث الاسناد. لأن فيها الحسين بن الفرج وهو منهم بالكذب انظر لسان الميزان (307/ 2) قال الحافظ: قال ابن معين: كذاب يسرق الحديث، وفيها أيضا عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم. وهو ضعيف انظر التقريب (480/ 1). أما قصة تصدق أبى عقيل التى وردت فى هذا الخبر فهى قصة صحيحة. وقد أخرجها البخارى فى صحيحه فى كتاب المسير، تحت قوله تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الآية (56/ 6). وأسباب النزول لعلى الواحدى ص 172 والسيوطى فى لباب النقول ص 121. ومسلم فى صحيحه فى كتاب الزكاة (88/ 3). وفى كتاب التوبة (107/ 8) وزاد المسير لابن الجوزى (476/ 3). والسيوطى فى الدر المنثور (263/ 3). والطبرى بتحقيق محمود شاكر (388/ 14). انظر فتح الباري (8/ 249): فقد استوفى الحافظ ابن حجر الكلام على أبى عقيل هذا. قلت: الخبر الذى أورده ابن عساكر فى تاريخه، مأخوذ من مغازى محمد بن عائذ الدمشقى، وهو كتاب حافل ذكره صاحب كشف الظنون (1747/ 2). وقد وجدت الكتاب وهو فى متحف لندن. وذكر ابن عساكر فى تاريخه (414 - 417/ 1) حديثا آخر باسناد وفيه الواقدى ومحمد بن شجاع الثلجى وكلاهما متروك، قال: بعد ذكر الصديق الذى جاء فى هذا الخبر أنه حمل المال كله الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهى أربعة آلاف درهم.=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وجاء عمر رضي اللَّه تعالى عنه بنصف ماله. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: هل أبقيت شيئا؟ قال: نعم. نصف ما جئت به. وبلغ عمر ما جاء به أبو بكر الصديق فقال: ما استبقنا الى خير قط الا سبقنى اليه، وحمل العباس بن عبد المطلب الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مالا، وحمل طلحة بن عبيد اللَّه الى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مالا. وحمل محمد بن مسلمة اليه مالا، تصدق عاصم بن عدى بتسعين وسقا من تمر، وحمل عبد الرحمن بن عوف اليه مالا مأتى أوقية، وحمل سعد بن عبادة مالا. وجهز عثمان بن عفان ثلث ذلك الجيش، وكان من أكثرهم نفقه، حتى كفى ثلث ذلك الجيش مؤنتهم، حتى ان كان ليقال: ما بقيت لهم حاجة، حتى كفاهم ضنق اسقيتهم. فيقال: ان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال يومئذ: ما يضر عثمان ما عمل بعد هذا. ورغب أهل الغنى فى الخير، والمعروف، واحتسبوا فى ذلك الخير. وقوى ناس دون هؤلاء ممن هو أضعف منهم حتى ان الرجل ليأتى بالبعير الى الرجل، والرجلين، فيقول: هذا البعير بينكما تعتقبانه، ويأتى الرجل بالنفقة فيعطيها بعض من يخرج -حتى ان النساء كن ليعن بكل ما قدرن عليه، لقد قالت أم سنان الاسلمية: لقد رأيت ثوبا مبسوطا بين يدى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فى بيت عائشة، فيه مسك، ومعاضد، وخلاخل، وأقرطة، وخواتيم، وخدمات مما يبعث به النساء يعن به المسلمين فى جهازهم، والناس فى عسرة شديدة، وحين طابت الثمار الحديث. قلت: هكذا أخرجه الواقدي فى مغازيه (991 - 994/ 3) وصاحب السيرة المحمدية فى سيرته ص 370 وصاحب السيرة الحلبية (100 - 103/ 3) وكل هؤلاء نقلا عن الواقدى. وأما بعض الالفاظ التى ورت فى هذا السياق وهي تشير الى نفقة الصديق وعمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنهما فإنها رويت باسانيد حسان فى الترمذي فى المناقب (137 - 139/ 3). والدارمى فى سننه فى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = كتاب الزكاة (391 - 392/ 1) والامام احمد فى مسنده (253/ 2) إلا أن هذه الروايات لم تعين نفقة الصديق وعمر رضي اللَّه تعالى عهما فى غزوة تبوك. وورد أيضا انفاق عثمان رضي اللَّه تعالى عنه باسانيد جياد كما سيأتي فى موضعه ان شاء اللَّه تعالى. والباقى لم أطلع على اسنادها الا عند الواقدى فقط وفى نفسى منه شيء. وأما ما ذكر النساء وتصدقهن بهذا أيضا ورد باسانيد جياد فقد أخرج الامام احمد فى مسنده (220/ 1) و (226، 231، 357، 368/ 1)، (34/ 3) إذ قال حدثنا سفيان، عن أيوب، عن عطاء، عن ابن عباس، أشهد على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى قبل الخطبة فى العيد، ثم خطب فرأى أنه لم يسمع النساء، فأتاهن، فذكرهن، ووعظهن، وأمرهن بالصدقة، فجعلت المرأة تلقى الخرص، والخاتم، والشيء، وقد أخرج البخارى أيضا فى كتاب العلم والآذان، والعيدين، والزكاة والنكاح هذا الحديث وأبو داود فى كتاب الصلاة، وابن ماجه فى الاقامة، وسنن الدارمى فى كتاب الصلاة، والنسائي فى العيدين الا أن هذا السياق لم يكن فى غزوة تبوك. واللَّه تعالى أعلم انظر تاريخ الخلفاء للسيوطى ص 38. قاله السندى. الفقير الى مولاه. . . * * *

الفصل الحادى والعشرون فى نفقة عثمان رضي الله تعالى عنه فى غزوة تبوك

الفصل الحادى والعشرون فى نفقة عثمان رضي اللَّه تعالى عنه فى غزوة تبوك قال البخارى: وقال عبدان، أخبرنى أبى، عن شعبة، عن أبى إسحاق، عن أبى عبد الرحمن، أن عثمان رضي اللَّه تعالى عنه حيث حوصر، اشرف عليهم، وقال: أنشدكم ولا أنشد الا اصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ألستم تعلمون أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: من حفر رومة، فله الجنة، فحفرتها، ألستم تعلمون انه قال: من جهز جيش العسرة، فله الجنة، فجهزتهم، قال: فصدقوا بما قال الحديث (¬1). ¬

_ (¬1) الجامع الصحيح للبخاري، كتاب الوصايا (11/ 4)، وأخرجه أيضا فى مناقب عثمان (12/ 5) معلقا، وتكلم الخافظ فى تغليق التعليق على هذا التعليق ص 163 بقوله، أوصله فى كتاب الوصايا، ثم ذكر الاسناد الذى فى الصلب. وهكذا قال الحافظ فى الفتح (306/ 5). وقال: وأخرجه سيف فى الفتوح، وللنسائي من طريق الاحنف بن قيس. والترمذي، فى رواية زيد بن أبى أنيسة ثم ذكر الحديث. ثم قال الحافظ: وللترمذي من حديث عبد الرحمن بن الحباب السلمى أنه جهزهم بثلاثمأة بعير، ولأحمد، من حديث عبد الرحمن بن سمرة، إنه جاء بالف دينار فى ثوبه فصبها فى حجر النبي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال: وأخرج اسد بن مرسى فى فضائل الصحابة من مرسل قتادة حمل عثمان على ألف بعير، وسبعين فرسا فى العسرة، وعن أبى يعلى بوجه آخر ضعيف، فجاء عثمان بسبعمائة أوقية ذهب، وعند ابن عدى بسند ضعيف جدا، عن حذيفة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- استعان عثمان فى جيش العسرة، فجاء بعشرة آلاف دينار، لعلها كانت عشرة آلاف درهم فتوافق رواية عبد الرحمن ابن سمرة، من صرف الدينار بعشرة دراهم. اشار الحافظ فى الاصابة فى ترجمة عثمان بن عفان (455 - 456/ 2). لبعض روايات الانفاق فى العسرة، ومنها حديث البخارى. وكذا ابن عبد البر فى الاستيعاب (1037 - 1053/ 3). وأشار ابن عبد البر الى رواية قتادة المرسلة التى أوردها الحافظ فى الفتح (306/ 5) بقوله: ذكر اسد بن مرس، قال: حدثنى أبو هلال الراسبي. قال: حدثنا قتادة، قال: حمل عثمان فى جيش العسرة على ألف بعير وسبعين فرسا قلت: أبو هلال الراسبي، هو محمد بن سليم، أبو هلال الراسبي، بمهملة ثم مرحدة، البصرى. قيل: كان مكفوفا، وهو صدوق، فيه لين، من السادسة، مات فى آخر سنة 167 هـ وقيل قبل ذلك/ خت عم. التقريب (166/ 2). وأما أسد بن موسى فهو أسد بن موسى بن ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن داود الاموى، أسد السنة، صدوق يغرب، وفيه نصب، من التاسعة، مات سنة 212 هـ، وله ثمانون سنة / خت د س التقريب (63/ 1). قلت: مرسل قتادة فيه ضعف من هذا الوجه واللَّه تعالى أعلم. انظر أسد الغابة لابن الاثير (376 - 384/ 3) والمراجع الآتية فى ترجمة ونفقة عثمان بن عفان رضي اللَّه تعالى عنه. المحبر لابن حبيب ص 337. وتاريخ الخميس (254/ 2). وصفة الصفوة لابن الجوزى (112/ 1) وتاريخ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الطبرى (145/ 5). . . واليعقوبى (139/ 2). وحلية الاولياء لابى نعيم (55/ 1). ومنهاج السنة لامام ابن تيمية (186/ 2) و (165/ 3). والرياض النضرة فى مناقب العشرة (82 - 252/ 1). البدأ والتاريخ (79/ 5) و (194 - 208/ 5) وابن الاثير فى كتابه الكامل حوادث سنة 35. انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (53 - 84/ 3). وابن عساكر فى تاريخ دمشق (114 - 415/ 1). وسيرة ابن هشام (161/ 4) وابن سيد الناس فى عيون الاثر (216/ 2) والحافظ ابن كثير فى البداية والنهاية (4/ 5). وقال ابن عبد البر فى الدرر فى اختصار المغازى والسير 253 وأنفق عثمان رضي اللَّه تعالى عنه نفقة عظيمة جهز بها جماعة من المعسرين فى تلك الغزوة، روى أنه حمل فى تلك الغزاة على تسعمائة بعير، ومائة فرس، وجهزهم حتى لم يفقدوا عقالا ولا شكالا، وروى انه أنفق فيها الف دينار. انظر مغازى الواقدى (991/ 3) وابن حزم فى جوامع السيرة ص 249 والنويرى (352/ 17) والسيرة المحمدية للشيخ محمد كرامت على الهدى ص 370 - 373. والسنن الكبرى للبيهقى (167/ 6) فى كتاب الوقف. النموذج اللبيب فى خصائص الحبيب ص 61. ولوامع الانوار البهية وسواطع الاسرار الاثرية (332 - 333/ 2)، وحياة الحيوان الكبرى (52/ 1) وتاريخ الموصل للازدى ص 334. الفتوحات الإلهية فى احاديث خير البرية (171/ 1) والصواعق المحرقة للهيتمى المكى ص 65 وكتاب السنة للامام أحمد 49 - 50. وشفاء الغرام للسبكى (371 - 372) ونزهة المجالس ومنتخب النفائس (169 - 73/ 2) ونزهة الناظرين فى تفسر آيات رب العالمين ص 42 - 43 وغاية النهاية فى طبقات القراء لابن الجزرى (507/ 1)، والرياض المستطابة للعامرى 39 - 41. والرسالة المستطابة فيمن دفن بالبقيع من الصحابة ص 5 ونور الابصار فى مناقب آل بيت النبي المختار 86 - 88 وهداية المرتاب فى فضائل الاصحاب 68 - 184 وأخبار الاول وآثار الاول لأحمد بن يوسف الدمشقى 98 - 99.

قال الإمام أحمد: حدثنا هارون بن معروف (¬1)، وسمعته انا من هارون بن معروف، ثنا ضمرة (¬2) ثنا عبد اللَّه بن شوذب (¬3) عن عبد اللَّه بن القاسم (¬4)، عن كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة (¬5)، عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: جاء عثمان بن عفان الى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بألف دينار فى ثوبه حين جهز النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جيش العسرة، فقال: فصبها فى حجر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقلبها بيده، ويقول: ما ضر ابن عفان ما عمل بعد اليوم ¬

_ (¬1) هو هارون بن معروف المروزى، أبو علي الخراز الضرير، نزيل بغداد، ثقة من العاشرة، مات سنة 231 هـ، وله 74 سنة/ خ م د. التقريب (313/ 2). (¬2) هو ضمرة بن ربيعة الفلسطينى، أبو عبد اللَّه، أصله دمشفى، صدوق يهم قليلا، من التاسعة، مات / 202 بخ عم التقريب (374/ 1). (¬3) هو عبد اللَّه بن شوذب الخراساني، أبو عبد الرحمن، سكن البصرة ثم الشام، صدوق عابد، من السابعة، مات سنة 157 هـ/ بخ عم التقريب (423/ 1). (¬4) هو عبد اللَّه بن القاسم، شيخ لعبد اللَّه بن شوذب، صدوق، من الثالثة / ت التقريب (441/ 1). (¬5) هو كثير بن أبى كثير، البصرى، مولى ابن سمرة، مقبول، من الثالثة، ووهم من عده صحابيا / د ت س ق التقريب (133/ 2). قلت: هذا الحديث بهذا الاسناد حسن واللَّه تعالى أعلم بالصواب. وقد اخرج هذا الحديث الترمذي فى سننه فى كتاب المناقب (154 - 155/ 13). قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.

يرددها مرارا (¬1). قال الترمذي: حدثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن (¬2)، أخبرنا عبد اللَّه بن جعفر الرقي (¬3) حدثنا عبيد اللَّه بن عمر (¬4) عن زيد، هو ابن أبى أنيسة (¬5)، عن ¬

_ (¬1) انظر مسند الإمام أحمد (53/ 5). ومجمع الزوائد للهيثمى (85/ 9) وأخرجه الحاكم فى المستدرك، وقال: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي فى التلخيص (102/ 3): صحيح. انظر الموضوعات لابن الجوزى فى فضائل عثمان (329 - 336/ 1) وكتاب الزهد للامام أحمد 126 - 130 وتهذيب الاسماء واللغات للنووى (323 - 326/ 1) والتحفة اللطيفة فى تاريخ المدينة (392 - 397/ 3) وطرفة الاصحاب فى معرفة الانساب للملك الغسانى (69 - 70). (¬2) هو عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام بفتح الباء، وسكون الهاء السمرقندى، أبو محمد الدارمي الحافظ، صاحب المسند، ثقة، فاضل، متقن، من الحادية عشرة، مات سنة خمس وخمسين ومأتين، وله 74 سنة / م د ت التقريب (429/ 1). (¬3) هو عبد اللَّه بن جعفر بن غيلان، بالمعجمة الرقي بتشديد الراء، أبو عبد الرحمن القرشى، مولاهم، ثقة لكنه تغرر بآخره، فلم يفحش اختلاطه، من العاشرة، مات سنة 220/ ع التقريب (406/ 1). (¬4) هو عبيد اللَّه بن عمر بن أبى الوليد الرقى أبو وهب الاسدى، ثقة فقيه ربما وهم، من الثالثة، مات سنة ثمانين، عن ثمانين إلا سنة ع، قاله فى التقريب (1/ 537). قلت: رواية عبيد اللَّه بن عمر بن أبى الوليد الرقي عنه من قبيل رواية الاكابر عن الاصاغر، وكفاك فى ذلك كتاب الخطيب البغدادى وهو مخطوط. (¬5) هو زيد بن أبى أنيسة الجزرى، أبو أسامة، أصله من الكوفة، ثم سكن الرها، ثقة له افراد، من السادسة، مات سنة تسع عشرة، وقيل سنة أربع وعشرين ومائة وله 36 سنة / ع انظر التقريب (272/ 1).

أبى إسحاق (¬1) عن أبى عبد الرحمن السلمى (¬2)، قال: لما حوصر عثمان، اشرف عليهم فوق داره، ثم قال: اذكركم باللَّه هل تعلمون ان حراء حين انتقض، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: اثبت حراء فليس عليك الا نبي، أو صديق، أو شهيد، قالوا: نعم، قال: اذكركم باللَّه هل تعلمون أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: فى جيش العسرة من ينفق نفقة متقبلة، والناس مجهدون معسرون، فجهزت ذلك الجيش؟ قالوا: نعم، ثم قال: اذكركم باللَّه هل تعلمون أن بئر رومة، لم يكن يشرب منها أحد الا بثمن فابتعتها، فجعلتها للغنى والفقير، وابن السبيل، قالوا: اللهم نعم وأشياء عددها، هذا حديث حسن صحيح غريب (¬3). ¬

_ (¬1) هو عمرو بن عبد اللَّه الهمدانى، أبو إسحاق السبيعى، بفتح المهملة، كسر الموحدة، مكثر، ثقة عابد، من الثالثة، اختلط بآخره، مات سنة 129 هـ ـ وقيل قبل ذلك/ ع التقريب (73/ 2). (¬2) هو عبد اللَّه بن حبيب بن ربيعة: بفتح الموحدة، وتشديد الباء، أبو عبد الرحمن السلمى الكوفى، المقرئ مشهور بكنيته، ولابيه صحبة، ثقة ثبت، من الثانية/ م س التقريب (408/ 1). (¬3) الترمذي كتاب المناقب (153 - 154/ 12). قلت: هذا الحديث بهذا الاسناد صحيح. وقد أخرج ابن حبان فى صحيحه (540/ 1). وأبوبكر بن أبى شيبة فى مصنفه (313/ 2/ 2) وأخرجه النسائي فى كتاب الجهاد (46/ 6) وفى كتاب الأحباس (234/ 6). وابن كثير فى السيرة النبوية (7/ 4). والسنن الكبرى للبيهقي (167/ 6) والسيرة الشامية لمحمد يوسف الشامي (381/ 2/ 2). وطبقات الفقهاء لأبى إسحاق الشيرازي 8 - 9 والطبقات الكبرى للشعرانى ص 25 وفتوح مصر واخبارها ص 187 والنجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (93/ 1) ودر السحابة فى وفيات الصحابة الصاغانى ص (7) والتحبير فى علوم القرآن للسيوطى.

قال الترمذي: حدثنا محمد بن بشار (¬1) حدثنا أبو داود (¬2)، حدثنا السكن بن المغيرة (¬3) يكنى أبا محمد مولى لآل عثمان، حدثنا الوليد بن هشام (¬4)، عن فرقد أبى طلحة عن (¬5) عبد الرحمن بن خباب (¬6) قال: شهدت النبي ¬

_ (¬1) هو محمد بن بشار بن عثمان العبدى، البصرى، أبو بكر، بندار بضم الباء، وفتحها، وسكون النون، ثقة من العاشرة، مات سنة 253 هـ وله بضع وثمانون سنة / ع التقريب (147/ 2). (¬2) هو سليمان بن داود بن الجارود، أبو داود الطيالسى، البصرى، ثقة، حافظ، غلط فى أحاديث، من التاسعة، مات 204/ خت م عم/ التقريب (323/ 1). (¬3) هو سكن بن المغيرة، الاموى مولاهم، البزار، البصرى، صدوق، من السابعة / ت التقريب (313/ 1). (¬4) هو الوليد بن أبى هشام زياد، أخو هشام بن المقدام، المدنى، صدوق من السادسة / م عم التقريب (337/ 2). (¬5) فرقد أبو طلحة، مجهول، من الرابعة / ت التقريب (108/ 2). قال الحافظ فى التهذيب (264/ 8): روى عن عبد الرحمن بن خباب السلمى فى ذكر جيش العسرة، وعنه الوليد بن هشام. قلت: قال علي بن المديني: لا أعرفه. قلت: هو مجهول العين عند جمهور أهل الحديث: اللَّه تعالى أعلم. (¬6) عبد الرحمن بن خباب بمعجمة وموحدتين، الاولى ثقيلة، السلمى بضم السين، قيل: بفتحها، وهم من زعم أنه ابن خباب الارت، صحابى، نزل البصرة، له حديث / ت التقريب (478/ 1).

-صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يحث جيش العسرة، فقام عثمان بن عفان، فقال: يا رسول اللَّه عليّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها فى سبيل اللَّه، ثم حض على الجيش، فقام عثمان بن عفان، فقال: يا رسول اللَّه عليّ ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها فى سبيل اللَّه ثم حض على الجيش، فقام عثمان بن عفان فقال يا رسول اللَّه عليّ ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها فى سبيل اللَّه، فأنا رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ينزل عن المنبر، وهو يقول: ما على عثمان ما عمل بعد هذه، ما على عثمان، ما عمل بعد هذه، قال أبو عيسى هذا حديث غريب من هذا الوجه، لا نعرفه الا من حديث السكن بن المغيرة، وفى الباب عن عبد الرحمن بن سمرة (¬1). ¬

_ (¬1) انظر الترمذي، كتاب المنافب (153 - 154/ 13). قلت: هذا الحديث بهذا الاسناد ضعيف، انظر تحفة الأحوذى (191/ 10) وقد أخرج هذا الحديث بهذا الاسناد الإمام أحمد فى مسنده (75/ 4). والحاكم فى المستدرك (102/ 3) وصححه، ووافق الذهبي الحاكم، على تصحيحه فى التلخيص، وقد يكون قد وقع التساهل منهما رحمهما اللَّه تعالى. وأخرجه البيهقي من طريق عمرو بن مرزوق عن سكن بن المغيرة به وقال ثلاث مرات. وانه التزم بثلاثمائة بعير باحلاسها، واقتابها قاله الحافظ فى البداية والنهاية 4/ 5. أوردها المحب الطبرى فى الرياض النضرة فى مناقب العشرة، (90 - 91/ 1) والامام ابن كثير فى السيرة النبوية (7/ 4) ابن سيد الناس فى عيون الاثر (216/ 2) وابن حزم فى جوامع السيرة ص 250 والواقدى فى مغازيه (991/ 3) ابن عساكر فى التاريخ (415/ 1) الشيخ محمد كرامت علي فى السيرة المحمدية ص 369. وأبو داود الطيالسى فى مسنده ص 14 وابن حبيب فى المنمق ص 533.

قال الحافظ فى الفتح: وعند أبى يعلى من وجه آخر ضعيف، فجاء عثمان بسبعمائة أوقية ذهب (¬1). ¬

_ (¬1) فتح الباري (430/ 7). قلت: أبو يعلى هو الحافظ الكبير، الثقة، محدث الجزيرة، أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى ابن عيسى بن هلال التميمى صاحب المسند الكبير انظر تذكرة الحفاظ (707/ 709/ 2) ومسنده موجود بمكتبة الحرم المكى فى مجلدين وهو مصور، وأما الحديث الذى أشار اليه الحافظ فقد أورده الذهبي فى تذكرة الحفاظ باسناده فى ترجمة أبى يعلى (707 - 709/ 2): قال الذهبي: أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمى، عن عبد العزيز بن محمد، انا تميم بن أبى سعيد أنا محمد بن عبد الرحمن، أنا ابن حمدان، أنا أبو يعلى، أنا محمد بن أبى بكر المقدمى، ثنا يوسف بن يزيد، نا إبراهيم بن عمر بن أبان، حدثنى ابن شهاب، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف، انه شهد حين اعطى عثمان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما جهز به جيش العسرة. جاء بسبع مأة أوقية ذهب. قال الذهبى فى نهاية الحديث: هذا حديث غريب، وإبراهيم ضعيف فإن صح هذا الحديث فهذا المقدار عشرون ألف دينار. قلت: قال الذهبى فى الميزان (50/ 1): إبراهيم بن عمر بن أبان، بصرى سمع أباه، وعنه أبو معشر البراء، قال الدارقطنى: روى عن الزهري حديثا لم يتابع عليه. قال أبو حاتم: ضعيف الحديث. قال البخارى: فى حديثه بعض المناكير. انظر التاريخ الكبير للبخاري (308/ 1/ 1). قلت: الحديث الذى أخرجه البخارى فى مناقب عثمان معلقا ومتصلا، وفيه ان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: من جهز جيش العسرة فله الجنة، فقال عثمان: فجهزتهم قال: فصدقوه بما قال =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الحديث، يثبت هذا الحديث بعمومه انه رضي اللَّه تعالى عنه أنفق نفقة كبيرة هائلة أكثر مما جاء فى هذه الروايات انظر مجمع الزوائد للهيثمى (191 - 195/ 5) وسنن الدارقطني (507 - 510/ 2) الفتح الرباني للساعاتي (192/ 21) وكنز العمال (310/ 5) و (150/ 6)، وقال الشيخ المحب الطبرى فى الرياض النضرة (91 - 92/ 2): وهذا الاختلاف فى الروايات قد يوهم التضاد بينهن، والجمع ممكن بان يكون عثمان دفع ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها على ما تضمنه الحديث الاول، ثم جاء بالف دينار لاجل المؤن التى لابد للمسافر منها، ثم لما اطلع على أن ذلك لا يكفى زاد فى الابل، وأردف بالخيل تتميما للالف، ثم لما لم يكتف بذلك تمم الالف بأبعرة، وزاد عشرين فرسا على تلك الخمسين، وبعث بعشرة الاف دينار للمؤن كما دل عليه حديث الرازى والفضائلى من غير أن يكون بيهن تضاد لا تهافت، مما يؤيد ذلك ما روت ام عمر بنت حسان ابن يزيد بن أبى الغض، قال أحمد بن حنبل، وكانت عجوز صدق، قالت سمعت أبى يقول ان عثمان جهز جيش العسرة مرتين، خرجه القزوينى الحاكمى، انتهى كلامه. قلت: يمكن أن يجمع بهذا الجمع بين هذه الروايات إذا كانت كلها فى درجة واحدة من حيث الصحة، والامر ليس كما هو، بل هناك روايات لم تكن صالحة للاحتجاج بها، ولا للشواهد، وقد سبق أن قلت: أن نفقة عثمان فى العسرة كانت نفقة كبيرة، لان عدد الجيش كان فى بعض الروايات سبعين ألف جندى فكيف يمكن أن يقال: عشرة الاف دينار أو أكثر عن طريق هذه الاسانيد الواهية، وأما التحديد الذى ورد عن طريق بعض الطرق الحسنة فيقال: انه لم تكن نفقته مرة واحدة بل هناك مرات وكرات قدم فيها عثمان بن عفان رضي اللَّه تعالى عنه ما قدم من المال الكثير غير المحدود. واللَّه تعالى أعلم.

قال الحاكم: حدثنا علي بن حمشاذ (¬1)، ثنا محمد بن مندة الاصبهانى (¬2)، ثنا بكر ابن بكار (¬3)، ثنا عيسى بن المسيب البجلى (¬4) ثنا ¬

_ (¬1) هو علي بن حمشاذ، كذا فى تذكرة الحفاظ 855 - 856 أبو الحسن النيسابورى الحافظ، أحد الأئمة، سمع الفضل بن محمد الشعرانى، وابراهيم بن ديزل وطبقتهما، رحل، وطوف، وصنف، وله مسند كبير، فى أربعمائة جزء، واحكام فى 260 جزء وتفسير فى 200 جزء، توفي فجأة فى الحمام، وله ثمانون سنة. قال أحمد بن إسحاق الضبعى: صحبت ابن حمشاذ فى الحضر والسفر، فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة. العبر فى خبر من غبر (248/ 2). (¬2) هو محمد بن مندة الاصبهانى، حدث بالرى، وببغداد عن الحسين بن حفص. وبكر بن بكار وهو محمد بن مندة بن منصور الاصبهانى ضعفه بعض الناس بروايته عن الحسين بن حفص عن شعبة، انظر تاريخ أصبهان لأبى نعيم (193 - 194/ 2). (¬3) هو بكر بن بكار، أبو عمرو القيسي، صاحب ذاك الجزء العالي. قال النسائي: ليس بثقة. وقال ابن معين: ليس بشئ قال أبو عاصم النبيل: ثقة، وقال ابن حبان ثقة ربما يخطئ. وقال أبو حاتم: ليس بالقوى. قال الذهبي روى عن ابن عون، ومسعر وعنه اسماعيل بن سمويه وعدة انظر الميزان للذهبى (343/ 1) ولسان الميزان (48/ 2) والعقيلى فى الضعفاء وقال: بكر بن بكار أبو عمرو القرشى ثم ذكر بعض رواياته ورقه 30. (¬4) هو عيسى بن المسيب البجلى الكوفى، عن الشعبى وغيره. قال يحيى والنسائي والدارقطني: ضعيف. قال أبو حاتم وأبو زرعة: ليس بالقوى تكلم فيه ابن حبان: غيره. وقال أبو داود: هو قاضى الكوفة ضعيف، الميزان (323/ 3).

أبو زرعة (¬1)، عن أبى هريرة، قال: اشترى عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه الجنة من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرتين بيع الحق، حيث حفر بئر رومة، وحيث جهز جيش العسرة، صحيح الاسناد ولم يخرجاه (¬2). قال ابن هشام (¬3). حدثنى من أثق به، إن عثمان بن عفان أنفق فى جيش العسرة، فى غزوة تبوك الف دينار، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: اللهم ارض عن عمان فانى عنه راض (¬4). ¬

_ (¬1) هو يحيى بن أبى عمرو السيبانى بفتح المهملة وسكون التحتانية بعدها موحدة أبو زرعة الحمصى ثقة من السادسة روايته عن الصحابة مرسلة. (¬2) المستدرك للحاكم (107/ 3)، قال الذهبي فى التلخيص (107/ 3) صحيح، ثم قال: عيسى ضعفه أبو داود وغيره. قلت: إن هذا الحديث ضيف بهذا الاسناد الا أنه له شواهد كثيرة، ومتابعات ولا يمكن تركه، أما أن يكون صحيحا فلا واللَّه أعلم. (¬3) هو أبو محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميرى ترجمه ابن خلكان فى وفيات الاعيان (349/ 2) ولم يذكر فيه تجريحا ولا تعديلا وقال الذهبي فى العبر (374/ 1) كان أديبا اخباريا، نسابة، سكن ممر وبها توفي سنة 218 هـ. (¬4) سيرة ابن هشام (161/ 4). قلت: هذه الرواية وان كانت وردت فى سيرة ابن هشام بدون اسناد الا أنها حسنة أخرجها الإمام أحمد فى مسنده (53/ 5) والترمذي فى المناقب (154 - 155/ 13) والحاكم فى المستدرك (102/ 3) وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقال الذهبي فى التلخيص صحيح. وقال ابن هشام فى موضع اخر من سيرته (161/ 4). قال ابن إسحاق: أنفق عثمان بن عفان فى ذلك نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها. قلت: وان كان: رد هذا الاثر معلقا الا انه صحيح وقد ورد بعدة روايات أخرجها البخارى وغيره. انظر الكامل لابن الاثير (277/ 2). والبداية والنهاية (4/ 5) وعيون الاثر لابن سيد الناس (216/ 2) والدرر فى اختصار المغازى والسير 253 وابن حزم فى جوامع السيرة ص 250. أما قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: اللهم إرض عن عثمان فانى راض عنه فهذا مما لم أجد له سندا إلا ما قال شيخنا الشيخ محمد ناصر الدين الالبانى فى تخريجه لاحاديث فقه السيرة لمحمد الغزالى معلقا على هذا الاثر: ص 438 ضعيف بهذا اللفظ، رواه ابن هشام (316/ 2) باسناد معضل، وقد رواه ابن شاهين فى كتابه شرح مذاهب أهل السنة ج 18 رقم 23 من نسختي من حديث عائشة لكن فيه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دعا بهذا الدعاء فى مناسبة أخرى، وسنده ضعيف جدا بل موضوع، وانما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمناسبة جيش العسرة ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم، رواه ابن شاهين رقم 3، والحاكم ووافقه الذهبي، وله شواهد، ذكرها الحافظ ابن كثير فى تاريخه (6/ 5) وآخر عند ابن شاهين برقم 61 انتهى. قلت: للمعضل صور كثيرة، منها: ما ذكره ابن هشام فى هذا الاسناد لانه اسقط أكثر من واحد من الرواة على أقل تقدير، انظر اختصار علوم الحديث لابن كثير 55 - 56 فانه ذكر عدة صور للمعضل، ومنها ما يرسله تابع التابعى. أما قول الشيخ رواه ابن شاهين الخ قلت: فهو أبو حفص ابن شاهين عمر بن أحمد بن عثمان =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ابن أحمد بن محمد بن أيوب البغدادى انظر تذكرة الحفاظ (987 - 990/ 3) ولسان الميزان (483/ 4) انظر رسالة المستطرفة للكتاني ص 38. وكشف الظنون (1425/ 2) وشذرات الذهب (17/ 3). والخطيب فى تاريخه (265/ 11) والاعلام للزركانى (196/ 5) فانهم أشاروا الى مؤلفات نافعة لابن شاهين المذكور، ومن جملتها كتاب السنة الذى أثار اليه الشيخ محمد ناصر الدين الالبانى. وقال الشيخ محمد يوسف بن علي شمس الدين الشامي فى كتابه سبيل الهدى والرشاد (381/ 2/ 2): نقلا عن ابن هشام ان عثمان أنفق فى جيش العسرة عشرة آلاف دينار فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: اللهم ارض عن عمان فانى عنه راض. قلت: النص الذى يوجد الآن فى المطبوعة ألف دينار (161/ 4) وذكره الشيخ زين الدين عمر ابن الوردى فى تاريخه تتمة المختصر فى اخبار البشر (205/ 1). وقال أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه الاندلسى فى العقد الفريد: (285/ 4) عن سالم بن عبد اللَّه عن عبد اللَّه بن عمر قال: أصاب الناس مجاعة فى غزوة تبوك، فاشترى عثمان طعاما على ما يصلح العسر، وجهز به عيرا، فنظر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الى سواد مقبل، فقال: هذا جملى أشقر قد جاءكم بميرة، فأنيخت الركاب، فرفع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يديه التى السماء، وقال: اللهم انى رضيت عن عثمان فارض عنه، انتهى. قلت: لم يعزه الى مخرجه، ولم يذكر الاسناد كاملا حتى يبحث عن رجاله وقد يكون الاسناد كله صحيحا ان شاء اللَّه تعالى. انظر كشف الخفا للعجلونى (108/ 109/ 1) والمستخرج من الاحاديث المختارة للضياء المقدسى (126 - 128/ 1) ولباب الاداب للأمير اسامة بن منقذ المتوفى سنة 584 هـ ص 127 والاستقصا لاخبار دول المغرب الاقصى لاحمد بن خالد 34 - 43 ومجمع البحرين فى زوائد المعجمين 335 - 337.

الفصل الثانى والعشرون فى نفقة عبد الرحمن بن عوف -رضي الله تعالى عنه- فى غزوة تبوك

الفصل الثانى والعشرون فى نفقة عبد الرحمن بن عوف -رضي اللَّه تعالى عنه- فى غزوة تبوك قال أبو جعفر: حدثنى المثنى (¬1) قال: ثنا الحجاج بن المنهال الأنماطى (¬2) قال: ثنا أبو عوانة (¬3) ¬

_ (¬1) انظر الصفحات السابقة فى ترجمة المثنى. (¬2) أما الحجاج بن المنهال الأنماطى: فهو كنيته أبو محمد السلمى البصرى ثقة فاضل من التاسعة انظر تهذيب الكمال للمزى (239/ 2) وتهذيب التهذيب (206 - 207/ 2) والكاشف للذهبى ص 26. (¬3) اما أبو عوانة فهو وضاح بتشديد المعجمة ثم مهملة ابن عبد اللَّه اليشكرى بالمعجمة الواسطي البزاز، أبو عوانة مشهور بكنيته، ثقة من السابعة مات (176/ ع انظر تقريب التهذيب (231/ 2). قلت: وقع فى هذا الاسناد خطأ وهو أن أبا عوانة لم يلق أبا سلمة الذى هو عبد اللَّه أو يسمى باسماعيل كما ذكر الحافظ ابن حجر فى تقريبه (430/ 2) والصواب ثنا أبو عوانة عن عمر بن أبى سلمة عن أبيه انظر مجمع الزوائد للهيثمى (32/ 7) فانه ذكر هذا الاسناد كما ذكرت. إذ قال الهيثمي: عن أبى سلمة: عن أبى هريرة ثم قال: لم نسمع أحدا أسنده من حديث عمر بن أبى سلمة الا طالوت بن عباد وفيه عمر بن أبى سلمة وثقه العجلي وأبو خيثمة وابن حبان وضعفه شعبة وغيره وبقية رجالها ثقات. قلت: حديث البزار أورده الإمام ابن كثير فى تفسيره انظر تفسير ابن كثير مع البغوى (212/ 4) وزد على ذلك ان المزئ ذكر فى تهذيب الكمال فى ترجمة وضاح بن عبد اللَّه اليشكرى هذا بانه روى عن جملة من المشائخ ومنهم عمر بن أبى سلمة. انظر تهذيب الكمال (1461/ 7).

عن أبى سلمة (¬1) عن أبيه (¬2) أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "تصدقوا فانى أريد أن أبعث بعثا" قال، فقال عبد الرحمن بن عوف: يا رسول اللَّه ان عندى أربعة آلاف: ألفين أقرضهما اللَّه وألفين لعيالى، قال: فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بارك اللَّه لك فيما أعطيت، وبارك لك فيما أمسكت" فقال رجل من الأنصار: وإن عندى صاعين من تمر، صاعا لربى، وصاعا لعيالى، قال: فلمزه المنافقون، وقالوا: ما اعطى ابن عوف هذا الا رياء، وقالوا: أو لم يكن اللَّه غنيا عن صاع هذا؟ فأنزل اللَّه {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} التى آخر الآية (¬3). قال أبو جعفر: حدثنى المثنى، قال: حدثنا محمد بن رجاء أبو سهل العبادانى (¬4) ¬

_ (¬1) أما أبو سلمة فهو قيل اسمه عبد اللَّه وقيل اسماعيل ثقة مكثر من الثالثة/ ع انظر التقريب (430/ 2). (¬2) أما أبوه فهو الصحابى الجليل عبد الرحمن بن عوف الزهري انظر التقريب (494/ 1). (¬3) تفسير ابن جرير الطبرى (195 - 196/ 10). قلت: ان هذا الاسناد حسن لغيره وقابل للاحتجاج انظر ترجمة عمر بن أبى سلمة فى التقريب (56/ 2) وللحديث شواهد ومتابعات ذكرها ابن جرير الطبرى فى تفسيره (191 - 196/ 10). (¬4) محمد بن رجاء أبو سهل العبادانى: لم أجد له ترجمة فى المراجع التى بين يدى وأما النسبة فقد ذكرها السمعانى فى كتابه الانساب (339/ 2) إذ قال رحمه اللَّه تعالى: العبادانى بفتح العين المهملة وتشديد الباء المنقوطة بواحدة الدال والمهملة وبين الألفين وفى آخرها النون هذه النسبة الى عبادان وهي بلدة بنواحى البصرة فى وسط البحر وكان يسكنها جماعة من العلماء الزهاد وذكر أسماءهم وليس فيهم هذا العبادانى، ولو كان معروفا بالاخذ والسماع لكان مشهورا بين أقرانه فيظهر =

قال: ثنا عامر بن يساف اليمامى (¬1) عن يحيى بن أبى كثير اليمامى (¬2) قال: جاء عبد الرحمن بن عوف باربعة آلاف درهم الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه- مالى ثمانية آلاف، جئتك بأربعة آلاف، فاجعلها فى سبيل اللَّه، وأمسكت أربعة آلاف لعيالى، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: بارك اللَّه فيما أعطيت، وفيما أمسكت، وجاء رجل آخر فقال: يا رسول اللَّه، بت الليلة أجر الماء على صاعين، فأما أحدهما فتركت لعيالي، وأما الآخر فجئتك به، اجعله فى سبيل اللَّه، فقال: بارك اللَّه لك فيما أعطيت وفيما أمسكت، فقال ناس من المنافقين، واللَّه ما اعطى عبد الرحمن إلا رياء وسمعة، ولقد كان اللَّه ورسوله لغنيين عن صاع فلان، فأنزل اللَّه: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} يعنى عبد الرحمن بن عوف {وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} يعنى صاحب الصاع {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (¬3). ¬

_ = من صنيع السمعانى بأنه مجهول واللَّه تعالى أعلم انظر تفسير ابن جرير الطبرى بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر (391/ 14) وانه أيضا لم يجد له ترجمة. (¬1) اما عامر بن يساف فهو عامر بن عبد اللَّه بن يساف وثقه ابن معين وغيره وقال ابن عدى منكر الحديث، انظر الجرح والتعديل لابن أبى حاتم (329/ 1/ 3) ولسان الميزان (224/ 3). (¬2) اما يحيى بن أبى كثير فهو امام ثقة عابد من رواة الكتب الستة. انظر الانساب ص 602. (¬3) تفسير ابن جرير الطبرى (197/ 10). قال العبد الفقير: انفرد ابن جرير الطبرى بهذا الاسناد مع ان المتن روى من طرق اخرى كثيرة منها ما هي مرسلة ومنها ما هي حسنة واللَّه تعالى أعلم بالصواب انظر تفسير ابن جرير الطبرى (194 - 198/ 10) وشرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور للسيوطى ص 32.

قال أبو جعفر: حدثنى محمد بن سعد (¬1) قال: ثنى أبى (¬2)، قال: ثنى عمى (¬3) قال ثنى أبى (¬4)، عن أبيه (¬5) عن ابن عباس، قوله: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} وذلك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج الى الناس يوما فنادى فيهم: ان اجمعوا صدقاتكم فجمع الناس صدقاتهم، ثم جاء رجل من أحوجهم بمن من تمر، فقال: يا رسول اللَّه هذا صاع من تمر بت ليلتى أجر بالجرير والماء، حتى نلت صاعين من تمر، فأمسكت أحدهما، وأتيت بالآخر، فأمره ¬

_ (¬1) محمد بن سعد العوفي لين الحديث انظر ترجمته فى تاريخ بغداد (322 - 323/ 5) ولسان الميزان للحافظ (174/ 5). (¬2) أبوه: سعد بن محمد بن الحسن العوفى ضعيف جدا، انظر تاريخ بغداد للخطيب (126 - 127/ 9) ولسان الميزان (18 - 19/ 3). (¬3) عن عمه -وهو الحسين بن الحسن بن عطية العوفي كان ضعيفا فى الحديث والقضاء انظر تاريخ بغداد (29/ 32/ 8). (¬4) عن أبيه: وهو الحسن بن عطية بن سعد العوفي ضعيف الحديث انظر التاريخ الكبير للبخاري (1/ 2/ 299) وتهذيب التهذيب (294/ 2). (¬5) عن جده: هو عطية بن سعد بن جنادة العوفي ايضا انظر ابن سعد (212 - 213/ 1) والمجروحين لابن حبان (1/ 228) والتاريخ الكبير للبخارى (4/ 1/ 8 - 9) والصغير 126 وابن أبى حاتم (3/ 1/ 382 - 383) والتهذيب (224 - 226/ 7).

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن ينثره فى الصدقات، فسخر منه رجال وقالوا: واللَّه إن اللَّه ورسوله لغنيان عن هذا، وما يصنعان بصاعك من شيء. ثم أن عبد الرحمن بن عوف: رجل من قريش من بنى زهرة، قال لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: هل بقى من أحد من أهل هذه الصدقات؟ فقال: لا، فقال عبد الرحمن بن عوف: إن عندى مئة أوقية من ذهب فى الصدقات، فقال له عمر بن الخطاب أمجنون أنت؟ فقال: ليس بى جنون، فقال: أتعلم ما قلت؟ فقال: نعم، مالي ثمانية آلاف: أما أربعة آلاف فاقرضها ربى، وأما أربعة آلاف فلي، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: بارك اللَّه لك فيما أعطيت وفيما أمسكت، وكره المنافقون فقالوا: واللَّه ما أعطى عبد الرحمن عطيته الا رياء، وهم كاذبون، انما كان به متطوعا، فأنزل اللَّه عذره، وعذر صاحبه المسكين الذى جاء بالصاع من التمر قال اللَّه فى كتابه: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} الآية (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى- (194 - 195/ 10). قلت: ان هذا الاسناد من أكثر الاسانيد دورانا فى تفسير الطبرى وهو اسناد مسلسل بالضعفاء من اسرة واحدة، وهو معروف عند أهل التفسير بتفسر العوفي. انظر الدر المنثور للسيوطى (263/ 3). وفتح القدير للشوكانى (368/ 2). وفتح البيان للسيد صديق حسن خان (146/ 4). ولا يحتج به عند المحدثين مطلقا واللَّه أعلم. وأما المعنى فقد روى من عدة طرق صحيحة. * * *

قال أبو جعفر: حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبو اسامة (¬1)، عن شبل (¬2)، عن ابن أبى ما نجيح عن مجاهد {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} قال: جاء عبد الرحمن بن عوف بصدقة ماله أربعة آلاف، فلمزه المنافقون، وقالوا: مرائي {وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} قال: رجل من الانصار، آجر نفسه بصاع من تمر لم يكن له غيره، فجاء به، فلمزوه، وقالوا: كان اللَّه غنيا عن صاع هذا (¬3). ¬

_ (¬1) أما أبو أسامة فهو حماد بن اسامة ثقة ثبت ع انظر التقريب/ (195/ 1)، قال الحافظ ربما دلس. ذكره الحافظ فى طبقات المدلسين فى الطبقة الثانية ص 9 قلت: إن تدليسه ليس بضار. (¬2) اما شبل، فهو شبل بن عباد المكى القارى ثقة رمى بالقدر خ د س ق انظر التقريب (246/ 1). (¬3) تفسير ابن جرير الطبرى (195/ 10). انظر الدر المنثور للسيوطى (263/ 3). قلت: إن هذه الرواية بهذا الاسناد مقطوعة من كلام مجاهد بن جبر المكى ولم تصح لانها وردت عن طريق سفيان بن وكيع وقد مر بكم بانه ساقط الحديث. وثانيا عبد اللَّه بن أبى نجيح وإن كان ثقة إلا أنه مدلس وقد ذكره الحافظ ابن حجر فى طبقات المدلسين فى الطبقة الثالثة. انظر الطبقات ص 13 ومن المعلوم لدى أهل العلم بهذا الشأن ان الطبقة الثالثة وما بعدها لم تصح الرواية عنها إلا بعد التصريح بالسماع. واللَّه تعالى أعلم وأما الأثر فقد صح من عدة طرق صحيحة، وحسنة * * *

قال أبو جعفر: حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: ثنا سعيد (¬1)، عن قتادة قوله {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}. . . الآية قال: أقبل عبد الرحمن بن عوف بنصف ماله، فتقرب به الى اللَّه، فلمزه المنافقون فقالوا: ما أعطى ذلك إلا رياء وسمعة، فأقبل رجل من فقراء المسلمين يقال له: حبحاب أو عقيل، فقال: يا نبى اللَّه بت أجر الجرير على صاعين من تمر: أما صاع فامسكته لاهلى، واما صاع فها هو ذا فقال المنافقون: واللَّه ان اللَّه ورسوله لغنيان عن هذا، فأنزل اللَّه فى ذلك القرآن {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ} (¬2) الآية. قال أبو جعفر: حدثنا محمد بن الاعلى (¬3)، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، ¬

_ (¬1) سعيد بن أبى عروبة امام ثبت ثقة الا أنه قال الحافظ فى طبقات المدلسين ص 9 وهو ممن اختلط وقد ذكره الحافظ فى الطبقة الثانية. انظر ترجمته فى التقريب (302/ 1). قلت: ان هذا الاسناد من أحسن الاسانيد الى قتادة. انظر الدر المنثور (263/ 3) فانه نسب اخراج هذه الرواية الى أبى نعيم فى معرفة الصحابة فقط. (¬2) تفسير ابن جرير الطبرى (195/ 10). والحديث ورد عن طرق اخرى كثيرة، بعضها مرسلة بعضها موقوفة، وبذلك صالح للحجة واللَّه تعالى أعلم. (¬3) اما محمد بن عبد الاعلى فهو محمد بن عبد الاعلى الصنعانى البصرى ثقة من العاشرة انظر التقريب (182/ 2).

عن قتادة {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} قال: تصدق عبد الرحمن بن عوف بشطر ماله وكان ماله ثمانية آلاف دينار، فتصدف بأربعة آلاف دينار فقال ناس من المنافقين: ان عبد الرحمن بن عوف لعظيم الرياء، فقال اللَّه: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} وكان لرجل صاعان من تمر، فجاء بأحدهما، فقال ناس من المنافقين: ان كان اللَّه عن صاع هذا لغنيا فكان المنافقون يطعنون عليهم ويسخرون بهم فقال اللَّه {وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (195/ 10). إن هذه الرواية صحيحة الاسناد الى قتادة، وقد تكون من أحسن الطرق الى قتادة لان رجال الاسناد كلهم ثقات من رجال الجماعة الا محمد بن عبد الاعلى الصنعانى فان البخارى لم يخرج له فى الجامع الصحيح. انظر الدر المنثور للسيوطى (262/ 3) إذ أنه نسب اخراج هذه الرواية الى عبد الرزاق فى مصنفه وابن عساكر فى تاريخه. وانظر تاريخ دمشق (414/ 1). * * *

الفصل الثالث والعشرون فى تصدق علبة بن زيد رضي الله تعالى عنه عرضه فى غزوة تبوك

الفصل الثالث والعشرون فى تصدق علبة بن زيد رضي اللَّه تعالى عنه عرضه فى غزوة تبوك قال ابن هشام: قال ابن إسحاق: ثم أن رجالا من المسلمين أتوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهم البكاؤون، وهم سبعة نفر من الانصار وغيرهم من بني عمرو بن عوف: سالم بن عمير، وعلبة بن زيد، اخو بنى حارثة، وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب، أخو بنى مازن بن النجار، وعمرو بن حمام بن الجموح، اخو بنى سلمة، وعبد اللَّه بن المغفل المزني -وبعض الناس يقول: بل عبد اللَّه ابن عمرو المزني، هرمى بن عبد اللَّه، اخو بني واقف، وعرباض بن سارية الفزارى، فاستحملوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكانوا أهل حاجة، فقال: "لا أجد ما أحملكم عليه" {تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} (¬1). ¬

_ (¬1) سيرة ابن هشام (161/ 4). قال الحافظ فى الاصابة (493 - 499 - 500/ 2): فأما علبة بن زيد فخرج من الليل فصلى وبكى وقال: اللهم انك قد أمرت بالجهاد، ورغبت فيه، ولم تجعل عندى ما اتقوى به =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = مع رسولك وانى أتصدق على كل مسلم بكل مظلمة أصابني بها فى جسد أو عرض، فذكر الحديث بغير اسناد ينسب الحافظ هذا القول الى ابن إسحاق. قلت: لم أجد هذه العبارة فى سيرة ابن هشام. ثم قال الحافظ: وقد ورد هذا الحديث مسندا موصولا من حديث مجمع بن الحارثة من حديث عمرو بن عوف، وابى عبس بن جبير، ومن حديث علبة بن زيد، وقتيبة كما سنبينه. وروى ابن مردويه ذلك من حديث مجمع بن حارثة، وروى ابن منده من طريق محمد بن طلحة عن عبد المجيد بن أبى عبس بن جبير عن أبيه، عن جده قال: كان علبة بن زيد بن حارثة رجلا من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فلما حضّ على الصدقة جاء كل رجل منهم بطاقته وما عنده فقال علبة ابن زيد: اللهم انه ليس عندى ما اتصدق به، اللهم انى اتصدق بعرضي على من ناله من خلقك. فأمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مناديا، فنادى أين المتصدق بعرضه البارحة، فقام علبة بن زيد فقال: قد قبلت صدقتك. هكذا وقع هذا الاسناد وفيه تغيير، ونقص. قلت: وانما هو عبد المجيد بن محمد بن أبى عبس، والصحبة لأبى عبس لا لجبير انظر الاستيعاب (1708 - 1709/ 4) قال الحافظ فى الإصابة (493/ 2): وأشار الى ما اسنده ابن أبى الدنيا، وابن شاهين من طريق كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده نحوه وأخرجه الخطيب من طريق ابى قرة الزبيدى فى كتاب السنن له، قال: ذكر ابن جريج عن صاع بن زيد، عن أبى عيسى الحارثي، عن ابن عم له يقال له علبة بن زيد ان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر الناس بالصدقة فذكره لكن قال: بعد قوله ولكنى أتصدق بعرضي، من آذانى أو شتمنى، أو لمزنى، فهو له حل، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد قبلت صدقتك. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قال الخطيب: كذا فى الكتاب عن أبى عيسى الحارثي، والصواب عن أبى عبس يعنى بفتح العين وسكون الموحدة، ولحديثه شاهد صحيح، الا أنه لم يسم فيه، رواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار، عن أبى صالح، عن أبى هريرة أن رجلا من المسلمين قال: اللهم إنه ليس لى مال أتصدق به، وانى جعلت عرضي صدقة، قال: فأوجب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قد غفر له. انتهى كلام الحافظ. قلت: هذا الاسناد الأخير على شرط الشيخين. وقد أورد الحافظ هذا الحديث فى ترجمة أبى ضمضم فى الإصابة (112/ 4). انظر تفسير القرطبى (228/ 8). والدرر فى اختصار المغازى والسير لابن عبد البر ص 254 وكتاب المحبر لابن حبيب ص 180 والاستيعاب لابن عبد البر (1245/ 3) وزاد المسير لابن الجوزى (485 - 486/ 3) وقال ابن الاثير فى أسد الغابة (10/ 4): روى عبد المجيد ابن أبى عبس بن جبير عن أبيه عن جده، ذكر الحديث. قلت: هذا الاسناد الآخر ضعيف، قال الذهبي فى الميزان (651/ 2): عبد المجيد بن أبى عبس الحارثي، عن أبيه، لينه أو حاتم. قال الطبرانى فى معجمه الوسط: حدثنا محمد بن داود ابن أسلم الصدفي الخ قال الطبرانى: لا يعرف الا بهذا الاسناد. وقال الشيخ كرامت على فى السيرة المحمدية ص 371: قصة علبة بن زيد فى الزكاة المتقبلة رواه يونس بن بكر عن ابن إسحاق، كما ذكره السهيلى فى الروض الانف، والبيهقى فى الدلائل انظر الروض الانف للسهيلى (321/ 2). وأما عرباض بن سارية فإنى اعتقد انه لم يحضر الغزوة لشدة فقره، وعدم وجود من يحمله، واللَّه تعالى أعلم بالصواب. * * *

الفصل الرابع والعشرون فيما نزل من القرآن فى الثناء على الذين أنفقوا أموالهم فى غزوة تبوك

الفصل الرابع والعشرون فيما نزل من القرآن فى الثناء على الذين أنفقوا أموالهم فى غزوة تبوك قال اللَّه تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} التوبة: 79. قال أبو جعفر: يقول اللَّه تعالى ذكره: الذين يلمزون المطوعين فى الصدقة على أهل المسكنة والحاجة، بما لم يوجبه اللَّه عليهم فى أموالهم، ويطعنون فيها عليهم بقولهم: انما تصدقوا به رياء وسمعة، ولم يريدوا وجه اللَّه، ويلمزون الذين لا يجدون ما يتصدقون به الا جهدهم، وذلك طاقتهم، فينتقصونهم ويقولون: لقد كان اللَّه عن صدقة هؤلاء غنيا، سخرية منهم بهم {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} وقد بينا صفة سخرية اللَّه بمن يسخر به من خلقه فى غير هذا الموضع، بما أغني، عن اعادته ههنا {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ثم قال أبو جعفر: وذكر ان المعنى بقوله {الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} عبد الرحمن بن عوف، وعاصم بن عدى الانصارى، وان المعنى بقوله: {وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} أبو عقيل الاراشى أخو بنى حنيف ثم أيد تفسيره هذا وتعيين عبد الرحمن بن

عوف رضي اللَّه تعالى عنه فى هذه الآية. بعدة آثار واختار منها اثرا واحدا صحيحا إذ قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال ثنا أبو النعمان الحكم بن عبد اللَّه، قال: ثنا شعبة، عن سليمان، عن أبى وائل، عن أبى مسعود قال: نزلت آية الصدقة كنا نحامل، قال أبو النعمان: كنا نعمل، قال فجاء رجل، فتصدق بشيء كثير، وجاء رجل فتصدق بصاع تمر. فقالوا: ان اللَّه لغنى عن صاع هذا، فنزلت {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (196/ 10). قال السيوطى فى الدر المنثور (263/ 3) أخرج البخارى ومسلم وابن المنذر وابن أبى حاتم وأبو الشيخ: وابن مردويه وأبو نعيم فى المعرفة عن أبى مسعود ثم ذكر النص. انظر البخارى فانه أخرجه فى موضعين فى كتاب الزكاة الباب العاشر. تحت، باب اتقوا النار لو بشق تمرة. والموضع الثانى فى كتاب التفسير فى سورة التوبة. انظر مسلما أيضا فإنه أخرجه فى كتاب الزكاة انظر اسباب النزول للواحدى 172 - 173. وفتح الباري (224/ 3) و (249/ 8) والنووى على مسلم 105/ 5 ولباب النقول السيوطى ص 121 وزاد المسير لابن الجوزى (476 - 477/ 3) بتحقيق الالبانى انظر تفسير القرطبى (214 - 215/ 8). قلت: ان هذه الرواية صحيحة مخرجة فى الصحيحين وغيرهما انظر كتاب التوحيد لابن خزيمة ص 104. * * *

قال أبو جعفر: حدثنا ابن وكيع (¬1)، قال، ثنا زيد بن حباب، عن موسى بن عبيدة (¬2)، قال: ثنى خالد بن يسار (¬3)، عن ابن أبى عقيل (¬4)، عن أبيه، قال: بت أجر الجرير على ظهرى، على صاعين من تمر، فانقلبت بأحدهما التى أهلي يتبلغون به، وجئت بالآخر، أتقرب به الى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فأتيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فأخبرته فقال: انثره فى الصدقة، فسخر المنافقون منه وقالوا: لقد كان اللَّه غنيا عن صدقة هذا المسكين، فأنزل اللَّه {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ}. . الآيتين (¬5). ¬

_ (¬1) ابن وكيع هو سفيان بن وكيع بن الجراح ساقط الحدث ت ق انظر التقريب (312/ 1). (¬2) موسى بن عبيدة الربذى بضم أوله ابن نشيط بفتح وكسر المعجمة وبعدها تحتانية ساكنة ثم مهملة الربذى ضعيف ت - ق انظر تقريب التهذيب (286/ 2) انظر ميزان الاعتدال للذهبى (213/ 4). (¬3) خالد بن يسار الذى روى عن ابن أبى عقيل وروى عنه موسى بن عبيدة الربذى فلم أجد له ترجمة ولا ذكرا وهناك خالد بن يسار روى عن أبى هريرة وروى عنه شعيب بن الحبحاب ولا أظنه هو وهذا أيضا قالوا فيه مجهول انظر مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي (72 - 73/ 7) وقال رواه الطبرانى ورجاله ثقات الا خالد بن يسار. (¬4) واما ابن أبى عقيل فاسمه رضى أبى عقيل انظر التاريخ الكبير (213/ 1/ 2) وابن أبى حاتم (523/ 1/ 2). قلت: ان هذا الخبر ضعيف لضعف موسى بن عبيدة الربذى وللمجهول الذى فيه وهو خالد ابن يسار. انظر تفسير بن كثير مع البغوى (213/ 4). (¬5) تفسير ابن جرير الطبرى (196/ 10). =

قال أبو جعفر: حدثنى المثنى (¬1) ثنا عبد الملك بن صاع، قال: ثنى معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ}. ¬

_ = قال السيوطى فى الدر المنثور (262/ 3) مشيرا الى هذه الرواية اخرج ابن أبى شيبة وابن جرير وابن أبى حاتم والبغوى فى معجمه والطبرانى وابو الشيخ وأبو نعيم فى المعرفة عن ابى عقيل ثم ذكر الاثر. انظر زاد المسير لابن الجوزى (476 - 477/ 3). قلت: ان هذه الرواية بهذا الاسناد ضعيفة جدا لوجود ثلاث علل فى اسنادها:- 1) ضعف سفيان بن وكيع. 2) ضعف موسى بن عبيدة الربذى. 3) جهالة خالد بن يسار الذى لم أجد له ترجمة واللَّه تعالى أعلم. والحديث صحيح أخرجه البخارى وغيره واللَّه تعالى أعلم. (¬1) قال الشيخ محمود أحمد شاكر فى ترجمة المثنى هذا فى تعليقه على ابن جرير الطبرى فى التفسير (176/ 1): اما المثنى شيخ الطبرى فهو المثنى بن إبراهيم الآملى يروى عنه الطبرى كثيرا فى التفسير والتاريخ انتهى. قلت: وأما المثنى بدون ذكر أبيه ونسبه فقد وجدته يروى عنه أبو جعفر مباشرا وذلك قليل جدا ولم أجد له ترجمة فى المراجع التى بين يدى. كثيرا ما يقول أبو جعفر: حدثنى ابن المثنى واحيانا يقول حدثنى محمد بن المثنى هذا الاخير معروف وهو ثقة من مشائخ البخارى فى الجامع الصحيح وقد ثبت أن الطبرى روى عنه انظر تهذيب الكمال للمزى (1264/ 6) فنظرا لهذا فانى أظن أن هناك سقطا وقع فى اسم المثنى هذا، وليس هو المثنى بن إبراهيم الآملى بل هو ابن المثنى العنزى =

قال: جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعين أوقية من ذهب الى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وجاءه رجل من الانصار بصاع من طعام، فقال بعض المنافقين: واللَّه ما جاء عبد الرحمن بما جاء به الا رياء، وقالوا: ان كان اللَّه ورسوله لغنيين عن هذا الصاع (¬1). ¬

_ = المعروف بالزمن. واما قول الشيخ محمود يروى عنه أبو جعفر الطبرى فى المجلد الاول (123/ 1) إذ قال: حدثنا صالح بن مسمار والمثنى بن إبراهيم قالا حدثنا ثم ذكر بقية الاسناد. فالمثنى بن إبراهيم لم يرو عنه الطبرى فى تاريخه منفردا بل روى عنه مقرونا بغيره وهو صالح بن مسمار المروزى أبو الفضل صدوق من العاشرة انظر التقريب (363/ 1). فاعلم أن هذه الرواية منقطعة وقد مر بكم مرة أن علي بن أبى، طلحة عن ابن عباس مرسل انظر جامع التحصيل للعلائي ورقه 83/ 1/ ب. (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (194/ 10). انظر الدر المنثور للسيوطى فانه نسب اخراج هذه الرواية الى ابن جرير الطبرى وابن المنذر وابن أبى حاتم (368/ 2) وفتح البيان للسيد صديق حسن خان (146/ 1) والبحر المحيط لابى حيان (74 - 75/ 5) والكشاف للزمخشرى (562/ 1) والتفسير الكبير للرازى (144 - 145/ 16). والقرطبى فى تفسيره (214 - 215/ 8) وتفسير ابن كثير مع البغوى (211 - 215/ 4). قلت: قضية الصاع مخرجة فى الصحيحين واما قصة عبد الرحمن بن عوف فلا أراها الا منقطعة. واللَّه تعالى أعلم. * * *

قال أبو جعفر: حدثنى يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال: اخبرنى يونس، عن ابن شهاب، قال: اخبرنى عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك، يقول: الذى تصدق بصاع التمر فلمزه المنافقون، أبو خيثمة الانصارى (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (197/ 10). قلت: هذا لحديث جزء من حديث كعب بن مالك الطويل فى أمر غزوة تبوك وما كان من تخلفه حتى تاب اللَّه عليه رواه الإمام أحمد فى مسنده (456/ 3) و (359/ 4) و (383/ 6) رواه البخارى فى صحيحه انظر فتح الباري (87/ 8). رواه مسلم فى صحيحه من هذا الطريق انظر النووي كل مسلم (87/ 17) انظر البحث الذى يتعلق برواية كعب بن مالك رضي اللَّه عنه وذكرت هناك جميع تخريج هذا الحديث وتقطيع البخارى له فى عدة مواضع من جامعه الصحيح واخراجه باسانيد مختلفة تحت أبواب متفرقة وكذا مسلم ومسند الإمام أحمد وبقية الكتب، وكتب السير والمغازى والتفاسير. وشيخ الطبرى هنا هو يونس بن عبد الاعلى الصدفي ثقة، ثبت من كبار العاشرة، وهو من كبار القراء انظر معرفة القراء الكبار للذهبى. * * *

الفصل الخامس والعشرون فيما نزل من القرآن فى فقراء الصحابة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك لفقرهم وعجزهم

الفصل الخامس والعشرون فيما نزل من القرآن فى فقراء الصحابة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك لفقرهم وعجزهم قال اللَّه تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} التوبة: 91. قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ليس على أهل الزمانة وأهل العجز عن السفر والغزو، ولا على المرضى، ولا على من لا يجد نفقة يتبلغ بها الى مغزاه حرج، وهو الاثم، يقول: ليس عليهم اثم إذا نصحوا للَّه ولرسوله فى مغيبهم عن الجهاد مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} يقول: ليس على من أحسن فنصح للَّه ورسوله فى تخلفه عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الجهاد معه، لعذر يعذر به، طريق يتطرق عليه، فيعاقب من قبله {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} يقول: واللَّه ساتر على ذنوب المحسنين، يتغمدها بعفوه لهم عنها، رحيم بهم أن يعاقبهم عليها (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (211/ 10). =

قال اللَّه تعالى: {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} التوبة: 88. قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لم يجاهد هؤلاء المنافقون الذين اقتصصت قصصهم المشركين، لكن الرسول محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، والذين صدقوا اللَّه ورسوله معه، هم الذين جاهدوا المشركين بأموالهم وأنفسهم، وانفقوا فى ¬

_ = قال القرطبى فى تفسيره (225 - 226/ 8): الآية أصل فى سقوط التكليف عن العاجز، فكل من عجز عن شيء سقط عنه، فتارة الى بدل هو فعل، وتارة الى بدل هو عزم، ولا فرق بين العجز من جهة القوة أو العجز من جهة المال، ونظير هذه الآية قوله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} وقوله جل وعلا: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} قلت: ثبت فى صحيح البخارى عن أنس أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: لقد تركتم بالمدينة أقواما ما سرتم سيرا ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم من واد الا وهم معكم فيه قالوا: يا رسول اللَّه كيف يكونون معنا وهم بالمدينة، قال: حبسهم العذر، انظر تفسير ابن كثير مع البغوى (223 - 224/ 4) وزاد المسير لابن الجوزى (484 - 485/ 3) وروح المعانى للالوسى (158/ 10) والكشاف للزمخشرى (564/ 1) والبحر المحيط لابى حيان (84 - 85/ 5) والتفسير الكبير للرازى (159 - 161/ 16) وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل (82/ 2) والدر المنثور للسيوطى (266 - 267/ 3) وفتح القدير للشوكانى (373 - 375/ 2) وتفسير القاسمى (3231 - 3232/ 8) وفتح البيان لصديق حسن خان (176 - 178/ 4)، انظر كشف المغطا فى فضل الموطأ لابن عساكر ص 50.

جهادهم أموالهم، وفى قتالهم أنفسهم، وبذلوها {اولئك} يقول: وللرسول وللذين آمنوا معه الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم الخيرات، وهي خيرات الآخرة، وذلك نساءها وجناتها ونعيمها (¬1). قال أبو جعفر: وذكر أن هذه الآية نزلت فى عائذ بن عمرو المزنى، وقال بعضهم: فى عبد اللَّه بن مغفل. ثم قال ذكر من قال: نزلت ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (208 - 209/ 10). قال الإمام ابن كثير تحت هذه الآية: لما ذكر اللَّه تعالى ذم المنافقين وبين هنا ثناءه على المؤمنين ومالهم فى الآخرة من نعيم مقيم فقال: {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا} الى آخر الآيتين من بيان حالهم ومآلهم وقوله: {وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ} أى فى الدار الآخرة فى جنات الفردوس والدرجات العلى انظر التفسير لابن كثير مع البغوى (222/ 4) والقاسمى فى تفسيره (3229/ 8). وفتح القدير للشوكانى (372/ 2) وروح المعانى للالوسى (156 - 157/ 20) والكشاف للزمخشرى (564/ 1). والبحر المحيط لابى حيان (83/ 5) والتفسير الكبير للرازى (157 - 158/ 16) وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل (82/ 2) وقال السيد قطب فى ظلال القرآن: (105/ 10) وهم طراز آخر غير ذلك الطراز {جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} فنهضوا بتكاليف العقيدة، وأدوا واجب الإيمان، وعملوا للعزة التى لا تنال بالقعود {وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ} خيرات الدنيا والآخرة، فى الدنيا لهم العزة ولهم الكرامة ولهم المغنم ولهم الكلمة العالية، وفى الآخرة لهم الجزاء الاوفى ولهم رضوان اللَّه الكريم. قلت: هذه عزة وكرامة مثالية لا ينالها مسلم الا بتضحية كاملة مرسومة رسمها اللَّه تعالى فى كتابه والنبى -صلى اللَّه عليه وسلم- فى سنته. انظر فتح البيان لصديق حسن خان (174/ 4).

