الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب

ابن فرحون

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله بارئ النسم مبيد الأمم باعث الرمم المنزه عن الفناء والعدم. وأصلي على سيدنا محمد: سيد العرب والعجم المبعوث بأشرف الأخلاق والشيم. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وشرف وكرم. وبعد: فإن أولى ما أتحف به الطالب اللبيب ودون للأديب الأريب - التعريف بحال من جعل تقليده بينه وبين الله حجة واتخذ اقتفاء هديه في الحلال والحرام أوضح محجة ثم حال الراوة عنه والناقلين عنهم والمجتهدين في مذهبه والقائمين على أصوله والمفتين على قواعده والمدونين لمسائله وتمييز درجاتهم في العلم والفهم والدين

والورع والتعريف بثقاتهم وشهادة أهل العلم فيهم وفي مؤلفاتهم. فشرف العلم بهذا الفن معلوم والجهل به مذموم وليس هو مما قيل فيه: " علم لا ينفع وجهالة لا تضر " فإن ذلك مقول في علم الأنساب وهو فن غير هذا. وقد ذكرت في هذا المجموع الوجيز مشاهير الرواة وأعيان الناقلين للمذهب والمؤلفين فيه ومن تخرج به أحد من المشاهير وجماعة - من حفاظ الحديث. وأضربت عن ذكر غير المشاهير إيثاراً للاختصار لأن الإحاطة بهم متعذرة واستيفاء من يمكن ذكره يخرج عن المقصود وذكرت جماعة من المتأخرين ممن لم يبلغ درجة الأئمة المقتدى بهم قصداً للتعريف بحالهم لكونهم تصدوا للتأليف ولأن لكل زمان رجالاً. وكذا ذكرت بعض الرواة الحفاظ المتأخرين لكونهم من مشايخ أهل زماننا

ولم يقع ترتيب أسماء هذا التأليف على الوجه المطلوب بل وقع فيهم تقديم وتأخير من غير قصد وذكرت العذر عن ذلك في آخر الأسماء. وبدأت بمقدمة تشتمل على ترجيح مذهب مالك والحجة في وجوب تقليده ملخصاً من كلام الإمام أبي الفضل: عياض بن موسى رحمه الله في مقدمة كتابه المسمى بالمدارك. وأتبعت ذلك بذكر الإمام مالك بن أنس رضى الله عنه والتعريف بنبذة يسيرة من أحواله. ومن أراد الوقوف على شفاء الغليل فعليه بما ذكره القاضي عياض في المدارك. وقدمت على ذلك كله ذكر من اشتمل عليه هذا التأليف مرتباً على حروف المعجم ليسهل الكشف عن المطلوب وسميته: الديباج المذهب في أعيان علماء المذهب. وأسأل الله أن ينفع به ويجعله خالصاً لوجهه الكريم إنه سميع مجيب.

حرف الْألف (أ) من اسْمه أَحْمد 1 - أبو مصعب أَحْمد بن عَوْف الزُّهْرِيّ 2 - أَحْمد بن الْمعدل 3 - أَحْمد بن صَالح، يعرف بِابْن الطَّبَرِيّ 4 - أَحْمد بن لبدة ابْن أخي سَحْنُون 5 - أَحْمد بن سُلَيْمَان بن أبي الرّبيع البيري 6 - أَحْمد بن الْوَلِيد بن عبد الْخالق بن عبد الْجَبَّار 7 - أَحْمد بن معتب بن أبي الْأَزْهَر 8 - أَحْمد بن مُحَمَّد الشهير بِحَمْد يس الْقطَّان 9 - أَحْمد بن مُوسَى بن مخلد 10 - أَحْمد بن وازن الصَّواف 11 - أَحْمد بن مُوسَى بن جرير الْعَطَّار 12 - أَحْمد بن على بن حميد التَّمِيمِي

13 - أَحْمد بن يحيى ابْن قَاسم أبو عمر 14 - أَحْمد بن مَرْوَان يعرف بِابْن الرصافي 15 - أَحْمد بن مُحَمَّد الطَّيَالِسِيّ 16 - أَحْمد بن مَرْوَان الْمَعْرُوف بالمالكي 17 - أَحْمد بن موسي بن عِيسَى بن صدقة يعرف بِابْن الزيات 18 - أَحْمد بن الْحَارِث بن مِسْكين القَاضِي 19 - أَحْمد بن حذافة من أهل بصرة الْمغرَب 20 - أَحْمد بن يحيى الغرناطي اللَّيْثِيّ 21 - أَحْمد بن خَالِد بن وهب بن خَالِد 22 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن غَالب 23 - أَحْمد بن بيطر

24 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن زِيَاد بن شبطون اللَّخْمِيّ 25 - أَحْمد بن بشير يعرف بِابْن الأغبس 26 - أَحْمد بن نصر بن زِيَاد الهواري 27 - أَحْمد بن خَالِد يعرف بِابْن الْجباب 28 - أَحْمد بن عبد الله بن قتيبة بن مُسلم الدينَوَرِي 29 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن زيد الْقزْوِينِي أَبُو سعيد 30 - أَحْمد بن زَكَرِيَّا بن فَارس اللّغَوِيّ 31 - أَحْمد بن نصر الدَّاودِيّ 32 - أَحْمد بن عمر بن عبد الله بن السَّرْح 33 - أَحْمد بن ملول التنوخي 34 - أَحْمد بن أبي سُلَيْمَان يعرف بالصواف 35 - أحمد بن موسى بن مخلد من العجم

36 - أَحْمد بن خَالِد الأندلسي 37 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن عجلَان 38 - أَحْمد بن ميسر 39 - أَحْمد بن أَحْمد بن زِيَاد 40 - أَحْمد بن فتح الرقادى يعرف بِابْن شفون 41 - أَحْمد بن بَقِي بن مخلد 42 - أَحْمد بن دُحَيْم بن خَلِيل 43 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْبر 44 - أَحْمد بن عبد الله بن عبد الْمُؤمن 45 - أَحْمد بن سعيد بن إبراهيم الهمداني المعروف بابن الْهِنْدِيّ 46 - أَحْمد بن أبي يعلي 47 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر الدهان 48 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن جَامع 49 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبيد أَبُو جَعْفَر الْأَزْدِيّ الْمصْرِيّ 50 - أَحْمد بن أَحْمد بن عَليّ الباغاني المقرى 51 - أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو يعلي الْعَبْدي الْبَصْرِيّ 52 - أَحْمد بن عفيف أَبُو عمر الْقُرْطُبِيّ

53 - أحمد بن عبد الملك الإشبيلي المعروف بابن المكوي 54 - أحمد بن عبد الرحمن الخولاني 55 - أَحْمد بن حكم العاملي عرف بِابْن اللبان 56 - أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو عمر الطلمنكي 57 - أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو عمر الْقطَّان الْقُرْطُبِيّ 58 - أَحْمد بن مغيث الطليطلي 59 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن رزق أبو جعفر الْقُرْطُبِيّ 60 - أَحْمد بن سُلَيْمَان بن خلف الْبَاجِيّ أَبُو الْقَاسِم 61 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن أحمد بن مسْعدَة أَبُو جَعْفَر العامري 62 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن ورد التَّمِيمِي 63 - أَحْمد بن عبد الْحق أَبُو جَعْفَر المالقي 64 - أَحْمد بن قَاسم يعرف بالقباب الفاسي 65 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن جزى 66 - أَحْمد بن ابراهيم بن الزبير أَبُو جَعْفَر 67 - أَحْمد بن عَليّ أَبُو جَعْفَر يعرف بِابْن الباذش

68 - أَحْمد بن أبي الْقَاسِم يعرف بِابْن ودَاعَة 69 - أَحْمد بن مُحَمَّد يعرف بالعشاب وبابن الرومية 70 - أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد القاهر يكني أَبَا عمر 71 - أَحْمد بن ابراهيم يعرف بِابْن صَفْوَان 72 - أَحْمد بن الْحُسَيْن يعرف بِابْن الزيات الْخَطِيب 73 - أَحْمد بن أَحْمد يعرف بِابْن الْقصير 74 - أَحْمد بن أَحْمد بن صَدَقَة السّلمِيّ الغرناطي 75 - أَحْمد ابْن أَحْمد بن الْقصير وَالِد الْمُتَقَدّم ذكره 76 - أَحْمد بن أَحْمد بن محمد بن رشد الْقُرْطُبِيّ 77 - أَحْمد بن إبراهيم أَبُو الْقَاسِم المرسي 78 - أَحْمد بن إبراهيم بن زرقون الإشبيلي 79 - أَحْمد بن بشير الغرناطي 80 - أَحْمد بن الْحسن بن أبي الأخطل الطليطلي 81 - أَحْمد بن حسن بن سُلَيْمَان البلنسي

82 - أحمد بن الحسن بن عمر الحضرمي ثم المرادي الغرناطي 83 - أحمد بن خلف بن وصول 84 - أَحْمد بن طَاهِر بن رصيص 85 - أَحْمد بن طَلْحَة بن أبي عَطِيَّة 86 - أَحْمد بن عبد الله بن خيرة البلنسي 87 - أَحْمد بن عبد الله بن الْحسن الْمَدْعُو بحميد 88 - أَحْمد بن عبد الله بن خَمِيس الآزدي 89 - أَحْمد بن عبد الله بن عميرَة 90 - أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن ادريس التجيبي 91 - أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن فهر السّلمِيّ 92 - أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن مضاء اللَّخْمِيّ الْقُرْطُبِيّ 93 - أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن الصقر السرقسطي 94 - أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس 95 - أَحْمد بن عبد الرحيم القرطبي 96 - أَحْمد بن عبد الصَّمد بن أبي عُبَيْدَة

97 - أَحْمد بن عبد الْعَزِيز أَبُو الْعَبَّاس الْأَصْفَر 98 - أَحْمد بن عبد الْملك بن أبي جَمْرَة 99 - أَحْمد بن عَتيق بن فرج البلنسي 100 - أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن زرقون 101 - أَحْمد بن عَليّ بن هَارُون السَّلمَانِي 102 - أَحْمد ابْن عمر بن خلف بن قيلان أَبُو جَعْفَر 103 - أَحْمد بن اللَّيْث الأنسري 104 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن رشد الْقُرْطُبِيّ 105 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن خلف أَبُو الْقَاسِم الحوفي 106 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن سَماعَة أَبُو جَعْفَر القيجاطي 107 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن سيد أَبِيه الزُّهْرِيّ 108 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن ماسويه بن حميد الْحداد الأنصاري

109 - أَحْمد بن مُحَمَّد أَبُو الْعَبَّاس الشارقي 110 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الحجري أَبُو الْعَبَّاس البلنسي 111 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن أبي جَمْرَة 112 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْملك أَبُو الْعَبَّاس 113 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن علي بن مسْعدَة العامري 114 - أَحْمد بن مُحَمَّد الحياني أَبُو جَعْفَر الميلوط 115 - أَحْمد بن أبي الْحسن أَبُو الْخطاب بن وَاجِب 116 - أَحْمد بن أبي عبد الله بن مُحَمَّد بن وَاجِب ابْن عمِّ الْمُتَقَدّم 117 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد أَبُو الْعَبَّاس بن الخروبي 118 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم محمد بن محمد بن بيطر التجِيبِي الْقُرْطُبِيّ أَبُو جَعْفَر بن الْحَاج 119 - أَحْمد بن مَسْعُود أبو الْخِصَال بن فرج 120 - أَحْمد بن مُنْذر بن جهور أَبُو الْعَبَّاس الإشبيلي

121 - أَحْمد بن وليد بن مُحَمَّد بن وليد أَبُو جَعْفَر 122 - أَحْمد بن أبي مُحَمَّد هَارُون بن أحمد بن عَاتٍ النفزي 123 - أَحْمد بن عبد الله عرف بِابْن الْبَاجِيّ يكنى أَبَا عمر 124 - أَحْمد بن إِدْرِيس شهَاب الدّين الصنهاجي الْقَرَافِيّ 125 - أَحْمد بن على الْمَعْرُوف بالقسطلاني 126 - أَحْمد بن عمر أَبُو الْعَبَّاس بن المزين 127 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن عَطاء الله الإسكندري صَاحب الحكم 128 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن سَلامَة أَبُو الْحُسَيْن الإسكندري 129 - أَحْمد بن مُحَمَّد القَاضِي نَاصِر الدّين بن أبي الْمُنِير 130 - أَحْمد بن معد أَبُو الْعَبَّاس الْمَعْرُوف بالإقليشي 131 - أَحْمد بن يُوسُف شرف الدّين القفصي التيفاشي 132 - أَحْمد بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن كَمَال الدّين أبي الْمَنْصُور

133 - أَحْمد ابْن سَلامَة بن أَحْمد بن سَلامَة الإسكندري 134 - أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْمَعْرُوف بِابْن الغماز 135 - أَحْمد بن أَحْمد الغبريني البجائي 136 - أَحْمد بن إسماعيل البغدادي المقري 137 - أَحْمد بن جَعْفَر الزُّهْرِيّ الأشيري 138 - أَحْمد بن أبي الْحجَّاج يُوسُف الفِهري اللبلي 139 - أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن التادلي الْفَاسِيّ 140 - أَحْمد أَبُو الْعَبَّاس بن إدريس البجائي 141 - أَحْمد بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بِابْن المخلطة الإسكندري 142 - أَحْمد بن هِلَال الإسكندري

(ب) من اسْمه إِبْرَاهِيم 1 - إبراهيم بن حبيب من أَصْحَاب مَالك رَحمَه الله تعالى 2 - إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن أَبُو إسحاق البرقي الْمصْرِيّ 3 - إبراهيم بن حُسَيْن أَبُو إسحاق بن مرتنيل 4 - إبراهيم بن مُحَمَّد بن بَاز يعرف بِابْن الْقَزاز الْقُرْطُبِيّ 5 - إبراهيم بن حَمَّاد بن أخي القَاضِي اسماعيل 6 - إبراهيم بن أَحْمد أبو إسحاق السبائي 7 - إبراهيم بن أَحْمد أَبُو إسحاق الجينياني 8 - إبراهيم بن عبد الصَّمد أَبُو الطَّاهِر بن بشير 9 - إبراهيم بن مُحَمَّد بن حُسَيْن يعرف بِابْن البرذون 10 - إبراهيم بن مُحَمَّد أَبُو إسحاق الدينَوَرِي 11 - إبراهيم بن عبد الله أَبُو إسحاق القلانسي 12 - إبراهيم بن حسن أَبُو إسحاق التّونسِيّ 13 - إبراهيم بن جَعْفَر أَبُو إسحاق اللواتي 14 - إبراهيم بن حسن بن عبد الرفيع التّونسِيّ

15 - إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق يعرف بحنكالش 16 - إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن يعرف بِابْن أبي يحيى 17 - إبراهيم بن يوسف بن دهاق يعرف بِابْن الْمَرْأَة 18 - إبراهيم بن أبي بكر أبو إسحاق التلمساني 19 - إبراهيم بن مُحَمَّد بن عبد يس النفزي الغرناطي 20 - إبراهيم بن عجنس بن أَسْبَاط الكلَاعِي 21 - إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان أَبُو الْقَاسِم بن الْوزان 22 - إبراهيم بن أَحْمد أَبُو إسحاق الْجَزرِي 23 - إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْقَيْسِي الصفاقسي [قلت وممن اسمه إبراهيم مؤلف هذا الكتاب وقد ذكرته بعد الأسم في محله] (ج) من اسْمه إسماعيل 1 - إسماعيل بن أبي أويس ابْن عَم مَالك بن أنس - رضي الله عنه - 2 - إسماعيل بن إسحاق القَاضِي الْبَغْدَادِيّ

3 - إسماعيل بن إسحاق يعرف بِابْن الطَّحَّان 4 - إسماعيل ابْن هَارُون أَبُو الْوَلِيد الزقاء 5 - إسماعيل بن مكي عرف بِابْن الطَّاهِر بن عَوْف (د) من اسْمه إسحاق 1 - إسحاق بن إبراهيم بن ميسرَة أَبُو إبراهيم التجِيبِي 2 - إسحاق بن الْفُرَات أَبُو نعيم التجِيبِي (هـ) من اسْمه أصبغ 1 - أصبغ بن الْفرج الْمصْرِيّ 2 - أصبغ بن خَلِيل الْقُرْطُبِيّ يكنى أَبَا الْقَاسِم 3 - أصبغ بن الْفرج الْقُرْطُبِيّ (و) من اسْمه أَيُّوب 1 - أَيُّوب بن سُلَيْمَان أَبُو صَالح الْقُرْطُبِيّ 2 - أَيُّوب بن أَحْمد بن رَشِيق (ز) الأفراد فِي حرف الألف 1 - أبان بن عيسى بن دِينَار 2 - أَسد بن الْفُرَات

3 - أَشهب بن عبد الْعَزِيز 4 - إدريس بن عبد الْملك أَبُو الْعلاء 5 - أسلم بن عبد الْعَزِيز أَبُو الْجَعْد الاندلسي (ح) وَمن الكنى 1 - أَبُو أَحْمد بن جزى الكلبى 2 - أَبُو الْقَاسِم بن أبي بكر يعرف بِابْن زيتون 3 - أَبُو الْحُسَيْن بن أبي بكرَة الْكِنْدِيّ 4 - أَبُو حَاتِم الضَّرِير (ط) وَمِمَّنْ عرف بِأَبِيهِ 1 - أَبُو سميدة الاشبيلي حرف الْبَاء (أ) من الافراد 1 - بكر بن الْعَلَاء القشيري 2 - البهلول بن رَاشد

وَمن الكنى 1 - أَبُو بكر بن علوِيَّة حرف الثَّاء (أ) من اسْمه ثَابت 1 - ثَابت بن حزم أَبُو الْقَاسِم الْعَوْفِيّ 2 - ثَابت بن عبد الله بن ثَابت أَبُو الْحسن الْعَوْفِيّ حرف الْجِيم 1 - جَعْفَر بن مُحَمَّد أَبُو بكر الْفرْيَابِيّ 2 - جبلة بن حمود بن عبد الرَّحْمَن 3 - جحاف بن يمن البلنسي حرف الْحَاء (أ) من اسْمه حسن 1 - حسن بن عبد الله بن مذْحج الزبيدِيّ 2 - حسن بن مُحَمَّد الْخَولَانِيّ أَبُو الْحُسَيْن الكانشي

3 - الْحسن بن عمر أَبُو الْقَاسِم الاشبيلي (ب) من اسْمه الْحُسَيْن 1 - الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الجذامي المالقى 2 - الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن فيرة عرف بِابْن سكرة 3 - الْحُسَيْن أَبُو عَليّ الغساني الجياني 4 - الْحُسَيْن بن عَتيق بن الْحُسَيْن بن رَشِيق 5 - الْحُسَيْن بن أبي الْقَاسِم النبيلي (ح) من اسْمه حبيب 1 - حبيب بن نصر التَّمِيمِي 2 - حبيب بن الرّبيع مولى أَحْمد بن أبي سُلَيْمَان (د) من اسْمه الْحَارِث 1 - الْحَارِث بن أَسد القفصي 2 - الْحَارِث بن مِسْكين أَبُو عمر

(هـ) أَسمَاء مُفْردَة 1 - حَمَّاد بن إسحاق أَخُو القَاضِي إسماعيل 2 - حمديس بن إبراهيم اللَّخْمِيّ القفصي 3 - حماس بن مَرْوَان الْهَمدَانِي 4 - حَاتِم بن مُحَمَّد عرف بِابْن الطرابلسي 5 - حيدرة بن مُحَمَّد بن عبد الله ابْن حيدرة (و) وَمِمَّنْ شهر بكنيته 1 - أَبُو الحكم الْمَعْرُوف بالبربري الْمدنِي حرف الْخَاء (أ) من اسْمه خلف 1 - خلف بن سعيد بن أخي هِشَام 2 - خلف بن أَبي الْقَاسِم البرادعي 3 - خلف بن مسلمة بن عبد الغفور 4 - خلف بن سعيد الازدي 5 - خلف بن أَحْمد بن خلف أَبُو بكر الرحوى

6 - خلف أَبُو الْقَاسِم بن بهْلُول الْبرِّبلَى 7 - خلف بن عبد الْملك بن بشكوال 8 - خلف بن قَاسم الْمَعْرُوف بِابْن الدّباغ 9 - خلف بن أَحْمد بن بطال الْبكْرِيّ (ب) الأفراد 1 - الخضر بن أَحْمد بن الْخضر بن أبي الْعَافِيَة 2 - خَلِيل بن اسحاق الجندي الْمصْرِيّ حرف الدَّال 1 - دَاوُد بن جَعْفَر بن الصَّغِير 2 - دلف بن جحدر حرف الرَّاء 1 - روح أَبُو الزِّنْبَاع بن الفرج 2 - ريْدَانَ بن اسماعيل بن ريْدَانَ الوَاسِطِيّ 3 - رزين ابْن مُعَاوِيَة أَبُو الْحسن الْعَبدَرِي

حرف الزاى 1 - زَكَرِيَّا أَبُو يحيى الْوَقار 2 - زِيَاد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو عبد الله يلقب بشبطون 3 - الزبير بن بكار بن عبد الله بن مُصعب 4 - زُرَارَة بن أَحْمد القَاضِي حرف السِّين (أ) من اسْمه سُلَيْمَان 1 - سُلَيْمَان بن بِلَال أَبُو أَيُّوب 2 - سُلَيْمَان بن سَالم يعرف بِابْن الكحالة 3 - سُلَيْمَان بن دَاوُد بن حَمَّاد بن أخي رشدين 4 - سُلَيْمَان بن عمرَان الافريقي 5 - سُلَيْمَان بن بيطر بن سُلَيْمَان بن بيطر 6 - سُلَيْمَان بن بطال أَبُو أَيُّوب البطليوسي 7 - سُلَيْمَان القَاضِي أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ 8 - سُلَيْمَان بن سَالم الكلَاعِي 9 - سُلَيْمَان بن عبد الْوَاحِد الْهَمدَانِي

(ب) من اسْمه سعيد 1 - سعيد بن عبد الله بن سعد المغافري 2 - سعيد بن عُثْمَان الأعتاقي 3 - سعيد بن حمير الرعيني 4 - سعيد أَبُو عُثْمَان بن قحلون 5 - سعيد بن أَحْمد بن عبد ربه 6 - سعيد بن إبراهيم بن عِيسَى 7 - سعيد بن مُحَمَّد العقباني (ج) الأفراد 1 - سعد بن معَاذ الجياني 2 - سهل بن مُحَمَّد بن سهل بن مَالك الْأَزْدِيّ 3 - سَلمُون بن على الْكِنَانِي 4 - سراج بن عبد الْملك بن سراج 5 - سَنَد بن عنان الأزدي

حرف الشين 1 - شبطون بن عبد الله الطليطلي 2 - شَجَرَة بن عِيسَى الْمعَافِرِي 3 - شبيب بن إبراهيم بن حيدرة حرف الصَّاد 1 - صَالح هُوَ أَبُو مُحَمَّد صَالح شيخ الْمغرب فِي وقته حرف الطَّاء 1 - طليب بن كَامِل اللَّخْمِيّ 2 - طَلْحَة بن أَحْمد بن غَالب بن تَمام بن عَطِيَّة حرف الْعين (أ) من اسْمه عبد الله 1 - عبد الله بن الْمُبَارك 2 - عبد الله بن نَافِع الْمَعْرُوف بالصائغ 3 - عبد الله بن نَافِع الْأَصْغَر الزبيريّ 4 - عبد الله بن مسلمة القعْنبِي 5 - عبد الله أَبُو مُحَمَّد بن وهب

6 - عبد الله بن أبي حسان الْيحصبِي 7 - عبد الله بن عبد الحكم 8 - عبد الله بن طَالب القَاضِي 9 - عبد الله بن هاشم عرف بِابْن الحجام 10 - عبد الله أَبُو الْعَبَّاس الإبياني 11 - عبد الله أَبُو مُحَمَّد بن أبي زيد 12 - عبد الله أَبُو مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْمَعْرُوف بِابْن التيان 13 - عبد الله أَبُو مُحَمَّد الأصيلي 14 - عبد الله أَبُو مُحَمَّد بن غَالب الْهَمدَانِي 15 - عبد الله بن حنين ابْن أخي ربيع 16 - عبد الله أَبُو مُحَمَّد بن الشقاق 17 - عبد الله أَبُو مُحَمَّد ابْن يحيى بن دحون 18 - عبد الله الشنتجالي أبو محمد بن سعيد 19 - عبد الله بن مَالك أَبُو مَرْوَان الْقُرْطُبِيّ 20 - عبد الله بن محمد بن خالد بن مرتنيل 21 - عبد الله بن محمد بن أبي دليم القرطبي 22 - عبد الله أبو محمد بن محمد بن السيد النحوي 23 - عبد الله بن أَحْمد بن يَرْبُوع 24 - عبد الله بن نجم بن شاس 25 - عبد الله بن أَيُّوب بن حروج

26 - عبد الله بن أبي أَحْمد بن منجل الغافقي 27 - عبد الله بن طَلْحَة الْمحَاربي 28 - عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي زمنين 29 - عبد الله بن سُلَيْمَان بن حوط الله 30 - عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الشار مساحي 31 - عبد الله بن مُحَمَّد المسيلي 32 - عبد الله ابْن عَليّ بن الْحُسَيْن الْعَبدَرِي 33 - عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو الْوَلِيد الْقرطبيّ 34 - عبد الله بن مُحَمَّد بن قَاسِم بن حازم أبو محمد 35 - عبد الله بن إسحاق بن التيَّان 36 - عبد الله بن مُحَمَّد بن هَارُون الطَّائِي الْقُرْطُبِيّ 37 - عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم بن فَرِحُونَ (ب) من اسْمه عبيد الله 1 - عبيد الله أَبُو الْقَاسِم البرقي 2 - عبيد الله أَبُو الْحسن بن الْمنتاب الْكَرَابِيسِي 3 - عبيد الله أَبُو الْقَاسِم ابْن الْجلاب 4 - عبيد الله بن يحيى اللَّيْثِيّ يكنى أَبَا مَرْوَان

(ج) من اسْمه عبد الرَّحْمَن 1 - عبد الرَّحْمَن بن مهْدي أَبُو سعيد شيخ الْمَالِكِيَّة 2 - عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم العتقي 3 - عبد الرَّحْمَن أَبُو زيد بن إبراهيم بن يزِيد 4 - عبد الرَّحْمَن أَبُو الْقَاسِم الْجَوْهَرِي المصري 5 - عبد الرَّحْمَن بن مُوسَى الهواري 6 - عبد الرَّحْمَن بن أبي جَعْفَر الدمياطي 7 - عبد الرَّحْمَن أَبُو زيد بن أبي الْغمر 8 - عبد الرَّحْمَن بن دِينَار 9 - عبد الرَّحْمَن بن عِيسَى بن مدراج 10 - عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد القَاضِي بن الْحصار وَيعرف بِابْن بشير 11 - عبد الرَّحْمَن بن عبد الرَّحِيم بن الْعَجُوز 12 - عبد الرَّحْمَن أبو الْمطرف بن سَلمَة الطليطلي 13 - عبد الرَّحْمَن أبو القاسم بن الْعَجُوز السبتي 14 - عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن فطيس 15 - عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عتاب 16 - عبد الرَّحْمَن أَبُو الْقَاسِم السُّهيْلي شَارِح السِّيرَة 17 - عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عَسْكَر شهاب الدين الْبَغْدَادِيّ

18 - عبد الرَّحْمَن أَبُو الْقَاسِم اللبيدي 19 - عبد الرَّحْمَن بن مطرف القنازعي 20 - عبد الرَّحْمَن أَبُو زيد بن الإمام 21 - عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد يعرف بِابْن الْقصير (د) من اسْمه عبد الرَّحِيم 1 - عبد الرَّحِيم بن أَشْرَس 2 - عبد الرَّحِيم بن أَحْمد بن الْعَجُوز (هـ) من اسْمه عبد الْملك 1 - عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن الْمَاجشون 2 - عبد الْملك بن حبيب 3 - عبد الْملك بن العَاصِي السعدي الْقُرْطُبِيّ 4 - عبد الْملك بن سراج أَبُو مَرْوَان 5 - عبد الْملك بن أَحْمد بن عبد الْملك بن الْأَصْبَغ 6 - عبد الْملك بن مسرَة الْيحصبِي 7 - عبد الْملك يعرف بزونان 8 - عبد الْملك بن مَرْوَان قَاضِي الْمَدِينَة

9 - عبد الْملك بن سابح 10 - عبد الْملك بن أَحْمد بن رستم الإسكندري (و) من اسْمه عبد الْخَالِق 1 - عبد الْخَالِق أَبُو الْقَاسِم بن شبلون القيرواني 2 - عبد الْخَالِق أَبُو الْقَاسِم السيوري القيرواني (ز) من اسْمه عبد الْعَزِيز 1 - عبد الْعَزِيز بن أبي حازم المدني 2 - عبد الْعَزِيز بن عبد الرَّحْمَن الغراب أبو الأصبغ 3 - عبد الْعَزِيز بن أبي الْقَاسِم الدروال التونسي (حـ) من اسْمه عبد الحميد 1 - عبد الحميد بن محمد الهروي الْمَعْرُوف بِابْن الصَّائِغ 2 - عبد الحميد بن أبي البركات الصَّدَفِي الطرابلسي (ط) من اسْمه عبد الْوَهَّاب 1 - عبد الْوَهَّاب بن نصر الْبَغْدَادِيّ

(ي) من اسْمه عبد السَّلَام 1 - عبد السَّلَام أبو سعيد سحنون التنوخي القيرواني (ك) من اسْمه عبد الحكم 1 - عبد الحكم بن عبد الله بن عبد الحكم المصري ومن الأفراد 1 - عبد الحكم بن أبي الحسن [القاضي الأندلسي] 2 - عبد الْكَرِيم بن عَطاء الله الإسكندري 3 - عبد الْغَنِيّ أَبُو مُحَمَّد بن سلام العسال 4 - عبد الْوَارِث بن أبي الْأَزْهَر الأفريقي ومن أَسمَاء المُتَفَرِّقَة 1 - عَنْبَة أَبُو خَارِجَة بن خَارِجَة الغافقي 2 - عِيَاض القَاضِي أَبُو الْفضل السبتي

3 - عِيَاض بن مُحَمَّد بن عِيَاض حفيد القَاضِي أبي الفضل 4 - عبد الأعلى أَبُو مسْهر بن مسْهر الدمشقي الغساني 5 - عبد الْأَعْلَى بن وهب أبو وهب القرطبي 6 - عبد الْأَعْلَى أبو المعلى بن مُعلى الْخَولَانِيّ الأندلسي البيري 7 - عبد الْوَدُود بن سُلَيْمَان القرطبي 8 - عبد الْحق بن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد الصّقليّ 9 - عبد الْحق بن غَالب بن عَطِيَّة القاضي الأندلسي 10 - عبد الْحق بن عبد الرَّحْمَن أبو محمد الإشبيلي 11 - عبد الْوَاحِد بن الْمُنِير ابْن الإسكندري 12 - عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن أبي السداد المالقي (ل) من اسْمه عيسي 1 - عِيسَى بن دِينَار القرطبي

2 - عيسي بن مِسْكين الإفريقي 3 - عِيسَى بن سهل أَبُو الْأَصْبَغ القرطبي 4 - عيسي أبو الرّوح الزواوي البجائي 5 - عِيسَى بن مخلوف المغيلي المصري (من) من اسْمه عمر 1 - عمر بن أبي عمر البغدادي 2 - عمر أبو حفص بن عبد النُّور يعرف بِابْن الحكار 3 - عمر أَبُو على الشلوبَين 4 - عمر بن أبي اليمن تاج الدّين الْفَاكِهَانِيّ الإسكندري 5 - عمر بن عَليّ بن قداح الهواري التّونسِيّ (ن) من اسْمه عُثْمَان 1 - عُثْمَان بن الحكم الجذامي المصري

2 - عُثْمَان بن مَالك الفاسي 3 - عُثْمَان بن عيسي الطليطلي 4 - عُثْمَان بن سعيد المعروف بِابْن الصَّيْرَفِي 5 - عُثْمَان بن أبي بكر الصَّدَفِي الصفاقسي 6 - عثمان أبو عمرو بن عمر بن الحاجب المصري 7 - عُثْمَان بن عَليّ بن دعمون الغرناطي 8 - عُثْمَان بن محمد بن منظور القيسي المالقي (س) من اسْمه على 1 - على بن زِيَاد أَبُو الْحسن التّونسِيّ 2 - على أَبُو الْحسن بن زِيَاد السكندري 3 - على أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ العراقي المتكلم 4 - عَلى بن عِيسَى الطليطلي 5 - على أَبُو الْحسن بن ميسرَة البغدادي 6 - على الدّباغ الأفريقي 7 - على بن أَحْمد المعروف بابن القصار البغدادي 8 - على بن مُحَمَّد الْبَصْرِيّ

9 - على الشيخ أَبُو الْحسن بن الْقَابِسِيّ 10 - على أَبُو الْحسن بن زكريا الطرابلسي 11 - على أَبُو الْحسن الطابثي البصري 12 - على بن الْحسن الفِهري المصري 13 - على بن عبد ربه أَبُو سعيد القرطبي 14 - على أَبُو الْحسن اللَّخْمِيّ الربعي 15 - على أَبُو الْحسن بن بطال القرطبي 16 - على بن إسماعيل المعروف بِابْن سَيّده المرسي 17 - على بن أَحْمد أَبُو الْحسن بن الباذش الغرناطي 18 - على بن أَحْمد أَبُو الْحسن الْمذْحِجِي الْملتماسي 19 - عَليّ بن عمر القيجاطي 20 - على بن مُحَمَّد بن سليمان يعرف بِابْن الجياب 21 - عَليّ بن مُوسَى بن عبد الْملك بن سعيد يعرف بِابْن سعيد 22 - على بن أَحْمد بن يُوسُف الغساني 23 - على بن إبراهيم يعرف بِابْن القفاص 24 - على بن مُحَمَّد أَبُو الْحسن بن الفزازي الغرناطي

25 - على بن على بن أَحْمد بن سُلَيْمَان النفزي 26 - على بن سُلَيْمَان الزهراوي 27 - على بن أَحْمد بن مَرْوَان الغساني 28 - على بن صَالح الطرطوشي المعروف بعز النَّاس 29 - على بن الشَّيْخ أبو الْحسن الصَّغِير 30 - على بن إسماعيل أَبُو الْحسن الأبياري 31 - على بن أبي مطر الإسكندري 32 - على بن مُحَمَّد بن الْمُنِير أَخُو القَاضِي نَاصِر الدّين 33 - على بن مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم فَرِحُونَ بن مُحَمَّد بن فَرِحُونَ والد المصنف أَسمَاء مُفْردَة فِي حرف الْعين 1 - عمرو أَبُو الْفرج بن مُحَمَّد القَاضِي الْبَغْدَادِيّ 2 - عامر بن مُحَمَّد بن مرجا الْأنْصَارِيّ 3 - الْعَبَّاس بن عيسي أَبُو الْفضل الممسي 4 - عبد الله بن أَحْمد الشَّيْخ أَبُو ذَر الْهَرَوِيّ 5 - عبد الْمُنعم بن مُحَمَّد بن الْفرس 6 - عقيل بن عَطِيَّة الْقُضَاعِي

حرف الْغَيْن 1 - الْغَازِي بن قيس أَبُو مُحَمَّد الْقُرْطُبِيّ 2 - غَالب بن عَطِيَّة الْمحَاربي الأندلسي حرف الْفَاء 1 - فضل بن سَلمَة البجائي البيري 2 - الْفضل بن عبد الرَّحْمَن بن مسْعدَة العامري 3 - فرج بن سلمة بن زهير القرطبي 4 - فرج بن قَاسم بن لب أَبُو سعيد الأندلسي حرف الْقَاف (أ) من اسْمه قَاسم 1 - قَاسم بن مُحَمَّد بن قَاسم بن سيار القرطبي 2 - قَاسم بن أصبغ أبو محمد البياني 3 - قَاسم بن أحمد بن جحدر الطليطلي 4 - قَاسم بن ثَابت بن حزم أَبُو مُحَمَّد

5 - قَاسم بن أَحْمد الْمَعْرُوف بِابْن أرفع رَأسه 6 - قَاسم بن فيرة الشاطبي الْمقري 7 - قَاسم الجبيري بن خلف بن عبد الله بن جُبَير الطرطوشي 8 - قَاسم بن عبد الله بن مُحَمَّد بن الشَّاط أَسمَاء مُفْردَة 1 - أَبُو الْقَاسِم بن محرز القيرواني 2 - قرعوس بن الْعَبَّاس بن قرعوس القرطبي حرف الْمِيم 1 - مُحَمَّد بن إبراهيم بن دِينَار الْجُهَنِيّ 2 - مُحَمَّد بن مسَلمَة بن مُحَمَّد بن هِشَام 3 - مُحَمَّد بن إدريس الشَّافِعِي الإمام 4 - مُحَمَّد بن عمر بن وَاقد الْوَافِدِيّ 5 - مُحَمَّد أَبُو ثَابت بن أبي زيد المدني 6 - مُحَمَّد بن خَالِد بن مرتنيل القرطبي

7 - مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم 8 - مُحَمَّد بن إبراهيم بن زياد الْمَوَّاز 9 - مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي زرْعَة البرقي 10 - مُحَمَّد أَبُو بكر بن يحيى زَكَرِيَّا الْوَقار 11 - مُحَمَّد بن شعيب أَبُو يُوسُف التّونسِيّ 12 - مُحَمَّد بن سَحْنُون القيرواني 13 - مُحَمَّد بن إبراهيم بن عَبدُوس القيرواني 14 - مُحَمَّد الْعُتْيبِي 15 - مُحَمَّد بن عجلَان 16 - مُحَمَّد بن أصْبع بن الْفرج 17 - مُحَمَّد بن وضاح 18 - مُحَمَّد قَاضِي الْقُضَاة أَبُو عمر بن حَمَّاد 19 - مُحَمَّد بن سهل البرنكاني 20 - مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن بكير 21 - مُحَمَّد أَبُو بكر يعرف بابن الْوراق 22 - مُحَمَّد أَبُو الطّيب القاضي البغدادي 23 - مُحَمَّد أَبُو بكر بن الْخلال المصري 24 - مُحَمَّد أَبُو عبد الله بن بسطَام السوسي 25 - مُحَمَّد أَبُو عبد الله بن عمر بن لبَابَة القرطبي

26 - محمد بن فطيس القرطبي 27 - مُحَمَّد بن سَابق البيري 28 - مُحَمَّد أَبُو عبد الله بن أَحْمد التسترِي العراقي 29 - مُحَمَّد أَبُو إسحاق بن شعْبَان 30 - مُحَمَّد أَبُو بكر بن اللباد 31 - مُحَمَّد أَبُو الْعَرَب 32 - مُحَمَّد بن يحيى بن لبَابَة 33 - مُحَمَّد ابْن أَحْمد اللؤلئي 34 - مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي دليم 35 - مُحَمَّد بن عبد الله بن عيشون 36 - مُحَمَّد بن عمر بن سعيد بن عيشون 37 - مُحَمَّد بن عبد الله أبو بكر الْأَبْهَرِيّ 38 - مُحَمَّد بن مُجَاهِد 39 - مُحَمَّد أَبُو بكر النعالي 40 - مُحَمَّد بن حَارِث الْخُشَنِي 41 - مُحَمَّد أَبُو بكر بن السّليم 42 - مُحَمَّد أَبُو بكر يعرف بِابْن القوطية

43 - مُحَمَّد بن أبان بن عيسى بن دينار 44 - مُحَمَّد بن حسن بن عبد الله الزبيدِيّ 45 - مُحَمَّد بن وليد الأموي 46 - مُحَمَّد بن يُوسُف بن مطروح الْأَعْرَج 47 - مُحَمَّد بن سعيد الموثق يعرف بابن المواز 48 - مُحَمَّد بن أسباط 49 - مُحَمَّد بن سُلَيْمَان ابْن مُحَمَّد بن تليد المعافري 50 - مُحَمَّد بن عبد الله بن يحيى بن يحيى 51 - مُحَمَّد بن عبد الله بن الْوَلِيد المعيطي 52 - مُحَمَّد بن أَحْمد بن أسيد بن أبي صفرَة 53 - مُحَمَّد بن غَالب أَبُو عبد الله بن الصفار 54 - مُحَمَّد أَبُو جَعْفَر يعرف بالأبهري الصَّغِير 55 - مُحَمَّد أَبُو بكر بن الطّيب الإمام الباقلاني 56 - مُحَمَّد أَبُو بكر بن خويز منداد 57 - مُحَمَّد بن يبْقى بن زرب 58 - مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن الْعَطَّار 59 - مُحَمَّد أَبُو عبد الله بن أبي زمنين 60 - مُحَمَّد أَبُو بكر بن موهب المعروف بالفيري 61 - مُحَمَّد بن سُفْيَان الهواري المقري

62 - مُحَمَّد أَبُو عبد الله بن بشكوال 63 - مُحَمَّد أَبُو عبد الله بن الْحذاء 64 - مُحَمَّد أَبُو الْفضل بن عمروس الْبَزَّار 65 - مُحَمَّد أَبُو عبد الله بن سعدون القروي 66 - مُحَمَّد القَاضِي أَبُو عبد الله بن المرابط 67 - مُحَمَّد أَبُو بكر بن يُونُس الصّقليّ 68 - مُحَمَّد أَبُو عبد الله بن عتاب 69 - مُحَمَّد أَبُو عبد الله بن فرج مولى ابْن الطلاع 70 - مُحَمَّد أَبُو عبد الله بن سليمان بن خَليفَة 71 - مُحَمَّد بن الْوَلِيد الشَّيْخ أَبُو بكر الطرطوشي 72 - مُحَمَّد بن أَحْمد القَاضِي أَبُو الْوَلِيد بن رشد 73 - مُحَمَّد بن عَليّ الإمام أَبُو عبد الله الْمَازرِيّ 74 - مُحَمَّد بن عبد الله القَاضِي أَبُو بكر بن العربي 75 - مُحَمَّد بن أَحْمد أَبُو عبد الله الصَّدَفِي 76 - مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن رشد الْحَفِيد 77 - مُحَمَّد بن سعيد بن زرقون 78 - مُحَمَّد بن أبي عبد الله بن زرقون الْمُتَقَدّم ذكره 79 - مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم أَبُو عبد الله بن الْفرس

80 - مُحَمَّد بن يُوسُف بن سَعَادَة 81 - مُحَمَّد بن إبراهيم الْمَعْرُوف بِابْن شقّ اللَّيْل 82 - مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر يكنى أَبَا عبد الله قَاضِي فاس 83 - مُحَمَّد بن عِيَاض بن مُوسَى بن عِيَاض 84 - مُحَمَّد بن عِيَاض بن مُحَمَّد بن عِيَاض بن مُوسَى اليحصبي حفيد الإمام أبي الفضل 85 - مُحَمَّد بن أَحْمد الحسيني السبتي 86 - مُحَمَّد أَبُو البركات القاضي بن إبراهيم بن الحاج الأندلسي 87 - مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن جزى الكلبي الغرناطي 88 - مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد السياري الْبَيَانِي 89 - مُحَمَّد بن سعيد أَبُو عبد الله الطّراز 90 - مُحَمَّد بن أَحْمد بن دَاوُد عرف بِابْن الكماد 91 - مُحَمَّد بن أَحْمد أَبُو الْقَاسِم يعرف بِابْن حفيد الْأمين 92 - مُحَمَّد بن أحمد الغساني المالقي 93 - مُحَمَّد بن إبراهيم المعروف بابن الدباغ الإشبيلي 94 - مُحَمَّد بن حكيم بن محمد بن بان الجذامي 95 - مُحَمَّد بن حسن يكنى أَبَا عبد الله يعرف بِابْن الْحَاج

96 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إدريس أَبُو بكر القلاوسي 97 - مُحَمَّد بن عبد الله بن ميمون العبدري 98 - مُحَمَّد بن عبد الله بن يحيى بن عبد الله الْحَافِظ أَبُو بكر بن الْجد 99 - مُحَمَّد بن عَليّ بن الفخار الجذامي 100 - مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مَرْزُوق العجيسي 101 - مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن البسيلي الكرسوطي 102 - مُحَمَّد بن عمر أَبُو عبد الله بن رشيد 103 - مُحَمَّد بن سعدون البري 104 - مُحَمَّد بن جَابر أَبُو عبد الله الودي آشي 105 - مُحَمَّد بن خلف بن مُوسَى الأوسي البيري 106 - مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد السَّلَام الغساني 107 - مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن صقَالَة التميري 108 - مُحَمَّد بن عَليّ الْمحَاربي الغرناطي 109 - مُحَمَّد بن سُفْيَان أَبُو عبد الله القيرواني 110 - مُحَمَّد بن معاوية أبو بكر المرواني بن الأحمر

111 - مُحَمَّد بن أَحْمد أبو طاهر السدوسي البصري البغدادي 112 - مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الأصبغ الْحَرَّانِي 113 - مُحَمَّد بن أَحْمد أَبُو بكر القبتوري 114 - مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر الْقُرْطُبِيّ 115 - مُحَمَّد بن نظيف الْبَزَّاز الإفريقي 116 - مُحَمَّد بن رشيد أَبُو زَكَرِيَّا الإفريقي 117 - مُحَمَّد بن سعيد السّري أَبُو عبد الله الأموي 118 - مُحَمَّد بن سليم أَبُو عبد الله بن شبْل 119 - مُحَمَّد بن مِسْكين أَخُو عِيسَى بن مِسْكين 120 - مُحَمَّد بن مسور بن عمر القرطبي 121 - مُحَمَّد بن يحيى الأسلمي الإسكندري 122 - مُحَمَّد بن يحيى المعافري الإسكندري 123 - مُحَمَّد بن أَشهب بن عبد الْعَزِيز 124 - مُحَمَّد بن عبد الملك بن أيمن أبو عبد الله الحافظ 125 - مُحَمَّد بن صالح المعروف بابن أم شيبان 126 - مُحَمَّد بن أحمد بن مفرج القرطبي الحافظ 127 - مُحَمَّد بن بطال بن وهب بن عبد الأعلى 128 - مُحَمَّد بن عبد الله بن خيرة أبو الوليد 129 - مُحَمَّد بن إبراهيم أَبُو عبد الله اليقوري

130 - مُحَمَّد بن أبي القاسم بن جميل الربعي 131 - مُحَمَّد أَبُو الْفَتْح تَقِيّ الدّين بن دَقِيق الْعِيد 132 - مُحَمَّد ابْن أَحْمد بن سمحان الشريسي 133 - مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن سومر الزواوي قَاضِي دمشق 134 - مُحَمَّد بن هبة بن شكر قَاضِي الْقُضَاة بِمصْر 135 - مُحَمَّد بن أبي بكر قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين بن الأخنائي 136 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد المعروف بابن الحاج المغربي الفاسي 137 - مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عَتيق بن رَشِيق قَاضِي الاسكندرية 138 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشهير بِابْن القوبغ 139 - مُحَمَّد بن قَاضِي الْجَمَاعَة أبي الْعَبَّاس بن الغماز 140 - مُحَمَّد بن عبد الله بن سعيد بن عابد المعافري 141 - مُحَمَّد بن عبد الله بن قيس أَبُو مُحرز الْكِنَانِي 142 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الملك أبو عبد الله قاضي مراكش 143 - مُحَمَّد بن عمرَان بن حزم الشريف الكركي 144 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مسعود يعرف بابن المفسر 145 - مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عَسْكَر الْبَغْدَادِيّ 146 - مُحَمَّد بن عَسْكَر الْبَغْدَادِيّ القاضي

147 - مُحَمَّد بن مَيْمُون بن عمر الإفْرِيقِي أَبُو عمر 148 - مُحَمَّد بن عبد الله بن رَاشد الْبكْرِيّ القفصي 149 - مُحَمَّد بن عبد السَّلَام قَاضِي الْجَمَاعَة بتونس 150 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد النُّور الْحميري التّونسِيّ 151 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَرَفَة الورغمي التّونسِيّ 152 - مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حسن الْيحصبِي البروني 153 - مُحَمَّد بن يُوسُف ابْن مسدي الْحَافِظ من اسْمه موسي 1 - مُوسَى أَبُو قُرَّة بن طَارق السكْسكِي 2 - مُوسَى أَبُو الأسود الْمَعْرُوف بِالْقطَّان 3 - مُوسَى بن عِيسَى أَبُو عمرَان الفاسي 4 - مُوسَى بن أَحْمد الْمَعْرُوف بالوتد من اسْمه مَرْوَان 1 - مَرْوَان أَبُو عبد الْملك الْبونِي شَارِح الْمُوَطَّأ من اسْمه مطرف 1 - مطرف بن عبد الله ابْن أُخْت مَالك بن أنس 2 - مطرف بن عبد الرَّحْمَن بن إبراهيم الْقُرْطُبِيّ من اسْمه مكي 1 - مكي أَبُو مُحَمَّد بن أبي طَالب الْقَيْسِي

2 - مكي بن عَوْف مؤلف العوفية الأفراد فِي حرف الْمِيم 1 - الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي 2 - معن بن عِيسَى الْقَزاز الْمدنِي 3 - مِسْكين بن عبد الْعَزِيز هُوَ الإمام أَشهب 4 - المحسن هُوَ القَاضِي أَبُو الْعَلَاء الْبَغْدَادِيّ 5 - الْمُهلب بن أبي صفرَة أَبُو الْقَاسِم 6 - مُسلم بن عَليّ بن عبد الله الدِّمَشْقِي حرف الْهَاء 1 - هِشَام بن أَحْمد أَحْمد بن هِشَام الغرناطي 2 - هَاشم بن خَالِد الأنصاري البيرِي 3 - هَارُون بن عبد الله بن الزُّهْرِيّ الْعَوْفِيّ

حرف الْوَاو 1 - وهب بن ميسرَة بن مفرج التَّمِيمِي القرطبي حرف الْيَاء 1 - يحيى بن يحيى بن بكير النَّيْسَابُورِي 2 - يحيى بن يحيى بن كثير اللَّيْثِيّ القرطبي 3 - يحيى بن عمر البلوي الأندلسي 4 - يحيى بن إسحاق بن يحيى اللَّيْثِيّ يعرف بالرقيعة 5 - يحيى بن عبد الله بن يحيى اللَّيْثِيّ 6 - يحيى بن عبد الرحيم بن أَحْمد بن ربيع الْأَشْعَرِيّ 7 - يحيى بن عبد الله بن بكير أَبُو زَكَرِيَّا الْحَافِظ 8 - يحيى بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن السقاط 9 - يحيى بن مُحَمَّد بن حُسَيْن الغساني القليعي 10 - يحيى بن عبد الله بن عِيسَى بن سليمان الْهَمدَانِي يعرف بالمغيلي 11 - يحيى بن على بن مُحَمَّد أبو بكر الجدلي 12 - يحيى بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز يعرف بِابْن الْجَوَاز

13 - يحيى بن عبد الله بن يحيى يكنى أَبَا عبد الله 14 - يحيى بن زَكَرِيَّا بن إبراهيم بن مزين 15 - يحيى وَأَخُوهُ أَحْمد ابْنا مُحَمَّد بن عجلَان 16 - يحيى بن مُوسَى الرهوني من اسْمه يَعْقُوب 1 - يَعْقُوب بن شيبَة بن الصلت 2 - يَعْقُوب بن يُوسُف بن جزي الكلبي من اسْمه يُوسُف 1 - يُوسُف أَبُو عمر المغامي 2 - يُوسُف أَبُو عمر بن عبد الْبر الْحَافِظ 3 - يُوسُف بن الْحسين بن أبي الْأَحْوَص 4 - يُوسُف بن أبي مُوسَى بن سُلَيْمَان الجذامي 5 - يُوسُف بن مُحَمَّد بن حمامة بن مصامد 6 - يُوسُف بن مُحَمَّد يعرف بِابْن أندارس

7 - يُوسُف بن يَعْقُوب بن عم القَاضِي إسماعيل من أفراد فِي حرف الْيَاء 1 - يُونُس بن مُحَمَّد القَاضِي أَبُو الْوَلِيد بن مغيث وَهنا انتهي جمعهم رَحِمهم الله ورضى عَنْهُم

يَقُول مُؤَلفه إبراهيم بن عَليّ بن فَرِحُونَ الْيَعْمرِي لطف الله بِهِ ووفقة لما يرضيه اشْتَمَل هَذَا التَّأْلِيف على أزيد من سِتّمائَة وَثَلَاثِينَ اسْما من الْأَعْيَان والمشاهير من الْفُقَهَاء والحفاظ للْحَدِيث وأكابر الروَاة وَغَيرهم من المؤلفين مِمَّن لم يبلغ دَرَجَة من قصدنا ذكرهم لَكِن ذَكَرْنَاهُمْ للتعريف بحالهم وزمانهم وَأخْبرنَا عَن ذكر كثير من الْعلمَاء مِمَّن لم يشْتَهر شهرة هَؤُلَاءِ وَلم يكن لَهُ تأليف وَلَا تخرج بِهِ أحد من الْمَشَاهِير لِأَن اسْتِيفَاء ذكر فُقَهَاء الْمَذْهَب لَا يحاط بهم وَوَقع ترتيبهم فِي هَذَا التَّأْلِيف على عجل وَلم يسع الْوَقْت ترتبيهم على مَا يجب فان فيهم مَا يجب تَقْدِيم بَعضهم على بعض وَوَقع ذَلِك على غير قصد التَّحْصِيل وعَلى نِيَّة ترتيبهم وَالله الْمُسْتَعَان على ذَلِك ولنبدأ بمقدمة فِي تَرْجِيح مَذْهَب مَالك رَحمَه الله

باب في ترجيح مذهب مالك رحمه الله والحجة في وجوب تقليده وتقديمه على غيره من الأئمة

باب في ترجيح مذهب مالك رحمه الله والحجة في وجوب تقليده وتقديمه على غيره من الأئمة قال القاضي عياض رحمه الله: اعلم وفقنا الله وإياك أن حكم المتعبد بأوامر الله ونواهيه المتشرع بشريعة نبيه صلى الله عليه وسلم طلب معرفة ما يتعبد به وما يأتيه ويذره ويجب عليه ويحرم ويباح له ويرغب فيه من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فهما الأصلان اللذان لا تعرف الشريعة إلا من قبلهما ثم إجماع المسلمين مرتب عليهما فلا يصح أن يؤخذ وينعقد إلا عنهما. إما من نص عرفوه ثم تركوا نقله أو من اجتهاد مبني عليهما على القول بصحة الإجماع من طريق الاجتهاد.

وهذا كله لا يتم إلا بعد تحقيق العلم بذلك ومعرفة الأدلة والطرق والآلات الموصلة إليه من نقل ونظر وطلب قبله وجمع وحفظ وعلم ما صح من السنن واشتهر ومعرفة كيف يتفهم وما به يتفهم من علم ظواهر الألفاظ وهو علم العربية واللغة وعلم معانيهما ومعاني موارد الشرع ومقاصده ونص الكلام وظاهره وفحواه وسائر مناهجه وهو المعبر عنه بعلم أصول الفقه. وهذا كله يحتاج إلى مهلة والتعبد لازم لحينه. ثم الواصل إلى طريق الاجتهاد قليل وأقل من القليل بعد الصدر الأول والسلف الصالح. وإذا كان هذا فلا بد لمن لم يبلغ هذه المنزلة من المكلفين أن يلتقي ما تعبد به وكلفه من وظائف شريعته ممن ينقله له ويعرفه به ويستند إليه

واثقاً به في نقله وعلمه وحكمه وهذا هو التقليد ودرجة عوام الناس بل أكثرهم. وإذا كان هذا فالواجب تقليد العالم الموثوق به في ذلك فإذا كثر العلماء فالأعلم. وهذا حظ المقلد من الاجتهاد لدينه ولا يترك المقلد الأعلم ويعدل إلى غيره وإن كان مشتغلاً بالعلم فيسئل حينئذ عما لا يعلم حتي يعلمه كما قال تعالى: " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " النحل 43 وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإقتداء بالخلفاء بعده وأصحابه وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في الناس ليفقهوهم في الدين ويعلموهم ما كتب عليهم وإذا كان هذا الأمر لازماً فأولى من قلده العامي الجاهل والطالب المسترشد والمتفقه في دين الله: فقهاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أخذوا عنه العلم وعلموا أسباب نزول الأوامر والنواهي وشاهدوا قرائن الأمور وشافهوا في أكثرها النبي صلى الله عليه وسلم واستفسروه عنها مع ما كانوا عليه من سعة العلم ومعرفة معاني الكلام وتنوير القلوب وانشراح الصدور فكانوا - رضوان الله عليهم - أعلم الأمة بلا مرية وأولاهم

بالتقليد لكنهم لم يتكلموا من النوازل إلا في اليسير مما وقع ولا تفرعت عنهم المسائل ولا تكلموا من الشرع إلا في قواعد ووقائع. وكان أكثر اشتغالهم بالعمل بما علموا والذب عن حوزة الدين وتوطين شريعة المسلمين ثم بينهم في الاختلاف في بعض ما تكلموا فيه ما يبقي المقلد في حيرة ويحوجه إلى نظر وتوقف. وإنما جاء التفريع وبسط الكلام فيما يتوقع وقوعه بعدهم فجاء التابعون فنظروا في اختلافهم وبنوا على أصولهم ثم جاء من بعدهم من العلماء من أتباع التابعين - والوقائع قد كثرت والفتاوى قد تشعبت - فجمعوا أقاويل الجميع وحفظوا فقههم وبحثوا عن اختلافهم واتفاقهم وحذروا انتشار الأمر وخروج الخلاف عن الضبط فاجتهدوا في جمع السنن وضبط الأصول وسئلوا فأجابوا ومهدوا الأصول وفرعوا عليها النوازل ووضعوا التصانيف وفرقوها وقاسوا على ما بلغهم ما يشبهه.

فالمتعين على المقلد أن يرجع في التقليد لهؤلاء لإحكامهم النظر في مذاهب من تقدمهم وكفايتهم ذلك لمن جاء بعدهم. لكن تقليد جميعهم لا يتفق في أكثر النوازل لاختلافهم في الأصول التي بنوا عليها ولا يصح أن يقلد المقلد من شاء منهم على الشهرة أو على ما وجد عليه أهل قطره. فحظه هنا من الاجتهاد أن ينظر في أعلمهم ويعرف الأولى بالتقليد من جملتهم حتى يركن في أعماله إلى فتواه ولا يحل له أن يعدو في استفتائه إلى من لا يرى مذهبه. وكذلك يلزم هذا طالب العلم في بدايته في درس ما أصله الأعلم من هؤلاء وفرعه والاهتداء بنظره إذ لو ابتدأ الطالب يطلب في كل مسألة الوقوف على الحق منها بطريق الاجتهاد لعسر عليه ذلك إذ لا يتفق له إلا بعد جمع خصاله كما تقدم. وإذا اجتمعت خصاله كان حنيئذ من المجتهدين لا من المقلدين.

فإذا تقررت هذه المقدمة فنقول: قد وقع إجماع المسلمين في أقطار الأرض على تقليد هذا النمط واتباعهم ودرس مذاهبهم دون من قبلهم مع الاعتراف بفضل من قبلهم وسبقه ومزيد علمه لكن للعلل التي قدمنا. ثم اختلفت الآراء في تعيين المقلد منهم على ما نذكره فغلب كل مذهب على جهة. فمالك بن أنس رحمه الله بالمدينة وأبو حنيفة والثوري بالكوفة والحسن البصري بالبصرة والأوزاعي بالشام والشافعي بمصر وأحمد بن حنبل بعده ببغداد وكان لأبي ثور هناك أتباع أيضاً.

ثم نشأ ببغداد أبو جعفر الطبري وداود الأصبهاني فألفا الكتب واختارا في المذاهب على رأي أهل الحديث واطرح داود منها القياس وكان لكل واحد منهم أتباع. وسرت جميع هذه المذاهب فغلب مذهب مالك رحمه الله أهل الحجاز والبصرة ومصر وما والاها من بلاد أفريقية والأندلس وصقلية والمغرب الأقصى إلى بلاد من أسلم من السودان إلى وقتنا هذا وظهر ببغداد ظهوراً كثيراً وضعف فيها بعد أربعمائة سنة وضعف بالبصرة بعد خمسمائة سنة وغلب من بلاد خراسان على قزوين وأبهر وظهر بنيسابور أولاً وكان بها وبغيرها له أئمة ومدرسون يأتي ذكرهم وكان ببلاد فارس وانتشر باليمن وكثير من بلاد الشام. وغلب مذهب أبي حنيفة رحمه الله على الكوفة والعراق وما وراء النهر وكثير من بلاد خراسان إلى وقتنا هذا وظهر بأفريقية ظهوراً كثيراً إلى قريب من أربعمائة عام فانقطع منها ودخل منه شيء ما وراءها من المغرب

قديماً بجزيرة الأندلس وبمدينة فاس. وغلب مذهب الأوزاعي - رحمه الله - على الشام وعلى جزيرة الأندلس إلى أن غلب عليها مذهب مالك بعد المائتين فانقطع منها وأما مذهب الحسن والثوري فلم يكثر أتباعهما ولم يطل تقليدهما وانقطع مذهبهما عن قريب. وأما الشافعي - رحمه الله - فكثر أتباعه وظهر مذهبه ظهور مذهبي مالك وأبي حنيفة قبله وكان أول ظهوره بمصر وكثر أصحابه بها مع المالكية ثم بالعراق وبغداد وغلب عليها وعلى كثير من بلاد خراسان والشام واليمن إلى وقتنا هذا ودخل ما وراء النهر وبلاد فارس ودخل شيء منه أفريقية والأندلس بأخرة بعد ثلاثمائة. وأما مذهب أحمد بن حنبل رحمه الله فظهر ببغداد ثم انتشر بكثير من بلاد الشام وغيرها وضعف الآن. وأما أصحاب الطبري وأبي ثور فلم يكثروا ولا طالت مدتهم. وانقطع أتباع أبي ثور بعد ثلاثمائة وأتباع الطبري بعد أربعمائة. وأما داود فكثر أتباعه وانتشر ببلاد بغداد وبلاد فارس مذهبه وقال به قوم قليل بأفريقية والأندلس وضعف الآن.

فهؤلاء الذين وقع إجماع الناس على تقليدهم مع الاختلاف في أعيانهم واتفاق العلماء على اتباعهم والاقتداء بمذاهبهم ودرس كتبهم والتفقه على مآخذهم والبناء على قواعدهم والتفريع على أصولهم دون غيرهم لمن تقدمهم أو عاصرهم للعلل التي ذكرناها. وصار الناس اليوم في أقطار الأرض على خمسة مذاهب: مالكية حنبلية وشافعية وحنفية وداودية وهم المعرفون بالظاهرية. فحق على طالب العلم ومريد تعرف الصواب والحق أن يعرف أولاهم بالتقليد ليعتمد على مذهبه ويسلك في التفقه سبيله. وها نحن نبين أن مالكاً هو ذاك لجمعه أدوات الإمامة وتحصيله وجه الاجتهاد وكونه أطبق أهل وقته على شهرتهم له بذلك

وتقديمه وهو القدوة والناس إذ ذاك ناس والزمان زمان ثم للأثر الوارد في عالم المدينة التي هي داره ثم لموافقة أحواله الحال الذي أخبر في الحديث عنه وتأويل السلف الصالح أنه المراد به. ونفصل الكلام في ذلك على فصلين.

الفصل الأول: في ترجيحه من طريق النقل

الفصل الأول: في ترجيحه من طريق النقل معتمده النقل وفيه: ترجيحان: الترجيح الأول: وهو الأثر المشهور الصحيح المروي عن الثقات. منهم: سفيان بن عيينة عن بن جريج عن أبي الزبير عن أبي صالح عن أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل في طلب العلم " - وفي رواية: " يلتمسون العلم " - " فلا يجدون عالماً أعلم " - وفي رواية: " أفقه من عالم المدينة " وفي رواية: " من عالم بالمدينة " وفي بعضها: " آباط الإبل " مكان " أكباد الإبل ".

وقد رواه المحاربي عن بن جريج موقوفاً على أبي هريرة رضي الله عنه ومحمد بن عبد الله الأنصاري عن بن جريج أيضاً مسنداً وهو ثقة مأمون.

وهذا الطريق أشهر طرقه ورجاله ثقات مشاهير خرج عنهم البخاري ومسلم وأهل الصحيح. ورواه أيضاً المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تنقضي الساعة حتى يضرب الناس أكباد الإبل من كل ناحية إلى عالم المدينة: يطلبون علمه ". وأخرجه أيضاً النسائي في مصنفه مرفوعاً إلى أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله عليه وسلم " تضربون أكباد الإبل وتطلبون العلم ولا تجدون عالماً أعلم من عالم المدينة ". ورواه أيضاً أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ آخر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يخرج ناس من المشرق والمغرب في طلب العلم فلا يجدون عالماً من أعلم من عالم المدينة أو عالم أهل المدينة ".

وذكر بن حبيب عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تنقطع الدنيا حتى يكون عالم بالمدينة تضرب إليه أكباد الإبل ليس على ظهر الأرض أعلم منه ". قال سفيان: نرى أن المراد بهذا الحديث مالك بن أنس. وفي رواية عنه: كنت أقول هو بن المسيب حتى قلت كان في زمان بن المسيب سليمان وسالم وغيرهما ثم أصبحت اليوم أقول:

إنه مالك وذلك أنه عاش حتى لم يبق له نظير بالمدينة. وهذا هو الصحيح عن سفيان رواه عنه بن مهدي ويحيى بن معين وعلي بن المديني والزبير بن بكار وإسحاق بن أبي إسرائيل وذؤيب بن عمامة السهمي وغيرهم. كلهم سمعه يقول في تفسير الحديث: هو مالك أو أظنه أو أحسبه أو كانوا يرونه. قال بن مهدي: يعني سفيان بقوله: " كانوا يرونه " التابعين. قال القاضي أبو عبد الله التستري. في قوله: " كانوا يرونه ": هو إخبار عن غيره من نظرائه أو ممن هو فوقه. قال: وقد جاءت هذه الأحاديث بلفظين: أحدهما: " من عالم المدينة " والثاني: " من عالم بالمدينة " ولكل واحد منهما معنى صحيح: فأما قوله: " من عالم بالمدينة " فإشارة إلى رجل بعينه يكون بها لا بغيرها ولا نعلم أحداً انتهى إليه علم أهل المدينة وأقام بها ولم يخرج عنها ولا استوطن سواها في زمان مالك مجتمعاً عليه إلا مالكاً

ولا أفتى بالمدينة وحدث بها نيفاً وستين سنة أحد من علمائها يأخذ عنه أهل المشرق والمغرب ويضربون إليه أكباد الإبل غيره. وأما رواية " عالم المدينة " فقد ذكر محمد بن إسحاق المخزومي أن تأويل ذلك: ما دام المسلمون يطلبون العلم فلا يجدون عالماً أعلم من عالم المدينة. كان بها أو بغيرها فيكون على هذا سعيد بن المسيب: لأنه النهاية في وقته ثم من بعده غيره ممن هو مثله من شيوخ مالك ثم بعدهم مالك ثم بعده من قام بعلمه وكان أعلم أصحابه بمذهبه ثم هكذا ما دام للعلم طالب ولمذهب أهل المدينة إمام. ويجوز على هذا أن يقال: هو بن شهاب في وقته والعمري في وقته ومالك في وقته. ثم إذا اجتمعت اللفظتان اختص مالك بقوله: " من عالم بالمدينة " ودخل في جملة علماء أهل المدينة باللفظة الأخرى. وقال بن جريج وعبد الرزاق في تأويل الحديث نحو قول سفيان: نرى أن المراد به مالك.

وقال بعض المالكية إذا اعتبرت كثرة من روى عن مالك من العلماء ممن تقدمه أو عاصره أو تأخر عنه على اختلاف طبقاتهم وأقطارهم وكثرة الرحلة إليه والاعتماد في وقته عليه دل بغير مرية أنه المراد بالحديث إذ لم يوجد لغيره من علماء المدينة ممن تقدمه أو جاء بعده من الرواة والآخذين إلا بعض من وجدنا له.

وقد جمع الرواة عنه غير واحد وبلغ بهم بعضهم - في تسمية من علم بالرواية عنه سوى من لم يعلم - ألف راو واجتمع من مجموعهم زائد على ألف وثلاثمائة. وتدل كثرة القصد له على كونه أعلم أهل وقته وهو الحال والصفة التي أنذر بها رسول الله صلي الله عليه وسلم. ولذلك لم يسترب السلف أنه هو المراد بالحديث وعد هذا الخبر من معجزاته صلى الله عليه وسلم. قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب ما معناه: إنه لا ينازعنا في هذا الحديث أحد من أرباب المذاهب إذ ليس منهم من له إمام من أهل المدينة فيقول: المراد به إمامي ونحن ندعي أنه صاحبنا بشهادة السلف له وبأنه إذا أطلق بين أهل العلم قال: " عالم المدينة " أو " إمام دار الهجرة " فالمراد به مالك دون غيره من علمائها كما إذا قيل: قال الكوفي فالمراد به أبو حنيفة دون سائر فقهاء الكوفة.

قال القاضي أبو الفضل عياض رضى الله عنه: فوجه احتجاجنا بهذا الحديث من ثلاثة أوجه: الوجه الأول: تأويل السلف أن المراد به مالك وما كانوا ليقولوا ذلك إلا من تحقيق. الوجه الثاني: أنك إذا اعتبرت ما أوردناه ونورده من شهادة السلف الصالح له وإجماعهم على تقديمه ظهر أنه المراد بذلك إذ لم تحصل بالأوصاف التي فيه لغيره ولا أطبقوا على هذه الشهادة لسواه. الوجه الثالث: هو ما نبه عليه بعض الشيوخ من أن طلبة العلم لم يضربوا أكباد الإبل من مشرق الأرض وغربها إلى عالم ولا رحلوا إليه من الآفاق رحلتهم إلى مالك. فالناس أكيس من أن يمدحوا رجلاً ... من غير أن يجدوا آثار إحسان الترجيح الثاني في هذا الفصل النقلي: والمعتمد فيه مجرد تقليد السالف وأئمة المسلمين والاعتراف لمالك بأنه أعلم

أهل وقته وإمامه وتقليدهم إياه وإقتداؤهم به على رسوخ كثير منهم في العلم وترجيحهم مذهبه على مذهب غيره. وسنورد هنا لمعاً من ذلك تومئ إلى ما وراءها. قال بن هرمز: شيخه: إنه عالم الناس. وقال سفيان بن عيينة - لما بلغته وفاته - ما ترك على الأرض مثله. وقال: مالك إمام ومالك عالم أهل الحجاز ومالك حجة في زمانه ومالك سراج الأمة وما نحن ومالك؟ وإنما كنا نتبع آثار مالك؟. وقال الشافعي: مالك أستاذي وعنه أخذت العلم وما أحد أمن علي من مالك وجعلت مالكاً حجة بيني وبين الله وإذا ذكر العلماء فمالك النجم الثاقب ولم يبلغ أحد مبلغ مالك في العلم لحفظه وإتقانه وصيانته. وقال: العلم يدور على ثلاثة: مالك والليث وسفيان بن عيينة. وحكي عن الأوزاعي أنه كان إذا ذكره قال: عال العلماء وعالم أهل المدينة ومفتي الحرمين. وقال بقية بن الوليد: ما بقي على وجه الأرض أعلم بسنة ماضية ولا باقية من مالك.

وقدمه بن حنبل على الأوزاعي والثوري والليث وحماد والحكم في العلم وقال: هو إمام في الحديث والفقه. وسئل عمن يريد أن يكتب الحديث وينظر في الفقه: حديث من يكتب وفي رأي من ينظر؟ فقال: حديث مالك ورأي مالك؟. وقال بن معين: مالك من حجج الله تعالى على خلقه إمام من أئمة المسلمين مجتمع على فضله. وقال حميد بن الأسود: كان إمام الناس عندنا بعد عمر - رضى الله عنه - زيد بن ثابت وبعده عبد الله بن عمر رضى الله عنهما. قال على بن المديني وأخذ على زيد ممن كان يتبع رأيه أحد وعشرون رجلاً ثم صار علم هؤلاء إلى ثلاثة بن شهاب وبكير بن عبد الله وأبي الزناد. ثم صار علم هؤلاء كلهم إلى مالك. وقال حميد أيضاً: ما تقلد أهل المدينة بعد زيد بن ثابت وبعد عبد الله بن عمر رضي الله عنهم كما تقلدوا قول مالك. وقد اعترف له بالإمامة يحيى بن سعيد: شيخه والأوزاعي والليث.

وابن المبارك. وجماعة من هذا النمط ومن بعدهم كالبخاري وابن عبد الحكم وأبي زرعة الرازي. ومن لا يعد كثرة. وقال عتيق بن يعقوب: ما أجتمع على أحد بالمدينة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم إلا على أبي بكر وعمر رضى الله عنهما ومات مالك وما نعلم أحداً من أهل المدينة إلا أجمع عليه.

الفصل الثاني: في ترجيحه من طريق الاعتبار والنظر

الفصل الثاني: في ترجيحه من طريق الاعتبار والنظر وفي ذلك اعتبارات: الاعتبار الأول: جمعه لدرجات الاجتهاد في علوم الشريعة من كتب السنة. ومسائل الاتفاق والاختلاف. وهذا مما لا ينكره موافق ولا مخالف إلا من طبع على قلبه التعصب. وأنه القدوة في السنن وأول من ألف فأجاد ورتب الكتب والأبواب وضم الأشكال وأول من تكلم في الغريب من الحديث وشرح في الموطأ كثيراً منه فقد قال الأصمعي: أخبرني مالك أن الاستجمار هي الاستطابة ولم أسمعه إلا من مالك. وله في تفسير القرآن كلام كثير قد جمع وتفسير مروي: وقد جمع أبو محمد مكي مصنفاً فيما روي عنه من التفسير والكلام في معاني القرآن وأحكامه. مع تجويده له. وضبطه حروفه وروايته عن نافع. قال البهلول بن راشد: ما رأيت أسرع بياناً من كلام مالك بن أنس مع معرفته بالمعمول به من الحديث والمتروك وميزه للرجال. وصحة حفظه. إلى ما يؤثر عنه من الأخذ في سائر العلوم كرسالته إلى بن وهب

في الرد على أهل الأهواء وكقوله جالست بن هرمز ثلاث عشرة سنة. ويروي ست عشرة سنة. في علم لم أبثه لأحد من الناس. وتأليفه في الأوقات والنجوم وإشاراته إلى مآخذ الفقه وأصوله التي اتخذها أهل الأصول من أصحابه معالم اهتدوا بها. وغيره ممن ذكرنا لم يجمع هذا الجمع. أما أبو حنيفة والشافعي فمسلم لهما حسن الاعتبار وتدقيق النظر والقياس وجودة الفقه والإمامة فيه لكن ليس لهما إمامة في الحديث وقد ضعفهما فيه أهل الصنعة. وهؤلاء أهل الحديث لم يخرجوا عنهما منه حرفاً ولا لهما في أكثر مصنفاته ذكر. وإن كان الشافعي متبعاً للحديث ومفتشاً عن السنن لكن بتقليد غيره. وقد كان يقول لابن مهدي وابن حنبل: أنتما أعلم بالحديث مني فما صح عندكما منه فعرفاني به. ولا سبيل إلى إنكار إمامتهما في الفقه. وللشافعي في تقرير الأصول. وترتيب الأدلة ما لم يسبقه إليه من قبله. وكان الناس عليه فيه عيالاً من بعده مع التفنن في علم لسان العرب وكل ميسر لما خلق له.

كما أن أحمد وداود من العارفين بعلم الحديث ولا تنكر إمامة أحد منهما فيه لكن لا تسلم لهما الإمامة في الفقه ولا جودة النظر في مأخذه مع أن داود نهج اتباع الظاهر ونفى القياس فخالف السلف والخلف وما مضى عليه عمل الصحابة رضى الله عنهم فمن بعدهم حتى قال بعض العلماء إن مذهبه بدعة ظهرت بعد المئتين. وليس تقصير من قصر منهم في فن بالذي يسقط رتبته عن الآخر ولكل واحد منهم من المناقب والفضائل ما حشيت به الصحف لكن نقص ركن من أكان الاجتهاد يخل به على كل حال. الاعتبار الثاني: الالتفات إلى مأخذ الجميع في فقههم ونظرهم على الجملة في علمهم إذ تخصيصه في آحاد النوازل لا يدرك صوابه إلا المستقل بالعلم. وحسب المبتدئ أن يلوح له بتلويح يفهمه وهو أنا قد ذكرنا خصال الاجتهاد ثم ترتيبها على ما يوجب العقل ويشهد له الشرع: - تقديم كتاب الله عز وجل على ترتيب أدلته في الوضوح من تقديم نصوصه. ثم ظواهره. ثم مفهوماته.

- ثم كذلك السنة على ترتيب متواترها ومشهورها وآحادها ثم ترتيب نصوصها وظواهرها ومفهومها. - ثم الإجماع عند عدم الكتاب ومتواتر السنة. - وعند عدم هذه الأصول كلها القياس عليها والاستنباط منها إذ كتاب الله مقطوع به وكذلك متواتر السنة وكذلك النص مقطوع به فوجب تقديم ذلك كله. - ثم الظواهر. - ثم المفهوم في دخول الاحتمال في معناها. - ثم أخبار الآحاد - عند عدم الكتاب - والمتواتر منها. وهي مقدمة على القياس لاجماع الصحابة رضى الله عنهم علي الأصلين وتركهم نظر أنفسهم متى بلغهم خبر الثقة وامتثالهم مقتضاه دون خلاف منهم في ذلك. - ثم القياس آخراً عند عدم هذه الأصول على ما مضى عليه عمل الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من السلف المرضيين وعلى مذاهبهم أجمعين. وأنت إذا نظرت لأول وهلة منازع هؤلاء الأئمة ومآخذهم في الفقه واجتهادهم

في الشرع وجدت مالكاً رحمه الله ناهجاً في هذه الأصول مناهجها مرتباً لها مراتبها ومداركها مقدماً كتاب الله عز وجل على الآثار. ثم مقدماً لها علي القياس والاعتبار. تاركاً منها ما لم يتحمله الثقات العارفون بما تحملوه أو ما وجد الجمهور والجم الغفير من أهل المدينة قد عملوا بغيره وخالفوه. ثم كان من وقوفه في المشكلات وتحريه عن الكلام في المعوصات ما سلك به سبيل السلف الصالح. وكان يرجح الاتباع ويكره الابتداع والخروج عن سنن الماضين.

[ترجمة مالك]

[ترجمة مالك] باب في نسب مالك حكى الزبير بن بكار عم إسماعيل بن أبي أويس: أنه الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث وهو ذو أصبح. كذا هو غيمان بالغين المعجمة مفتوحة والياء باثنتين من أسفل ساكنة ذكره غير واحد. وكذا قيده الأمير أبو نصر بن ماكولا وحكاه عن إسماعيل بن أبي أويس. وخثيل بالخاء المعجمة مضمومة وثاء مثلثة مفتوحة وياء باثنتين من أسفل ساكنة. كذا قيده الأمير أبو نصر وحكاه عن محمد بن سعيد عن أبي بكر بن أبي أويس. وقال أبو الحسن الدارقطني: جثيل بالجيم وحكاه عن الزبير. وأما من قال عثمان بن حسل أو بن حنبل فقد صحف. وأما ذو أصبح فقد اختلف في نسبه اختلافاً كثيراً ولا خلاف أنه من ولد قحطان.

قال القاضي أبو الفضل: لم يختلف علماء النسب في نسب مالك هذا واتصاله بذي أصبح إلا ما ذكر عن أبي إسحاق وبعضهم من أنه مولى لبني تيم وهو وهم له سبب وذلك لما كان بين سلفه وبينهم من حلف على الأشهر من صهر أو منهما جميعاً. قال أبو عمر بن عبد البر: لا أعلم أن أحداً أنكر أن مالك بن أنس ومن ولده كانوا حلفاء لبني تيم بن مرة ولا خلاف فيه إلا ما ذكر عن بن إسحاق أنه من مواليهم. قال: وروي عن بن شهاب أنه قال: حدثني نافع بن مالك: مولى التيميين وهذا عندنا لا يصح عن بن شهاب. قال القاضي أبو الفضل: قول بن شهاب هذا في صحيح البخاري أول كتاب الصيام وتصرف المولى في لسان العرب بمعنى الحلف والتناصر معروف فلعله ما أراد بن شهاب وكذلك قال عبد الملك بن صالح: مالك من ذي أصبح مولى لقريش. وقال الزبير بن بكار: عداده في بني تيم بن مرة. وروي عن مالك أنه لما بلغه قول بن شهاب هذا قال: ليته لم يرو عنه شيئاً.

قال أبو سهيل - عم مالك: نحن قوم من ذي أصبح قدم جدنا المدينة فتزوج في التيميين فكان معهم ونسبنا إليهم. وقال الربيع بن مالك: أخو أبي سهيل عن أبيه: قال لي عبد الرحمن بن أخي طلحة ونحن بطريق مكة: يا مالك هل لك إلى ما دعانا إليه غيرك فأبيناه؟ أن يكون دمنا دمك وهدمنا هدمك ما بل بحر صوفة؟ فأجبته إلى ذلك. وقد روي عنه أنه لم يجبه وقال له: لا حاجة لي به والأول أصح وأشهر والآثار في هذه كثيرة متشعبة. وأما أمه: فقال الزبير هي العالية بنت شريك بن عبد الرحمن بن شريك الأزدية. وقال بن عائشة: إنها طليحة مولاة عبد الله بن معمر. وقد قال بن عمران التميمي القاضي: ما بيننا وبينه نسب إلا أن أمه مولاة لعمي عثمان بن عبد الله - والله أعلم.

باب ذكر آله وبنيه

باب ذكر آله وبنيه ذكر القاضي بكر بن العلاء القشيري أن أبا عامر بن عمرو: جد أبي مالك - رحمه الله - من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وشهد المغازي كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم خلا بدراً. وابنه مالك جد مالك كنيته أبو أنس من كبار التابعين. ذكره غير واحد يروي عن عمر وطلحة وعائشة وأبي هريرة وحسان بن ثابت رضى الله عنهم. وهو أحد الأربعة الذين حملوا عثمان رضى الله عنه ليلاً إلى قبره وغسلوه ودفنوه وكان خدناً لطلحة يروي عنه بنوه أنس وأبو سهل: نافع والربيع. مات سنة اثنتي عشرة ومائة. وذكر أبو محمد الضراب أن عثمان رضى الله عنه أغزاه أفريقية ففتحها. وروى التستري: محمد بن أحمد القاضي أنه كان ممن يكتب المصاحف حين جمع عثمان رضى الله عنه المصاحف.

وكان عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه يستشيره وقد ذكر ذلك مالك في جامع موطئه. قال أبو إسحاق بن شعبان: روى مالك عن أبيه عن جده عن عمر رضى الله عنه حديث الغسل واللباس. أولاده: كان لمالك رضى الله عنه ابنان: يحيى ومحمد وابنة اسمها فاطمة: زوج بن أخته وابن عمه: إسماعيل بن أبي أويس. قال بن شعبان: ويحيى بن مالك يروي عن أبيه نسخة من الموطأ وذكر أنه تروى عنه باليمن روى عنه محمد بن مسلمة. وابنه محمد قدم مصر وكتب عنه وحدث عنه الحرث بن مسكين. وقال أبو عمر بن عبد البر: كان لمالك رحمه الله أربعة بنين: يحيى ومحمد وحماد وأم البهاء فأما يحيى وأم البهاء فلم يوص بهما إلى أحد وأوصى بالآخرين إلى إبراهيم بن حبيب رجل من أهل المدينة. قال الزبيري: كانت لمالك ابنة تحفظ علمه يعني الموطأ وكانت تقف خلف الباب فإذا غلط القارئ نقرت الباب فيفطن مالك فيرد عليه. وكان ابنه محمد يجيء وهو يحدث وعلى يده باشق ونعل كيساني

وقد أرخى سراويله عليه فيلتفت مالك إلى أصحابه ويقول: إنما الأدب أدب الله هذا ابني وهذه ابنتي؟. قال القروي: كنا نجلس عنده وابنه يحيى يدخل ويخرج ولا يقعد فيقبل علينا ويقول: إن ما يهون علي أن هذا الشأن لا يورث وأن أحداً لم يخلف أباه ومجلسه إلا عبد الرحمن بن القاسم. وكان لمحمد هذا ابن اسمه أحمد سمع من جده مالك ذكره أبو عبد الله بن مفرج القرطبي في رواة مالك وأبو بكر الخوارزمي البرقاني الحافظ في كتابه في الضعفاء الذي اتفق رأيه ورأي أبي منصور بن حكمان مع أبي الحسن الدارقطني على تركهم. وتوفي أحمد هذا سنة ست وخمسين ومائتين رحمه الله تعالى.

باب في مولد مالك ومدة عمله وصفة خلقه ومنشئه وأدبه وعقله وحسن معاشرته ومطعمه ومشربه وملبسه وحليته ومسكنه وغير شيء من شمائله - رحمه الله تعالى ورضي عنه.

باب في مولد مالك ومدة عمله وصفة خلقه ومنشئه وأدبه وعقله وحسن معاشرته ومطعمه ومشربه وملبسه وحليته ومسكنه وغير شيء من شمائله - رحمه الله تعالى ورضي عنه. اختلف في مولده اختلافاً كثيراً: فالأشهر قول يحيى بن بكير أنه سنة ثلاث وتسعين من الهجرة. وقال بن عبد الحكم: سنة أربع وتسعين وقال إسماعيل بن أبي أويس. وقال غيره: في خلافة الوليد. قال غيرهما: في ربيع الأول منها. وقال أبو مسهر: سنة تسعين وقيل: سنة ست وقيل: سنة سبع.

وقال الشيرازي: سنة خمس وتسعين. واختلف أيضاً في حمل أمه به فقال بن نافع الصائغ: والواقدي ومعن ومحمد بن الضحاك: حملت به أمه ثلاث سنين وقال نحوه بكار بن عبد الله الزبيدي وقال نضجته والله الرحم. قال بن المنذر: وهو المعروف وروى عن الواقدي أيضاً أنها حملت به سنتين وقاله عطاف بن خالد.

فصل في صفته

فصل في صفته ووصفه غير واحد من أصحابه منهم: مطرف وإسماعيل والشافعي وبعضهم يزيد على بعض قالوا: كان طويلاً جسيماً عظيم الهامة أبيض الرأس واللحية: شديد البياض إلى الصفرة أعين حسن الصورة أصلع أشم عظيم اللحية تامها تبلغ صدره ذات سعة وطول وكان يأخذ أطراف شاربه ولا يحلقه ولا يحفيه ويرى حلقه من المثل وكان يترك له سبلتين طويلتين ويحتج بفتل عمر رضي الله عنه لشاربه إذا أهمه أمر. ووصفه أبو حنيفة أنه أشقر أزرق. وقال مصعب الزبيري: كان مالك من أحسن الناس وجهاً وأحلاهم عيناً وأنقاهم بياضاً وأتمهم طولاً في جودة بدن. وقال بعضهم: كان ربعة والأول أشهر.

وقال غيره: دخلت على مالك فرأيته في إزار وكان في أذنيه كبر كأنهما كفا إنسان أو دون ذلك. وقال الحكم بن عبد الله: دخلت مسجد المدينة فإذا بمالك وله شعرة قد فرقها. وقال أحمد بن إبراهيم الموصلي: رأيته مضموم الشعر ولم يكن يخضب ويحتج بعلي رضي الله عنه وهذا هو المشهور عنه. وروى بن وهب أنه رأى مالكاً يخضب بالحناء. وروى نحوه عبد الرحمن بن واقد ولم يقل بالحناء. قال الواقدي: عاش مالك تسعين سنة لم يخضب شيبه ولا دخل الحمام وفي رواية: ولا حلق قفاه.

فصل في لباسه

فصل في لباسه قال بن وهب: رأيت على مالك ريطة عدنية مصبوغة بمشق خفيف وقال لنا: هو صبغ أحبه ولكن أهلي أكثروا زعفرانها فتركته. وقال لنا ما أدركت أحداً يلبس هذه الثياب الرقاق وإنما كانوا يلبسون الصفاق - إلا ربيعة فإنه كان يلبس مثل هذا وأشار إلى قميص عليه عدني رقيق. قال الزبيري: كان مالك يلبس الثياب العدنية الجياد والخراسانية والمصرية المرتفعة البيض ويتطيب بطيب جيد ويقول: ما أحب لأحد أنعم الله عليه إلا أن يرى أثر نعمته عليه. وكان يقول: أحب للقارئ أن يكون أبيض الثياب. وقال محمد بن الضحاك: كان مالك جميل الوجه نقي الثوب رقيقه يكره اختلاف اللبوس.

وقال خالد بن خداش: رأيت على مالك طيلساناً طرازياً وقلنسوة متركه وثياباً مروية جياداً وفي بيته وسائد وأصحابه عليها قعود فقلت له يا أبا عبد الله أشيء أحدثته أم وجدت الناس عليه: قال رأيت الناس عليه. قال الوليد بن مسلم: كان مالك لا يلبس الخز ولا يرى لبسه ويلبس البياض. قال بشر بن الحارث: دخلت على مالك فرأيت عليه طيلساناً يساوي خمسمائة قد وقع جناحاه على عينيه أشبه شيء بالملوك. قال أشهب: كان مالك إذا اعتم جعل منها تحت ذقنه وأسدل طرفها بين كتفيه. قال بن أبي أويس: ما رأيت في ثوب مالك حبراً قط. قال أشهب: كان مالك إذا اكتحل لضرورة جلس في بيته وكان يكرهه إلا لعلة.

وقال بن نافع الأكبر ومطرف وإسماعيل: كان خاتم مالك الذي مات وهو في يده فضة فصه حجر أسود نقشه سطران فيهما " حسبي الله ونعم الوكيل " بكتاب جليل وكان يحبسه في يساره وكان إذا توضأ حوله في يمينه. وسأله مطرف عن اختياره لما نقش فيه فقال: سمعت الله يقول: " وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل " آل عمران 173 إلى آخر الآية. قال مطرف: فحولت خاتمي وصيرته كذلك. قال أحمد بن صالح كان مالك قليل المشي يظهر التجمل ضيق الأمر ولم يكن له منزل كان يسكن بكراء إلى أن مات - رحمة الله عليه -. قال غيره: وكان على بابه مكتوب ما شاء الله فسئل عن ذلك فقال: قال الله تعالى: " ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالاً وولداً " الكهف: 39 والجنة الدار. وكانت داره التي ينزلها بالمدينة دار عبد الله بن مسعود وكان مكانه من المسجد مكان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وهو المكان الذي يوضع فيه فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف. كذا قال الأوسي. وقال مصعب: كان يجلس عند نافع مولى بن عمر في الروضة حياة نافع وبعد موته.

وقال إسماعيل بن أبي أويس كان لمالك كل يوم في لحمه درهمان وكان يأمر خبازه: سلمة في كل يوم جمعة أن يعمل له ولعياله طعاماً كثيراً. قال مطرف: لو لم يجد كل يوم درهمين يبتاع بهما لحماً إلا أن يبيع في ذلك بعض متاعه لفعل. وقال بن أبي حازم: قلت لمالك ما شرابك يا أبا عبد الله؟ قال: في الصيف السكر وفي الشتاء العسل. وقال ابنه محمد: كانت عمتي معه في منزله تهيئ له فطره: خبزاً وزيتاً. وكان في ابتداء أمره ضيق الحال ثم انقلب حاله. وما كان يأتي من اختلاف أحواله إنما كان لاختلاف الأوقات. قال بن القاسم: كان لمالك أربعمائة دينار يتجر له بها فمنها كان قوام عيشه. وكان ربيعة إذا جاء مالك يقول: جاء العاقل. واتفقوا أنه كان أعقل أهل زمانه. وقال أحمد بن حنبل قال مالك:

ما جالست سفيهاً قط. وهذا أمر لم يسلم منه غيره ولا في فضائل العلماء أجل من هذا. وذكر يوماً شيئاً فقيل له: من حدثك بهذا؟ فقال: إنا لم نجالس السفهاء. وكان أعظم الخلق مروءة وأكثرهم سمتاً كثير الصمت قليل الكلام متحفظاً بلسانه من أشد الناس مداراة للناس واستعمالاً للإنصاف وكان يقول في الإنصاف: لم أجد في الناس أقل منه فأردت المداومة عليه. وكان إذا أصبح لبس ثيابه وتعمم ولا يراه أحد من أهله ولا أصدقائه إلا كذلك وما أكل قط ولا شرب حيث يراه الناس ولا يضحك ولا يتكلم فيما لا يعنيه. وكان من أحسن الناس خلقاً مع أهله وولده ويقول: في ذلك مرضاة لربك ومثراة في مالك ومنسأة في أجلك وقد بلغني ذلك عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وقال عبد الله بن عبد الحكم: هيأ مالك دعوة للطلبة وكنت فيهم فمضينا إلى داره فلما دخلنا قال: هذا المستراح وهذا الماء ثم دخلنا البيت فلم يدخل معنا ودخل بعد ذلك فأتينا بالطعام ولم يؤت بالماء قبله لغسل أيدينا ثم أتى بعده فلما خرج الناس سألته فقال: أما إعلامي بالمستراح والماء فإنما دعوتكم لأبركم ولعل أحدكم يصيبه بول أو غيره فلا يدري أين يذهب.

وأما تركي الدخول معكم للبيت فلعلي أقول ههنا أبا فلان وههنا أبا فلان وقد أنسى بعضكم فيظن أني تركته بغضاً فيه فتركتكم حتى أخذتم مجالسكم ودخلت عليكم. وأما تركي الماء قبل الطعام فإن الوضوء قبله من سنة الأعاجم وأما بعده فقد جاء في ذلك حديث. قال الشافعي: سئل مالك عن الصورة في البيت فقال: لا ينبغي. فقال له رجل عراقي: هو ذا في بيتك صورة؟ فقال: أنا ساكن فيه منذ كذا ما رأيتها قم فحكها فأخذ قناة فلف عليها خرقة ثم حكها.

باب في ابتداء طلبه للعلم وصبره عليه وتحريه فيمن يأخذ عنه وشهادة أهل العلم والصلاح له بالإمامه في العلم بالكتاب والسنة وتحرية في العلم والفتيا والحديث وروعة وصفة مجلسه ونشره العلم وتوقيره حديث النبي صلى الله عليه وسلم

باب في ابتداء طلبه للعلم وصبره عليه وتحريه فيمن يأخذ عنه وشهادة أهل العلم والصلاح له بالإمامه في العلم بالكتاب والسنة وتحرية في العلم والفتيا والحديث وروعة وصفة مجلسه ونشره العلم وتوقيره حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال مطرف: قال مالك: قلت لأمي: أذهب فأكتب العلم؟ فقالت: تعال فالبس ثياب العلم فألبستني ثياب مشمرة ووضعت الطويلة على رأسي وعممتني فوقها ثم قالت: اذهب فاكتب الآن. وكانت تقول: اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه. وقال بن القاسم: أفضى بمالك طلب العلم إلى أن نقض سقف بيته فباع خشبه ثم مالت عليه الدنيا بعد. قال مالك: كان لي أخ في سن بن شهاب فألقى أبي يوماً علينا مسألة فأصاب أخي وأخطأت فقال لي أبي: ألهتك الحمام عن طلب العلم فغضبت وانقطعت إلى

ابن هرمز سبع سنين وفي رواية ثمان سنين لم أخلطه بغيره وكنت أجعل في كمي تمراً وأناوله صبيانه وأقول لهم: إن سألكم أحد عن الشيخ فقولوا: مشغول. وكان قد اتخذ تباناً محشواً للجلوس على باب بن هرمز يتقي به برد حجر هناك وقيل بل برد صحن المسجد وفيه كان يجلس بن هرمز. قال مالك: إن كان الرجل ليختلف للرجل ثلاثين سنة يتعلم منه فكنا نظن أنه يريد نفسه مع بن هرمز وكان بن هرمز استحلفه أن لا يذكر اسمه في حديث. وقال: كنت آتى نافعاً نصف النهار وما تظلني الشجرة من الشمس: أتحين خروجه فإذا خرج أدعه ساعة كأني لم أرده ثم أتعرض له فأسلم عليه وأدعه حتى إذا دخل البلاط أقول له: كيف قال بن عمر في كذا وكذا؟ فيجيبني ثم أحبس عنه وكان فيه حدة وكنت آتي بن هرمز من بكرة فما أخرج من بيته حتى الليل. وقال الزبيري: رأيت مالكاً في حلقة ربيعة وفي أذنه شنف وهذا يدل على ملازمته الطلب من صغره.

وكان يقول كتبت بيدي مائة ألف حديث. وروي عنه أنه قال: حدثني بن شهاب بأربعين حديثاً ونيف - منها حديث السقيفة فحفظت ثم قلت: أعدها علي فإني أنسيت النيف على الأربعين فأبى فقلت: أما كنت تحب أن يعاد عليك قال بلى فأعاد فإذا هو كما حفظت. وفي رواية بن شهاب قال له ما استفهمت عالماً قط ثم استرجع. وقال ساء حفظ الناس لقد كنت آتي سعيد بن المسيب وعروة والقاسم وأبا سلمة وحميداً وسالماً وعد جماعة فأدور عليهم أسمع من كل واحد من الخمسين حديثاً إلى المائة ثم أنصرف وقد حفظته كله من غير أن أخلط حديث هذا بحديث هذا. وفي رواية أخرى: لقد ذهب حفظ الناس ما استودعت قلبي شيئاً قط فنسيته. قال بن أبي أويس: سمعت مالكاً يقول: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونه لقد أدركت سبعين ممن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذه الأساطين وأشار إلى المسجد فما أخذت عنهم شيئاً وإن أحدهم لو ائتمن على بيت مال كان أميناً إلا أنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن.

قال بن عيينة: ما رأيت أحداً أجود أخذاً للعلم من مالك وما كان أشد انتقاده للرجال والعلماء. وقال مالك: رأيت أيوب السختياني بمكة حجتين فما كتبت عنه ورأيته في الثالثة قاعداً في فناء زمزم فكان إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عنده يبكي حتى أرحمه فلما رأيت ذلك كتبت عنه. وقال سفيان بن عيينة: دارت مسألة في مجلس ربيعة فتكلم فيها ربيعة فقال مالك: ما تقول يا أبا عثمان؟ فقال ربيعة: أقول فلا تقول وأقول إذ لا تقول وأقول فلا تفقه ما أقول؟ ومالك ساكت فلم يجب بشيء وانصرف فلما راح إلى الظهر جلس وحده وجلس إليه قوم فلما صلى المغرب اجتمع إلى مالك خمسون أو أكثر فلما كان من الغد اجتمع إليه خلق كثير قال: فجلس للناس وهو بن سبع عشرة سنة وعرفت له الإمامة وبالناس حياة إذ ذاك. قال بن عبد الحكم: أفتى مالك مع يحيى بن سعيد. قال أيوب وربيعة ونافع

وقال مصعب: كان لمالك حلقة في حياة نافع أكبر من حلقة نافع. وقال مالك بعث إلي الأمير في الحداثة أن أحضر المجلس فتأخرت حتى راح ربيعة فأعلمته وقلت: لم أحضر حتى أستشيرك؟ فقال لي ربيعة: نعم قيل له: فلو لم يقل لك: أحضر لم تحضر؟ قال: لم أحضر ثم قال يا أبا محمد إنه لا خير فيمن يرى نفسه بحالة لا يراه الناس لها أهلاً. قال مالك: وليس كل من أحب أن يجلس في المسجد للحديث والفتيا جلس حتى يشاور فيه أهل الصلاح والفضل وأهل الجهة من المسجد فإن رأوه أهلاً لذلك جلس وما جلست حتى شهد لي سبعون شيخاً من أهل العلم أني موضع لذلك. وسأله رجل عن مسألة فبادره بن القاسم فأفتاه فأقبل عليه مالك كالمغضب وقال له: جسرت على أن تفتي يا أبا عبد الرحمن؟ يكررها عليه ما أفتيت حتى سألت أنا هل للفتيا موضع. فلما سكن غضبه قيل له: من سألت قال: الزهري وربيعة الرأي. قال بن القاسم: قال مالك: كنا نجلس إلى ربيعة أربعين معتماً سوى من لا يعتم ما ندري منهم إلا أربعة.

أما أحدهم فغلبت عليه الملوك يعني بن الماجشون وفي رواية: شغل بالأغاليط أو نحو هذا. وأما الآخر فمات يعني كثير بن فرقد. وأما الثالث فغرب نفسه يعني عبد الرحمن بن عطاء. وسكت عن الرابع فعلمنا أنه يعني نفسه.

فصل في توقيره حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

فصل في توقيره حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال عبد الله بن المبارك: كنت عند مالك وهو يحدثنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلدغته عقرب بست عشرة مرة ومالك يتغير لونه ويصفر ولا يقطع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما فرغ من المجلس وتفرق الناس قلت: يا أبا عبد الله لقد رأيت اليوم منك عجباً؟ فقال: نعم إنما صبرت إجلالاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال مصعب الزبيري: كان حبيب يقرأ لنا كل عشية من ورقتين إلى ورقتين ونصف لا يبلغ ثلاثاً.

وقال يحيى بن عبد الله لأبي زرعة في حديث مالك: ليس هذا زعزعة عن زوبعة إنما ترفع الستر وتنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه: مالك عن نافع عن بن عمر رضى الله عنهم. وقال أبو داود: أصح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك عن نافع عن بن عمر رضى الله عنهما ثم مالك عن الزهري عن سالم عن أبيه. ثم مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه لم يذكر شيئاً عن غير مالك. وقال: مراسيل مالك أصح من مراسيل سعيد بن المسيب ومن مراسيل الحسن ومالك أصح الناس مرسلاً. وقال سفيان: إذا قال مالك بلغني فهو إسناد قوي. وقال مطروح بن ساكن: جلس بن شهاب وربيعة ومالك فألقى بن شهاب مسألة فأجاب فيها ربيعة وسكت مالك فقال بن شهاب: لم لا تجيب قال: قد أجاب الأستاذ أو نحوه فقال بن شهاب: ما نفترق حتى تجيب فأجاب بخلاف جواب ربيعة قال بن شهاب: ارجعوا بنا إلى قول مالك. قال القاضي عياض: قال الشافعي: قال لي محمد بن الحسن رضي الله عنهما

أيهما أعلم صاحبنا أم صاحبكم؟ يعني أبا حنيفة ومالكاً رضى الله عنهما فقال: قلت على الإنصاف قال: نعم قال: قلت فأنشدك الله من أعلم بالقرآن صاحبنا أم صاحبكم؟ قال: اللهم صاحبكم. قال: قلت: فأنشدك الله من أعلم بأقاويل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المتقدمين صاحبنا أم صاحبكم؟ قال: اللهم صاحبكم. قال الشافعي رضي الله عنه فلم يبق إلا القياس والقياس لا يكون إلا على هذه الأشياء فعلى أي شيء نقيس؟. وقال الواقدي: كان مالك يأتي المسجد ويشهد الصلوات والجمعة والجنائز ويعود المرضى ويقضي الحقوق ويجلس في المسجد فيجتمع إليه أصحابه ثم ترك الجلوس في المسجد فكان يصلي وينصرف إلى مجلسه وترك حضور الجنائز فكان يأتي أصحابها فيعزيهم ثم ترك ذلك كله فلم يكن يشهد

الصلوات في المسجد ولا الجمعة ولا يأتي أحداً يعزيه ولا يقضي له حقاً واحتمل الناس له ذلك حتى مات عليه وكان ربما قيل له في ذلك فيقول: ليس كل الناس يقدر أن يتكلم بعذره. وقال جعفر الفريابي: لا أعلم أحداً روى عنه الأئمة والجلة ممن مات قبله بدهر طويل إلا مالكاً فيحيى بن سعيد مات قبله بخمس وثلاثين سنة وابن جريج بثلاثين والأوزاعي بعشرين والثوري بثمان عشرة وشعبة بسبع عشرة قال غيره: وأبو حنيفة بثلاثين وهشام بأكثر من ذلك. وقال أبو الحسن الدارقطني: لا أعلم أحداً تقدم أو تأخر اجتمع له ما اجتمع لمالك وذلك أنه روى عنه رجلان حديثاً واحداً بين وفاتيهما نحو من مائة وثلاثين سنة: محمد بن شهاب الزهري شيخه: توفي سنة خمس وعشرين ومائة وأبو حذافة السهمي: توفي بعد الخمسين والمائتين رويا عنه حديث الفريعة بنت مالك في سكنى المعتدة.