فى عائذ بن عمرو: ثم ساق الإِسناد، حدثنا بشير، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} نزلت فى عائذ بن عمرو (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (211/ 10). قلت: إن هذا الاثر مقطوع من كلام قتادة بإسناد صحيح اليه ولم يرد ابن جرير تحت هذه الآية أثرا آخر فى تعيين عائذ بن عمرو. قال القرطبى فى تفسيره (226/ 8): تحت قوله تعالى: {وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ} وعمرو بن الجموح من نقباء الانصار اعرج وهو أول الجيش. قاله الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: ان اللَّه قد عذرك، فقال: واللَّه لاحفرن بعرجتى هذه فى الجنة، الى أمثالهم حسب ما تقدم فى هذه السورة الخ. وقال ابن الجوزى فى زاد المسير (484 - 485/ 3). تحت هذه الآية اختلفوا فيمن نزلت على قولين. أحدهما- انها نزلت فى عائذ بن عمرو، وغيره من أهل العذر قاله قتادة. قلت: والى هذا الاثر اشار الطبرى فى تفسيره وساق الاسناد الى قتادة. والثانى- فى ابن أم مكتوم قاله الضحاك. ثم قال ابن الجوزى: وفى المراد بالضعفاء ثلاثة أقوال: أحدهما: أنهم الزمنى والمشايخ الكبار قاله ابن عباس، ومقاتل. والثانى: انهم الصغار. والثالث المجانين، سموا ضعافا لضعف عقولهم. =

قال أبو جعفر: ذكر من قال: نزلت الآية فى ابن مغفل. حدثنى محمد بن سعد، قال: ثنى أبى قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبى عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى}. . الى قوله: {حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} وذلك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه، فجاءته عصابة من أصحابه، فيهم عبد اللَّه بن مغفل المزنى، فقالوا: يا رسول اللَّه احملنا، فقال لهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: واللَّه ما أجد ما أحملكم عليه، فتولوا ولهم بكاء، وعزّ عليهم أن يجلسوا عن الجهاد، ولا يجدون نفقة، ولا محملا فلما رأى اللَّه حرصهم على محبته ومحبة رسوله، أنزل اللَّه عذرهم فى كتابه، فقال: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ}. الى قوله: {فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (¬1). ¬

_ = ذكر القولين الماوردى. قلت: لا مانع من هذه الثلاثة الاقوال وقد تكون الاقوال الثلاثة المذكورة مرادة فى الآية واللَّه أعلم. انظر تفسير ابن كثير مع البغوى (224/ 4) فانه رجح الاثر المقطوع الذى معنا. انظر لباب النقول فى اسباب النزول للسيوطى ص 122. والبحر المحيط لابى حيان (84 - 85/ 5). قلت: لم يعتد بهذا الاثر المقطوع فى أسباب النزول إلا أنه يستأنس به واللَّه تعالى أعلم بالصواب. انظر الدر المنثور للسيوطى (267/ 3) والشوكانى فى فتح القدير (374/ 2) والاسماء والصفات للبيهقى 321. (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (211/ 10).=

قال اللَّه تعالى: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} التوبة: 92. قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولا سبيل أيضا على النفر الذين إذا ما جاؤوك لتحملهم، يسألونك الحملان، ليبلغوا الى مغزاهم لجهاد اعداء اللَّه معك يا محمد، قلت لهم: لا أجد حمولة أحملكم عليها {تولوا} يقول: أدبروا عنك، {وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا} وهم يبكون من حزن على أنهم لا يجدون ما ينفقون، ويتحملون به للجهاد فى سبيل اللَّه (¬1). ¬

_ = قال السيوطى فى الدر المنثور (367/ 3) أخرج ابن جرير الطبرى وابن مردويه، عن ابن عباس، قال: امر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم ذكر الحديث. انظر الشوكانى فى فتح القدير (375/ 2) والقاسمى فى تفسيره (3235/ 8) وعلى الواحدى فى اسباب النزول ص 193. ولباب النقول للسيوطى: ص 132. وسيرة ابن هشام (161/ 4) وتفسير ابن كثير مع البغوى (224 - 225/ 4) وان هذا الاسناد ضعيف جدا ولا يمكن الاحتجاج به بحال من الاحوال ولا يمكن أن يكون له اعتبار فى الشواهد والمتابعات وهو اسناد قائم على سلسلة الضعفاء، وأما المتن: فانه ورد بعض أجزائه فى الصحيح كما جاء عند ابن اسحاق فى السيرة. بغير هذا السياق. انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (165/ 2) و (129/ 8) والاصابة للحافظ ابن حجر (364/ 2) والاستيعاب لابن عبد البر (996/ 3). (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (212/ 10). =

قال أبو جعفر: وذكر بعضهم أن هذه الآية نزلت فى نفر من مزينة. ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، ¬

_ = قال ابن كثير فى تفسيره مع البغوى (224 - 225/ 4) نزلت فى بنى مقرن من مزينة، وقال محمد بن كعب: كانوا سبعة نفر من بنى عمرو بن عوف بن سالم فى غزوة تبوك. وقال القرطبى فى تفسيره (228 - 230/ 8) روى أن الآية نزلت فى عرباض بن سارية، وقيل: نزلت فى عائذ بن عمرو. وقيل: نزلت فى بنى مقرن -وعلى هذا جمهور المفسرين- وكانوا سبعة اخوة، كلهم صحبوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وليس فى الصحابة سبعة أخوة غيرهم، وهم النعمان، ومعقل، وعقيل، وسويد، وسنان، وسابع لم يسم. وقد قيل: انهم شهدوا الخندق كلهم. وقيل نزلت فى سبعة نفر من بطون شتى، وهم البكاؤون فى غزوة تبوك. انظر الدر المنثور (267/ 3) وروح المعانى للالوسى (159 - 160/ 10) والبحر المحيط لابى حيان (85 - 86/ 5) والكشاف للزمخشرى (565 - 566/ 1) وأسباب النزول لعلى الواحدى ص 174 ولباب النقول فى اسباب النزول للسيوطى ص 122 - 123 وتفسير القاسمى (3232 - 3234/ 8) وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى (82 - 83/ 2) والتفسير الكبير للرازى (159 - 160/ 16). وقال السيد قطب فى ظلال القرآن (106 - 107/ 10): وانها صورة مؤثرة للرغبة الصحيحة فى الجهاد، والالم الصادق للحرمان من نعمة ادائه. وانها لصورة واقعة حفظها الروايات عن جماعة من المسلمين فى عهد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: وتختلف الروايات فى تعيين اسمائهم لكنها تتفق على الواقعة الصحيحة. قلت: انها لصورة رائعة للفداء والتضحية. انظر الاسماء والصفات للبيهقي ص 321.

عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} قال: هم من مزينة (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير بن جرير الطبرى (212/ 10). قلت: هذا الاثر مقطوع من كلام مجاهد، وقد صح الاسناد اليه. قال السيوطى فى الدر المنثور (268/ 3): أخرج ابن سعد، وابن أبى شيبة، وابن المنذر، وابن أبى حاتم، عن مجاهد ثم ذكر الاثر كما هو عند ابن جرير الطبرى. وانظر اسباب النزول لعلى الواحدى ص 174. انظر مسند الإمام أحمد: فإنه أخرج فى مسنده (4/ 398) بسند صحيح عن أبى موسى الاشعرى رضي اللَّه عنه قال: اتيت رسول اللَّه فى رهط من الأشعريين نستحمله فقال: لا واللَّه ما أحملكم وما عندى ما أحملكم عليه. فلبثنا ما شاء اللَّه ثم أمر لنا بثلاث ذود عن الذرى. . . الحديث. وقد أخرج البخارى بعض أجزاء هذا الحديث فى جامعه ومسلم وابن ماجه والنسائي الا ان هذه الكتب المذكورة لم تصرح انها نزلت فى اشخاص معينين من الصحابة، ولذلك لم يذكر اهل التفسير هذه الاحاديث المرفوعة فى تفاسيرهم انظر زاد المسير لابن الجوزى (486/ 3) فانه ذكر رواية مجاهد هذه التى عند ابن جرير الطبرى ثم قال: وفى الذين طلبوا من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يحملهم عليه ثلاثة أقوال: أحدها، انه الدواب، قاله: ابن عباس. والثانى: الزاد، قاله: انس بن مالك. والثالث: النعال، قاله الحسن. انظر القرطبى فى تفسيره (228 - 230/ 8) فانه ذكر الروايات كلها ثم رجح انها نزلت فى أبى موسى وأصحابه الذين أتوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ونسب هذا القول الى الحسن البصرى رحمه اللَّه تعالى انظر تفسير ابن كثير مع البغوى (224/ 4) فانه أشار الى رواية مجاهد. قلت: وقد تكون الآية نزلت: فى أبى موسى الاشعرى واصحابه لان الحديث الذى أخرجه البخارى وغيره موافق مع السياق القرآنى واللَّه تعالى أعلم.

قال أبو جعفر: حدثنا ابن وكيع، ثنا أبى (¬1)، عن أبى جعفر (¬2)، عن الربيع بن أنس (¬3)، عن أبى العالية (¬4)، عن عروة (¬5)، عن ابن مغفل المزنى (¬6)، وكان أحد النفر الذين أنزلت فيهم {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ}. . (¬7). ¬

_ (¬1) أما والد سفيان بن وكيع فهو وكيع بن جراح بن مليح الرؤاسى، بضم الراء وهمزة ثم مهملة، أبو سفيان الكوفى، ثقة حافظ عابد، من كبار التاسعة مات 197/ ع انظر التقريب (231/ 2). (¬2) أبو جعفر: هو الرازى وهو عيسى بن أبى عيسى، عبد اللَّه بن ماهان أصله من مرو وكان يتجر الى الرى، صدوق سئ الحفظ خصوصا عن المغيرة من كبار السابعة مات فى حدود الستين ومائة/ عم انظر التقريب (101/ 2). (¬3) اما الربيع بن أنس، فهو البكرى أو الحنفى نزل خراسان، صدوق له أوهام / عم انظر التقريب (243/ 1). (¬4) وأما أبو العالية، فهو رفيع بالتصغير، ابن مهران أبو العالية الرياحي بكسر الراء وبالتحتانية، ثقة كثير الارسال من الثانية مات 93/ ع انظر التقريب (252/ 1). (¬5) أما عروة فهو عروة الزبير بن العوام بن خويلد الاسدى، أبو عبد اللَّه المدنى، ثقة مشهور، من الثانية مات 94 هـ ومولده فى أوائل خلافة عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه / ع انظر التقريب (19/ 2). (¬6) اما ابن مغفل المزنى فهو عبد اللَّه بن مغفل: بمعجمة وفاء ثقيلة، ابن عبيد بن نهم: بفتح النون وسكون الهاء أبو عبد الرحمن المزنى، صحابي، بايع تحت الشجرة، ونزل البصرة مات 57 وقيل بعد ذلك/ ع انظر التقريب (453/ 1). (¬7) تفسير ابن جرير الطبرى (212/ 10). =

قال أبو جعفر: وقال آخرون: بل نزلت فى عرباض بن سارية. وذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا أبو عاصم (¬1)، عن ثور بن يزيد (¬2)، عن خالد بن معدان (¬3)، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمى (¬4)، وحجر بن حجر الكلاعي (¬5)، قالا: دخلنا على عرباض بن سارية (¬6)، ¬

_ = قلت: هذا الحديث بهذا الاسناد ضعيف لان فيه سفيان بن وكيع هو ساقط الحديث وقال الحافظ فى الإصابة (142/ 3) نقلا عن ابن عبد البر فى الاستيعاب ابن مغفل كان من البكائين فى غزوة تبوك. ولم يذكره مسندا. انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (165/ 2) و (129/ 7). (¬1) أما أبو عاصم فهو الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيبانى، أبو عاصم النبيل ثقة ثبت، من التاسعة مات 212 أو بعدها/ ع انظر التقريب (373/ 1). (¬2) اما ثور بن يزيد، فهو ثور بن يزيد بزيادة تحتانية فى اول اسم ابيه، أبو خالد الحمصى، ثقة ثبت إلا أنه يرى القدر من السابعة مات 150 /خ عم انظر التقريب (121/ 1). (¬3) اما خالد بن معدان فهو خالد بن معدان الكلاعى الحمصى، أبو عبد اللَّه، ثقة عابد، يرسل كثيرا من الثالثة / مات 113 وقيل بعد ذلك/ ع انظر التقريب (218/ 1). (¬4) اما عبد الرحمن بن عمرو السلمى فهو عبد الرحمن بن عمرو بن عبسة بفتح أوله وثانية، السلمى، الشامى، مقبول من الثالثة مات 110/ د. ت ق انظر التقريب (493/ 1). (¬5) اما حجر بن حجر فهو حجر بن حجر، بضم المهملة وسكون الجيم، الكلاعى، بفتح الكاف وتخفيف اللام، الحمصى، مقبول، من الثالثة/ د انظر التقريب (155/ 1). (¬6) اما عرباض بن سارية فهو عرباض، بكسر أوله وسكون الراء بعدها موحدة وآخره معجمة، ابن سارية السلمى، أبو نجيح، صحابي، كان من أهل الصفة، ونزل حمص، ومات بعد السبعين/ عم انظر التقريب (17/ 2).

وهو الذى أنزل فيه: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ} الآية (¬1). قال أبو جعفر: وقال آخرون: بل نزلت فى نفر سبعة من قبائل شتى. ثم قال: حدثنى الحارث (¬2)، قال: ثنا عبد العزيز (¬3)، قال: ثنا أبو معشر (¬4)، عن محمد بن كعب وغيره، قال: جاء ناس من أصحاب ¬

_ (¬1) تفسير بن جرير الطبرى (212/ 10). قلت: هذا الاسناد حسن، ولا مانع من أن تكون الآية قد نزلت فى جملة من البكائين، ومنهم عرباض بن سارية، والحديث قد أخرجه ابن المنذر، وابن أبى حاتم، فى تفسيريهما، انظر الدر المنثور للسيوطى (268/ 3)، والقرطبى (228/ 8)، والشوكانى فى فتح القدير (374/ 2)، والقاسمى (3233 - 3234/ 8)، وقد أخرج ابن جرير الطبرى هذه الرواية فى تفسيره عن طريق آخر انظر تفسير ابن جرير الطبرى (212/ 10) وفى اسناده، رجل يسمى سليمان بن عبد الرحمن، وقد أخرج له البخارى فى صحيحه، وفيه كلام، فأجاب عنه الحافظ فى مقدمة الفتح 405. (¬2) أما الحارث فهو الحارث بن محمد بن أبى اسامة أبو محمد التميمى ذكره الخطيب فى تاريخه (218/ 8) ووثقه. (¬3) واما عبد العزيز، فهو عبد العزيز بن أبان الاموى بن محمد بن عبد اللَّه بن سعيد بن العاص السعيدى، أبو خالد الكوفى، نزيل بغداد، متروك، وكذبه يحيى بن معين وغيره/ ت انظر التقريب (507 - 508/ 1). (¬4) اما أبو معشر فهو نجيح بن عبد الرحمن السندى، بكسر المهملة وسكون النون المدنى أبو معشر، وهو مولى بنى هاشم، مشهور بكنيته، ضعيف، من السادسة، اسن واختلط، ومات سنة 170 هـ ويقال: وكان اسمه عبد الرحمن بن الوليد بن هلال/ عم انظر التقريب (298/ 2).

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يستحملونه، فقال: {لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ}، فأنزل اللَّه: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ. .} الآية، قال: هم سبعة نفر من بنى عمرو بن عوف: سالم بن عمير، ومن بنى واقف. حرمى بن عمرو، ومن بنى مازن ابن النجار: عبد الرحمن بن كعب يكنى أبا ليلى، ومن بنى المعلى: سليمان بن صخر، ومن بنى حارثة: عبد الرحمن بن يزيد أو عبلة، وهو الذى تصدق بعرضه، فقبله اللَّه منه، ومن بنى سلمة: عمرو بن غنمة، وعبد اللَّه بن عمرو المزنى (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (213/ 10). قلت: هذا الاثر بهذا الاسناد ضعيف جدا ولا يمكن أن يحتج به ولو للمتابعة والشواهد. ولم أر لهذا الاثر مرجعًا آخر غير تفسير ابن جرير الطبرى ولم يرو عند ابن جرير الا عن هذا الطريق. وقد أخرج ابن جرير الطبرى اثرا مماثلا عن ابن اسحاق فى سيرته عن طريق ابن حميد الرازى وهو حافظ ضعيف انظر الدر المنثور (268/ 3) وفتح القدير للشوكانى (375/ 2) وسيرة ابن هشام (197/ 4) وابن كثير فى تفسيره (381/ 2). وتفسير القرطبى (228/ 8). * * *

الفصل السادس والعشرون فى المنافقين فى غزوة تبوك، وما قاموا به من أعمال شنيعة

الفصل السادس والعشرون فى المنافقين فى غزوة تبوك، وما قاموا به من أعمال شنيعة قال الإمام البيهقى: أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ، ثنا أبو العباس، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا يونس بن بكير، عن ابن اسحاق، فى قصة تبوك قال: فلما بلغ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الثنية، نادى منادى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أن خذوا بطن الوادى فهو واسع عليكم، فان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أخذ الثنية، وكان معه حذيفة بن اليمان، وعمار ابن ياسر رضي اللَّه تعالى عنهما، وكره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ان يزاحمه فى الثنية أحد، فسمعه ناس من المنافقين فتخلفوا، ثم اتبعه رهط من المنافقين، فسمع ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حس القوم خلفه، فقال لاحد صاحبيه: اضرب وجوههم، فلما سمعوا ذلك، ورأوا الرجل مقبلا نحوهم وهو حذيفة بن اليمان، انحدروا جميعا، وجعل الرجل يضرب رواحلهم، وقالوا: انما نحن أصحاب أحمد، وهم متلثمون لا يرى شئ الا أعينهم، فجاء صاحبه بعدما انحدر القوم، فقال: هل عرفت الرهط فقال: لا واللَّه يا نبي اللَّه: ولكنى قد عرفت رواحلهم، فانحدر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الثنية، وقال لصاحبيه: هل تدرون ما أراد القوم؟ أرادوا

أن يزاحمونى من الثنية، فيطرحونى منها، فقالا أفلا تأمرنا يا رسول اللَّه فنضرب أعناقهم إذا اجتمعوا اليك، فقال: اكره أن يتحدث الناس، ان محمدا قد وضع يده فى أصحابه يقتلهم ثم ذكر القصة (¬1). وقال ابن هشام: قال ابن اسحاق: وذكر ابن شهاب الزهري، عن ابن أبى أكيمة الليثى، عن ابن أخى أبى رهم الغفارى، انه سمع أبا رهم، كلثوم بن الحصين، وكان من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الذين بايعوا تحت الشجرة، يقول: غزوت مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- غزوة تبوك، ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقى (32 - 33/ 9). انظر الصارم المسلول 350 - 351. قلت: حديث معضل باسناد حسن عن ابن اسحاق، وقد أخرجه ابن هشام فى سيرته مع تغيير فى بعض الفاظه انظر سيرة ابن هشام (168 - 169/ 4) والبداية والنهاية لابن كثير (18 - 59/ 1) انظر شرح نهج البلاغة لابن أبى حديد (218 - 219/ 10). وأخرج البيهقى فى السنن الكبرى (32 - 33/ 9) أثرين ضعيفين عن لحاكم وفى اسنادهما عبد اللَّه ابن لهيعة، وقد قال فيه الحافظ فى التقريب (444/ 1) عبد اللَّه بن لهيعة: بفتح اللام وكسر الهاء، ابن عقبة الحضرمى، أبو عبد الرحمن المصرى، القاضى، صدوق من السابعة، خلط، بعد احتراق كتبه، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما، وله فى مسلم بعض شيء مقرون بغيره، مات 174 وقد نيف على الثمانين/ م د ت ق. قلت: وهاتان الروايتان مرسلتان، لان فيهما عروة بن الزبير، يروى عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. انظر السنن الكبرى للبيهقى (33/ 9). وتفسير بن كثير (399/ 2) ومجمع الزوائد (30/ 7) وروح المعانى (131/ 10) والدر المنثور (259 - 267/ 3).

فسرت ذات ليلة معه، ونحن بالاخضر قريبا، من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والقى اللَّه علينا النعاس، فطفقت أستيقظ، وقد دنت راحلتى من راحلة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيفزعنى دنوها منه، مخافة أن اصيب رجله فى الغرز، فطفقت أحوز راحلتى عنه، حتى غلبتنى عيني فى بعض الطريق، ونحن فى بعض الليل، فزاحمت راحلتي راحلة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ورجله فى الغرز، فما استيقظت الا بقوله حس، فقلت: يا رسول اللَّه، استغفر لى، فقال: سر، فجعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يسألنى عمن تخلف من بنى غفار، فأخبره به، فقال: وهو يسألنى: ما فعل النفر الحمر الطوال الثطاط؟ فحدثته بتخلفهم. قال فما فعل النفر السود الجعاد القصار؟ قلت: واللَّه ما أعرف هؤلاء منا، قال: بلى، الذين لهم نعم بشبكة شدخ، فتذكرتهم فى بني غفار، لم أذكرهم حتى ذكرت أنهم رهط من أسلم، كانوا حلفاء فينا، فقلت: يا رسول اللَّه، اولئك رهط من أسلم، حلفاء فينا فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما صنع أحد أولئك -حين تخلف أن يحمل على بعير من أبله امرأ نشيطا فى سبيل اللَّه، ان أعز أهلي عليّ أن لا يتخلف عني المهاجرون من قريش والانصار، وغفار، وأسلم (¬1). ¬

_ (¬1) سيرة ابن هشام (172 - 173/ 4) ومجمع الزوائد (191 - 693/ 6) ومسند أحمد. قلت: هذه الرواية أوردها ابن كثير فى تاريخ البداية والنهاية (18 - 19/ 5) ولم يتكلم عليها لعلها مأخوذة من مغازى محمد بن مسلم بن شهاب الزهري وقد ذكرها صاحب كشف الظنون فى =

قال القطيعي (¬1): ثنى عبد اللَّه، حدثنى أبى، ثنا يزيد (¬2)، انا الوليد (¬3) -يعنى ابن ¬

_ = كتابه (1747/ 2) والحديث حسن لغيره وقد أخرجه ابن حبان فى صحيحه باسناده إذ قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة، حدثنا، ابن أبى السرى، أنبأنا عبد الرزاق، انبأنا معمر عن الزهري اخبرنى ابن أخي ابى رهم قال: سمعت أبا رهم الغفارى يقول ثم ذكر النص انظر موارد الظمآن فى زوائد ابن حبان للهيثمى ص 418 واما التراجم فهي محمد بن الحسن بن قتيبة فهو شيخ لابن حبان ذكره ياقوت الحموى فى معجم البلدان (416/ 1) فى كلمة بست واما ابن ابى السرى فهو محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن الهاشمى مولاهم، العسقلانى المعروف بابن ابى السرى صدوق عارف له أوهام كثيرة من العاشرة مات 238 / د انظر التقريب (204/ 2). (¬1) القطيعى: هو بفتح القاف، كسر الطاء، وسكون الياء وبعدها عين مهملة هذه النسبة، الى قطيعة الدقيق، محلة ببغداد، والمعروف بهذه النسبة جملة من المحدثين منهم، أبو بكر أحمد بن جعفر ابن حمدان، بن مالك، البغدادى، مسند العراق، وكان يسكن بقطيعة الدقيق. روى عن عبد اللَّه بن الإمام أحمد، المسند، توفي فى ذى الحجة فى سنة 368 هـ. وكان شيخا صالحا انظر العبر فى خبر من غبر للذهبى (346 - 347/ 2) واللباب فى تهذيب الانساب لابن الاثير (273/ 2). (¬2) هو يزيد بن زريع، بتقديم الزاى، مصغرا، البصرى، أبو معاوية ثقة ثبت، من الثامنة مات 182/ ع انظر التقريب (364/ 2). (¬3) هو الوليد بن عبد اللَّه بن جميع الزهري، المكى، نزيل الكوفة، صدوق يهم، رمي بالشيع من الخامسة / بخ م د ت س انظر التقريب (333/ 2).

عبد اللَّه بن جميع، عن أبى الطفيل (¬1)، قال: لما أقبل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من غزوة تبوك، أمر مناديا، فنادى: ان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- آخذ بالعقبة، فلا يأخذها أحد، فبينما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقوده حذيفة، ويسوقه عمار، إذ أقبل رهط متلثمون على الرواحل، فغشوا عمارا وهو يسوق برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأقبل عمار يضرب، وجوه الرواحل، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لحذيفة: "قد قد" حتى هبط رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الوادى، فلما هبط، ورجع عمار قال: يا عمار: هل عرفت القوم؟ قال: قد عرفت عامة الرواحل، والقوم متلثمون، قال: هل تدرى ما أرادوا؟ قال: اللَّه ورسوله أعلم، قال: أرادوا أن ينفروا برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيطرحوه، قال: فسارّ عمار رجلا من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: نشدتك باللَّه كم تعلم كان أصحاب العقبة؟ قال: اربعة عشر رجلا، فقال: إن كنت فيهم، فقد كانوا خمسة عشر، قال: فعذر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- منهم ثلاثة، قالوا: ما سمعنا منادى رسول اللَّه، وما علمنا ما أراد القوم، فقال عمار: اشهد ان الاثنى عشر الباقين، حرب للَّه، ولرسوله فى الحياة الدنيا، ويوم يقوم الاشهاد (¬2). ¬

_ (¬1) أما أبو الطفيل فهو عامر بن واثلة بن عبد اللَّه بن عمرو بن جحش الليثي، أبو الطفيل ربما سمي عمر ولد عام أحد، رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو آخر من مات من الصحابة، قاله مسلم/ ع انظر التقريب (389/ 1). (¬2) مسند الإمام أحمد (390 - 391/ 5). قلت: هذا الحديث بهذا الاسناد حسن إن شاء اللَّه وأورده الإمام أبى كثير فى البداية والنهاية (20 - 21/ 5) والتفسير (373/ 2).

قال القطيعي: حدثنا عبد اللَّه، قال: حدثنى أبى، ثنا محمد بن عبد اللَّه بن الزبير، وأبو نعيم قالا: ثنا الوليد، يعنى ابن جميع قال أبو نعيم عن أبى الطفيل، مثل جميع ثنا أبو الطفيل قال: كان بين حذيفة، وبين رجل من أهل العقبة، ما يكون بين الناس، فقال: انشدك اللَّه، كم أصحاب العقبة؟ قال له القوم: أخبره إذا سألك قال: كنا نخبر انهم أربعة عشر، وقال أبو نعيم: فقال الرجل: كنا نخبر أنهم أربعة عشر قال: فان كنت منهم، أو قال أبو نعيم فيهم: فقد كان القوم خمسة عشر، وأشهد باللَّه ان اثنى عشر منهم حرب للَّه ولرسوله فى الحياة الدنيا، ويوم يقوم الاشهاد قال أبو أحمد: الاشهاد. وعندنا ثلاثة قالوا: ما سمعنا منادى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وما علمنا ما أراد القوم. قال أبو أحمد: فى حديثه وقد كان فى حرة فمشى: فقال للناس: ان الماء قليل فلا يسبقنى اليه أحد فوجد قوما قد سبقوه. فلعنهم يومئذ (¬1). ¬

_ (¬1) مسند الإمام أحمد (390 - 391/ 5). قلت: رجال هذا الاسناد كلهم ثقات الا الوليد بن أبى جميع فانه صدوق يهم. وقد تابعه أبو نعيم عن أبى الطفيل وبذالك ترجح صحة الاسناد واما أبو نعيم فهو الفضل بن دكين، الكوفى، واسم دكين، عمرو بن حماد بن زهير، التيمي مولاهم، الاحول، أبو نعيم الملائي، بضم الميم، مشهور بكنيته، ثقة ثبت من التاسعة، مات 218. وقيل تسع عشرة، وكان مولده سنة 130 وهو من كبار شيوخ البخارى/ ع انظر التقريب (110/ 2). والحديث أخرجه أيضا البيهقي فى السنن الكبري (33/ 9) بهذا الاسناد. وقد اخرجه مسلم أيضا فى صحيحه فى كتاب المنافقين (122/ 8) واورده السيوطى فى الخصائص الكبري (115/ 2) وصاحب اعلام النبوة ص 71.

قال محمد بن إسحاق: حدثنى عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رجال من بنى أشهل، قال: قلت لمحمود: هل كان الناس يعرفون النفاق فيهم؟ قال: نعم واللَّه، ان كان الرجل ليعرفه من أخيه، ومن أبيه، ومن عمه، وفى عشيرته، ثم يلبس بعضهم بعضا على ذلك. ثم قال محمود: لقد أخبرنى رجال من قومى عن رجل من المنافقين معروف نفاقه، كان يسير مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حيث سار، فلما كان من أمر الماء بالحجر ما كان، ودعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين دعا، فأرسل اللَّه سحابة، فامطرت حتى ارتوى الناس، قالوا: أقبلنا عليه نقول: ويحك، هل بعد هذا شيء؟ قال: سحابة مارة. قال ابن إسحاق: ثم أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سار حتى إذا كان ببعض الطريق ضلت ناقته، فخرج أصحابه فى طلبها، وعند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رجل من أصحابه، يقال له عمارة بن حزم، وكان عقبيا بدريا، وهو عم بنى عمرو بن حزم، وكان فى رحله زيد بن اللصيت القينقاعى، وكان منافقا، قال ابن إسحاق: فحدثنى عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رجال من بنى عبد الاشهل قالوا: فقال زيد بن اللصيت، وهو فى رحل عمارة، وعمارة عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أليس محمد يزعم أنه نبي ويخبركم عن خبر السماء، وهو لا يدرى اين ناقته؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وعمارة عنده: ان رجلا قال: هذا محمد يخبركم انه نبي، ويزعم انه يخبركم بأمر السماء، وهو لا يدرى اين ناقته؟ وانى واللَّه ما أعلم الا ما علمنى ربى، وقد دلنى اللَّه عليها، وهي فى هذا

الوادى، فى شعب كذا، وكذا قد حبستها شجرة بزمامها، فانطلقوا حتى تأتونى بها، فذهبوا، فجاؤا بها، فرجع عمارة بن حزم الى رحله، فقال: واللَّه لعجب من شيء حدثناه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-آنفا، عن مقالة قائل اخبره اللَّه عنه بكذا وكذا الذى قاله زيد بن اللصيت، فقال رجل ممن كان فى رحل عمارة: ولم يحضر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- زيد واللَّه قال هذه المقالة قبل أن تأتي. فأقبل عمارة على زيد يجافى عنقه، ويقول: اليّ عباد اللَّه ان فى رحلى لداهية وما أشعر، أخرج أى عدو اللَّه من رحلى، فلا تصحبنى (¬1). ¬

_ (¬1) سيرة ابن هشام (166 - 167/ 4). قلت: اما رجال هذا الاسناد فهم: عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الاوسى الانصارى، أبو عمر المدنى، ثقة عالم بالمغازى، من الرابعة مات بعد العشرين ومائة / ع انظر التقريب (385/ 1) اما محمود فهو محمود بن لبيد بن عقبة بن رافع الاوسى، الاشهيلى، أبو نعيم المدنى صحابى صغير وجل روايته عن الصحابة، مات سنة 96، وقيل سنة سبع وتسعين/ بخ م عم انظر التقريب (233/ 2) وقد ثبت سماع عاصم بن عمر عنه قال الحافظ فى التهذيب (65 - 66/ 10) وقد صرح محمد بن اسحاق بن يسار بالسماع عن شيخه عاصم المذكور، فلا مانع أن يحكم على هذا الاسناد بانه اسناد حسن، واللَّه تعالى أعلم. وقد أورد الحافظ بن كثير هذا النص فى البداية والنهاية (9/ 5) نقلا عن محمد بن اسحاق. وقال السيوطى فى الخصائص الكبرى (106 - 107/ 2): اخرج البيهقى، وأبو نعيم من طريق =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = محمد بن اسحاق ثم ذكر الحديث. واورده أيضا الامام أبو جعفر محمد بن جرير الطبرى فى تاريخه نقلا عن محمد بن اسحاق (370 - 371/ 2) وورد هذا النص أيضا فى سمط النجوم العوالى (213/ 2). وجاء ذكره فى عيون الاثر لابن سيد الناس 218/ 2 وعزاه الى اسحاق. وذكره الامام أبو نعيم فى دلائل النبوة وعزاه الى محمد بن اسحاق ص 456 والامام ابن القيم فى زاد المعاد كذلك (4/ 3) وقال الواقدى فى مغازيه (1009/ 3): حدثنى يونس بن محمد عن يعقوب بن عمر ابن قتادة، عن محمود بن لبيد ثم ذكر المتن كسياق ابن اسحاق، واورده صاحب السيرة الحلبية (289 - 300/ 3): وصاحب المواهب اللدنية، وشارحه عزاه الى ابن اسحاق (88/ 3) وابن الاثير فى الكامل (279 - 280/ 2). قلت: ان هذا الحديث حسن الاسناد واللَّه تعالى أعلم بالصواب وقال الامام ابن تيمية فى كتاب الايمان ص 177 وفى غزوة تبوك استنفرهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كما استنفر غيرهم، فخرج بعضهم معه، وبعضهم تخلفوا وكان فى الذين خرجوا معه، من همّ بقتله فى الطريق، هموا بحل حزام ناقته، ليقع فى واد هناك، فجاء الوحي، فأسر الى حذيفة اسماءهم، ولذلك يقال: هو صاحب السر الذى، لا يحمله غيره، كما ثبت ذلك فى الصحيح. * * *

الفصل السابع والعشرون فيما نزل من القرآن فى المستأذنين بعدم حضور غزوة تبوك

الفصل السابع والعشرون فيما نزل من القرآن فى المستأذنين بعدم حضور غزوة تبوك قال اللَّه تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} التوبة: 43. قال أبو جعفر: وهذا عتاب من اللَّه -تعالى- ذكره عاتب به نبيّه صلى اللَّه عليه وسلم فى إذنه، لمن أذن له فى التخلف عنه حين شخص الى تبوك لغزو الروم، من المنافقين، يقول جلّ ثنائه {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ} يا محمد ما كان منك فى إذنك لهؤلاء المنافقين الذين استأذنونك فى ترك الخروج معك، وفى التخلف عنك من قبل أن تعلم الكاذبين. . ثم أورد أبو جعفر عدة آثار تحت هذه الآية: منها أثر مجاهد إذ قال: حدثنى: محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنى عيسى، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} قال: ناس قالوا: استأذنوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن أذن لكم فاقعدوا، وإن لم يأذن لكم فاقعدوا (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (142/ 10). =

قال اللَّه تعالى: {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} التوبة: 44. قال أبو جعفر: وهذا إعلام من اللَّه تعالى لنبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- من المنافقين وأن من علامات هؤلاء المنافقين تخلفهم عنك فى الجهاد، واعتذارهم بالأعذار الكاذبة إلخ. ثم أيد تفسيره هذا بأثر ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه إذ قال: حدثنى المثنى قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنى معاوية عن علي بن أبى طلحة عن ابن عباس قوله: {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} فهذا تعيير للمنافقين حين استأذنوا فى القعود عن الجهاد من غير عذر، وعذّر اللَّه المؤمنين فقال: لم يذهبوا حتى يستأذنوه (¬1). ¬

_ = قال السيوطى: فى الدر المنثور (3/ 247) أخرج ابن أبى شيبة وابن المنذر وابن أبى حاتم عن مجاهد ثم ذكر النص الذى رواه ابن جرير الطبرى انظر زاد المسير لابن الجوزى (444/ 3) قال الإمام ابن كثير فى تفسيره (386/ 2) قال ابن أبى حاتم: حدثنا أبى، حدثنا أبو حصين بن سليمان الرازى، حدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن عون قال: هل سمعتم بمعاتبة أحسن من هذا؟ نداء بالعفو قبل المعاتبة فقال: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} من كلام عون بن عبد اللَّه وهو تابعى معروف والأثر مقطوع صحيح، ويقال أن روايته عن الصحابة مرسلة قاله الحافظ فى التهذيب. انظر فتح القدير للشوكانى (350/ 2) وقال القرطبى فى تفسيره (154/ 8): أخبره بالعفو قبل الذنب لئلا يطير قلبه فرقا. انظر فتح البيان للسيد صديق حسن خان (135/ 4). وأما رجال هذا الاسناد فإنهم مضت تراجمهم فى الأسانيد السابقة، وإنهم كلهم ثقات، والأثر مقطوع، صحيح الاسناد. (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (142/ 10).

قال اللَّه تعالى: {إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} التوبة: 45. قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنما يستأذنك يا محمد فى التخلف خلافك، وترك الجهاد معك من غير عذر بين، الذين لا يصدقون باللَّه، ولا يقرون بتوحيده. {وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ}: يقول: وشكت قلوبهم فى حقيقة وحدانية اللَّه، وفى ثواب أهل طاعته، وعقاب أهل معاصيه، ¬

_ = قال السيوطى: فى الدر المنثور (247/ 3) أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم والنحاس فى ناسخه عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه ثم ذكر النص الذى أخرجه ابن جرير انظر تفسير ابن كثير (360/ 2) وفتح القدير للشوكانى (350/ 2)، قال ابن الجوزى: فى زاد المسير (445/ 3) قال الزجاج: أعلم اللَّه عز وجل نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن علامة النفاق فى ذلك الوقت الاستئذان وروى عن ابن عباس أنه قال: نسخت هذه الآية بقول: {لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ. .} الى آخر الآية النور 62. قال أبو سليمان الدمشقى: ليس للنسخ هاهنا مدخل، لإمكان العمل بالآيتين، وذلك أنه عاب على المنافقين أن يستأذنوه فى القعود عن الجهاد من غير عذر، وأجاز للمؤمنين الاستئذان. اهـ قلت ليس هناك دليل قاطع صحيح ثابت على النسخ، أثر ابن عباس هذا منقطع لأن على بن أبى طلحة لم يلق ابن عباس انظر تهذيب الكمال للإمام المزى (976/ 5) وتهذيب التهذيب (339/ 7) أخرج أبو داود فى سننه (116/ 3) رواية النسخ ولم يثبت بها النسخ انظر تفسير القرطبى (155/ 8) والإعتبار فى الناسخ والمنسوخ للحازمى ص 6 والترغيب والترهيب للمنذرى (117/ 2).

{فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ}، يقول: فى شكهم يتحيرون، وفى ظلمة الحيرة مترددون، لا يعرفون حقا من باطل، فيعملون على بصيرة، وهذه صفة المنافقين (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (143/ 10). قال القرطبى فى تفسيره (155/ 8) تحت هذه الآية روى أبو داود فى سننه عن ابن عباس قال: {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} نسختها التى فى النور {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} الى قوله: {غَفُورٌ رَحِيمٌ}، قلت رواية ابن عباس هذه التى أخرجها أبو داود لم تقم بها الحجة لأن فيها علي بن حسين بن واقد المروزى وهو متكلم فيه انظر أبا داود (116/ 3) وتفسير ابن كثير (360/ 2) والقاسمى (3163/ 8). وقال ابن جرير فى تفسيره (143/ 10): وكان جماعة من أهل العلم يرون أن هاتين الآيتين منسوختان بالآية التى ذكرت فى سورة النور، ثم أورد أثرا على هذا الرأى إذ قال: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، عن الحسين عن يزيد عن عكرمة والحسن البصرى قالا: قوله {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} الى قوله {فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} نسختها الآية التى فى النور {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ}. . . الى {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. قلت: هذا الأثر ضعيف من حيث الاسناد لأن فيه محمد بن حميد الرازى وقد مضت ترجمته آنفا وقد ضعفه الأئمة وقال فيه الحافظ ابن حجر حافظ ضعيف. وثانيا: هو أثر مقطوع من كلام عكرمة وحسن البصرى رحمهما اللَّه تعالى ولا تقوم به الحجة ولو صح الاسناد إليهما. انظر فتح القدير للشوكانى (349/ 2) وزاد المسير لابن الجوزى (446/ 3) انظر التفسير الكبير للرازى (76/ 16) واقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية 146 - 147.

قال اللَّه تعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} التوبة: 46. قال أبو جعفر: يقول اللَّه عز وجل: ولو أراد هؤلاء الخروج معك لجهاد عدوك {لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} ولتأهبوا للسفر والعدو أهبهما. {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ} يعنى خروجهم لذلك. {فَثَبَّطَهُمْ}: يقول: فثقل عليهم الخروج حتى استخلفوا القعود فى منازلهم خلافك واستثقلوا السفر والخروج معك، فتركوا لذلك الخروج {وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} يعنى اقعدوا مع المرضى والضعفاء الذين لا يجدون ما ينفقون، ومع النساء والصبيان، واتركوا الخروج مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمؤمنين به ثم أتى أبو جعفر بأثر ضعيف يؤيد به تفسيره إذ قال: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: كان الذى استأذنوه فيما بلغنى من ذوى الشرف، منهم: عبد اللَّه بن أبى سلول والجد بن قيس، وكانوا أشرافا فى قومهم، فثبطهم اللَّه، لعلمه بهم أن يخرجوا معهم فيفسدوا عليه جنده (¬1) ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (144/ 10). قال السيوطى فى الدر المنثور (247/ 3): {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ} الآيات أخرج ابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي اللَّه تعالى عنه فى قوله {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ} قال خروجهم الى تبوك. وأخرج أيضا ابن أبى حاتم عن ابن عباس فى قوله تعالى {فَثَبَّطَهُمْ} قال: حبسهم. قلت: أثر ابن إسحاق الذى فيه ابن حميد ضعيف وقد ذكر هذا المعنى ابن هشام فى سيرته (516/ 2) =

قال اللَّه تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} التوبة: 47. قال أبو جعفر: يقول اللَّه تعالى: لو خرج أيها المؤمنون فيكم هؤلاء المنافقون {مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا} يقول: لم يزيدوكم بخروجهم فيكم إلا فسادا وضرًا، ولذلك ثبطهم عن الخروج معكم. وأما قوله {يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ} فإن معنى يبغونكم الفتنة. يطلبون لكم ما تفتنون به عن مخرجكم فى مغزاكم، بتثبيطهم إياكم عنه، يقال منه: بغيته الشر، وبغيته الخير، أبغيه بغاء: ¬

_ = وللإمام القرطبى فى تفسيره كلام جيد تحت هذه الآية فراجعه (156/ 8) انظر كتاب التسهيل لعلوم التنزيل لمحمد الكلبى (77/ 2) وزاد المسير لابن الجوزى (446/ 3) وتفسير ابن كثير (361/ 2) وقال فخر الرازى: فى تفسيره: (80/ 16) تحت هذه الآية إعلم أنه تعالى بين فى هذه الآية أنواع المفاسد الحاصلة من خروجهم قوله: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا} وفيه مسائل: 1 - الخبال الشر والفساد فى كل شيء، ومنه يسمى العته بالخبل، والمعتوه المخبول، وللمفسرين عبارات، قال الكلبى: إلا شرا، وقال حذيفة بن اليمان إلا مكرا، وقيل: إلا غيا، وقال الضحاك: إلا عذرا، قيل: الخبال الاضطراب فى الرأى وذلك بتزيين أمر لقوم وتقبيحه لقوم آخرين ليختلفوا وتفترق كلمتهم وقال الشوكانى فى فتح القدير (351/ 2) وأخرج ابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد فى قوله {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا} قال هؤلاء المنافقون فى غزوة تبوك. قلت: لا منافاة بين هذه الأقوال كلها، وهى متقاربة.

إذا التمسته له، بمعنى: بغيت له وكذلك عكمتك وحلبتك بمعنى: حلبت لك وعكمت لك، وإذا أرادوا عنتك على التماسه وطلبه، قالوا: أبغيتك كذا وأحلبتك وأعكمتك أى أعنتك عليه. ثم ساق أثرا الى مجاهد يعين فيه أسماء بعض المنافقين الذين تعنى بهم الآية إذ قال: حدثنى محمد بن عمرو قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد: {وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ} يبطئونكم، قال: رفاعة بن التابوت وعبد اللَّه بن أبيّ بن سلول. وأوس ابن قبظي (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (144/ 10). قلت: أثر مجاهد أثر صحيح الاسناد وقد مر مرارا، ولا يخفى فى هذا هو الإمام فى التفسير وقال السيوطى فى الدر المنثور (247/ 3): وأخرج ابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد فى قوله {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا} قال: هؤلاء المنافقون فى غزوة تبوك سلّى اللَّه نبيه والمؤمنين فقال: ما يحزنكم لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا: إلا شرا. ثم ذكر السيوطى أثر مجاهد. ونسب إخراجه الى ابن أبى شيبة وابن المنذر وابن أبى حاتم وأبى الشيخ انظر التفسير الكبير لفخر الرازى (80/ 16) وزاد المسير لابن الجوزى (447/ 3) وتفسير ابن كثير (361/ 3) وفتح القدير للشوكانى (349/ 3) وقال محمد الكلبى: فى التسهيل (77/ 2): وروى إنها نزلت فى عبد اللَّه بن أبيّ بن سلول وأصحابه من المنافقين وقال القرطبى: فى تفسيره (156/ 8): هذه الآية تسلية للمؤمنين فى تخلف المنافقين عنهم والخبال: الفساد والنميمة وإيقاع الإختلاف والأراجيف وهذا استثناء منقطع، أى ما زادوكم قوة ولكن طلبوا الخبال. قلت قد يكون المعنى لا يزيدونكم فيما يترددون فيه من الرأى إلا خبالا، فلا يكون الاستثناء منقطعا واللَّه أعلم.

قال اللَّه تعالى: {لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ} التوبة: 48. قال أبو جعفر: لقد التمس هؤلاء المنافقون الفتنة، لأصحابك يا محمد وحرصوا على ردهم الى الكفر كفعل عبد اللَّه بن أبيّ بك وبأصحابك يوم أحد حين انصرف عنك بمن تبعه من قومه ثم قال: والمنافقون -لظهور أمر اللَّه ونصره إياك- كارهون وكذلك الآن، يظهرك اللَّه، ويظهر دينه على الذين كفروا من الروم وغيرهم من أهل الكفر وهم كارهون إلخ. . ثم ساق الاسناد الى الزهرى ويزيد بن رومان وعبد اللَّه بن أبى بكر وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم. وذكر جزءا من حديث كعب بن مالك بإسناد ضعيف ومرسل، مع أنه مخرج فى الصحيحين وغيره (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (147/ 10). انظر حديث كعب بن مالك فى الفصل الثامن من هذه الرسالة فتجد هناك تخريجا وافيا للحديث ولا حاجة لذكره هنا مرة ثانية انظر سيرة ابن هشام (4/ 159) والدر المنثور للسيوطى (247/ 3) قال السيد قطب: فى ظلال القرآن (71/ 10) تحت هذه الآية: كان ذلك عند مقدم الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الى المدينة قبل أن يظهره اللَّه على أعدائه ثم جاء الحق وانتصرت كلمة اللَّه فحنوا لها رؤوسهم وهم كارهون وظلوا يتربصون الدوائر بالإسلام والمسلمين. قلت: الأمر كذلك فيما أظن كما قال السيد قطب وقيل نزلت الآية فى غزوة تبوك عندما أراد بعض المنافقين الفتك برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وذلك عند رجوعه -صلى اللَّه عليه وسلم- من تبوك قال القرطبى فى تفسيره: (157/ 8) تحت هذه الآية =

قال اللَّه تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} التوبة: 49. وذكر أن هذه الآية نزلت فى الجد بن قيس. ويعنى جلّ ثناءه بقوله {وَمِنْهُمْ}: ومن المنافقين {مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي} أقم فلا أشخص معك {وَلَا تَفْتِنِّي} يقول: ولا تبتلنى برؤية نساء بنى الأصفر وبناتهم، فإنى بالنساء مغرم، فأخرج وآثم بذلك. وبذلك من التأويل تظافرت الأخبار عن أهل التأويل ثم ساق أبو جعفر الاسناد الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله حدثنى محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، فى قول اللَّه تعالى {ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي} قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اغزوا تبوك تغنموا بنات بنى الأصفر ونساء الروم فقال الجد: ائذن لنا، ولا تفتنا بالنساء (¬1). ¬

_ = وقال ابن جريج: أراد اثنى عشر رجلا من المنافقين وقفوا على ثنية الوداع ليلة العقبة ليفتكوا بالنبى -صلى اللَّه عليه وسلم- انظر تفسير زاد المسير لابن الجوزى (447/ 3) وقال ابن كثير (361/ 2): وذلك أول مقدم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينة فرمته العرب عن قوس واحد وحاربته يهود المدينة ومنافقوها فلما نصره اللَّه يوم بدر أعلى كلمته قال عبد اللَّه بن أبيّ وأصحابه هذا أمر قد توجه فدخلوا فى الإسلام ظاهرا ثم كلما أعز اللَّه الإسلام وأهله غاظهم ذلك وساءهم ولهذا قال تعالى: {حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ} قلت: تشير الآية الكريمة الى ما كان عليه المنافقون من حسد وحقد نحو الدعوة المحمدية منذ أن أعلنها الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بمكة ونشرها بالمدينة وهم يضعون العراقيل والعقبات فى سبيل نشرها وانتشارها. انظر فتح القدير للشوكانى (350/ 2). (¬1) تفسير ابن جرير (148/ 10) =

قال اللَّه تعالى: {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ} التوبة: 50. ¬

_ = قلت: رواية مجاهد هذه مرسلة لأن مجاهدا تابعى معروف، وهو لم يسمع من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وثانيا عبد اللَّه بن أبى نجيح وإن كان هو ثقة إلا أنه مدلس من الطبقة الثالثة ذكره الحافظ ابن حجر فى طبقات المدلسين ص 13 وأورد ابن جرير الطبرى تحت هذه الآية آثارا أخرى وهي ليست متصلة بل بعضها مراسيل، ضعاف لم تقم بها حجة اللهم إلا إذا كانت كلها بطرقها المختلفة يقوى بعضها بعضا فحينئذ يكون لمرسل مجاهد المذكور أصل فهذا قد يكون له نظر صالح. ولكن لم تصلح هذه كلها فى أسباب النزول. انظر أسباب النزول للواحدى ص 166 وسيرة ابن هشام (160/ 4) وتفسير القرطبى (158/ 8) وزاد المسير لابن الجوزى (449/ 3) وقال ابن كثير (362/ 2): روى عن ابن عباس ومجاهد وغير واحد أنها نزلت فى الجد بن قيس انظر (الإصابة 230/ 1). قال الحافظ: وقال أبو عمرو: فى آخر ترجمته يقال أنه تاب وحسنت توبته ومات فى خلافة عمان انظر الدر المنثور للسيوطى (247/ 3) وفتح القدير للشوكانى (351/ 2) وأسد الغابة لابن الأثير (274/ 1) والإستيعاب لابن عبد البر (266/ 1) والبداية والنهاية لابن كثير (3/ 5) والطبقات الكبرى لابن سعد (100/ 2) ومجمع الزوائد للحافظ الهيثمى (30/ 7) ولباب النقول للسيوطى ص 117 وتجريد أسماء الصحابة للذهبى (80/ 1) قال الذهبى: ويقال: فيه نزلت (ومنهم من يقول ائذن لى الآية). قلت: لا أستطع أن أجزم بصحة الآثار التى تعين الجد بن قيس المذكور لكونها ضعيفة، واللَّه تعالى أعلم بالصواب. انظر جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص 511.

قال ابن جرير: يقول اللَّه تعالى لنبيه محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا محمد إن يصبك سرور بفتح اللَّه عليك أرض الروم فى غزاتك هذه يسوء الجد بن قيس ونظراءه وأشباههم من المنافقين. وإن تصبك مصيبة بفلول جيشك فيها، يقول الجد ونظراءه: قد أخذنا أمرنا من قبل: الى قد أخذنا حذرنا بتخلفنا عن محمد، وترك أتباعه الى عدوه {مِنْ قَبْلُ} يقول: من قبل أن تصيبه هذه المصيبة. {وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ}: يقول: ويرتدوا عن محمد وهم فرحون بما أصاب محمدا وأصحابه من المصيبة، بفلول أصحابه، وانهزامهم عنه، وقتل من قتل منهم. ثم ساق إسنادا الى ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه بقول: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ} يقول: إن تصبك فى سفرك هذا لغزوة تبوك حسنة، تسوءهم قال: الجد وأصحابه (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (149 - 150/ 103). قال السيوطى فى الدر المنثور (249/ 3): أخرج سنيد وابن جرير عن ابن عباس فى قوله تعالى: {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ} الآية ثم ذكر النص المذكور. قلت: رواية ابن عباس هذه منقطعة لأن ابن جريج لم يلق ابن عباس رضي اللَّه عنه انظر ترجمة عبد الملك بن عبد العزيز ابن جريج فى تهذيب التهذيب (402/ 6) وطبقات المدلسين للحافظ ابن حجر ص 14 قال الحافظ: قال الدارقطنى: شر التدليس تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح. =

قال اللَّه تعالى: {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ} التوبة: 86. قال أبو جعفر: يقول اللَّه تعالى ذكره: وإذا أنزل عليك يا محمد سورة من القرآن، بأن يقال لهؤلاء المنافقين {آمِنُوا بِاللَّهِ} يقول: صدقوا باللَّه: {وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ} يقول: اغزوا المشركين مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- {اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ} يقول: استأذنك ذو الغنى والمال منهم فى التخلف عنك، ¬

_ = قلت: ذكره الحافظ فى طبقاته فى الطبقة الثالثة. انظر تفسير ابن كثير مع البغوى (181/ 4) ولباب النقول فى أسباب النزول للسيوطى ص 117 - 118 وتفسير زاد المسير لابن الجوزى (450/ 3) وفتح القدير للشوكانى (353/ 2) وتفسير القرطبى (159/ 8) وظلال القرآن للسيد قطب (72 - 73/ 10) وتفسير الخازن (316/ 2). قال الألوسى فى روح المعانى: (114 - 156/ 10) تحت هذه الآية أخرج ابن أبى حاتم عن جابر بن عبد اللَّه قال: جعل المنافقون الذين تخلفوا فى المدينة يخبرون عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أخبار السوء يقولون: أن محمدا وأصحابه قد جهدوا فى سفرهم وهلكوا فبلغهم تكذيب حديثهم وعافية النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه فأنزل اللَّه تعالى الآية فتأمل. انظر تفسير الزمخشرى (556/ 1) والبحر المحيط لأبى حيان (51/ 5) إذ يقول: الحسنة يوم بدر والسيئة يوم أحد ونسب ذلك الى ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه. قلت: أما من حيث الاسناد فلا وأما من حيث الواقع فقد يكون صحيحا والآية عامة فى كل شيء، واللَّه أعلم.

والقعود فى أهله وقالوا: {ذَرْنَا} يقول: وقالوا لك: دعنا نكن ممن يقعد فى منزله مع ضعفاء الناس ومرضاهم، ومن لا يقدر على الخروج معك فى السفر (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (207/ 10). قال الإمام ابن كثير فى تفسيره (221/ 4) مع تفسير البغوى: يذم اللَّه تعالى وينكر على المتخلفين عن الجهاد الناكلين عنه مع القدرة عليه ووجود السعة والطول واستأذنوا الرسول فى القعود عن الغزوة. . . إلخ. وقال القرطبى فى تفسيره (223/ 8): انتدب المؤمنون الى الإجابة وتعلل المنافقون: فالأمر للمؤمنين باستدامة الإيمان وللمنافقين بإبتداء الإيمان {وان} فى موضع النصب أى بأن آمنوا إلخ وقال: ابن الجوزى فى زاد المسير (481 - 482/ 3) قوله تعالى {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ} هذا عام فى كل سورة وقال مقاتل: المراد بها سورة (البراء) وقوله تعالى: {أَنْ آمِنُوا} أى: بأن آمنوا وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: استدعوا الإيمان والثانى: افعلوا فعل من آمن. والثالث: آمنوا بقلوبكم كما آمنتم بألسنتكم، فعلى هذا يكون الخطاب للمنافقين. قلت: قول ابن الجوزى وجيه عندى لأنه خبر عام عن المنافقين فى حال نزول الوحي على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وما يطرأ عليم من الخوف والاضطراب وليس هذا عند نزول البراءة فقط وإنما عند نزول الوحي مطلقا. * * *

قال أبو جعفر: حدثنا علي بن داود، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثنى معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: {اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ} قال: يعنى أهل الغنى (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (207/ 10). قلت: إن فى هذا الاسناد انقطاعا بين على بن أبى طلحة وبين ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه ولو لم يكن هنا انقطاع لكان الأثر حسن الاسناد واللَّه تعالى أعلم وقد أشار إليه السيوطى فى الدر المنثور (366/ 3) بقوله أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس فى قوله أولوا الطول قال: أهل الغنى. انظر تفسير القرطبى (223/ 8) وزاد المسير لابن الجوزى (482/ 3) وتفسير البغوى مع ابن كثير (221/ 4). وروح المعانى للألوسى (156/ 10) وفتح البيان للسيد صديق حسن خان القنوجى (174/ 4) وفتح القدير للشوكانى (371 - 372/ 2) والبحر المحيط لأبى حيان (72/ 5). وقال السيد قطب فى ظلال القرآن (105/ 10) مشيرا الى رواية ابن عباس: أهل الغنى والسعة الذين يملكون وسائل الجهاد والبذل. جاءوا ليتقدموا الصفوف كما تقتضيهم المقدرة التى وهبها اللَّه لهم، وشكر النعمة التى أعطاها اللَّه إياهم ولا ليتخاذلوا ويعتذروا ويطلبوا أن يقعدوا مع النساء لا يذودون عن حرمة ولا يدفعون عن سكن، دون أن يستشعروا ما فى هذه القعدة الذليلة من صغار وهوان، ما دام فيها السلامة، وطلاب السلامة يحسون بالعار، فالسلامة هدف الراضين بالدون إلخ. قلت: ألقى نظرة عابرة على العالم الإسلامى فوجده عالة على العالم الغربى أو الشرقى، وليس له استقلال ذاتى حتى يتمكن من أداء رسالته التى انيطت إليه منذ أول يوم طلعت فيه شمس الحرية الحقيقة.

قال اللَّه تعالى: {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} التوبة: 90. قال أبو جعفر: يقول اللَّه تعالى ذكره: {وَجَاءَ} رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- {الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ} فى التخلف {وَقَعَدَ} عن المجئ الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والجهاد معه {الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} وقالوا: الكذب، واعتذروا بالباطل، فيهم يقول تعالى: {سيصيب الذين جحدوا توحيد اللَّه ونبوة نبيه محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- منهم عذاب أليم} فإن قال قائل: فكيف قيل: {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ} وقد علمت أن المعذر فى كلام العرب، إنما هو الذى يعذر فى الأمر، فلا يبالغ فيه، ولا يحكمه، وليست هذه صفة هؤلاء، وإنما صفتهم أنهم كانوا قد اجتهدوا فى طلب ما ينهضون به مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الى عدوهم، حرصوا على ذلك، فلم يجدوا إليه السبيل، فهم بأن يوصفوا بأنهم قد اعتذروا أولى وأحق منهم بأن يوصفوا بأنهم عذروا، إذا وصفوا بذلك فالصواب فى ذلك من القراءة ما قرأه ابن عباس، وذلك ما حدثناه المثنى، قال: ثنا إسحاق (¬1)، قال ثنا ابن أبى حماد (¬2)، قال: ¬

_ (¬1) إسحاق هذا لم أجد له ترجمة فى المراجع التى بين يدى. (¬2) ابن أبى حماد أيضا غير موجود فى كتب التراجم التى بين يدى ولعله هو ابن أبى حميد واسمه محمد ابن أبى حميد بن إبراهيم الأنصارى الزرقى أبو إبراهيم، المدنى لقبه حماد، ضعيف من السابعة / ت. ق انظر التقريب (156/ 2).

ثنا بشر بن عمار (¬1) عن أبى روق (¬2) عن الضحاك (¬3) قال: كان ابن عباس يقرأ {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ} مخففة، ويقول: هم أهل العذر مع موافقة مجاهد إياه وغيره عليه. وقيل أن معناه على غير ذلك ما ذهب إليه، وأن معناه: وجاء المعتذرون من الأعراب، ولكن التاء لما جاورت الذال، ادغمت فيها، فصيرتا ذالا مشددة لتقارب مخرج إحداهما من الأخرى، كما قيل {يذكرون} فى يتذكرون، ويذكر فى يتذكر (¬4). ¬

_ (¬1) بشر بن عمار، هو بشر بن عمار الخثعمى المكتب الكوفى روى عن أبى روق ومن عطية بن الحارث الهمدانى ضعيف من السابعة انظر تهذيب الكمال للمزى (154/ 1) وتقريب التهذيب لابن حجر (100/ 1). (¬2) أبو روق: هو عطية بن الحارث الهمدانى صدوق من الخامسة/ د س ق انظر التهذيب (224/ 7). (¬3) الضحاك، هو الضحاك بن مزاحم الهلالى، أبو القاسم، أو أبو محمد الخراسانى، صدوق كثير الإرسال من الخامسة مات بعد المائة/ عم التقريب (373/ 1). (¬4) تفسير ابن جرير الطبرى (218/ 10). قال المزى: فى ترجمته فى تهذيب الكمال: (620/ 3) وقيل: لم يثبت له سماع من أحد الصحابة وذكر ممن روى عنهم عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما قال البغوى فى تفسير (222/ 4) مع ابن كثير تحت قوله تعالى {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ} الآية: قرأ يعقوب ومجاهد المعذرون بالتخفيف وهم البالغون فى العذر، يقال فى المثل: لقد أعذر من أنذر أى بالغ فى العذر من قدم النذارة. وقال الآخرون: المعذرون ادغمت التاء فى الذال ونقلت حركة التاء الى العين، وقال الضحاك: المعذرون هم رهط عامر بن الطفيل. انظر تفسير القرطبى (224 - 225/ 8) فإنه استوفى الكلام على هذه القراءة. انظر تفسير فتح البيان لصديق حسن خان =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = (175 - 176/ 4) والتفسير الكبير للرازى (158/ 16) وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى (82/ 2) والكشاف للزمخشرى (564/ 1) والبحر المحيط لأبى حيان (83 - 84/ 5) قال الشوكانى فى فتح القدير (372 - 373/ 2) قرأ الأعرج والضحاك المعذرون بالتخفيف من أعذر، رواها أبو كريب عن أبى بكر عن عاصم. ورواها أصحاب القراءات عن ابن عباس ثم يقول الشوكانى: قال فى الصحاح: وكان ابن عباس يقرأ {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ} مخففة من أعذر ويقول: واللَّه هكذا أنزلت. قال النحاس: إلا أن مدارها على الكلبي. قلت: هو محمد بن السائب الكلبى وهو متهم بالكذب ومنكر الحديث. ولا تقوم به الحجة واللَّه تعالى أعلم. انظر تفسير القاسمى (3230/ 8). * * *

الفصل الثامن والعشرون فيما نزل من القرآن فى أوصاف المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، وغيرهم

الفصل الثامن والعشرون فيما نزل من القرآن فى أوصاف المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، وغيرهم قال اللَّه تعالى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} التوبة: 124. قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: {وإذا أنزل اللَّه سورة من سور القرآن على نبيه محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، فمن هؤلاء المنافقين الذين ذكرهم فى هذه السورة، من يقول: أيها الناس أيكم زادته هذه السورة إيمانا؟ يقول: تصديقا باللَّه وآياته، يقول اللَّه: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا} من الذين قيل لهم ذلك {فَزَادَتْهُمْ} السورة التى أنزلت {إِيمَانًا وَهُمْ} يفرحون بما أعطاهم اللَّه من الإيمان واليقين. فإن قال قائل: أو ليس الإيمان فى كلام العرب: التصديق والإقرار؟ قيل: بلى. فإن قيل: فكيف زادتهم السورة تصديقا وإقرارا؟ قيل: زادتهم إيمانا حين نزلت، لأنهم قبل أن تنزل السورة لم يكن لزمهم فرض الإقرار بها والعمل بها بعينها إلا فى جلة إيمانهم بأن كل

ما جاءهم به نبيهم -صلى اللَّه عليه وسلم- من عند اللَّه فحق، فلما أنزل اللَّه السورة لزمهم فرض الإقرار بأنها بعينها من عند اللَّه، ووجب عليهم فرض الإيمان بما فيها من أحكام اللَّه وحدوده وفرائضه، فكان ذلك هو الزيادة التى زادهم نزول السورة حين نزلت، من الإيمان والتصديق بها (¬1). قال اللَّه تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ} التوبة: 125. ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (72/ 11). قلت: يصف الرب تعالى فى هذه الآية عباده المؤمنين الذين يزيد إيمانهم بنزول القرآن الكريم، قال ابن الجوزى فى زاد المسير (518 - 519/ 3): {فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا} هذا قول المنافقين بعضهم لبعض استهزوا بقول اللَّه تعالى {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} لأنهم إذا صدقوا بها وعملوا بما فيها، زادتهم إيمانا. وقال القرطبى فى تفسيره (298 - 299/ 8): {ما} صلة والمراد المنافقون (أيكم زادته هذه إيمانا} كتب الحسن الى عمر بن عبد العزيز أن للإيمان سننا، وفرائض من استكملها فقد استكمل الإيمان ومن لم يستكمل، لم يستكمل الإيمان، قال عمر بن عبد العزيز: فإن أعش فسأبينها لكم، وإن مت فما أنا على صحبتكم بحريص. ذكره البخارى فى الصحيح. وقال ابن المبارك: لم أجد بدا من أن أقول بزيادة الإيمان، وإلا رددت القرآن. قلت: هو كذلك وزيادة الإيمان ثابتة بنص الكتاب الكريم والسنة الصحيحة ولا يمكن ردها. انظر الجمان فى تشبيهات القرآن ص 360.

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} نفاق وشك فى دين اللَّه، فإن السورة التى أنزلت زادتهم رجسا الى رجسهم، وذلك أنهم شكوا فى أنها من عند اللَّه، فلم يؤمنوا بها ولم يصدقوا، فكان ذلك زيادة شك حادثة، فى تنزيل اللَّه، لزمهم الإيمان به، عليهم، بل ارتابوا بذلك، فكان ذلك زيادة فتن من أفعالهم، الى ما سلف منهم نظيره من الفتن والنفاق، وذلك معنى قوله تعالى: {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا} يعنى هؤلاء المنافقين انهم هلكوا {وَهُمْ كَافِرُونَ}: يعنى وهم كافرون باللَّه وآياته (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (73/ 11). قلت: هذا وصف للمنافقين الذين يزيدهم اللَّه نفاقا وإرجافا فى قلوبهم عند نزول القرآن الكريم. قال ابن الجوزى فى زاد المسير (519/ 3): وفى المراد بالرجس ثلاثة أقوال: أحدها: الشك، قاله ابن عباس. والثانى: الإثم، قاله مقاتل، والثالث: الكفر، لأنهم كلما كفروا بسورة زاد كفرهم، قاله الزجاج. وقال القرطبى فى تفسيره (299/ 8): {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} أى شك وريب. ونفاق، وقد تقدم انظر تفسير القرطبى (197/ 1) {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} أى شكا الى شكهم كفرا الى كفرهم، وقال مقاتل: إثما الى إثمهم، والمعنى متقارب. وهكذا قال ابن كثير (273/ 4) مع البغوى، وقال الألوسى فى روح المعانى (51/ 11): أى نفاقا {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} أى نفاقا مضموما الى نفاقهم، فالزيادة متضمنة معنى الضم ولذا عديت بإلى، وقيل: إلى معنى مع ولا حاجة إليه. =

قال اللَّه تعالى: {أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ} التوبة: 126. قال أبو جعفر: اختلف القراء فى قراءة قوله {أَوَلَا يَرَوْنَ} فقرأته عامة قراء الأمصار {أولا يرون} بالياء، بمعنى أو لا يرى هؤلاء الذين فى قلوبهم مرض النفاق. وقرأ ذلك حمزة {أو لا ترون} بالتاء، بمعنى أو لا ترون أنتم أيها المؤمنون أنهم يفتنون. والصواب عندنا من القراءة فى ذلك: الياء على وجه التوبيخ من اللَّه لهم، لإجماع الحجة من قراء الأمصار عليه وحجة معناه. فتأويل الكلام إذن: أو لا يرى هؤلاء المنافقون أن اللَّه يختبرهم فى كل عام مرة أو مرتين، بمعنى أنه يختبرهم فى بعض الأعوام مرة، فى بعضها مرتين. ثم لا يتوبون يقول: ثم هم مع البلاء الذى يحل بهم من اللَّه والإختبار الذى ¬

_ = قلت: كل هذه الأقوال متقاربة لا فرق كبير بين هذه الأقوال قال الرازى فى التفسير الكبير (231 - 232/ 16): والمراد من الرجس، إما العقائد الفاسدة أو الأخلاق المذمومة، فإن كان الأول، كان المعنى أنهم مكذبين بالسور النازلة قبل ذلك والآن صاروا مكذبين بهذه السورة الجديدة فقد انضم كفر الى كفر، وإن كان الثانى كان المراد أنهم كانوا فى الحسد والعداوة، واستنباط وجوه المكر، والكيد والآن ازدادت تلك الأخلاق الذميمة بسبب نزول هذه السورة الجديدة. قلت: قد يكون المراد كلا الأمرين أو أكثر واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

يعرض لهم، لا ينيبون من نفاقهم، ولا يتوبون من كفرهم، وهم لا يتذكرون بما يرون من حجج اللَّه، ويعاينون من آياته، ليتعظوا بها، ولكنهم مصرون على نفاقهم (¬1). قال أبو جعفر: واختلف أهل التأويل فى معنى الفتنة التى ذكر اللَّه فى هذا الموضع ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (73/ 11). قال ابن الجوزى فى زاد المسير (519 - 520/ 3) وفى معنى (يفتنون) ثمانية أقوال: أحدها: يكذبون كذبة أو كذبتين يضلون بها، قاله حذيفة بن اليمان. والثانى: ينافقون ثم يؤمنون ثم ينافقون، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثالث: يبتلون بالغزو فى سبيل اللَّه، قاله الحسن، وقتادة. والرابع: يفتنون بالسنة، والجوع، قاله مجاهد. والخامس: بالأوجاع والأمراض، قاله عطية العوفى. والسادس: ينقضون عهدهم مرة أو مرتين، قاله يمان. والسابع: يكفرون باللَّه وبرسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما أخبرهم، قاله مقاتل بن سليمان. والثامن: يفضحون، بإظهار نفاقهم، قاله مقاتل بن حيان. قلت: كل هذه الأقوال أشار إليها السيوطى فى الدر المنثور (293/ 3) ولم يصح منها أى شيء من حيث الاسناد وأما من حيث الواقع فهو صحيح وقد تكون الفتنة المشار إليها فى القرآن كل هذه الأشياء المذكورة واللَّه تعالى أعلم انظر ابن كثير مع البغوى (273 - 274/ 4) والقرطبى (299 - 300/ 8).

أن هؤلاء المنافقين يفتنون بها، فقال بعضهم: ذلك اختبار اللَّه إياهم بالقحط والشدة. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع (¬1)، ثنا ابن نمير (¬2)، عن ورقاء، عن ابن أبى نجيح (¬3) عن مجاهد {أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ} قال: بالسنة والجوع (¬4). ¬

_ (¬1) ابن وكيع هو سفيان بن وكيع بن الجراح، أبو محمد الرؤاسى الكوفى، كان صدوقا، إلا أنه ابتلى بوراقة، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح فلم يقبل، فسقط حديثه، من العاشرة/ ت - ق انظر التقريب (312/ 1). (¬2) أما ابن نمير فهو عبد اللَّه بن نمير، بنون، مصغرا، الهمدانى، أبو هشام الكوفى ثقة، صاحب حديث، من أهل السنة، من كبار التاسعة مات 199 وله أربع وثمانون سنة/ ع انظر التقريب (457/ 1). (¬3) أما ابن أبى نجيح فهو عبد اللَّه بن أبى نجيح، يسار المكى، أبو يسار الثقفى مولاهم، ثقة رمى بالقدر، وربما دلس، من السادسة، مات 131 أو بعدها/ ع انظر التقريب (456/ 1). (¬4) انظر تفسير ابن جرير الطبرى (73/ 11). قلت: هذا الأثر مقطوع، من كلام مجاهد بن جبير المكى، وفى إسناده ضعف لأن فيه سفيان بن وكيع وهو ساقط الحديث إلا أن الأثر الآتى بإسناد صحيح يؤيده. انظر الدر المنثور للسيوطى (293/ 3) إذ قال السيوطى: أخرج ابن أبى شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبى حاتم، وأبو الشيخ عن مجاهد، ثم ذكر الأثر انظر فتح القدير للشوكانى (398 - 399/ 2). والقرطبى (299/ 8) والبغوى مع ابن كثير (274/ 4). وفتح البيان للسيد صديق حسن خان =

قال أبو جعفر: حدثنى محمد بن عمرو (¬1)، قال: ثنا أبو عاصم (¬2)، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، فى قول اللَّه تعالى {يُفْتَنُونَ} قال: يبتلون {فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ} قال: بالسنة والجوع (¬3). ¬

_ = (221 - 222/ 4). والقاسمى فى تفسيره (3302 - 3303/ 8). والكشاف للزمخشرى (577/ 1). والبحر المحيط لأبى حيان (116 - 117/ 5) وقال الألوسى فى روح المعانى (51/ 11): الفتنة هنا بمعنى البلية والعذاب، وقيل: بمعنى الإختبار، والمعنى أو لا يرون أنهم يختبرون بالجهاد مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيعاينون ما ينزل عليه من الآيات، لاسيما الآيات الناعية عليهم قبائحهم. ثم ذكر أثر مجاهد. إلا أنه رجح العموم. قلت: والعموم أولى لأن العبرة بعموم اللفظ واللَّه أعلم. (¬1) محمد بن عمرو فهو محمد بن عمرو بن العباس. أبو بكر الباهلي البصرى ثقة انظر تاريخ بغداد (127/ 3) وذكر الخطيب وفاته سنة 243 هـ. (¬2) أبو عاصم، هو الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيبانى، أبو عاصم النبيل، البصرى، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة 212 هـ أو بعدها/ ع / انظر التقريب (273/ 1). (¬3) انظر تفسير ابن جرير الطبرى (74/ 11) والدر المنثور (293/ 3) وزاد المسير لابن الجوزى (519/ 3) والقرطبى فى تفسيره (299/ 8) وفتح البيان للسيد صديق حسن خان (220/ 4). والكشاف للزمخشرى (573/ 1) والبحر المحيط لأبى حيان (116 - 117/ 5). قلت هذا الأثر مقطوع من كلام مجاهد بن جبر المكى رضي اللَّه تعالى عنه بصحيح الاسناد وقد تكون السنة والجموع من جملة الفتن التى افتتن بها هؤلاء المنافقون. وأخرج ابن جرير الطبرى =

قال أبو جعفر: وقال آخرون: بل معناه: إنهم يختبرون بالغزو والجهاد. وذكر من قال ذلك حدثنا بشر (¬1)، قال حدثنا يزيد (¬2) قال: ثنا سعيد (¬3)، عن قتادة قوله: {أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ} قال: يبتلون بالغزو فى سبيل اللَّه فى كل عام مرة أو مرتين (¬4). ¬

_ = فى تفسيره (74/ 11) هذا الأثر عن مجاهد بإسناد آخر وهو يقول: حدثنا المثنى، قال: ثنا شبل، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد ثم ذكر نحوه. قلت: رجال هذا الاسناد كلهم ثقات إلا المثنى فهو لم أجد له ترجمة. ثم قال أبو جعفر: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، ثم ذكر مثل ما ذكر عن طريق محمد بن عمرو، قلت: رجال هذا الاسناد كلهم ثقات إلا سنيد بن داود المصيصي فهو ضعيف انظر ترجمته (335/ 1) فى التقريب. (¬1) بشر هو بشر بن معاذ العقدى بفتح المهملة والقاف - أبو سهل البصرى الضرير، صدوق، من العاشرة، مات سنة بضع وأربعين ومائتين/ ت س - ق. انظر التقريب (101/ 1). (¬2) يزيد، وهو يزيد بن زريع، بتقديم الزاى، مصغرا، البصرى، أبو معاوية، ثقة، ثبت، من الثامنة، مات 182/ ع انظر التقريب (364/ 2). (¬3) أما سعيد فهو سعيد بن أبى عروبة، مهران: اليشكرى، مولاهم، أبو النضر البصرى ثقة حافظ، له تصانيف، لكنه كثير التدليس، واختلط، وكان من أثبت الناس فى قتادة، من السادسة مات سنة سبع وخمسين ومائة/ ع انظر التقريب (302/ 1). (¬4) تفسير ابن جرير الطبرى (74/ 11). =

قال أبو جعفر: وقال آخرون: بل معناه: أنهم يختبرون بما يشيع المشركون من الأكاذيب على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه. فيفتتن بذلك الذين فى قلوبهم مرض وذكر من قال ذلك. حدثنا أحمد بن إسحاق (¬1)، قال: ثنا ¬

_ = قلت: ذكره الحافظ فى طبقات المدلسين فى الطبقة الثانية ص 9 فإذن لا يضر تدليسه لأنه من الطبقة الثانية ولأن التدليس المضر يبدأ من الطبقة الثالثة فما فوق. انظر الدر المنثور فإنه أشار الى رواية قتادة هذه (293/ 3) قال أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبى حاتم، وأبو الشيخ عن قتادة ثم ذكر الأثر. قلت: الأثر هذا صحيح الاسناد، الى قتادة. وأخرج ابن جرير الطبرى فى تفسيره (74/ 11): أثرا آخر بهذا المعنى عن الحسن بقوله: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن مثله. قلت: إسناد هذا الأثر الى حسن البصرى صحيح. وإلى هذا الأثر أشار ابن كثير فى تفسيره (274/ 4) مع البغوى وابن الجوزى فى تفسيره (518/ 3) والألوسى فى روح المعانى (151/ 1). قلت: فلا مانع من أن تكون هذه الأشياء المذكورة كلها من الفتن التى افتتن بها المنافقون المتخلفون عن غزوة تبوك وغيرها. (¬1) أحمد بن إسحاق هو أحمد بن إسحاق بن عيسى الأهوازى، ينسب الى الأهواز: بفتح الألف وسكون الهاء، وهى بلدة خرب أكثرها وكان محلها -زمن ابن الأثير- يقال له: سوق الأهواز، البزار بالباء المفتوحة والزاى المشددة آخره، صاحب السلعة، أبو إسحاق صدوق, من الحادية عشرة، مات سنة 250 هـ / د انظر التقريب (11/ 1). * * *

أبو أحمد (¬1) قال: ثنا شريك (¬2)، عن جابر (¬3)، عن أبى الضحى (¬4)، عن حذيفة (¬5) قال: كان لهم فى كل عام كذبة أو كذبتان (¬6). ¬

_ (¬1) أبو أحمد هو محمد بن عبد اللَّه بن الزبير بن عمرو بن درهم الأسدى، أبو أحمد الزبيرى الكوفى، ثقة ثبت، إلا أنه يخطئ فى حديث الثورى، من التاسعة، مات 203/ ع انظر التقريب (176/ 2). (¬2) شريك هو شريك بن عبد اللَّه النخعى الكوفى، القاضى بواسط، ثم الكوفة، أبو عبد اللَّه، صدوق، يخطئ كثيرا تغير حفظه منذ أن ولى القضاء بالكوفة، وكان عادلا فاضلا عابدا، شديدا على أهل البدع، من الثامنة، مات سنة 187 هـ / خت م - عم انظر التقريب (351/ 1). (¬3) جابر، هو جابر بن يزيد بن الحارث الجعفى، أبو عبد اللَّه الكوفى، ضعيف رافضى من الخامسة، مات سنة 127 هـ وقيل سنة 132 هـ / د ت س انظر التقريب (123/ 1). (¬4) أبو الضحى هو مسلم بن صبيح، بالتصغير، الهمدانى، أبو الضحى الكوفى، العطار مشهور بكنيته، ثقة، فاضل، من الرابعة، مات سنة مائة/ ع انظر التقريب (245/ 2). (¬5) حذيفة هو حذيفة بن اليمان، واسم اليمان، حسيل مصغرا، ويقال: حسل بكسر ثم سكون، العبسى، بالموحدة، حليف الأنصار، صحابي جليل من السابقين، صح فى مسلم عنه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعلمه بما كان، وما يكون الى أن تقوم الساعة، وأبوه صحابى أيضا، استشهد بأحد، ومات حذيفة فى أول خلافة على سنة 36/ ع انظر التقريب (156/ 1). (¬6) تفسير ابن جرير الطبرى: (74/ 11). قلت: هذا الخبر ضعيف لأن فيه جابر الجعفى وهو ضعيف والخبر قد أخرجه غير ابن جرير الطبرى ابن المنذر فى تفسيره وابن أبى حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه. انظر الدر المنثور للسيوطى (293/ 3) وزاد المسير لابن الجوزى (519/ 3) وابن كثير فى تفسيره (274/ 4) مع البغوى. =

قال اللَّه تعالى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} التوبة: 127. قال أبو جعفر: قال اللَّه تعالى ذكره: وإذا ما أنزلت سورة من القرآن فيها عيب هؤلاء المنافقين الذين وصف جل ثناءه صفتهم فى هذه الصورة، وهم عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، نظر بعضهم الى بعض، فتناظروا: هل يراكم من أحد إن تكلمتم أو تناجيتم بمعايب القوم يخبرهم به، ثم قاموا فانصرفوا من عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يستمعوا قراءة السورة التى فيها معايبهم، ثم ابتدأ جل ثناءه قوله {صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} فقال: صرف اللَّه عن الخير، ¬

_ = ثم قال ابن جرير: وأولى الأقوال فى ذلك بالصحة: أن يقال: إن اللَّه عجب عباده المؤمنين من هؤلاء المنافقين، ووبخ المنافقين فى أنفسهم بقلة تذكرهم وسوء تنبههم لمواعظ اللَّه تعالى يعظهم بها، وجائز أن تكون تلك المواعظ الشدائد التى ينزلها بهم من الجوع والقحط، وجائز أن يكون ما يريهم من نصرة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- على أهل الكفر به، ويرزقه من إظهار كلمته على كلمتهم، وجائز أن يكون ما يظهر للمسلمين من نفاقهم، وخبث سرائرهم بركونهم الى ما يسمعون من أراجيف المشركين برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأصحابه ولا خبر يوجب صحة بعض ذلك دون بعض، من الوجه الذى يجب التسليم له، ولا قول فى ذلك أولى بالصواب من التسليم لظاهر قول اللَّه تعالى، وهو: {أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ} بما يكون زاجرا لهم، ثم لا ينزجرون ولا يتعظون.

والتوفيق، والإيمان باللَّه، ورسوله قلوب هؤلاء المنافقين، ذلك {بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} يقول: فعل اللَّه بهم هذا الخذلان، وصرف قلوبهم عن الخيرات، من أجل أنهم قوم لا يفقهون عن اللَّه مواعظه، استكبارا ونفاقا (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (75/ 11). قال القرطبى فى تفسيره (299 - 300/ 8): "ما" صلة، والمراد المنافقون، إذا حضروا الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يتلو القرآن وفيه فضيحتهم أو فضيحة أحد منهم جعل ينظر بعضهم الى بعض نظر الرعب على جهة التقرير. ثم قال القرطبى: {صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} دعاء عليهم، أى قولوا لهم هذا ويجوز أن يكون خبرا من صرفها عن الخير مجازاة على فعلهم، وهى كلمة يدعى بها. أخبر اللَّه تعالى فى هذه الآية أنه صارف القلوب، ومصرفها، وقالبها، ومقلبها ردًا على القدرية فى إعتقادهم، أن قلوب الخلق بأيديهم وجوارحهم بحكمهم، يتصرفون بمشيئتهم، ويحكمون بإرادتهم، واختيارهم، ولذلك قال مالك فيما روى عنه أشهب ما أبين هذا فى الرد على القدرية. انظر تفسير الآية فى زاد المسير لابن الجوزى (520/ 3) وابن كثير فى تفسيره (273 - 274/ 4) مع البغوى والسيوطى فى الدر المنثور (293/ 3) وروح المعانى للألوسى (51 - 52/ 11) والبحر المحيط لأبى حيان (117/ 5) والكشاف للزمخشرى (573/ 1) وفتح البيان للسيد صديق حسن خان (221 - 222/ 4) وتفسير القاسمي (3303 - 3304/ 8) وفتح القدير للشوكانى (398 - 400/ 2) وفى ظلال القرآن للسيد قطب (45 - 46/ 11) وغرر الفوائد ودرر القلائد (514/ 1) وبصائر ذوى التمييز (236 - 237/ 1). * * *

الفصل التاسع والعشرون فيما نزل من القرآن فى منافقى الأعراب الذين تخلفوا عن غزوة تبوك

الفصل التاسع والعشرون فيما نزل من القرآن فى منافقى الأعراب الذين تخلفوا عن غزوة تبوك قال اللَّه تعالى: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} التوبة: 97. قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: الأعراب أشد جحودا لتوحيد اللَّه، نفاقا من أهل الحضر فى القرى والأمصار، وإنما وصفهم جل ثناءه بذلك لجفائهم وقسوة قلوبهم، وقلة مشاهدتهم لأهل الخير، فهم لذلك أقسى قلوبا وأقل علما بحقوق اللَّه، وقوله: {وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} يقول: وأخلق أن لا يعلموا حدود ما أنزل اللَّه على رسوله، وذلك فيما قال قتادة: السنن (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (3/ 11). قال ابن الجوزى فى زاد المسير: (488/ 3) قال ابن عباس: فى أعاريب أسد وغطفان، وأعراب من حول المدينة، أخبر اللَّه أن كفرهم ونفاقهم أشد من كفر أهل المدينة، لأنهم أقسى وأجفى من أهل الحضر. =

قال اللَّه تعالى: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} التوبة: 98. ¬

_ = قال القرطبى فى تفسيره (231/ 8): فيه مسألتان: الأولى: لما ذكر عز وجل أحوال المنافقين بالمدينة ذكر من كان خارجا منها ونائيا عنها من الأعراب فقال: كفرهم أشد. قال قتادة: لأنهم أبعد عن معرفة السنن، وقل: لأنهم أقسى قلبا، وأجفى قولا وأغلظ طبعا وأبعد عن سماع التنزيل، ولذلك قال اللَّه تعالى فى حقهم: {وَأَجْدَرُ} أى أخلق. والثانية: ولما كان ذلك دل على نقصهم وحطهم عن المرتبة الكاملة عمن سواهم. قلت: وأخرج الإمام أحمد فى مسنده بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من سكن البادية جفا ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى السلطان افتتن". رواه أبو داود والترمذي والنسائي عن طريق سفيان الثورى، وقال الترمذى حسن غريب انظر تفسير ابن كثير مع البغوى (227/ 4). وقال الرازى فى التفسير الكبير (165/ 16). المراد بهذه الآية منافقوا الأعراب الذين إشتد كفرهم ونفاقهم. انظر التسهيل فى علوم التنزيل (83 - 84/ 2) وروح المعانى للألوسى (4 - 5/ 11) والبحر المحيط لأبى حيان (90/ 5) والكشاف للزمخشرى (565/ 1) وفتح البيان لصديق حسن خان (182 - 183/ 4) والقاسمى (3237 - 3239/ 8). وأسباب النزول للواحدى ص 174 وفتح القدير للشوكانى (376 - 377/ 2) والدر المنثور (268/ 3) واقتضاء الصراط ص 147 والصواعق المرسلة (165/ 2) انظر مسند الإمام أحمد (357/ 1)، وأبو داود فى كتاب الأضاحى، الباب رقم 24، والترمذي كتاب الفتن باب رقم 69، والنسائي فى كتاب الفتن باب رقم 24.

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ومن الأعراب من يعد نفقته التى ينفقها فى جهاد مشرك أو فى معونة مسلم، أو فى بعض ما ندب اللَّه إليه عباده، مغرما، يعنى غرما لزمه، لا يرجو له ثوابا، ولا يدفع به عن نفسه عقابا، {وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ} يقول: ينتظرون بكم الدوائر أن تدور بها الأيام والليالى، الى مكروه، ونفي محبوب، وغلبة عدو لكم، يقول اللَّه تعالى ذكره: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} يقول: جعل اللَّه دائرة السوء عليهم ونزول المكروه بهم، لا عليكم أيها المؤمنون، ولا بكم، واللَّه سميع لدعاء الداعين، عليم بتدبيرهم، وما هو بهم نازل من عقاب اللَّه، وما هم إليه صائرون من أليم عقابه (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (4/ 11). قال ابن الجوزى فى زاد المسير (488/ 3) تحت هذه الآية: إذا خرج فى الغزو، وقيل: ما يدفعه من الصدقة {مَغْرَمًا} لأنه لا يرجو له ثوابا. قال ابن قتيبة: المغرم: هو الغرم والخسر وقال ابن فارس: الغرم: ما يلزم اداؤه، والغرام: اللازم، وسمى الغريم لإلحاحه. وقال غيره: الغرم: إلتزام ما لا يلزم. إلخ. انظر تفسير القرطبى (234/ 8) وتفسير ابن كثير مع البغوى (227 - 228/ 4). والبحر المحيط لأبى حيان (90 - 91/ 5) وروح المعانى للألوسى (5 - 6/ 11) وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل (87 - 84/ 2) والتفسير الكبير للرازى (165 - 166/ 16) والكشاف للزمخشرى (565/ 1) وفتح البيان لصديق حسن خان (184 - 185/ 4) والقاسمى (3239 - 3240/ 8) وفتح القدير للشوكانى (337/ 2) والدر المنثور للسيوطى (269/ 3) وقال السيد قطب =

قال أبو جعفر: وبنحو الذى قلنا فى ذلك قال أهل التأويل ثم قال: حدثنى يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فى قول اللَّه {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ} قال: هؤلاء المنافقون من الأعراب الذين إنما ينفقون رياء، اتقاء أن يغزوا، أو يحاربوا، أو يقاتلوا ويرون نفقتهم مغرما، ألا تراه يقول {وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ}. ثم قال أبو جعفر: واختلفت القراء فى قراءة ذلك، فقرأه عامة قراء أهل المدينة والكوفة. {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} بفتح السين، بمعنى النعت للدائرة، وإن كانت الدائرة مضافة إليه، كقولهم: هو رجل السوء، وامرؤ الصدق، كأنه إذا فتح مصدر من قولهم: سوءته أسوءه سواء ومساءة ومسائية. وقرأ ذلك بعض أهل الحجاز وبعض البصريين {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} بضم السين، كأنه جعله اسما، كما يقال عليه دائرة البلاء ¬

_ = فى ظلال القرآن (12/ 11) تحت هذه الآية: وربما عجل بذكر المنافقين من الأعراب، قبل المؤمنين فيهم إلحاقا لهم بمنافقى المدينة الذين كان يتحدث عنهم فى نهاية المقطع السالف، وليتصل جو الحديث عن المنافقين من هؤلاء ومن هؤلاء. قلت: يريد السيد منافقى المدينة وغيرهم من الأعراب الذين اتحدوا على إطفاء نور النبوة ورسالة الإسلام وثبطوا المؤمنين عن لحوقهم بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك انظر الحسنة والسيئة لابن تيمية ص 171.

والعذاب، ومن قال {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} فضم، لم يقل هذا رجل السوء بالضم، والرجل السوء، ثم قال أبو جعفر: والصواب من القراءة فى ذلك عندنا بفتح السين، بمعنى: عليهم الدائرة التى تسوءهم سوءا، كما يقال هو رجل صدق، على وجه النعت (¬1). قال اللَّه تعالى: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} التوبة: 99. ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (4 - 5/ 11). قلت: أثر عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوى أثر معضل إلا إذا كان لهذا الأثر إسناد آخر متصل. وابن زيد هذا ضعيف قال الحافظ فى التقريب (480/ 1) ضعيف من الثامنة مات سنة 182/ ت - ق. انظر الدر المنثور للسيوطى (269/ 3) فإنه نسب إخراج هذا الأثر الى ابن أبى حاتم. وقال ابن الجوزى فى زاد المسير (488 - 489/ 3): فى قوله تعالى: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو بضم السين، وقرأ نافع، وعاصم وابن عامر، وحمزة، والكسائي: والسوء بفتح السين، انظر وجوه الأعراب وتوجيهها فى التفسير الكبير للرازى (165 - 166/ 16) وروح المعانى للألوسى (5 - 6/ 11). وانظر ما قال ابن حيان فى البحر المحيط (90 - 91/ 5) وفتح البيان للسيد صديق حسن خان (184 - 185/ 4). قلت: الصواب من القراءة ما رجحه ابن جرير الطبرى لأن فيه معنى النعت وهى أرجح أوجه القراءات واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

قال أبو جعفر مفسرا لهذه الآية: يقول تعالى ذكره: ومن الأعراب من يصدق اللَّه، ويقر لوحدانيته، وبالبعث بعد الموت والثواب والعقاب، وينوى بما ينفق من نفقة فى جهاد المشركين، وفى سفره مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- {قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ} القربات: جمع قربة، وهو ما قربه من رضا اللَّه ومحبته. {وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ} يعنى بذلك، يبتغى بنفقة ما ينفق مع طلب قربته من اللَّه دعاء الرسول واستغفاره له (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (5/ 11). قال ابن الجوزى فى زاد المسير (489/ 3). قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} قال ابن عباس: وهم من أسلم من الأعراب، مثل جهينة وأسلم، وغفار وفى قوله: {وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ} قولان: أحدهما: فى الجهاد. والثانى: فى الصدقة. فأما القربات، فجمع قربة، وهي: ما يقرب العبد من رضي اللَّه ومحبته. قال ابن كثير فى تفسيره (228/ 4) مع البغوى: هذا هو القسم الممدوح من الأعراب وهم الذين يتخذون ما ينفقون، فى سبيل اللَّه قربة يتقربون بها عند اللَّه، ويبتغون بذلك دعاء الرسول لهم {أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ} أى ألا إن ذلك حامل لهم {سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وقال الرازى فى تفسيره (168 - 171/ 16): المراد بصلوات الرسول: دعاءه لهم واستغفاره لأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يدعو للمتصدقين بالخير والبركة. ويستغفر لهم. كقوله "اللهم صل على آل أبى أوفى" وقال تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} فإذا كان ما ينفق سببا لحصول القربات والصلوات، ثم ذكر الرازى فى هذه الآية خمس مسائل تتعلق بالإنفاق فى سبيل اللَّه. انظر الكشاف للزمخشرى (91/ 5). =

{ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق قربات عند اللَّه وصلوات الرسول} قال: دعاء الرسول، قال: هذه ثنية اللَّه من الأعراب (¬1). قال اللَّه تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} التوبة: 101. قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ومن القوم الذين حول مدينتكم من الأعراب منافقون، من أهل مدينتكم أيضا أمثالكم أقوام منافقون، وقوله: {مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} يقول: مرنوا عليه ودربوا به، ومنه شيطان مارد ومريد: وهو الخبيث العاتى، ومنه قيل: تمرد فلان على ربه: أى عتا ومرد على معصيته واعتادها (¬2). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (5/ 11). قلت: هذا الأثر مقطوع من كلام قتادة بن دعامة السدوسى التابعى المعروف وإسناده صحيح. قال السيوطى فى الدر المنثور (269/ 3): أخرج ابن المنذر وابن أبى حاتم، وأبو الشيخ عن قتادة فى قوله تعالى ومن الأعراب من يؤمن باللَّه ثم ذكر الأثر. . قلت: وإلى هذا الأثر أشار ابن الجوزى فى زاد المسير (489/ 3) والسيد صديق حسن خان فى فتح البيان (185/ 4) انظر تفسير القرطبى (235/ 8) والتفسير الكبير للرازى (168/ 16) وهكذا قال ابن كثير فى تفسيره (228/ 4) مع البغوى: المراد بصلوات الرسول دعاؤه للمنفقين المتصدقين. (¬2) تفسير ابن جرير الطبرى (9/ 11). =

"قال أبو جعفر فى معنى صلوات الرسول": حدثنى المثنى، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثنى معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: {وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ} يعنى استغفار النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬1). قال أبو جعفر: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ¬

_ = قلت: لما ذكر اللَّه تعالى منافقى الأعراب ثنى بذكره جلا وعلا مؤمنى الأعراب الذين عكس المنافقين فى أعمالهم الصالحة. انظر تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ص 139. (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى 5/ 11. قلت: هذا الاسناد فيه انقطاع كما مر بكم لأن علي بن أبى طلحة لم يسمع من ابن عباس، وقد توفى ابن عباس سنة 68 وعلي بن أبى طلحة وفاته سنة 143 وترجمة المثنى لم أجد فى المراجع التى بين يدى وقال الشيخ محمود شاكر إنه المثنى بن إبراهيم الآملى. قلت: لم أجد له أيضا ترجمة فاللَّه تعالى أعلم: انظر الدر المنثور للسيوطى فإنه أشار الى هذه الرواية (269/ 3) أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبى حاتم، وابن مردويه، عن ابن عباس ثم ذكر الأثر. انظر زاد المسير لابن الجوزى (489/ 3) وتفسير القرطبى (235/ 8) وروح المعانى للألوسى (6/ 11) وفتح البيان للسيد صديق حسن خان (185/ 4) والبحر المحيط لأبى حيان (91/ 5) والكشاف للزمخشرى (565/ 1) وقال الكلبى فى كتاب التسهيل فى علوم التنزيل (83/ 2): المراد من صلاة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- دعواته واستغفاره وهو عطف على قربات أى يقصدون من نفقاتهم التقرب الى اللَّه، واغتنام دعاء الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-. انظر التفسير الكبير للرازى 168/ 16. قلت: إن هذا الأثر وإن كان ضعيفا سندا إلا أنه صحيح المعنى، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

قال أبو جعفر: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، فى قوله تعالى: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} قال: ¬

_ = قال ابن الجوزى فى زاد المسير (491/ 3): قوله تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ} قال ابن عباس: مزينة، وجهينة، وأسلم، وغفار، وأشجع، كان فيهم بعد إسلامهم منافقون. قال مقاتل: وكانت منازلهم حول المدينة. وقول اللَّه تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} قال ابن عباس: مرنوا عليه، وثبتوا، منهم عبد اللَّه بن أبيّ، وجد بن قيس، والجلاس ومتعب، ووحوح، وأبو عامر الراهب، وقال أبو عبيدة: عتوا ومرنوا عليه، وهو من قولهم: تمرد فلان، ومنه شيطان مريد. انظر تفسير الطبرى بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر (441 - 442/ 14) ومجمع الزوائد (33/ 7) والدر المنثور للسيوطى (269/ 3) وتفسير ابن كثير مع البغوى (230 - 232/ 4) وتفسير القرطبى (240 - 241/ 8) وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى (83 - 84/ 2) وروح المعانى للألوسى (10 - 11/ 11) والبحر المحيط لأبى حيان (93 - 94/ 5) والتفسير الكبير للرازى (172 - 173/ 16) والكشاف للزمخشرى (566/ 1) وقال فيه: المراد من قوله: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} قيل: هما القتل، وعذاب القبر، وقيل: الفضيحة، وعذاب القبر ثم ذكر عن ابن عباس رواية وفيها هذا المعنى واللَّه تعالى أعلم. وقال السيد صديق حسن خان فى فتح البيان (189/ 4) المراد بالمرتين فى الآية: عذاب فى الدنيا بالقتل والسبي وعذاب فى الآخرة بالنار: وقيل الفضيحة بإنكشاف نفاقهم والعذاب فى الآخرة، وقيل: المصائب فى أموالهم وأولادهم وعذاب القبر. قلت: لا مانع من أن يكون المراد هذا المذكور جميعا، واللَّه تعالى أعلم.

القتل والسباء (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (10/ 11). قلت: إن هذا الأثر مقطوع من كلام مجاهد بن جبر المكى وقد صح الاسناد إليه. انظر الدر المنثور للسيوطى (271/ 3) فإنه أشار الى أثر مجاهد نسب إخراجه الى ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم. قال ابن الجوزى فى زاد المسير (492 - 493/ 3): فى قوله تعالى: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} فيه عشرة أقوال: 1) أن العذاب الأول فى الدنيا، وهو فضيحتهم بالنفاق، والعذاب. 2) عذاب القبر، قاله ابن عباس، وعذاب فى الدنيا بإقامة الحدود عليهم. 3) إن أحد العذابين: الزكاة التى تؤخذ عنهم، والآخر: الجهاد الذى يؤمرون به. قاله الحسن. قلت: هذا غير وجيه واللَّه تعالى أعلم. 4) الجوع، وعذاب القبر، رواه شبل عن ابن نجيح عن مجاهد، وبه قال أبو مالك. 5) الجوع - والقتل رواه سفيان عن ابن أبى نجيح عن مجاهد، وبه قال ابن قتيبة: 6) قال أيضا: القتل، والأسر. 7) أنهم عذبوا بالجوع مرتين، رواه خصيف عن مجاهد. 8) أن عذابهم فى الدنيا بالمصائب فى الأموال، والأولاد، وفى الآخرة بالنار قاله ابن زيد: 9) أن الأول: عند الموت، تضرب الملائكة وجوههم، وأدبارهم، والثانى: فى القبر بمنكر ونكير، قاله مقاتل بن سليمان. 10) أن الأول بالسيف، والثانى عند الموت، قاله مقاتل بن حيان. انظر تفسير القرطبى (241/ 8) وفتح البيان للسيد صديق حسن خان (179 - 190/ 4) والتفسير لابن كثير مع البغوى (231/ 4). قلت: قد يكون هناك أنواع العذاب فى الدنيا والآخرة وقد أريد كل هذه التى ذكرها المفسرون، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

قال أبو جعفر: وقال آخرون: معنى ذلك سنعذبهم عذابًا فى الدنيا، وعذابًا فى الآخرة. حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، ثنا سعيد، عن قتادة {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} عذاب الدنيا، وعذاب القبر، {ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} ذكر لنا أن نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أسر الى حذيفة باثنى عشر رجلا من المنافقين، فقال: ستة منهم، تكفيهم الديبلة {سراج من نار جهنم}، يآخذ فى كتف أحدهم، حتى يفضى الى صدره وستة يموتون موتا، ذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه كان إذا مات رجل يرى أنه منهم، نظر الى حذيفة، فإن صلى عليه، صلى عليه، وإلا تركه. وذكر لنا أن عمر قال لحذيفة: أنشدك اللَّه أمنهم أنا؟ قال: لا واللَّه، ولا أؤمن منها أحدا بعدك (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (10 - 11/ 11). قلت: إن هذا الأثر مرسل بإسناد صحيح الى قتادة. وقد أخرج مسلم فى صحيحه. بعض أجزاء هذا الأثر فى المنافقين انظر صحيح مسلم (122/ 8) وهذه الرواية أوردها ابن كثير فى تفسيره (232/ 4) مع البغوى وقال السيوطى فى الدر المنثور (271 - 272/ 3) أخرج ابن أبى حاتم وأبو الشيخ والبيهقى فى عذاب القبر عن قتادة ثم ذكر الأثر. انظر تفسير القرطبى (241/ 8) وفتح البيان (190 - 191/ 4) وروح المعانى للألوسى (11 - 12/ 11) فإنه عدد الروايات كلها وذكر رواية قتادة المذكورة عند ابن جرير الطبرى. قلت: يظهر لى واللَّه تعالى أعلم أن قول قتادة وجيه لأنه عام فى الدنيا والآخرة وهم عذبوا فى الدنيا بأنواع العذاب كما لا يخفى وسوف يعذبون بعذاب الآخرة بأنواعه المختلفة، وكذلك عذبوا فى القبر وهذا داخل فى عذاب الآخرة، واللَّه تعالى أعلم.

قال أبو جعفر: حدثنا محمد بن بشار (¬1)، ومحمد بن العلاء (¬2)، قالا: ثنا بدل بن المحبر (¬3)، قال: ثنا شعبة (¬4) عن قتادة {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} قال: عذابًا فى الدنيا، وعذابًا فى القبر (¬5). ¬

_ (¬1) أما محمد بن بشار، فهو محمد بن بشار بن عثمان العبدى، البصرى، أبو بكر، بندار، بضم الباء وفتحها وسكون النون، ثقة من العاشرة مات 252 وله بضع وثمانون/ ع انظر التقريب (147/ 2). (¬2) أما محمد بن العلاء، فهو محمد بن العلاء بن كريب الهمدانى، أبو كريب الكوفى مشهور بكنيته، ثقة، حافظ، من العاشرة، مات سبع وأربعين ومائتين وهو ابن سبع وثمانين سنة / ع انظر التقريب (197/ 2). (¬3) أما بدل بن المحبر، هو بدل -بفتحتين- ابن المحبر ينسب الى قبيلة بالمهملة ثم الموحدة، أبو المنير بوزن مطيع، التميمى البصرى، أصله من واسط ثقة، ثبت إلا فى حديثه عن زائدة، من التاسعة، مات بضع عشرة ومائتين خ عم انظر التقريب (94/ 1). (¬4) أما شعبة فهو شعبة بن الحجاج بن الورد العتكى مولاهم، أبو بسطام بكسر فسكون، الواسطى، ثم البصرى، ثقة، حافظ متقن، كان الثورى يقول: هو أمير المؤمنين فى الحديث، وهو أول من فتش بالعراق عن الرجال، وذب عن السنة، وكان عابدا من السابعة، مات سنة ستين ومائة/ ع انظر التقريب (351/ 1). (¬5) انظر تفسير ابن جرير الطبرى (2/ 11) قلت: هذا الأثر مقطوع من كلام قتادة رحمه اللَّه تعالى: وقد صح هذا الاسناد إليه انظر الدر المنثور للسيوطى (271/ 3). * * *

الفصل الثلاثون فيما نزل من القرآن فى أعذار المنافقين الواهية

الفصل الثلاثون فيما نزل من القرآن فى أعذار المنافقين الواهية قال اللَّه تعالى: {يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} التوبة: 94. قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يعتذر إليكم أيها المؤمنون باللَّه هؤلاء المتخلفون خلاف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، التاركون جهاد المشركين معكم من المنافقين، بالأباطيل والكذب، إذا رجعتم إليهم من سفركم وجهادكم، (قل) يا محمد: {لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ} يقول: لن نصدقكم على ما تقولون. {قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} يقول: قد أخبرنا اللَّه من أخباركم، وأعلمنا من أمركم ما قد علمنا به كذبكم. {وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} يقول: وسيرى اللَّه ورسوله فيما بعد عملكم أتتوبون من نفاقكم أم تقيمون عليه؟ {ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} يقول: ثم ترجعون بعد مماتكم الى عالم الغيب والشهادة، يعنى الذى يعلم السر والعلانية، الذى لا يخفى

عليه بواطن أمركم وظواهرها. {فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} فيجزكم بأعمالكم كلها سيئها وحسنها، فيجازيكم بها، الحسن منها بالحسن، والسئ، منها بالسئ (¬1). قال اللَّه تعالى: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} التوبة: 95. قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: سيحلف أيها المؤمنون باللَّه لكم هؤلاء المنافقون الذين فرحوا بمقعدهم خلاف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. إذا انصرفتم إليهم من غزوكم لتعرضوا عنهم، فلا تؤنبوهم. {فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ} يقول جل وعلا: ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (2/ 11). قلت: قال ابن كثير فى تفسيره: (225 - 226/ 4) مع البغوى تحت هذه الآية: أخبر اللَّه تعالى عن المنافقين بأنهم إذا رجعوا الى المدينة أنهم يعتذرون إليهم: {قل لن نؤمن لكم} أى لن نصدقكم إلخ. . . وقال البغوى: فى تفسيره (225/ 4) تحت هذه الآية: وروى أن المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، كانوا بضعة وثمانين نفرا، فلما رجع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الى المدينة جاءوا بالباطل. انظر تفسير القرطبى (230/ 8) قال ابن الجوزى فى زاد المسير (486/ 3) قال ابن عباس: نزلت فى المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك. انظر أسباب النزول للواحدى ص 174 وروح المعانى للألوسى (1 - 5/ 11) وفتح القدير للشوكانى (375 - 378/ 2).

للمؤمنين: فدعوا تأنيبهم، وخلوهم وما اختاروا لأنفسهم من الكفر والنفاق. {إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} يقول: إنهم رجس، ومأوهم جهنم، يقول: وإن مصيرهم الى النار، وهى مسكنهم الذى يأوونه فى الآخرة {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} يقول الرب جل وعلا: ثوابا بأعمالهم التى كانوا يعملونها فى الدنيا من معاصى اللَّه (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (2/ 11). قال ابن الجوزى فى تفسيره زاد المسير: (487/ 3) تحت هذه الآية قال مقاتل: حلف منهم بضعة وثمانون رجلا منهم جد بن قيس، ومتعب بن قشير وهكذا قال البغوى فى تفسيره (226/ 4): مع ابن كثير. وقال ابن كثير فى تفسيره (226/ 4) مع البغوى: ثم أخبر اللَّه تعالى عن المنافقين إنهم سيحلفون لكم معتذرين لتعرضوا عنهم فلا تؤنبوهم، فأعرضوا عنهم إحتقارا لهم وسخرية وإنهم رجس، أى خبث. نجس بواطنهم، وإعتقاداتهم ومأواهم فى آخرتهم جهنم. جزاء بما كانوا يكسبون. أى من الآثام والخطايا إلخ انظر الدر المنثور للسيوطى (268/ 3) والقرطبى فى تفسيره (230/ 8) والتفسير الكبير للرازى (163 - 268/ 3). والبحر المحيط لأبي حيان (89 - 90/ 5) والكشاف للزمخشرى (565 - 566/ 1) وفتح القدير للشوكانى (376 - 378/ 2) وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى (83/ 2) وروح المعانى للألوسى (3/ 11) وقال السيد قطب فى ظلال القرآن (9 - 10/ 11) لقد نبأ اللَّه علمه بنبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل عودته الى المدينة من غزوة تبوك وكشف له عما سيلقونه به ويلقون المؤمنين من المعاذير. . وهذه الآية استطراد فى النبأ وزيادة فيه. . قلت: الآية تخبر عن نواياهم الخبيثة وأعذارهم الكاذبة التى أعدوها لكى يخرجوا من معاتبة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- إياهم بعد رجوعه من تبوك.

قال أبو جعفر: وذكر أن هذه الآية، نزلت فى رجلين من المنافقين قالا ما حدثنا به محمد بن سعد، قال: ثنى أبى، قال: ثنا عمى: قال: ثنى أبى، قال عن أبيه عن ابن عباس، قوله: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا} .. الى {بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} وذلك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قيل له: ألا تغزوا بنى الأصفر، لعلك أن تصيب بنات عظيم الروم، فإنهم حسان؟ فقال رجلان: قد علمت يا رسول اللَّه أن النساء فتنة، فلا تفتنا بهن، فأذن لنا، فأذن لهما، فلما انطلقا، قال أحدهما: إن هو إلا شحمة لأول آكل، فسار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم ينزل عليه فى ذلك شيء، فلما كان ببعض الطريق نزل عليه وهو على بعض المياه {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ} ونزل عليه {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ}، ونزل عليه {إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} فسمع ذلك رجل ممن غزا مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأتاهم وهو خلفهم، فقال: أتعلمون أن قد نزل على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعدكم قرآن؟ قالوا: ما الذى سمعت؟ قال: ما أدرى، غير أنى سمعت أنه يقول: إنهم رجس، فقال رجل يدعى معشيا: واللَّه لوددت أنى أجلد مائة جلدة، وأنى لست معكم، فأتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: ما جاء بك؟ فقال: وجه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تسفعه الريح، وأنا فى الكن، فأنزل اللَّه عليه: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي}، {وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ} ونزل

عليه فى الرجل الذى قال: لوددت أنى أجلد مائة جلدة قول اللَّه تعالى {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ} فقال رجل مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لئن كان هؤلاء كما يقولون: ما فينا خير، فبلغ ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال له: أنت صاحب الكلمة التى سمعت؟ فقال: لا والذى أنزل عليك الكتاب، فأنزل اللَّه فيه {وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ} وأنزل اللَّه فيه {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (2 - 3/ 11). قلت: لا يصح هذا الاسناد لأنه مبنى على سلسلة الضعفاء، انظر الدر المنثور للسيوطى (268/ 3) فإنه أشار الى هذه الرواية ونسبها الى ابن جرير الطبرى وابن أبى حاتم، وأبى الشيخ، ورواية أخرى مماثلة عن السدى. وقال القرطبى فى تفسيره (231/ 8). وقال ابن عباس: أن لا تكلموهم. وفى الخبر أنه قال عليه الصلاة والسلام لما قدم من تبوك: ولا تجالسوهم ولا تكلموهم. {إِنَّهُمْ رِجْسٌ} أى عملهم رجس، والتقدير: إنهم ذو رجس، عملهم قبيح. قلت: وأى مانع من أن يكون هؤلاء المنافقون رجسا؟ ثم قال: {وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} أى منزلهم ومكانهم. انظر تفسير ابن كثير مع البغوى (226 - 227/ 4). قال أبو حيان فى البحر المحيط (89/ 5): قيل: إن هذه الآية من أول ما نزل فى شأن المنافقين فى غزوة تبوك، وكان قد اعتذر بعض المنافقين، ثم ذكر أبو حيان رواية ابن عباس التى أخرجها ابن جرير الطبرى عن طريق العوفى. وهى رواية ضعيفة واهية لا تقوم بها الحجة. انظر الكشاف =

قال أبو جعفر: حدثنى يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنى يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرنى عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك، أن عبد اللَّه بن كعب، قال: سمعت كعب بن مالك يقول: لما قدم رسول اللَّه من تبوك، جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المتخلفون، فطفقوا يعتذرون إليه، ويحلفون له، وكانوا بضعة وثمانين رجلا، فقبل منهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- علانيتهم، وبايعهم واستغفر لهم، ووكل سرائرهم الى اللَّه، وصدقت فى حديثى، فقال كعب: واللَّه ما أنعم اللَّه عليّ من نعمة قط بعد أن هدانى للإسلام، أعظم فى نفسى من صدقى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أن لا أكون كذبته، فأهلك كما هلك الذين كذبوا، إن اللَّه تعالى قال: للذين كذبوا حين أنزل الوحى، ما قال لأحد {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} ¬

_ = للزمخشرى فإنه أشار الى هذه الرواية فى تفسيره (565/ 1) وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى (83/ 2). وفتح القدير للشوكانى (367/ 2). والتفسير الكبير للرازى (164/ 16). انظر إتحاف المهرة فى أطراف الكتب العشرة لابن حجر (73/ 5)، فإنه استوعب جميع الروايات التى جاءت عن طريق عطية العوفى عن ابن عباس فى هذه المسانيد العشرة. قلت: وقد أخرج ابن اسحاق فى سيرته (168/ 4) بعض أجزاء هذه الرواية معلقا.

الى قوله تعالى {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} (¬1). قال اللَّه تعالى {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} التوبة: 96. قال أبو جعفر: يقول اللَّه تعالى ذكره: يحلف لكم أيها المؤمنون باللَّه، هؤلاء المنافقون اعتذارا بالباطل والكذب، {لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} يقول: فإن أنتم أيها المؤمنون رضيتم عنهم، قبلتم معذرتهم، إذ كنتم لا تعلمون صدقهم من كذبهم فإن رضاكم عنهم غير نافعهم عند اللَّه، لأن اللَّه يعلم من السرائر مما لا تعلمون. ومن خفى إعتقادهم ما تجهلون، وإنهم على الكفر باللَّه، ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (3/ 11). قلت: رجال هذا الاسناد كلهم ثقات إلا يونس بن بكير فإنه تكلم فيه من جهة حفظه قال الحافظ فى التقريب (384/ 2) يونس بن بكير بن واصل الشيبانى، أبو بكر الجمال الكوفى، يخطئ من التاسعة، مات 199/ خت - م د - ت ز ق. قلت: قال الذهبى فى الميزان (478/ 4). قلت: هو أوثق من الحمانى بكثير وقال ابن معين أنه ثقة إلا أنه مرجئ يتبع السلطان. قلت: هذا الحديث بهذا الاسناد فيه ضعف إلا أن المتن روى من طرق عديدة صحيحة أخرجها البخارى فى صحيحه ومسلم أيضا والإمام أحمد فى مسنده وكذا أبو بكر بن أبى شيبة فى مصنفه وقد مر تخريجه فى موضع آخر. انظر حديث كعب بن مالك وأصحابه فإنك =

يعنى أنهم الخارجون من الإيمان الى الكفر باللَّه، ومن الطاعة الى المعصية (¬1). ¬

_ = سترى تخريج هذا الحديث فى مواضع عديدة من الجامع الصحيح للبخارى رحمه اللَّه تعالى وتقطيع البخارى للحديث المذكور فى عدة مواضع تحت أبواب مختلفة. وهذا يدل على أنه من الفقهاء الكبار فى الإسلام رحمهم اللَّه تعالى. (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (3/ 11). قال ابن الجوزى فى زاد المسير (487/ 3) تحت هذه الآية: قال مقاتل: حلف عبد اللَّه ابن أبيّ للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لا أتخلف عنك، ولأكونن معك على عدوك، وطلب منه أن يرضى عنه، وحلف عبد اللَّه بن سعد بن أبى السرح لعمر بن الخطاب، وجعلوا يترضون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه قال لما قدم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من تبوك ثم قال: لا تجالسوهم ولا تكلموهم انظر الدر المنثور للسيوطى (268/ 3). وتفسير ابن كثير مع البغوى (226/ 4) والقرطبى فى تفسيره (231 - 232/ 8). وقال السيد صديق حسن خان فى فتح البيان (182/ 4): وإذا كان هذا هو ما يريده اللَّه سبحانه وتعالى من عدم الرضا، عن هؤلاء الفسقة العصاة، فينبغى لكم أيها المؤمنون أن لا تفعلوا خلاف ذلك، بل واجب عليكم أن لا ترضوا عنهم، على أن رضاكم عنهم لو وقع، لكان غير معتد به ولا مفيدا لهم. قلت: والمقصود من أخبار اللَّه سبحانه وتعالى بعدم رضاه عنهم هو نهى المؤمنين عن ذلك لأن الرضاء عمن لا يرضي اللَّه عنه مما لا يفعله مؤمن، ونكتة العدول من هذا الظاهر هو نفاقهم وكفرهم برب العالمين وبرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. انظر فى ظلال القرآن للسيد قطب (10/ 11). * * *

الفصل الحادى والثلاثون فى قصة أبى خيثمة ولحوقه برسول الله -صلى الله عليه وسلم- بغزوة تبوك

الفصل الحادى والثلاثون فى قصة أبى خيثمة ولحوقه برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بغزوة تبوك قال ابن اسحاق: ثم أن أبا خيثمة، رجع بعد أن سار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أياما الى أهله فى يوم حار، فوجد امرأتين له فى عريشين لهما فى حائط، قد رشت كل واحدة منهما عريشها، وبردت فيه ماءا، وهيأت له فيه طعاما. فلما دخل قام على باب العريش، فنظر الى امرأتيه وما صنعتا له، فقال: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى الضح، والريح، والحر، وأبو خيثمة فى ظل بارد، وطعام مهيأ، وامرأة حسناء فى ماله مقيم، ما هذا بالنصف؟ ثم قال: واللَّه لا أدخل عريش واحدة منكما، حتى ألحق برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، هيئا لى زادا، ففعلتا. ثم قدم ناضحه، فارتحله، ثم خرج فى طلب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، حتى أدركه حين نزل تبوك. وقد كان أدرك أبا خيثمة عمير بن وهب الجمحى فى الطريق، يطلب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فترافقا، حتى إذا دنوا من تبوك، قال أبو خيثمة لعمير بن وهب: إن لى ذنبا، فلا عليك أن تتخلف عنى، حتى آتي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ففعل، حتى إذا دنا من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو نازل بتبوك، قال الناس: هذا راكب على الطريق مقبل، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: كن أبا خيثمة فقالوا: يا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، هو واللَّه أبو خيثمة.

فلما أناخ، أقبل، فسلم على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أولى لك (دنوت من الهلكة) يا أبا خيثمة ثم أخبر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الخبر، فقال له رسول اللَّه خيرا، ودعا له بخير (¬1). ¬

_ (¬1) سيرة ابن هشام (163 - 164). قلت: لم أجد لهذه الرواية سندا عند ابن هشام لعله خذفه اختصارا وقال السيوطى فى الخصائص الكبرى (100/ 2): أخرج البيهقى من طريق ابن اسحاق قال: حدثنى عبد اللَّه بن أبى بكر بن حزم ثم ذكر القصة بكاملها. قلت: ليس هذا الص موجودا فى السنن الكبرى فيما أظن. والكتاب مبدد غر مفهرس. انظر الاكتفاء للكلاعى (379/ 2) والاثر مرسل كما علمت، لان فيه عبد اللَّه بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الانصارى المدنى، القاضى من الخامسة مات 135 هـ روى عن أبيه، وخالة أبيه عمرة بنت عبد الرحمن، وأنس. قلت: لو اتصل الاسناد بالصحابى، لكان الحديث حسن الاسناد لان فيه محمد بن اسحاق ابن يسار، صاحب المغازى وهو صدوق، وأما بعض القصة الذى ورد عند ابن هشام، وهو قوله كن أبا خيثمة فهو جزء صحيح، ورد باسناد صحيح عند الإمام أحمد فى مسنده (378 - 388/ 6) من حديث كعب ابن مالك رضي اللَّه تعالى عنه، إذ جاء فيه "فبيناهم كذلك اذا هم برجل يزول به السراب"، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: كن أبا خيثمة. فإذا هو أبو خيثمة: وهكذا أخرجه مسلم فى صحيحه فى كتاب التوبة من حديث كعب بن مالك (107/ 8) وفى الحديث عند مسلم زيادة عما فى مسند الإمام أحمد. إذ قال: فإذا هو أبو خيثمة الأنصارى، وهو الذى تصدق بصاع التمر، حين لمزه المنافقون. انتهى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وعند مسلم يصرح الزهري، بالسماع عن شيخه عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك، وبينما يصرح بالسماع عند الإمام أحمد فى مسنده، وبذلك ارتفع عنه شبهة التدليس، لأنه مدلس ذكره الحافظ فى طبقات المدلسين فى الطبقة الثالثة ص 15 وذكر هذه القصة، محمد بن عمر الواقدى فى مغازيه معلقة (998 - 999) مع زيادة يسيرة، إذ قال رحمه اللَّه تعالى: وكان أبو خيثمة يسمى عبد اللَّه بن خيثمة السالمي، فرجع بعد أن سار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عشرة أيام ثم ساق القصة بسياق طويل. انظر تاريخ الطبرى (368 - 369/ 2) والبداية والنهاية (7 - 8/ 5) وقال ابن كثير: وقد ذكر عروة بن الزبير، وموسى ابن عقبة قصة أبى خيثمة بنحو سياق محمد ابن إسحاق، وأبسط، وذكر أن خروجه عليه الصلاة والسلام الى تبوك، كان فى زمن الخريف -واللَّه أعلم. قلت: أما عروة فهو عروة بن الزبير بن العوام بن الخويلد الأسدى، أبو عبد اللَّه المدنى، ثقة فقيه، مشهور، من الثانية مات 94 على الصحيح ومولده فى أوائل خلافة عمر الفاروق، / ع انظر التقريب (19/ 2). أما موسى فهو موسى بن عقبة بن أبى عياش، بتحتانية، ومعجمة، الأسدى، مولى آل الزبير ثقة، فقيه، إمام فى المغازى من الخامسة، لم يصح أن ابن معين لينه. مات سنة 141 هـ وقيل بعد ذلك / ع انظر التقريب (286/ 2). ذكر قصة أبى خيثمة الإمام ابن القيم فى زاد المعاد (313) وابن سيد الناس فى عيون الأثر (217/ 2). وصاحب السمط النجوم العوالى (213/ 2). والامام ابن الأثير فى الكامل (278/ 2) وصاحب السيرة الحلبية (3/ 288). والشيخ الزرقاني على المواهب (74/ 3). وقال ذكره ابن إسحاق عن عبد اللَّه بن أبى بكر بن حزم مرسلا. قلت: ان هذه الرواية بهذا الاسناد مرسلة إلا بعض الالفاظ، فصحيحة متصلة واللَّه أعلم. انظر الكامل للمبرد (967 - 968/ 3) والاشتياق لأبى بكر محمد بن الحسن بن دريد ص 457.

الفصل الثانى والثلاثون فى قصة أبى ذر رضي الله تعالى عنه ومقالة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فى حقه بغزوة تبوك، وموته

الفصل الثانى والثلاثون فى قصة أبى ذر رضي اللَّه تعالى عنه ومقالة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فى حقه بغزوة تبوك، وموته قال ابن هشام: قال ابن إسحاق: ثم مضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سائرا، فجعل يتخلف عنه الرجل، فيقولون: يا رسول اللَّه، تخلف فلان، فيقول: "دعوه، فان يك فيه خير فسيلحقه اللَّه تعالى بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم اللَّه منه". وتلوم أبو ذر على بعيره، فلما أبطأ عليه، أخذ متاعه فحمله على ظهره، ثم خرج يتبع أثر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ماشيا. ونزل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى بعض منازله، فنظر ناظر من المسلمين فقال: يا رسول اللَّه، إن هذا الرجل يمشى على الطريق وحده، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كن أبا ذر". فلما تأمله القوم، قالوا: يا رسول اللَّه هو واللَّه أبو ذر، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رحم اللَّه أبا ذر، يمشى وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده". ثم قال ابن إسحاق: فحدثنى بريدة بن سفيان الاسلمى، عن محمد بن كعب القرظى، عن عبد اللَّه بن مسعود، قال: لما نفى عثمان أبا ذر الى الربذة، أصابه بها قدر، لم يكن معه أحد إلا امرأته وغلامه، فأوصاهما أن غسلانى وكفنانى ثم ضعانى على قارعة الطريق، فأول ركب يمر بكم فقولوا: هذا أبو ذر صاحب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأعينونا على دفنه، فلما مات فعلا ذلك به. ثم وضعاه على قارعة

الطريق، وأقبل عبد اللَّه بن مسعود فى رهط من أهل العراق معه عمار فلم يرعهم إلا بالجنازة على ظهر الطريق، قد كادت الابل تطؤها، وقام إليهم الغلام فقال: هذا أبو ذر صاحب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأعينونا على دفنه. فاستهل عبد اللَّه بن مسعود يبكى ويقول: صدق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، تمشى وحدك، وتموت وحدك، وتبعث وحدك، ثم نزل هو وأصحابه فواروه، ثم حدثهم عبد اللَّه حديثه وما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى مسيره الى تبوك (¬1). ¬

_ (¬1) سيرة ابن هشام (167/ 4). قلت: أخرجه ابن سعد فى الطبقات الكبرى (234 - 235/ 4) باسناده إذ يقول: أخبرنا أحمد ابن محمد بن أيوب، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن اسحاق، قال: حدثنى بريدة ابن سفيان الأسلمى، عن محمد بن كعب القرظى عن عبد اللَّه بن مسعود ثم ذكر الحديث. قلت: بريدة بن سفيان الاسلمى لا يحتج بحديثه، قال: الذهبي فى الميزان (306/ 1) قال البخارى: فيه نظر. قال أبو داود: لم يكن بذلك. وكان يتكلم فى عثمان. قال الدارقطني: متروك. وقيل: كان يشرب الخمر، وهو مقل، وقد أخرج هذا الحديث الحاكم فى المستدرك (50/ 3) وصححه ووافقه الذهبي فى التلخيص والواقدى فى مغازيه (1000/ 3) معلقًا، ومحمد ابن جرير الطبرى فى تاريخه (371/ 2) بهذا الاسناد، وابن عبد البر فى الدرر معلقا ص 236. والامام ابن كثير فى البداية والنهاية (8 - 9/ 5) والشيخ عبد الملك العصامى فى سمط النجوم العوالى (213/ 2) والشيخ حسين محمد الديار بكرى فى تاريخ الخميس (141/ 2) والعلامة نور الدين الحلبى فى السيرة الحلبية (290/ 3) وأشار الى تخلف أبى ذر فى غزوة تبوك محمد بن سعد فى الطبقات (166/ 2) الإمام ابن الأثير فى الكامل (280/ 2) ابن حزم فى جوامع السيرة ص 252 - 255 وابن سيد الناس فى عيون الأثر باسناد محمد بن إسحاق (219/ 2) =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = والشيخ عبد الباقى الزرقانى على المواهب اللدنية للقسطلانى (84/ 3) والسهيلى فى الروض الأنف وعزاها الى ابن إسحاق (217 - 218/ 2) والامام ابن القيم فى زاد المعاد وعزاها الى ابن اسحاق (4 - 5/ 3) وقال الإمام ابن القيم فى نهاية القصة: وفى هذه القصة نظر وقال الحافظ فى الإصابة (65/ 4): وفى السيرة النبوية لابن إسحاق بسند ضعيف عن ابن مسعود ثم ذكر الحديث. ثم قال الحافظ وكانت وفاته بالربذة سنة احدى وثلاثين، وقيل التى بعدها، وعليه الأكثر، ويقال: أنه صلى عليه عبد اللَّه بن مسعود. وفى قصة رويت بسند لا بأس به، وقال المدائنى: أنه صلى عليه ابن مسعود بالربذة ثم قدم المدينة، فمات بعده بقليل. قلت: لم يصح هذا الاسناد وسوف يأتى الحديث الذى أخرجه ابن حبان والحاكم ومحمد بن سعد فى الطبقات الكبرى فى موت أبى ذر (234 - 238/ 1) وأحمد بن عبد اللَّه الاصبهانى فى الحلية باسناده عن محمد بن إسحاق (169/ 1) وكذا ابن عبد البر فى الاستيعاب (252 - 254/ 1) بصيغة التمريض. وذكر الحديث الإمام ابن الأثير فى أسد الغابة باسناده عن محمد بن إسحاق عن بريدة بن. سفيان الأسلمى (187 - 188/ 5). قلت: اسناد هذا الحديث ضعيف جدا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب. انظر تخرج الحافظ للكشاف (319/ 2) إذ نسب إخراج هذا الحديث الى ابن إسحاق فى المغازى، والحاكم فى المستدرك، والبيهقى فى الدلائل، ثم سكت ولم يبين درجة الحديث. انظر كتاب دول الاسلام للذهبى (14/ 1) ومواسم الأدب وآثار العجم (70/ 2) انظر الانساب للبلاذرى (52 - 56/ 5) انظر: الاشارة الى سيرة المصطفى لمغلطاى ص 84، ومزيل الاشتباه فى أسماء الصحابة ص 120.

قال محمد بن سعد: أخبرنا عفان بن مسلم (¬1)، حدثنا وهيب بن خالد (¬2)، قال: حدثنا عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم (¬3)، عن مجاهد (¬4)، عن إبراهيم، يعنى ابن الاشتر (¬5) أن أبا ذر حضره الموت وهو بالربذة، فبكت امرأته، فقال: ما يبكيك؟ قالت: أبكى أنه لا يد لى بتغييبك، وليس عندى ثوب يسعك كفنا، قال: لا تبكى فانى سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ذات يوم، ¬

_ (¬1) هو عفان بن مسلم بن عبد اللَّه الباهلي، أبو عثمان الصغار، البصرى، ثقة ثبت، قال ابن المديني: كان إذا شك فى حرف من الحديث تركه، وربما وهم، وقال ابن معين: أنكرناه فى صفر سنة 219 هـ ومات بعدها بيسير، من كبار العاشرة/ ع التقريب (25/ 2). (¬2) هو وهيب ابن خالد بن عجلان، الباهلي، مولاهم، أبو بكر البصرى، ثقة ثبت، لكنه تغير قليلا بآخره، من السابعة، مات سنة 165 هـ، وقيل بعدها/ ع التقريب (339/ 2). (¬3) هو عبد اللَّه بن عمان بن خثيم، بالمعجمة والمثلثة، مصغرا، القارى ثقة. (¬4) هو مجاهد بن جبر، بفتح الجيم وسكون الموحدة، أبو الحجاج، المخزومى مولاهم المكى، ثقة، إمام فى التفسير وفى العلم، من الثالثة، مات سنة احدى أو اثنتين أو ثلاث أو أربع ومائة، وله ثلاث وثمانون/ ع التقريب (229/ 2). (¬5) إبراهيم بن الاشتر، واسمه مالك بن الحارث النخعي عن أبيه، وعمر، وعنه ابنه مالك ومجاهد، وغيرهما، ذكره ابن حبان فى الثقات قال الحافظ فى تعجيل المنفعة ص 20: إبراهيم المذكور كان من أعيان الأمراء بالكوفة، وكان شجاعا، وهو الذى قتل عبيد اللَّه بن زياد الأمير فى وقعة الخازر سنة 67، وكان إبراهيم فى جيش المختار حينئذ ثم أنه بغى على المختار مع مصعب بن الزبير حتى قتل المختار، وقتل إبراهيم بن الاشتر بعد ذلك مع مصعب بن الزبير فى أول سنة 72، وحديثه فى مسند أبى ذر، رواه عنه ابنه عن أم ذر، عن أبى ذر من رواية مجاهد عنه فى قصة موت أبى ذر.

وأنا عنده فى نفر يقول: ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين، قال: فكل من كان معى فى ذلك المجلس مات فى جماعة وقرية، فلم يبق منهم غيرى، وقد أصبحت بالفلاة أموت، فراقبى الطريق، فانك سوف ترين ما أقول لك، فإنى واللَّه ما كذبت ولا كذبت. قالت: وانّى ذلك، وقد انقطع الحاج؟ قال: راقبى الطريق. فبينا هي كذلك اذ هي بالقوم تخب بهم رواحلهم، فأقبل القوم حتى وقفوا عليها فقالوا: مالك؟ قالت: امرأ من المسلمين تكفنونه، وتؤجرون فيه، قالوا: ومن هو؟ قالت: أبو ذر، ففدوه بآبائهم، وأمهاتهم، ووضعوا سياطهم فى نحورها يبتدرونه: ابشروا انتم النفر الذين قال فيكم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما قال: ابشروا سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، يقول: ما من امرأين من المسلمين هلك وبينهما ولدان أو ثلاثة، فاحتسباه صبرا فيريان النار أبدا، ثم قال: قد أصبحت اليوم حيث ترون، ولو أن ثوبا من ثيابى يسعنى لم اكفن إلا فيه، انشدكم اللَّه، ألا يكفنى رجل منكم كان أميرا أو عريفا، أو بريدا، فكل القوم كان نال من ذلك شيئا إلا فتى من الأنصار كان مع القوم قال: أنا صاحبك، ثوبان فى عيبتى من غزل امى، واحد ثوبيّ هذين اللذين عليّ، قال: أنت صاحبى فكفنى (¬1). ¬

_ (¬1) الطبقات لابن سعد (232 - 234/ 4). قلت: هذا الحديث بهذا الاسناد حسن ان شاء اللَّه، وقد أخرج الحديث الإمام أحمد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = فى مسنده (155/ 5) باسناد آخر وهو أيضا حسن وفيه يحيى بن سليم الطائفي، قال الحافظ فى التقريب (349/ 2): يحيى بن سليم الطائفي نزيل مكة، صدوق سيء الحفظ، من التاسعة، مات سنة 193 هـ أو بعدها/ ع التقريب (349/ 2) وقال الحافظ فى التهذيب (226/ 11): عن عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل عن أبيه وكان قد اتقن حديث ابن خثيم، قلت: وهو يروى عن عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم عند أحمد بن حنبل وغيره ولذا سلم هذا الاسناد عن التضعيف وقال الحافظ فى مقدمة الفتح 451 - 452: وثقه ابن معين، والعجلى، وابن سعد، وقال أبو حاتم محله الصدق، ولم يكن بالحافظ، وقال النسائي: ليس به بأس، وهو منكر الحديث عن عبيد اللَّه بن عمر وقال الساجى: اخطأ فى أحاديث رواها عن عبيد اللَّه بن عمر انظر التعديل والتجريح للباجى 154 - 155 ق. قال الحافظ فى المقدمة 452: لم يخرج له الشيخان من روايته عن عبيد اللَّه بن عمر شيئا بل ليس له فى البخارى سوى حديث واحد، عن اسماعيل بن أمية عن سعيد المقبرى، عن أبى هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول اللَّه تعالى: ثلاثة أنا خصيمهم الحديث وله أصل عنده من غير هذا الوجه، واحتج به الباقون. قلت: وقد أخرج حديث يحيى بن سليم عن عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم فى موت أبى ذر الحاكم فى المستدرك (344 - 345/ 3) وسكت عليه الذهبي فى التلخيص، وابن حبان فى صحيحه (209 - 210/ 2) وأورده الهيثمى فى موار الظمآن فى زوائد ابن حبان (560 - 561) واسناد ابن حبان فى صحيحه وكذا الهيثمي فى الموارد واحد، وهو قوله أخبرنا أبو خليفة، ثنا على ابن المدينى، ثنا يحيى بن سليم، حدثنى عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم، عن مجاهد، عن إبراهيم ابن الاشتر، عن أبيه، عن أم ذر ثم ساق القصة بتمامها، أبو خليفة الذى يروى عنه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ابن حبان، هو الإمام الثقة محدث البصرة الفضل بن الحباب الجمحى البصرى انظر تذكرة الحفاظ للذهبى (270 - 271/ 2) والميزان (350/ 3) ولسان الميزان (438 - 439/ 4) وقد أخرج هذا الحديث ابن سعد بهذا الاسناد فى طبقاته (233 - 234/ 4) وهو اسناد حسن ان شاء اللَّه تعالى. وأورد هذا الحديث الإمام ابن القيم فى زاد المعاد (4 - 5/ 3) والسيوطى فى الخصائص الكبرى (63 - 64/ 4) ونسب إخراجه الى ابن إسحاق والحاكم والبيهقى. قلت: ليس هذا الحديث فى السنن الكبرى فيما علمت بل فى الدلائل وقال الحافظ فى الإصابة (430/ 4): فى ترجمة أم ذر: انها امرأة أبى ذر الغفارى، قال ابن مندة لها ذكر فى وفاة أبى ذر، ووصل ذلك أبو نعيم من طريق مجاهد عن إبراهيم بن الاشتر وأورد هذا الحديث أبو نعيم فى الحلية (169/ 1) وكذا الإمام ابن الجوزى فى صفة الصفوة (234 - 238/ 1) وابن عبد البر فى الاستيعاب (252 - 254/ 1) والبدء والتاريخ (93 - 95/ 5) من طريق الاشتر النخعي انظر قصة الاشتر فى الكامل للمبرد (363/ 1) والمؤتلف للآمدى فى ترجمة الاشتر النخعي (31 - 33) وطبقات الشعراء لابن المعتز ص (217) ووقعة صفين ص (212) انظر الامامة والسياسة لابن قتيبة (37 - 38/ 1) هو مدسوس على ابن قتيبة وليس من تأليفه واللَّه أعلم. ورياض النفوس فى طبقات علماء القيروان، وافريقية (47 - 48/ 1).