باب صفة مجلسه ونشره للعلم وتوقيره حديث النبي صلى الله عليه وسلم وتحريمه في العلم والفتيا والحديث.

باب صفة مجلسه ونشره للعلم وتوقيره حديث النبي صلى الله عليه وسلم وتحريمه في العلم والفتيا والحديث. قال الواقدي وغيره: كان مجلسه مجلس وقار وحلم وكان رجلاً مهيباً نبيلاً ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط ولا رفع صوت إذا سئل عن شيء فأجاب سائله لم يقل له: من أين رأيت هذا؟. وكان الغرباء يسألونه عن الحديث والحديثين فيجيبهم الفئة بعد الفئة وربما أذن لبعضهم فقرأ عليه. وكان له كاتب قد نسخ كتبه يقال له حبيب يقرأ للجماعة فليس أحد ممن حضر يدنو منه ولا ينظر في كتابه ولا يستفهمه هيبة له وإجلالاً. وكان حبيب إذا أخطأ فتح عليه مالك رحمه الله تعالى وكان ذلك قليلاً ولم يكن يقرأ كتبه على أحد. وكان كالسلطان: له حاجب يأذن عليه فإذا اجتمع الناس ببابه أمر آذنه

فدعاهم فحضر أولاً أصحابه فإذا فرغ من يحضر أذن للعامة. وهذا هو المشهور من سماع أصحاب مالك أنهم كانوا يقرءون عليه إلا يحيى بن بكير ذكر أنه سمع الموطأ من مالك أربع عشرة مرة وزعم أن أكثرها بقراءة مالك وبعضها بالقراءة عليه. وعوتب مالك في تقديمه أصحابه فقال: أصحابي جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال بن حبيب: وكان إذا جلس جلسة لم يتحول عنها حتى يقوم. وقال مطرف: كان مالك إذا أتاه الناس خرجت إليهم الجارية فتقول لهم: يقول لكم الشيخ: تريدون الحديث أو المسائل؟ فإن قالوا المسائل: خرج إليهم وأفتاهم وإن قالوا الحديث قال لهم: اجلسوا ودخل مغتسله فاغتسل وتطيب ولبس ثياباً جدداً وتعمم ووضع على رأسه طويلة وتلقى له المنصة فيخرج إليهم وعليه الخشوع ويوضع عود فلا يزال يتبخر حتى يفرغ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان لا يوسع لأحد في حلقته ولا يرفعه يدعه يجلس حيث انتهى به المجلس يقول إذا جلس للحديث: ليلني منكم ذوو الأحلام والنهى.

باب شهادة أهل العلم والصلاح له بالإمامة في العلم

باب شهادة أهل العلم والصلاح له بالإمامة في العلم بالكتاب والسنة والتقدم في الفقه والصدق والثبات في الأمر والقول في مراسيله وتوثيقه وإجماع الناس عليه واقتداء الأكابر به. قال بن هرمز لجاريته يوماً: من بالباب؟ فلم تر إلا مالكاً فذكرت ذلك له فقال: ادعيه فإنه عالم الناس. وقال بعضهم: سمعت بقية بن الوليد في جماعة ممن يطلب الحديث ومشيخة من أهل المدينة يقولون ما بقي على ظهرها يعني الأرض أعلم بسنة ماضية ولا باقية منك يا مالك. وقال محمد بن عبد الحكم: إذا انفرد مالك بقول لم يقله غيره فقوله حجة توجب الاختلاف لأنه إمام. فقيل له: فالشافعي؟ فقال لا. وقال بن مهدي ما بقي على وجه الأرض آمن على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من مالك.

فصل في تحريه في الفتيا

فصل في تحريه في الفتيا قال بن القاسم سمعت مالكاً يقول: إني لأفكر في مسألة منذ بضع عشرة سنة فما اتفق لي فيها رأي إلى الآن. وكان يقول ربما وردت علي المسألة فأسهر فيها عامة ليلتي. وقال بن عبد الحكم: كان مالك إذا سئل عن المسألة قال للسائل انصرف حتى أنظر فينصرف ويتردد فيها فقلنا له في ذلك فبكي وقال إني أخاف أن يكون لي من المسائل يوم وأي يوم؟. وقال بن وهب سمعته عندما يكثر عليه بالسؤال يكف ويقول: حسبكم من أكثر أخطأ وكأن يعيب كثرة ذلك وكان يقول: من أحب أن يجيب عن مسألة فليعرض نفسه على الجنة والنار وكيف يكون خلاصه في الآخرة ثم يجيب. وقال: ما شيء أشد علي من أن أسئل عن مسألة من الحلال والحرام لأن هذا هو القطع في حكم الله ولقد أدركنا أهل العلم ببلدنا وإن أحدهم إذا سئل عن المسألة كأن الموت أشرف عليه. وقال موسى بن داود: ما رأيت أحداً من العلماء أكثر أن يقول: لا أحسن من مالك.

وقال الهيثم بن جميل: شهدت مالكاً سئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في اثنين وثلاثين منها لا أدري. وكان يقول ينبغي أن يورث العالم جلساءه قول لا أدري حتى يكون ذلك أصلاً في أيديهم يفزعون إليه فإذا سئل أحدهم عما لا يدري قال: لا أدري. وسئل رحمه الله تعالى عن الأحاديث يقدم فيها ويؤخر والمعنى فيها واحد فقال: أما ما كان من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي للمرء أن يقول إلا كما جاء وأما لفظ غيره فإذا كان المعنى واحداً فلا بأس. قيل له: فحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يزاد فيه الواو والألف والمعنى واحد؟ فقال: أرجو أن يكون خفيفاً. ولما مات مالك رحمه الله تعالى خرجت كتبه فأصيب فيها فناديق عن بن عمر رضى الله تعالى عنهما ليس في الموطأ منه شيء إلا حديثين. قال بن وهب: قال مالك: سمعت من بن شهاب أحاديث كثيرة ما حدث بها قط ولا أحدث بها

وقال ابنه: لما دفنا مالكاً دخلنا منزله فأخرجنا كتبه فإذا فيها سبع فناديق من حديث بن شهاب ظهورها وبطونها ملأى وعنده فناديق أو صناديق من حديث أهل المدينة فجعل الناس يقرءون ويدعون ويقولون: رحمك الله يا أبا عبد الله لقد جالسناك الدهر الطويل فما رأيناك ذاكرتنا بشيء مما قرأناه. وقال الشافعي: كان مالك إذا شك في الحديث طرحه كله وقال أشهب: رآني مالك أكتب جوابه في مسألة فقال: لا تكتبها فإني لا أدري أثبت عليها أم لا. وقال أيضاً: رأيت في النوم قائلاً يقول لي: لقد لزم مالك كلمة عند فتواه لو وردت عليه الجبال لقلعها وذلك قوله ما شاء الله لا قوة إلا بالله. وقال بن أبي أويس: ما كان يتهيأ لأحد بالمدينة أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حبسه مالك في الحبس فإذا سئل فيه قال: يصحح ما قال ثم يخرج. ولقد كان بن كنانة وابن أبي حازم والدراوردي وغيرهم

ذكر اتباعه السنن وكراهته المحدثات

سمعوا مع مالك من مشايخ وتركوا الحديث عنهم هيبة له حتى مات ففشا ذلك فيهم. وقال بن حنبل: كان مالك مهيباً في مجلسه لا يرد عليه إعظاماً وكان الثوري في مجلسه فلما رأى إجلال الناس له وإجلاله للعلم أنشد: يأبى الجواب فما يراجع هيبة ... فالسائلون نواكسوا الأذقان أدب الوقار وعز سلطان التقى ... فهو المهيب وليس ذا سلطان قال بشر الحافي: إن من زينة الدنيا أن يقول الرجل: حدثنا مالك. وقال القعنبي: ما أحسب بلغ مالك ما بلغ إلا بسريرة كانت بينه وبين الله تعالى رأيته يقام بين يديه الرجل كما يقام بين يدي الأمير. ذكر اتباعه السنن وكراهته المحدثات كان رحمه الله تعالى كثيراً ما يتمثل:

وخير أمور الدين ما كان سنة ... وشر الأمور المحدثات البدائع قال بن حنبل رحمه الله: مالك أتبع من سفيان وإذا رأيت الرجل يبغض مالكاً فاعلم أنه مبتدع. وكان مالك يقول: المراء والجدال في العلم يذهب بنور العلم من قلب العبد. وقيل له: الرجل له علم بالسنة أيجادل عنها؟ قال: لا ولكن ليخبر بالسنة فإن قبل منه وإلا سكت. قال بن وهب: وسمعت مالكاً يقول إذا جاءه أحد من أهل الأهواء أما أنا فعلى بينة من ربي. وأما أنت فشاك فاذهب إلى شاك مثلك فخاصمه ثم قرأ: " قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين " يوسف 108. وكان يقول إذا ذكر عنده أحد منهم: قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر بعده سنناً الأخذ بها اتباع لكتاب الله تعالى واستكمال لطاعة الله تعالى وقوة على دين الله ليس لأحد بعد هؤلاء تبديلها ولا النظر في شيء خالفها من اهتدى بها فهو مهتد ومن

استنصر بها فهو منصور ومن تركها اتبع غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيراً. وكان مالك إذا حدث بها ارتج سروراً. وجاءه رجل من أهل المغرب فقال: إن الأهواء كثرت ببلادنا فجعلت على نفسي إن أنا رأيتك أن آخذ بما تأمرني به. فوصف له مالك رحمه الله شرائع الإسلام: الصلاة والصوم والزكاة والحج. ثم قال: خذ بهذا ولا تخاصم أحداً.

فصل من وصاياه وآدابه

فصل من وصاياه وآدابه رضي الله عنه سئل رحمه الله عن طلب العلم: أفريضة هو؟ قال: لا ولكن يطلب ما ينتفع به ولا يطلب الأغاليط والإكثار. وقال: من إدالة العلم أن تجيب كل من سألك ولا يكون إماماً من حدث بكل ما سمع ومن إدالة العلم أن تنطق به قبل أن تسئل عنه. وقال في سماع أشهب وابن وهب وابن القاسم: من صدق في حديثه متع بعقله ولم يصبه ما يصيب الناس من الهم والخوف. وقال: طلب الرزق في شبهة أحسن من الحاجة إلى الناس.

باب في ذكر الموطأ وتأليفه إياه

باب في ذكر الموطأ وتأليفه إياه روى أبو مصعب أن أبا جعفر المنصور قال لمالك: ضع للناس كتاباً أحملهم عليه فكلمه مالك في ذلك فقال: ضعه فما أحد اليوم أعلم منك فوضع الموطأ فلم يفرغ منه حتى مات أبو جعفر. وفي رواية أن المنصور قال له: يا أبا عبد الله ضع هذا العلم ودون كتاباً وجنب فيه شدائد عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ورخص عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وشواذ بن مسعود رضي الله عنه واقصد أواسط الأمور وما أجمع عليه الصحابة والأئمة. وفي رواية أنه قال له: اجعل هذا العلم علماً واحداً. فقال له: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا في البلاد فأفتى كل في مصره بما رأى فلأهل المدينة قول ولأهل العراق قول تعدوا فيه طورهم. فقال: أما أهل العراق فلست أقبل منهم صرفاً ولا عدلاً وإنما العلم علم أهل المدينة فضع للناس العلم.

وفي رواية عن مالك: فقلت له أن أهل العراق لا يرضون علمنا؟ فقال أبو جعفر: نضرب عليه عامتهم بالسيف ونقطع عليه ظهورهم بالسياط. وروي أن المهدي قال له: ضع كتاباً أحمل الأمة عليه فقال له مالك: أما هذا الصقع فقد كفيتكه يعني المغرب. وأما الشام ففيه الأوزاعي. وأما أهل العراق ففيهم أهل العراق. قال عتيق الزبيري: وضع مالك الموطأ على نحو من عشرة آلاف حديث فلم يزل ينظر فيه كل سنة ويسقط منه حتى بقي هذا ولو بقي قليلاً لأسقطه كله. وقال بن أبي أويس: قيل لمالك: قولك في الكتاب: الأمر المجتمع عليه والأمر عندنا أو ببلدنا وأدركت أهل العلم سمعت بعض أهل العلم؟. فقال: أما أكثر ما في الكتاب برأيي فلعمري ما هو برأيي ولكن سماع من غير واحد من أهل العلم والفضل والأئمة المهتدى بهم الذين أخذت عنهم وهم الذين كانوا يتقون الله تعالى فكثر علي فقلت: رأيي وذلك رأيي إذ كان رأيهم رأي الصحابة الذين أدركوهم عليه وأدركتهم أنا على ذلك فهذا وراثة توارثوها قرناً عن قرن إلى زماننا.

وما كان أرى فهو رأي جماعة ممن تقدم من الأئمة. وما كان فيه الأمر المجتمع عليه فهو ما اجتمع عليه من قول أهل الفقه والعلم لم يختلفوا فيه. وما قلت الأمر عندنا فهو ما عمل به الناس عندنا وجرت به الأحكام وعرفه الجاهل والعالم. وكذلك ما قلت فيه ببلدنا وما قلت فيه بعض أهل العلم فهو شيء استحسنته من قول العلماء. وأما ما لم أسمع منهم فاجتهدت ونظرت على مذهب من لقيته حتى وقع ذلك موقع الحق أو قريباً منه حتى لا يخرج عن مذهب أهل المدينة وآرائهم وإن لم أسمع ذاك بعينه فنسبت الرأي إلي بعد الاجتهاد مع الستة وما مضى عليه عمل أهل العلم المقتدى بهم والأمر المعمول به عندنا منذ لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم والأئمة الراشدين مع من لقيت. فذلك رأيهم ما خرجت إلى غيره. وقال صفوان بن عمر: عرضنا على مالك الموطأ في أربعين يوماً فقال: كتاب ألفته في أربعين سنة أخذتموه في أربعين يوماً قل ما تفقهون فيه. قال غيره: أول من عمل الموطأ عبد العزيز بن الماجشون: عمله كلاماً بغير

حديث فلما رآه مالك قال: ما أحسن ما عمل ولو كنت أنا لبدأت بالآثار ثم شددت بالكلام. ثم عزم على تصنيف الموطأ فعمل من كان بالمدينة يومئذ من العلماء الموطآت فقيل لمالك: شغلت نفسك بعمل هذا الكتاب وقد شركك فيه الناس وعملوا أمثاله؟ فقال: ايتوني به فنظر فيه ثم نبذه وقال: لتعلمن ما أريد به وجه الله تعالى. قال: فكأنما ألقيت تلك الكتب في الآبار. قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: وضع مالك الموطأ وجعل أحاديث زيد في آخر الأبواب فقلت له في ذلك فقال: إنها كالشرح لما قبلها. وقال أبو زرعة: لو حلف رجل بالطلاق على أحاديث مالك التي في الموطأ أنها صحاح كلها لم يحنث ولو حلف على حديث غيره كان حانثاً. ومما قيل في الموطأ من الشعر فمن ذلك قول سعدون الوارجيني رحمه الله تعالى ورضي الله عنه: أقول لمن يروي الحديث ويكتب ... ويسلك سبيل الفقه فيه ويطلب

إذا أحببت أن تدعى لدى الخلق عالماً ... فلا تعد ما تحوي من العلم يثرب أتترك داراً كان بين بيوتها ... يروح ويغدو جبرائيل المقرب ومات رسول الله فيها وبعده ... بسنته أصحابه قد تأدبوا وفرق شمل العلم في تابعيهمو ... فكل امرئ منهم له فيه مذهب فخلصه بالسبك للناس مالك ... ومنه صحيح في المجس وأجرب فبادر موطأ مالك قبل موته ... فما بعده إن فات للحق مطلب ودع للموطأ كل علم تريده ... فإن الموطأ الشمس والغير كوكب ومن لم يكن كتب الموطأ ببيته ... فذاك من التوفيق بيت مخيب جزى الله عنا في موطاه مالكاً ... بأفضل ما يجزى اللبيب المهذب لقد فاق أهل العلم حياً وميتاً ... فصارت به الأمثال في الناس تضرب فلا زال يسقي قبره كل عارض ... بمندفق ظلت عزاليه تسكب وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى:

إذا ذكرت كتب العلوم فحيهل ... بكتب الموطأ من تصانيف مالك أصح أحاديثاً وأثبت حجة ... وأوضحها في الفقه نهجاً لسالك عليه مضى الإجماع في كل أمة ... على رغم خيشوم الحسود المماحك فعنه فخذ علم الديانة خالصاً ... ومنه استفد شرع النبي المبارك وشد به كف الضنانة تهتدي ... فمن حاد عنه هالك في الهوالك

فصل

فصل وأما من اعتنى بالكلام على حديثه ورجاله والتصنيف في ذلك فعدد كثير من المالكيين وغيرهم وعد القاضي عياض منهم نحواً من تسعين رجلاً تركت تسميتهم وتسمية كتبهم اختصاراً. باب ذكر تآليف مالك غير الموطأ اعلم أن لمالك رحمه الله أوضاعاً شريفة مروية عنه أكثرها بأسانيد صحيحة في غير فن من العلم لكنها لم يشتهر عنه منها ولا واظب على إسماعه وروايته غير الموطأ مع حذفه منه وتلخيصه له شيئاً بعد شيء وسائر تآليفه إنما رواها عنه من كتب بها إليه أو سأله إياها. فمن أشهرها في هذا الباب رسالته في القدر والرد على القدرية وهو خيار الكتب الدالة على سعة علمه. ومنها كتابه في النجوم وحساب مدار الزمان ومنازل القمر وهو

كتاب جيد مفيد جداً قد اعتمد عليه الناس في هذا الباب وجعلوه أصلاً. ومن ذلك رسالته في الأقضية: كتب بها إلى بعض القضاة: عشرة أجزاء. ورسالته إلى أبي غسان: محمد بن المطرف وهو ثقة من كبراء أهل المدينة قريناً لمالك وهي في الفتوى مشهورة. ورسالته المشهورة إلى هارون الرشيد في الآداب والمواعظ حدث بها في الأندلس أولاً بن حبيب عن رجاله عن مالك وحدث بها آخراً أبو جعفر بن عون الله والقاضي أبو عبد الله بن مفرج عن أحمد بن زيدويه الدمشقي. وقد أنكرها غير واحد منهم أصبغ بن الفرج وحلف ما هي من وضع مالك. وكتابه في التفسير لغريب القرآن الذي يرويه عنه خالد بن عبد الرحمن المخزومي. وذكر الخطيب أبو بكر في تاريخه الكبير عن أبي العباس السراج النيسابوري أنه قال: هذه سبعون ألف مسألة لمالك وأشار إلى كتب منضدة عنده كتبها.

قال القاضي أبو الفضل عياض: هي جواباته في أسمعة أصحابه التي عند العراقيين. وقد نسب إلى مالك أيضاً كتاب يسمى كتاب السيرة من رواية بن القاسم عنه. ومنها رسالته إلى الليث بن سعد في إجماع أهل المدينة رضي الله تعالى عنهم وهي مشهورة متداولة بين العلماء.

فصل في أخباره مع الملوك

فصل في أخباره مع الملوك قال مالك رحمه الله: حق على كل مسلم أو رجل جعل الله في صدره شيئاً من العلم والفقه أن يدخل إلى كل ذي سلطان يأمره بالخير وينهاه عن الشر ويعظه حتى يتبين دخول العالم على غيره لأن العالم إنما يدخل على السلطان لذلك فإذا كان فهو الفضل الذي لا بعده فضل. ودخل يوماً على الرشيد فحثه على مصالح المسلمين وقال له: لقد بلغني أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان في فضله وقدمه ينفخ لهم عام الرمادة النار تحت القدور حتى يخرج الدخان من تحت لحيته رضي الله عنه وقد رضي الناس منكم بدون هذا. قال يعيش بن هشام الخابوري: كنت عند مالك إذ أتاه رسول المأمون وقيل الرشيد وهو الصحيح ينهاه أن يحدث بحديث معاوية في السفرجل فتلا مالك قوله تعالى: " إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب

أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون " البقرة 159 ثم قال: والله لأخبرن بها في هذه العرصة حدثنا نافع عن بن عمر رضي الله عنهما قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهدي إليه سفرجل فأعطى أصحابه واحدة وأعطى معاوية رضي الله عنه ثلاث سفرجلات وقال: " القني بهن في الجنة ". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " السفرجل يذهب طخاء القلب ".

قال القاضي عياض: لم يدرك مالك أيام المأمون وذكر المأمون هنا وهم. ولما قدم المهدي المدينة جاءه الناس مسلمين عليه فلما أخذوا مجالسهم استأذن مالك رحمه الله فقال الناس: اليوم يجلس مالك آخر الناس فلما دنا ونظر ازدحام الناس قال: يا أمير المؤمنين أين يجلس شيخك مالك؟ فناداه: عندي يا أبا عبد الله. فتخطى الناس حتى وصل إليه فرفع المهدي ركبته اليمنى وأجلسه ثم أتى المهدي بالطست والإبريق فغسل يده ثم قال للغلام: قدمه إلى أبي عبد الله فقال مالك: يا أمير المؤمنين ليس هذا من الأمر المعمول به ارفع يا غلام فأكل مالك رحمه الله غير متوضىء. وذكر قصته معه في الموطأ.

فصل في محنته رضي الله عنه

فصل في محنته رضي الله عنه قال الطبري: اختلف فيمن ضرب مالكاً وفي السبب في ضربه وفي خلافة من ضرب؟ فالأشهر أن جعفر بن سليمان هو الذي ضربه في ولايته الأولى بالمدينة. وأما سبب ضربه رضي الله عنه: فقيل: إن أبا جعفر نهاه عن الحديث: " ليس على مستكره طلاق " ثم دس إليه من يسأله عنه فحدث به على رؤس الناس. وقيل إن الذي نهاه كان جعفر بن سليمان. وقيل إنه سعي به إلى جعفر وقيل له: لا يرى أيمان بيعتكم بشيء فإنه يأخذ بحديث ثابت بن الأحنف في طلاق المكره أنه لا يجوز. وذكر عنه أنه أفتى عند قيام محمد بن عبد الله بن حسن العلوي المسمى المهدي بأن بيعة أبي جعفر لا تلزم لأنها على الإكراه. على هذا أكثر الرواة.

وخالف ذلك كله بن بكير وقال: ما ضرب إلا في تقديمه عثمان على علي رضي الله عنهما فسعى به الطالبيون حتى ضرب فقيل لابن بكير: خالفت أصحابك؟ فقال أنا أعلم من أصحابي. وأما في خلافة من ضرب فالأشهر أن ذلك كان في أيام أبي جعفر وقيل إن هذا كله كان في أيام الرشيد والأول أصح. واختلف أيضاً في مقدار ضربه من ثلاثين إلى مائة ومدت يداه حتى انحلت كتفاه وبقي بعد ذلك مطابق اليدين لا يستطيع أن يرفعهما ولا أن يسوي رداءه. قال أبو الوليد الباجي: ولما حج المنصور أقاد مالكاً من جعفر بن سليمان وأرسله إليه ليقتص منه فقال: أعوذ بالله؟ والله ما ارتفع منها سوط عن جسمي إلا وأنا أجعله في حل من ذلك الوقت لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل إنه لما ضرب حمل مغشياً عليه فدخل الناس عليه فأفاق وقال: أشهدكم أني قد جعلت ضاربي في حل. وقال الدراوردي: سمعته يقول حين ضربه: اللهم اغفر لهم فإنهم لا يعلمون. قال مصعب: وكان ضربه سنة ست وأربعين ومائة. وقال مالك رحمه الله: ما كان علي يوم ضربت أشد من شعر كان

في صدري وكان في إزاري خرق ظهرت منه فخذي فجعلت لله علي أن أستجد الإزار وأن لا أترك علي شعراً. وكان رحمه الله يقول: ضربت فيما ضرب فيه محمد بن المنكدر وربيعة بن المسيب. ويذكر قول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: ما أغبط أحداً لم يصبه في هذا الأمر أذى. قال الجياني: ما زال مالك بعد ذلك الضرب في رفعة من الناس وإعظام حتى كأنما كانت تلك الأسواط حليا حلي به رحمه الله تعالى ونفع به آمين.

باب ذكر وفاته واحتضاره وتركته رحمة الله تعالى عليه

باب ذكر وفاته واحتضاره وتركته رحمة الله تعالى عليه اختلف في تاريخ وفاته والصحيح أنها كانت يوم الأحد لتمام اثنين وعشرين يوماً من مرضه في ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة فقيل: لعشر مضت منه وقيل: لأربع عشرة ولثلاث عشرة ولإحدى عشرة وقيل لثنتي عشرة من رجب. وقال حبيب كاتبه ومطرف: سنة ثمانين. وحكي عن بن إسحاق ثمان وتسعين وهو وهم. واختلف على هذا وعلى الخلاف المتقدم في مولده في مقدار سنه من أربع وثمانين إلى اثنين وتسعين. قال بكر بن سليمان الصواف: دخلنا على مالك بن أنس في العشية التي قبض فيها فقلنا له: يا أبا عبد الله كيف تجدك؟ قال ما أدري كيف أقول لكم إلا أنكم ستعاينون غداً من عفو الله ما لم يكن في حساب ثم ما برحنا حتى أغمضناه رحمه الله. وقيل إنه تشهد ثم قال: لله الأمر من قبل ومن بعد. ورأى عمر بن يحيى بن سعيد الأنصاري في الليلة التي مات فيها مالك قائلاً يقول:

لقد أصبح الإسلام زعزع ركنه ... غداة ثوى الهادي لدى ملحد القبر إمام الهدى ما زال للعلم صائناً ... عليه سلام الله في آخر الدهر قال: فانتبهت وكتبت البيتين في السراج وإذا بصارخة على مالك رحمه الله تعالى. وغسله بن كنانة وابن أبي الزبير وابنه يحيى وكاتبه حبيب يصبان عليه الماء وأنزله في قبره جماعة وأوصى أن يكفن في ثياب بيض ويصلى عليه في موضع الجنائز فصلى عليه عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وكان خليفة لأبيه على المدينة ومشى في جنازته وحمل نعشه وبلغ كفنه خمسة دنانير. قال بن القاسم: مات مالك عن مائة عمامة فضلاً عن سواها. قال بن أبي أويس: بيع ما في منزل مالك يوم مات رحمه الله تعالى من مصنفات وبرادع وبسط ومخاد محشوة بريش وغير ذلك ما ينيف على خمسمائة دينار. وقال غيره: خلف مالك خمسمائة زوج نعل. ولقد اشتهى يوماً كساء قرمزيا فما بات إلا وعنده منها سبعة بعثت إليه.

وأهدى له يحيى بن يحيى النيسابوري هدية وجدت بخط بعض مشايخنا الثقات أنه باع من فضلها بثمانين ألفاً. قال أبو عمر: ترك من الناض ألفي دينار وستمائة دينار وتسعة وعشرين ديناراً وألف درهم فاجتمع من تركته ثلاثة آلاف دينار وستمائة دينار ونيف. وأنشد الزبير لأبي المعافى أو بن المعافى يرثي مالكاً رحمه الله تعالى ورضي عنه: ألا قل لقوم سرهم فقد مالك ... ألا إن فقد العلم إذ مات مالك ومالي لا أبكي على فقد مالك ... إذ أعز مفقود من الناس مالك ومالي لا أبكي على فقد مالك ... وفي فقده سدت علي المسالك

باب في مشاهير الرواة عن مالك رحمة الله تعالى عليه من شيوخه الذين تعلم منهم وروى عنهم

باب في مشاهير الرواة عن مالك رحمة الله تعالى عليه من شيوخه الذين تعلم منهم وروى عنهم وأفردنا هذا الباب لتبيين عظيم منزلته في وقته وعند تمام هذا الباب نرجع إلى ذكر الطبقات المقصودة على ما شرطناه في أول الكتاب والذي عند القاضي عياض من مشاهير من روى عنه وصحت روايته واشتهرت من شيوخه ثم من أقرانه الذين شاركوه في شيوخه ثم ممن صغرت أسنانهم عنهم نيفاً على ألف اسم وصورة ما ذكر بعد أن فرغ من عدتهم فهذه نيف على ألف اسم وتركنا كثيراً ممن لم يشتهر بذلك أو من جهل ولم يعرف من هو أو لم يذكر له رواية إلا حكاية حاله أو وصف قصة أو ذكر في رواية ولم تصح روايته عنه.

فممن روى عنه من شيوخه من التابعين: محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري مات قبل مالك بخمس وخمسين سنة. أبو الأسود يتيم عروة مات قريباً من وفاة الزهري. أيوب بن أبي تميمة السختياني توفي قبل مالك بتسع وأربعين سنة. ربيعة بن أبي عبد الرحمن. توفي قبل مالك بست وثلاثين سنة. يحيى بن سعيد الأنصاري توفي قبل مالك بست وثلاثين سنة. موسى بن عقبة توفي قبل بثمان وثلاثين سنة.

وذكر أبو محمد الضراب أن ممن روى عن مالك من شيوخه التابعين: هشام بن عروة. من غير التابعين: نافع بن أبي نعيم القارئ محمد بن عجلان سالم بن أبي أمية: أبو النضر مولى عمر بن عبد الله وجماعة من غير هؤلاء. من أكابر التابعين من متأخري شيوخه: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عبد الملك بن جريج محمد بن إسحاق صاحب المغازي توفي قبله بثلاثين سنة وذكر أبو محمد الصواف أن مالكاً روى عنه وفيه نظر. سليمان بن مهران الأعمش وخلق غير هؤلاء. ومن أقرانه من الأئمة المشاهير: سفيان بن سعيد الثوري الليث بن سعد المصري الأوزاعي أبو إسحاق الفزاري حماد بن سلمة بصري حماد بن زيد بصري سفيان بن عيينة مكي الإمام أبو حنيفة كوفي توفي قبله بثلاثين سنة

ابنه حماد أبو يوسف القاضي الحنفي شريك بن عبد الله القاضي بن لهيعة المصري محمد بن الحسن التل إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الفارضي مدني. وتركت من هؤلاء خلقاً كثيراً لعدم التطويل. ومن طبقه أخرى بعد هؤلاء: المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي مدني الإمام محمد بن إدريس الشافعي عبد الله بن المبارك عراقي محمد بن الحسن صاحب الإمام أبي حنيفة عراقي أبو قرة: موسى بن طارق القاضي من الحجاز الوليد بن مسلم. فهذه نبذة ذكرتها من ألف راو ذكرهم القاضي عياض قال: وإنما ذكرت المشاهير وتركت من الرواة كثيراً وبهذا يتبين عظيم قدره رحمه الله تعالى ورضي عنه آمين.

حرف الألف

حرف الألف من اسمه أحمد من الطبقة الصغرى من أصحاب مالك من أهل المدينة: أحمد: أبو مصعب أبي بكر واسم أبي بكر: القاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف الزهري. روى عن مالك الموطأ وغيره وتفقه بأصحابه: المغيرة وابن دينار. وروى عن الدراوردي وغيره وله مختصر في قول مالك المشهور كذا في المدارك ولي قضاء المدينة والكوفة وكان من أعلم أهل المدينة. روي عنه أنه قال: يا أهل المدينة لا تزالون ظاهرين على أهل العراق ما دمت لكم حياً. روى عنه البخاري ومسلم والذهلي وإسماعيل القاضي والرازيان

أحمد بن المعذل

وغيرهم. وهو صدوق من أهل الثقة في الحديث. مات سنة اثنتين وأربعين ومائتين بالمدينة وعاش تسعين سنة. من الطبقة الأولى الذين انتهى إليهم فقه مالك ممن لم يره ولم يسمع منه من أهل العراق. أحمد بن المعذل هو أحمد بن المعذل بن غيلان بن الحكم العبدي يكنى أبا الفضل البصري وأصله من الكوفة. هو الفقيه المتكلم من أصحاب عبد الملك بن الماجشون ومحمد بن مسلمة كان ورعاً متبعاً للسنة. قال القاضي عياض: وسمع أيضاً من إسماعيل بن أبي أويس وبشر بن عمر وغيرهما وعليه تفقه جماعة من كبار المالكية كإسماعيل بن إسحاق القاضي

وأخيه حماد ويعقوب بن شيبة وسمع منه ابنه محمد بن أحمد وعبد العزيز بن إبراهيم البصري وغيرهم. قال أبو عمر الصدفي: هو ثقة. وأثنى عليه أبو حاتم. وقال أبو سليمان الخطابي: أحمد بن المعذل مالكي المذهب يعد في زهاد أهل البصرة وعلمائها وقال أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي القاضي لأبي بكر النقاش: أحمدنا يعني بن المعذل أفضل من أحمدكم يعني بن حنبل. قيل وكان بن المعذل من العلماء الأدباء الفصحاء النظار فقيهاً بمذهب مالك ذا فضل وورع ودين وعبادة نبيلاً له أشعار ملاح. وكان أخوه عبد الصمد يؤذيه ويهجوه فكان أحمد يقول له: أنت كالأصبع الزائدة إن تركت شانت وإن قطعت آلمت. فأجابه عبد الصمد يقول: أطاع الفريضة والسنة ... فتاه على الأنس والجنة كأن لنا النار من دونه ... وأفرده الله بالجنة وينظر نحوي إذا زرته ... بعين حماة إلى كنة وكان أحمد من الأبهة والتمسك بالمنهاج والتجنب للعيب وعدم التعرض

أحمد بن صالح

لما في أيدي الناس والزهد فيه على غاية وكان من أفصح الناس وأبلغهم وأنسكهم وأصمتهم حتى كان ينسب بذلك إلى الكبر وكان يسمى الراهب لفقهه ونسكه لم يكن لمالك بالعراق أرفع منه ولا أعلى درجة ولا أبصر بمذاهب أهل الحجاز منه. وقال أحمد بن المعذل: دخلت المدينة فتحملت على عبد الملك بن الماجشون برجل ليصحبني ويعنى بي فلما فاتحني قال: ما تحتاج أنت إلى شفيع معك من الحذاء والسقاء ما تأكل به لب الشجر وتشرب به صفو الماء. وكان يذهب إلى البادية ويكتب عن الأعراب. وقيل إنه توفي وقد قارب الأربعين سنة. قال القاضي عياض في أول المدارك كثير من يقول: أحمد بن المعدل بدال مهملة وصوابه بمعجمة. أحمد بن صالح يعرف بابن الطبري يكنى بأبي جعفر من الطبقة الأولى ممن لم ير مالكاً رحمه الله.

سمع من بن وهب وغيره قال أبو عمر المقري كان حافظاً للحديث وأخذ القراءة عن ورش وقالون. كتب له أحمد بن حنبل والذهلي وخرج عنه البخاري في الصحيح وأبو داود السجستاني وغيرهم. وهو ثقة ثبت مأمون صاحب سنة إمام مجمع على ثقته فقيه نظار أحد الأئمة الحفاظ المتقين. قال القاضي عياض: وكان يرى في الجنب أنه إذا لم يقدر على الطهر بالماء من برد وخوف على نفسه أنه يتوضأ ويصلي ويجزئه على ما جاء في بعض الروايات في حديث عمرو بن العاص فتوضأ وصلى بهم.

أحمد بن لبدة

ولم يقل بهذا الرأي أحد من فقهاء الأمصار سوى طائفة ممن ينتحل الحديث. لهذا الحديث ولأن الوضوء عندهم فوق التيمم. توفي في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومائتين. مولده بمصر سنة سبعين ومائة قاله أبو عمرو المقري. ومن أهل أفريقية من الطبقة الثانية. أحمد بن لبدة أبو جعفر بن أخي سحنون. ولبدة أخو سحنون سمع من عمه. ثقة أخذ

أحمد بن سليمان بن أبي الربيع البيري

الناس عنه وكان وجيهاً ذا فضل. ولم يكن في الفقه هناك إلا أنه قام له جاه في البلد بعد موت سحنون بمكانه منه. توفي سنة إحدى وستين ومائتين رحمه الله تعالى. أحمد بن سليمان بن أبي الربيع البيري أحد السبعة الذين كانوا بأفريقية في وقت واحد من رواة سحنون. روى عن يحيى بن يحيى وسعد بن حسان والحارث بن مسكين وسحنون كان فقيهاً حافظاً توفي بألبيرة سنة سبع وثمانين ومائتين رحمه الله تعالى.

أحمد بن الوليد بن عبد الخالق بن عبد الجبار

أحمد بن الوليد بن عبد الخالق بن عبد الجبار من ذرية قتيبة بن مسلم الباهلي طليطلي من أصحاب يحيى وعيسى ونظرائهما ولقى سحنوناً وولي قضاء طليطلة وجيان وبيته بيت جلالة وفضل. هو قاض بن قاض بن قاض بن قاض أربعة على نسق كلهم ولي قضاء طليطلة. ذكره بن حارث. أحمد بن معتب بن أبي الأزهر بن جعفر من الثالثة ممن لم ير مالكاً من أهل أفريقية سمع من سحنون وهو من فقهاء أصحابه وسمع من أبي الحسن الكوفي ولقى إسماعيل القاضي. قال أبو العرب: كان ثقة ثبتاً نبيلاً عالماً بالحديث والرجال حسن التقييد. سمع منه الناس. قال بن حارث: كان نبيلاً فاضلاً صحيح اليقين بالله وكان من العباد له نسك وخشوع وزهد. توفي في ذي القعدة سنة سبع وسبعين ويقال ستة وسبعين ومائتين رحمه الله ورضي عنه آمين.

أحمد بن محمد الأشعري: حمد يس القطان

أحمد بن محمد الأشعري: حمد يس القطان يقال إنه من ذرية أبي موسى الأشعري من أصحاب سحنون ورحل فلقي أبا مصعب وأصحاب بن القاسم وابن وهب وأشهب. كان علماً في الفضل ومثلاً في الخير مع شدة في مذاهب أهل السنة وكان ورعاً ثقة مأموناً يضرب به المثل في العبادة مجانباً لأهل الأهواء والسلاطين. توفي سنة تسع وثمانين ومائتين وصلى عليه محمد بن سحنون. مولده في رجب سنة ثلاثين ومائتين رحمه الله تعالى. أحمد بن موسى بن مخلد من العجم وينتمي إلى غافق ويقال له عيشون كنيته أبو عياش شيخ صالح ثقة فقيه زاهد متعبد فاضل ورع ضابط صحيح الكتاب حسن

أحمد بن وازن الصواف أبو جعفر

التقييد عالم بكتبه معدود في كبار أصحاب سحنون وعليه اعتمد. سمع منه ومن بن رمح وأبي إسحاق البرقي والوقار وغيرهم. سمع منه أبو العرب وأبو القاسم بن تمام وعبد الله بن مسرور وغير واحد من الجلة. وكان مجاب الدعوة. مسألة: وسئل عن التجارة في القمح وحكرته فأباح ذلك في وقت كثرته ورخصه ومنعه في وقت غلائه إلا ما لا بد منه للقوت. وقال: هذا بخلاف الزيت. يريد إباحته في كل وقت واحتج بأن بن المسيب كان يحتكر الزيت. ويقطع له ولغيره بأنه مؤمن عند الله على رأي محمد بن سحنون ومن قاله قبله. توفي في صفر سنة خمس وتسعين ومائتين. مولده سنة سبع ومائتين رحمه الله تعالى. أحمد بن وازن الصواف أبو جعفر سمع من سحنون وغيره وكان يسمى جوهرة أصحاب سحنون.

أحمد بن موسى بن جرير الأزدي العطار

قال بن حارث: كان فاضلاً متقدماً وعابداً مجتهداً مستجاب الدعوة فقيهاً عالماً بالفقه والمناظرة عليه ثقة حسن العقل. توفي سنة اثنين وثمانين ومائتين. مولده سنة ثلاث وتسعين ومائة رحمه الله تعالى. أحمد بن موسى بن جرير الأزدي العطار كنيته أبو داود وهو من كبار أصحاب سحنون. كان ثقة صالحاً سمع من سحنون ومن يحيى بن سلام وأبي خارجة ومعاوية الصمادحي وأسد بن الفرات وأخذ عنه الناس وفي كتبه خطأ وتصحيف. توفي سنة ثلاث وسبعين ومائتين وهو بن إحدى وتسعين سنة. مولده سنة ثلاث وقيل: اثنين وثمانين ومائة رحمه الله تعالى.

أحمد بن علي بن حميد التميمي أبو الفضل

أحمد بن علي بن حميد التميمي أبو الفضل قال المالكي: كان من أهل الفضل والدين والفقه. ورعاً متواضعاً ضابطاً لكتبه عارفاً بما فيها سمع من سحنون وأسد: واعتمد على سحنون. وكان كثير الكتب صحيحها واسع الرواية تاركاً للشبهات ترك من مال أبيه أكثر من ألف دينار فسئل فقال: كان في تجارته العاج فكرهته لما جاء فيه عن أهل العلم. توفي سنة إحدى وخمسين ومائتين. ويقال: إحدى وستين. أحمد بن يحيى بن قاسم سمع من بن خالد وغيره. يكنى أبا عمر. فقيه عالم بصير بالمسائل والوثائق. توفي سنة عشر وثلاثمائة. أحمد بن مروان من أهل قرطبة. يعرف بابن الرصافي.

أحمد بن محمد الطيالسي

سمع من يحيى بن يحيى وسعيد بن حسان وابن حبيب وكان كثير الجمع للحديث والرأي حافظاً لما روى من ذلك وقيل: هو الذي روى المستخرجة للعتبي وقيل: هو الذي أعان العتبي على تأليفها. توفي سنة ست وثمانين ومائتين رحمه الله تعالى. أحمد بن محمد الطيالسي من الطبقة الرابعة من أهل العراق: ويكنى أبا العباس من أصحاب القاضي إسماعيل أخذ عنه أبو الفرج البغدادي وذكره أبو بكر الأبهري في كتابه وهو من كبار أئمة المالكين البغدادين. أحمد بن مروان بن محمد المعروف بالمالكي: أبو بكر من أهل مصر من هذه الطبقة وقيل في نسبه: أحمد بن جعفر بن مروان بن محمد القاضي الدينوري يعرف بالمالكي وبالخياش. نزل مصر وبها مات. أخذ عن إسماعيل القاضي ويحيى بن معين وصالح بن أحمد بن حنبل وأبي محمد بن قتيبة وعلى بن عبد العزيز وابن أبي الدنيا وغيرهم. وغلب عليه الحديث: حدث ببغداد وبمصر روى عنه الناس كثيراً

أحمد بن موسى بن عيسى بن صدقة الصدفي

وروى عنه أبو بكر الأبهري وأبو محمد الضراب وأبو بكر المهتدي وأبو القاسم السيوري وغيرهم. ضعفه الدارقطني وألف كتاباً في فضائل مالك وكتاباً في الرد على الشافعي وكتاب المجالسة. توفي في صفر سنة ثمان وتسعين ومائتين وسنه أربع وثمانون سنة. أحمد بن موسى بن عيسى بن صدقة الصدفي مولاهم من أهل مصر يكنى أبا بكر يعرف بالزيات. فقيه مشهور بمصر من أصحاب محمد بن عبد الحكم قال الأمير: هو فقيه حدث بكتب الفقه عنه أبو إسحاق بن القوطي. توفي بمصر سنة ست وثلاثمائة رحمه الله ورضي عنه. أحمد بن الحارث بن مسكين القاضي يكنى أبا بكر مصري جلس مجلس أبيه بعده بجامع الفسطاط وأخذ الناس عنه حدث عن أبيه وعن أبي الطاهر وأنكر الطحاوي عليه روايته عن أبيه. توفي سنة إحدى عشر وثلاثمائة. مولده سنة تسع وثلاثين ومائتين رحمه الله تعالى.

أحمد بن حذافة

أحمد بن حذافة من أهل البصرة: بصرة المغرب كان فقيهاً من نمط أبي هارون: عمران العمري وكان سماعه مع بن ميسر وابن أبي مطر وابن اللباد وفضل بن سلمة. أحمد بن يحيى بن يحيى بن يحيى الليثي ثلاثة في نسق. يكنى أبا القاسم من أهل غرناطة رفيع البيت في العلم والجاه يعرف بالتائه سمع من بن وضاح وعمه عبيد الله وشوور مع هذه الطبقة ولذلك سمي بالتائه فعاجلته المنية. كان عالماً بالفقه متصرفاً في كثير من العلوم أديباً مفتياً شاعراً مجوداً ذا عناية وفهم حسن. مات سنة سبع وتسعين قبيل عمه عبد الله بسنة وهو بن سبع وأربعين سنة رحمه الله تعالى. أحمد بن خالد بن وهب بن خالد أبو بكر من أهل الأندلس: روى عن أبيه وابن وضاح وابن صالح وابن حميد وشوور. توفي بعد الثلاثين وثلاثمائة.

أحمد بن محمد بن غالب

أحمد بن محمد بن غالب من أهل قرطبة يكنى أبا الوليد سمع من أبيه وعبيد الله بن يحيى بن يحيى وكان بصيراً بالشروط مميزاً بالفتوى على مذهب مالك حافظاً نبيلاً ظريفا. ً توفي سنة إحدى وثلاثمائة. أحمد بن بيطر القرطبي مولى محمد بن يوسف بن مطروح مولى عتاقة وقيل: مولى الأمير محمد وقيل غير ذلك وقيل فيه: أحمد بن عبد الله بن بيطر وبيطر: أبوه هو المعتق. طلب أحمد هذا العلم فساد فيه وهو من نجباء أبناء الموالي. سمع من بن وضاح وابن القزاز وبني هلال وابن مطروح ورحل فسمع من علي بن عبد الله وأبي يعقوب الإبلي. كان حافظاً للفقه عاقلاً للشروط مشاوراً في الأحكام متقدماً للفتوى بحفظه للفقه وورعه وصلابته في الحق وقيل: إنه كان قليل العلم والفهم انظر تاريخ بن عبد البر. قال بن حزم: كان ذا سمت وهدى لم يكن من شأنه الجمع والرواية كان صاحب فقه ومسائل.

أحمد بن محمد بن زياد بن عبد الرحمن بن شبطون اللخمي

توفي في الطاعون سنة ثلاث وثلاثمائة. أحمد بن محمد بن زياد بن عبد الرحمن بن شبطون اللخمي من بيوت العلم بقرطبة يعرف بالحبيب ولي قضاء الجماعة بقرطبة يكنى أبا القاسم. سمع من بن وضاح وغيره. وأبوه أيضاً وعمه وليا القضاء قبل هذا. كان أكمل الناس أدباً وأكرمهم عناية وأقضاهم للحاجة بماله وجاهه لم يزل نبيهاً عند الكبراء شاوره الأمير محمد مع الفقهاء وأرسله الأمير المنذر للاستسقاء بالناس فتيسر له أن سقي الناس وهم في المصلى. فتيمنوا به. وكان من أهل الوجد والغنى ذكر أنه ألف كتاب الأقضية فوضع منها عشرة أجزاء مشهورة فيها لمن نظر بلاغ من المعرفة ودربة على الحكومة ولا بأس بما اشتملت عليه من العلم أراد بذلك الاستغناء عن شيخ الفقهاء إذ ذاك: محمد بن لبابة إذ كان ما بينه وبينه غير صالح وكان الحبيب شريف الهمة. توفي سنة ثنتي عشرة وثلاثمائة وهو يتقلد الصلاة والقضاء معاً رحمه الله تعالى ورضي عنه ونفع بعلمه آمين.

أحمد بن بشير بن محمد بن إسماعيل يعرف بابن الأغبس أبو عمر

أحمد بن بشير بن محمد بن إسماعيل يعرف بابن الأغبس أبو عمر قرطبي سمع بن وضاح والخشني ومطرف بن قيس وعبد الله بن يحيى وطاهر بن عبد العزيز. فتقدم في معرفة لسان العرب ولغاتها مشاور في الأحكام وكان يميل إلى النظر والحجة ربما أفتى بمذهب مالك وربما يعتني بمذهب الشافعي عالم فهم. لم يكن حفظ أصول مذهب مالك حفظاً حسناً واعتنى بكتب الشافعي وكان يميل إليه وكان إذا استفتى ربما يقول: أما مذهب أهل بلدنا فكذا وأما الذي أراه فكذا. شريف النفس قليل الاختلاف إلى أهل الدنيا. توفي سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة وقيل سنة سبع وعشرين رحمه الله تعالى. أحمد أبو جعفر بن نصر بن زياد الهواري من أهل أفريقية من هذه الطبقة أعني الرابعة.

أخذ عن بن عبدوس وابن سحنون ويحيى بن سلام وحماس القاضي وأحمد بن لبدة ويحيى بن عمرو المغامي. سمع منه بن حارث وأحمد بن حزم وغيرهما من القرويين والأندلسيين وعليه تفقه أكثر القرويين. مسألة: وسئل أحمد بن نصر: عن زوجين ادعى كل واحد منهما على صاحبه أنه عذيوط وأن الحدث الذي يوجد في فراشهما من الآخر؟ فأمر أن يطعم أحدهما فقوساً والآخر تيناً فيعرف بذلك العيب ممن هو. مسألة: وسئل عن امرأة سقت زوجها فأجذمته؟ فاضطرب علماء القيروان فيها فقال لهم أحمد بن نصر: المسألة في المدونة: في السن إذا ضربها رجل فاسودت أو اخضرت فقد تم عقلها ووجبت الدية فيها لأن المراد منها بياضها وجمالها فإذا اسودت أو اخضرت فقد ذهب فكذلك الإنسان إذا تجذم فقد زال حسنه وجماله ووجبت فيه الدية. كان عالماً متقدماً بأصول العلم حاذقاً بالمناظرة فيه ملياً بالشواهد والنظير حسن الحفظ فقيه الصدر جيد القريحة حسن الكلام في علم الفرائض

أحمد بن خالد بن يزيد بن محمد بن سالم بن سليمان

والوثائق ويكتب ويحسب صحيح المذهب شديد التواضع سليم القلب بعيداً من الصنع. وكان لا ينظر ولا يتصرف في شيء من العلم غير مذهب مالك فإذا تكلم فيه كان فائقاً راسخاً في المذهب حاضر الجواب. وكان قليل الكتب علمه في صدره من الفقهاء المبرزين والحفاظ المعدودين لا يدانيه في ذلك أحد في زمانه ثقة ثبت مأمون فقيه صالح. توفي رحمه الله في ربيع الآخر سنة تسع عشرة وثلاثمائة. مولده سنة ست أو خمس وثلاثين ومائتين. وصلى عليه أبو ميسرة الفقيه سراً في داره في خاصة أصحابه خوفاً ممن يصلى عليه من قضاة الوقت. وفي المالكيين من يشتبه به وهو أحمد بن نصر الداودي متأخر يأتي ذكره. ومن أهل الأندلس: أحمد بن خالد بن يزيد بن محمد بن سالم بن سليمان يعرف بابن الجباب بباءين بموحدة من أسفل كان يبيع الجباب يكني أبا عمرو قرطبي.

سمع بن وضاح وقاسم بن محمد والخشني وابن زياد وإبراهيم بن قاسم وجماعة سواهم. ورحل فجاور بمكة ودخل اليمن وإقريطش وأفريقية وسمع من علي بن عبد العزيز والقراطيسي ويحيى بن عمر ومحمد بن علي الصائغ وأحمد بن عمرو المالكي. كان بالأندلس إمام وقته غير مدافع في الفقه والحديث والعبادة ضابطاً متقناً خيراً فاضلاً ورعاً منقبضاً متقشفاً جمع علوماً جمة حافظاً عالماً. قال أبو عمر بن عبد البر: لم يكن بالأندلس أفقه منه ومن قاسم بن محمد بن قاسم. وقال بن أبي الفوارس وسئل: أين كان قاسم بن أصبغ من أحمد بن خالد؟ فقال: كان يوم من أيام أحمد أكثر من عمر قاسم وجعل يثني عليه ويصفه بالخير والدين. وغلب عليه آخر عمره نشر العلم. وكانت أمه ترى وهي حامل به من يقول لها: في بطنك نطفة تضيء منها الدنيا. وسمع منه عالم كثير وألف مسند حديث مالك وكتاب فضائل الوضوء والصلاة وحمد الله وخوفه وكتاب الإيمان وكتاب بعض قصص الأنبياء. ولم يزل على الانقباض والعبادة ولزوم بيته ونشر العلم

أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة بن مسلم

إلى أن توفي في ليلة الاثنين منتصف جمادى الأخيرة سنة ثنتين وعشرين وثلاثمائة. مولده سنة ست وأربعين ومائتين رحمه الله تعالى ورضي عنه. ومن الطبقة الخامسة من أهل العراق ثم من آل حماد بن زيد: أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة بن مسلم الدينوري الأصل البغدادي المنشأ أبو جعفر كان مالكي المذهب من أهل العلم والحفظ لكتب أبيه والإتقان. وسمعت منه كتب أبيه من حفظه وكان يحفظها كما يحفظ القرآن ويرد فيها من حفظه النقطة والشكلة وما معه نسخة. كان أبوه أبو محمد حفظه إياها في اللوح وعدتها أحد وعشرون مصنفاً. كتاب المشكل وكتاب معاني القرآن وكتاب غريب الحديث وكتاب عيون الأخبار وكتاب مختلف الحديث وكتاب الفقه وكتاب المعارف وكتاب أعلام النبوة وكتاب العرب والعجم وكتاب الأنواء وكتاب الميسر وكتاب طبقات الشعراء وكتاب معاني الشعر وكتاب إصلاح الغلط وكتاب أدب الكاتب وكتاب الأبنية وكتاب النحو

أحمد بن محمد بن زيد القزويني

وكتاب المسائل وكتاب القراءات. سمع منه خلق كثير عظيم من الجلة بالعراق ومصر كأحمد بن ولاد وأبي جعفر النحاس وأبي عاصم المظفر بن أحمد وأبي علي الغلال وغيرهم من جلة أهل الأدب والرواية وكان مجلسه محشواً بعيون الناس وأعيان النبهاء ولم يكن عنده حديث إلا ما في كتب أبيه. وولي قضاء مصر سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة ووردها وقد لبس السواد وحكم في جامعها. وتوفي في ربيع الأول سنة اثنين وعشرين بمصر بعد صرفه. وكانت ولايته القضاء بمصر ثلاثة أشهر رحمه الله تعالى ورضي عنه. ومن الطبقة السابعة من أهل العراق: أحمد بن محمد بن زيد القزويني أبو سعيد. تفقه بالأبهري وهو من كبار أصحابه وتفقه أيضاً على أبي بكر بن علوية الأبهري وكثيراً ما يفرق بينهما في كتابه فيقول في أبي صالح الأبهري:

أحمد بن زكريا بن فارس

قال بن الصالح أبو بكر. وقد ظن القاضي أبو الوليد أن الصالحي غير الأبهري فقال: الصالحي مجهول. قال الشيرازي: وصنف في المذهب والخلاف وكان زاهداً عالماً بالحديث وقد سمع من أبي زيد المروزي ورأيت ذلك بخط الأصيلي في كتابه. وله كتاب المعتمد في الخلاف نحو مائة جزء وهو من أهذب كتب المالكية وله كتاب الإلحاف في مسائل الخلاف رحمه الله. أحمد بن زكريا بن فارس اللغوي أبو الحسين كان إماماً في رجال خراسان غلب عليه علم النحو ولسان العرب فشهر به. روى عنه أبو ذر والقاضي أبو زرعة. فقيه مالكي وله شرح مختصر المزني وكتاب في اللغة. وكان أديباً شاعراً وذكر أنه ألف للصاحب بن عباد كتاباً

أحمد بن زكريا بن محمد بن حبيب الرازي

سماه كتاب الحجر ووجهه للصاحب فقال الصاحب: ردوا الحجر من حيث جاء ثم قبله ووصله عليه. وله رسالة مشهورة حسنة طويلة كتب بها إلى بعض الكتاب في شأن كتاب الحماسة ذكرها الثعالبي. قلت: ومن وفيات الأعيان لابن خلكان: قال رحمه الله: كان أبو الحسين: أحمد بن زكريا بن محمد بن حبيب الرازي اللغوي - إماماً في علوم شتى وخصوصاً اللغة فإنه أتقنها وألف كتاب المجمل في اللغة وهو على اختصاره جمع شيئاً كثيراً وله كتاب حلية الفقهاء وله رسائل أنيقة ومسائل في اللغة يعايا بها الفقهاء ومنه اقتبس الحريري صاحب المقامات ذلك الأسلوب. ووضع المسائل الفقهية في المقامة الطيبية: وهي مائة مسألة. وكان مقيماً بهمذان. وعليه اشتغل بديع الزمان الهمذاني صاحب المقامات. وله أشعار جيدة منها قوله: اسمع مقالة ناصح ... جمع النصحية والمقة إياك واحذر أن تبي ... ت من الثقات على ثقة وله: إذا كنت في حاجة مرسلاً ... وأنت بها كلف مغرم فأرسل حكيماً ولا توصه ... وذاك الحكيم هو الدرهم

أحمد بن نصر الداودي الأسدي

وله: مرت بنا هيفاء مجدولة ... تركية تنتمي لتركي ترنو بطرف فاتر فا ... تن أضعف من حجة نحوي وله: سقى همذان الغيث لست بقائل ... سوى ذا وفي الأحشاء نار تضرم وما لي لا أصغي بأذني لبلدة ... أفدت بها نسيان ما كنت أعلم نسيت الذي أحسنته غير أنني ... مدين وما في جوف بيتي درهم وله أشعار كثيرة حسنة. توفي سنة تسعين وثلاثمائة وقيل: سنة سبع وخمسين ومن أشعاره: وقالوا كيف حالك؟ قلت: خير ... تقضى حاجة ويفوت حاج إذا ازدحمت هموم الصدر قلنا: ... عسى يوماً يكون له انفراج نديمي هرتي وأنيس نفسي ... دفاتري ومعشوقي السراج ومن أهل أفريقية: أحمد بن نصر الداودي الأسدي أبو جعفر. من أئمة المالكية بالمغرب. كان بطرابلس وبها أصل كتابه في

أحمد بن عمرو بن عبد الله بن السرح

شرح الموطأ ثم انتقل إلى تلمسان. وكان فقيهاً فاضلاً متقناً مؤلفاً مجيداً له حظ من اللسان والحديث والنظر. ألف كتابه النامي في شرح الموطأ والواعي في الفقه والنصحية في شرح البخاري والإيضاح في الرد على القدرية وغير ذلك. وكان درسه وحده لم يتفقه في أكثر علمه على إمام مشهور وإنما وصل بإدراكه. حمل عنه أبو عبد الملك البوني وأبو بكر بن محمد بن أبي زيد. توفي بتلمسان سنة ثنتين وأربعمائة وقبره عند باب العقبة. أحمد بن عمرو بن عبد الله بن السرح أهل مصر وكان صرح جده أندلسياً. جل روايته عن بن وهب وسمع من بن عيينة وغيره روى عنه أبو زرعة وأبو داود السجستاني وخرج له مسلم وكان صدوقاً ثقة فقيهاً وشرح موطأ بن وهب.

أحمد بن ملول

توفي سنة خمس ومائتين ومولده سنة سبعين ومائة. أحمد بن ملول تنوخي يكنى أبا بكر من أهل توزر. سمع من سحنون ورحل في طلب الحديث. ثقة مأمون سمع منه ناس كثير من الأعيان كالأكنافي وغيره كان فقيهاً عالماً حسن المناظرة وناظر محمد بن عبد الحكم بمصر وألف تآليف كثيرة. توفي بتوزر سنة اثنين وستين ومائتين. أحمد بن أبي سليمان واسم أبيه داود ويعرف بالصواف يكنى بأبي جعفر من الطبقة الثالثة من إفريقية من مقدمي رجال سحنون. سمع من الكبار وسمع منه الأعيان أبو العرب: محمد وغيره وكان حافظاً للفقه مقدماً فيه مع ورع في دينه أحد كبار المالكية ووجوههم وذكره أبو العرب وأثنى عليه ثناء طويلاً. صحب سحنون عشرين سنة وكان يقول للمشتغلين: أنا حبس وكتبي حبس. وله أشعار كثيرة فمنها:

أحمد بن خالد

سألبس للصبر ثوباً جميلاً ... وأفتل للفقر حبلاً طويلاً وأصبر بالرغم لا بالرضا ... أخلص نفسي قليلاً قليلاً وكان رحمه الله يفتي في الذي يفتح حوانيت في الشارع قبالة دار رجل أنه يمنع. توفي سنة إحدى وتسعين ومائتين ومولده سنة ست وقيل ثمان ومائتين. أحمد بن خالد من الأندلس من فقهاء المالكية تفقه بسحنون وشيوخ المغرب وأحيا الله به أهل الأندلس وانتفعوا به. ألف كتاب العبادة وكتاب الصلاة في النعلين وكتاب النظر إلى الله تعالى ورسالة السنة وغير ذلك. أحمد بن محمد بن عجلان من أهل سرقسطة سمع من سحنون. كان فقيهاً. روى عنه محمد بن تليد. ولي قضاء بلده وكان من أهل العلم وكانت له رحلة. رحمه الله تعالى.

أحمد بن ميسر

أحمد بن ميسر من الطبقة الرابعة من أهل مصر هو أحمد بن محمد بن خالد بن ميسر أبو بكر إسكندراني يروي عن محمد بن المواز وعن مطروح بن شاكر وغيرهما إليه انتهت الرئاسة بمصر بعد بن المواز وعليه تفقه وهو راوي كتبه. كان في الفقه يوازي بن المواز وألف كتاب الإقرار والإنكار. كان فقيهاً عالماً. روى عنه الكبار كابن سعيد بن مجلون وأبي هارون العمري البصري ببصرة فارس. توفي سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. قلت: وميسر بكسر السين غلط والصواب فتحها ذكره القاضي عياض أول كتابه رحمه الله تعالى ورضي عنه آمين. أحمد بن أحمد بن زياد الفارسي أبو جعفر من أهل أفريقية. صحب بن عبدوس وابن مسكين القاضي وغيرهما من الكبار. سمع منه بن حارث وأبو العرب وخلق كثير.

أحمد بن فتح الرقادي

كان من أهل العلم عالماً بالوثائق وضع فيها عشرة أجزاء أجاد فيها وكتاباً في مواقيت الصلاة وله في أحكام القرآن عشرة أجزاء. كان فقيهاً نبيلاً ثقة مذهبه النظر ولا يرى التقليد. توفي سنة تسع عشرة وثلاثمائة. أحمد بن فتح الرقادي يعرف بابن شفون لجرح أثر بشفتيه من مشاهير المتكلمين والنظار بالقيروان وكان يذهب مذهب الجدل والمناظرة والذب عن أهل السنة ومذهب أهل المدينة وله تآليف حسان في هذا الباب. توفي سنة عشر وثلاثمائة رحمه الله تعالى ورضي عنه. ومن أهل الأندلس: أحمد بن بقي بن مخلد من أهل قرطبة يكنى أبا عبد الله سمع من أبيه وكان زاهداً فاضلاً مشاوراً في الأحكام ولي قضاء الجماعة مع الصلاة والخطبة. كان حافظاً للقرآن عالماً بتفسيره وعلومه قوي المعرفة باختلاف العلماء فيه. وكان أحمد بن عبد ربه يعده من عجائب الدنيا. كان نسيج وحده جامعاً للخلال الرفيعة منفرداً بها.

أحمد بن دحيم بن خليل

توفي سنة أربع وعشرين وثلاثمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن دحيم بن خليل من الطبقة الخامسة من الأندلس قرطبي يكنى أبا عمر. سمع من الأعناقي وابن لبابة وابن الأعرابي والبغوي وابن صاعد وغيرهم من آفاق البلاد وسمع من جماعة من الكبار كالمعيطي وابن السليم القاضي وغيرهما. وكان معتنياً بالآثار جامعاً للسنن من أهل الحفظ والرواية مشهوراً بالعلم تقياً فقيهاً حافظاً لمذهب مالك. ولي الشورى ثم قضاء طليطلة ثم قضاء ألبيرة وغيرهما. توفي سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة مولده سنة ثمان وسبعين ومائتين. أحمد بن محمد بن عبد البر بن يحيى أبو عبد الملك قرطبي طلب العلم كثيراً واعتنى به أخذ عن شيوخ الأندلس وعول على

أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن

بن لبابة وأخذ عن الجلة فاتسع في الرواية والدراية. وكان بصيراً بالحديث حافظاً للرأي فقيهاً وألف تاريخاً مشهوراً. كان متصرفاً في فنون العلم. توفي سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة. أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن يكنى أبا بكر من الطبقة السادسة من الحجاز سكن مكة روى عن الجلة من الكبار وحدث عنه جماعة من الأعيان منهم أبو الحسن القابسي وابن جهضم وغيرهما. كان من المتكلمين على مذهب أهل السنة ودخل العراق وأخذ عن الشيوخ بها وسكن آخراً القيروان وصحب أبا محمد بن أبي زيد وغيره من الأئمة وناظرهم وذاكرهم وذاكروه وأثنوا عليه وأخذ عنه الناس وله بها أخبار معروفة رحمة الله عليه. أحمد بن سعيد بن إبراهيم الهمذاني المعروف بابن الهندي قال بن حيان: كان واحد عصره في علم الشروط أقر له بذلك فقهاء الأندلس طراً وله في ذلك كتاب مفيد جامع يحتوي على علم كثير وعليه اعتماد الموثقين والحكام بالأندلس والمغرب سلك فيه الطريق الواضح. توفي

أحمد بن أبي يعلى

سنة تسع وتسعين وثلاثمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن أبي يعلى من أهل العراق ثم من أهل حماد. سمع من شيوخ آله ومن جماعة كثيرة من الأعيان وروى عنه أبو عمر الطلمنكي وأبو عمر الباجي وابنه أبو عبد الله وألف كتاب اللقطة وكتاب الحجة في القبلة وكتاب الرد على الشافعي وحدث بتصانيف القاضي إسماعيل. وكان فقيهاً عالماً وكان آخر من روي عنه العلم من آل حماد بن زيد وقد أقام العلم في هذا البيت نحو أربعمائة سنة. أحمد بن محمد بن عمر الدهان من غير آل حماد بصري من أئمة المالكية المشهورين وله كتب في نقض كتاب الشافعي رده على مالك ستة أجزاء وغير ذلك من التآليف.

أحمد بن محمد بن جامع البصري

روى عن بن شاهين عن مصعب الزبيري رحمه الله تعالى. أحمد بن محمد بن جامع البصري معدود في أئمة مالكية أهل المشرق والمتأخرين له كتاب في الوصايا اقتضبه من المبسوط وسماه بذلك وروى عنه الناس. أحمد بن محمد بن عبيد أبو جعفر الأزدي المصري. كان فقيهاً مالكياً. وله كتاب في إثبات الكرامات والرد على من أنكرها. موصوفاً بحفظ المذهب رحمه الله تعالى. أحمد بن علي بن أحمد الباغاني المقرئ من الطبقة السابعة من الأندلس يكنى أبا العباس الحافظ كان بحراً من بحار العلم وله تآليف في أحكام القرآن وقدم للشورى بعد موت بن المكوى وقرأ عليه بن عتاب وناهيك به مزية؟ وكان بن عتاب يستحسن كتابه في الأحكام. توفي في ذي القعدة سنة إحدى وأربعمائة رحمة الله تعالى عليه

أحمد بن محمد أبو يعلى العبدي

قلت: الباغاني بالباء الموحدة والغين العجمة والنون. قال صاحب الصلة: كان من أهل الحفظ والعلم والفهم وكان في حفظه آية من آيات الله تعالى وكان بحراً من بحور العلم وكان لا نظير له في علم القرآن قراءته وإعرابه وأحكامه وناسخه ومنسوخه وكتابه في أحكام القرآن نحا فيه نحواً حسناً وهو على مذهب مالك رحمه الله تعالى. ومن الطبقة العاشرة: أحمد بن محمد أبو يعلى العبدي من البصرة إمام المالكية بالبصرة وصاحب تدريسهم ومدار فتياهم وذو التآليف في وقته أخذ عن أبي الحسن وهارون التميمي. قال أبو علي الصدفي: كان مشهوراً بتقدم وإمامة وصلاح. وكان يملي على كل جمعة في جامع البصرة وعلى رأسه مستمليان يسمعان الناس ما يمليه. سمع منه أبو علي الصدفي والقاضي أبو بكر السبتي النفزاوي عالم عظيم رحمه الله تعالى. أحمد بن عفيف أبو عمر قرطبي من أهل الأندلس

أحمد بن عبد الملك الإشبيلي أبو عمر المعروف بابن المكوي

سمع من بن سليم وابن زرب وابن مرطال والزبيدي وابن القوطية وغيرهم وبرع في الفقه والوثائق ولم يكن في عصره أعلم منه بها. حدث عنه الدلائي وغيره وكان يعظ الناس في مجلسه عالماً بالخبر والشعر وله تآليف في علم الشروط حسن مفيد وألف كتاب المعلمين وكتاب الاختلاف في علماء الأندلس وله كتاب سماه بكتاب الجنائز. وله شعر حسن وتولى قضاء لورقة فحمدت سيرته بها. توفي سنة عشر وأربعمائة. ومن الطبقة السابعة من أهل الأندلس. أحمد بن عبد الملك الإشبيلي أبو عمر المعروف بابن المكوي مولى بني أمية شيخ الأندلس في وقته. تفقه بأبي إبراهيم. وانتهت إليه رئاسة الفقه في الأندلس حتى صار فيها بمنزلة يحيى بن يحيى واعتلى على الفقهاء ونفذت الأحكام برأيه. وكان لا يداهن السلطان: ولا يدع قول الحق القريب والبعيد عنده في الحق سواء. وكان أحفظ الناس لقول مالك وأصحابه وجمع للحكم أمير المؤمنين كتاباً جميلاً في رأي مالك سماه: كتاب الاستيعاب وكان جمعه

أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الخولاني أبو بكر

له مع أبي بكر: محمد بن عبد الله القرشي المعيطي ورفع إلى الحكم فوصلهما بجائرة كبيرة وقدمهما للشورى وانتفع الناس به رحمة الله عليه. سمع أبو محمد بن الشقاق على قبره يقول: رحمك الله أبا عمر فلقد فضحت الفقهاء في حياتك بقوة حفظك ولتفضحنهم بعد مماتك. أشهد أني ما رأيت قط أحفظ للسنة منك ولا علم أحد من وجوها ما علمت. وكان بن زرب على تقدمه وعلمه يقول: يا أصحابنا الحق خير ما قيل: أبو عمر والله أحفظ منا كلنا. وتوفي رحمه الله أول انبعاث الفتنة البربرية بقرطبة سنة إحدى وأربعمائة رحمه الله ورضي عنه. ومن الطبقة الثامنة من أهل أفريقية: أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الخولاني أبو بكر من أهل القيروان وشيخ فقهائها في وقته مع صاحبه أبي عمران الفاسي وكان أبو بكر فقيهاً حافظاً ديناً تفقه بأبي محمد وأبي الحسن وسمع

أحمد بن حكم العاملي

منهما ومن شيوخ غيرهما من أفريقية وسمع بمصر من القفال وغيره وتفقه عليه خلق كثير كأبي القاسم بن محرز وأبي إسحاق التونسي وأبي القاسم السيوري وأبي حفص العطار وأبي محمد: عبد الحق وغيرهم. وحاز الذكر ورياسة الدين في المغرب مع صاحبه في وقته حتى لم يكن لأحد معهما في المغرب اسم يعرف. وتوفي سنة اثنين وثلاثين وأربعمائة. ومن أهل الأندلس: أحمد بن حكم العاملي عرف بابن اللبان من أهل قرطبة يكنى أبا عمر وكان واسع العلم مشهور الطلب والرواية. ولي الشورى بقرطبة بعد أخيه يحيى ثم استقضاه محمد بن أبي عامر بحاضرة طليطلة فمات وهو يتولاها رحمه الله تعالى. أحمد بن محمد بن أبي عبد الله بن عيسى المعافري أبو عمر الطلمنكي أصله من طلمنكة بفتح الطاء المهملة واللام والميم وسكون النون وفتح

الكاف وهاء ساكنة من ثغر الأندلس الشرقي. وسكن قرطبة فسمع من القلعي وابن عون الله وغيرهما ورحل إلى المشرق فلقي جماعة الدمياطي وابن غلبون وأبا القاسم الجوهري وغيرهم وغلب عليه القرآن والحديث. وله تآليف جليلة: ككتاب الدليل إلى معرفة الجليل مائة جزء وكتابه في تفسير القرآن نحو هذا وكتابة في الوصول إلى معرفة الأصول وكتاب البيان في إعراب القرآن وفضائل مالك ورجال الموطأ والرد على أبي مسرة ورسالة في أصول الديانات الي أهل أشبونة وهي جيدة وغير ذلك من تآليفه. سكن قرطبة وأقرأ بها ثم سكن المرية ثم مرسية ثم سرقسطة ثم رجع إلى بلدة طلمنكه فبقي بها إلى أن مات في تسع وعشرين وأربعمائة. قلت: ومن كتاب الصلة لأبي القاسم بن بشكوال في ترجمة طويلة وذكر شيوخه: كان رحمه الله أحد الأئمة في علم القرآن لعظيم قراءته وإعرابه وأحكامه وناسخه ومنسوخه ومعانيه وكانت له عناية كاملة بالحديث ونقله وروايته وضبطه ومعرفة رجاله وحملته حافظاً للسنن جامعاً لها إماماً فيها عارفاً بأصول الديانات

مظهراً للكرامات على هدي وسنة. وكان سيفاً مجرداً على أهل الأهواء والبدع قامعاً لهم غيوراً على السنة شديداً في ذات الله عز وجل وأخبرنا أبو القاسم بن بقي الحجازي قال: خرج علينا أبو عمر الطلمنكي يوماً ونحن نقرأ عليه فقال: اقرؤا وأكثروا فإني لا أتجاوز هذا العام فقلت له: ولم؟ قال: رأيت البارحة منشداً ينشدني ويقول: اغتنموا البر بشيخ ثوى ... بفقده السوقة والصيد قد ختم العمر بعيد مضى ... ليس له من بعده عيده قال فتوفي في ذلك العام رحمة الله تعالى عليه ورضوانه. ومن الطبقة العاشرة من أهل الأندلس:

أحمد بن محمد بن عيسى بن هلال أبو محمد بن القطان

أحمد بن محمد بن عيسى بن هلال أبو محمد بن القطان قرطبي بعيد الصيت في فقهائها وعليه وعلى محمد بن عتاب دارت الفتوى بها إلى أن فرق الموت بينهما. وكان ما بينهما متباعداً لا يكاد يوافقه في شيء إذ كان يقدم عليه بن عتاب لسنه وكان بن عتاب يفوقه بتفننه وثبوت معرفته ويفوقه بن القطان ببيانه وقوة حفظه وجودة استنباطه. وكان عالماً بالشروط بصيراً بعقدها تفقه بأبي محمد بن دحون وابن الشقاق وابن حرمل وسمع القاضي يونس وشوور في أيام القاضي بن بشير. وكان أحفظ للمدونة والمستخرجة وأخبرنا الناس بالتهدي إلى مكنونها وأبصر أصحابه بطرق الفتيا والرأي. وكان ينكر المناكر ويكسر اللهو وكان أبوه زاهداً وبأبي محمد تفقه القرطبيون: بن مالك ومولى الطلاع وابن حمدين وابن زرق ونمطهم. وتوفي بباغة وقد خرج من قرطبة يريد المرية للاستحمام في حمتها

أحمد بن مغيث أبو جعفر

لفالج أصابه يوم الاثنين منتصف ذي القعدة سنة ستين وأربعمائة رحمه الله تعالى ورضي عنه. أحمد بن مغيث أبو جعفر كبير طليطلة وفقيهها كان عالماً حافظاً أدبياً تفقه بابن زهر وابن رافع رأسه وابن الفار وغيرهم. توفي سنة تسع وخمسين وأربعمائة وولد سنة ست وأربعمائة رحمه الله تعالى ورضي عنه. أحمد بن محمد بن زرق أبو جعفر الأموي قرطبي جليل من أهل الفقه والمسائل تفقه بابن القطان وانتفع به وبغيره من شيوخ قرطبة وولي الشورى بقرطبة. وكان حافظاً ذاكراً تفقه عليه القرطبيون وخرج به جماعة جلة كأبي الوليد بن رشد وصاحبه أبي القاسم: أصبغ بن محمد وأبى الوليد هشام بن أحمد وأبي عبد الله بن الجراح وأبي محمد بن أبي جعفر المرسي. وكان رحمه الله تعالى مختصراً في شأنه وملبسه وما فارق السوق.

أحمد بن سليمان بن خلف الباجي أبو القاسم بن القاضي أبي الوليد

وكان صهر بن عتاب على ابنته. مات فجأة سنة سبع وسبعين وأربعمائة ولد سنة سبع وعشرين. أحمد بن سليمان بن خلف الباجي أبو القاسم بن القاضي أبي الوليد كان أبو القاسم من أهل الدين والفضل غلب عليه علم الأصول والخلاف. تفقه على أبيه وخلفه في حلقته بعد وفاته وأخذ عنه جلة من أصحاب أبيه: كأبي علي الصدقي وحدث عنه الجياني وأذن له أبوه في إصلاح كتبه في الأصول فتتبعها. وألف كتابه معيار النظر وكتاب سر النظر وكتاب البرهان على أن أول الواجبات الإيمان وتخلى عن تركة أبيه وكانت واسعة. ورحل إلى المشرق ودخل بغداد فأقام بها سنتين أو نحوهما ثم تحول إلى البصرة ثم استقر في بعض جزائر اليمن ثم حج فمات بجدة بعد منصرفه من الحج في سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة رحمة الله عليه. أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن مسعدة العامري يكنى أبا جعفر من أهل غرناطة كان صدراً جليلاً فقيهاً مضطلعاً من أهل النظر

السديد والبحث الأصيل حافظاً للمسائل مشاركاً في كثير من الفنون جزلاً مهيباً جارياً على سنن سلفه. ختم سيبويه تفقهاً واستظهر كتاب التلقين وحفظ كتاب الأحكام في الحديث وقرأ أصول الفقه: وشرح كتاب المستصفى شرحاً حسناً وقرأ الإرشاد والنهاية. وكان صدراً في الفرائض والحساب وألف تاريخ قومه وقرابته وولي القضاء بمواضع كثيرة من الأندلس. وقرأ على قاضي الجماعة: أبي الحسن بن أبي عامر بن ربيع وعلى القاضي أبي عامر يحيى بن عبد المنعم الخزرجي وعلى الراوية أبي الوليد العطار وعلى أبي إسحاق: إبراهيم بن أحمد الخشني وعلى أبي علي بن أبي الأحوص وغيرهم. توفي عام تسع وتسعين وستمائة. رحمه الله تعالى.

أحمد بن محمد بن عمر بن يوسف بن إدريس بن عبد الله بن ورد التميمي

أحمد بن محمد بن عمر بن يوسف بن إدريس بن عبد الله بن ورد التميمي من أهل المرية يكنى أبا القاسم ويعرف بابن ورد قال الملاحي: كان من جلة الفقهاء المحدثين وقال بن الزبير كذلك وزاد: أنه كان موفور الحظ من الأدب والنحو والتاريخ متقدماً في علم الأصول والتفسير حافظاً متقناً انتهت إليه الرياسة في مذهب مالك وإلى القاضي أبي بكر بن العربي في وقتهما لم يتقدمهما بالأندلس أحد في ذلك بعد وفاة القاضي أبي الوليد بن رشد. ونقل أن أبا عمر بن عات قال: حدثت أن القاضي أبا بكر بن العربي اجتمع بابن ورد وسهرا ليلة وأخذا في التناظر والتذاكر فكانا عجبا: يتكلم أبو بكر فيظن السامع أنه ما ترك شيئاً إلا أتى به ثم يجيبه أبو القاسم بأبدع جواب ينسى السامع ما سمع قبله. وكان أعجوبتي دهرهما وكان له مجلس يتكلم فيه على الصحيحين ويخص الأخمسة بالتفسير. روى عنه أبي علي الغساني وأبي الحسين بن سراج وأبي بكر بن سابق

أحمد بن عبد الحق بن محمد بن عبد الحق الجدلي

الصقلي وأبي محمد عبد الله بن فرج المعروف بابن العسال الزاهد وغيرهم. وتوفي سنة أربعين وخمسمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن عبد الحق بن محمد بن عبد الحق الجدلي من أهل مالقة يكنى أبا جعفر ويعرف بابن عبد الحق كان من صدور أهل العلم واليقين في بلاد الأندلس نسيج وحده في الوقار والحصافة والتزام الطريقة المثلى جم التحصيل سديد النظر عارفاً بالفروع والأحكام مشاركاً في فنون من أصول وطب وأدب متقن للقراءات إماماً في الوثائق تصدر للإقراء ببلده على وفور أهل العلم به فكان سابق الحلبة وضاح المطية. وتولى القضاء بمواضع فحمدت سيرته واشتهرت نزاهته قرأ على الأستاذ أبي عبد الله بن بكر وعلى أبي محمد بن أيوب وأبي القاسم بن درهم وأبي القاسم بن العريف وغيرهم.

أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن الجذامي يكنى أبا العباس ويعرف بالقباب

مولده سنة ثمان وتسعين وستمائة توفي عام خمسة وسبعين وسبعمائة. أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن الجذامي يكنى أبا العباس ويعرف بالقباب قال بن الخطيب في الإحاطة هذا الرجل صدر من صدور عدول الحضرة الفاسية وناهض عشهم فقيه نبيل مدرك جيد النظر شديد الفهم ولي القضاء بجبل الفتح متصفاً فيه بجزالة وانتهاض وحج واجتمعت به في المدينة النبوية. وله شرح مسائل بن جماعة في البيوع شرحاً مفيداً وذكر لي بعض الطلبة أنه شرح قواعد الإسلام للقاضي عياض وتوفي رحمه الله بعد الثمانين وسبعمائة.

أحمد بن محمد بن عبد الله بن يحيى بن جزي

أحمد بن محمد بن عبد الله بن يحيى بن جزي ويكنى أبا جعفر أصالته شهيرة وكان من أهل الفضل والنزاهة ورشح إلى رتب سلفه له مشاركة حسنة في فنون من فقه وعربية وأدب ورواية وحفظ وشعره جيد قرأ على والده أبي القاسم وتفقه به وقرأ على غيره من معاصري أبيه وولي قضاء غرناطة وغيرها. وله تقييد في الفقه على كتاب والده المسمى بالقوانين الفقهية ورجز في الفرائض يتضمن العمل. مولده سنة خمس عشرة وسبعمائة قال بن الخطيب في الإحاطة: وهو الآن بالحياة. أحمد بن إبراهيم بن الزبير بن محمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي يكنى أباجعفر كان خاتمة المحدثين وصدور العلماء والمقرئين نسيج وحده في نشر

التعليم والصبر على التسميع والملازمة للتدريس كثير الخشوع والخشية مسترسل العبرة صليباً في الحق شديداً على أهل البدع ملازماً للسنة مهيباً جزلاً معظماً عند الخاصة والعامة انتهت إليه الرياسة بالأندلس في صناعة العربية وتجويد القرآن ورواية الحديث إلى المشاركة في الفقه والقيام على التفسير والخوض في الأصلين. أخذ عن الجلة منهم: أبو جعفر أحمد بن محمد بن خديجة والراوية أبو الحسن الحفار والخطيب أبو المجد أحمد بن الحسين الحضرمي والقاضي أبو الخطاب بن خليل وأبو الحسين بن السراج وأبو عمر بن حوط الله وأبو العباس بن فرنون السلمي والإمام أبو بكر: محمد بن أحمد بن سيد الناس اليعمري وشيوخه نحو الأربعمائة. وتآليفه حسنة: منها: صلة الصلة البشكوالية وملاك التأويل في المتشابه اللفظ من التنزيل غريب في معناه. والبرهان في ترتيب سور القرآن وشرح الإشارة للباجي في الأصول وسبيل الرشاد في فضل الجهاد وردع الجاهل عن اعتساف المجاهل في الرد على الشودية وهو كتاب جليل القدر ينبئ عن تفنن وإطلاع وغير ذلك. ولد بجيان عام سبع وعشرين وستمائة وتوفي عام ثمانية وسبعمائة.

أحمد بن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري

أحمد بن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري من أهل غرناطة يكنى أبا جعفر ويعرف بابن الباذش. أصله من جيان من بيت خيرية وتصون. إمام في المقرئين راوية مكثر متفنن في علم القراءات مستبحر عارف بالأدب والإعراب عارف بالأسانيد نقاد لها لا يكاد أحد من أهل زمانه ولا ممن أتى بعده أن يبلغ درجته في ذلك. تفقه بأبيه: الإمام أبى الحسن وأخذ القراءات على أبي القاسم: خلف بن إبراهيم بن النحاس وأجاز له أبو علي الغساني وأبو علي الصدفي وغيرهم من الأئمة الجلة وخلف الغساني في الإمامة. روى عنه أبو خالد رفاعة وأبو علي القلعي وأبو جعفر بن حكم وابنه أبو محمد: عبد المنعم وهو آخر من حدث عنه وعن غيرهم.

أحمد بن أبي القاسم بن يحيى بن وداعة النفزي

ألف كتاب الإقناع في القراءات لم يؤلف في بابه مثله وكتاب الطرق المتداولة في القراءات وأتقنه كل الإتقان. وألف غير ذلك. مولده سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. توفي سنة أربعين وخمسمائة. أحمد بن أبي القاسم بن يحيى بن وداعة النفزي يكنى أبا جعفر ويعرف بابن وداعة من أهل رندة وكان من أهل الفضل والدين والمروءة والعفة والاشتغال بالقدر الذي قسم الله له من العلم خطب ببلده وورد مالقة وأخذ عمن كان بها من الشيوخ. وله تأليف لم يسبق إليه فيما علمت وهو أربعون حديثاً عن أربعين امرأة من الصحابة عرضه على شيخنا أبي عبد الله الطنجالي واستحسنه وله كتاب الضاحي في حكم الأضاحي. توفي عام ثمانية وثلاثين وسبعمائة. أحمد بن محمد بن أبي الجليل مفرج يكنى أبا العباس وكناه بن فرتون أبا جعفر يعرف بالعشاب

وبابن الرومية وهي أشهرهما وألصقهما به. كان نسيج وحده وفريد دهره وغرة جنسه إماماً في الحديث حافظاً ناقداً وتفقه طويلاً على أبي الحسن محمد بن أحمد بن زرقون في مذهب مالك. وكان أعجوبة الزمان في عصره وما قبله وبعده في علم النبات وتمييز العشب وتحليلها وإثبات أعيانها على اختلاف أطوارها بمنابت المشرق والمغرب لا مدافع له في ذلك ولا منازع حجة لا ترد ولا تدفع. قال بن عبد الملك: إمام المغرب قاطبة جال في الأندلس ومغرب العدوة واستوعب المشهور من أفريقية ومصر والشام والحجاز والعراق حتى صار أوحد عصره في ذلك فرداً لا يجاريه فيه أحد من أهل ذلك الشأن. وبرنامج مروياته يشتمل على مئين عديدة مرتبة أسماؤهم على البلاد العراقية وغيرها.

أحمد بن عبد الرحمن بن عبد القاهر يكنى أبا عمر

توفي بإشبيلية سنة سبع وثلاثين وستمائة وله تصانيف حديثية. أحمد بن عبد الرحمن بن عبد القاهر يكنى أبا عمر قال بن الزبير: كان من أهل الخير والفضل والتصاون والانقباض روى بقرطبة عن محمد بن لبابة وأحمد بن خالد وأسلم بن عبد العزيز وأحمد بن بقي وغيرهم. وسمع أيضاً بألبيرة من محمد بن قطيس وأحمد بن منصور ورحل إلى المشرق في سنة سبع عشرة وثلاثمائة فأخذ عن أبي جعفر العقيلي وابن الأعرابي وأبي جعفر الطحاوي وغيرهم. وله تأليف في الفقه سماه الاقتصاد وتأليف في الزهد سماه الاستبصار وجمع مشيخته في برنامج حافل. مولده سنة ثلاث وتسعين ومائتين وتوفي سنة تسع وتسعين وثلاثمائة رحمه الله تعالى ورضي عنه. أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن صفوان من أهل مالقة يكنى أبا جعفر ويعرف بابن صفوان بقية من أعلام أدباء هذا القطر وصدر من صدور كتابه ومشيخة طلبته

إمام في الفرائض والحساب والأدب والتوثيق ذاكر للتاريخ واللغة مشارك في الفلسفة والتصوف كلف بالعلوم الإلهية آية من آيات الله عز وجل في فك المعنى لا يجاريه في ذلك أحد ممن تقدمه كثير الدءوب والنظر والتقييد والتصنيف على كلال الجوارح وعائق الكبرة وله شعر. قرأ على الأستاذ أبي محمد الباهلي وعلى القاضي أبي عبد الله بن عبد الملك المؤرخ وأبي العباس بن البناء. وألف كتباً منها: مطلع هلال الأنوار الإلهية وبغية المستفيد وشرح كتاب القرشي في الفرائض لا نظير له وله تقاييد كثيرة وديوان شعر رائق فمن ذلك قوله: قدمت بما سر النفوس اجتلاؤه ... فهنيت ما عم الجميع صفاؤه قدوماً بخير وافر وعناية ... وعز مشيد بالمعالي بناؤه ورفعة قدر لا يدانى محلها ... رفيع وإن ضاها السماك اعتلاؤه فيا واحداً أغنت عن الجمع ذاته ... وقام بأعباء الأمور غناؤه وقد جاءني داعي السرور مؤدياً ... لحق هناء فرض عين أداؤه ومنها أيضاً: وقالوا: قضاء الموت حتم على الورى ... يدير صغير كأسه وكبير فلا تنتسم ريح ارتياح لفقده ... فإنك عن قصد السبيل تجور فقلت: بلى حكم المنية شامل ... وكل إلى رب العباد يصير ولكن لتقديم الأعادي إلى الردى ... نشاط يعود القلب منه سرور

أحمد بن الحسين بن علي الزيات الكلاعي

وأمن ينام المرء في برد ظله ... ولا حية للحقد ثم تثور وحسبي بيت قاله شاعر مضى ... غدا مثلاً في العالمين يسير وإن بقاء المرء بعد عدوه ... ولو ساعة من عمره لكثير مولده في سنة خمس وسبعين وستمائة رحمة الله عليه. أحمد بن الحسين بن علي الزيات الكلاعي من أهل بلش مالقة يكنى أبا جعفر ويعرف بابن الزيات الخطيب المتصوف الشهير. كان جليل القدر عظيم الوقار كثير العبادة حسن الخلق والخلق كثير الغاشية صبوراً على الإفادة واضح البيان فارس المنابر إلى التفنن في كثير من المآخذ العلمية والرياسة في تجويد القرآن والمشاركة في الفقه والعربية والعروض والمماسة في الأصلين والحفظ للتفسير والخوض في الأدب. تحمل العلم عن جملة منهم: خاله أبو جعفر: أحمد بن علي المذجحي وأبو علي الحسين بن علي الأحوص الفهري والخطيب العارف الرباني أبو الحسن: فضل بن فضيلة المعافري: أخذ عنه طريق الصوفية.

ومنهم: أبو الفضل: عياض بن موسى وأبو جعفر بن الزبير وأبو جعفر بن الطباع والأستاذ النحوي أبو الحسن بن الصائغ والإمام أبو إسحاق الغافقي وغيرهم. وتصانيفه كثيرة منها: تخليص الدلالة في تلخيص الرسالة وقصيدته المسماة بالمقام المخزون في الكلام الموزون والعقيدة المسماة بالمشرب الأصفى في المأرب الأوفى وكلاهما ينيف على الألف بيت ونظم السلوك في شيم الملوك والمجتبى النضير والمقتنى الخطير والعبارة الوجيزة على الإشارة العزيزة واللطائف الروحانية والعوارف الربانية ومنها أس مبنى العلم ورأس معنى الحلم في مقدمات علم الكلام ولذات المستمع في القراءات السبع نظماً ورصف نفاس اللآلئ ووصف عرائس المعالي في النحو وقاعدة البيان وضابطة اللسان في العربية ولهجة اللافظ وبهجة الحافظ والأرجوزة المسماة بقرة عين السائل وبغية نفس الآمل في اختصار السيرة النبوية والوصايا النظامية في القوافي الثلاثية وكتاب عدة الداعي وعمدة الواعي وكتاب عوارف الكرم وصلات الإحسان في التعريف بما حواه لطيف الحكم من خلق الإنسان وكتاب جوامع الآثار والغايات في صوادع العبر والآيات والصفحة الوسيمة والمنحة الجسيمة تشتمل على أربع قواعد: اعتقادية وأصولية وفروعية وتحقيقية وكتاب شرف المهارق في اختصار كتاب المشارق وشذور الذهب في صدور الخطب

أحمد بن أحمد بن أحمد بن محمد الأزدي

وفائدة الملتقط وعائدة المغتبط وكتاب عودة المحق وتحفة المستحق. مولده في حدود تسع وأربعين وستمائة وتوفي في عام ثمانية وعشرين وسبعمائة رحمه الله تعالى ورضي عنه. أحمد بن أحمد بن أحمد بن محمد الأزدي من أهل غرناطة يعرف بابن القصير روى عن أبي بكر بن العربي وابن أبي الخصال وأبي محمد: عبد الحق بن عطية وكان محدثاً فقيهاً عاقداً للشروط أدبياً حافظاً. توفي قبل الثمانين وخمسمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن أحمد بن عبد الله بن صدقة السلمي من أهل أقليم غرناطة يكنى أبا جعفر روى عن أبي بكر بن العربي وصحبه وكان راوية للحديث عالماً بالفقه وأصوله. توفي في شوال سنة تسع وخمسين وخمسائة.

أحمد بن أحمد بن محمد الأزدي

أحمد بن أحمد بن محمد الأزدي من أهل غرناطة يكنى أبا الحسن ويعرف بابن القصير وهو والد المتقدم ذكره. له إجازة من بن الأصبغ بن سهل. وأبي بكر بن سابق الصقلي وأبي علي الغساني وأبي محمد بن عتاب. روى عنه أبو القاسم بن بشكوال وجماعة من الكبار وكان فقيهاً حافظاً متقدماً في أهل الشورى واستقضي بوادي آش. وتوفي بغرناطة سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة رحمه الله تعالى ورضي عنه. أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن رشد قرطبي والد أبي الوليد الجد. كان من أهل العلم والجلالة والعدالة كان حياً سنة اثنين وثمانين وأربعمائة. أحمد بن إبراهيم بن أحمد أبو القاسم المرسي روى عن أبي العباس العذري وأبي الوليد الباجي روى عنه أبو القاسم بن بشكوال وكان فقيهاً حافظاً استقضي بشلب وتوفي قاضياً بها سنة

أحمد بن إبراهيم بن رزقون

أربع عشرة وخمسمائة ومولده سنة تسع وأربعين وأربعمائة. أحمد بن إبراهيم بن رزقون إشبيلي له مختصر في الفقه سماه النهج السانك في تقريب مذهب مالك يكون في حجم تلقين القاضي أبي محمد عبد الوهاب. أحمد بن بشير بالباء الموحدة من تحت مفتوحة وشين معجمة مكسورة وياء وراء الغرناطي أبو العباس روى عنه أبو الحسن أحمد بن الباذش وأبو القاسم: عبد الرحيم بن محمد بن القرس. وكان من أهل المعرفة بعلم الكلام وله فيه عقيدة جميلة مفيدة ومتقدماً في علمي الحساب والفرائض وصنف فيهما كتاباً مفيداً استحسنه الناس واستعملوه رحمه الله تعالى. أحمد بن الحسن بن أبي الأخطل طليطلي أبو جعفر له رحلة حج فيها وروى بمكة شرفها الله تعالى عن

أحمد بن حسن بن سليمان

كريمة المروزية وروي عنه وكان من أهل الحفظ للفقه والذكر للمسائل واستقضي. أحمد بن حسن بن سليمان بلنسي روى عن أبي بحر: سفيان بن العاصي الأسدي وأبي بكر بن العربي وأبي الحجاج بن علي القضاعي وكان فقيهاً حافظاً للمسائل بصيراً بعقد الشروط ذا عناية برواية الحديث وحظ من قرض الشعر وكتب بخطه علماً كثيراً وكانت فيه لوثة. توفي سنة سبع وأربعين وخمسمائة أو نحوها رحمه الله تعالى. أحمد بن الحسين بن عمر الحضرمي ثم المرادي غرناطي أبو المجد من ذرية الإمام أبي بكر المرادي الأصولي. روى عن أبيه وأبي عبد الله بن عياض وغيرهما وكان فقيهاً حافظاً ذاكراً للنوازل بصيراً بالفتوى متقدماً في علم الكلام وأصول الفقه

أحمد بن خلف بن وصول

سنياً فاضلاً متين الدين صناع اليدين خيراً خطب زماناً بجامع قصبة غرناطة القديمة وكف بصره في آخر عمره. مولده بغرناطة سنة خمس وسبعين وخمسمائة وتوفي بها عقب شوال سنة إحدى وخمسين وستمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن خلف بن وصول ترجالي بتاء معلوة مضمونة وراء ساكنة وجيم وألف ولام. كان فقيهاً حافظاً مشاوراً وله في الأحكام تصنيف جزء حسن رحمه الله تعالى. أحمد بن طاهر بن عيسى بن رصيص الداني شارقي الأصل روى ببلده عن أبي داود المقبري وكتب الحديث به ودرس الفقه ثم تجول في بالأندلس في لقاء الشيوخ والأخذ عنهم فروى بمرسية عن أبي علي الصدفي وبالمرية عن أبي علي الغساني وأبي محمد العسال وابن الخياط وخلائق. ثم رجع إلى بلده فأسمع به وحدث. روى عنه أبو العباس بن أبي قرة وأبو الفضل: عياض لقيه بسبتة وسمع منه فوائد وأبو محمد الأقليشي وأبو علي الرشاطي وأبو الوليد بن الدباغ وكان محدثاً ضابطاً حسن التقييد ذا أصول عتيقة وعناية بلقاء المشايخ

ورعاً فاضلاً عالماً بالمسائل تقلد بدانية ولاية خطة الشورى وأفتى بها نيفاً وعشرين سنة وعرض عليه قضاؤها فامتنع. وله على الموطأ تصنيف سماه الإيماء ضاهى به أطراف الصحيحين لأبي مسعود: إبراهيم بن محمد بن عبد الله الدمشقي وعرضه على شيخه أبي علي الصدفي فاستحسنه وأمر ببسطه فزاد فيه ووقفت عليه وله أيضاً مجموع في رجال مسلم بن الحجاج. وقال أبو الفضل: عياض: وكان علم الحديث أغلب عليه ويميل في فقهه إلى الظاهر. ولد سنة سبع وستين وأربعمائة وتوفي سنة اثنين وثلاثين وخمسمائة قاله أبو القاسم بن حبيش. وقد غلط أبو القاسم بن بشكوال في وفاته تابعاً في ذلك أبا الفضل عياضاً حيث جعلاها في نحو العشرين وخمسمائة رحمه الله تعالى ورضي عنه.

أحمد بن طلحة بن أبي بكر محمد بن أحمد بن طاهر

أحمد بن طلحة بن أبي بكر محمد بن أحمد بن طاهر من بني عطية المحاربي الغرناطي أبو جعفر روى عن أبي بكر: عم أبيه: غالب بن عبد الرحمن بن عطية وابن العربي وابن عم أبيه: أبي محمد: عبد الحق بن غالب بن عطية وابن الباذش ويونس بن محمد بن مغيث وغيرهم كثيراً. وكان فقيهاً جليلاً استشهد في دخول اللمتونيين غرناطة سنة تسع وثلاثين وخمسمائة. أحمد بن عبد الله بن أحمد بن خيرة بلنسي أبو جعفر كان فقيهاً حافظاً معلوم الذكاء مشهور الفضل رحمه الله تعالى. أحمد بن عبد الله بن الحسن الأنصاري أبو بكر المدعو بحميد وظن بعض الناس أنه اسمه فذكره في باب الحاء وإنما هو شهرة عرف بها وهو والد الأستاذ أبي محمد بن القرطبي وهو مالقي وشهر في مالقه بالقرطبي. روى عن أبي الحسن بن محمد الشارقي وأكثر عنه وأبي الخطاب:

أحمد بن محمد بن واجب وأبي زيد: محمد بن علي بن حميد وأبي عبد الله بن علي بن عسكر وقرأ على بن عسكر جميع كتابه المشروع الروي في منزع كتاب الهروي في شوال عام أربع وثلاثين وستمائة. وهو في ستة أجزاء وأجاز له جماعة من مشايخ المغرب والمشرق منهم: أبو عمر بن الصلاح وروى عنه جماعة منهم: أبو إسحاق البلفيقي وشيخنا أبو جعفر بن الزبير وغيرهما كثيراً. وكان مقرئاً مجوداً فقيهاً حافظاً محدثاً ضابطاً حسن التقييد نحوياً ماهراً أدبياً كاتباً بارعاً شاعراً محسناً أنيق الخط متين الدين صادق الورع سريع العبرة كثير البكاء معرضاً عن الدنيا وزخرفها ولا يضحك إلا تبسماً إن ندر ذلك منه ثم يعقبه بالبكاء والاستغفار مقتصداً في مطعمه وملبسه معاناً على ذلك مؤيداً من الله تعالى اقتفى آثار شيخه أبي محمد بن عطية حتى بلغ من الورع رتبة لم يزاحم عليها. أقرأ ببلده القرآن ودرس الفقه وأسمع الحديث وأدب بالعربية ورحل إلى المشرق قاصداً الحج ولما وصل إلى مصر عظم فيها صيته وشهر فضله عند أهلها وتعذر عليه النفوذ إلى الحج ومرض بها واستزاره سلطان مصر يومئذ متبركاً به فصده عن لقائه ولم يزل يلح عليه إلى أن أذن له وعرض عليه جائزة سنية فامتنع من قبولها البتة. وتوفي ولم يحج ودفن بروضة أبي بكر الخزرجي وحضر جنازته

أحمد بن عبد الله بن خميس الأزدي

السلطان وخلق لا يحصون كثرة متبركين به وذلك في سنة ثنتين وخمسين وستمائة ومولده سنة سبع وستمائة رحمه الله تعالى. ومن شعره: ابخل بدينك إن أردت سلامة ... وابخل بمالك إن أردت هلاكا بخل وبخل والسلامة والردى ... ضمناهما: عجباً لذا ولذاكا؟ وله: ألا قف بباب الجود واقرعه مدمناً ... تجده متى ما جئته غير مرتج وقل: عبد سوء خوفته ذنوبه ... فمد إليكم ضارعاً كف مرتج وشعره كثير في طريقة الزهد والحكم وما يشبه ذلك ولم يكن يسامح نفسه في نظم نسيب. أحمد بن عبد الله بن خميس الأزدي بلنسي أبو جعفر روى عن صهره أبي الحسن بن هذيل وأبي بكر بن العربي وأبي عبد الله يوسف بن سعادة وكان حافظاً للفقه عارفاً بأصوله نحوياً أدبياً مجيداً في نظم الكلام ونثره توفي بجزائر بني زغناء سنة سبع أو ثمان وأربعين وخمسمائة.