الفصل الثالث والثلاثون فى خطبته صلى الله عليه وسلم بتبوك

الفصل الثالث والثلاثون فى خطبته صلى اللَّه عليه وسلم بتبوك قال الإِمام أحمد: ثنا هاشم بن القاسم (¬1) ثنا ليث (¬2)، قال: حدثنى يزيد بن أبى حبيب (¬3)، عن أبى الخير (¬4)، عن أبى الخطاب (¬5)، عن أبى سعيد الخدرى، انه قال: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عام تبوك خطب الناس، وهو مسند ظهره الى نخلة، فقال: "الّا أخبركم بخير الناس، وشر الناس، ان من خير الناس رجلا عمل فى سبيل اللَّه على ¬

_ (¬1) هو هاشم بن القاسم بن مسلم، الليثي مولاهم، البغدادى، أبو النصر، مشهور بكنيته، ولقبه قيصر ثقة ثبت، من التاسعة، مات 207، وله ثلاث وسبعون سنة / ع انظر التقريب (314/ 2). (¬2) هو الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمى، أبو الحارث، المصرى، ثقة ثبت، فقيه، امام مشهور، من السابعة، مات فى شعبان سنة 175 / ع، انظر التقريب (138/ 2). (¬3) هو يزيد بن أبى حبيب المصري، أبو رجاء، واسم أبيه سويد، واختلف فى ولائه، ثقة، فقيه، كان يرسل، من الخامسة، مات سنة 128 وقد قارب الثمانين / ع انظر التقريب (363/ 2). (¬4) هو مرثد بن عبد اللَّه اليزنى، بفتح التحتانية والزاى بعدها نون، أبو الخير المصرى، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة تسعين / ع انظر التقريب (236/ 2). قلت: أما قضية الارسال التى أثار إليها الحافظ فلم يذكرها المزى فى ترجمته فى تهذيب الكمال (1314/ 6). وقد اثبت المزى سماع يزيد بن أبى حبيب المصرى عنه، وقد يكون ابن أبى حبيب مرسلا فى بعض الاشخاص. وليس أبو الخير منهم ان شاء اللَّه تعالى. (¬5) أبو الخطاب المصري، مجهول، من الثالثة س قاله الحافظ فى التقريب (417/ 2) وقال الذهبي =

ظهر فرسه أو على ظهر بعيره، أو على قدميه، حتى يأتيه الموت، وإن من شر الناس رجلا فاجرا يقرأ كتاب اللَّه لا يرعوى الى شيء منه (¬1). قال الحافظ ابن كثير وروى البيهقي، من طريق يعقوب بن محمد الزهري (¬2)، عن عبد العزيز بن عمران (¬3)، حدثنا مصعب بن عبد اللَّه (¬4)، ¬

_ = فى الميزان (520/ 4): أبو الخطاب / س /. عن أبى سعيد الخدرى. وعنه أبو الخير مرثد اليزنى مجهول. قلت: بذلك سقط الحديث لأنه جاء عن طريق مجهول العين واللَّه تعالى أعلم بالصواب والحديث قد أخرجه النسائي فى كتاب الجهاد، تحت باب فضل من عمل فى سبيل اللَّه على قدمه (11/ 5). (¬1) مسند الإمام أحمد (37/ 3) وأورده الإمام ابن كثير فى البداية والنهاية (12 - 13/ 1) وفضائل القرآن ص 86 قلت: لم تصح هذه الخطبة بهذا الاسناد، إلا إذا كان هناك اسناد آخر فلا علم لى به واللَّه تعالى أعلم. وقد أخرج هذه الخطبة أبو عبيد القاسم ابن سلام فى الأموال (255 - 256) وأورده صاحب البيان والتعريف فى كتابه ص 302. (¬2) هو يعقوب بن محمد بن عيسى بن عبد الملك بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدنى، نزيل بغداد، صدوق كثير الوهم والرواية عن الضعفاء، من كبار العاشرة، مات سنة 213/ خت ق انظر التقريب (377/ 2). (¬3) هو عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، المدنى، الأعرج، يعرف بابن أبى ثابت، متروك، احترقت كتبه، فحدث من حفظه، فاشتد غلطه، وكان عارفا بالانساب، من الثامنة، مات سنة 197/ ق قال الذهبي فى الميزان (632/ 2) قال البخارى: لا يكتب حديثه. وقال النسائى وغيره: متروك، وقال يحيى بن معين: ليس بثقة، إنما كان صاحب شعر، وهو من ولد عبد الرحمن بن عوف. قلت: لا يحتج بحديثه مطلقًا. (¬4) هو مصعب بن عبد اللَّه بن أبى أمية بن المغيرة المخزومى، صدوق، من الثالثة / ق انظر التقريب (251/ 2)

عن منظور بن جميل بن سنان (¬1) أخبرنى أبى (¬2)، سمعت عقبة بن عامر الجهنى، خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك، فاسترقد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلم يستيقظ، حتى كانت الشمس قيد رمح، قال: ألم أقل لك يا بلال اكلأ لنا الفجر؟ فقال: يا رسول اللَّه ذهب بى من النوم مثل الذى ذهب بك، قال: فانتقل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من منزله غير بعيد، ثم صلى، وسار بقية يومه، وليلته، فاصبح بتبوك، فحمد اللَّه، وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أيها الناس أما بعد، فان أصدق الحديث كتاب اللَّه، وأوثق العرى كلمة التقوى، وخير الملل ملة إبراهيم، وخير السنن سنة محمد، وأشرف الحديث ذكر اللَّه، وأحسن القصص هذا القرآن، وخير الأمور عوازمها، وشر الأمور محدثاتها، وأحسن الهدى هدى الأنبياء، وأشرف الموت قتل الشهداء، وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى، وخير الأعمال ما نفع، وخير الهدى ما اتبع، وشر العمى عمى القلب، واليد العليا خير من اليد السفلى، وما قل وكفى خير مما كثر، والهى، وشر المعذرة حين يحضر الموت، وشر الندامة يوم القيامة، ومن الناس لا يأتى الجمعة إلا دبرا. ومن الناس لا يذكر اللَّه إلا هجرا، ومن أعظم الخطايا اللسان الكذوب، وخير الغنى غنى النفس، وخير الزاد التقوى، ورأس الحكمة مخافة اللَّه عز وجل، وخير ما وقر فى القلوب اليقين والارتياب من الكفر، والخمر جماع الاثم، والنساء حبائل الشيطان، ¬

_ (¬1) جميل ابن سنان أيضا لم أجد له ترجمة. (¬2) منظور بن جميل بن سنان لم أجد له ترجمة فى المراجع التى بين يدى. ولو كان ثقة لم يسلم الاسناد من الضعف.

والشباب شعبة من الجنون، وشر المكاسب كسب الربا، وشر المأكل أكل مال اليتيم، والسعيد من وعظ بغيره، والشقى فى بطن أمه، وإنما يصير أحدكم الى موضع أربعة أذرع والامر الى الآخرة ملاك العمل وخواتمه، وشر الرؤيا رؤيا الكذب، وكل ما هو آت قريب، وسباب المؤمن فسوق، وقتال المؤمن كفر، وأكل لحمه معصية اللَّه، وحرمة ماله كحرمة دمه، ومن يتعالى على اللَّه يكذبه، ومن يستغفره يغفره، ومن يعف يعف اللَّه عنه، ومن يكظم يأجره اللَّه، ومن يصبر على الرزية يعوضه اللَّه، ومن يبتغى السمعة يسمع اللَّه به، ومن يصبر يضاعف اللَّه له، ومن يعص اللَّه يعذبه اللَّه، اللهم اغفر لي ولأمتى اللهم اغفر لي ولأمتى، اللهم اغفر لي ولأمتى، قالها ثلاثا، ثم قال استغفر اللَّه لى ولكم (¬1). ¬

_ (¬1) انظر البداية والنهاية (13 - 14/ 5) وقال الحافظ ابن كثير فى نهاية الحديث وهذا حديث غريب وفيه نكارة، وفى اسناده ضعف واللَّه أعلم على بالصواب انظر تبصير المنتبه لابن حجر (54/ 1). قلت لم يصح هذا الحديث بهذا الاسناد، وأما الكلمات التى وردت فيه، فإنها رويت غالبها فى كتب الأحاديث بأسانيد جياد. والحديث قد أخرجه الواقدى فى مغازيه معلقًا بدون الاسناد انظر مغازى الواقدى (1015 - 1017/ 3) والامام ابن القيم فى زاد المعاد (7/ 3): قال ذكر البيهقي فى الدلائل، والحاكم من حديث عقبة بن عامر ثم ذكر الحديث. قلت: تصفحت الحاكم صفحة صفحة فله أجد فيه هذا النص، لعله أخرجه فى الدلائل، أو فى كتب أخرى لم أقف عليها واللَّه أعلم. وذكر الحديث السيوطى فى الجامع الصغير (175 - 179/ 2): مع المناوى. وقال السيوطى فى نهاية الحديث أخرجه البيهقي الدلائل. وابن عساكر عن عقبة بن عامر، وأبو نصر السجزى فى الابانة عن أبى الدرداء، وابن أبى شيبة، من ابن مسعود موقوفًا، وأشار إليه السيوطى بحرف "ح"، والمراد منه أن الحديث حسن. قلت: قد يكون هذا صحيحا ان شاء إليه اللَّه تعالى. وأخرجه الديلمى فى مسنده (2/ 160). مختصرا بدون اسناد.

الفصل الرابع والثلاثون فيما نزل من القرآن فيمن بنى مسجد الضرار

الفصل الرابع والثلاثون فيما نزل من القرآن فيمن بنى مسجد الضرار قال اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} التوبة: 107. قال أبو جعفر: فتأويل الكلام: والذين ابتنوا مسجدا ضرارا لمسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، كفرا باللَّه، لمحادتهم بذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويفرقوا به المؤمنين، ليصلى فيه بعضهم دون مسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبعضهم فى مسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيختلفوا بسبب ذلك ويفترقوا، {وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ} يقول: وأعدوا له، لأبى عامر الكافر، الذى خالف اللَّه ورسوله، -صلى اللَّه عليه وسلم-، كفر بهما، وقاتل رسول اللَّه من قبل: يعنى من قبل بنائهم ذلك المسجد، وذلك أن أبا عامر هو الذى كان حزب الاحزاب، يعنى حزّب الاحزاب لقتال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما خذله اللَّه لحق بالروم، يطلب النصر من ملكهم على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، كتب الى أهل مسجد الضرار، يأمرهم ببناء المسجد الذى كانوا بنوه فيما ذكر عنه، ليصلى فيه فيما يزعم إذا رجع إليهم، ففعلوا ذلك وهذا معنى قوله تعالى {وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى}. . يقول: جل ثناءه: وليحلفن بانوه ان اردنا إلا الحسنى

ببنائنا، الى الرفق بالمسلمين، والمنفعة، والتوسعة، على أهل الضعف والعلة، ومن عجز عن المسير الى مسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- للصلاة فيه، وتلك هي الفعلة الحسنة {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} فى حلفهم ذلك، قيلهم ما بنيناه إلا ونحن نريد الحسنى، ولكنهم بنوه يريدون ببنائه السوأى، ضرارا لمسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، كفرا باللَّه، وتفريقا بين المؤمنين، وارصادا لأبى عامر الفاسق (¬1). قال أبو جعفر: حدثنى المثنى، قال: ثنا عبد اللَّه، قال: ثنى معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا} وهم أناس من الانصار ابتنوا مسجدا، فقال لهم أبو عامر: ابنوا مسجدكم، واستعدوا بما استطعتم من قوة وسلاح، فاني ذاهب الى قيصر ملك الروم، فآتى بجند من الروم، فأخرج محمدا وأصحابه، فلما فرغوا من مسجدهم، أتوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالوا: قد فرغنا من بناء مسجدنا، فنحب أن تصلى فيه، وتدعو لنا بالبركة، فأنزل اللَّه فيه {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ ¬

_ (¬1) تفسرر ابن جرير الطبرى (33 - 34/ 11). انظر المصاحف لابن أبى داود فى اختلاف الواو ص 39 انظر زاد المسير لابن الجوزى (498 - 500/ 3) فانه عدد أسماء المنافقين الذى ن بنوا مسجد الضرار عليهم من اللَّه ما يستحقون، والدر المنثور للسيوطى (276 - 278/ 3). وروح المعانى للالوسى (18 - 19/ 11) والبحر المحيط لابى حيان (98 - 99/ 5) وتفسير ابن كثير مع البغوى (238 - 244/ 4) وفتح القدير للشوكانى (383 - 388/ 2) وكتاب التسهيل للكلبى (84 - 85/ 2) والقرطبى فى تفسيره (253 - 258/ 8) والرازى (192 - 194/ 16).

أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ} إلى قوله {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (24/ 11). قلت: إن هذا الاسناد وقد احتجت به أهل التفسير وإنى لراجع عن تضعيفه الآن بعد اثنتى عشرة سنة وللَّه الحمد والمنة. انظر مجمع الزوائد (331/ 2)، (268/ 4)، (17/ 10)، تلخيص الحاكم للذهبى (344/ 3)، ونصب الراية للزيلعى (328/ 3)، والتلخيص الحبير المطبعة الهندية (373)، انظر مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 182 وبقية رجال الاسناد كلهم ثقات ماعدا المثنى وعبد اللَّه بن صالح كاتب ليث بن سعد المصري، انظر المراسيل لابن أبى حاتم ص 52، والرد على البكرى 16، 17، وتفسير ابن جرير. قال السيوطى فى الدر المنثور (276 - 277/ 3): أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبى حاتم، وابن مردويه، والبيهقى فى الدلائل عن ابن عباس ثم ذكر هذا الحديث. انظر زاد المسير لابن الجوزى (498/ 3)، وتفسير القرطبى (252 - 258/ 8) فانه استوعب الروايات كلها التى تتعلق ببناء هذا المسجد الظالم أهله. وفتح القدير للشوكانى (283 - 388/ 2) وابن كثير فى تفسيره مع البغوى (239 - 246/ 4) انظر اسباب النزول لعلى الواحدى (175 - 176) ولباب النقول: أسباب النزول للسيوطى (124 - 125) وانظر الرواية هذه أوردها الالوسي فى روح المعانى (18/ 11)، والسيد صديق حسن خان فى فتح البيان (196/ 4) القاسمي فى تفسيره (3261/ 8) وكتاب التهسيل للكلبى (85/ 2). وقال الرازى فى تفسيره الكبير (193 - 194/ 16) قال الواحدى: قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وعامة أهل التفسير رضي اللَّه تعالى عنهم: الذين اتخذوا مسجدا ضرارا كانوا اثنى عشر رجلا من المنافقين بنوا مسجدا يضارون به مسجد قباء، وأقول: انه تعالى وصفه بصفات أربعة: (1) ضرار، (2) كفرا، (3) تفريقا بين المؤمنين، (4) ارصادًا لمن حارب اللَّه ورسوله. قلت: كل من يعمل هذا العمل يكون مصيره كهؤلاء المنافقين الذين بنوا مسجد الضرار انظر مسالك الابصار فى ممالك الامصار (129 - 130).

قال أبو جعفر: حدثنى محمد بن سعد، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبى، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ} قال: لما بنى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مسجد قباء، خرج رجال من الأنصار، منهم بخدج جد عبد اللَّه بن حنيف، ووديعة بن حزام، ومجمع بن جارية الأنصارى، فبنوا مسجد النفاق، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لبخدج: ويلك؟ ما أردت الى ما أرى؟ فقال: يا رسول اللَّه، واللَّه ما أردت إلا الحسنى، وهو كاذب، فصدقه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأراد أن يعذره، فأنزل اللَّه: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} يعنى رجلا منهم يقال له: أبو عامر، كان محاربا لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان قد إنطلق الى هرقل، فكانوا يرصدون أبا عامر أن يصلى فيه، وكان قد خرج من المدينة محاربا للَّه ولرسوله {وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (24/ 11). قلت: هذا الاسناد ضعيف جدا وواه لكونه ورد عن طريق سلسلة الضعفاء وهو طريق العوفى. ويقال: إنه من أوهى الطرق الى ابن عباس واللَّه تعالى أعلم انظر ترجمة عطية العوفى فى الثقات لابن شاهين ص 76. قلت: وإلى هذا الأثر أشار السيوطى فى الدر المنثور (276/ 3) بقوله أخرج ابن أبى حاتم، وابن مردويه، عن ابن عباس ثم ذكر هذا النص بعينه. كذا الشوكانى فى فتح القدير (386/ 2) وتفسير ابن كثير مع البغوى (239/ 4) وزاد المسير لابن الجوزى (499/ 3) والبحر المحيط لإبى حيان (97/ 5) وفى هذا الاسناد حسن بن عطية بن سعد وقد ذكره ابن حبان فى المجروحين (228/ 1).

قال أبو جعفر: حدثنا القاسم، قال ثنا الحسين، قال: ثنا الحجاج، عن ابن جرج، قال: قال ابن عباس: {وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ} قال أبو عامر الراهب: انطلق الى قيصر، فقالوا إذا جاء يصلى فيه، كانوا يرون انه سيظهر على محمد صلى اللَّه عليه وسلم (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (24/ 11). قلت: إن هذا الاسناد ضعيف مع انقطاعه لأن سنيد بن داود ضعيف وابن جريج لم يلق عبد اللَّه ابن عباس وقد مر بكم هذا البحث فى مثل هذا الاسناد. قال القرطبى فى تفسيره (257/ 8): {وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} يعنى أبا عامر الراهب، وسمى بذلك لانه كان يتعبد، ويلقن العلم، فمات كافرا بقنسرين بدعوة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإنه كان قال للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: لا أجد قوما يقاتلونك لأقاتلنك معهم، فلم يزل يقاتله الى يوم حنين، فلما انهزمت هوازن خرج الى الروم يستنصر، وأرسل الى المنافقين وقال: استعدوا بما استطعتم من قوة وسلاح الخ وقال ابن الاعرابى: لا يقال: إلا أرصدت، ومعناه ارتقبت. وقال ابن الجوزى فى زاد المسير (500/ 3): والارصاد: الانتظار فانتظروا به مجيء أبى عامر، وهو الذى حارب اللَّه ورسوله من قبل ببناء مسجد الضرار. وقال الرازى فى التفسير الكبير (193/ 16): المراد بالآية أبو عامر الفاسق والد حنظلة الذى غسلته الملائكة، وسماه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الفاسق وقد كان قد تنصر فى الجاهلية، وترهب وطلب العلم، فلما خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عاداه، لأنه زالت رياسته. قال الطبرى فى تفسيره (24/ 11) حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، والذين اتخذوا مسجدا ضرارا كفرا، قال: المنافقون ممن حارب اللَّه ورسوله لابى عامر الراهب. قلت: اسناد هذا الأثر صحيح وليس بينهم انقطاع والأثر مقطوع من كلام مجاهد ابن جبر المكى.

قال أبو جعفر: حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال أنا معمر، عن الزهري، عن عروة عن عائشة قالت: {وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} أبو عامر الراهب انطلق الى الشام، فقال الذين بنوا مسجد الضرار: انما بنيناه ليصلى فيه أبو عامر (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (25/ 11). قلت: إن هذا الاسناد حسن بعد دراسة رجاله كلهم ثقات إلا الحسن بن يحيى بن الجعد، صدوق، وقد مر بكم ترجمته قريبا. انظر التقريب (172/ 1). وقال أبو حيان فى البحر المحيط (98 - 99/ 5) وانتصب ضرارا على أنه، مفعول من أجله، أى مضارة لإخوانهم أصحاب مسجد قباء تعاونا بهم، فأرادوا أن يفترقوا عنه وتختلف كلمتهم، إذا كان ممن كان يجاوز سجدهم، يصرفونه إليه، وذلك داعية الى صرفه عن الإيمان. ثم قال أبو حيان: ارصادا أى اعدادا لاجل من حارب اللَّه ورسوله وهو أبو عامر الراهب، وسماه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الفاسق وكان سيدا فى قومه، ولم يزل مجاهرا بذلك وقال لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: بعد محاورة لا أجد قوما يقاتلونك إلا قاتلتك معهم فلم يزل يقاتله، فلما فتح مكة هرب الى الطائف، فلما أسلم أهل الطائف، هرب الى الشام يريد قيصرا مستنصرا على الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فمات وحيدا طريدا حزينا بقنسرين الخ ولا حاجة بنا أن نطول قصته. انظر قصة هذا الفاسق فى تفسير القرطبى (257/ 8). * * *

الفصل الخامس والثلاثون فيما نزل من القرآن فى مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم-

الفصل الخامس والثلاثون فيما نزل من القرآن فى مسجد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قال اللَّه تعالى: {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} التوبة: 108. قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه صلى اللَّه عليه وسلم: لا تقم يا محمد فى المسجد الذى بناه هؤلاء المنافقون، ضرارا، وتفريقا، بين المؤمنين، وارصادا لمن حارب اللَّه ورسوله، ثم أقسم جل ثناؤه فقال: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} أنت فيه يعنى بقوله: {أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى} إبتدأ أساسه، وأصله على تقوى اللَّه، وطاعته من أول يوم أبتدئ فى بنائه {أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} يقول: أولى أن تقوم فيه مصليا. وقيل: معنى قوله {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} مبدأ أول يوم كما تقول العرب: لم أره من يوم كذا بمعنى مبدأه ومن أول يوم يراد به من أول الأيام، كقول القائل: لقيت كل رجل بمعنى كل الرجال (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (26/ 11). قال ابن الجوزى فى زاد المسير (500 - 501/ 3): {لَا تَقُمْ فِيهِ} أى لا تصل فيه أبدا {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى} أى بنى على الطاعة وبناه المتقون {مِنْ أَوَّلِ يَومٍ} أى: منذ أول يوم. وفى هذا المسجد ثلاثة أقوال: (1) أنه مسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمدينة الذى فيه منبره وقبره. روى سهل بن سعد أن رجلين اختلفا فى عهد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فى المسجد الذى أسس على التقوى فقال: أحدهما: هو مسجد الرسول وقال الآخر: هو مسجد قباء فذكر ذلك للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: هو مسجدى هذا انظر المسند لامام أحمد (331/ 5) ومسلم (1015/ 2) ومجمع الزوائد للهيثمى (34/ 7) =

الفصل السادس والثلاثون فى خبر خالد وأكيدر بتبوك

الفصل السادس والثلاثون فى خبر خالد وأكيدر بتبوك قال ابن هشام: ثم أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، دعا خالد بن الوليد، فبعثه الى أكيدر دومة، وهو أكيدر بن عبد الملك، رجل من كنده كان ملكا عليها، وكان نصرانيا، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لخالد: انك ستجده يصيد البقر. فخرج خالد، حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين، وفى ليلة مقمرة صائفة، وهو على سطح له، ومعه امرأته فباتت البقر تحك بقرونها باب القصر، فقالت له امرأته: هل رأيت مثل هذا قط؟ قال لا واللَّه؟ قالت: فمن يترك هذه؟ قال: لا أجد. فنزل فأمر بفرسه، فأسرج له، وركب معه ومن أهل بيته، فيهم أخ له يقال له حسان. فركب، وخرجوا معه بمطاردهم. فلما خرجوا تلقتهم خيل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فأخذته، وقتلوا أخاه، وقد كان عليه قباء من ديباج مخوص بالذهب، فاستلبه، فبعث به الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل قدومه (¬1). ¬

_ = (2) إنه مسجد قباء رواه على بن أبى طلحة عن ابن عباس وبه قال سعيد بن جبير، وقتادة، وعروة، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، (3) إنه كل مسجد بنى فى المدينة قاله محمد بن كعب. انظر تفسير القرطبى (258 - 263/ 8) والتفسير لابن كثير مع البغوى (238 - 240/ 4). ورجح السيد صديق حسن خان تك الروايات التى تعين مسجد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- انظر فتح البيان (198 - 199/ 4) انظر الجواب الباهر لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 63 والحقائق للسلمى النيسابورى ص 83. (¬1) سيرة ابن هشام (169 - 170/ 4). قلت: قال الحافظ فى الإصابة فى ترجمة خالد بن الوليد (412 - 415/ 1): ومن طريق ابن إسحاق عن عاصم، عن أنس، (وعن طريق عمرو أبى سلمة) ثم ذكر الحديث أعنى بعث خالدا الى أكيدر دومة من تبوك. انظر تاريخ خليفة بن خياط (56/ 1) ونزهة الانظار فيما =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = مضى من الحوادث ص 32. قلت: عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الأوسي، الأنصارى، أبو عمر المدنى، ثقة عالم بالمغازى، من الرابعة انظر التقريب (385/ 1) وهذا الطريق من أجود الطرق فى المغازى وقد ثبت سماع عاصم المذكور عن أنس بن مالك كما قال الحافظ فى التهذيب (53 - 54/ 1) وبقى هناك شيء وهو ان ابن اسحاق لم يصرح بالسماع عن شيخه عاصم المذكور ولو صرح لكان هذا الاسناد حسنا. وأما طريق عمرو بن أبى سلمة فلا علم لى بها لأن هذا الطريق لم يذكر الحافظ كاملا وأما عمرو بن أبى سلمة فهو عمرو بن أبى سلمة التنيسى، بمثناة، ونون ثقيلة، بعدها تحتانية، ثم مهملة، أبو حفص، الدمشقى، مولى بنى هاشم، صدوق له أوهام، من كبار العاشرة، مات سنة 213 أو بعدها ع/ انظر التقريب (71/ 2). قلت: إن هذا الاسناد حسن إن شاء اللَّه تعالى أعنى اسناد محمد بن إسحاق عن عاصم عن أنس رضي اللَّه تعالى عنه. وقال السيوطى فى الخصائص الكبرى (112 - 113/ 2): وأخرج البيهقي، وابن مندة فى الصحابة من طريق ابن إسحاق، حدثنى يزيد بن رومان، وعبد اللَّه بن أبى بكر، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعث خالدا ثم ذكر الحديث بكامله كما جاء عند ابن هشام فى السيرة. قلت: هذا الاسناد حسن مع ارساله، وقد صرح فيه محمد بن إسحاق بالسماع عن شيخه. انظر الاصنام لمحمد بن السائب الكلبى ص 55. وقال السيوطى فى الخصائص (112 - 113/ 2): وأخرج ابن مندة، وابن السكن، وأبو نعيم كلهم فى الصحابة من طريق أبى المعارك الشماخ بن معارك ابن مرة بن صخر بن بحيرة بن بجرة الطائي، حدثنى أبى، عن جدى عن أبيه بجير بن بجرة قال: كنت فى جيش خالد بن الوليد حين بعثه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الى أكيدر دومة فقال له الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم ذكر الحديث. انظر دلائل النبوة للبيهقي (51/ 1) والأموال لأبى عبيد ص 33.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قلت: قال الحافظ فى الإصابة (142/ 1): بجير بن بجرة بفتح أوله، وسكون الجيم الطائي، قال ابن عبد البر له فى قتال أهل الردة آثار، وأشعار ذكرها ابن إسحاق، ولا أعلم له رواية عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد أخرج له ابن مندة حديثا فروى من طريق ابن إسحاق فى المغازى، قال: حدثنى يزيد بن رومان، وعبد اللَّه بن أبى بكر ثم ذكر الحديث. ثم قال ابن مندة هذا مرسل، وقد وقع لنا مسندا من طريق أبى بكر ثم ذكر الحديث. ثم قال ابن مندة هذا مرسل، وقد وقع لنا مسندا من طريق أبى المعارك الشماخ ثم ذكر الاسناد بكامله الذى أورده السيوطى فى الخصائص، ثم قال الحافظ فى نهاية الحديث وأبو المعارك وآباؤه لا ذكر لهم فى كتب الرجال، وذكر سيف بن عمر فى الفتوح: ان بجير بن بجرة استشهد فى القادسية. قلت: لم أجد تراجم هذا الاسناد الذى نفى الحافظ عن وجود تراجمهم فى الرجال وذكر الحديث الأول الذى فى الصلب الإمام ابن كثير فى البداية والنهاية (17/ 5) وعزاه الى ابن إسحاق وابن سيد الناس فى عون الأثر (220/ 2) وعزاه الى ابن إسحاق أيضا. وكذا الإمام أبو نعيم فى دلائل النبوة ص 460 وذكره الراقدى فى مغازيه (1025 - 1026/ 3) إذ قال: حدثنى ابن أبى حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس ثم ذكر النص بتمامه الذى أورده ابن إسحاق مع اختلاف يسير. وابن أبى حبيبة هو إبراهيم بن اسماعيل الصائغ، قال الحافظ فى التقريب (32/ 1): مجهول الحال من الثامنة. وذكر الحديث ابن جرير فى تاريخه وعزاه الى ابن إسحاق (271 - 272/ 2) وصاحب السمط النجوم العوالى (214/ 2) وصاحب السيرة الحلبية (298 - 299/ 3) والشيخ الزرقاني على المواهب (82/ 3). قلت: هذا الحديث حسن الاسناد ان شاء اللَّه تعالى أعنى الذى فى الصلب. * * *

الفصل السابع والثلاثون فى قبوله -صلى الله عليه وسلم- هدية صاحب أيلة بتبوك

الفصل السابع والثلاثون فى قبوله -صلى اللَّه عليه وسلم- هدية صاحب أيلة بتبوك قال البخارى: عن أبى حميد الساعدى، قال: غزونا مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تبوك، وأهدى ملك أيلة للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بغلة بيضاء، كساه بردا وكتب له ببحرهم (¬1). ¬

_ (¬1) الجامع الصحيح للبخارى كتاب الجزية (77/ 6). وأخرجه أيضا فى كتاب الزكاة وفى كتاب الهبة (143/ 3) وأخرجه الإمام أحمد فى مسنده (425/ 5) والدارمى فى سننه (232 - 233/ 2) فى باب قبول هدايا المشركين. ومسلم فى كتاب الفضائل (61/ 7) انظر كتاب الأموال لأبى عبيد 225، 256 و 258 وانظر أيضا ص 33. من كتاب الأموال وأورد الحديث ابن كثير فى البداية والنهاية (19/ 5) وابن إسحاق فى السيرة نقلا عن ابن هشام فى السيرة (4/ 169) وابن حزم فى جوامع السيرة 252 - 253 وابن سيد الناس فى عيون الأثر (221/ 2) وتاريخ ابن خلدون (821/ 3) وتاريخ اليعقوبي (69/ 2) والمنتقي لابن الجارود ص 374 ودرر الفوائد المنظمة 495 - 496 كتاب الخراج ليحيى بن آدم ص 36. والخطط المقريزية (325 - 329/ 3).

الفصل الثامن والثلاثون فى قدوم رسول قيصر الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتبوك

الفصل الثامن والثلاثون فى قدوم رسول قيصر الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بتبوك قال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق بن عيسى (¬1)، حدثنا يحيى بن سليم (¬2)، عن عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم (¬3)، عن سعيد بن أبى راشد (¬4)، ¬

_ (¬1) هو اسحاق بن عيسى بن نجيح البغداى، أبو يعقوب بن الطباع، سكن أذنه، صدوق من التاسعة مات أربع عشرة ومأتين، وقيل بعدها بسنة/ م ت س ق. انظر التقريب (60/ 1). (¬2) هو يحيى بن سليم الطائفي، نزيل مكة، صدوق سيء الحفظ، من التاسعة مات سنة 193 أو بعدها / ع انظر التقريب (349/ 2) وقال الحافظ فى التهذيب (226/ 11) فى ترجمته: قال أحمد ابن حنبل فى موضع آخر وكان قد اتقن حديث ابن خيثم، فقلنا له: اعطنا كتابك، فقال: أعطوني رهنا، وقال الدورى: عن ابن معين ثقة، وقال أبو حاتم شيخ صالح، محله الصدق. قلت: إن قال قائل كيف أخرج له البخارى فى الجامع وحاله كما ذكر؟ قلت: لم يخرج له فى الأصول، بل أخرج له فى المتابعات والشواهد، انظر مقدمة الفتح (451 - 452) (¬3) هو عبد اللَّه بن عثمان ثن خيثم، بالمعجمة والمثلثة، مصغرا، القارى المكى، أبو عثمان صدوق من الخامسة، مات 132 / خت م عم انظر التقريب (432/ 1). (¬4) هو سعيد بن أبى راشد مقبول، من الثالثة / تق. انظر التقريب (295/ 1) قال الذهبي فى الميزان (135/ 2): سعيد بن أبى راشد (ت. ق) عن يعلى بن مرة وعنه عبد اللَّه بن عثمان بن خيثم وحده وقد حسن له الترمذى فى الفضائل: حسين منى وأنا من حسين. قلت: هو مقبول الحديث إن شاء اللَّه تعالى. كما قال الحافظ فى التقريب. وقال فى التهذيب (26/ 4): وعن التنوخى النصراني رسول قيصر، ويقال: رسول هرقل، وعنه عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم، ذكره ابن حبان فى الثقات.

قال: لقيت التنوخى رسول هرقل الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بحمص، وكان جارا لى -شيخا كبيرا، قد بلغ العقد، أو قرب. فقلت: ألا تخبرني عن رسالة هرقل الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ورسالة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الى هرقل، قال بلى: قدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تبوك، فبعث دحية الكلبى، الى هرقل فلما أن جاء كتاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، دعا قسيس الروم وبطارقتها، ثم أغلق عليه، وعليهم الدار فقال: قد نزل هذا الرجل حيث رأيتم، وقد أرسل إليَّ يدعوني الى ثلاث خصال، يدعوني، أن أتبعه على دينه، أو على أن نعطيه مالنا على أرضنا، والأرض أرضنا، أو نلقى إليه الحرب. واللَّه لقد عرفتم فيما تقرؤون من الكتب لتؤخذن، فهلم، فلنتبعه على دينه، أو نعطيه مالنا على أرضنا، فنخروا نخرة رجل واحد، حتى خرجوا من برانسهم، وقالوا تدعونا الى أن نذر النصرانية، ونكون عبيدا لأعرابي جاء من الحجاز، فلما ظن أنهم إن خرجوا من عنده أفسدوا عليه الروم رقأهم، ولم يكد، وقال: إنما قلت ذلك لأعلم صلابتكم على أمركم، ثم دعا رجلا من عرب نجيب، كان على نصارى العرب قال: ادع لي رجلا حافظا للحديث، عربي اللسان، أبعثه الى هذا الرجل بجواب كتابه، فجاء بى فدفع إليّ هرقل كتابا، فقال: اذهب بكتابي الى هذا الرجل، فما سمعت من حديثه فاحفظ لى منه ثلاث خصال، انظر هل يذكر صحيفته إليَّ التى كتب بشيء؟ وانظر اذا قرأ كتابي فهل يذكر الليل، وانظر فى ظهره هل به شيء يريبك؟ قال: فانطلقت بكتابه حتى جئت تبوكا، فإذا هو جالس بين

ظهراني أصحابه محتبيا على الماء، فقلت اين صاحبكم؟ قيل: ها هو ذا، فأقبلت أمشى، حتى جلست بين يديه، فناولته كتابي، فوضعه فى حجره، ثم قال: ممن أنت؟ فقلت: أنا أخو تنوخ، قال: هل لك الى الإسلام الحنيفية ملة أبيكم إبراهيم؟ قلت: إني رسول قوم وعلى دين قوم ولا أرجع عنه حتى أرجع إليهم، فضحك، وقال: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} يا أخا تنوخ إني كتبت بكتاب الى كسرى، واللَّه ممزقه، وممزق ملكه، كتبت الى النجاشي بصحيفة فخرقها فخرق اللَّه ملكه، كتبت الى صاحبك بصحيفة، فأمسكها، فلن يزال الناس يجدون منه بأسا، ما دام فى العيش خير، قلت: هذه إحدى الثلاث التى أوصاني بها صاحبى فأخذت سهما من جعبتى فكتبته فى جنب سيفى، ثم أنه ناوله الصحيفة رجلا عن يساره، قلت: من صاحبكم الذى يقرأ لكم؟ قالوا: معاوية، فإذا فى كتاب صاحبى، تدعوني الى جنة عرضها السموات والأرض اعدت للمتقين فأين النار؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سبحان اللَّه أين الليل إذا جاء النهار" قال: فأخذت سهما من جعبتى فكتبته فى جلد سيفى، فلما فرغ من قراءة كتابي، قال: ان لك حقا وإنك لرسول، فلو وجدت عندنا جائزة جوزناك بها، انا سفر مرملون، قال فناداه رجل من طائفة الناس، قال أنا أجوزه، ففتح رحله فإذا هو يأتي بحلة صفورية، فوضعها فى حجرى، قلت: من صاحب الجائزة؟ قيل لى عثمان، ثم قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أيكم ينزل هذا الرجل؟ فقال

فتى من الأنصار: أنا، فقام الأنصاري، وقمت معه، حتى إذا خرجت من طائفة المجلس، نادانى رسول اللَّه فقال: تعال يا أخا تنوخ: فأقبلت اهوى حتى كنت قائما فى المجلس الذى كنت بين يديه، فحل حبوته عن ظهره، وقال: "هاهنا امض لما امرت به" فجلت فى ظهره، فإذا أنا بخاتم فى موضع غضون الكتف مثل الجمجمة الضخمة (¬1). ¬

_ (¬1) مسند الإمام أحمد (442/ 3) و (203/ 1)، (292/ 5). قلت: قد أخرج هذا الحديث ابن عساكر فى تاريخ دمشق بهذا الاسناد (418 - 420/ 1) وقال الحافظ ابن كثير فى البداية والنهاية (15 - 16/ 5) بعد ايراد هذا الحديث: هذا حديث غريب، اسناده لا بأس به، تفرد به الإمام أحمد. قلت: وقد سبق هذا الكتاب كتاب آخر بعثه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الى عظيم الروم مع دحية الكلبى رضي اللَّه تعالى عنه؛ قال الحافظ فى الفتح (35/ 1) مشيرا الى دحية رضي اللَّه تعالى عنه، وبعثه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فى آخر سنة ست بعد أن رجع من الحديبية، بكتابه الى هرقل، وكان وصوله الى هرقل فى المحرم سنة سبع الخ. . وذكر الحافظ هذا الكتاب الثاني الذى بعثه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- من تبوك مع دحية الكلبى إذ قال: كما جاء فى المسند من طريق سعيد بن أبى راشد التنوخى رسول هرقل ثم ذكر الحديث. قلت: اسناده جيد، وأما ما جاء فيه كتبت الى النجاشى صحيفة فخرقها قلت: وهذا كان فى بداية الأمر ثم أسلم فيما بعد أو كان هذه الزيادة شاذة واللَّه أعلم. * * *

الفصل التاسع والثلاثون فى تبشير الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بتبوك بما خصه الله به من خصائص نبوية

الفصل التاسع والثلاثون فى تبشير الرسول صلى اللَّه عليه وسلم أصحابه بتبوك بما خصه اللَّه به من خصائص نبوية قال عبد اللَّه بن الإمام أحمد فى مسند أبيه: حدثنى أبى، ثنا قتيبة بن سعيد (¬1)، ثنا بكر بن مضر (¬2)، عن ابن الهاد (¬3)، عن عمرو بن شعيب (¬4) عن أبيه (¬5)، عن جده (¬6)، ¬

_ (¬1) هو قتيبة بن سعيد بن جميل، بفتح الجيم، ابن طريف الثقفى، أبو رجاء، البغلاني ينسب الى بغلان: بلدة بنواحى بلخ، كما فى اللباب بفتح الموحدة، وسكون المعجمة، يقال: اسمه يحيى، وقيل: على، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة 240 هـ، عن تسعين سنة / ع التقريب (123/ 2). (¬2) هو بكر بن مضر بن محمد بن حكيم المصرى، أبو محمد، أو أبو عبد اللَّه ثقة ثبت، من الثامنة، مات سنة ثلاث أو أربع وسبعين، وله نيف وسبعون سنة / خ م د ت س التقريب (107/ 1). (¬3) هو يزيد بن عبد الملك بن أسامة بن الهاد، الليثي، أبو عبد اللَّه المدنى، ثقة، مكثر، من الخامسة، مات سنة تسع وثلاثين ومائة / ع التقريب (367/ 2). (¬4) هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، صدوق، من الخامسة، مات ثمان عشرة ومائة / زعم التقريب (72/ 2). (¬5) هو شعيب بن محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، صدوق، ثبت سماعه عن جده، من الثامنة / بخ زعم التقريب (353/ 1). قلت: هذه رواية الأكابر عن الأصاغر. (¬6) هو محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص السهمى، الطائفي، مقبول من الثالثة / د ت س التقريب (179/ 2). =

أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عام غزوة تبوك قام من الليل يصلى، فاجتمع وراءه رجال من أصحابه، يحرسونه حتى إذا صلى وانصرف إليهم، فقال لهم: لقد اعطيت الليلة خمسا ما أعطيهن أحد قبلى أما أنا فأرسلت الى الناس ¬

_ = قال الحافظ فى التهذيب (266/ 9): وقد ذكره ابن حبان فى الثقات، وقال: يروى عن أبيه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، عن محمد بن عبد اللَّه عن أبيه ولا أعلم بهذا الاسناد إلا حديثا واحدا من حديث ابن الهاد عن عمرو بن شعيب انتهى. قلت: أشار ابن حبان الى هذا الحديث الذى أخرجه الإمام أحمد رحمه اللَّه تعالى فى مسنده، وقد أخرج هذا الحديث ابن حبان فى صحيحه، وفى فوائد ابن المقرى، من رواية أبى أحمد الزبيرى عن الوليد بن جميع، حدثنى شعيب بن محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص عن أبيه، عن جده فذكر أثرا. قال الحافظ: وهذا يرد قول الذهبي فى الميزان، لم يرو عنه حديث صريح رواه عن أبيه. ورواه ولده شعيب عنه وقال الذهبي فى ترجمته أيضا غير معروف الحال، ولا ذكر بتوثيق ولا أبيه انتهى كلام الحافظ. قلت: ترجم له الذهبي فى الميزان (263 - 268/ 3) قال أبو زرعة: إنما أنكروا عليه كثيرة روايته عن أبيه عن جده، وقالوا إنما سمع أحاديث يسيرة، وأخذ صحيفته كانت عنده فرواها. وقال الكوسج: عن ابن معين: يكتب حديثه. وقال عباس، عن ابن معين: إذا حدث عن أبيه عن جده فهو كتاب، فمن هنا جاء ضعفه. وإذا حدث عن سعيد أو سليمان بن يسار، أو عروة فهو ثقة أو نحو هذا. ثم قال الذهبي فى نهاية الترجمة: قد أجببنا عن روايته عن أبيه عن جده بأنها ليست بمرسلة ولا منقطعة، أما كونها وجادة، أو بعضها سماع، وبعضها وجادة، فهذا محل نظر، ولسنا نقول: أن حديثه من أعلى أقسام الصحيح، بل هو من قبيل الحسن: وقد توفى بالطائف سنة 118 هـ. قلت: هذا الذى ذهب إليه الذهبي استقر عليه رأى بعض المحدثين الكبار وهو الراجح إن شاء اللَّه. فالاسناد حسن.

كلهم عامة، وكان من قبلى إنما يرسل الى قومه، ونصرت على العدو بالرعب ولو كان بينى وبينهم مسيرة شهر لملئ منه رعبا، واحلت لى الغنائم أكلها، وكان من قبلى يعظمون أكلها، كانوا يحرمونها، وجعلت لى الأرض مساجد وطهورا، أينما أدركتني الصلاة مسحت وصليت، وكان من قبلى يعظمون ذلك إنما كانوا يصلون فى كنائسهم، وبيعهم، والخامسة هي ما هى؟ قيل لى: سل فان كل نبى قد سأل فأخذت مسألتى الى يوم القيامة، فهي لكم، ولمن شهد أن لا اله إلا اللَّه (¬1). ¬

_ (¬1) مسند الإمام أحمد (222/ 2). وأورد الحديث الساعاتي فى الفتح الرباني (200/ 21). انظر مسند الإمام أحمد (301/ 1)، (264/ 2)، (268/ 2، 314، 396، 412، 455، 501/ 2)، (304/)، (416/ 4)، (162/ 5)، (248/ 5) (5/ 256)، وقد أخرج البخارى بعض أجزاء هذا الحديث فى جامعه فى كتاب التيمم (62 - 63/ 1) وكتاب الصلاة (79 - 80/ 1) وفى كتاب الجهاد (43/ 4) والشريعة للامام أبى بكر محمد بن حسين الآجرى ص 498 أخرجه البخارى فى كتاب التعبير (29/ 9)، (32/ 2)، وفى كتاب الاعتصام (75/ 9) وأخرجه مسلم فى كتاب المساجد (63/ 2) و (64/ 5) و (65/ 2). وأخرجه الترمذى فى كتاب السيرة وأخرجه النسائي فى كتاب الغسل (209 - 210/ 1) وقال الشارح: بين ذلك فى رواية ابن عمر ان ذلك كان فى غزوة تبوك وأخرجه فى كتاب الجهاد (3/ 6). أخرجه الدارمي فى سننه فى كتاب السير (224/ 2) انظر ما قاله الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسى فى تذكرة الموضوعات ص 122 فى حديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده.

الفصل الاربعون الرسول -صلى الله عليه وسلم- يخبر أصحابه عن كنز فارس والروم

الفصل الاربعون الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يخبر أصحابه عن كنز فارس والروم قال عبد اللَّه أحمد فى المسند: حدثنا أبى، حدثنا عبد الرزاق (¬1)، ثنا معمر (¬2)، عن يحيى بن أبى كثير (¬3) عن أبى همام الشيبانى (¬4)، قال: حدثنى رجل من خثعم، قال: كنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك، فوقف ذات ليلة، واجتمع عليه ¬

_ (¬1) هو عبد الرزاق بن همام بن نافع، الحصرى مولاهم، أبو بكر الصنعاني، ثقة حافظ، مصنف، شهير، عمى فى آخر عمره فتغير، وكان يتشيع، من التاسعة، مات سنة 211 هـ، وله 85 سنة / ع التقريب (505/ 1) انظر رسالة فى الرواة الثقات للذهبى ص 17. (¬2) هو معمر بن راشد، الأزدى مولاهم، أبو عروة البصرى، نزيل اليمن، ثقة ثبت، فاضل، إلا ان فى روايته عن ثابت والأعمش وهشام وعروة شيئا، وكذا فيما حدث به بالبصرة، من كبار السابعة، مات سنة 154 هـ وهو ابن ثمان وخمسين سنة / ع التقريب (266/ 2). (¬3) هو يحيى بن أبى كثير الطائي، مولاهم، أبو نصر اليماني، ثقة، ثبت، لكنه يدلس، ويرسل، من الخامسة، مات سنة 132 هـ وقيل قبل ذلك / ع التقريب (356/ 2). قلت: لا يضر تدليسه لان الحافظ ذكره فى الطبقة الثانية فى طبقاته انظر الطبقات ص 11. (¬4) قال الحافظ ابن حجر فى تعجيل المنفعة ص 525: أبو همام الشيبانى، عن رجل من خثعم له صحبة، وعنه يحيى بن أبى كثير، مجهول قاله الحسينى. قال الحافظ: ذكره الحاكم أبو أحمد تبعا للبخارى فيمن لا يعرف اسمه ولم يذكر فيه جرحا. قلت: هذا الحديث ضعيف بهذا الاسناد لمجهول فى اسناده وهو أبو همام الشيبانى.

أصحابه، فقال: إن اللَّه أعطاني الليلة كنزين، كنز فارس والروم، وأمدني بالملوك، ملوك حمير الأحمرين، ولا ملك إلا للَّه يأتون يأخذون من مال اللَّه، ويقاتلون فى سبيل اللَّه قالها ثلاثا (¬1) ضعيف بهذا الاسناد. أرداف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سهيل بن بيضاء فى تبوك قال عبد اللَّه بن الإمام أحمد فى مسند أبيه: حدثنا أبى، ثنا يعقوب (¬2) قال: سمعت أبى (¬3) يحدث عن يعقوب (¬4) قال: حمعت أبى (¬5) عن يزيد يعنى ابن الهاد (¬6) عن محمد بن إبراهيم ¬

_ (¬1) مسند الإمام أحمد (272/ 5). وقد أورد الحديث الساعاتى فى ترتيبه لمسند الإمام أحمد (220/ 21). وقال ضعيف بهذا الاسناد. (¬2) يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، أبو يوسف، المدنى، نزيل بغداد، ثقة فاضل، من صغار الأئمة، مات سنة 208 هـ/ ع التقريب (374/ 2). (¬3) هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، أبو إسحاق المدنى، نزيل بغداد ثقة حجة، تكلم فيه بلا قادح، من الثامنة، مات سنة 185 هـ/ ع التقريب (35/ 1). (¬4) قلت: فى هذا الاسناد تكرار وقد وقع خطأ من النساخ، فالرقم الرابع هو يعقوب بن إبراهيم ابن سعد وقد تقدمت ترجمته، فى الرقم الثاني. (¬5) هذا أيضا وقع خطأ وقد تقدمت ترجمته فى الرقم الثالث أيضا -وهو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم. (¬6) هو يزيد بن عبد الملك بن اسامة بن المهاد، الليثي، أبو عبد اللَّه المدنى ثقة مكثر، من الخامسة مات سنة 139/ ع التقريب (367/ 2).

ابن الحارث (¬1) عن سهيل بن بيضاء (¬2) انه قال: نادى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذات ليلة وأنا رديفه، يا سهيل بن بيضاء رافعا بها صوته مرارا حتى سمع من خلفنا، وأمامنا فاجتمعوا وعلموا أنه يريد أن يتكلم بشيء. أنه من قال لا اله الا اللَّه، أوجب اللَّه عز وجل بها الجنة، وأعتقه بها من النار (¬3). ¬

_ (¬1) هو محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي، أبو عبد اللَّه، المدنى، ثقة، له افراد، من الرابعة مات سنة عشرين على الصحيح / ع التقريب (140/ 2). (¬2) هو سهيل بن بيضاء القرشى، وبيضاء أمه، واسمها دعد واسم أبيه وهب بن ربيعة بن عمرو بن عامر بن ربيعة من الصحابة انظر الإصابة (90/ 2). وقد أشار الحافظ الى هذا الحديث فى ترجمته والحديث منقطع، لأن سهيل بن بيضاء توفى سنة تسع من الهجرة كما قال الحافظ فى الإصابة (91/ 2) ومحمد بن إبراهيم بن الحارث توفى سنة 120 على الصحيح كما قال الحافظ فى التقريب (140/ 2) ومن المؤكد أنه لم يولد إلا بعد وفاة سهيل بن بيضاء، واللَّه تعالى أعلم. وقد أورد هذا الحديث صاحب السيرة الشامية ونسب إخراجه الى الإمام أحمد فى مسنده والطبراني والواقدى فى مغازيه (387/ 2/ 2). قال صاحب السيرة الشامية: إن ذلك كان فى غزوة تبوك. (¬3) مسند الإمام أحمد (466/ 3). * * *

الفصل الحادى والأربعون فى معجزاته -صلى الله عليه وسلم- فى غزوة تبوك وقبول دعائه -صلى الله عليه وسلم- فيما يتعلق بالظهر

الفصل الحادى والأربعون فى معجزاته -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك وقبول دعائه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما يتعلق بالظهر قال عبد اللَّه بن الإمام أحمد فى المسند: حدثنا أبى، ثنا عصام بن خالد الحضرمي (¬1) ثنا صفوان بن عمرو (¬2)، عن شرج بن عبيد (¬3) إن فضالة بن عبيد الأنصاري، كان يقول غزونا مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- غزوة تبوك، فجهد بالظهر جهدا شديدا، فشكوا الى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ما بظهرهم من الجهد، فتحين رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بهم مضيقا، فسار النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيه، فقال مروا بسم اللَّه فمر الناس عليه بظهرهم، فجعل ينفخ بظهرهم، اللهم احمل عليها فى سبيلك إنك تحمل على القوى والضعيف وعلى الرطب واليابس فى البر والبحر، قال: فما بلغنا المدينة حتى جعلت تنازعنا أزمتها، قال فضالة: هذه دعوة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على ¬

_ (¬1) هو عصام بن خالد الحضرمى، أبو إسحاق الحمصي، صدوق من التاسعة، مات سنة أربع وعشرة ومائتين على الصحيح / بخ التقريب (21/ 2). (¬2) هو صفوان بن عمرو بن هرم السكسكى، أبو عمرو الحمصي، ثقة، من الخامسة، مات خمس وخمسين ومائة 155 / أو بعدها / بخ م عم التقريب (368/ 1). (¬3) هو شريح بن عبيد بن شريح، الحضرمى الحمصي، ثقة، من الثالثة، وكان يرسل كثيرا، مات بعد المائة / د س ق التقريب (349/ 1).

القوى والضعيف فما بال الرطب واليابس، فلما قدمنا الشام غزونا غزوة قبرص فى البحر، فلما رأيت السفن فى البحر، وما يدخل فيها عرفت دعوة النبي صلى اللَّه عليه وسلم (¬1). ¬

_ (¬1) مسند الإمام أحمد (20/ 6). قال المزى فى تهذيب الكمال (581/ 3) روى عن فضالة بن عبيد الأنصارى ولم يذكر الارسال بينه وبين فضالة. مع أنه ذكر الارسال عن بعض الصحابة. قلت: هذا الاسناد حسن إن شاء اللَّه تعالى وقد أخرج هذا الحديث الإمام ابن حبان البستى فى صحيحه انظر صحيح ابن حبان ورقة (281/ 2) والهيثمى فى موارد الظمآن فى زوائد ابن حبان ص 418 وفى مجمع الزوائد (193/ 6) وقال: رواه الطبرانى والبزار، وفيه يحيى بن عبد اللَّه البابلتي وهو ضعيف. قلت: نعم ترجم له الحافظ فى التقريب (351/ 2)، إذ قال: يحيى بن عبد اللَّه بن الضحاك البابلبتي بموحدتين، ولام مضمومة، ومثناة ثقيلة، أبو سعيد الحراني، أو ابن امرأة الأوزاعي، ضعيف من التاسعة، مات سنة 218 هـ وهو ابن سبعين سنة / خت س التقريب. قلت: اسناد هذا الحديث عند أحمد وابن حبان حسن، وعند الطبرانى ضعيف، قال الشيخ يوسف الشامي فى السيرة الشامية، (394/ 2/ 2). وروى الطبرانى بسند صححه الشيخ، وحسنه الحافظ خلافا لمن ضعفه عن فضالة بن عبيد رضي اللَّه تعالى عنه ثم ذكر الحديث. * * *

الفصل الثانى والأربعون فى قصة حية كبيرة اعترضت سبيل المسلمين فى غزوة تبوك

الفصل الثانى والأربعون فى قصة حية كبيرة اعترضت سبيل المسلمين فى غزوة تبوك قال الواقدى فى سياق طويل باسناده فى مغازيه، حدثنى ابن أبى سبرة، عن يونس بن يوسف عن عبيد بن جبير، عن أبى سعيد الخدرى قال: عارض الناس فى مسيرهم حية ذكرها من عظمها وخلقها، وانصاع الناس عنها فأقبلت، حتى وقفت على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، هو على راحلته طويلا، والناس ينظرون إليها، ثم التوت حتى اعتزلت الطريق، فقامت قائمة فأقبل الناس، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أتدرون من هذا؟ قالوا: اللَّه ورسوله أعلم، قال: هذا أحد الرهط الثمانية من الجن الذين وفدوا إليّ يستمعون القرآن فرأى عليه من الحق حين ألمّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ببلده أن يسلم وها هو يقرئكم السلام، فقال الناس وعليه السلام ورحمة اللَّه وبركاته (¬1). ¬

_ (¬1) مغازى الواقدى (1008 - 1015/ 3). قلت: إن هذا الحديث بهذا الاسناد موضوع، لأن فيه أبا بكر بن عبد اللَّه بن محمد بن أبى سيرة رموه بالوضع قاله الحافظ فى التقريب (397/ 2). وقال الذهبي فى الميزان (503 - 504/ 4): قال أحمد بن حنبل كان يضع الحديث، وقال النسائي متروك، ثم عدَّدَ الذهبي بعض الروايات المنكرة التى رويت عن طريقه. انظر الكشف الحثيث عمن رمى بوضع الحديث للحلبى 23 وقد أورد هذا الحديث الشيخ نور الدين الحلبى فى سيرته معلقا (304 - 305/ 3) والسيوطى فى خصائصه (100 - 109/ 2).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقال الدكتور محمد خليل هراس معلقا على هذه الرواية: ترى لو كان هذا جنيا مؤمنا، فما له روع الناس، وأخافهم، وهلا أتى الى الرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى وقت غير هذا فسلم ولكنه الكذب الذى لا يقوم على قدم. لعنة اللَّه على الكاذبين. قلت: الحديث هذا موضوع بهذا الاسناد كما جاء فى ترجمة ابن أبى سبرة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب انظر متاع الاسماع (459/ 1) والفتاوى الحديثية لاحمد بن حجر المكى الهيثمى ص 60. * * *

الفصل الثالث والأربعون فى كرامة إضاءة الاصابع لبعض الصحابة فى غزوة تبوك

الفصل الثالث والأربعون فى كرامة إضاءة الاصابع لبعض الصحابة فى غزوة تبوك قال محمد بن سعد: قال محمد بن عمر: قال حمزة بن عمرو (¬1): لما كنا بتبوك، ونفر المنافقون بناقة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى العقبة، حتى سقط بعض متاع رحله -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال حمزة: فنور لى فى أصابعى ¬

_ (¬1) ترجم له الحافظ فى الإصابة ترجمة مختصرا جدا (396/ 1): ولم يأت الروايات التى تتعلق بهذا المعنى. وكذا ابن عبد البر فى الاستيعاب (375/ 1). قلت: من غير المعقول أن يروى الواقدى عن حمزة بن عمرو الأسلمي مباشرة فالاسناد منقطع بلا شك. وليس هذا المعنى الذى ذكره محمد بن سعد غريبا فى حق الصحابة رضي اللَّه عنهم. أخرج الإمام أحمد فى مسنده (137 - 138/ 3): حديثا بهذا المعنى إذ قال رحمه اللَّه تعالى: حدثنا عبد الرزاق أنا معمر، عن ثابت، عن أنس، أن أسيد بن حضير ورجلا آخر من الأنصار تحدثا عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلة فى حاجة لهما، حتى ذهب من الليل ساعة، وليلة شديدة الظلمة، ثم خرجا من عند رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ينقلبان، وبيد كل واحد منهما عصية، فأضاءت عصا أحدهما لهما حتى مشيا، فى ضوئها حتى إذا افترق بهما الطريق، اضاءت للآخر عصاه، فمشى واحد منهما فى ضوء عصاه، حتى بلغ أهله. قلت: أخرج هذا الحديث الإمام أحمد فى عدة مواضع من مسنده، انظر المسند، (190 - 191/ 3) و (272/ 3) و (513/ 2) وأخرجه البخارى أيضا فى فضائل الصحابة (30/ 7) وجاء عند البخارى كان أسيد بن حضير، وعباد بن بشير عند النبي صلى اللَّه عليه وسلم. =

الخمس، فأضئ، حتى جعلت القط ما شذ من المتاع والسوط، والحبل، وأشباه ذلك (¬1). ¬

_ = قلت هذه الأحاديث الصحيحة، تدل على أن هذا الذى أخرجه محمد بن سعد فى الطبقات الكبرى عن طريق الواقدى له أصل صحيح ثابت فى فضائل الصحابة رضي اللَّه تعالى عنهم. ولو لم يصح الاسناد عند محمد بن سعد، وقد أورد هذا الحديث السيوطى فى الخصائص الكبرى (103/ 2) وعزاه الى محمد بن سعد وقد صح عندنا قصة ناقة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى العقبة من قبل المنافقين واللَّه تعالى أعلم. (¬1) الطبقات الكبرى (317 - 318/ 4). انظر حجة اللَّه على العالمين (607 - 608). * * *

الفصل الرابع والأربعون فى معجزة نزول المطر بدعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- فى غزوة تبوك

الفصل الرابع والأربعون فى معجزة نزول المطر بدعاء الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك قال السيوطى: أخرج ابن أبى حاتم، عن أبى حزرة، قال: نزلت هذه الآية فى رجل من الأنصار، فى غزوة تبوك، ونزلوا الحجر، فأمرهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أن لا يحملوا من مائها شيئا، ثم ارتحل، ثم نزل منزلا آخر، وليس معهم ماء، فشكوا ذلك الى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقام فصلى ركعتين، ثم دعا، فأرسل اللَّه سبحانه وتعالى سحابة، فأمطرت عليهم، حتى استقوا منها فقال رجل من الأنصار لآخر من قومه يتهم بالنفاق، ويحك، قد ترى ما دعا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأمطر اللَّه علينا السماء، فقال: إنما مطرنا بنوء كذا، وكذا، فأنزل اللَّه: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} الآية الواقعة: 82 (¬1). ¬

_ (¬1) الخصائص الكبرى للسيوطى (106/ 2). قال السيوطى فى الدر المنثور (163/ 6): أخرج ابن أبى حاتم عن أبى حرزة، ثم ذكر الحديث الذى أورده السيوطى فى الخصائص، ولم يذكر الاسناد حسب العادة، إلا أن هناك دلالة واضحة، فى ضعف هذه الرواية، لأن سورة الواقعة مكية إلا قول ابن عباس نزلت آية منها فى المدينة. فكيف تنزل هذه الآية فى غزوة تبوك، اللهم إلا إذا قلنا: نزلت الآية فى غزوة تبوك مرة ثانية، إلا أن المفسرين لم يقولوا بهذا، وليس هناك سند قائم، حتى يبحث فيه، ثم يحكم عليه بالصحة أو بالضعف. وقال العلامة الدكتور محمد خليل هراس معلقا على هذه الرواية فى الخصائص (106/ 2): وهذه الآية من سورة الواقعة مكية باتفاق، وغزوة تبوك كانت آخر غزواته -صلى اللَّه عليه وسلم-، قبل أن يموت بعام، فأين غابت عقول هؤلاء؟ قلت ليس هذا دليلا على ما ذكره، لأن الآية كما قلت =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قد تكون نزلت مرة أخرى كما حصل هذا فى عدة آيات من القرآن الكريم، وقد عقد السيوطى فى الاتقان فى ذلك فصلا كاملا انظر الاتقان (17 - 18/ 1). وإنما الدليل الصحيح على ذلك، هو دراسة رجال الاسناد دراسة صحيحة، ثم الحكم بموجبها. وأما أبو حزرة فهو يعقوب بن مجاهد، القاض، يكنى أبا حزرة بفتح المهملة، وسكون الزاى، وهو بها أشهر، صدوق، من السادسة، مات سنة تسع وأربعين ومائة أو بعدها / بخ م وانظر التقريب (376/ 2). وأما بعض ألفاظ هذه الرواية، فهي إنما مطرنا بنوء كذا، وكذا الخ، فقد رويت هذا الألفاظ بأسانيد جياد عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومنها ما هى فى مسند الإمام أحمد إذ قال رحمه اللَّه: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا اسرائيل، عن عبد الأعلى، عن أبى عبد الرحمن، عن علي رضي اللَّه تعالى عنه، قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} يقول: شكركم، أنكم تكذبون، تقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، بنجم كذا، وكذا انظر المسند (89، 108، 131/ 1)، (415/ 2)، (525/ 2)، (429/ 3)، (117/ 4)، (312/ 3) وأخرج مسلم فى كتاب الإيمان (59/ 1) أخرجه البخارى فى كتاب المغازى (101/ 5)، وفى كتاب الاذان (139 - 140/ 1) وفى كتاب الاستسقاء (29 - 30/ 2) وأخرجه مالك فى مؤطئه فى كتاب الاستسقاء (198 - 198/ 1) والامام أبو عيسى الترمذى فى سننه فى كتاب التفسير (180/ 12) والامام أبو داود فى سننه فى كتاب الطب (21 - 22/ 4) والنسائي فى سننه فى كتاب الاستسقاء (163 - 165/ 3). قلت: هذا الجزء من الحديث صحيح وأما الباقى فلا علم لي بذلك. واللَّه تعالى أعلم بالصواب. انظر تفسير ابن كثير مع البغوى (208 - 210/ 8) والقرطبى فى تفسيره (228 - 230/ 17). وزاد المسير لابن الجوزى (153 - 154/ 8) انظر الزواجر للهيتمى المكى (147 - 148).