أحمد بن عبد الله بن عميرة

أحمد بن عبد الله بن عميرة روى عن أبي الخطاب أحمد بن واجب وأبي علي الشلوبين وأبي محمد بن سليمان بن حوط الله وجماعة كثيرة وروى عنه جماعة. وكان شديد العناية بشأن الرواية ثم تفنن في العلوم ونظر في المعقولات وأصول الفقه ومال إلى الأدب فبرع فيه واستقضي بأعمال كثيرة ولما قدم تونس مال إلى صحبة الصالحين وله نظم كثير فمن ذلك: بايعونا مودة هي عندي ... كالمصراة: بيعها بالخداع فسأقضي بردها ثم أقضي ... معها من ندامتي ألف صاع وله: عندي يدلك بعد أخرى قررت ... من ودك الذخر المعد لما دها والدهر عن حظي سها أفينبغي ... من ذي اليدين سكوته عمن سها وله: فعل امرئ دل على عقله ... والفرع منسوب إلى أصله إن الذي يكرم في جنسه ... هو الذي يكرم في فصله والمرء لا يشكر عن بغيه ... وإنما يشكر عن عقله

أحمد بن عبد الرحمن بن عيسى بن إدريس التجيبي

والخير والشر لهذا ولذا ... أهل فرج الخير من أهله لا يترك اللازم ملزومه ... والشخص لا ينفك عن ظله وكل مقصور على شيمة ... لا بد أن تظهر في فعله والناس أشتات وفي الطبع ما ... قد يعطف الشكل إلى شكله ما خطو من يعدو به سابح ... كخطو من يعدو على رجله وله رسائل مشتملة على نظم ونثر كتب بها إلى الملوك والرؤساء مشتملة على التزامات أدبية لطيفة وله تأليف في كائنة ميورقة وله رد على الإمام فخر الدين الرازي في كتابه المعالم في أصول الفقه ورد على كمال الدين أبي محمد بن عبد الواحد بن عبد الكريم السماكي في كتابه المسمى بالتبيان في علم البيان وسماه بالتنبيهات على ما في البيان من التمويهات وغير ذلك من التعاليق والتقاييد وتوفي سنة ثمان وخمسين وستمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن عبد الرحمن بن عيسى بن إدريس التجيبي مرسي أبو جعفر وأبو العباس تفقه على أبيه وأبي محمد بن أبي جعفر وروى عن أبي الحسن بن مفرج الصقلي وغيره. وأخذ بمكة المشرفة عن أبي عبد الله الحسين بن علي الطبري ورحل إلى بلده فأسمع بها الحديث

أحمد بن عبد الرحمن بن فهر السلمي

ودرس الفقه وروى عنه أبو الخطاب: أحمد بن واجب وأبو ذر: مصعب. وكان فقيهاً حافظاً للمسائل مدرساً مشاوراً بصيراً بالفتوى في النوازل متقدماً في علم الأحكام والشروط مشاركاً في علوم القرآن والآثار ذا حظ من الأدب قديم النجابة قرأ على أبيه الموطأ: رواية أبي مصعب من حفطه وهو لم يكمل ثلاث عشرة سنة وولي الأحكام ببلده سنين عديدة بعد أن ولي قضاء شاطبة ثم صرف محمود السيرة معروف التواضع والنزاهة ثم قلد القضاء ببلده واستمرت ولايته مشكور الطريقة مرضياً في الأحوال إلى أن توفي سنة ثلاث وستين وخمسمائة وهو ابن خمس وسبعين ووهم بن سفيان في وفاته. أحمد بن عبد الرحمن بن فهر السلمي مري أبو عمر. كان فقيهاً حافظاً واستقضي فعرف بالعدالة وإقامة الحق والجزالة. أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن مضاء بن مهند بن عمير اللخمي قرطبي جياني الأصل قديماً وأبو جعفر وأبو العباس وأبو القاسم والأخيرة قليلة.

أكثر عن شريح وتلا بقراءة الحرمين عليه وأكثر عن أبي بكر بن العربي وأبي جعفر بن عبد الرحمن البطروجي وأبي عبد الله: جعفر حفيد مكي وأبي محمد بن المناصف وأبي محمد بن علي الرشاطي وعبد الحق بن عطية ولقي بسبتة أبا الفضل: عياضاً. وكلهم أجاز له. وغيرهم كثير. وتأدب في العربية بأبي بكر بن سليمان بن سحنون وأبي القاسم: عبد الرحمن بن الرماك ودرس عنده كتاب سيبويه. وأبو القاسم بن بشكوال من شيوخه أيضاً. وروى عنه خلائق منهم: أبو بكر بن الشراط ومحمد بن عبد الله القرطبي ومحمد بن عبد النور وأبو الحسن بن قرطال وأبو محمد البلوي ومحمد بن محمد بن سعيد بن رزقون وبنو حوط الله: أبو سليمان وأخوه أبو محمد وعمر بن محمد بن الشلوبين. وخلائق لا يحصون كثرة من جلة أهل عصره. وكان مقرئاً مجوداً محدثاً مكثراً قديم السماع واسع الرواية عاليها ضابطاً لما يحدث به ثقة فيما يأثره. نشأ منقطاً إلى طلب العلم وعني أشد العناية بلقاء الشيوخ والأخذ عنهم فكان أحد من ختمت به المائة السادسة من أفراد العلماء وأكابرهم ذاكراً للمسائل الفقه عارفاً بأصوله متقدماً في علم الكلام ماهراً في كثير من علوم الأوائل كالطب والحساب والهندسة ثاقب الذهن متوقد

الذكاء متين الدين طاهر العرض حافظاً اللغات بصيراً بالنحو ممتازاً فيه مجتهداً في أحكام العربية منفرداً فيها بآراء ومذاهب شذ بها عن مألوف أهلها. وصنف فيما كان يعتقده منها كتابه المشرق المذكور وتنزيه القرآن عما لا يليق بالبيان. وقد ناقضه في هذا التأليف أبو الحسن بن محمد بن خروف ورد عليه بكتاب سماه تنزيه أئمة النحو عما نسب إليهم من الخطأ والسهو وذكر أنه لما بلغه مناقضة بن خروف له قال: نحن لا نبالي بالكباش النطاحة وتعارضنا أبناء الخرفان. وكان بارعاً في التصريف من العربية كاتباً بليغاً شاعراً مجيداً متحققاً في معقول ومنقول غير أنه أصيب بفقد أسمعته عند استيلاء الروم دمرهم الله على المرية. وكان كريم الأخلاق حسن اللقاء جميل العشرة لم ينطو قط على إحنة لمسلم عفيف اللسان صادق اللهجة نزيه الهمة كامل المروءة حسن المشاركة في العلوم على تفاريعها. ولم يزل مدرساً للعلوم ناشراً ما لديه من المعارف. واستقضي ببجاية وقلد بمراكش أيضاً قضاء الجماعة واستقضي

أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الصقر الأنصاري الخزرجي أبو العباس

بفاس. ثم دخل إلى الأندلس وتفرع لإفادة العلم صابراً محتسباً ممكناً طلابه منه إلى أن توفي - عفا الله عنه - بإشبيلية سنة ثنتين وتسعين وخمسمائة. ومولده بقرطبة سنة إحدى عشرة. وقيل ثلاث عشرة وخمسمائة. وهو أصح. أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الصقر الأنصاري الخزرجي أبو العباس أصله من الثغر الأعلى من سرقسطة ثم تحول إلى سبتة ثم إلى فاس وأقام بها ثم استوطن مراكش بعد رحلته إلى الأندلس. قرأ بالسبع على أبي العباس بن فيرة بن مفضل اليحصبي وقرأ على غيره من مشايخ القراء. روى عن أبي إسحاق بن أبي الفضل اليحصبي بن صواب وأبي بحر: سفيان بن العاصي وأبي بكر غالب بن عطية وابن أغلب وأكثر عنه وابن العربي ويحيى بن عبد الله التجيبي وأبي جعفر بن الباذش وتولج معه وأبي عبد الله بن أحمد بن وضاح

وابن عمر الزبيدي وأبي الفضل: عياض ولازمه وأبي القاسم: خلف بن بشكوال وأبي علي: سبط أبي عمر بن عبد البر وعبد الحق بن عطية بغرناطة. وشيوخه كثيرون. روى عنه ابنه: أبو عبد الله وأبو محمد بن محمد بن علي بن وهب القضاعي وغيرهما. وكان محدثاً مكثراً ثقة ضابطاً مقرئاً مجوداً حافظاً للفقه ذاكراً لمسائله عارفاً بأصوله متقدماً في علم الكلام عاقداً للشروط بصيراً بعللها حاذقاً بالأحكام كاتباً بليغاً شاعراً محسناً آنق أهل عصره خطاً. وكتب من دواوين العلم ودفاتره ما لا يحصى كثرة واشتد كلفه بالعلم وحرصه عليه وتواضع في التماسه شغفاً به فأخذه عن الكبير والصغير والنظير واستكثر من ذلك حتى اتسعت روايته وجلنت معارفه. واستقصي بغرناطة فحمدت سيرته وشكر عدله وشهرت نزاهته. وفي رحلته إلى مراكش عرفه أحد سراة لمتونة وكان اللمتوني حينئذ عامل دكالة فرغب منه أن ينقطع إلى صحبته ويخرج معه إلى عمالته ذلك العام وضمن له أن يعطيه ألف دينار ذهباً مرابطية فامتنع من ذلك وقال: والله لو أعطيتني ملء الأرض على أن أخرج عن

طريقتي وأفارق ديدني من خدمة أهل العلم ومداخلة الفقهاء والانخراط في سلكهم - ما رضيت. فعجب اللمتوني من علو همته ورغب في صحبته على ما أراده. وتولى أحكام مراكش والصلاة بمسجدها مدة ثم أحكام بلنسية فكان بها قاضياً. ولما صار الأمر إلى أبي يعقوب: عبد المؤمن ألزمه خدمة الخزانة العالية وكانت عندهم من الخطط الجليلة التي لا يعين لها إلا علية أهل العلم وأكابرهم. وكانت مواهب عبد المؤمن له جزيلة وأعطياته مترادفة وصلاته متوالية وربما وصله في المرة الواحدة بخمسمائة دينار فلا يبيت عنده منها شيء ولا يقتني منها درهماً - بل يصرفه في المحاويج: من معارفه وأهله والضعفاء والمساكين من غيرهم ما اكتسب شيئاً قط من عرض الدنيا ولا وضع مدرة على أخرى مقتنعاً باليسير راضياً بالدون من العيش مع الهمة العلية والنفس الأبية. على هذا قطع عمره إلى أن فارق الدنيا ولم تكن همته مصروفة إلا إلى العلم وأسبابه فاقتنى من الكتب جملة وافرة سوى ما نسخ بخطه الرائق. وامتحن فيها مرات بضروب من الجوائح كالغرق والنهب بغرناطة في الفتنة الكائنة بها وكذلك نهبت كتبه بمراكش حين دخلها عبد المؤمن وكان معه عند توجهه إلى مراكش خمسة أحمال كتب وجمع منها بمراكش

أحمد بن عبد الرحمن أبو العباس بن الشيخ

شيئاً عظيماً. وله تصانيف مفيدة تدل على إداركه وجودة تحصيله وإشرافه على فنون من المعارف كشرحه الشهاب فإنه أبدع فيه ما شاء. ومن شعره قوله: إلهي لك الملك العظيم حقيقةوما للورى مهما نعت نقير تجافى بنو الدنيا مكاني فسرني ... وما قدر مخلوق جداه حقير وقالوا: فقير وهو عندي جلالة ... نعم صدقوا إني إليك فقير وقوله: أرض العدو بظاهر متصنع ... إن كنت مضطراً إلى استرضاءه كم من فتى ألقى بثغر باسم ... وجوانحي تنقد من بغضائه وشعره كثير وكله سلس المقادة دال على جودة الطبع. ولد بالمرية في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة وتوفي بمراكش في سنة تسع وستين وخمسمائة. ولم يخلف رحمه الله لا ديناراً ولا درهماً ولا عبداً ولا أمة ولا عقار ولا ثياباً إلا أشياء لا قدر لقيمتها لما كان عليه من المواساة والصدقة والإيثار. رحمه الله تعالى. أحمد بن عبد الرحمن أبو العباس بن الشيخ روى عن أبي القاسم: عبد الرحمن بن محمد بن حبيش. وكان فقيهاً ذاكراً بصيراً بنوازل الأحكام واستقضي رحمه الله تعالى.

أحمد بن عبد الرحيم القرطبي

أحمد بن عبد الرحيم القرطبي كان حاسباً فرضياً ماهراً في الفنين وصنف فيهما وله رحلة إلى المشرق رحمه الله تعالى. أحمد بن عبد الصمد بن أبي عبيدة بفتح العين المهملة وكسر الباء بواحدة بعدها ياء. الأنصاري الخزرجي. ينتسب إلى سعد بن عبادة: صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قرطبي سكن غرناطة مدة وبجاية أخرى ثم استوطن مدينة فاس أبو جعفر. روى عن أبي بكر بن العربي وأبي جعفر بن عبد الرحمن البطروجي وأبي عبد الله جعفر حفيد مكي وأبي مسعود بن أبي الخصال وأبي القاسم ورد وغيرهم. روى عنه أبو الحسن بن عتيق وأبو سليمان وأبو محمد ابنا حوط الله. وله تصانيف مفيدة: ككتابه آفاق الشموس في الأقضية النبوية ومختصره إشراق الشموس وذكر أنه سماه آفاق الشموس وأعلاق النفوس وله: نفس الصباح في غريب القرآن وناسخه ومنسوخه

أحمد بن عبد العزيز بن محمد أبو العباس بن الأصفر

وحسن المرتفق في بيان ما عليه المتفق فيما بعد الفجر وقبل الشفق وقصد السبيل في معرفة آيات الرسول صلى الله عليه وسلم ومقام المدرك في إفحام المشرك ومقامع هامات الصلبان ومراتع رياض الإيمان يرد به على بعض القسيسين بطليطلة وكان ذلك من أحفل ما ألف في معناه إلى غير ذلك من الأجوبة عن المسائل التي كانت ترد عليه. وكان أبو القاسم بن بقي يكثر الثناء عليه ويقول بفضله. ولما قدم مدينة فاس التزم إسماع الحديث والتكلم على معانيه بجامع القرويين واستمر على ذلك صابراً محتسباً ونفع الله به خلقاً كثيراً وامتحن بالأسر سنة أربعين وخمسمائة ثم خلصه الله عز وجل. وتوفي بفاس في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة ومولده سنة تسع عشرة وخمسمائة. أحمد بن عبد العزيز بن محمد أبو العباس بن الأصفر سمع من أبي الحسن بن محمد بن هذيل وأبي علي الصدفي. وكان من أهل الذكاء والفهم موصوفاً بالتيقظ والدهاء وقدم للشورى بمرسية وولي القضاء بشاطبة وأضيف إليه قضاء أوربولة ودرس الفقه على الطريقة القرطبية

أحمد بن عبد الملك بن موسى بن عبد الملك أبو العباس بن أبي جمرة

وكان فقيهاً حافظاً للمسائل درباً بالفتوى في النوازل. وتوفي في محرم سنة أربع وستين وخمسمائة. أحمد بن عبد الملك بن موسى بن عبد الملك أبو العباس بن أبي جمرة روى عن أبيه وتفقه به وبأبي الوليد الباجي وبأبي الوليد هشام بن أحمد بن وضاح وسمع من لفظ أبي الحسن بن خلف بن بطال شرحه صحيح البخاري. وأجاز له أبو العباس بن عمر العذري وأبو عمر: يوسف بن عبد الله بن عبد البر ولقيه وأبو محمد بن حزم الظاهري. روى عنه بن الدباغ وغيره. وكان من بيت علم وأصالة وحسب وجلالة وكان محدثاً راوية فقيهاً حافظاً مشاوراً ماهراً في علم العربية ذاكراً للآداب حاشداً للغات مشرفاً على علم التواريخ متقدماً في ذلك كله. وتوفي رحمه الله في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة. أحمد بن عتيق بن الحسن بن زياد بن جرح بلنسي مروي الأصل أبو جعفر وأبو العباس الذهبي.

تلا بالسبع على بن أبي عبد الله بن جعفر بن حميد. وروى عن أبي جعفر بن مضاء وأبي القاسم بن حبيش وأجاز له أبو الطاهر بن عوف. وكان أعلم أهل زمانه بالعلوم القديمة ماهراً في العربية وافر الحظ من الأدب متحققاً بأصول الفقه ثاقب الذهن متوقد الخاطر غواصاً على دقائق المعاني بارع الاستنباط. وقدمه المنصور للشورى والفتوى في القضايا الشرعية. وكانت الفتاوى في نوازل الأحكام تصدر عنه فتبلغ القاضي الحافظ أبا العباس بن جوهر الحصار فينسب كل فتوى إلى قائلها من أهل المذهب وكثر ذلك منهما فأنهى ذلك إلى أبي جعفر فقال: ما أعلم من قال بتلك الأقوال التي أفتى بها ولكني أراعي أصول المذهب فأفتي بما تقتضيه وتدل عليه. وكان يقضى العجب من حذق أبي جعفر وإداركه وجودة استنباطه ومن حفظ أبي العباس وإشرافه على أقوال الفقهاء وحضور ذكره إياها وكان العجب من أبي جعفر أكثر وقد قيد عنه من أجوبته على المسائل الفقهية وغيرها الكثير الحسن البديع. وتوفي بتلمسان سنة إحدى وستمائة.

أحمد بن علي بن أحمد بن رزقون

أحمد بن علي بن أحمد بن رزقون بالراء المهملة والزاي المعجمة بعدها أبو العباس: الداخل إلى الأندلس من ناحية القيروان كان مقرئاً معبراً محدثاً فقيهاً مشاوراً نحوياً عددياً. استقضي فحمدت سيرته واشتدت وطأته على أهل الفساد والدعارة ثم صرف عن القضاء ولازم إسماع الحديث والإقراء. توفي بالجزيرة الخضراء سنة خمس وأربعين وخمسمائة. أحمد بن علي بن محمد بن هارون السماني ترجالي الأصل أبو العباس من بيت هارون بن ميسرة. كان أحد شيوخ أهل العلم عني طويلاً برواية الحديث ولقاء حملته

أحمد بن عمر بن خلف أبو جعفر بن قبلان

وكثر تهممه بتقييد العلم وتخليد التواريخ وله تعاليق وفوائد شهدت بطول إكبابه على خدمة العلم. وكان مع ذلك فقيهاً حافظاً عاقداً للشروط بصيراً بها مميزاً في المعرفة بعللها والضبط لأحكامها وكان أكبر العاقدين للشروط بمراكش مكبراً عند الخاصة والعامة معروف القدر والجلالة عند القضاة والرؤساء مستمراً على ذلك إلى أن توفي بها سنة تسع وأربعين وستمائة وقد ناهز الثمانين رحمه الله تعالى. أحمد بن عمر بن خلف أبو جعفر بن قبلان وكان له عناية برواية الحديث ولقاء رجاله وكان فقيهاً مشاوراً تدور عليه فتيا بلده ودرس الفقه وأسمع الحديث زماناً طويلاً. توفي سنة ست وعشرين وخمسمائة رحمه الله تعالى ورضي الله عنه. أحمد بن الليث الأنسري بهمزة مفتوحة ونون ساكنة وسين مهملة مفتوحة وراء مهملة. قرطبي أبو عمر أخذ عن بن المكوي واختص به ولازمه طويلاً

أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد

وكان حافظاً للفقه متقدماً في المعرفة به رحمه الله تعالى. أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد قرطبي أبو القاسم روى عن أبيه: أبي الوليد الحفيد وأبي القاسم بن بشكوال. روى عنه أبو القاسم بن الطيلسان. وكان من بيت علم وجلالة ونباهة وحسب في بلده فقيهاً حافظاً بصيراً بالأحكام يقظاً ذكي الذهن سري الهمة كريم الطبع حسن الخلق: ولي القضاء فحمدت سيرته. توفي سنة ثنتين وعشرين وستمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن محمد بن خلف أبو القاسم الحوفي إشبيلي أصله من حوف مصر. روى قراءة عن أبي بكر بن العربي ولم يجز له وأجاز له أبو محمد بن عتاب من الأندلس ومن أهل المشرق: أبو الطاهر السلفي وقاضي الحرمين أبو المظفر: محمد بن علي بن الحسين الطبري. روى عنه أبو سليمان وأبو محمد: ابنا حوط الله وغيرهما كثيراً.

أحمد بن محمد بن سماعة الأنصاري أبو جعفر القيجاطي

وكان من بيت علم وعدالة فقيهاً حافظاً حاضر الذكر للمسائل بصيراً بعقد الشروط فرضياً ماهراً وله في الفرائض تصانيف: كبير ومتوسط ومختصر وكل ذلك مما بلغ في إجادته الغاية: تحصيلاً لعلمها وتقريباً لأغراضها وضبطاً لأصولها وتيسيراً على ملتمسها. واستقضي باشبيلية مرتين فشكرت سيرته في أحكامه وسلك سبيل النزاهة والعدل والجزالة واشتد بأسه على أهل الشر ويقال: إنه لم يأخذ على القضاء أجراً وإنه كان يعيش أيام قضائه من صيد السمك مرة في الأسبوع يبيعه ويقتات بثمنه حتى خلصه الله عز وجل من القضاء. توفي في شعبان من سنة ثمان وثمانين وخمسمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن محمد بن سماعة الأنصاري أبو جعفر القيجاطي تجول في بلاد الأندلس طالباً للعلم فحصل وروي عنه وكان مقرئاً مجوداً فقيهاً حافظاً أقرأ بغرناطة دهراً واستقضي ببعض جهاتها. وتوفي سنة عشر وستمائة ودفن بغرناطة رحمه الله تعالى. أحمد بن محمد بن سيد أبيه الزهري إشبيلي بطليوسي الأصل أبو القاسم روى عن أبي الحسن: شريح وكان عاقداً للشروط متقدماً في البصر مبرزاً في العدالة وصنف في الوثائق مصنفاً نافعاً مجرداً من الفقه وهو

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن خليل بن ماسويه بن حمد بن الأنصاري بن

مشهور متداول بين الناس استجادة له. وكان حياً سنة سبع وستين وخمسمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن خليل بن ماسويه بن حمد بن الأنصاري بنالحداد أصله من ناحية بلنسية له رحلة إلى المشرق سنة ثنتين وخمسين وأربعمائة أدى فيها فريضة الحج وتجول في بلاد المشرق الأقصى طالباً للعلم بالموصل وبغداد وواسط وبلاد فارس وخراسان وعاد إلى مصر سنة سبع وستين وقفل إلى بلدة ولقي القاضي أبا الأصبغ: عيسى بن سهل بطنجة وناظره في مسائل من العلم عويصة دلت على تبحره في العلم واتساع باعه فيه وأدته إلى وضع رسالة سماها: رسالة الامتحان لمن برز في علم الشريعة والقرآن خاطب بها أبا الأصبغ المذكور وسأله الجواب عن تلك المسائل التي وقعت بينهما المناظرة فيها.

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري أبو العباس الشارقي

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري أبو العباس الشارقي من ناحية بلنسية له رحلة روى فيها بمكة عن كريمة المروزية وحج وسمع الحديث ودخل العراق وبلاد فارس والأهواز ومصر ثم رجع إلى المغرب وسكن سبتة ومدينة فاس وغيرهما. وكان فقيهاً فاضلاً واعظاً كثير الذكر والعمل والبكاء وألف كتاباً مختصراً نبيلاً مفيداً في أحكام الصلاة. وتوفي قريباً من سنة خمسمائة. أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الحجري بفتح الجيم بلنسي أبو العباس بن ثمارة روى عن أبي علي الصدفي وابن سعدون وأبي الوليد: هشام بن أحمد الوقشي وغيرهم. وله رحلة حج فيها وعاد إلى بلده وكان فقيهاً حافظاً وصنف في الفقه مختصراً مقرباً وكان حياً سنة ثلاث وخمسمائة.

أحمد بن محمد بن عبد الملك بن موسى بن أبي جمرة أبو القاسم النجيب

أحمد بن محمد بن عبد الملك بن موسى بن أبي جمرة أبو القاسم النجيب روى عن قريبه القاضي أبي بكر بن أحمد بن أبي جمرة وهو الذي كان يدعوه بالنجيب فغلب عليه وعن أبي القاسم عبد الرحمن بن حبيش وغيرهما وكان مشاركاً في الفقه وأصوله وعلم الكلام واستقضي في جهات عديدة. وتوفي قاضياً سنة عشر وستمائة. أحمد بن محمد بن عبد الملك الثعلبي أبو العباس روى عن أبي الحسن: شريح وكان من جلة الفقهاء حافظاً مشاوراً. أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن مسعدة العامري غرناطي أبو جعفر كان من جلة الفقهاء ونبهاء النبلاء بارع الأدب بارعاً في العربية كاتباً مجيداً مطبوعاً مشهور الإحسان وله رواية في الحديث وله منظوم ومنثور. توفي سنة تسع وثلاثين وخمسمائة بمدينة فاس.

أحمد بن محمد بن علي الأنصاري جياني أبو جعفر المليلوط

أحمد بن محمد بن علي الأنصاري جياني أبو جعفر المليلوط روى وأسمع وروي عنه وكان سرياً فاضلاً وافر العقل متين الدين مقرئاً مجوداً فقيهاً نحوياً ماهراً وله شرح حسن على الموطأ. وتوفي بالإسكندرية قاصداً الحج سنة سبع وعشرين وستمائة. أحمد بن أبي الحسن محمد بن عمر بن واجب أبو الخطاب كان رحمه الله تعالى من أعظم الناس عناية بالرواية ولقاء الشيوخ وأجاز له بن العربي والسلفي وابن بشكوال وابن سعيد بن رزقون وأبو عبد الرحيم بن الفرس وابن يوسف بن سعادة وابن حبيش وخلائق وروي عنه. وكان فاضلاً كامل الاشغال بعلم الحديث حافظاً له متسع

الرواية حريصاً على الإفادة والاستفادة وافر الحظ من علم العربية والأدب والتاريخ والنسب مع الدين المتين وكان شهير البيت رفيع القدر واستقضي بشاطبة وبلنسية فحمدت فيهما سيرته وعرف بالعدالة وإقامة الحق والصدع به وردع المفسدين وإعلاء المظلوم على الظالم.

أحمد بن أبي عبد الله بن محمد بن عمر بن محمد بن واجب

توفي سنة أربع عشرة وستمائة. ولد سنة خمس وثلاثين وخمسمائة. أحمد بن أبي عبد الله بن محمد بن عمر بن محمد بن واجب بن عم المتقدم أبو الخطاب المذكور قيسي بلنسي أبو الحسن وأبو علي. روى عن بن عمه أبي الخطاب المذكور وعن قريبه أبي عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن واجب وأجاز له أبو الطاهر السلفي وخلائق وأسمع وروي عنه وكان فقيهاً جليلاً خطيباً عاقداً للشروط كثير الاعتناء بالحديث وروايته بصيراً به ثقة فيما ينقل. واستقضي وشهر بالعدالة توفي سنة سبع وثلاثين وستمائة. أحمد بن محمد بن محمد بن سعيد أبو العباس بن الجروي الأنصاري وادآشي روى عن أبي بحر: سفيان بن العاصي وأبي بكر: بن غالب بن عطية

أحمد بن محمد بن أبي القاسم: محمد بن محمد بن بيطر التجيبي

وأبي الحسن: شريح وأبي علي الصدفي وابن خيرة وعبد الحق بن غالب بن عطية وأبي الوليد: محمد بن أحمد بن رشد وأجازه المازري. روى عنه أبو الخطاب بن واجب وعبد المنعم بن الفرس وجماعة أجلاء فضلاء. وكان فقيها عالما، عارفا بأصول الفقه، وعلم الكلام، مقرئا مجودا حسن القيام على تفسير القرآن، محدثاً، رواية مكثرا، حسن المشاركة في كثير من فنون العلم، يغلب عليه حفظ اللغة الأدب مقدما في كل ما ينتحل، موفور الحظ من علم العربية، يقرض يسيرا من الشعر، واستقضى بيده فشكر. توفى سنة وستين وخمسمائة. أحمد بن محمد بن أبي القاسم: محمد بن محمد بن بيطر التجيبي قرطبي أبو جعفر بن الحاج روى عن أبي القاسم بن بشكوال وغيره وكان من العلماء الفضلاء الحسباء شهير البيت نبيه القدر سري الهمة.

أحمد بن مسعود أبي الخصال بن فرج بن أبي الخصال خلصة الغافقي

توفي بقرطبة عام أربعة عشر وستمائة رحمه الله تعالى. أحمد بن مسعود أبي الخصال بن فرج بن أبي الخصال خلصة الغافقي شقوري سكن قرطبة كان من أهل الحفظ للفقه والتقدم في البصر بالمسائل والمعرفة بالنوازل وتولى خطة الأحكام زمناً واتسم بجودة النظر فيها. أحمد بن منذر بن جهور إشبيلي أبو العباس وكان مقرئاً بالسبع متقدماً في الصلاح موصوفاً بالزهد فقيهاً على مذهب مالك قائما عليه وكان مجلس تدريسه في نهاية الوقار كأنما على رؤوس حاضريه الطير سكينة وهيبة وكان مقصوداً للدعاء مشهوراً بإجابته وألف في رواية ورش عن نافع تأليفاً حسناً. توفي بإشبيلية في سنة خمس عشرة وستمائة.

أحمد بن وليد بن محمد بن وليد بن مروان أبو جعفر بن أبي جمرة

أحمد بن وليد بن محمد بن وليد بن مروان أبو جعفر بن أبي جمرة روى عن أبيه وتفقه به وبغيره وكان من بيت علم وجلالة ودين معرضاً عن الدنيا كثير العمل يتصدق بجل ماله إلا ما يقيم أوده وله في الفقه فتاوى حفظت عنه وتزهد ورحل إلى المشرق فأدى فرض الحج ولما قفل إلى بلده أقبل على نشر العلم وبثه وتدريسه إلى أن توفي سنة أربع وأربعين وأربعمائة. أحمد بن محمد بن هارون بن أحمد أبو عمر بن عات النفزي شاطبي سمع بالأندلس على الحافظ أبي محمد: أبيه وأبي الحسن بن محمد بن هذيل وأبي يوسف بن سعادة وأجاز له أبو الخطاب بن واجب وأبو القاسم بن بشكوال ورحل إلى المشرق فلقي عبد الحق الإشبيلي بن الخراط وبالإسكندرية أبا الطاهر السلفي ولقي أبا القاسم بن العريف وخلائق بمصر وغيرها ومن شيوخ مكة أبا محمد: عبد الدائم العسقلاني وبدمشق من بن عساكر أبي القاسم وبالموصل من أبي الفرج: عبد الرحمن بن علي بن الجوزي والكاتبة شهدة ومن لا يحصى كثرة وقد ضمن ذكرهم وجملة صحيحة من مروياته: برنامجيه المسمى أحدهما: بالنزهة في التعريف

بشيوخ الوجهة وهو كتاب جليل جامع والآخر بريحانة التنفس وراحة الأنفس في ذكر شيوخ الأندلس. وروى عنه عالم كثير كأبي الحسن بن القطان وأبي الحسن صاعد وأبي الخطاب بن واجب المتقدم ذكره وأبي العباس بن سيد الناس وأبي محمد: عبد الرحمن بن برطلة وأبو بكر بن مسدي. وكان من أكابر المحدثين وجلة الحفاظ المسندين للحديث والأدب بلا مدافعة يسرد الأسانيد والمتون ظاهراً فلا يخل بشيء منها ثقة عدلاً مأموناً مرضياً متوسط الطبقة في حفظ فروع الفقه ومعرفة المسائل إذ لم يعن بذلك عنايته بغيره. وكان أهل شاطبة يفاخرون بأبوي عمر بن عبد البر وابن عات. وكان على سنن الصالحين في الانقباض ونزاهة الكلام ومتانة الدين وأكل الجشب ولباس الخشن ولزوم التقشف والزهد في الدنيا. قال أبو عامر بن بدير: لازمته مدة من ستة أشهر فلم أر أحفظ منه وحضرت لسماع الموطأ والبخاري منه فكان يقرأ من كل واحد من

الكتابين نحو عشرة أوراق عرضاً بلفظه كل يوم لا يتوقف في شيء من ذلك. وقال بن مسدي: كان يستظهر عدة كتب وحضر مجلس السلطان بمراكش فتذاكروا علم الكلام فانقطع عن المجلس وحفظ فيه نحواً من مائتي ورقة ثم رجع يذاكرهم. وكان مهيباً وقوراً وكان ذا حظ وافر من الأدب قائلاً يجيد الكلام نظماً ونثراً وله تصانيف وفقد رحمه الله وقعة العقاب من ناحية جيان فلم يوجد حياً

أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي اللخمي الإشبيلي

ولا ميتاً سنة تسع وستمائة. وهذه الوقعة هي السبب الأقوى في تحيف الروم بلاد الأندلس حتى استولوا على معظمها وأفضى الحال إلى خلائها من أهل الملة الحنيفية فإنا لله وإنا إليه راجعون. وما نقلته من غير كتاب الذيل والتكملة من تعاليق شيخنا الشيخ عفيف الدين المطري ومن تاريخ مصر لقطب الدين رحمه الله. أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي اللخمي الإشبيلي عرف بابن الباجي - بالباء الموحدة والجيم بينهما ألف - يكنى أبا عمر. روى عن أبي الحسن: أحمد بن عبد الله بن حميد بن رزين ذكره الخولاني وقال: كان من أهل العلم ولم تر عيني مثله في المحدثين سمتاً ووقاراً. سمع من أبيه: أبي محمد جميع روايته ومن غيره ورحل إلى المشرق مع أبيه ولقيا شيوخاً جلة هناك وكتبا كثيراً وحجا وانصرفا وبقيا بإشبيلة زماناً

واستقضي أبو عمر بها ولم تطل مدته ثم رحل إلى قرطبة فاستوطنها وكان فقيهاً مبجلاً وأسمع الناس فيها وقرأ عليه أبو عمر بن عبد البر: كتاب السنن للشافعي وقال أبو عمر بم عبد البر: كان يحفظ غريبي الحديث لأبي عبيد وابن قتيبة حفظاً حسناً وشاوره القاضي بن أبي الفوارس وهو بن ثمان عشرة سنة ببلده إشبيلية وجمع له أبوه علم الأرض فلم يحتج إلى أحد إلا أنه رحل متأخراً ولقي في رحلته أبا بكر بن مساهل وأبا العلاء بن هارون وأبا محمد بن الضراب وغيرهم. وكان إمام عصره وفقيه وقته لم أر في الأندلس مثله وحدث عنه أيضاً أبو عمر بن الحذاء وقال: هو رجل قرطبة. وكان فقيهاً جليلاً في مذهب مالك ورث العلم والفضل. وتوفي بقرطبة سنة ست وتسعين وثلاثمائة.

أحمد بن إدريس القرافي

أحمد بن إدريس القرافي وهو شهاب الدين: أبو العباس أحمد بن أبي العلاء: إدريس بن عبد الرحمن بن عبد الله بن يلين الصنهاجي البهفشيمي البهنسي المصري: الإمام العلامة وحيد دهره وفريد عصره - أحد الأعلام المشهورين انتهت إليه رئاسة الفقه على مذهب مالك رحمه الله تعالى وجد في طلب العلوم فبلغ الغاية القصوى فهو الإمام الحافظ والبحر اللافظ المفوه المنطيق والآخذ بأنواع الترصيع والتطبيق دلت مصنفاته على غزارة فوائده وأعربت عن حسن مقاصده جمع فأوعى وفاق أضرابه جنساً ونوعاً. كان إماماً بارعاً في الفقه والأصول والعلوم العقلية وله معرفة بالتفسير وتخرج به جمع من الفضلاء وأخذ كثيراً من علومه عن الشيخ الإمام العلامة الملقب بسلطان العلماء: عز الدين بن عبد السلام الشافعي وأخذ عن الإمام العلامة شرف الدين: محمد بن عمران الشهير بالشريف الكوكي وعن قاضي القضاة شمس الدين: أبي بكر: محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي: سمع عليه مصنفه كتاب وصول ثواب القرآن. كان أحسن من ألقى الدروس وحلي من بديع كلامه نحور الطروس إن عرضت حادثة فبحسن توضيحه تزول وبعزمته تحول. فلفقده لسان الحال يقول:

حلف الزمان ليأتين بمثله ... حنثت يمينك يا زمان فكفر سارت مصنفاته مسير الشمس ورزق فيها الحظ السامي عن اللمس مباحثه كالرياض المونقة والحدائق المعرفة تتنزه فيها الأسماع دون الأبصار ويجني الفكر ما بها من أزهار وأثمار كم حرر مناط الأشكال؟ وفاق أضرابه النظراء والأشكال؟ وألف كتباً مفيدة انعقد على كمالها لسان الإجماع وتشنفت بسماعها الأسماع منها: كتاب الذخيرة في الفقه من أجل كتب المالكية وكتاب القواعد الذي لم يسبق إلى مثله ولا أتى أحد بعده بشبهه وكتاب شرح التهذيب وكتاب شرح الجلاب وكتاب شرح محصول الإمام فخر الدين الرازي وكتاب التعليقات على المنتخب وكتاب التنقيح في أصول الفقه وهو مقدمة الذخيرة وشرحه كتاب مفيد وكتاب الأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الفاجرة في الرد على أهل الكتاب وكتاب الأمنية في إدراك النية وكتاب الاستغناء في أحكام الاستثناء وكتاب الإحكام في الفرق بين الفتاوى والأحكام اشتمل على فوائد غزيرة وكتاب اليواقيت في أحكام المواقيت وكتاب شرح الأربعين لعز الدين الرازي في أصول الدين. وكتاب الانتقاد في الاعتقاد وكتاب المنجيات والموبقات في

الأدعية وما يجوز منها وما يكره وما يحرم وكتاب الإبصار في مدركات الأبصار وكتاب البيان في تعليق الأيمان وكتاب العموم ورفعه وكتاب الأجوبة عن الأسئلة الواردة على خطب بن نباتة وكتاب الاحتمالات المرجوحة وكتاب البارز للكفاح في الميدان وغير ذلك. قال الشيخ شمس الدين بن عدلان الشافعي: أخبرني خالي الحافظ شيخ الشافعية بالديار المصرية أن شهاب الدين القرافي حرر أحد عشر علماً في ثمانية أشهر - أو قال: ثمانية علوم في أحد عشر شهراً. وذكر عن قاضي القضاة تقي الدين بن شكر - قال: أجمع الشافعية والمالكية على أن أفضل أهل عصرنا بالديار المصرية ثلاثة: القرافي بمصر القديمة والشيخ ناصر الدين بن منير بالإسكندرية والشيخ تقي الدين بن دقيق العيد بالقاهرة المعزية وكلهم مالكية خلا الشيخ تقي الدين فإنه جمع بين المذهبين. قال أبو عبد الله بن رشيد: وذكر لي بعض تلامذته: أن سبب شهرته بالقرافي: أنه لما أراد الكاتب أن يثبت اسمه في بيت الدرس كان حينئذ غائباً فلم يعرف اسمه وكان إذا جاء للدرس يقبل من جهة القرافة فكتب: القرافي فجرت عليه هذه النسبة. وذكر بعضهم أن أصله من البهنسا.

أحمد بن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الله أبو العباس القيسي المصري

وتوفي رحمه الله بدير الطين في جمادى الآخرة عام أربعمائة وثمانين وستمائة ودفن بالقرافة. ويلين بياء مثناة من تحت مفتوحة ولام مشددة مكسورة وياء ساكنة مثناة من تحت ونون ساكنة والبهفشيمي بالباء الموحدة المفتوحة والهاء المجزومة والفاء المفتوحة والشين المعجمة المكسورة والياء المثناة من تحت الساكنة. ولم أقف على معنى هذه النسبة ولعلها قبيلة من قبائل صنهاجة. وكان القرافي رحمه الله كثيراً ما يتمثل بهذين البيتين: وإذا جلست إلى الرجال وأشرقت ... في جو باطنك العلوم الشرد فاحذر مناظرة الحسود فإنما ... تغتاظ أنت ويستفيد ويحرد وكان كثيراً ما يتمثل بقول محي الدين المعروف بحافى رأسه: عتبت على الدنيا لتقديم جاهل ... وتأخير ذي علم فقالت: خذ العذرا بنو الجهل أبنائي وكل فضيلة ... فأبناؤها أبناء ضرتي الأخرى أحمد بن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الله أبو العباس القيسي المصريالمالكي المعروف بابن القسطلاني نسبة إلى قسطلينة من إقليم أفريقية كان من أعيان الفقهاء المالكية قرأ على الفقيه أبي منصور

أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر أبو العباس الأنصاري

المالكي والمذهب على خاله القاضي المرتضى: الحسن بن أبي بكر بن الحسن القسطلاني ودرس في موضعه بعد وفاته وصحب الشيخ الزاهد أبا عبد الله القرشي واختص بخدمته ودون كلامه وانتفع بصحبته وأخذ عنه الطريق وولي التدريس بمدرسة المالكية بمصر وسمع بمصر من العلامة أبي محمد: عبد الله بن بري وغيره وسمع بمكة من يونس القاسمي وجماعة كثيرة من الفضلاء. وقال المنذري: كان قد جمع الفقه والزهد وكثرة الإيثار مع الإكثار والانقطاع التام مع مخالطة الناس وقال غيره: كان من مشاهير الشيوخ والزهاد وأعيان الفقهاء عديم النظير في وقته وله شعر حسن. توفي بمكة ليلة الأحد مستهل جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وستمائة من تاريخ مصر للقطب عبد الكريم. أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر أبو العباس الأنصاري الأندلسي ثم القرطبي المالكي الفقيه عرف بابن المزين بالزاي المعجمة بعدها ياء مثناة من تحت ونون يلقب بضياء الدين من أعيان فقهاء المالكية نزل الإسكندرية واستوطنها ودرس بها. وكان من الأئمة المشهورين والعلماء المعروفين جامعاً لمعرفة علوم منها:

علم الحديث والفقه والعربية وغير ذلك وله على كتاب صحيح مسلم شرح أحسن فيه وأجاد سماه المفهم واختصر صحيحي البخاري ومسلم وسمع الحديث من مشايخ المغرب فلقي بفاس أبا القاسم: عبد الرحمن بن عيسى بن الملجوم الأزدي وسمع بتلمسان من أبي عبد الله: محمد بن عبد الرحمن التجيبي ومن قاضيها أبي محمد: عبد الله بن سليمان بن حوط الله وبسبته من عبد الحق بن محمد بن عبد الحق الخزرجي وغيرهم وروى عن أبي الأصبغ بن الدباغ. كتب عنه الحافظ أبو الحسن بن يحيى القرشي وذكره في معجم شيوخه وحدث عنه بالإجازة أبو عبد الله بن الأبار وذكره أبو محمد الدمياطي في معجم شيوخه وقال: اجتمعت به وأخذت عنه شيئاً ولم أتحققه الآن. وقال الدمياطي: واختصر الصحيحين وشرحهما وذكر لنا أنه سمع من القاضي أبي الحسن بن علي بن محمد اليحصبي وأبي محمد بن حوط الله - الموطأ. قال الدمياطي: وحدثنا به عن أبي القاسم: خلف بن بشكوال وذكره الإمام أبو عبد الله: محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرج القرطبي في شيوخه وحدث عنه. وقال غيره: رحل أبو العباس مع أبيه من الأندلس في سن الصغر فسمع كثيراً بمكة والمدينة والقدس ومصر والإسكندرية وغيرها من البلاد. وكان يشار إليه بالبلاغة والعلم والتقدم في علم الحديث والفضل التام

أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عطاء الله

وأخذ عنه الناس من أهل المشرق والمغرب ومولده سنة ثمان وسبعين وخمسمائة على الصحيح وتوفي بالإسكندرية في ذي القعدة سنة ست وعشرين وستمائة. وفي كتاب الذيل والتكملة لقاضي الجماعة أبي عبد الله: محمد بن عبد الملك المراكشي أنه توفي سنة ست وخمسين فانظره رحمه الله تعالى ورضي عنه. أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عطاء الله أبو العباس وأبو الفضل بن أبي عبد الله بن أبي محمد الجذامي الاسكندري الإمام المتكلم الشاذلي. كان جامعاً لأنواع العلوم من تفسير وحديث ونحو وأصول وفقه وغير ذلك - وله تآليف مفيدة منها التنوير في إسقاط التدبير والحكم. كان - رحمه الله تعالى - متكلماً على طريقة أهل التصوف واعظاً انتفع به خلق كثير وسلكوا طريقه وكان شاذلي الطريقة ينتمي للشيخ أبي الحسن الشاذلي وأخذ طريقه عن أبي العباس المرسي - رحمه الله عن الشيخ أبي الحسن - رحمه الله.

أحمد بن محمد بن محمد بن سلامة أبو الحسين

وكان أعجوبة زمانه في كلام التصوف وله نظم حسن في الوعظ. توفي رحمه الله بالقاهرة سنة تسع وسبعمائة ودفن بالقرافة وقبره مشهور يزار. ومن تاريخ مصر للقطب عبد الكريم: أحمد بن محمد بن محمد بن سلامة أبو الحسين الإسكندري الفقيه المالكي كان من رؤساء المالكية ودرس بمدرسة بني حديد وأفتى وولي الوكالة السلطانية بثغر الإسكندرية. توفي رحمة الله تعالى عليه سنة خمس وأربعين وستمائة. من تاريخ مصر أيضاً للقطب: أحمد بن محمد بن منصور بن أبي القاسم بن مختار بن أبي بكر بن علي أبوالعباس المنعوت بناصر الدين المعروف بابن المنير الجروي الجذامي الاسكندري. كان إماماً بارعاً برع في الفقه ورسخ فيه وفي الأصلين والعربية وفنون شتى وله اليد الطولى في علم النظر وعلم البلاغة والإنشاء وكان

متبحراً في العلوم مدققاً فيها له الباع الطويل في علم التفسير والقراءات كان علامة الإسكندرية وفاضلها وكان مدرساً وولي الأحباس والمساجد وديوان النظر. ثم ولي القضاء نيابة عن القاضي بن التنسي في سنة إحدى وخمسين وستمائة ثم ولي القضاء استقلالاً وخطابتها في سنة اثنتين وخمسين ثم عزل عن ذاك ثم ولي ثم عزل. وكان خطيباً مصقعاً سمع من أبيه ومن أبي بحر: عبد الوهاب بن رواج بن أسلم الطوسي - سماعه من السلفي. قال بن قرمس: وخرجت له مشيخته وقرأتها عليه وتفقه بجماعة اختص منهم بالإمام العلامة جمال الدين أبي عمرو بن الحاجب وتفنن به فيه ولأبي عمرو بن الحاجب فيه: لقد سئمت حياتي اليوم لولا ... مباحث ساكن الإسكندرية كأحمد سبط أحمد حين يأتي ... بكل غريبة كالعبقرية تذكرني مباحثه زماناً ... وإخواناً لقيتهم سرية زماناً كان الإبياري فيه ... مدرسنا وتغبطنا البرية مضوا فكأنهم إما منام ... وإما صبحة أضحت عشية وقوله: سبط أحمد أشار به إلى جده لأمه وهو كمال الدين الإمام أحمد بن فارس

وذكر أن الشيخ الإمام عز الدين بن عبد السلام قال: الديار المصرية تفتخر برجلين في طرفيها: بن دقيق العيد بقوص وابن المنير بالإسكندرية. وله تآليف حسنة مفيدة: منها تفسير القرآن سماه: البحر الكبير في نخب التفسير واعترض عليه في هذه التسمية بأن البحر الكبير مالح وأجيب عن ذلك بأنه محل العجائب والدرر. ومنها كتاب الانتصاف من الكشاف ألفه في عنفوان الشبيبة وكتب له عليه الشيخ عز الدين بن عبد السلام بالثناء عليه وكذا الشيخ شمس الدين الخسر وشاهى: شيخ الشيخ شهاب الدين القرافي وغيرهما من العلماء. ومنها كتاب المقتفى في آيات الإسراء وهو كتاب نفيس فيه فوائد جليلة واستنباطات حسنة وله اختصار التهذيب من أحسن مختصراته وله على تراجم البخاري مناسبات وله ديوان خطب مشهور بديع وله مناقب الشيخ أبي القاسم الغباري وله شعر لطيف وذكر في ديباجة تفسيره أنه لم يجتمع بأبي عمرو بن الحاجب حتى حفظ مختصره في الفقه ومختصره في الأصول وأجازه بن الحاجب بالإفتاء. والمنير بضم الميم وفتح النون وياء مثناة من تحت مشددة مكسورة توفي في أول ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين وستمائة ودفن بتربة والده

أحمد بن معد أبو العباس التجيبي الإسكندري المعروف بالاقليشي

عند الجامع الغربي رحمه الله تعالى - ومولده سنة عشر وستمائة. ومن تاريخ مصر للقطب وغيره: أحمد بن معد أبو العباس التجيبي الإسكندري المعروف بالاقليشي بالقاف المعجمة وبعد اللام ياء مثناة من تحت وشين معجمة أصل أبيه من أقليش مدينة بالأندلس وسكن دانية وبها ولد ونشأ وسمع من جماعة من الكبار الجلة منهم أبو الحسن بن طارق وأبو بكر بن العربي والصدفي والغساني وأبو محمد: عبد الحق بن عطية وأبو العباس بن العريف وأبو محمد البطليوسي وأبو طاهر السلفي وخلق كثير من المشاهير وكتب عنه السلفي وقال السلفي: كان من أهل المعرفة باللغات والأنحاء والعلوم الشرعية وأخذ العربية والآداب عن البطليوسي. كان متفنناً في علوم شتى عالماً عاملاً متصوفاً شاعراً مع التقدم في الصلاح والزهد والورع والإعراض عن الدنيا وأهلها والإقبال على العلم والعبادة. وله تصانيف كثيرة حسنة ومن مصنفاته في الحديث: كتاب

أحمد بن يوسف بن أحمد بن أبي بكر بن حمدون بن حجاج بن ميمون بن سليمان بن

النجم وكتاب الكوكب وكتاب الغرر من كلام سيد البشر صلى الله عليه وسلم وكتاب ضياء الأولياء في عدة أسفار وغير ذلك. واختلف في وفاته وفي محلها فقيل: بمكة وقيل: بقوص وذلك سنة إحدى وخمسين وخمسمائة وقيل غير ذلك. أحمد بن يوسف بن أحمد بن أبي بكر بن حمدون بن حجاج بن ميمون بن سليمان بنسعد القيسي الإمام العلامة شرف الدين القفصي التيفاشي سمع ببلده من أبي العباس: أحمد بن أبي بكر بن جعفر المقدسي واشتغل بالأدب وعلوم الأوائل وبرع في ذلك كله وقدم الديار المصرية - وهو صغير - فقرأ بها وتفنن على العلامة موفق الدين: عبد اللطيف أبي يوسف البغدادي

أحمد بن أحمد بن الحسين بن علي

ورحل إلى دمشق واشتغل بها على العلامة تاج الدين الكندي ثم رجع إلى بلاده وولي قضاءها ثم بعد ذلك رجع إلى ديار مصر والشام. وكان فاضلاً بارعاً له شعر حسن ونثر جيد ومصنفات عديدة في فنون. مولده بتيفاش في سنة ثمانين وخمسمائة وتوفي في سنة إحدى وخمسين وستمائة بالقاهرة. وتيفاش بتاء مثناة من فوق ثم ياء مثناة من تحت ثم فاء ثم ألف وشين معجمة: قرية من قرى قفصه. كتب عنه الحافظ بن حديد وابن الصابوني وغيرهما ودفن بمقبرة باب النصر. أحمد بن أحمد بن الحسين بن علي بن الإمام العلامة: مفتي الفرق ركن الشريعة: كمال الدين أبي المنصور طاهر بن الحسين بن قائد الأنصاري الخزرجي المالكي القاضي الفقيه المفتي العارف بهاء الدين أبي المنصور بن جمال الدين أبي عبد الله بن الصاحب الوزير العلامة جمال الدين أبي الحسن. كان نائب الحكم بمصر ودرس بالمدرسة الصلاحية بها وأفتى وتقدم.

أحمد بن سلامة بن أحمد بن سلامة بن يوسف بن علي بن عبد الدائم البلوي

ومولده بمنى سنة إحدى وخمسين وستمائة وتوفي سنة أربع وعشرين وسبعمائة. أحمد بن سلامة بن أحمد بن سلامة بن يوسف بن علي بن عبد الدائم البلويالقضاعي الإسكندري المالكي الإمام العلامة قاضي القضاة بالشام المحروس كان من أوعية العلم: أصولاً وفروعاً ومن سروات الرجال: سؤدداً وحشمة ومن خيار الحكام: عفة وصرامة مع الديانة والدراية والوقار وكان من أنظر الفقهاء وأوسعهم علماً ولي قضاء دمشق ثمانية عشر شهراً بعد القاضي: جمال الدين الزواوي. توفي في ذي الحجة سنة ثمان عشرة وسبعمائة. أحمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن سعيد بن محمد بنمجلي بن مكيف الخزرجي الأزدي المعروف بابن الغماز البلنسي الأندلسي الشيخ الإمام قاضي القضاة بتونس كان موصوفاً بالعلم والفضائل والرئاسة ولي قضاء الجماعة نحو سبع ولايات

فحمدت فيها سيرته وتوفي وهو على ولايته واعتنى بلقاء رجال الحديث وأجاز له خلائق من أهل المغرب والمشرق. كان فقيهاً فاضلاً ديناً حسن الخلق معروفاً بالعدالة والنزاهة روى عن جماعة من الجلة منهم: الحافظ أبو الربيع: سليمان بن سالم الكلاعي والفقيه المقرئ أبو عبد الله: محمد بن أحمد بن مسعود الأزدي الشاطبي بن صاحب الصلاة والفقيه المحدث أبو الحسن علي بن أحمد بن خيرة البلنسي والفقيه المحدث المقرئ أبو الحسين: أحمد بن محمد الأنصاري الإشبيلي المعروف بابن السراج والفقيه العالم أبو العباس: أحمد بن محمد اللخمي العزفي السبتي. وكتب له جماعة من علماء المشرق منهم: أحمد بن محمد بن يس بن محمد الدمياطي عرف بابن قفل والإمام العلامة أحمد بن محمد بن عمر الأنصاري القرطبي وأحمد بن قيماز بن عبد الله وأحمد بن سليمان بن أحمد المرجاني الإسكندري المغربي وإبراهيم بن طرخان السنجاري وإسماعيل بن عبد الواحد العسقلاني وإسحاق بن أبي بكر الطبري المكي وعز الدين: عبد العزيز بن عبد السلام السلمي وعبد الوهاب بن عساكر الدمشقي وأبو القاسم: عبد الرحمن سبط الحافظ أبي الطاهر السلفي وعبد العظيم بن عبد القوي المنذري: زكي الدين: الإمام الحافظ والإمام الحافظ:

علي بن وهب بن مطيع القوصي الشهير بابن دقيق العيد وسليمان بن خليل المكي: إمام المقام وخطيب الحرم ويحيى بن علي بن عبد الله أبو الحسين العطار: رشيد الدين الحافظ ويعقوب بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم الطبري وعلى بن أحمد بن علي القسطلاني وغير هؤلاء نحو المائة من المشاهير. ومن شعره: يا منفق العمر في حرص وفي طمع ... إلى متى؟ قد تولى وانقضى العمر ومنها: إلى متى ذا التمادي في الضلال؟ أماتثنيك موعظة لو ينفع الذكر بادر متاباً عسى ما كان من زلل ... وما اقترفت من الآثام يغتفر وجنب الحرص واتركه فما أحد ... ينال بالحرص ما لم يعطه القدر ولا تؤمل لما ترجو وتحذره ... من ليس في كفه نفع ولا ضرر وفوض الأمر للرحمن معتمداً ... عليه في كل ما تأتي وما تذر واحذر هجوم المنايا واستعد لها ... ما دام يمكنك الإعداد والحذر ومن نظمه أيضاً:

أحمد بن أحمد بن عبد الله الغبريني البجائي

وقالوا: أما تخشى ذنوباً أتيتها ... ولم تك ذا جهل فتعذر بالجهل فقلت لهم: هبني كما قد ذكرتكم ... تجاوزت في قولي وأسرفت في فعلي أما في رضا مولى المولي وصفحه ... رجاء ومسلاة لمقترف مثلي مولده سنة تسع وستمائة عام العقاب. وتوفي سنة ثلاث وتسعين وستمائة ورثي بقصائد فرائد تولى جمعها في دفتر: تلميذه أبو الحسن التجاني. أحمد بن أحمد بن عبد الله الغبريني البجائي الإمام العلامة قاضي القضاة ببجاية توفي رحمه الله تعالى في سنة أربع وسبعمائة.

أحمد بن إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن محمد بن محمد بن حامد

أحمد بن إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن محمد بن محمد بن حامد البغدادي مولداً الأصبهاني تأصلاً الملقب شمس الدين المعروف بالمقري كان فقيهاً متفنناً له منسك في الحج وله في العربية عقد الدرر ونظم عوامل الجرجاني وكتاب في التاريخ وديوان في مدح النبي صلى الله عليه وسلم - وله غير ذلك من التآليف. أحمد بن أبي جعفر الزهري يعرف بالأشيري من أهل سرقسطة يكنى أبا إسحاق وكان فقيهاً عالماً حافظاً للرأي واختصر كتاب أبي محمد بن أبي زيد في المدونة وله رحلة إلى المشرق لقي فيها بن غلبون وأخذ عنه. توفي سنة خمس وثلاثين وأربعمائة مولده سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة. أحمد بن أبي الحجاج: يوسف بن علي الفهري اللبلي يكنى أبا جعفر كان إماماً فاضلاً نحوياً لغوياً راوية.

أخذ عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد البطليوسي عرف بالأعلم وأبي محمد: عبد الله بن لب بن حيوة الشاطبي وأبي الحسن: علي بن جابر اللخمي عرف بالدباج والفقيه أبي علي: عمر بن محمد بن عمر الأزدي. شهر بالشلوبين وأبي الحسين: أحمد بن محمد الأشبيلي عرف بابن السراج. ورحل إلى المشرق وأخذ عن الأئمة كشمس الدين: عبد الحميد الخسروشاهي ورشيد الدين العطار وغيرهم كثيراً. وله تآليف منها: لباب تحفة المجد الصريح في شرح كتاب الفصيح وكتاب رفع التلبيس عن حقيقة التجنيس وكتاب بغية الآمال في معرفة النطق بجميع مستقبلات الأفعال وله: العقيدة الفهرية وله: فهرست ألفها في ذكر رواياته وأسماء شيوخه. مولده عام ثلاثة وعشرين وستمائة بلبلة من أعمال إشبيلية. وتوفي في تونس عام أحد وتسعين وستمائة.

أحمد بن عبد الرحمن التادلي الفاسي

أحمد بن عبد الرحمن التادلي الفاسي كان فقيهاً فاضلاً متفنناً إماماً في أصول الفقه مشاركاً في الأدب والعربية والحديث مستحضراً للفقه له شرح على رسالة بن أبي زيد - بيض منه نصفه في ثلاثة أسفار كبار وتوفي والنصف الثاني في مسودته - في سفر واحد. وله شرح عمدة الأحكام في الحديث شرحاً حسناً وله على التنقيح للقرافي تقييد مفيد. ورحل إلى المدينة النبوية فاستوطنها. وولي نيابة القضاء بها. وكان صدراً في العلماء ذا عفة ودين وصيانة وعبادة. توفي بالمدينة في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة. أحمد بن إدريس البجائي يكنى أبا العباس كان واحد قطره في حفظ مذهب مالك متفنناً في المعارف والعلوم جمع بين العلم الغزير والدين المتين وتخرج بين يديه جماعة من الفضلاء الأئمة - كالإمام عبد الرحمن الوغليسي ونظرائه. وكان يطلق عليه فارش السجاد لكثرة صلاته وكان كثير الصوم والصدقة - أعماله كلها سراً وكان على طريقة السلف الصالح في الاتباع

أحمد بن محمد بن عبد الله الشهير بابن المخلطة

كثير التواضع جميل العشرة صبوراً على الاشتغال حسن التعليم. وله تعليق على بيوع الآجال من مختصر بن الحاجب وغير ذلك. وكانت وفاته بعد الستين وسبعمائة ولم أحقق تاريخ وفاته. أحمد بن محمد بن عبد الله الشهير بابن المخلطة هو قاضي القضاة: فخر الدين مولده بثغر الإسكندرية في عام ست وتسعين وستمائة. كان فاضلاً في مذهب مالك إماماً في الأصول والعربية. رحل إلى الشام وسمع من الحافظ أبي الحجاج المزي وشمس الدين الذهبي وغيرهما وقرأ الأصول على شيخ الفن: شمس الدين الأصبهاني والعربية على القاضي عماد الدين أبي الحسن الكندي وعلى أثير الدين: أبي حيان وتفقه بالإمام أبي حفص: عمر بن قداح: تلميذ أبي محمد: عبد الكريم بن عطاء الله. وولي قضاء الإسكندرية مرتين: إحداهما سنة تسع وخمسين وسبعمائة. وفيها توفي رحمه الله تعالى.

أحمد بن عمر بن علي بن هلال الربعي

أحمد بن عمر بن علي بن هلال الربعي نسبة إلى ربيعة الفرس بن نزار بن معد بن عدنان إمام عالم فاضل متفنن في علوم شتى كان فاضلاً في الفقه والأصلين والعربية والمعاني والبيان سمع الحديث على الشيخ تقي الدين بن كرام وغيره وتفقه بقاضي القضاة: فخر الدين بن المخلطة: المتقدم ذكره وبسراج الدين: عمر بن علي المراكشي وزين الدين أبي أحمد: عبد الملك بن رستم الاسكندري وأخذ الأصول عن الشيخ: شمس الدين الأصبهاني والعربية عن الشيخ أثير الدين أبي حيان الأندلسي. ورحل من الإسكندرية إلى القاهرة فأخذ بها الفقه عن الشيخ عبد الله المنوفي والإمام شرف الدين أبي موسى: علي الزواوي وقاضي القضاة تقي الدين الأخنائي وشرف الدين: عيسى المغيلي وغيرهم. وذكر طريق اتصاله في الفقه إلى مالك بن أنس وذلك أنه تفقه بقاضي القضاة: فخر الدين بن المخلطة وفخر الدين تفقه بجماعة منهم أبو حفص: عمر بن فراج الإسكندري وابن فراج تفقه بجماعة منهم أبو محمد: عبد الكريم بن عطاء الله الإسكندري وتفقه بن عطاء الله بجماعة منهم الأستاذ أبو بكر

الطرطوشي وتفقه الطرطوشي بجماعة منهم: القاضي أبو الوليد الباجي وتفقه الباجي بجماعة منهم: أبو طالب مكي وتفقه مكي بجماعة منهم: الشيخ أبو محمد بن أبي زيد وتفقه بن أبي زيد بجماعة منهم: أبو بكر بن اللباد وتفقه بن اللباد بجماعة منهم: يحيى بن عمر وتفقه بن عمر بجماعة منهم: سحنون وتفقه سحنون على بن القاسم وأشهب وتفقه بن القاسم وأشهب على مالك بن أنس ومالك يروي عن جماعة منهم نافع عن بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم. وله تآليف عديدة منها: شرح بن الحاجب الفقهي في ثمانية أسفار كبار وكان قد شرحه مطولاً ثم تركه فلم يكمله لطوله. وله على مختصر بن الحاجب الأصلي شرحان وله شرح على كافية بن الحاجب في العربية - لم يكمله وله تأليف مستقل على الأشكال الأربعة التي في مختصر بن الحاجب الأصلي سماه: رفع الإشكال عما في المختصر من الأشكال وله تفسير آية الكرسي أتى فيه بفوائد كثيرة. ولقيته بدمشق في سنة اثنين وتسعين وأخذ عنه ابني: محمد أبو اليمن وكان مع مجموع فضائله خامل الذكر كثير العزلة عن أهل المناصب - بل عن الناس ما عدا خواص طلبته. توفي سنة خمس وتسعين وسبعمائة.

من اسمه إبراهيم من أصحاب مالك من الطبقة الوسطى

من اسمه إبراهيم من أصحاب مالك من الطبقة الوسطى إبراهيم بن حبيب قال قاسم بن أصبغ: هو ثقة من أصحاب مالك وهو وصي مالك رضي الله عنه. إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي العاصي أبو إسحاق البرقي من أهل مصر من الطبقة الثانية ممن لم ير مالكاً كان صاحب حلقة أصبغ معدوداً في فقهاء مصر يروى عن أشهب وابن وهب وأخذ الناس عنه بمصر كثيراً له سماع ومجالس رواها عن أشهب حملت عنه. توفي سنة خمس وأربعين ومائتين. إبراهيم بن حسين بن خالد بن مرتنيل يكنى أبا إسحاق كان خيراً فقيهاً يكنى أبا إسحاق عالماً بالتفسير - له رحلة لقي فيها علي بن معبد وعبد الملك هشام ومطرف بن عبد الله ولقي سحنونا وروى عنه.

إبراهيم بن محمد بن باز

مذكور في المالكية عالم بالفقه بصير بطرق الحجة كان يناظر يحيى بن مزين ويحيى بن يحيى كان صلباً في حكمه عدلاً وله تأليف في تفسير القرآن وكان يذهب في الشاة إذا بقر بطنها ولم يطمع في حياتها وأدركت ذكاتها أنها تؤكل وحاج في ذلك سحنوناً وأعجب بن لبابة ذلك وحكى أنه مذهب إسماعيل القاضي. وكان يذهب إلى النظر وترك التقليد وحكى إبراهيم عن مطرف بن عبد الله: ليس في الكرسنة زكاة لأنها علف. وكانت وفاته سنة أربعين ومائتين في رمضان. ومن الطبقة الثالثة الذين ذكروا في الثانية من أهل الأندلس إبراهيم بن محمد بن باز يعرف بابن القزاز قرطبي يكنى أبا إسحاق فقيه عالم ورع زاهد فاضل حافظ للفقه بصير بالحديث مقرئ للقرآن رأس فيه سمع من يحيى بن يحيى وسعيد بن حسان وأبي زيد: عبد الرحمن

إبراهيم بن حماد بن إسحاق

بن إبراهيم ورحل فسمع من يحيى بن بكير وأبي الطاهر بن السرح وأبي زيد بن أبي الغمر وسحنون وغيرهم وأخذ القراءات عن عبد الصمد بن القاسم. سمع منه الناس قال بن ديلم: كان حافظاً للمذهب متقناً له ربما قرئت عليه المدونة والأسمعة ظاهراً فيرد الواو والألف. فهم رأي مالك وكان الغالب عليه الحفظ والزهد والانقباض. قال بن لبابة: لم يكن عنده من الفقه أكثر من الحفظ - دون فطنة ولا معرفة به وانظر في تاريخ بن عبد البر. توفي ودفن بطليطلة ليلة الخميس لثمانية أيام مضين من شهر ربيع الآخر سنة أربع وسبعين ومائتين. ومن الطبقة الرابعة من أهل العراق ثم من آل حماد بن زيد: إبراهيم بن حماد بن إسحاق بن أخي إسماعيل بن إسحاق كنيته أبو إسحاق تفقه بإسماعيل: عمه وروى كتبه وروى عن أبيه حماد ومحمد بن يحيى الخيشي والعباس بن مزيد وزيد بن أخرم والرمادي وجعفر الفريابي

إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق السبائي

وأبي الطاهر وأبي قلابة وأبي إبراهيم الزهري وابن منيع وجماعة غيرهم روى عنه أبو بكر الأبهري وابن الجهم وأبو الحسن الدارقطني وأبو حفص بن شاهين وغيرهم. وألف: اتفاق الحسن ومالك وكان ثقة صدوقاً فاضلاً. توفي في محرم سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة وقيل: أول صفر - وقد زاد على اثنين وثمانين سنة: شهوراً ودفن إلى جانب قبر عمه إسماعيل. ومولده سنة إحدى وأربعين وقيل في رجب سنة أربعين وقيل: إن وفاته سنة تسع وعشرين. إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق السبائي أحد العلماء العاملين ومن أولياء الله المعدودين الذين ينزل بدعائهم القطر وتظهر لهم البراهين صحب أبا جعفر أحمد بن نصر وأبا البشر: مطر بن بشار وأبا جعفر القصري وغيرهم من أهل العلم وأخذ عنهم علماً كثيراً وصحب جماعة من المتعبدين وكان يدري العلم دراية حسنة وكان العلماء يتذاكرون بحضرته وبمجلسه كأبي محمد بن أبي زيد - وهو الملقى عليهم وأبي القاسم بن شبلون

والقابسي وغيرهم فإذا تنازعوا فصل ما بينهم فيرجعون إليه ويستشيرونه في جميع أمورهم. وكان أهل العلم في القيروان إذا نزلت الحوادث والمعضلات يقتدون به فإن أغلق بابه فعلوا مثله وإن فتحوا بابه فعلوا مثله وإن تكلم تكلموا لتقدمه عنهم ومكانته من العلم والعقل والمعرفة وكان أبو جعفر بن نصر الفقيه يقول: لو وزن إيمان أبي إسحاق بإيمان أهل المغرب لرجحهم. كان مشهوراً بالعلم والصلاح والعبادة والاجتهاد كثير الورع وقافاً عن الشبات رقيق القلب غزير الدمعة مجاب الدعوة متواضعاً حسن الأخلاق حميد الأدب طلق الوجه مبايناً لأهل البدع شديد الغلظة عليهم. وكان خبزه السميد فقيل له في ذلك؟ فقال: لو علمت أن الجوهر يزيد في عقلي وقدرت عليه لسحقته وأكلته فإني لا أجد نفسي تصلح إلا إذا أكلت طيباً وكان يقول: اتجر بالعلم وكل والبس الورع وقال بعضهم: كنا إذا دخلنا عليه عقدنا التوبة مخافة أن ينطقه الله فينا بشيء.

إبراهيم بن أحمد بن علي بن أسلم أبو إسحاق الجبنياني البكري

توفي رحمه الله سنة ست وخمسين وثلاثمائة مولده سنة سبعين ومائتين. إبراهيم بن أحمد بن علي بن أسلم أبو إسحاق الجبنياني البكري من بكر بن وائل أحد أئمة المسلمين وأبدال أولياء الله الصالحين وقد جمع الفقيه أبو القاسم اللبيدي وأبو بكر المالكي من أخباره وسيره كثيراً وكان سلفه من أهل الخطط بالقيروان وكان من أعلم الناس باختلاف العلماء عالماً بعبارة الرؤيا ويعرف حظاً من اللغة والعربية حسن القراءة للقرآن بحسن تفسيره وإعرابه وناسخه ومنسوخه لم يترك حظه من دارسة العلم بالليل إلا عند ضعفه قبل موته بقليل. وكان لا يفتي إلا أن يسمع أحداً يتكلم بما لا يجوز فيرد عليه أو يرى من يخطئ في صلاته فيرد عليه. وكان أبو الحسن القابسي يقول: الجبنياني إمام يقتدى به. وكان أبو محمد بن أبي زيد يعظم شأنه ويقول: طريق أبي إسحاق خالية لا يسلكها أحد في الوقت. وكان أبو إسحاق قلما يتغير على أحد فيفلح.

إبراهيم بن عبد الصمد

وكان إذ رئي ذكر الله تعالى من هيبته قد جف جلده على عظمه واسود لونه. كثير الصمت قليل الكلام فإذا تكلم نطق بالحكمة. وكان قلما يترك ثلاث كلمات جامعة للخير وهي: " اتبع لا تبتدع ". " اتضع لا ترتفع " " من ورع لم يتسع ". وكان له من الولد سبعة كلهم خير تقي. توفي رحمه الله سنة تسع وستين وثلاثمائة وسنه تسعون سنة وما وجد له من الدنيا قليل ولا كثير غير أمداد شعير في قلة مكسورة. إبراهيم بن عبد الصمد الشيخ أبو الطاهر بن بشير التنوخي كان رحمه الله إماماً عالماً مفتياً جليلاً فاضلاً ضابطاً متقناً حافظاً للمذهب إماماً في أصول الفقه والعربية والحديث من العلماء المبرزين في المذهب المترفعين عن درجة التقليد إلى رتبة الاختيار والترجيح وقد ذكر في كتابه التنبيه أن من أحاط به علماً ترقى عن درجة التقليد. وله كتاب الأنوار البديعة إلى أسرار الشريعة كتاب: جامع من الأمهات وله: التنبيه على مبادىء التوجيه وكتاب: التذهيب على التهذيب وكتاب مختصر يحفظه المبتدئون. وكان بينه وبين أبي الحسن اللخمي قرابة وتعقبه في كثير من المسائل

إبراهيم بن محمد بن حسين الضبي

ورد عليه اختياراته الواقعة في كتاب التبصرة وتحامل عليه في كثير منها وذلك بين لمن وقف على كتابه: التنبيه. وكان رحمه الله يستنبط أحكام الفروع من قواعد أصول الفقه وعلى هذا مشى في كتابه: التنبيه وهي طريقة نبه الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد أنها غير مخلصة وأن الفروع لا يطرد تخريجها على القواعد الأصولية وذكر أنه قتل شهيداً: قتله قطاع الطريق في عقبة وقبره بها معروف ولم أقف على تاريخ وفاته - غير أنه ذكر في تأليفه المختصر أنه أكمله في سنة ست وعشرين وخمسمائة رحمة الله تعالى عليه. إبراهيم بن محمد بن حسين الضبي أبو إسحاق مولاهم يعرف بابن البرذون ذو رواية وأدوات وتصرف ومن نظار فقهاء المدنيين بالقيروان كان تلميذاً لسعيد بن الحداد ذا أبهة نبيلة وكان يقول: إني أتكلم في تسعة عشر فناً من العلم. كان عالماً بالذب عن مذهب مالك فقيهاً عالماً بارعاً في العلم يذهب مذهب الحجة والنظر لم يكن في نشأة القيروان أقوى على الحجة والمناظرة منه.

إبراهيم بن محمد بن أحمد

سمع من عيسى بن مسكين ومحمد بن عمر وجبلة بن حمود وسعيد بن إسحاق وغيرهم من رجال سحنون. ضرب بالسياط - هو وآخر من أصحابه - يعرف بابن بكر بن هذيل من المدنيين أيضاً المتقنين وكانا من العلماء الخاشعين الورعين وضرب بن البردون وقتل بن هذيل ثم قتل بن البردون ثم ربطت أجسادهما بالحبال وجرتهما البغال مكشوفين في القيروان وصلبا نحو ثلاثة أيام ثم أنزلا ودفنا. ومن الطبقة السادسة من أهل الحجاز: إبراهيم بن محمد بن أحمد بن عثمان الدينوري أبو إسحاق نزل مكة ولزمها حدث عن أبي بكر بن الجهم وإبراهيم بن حماد وأبي بكر بن داود وعبد الله بن وهب الدينوري وابن صاعد وأبي الحسن النهاوندي والبغوي وغيرهم. فقيه مالكي حدث عنه أبو ذر الهروي وأبو عبد الله بن الحذاء وعبدوس بن محمد وأبو بكر الصقلي وأبو عمر بن سعدى ومحرز العابد وأبو بكر الخولاني وغيرهم. وكان عنده حديث قال أبو عبد الله بن الحذاء لقيته بمكة سنة اثنين

إبراهيم بن عبد الله أبو إسحاق الزبيدي المعروف بالقلانسي

وسبعين وثلاثمائة وتركته حياً وقد نيف على الثمانين سنة. وكان فقيهاً ورعاً منقبضاً خيراً من جلة العلماء وذكره أبو ذر في معجمه وقال: ثقة. ومن أهل أفريقية: إبراهيم بن عبد الله أبو إسحاق الزبيدي المعروف بالقلانسي رجل صالح فقيه فاضل عالم بالكلام والرد على المخالفين له في ذلك تآليف حسنة وله كتاب في الإمامة والرد على الرافضة سمع من فرات بن محمد وحماس بن مروان والمغامي ومحمد بن عبادة السوسي وخلق كثير. روى عنه إبراهيم بن سعيد وأبو جعفر الداودي وغيرهما امتحن على يد أبي القاسم بن عبد الله الرافضي ضربه سبعمائة سوط وحبسه أربعة أشهر بسبب تأليفه كتاباً في الإمامة وقيل بسبب كتاب الإمامة الذي ألفه بن سحنون. توفي رحمه الله تعالى سنة تسع وخمسين وقيل سنة إحدى وستين وثلاثمائة.

إبراهيم بن حسن بن إسحاق التونسي

ومن الطبقة التاسعة من أهل أفريقية: إبراهيم بن حسن بن إسحاق التونسي تفقه بأبي بكر بن عبد الرحمن وأبي عمران الفاسي ودرس الأصول على الأزدي وكان جليلاً فاضلاً عالماً إماماً وبه تفقه جماعة من أهل إفريقية عبد الحق وغيره. وله شروح حسنة وتعاليق مستعملة متنافس فيها على كتاب بن المواز والمدونة وفيه يقول عبد الجليل الديباجي: حاز الشريفين من علم ومن عمل ... وقلما يتأتى العلم والعمل وكان أبو إسحاق رحمه الله تعالى يقول في التدمية إنها لا تجب حتى يكون بالمجروح جرح لا يفعله أحد بنفسه. وتوفي أبو إسحاق مبتدأ الفتنة بالقيروان. ومن أهل سبتة: إبراهيم بن جعفر الفقيه المشاور أبو إسحاق اللواتي شيخ صالح من أهل الدين والفضل والعقل. أخذ عن شيوخ سبتة واقتصر على الفقيه أبي الأصبع ولازمه وكتب له في قضائه في طنجة ومشى معه إلى غرناطة فكتب له بها وكان مختصاً به سمع منه جميع كتبه وحدث بها عنه. أخذ عنه وسمع منه وصحبه وأخذ - هو - عن أبي الفضل أشياء.

إبراهيم بن حسن بن عبد الرفيع الربعي التونسي

وكان أبو الفضل يثني عليه خيراً ويصفه بالعلم وكان بصيراً بالشروط والوثائق ولم يكن في عصره من هو أقوم منه عليها. شاوره قاضي الجماعة أبو محمد والقاضي أبو إسحاق: إبراهيم بن أحمد والقاضي أبو إسحاق بن يربوع ولم يزل كذلك إلى أن توفي. وكان يدرس الموطأ ويتفقه فيه ألف مختصر بن أبي زمنين على الولاء فجاء بأحسن رتبة وكان عاقلاً مهيباً كثير الوقار لا يتكلم أحد في مجلسه إلا بمسألة علم أو كلام فيه منفعة. توفي سنة ثلاث عشرة وخمسمائة في جمادى الأولى. إبراهيم بن حسن بن عبد الرفيع الربعي التونسي قاضي القضاة بتونس يكنى أبا إسحاق كان علامة وقته ونادرة زمانه ألف كتاب معين الحكام في مجلدين وهو كتاب كثير الفائدة غزير العلم نحا فيه إلى اختصار المتيطية وله: الرد على بن حزم في اعتراضه على مالك رحمه الله في أحاديث خرجها في الموطأ ولم يقل بها وله اختصار أجوبة: القاضي أبي الوليد بن رشد إلى غير ذلك من أوضاعه وتآليفه. روى عن ابن المفضل وسمع من الأستاذ أبي عمرو: عثمان بن سفيان

إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن الأنصاري

التميمي أبي الشقر ولقي أبا محمد بن الحجام والقاضي أبا عبد الله: محمد بن عبد الجبار السوسي وجماعة الأندلس القادمين على مدينة تونس. توفي سنة أربع وثلاثين وسبعمائة في شهر رمضان عن تسع وتسعين سنة وأشهر - رحمه الله تعالى - ذكره الذهبي في العبر. إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن الأنصاري من أهل غرناطة يكنى أبا إسحاق ويعرف بحنكالش. كان فقيهاً أدبياً نبيلاً عارفاً بالفقه حافظاً له عارفاً بالوثائق نقاداً لها وولي قضاء ميورقة وله تآليف قال أبو جعفر بن الزبيري: هو صاحب الوثائق المختصرة وألف في الفقه كتباً منها: كتابه المسمى بكتاب الشروط والتمويه مما لا غنى عنه لكل فقيه وكتابه المسمى بأجوبة الحكام فيما يقع للعوام من نوازل الأحكام. روى عنه أبو بكر عتيق بن علي العبدري ولم يذكر المؤلف وفاته وذكره أبو جعفر بن الزبير وتقدم ذكر أبي جعفر فيمن اسمه أحمد فعلم أنه متأخر عن بن الزبير. إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي بكر التسولي من أهل تيزى يكنى أبا سالم ويعرف بابن أبي يحيى

كان هذا الرجل قيماً على التهذيب ورسالة بن أبي زيد حسن الإقراء لهما وله عليهما تقييدان نبيلان قيدهما أيام قراءته إياهما على أبي الحسن الصغير قال المؤلف: حضرت مجالسه بمدرسة عدوة الأندلس من فاس ولم أر في متصدري مدته أحسن تدريساً منه. كان فصيح اللسان سهل الألفاظ موفياً حقوقها وكان مجلسه وقفاً على التهذيب والرسالة وكان مع ذلك سمحاً فاضلاً حسن اللقاء - امتحن بصحبة السلطان فصار يستعمله في الرسائل فانصرف في ذلك حظ كبير من عمره لا في راحة ولا في نصيب الآخرة. وهذه سنة الله فيمن خدم الملوك ملتفتاً إلى ما يعطونه لا إلى ما يأخذون من عمره وراحته - لطف الله بنا وبمن ابتلى بذلك وخلصنا خلاصاً جميلاً. وذكره بن الخطيب في كتابه المسمى عائد الصلة فقال: الشيخ الفقيه الحافظ القاضي من صدور المغرب له مشاركة في العلم وتبحر في الفقه كان وجيهاً عند الملوك واستعمل في السفارة وكان حسن العهد مليح المجالس كريم الطبع قيد على المدونة - بمجلس شيخه القاضي أبي الحسن - كتاباً مفيداً وضم أجوبته على المسائل في سفر وشرح كتاب الرسالة شرحاً عظيم الإفادة ولازم أبا الحسن الصغير. وهو كان قارئ كتب الفقه عليه وجل انتفاعه في التفقه به وروى عن أبي زكريا بن ياسين قرأ عليه الموطأ إلى كتاب المكاتب وكتاب الدية

إبراهيم بن يوسف بن محمد بن دهاق الأوسي

فإنه سمعه بقراءة الغير وروى عن أبي عبد الله بن رشيد: قرأ عليه الموطأ وشفاء عياض رحمه الله تعالى وعن أبي الحسن بن عبد الجليل السدراني قرأ عليه الأحكام الصغرى لعبد الحق وأبي الحسن بن سليمان - قرأ عليه رسالة بن أبي زيد وفلج في آخر عمره فالتزم منزله بفاس يزوره السلطان فمن دونه وتوفي بعد عام ثمانية وأربعين وسبعمائة. إبراهيم بن يوسف بن محمد بن دهاق الأوسي يكنى أبا إسحاق ويعرف بابن المرأة كان متقدماً في علم الكلام حافظاً ذاكراً للحديث والتفسير والفقه والتاريخ وغير ذلك. وكان الكلام أغلب عليه فصيح اللسان والقلم ذاكراً لكلام أهل التصوف يطرز مجالسه بأخبارهم. قال أبو جعفر بن الزبير: وكان صاحب حيل وفوارج مستظرفة مطلعاً على أشياء غريبة - من الخواص وغيرها - فتن بها بعض الجهلة واطلع كثيراً ممن قصده على ذلك ونافره الشيخ الفاضل أبو بكر بن المرابط بسبب ما شهد من ذلك وألف شرح كتاب الإرشاد لأبي المعالي وشرح الأسماء الحسنى وألف جزءاً في إجماع الفقهاء وشرح محاسن المجالس لأبي العباس بن العريف وألف غير ذلك وتآليفه نافعة في أبوابها حسن الرصف والمباني.

إبراهيم بن أبي بكر بن عبد الله بن موسى الأنصاري

روى عنه أبو محمد بن عبد الحق بن برطلة وغيره. وتوفي بعد سنة عشر وستمائة. إبراهيم بن أبي بكر بن عبد الله بن موسى الأنصاري تلمساني وقشي الأصل نزيل سبتة يكنى أبا إسحاق ويعرف بالتلمساني. كان فقيهاً عارفاً بعقد الشروط مبرزاً في العدد والفرائض أدبياً شاعراً محسناً ماهراً في كل ما يحاول ونظم في الفرائض وهو بن عشرين سنة - أرجوزة محكمة بعملها ضابطة عجيبة الوضع. قال بن عبد الملك: وخبرت منه في تكراري عليه تيقظاً وحضور ذكر وتواضعاً وحسن إقبال واشتغالاً بما يعينه في أمر معاشه وتخاملاً في هيئته ولباسه. قال بن الزبير: كان أدبياً فاضلاً لغوياً إماماً في الفرائض لقي أبا بكر بن محرز وأجاز له وكتب إليه مجيزاً أبو الحسن بن طاهر الدباج وأبو علي الشلوبين ولقي بسبتة أبا العباس علي بن عصفور الهواري وأبا المطرف: أحمد بن عبد الله بن عميرة وسمع علي أبي يعقوب: يوسف بن موسى المحاسني الغماري.

روى عنه الكثير ممن عاصره: كأبي عبد الله بن عبد الملك وغيره وله تآليف منها: الأرجوزة الشهيرة في الفرائض: لم يصنف في فنها مثلها ومنظوماته في السير وأمداح النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك المعشرات: على أوزان المغرب وقصيدته في المولد الكريم وله مقالة في علم العروض الدوبيتي وله كتاب اللمع في الفقه شرح بن الجلاب شرحاً جليلاً واسعاً وله شعر منه: الغدر في الناس شيمة سلفت ... قد طال بين الورى تصرفها ما كل من قد سرت له نعم ... منك يرى قدرها ويعرفها بل ربما أعقب الجزاء بها ... مضرة عز عنك مصرفها أما ترى الشمس كيف تعطف بالن ... ور على البدر وهو يكسفها مولده بتلمسان سنة تسع ... وستمائة وتوفي سنة سبعة وتسعين وستمائة.

إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن عبيد بن محمود

إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن عبيد بن محمود النفزي: غرناطي يكنى أبا إسحاق خاتمة الرجال بالأندلس وشيخ أهل المجاهدات وأرباب المعاملات صادق الأحوال شريف المقامات مأثور الإخلاص مشهور الكرامات. وكان فقيهاً حافظاً ذاكراً للغات والأدب نحوياً ماهراً درس ذلك كله أول أمره غلب عليه التصوف فشهر به وصنف فيه التصانيف المفيدة. أخذ القراءات عن الخطيب أبي عبد الله الحضرمي وأبي الكرم: جودي بن عبد الرحمن والحديث عن أبي الحسن: علي بن عمر الواد آشي وأبي محمد: سليمان بن حوط الله والنحو واللغة عن بن يربوع وغيره. ورحل وحج وجاور وتكرر ولقي هناك غير واحد من صدور العلماء وأخذ عنهم وروى عنه خلق لا يحصون كثرة منهم: أحمد بن عبد المجيد بن هذيل الغساني وأبو جعفر بن الزبير وغيره. وألف في طريقه التصوف وغيرها تصانيف مفيدة منها: مواهب العقول وحقائق النقول والغيرة المذهلة عن الحيرة والتفرقة والجمع والرحلة المعنوية

إبراهيم بن عجنس بن أسباط

ومنها: الوسائل في الفقه والمسائل وغير ذلك. وله من قصيدة: يضيق علي وجدي الفضاء ... ويسلبني من الناس العناء وله: يا من أنامله كالمزن هاطلة ... وجود كفيه أجرى من مجاريها سفينة الفقر في بحر الرجا وقفت ... فامنن على بريح منك يجريها بحق من خلق الإنسان من علق ... انظر إلى رقعتي وافهم معانيها إني فقير مسكين بلا سبب ... سوى حروف من القرآن أتلوها لا يعرف الشوق إلا من يكابده ... ولا الصبابة إلا من يعانيها مولده بجيان: سنة ثنتين وستين وخمسمائة وتوفي سنة تسع وخمسين وستمائة. إبراهيم بن عجنس بن أسباط الكلاعي الزبادي الأندلسي من أهل وشقة كان أحد الحفاظ للفقه اختصر المدونة وله رحلة سمع فيها من يوسف بن عبد الأعلى توفي سنة خمس وتسعين ومائتين وعجنس بعين مهملة وجيم مفتوحة ونون مفتوحة مشددة وسين مهملة.

إبراهيم بن عثمان أبو القاسم بن الوزان

والزبادي بالزاي المعجمة وباء موحدة - نسبة إلى زباد موضع بالمغرب ذكره السمعاني. وشقة بالشين المعجمة والقاف: بلد بالأندلس. إبراهيم بن عثمان أبو القاسم بن الوزان شيخ المغرب في النحو واللغة حفظ كتاب سيبويه والمصنف الغريب وكتاب العين وإصلاح المنطق وأشياء كثيرة. توفي سنة ست وأربعين وثلاثمائة. إبراهيم بن أحمد بن محمد الأنصاري الخزرجي الجزري يكنى أبا إسحاق هو الشيخ الفقيه الإمام العالم المتفنن في أنواع المعارف شيخ الشيوخ وبقية أهل الرسوخ ذو التصانيف الكثيرة والمعارف الغزيرة. أخذ عن علماء أفريقية ونجبائها علوم العربية والبيان وأصول الدين وأصول الفقه والمنطق والجدل وغير ذلك وكان يضرب في كثير من العلوم بنصيب وافر وله في ذلك تصانيف وتعاليق غير أنه لم يخرجها من مسوداتها ولرداءة خطه ودقته لم يخرجها غيره منها: كيفية السباحة في بحري البلاغة والفصاحة ورفع المظالم عن كتاب المعالم وكتاب

إبراهيم بن محمد بن إبراهيم القيسي الصفاقسي

إيضاح غوامض الإيضاح وكتاب المنهج المغرب في الرد على المغرب وكتاب تقصي الواجب في الرد على بن الحاجب وكتاب تحرير القواعد الكلامية في تقرير العقائد الإسلامية ومنتهى الغايات في شرح الآيات والإغراب في ضبط عوامل الإعراب وإنجاز البرهان في بيان إعجاز القرآن وتحرير الدلالات في إثبات النبوات وترغيب العباد في الحض على الجهاد والقوانين الجلية في الاصطلاحات الجدلية والتنبيه على ما زخرف من التمويه في علم البيان المطلع على إعجاز القرآن. وله حظ من النظم. أخذ عن الأستاذ أبي عبد الله الرندي وأبي عبد الله بن عوانة وأبي عبد الله بن علالة وأبي العباس: أحمد بن جزي وغيرهم. والجزري بالجيم والزاي المعجمة الساكنة والراء المهملة. إبراهيم بن محمد بن إبراهيم القيسي الصفاقسي العلامة الوحيد المصنف المتفنن وكان أخوه شمس الدين محمد قاضياً عالماً متفنناً ومن تآليفهما: إعراب القرآن الكريم وهو من أجل كتب الأعاريب وأكثرها فائدة جرده من البحر المحيط للإمام العالم العلامة: أثير الدين أبي حيان ومن إعراب أبي البقاء وغير ذلك.

تفقها وتفننا بالإمام العلامة أبي فارس: عبد العزيز المعروف بالدروال وقد ذكرته في حرف العين. توفي برهان الدين سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة.

من اسمه إسماعيل من الطبقة الوسطى من أصحاب مالك من أهل المدينة

من اسمه إسماعيل من الطبقة الوسطى من أصحاب مالك من أهل المدينة إسماعيل بن أبي أويس أبو عبد الله بن أخت الإمام مالك بن أنس وزوج ابنته سمع أباه وأخاه وخاله مالكاً وجماعة روى عنه جماعة منهم: إسماعيل القاضي وابن حبيب وابن وضاح. خرج عنه البخاري ومسلم محله الصدق لا بأس به وكان مغفلاً. توفي إسماعيل سنة ست وعشرين ومائتين وقيل سنة سبع وسيأتي أخوه عبد الحميد في حرفه.

إسماعيل بن إسحاق القاضي

ومن الطبقة الثالثة الذين ذكروا في الثانية ممن انتهى إليهم فقه مالك ممن لم يره ولم يسمع منه والتزموا مذهبه من أهل العراق والمشرق ثم من آل حماد بن زيد أئمة هذا المذهب وأعلامه بالعراق. إسماعيل بن إسحاق القاضي ولنبدأ قبل ذكره بشيء من خبر آل حماد بن زيد على الجملة وجلالة أقدارهم وأقوام منهم يذكرون في هذا الكتاب. كانت هذه البيئة على كثرة رجالها وشهرة أعلامها من أجل بيوت العلم بالعراق وأرفع مراتب السؤدد في الدين والدنيا وهم نشروا هذا المذهب هناك وعنهم اقتبس فمنهم من أئمة الفقه ومشيخة الحديث عدة كلهم جلة ورجال سنة روي عنهم في أقطار الأرض وانتشر ذكرهم ما بين المشرق والمغرب وتردد العلم في طبقاتهم وبيتهم نحو ثلاثمائة عام من زمن جدهم الإمام: حماد بن زيد وأخيه سعيد ومولدهما في نحو المائة إلى وفاة

آخر من وصف منهم بعلم وهو المعروف بابن أبي يعلى ووفاته قرب أربعمائة. قال أبو محمد الفرغاني التاريخي: لا نعلم أحداً من أهل الدنيا بلغ آل حماد بن زيد ونال بنو حماد من الدنيا مزية ومنزلة رفيعة ولن يبلغ أحد ممن تقدم من القضاة ما بلغوا من اتخاذ المنازل والضياع والكسوة والآلة ونفاذ الأمر في جميع الآفاق. وحسبك أن لهم ببادرويا ستمائة بستان غير ما لهم بالبصرة وغيرها. وكان فيهم - على اتساع الدنيا لهم - رجال صدق وخير وأبهة وورع وعلم وفضل ويأتي من خبرهم في الطبقات والحروف ما يدل على مكانتهم من الدين والدنيا. هو أبو إسحاق: إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم بن بابك الجهضمي الأزدي: مولى آل جرير بن حازم أصله من البصرة بها نشأ واستوطن بغداد وسمع محمد بن عبد الله الأنصاري وسليمان بن حرب الواشحي وحجاج بن منهال الأنماطي ومسدداً والقعنبي وأبا الوليد الطيالسي وعلي بن المديني.

وسمع أيضاً من أبيه ونصر بن علي الجهضمي وأبي بكر بن أبي شيبة وأبي مصعب الزهري وجماعة غيرهم وتفقه بابن المعدل وكان يقول: أفخر على الناس برجلين بالبصرة بن المعدل: يعلمني الفقه وابن المديني: يعلمني الحديث روى عنه موسى بن هارون وعبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل وأبو القاسم البغوي ويحيى بن صاعد وابن عمه: يوسف بن يعقوب وابنه أبو عمر القاضي وأخوه وإبراهيم بن عرفقة نفطويه وابن الأنباري والمحاملي وجماعة وغيرهم. وممن تفقه وروى عنه وسمع منه بن أخيه: إبراهيم بن حماد وابنا بكير والنسائي وابن المنتاب وأبو بشر الدولابي وأبو الفرج القاضي وأبو بكر بن الجهم وبكر القشيري والفريابي وابن مجاهد المقري ويحيى بن عمر الأندلسي وقاسم بن أصبغ الأندلسي وخلق عظيم وبه تفقه أهل العراق من المالكية.

ذكر ثناء الناس عليه ومكانته من الإمامة في العلوم: قال أبو بكر بن الخطيب: كان إسماعيل فاضلاً عالماً متفنناً فقيهاً على مذهب مالك شرح مذهبه ولخصه واحتج له وصنف المسند وكتباً عدة من علوم القرآن وجمع حديث مالك ويحيى بن سعيد الأنصاري وأيوب السختياني. وقال أبو إسحاق الشيرازي: كان إسماعيل جمع القرآن وعلم القرآن والحديث وآثار العلماء والفقه والكلام والمعرفة بعلم اللسان وكان من نظراء المبرد في علم كتاب سيبويه وكان المبرد يقول: لولا اشتغاله برئاسة الفقه والقضاء لذهب برئاستنا في النحو والأدب وحمل من البصرة إلى بغداد وعنه انتشر مذهب مالك بالعراق وكان ثقة صدوقاً. قال أبو محمد بن أبي زيد القاضي: إسماعيل شيخ المالكية في وقته وإمام تام الإمامة يقتدى به وانضاف إلى ذلك علمه بالقرآن فإنه ألف فيه كتباً ككتاب أحكام القرآن وهو كتاب لم يسبق إلى مثله وكتابه في القراءات وهو كتاب جليل القدر عظيم الخطر وكتاب في معاني القرآن وهذان الكتابان شهد بتفضيله فيهما المبرد وقال نصر بن علي: ليس في آل حماد بن زيد أفضل من إسماعيل بن إسحاق وفلان.

وقال أبو الوليد الباجي - وذكر من بلغ درجة الاجتهاد وجمع آلته من العلوم فقال: ولم تحصل هذه الدرجة - بعد مالك - إلا لإسماعيل القاضي. وذكره أبو عمر الداني في طبقات القراء فقال: أخذ القراءة عن قالون وله فيه حرف عن غيره قيل لإسماعيل: لم جاز التبديل على أهل التوارة ولم يجز على القرآن؟ فقال: قال الله تعالى في أهل التوارة: " بما استحفظوا من كتاب الله " المائدة: 44 فوكل الحفظ إليهم فجاز التبديل عليهم وقال تعالى في القرآن: " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " الحجر: 9 فلم يجز التبديل عليه. فذكر ذلك للمحاملي فقال: ما سمعت كلاماً أحسن من هذا وروي مثل هذا عن بن وضاح الأندلسي ومر إسماعيل بالمبرد فوثب إليه وقبل يده وأنشده: فلما بصرنا به مقبلاً ... حللنا الحبا وابتدرنا القياما فلا تنكرن قيامي له ... فإن الكريم يجل الكراما وأنشد إسماعيل: لا تعتبن على النوائب ... فالدهر يرغم كل عاتب واصبر على حدثانه ... إن الأمور لها عواقب

ولكل صافية قذى ... ولكل خالصة شوائب كم فرجة مطوية ... لك بين أثناء النوائب وذكر بعضهم منها: ومسرة قد أقبلت ... من حيث تنظر المصائب فاعجب لما هو كائن ... إن الزمان أبو العجائب وقيل: إن هذا البيت الأخير - هو - لأبي البركات: أيمن بن محمد السعدي وقال إسماعيل: ما عرض لي هم فادح فذكرت هذه الآيات إلا رجوت من روح الله عز وجل ما يحل عقالي وينعم بالي ثم تزول عاقبة ما أحذره إلى فاتحة ما أوثره. ولي إسماعيل قضاء بغداد وجمعت له في وقت ولم تجتمع لأحد قبله وأضيف إليه المدائن والنهروانات وولي قضاء القضاة أخيراً. ذكر هذا بن حارث وحده. وقال أبو عمرو الداني: ولي إسماعيل القضاء اثنين وثلاثين سنة قلت: ومن تاريخ بن الخطيب: أقام إسماعيل على القضاء نيفاً وخمسين سنة ما عزل إلا سنتين وفي ذلك خلاف. فائدة: دخل عبدون بن صاعد الوزير - وكان نصرانياً - على إسماعيل القاضي فقام له ورحب به فرأى إنكار الشهود ومن حضره فلما خرج قال لهم:

قد علمت إنكاركم وقد قال الله تعالى: " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين " الممتحنة: 8.وهذا الرجل يقضي حوائج المسلمين وهو سفير بيننا وبين المعتضد وهذا من البر فسكت الجماعة. وكان رحمه الله عفيفاً صلباً فهماً فطناً. وأما سداد إسماعيل في القضاء وحسن مذهبه فيه سهولة الأمر عليه فيما كان يلتبس على غيره فشهرته تغني عن ذكره وكان شديداً على أهل البدع: يرى استتابتهم حتى أنهم تحاموا بغداد في أيامه وأخرج داود بن علي من بغداد إلى البصرة لإحداثه منع القياس. وكان يقول: من لم تكن له فراسة لم يكن له أن يلي القضاء. وقيل له: ألا تؤلف كتاباً في آداب القضاء؟ فقال: اعدل ومد رجليك في مجلس القضاء وهل للقاضي أدب غير الإسلام. قال أبو طالب المكي: كان إسماعيل من علماء الدنيا وسادة القضاة وعقلائهم.

ذكر تآليفه ووفاته: تآليفه رحمه الله كثيرة مفيدة أصول في فنونها فمنها موطؤه وكتاب في القراءات وكتاب أحكام القرآن وكتاب معاني القرآن وإعرابه خمسة وعشرون جزءاً وكتاب الرد على محمد بن الحسن مائتا جزء ولم يتم وكتابه في الرد على أبي حنيفة وكتابه في الرد على الشافعي في مسألة الخمس وغيره وكتاب المبسوط في الفقه ومختصره وكتاب الأموال والمغازي وكتاب الشفاعة وكتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكتاب الفرائض مجلد وزيادات الجامع من الموطأ أربعة أجزاء وله كتاب كبير عظيم يسمى شواهد الموطأ في عشر مجلدات وذكر أنه خمسمائة جزء. وكتاب مسند يحيى بن سعيد الأنصاري ومسند حديث ثابت البناني ومسند حديث مالك بن أنس ومسند حديث أيوب السختياني ومسند حديث أبي هريرة ومسند حديث أم زرع وكتاب الأصول وكتاب الاحتجاج بالقرآن مجلدان وكتاب السنن وكتاب الشفعة وما روي فيها من الآثار ومسألة المني يصيب الثوب وكتاب المعاني المذكور كان ابتدأه أبو عبيد القاسم بن سلام بلغ فيه إلى الحج أو الأنبياء ثم تركه فلم يكمله وذلك أن بن حنبل كتب إليه: بلغني أنك تؤلف كتاباً قي القراءات أقمت فيه الفراء وأبا عبيد أئمة يحتج بهما في معاني القرآن فلا تفعل فأخذه إسماعيل وزاد فيه زيادة وانتهى إلى حيث انتهي أبو عبيد.

إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم القيسي ثم المصري

وذكر أنه توفي فجأة وقت صلاة العشاء الأخيرة ليلة الأربعاء لثمان بقين من ذي الحجة سنة ثنتين وثمانين ومائتين وعهد إلى ابنه الحسن وإلى بن عمه: يوسف بن يعقوب وصلى عليه بن عمه: يوسف وورث خطته من الإمامة في الدين والدنيا بنو عمه. مولده سنة مائتين وتوفي وهو ابن اثنتين وثمانين سنة رحمة الله تعالى عليه. إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم القيسي ثم المصري رفع نسبه إلى قيس بن غيلان من مصر يكنى أبا القاسم ويعرف بابن الطحان قرطبي كان من أهل الفقه والحديث غلب عليه الحديث وله في المدونة اختصار معروف وكان عالماً بالآثار والسنن حافظاً للحديث ورجاله وأخبارهم حسن الحكاية كثير الفائدة يعتمد الناس عليه في أمورهم. سمع من قاسم بن أصبغ وابن الخشني والرعيني وابن دحيم وابن أبي دليم وابن الأحمر وابن مطرف وأحمد بن حزم وخالد بن سعد وحسان بن عبد الله الأستجي وغيرهم.