الفصل الخامس والاربعون فى قصة الياس -صلى الله عليه وسلم- لقاءه برسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزوة تبوك

الفصل الخامس والاربعون فى قصة الياس -صلى اللَّه عليه وسلم- لقاءه برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- غزوة تبوك قال السيوطى: أخرج ابن أبى الدنيا، والحاكم، والبيهقى، وضعفه، وأبو الشيخ فى العظمة، عن أنس، قال: غزونا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، حتى كنا عند الحجر، إذا نحن بصوت، يقول: اللهم اجعلنى من أمة محمد المرحومة المغفور لها المستجاب لها، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا أنس: انظر ما هذا الصوت؟ فدخلت الجبل، فإذا رجل عليه ثياب بيض، أبيض الرأس، واللحية، طوله أكثر من ثلاثمائة ذراع، فلما رآنى، قال: أنت رسول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قلت: نعم، فقال: ارجع إليه، فاقرأه السلام، وقل له: هذا أخوك الياس، يريد أن يلقاك، فرجعت الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخبرته، فجاء يمشى، وأنا معه، حتى إذا كنا منه قريبا، تقدم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتأخرت أنا فتحدثا طويلا، فنزل عليهما من السماء شيء شبه السفرة، ودعانى فأكلت معهما، فإذا فيها كمأة ورمان، وحوت، وتمر وكرفس، فلما أكلت قمت، فتنحيت ثم جاءت سحابة فحملته، وأنا انظر الى بياض ثيابه فيها تهوى به قبل السماء (¬1). ¬

_ (¬1) الخصائص الكبرى (109/ 2). قلت: ابن أبى الدنيا هو عبد اللَّه بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس القرشى، مولاهم، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ابن أبى الدنيا، البغدادى، صدوق حافظ، صاحب تصانيف، من الثانية عشرة مات سنة 281 وله ثلاث وسبعون سنة / فق انظر التقريب (447/ 1). والتهذيب (12/ 6). انظر تصانيفه فى فهرست ابن الديم ص 262 وفى الاعلام لخير الدين الزركلي (260/ 4) وله كتاب العظمة فى عجائب الخلق رمز إليه الزركلى فى الاعلام بحرف خ وأما أبو الشيخ، فهو حافظ اصبهان، ومسند زمانه الإمام أبو محمد عبد اللَّه بن محمد بن جعفر ابن حيان الأنصارى ترجم له الذهبى فى تذكرة الحفاظ (945 - 947/ 3). أما الحديث الذى أورده السيوطى فهو حديث موضوع، وقد أخرجه الحاكم فى المستدرك (617/ 2). والبيهقى فى الدلائل وفى اسنادهما يزيد ابن يزيد البلوى، قال الذهبي فى التلخيص (617/ 2). قلت: بل موضوع قبح اللَّه من وضعه، وما كنت أحسب ولا أجوز أن الجهل يبلغ بالحاكم الى أن يصحح هذا الاسناد، الخ. قلت: قال: الحافظ فى لسان الميزان (295 - 296/ 6) يزيد ابن يزيد البلوى الموصلى، عن أبى إسحاق الفزارى، وروى عنه بحديث باطل، أخرجه الحاكم فى المستدرك ثم ذكر الحديث قلت هذا هو كلام الذهبي فى الميزان (441/ 4) ثم قال الحافظ، وهذا الحديث مما افتراه يزيد البلوى. والحديث هذا أورده السيوطى فى الخصائص الكبرى (108/ 2) وقال فضيلة الدكتور محمد خليل هراس معلقا على هذا الحديث: خبر يفوح منه الكذب، حتى يكاد يزكم الأنوف، ولكن يظهر أن بعض المحدثين قد فقدوا حاسة الشم والعياذ باللَّه. فكيف بقى إلياس حيا هذه المئات، بل الالاف من السنين حتى بعث نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولماذا لم يطلب لقياه إلا فى آخر مدته وفى الحجر من ديار ثمود وهو مكان معلون، نزل فيه عذاب اللَّه على هؤلاء المكذبين؟ وكيف كان طوله ثلاثمائة ذراع؟ وعلى كل حال فهو حديث ينادى على نفسه فلا نشغل بالرد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = عليه، إلا أننا نقول إن كل حديث فيه أن إلياس أو الخضر كانا على قيد الحياة، حيث بعث نبينا صلى اللَّه عليه وسلم أو أنهما لا يزالان حيين الى الآن كذب مفترى، هو من وضع دجاجلة الصوفية قبحهم اللَّه. قلت: أفاد وأجاد فضيلة الدكتور محمد خليل هراس، حبذا لو تكلم على الحديث من ناحية الاسناد لكان أقوى دليلا وأعمق حجة واللَّه المستعان. وقد أورد السيوطى إثرا مماثلا فى الخصائص الكبرى (109 - 110/ 2): إذ يقول رحمه اللَّه تعالى: وأخرج ابن شاهين وابن عساكر بسند فيه مجهول عن واثلة بن الأسقع قال: غزونا مع رسول اللَّه اللَّه غزوة تبوك، حتى إذا كنا ببلاد جذام، وكان قد أصابنا عطش، فإذا بين أيدينا اناء وعنب فسرنا ميلا، فإذا بغدير، حتى إذا ذهب ثلث الليل إذا نحن بمناد يقول: اللهم اجعلنى من أمة محمد المرحومة فذكر الحديث، نحو ما تقدم إلا أنه قال: فى طوله أعلى منا بذراعين أو ثلاث. قلت: هذا الحديث أيضا من النوع الذى قد مضى الكلام عليه، إلا ما ذكر من قصة العطش فإنها صحيحة وقد رويت بطرق عديدة، واللَّه تعالى أعلم. انظر ما قاله الإمام ابن تيمية فى التوسل والوسيلة فى هذا الموضوع ص 83. انظر قصص الأنبياء لابن كثير وقد تكلم على هذا الحديث بالاطناب (241 - 244/ 2). * * *

الفصل السادس والأربعون فى معجزة نبع الماء من أصابعه -صلى الله عليه وسلم- فى غزوة تبوك

الفصل السادس والأربعون فى معجزة نبع الماء من أصابعه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك قال الواقدى: حدثنى عبد اللَّه بن عبد العزيز أخو عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن أبى صعصعة المازني، عن خلاد بن سويد، عن أبى قتادة، قال: بينما نحن مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نسير فى الجيش ليلا، ثم ذكر، إذ لحقهم عطش، وقد كادت تقطع أعناق الرجال والخيل عطشا، فدعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالركوة، فافرغ ما فى الاداة، فوضع اصابعه عليها، فنبع الماء من بين أصابعه، وأقبل الناس، فاستقوا، وفاض الماء، حتى ترووا، وأرووا خيلهم، وركابهم، وكان فى العسكر اثنا عشر ألف بعير، ويقال خمسة عشر ألف بعير، والناس ثلاثون ألفا. والخيل عشرة آلاف، وذلك قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي قتادة احتفظ بالركوة (¬1). ¬

_ (¬1) مغازى الواقدى (1040 - 1042/ 3). قلت: إن هذا الحديث بهذا الاسناد ضعيف جدا لأن فيه عبد اللَّه بن عبد العزيز قال الحافظ فى التقريب (430/ 1) عبد اللَّه بن عبد العزيز بن عبد اللَّه بن العامر الليثي، أبو عبد العزيز، المدنى، ضعيف، واختلط بآخرة من السابعة / ق. قال الذهبي فى الميزان (455/ 2): قال البخارى منكر الحديث، قال يحيى: ليس بشيء. قال أبو حاتم: لا يشتغل به. قال أبو زرعة: ليس بالقوى، قال النسائي: ضعيف. وقال ابن حبان: اختلط بآخرة، فاستحق الترك. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قلت: الواقدى: شيخه متروكان والرواية هذه أوردها السيوطى فى الخصائص الكبرى (105/ 2) ونسب اخراجها الى أبى نعيم وإلى الواقدى. وقال المعلق الدكتور محمد خليل هراس معلقا على هذه الرواية (105/ 2): لا مانع أن يكون منبع الماء، قد حصل فى هذه الغزوة أكثر من مرة، فان الشقة فيها كانت بعيدة، والطريق كلها مفاوز خالية من الماء، ولكن الحكاية مع ذلك باد عليها التصنع، والافتعال. قلت: إن الميزان الصحيح للنقد هو دراسة رجال الاسناد، ثم تتبع الطرق، إن جاءت عن طريق جيد، قبلت وإلا فلا وأما معجزة نبع الماء من أصابعه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقد ذكرتها قبل قليل إن الرواية قد صحت فى ذلك انظر النووي على مسلم (59/ 7). والبخارى (99/ 7) والمسند (251/ 1) و (324/ 1)، والنسائي فى الطهارة (60 - 61/ 1) وانظر رسالة ما لا بد منه ص 68 والمعجم الصغير ص 59، والأنس الجليل (219/ 1). * * *

الفصل السابع والاربعون فى المعجزة ما أخبر بها -صلى الله عليه وسلم- من اشراط الساعة فى غزوة تبوك ووقوع ذلك

الفصل السابع والاربعون فى المعجزة ما أخبر بها -صلى اللَّه عليه وسلم- من اشراط الساعة فى غزوة تبوك ووقوع ذلك قال البخارى باسناده: عن عوف بن مالك، قال: أتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك وهو فى قبة من أدم، فقال: أعدد ستا بين يدى الساعة، موتى، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال، حتى يعطى الرجل، مائة دينار فيظل ساخطا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بنى الأصفر، فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفا (¬1). ¬

_ (¬1) الجامع الصحيح للامام البخارى كتاب الصلح والموادعة (80/ 4). قلت: انفرد به البخارى دون سائر أصول الستة. وقد أورد هذا الحديث الإمام المزى فى مفردات الكتب الستة ورقة 26 وقد أخرج أبو داود فى سننه حديثا آخر بهذا المعنى انظر المصدر السابق ورقة 119. وقال الحافظ فى الفتح (198 - 199/ 6) قوله: اتيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك وهو فى قبة من ادم، زاد فى رواية المؤمل بن فضل عن الوليد عند أبى داود، فسلت فرد، فقال: أدخل فقلت أكلى يا رسول اللَّه، قال: كلك، فدخلت، فقال الوليد: قال عثمان بن أبى العاتكة، إنما قال ذلك من صغر القبة الخ انظر النهاية لابن كثير (48 - 49/ 1)، انظر قضاة الأندلس ص 155، انظر جامع الكبير للسيوطى (205/ 1) وعزاه الى البخارى فقط.

الفصل الثامن والاربعون فى معجزاته -صلى الله عليه وسلم- فى زيادة طعام فى غزوة تبوك

الفصل الثامن والاربعون فى معجزاته -صلى اللَّه عليه وسلم- فى زيادة طعام فى غزوة تبوك قال الواقدى: وقال رجل من بنى سعد بن هزيم، جئت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو جالس بتبوك، فى نفر من أصحابه، وهو سابعهم، فوقفت فسلمت، فقال: اجلس، فقلت: يا رسول اللَّه، أشهد أن لا اله إلا اللَّه، وإنك رسول اللَّه، قال: أفلح وجهك، ثم قال: يا بلال: أطعمنا، قال: فبسط بلال نطعا، ثم جعل يخرج ما حميت له، فأخرج خرجات بيده من تمر معجون بالسمن، والاقط، ثم قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: كلوا فأكلنا، حتى شبعنا فقلت: يا رسول اللَّه إن كنت لأكل هذا وحدى، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: الكافر يأكل فى سبعة أمعاء، والمؤمن يأكل فى معى واحد، قال: ثم جئته من الغد، متحينا لغدائه لأزداد فى الاسلام يقينا، فإذا عشرة نفر حوله، قال: فقال: هات يا بلال قال: فجعل يخرج من جراب تمرا بكفه قبضة، قبضة فقال أخرج، ولا تخف من ذى العرش إقتارا، فجاء بالجراب، فنثره قال: فحرزته مدين، قال: فوضع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يده على التمرة، ثم قال: كلوا باسم اللَّه، فأكل القوم، أكلت معهم، وكنت صاحب تمر، قال: فأكلت حتى ما أجد له مسلكا قال: وبقى على النطع مثل الذى جاء به بلال، كأنا لم نأكل منه تمرة واحدة، قال: ثم عدت من الغد، قال: وعاد نفر، حتى باتوا، وكانوا عشرة، أو يزيدون رجلا، أو رجلين فقال: يا بلال أطعمنا، فجاء بذلك الجراب بعينه، اعرفه، فنثره، ووضع

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يده عليه، فقال كلوا باسم اللَّه، فأكلنا، حتى نهلنا، ثم رفع مثل الذى صب، ففعل مثل ذلك ثلاثة أيام (¬1). ¬

_ (¬1) مغازى الواقدى (1017 - 1018/ 3). انظر ترجمة الواقدى فى التاج المكلل ص 123. قلت: هكذا أورده الواقدى بدون اسناد، والمتن لا غرابة فيه، وقد سبق قبل هذا المتن، متن مماثل عن ابن أبى سبرة أخرجه الواقدى فى مغازيه كنت قلت هناك أن حديثا صحيحا أخرجه البخارى عن جابر رضي اللَّه تعالى عنه (90/ 5) فى كتاب المغازى. وأما ما جاء فى هذا الحديث بعض الفاظ نبوية فهي: الكافر يأكل فى سبعة أمعاء، والمؤمن يأكل فى معي واحد فهو حديث صحيح أخرجه البخارى فى كتاب الأطعمة (62/ 7) إذ قال رحمه اللَّه باب المؤمن يأكل فى معي واحد، ثم قال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الصمد، حدثنا شعبة، عن واقد بن محمد، عن نافع قال: كان ابن عمر، لا يأكل، حتى يؤتى بمسكين يأكل معه، فأدخلت رجلا يأكل معه، فأكل كثيرا، فقال يا نافع: لا تدخل هذا عليّ، سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: المؤمن يأكل فى معي واحد، والكافر يأكل فى سبعة أمعاء. أخرجه مسلم فى كتاب الأطعمة أيضا (2/ 1084) وسنن الدارمي (2/ 99) والإمام أحمد فى مسنده (21، 43، 45، 275، 318، 375، 415، 435، 437، 455/ 2) و (333، 346، 357، 392/ 3)، (336/ 4)، (370، 335، 397/ 5). وقال السيوطى فى الخصائص الكبرى (104/ 2) أخرج أبو نعيم عن الواقدى ثم ذكر القصة بتمامها، وقال المعلق على الخصائص للعلامة الدكتور محمد خليل هراس: معلقا على هذه الرواية: هي حكايات، وأقاصيص، عن المجهولين معجزة تكثير الطعام فى غزوة تبوك ثابتة فى الصحيح، ولا نحتاح الى الحكايات الوهمة التى يولع بها هؤلاء القصاص الكذابون انتهى. قلت: ليس هذا الذى أخرجه الواقدى غريبا، بالنسبة لبقية معجزاته صلى اللَّه عليه وسلم وخصائصه وقد صح عندنا ما هو أعظم مما ذكره الواقدى واللَّه تعالى أعلم بالصواب. انظر غريب الحديث لأبى عبيد (22/ 3) وزاد المسلم فيما اتفق عليه البخارى ومسلم رحمهما اللَّه تعالى (374 - 376/ 3).

قال محمد بن عمر الواقدى: حدثنى ابن أيى سبرة، عن موسى ابن سعد، عن عرباض بن سارية قال: كنت مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بتبوك، فقال ليلة لبلال هل من عشاء؟ فقال: والذى بعثك بالحق، لقد نفضنا جربنا، قال: انظر، عسى أن تجد شيئا، فأخذ الجراب ينفضها جرابا جرابا، فتقع التمرة والتمرتان، حتى رأيت فى يده سبع تمرات، ثم دعا بصفحة، فوضع التمر فيها، ثم وضع يده فيها على التمرات، وقال: كلوا باسم اللَّه، فأكلنا ثلاثة أنفس، فأحصيت أربعا وخمسين تمرة، أعدها عدا، ونواها فى يدى الأخرى، وصاحباى يصنعان، كذلك فشبعنا، ورفعنا أيدينا، فإذا التمرات السبع كما هى، فقال يا بلال: ارفعها، فإنه لا يأكل منها أحد إلا نهل منها شبعا، فلما كان من الغد، دعا بلالا بالتمرات، فوضع يده عليهن، ثم قال: كلوا باسم اللَّه، فأكلنا، حتى شبعنا، أنا والعشرة ثم رفعنا أيدينا، وإذا التمرات كما هى، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: لولا انى استحى من ربى لاكلنا من هذه التمرات حتى نرد المدينة عن آخرنا، وأعطاهن غلاما، فولى، وهو يلوكهن (¬1). ¬

_ (¬1) مغازى الواقدى (1036 - 1038/ 3). قلت: هذا الحديث منكر بهذا الاسناد: قال الحافظ فى التقريب (397/ 2) فى ترجمة ابن أبى سبرة: أبو بكر بى عبد الرحمن بى محمد بن أبى سبرة، بفتح المهلة، وسكون الموحدة، ابن أبى رهم، ابن عبد العزى القرشى، العامرى المدنى، قيل: اسمه عبد اللَّه، وقيل: محمد، وقد ينسب الى جده، رموه بالوضع، قال مصعب الزبيرى: كان عالما من السابعة، مات 162 / ق وقال المعلق فى الهامش بدلا "من عالم" كان غاليا، أى من الشيعة الغلاة، انظر الميزان =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = للذهبى (503 - 504/ 4) وجاء فيه: روى عبد اللَّه، وصالح أبناء أحمد عن أبيهما قال: كان يضع الحديث. قلت: أخرج الحديث أبو نعيم فى دلائل النبوة بهذا الاسناد (454 - 455). وأورده السيوطى فى الخصائص الكبرى (103/ 2) وقال المحقق الدكتور العلامة محمد خيل هراس. مشيرا الى هذا الحديث: حديث موضوع لأن العرباض بن سارية لم يشهد تبوك بل كان أحد السبعة الذى قال اللَّه فيهم: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ} الآية، قلت: ترجم له الحافظ ابن حجر فى الإصابة (466/ 2) ولم يذكر شيئا يتعلق بهذا الرواية. قلت: إن هذه الرواية موضوعة بهذا الاسناد، وأما المعنى فقد ثبت فى غزوة أخرى وهى غزوة الاحزاب، فقد أخرج البخارى فى كتاب المغازى (90/ 5) عن جابر رضي اللَّه تعالى عنه قال: إنا يوم الخندق نحفر، فعرضت كدية شديدة، فجاؤا الى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالوا: هذه كدية عرضت فى الخندق، فقال: أنا نازل، ثم قام، وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا، فأخذ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- المعول، فضرب، فعاد كثيبا أهيل، أو أهيم، فقلت يا سول اللَّه إئذن لى الى البيت، فقلت لأمرتى: رأيت بالنبى -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئا ما كان فى ذلك صبر، فعندك شئ؟ قالت عندى شعير، وعناق، فذبحت العناق، وطحنت الشعير، حتى جعلنا اللحم فى البرمة، ثم جئت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، والعجين قد انكسر، والبرمة بين الاثافى قد كادت أن تنضج، فقلت: طعيم لى فقم أنت يا رسول اللَّه، ورجل أو رجلان، قال كم هو؟ فذكرت له، قال: كثير طيب، قال قل لها: لا تنزعى البرمة، ولا الخبز من التنور، حتى آتى، فقال: قوموا، فقام المهاجرون والأنصار، فلما دخل على امرأته قال: ويحك، جاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمهاجرين والأنصار، ومن معهم، قالت: هل سألك؟ =

قال السيوطى: أخرج أبو نعيم من طريق أَبى خالد الخزاعى يزيد بن يحيى، عن محمد بن حمزة ابن عمرو الاسلمى عن أبيه، عن جده، قال خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الى غزوة تبوك، كنت على النحى، فى ذلك السفر، فنظرت الى نحى السمن، قد قل ما فيه، وهيأت للنبي صلى اللَّه عليه وسلم طعاما، فوضعت النحى (¬1) فى الشمس، ونمت، فانتبهت بخرير النحى، فقمت، وأخذت رأسه بيدى، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ورآني، لو تركته لسال الوادى سمنا (¬2). ¬

_ = قلت نعم، فقال: ادخلوا ولا تضاغطوا، فجعل يكسر الخبز، ويجعل عليه اللحم، يخمر البرمة، والتنور إذا أخذ منه، ويقرب الى أصحابه، ثم ينزع، فلم يزل يكسر الخبز، ويغرف، حتى شبعوا وبقى بقية، قال كلى هذا، واهدى، فان الناس، اصابتهم مجاعة. قلت: أخرج البخارى حديثا آخر بهذا المعنى وذكر فى أن أهل خندق كانوا ألف رجل، (91/ 2) ثم قال جابر: فاقسم باللَّه، لقد أكلوا حتى تركوه وانصرفوا، وان برمتنا لتغط، كما هى، وإن عجيننا ليخبز كما هو. قلت: فهذا الذى أخرجه الواقدى فى مغازيه لو كان بسنده صحيحا لم تكن فيه غرابة أصلا، بل الغرابة كلها عن الواقدى وعمن روى هذه الحكاية عنه لانهم متروكون ومتهمون بالكذب ولذا رد علماء الحديث حديثهم واللَّه تعالى أعلم بالصواب. (¬1) النحى بكسر النون، الزق، أو كان للسمن خاصة. (¬2) الخصائص الكبرى للسيوطى (107/ 2). قلت: لم أجد هذا النص فى دلائل النبوة لابى نعيم (453 - 461) وأما أبو خالد الخزاعى، فلم أجد له ترجمة تطمئن إليها النفوس، إلا ما ذكر الذهبى فى الميزان (441/ 4): يزيد بن يحيى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ابن الصباح، لا يعرف، وقال أبو حاتم: ليس بالقوى، فإذا كان هو هذا فالحديث ضعيف بهذا الاسناد وإلا فالعلم عند اللَّه، وقال ابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل 297/ 2/ 4 ويزيد بن يزيد الخزاعى الكوفى، روى عن سليمان بن رزين الاسلمى وأبى بكر محمد بن حمزة بن عمرو الاسلمى، روى عنه موسى بن إسحاق الانصارى الخطمى. قلت: قد يكون وقع التحريف فى هذا الاسم عن بعض النساخ فهو يزيد بن يزيد الخزاعى، لأن العلامة التى ذكرها ابن أبى حاتم على معرفة الرجل، تنطبق على يزيد بن يزيد الخزاعى، وعلى كل حال، ليس الأمر واضحا أمامى ولذا أتوقف عن تصحيح هذا الاسناد أو تضعيفه، ولم أجد هذا النص فى كتب الحديث أو كتب السير التى بين يدى، والنص ليس غريبا، لأن معناه قد ثبت باسانيد جياد كما مر بكم واللَّه أعلم. * * *

الفصل التاسع والاربعون فى معجزته -صلى الله عليه وسلم- فى فوران العين فى غزوة تبوك

الفصل التاسع والاربعون فى معجزته -صلى اللَّه عليه وسلم- فى فوران العين فى غزوة تبوك قال السيوطى: أخرج البيهقى، وأبو نعيم، عن عروة، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين نزل بتبوك، وكان فى زمن قل ماؤها فيه، فاغترف غرفة بيده من ماء فمضمض به فاه، ثم بصقه فيها، ففارت عينها، حتى امتلأت، فهى كذلك حتى الساعة (¬1). ¬

_ (¬1) الخصائص الكبرى (110/ 2). قلت: لم أجد هذا النص فى السنن الكبرى للبيهقى فيما أظن، وقد يكون فى الدلائل للبيهقي وهو كتاب تحت الطبع، وأما كتاب أبى نعيم فهو دلائل النبوة أيضًا، إلا أنه طبع مبتورا فى الهند، ولم أجد فيه هذا النص أيضًا مع أنه قال رحمه اللَّه تعالى فى كتابه (453 - 461) ذكر ما كان فى غزوة تبوك، ثم ساق الاسانيد مع المتون التى فيها خصائصه، ومعجزاته -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك، ثم هذا مع العلم أنى لم أجد هذا النص فى المراجع الى بين يدى، إلا ما ذكره السيوطى فى خصائصه، ولو وجد شئ من هذا وصح الاسناد لكان هذا النص مرسلا، لأن عروة لم يلق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو تابعى مشهور من الثانية انظر التقريب (19/ 2). قلت: وقد صح بمثل هذا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى مرات عديدة وفى سفرات كثيرة كما أخرج البخارى (99/ 7) فى كتاب الأشربة إذ قال رحمه اللَّه تعالى: باب شرب البركة والماء المبارك، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جرير، عن الأعمش، قال: حدثنى سالم بن أبى الجعد، عن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما، هذا الحديث قال: قد رأيتنى مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد حضرت العصر،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وليس معنا ماء، غير فضلة، فجعل فى إناء، فأتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- به فأدخل يده فيه، وخرج أصابعه، ثم قال: حيّ عليّ أهل الوضوء، البركة من اللَّه، فلقد رأيت الماء يتفجر من بين اصابعه، فتوضأ الناس، وشربوا، فجعلت لا آلو ما جعلت فى بطنى منه، فعلمت أنه بركة، قلت لجابر: كم كنتم يومئذ؟ قال: ألفا وأربعمائة، تابعه عمرو عن جابر وقال حصين بن مرة، عن سالم، عن جابر، خمس عشرة مائة، وتابعه سعيد بن المسيب، عن جابر، قلت اخرجه عبد اللَّه بن أحمد فى المسند عن أبيه انظر المسند (251/ 1) و (324/ 1) وأخرجه مالك فى مؤطئه فى كتاب الطهارة ومسلم فى كتاب الزهد والفضائل والترمذى فى كتاب المناقب والدارمى فى المقدمة والنسائى فى كتاب الطهارة (60 - 61/ 1). قلت فبناء على هذا الحديث فلا غرابة فى حديث عروة بن الزبير المرسل واللَّه تعالى أعلم. * * *

الفصل الخمسون فى تكريمه صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه فى غزوة تبوك وهو صلاته خلف عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه

الفصل الخمسون فى تكريمه صلى اللَّه عليه وسلم بعض أصحابه فى غزوة تبوك وهو صلاته خلف عبد الرحمن بن عوف رضي اللَّه تعالى عنه قال الإمام مسلم: حدثنى محمد بن عبد اللَّه بن بزيع، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا حميد الطويل، حدثنا بكر بن عبد اللَّه المزنى، عن عروة بن المغيرة بن شعبة عن أبيه، قال: تخلف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتخلفت معه فلما قضى حاجته، قال: أمعك ماء؟ فأتيته بمطهرة، فغسل كفيه، ووجهه، ثم ذهب يحسر عن ذراعيه، ومسح بناصيته، وعلى العمامة، وعلى خفيه، ثم ركب وركبت، فانتهينا الى القوم، وقد قاموا فى الصلاة يصلى بهم عبد الرحمن بن عوف، وقد ركع بهم ركعة، فلما أحس بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذهب يتأخر، فأومأ إليه فصلى، فلما سلم، قام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقمت فركعنا الركعة التى سبقتنا (¬1). ¬

_ (¬1) مسلم فى كتاب الطهارة باب المسح على الناصية والعمامة (159 - 158/ 1). قلت: أخرجه البخارى فى كتاب الوضوء (43 - 44/ 1) وقال الحافظ فى الفتح (265/ 1): إنه كان فى غزوة تبوك بلا تردد، وإن ذلك كان عند صلاة الفجر، ولمالك، وأحمد، وأبى داود من طريق عباد بن زياد عن عروة بن المغيرة، أنه كان فى غزوة تبوك. قلت: نعم أخرجه مالك فى موّطئه (57 - 58/ 1): عن ابن شهاب عن عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة، عن أبيه، عن المغيرة بن شعبة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذهب لحاجته فى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = غزوة تبوك ثم ذكر الحديث. قال السيوطى فى تنوير الحوالك على موطأ مالك (57/ 1) قال ابن عبد البر: واسناد هذا الحديث من رواية مالك فى الموطأ، وغيره ليس بالقائم، وهو منقطع فان عباد ابن زياد لم ير المغيرة، ولم يسمع منه شيئا وإنما يرويه ابن شهاب عن عباد بن زياد عن عروة، وضمرة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيهما المغيرة، وربما حدث به ابن شهاب عن عباد بن زياد عن عروة بن المغيرة عن أبيه لا يذكر حمزة انتهى كلامه. قلت: ليس عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة بل هو عباد بن زياد بن أبيه المعروف أبوه بزياد بن أبى سفيان، أخو عبيد اللَّه بن زياد يكنى أبا حرب، روى عن عروة، وحمزة ابنى المغيرة ابن شعبة، وعنه الزهرى، ومكحول، قال مصعب بن الزبيرى فى حديث مالك عن الزهرى عن عباد بن زياد من ولد المغيرة، عن المغيرة بن شعبة فى المسح على الخفين، وغير ذلك، ليس عندهم غيره أخطأ فيه مالك خطأ قبيحا، والصواب عن عباد بن زياد عن رجل من ولد المغيرة، قاله الحافظ فى التهذيب (93/ 5). قلت: وهو وهم ظاهر كما قاله الحافظ وغيره ولم يذكر المزى فى تهذيب الكمال (1361/ 6): فى ترجمة المغيرة بن شعبة أن عباد بن زياد روى عنه أو هو من ولده. قال ابن أبى حاتم فى العلل (169/ 1): سمعت أبى، وذكر الحديث الذى رواه مالك بن أنس عن ابن شهاب، عن عباد بن زياد، من ولد المغيرة بن شعبة، عن المغيرة بن شعبة، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذهب لحاجته فى غزوة تبوك، قال المغيرة: فذهبت معي بماء فجاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فسكبت عليه، فغسل وجهه، ويديه، ومسح رأسه، ومسح على الخفين، فسمعت أبى يقول: وهم مالك فى هذا الحديث فى نسب عباد بن زياد، وإنما هو عباد بن زياد، عن عروة وحمزة بن المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقد أخرج هذا الحديث الإمام أحمد فى مسنده فى عدة مواضع (293/ 3)، (244/ 4)، (247 - 249/ 4) و (251/ 4) والامام أبو داود فى سننه فى كتاب الطهارة باب المسح عل الخفين (81 - 82/ 1) وابن ماجه فى سننه (118/ 1) فى كتاب الطهارة وأخرجه أبو عوانة فى مسنده فى كتاب الطهارة (259/ 1) أخرج الحديث الواقدى فى مغازيه (1011 - 1012/ 2): بزيادات كبيرة وأورده صاحب السيرة الحلبية (293/ 3) والشيخ عبد الباقى الزرقاني فى المواهب اللدنية (92/ 4) وأورده السيوطى فى الخصائص الكبرى (107 - 108/ 2) وقال: وأخرج ابن سعد بسند صحيح عن المغيرة بن شعبة، أنه سئل هل أم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أحد من أمته غير أبى بكر ثم ذكر الحديث. قلت: نعم أخرجه ابن سعد فى الطبقات الكبرى فى ترجمة عبد الرحمن بن عوف (128 - 129/ 3) واسناده هكذا: أخبرنا اسماعيل بن إبراهيم الأسدي بن علية عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن عمرو بن وهب قال: كنا عند المغيرة بن شعبة. قلت رجال الاسناد كلهم ثقات: انظر معرفة السنن والأثار للبيهقى (77 - 82) ومصابيح السنة للبغوى (23 - 24/ 1) والسنن الكبرى للنسائى (99 - 101/ 1) شرح الموطأ للباجى (76 - 77/ 1) نسب قريش لابن عبد اللَّه المصعب بن عبد اللَّه الزبيرى 265 - 226 ومسند الموطأ للغافقى (76 - 77) ومسند أبى يعلى (124/ 1) وصلة الخلف لموصول السلف ص 124، وسير اعلام النبلاء للذهبى (52/ 1). * * *

الفصل الحادى والخمسون فيما أخبر به -صلى الله عليه وسلم- فى غزوة تبوك عن مناديل سعد بن معاذ

الفصل الحادى والخمسون فيما أخبر به -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك عن مناديل سعد بن معاذ قال ابن اسحاق: فحدثنى عاصم بن عمر بن قتادة (¬1)، عن أنس بن مالك قال: رأيت قباء أكيدر حين قدم على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجعل المسلمون يلمسونه بأيديهم، ويتعجبون منه، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أتعجبون من هذا؟ فوالذى نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة أحسن من هذا (¬2). ¬

_ (¬1) هو عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الأوسي الأنصاري، أبو عمر المدنى، ثقة عالم بالمغازى، من الرابعة، مات بعد العشرين ومائة / ع التقريب (385/ 1). (¬2) سيرة ابن هشام (170/ 4). قلت: هذا الاسناد حسن ان شاء اللَّه تعالى. وقد أخرج هذا الحديث بإسناده الإمام البخارى فى صحيحه فى كتاب المناقب (30/ 5) ومسلم أيضًا فى الصحيح فى كتاب فضائل الصحابة (150 - 151/ 7) والترمذى فى سننه فى كتاب المناقب (234/ 13) وأخرجه الإمام أحمد فى مسنده (307/ 3) و (238/ 3) (289/ 4)، (301/ 4)، وأورده الإمام بن كثير فى البداية والنهاية (17/ 5) نقلا عن ابن اسحاق. وأورده محمد بن جرير الطبرى فى تاريخه (373/ 2) بإسناده الضعيف عن محمد بن اسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن أنس بن مالك. انظر النكت الظراف على هامش الاطراف لابن حجر (391/ 1) وتغليق التعليق لابن حجر 286 ورقة انظر الاصابة لابن حجر (35/ 2) وأخرجه ابن سعد فى الطبقات الكبرى (457/ 1)، وفى اسناده =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف، وأخرجه أيضًا فى موضع آخر باسناد صحيح (435/ 3)، و (346/ 3) وابن عبد البر فى الاستيعاب (604/ 2) وقال هو حديث صحيح ثابت، وابن الأثير فى اسد الغابة (298/ 2) وأورد الحديث الإمام المزى فى تهذيب الكمال فى ترجمة سعد بن معاذ (478/ 3) انظر الدين الخالص (478/ 3). الدرة الثمينة فى تاريخ المدينة 352 و 353 وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب (190/ 1) وأربعين حديثا للحافظ ابن حجر. * * *

الفصل الثانى والخمسون فى حديثه -صلى الله عليه وسلم- مع معاذ بن جبل رضي الله عنه "قوام هذا الأمر الصلاة، ذروة سنامه الجهاد"

الفصل الثانى والخمسون فى حديثه -صلى اللَّه عليه وسلم- مع معاذ بن جبل رضي اللَّه عنه "قوام هذا الأمر الصلاة، ذروة سنامه الجهاد" قال عبد اللَّه بن الإمام أحمد فى المسند: حدثنى أبى، ثنا أبو النصر (¬1) ثنا عبد الحميد بن بهرام (¬2)، ثنا شهر (¬3) ثنا ابن غنم (¬4) عن حديث معاذ بن جبل، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرج بالناس قبل غزوة تبوك، فلما أن أصبح صلى بالناس صلاة الصبح، ثم أن الناس ركبوا، فلما أن طلعت الشمس نعس الناس على أثر الدلجة، ولزم معاذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يتلو أثره، والناس تفرقت بهم ركابهم على جواد الطريق، تأكل وتسير، فبينما معاذ على أثر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وناقته تأكل ¬

_ (¬1) هو هشام بن القاسم بن مسلم، الليثى مولاهم، البغدادى، أبو النضر، مشهور بكنيته، ولقبه قيصر، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة سبع ومائتين، وله 73 سنة / ع التقريب (314/ 2). (¬2) هو عبد الحميد بن بهرام الفزارى، المدائنى، صاحب شهر بن حوشب، صدوق من السادسة / بخ ت ق التقريب (467/ 1). (¬3) هو شهر بن حوشب الأشعرى، الشامى، مولى اسماء بنت يزيد بن السكن، صدوق، كثير الارسال والأوهام، من الثالة، مات سنة 112 / بخ م عم التقريب (355/ 1). (¬4) هو عبد الرحمن بن غنم، بفتح المعجمة، وسكون النون، الأشعرى، مختلف فى صحبته، ذكره العجلى، من كبار ثقات التابعين، مات سنة 78 / خت عم التقريب (494/ 1).

مرة، وتسير مرة أخرى، عثرت ناقة معاذ فكبحها بالزمام، فهبت حتى نفرت منها ناقة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كشف عن قناعه فالتفت فإذا ليس من الجيش رجل أدنى إليه من معاذ، فناداه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا معاذ! قال: لبيك يا نبى اللَّه، قال: ادن دونك، فدنا منه حتى لصقت راحلتاهما احداهما بالأخرى، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ما كنت أحسب الناس منا كمكانهم من البعد، فقال معاذ: يا نبى اللَّه نعس الناس، فتفرقت بهم ركابهم، ترتع وتسير، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: انا كنت ناعسا، فلما رأى معاذ بشرى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إليه، وخلوته له، قال: يا رسول اللَّه ائذن لى أسألك عن كلمة قد أمرضتنى وأسقمتنى، وأحزنتنى، فقال نبى اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سلنى عمّ شئت؟ قال: يا نبى اللَّه حدثنى بعمل يدخلنى الجنة لا أسألك عن شئ غيرها، قال نبى اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: بخ بخ بخ، لقد سألت بعظيم، لقد سألت بعظيم، ثلاثا، وإنه ليسير على من أراد اللَّه به الخير، وأنه ليسير على من أراد اللَّه به الخير، وانه ليسير على من أراد اللَّه به الخير فلم يحدث بشئ إلا قاله له ثلاث مرات، يعنى أعاده عليه ثلاث مرات، حرصا لكيما يتفقه منه، فقال نبى اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تؤمن باللَّه واليوم الآخر، وتقيم الصلاة، وتعبد اللَّه وحده ولا تشرك به شيئا، حتى تموت، وأنت على ذلك، فقال: يا نبى اللَّه: أعد لى، فأعادها له ثلاث مرات، ثم قال نبى اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن شئت حدثتك يا معاذ برأس هذا الأمر، وقوام هذا الأمر، وذروة السنام، فقال معاذ: بلى بأبى وأمى أنت يا نبى اللَّه،

فحدثنى، فقال نبى اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن رأس هذا الأمر أن تشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وان قوام هذا الأمر إقام الصلاة، وايتاء الزكاة، وان ذروة السنام منه الجهاد فى سبيل اللَّه، إنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، ويشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، فإذا فعلوا ذلك فقد اعتصموا وعصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على اللَّه عز وجل، وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: والذى نفس محمد بيده ما شحب وجه، ولا اغبرت قدم فى عمل تبتغى فيه درجات الجنة بعد الصلاة المفروضة، كجهاد فى سبيل اللَّه، ولا ثقل ميزان عبد كدابة تنفق له فى سبيل اللَّه أو يحمل عليها فى سبيل اللَّه (¬1). ¬

_ (¬1) مسند الإمام أحمد بن حنبل (245 - 246/ 5). قلت: هذا الاسناد حسن ان شاء اللَّه تعالى. وقد أخرجه الإمام أحمد فى مسنده والحديث أخرجه الترمذى فى كتاب الايمان باب رقم 9 انظر تحفة الأحوذى (358 - 359/ 3) الطبعة الهندية وأخرجه ابن ماجه أيضًا فى سننه كتاب الفتن باب رقم 12 ص (1314/ 2). * * *

الفصل الثالث والخمسون فيما جاء فى صلاته -صلى الله عليه وسلم-على معاوية بن معاوية الليثى فى غزوة تبوك

الفصل الثالث والخمسون فيما جاء فى صلاته -صلى اللَّه عليه وسلم-على معاوية بن معاوية الليثى فى غزوة تبوك قال البيهقى: أخبرنا أبو محمد عبد اللَّه بن يوسف، من أصل كتابه، أنبأ أبو سعيد بن الأعرابى، أنبأ الحسن بن محمد الزعفرانى، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ العلاء أبو محمد الثقفى، قال: سمعت أنس بن مالك، قال: كنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بتبوك، فطلعت الشمس، بضياء ونور، وشعاع، ولم أرها طلعت فيما مضى، فأتى جبريل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: يا جبريل مالى أرى الشمس طلعت بضياء ونور، وشعاع لم أرها طلعت فيما مضى؟ فقال: ذاك أن معاوية بن معاوية الليثى مات بالمدينة اليوم، فبعث اللَّه عز وجل إليه سبعين ألف ملك، يصلون عليه، قال: فيم ذلك؟ قال: كان يكثر قراءة، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} بالليل والنهار وفى ممشاه، وقيامه وقعوده، فهل لك يا رسول اللَّه أن أقبض لك الأرض فتصلى عليه؟ قال نعم:، فصلى عليه، ثم قال العلاء: هذا هو ابن يزيد، ويقال: ابن زيدل يحدث عن أنس بن مالك بمناكير (¬1). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقى (50 - 51/ 4). قال البيهقى (50 - 51/ 4): أخبرنا أبو سعيد المالينى، أنبأ أبو أحمد بن عدى ثنا الجنيدى، ثنا البخارى، قال: العلاء بن زيد أبو محمد الثقفى، عن أنس، روي عنه يزيد بن هارون منكر الحديث، ثم قال الشيح: وقد روى هذا الحديث من وجه آخر عن أنس ثم قال: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = أخبرنا أبو الحسين بن الفضل، القطان ببغداد، انبأ أبو سهل بن زياد القطان، ثنا اسماعيل بن اسحاق القاضى، ثنا عثمان بن الهيثم، ثنا محبوب بن هلال، عن ابن أبى ميمونة، يعنى عطاء عن أنس بن مالك، قال: نزل جبريل عليه الصلاة والسلام، فقال: يا محمد مات معاوية بن معاوية المزنى، أفتحب أن تصلى عليه؟ قال: نعم، قال: فضرب جبريل عليه السلام بجناحيه، فلم تبق شجرة ولا أكمة، إلا تضعضعت، ورفع له سريره، حتى نظر إليه، وصلى عليه وخلفه صفان من الملائكة، كل صف سبعون ألف ملك، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لجبريل عليه السلام، يا جبريل بما نال هذه المنزلة؟ فقال: بحبه قل هو اللَّه أحد، وقراءته إياها جائيا، وذاهبا، وقائما، وقاعدا، ثم قال الشيح: أخبرنا أبو سعيد المالينى، أنبأ أبو أحمد بن عدى الحافظ، قال: محبوب بن هلال المزنى عن عطاء بن أبى ميمونة عن أنس، نزل جبريل عليه السلام لا يتابع عليه، سمعت ابن حماد يذكره عن البخارى اهـ. قلت: قال الشيخ على بن عثمان بن إبراهيم بن مصطفى الماردينى أبو الحسن القاضى الحنفى فى كتابه الجوهر النقى (50 - 51/ 4): ذكر ابن مندة هذا الحديث فى معرفة الصحابة فى ترجمة معاوية بالاسناد الثانى، ثم قال: رواه أبو عتاب الدلال، عن يحيى بن أبى محمد، عن أنس، ورواه نوح بن عمرو بن حوى، عن عقبة، عن محمد بن زياد، عن أبى أمامة نحوه، ثم أخرجه، أعنى ابن منده، من طريق يونس بن عبيد، عن الحسن، عن معاوية المذكور، ثم قال: الصواب مرسل، وفى تمهيد ابن عبد البر، أكثر أهل العلم يقولون هذا مخصوص بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ودلائله فى هذا واللَّه أعلم، أحضر روح النجاشي بين يديه، حتى شاهدها، وصلى عليها، أو رفعت له جنازته، كما كشف له عن بيت المقدس، حين سألته قريش عن صفته، وقد روى أن جبرئيل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = عليه السلام أتاه بروح جعفر، أو جنازته، وقال: قم فصل عليه، ومثل هذا يدل على أنه مخصوص به ولا يشاركه فيه غيره، ثم أسند ابن عبد البر عن أبى المهاجر، عن عمران بن الحصين، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: إن أخاكم النجاشى قد مات، فصلوا عليه فقام -صلى اللَّه عليه وسلم-. وصففنا خلفه فكبر عليه أربعا وما نحسب الجنازة إلا بين يديه قال الشيخ الماردينى: لو جازت الصلاة على غائب لصلى عليه السلام على من مات من أصحابه، ولصلى المسلمون شرقا وغربا، على الخلفاء الأربعة وغيرهم، ولم ينقل ذلك. انتهى كلامه. قلت أما قول الشيخ على رحمه اللَّه. رواه أبو عتاب الدلال، عن يحيى بن أبى محمد عن أنس الخ، فقلت: هذا الاسناد منقطع، لأن أبا عتاب هذا الذى هو سهل بن حماد وأبو عتاب بمهملة، ومثناة، ثم موحدة الدلال البصرى صدوق من التاسعة مات سنة 208 وقيل: قبلها وهو من رجال الجماعة ما عدا البخارى. انظر التقريب (335 - 336/ 1) وأما يحيى بن أَبى محمد فهذا غير معروف ولم أجد له ترجمة فى المراجع التى بين يدى ولو وجد على فرض التقدير وكان ثقة لم يكن الاسناد هذا ثابتا لأن من غير الممكن أن يصح الاسناد بواسطة واحدة بين أبى عتاب الدلال وبين يحيى بن أَبى محمد ولعل هناك واسطتين ساقطتين على الأقل، وليس من دأب المحدث أن يأتي بالاسناد ولم يبين معائبه وهذا غاية فى التساهل. وأما قول الشيخ الحنفى: رواه نوح بن عمرو بن حوى، عن عقبة، عن محمد بن زياد، عن أبى أمامة نحوه الخ فقلت وهذا أعجب من ذاك. قال الذهبى فى الميزان (278/ 4) فى ترجمة نوح ابن عمرو بن نوح بن حوى السكسكى الشامى عن بقية، حدث بالصلاة على معاوية بن معاوية المزنى، قد ابن حبان: يقال: أنه سرق هذا الحديث، أخبرنا محمد بن عبد السلام الحلبى، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأحمد بن تاج الامناء الدمشقى، سماعا، عن زينب الشعرية، أن زاهر بن طاهر، أخبرها قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن. سنة احدى وخمسين واربعمائة، أخبرنا أبو أحمد الحاكم سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عمير بن جوصا بدمشق، حدثنا نوح بن عمرو بن حوى، حدثنا بقية، حدثنا محمد بن زياد، عن أبى أمامة قال: أتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جبرئيل وهو بتبوك فقال: يا محمد أتشهد جنازة معاوية بن معاوية المزنى، فخرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى أصحابه، ونزل جبرائيل فى سبعين ألف من الملائكة، فوضع جناحه الأيمن على الجبال فتواضعت، وخضعت ووضع جناحه الأيسر على الأرض فتواضعت، حتى نظرنا الى مكة، والمدينة، فصلى عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وجبرئيل والملائكة، فلما فرغ قال: يا جبرائيل بم بلغ معاوية بن معاوية هذه المنزلة؟ قال: بقراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} قائما وقاعدا، وراكبا، وماشيا قال الذهبى هذا حديث منكر. قال الحافظ فى لسان الميزان: فى ترجمة نوح بن عمرو هذا، زيادة على ما ذكره الذهبى فى الميزان (173 - 174/ 6): هذا الحديث قد رواه جماعة من غير هذا الوجه، وقد أشرت إليه فى ترجمة محبوب بن هلال، ولم يترجم له ابن حبان فى الضعفاء، وقال ولا سماه، وإنما قال فى ترجمة العلاء ابن محمد الثقفى بعد أن أورد هذا الحديث فى ترجمته، وسرقه شيخ من أهل الشام، فرواه، عن بقية عن محمد بن زياد، عن أبى أمامة، هذا كلامه، والظاهر أنه غير هذا، ولكن لا يحسن الجزم بذلك، وقد تقدم فى ترجمة محبوب بن هلال، أنه روى هذا الحديث أيضًا، وهو أقوى طرق هذا الحديث انتهى كلام الحافظ. قلت: أما قول الحافظ وهو أقوى طرق الحديث مشيرا الى طريق محبوب بن هلال قلت: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = القوة هنا نسبية، وليست بمعنى أن الطريق جيد، وقابل للاحتجاج، قال الحافظ فى لسان الميزان فى ترجمة محبوب بن هلال (17 - 18/ 5): محبوب بن هلال، عن عطاء بن أبى ميمونة لا يعرف، وحديثه منكر، ومقدار ما يرويه غير محفوظ، وقال ابن حبان روى عن عبيد اللَّه، ما ليس من حديثه ثم ساق حديث المواقيت، قال: ليس هذا من حديث ابن عمر، ولا نافع، ولا عبد اللَّه انتهى، قال الحافظ: ولم أر لهذا الرجل ذكرا فى تاريخ البخارى، فقال ليس بالمشهور، ذكره ابن حبان فى الثقات، والحديث المشار إليه، هو قصة لمعاوية بن معاوية الذى مات بالمدينة فصلى عليه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بتبوك، وحديثه علم من أعلام النبوة، وله طرق يقوى بعضها بعضا وذكرتها فى ترجمة معاوية فى الاصابة انتهى كلام الحافظ من لسان الميزان. قال الحافظ فى الإصابة (416 - 417/ 3): معاوية بن معاوية المزنى، ذكره البغوى وجماعة، وقالوا: مات فى عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ووردت قصته من حديث أبى أمامة، وأنس مسندة، من طريق سعيد بن المسيب، والحسن البصرى مرسلة، فأخرج الطبرانى عن محمد بن أيوب بن الضريس فى فضائل القرآن، وسمويه فى فوائده، وابن المندة، والبيهقى فى الدلائل، كلهم من طريق محبوب بن هلال عن عطاء بن أبى ميمونة عن أنس بن مالك قال نزل جبرئيل ثم ذكر القصة بتمامها التى أخرجها البيهقى فى السنن الكبرى. وضعفها، ثم قال الحافظ: وأول حديث ابن الضريس كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم بالشام، ومحبوب: قال: فيه أبو حاتم ليس بالمشهور وذكره ابن حبان فى الثقات. وأخرجه ابن سنجر فى مسنده، وابن الأعرابى، وابن عبد البر، ورويناه بعلو فى فوائد حاجب الطوسي كلهم من طريق يزيد بن هارون أنبأ العلاء أبو محمد بن الثقفى ثم ذكر الحديث بتمامه الذى أخرجه البيهقى فى السنن الكبرى وضعفه، ثم قال الحافظ فى آخر الحديث أبو محمد هو ابن زيد الثقفى واه. وقال: وله طريق ثالث، عن أنس =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ذكره ابن مندة، من رواية أبى عتاب الدلال عن يحيى بن أبى محمد عنه، قال رواه نوح بن عمرو عن بقية، عن محمد بن زياد، عن أبى أمامة نحوه انتهى كلام الحافظ. قلت: هذه الطرق كلها منكرة واهية انظر كيف ضعف الحافظ بنفسه هذه الطرق إذ قال: وأخرجه أبو حاكم فى فوائده، والطبرانى، فى مسند الشاميين، والخلال فى فضائل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وابن عبد البر جميعا من طريق نوح بن عمرو قلت قال الذهبى فى الميزان (238/ 4): هذا منكر. ثم قال: أما طريق سعيد بن المسيب المرسلة، فرويناها، فى فضائل القرآن لابن الضريس من طريق على بن زيد بن جدعان عنه. قلت: قال الحافظ فى التقريب (37/ 2): على بن زيد بن عبد اللَّه بن زهير بن عبد اللَّه بن جدعان، التيمى البصرى، أصله حجازى، وهو المعروف بعلي بن زيد بن جدعان، ينسب أبوه الى جد جده، ضعيف، من الرابعة مات سنة 131، وقيل /: قبلها / بخ م عم. قلت: ذكر الحافظ فى تهذيب التهذيب فى ترجمته (322 - 324/ 2) غالب الأقوال التى لا تمكنه من الاحتجاج به ولو على سبيل المتابعة والشواهد. وقال الحافظ فى الإصابة (416 - 417/ 3): وأما طريق الحسن البصرى، فأخرجها البغوى، وابن مندة من طريق صدقة بن أبى سهل عن يونس بن عبيد، عن الحسن عن معاوية بن المعاوية المزنى، قال ابن عبد البر: أسانيد هذا الحديث ليست بالقوية، ولو أنها فى الأحكام، لم يكن فى شيء منها حجة، ومعاوية بن مقرن المزنى معروف، وأخوته، وأما معاوية بن معاوية فلا أعرفه. قال الحافظ: قد يحتج به من يجيز الصلاة على الغائب، ويدفعه ما ورد أنه رفعت حتى شهد جنازته، فهذا يتعلق بالاحكام واللَّه تعالى أعلم، انتهى كلام الحافظ من الإصابة.=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قلت: ليس هذا دأب الحافظ أن يسكت أمام هؤلاء الذين يدفعون الأحاديث الصحيحة، ويؤولونها على حسب ما اخذوه من مشائخهم، تأويل الأحاديث الصحيحة وردها بأرائهم السقيمة، وتأويلاتهم الفاسدة، نعم أن هذه الأحاديث لم تصح على قواعد المحدثين، وسوف يأتى الكلام على المرسلين اللذين سبق ذكرهما، اعنى مرسل سعيد بن المسيب، ومرسل حسن البصرى، وما فيهما من الضعف الشديد فى رجال اسنادهما مع كونهما مُرسَلين. قلت: ولو صع هذان المرسلان على الفرض والتقدير، لم يكونا حجة، عند جمهور المحدثين مستقلين، بل يتقويان باحاديث صحت عن المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- وهى مرفوعة، أخرج البخارى فى الصحيح فى كتاب الجنائز (217/ 1) حديثا إذ قال رحمه اللَّه تعالى، حدثنا اسماعيل، قال حدثنى مالك عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبى هريرة رضي اللَّه تعالى عنه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نعى النجاشي فى اليوم الذى مات فيه، أخرج الى المصلى، فصف بهم، وكبر أربعا، أخرجه البخارى فى أربعة مواضع، ومسلم فى صحيحه، والنسائى وأبو داود فى الجنائز والإمام أحمد فى مسنده (529/ 2) ومن العجيب أن بعض الفقهاء لا يرون الصلاة على الغائب كما رأيت من صنيع صاحب جوهر النقى، ويقولون: إن ما ثبت فهو خاص بالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم لا يأتون بالأدلة التى تدل على الخصوصية، ويقولون: إن اللَّه تعالى أحضر روح النجاشى أمام نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم أمر بالصلاة عليه، ويستدل الشيخ على ذلك بحديث أبى المهاجر عن عمران بن الحصين رضي اللَّه تعالى عنه، وفيه ما نحسب الجنازة إلا بين يديه. قلت: قال الحافظ: فى ترجمة أبى المهاجر هذا فى التقريب (478/ 2) أبو المهاجر عن عمران ابن حصين، صوابه أبو المهلب، وهم فيه الأوزاعى / س ق وأن معناه أن أبا المهاجر هذا لم يسمع من عمران ابن الحصين، ولم يذكر المزى فى تهذيب الكمال فى ترجمة أبى المهاجر بأنه سمع عن عمران بن الحصين. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قلت: لو ثبتت هذه الزيادة ففيها ظن، وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا، فليست هذه الزيادة ثابتة، فكيف يستدل بها على ما ذهب إليه من ترك أحاديث صحاح ثابتة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى صلاته -صلى اللَّه عليه وسلم- على الغائب. وأما قول الشيخ. ولو جازت الصلاة على الغائب لصلى عليه الصلاة والسلام، على من مات من أصحابه، ولصلى المسلمون شرقا وغربا على الخلفاء الأربعة، وغيرهم ولم ينقل ذلك الخ. . . قلت: وقد صح عن المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاته على الغائب كما صلى على النجاشي كما أخرج البخارى وغيره فى كتبهم باسانيد صحيحة ثابتة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا أمر معروف واضح، وهذا الإمام الشافعى والإمام أحمد وغيرهما رحمهما اللَّه تعالى وإخوانهما جميعا قد ذهبوا الى هذا القول مستدلين على ذلك ما ثبت عندهم من السنة الصحيحة، والمسلمون الذين تبرؤا عن قيد التقليد الأعمى منذ فجر الاسلام الى يومنا هذا هم على هذا المذهب، فكيف يقول الشيخ رحمه اللَّه تعالى أن المسلمين لم يصلوا على أبى بكر، وعمر وعثمان، وعلى، غيرهم من الصحابة ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين؟ فالدليل مطلوب عمن ينكر الصلاة على الغائب. وأما المرسلان اللذان سبق ذكرهما، وهما مرسل سعيد بن المسيب، مرسل الحسن البصرى، فهما مرسلان ضعف اسنادهما، لأن فى مرسل سعيد بن المسيب، على بن زيد بن جدعان وهو ضعيف كما مر بكم فى ترجمته من التقريب (37/ 2): وذكر الحافظ فى التهذيب أقوال الأئمة فيه بحيث لا تقوم به الحجة كما قلت. وأما مرسل الحسن البصرى رحمه اللَّه تعالى فإن كان هو قد ثبت سماع يونس بن عبيد =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = عن الحسن البصرى كما قال المزى فى ترجمته، إلا أن مراسيل الحسن ليس لهما قيمة كبيرة عند المحدثين قاطبة لأنه كثير الأرسال والتدليس، ثم ليس عندنا سند كامل حتى نبحث عن بقية رجاله، وأما قول الحافظ فى لسان الميزان فى ترجمة محبوب بن هلال، وحديثه علم من أعلام النبوة وله طرق يقوى بعضها ببعض وذكرتها فى ترجمة معاوية فى الإصابة الخ. . قلت: ليست هناك طرق تقوى بعضها بعضا وقد مرت أمامكم، وهذا مما لا يظهر لى فى قول الحافظ وجه. كيف يظهر لى والطرق كلها واهية ضعيفة منكرة، غير صالحة للمتابعات والشواهد. وذكر الحديث اعنى وفات معاوية بن معاوية الامام ابن كثير فى البداية والنهاية (14/ 5) وقال ذكر الصلاة على المعاوية بن معاوية إن صح الخبر فى ذلك. وأورد الحديث السيوطى فى الخصائص (111 - 112/ 2) وقال المعلق الدكتور محمد خيل هراس على الخصائص: لا يعقل أن يترك النبي صلى اللَّه عليه وسلم أصحابه فى تبوك ثم ذهب الى المدينة للصلاة على ميت، وهو يعلم أن فى المدينة من يقوم بهذا الواجب، وهو يستطيع أن يذهب الى قبره، بعد عودته، ويصلى عليه، أورد الحديث الهيثمى فى مجمع الزوائد (378/ 9) وقال فيه أبو محمد الثقفى وهو متروك انظر مسند أبى يعلى (208 - 209/ 2). * * *

الفصل الرابع والخمسون فيما جاء فى وفاة عبد الله ذى البجادين وصلاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- عليه ودفنه إياه فى غزوة تبوك

الفصل الرابع والخمسون فيما جاء فى وفاة عبد اللَّه ذى البجادين وصلاة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- عليه ودفنه إياه فى غزوة تبوك قال ابن هشام (¬1) قال ابن اسحاق: حدثنى محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي (¬2)، أن عبد اللَّه بن مسعود كان يحدث، قال: قمت من جوف الليل، وأنا مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فى غزوة تبوك، قال: رأيت شعلة من النار فى ناحية العسكر، قال: فأتبعتها انظر إليها، فإذا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكر، وعمر وإذا عبد اللَّه ذو البجادين المزنى قد مات، وإذاهم قد حفروا له، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى حفرته، وأبو بكر وعمر يدليانه إليه، وهو يقول: إدنيا إلىّ أخاكما، فدلياه إليه، فلما هيأه لشقه، قال: اللهم إنها أمسيت راضيا عنه، فارض عنه. قال: يقول عبد اللَّه بن مسعود ياليتنى كنت صاحب الحفرة ¬

_ (¬1) ابن هشام هو عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميرى المعافرى، أبو محمد جمال الدين، صاحب المغازى، الذى هذب السيرة، ونقلها عن البكائي صاحب ابن اسحاق. وكان أديبا اخباريا نسابة سكن مصر، وبها توفى انظر العبر فى خبر من غبر للذهبى (374/ 1) والأعلام للزركلى (314/ 4) ووفيات الأعيان لابن خلكان (1/ 290). (¬2) هو محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمى، أبو عبد اللَّه المدنى، ثقة له افراد، من الرابعة مات سنة 120 على الصحيح / ع انظر التقريب (140/ 2) انظر المراسيل لابن أبى حاتم 69.

وإنما سمى ذا البجادين، لأنه كان ينازع الى الاسلام، فيمنعه قومه من ذلك، ويضيقون عليه، حتى تركوه فى بجاد ليس عليه غيره، والبجاد الكساء الغليظ الجافي، فهرب منهم الى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فلما كان قريبا منه، شق بجاده باثنين، فأتزر بواحد، واشتمل بالآخر، ثم أتى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقيل له: ذوا البجادين لذلك، والبجاد أيضًا المسح (¬1). ¬

_ (¬1) قلت: إنه يسمع من عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه، وإنه عنه مرسل انظر تهذيب الكمال للمزى (1156 - 1157/ 5) وقد سألت سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد اللَّه بن باز عن هذا الاسناد فقال انه فيما يعلم: لم يسمع محمد بن إبراهيم بن الحارث عن عبد اللَّه بن مسعود، والشيخ المذكور له علم واسع فى رجال الكتب الستة، ولو ثبت سماع محمد بن إبراهيم بن الحارث عن عبد اللَّه بن مسعود لكان هذا الحديث بهذا الاسناد حسنا. والحديث قد أورده السيوطى فى الخصائص الكبرى (111/ 2): والامام ابن كثير فى البداية والنهاية (18/ 5) نقلا عن ابن اسحاق والامام ابن القيم فى زاد المعاد (6 - 7/ 3) وابن عبد البر فى الدرر مختصرا ص 258 وأبو نعيم فى دلائل النبوة ص 459 وصاحب السيرة الحلبية (3/ 299) وابن سيد الناس فى عيون الأثر (22/ 2). والواقدى فى مغازيه (1009 - 1014/ 3): إذ قال: حدثنى يونس بن محمد، عن يعقوب بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد ثم ذكر النص. قلت: هذا الحديث عند الواقدي بهذا الاسناد موضوع، لأن فيه يونس بن محمد الصدوق. قال الحافظ فى التقريب (386/ 2): يونس بن محمد الصدوق، كذاب من التاسعة. وقال الذهبى فى الميزان (485/ 4): يونس الكذوب. ومنهم من يقول فيه الصدوق على سبيل التهكم. رآه أحمد بن حنبل عند إبراهيم بن سعد وسأله عن فائدة ذكرها العقيلى مختصرا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = انظر كتاب الضعفاء للعقيلى ص 241. قلت فالحديث عند ابن هشام فى وفاة عبد اللَّه ذى البجادين منقطع. وعند الواقدى موضوع واللَّه تعالى أعلم بالصواب. ولم يصح فى ذلك شئ فيما علمت. وقال الحافظ فى الإصابة (330/ 2) عبد اللَّه بن عبد فهم بن عفيف بن سحيم ابن عدي بن ثعلبة بن سعد المزنى -يقال اسمه عبد العزى فغيره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم ذكر الحافظ الحديث الذى أخرجه ابن اسحاق فى السيرة فى وفاته، ثم قال الحافظ، رواه البغوى من هذا الوجه، ورجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعا. ثم ذكر الحافظ للحديث طريقا آخر: وقال: وأخرجه ابن مندة من طريق سعد ابن الصلت ترجم له ابن أبى حاتم عن أبى وائل عن عبد اللَّه بن مسعود وقال: فذكره. قلت: سعيد بن الصلت ترجم له ابن أبى حاتم فى كتاب الجرح والتعديل (86/ 2/ 1) ولم يعدله ولم يجرحه. وترجم له الذهبى فى العبر فى خبر من غبر إذ قال (320/ 1): هو قاضى شيراز، ومحدثها الكوفى روى عن الأعمش، وطبقته. وقال سفيان: ما فعل سعد بن الصلت، قالوا له: ولى القضاء قال: ذره واقعد فى الحش، قلت: هذا الكلام يدل على الجرح، فلا حجة لنا فى حديثه واللَّه تعالى أعلم. وأما ما أشار الحافظ فى الإصابة الى طريق بن كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده نحوه. قلت: كثير بن عبد اللَّه ترجم له الحافظ فى التقريب (132/ 2). إذ قال كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف المزنى، المدنى، ضعيف، من السابعة، منهم من نسبه الى الكذب / د ت ق. وقال الذهبى فى الميزان (406 - 408/ 3): قال ابن معين: ليس بشئ، وقال الشافعى وأبو داود =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ركن من أركان الكذب، وضرب أحمد حديثه، وقال الدارقطنى وغيره: متروك. قال أبو حاتم: ليس بالمتين. قلت: هذا الطريق من أوهى الطرف فى وفاة ذى البجادين واللَّه تعالى أعلم بالصواب. انظر تجريد اسماء الصحابة فى ترجمة ذى البجادين (299/ 1). قلت: لم أجد اسنادا صحيحا سالما عن الكلام فى وفاته -واللَّه تعالى أعلم، انظر الفوائد لابن القيم ص 44. * * *

الفصل الخامس والخمسون فى الاحكام الشرعية فيما جاء فى الوضوء مرة مرة فى غزوة تبوك

الفصل الخامس والخمسون فى الاحكام الشرعية فيما جاء فى الوضوء مرة مرة فى غزوة تبوك قال الامام ابن ماجه: حدثنا أبو كريب (¬1)، ثنا رشدين بن سعد (¬2)، أنا الضحاك بن شرحبيل (¬3)، عن زيد بن أسلم (¬4)، عن أبيه (¬5) عن ابن عمر، قال: رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك توضأ مرة مرة (¬6). ¬

_ (¬1) هو محمد بن العلاء بن كريب الهمدانى، أبو كريب الكوفى، مشهور بكنيته، ثقة، حافظ، من العاشرة، مات سنة سبع وأربعين ومائتين، وهو ابن 87 سنة / ع التقريب (197/ 2). (¬2) هو رشدين: بكسر الراء وسكون المعجمة، ابن سعد بن مفلح المهري بفتح الميم وسكون الهاء: أبو الحجاج المصرى ضعيف، رجح أبو حاتم عليه ابن لهيعة وقال ابن يونس: كان صالحا فى دينه، فأدركته غفلة الصالحين، فخلط فى الحديث، من السابعة، مات سنة 188 هـ وله 78 سنة / ت - ق التقريب (1/ 251) انظر الميزان للذهبى (49 - 51/ 2). قلت: لم تقم به الحجة فى حالة الانفراد ولحديثه شواهد كثيرة أخرجها البخارى (36/ 1). (¬3) هو الضحاك بن شرحبيل الغافقى: بالمعجمة، أبو عبد اللَّه المصرى، صدوق يهم، من الرابعة / د ق ت التقريب (372/ 1). (¬4) هو زيد بن أسلم العدوى، مولى عمر، أبو عبد اللَّه، أو أبو أسامة، المدنى ثقة عالم، وكان يرسل من الثالثة، مات سنة 136 / ع التقريب 272/ 1. (¬5) هو أسلم العدوى، مولى عمر، ثقة، مخضرم، مات سنة ثمانين، وقيل: بعد سنة ستين، وهو ابن أربع عشرة ومائة / ع - التقريب 64/ 1. (¬6) سنن ابن ماجه الطهارة (143/ 1). انظر المنتقى لابن الجارود ص 34 والشرح على الشمائل لجسوس 175 - 176 واضاءة الدرارى على صحيح البخارى (365/ 1) والمصباح فى الاحاديث الصحاح للمقدسى (156/ 1)، وجامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلى (187/ 1).

الفصل السادس والخمسون فيما جاء فى غزوة تبوك من سترة المصلى

الفصل السادس والخمسون فيما جاء فى غزوة تبوك من سترة المصلى قال الإمام النسائى: أخبرنا العباس بن محمد الدورى (¬1) قال: حدثنا عبد اللَّه بن يزيد (¬2)، قال: حدثنا حيوة بن شريح (¬3)، عن أبى الأسود (¬4)، عن عروة (¬5)، عن ¬

_ (¬1) هو العباس بن محمد بن حاتم الدورى، أبو الفضل البغدادى، خوارزمي الأصل ثقة، حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة احدى وسبعين ومائتين 271 هـ وقد بلغ 88 سنة / عم التقريب (399/ 1). (¬2) هو عبد اللَّه بن يزيد المكى، أبو عبد الرحمن المقرى، أصله من البصرة أو الاهواز، ثقة فاضل، اقرأ القرآن نيفا وسبعين سنة، من التاسعة، مات سنة 213 هـ وقد قارب المائة، وهو من كبار شيوخ البخارى / ع التقريب (462/ 1). (¬3) هو حيوة: بفتح أوله، وسكون التحتانية، وفتح الواو، ابن شريح بن صفوان التجيبى، أبو زرعة المصرى، ثقة فقيه، زاهد، من السابعة، مات سنة ثمان وقيل: 159 / ع التقريب (208/ 1). (¬4) هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدى، أبو الأسود المدنى، يتيم عروة، ثقة، من السادسة، مات سنة بضع وثلاثين ومائة / ع التقريب (185/ 2). (¬5) هو عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدى، أبو عبد اللَّه المدنى، ثقة، فقيه مشهور، من الثانية، مات سنة 94 على الصحيح، مولده فى أوائل خلافة عمر الفاروق / ع التقريب (19/ 2).

عائشة رضي اللَّه تعالى عنها، قالت: سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك، عن سترة المصلى، فقال: مثل مؤخرة الرحل (¬1). ¬

_ (¬1) سنن النسائى (62/ 2). قلت: هذا الاسناد صحيح وقد أخرج هذا الحديث مسلم فى صحيحه عن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها (186/ 1) انظر سبل السلام (142/ 1) للصنعانى وبلوغ المرام لابن حجر ص (46) ومسند أبى عوانة (47 - 49/ 2) وبهجة النفوس (134 - 136/ 1) والتعليق الصبيح على مشكاة المصابيح (336 - 340/ 1) والمرقاة (486 - 492/ 1) وكتاب الصلاة للامام أحمد (104 - 105) ومعالم السنن (343/ 1) وزهر الربى على ابن ماجه للسيوطى (122 - 123/ 1) انظر ترتيب مسند الامام الشافعى للشيخ محمد عابد السندى (69 - 70) والبيان والتعريف ص 200 وثلاثيات البخارى لمصطفى الحموى ص (6 - 7) وسوف تجد هذا الموضوع عندهم. * * *

الفصل السابع والخمسون فيما جاء فى قصة المار بين يدى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو فى صلاته بغزوة تبوك

الفصل السابع والخمسون فيما جاء فى قصة المار بين يدى الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو فى صلاته بغزوة تبوك قال الإمام أبو داود: حدثنا محمد بن سليمان الانبارى (¬1)، ثنا وكيع (¬2)، عن سعيد بن عبد العزيز (¬3) عن مولى ليزيد بن نمران (¬4)، عن يزيد بن نمران (¬5)، قال: رأيت رجل بتبوك مقعدا فقال: مررت بين يدى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنا على حمار وهو يصلى، فقال: اللهم اقطع أثره فما مشيت عليها بعد (¬6). ¬

_ (¬1) هو محمد بن سليمان الانبارى، أبو هارون بن أبى داود، صدوق، من العاشرة مات 234 / د انظر التقريب (167/ 2). (¬2) هو وكيع بن الجراح مليح الرؤاسى، بضم الراء، وهمزة، ثم مهملة، أبو سفيان الكوفى، ثقة حافظ، عابد، من كبار التاسعة / ع انظر التقريب (331/ 2). (¬3) هو سعيد بن عبد العزيز التنوخى، الدمشقى، ثقة، إمام، سواه أحمد بالأوزاعى وقدمه على أبى مسهر، ولكنه اختلط فى آخر عمره، من السابعة مات 167 هـ وقيل بعدها وله بضع وسبعون / بخ م عم انظر التقريب (301/ 1). (¬4) هذا رجل مجهول فى هذا الاسناد لانه لم يسم. (¬5) هو يزيد بن نمران، بكسر النون، وسكون الميم، ابن يزيد المذحجى، بفتح الميم وكسر الحاء المهملة، بينهما ذال معجمة ساكنة، ثم جيم، ثقة عابد، من الثالثة، ويقال اسم أبيه غزوان / د انظر التقريب (372/ 2). (¬6) سنن أبى داود (263/ 1) كتاب الصلاة باب ما يقطع الصلاة. انظر الذخائر للنابلسي 168/ 1. =

قال الإمام أبو داود: حدثنا أحمد بن سعيد الهمدانى (¬1)، ح وثنا سليمان بن داود (¬2)، قالا: ثنا ابن وهب (¬3)، أخبرنى معاوية (¬4)، عن سعيد بن غزوان (¬5)، عن أبيه (¬6)، ¬

_ = قلت: هذا الحديث بهذا الاسناد ضعيف لمجهول فى اسناده واللَّه أعلم. وقد أخرج هذا الحديث البيهقى فى السنن الكبرى (275/ 2) فى كتاب الصلاة وفى اسناده مولى ليزيد بن نمران وهو مجهول وقد أورد السيوطى هذا الحديث فى الخصائص الكبرى (110 - 111/ 2) وعزاه الى أبى داود فى سننه، والبيهقى فى السنن الكبرى. وقال الإمام ابن القيم فى زاد المعاد (7/ 3): وفى هذا الاسناد والذى قبله ضعف، وأورد الحديث الامام ابن كثير فى البداية والنهاية (14/ 5) ولم يتكلم عليه بشئ انظر تهذيب ابن القيم لسنن أبى داود (347/ 1). (¬1) هو أحمد سعيد بن بشر الهمدانى، أبو جعفر المصرى، صدوق من الحادية عشرة، مات سنة 253 / د انظر - التقريب (15/ 1). (¬2) هو سليمان بن داود بن حماد المهرى، أبو الربيع المصرى، ابن أخى رشدين، ثقة، من الحادية عشرة، مات 253 / د - س انظر التقريب (323/ 1). (¬3) هو عبد اللَّه بن وهب بن مسلم، القرشى مولاهم، أبو محمد المصرى، الفقيه ثقة، حافظ، عابد، من التاسعة، مات سنة 197 وله 72 سنة / ع انظر التقريب (460/ 1). (¬4) هو معاوية بن صالح بن حدير، بالمهملة، مصغرا، الحضرمى، أبو عمرو، أبو عبد الرحمن، الحمصي، قاضي الاندلس، صدوق، له أوهام، من السابعة، مات 158 وقيل بعد السبعين / د م عم انظر التقريب (259/ 2). (¬5) هو سعيد بن غزوان: بفتح المعجمة، وسكون الزاي، شامى مستور، من السادسة / د انظر التقريب (303/ 1). (¬6) هو غزوان الشامى، مجهول، من الرابعة / د انظر التقريب (105/ 2).

أنه نزل بتبوك، وهو حاج فإذا رجل مقعد، فسأله عن أمره، فقال له: سأحدثك حديثا فلا تحدث به ما سمعت وانى حىّ، إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نزل بتبوك الى نخلة، فقال: هذه قبلتنا ثم صلى اليها، فأقبلت وانا غلام أسعى حتى مررت بينه، وبينها فقال: قطع صلاتنا، قطع اللَّه أثره فما قصت عليها الى يومى هذا (¬1). ¬

_ (¬1) سنن أبى داود (164/ 1) قال الذهبي فى الميزان (154/ 2) سعيد بن غزوان عن أبيه، عن المقعد بتبوك فى مروره بين يدى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال قطع صلاتنا، قطع اللَّه أثره، فهذا شامى مقل، ما رأيت لهم فيه ولا فى أبيه كلاما، لا يدرى من هما؟ ولا من المقعد؟ قال عبد الحق وابن القطان: اسناده ضعيف. قال الذهبى: أظنه موضوعا. والحديث أخرجه البيهقى فى السنن الكبرى (275/ 2) من هذا الوجه. قلت: قال الدكتور محمد خليل هراس معلقا على هذا الأثر فى الخصائص الكبرى (110 - 111/ 2): لم يكن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لعانا، ولم يكن ليدعو على الرجل، بمجرد مروره بين يديه -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل أن يدفعه أو يشير إليه فإذا أبى جاز حينئذ أن يدعو عليه. قلت: لا يجوز لعن المار لأنه لم يثبت، بل ثبت محاربته ومقاتلته فى الحالة الأخيرة واللَّه أعلم. * * *

الفصل الثامن والخمسون فيما جاء فى الجمع بين صلاتين جمع تأخير فى غزوة تبوك

الفصل الثامن والخمسون فيما جاء فى الجمع بين صلاتين جمع تأخير فى غزوة تبوك قال راوى الموطأ (¬1): وحدثنى عن مالك (¬2)، عن أبى الزبير المكى (¬3)، عن أبى الطفيل ¬

_ (¬1) هو عبيد اللَّه بضم العين الليثى فقيه أندلس ابن يحيى بن يحيى انظر الزرقانى (12/ 1) القائل حدثنى هنا فى الاسناد، والمحدث عنه هو يحيى بن يحيى بن كثير الليثى مولاهم، القرطبى، أبو محمد، صدوق، فقيه، قليل الحديث وله أوهام، من العاشرة مات سنة 234 هـ على الصحيح / تمييز انظر التقريب (360/ 2). (¬2) هو مالك بن أنس بن مالك بن أبى عامر بن عمرو الأصبحى، أبو عبد اللَّه المدنى، الفقيه، إمام دار الهجرة، رأس المتقين، وكبير المثبتين، حتى قال البخارى: أصح الأسانيد كلها: مالك عن نافع عن ابن عمر، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومائة وكان مولده سنة 93 هـ قال الواقدى: بلغ تسعين سنة / ع انظر التقريب (223/ 2). (¬3) هو محمد بن مسلم بن تدرس، بفتح المثناة، وسكون الدال المهملة، وضم الراء الأسدى مولاهم، أبو الزبير المكى، صدوق، إلا أنه يدلس، من الرابعة، مات ستة وعشرين ومائة / ع انظر التقريب (207/ 2) وكتاب الواحدان لمسلم ص 10 أخرج له البخارى فى المتابعات كما قال الحافظ فى مقدمة الفتح 442/ أحد التابعين مشهور، وثقه الجمهور وضعفه بعضهم لكثرة التدليس، وغيره ولم يرو له البخارى سوى حديث فى البيوع قرنه بعطاء عن جابر، وعلق له عدة أحاديث واحتج به مسلم والباقون. وذكره الحافظ فى الطبقات، أعنى طبقات المدلسين. فى الطبقة الثالثة ص 15 انظر التبيين لبرهان الدين الحلبى ص 16.

عامر بن واثلة (¬1)، أن معاذ بن جبل أخبره أنهم خرجوا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عام تبوك فكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يجمع بين الظهر، والعصر، والمغرب والعشاء، جميعا، ثم دخل، ثم خرج، فصلى المغرب والعشاء جميعا، ثم قال: إنكم ستأتون إن شاء اللَّه عين تبوك ثم ساق بقية الحديث (¬2). ¬

_ (¬1) هو عامر بن واثلة بن عبد اللَّه بن عمرو بن جحش الليثى، أبو الطفيل، وربما سمي عمر، ولد عام أحد، ورأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وروى عن أبى بكر فمن بعده، وعمر الى أن مات سنة عشر ومائة على الصحيح، وهو آخر من مات من الصحابة، قاله مسلم وغيره: انظر التقريب: (389/ 1). قلت: هذا الحديث حسن بهذا الاسناد وهو يشعر بجمع التأخير وقد أخرجه مسلم فى صحيحه فى كتاب الفضائل (7/ 60) وابن عساكر فى تاريخ دمشق (1/ 417 - 416) والهيثمى فى موارد الظمآن فى زوائد ابن حبان ص 145 وأبو نعيم فى الدلائل 455 - 456 والإمام أحمد فى مسنده (237 - 238/ 5) وابن حبان فى صحيحه (145/ 1) وابن هشام فى سيرته (170 - 171/ 4) وأورده ابن القيم فى زاد المعاد (10/ 3) والحافظ ابن كثير فى البداية والنهاية (12/ 5) والواقدى فى مغازيه (1012/ 3) وأبو بكر بن أبى شيبة فى مصنفه (456/ 2) والبخارى فى الجامع الصحيح فى أبواب التقصير للصلاة (41/ 2) و (39/ 2) والترمذى فى سننه فى كتاب الصلاة تحت باب فى الجمع بين الصلاتين (26 - 29/ 3) وأبو داود فى سنة فى كتاب الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين (6/ 2) والنسائى فى سننه فى كتاب الصلاة تحت باب الوقت الذى يجمع فيه المسافر بين الظهر والعصر (284 - 285/ 1) انظر المطالب العالية فى زوائد المسانيد الثمانية لابن حجر (177 - 181/ 1) واللؤلؤ المرجان (154/ 1) بداية المجتهد (175/ 1) والدراية فى تخريج أحاديث الهداية (214/ 1) والهداية شرح بداية المبتدئ (80 - 82/ 1). (¬2) انظر موطأ الامام مالك (55 - 58/ 2) بشرح الزرقانى. * * *

الفصل التاسع والخمسون فيما جاء فى الجمع بين صلاتين فى غزوة تبوك جمع تقديم

الفصل التاسع والخمسون فيما جاء فى الجمع بين صلاتين فى غزوة تبوك جمع تقديم قال الامام أحد بن حنبل فى مسنده: حدثنا قتيبة بن سعيد (¬1)، ثنا ليث (¬2)، عن يزيد بن أبى حبيب (¬3)، عن أبى الطفيل عامر بن واثلة، عن معاذ بن جبل، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان فى غزوة تبوك، إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر، حتى يجمعهما الى العصر يصليهما جميعا، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم سار، وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب، ¬

_ (¬1) هو قتيبة بن سعيد بن جميل، بفتح الجيم، ابن طريف الثقفى، أبو رجاء البغلانى، بفتح الموحدة، وسكون المعجمة، يقال: اسمه يحيى، وقيل علي، ثقة ثبت، من العاشرة، مات 240 عن تسعين سنة/ ع انظر التقريب (123/ 2) والانساب للقيسرانى ص 17 والجمع بين رجال الصحيحين (326/ 2) واللباب للسيوطى ص 31 وترتيب المدارك لقاضى عياض (521 - 522/ 2) وتحفة ذوى الارب ص 141. (¬2) هو الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمى، أبو الحارث، المصرى، ثقة ثبت، فقيه، إمام مشهور، من السابعة، مات فى شعبان سنة 175 / ع انظر التقريب (138/ 2). (¬3) هو يزيد بن أبى حبيب المصرى، أبو رجاء، واسم أبيه سويد، واختلف فى ولائه ثقة، فقيه، وكان يرسل، من الخامسة، مات سنة 128 هـ وقد قارب الثمانين / ع انظر التقريب (363/ 2). =

حتى يصليهما مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاهما مع المغرب (¬1). ¬

_ (¬1) مسند الإمام أحمد (241 - 242/ 5). قال الحافظ فى التهذيب (319/ 11): لم يسمع من الزهرى ولم ينف عنه سماعه من أبى الزبير. وقال المزى فى تهذيب الكمال (531/ 7): فى ترجمة يزيد ابن أبى حبيب أما رواية يزيد بن أبى حبيب فعن أبى الطفيل عامر بن واثلة ان كان محفوظا. قلت: لم يجزم المزي بسماعه عن شيخه أبى طفيل وقال ابن أبى حاتم فى العلل (91/ 1): سمعت أبى يقول: كتبت عن قيبة ابن سعيد حديثا عن الليث بن سعد، لم أصبه بمصر عن الليث عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الطفيل عن معاذ، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنه كان فى سفر فجمع بين الصلاتين، قال أبى: لا اعرفه من حديث يزيد، والذى عندي، أنه دخل له حديث فى حديث ثم ذكر الاسناد الأصلى للحديث بقوله: حدثنا أبو صالح، قال: حدثنا الليث، عن هشام بن سعيد عن أبى الزبير، عن أبى الطفيل عن معاذ بن جبل، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بهذا الحديث. قلت: اعل الامام أبو حاتم هذا الحديث الذى أخرجه الإمام أحمد فى مسنده وغيره بالانقطاع. انظر ترجمة أبى الطفيل فى اثارة الحجون لفيروزآبادى ص 7 وقال الحافظ فى التلخيص (49/ 2): بعد نقله كلام الترمذى على هذا الحديث: والمعروف عند أهل العلم، حديث معاذ من حديث أبى الزبير، عن أبى الطفيل، عن معاذ، قلت: أخرجه مسلم وغيره. قال الحافظ: وليس فيه جمع التقديم يعنى الذى أخرجه مسلم، وقال أبو داود: وهذا حديث منكر، وليس فى جمع التقديم حديث قائم. قلت: إشارة أبى داود الى الحديث الذى أخرجه امام أحمد فى مسنده (241 - 242/ 5) وأبو داود فى سننه فى كتاب الصلاة، فى باب الجمع بين الصلاتين (2/ 6) والترمذى فى سننه (26 - 27/ 3) والحاكم فى علوم الحديث ص 119 والبيهقى فى السنن الكبرى (162 - 163/ 3).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ثم استوعب الحافظ فى التلخيص طرق هذا الحديث وتكلم عليها واحدة فواحدة ثم قال الحافظ: وحديث أنس رواه الإسماعيلى، والبيهقى من حديث اسحاق بن راهويه، عن شبابة بن سوار، عن الليث، عن عقيل، عن الزهرى عن أنس قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا كان فى يوم فزالت الشمس صلى الظهر، والعصر جميعا، ثم ارتحل، واسناده صحيح قاله النووى. قلت: انظر النووى على مسلم (214 - 216/ 5) ثم قال الحافظ: وفى ذهنى أن أبا داود انكره على اسحاق. قلت: لم يذكر الحافظ وجه الانكار الذى ذكره أبو داود على اسحاق بن راهويه ثم قال الحافظ: (كأنه سلم لابى داود) ولكن له متابع رواه الحاكم فى الأربعين له، عن أبى العباس، محمد بن يعقوب عن محمد بن اسحاق الصنعاني، عن حسان بن عبد اللَّه، عن الفضل بن فضالة، عن عقيل عن ابن شهاب، عن أنس، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس، أخر الظهر الى وقت العصر، ثم نزل، فجمع بينهما، فإذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل، صلى الظهر، والعصر، ثم ركب، وهو فى الصحيحين من هذا الوجه بهذا السياق، وليس فيهما: والعصر، وهى زيادة غريبة صحيحة الاسناد، وقال الحافظ وقد صححه المنذرى من هذا الوجه، والعلائي وتعجب من الحاكم كونه لم يورده فى المستدرك، وله طريق أخرى رواها الطبرانى فى الأوسط، حدثنا محمد بن إبراهيم ابن نصر بن شبيب الاصبهانى، ثنا هارون بن عبد اللَّه الحمال، ثنا يعقوب بن محمد الزهرى، حدثنا محمد بن سعدان، ثنا ابن عجلان، عن عبد اللَّه بن الفضل، عن أنس بن مالك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا كان فى سفر فزاغت الشمس، قبل أن يرتحل، صلى الظهر والعصر جميعا، وإن ارتحل قبل أن تزيغ الشمس، جمع بينهما فى أول العصر، وكان يفعل ذلك فى المغرب والعشاء، وقال: تفرد به يعقوب بن محمد.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قلت: اسناد اسحاق بن راهويه الذى أشار إليه الحافظ بقوله: أخرجه الاسماعيلى والبيهقى الخ اسناد صحيح إلا ما يقال من تدليس الزهري بأنه لم يصرح بالسماع عن أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه، وقد يكون لانكار أبى داود رحمه اللَّه تعالى وجه واللَّه أعلم. قلت تدليس الزهرى مقبول عند أهل الحديث فليس بضار واللَّه أعلم. وللعبد الفقير مقالة متواضعة وهي بعنوان: المسئلة المهمة فى تدليس بعض الأئمة، نشرتها مجلة البلاغ الكويتية فى نهاية عام 1394 هـ فى عددين. وأما الاسناد الذى أشار إليه الحافظ فى التلخيص الحبير، ولكن له متابع رواه الحاكم فى الاربعين له الخ. قلت: هو اسناد رجاله كلهم ثقات، إلا حسان بن عبد اللَّه بن سهل الكندى أبو على الواسطي نزيل مصر، صدوق يخطى من العاشرة / خ س ق انظر التقريب (162/ 1) قلت: هذا الاسناد صالح لاحتجاج به من حيث الشواهد، والمتابعات وهو الاسناد الذى صححه المنذرى والعلائى كما قال الحافظ. وأما الاسناد الثالث الذى أشار إليه الحافظ بقوله: وله طريق أخرى، رواها الطبرانى فى الأوسط فهو اسناد قال عنه الهيثمي فى مجمع الزوائد (160/ 2) رواه الطبرانى فى الأوسط، ورجاله موثقون. قلت: محمد بن إبراهيم بن نصر بن شبيب الصغار أبو بكر ثقة، تحول الى المدينة توفى 305 انظر تاريخ اصبهان لابى نعيم (240/ 2). وهارون هو هارون بن عبد اللَّه بن مروان البغدادى، أبو موسى الحمال، بالمهملة، البزاز، ثقة، من العاشرة مات سنة (243/ م عم انظر التقريب 312/ 2) والرجل الثالث فى الاسناد هو يعقوب ابن محمد بن عيسى بن عبد الملك بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهرى، نزيل بغداد، صدوق كثير الوهم والرواية عن الضعفاء من كبار العاشرة العاشرة، مات سنة 213 / خت ق انظر التقريب (377/ 2) ومحمد بن سعدان الذى هو فى الاسناد رجل رابع، أظن وقع فيه خطأ من النساخ، لأنه لا يوجد رجل بهذا الاسم، إلا ما ذكره الذهبى فى الميزان (560/ 3): محمد بن سعدان البزار عن القعنبى لا يعرف، وخبره غلط.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قلت: هكذا وقع فى النسخة الهندية أيضًا، محمد بن سعدان كما وقع فى المصرية ص 131 ولم يعرف لمحمد بن سعدان هذا سماع عن محمد بن عجلان انظر تهذيب الكمال للمزى (1342/ 6) وتهذيب التهذيب (341 - 342/ 9). والاسم الصحيح الواقع فى هذا الاسناد، هو محمد بن سعد الانصارى، الأشهلى، أبو سعد المدنى، نزيل بغداد، صدوق، من التاسعة، مات على رأس المائتين / س انظر التقريب (164/ 2) وأما ابن عجلان فهو محمد بن عجلان المدنى، صدوق، إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبى هريرة من الخامسة، مات 148 / خت م - عم انظر التقريب (190/ 2). وأما عبد اللَّه فهو ابن الفضل وليس المفضل - كما قال الحافظ فى التقريب (453/ 1) ابن العباس ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمى المدنى، ثقة، من الرابعة، / ع انظر التقريب (440/ 1). قلت: هذا الاسناد الذى أخرجه الطبرانى فى الأوسط حسن، على أقل التقدير، واللَّه تعالى أعلم. وبذلك ثبت الجمع بنوعيه على طريق أهل الحديث واللَّه أعلم. انظر المراجع الآتية فى الجمع ببن صلاتين جمع تأخير وتقديم: (1) - جامع الأصول لابن الأثير (451/ 6). (2) - المرعاة (267/ 2). (3) - التلخيص الحبير (48/ 2). (4) - الدارقطنى ص 150. والسنن الكبرى للبيهقى (162 - 163/ 3). فتح البارى (588/ 5) الإمام أحمد فى مسنده (241 - 242/ 5) علوم الحديث للحاكم 119 مختصر السنن للمنذرى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = زاد المعاد لابن القيم (136/ 1) ومسند الإمام أحمد (368 - 369/ 1) مجمع الزوائد للهيثمى (159 - 160/ 2) ومسند الإمام أحمد (136/ 1) ونصب الراية للزيلعى (192/ 2) وجامع الأصول لابن الأثير (297 - 299/ 9) وانظر النووي فى شرح المهذب (372 - 378/ 4) فانه استوعب جميع تلك الروايات التى تنص على الجمع بين الصلاتين جمع تأخير وتقديم، والعلامة الشاه محمد أنور الكشميري فى فيض البارى (400 - 401/ 2) والمغنى مع الشرح الكبير (112 - 115/ 2) وموطأ الامام مالك برواية الشيبانى 82 ومجموعة فتاوى شيخ الاسلام ابن تيمية (122 - 126/ 1) أخرج عبد الرزاق فى مصنفه جميع تلك الروايات التى تنص على جمع التقديم والتأخير (545 - 546/ 2) منها حديث مالك، عن أبى الزبير، عن أبى الطفيل، ان معاذ بن جبل أخبرهم ثم ذكر الحديث قال عبد الرزاق: (548/ 2): فى المصنف أخبرنا ابن جريج قال: أخبرنى حسين بن عبد اللَّه بن عباس، عن عكرمة، وعن كريب عن ابن عباس قال: ألا أخبركم عن صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى السفر؟ قلنا: بلى. قال: كان إذا زاغت له الشمس فى منزله، جمع بين الظهر والعصر قبل أن يركب، وإذا لم تزغ له فى منزله سار، حتى إذا حانت العصر نزل فجمع، بين الظهر والعصر، وإذا حانت له المغرب، وهو فى منزله جمع بينهما وبين العشاء، وقال المعلق على هذا الحديث من طريق عبد الرزاق 160 أى أخرجه الدارقطنى عن طريق عبد الرزاق. قلت: هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد فى مسنده أيضًا (367 - 368/ 1) وفيه حسين بن عبد اللَّه بن عبيد اللَّه بن عباس وهو ضعيف قال الحافظ فى التقريب (176/ 1): ضعيف من الخامسة، مات سنة 140 / ت - ق. انظر سنن الدارمى (356 - 357/ 1) والفتح الربانى للساعاتي (118/ 5) ونيل الأوطار للشوكانى (88 - 91/ 3) والمنتقى من أخبار المصطفى لمجد الدين =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = أبى بالبركات عبد السلام بن تيمية الحرانى (4 - 5/ 2) وسنن أبى داود (6 - 8/ 2) والترمذى (26 - 28/ 2) وسبل السلام على بلوغ المرام (91/ 1) المنهل العذب المورود لمحمود السبكى (400 - 402/ 2) علل الحديث لابن أبى حاتم (59 - 64/ 1) ومسند أبى عوانة (352 - 353/ 2) تنوير الحوالك على موطأ مالك (55 - 58/ 2). قلت: وقد ثبت الجمع بين الصلاتين فى السفر بنوعيه، كما جاء فى بعض الروايات الصحيحة فلا وجه للانكار. انظر المحلى لابن حزم (272 - 274/ 4) وشرح السنة للامام البغوى (301 - 302/ 1) وقال بعد سياق الأحاديث الواردة: وقال الشيخ الإمام رضي اللَّه عنه: اختلف أهل العلم فى الجمع فى السفر بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء فى وقت احداهما، فقد ذهب كثير من أهل الحلم الى جوازه، وهو قول ابن عباس، وبه قال عطاء بن أبى رباح، وسالم بن عبد اللَّه، وطاوس، ومجاهد، وإليه ذهب الشافعى، وأحمد، وإسحاق، وذهب بعض الناس الى عدم الجمع منهم أهل الرأى، وكرهه الحسن. قلت لا وجه للانكار بعد ثبوت السنة الصحيحة انظر تغليف التعليق ورقة 70 وتحفة الأشراف بمعرفة الاطراف للمزى (53 - 54/ 5) وإحكام الاحكام لابن دقيق العيد (353/ 1) والعدة حاشية الصنعانى (95 - 96/ 3) وسفر السعادة لفيروزآبادى ص 352 وكتاب الحجة للشيبانى (174/ 1) وشرح معاني الآثار للطحاوى (160/ 1) المشكاة بتحقيق الشيخ ناصر الدين الالبانى (424/ 1) وانجح المساعي بين صفتى السامع والواعى للمدنى 38 - 39 انظر رواية الليث بن سعد عن يزيد بن أبى حبيب فى مسند أبى بكر لابى بكر بن على بن سعيد الأموى المروزى ص 122. قلت: وقد يقول القائل هذه الرواية فيها انقطاع خفى، ولا يدركه إلا الأئمة الحذاق كما =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قال الحافظ فى نزهة النظر ص 44 وقال السخاوى فى فتح المغيث (187/ 1) والشاذ لم يوقف له على علة معينة، وانه من أغمض الأنواع وادقها، ولا يقوم به إلا من رزقه اللَّه الفهم الثاقب، والحفظ الواسع، والمعرفة التامة بمراتب الرواة، والملكة القوية بالاسانيد والمتون، وهو كذلك بل الشاذ -نسب لشيخنا- ادق من المعلل بكثير. قلت: لا استطيع أن أحكم على هذه الرواية بالشذوذ لكونها توبعت بعدة طرق كما مر بكم انظر الانوار لاعمال الابرار (94/ 1) التاج الجامع الاصول (297 - 298/ 1) والاعلام والاهتمام بجميع فتاوى شيخ الاسلام الانصارى ص 83 وقليوبى وعميرة على شرح جلال الدين المحلى على منهاج الطالبين للشيخ محيى الدين النووى (264 - 265/ 1) ونهاية المحتاج الى شرح المنهاج (272 - 276/ 2) شرح محمد الزقانى على الموطأ (260 - 264/ 1) الرسالة للامام الشافعى (127 - 128/ 1) وفيض الاله للمالك حل الفاظ عمدة السالك (175 - 178/ 1) ومغنى المحتاج على متن المنهاج (271 - 276/ 1) والعلم الشامخ فى ايثار الحق على الاداء والمشائخ (727 - 728) حاشية السندى على سنن ابن ماجه (171/ 1) شرح الامام ابن العربي على الترمذى (203/ 2) نيل المآرب وشرح دليل الطالب ص 45 الروضة الندية شرح الدرر البهية (155 - 156/ 1) والمسوى من أحاديث الموطأ للشاه ولى اللَّه الدهلوى (141 - 142/ 1) انطر ما قاله الكوثري فى النكت الطريفة على الجمع بين الصلاتين فى السفر ص 40 والهداية شرح بداية المبتدى (226 - 228/ 2) والروض المربع (100 - 101) انظر الجمع بين الصلاتين لمحمد أبى النصر الحميدى ص 153. * * *

الفصل الستون فيما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم فى شراب النبيذ وهو فى غزوة تبوك

الفصل الستون فيما جاء عن الرسول صلى اللَّه عليه وسلم فى شراب النبيذ وهو فى غزوة تبوك قال الإمام محمد (¬1): أخبرنا أبو حنيفة (¬2)، قال: ¬

_ (¬1) هو محمد بن الحسين بن فرقد، أبو عبد اللَّه الشيبانى مولاهم. صاحب أبى حنيفة. وإمام أهل الرأى، أصله دمشقى من أهل قرية تسمى حرستا قال الخطيب فى تاريخ بغداد (172 - 182/ 2) وكان أبوه فى جند أهل الشام، فقدم واسطا. فولد محمد بها فى سنة 132 هـ. ونشأ بالكوفة، وطلب العلم، وطلب الحديث، وسمع سماعا كثيرا، وجالس أبا حنيفة وسمع منه، ونظر فى الرأى فغلب عليه، وعرف به، ونفذ فيه، انظر ترجمته فى الجواهر المضية (42 - 44/ 2). (¬2) هو الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفى، يقال: أصله من فارس. ويقال مولى بنى تيم، فقيه مشهور من السادسة، مات سنة 150 هـ على الصحيح وله سبعون سنة / ت س التقريب (303/ 2). انظر ترجمته فى التهذيب (449 - 452/ 10) وتهذيب الكمال للمزى (1415 - 1418/ 6) والذهبى فى ميزان الاعتدال (265/ 4) انظر العبر فى خبر من غبر للذهبى (203 - 214، 229، 264، 284، 287، 302، 303، 305، 309، 325، 329، 730، 345، 355، 361/ 1)، وكتاب العلل ومعرفة الرجال للامام أحمد بن حنبل ص 142. وكتاب الضعفاء للعقيلى، ق 219 والميزان للذهبى (226/ 1) والبخارى فى الكبير (81 ق 2 - ج 4) والطبقات الكبرى لابن سعد (368 - 369/ 6) وكتاب الضعفاء والمتروكين =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = للنسائي ص 29. والجرح والتعديل لابن أبى حاتم (449/ 4/ 1) و (450/ 4/ 1) ومقدمة الجرح والتعديل (368 - 375). وكاب الانتفاء فى فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء لابن عبد البر (122 - 172). سير اعلام البلاء للذهبى (284 - 288/ 5) نقلا عن معجم المؤلفين (104 - 105/ 13) الوافي بالوفيات للصفدى (27 - 61/ 2) وابن الأثير فى اللباب (1/ 360) وتهذيب الاسماء واللغات للنووى (316 - 323/ 2) انظر تأنيب الخطيب على ما ساقه فى ترجمة أبى حنيفة من الاكاذيب لمحمد زاهد، والتنكيل للمرحوم عبد الرحمن بن يحبى المعلمى. والسهم المصيب فى كبد الخطيب المطبوع بمصر سنة 1351 هـ للسلطان عيسى الحنفى. الترحيب بنقد التأنيب لزاهد الكوثرى، النكت الطريفة فى التحدث عن ردود ابن أَبى شيبة على أبى حنيفة ليوسف ابن محمد بن الشهاب، انظر الاعلام لخير الدين الزركلى (4 - 5/ 9) والجواهر المضية (26/ 1) وابن خلكان (2/ 163) والنجوم الزاهرة (12/ 2) والبداية والنهاية (107/ 10) ودائرة المعارف الاسلامية (330 - 332/ 1) ما تمس إليه الحاجة لمن يطالع سنن ابن ماجه ص 28 للنعماني وقال فى ص 47 ان ترجمة الإمام الأعظم قد دست فى الميزان للذهبى انظر رفع الالتباس عن بعض الناس للسيد نذير حسين ص 27، الأذكياء لابن الجوزى 199 انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للشيخ ناصر الدين الالباني المجلد الأول الجزء الرابع 78: إذ يقول: إن أبا حنيفة رحمه اللَّه على جلالته فى الفقه، قد ضعفه من جهة حفظه البخارى ومسلم، والنسائي، وابن عدى، وغيرهم من أئمة الحديث. قلت: وهذا وجيه جدا فيما أعلم انظر جامع بيان العلم لابن عبد البر (178/ 2) والاكمال فى أسماء الرجال للتبريزى (790 - 791) انظر مقدمة جامع مسانيد الإمام أبى حنيفة للخوارزمى (2 - 52) والخيرات الحسان فى مناقب الإمام للهيثمى المكى، وتبييض الصحيفة للسيوطى، =

حدثنا إسحاق بن ثابت (¬1)، عن أبيه، عن على بن الحسين (¬2) رضي اللَّه عنه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنه غزا غزوة تبوك، فمر بقوم يرفثون، فقال لهم: ما هؤلاء؟ قالوا: أصابوا من شراب لهم، قال: ما ظروفهم؟ قال: الدباء، والحنتم، والمزفت، فنهاهم أن يشربوا فيها، فلما مر بهم راجعا من غزوته، ¬

_ = وبغية الوعاة فى طبقات اللغويين والنحاة فى قصة الضحاك بن مخلد مع الإمام أبى حنيفة - ص 27. والتبصرة والتذكرة وفتح الباقى على ألفية العراقى (147 - 148/ 1). انظر الفقه الأكبر المنسوب الى الإمام أبى حنيفة (141 - 142) وانظر الدفاع عن الامام أَبى حنيفة فى روض الباسم (158 - 167/ 1) وانظر الامام الأعظم أبو حنيفة المتكلم لعناية اللَّه ابلاغ الكتاب يقع فى 194 صفحة ومناقب الامام الأعظم أبى حنيفة للامام الموافق بن أحمد المكى. ومناقب الامام الأعظم أبى حنيفة للحافظ الدين محمد بن محمد شهاب المعروف بابن البزار الكردرى صاحب الفتاوى البزازية، وانظر الخراج للامام أبى يوسف فى موضوع قطع يد السارق (205 - 206) وانظر مناظرة الإمام أبى حنيفة مع عبد اللَّه بن مبارك فى موضوع رفع اليدين فى كتاب السنة للامام أحمد بن حنبل (59/ 1) وانظر ما قاله سماحة العلامة محدث الشام الشيخ محمد ناصر الدين الالبانى فى كتابه صفة صلاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من قول جميل فى الامام أبى حنيفة رحمه اللَّه تعالى ص (23 - 27). (¬1) لم أجد لاسحاق بن ثابت ولا لابيه ترجمة فى المراجع التى بين يدى وقال: محقق آثار أبى يوسف (225 - 226) اسحاق بن ثابت عن أبيه لا يعرفان. (¬2) هو على بن الحسين بن على بن أبى طالب، زين العابدين، ثقة، ثبت عابد فقيه، فاضل مشهور، قال ابن عيينة: عن الزهرى: ما رأيت قريشا أفضل منه، من الثالثة، مات ثلاث وتسعين من الهجرة، وقيل غير ذلك / ع التقريب (35/ 2).

شكوا إليه ما لقوا من التخمة، فأذن لهم أن يشربوا فيها، ونهاهم أن يشربوا المسكر (¬1). ¬

_ (¬1) الآثار لمحمد حسن الشيبانى ص 142 ومسند أنس بن مالك للمقدسي ورقه 225. قلت: وقد أخرج هذا الأثر الإمام أبو يوسف فى آثاه (225 - 226) ولم أجد له مرجعا آخر، والأثر ضعيف مرسل بهذا الاسناد واللَّه تعالى أعلم. انظر ترجمة أبى يوسف فى موضع أوهام الجمع للخطيب (473/ 2). * * *

الفصل الحادى والستون فيما جاء فى خرص الثمار عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو فى غزوة تبوك

الفصل الحادى والستون فيما جاء فى خرص الثمار عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو فى غزوة تبوك قال البخارى: رحمه اللَّه تعالى. باب خرص التمر. حدثنا سهل بن بكار، حدثنا وهيب، عن عمرو ابن يحيى، عن عباس الساعدى، عن أبى حميد الساعدى، قال: غزونا مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- غزوة تبوك فلما جاء وادى القرى اذا امرأة فى حديقة لها، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لاصحابه: إخرصوا، وخرص رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عشرة أوسق، فقال لها: احصي بما يخرج منها، فلما أتينا تبوك قال: أما انها ستهب الليلة ريح شديدة، فلا يقومن أحد، ومن كان معه بعير فليعقله، فعقلناها، وهبت ريح شديدة فقام رجل فالقته بجبل طئ، واهدى ملك ايلة للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بغلة بيضاء، وكساه بردا كتب له ببحرهم فلما أتى وادى القرى، قال للمرأة: كم جاء حديقتك؟ قالت: عشرة أوسق خرص رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنى متعجل الى المدينة، فمن أراد منكم أن يتعجل معى فليتعجل، فلما قال ابن بكار كلمة معناها أشرف على المدينة، قال هذه طابة، فلما رأى أحدا قال: هذا جبل يحبنا ونحبه، ألا أخبركم بخير دور الانصار؟ قالوا: بلى، قال: دور بنى النجار، ثم دور بنى عبد الأشهل، ثم دور بنى ساعدة، أو دور بنى الحارث بن الخزرج، وفى كل دور الأنصار، يعنى خيرا (¬1). ¬

_ (¬1) البخارى -كتاب الزكاة- باب خرص التمر (106/ 2). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قلت: أخرجه البخارى فى عدة مواضع، منها: فى كتاب الجزية تحت باب إذا وادع الإمام ملك القرية، هل يكون ذلك لبقيتهم (77/ 4) وفى كتاب الهبة تعليقا عن أبى حميد (143/ 3) وأخرجه مسلم فى الفضائل عن أبى حميد (61/ 7) والإمام أحمد فى مسنده (424 - 425/ 5). وأخرجه أيضًا أبو داود فى سننه، فى كتاب الخراج والامارة، والفئ باسناد البخارى (241 - 242/ 3) والدارمى فى سننه (233/ 2) وأبو بكر بن أبى شيبة فى مصنفه (314/ 2) وأبو نعيم فى دلائل النبوة (453 - 454) وابن كثير فى البداية (11 - 12/ 5) وابن جرير الطبرى فى تاريخه (269/ 2) والامام ابن القيم فى زاد المعاد (3/ 3) وابن الأثير فى الكامل (279/ 2) وابن حزم فى جوامع السيرة ص 252 وابن هشام فى سيرته (75/ 1)، والسهيلى فى الروض الأنف (318 - 319/ 2) والامام ابن كثير فى السيرة النبوية (218/ 2) والشيخ محمد كرامت على فى السيرة المحمدية ص 375 انظر شرح تراجم أبواب صحيح البخارى لشاه ولى اللَّه الدهلوى ص 120 وأعلام الموقعين (348/ 2) وتحقيق النصرة صفحة: 12. * * *

الفصل الثانى والستون فيما جاء فى البيع والشراء فى غزوة تبوك

الفصل الثانى والستون فيما جاء فى البيع والشراء فى غزوة تبوك قال الإمام الحافظ أبو عبد اللَّه، محمد بن يزيد القزوينى ابن ماجه: حدثنا عبيد اللَّه بن عبد الكريم (¬1) ثنا سنيد بن داود (¬2)، عن خالد بن حيان الرقي (¬3)، أنبأنا على بن عروة البارقى (¬4) ثنا يونس بن يزيد (¬5) عن ¬

_ (¬1) عبيد اللَّه بن عبد الكريم هو عبيد اللَّه بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ، أبو زرعة الرازى، إمام، حافظ، ثقة، مشهور، من الحادية عشرة، مات سنة 264 وله 64 سنة / م ت س ق انظر التقريب (536/ 1). (¬2) هو سنيد، بنون ثم دال، مصغرا، ابن داود المصيصى، المحتسب، واسمه حسين، ضعيف مع امامته، ومعرفته، لكونه كان يلقن حجاج بن محمد، شيخه، من العاشرة، مات سنة 226 / ق انظر التقريب (335/ 1). (¬3) هو خالد بن حيان بتشديد المعجمة الرقى، أبو زيد الكندى مولاهم، الخزاز بالمعجمة، والزاء وآخره زاى، صدوق يخطئ من الثامنة مات سنة 191 / ق انظر التقريب (212/ 1). (¬4) هو على بن عبد اللَّه البارقى الازدى، أبو عبد اللَّه بن أبى الوليد، صدوق ربما أخطأ، من الثالثة / م عم انظر التقريب (40/ 2). (¬5) يونس هو يونس بن يزيد بن أبى النجاد، الأيلى، بفتح الهمزة، سكون التحتانية بعدها لام، أبو يزيد مولى آل أبى سفيان، ثقة، إلا أن فى روايته عن الزهرى وهمًا قليلا، وفى غير الزهرى خطأ من كبار السابعة، مات 159 على الصحيح / ع انظر التقريب (386/ 2).

عن أبى الزناد (¬1)، عن خارجة بن زيد (¬2)، قال: رأيت رجلا يسأل أبى عن الرجل، يغزوا، فيشترى، ويبيع، ويتجر فى غزوته؟ فقال له أبى: كنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بتبوك نشترى، ونبيع، وهو يرانا، ولا ينهانا (¬3). ¬

_ (¬1) أبو الزناد، هو عبد اللَّه بن ذكوان القرشى، أبو عبد الرحمن، المدنى، المعروف بأبي الزناد، فقيه، من الخامسة، مات سنة 130 وقيل بعدها / ع انظر التقريب (413/ 1). (¬2) خارجة بن زيد هو خارجة بن زيد. بن ثابت، الأنصارى، أبو زيد المدنى، فقيه ثقة، من الثالثة مات سنة مائة، قيل قبلها/ ع انظر التقريب (210/ 1). قلت: هذا الحديث ضعيف لأنه فيه سنيد بن داود، أعنى بهذا الاسناد. (¬3) انظر ابن ماجه (943/ 2) بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقى. وقد صح عند الترمذى حديث فى ذلك وذلك فى غزوة خيبر انظر الترمذى كتاب الجهاد (123/ 3). * * *

الفصل الثالث والستون فيما جاء فى أهبة الميتة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو فى غزوة تبوك

الفصل الثالث والستون فيما جاء فى أهبة الميتة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو فى غزوة تبوك قال الإمام أبو داود: حدثنا حفص بن عمر (¬1)، وموسى بن إسماعيل (¬2)، قالا: ثنا همام (¬3) عن قتادة (¬4) ¬

_ (¬1) هو حفص بن عمر بن الحارث بن سخرة، بفتح المهملة وسكون الخاء المعجمة وفتح الموحدة، الأزدى النمرى: بفتح النون والميم، أبو عمرو الحوضى، وهو بها أشهر، ثقة، ثبت عيّب بأخذ الأجرة على الحديث، من كبار العاشرة، مات سنة 225 هـ/ خ د س التقريب (187/ 1). (¬2) هو موسى بن إسماعيل المنقرى، بكسر الميم، وسكون النون، وفتح القاف، أبو سلمة التبوذكى بفتح المثناه، وضم الموحدة، وسكون الواو، وفتح المعجمة، مشهور بكنيته وباسمه، ثقة ثبت، من صغار التاسعة، ولا التفات الى قول ابن خراش تكلم الناس فيه، مات سنة 223 هـ/ ع التقريب (280/ 2). (¬3) هو همام بن يحيى بن دينار العوذى، بفتح المهملة، وسكون الواو كسر المعجمة، أبو عبد اللَّه أو أبو بكر البصرى، ثقة، ربما وهم، من السابعة مات سنة أربع أو خمس وستين ومائة / ع التقريب (321/ 2). (¬4) هو قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسى، أبو الخطاب البصرى، ثقة ثبت، يقال: ولد اكمه، وهو رأس الطبقة الرابعة مات سنة بضع عشرة ومائة/ ع التقريب (123/ 1).

عن الحسن (¬1)، عن جون بن قتادة (¬2)، عن سلمة بن المحبق (¬3)، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك أتي على بيت، فإذا قربة معلقة، فسأل الماء، فقالوا: يا رسول اللَّه أنها ميتة، فقال: دباغها طهورها (¬4). ¬

_ (¬1) هو الحسن بن أبى الحسن البصرى، واسم أبيه يسار، بالتحتانية والمهملة، الأنصاري مولاهم، ثقة فقيه فاضل مشهور، وكان يرسل كثيرا ويدلس، قال البزار: كان يروى عن جماعة لم يسمع منهم فيتجوز ويقول: حدثنا وخطبنا، يعنى قومه الذين حدثوا وخطبوا بالبصرة، وهو رأس أهل الطبقة الثالثة، مات سنة 110 هـ وقد قارب التسعين/ ع التقريب (165/ 1). قلت: وقد ذكره الحافظ فى الطبقة الثانية ص 8 فى طبقات المدلسين. (¬2) هو جون بن قتادة بن الأعور بن ساعدة التيمي، ثم السعدى البصرى، لم يصح صحبته، ولابيه صحبة، وهو مقبول، من الثالثة، / د س التقريب (136/ 1). (¬3) سلمة بن المحبق بفتح العين والباء المشددة، وقيل: هو ابن أبى ربيعة بن صخر الهذلى، أبو سنان، صحابي، سكن البصرة / د س ق التقريب (318/ 1). (¬4) سنن أبى داود كتاب اللباس (64/ 4). قلت: هذا الاسناد حسن إن شاء اللَّه تعالى، وقد أخرجه النسائي بهذا الاسناد فى كتاب الفرع والعتيرة (173 - 174/ 8) انظر عون المعبود على أبى داود (113/ 4). ومختصر شرح تهذيب سنن أبى داود للإمام المنذرى (65/ 6). * * *

الفصل الرابع والستون فيما جاء فى اهداره -صلى الله عليه وسلم- ثنتى العاض وهو فى غزوة تبوك

الفصل الرابع والستون فيما جاء فى اهداره -صلى اللَّه عليه وسلم- ثنتى العاض وهو فى غزوة تبوك قال الإمام البخارى: عن يعلى بن أمية، قال: غزوت مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- العسرة، قال: كان يعلى يقول: تلك الغزوة أوثق أعمالى عندى، قال عطاء: فقال صفوان: قال يعلى: فكان لى أجير فقاتل انسانا فعض أحدهما يد الآخر، قال عطاء: فلقد أخبرنى صفوان أيهما عض الآخر فنسيته، قال: فانتزع المعضوض يده من فى العاض، فانتزع احدى ثنيتيه، فأتيا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فاهدر ثنيته، قال عطاء: وحسبت أنه قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أفيدع يده فى فيك تقضمها كأنها فى فى فحل يقضمها (¬1). ¬

_ (¬1) الجامع الصحيح للإمام البخارى (3/ 6) المغازى وأخرجه أيضًا فى كتاب الديات (7 - 8/ 9) وفى كتاب الجهاد تحت باب الأجر (43/ 4). وأخرج مسلم فى القسامة (104 - 105/ 5) وأخرج أبو داود فى كتاب الديات (270/ 4)، والإمام النرمذى فى سننه فى كتاب الديات (186/ 6)، والإمام النسائي فى سننه فى القسامة (28 - 29/ 8)، (309 - 310/ 8) والإمام الدارمى فى سننه (195/ 2) فى كتاب الديات. وابن ماجه فى سننه (886 - 887/ 2) والإمام أحمد فى مسنده (222/ 4) و (224/ 4)، (427/ 4)، (428 - 430/ 4)، (435/ 4) وأورده الشيخ يوسف الشامي فى سيرته (386/ 2/ 2). ونسب إخراجه الى البخارى وغيره. * * *

الفصل الخامس والستون فيما جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فى كراء الدابة على النصف أو السهم وهو فى طريقه الى غزوة تبوك

الفصل الخامس والستون فيما جاء عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى كراء الدابة على النصف أو السهم وهو فى طريقه الى غزوة تبوك قال أبو داود: حدثنا اسحاق بن إبراهيم الدمشقى أبو النضر (¬1)، ثنا محمد بن شعيب (¬2)، أخبرنى أبو زرعة يحيى بن أبى عمرو السيباني (¬3)، عن عمرو ابن عبد اللَّه (¬4) أنه حدثه عن الواثلة بن الأسقع (¬5)، قال: نادى ¬

_ (¬1) هو اسحاق بن إبراهيم بن زيد، أبو النضر الدمشقى الفراديسي، مولى عمر بن عبد العزيز، صدوق ضعف بلا مستند، مات سنة 227، وله 86 سنة، من العاشرة/ خ د س. التقريب (55/ 1). قلت: دافع عنه الحافظ فى التهذيب (220/ 1) دفاعا قويا، لأن أبا الفتح الأزدى ضعفه، قال أبو زرعة: كان من الثقات البكائين. (¬2) هو محمد بن شعيب بن شابور، بالمعجمة والموحدة، الأموى مولاهم الدمشقى، نزيل بيروت، صدوق صحيح الكتاب، من كبار التاسعة، مات سنة 200، وله أربع وثمانون سنة/ عم التقريب (170/ 2). (¬3) هو يحيى بن أبى عمرو السيباني، بفتح المهملة وسكون التحتانية بعدها موحدة، أبو زرعة الحمصى ثقة من السادسة، روايته عن الصحابة مرسلة، مات سنة 148 أو بعدها/ بخ د س ق التقريب (355/ 2). (¬4) هو عمرو بن عبد اللَّه الشيبانى، أبو عبد الجبار، ويقال: أبو العجماء، الحضرمى الحمصى، مقبول من الثالثة وفرق الدولابي وأبو أحمد بين عبد الجبار وأبى العجماء، فلم يذكرا لأبي العجماء اسما/ د ق التقريب (74/ 2). (¬5) هو واثلة بن الاسقع، بالقاف، ابن كعب الليثى، صحابي مشهور، نزل الشام، وعاش الى سنة خمس وثمانين، وله مائة وخمس وستين/ ع التقريب (328/ 2).

رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فى غزوة تبوك، فخرجت الى أهلى، فأقبلت، وقد خرج أول صحابة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فطفت المدينة انادى: ألا من يحمل رجلا له سهمه، فنادى شيخ من الأنصار، فقال لنا سهمه على أن نحمله عقبة، وطعامه معنا؟ قلت: نعم، قال: فسر على بركة اللَّه تعالى، قال: فخرجت مع خير صاحب حتى أفاء اللَّه علينا، فأصابنى قلائص، فسقتهن، حتى أتيته، فخرج، فقعد على حقيبة من حقائب ابله، ثم قال: سقهن مدبرات. ثم قال: سقهن مقبلات، فقال: ما أرى قلائصك إلا كراما، قال: انما هى غنيمتك التى شرطت لك، قال: خذ قلائصك يا بن أخى، فغير سهمك اردنا (¬1). ¬

_ (¬1) سنن أبى داود كتاب الجهاد (75/ 3). قلت: هذا الحديث حسن بهذا الاسناد وقد أورده صاحب السيرة الشامية فى سبيل الهدى الرشاد (282/ 2/ 2) والواقدى فى مغازيه (991/ 3). * * *

الفصل السادس والستون فيما نزل من القرآن فى حثه على الصدق ولزوم الصادقين

الفصل السادس والستون فيما نزل من القرآن فى حثه على الصدق ولزوم الصادقين قال اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} التوبة: 119. قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: للمؤمنين معرفهم سبيل النجاة من عقابه، والخلاص من عذابه: يا أيها الذين آمنوا باللَّه ورسوله، اتقوا اللَّه وراقبوه بأداء فرائضه وتجنب حدوده، وكونوا فى الدنيا من أهل ولاية اللَّه وطاعته تكونوا فى الآخرة مع الصادقين فى الجنة، يعنى مع من صدق اللَّه والايمان به، فحقق قوله بفعله، ولم يكن من أهل النفاق فيه الذين يكذب قبلهم فعلهم. ثم قال أبو جعفر: وإنما قلنا: ذلك معنى الكلام، لأن كون المنافق مع المؤمنين لم يكن نافعه بأى وجوه الكون كان معهم، إن لم يكن عاملا عملهم، وإذا عمل عملهم فهو منهم، وإذا كان منهم كان لا وجه فى الكلام أن يقال: اتقوا اللَّه وكونوا مع الصادقين، ولتوجيه الكلام الى ما وجهنا من تأويله فسر ذلك من فسره من أهل التأويل بأن قال: معناه: كونوا مع أبى بكر وعمر، أو مع النبي صلى اللَّه عليه وسلم والمهاجرين رحمة اللَّه عليهم (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير طبرى (62/ 11).=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قال القرطبى: (288 - 289/ 8): هذا الأمر بالكون مع أهل الصدق بعد قصة الثلاثة حين نفعهم الصدق، وذب بهم عن منازل المنافقين. قال مطرف: سمعت مالك بن أنس يقول: قلما كان الرجل صادقا لا يكذب إلا متع بعقله، لم يصبه ما يصيب غيره من الهرم والخوف. قلت: أخرجه مسلم فى صحيحه: قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: عليكم بالصدق فإِن الصدق يهدى الى البر، وإِن البر يهدى الى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند اللَّه صديقا أو كما قال صلى اللَّه عليه وسلم. انظر زاد المسير لابن الجوزى (513/ 3) وروح المعانى (45/ 11) والتفسير الكبير للرازى (220 - 222/ 16). والدر المنثور للسيوطى (289/ 3) وفتح البيان (214 - 215/ 4) والبحر المحيط لأبي حيان (111 - 112/ 5) وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل (87/ 2). والكشاف (571/ 1) وابن كثير مع البغوى (258 - 266/ 4). انظر فى ظلال القرآن للسيد قطب (40 - 41/ 11). قلت: والآن وقد انتهى الحديث عن المتخلفين جميعا، بقصة الثلاثة -يجيء البيان الشامل الحاسم لواجب أهل المدينة ومن حولهم من الأعراب، ويجيء مع بيان الواجب بيان الجزاء عليه فاسمع إليه. * * *

قال أبو جعفر: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهرى، عن عبد الرحمن بن كعب، عن أبيه، قال: لم أتخلف عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة غزاها إلا بدرا، ولم يعاتب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- احدا تخلف عن بدر، ثم ذكر نحوه (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (62/ 11). قلت: رجال هذا الاسناد ثقات. وقد روى ابن جرير الطبرى حديث كعب بن مالك من عدة طرق صحيحة متصلة وهذه إحداها من الطرق الصحيحة. وهذه الطريق قد أخرج بها الإمام أحمد فى مسنده حديث كعب بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه انظر مسند الإمام أحمد (387 - 330/ 6) وانظر أيضًا (456/ 3) من طريق يعقوب بن إبراهيم عن ابن أخى الزهرى محمد بن عبد اللَّه عن عمه محمد ابن مسلم الزهرى الحديث بطوله انظر صحيح مسلم (98 - 100/ 17) مع النووى. وقد أخرج ابن جرير الطبرى هذا السياق بإسناد آخر ضعيف وهو إذ يقول: حدثنا ابن حميد قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن ابن شهاب الزهرى، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك الأنصاري ثم السلمى، عن أبيه، أن أباه عبد اللَّه بن كعب، ثم ذكر نحو حديث محمد بن عبد الأعلى. قلت: لم أجد هذا الأثر بهذا الاسناد فى سير ابن هشام لعله حذف اسانيد سيرة محمد بن إسحاق بن يسار المطلبى عندما هذب سيرته واللَّه تعالى أعلم انظر سيرة ابن هشام (175 - 181/ 4).

قال أبو جعفر: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن زيد بن أسلم، عن نافع، فى قوله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} قال: مع النبي صلى اللَّه عليه وسلم وأصحابه (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (63/ 11). قلت: رجال هذا الاسناد كلهم ثقات إِلا محمد بن حميد الرازى فهو حافظ ضعيف، وقال السيوطى فى الدر المنثور (289/ 3): أخرج ابن جرير الطبرى وابن المنذر، وابن أبى حاتم عن نافع فى قوله ثم ذكرا الحديث؛ هو عند ابن جرير انظر فتح القدير للشوكانى (395/ 2). وأما نافع، فهو نافع أبو عبد اللَّه المدنى، مولى ابن عمر، ثقة ثبت فقيه، مشهور، من الثالثة، مات سنة 117 أو بعد ذلك / ع انظر التقريب (296/ 2). وقال أبو جعفر فى تفسيره (163/ 11): حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين قال: ثنى حجاج عن ابن جريج، فى قوله تعالى {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} فتأويله إن ذلك نهى من اللَّه عن الكذب. قلت: رجال هذا الاسناد كلهم ثقات إلا سنيد بن داود الذى هو الحسين وكان يلقن شيحه الحجاج بن محمد المصيصى كما قاله الحافظ فى التقريب والتهذيب. * * *

الفصل السابع والستون فى قوله تعالى: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة} الآية

الفصل السابع والستون فى قوله تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} الآية قال اللَّه تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} التوبة: 122. قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولم يكن المؤمنون لينفروا جميعًا. وقد بينا معنى الكافة بشواهده وأقوال أهل التأويل فيه فاغنى عن اعادته فى هذا الموضع. ثم اختلف أهل التأويل فى المعنى الذى عناه اللَّه بهذه الآية، وما النفر الذى كرهه لجميع المؤمنين؟ فقال بعضهم: هو نفر كان من قوم كانوا بالبادية، بعثهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعلمون الناس الإسلام، فلما نزل قوله: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} انصرفوا عن البادية الى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، خشية أن يكونوا ممن تخلف عنه، وممن عنى بالآية، فأنزل اللَّه فى ذلك عذرهم بقوله {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} وكره انصراف جميعهم من البادية الى المدينة (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (66/ 11).=

قال أبو جعفر: حدثنى محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} قال: ناس من أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- خرجوا فى البوادى فأصابوا من الناس معروفا، ومن الخصب ما ينتفعون به ودعوا من وجدوا من الناس الى الهدى، فقال الناس: لهم ما نراكم قد تركتم ¬

_ = قال القرطبى فى تفسيره (293 - 297) فيه ست مسائل: (1) - وهى أن الجهاد ليس على الأعيان، وإنه فرض كفاية كما تقدم، إذ لو نفر الكل لضاع من وراءهم من العيال. (2) - هذه الآية أصل فى طلب العلم. (3) - الطائفة فى اللغة: الجماعة، وقد تقع على أقل من ذلك. (4) الضمير من {لِيَتَفَقَّهُوا} {وَلِيُنْذِرُوا} للمقيمين مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قاله قتادة ومجاهد. (5) - طلب العلم ينقسم قسمين: فرض على الاعيان، كالصلاة، والزكاة، والصيام، وفرض كفاية: كتحصين الحصون، وإقامة الحدود، والفصل بين الخصوم. (6) - طلب العلم فريضة عظيمة، ومرتبة شريفة لا يوازيها عمل. قلت: روى الإمام الترمذى فى سننه من حديث أبى الدرداء قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: من سلك طريقا يلتمس فيه علمًا سلك اللَّه به طريقا إِلى الجنة، وإن الملائكة لتضع اجنحتها رضا لطالب العلم أو كما قال عليه الصلاة والسلام. انظر شرف أصحاب الحديث ص 33 والناسخ والمنسوخ لهبة اللَّه بن سلامة ص 52، والناسخ والمنسوخ لمحمد الصفار ص 169.

أصحابكم وجئتمونا، فوجدوا فى أنفسهم من ذلك حرجا، وأقبلوا من البادية كلهم، حتى دخلوا على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال اللَّه: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} يبتغون الخير {لِيَتَفَقَّهُوا} وليسمعوا ما فى الناس، فأنزل اللَّه بعدهم {وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ} الناس كلهم {إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (¬1)}. ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (66 - 67/ 11). قلت: أثر مجاهد صحيح الاسناد. وهو مقطوع من كلامه رحمه اللَّه تعالى. قال السيوطى فى الدر المنثور (293/ 3): أخرج ابن أبى شيبة، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبى حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد فى قوله تعالى {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} الآية ثم ذكر الحديث. انظر فتح القدير للشوكانى (397/ 2). قال الشوكانى: اختلف المفسرون فى معنى {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} فذهب جماعة الى أنه من بقية أحكام الجهاد، لأنه سبحانه وتعالى لما بالغ فى الأمر بالجهاد والانتدب الى الغزو، كان المسلمون إذا بعث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سرية الى الكفار ينفرون جميعا، ويتركون المدينة خالية، فأخبرهم اللَّه سبحانه وتعالى بهذا الخبر. انظر تفسير القرطبى (295/ 8) وزاد المسير لابن الجوزى (516 - 517/ 3) وقال الرازى فى تفسيره (225 - 228/ 16): نقل عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا خرج الى الغزو، لم يتخلف عنه إِلا منافق أو صاحب عذر، فلما بالغ اللَّه سبحانه وتعالى عن عيوب المنافقين فى غزوة تبوك، قال المؤمنون: واللَّه لا نتخلف عن شئ من الغزوات مع الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا عن سرية فلما قدم الرسول عليه الصلاة والسلام المدينة، وأرسل السرايا الى الكفار، نفر المسلمون جميعا الى الغزو وتركوه وحده بالمدينة، فنزلت الآية. قلت: لم أجد له سندا صحيحا ثابتا إنما هذه الرواية منقطعة أخرجها ابن جرير الطبرى فى تفسيره (67/ 11) وهى لم تكن حجة فى المسئلة إنما يستأنس بها إن شاء اللَّه تعالى.

قال أبو جعفر: حدثنى المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة (¬1) قال: ثنا شبل، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، مثل قوله الأول إلا أنه قال: فى حديثه فقال اللَّه: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} فخرج بعض وقعد بعض يبتغون الخير (¬2). ¬

_ (¬1) أبو حذيفة هو موسى بن مسعود النهدى، بفتح النون، أبو حذيفة المصرى، صدوق سيء الحفظ، وكان يصحف، من صغار التاسعة انظر التقريب (288/ 2) خ د ت ق. فإذا قال قائل: كيف أخرج له البخارى فى جامعه الصحيح هو سيء الحفظ فالجواب ما أجاب به الحافظ فى مقدمة فتح البارى (446) وروى عنه البخارى أحاديث أحدها فى العتق عن امرأته بمتابعة الربيع بن يحيى كلاهما عن زائدة بمتابعة عثام بن علي بن هشام بن عروة، عن امرأته فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبى بكر، فى الأمر بالعتاقة فى الكسوف، ثانيها فى الرقاق، حديث ابن مسعود الجنة أقرب الى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك، وقد تابعه عليه وكيع وغيره عن سفيان. (¬2) تفسير ابن جرير الطبرى (67/ 11) وقال أبو جعفر فى نفس هذه الصفحة ثنا إسحاق، قال ثنا عبد اللَّه، عن ورقاء، عن ابن أبى نجيح عن مجاهد كحديثه عن أبى حذيفة. قلت: إسحاق هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلى، أبو محمد بن راهويه المروزى، ثقة، حافظ، مجتهد، قرين أحمد بن حنبل، ذكر أبو داود أنه تغير قبل موته بيسير، مات 238 وله 72 سنة / خ م د ت س انظر التقريب (54/ 1) وأما عبد اللَّه هو عبد اللَّه بن يزيد المكى، أبو عبد الرحمن المقرى، أصله من البصرة أو الأهواز، ثقة فاضل اقرأ القرآن نيفا وسبعين سنة من التاسعة مات 213 وقد قارب المائة، وهو من كبار شيوخ البخارى / ع انظر التقريب (462/ 1).=

وقال أبو جعفر: وقال آخرون: معنى ذلك: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} جميعا الى عدوهم، ويتركوا نبيهم -صلى اللَّه عليه وسلم- وحده. ثم قال: حدثنى يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: قوله: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} قال: ليذهبوا كلهم، فلولا نفر من كل حى، وقبيلة طائفة، وتخلف طائفة ليتفقهوا فى الدين ليتفقه المتخلفون مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فى الدين، ولينذروا قومهم يعنى المتخلفين النافرين إذا رجعوا إليهم، لعلهم يحذرون (¬1). ¬

_ = وانظر الدر المنثور للسيوطى (292 - 293/ 3) وقال أبو جعفر أيضًا 67/ 11 حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد نحو حديثه عن المثنى عن أبى حذيفة، غير أنه قال: فى حدثه ما نراكم إلا قد تركتم صاحبكم وقال: ليتفقهوا ليسمعوا ما فى الناس. قلت: هذا الأثر فيه ضعف لأن سنيد الذى هو حسين بن داود المصيصي ضعيف وكان يلقن شيخه حجاج بن محمد المصيصى. انظر التقريب (335/ 1). (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (67/ 11). قلت: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوى هو مفسر كبير، وإن كان هو ضعيفا فى الحديث إلا أن لرأيه هذا وقوله وجهة نظر قوية. وسوف يأتى فيما بعد أثر علي بن أبى طلحة عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه فى هذا الموضوع وهو يؤيد رأيه واللَّه تعالى أعلم. وهذا الأثر ما دام لا يدفع من أن تكون آية: محكمة فلا مانع فيما أظن من قبول قوله هذا. . قال أبو جعفر (67/ 1) فى تفسيره حدثنى المثنى، قال: ثنا عبد اللَّه، قال: ثنى معاوية، عن على عن ابن عباس قوله: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} يقول ما كان المؤمنون لينفروا جميعًا، ويتركوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وحده =

قال أبو جعفر: حدثنا الحسين (¬1)، قال سمعت أبا معاذ (¬2)، يقول ثنا عبيد بن ¬

_ = {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} يعنى عصبة، يعنى السرايا، إلا بإذنه، فإذا رجعت السرايا، وقد نزل بعدهم قرآن تعلمه القاعدون من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قالوا: إن اللَّه قد أنزل على نبيكم بعدكم قرآنا، وقد تعلمناه فيمكث السرايا يتعلمون ما أنزل اللَّه على نبيهم بعدهم، ويبعث سرايا آخر، فذلك قوله: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} يقول: ليتعلمون ما أنزل اللَّه على نبيه، ويعلمونه السرايا إذا رجعت إليهم، لعلهم يحذرون. قلت أثر علي بن أبى طلحة عن ابن عباس أثر منقطع، ليس بحجة إلا أنه مستأنس به، ورجال إسناده ثقات ما عدا عبد اللَّه بن صالح كاتب الليث بن سعد، فهو متكلم فيه من جهة حفظه انظر التقريب (423/ 1). وقال أيضًا: أى ابن جرير حدثنا بشر، قال: يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} إلى قوله {لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} قال: هذا إذا بعث نبى اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الجيوش، أمرهم أن لا يعروا المدينة وتقيم طائفة مع رسوله صلى اللَّه عليه وسلم تتفقه فى الدين. قلت: هذا الأثر صحيح الاسناد الى قتادة وهو يؤيد الأثر السابق فى معناه. (¬1) الحسين، هو الحسين بن الفرج الخياط عن وكيع، قال ابن معين: كذاب يسرق الحديث، انظر لسان الميزان (307/ 2). (¬2) أبو معاذ هو فضيل بن ميسرة أبو معاذ البصرى، صدوق، من السادسة / بخ د س ق انظر التقريب (114/ 2).=

سليمان (¬1)، قال سمعت الضحاك (¬2) يقول: فى قوله {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً}. . الآية، كان نبى اللَّه إذا غزا بنفسه لم يحل لأحد من المسلمين أن يتخلف إلا أهل العذر، وكان إذا أقام فأسرت السرايا لم يحل لهم أن ينطلقوا إلا بأذنه، فكان الرجل إذا أسرى فنزل بعده قرآن، تلاه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على أصحابه القاعدين معه، فإذا رجعت السرية قال لهم الذين أقاموا مع رسول اللَّه: إن اللَّه أنزل بعدكم على نبيه قرآنا، فيقرؤنهم ويفقهونهم فى الدين، وهو قوله: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} يقول: إذا أقام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} يعنى بذلك أنه لا ينبغى للمسلمين أن ينفروا جميعًا ونبى اللَّه قاعد ولكن إذا قعد نبى اللَّه تسرت السرايا، وقعد معه معظم الناس (¬3). ¬

_ (¬1) أما عيد بن سليمان فإنى لم أجد له ترجمة، إلا ما ذكر الذهبى فى ميزان الاعتدال (20/ 3) إِذ قال رحمه اللَّه / 5425 عيد بن سليمان الباهلي المروزى. روى عنه عبد اللَّه بن عثمان. قال السليماني: فيه نظر. قلت: أظن لم يعرفه الذهبى ولذا لم يتكلم عليه أكثر من هذه الحروف واللَّه تعالى أعلم. فإذا كان هذا هو فهو ضعيف. وإذا كان غيره فلا علم لي بذلك واللَّه أعلم. (¬2) أما الضحاك فهو الضحاك بن مزاحم الهلالى، أبو القاسم، أو أبو محمد الخراساني، صدوق كثير الإرسال من الخامسة مات بعد المائة / عم انظر التقريب (373/ 1) قلت: هذا الأثر ضعيف جدا. (¬3) تفسير ابن جرير الطبرى (687/ 11). قال السيوطى فى الدر (292/ 3) أخرج البيهقي فى المدخل عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنه كما ذكره ابن جرير عن الضحاك بن مزاهم وقد يكون الاسناد صحيحا أو حسنا إن شاء اللَّه تعالى. بالكتاب موجود بمكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ولم ترقم صفحاته.