إسماعيل بن هارون بن علي اللخمي

وكان أكثر وقته تصنيفاً في الحديث والتواريخ وخرج في غير نوع من المصنفات. سمع كثيراً وانتفع به أهل الكور لصبره على المواظبة على الجلوس كان يعقد الشروط ويفتي وكان فتياه بما ظهر له من الحديث. توفي سنة أربع وثمانين مولده سنة خمس وثلاثمائة. ومن أهل إشبيلية: إسماعيل بن هارون بن علي اللخمي إشبيلي أبو الوليد الرفاء روى عن أبي بكر بن العربي ويحيى بن موسى بن عبد الله التوزالي وأبي الحسن: شريح وكان فقيهاً بصيراً بالفتوى والنوزال إماماً مشاوراً كثير الذكر للمسائل. ومن أهل الإسكندرية: أبو الطاهر بن عوف. هو الإمام صدر الدين أبو الطاهر.

إسماعيل بن مكي

إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عيسى بن عوف بن يعقوب بن محمد بن عيسى بن عبد الملك بن حميد بن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف: صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد العشرة المبشرين بالجنة. قال أبو الحسن: علي بن الجميزي: هكذا كتب لي نسبه بخطه قال: وكان بن عوف رحمه الله تعالى إمام عصره وفريد دهره - في الفقه على مذهب مالك رحمه الله وعليه مدار الفتوى وجمع إلى ذلك: الورع والزهد وكثرة العبادة والتواضع التام ونزاهة النفس. وذكره الحافظ العلامة وحيد الدين أبو المظفر: منصور بن سليم فقال: كان من العلماء الأعلام ومشايخ الإسلام ظاهر الورع والتقوى. كتب عنه الحافظ السلفي وروى عنه الحافظ شرف الدين بن المقدسي وبيت بن عوف بثغر الإسكندرية بيت كبير شهير بالعلم كان فيه جماعة من الفقهاء. قال الشيخ شهاب الدين بن هلال: سمعت أنه اجتمع سبعة في وقت واحد وكانوا إذا دخلوا على الإمام أبي علي: سند بن عنان: مؤلف كتاب الطراز يقول: أهلاً بالفقهاء السبعة تشبيهاً لهم بالفقهاء السبعة: أئمة المدينة النبوية.

قال: وسمعت القاضي فخر الدين أبا العباس بن الربعي يقول: إن ولد أبي الطاهر بن عوف هو مؤلف شرح التهذيب المعروف بالعوفية. قال بن هلال: وهو نفيس الدين: أبو الحرم: مكي ألف شرحاً عظيماً على التهذيب لأبي سعيد البرادعي وعدة مجلداته ستة وثلاثون مجلداً وكان يقيده على دروسه التي كان يلقيها في المدرسة العوفية وكان يحضر عنده فضلاء ويتحرر بينهم بحوث فيكتبها في الحواشي فكمل على هذا الحال. ولما قدم من المغرب ابنا الإمام أبي زيد وأخوه نسخاه وأنفقا في نسخة مالاً عظيماً وهو الآن في خزانة سلطان فاس بالمغرب وبه نسخة وقف وهي التي بخط المؤلف أخذت في تركة بيبرس الجمدار نائب السلطنة بالثغر المحروس لما عزل وبيعت بالقاهرة المحروسة فاشتراها قاضي القضاة الأخنائي المالكي وهو كتاب نفيس إلى الغاية ووقفت على مجلدة قد نسخت منها قيل إنها من تجزئة خمسين مجلداً في أسفار كبار فعددت خمسة كراريس ونصفاً في مسطرة سبعة وعشرين سطراً في الكلام على سجود التلاوة فقط. قال بن هلال: ورأيت لأبي الحرم المذكور شرح الجلاب في عشر مجلدات وهو بخطه رحمه الله وقد اشتمل على فقه جيد وتوجيه حسن. ولنرجع إلى تتمة ترجمة جده بن عوف. وكان السلطان صلاح الدين: يوسف بن أيوب يعظم بن عوف ويراسله ويستفتيه وقيل: إنه كان السبب في تجديد الصادر بثغر الإسكندرية وهو

شيء وظفه السلطان على تجار النصارى إذا صدروا من الإسكندرية زائداً على العشر رتبه لفقهاء الثغر - دنانير تصرف في كل شهر وجعل له ناظراً وشهوداً أوقفه عليهم وعلى ذريتهم. وكان الشيخ أبو الطاهر بن عوف ربيب الإمام أبي بكر الطرطوشي وقيل إن خالته كانت تحت الطرطوشي وعليه تفقه وبه انتفع في علوم شتى وله مصنفات قال بن هلال: رأيت له مجلداً في الرد على المنتصر وهو رجل يدعي العلم وليس من أهله صنف كتاباً سماه الفاضح واعتقد أنه نقض به الشريعة المحمدية وادعى فيها تناقضاً في الأحكام وكان جاهلاً مصحفاً فما صحف قوله صلى الله عليه وسلم: " تمرة طيبة وماء طهور " بقوله: " خمرة طيبة " وقال: انظر كيف يقول: خمرة طيبة وهو يحرم شرب الخمر؟. وصنف الإمام الرازي رداً سماه: قطع لسان البائح.

وللشيخ أبي الطاهر تذكرة التفكير في أصول الدين وغير ذلك من التآليف وانتفع به الناس وعمر. مولده سنة خمس وثمانين وأربعمائة. وتوفي سنة إحدى وثمانين وخمسمائة وله ست وتسعون سنة رحمه الله تعالى.

من اسمه إسحاق من الطبقة الخامسة الذين انتهى إليهم فقه مالك والتزموا مذهبه ممن لم يره ولم يسمع منه من أهل الأندلس

من اسمه إسحاق من الطبقة الخامسة الذين انتهى إليهم فقه مالك والتزموا مذهبه ممن لم يره ولم يسمع منه من أهل الأندلس إسحاق بن إبراهيم بن مسرة أبو إبراهيم التجيبي مولاهم يقال إنه مولى بني هلال التجيبيين من أهل طليطلة كان هو طليطلي الأصل وسكن قرطبة لطلب العلم ثم استوطنها سمع ببلده من وسيم وعثمان بن يونس ووهب بن عيسى وابن أبي تمام وبقرطبة من أبي الوليد وابن لبابة وأسلم بن خالد وابن أيمن ومحمد بن قاسم وقاسم بن أصبغ وغيرهم وأكثر أخذه عن بن لبابة وابن خالد وبهما تفقه. كان خيراً فاضلاً ديناً ورعاً مجتهداً عابداً من أهل العلم والفهم والعقل والدين المتين والزهد والتقشف والبعد من السلطان لا تأخذه في الله لومة لائم حافظاً للفقه على مذهب مالك وأصحابه متقدماً فيه صدراً في الفتوى وكان يناظر عليه في الفقه وحدث وسمع منه جماعة وكان وقوراً مهيباً ولم يكن له بالحديث كبير علم ولم يكن في عصره أبين منه خيراً ولا أكمل ورعاً. من المشاهير في الجمع والعلم والحفظ مطاعاً صلباً في الحق لم يكن يتكلم في العلم مع أصحابه بالتسهيل من الراسخين في العلم وله كتاب النصائح المشهور وكتاب معالم الطهارة والصلاة وكان الحاكم

أمير المؤمنين معظماً له وكان قليل الهيبة للملوك متصرفاً مع الحق حيثما تصرف. وتوفي إسحاق بطليطلة ليلة الجمعة في رجب لعشر بقين منه سنة اثنتين وقيل أربع وخمسين وثلاثمائة وسنه خمس وسبعون سنة ورأى قبل موته - سنة إحدى وخمسين أنه مات وأن الملائكة تتوفاه فخرجت رؤياه على وجهها.

إسحاق بن الفرات أبو نعيم التجيبي

إسحاق بن الفرات أبو نعيم التجيبي صاحب مالك رحمه الله تعالى قال الشافعي رحمه الله تعالى: ما رأيت بمصر أعلم باختلاف الناس من إسحاق بن الفرات وقد روى إسحاق عن حميد بن هانئ والليث بن سعد وغيرهما توفي قاضياً بمصر - في سنة أربع ومائتين.

من اسمه أصبغ

من اسمه أصبغ من الطبقة الأولى الذين انتهى إليهم فقه مالك والتزموا مذهبه ممن لم يره ولم يسمع منه - من أهل مصر أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع مولى عبد العزيز بن مروان يكنى أبا عبد الله سكن الفسطاط روى عن الدراوردي ويحيى بن سلام وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم وكان قد رحل إلى المدينة ليسمع من مالك فدخلها يوم مات وصحب بن القاسم وابن وهب وأشهب وسمع منهم وتفقه معهم كان فقيه البلد ماهراً في فقهه طويل اللسان حسن القياس نظاراً من أفقه الطبقة وهو أجل أصحاب بن وهب صدوق ثقة كان كاتب بن وهب وأخص الناس به. روى عنه الذهبي والبخاري وأبو حاتم الرازي ومحمد بن أسد الخشني وابن وضاح وسعيد بن حسان وغيرهم وعليه تفقه بن المواز وابن حبيب وأبو زيد القرطبي وابن مزين وغيرهم.

وقيل لأشهب: من لنا بعدك؟ قال: أصبغ بن الفرج وقال بن وهب: لولا أن تكون بدعة لسورناك يا أصبغ كما تسور الملوك فرسانها قال بن اللباد: ما انفتح لي طريق الفقه إلا من أصول أصبغ وقال عبد الملك بن الماجشون: ما أخرجت مصر مثل أصبغ قيل له: ولا بن القاسم؟ قال: ولا بن القاسم كلفاً منه به وكان يستفتى مع أشهب وغيره من شيوخه. وقال بن معين: كان أصبغ من أعلم خلق الله كلهم برأي مالك يعرفها مسألة مسألة ومتى قالها ومن خالفه فيها وله تآليف حسان ككتاب الأصول له عشرة أجزاء وتفسير غريب الموطأ وكتاب آداب الصيام وكتب سماعه من بن القاسم. اثنان وعشرون كتاباً وكتاب المزارعة وكتاب آداب القضاء وكتاب الرد على أهل الأهواء. وقال أصبغ: أخذ بن القاسم يوماً بيدي وقال: أنا وأنت في هذا الأمر سواء فلا تسألني عن المسائل الصعبة بحضرة الناس ولكن بيني وبينك حتى أنظر وتنظر وتوفي أصبغ سنة خمس وعشرين ومائتين وقال أبو نصر الكلاباذي: توفي سنة أربع

أصبغ بن خليل القرطبي يكنى أبا القاسم

ومولده بعد الخمسين ومائة رحمه الله تعالى. ومن الطبقة الثانية من أهل الأندلس: أصبغ بن خليل القرطبي يكنى أبا القاسم سمع بالأندلس من الغاز بن قيس ويحيى بن مضر ومحمد بن عيسى الأعمش ويحيى بن يحيى ورحل فسمع من أصبغ وسحنون حدث عنه أحمد بن خالد وابن أيمن ومحمد بن قاسم وقاسم بن أصبغ. كان بصيراً بالوثائق والشروط ذا فقه حسن عالماً فقيهاً ورعاً فطناً بالمسائل والفقه حسن القريحة والقياس والتمييز. من الحفاظ للرأي على مذهب مالك وأصحابه فقيهاً دارت عليه الفتيا خمسين عاماً وطال عمره وكان الأعناقي يثني عليه. توفي سنة ثلاث وسبعين ومائتين وعمره ثمان وثمانون سنة.

أصبغ بن الفرج بن الفارس الطائي أبو القاسم

أصبغ بن الفرج بن الفارس الطائي أبو القاسم قرطبي أحد أكابر علماء قرطبة وزعماء المفتين بها كان فقيهاً جليلاً بصيراً برأي مالك وأصحابه عارفاً بعلم الوثائق ولقي الناس بالمشرق وولي القضاء فحمدت سيرته توفي سنة تسع وتسعين وثلاثمائة وذكر بن بشكوال أنه توفي سنة أربعمائة.

من اسمه أيوب

من اسمه أيوب أيوب بن سليمان بن صالح بن هاشم المعافري أبو صالح القرطبي كان فقيهاً حافظاً مفتياً دارت الشورى عليه وعلى صاحبه بن لبابة في أيامهما سمع من العتبي وغيره توفي سنة إحدى وثلاثمائة ذكره بن سهل في أحكامه. أيوب بن أحمد بن رشيق الثعلبي مولاهم بجائي سكن شاطبة كنيته أبو القاسم هو جد عبد العزيز بن مكي بن أيوب كان فقيهاً حافظاً أدبياً شاعراً صنف في النفقات والحضانات تأليفاً حسناً.

الأفراد في حرف الألف أبان بن عيسى بن دينار

الأفراد في حرف الألف أبان بن عيسى بن دينار من أهل الأندلس من الطبقة الثانية الذين لم يروا مالكاً وستأتي نسبته في حرف عيسى سكن قرطبة يكنى أبا القاسم سمع من أبيه ورحل فلقي سحنوناً وعلي بن معبد وغيرهما وسمع بالمدينة من بن كنانة وابن الماجشون ومطرف. وروى عنه محمد بن وضاح وقاسم بن محمد بن لبابة وكان فقيهاً وغلب عليه الزهد والورع وشوور بقرطبة مع بن حبيب وأصبغ بن خليل وعبد الأعلى بن وهب وولي قضاء طليطلة سئل أبان عمن له غرفة أراد أن يفتح لها باباً على مقبرة؟ فقال: لا يجوز أن يفتحه على مقبرة المسلمين. وسمع منه أبو صالح والأعناقي وابن حمير ومحمد بن غالب الصفار وطبقتهم ممن بعدهم قال الأعناقي: لم أر أحداً ولا سمعت في الدنيا بمن كان له هيبة أبان بن عيسى.

من اسمه أسد من الطبقة الوسطى من أصحاب مالك من أهل إفريقية أسد بن الفرات بن سنان

توفي يوم الجمعة نصف ربيع الأخير سنة ثنتين وستين ومائتين. من اسمه أسد من الطبقة الوسطى من أصحاب مالك من أهل إفريقية أسد بن الفرات بن سنان مولى بني سليم بن قيس كنيته أبو عبد الله أصله من نيسابور وولد بحران من ديار أبي بكر قدم أبوه وأمه حامل به ثم تعلم القرآن ثم اختلف إلى علي بن زياد بتونس فلزمه وتعلم منه وتفقه به ثم رحل إلى المشرق فسمع من مالك موطأه وغيره ثم ذهب إلى العراق فلقي أبا يوسف ومحمد بن الحسن وأسد بن عمرو وكتب عن هشيم ويحيى بن أبي زائدة وأبي بكر بن عياش وغيرهم وأخذ عنه أبو يوسف موطأ مالك وتفقه أسد أيضاً بأصحاب أبي حنيفة

قال سحنون: عليكم بالمدونة فإنها كلام رجل صالح ورأيه. وكان يقول: إنما المدونة من العلم بمنزلة أم القرآن من القرآن تجزئ في الصلاة عن غيرها ولا يجزئ غيرها ولا يجزئ عنها أفرغ الرجال فيها عقولهم وشرحوها وبينوها فما اعتكف أحد على المدونة ودراستها إلا عرف ذلك في ورعه وزهده وما عداها أحد إلى غيرها إلا عرف ذلك فيه. وكان أسد ثقة لم يزن ببدعة وكان يقول: أنا أسد وهو خير الوحش وأبي الفرات وهو خير المياه وجدي سنان وهو خير السلاح وكانت وفاة أسد في حصار سرقوسة من غزوة صقلية وهو أمير الجيش وقاضيه: سنة ثلاث عشرة ومائتين وقيل أربع عشرة وقيل سنة سبع عشرة وقبره ومسجده بصقلية مولده سنة خمس وأربعين ومائة بحران وقيل سنة ثلاث وقيل سنة ثنتين وأربعين وكان قدومه من المشرق سنة إحدى وثمانين ومائة رحمه الله تعالى.

أشهب بن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم أبو عمر القيسي العامري الجعدي

أشهب بن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم أبو عمر القيسي العامري الجعدي من ولد جعدة بن كلاب بن ربيعة بن عامر اسمه مسكين وهو من أهل مصر من الطبقة الوسطى من أصحاب مالك وأشهب لقب روى عن مالك والليث والفضيل بن عياض وجماعة غيرهم روى عنه بنو عبد الكريم والحارث بن مسكين وسحنون بن سعيد وجماعة وقرأ على نافع وتفقه بمالك والمدنيين والمصريين قال الشافعي: ما رأيت أفقه من أشهب. وانتهت إليه الرئاسة بمصر - بعد بن القاسم وسئل سحنون عن بن القاسم وأشهب أيهما أفقه؟ فقال: كانا كفرسي رهان وربما وفق هذا وخذل هذا وربما خذل هذا ووفق هذا. وقال: حدثني المتحري في سماعه: أشهب. وما كان أصدقه وأخوفه لله وقال: كان ورعاً في سماعه وعدد كتب سماعه عشرون كتاباً وقال بن عبد البر: لم يدرك الشافعي بمصر من أصحاب مالك إلا أشهب وابن عبد الحكم

إدريس بن عبد الملك بن إدريس: أبي العلاء الصنهاجي المالكي الإسكندري

وأخذ عن الشافعي - هو وابن عبد الحكم وولد أشهب سنة أربعين ومائة وقيل سنة خمسين ومائة وتوفي بمصر سنة أربع ومائتين - بعد الشافعي بثمانية عشر يوماً. إدريس بن عبد الملك بن إدريس: أبي العلاء الصنهاجي المالكي الإسكندري ذكره أبو المظفر: منصور بن سليم في تاريخ الإسكندرية وذكره عيسى بن عبد العزيز اللخمي في فهرسته وقال: إنه اختصر الجلاب في الفقه رحمه الله تعالى. أسلم بن عبد العزيز الأموي الأندلسي المالكي أبو الجعد كان نبيلاً رئيساً كبير الشأن رحل فسمع من يونس بن عبد الأعلى والمزني وصحب بقي الدين بن مخلد وصحبه طويلاً ورحل إلى المشرق سنة ثنتين ومائتين فلقي بمصر: المزني

الشافعي ومحمد بن عبد الحكم ويونس والربيع وغيرهم وولي القضاء بالأندلس فكان محمود السيرة من عيون القضاة في إيثار الحق ونفوذه وكان صارماً لا هوادة عنده ثم استعفى فأعفي بعد أن كف بصره وكان رفيع الدرجة في العلم وعلو الهمة في الدراية وبعد الرواية والرحلة في طلب العلم ولقاء أهله. توفي سنة تسع عشرة وثلاثمائة وهو في عشر التسعين.

من يعرف بكنيته أبو أحمد بن جزي الكلبي

من يعرف بكنيته أبو أحمد بن جزي الكلبي كان شيخاً جليلاً ورعاً زاهداً عابداً متقللاً من الدنيا وكان فقيهاً مفسراً وله تفسير القرآن العزيز توفي في حدود العشرين وستمائة. أبو أحمد بن أبي بكر بن مسافر بن أبي بكر بن أحمد بن عبد الرفيع اليمنيالمالكي الشهير بابن زيتون قاضي الجماعة بتونس الفقيه الأصولي العلامة الملقب تقي الدين ويكنى أيضاً بأبي الفضل ولي قضاء تونس مرتين وذكره الغرناطي في طبقاته وقال في نسبته: واسمه أبو القاسم تفقه بمدينة تونس على أبي عبد الله السوسي وأبي القاسم بن المروس وغيرهما. ورحل إلى المشرق رحلتين: الأولى في سنة ثمان وأربعين وستمائة أخذ فيها عن شمس الدين الخسروشاهي: أخذ عنه الأصلين وسراج الدين الأرموي وعز الدين بن عبد السلام الشافعي وفخر الدين البندهي وسمع الحديث من الحافظ عبد العظيم المنذري وجماعة غيره وحج ورجع إلى تونس بعلم كثير

ورواية واسعة ثم رحل ثانية سنة ست وخمسين فأقام بالقاهرة بالمدرسة الفاضلية وبمدرسة الصاحب بن شكر ثم حج ورجع إلى تونس فولي بها قضاء القضاة وعظم محله ونبل قدره وانتفع الناس به كان إماماً عالماً ذا فضل ودين حسن الخلق والخلق. قال أبو عبد الله بن رشيد: كان أبو القاسم ممن أعز العلم وصان نفسه عن الضعة والابتذال وأعانه على ذلك الجدة والمال وسعة الحال. وكان المفزع إليه في الفتيا بتونس وهو أول من أظهر تآليف فخر الدين بن الخطيب الأصولية بإقرائه إياها بمدينة تونس: قاله الشيخ عفيف الدين عن الشيخ أبي الطيب النفزاوي وكان مجلسه يغص بصدور طلاب العلم وكان مهيباً وقوراً مولده في سنة إحدى وعشرين وستمائة وتوفي بتونس سنة إحدى وتسعين وستمائة.

أبو الحسين بن أبي بكر بن أبي الحسين الكندي الإسكندري

أبو الحسين بن أبي بكر بن أبي الحسين الكندي الإسكندري قاضي القضاة وشيخ العلماء وحيد عصره وفريد زمانه سمع من شرف الدين الدمياطي وحدث وصنف وأفتى ودرس وانتفع به الناس. مولده سنة أربع وخمسين وستمائة توفي بالإسكندرية سنة إحدى وأربعين وسبعمائة. أبو حاتم الضرير كان ذا مشاركة في الفقه والأدب ورجز مختصر أبي الحسن: علي بن عيسى بن عبيد الطليطلي في الفقه وأكمله في أرجوزة مزدوجة. ومن حرف الألف أيضاً من عرف بأبيه: ابن سميرة إشبيلي ذكره وأبو العباس بن هارون له تصانيف كثيرة ومقيدات جمة وهو أحد شهود إشبيلية وكان شيخاً أصم شديد الصمم موصوفاً بعظم اللحية.

حرف الباء

حرف الباء ومن الطبقة الخامسة الذين انتهى إليهم فقه مالك ولم يروه ولم يسمعوا منه والتزموا مذهبه من العراق بكر بن العلاء القشيري هو بكر بن محمد بن العلاء بن محمد بن زياد بن الوليد كنيته أبو الفضل وأمه من ولد عمران بن حصين صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من أهل البصرة وانتقل إلى مصر وهو من كبار فقهاء المالكيين رواية للحديث مذكور في أصحاب إسماعيل وقيل إنه لم يدرك إسماعيل ولا سمع منه. وقد حدث بكر عن إسماعيل في كتبه بالإجازة ولا يبعد سماعه من إسماعيل إذ قد أدركه بالسن كما تراه في وفاته وسنه وسمع من كبار أصحاب إسماعيل وغيرهم كابن حسام والبرنكاني والقاضي أبي عمر وإبراهيم بن حماد وجعفر بن محمد الفريابي وروى عن محمد بن صالح الطبري وعن أحمد بن إبراهيم وسعيد بن عبد الرحمن الكرابيسي وأبي خليفة الجمحي وغيرهم من أئمة الفقه والحديث. حدث عنه من لا يعد كثرة من المصريين والأندلسيين والقرويين

وغيرهم وممن حدث عنه بن عراك النعالي وأبو محمد النحاس وابن مفرج وابن عيشون وأحمد بن ثابت وابن عون الله وغيرهم. كان بكر من كبار الفقهاء المالكيين بمصر وتقلد أعمالاً للقضاء وكان راوية للحديث عالماً بماله من العلل وخرج من العراق لأمر اضطره فنزل مصر - قبل الثلاثين والثلاثمائة - وأدرك فيها رئاسة عظيمة وكان قد ولي القضاء ببعض نواحي العراق وعده أبو القاسم الشافعي في شيوخ المالكيين الذين لقيهم وانتمى إليهم. وألف بكر كتباً جليلة منها: كتاب الأحكام المختصر من كتاب إسماعيل بن إسحاق والزيادة عليه وكتاب الرد على المزني وكتاب الأشربة وهو نقض كتاب الطحاوي وكتاب أصول الفقه وكتاب القياس وكتاب في مسائل الخلاف وكتاب الرد على الشافعي في وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكتاب الرد على القدرية وكتاب من غلط في التفسير والحديث ومسألة الرضاع ومسألة بسم الله الرحمن الرحيم ورسالة إلى من جهل محل مالك بن أنس من العلم وكتاب مأخذ الأصول وكتاب تنزيه الأنبياء عليهم

البهلول بن راشد

السلام وكتاب ما في القرآن من دلائل النبوة وغير ذلك. وذكر أن بكراً قال احتبس بولي وأنا صبي نحو سبعة أيام فأتى بي والدي إلى سهل التستري ليدعو لي فمسح بيده على بطني فما هو إلا أن خرجنا بلت على عنق الغلام. وتوفي بمصر ليلة السبت لسبع بقين من ربيع الأول سنة أربع وأربعين وثلاثمائة. وقد جاوز الثمانين سنة بأشهر ودفن بالمقطب. البهلول بن راشد أبو عمرو من أهل القيروان من الطبقة الأولى من أصحاب مالك كان ثقة مجتهدا ورعاً مستجاب الدعوة كان عنده علم كثير سمع من مالك والثوري والليث بن سعد وغيرهم. سمع منه سحنون ويحيى بن سلام وجماعة روى عنه القعنبي: عبد الله بن مسلمة قال: هو وتد من أوتاد المغرب ونظر إليه مالك فقال: هذا عابد بلده. مولده سنة ثمان وعشرين ومائة

وتوفي سنة ثلاث وقيل ثنتين وثمانين ومائة.

من لم يعرف بغير كنيته

من لم يعرف بغير كنيته من الطبقة السادسة الذين انتهى إليهم فقه مالك ممن لم يره ولم يسمع منه والتزموا مذهبه من العراق من غير آل حماد بن زيد أبو بكر بن علوية الأبهري أخذ عنه أبو سعيد القزويني وتفقه به ونقل من كلامه كثيراً في كتبه وله كتاب في مسائل الخلاف وكان من الفقهاء النظار المحققين وجلة أئمة المالكيين قال أبو سعيد القزويني. ذكر شيخنا أبو بكر بن علوية مسألة النكاح بلفظ الهبة فقال: لم ينص على هذه المسألة مالك قال: وذكر بن المواز عن بن القاسم أنه سئل عنها فقال: قال مالك في البيع إذا قال وهبت منك بثمن كذا أنه بمنزلة بعتك فكذلك النكاح مع ذكر الصداق. قال القزويني: فقلت له: فلو قال: بعتكها أو أجرتكها أو ملكتكها أو أبحتها أو أحللتها أو خذها إليك وما أشبه ذلك؟ قال: ليس فيه نص والذي علل به أصحابنا يوجب أن يكون الباب واحداً ويجوز ويقع به العقد

متى ذكر الصداق لأنهما مختصان بهذا.

حرف الثاء

حرف الثاء من اسمه ثابت من الطبقة الرابعة من أهل الأندلس ثابت بن حزم هو ثابت بن حزم بن عبد الرحمن بن مطرف بن سليمان بن يحيى العوفي السرقسطي أبو القاسم سمع بالأندلس من بن وضاح والخشني وعبد الله بن ميسرة ومحمد بن الغاز وغيرهم ورحل مع ابنه قاسم فسمع بمكة من بن الجارود ومحمد بن الجوهري وأحمد بن حمزة وبمصر من البزار والنسائي. عالم متفنن بصير بالحديث والفقه والنحو والعربية والشعر قيل: إنه استقضي ببلده. ولثابت كتاب الدلائل في شرح ما أغفل أبو عبيد وابن قتيبة من غريب الحديث وناهيك به إتقاناً وكان الذي ابتدأه ابنه قاسم فمات قبل إكماله فتممه أبوه قال أبو علي القالي: ما أعلم أنه وضع بالأندلس مثل كتاب الدلائل.

ثابت بن عبد الله بن ثابت العوفي يكنى أبا الحسن

قال بن الفرضي: ولو قال أبو علي: ما وضع بالمشرق مثله ما أبعد وكان ثابت كثير الخير والمثل قد اعتنى باللغة والعربية. وتوفي ثابت بسرقسطة في رمضان سنة ثلاث عشرة - وقيل سنة أربع عشرة وثلاثمائة - وهو بن خمس وتسعين سنة مولده سنة تسع عشرة ومائتين. ثابت بن عبد الله بن ثابت العوفي يكنى أبا الحسن كان من أهل العلم والعمل بارعاً في الفقه مضطلعاً بالأحكام ولي القضاء بسرقسطة وخرج عنها عند تغلب العدد عليها فاستوطن قرطبة ومن تصانيفه كتاب الدلائل وهو كتاب شهير. توفي بغرناطة سنة أربع عشرة وخمسمائة رحمة الله تعالى عليه.

حرف الجيم

حرف الجيم من اسمه جعفر من الطبقة الثالثة الذين ذكروا في الثانية من أهل العراق جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض أبو بكر الفريابي قاضي الدينور أحد أوعية العلم ومن أهل المعرفة والفهم طوف شرقاً وغرباً ولقي أعلام المحدثين في كل بلد وسمع بخراسان وما وراء النهر والعراق والحجاز ومصر والشام والجزيرة واستوطن بغداد وحدث بها عن جماعة منهم: هدبة بن خالد ومحمد بن حسان وعبد الأعلى بن حماد والجحدري وابن المديني وبندار وابن المثنى ومنجاب وأيوب وأبو كريب وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وإسحاق والقواريري وأبو مصعب الزهري وغيرهم. روى عنه بن المبارك وأحمد بن سليمان النجاد وأبو بكر الشافعي وخلق كثير. وكان ثقة ثبتاً حجة وذكر في المالكية وله كتاب مناقب مالك

وكتاب السنن الكبير وحزر من حضر مجلسه للسماع نحو ثلاثين ألفاً وكان المستملون ثلاثمائة وستة عشر وكان في مجلسه ممن يكتب من أصحاب الحديث نحو عشرة آلاف إنسان سوى من لا يكتب وكان مأموناً موثوقاً به مكثراً. ومولده سنة سبع ومائتين وتوفي في المحرم سنة إحدى وثلاثمائة.

جبلة بن حمود بن عبد الرحمن بن جبلة الصدفي أبو يوسف

ومن الأفراد في حرف الجيم من الطبقة الثالثة من أهل إفريقية: جبلة بن حمود بن عبد الرحمن بن جبلة الصدفي أبو يوسف أسلم جده على يد عثمان بن عفان رضي الله عنه سمع من سحنون وعون وأبي إسحاق البرقي وداود بن يحيى وغيرهم من المصريين والإفريقيين وله ثلاثة أجزاء مجالس عن سحنون. ورويت عنه وروى عن سحنون المدونة وروايته فيها معلومة روى عنه أبو العرب وهبة الله بن أبي عقبة وعبد الله بن سعد. وكان من أهل الخير البين والعبادة الظاهرة والورع والزهد وكان الغالب عليه النسك والزهد قال أبو العرب: كان صالحاً ثقة زاهداً سمع منه الناس وكان سيد أهل زمانه وأزهدهم. وقال فيه سحنون: إن عاش هذا الشاب فسيكون له نبأ وما ذكر الدنيا قط بمدح ولا ذم وكان من أفضل رجال سحنون وقد علاهم في الزهد. وكان أبوه من أهل الأموال وصحبة السلطان فنابذه في حياته وتبرأ من تركته بعد مماته.

جحاف بن يمن

وكانت له همة يتيه بها على الخلفاء. وقال موسى القطان: لو فاخرنا بنو إسرائيل بعبادهم وزهادهم لفاخرناهم بجبلة. وقال بعضهم: اشتهيت تيناً أخضر وليس بزمانه فذكرت ذلك له فمد يده في قلة فأخرج لي خمس تينات خضراً. وكان يأتيه الخضر وكان مجاب الدعوة ولم يكن بصيراً بأمر دنياه ولا مشتغلاً بشيء من أخبارها من البله عن ذلك. إنما شغله العبادة والخير. توفي في صفر سنة تسع وتسعين ومائتين وصلى عليه محمد بن محمد بن سحنون في مصلى العيد لكثرة من اجتمع من الناس. ومولده سنة عشر ومائتين رحمه الله تعالى. ومن الطبقة الخامسة من أهل الأندلس: جحاف بن يمن: كبير بلنسية ذو البيت النبيه فيه من العلم والجلالة إلى وقتنا هذا يكنى أبا جعفر مذكور بالفقه موصوف بالعلم ولي قضاء بلده وعليه كان مدار فتواه أثنى عليه أبو حارث

واستشهد رحمه الله في غزوة الخندق وهو على قضائه سنة سبع وعشرين وثلاثمائة.

حرف الحاء

حرف الحاء من اسمه حسن من الطبقة الرابعة من الأندلس ممن انتهى إليهم فقه مالك ممن لم يره والتزم مذهبه حسن بن عبد الله بن مذحج بن محمد بن عبد الله بن بشر الزبيدي أبو القاسم إشبيلي والد أبي بكر النحوي سمع ببلده من بن جنادة وبقرطبة من طاهر وعبيد الله ورحل فلقي بمكة عبد الله بن الجارود وابن المقري والجرجاني كاتب علي بن عبد العزيز وجماعة وكان يفتي بموضعه وألف كتاباً في فضائل مالك وتولى صلاة بلده وأحكامه مدة. لم يكن له بصر بالحديث - على كثرة روايته وكان شيخاً طاهراً حدث عنه الباجي وغيره توفي سنة ثمان عشرة وثلاثمائة. ومن الطبقة الخامسة من أهل أفريقية:

حسن بن محمد بن حسن الخولاني أبو الحسن الكانشي

حسن بن محمد بن حسن الخولاني أبو الحسن الكانشي رجل صالح فاضل فقيه مشهور بالعلم متعبد مجتهد ورع خائف رقيق القلب كثير النياحة والبكاء سمح كثير المعروف باع ضياعه كلها وتصدق بها صارم في مذهبه مجانب لأهل الأهواء ومن يخالف أهل المدينة وكان الأبياني إذا ذكره قال: ذلك العالم حقاً. كان من العالمين الله وبأمره سكن المنستير سمع من عيسى بن مسكين ويحيى بن عمر وأحمد بن يزيد وأبي إسحاق بن شعبان وكان يحسن العربية والنحو واللغة وشعر العرب واعتماده في روايته عن عيسى بن مسكين. اجتمع على فضله المؤلف والمخالف سمع منه أبو الحسن الكانشي وأبو القاسم بن شبلون وأبو الحسن اللواتي وأبو علي القمودي وأبو عبد الله بن نظيف وكثير من أهل هذا العلم ورحل الناس إليه من الآفاق. وكان يقول: وعزتك وجلالك ما عصيتك استخفافاً بحقك ولا جحوداً لربوبيتك لكن حضرني جهلي وغاب عني حلمي واستفزني عدوي وإني عليها يا إلهي لنادم.

وقال القابسي: ما رأيت أخير من أبي الحسين وكان إذا أعجبه شيء من صاحبه قال: والله لأسرنك في نفسك فيقال له: بماذا؟ فيقول: بحسن الثناء عليك فقيل له فأين الحديث في ذلك احثوا التراب في وجوه المداحين؟ فيقول: قد قال بن عباس رضي الله عنهما: إنما ذلك إذا مدح الرجل في وجهه بما ليس فيه وإلا فواجب مدح الرجل في وجهه بما يجري من حسن أفعاله. وكان يقول: أبت الحكمة أن تنطق على لسان من يأكل حتى يشبع ومن يحب الدارهم وكان مجاب الدعوة وكان يقول: أرني من قصده فخيبه؟ أرني من توكل عليه فأضاعه؟ أرني من أطاعه فأضاعه؟ إذن لا تراه أبداً. وكان رحمه الله ينشد: يا رب كن لي وليا ... بالصنع حتى أطيعك لئن ذممت صنيعي ... لقد حمدت صنيعك إن كنت أعصيك إني ... أحب فيك مطعيك توفي رحمه الله سنة سبع وأربعين وثلاثمائة وهو بن مائة وثمان سنين بالمنستير.

الحسن بن عمر بن الحسن بن عمر الإشبيلي

الحسن بن عمر بن الحسن بن عمر الإشبيلي من أهل إشبيلية يكنى أبا القاسم كان من سروات الناس وذوي الحسب روى عن أبيه وعن أبي عبد الله: محمد بن أحمد الباجي وأبي عبد الله بن منظور وأبي بكر بن منظور ورحل إلى المشرق فسمع بالإسكندرية ومصر من علماء وقته وكان فقيهاً مشاراً إليه ببلده عالي الرواية رحل الناس إليه وسمعوا منه. روى عنه أبو بكر: محمد بن عبد الله بن الجد الفهري ولقيه أبو محمد: عبد الحق بن عطية المحاربي وتوفي سنة اثنتي عشرة وخمسمائة.

من اسمه الحسين

من اسمه الحسين الحسين بن محمد بن الحسن الجذامي من أهل مالقة يكنى أبا علي من أعيان مالقة وعلمائها وقضاتها وهو حد بني الحسين المالقيين بيته بيت قضاء وعلم وجلالة لم يزالوا يأتون ذلك كابراً عن كابر وهو من أهل الدين والفضل والعدالة استقضي بغرناطة توفي سنة اثنين وسبعين وأربعمائة ووهم من قال إنه من أهل البيرة. الحسين بن محمد بن فيرة بن حيون أبو علي الصدفي المعروف بابن سكرة السرقسطي من أهلها إمام عصره في علم الحديث وآخر أئمته في الأندلس كان حافظاً للحديث وأسماء رجاله وعلله وكان إماماً في الفقه مولده بسرقسطة وقرأ بها القرآن على أبي الحسن بن محمد صاحب أبي عمرو الداني وقرأ على غيره من قراء العراق وسمع من خلائق من الأئمة يطول ذكرهم ولا يحتمل هذا المختصر تعدادهم منهم: أبو عمر بن عبد البر

والدلائي وأبو الوليد الباجي بالمغرب وسمع بمصر من أبي الحسن الخلعي وأحمد بن يحيى بن الجارود وغيرهما وبمكة المشرفة من أبي عبد الله: الحسين بن علي الطبري وسمع من الشيخ أبي بكر الطرطوشي وسمع ببغداد من أبي يعلى المالكي وأقام ببغداد خمس سنين حتى علق عن أبي بكر الشاشي الفقيه الشافعي تعليقته الكبرى في مسائل الخلاف وسمع من أبي الفوارس: محمد بن أحمد الزيني ومن أبي المعالي الإسفراييني وأبي عبد الله الحسن بن محمد النعالي وأبي عبد الله: محمد بن أبي نصر الحميدي وغيرهم: من نمط من ذكرناه خلقاً كثيراً. وكان كثير الفوائد غزير العلم وأخذ الناس عنه علماً كثيراً وحدث ببغداد وعني بالحديث والضبط وحفظ أسماء الرجال وكان موصوفاً بالعلم والدين والعفة والصدق ثم عاد إلى الأندلس واستقر بمدرسة مرسية ورحل إليه الناس وقلد القضاء بطلب أهل مرسية لذلك فأجاد السيرة وأقام الحق إلى أن عزل نفسه واختفى فلم يوقع له على خبر فرق له أمير المؤمنين وأعفاه. سمع منه القاضي عياض واعتمد عليه وأبو محمد بن عيسى وأبو علي بن سهل وكثير من أهل الأندلس.

الحسين أبو علي بن محمد بن أحمد الغساني المعروف بالجياني

وأجاز لأبي الطاهر السلفي وأبي القاسم بن بشكوال وقال القاضي عياض: قال القاضي أبو علي بن سكرة لبعض الفقهاء: خذ الصحيح فاذكر أي متن أردت أذكر لك سنده أو أي سند أردت أذكر لك متنه. مولده سنة اثنين وخمسين وأربعمائة واستشهد في موقعة من ثغور سرقسطة سنة أربع عشرة وخمسمائة وفيرة اسم جده وهو اسم عجمي بلغة أعاجم الأندلس ومعناه: الحديد وهو بكسر الفاء وسكون الياء المثناة من تحت وتشديد الراء المهملة وضمها وحيون بحاء مهملة مفتوحة بعدها ياء مثناة من تحت مشددة مضمومة وهو اسم مصغر من يحيى وسكرة بضم السين المهملة وكاف مفتوحة مشددة بعدها راء مهملة ثم هاء ساكنة. الحسين أبو علي بن محمد بن أحمد الغساني المعروف بالجياني قرطبي إمام عصره في الحديث رأس فيه أهل عصره وحاز السبق لمعرفته برجاله وصحيحه وسقيمة ولغته وبرع في إتقانه وضبطه حتى لم يكن

الحسين بن عتيق بن الحسين بن رشيق المنعوت بالجمال

في عصره أتقن منه رحل الناس إليه من كل قطر ومكان أخذ عن أبي عمر بن عبد البر وعن الدلائي وحاتم بن محمد وأبي عمر بن الحذاء القاضي وأبي مروان الطبني وأبي عبد الله بن عتات وأبي الوليد الباجي وابن سراج ولم يكن له رحلة. سمع منه جماعة من أهل الأندلس وغيرهم وسمع عليه من سبتة: القاضي أبو عبد الله بن عيسي التميمي وجماعة وألف كتاب تقييد المهمل حدث عنه القاضي عياض إجازة. توفي سنة ست وتسعين وقيل ثمان وتسعين وأربعمائة مولده سنة سبع وعشرين وأربعمائة. الحسين بن عتيق بن الحسين بن رشيق المنعوت بالجمال كنيته أبو علي بن أبي الفضائل الربعي سمع بمصر من والده وبالإسكندرية من أبي الطاهر: إسماعيل بن عوف سمع منه الحافظان أبو محمد المنذري وأبو الحسن الرشيد المحدث. وكان فقيهاً بمذهب مالك ودرس بمصر وأفتى وصنف وانتفع به

الحسين بن أبي القاسم البغدادي المعروف بالنيلي الملقب بعز الدين

الناس وتخرجوا به وكان من العلماء الورعين وكان شيخ المالكية في وقته وعليه مدار الفتوى في الفقه بالديار المصرية وكان عالماً بأصول الدين وأصول الفقه والخلاف وغير ذلك. وكان صليباً في دينه ورعاً متقللاً من الدنيا صبوراً على إلقاء الدروس وخدمة العلم وتلاوة القرآن ليلاً ونهاراً مولده سنة تسع وأربعين وخمسمائة وتوفي بمصر سنة اثنين وثلاثين وستمائة. الحسين بن أبي القاسم البغدادي المعروف بالنيلي الملقب بعز الدين قاضي القضاة ببغداد ذو التصانيف المفيدة كان إماماً فاضلاً نحوياً لغوياً إماماً في الفقه صدراً في علومه وكان مدرس الطائفة المالكية في المدرسة المستنصرية بعد سراج الدين: عمر الشارمساحي وكان يدعى قاضي قضاة الممالك وكان صارماً مهيباً شهماً. أخذ عنه العلم الإمام العلامة شهاب الدين: عبد الرحمن بن عسكر البغدادي صاحب التصانيف المفيدة وأخذ عنه من علماء الحنفية عالم زمانه: الشيخ قوام الدين أبو حنيفة: أمير كاتب أبي محمد بن غازي الاتقاني التركستاني.

ألف عز الدين النيلي كتاب الهداية في الفقه واختصر كتاب بن الجلاب اختصاراً حسناً اشتغل الناس به وله كتاب مسائل الخلاف وكتاب الإمهاد في أصول الفقه وتأليف في الطب وهو منسوب إلى قرية من أعمال العراق تسمى النيل بكسر النون وإسكان الباء المثناة من تحت توفي سنة اثنتي عشرة وسبعمائة.

من اسمه حبيب

من اسمه حبيب حبيب بن نصر بن سهل التميمي من أصحاب سحنون وعنه عامة روايته يكنى أبا نصر كان من أبناء الجند القادمين من إفريقية كان فقيهاً ثقة حسن الكتاب والتقييد سمع من سحنون وعون بن عبد العزيز بن يحيى المديني وغيرهم. كان نبيلاً في نفسه وقد أدخل بن سحنون سؤالاته لسحنون في كتابه وكان جيد النظر وله كتاب في مسائل لسحنون سماه بالأقضية. توفي سنة سبع وثمانين ومائتين في رمضان وسنه ست وثمانون سنة ولد سنة إحدى ومائتين وهو من الطبقة الثالثة ممن لم ير مالكاً من أهل إفريقية. حبيب بن الربيع مولى أحمد بن أبي سليمان الفقيه كان فقيهاً عابداً يكنى أبا القاسم وقيل أبا نصر ويروي عن مولاه أحمد ويحيى بن عمرو المغامي وحماس وأبي داود

العطار وعبد الجبار وأبي عياش ويحي بن عبد العزيز وابن بسطام وابن الحداد وعبد الرحمن الوزير وغيرهم. كان فقيهاً عالماً يميل إلى الحجة عالماً بكتبه حسن الأخلاق باراً سمحاً. وكان حبيب يقول: قال لي مولاي أحمد من نظمه: الصبر جارك فاستفد بجواره ... عند الحوادث والمهم النازل فلتحمدن جواره متعجلاً ... ولتعطين ثوابه في الآجل مسألة: وأفتى حبيب فيمن دفن فأكله السبع: أن كفنه لورثته وقال غيره: لا يورث كمن لا وارث له وتوفي سنة سبع وثلاثمائة وهو بن نيف وثمانين سنة وهو معدود في الطبقة الخامسة من أهل أفريقية.

من اسمه الحارث الحارث بن أسد

من اسمه الحارث الحارث بن أسد من أهل قفصة من الأخيار المستجابي الدعوة أخذ عن مالك بن أنس روى عنه البهلول بن راشد وغيره قال الحارث: لما أردنا وداع مالك دخلت عليه أنا وابن القاسم وابن وهب فقال له بن وهب: أوصني فقال له: اتق الله وانظر عمن تنقل وقال لابن القاسم: اتق الله وانشر ما سمعت وقال لي: اتق الله وعليك بتلاوة القرآن. قال الحارث: لم يرني أهلاً للعلم فكان يستفتى فلا يفتي ويقول: لم يرني مالك أهلاً للعلم وهو من الطبقة الوسطى من أصحاب مالك وليس هو الحارث بن أسد المحاسبي صاحب التصانيف.

الحارث بن مسكين أبو عمرو بن محمد بن يوسف

الحارث بن مسكين أبو عمرو بن محمد بن يوسف مولى محمد بن زيان بن عبد العزيز بن مروان سمع من بن القاسم وابن وهب وأشهب ودون أسمعتهم وبوبها وبهم تفقه وعد في أكابر أصحابهم وله كتاب فيما اتفق عليه رأيهم الثلاثة ورأى الليث وروى عن سفيان بن عيينة حدث ببغداد وبمصر روى عنه أبو داود وابنه أبو حاتم الرازي والنسائي وابن وضاح وعبد الله بن أحمد بن حنبل وغيرهم وكان أحمد بن حنبل يثني عليه خيراً وقال بن معين: لا بأس به وقال بن وضاح: هو ثقة الثقات. وكان فقيهاً ورعاً زاهداً صدوق اللهجة وكان عدلاً في قضائه بمصر محمود السيرة وهدم مسجداً كان قد بناه خراساني بين القبور بناحية المقطب في الصحراء وكان يجتمع فيه للقراءة والقصص والتعبير. وبمثل هذا أفتى يحيى بن عمر في كل مسجد بني نائياً عن القرية حيث لا يصلي فيه أهل القرية وإنما يصلي فيه من ينتابه وبذلك أفتى في مسجد السبت في القيروان وبمثله أفتى أبو عمران في المسجد الذي بني في جبل فاس.

قال محمد بن عبد الحكم: قال لي بن أبي داود: لقد قام حارثكم مقام الأنبياء وكان بن أبي داود يحسن ذكره ويعظمه جداً ويكتب بالوصاة به. توفي الحارث سنة خمسين ومائتين وسنه خمس وتسعون سنة مولده سنة أربع وخمسين وقيل سنة ست وخمسين ومائة.

الأسماء المفردة

الأسماء المفردة من الثالثة الذين ذكروا في الثانية ممن التزم مذهب مالك ولم يره من العراق ثم من آل حماد بن زيد حماد بن إسحاق أخو إسماعيل القاضي شقيقه كنيته أبو إسماعيل. سمع من شيوخ أخيه أبي مصعب الزهري والقعنبي وغيرهما وذكر أنه سمع إسماعيل بن أبي أويس وإسحاق القروي وغيرهما. تفقه بابن المعذل وبرع وتقدم في العلم روى عنه ابنه أزهر وغيره وألف كتباً كثيرة منها المهادنة وكتاب الرد على الشافعي وكانت له مكانة عند بني العباس. وقال رحمه الله: إني لأستعين بكلمة مالك رضي الله تعالى عنه - عند فتياه - وهي: ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله إذا صعب علي المسألة فإذا قلتها انكشفت لي. وجرت عليه محنة وضرب بالسياط وتوفي حماد سنة سبع وستين ومائتين.

من الأسماء المفردة

من الأسماء المفردة من الثالثة ممن التزم مذهب مالك ولم يره من أهل أفريقية: حمديس هو: حمديس بن إبراهيم بن أبي محرز اللخمي من أهل قفصة نزل مصر وبها توفي فقيه ثقة سمع من بن عبدوس ومحمد بن عبد الحكم ويونس الصدفي وله في الفقه كتاب مشهور في اختصار المدونة روى عنه مؤمل بن يحيى والناس توفي سنة تسع وتسعين ومائتين. ومن الرابعة من أفريقية: حماس بن مروان بن سماك الهمداني كنيته أبو القاسم القاضي معدود في أصحاب سحنون سمع منه صغيراً كان يختلف إليه مع خالد بن علاقة ويقال إنه لم يكمل منه سماع المدونة وقيل: بل بقي عليه منها النكاح الثاني فقط وسمع بمصر من محمد بن عبد الحكم وغيره وبإفريقية من سحنون وحماد السجلماسي وأبي الحسن الكوفي وابن عبدوس وتفقه بابن عبدوس وكان صالحاً ثقة مأموناً ورعاً عدلاً في حكمه فقيه البدن بارعاً في الفقه أكبر شأنه.

سمع منه الناس: أبو العباس بن زيان وأبو العرب وأبو محمد بن خيران وكان جيد القريحة اختلف إلى سحنون في الصغر فلما مات واظب بن عبدوس فانتفع به فكان بعده من أفقه أصحابه وأفقه أهل القيروان عالماً أستاذاً حاذقاً بأصول علم مالك وأصحابه جيد الكلام عليه يحكي من معانيه بن عبدوس حتى لقد قال القائل: كان الاسم في ذلك الوقت ليحيى بن عمر والفقه لحماس. وكان بعضهم يقول: لما دخل حماس حلقة محمد بن عبد الحكم وابن عبد الحكم لا يعرفه وتكلم حماس فصرف إليه بن عبد الحكم وجهه ثم أراده في الكلام ثم سأله بن عبد الحكم عن مسالة من الجراح فأجابه ثم سأله عن أخرى فأجاب: وجود فقال بن عبد الحكم: يمكن أن تكون حماس بن مروان؟ قال: نعم فعاتبه إذ لم يقصد إليه ثم قربه وأكرمه. فقال لقمان ابن يوسف: لما قدم علينا يحيى بن عمر من المشرق وأتاه بعض أصحابنا فقال له: إن لنا حلقة يجتمع فيها يوم الجمعة أصحابنا فلو تفضلت وحضرتهم فترى كيف هم؟ فأجابه وأتى معه يحيى إلى القوم فأكرموه وجلس معهم وفي القوم حماس بن مروان وابن فيرون وسرور وابن أخت جامع ومحمد بن بسطام فأخذ محمد بن بسطام يسأل عن تفسيرات محمد بن عبدوس التي ألفها في الشفعة والقسم وأشباه ذلك وحماس بن مروان يجيب وباقي القوم يتكلم كل واحد منهم بما تهيأ له ويحيى بن عمر ساكت فلما انقضى مجلسهم وقام يحيى بن عمر فسأله الرجل الذي جاء به: كيف رأيت أصلحك الله أصحابنا؟ فقال: ما تركت في بغداد من يتكلم في الفقه بمثل هذا الكلام.

ولما حضرته الوفاة أمر ابنه أن يبيع كتبه في كفنه ويقال: إنه خرج ليلة من بيته وابنه سالم يتهجد في بيته وابنه محمد يتهجد في بينه والعجوز في بيتها تقرأ وتركع وتبكي والخادم يصلي فوقف في القاعة وقال: يا آل حماس ألا هكذا فكونوا وكان يزوره أبو العباس الخضر. ولاه الأمير زيادة الله بن الأغلب قضاء إفريقية وقال لهم: وليت حماس بن مروان لرأفته ورحمته وطهارته وعلمه بالكتاب والسنة وذلك في رمضان سنة تسعين ومائتين فرضيته الخاصة والعامة وسرت به وجمع الله به القلوب النافرة والكلمات المختلفة وفرح به أهل السنة. وكان في القيروان لولايته فرح شديد وكان من أفضل القضاة وأعدلهم وكان حسن الفطنة والنظر ومن أهل الدين والفضل وكانت أيامه أيام حق ظاهر وسنة فاشية وعدل قائم ولم يأخذ على القضاء أجراً وتوفي سنة ثلاث وثلاثمائة مولده سنة اثنين وعشرين ومائتين.

حاتم بن محمد بن عبد الرحمن

حاتم بن محمد بن عبد الرحمن التميمي القرطبي عرف بابن الطرابلسي يكنى أبا القاسم أصله من طرابلس الشام روى بقرطبة عن أبي بكر التجيبي والقاضي بن المطرف بن فطيس ومحمد بن عمر الفخار وابن عمر الطلمنكي وصحب أبا الحسن القابسي الإمام وانتفع به وسمع عليه أكثر روايته ورحل إلى مكة وسمع بها من المشايخ هذا الشأن ثم رجع إلى المغرب وصحب أبا عمران الفاسي وغيره من نظرائه وجمع علما كثيراً. قال بن بشكوال: كان ثقة فيما يرويه وكان ممن عني بتقييد العلم وضبطه وأخذ عنه الكبار والصغار لطول عمره ودعي إلى قضاء قرطبة فأبى وكان من المشاورين. وقال أبو القاسم: حاتم بن محمد هذا: كنا عند أبي الحسن القابسي نحو ثمانين رجلاً من طلبة العلم وكنا في علية له فصعد إلينا الشيخ يوماً وقد شق عليه الصعود فقام قائماً وتنفس الصعداء وقال: والله لقد قطعتم أبهري فقال له رجل أندلسي: نسأل الله أن يحييك لنا أيها الشيخ ثلاثين سنة فقال: ثلاثون كثير ثم أنشد: سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ... ثمانين حولاً لا أبا لك يسأم

حيدرة بن محمد بن يوسف بن عبد الملك بن حيدرة التونسي

فقلنا له: أصلحك الله وانتهيت إلى الثمانين؟ فقال: دخلتها بشهرين أو نحوهما ثم توفي الشيخ بعد شهرين أو ثلاثة ومولد حاتم هذا سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة وتوفي سنة تسع وستين وأربعمائة. حيدرة بن محمد بن يوسف بن عبد الملك بن حيدرة التونسي كان إماماً فاضلاً في مذهب مالك حافظاً جمل القراءات عن أبي العباس البطرني وسمع من أبي عبد الله بن حيان والفقيه المعمر أبي عبد الله بن هرون القرطبي والفقيه المحدث أبي عبد الله القيسي الأزدي وأبي عبد الله اللبيدي. وانفرد بشيخوخة العلم بعد أبي عبد الله بن عبد السلام وولي قضاء الجماعة بتونس وكان يستحضر بن يونس في الفقه رحمه الله تعالى. وممن شهر بكنيته من الأفراد من الثالثة ممن التزم مذهب مالك ولم يره من أهل المدينة: أبو الحكم المعروف بالبربري المدني كان من أصحاب عبد الملك بن الماجشون مشهوراً بكنيته روى عنه القاضي إسماعيل في المبسوط رحمه الله تعالى.

حرف الخاء

حرف الخاء من اسمه خلف من السادسة ممن التزم مذهب مالك ولم يره من أهل أفريقية خلف أبو سعيد بن عمر وقيل عثمان بن عمر وقيل عثمان بن خلف المعروف بابن أخي هشام الخياط من أهل القيروان تفقه بابن نصر وسمع منه ومن أبي القاسم الطوري وأحمد بن عبد الرحمن القصري وأبي بكر بن اللباد وغيرهم وعنه تفقه أكثر القرويين وكان شيخ الفقهاء وإمام أهل الفقه والورع ولم يكن عنده رياء ولا تصنع. وكان يجتمع هو وأبو الأزهر بن معتب وأبي محمد بن أبي زيد وابن شبلون وابن التبان والقابسي وجماعة ذكرناهم ونذكرهم في جامع القيروان - للتفقه عندما ظهر بن أبي زيد على بني عبيد أخذ عنه جماعة منهم خلف بن تميم الهواري وعتيق بن إبراهيم الأنصاري. قال المالكي: كان يعرف بمعلم الفقهاء لم يكن في وقته أحفظ منه اختلط علم الحلال والحرام بلحمه ودمه وما اختلف الناس فيه وما اتفقوا عليه عالماً

بنازل الأحكام حافظاً بارعاً فراجاً للكرب مع تواضع ورقة قلب وسرعة دمعة وخالص نية. وسئل أبو محمد بن أبي زيد: من أحفظ أصحابكم؟ فقال: أبو سعيد أحفظهم بخلاف الناس وقال بن شبلون: ما أخذ على أبي سعيد مسألة خطأ قط وقال بن أبي زيد: إن أبا سعيد ليس يلقى الله بمثل ذرة من رياء وكان أبو سعيد يقول: من دارى الناس مات شهيداً وسئل عن الكرامات فقال: ما ينكرها إلا صاحب بدعة وصحح انقلاب الأعيان فيها. وتوفي ليلة الجمعة لسبع خلون من صفر سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة وقيل سنة ثلاث وسبعين وصلى عليه القاضي بن الكوفي وأمير إفريقية المعروف ببلقيس وجميع عسكره وأهل القيروان كافة مولده سنة تسع وتسعين ومائتين ورثى بمراث منها: قول بن مازن يرثيه - من قصيدته: لقد فجع الورى شرقاً وغرباً ... ببحر من بحور العلم طامي بمن قد كان بعلم ودين ... عن الإسلام في الدنيا يحامي

خلف بن أبي القاسم أبو القاسم الأزدي المعروف بالبراذعي يكنى بأبي سعيد

رأى الدنيا بعين النقص لما ... رأى ما دام ليس بذي دوام وأبصر كل ما فيها حطاماً ... فصان النفس عن جمع الحطام ومن الطبقة الثامنة من أهل إفريقية: خلف بن أبي القاسم أبو القاسم الأزدي المعروف بالبراذعي يكنى بأبي سعيد من كبار أصحاب أبي محمد بن أبي زيد وأبي الحسن القابسي: من حفاظ المذهب له فيه تآليف منها: كتاب التهذيب في اختصار المدونة اتبع فيه طريقة اختصار أبي محمد إلا أنه ساقه على نسق المدونة وحذف ما زاده أبو محمد. وقد ظهرت بركة هذا الكتاب على طلبة الفقه وسمعوا بدراسته وحفظه وعليه معول الناس بالمغرب والأندلس - على أن أبا محمد عبد الحق قد ألف كتاباً انتقد عليه فيه أشياء أحالها في الاختصار عن معناها ولم يتبع فيها ألفاظ المدونة قال عياض: وأنا أقول إن البراذعي ما أدخل ما أخذ عليه فيه إلا كما نقله أبو محمد بن أبي زيد. ومن تآليفه أيضاً كتاب التمهيد لمسائل المدونة على صفة اختصار أبي محمد وزياداته ولقد ذكر لي بعض من كاشفته من فقهائنا أن البراذعي

لما تمم كتاب التمهيد جاء بعض الطلبة ليسمعه عليه فلما تم الصدر بالقراءة أغلق كتابه فقال له البراذعي: اقرأ فقال: قد سمعته على أبي محمد وهل زدت في المختصر أكثر من الصدر؟ ومن تآليفه كتاب الشرح والتمامات لمسائل المدونة أدخل فيه كلام شيوخها المتأخرين على المسائل وله كتاب اختصار الواضحة. ولم تحصل له رياسة بالقيروان وكان مبغضاً عند أصحابه لصحبته لسلاطين القيروان الذين كانوا يتبرؤن منهم ويقال إن فقهاء القيروان أفتوا بطرح كتبه ولا تقرأ ورخصوا في التهذيب لاشتهار مسائله ويقال إن هجرانهم له أنه وجد بخطه في ذكر بني عبيد يتمثل بالبيت المشهور: أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا ... وإن واعدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا ويقال لحقه دعاء الشيخ أبي محمد لأنه كان يتنقصه ويطلب مثالبه فدعا عليه فلفظته القيروان ولم يستقر بها قراره فخرج إلى صقلية وقصد أميرها فحصلت له عنده مكانة وعنده ألف كتبه المذكورة. وكان ممن له دنيا وطارت هذه الكتب بصقلية

خلف بن مسلمة بن عبد الغفور

وذكر أن المناظرة في جميع حلق بلدانها إنما كانت بكتاب البراذعي: التهذيب. خلف بن مسلمة بن عبد الغفور أقليشي فقيه حافظ يكنى أبا القاسم ولي قضاء بلده وروى عن القاضي زكريا بن غالب وغيره وألف كتاب الاستغناء في آداب القضاء عظيم الفائدة نحو خمسين جزءاً. ومن الأندلس: خلف بن سعيد بن أحمد بن محمد الأزدي الإشبيلي رجل صالح رحل وحج وتنسك وتقشف وأفتى سمع من أبي محمد الباجي وغيره وسمع منه أبو عمر بن عبد البر. خلف بن أحمد بن خلف أبو بكر الرهوني طليطلي فقيه أخذ عن أبي محمد بن أبي زيد وحدث عنه بكتبه سمع منه

خلف أبو القاسم مولى يوسف بن بهلول البلنسي المعروف بالبربلي

أبو الوليد الباجي وأبو القاسم الطرابلسي وأبو محمد الشارقي وأبو جعفر بن مغيث وتفقه به أهل طليطلة. ومن العاشرة من أهل الأندلس: خلف أبو القاسم مولى يوسف بن بهلول البلنسي المعروف بالبربلي وقع بخط بن بشكوال: البربلي بإسكان الراء وفتح الياء المثناة من تحت وضبطه بعضهم بكسر الباء الموحدة والراء الساكنة والياء المثناة نسبة إلى قرية من عمل بلنسية. مفتي بلنسية في وقته وعظيمها ومن أهل العلم والجلالة وله كتاب في شرح المدونة واختصارها سماه التقريب استعمله الطلبة في المناظرة وانتفعوا به عول فيه على نقل بن أبي زمنين في لفظ المدونة وأخذ عليه فيه أوهام في النقل. ذكر أنه لما أكمل خلف كتابه دخلت منه نسخة صقلية وعبد الحق بها فلما قرأه ونظر فيه إلى أقواله وما أدخله فيه من كتابه استحسنه وأراد شراءه فلم يتيسر له ثمنه فباع حوائج من داره واشتراه فغلا الكتاب وتنافس فيه الناس عند ذلك. وكان أبو الوليد: هشام بن أحمد الفقيه يقول: من أراد أن يكون فقيهاً من ليلته فعليه بكتاب البربلي وروى عن أبي محمد بن المكوى وابن العطار والأصيلي وكان مقدماً في علم الوثائق

خلف بن عبد الملك بن مسعود بن موسى بن بشكوال

توفي سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة. خلف بن عبد الملك بن مسعود بن موسى بن بشكوال الأنصاري من أهل قرطبة كنيته أبو القاسم صاحب التاريخ الذي وصل به كتاب بن الفرضي بقية المسندين بقرطبة والمسلم له في حفظ أخبارها ومعرفة رجالها سمع بها أباه وأبا محمد بن عتاب وأكثر عنه وعليه معوله في روايته وأبا الوليد بن رشد وابن المكوى وابن مغيث والقاضي أبا بكر بن العربي وابن يربوع وغيرهم كثير من الشيوخ الجلة المتقدمين. كان رحمه الله متسع الرواية شديد العناية بها عارفاً بوجوهها حجة فيما يرويه ويسنده مقلداً فيما يلقيه ويسمعه مقدماً على أهل وقته في هذا الشأن كتب بخطه علماً كثيراً وأسند عن شيوخه نيفاً وأربعمائة كتاب: ما بين كبير وصغير عمر طويلاً فرحل الناس إليه وأخذوا عنه وانتفعوا به كان موصوفاً بالصلاح وسلامة الباطن وصحة التواضع وصدق الصبر للراحلين إليه لين الجانب وطول الاحتمال في الكثرة للإسماع رجاء المثوبة.

وألف خمسين تأليفاً في أنواع مختلفة منها: كتاب الغوامض والمبهمات في اثني عشر جزءاً وكتاب الفوائد المنتخبة وكتاب الصلة الذي اتسعت فائدته وعظمت منفعته إلى غير ذلك من تآليفه وولي بإشبيلية قضاء بعض جهاتها لأبي بكر العربي. وأما من سمع منه وروى عنه فلا يحصون كثرة توفي سنة ثمان وسبعين وخمسمائة وهو بن ثلاث وثمانين سنة انتهى كلام بن الأبار في كتاب التكملة له. قال صاحب الوفيات: وبشكوال بفتح الباء الموحدة وضم الكاف قال: ونسج كتاب الغوامض والمبهمات على منوال الخطيب البغدادي ذكر فيه من جاء ذكره في الحديث وعينه.

خلف بن قاسم بن سهل - ويقال: سهلون - بن محمد بن يونس المعروف بابن

خلف بن قاسم بن سهل - ويقال: سهلون - بن محمد بن يونس المعروف بابنالدباغ أبو القاسم الأزدي القرطبي الحافظ سمع بقرطبة من أحمد بن يحيى بن الشامة ومحمد بن هشام القروي ومحمد بن معاوية القرشي وبمصر من حمزة بن محمد الكناني والحسن بن رشيق وأبي محمد بن الورد وأبي السكن وغيرهم وسمع بدمشق وبمكة وبالرملة وألف كتباً حساناً وخرج مسند حديث مالك ومسند حديث شعبة. وعدة شيوخه الذين كتب عنهم: مائتان وستة وثلاثون شيخاً روى عنه جماعة من الكبار منهم: أبو عمر بن عبد البر وأبو عمر الداني وأبو الوليد الفرضي وغيرهم. توفي بمكة سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة.

خلف بن أحمد بن بطال أبو القاسم البكري

خلف بن أحمد بن بطال أبو القاسم البكري من أهل بلنسية روى عن أبي عبد الله بن الفخار وغيره من المشايخ الجلة روي عنه أبو داود المقرئ وأبو بحر الأسدي كان فقيهاً أصولياً من أهل النظر والاحتجاج بمذهب مالك وله مؤلفات حسان استقضي ببعض نواحي بلنسية ورحل وحج وتردد بالمشرق نحو أربعة أعوام طالباً للعلم. وتوفي سنة أربع وخمسين وأربعمائة. خلف بن أحمد بن الخضر بن أبي العافية من أهل غرناطة يكنى أبا القاسم كان - رحمه الله - صدراً من صدور القضاة أهل النظر والتقييد والعكوف على الطلب مضطلعاً بمسائل الأحكام مهتدياً لمظنات النصوص نسخ بيده الكثير وقيد على المسائل حتى عرف فضله واستشاره الناس في المشكلات وكان بصيراً بعقد الشروط ظريف الخط بارع الأدب شاعراً مكثراً مصيباً غرض الإجادة وولي القضاء في مواضع نبيهة

خليل بن إسحاق الجندي

توفي عام خمسة وأربعين وسبعمائة. خليل بن إسحاق الجندي كان - رحمه الله - صدراً في علماء القاهرة المعزية مجمعاً على فضله وديانته أستاذاً ممتعاً من أهل التحقيق ثاقب الذهن أصيل البحث مشاركاً في فنون من العربية والحديث والفرائض فاضلاً في مذهب مالك صحيح النقل تخرج بين يديه جماعة من الفقهاء الفضلاء وتفقه بالإمام العالم العامل أبي محمد: عبد الله المنوفي: أخذ عن شيوخ مصر علماً وعملاً وتخرج بالشيخ عبد الله أئمة فضلاء. توفي - رحمه الله - في سنة تسع وأربعين وسبعمائة بالطاعون. وكان الشيخ خليل من جملة أجناد الحلقة المنصورة يلبس زي الجند المتقشفين ذا دين وفضل وزهد وانقباض عن أهل الدنيا جمع بين العلم والعمل وأقبل على نشر العلم فنفع الله به المسلمين ألف شرح جامع الأمهات لابن الحاجب شرحاً حسناً وضع الله

عليه القبول وعكف الناس على تحصيله ومطالعته وسماه: التوضيح وألف مختصراً في المذهب قصد فيه إلى بيان المشهور مجرداً عن الخلاف وجمع فيه فروعاً كثيرة جداً مع الإيجاز البليغ وأقبل عليه الطلبة ودرسوه. وكانت مقاصده جميلة رحمه الله تعالى وجاور بمكة وحج واجتمعت به في القاهرة وحضرت مجلسه: يقرئ في الفقه والحديث والعربية وله منسك وتقاييد مفيدة وله شرح على المدونة لم يكمل وصل فيه إلى أواخر الزكاة وله ترجمة شيخه سيدي عبد الله المنوفي وله شرح على ألفية ابن مالك.

حرف الدال

حرف الدال من الطبقة الوسطي من أصحاب مالك من أهل الأندلس. داود بن جعفر بن الصغير ويقال: بن أبي الصغير مولى تميم قرطبي سمع من مالك وابن عيينة ومعاوية بن صالح وغيرهم روى عنه: ابن وهب وابن القاسم وروى عنه من الأندلسيين: حسين بن عاصم والأعشى ومحمد بن وضاح وغيرهم - قال بن وضاح: وروى هو عني: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " المؤمن حسن المعونة قليل المؤونة " وكان فاضلاً وهو جد بني الصغير بالأندلس رحمه الله تعالى.

دلف بن جحدر أبو بكر الشبلي

دلف بن جحدر أبو بكر الشبلي صوفي اختلف في اسمه فقيل: دلف بن جحدر ويقال: اسمه جعفر بن يونس حكى ذلك كله أبو عبد الرحمن السلمي في طبقاته وقال: كذا وجدت على قبره ببغداد مكتوباً يعني القول الأخير وقيل في اسمه غير هذا. هو الشبلي شيخ الصوفية وإمام أهل علم الباطن وذو الأنباء البديعة والإشارات الغريبة وأحد المتصرفين في علوم الشريعة أصله خراساني من مدينة أشروسة من قرية يقال لها شبلية ومنشؤه ببغداد كان عالماً فقيهاً على مذهب مالك وكتب الحديث الكثير وصحب

الجنيد ومن في عصره من المشايخ وصار أوحد الوقت: حالاً وعلماً وأسند الحديث. روى عن محمد بن مهدي البصري روى عنه أبو بكر الأبهري وأبو بكر الرازي وأبو سهل الصعلوكي والحسين بن أحمد الصفار وجماعة غيرهم وكان مشايخ العراق يقولون: عجائب بغداد ثلاثة في التصوف: إشارات الشبلي ونكت المرتعش وحكايات جعفر الخلدي وقد ألف في فضائله أبو عبد الرحمن السلمي وأبو القاسم القشيري وأبو بكر المطوعي. قال أبو بكر الرازي: لم أر في الصوفية أعلم من الشبلي وقال الجنيد: هو عين من عيون الله وقال: لكل قوم تاج وتاج هؤلاء القوم: الشبلي رضي الله عنه. وسئل عن معنى قوله عز وجل: " الرحمن على العرش استوى " طه: 5 فقال: الرحمن لم يزل والعرش محدث والعرش بالرحمن استوى. وكانت مجاهدته - في بدايته - فوق الحد ودخل الشبلي - يوماً - على علي بن عيسى الجراح الوزير وعنده بن مجاهد

المقرئ فقال بن مجاهد للوزير: سأسكته الساعة وكان من شأن الشبلي إذا لبس شيئاً خرق فيه موضعاً فلما جلس قال له بن مجاهد: يا أبا بكر أين في العلم: إفساد ما ينتفع به؟ فقال الشبلي: أين في العلم: " فطفق مسحاً بالسوق والأعناق "؟ فسكت بن مجاهد فقال له بن الجراح: أردت أن تسكته فأسكتك؟ ثم قال الشبلي: قد أجمع الناس أنك مقرئ الوقت أين في القرآن: الحبيب لا يعذب حبيبه؟ فسكت بن مجاهد وقال: قل يا أبا بكر فقال: قوله تعالى: " وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير " المائدة: 18.

قال ابن مجاهد: كأني ما سمعتها قط وكان الشبلي يقول: إنما يحفظ هذا الجانب بي يعني من الديلم فمات يوم الجمعة وعبرت الديلم إلى الجانب الغربي يوم السبت وقال الشبلي: كتبت الحديث عشرين سنة وجالست الفقهاء عشرين سنة وكان يتفقه بمالك. قال: وخلف أبي ستين ألف دينار سوى الضياع والعقار فأنفقتها كلها ثم قعدت مع الفقراء لا أرجع إلى مأوى ولا أستظهر بعلوم وكان يقول: يا دليل المتحيرين زدني تحيراً. يعني في عظمته وجلاله وقال بعضهم: دخلت على الشبلي وقد هاج وهو يقول: على بعدك لا يصبر من عادته القرب ولا يقوى على حجبك من تيمه الحب فإن لم ترك العين فقد يبصرك القلب وقال له رجل: ادع الله لي فقال: مضى زمن والناس يستشفعون بي ... فهل لي إلى سعدى الغداة شفيع؟ وقيل له: تراك جسيماً بديناً والمحبة تفني؟ فأنشد:

أحب قلبي وما درى بدني ... ولو درى الحب ما أقام في السمن ورئي خارجاً من المسجد في يوم عيد وهو يقول: إذا ما كنت لي عيداً ... فما أصنع بالعيد؟ جرى حبك في قلبي ... كجري الماء في العود وسئل عن الزهد فقال: تحويل القلب من الأشياء إلى رب الأشياء وقال: التصوف ضبط حواسك ومراعاة أنفاسك وسئل عن الدنيا فقال: قدر يغلي وحش يملي ومات الشبلي رحمه الله تعالى في ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة يوم الجمعة لليلتين بقيتا من الشهر وسنه سبع وثمانون سنة ودفن في مقبرة الخيزران ببغداد وقبره بها معروف رحمة الله تعالى عليه.

حرف الراء

حرف الراء من الطبقة الثالثة المذكورين في الأولى ممن التزم مذهب مالك ولم يره من أهل مصر: روح أبو الزنباع بن الفرح بن عبد الرحمن القطان مولى الزبير بن العوام صاحب أبي زيد بن أبي الغمر سمع عمرو بن خالد وسعيد بن عفير وأبا مصعب وغيرهم عالم فقيه بمذهب مالك وعنه أخذ أبو الذكر الفقيه كان أوثق الناس في زمانه ورفعه الله بالعلم وله رواية في القراءات عن يحيى بن سليمان الجعفي روى عنه: محمد بن أحمد بن الهيثم ومحمد بن سعيد ومحمد بن شاهين وإبراهيم بن محمد الحلواني وقاسم بن أصبغ وغيرهم. مولده سنة أربع ومائتين وتوفي سنة اثنتين وثمانين رحمة الله عليه.

ريدان بن إسماعيل بن ريدان

ومن الطبقة الثالثة من أفريقية: ريدان بن إسماعيل بن ريدان الواسطي الأزدي ثقة من أصحاب سحنون وغيره وسكن سوسة رحل إلى المشرق فسمع من هاشم بن عمار الدمشقي وابن أبي الحواري وسلمة بن شبيب وعبد الوارث بن غياث والوليد بن شجاع وغيرهم وتوفي بسوسة سنة اثنتين أو ثلاث وتسعين ومائتين وقيل: سنة تسعين. مولده سنة عشر ومائتين حدث عنه بن اللباد وأبو العرب كان يقال: إنه أحد الأبدال نفع الله به. رزين بن معاوية بن عمار أبو الحسن العبدري الأندلسي سرقسطي جاور بمكة أعواماً وحدث بها عن أبي مكتوم: عيسى بن أبي ذر الهروي وغيرهم ذكره السلفي وقال: شيخ عالم ولكنه نازل الإسناد وله تآليف منها: كتاب جمع فيه ما في الصحاح الخمسة والموطأ وكتاب في أخبار مكة.

وقال بن بشكوال: كان رجلاً صالحاً عالماً فاضلاً عالماً بالحديث وغيره. توفي بمكة سنة خمس وعشرين وقيل: سنة خمس وثلاثين وخمسمائة وكان إمام المالكية بمكة ذكره بن الحباب والفاسي في العقد الثمين.

حرف الزاي

حرف الزاي من الطبقة الأولى ممن التزم مذهب مالك ولم يره من أهل مصر: زكريا أبو يحيى الوقار بن يحيى بن إبراهيم بن عبد الله من موالي قريش مصري وقيل هو من موالي عبد الدار وروى عن ابن وهب وابن القاسم وأشهب وغيرهم وكان مختصاً بابن وهب قدم إفريقية سنة خمس ومائتين وكان إذا حدث عن ابن وهب يقول: حدثني سيدي ابن وهب قال: وكان في حديث أبي يحيى لين وانقطاع وسمع عليه بإفريقية ثم انصرف إلى مصر وكان يلقب بالبرطخ وقرأ القرآن على نافع المدني وعنه أخذ أبو عبد الرحمن المقرئ حرف نافع واستوطن طرابلس. قال أبو عمر الداني: أبو يحيى يلقب بالبرطخ مقرئ روى القراءة عرضاً عن نافع بن أبي نعيم روى عنه القراءة: محمد بن غوث القروي وقال: أبو يحيى هذا مجهول.

قال عياض: أبو يحيى هذا المجهول عند أبي عمرو - هو أبو يحيى الوقار ولم يذكر أبو عمرو: الوقار جملة وأراه لم يبلغه خبره أو لم يعلم أن البرطخ هو الوقار وقد بين أبو العرب وابن حارث ذلك بحمد الله تعالى. وكان فقيهاً صاحب عجائب لم يكن بالمحمود في روايته وعده أبو القاسم الشيرازي في صغار الآخذين عن مالك ولا أراه يصح وتوفي سنة أربع وخمسين ومائتين بمصر وقيل سنة ثلاث وستين قتله العجم بالخرس والوقار بتخفيف القاف كذا سمعته ممن لقيته من الشيوخ.

زياد: أبو عبد الله بن عبد الرحمن قرطبي يلقب بشبطون

ومن الطبقة الأولى من أصحاب مالك من الأندلس: زياد: أبو عبد الله بن عبد الرحمن قرطبي يلقب بشبطون جد بني زياد بها قيل: إنه من ولد حاطب بن أبي بلتعة سمع من مالك الموطأ وله عنه في الفتاوى كتاب سماع معروف بسماع زياد وسمع من معاوية بن صالح القاضي وكان صهر زياد على ابنته ويروي عن جماعة منهم: الليث بن سعد وعبد الله بن عمر العمري وابن عيينة وغيرهم. وكان زياد أول من أدخل الأندلس موطأ مالك متفقهاً بالسماع عنه ثم تلاه يحيى بن يحيى وكان أهل المدينة يسمون زياداً: فقيه الأندلس وكانت له إلى مالك رحلتان وكان واحد زمانه زهداً وورعاً وتوفي سنة ثلاث وقيل: أربع وقيل: تسع وتسعين ومائة ونجب ولده بقرطبة وكان فيهم عدة من أهل الجلالة والفضل والقضاء والعلم والخير.

الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن

ومن الطبقة الصغرى من أصحاب مالك من أهل المدينة: الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام مدني يروي عن مالك وأبيه وعمه كنيته أبو عبد الله هو من أهل العلم قال عمه مصعب بن عبد الله: لي بالمدينة ابن أخ إن يبلغ أحد منا فسيبلغ يعينه. كان الزبير علامة قريش في وقته في الحديث والفقه والأدب والشعر والخبر والنسب وهذا الباب هو الغالب عليه وله فيه كتاب جمهرة أنساب قريش وغير ذلك ولي قضاء مكة وبها توفي في ذي الحجة سنة ست وخمسين ومائتين.

زرارة بن أحمد

زرارة بن أحمد القاضي بالمهدية كان من العلماء باختلاف المذاهب توفي سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة ذكره إبراهيم بن القاسم المعروف بابن الرقيق في تاريخ إفريقية.

حرف السين

حرف السين من اسمه سليمان من الطبقة الأولى من أصحاب مالك من أهل المدينة سليمان بن بلال أبو أيوب سمع يحيى بن سعيد وزيد بن أسلم وعبد الله بن دينار وغيرهم روى عنه ابن إدريس وابن وهب ويحيى بن يحيى االنيسابوري وأشهب وابن القاسم وغيرهم. وهو ثقة وخرج عنه البخاري ومسلم وهو معدود في الطبقة التي صار إليها الفقه بالمدينة - بعد طبقة مالك وهو من أجل أصحابه وأخصهم به وولي القضاء ببغداد للرشيد وتوفي وهو عليه وصلى عليه الرشيد وذلك سنة ست وسبعين ومائة قبل وفاة مالك بثلاث سنين.

سليمان بن سالم القطان أبو الربيع القاضي

ومن الطبقة الثالثة من إفريقية: سليمان بن سالم القطان أبو الربيع القاضي معروف بابن الكحالة مولى لغسان من أصحاب سحنون سمع من سحنون وابنه وعون والجعدي وابن رزين وغيرهم ودخل المدينة فحدث عن محمد بن مالك بن أنس بحكاية عن أبيه سمع منه أبو العرب وغيره. وقال أبو العرب: كان ثقة كثير الكتب والشيوخ حسن الأخلاق باراً بطلبة العلم أدبياً كريماً سمع منه في حياة بن سحنون وكان الأغلب عليه: الرواية والتقييد وله تأليف في الفقه يعرف بكتاب السليمانية مضافة إليه. ولاه ابن طالب قضاء باجة ثم ولي قضاء صقلية فخرج إليها ونشر بها علماً كثيراً وعنه انتشر مذهب مالك بها ولم يزل عليها قاضياً إلى أن مات سنة إحدى وثمانين ومائتين.

سليمان بن داود

سليمان بن داود بن حماد بن أخي رشدين أبو الربيع المصري الرشديني يعرف بالأفطس روى عن إبراهيم بن حماد الخولاني مولاهم المصري وعن إدريس بن يحيى الخولاني وعن أبيه داود وعبد الله بن نافع الصائغ وعبد الله بن وهب وابن الماجشون ويحيى بن عبد الله بن بكير وأشهب بن عبد العزيز وأصبغ بن عبد العزيز بن بكار وروى أيضاً عن الإمام الشافعي. روى عنه أبو داود والنسائي وقال ثقة ومحمد بن أبان بن حبيب ومحمد بن محمد بن عبد الله الباهلي وكان فقيهاً مالكياً وورث من والده عشرة آلاف دينار ففرقها وأصبح كواحد من أصحابه قال أبو عبد الله الآجري: ذكر لأبي داود أبو الربيع هذا فقال: قل من رأيت مثله في فضله ولد سنة ثمان وسبعين ومائة. توفي بمصر سنة ثلاث وخمسين ومائتين ومناقبه عديدة.

سليمان بن عمران الإفريقي

سليمان بن عمران الإفريقي قاضي إفريقية يروي عن أسد بن الفرات توفي سنة تسع وستين ومائتين رحمه الله تعالى. ومن الطبقة الثامنة من الأندلس: سليمان بن بيطير بن سليمان بن بيطير بن ربيع الكلبي أبو أيوب قرطبي كان رجلاً صالحاً حافظاً للمسائل تفقه بابن زرب وسمع أبا عيسى وابن القوطية واختصر كتاب المدينة لعبد الرحمن بن دينار - اختصاراً حسناً. توفي سنة أربع وأربعمائة مولده سنة ست وثلاثين وثلاثمائة. سليمان بن بطال أبو أيوب بطليوسي وانتقل إلى إلبيرة وبها مات يعرف بالتلمس كان مقدماً في أهل العلم والفهم والشعر والأدب وكان أولاً كثير الشعر مشهوراً ومال آخراً إلى الزهد والورع والانقباض.

سليمان القاضي أبو الوليد بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث الباجي

قال أبو علي الغساني: أبو أيوب هذا من جلة العلماء وكبار النبلاء وكان صديقاً لأبي عبد الله بن أبي زمنين وله كتاب في مسائل الأحكام سماه المقنع عليه مدار المفتين والحكام وكتاب في الزهد سماه: الموقظ. روى عنه بن عبد البر وله كتاب الدليل إلى طاعة الجليل وكتاب أدب الهموم وعلى تسمية كتابه سمى الطلمنكي كتابه توفي عام اثنين وأربعمائة وقيل سنة أربع. ومن الطبقة العاشرة: سليمان القاضي أبو الوليد بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث الباجي أصلهم من بطليوس ثم انتقلوا إلى باجة أعني: باجة الأندلس وثم باجة أخرى بمدينة إفريقية وباجة أخرى ببلاد أصبهان بالعجم أخذ بالأندلس عن أبي الأصبغ وأبي محمد: مكي وأبي شاكر ومحمد بن إسماعيل وغيرهم ورحل سنة ست وعشرين فأقام بالحجاز مع أبي ذر

ثلاثة أعوام وحج أربع حجج وسمع ثم من المطوعي وأبي بكر بن سختويه وابن محرز وابن محمود الوارق. ورحل إلى بغداد فأقام بها ثلاثة أعوام يدرس الفقه ويسمع الحديث. سمع من الفقهاء كأبي الفضل بن عروس: إمام المالكية وأبي الطيب الطبري وأبي إسحاق الشيرازي الشافعي وأبي عبد الله الدامغاني والصيمري وجماعة من الفقهاء ودخل أبو الوليد الشام وسمع بها من السمسار ونظرائه ودخل الموصل فأقام بها عاماً يدرس على السمناني الأصول وسمع بمصر من أبي محمد بن الوليد وغيره. قال صاحب الوفيات: ورحل أبو الوليد الباجي إلى المشرق سنة ست وعشرين وأربعمائة وكان مقامه في المشرق نحو ثلاثة عشر عاماً وروى عن الحافظ أبي بكر الخطيب وروى الخطيب أيضاً عنه قال الخطيب: وأنشدني أبو الوليد لنفسه: إذا كنت أعلم علماً يقيناً ... بأن جميع حياتي كساعه فلم لا أكون ضنيناً بها ... وأنفقها في صلاح وطاعه وقيل: إنه ولي قضاء حلب وأخذ عنه أبو عمر بن عبد البر صاحب الاستيعاب

وبينه وبين أبي محمد بن حزم مناظرات وفصول يطول شرحها. قال القاضي عياض: وحاز الرئاسة بالأندلس فسمع منه خلق كثير وتفقه عليه خلق وممن تفقه عليه أبو بكر الطرطوشي والقاضي بن شبرين وسمع منه من أهل الأندلس الحافظان أبو علي الجياني والصدفي والقاضي أبو القاسم المعافري والسبتي وابن أبي جعفر المرسي وغيرهم. وكان في رحلته وأول وروده الأندلس مقلاً في دنياه حتى احتاج في سيره إلى القصد بشعره وآجر نفسه ببغداد مدة مقامه لحراسة درب فكان يستعين بإجارته على نفقته ولما ورد الأندلس أول وروده كان يتولى ضرب ورق الذهب للغزل. والأبرار ويعقد الوثائق وقيل: إنه يخرج للإقراء وفي يده أثر المطرقة إلى أن فشا علمه وشهرت تآليفه فعرف حقه وعظم جاهه وقرب من الرؤساء واستعملوه في الأمانات والقضاء وأجزلوا صلاته فاتسعت حاله وكثر كسبه حتى مات عن مال وافر كثير. وكان يستعمله الرؤساء في الرسل بينهم ويقبل جوائزهم وهم له على غاية البر والإكرام وولي قضاء مواضع من الأندلس تصغر عن قدره كأريولة وشبهها. قلت: ومن كتاب الصلة لابن بشكوال

قال بن بشكوال: وأخبرني بعض أصحابنا قال: سمعت القاضي أبا علي بن سكرة يقول في القاضي أبي الوليد: ما رأيت مثله ولا رأيت على سمته وهيبته وتوقير مجلسه وقال: هو أحد أئمة المسلمين. قال ابن بسام: بلغني عن الفقيه أبي محمد بن حزم أنه كان يقول: لم يكن لأصحاب المذهب المالكي بعد القاضي عبد الوهاب - مثل أبي الوليد الباجي ونقل بعضهم: إن أبا الوليد لما ورد إلى الأندلس وجد بها ابن حزم الظاهري ولم يكن في الأندلس من يشتغل بعلمه فقصرت ألسنة فقهائها عن مجادلته واتبعه جماعة على رأيه واحتل بجزيرة ميورقة فرأس بها واتبعه أهلها فلما وصل أبو الوليد تكلم في ذلك فرحل إليه وناظره وأبطل كلامه وله معه مجالس كثيرة قيدت بأيدي الناس. ولما تكلم أبو الوليد في حديث البخاري المروي في عمرة القضاء والكتابة إلى قريش وذكر قول من قال بظاهر اللفظ - أنكر عليه أبو بكر بن الصائغ

الزاهد وكفره بإجازته الكتب على النبي صلى الله عليه وسلم وتكلم في ذلك من لم يفهم الكلام حتى أطلقوا عليه اللعن فلما رأى ذلك ألف رسالته المسماة بتحقيق المذهب بين فيها المسألة لمن يفهمها وأنها لا تقدح في المعجزة كما لا تقدح القراءة في ذلك فوافقه أهل التحقيق بأسرار العلم وكتب بها لشيوخ صقلية فأنكروا على ابن الصائغ ووافقوا أبا الوليد على ما ذكره.

قلت: وذكره القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله تعالى في كتاب القواصم والعواصم له بعد ذكره ما وقع في الغرب من الفتن فقال: عطفنا عنان القول إلى مصائب نزلت بالعلماء في طريق الفتوى لما كثرت البدع وذهب العلماء وتعاطت المبتدعة منصب الفقهاء وتعلقت بهم أطماع الجهال فقالوا بفساد الزمان ونفوذ

وعد الصادق في قوله صلى الله عليه وسلم: " اتخذ الناس رؤساء جهالاً - فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ". وبقيت الحال هكذا فماتت العلوم إلا عند آحاد الناس واستمرت القرون على موت العلم وظهور الجهل وذلك بقدرة الله تعالى وجعل الخلف منهم يتبع السلف حتى آلت الحال إلى أن ينظر في قول مالك وكبراء أصحابه ويقال: قد قال في هذه المسألة أهل قرطبة وأهل طلمنكة وأهل طلبدة وأهل طليطلة وصار الصبي إذا عقل وسلكوا به أمثل طريقة لهم علموه كتاب الله تعالى ثم نقلوه إلى الأدب ثم إلى الموطأ

ثم إلى المدونة ثم إلى وثائق ابن العطار ثم يختم له إلى أحكام بن سهل ثم يقال: قال فلان الطليطلي وفلان المجريطي وابن مغيث لا أغاث نداه فيرجع القهقرى ولا يزال إلى ورا. ولولا أن الله تعالى من بطائفة تفرقت في ديار العلم وجاءت بلباب منه كالقاضي أبي الوليد الباجي وأبي محمد الأصيلي فرشوا من ماء العلم على هذه القلوب الميتة وعطروا أنفاس الأمة الذفرة - لكان الدين قد ذهب ولكن تدارك الباري سبحانه بقدرته ضرر هؤلاء بنفع هؤلاء وتماسكت الحال قليلاً والحمد لله تعالى. هذه نبذة من كلامه. ولأبي الوليد تآليف مشهورة منها: كتاب الاستيفاء في شرح الموطأ كتاب حفيل كثير العلم لا يدرك ما فيه إلا من بلغ درجة أبي الوليد في العلم وكتاب المنتقى في شرح الموطأ وهو اختصار الاستيفاء ثم اختصر المنتقى في كتاب سماه: الإيماء قدر ربع المنتقى وكتاب السراج في علم الحجاج وكتاب مسائل الخلاف لم يتم وكتاب المقتبس من علم مالك بن أنس لم يتم وكتاب المهذب في اختصار المدونة وكتاب شرح المدونة وكتاب اختلاف الموطأ ومسألة اختلاف الزوجين في الصداق وكتاب مختصر المختصر في مسائل المدونة وكتاب إحكام الفصول في أحكام الأصول وكتاب الحدود في أصول الفقه وكتاب الإشارة في أصول الفقه وكتاب تبيين المنهاج وكتاب التشديد إلى معرفة

سليمان بن موسى بن سالم بن حسان بن سليمان

طريق التوحيد وكتاب تفسير القرآن لم يكمل وكتاب فرق الفقهاء. قال ابن هلال: رأيته في الإسكندرية وكتاب الناسخ والمنسوخ لم يتم وكتاب السنن في الرقائق والزهد والوعظ وكتاب التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الصحيح وكتاب في مسح الرأس وكتاب في غسل الرجلين وكتاب النصحية لولديه ورسالته المسماة: بتحقيق المذهب وله غير ذلك. توفي رحمه الله تعالى بالمرية سنة أربع وتسعين وأربعمائة لسبع عشرة ليلة خلت من رجب ودفن بالرباط على ضفة البحر وصلى عليه ابنه أبو القاسم مولده سنة ثلاث وأربعمائة. سليمان بن موسى بن سالم بن حسان بن سليمان: يكنى أبا الربيع ويعرف بابن سالم الكلاعي الحميري كان بقية الأكابر من أهل العلم بصقع الأندلس الشرقي حافظاً للحديث مبرزاً في نقده تام المعرفة بطرقه ضابطاً لأحكام أسانيده ذاكراً لرجاله رياناً من الأدب كاتباً خطيباً بليغاً خطب بجامع بلنسية واستقضي فعرف بالعدل والجلالة. وكان من أولي العزم والبسالة والإقدام يحضر الغزوات ويباشر بنفسه

القتال ويبلي البلاء الحسن: آخرها الغزوة التي استشهد فيها. روى عن أبي القاسم بن حبيش وأكثر عنه وأبي عبد الله بن زرقون وأبي عبد الله بن حميد وأبي بكر بن الجد وأبي محمد بن بونه وأبي محمد: عبد المنعم بن الفرس وأبي بكر بن أبي جمرة وأبي الحسن بن كوثر وأبي خالد بن رفاعة وأبي عبد الله بن الفخار وأبي محمد الصدفي وأبي العباس بن مضاء وأبي القاسم بن سمحون وأبي محمد: عبد الحق الأزدي وأبي الطاهر بن عوف الإسكندري وغيرهم من أهل المشرق والمغرب. روى عنه أبو عبد الله بن حزب الله وأبو الحسين بن عبد الملك بن مفوز وابن الأبار وابن المواق وابن الغماز وأبو محمد بن برطلة وأبو جعفر الطنجالي وأبو الحجاج بن حكم وغيرهم ممن يطول ذكرهم. وله تآليف منها: مصباح الظلام في الحديث والأربعون عن أربعين شيخاً لأربعين من الصحابة والأربعون السباعية والسباعيات من حديث الصدفي وحلية الأمالي في الموافقات العوالي وتحفة الوارد ونخبة الرائد والمسلسلة والإشادات وكتاب الاكتفا في مغازي المصطفى والثلاثة الخلفا وميدان السابقين وحلية الصادقين المصدقين في عرض كتاب الاستيعاب ولم يكمله والمعجم فيمن وافقت كنيته كنية زوجته من الصحابة والأعلام بأخبار البخاري والمعجم في مشيخة أبي القاسم بن حبيش وبرنامج في رواياته وجنى الرطب في سنى

الخطب ونكتة الأمثال ونفثة السحر الحلال وجهد النصيح في معارضة المقري في خطبة الفصيح وامتثال المنال في ابتداع الحكم واختراع الأمثال ومفاوضة القلب العليل في منابذة الأمل الطويل بطريقة أبي علي المقري في ملقى السبيل ومجازفة اللحن للاحن الممتحن يشتمل على مائة مسألة ملغاة ونتيجة الحب الصميم وزكاة المنظوم والمنثور والصحف المنتشرة في القطع المعشرة وديوان رسائل وديوان شعره: ومن نظمه رحمه الله تعالى: أحن إلى نجد ومن حل في نجد ... وماذا الذي يغني حنيني أو يجدي؟ وقد أوطنوها وادعين وخلفوا ... محبهم رهن الصبابة والوجد وضاقت علي الأرض حتى كأنها ... وشاح بخصر أو سوار على زند إلى الله أشكو ما ألاقي من الجوى ... وبعض الذي لاقيته من جوى يردي فراق أخلاء وصد أحبة ... كأن صروف الدهر كانت على وعد ليالي نجني الأنس من شجر المنا ... ونقطف زهر الوصل من شجر الصد ومنها: أتعلم ما يلقى الفؤاد لبعدكم ... ألا مذ نأيتم لا نعيد ولا نبدي عسى الله أن يدني السرور بقربكم ... فيبدو منا الشمل منتظم العقد

سليمان بن عبد الواحد بن عيسى بن سليمان الهمداني

وله أيضاً: أمولى الموالي ليس غيرك لي مولى ... وما أحد يا رب منك بذا أولى تبرأت من حولي إليك وقوتي ... فكن قوتي في مطلبي وكن الحولا وهب لي الرضا ما لي سوى ذاك مبتغى ... ولو لقيت نفسي على نيله الهولا واستشهد رحمه الله تعالى في غزاة سنة أربع وثلاثين وستمائة مولده بخارج مرسية - سنة خمس وستين وخمسمائة. سليمان بن عبد الواحد بن عيسى بن سليمان الهمداني من أهل غرناطة يكنى أبا الربيع كان حافظ بلده عرض كتاب ابن أبي زيد الكبير وكان يحفظه وعرض المدونة - على القاضي أبي محمد: سماك ولقي جملة من الشيوخ وألف في العفة كتاباً حسناً في تسعة أسفار سماه بالمسائل المجموعة على التهذيب للبرادعي توفي سنة تسع وتسعين وخمسمائة. مولده سنة 554.

من اسمه سعيد من الطبقة الأولى ممن رأى مالكا من أهل مصر

من اسمه سعيد من الطبقة الأولى ممن رأى مالكاً من أهل مصر سعيد بن عبد الله بن سعيد المعافري أبو عمر وقيل أبو محمد وقيل أبو عثمان من كبار أصحاب مالك سمع منه ابن القاسم وأشهب وابن وهب وغيرهم وبه تفقه ابن القاسم وهو ثقة فاضل مأمون توفي بالإسكندرية - سنة ثلاث وتسعين ومائة. مسألة: ذكر سعيد هذا عن مالك قال: ليس على الفقيه ضيافة ولا مكافأة يريد عن هدية ولا شهادة بين اثنين.

سعيد بن عثمان بن سليمان بن محمد التجيبي

سعيد بن عثمان بن سليمان بن محمد التجيبي مولاهم المعروف بالأعناقي ويقال العناقي أيضاً: بفتح العين المهملة وكسرها قرطبي سمع من بن وضاح وصحبه ومن بن مزين والخشني وابن أبان وغيرهم ورحل فلقي خضر بن مرزوق بن عبد الحكم ويونس والحارث بن مسكين وأحمد بن صالح وابن السكري الحافظ وغيرهم وانتفع بن وضاح بالأعناقي كثيراً في ضبط حروف كثيرة في الحديث والرجال. وكان أصحابه يصححون كتبهم معه وحينئذ تطيب نفوسهم بالرواية كان ورعاً زاهداً عالماً بالحديث بصيراً بعلله منقبضاً عن أهل الدنيا حدث عنه أحمد بن خالد ومحمد بن عبد الملك بن أيمن ومحمد بن قاسم وابن زيد القرطبي وغلب عليه الحديث والرواية أكثر من علم الفقه. وتوفي سنة خمس وثلاثمائة مولده سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. سعيد بن حميد بن عبد الرحمن الرعيني يكنى أبا عثمان قرطبي وقيل حميد بن مروان بن سالم الموالي يكنى بأبي زيد سمع من بن أبي زيد بن إبراهيم وعبد الله بن خالد ويحيى بن هارون ورحل فسمع من يونس ومحمد بن عبد الحكم وابن وهب وإبراهيم بن مروان ونصر بن مرزوق والمزني ونظرائهم كان عالماً فقيهاً فاضلاً ورعاً مقدماً في الشورى روى عنه بن المشاط والأعناقي وابن أيمن وابن عبادة وغيرهم وكان مستجاب الدعوة. توفي سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة مولده سنة ثلاثين ومائتين.

سعيد بن فحلون بن سعيد أبو عثمان

سعيد بن فحلون بن سعيد أبو عثمان محدث الأندلس أصله من البيرة وسكن بجاية سمع بقرطبة من تقي الدين بن مخلد ومحمد بن وضاح وإبراهيم بن قاسم بن مطرف بن قيس ويوسف بن يحيى المغامي الأزدي وأخذ عنه العلم ورحل إلى المشرق فلقي في رحلته أبا عبد الرحمن النسائي وأخذ الفقه عن أحمد بن محمد بن ميسر - فقيه الإسكندرية.

سعيد بن أحمد بن عبد ربه أبو عثمان

وذكره بن الفرضي وأثنى عليه وطال عمره فاحتاج الناس إليه وانفرد برواية كتب عبد الملك بن حبيب: الواضحة وغيرها وكان آخر من روى عن يوسف المغامي وكان يرحل إليه للسماع من قرطبة وغيرها وممن أخذ عنه: محمد بن أبي زمنين توفي سنة ست وأربعين وثلاثمائة وهو بن ثلاث وتسعين سنة. سعيد بن أحمد بن عبد ربه أبو عثمان سمع من بن لبابة والقاضي أسلم وابن خالد وابن أيمن وابن قاسم كان فقيهاً عالماً أديباً حافظاً للفقه مقدماً في الفتيا مشاوراً في الأحكام ثقة بصيراً بالأدب حاذقاً في الطب وكان مذهبه في مداواة الحميات بالبوارد: أن يخلط معها شيئاً من الأشياء الحارة لتغوصها في الأعضاء الباطنة قال القاضي عياض: وتبعه على ذلك حذاق الأطباء توفي سنة اثنين وثلاثين وثلاثمائة وقيل سنة ست وخمسين.