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال فى تأويل ذلك بالصواب: أن يقال: تأويله: وما كان المؤمنون لينفروا جميعًا ويتركوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وحده، وإن اللَّه نهى بهذه الآية المؤمنين به أن يخرجوا فى غزو وجهاد وغير ذلك من أمورهم، ويدعوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وحيدا، ولكن عليهم إذا سرّى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، سرية أن ينفر معها من كل قبيلة من قبائل العرب، وهى الفرقة، طائفة وذلك من الواحد الى ما بلغ من العدد، كما قال اللَّه جل ثناؤه {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} يقول: فهلا نفر من كل فرقة منهم طائفة، وهذا الى هاهنا على أحد الأقوال التى رويت عن ابن عباس، وهو قول الضحاك، وقتادة، وإنما قلنا: هذا القول أولى الأقوال فى ذلك بالصواب لأن اللَّه تعالى ذكر حظر التخلف خلاف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على المؤمنين به من أهل المدينة، مدينة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ومن حولها من الأعراب لغير عذر يعذرون به إذا خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لغزو وجهاد عدو، قبل هذه الآية بقوله: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} فكان معلوما ذلك، إذ كان قد عرفهم فى الآية التى قبلها اللازم لهم من فرض النفر، والمباح لهم من تركه، فى حال غزو رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وشخوصه عن مدينته لجهاد عدو، وأعلمهم أنه لا يسعهم التخلف خلافه إلا لعذر، بعد استنهاضه بعضهم وتخليفه بعضهم أن يكون عقب تعريفهم ذلك، تعريفهم الواجب عليهم عند مقام رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بمدينته، وأشخاص غيره عنها،

كما كان الابتداء بتعريفهم الواجب عند شخوص وتخليفه بعضهم (¬1). قال أبو جعفر: وقال آخرون: هذه الآية نزلت في أهل الإسلام قلة، فلما كثروا نسخها اللَّه، وأباح التخلف لمن شاء، فقال {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} ثم قال أبو جعفر: حدثنى يونس قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فى قوله: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} فقرأ حتى بلغ {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} قال: هذا حين كان الإسلام قليلا فلما كثر الإسلام بعد، قال: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} الى آخر الآية (¬2). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (70/ 11). قلت: ترجيح أبى جعفر بين هذه الأقوال المختلفة وجيه جدا لأن ذلك يؤدى الى الجمع بين الآيتين المتعارضتين ظاهرا وليس هناك تعارض فى الحقيقة وزد على ذلك: إن الطائفة النافرة: لها معاينة فى نصر اللَّه لأهل الإسلام وهذا من الواقع تفقه ومعرفة وإيمان، وتصديق، ويقين، والطائفة الجالسة مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لها فقهها الخاص، وعليها أن تبلغ ما تفقهت به من علم ووحى لغيرها من القادمين إليها، وهذا المعنى فى كلا الطائفتين ظاهر واضح بيّن، واللَّه تعالى أعلم. (¬2) تفسير ابن جرير الطبرى (65/ 11). رجال هذا الاسناد كلهم ثقات، إلا ان القائل هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوى ضعيف، انظر التقريب (480/ 1) ولا يمكن أن يقاوم كلامه هذا كلام هؤلاء الأئمة الذين =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = سبق ذكرهم فى الاسناد الأول. قال أبو جعفر (65/ 11) فى تفسيره: والصواب من القول فى ذلك عنده: هو أن اللَّه عنى بها الذين وصفهم بقوله {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ}. . . الآية ثم قال جل ثناؤه: ما كان لأهل المدينة الذين تخلفوا عن رسول اللَّه، ولا لمن حولهم من الأعراب الذين قعدوا عن الجهاد معه أن يتخلفوا خلافه، ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه، وذلك أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان ندب فى غزوته تلك كل من أطاق النهوض محه، الى الشخوص إلا من أذن له، أو امره بالمقام بحده، فلم يكن لمن قدر على الشخوص التخلف، فندد جل ثناؤه من تخلف منهم، فأظهر نفاق من كان تخلفه منهم نفاقا، وعذر من كان تخلفه لعذر، وتاب على من كان تخلفه تفريطا، من غير شك ولا أرتياب فى أمر اللَّه إذا تاب من خطأ ما كان منه من الفعل. فأما التخلف عنه فى حال استغنائه -فلم يكن محظورا، إذا لم يكن عن كراهته منه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك، وكذلك حكم المسلمين اليوم ازاء إمامهم فليس بفرض على جميعهم النهوض معه إلا فى حال حاجته إليهم لما لابد للإسلام وأهله من حضورهم، واجتماعهم، واستنهاضه إياهم، فيلزم حينئذ طاعته، وإذا كان ذلك معنى الآية. فلم تكن احدى الآيتين اللتين ذكرنا ناسخة للأخرى، إذ لم تكن أحداهما نافية حكم الأخرى من كل وجوه، ولا جاء خبر يوجه الحجة بأن أحداهما ناسخة للأخرى. قلت: كلام جيد، وتوجيه وجيه وتوفيق حسن انظر تفسير ابن كثير (268 - 271/ 4) مع البغوى. إذ يقول رحمه اللَّه تعالى: تحت قوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} الخ التوبة: 122 هذا بيان من اللَّه تعالى، لما أراد من =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = نفير الاحباء مع الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك، فإنه قد ذهب طائفة من السلف الى أنه كان يجب النفير على كل مسلم، إذا خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولهذا قال تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} وقال: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ} الآية. قال فنسخ ذلك بهذه الآية، وقد يقال: إن هذا بيان لمراده تعالى من نفير الأحياء كلها، شرذمة من كل قبيلة لم يخرجوا كلهم، ليتفقه الخارجون مع الرسول بما ينزل عليه من الوحى، وينذروا قومهم، إذا رجعوا إليهم بما كان من أمر العدو فيجتمع لهم الأمران فى هذا التفسر المعين. وقال البغوى فى تفسيره (268/ 4) مع ابن كثير: قال ابن عباس: فى رواية الكلبى لما أنزل اللَّه عز وجل عيوب المنافقين الذين تخلفوا عنه فى غزوة تبوك، كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يبعث السرايا فكان المسلمون ينفرون جميعا الى الغزو، ويتركون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وحده، فأنزل اللَّه عز وجل هذه الآية وهذا نفى بمعنى النهى. قلت: لا عبرة برواية الكلبى لأنه متروك انظر ترجمته فى التقريب (163/ 2) إذ قال الحافظ: محمد بن السائب بن بشر، الكلبى، أبو النضر الكوفى، النسابة المفسر، متهم بالكذب ورمى بالرفض، من السادسة مات سنة 146 هـ ت فق انظر زاد المسير لابن الجوزى (516 - 517/ 3): ذكر ابن الجوزى أربعة أقوال فى نزول هذه الآية ثم قال: واختلف المفسرون فى المراد بهذا النفير على قولين: أحدهما: أنه النفير الى العدو، فالمعني: ما كان لهم أن ينفروا بأجمعهم، بل تنفر طائفة وتبقى طائفة مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} يعنى فرقة القاعدين. فإذا رجعت السرايا، وقد نزل بعدهم قرآن، وتجدد أمر، اعلموهم به وأنذروهم به إذا رجعوا إليهم، وهذا المعني مروى عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما. والثاني: أنه النفير الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، بل تنفر منهم طائفة ليتفقه هؤلاء الذين ينفرون، لينذروا قومهم المتخلفين، هذا قول الحسن، وهو أشبه بظاهر الآية. قلت: إذن يظهر من هذين المعنيين أن لا نسخ بين الآيتين واللَّه تعالى أعلم.

الفصل الثامن والستون فيما نزل من القرآن فى البشارة للمقاتلين فى سبيل الله

الفصل الثامن والستون فيما نزل من القرآن فى البشارة للمقاتلين فى سبيل اللَّه قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} التوبة: 111. قال أبو جعفر: إن اللَّه ابتاع من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بالجنة، وعدا عليه حقا، يقول: وعدهم الجنة جل ثناؤه، وعدا عليه حقا أن يوفى لهم به فى كتبه المنزلة: التوراة والإنجيل والقرآن، إذا هم وفوا بما عاهدوا اللَّه، فقاتلوا فى سبيله ونصرة دينه اعداءه، فقتلوا وقتلوا، {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ}؟ ويقول جل ثناءه: ومن أحسن وفاء بما ضمن وشرطا من اللَّه. {فَاسْتَبْشِرُوا} يقول: ذلك للمؤمنين، فاستبشروا أيها المؤمنون الذين صدقوا اللَّه فيما عاهدوا {بِبَيْعِكُمُ} أنفسكم وأموالكم، بالذى بعتموها، من ربكم؟ فإن اللَّه ذلك هو الفوز العظيم (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (34/ 11). انظر تفسير الآية فى زاد المسير لاين الجوزى (503 - 505/ 3) =

قال تعالى: {وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} التوبة: 121. قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ، وسائر ما ذكر، ولا ينالون من عدو نيلا، ولا ينفقون نفقة صغيرة فى سبيل اللَّه، ولا يقطعون مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوه واديا، إلا كتب لهم أجر عملهم ذلك، جزاء لهم عليه، كأحسن ما يجزيهم على أحسن أعمالهم، التى كانوا يعملونها وهم مقيمون فى منازلهم (¬1). ¬

_ = قال القرطبى فى تفسيره: (267/ 8) أهل الشراء بين الخلق أن يعرفوا عما خرج من أيديهم ما كان أنفع لهم أو مثل ما خرج عنهم فى النفع، فاشترى اللَّه سبحانه وتعالى من العباد اتلاف أنفسهم، وأموالهم فى طاعته، وأهلاكها فى مرضاته وأعطاهم سبحانه وتعالى الجنة عوضا عنها إذا فعلوا ذلك. وهو عوض عظيم لا يدانيه عوض ولا يقاس به، فأجرى ذلك على مجاز ما يتعارفون به فى البيع والشراء. انظر تفسير الآية فى ابن كثير مع البغوى (246 - 247/ 4). قال السيد صديق حسن خان فى فتح اليان (202 - 203/ 4) لما شرح اللَّه تعالى فضائح المنافقين وقبائحهم ببب تخلفهم عن غزوة تبوك وذكر أقسامهم، وفرع على كل قسم منها ما هو لائق به، عاد على بيان فضيلة الجهاد، والترغيب فيه. (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (66/ 11). قال ابن كثير فى تفسيره (267 - 268/ 4) مع البغوى. المراد بالآية هؤلاء الغزاة فى سبيل اللَّه {نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً} أى قليلا ولا كثيرا {وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا} أى فى المسير الى الأعداء {إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ} ولم يقل ههنا (به) لأن هذه افعال صادرة عنهم، ولهذا قال {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ} =

قال أبو جعفر: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة فى قوله: {وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً}. . الآية قال: ما ازداد قوم من أهليهم فى سبيل اللَّه بعدا، إلا ازدادوا من اللَّه قربا (¬1). ¬

_ = أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} وفد حصل لأمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي اللَّه تعالى عنه من هذه الآية الكريمة حظ وافر، ونصيب عظيم أنه أنفق فى هذه الغزوة النفقات الجليلة، والأموال الجزيلة كما قال عبد اللَّه بن الإمام أحمد: حدثنا أبو موسى الغنوى، ثم ذكر بعد ذكر الاسناد خطبة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فحث على جيش العسرة، عثمان بن عفان رضي اللَّه تعالى عنه عليّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها، الحديث. قلت: أخرجه الإمام أحمد فى مسنده (75/ 4) والبخاري بعض اجزاء هذا الحديث فى المناقب (12/ 5) انظر ابن الجوزى فى زاد المسير: (515/ 3) والقرطبى فى تفسيره (292 - 293/ 8). قال القرطبى فى تفسيره: روى أبو داود عن أنس بن مالك: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: لقد تركتم بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم واديا من واد، إلا وهم معكم فيه قالوا: يا رسول اللَّه، كيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟ قال: حبسهم العذر. قلت: أخرجه البخارى فى كتاب المغازى (8/ 6) وفى كتاب الجهاد (21 - 22/ 4) وأخرجه مسلم فى كتاب الأمارة (49/ 6) وأبو داود فى كتاب الجهاد (17/ 3) وابن ماجه فى كتاب الجهاد (293/ 2). (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (66/ 11). قلت: إن رجال هذا الاسناد ثقات إلا ان المتن مقطوع من كلام قتادة رحمه اللَّه تعالى.=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = والأثر غريب، لا حجة فى ذلك إلا إذا كان ورد عن طريق متصل صحيح مرفوع عن رسول اللَّه صل اللَّه عليه وسلم. كيف يصح أن يقال ذلك: لأن أهل العذر، الذين تخلفوا عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك ورد فى حقهم الحديث السابق الذى سبق تخريجه وهو قول صلى اللَّه عليه وسلم "ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إِلا كانوا معكم حبسهم العذر" فأعطى صلى اللَّه عليه وسلم للمعذرين القاعدين فى دورهم من الأجر ما أعطى للقوى الحامل المشترك فى الغزوة، وقد قال بعض الناس: إنما يكون الأجر للمعذور غير مضاعف، ويضاعف للعامل المباشر قال القرطبى فى تفسيره (292/ 8). قال القاضى ابن العربي: وهذا تحكم على اللَّه، وتضييق لسعة رحمته، وقد عاب بعض الناس فقال: إِنهم يعطون الثواب مضاعفا قطعا، ونحن لا نقطع قطعا بالتضعيف فى موضع، فإنه مبنى على مقدار النيات، وهذا أمر مغيب، والذى يقطع به أن هناك تضعيفا وربك أعلم بمن يستحقه ولو هو فى بيته مع عدم العمل لأن نيته كانت خالصة لو لم يكن معذورا لكان عاملا فعلا. قلت: الظاهر من الأحاديث والآى المساواة فى الأجر، منهما قوله عليه السلام "من دل على خير فله أجر فاعله" أو كما قال عليه الصلاة والسلام: "نية المؤمن خير من عمله". * * *

الفصل التاسع والستون فيما جاء فى مدة إقامته -صلى الله عليه وسلم- فى غزوة تبوك

الفصل التاسع والستون فيما جاء فى مدة إقامته -صلى اللَّه عليه وسلم- فى غزوة تبوك قال محمد بن سعد: أخبرنا عبد اللَّه بن جعفر (¬1)، أخبرنا عيسى بن يونس (¬2)، عن الأوزاعى (¬3)، عن يحيى بن أبى كثير (¬4)، قال: غزا رسول اللَّه صلى اللَّه ¬

_ (¬1) هو عبد اللَّه بن جعفر بن غيلان، بالمعجمة، الرقى، أبو عبد الرحمن القرشى مولاهم، ثقة لكنه تغير بآخره، فلم يفحش اختلاطه، من العاشرة مات سنة 220/ ع التقريب (406/ 1). (¬2) هو عيسى بن يونس بن أبى إِسحاق، السبيعى، بفتح المهملة، كسر الموحدة أخو إسرائيل، كوفي نزل الأم مرابطا، ثقة مأمون، من الثامنة، مات سنة 187 هـ وقيل: سنة أحدى وتسعين ومائة/ ع التقريب (103/ 2). (¬3) هو عبد الرحمن بن عمرو بن أبى عمرو الأوزاعى، أبو عمرو، الفقيه ثقة جليل، من السابعة، مات سبع وخمسين ومائة/ ع التقريب (493/ 1). (¬4) هو يحيى بن أبى كثير الطائي، مولاهم، أبو نصر اليمامي ثقة، ثبت، لكنه يدلس ويرسل، من الخامسة، مات سنة 132 هـ وقيل قبل ذلك/ ع التقريب (356/ 2)، قال الحافظ فى التهذيب (268/ 11): روى عن أنس وقد رآه. قلت: فبناءا على هذا فإنه تابعي معروف، وقد ذكره الحافظ فى طبقات المدلسين فى الطبقة الثانية ص 11. فلا يضر تدليسه إن وجد فى غير هذا الاسناد فالحديث مرسل صحيح الاسناد.

عليه وسلم، تبوكا، فأقام بها عشرين ليلة يصلى بها صلاة المسافر (¬1). ¬

_ (¬1) الطبقات الكبرى لابن سعد (168/ 2). وقات ابن سعد فى طبقاته (166/ 2): أقام رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بتبوك عشرين لية يصلى بها ركعتين. والحديث أورده الهيثمى فى موارد الظمآن فى زوائد ابن حبان ص 145 إذ قال: باب مدة القصر ثم ساق الحديث نقلا عن ابن حبان بقوله: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامى، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن يحيى بن أبى كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد اللَّه، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أقام بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة. قلت: محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان العامري، المدنى ثقة من الثالثة / ع التقريب (182/ 2) فالحديث بهذا الاسناد عند ابن حبان صحيح متصل واللَّه تعالى أعلم. وقال ابن عبد البر فى الدرر صفحة 257: وأقام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بتبوك بضع عشرة لية، ولم يتجازوها، ثم انصرف. انظر عيون الأثر لابن سيد الناس (221/ 2) والكامل لابن الأثير (281/ 2) والبداية والنهاية لابن كثير (18/ 5) وجوامع السيرة لابن حزم صفحة 253 وقال الشيخ عبد الملك فى سمط النجوم العوالى (214/ 2) نقلا عن الدمياطى، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أقام بتبوك عشرين لية، يصلى بها ركعتين ولم يلق كيدا وتاريخ ابن خلدون (821/ 3) والتنبيه والأشراف (235 - 236) والجواب الصحيح لابن تيمية (101 - 102/ 1) الوفاء بأحوال المصطفى لابن الحوزى (708/ 2) مسند الإمام الربيع بن حبيب الأزدى (9/ 4). * * *

الفصل السبعون فيما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته فى فضيلة الشام وهو فى غزوة تبوك

الفصل السبعون فيما جاء عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مقالته فى فضيلة الشام وهو فى غزوة تبوك قال ابن عساكر: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد بن أحمد بن الحسن البغدادى (¬1)، قالت: أنا أبو طاهر أحمد بن محمود بن أحمد بن محمود (¬2)، أنا أبو بكر ابن المقرئ (¬3)، نا أبو بكر أحمد بن مسعود الزبيرى (¬4)، نا محمد ¬

_ (¬1) هى فاطمة بنت محمد بن أحمد بن الحسن البغدادى، أم البهاء الواعظة مسندة أصبهان، روت عن أبى الفضل الرازى، وسبط بحروية، وأحمد بن محمود الثقفى وسمعت صحيح البخارى، عن سعيد العيار، وتوفيت فى رمضان ولها أربع وتسعون سنة توفيت سنة 539 هـ انظر العبر (109/ 4). (¬2) هو أبو طاهر أحمد بن محمود بن أحمد بن محمود الثقفى وكان ثقة، انظر العبر فى خبر من غبر (109/ 4) وقال الذهبى (234/ 3): مات سنة 455 هـ سمع كتاب العظمة من أبى الشيخ، وما ظهر سماعه منه إلا بعد موته، وكان صالحًا ثقة، سنيا، كثير الحديث، روى عن أبى بكر بن المقرئ وجماعة، توفى فى ربيع الأول وله 95 سنة. (¬3) هو أبو بكر بن المقرئ، محمد بن إبراهيم بن على الأصبهاني الحافظ، صاحب الرحلة الواسعة، توفى فى شوال سنة 381 هـ عن ست وتسعين سنة، أول سماعه بعد الثلاثمائة، فأدرك محمد بن نصر المدينى قال أبو نعيم الحافظ، محدث كبير، ثقة، صاحب مسانيد، سمع مالا يحصى كثره. انظر العبر (18/ 3) و (361/ 3) وتذكرة الحفاظ للذهبى (973 - 976/ 3). (¬4) أبو بكر أحمد بن مسعود الزبيرى لم أجد له ترجمة فى المراجع التى بين يدى.

ابن عبد اللَّه بن الحكم (¬1)، أنبأ الشافعى محمد بن أدريس (¬2) أخبرنى عمى محمد بن عباس (¬3)، عن حسن بن القاسم الازرقى (¬4) قال: وقف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على ثنية تبوك، فقال: ما ههنا شام، وأشار بيده الى جهة الشام، وما ههنا يمن، وأشار بيده الى جهة المدينة (¬5). ¬

_ (¬1) هو محمد بن عبد اللَّه بن عبد الحكم البالسى، عن أحمد بن مسعود، لين الحديث، من الثانية عشرة، مات سنة تسع وثلاثين ومائتين / تمييز التقريب (178/ 2). قلت الى هذا الاسناد أشار الحافظ. (¬2) هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد زيد بن هاشم بن عبد المطلب المطلبى، أبو عبد اللَّه الشافعي، المكى، نزيل مصر، رأس الطبقة التاسعة، وهو المجدد لأمر الدين على رأس المائتين، مات سنة 204 هـ وله أربع وخمسون سنة / خت م عم التقريب (143/ 2). (¬3) هو محمد بن العباس بن عثمان بن شافع الشافعي، المكى عم الإمام الشافعي، صدوق من العاشرة/ ق التقريب (174/ 2). (¬4) لم أجد له ترجمة فى المراجع بين يدى، وقد يكون من الازارقة الذين هم جماعة من الشيعة من جماعة نافع بن الأزرق انظر الأنساب للسمعاني (158/ 1) والفرق بين الفرق (84 - 87). (¬5) تاريخ دمشق (187/ 1). قلت: هذا الاسناد ضعيف، لضعف محمد بن عبد اللَّه بن عبد الحكم البالسي انظر إعلام الساجد بأحكام المساجد صفحة 237.

الفصل الحادى والسبعون فيما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أخبار ديار ثمود

الفصل الحادى والسبعون فيما جاء عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فى أخبار ديار ثمود قال عبد اللَّه بن الإمام أحمد فى مسند أبيه: حدثنا أبى، ثنا عبد الرزاق (¬1)، ثنا معمر (¬2) عن عبد اللَّه بن عثمان ابن خثيم (¬3) عن أبى الزبير (¬4)، عن جابر، قال: لما مر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالحجر قال: لا تسألوا الآيات، وقد سألها قوم صالح، فكانت ترد من هذا الفج، وتصدر من هذا الفج فعتوا عن أمر ربهم، فعقروها، فكانت ¬

_ (¬1) هو عبد الرزاق بن همام بن نافع، الحميرى مولاهم، أبو بكر الصنعاني، ثقة، حافظ، مصنف شهير، عمى فى آخر عمره، فتغير، وكان يتشيع، من التاسعة، مات سنة 211 هـ وله خمس وثمانون سنة / ع التقريب (505/ 1). (¬2) هو معمر بن راشد، الأزدى مولاهم، أبو عروة البصرى، نزيل اليمن، ثقة ثبت، فاضل، إلا أن فى روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة شيئا، كذا فيما حدث به بالبصرة، من كبار السابعة مات 154، وهو ابن ثمان وخمسين / ع التقريب (266/ 2). (¬3) هو عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم، بالمعجمة والمثلثة، مصغرا، القارى المكى، أبو عمان، صدوق، من الخامسة مات سنة 132/ خت م عم التقريب (342/ 1). (¬4) هو محمد بن مسلم بن تدرس، أبو الزبير المكى، صدوق، إِلا أنه يدلس، من الرابعة، مات سنة 126 هـ / ع التقريب (207/ 2).=

تشرب ماءهم يوما، ويشربون لبنها يوما فعقروها، فأخذتهم صيحة اهمد اللَّه عز وجل من تحت أديم السماء منهم إلا رجلا واحدا كان فى حرم اللَّه عز وجل، قيل: من هو يا رسول اللَّه؟ قال: هو أبو رغال، فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه (¬1). ¬

_ = قلت: ذكره الحافظ فى طبقات المدلسين فى الطبقة الثالثة ص 15 وقال الحافظ فى مقدمة الفتح ص 442 ضعفه بعضهم لكثرة التدليس مع أن الجمهور وثقوه ولم يرو له البخارى سوى حديث واحد فى البيوع قرنه بعطاء عن جابر وعلق له عدة أحاديث واحتج به مسلم والباقون. (¬1) مسند الإمام أحمد (296/ 3). قلت: هذا الحديث بهذا الاسناد حسن إن شاء اللَّه وقد أخرجه الإمام أحمد فى مسنده (66/ 2) بإسناد صحيح عن ابن عمر أيضًا انظر مسند الإمام أحمد بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر حديث رقم 5225 و 5332 و 5404 و 5441 و 5645 و 4705 و 5931 و 4561 والبخارى فى الصحيح فى كناب الأنبياء (118 - 119/ 4) عن ابن عمر بعدة سياقات بأسانيد مختلفة -تحت باب قوله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} وفى كتاب الصلاة تحت باب الصلاة فى مواضع الخسف والعقاب (79/ 1) وفى كتاب التفسير تحت باب قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ} (97/ 6) ومسلم فى صحيحه أيضا تحت قوله تعالى {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} (220 - 221/ 8) وفى كتاب الزهد (222/ 8) والإمام أحمد فى مسنده (9/ 3) و 48، 66، 72، 74، 91 و 96 و 113 و 137/ 2) وذكر الحديث ابن هشام فى سيرته بغير هذا السياق (146 - 165/ 4) وابن حزم فى جوامع السيرة ص 251 وأبو نعيم فى دلائل البوة ص 457 وابن سيد الناس فى عون الأثر (218/ 2) وابن عبد البر فى الدرر فى اختصار المغازى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = والسير ص 255 والطبرى فى تاريخه (369/ 2) وصاحب النجوم العوالى فى ابناء الأوائل والتوالى (213/ 2) ونهاية الأرب لشهاب الدين النويرى (358 - 359/ 17) وابن كثير فى البداية والنهاية (11/ 5) وقال السيوطى فى الدر المنثور (104/ 4) تحت قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ} أخرج البخارى وابن جرير الطبرى، وابن المنذر، وابن أبى حاتم، وابن مردويه عن ابن عمر ثم ذكر الحديث. وأورد الحديث الإمام ابن كثير فى تفسيره (27/ 5) مع البغوى والقرطبى فى تفسيره (46 - 47/ 10) وصاحب السيرة الشامية (386/ 2 / 2) واستوعب غالب طرق الحديث وأخرج الحديث ابن جرير الطبرى فى تفسيره من عدة طرق حسنة (49 - 50/ 11) وقصص الأنبياء للثعلبى (52 - 57) قال الحافظ الهيثمى فى مجمع الزوائد (194/ 6) رواه البزار والطبراني فى الأوسط ويأتي لفظه فى سورة هود. انظر مسند الإمام أحمد بتحقيق الشيخ أحمد شاكر (234/ 8) وجمع الفوائد وأعذب الموارد (223/ 1) ومبتكرات اللالئ والدر فى المحاكمة بين العينى وابن حجر ص 175 والآثار الباقية عن القرون الخالية ص 158. * * *

قال الإمام أحمد: ثنا يزيد بن هارون (¬1)، أنا المسعودى (¬2)، عن إسماعيل بن أوسط (¬3) ¬

_ (¬1) هو يزيد بن هارون بن زاذان، السلمى مولاهم، أبو خالد الواسطى، ثقة متقن، عابد، من التاسعة، مات سنة 206 وقد قارب التسعين/ ع التقريب (372/ 2). (¬2) هو عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود الكوفى، المسعودى، صدوق، اختلط قبل موته، وضابطه: إن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط، من السابعة، مات سنة 160 هـ وقيل سنة خمس وستين ومائة / خت عم التقريب (487/ 1). (¬3) هو إسماعيل بن أوسط بن إسماعيل البجلى أمير الكوفة، روى عن محمد بن أبى كبشة الأنمارى، وخالد بن عبد اللَّه القسرى، وغيرهما، وعنه المسعودى، قال ابن حبان مات سنة سبع عشرة ومائة لا أحفظ له رواية صحيحة بالسماع من الصحابة، وثقه يحيى بن معين، وقال ابن حبان فى كتابه الاحتفال: أنه كان من أعوان الحجاج، وهو الذى قدم سعيد بن جبر للقتل. قال الحافظ فى تعجيل المنفعة ص 34 ذكر هذا الأخير الأزدى وقال: لا ينبغى أن يروى عنه، وقال الساجى: كان ضعيفا، وقال البخارى: قال بشير الحكم عن ابن عيينة ولدت سنة سبع ومائة ورأيت إسماعيل ابن أوسط أميرا على الكوفة وأنا ابن تسع أو عشر. قلت: الأزدى الذى ورد ذكره هنا هو أبو الفتح محمد بن الحسين أبو الفتح بن يزيد الأزدى، الموصلى الحافظ، قال الذهبى فى ميزان الاعتدال (523/ 3) جمع وصنف. وله كتاب كبير فى الجرح والتعديل، وعليه فيه مؤاخذات ضعفه البرقاني. قال أبو النجيب عبد الغفار الارموى: رأيت أهل الموصل يوهون أبا الفتح، ولا يعدونه شيئا، قال الخطيب: فى حديثه مناكير، وكان حافظا، ألّف فى علوم الحديث. قال الذهبى: مات سنة 394 هـ انظر العبر فى خبر من غبر للذهبى (367 - 368/ 2) وتذكرة الحافظ للذهبى (967/ 3) وتاريخ بغداد (243 - 244/ 2). قلت: هو ضعيف لا اعتبار لجرحه واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

عن محمد بن أبى كبشة الأنمارى (¬1)، عن أبيه (¬2) قال: لما كان غزوة تبوك، تسارع الناس الى أهل الحجر يدخلون عليهم، فبلغ ذلك رسول اللَّه. فنادى فى الناس الصلاة جامعة، قال: فأتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو ممسك بعيره، وهو يقول: علام تدخلون على قوم غضب اللَّه عليهم؟ فناداه رجل منهم نعجب منهم يا رسول اللَّه. قال: أفلا أنذركم بأعجب من ذلك رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم، وهو كائن بعدكم فاستقيموا، فإن اللَّه عز وجل لا يعبأ بعذابكم شيئًا، سيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم بشيء (¬3). ¬

_ (¬1) هو محمد بن أبى كبشة الانمارى، عن أبيه وله صحبة واسمه عمرو بن سعيد، ويقال عمر بن سعد وعنه إسماعيل بن واسط البجلى وثقه ابن حبان، قال الحافظ ابن حجر فى تعجيل المنفعة ص 375: هذا كلام ابن حبان، وزاد وهو أخو عبد اللَّه بن أبى كبشة، وكان ذكر أخاه أيضًا فى طبقة التابعين وقال عداده فى أهل الشام. (¬2) هو أبو كبشة الأنمارى، سعيد بن عمرو، أو عمرو بن سعيد، وقيل: عمر، أو عامر بن سعد، صحابي، نزل الشام، له حديث عن أبى بكر/ د ت ق التقريب (465/ 2) انظر الإصابة (164/ 4). (¬3) مسند الإمام أحمد (231/ 4) قلت: هذا الحديث بهذا الاسناد حسن إن شاء اللَّه تعالى وقد أورد الحديث الحافظ ابن حجر فى الإصابة بهذا الاسناد (231/ 4) ونسب اخراجه الى البيهقي فى الدلائل. وأورد الحديث ابن كثير فى البداية والنهاية (11/ 5) قال: إسناده حسن، وصاحب السيرة الشامية (386/ 2 / 2). كذا أورده ابن كثير فى السيرة النبوية (9/ 4) وقال الحافظ الهيثمى فى مجمع الزوائد (194/ 6) رواه أحمد وفيه عبد الرحمن بن عبد اللَّه المسعودى وقد اختلط. وأخرجه الحاكم فى المستدرك وصححه (240 - 241/ 2) ووافقه الذهبى على التصحيح واقتصر الحافظ فى الفتح (294/ 6) على تحسينه انظر تاريخ مكة للأزرقى (133/ 2) وتغليق التعليق لابن حجر ورقة (185 - 186)، انظر أحاديث الموطأ واتفاق الرواة عن مالك واختلافهم فيها زيادة، ونقص للدارقطنى ص 23.

قصة رجلين فى غزوة تبوك قال الحافظ ابن كثير: قال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدثنى عبد اللَّه بن أبى بكر بن حزم، عن العباس بن سهل بن سعد الساعدى أو عن العباس بن سعد، الشك منى، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين مر بالحجر، ونزلها، استقى الناس من بئرها، فلما راحوا منها، قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: لا تشربوا من مائها شيئا، ولا تتوضؤا منه للصلاة، وما كان من عجين عجنتموه، فاعلفوه الإبل، ولا تأكلوا منه شيئا، ولا يخرجن أحد منكم الليلة إلا ومعه صاحب له ففعل الناس، ما أمرهم به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، إلا رجلين من بنى ساعدة، خرج أحدهما لحاجته، وخرج الآخر فى طلب بعيره فأما الذى ذهب لحاجته، فإنه خنق على مذهبه، وأما الذى ذهب فى طلب بعيره فاحتملته الريح حتى ألقته بجبل طئ، فأخبر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك، فقال: ألم أنهكم أن يخرج رجل إلا معه صاحب له؟ ثم دعا للذى أصيب على مذهبه، فشفى وأما الآخر فإنه وصل الى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من تبوك، وفى رواية عن ابن اسحاق ان طيئا اهدته الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين رجع الى المدينة (¬1). ¬

_ (¬1) البداية والنهاية (11/ 5). قلت: لا بوجد فى سيرة ابن هشام هذا الاسناد الذى ساقه ابن كثير، لعله نقله عن سيرة محمد بن إسحاق الأصلية، وأما النص فموجود فى سيرة ابن هشام (165/ 4) أما رجال الاسناد فهم: يونس هو، يونس بن بكر، بن واصل الشيبانى، أبو بكر الجمال الكوفى، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = يخطئ، من التاسعة، مات تسع وتسعين ومائة/ خت م د ت ز ق انظر التقريب (384/ 2). قال الذهبى فى الميزان (447 - 448/ 4): أحد أئمة الأثر والسير، قال ابن معين: صدوق، أقام الذهبي حوله رأيا بقوله: قلت هو أوثق من الحماني بكثير، ثم قال: وقد أخرج له مسلم فى الشواهد، لا فى الأصول، وكذلك ذكره البخارى مستشهدا به. وهو حسن الحديث أما ابن إسحاق فهو محمد بن إسحاق: بن يسار، صاحب المغازى صدوق يدلس من صغار الخامسة اما عبد اللَّه أبى بكر بن جزم فهو الأنصاري المدنى، القاضى، بأنه ثقة من الخامسة، مات سنة 135 وهو ابن سبعين سنة/ ع انظر التقريب (1/ 405) أما العباس فهو العباس بن سهل بن سعد الساعدى، ثقة من الرابعة مات فى حدود عشرين ومائة وقيل قبل ذلك / خ م ت ق. انظر التقريب (397/ 1). قلت: أثر ابن اسحاق هذا ليس بمتصل وإنه اسناد حسن، إِن شاء اللَّه مع إرساله وقد أخرج له مسلم فى الفضائل (61/ 7) حديثا عن أبى حميد الساعدى، وفى هذا الحديث ذكر رجل واحد فقط إذ جاء فيه فهبت ريح شديدة فقام رجل فحملته الريح، حتى القته بجبل طئ، ولم يذكر قصة رجل آخر خرج لحاجته. وقد أخرج الحديث الإمام أحمد فى مسنده (424 - 425/ 5) بإسناد جيد. وفى موضع آخر أيضًا (315/ 3) والبخاري أشار إليه فى كتاب الزكاة باب خرص التمر (106 - 107/ 2) وزاد ابن هشام فى السيرة (165/ 4) وقال ابن إسحاق: والحديث عن الرجلين عن عبد اللَّه بن أبى بكر، عن عباس بن سهل سعد الساعدى، وقد حدثنى عبد اللَّه ابن أبى بكر، أن قد سمى له العباس الرجلين ولكنه استودعه إياهما، فأبي أن يسمهما لي. قلت: وإِن كان هذا الحديث قد ورد عند ابن إسحاق مرسلا إلا أنه ورد متصلا من طريق آخر، كما جاء عند مسلم والبخاري، والإمام أحمد فى مسنده كما مر، وأورد الحديث الإمام أبو جعفر فى تاريخه عن ابن إسحاق: حوادث السنة التاسعة (369 - 370/ 2) والشيخ عبد الملك بن حسين فى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = سمط النجوم العوالى (211/ 2) والإمام ابن عبد البر فى كتابه فى الدر فى اختصار المغازى والسير ص 255 وصاحب السيرة الحلبية (289/ 3) والإمام ابن الأثير فى الكامل (279/ 2) والشيخ الزرقانى على المواهب اللدنية (76 - 87/ 3) وابن حزم فى جوامع السيرة ص 252 والسيوطى فى الخصائص الكبرى وعزاه الى ابن اسحاق (108/ 2) وأبو نعيم فى دلائل النبوة (457 - 458) مبارك الازهار شرح مشارق الأنوار (179/ 1) انظر آثار البلاد وأخبار العباد (90 - 91) وحجة اللَّه البالغة (193/ 2) وقصص الأنبياء لابن كثير (163 - 166/ 1). * * *

الفصل الثانى والسبعون فيما جاء فى استقباله صلى الله عليه وسلم عند عودته من غزوة تبوك

الفصل الثانى والسبعون فيما جاء فى استقباله صلى اللَّه عليه وسلم عند عودته من غزوة تبوك قال البخارى: حدثنا عبد اللَّه بن محمد، حدثنا سفيان عن الزهرى، عن السائب: ذكر أن خرجت مع الصبيان نتلقى النبي صلى اللَّه عليه وسلم الى ثنية الوداع، مقدمه من تبوك (¬1). ¬

_ (¬1) البخارى - كتاب المغازى (8/ 6). قلت: أخرجه البخارى بإسناد آخر، عن علي بن عبد اللَّه، حدثنا سفيان، قال: سمعت الزهرى، عن السائب بن يزيد ثم ذكر الحديث (8/ 6). أخرجه الإمام أبو داود فى سننه فى كتاب الجهاد تحت باب فى التلقى (119/ 3) وأخرجه الترمذى فى كتاب الجهاد، تحت باب ما جاء فى تلقى الغائب إذا قدم (214 - 215/ 8) وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، انظر السيرة الشامية (395/ 2/ 2). وقال الإمام ابن كثير فى البداية والنهاية (22 - 23/ 5): وقال البيهقي: أخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن مطر، سمعت أبا خليفة يقول: سمعت ابن عائشة يقول: لما قدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينة، جعل النساء، والصبيان، والولائد يقلن: طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ... ما دعا للَّه داع السنن الكبرى للبيهقي (175/ 9)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قال البيهقي: هذا يذكر علمائنا، عند مقدمه المدينة من مكة، لا إنه لما قدم المدينة من ثنيات الوداع، عند مقدمه من تبوك واللَّه تعالى أعلم. قلت: فلا يمكن أن يقاوم هذا الحديث ما أخرجه البخارى وأبو داود والترمذى واللَّه تعالى أعلم. وقال الحافظ فى الفتح (98/ 8): وقد روينا بسند منقطع فى الحلبيات قول النسوة لما قدم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينة، طلع البدر علينا من ثنيات الوداع، فقيل: كان ذلك عند قدومه من الهجرة، وقيل عند قدومه من غزوة تبوك. قلت: حكم الحافظ على حديث الهجرة بالانقطاع، وأما هذا فصحيح كما مر بكم. انظر كلمة ثنية الوداع فى معجم البلدان لياقوت الحموى (86/ 2). وقال الشيخ عبد الحى الكتاني فى كتابه التراتيب الإدارية (129 - 131/ 2) هذا الشعر أنشد عند قدومه صلى اللَّه عليه وسلم المدينة رواه البيهقي فى الدلائل، وأبو بكر المقرى فى كتاب الشمائل له، عن ابن عائشة، وذكر الطبرى فى الرياض، عن أبى الفضل الجمحى، قال: سمعت ابن عائشة، يقول: أراه عن أبيه فذكره، وقال: خرجه الحلواني على شرط الشيخين، راجع المواهب وشرحها (417/ 1) وفى الكلام على غزوة تبوك من المواهب، ولما دنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من المدينة خرج الناس لتلقيه، والنساء، والصبيان، والولائد يقلن: ثم ذكر البيتين ثم قال: وهم بعض الرواة فقال: إنما كان هذا عند قدومه المدينة من مكة، وهو وهم ظاهر، لأن ثنيات الوداع، إنما هى من ناحية الأم، لا يراها القادم من مكة الى المدينة، ولا يراها إِلا إذا توجه الى الشام كما قدمت ذلك انتهى كلام الشيخ. قلت: هذه الرواية التى عند البيهقى وهى تعين وقت الهجرة منقطعة كما ذكر الحافظ فى الفتح (98/ 8) ولا تقوم بها الحجة واللَّه أعلم انظر أحياء علوم الدين (310/ 1) وكشف الغمة (204/ 2) وطبقة فقهاء اليمن لعمر بن على الجعدى ص 14، وشفاء الأسقام فى زيارة خير الأنام صفحة 126 لتقى الدين السبكى. * * *

الفصل الثالث والسبعون فيما جاء فى موت عبد الله بن أبى سلول رأس المنافقين

الفصل الثالث والسبعون فيما جاء فى موت عبد اللَّه بن أبى سلول رأس المنافقين قال أبو جعفر: حدثنا محمد بن المثنى (¬1) وسفيان بن كيع، وسوار بن عبد اللَّه (¬2)، قالوا: ثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد اللَّه قال: أخبرنى نافع، عن ابن عمر، قال: جاء ابن عبد اللَّه بن أبى ابن سلول، الى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين مات أبوه فقال: اعطنى قميصك حتى أكفنه فيه، وصلّ عليه، واستغفر له، فأعطاه قميصه، وقال: إذا فرغتم فآذنوني، فلما أراد أن يصلى عليه جذبه عمر وقال: أليس قد نهاك اللَّه أن تصلى على المنافقين؟ فقال: بل خيرني، وقال {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} قال: فصلى عليه، قال: فأنزل اللَّه تبارك وتعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} قال: فترك الصلاة عليهم (¬3). ¬

_ (¬1) محمد بن المثنى، هو محمد بن المثنى بن عبيد العنزي بفتح النون والزاى، أبو موسى البصرى ثقة ثبت من رجال الجماعة / التقريب (204/ 2). (¬2) سوار بن عبد اللَّه. هو سوار بن عبد اللَّه بن سوار، أبو عبد اللَّه بن قدامة التميمى العنبرى، أبو عبد اللَّه البصرى قاضى الرصافة وغيرها ثقة من العاشرة د ت - س انظر التقريب (339/ 1). (¬3) انظر تفسير ابن جرير الطبرى (204 - 205/ 10). قلت: إن هذا الاسناد صحيح وقد أخرج الحديث البخارى ومسلم والإمام أحمد فى مسنده انظر الفصل الثالث عشر من هذا البحث فتجد تخريجا لهذا الحديث. انظر الدر المنثور للسيوطى (264/ 3) وفتح البارى (110/ 3) و (251/ 8) والنووى على مسلم (121/ 17) واقتضاء الصراط المستقيم (445 - 446).

قال أبو جعفر: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو أسامة، عن عبيد اللَّه، عن ابن عمر، قال: لما توفى عبد اللَّه بن أبى ابن سلول، جاء ابنه عبد اللَّه إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فسأله أن يعطه قميصه، يكفن فيه أباه، فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه، فقام عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه، فأخذ بثوب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: ابن سلول تصلى عليه، وقد نهاك اللَّه أن تصلى عليه؟ فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما خيرني ربي، فقال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} وسأزيد على سبعين، فقال: إنه منافق، فصلى عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأنزل اللَّه: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} (¬1). ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (205/ 10). قلت: هذا الاسناد ضعيف لأن فيه سفيان بن وكيع بن الجراح وهو ساقط الحديث وأما المتن فقد روى من عدة طرق صحيحة واللَّه تعالى أعلم. انظر الدر المنثور للسيوطى (264/ 3) وروح المعانى للألوسى (153 - 154/ 10) والتفسير الكبير للرازى (151 - 154/ 16) وزاد المسير لابن الجوزى (480 - 481/ 3) والتفسير لابن كثير مع البغوى (217 - 4120/ 2) والجامع لأحكام القرآن للقرطبى (218 - 223/ 8) أنه أشار رحمه اللَّه تعالى إلى جميع تلك الروايات التى تشعر بأن الآية نزلت فى عبد اللَّه بن أبى ابن سلول رأس المنافقين عند موته. انظر البحر المحيط لأبي حيان (81 - 82/ 5) وكتاب التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى (218/ 2) والكشاف للزمخشرى (563/ 1) وظلال القرآن للسيد قطب رحمه اللَّه تعالى (104 - 105/ 10). قلت: ان هذا النص قد روى عن طرق كثيرة حيث قد يكون من الأحاديث المتواترة واللَّه تعالى أعلم بالصواب. انظر لباب النقول فى اسباب النزول للسيوطى ص 122 وأنه أشار إِلى جميع تلك الروايات التى تعين السبب. انظر اسباب النزول للواحدى 173.

قال أبو جعفر: حدثنى أحمد بن اسحاق (¬1)، قال: ثنا أبو أحمد (¬2)، قال: ثنا سلمة (¬3) عن يزيد الرقاشى، عن أنس، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أراد أن يصلى على عبد اللَّه بن أبى بن سلول، فأخذ جبرئيل عليه السلام بثوبه فقال {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ (¬4)}. ¬

_ (¬1) أحمد بن إِسحاق، هو أحمد بن إسحاق بن عيسى الأهوزى البزار، ينسب إلى الأهواز بفتح الألف وسكون الهاء، بلدة خرب أكثرها، وكان محلها -زمن ابن الأثير- يقال له سوق الأهواز. صاحب السعلة أبو إسحاق صدوق من الحادية عشرة/ د انظر التقريب (11/ 1). (¬2) أبو أحمد هو محمد بن عبد اللَّه بن الزبير بن عمرو بن درهم الأسدى أبو أحمد الزبيرى الكوفى، ثقة ثبت من التاسعة/ ع انظر التقريب (176/ 2). (¬3) وقع اسم سلمة هنا بالخطأ فى هذا الاسناد والواقع فى هذا الاسناد هو حماد بن سلمة لأنه هو الذى يعرف بالسماع عن يزيد بن أبان الرقاشى وكذا له سماع عن حماد بن سلمة، وهو ثقة عابد ويكنى بأبي سلمة أثبت الناس فى ثابت البناني انظر التقريب (1/ 197). قلت: إن هذا الاسناد ضعيف لأن فيه يزيد بن أبان الرقاشى وهو ضعيف انظر ترجمته فى التقريب (361/ 2) ولعل هذا المتن لم يرو إلا بهذا الاسناد، ولذا لم أجد له متابعات أو شواهد فى المراجع التى بين يدى واللَّه أعلم. ومن المعلوم: لو كان هذا المتن صحيحا لما كان عليه الصلاة والسلام يستمر فى صلاته على رأس المنافقين. انظر تفسير ابن كثير مع البغوى (129 - 220/ 4). فإنه ذكر الاسناد كما صححت ثم قال يزيد بن أبان الرقاش ضعيف. (¬4) تفسير ابن جرير الطبرى 205/ 10.

قال أبو جعفر: حدثنا سوار بن عبد اللَّه العنبر، قال: ثنا يحيى بن سعيد (¬1)، عن مجالد (¬2)، قال: ثنى عامر (¬3)، عن جابر بن عبد اللَّه، أن رأس المنافقين مات بالمدينة، فأوصى أن يصلى عليه النبي صلى اللَّه عليه وسلم، وأن يكفن فى قميصه، فكفنه فى قميصه، وصلى عليه، وقام على قبره، فأنزل اللَّه تبارك وتعالى {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} (¬4). ¬

_ (¬1) يحيى بن سعيد، هو يحيى بن سعيد بن فروخ بفتح الفاء وتشديد الراء المضمومة وسكون الواو ثم معجمة، التميمى، أبو سعيد القطان البصرى، ثقة حافظ متقن إِمام قدوة من كبار التاسعة / ع انظر التقريب (348/ 2). (¬2) مجالد: هو مجالد، بضم أوله وتخفيف الجيم، ابن سعيد بن عمر، الهمدانى، بسكون الميم، أبو عمرو الكوفى، ليس بالقوى، وقد تغير فى آخر عمره، من صغار السادسة، مات سنة أربع وأربعين ومائة /م ع عم انظر التقريب (229/ 2). (¬3) عامر هو عامر بن شراحبيل الشعبى: بفتح المعجمة، أبو عمرو ثقة مشهور، فقيه، فاضل، من الثالثة / ع انظر التقريب (387/ 1). (¬4) انظر تفسير ابن جرير الطبرى (205/ 10). قلت إن هذا الاسناد فيه ضعف إلا له شواهد رمتابعات بحيث يتقوى بمثله. انظر الدر المنثور للسيوطى (266/ 3) وزاد المسير لابن الجوزى (480/ 3) وابن كثير مع البغوى (217 - 221/ 4) وفتح القدير للشوكانى (369/ 371/ 2) وقد أورد ابن جرير الطبرى فى تفسيره عدة آثار منها ما هى مرفوعة صحيحة ومنها ما هى مرسلة، ومنها ما هى موقوفة، انظر ابن جرير الطبرى (204 - 206/ 10) وكل هذه الآثار تدل على أن هذه الآية نزلت فى حادثة موت عبد اللَّه بن أبيّ ابن سلول، وصلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ونهى اللَّه له عليه الصلاة والسلام عن الصلاة على المشركين والمناففين الذين ظهر نفاقهم وتفشى أمرهم وتجلى عدوانهم على الأمة المسلمة.

قال أبو جعفر: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عيينة، عن عمرو (¬1)، عن جابر، قال: جاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عبد اللَّه بن أبيّ، وقد ادخل حفرته، فأخرجه فوضعه على كبتيه، وألبسه قميصه، تفل عليه من ريقه، واللَّه أعلم (¬2). قال أبو جعفر: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن الزهرى عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود، عن عبد اللَّه بن عباس، قال سمعت عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه يقول: لما توفى عبد اللَّه بن أبيّ ابن سلول، دعى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ¬

_ (¬1) عمرو هو عمرو بن دينار المكى، أبو محمد الأثرم، الجمحى مولاهم، ثقة ثبت، من الرابعة، مات سنة 126 هـ / ع انظر التقريب (69/ 2). (¬2) تفسير ابن جرير الطبرى (205/ 10). قلت: إن هذا الحديث ضعيف بهذا الاسناد لأنه روى عن طريق سفيان بن وكيع بن الجراح الرؤاسى وهو ساقط الحديث وأما المتن فصحيح وقد أخرجه البخارى فى كتاب الجنائز ومسلم فى المنافقين والنسائي فى سننه فى كتاب الجنائز انظر فتح البارى (111/ 3) وتعليق الشيخ محمود شاكر على ابن جرير الطبرى على أثر رقم (17054) وأثر رقم (17052) ولم يتعرض السيوطى فى الدر المنثور لهذا الأثر. (265/ 3) انظر تفسير ابن كثير مع البغوى (219 - 220/ 4) إذ قال رحمه اللَّه تعالى. وقد رواه أيضًا مسلم فى غير موضع والنسائي من غير وجه عن سفيان بن عيينة وأخرجه أيضًا البزار فى مسنده بإسناد حسن.

للصلاة عليه، فقام إليه، فلما وقف عليه يريد الصلاة، تحولت حتى قمت فى صدره، فقلت: يا رسول اللَّه: أتصلى على عدو اللَّه عبد اللَّه ابن أبيّ القائل يوم كذا: وكذا، أعدد أيامه، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يتبسم حتى إذا أكثرت عليه، قال: أخر عنى يا عمر، أني خيرت، فاخترت، وقد قيل لى {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} فلو أني أعلم أني زدت على السبعين غفر له، لزدت قال: ثم صلى عليه ومشى معه فقام على قبره، حتى فرغ منه قال: أتعجب من جرأتى على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. واللَّه ورسوله أعلم، فواللَّه ما كان إلا يسيرا حتى نزلت هاتان الآيتان {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} فما صلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعده على منافق، ولا قام على قبره حتى قبضه اللَّه (¬1). قال أبو جعفر: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}. . .الآية قال ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (205/ 10) قلت: إن هذا الحديث بهذا الاسناد ضعيف لأن فيه محمد بن حميد الرازى وهو حافظ ضعيف إلا أن المتن روى من طرق عديدة صحيحة، انظر سيرة ابن هشام (196 - 197/ 4) وأما هذا الطريق فمنها ما رواه البخارى فى صحيحه انظر الفتح (111/ 3) ومسلما (175/ 7) فرواه من طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار وقوله واللَّه أعلم: يعنى واللَّه أعلم بقضائه إذ فعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما فعل مع قضاء اللَّه فى المنافقين بما قضى فيهم ولم يتعرض السيوطى فى الدر المنثور لهذه الرواية (265/ 3).

بعث عبد اللَّه بن أبيّ إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو مريض ليأتيه، فنهاه عمر عن ذلك، فأتاه نبى اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فلما دخل عليه نبى اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: قال له: أهلكك اليهود، قال: قال يا نبى اللَّه لم أبعث إليك لتؤنبنى، ولكن بعثت إليك لتستغفر لى، وسأله قميصه أن يكفن فيه، فأعطاه إياه، فاستغفر له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فمات، فكفن فى قميص رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ونفث فى جلده، ودلاه فى قبره، فأنزل اللَّه تبارك وتعالى {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا}. . الآية قال: ذكر لنا أن نبى اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كلمه فى ذلك، فقال: وما يغنى عنه قميص من اللَّه أو ربي وصلاتى عليه، وأني لارجو أن يسلم به ألف من قومه (¬1). انتهت الرسالة، وصلى اللَّه وسلم، وبارك على عبده، ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد للَّه رب العالمين. ¬

_ (¬1) تفسير ابن جرير الطبرى (206/ 10). قلت: إن هذا الأثر مرسل صحيح الاسناد إلى قتادة وقد روى هذا المتن عن طريق آخر صحيح أخرجه ابن جرير الطبرى إلى قتادة انظر تفسير ابن جرير الطبرى فى نفس الصفحة. وإن كان روى هذا الأثر عند ابن جرير عن طريقين مرسلين إلى قتادة إلا أنه روى من طرق جيدة موصولة إلى ابن عمر وعمر بن الخطاب وجابر بن عبد اللَّه وأنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنهم انظر الدر المنثور للسيوطى (266/ 3) وابن كثير مع البغوى (217 - 221/ 4) وتفسير القرطبى (221/ 8) وفتح البارى (268/ 8).

جريدة المصادر

جريدة المصادر المخطوطات (ألف) ° اتحاف الخيرة فى زوائد مسانيد العشرة. للحافظ أبى بكر البوصيرى - المحمودية برقم 101. ° اتحاف الإِخصاء بفضائل الأقصى. مؤلف مجهول - مكتبة الحرم المكى 192 - التاريخ. ° اتحاف المهرة في أطراف العشرة. للحافظ ابن حجر - مكتبة عبد اللَّه هاشم المدنى. ثم انتقل إلى مكتبة الجامعة الإسلامية. ° اتحاف الورى بأخبار أم القرى. عمر بن فهد المكى - مكتبة الحرم المكى برقم - 2. ° اثبات عذاب القبر. للإمام البيهقى - الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ° الإحسان فى تقريب صحيح ابن حبان. للفارسى - مكتبة الحرم المكى. ° الأحكام الكبرى. عبد الحق الاشبيلى - مكتبة الشيخ حماد الأنصاري. ° الأربعون حديثا. للحافظ ابن حجر - مكتبة عارف حكمت برقم 61. ° الإرشاد إلى معرفة علماء الحديث. للحافظ أبى يعلى الخليلى - مكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

° أسماء الصحابة. للحافظ ابن مندة - الجزء الأول عارف حكمت برقم 5. ° أسماء من اتفق عليه البخارى ومسلم. لعلاء الدين بن عبد اللَّه المغلطاى - مكتبة الحرم المكى برقم 87. ° الاشراف على معرفة الاطراف. لابن عساكر - مكتبة مكة المكرمة برقم 455. ° إضاءة الدرارى على صحيح البخارى. الشيخ أحمد بن على المنينى - مكتبة الحرم المكى برقم 289. ° أطراف المسند المعتلى بأطراف المسند الحنبلى. لابن حجر - مكتبة المحمودية برقم 232. ° الأعلام بفوائد عمدة الأحكام. للإمام أبى حفص علي بن أبى عبد اللَّه الأنصاري - الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. ° أعيان العصر فى أعوان النصر. للصفدى - مكتبة الحرم المكى برقم 202. ° الإكمال فى دفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف. لابن مأكولا برقم 7 مكتبة الحرم المكى. ° الإكمال كمال التهذيب. لعلاء الدين مغلطاى الاستدراك على المزى فى مجلدين بمكتبة الحرم المكى. ° الماع. للقاضى عياض - مكتبة الحرم المكى برقم 10. ° الإنسان الكامل. عبد الكريم الجبيلى - مكتبة الحرم المكى برقم 102.

(الباء)

° انتقاض الاعتراض. للحافظ ابن حجر - مكتبة المرحوم الشيخ محمد نصيف بجدة. ° إنموذج اللبيب فى خصائص الحبيب. للسيوطى - مكتبة الحرم المكى برقم 21. ° الأنواع والتقاسيم. مسند ابن حبان البستى. لابن حبان البستى - مكتبة دار الافتاء بالرياض برقم 133. ° الأوسط. لابن المنذر فى الفقه - مكتبة الجامعة الإسلامية. (الباء) ° البدر المنير فى تخريج الأحاديث والأثار الواردة فى الشرح الكبير. لابن الملقن - مكتبة المحمودية بالمدينة المنورة رقم 107. ° بلوغ القرى فى ذيل اتحاف الورى. عبد العزيز محمد بن فهد - مكتبة الحرم المكى برقم 313. ° بهجة النفوس والأسرار فى تاريخ دار هجرة المختار. عبد اللَّه بن عبد الملك القرشى - مكتبة الحرم المكى رقم 17. (التاء) ° تاريخ المدينة المنورة. لعمر بن شبة النميرى - الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. ° تاريخ مكة والمدينة. مؤلفه مجهول - مكتبة الحرم المكى. ° تاريخ المحمديين. مؤلفه مجهول - مكتبة الحرم المكى.

° تاريخ ابن أبى خيثمة - الجزء الخمسون. زهير بن حرب (ابن أبى خيثمة) مكتبة المحمودية برقم 53 بالمدينة النبوية. ° تاريخ مكة المشرفة. للإمام أبى عبد اللَّه محمد إسحاق الفاكهى - مكتبة الحرم المكى - رقم 53. ° تحصيل المرام فى تاريخ البلد الحرام. لتقى الدين الفاسى المكى - مكتبة الحرام المكى - برقم 10. ° تحصيل المرام فى أخبار بيت الحرام. الشيخ محمد بن الصباغ - مكتبة الحرم المكى - برقم 11. ° التحبير فى علوم القرآن. للسيوطى - مكتبة عارف حكمت - برقم 293 بالمدينة النبوية. ° تحفة الأشراف فى معرفة الأطراف. للإمام المزى - مكتبة دار الحديث - بمكة. ° تحفة الراوى فى تخريج أحاديث البيضاوى. لمحمد همات الدمشقى - مكتبة عارف حكمت - برقم 74 بالمدينة النبوية. ° تحفة الظراف فى تلخيص الأطراف. شمس الدين العلقمى - مكتبة عارف حكمت - رقم 14 بالمدينة النبوية. ° التدوين فى أخبار أهل العلم بقزوين. للإمام أبى القاسم الرافعى الكبير - مكتبة الجامعة الإسلامية ولديّ الآن نسخة منه. بالمدينة النبوية ° ترتيب ثقات العجلى. للحافظ نور الدين الهيثمى - مكتبة الجامعة الإسلامية. بالمدينة النبوية.

(الثاء)

° التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخارى فى الجامع الصحيح. للابي الوليد الباجى الاندلسى - مكتبة الحرم المكى. ° تغليق التعليق. للحافظ ابن حجر - مكتبة الحرم المكى. ° تفسير ابن أبى حاتم الرازى. لابن أبى حاتم الرازى - مكتبة دار الافتاء بالرياض. ° تفسير الثعلبى. للثعلبى - مكتبة دار الافتاء بالرياض. ° تفسير عبد الرزاق الصنعانى. لعبد الرزاق بن هام الصنعانى - مكتبة الحرم المكى برقم 31. ° التقييد فى رواة السنن والمسانيد. لابن نقطة الحنبلى البغدادى - مكتبة الحرم المكى - برقم 35. ° تقييد المهمل وتمييز المشكل. لأبى على الجيانى الغسانى الاندلسى - مكتبة المحمودية برقم - 35. ° تهذيب الكمال. للامام المزى - مكتبة الحرم المكى. (الثاء) ° الثقات. لمحمد بن حبان البستى - مخطوطات الجامعة الاسلامية. ° الثقات. لابن شاهين - مكتبة الشيخ حماد الانصارى بالمدينة ومنه نسخة عندى الآن. ° ثلاثيات البخارى. للشيخ مصطفى الحموى - مكتبة عارف حكمت - برقم 15.

(الجيم)

(الجيم) ° جامع التحصيل فى أحكام المراسيل. لصلاح كيكلدى المقدسى - مكتبة الدكتور محمد مصطفى الأعظمى. ° الجامع الكبير (جمع الجوامع). للامام السيوطى - مكتبة الحرم المكى - برقم 502. ° جامع مسانيد والسنن. للامام ابن كثير - مكتبة دار الافتاء بالرياض - برقم 102. ° جواهر الدرر فى تفسير القرآن الكريم خلاصة الدر المنثور. للامام السيوطى - المكتبة المحمودية - برقم 154. (الحاء) ° حبيب السير فى أخبار سيد البشر. للشيخ غياث الدين - مكتبة عارف حكمت - رقم 162. ° الحق المبين فى أحاديث سيد المرسلين. للشيخ عبد الغنى النابلسى - مكتبة عارف حكمت - رقم 24. (الخاء) ° خصائص النبوة. لابن الملقن - مكتبة الجامعة الاسلامية. ° خلاصة البدر المنير فى تخرج الأحاديث والآثار. للامام ابن الملقن الأندلسى - مكتبة عارف حكمت - رقم 80. ° خلاصة سيرة سيد البشر. لمحب الدين أحمد بن عبد اللَّه الطبرى - مكتبة الحرم المكى - رقم 56.

(الدال)

(الدال) ° در السحابة فى مواضع وفيات الصحابة. للصاغانى - مكتبة عارف حكمت - رقم 105. (الذال) ° ذروة الوفاء بأخبار دار المصطفى. للشيخ نور الدين السمهودى - مكتبة الحرم المكى - رقم 122. ° الذيل على ديوان الضعفاء والمتروكين. للامام الذهبى - مكتبة الشيخ حماد الأنصارى. (الراء) ° الرسالة المستطابة فى من دفن بالبقيع من الصحابة. مؤلفه مجهول - مكتبة عارف حكمت - برقم 199. (الزاء) ° زبدة الأعمال وخلاصة الأفعال فى تاريخ مكة والمدينة. للشيخ سعد الدين الاسفرائينى - مكتبة الحرم المكى - رقم 99. ° زلال الصفى فى أحول المصطفى. للشيخ أبى الفتح محمد كرمانى - مكتبة عارف حكمت - رقم 43. ° الزهد الكبير. للامام البيهقى - مكتبة عارف حكمت - رقم 100. (السين) ° سبل الهدى والرشاد فى سيرة خير العباد. لمحمد يوسف الشامى - مكتبة الحرم المكى - رقم 305.

(الشين)

° سفر السعادة فى سيرة سيد السادة. لمجد الدين الفيروزآبادى - مكتبة عارف حكمت - رقم 166. ونسخة منه بمكتبة الحرم المكى - برقم 3. ° سيرة الكازرونى. للامام الكازرونى - مكتبة عارف حكمت - برقم 150. (الشين) ° شرح علل الترمذى. للامام زين الدين بن رجب الحنبلى - مكتبة الجامعة الاسلامية. (الصاد) ° صحيح ابن حبان لمحمد بن حبان البستى - مكتبة الحرم المكى. ° صفة الجنة. للحافظ أبى نعيم - مكتبة عارف حكمت - برقم 48. ° صلة الخلف بموصول السلف. للشيخ محمد سليمان الفاسى - مكتبة الحرم المكى - برقم 11. (الضاد) ° الضعفاء. لمحمد بن عمرو العقيلى - مكتبة الحرم المكى - برقم 147. ° الضعفاء. للدارقطنى - مكتبة الجامعة الاسلامية بالمدينة. (الطاء) ° طبقات خليفة بن خياط. لابن خياط - مكتبة الحرم المكى.

(الغين)

° طبقات المفسرين. للداودى - مكتبة الجامعة الاسلامية. ° طبقات المفسرين. للسيوطى - مكتبة الحرم المكى - طبع الكتاب فى أوروبا. (الغين) ° غاية المرام فى تخريج أخبار شرعة الاسلام. للامام زادة المفتى البخارى - مكتبة عارف حكمت - برقم 35. ° غربال الزمان المفتتح بسيرة سيد ولد عدنان. للشيخ عبد اللَّه بن أبى بكر العامرى - مكتبة عارف حكمت برقم 158. ° غرر البيان فى مبهمات القرآن. لابن حماعة - مكتبة الجامعة الاسلامية. ° الغيلانيات. لابى بكر، محمد بن عبد اللَّه إبراهيم الشافعى - مكتبة الحرم المكى. (الفاء) ° الفتح السماوى بتخرج أحاديث البيضاوى. عبد الرؤوف المناوى - مكتبة عارف حكمت - برقم 81. ° فصل الوضاعين المنتزع من كتاب تنزيه الشريعة. مؤلفه مجهول - المكتبة المحمودية - برقم 39. ° فضائل أبى بكر الصديق رضي اللَّه عنه. لابى طالب محمد على العشارى - مكتبة الحرم المكى - برقم 203. ° فضائل الخلفاء. لمحمد بن جواد - مكتبة الحرم المكى - برقم 114.

(الكاف)

° فضائل القرآن. لابى عبيد القاسم بن سلام - مكتبة الدكتور محمد مصطفى الأعظمى. (الكاف) ° الكاشف فى رجال كتب الستة. للامام الذهبى - مكتبة الجامعة الاسلامية بالمدينة. ° كتاب السنة. لابن أبى عاصم - المكتبة العامة بالمدينة - برقم 29. ° كتاب السنة من شرح أصول الاعتقاد وأهل السنة والجماعة. هبة اللَّه بن الحسن بن المنصور الطبرى - مكتبة الشيخ حماد الانصارى. ° كتاب العلل ومعرفة الرجال. للامام أحمد بن حنبل - مكتبة الحرم المكى. ° كتاب الفتن. لنعيم بن حماد الخزاعى - مكتبة الجامعة الاسلامية. ° كتاب النسبة إلى المواضع. للامام أبى مخرمة - مكتبة الجامعة الاسلامية بالمدينة. ° الكشف الحثيث عمن رمى بوضع الحديث. للعلامة برهان الدين الحلبى. مكتبة الشيخ حماد الانصارى. ° الكواكب الدرية فى السيرة النبوية. مؤلفه مجهول. مكتبة عارف حكمت رقم - 196. ° الكشف والبيان. للامام الثعلبى. المكتبة المحمودية - برقم 98.

(اللام)

(اللام) ° لب اللباب فى تحرير الانساب. لجلال الدين السيوطى. مكتبة الحرم المكى. (الميم) ° مبارك الازهار - شرح مشارق الانوار. عبد اللطيف بن عبد العزيز - مكتبة الحرم المكى - برقم 443. ملاحظة: (طبع الكتاب أيضا إلا أن الطبعة قديمة جدا). ° المجروحين لابن حبان. لابن حبان. مكتبة دار الافتاء بالرياض - برقم 100. ° مجمع البحرين فى زوائد المعجمين. للحافظ نور الدين الهيثمى. مكتبة الحرم المكى - رقم 812. ° مختصر جامع الترمذى. محمد تاج الدين العلقمى. مكتبة عارف حكمت - رقم 70. ° مختصر جامع الأصول. محمد عبد الكريم الشهير بابن الأثير - مكتبة الحرم المكى برقم: 232. ° مختصر صحيح البخارى. لعبد اللَّه بن سعد بن أبى جمرة الازدى - مكتبة عارف حكمت برقم 74. ° المختصر فى رجال الصحاح الست. للامام الذهبى - مكتبة عارف حكمت - برقم 83.