سعيد بن إبراهيم بن عيسى بن داود الحميري

سعيد بن إبراهيم بن عيسى بن داود الحميري من أهل مالقة يكنى: أبا عثمان ويعرف بابن عيسى كان من جلة العلماء وسراة الفضلاء حافظاً للفقه والحديث مشاركاً في العربية والأدب صدوقاً متحرياً حجة فيما ينقله حسن التعليم مهيباً وقوراً مبرزاً في معرفة طرق الحديث مضطلعاً بالرواية والمسندين وأحوالهم وحج ثم عاد إلى بلده وقد حصل رواية كثيرة ولقي أئمة وتقدم للخطابة والإمامة والإقراء ببلده فعظم الانتفاع به. تفقه على أبي محمد الباهلي في كتب الفروع والأصول والعربية وروى عن أبي عبد الله بن عياش المقري القرطبي وقرأ على أبي بكر بن عبيدة وأبي القاسم القبتوري ولقي بتونس: الراوية أبا محمد: عبد الله بن هارون الطائي وبالإسكندرية: شهاب الدين الابرقوهي وأكثر عنه ولقي شرف الدين أبا عبد الرحمن المكي وركن الدين بيبرس السلحدار الظاهري وشرف الدين الدمياطي وأخذ عنه الكثير من تآليفه فأدخلها الأندلس ولقي شهدة بنت مكين الدين بن عبد العظيم. روى عنه الخطيب أبو جعفر الطنجالي وأبو محمد الحضرمي وأبو القاسم بن فرتون وغيرهم ورأيت بخط الشيخ أبي عبد الله: محمد بن مرزوق أنه صنف كتاباً

سعيد بن محمد العقباني التلمساني

في الصحابة استدرك فيه على من تقدمه من المصنفين في أخبار الصحابة توفي بمالقة في سنة تسع وسبعمائة. سعيد بن محمد العقباني التلمساني هو إمام عالم فاضل فقيه مذهب مالك متفنن في العلوم سمع من ابني الإمام أبي زيد وأبي موسى وتفقه بهما وأخذ الأصول عن أبي عبد الله الأبلي وغيره. وصدراته في العلم مشهورة ولي قضاء الجماعة ببجاية في أيام السلطان أبي عنان - والعلماء يومئذ متوافرون وولي قضاء تلمسان وله في ولاية القضاء مدة تزيد على أربعين سنة وله تآليف منها شرح الحوفي في الفرائض لم يؤلف عليه مثله وله شرح الجمل للخونجي في المنطق وشرح التلخيص لابن البناء وشرح قصيدة ابن ياسمين في الجبر والمقابلة وشرح العقيدة البرهانية في أصول الدين وغير ذلك كشرحه لسورة الفتح أتى فيه بفوائد جليلة وهو باق بالحياة نفع الله به.

سعد بن معاذ بن عثمان

الأفراد في حرف السين: سعد بن معاذ بن عثمان من عمل جيان سكن قرطبة ورحل عنها ولقي محمد بن عبد الحكم توفي سنة ثمان وثلاثمائة. سهل بن محمد بن سهل بن مالك الأزدي يكنى أبا الحسن كان رأس الفقهاء وخطيب الخطباء البلغاء وخاتمة رجال الأندلس تفنن في ضروب من العلم وبالجملة فحاله ووصفه في أقطار الغرب - بل وفي غيرها من الشرق - لا يجهله أحد فحدث عن البحر ولا حرج ضن الزمان أن يسمح برجل حاز الكمال مثله. قال ابن عبد الملك: كان من أفضل أهل عصره تفنناً في العلوم وبراعة في المنثور والمنظوم محدثاً ثقة ضابطاً عدلاً ثبتاً حافظاً للقرآن العظيم مجوداً له متفنناً للعربية وافر النصيب من الفقه وأصوله

متين الدين تام الفضل واسع المعروف عميم الإحسان روى ببلده عن خاله أبي عبد الله بن عروس وأبي جعفر بن حكم وأبي الحسن بن كوثر وأبي خالد بن رفاعة وأبي محمد: عبد المنعم بن الفرس وبمالقة عن أبي زيد السهيلي وأبي عبد الله بن الفخار وأبي القاسم بن حبيش وبإشبيلية عن أبي بكر بن الجد وأبي عبد الله بن زرقون وأبي العباس بن مضاء وأبي الوليد بن رشد. روى عنه أبو جعفر بن خلف والطوسي وأبو محمد: عبد الرحمن بن طلحة وأبو القاسم بن نبيل وأبو جعفر الطباع وغيرهم ومن شعره قوله: نهارك في بحر السفاهة تسبح ... وليلك عن نوم الرفاهة تصبح وفي لفظك الدعوى وليس إزاءها ... من العمل الزاكي دليل مصحح إذا لم توافق قولة منك فعلة ... ففي كل جزء من حديثك تفضح تنح عن الغايات لست من أهلها ... طريق الهوينا في سلوكك أوضح إذا كنت في سن النهى غير صالح ... ففي أي سن بعد ذلك تصلح؟

سلمون بن علي بن عبد الله بن سلمون الكناني

وله أيضاً: منغص العيش لا يأوي إلى دعة ... من كان ذا بلد أو كان ذا ولد والساكن النفس من لم ترض همته ... سكنى مكان ولم يركن إلى أحد وله في العربية كتاب مفيد رتبه على أبواب كتاب سيبويه وله تعاليق جليلة على كتاب المستصفى في أصول الفقه وغير ذلك. مولده في عام تسعة وخمسين وخمسمائة وتوفي سنة تسع وثلاثين وستمائة. سلمون بن علي بن عبد الله بن سلمون الكناني من أهل غرناطة يكنى أبا القاسم كان رجلاً فاضلاً عالماً بالأحكام عارفاً بالشروط صدر وقته في ذلك وسابق حلبته إلى الرواية والمشاركة قل في الأندلس مكان شذ عن ولايته. قرأ على الأستاذ أبي جعفر بن الزبير وغيره وأجازه الراوية المعمر أبو محمد بن هارون الطائي وأبو العباس بن الغماز والفرضي أبو إسحاق التلمساني وأبو محمد الحلاسي ومن الديار المصرية أبو محمد الدمياطي

سراج بن عبد الملك بن سراج أبو الحسين

وأبو الحسن بن مضا: وشهاب الدين الابرقوهي وأبو الشكر الحميدي وأبو بكر بن عبيدة وغيرهم ممن يطول ذكرهم. ألف في الوثائق المرتبطة بالأحكام كتاباً مفيداً ودون مشيخته وبرنامج روايته ذكره بن الخطيب في كتاب: الإحاطة في تاريخ غرناطة قال: وهو باق إلى الآن نفع الله به. سراج بن عبد الملك بن سراج أبو الحسين خلف أباه في مكانه وسؤدده ورحل الناس إليه وأخذوا عنه في حياة أبيه وحاز الإمامة بعده: علماً وحفظاً وإتقاناً مع التقدم في علم الأدب ومن نظمه: بث الصنائع لا تحلف بموقعها ... في آمل شكر المعروف أو كفراً فالغيث ليس يبالي حيث ما انسكبت ... منه الغمائم: ترباً كان أو حجراً قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: لقيته وأخذت عنه من كتب الشيوخ وغيرها كثيراً توفي سنة ثمان وخمسمائة.

سند بن عنان بن إبراهيم بن حريز بن الحسين بن خلف الأزدي

سند بن عنان بن إبراهيم بن حريز بن الحسين بن خلف الأزدي كنيته أبو علي سمع من شيخه أبي بكر الطرطوشي وروى عن أبي الطاهر هو السلفي وأبي الحسن: علي بن المشرف وغيرهم روى عنه جماعة من الأعيان وكان من زهاد العلماء وكبار الصالحين فقيهاً فاضلاً تفقه بالشيخ أبي بكر الطرطوشي وجلس لإلقاء الدرس بعد الشيخ أبي بكر الطرطوشي وانتفع الناس به وألف كتاباً حسناً في الفقه سماه: الطراز شرح به المدونة في نحو ثلاثين سفراً وتوفي قبل إكماله. وله تآليف في الجدل وغير ذلك. وقال تميم بن معين البادسي: وكان من الفقهاء رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: يا رسول الله اكتب لي براءة من النار فقال لي: " امض إلى الفقيه سند يكتب لك براءة " فقلت له: ما يفعل؟ فقال: " قل له: بأمارة كذا وكذا " فانتبهت فمضيت إلى الفقيه سند فقلت له: اكتب لي براءة من النار فبكى وقال: من يكتب لي براءة من النار؟ فقلت له الأمارة قال: فكتب لي رقعة. ولما أدركت تميماً الوفاة أوصى أن تجعل الرقعة في حلقة وتدفن معه وقال الفقيه أبو القاسم بن مخلوف بن عبد الله بن عبد الحق بن جارة:

أخبرني من أثق به أنه رأى الفقيه أبا علي: سند بن عنان قال فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: عرضت على ربي قال لي: أهلا بالنفس الطاهرة الزكية العالمة. قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد: كان فاضلاً من أهل النظر: ومن نظم سند رحمه الله: وزائرة للشيب حلت بمفرقي ... فبادرتها بالنتف خوفاً من الحتف فقالت: على ضعفي استطلت ووحدتي ... رويدك للجيش الذي جاء من خلفي توفي رحمه الله بالإسكندرية سنة إحدى وأربعين وخمسمائة ودفن بجبانة باب الأخضر وحريز بحاء مهملة وآخره زاي معجمة.

حرف الشين

حرف الشين شبطون بن عبد الله الأنصاري الطليطلي روى عن مالك وسمع منه الموطأ وولي قضاء بلده طليطلة توفي سنة اثنتي عشرة ومائتين. شجرة بن عيسى المعافري أبو شجرة وقيل أبو زيد من الطبقة الأولى ممن لم ير مالكاً رحمه الله من أهل أفريقية. سمع بن زياد وابن أشرس وأباه عيسى وغيرهم وأبوه عيسى ممن روى عن مالك والليث ولي شجرة قضاء تونس في أيام سحنون وقبله قال سحنون: ما وليت أحداً من قضاة البلدان إلا شجرة وشرحبيل قاضى طرابلس. وأخذ عن شجرة جماعة من أصحاب سحنون وغيرهم وقيل: إنه سمع من مالك وسماه شجرة بن عبد الله بن عيسى القيرواني فإن صح فلعله آخر وأبوه عيسى معدود في أهل تونس قال أبو العرب: كان شجرة من خير القضاة وأعلمهم ثقة عدلاً مأموناً.

شيث بن إبراهيم بن محمد بن حيدرة بن الحاج ضياء الدين أبو الحسن

وله كتاب في مسائله لسحنون توفي سنة اثنتين وستين ومائتين مولده سنة سبع وستين ومائة. شيث بن إبراهيم بن محمد بن حيدرة بن الحاج ضياء الدين أبو الحسن كان فقيهاً فاضلاً نحوياً بارعاً وله في الفقه تعاليق ومسائل وله في النحو تصانيف منها المختصر والمعتصر من المختصر وحز القلاصم في إفحام المخاصم. وكتاب تهذيب ذهن الواعي في إصلاح الرعية والراعي ولطائف السياسة في أحكام الرئاسة وله كلام في الرقائق. وذكره القفطي في تاريخ النحاة وقال: كان فقيهاً نحوياً لغوياً عروضياً زاهداً أجاز له أبو القاسم: عبد الرحمن بن الحسين بن الحباب وأبو الطاهر: إسماعيل بن عوف وأبو الحجاج: يوسف بن علي القضاعي وحدث عن أبي الطاهر السلفي. وكان حسن العبادة لم يره أحد ضاحكاً ولا هازلاً وكان يسير في أفعاله

وأقواله سيرة السلف الصالح وكان ملوك مصر يعظمونه ويرفعون ذكره على كثرة طعنه عليهم وعدم مبالاته بهم ونحل جسمه وكف بصره. ومن نظمه: اجهد لنفسك إن الحرص متعبة ... للقلب والجسم والإيمان يرفعه فإن رزقك مقسوم سترزقه ... وكل خلق ترام ليس يدفعه فإن شككت في أن الله يقسمه ... فإن ذلك باب الكفر تقرعه وله: هي الدنيا إذا اكتملت ... وطاب نعيمها فتلت فلا تفرح بلذتها ... فباللذات قد شغلت وكن منها على حذر ... وخف منها إذا اعتدلت مولده بقفط: قرية من قرى مصر وتوفي سنة ثمان وتسعين وخمسمائة عن ثمان وثمانين سنة.

حرف الصاد

حرف الصاد صالح هو أبو محمد: صالح شيخ الغرب: علماً وعملاً وبيته بيت صلاح وجلالة وعلم إلى الآن وقيد عنه في شرح الرسالة المجهول: ما كان يلقيه على الطلبة. توفي سنة إحدى وثلاثين وستمائة وهو من أهل فاس رحمه الله تعالى.

حرف الطاء

حرف الطاء ومن الأفراد في هذا الحرف من الطبقة الأولى من أصحاب مالك رحمه الله من مصر: طليب بن كامل اللخمي من كبار أصحاب مالك وجلسائه كنيته أبو خالد وهو أيضاً عبد الله له اسمان وأصله أندلسي سكن بالإسكندرية روى عنه بن القاسم وابن وهب وبه تفقه بن القاسم قبل رحلته إلى مالك مع سعد وعبد الرحيم وكانوا عنده أوثق أصحاب مالك. كان نبيلاً وهو من العرب من لخم وهو مصري إسكندراني وذكر بن شعبان في المصريين: عبد الله بن كامل وفي الإسكندرانيين: طليب بن كامل فجعلهما رجلين وهما واحد كما تقدم وتوفي طليب بالإسكندرية سنة ثلاث وسبعين ومائة في حياة مالك رحمه الله تعالى.

طلحة بن أحمد بن عبد الله بن غالب بن تمام بن عطية

طلحة بن أحمد بن عبد الله بن غالب بن تمام بن عطية الداخل إلى الأندلس وقت الفتح من أهل غرناطة يكنى بأبي الحسن كان فقيهاً حافظاً للمذهب المالكي ذاكراً للمسائل غلب الفقه عليه وقعد لتدريسه ونوظر عليه في المدونة وغيرها روى عنه عمه أبي بكر: غالب بن عطية وأبي علي الغساني وأبي علي الصدفي وتفقه بأبي محمد عبد الواحد بن عيسى. روى عنه ابنه أبو بكر: عبد الله وأبو خالد بن رفاعة وأبو عبد الله النمري ولم يذكر وفاته رحمه الله.

حرف العين

حرف العين من اسمه عبد الله من الطبقة الأولى من أصحاب مالك من أهل المشرق: عبد الله بن المبارك وهو مولى لبني تميم ثم لبني حنظلة مروزي - كنيته: أبو عبد الرحمن سمع من ابن أبي ليلى وهشام بن عروة والأعمش وسليمان التيمي وحميد الطويل ويحيى بن سعيد وابن عون وموسى بن عقبة والسفيانين والأوزاعي وابن أبي ذئب ومالك ومعمر وشعبة وحيوة بن شريح وقرأ على أبي عمرو بن العلاء والليث وغيرهم. روى عنه بن مهدي وعبد الرزاق ويحيى بن القطان وابن وهب وغيرهم وتفقه بمالك قال أبو إسحاق الفزاري: ابن المبارك إمام المسلمين وقال بن مهدي: ما رأيت للأمة أنصح من بن المبارك ولما نعي بن المبارك إلى سفيان بن عيينة قال: رحمه الله لقد كان فقيهاً عالماً عابداً زاهداً سخياً شجاعاً شاعراً.

وقال أيضاً: ما قدم علينا أحد يشبه بن المبارك وابن أبي زائدة وهو ثقة إمام وقال النسائي: ما نعلم في عصر بن المبارك أجل منه ولا أجمع لكل خصلة محمودة منه. وقال جماعة من أهل العلم: اجتمع في ابن المبارك: العلم والفتيا والحديث والمعرفة بالرجال والشعر والأدب والسخاء والعبادة والورع قال مالك: ابن المبارك فقيه خراسان وكان بن المبارك يقول: أول العلم: النية ثم الاستماع ثم الفهم ثم العلم ثم الحفظ ثم النشر وكان يحج عاماً ويغزو عاماً. وتوفي بهيت منصرفه من الغزو في سفينة ودفن بها في رمضان سنة إحدى وثمانين ومائة

عبد الله بن نافع

ومولده سنة ثمان عشرة ومائة وقال بعضهم: رأيت في النوم قائلاً يقول: عبد الله بن المبارك في الفردوس الأعلى. ومن الوسطى من أهل المدينة: عبد الله بن نافع مولى بني مخزوم المعروف بالصائغ كنيته أبو محمد روى عن مالك وتفقه بمالك ونظرائه كان صاحب رأي مالك ومفتي المدينة بعده ولم يكن صاحب حديث وكان ضعيفاً وفيه قال البخاري: تعرف حديثه وتنكر.

وقال بن معين: هو ثقة ثبت قال بن غانم: قلت لمالك: من لهذا الأمر بعدك؟ قال: بن نافع وكان أصم أمياً لا يكتب وقال: صحبت مالكاً أربعين سنة ما كتبت منه شيئاً وإنما كان حفظاً أتحفظه وهو الذي سمع منه: سحنون وكبار أتباع أصحاب مالك والذي سماعه مقرون بسماع أشهب في العتبية وهو الذي ذكره وروايته في المدونة. وقال أشهب: ما حضرت لمالك مجلساً إلا وابن نافع حاضره ولا سمعت إلا وقد سمع لأنه كان لا يكتب فكان يكتب أشهب لنفسه وله. وجلس مجلس مالك بعد بن كنانة وكان أبوه صائغاً وله تفسير في الموطأ رواه عنه يحيى بن يحيى. توفي بالمدينة في رمضان سنة ست وثمانين ومائة.

عبد الله بن نافع الأصغر الزبيري أبو بكر

عبد الله بن نافع الأصغر الزبيري أبو بكر من ذرية الزبير بن العوام ويعرف بالأصغر وهو الفقيه صاحب مالك وله أخ اسمه عبد الله يعرف بالأكبر من أهل الفضل والدين ولم يكن فقيهاً وأبوهما نافع من أعبد أهل زمانه سمع عبد الله من مالك وغيره روى عنه جماعة منهم: عباس الدوري والزبير بن بكار وعبد الملك بن حبيب وهو أصغر من نافع الصائغ هو ثقة صدوق خرج عنه مسلم. توفي في المحرم سنة ست عشرة ومائتين وهو بن سبعين سنة. ومن البصرة والعراق وما وراءهما من بلاد المشرق: عبد الله بن مسلمة بن قعنب التميمي الحارثي القعنبي أبو عبد الرحمن أصله مدني وسكن البصرة فهو في عداد البصريين روى عن مالك وابن أبي ذئب وأبيه وشعبة والليث والحمادين وغيرهم روى عنه أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان وعلي بن عبد العزيز والذهلي

وأبو داود السجستاني وأخرج عنه البخاري ومسلم. وقال: لزمت مالكاً عشرين سنة حتى قرأت عليه الموطأ قال فيه مالك وقد أخبر بقدومه فقال: قوموا بنا إلى خير أهل الأرض نسلم عليه فقام فسلم عليه قال أبو زرعة: ما كتبت عن أحد أجل في عيني منه وقال أبو حاتم: هو بصري ثقة حجة وقال: ما رأيت أخشع منه وقال هارون بن إسحاق: ما رأيت أحداً يريد بعلمه الله إلا القعنبي. وقال بن معين فيه: ذاك من در ذاك من دنانير قال: وإخوته ثقات كما تحب وقال: أثبت الناس في مالك: هو ومعن وقال مرة: أثبتهم القعنبي وقال الكوفي: هو ثقة رجل صالح عارف وقال سعيد بن منصور: ويقال: ما يطوف بهذا البيت أحد أفضل من القعنبي. وهو معدود في الفقهاء من أصحاب مالك وروى عن مالك كثيراً وبنو قعنب أربعة: عبد الله هذا وإسماعيل ويحيي وعبد الملك بنو سلمة كلهم روى عن مالك. توفي سنة عشرين أو إحدى وعشرين ومائتين بمكة يوم السبت لست

عبد الله أبو محمد بن وهب بن مسلم القرشي

خلون من المحرم منها وقيل يوم: عاشوراء. ومن أهل مصر: عبد الله أبو محمد بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم مولى يزيد بن ريحانة ويقال: مولى بني فهر وربما قال بن وهب الأنصاري وربما قال القرشي ثم ثبت على القرشي وقال بن يونس المصري في تاريخه: هو مولى يزيد بن ريحانة مولى عبد الرحمن بن يزيد بن أنيس العمري روى عن أربعمائة عالم منهم: مالك والليث وابن أبي ذئب ويونس بن يزيد والسفيانان وابن جريج وعبد العزيز بن الماجشون ونحو أربعمائة شيخ من المصريين والحجازيين والعراقيين وقرأ على نافع. روى عنه: الليث وصرح باسمه وقيل: إن مالكاً روى عنه من بن لهيعة حديث العربان ومن أروى الناس عنه: أصبغ بن الفرج وسحنون وأحمد بن صالح وعبد الحكم وأبو مصعب الزهري وجماعة. تفقه بمالك والليث وابن دينار وابن أبي حازم وغيرهم

وقال: أدركت من أصحاب بن شهاب أكثر من عشرين رجلاً وقال: صحبت مالكاً عشرين سنة وقالوا: لم يكتب مالك بالفقيه لأحد إلا إلى بن وهب وكان يكتب إليه: إلى عبد الله بن وهب فقيه مصر وإلى أبي محمد المفتي ولم يكن يفعل هذا لغيره. وقال فيه: بن وهب عالم ونظر إليه مرة فقال: أي فتى لولا الإكثار وقال أحمد بن حنبل: بن وهب عالم صالح فقيه كثير العلم صحيح الحديث ثقة صدوق يفصل السماع من العرض والحديث من الحديث ما أصح حديثه وقال يوسف بن عدي: أدركت الناس: فقيهاً غير محدث ومحدثاً غير فقيه خلا عبد الله بن وهب فإني رأيته فقيهاً محدثاً زاهداً صاحب سنة وآثار. وقال محمد بن عبد الحكم: هو أثبت الناس في مالك وهو أفقه من بن القاسم إلا أنه كان يمنعه الورع من الفتيا وقال أصبغ: بن وهب أعلم أصحاب مالك بالسنن والآثار إلا أنه روى عن الضعفاء وكان يسمى ديوان العلم وما من أحد إلا زجره مالك إلا بن وهب فإنه كان يعظمه ويحبه.

ومن أخباره: قال حسين بن عاصم: كنت عند بن وهب فوقف على الحلقة سائل فقال: يا أبا محمد الدرهم الذي أعطيتني بالأمس زائف فقال: يا هذا إنما كانت أيدينا عارية فغضب السائل وقال صلى الله عليه وعلى محمد: هذا الزمان الذي كان يحدث به أنه لا يلي الصدقات إلا المنافقون من هذه الأمة فقام رجل من أهل العراق فلطم المسكين لطمة خر منها لوجهه فجعل يصيح: يا أبا محمد يا إمام المسلمين يفعل بي هذا في مجلسك؟ فقال بن وهب: ومن فعل هذا؟ فقال العراقي: أصلحك الله الحديث الذي حدثنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من حمى لحم مؤمن من منافق يغتابه حمى الله لحمه من النار " وأنت مصباحنا وضياؤنا ويغتابك في وجوهنا؟ فقال: لأحدثنك بحديث: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يكون في آخر الزمان مساكين يقال لهم العتاة لا يتوضؤن لصلاة ولا يغتسلون من جنابة يخرج الناس إلى مساجدهم وأعيادهم يسألون الله من فضله ويخرجون يسألون الناس يرون حقوقهم على الناس ولا يرون لله عليهم حقاً ". وكان بن وهب يقول: من قال في موعد: إن شاء الله فليس عليه شيء ونظر بن وهب إلى رجل يمضغ اللبان فقال له: إنه يقسي القلب ويضعف البصر ويكثر القمل

وقال ابن وهب: لولا أن الله أنقذني بمالك والليث لضللت فقيل له: كيف ذلك؟ فقال: أكثرت من الحديث فحيرني فكنت أعرض ذلك على مالك والليث فيقولان: خذ هذا ودع هذا. ومن وفيات الأعيان لابن خلكان: قال أبو جعفر بن الجزار: رحل بن وهب إلى مالك في سنة ثمان وأربعين ومائة ولم يزل في صحبته إلى أن توفي مالك وسمع من مالك - قبل عبد الرحمن بن القاسم ببضع عشرة سنة وذكر بن وهب وابن القاسم فقال: بن وهب عالم وابن القاسم فقيه. قال القضاعي - في كتاب خطط مصر -: قبر عبد الله بن وهب مختلف فيه وهو في مقبرة بني مسكين قبر صغير محلق يعرف بقبر عبد الله وهو قبر قديم يشبه أن يكون قبره وكان مولده في ذي القعدة سنة خمس وقيل أربع وعشرين ومائة بمصر. وتوفي يوم الأحد لخمس بقين من شعبان سنة سبع وتسعين ومائة. وصنف الموطأ الكبير والموطأ الصغير وله مصنفات في الفقه معروفة. وقال يونس بن عبد الملك - صاحب الإمام الشافعي: كتب الخليفة إلى عبد الله بن وهب في قضاء مصر فحبس نفسه ولزم بيته فاطلع عليه أسعد بن سعد وهو يتوضأ في صحن داره فقال له: ألا تخرج إلى الناس فتقضي - بينهم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟. فرفع إليه رأسه وقال: إلى ههنا انتهى عقلك أما علمت أن العلماء يحشرون مع الأنبياء

والقضاة يحشرون مع السلاطين؟ وسبب موته: أنه قرئ عليه كتاب الأهوال من جامعه فأخذه شيء كالغشي فحمل إلى داره فلم يزل كذلك إلى أن قضى نحبه رحمه الله تعالى قال أبو زيد: اجتمع بن وهب وابن القاسم وأشهب على أني إذا أخذت الكتاب من المحدث أن أقول فيه: أخبرني. وقال النسائي: لا بأس به إلا أنه يتساهل في الأخذ تساهلاً شديداً. وقال بن وهب: جعلت على نفسي كلما اغتبت إنساناً صيام يوم فهان علي فجعلت عليها كلما اغتبت إنساناً صدقة درهم فثقل علي وتركت الغيبة ومات وهو بن اثنين وسبعين سنة وقال بعضهم: رأيت ليلة مات بن وهب كأن مائدة العلم رفعت. وألف تآليف كثيرة حسنة عظيمة المنفعة منها: سماعه من مالك: ثلاثون كتاباً وموطؤه الكبير وجامعه الكبير وكتاب الأهوال وبعضهم يضيفه إلى الجامع وكتاب تفسير الموطأ وكتاب البيعة وكتاب لا هام ولا صفر وكتاب المناسك وكتاب المغازي وكتاب الردة.

عبد الله بن أبي حسان اليحصبي

ومن أهل إفريقية: عبد الله بن أبي حسان اليحصبي من أنفسهم واسم أبي حسان: يزيد بن عبد الرحمن وقيل: اسمه: عبد الرحمن ويقال: عبد الرحمن بن يزيد وهو من أشراف إفريقية وصاحب فقه وأدب ورحل إلى مالك فكان عنده مكرماً وسمع من بن أبي ذئب وابن عيينة وكان ثقة. روى عنه سحنون وفرات بن سليمان وابن وضاح وقال بن أبي حسان: لم يزل مالك لي مكرماً وقال: سمعت مالكاً يقول: أهل الذكاء والذهن والعقول من أهل الأمصار ثلاثة: المدينة ثم الكوفة ثم القيروان وقال بن وهب: ما رأيت مالكاً أميل إلى أحد منه لابن أبي حسان. وقال سحنون: كنت أول طلبي إذا انغلقت على مسألة من الفقه آتي بن أبي حسان فكأنما في يده مفتاح لما انغلق. وكان بن أبي حسان غاية في الفقه بمذهب مالك حسن البيان عالماً بأيام العرب وأنسابها راوية للشعر قائلاً له وعنه أخذ الناس أخبار إفريقية وحروبها وكان جواداً مفوهاً قوياً على المناظرة ذاباً عن السنة متبعاً

عبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن الليث

لمذهب مالك شديداً على أهل البدع قليل الهيبة للملوك لا يخاف في الله لومة لائم. توفي بن أبي حسان سنة سبع وقيل: ست وعشرين ومائتين وهو بن سبع وثمانين سنة مولده سنة أربعين ومائة. ومن الطبقة الصغرى من أصحاب مالك من أهل مصر: عبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن الليث مولى عميرة امرأة من موالي عثمان بن عفان رضي الله عنه ويقال: مولى رافع مولى عثمان يكنى أبا محمد سمع مالكاً والليث وعبد الرزاق والقعنبي وابن لهيعة وابن عيينة وغيرهم روى عنه بن حبيب وأحمد بن صالح وابن نمير والربيع بن سليمان وابن المواز والعداس وغيرهم. كان رجلاً صالحاً ثقة متحققاً بمذهب مالك فقيهاً صدوقاً عاقلاً حليماً وإليه أفضت الرياسة بمصر بعد أشهب قال بشر بن بكر: رأيت مالكاً في النوم فقال لي: ببلدكم رجل

يقال له: بن عبد الحكم فخذوا عنه فإنه ثقة وبلغ بنو عبد الحكم بمصر من الجاه والتقدم ما لم يبلغه أحد وكان صديقاً للشافعي وعليه نزل إذ جاء: فأكرم مثواه وبلغ الغاية في بره وعنده مات وروى عن الشافعي وكتب كتبه لنفسه وابنه وضم ابنه محمداً إليه. ومن تآليف عبد الله: المختصر الكبير نحا به اختصار كتب أشهب والمختصر الأوسط والمختصر الصغير فالصغير قصره على علم الموطأ والأوسط صنفان فالذي من رواية القراطيسي فيه زيادة الآثار خلاف الذي من رواية محمد ابنه وسعيد بن حسان. وله أيضاً كتاب الأهوال وكتاب القضاء في البنيان وكتاب فضائل عمر بن عبد العزيز وكتاب المناسك ذكر أن مسائل المختصر الكبير ثمان عشرة ألف مسألة وفي الأوسط أربعة آلاف وفي الصغير ألف ومائتا مسألة ومسائل المدونة ست وثلاثون ألف مسألة ومات لإحدى وعشرين ليلة خلت من رمضان سنة أربع عشرة ومائتين وهو بن ستين سنة ولد بمصر سنة خمس وخمسين ومائة في السنة التي ولد فيها الحارث بن مسكين

عبد الله بن طالب القاضي

وعبد الله أكبر منه بشهرين وإليه أوصى بن القاسم وابن وهب وأشهب وأبوه عبد الحكم: يكنى أبا عثمان - له عن مالك مسائل وتوفي سنة إحدى وسبعين ومائة. ومن الطبقة الثالثة من أهل إفريقية: عبد الله بن طالب القاضي يكنى أبا العباس واسمه عبد الله بن طالب بن سفيان بن سالم بن عقال بن خفاجة التميمي بن عم بني الأغلب أمراء القيروان ويقال: طالب بن سعد بن سفيان تفقه بسحنون وكان من كبار أصحابه ولقي المصريين: محمد بن عبد الحكم ويونس بن عبد الأعلى وحج وانصرف وولي قضاء القيروان مرتين سمع منه أبو العرب وابن اللباد والناس. وكان جميل الصورة بهي الخلق فاخر اللباس أحور العينين وكان لقناً فطناً جيد النظر يتكلم في الفقه فيحسن حريصاً على المناظرة يجمع في مجلسه المختلفين في الفقه ويغري بينهم لتظهر الفائدة ويسايرهم فإذا تكلم أبان وأجاد حتى يود السامع أن لا يسكت - إلا أنه كان إذا أخذ القلم لم يبلغ حيث يبلغ لسانه.

ولم يكن شيء أحب إليه من المذاكرة في العلم قال بن اللباد: ما رأيت أفقه من بن طالب إلا يحيى بن عمر قال أبو العرب: وكان عدلاً في قضائه صارماً في جميع أمره فقيهاً ثقة عالماً بما اختلف فيه وفي الذب عن مذهب مالك ورعاً في حكمه قليل الهيبة في الحق للسلطان وما سمعت العلم قط أحلى ولا أطيب منه من أبي طالب وكان كثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رقيق القلب كثير الدموع. وله من التآليف: كتاب في الرد على من خالف مالكاً وثلاثة أجزاء من أماليه وتأليف في الرد على المخالفين من الكوفيين وعلى الشافعي وقال بعضهم: سمعته عند محنته وسجنه يقول وهو مسجون في سجوده ومناجاته ربه عز وجل اللهم إنك تعلم إني ما حكمت بجور ولا آثرت عليك أحداً من خلقك في حكم من أحكامي ولا خفت فيك لومة لائم وكان يقول: إنما العزيز من كان معه القرآن والعلم هذا هو العزيز وأما من كان معه عز السلطان فليس بعزيز. وامتحن رحمه الله وسجن وسقي سماً وقيل: إن السودان ركضوا بطنه حتى مات وكان يقول في قضائه: اللهم لا تمتني وأنا قاض فمات بعد عزله بنحو شهر. ولم يكن في زمانه سلطان ولا غيره أسمح منه ربما تصدق بلجام دابته ومصحفه وشوار عياله وثياب ظهره.

عبد الله بن أبي هاشم بن مسرور التجيبي

وذكر أن غلاماً راعياً ناوله سوطاً وقد سقط منه فوجه إلى مولاه فاشتراه مع الغنم وأعتقه ووهب الغنم له وذكروا من كرمه ما هو أعجب من هذا وأعظم. توفي سنة خمس وسبعين ومائتين وهو بن ثمان وخمسين سنة مولده سنة سبع عشرة ومائتين وقال بعضهم: رأيته في النوم بعد قتله فسألته فقال: ووجه الله لقد دخلت الجنة قلت: كيف كانت منيتك؟ قال: سقاني شربة سقاه الله من صديد أهل النار. رحمه الله تعالى. ومن الطبقة الخامسة من أهل إفريقية: عبد الله بن أبي هاشم بن مسرور التجيبي مولاهم المعروف بابن الحجام مولى بني عبيدة التجيبيين أبو محمد سمع من عيسى ومحمد بن مسكين وسعيد بن إسحاق وعبد الله بن سهل الأندلسي وابن عياش وفرات وحمديس القطان وعمر بن يوسف وابن أبي سليمان ويحيى بن زكريا الأموي والمغامي وغيرهم من شيوخ إفريقية ورحل فسمع في رحلته بمصر وغيرها من جماعة - منهم: إبراهيم بن جميل

ومحمد بن إبراهيم الدبيلي وابن الأعرابي وابن أبي مطر وغيرهم. وغلب عليه الجمع والرواية يقال: أكثر سماعه من بن مسكين إجازة. كان شيخاً عالماً ورعاً مسمتاً خاشعاً رقيق القلب غزير الدمعة مهيباً في نفسه لا يكاد أحد ينطق في مجلسه بغير الصواب يشبه في أموره يحيى بن عمر وحمديساً القطان حسن التقييد صحيح الكتاب وكانت كتبه كلها بخطه كان كثير التصنيف في أنواع العلوم وكثير الكتب. قال القابسي: ترك أبو محمد هذا سبعة قناطير كتب كلها بخطه إلا كتابين فكان لا يحتمل أن يراهما لأجل أنهما ليسا بخطه وألف كتباً كثيرة في أنواع من العلوم منها: كتاب المواقيت ومعرفة النجوم والأزمان سمع منه أبو محمد بن أبي زيد والقابسي ومحمد بن إدريس وأبو عبد الله الصدفي وغيرهم من أهل أفريقية ومصر والأندلس. توفي سنة ست وأربعين وثلاثمائة وسنه سبع وثمانون سنة مولده سنة ثلاث وسبعين ومائتين وكان سبب موته أنه اصطلى فنعس فالتهبت النار في ثيابه فاحترق إلا موضع سجوده.

عبد الله أبو العباس بن أحمد بن إبراهيم بن إسحاق التونسي المعروف

عبد الله أبو العباس بن أحمد بن إبراهيم بن إسحاق التونسي المعروفبالإبياني بكسر الهمزة وتشديد الباء ويقال: صوابه تخفيفها التميمي تفقه بيحيى بن عمرو وأحمد بن سليمان وحمديس ويحيى بن عبد العزيز وحماس بن مروان وغيرهم وصحب لقمان بن يوسف وذاكر أبا بكر بن اللباد ويروى عنه الأصيلي وأبو الحسن اللواتي وعمرو بن محمد وسعيد بن ميمون وأبو علي الغولي والقابسي وابن أبي زيد وغيرهم. كان عالم إفريقية غير مدافع من شيوخ أهل العلم وحفاظ مذهب مالك من أهل الخير والوجاهة ويميل إلى مذهب الشافعي صيناً منقبضاً حافظاً ذا كلام في الفقه صالحاً ثقة مأموناً إماماً فقيهاً عاقلاً حليماً نبيلاً فصيحاً عالماً بما في كتبه حسن الضبط حسن الحفظ جيد الاستنباط. كان أبو محمد بن أبي زيد إذا نزلت به نازلة مشكلة كتب بها إليه يبينها له. ولما وصل إلى مصر تلقاه نحو من أربعين فقيهاً لم يكن فيهم أفقه منه وقال بن شعبان ما يزال بالمغرب علم مادام فيه أبو العباس

وقال من أراد أن ينظر إلى فقيه فلينظر إليه. وقال لا يزال أهل المغرب بخير ما دام بين أظهرهم وما عدى النيل منذ خمسين سنة أعلم منه. وكان أبو الحسن القابسي يقول: ما رأيت بالمشرق ولا بالمغرب مثل أبي العباس كان يفصل المسائل كما يفصل الجزار الحاذق اللحم وكان يحب المذاكرة في العلم ويقول: دعونا من السماع ألقوا المسائل وكان يدرس كتاب بن حبيب وذكر اللواتي: إنه قرأ على أبي العباس في الواضحة صدراً من كتاب البيوع فقال له: بقي من الكتاب حديث كذا ومسألة كذا؟ فنظرنا فلم نر شيئاً ثم تأملنا فإذا ورقتان قد التصقتا فتجاوزناهما فإذا فيهما كل ما ذكره فتعجبنا من حفظه. وكان قليل الفتوى وقال له بن القوطي: أنت اليوم عندنا فقال له أبو العباس: تعلم أنه لا ضيافة على أهل الحضر؟ فقال أبو إسحاق: قال بن عبد الحكم: عليهم الضيافة وقال أبو العباس لرجل: تحب أن تفلح؟ قال: نعم قال: فلتكن نفسك عندك أهون من الزبل الذي على المزبلة وكان كثير التواضع وإذا قيل له: الفقيه يقول: لقب لقبناه وكانت له فراسة لا تكاد تخطئ يذكر أنه قال لأبي الحسن القابسي

عبد الله أبو محمد بن أبي زيد

وهو يطلب عليه: والله لتضربن إليك آباط الإبل من أقصى المغرب فكان كما قال وقال: ماذا تريك حوادث الأزمان ... وصروفها وطوارق الحدثان وأشد ما ألقى وأنضج للحشا ... عدم الوفاء وجفوة الإخوان توفي سنة اثنين وخمسين وثلاثمائة وقيل سنة إحدى وستين وهو بن مائة سنة غير أربعة أشهر. ومن الطبقة السادسة من أهل إفريقية: عبد الله أبو محمد بن أبي زيد واسم أبي زيد: عبد الرحمن نفزي النسب سكن القيروان وكان إمام المالكية في وقته وقدوتهم وجامع مذهب مالك وشارح أقواله وكان واسع العلم كثير الحفظ والرواية وكتبه تشهد له بذلك فصيح القلم ذا بيان ومعرفة بما يقوله ذاباً عن مذهب مالك قائماً بالحجة عليه بصيراً بالرد على أهل الأهواء يقول الشعر ويجيده ويجمع إلى ذلك صلاحاً تاماً وورعاً وعفة. وحاز رئاسة الدين والدنيا وإليه كانت الرحلة من الأقطار ونجب أصحابه وكثر الآخذون عنه وهو الذي لخص المذهب وضم نشره وذب عنه وملأت البلاد تآليفه عارض كثير من الناس أكثرها فلم يبلغوا

مداه مع فضل السبق وصعوبة المبتدأ وعرف قدره الأكابر وكان يعرف بمالك الصغير. وقال فيه القابسي: هو إمام موثوق به في ديانته وروايته وقال أبو الحسن: علي بن أبي عبد الله القطان: ما قلدت أبا محمد بن أبي زيد حتى رأيت النسائي يقلده واستجازه بن مجاهد البغدادي وغيره من أصحابه البغداديين واجتمع فيه العلم والورع والفضل والعقل شهرته تغني عن ذكره وكان سريع الانقياد والرجوع إلى الحق. تفقه بفقهاء بلده وسمع من شيوخها وعول علي أبي بكر بن اللباد وأبي الفضل القيسي وأخذ أيضاً عن محمد بن مسرور بن الغسال وعبد الله بن مسرور بن الحجام والقطان والإبياني وزياد بن موسى وسعدون الخولاني وأبي العرب وأحمد بن أبي سعيد وحبيب: مولى بن أبي سليمان في آخرين. ورحل فحج وسمع من بن الأعرابي وإبراهيم بن محمد بن المنذر وأبي علي بن أبي هلال وأحمد بن إبراهيم بن حماد القاضي وسمع أيضاً من الحسن بن بدر ومحمد بن الفتح والحسن بن نصر السوسي ودراس بن إسماعيل وعثمان بن سعيد الغرابلي وغيرهم واستجاز بن شعبان والأبهري

والمروزي وسمع منه خلق كثير. وتفقه عنه جلة: فمن أصحابه القرويين: أبو بكر بن عبد الرحمن وأبو القاسم البرادعي واللبيدي وابنا الأجدابي وأبو عبد الله الخواص وأبو محمد مكي المقري. ومن أهل الأندلس: أبو بكر بن موهب المقبري وابن عابد وأبو عبد الله بن الحذاء وأبو مروان القنازعي ومن أهل سبتة: أبو عبد الرحمن بن العجوز وأبو محمد بن غالب وخلف بن ناصر ومن لا يعد كثرة ومن أهل المغرب: أبو علي بن أمد كتوا السجلماسي. ذكر تآليفه: له كتاب النوادر والزيادات على المدونة مشهور أزيد من مائة جزء وكتاب مختصر المدونة مشهور أيضاً وعلى كتابيه هذين المعول في التفقه وكتاب تهذيب العتبية وكتاب الإقتداء بأهل المدينة وكتاب الذب عن مذهب مالك وكتاب الرسالة مشهور وكتاب التنبيه على القول في أولاد المرتدين ومسألة الحبس على أولاد الأعيان وكتاب تفسير أوقات الصلوات وكتاب الثقة بالله والتوكل على الله وكتاب المعرفة واليقين وكتاب المضمون من الرزق وكتاب المناسك ورسالة فيمن تؤخذ عنه تلاوة القرآن والذكر حركة

وكتاب رد السائل وكتاب حماية عرض المؤمن وكتاب البيان عن إعجاز القرآن وكتاب الوساوس ورسالة إعطاء القرابة من الزكاة ورسالة النهي عن الجدل ورسالة في الرد على القدرية ومناقضة رسالة البغدادي المعتزلي وكتاب الاستظهار في الرد على الفكرية وكتاب كشف التلبيس في مثله ورسالة الموعظة والنصيحة ورسالة طلب العلم وكتاب فضل قيام رمضان ورسالة الموعظة الحسنة لأهل الصدق ورسالة إلى أهل سجلماسة في تلاوة القرآن ورسالة في أصول التوحيد وجملة تآليفه كلها مفيدة بديعة غزيرة العلم. وذكر أنه دخل يوماً على أبي سعيد بن أخي هشام يزوره فوجد مجلسه محتفلاً فقال له: بلغني: أنك ألفت كتباً؟ فقال له: نعم أصلحك الله فإن أصبت أخبرتنا وإن أخطأت علمتنا؟ فسكت أبو سعيد ولم يعاوده. وتوفي رحمه الله سنة ست وثمانين وثلاثمائة.

عبد الله أبو محمد بن إسحاق المعروف بابن التبان

عبد الله أبو محمد بن إسحاق المعروف بابن التبان الفقيه الإمام كان من العلماء الراسخين والفقهاء المبرزين ضربت إليه أكباد الإبل من الأمصار لعلمه بالذب عن مذهب أهل الحجاز ومصر ومذهب مالك وكان من أحفظ الناس للقرآن والتفنن في علومه والكلام على أصول التوحيد مع فصاحة اللسان وكان مستجاب الدعوة رقيق القلب غزير الدمعة وكان من الحفاظ وكان يميل إلى الرقة وحكايات الصالحين عالماً باللغة والنحو والحساب والنجوم. وذكره القابسي بعد موته فقال: رحمك الله يا أبا محمد فقد كنت تغار على المذهب وتذب عن الشريعة وكان من أشد الناس عداوة لبنى عبيد كريم الأخلاق حلو المنظر بعيداً من الدنيا والتصنع من أرق أهل زمانه طبعاً وأحلاهم إشارة وألطفهم عبارة سمع منه أبو القاسم المنستيري ومحمد بن إدريس بن الناظور وأبو محمد بن يوسف الحبي وأبو عبد الله الخراط وابن اللبيدي.

فائدة قال أبو محمد لبعض من يتعلم منه: خذ من النحو ودع وخذ من الشعر وأقل وخذ من العلم وأكثر فما أكثر أحد من النحو إلا حمقه ولا من الشعر إلا أرذله ولا من العلم إلا شرفه وقال يوماً: لا شيء أفضل من العلم قال الجبنياني: العمل به أفضل؟ فقال: صدق العلم إذا لم يعمل به صاحبه فهو وبال عليه وإذا عمل به كان حجة له ونوراً يوم القيامة. وتوفي يوم الاثنين لثنتي عشرة خلت من جمادى الأخيرة سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة وصلى عليه القاضي محمد بن عبد الله بن هاشم وخرج الناس لجنازته من ثلث الليل حتى ضاقت بهم الشوارع وفاضوا في الصحراء غدوة الثلاثاء مولده سنة إحدى عشرة وثلاثمائة.

عبد الله أبو محمد الأصيلي

ومن الأندلس: عبد الله أبو محمد الأصيلي هو عبد الله بن إبراهيم أصله من كورة شذونة ورحل به أبوه إلى أصيلا من بلاد العدوة فسكنها ونشأ أبو محمد بها وطلب العلم بالآفاق وتفقه بقرطبة منذ صباه بشيخيها: اللؤلؤي وأبي إبراهيم وسمع من بن المشاط والقاضي أبي سليم وأبان بن عيسى ونظرائهم وأخذ عن وهب بن مسرة بوادي الحجارة وعن بن مخلوف وغيرهم. ورحل إلى المشرق فلقي شيوخ إفريقية كأبي العباس الإبياني وأبي العرب وعلي بن مسرور وعبد الله بن أبي زيد وكتب عنه بن أبي زيد عن شيوخه الأندلسيين ولقي بمصر القاضي أبا الطاهر البغدادي وابن شعبان والنيسابوري وغيرهم وحج فلقي بمكة سنة ثلاث وخمسين أبا زيد المروزي وسمع منه البخاري وأبا بكر الآجري وبالمدينة قاضيها أبا مروان المالكي وسار إلى العراق فلقي بها الأبهري رئيس المالكية وأخذ عنه الأبهري أيضاً وحدث عن الدارقطني واضطرب في المشرق نحو ثلاثة عشر عاماً وسمع ببغداد عرضته الثانية في البخاري من أبي زيد وسمعه - أيضاً - من أبي أحمد الجرجاني وهما شيخاه في البخاري وعليهما يعتمد فيه ثم انصرف إلى الأندلس بأثر موت الحكم فبقي بها إلى أن مات وابن أبي عامر على غاية التعظيم له وإليه انتهت الرئاسة بالأندلس في المالكية وألف كتاباً على الموطأ سماه بالدليل ذكر فيه خلاف

مالك والشافعي وأبي حنيفة وكان متفنناً نبيلاً عارفاً بالحديث والسنة. قال الدارقطني: حدثني أبو محمد الأصيلي ولم أر مثله وقال غيره: كان من حفاظ مذهب مالك والتكلم على الأصول وترك التقليد من أعلم الناس بالحديث وأبصرهم بعلله ورجاله وله نوادر حديث: خمسة أجزاء. وولي قضاء سرقسطة وقام بالشورى بقرطبة حتى كان نظير بن أبي زيد بالقيروان على هديه - إلا أنه كان فيه ضجر شديد يخرجه أوقات الغيظ إلى غير صفته توفي رحمه الله يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة اثنين وتسعين وثلاثمائة. وكان جمعه مشهوداً وأوصى أن يكفن في خمسة أثواب وكان آخر ما سمع منه حين احتضر: اللهم إنك قد وعدت الجزاء على المصيبة ولا مصيبة علي أعظم من نفسي فأحسن جزائي فيها يا أرحم الراحمين. وكان كثيراً ما يذكر الأربعمائة وما يكون فيها من الفتن ويدعو الله عز وجل أن يقبضه قبلها فأجاب الله دعاءه.

عبد الله أبو محمد بن غالب بن تمام بن محمد الهمذاني

قال محمد بن رشيق: وممن استدركناه من أهل سبتة من الطبقة التاسعة: عبد الله أبو محمد بن غالب بن تمام بن محمد الهمذاني الشيخ صالح المرى الذي يأتي ذكره مع الفقيه عبد الرحمن بن العجوز من بيت علم وجلالة أصلهم من تكور وسكنوا سبتة وأبوه غالب من أهل العلم صاحب وثائق وتفقه وحساب وفرائض وله في ذلك تآليف كان ابنه أبو محمد هذا واحد عصره علماً وتقى وجلالة وديناً وفضلاً حمل عن أشياخ سبتة ورحل إلى الأندلس فسمع من الأصيلي وأبي بكر الزبيدي ورحل نحو الثمانين فدخل القيروان وسمع من أبي محمد بن أبي زيد كتبه وسمع بمصر من بن المهندس والوشا وقيل إنه دخل العراق. وكان متفنناً في علوم جمة قائماً بمذهب المالكية نظاراً حافظاً بليغاً أديباً شاعراً مجيداً وشاوره بن زوبع في حياته ثم اعتمدت الشورى عليه إلى أن مات قيل إن رجلاً من أهل سبتة رفع مسألة إلى القيروان فقيل له: أليس بن غالب حياً؟ قال: نعم قال: ما ينبغي لبلد فيه مثله أن يرفع منه سؤال وله أشعار كثيرة وسمع عليه جماعة من أهل سبتة: ابنه القاضي أبو عبد الله

عبد الله بن حنين بن عبد الله بن عبد الملك الكلابي

وإسماعيل بن حمزة وأبو محمد المسيلي والقاضي بن حجاج وغيرهم وتوفي في صفر سنة أربع وثلاثين وأربعمائة. عبد الله بن حنين بن عبد الله بن عبد الملك الكلابي مولاهم كنيته أبو محمد قرطبي يعرف بابن أخي ربيع الصباغ سمع من الأعناقي وأسلم وأبي صالح أيوب بن سليمان وابن لبابة وأحمد بن خالد وابن أيمن وغيرهم وأدرك بن وضاح ولم يسمع منه وحج آخر عمره فسمع بمصر من محمد بن زيان والباهلي وسمع منه بها أبو سعيد بن يونس وأبو عمر الكندي وغيرهما. كان معتنياً بالحديث إماماً فيه بصيراً بعلله حسن التأليف فيه وله تآليف في معرفة الرجال وعلل الحديث واختصر مسند بقي الدين بن مخلد وكتاب التفسير له وهو المبتدئ بتأليف كتاب الاستيعاب لأقوال مالك - مجردة - دون أقوال أصحابه الذي تممه أبو عمر بن المكوى وأبو بكر المعيطي. وثقه أبو محمد الباجي وأثنى عليه وقال أحمد بن سعيد: كان من أهل العلم والتفنن والمروءة مع هدي حسن وسمت عجيب لم أر مثله وقاراً وحلماً وسعة في الحديث ومعانيه. وكتب الناس عنه بالمشرق توفي سنة ثمان عشرة وقيل: تسع عشرة وثلاثمائة.

عبد الله أبو محمد بن الشقاق بن سعيد بن محمد القرطبي

عبد الله أبو محمد بن الشقاق بن سعيد بن محمد القرطبي شيخ المفتين في وقته وأحد أكابر أصحاب أبي عمر المكوى المختصين به تفقه به قال أبو مروان: كان بن الشقاق أحد علماء الأندلس المبرزين في العلم والفتيا. مسألة وكان هو وصاحبه بن دحون يرخصان في السماع. توفي في شهر رمضان في سنة ست وعشرين وأربعمائة.

عبد الله أبو محمد بن يحيى بن دحون

عبد الله أبو محمد بن يحيى بن دحون أحد الشيوخ الجلة المفتين بقرطبة وأحد كبار أصحاب بن المكوى قال بن حيان: لم يكن في أصحاب بن المكوى أفقه منه ولا أغوص على الفتيا ولا أضبط للرواية مع نصيب وافر من الأدب في الخير. توفي سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. عبد الله الشنتجالي أبو محمد بن سعيد الشنتجالي الشيخ الصالح العالم رحل إلى المشرق وجاور بمكة بضعاً وثلاثين سنة واشتهر هناك وانتفع به وحصل على منزلة رفيعة في النسك والخير سمع من أبي بكر المطوعي وأبي ذر الهروي وأبي عبد الله الوشا وانصرف إلى الأندلس سنة ثلاث وثلاثين راغباً في الجهاد فلم يزل مثابراً عليه في الثغور والناس يأخذون عنه خلال ذلك حدث عنه خلق كثير وآخر من حدث عنه بالإجازة أبو محمد بن عتاب وله مختصر في الفقه مشهور. توفي سنة ست وثلاثين وأربعمائة.

عبد الله بن مالك أبو مروان

عبد الله بن مالك أبو مروان وقيل اسمه عبيد الله بن محمد بن عبد الله قرطبي كان أبوه محمد يتفقه على ضعف معرفة ثم توفي وابنه هذا قد علق بصناعة الحرير فتعلق إذ ذاك بالطلب وانقطع إلى فقهاء طليطلة ثم عاد إلى وطنه وجد في طلبه وأخذ عن أبي الأصبغ وغيره ورسخ في مذهب مالك واستظهر كتاب المدونة وله فيه مختصر حسن وله بصر بالحساب والفرائض واللسان والكلام وله في عقيدة أهل السنة والكلام عليها كتاب حسن وبأبي عبد الله بن عتاب تفقه القرطبيون: ابن سهل وغيره. وكان كثير الجهاد والرباط ولم تكن له كتب إلا فقه معاني النحاس ومختصره للمدونة وأشياء من الكتب قليلة وكان إذا ذكر عنده المكثرون من الكتب وجمع الدواوين يقول: والله لأموتن وأنا أجهل كثير مما في كتبي هذه فماذا أصنع بالإكثار منها؟ وكان بينه وبين بن عتاب مباينة ومخالفة في الفتوى وتوفي بقرطبة في جمادى الأولى من سنة ستين وأربعمائة.

عبد الله بن محمد بن خالد بن مرتنيل

عبد الله بن محمد بن خالد بن مرتنيل أبو محمد قرطبي نبيه من أهل العلم سمع من أبيه وعيسى بن دينار ويحيى بن يحيى ورحل فسمع من سحنون الأسدية قبل أن يدونها وسمع بمصر من أصبغ بن الفرج وعبد الملك بن هشام ولم يكن له علم بالحديث سمع منه بن لبابة ونظراؤه كان صلباً متديناً ورعاً مهيباً منقبضاً عن السلطان معظماً للعلم كان الناس في مجلسه كأنما على رؤسهم الطير إجلالاً له وكان حافظاً للفقه مقدماً على أصحابه وبيته بيت علم وجلالة وابنه أحمد من أهل العلم والجلالة يكنى أبا عمرو. وتوفي عبد الله سنة ست وخمسين ومائتين وقال بن حارث في سنة إحدى وستين.

عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي دليم

عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي دليم أبو محمد قرطبي يروي عن أسلم وابن أبي تمام وابن خالد وابن أيمن وعثمان بن عبد الرحمن ومحمد بن قاسم وعبد الله بن يونس وقاسم بن أصبغ والخشني وكان عالماً بالحديث ضابطاً لما رواه بصيراً بالإعراب فقيهاً مشاوراً له تآليف. توفي سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة. عبد الله بن محمد بن السيد النحوي من أهل بطليوس يكنى أبا محمد روى عن أخيه علي بن محمد وأبي بكر بن عاصم بن أيوب الأديب وعن أبي سعيد الوراق وغيرهم كان عالماً بالآداب واللغات مستبحراً فيهما مقدماً في معرفتهما وإتقانهما. وكان حسن التعليم جيد التلقين ثقة ضابطاً أخذ الناس عنه وانتفعوا به وألف كتباً حساناً منها كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب وكتاب شرح فيه الموطأ وكتاب التنبيه على الأسباب الموجبة لاختلاف الأمة إلى غير ذلك من تآليفه. توفي رحمه الله سنة إحدى وعشرين وخمسمائة.

عبد الله بن أحمد بن سعيد بن يربوع بن سليمان

عبد الله بن أحمد بن سعيد بن يربوع بن سليمان من أهل إشبيلية سكن قرطبة يكنى أبا محمد روى ببلده عن أبي عبد الله: محمد بن أحمد بن منظور وعن أبي محمد بن خزرج وأبي القاسم: حاتم بن سراج وكان حافظاً للحديث وعلله عارفاً بأسماء رجاله ضابطاً لما كتبه ثقة فيما رواه. وصحب أبا علي الغساني وانتفع به وكان أبو علي يصفه بالمعرفة ويفضله وألف كتباً حساناً منها كتاب الإقليد في بيان الأسانيد وكتاب تاج الحلية وسراج البغية في معرفة أسانيد الموطأ وكتاب لسان البيان عما في كتاب أبي نصر الكلاباذي من الإغفال والنقصان وكتاب المنهاج في رجال مسلم بن الحجاج إلى غير ذلك. توفي سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة.

عبد الله بن نجم بن شاس

قلت: ومن كتاب وفيات الأعيان لابن خلكان: عبد الله بن نجم بن شاس بن نزار بن عشاير بن عبد الله بن محمد بن شاس الجذامي السعدي فقيه مالكي كنيته أبو محمد الملقب بالخلال كان فقيهاً فاضلاً في مذهبه عارفاً بقواعده رأيت بمصر جمعاً كثيراً من أصحابه يذكرون فضائله وصنف في مذهب الإمام مالك رضي الله عنه كتاباً نفيساً سماه الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة وصنفه على ترتيب الوجيز لأبي حامد الغزالي وفيه دلالة على غزارة فضائله والطائفة المالكية بمصر عاكفة عليه لحسنه وكثرة فوائده وكان مدرساً بمصر بالمدرسة المجاورة للجامع العتيق وتوجه إلى ثغر دمياط لما أخذه العدو المخذول بنية الجهاد فتوفي هناك في جمادى الآخرة أو في رجب سنة عشر وستمائة. وشاس بالشين المعجمة والسين المهملة بينهما ألف قلت: وذكر وفاته الحافظ زكي الدين المنذري ثم قال: وحدث وسمعت منه وصنف غير الجواهر ومال إلى النظر في السنة النبوية والاشتغال بها

عبد الله بن أيوب الأنصاري

وكان على غاية من الورع وبعد عوده من الحج امتنع من الفتيا إلى حين وفاته قلت: وهو من بيت إمارة وكان شاس أمير مائة ألف مقدم ولم أحقق هل هو شاس: جده أو شاس: الذي هو سادس جد له؟ والله تعالى أعلم. عبد الله بن أيوب الأنصاري يكنى أبا محمد ويعرف بابن حروج من أهل قلعة أيوب فقيه حافظ لمذهب مالك استوطن غرناطة وسكنها وألف في الفقه كتاباً مفيداً سماه المبسوطة على مذهب مالك بن أنس في ثمانية أسفار أتقن فيه كل الإتقان. توفي بها سنة ثنتين وستين وخمسمائة وقد قارب المائة. عبد الله بن أحمد بن محمد بن منخل بن زيد الغافقي من أهل غرناطة وأعيانها يكنى أبا محمد كان رجلاً صحيح المذهب سليم الصدر قديم التعين والأصالة ولي القضاء طول عمره بمواضع كثيرة أخذ عن الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد وعن الحافظ شرف الدين

عبد الله بن غالب بن طلحة بن أحمد بن عبد الله بن غالب المحاربي

أبي محمد: عبد المؤمن الدمياطي وعز الدين بن عبد السلام ألف كتاباً سماه بالمنهاج في ترتيب مسائل أبي عبد الله بن الحاج. توفي في غرناطة في عام إحدى وثلاثين وسبعمائة مولده في حدود ستين وستمائة. عبد الله بن غالب بن طلحة بن أحمد بن عبد الله بن غالب المحاربي غرناطي يكنى أبا بكر كان محدثاً صدوقاً ثقة علي الرواية انفرد في وقته بالرواية عن ابن عم أبيه من بيت علم وجلالة فقيهاً حافظاً عارفاً بالمسائل ذاكراً لفروع المذهب بصيراً بالفتيا صدراً في أهلها مع الصلاح التام وكثرة الصدقة. روى عن أبيه وابن عم أبيه: عبد الحق بن أبي بكر بن غالب بن عطية وأبي الحسن بن الباذش وأبي الفضل: عياض وأخذ عن أبي عبد الله بن الحاج وابن العربي وأبي بحر الأسدي وأبي الحسن شريح وأبي عبد الله بن أبي الخصال وأبي القاسم بن بقي ومحمد بن هشام بن أبي حمزة وأبي محمد بن عتاب وغيرهم من الجلة مولده سنة إحدى عشرة وخمسمائة

عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن أبي زمنين المري

توفي سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن أبي زمنين المري يكنى أبا خالد كان فقيهاً جليلاً وولي القضاء ببعض جهات غرناطة أخذ الفقه عن أبي جعفر بن عبد الله خولا وأبي محمد بن سماك القاضي والعربية من الخضر بن رضوانا والحديث عن الحافظ أبي بكر بن غالب بن عبد الرحمن بن عطية والإمام أبي الحسن: علي بن محمد والقاضي أبي الفضل: عياض بن موسى أيام قضائه بغرناطة. توفي سنة أربع وأربعين وخمسمائة.

عبد الله بن سليمان بن داود بن عمر بن حوط الله الأنصاري الحارثي

عبد الله بن سليمان بن داود بن عمر بن حوط الله الأنصاري الحارثي يكنى أبا محمد كان فقيهاً جليلاً أصولياً نحوياً كاتباً أديباً شاعراً متفنناً في العلوم ورعاً ديناً حافظاً ثبتاً فاضلاً وكان يدرس كتاب سيبويه ومستصفى أبي حامد ويميل إلى الاجتهاد في نظره ويغلب طريقة الظاهرية وولي قضاء إشبيلية وقرطبة ومرسية وسبتة وسلا وميورقة فتظاهر بالعدل. وكان من العلماء العاملين سنياً مجانباً لأهل البدع والأهواء وسمع على بن بشكوال وقرأ أكثر من ستين تأليفاً من كبار وصغار وأكثر عن بن حبيش والسهيلي وابن الفخار وغيرهم واستيفاء مشيخته يطول. توفي سنة ثنتي عشرة وستمائة.

عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد

عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد المغربي الأصل الشارمساحي المولد الإسكندري المنشأ والدار كان إماماً عالماً على مذهب مالك بحر علم لا تكدره الدلاء ورحل إلى بغداد سنة ثلاث وثلاثين وستمائة بأهله وولده وصحبه جماعة من الفقهاء فتلقاه الخليفة المستنصر بالله بالترحيب والإقبال وبلوغ الآمال. وكان دخوله إلى بغداد سابع عشر المحرم فلما كان في عاشر صفر استدعي إلى دار الوزارة وأخلع عليه خلعة خليفية سوداء وعمامة وطرفة وأعطي بغلة بمركب جميل وولي تدريس المدرسة المستنصرية وكذلك فعل بالمدرسين بالمدرسة المذكورة من الخلع والمراكب. وكان أول من أنشأها الخليفة وأمر الخليفة أن

يحضر عنده جميع المدرسين بجميع المدارس ببغداد وجميع أرباب الدولة وحجاب الدواوين فحضروا وخطب خطبة بليغة فصيحة بصدر منشرح وأمل منفسح وذكر اثني عشر درساً وألقى عليه بعض العلماء مسألة بيوع الآجال فقال: أذكر فيها ثمانين ألف وجه فاستغرب فقهاء بغداد من ذلك فشرع يسردها عليهم إلى أن انتهى إلى مائتين وجهاً فاستطالوها وأضربوا عن سماعها واعترفوا بفضل الشيخ وسعة علمه. وله كتاب نظم الدرر في اختصار المدونة اختصرها على وجه غريب وأسلوب عجيب من النظم والترتيب ولذلك سماه نظم الدرر وهي تسمية طابقت مسماها وشرحه بشرحين وله كتاب الفوائد في الفقه وكتاب التعليق في علم الخلاف وكتاب شرح آداب النظر وكتاب شرح الجلاب وغير ذلك مولده سنة تسع وثمانين وخمسمائة وتوفي سنة تسع وستين وستمائة

عبد الله بن محمد المسيلي

وشارمساح اسم بلد بمصر وهي بشين معجمة بعدها ألف وراء مهملة وميم ساكنة وسين مهملة وألف وحاء مهملة. عبد الله بن محمد المسيلي جمال الدين أبو محمد الإمام العلامة الأوحد البارع المتفنن صاحب المصنفات البديعة والعلوم الرفيعة كان حاله عجيباً ومنزعه غريباً وتصانيفه في غاية الجودة والإفادة والتنقيح وانتفع به القاضي فخر الدين بن شكر المالكي. توفي سنة أربع وأربعين وسبعمائة بالقاهرة. عبد الله بن علي بن الحسين بن عبد الخالق الشيبي العبدري المالكي الصاحب الوزير صفي الدين تفقه في مذهب مالك على الفقيه أبي بكر: عتيق البجائي وبه تخرج ودخل الإسكندرية وتفقه بها على أبي القاسم: مخلوف بن علي المعروف بابن جارة وسمع عليه وعلى الإمام أبي الطاهر: إسماعيل بن مكي بن عوف وأبي الطيب: عبد المنعم بن يحيى الحميري وسمع من الحافظ السلفي وله:

مهما تهاون في أمري امرؤ وغدا ... مبالغاً لا أرى إلا مبجله وإن أساء مسيء فوق طاقته ... أحسنت مجتهداً حتى أخجله وأجاز له أبو محمد: القاسم بن الحافظ أبي القاسم بن عساكر وأبو محمد: عبد الله بن بري وأبو القاسم: هبة بن علي البوصيري وغيرهم من الكبار وذكره الحافظ زكي الدين أبو محمد المنذري في معجمه وكتب عنه وقال: كان مؤثراً للعلماء والصالحين كثير البر لهم والتفقد لأحوالهم لا يشغله ما هو فيه من كثرة الاشتغال عن مجالستهم. وصنف كتاب البصائر في الفقه على مذهب الإمام مالك وأنشأ مدرسة ورباطاً بالقرب من داره وأوقف لهما مرتبات وداره بمكان يسمى سويقة الصاحب وتوفي يوم الجمعة ثامن شعبان سنة اثنين وعشرين وستمائة بالقاهرة وصلى عليه بمدرسته التي أنشأها ودفن برباطه الذي بقرب داره رحمه الله تعالى.

عبد الله بن محمد بن يوسف بن الفرضي أبو الوليد القرطبي الحافظ

عبد الله بن محمد بن يوسف بن الفرضي أبو الوليد القرطبي الحافظ مؤلف تاريخ الأندلس كان فقيهاً عالماً بجميع فنون العلم وقال أبو مروان بن حيان: وممن قتل يوم فتح قرطبة: الفقيه العالم الأديب الفصيح بن الفرضي قتله البربر في داره وواروه من غير غسل ولا كفن ولا صلاة ولم ير مثله في سعة الرواية بقرطبة كان حافظاً للحديث متقناً لعلومه أديباً بارعاً ولي قضاء بلنسية وكان حسن البلاغة والخط. وتوفي سنة ثلاث وأربعمائة عن اثنين وخمسين سنة. عبد الله بن محمد بن القاسم بن حزم أبو محمد أحد الأعلام الزهاد كانوا يشبهونه بسفيان الثوري رحل إلى الشام والعراق وسمع أبا القاسم بن أبي العقب وغيره من الكبار

عبد الله بن إسحاق بن التيان أبو محمد القيرواني

قال بن الفرضي: كان جليلاً زاهداً عالماً شجاعاً مجاهداً ولاه المستنصر القضاء فاستعفاه فأعفاه وكان فقيهاً صلباً ورعاً قال بن الفرضي: سمعت عليه علماً كثيراً. توفي سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة عن ثلاث وستين سنة. عبد الله بن إسحاق بن التيان أبو محمد القيرواني قال القاضي عياض: ضربت إليه آباط الإبل من الأمصار وكان حافظاً بعيداً من التصنع والرياء فصيحاً. توفي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. عبد الله بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد العزيز الطائي القرطبي يكنى أبا محمد كان إماماً عالماً ديناً فاضلاً كاتباً مسنداً وعمر أخذ الناس عنه كثيراً وأخذ عنه شيخنا أبو عبد الله الوادآشي ونظراؤه من مشايخ العلم والحديث

عبد الله بن محمد بن أبي القاسم

مولده سنة ثلاث وستمائة وتوفي سنة اثنتين وسبعمائة ودفن بالزلاج بتونس. عبد الله بن محمد بن أبي القاسم فرحون بن محمد بن فرحون اليعمري التونسي الأصل المدني المولد والمنشأ كنيته أبو محمد قرأ القرآن على الشيخ أبي عبد الله القصري المقري وروى عنه وسمع الحديث بالمدينة على والده وعلى أبي عبد الله: محمد بن حريث البلنسي ثم السبتي خطيب سبتة وفقيهها وعلى الشيخ عز الدين: يوسف الزرندي والشيخ جمال الدين: محمد بن أحمد المقري والشيخ شرف الدين: الزبير الأسواني وسراج الدين الدمنهوري والشيخ أبي عبد الله: محمد بن جابر الوادآشي وقطب الدين بن مكرم المصري وزين الدين الطبري وسمع بمكة من الشيخ رضي الدين الطبري وغير هؤلاء وخرج له الفقيه المحدث شرف الدين بن بكر المصري نزيل مكة المشرفة - مشيخة كثيرة حفيلة مشتملة على ذكر شيوخه ومروياته. أخذ علم الفقه والعربية عن والده كان من أكابر الأئمة الأعلام ومصابيح الظلام عالماً بالفقه والتفسير

وفقه الحديث ومعانيه وسمعته يقول: لازمت تفسير بن عطية حتى كدت أحفظه وكان بارعاً في علم العربية وتآليفه فيها شاهدة له بذلك ولما لقيه الشيخ أثير الدين أبو حيان شيخ عصره وإمام وقته في العربية - ووقف على كلامه في إعراب بانت سعاد فقال: ما ظننت أنه يوجد بالحجاز مثل هذا الرجل واستعظم علمه وأثنى عليه وسمعته يقول: اشتغلت في علم العربية وأنا بن ثمان عشرة سنة وتخرج عليه فيها جماعة فضلاء. وكانت مشاركته في أصول الدين مشاركة حسنة وحدث ودرس وأفاد وإليه انتهت الرياسة بالمدينة النبوية أقام مدرساً للطائفة المالكية ومتصدراً للاشتغال بالحرم النبوي أكثر من خمسين سنة وانفرد في آخر عمره بعلو الإسناد فلم يكن في المدينة أعلى سناً وسنداً منه وكان صبوراً على السماع والأشغال وكان كهفاً لأهل السنة يذب عنهم ويناضل الأمراء والأشراف وانتهى به ذلك إلى أن امتحن ورصد في السجن في طريق الحرم فطعن طعنة عظيمة أريد بها قتله فصرف الله عنه شرها وعافاه منها. وكان عليه مدار أمور الناس بالمدينة النبوية وناب في القضاء نحو أربعة

وعشرين سنة وأم في المحراب النبوي في بعض الصلوات ودعي إلى أن يقوم بالخطابة والإمامة نائباً فامتنع إعظاماً للمقام النبوي وكان كثير التلاوة ليلاً ونهاراً خصوصاً في آخر عمره حتى إني شاهدته في أيام الموسم والناس في أشد ما هم فيه من الاشتغال وهو مشغول بورده في التلاوة لا يقطعه عنه شيء وكان يحيي غالباً الثلث الأخير من الليل بالصلاة والتلاوة من حداثة سنه إلى أن ثقل بمرض الموت رحمه الله. وكان مواظباً على الصلوات في الصف الأول من الروضة النبوية نحو ستين سنة وما يفتح باب الحرم في السحر إلا وهو على الباب وحج نحو خمسة وخمسين حجة ولم يخرج من المدينة إلا إلى مكة المشرفة للحج إلى أن مات بالمدينة. وكان ممن جمع الله تعالى له العلم والعمل والدنيا والدين فكان أعظم أهل المدينة يساراً وأكثرهم عقاراً وأوسعهم جاهاً وأنفذهم كلمة وأعظمهم حرمة وألينهم عريكة وأحسنهم بشاشة صبوراً على الأذى يجزي بالحسنة السيئة ويسع الناس بخلقه ويواسي الفقراء بمعروفه ويصل أعداءه ببره ويحفظ من مات منهم في ذريته وبهمته وسياسته أزال الله تعالى أحكام الطائفة الإمامية من المدينة فعزلت قضاتهم وانكسرت

شوكتهم وخمدت نارهم وذلك أنه لما باشر الأحكام نيابة عن القاضي تقي الدين الهوريني في سنة ست وأربعين وسبعمائة - سعى في عزل قضاتهم فنودي في شوارع المدينة بتبطيل أحكامهم والإعراض عن حكامهم فكان ذلك أول أسباب قوة أهل السنة وعلو أمرهم وكم له من حسنات في تمهيد إعزاز السنة وإخماد البدعة نفعه الله بنيته وتغمده برحمته. وله تآليف عديدة في أنواع شتى منها كتاب الدر المخلص من التقصي الملخص جمع فيه أحاديث الكتابين المذكورين وشرحه بشرح عظيم الفائد في أربع مجلدات سماه: كشف المغطا في شرح مختصر الموطا وشرح مختصر التفريع لابن الجلاب النيلي سماه: كفاية الطلاب في شرح مختصر الجلاب وله: نهاية الغاية في شرح الآية وأسئلة وأجوبة على آيات من القرآن. وله في العربية: العدة في إعراب العمدة عمدة الأحكام في الحديث أعربها إعراباً جامعاً لوجوه الإعراب واللغة والاشتقاقات وسلك فيه مسلكاً غريباً لم يسبق إلى مثله وهو آخر ما ألف وقرئ عليه مراراً وله كتاب التيسير في علمي البناء والتغيير في النحو

وكتاب المسالك الجلية في القواعد العربية وشفاء الفؤاد في إعراب بانت سعاد وله شرح قواعد الإعراب لابن هشام وغير ذلك من التقاييد والتعاليق المفيدة وكتبه كلها في غاية الجودة والإتقان. ولما حج آخر حجاته قال: هذه حجة الوداع فلما أحس بالمرض أمر بحفر قبره في بقعة مخصوصة فظهر مقطع جص لم يدفن فيه أحد قبله وأوصى أن يعتق عند قبره عبيد وأن يتصدق على الفقراء بصدقة واسعة وكتب وصيته بيده وأخرج من ماله وصايا وتبرعات وصدقات وأوقافاً نحو ثلاثين ألفاً ووقف على الفقراء فرناً تصرف غلته عليهم في كل يوم وأعتق في حياته عدة عبيد وإماء وكان له خادم في الحرم تقرب به لخدمة الضريح النبوي وكان مطمئن النفس بلقاء الله عز وجل مستحضراً لما ينبغي استحضاره ولما دخل في السياق ذكرته: فقال: ما أنا بغافل رحمه الله تعالى ويشبه هذا الجواب ما وقع للشيخ تاج الدين الفاكهاني - لما حضرته

الوفاة - قال صهره الفقيه ميمون: تشهدت بين يديه ففتح الشيخ عينيه وأنشد: وغدا يذكرني عهوداً بالحمى ... ومتى نسيت العهد حتى أذكرا؟ توفي رحمه الله يوم الجمعة عاشر ربيع الأخير سنة تسع وستين وسبعمائة. مولده يوم الثلاثاء السادس من جمادى الأخيرة سنة ثلاث وتسعين وستمائة رحمه الله تعالى.

من اسمه عبيد الله من الطبقة الثانية ممن لم ير مالكا والتزم مذهبه من أهل مصر

من اسمه عبيد الله من الطبقة الثانية ممن لم ير مالكاً والتزم مذهبه من أهل مصر: عبيد الله بن عبد الرحمن بن طلحة أبو محمد الفقيه المالكي بن الحباب عبيد الله البرقي هو عبيد الله بن محمد بن عبد الله أبو القاسم يروي عن أبيه وله مختصر على مذهب مالك وبعض الناس يضيف إليه زيادة اختلاف فقهاء الأمصار في مختصر بن عبد الحكم. ومن الرابعة من أهل المدينة: عبيد الله أبو الحسن بن المنتاب بن الفضل بن أيوب البغدادي ويعرف بالكرابيسي أيضاً كذا ذكره جماعة منهم الأبهري وهو الصواب وقيل في اسمه غير هذا قاضي مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وعداده في البغداديين من أصحاب القاضي إسماعيل وبه تفقه وله كتاب في مسائل الخلاف والحجة لمالك نحو مائتي جزء وقيل إنه ولي قضاء مكة وقيل: تولى

عبيد الله بن الحسن أبو القاسم بن الجلاب

القضاء بالشام أيضاً وهو من شيوخ المالكيين وفهماء أصحاب مالك وحذاقهم ونظارهم وحفاظهم وأئمة مذهبهم روى عنه أبو القاسم الشافعي وأبو إسحاق بن شعبان وأبو الفرج وغيرهم. ومن السابعة من العراق والمشرق: عبيد الله بن الحسن أبو القاسم بن الجلاب ويقال: ابن الحسين بن الحسن تفقه بالأبهري وغيره وله كتاب في مسائل الخلاف وكتاب التفريع في المذهب مشهور وكان أحفظ أصحاب الأبهري وأنبلهم وتفقه به القاضي عبد الوهاب وغيره من الأئمة. وتوفي منصرفه من الحج سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة. قال بن رشيق: رأيت في طبقات الشيرازي: أن اسمه عبد الرحمن.

عبيد الله بن الإمام يحيى بن يحيى الليثي

عبيد الله بن الإمام يحيى بن يحيى الليثي فقيه قرطبة ومسند الأندلس يكنى أبا مروان كان ذا حرمة عظيمة وجلالة روى عن والده الموطأ وحمل عنه بشر كثير. توفي سنة ثمان وتسعين ومائتين رحمه الله تعالى.

من اسمه عبد الرحمن من الطبقة الوسطى من أصحاب مالك من أهل البصرة

من اسمه عبد الرحمن من الطبقة الوسطى من أصحاب مالك من أهل البصرة: عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري يكنى أبا سعيد مولى الأزد بصري سمع السفيانين والحمادين ومالكاً وشعبة وعبد العزيز وشريكاً وغيرهم. روى عنه بن وهب وابن حنبل ويحيى وابن المديني وابنا أبي شعبة وأبو عبيد وأبو ثور وأخرج عنه البخاري ومسلم ولازم مالكاً فأخذ عنه كثيراً من الفقه والحديث وعلم الرجال وله معه حكايات قال بن المديني: كان بن مهدي يذهب إلى قول مالك وكان مالك يذهب إلى قول سليمان بن يسار وكان سليمان يذهب إلى قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعنا به. وكان يجالس الشافعي ويصحبه مع أحمد بن حنبل فكان الشافعي يقول لهما: ما صح عندكما من الحديث فأعلماني به لأتبعه لأنكما أعلم بالحديث مني. ذكر ثناء الناس عليه وذكر فضله: قال علي بن المديني - مرات: أحلف بالله ما بين الركن والمقام إني لم أر أحداً قط أعلم بالحديث من بن مهدي وقال: هو أعلم الناس وقال بن حنبل: بن مهدي من معادن الصدق.

وكان ورعاً منذ كان وقال بن مهدي: كتب عني الحديث بحلقة مالك وقيل لابن مهدي: إن فلاناً صنف كتاباً في الرد على الجهمية؟ فقال عبد الرحمن: رد عليهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: لا بل بالرأي والعقول فقال: أخطأ رد بدعة ببدعة. قال بن المديني: كان بن مهدي يقال له في الحديث: روى فلان كذا فيقول: هو خطأ وينبغي أن يكون من وجه كذا فنفتش عليه فنجده كما قال وقال بن مهدي: من فرض الرياسة تبعته ومن طلبها لم يكن ينالها. وتوفي بن مهدي بالبصرة في جمادى الأخيرة سنة ثمان وتسعين ومائة وهو بن ثلاث وستين سنة ويقال: مولده سنة خمس ويقال: أربع ويقال: ست وثلاثين ومائة رحمه الله تعالى.

عبد الرحمن بن القاسم العتقي

ومن مصر: عبد الرحمن بن القاسم العتقي الإمام المشهور يكنى أبا عبد الله وهو عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة ومن قال فيه جبارة فقد أخطأ مولى زيد بن الحارث العتقي قال بن الحارث: هو منسوب إلى العبيد الذين نزلوا من الطائف إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجعلهم أحراراً. روى عن مالك والليث وعبد العزيز بن الماجشون ومسلم بن خالد الزنجي وغيرهم روى عنه أصبغ وسحنون وعيسى بن دينار والحارث بن مسكين ويحيى بن يحيى الأندلسي وأبو زيد بن الغمر ومحمد بن عبد الحكم وغيرهم وخرج عنه البخاري في صحيحه. وذكر بن القاسم لمالك فقال: عافاه الله مثله كمثل جراب مملوء مسكاً. قال الدارقطني: هو من كبار المصريين وفقهائهم رجل صالح مقل صابر متقن حسن الضبط.

سئل مالك عنه وعن بن وهب فقال: بن وهب عالم وابن القاسم فقيه. وقال النسائي: بن القاسم ثقة رجل صالح سبحان الله ما أحسن حديثه وأصحه عن مالك ليس يختلف في كلمة ولم يرو - أحد الموطأ عن مالك أثبت من بن القاسم وليس أحد من أصحاب مالك عندي مثله قيل له: فأشهب؟ قال: ولا أشهب ولا غيره وهو عجب من العجب: الفضل والزهد وصحة الرواية وحسن الحديث حديثه يشهد له. وقال بن وهب لأبي ثابت: إن أردت هذا الشأن يعني فقه مالك فعليك بابن القاسم فإنه انفرد به وشغلنا بغيره. وبهذا الطريق رجح القاضي أبو محمد: عبد الوهاب مسائل المدونة لرواية سحنون لها عن بن القاسم وانفرد بن القاسم بمالك وطول صيته له وأنه لم يخلط به غيره - إلا في شيء يسير ثم كون سحنون أيضاً مع بن القاسم بهذا السبيل مع ما كانا عليه من الفضل والعلم. وقال يحيى بن يحيى: كان بن القاسم أعلمهم بعلم مالك وآمنهم عليه. وقال بن حارث: هو أقعد الناس بمذهب مالك وسمعنا الشيوخ يفضلون بن القاسم على جميع أصحابه في علم البيوع وقال له مالك: اتق الله وعليك بنشر هذا العلم وقال الحارث بن مسكين: كان في بن القاسم: العلم

والزهد والسخاء والشجاعة والإجابة وقال أحمد بن خالد: لم يكن عند بن القاسم إلا الموطأ وسماعه من مالك: كان يحفظهما حفظاً إلا أنه كان لا يحسن أن يقرأ وغاب القارئ يوماً فاحتاج إلى أن يقرأ فما أتم صفحة حتى احمر وجهه ولم يقدر على شيء وقال انظروا من يقرأ لكم وسئل أشهب عن بن القاسم وابن وهب فقال: لو قطعت رجل بن القاسم لكانت أفقه من بن وهب وكان ما بين أشهب وابن القاسم متباعداً فلم يمنعه ذلك من قول الحق فيه وكان علم أشهب: الجراح وعلم بن القاسم: البيوع وعلم بن وهب: المناسك وجمع بن القاسم بين الفقه والورع وصحب مالكاً عشرين سنة وتفقه به وبنظرائه. وقال: قيل لي في المنام - إذا عزمت على الطلب: أن أحببت العلم فعليك بعالم الآفاق فقلت: ومن عالم الآفاق؟ فقيل لي: مالك. ولابن القاسم سماع عن مالك: عشرون كتاباً وكتاب المسائل في بيوع الآجال. وكان بن القاسم لا يقبل جوائز السلطان وكان يقول: ليس في قرب الولاة ولا في الدنو منهم خير وكان يقول: إياك ورق الأحرار فسئل

فقال: كثرة الإخوان. قال بن خلكان: جنادة: بضم الجيم ونون مفتوحة بعد الألف دال مهملة ثم هاء ساكنة والعتقي: بضم العين المهملة وفتح التاء المثناة من فوق وبعدها قاف مكسورة هذه النسبة إلى العتقاء وليسوا من قبيلة واحدة بل هم من قبائل شتى: من حجر حمير ومن سعد العشيرة ومن كنانة مضر قال أبو عبد الله القضاعي: وكانت القبائل التي نزلت الطائف العتقاء وهم جماعة من القبائل كانوا يقطعون الطريق على من أراد الإتيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بهم أسرى فأعتقهم صلى الله عليه وسلم فقيل لهم العتقاء. وعبد الرحمن: مولى زيد بن الحارث العتقي وقبره خارج باب القرافة الصغرى قبالة قبر أشهب وهما بالقرب من السور رضي الله عنهما. قال بن سحنون: توفي بن القاسم بمصر - في صفر سنة إحدى وتسعين ومائة وهو بن ثلاث وستين سنة ومولده سنة اثنتين وثلاثين ومائة وقيل سنة ثمان وعشرين ومائة رحمه الله تعالى.

عبد الرحمن بن إبراهيم بن عيسى بن يحيى بن بريد

ومن الطبقة الثالثة ممن لم ير مالكاً والتزم مذهبه من الأندلس: عبد الرحمن بن إبراهيم بن عيسى بن يحيى بن بريد براء مهملة مولى معاوية بن أبي سفيان غلبت عليه كنيته: أبو زيد وهو جد بني أبي زيد بقرطبة - المضاف إليه الدرب بمقبرة جامع قرطبة وكان يعرف - بلسان أهل الأندلس القديم - بابن تارك الفرس. سمع من يحيى بن يحيى ورحل إلى المشرق قديماً فأدرك بن كنانة: وابن الماجشون ومطرف بن عبد الله ونظراءهم من المدنيين ولقي بمكة أبا عبد الرحمن المقري صاحب بن عيينة وبمصر: أصبغ بن الفرج. وروى عنه محمد بن لبابة وابن حميد وسعيد بن عثمان الأعناقي وأبو صالح ومحمد بن سعيد بن الملون ومحمد بن فطيس وغيرهم وله من سؤاله المدنيين ثمانية كتب تعرف بالثمانية مشهورة وكان عنده حديث كثير والأغلب عليه الفقه وكان متقدماً في الشورى في حياة يحيى بن يحيى وهو فتى. كان بن لبابة والأعناقي يصفانه بالعلم والفقه والتفقه ويقال في كنيته أبو يزيد وأراه تصحيفاً لأن بنيه إلى اليوم يعرفون ببني أبي زيد ودربه بقرب الجامع بقرطبة يعرف بدرب أبي زيد. توفي سنة ثمان وخمسين وقيل: في جمادى الأخيرة - سنة تسع وخمسين ومائتين.

عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد الغافقي الجوهري أبو القاسم

ومن الطبقة السادسة من مصر: عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد الغافقي الجوهري أبو القاسم فقيه كثيراً الحديث من شيوخ الفسطاط وكبار فقهاء المالكية وشيوخ السنة سمع من بن شعبان ومؤمل بن يحيى وأبي القاسم العثماني والحسن بن رشيق وأحمد بن محمد الإمام وأبي الطاهر القاضي وأبي علي المطرز وعبد الصمد بن محمد النيسابوري وحمزة بن محمد الكناني وغيرهم. روى عنه أبو بكر بن عبد الرحمن وأبو محمد الأجدابي من القرويين ومن المصريين: ابنه وأبو الحسين بن فهد وأبو العباس بن نفيس المقري وأبو علي الحراني وأبو بكر بن عقال وابن الحذاء وأبو عمر الطلمنكي قال أبو عبد الله بن الحذاء: كان فقيهاً ورعاً منقبضاً خيراً من جلة الفقهاء وكان قد لزم بيته لا يخرج منه قال الباجي: لا بأس به

عبد الرحمن بن موسى الهواري أبو موسى

وألف كتاب: مسند الموطأ وكتاب مسند ما ليس في الموطأ. توفي سنة خمس وثمانين وثلاثمائة رحمه الله تعالى ورضي عنه. ومن الطبقة الوسطى من أصحاب مالك من أهل الأندلس: عبد الرحمن بن موسى الهواري أبو موسى من أهل إستجة استقضي على بلده لقي مالكاً وابن عيينة وغيرهما والأصمعي وأبا زيد وغيرهما من رواة الغريب كان حافظاً للفقه والتفسير والقراءات وله كتاب في تفسير القرآن وكان إذا قدم قرطبة لم يفت عيسى ولا يحيى ولا سعيد بن حسان حتى يرحل عنها توقيراً له وكان فصيحاً ضرباً من الإعراب رحمه الله تعالى. ومن الطبقة الصغرى من أصحاب مالك من مصر: عبد الرحمن بن أبي جعفر الدمياطي روى عن مالك وسمع من كبار أصحابه كابن وهب وابن القاسم وأشهب وله عنهم سماع مختصر مؤلف حسن وهذه الكتب معروفة باسمه تسمى بالدمياطية.

عبد الرحمن أبو زيد بن عمر بن أبي الغمر

روى عنه يحيى بن عمر والوليد بن معاوية وعبيد بن عبد الرحمن وغيرهم. توفي سنة ست وعشرين ومائتين. ومن الطبقة الأولى ممن لم ير مالكاً من مصر: عبد الرحمن أبو زيد بن عمر بن أبي الغمر مولى بني سهم يروي عن يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني وابن القاسم وأكثر عنه وابن وهب وغيرهم ورأى مالكاً ولم يأخذ عنه شيئاً روى عنه ابناه وأخرج عنه البخاري في صحيحه وأبو زرعة محمد بن المواز وأبو إسحاق البرقي ويحيى بن عمر. وله سماع من بن القاسم - مؤلف. هو شيخ ثقة قال الكندي: كان فقيهاً مفتياً قال بن بان: والذي لا إله إلا هو ما رأيت أفضل من أبي زيد بن أبي الغمر ولا أحاشي أحداً. توفي سنة أربع وثلاثين ومائتين مولده سنة ستين ومائة رحمه الله تعالى.

عبد الرحمن بن دينار

ومن أهل الأندلس: عبد الرحمن بن دينار قال الرازي: كان فقيهاً عالماً حافظاً يكنى أبا زيد كانت له رحلتان استوطن في إحداهن المدينة وهو الذي أدخل المعروفة بالمدينة إلى المغرب سمعها منه أخوه عيسى ثم خرج بما عيسى فعرضها على بن القاسم فرد فيها أشياء من رأيه. كان عبد الرحمن من الحفاظ المتقدمين وخيار الصالحين وبنو دينار معروفون بالعلم. توفي سنة سبع وعشرين ومائتين رحمه الله تعالى ورضي عنه.

عبد الرحمن بن عيسى بن محمد يعرف بابن مدارج أبو المطرف

ومن الطبقة السادسة من الأندلس: عبد الرحمن بن عيسى بن محمد يعرف بابن مدارج أبو المطرف أخذ ببلده طليطلة عن عبد الله بن سعيد وبقرطبة عن ابن أيمن وقاسم بن أصبغ وناظر عندهم في الفقه وأكثر من الرواية ورحل إلى المشرق فلقي جماعة من الشيوخ الأعيان كان ممن جمع الحديث والرأي وحفظ وأتقن وكان من أهل العلم والعمل به ورعاً عالماً بمذهب مالك حافظاً له راسخاً في علمه يتكلم في كل علم ويغلب عليه الفقه كان يتفقه عنده ويسمع منه وله أوضاع كثيرة في غير ما فن من فنون العلم وكان يرحل إليه للرواية والتفقه ويذكر عنه استجابة الدعوة وتوفي في جمادى الأخيرة سنة ثلاث وستين وثلاثمائة.

عبد الرحمن القاضي بن أحمد بن سعيد بن محمد بن بشير

ومن الطبقة الثامنة من الأندلس: عبد الرحمن القاضي بن أحمد بن سعيد بن محمد بن بشير مولى بنى فطيس أبو المطرف المعروف بابن الحصار كان هذا من أجل علماء وقته. صحب بن ذكوان: قاضي الجماعة وكتب له وولي الشورى ثم ولي القضاء ولم يكن في وقته مثله وبه تفقه بن عتاب وكتب بين يديه وكان يفخر بن عتاب بذلك ويثني عليه وكانت مدة قضائه اثنتي عشرة سنة. توفي سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة. قال صاحب الصلة: كان بن عتاب يحله من الفقه بمحل كبير ومن علم الشروط والوثائق بمنزلة عالية ومرتبة سامية ويصفه بالعلم البارع والدين والفضل والتفنن في العلوم ويذهب به كل مذهب ويقول: إنه آخر القضاة والجلة من العلماء وصحبه بن عتاب عشرين عاماً قال: سمعت شيخنا أبا محمد بن عتاب - رحمه الله - يقول: سمعت أبي - رحمه الله - يحكي مراراً قال: كنت أرى القاضي بن بشير في المنام - بعد موته - في هيئته التي كنت أعهده فيها فكنت أسلم عليه وكنت أدري أنه ميت وأسأله عن حاله وعما صار إليه فكان يقول: إلى خير ويسر

عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن أحمد بن العجوز الكتامي أخو عبد العزيز

بعد شدة فكنت أقول له: وما تذكر من فضل العلم؟ فكان يقول لي: ليس هذا العلم يشير إلى علم الرأي ويشير إلى أن الذي انتفع به من ذلك ما كان عنده من علم كتاب الله جل ثناؤه وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن حيان: لم يأت بعده مثله في الكمال لمعاني القضاء. كان مولده سنة أربع وستين وثلاثمائة ووفاته كما تقدم في كلام القاضي عياض رحمه الله تعالى. ومن التاسعة من أهل سبتة: عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن أحمد بن العجوز الكتامي أخو عبد العزيز من أهل الفقه والصلاح شهر ذكره في العلم بسبتة والمغرب - بعد أبيه - وكان حسن الأخلاق ذا علم وفضل ونباهة ولقي أبا إسحق التونسي في منصرفه من الحج وأخذ معه في المسائل وأخذ عنه جماعة من السبتيين.

عبد الرحمن بن المطرف بن سلمة

ومن العاشرة من الأندلس: عبد الرحمن بن المطرف بن سلمة فقيه طليطلة وحافظها ومفتيها كان من أحفظ الناس وأعرفهم بطريق الفتيا ذا فضل وصلاح روى عنه القاضي أبو الأصبغ بن سهل وتفقه عند شيخنا محمد بن أبي جعفر. قال صاحب الصلة: ومن شيوخه أبو عمر الطلمنكي وأبو بكر بن مغيث والمنذر بن المنذر وغيرهم. كان حافظاً للمسائل درياً بالفتوى نوظر عليه في الفقه. وتوفي في عقب صفر من سنة ثمان وتسعين وأربعمائة. ومن الثانية عشر التي ذكرها محمد بن رشيق من أهل سبتة: عبد الرحمن الفقيه أبو القاسم بن محمد بن عبد الرحمن بن العجوز أخذ عن أبيه وغيره وكان عالماً نبيلاً بصيراً بالأحكام والوثائق عالماً بالاحتجاج حضرت مجلسه في تدريس المدونة فما رأيت أحسن منه احتجاجاً ولا أبين منه توجيهاً ولي قضاء الجزيرة وقضاء سلا ثم قضاء مراكش - رحمه الله -.

عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس

ومن الصلة لابن بشكوال: عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس واسم هذا: سليمان وفطيس: لقب له يكنى أبا المطرف قاضي الجماعة بقرطبة روى عن أبي الحسن الأنطاكي المقري وأبي محمد القلعي وأبي محمد الباجي وأبي محمد الأصيلي وخلق يكثر إيرادهم من أهل المشرق والعراق. وكان - رحمه الله - من كبار المحدثين وصدور العلماء المسندين حافظاً للحديث متقناً لعلومه وله مشاركة في سائر العلوم وجمع من الكتب في أنواع العلم ما لم يجمعه أحد من أهل عصره بالأندلس وكان له ستة وراقين ينسخون له دائماً وكان وقد رتب لهم على ذلك راتباً معلوماً وكان لا يسمع بكتاب حسن إلا اشتراه أو استنسخه ولما توفي اجتمع أهل قرطبة لبيع كتبه فأقاموا في بيعها مدة عام كامل في المسجد وكان ذلك في وقت الغلاء والفتنة فاجتمع فيها من الثمن أربعون ألف دينار قاسمية يبلغ صرفها ثمانمائة ألف درهم وتقلد رحمه الله تعالى قضاء قرطبة مقروناً بولاية صلاة الجمعة والخطبة مضافاً إلى ذلك الخطة العليا من الوزارة وكان ذا صلابة في الحق ونصرة للمظلوم وقمع للظالم. حدث عنه أبو عمر بن عبد البر وغيره من الكبار كأبي عمر الطلمنكي وابن الحذاء والخولاني وغيرهم.

عبد الرحمن بن محمد بن عتاب

وله تآليف كثيرة مفيدة يطول إيرادها. توفي سنة اثنتين وأربعمائة. عبد الرحمن بن محمد بن عتاب يكنى أبا محمد هو آخر الشيوخ الجلة الأكابر بالأندلس - في علو الإسناد وسعة الرواية روى عن أبيه وأكثر عنه وأجاز له من الشيوخ خلق كثير وكان عالماً بالقراءات السبع وكثير من التفسير وغريبه ومعانيه مع حظ وافر من اللغة وتفقه عند أبيه وشوور في الأحكام بقية عمره وكان صدراً فيما يستفتى فيه وكانت الرحلة في وقته إليه ومدار أصحاب الحديث عليه وله تآليف حسنة مفيدة وسمع منه الآباء والأبناء وكثر انتفاع الناس به. توفي سنة عشرين وخمسمائة.

عبد الرحمن السهيلي

ومن الوفيات لابن خلكان: عبد الرحمن السهيلي أبو القاسم وأبو زيد عبد الرحمن بن الخطيب أبي محمد بن عبد الله بن الخطيب أبي عمر أحمد بن أبي الحسن: أصبغ بن حسين بن سعدون بن رضوان بن فتوح السهيلي الإمام المشهور صاحب كتاب: الروض الأنف في شرح سيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وله كتاب التعريف والإعلام فيما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام وله كتاب نتائج الفكر وكتاب شرح آية الوصية في الفرائض كتاب بديع ومسألة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ومسألة السر في عور الدجال - إلى غير ذلك من تآليفه المفيدة وأوضاعه الغريبة وكان له حظ وافر من العلم والأدب. أخذ الناس عنه وانتفعوا به ومن شعره قال بن دحية: أنشدني وقال إنه ما سأل الله بها حاجة إلا أعطاه إياها وكذلك من استعمل إنشادها وهي: يا من يرى ما في الضمير ويسمع ... أنت المعد لكل ما يتوقع يا من يرجى للشدائد كلها ... يا من إليه المشتكى والمفزع يا من خزائن ملكه في قول كن ... امنن فإن الخير عندك أجمع

مالي سوى فقري إليك وسيلة ... فبالافتقار إليك فقري أدفع مالي سوى قرعي لبابك حيلة ... فلئن رددت فأي باب أقرع ومن الذي أدعو وأهتف باسمه ... إن كان فضلك عن فقيرك يمنع؟ حاشا لمجدك أن تقنط عاصياً ... الفضل أجزل والمواهب أوسع ثم الصلاة على النبي وآله ... خير الأنام ومن به يستشفع وله أشعار كثيرة وكان ببلده يتسوغ بالعفاف ويتبلغ بالكفاف حتى نما خبره إلى صاحب مراكش فطلبه إليها وأحسن إليه وأقبل بوجهه كل الإقبال عليه وأقام بها نحو ثلاثة أعوام. وذكره الذهبي فقال: أبو زيد وأبو القاسم وأبو الحسن: عبد الرحمن العلامة الأندلسي المالقي الضرير النحوي الحافظ العلم صاحب التصانيف أخذ القراءات عن سليمان بن يحيى وجماعة وروى عن بن العربي القاضي أبي بكر وغيره من الكبار وبرع في العربية واللغة والأخبار والأثر وتصدر للإفادة وذكر الآثار. وحكي عنه أنه قال: أخبرنا أبو بكر بن العربي - في مشيخته عن أبي المعالي أنه سأله في مجلسه رجل من العوام فقال: أيها الفقيه الإمام: أريد أن تذكر لي دليلاً شرعياً على أن الله تعالى لا يوصف بالجهة ولا يحدد بها؟ فقال: نعم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" لا تفضلوني على يونس بن متى ". فقال الرجل: إني لا أعرف وجه الدليل من هذا الدليل؟ وقال كل من حضر المجلس مثل قول الرجل فقال أبو المعالي: أضافني الليلة ضيف له علي ألف دينار وقد شغلت بالي فلو قضيت عني قلتها. فقام رجلان من التجار فقالا هي في ذمتنا فقال أبو المعالي لو كان رجلاً واحداً يضمنها كان أحب إلي فقال أحد الرجلين - أو غيرهما: هي في ذمتي فقال أبو المعالي: نعم إن الله تعالى أسرى بعبده إلى فوق سبع سموات حتى سمع صرير الأقلام والتقم يونس الحوت فهوى به إلى جهة التحت من الظلمات ما شاء الله فلم يكن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في علو مكانه بأقرب إلى الله تعالى من يونس - في بعد مكانه فالله تعالى لا يتقرب إليه بالأجرام والأجسام وإنما يتقرب إليه بصالح الأعمال ومن شعره: إذا قلت يوماً: سلام عليكم ... ففيها شفاء وفيها السقام شفاء إذا قلتها مقبلاً ... وإن أنت أدبرت فيها الحمام قال صاحب الوفيات: والسهيلي بضم السين المهملة وفتح الهاء وسكون

عبد الرحمن بن محمد بن عسكر شهاب الدين البغدادي المالكي

الياء المثناة من تحت وبعدها لام ثم ياء هذه النسبة إلى سهيل وهي قرية بالقرب من مالقة سميت باسم الكوكب لأنه لا يرى في جميع الأندلس إلا من جبل مطل عليها ومالقة بفتح اللام والقاف وهي مدينة بالأندلس. وقال السمعاني: بكسر اللام وهو غلط. وتوفي بمراكش سنة إحدى وثمانين وخمسمائة وكان رحمه الله مكفوفاً وعاش اثنتين وسبعين سنة. وفي كتاب العبر للذهبي: عبد الرحمن بن محمد بن عسكر شهاب الدين البغدادي المالكي مدرس المدرسة المستنصرية كان فقيهاً عالماً زاهداً سالكاً طريق الزهد والصلاح والعبادة وله في ذلك تأليف حسن وله التصانيف الحسنة المفيدة منها: كتاب المعتمد في الفقه غزير العلم وذكر فيه مشهور الأقوال غالباً وكتاب العمدة

عبد الرحمن أبو القاسم بن محمد الحضرمي المعروف باللبيدي

في الفقه وكتاب الإرشاد في الفقه أبدع فيه كل الإبداع جعله مختصراً وحشاه بمسائل وفروع لم تحوها المطولات مع إيجاز بليغ وله في الحديث وغيره تآليف مشهورة. كان مشاركاً في علوم جمة وكتبه تدل على فضيلته. توفي رحمه الله تعالى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة. ومن مختصر المدارك من الطبقة الثانية من إفريقية: عبد الرحمن أبو القاسم بن محمد الحضرمي المعروف باللبيدي ولبيدة من قرى الساحل من مشاهير علماء إفريقية ومؤلفيها وعبادها تفقه بأبي محمد بن أبي زيد وأبي الحسن القابسي وسمع من شيوخ إفريقية وعباد أهل الرباط وسمع الشيخ الفاضل أبا إسحق الجبنياني وانتفع به. روى عنه بن سعدون وغيره وألف كتاباً بليغاً في المذهب كبيراً أزيد من مائتي جزء كبار في مسائل المدونة وبسطها والتفريع عليها. وزيادات الأمهات ونوادر الروايات وألف أخبار أبي إسحاق الجبنياني وفضائله وكتاباً في اختصار المدونة سماه الملخص وكان ينظم الشعر ويحسن القول فمما أنشد لنفسه قوله: أنت العلي وأنت الخالق الباري ... أنت العليم بما تخفيه أسراري أنت العليم بما في الخلق مقدرة ... في وسع عيش وفي بؤس وإقتار عسى المليك يذود النفس عن عطب ... يجلو العماء بتوفيق وأنوار

عبد الرحمن أبو المطرف بن مروان بن عبد الرحمن القنازعي

توفي بالقيروان سنة أربعين وأربعمائة. ومن الأندلس: عبد الرحمن أبو المطرف بن مروان بن عبد الرحمن القنازعي قرطبي فقيه زاهد ورع متقشف مجاب الدعوة تفقه بالأصيلي وأبي عمر بن المكوى وغيرهما وسمع الحديث من أبي عيسى والقلعي وابن عون الله وغيرهم ثم رحل وحج وسمع بمصر وامتحن في الفتنة بالبربر - أيام ظهورهم على قرطبة - محنة أودت بحاله وقدحت في خاطره فعراه طيف خيال يغشاه ولا يؤذيه. وكان أقرأ من بقي وله تفسير في الموطأ مشهور مفيد حسن التأليف واختصار كتاب بن سلام في تفسير القرآن واختصار وثائق بن الهندي روى عنه بن عتاب وابن عبد البر وابن الطبني وغيرهم. وكان يلبس قميصاً أبيض على فروة وربما لبس الفروة دونه. توفي سنة ثلاث عشرة وأربعمائة في رجب.

عبد الرحمن بن الإمام أبي زيد

عبد الرحمن بن الإمام أبي زيد شيخ المالكية بتلمسان الإمام العلامة الأوحد وهو أكبر الأخوين المشهورين بأولاد الإمام التنسي البرشكي التلمساني واسم أخيه: أبو موسى عيسى وهذان الأخوان مما فاضلا المغرب في وقتهما وكانا خصيصين بالسلطان أبي الحسن المريني وتخرج بهما كثير من الفضلاء لهما التصانيف المفيدة والعلوم النفيسة. توفي سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة. عبد الرحمن بن أحمد بن محمد ويعرف بابن القصير غرناطي كان فقيهاً مشاوراً رفيع القدر جليلاً بارع الأدب عارفاً بالوثيقة نقاداً لها صاحب رواية ودراية وولي القضاء وأخذ عن أبي الوليد بن رشد وأبي محمد: عبد الحق بن عطية وأبي الفضل: عياض بن موسى وابن الباذش وأبي إسحق بن رشيق وأبي بكر بن العربي وأبي عبد الله بن أبي الخصال وأبي الحسن بن مغيث وغيرهم من العلماء الجلة. وله تآليف وخطب ورسائل ومقامات وجمع مناقب من أدركه من أهل عصره واختصر كتاب الجمل لابن خاقان الأصبهاني وغيره وألف برنامجاً بضم رواياته. توفي سنة ست وسبعين وخمسمائة رحمه الله تعالى.

من اسمه عبد الرحيم من الطبقة الأولى من أصحاب مالك من أهل إفريقية

من اسمه عبد الرحيم من الطبقة الأولى من أصحاب مالك من أهل إفريقية عبد الرحيم بن أشرس وقيل: اسمه العباس وقيل عبد الرحمن هو أنصاري من العرب ثقة فاضل: سمع من مالك روى عنه بن القاسم وفي رجال بن وهب: أبو الأشرس: عبد الرحمن بن أشرس المغربي التونسي ولعله أخ لأبي مسعود وكان يكنى أبا مسعود وقد بين هذا بن شعبان فقال عنه: أبو مسعود: عبد الرحمن بن الأشرس ويقال: عبد الرحيم كان حافظاً. روى عن مالك وعبد الله العمري روى عنه بن وهب وجماعة.

عبد الرحيم بن أحمد الكتامي أبو عبد الرحمن المعروف بابن العجوز

عبد الرحيم بن أحمد الكتامي أبو عبد الرحمن المعروف بابن العجوز سبتي من كبار قومه كتامة من فخذ يسمى أجان وكانت له ولأبيه فيهم وفي المغرب رياسة بالعلم وإليه كانت الرحلة في المغرب في وقته وعليه كانت تدور الفتيا. وله عقب نجباء في العلم بلغوا إلى خمسة أئمة إمام بن إمام فضلاء في عصرهم. ورحل عبد الرحيم إلى الأندلس وإفريقية ولازم الفقيه أبا محمد بن أبي زيد واختص به وسمع منه كتبه النوادر والمختصر وجاء بهما وبغيرهما إلى سبتة. وسمع من دراس بن إسماعيل الفاسي وأبي محمد الأصيلي ووهب بن مسرة الحجازي وكانت رحلته ورحلة الرجل الصالح أبي محمد بن غالب إلى القيروان من سبتة في نحو الثمانين وثلاثمائة قرب وفاة أبي محمد. أخذ عنه الناس بسبتة علماً كثيراً وتفقهوا عليه وسمعوا منه كان من حفاظ المذهب القائمين به.

روى عنه جماعة من فقهاء سبتة: أبو محمد: قاسم بن المأموني ومحمد بن عبد الرحمن بن سليمان وابن خلف الله وإبراهيم بن يعقوب الكتامي وأبو عمران بن أبي سوار من قلعة حماد وجماعة من أهل سبتة وفاس. وتوفي سنة ثلاث عشرة وأربعمائة وكان له إخوة لم ينتهوا إلى منزلته في العلم: عبد الحميد وعبد الملك وكان له بنون نجباء: عبد العزيز وعبد الرحمن فأما عبد العزيز وعبد الرحمن فحازا الرياسة بعد أبيهما وأما عبد الكريم فطلب العلم وكان أكثر إقامته بكتامة وخالط السلطان وطالت حياته بعد إخوته ومات مقتولاً رحمه الله.

من اسمه عبد الملك من الطبقة الوسطى من أهل المدينة من أصحاب مالك

من اسمه عبد الملك من الطبقة الوسطى من أهل المدينة من أصحاب مالك عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون كنيته أبو مروان واسم أبي سلمة: ميمون ويقال: دينار مولى بني تميم من قريش ثم لآل المنكدر والماجشون هو أبو سلمة والماجشون: المورد بالفارسية سمي بذلك لحمرة في وجهه وقيل: إنهم من أهل أصبهان انتقلوا إلى المدينة فكان أحدهم يلقى الآخر فيقول: شوني شوني يريد: كيف أنت؟ فلقبوا بذلك. وحكي أن ماجش: موضع بخراسان نسبوا إليه. كان عبد الملك فقيهاً فصيحاً دارت عليه الفتوى في أيامه إلى أن مات وعلى أبيه قبله فهو فقيه بن فقيه وكان مفتي أهل المدينة في زمانه وكان ضرير البصر ويقال إنه عمي آخر عمره وبيته بيت علم وحديث بالمدينة تفقه بأبيه ومالك وغيرهما. وكان إذا ذاكره الشافعي لم يعرف الناس كثيراً ما يقولان لأن الشافعي تأدب بهذيل في البادية وعبد الملك تأدب

في خئولته من كلب بالبادية. وقال يحيى بن أكثم القاضي: عبد الملك بحر لا تكدره الدلاء وأثنى عليه سحنون وفضله وقال: هممت أن أرحل إليه وأعرض عليه هذه الكتب فما أجاز منها أجزت وما ورد رددت وأثنى عليه بن حبيب كثيراً وكان يرفعه في الفهم على أكثر أصحاب مالك. وتفقه به خلق كثير وأئمة جلة كأحمد بن المعذل وابن حبيب وسحنون وقال إسماعيل القاضي: ما أجزل كلامه وأعجب تفصيلاته وأقل فضوله وكان يجيد تفسير الرؤيا. ومن وفيات الأعيان لابن خلكان: قال أحمد بن المعذل: كلما تذكرت أن التراب يأكل لسان عبد الملك صغرت الدنيا في عيني وسئل أحمد بن المعذل فقيل له: أين لسانك من لسان أستاذك عبد الملك؟ فقال: كان لسان عبد الملك إذا تعايا أحيا من لساني إذا تحايا. وماجشون: بكسر الجيم وبعدها شين معجمة مضمومة وهو المورد ويقال الأبيض الأحمر وهو لقب أبي يوسف: يعقوب بن أبي سلمة عم والد عبد الملك ولقبته بذلك سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وجرى هذا اللقب على أهل بيته من بنيه وبني أخيه. هذا مختصر من بعض ترجمته. توفي سنة اثنتي عشرة وقيل: ثلاث عشرة وقيل: أربع عشرة ومائتين وهو بن بضع وستين سنة.

عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن هارون بن جناهمة بن عباس بن مرداس السلمي

ومن الطبقة الأولى الذين انتهى إليهم فقه مالك والتزموا مذهبه ممن لم يره من أهل الأندلس: عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن هارون بن جناهمة بن عباس بن مرداس السلمي يكنى أبا مروان ونقل من خط الحكم المستنصر بالله أنه عبد الملك بن حبيب بن ربيع بن سليمان السلمي من - أنفسهم - العصار كان يعصر الأدهان ويستخرجها. أصله من طليطلة وانتقل جده سليمان إلى قرطبة وانتقل أبوه أبو حبيب وإخوته في فتنة الربض إلى إلبيرة قيل إنه من مواليهم وقيل من أنفسهم كان بالبيرة. روى بالأندلس عن صعصعة بن سلام والغازي بن قيس وزياد بن عبد الرحمن ورحل سنة ثمان ومائتين فسمع بن الماجشون ومطرفاً وإبراهيم بن المنذر الحزامي وعبد الرحمن بن رافع الزبيدي وابن أبي أويس وعبد الله بن عبد الحكم وعبد الله بن المبارك وأصبغ بن الفرج وأسد بن موسى وجماعة سواهم وانصرف إلى الأندلس - سنة ست عشرة وقد جمع علماً عظيماً فنزل بلده إلبيرة وقد انتشر سموه في العلم والرواية فنقله

الأمير عبد الرحمن بن الحكم إلى قرطبة ورتبه في طبقة المفتيين فيها فأقام مع يحيى بن يحيى زعيمها في المشاورة والمناظرة وكان الذي بينهما شين جداً ومات يحيى قلبه فانفرد عبد الملك بعده بالرياسة. سمع منه ابناه: محمد وعبيد الله وبقي الدين بن مخلد وابن وضاح والمغامي في جماعة وكان المغامي آخرهم موتاً. وكان عبد الملك حافظاً للفقه على مذهب مالك نبيهاً فيه: غير أنه لم يكن له علم بالحديث ولا معرفة بصحيحه من سقيمه. وقال بن مزين وابن لبابة: عبد الملك عالم الأندلس وسئل بن الماجشون عن أعلم الرجلين: التنوخي القروي أو الأندلسي السلمي؟ فقال: السلمي مقدمه علينا أعلم من التنوخي منصرفه عنا ثم قال للسائل: أفهمت. قال أحمد بن عبد البر: كان جماعاً للعلم كثير الكتب طويل اللسان فقيه البدن نحوياً عروضياً شاعراً نسابة إخبارياً وكان أكثر من يختلف إليه: الملوك وأبناؤهم وأهل الأدب وقال نحوه بن فحلون قال: وكان يأبى إلا معالي الأمور وكان ذاباً عن مذهب مالك. ولما رحل قال عيسى: إنه لأفقه ممن يريد أن يأخذ عنه العلم وقال بعضهم: رأيته يخرج من الجامع وخلفه نحو ثلاثمائة بين طالب حديثه وفرائض وفقه وإعراب وقد رتب الدول عنده كل يوم ثلاثين دولة - لا يقرأ

عليه فيها شيء إلا كتبه وموطأ مالك. وكان صواماً قواماً وكان أكثر فقهاء الأندلس وشعرائهم يعني عبد الملك أخذوا من مجلسه بحظ وقال المغامي: لو رأيت ما كان على باب بن حبيب لازدريت غيره. ولما نعي إلى سحنون استرجع وقال: مات عالم الأندلس بل والله عالم الدنيا وهذا يرد ما روي عنه من خلاف هذا. وذكره بن الفرضي في طبقات الأدباء فجعله صدراً فيهم وقال: كان قد جمع إلى إمامته في الفقه التبجح في الأدب والتفنن في ضروب العلم وكان فقيهاً مفتياً: نحوياً لغوياً نسابة إخبارياً عروضياً فائقاً شاعراً محسناً مرسلاً حاذقاً مؤلفاً متقناً. ذكر بعض المشايخ أنه لما دنا من مصر في رحلته أصاب جماعة من أهلها بارزين لتلقي الرفقة على عادتهم فكلما أطل عليها رجل له هيئة ومنظر رجحوا الظن فيه. وقضوا بفراستهم عليه حتى رأوه وكان ذا منظر جميل فقال قوم: هذا فقيه وقال آخرون: بل شاعر وقال آخرون: طبيب وقال آخرون: خطيب فلما كثر اختلافهم تقدموا نحوه وأخبروه باختلافهم فيه وسألوه عما هو فقال لهم: كلكم قد أصاب وجميع ما قدرتم أحسنه والخبرة تكشف الحيرة والامتحان يجلي الإنسان فلما حط رحله

ولقي الناس شاع خبره فقعد إليه كل ذي علم فسأله عن فنه وهو يجيبه جواب محقق فعجبوا ووثقوا من ثقوب بمعلمه وأخذوا عنه وعطلوا حلق علمائهم. وأثنى عليه بن المواز بالعلم والفقه وقال العتبي - وذكر الواضحة: رحم الله عبد الملك ما أعلم أحداً ألف على مذهب أهل المدينة تأليفه ولا لطالب أنفع من كتبه ولا أحسن من اختياره وألف كتباً كثيرة حساناً في الفقه والتاريخ والأدب منها: الكتب المسماة بالواضحة في السنن والفقه لم يؤلف مثلها والجامع وكتاب فضائل الصحابة وكتاب غريب الحديث وكتاب تفسير الموطأ وكتاب حروب الإسلام وكتاب المسجدين وكتاب سيرة الإمام - في الملحدين وكتاب طبقات الفقهاء والتابعين وكتاب مصابيح الهدى. قال بعضهم: قسم بن الفرضي هذه الكتب وهذه الأسماء وهي كلها يجمعها كتاب واحد لأن بن حبيب إنما ألف كتابه في عشرة أجزاء: الأول: تفسير الموطأ حاشا الجامع. الثاني: شرح الجامع. الثالث والرابع والخامس: في حديث النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وكتاب مصابيح الهدى جزء منها ذكر فيه من الصحابة والتابعين.

والعاشر: طبقات الفقهاء وليس فيها أكثر من الأول. وتحامل في هذا الشرح على أبي عبيد والأصمعي وغيره وانتحل كثيراً من كلام أبي عبيد وكثيراً ما يقول فيه: أخطأ شارح العراقيين وأخذ عليه فيه تصحيف قبيح وهو أضعف كتبه. ومن تواليفه: كتاب إعراب القرآن وكتاب الحسبة في الأمراض وكتاب الفرائض وكتاب السخاء واصطناع المعروف وكتاب كراهية الغناء وكتاب في النسب وفي النجوم وكتاب الجامع تأليفه وهو كتاب فيه مناسك النبي صلى الله عليه وسلم وكتاب الرغائب وكتاب الورع في العلم وكتاب الورع في المال وغيره ستة أجزاء وكتاب الربا وكتاب الحكم والعمل بالجوارح وغير ذلك. قال بعضهم: قلت لعبد الملك: كم كتبك التي ألفت؟ قال: ألف كتاب وخمسون كتاباً. وقال عبد الأعلى بن معلى: هل رأيت كتباً تحبب عبادة الله إلى خلقه وتعرفهم به ككتب عبد الملك بن حبيب؟ يريد: كتبه في الرغائب والرهائب. ومنها: كتب المواعظ: سبعة وكتب الفضائل: سبعة فضائل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وفضائل عمر بن عبد العزيز وفضائل مالك بن أنس وكتاب أخبار قريش وأنسابها خمسة عشر كتاباً وكتاب السلطان

وسيرة الإمام ثمانية كتب وكتاب الباه والنساء: ثمانية كتب. وغير ذلك من كتب سماعه في الحديث والفقه وتواليفه في الطب وتفسير القرآن ستون كتاباً وكتاب القارئ والناسخ والمنسوخ ورغائب القرآن وكتاب الرهون والبدء والمغازي والحدثان: خمسة وتسعون كتاباً وكتاب مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اثنان وعشرون كتاباً. ذكر ما تحومل به عليه: قال بعضهم: كان الفقهاء يحسدون عبد الملك لتقدمه عليهم بعلوم لم يكونوا يعلمونها ولا يشرعون فيها وكان أبو عمر بن عبد البر يكذبه وكان بن وضاح لا يرضى عنه وقال: لم يسمع من أسد. قال القاضي منذر بن سعيد: لو لم يكن من فضل عبد الملك إلا أنك لا تجد أحداً ممن يحكي عنه معارضته والرد لقوله ساواه في شيء وأكثر ما تجد أحدهم يقول: كذب عبد الملك أو أخطأ ثم لا يأتي بدليل على ما ذكره وكان لابن حبيب قارورة قد أذاب فيها اللبان والعسل يشرب منها كل غداة على الريق للحفظ وله شعر حسن فمنه: صلاح أمري والذي أبتغي ... هين على الرحمن في قدرته

ألف من الصفر واقلل بها ... لعالم أوفى على بغيته زرياب قد يأخذها قفلة ... وصنعتي أشرف من صنعته وله قصيدة كتب بها إلى أهله من المشرق - سنة عشر ومائتين: أحب بلاد الغرب والغرب موطني ... ألا كل غربي إلي حبيب فيا جسداً أضناه شوق كأنه إذا نضيت عنه الثياب قضيب ويا كبداً عادت رفاتاً كأنما ... يلدغها بالكاويات طبيب بليت وأبلاني اغترابي ونأيه ... وطول مقامي بالحجاز أجوب وأهلي بأقصى مغرب الشمس دارهم ... ومن دونهم بحر أجش مهيب وهول كريه ليله كنهاره ... وسوق حثيث للركاب دؤوب فما الداء إلا أن تكون بغربة ... وحسبك داء أن يقال غريب ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بأكناف نهر الثلج حين يصوب

عبد الملك بن القاضي بن محمد بن بكر السعدي أبو مروان

وحولي شيخاني وبنتي وأمها ... ومعشر أهلي والرؤف مجيب وتوفي بن حبيب في الحجة سنة ثمان وثلاثين وقيل: تسع وثلاثين ومائتين وقبره بمقبرة أم سلمة في قبلة مسجد الضيافة وصلى عليه القاضي أحمد بن زياد وقيل: صلى عليه ابنه محمد رحمه الله تعالى. ومن الطبقة الخامسة من أهل الأندلس: عبد الملك بن القاضي بن محمد بن بكر السعدي أبو مروان قرطبي أصله من طليطلة وقيل: من قلعة رياح نشأ بقرطبة وسمع بها من بن لبابة وأسلم القاضي والحسن بن سعد وأحمد بن خالد. رحل فسمع بالقيروان من البجلي وأحمد بن زياد وسمع بمصر من عبد الرحمن بن محمد اللواز ومحمد بن زياد ومحمد بن الحيري وغيرهم ودخل الشام فاستخلفه القاضي بن المنتاب على القضاء وسمع بمكة من بن المنذر كثيراً وببغداد من بن صاعد وإبراهيم بن حماد ومحمد بن الجهم وابن المنتاب وأبي الفرج القاضي وأبي يعقوب الرازي وعمر بن أحمد بن شريح وغيرهم وشهد بها مجالس المناظرة وأقام ببغداد ثلاثة أعوام وأقام في رحلته بضعة عشر عاماً وأدخل الأندلس علماً كثيراً وكان حافظاً متفنناً نظاراً

متصرفاً في علوم الرأي حسن النظر فيه مشاوراً في الأحكام ظهر فهمه في حداثة سنه قبل رحلته وشاوره إذ ذاك القاضي أسلم ولما انصرف إلى المشرق وقد مال هناك إلى النظر والحجة رفعه الحكم - وهو ولي عهد الشورى وألف في نصرة مذهب مالك تآليف منها: كتاب الذريعة إلى علم الشريعة وكتاب الدلائل والأعلام على أصول الأحكام وكتاب الاعتماد وكتاب الإبانة عن أصول الديانة وكتاب الرد على من أنكر على مالك ترك العمل بما رواه وتفسير رسالة عمر بن عبد العزيز في الزكاة وكتاب اختصار الأموال لأبي عبيد. وقرع بالفالج فمات يوم السبت لثمان من المحرم سنة ثلاث وثلاثمائة وهو بن أربع وأربعين سنة ونصف. وفيها مات ابن أيمن وابن لبابة الأصغر رحمهم الله.

عبد الملك بن سراج بن عبد الله أبو مروان الحافظ

عبد الملك بن سراج بن عبد الله أبو مروان الحافظ إمام الأندلس في وقته سمع من أبيه والأفليلي والصفاقسي وطبقتهم حدث عنه أبو علي الجياني والصدفي والقاضي أبو عبد الله بن الحاج وغيرهم كثيراً. وكانت الرحلة إليه من جميع جهات الأندلس وغيرها وكان إمام وقته في علم لسان العرب وضبط لغاتها وأذكرهم لشواذ أشعارهم توفي سنة تسع وثمانين وأربعمائة.

عبد الملك بن أحمد بن محمد بن عبد الملك بن الأصبغ القرشي

ومن كتاب الصلة: عبد الملك بن أحمد بن محمد بن عبد الملك بن الأصبغ القرشي من أهل قرطبة يكنى أبا مروان ويعرف بابن المشط روى عنه الخولاني وقال: كان من أهل العلم مقدماً في الفهم قديم الخير والفضل له تأليف حسن في الفقه والسنن وكان كثير الديانة والخير والتواضع والأحوال العجيبة وألف كتاباً في مناسك الحج وكتاباً في أصول العلم تسعة أجزاء وله تآليف في الاعتقادات وغيرها. توفي سنة ست وثلاثين وأربعمائة. وممن حدث عنه: بن خزرج وقال: روى عن القاضي بن زرب وابن مفرج كثيراً رحمه الله تعالى. عبد الملك بن مسرة بن فرج اليحصبي من أهل قرطبة وأصله من شنتمرية من شرق الأندلس ومن مفاخرها يكنى أبا مروان أخذ عن عبد الله: محمد بن فرج الموطأ سماعاً واختص بالقاضي أبي الوليد بن رشد وتفقه معه وصحب أبا بكر بن مفوز فانتفع به في معرفة الحديث والرجال والضبط وكان ممن جمع الله له الحديث والفقه

عبد الله ويعرف بزونان

مع الأدب البارع والفضل والدين والورع والتواضع والهدي الصالح. وكان على منهاج السلف المتقدم أخذ الناس عنه وكان لذلك أهلاً. توفي سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة رحمه الله تعالى. ومن الطبقة الأولى ممن لم ير مالكاً من أهل الأندلس من قرطبة: عبد الله ويعرف بزونان وهو عبد الملك بن الحسين بن محمد بن زريق بن عبد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم يكنى أبا مروان سمع من بن القاسم وأشهب وابن وهب وغيرهم. وكان الأغلب عليه الفقه ولم يكن من أهل الحديث وكان يذهب مذهب الأوزاعي في أول أمره ثم رجع إلى مذهب مالك. كان فقيهاً فاضلاً ورعاً زاهداً ولي قضاء طليطلة كان يحيى بن يحيى يعجب من كلام زونان. توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائتين.

عبد الملك بن مروان قاضي المدينة ابن محمد بن عبد العزيز بن أحمد المدني

عبد الملك بن مروان قاضي المدينة ابن محمد بن عبد العزيز بن أحمد المدني ويعرف بالمرواني ويعرف أيضاً بالمالكي كان من أهل العلم وألف كتاب الأشربة وتحريم السكر وهو كتاب الرد على أبي جعفر الإسكافي وسمع منه الناس كثيراً منهم من أهل الأندلس: أبو محمد الأصيلي والقاضي بن السليم وأبو عبد الله بن مفرج وغيرهم. وأخذ عنه القاضي عبد الوهاب البغدادي رحمه الله تعالى. عبد الملك بن سابح أصله من قرى بجاية كان من العلماء الحفاظ عارفاً بالعربية وعبارة الرؤيا. تفقه عنه فضل بن سلمة واستخرج من الواضحة وكتاب بن المواز ما لم يكن في المدونة ولا في المستخرجة وحج وانصرف إلى الأندلس ثم رجع إلى مصر ومنها إلى الشام ورابط في سواحلها ولم يزل على خير وعبادة إلى أن توفي رحمة الله تعالى عليه.

عبد الملك بن أحمد بن رستم

عبد الملك بن أحمد بن رستم كان فاضلاً في مذهب مالك وهو من أهل الإسكندرية حمل الفقه عن القاضي أبي محمد: عبد الواحد بن المنير. هو بن أخي القاضي ناصر الدين بن المنير وأخذ العربية عن الشيخ بن حيان الأندلسي وقرأ الأصول والمعاني والبيان على الشيخ علاء الدين القونوي الشافعي وولي تدريس مدارس عدة بالإسكندرية وناب في القضاء عن قاضي القضاة التنسي سنة ثمان وتسعين وستمائة. وتوفي سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة - غريقاً في بحر النيل - وحمل إلى الإسكندرية ودفن بها رحمه الله تعالى.

من اسمه عبد الخالق من أهل القيروان

من اسمه عبد الخالق من أهل القيروان عبد الخالق أبو القاسم بن شبلون هو عبد الخالق بن أبي سعيد: خلف. تفقه بابن أخي هشام وكان الاعتماد عليه - في القيروان - في الفتوى والتدريس بعد أبي محمد بن أبي زيد سمع من بن مسرور الحجام وألف كتاب المقصد أربعين جزءاً. وكان يفتي في الأيمان اللازمة بطلقة واحدة. توفي سنة إحدى وتسعين وقيل: سنة تسعين وثلاثمائة. عبد الخالق أبو القاسم السيوري من أهل إفريقية هو أبو القاسم: عبد الخالق بن عبد الوارث خاتمة علماء إفريقية وآخر شيوخ القيروان ذو البيان البديع في الحفظ والقيام على المذهب والمعرفة بخلاف العلماء وكان فاضلاً نظاراً زاهداً أديباً وله تعاليق على المدونة. أخذ عنه أصحابه وعليه تفقه عبد الحميد واللخمي وبعدهم حسان بن البربري وطال عمره فكانت وفاته سنة ستين وأربعمائة بالقيروان.

من اسمه عبد العزيز من الطبقة الأولى من أهل المدينة: عبد العزيز بن أبي حازم

من اسمه عبد العزيز من الطبقة الأولى من أهل المدينة: عبد العزيز بن أبي حازم واسم أبي حازم: مسلمة بن دينار الفقيه الأعرج كنيته: أبو تمام تفقه مع مالك علي بن هرمز وسمع أباه وزيد بن أسلم ومالكاً. وكان من جملة أصحاب مالك روى عنه بن وهب وابن مهدي وجماعة وكان صدوقاً ثقة إماماً في العلم وكان إمام الناس بعد مالك وشوور معه وقال مالك فيه: إنه لفقيه. توفي بالمدينة فجأة في سجدة يوم الجمعة في الروضة بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم سنة أربع وقيل: خمس وقيل: ست وثمانين ومائة. مولده سنة سبع ومائة رحمه الله تعالى.

عبد العزيز بن عبد الرحمن

عبد العزيز بن عبد الرحمن يعرف بالغراب يكنى أبا الأصبغ روى عن أبي بكر القرشي وأحمد بن سعيد بن حزم وغيرهما روى عنه أبو عمر بن عبد البر وأبو عبد الله الخولاني وقال: كان من أهل الحرص على جمع الروايات ومن أهل الفهم والمعرفة بالأخبار للقائه الجلة من الناس. توفي سنة ثلاث وأربعمائة. عبد العزيز بن أبي القاسم بن حسن الربعي التونسي المعروف بالدروال - بكسر الدال المهملة وسكون الراء المهملة. العلامة الفقيه الأصولي الصوفي كان فاضلاً متفنناً في العلوم مسناً. أخذ العلوم عن بن زيتون وببجاية عن الإمام أبي علي ناصر الدين: المشد إلى قدم القاهرة فأقام بها ولم يحج وبه تفقه وتفنن الفقيهان الأخوان الفاضلان: برهان الدين إبراهيم وشمس الدين: محمد ابنا محمد بن إبراهيم الأصفاقسيان المالكيان. توفي ركن الدين الدروال بالقاهرة في حدود سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة. وله تآليف لم أقف على تعيينها رحمه الله تعالى.

من اسمه عبد الحميد عبد الحميد بن محمد الهروي

من اسمه عبد الحميد عبد الحميد بن محمد الهروي المعروف بابن الصائغ يكنى أبا محمد قيرواني سكن سوسة أدرك أبا بكر بن عبد الرحمن وأبا عمران الفاسي وتفقه بالعطار وبابن محرز وأبي إسحاق. وكان فاضلاً فقيهاً نبيلاً وله تعليق على المدونة أكمل به الكتب التي بقيت على التونسي وبه تفقه المازري المهدوي وأبو علي بن البربري وأصحابه يفضلونه على أبي الحسن اللخمي - قرينه - تفضيلاً كثيراً. توفي سنة ست وثمانين وأربعمائة رحمه الله تعالى. عبد الحميد بن أبي البركات بن عمران بن الحسين بن أبي الدنيا الصدفيالطرابلسي أبو محمد فقيه مالكي تفقه ببلده على بن الصابوني ورحل إلى المشرق مرتين: الأولى: سنة أربع وعشرين وستمائة والثانية: سنة ثلاث وثلاثين وستمائة فأخذ بالإسكندرية عن الإمام العلامة عبد الكريم بن عطاء الله الجذامي وشيخ القراء عبد الحميد الصفراوي وقاضي الجماعة بالإسكندرية: جمال الدين أبي عبد الله بن قائد

من اسمه عبد الوهاب

الربعي وقلد قضاء الجماعة بتونس وله مصنفات جليلة. توفي سنة أربع وثمانين وستمائة رحمه الله تعالى. من اسمه عبد الوهاب عبد الوهاب بن نصر البغدادي المالكي القاضي أبو محمد أحد أئمة المذهب سمع أبا عبد الله العسكري وأبا حفص بن شاهين وكان حسن النظر جيد العبارة نظاراً ناصراً للمذهب ثقة حجة نسيج وحده وفريد عصره سمع من الأبهري وحدث عنه وأجازه. قال القاضي عياض في المدارك: ومن قال: إنه لم يسمع من الأبهري لم يعتد بقوله وتفقه على كبار أصحاب الأبهري: بن القصار وابن الجلاب وقيل له: مع من تفقهت؟ قال: صبحت الأبهري وتفقهت مع أبي الحسن بن القصار وأبي القاسم بن الجلاب والذي أفتح أفواهنا وجعلنا نتكلم: القاضي أبو بكر بن الطيب.

وولي قضاء الدينور وبادرايا وباكسايا من أعمال العراق وولي قضاء أسعرد وولي قضاء المالكية بمصر آخر عمره وبها مات قاضياً. قال بن بسام في كتاب الذخيرة: وكان القاضي عبد الوهاب بقية الناس ولسان أصحاب القياس ونبت به بغداد كعادة البلاد بذوي فضلها وعلى حكم الأيام في محسني أهلها فخلع أهلها وودع ماءها وظلها وحدثت أنه شيعه يوم فصل عنها من أكابرها وأصحاب محابرها جملة موفورة وطوائف كثيرة وأنه قال: لو وجدت بين ظهرانيكم رغيفين كل غداة وعشية ما عدلت ببلدكم بلوغ أمنية وفي ذلك يقول: سلام على بغداد في كل موطن ... وحق لها مني سلام مضاعف فوالله ما فارقتها عن قلى لها ... وإني بشطي جانبيها لعارف ولكنها ضاقت علي بأسرها ... ولم تكن الأرزق فيها تساعف وكانت كخل كنت أهوى دنوه ... وأخلاقه تنأى به وتخالف ثم توجه إلى مصر فحمل لواءها وملأ أرضها وسماءها واستتبع سادتها وكبراءها وتناهت إليه الغرائب وانثالت في يده الرغائب فمات لأول ما دخلها وولي قضاءها وزعموا أنه قال - في مرض موته - لا إله إلا الله: لما عشنا متنا. وألف في المذهب والخلاف والأصول تآليف كثيرة مفيدة منها كتاب النصرة لمذهب إمام دار الهجرة والمعونة لمذهب عالم المدينة وكتاب الأدلة في مسائل الخلاف.

وشرح بن أبي زيد والممهد في شرح مختصر الشيخ أبي محمد صنع فيه نحو نصفه وشرح المدونة وكتاب التلقين وشرحه لم يتم والإفادة في أصول الفقه والتلخيص في أصول الفقه وعيون المسائل في الفقه وكتاب أوائل الأدلة في مسائل الخلاف والإشراف على مسائل الخلاف وكتاب الفروق في مسائل الفقه وغير ذلك وله شعر حسن من ذلك قوله: طلبت المستقر بكل أرض ... فلم أر لي بأرض مستقراً ونلت من الزمان ونال مني ... فكان مناله حلواً ومراً أطعت مطامعي فاستبعدتني ... فلو أني قنعت لكنت حراً وله أيضاً رحمة الله عليه: متى تصل العطاش إلى ارتواء ... إذا استقت البحار من الركايا؟ ومن يثني الأصاغر عن مراد ... وقد جلس الأكابر في الزوايا؟ وإن ترفع الوضعاء يوماً ... على الرفعاء من إحدى البلايا إذا استوت الأسافل والأعالي ... فقد طابت منادمة المنايا وله أيضاً - غفر الله لنا وله: بغداد دار لأهل المال واسعة ... وللصعاليك دار الضنك والضيق أصبحت فيهم مضاعاً بين أظهرهم ... كأنني مصحف في بيت زنديق

توفي بمصر سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة وقبره قريب من قبر بن القاسم وأشهب. مولده سنة اثنتين وستين وثلاثمائة وكان أخوه محمد أبو الحسن فاضلاً أديباً صنف كتاب المفاوضة للملك العزيز أبي منصور: طاهر بن بويه. توفي سنة ثلاثين وأربعمائة.

من اسمه عبد السلام

من اسمه عبد السلام من الطبقة الأولى ممن لم ير مالكاً والتزم مذهبه من أهل إفريقية: عبد السلام أبو سعيد: سحنون بن سعيد بن حبيب التنوخي صليبة من العرب أصله شامي من حمص وقدم أبوه سعيد في جند حمص قال محمد ابنه: قلت له: أنحن صليبة من تنوخ؟ فقال لي: وما تحتاج إلى ذلك فلم أزل به حتى قال لي: نعم وما يغني عنك ذلك من الله شيئاً إن لم تتقه. وسحنون: لقب له واسمه: عبد السلام وسمى سحنون باسم طائر حديد: لحدته في المسائل وقد جمع الناس أخبار سحنون مفردة ومضافة وممن ألف فيها تأليفاً مفرداً: أبو العرب التميمي ومحمد بن حارث القروي.

ذكر طلبه ورحلته: أخذ سحنون العلم بالقيروان من مشايخها: أبي خارجة وبهلول وعلي بن زياد وابن أبي حسان وابن غانم وابن أشرس وابن أبي كريمة وأخيه: حبيب ومعاوية الصمادحي وأبي زياد الرعيني ورحل في طلب العلم في حياة مالك وهو بن ثمانية عشر عاماً أو تسعة عشر وكانت رحلته إلى بن زياد بتونس وقت رحلة بن بكير إلى مالك. قال سحنون: كنت عند بن القاسم وجواباته ترد عليه فقيل له: فما منعك من السماع منه؟ قال: قلة الدارهم وقال مرة أخرى: لحا الله الفقر فلولاه لأدركت مالكاً فإن صح هذا فله رحلتان. وسمع من بن القاسم وابن وهب وأشهب وطليب بن كامل وعبد الله بن عبد الحكم وسفيان بن عيينة ووكيع وعبد الرحمن بن مهدي وحفص بن غياث وأبي داود الطيالسي ويزيد بن هارون والوليد بن مسلم وابن نافع الصائغ ومعن بن عيسى وابن الماجشون ومطرف وغيرهم. وانصرف إلى إفريقية سنة إحدى وتسعين ومائة. قال سحنون: سمع مني أهل أجدابية سنة إحدى وتسعين وفيها مات بن القاسم قال: وخرجت إلى بن القاسم وأنا بن خمس وعشرين وقدمت إلى إفريقية بن ثلاثين سنة وأول من قرأ علي عبد الملك بن زونان.

قال أبو العرب: كان سحنون ثقة حافظاً للعلم فقيه البدن اجتمعت فيه خلال قلما اجتمعت في غيره: الفقه البارع والورع الصادق والصرامة في الحق والزهادة في الدنيا والتخشن في الملبس والمطعم والسماحة. وكان لا يقبل من السلطان شيئاً وربما وصل أصحابه بالثلاثين ديناراً أو نحوها. ومناقبه كثيرة وكان مع هذا رقيق القلب غزير الدمعة ظاهر الخشوع متواضعاً قليل التصنع كريم الأخلاق حسن الأدب سالم الصدر شديداً على أهل البدع لا يخاف في الله لومة لائم وسلم له الإمامة أهل عصره واجتمعوا على فضله وتقديمه. سئل أشهب عمن قدم إليكم من أهل المغرب؟ قال: سحنون قيل له: فأسد؟ قال: سحنون والله أفقه منه بتسع وتسعين مرة. وقال أيضاً: ما قدم إلينا من المغرب مثله وقال بن القاسم: ما قدم إلينا من إفريقية مثل سحنون قال أبو زيد بن أبي الغمر: لم يقدم علينا أفقه من سحنون إلا أنه قدم علينا من هو أطول لساناً منه يعني بن حبيب. وقال يونس بن عبد الأعلى: هو سيد أهل المغرب فقال له حمديس: أو لم يكن سيد أهل المغرب والمشرق؟.

أخذ سحنون من بن وهب مغازيه إجازة وكان العلم في صدر سحنون كسورة من القرآن من حفظه وقال سحنون: إني حفظت هذه الكتب حتى صارت في صدري كأم القرآن وقال بن القاسم: إن أسعد أحد - بهذه الكتب - لسحنون. وقال بن وضاح: كان سحنون يروي تسعة وعشرين سماعاً وما رأيت في الفقه مثل سحنون بالمشرق. وقال بن حارث: قدم سحنون بمذهب مالك واجتمع له مع ذلك فضل الدين والعقل والورع والعفاف والانقباض فبارك الله فيه للمسلمين فمالت إليه الوجوه وأحبته القلوب وصار زمانه كأنه مبتدأ قد انمحى ما قبله فكان أصحابه سرج أهل القيروان وأنبه علمائها وأكثرهم تأليفاً وابن عبدوس فقيهها وابن غافق عاقلها. وابن عمر حافظها وجبلة زاهدها وحمديس أصلبهم في السنة وأعداهم للبدعة وسعيد بن الحداد لسانها وفصيحها وابن مسكين أرواهم للكتب والحديث وأشدهم وقاراً وتصاوناً كل هذه الصفات مقصورة على وقتهم. قال محمد بن سحنون قال أبي: إذا أردت الحج فاقدم طرابلس

وكان فيها رجال مدنيون ثم مصر وفيها الرواة ثم المدينة - وفيها مالك ثم مكة واجتهد جهدك فإن قدمت علي بلفظ خرجت من دماغ مالك ليس عند شيخك أصلها فاعلم أن شيخك كان مفرطاً. وقال سليمان بن سالم: دخلت مصر فرأيت بها العلماء متوافرين: عبد الحكم والحارث بن مسكين وأبا الطاهر وأبا إسحاق والبرقي وغيرهم ودخلت المدينة وبها أبو المصعب والفروي ودخلت مكة وبها ثلاثة عشر محدثاً ودخلت غيرها من البلدان ولقيت علماءها ومحدثيها فما رأيت مثل سحنون وابنه بعده. وقال عيسى بن مسكين: سحنون زاهد هذه الأمة ولم يكن بين مالك وسحنون أفقه من سحنون وقال بعضهم: ما رأيت أحداً أهيب من سحنون وقال الشيرازي: إليه انتهت الرئاسة في العلم بالمغرب وعلى قوله المعول بالمغرب وصنف المدونة وعليها يعتمد أهل القيروان وحصل له من الأصحاب ما لم يحصل لأحد من أصحاب مالك وعنه انتشر علم مالك بالمغرب. قال أبو علي بن البصير: سحنون فقيه أهل زمانه وشيخ عصره وعالم وقته

قال بن حارث: كان سحنون أفضل الناس صاحباً وأعقل الناس صاحباً وأفقه الناس صاحباً وكانت هذه الصفات صفات سحنون فخلق بها أصحابه رحمهم الله تعالى. ذكر ولايته القضاء وسيرته: ولي سحنون قضاء إفريقية سنة أربع وثمانين ومائتين - وسنه إذ ذاك أربع وسبعون سنة فلم يزل قاضياً إلى أن مات ولما ولي القضاء دخل على ابنته خديجة وكانت من خيار النساء فقال لها: اليوم ذبح أبوك بغير سكين فعلم الناس قبوله القضاء. وقال: حدثني بن وهب ورفع سحنون سنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: " نعم المطية الدنيا فارتحلوها فإنها تبلغكم الآخرة ". وكان سحنون لا يأخذ لنفسه رزقاً ولا صلة من السلطان في قضائه كله ويأخذ لأعوانه وكتابه وقضاته من جزية أهل الكتاب وقال للأمير: حبست أرزاق أعواني وهم أجراؤك وقد وفوك عملك ولا يحل ذلك لك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه ".

وكان يضرب الخصوم إذا أذى بعضهم بعضاً بكلام أو تعرضوا للشهود ويقول: إذا تعرض للشهود كيف يشهدون؟ ويؤدب الخصم إن طعن على الشاهد بعيب أو تجريح أو يقول: سل لي عن البينة إنهم كذا حتى يسئله عن تجريحه ويقول للخصم: أنا أغنى بذلك منك وهو علي دونك. وكان إذا دخل عليه الشاهد - ورعب منه - أعرض عنه حتى يستأنس وتذهب روعته فإن طال ذلك به هون عليه وقال له: ليس معي سوط ولا عصاً ولا عليك بأس أد ما علمت ودع ما لم تعلم. وكان يؤدب الناس على الأيمان التي لا تجوز من الطلاق والعتق حتى لا يحلفوا بغير الله عز وجل. وتخاصم إليه رجلان صالحان من أصحابه ممن نظر في العلم فأقامهما وأبى أن يسمع منهما وقال: استرا عني ما ستر الله عليكما. وكان يؤدب على الغش وينفي من الأسواق من يستحق ذلك وكان يجلس في بيت في الجامع بناه لنفسه إذا رأى كثرة الناس وكثرة كلامهم فكان لا يحضر عنده غير الخصمين ومن يشهد بينهما في دعواهما وسائر الناس عنه بمعزل لا يراهم ولا يسمع كلامهم ولا يشغل باله أمرهم. وكان الناس يكتبون أسماءهم في رقاع تجعل بين يديه ويدعوهم

واحداً واحداً إلا أن يأتي مضطر أو ملهوف. وكان كثيراً ما يؤدب بلطم القفا ولم يل قضاء إفريقية مثله. وقال سحنون: ليس من السنة أن أدعوك إلى طعام غيري ولو كان لي لفعلت وقال: قال عليه السلام: " إذا أحب الله عبداً سلط عليه من يؤذيه ". قال بن عجلان الأندلسي: ما بورك لأحد بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بورك لسحنون في أصحابه إنهم كانوا بكل بلد أئمة. قال بن حارث: سمعتهم يقولون: كان سحنون من أيمن عالم دخل المغرب كأن أصحابه مصابيح في كل بلد وعد له نحو سبعمائة رجل ظهروا بصحبته وانتفعوا بمجالسته.

حكم من كلامه رحمه الله تعالى: قال سحنون لابنه محمد: يا بني سلم على الناس فإن ذلك يزرع المودة وسلم على عدوك وداره فإن رأس الإيمان بالله مداراة الناس. وكان يقول: من لم يعمل بعلمه لم ينفعه العلم بل يضره وإنما العلم نور يضعه الله في القلوب فإذا عمل به نور قلبه وإن لم يعمل به وأحب الدنيا أعمى حب الدنيا قلبه ولم ينوره العلم. وكان يقول: ترك الحلال أفضل من جميع عبادات الله تعالى وترك لحلال الله أفضل من أخذه وإنفاقه في طاعة الله تعالى. وقال: ترك دانق مما حرم الله أفضل من سبعين ألف حجة تتبعها سبعون ألف عمرة مبرورة متقبلة وأفضل من سبعين ألف فرس في سبيل الله بزادها وسلاحها ومن سبعين ألف بدنة تهديها إلى بيت الله العتيق وأفضل من عتق سبعين ألف رقبة مؤمنة من ولد إسماعيل. فبلغ كلامه هذا عبد الجبار بن خالد فقال: نعم وأفضل من ملء الأرض إلى عنان السماء ذهباً وفضة كسبت وأنفقت في سبيل الله لا يراد بها إلا وجه الله عز وجل. وكان يقول: انظر أبداً: الأمرين يكون فيهما الثواب فأثقلهما عليك هو أفضل.

وقال: إذا تردد الرجل على القاضي ثلاث مرات بلا حاجة فلا تجوز شهادته. ووجه ذلك أن التردد إلى القاضي من غير حاجة يكسب الرجل مكانة عند الناس ومنزلة يكرمونه ويهادونه لأجلها لما يتوهمون من منزلته عند القاضي بسبب تردده إليه فيصير تردده سبباً لأكل المال بالباطل. ورأى الناس يقبلون يد بن الأغلب فقال له: لم تعطيهم يدك؟ لو كان هذا لأجل قربك من الجنة ما سبقونا إليه. وتوفي في رجب سنة أربعين ومائتين ودفن من يومه وصلى عليه الأمير محمد بن الأغلب ووجه إليه بكفن وحنوط فاحتال ابنه محمد حتى كفنه في غيره وتصدق بذلك. وكان سنه يوم مات ثمانين سنة ومولده سنة ستين ومائة ويقال: إحدى وستين وقال له رجل: الناس يقولون: إنك دعوت الله أن لا يبلغك سنة أربعين ومائتين؟ فقال: ما فعلت ولكن الناس يقولونه ما أرى أجلي إلا فيها. ولما مات سحنون رجت القيروان لموته وحزن الناس وقال سليمان بن سالم: لقد رأيت يوم مات سحنون مشايخ من الأندلس يبكون ويضربون خدودهم كالنساء ويقولون: يا أبا سعيد ليتنا تزودنا منك بنظرة نرجع بها إلى بلدنا.

وقال رجل: رأيت في نومي رجلاً صعد إلى السماء الدنيا ثم من سماء إلى سماء حتى صار تحت العرش فقيل: ينبغي أن يكون هذا سحنوناً فقال الرائي: هو ذاك وفي أولها رأيت باباً فتح في السماء ونودي بسحنون فأتي به فصعد. وقال آخر: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مقبوراً والناس يجعلون على قبره التراب وسحنون ينبشه فقال: قل لسحنون: هم يدفنون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت تحييها. وقال عبد الملك بن الخشاب الأندلسي - وكان ثقة: رأيت في المنام النبي صلى الله عليه وسلم يمشيب في طريق وأبو بكر رضي الله عنه خلفه وعمر رضي الله عنه خلف أبي بكر رضي الله عنه ومالك خلف عمر رضي الله عنه وسحنون خلف مالك رحمهما الله تعالى. قال بن حارث: أقام سؤدد العلم في دار سحنون نحو مائة عام وثلاثين عاماً من ابتداء طلب سحنون وأخيه إلى موت ابن ابنه: محمد بن محمد بن سحنون. وقال بعضهم: رأيت في شأن سحنون قبل موته رؤيا قصصتها على معبر يقال له بن عياض فقال له: هذا الرجل يموت على السنة رحمهما الله تعالى.

من اسمه عبد الحكم من الطبقة الثانية ممن لم ير مالكا والتزم مذهبه من أهل مصر

من اسمه عبد الحكم من الطبقة الثانية ممن لم ير مالكاً والتزم مذهبه من أهل مصر: عبد الحكم بن عبد الله بن عبد الحكم أبو عثمان أكبر بني عبد الله بن عبد الحكم وهم: عبد الحكم هذا وعبد الرحمن وسعد ومحمد ولم يكن فيهم أفقه من عبد الحكم ولا أجود خطاً. وكان خيراً فاضلاً له سماع كثير من أبيه وابن وهب وغيرهما من رواة مالك وكان من أكابر أصحاب بن وهب ولم يكن في أصحاب بن وهب أتقن منه ولا أجود خطاً. حدث عنه الرمادي وتوفي بمصر في سجن يزيد التركي وعذابه سنة تسع وثلاثين ومائتين وقيل: إن موت عبد الحكم إنما كان بسبب المحنة في القرآن وأنه دخن عليه بالكبريت حتى مات وأنه لم يرجع فضرب نحو ثلاثين سوطاً في غلالة رحمه الله تعالى ورضي عنه.

من الأفراد من اسمه عبد الحكيم عبد الحكيم بن أبي الحسن بن عبد الملك بن يحيى

من الأفراد من اسمه عبد الحكيم عبد الحكيم بن أبي الحسن بن عبد الملك بن يحيى أصله من قطر مراكش كان من أهل المعرفة بالفقه وأصوله على طريقة المتأخرين وكان كتابه المعالم لابن الخطيب وثبت اسمه في عائد الصلة لابن الخطيب الأندلسي بما نصه: الشيخ الأستاذ القاضي يكنى أبا محمد كان رحمه الله من أهل العلم بالفقه والقيام على الأصلين صحيح الباطن سليم الصدر من أهل الدين والأصالة. بث في الأندلس علم أصول الفقه وانتفع به وتصرف في القضاء في جهات. قرأ على أبي علي ناصر الدين المشذالي وغيره من العلماء وألف: المعاني المبتكرة الفكرية في ترتيب المعالم الفقهية والإيجاز في دلالة المجاز ونصرة الحق ورد الباغي في مسألة الصدقة ببعض الأضحية والكراس المرسوم بالمباحث البديعة في مقتضى الأمر من الشريعة. توفي في عام ثلاثة وعشرين وسبعمائة.

عبد الكريم بن عطاء الله

عبد الكريم بن عطاء الله هو أبو محمد عبد الكريم بن عطاء الله الإسكندري كان إماماً في الفقه والأصول والعربية اختصر التهذيب اختصاراً حسناً واختصر المفصل للزمخشري وكان رفيقاً للشيخ أبي عمرو بن الحاجب في القراءة على الشيخ أبي الحسن الأبياري وتفقها عليه في المذهب وألف البيان والتقريب في شرح التهذيب وهو كتاب كبير جمع فيه علماً جماً وفوائد غزيرة وأقوالاً غريبة نحو سبع مجلدات ولم يكمل رحمة الله عليه. ومن المدارك: من الأسماء المتفرقة من الطبقة الثانية ممن لم ير مالكاً من أهل مصر: عبد الغني أبو محمد بن عبد العزيز بن سلام المعروف بالعسال روى عن بن وهب وابن عيينة وكان حافظاً فقيهاً مفتياً مذكوراً في فقهاء المالكية توفي سنة أربع وخمسين ومائتين رحمه الله تعالى.

عبد الوارث أبو الأزهر بن حسن بن أحمد بن معتب بن أبي الأزهر

ومن السادسة من إفريقية: عبد الوارث أبو الأزهر بن حسن بن أحمد بن معتب بن أبي الأزهر كان بيت معتب بيت علم بالقيروان وكان من الأئمة الراسخين ذا فقه بارع وعلم بالأصول مجوداً للوثائق والأحكام وعلم القضاء منور الوجه جميل الشيبة متواضعاً. قال بن أبي زيد: ما بإفريقية أفقه من أبي الأزهر إنما قطع به قلة دنياه. صحب أبا بكر بن اللباد وأبا عبد الله بن مسرور وكان عيشه من الوثائق قال بن حارث: أبو الأزهر هذا حافظ فقيه موثق. كان ممن يتحلق بجامع القيروان مع بن أبي زيد وابن هشام وغيرهما. توفي سنة إحدى أو اثنتين وتسعين وثلاثمائة.

عنبسة أبو خارجة بن خارجة الغافقي

ومن الأسماء المتفرقة من الطبقة الوسطى من أهل أفريقية: عنبسة أبو خارجة بن خارجة الغافقي من أنفسهم سمع من مالك والثوري وابن عيينة وله سماع مدون من مالك. كان شيخاً صالحاً عالماً باختلاف العلماء وأكثر اعتماده على مالك متفنناً في العلوم من الحديث والفقه والعبارة والعربية وغير ذلك. سمع منه نظراؤه بإفريقية: البهلول بن راشد وغيره وكان سحنون يجله ويعرف حقه وإذا سئل بحضرته أحال عليه وكان أسن من سحنون. وهو ثقة مأمون رجل صالح مستجاب الدعوة ويحكى عنه عجائب من الأخبار والوصف ما لم يكن فيكون ذلك والله أعلم لما كان منطوياً عليه من الصلاح فيجري الله الحق على لسانه فينطق به ومن حكمه: ثلاثة من أعلام الإحسان: كظم الغيظ وحفظ الغيب وستر العيب.

القاضي عياض

ومن عجائبه أنه بنى مسجداً عظيماً فيه نحو عشرين سارية عظاماً فقالوا له: من يرفع هذه السواري؟ قال: الذي خلقها فأصبحت السواري مرفوعة ورؤوسها عليها. وأصاب الناس بصفاقس قحط: فخرج بهم أبو خارجة واستسقى فما انصرفوا حتى سقوا وتوفي سنة عشر ومائتين رحمه الله تعالى وله ست وثمانون سنة. القاضي عياض هو أبو الفضل: عياض بن موسى بن عياض بن عمرون بن موسى بن عياض بن محمد بن عبد الله بن موسى بن عياض اليحصبي الإمام العلامة يكنى أبا الفضل سبتي الدار والميلاد أندلسي الأصل. قال ولده محمد: كان أجدادنا في القديم بالأندلس ثم انتقلوا إلى مدينة فاس وكان لهم استقرار بالقيروان لا أدري قبل حلولهم بالأندلس أو بعد ذلك وانتقل عمرون إلى سبتة بعد سكنى فاس.

كان القاضي أبو الفضل إمام وقته في الحديث وعلومه عالماً بالتفسير وجميع علومه فقيهاً أصولياً عالماً بالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم بصيراً بالأحكام عاقداً للشروط حافظاً لمذهب مالك رحمه الله تعالى شاعراً مجيداً رباناً من الأدب خطيباً بليغاً صبوراً حليماً جميل العشرة جواداً سمحاً كثير الصدقة دءوباً على العمل صلباً في الحق. رحل إلى الأندلس - سنة سبع وخمسمائة - طالباً للعلم فأخذ بقرطبة عن القاضي أبي عبد الله: محمد بن علي بن حمدين وأبي الحسين بن سراج وعن أبي محمد بن عتاب وغيرهم وأجاز له أبو علي الغساني وأخذ بالمشرق عن القاضي أبي علي: حسين بن محمد الصدفي وغيره وعني بلقاء الشيوخ والأخذ عنهم وأخذ عن أبي عبد الله المازري كتب إليه يستجيزه وأجاز له الشيخ أبو بكر الطرطوشي. ومن شيوخه: القاضي أبو الوليد بن رشد قال صاحب الصلة البشكوالية: وأظنه سمع من ابن رشد وقد اجتمع له من الشيوخ - بين من سمع منه وبين من أجاز له: مائة شيخ. وذكر ولده محمد منهم: أحمد بن بقي وأحمد بن محمد بن مكحول وأبو الطاهر: أحمد بن محمد السلفي والحسن بن محمد بن سكرة والقاضي أبو بكر بن العربي والحسن بن علي بن طريف وخلف بن إبراهيم بن النحاس

ومحمد بن أحمد بن الحاج القرطبي وعبد الله بن محمد الخشني وعبد الله بن محمد البطليوسي وعبد الرحمن بن بقي بن مخلد وعبد الرحمن بن العجوز وغيرهم ممن يطول ذكرهم. قال صاحب الصلة: وجمع من الحديث كثيراً وله عناية كبيرة به واهتمام بجمعه وتقييده وهو من أهل التفنن في العلم واليقظة والفهم وبعد عوده من الأندلس أجلسه أهل سبتة للمناظرة عليه في المدونة وهو بن ثلاثين سنة أو ينيف عنها ثم أجلس للشورى ثم ولي قضاء بلده مدة طويلة حمدت سيرته فيها ثم نقل إلى قضاء غرناطة في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة ولم يطل أمره بها ثم ولي قضاء سبتة ثانياً. قال صاحب الصلة: وقدم علينا قرطبة فأخذنا عنه بعض ما عنده. قال بن الخطيب: وبنى الزيادة الغربية في الجامع الأعظم وبنى في جبل المينا الراتبة الشهيرة وعظم صيته ولما ظهر أمر الموحدين بادر إلى المسابقة بالدخول في طاعتهم ورحل إلى لقاء أميرهم بمدينة سلا فأجزل صلته وأوجب بره - إلى أن اضطربت أمور الموحدين عام ثلاثة وأربعين وخمسمائة فتلاشت حاله ولحق بمراكش مشرداً به عن وطنه فكانت بها وفاته. وله التصانيف المفيدة البديعة منها: إكمال المعلم في شرح صحيح مسلم

ومنها: كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم أبدع فيه كل الإبداع وسلم له اكفاؤه كفايته فيه ولم ينازعه أحد من الانفراد به ولا أنكروا مزية السبق إليه بل تشوفوا للوقوف عليه وأنصفوا في الاستفادة منه وحمله الناس عنه وطارت نسخه شرقاً وغرباً وكتاب مشارق الأنوار في تفسير غريب حديث الموطأ والبخاري ومسلم وضبط الألفاظ والتنبيه على مواضع الأوهام والتصحيفات وضبط أسماء الرجال وهو كتاب لو كتب بالذهب أو وزن بالجوهر لكان قليلاً في حقه وفيه أنشد بعضهم: مشارق أنوار تبدت بسبتة ... ومن عجب كون المشارق بالغرب؟ وكتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة جمع فيه غرائب من ضبط الألفاظ وتحرير المسائل وكتاب ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك وكتاب الإعلام بحدود قواعد الإسلام وكتاب الإلماع في ضبط الرواية وتقييد السماع وكتاب: بغية الرائد لما تضمنه حديث أم زرع من الفوائد وكتاب الغنية في شيوخه وكتاب المعجم في شيوخ بن سكرة وكتاب نظم البرهان على حجة جزم الأذان وكتاب مسألة الأهل المشروط بينهم التزاور. ومما لم يكمله: المقاصد الحسان فيما يلزم الإنسان وكتاب العيون الستة في أخبار سبتة وكتاب غنية الكاتب وبغية الطالب في الصدور والترسل

وكتاب الأجوبة المحبرة على الأسئلة المتخيرة وكتاب أجوبة القرطبيين وكتاب أجوبته عما نزل في أيام قضائه من نوازل الأحكام في سفر وكتاب: سر السراة في أدب القضاة وكتاب خطبه وكان لا يخطب إلا بإنشائه. وله شعر كثير حسن رائق فمنه قوله: يا من تحمل عني غير مكترث ... لكنه للضنا والسقم أوصى بي تركتني مستهام القلب ذا حرق ... أخا جوى وتباريح وأوصاب أراقب النجم في جنح الدجا سحراً ... كأنني راصد للنجم أوصابي وما وجدت لذيذ النوم بعدكم ... إلا جنى حنظل في الطعم أوصاب وله رحمه الله تعالى: الله يعلم أني منذ لم أركم ... كطائر خانه ريش الجناحين فلو قدرت ركبت الريح نحوكم ... فإن بعدكم عني جنى حيني وله من أبيات: إن البخيل بلحظه أو لفظه ... أو عطفه أو رفقه لبخيل وله في خامات الزرع بينها شقائق النعمان هبت عليها رياح: انظر إلى الزرع وخاماته ... تحكي وقد ماست أمام الرياح

كتيبة خضراء مهزومة ... شقائق النعمان فيها جراح وله غير ذلك كثير. كان مولد القاضي عياض بسبتة في شهر شعبان سنة ست وتسعين وأربعمائة وتوفي بمراكش في شهر جمادى الأخيرة وقيل في شهر رمضان سنة أربع وأربعين وخمسمائة وقيل: إنه مات مسموماً سمه يهودي ودفن رحمه الله تعالى بباب إيلان داخل المدينة. وعياض بكسر العين المهملة وفتح الياء المثناة من تحت وبعد الألف ضاد معجمة. واليحصبي بفتح الياء المثناة من تحت وسكون الحاء المهملة وضم الصاد المهملة وفتحها وكسرها وبعدها ياء موحدة نسبة إلى يحصب بن مالك قبيلة من حمير. وسبتة مدينة مشهورة وغرناطة مدينة بالأندلس وهي بفتح الغين المعجمة وسكون الراء المهملة ثم نون مفتوحة بعدها ألف وبعد الألف طاء مهملة ثم هاء ويقال فيها إغرناطة بألف قبل الغين.

عياض بن محمد بن عياض بن موسى حفيد القاضي أبي الفضل

عياض بن محمد بن عياض بن موسى حفيد القاضي أبي الفضل يكنى أبا الفضل كان من جلة الطلبة وذوي المشاركة في فنون من العلوم العقلية وغيرها فصيحاً لسناً شاعراً مفوهاً مقداماً موصوفاً بجزالة امتحن بسببها وكان مع ذلك كثير التواضع فاضل الأخلاق معظماً عند الملوك مشاراً إليه جليل القدر دخل الأندلس أيام قضاء أبيه بغرناطة وأخذ عن أهل قرطبة وإشبيلية واستقر أخيراً بمالقة وتأهل بها أصول أملاك. روى عن أبي عبد الله أةيه وأبي بكر بن الحداد القاضي وأبي القاسم بن بشكوال çاةن! حةيص وابن حميد روى عنه ابنه أبو عبد الله قاضي الجماعة وأبو العباس بن فرتون وغيرهم. مولده سنة إحدى وستين وخمسمائة وتوفي بمالقة سنة ثلاثين وستمائة.

عبد الأعلى أبو مسهر بن مسهر بن عبد الأعلى بن مسهر الغساني الدمشقي

عبد الأعلى أبو مسهر بن مسهر بن عبد الأعلى بن مسهر الغساني الدمشقي روى عن مالك الموطأ وغيره من المسائل والحديث الكثير وقرأ القرآن على نافع وأيوب بن تميم روى عنه أبو زرعة الدمشقي وأبو عبيد القاسم بن سلام. قال بن مفرج: أبو مسهر سيد أهل الشام وفقيههم وعابدهم هو ثقة ورجعت الإمامة بعد بن ذكوان في القراءات إلى بن مسهر وسئل أبو مسهر عن أحاديث بقية فقال: احذروا أحاديث بقية فإنها غير نقية فكونوا منها على تقية. روى عنه النسائي وأبو داود وهو ثقة قال بن وضاح; كان فاضلاً ثقة وكان يترنم بقول الشاعر: يسر الفتى ما كان قدم من تقى ... إذا نزل الداء الذي هو قاتله

عبد الأعلى أبو وهب بن وهب بن عبد الرحمن مولى قريش

من الطبقة الثامنة ممن لم ير مالكاً والتزم مذهبه من الأندلس: عبد الأعلى أبو وهب بن وهب بن عبد الرحمن مولى قريش قرطبي سمع من يحيى بن يحيى ورحل إلى المشرق فسمع من مطرف بن عبد الله بالمدينة ومن أصبغ وعلي بن معبد بمصر ومن سحنون بإفريقية وانصرف إلى الأندلس فشوور بقرطبة مع الشيوخ: يحيى بن يحيى وسعيد بن حسان وعبد الملك بن حبيب وأصبغ بن خليل. وسمع منه بن لبابة وصحبه كثيراً وسمع منه بن وضاح وكان رجلاً حافظاً للرأي مشاركاً في علم النحو واللغة متديهاً زاهداً ولم تكن له معرفة بالحديث وكان يزن بالقدر وطالع كتب المعتزلة وكان يحيى بن يحيى وابن حبيب وإبراهيم بن حسين بن عاصم يطعنون عليه بذلك أشد الطعن. توفي سنة إحدى وستين وثلاثمائة.

عبد الأعلى أبو المعلى بن معلى الخولاني

من الطبقة الرابعة من الأندلس: عبد الأعلى أبو المعلى بن معلى الخولاني إلبيري أخذ عن بن مزين والمغامي وعثمان بن أيوب وهو أعلى رواة المغامي من أضبط أهل زمانه وهو أعلى الصدر الثاني من رجال عبد الملك من أزهدهم وأورعهم وأرضاهم عند الخاصة والعامة عني بسماع كثير واستولى على الحفظ للمسائل ثم انفرد بعبادة ربه عز وجل ورحل إلى بجاية في الفقه وكان المغامي يحيل على كتبه لثقته بصحتها وهو فوق محمد بن فطيس في كل شيء وابن فطيس أعلى ممن بعده وأدرك بن حبيب ولم يأخذ عنه رحمه الله تعالى ورضي عنه. من الطبقة الثانية ممن لم ير مالكاً من أهل الأندلس. عبد الودود بن سليمان قرطبي سمع من أصبغ روى العتبي عنه سماعه من أصبغ وأدخله في المستخرجة كان حافظاً للمسائل معدوداً في علماء هذه الطبقة رجلاً صالحاً.

عبد الحق بن محمد بن هارون السهمي القرشي أبو محمد

عبد الحق بن محمد بن هارون السهمي القرشي أبو محمد من أهل صقلية تفقه بالشيوخ القرويين كأبي بكر بن عبد الرحمن وأبو عمران الفاسي وعبد الله بن الأجدابي وحج فلقي القاضي عبد الوهاب وأبا ذر الهروي وحج أخرى بعد أن أسن وكبر وبعد صيته فلقي - بمكة إذ ذاك - إمام الحرمين أبا المعالي فباحثه عن أشياء وسأله عن مسائل أجابه عنها أبو المعالي هي مشهورة بأيدي الناس وكان عبد الحق يعرف فضله ويقول: لولا كبر سني ما فارقت عتبة بابه وكان عبد الحق مليح التأليف رحمه الله تعالى ورضي عنه. ألف كتاب النكت والفروق لمسائل المدونة وهو من أول ما ألف وهو كتاب مفيد عند الناشئين من حذاق الطلبة ويقال إنه ندم بعد ذلك على تأليفه ورجع عن كثير من اختياراته وتعليلاته واستدرك كثيراً من كلامه فيه وقال: لو قدرت على جمعه وإخفائه لفعلت. وألف أيضاً كتابه الكبير المسمى بتهذيب الطالب وله استدراك على مختصر البرادعي وله عقيدة رويت عنه وله جزء في بسط ألفاظ المدونة. وتوفي بالإسكندرية سنة ست وستين وأربعمائة.

عبد الحق بن غالب

عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن! به غبد الرؤوف بن تمام بن عبد الله بن تمام بن عطية بن خالد بن عطية بن خالد بن خفاف بن أسلم بن مكرم المحاربي يكنى أبا محمد من ولد زيد بن محارب بن خصفة من قيس عيلان من مضر. ورأيت بخط شيخنا عفيف الدين فيما نقله من تاريخ إلبيرة عن القاضي مطرف بن عيسى خصفة بالخاء المعجمة والصاد المهملة ضبطاً خطياً والذي في الإحاطة: حصفة كما ضبطه بالخط والله تعالى أعلم. نزل جده عطية بن خفاف بقرية قنينلة من زاوية غرناطة فأنسل كثيراً لهم قدر وفيهم فضل. كان القاضي أبو محمد: عبد الحق فقيهاً عالماً بالتفسير والأحكام والحديث والفقه والنحو واللغة والأدب مقيداً حسن التقييد له نظم ونثر ولي القضاء بمدينة المرية وكان غاية في الدهاء والذكاء والتهمم بالعلم سري الهمة في اقتناء الكتب ولما ولي توخى الحق وعدل في الحكم وأعز الخطة. روى عن الحافظ أبيه وأبي علي الغساني والصدفي وأبي عبد الله:

محمد بن فرج: مولى الطلاع وأبي المطرف الشعبي وأبي القاسم بن أبي الخصال المقبري وأبي العباس: أحمد بن عثمان بن مكحول وأبي القاسم: الحسن بن عمر الهوزني وأبي بكر عبد الباقي بن محمد الحجازي وابن برال وأبي محمد: عبد الواحد بن عيسى الهمداني وغيرهم من الجلة كثير تركتهم اختصاراً وألف كتابه المسمى بالوجيز في التفسير وأحسن فيه وأبدع وطار بحسن نيته كل مطار وألف برنامجاً ضمنه مروياته وأسماء شيوخه وحرر وأجاد وله شعر حسن. روى عنه أبو بكر بن أبي جمرة وأبو محمد عبيد الله وأبو القاسم بن حبيش وأبو جعفر بن مضاء وغيرهم. مولده سنة إحدى وثمانين وأربعمائة وتوفي - رحمه الله - في سنة ست وأربعين وخمسمائة - بمدينة لورقة قصد مرسية يتولى قضاءها فصد عن دخولها وصرف منها إلى لورقة اعتداء عليه رحمه الله تعالى. ووالده: أبو بكر: غالب الإمام الحافظ العالم رحل إلى المشرق سنة تسع وستين وأربعمائة فلقي بالمرية أبا محمد: عبد الجبار بن علي بن سليمان بن أبي قحافة وسمع عليه ولقي بمكة أبا عبد الله: الحسين بن علي بن الحسين

عبد الحق بن عبد الرحمن

الطبري الشافعي نزيل مكة وقرأ عليه وسمع كثيراً ثم حج سنة سبعين ورجع سنة إحدى وسبعين إلى الأندلس فروى عن أبي علي الجياني الغساني الحافظ ومولد أبي بكر سنة إحدى وأربعين وأربعمائة. وتوفي سنة ثمان عشرة وخمسمائة. ذكر ذلك ولده القاضي أبو محمد: عبد الحق بن عطية رحمه الله تعالى. عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حسين بن سعيد الأزدي أبو محمد الإشبيلي ويعرف بابن الخراط روى عن أبي الحسن: شريح وابن برجان وأبي حفص: عمر بن أيوب وأبي بكر بن مدير وأبي الحسن: طارق وطاهر بن عطية وكتب إليه محدث الشام: أبو القاسم بن عساكر وغيره. نزل بجاية عند الفتنة الواقعة بالأندلس عند انقراض الدولة اللمتونية فنشر بها علمه وصنف وولي الخطبة والصلاة بجامعها وكان فقيهاً حافظاً عالماً بالحديث وعلله عارفاً بالرجال موصوفاً بالخير والصلاح والزهد والورع ولزوم السنة والتقلل من الدنيا مشاركاً في الأدب وقول الشعر وصنف في الأحكام نسختين: كبرى وصغرى سبقه إلى مثل ذلك أبو العباس بن

أبي مروان الشهير بلبلة فحظي هو دون أبي العباس وله: الجمع بين الصحيحين وكتاب في الجمع بين المصنفات الستة وكتاب في المعتل من الحديث وكتاب في الرقائق ومصنفات أخر وله في اللغة كتاب حافل ضاهى به كتاب الغريبين للهروي أبي عبيد. ولد سنة عشر وخمسمائة وتوفي ببجاية - بعد محنة نالته من قبل الولاة في ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وخمسمائة وله رحمه الله تعالى: إن في الموت والمعاد لشغلاً ... وادكاراً لذي النهى وبلاغا فاغتنم خطتين قبل المنايا ... صحة الجسم يا أخي والفراغا انتهى من كلام الحافظ أبي عبد الله: محمد بن أبي عبد الله بن أبي بكر القضاعي البلنسي الكاتب الأبار. ومن جملة تآليفه: ما نقله محمد بن حسن بن عبد الله بن خلف بن يوسف الأنصاري عن المؤلف - إملاء منه عليه - قال - بعد أن ذكر ما تقدم ذكره: وكتاب المرشد تضمن حديث مسلم كله: وما زاد البخاري على مسلم وأضاف إلى ذلك أحاديث حساناً وصحاحاً من كتاب أبي داود وكتاب النسائي وكتاب الترمذي وغير ذلك وما وقع في الموطأ مما ليس في مسلم والبخاري وهو أكبر من صحيح مسلم وكتاب الجامع الكبير في الحديث ومقصوده فيه: الكتب الستة وأضاف إليه كثيراً من مسند

البزار وغيره منه صحيح ومعتل تكلم على علله ونهب منه في دخلة البلد في الفتنة وكتاب بيان الحديث المعتل وهو قدر صحيح مسلم وقد تقدم ذكره وذكر جامع الكتب الستة نهب منه أيضاً في الدخلة المذكورة وكتاب التوبة في سفرين ومعجزات الرسول صلى الله عليه وسلم في سفر ومقالة الفقر والغنى وكتاب الصلاة والتهجد في سفر وكتاب العاقبة وتضمن ذكر الموت وما بعده وكتاب تلقين الوليد في الحديث سفر صغير وكتاب المنير وتقدم اسمه وكتاب الرقائق والأنيس في الأمثال والمواعظ والحكم والآداب من كلام النبي صلى الله عليه وسلم والصالحين ومختصر كتاب الرشاطي في الأنساب من القبائل والبلاد وهو في سفرين ومختصر كتاب الكفاية في علم الرواية وكتاب فضل الحج والزيارة وكتاب الواعي في اللغة. وتقدم ذكره وهو نحو خمسة وعشرين سفراً. تغمده الله تعالى برحمته.

عبد الواحد أبو محمد بن شرف الدين بن المنير

عبد الواحد أبو محمد بن شرف الدين بن المنير هو بن أخي القاضي ناصر الدين بن المنير. كان هذا الرجل شيخ ثغر الإسكندرية يلقب بعز القضاة وكان فقيهاً فاضلاً أديباً وعمر وانتفع الناس به أخذ الفقه عن عميه: ناصر الدين وزين الدين وجمع تفسيراً حسناً في عشرة مجلدات وهو يقرأ في المواعيد إلى الآن وله ديوان مدح في النبي صلى الله عليه وسلم. وأنشد عز القضاة لنفسه: ألا فاسألوا في الفضل من كان بارعاً ... وفي العلم أفنى عمره باشتغاله عن المرء يوصي قاصداً وجه ربه ... لزيد بما سماه من ثلث ماله فإن يكن الموصى له متمولاً ... دفعنا له الموصى به بكماله وإن يك ذا قل وفقر وفاقة ... حرمناه ذاك المال فارث لحاله؟ أيحرم ذو فقر ويعطاه ذو غنى ... لعمرك ما رزق الفتى باحتياله؟ فلا تعتمد إلا على الله وحده ... ولا تستند إلا لعز جلاله توفي سنة ست وثلاثين وسبعمائة مولده سنة إحدى وخمسين وستمائة. ذكر ذلك شهاب الدين: أحمد بن هلال صاحبنا رحمه الله تعالى ورضي عنه.

عبد الواحد بن محمد بن علي بن أبي السداد الشهير بالمالقي

عبد الواحد بن محمد بن علي بن أبي السداد الشهير بالمالقي كان فقيهاً نحوياً أصولياً حسن التعليم نافعاً منجبا منقطع القرين في الدين المتين والصلاح والتواضع وحسن الخلق. سمع من أبي عمر وعبد الرحمن بن حوط الله وغيره من المشايخ وله تآليف في القراءات والفقه وشرح التيسير وله شعر. توفي في عام خمسة وسبعمائة.

من اسمه عيسى من الطبقة الأولى ممن لم ير مالكا والتزم مذهبه من الأندلس

من اسمه عيسى من الطبقة الأولى ممن لم ير مالكاً والتزم مذهبه من الأندلس: عيسى بن دينار أخو عبد الرحمن ويكنى أبا محمد رحل فسمع من بن القاسم وصحبه وعول عليه وانصرف إلى الأندلس وكانت الفتيا تدور عليه لا يتقدمه في وقته أحد في قرطبة وكانت له فيها رياسة بعد انصرافه من المشرق وكان بن القاسم يعظمه ويجله ويصفه بالفقه والورع وكان لا يعد في الأندلس أفقه منه في نظرائه. قال الرازي: كان عيسى عالماً زاهداً متفنناً حج حجات وولي قضاء طليطلة: للحكم والشورى بقرطبة. وقال بن أيمن: هو الذي علم لأهل مصرنا المسائل وكان أفقه من يحيى بن يحيى - على جلالة يحيى وعظم قدره. وقال بن مزين وابن لبابة: فقيه الأندلس: عيسى. وقال أبو عمر الصدفي: هو من أهل النظر والفقه التام والورع. قال بن حارث: كان عيسى فقيهاً بارعاً غير مدافع ومن متقدمي العلماء

بالأندلس خيراً فاضلاً عابداً ناسكاً ورعاً: من أهل العلم والعمل والخشية مجاب الدعوة صلى الصبح بوضوء العتمة أربعين سنة. وشيعه بن القاسم عند انصرافه عنه ثلاث فراسخ فعوتب في ذلك فقال: تلوموني أن شيعت رجلاً لم يخلف بعده أفقه منه ولا أورع؟. وقال بن القاسم: أتانا عيسى فسألنا سؤال عالم. وكان ينتجع بلده طليطلة وبها توفي سنة اثنتي عشرة ومائتين وقبره هناك مشهور وقيل: توفي منصرفه عن طليطلة. وبه وبيحيى: انتشر عام مالك بالأندلس ورجعت الفتيا بها إلى رأيه وأدرك عيسى بن القاسم وابن وهب وأشهب فسمع من بن القاسم واقتصر عليه فاعتلت في الفقه طبقته. وكان من أهل الزهد البائس والدين الكامل وأحواله في العلم البارع والفضل الكامل مشهورة مع قوته في التفقه لمالك وأصحابه. وكان بن وضاح يقول: هو الذي علم أهل الأندلس الفقه.

عيسى بن مسكين بن منظور الإفريقي

ولعيسى سماع من بن القاسم: عشرون كتاباً وله تأليف في الفقه يسمى: كتاب الهدية كتب به إلى بعض الأمراء: عشرة أجزاء. وكان عيسى ذا هيئة حسنة وعقل رصين ومذهب جميل وكتب إلى بن القاسم في رجوعه عما رجع عنه من كتاب أسد فيما بلغه ويسأله إعلامه بذلك فكتب إليه بن القاسم: اعرضه على عقلك فما رأيته حسناً فأمضه وما أنكرته فدعه. وهذا يدل على ثقة بن القاسم بتفقهه. وتوفي سنة اثنتي عشرة ومائتين. ومن الطبقة الثانية من إفريقية: عيسى بن مسكين بن منظور الإفريقي أصله من العجم ويتولى قريشاً من أهل الساحل سمع من سحنون وابنه جميع كتبه ومن غيرهما وسمع بالشام من أبي جعفر الأيلي وبمصر من الحارث بن مسكين وأبي الطاهر والربيع ومحمد بن المواز ومحمد بن عبد الرحيم البرقي ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ومحمد بن سنجر ويونس الصدفي ومن علي بن عبد العزيز وغيرهم. سمع منه الناس: أحمد بن محمد بن تميم وأبو الحسن الكانشي وابن

مسرور الحجام وعلي بن حمود وغيرهم. كان فقيهاً عالماً فصيحاً ورعاً مهيباً وقوراً ثقة مأموناً صالحاً ذا سمت وخشوع فاضلاً طويل الصمت دائم الحمد رقيق القلب غزير الدمعة كثير الإشفاق متفنناً في كل العلوم: الحديث والفقه واللغة وأسماء الرجال وكناهم وقوتهم وضعفهم فصيحاً جيد الشعر كثير الكتب في الفقه والآثار صحيحاً يشبه سحنوناً في هيئته وسمته واعتماده على سحنون وبه كان يقتدي في كل أموره من شمائله وزهده ومباينته لأهل البدع حسن الأدب بين المروءة. قال أبو علي البصري: لو أفردنا كتاب في ذكر مناقبه ومحاسنه وزهده وورعه وعدله ما انتهينا إلى وصفه. كان عالماً باللغة قائلاً للشعر من أهل الفضل البارع والورع الصحيح والصمت الطويل مستجاب الدعوة. قال الكانشي: أدخلني عيسى بن مسكين إلى بيت مملوء بالكتب ثم قال لي: كلها رواية وما فيها كلمة غريبة إلا وأنا أحفظ لها شاهداً من كلام العرب؟.

وكان محمد بن سحنون إذا استفتي قال: أفت يا أبا موسى. وكان إذا تفاخر أهل المدينة وأهل العراق برجالهم قيل لأهل العراق: عندكم مثل عيسى بن مسكين؟ فيفخمونه ويقولون: ذلك أفضلكم وأفضلنا. وولي القضاء بعد أن قال له الأمير إبراهيم بن أحمد بن الأغلب: ما تقول في رجل قد جمع خلال الخير أردت أن أوليه القضاء وألم به شعث هذه الأمة فامتنع؟ قال: يلزمه أن يلي قال: تمنع؟ قال: تجبره على ذلك بجلد. قال: قم فأنت هو؟ قال: ما أنا بالذي وصفت وتمنع. فأخذ الأمير بمجامع ثيابه وقرب السيف من نحره فتقدم بعد أمر عظيم وولاه بعد إجماع الناس عليه على اختلاف مذاهبهم وامتناعه.

قال بعضهم: رافقت عيسى في طريق الحج فخرجت ليلة من الرفقة لقضاء حاجة الإنسان ثم عدت إلى الرفقة فإذا عليها سور منعني من الوصول إليها حتى أصبح وضرب الطبل فذكرت ذلك لعيسى فقال: ما أبيت ليلة حتى أدور على الرفقة وأقول: اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام واكنفنا بكنفك الذي لا يرام اللهم إني أستودعك ديني ونفسي وأهلي وولدي ومالي إنه لا تخيب ودائعك يا أرحم الراحمين. ويحكى عنه أنه كان يجتمع بالخضر عليه السلام وحكى عنه عبد الله العارف أنه قال: اجتمعت مع الخضر مرتين ودخل على في بيتي فقال لي: أبشر بفرجك مما أنت فيه. ومن حكمه: أشرف الغنى ترك المنى من قاس الأمور علم المستور من حصن شهوته صان قدره من أطلق طرفه كثر أسفه من تقلب الأحوال علم جواهر الرجال بحسن التأني تسهل المطالب الحسن النية يصحبه التوفيق المعاش مذل لأهل العلم كفاك أدباً لنفسك ما كرهته لغيرك قارب الناس في عقولهم تسلم من غوائلهم خلوا لهم دنياهم يخلوا بينكم وبين آخرتكم. ومن شعره قوله: لما كبرت أتتني كل داهية ... وكل ما كان مني زائداً نقصا

عيسى أبو الأصبغ بن سهل بن عبد الله الأسدي

أصافح الأرض أن رمت القيام وإن ... مشيت تصحبني ذات اليمين عصا وله: لعمرك لو وجدتك يا شبابي ... بما ملكت يميني لارتجعتك ولو جعلت لي الدنيا ثواباً ... وما فيها عليك لما وهبتك؟ فقدتك فافتقدت لذيذ نومي ... وطيب معيشتي لما فقدتك؟ ونحتك وانتحيت عليك دهراً ... فلم تغن النياحة حين نحتك؟ مولده سنة أربع عشرة ومائتين ومات رحمه الله تعالى سنة خمس وتسعين ومائتين. وكانت ولايته ثمان سنين وأحد عشر شهراً رحمة الله تعالى عليه. ومن الطبقة الحادية عشرة: من أهل الأندلس: عيسى أبو الأصبغ بن سهل بن عبد الله الأسدي أصله من جيان من البراجلة سكن قرطبة وتفقه بها سمع من حاتم الطرابلسي وتفقه بابن عتاب ولازمه واختص به وأخذ أيضاً عن بن القطان وروى عن مكي بن أبي طالب وابن شماخ وابن عامر الحافظ وسمع بجيان من الفقيه: هشام بن سوار وبغرناطة من يحيى بن زكريا القليعي الفقيه وبطليطلة من القاضي أسد وابن رافع رأسه وأجازه أبو عمر بن عبد البر.

كان جيد الفقه مقدماً في الأحكام وله في الأحكام كتاب حسن سماه الإعلام بنوازل الأحكام وذكر في أول هذا الكتاب عن نفسه: أنه كان يحفظ المدونة والمستخرجة الحفظ المتقن وولي بقرطبة الشورى وأنابه حاكمها ودخل سبتة فنوه بمكانه صاحبها البرغواطي فرأس فيها وأخذ عنه جماعة من فقهائها منهم قاضي الجماعة أبو محمد بن منصور والقاضي أبو إسحاق: إبراهيم بن أحمد البصري والفقيه أبو إسحاق بن جعفر ولازمه وسمع منه القاضي أبو عبد الله بن عيس التميمي ثم ترك الرواية عنه. قال صاحب الصلة: كان من جلة الفقهاء وكبار العلماء حافظاً للرأي ذاكراً للمسائل عارفاً بالنوازل بصيراً بالأحكام عول الحكام على كتابه فيها قال عياض: وسمع منه خالاي أبو محمد وأخوه ابنا الجوزي وولي قضاء طنجة ومكناسة ثم رجع إلى الأندلس فولي قضاء غرناطة - إلى أن دخلها المرابطون فبقي يسيراً ثم عوفي منها وبقي بغرناطة إلى أن توفي. وذكره بن الخطيب في الإحاطة في تاريخ غرناطة فقال: كان من جلة الفقهاء وأكابر العلماء حافظاً للرأي ذاكراً للمسائل عارفاً بالنوازل بصيراً بالأحكام متقدماً في معرفتها ولي الشورى مدة ثم ولي القضاء بغرناطة وغيرها. وذكره الإمام أبو الحسن بن الباذش فقال: كان من أهل الخصال الباهرة والمعرفة التامة يشارك في فنون من العلم.

عيسى أبو الروح بن مسعود بن المنصور بن يحيى بن يونس بن يوينو بن عبد

وقال بن الصيرفي: كان في أهل العلم والفهم والتفنن في العلم مع الخير والورع وصحة الدين وكثرة الجود بارع الخط فصيح الكتابة حاضر الذهن له قريض جزل ولم يزل يتردد في القضاء. وفي أيام أبي يعقوب تاشفين رفع إليه شدته في القضاء فصرفه. توفي بغرناطة سنة ست وثمانين وأربعمائة. عيسى أبو الروح بن مسعود بن المنصور بن يحيى بن يونس بن يوينو بن عبد الله بن أبي حاج المنكلاتي الحميري الزواوي المالكي كان فقيهاً عالماً متفنناً في العلوم تفقه ببجاية على أبي يوسف: يعقوب الزواوي وقدم الإسكندرية وتفقه بها ثم رحل إلى قابس فأقام بها مدة وولي القضاء بها ثم رحل إلى ثغر الإسكندرية فأقام بها مدة يسيرة ثم رحل إلى القاهرة فأقام بها يشغل الناس في العلوم بالجامع الأزهر وسمع كتب الحديث الستة - قديماً وحدث عن شرف الدين الدمياطي وولي نيابة القضاء بدمشق نحو سنتين ثم رجع إلى الديار المصرية فولي نيابة القضاء بها عن قاضي القضاة زين الدين بن مخلوف المالكي ثم من بعده عن قاضي القضاة تقي الدين الأخنائي المالكي ثم ولي تدريس المالكية بمصر بزاوية المالكية وترك ولاية الحكم وأقبل على الاشتغال والتصنيف فشرح صحيح مسلم

في اثني عشر مجلداً وسماه: إكمال الإكمال جمع فيه أقوال المازري والقاضي عياض والنووي وأتى فيه بفوائد جليلة من كلام بن عبد البر والباجي وغيرهما وشرح مختصر أبي عمرو بن الحاجب في الفقه. فوصل فيه إلى كتاب الصيد في سبع مجلدات واختصر جامع بن يونس شرح المدونة وصنف في الوثائق والمناسك وفي علم المساحة ورد على تقي الدين بن تيمية في مسألة الطلاق وألف مناقب مالك رحمه الله تعالى وألف تاريخاً في نحو عشر مجلدات بيض منه نصفه ذكر فيه من أول بدء الدنيا وقصص الأنبياء وأخبار الأمم من آدم إلى زمانه. وكانت له اليد الطولى في علم الفقه والأصول والعربية والفرائض. وكان يحكى أنه حفظ مختصر بن الحاجب في الفروع في مدة ثلاثة أشهر ونصف ثم عرضه وحفظ موطأ مالك بن أنس وعرضه. وكان إماماً في الفقه وإليه انتهت رياسة الفتوى في مذهب مالك بالديار المصرية والشامية. وكان مولده سنة أربع وستين وستمائة وتوفي في سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة بالقاهرة.

عيسى بن مخلوف بن عيسى المغيلي

وأبو الروح: براء مهملة مضمومة وواو ساكنة وحاء مهملة. ويوينو: بياء مثناة من تحت مضمومة وواو ساكنة وياء مثناة من تحت مفتوحة ونون مشددة مضمومة وواو ساكنة. والمنكلاتي: بميم مفتوحة ونون ساكنة وكاف مفتوحة ولام وألف مشددة وتاء مثناة من فوق وياء ساكنة: قبيلة من العرب. عيسى بن مخلوف بن عيسى المغيلي كان من فضلاء المالكية وأعيانهم بالديار المصرية وولي قضاء المالكية بها فحمدت سيرته. توفي سنة ست وأربعين وسبعمائة.

من اسمه عمر من الطبقة الخامسة من العراق ثم من آل حماد بن زيد

من اسمه عمر من الطبقة الخامسة من العراق ثم من آل حماد بن زيد قاضي القضاة أبي الحسن عمر بن قاضي القضاة أبي عمر: محمد بن القاضي يوسف بن القاضي يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد كذا اسمه ووهم من سماه أحمد وكان من أحذق من رأيناه من أحداث المالكيين. كان ذكياً فطناً حاذقاً بالمذهب أخذ من كل علم بنصيب كان نظير أبيه في الفضل وتاليه في العقل السالك مسلك سلفه والجاري على مذاهب أوله الحامل لعلوم قلما اجتمعت في مثله من أهله زمانه ولا يعرف قاض في سنه ولا أعلى منه يشتغل بالعلوم التي يشتغل بها الناس من حفظ الحديث وعلم به واستبحار في الفقه واحتجاج له وتقدم في النحو واللغة وحظ جزيل من البلاغة: نظمها ونثرها. قرأ من كتب اللغة والأخبار ما يقارب عشرة آلاف ورقة وبلغ مبلغاً عظيماً

وله كتاب في الرد على من أنكر إجماع أهل المدينة وهو نقض كتاب الصيرفي وله كتاب سماه: الفرج بعد الشدة ولم يدرك عمهم إسماعيل بن إسحاق وإنما تفقه عند أبيه وكبار أصحاب إسماعيل وعنه وعن أبيه عمر أخذ أبو بكر الأبهري وغيره وعندهما تفقه وكان يخلف أباه في قضائه وهو صغير السن. ثم ولي قضاء مدينة المنصور - سنة عشرين وثلاثمائة فلما توفي أبوه في رمضان من هذه السنة قلد أبو الحسن جميع ما كان يتقلده أبوه. وفي أيامه قتل بن أبي العزافيري وكان يذهب إلى مذهب الحلاج ويقول بالحلول والتأله فشهد على قوله وأفتى أبو الحسن بقتله. وفي أيام أبيه أبي عمر قتل الحسين بن منصور الحلاج بفتواه وفتوى أبي الفرج المالكي ومن وافقهما من المالكية. وتوفي أبو الحسن ببغداد وهو متولي قضاء القضاة ليلة الخميس لثلات عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة واخترمته المنية قبل استيفاء أمد أقرانه وطبقته. وسنه - يوم مات - تسع وثلاثون سنة ولم يتخلف عن جنازته

عمر أبو حفص بن عبد النور

جليل وصلى عليه ابنه أبو نصر ووجد عليه الرضي أمير المؤمنين وجداً شديداً حتى كاد يبكي بحضرتنا ويقول: كنت أضيق بالشيء ذرعاً حتى أراه فيوسعه علي برأيه رحمه الله تعالى. ومن الطبقة العاشرة من إفريقية: عمر أبو حفص بن عبد النور يعرف بابن الحكار صقلي فاضل عالم نظار محقق حسن الكلام والتأليف أديب شاعر حسن القول وله في المدونة شرح كبير نحو ثلاثمائة جزء وانتقد على التونسي ألف مسألة واختصر كتاب التمامات. قال عبد الله بن خطاب: حضرت مجلسه وهو يناظر بالبراذعي ويتكلم عليه كلاماً عظيماً فما سمعت بأدق من كلامه. ومن كتاب العبر في ذكر من غبر أبو علي الشلوبين:

عمر بن محمد بن عبد الله الأزدي

عمر بن محمد بن عبد الله الأزدي المعروف بالشلوبين النحوي سمع من أبي بكر بن الجد وأبي عبد الله بن زرقون والكبار وأجاز له السلفي وكان أسند من بقي بالمغرب وكان في العربية بحراً لا يجارى وحبراً لا يبارى. تصدر لإقراء النحو نحواً من ستين عاماً. أخذ عن أبي إسحاق بن ملكون وغيره.

قال شمس الدين بن خلكان: ولقد رأيت جماعة من أصحابه وكلهم فضلاء وكل منهم يقول: لا يتقاصر الشيخ أبو علي عن طبقة الشيخ أبي علي الفارسي ويغالون فيه كثيراً. وظهر له في الوجود أعيان كأبي الحسن بن عصفور والشيخ جمال الدين بن مالك والشيخ أبي المكارم بن مسدي وغيره من الأعيان كثيراً. وشرح المقدمة الجزولية شرحين: كبيراً وصغيراً وله كتاب في النحو سماه: التوطئة وكتاب سماه: القوانين. وبالجملة فإنه على ما يقال: كان خاتمة أئمة النحو وكانت ولادته بإشبيلية في سنة اثنين وستين وخمسمائة وتوفي سنة خمس وأربعين وستمائة بإشبيلية.

عمر بن أبي اليمن

والشلوبين بفتح الشين المثلثة واللام وسكون الواو وكسر الباء الموحدة وسكون الياء المثناة من تحت وبعدها نون - هذه النسبة إلى الشلوبين وهو بلغة أهل الأندلس: الأبيض الأشقر رحمه الله تعالى. عمر بن أبي اليمن علي بن سالم بن صدقة اللخمي المالكي الشهير بتاج الدين الفاكهاني يكنى أبا حفص الإسكندري قرأ القرآن بالقراءات على أبي عبد الله: محمد بن عبد الله بن عبد العزيز المازوني حافى رأسه وسمع منه وسمع من أبي عبد الله: محمد بن طرخان وأبي الحسن: علي بن أحمد القرافي وسمع من غيرهما. وكان فقيهاً فاضلاً متفنناً في الحديث والفقه والأصول والعربية والأدب وكان على حظ وافر من الدين المتين والصلاح العظيم واتباع السلف الصالح حسن الأخلاق.

صحب جماعة من الأولياء وتخلق بأخلاقهم وتأدب بآدابهم وحج غير مرة وحدث ببعض مصنفاته. وله شرح العمدة في الحديث لم يسبق إلى مثله لكثرة فائدته وشرح الأربعين للنووي وسماه المنهج المبين في شرح الأربعين وله الإشارات في العربية وشرحها والتحفة المختارة في الرد على منكر الزيارة وكتاب الفجر المنير في الصلاة على البشير النذير. ضمت مكارم تأتي منك ظاهرة ... إلى مكارم أبقاها أبوك لكا فإن تقدم أبناء الكرام بهم ... فقد تقدم آباء الكرام بكا وأخبرني جمال الدين: عبد الله بن محمد بن علي بن أحمد بن حديدة الأنصاري المحدث: أحد الصوفية بخانقاه سعيد السعيداء في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة قال: رحلنا مع شيخنا تاج الدين الفاكهاني إلى دمشق فقصد زيارة نعل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التي بدار الحديث الأشرفية بدمشق وكنت معه فلما رأى النعل المكرمة حسر عن رأسه وجعل يقبله ويمرغ وجهه عليه ودموعه تسيل وأنشد: فلو قيل للمجنون: ليلى ووصلها ... تريد أم الدنيا وما في طواياها؟ لقال: غبار من تراب نعالها ... أحب إلى نفسي وأشفى لبلواها؟

عمر بن علي بن قداح الهواري التونسي

ولما حضرته الوفاة جعل بعض أقاربه يتشهد بين يديه ليذكره ففتح عينيه وأنشد: وغداً يذكرني عهوداً بالحمى ... ومتى نسيت العهد حتى أذكرا؟ ثم تشهد وقضى نحبه. توفي - رحمه الله تعالى - بالإسكندرية في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة ودفن ظاهر باب البحر. ومولده بها سنة أربع وخمسين وستمائة وقيل سنة ست وخمسين. عمر بن علي بن قداح الهواري التونسي كان إماماً عالماً بمذهب مالك عليه مدار الفتيا مع القاضي أبي إسحاق بن عبد الرفيع ونظرائه وكان جليل القدر مشهور الذكر له مسائل قيدت عنه مشهورة وولي قضاء الجماعة بعد القاضي أبي إسحاق بن عبد الرفيع. توفي سنة ست وثلاثين وسبعمائة.

من اسمه عثمان من الطبقة الأولى من أصحاب مالك من أهل المدينة

ومن مختصر المدارك: من اسمه عثمان من الطبقة الأولى من أصحاب مالك من أهل المدينة: عثمان بن الحكم الجذامي مشهور من أصحاب مالك المصريين وهو أول من أدخل علم مالك مصر ولم تنبت مصر أنبل منه يروى عن مالك وموسى بن عقبة وابن جريج وغيرهم. روى عنه بن وهب وسعيد بن أبي مريم. توفي سنة ثلاثة وستين ومائة. وممن لم ير مالكاً من أهل المغرب الأقصى. عثمان بن مالك فقيه فاس وزعيم فقهاء المغرب في وقته أخذ عنه فقهاء فاس وتفقهوا عليه. وله تعاليق على المدونة. ومن كتاب الصلة:

عثمان بن عيسى التجيبي

عثمان بن عيسى التجيبي من أهل طليطلة يكنى أبا بكر ويعرف بابن رافع رأسه. كان من أهل العلم البارع حافظاً لرأي مالك رأساً فيه موثقاً به. روى عن محمد بن إبراهيم الخشني وغيره وولي قضاء طلبيرة. عثمان بن سعيد بن عثمان الأموي المقرئ المعروف بابن الصيرفي من أهل قرطبة يكنى أبا عمرو سمع أبي الحسن القابسي وابن أبي زمنين وخلق كثير وعدد عظيم. وكان أحد الأئمة في علم القرآن: روايته وتفسيره ومعانيه وإعرابه وجمع في معنى ذلك تآليف حساناً مفيدة يكثر تعدادها ويطول إيرادها. وله معرفة تامة بالحديث وعلومه متفنناً بالعلوم جامعاً لها وكان ديناً فاضلاً ورعاً مجاب الدعوة وألف في القراءات تآليف معروفة.

عثمان بن أبي بكر الصدفي

توفي سنة أربع وأربعين وأربعمائة ومشى السلطان أمام نعشه وكان الجمع في جنازته عظيماً رحمه الله تعالى. عثمان بن أبي بكر الصدفي ويعرف بالسفاقسي ويعرف أيضاً بابن الضابط قدم الأندلس وأسمع بها الناس بعد أن تجول بالمشرق وأخذ عن علمائها ومحدثيها. روى عن أبي نعيم: أحمد بن عبد الله الحافظ وكتب عنه مائة ألف حديث بخطه وروى عن جماعة كثيرة من الأعيان يطول ذكرهم. كان حافظاً للحديث متفنناً في علومه متقناً لها عارفاً باللغة والإعراب والحديث والغريب والأدب. مشهوراً بالفضل والدراية ومن شعره: إذا ما عدوك يوماً سما ... إلى حالة لم تطق نقضها فقبل ولا تأنفن كفه ... إذا أنت لم تستطع عضها وله أيضاً: ما عابني إلا الحسو ... د وتلك من خير المعائب والخير والحساد مق ... رونان إن ذهبوا فذاهب

عثمان بن عمر بن أبي بكر

وإذا ملكت المجد لم ... تملك مذمات الأقارب وإذا فقدت الحاسدي ... ن فقدت في الدنيا الأطايب توفي رحمه الله تعالى بعد سنة أربعين وأربعمائة. ومن الوفيات لابن خلكان: عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الرويني ثم المصري ثم الدمشقي ثم الإسكندري يكنى أبا عمر المعروف بابن الحاجب الملقب بجمال الدين الإمام العلامة الفقيه المالكي. كان والده حاجب الأمير عز الدين موسك الصلاحي وكان كردياً واشتغل ولده أبو عمرو المذكور بالقرآن الكريم في صغره بالقاهرة ثم بالفقه على مذهب مالك رضي الله عنه ثم بالعربية والقراءات وبرع في علومه وأتقنها غاية الإتقان. وذكره الشيخ العلامة: شيخ الشام شهاب الدين الدمشقي المعروف بابن أبي شامة في كتابه: الذيل على الروضتين فقال: كان ركناً من أركان الدين في العلم والعمل بارعاً في العلوم الأصولية وتحقيق علم العربية متقناً لمذهب مالك بن أنس وكان ثقة حجة متواضعاً عفيفاً منصفاً محباً للعلم وأهله ناشراً له صبوراً على البلوى محتملاً للأذى.