° مختصر السيرة النبوية. علاء الدين بن مغلطاى. مكتبة عارف حكمت - رقم 121. ° المدخل إلى دلائل النبوة. للامام بيهقى. مكتبة الجامعة الاسلامية. ° مزيل الاشتباه فى أسماء الصحابة. يوسف بن ولى الدين. مكتبة الحرم المكى. ° المستخرج من الاحاديث المختارة. لضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسى - مكتبة مكة المكرمة. ° مسند أنس بن مالك. لضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسى - مكتبة مكة المكرمة. ° مسند أبى يعلى موصلى. للحافظ أبى يعلى الموصلى - مكتبة الحرم المكى. ° مسند الفردوس. للديلمى. مكتبة الحرم المكى. ° مسند الموطأ. للغافقى. مكتبة الحرم المكى - برقم 16. ° المسودة. مسند ابن حبان - مكتبة دار الافتاء - برقم 135. ° مشارق الأنوار. للصاغانى - مكتبة الحرم المكى - برقم 429. ° مشارق الأنوار. للقاضى عياض. مكتبة الحرم المكى برقم 768.

° مشيخة العلامة مسند الحجاز. زين الدين أبى بكر بن حسن العمانى - المكتبة المحمودية برقم 38. ° مشيخة المكثرة أم الفضل. هاجرة بنت الشرف القدسى - المكتبة المحمودية - برقم 29 (تخريج السخاوى). ° المصباح فى الأحاديث. للامام المقدسى - المكتبة المحمودية. ° مصنف أبى بكر بن أبى شيبة. للامام أبى بكر بن أبى شيبة - مكتبة الحرم المكى. ° مصنف عبد الرزاق. للامام عبد الرزاق بن همام الصنعانى - مكتبة دار الافتاء بالرياض برقم 94. ° المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية. للحافظ بن حجر - المكتبة المحمودية. برقم 134. ° معالم اليقين فى سيرة سيد المرسلين. للشيخ عبد الهادى الشاعر - مكتبة عارف حكمت - برقم 157 ° معجم السفر. للحافظ أبى طاهر السلفى. مكتبة الجامعة الاسلامية. ° معجم الشيوخ لاصحاب الكتب الستة. مؤلفه مجهول - مكتبة عارف حكمت برقم - 6. ° معرفة أصول الحديث. للشيخ عبد الوهاب الشعرانى. مكتبة عارف حكمت - برقم 56.

(النون)

° مفردات الكتب الستة. للامام المزى - مكتبة الحرم المكى. (النون) ° نتائج الافكار فى تخريج الاذكار. للحافظ ابن حجر - المكتبة المحمودية - برقم 117. ° النجم الثاقب فى أشرف المناقب. للعلامة بدر الدين حسن بن حبيب الحلبى الشافعى - مكتبة الحرم المكى. ° نزهة الانظار والفكر فى مضى من الحوادث. للعلامة عبد الستار الدهولى الكبير - مكتبة الحرم المكى رقم 100 ° نزهة الزهور فى ذكر ما صار فى الدهور. مؤلفه غير معروف - مكتبة الحرم المكى برقم 125. ° نور النبراس على سيرة سيد الناس. برهان الدين إبراهيم محمد خليل. مكتبة عارف حكمت رقم 124. (الاستدراك) ° تحفة القاري على صحيح البخارى. للشيخ زَكريا الانصارى - المكتبة المحمودية برقم 121. ° تفسير الحقائق. للشيخ عبد الرحمن السلمى النيسابورى - المكتبة المحمودية برقم 52. ° تفسير المهايمى. للشيخ علي أحمد المهايمى - المكتبة المحمودية برقم 25.

جريدة المصادر المطبوعة

جريدة المصادر المطبوعة ° القرآن الكريم (الألف) ° الأئمة الاثنا عشر. لشمس الدين محمد بن طولون - دار صادر بيروت 1377. ° الاتقان فى علوم القرآن. للامام السيوطى - الطبعة القديمة 1278 هـ. ° الآثار. محمد بن حسن الشيبانى - طبع الهند بتحقيق الشيخ عبد الحى اللكنوى. ° الآثار الباقية عن القرون الخالية. محمد بن جرير الطبرى - الطبعة الأولى القديمة. ° اثارة الحجون لزيارة الحجون. للفيروزآبادى مطبعة التركى الماجدية العثمانية بمكة المكرمة. ° آثار البلاد واخبار العباد. للشيخ زكريا محمد بن محمد القزوينى. طبعة بيروتية 1380 هـ. ° أحاديث الموطأ واتفاق الرواة عن مالك. الدارقطنى - الطبعة الأولى بمصر 1365 هـ. ° الاحتجاج بالقدر. لابن تيمية - الطبعة الأولى 1323 مطبعة السنة المحمدية.

° أحكام الاحكام شرع عمدة الاحكام. لابن دقيق العيد - مطبعة السنة المحمدية 1374 هـ. ° أحكام القرآن. لقاضى أبى بكر بن العربى. ° أحكام القرآن. للجصاص - الطبعة الأولى الحلبية. ° أحكام القرآن. للامام الشافعى - الطبعة الأولى بمصر 1371 هـ. ° أحكام أهل الذمة. للامام ابن القيم الجوزية - مطبعة جامعة دمشق. ° أخبار الاصبهان. للحافظ أبى نعيم - طبع ليدن 1931 هـ. ° أخبار الدول وآثار الأول. للشيخ أحمد بن يوسف الدمشقى. مطبعة الكمال بغداد 1282 ° اختصار علوم الحديث. لابن كثير. الطبعة الثانية مطبعة محمد على صبيح بمصر. ° اختيار التعليق المختار. للامام عبد اللَّه بن محمود بن مودود - الطبعة الأولى بمصر. ° الأدب المفرد للامام البخارى. للامام البخارى - المطبعة السلفية بمصر 1378 هـ ° آداب الشافعى ومناقبه. للامام ابن أبى حاتم - مطبعة السعادة بمصر 1372 هـ.

° الأزكياء. للامام ابن الجوزى - الطبعة التركية القديمة 1277 هـ. ° ارشاد الأريب إلى معرفة الأديب. لياقوت الحموى - المطبعة الهندية 1929 هـ. ° ارشاد السارى شرح صحيح البخارى. للامام القسطلانى - الطبعة الخامسة القديمة. ° ارشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن. لابى سعود - الطبعة الأولى 1347 هـ. ° أسد الغابة فى معرفة الصحابة. لابن الأثير - الطبعة الأولى 1284 هـ. ° الاسماء والصفات. للامام البيهقى - مطبعة السعادة بمصر. ° اسعاف المبطا برجال الموطأ. للامام السيوطى - الطبعة الأولى الحلبية بمصر. ° اسماء المغتالين من الأشراف فى الجاهلية والاسلام. لابى جعفر محمد بن حبيب البغدادى - الطبعة الأولى بمصر 1374 هـ. ° الاستقصا لاخبار دول المغرب الأقصى. أحمد بن محمد - الطبعة الأولى - الدار البيضاء 1954 هـ. ° الاستيعاب فى معرفة الاصحاب. لابن عبد البر - مطبعة النهضة بمصر بتحقيق على محمد البجاوى. ° أسباب النزول. لعلى الواحدى النيسابورى - الطبعة الأولى الحلبية 1388 هـ.

° الاستغاثة. للامام ابن تيمية (المعروف بالرد على البكرى) المطبعة السلفية 1346 هـ. ° اصحاب الفتية من الصحابة ومن بعدهم. لابن حزم - دار المعارف بمصر - الطبعة الأولى. ° الاشتقاق. لابى بكر محمد بن الحسن بن دريد - مطبعة السنة المحمدية 1378 هـ. ° الإصابة فى تمييز الصحابة. للحافظ بن حجر - المطبعة الحلبية 1358 هـ. ° الاصنام. محمد بن السائب الكلبى - الطبعة الأولى - مطبعة دار الكتب المصرية. ° الاعتبار فى الناسخ والمنسوخ. للامام الحازمى - الطبعة الأولى بالهند. ° الاعتصام. للشيخ ابراهيم بن موسى الشاطبى - مطبعة السادة بمصر. ° اعجاز القرآن. للامام أبى بكر الباقلانى - دار المعارف بمصر. ° اعلام الساجد باحكام المساجد. محمد بن عبد اللَّه الزكشى. الناشر المجلس الأعلى للشئون الاسلامية بمصر.

° أعلام النبوة. على بن محمد الماوردى الشافعى - طبعة أولى قديمة بمصر. ° الاعلام والاهتمام بجميع فتاوى شيخ الاسلام. أبى زكريا محمد الأنصارى - مطبعة التركى بدمشق 1350 هـ. ° أعلام الموقعين عن رب العالمين. للامام ابن القيم الجوزية - الطبعة الثانية - مطبعة السعادة بمصر 1374 هـ. ° الاعلان بالتوبيخ لمن ذمّ التاريخ. لعبد الرحمن السخاوى - مطبعة الترقى بحلب 1349 هـ. ° الأغانى. لابى الفرج الاصبهانى - مطبعة دار الكتب المصرية 1371 هـ. ° الاغتباط بمن رمى بالاختلاط. لبرهان الدين الحلبي - طبعة حلب 1350 هـ. ° اقتضاء الصراط المستقيم. للامام ابن تيمية - الطبعة الجديدة بمكة المكرمة. ° الاكتفاء بمغازى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. لسيمان بن موسى الكلاعى الاندلسى - الطبعة الأولى الحلبية بمصر. ° الاكليل فى استنباط التنزيل. للسيوطى - مطابع دار الكتب بمصر 1373 هـ. ° الاكمال فى أسماء الرجال. للشيخ محمد بن عبد الوهاب الخطيب التبريزي - المكتب الاسلامى ببيروت.

° الالمام بأحاديث الأحكام. للامام ابن دقيق العيد - دار الثقافة بالرياض. ° الإمام الاعظم أبو حنيفة المتكلم. لعناية اللَّه إبلاع - مطابع الاهرام بمصر. الطبعة الأولى. ° آمالى المرتضى. لعلى بن حسين الموصلى - الطبعة الحلبية الأولى بمصر. ° الامامة والسياسة. المنسوب لابن قتيبة - الطبعة الحلبية الاخيرة بمصر. ° امتاع الاسماع بما للرسول من الابناء والأموال. لتقى الدين أحمد بن على - الطبعة الأولى 1341 هـ بمصر. ° الأموال. لأبى عبيد القاسم بن سلام - بتحقيق الشيخ محمد حامد الفقى. مطبعة السنة المحمدية. ° الإنباء على قبائل الرواة. للامام ابن عبد البر - مطبعة السعادة - الطبعة الأولى 1350 هـ. ° أنجح المساعى فى الجمع بين صفتى السامع والواعى. للشيخ فالح بن أحمد محمد الظاهرى المدنى - الطبعة الأولى - المطبعة الحسينية بمصر 1331. ° الإِنس الجليل فى تاريخ القدس والخليل. القاضى مجير الدين الحنبلى - المطبعة الحيدرية - النجف الأشرف 1388 هـ. ° الانساب. لأبى سعيد السمعانى المروزى - طبع بالأوفست بليدن 1912 م.

(الباء)

° انساب الأشراف. أحمد بن يحيى البلاذرى - المطبعة الاروبية. ° الانساب المتفقة. لابى الفضل محمد بن طاهر المعروف بابن القيسرانى - طبعة أوروبية. ° انسان العيون فى سيرة الامين المأمون. الشيخ نور الدين الحلبى - الطبعة التركية القديمة. ° الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية. للشيخ يوسف اسماعيل النبهانى - بيروت 1312 هـ. ° الأنوار لاعمال الابرار. للشيخ يوسف الاردبيلى - طبعة حلبية قديمة بمصر. ° ايضاح المكنون فى الذيل على كشف الصنون. اسماعيل باشا - طبع تركيا. ° الإِيمان. للامام ابن تيمية - الناشر المكتب الاسلامى الطبعة الأولى 1381 هـ (الباء) ° الباحث عن علل الطعن فى الحارث الاعور. جمال الدين أبى اليسر عبد العزيز بن محمد صديق - مطبعة الشرق بمصر - الطبعة الأولى. ° البحر المحيط. لمحمد بن يوسف الشهير بأبى حيان الأندلسى - الطبعة الأولى بمصر 1328 هـ.

° البدء والتاريخ. مطهر بن طاهر المقدسى - طبعة 1916 م بفرنسا. ° بداية المجتهد ونهاية المقتصد. لابن رشد الاندلسى الطبعة 1386 هـ بمصر. ° البداية والنهاية. للامام ابن كثير - الطبعة الأولى - 1348 هـ بمصر. ° البرهان فى علوم القرآن. للامام الزكشى - الطبعة الحلبية الأولى 1376 هـ. ° بصائر ذوى التميز فى لطائف الكتاب العزيز. مجد الدين بن محمد بن يعقوب الفيروزآبادى - مطابع شركة الاعلانات بالقاهرة. ° بغية الوعاة فى طبقات اللغوين والنحاة. لجلال الدين السيوطى بتحقيق الشيخ حسن على النانوتوى الهندى طبعة الهند 1326 هـ. ° بلوغ الارب فى معرفة أحوال العرب. للشيخ محمود شكرى الالولسى - طبع دار الكتاب العربى بمصر 1342 هـ. ° بلوغ المرام. للحافظ ابن حجر - الطبعة الرابعة. ° بهجة النفوس (وتحليها بمعرفة مالها وما عليها) شرح المختصر صحيح البخارى لابن أبى جمرة الأندلسى - الطبعة الحلبية الأولى بمصر. ° بهجة المحافل وبغية الاماثل. ليحيى بن أبى بكر العامرى. الطبعة الجمالية بحارة الروم بمصر 1330 هـ.

(التاء)

° البيان والتعريف فى أسباب ورود الحديث. إبراهيم بن محمد بن حمزة الحسينى. الطبعة الأولى 1329 هـ بحلب ° بيان خطأ محمد بن اسماعيل البخارى. للامام ابن أبى حاتم - الطبعة الأولى بالهند 1385 هـ. (التاء) ° التاج الجامع الصحيح فى أحاديث الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-. للشيخ منصور على ناصف - مطبعة الحلبى الطبعة الأولى بمصر. ° تاج التراجم فى طبقات الحنفية. للشيخ أبى العدل زين الدين قاسم بن قطلوبغا - مطبعة العانى ببغداد 1962 م. ° التاج المكلل. للسيد صديق حسن خان - الطبعة الهندية الأولى - 1383 هـ. ° تاريخ الاسلام. للامام الذهبى - الناشر مكتبة القدسى 1376 هـ الطبعة الأولى. ° تاريخ بغداد. للخطيب البغدادى - الطبعة الأولى مطبعة السعادة بمصر 1949 م ° تاريخ ابن خلدون. للامام ابن خلدون - الطبعة الباسلية - ببيروت. ° تاريخ الامم والملوك. لمحمد بن جرير الطبرى - مطبعة الاستقامة بالقاهرة 1357 هـ. ° تاريخ جرجان. لابى القاسم حمزة بن يوسف السهمى. الطبعة الأولى 1369 هـ الهند.

° تاريخ الأدب العربي. للمستشرق - بركلمان - ترجمة الدكتور عبد الحليم النجار دار المعارف بمصر 1961 م. ° تاريخ حلب. لابن النديم - المطبعة الكاثوليكية - بيروت 1370 هـ. ° تاريخ خليفة بن الخياط. لخليفة بن خياط - الطبعة الأولى 1386 هـ - مطبعة الآداب النجف الأشرف. ° تاريخ الخلفاء. للامام السيوطى - مطبعة المدنى - الطبعة الثانية 1383 هـ. ° تاريخ الخميس. للشيخ محمد بن حسين الديار بكرى - المطبعة الأولى 1302 هـ مطبعة عثمان بن عبد الرزاق بمصر. ° تاريخ دمشق. للامام ابن عساكر - الناشر المجمع العلمى بدمشق. ° التاريخ الصغير. للامام البخارى - الطبعة الأولى بالهند. ° التاريخ الكبير. للامام البخارى - الطبعة الهندية 1361 هـ. ° تاريخ قضاة الاندلس. للشيخ أبى الحسن بن عبد اللَّه بن حسن الأندلسى دار الكاتب بمصر 1948 م.

° تاريخ الموصل. لابى زكريا يزيد بن محمد بن أياس بن القاسم الازدى - الطبعة الأولى بمصر 1387 هـ. ° تاريخ اليعقوبي. لليعقولى - دار صادر بيروت 1379 هـ. ° تأويل مشكل القرآن. لابن قتيبة - الطبعة الأولى الحلبية بمصر. ° تأنيب الخطيب. للشيخ محمد زاهد الكوثرى - الناشر مكتبة القدسى بمصر 1351 هـ ° التبصرة والتذكرة. للامام العراقى - المطبعة الجديدة بالفاس بالمغرب 1354 هـ. ° تبصير المنتبه بتحرير المشتبه. للحافظ ابن حجر - دار القومية العربية للطباعة - الطبعة الأولى بمصر. ° تبييض الصحيفة فى مناقب الإمام أبى حنيفة. للامام السيوطى - الطبعة الأولى بالهند 1317 هـ. ° التبيين لاسماء المدلسين. لبرهان الدين الحلبى - طبعة حلب 1350 هـ. ° تبيين كذب المفترى فيما نسب إلى أبى الحسن الأشعرى. لابن عساكر - مطبعة التوفيق بدمشق 1347 هـ. ° تتمة المختصر فى أخبار البشر (تاريخ ابن الوردى). للشيخ زين الدين عمر بن الوردى - دار المعرفة ببيروت - الطبعة الأولى 1389 هـ.

° تجريد اسماء الصحابة. للامام الذهبى - الطبعة الهندية 1389 هـ. ° التجريد الصريح لاحاديث الجامع الصحيح. للشيخ الزبيدى - الطبعة الثانية دار الارشاد بيروت 1386 هـ. ° تجريد التمهيد لما فى الموطأ من المعانى والاسانيد. للامام ابن عبد البر - الناشر مكتبة القدسي 1350 هـ. ° التحفة الأبية فيمن نسب إلى غير أبيه. للفيروزآبادى - الطبعة الأولى بمصر 1370 هـ. ° تحفة الأحوذى. للشيخ المباكفورى - المطبعة الهندية - الطبعة الأولى. ° تحفة ذوى الارب. محمود بن أحمد الحموى - طبع ليدن 1905 م. ° التحفة اللطيفة فى تاريخ المدينة. عبد الرحمن السخاوى - مطبعة السنة المحمدية الطبعة الأولى 1377 هـ. ° تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة. للامام أبى الفخر المراعى - الطبعة الأولى 1374 هـ بمصر. ° تدريب الراوى. للامام السيوطى - الطبعة الأولى - الناشر محمد النمنكاني 1379 هـ بمصر. ° تذكرة الحفاظ. للامام الذهبى - الطبعة الثالثة -1370 هـ بالهند. ° تذكرة الطالب والمعلم فيمن يقال إنه مخضرم. لبرهان الدين الحلبى - المطبعة الحلبية 1350 هـ.

° تذكرة الموضوعات. للحافظ احمد بن طاهر بن على المقدسى - المطبوع بباكستان 1350 هـ ° التراتيب الادارية. للشيخ عبد الحى الكتانى - طبع بالرباط 1336 هـ. ° ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة اعلام مذهب مالك. للقاضى عياض - دار صادر بيروت - الطبعة الأخيرة. ° الترحيب بنقد التأنيب. للشيخ محمد زاهد الكوثرى - الطبعة الأولى بمصر. ° الترغيب والترهيب. للامام المنذرى - الطبعة الأولى الحلبية بمصر. ° التسهيل لعلوم التنزيل. محمد بن أحمد بن جزى الكلبى - الطبعة الأولى بمصر 1355 هـ. ° تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة. للحافظ ابن حجر - الطبعة الأولى 1374 هـ بالهند. ° التعليق الصبيح على مشكاة المصابيح. للشيخ محمد ادريس الكاندهلوى - الطبعة الأولى بمطبعة الأعتدال بدمشق. ° التفسير الكبير. للفخرى الرازى - الطبعة البهية المصرية 1357 هـ بمصر. ° تفسير القرآن العظيم. للامام ابن كثير - المطبوع بمصر 1335 هـ الطبعة الأولى مع البغوى فى هامشه.

° تقريب التهذيب. للحافظ ابن حجر - الناشر محمد النمكاني - 1373 هـ بمصر. ° تلخيص البيان فى اعجاز القرآن. للشريف الرضى - الطبعة الأولى بمصر - 1332 هـ. ° التلخيص الحبير فى تخرج احاديث الرافعى الكبير. لابن حجر - الناشر عبد اللَّه هاشم المدنى شركة الطباعة بالقاهرة. ° تلخيص المستدرك. للامام الذهبى على هامش المستدرك - الطبعة الأولى بالهند. ° تلقيح فهوم أهل الأثر فى عيون التاريخ والسير. المؤلف للامام ابن الجوزى - المطبوع بالهند الطبعة القديمة. ° التمهيد لما فى الموطأ من المعانى والاسانيد. لابن عبد البر - المطبعة الملكية الأولى بالرباط. ° التنبيه والاشراف. للشيخ على بن حسين المسعودى - الطبعة 1357 هـ بمصر. ° تنزيه الشريعة المرفوعة. لابن العراق الكنانى - الطبعة الأولى - الناشر - المكتب الاسلامى ° تنوير الحوالك شرح موطأ مالك. للامام السيوطى - الطبعة الحلبية الأولى. ° تهذيب الأسماء واللغات. للامام النووى - الطبعة المنيرية. ° تهذيب السنن. للامام ابن القيم بتحقيق الشيخ محمد حامد الفقى - الطبعة الأولى

(الثاء)

° تهذيب التهذيب. للحافظ ابن حجر - المطبوع بالهند 1325 هـ. ° تهذيب اللغة. لابى منصور الازهرى - مطابع سبل العرب - الطبعة الأولى. ° التوسل والوسيلة. لشيخ الاسلام ابن تيمية - الناشر المكتب الاسلامى بدمشق الطبعة الثانية. ° تيسير الوصول إلى جامع الأصول. للشيخ عبد الرحمن الشيبانى - المطبعة الحلبية 1353 هـ. (الثاء) ° ثلاثيات مسند الإمام أحمد بن حنبل. للشيخ السفارينى - الناشر المكتب الاسلامى ببيروت الطبعة الأولى (الجيم) ° الجامع لاحكام القرآن. للامام القرطبى - الطبعة الثانية - مطبعة دار الكتب المصرية 1353 هـ بمصر. ° جامع الأصول من أحاديث الرسول. لابن الأثير - الطبعة الأولى بمصر 1368 هـ. ° جامع السنن والآثار. للعالم سخاوت على الهندى - الطبعة الهندية بدهلى 1303 هـ. ° الجامع للامام الترمذى بشرح القاضى أبى بكر بن العربى - الطبعة الأولى بمصر 1350 هـ.

° جامع البيان من تأويل القرآن. محمد بن جرير الطبرى بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر. ° جامع بيان العلم. لابن عبد البر - الناشر لمحمد عبد المحسن الكتبى بالمدينة المنورة. ° الجامع الصحيح. للامام البخارى مطبعة الفجالة الجديدة بمصر 1376 هـ. ° الجامع الصغير مع فيض القدير. للامام السيوطى - الطبعة الحلبية الأولى 1356 هـ بمصر. ° جامع مسانيد الإمام أبى حنفيه رحمه اللَّه. لابى المؤيد الخوارزمى طبع الهند 1332 هـ. ° الجرح التعديل. للامام عبد الرحمن بن أبى حاتم الرازى - الطبعة الأولى بالهند 1371 هـ. ° الجمان فى تشبيهات القرآن. لابى القاسم عبد اللَّه بن محمد بن حسن الاصفهانى الطبعة الأخيرة. ° جمع الفوائد من جامع الأصول. محمد بن سليمان - الطبعة الأولى 1381 هـ مطبعة الفجالة بمصر. ° الجمع بين كتابى أبى نصر الكلابازى وأبى بكر الاصفهانى فى رجال البخارى ومسلم. للحافظ أبى طاهر المقدسى - الطبعة الأولى بالهند 1323 هـ. ° جمهرة أنساب العرب. لابن حزم - دار العارف بمصر 1382 هـ. ° جمهرة نسب قريش. لزبير بن بكار - بتحقيق لمحمود أحمد شاكر - الطبعة الحلبية الأولى.

(الحاء)

° الجواب الباهر. للشيخ الاسلام ابن تيمية - المطبعة السلفية - الطبعة الأولى. ° الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح. لشيخ الاسلام ابن تيمية - مطبعة المدنى 1383 هـ. ° جوامع السيرة. للامام ابن حزم - دار المعارف بمصر الطبعة الأولى. ° الجواهر الحسان فى تفسير القرآن. للشيخ عبد الرحمن الثعالبى - طبع بالجزائر 1325 هـ. ° الجواهر المضية فى تراجم الحنفية. للشيخ محمد عبد القادر بن سالم القرشى - الطبعة الأولى بالهند. ° الجوهر النقى فى الرد على البيهقى. للشيخ على بن عثمان الماردينى التركماني - طبع الهند 1316 هـ. (الحاء) ° حاشية السندى على ابن ماجه. عبد الهادى السندى - الطبعة الأولى بمصر. ° حاشية السندى على صحيح مسلم. عبد الهادى السندى - المطبوع بملتان 1347 هـ. ° الحاوى للفتاوى. للسيوطى - الناشر مكتبة القدسى 1352 بمصر. ° حجة اللَّه البالغة. للشاه ولى اللَّه الدهلوى - الطبعة القديمة. ° الحجة على أهل المدينة. للامام محمد بن حسن الشيبانى - طبع الهند 1385 هـ.

(الخاء)

° حجة اللَّه على العالمين فى معجزات سيد المرسلين. ليوسف النبهانى - طبع بيروت 1316 هـ. ° حجج القرآن لجميع أهل الملل والاديان. للرازى - الطبعة المحمودية بمصر الأولى القديمة. ° الحسام المسلول على منتقصى الرسول. لمحمد بن مبارك الحضرمى - مطبعة المدنى الأولى 1386 هـ. ° الحسنة والسيئة. لشيخ الاسلام ابن تيمية الطبعة الأولى - السنة المحمدية بمصر. ° حلية الأولياء. للحافظ أبى نعيم - مطبعة السعادة بمصر 1351 هـ. ° حياة الحيوان الكبرى. للشيخ كمال الدين الدميرى - مطبعة الاستقامة بالقاهرة 1383 هـ (الخاء) ° الخراج. للامام أبى يوسف - المطبعة السلفية 1346 هـ. ° الخراج. ليحيى بن آدم القرشى - الطبعة السلفية 1346 هـ. ° خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب. الشيخ عبد القادر بن عمر البغدادى - دار الثقافة ببيروت. ° خصائص أمير المؤمنين على بن أبى طالب. للامام النسائي - مطبعة التقديم - الطبعة الأولى بمصر. ° الخصائص الكبرى. لجلال الدين السيوطى - مطبعة المدنى - الطبعة الاخيرة بتحقيق الدكتور محمد خليل هراس.

(الدال)

° الخطط المقريزية. لاحمد بن على بن عبد القادر - مطبعة الساحل بلبنان. ° خلاصة تهذيب الكمال. للخزرجى - الطبعة الأولى بمصر - بولاق 1301. ° خلق أفعال العباد. للامام محمد اسماعيل البخارى - مطبعة عبد الشكور فدا بمكة 1390 هـ ° خلاصة الوفا بأخبار المصطفى. للسهمودى - الطبعة الأولى القديمة 1285 هـ بمصر. ° الخيرات الحسان فى مناقب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان. لأحمد بن حجر الهيتمى المكى - الطبعة الأولى بالهند 1304 هـ. (الدال) ° دائرة المعارف الاسلامية. لجماعة من المستشرقين - الطبعة الثانية 1352 هـ بمصر. ° الدراية فى تخرج أحاديث الهداية. للحافظ ابن حجر مطبعة الفجالة بمصر 1384 هـ. ° الدرر فى اختصار المغازى والسير. لابن عبد البر الناشر لجنة احياء التراث الاسلامى بمصر 1386 هـ. ° الدرة الثمينة فى تاريخ المدينة. للشيخ محمد بن محمود النجار - الطبعة الأولى - الناشر عبد الشكور فدا. ° درر الفوائد المنظمة فى اخبار الحاج وطريق مكة المعظمة. الشيخ عبد القادر بن محمد الجزائرى - المطبعة السلفية 1384 هـ ° الدرر المنتثرة فى الأحاديث المشتهرة. للسيوطى - الطبعة الحلبية 1351 هـ فى هامش الفتاوى الحديثة لابن حجر الهيتمى.

(الذال)

° الدر المنثور. للامام السيوطى - الطبعة الأولى بمصر. ° دلائل النبوة. للحافظ أبى نعيم - الطبعة الثانية 1369 هـ بالهند. ° دلائل النبوة. للامام البيهقى - الطبعة الأولى بمصر الناشر محمد عبد المحسن الكتبى بالمدينة. ° دول الإسلام. للامام الذهبى - الطبعة الثانية بالهند 1364 هـ. ° ديوان الضعفاء والمتروكين. للامام الذهبى - الناشر عبد الشكور فدا بمكة المكرة 1387 هـ. ° الدين الخالص. للسيد صديق حسن خان - الطبعة الأولى - المدنى 1379 هـ. (الذال) ° ذخائر العقبى فى مناقب ذوى القربي. لمحب الدين أحمد بن عبد اللَّه الطبرى - الناشر مكتبة القدسى بمصر 1356 هـ. ° ذخائر المواريث فى الدلالة على مواضع الحديث. الشيخ عبد الغنى النابلسى - الطبعة الأولى 1312 هـ. ° ذيل طبقات الحنابلة. لابن رجب الحنبلى - السنة المحمدية بمصر الطبعة الأولى.

(الراء)

(الراء) ° راموز الأحاديث. للشيخ ضياء الدين - الطبعة القديمة التركية. ° رحلة ابن بطوطة. لابن بطوطة - نشر دار بيروت للطباعة والنشر 1386 هـ. ° الرحلة الحجازية والرياض الانسية. لعبد اللَّه القدومى النابلسى - المطبعة الرضوية. بمصر الطبعة الأولى. ° رد المتشابه إلى المحكم من الآيات القرآنية. لابن العربى - مطبعة الصدقة الخيرية 1368 هـ بمصر. ° الرد على سير الأوزاعى. للامام أبى يوسف - الطبعة الأولى 1357 هـ. ° رسالة فى الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم. للامام الذهبى. مطبعة الظاهر الأولى بمصر 1324 هـ. ° الرسالة. للامام الشافعى - الطبعة الهندية الأخيرة - بالهند. ° الرسالة المستطرفة. للسيد الشريف محمد بن جعفر الكتانى - مطبعة دار الفكر بدمشق 1383 هـ. ° رفع الالتباس عن بعض الناس. للشيخ المحدث الكبير استاذ الهند السيد نذير حسن الدهلوى بملتان بباكستان.

° روح المعانى. لمحمود الألوسى البغدادى - المطبعة المنيرية - الطبعة الثانية. ° الروض الأنف. للسهيلى - الطبعة الأولى بمصر 1332 هـ. ° الروض الباسم فى الذب عن سنة أبى القاسم. محمد بن إبراهيم الوزير اليماني - الطبعة المنيرية الأولى. ° الروض المربع بشرح زاد المستقنع. للشيخ منصور بن يونس البهوتي - المطبوع بمصر 1389 هـ الناشر مكتبة المؤيد بالطائف. ° الروضة الندية - شرح الدرر البهية. للسيد صديق حسن خان - الطبعة الأولى المنيرية بمصر. ° رياض الصالحين. للامام النووى - الطبعة الرابعة بمصر بميدان الجامع الأزهر. ° رياض النفوس فى طبقات القيروان والأفريقية فزهادهم وعبادهم ونساكهم. لابى بكر عبد اللَّه بن أبى عبد اللَّه المالكى - الطبعة الأولى 1351 هـ مكتبة النهضة المصرية. ° الرياض المستطابة فى حملة من روى فى الصحيحين من الصحابة. يحيى بن أبى بكر العامرى - طبع الهند 1303 هـ. ° الرياض النضرة فى مناقب العشرة. لاحمد الشهير بالمحب الطبرى - الطبعة الأولى بآستانة بمصر 1327 هـ.

(الزاء)

(الزاء) ° زاد المسلم فيما اتفق عليه البخارى ومسلم. للشيخ محمد بن حبيب اللَّه الجنكى المالكى - الطبعة الحلبية الأولى بمصر. ° زاد المسير. للامام ابن الجوزى - الطبعة الأولى - المكتب الإسلامى ببيروت. ° زاد المعاد فى هدى خير العباد. للحافظ ابن القيم - الطبعة الأولى 1928 م بمصر. ° الزهد. للامام أحمد بن حنبل - الطبعة القديمة جدا - الطبعة غير مذكورة. ° زهر الربي على ابن ماجه. لجلال الدين السيوطى - الطبعة الأولى القديمة بمصر. ° الزواجر عن اقتراف الكبائر. لأحمد بن حجر الهيتمى المكى - الطبعة الأولى 1370 هـ بمصر. (السين) ° سبائك الذهب فى معرفة قبائل العرب. الشيخ محمد أمين السويدى - الناشر المكتبة التجارية الكبرى بمصر الطبعة الأولى. ° سبل السلام. لمحمد بن إسماعيل الصنعاني - الطبعة الرابعة 1379 هـ. الحلبى بمصر.

° السراج المنير فى التفسير. للخطيب الشريينى - الطبعة الأولى القديمة بمصر. ° سراج العيون فى شرح رسالة ابن زيدون. جمال الدين بن نباتة المصرى - دار الفكر العربى بدمشق. ° سفر السعادة. لمجد الدين الفيروزآبادى - دار العصور للطبع والنشر بمصر الطبعة الأولى. ° سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة. للشيخ محمد ناصر الدين الالبانى - دار الفكر دمشق. ° سمط النجوم العوالى. للشيخ عبد الملك العصامى المكى - المطبعة المحمدية الأولى بمصر. ° السنة. للامام أحمد بن حنبل - مطبعة السنة المحمدية الأولى بمصر. ° سنن أبى داود. للامام سليمان بن أشعث بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقى مطبعة السعادة بمصر. ° سنن ابن ماجه. للامام محمد بن يزيد القزوينى بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقى مطبعة السعادة بمصر. ° سنن الدارمى. للامام عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام الدارمى - مطبعة الاعتدال بدمشق 1349.

° سنن الدارقطنى مع التعليق. للشيخ شمس الحق العظيم آبادى طبع بالهند للامام الدارقطنى. ° سنن سعيد بن منصور. لسعيد بن منصور - طبع بالهند 1383 هـ بتحقيق حبيب الرحمان الأعظمى. ° السنن الكبرى للنسائى. للنسائي - بتحقيق الشيخ عبد الصمد شرف الدين طبع الهند 1391 هـ ° سنن النسائى (المجتبى) مع حاشية السندى وشرح السيوطى. للامام النسائى - المطبعة المصرية الأرلى. ° السنن الكبرى للبيهقى. للبيهقى - الطبعة الأولى بالهند. ° السهم المصيب فى كبد الخطيب. للسلطان عيسى الحنفى - الطبعة الأولى 1351 هـ بمصر. ° سير اعلام النبلاء. للامام الذهبى - دار المعارف بمصر - الطبعة الأولى. ° سيرة عمر بن عبد العزيز. لابى محمد عبد اللَّه بن عبد الحكيم المالكى - الطبعة الخامسة دار العلم للملايين. ° السيرة النبوية. للامام ابن كثير بتحقيق مصطفى عبد الواحد - الطبعة الأولى الحلبية بمصر. ° السيرة المحمدية. للشيخ محمد كرامت على الهندى.

(الشين)

(الشين) ° شذرات الذهب فى أخبار من ذهب. للعلامة عبد الحى بن العماد الحنبلى - الناشر مكتبة القدسى 1350 هـ. ° شرح تراجم البخارى. للشاه ولى اللَّه المحدث الدهلوى - الطبعة الثالثة بالهند. ° شرح حديث النزول. لشيخ الاسلام ابن تيمية - الناشر المكتب الاسلامى الطبعة الثالثة. ° شرح على صحيح البخارى. للكرمانى - الطبعة المصرية 25/ 5 / 1933 م بمصر. ° شرح الصدور فى حال الموتى والقبور. للسيوطى - الطبعة الأولى القديمة. ° شرح على الشمائل. للشيخ محمد بن قاسم جسوس - المطبعة الجمالية الأولى بمصر. ° شرح عقيدة الطحاوية. مؤلف مجهول - المطبعة السلفية 1349 هـ. ° شرح محمد الزرقانى على الموطأ. محمد الزرقانى - الطبعة القديمة الأولى بمصر. ° شرح مسلم بشرح الابى والسنوسى، والابى هو أبو عبد اللَّه محمد بن خليفة الوشتيانى الأبى المتوفى سنة 827 هـ (اكمال اكمال العلم) والامام أبو عبد اللَّه محمد بن حميد بن يوسف السنوسى الحسنى المتوفى 895 هـ الطبعة بمصر القديمة. ° شرح معانى الآثار. للطحاوى - مطبعة الأنوار المحمدية بالقاهرة.

° الصحاح تاج اللغة. وصحاح العربية. لاسماعيل بن حماد الجوهرى - مطابع دار الكتاب العربى بمصر 1379 هـ. ° صحيح الاخبار عما فى بلاد العرب من الاثار. لمحمد بن عبد اللَّه النجدى - الطبعة الأولى بمصر. ° صحيح ابن خزيمة. للامام أبى بكر محمد ابن اسحاق بن خزيمة السلمى - الطبعة الأولى الناشر المكتب الاسلامى. ° الصحيح. للامام مسلم بن الحجاج النيسابورى - دار الطباعة العامرة 1329. ° صفة الصفوة. للامام ابن الجوزى - الطبعة الأولى 1356 هـ. ° صفة صلاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. لمحدث الشام محمد ناصر الدين الالبانى - المكتب الاسلامى - الطبعة السادسة. ° الصلاة. للامام أحمد بن حنبل - مطبعة السنة المحمدية الأولى بمصر. ° الصلة فى تاريخ أئمة الاندلس وعلمائهم ومحدثيهم. لابى القاسم خلف بن عبد اللَّه المعروف بابن بشكوال - الناشر مكتبة الخانجى بمصر. ° الصواعق المحرقة فى الرد على أهل البدع والزندقة. للشيخ أحمد بن حجر الهيتمى المكى - الطبعة الأولى بمصر. ° الصواعق المرسلة على الجهمية المعطلة. للامام ابن القيم - المطبعة السلفية 1348 هـ.

(الضاد)

(الضاد) ° الضعفاء والمتروكون. للامام النسائى - الطبعة الأولى الهندية. (الطاء) ° طبقات الأمم. للقاضى أبى القاسم صاعد بن أحمد الأندلسى - مطبعة السعادة بمصر الطبعة الأولى. ° طبقات الحنابلة. للقاضى ابى الحسين محمد بن يعلى - مطبعة السنة المحمدية الأولى بمصر. ° طبقات الشافعية. جمال الدين عبد الرحمن الاسنوى بغداد 1390 هـ. ° طبقات الشافعية الكبرى. عبد الوهاب بن تقى الدين السبكى - الطبعة الأولى بمصر. ° طبقات الشعراء لابن المعتز. لابى عبد اللَّه الجمحى - طبعة أروبا. ° طبقات الفقهاء. لابى إسحاق الشيرازى - طبع بغداد 1356 هـ الطبعة الأولى. ° طبقات فقهاء اليمن. عمر بن على بن سمرة الجعدى - مطبعة السنة المحمدية 1957 م بمصر. ° الطبقات الكبرى. لابن سعد دار صادر بيروت 1376 هـ.

(العين)

° الطبقات الكبرى. للشعرانى - الطبعة غير معروفة وهى قدمية مصرية. ° طبقات المدلسين. للحافظ ابن حجر - الطبعة الأولى - المطبعة الحسينية 1322 هـ. ° طرح التثريب فى شرح التقريب. للحافظ العراقى - دار احياء الكتب العربية بمصر - الطبعة الأولى 1353 هـ. ° طرفة الاصحاب فى معرفة الانساب. للملك عمر بن يوسف بن رسول الغسانى - دار المعارف للطباعة بمصر الطبعة الأولى. (العين) ° العبر فى خبر من غبر. للامام الذهبى - الطبعة الأولى بالكويت. ° عثمان بن عفان ذو النورين ثالث الخلفاء الراشدين. محمد رضا الحلبى - الطبعة الأولى بمصر. ° العدة حاشية العلامة محمد إسماعيل الصنعانى. حاشية العلامة محمد اسماعيل الصنعانى على إحكام الاحكام الطبعة الأولى بمصر. ° العقد الثمين فى فتوح الهند ومن ورد فيها من الصحابة والتابعين. للقاضى أطهر - طبع الهند 1390 هـ. ° العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين. للامام أبى الطيب التقى الفاسى محمد بن أحمد المكى بمصر - السنة المحمدية - الطبعة الأولى 1369 هـ.

° العقد الفريد. لابى عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه الاندلسى - طبع مصر 1363 هـ الناشر اللجنة. ° علل الحديث لابن أبى حاتم. لابن أبى حاتم الرازى - المطبعة السلفية 1343 هـ بمصر - الطبعة الأولى. ° العلم الشامخ فى ايثار الحق على الاباء والمشائخ. الشيخ صالح بن مهدى المقبلى - الطبعة الأولى بمصر 1328 هـ. ° علوم الحديث. للحاكم النيسابورى - مطبعة دار الكتب المصرية 1937 هـ بمصر. ° علوم الحديث. لابن صلاح - مطبعة الأصيل بحلب 1386 هـ. ° العلو للعلى الغفار فى صحيح الأخبار أو سقيمها. للامام الذهبى - الطبعة السلفية الطبعة الثانية 1388 هـ بمصر. ° عمدة القارى شرح الصحيح البخارى. لبدر الدين أبى محمد محمود بن أحمد العينى الحنفى - دار الطباعة العامرة بمصر 1308 هـ. ° العواصم من القواصم. للقاضى أبو بكر ابن العربى - الطبعة الاخيرة - بتحقيق محب الدين الخطيب. ° عون المعبود شرح سنن أبى داود. للشيخ شرف الحق - الطبعة الهندية الأولى بالهند.

(الغين)

° عيون الأثر فى فنون المغازى والشمائل والسير. لابن سيد الناس - الناشر - مكتبة القدسى 1356 هـ. ° عيون الأخبار. لعبد اللَّه بن مسلم بن قتيبة - مطبعة دار الكتب المصرية 1343 هـ بمصر. (الغين) ° غاية النهاية فى طبقات القراء. لابن الجزرى. ° غريب الحديث. لابى عبيد القاسم بن سلام - الطبعة الهندية الأخيرة. ° غريب القرآن. لابن قتيبة - المطبعة الحلبية بمصر. (الفاء) ° الفايق فى غريب الحديث. للزمخشرى - الطبعة الأولى بالهند. ° الفتاوى الحديثة. لابن حجر المكى الهيتمى - الطبعة الأولى 1356 هـ الحلبى بمصر. ° فتاوى السبكى أبى الحسن تقى الدين. تقى الدين على بن عبد الكافى السبكى ب - الناشر مكتبة القديمى 1356 هـ بمصر. ° فتح البارى شرح الجامع البخارى. للحافظ ابن حجر - الطبعة القديمة بولاق - بمصر.

° فتح الباقى على الفية العراقى. للشيخ الأنصارى المطبعة الجديدة - بالفاس بالمغرب سنة 1354 هـ. ° فتح البيان. للسيد صديق حسن خان - مطبعة العاصمة بالقاهرة - الطبعة الأولى بمصر. ° الفتح الربانى فى ترتيب مسند الشيبانى. للساعاتى - الطبعة الأولى - بمصر. ° فتح القدير. لمحمد بن على الشوكانى - الطبعة الأولى الحلبى بمصر. ° الفتوحات الإِلهية. سليمان بن عمر العجيلى الشافعى المعروف بالجمل الحلبي الأولى بمصر. ° الفتوحات الإِلهية فى أحاديث البرية. محمد بن عبد اللَّه الحسنى - المطبعة المحمدية - الرباط بالمغرب. ° فتوح البلدان. أحمد بن يحيى بن جابر البلاذرى - الطبعة المصرية 1319 هـ. ° الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية. لمحمد بن علان الصديق - مطبعة السعادة بمصر الأولى. ° فتوح مصر وأخبارها. عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عبد الحكم المصرى - ليدن 1920 هـ. ° فتح المغيث - شرح الفية العراقى. للسخاوى - مطبعة العاصمة - الطبعة الثانية 1388 هـ.

° الفرق بين الفرق. عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادى الطبعة القديمة غير مذكورة. ° الفوائد الغوالى على شواهد الأمالى. للسيد مرتضى - المؤلف محسن الشيعى مطبعة الاداب (بنجف طبعة أولى). ° فضائل القرآن. للامام ابن كثير دار الأندلسي - ببيروت الطبعة الأخيرة. ° الفقه الأكبر. المنسوب للامام أبى حنيفة برواية أبى مطيع البلخى المتروك دار الكتب العربية الكبرى بمصر (بشرح ملا على قارى). ° فقه السيرة. لمحمد الغزالى بتحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الالباني الطبعة الخامسة 2965 م. ° فهرست أسماء الرجال لكتاب المصاحف. لمحقق الكتاب. ° فهارس البخارى. الاستاذ رضوان - طبعة دار الكتب المصرية 1368 هـ بالقاهرة. ° فهرست رجال تاريخ الام والملوك. لمحقق الكتاب. ° فهرس مكتبة مختار بيك. مختار بيك مطبعة بول 1336 هـ. ° فوات الوفيات. محمد شاكر بن أحمد ذيل وفيات الاعيان مطبعة السادة بمصر 1951 هـ

(القاف)

° الفوائد. للامام ابن القيم - الناشر مكتبة النهضة السعودية - الطبعة الأولى بمصر. ° الفوائد المجموعة فى الأحاديث الموضوعة. للشوكانى - الطبعة الأولى حلب 1380 هـ. ° فى ظلال القرآن. للسيد قطب - الطبعة الثانية الحلبية. ° فيض الاله المالك فى حل الفاظ عهدة السالك وعمدة الناسك. السيد عمر بركات الشامى البقاعى - الطبعة الثانية 1374 هـ الحلبية. (القاف) ° القاموس المحيط. لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادى. ° قرة العين فى ضبط اسماء رجال الصحيحين. للشيخ عبد الغنى البحرانى الشافعى - الطبعة الهندية 1323 هـ الأولى. ° القصد والاعلام فى التعريف باصول انساب العرب والعجم. لابن عبد البر الأندلسى - مطبعة السعادة بالقاهرة 1350 هـ. ° قصص الانبياء المسمى السمى بالعرائس. محمد بن أحمد بن إبراهيم الثعلبى - الطبعة القديمة 1286 بمصر. ° قصص الأنبياء. لابن كثير طبعة أولى الناشر دار الكتب الحديثة بمصر 1388 هـ.

(الكاف)

° قليوبى وعميرة حاشيتى الامامين الشيخ شهاب الدين القليوبى. ° والشيخ عميرة على شرح جلال الدين المحلى على منهاج الطالبين. للشيخ محى الدين النووى الطبعة الأولى الحلبية بمصر. ° القول الفصل فيما لبنى هاشم وقريش والعرب من الفضل. علوى بن طاهر بن العلوى - المطبوع ببلدة توتور من البلاد الجاوية مطبعة ارسفيل دركرى 1344 هـ. (الكاف) ° الكاف الشاف فى تخرج احاديث الكشاف. للحافظ ابن حجر على هامش الكشاف الزمخشرى الطبعة الأخيرة ببيروت. ° الكامل لابن الأثير فى التاريخ. لابن الأثير - دار صادر ببيروت 1385 هـ ° الكامل فى اللغة والأدب والنحو والصرف. للامام أبى العباس المبرد - الطبعة الأولى 7 - 1376 هـ. ° كتاب التوحيد واثبات صفات الرب. لابن خزيمة - الطباعة المنيرية 1353 هـ. ° الكشاف لمحمود بن عمر الزمخشرى. لمحمود بن عمر الزمخشرى - الطبعة الأولى بمصر. ° كشف الخفا عما اشتهر من الأحاديث على السنة الناس. لاسماعيل بن محمد العجلونى الجراحى - الناشر مكتبة القدسى 1351 هـ بمصر. ° كشف الظنون عن أسامى الكتب والفنون. حاجى خليفة - الطبعة الثالثة 1378 هـ إيران.

(اللام)

° كشف الغمة عن جميع الأمة. عبد الوهاب الشعرانى مطبعة محمد على الصبيح بمصر الأولى. ° كشف المغطأ فى فضل الموطأ. لابن عساكر - الطبعة الأولى بمصر 1365 هـ. ° الكفاية فى علم الرواية. للخطيب البغدادى - طبع الهند 1957 هـ. ° الكنى. للامام البخارى - الطبعة الأولى بالهند 1365 هـ. ° الكنى والاسماء. لابى بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابى - المطبوع بالهند الطبعة الأولى 1322 هـ. ° كنز العمال فى سنن الأقوال والافعال. للشيخ على المتقى بن حسام الدين الهندى الطبعة الهندية 1312 هـ (اللام) ° اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان. للشيخ محمد فؤاد عبد الباقى - الطبعة الحلبية 1368 هـ. ° اللؤلؤ المرصوع فيما لا أصل له أو باصله موضوع. محمد أبى المحاسن القاوقجى الحسنى المطبعة البارونية بمصر الطبعة الأولى. ° اللباب فى تهذيب الانساب. لابن الأثير - الناشر مكتبة القدسى 1357 هـ بمصر.

(الميم)

° لباب الآداب. للامير أسامة بن منقذ المطبعة الرحمانية 1354 هـ طبعة أولى بمصر. ° لباب التأويل فى معالم التنزيل. للشيخ على بن محمد بن إبراهيم البغدادى المعروف بالخازن الطبعة الأولى ببولاق. ° لباب النقول فى أسباب النزول. للسيوطى - الطبعة الثانية الحلبية بمصر. ° لحظ الالحاظ ذيل تذكرة الحفاظ. للحافظ تقى الدين محمد بن فهد المكى - مطبعة التوفيق دمشق 1347 هـ. ° لسان الميزان. للحافظ ابن حجر الطبعة الأولى بالهند. ° اللآلى المصنوعة فى الأحاديث الموضوعة. للسيوطى - المطبعة والمكتبة التجارية بمصر. ° لوامع الأنوار البهية وسواطع الاسرار الاثرية. للشيخ محمد بن أحمد السفارينى - الطبعة الأولى - الناشر المكتب الاسلامى بدمشق. (الميم) ° ما لابد منه فى أمور الدين. للشيخ أبى بكر بن محمد - مطبعة التمدن الاسلامى 1332 هـ. ° ما تمس إليه الحاجة لمن يطالع سنن أبى ماجه. محمد عبد الرشيد النعمانى مطبعة كراتشى.

° ما لا يسمع المحدث جهله. الميانشى - طبع بغداد سنة 1967 م الطبعة الأولى. ° موطأ إمام مالك برواية محمد بن حسن الشيبانى - الطبعة الأولى بمصر. ° المؤتلف والمختلف. الحسن بن بشر بن يحيى الآمدى. الطبعة الأولى بمصر 1387 هـ. ° مبتكرات اللآلى والدرر فى المحاكمة بين العينى وابن حجر. للشيخ عبد الغفور البوصيرى الليبى - الطبعة الأولى بليبيا 1359 هـ ° متشابه القرآن. للقاضى عبد الجبار بن أحمد الهمدانى - الناشر دار التراث بمصر. ° المجروحين لابن حبان. لابن حبان - الطبعة الأولى بالهند 1390 هـ. ° مجمع الزوائد ومنبع الفوائد. للحافظ نور الدين الهيثمى - الطبعة الأولى 1352 هـ. ° مجمع البيان. لفضل بن الحسن الطبرسى الشيعى - طبع ببيروت 1380 هـ. ° المجموع شرح المهذب. للامام النووى - الطباعة المنيرية الأولى بمصر. ° مجموع الفتاوى. لشيخ الاسلام ابن تيمية - مطبعة كردستان العلمية بمصر 1326 هـ. ° محاسن التأويل. لمحمد جمال الدين القاسمى - الطبعة الأولى - الحلبية بمصر.

° المحبر لابن حبيب البغدادى. لابن حبيب البغدادى - طبع الهند الطبعة الأولى. ° مختار الأغانى فى الأخبار والتهانى. لابن منظور محمد بن مكرم - الطبعة الحلبية 1385 هـ. ° مرآة الجنان وعبرة اليقظان فى معرفة من يعتبر من حوادث الزمان. للامام أبى عبد اللَّه أسعد بن على بن سليمان اليافعى اليمانى المكى الطبعة الأولى بالهند 1337 هـ. ° المراسيل. للامام ابن أبى حاتم الرازى - الطبعة الهندية - 1321 هـ الهند. ° المراسيل. لابى داود السجستانى الطبعة العلمية بمصر 1310 هـ بجوار الأزهر الطبعة الأولى. ° مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح. للشيخ المحدث عبيد اللَّه المباكفورى. ° مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح. لملا على القارى - الطبعة الأولى القديمة المصرية. ° مروج الذهب. للمسعودى - دار الاندلس ببيروت. ° مسالك الابصار فى ممالك الامصار. لابن فضل اللَّه العمرى - مطبعة دار الكتب المصرية 1342 هـ. ° المستجاد من فعلات الاجواد. لابى على المحسن بن على التنوخى الدمشقى 1365 هـ مطبعة الترقى.

° المستدرك على الصحيحين فى الحديث. لابى عبد اللَّه الحاكم - الطبعة الأولى بالهند. ° المستفاد من مبهمات المتن والاسناد. للشيخ أحمد بن الحافظ عبد الرحيم العراقى - مطابع الرياض 1379 هـ. ° مسند الإمام أحمد بن حنبل. للامام أحمد بن حنبل - الطبعة القديمة مع مختصر كنز العمال فى هامشه. ° مسند الإمام أحمد بن حنبل. بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر. ° مسند أبى بكر الصديق. لأحمد بن على المروزى - الناشر المكتب الاسلامى ببيروت الطبعة الأولى 1391 هـ. ° مسند أبى عوانة. ليعقوب بن اسحاق الاسفرائينى - طبع الهند 1362 هـ. ° مسند الحميدى. للحافظ أبى بكر عبد اللَّه بن الزبير الحميدى - الطبعة الأولى بالهند 1382 هـ. ° مسند أبى داود الطيالسى. سليمان بن داود الطيالسى - الطبعة الهندية 1321 هـ. ° مسند الإمام الربيع بن حبيب ابن عمر الازدى البصرى. الربيع بن حبيب بن عمر الازى البصرى - المطبعة السلفية 1349 هـ الطبعة الثانية.

° مسند الإمام زيد. للامام زيد - بيروت 1966 م. ° مسند عمر بن الخطاب الجزء العاشر. لابى يوسف يعقوب بن أبى شيبة - الطبعة الأولى ببيروت المطبعة الاميريكانية. ° مسند عمر بن عبد العزيز. للبوشنجى - الطبعة الهندية القديمة جدا. ° المسوى من أحاديث الموطأ. للشاه ولى اللَّه الدهلوى - المطبعة السلفية بمصر 1351 هـ. ° مشاهير علماء الامصار. للامام ابن حبان المطبوع بالقاهرة 1379 هـ الطبعة الأولى. ° المشتبه فى الرجال، اسمائهم، وانسابهم. للامام الذهبى الطبعة الأولى 1962 م بمصر. ° مشكاة المصابيح. للتبريزى بتحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الالبانى - الناشر المكتب الاسلامى ببيروت. ° مشكل الآثار. لابى جعفر أحمد بن محمد سلامة الازى الطحاوى الطبعة الأولى بالهند 1333 هـ. ° مصابيح السنة. للامام البغوى - الطبعة الخيرية بمصر 1318 ج 1. ° المصاحف لابن أبى داود - المطبعة الرحمانية 1355 هـ.

° المصحف المفسر. لمحمد فريد وجدى - الطبعة الثانية بمصر. ° المصنوع من حديث الموضوع. على القارى - الطبعة الاخيرة. ° مصنف عبد الرزاق بن همام الصنعانى. لعبد الرزاق بن همام الصنعانى - الطبعة الأولى ببيروت دار العلم. ° المطالب العالية فى زوائد المسانيد الثمانية. لابن حجر الحافظ - طبع الكويت 1391 هـ. ° معالم التنزيل. لحسين بن مسعود البغوى - مطبعة المنار بمصر. ° معالم السنن. لابى سليمان الخطابى - الطبعة الأولى 1351 هـ بحلب. ° المعانى الكبير. لابن قتيبة - الطبعة الأولى بالهند 1368 هـ. ° معجم البلدان. لياقوت الحموى - دار صادر بيروت 1374 هـ. ° معجم المؤلفين. عمر رضا كحالة السورى - مكتبة عربية بدمشق طبعة الترقى بدمشق 1376 هـ. ° معجم ما استعجم من اسماء البلاد والمواضع. عبد اللَّه بن عبد العزيز البكرى الاندلسى - الطبعة 1364 هـ بمصر. ° المعجم المفهرس للالفاظ القرآن. لمحمد فؤاد عبد الباقى - الطبعة المصرية.

° المعجم الصغير للطبرانى. للطبرانى - الناشر محمد عبد المحسن الكتبى - الطبعة الاخيرة بمصر دار النصر للطباعة. ° معجم الشعراء. للمرزبانى - الناشر مكتبة القدسى 1354 هـ بمصر. ° معرفة السنن والآثار. للبيهقى - طبع الهند - الطبعة الأولى بانكى بور الهند. ° معرفة القراء الكبار على الطبقات والاعصار. للامام الذهبى - الطبعة الأولى بمصر دار التأليف. ° المغازى الأولى ومؤلفوها. للمستشرق جوزيف هوروفتس الحلبى - الأولى ترجمة حسين نصار ° مغازى محمد بن عمر الواقدى. لمحمد بن عمر الواقدى - مطبعة جامعة اسكفورد بمصر 1966 م ° المغانم المطابة فى معالم الطابة. لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادى - الطبعة الأولى منشورات دار اليمامة بالرياض 1389 هـ. ° المغنى. لابن قدامة مع الشرح الكبير مطبعة المنار بمصر الطبعة الأولى. ° مغنى المحتاج على متن المنهاج. لمحمد الشربينى الخطب الحلبى 1377 هـ. ° مفتاح السعادة ومصباح السيادة موضوعات العلوم. أحمد مصطفى الشهير بطاش (كبرى زاده مطبعة الاستقلال بمصر).

° مفتاح كنوز السنة. الدكتور فنسنك ترجمة محمد عبد الباقى الطبعة الأولى 1353 هـ. ° المفرادات فى غريب القرآن. للراغب الاصفهانى الحلبى - الطبعة الأخيرة 1381 هـ. ° المقاصد الحسنة فى بيان كثير من الاحاديث المشتهرة. لمحمد عبد الرحمن السخاوى - الناشر مكتبة الخانجى بمصر 1375 هـ. ° مقدمة فتح البارى. للحافظ ابن حجر - الطبعة الاميرية بولاق 1301 هـ. ° المنار. للسيد رشيد رضا. الطبعة الرابعة 1373 هـ. ° مناقب الإمام الاعظم أبى حنيفة. لابن أحمد المكى المتوفى 568 هـ الطبعة الأولى 1321 هـ بالهند. ° مناقب الإمام أبى حنيفة. للحافظ محمد بن يوسف شهاب المعروف بابن البزار الكردرى الحنفى صاحب الفتاوى البزازية المتوفى 827 هـ الطبعة الهندية 1321 هـ. ° مناهل الصفا فى تخرج احاديث الشفا. للسيوطى - الطبعة القديمة التركية غير مذكورة بمصر. ° مناهل العرفان فى علوم القرآن. لمحمد عبد العظيم الزرقانى - الطبعة الحلبية الثالثة. ° المنتظم. لابن الجوزى - طبع بالهند 1360 هـ.

° المنتقى من السنن المسندة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. لعبد اللَّه بن على بن جارود النيسابورى - مطبعة الفجالة بمصر 1382 هـ. ° المنتقى شرح موطأ إمام مالك. لسليمان بن خلف الباجى - مطبعة السعادة بمصر 1331 هـ. ° المنتقى من منهاج الاعتدال - مختصر منهاج السنة. للامام الذهبى - المطبعة السلفية 1374 هـ. ° المنتقى من أخبار المصطفى. عبد السلام ابن تيمية الحرانى المطبعة الرحمانية 1350 هـ. ° المفردات والوحدان. للامام مسلم بن الحجاج النيسابورى - طبعة هندية 1323 هـ. ° المنمق من أخبار قريش. لابن حبيب البغدادى - الطبعة الأولى 1383 هـ بالهند. ° منهاج السنة. لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه اللَّه تعالى - المطبعة الاميرية 1321 هـ بمصر. ° المنهل الصافى والمستوفى بعد الوافى. لابن تغرى بردى - مطبعة دار الكتب المصرية 1375 هـ. ° المنهل العذب المورد شرح أبى داود. للشيخ محمود خطاب السبكى - الطبعة الأولى بمصر. ° موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان. للحافظ الهيثمى - المطبعة السلفية الأولى.

(النون)

° موسم الادب وآثار العجم. للسيد جعفر بن السيد محمد البستى العلوى - مطبعة السعادة 1326 هـ بمصر. ° موضع أوهام الجمع والتفريق. للخطب البغدادى - الطبعة الأولى بالهند 1379 هـ. ° الموضوعات. للامام ابن الجوزى - الناشر محمد عبد المحسن الكتبى - الطبعة الأخيرة. ° موضوعات الإمام الصنعانى. للامام الصنعانى - المطبعة البارونية بمصر - طبعة أولى. ° الموضوعات الكبير. لملا على القارى - المطبوع بكراتشى بباكستان 1961 م. ° ميزان الاعتدال فى نقد الرجال. للامام الذهبى الحلبى - الطبعة الأولى 1382 هـ. (النون) ° الناسخ والمنسوخ. لهبة اللَّه ابن سلامة - الطبعة الهندية بمصر 1312 هـ. ° الناسخ والمنسوخ. لمحمد بن اسماعيل الصفار المطبعة القديمة بمصر غير مذكور. ° النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهره. ليوسف بن تعزى بردى - مطبعة دار الكتب المصرية الطبعة الأولى. ° نزهة المجالس ومنتخب النفائس. للشيخ عبد الرحمن الصفوى الشافعى - المطبعة القديمة بمصر.

° نزهة النظر فى شرح نخبة الفكر. للحافظ ابن حجر - الطبعة الأخيرة الناشر محمد التمنكانى. ° نسب عدنان وقحطان. لابى العباس محمد بن يزيد المبرد - الطبعة المصرية 1354 هـ. ° نسب قريش. لمصعب بن عبد اللَّه بن مصعب بن ثابت - الطبعة الأولى دار المعارف بمصر ° نصب الراية فى تخرج أحاديث الهداية. لعبد اللَّه بن يوسف الزيلعى - الطبعة الأولى 1357 هـ. ° النكت الطريفة. لمحمد زاهد الكوثرى الطبعة الأولى 1365 هـ مطبعة الانوار بمصر. ° النكت الظراف. للحافظ ابن حجر فى هامش تحفة الأشراف بتحقيق الشيخ عبد الصمد شرف الدين الهندى - الطبعة الهندية الأولى. ° نكت الهميان. لصلاح الدين الصفدى - مطبعة الجمالية بمصر 1329 هـ. ° النهاية. لابن كثير - الطبعة الأولى 1388 هـ مطابع الرياض. ° النهاية فى غريب الحديث والأثر. للامام مجد الدين أبى السعادات المبارك بن محمد الجزرى - دار الاحياء العربية الحلبى الطبعة الأولى 1383 هـ. ° نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج. للشيخ محمد بن أبى العباس أحمد بن حمزة الرملى الانصارى الطبعة الأولى 1383 هـ.

(الهاء)

° نور الابصار فى مناقب آل البيت النبي المختار. للشيخ السيد الشبلخى - المطبعة القديمة بمكة المكرمة (1218). ° نيل الأوطار شرح منتقى الاخبار. محمد بن على الشوكانى - الطبعة المنيرية الثانية 1344 هـ. ° نيل المآرب شرح دليل المطالب. للشيخ عبد القادر محمد الشيبانى - الطبعة الأولى 1324 هـ بمصر. ° نيل المرام من تفسير آيات القرآن. للسيد صديق حسن خان - مطبعة المدنى 1382 هـ. (الهاء) ° الهداية شرح بداية المبتدى. للشيخ أبى الحسن على الرشداني المرغناني - الطبعة الأخيرة الحلبية بمصر. ° هداية المرتاب فى فضائل الاصحاب. للحاج أحمد منذرى الشافعى من علماء القرن الحادى عشر - دار الطباعة العامرة 1257 هـ. (الواو) ° الوثائق السياسية للعهد النبوى والخلافة الراشدة. للدكتور محمد حميد اللَّه الحيدرآبادى - الطبعة الثانية 1376 هـ (لجنة التأليف) بمصر. ° الوافى بالوفيات. للصفدى الطبعة الثانية بمصر 1381 هـ. ° الوفا بأحوال المصطفى. لابن الجوزى - دار الكتب الحديثة بالقاهرة - الطبعة الأولى. ° وفيات الأعيان وانباء ابناء الزمان. لابن خلكان - الناشر مكتبة النهضة العربية 1948 م. ° وقعة صفين. لنصر بن مزاحم المنقرى - الطبعة الأولى الحلبية بمصر.

المؤلف فى سطور

المؤلف فى سطور اسمه * ومولده * ونشأته (1) - هو الفقير إلى ربه، عبد القادر بن حبيب اللَّه بن كورو، بن سجن، بن سبر السندى، ولد فى عام 1355 هـ بقرية جانارى، من منطقة نواب شاه بإقليم السنده الباكستان، من أب وأم فقيرين، عاميين عملهما الزراعة، والفلاحة، وتربية المواشى، ومن هنا كان المؤلف يرعى غنيمات لجدته فى صغر سنه، وذلك بعد الفراغ من الدروس الابتدائية من القراءة، والكتابة. (2) - ثم أكرمه اللَّه تعالى فى عام 1368 هـ بأن قدم الحرمين الشريفين مع بعض أهله لقصد الحج، وكان سنه آنذاك أربعة عشر عاما، ثم إلتحق فى بداية عام 1369 هـ بمدرسة دار العلوم السلفية الأهلية بالمدينة المنورة، وبعد فترة وجيزة من الدراسة بالمدرسة المذكورة والحرم النبوى الشريف مساءا لدى فضيلة الشيخ رشيد أحمد بن إبراهيم الهندى رحمه اللَّه تعالى المتوفى فى نهاية عام 1381 هـ اختير المؤلف مدرسا بالقسم الابتدائى إلى أن جاء عام 1375 هـ فمنح الجنسية العربية السعودية فى 14/ 9/ 1375 هـ وللَّه الحمد والمنة. (3) وفى عام 1381 هـ عند إفتتاح الجامعة الاسلامية إلتحق بالقسم الثانوى بها إلى أن تخرج فى العام الدراسى، 1387 - 1388 هـ من كلية الشريعة ثم إلتحق بقسم الدراسات العليا بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية بجامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة سابقا، وجامعة أم القرى حاليا، إلى أن تخرج من القسم المذكور فى 19/ 4/ 1392 هـ بهذا البحث الذى يقدم بين يديك، ثم انتقل فى نهاية عام 1394 هـ إلى شئون الحرمين الشريفين فعين مدرسا بمعهد الحرم المكى الشريف التابع لها، ثم انتقل إلى الجامعة الاسلامية فى بداية عام 1400 هـ بناء على رغبة الجامعة فعين محاضرا بكلية الحديث، ولا يزال، وفى 13/ 7/ 1404 هـ قدم رسالة الدكتوراه وموضوعها تحقيق وتخرج احاديث الكافى للامام شيخ الاسلام ابن قدامة المقدسى المتوفى 620 هـ ولم تناقش حتى الآن لعدم اكتمال لجنة المناقشة لضيق الوقت، وسوف تناقش قريبا إن شاء اللَّه تعالى. كتبه المؤلف بخط يده، فى 29/ 11/ 1404 هـ بالمدينة المنورة على صاحبها الصلاة والسلام

§1/1