وذكره الذهبي فقال - بعد أن أثنى عليه: وقرأ القراءات على الغزنوي وأبي الجود: غياث بن فارس وبعضها على الشاطبي. وذكره بن مهدي في معجمه فقال: كان بن الحاجب علامة زمانه رئيس أقرانه استخرج ما كمن من درر الفهم ومزج نحو الألفاظ بنحو المعاني وأسس قواعد تلك المباني وتفقه على مذهب مالك وكان علم اهتداء في تلك المسالك استوطن مصر ثم استوطن الشام ثم رجع إلى مصر فاستوطنها وهو في كل ذلك على حال عدالة وفي منصب جلالة وصنف التصانيف المفيدة منها: كتاب الجامع بين الأمهات في الفقه وقد بالغ الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد رحمه الله تعالى وهو أحد أئمة الشافعية في مدح هذا الكتاب في أول شرحه له وكان قد شرع في شرحه على طريقة حسنة من البسط والإيضاح والتنقيح وخلاف المذهب واللغة والعربية والأصول فلو تم هذا الشرح لبلغ به المالكية غاية المأمول. ومما ذكره في مدح الكتاب أن قال: هذا كتاب أتى بعجب العجاب ودعا قصي الإجادة فكان المجاب وراض عصي المراد فأزال شماسته وانجاب وأبدى ما حقه أن يبالغ في استحسانه وتشكر نفحات خاطره ونفثات لسانه فإنه - رحمه الله تعالى - تيسرت له البلاغة فتفيأ ظلها الظليل وتفجرت له ينابيع الحكمة فكان خاطره ببطن المسيل وقرب المرمى فخفف الحمل الثقيل وقام بوظيفة الإيجاز فناداه لسان الإنصاف: " ما على المحسنين من سبيل " التوبة 91 ويقتصر على هذه النبذة من كلامه خوف التطويل. قال والدي علي - بن محمد بن فرحون - رحمه الله تعالى: قال لي الإمام العالم الفاضل

العلامة القاضي فخر الدين المصري: كان شيخنا كمال الدين الزملكاني يقول: ليس للشافعية مثل مختصر بن الحاجب للمالكية وكفى بهذه الشهادة. قال جمال الدين: كان وحيد عصره: علماً وفضلاً وإطلاعاً. قال: وما أحسن هذه الشهادة من إمام من أئمة الشافعية وما يشهد رحمه الله تعالى إلا على ما حققه ومن خبر الكتاب صدقه ومليحة شهدت لها ضراتها وقد اعتنى العلماء شرقاً وغرباً بشرح هذا الكتاب وصنف الكافية مقدمة وجيزة في النحو وأخرى مثلها في التصريف سماها: الشافية وشرح المقدمتين فظهرت بركة هذين الكتابين على الطلبة وصنف مختصراً في أصول الفقه ثم اختصره والمختصر الثاني هو كتاب الناس شرقاً وغرباً وصنف في القراءات وفي العروض: وله الأمالي في ثلاث مجلدات في غاية الإفادة وله شرح المفصل للزمخشري وله: نظم الكافية سماه: الوافية في نظم الكافية. قال صاحب الوفيات: وكل تصانيفه في نهاية الحسن والإفادة وخالف النحاة في مواضع وأورد عليهم أشياء تبعد الإجابة عنها قال: واجتمعت به وسألته عن مواضع في العربية مشكلة وأجاب فأبلغ ولولا التطويل لذكرت ما قاله. وله شعر حسن فمنه قوله: وكان ظني بأن الشيب يرشدني ... إذا أتى فإذا غيي به كثرا؟

ولست أقنط من عفو الكريم وإن ... أسرفت فيها وكم عفا وكم سترا؟ إن خص عفو إلهي المحسنين فمن ... يرجو المسيء ومن يدعو إذا عثرا؟ انتقل - رحمه الله تعالى - من مصر إلى الإسكندرية ولم تطل مدته هناك. وتوفي بها ضحى يوم الخميس السادس والعشرين من شهر شوال سنة ست وأربعين وستمائة. وقبره خارج باب البحر بتربة الشيخ الصالح بن أبي شامة. ولما توفي بن الحاجب كتب ناصر الدين بن المنير على قبره هذه الأبيات: إلا أيها المختال في مطرف العمر ... هلم إلى قبر الإمام أبي عمرو تر العلم والآداب والفضل والتقى ... ونيل المنى والعز غيبن في قبر فتدعو له الرحمن دعوة رحمة ... يكافا بها في مثل منزله القفر وكان مولده بإسنا بالصعيد الأعلى سنة تسعين وخمسمائة ودونه موضع الأكراد ببلاد المشرق.

عثمان بن علي بن دعموق

عثمان بن علي بن دعموق غرناطي يكنى أبا عمرو ويعرف بابن دعمون. كان فقيهاً جليلاً ذاكراً للفقه مستحضراً لمسائل الأحكام معتمداً عليه في الشورى ألف برنامجاً على كتاب البيان والتحصيل عظيم النفع والفائدة وعرض عليه القضاء فلم يقبله. توفي سنة تسع وسبعمائة. عثمان بن محمد بن يحيى بن محمد بن منظور القيسي من أهل مالقة يكنى أبا عمرو ويعرف بابن منظور الأستاذ القاضي: من بيت بني منظور الإشبيليين: أحد بيوت الأندلس المعمور بالنباهة كان رحمه الله تعالى صدراً في علماء بلده أستاذاً ممتعاً من أهل النظر والاجتهاد والتحقيق ثاقب الذهن أصيل البحث مضطلعاً بالمشكلات مشاركاً في فنون من فقه وعربية برز فيها إلى أصول وقراءات وطب ومنطق. قرأ على الأستاذ أبي عبد الله بن الفخار وغيره من العلماء وكان متبحراً في المسائل وقيد بخطه الكثير واجتهد وصنف وأقرأ ببلده فعظم به الانتفاع وولي القضاء بمواضع عديدة وتوفي قاضياً.

وله شعر مفيد وله تآليف منها: تقييد حسن في الفرائض سماه: بغية الباحث في معرفة مقدمات الموارث وآخر في المسح على الأنماق الأندلسية واللمع الجدلية في كيفية التحدث في علم العربية. توفي عام خمس وثلاثين وسبعمائة.

من اسمه علي من الطبقة الأولى من أصحاب مالك من أهل إفريقية

من اسمه علي من الطبقة الأولى من أصحاب مالك من أهل إفريقية: علي بن زياد أبو الحسن التونسي العبسي ثقة مأمون خيار متعبد بارع في الفقه سمع من مالك والثوري والليث بن سعد وغيرهم لم يكن بعصره بإفريقية مثله. سمع منه البهلول بن راشد وشجرة وأسد بن الفرات وسحنون وغيرهم. روى عن مالك الموطأ وكتباً وهي بيوع: ونكاح وطلاق سماعه من مالك الثلاثة وهو معلم سحنون الفقه وكان سحنون لا يقدم عليه أحداً من أهل إفريقية وكان أهل العلم بالقيروان إذا اختلفوا في مسألة كتبوا بها إلى علي بن زياد ليعلمهم بالصواب وكان خير أهل إفريقية في الضبط للعلم. وقال سحنون: لو كان لعلي بن زياد من الطلب ما للمصريين ما فاته منهم أحد وما عاشره منهم أحد قال بن الحداد: إلا أنها كلمة فضله بها عليهم. وقال سحنون: ما أنجبت إفريقية مثل علي بن زياد. ولم يكن في عصره أفقه منه ولا أورع ولم يكن سحنون يعدل به أحداً

علي أبو الحسن

من علماء إفريقية. ويشتبه به رجل آخر من أكابر أصحاب مالك المصريين يكنى بكنيته ويسمى باسمه وينتسب بنسبه وهو أبو الحسن: علي بن زياد الإسكندري. ومات علي بن زياد والبهلول بن راشد سنة ثلاث وثمانين ومائة رحمهم الله تعالى. ومن الوسطى من أهل مصر: علي أبو الحسنبن زياد الإسكندري من رواة مالك المشهورين وأهل الخير والزهد يعرف بالمحتسب. له رواية عن مالك في الحديث والمسائل وهو يروي عن مالك إنكار مسألة وطء النساء في أدبارهن.

ومن الطبقة الرابعة ممن لم يرو مالكاً والتزم مذهبه من العراق من غير آل حماد بن زيد: علي أبو الحسن المتكلم بن إسماعيل بن أبي بشر بن إسحاق بن أبي سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مالكياً صنف لأهل السنة التصانيف وأقام الحجج - على إثبات السنن وما نفاه أهل البدع: من صفات الله تعالى ورؤيته وقدم كلامه وقدرته عز وجل وأمور السمع الواردة: من الصراط والميزان والشفاعة والحوض وفتنة القبر الذي نفته المعتزلة وغير ذلك من مذاهب أهل السنة والحديث فأقام الحجج الواضحة عليها من الكتاب والسنة والدلائل الواضحة العقلية ودفع شبه المعتزلة ومن بعدهم من الملحدة والرافضة وصنف في ذلك التصانيف المبسوطة التي نفع الله بها الأمة وناظر المعتزلة وظهر عليهم. وكان أبو الحسن القابسي يثني عليه وله رسالة في ذكره لمن سأله عن مذهبه فيه أثنى عليه وأنصف وأثنى عليه أبو محمد بن أبي زيد وغيره من أئمة المسلمين. ولأبي الحسن من التآليف المشهورة كتب كثيرة جداً عليها معول أهل

السنة ككتاب الموجز وكتاب التوحيد والقدر وكتاب الأصول الكبير وكتاب خلق الأفعال الكبير وكتاب الصفات وكتاب الاستطاعة وكتاب الرؤية وكتاب الأسماء والأحكام والخاص والعام وكتاب إيضاح البرهان وكتاب الحث على البحث والنقض على البلخي والنقض على الجبائي والنقض على بن الراوندي والنقض على الخالدي وكتاب الدامغ وأدب الجدل وجوابات الطبريين وجوابات العمانيين وجوابات الجرجانيين والجوابات الخراسانية وجوابات الرامهرمزيين وجوابات الشيرازيين وكتاب النوادر والرد على الفلاسفة ونقض كتاب الإسكافي وكتاب الاجتهاد وكتاب المعارف والرد على الدهريين والرد على المنجمين ومقالات الإسلاميين والمقالات الكبيرة ونقض كتاب التاج وكتاب النبوات وكتاب اللمع الصغير وكتاب الشرح والتفصيل وكتاب الإبانة في أصول الديانة وله الكتاب المسمى بالمختزن في علوم القرآن كتاب عظيم جداً بلغ فيه سورة الكهف وقد انتهى مائة جزء وقيل أنه أكثر من هذا. ومن وقف على تآليفه رأى أن الله تعالى أيده بتوفيقه. وذكر أنه كان في ابتداء أمره معتزلياً ثم رجع إلى هذا المذهب الحق

علي بن عيسى بن عبيد التجيبي

ومذهب أهل السنة فكثر التعجب منه وسئل عن ذلك فأخبر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان وأمره بالرجوع إلى الحق ونصره فكان ذلك والحمد لله تعالى. توفي أبو الحسن رحمه الله تعالى في سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة. وفي ترجمته في كتاب الوفيات لابن خلكان: والأشعري بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح العين المهملة وبعدها راء: هذه النسبة إلى أشعر واسمه نبت بن أدد بن زيد. وإنما قيل له أشعر لأن أمه ولدته والشعر على يديه. هكذا قاله السمعاني. ومن الطبقة الخامسة من أهل الأندلس: علي بن عيسى بن عبيد التجيبي طليطلي أبو الحسن أخذ بقرطبة عن عبد الله بن يحيى وسعيد بن عثمان وأحمد بن خالد ونظرائهم وبطليطلة من وسيم بن سعدون وغيره. فقيه عالم وله مختصر مشهور منتفع به روى عنه بن مدارج وشكور بن حبيب وانتقدت عليه فيه مسائل وهي صحيحة جيدة جارية

على الأصول وإن خالفه فيها غيره. قال بعض الفقهاء: من حفظه فهو فقيه قرية فقال بن مغيث: ولو كانت مثل مصر لمن أتقن حفظه والتفقه في أصوله. وقال فيه أبو عبد الله بن عتاب: كان من أهل العلم ثم قال بعد مدة غير ذلك قال: كان فقيهاً عالماً ثقة زاهداً ورعاً مجاب الدعوة محتسباً في تعليمه قانعاً يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حتى استثقله أهل طليطلة فانحاز عنهم إلى قرية كان له بها جنة يحتفرها ويعملها بيده ويقوم منها حاله وكان الطلبة يأتون إليه فيها فيأخذون عنه وبلغه رغبة الحاكم في استخلافه ففر عن موضعه. وكان بن الفخار يقول: يا أهل طليطلة كتابان جازا قنطرتكم وتلقاهما الناس: تفسير يحيى بن مزين ومختصر بن عبيد.

علي أبو الحسن بن ميسرة القاضي

ومن الطبقة السادسة من أهل العراق من غير آل حماد بن زيد: علي أبو الحسن بن ميسرة القاضي مذكور في طبقة الأبهري من العراقيين وممن لم يسمع من القاضي إسماعيل وولي قضاء أنطاكية وله كتاب في إجماع أهل المدينة. ومن أهل إفريقية: علي أبو الحسن بن محمد بن مسرور الدباغ من أهل العلم والورع والتعبد والصيانة والإخبات والسلامة والحياء ثقة حسن التقييد. سمع من أحمد بن سليمان وعول عليه ومن محمد بن بسطام وعمر بن يوسف ومحمد بن شبل وعبد الرحمن الوزنة وسمع أيضاً في رحلته من محمد بن زيان ومحمد بن رمضان ومن عبيد الله بن أبي هاشم وأبي بكر بن زياد وأبي بكر بن اللباد واجتمع بأبي الحسن الدينوري. سمع منه أبو الحسن القابسي وأبو عبد الرحمن بن محمد الربعي وأبو جعفر الدراوردي وعبد الرحمن بن محمد الربعي ومكي بن يوسف وأحمد بن حاتم الزيات وخلف بن أبي فراس وحمدون المقري ومحمد بن علون وعتيق بن إبراهيم الأنصاري وعالم كثير.

كان أبو عبد الله بن أبي هاشم يثني عليه ويأمر بالسماع منه. وقال الربعي: كان ثقة مأموناً لم أر أعقل منه ولا أكثر حياء اجتمع له مع العلم: الورع والعبادة والتواضع سريع الدمعة رفيقاً بالطالب أخذ الناس عنه من سنة ثلاثين وثلاثمائة إلى سنة ست وخمسين. وكان الجبنياني يحبه ويثني عليه ويعظمه. قال القابسي: ما رأيت أكثر حياء من أبي الحسن الدباغ ما يكلمه أحد إلا احمر لونه ولقد كان أحيا من الأبكار. قال أبو إسحاق السبائي: كان يخيل إلي أن صاحب الشمال لا يكتب على أبي الحسن شيئاً لطهارة قلبه وعفة بطنه. كان من أهل التحقيق في معاني الولايات. توفي رحمه الله تعالى منتصف رمضان سنة تسع وخمسين وثلاثمائة. ولد سنة إحدى وتسعين ومائتين.

علي بن أحمد البغدادي القاضي أبو الحسن المعروف بابن القصار

ومن الطبقة السابعة من أهل العراق والمشرق: علي بن أحمد البغدادي القاضي أبو الحسن المعروف بابن القصار تفقه بالأبهري قاله الشيرازي وله كتاب في مسائل الخلاف لا أعرف للمالكيين كتاباً - في الخلاف - أكبر منه وكان أصولياً نظاراً ولي قضاء بغداد. وقال أبو ذر: هو أفقه من رأيت من المالكيين. وكان ثقة قليل الحديث. توفي سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة. علي بن محمد بن أحمد البصري من أصحاب الأبهري أبو تمام كان جيد النظر حسن الكلام وله كتاب مختصر في الخلاف يسمى: نكت الأدلة وله كتاب آخر في الخلاف كبير وكتاب في أصول الفقه.

علي بن محمد بن خلف المعافري

ومن إفريقية: علي بن محمد بن خلف المعافري أبو الحسن المعروف بابن القابسي سمع من رجال إفريقية: أبي العباس الإبياني وأبي الحسن بن مسرور الدباغ وأبي عبد الله بن مسرور ودراس بن إسماعيل ورحل إلى المشرق فحج وسمع من حمزة بن محمد الكناني وأبي الحسن القلباني وأبي زيد المروزي وجماعة. وكان واسع الرواية عالماً بالحديث وعلله ورجاله فقيهاً أصولياً متكلماً مؤلفاً مجيداً. وكان من الصالحين المتقين وكان أعمى لا يرى شيئاً وهو مع ذلك من أصح الناس كتباً وأجودهم ضبطاً وتقييداً يضبط كتبه بين يديه ثقات أصحابه والذي ضبط له البخاري: - سماعه على أبي زيد بمكة - أبو محمد الأصيلي. حدث بعض شيوخ القيروان أنه كلم في الجلوس فأبى فكلم فأتى الناس يهدمون عليه بابه لما أغلقه دونهم فلما رأى ذلك خرج ينشد: لعمر أبيك ما نسب المعلى ... إلى كرم وفي الدنيا كريم ولكن البلاد إذا اقشعرت ... وصوح نبتها رعي الهشيم

أنا والله ذلك الهشيم أنا والله ذلك الهشيم فبكى وأبكى. وكان زاهداً ورعاً مقلاً وكان أهل القيروان يفضلونه ويأخذون عنه. تفقه عليه أبو عمران الفاسي واللبيدي: وعتيق السوسي وغيرهم. وألف تآليف بديعة مفيدة منها: كتاب الممهد في الفقه وأحكام الديانة وكتاب المنقذ من شبه التأويل وكتاب المنبه للفطن من غوائل الفتن وكتاب الرسالة المفصلة لأحوال المتقين وكتاب المعلمين والمتعلمين وكتاب الاعتقادات وكتاب مناسك الحج وكتاب الذكر والدعاء وكتاب كشف المقالة في التوبة وكتاب ملخص الموطأ وكتاب رتب العلم وأحوال أهله وكتاب أحمية الحصون والرسالة الناصرية في الرد على البكرية وكتاب حسن الظن بالله تعالى ورسالة تزكية الشهود وتجريحهم ورسالة في الورع. توفي رحمه الله تعالى بالقيروان سنة ثلاث وأربعمائة ودفن بباب تونس وقد بلغ الثمانين ورحل إلى المشرق سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة.

علي أبو الحسن بن أحمد بن زكريا بن الخطيب

علي أبو الحسن بن أحمد بن زكريا بن الخطيب يعرف بابن زكرون طرابلسي سمع من أبي عبد الله الجيزي وابن المنذر وابن شعبان وابن الأعرابي وابن الجارود. روى عنه أبو الحسن القابسي وأبو علي الحسن بن المثنى قاضي طرابلس وعبدوس بن محمد الطليطلي وغيرهم من العلماء وانتفع به أهل طرابلس وتعلموا منه الفقه والحديث والنسك وكان قد صحب جماعة من النساك وكان رجلاً صالحاً متعبداً ناسكاً له في الفقه والفرائض والحديث والرقائق تآليف كثيرة. أقام خمسين سنة لم يحلف بالله تعالى. توفي سنة سبعين وثلاثمائة. ومن الثامنة - من أهل العراق: علي أبو الحسن بن محمد بن إسحاق الطابثي البصري وطابث: قرية من قرى البصرة. نزيل مصر أخذ بالعراق عن جماعة منهم: عبد الله الضرير وأخذ عنه أبو العباس الدلائي وأبو محمد الشنتجالي وقال أبو الوليد الباجي: هو فقيه وله كتاب في الفقه مشهور.

علي بن الحسن بن محمد بن العباس بن فهر

ومن أهل مصر: علي بن الحسن بن محمد بن العباس بن فهر أبو الحسن فقيه مالكي وألف في فضائل مالك بن أنس اثني عشر جزءاً سمع بالمشرق من جماعة سمع منه الدلائي والمهلب بن أبي صفرة. قال المهلب: لقيته بمصر ومكة ولم ألق مثله. ومن أهل الأندلس: علي: أبو سعيد بن عبد ربه المعافري قرطبي فقيه صالح اختصر كتاب الدلائل الكبير للأصيلي. ومن الطبقة العاشرة من إفريقية: علي: أبو الحسن بن محمد الربعي المعروف باللخمي وهو بن بنت اللخمي قيرواني نزل سفاقس تفقه بابن محرز وأبي الفضل بن بنت خلدون وأبي الطيب والتونسي والسيوري. وظهر في أيامه وطارت فتاويه وكان السيوري يسيء الرأي فيه طعناً عليه.

علي أبو الحسن بن خلف بن بطال البكري

وكان أبو الحسن فقيهاً فاضلاً ديناً متفنناً ذا حظ من الأدب وبقي بعد أصحابه فحاز رياسة إفريقية جملة وتفقه به جماعة من أهل صفاقس أخذ عنه أبو عبد الله المازري وأبو الفضل النحوي وأبو علي الكلاعي وعبد الحميد الصفاقسي وعبد الجليل بن مفوز. وله تعليق كبير على المدونة سماه: التبصرة مفيد حسن لكنه ربما اختار فيه وخرج فخرجت اختياراته عن المذهب. توفي سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. ومن أهل الأندلس: علي أبو الحسن بن خلف بن بطال البكري يعرف بابن اللجام أصلهم من قرطبة وأخرجتهم الفتنة إلى بلنسية. روى عن الطلمنكي وأبي المطرف القنازعي وأبي الوليد: يونس عن عبد الله القاضي وأبي عمر: عفيف والمهلب بن أبي صفرة. كان من أهل العلم والمعرفة والفهم عني بالحديث العناية التامة وأتقن

علي بن إسماعيل يعرف بابن سيده

ما قيد منه واستقضي بلورقة وحدث عنه جماعة من العلماء وألف شرح البخاري. توفي سنة تسع وأربعين وأربعمائة. ومن كتاب الصلة: علي بن إسماعيل يعرف بابن سيده من أهل مرسية يكنى: أبا الحسن روى عن أبيه وعن أبي عمر الطلمنكي وصاعد اللغوي وغيرهم. وله تآليف حسان منها: كتاب المحكم في اللغة وكتاب المخصص وكتاب الأنيق في شرح الحماسة وغير ذلك.

علي بن أحمد بن خلف بن محمد الباذش الأنصاري

وذكر الوقشي عن أبي عمر الطلمنكي قال: دخلت مرسية فتشبث بي أهلها ليسمعوا علي غريب المصنف فقلت لهم: انظروا إلى من يقرأ لكم وأمسكت أنا كتابي فأتوني برجل أعمى يعرف بابن سيده فقرأه علي من أوله إلى آخره فعجبت من حفظه وكان أعمى بن أعمى. وذكره الحميدي وقال: إنه إمام في اللغة والعربية حافظ لهما وله مع ذلك في الشعر حظ وتصرف وشرح أبيات الجمل لأبي القاسم الزجاج. ومات قريباً من سنة ستين وأربعمائة. علي بن أحمد بن خلف بن محمد الباذش الأنصاري من أهل غرناطة يكنى: أبا الحسن: الشيخ الأستاذ إمام الفريضة بجامع غرناطة كان رحمه الله تعالى واحداً في زمانه إتقاناً ومعرفة ومشاركة في العلوم وانفراداً بعلم العربية مشاركاً في الحديث عالماً بأسماء رجاله ونقلته

مع الدين والزهد والفضل والانقباض عن أهل الدنيا. قرأ على المقري بغرناطة: أبي القاسم نعم الخلف بن محمد بن يحيى الأنصاري وأبي علي الصدفي وغيرهم ممن يطول ذكرهم ممن حدث عنهم: القاضي أبو الفضل: عياض بن موسى والقاضي أبو محمد بن عطية والقاضي أبو عبد الله بن عبد الرحيم والقاضي أبو خالد: عبد الله بن أبي زمنين وغيرهم من أكابر العلماء الجلة. ألف في النحو كتباً منها على كتاب سيبويه وعلى كتاب المقتضب وعلى الأصول لابن السراج وشرح كتاب الإيضاح وكلامه على كتاب الجمل لأبي القاسم وكلامه على الكافي لابن النحاس مع التنبيه على وهمه في نحو مائة موضع - إلى غير ذلك. مولده في سنة أربع وأربعين وأربعمائة توفي في سنة ثمان وعشرين وخمسمائة.

علي بن أحمد بن الحسن المذحجي

علي بن أحمد بن الحسن المذحجي الفقيه الحافظ القاضي يكنى أبا الحسن ويعرف بحدة من أهل حصن ملتماس. كان رحمه الله تعالى من أولي الأصالة والصيانة والتعفف والعكوف على الخير. قرأ على الشيخين الصالحين: أبي جعفر بن الزيات وأبي عبد الله بن الكماد وأخذ عنهما. وولي القضاء ببلده نحو عشرين سنة فحمدت سيرته ثم ولي قضاء مالقة فظهرت درايته ومعرفته بالأحكام وصرامته في إنفاذ الحق وجزالته في مقاطع الحقوق ثم ألح في طلب الإعفاء فأعفي وعاد إلى قضاء بلده وخطب به. وله تآليف: منها: أجوبة حسنة في الفقه وصنف على كتابه البراذعي تعليقاً حسناً بلغ فيه إلى آخر رزمة البيوع. ثلاثة عشر سفراً. توفي عام ستة وأربعين وسبعمائة.

علي بن عمر بن إبراهيم

علي بن عمر بن إبراهيم بن عبد الله الكناني القيجاطي يكنى: أبا الحسن كان رحمه الله تعالى أوحد زمانه علماً وتخلقاً وتواضعاً وتفنناً وقعد بمسجد غرناطة الأعظم يقرئ فنوناً من العلم: من قراءة وفقه وعربية وأدب وولي الخطابة وناب عن بعض القضاة بالحضرة مشكور المأخذ حسن السيرة عظيم النفع وقصده الناس وأخذ عنه البعيد والقريب وكان أديباً لوذعياً وله تآليف في فنون. توفي عام ثلاثين وسبعمائة رحمه الله تعالى.

علي بن محمد بن سليمان بن علي بن سليمان

علي بن محمد بن سليمان بن علي بن سليمان من أهل غرناطة يكنى أبا الحسن ويعرف بابن الخباب. كان رحمه الله تعالى متفنناً في علوم إماماً في البلاغة والأدب شيخ طلبة الأندلس: رواية وتحقيقاً ومشاركة في كثير من العلوم قائماً على العربية واللغة إماماً في الفرائض والحساب عارفاً بالقراءات والحديث متبحراً في الأدب والتاريخ مشاركاً في علم التصوف حامل راية المنظوم والمنثور جلداً على الخدمة مراقباً لوظائف الأبواب السلطانية صاحب مجاهدة وملازمة عبادة - على طريقة مثلى من الانقباض والنزاهة وإيثار التقشف محباً في أهل الخير والصلاح. وهو شيخ بن الخطيب مؤلف كتاب الإحاطة تأدب به وتخرج بين يديه وورث خطته في الكتابة على السلطنة وتقدم في ذلك في حياة أبي الحسن وقال: إن ذلك كان يرضي أبا الحسن ومن نظم أبي الحسن رحمة الله تعالى عليه: هي النفس إن أنت سامحتها ... رمت بك أقصى مهاوي الخديعه وإن أنت جشمتها لحظة ... تنافي رضاها تجدها مطيعه فإن شئت فوزاً فناقض هواها ... وإن وصلتك أجزها القطيعه

علي بن موسى بن عبد الملك بن سعيد بن خلف بن سعيد غرناطي قلعي

ولا تعبأن بميعادها ... فميعادها كسراب بقيعه مولده عام ثلاثة وسبعين وستمائة. وتوفي سنة تسع وأربعين وسبعمائة. علي بن موسى بن عبد الملك بن سعيد بن خلف بن سعيد غرناطي قلعي سكن تونس يكنى أبا الحسن ويعرف بابن سعيد. هذا الرجل وإن لم يكن من نمط من قصدنا ذكرهم فإن تآليفه اشتملت على كثير من الفوائد العلمية فقصدت ذكره لذلك. وهذا الرجل واسطة عقد بيته ودرة قومه المصنف الأديب الرحال الطرفة الإخباري العجيب الشأن في التجول في الأقطار ومداخلة الأعيان والتمتع بالخزائن العلمية وتقييد الفوائد المشرقية والمغربية أخذ عن أعلام إشبيلية كأبي علي الشلوبين وأبي الحسن الدباج وأبي الحسن بن عصفور وغيرهم. وتآليفه كثيرة منها: المرقصات والمطربات عزيز الوجود والمقتطف أعجب وأغرب والطالع السعيد في تاريخ بني سعيد وبيته وبلده والموضوعان الغريبان المتعدد الأسفار: المعرب في حلى المغرب والمشرق في حلى المشرق وغير ذلك مما لم يصل إلينا. فلقد حدثني الوزير أبو بكر بن الحكيم أنه خلف كتاباً يسمى: المرزمة يشتمل على وقر بعير من رزم الكراريس

لا يعلم ما فيه من الفوائد الأدبية والإخبارية إلا الله عز وجل. ولما دخل مصر دعاه سيف الدين بن سابق إلى مجلس بضفة النيل مبسوط بالورد وقد قامت حوله ثمامات نرجس فقال في ذلك: من فضل النرجس فهو الذي ... يرضى بحكم الورد أن يرأس أما ترى الورد غدا قاعداً ... وقام في خدمته النرجس ووافق ذلك مماليك الترك وقوفاً في الخدمة على عادة المشارقة فطرب الحاضرون لذلك ولقي بمصر الإمام زهيراً الحجازي وكمال الدين بن العديم: رسول صاحب حلب واتصل بصاحب حلب وانثالت عليه الدنيا والخلع الملوكية والتواقيع بالأرزاق ما لا يوصف. ثم تحول إلى دمشق ودخل مجلس السلطان المعظم ابن الملك الصالح بدمشق ودخل بغداد ورجع إلى تونس. واتصل بخدمة صاحب تونس الأمير أبي عبد الله المستنصر فنال الدرجة الرفيعة من حظوته. مولده بغرناطة في سنة عشر وستمائة. وتوفي بتونس في سنة خمس وثمانين وستمائة.

علي بن أحمد بن محمد بن يوسف الغساني

علي بن أحمد بن محمد بن يوسف الغساني يكنى أبا الحسن كان من جلة الطلبة ونبهائهم وأذكيائهم وصلحائهم. عنده معرفة بالفقه ومشاركة في الحديث ومعرفة بالنحو والأدب وحسن نظم ونثر من أحسن الناس نظماً للوثائق وأتقنهم لها وأعرفهم بنقدها. روى عن أبي العباس الخروبي وأبي الحسن: طاهر بن يوسف بن فتح الأنصاري وغيرهم ومن تآليفه: شرح صحيح مسلم بن الحجاج في أسفار كثيرة أجاد فيه كل الإجادة وله كتاب في الأسماء الحسنى سماه بالوسيلة وله نظم في شمائل النبي صلى الله عليه وسلم. توفي بمدينة واد آش.

علي بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم الجذامي القاضي المتفنن الحافظ

علي بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم الجذامي القاضي المتفنن الحافظ من أهل غرناطة يكنى أبا الحسن ويعرف بابن القفاص. كان فاضلاً جليلاً ضابطاً لما رواه فقيهاً حافظاً حسن التقييد وله تآليف واختصر كتاب الاستذكار لأبي عمر بن عبد البر وغير ذلك. روى عن أبي محمد عبد الحق بن بونة والقاضي أبي عبد الله بن زرقون وأبي القاسم بن حبيش وأبي زيد السهيلي وأبي عبد الله بن الفخار وأبي الوليد بن رشد. مولده عام خمسة وخمسين وخمسمائة توفي عام اثنين وثلاثين وستمائة. علي بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن الضحاك الفزاري من أهل غرناطة يكنى أبا الحسن ويعرف بابن النفزي. قال أبو القاسم الغافقي: فقيه مشاور بغرناطة راوية محدث متكلم أخذ

عن الحسن شريح وعن الإمام أبي الحسن: علي بن الباذش وعن أبي القاسم بن ورد وعن القاضي أبي الفضل: عياض بن موسى وعن الإمام أبي عبد الله المازري وعن أبي الطاهر السلفي وعن أبي مروان بن مسرة وعن أبي محمد بن سماك القاضي وعن القاضي أبي محمد بن عطية وغيرهم ممن يطول ذكرهم. وله تآليف في أنواع العلم: منها كتاب نزهة الأصفياء وسلوة الأولياء في فضل الصلاة على خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم اثنا عشر جزءاً وشمائل النبي صلى الله عليه وسلم سفران كبيران ومنهج السداد في شرح الرشاد ثلاثون جزءاً ومدارك الحقائق في أصول الفقه خمسة عشرة جزءاً وكتاب تحقيق المقصد السني في معرفة الصمد العلي سفر وكتاب نتائج الأفكار في إيضاح ما يتعلق بمسائل الأقوال من الغوامض والأسرار سفر وكتاب تنبيه المتعلمين على المقدمات والفصول وشرح المبهمات منها والأصول سفر وكتاب السباعيات وكتاب تبيين مسالك العلماء في مدارك الأسماء وكتاب وسائل الأبرار وذخائر الخطوة والإيثار في انتخاب الأدعية المستخرجة من الأخبار والآثار وكتاب الأعلام في استيعاب الرواية عن الأئمة الأعلام سفران. توفي سنة سبع وخمسين وخمسمائة.

علي بن علي بن أحمد بن سليمان النفزي

علي بن علي بن أحمد بن سليمان النفزي اسطي الأصل وسكن غرناطة يكنى أبا الحسن. كان فقيهاً عارفاً بمذهب مالك منسوباً إلى فهمه وحسن الاستنباط في النوازل قرأ على أبي بحر الكفيف وأبي مروان بن قزمان. روى عنه أبو القاسم بن الطيلسان وكان حياً سنة ثلاث عشرة وستمائة. علي بن سليمان بن الزهراوي أبو الحسن كان من أهل العلم والتفسير والقراءات والفرائض له: المعاملات على طريق البرهان والزهراوي في الطب وكتاب كبير في تفسير القرآن. وكان إمام الجامع الكبير بغرناطة والخطيب به وحج ورجع إلى غرناطة. وتوفي سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.

علي بن أحمد بن محمد بن يوسف بن مروان بن عمر الغساني

علي بن أحمد بن محمد بن يوسف بن مروان بن عمر الغساني من أهل وادآش يكنى أبا الحسن كان فقيهاً حافظاً يقظاً حسن النظر أديباً شاعراً مجيداً كاتباً بليغاً فاضلاً. روى عن أبي إسحاق بن عبد الرحيم القيسي وأبي الحسن طاهر بن يوسف وأبي العباس الخروبي وأبي القاسم بن حبيش وأبي محمد: عبد المنعم بن الفرس الغرناطي ومحمد بن علي بن ميسرة. روى عنه أبو بكر بن عبد النور وأبو جعفر بن الدلال وأبو سعيد الطراز وأبو القاسم بن الطيلسان. ألف في شرح الموطأ مصنفاً سماه: نهج المسالك للتفقه في مذهب مالك في عشر مجلدات وشرح صحيح مسلم سماه: اقتباس السراج في شرح مسلم بن الحجاج وله شرح تفريع بن الجلاب سماه: الترصيع في شرح مسائل التفريع وصنف في الآداب منظوماته ورسائله وهي شهيرة شاهدة بتبريزه وتقدمه وله نظم شمائل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسالة بديعة تشتمل على نظم ونثر بعث بها إلى القبر الشريف وله: كتاب الوسيلة إلى إصابة المعنى في أسماء الله الحسنى. مولده سنة سبع وخمسمائة وتوفي سنة تسع وستمائة.

علي بن صالح بن أبي الليث: الأسعد بن الفرج بن يوسف: طرطوشي

علي بن صالح بن أبي الليث: الأسعد بن الفرج بن يوسف: طرطوشي ويعرف بابن عز الناس كان عالماً بالفقه حافظاً لمسائله متقدماً في علم الأصول ثاقب الذهب ذكي الفؤاد بارع الاستنباط مسدد النظر متوقد الخاطر فصيح العبارة. أخذ عن أبي محمد بن الطفيل روى عن أبي بكر بن العربي وأبي القاسم بن ورد وأبي الوليد بن رشد. روى عنه جماعة من الجلة وله مصنفات منها: كتاب العزلة وشرح معاني التحية مولده سنة ثمان وخمسمائة وتوفي سنة ست وستين وخمسمائة. علي بن محمد بن عبد الحق الزرويلي يكنى أبا الحسن ويعرف بالصغير بضم الصاد وفتح الغين والياء مشددة. قال بن الخطيب في الإحاطة كان هذا الرجل قيماً على تهذيب البراذعي

في اختصار المدونة حفظاً وتفقهاً يشارك في شيء من أصول الفقه يطرز بذلك مجالسه مغرماً به بين أقرانه من المدرسين في ذلك الوقت لخمولهم من تلك الطريقة. وكان ربعة آدم اللون خفيف العارضين يلبس أحسن زي صنفه. وكان يدرس بجامع الأصدع من داخل مدينة فاس ويحضر عليه نحو مائة نفس ويقعد على كرسي عال يسمع البعيد والقريب على انخفاض كان في صوته حسن الإقراء وقورا فيه سكون متثبتاً صابراً على هوج طلبة البربر وسوء طريقتهم في المناظرة والبحث. وكان أحد الأقطاب الذين تدور عليهم الفتوى أيام حياته ترد عليه السؤالات من جميع بلاد المغرب فيحسن التوقيع على ذلك على طريقة من الاختصار وترك فضول القول. ولي القضاء بفاس قدمه أبو الربيع سلطان المغرب وأقام أوده وعضده فانطلقت يده على أهل الجاه فأقام الحق على الكبير والصغير وجرى في العدل على صراط مستقيم ونقم عليه اتخاذ شمام يستنشق على الناس روائح الخمر ويحق أن ينتقد ذلك.

علي بن إسماعيل

أخذ عن الفقيه راشد بن أبي راشد الوليدي وانتفع به وعليه كان اعتماده وأخذ عن صهره أبي الحسن بن سليمان وأبي عمران الحوراني وعن غيرهم وقيدت عنه تقاييد على التهذيب وعلى رسالة بن أبي زيد قيدها عنه تلاميذه وأبرزها تأليفاً كأبي سالم بن أبي يحيى وصل رسولاً إلى الأندلس على عهد مستقضيه ودخل غرناطة. توفي عام تسعة عشر وسبعمائة. ونقلت من خط شيخنا الإمام العالم أبي عبد الله بن مرزوق: على طرة كتاب الإحاطة عند ذكر أبي الحسن الصغير ما نصه: قصر المصنف في التعريف والإعلام بالشيخ أبي الحسن شيخ الإسلام وهو الذي ما عاصره مثله بل وما تقدمه فيما قارب من الأمصار وهو الذي جمع بين العلم والعمل وبمقامه في التفقه والتحصيل يضرب المثل. رحمه الله تعالى. علي بن إسماعيل بن علي بن حسين بن عطية الملقب شمس الدين وشهرته بأبي الحسن الأبياري قال الحافظ أبو المظفر: منصور بن سليم كان الأبياري من العلماء الأعلام وأئمة الإسلام بارعاً في علوم شتى: الفقه وأصوله وعلم الكلام ودرس

بالثغر المحروس: ثغر الإسكندرية وناب في الحكم عن القاضي أبي القاسم: عبد الرحمن بن سلامة القضاعي المالكي وانتفع به جماعة وله تصانيف حسنة منها شرح البرهان لأبي المعالي الجويني وله كتاب سفينة النجاة على طريقة الإحياء. قال شهاب الدين بن هلال: وسمعت الفضلاء يقولون: إنه أكثر إتقاناً من الإحياء وأحسن منه وكان الإمام العلامة شهاب الدين: عبد الله المعروف بابن عقيل المصري الشافعي يفضل الأبياري على الإمام فخر الدين الرازي في الأصول. وله تكملة على كتاب مخلوف الذي جمع فيه بين التبصرة والجامع لابن يونس والتعليقة لأبي إسحاق: تكملة حسنة جداً تدل على قوته في الفقه وأصوله. وكان قد تفقه بجماعة منهم أبو الطاهر بن عوف وقد ذكرت ترجمة بن عوف. وروى الحديث أيضاً عنه قال الحافظ بن يقظة سألته عن مولده فقال: في سنة سبع وخمسين وخمسمائة. قال الحافظ وحيد الدين: أبو المظفر: وأصله من أبيار مدينة من بلاد مصر على شاطئ النيل بينها وبين الإسكندرية أقل من يومين وهي بفتح الهمزة وبعدها ياء مثناة من تحت وبعدها ألف ثم راء مهملة

علي بن عبد الله بن أبي مطر المعافري الإسكندري

وبعضهم يصحفها بأنبار بنون بعد الهمزة. توفي رحمه الله تعالى سنة ست عشرة وستمائة. علي بن عبد الله بن أبي مطر المعافري الإسكندري الفقيه العالم قاضي الإسكندرية روى عن محمد بن عبد الله بن ميمون صاحب الوليد بن مسلم وغيره توفي سنة ثلاثين وثلاثمائة عن مائة سنة. علي بن محمد بن منصور بن المنير يلقب زين الدين هو أخو القاضي ناصر الدين بن المنير ولي القضاء بعد أخيه بالإسكندرية وقرأ الفقه على أخيه ناصر الدين وعلى أبي عمرو بن الحاجب وكان بعض أكابر العلماء يفضله على أخيه ناصر الدين وإن كان أخوه ناصر الدين أشهر منه. وله شرح على البخاري في عدة أسفار لم يعمل على البخاري مثله: يذكر الترجمة ويورد عليها أسئلة مشكلة حتى يقال: لا يمكن الانفصال عنها ثم يجيب عن ذلك ثم يتكلم على فقه الحديث ومذاهب العلماء ثم يرجح المذهب ويفرع.

علي بن محمد بن أبي القاسم فرحون بن محمد بن فرحون اليعمري

وكان ممن له أهلية الترجيح والاجتهاد في مذهب مالك. كذا ذكره شهاب الدين بن هلال. ولم أقف على وفاته رحمه الله تعالى. علي بن محمد بن أبي القاسم فرحون بن محمد بن فرحون اليعمري التونسي الأصل المدني المولد والمنشأ كنيته أبو الحسن قرأ القرآن على الشيخ أبي عبد الله القصري وعلى الشيخ إبراهيم المسروري وسمع الحديث بالمدينة على والده وعلى الشيخ أبي عبد الله بن حريث خطيب تلمسان وعلى الشيخ عز الدين: يوسف بن حسن الزرندي والشيخ جمال الدين المطري والشيخ أبي عبد الله: محمد بن جابر القيسي الوادي آشي وزين الدين الطبري وشرف الدين بن الزبير الأسواني والسراج الدمنهوري والقاضي شرف الدين الأميوطي وابن المكرم المصري قطب الدين وسمع بالقدس على الشيخ شرف الدين الخشني والشيخ صلاح الدين العلائي وغيرهما وسمع بدمشق على الحافظين جمال الدين المزني وشمس الدين الذهبي وجمال الدين أبي سليمان: داود بن العطار وشمس الدين بن الخباز وصدر الدين أبي الربيع سليمان بن عبد الحكيم الغماري المالكي وشمس الدين: محمد بن عربشاه الهمداني وجمال الدين بن

القويرة الحنفي وغيرهم ممن يكثر تعدادهم. ورحل إلى مصر وإلى المغرب سنة ثلاثين وسبعمائة فسمع الحديث وأخذ علم الفقه والأصلين عن جماعة من العلماء فلقي بتونس قاضي القضاة أبا إسحاق بن عبد الرفيع وأخذ عن الشيخ أبي علي بن قداح الهروي ولقي بفاس جماعة من العلماء الأعلام فأخذ عنهم وأخذ عنه بالمغرب جماعة منهم أبو العباس القباب. وكان رحمه الله محدثاً متقناً ضابطاً عارفاً بضبط الحديث وأسماء رجاله ولغته فاضلاً في الفقه والأصلين والعربية والمعاني والبيان مستبحراً في اللغة والأدب مشاركاً في الجدل والمنطق واشتغل في آخر عمره بالنظر في كتب التصوف ولزم الاشتغال بالفقه والعربية في المسجد النبوي وكانت له وجاهة عظيمة عند أمراء المدينة وكان مقصداً للشفاعات إليهم فلا ترد له شفاعة في غالب الأمر. وله تآليف وتقاييد حسنة مفيدة منها: نزهة النظر ونخبة الفكر في شرح لامية العجم وذيلها له اشتمل على لغة كثيرة وصناعة بديعة والشرح المغني لقصيدة عمرو الجني وهي مشتملة على مدح النبي صلى الله عليه وسلم والجواب الهادي عن أسئلة الشيخ أبي هادي. وكان الشيخ أبو هادي أحد شيوخ القيروان في وقته في الطريقة سأله عن أسئلة من القرآن والسنة فأجاب عنها وغنية الراغبين في اختصار منازل السائرين وشرح حديث أم زرع وشرح قصيدة كعب

بن زهير وتخميسها وله على شرح بن الحاجب لابن عبد السلام حواش تكلم فيها على ما لم يتكلم عليه الشارح من أصل المؤلف وتعقب على الشارح مواضع كثيرة بلغ فيه إلى أثناء كتاب الحج. وله في العربية تقاييد مختصرة وله شعر كثير في غاية الجودة. توفي رحمه الله يوم الجمعة الثالث والعشرين من جمادى الأخيرة سنة ست وأربعين وسبعمائة. مولده ليلة الجمعة العشرين من شهر ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وستمائة رحمه الله تعالى.

من اسمه عمرو من الطبقة الرابعة من العراق وما وراءه من المشرق غير آل حماد

من اسمه عمرو من الطبقة الرابعة من العراق وما وراءه من المشرق غير آل حماد عمرو أبو الفرج بن عمرو الليثي القاضي ويقال: بن محمد بن عبد الله البغدادي هذا صحيح اسمه ووهم من سماه محمداً أبو الحسين نشأ ببغداد وأصله من البصرة صحب إسماعيل وتفقه معه وكان من كتابه فيما ذكر وصحب غيره من المالكيين وولي قضاء طرسوس وأنطاكية والمصيصة والثغور وكان فصيحاً لغوياً فقيهاً متقدماً ولم يزل قاضياً إلى أن مات سنة ثلاثين وقيل إحدى وثلاثين وثلاثمائة. وتعلم الفروسية والثقافة حتى كان يفوق الفرسان ثم رجع من بغداد سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة في رفقة فقطع بهم أعراب بني تميم فاجتاحوها وذهب أبو الفرج فيمن ذهب ومات عطشاً في البرية. وله الكتاب المعروف بالحاوي في مذهب مالك وكتاب اللمع في أصول الفقه روى عنه أبو بكر الأبهري وأبو علي بن السكن أبو القاسم عبيد الشافعي وعلي بن الحسين بن بندار بن القاضي الأنطاكي وعمر بن المؤمل الطرسوسي الحافظ وغيرهم. وسمع منه بأنطاكية وطرسوس وغيرهما من بلاد الشام رحمه الله تعالى.

من اسمه عامر

من اسمه عامر عامر بن محمد بن عامر بن خلف بن مرجا الأنصاري كان فقيهاً حافظاً للمسائل مفتياً بالرأي معروفاً بالفهم والإتقان بصيراً بالفتوى شوور ببلده وببلنسية وولي القضاء عن محمد بن سحنون وكان حافظ وقته لم يعاصره مثله. روى عن أبيه وتلا بالسبع علي بن ذروة المرادي ولقي أبا القاسم بن النحاس وأخذ الحديث عن أبي بحر الأسدي وأبي بكر بن العربي وأبي جعفر بن محرز وأبي الحسين بن واجب وأبي علي الصدفي وأبي محمد بن عتاب وبالإجازة عن أبي الوليد بن رشد وأبي عبد الله الخولاني وغيرهم واستكثر من لقاء الأكابر. روى عنه أبو بكر بن أبي جمرة ومنور بن طاهر وأبو الخطاب وابن واجب وأبو القاسم بن البراق وعبد المنعم بن الفرس وغيرهم من الجلة وله تآليف منها: شرحه للمدونة وشرحها مسألة مسألة بكتاب كبير سماه: الجامع البسيط وبغية الطالب النشيط حشد فيه أقوال الفقهاء ورجح بعضها واحتج له. قالوا: وتوفي قبل كماله سنة تسع وتسعين وخمسمائة ولد سنة أربع وثمانين وأربعمائة.

من اسمه عباس

من اسمه عباس من الطبقة الخامسة من إفريقية: العباس بن عيسى بن محمد بن عيسى بن العباس أبو الفضل الممسي وممسى: قرية هناك. كان فقيهاً فاضلاً بها - عابداً. أثنى عليه أهل مصر سمع من موسى القطان والبجلي وجبلة بن حمود وأحمد بن سليمان. كان يتكلم - في علم مالك - كلاماً عالياً ويفهم علم الوثائق فهماً جيداً ويناظر في الجدل وفي مذاهب أهل النظر - على رسم المتكلمين والفقهاء مناظرة حسنة. وكان لسانه مبيناً وقلمه بليغاً - مع حصافة العقل وذكاء الفهم وكان في المناظرة والفقه أجزل منه في الكلام. وكان من أهل المروءة والانقباض والصيانة لم يكن في طبقته أفقه منه ولا أصون. وعني بالنظر والخلاف وألف الأجدابي في فضائله.

قال: كان من أهل الحفظ والذكاء والعلم بالوثائق صالحاً قواماً صواماً ورعاً حافظاً للفقه والحجة لمذهب مالك درس كلام القاضي إسماعيل. وذكره أبو الحسن القابسي وفضله وقال: ما بين محمد بن سحنون وأبي الفضل أشبه بمحمد منه لعلمه وورعه وزهده واجتهاده وكان من العاملين ويقال إن أهل مصر لم يعجبوا ممن ورد عليهم من المغرب إلا من ثلاثة: من ابن طالب أعجب منه أولئك الجلة وموسى القطان فإنه كان من أجل أصحاب سحنون وأبي الفضل الممسي. وقال أبو محمد بن أبي زيد عند قتله -: وددت أن القيروان سبيت ولم يقتل أبو الفضل. وكان يثني عليه جداً. وألف كتاباً في تحريم الخمر ناقض به كتاب الطحاوي وله كتاب في أصول الأعمال وكتاب في اختصار كتاب محمد بن المواز وسمع في حجته حديثاً كثيراً. سمع بمصر من جعفر بن أحمد بن عبد السلام وأبي بكر الحضرمي وأبي عبيد الله بن الربيع الجيزي وأبي الحسين بن المنتاب بمكة وغيرهم.

أخذ عنه أبو محمد بن أبي زيد ومحمد بن حارث وأبو بكر الزويلي وأبو الأزهر بن مغيث وغيرهم ولما انصرف من رحلته لزم الانقباض والنسك إلى أن مات قتيلاً شهيداً رحمه الله تعالى. وتوفي سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وهو على حالته من الاجتهاد وكان من أهل النظافة وعلو الهمة والنزاهة - على غاية. وكان له نعل لبيت مائه وآخر لمشيه في داره وآخر يمشي به إلى مصلاه وسلك أبو محمد بن أبي زيد مسلكه في هيئته وهمته وسمته. وحفظ القرآن وهو بن ثمان سنين والموطأ وهو بن خمسة عشر. وقال محمد ابنه: كان أبي لا يدخل أحد مرحاضه سواه وفيه آنيته وجميع ما يحتاج إليه ومفتاحه معه فيوم قتل سمعنا أنيته انكسرت فيه ولها وجبة فقالت الوالدة: أعطانا الله خيرها فإذا بها الساعة التي استشهد فيها رحمه الله تعالى.

الشيخ أبو ذر الهروي عبيد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن عفير

ومن الطبقة الثامنة من أهل العراق: الشيخ أبو ذر الهروي عبيد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن عفير يخرج إلى غنم بن مالك بن النجار وسماه بعضهم: عبد الله أصله من هراة وتمذهب بمذهب مالك ولقي جلة من أعلام المذهب وأخذ عنهم كالقاضي بن القصار ونظرائه وغلب عليه الحديث فكان فيه إماماً سمع من المستملي والحموي وأبي الهيثم السرخسي وعليهم عول في البخاري وألف كتابين أحدهما فيمن روى عنه الحديث اشتمل على نحو ألف ومائة اسم وأزيد من الفقهاء والآخر فيمن لقيه ولم يأخذ عنه. وسكن الحرم فجاور فيه إلى أن مات. قال حاتم بن محمد: كان أبو ذر مالكياً خيراً فاضلاً متقللاً من الدنيا بصيراً بالحديث وعلله وتمييز الرجال وله تآليف منها: كتابه الكبير في المسند الصحيح المخرج على البخاري ومسلم وكتاب الجامع وكتاب السنة والصفات وكتاب الدعوات وفضائل القرآن وفضائل العيدين ومسانيد الموطأ وفضل يوم عاشوراء وكرامة الأولياء والرؤيا والمنامات وفضل مالك بن أنس والمناسك ودلائل النبوة وكتاب الربا واليمين الفاجرة

عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم بن محمد الخزرجي

وكتاب شهادة الزور وبيعة العقبة وما روي في بسم الله الرحمن الرحيم وكتاب شيوخه. توفي - رحمه الله تعالى - في ذي القعدة سنة خمس وثلاثين وأربعمائة. عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم بن محمد الخزرجي من أهل غرناطة يعرف بابن الفرس ويكنى أبا عبد الله - سمع جده أبا القاسم وأباه عبد الله وتفقه به في الحديث وكتب أصول الفقه والدين وسمع أبا الوليد بن قفزة وأبا محمد بن أيوب وأبا الوليد بن الدباغ وأبا الحسن بن هذيل وأخذ عنه القراءات وغيرهم وأجاز له طائفة كثيرة من أعيانهم منهم: أبو الحسن بن مغيث وأبو القاسم بن بقي وأبو الحسن بن شريح وأبو بكر بن العربي وأبو الحجاج القضاعي وأبو محمد الرشاطي ومن أهل المشرق: أبو المظفر الشيباني وأبو سعيد الحلبي وأبو عبد الله المازني وكان محققاً للعلوم على تفاريعها وأخذ في كل فن منها وتقدم في حفظ الفقه والبصر بالمسائل مع المشاركة في صناعة الحديث والعكوف عليها وتميز في أبناء عصره بالقيام على الرأي والشفوف عليه. سمعت أبا الربيع بن سالم يقول: سمعت أبا بكر بن أعبد - وناهيك به من شاهد في هذا الباب - يقول - غير ما مرة: ما أعلم بالأندلس أعلم بمذهب

مالك من عبد المنعم بن الفرس بعد أبي عبد الله بن زرقون. وبيته عريق في العلم والنباهة ولأبيه وجده رواية وجلالة. كان كل واحد منهم فقيهاً مشاوراً عالماً متفنناً وألف كتاباً في أحكام القرآن جليل الفائدة من أحسن ما وضع في ذلك وله في الأبنية مجموع حسن. حدث عنه جلة من شيوخنا وأكابر أصحابنا وغيرهم. وذكره أبو عبد الله التجيبي - في مشيخته - وقال: لقيته بمرسية في سنة ست وستين وخمسمائة - وقت رحلتي إلى أبيه ورأيت من حفظه وذكائه وتفننه في العلوم فأعجبت منه وكان يحضر معنا التدريس والإلقاء عند أبيه فإذا تكلم أنصت الحاضرون لجودة ما ينصه ولإتقانه واستيفائه بجميع ما يجب أن يذكر في الوقت. وكان نحيف الجسم كثيف المعرفة وفي مثله يقول بعضهم: إذا كان الفتى ضخم المعالي ... فليس يضره الجسم النحيل تراه من الذكاء نحيف جسم ... عليه من توقده دليل وكان شاعراً وأنشدني كثيراً من شعره واضطرب في روايته قبل موته بيسير لاختلال أصابه من علة خدر طاولته فترك الأخذ عنه إلى أن توفي وهو على تلك الحال - عند صلاة العصر يوم الأحد الرابع من جمادى الأخيرة - سنة تسع وتسعين وخمسمائة ودفن خارج باب إلبيرة وحضر جنازته بشر كثير وكسر الناس نعشه وتقسموه.

عقيل بن عطية بن أبي أحمد: جعفر بن محمد بن عطية القضاعي

ومولده سنة أربع وقيل سنة خمس وعشرين وخمسمائة قلت: قال والدي رحمه الله تعالى: رأيت في برنامج أبي الربيع بن سالم الكلاعي كتاب أحكام القرآن لشيخنا القاضي أبي محمد: عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم وهو كتاب حسن مفيد جمعه رحمه الله تعالى في ريعان الشبيبتين من طلبه وسنه فللنشاط اللازم عن ذلك أثره في حسن ترتيبه وتهذيبه قرأت عليه صدراً من أوله - ناولني جميعه في أصله وأخبرني أنه فرغ من تأليفه بمرسية سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. والصواب: فتح الميم في برنامج وفيه لغة بالكسر وصوب الفتح غير واحد من أهل اللغة. عقيل بن عطية بن أبي أحمد: جعفر بن محمد بن عطية القضاعي من أهل طرطوشة يكنى أبا المجد كان فقيهاً متصرفاً في فنون من العلم متقناً لما يتناوله من ذلك حسن التهدي من بيت علم وولي عقيل قضاء غرناطة وسجلماسة روى عن أبي القاسم بن بشكوال. قرأ عليه وأجازه وله شعر حسن وله تآليف: منها فصل المقال في الموازنة بين الأعمال تكلم فيه مع أبي عبد الله الحميدي وشيخه أبي محمد بن حزم فأجاد فيه وأحسن وأتى بكل بديع وأتقن وشرح المقامات الحريرية ورأيت بخط شيخنا أبي عبد الله بن مرزوق أنه شرح الموطأ. وتوفي سنة ثمان وستمائة رحمة الله عليه.

حرف الغين

حرف الغين الغازي بن قيس من أهل قرطبة أموي يكنى أبا محمد رحل قديماً سمع من مالك الموطأ ومن بن جريج والأوزاعي وغيرهم وهو أول من أدخل موطأ مالك وقراءة نافع إلى الأندلس وقرأ القرآن على نافع بن أبي نعيم وانصرف إلى الأندلس بعلم عظيم نفع الله به أهله. روى عنه ابنه وابن حبيب وغيرهما. وكان يقول: والله ما كذبت كذبة منذ اغتسلت ولولا أن عمر بن عبد العزيز قاله ما قلته. وكان إمام الناس بقرطبة في القراءة. كان عالماً فاضلاً ديناً ثقة مأموناً يروي حديثاً كثيراً. توفي سنة تسع وتسعين ومائة. غالب بن عطية المحاربي قد سبق ذكره في ترجمة ولده: عبد الحق بن الأغلب: الإمام المفسر.

حرف الفاء

حرف الفاء من اسمه فضل من الطبقة الرابعة ممن لم ير مالكاً والتزم مذهبه من أهل الأندلس: فضل بن سلمة بن جرير بن منخل الجهني مولاهم أبو سلمة البجائي وأصله من إلبيرة سمع ببجاية وبإلبيرة من سعيد بن نمر وابن مجلون وأحمد بن سليمان وغيرهم ورحل رحلتين فأقام فيهما عشرة أعوام فسمع فيهما بالقيروان من المغامي - وهو إذ ذاك بها - وسمع من غيره ولقي يحيى بن عمر وجماعة من أصحاب سحنون ولازم حماساً ونظراءه من أهل العناية بالفقه فسلك طريقهم وكان من أوقف الناس على الروايات وأعرفهم باختلاف أصحاب مالك فكان حافظاً للفقه على مذهب مالك بعيد الصيت فيه وكان يرحل إليه للسماع منه والتفقه عنده وكان بصيراً بالمذهب حافظاً له متقناً. قال محمد بن عيسى: ما علمت أن أحداً تقدمه بالقيروان في الحفظ وقال أبو محمد بن حزم الظاهري: كان من أعلم الناس بمذهب مالك وله مختصر في المدونة ومختصر الواضحة زاد فيه من فقهه وتعقب

الفضل بن عبد الرحمن بن علي بن محمد بن مسعدة العامري

فيه على بن حبيب كثيراً من قوله وهو من أحسن كتب المالكيين وله مختصر لكتاب بن المواز وكتاب جمع فيه مسائل المدونة والمستخرجة والمجموعة وله جزء في الوثائق حسن مفيد وخرج إلى المشرق مع أبيه وعمه مطرف وكان من أشغف الناس بحب المسائل وأبصرهم بعلل الوثائق حافظاً لاختلاف أصحاب مالك من أنصف الناس في المذاكرة وأقرأ ودرس بالمسجد الجامع من بجاية. توفي سنة تسع عشرة وثلاثمائة. الفضل بن عبد الرحمن بن علي بن محمد بن مسعدة العامري من أهل غرناطة يكنى أبا الحكم كان من حفاظ أهل زمانه كان يعرض على الأستاذ بن السراج اثنتي عشرة دولة من كتب مختلفة: كل دولة منها صفحة وأكثر عرضه عن ظهر قلب. حمل عن الإمام أبي بكر بن العربي وأجازه والده الخطيب أبو بكر بن مسعدة وأجازه جده لأمه أبو محمد: عبد المنعم بن الفرس وقرأ على الحافظ أبي محمد: عبد الله القرطبي وأخذ عنه الحديث والنحو واللغة وعلى الأستاذ أبي علي الرندي وابن السراج وغيرهم. توفي سنة تسع عشرة وستمائة وهو بن ثمان وعشرين سنة.

فرج بن سلمة بن زهير البلوي

فرج بن سلمة بن زهير البلوي قرطبي المولد أصله من باجة كنيته أبو سعيد سمع من بن لبابة وتفقه معه وسمع من القاضي أسلم وأحمد بن خالد ومحمد بن أيمن وأحمد بن بقي وابن أبي تمام وابن وليد وقاسم بن أصبغ وغيرهم ورحل فسمع بالقيروان من بن اللباد وغيره. كان حافظاً للرأي والفقه على مذهب مالك بصيراً بالمناظرة مشاوراً في الأحكام واستقضي بمواضع وله في الوثائق تأليف حسن. توفي سنة خمس وأربعين وثلاثمائة. فرج بن قاسم بن لب الثعلبي أبو سعيد الأندلسي شيخ شيوخ غرناطة كان شيخاً فاضلاً عالماً متفنناً انفرد برئاسة العلم وإليه كان المفزع في الفتوى وكان إماماً في أصول الدين وأصول الفقه وتخرج به جماعة من الفضلاء وله تآليف مفيدة وله نظم حسن في الرد على القائلين بخلق الأفعال من جملته: قضى الرب كفر الكافرين ولم يكن ... ليرضاه تكليفاً لدى كل ملة

نهى خلقه عما أراد وقوعه ... وإنفاذه والملك أبلغ حجة فنرضى قضاء الرب حكماً وإنما ... كراهتنا مصروفة للخطيئة فلا ترض فعلاً قد نهى عنه شرعه ... وسلم لتدبير وحكم مشيئة دعا الكل تكليفاً ووفق بعضهم ... فخص بتوفيق وعم بدعوة فتعصي إذا لم تنتهج طرق شرعه ... وإن كنت تمشي في طريق المشيئة إليك اختيار الكسب والله خالق ... يريد بتدبير له في الخليقة وما لم يرده الله ليس بكائن ... تعالى وجل الله رب البرية فهذا جواب عن مسائل سائل ... جهول ينادي وهو أعمى البصيرة ثم استشهد على كل بيت منها بآيات من القرآن. فالبيت الأول: مأخوذ من قوله تعالى: " لو شاء الله ما أشركوا " الأنعام: 107 وقوله: " ولو شاء ربك ما فعلوه " الأنعام 112 وقوله: " ولا يرضى لعباده الكفر " الزمر 7. الثاني: مأخوذ من قوله تعالى: " فلله الحجة البالغة " الأنعام 149 حجة الملك. وسأل عمران بن حصين رضي الله عنه أبا الأسود فقاله له: ما يكدح

الناس كدحاً؟ شيء قدر عليهم ومضى فيهم؟ أم شيء يستقبلونه؟ فقال: لا بل شيء قدر عليهم ومضى فيهم. فقال له عمران: أفلا يكون ظلماً؟ فقال له أبو الأسود: كل شيء خلق الله وملك يده " لا يسأل عما يفعل وهم يسئلون " الأنبياء 23 فقال عمران: أحسنت إنما أردت أن أختبر عقلك. الثالث والرابع: معناهما مأخوذ من قوله تعالى: " إن الله يحكم ما يريد " المائدة 1 وقوله: " وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون " الحجرات: 7. والخامس: مأخوذ من قوله تعالى: " والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " يونس: 25 فعم بالدعاء إلى الجنة وخص بالهداية. السادس: مأخوذ من قوله تعالى: " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " النور 63 مع قوله: " من يشأ الله يضلله " الأنعام: 39 مع قوله: " من يضلل الله فما له من هاد " الزمر:23.

والسابع والثامن: مأخوذ معناهما من قوله تعالى: " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله " الإنسان:30 وقوله: " إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين " النحل: 37.

حرف القاف

حرف القاف من اسمه قاسم من الطبقة الثامنة من أهل الأندلس: قاسم بن محمد بن قاسم بن محمد بن يسار مولى الوليد أبو محمد قرطبي له رحلتان إلى المشرق أقام في إحداهما اثني عشر عاماً وفي الأخرى ستة أعوام سمع من محمد بن عبد الحكم والمزني ومحمد بن عبد الرحيم البرقي وإبراهيم بن محمد الشافعي والحارث بن مسكين وأبي الطاهر ويونس وإبراهيم بن المنذر الخزامي وإسماعيل بن إسحاق القاضي وخشيش بن أصرم والربيع وسحنون بن سعيد وغيرهم ولزم محمد بن عبد الحكم والمزني للتفقه والمناظرة حتى برع في الفقه وذهب مذهب الحجة والنظر وعلم الاختلاف. وكان يميل لمذهب الشافعي ولم يكن بالأندلس مثل قاسم في حسن النظر والبصر بالحجة

وقال أحمد بن خالد ومحمد بن عمر بن لبابة: ما رأينا أفقه من قاسم ممن دخل الأندلس من أهل الرحل. وقال بقي بن مخلد: قاسم: أعلم من محمد بن عبد الحكم لم يقدم علينا من الأندلس أعلم من قاسم. وقال بقي بن مخلد: قاسم أعلم من محمد بن عبد الحكم. وقال أبو عمر بن عبد البر: لم يكن بالأندلس أفقه منه ومن أحمد بن خالد. وذكره بن أبي دليم في الطبقة المالكية فقال: كان يفتي بمذهب مالك وكان يتحفظ كثيراً من مخالفة المالكية. قال أحمد بن خالد: قلت له: أراك تفتي الناس بما لا تعتقد وهذا لا يحل لك؟ قال: إنما يسألوني عن مذهب جرى في البلد يعرف فأفتيهم به ولو سألوني عن مذهبي أخبرتهم. وألف قاسم كتاباً في الرد على بن مزين والعتبي وعبد الله بن خالد سماه: الرد على المقلدة وكتاباً آخر في خبر الواحد. روى عنه ابنه محمد ومحمد بن عمر بن لبابة وسعيد بن عثمان الأعناقي وأحمد بن خالد ومحمد بن أيمن وابن الزراد وغيرهم. توفي قاسم أول سنة ست وسبعين وقيل: سنة ثمان وقيل سنة سبع وسبعين ومائتين.

قاسم بن أصبغ بن محمد بن يوسف بن ناصح بن عطاء مولى الوليد بن عبد الملك

ومن الطبقة الرابعة من الأندلس: قاسم بن أصبغ بن محمد بن يوسف بن ناصح بن عطاء مولى الوليد بن عبد الملكبن مروان أبو محمد قرطبي ويعرف بالبياني وبيانة: من عمل قرطبة سمع من بقي بن مخلد والخشني وابن وضاح ومطرف بن قيس وأصبغ بن خليل وإبراهيم وعبد الله ابني هلال وعبد الله بن ميسرة وغيرهم ورحل إلى المشرق مع بن أيمن فأدرك الناس متوافرين فسمع بمكة من محمد بن إسماعيل الصائغ وعلي بن عبد العزيز وبالعراق من القاضي إسماعيل وابن أبي خيثمة ومحمد بن إسماعيل الترمذي وعبد الله بن حنبل وابن قتيبة والحارث بن أسامة والمبرد وثعلب ومحمد بن الجهم الشموتي في آخرين وبمصر من محمد بن عبد الله العمري وأبي الزنباع: روح بن الفرج المالكي وغيرهم وانصرف إلى الأندلس بعلم كثير وسكن قرطبة فكان له بها قدر عظيم وسمع منه الناصر لدين الله أمير المؤمنين: عبد الرحمن بن محمد - قبل ولايته - وولي عهده: الحكم ابنه وطال عمره فلحق الأصاغر فيه الأكابر وشارك الآباء فيه الأبناء وكانت الرحلة إليه بالأندلس وإلى أبي سعيد بن الأعرابي بالمشرق.

وكان ثبتاً صادقاً حليماً مأموناً بصيراً بالحديث والرجال نبيلاً في النحو والغريب وشوور في الأحكام وغلبت عليه الرواية والسماع. مذكور في أئمة المالكيين وصنف في الحديث مصنفات حسنة منها: مصنفه المخرج على كتاب أبي داود واختصاره المسمى بالمجتبى على نحو كتاب بن الحاروني: المنتقى وكان قد فاته السماع منه ووجده قد مات فألف مصنفاً على أبواب كتابه خرجها عن شيوخه. وقال أبو محمد بن حزم: وهو خير انتفاء. ومنها: مسند حديثه وغرائب حديث مالك ومسند حديث مالك من رواية يحيى وكتابه في أحكام القرآن على أبواب كتاب إسماعيل القاضي وكتاب فضائل قريش وكتاب الناسخ والمنسوخ وكتاب في الأنساب وكتاب بر الوالدين. توفي منتصف جمادى سنة أربعين وثلاثمائة وسنه اثنان وتسعون سنة وخمسة أشهر غير ستة أيام. وكان قد تغير ذهنه آخر عمره من سنة سبع وثلاثين إلى أن مات. تغمده الله سبحانه برحمته.

قاسم بن أحمد بن جحدر

قاسم بن أحمد بن جحدر طليطلي سمع بالأندلس كثيراً ورحل إلى المشرق مع أحمد بن خالد ودخل اليمن وسمع كثيراً وسكن مكة فعلا بها ذكره ورحل إليه الناس وكان مع بن المنذر في طبقته وأراه صاحب الكتب المسماة بالجحدرية. توفي بمكة في سنة إحدى عشرة وثلاثمائة. قاسم بن ثابت بن حزم يكنى أبا محمد شارك أباه في رحلته وشيوخه وعني هو وأبوه بجمع الحديث واللغة ويقال: إنهما أول من أدخل كتاب العين في الأندلس وكان قاسم عالماً بالفقه والحديث مقدماً في المعرفة بالغريب والنحو والشعر ورعاً ناسكاً مجاب الدعوة. وسأله الأمير أن يلي القضاء فامتنع فأراد أبوه أن يكرهه عليه فسأله أن يمهله ثلاثة أيام يستخير الله تعالى فمات في الثلاثة أيام فكانوا يرون أنه دعا على نفسه بالموت.

قاسم بن أحمد بن محمد بن عثمان التجيبي المعروف بابن أرفع رأسه

توفي قاسم سنة اثنتين وثلاثمائة. قاسم بن أحمد بن محمد بن عثمان التجيبي المعروف بابن أرفع رأسه طليطلي سكن قرطبة سمع من قاسم بن أصبغ وابن أيمن وابن الشاط وغيرهم وشاوره بن أسلم ومنذر وغيرهما. وولي قضاء طليطلة وبطليوس وتصرف في الإمامات وبنى حصون الثغر وكان موثوقاً به مأموناً على ما تولاه تفقه عنده جماعة وسمع منه بن الفرضي وغيره توفي سنة ثلاثة وتسعين وثلاثمائة.

قاسم بن فيرة بن أبي القاسم: خلف بن أحمد الرعيني الشاطبي الضرير المقرئ

ومن كتاب الوفيات لشمس الدين بن خلكان: قاسم بن فيرة بن أبي القاسم: خلف بن أحمد الرعيني الشاطبي الضرير المقرئ يكنى أبا محمد صاحب القصيدة التي سماها: حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات وعدتها ألف ومائة وثلاثة وسبعون بيتاً ولقد أبدع فيها أكمل الإبداع وهي عمدة قراء أهل هذا الزمان في نقلهم فقل من يشتغل بالقراءات إلا ويقدم حفظها ومعرفتها. وهي مشتملة على رموز عجيبة وإشارات خفية لطيفة وما أظنه سبق إلى أسلوبها. وقد روي عنه أنه كان يقول: لا يقرأ أحد قصيدتي هذه إلا وينفعه الله عز وجل لأنني نظمتها لله عز وجل مخلصاً في ذلك. ونظم قصيدة دالية في خمسمائة بيت من حفظها أحاط علماً بكتاب التمهيد لابن عبد البر. وكان عالماً بكتاب الله تعالى قراءة وتفسيراً وبحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مبرزاً فيه وكان إذا قرأ عليه صحيح البخاري ومسلم والموطأ يصحح النسخ من حفظه ويملي النكت على المواضع المحتاج إليها.

وكان أوحد أهل زمانه في علم النحو واللغة عارفاً بعلم الرؤيا حسن المقاصد مخلصاً فيما يقول ويفعل. قرأ القرآن العظيم بالروايات على أبي عبد الله: محمد بن علي بن أبي العاص النفزي المقرئ وأبي الحسن: علي بن هذيل الأندلسي وسمع الحديث من أبي عبد الله بن سعادة وأبي عبد الله: محمد بن عبد الرحيم الخزرجي يعرف بابن الفرس وغيرهم وانتفع به خلق كثير. وكان يجتنب فضول الكلام لا ينطق في سائر أوقاته إلا بما تدعو إليه الضرورة ولا يجلس للإقراء إلا على طهارة في هيئة حسنة وتخشع واستكانة. وكانت ولادته في آخر سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة ودخل مصر سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة وكان يقول - عند دخوله إليها - إنه يحفظ وقر بعير من العلوم. توفي يوم الأحد بعد صلاة العصر الثامن والعشرين من جمادى الأخيرة سنة تسعين وخمسمائة ودفن بالقرافة الصغرى في تربة القاضي الفاضل. وفيره بكسر الفاء وسكون الياء المثناة من تحت وتشديد الراء وضمها وهو بلغة الرطانة من أعاجم الأندلس ومعناه بالعربي الحديد. والرعيني: نسبة إلى ذي رعين وهو أحد أقيال اليمن ونسب إليه خلق كثير. والشاطبي: نسبة إلى شاطبة وهي مدينة كبيرة خرج منها جماعة من العلماء استولى عليها الإفرنج في العشر الأواخر من رمضان سنة خمس وأربعين وستمائة. وقيل اسم الشيخ المذكور: أبا القاسم وكنيته هي اسمه لكن

قاسم الجبيري

وجدت إجازات أشياخه أبو محمد القاسم كما ذكرت أول الترجمة. ومن مختصر المدارك من الطبقة السادسة من الأندلس: قاسم الجبيري بضم الجيم - بن خلف بن عبد الله بن جبير. طرطوشي الأصل ولزم قرطبة وسمع بها من قاسم بن أصبغ وغيره ورحل وجال البلاد وأخذ عن الشيوخ والأعيان وأقام في رحلته ثلاثة عشر عاماً. كان فقيهاً عالماً حسن النظر صدراً في الشورى يجتمع إليه ويتناظر عنده. وكان من أهل العلم بالحديث والفقه نظاراً مدققاً في المسائل وكان حسن التأليف وله كتاب في الوسط بين مالك وابن القاسم فيما خالف فيه بن القاسم مالكاً. كتاب حسن مفيد. ولي القضاء بطرطوشة وبلنسية وتوفي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة.

قاسم بن عبد الله بن محمد بن الشاط

قاسم بن عبد الله بن محمد بن الشاط الأنصاري نزيل سبتة يكنى أبا القاسم قال: والشاط: اسم لجدي وكان طوالاً فجرى عليه هذا الاسم. كان رحمه الله تعالى نسيج وحده في أصالة النظر ونفوذ الفكر وجودة القريحة وتسديد الفهم إلى حسن الشمائل وعلو الهمة والعكوف على العلم والاقتصار على الآداب السنية والتحلي بالوقار والسكينة. أقرأ عمره بمدينة سبتة: الأصول والفرائض مقدماً فيها موصوفاً بالإمامة. وكان موفور الحظ من الفقه حسن المشاركة في العربية كاتباً مترسلاً رياناً من الأدب له نظر في العقليات. قرأ على الأستاذ أبي علي الحسن بن الربيع وعلى الحافظ أبي يعقوب المحاسبي وغيرهم وأجازه أبو القاسم بن البراء وأبو محمد بن أبي الدنيا وعلي وأبو العباس بن الغماز وأبو جعفر الطباع وأبو بكر بن فارس وغيرهم. وأخذ عنه الجلة من أهل الأندلس كالأستاذ أبي زكريا بن هذيل وشيخنا أبي الحسن بن الحباب والقاضي أبي بكر بن شيرين وغيرهم. وله تآليف منها: أنوار البروق في تعقب مسائل القواعد والفروق

من يعرف بأبي القاسم

وغنية الرائض في علم الفرائض وتحرير الجواب في توفير الثواب وفهرست حافلة وكان مجلسه مألفاً للصدور من الطلبة والنبلاء من العامة. مولده في عام ثلاثة وأربعين وستمائة بمدينة سبتة وتوفي بها عام ثلاثة وعشرين وسبعمائة رحمة الله عليه. من يعرف بأبي القاسم من الطبقة التاسعة من إفريقية: أبو القاسم بن محرز المقري القيرواني تفقه بأبي بكر بن عبد الرحمن وأبي عمران وأبي حفص كان فقيهاً نظاراً نبيلاً وابتلي بالجذام في آخر عمره وله تصانيف حسنة منها تعليق على المدونة سماه التبصرة وكتابه الكبير المسمى بالقصد والإيجاز. توفي في نحو الخمسين وأربعمائة رحمه الله تعالى.

قرعوس بن العباس بن قرعوس بن حميد

قرعوس بن العباس بن قرعوس بن حميد ويقال: عبيد بن منصور بن محمد بن يوسف الثقفي من أهل قرطبة يكنى أبا الفضل ويقال له: أبو محمد سمع من مالك ومن الثوري وابن جريج والليث وغيرهم. كان فاضلاً ورعاً عالماً بمذهب مالك وأصحابه لا علم له بالحديث روى عن مالك الموطأ وشيئاً من المسائل. وقال يحيى بن يحيى: هو من أهل العلم كبير المنزلة ثقة روى عنه بن حبيب وأصبغ بن خليل. فائدة: قال قرعوس هذا: سمعت مالكاً والثوري يقولان: سلطان جائر سبعين سنة خير من أمة سائبة ساعة من نهار. توفي سنة عشرين ومائتين رحمة الله عليه.

حرف الميم

حرف الميم من اسمه محمد من الطبقة الأولى من أصحاب مالك من أهل المدينة: محمد بن إبراهيم بن دينار الجهيني مولاهم أبو عبد الله يروي عن بن أبي ذئب وموسى بن عقبة ويزيد بن أبي عبيد وغيرهم وصحب مالكاً وابن هرمز روى عنه بن وهب وأبو مصعب الزهري ومحمد بن مسلمة وغيرهم. وكان مفتي أهل المدينة مع مالك وعبد العزيز وبعدهما وكان فقيهاً فاضلاً له بالعلم رواية وعناية. قال بن حبيب: كان هو والمغيرة أفقه أهل المدينة وهو ثقة. قال أشهب والشافعي: ما رأينا في أصحاب مالك أفقه من بن دينار ودرس مع مالك على بن هرمز. توفي سنة اثنتين وثمانين ومائة.

محمد بن مسلمة بن محمد بن هشام بن إسماعيل أبو هشام

ومن الوسطى من أهل المدينة: محمد بن مسلمة بن محمد بن هشام بن إسماعيل أبو هشام وهشام هذا هو أمير المدينة الذي نسب إليه مد هشام والذي يذكر عنه ذكر عهدة الرقيق في خطبته روى محمد هذا - عن مالك وتفقه عنده. وكان أحد فقهاء المدينة من أصحاب مالك وكان أفقههم وهو ثقة وله كتب فقه أخذت عنه. وهو ثقة مأمون حجة جمع العلم والورع. وتوفي سنة ست ومائتين. وممن عداده في المكيين - من أهل الحجاز من الطبقة الوسطى - من أصحاب مالك رحمه الله تعالى: محمد بن إدريس الشافعي هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هشام بن المطلب بن عبد مناف بن قصي.

أمه أزدية ولد بالشام بغزة وقيل باليمن سنة خمسين ومائة وحمل إلى مكة فسكنها وتردد بالحجاز والعراق وغيرهما ثم استوطن مصر وتوفي بها. روى عن مالك ومسلم بن خالد وابن عيينة وإبراهيم بن سعيد وفضيل بن عياض وعن عمه محمد بن شافع وجماعة غيرهم. وروى عنه بن حنبل والحميدي وأبو الطاهر بن السراج والبويطي والمزني والربيع المؤذن وأبو ثور والزعفراني ومحمد بن عبد الحكيم وجماعة غيرهم. كان حافظاً حفظ الموطأ في تسع ليال وقيل: في ثلاث ليال خرج عن مكة ولزم هذيلاً فتعلم كلامها وكانت أفصح العرب فبقي فيهم مدة راحلاً برحيلهم ونازلاً بنزولهم. قال: فلما رجعت إلى مكة جعلت أنشد الأشعار وأذكر الآداب والأخبار وأيام العرب فمر بي رجل من الزبيديين فقال لي: يا أبا عبد الله عز علي أن لا يكون مع هذه الفصاحة والذكاء فقه فتكون قد سدت أهل زمانك؟ فقلت: ومن بقي يقصد؟ فقال لي: هذا مالك سيد المسلمين يومئذ؟ فوقع في قلبي وعدت إلى الموطأ فاستعرته وحفظته في تسع ليال. ورحل إلى مالك فأخذ عنه الموطأ وكان مالك يثني على فهمه وحفظه ووصله بهدية جزيلة لما رحل عنه. وكان الشافعي يقول: مالك معلمي وأستاذي ومنه تعلمنا العلم وما أحد أمن علي من مالك وجعلت مالكاً حجة فيما بيني وبين الله تعالى.

ذكر ثناء العلماء عليه بسعة العلم والفضل: قال محمد بن عبد الحكم: قال لي أبي: الزم هذا الشيخ يعني الشافعي فما رأيت أبصر منه بأصول العلم أو قال: بأصول الفقه. وكان صاحب سنة وأثر وفضل مع لسان فصيح طويل وعقل رصين صحيح. وقال فيه بن عيينة: هذا أفضل فتيان أهل زمانه وكان بن عيينة إذا جاءه شيء من التفسير والفتيا قال: سلوا هذا يعني الشافعي وقال له مسلم بن خالد الزنجي شيخه وهو شاب بن خمس عشرة سنة قد آن لك أن تفتي يا أبا عبد الله. وقال يحيى بن سعيد القطان: إني لأدعو الله في صلاتي للشافعي لما أظهر من القول بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال أحمد بن حنبل: ما أحد يحمل محبرة من أصحاب الحديث إلا وللشافعي عليه سنة. وقال: ما عرفت ناسخ الحديث من منسوخه حتى جالسته. وقال أيضاً - أحمد بن حنبل: كان الشافعي أفقه الناس في كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قليل الطلب للحديث وقال: كان الشافعي للعلم كالشمس للدنيا والعافية للناس فانظر هل من هذا عوض؟.

وقال بن معين لصالح بن أحمد بن حنبل: ما يستحي أبوك رأيته مع الشافعي والشافعي راكب وهو راجل ورأيته وقد أخذ بركابه. وقال صالح نقلت هذا لأبي فقال لي: قل له: إن أردت أن تتفقه فخذ بركابه الآخر. قال بن هشام: الشافعي حجة في اللغة. وذاكره بن هشام بمصر في أنساب الرجال فقال له الشافعي - بعد ساعة: دع عنك هذا فإنها لا تذهب عنا ولا عنك وخذ في أنساب النساء فلما أخذت في ذلك بقي بن هشام ساكتاً فكان يقول: ما ظننت أن الله عز وجل خلق مثل هذا. قال النسائي: هو أحد العلماء ثقة مأمون. قال أحمد بن عبد الله: هو ثقة صاحب رأي وكلام وليس عنده حديث. وقد ألف الخطيب أبو بكر بن ثابت البغدادي كتابه الحجة بالشافعي وأثبته في الصحيح وذكر الأثر المتأول فيه. روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " اللهم

اهد قريشاً فإن عالمها يملأ طباق الأرض علماً اللهم كما أذقتهم عذاباً فأذقهم نوالاً ". قال الشافعي: القرآن كلام غير مخلوق ومن قال مخلوق فهو كافر. ومن حكمه: قال الشافعي: من ولي القضاء ولم يفتقر فهو سارق وقال: من حفظ القرآن نبل قدره ومن تفقه عظمت قيمته ومن حفظ الحديث قويت حجته ومن حفظ العربية والشعر رق طبعه ومن لم يصن نفسه لم ينفعه العلم. وقيل له: كيف أصبحت؟ فقال: كيف أصبح من يطلبه ثمان: الله بالقرآن والنبي صلى الله عليه وسلم بالسنة والحفظة بما ينطق والشيطان بالمعاصي والدهر بصروفه والنفس بشهوتها والعيال بالقوت وملك الموت بقبض روحه؟. وتوفي الشافعي رحمه الله تعالى - بمصر عند عبد الله بن عبد الحكم وإليه أوصى. وتوفي ليلة الخميس وقيل ليلة الجمعة منسلخ رجب سنة أربع ومائتين. ودفنه بنو عبد الحكم في قبورهم وصلى عليه السري أمير مصر.

محمد بن عمر بن واقد الواقدي

وكان خفيف العارضين يخضب. قال الربيع: كنا جلوساً - في موضع - في حلقة الشافعي بعد موته بيسير - فوقف علينا أعرابي فسلم ثم قال: أين قمر هذه الحلقة وشمسها؟ فقلنا: توفي رحمه الله فبكى بكاء شديداً وقال: رحمه الله وغفر له كان يفتح ببيانه منغلق الحجة ويسد في خصمه واضح المحجة ويغسل من العار وجوهاً مسودة ويوسع بالرأي أبواباً منسدة ثم انصرف. ومن أهل البصرة والعراق وما وراءهما من بلاد المشرق: محمد بن عمر بن واقد الواقدي مولى بني سهم من أسلم أبو عبد الله مدني عداده في البغداديين سكن بغداد وولي القضاء بها للمأمون وولي القضاء قبل الرشيد. روى عن مالك حديثاً وفقهاً ومسائل وفي حديثه عنه منقطع كثيراً وغرائب وكذلك في مسائله عنه منكرات على مذهبه لا توجد عند غيره تكلم فيها الناس وطرحه أحمد ويحيى وابن نمير والنسائي وغيرهم. وكان واسع العلم كثير المعرفة أديباً نبيلاً عالماً بالحديث والسير والمغازي والأخبار. قال أحمد بن عبد الله بن صالح: ما رأيت أحداً أحفظ للحديث منه

محمد أبو ثابت بن عبد الله بن محمد بن زيد بن أبي زيد

وقيل فيه: هو كذاب ليس بثقة ولا يكتب حديثه ذكره أبو عمر المقري في طبقات القراء. وقال: روى القراءة عن نافع بن نعيم وعيسى بن وردان سليمان بن مسلم بن جماز. حدث الواقدي عن محمد بن إسحاق وعن الزهري عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للزبير: " يا زبير إن خزائن الرزق مفتحة بإزاء العرش فمن كثر كثر الله عليه ومن قلل قلل الله له ". توفي الواقدي ببغداد ليلة الاثنين لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة سبع ومائتين وهو بن ثمان وسبعين سنة مولده سنة ثلاثين ومائة. ومن الطبقة الأولى ممن التزم مذهب مالك ولم يره من أهل المدينة: محمد أبو ثابت بن عبد الله بن محمد بن زيد بن أبي زيد مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه روى عن بن وهب وابن القاسم وابن نافع وبهم تفقه وروى عن أشهب وحماد بن زيد وإبراهيم بن سعد وغيرهم وروى عنه إسماعيل القاضي وأخوه حماد والبخاري في الصحيح صدوق. قال القاضي إسماعيل: كان الإجماع ونحن بالمدينة: أن ليس بها أفضل من أبي ثابت.

محمد بن خالد بن مرتنيل

محمد بن خالد بن مرتنيل مولى عبد الرحمن بن معاوية يعرف بالأشج قرطبي نبيه رحل فسمع من بن القاسم وابن وهب وأشهب وابن نافع ونظرائهم من المدنيين والمصريين. وكان الغالب عليه الفقه ولم يكن له علم بالحديث وهو مذكور في المستخرجة. ولي الشرطة والصلاة والسوق بقرطبة وكان صليباً في أحكامه ورعاً فاضلاً لا تأخذه في الله لومة لائم محمود السيرة ولم يزل على وتيرة إلى أن توفي سنة عشرين ومائتين. وقيل: سنة أربع وعشرين وله اثنان وسبعون سنة. وبيته في قرطبة بيت نبيه في العلم والسؤدد وصحبة السلطان. ومن الطبقة الثامنة من أهل مصر: محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أبو عبد الله سمع من أبيه وابن وهب وأشهب وابن القاسم وغيرهم من أصحاب مالك وصحب الشافعي وأخذ عنه وكتب كتبه وكان أبوه ضمه إليه وأمره أن يقرأ عليه وعلى أشهب وكان محمد أقعد الناس بهما. وروى عن

بن أبي فديك وأنس بن عياض وشعيب بن الليث وحرملة بن عبد العزيز وغيرهم. روى عنه أبو بكر النيسابوري وأبو حاتم الرازي وابنه عبد الرحمن وأبو جعفر الطبري وجماعة غيرهم. قال بن حارث: كان من العلماء الفقهاء مبرزاً من أهل النظر والمناظرة والحجة فيما يتكلم فيه ويتقلده من مذهبه وإليه كانت الرحلة من المغرب والأندلس في العلم والفقه. قاله أبو عمر بن عبد البر: كان فقيهاً نبيلاً جميلاً وجيهاً في زمنه وقال فيه بن القاسم: إن قبل محمد لعلماً وإليه انتهت الرياسة بمصر وقال بن أبي دليم: كان فقيه مصر في عصره على مذهب مالك وصحب الشافعي ورسخ في مذهبه وربما تخير قوله عند ظهور الحجة له. وكان أفقه أهل زمانه وناظره بن ملول صاحب سحنون وقال لربيعة: صاحبكم أعلم من سحنون ثقة فاضل عالم متواضع صدوق. قال محمد بن فطيس: لقيت في رحلتي نحو مائتي شيخ ما رأيت فيهم مثل محمد بن عبد الحكم. وله تآليف كثيرة في فنون العلم والرد على المخالفين كلها حسان ككتاب أحكام القرآن كبير وكتاب الوثائق والشروط وكتاب مجالسه أربعة أجزاء وكتاب الرد على الشافعي فيما خالف فيه الكتاب والسنة وكتاب الرد على أهل العراق وكتابه الذي زاد فيه على مختصر أبيه وكتاب

آداب القضاة وكتاب الدعوى والبينات وكتاب السبق والرمي وكتاب اختصار كتب أشهب وكتاب الرد على بشر المريسي وكتاب النجوم وكتاب الكفالة وكتاب الرجوع عن الشهادة وكتاب المولدات. قال بن حارث: وأراها مؤلفة عليه لأنها مسائل منشورة لم تضم لثقات كالأسمعة. وكان محمد يقول: التوفر في النزهة مثل التبذل في الحفلة. وذكر أنه ضرب في المحنة بالقرآن وكان يفتي في المشي إلى مكة بكفارة يمين وحكى ذلك عن بن القاسم أنه أفتى به ابنه وذكر عنه أن قوماً استشاروه في الحج والجلوس للسماع فأشار على بعضهم بالجلوس فسئل عن ذلك فقال: رأيت عند الذين أمرتهم بالجلوس فهماً ورأيت عند الآخرين بخلافهم ولهذا الأمر فرسان. وسئل كيف يعزى الرجل في أمه النصرانية؟ فقال: يقال له: الحمد لله على ما قضى قد كنا نحب أن تموت على الإسلام ويسرك الله لذلك. وسئل أيضاً عن القريب النصراني يموت للمسلم كيف يعزى؟ فقال: يقول إن الله كتب الموت على خلقه والموت حتم على الخلق كلهم. توفي رحمه الله في ذي القعدة منتصفه سنة ثمان وستين ومائتين وقيل سنة تسع. مولده منتصف ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين ومائة.

محمد بن إبراهيم الإسكندري بن زياد

محمد بن إبراهيم الإسكندري بن زياد المعروف بابن المواز تفقه بابن الماجشون وابن عبد الحكم واعتمد على أصبغ وروى محمد أيضاً عن ابن بكير وأبي زيد بن أبي الغمر والحارث بن مسكين ونعيم بن حماد وروى عن بن القاسم صغيراً - كما ذكر في محمد بن عبد الحكم والله أعلم - والمعدل بمصر على قوله. وكان راسخاً في الفقه والفتيا عالماً في ذلك وله كتابه المشهور الكبير وهو أجل كتاب ألفه المالكيون وأصحه مسائل وأبسطه كلاماً وأوعبه وقد رجحه القابسي على سائر الأمهات وقال: إن صاحبه قصد إلى بناء فروع أصحاب المذهب على أصولهم في تصنيفه. وغيره إنما قصد جمع الروايات ونقل نصوص السماعات. ومنهم من ينقل عنه الاختيارات في شروحات أفردها وجوابات لمسائل سئل عنها. ومنهم من كان قصده الذب عن المذهب فيما فيه الخلاف إلا بن حبيب فإنه قصد إلى بناء المذهب على معان تأدت إليه وربما قنع ببعض الروايات على ما فيها. وفي هذا الكتاب جزء تكلم فيه على الشافعي وعلى أهل العراق بمسائل من أحسن كلام وأجله وهو من رواية بن ميسر وابن أبي مطر

محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن أبي زرعة البرقي

عنه. وفي بعض النسخ زيادة كتب على غيرها ونقص من أصول الديوان كتب منها الطهارة والصلاة إلا أن له في الصلاة كتاباً فيه من أبواب السهو وقضاء الصلاة إذا نسيت وصلاة السفر وله كتاب الوقوف ذكر أنها ذهبت في الغارة وإن الكتاب رواه بكماله قوم من أهل مكة. وتوفي بدمشق لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة تسع وستين ومائتين وقيل: سنة إحدى وثمانين. ومولده في رجب سنة ثمانين ومائة. محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن أبي زرعة البرقي مولى بني زهرة كان من أصحاب الحديث والفهم والرواية أغلب عليه وبيته بمصر بيت علم وله تأليف في مختصر بن عبد الحكم الصغير - زاد فيه اختلاف فقهاء الأمصار. وكتاب في التاريخ وفي الطبقات وفي رجال الموطأ وفي غريبه. يروي عن عبد الله بن عبد الحكم ولم يلق بن وهب ويروي عن أشهب وابن بكير وعبد الله بن صالح وحبيب كاتب مالك ونعيم بن حماد وأصبغ بن الفرج وأسد بن موسى ويحيى بن معين ومحمد بن يوسف الفريابي وسعيد بن منصور وغيرهم.

محمد أبو بكر بن أبي يحيى زكريا الوقار

وروى عنه أبو حاتم الرازي وابن وضاح والخشني ومطرف بن عبد الرحمن بن قيس وعبيد الله بن يحيى بن يحيى وقاسم بن محمد وقاسم بن أصبغ وغيرهم. توفي سنة تسع وأربعين ومائتين. محمد أبو بكر بن أبي يحيى زكريا الوقار كان حافظاً للمذهب وألف كتاب السنة ورسالته في السنة ومختصرين في الفقه: الكبير منهما في سبعة عشر جزءاً وأهل القيروان يفضلون مختصر أبي بكر بن الوقار على مختصر بن عبد الحكم. تفقه بأبيه وابن عبد الحكم وأصبغ روى عنه إسحاق بن إبراهيم بن نصير ومحمد بن مسلم بن بكار الفيومي وأبو الطاهر: محمد بن سليمان وأبو الطاهر: محمد بن جعفر البرسيمي وتوفي في رجب سنة تسع وستين ومائتين وقيل: ثلاث وقيل أربع. والوقار بتخفيف القاف. كذا تلقيناه من الشيوخ.

محمد بن شبيب أبو يوسف التونسي

ومن أهل إفريقية: محمد بن شبيب أبو يوسف التونسي مذكور في المالكية وله سنن عالية وسماع من أسد وعلي بن زياد. ولي قضاء تونس. توفي سنة ست وسبعين ومائتين. محمد بن سحنون تفقه بأبيه وسمع من بن أبي حسان وموسى بن معاوية وعبد العزيز بن يحيى المدني وغيرهم ورحل إلى المشرق فلقي بالمدينة أبا مصعب الزهري وابن كاسب وسمع من سلمة بن شبيب. كان إماماً في الفقه ثقة عالماً بالذب عن مذاهب أهل المدينة عالماً بالآثار صحيح الكتاب لم يكن في عصره أحذق بفنون العلم منه وكان الغالب عليه الفقه والمناظرة وكان يحسن الحجة والذب عن أهل السنة والمذهب. كان عالماً فقيهاً مبرزاً متصرفاً في الفقه والنظر ومعرفة اختلاف الناس والرد على أهل الأهواء. وكان قد فتح له باب التأليف وجلس مجلس أبيه بعد موته. وكان من أكثر الناس حجة وألقنهم بها.

وكان يناظر أباه. وقال سحنون: ما أشبهه إلا بأشهب. وقال: ما غبنت في ابني محمد إلا أني أخاف أن يكون عمره قصيراً. وكان يقول لمؤدبه: لا تؤدبه إلا بالكلام الطيب والمدح فليس هو ممن يؤدب بالتعنيف والضرب واتركه على بختي فإني أرجو أن يكون نسيج وحده وفريد أهل زمانه. قيل لعيسى بن مسكين: من خير من رأيت في العلم؟ فقال: محمد بن سحنون وقال أيضاً: ما رأيت بعد سحنون مثل ابنه محمد. وقال فيه إسماعيل القاضي بن إسحاق: هو الإمام بن الإمام. وذكر له مرة ما ألفه العراقيون من الكتب فقال إسماعيل: عندنا من ألف في مسائل الجهاد عشرين جزءاً وهو محمد بن سحنون. يفخر بذلك على أهل العراق. قال بن حارث: كان من الحفاظ المتقدمين المناظرين المتصرفين وكان كثير الكتب غزير التأليف له نحو من مائتي كتاب في فنون العلم. ولما تصفح محمد بن عبد الله بن عبد الحكم كتابه وكتاب بن عبدوس قال في كتاب بن عبدوس: هذا كتاب رجل أتى بمذهب مالك على وجهه.

وفي كتاب بن سحنون: هذا كتاب رجل سبح في العلم سبحاً. وكان بن سحنون إمام عصره في مذهب أهل المدينة بالمغرب جامعاً لخلال قل ما اجتمعت في غيره: من الفقه البارع والعلم بالأثر والجدل والحديث والذب عن مذهب أهل الحجاز كريماً في معاشرته نفاعاً للناس مطاعاً جواداً بماله وجاهه وجيهاً عند الملوك والعامة جيد النظر في الملمات. ذكر تآليفه: ألف بن سحنون كتابه المسند في الحديث وهو كبير وكتابه الكبير المشهور: الجامع جمع فيه فنون العلم والفقه فيه عدة كتب نحو الستين وكتاباً آخر في فنون العلم منها كتاب السير: عشرون كتاباً وكتابه في المعلمين ورسالته في السنة وكتاب في تحريم المسكر ورسالة فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم ورسالة في آداب المتناظرين جزآن وكتاب الحجة على القدرية وكتاب الحجة على النصارى وكتاب الإمامة وكتاب الرد على البكرية وكتاب الورع وكتاب الإيمان والرد على أهل الشرك وكتاب الرد على أهل البدع ثلاثة كتب وكتاب في الرد على الشافعي وعلى أهل العراق وهو كتاب الجوابات خمسة كتب وكتاب التاريخ ستة أجزاء.

قال بعضهم: ألف بن سحنون كتابه الكبير مائة جزء: عشرون في السير وخمسة وعشرون في الأمثال وعشرة في آداب القضاة وخمسة في الفرائض وأربعة في الإقرار وأربعة في التاريخ في الطبقات والباقي في فنون العلم. قال غيره: وألف في أحكام القرآن. ذكر بقية أخباره وفضائله: قال: دخل علي أبي وأنا أؤلف كتاب تحريم النبيذ فقال: يا بني إنك ترد على أهل العراق ولهم لطافة أذهان وألسنة حداد فإياك أن يسبقك قلمك لما يعتذر منه. ورأى عبد العزيز الزاهد في منامه قائلاً يقول له: مالك لم تقبل على بن سحنون وهو ممن يخشى الله؟. وفي رواية: وهو ممن يحب الله ورسوله؟ فبلغت بن سحنون فبكى بكاء شديداً ثم قال: لعله بذبي عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال عيسى بن مسكين: قلت لابن سحنون: كيف الرش؟ يعني النضح قال: تبسط الثوب ثم ترش عليه ثم تقلبه ثم ترش عليه ثم تجففه قيل لعيسى: الطاق الواحد من الناحيتين؟ قال: نعم. قال القاضي عياض يحتمل - والله أعلم - أن يكون هذا فيما يشك في نجاسته من الناحيتين أو من إحداهما ولم يتيقن أو شك في النجاسة داخله.

قال القابسي في صفة النضح: يرش الموضع المتهوم بيده رشة واحدة وإن لم يعمه لأنه ليس عليه غسل فيحتاج أن يعمه قال: وإن رشه بفيه أجزأه. قال عياض: لعله بعد غسل فيه من البصاق وتنظيفه وإلا فإنه يضيف الماء وقد يغلب عليه. قال بن اللباد: حج محمد بن سحنون في سنة خمس وثلاثين فغلطوا في يوم عرفة فرأى محمد أن ذلك يجزئ من حجهم. واختلف فيها قول أبيه وحكى بعضهم إجماع مالك وأبي حنيفة والشافعي على إجزاء المسألة. كان بن سحنون من أطوع الناس كريماً في نفسه يصل من قصد بالعشرات من الدنانير ويكتب لمن يعنى به إلى الملوك فيعطي الأموال الجسيمة نهاضاً بالأثقال واسع الحيلة جيد النظر. توفي بالساحل سنة ست وخمسين ومائتين. بعد موت أبيه بست عشر سنة وجيء به من الساحل إلى القيروان فدفن بها وسنه أربع وخمسون سنة. ومولده سنة اثنتين ومائتين وقيل: على رأس المائتين. ورئي في النوم فسئل فقال: زوجني ربي خمسين حوراء لما علم من حبي للنساء.

محمد بن إبراهيم بن عبدوس بن بشير

محمد بن إبراهيم بن عبدوس بن بشير أصله من العجم وهو من موالي قريش من كبار أصحاب سحنون وأئمة وقته. وكان محمد بن عبدوس ثقة إماماً في الفقه صالحاً زاهداً ظاهر الخشوع ذا ورع وتواضع بذ الهيئة من أشبه الناس بأخلاق سحنون: في فهمه وزهادته في ملبسه ومطعمه. وكان صحيح الكتاب حسن التقييد عالماً بما اختلف فيه من أهل المدينة وما أجمعوا عليه. قال حماس القاضي: ما رأيت مثل بن عبدوس في الزهاد والفقه. وقال أحمد بن زياد: ما أظن كان في التابعين مثله يعني في الفضل والزهد وهذا غلو. وقال بن حارث: كان حافظاً لمذهب مالك والرواة من أصحابه إماماً مبرزاً فقيهاً في ذلك خاصة عزيز الاستنباط جيد القريحة ناسكاً عابداً متواضعاً مستجاب الدعوة.

وكان نظيراً لمحمد بن المواز وألف كتاباً شريفاً سماه: المجموعة على مذهب مالك وأصحابه أعجلته المنية قبل تمامه. وله أيضاً كتاب التفاسير وهي كتب فسر فيها أصولاً من العلم كتفسير كتاب المرابحة والمواضعة وكتاب الشفعة وله أربعة أجزاء في شرح مسائل من كتب المدونة ذكرناها وكتاب الورع وفضائل أصحاب مالك ومجالس مالك أربعة أجزاء وقد يضاف بعض هذه الكتب إلى المجموعة. وأقام سبع سنين يدرس لا يخرج من داره إلا إلى الجمعة وصلى الصبح بوضوء العتمة ثلاثين سنة خمس عشرة سنة في دراسة وخمس عشرة سنة في عبادة. ولم يكن في أصحاب سحنون أفقه من ابنه وابن عبدوس. وتوفي بن عبدوس سنة ستين ومائتين. وقيل: إحدى وستين وصلى عليه أخوه. مولده سنة اثنتين ومائتين مع بن سحنون في سنة واحدة. وقيل: بعده بسنة.

محمد العتبي بن أحمد بن عبد العزيز بن عتبة بن جميل بن عتبة بن أبي سفيان

محمد العتبي بن أحمد بن عبد العزيز بن عتبة بن جميل بن عتبة بن أبي سفيان قيل: هو مولى لآل عتبة بن أبي سفيان وهو أصح. قرطبي يكنى أبا عبد الله. قال بن لبابة: العتبي ليس يتصل نسبه بعتبة إنما كان له جد يسمى عتبة ونسب إليه سمع بالأندلس من يحيى بن يحيى وسعيد بن حسان وغيرهما ورحل فسمع من سحنون وأصبغ. كان حافظاً للمسائل جامعاً لها عالماً بالنوازل. كان بن لبابة يقول: لم يكن هنا أحد يتكلم مع العتبي في الفقه ولا كان بعده أحد يفهم إلا من تعلم عنده. روى محمد بن لبابة عنه وأبو صالح وسعيد بن معاذ والأعناقي وطبقتهم. وقال الصدفي: كان من أهل الخير والجهاد والمذاهب الحسنة وكان لا يزول بعد صلاة الصبح من مصلاه إلى طلوع الشمس ويصلي الضحى ولا يقدم أحداً في الأخذ على من أتى قبله.

قال بن لبابة هو الذي جمع المستخرجة وكثر فيها من الروايات المطروحة والمسائل الشاذة وكان يؤتى بالمسألة الغريبة فإذا أعجبته قال: أدخلوها في المستخرجة. وقال بن وضاح: في المستخرجة خطأ كثير. وقال محمد بن عبد الحكم: رأيت جلها مكذوباً ومسائل لا أصول لها. قال أحمد بن خالد: قلت لابن لبابة: أنت تقرأ هذه المستخرجة للناس وأنت تعلم من باطنها ما تعلم؟ قال: إنما أقرؤها لمن أعرف أنه يعرف خطأها من صوابها. وكان أحمد ينكر على بن لبابة قراءتها للناس شديداً. وذكر أبو محمد بن حزم الظاهري المستخرجة فقال: لها عند أهل العلم بإفريقيا المقدر العالي والطيران الحثيث. وتوفي العتبي في نصف ربيع الأول وقيل الآخر سنة خمس وقيل أربع وخمسين ومائتين.

محمد بن عجلان الأزدي

محمد بن عجلان الأزدي سرقسطي سمع قديماً من سحنون وغيره عالم فاضل مشهور بالفضل والخير يبصر الفرائض والحساب بصراً جيداً ووضع فيه كتاباً حسناً كافياً ولي قضاء بلده. قال بن وضاح: قلت لسحنون: قال بن عجلان: يحلف اليهود يوم السبت والنصارى يوم الأحد لأني رأيتهم يرهبون ذلك. فقال لي: من أين اخترته؟ قلت: من قول مالك رحمه الله تعالى: إنهم يحلفون حيث يعظمون؟ فسكت. قال بن وضاح: كأنه أعجبه. ومن الطبقة الثالثة من أهل مصر: محمد بن أصبغ بن الفرج كان بمصر مقيماً مفتياً روى عنه محمد بن فطيس وأبو بكر بن الخلال. توفي بمصر سنة خمس وسبعين ومائتين.

محمد بن وضاح

محمد بن وضاح من الأندلس وهو محمد بن وضاح بن بزيع مولى عبد الرحمن بن معاوية قرطبي يكنى أبا عبد الله وبديع جده مولى عبد الرحمن بن معاوية روى بالأندلس عن محمد بن عيسى الأعشى ومحمد بن خالد الأشج ويحيى بن يحيى وسعيد بن حسان وزونان وابن حبيب وعبد الأعلى بن وهب ورحل إلى المشرق رحلتين: إحداهما سنة ثمان عشرة ومائتين. قال بن مخلد: لقي بها سعيد بن منصور وآدم بن إياس وابن حنبل وابن معين وابن المديني وعبد الله بن ذكوان وأبا خيثمة وابن مصفى وكاتب الليث وغيرهم. ولم يكن مذهبه في رحلته في هذه طلب الحديث وإنما كان شأنه الزهد ولقاء العباد فلو سمع في رحلته لكان أرفع أهل وقته إسناداً. ورحل رحلة ثانية سمع فيها من إسماعيل بن أبي أويس وأبي مصعب ويعقوب بن كاسب وإبراهيم بن المنذر وأبي بكر بن أبي شيبة وإبراهيم بن محمد الفريابي وهارون بن سعيد الأيلي وابن المبارك الصوري وحرملة وابن أبي مريم وأبي الطاهر والحارث بن مسكين وأصبغ بن الفرج وزهير بن عباد وسحنون بن سعيد وعون بن يوسف والصمادحي ومحمد بن مسعود: في خلق كثير من البغداديين والمكيين والشاميين والمصريين والقرويين.

وعدة الرجال الذين سمع منهم مائة وخمسة وستون رجلاً. وبه وببقي بن مخلد صارت الأندلس دار حديث. روى القراءة عن عبد الصمد بن عبد الرحمن بن القاسم عن ورش ومن وقته اعتمد أهل الأندلس على رواية ورش وكانوا يعتمدون قبل على قراءة الغازي بن قيس عن نافع. وأخذ عن بن وضاح: أحمد بن خالد ومحمد بن لبابة ومحمد بن غالب وأبو صالح وابن الخراز وابن الزناد وابن أيمن وقاسم بن أصبغ وابن مسرور وخالد بن وهب الأعناقي وطاهر بن عبد العزيز وابن الأعشى ووهب بن مسرة في آخرين لا يحصون كثرة. وأكثر من رأس وشرف بالأندلس فهم تلاميذه. وألف بن مفرج في مناقبه ورجاله كتاباً. وكان إماماً ثبتاً عالماً بالحديث بصيراً به متكلماً على علله كثير الحكايات عن العباد ورعاً فقيراً زاهداً متعففاً صابراً على الإسماع محتسباً في نشر علمه. سمع الناس منه كثيراً ونفع الله به أهل الأندلس. قال أحمد بن سعيد: لم يختلف علينا أحد من شيوخنا أن بن وضاح كان معلم أهل الأندلس العلم والزهد.

محمد أبو عمر بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد

وكان أحمد بن خالد لا يقدم عليه أحداً ممن أدرك بالأندلس ويعظمه جداً ويصف فضله وعقله وورعه غير أنه كان ينكر عليه كثرة رده في كثير من الأحاديث كان كثيراً ما يقول: ليس هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم في شيء. هو ثابت عنه من كلامه صلى الله عليه وسلم وكان له حظ محفوظ ولم يكن له علم بالعربية ولا بالفقه وكان المجاوب عنه أحمد بن خالد. وتوفي بن وضاح في المحرم سنة سبع وقيل في ذي الحجة سنة ست وثمانين ومائتين وولد سنة تسع وتسعين ومائة وقيل سنة مائتين. ومن الطبقة الرابعة من أهل العراق ثم من آل حماد بن زيد قاضي القضاة: محمد أبو عمر بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد أصله من البصرة وسكن بغداد وسمع من جده يعقوب بن إسماعيل وأحمد بن منصور والرمادي وعمر بن مرزوق ومحمد بن إسحاق الصاغاني وأبي عثمان المقدمي ومحمد بن الوليد التستري والحسن بن أبي الربيع وزيد بن أخرم وعثمان بن هشام بن دلهم وغيرهم.

وتفقه بإسماعيل بن إسحاق القاضي. روى عنه أبو الحسن الدارقطني وأبو بكر الأبهري وأبو القاسم بن حبابة ويوسف بن عمر القواس وجعفر بن محمد البهلول وأبو علي المؤذن المالكي وعليه تفقه أبو بكر الأبهري وغيره وكان يناظر بين يديه أئمة المذاهب. كان ثقة فاضلاً وحمل الناس عنه علماً واسعاً من الحديث وكتب الفقه التي صنفها إسماعيل وقطعة من التفسير وعمل مسنداً كبيراً قرأ أكثره على الناس ولم ير الناس ببغداد أحسن من مجلسه لما حدث. كان العلماء وأصحاب الحديث يتجملون بحضور مجلسه. قال أبو عبد الله بن عرفة: نفطويه في تاريخه: أبو عمر لا نظير له في الحكام: عقلاً وحلماً وتمكناً واستيفاء للمعاني الكبيرة باللفظ اليسير مع معرفة بأقدار الناس ومواضعهم. وحسن التأني في الأحكام والحفظ لما يجري على يديه حتى إذا بالغ الإنسان في وصف رجل قال: كأنه أبو عمر القاضي وإذا امتلأ غيظاً قال: لو أني القاضي أبو عمر ما صبرت سوى ما انضاف إلى ذلك من الجلالة والرياسة والصبر على المكاره واصطناع المعروف عند الداني والقاصي ومداراته للنظير والتبيع. لم يزل على ذلك يزداد طول الزمان جلالة ونبلاً.

محمد أبو عبد الله بن أحمد بن سهل البرنكاني

وكان من زينة الزمان وكان حاجب إسماعيل القاضي: أولاً ثم ولي القضاء بعده وولي قضاء القضاء ولم يله أحد من آله قبله إلى أن مات. وفي أيامه قتل الحلاج والقاضي أبو عمر هو الذي أفتى بقتله بعد تقريره على مذهبه وقيام الشهادات عليه بإلحاده فضرب ألف سوط ثم قطعت يداه ورجلاه ثم طرح جسده وبه رمق من أعلى موضع ضرب فيه إلى الأرض وأحرق بالنار. ونكب القاضي أبو عمر فيمن نكب مع سائر آله وقبض عليه واستصفيت جميع أمواله وجرت عليه محنة عظيمة إلى أن من الله تعالى بالفرج. وتوفي أبو عمر في رمضان لخمس بقين منه سنة عشرين وثلاثمائة وسنه سبع وسبعون سنة مولده بالبصرة أول رجب سنة ثلاث وأربعين ومائتين. ومن غير آل حماد من هذه الطبقة: محمد أبو عبد الله بن أحمد بن سهل البرنكاني ويقال له البركاني. القاضي البصري من كبار هذه الطبقة وأهل الفقه والسنن منها. تفقه بإسماعيل وصحبه وروى الحديث وسمع منه. روى عن أحمد بن عبدة ومحمد بن أبي صفوان وأبي حاتم وأبي زرعة

الرازيين وعبد الله بن شبيب المصري وجماعة وسمع الرياشي اللغوي وعليه تفقه القشيري والتستري ورويا عنه وصحبه القاضي أبو الفرج وولي القضاء بفارس والبصرة. وكان البرنكاني يقول: عرضت مختصر عبد الله بن عبد الحكم على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني مسائله فوجدت لها أصلاً إلا اثنتي عشرة مسألة فلم أجد لها أصلاً. قال: وعدد مسائله ثمانية عشر ألف مسألة. وله كتاب قيم سئل عنه القاضي إسماعيل وألف كتاباً كبيراً في فضائل مالك وأخباره. قال وسألت الرياشي عن قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: " فيأتي قوم يبسون " ما معناه؟ قال: هو ضرب من السوق. وولد في سنة تسع عشرة ومائتين وتوفي سنة تسع عشر وثلاثمائة.

محمد بن أحمد بن عبد الله بن بكير البغدادي

محمد بن أحمد بن عبد الله بن بكير البغدادي التميمي أبو بكير هو المشهور في اسمه ونسبه وقيل اسمه: أحمد بن محمد بن بغدادي. تفقه بإسماعيل وكان فقيهاً جدلياً ولي القضاء. يروي عن القاضي إسماعيل وهو من كبار أصحابه الفقهاء روى عنه بن الجهم والقشيري وأبو الفرج وذكره بن مفرج فقال: هو بن بكير بغدادي ثقة يكنى أبا بكر وله كتاب في أحكام القرآن وكتاب الرضاع وكتاب مسائل الخلاف. وتوفي سنة خمس وثلاثمائة وسنه خمسون سنة. محمد أبو بكر بن أحمد بن محمد بن الجهم بن حبيش ويعرف بابن الوراق المروزي هذا الصحيح وأخطأ من قال: اسمه أحمد بن محمد وكان جده وراقاً للمعتضد. صحب أبو بكر إسماعيل القاضي وسمع منه وتفقه معه ومع كبار أصحاب بن بكير وغيره وروى أيضاً عن إبراهيم بن حماد ومحمد بن عبدوس

وعبد الله بن محمد النيسابوري وعبد الله بن أحمد بن حنبل وجعفر بن محمد الفريابي وجماعة غيرهم. أبو بكر هذا مشهور له أنس بالحديث وألف كتباً جليلة على مذهب مالك منها: كتاب الرد على محمد بن الحسن وكتاب بيان السنة: خمسون كتاباً كتاب مسائل الخلاف والحجة لمذهب مالك وشرح مختصر بن عبد الحكم الصغير. وكان صاحب حديث وسماع وفقه. قال الخطيب: له مصنفات حسان محشوة بالآثار يحتج لمذهب مالك ويرد على مخالفيه وكتب حديثاً كثيراً وكتبه تنبئ عن مقدار علمه. روى عنه أبو بكر الأبهري وأبو إسحاق الدينوري. وتوفي سنة تسع وعشرين وثلاثمائة وقيل سنة ثلاث وثلاثين.

محمد أبو الطيب بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن راهويه بن مخلد التميمي

محمد أبو الطيب بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن راهويه بن مخلد التميمي الحنظلي من أنفسهم وجده إسحاق الإمام المشهور وأبوه أبو الحسن: محمد بن إسحاق مشهور أيضاً. سمع أباه وابن حجر وابن حنبل وابن المديني وأبا مصعب ويونس وغيرهم من أهل خراسان والعراق والشام ومصر. سمع منه ببغداد: بن مخلد وابن نافع وغيرهما. عالم بالفقه جميل الطريقة مستقيم الحديث. قتله القرامطة منصرفه من الحج سنة أربع وتسعين ومائتين وابنه محمد من أئمة المالكية بالعراق. حدث عنه عبيد الله الشافعي المعروف بعبيد وأبو مروان السعدي القرطبي وكان ثقة عند إسماعيل وهو مشهور في البغداديين ذكره أبو القاسم الشافعي وعده من فقهاء من لقيه من أصحاب مالك وحذاقهم ونظارهم وحفاظهم وأئمة مذهبهم. ولي قضاء الرملة وبها توفي سنة ست وثلاثين وثلاثمائة.

محمد أبو بكر بن أحمد بن أبي يوسف

ومن مصر: محمد أبو بكر بن أحمد بن أبي يوسف يعرف بابن الخلال من فقهاء مصر درس بجامعها وأخذ عنه الناس وروى عن محمد بن أصبغ وغيره. روى عنه أبو القاسم: عبد الله بن خيران وألف أربعين جزءاً من منتقى قول مالك وروى عن محمد بن أصبغ عن أبيه عن بن القاسم: كتاب السر لمالك. وتوفي صدر سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. ومن أهل إفريقية: محمد أبو عبد الله بن بسطام بن رجاء الضبي السوسي ثقة مأمون أصله من البصرة ثبت كثير الرواية والكتب. له رحلة سمع ابني عبدوس وغيرهما من أصحاب سحنون وبمصر من عبد الحكم والربيع الجيزي وأدخل إفريقية كتباً غريبة من كتب المالكيين ككتاب المغيرة بن عبد الرحمن وكتاب بن كنانة وكتاب بن دينار. وكان يغرب بمسائلها وكتب بخطه كثيراً معدود في هذه الطبقة.

محمد أبو عبد الله بن عمر بن لبابة مولى آل عبيد بن عثمان القرطبي

ولم يكن في عصره أكثر كتباً منه في الفقه والآثار. وكان فقيهاً. وكان يأثر أن من قرأ سورة القمر أمن الغرق ومن قرأ " وما قدروا الله حق قدره " الأنعام: 91 الآية من غم يجده فرج الله عنه. سكن القيروان ثم انتقل منها إلى سوسة ومات بها سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة. ومن أهل الأندلس: محمد أبو عبد الله بن عمر بن لبابة مولى آل عبيد بن عثمان القرطبي روى عن عبد الله بن خالد وعبد الأعلى بن وهب وأبان بن عيسى وأبي زيد بن إبراهيم وأصبغ بن خليل ويحيى بن مزين والعتبي وقاسم بن محمد ومالك بن علي القطني وابن مطروح وابن وضاح وغيرهم. وكان إماماً في الفقه مقدماً على أهل زمانه في حفظ الرأي والبصر بالفتيا. درس كتب الرأي: ستين سنة وكان اعتماده على العتبي وابن مزين.

وكان مشاوراً في أيام الأمير عبد الله مع عبيد الله بن يحيى وطبقته ثم انفرد بالفتيا مع صاحبه أبي صالح: أيوب بن سليمان وكانا متواخيين وكان أبو صالح يقدمه على نفسه ثم انفرد بعد موت أبي صالح سنين عدة فلم يشركه أحد في الرياسة والقيام بالفتيا ولم يكن له رحلة. وكان ممن برع في الحفظ للرأي ودارت عليه الأحكام نحواً من ستين سنة وناظر قاسم بن محمد. قال أبو الوليد الباجي: بن لبابة فقيه الأندلس. قال الصدفي: كان محمد بن لبابة من أهل الحفظ للفقه والفهم به أفقه الناس وأعرفهم باختلاف أصحاب مالك وعمر وشاهد القضايا والأحكام مع تمييز وإدراك لم يكن ذلك لأحد ممن رأينا وشاهدنا مع نزاهة نفس وتصاون ومروءة كاملة وديانة وتلاوة للقرآن وحفظ للشعر وفصاحة وأخلاق حسنة وتقشف في ملبسه وتواضع وكان يختم القرآن في رمضان ستين ختمة وكان يفتي بوجوب اليمين دون غلظة ولا يرى جواز شهادة الشاهد مع أبيه وخولف في ذلك وبجوازها أفتى أكثر الشيوخ. وكان مأموناً ثقة حافظاً لأخبار الأندلس له حظ من النحو والخبر والشعر. قال بن سهل: ولما ذكر بن لبابة ذهاب العلم وأهله ومن صار في الشورى تمثل البيتين:

محمد بن فطيس بن واصل الغافقي

ذهب الرجال المقتدى بفعالهم ... والمنكرون لكل أمر منكر وبقيت في خلف يزكي بعضهم ... بعضاً ليدفع معور عن معور روى عنه خلق كثير. ولم يكن له علم بالحديث ولا ضبط لروايته يحدث بالمعنى ولا يراعي اللفظ. وتوفي ليلة الاثنين لأربع بقين من شعبان سنة أربع عشرة وثلاثمائة وهو بن ثمان وثمانين سنة. وقيل غرة رجب سنة ست وعشرين وتزاحم الناس على نعشه وكسروه على عادة العامة فقال بعضهم: تزاحموا على عمله لا على نعشه فسمعت منه وكتبت حكمة عنه رحمه الله تعالى. محمد بن فطيس بن واصل الغافقي البيري أبو عبد الله روى عن العتبي وأبان بن عيسى وابن مزين وعبد الله بن خالد وأبي زيد: عبد الرحمن بن إبراهيم وأصبغ بن خليل وبقي بن مخلد وابن مطروح وابن وضاح وعبيد الله بن عبد الملك بن حبيب والمغامي وغيرهم.

محمد بن سابق بن عبد الله بن سابق الأموي

ورحل فسمع بإفريقية من شجرة بن عيسى ويحيى بن يحيى بن عون الله والكوفي وغيرهم وبمصر من يونس ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم والمزني ومحمد بن أصبغ وغيرهم وسمع بمكة من علي بن عبد العزيز والصايغ وغيرهما. وعدد شيوخه في رحلته مائتا شيخ. كان شيخاً نبيلاً ضابطاً لكتبه ثقة صدوقاً وإليه كانت الرحلة بإلبيرة: كان من حفاظ المذهب المتفقهين فيه الجامعين للكتب إماماً وألف كتاب الورع عن الربا والأموال وتحذير الفتن وكتاب الدعاء والذكر كان أعلم ممن بعده في كل شيء كثير الروايات. وتوفي سنة تسع عشرة وثلاثمائة وهو بن تسعين سنة. محمد بن سابق بن عبد الله بن سابق الأموي وقيل محمد بن عبد الله بن سابق البيري. سمع من شيوخها كسعيد بن فخر بن تامر وسليمان بن نصر وغيرهما وبقرطبة من بن وضاح ورحل حاجاً فسمع في رحلته وكان فقيهاً حافظاً للمذهب توفي سنة ثمان وثلاثمائة.

محمد أبو عبد الله بن أحمد بن عمر التستري

ومن الطبقة الخامسة من أهل العراق: محمد أبو عبد الله بن أحمد بن عمر التستري وهو قريب لسهل بن عبد الله التستري العابد ذي الأقاصيص العجيبة. أخذ عن إبراهيم بن حماد ومحمد بن خشنام والبرنكاني وغيرهم من أئمة المالكيين وسمع من أبيه وإبراهيم بن محمد الحلواني وأبي عبد الله الزبير وأبي بكر بن أبي داود ومحمد بن سليمان الباغندي وغيرهم. وكان له اتساع في الرواية والحديث وحظ من العلم بالعربية وكان ملازماً للسنة نافراً عن البدعة حدث عنه ابنه وجعفر بن نصر الجلدي وأدرك سهلاً وسمع منه حكايتين قال: سمعته يقول: من أصبح ولم يعتقد أنه يمسي في القبر لعبت به الشياطين طول يومه. وسمعته يقول: الأكل على ثلاثة أنحاء: فآكل يأكل نوراً وإيماناً من أول طعامه إلى آخره. وآخر يأكل طعاماً وآخر يأكل سرجيناً. فأما الذي يأكل نوراً وإيماناً فالذي يسمي الله عز وجل عند كل لقمة ويحمده عند إساغتها. وأما الذي يأكل طعاماً فالذي يسمي الله في أوله ويحمده في آخره. وأما الذي يأكل سرجيناً فالذي لا يذكر الله في أول طعامه ولا في آخره.

محمد أبو إسحاق

أو كما قال فإني كتبته من حفظي. وتوفي سهل وهو صغير بن عشر سنين فمولده سنة ثلاث وسبعين ومائتين ووفاة سهل سنة ثلاث وثمانين ومائتين. وكان أبو عبد الله - هذا عالماً بمذهب مالك شديد التعصب له ووضع في مناقبه نحواً من عشرين جزءاً. وله كتاب في فضائل المدينة والحجة بها وتقلد قضاء البصرة بلده سنين ثم صرف عن القضاء ومات رحمه الله تعالى في شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين وثلاثمائة وسنه اثنان وسبعون سنة. وتقدم مولده. ومن أهل مصر: محمد أبو إسحاق بن القاسم بن شعبان بن محمد بن ربيعة بن داود بن سليمان بن أيوب بن الصيقل بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا حكى عنه أبو القاسم بن سهل الحافظ وذكر أنه نسب له نفسه. كذا يقال أن عماراً من عنس بنون وعنس بن مذحج ويعرف بابن القرطبي. كان أرأس فقهاء المالكية بمصر في وقته وأحفظهم لمذهب مالك مع التفنن في سائر العلوم من الخبر والتاريخ والأدب إلى التدوين والورع. وكان يلحن ولم يكن له بصر بالعربية مع غزارة علمه.

وكان واسع الرواية كثير الحديث مليح التأليف شيخ الفتوى حافظ البلد وإليه انتهت رئاسة المالكيين بمصر. ووافق موته دخول بني عبيد الله الروافض وكان شديد الذم لهم وكان يدعو على نفسه بالموت قبل دولتهم ويقول: اللهم أمتني قبل دخولهم مصر فكان ذلك. وكان أبو الحسن القابسي يقول فيه: إنه لين الفقه. وأما كتبه ففيها غرائب من قول مالك وأقوال شاذة عن قوم لم يشتهروا بصحبته ليست مما رواه ثقات أصحابه واستقر من مذهبه. وألف كتاب الزاهي الشعباني المشهور في الفقه وكتاباً في أحكام القرآن وكتاب مختصر ما ليس في المختصر وكتاباً في مناقب مالك وكتاب الرواة عن مالك وكتاب جماع النسوان وكتاب مواعظ ذي النون الإخميمي وكتاب النوادر وكتاب الأشراط وكتاب المناسك وكتاب السنن قبل الوضوء. وتوفي يوم السبت لأربع عشرة بقيت من جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وثلاثمائة ودفن يوم الأحد وقد جاوز سنه ثمانين سنة وصلى عليه الفقيه أبو علي الصيرفي وخلق عظيم.

محمد أبو بكر بن اللباد بن محمد بن وشاح

ومن أهل إفريقية: محمد أبو بكر بن اللباد بن محمد بن وشاح مولى الأقرع مولى موسى بن مصير اللخمي وكان وشاح حائكاً من أصحاب يحيى بن عمر وبه تفقه وأخذ عن أخيه: محمد بن عمرو بن طالب وحمديس القطان وأحمد بن يزيد والمغامي وأحمد بن سليمان وغيرهم. وسمع من جميع الشيوخ الذين كانوا في وقته كأبي بكر بن عبد العزيز الأندلسي المعروف بابن الخراز وحبيب بن نصر وأحمد بن يزيد وأبي الطاهر محمد بن المنذر الزبيدي وزيدان وغيرهم. وسمع منه جماعة من الناس وتفقه به أبو محمد بن أبي زيد وابن حارث وغيرهما. ممن روى عنه: زياد بن عبد الرحمن القروي ومحمد بن الناظور ودراس بن إسماعيل. ولم تكن له رحلة ولا حج كان عنده حفظ كثير وجمع للكتب وحظ وافر من الفقه شغله إسماع الكتب عن التكلم في الفقه وكانت مذاكرته تعسر لضيق في خلقه وكان آخر شيوخ وقته.

قال أبو العرب: كان فقيهاً جليل القدر عالماً باختلاف أهل المدينة واجتماعهم مهيباً مطاعاً ديناً ورعاً زاهداً من الحفاظ المعدودين والفقهاء المبرزين. وقال الإبياني: إنما انتفعت بصحبة بن اللباد ودرست معه عشرين سنة. وقال محمد بن إدريس: صحبت العلماء بالمشرق والمغرب ما رأيت مثل ثلاثة: أبي بكر بن اللباد وأبي الفضل الممسي وأبي إسحاق بن شعبان. وذكر بعض ثقات أصحابه: أنه نظر إلى رجليه بعد أن فلج وقد تغيرتا وانتفختا فبكى ثم قال: اللهم ثبتهما على الصراط يوم تزل الأقدام فأنت العالم بهما والشاهد عليهما: أنهما ما مشتا في معصية. وألف أبو بكر بن اللباد: كتاب الطهارة وكتاب عصمة النبيين وهو كتاب إثبات الحجة في بيان العصمة وكتاب فضائل مالك بن أنس وكتاب الآثار والفوائد: عشرة أجزاء. وكان يقول: أزهد الناس في العلم قرابته وجيرانه. وقال: ما قرب الخير من قوم قط إلا زهدوا فيه. وامتحن وسجن وضرب ثلاث عصي. وتوفي في منتصف صفر يوم السبت سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة. وكان فلج آخر عمره رحمه الله تعالى.

محمد أبو العرب بن أحمد بن تميم بن تمام بن تميم التميمي

محمد أبو العرب بن أحمد بن تميم بن تمام بن تميم التميمي كان جده تمام بن تميم من أمراء إفريقية وكان أبوه أحمد ممن سمع من شجرة وسليمان بن عمران وبكر بن حماد. وسمع أبو العرب من جماعة من أصحاب سحنون وأكثر رجال إفريقية كيحيى بن عمر وأبي داود العطار وعيسى ومحمد بن مسكين وابن طالب وعبد الجبار وابن عياش وسهل القبرياني وحماس وحبيب بن نصر وجبلة وابن أبي سليمان وسعيد بن إسحاق وجماعة. وكان رجلاً صالحاً ثقة عالماً بالسنن والرجال من أبصر أهل وقته بها كثير الكتب حسن التقييد كريم النفس والخلق كتب بخطه كثيراً في الحديث والفقه يقال إنه كتب بيده ثلاثة آلاف كتاب وخمسمائة وشيوخه نيف وعشرون ومائة شيخ سمع منه محمد بن أبي زيد والحسن بن مسعود وابناه وزياد السروي والناس. كان حافظاً للمذهب مفتياً وغلب عليه الحديث والرجال وتصنيف

الكتب والرواية والإسماع وألف طبقات علماء إفريقية وكتاب عباد إفريقية ومسند حديث مالك وكتاب التاريخ سبعة أجزاء وكتاب مناقب بني تميم وجزءين في الموت وكتاب المحن وكتاب فضائل مالك وكتاب فضائل سحنون وكتاب الوضوء والطهارة وكتاب الجنائز وذكر الموت وعذاب القبر وكتاب عوالي حديثه وكتاب في الصلاة وغير ذلك. وامتحن مع الشيعي حبسه وقيده مع ابنه مدة بسبب بني الأغلب وكان أبو العرب شاعراً مجيداً فمن شعره: إذا ولى الصديق بغير عذر ... فزاد الله خلته انقطاعا إلى يوم التناد بلا رجوع ... فإن رام الرجوع فلا استطاعا إذا ولى أخوك قفاه عنك ... فول قفاك عنه وزده باعا وناد وراءه: يا رب تمم ... ولا تجعل لفرقته اجتماعا وله رحمه الله تعالى: ضعفت حيلتي وقل اصطباري ... وإلى الله أشتكي كل ما بي ومن العظم بعد ما كان صلباً ... وفقدت الشباب أي شباب توفي يوم الأحد لثمان بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وثلاثمائة وقيل لسبع بقين لرجب منها.

محمد بن يحيى بن لبابة أبو عبد الله يلقب بالبرجون

ومن أهل الأندلس: محمد بن يحيى بن لبابة أبو عبد الله يلقب بالبرجون ابن أخي الشيخ بن لبابة جل سماعه من عمه محمد بن عمر بن لبابة وسمع غيره ورحل فسمع بالقيروان من حماس بن مروان. وكان من أحفظ أهل زمانه للمذهب عالماً بعقد الشروط بصيراً بعللها وله اختيارات في الفتوى والفقه خارجة عن المذهب. وله تآليف في الفقه منها: المنتخب وكتاب في الوثائق. وقال بن حازم الفارسي: كتابه المنتخب ليس لأصحابنا مثله وهو على مقاصد الشرح لمسائل المدونة ولم يكن له علم بالحديث. ولي قضاء إلبيرة والشورى بقرطبة ثم عزل عن إلبيرة وعزل بعدها عن الشورى لأشياء نقمت عليه. وكان القاضي الحبيب بن زياد قد سجل بسخطه ورفع إلى الناصر لدين الله عنه أشياء قبيحة فأمر بإسقاط منزلته من الشورى والعدالة وألزمه بيته ومنعه أن يفتي أحداً وأقام على ذلك ثم ولاه أمير المؤمنين خطة الوثائق والشورى من هذا الوقت إلى أن مات ومنزلته من السلطان لطيفة ومات عن حال معتدلة وتوبة نصوح ثم حج ولقي العلماء وانصرف وقد اعتدلت حالته فأقيلت عثراته. اللهم أقل عثراتنا يا أكرم الأكرمين. توفي سنة ست وثلاثين وثلاثمائة.

محمد بن أحمد ويقال أحمد بن عبد الله الأموي المعروف باللؤلؤي صناعة أبيه

محمد بن أحمد ويقال أحمد بن عبد الله الأموي المعروف باللؤلؤي صناعة أبيه قرطبي سمع من أبي صالح وطاهر بن عبد العزيز. أفقه أهل زمانه بعد موت بن أيمن وله بصر باللغة والشعر والوثائق برع في علم السنن وتقدم في الفتيا وأخذ من جميع العلوم الإسلامية بنصيب وافر وكان من أهل الحدس الصادق والقياس العجيب والرأي المصيب كان إماماً في الفقه على مذهب مالك مقدماً في الفتيا على أصحابه لم يزل مشاوراً من أيام أحمد بن بقي إلى أن توفي قال إسماعيل بن إسحاق كان اللؤلؤي من أحفظ أهل زمانه بمذهب مالك ولم تكن له رحلة كان صدر المفتين وأدربهم وأفقههم في تلك المعاني وكان مقدماً في الشورى أفقه أهل عصره وأبصرهم بالفتيا وعليه مدار طلاب العلم في زمانه وعليه تفقه محمد بن زرب القاضي وكان أخفش العينين ضعيف البصر وأفرط عليه في آخر عمره حتى كان لا يستبين الكتاب في أيام المناظرة فكان بن زرب يكفي عنه ويمسك الكتاب وقال بن عبد الرؤوف الكاتب: كان فقيهاً حافظاً متفنناً غزير العلم كثير الرواية جيد القياس صحيح الفطنة عالماً بالاختلاف حافظاً للغة بصيراً بالغريب والعربية شاعراً حسن القريض متصرفاً في أساليبه راوية له مميزاً به رغب عن الشعر وتنكب عنه إلى التبحر في الفقه والسنة وأكثر شعره في الوعظ والزهد والمكاتبات وذكره في طبقات شعراء الأندلس وسئل خالد بن سعيد يوماً عن مسألة عويصة

محمد بن محمد بن عبد الله بن أبي دليم

فقال للسائل عليك بأبي بكر اللؤلؤي: فإليه تأتي هذه الأحمال الكبار وأنا إنما تأتيني المخلاة وتبسم. وكانت فيه دعابة يستعملها حتى إن شواطر النساء كن يكتبن له بمسائل من المجون ويتعرضن له بها فيجيبهن ويتخلص وأتته امرأة بسؤال: ما تقول رحمك الله في امرأة وعدت ثم أخلفت ما يجب عليها؟ فكتب أسفل كتابها: أساءت حين وعدت وأحسنت حين أخلفت وله: إني وإن كنت القريض أقوله ... يوماً فليس على القريض معولي علمي الكتاب وسنة مأثورة ... وتفنني في أضرب وتحولي فإذا ذكرت ذوي العلوم وجدتني ... في السبق قدام الرعيل الأول أشفي العمى ببيان قول فاضل ... يجلو ويكشف كل أمر مشكل والجمع يعلم أنني لما أقل ... إن أنصفوا في ذاك ما لم أفعل وتوفي اللؤلؤي سنة خمسين وثلاثمائة وقيل سنة إحدى وخمسين رحمة الله تعالى عليه. محمد بن محمد بن عبد الله بن أبي دليم أبو عبد الله أخو عبد الله سمع من رجال أخيه كلهم وكان عالماً فقيهاً زاهداً ورعاً عفيفاً جلداً ضابطاً متقناً ثقة مأموناً قال بعضهم: كل أصحابنا كانت له صبوة ما خلاه فإني عرفته صغيراً زاهداً وقال الباجي من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة إن شاء الله فلينظر إلى بن دليم.

وكان يأبى من الإسماع إلى أن توفي أصحابه فجلس للناس قبل وفاته بثلاثة أعوام فسمع منه عالم كثير. وكان ضرورة لا يطأ النساء ولم يتداو قط ولا احتجم وكان من علماء الناس وخيارهم من أهل العلم الواسع والفضل البارع معدوداً في النساك والصالحين. وكان لا يرى أن يسمى طالب العلم فقيهاً حتى يكتهل ويكمل سنه ويقوى نظره ويبرع في حفظ الرأي ورواية الحديث ويتميز فيه ويعرف طبقات رجاله ويحكم عقد الوثائق ويعرف عللها ويطالع الاختلاف ويعرف مذاهب العلماء والتفسير ومعاني القرآن فحينئذ يستحق أن يسمى فقيهاً وإلا فاسم الطالب أليق به إلى أن يلحق بهذه الدرجة ودعاء الداعي له باسم الفقيه: سخرية. وكان ناحل الجسم قاصح الجلد لا يتألم من عض البراغيث ويعجب ممن يقلق منها. وكان كثير الصلاة والصيام عابداً مجتهداً وعمر. مولده سنة ثمان وثمانين ومائتين وتوفي سنة اثنين وسبعين وثلاثمائة.

محمد بن عبد الله بن عيشون أبو عبد الله

محمد بن عبد الله بن عيشون أبو عبد الله طليطلي فقيه حافظ للمسائل سمع بطليطلة من وسيم بن سعدون ووهب بن عيسى وبقرطبة من بن خالد وابن أيمن وقاسم بن أصبغ وغيرهم. ورحل ولقي جماعة من المحدثين ورأس بالعلم وشهر به وحمل روى عنه أبو محمد بن ذنين الطليطلي ومحمد بن إبراهيم وعبدوس الطليطلي وتكلم فيه أبو عمران الفاسي ومسلمة بن قاسم. حدث عن بن الأعرابي بتاريخ بن معين ولم يسمعه. كان بن عيشون فقيه عصره من الحفاظ وله مختصر مشهور وألف أحاديث مسند مالك. كان عالماً متقدماً فقيهاً حافظاً لمذهب مالك عالماً بالفتوى من أهل الصلاح والخير متقللاً من الدنيا وألف مسندات الحديث كتاب الإملاء واختصر المدونة إلا الكتب المختلطة منها وكان يقول الشعر وأسر وافتدي. توفي بطليطلة في سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة.

محمد بن عمر بن سعد بن عيشون

ومن أهل طليطلة: محمد بن عمر بن سعد بن عيشون روى عنه ابنه وقاسم بن أصبغ وغيره من القرطبيين وسمع من شيوخ بلده وبمكة ومصر والشام والقيروان من بن الأعرابي وأبي الحسن الجلا والخزاعي والقشيري وأبي مروان المالكي وغيرهم. وحدث بكثير روى عنه أبو الأصبغ الحزم بن أبي درهم وابن الفرضي وغيرهما. فقيه حافظ للمسائل ولي قضاء بلده. ومحمد هذا ربما اشتبه مع محمد بن عبد الله بن عيشون إلا على من يحققهما. محمد بن رباح بن صاعد الأموي أبو عبد الله طليطلي سمع وهب بن عيسى وغيره وكان موصوفاً بصلاح وفضل وعناية بالعلم والرواية له والحفظ لمذهب مالك. استفتي ببلده وله في المدونة اختصاراً كان مشهوراً بطليطلة يدرسه أهلها وكان جماهر بن محمد يثني عليه ويفضله.

محمد أبو بكر الأبهري

ومن الطبقة [السادسة] (*) من أهل العراق: محمد أبو بكر الأبهري هو محمد بن عبد الله بن صالح يخرج إلى زيد مناة بن تميم سكن بغداد وحدث بها عن جماعة منهم: أبو عروبة الحراني وابن أبي داود ومحمد بن محمد الباغندي وأبو بكر بن الجهم الوراق وابن داسة والبغوي وأبو زيد المروزي وله التصانيف في شرح مذهب مالك والاحتجاج له والرد على من خالفه. وكان إمام أصحابه في وقته. حدث عنه جماعة منهم البرقاني وإبراهيم بن مخلد وابنه إسحاق بن إبراهيم والقاضي أبو القاسم التنوخي وغيرهم وأبو الحسن الدارقطني والباقلاني القاضي وابن فارس المقري وأبو محمد بن نصر القاضي. ومن أهل الأندلس أبو عبيد الجبيري والأصيلي وأبو القاسم الوهراني واستجازه أبو محمد بن أبي زيد. وكان ثقة أميناً مشهوراً وانتهت إليه الرياسة في مذهب مالك. تفقه ببغداد على القاضي أبي عمر وابنه أبي الحسين وأخذ عن القاضي أبي الفرج وأبي بكر بن الجهم وابن المنتاب وابن بكير وجمع بين القراءات وعلو الإسناد والفقه الجيد وشرح المختصرين: الكبير والصغير

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في المطبوع (الثالثة)، فأثبتنا الصواب، والله أعلم.

لابن عبد الحكم وانتشر عنه مذهب مالك في البلاد وكان القيم: برأي مالك في العراق في وقته معظماً عند سائر علماء وقته لا يشهد محضراً إلا كان المقدم فيه وإذا جلس قاضي القضاة الهاشمي المعروف بابن أم شيبان أقعده عن يمينه والخلق كلهم دونه من القضاة والشهود والفقهاء وغيرهم دونه. وأملى أبو القاسم الوهراني في أخباره جزءاً فقال: كان رجلاً صالحاً خيراً ورعاً عاقلاً نبيلاً فقيهاً عالماً ما كان ببغداد أجل منه. ولم يعط أحد من العلم والرياسة فيه ما أعطي الأبهري في عصره من الموافقين والمخالفين ولقد رأيت أصحاب الشافعي وأبي حنيفة إذا اختلفوا في أقوال أئمتهم يسئلونه فيرجعون إلى قوله. وسمعته يقول: كتبت بخطي: المبسوط والأحكام لإسماعيل وأسمعة بن القاسم وأشهب وابن وهب وموطأ مالك وموطأ بن وهب ومن كتب الفقه والحديث نحو ثلاثة آلاف جزء بخطي. ولم يكن له قط شغل إلا العلم ولي في جامع المنصور - ببغداد - ستون سنة أدرس الناس وأفتيهم وأعلمهم سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم. وقال: قرأت مختصر بن عبد الحكم خمسمائة مرة والأسدية خمساً وسبعين مرة والموطأ كذلك والمبسوط ثلاثين مرة ومختصر بن البرقي سبعين مرة.

قال أبو القاسم الوهراني: وسمعت الشيوخ يقولون: إن في مختصر بن عبد الحكم الكبير ثمان عشرة ألف مسألة وفي المدونة ست وثلاثون ألف مسألة ومائتين منها أربع ممحوة وفي المختصر الأوسط أربعة آلاف مسألة وفي الصغير ألفاً ومائتين. وسمعت أبا محمد بن أبي زيد يقول: من حفظ المدونة والمستخرجة لم تبق عليه مسألة قال: وما رأيت من الشيوخ أسخى منه ولا أكثر مواساة لطالب العلم. ومن يرد عليه من الغرباء يعطيهم الدراهم ويكسوهم. وكان لا يخلي جيبه من كيس فيه مال فكل من يرد عليه من الفقهاء يغرف له غرفة بلا وزن. لقد سألته عن سبب عيشه فقال لي: كان رؤساء بغداد لا يموت أحد منهم إلا أوصى لي بجزء من ماله. وكان الأبهري أحد أئمة القرآن المتصدرين لذلك والعارفين بوجوه القراءة وتجويد التلاوة. وذكره أبو عمرو الداني في طبقات المقرئين. وتفقه على الأبهري عدد عظيم وخرج له جماعة من الأئمة بأقطار الأرض من العراق وخراسان والجبل وبمصر وإفريقية كأبي جعفر الأبهري وأبي سعيد القزويني وأبي القاسم بن الجلاب وأبي الحسن بن القصار وأبي عمر بن سعد الأندلسي نزل المهدية وأبي العباس البغدادي

وابن تمام وابن خوير منداد وأبي محمد الأصيلي وأبي عبيد الجبيري وأبي محمد القلعي وغيرهم. ولم ينجب أحد بالعراق - من الأصحاب بعد إسماعيل القاضي - ما أنجب أبو بكر الأبهري كما أنهما لا قرين لهما في المذهب بقطر من الأقطار إلا سحنون بن سعيد في طبقتهما بل هو أكثر الجميع أصحاباً وأفضلهم أتباعاً. وأنجبهم طلاباً ثم أبو محمد بن أبي زيد في هذه الطبقة أيضاً غفر الله لجميعهم ونفع بعلومهم. ولأبي بكر من التآليف سوى شرحي المختصرين كتاب الرد على المزني وكتاب الأصول وكتاب إجماع أهل المدينة ومسألة إثبات حكم القافة وكتاب فضل المدينة على مكة ومسألة الجواب والدلائل والعلل. ومن حديثه: كتاب العوالي وكتاب الأمالي علق عنه نحو خمسة عشر ألف مسألة وعرض عليه قضاء بغداد فامتنع وبعد موت الأبهري وكبار أصحابه لتلاحقهم به وخروج القضاء عنهم إلى غيرهم من مذهب الشافعي وأبي حنيفة ضعف مذهب مالك بالعراق وقل طالبه: لاتباع الناس أهل الرياسة والظهور. ووجد بخط الأبهري: الدين عز والعلم كنز والحلم حرز والتوكل قوة. قال الوهراني: سألت الأبهري عن سنه فقال لي: قال مالك: إخبار الشيوخ عن أسنانهم من السفه. وحبس كتبه على أصحابه.

محمد بن مجاهد

وتوفي ببغداد ليلة السبت لسبع خلون من شوال سنة خمس وتسعين وثلاثمائة وصلي عليه بجامع المنصور مولده قبل التسعين ومائتين وسنه ثمانون سنة أو نحوها. محمد بن مجاهد هو محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب بن مجاهد أبو عبد الله المتكلم الطائي صاحب أبي الحسن الأشعري من أهل البصرة وسكن بغداد وعليه درس القاضي أبو بكر الباقلاني الكلام وله كتب حسان في الأصول وكان حسن الدين جميل الطريقة وكان البرقاني يثني عليه ثناء حسناً وأدركه فيما أحسب. وكان بن مجاهد - هذا - مالكي المذهب إماماً فيه غلب عليه علم الكلام والأصول أخذ عن القاضي التستري وله كتاب في أصول الفقه على مذهب مالك ورسالته المشهورة في الاعتقادات على مذهب أهل السنة التي كتب بها إلى أهل الباب والأبواب وكتاب هداية المستبصر ومعونة المستنصر وتآليف أخر غير هذا. وسمع صحيح البخاري من أبي زيد المروزي وسماعه في كتاب الأصيلي بخطه واستجاز الشيخ أبا محمد بن أبي زيد في كتاب المختصر والنوادر. وكان بن مجاهد ينشد لبعضهم:

محمد أبو بكر النعالي

أيها المغتدي ليطلب علماً ... كل علم عبد لعلم الكلام تطلب الفقه كي تصحح حكماً ... ثم أغفلت منزل الأحكام حدث عنه القاضي أبو بكر بن الطيب وأبو بكر بن عودة وغيرهما وذكره الخطيب في تاريخه. ومن أهل مصر: محمد أبو بكر النعالي هو محمد بن سليمان وقيل محمد بن إسماعيل وقيل محمد بن بكر بن الفضل نسب إلى عمل النعال ويعرف أيضاً بالصراري نسب إلى النعال الصرارية أخذ عن أبي إسحاق بن شعبان وأبي بكر بن رمضان وبكر بن العلاء القشيري ومحمد بن زيان ومأمون وغيرهم. روى عنه أبو بكر بن عبد الرحمن القروي وعبد الغني بن سعيد الحافظ وأبو بكر بن عقال الصقلي وأبو عبد الله بن الحذاء الأندلسي والناس. وإليه كانت الرحلة والإمامة بمصر وجالسه القابسي وأثنى عليه وعظم شأنه. قال بن الحذاء: ما رأيت رجلاً أتم مروءة منه ولا أعف ولا أكمل ولا أعقل.

محمد بن حارث بن أسد الخشني أبو عبد الله

وكان أسخى الناس لم يجتمع عنده مال يزكى عليه وكان مبايناً لبني عبيد. قال القابسي: كانت حلقته في الجامع تدور على سبعة عشر عموداً لكثرة من يحضرها. وتوفي في الثمانين وثلاثمائة رحمه الله تعالى. ومن أهل إفريقية: محمد بن حارث بن أسد الخشني أبو عبد الله تفقه بالقيروان على أحمد بن نصر وأحمد بن زياد وأحمد بن يوسف وابن اللباد والممسي وسمع من غير واحد من شيوخ إفريقية وقدم الأندلس حدثاً سنة ثنتي عشرة فسمع من بن أيمن وقاسم بن أصبغ وأحمد بن عبادة ومحمد بن يحيى بن لبابة وأحمد بن زياد والحسن بن سعد وغيرهم من القرطبيين. واستوطن بعد هذا قرطبة وقد دخل سبتة قبل العشرين وثلاثمائة فحبسه أهلها عندهم وتفقه عليه قوم منهم وقيل إنه حقق قبلة جامعهم إذ ذاك فوجد فيها تغريباً فامتثلوا رأيه وشرقوها ثم دخل الأندلس وتردد في كور الثغور واستقر آخراً بقرطبة. كان حافظاً للفقه متقدماً فيه نبيهاً ذكياً فقيهاً فطناً متفنناً عالماً

بالفتيا حسن القياس في المسائل وولاه الحكم المواريث ببجاية وولي الشورى بقرطبة وتمكن من ولي عهدها الحكم وألف له تآليف حسنة منها: كتابه في الاتفاق والاختلاف في مذهب مالك وكتابه في المحاضر وكتاب رأي مالك الذي خالفه فيه أصحابه وكتاب الفتيا وكتاب في تاريخ علماء الأندلس وتاريخ قضاة الأندلس وتاريخ الإفريقيين وكتاب التعريف وكتاب المولد والوفاة وكتاب النسب وكتاب الرواة عن مالك وكتاب طبقات فقهاء المالكية وكتاب مناقب سحنون وكتاب الاقتباس وغير ذلك. ألف له مائة ديوان وكان عالماً بالأخبار وأسماء الرجال وكان حكيماً يعلم الأدهان ويتصرف في الأعمال اللطيفة شاعراً بليغاً إلا أنه يلحن وآلت به الحال بعد موت الحكم وتقصير بن أبي عامر بصنائع الحكم إلى الجلوس في حانوت لبيع الأدهان. حدث عنه أبو بكر بن حرمل وغيره. قال أحمد بن عبادة: رأينا بن حارث في مجلس أحمد بن نصر - يعني وقت طلبه وهو شعلة يتوقد في المناظرة. وتوفي بقرطبة في صفر سنة إحدى وستين وثلاثمائة وقيل سنة أربع وستين.

محمد أبو بكر بن إسحاق

ومن أهل الأندلس: محمد أبو بكر بن إسحاق بن منذر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن السليم بن أبي عكرمة واسمه جعفر وهو الداخل إلى الأندلس وهو جعفر بن يزيد بن عبد الله مولى سليمان بن عبد الملك. قيل عبد الله جده رومي وقيل إنه لخمي من أشراف عرب شذونة يؤل سلفه لبني أمية وإليهم تنسب المدينة المعروفة ببني السليم من كورة شذونة نزلوها عند فتحهم الأندلس وهو قرطبي سمع بها من أحمد بن خالد صغيراً ومن محمد بن أيمن ومحمد بن قاسم وعبد الله بن يونس وقاسم بن أصبغ وابن عمر بن دحيم وسعيد بن جابر وغيرهم. ورحل سنة اثنتين وثلاثين فسمع بمكة من بن الأعرابي وبالمدينة من المرواني القاضي وبمصر من الزبيري وعبد الله بن جعفر البغدادي وأبي جعفر بن النحاس وأبي بهزاذ وابن أبي مطر وأبي العباس السكري ومحمد بن أيوب الرقي وجماعة وانصرف إلى الأندلس وأقبل على الزهد والعبادة ودراسة العلم. كان حافظاً للفقه بصيراً بالاختلاف عالماً بالحديث ضابطاً لما رواه

متصرفاً في علم النحو واللغة حسن الخطاب والبلاغة لين الكلمة متواضعاً حدث وسمع منه كثير. وذكره الحكم أمير المؤمنين فقال: هو فقيه بمذهب مالك حافظ مقدم من أهل المعرفة بالحديث والرجال وله حظ من الأدب لم يل القضاء بقرطبة أفقه منه ولا أعلم إلا منذر بن سعيد لكنه أرسخ في علم أهل المدينة من منذر. وقال بن مفرج: كان بن السليم راسخاً في العلم مجتهداً في طلبه عالماً بالحديث والفقه. قال غيره: جمع إلى الرواية الواسعة: جودة استنباط الفقه والفتيا والحذق بالفرائض والحساب والتصرف في البلاغة والشعر والتفنن في العلوم حسن العشرة كريم النفس. وكان جماعة من كبراء العلماء بالأندلس ممن أدركوه قاضياً كابن زرب وغيره يقطعون على أنه لم يكن في قضاة الأندلس منذ دخلها الإسلام إلى وقته قاض أعلم منه. قال أبو محمد الباجي: ما رأيت في المحدثين مثله. وله كتاب التوصل لما ليس في الموطأ واختصار كتاب المروزي في الاختلاف وكتاب المخمس في الحديث. وكان مع علمه من أهل الزهد والتقشف والبر.

وطال هربه من السلطان إلى أن أنشبته الأقدار فنال رئاسة الدين والدنيا بالأندلس فما استحال عن هديه ولا غرته الدنيا بوجه. وكان قد بلغ به التقشف وطلب الحلال إلى أن كان يصيد السمك بنهر قرطبة ويبيع صيده فيأخذ من ثمنه ما يقتات به ويتصدق بفضله. ونوه الحكم باسمه وقدمه للشورى ثم إلى المظالم الشرطة إلى أن توفي منذر فولاه مكانه قضاء الجماعة وذلك سنة ست وخمسين وجمع له معها الخطبة والصلاة سنة ثمان وخمسين فحمد الناس سيرته. وتوفي يوم الاثنين لخمس أو ست بقين من جمادى الأولى سنة سبع وستين وثلاثمائة مستوراً لم يمسه سوء وسنه خمس وستون سنة. مولده سنة ثنتين وثلاثمائة فلما نعي إلى بن أبي عامر قال: هل سمعتم الذي عاش ما شاء ومات حين شاء فقد رأيناه وهو هذا.

محمد أبو بكر بن عمر بن عبد العزيز بن إبراهيم بن عيسى بن مزاحم

محمد أبو بكر بن عمر بن عبد العزيز بن إبراهيم بن عيسى بن مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز يعرف بابن القوطية من الموالي البربر ينسب بيتهم إلى أم جد أبيه إبراهيم وهي ابنة ولد ابنة ملك الأندلس قبل دخول الإسلام وفدت بعد دخول الإسلام على هشام بن عبد الملك بالشام متظلمة فتزوجها هنالك عيسى بن مزاحم وقدم بها الأندلس فنسبت بنوها إليها وهم من أهل إشبيلية وسكن أبو بكر قرطبة وقد ولي أبوه قضاء إشبيلية للناصر. وكان أبو بكر ممن طلب الفقه والحديث والأدب فسمع بإشبيلية من بن الفوق وحسن الزبيدي وابن جابر وعلي بن أبي شيبة وسيد أبيه الزاهد وبقرطبة من طاهر بن الوليد ومحمد بن مغيث وابن لبابة وابن أبي تمام وأسلم القاضي وابن أيمن: وابن الأغبش وابن يونس وقاسم بن أصبغ ونظرائهم. قال بن عفيف: كان جليلاً من أعلم أهل زمانه باللغة والعربية حافظاً للفقه والحديث والخبر والنوادر والشعر وله في الحديث قدم ثابت ورواية واسعة وهو على ذلك من أهل النسك والعبادة. قال بن عبد الرؤوف في طبقاته: كان أبو بكر من علماء الأندلس فقيهاً

من فقهائهم صدراً من أدبائهم حافظاً للغة والعربية بصيراً بالغريب والنادر والشاهد والمثل عالماً بالخبر والأثر جيد الشعر صحيح الألفاظ واضح المعاني إلا أنه تركه ورفضه مؤثراً ما هو أولى منه وهو إمام من أئمة الدين تام العناية بالفقه والسنة مع مروءة ظاهرة عالماً بالنحو حافظاً للعربية مقدماً فيها على أهل عصره لا يشق غباره وله في ذلك تصانيف حسنة ككتاب تصاريف الأفعال وكتاب المقصور والممدود وشرح رسالة أدب الكتاب وغير ذلك حافظاً لأخبار الأندلس وسير أمرائها وأحوال رجالها وله تصنيف في تاريخها حسن. قال بن الفرضي: ولم يكن بالضابط لروايته في الحديث والفقه ولا له أصول يرجع إليها وطال عمره حتى سمع منه طبقة بعد طبقة من الشيوخ والكهول ممن ولي القضاء والشورى والخطط من أبناء الملوك وغيرهم وسمعت منه وكانت فيه غفلة وسلامة وتقشف في ملبسه وورعه. وذكر أنه كان يدلس في حديثه. وتوفي بن القوطية سنة سبع وستين وثلاثمائة.

محمد بن أبان بن عيسى بن محمد بن عبد الرحمن بن دينار

محمد بن أبان بن عيسى بن محمد بن عبد الرحمن بن دينار من جملة فقهاء قرطبة يكنى أبا عبد الله سمع هو وأخوه عبد الله من أبيهما عيسى ووهب بن مسرة وأحمد بن مطرف وندبهما الحكم إلى اختصار الكتب المبسوطة تأليف يحيى بن إسحاق بن يحيى فاختصراها وقرباها واختصر اختصارها بعد هذا شيخنا قاضي الجماعة أبو الوليد بن رشد. محمد بن حسن بن عبد الله بن مذحج الزبيدي إشبيلي سكن قرطبة وتوفي بإشبيلية يكنى أبا بكر سمع من قاسم بن أصبغ وسعيد بن فحلون وأحمد بن سعيد وأبي علي البغدادي وأكثر عنه ولازمه. وكان متفنناً فقيهاً أديباً شاعراً وكان مع أدبه من أهل الحفظ للفقه والرواية للحديث تفقه عند اللؤلؤي وابن القوطية وغلب عليه الأدب وعلم لسان العرب فشهر به وصنف فيه واستأدبه الخليفة الحكم لابنه هشام وولاه قضاء إشبيلية وقلده هشام الشرطة.

وكان واحد عصره في علم النحو وحفظ اللغة وسمع منه. وقال بن حيان: لم يكن له في هذا الباب نظير في الأندلس مع افتنان في علوم كثيرة من فقه وحديث وفضل واستقامة. قال القاضي أبو عمر بن الحذاء: لم تر عيني مثله في علمه وأدبه وكان بن زرب يفضله ويقدمه ويزوره وحدث عنه ابنه والقاضي بن أبي مسلم من أهل بلدنا وأبو عمر بن الحذاء. ألف كتاب الواضح في النحو وكتاب الأبنية وكتاب لحن العامة وكتاب مختصر العين وزيادة كتاب العين وكتاب غلط صاحب العين وله رد على بن مسرة وغير ذلك من تآليفه ومن شعره: أقابل بالرفق عنف العنيف ... وأقنع من صاحبي بالطفيف ويلزمني بر غير الشريف ... فأنسج ذاك ببر الشريف وتوفي الزبيدي رحمه الله تعالى بإشبيلية - وهو على قضائها - في جمادى سنة تسع وسبعين وثلاثمائة وولي بعد وفاته القضاء مكانه ابنه أبو القاسم: أحمد وابنه الآخر أبو الوليد.

محمد بن محمد بن وليد الأموي أبو عبد الله

محمد بن محمد بن وليد الأموي أبو عبد الله سمع من العتبي وغيرهم ولقي بالقيروان محمد بن سحنون ولقي محمد بن عبد الحكم وغيرهم قال: بن سهل وكان متهماً بوضع الأحاديث. توفي سنة تسع وثلاثمائة. محمد بن يوسف بن مطروح بن عبد الملك بن بكر بن وائل قرطبي يكنى أبا عبد الله وكان أعرج وبذلك يعرف. روى بالأندلس عن غازي بن قيس وعيسى بن دينار ويحيى بن يحيى وغيرهم ورحل فسمع بالقيروان من سحنون وبمصر من أصبغ ومطرف وكانت الفتوى دائرة عليه مع أصبغ بن خليل وعبد الأعلى بن وهب وكان فقيهاً سرياً عالماً بالفقه حافظاً فيه صلابة. وشوور مع الشيوخ: يحيى وابن حسان وابن حبيب. أخذ عنه أحمد بن خالد وابن لبابة ومحمد بن أيمن ونظراؤهم. وكان في خلقه ذعارة.

محمد بن سعيد الموثق يعرف بابن المواز أبو عبد الله

مسألة: ذكر أن خصياً قال له: أتجوز الضحية بالكبش الأعرج؟ قال: نعم وبالخصي مثلك. قال القاضي عياض: يريد والله أعلم - العرج الخفيف الذي لا يمنعه السير. وقال له رجل: جهنم هل تخرب؟ فقال: ما أشقاك إن اتكلت على خرابها. توفي سنة إحدى وسبعين ومائتين. محمد بن سعيد الموثق يعرف بابن المواز أبو عبد الله قرطبي فقيه في مذهب مالك حافظ له. ولم تكن له درجة في الرواية. كان عالماً بالوثائق من أبصر الناس بها له فيها تأليف حسن مشهور. روى عن يحيى بن يحيى وغيره من شيوخ الأندلس. مسألة: كان يفتي باستتابة الزنديق وبذلك أشار بقي بن مخلد على الأمير عبد الله ووافقه بن المواز هذا وخالفهما قاسم بن محمد وأفتى - على مذهب مالك - بقتله دون استتابة. توفي في صدر أيام الأمير عبد الله.

محمد بن أسباط بن حكم المخزومي

محمد بن أسباط بن حكم المخزومي قرطبي يكنى أبا عبد الله سمع من يحيى وسعيد بن حسان ورحل فسمع من الحارث بن مسكين بمصر. كان حافظاً للفقه عالماً بالوثائق من أهل العبادة والورع وكانت له ولأخيه قاسم حلقة بجامع قرطبة يجلسان للفتيا وكانا حافظين للفقه بصيرين بالوثائق. توفي محمد سنة تسع وسبعين ومائتين وتوفي قاسم في أول أيام الأمير عبد الله. محمد بن سليمان بن محمد بن تليد المعافري يكنى أبا عبد الله روى عن العتبي وابن مطروح وابن مزين وعبد الله بن خالد وأبي زيد وسمع بسرقسطة من يحيى وأحمد ابني محمد بن عجلان ومن محمد بن الخشاب ويروي عن يونس وبني عبد الحكم ورحل إلى مكة وسمع بها وقيل إنه دخل العراق. وكان مفتي موضعه وإليه كانت الرحلة في وقته وكان رجلاً صالحاً. مسألة: وكان يذهب في الأشربة مذهب أهل العراق وكان رأس فقهاء أهل

محمد بن عبد الله بن يحيى بن يحيى بن يحيى ثلاثة المعروف بأبي عيسى

الثغر المقدم فيهم يقر له بذلك الجميع ويقفون عند أمره ولا يعدلون عن فتياه. ولي قضاء سرقسطة وقضاء وشقة. توفي سنة خمس وتسعين وقيل سنة ست وتسعين ومائتين ولي ابنه أحمد قضاء بلده بعد أربعين وثلاثمائة. محمد بن عبد الله بن يحيى بن يحيى بن يحيى ثلاثة المعروف بأبي عيسى منتهى الرياسة والنباهة في العلم سمع من عم أبيه عبد الله ومحمد بن لبابة وأحمد بن خالد وغيرهم ورحل فحج وسمع من بن المنذر والعقيلي وابن الأعرابي وغيرهم. وسمع بمصر من بن زيان ومحمد الباهلي وبإفريقية من محمد بن اللباد وأحمد بن زياد: وجماعة كثيرة. وكانت رحلته ورحلة محمد بن مسرة وأحمد بن حزم وأحمد بن عبادة الرعيني في وقت واحد. كان حافظاً للرأي معتنياً بالآثار جامعاً للسنن له رواية واسعة. كان متصرفاً في علم الإعراب واللغة والشعر والأخبار حتى ذكر

محمد بن عبيد الله بن الوليد بن محمد القرشي المعيطي أبو بكر

في طبقات الشعراء وله الشأو البعيد في الخطابة وولي قضاء الجماعة بقرطبة وكان صارماً في قضائه منفذاً للحقوق مقيماً للحدود كاشفاً عن أحوال الشهود صادعاً بالحق في السر والجهر لم يداهن ذا قدرة ولا أغضى لأحد من أصحاب السلطان لم يطمع شريف في حيفه ولا ييأس وضيع من عدله. ولم يكن الضعفاء قط أقوى قلوباً ولا ألسنة منهم في أيامه مع لطافة بره وكثرة بشره لم تغيره خطته عن حاله في إنصافه لإخوانه. ومعارفه. وله في شاهد أراد أن يشهد عنده بشهادة مدخولة فتناول القاضي ورقة وكتب فيها وألقاها في حجره فلما تصفحها فرق منه ورجع وكان فيها: أتتني عنك أخبار ... لها في القلب آثار فدع ما قد أتيت له ... ففيه العار والنار وتوفي - رحمه الله - في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. محمد بن عبيد الله بن الوليد بن محمد القرشي المعيطي أبو بكر سمع من وهب وابن الأحمر وابن الخراز القروي وغيرهم. كان حافظاً للفقه عالماً بمذهب مالك وأصحابه. ولي الشورى بن ثلاثين سنة وكان ورعاً زاهداً متبتلاً معتزلاً عن جميع الناس يصوم النهار ويقوم الليل إلى أن مات.

وهو الذي أكمل كتاب الاستيعاب مع أبي عمر الإشبيلي للحكم أمير المؤمنين وذلك أن هذا الكتاب وصل إلى الحكم وكان قد ابتدأه بعض أصحاب القاضي إسماعيل وبوبه وقدره ديواناً جامعاً لقول مالك خاصة لا يشركه فيه قول أحد من أصحابه في اختلاف الروايات عنه وكتب المؤلف منه خمسة أجزاء وعاجلته المنية عن إكماله فلما رآه أعجبه وحرض على إكماله فذاكره قاضيه بن السليم وسأله هل ثم من يكمله على المرغوب فأشار عليه بالمعيطي وابن عمر فشرطا أن يفتح لهما الخزانة للبحث على أقوال مالك حيث كانت من رواية المدنيين والمصريين والشاميين والعراقيين وأهل إفريقية والأندلس وغيرهم ففعل الحكم ذلك فأخرجا كتب الأسمعة وغيرها وأكملا كتاب الاستيعاب الكبير في مائة جزء فلما رفع إلى الحكم سر به وأمر لهما بألفي دينار لكل واحد وكسوة وقدمهما للشورى. وتوفي المعيطي في ذي القعدة من سنة سبع وستين وثلاثمائة.

محمد بن أحمد بن أسيد بن أبي صفرة

محمد بن أحمد بن أسيد بن أبي صفرة هو أخو المهلب بن أبي صفرة سمع من الأصيلي وكان من كبار أصحابه وله شرح في اختصار ملخص القابسي وسمع من أخيه المهلب. توفي قبل العشرين وأربعمائة. محمد بن غالب هو أبو عبد الله بن الصفار روى عن سحنون. توفي سنة ست وتسعين ومائتين.

محمد أبو جعفر

ومن الطبقة السابعة من أهل العراق: محمد أبو جعفر ويعرف بالأبهري الصغير تفقه بأبي بكر الأبهري ورحل إلى مصر فتفقه عليه خلق كثير وسمع من أبي زيد المروزي وسماعه من أصل الأصيلي بخطه. محمد أبو بكر بن الطيب بن محمد القاضي المعروف بالباقلاني الملقب بشيخ السنة ولسان الأمة المتكلم على مذهب أهل السنة وأهل الحديث وطريقة أبي الحسن الأشعري إمام وقته من أهل البصرة وسكن بغداد سمع من القطيعي وابن ماشا وغيرهما وإليه انتهت رياسة المالكيين في وقته. وكان حسن الفقه عظيم الجدل وكانت له بجامع المنصور - ببغداد - حلقة عظيمة وكان ينزل الكرخ وكان مالكياً وحدث عنه أبو ذر. وكان ورده في كل ليلة عشرين ترويحة ما تركها في حضر ولا سفر وكان إذا قضى ورده جعل الدواة أمامه وكتب خمساً وثلاثين ورقة تصنيفاً

محمد أبو بكر بن خويزمنداد

من حفظه وكان الكتب بالمداد أسهل عليه من الكتب بالحبر. وتوفي يوم السبت لسبع بقين من ذي القعدة سنة ثلاث وأربعمائة. محمد أبو بكر بن خويزمنداد وهو محمد بن أحمد بن عبد الله ورأيت على كتبه بخطه: محمد بن أحمد بن علي بن إسحاق كنيته أبو عبد الله تفقه على الأبهري وله كتاب كبير في الخلاف وكتاب في أصول الفقه وكتاب في أحكام القرآن وعنده شواذ عن مالك. وله اختيارات كقوله في أصول الفقه: إن العبيد لا يدخلون في خطاب الأحرار وإن خبر الواحد يوجب العلم وفي بعض مسائل الفقه حكاية عن مالك في التيمم أنه يرفع الحدث ولم يكن بالجيد النظر ولا قوي الفقه وقد قال فيه الباجي أبو الوليد: لم أسمع له في علماء العراق ذكراً. وكان يجانب الكلام وينافر أهله حتى يؤدي ذلك إلى منافرة المتكلمين من أهل السنة ويحكم على الكل منهم بأنهم من أهل الأهواء الذين قال مالك في مناكحتهم وشهادتهم وإمامتهم وتنافرهم ما قال.

محمد بن يبقى بن زرب

ومن أهل الأندلس: محمد بن يبقى بن زرب القاضي أبو بكر قرطبي سمع من قاسم بن أصبغ ومحمد بن عبد الله بن دليم وطبقتهما وعني بالرأي وتقدم فيه وتفقه عند اللؤلؤي وأبي إبراهيم ونوه به اللؤلؤي وكان بن زرب أحفظ أهل زمانه لمذهب مالك وكان القاضي بن السليم يقول له: لو رآك بن القاسم لعجب منك يا أبا بكر وشوور في أيام القاضي بن السليم فلما مات ولي مكانه قضاء الجماعة سنة سبع وستين وثلاثمائة إلى أن مات. وإليه كانت الخطبة والصلاة وألف كتاب الخصال في الفقه مشهور على مذهب مالك عارض به كتاب الخصال لابن كابس الحنفي فجاء غاية في الإتقان وله رد على بن مسرة. وكان لا يجلس للقضاء حتى يأكل وكان مأكله طيباً وكان بن أبي عامر يعظمه ويتحرك إليه إذا أتاه ويجلسه على فراشه لم يقبل له بن زرب يداً قط. وتوفي في رمضان سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.

محمد بن أحمد بن عبد الله المعروف بابن العطار

وفقده الناس وأثنوا عليه ثناء حسناً وأظهر بن أبي عامر لموته غماً شديداً واستدعى ابنه وهو بن ثلاثة أعوام فوصله بثلاثة آلاف دينار وتحف وكتب لورثته كتاباً بالحفظ والإكرام انتفعوا به ورئي في النوم فقيل له: بم انتفعت؟ فقال: ما انتفعت بأكثر من قراءة القرآن. مولده سنة سبع عشرة وثلاثمائة. محمد بن أحمد بن عبد الله المعروف بابن العطار كان متفنناً في علوم الإسلام عارفاً بالشروط أملى فيها كتاباً عليه عول أهل زماننا اليوم وكان يفضل الفقهاء بمعرفته باللسان والنحو فكان يزري بأصحابه المفتين ويعجب بما عنده إلى أن تمالئوا عليه بالعداوة وحملوا قاضيهم بن زرب على إسقاطه والتسجيل بسخطه بجميع الجراح وأمضاها بن أبي عامر وأمره بالانقباض في داره وقطع شواره فناله مكروه عظيم ثم صرفه بن أبي عامر إلى حاله من الشورى وأفرده في الشورى ما بين العمال والرعية. وتوفي في عقب ذي الحجة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.

محمد أبو عبد الله بن عبد الله بن عيسى بن أبي زمنين

محمد أبو عبد الله بن عبد الله بن عيسى بن أبي زمنين المري البيري يكنى أبا عبد الله وهو من المفاخر الغرناطية. كان من كبار المحدثين والعلماء والراسخين وأجل أهل وقته قدراً في العلم والرواية والحفظ للرأي والتمييز للحديث والمعرفة باختلاف العلماء متفنناً في العلم والآداب مضطلعاً بالإعراب قارضاً للشعر متصرفاً في حفظ المعاني والأخبار مع النسك والزهد والاستنان بسنن الصالحين أمة في الخير عالماً عاملاً متبتلاً متقشفاً دائم الصلاة والبكاء واعظاً مذكراً بالله فاشي الصدقة معيناً على النائبة مواسياً بجاهه وماله ذا لسان وبيان تصغي إليه الأفئدة ما رئي بعده مثله. تفقه بقرطبة عند أبي إبراهيم وسمع منه ومن وهب بن مسرة وأحمد بن مطرف وابن الشاط وأبان بن عيسى وغيرهم. وكان من كبار الفقهاء والمحدثين والراسخين في العلم وكان متفنناً في الأدب وله قرض الشعر إلى زهد وورع واقتفاء لآثار السلف. وكان حسن التأليف مليح التصنيف مفيد الكتب ككتابه في تفسير القرآن والمغرب في المدونة وشرح مشكلها والتفقه في نكت

منها مع تحريه للفظها وضبط لروايتها ليس في مختصراتها مثله باتفاق وكتاب المنتخب في الأحكام الذي ظهرت بركته وطار شرقاً وغرباً ذكره وكتاب المهذب واختصار شرح بن مزين للموطأ وكتاب المشتمل على أصول الوثائق وكتاب مختصر تفسير بن سلام للقرآن وكتاب حياة القلوب في الرقائق والزهد وكتاب أنس المريدين في الزهد وكتاب المواعظ المنظومة في الزهد وكتاب النصائح المنظومة من شعره وكتاب آداب الإسلام وكتاب أصول السنة وكتاب قدوة القارئ وكتاب منتخب الدعاء. وتوفي بإلبيرة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. قلت: وزمنين بفتح الزاي المعجمة والميم وكسر النون قاله الذهبي في سير النبلاء وكسر النون ثم ياء ساكنة بعدها نون. والمري: بضم الميم وكسر الراء المهملة المشددة. ووالد محمد بن أبي زمنين من أهل العلم سمع من بن أيمن وابن أبي دليم ونظرائهم. وسمع منه ابنه محمد والقاضي يونس بن مغيث وغيرهم. توفي سنة تسع وخمسين وثلاثمائة. ولمحمد أخ اسمه أبو بكر كان فقيهاً فاضلاً ولي قضاء إلبيرة ولأجله ألف كتاب الأحكام المسمى بالمنتخب.

محمد أبو بكر التجيبي الحصار المعروف بالمقبري

وتوفي وهو قاض بإلبيرة سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. ذكره بن الزبير. محمد أبو بكر التجيبي الحصار المعروف بالمقبري قرطبي مشهور هو جد القاضي أبي الوليد الباجي لأمه كان من العلماء الزهاد والفضلاء أخذ ببلده ورحل إلى المشرق فصحب أبا محمد بن أبي زيد واختص به. وكان القاضي بن ذكوان يقدمه على فقهاء وقته وكان الأصيلي يعرف حقه ويثني عليه وله تآليف في الفقه مفيدة وله شرح رسالة أبي محمد شيخه وخرج من الأندلس لأمور جرت له مع فقهائها ومحدثيها إلى العدوة واحتل بسبتة فأخذ عنه بها حمزة بن إسماعيل السيفي وغيره أخذ عنه كتبه وكتب الشيخ أبي محمد ثم عاد إلى الأندلس مستخفياً فورد قرطبة مستتراً فعفا عنه بن أبي عامر ولزم قرطبة ممسكاً لسانه بقية دولتهم. وتوفي بها سنة ست وأربعمائة.

محمد بن سفيان الهواري المقري قيرواني يكنى أبا عبد الله

ومن الطبقة الثامنة من أهل إفريقية: محمد بن سفيان الهواري المقري قيرواني يكنى أبا عبد الله أخذ عن القابسي ورحل إلى بن غلبون. وكان الغالب عليه علم القرآن قال أبو عمرو الداني: كان ذا فهم وحفظ وعفاف وله في القراءات كتاب الهادي وغيره. روى عنه حاتم والدلائي. توفي بمدينة النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن حج أول صفر سنة خمس عشرة وأربعمائة. ومن أهل الأندلس: محمد أبو عبد الله بن عمر بن يوسف بن بشكوال يعرف بابن الفخار قرطبي أحفظ الناس وأحضرهم علماً وأسرعهم جواباً وأفقههم على اختلاف العلماء وترجيح المذاهب حافظاً للحديث والأثر مائلاً إلى الحجة والنظر. وكان - أولاً - يميل إلى مذهب الشافعي ثم تركه.

وكان بن الفخار يفضل داود القابسي ويقول - في بعض الأشياء - بقوله ورحل فحج واتسع في الرواية وسكن مدينة النبي صلى الله عليه وسلم فشوور بها وكان يفتخر بذلك وكان يحفظ المدونة وينصها من حفظه وكان يحفظ النوادر لابن أبي زيد ويوردها من صدره وهو آخر الفقهاء الحفاظ الراسخين العالمين بالكتاب والسنة بالأندلس. وكان مجاب الدعوة. ذكر ذلك صاحب الصلة. وله اختصار في نوادر أبي محمد ورد عليه في بعض ذلك من مسائله واختصاره المبسوط لا بأس به ورد على أبي محمد في رسالته رداً تعسف عليه فبه في كتاب سماه التبصرة ورد على بن العطار في وثائقه. وكانت له مذاهب أخذ بها في خاصة نفسه خالف فيها أهل قطره فكان يصلي الأشفاع خمساً ويعجل صلاة العصر شديداً ولا يرى غسل الذكر كله من المذي وكانت له دعوات مستجابة وأعمال من البر صالحة ومر على قرطبة عند دخول البربر فيها إذ كانوا قد نذروا دمه إذ كان أحد المشردين عنهم وتردد بجهة الثغر وألقى عصاه ببلنسية فأقام بها مطاعاً إلى أن مات بها لتسع خلون من شهر ربيع الأول سنة تسع عشرة وأربعمائة.

محمد أبو عبد الله بن يحيى بن محمد بن الحذاء التميمي

محمد أبو عبد الله بن يحيى بن محمد بن الحذاء التميمي هكذا نسبهم الحذاء بالذال المعجمة وكانوا يأبون ذلك ويقولون بالدال المهملة وكان جدهم أمير يوم مرج راهط فكان صدراً في موالي بني أمية وهو الداخل إلى الأندلس من الشام وكان بنوه ذوي رفاهية في أعمال السلطان بالأندلس وكان أبو عبد الله هذا حافظاً للرأي متفنناً في الأدب مميزاً للحديث ورجاله مرسلاً بليغاً عارفاً بالوثائق وكان خطيباً ومعبراً وغلب عليه الحديث. لقي جماعة من الشيوخ: بن زرب وابن بطال وابن السليم والأنطاكي وابن عون الله والقلعي وغيرهم ثم رحل فلقي بن أبي زيد بالقيروان وتفقه معه جماعة وحمل عنه تآليفه ولقي بمصر النعالي والجوهري وعبد الغني وغيرهم ثم رجع إلى الأندلس فلازم الأصيلي وارتفعت درجته معه وولاه السلطان خطة الوثائق والشورى والقضاء بجهات بلنسية وغيرها ولحقته فتنة البرابر فخرج إلى ثغر الأندلس فولي القضاء بتطيلة ثم استوطن سرقسطة حتى مات بها. له شرح في الموطأ سماه كتاب الاستنباط لمعاني السنن والأحكام من أحاديث الموطأ ثمانون جزءاً وكتاب التعريف برجال الموطأ أربعة أسفار وكتاب البشرى في عبارة الرؤيا عشرة أسفار وشرح كتاب

محمد أبو الفضل بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عمروس البزاز

الكرماني خمسة عشر جزءاً وكتاب الإنباء على أسماء الله تعالى. وكتاب الخطب والخطباء في سفرين. توفي سنة عشر وأربعمائة مولده سنة سبع وأربعين وثلاثمائة. ومن الطبقة التاسعة من أهل المشرق: محمد أبو الفضل بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عمروس البزاز بغدادي إمام فاضل درس على القاضي أبي الحسن بن القصار والقاضي بن نصر وكان من حفاظ القرآن ومدرسيه وإليه انتهت الفتيا في الفقه على مذهب مالك في زمانه ببغداد وكان القاضي الدامغاني يجيز شهادته. كان فقيهاً أصولياً وله تعليق حسن مشهور في الخلاف ودرس عليه القاضي أبو الوليد الباجي ببغداد وحدث عنه هو وأبو بكر الخطيب. توفي سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة.

محمد أبو عبد الله بن سعدون بن علي

ومن الطبقة العاشرة من أهل إفريقية: محمد أبو عبد الله بن سعدون بن علي قروي تفقه بالقيروان وسمع من شيوخها كابن الأجدابي وأبي بكر بن عبد الرحمن وأبي علي الزيات والبوني واللبيدي وغيرهم ثم حج فسمع بمكة من المطوعي وسمع بمصر من بن أبي ربيعة وأبي الطبال. وكان فقيهاً حافظاً للمسائل نظاراً على مذهب القرويين كمل التعليق للتونسي على المدونة واشتغل بالتجارة فطاف بلاد المغرب والأندلس ولم تكن له أصول. سمع منه الناس كثيراً فمنهم أبو علي الجبائي وأبو بحر وابنا مفوز وسمع منه أهل سبتة: القاضي أبو عبد الله بن عيسى التميمي وأبو علي النحوي وغيرهما وله تآليف في ذم بني عبيد الله وأفعالهم القبيحة بالقيروان وغيرها.

محمد القاضي أبو عبد الله بن خلف بن سعيد المعروف بابن المرابط المري

محمد القاضي أبو عبد الله بن خلف بن سعيد المعروف بابن المرابط المري فقيه بلده ومفتيه ولي قضاء مندة كان من أهل الفقه والفضل والتفنن سمع أبا القاسم المهلب وأجازه أبو عمر الطلمنكي وله في شرح البخاري كتاب كبير حسن ورحل إليه الناس وسمعوا منه فمنهم القاضي أبو عبد الله التميمي والقاضي أبو علي الحافظ والفقيه أبو محمد بن أبي جعفر. توفي بالمدينة بعد الثمانين وأربعمائة. محمد أبو بكر بن عبد الله بن يونس تميمي صقلي كان فقيهاً إماماً فرضياً أخذ عن أبي الحسن الحصائري القاضي وعتيق بن الفرضي وابن أبي العباس وكان ملازماً للجهاد موصوفاً بالنجدة وألف كتاباً في الفرائض وكتاباً جامعاً للمدونة أضاف إليها غيرها من الأمهات وعليه اعتماد طلبة العلم للمذاكرة.

محمد أبو عبد الله بن عتاب

وأول من أدخله سبتة: الشيخ أبو عبد الله: محمد بن خطاب فانتسخه منه القاضي أبو عبد الله: محمد بن عيسى التميمي وكان يعرف به في مجلسه حتى كثر عند الناس وتوفي في ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وأربعمائة وقيل في أول العشر الأواخر من ربيع الآخر من السنة المذكورة. ومن أهل الأندلس: محمد أبو عبد الله بن عتاب قرطبي شيخ المفتين بها في هذه الطبقة تفقه بابن الفخار وابن الأصبغ القرشي والقاضي بن بشير: صحبه أزيد من اثني عشر عاماً وكتب له في مدة قضائه وروى عن القنازعي وابن حوبيل وابن الحداد وأبي محمد بن بنوش وسعيد بن رشيق وسعيد بن سلمة والشنتجالي والطلمنكي وأبي محمد: مكي والقاضي يونس وخلف بن يحيى الطليطلي والخطيب بن الحديدي وأحمد بن ثابت الواسطي ومحمد بن عمر بن عبد الوارث وأجازه أبو ذر ولم تكن له رحلة من الأندلس. تفقه به الأندلسيون وسمعوا منه. قال أبو علي الجياني: كان أبو عبد الله من جلة الفقهاء وأحد العلماء الأثبات وممن عني بسماع الحديث دهره فقيده وأثبته وتقدم في المعرفة بالأحكام وعقد الشروط وعللها.

محمد أبو عبد الله بن فرج

وكان على سنن أهل الفضل جزل الرأي حصيف العقل على منهاج السلف المتقدم وكان متواضعاً يتصرف راجلاً ويحمل خبزه إلى الفرن بنفسه ويتولى شراء حوائجه بنفسه فإذا لقيه أحد ممن يكرمه من طلبته وغيرهم وسأله أن يكفيه حملها يقول: لا الذي يأكلها يحملها. وطلب لقضاء أمصار فامتنع ورامه بن جهور على قضاء قرطبة فأبى وحلف. توفي في ليلة الثلاثاء لعشر بقين من صفر سنة اثنتين وستين وأربعمائة وقد نيف على الثمانين. ومن الطبقة الحادية عشرة من أهل الأندلس: محمد أبو عبد الله بن فرج مولى بن الطلاع شيخ الفقهاء في عصره وأسن من بقي في وقته. سمع من يونس بن مغيث ومكي المقري وابن عابد وابن جهور

محمد أبو عبد الله بن سليمان بن خليفة

والطرابلسي وتفقه عند بن القطان وابن جوح. وكان شيخاً فاضلاً فصيحاً وكان قوالاً بالحق شديداً على أهل البدع غير هيوب للأمراء شوور عند موت بن القطان ونفذ قوله إلى أن دخل قرطبة المرابطون فأسقط عن الفتيا لتعصبه عليهم مع العبادة فلم يستفت إلى أن مات. سمع منه عالم عظيم ورحل إليه الناس من كل قطر لسماع الموطأ والمدونة لعلوه في ذلك سمع منه من شيوخ قرطبة: الفقيه أبو الوليد: هشام بن أحمد وحدث عنه القاضي أبو عبد الله بن عيسى واستجازه القاضي أبو علي الصدفي وألف كتاب أحكام النبي صلى الله عليه وسلم وكتاب الشروط وأخرج زوائد أبي محمد في المختصر وألف مختصر أبي محمد على الولاء. توفي سنة سبع وتسعين وأربعمائة. محمد أبو عبد الله بن سليمان بن خليفة ولي قضاء بلده وكان من أهل العلم والنظر وألف كتابه في شرح الموطأ سماه كتاب المحلى عرض على الفقيه أبي المطرف الشعبي فأمر أن يجعل

محمد بن الوليد بن محمد بن خلف بن سليمان بن أيوب الفهري المعروف

على الحا نقطة من فوق ولم ينفق هذا الكتاب عند الناس ولا وقع منهم باستحسان. روى عنه أبو إسحاق. وكان من أهل العلم وولي الشورى بإشبيلية ثم أسقط عنها. وتوفي أبو عبد الله سنة خمسمائة. ومن الطبقة الثالثة عشرة من أهل الأندلس: محمد بن الوليد بن محمد بن خلف بن سليمان بن أيوب الفهري المعروفبالطرطوشي ومنها أصله يكنى أبا بكر ويعرف بابن أبي رندقة براء مهملة مضمومة ونون ساكنة ودال مهملة وقاف مفتوحتين. نشأ بالأندلس ببلده طرطوشة ثم تحول لغيرها من بلاد الأندلس وصحب القاضي أبا الوليد الباجي بسرقسطة وأخذ عنه مسائل الخلاف وكان يميل إليها وتفقه عليه وسمع منه وأجاز له ثم رحل إلى المشرق وحج فدخل بغداد والبصرة وتفقه عند أبي بكر الشاشي وابن المعيد المتولي

وأبي سعيد الجرجاني وغيرهم من أئمة الشافعية وسمع بالبصرة من أبي علي التستري وسكن الشام مدة ودرس بها ولازم الانقباض والقناعة وبعد صيته هناك وأخذ عنه الناس هناك علماً كثيراً وكان إماماً عالماً زاهداً ورعاً ديناً متواضعاً متقشفاً متقللاً من الدنيا راضياً باليسير منها. وتقدم في الفقه مذهباً وخلافاً وكان بعض الجلة من الصالحين هناك يقول: الذي عند أبي بكر من العلم هو الذي عند الناس والذي عنده مما ليس مثله عند غيره دينه. وكانت له - رحمه الله تعالى - نفس أبية قيل إنه كان ببيت المقدس يطبخ في شقفة وكان مجانباً للسلطان معرضاً عنه وعن أصحابه شديداً عليهم مع مبالغتهم في بره وامتحن في دولة العبيديين بالإخراج من الإسكندرية والتزم الفسطاط ومنع الناس من الأخذ عنه. ثم شرح وألف تآليف حساناً منها: تعليقه في مسائل الخلاف وفي أصول الفقه وكتابه في البدع والمحدثات وفي بر الوالدين وغير ذلك وممن أخذ عنه بالإجازة: القاضي أبو الفضل: عياض كتب إليه يجيزه بجميع رواياته ومصنفاته. وحكي عنه أنه تزوج بالإسكندرية امرأة موسرة حسنت حاله بها ووهبت له دار لها سرية وصير موضع سكناه معها علوها وأباح قاعتها

وسفلها للطلبة فجعلها مدرسة ولازم التدريس. وتفقه عنده جماعة من الإسكندرانيين. ومن الوفيات أن الشيخ أبا بكر لما طلب إلى مصر أنزله الأفضل وزير العبيدي في مسجد بالقرب من الرصد وكان الشيخ يكرهه فلما طال مقامه به ضجر وقال لخادمه: إلى متى نصبر؟ اجمع لي المباح من الأرض فجمع له فأكله ثلاثة أيام فلما كان عند صلاة المغرب قال لخادمه: رميته الساعة فلما كان من الغد ركب الأفضل فقتل وولي بعده المأمون بن البطائحي فأكرم الشيخ إكراماً كثيراً وصنف له كتاب سراج الملوك وهو حسن في بابه. قلت: ومن مشيخته أبو عبد الله: محمد بن عبد الرحمن بن علي التجيبي بن ظافر بن عطية بن مولاهم بن فائد اللخمي الإسكندراني أحد شيوخ أبي عبد الله التجيبي. كان تلميذاً للإمام أبي بكر الطرطوشي وخديماً له متصرفاً له في حوائجه ملازماً خدمة داره وذكر أن الطرطوشي كان صاحب نزهة مع طلبته في أكثر الأوقات يخرج معهم إلى البستان فيقيمون الأيام المتوالية في فرجة ومذاكرة ومداعبة مما لا يقدح في حق الطلبة بل يدل على فضلهم وسلامة صدورهم. قال: وخرجنا معه في بعض النزه فكنا ثلاثمائة وستين رجلاً لكثرة الآخذين عنه المحبين في صحبته وخدمته وهذا من جملة ما رفعه عنه القاضي بن حديد إلى العبيدي ووشى به إليه في أمور غيرها.

وكان الطرطوشي يذكر بني حديد ذكراً قبيحاً لما كانوا عليه من أخذ المكوسات والمعونة على المظالم. وكان يفتي بتحريم الجبن الذي يأتي به النصارى ويفتي بقطع محرمات كثيرة فخاطب بذلك بنو حديد وذكروه للسلطان فأرسل إليه الأفضل وزير خليفة مصر وهو من العبيدية فقال له الرسول: يسر حوائجك فإنك تمشي يوم كذا. فقال له: وأي حوائج؟ معي ريشي رياشي وطعامي في حوصلتي؟. ثم مشى إلى الأفضل فلما اجتمع به أكرمه وصرفه صرفاً حسناً وجعل له عشرة دنانير في كل شهر يأخذها من جزية اليهود - بعد الرغبة إليه في ذلك. وذكر أبو الطاهر بن عون الزهري: أن الطرطوشي كان نزوله بالإسكندرية ثم باشر قتل الأمير بها علماءها فوجد البلد عاطلاً عن العلم فأقام بها وبث علماً جماً وكان يقول: إن سألني الله تعالى عن المقام بالإسكندرية - لما كانت عليه في أيام الشيعة العبيدية من ترك إقامة الجمعة ومن غير ذلك من المناكر التي كانت في أيامهم - أقول له: وجدت قوماً ضلالاً فكنت سبب هدايتهم. قال أبو الطاهر: وأنشدني أبو بكر الطرطوشي لنفسه: إذا كنت في حاجة مرسلاً ... وأنت بإنجازها مغرم فأرسل بأكمه خلابة ... به صمم أغطش أبكم ودع عنك كل رسول سوى ... رسول يقال له الدرهم

محمد بن أحمد بن محمد بن رشد المالكي يكنى أبا الوليد

قال بن خلكان: الطرطوشي بضم الطاءين المهملتين بينهما راء مهملة ساكنة وبعد الطاء الثانية واو ساكنة وشين معجمة. هذه النسبة: لطرطوشة وهي مدينة في آخر بلاد المسلمين بالأندلس على ساحل البحر وهي في شرق الأندلس ورندقة تقدم ضبطها وهي لفظة فرنجية سألت بعض الإفرنج عنها فقال: معناها رد تعال. توفي رحمه الله تعالى بالإسكندرية في شهر شعبان سنة عشرين وخمسمائة قال الذهبي في كتاب العبر في ذكر من غبر: عاش أبو بكر سبعين سنة وتوفي في جمادى الأولى والله أعلم بالصواب. محمد بن أحمد بن محمد بن رشد المالكي يكنى أبا الوليد قرطبي زعيم فقهاء وقته بأقطار الأندلس والمغرب ومقدمهم المعترف له بصحة النظر وجودة التأليف ودقة الفقه. وكان إليه المفزع في المشكلات بصيراً بالأصول والفروع والفرائض والتفنن في العلوم. وكانت الدراية أغلب عليه من الرواية كثير التصانيف مطبوعها. ألف كتاب البيان والتحصيل لما في المستخرجة من التوجيه والتعليل وهو كتاب عظيم نيف على عشرين مجلداً وكتاب المقدمات لأوائل كتب

المدونة واختصاراً لكتب المبسوطة من تأليف يحيى بن إسحاق بن يحيى بن يحيى وتهذيبه لكتب الطحاوي في مشكل الآثار وأجزاء كثيرة في فنون من العلم مختلفة. وكان مطبوعاً في هذا الباب حسن العلم والرواية كثير الدين كثير الحياء قليل الكلام مسمتاً نزهاً مقدماً عند أمير المسلمين عظيم المنزلة معتمداً في العظائم أيام حياته. ولي قضاء الجماعة بقرطبة سنة إحدى عشرة وخمسمائة ثم استعفى منها سنة خمس عشرة أثر الهيج الكائن بها من العامة وأعفي وزاد جلالة ومنزلة. وكان صاحب الصلاة أيضاً في المسجد الجامع وإليه كانت الرحلة للتفقه من أقطار الأندلس مدة حياته. كان قد تفقه بأبي جعفر بن رزق وعليه اعتماده وبنظرائه من فقهاء بلده وسمع الجياني وأبا عبد الله بن فرج وأبا مروان بن سراج وابن أبي العافية الجوهري وأجاز له العذري. وممن أخذ عن القاضي أبي الوليد المذكور رضي الله عنه: القاضي الجليل أبو الفضل: عياض رحمه الله تعالى. قال في الغنية - له - جالسته كثيراً وسألته واستفدت منه. وكان القاضي أبو الوليد رحمه الله تعالى يصوم يوم الجمعة دائماً في الحضر والسفر.

محمد بن علي بن عمر التميمي المازري يكنى أبا عبد الله ويعرف بالإمام

توفي - رحمه الله - ليلة الأحد ودفن عشية الحادي عشر لذي القعدة سنة عشرين وخمسمائة ودفن بمقبرة العباس وصلى عليه ابنه القاسم وشهده جمع عظيم من الناس وكان الثناء عليه حسناً جميلاً. ومولده في شوال سنة خمس وأربعمائة. ومن الطبقة الأخرى من أهل إفريقية: محمد بن علي بن عمر التميمي المازري يكنى أبا عبد الله ويعرف بالإمام نزل المهدية من بلاد إفريقية. أصله من مازر: مدينة في جزيرة صقلية على ساحل البحر وإليها نسب جماعة منهم: أبو عبد الله. هو إمام أهل إفريقية وما وراءها من المغرب وصار الإمام لقباً له رضي الله تعالى عنه فلا يعرف بغير الإمام المازري. ويحكى عنه أنه رأى في ذلك رؤيا: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله أحق ما يدعونني برأيهم يدعونني بالإمام؟ فقال: أوسع الله صدرك للفتيا.

وكان آخر المشتغلين من شيوخ إفريقية بتحقيق الفقه ورتبة الاجتهاد ودقة النظر. أخذ عن اللخمي وأبي محمد: عبد الحميد السوسي وغيرهما من شيوخ إفريقية ودرس أصول الفقه والدين وتقدم في ذلك فجاء سابقاً لم يكن في عصره للمالكية في أقطار الأرض في وقته أفقه منه ولا أقوم لمذهبهم وسمع الحديث وطالع معانيه واطلع على علوم كثيرة من الطب والحساب والأدب وغير ذلك فكان أحد رجال الكمال في وقته في العلم وإليه كان يفزع في الفتوى في الطلب في بلده كما يفزع إليه في الفتيا في الفقه. يحكى أن سبب قراءته للطب ونظره فيه: أنه مرض فكان يطبه يهودي فقال له اليهودي يوماً يا سيدي مثلى بطب مثلكم؟ وأي قربة أجدها أتقرب بها في ديني مثل أن أفقدكم للمسلمين؟ فمن حينئذ نظر في الطب. وكان رحمه الله تعالى حسن الخلق مليح المجلس أنيسه كثير الحكايات وإنشاد قطع الشعر وكان قلمه في العلم أبلغ من لسانه. وألف في الفقه والأصول وشرح كتاب مسلم وكتاب التلقين للقاضي أبي محمد: عبد الوهاب وليس للمالكية كتاب مثله ولم يبلغنا أنه أكمله وشرح البرهان لأبي المعالي الجويني وسماه: إيضاح المحصول من برهان الأصول. وذكر الشيخ الحافظ النحوي أبو العباس: أحمد بن الفهري اللبلي في مشيخة شيخه التجيبي: أن من شيوخه أبا عبد الله المازري وأن من تآليفه

محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد المعروف بابن العربي

عقيدته التي سماها: نظم الفرائد في علم العقائد وألف غير ذلك. وممن أخذ عنه بالإجازة: القاضي أبو الفضل: عياض رحمه الله تعالى كتب له من المهدية يجيز له كتابه المسمى بالعلم في شرح مسلم وغيره من تآليفه وتوفي الإمام رحمه الله تعالى سنة ست وثلاثين وخمسمائة وقد نيف على الثمانين. قال الذهبي: توفي في ربيع الأول وله ثلاث وثمانون سنة. ومازر بفتح الزاي وكسرها: بليدة بجزيرة صقلية وليس هذا الإمام المذكور بشارح الإرشاد المسمى بالمعاد إذ ذاك رجل آخر نزيل الإسكندرية يعرف أيضاً بالمازري والله موفقنا ونعم الوكيل. ومن أهل الأندلس: محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد المعروف بابن العربيالمعافري من أهل إشبيلية يكنى أبا بكر الإمام العلامة الحافظ المتبحر ختام علماء الأندلس وآخر أئمتها وحفاظها وأبوه أبو محمد من فقهاء بلده إشبيلية ورؤسائها. سمع ببلده من أبي عبد الله بن منظور وأبي محمد بن خزرج وبقرطبة من أبي عبد الله: محمد بن عتاب وأبي مروان بن سراج وحصلت له عند

العبادية أصحاب إشبيلية رياسة ومكانة فلما انقضت دولتهم خرج إلى الحج مع ابنه القاضي أبي بكر يوم الأحد مستهل ربيع الأول سنة خمس وثمانين وأربعمائة وسن القاضي أبو بكر إذ ذاك نحو سبعة عشر عاماً وكان القاضي قد تأدب ببلده وقرأ القراءات فلقي بمصر أبا الحسن الخلعي وأبا الحسن بن مشرف ومهدياً الوراق وأبا الحسن بن داود الفارسي ولقي بالشام أبا نصر المقدسي وأبا سعيد الزنجاني وأبا حامد الغزالي وأبا سعيد الرهاوي وأبا القاسم بن أبي الحسن المقدسي والإمام أبا بكر الطرطوشي وأبا محمد: هبة الله بن أحمد الأكفاني وأبا الفضل بن الفرات الدمشقي ودخل بغداد وسمع بها من أبي الحسن المبارك بن عبد الجبار الصيرفي المعروف بابن الطيوري ومن أبي الحسن: علي بن أيوب البزازي بزايين معجمتين ومن أبي بكر بن طرخان ومن النقيب الشريف أبي الفوارس طراد بن محمد الزينبي وجعفر بن أحمد السراج وأبي الحسن بن عبد القادر وأبي زكريا التبريزي وأبي المعالي: ثابت بن بندار الحمامي - بتخفيف الميم في آخرين. وحج في موسم سنة تسع وثمانين وسمع بمكة من أبي علي: الحسين بن علي الطبري وغيره ثم عاد إلى بغداد ثانية وصحب أبا بكر الشاشي وأبا حامد الطوسي وأبا بكر الطرطوشي وغيرهم من العلماء والأدباء فدرس عندهم الفقه والأصول وقيد الحديث واتسع في الرواية وأتقن مسائل الخلاف والأصول والكلام على أئمة هذا الشأن من هؤلاء وغيرهم ثم صدر عن بغداد إلى الأندلس فأقام بالإسكندرية عند أبي بكر الطرطوشي فمات أبوه بها أول سنة ثلاث وتسعين.

ثم انصرف هو إلى الأندلس سنة خمس وتسعين وقدم بلده إشبيلية: بعلم كثير لم يأت به أحد قبله ممن كانت له رحلة إلى المشرق. وكان من أهل التفنن في العلوم والاستبحار فيها والجمع له متقدماً في المعارف كلها متكلماً في أنواعها نافذاً في جميعها حريصاً على أدائها ونشرها ثاقب الذهن في تمييز الصواب منها ويجمع إلى ذلك كله آداب الأخلاق مع حسن المعاشرة وكثرة الاحتمال وكرم النفس وحسن العهد وثبات الود: فسكن بلده وشوور فيه وسمع ودرس الفقه والأصول وجلس للوعظ والتفسير ورحل إليه للسماع وصنف في غير فن تصانيف مليحة كثيرة حسنة مفيدة منها: أحكام القرآن كتاب حسن وكتاب المسالك في شرح موطأ مالك وكتاب القبس على موطأ مالك بن أنس وعارضة الأحوذي على كتاب الترمذي والقواصم والعواصم والمحصول في أصول الفقه وسراج المريدين وسراج المهتدين وكتاب المتوسط وكتاب المتكلمين. وله تأليف في حديث أم زرع وكتاب الناسخ والمنسوخ وتخليص التلخيص وكتاب القانون في تفسير القرآن العزيز وله غير ذلك من التآليف. وقال في كتاب القبس: إنه ألف كتابه المسمى: أنوار الفجر في تفسير القرآن في عشرين سنة ثمانين ألف ورقة وتفرقت بأيدي الناس. قلت: وأخبرني الشيخ الصالح أبو الربيع: سليمان بن عبد الرحمن البورغواطي في سنة إحدى وستين وسبعمائة بالمدينة النبوية قال: أخبرني

الشيخ الصالح يوسف الحزام المغربي بالإسكندرية في سنة ستين وسبعمائة قال: رأيت تأليف القاضي أبي بكر بن العربي في تفسير القرآن المسمى أنوار الفجر كاملاً في خزانة السلطان الملك العادل أمير المسلمين أبي عنان: فارس بن السلطان أمير المسلمين أبي الحسن: علي بن السلطان أمير المسلمين أبي سعيد: عثمان بن يوسف بن عبد الحق. وكان السلطان أبو عنان إذ ذاك بمدينة مراكش وكانت له خزانة كتب يحملها معه في الأسفار وكنت أخدمه مع جماعة في حزم الكتب ورفعها فعددت أسفار هذا الكتاب فبلغت عدتها ثمانين مجلداً. ولم ينقص من الكتاب المذكور شيء. قال أبو الربيع: وهذا المخبر يعني يوسف: ثقة صدوق رجل صالح كان يأكل من كده. قلت: قال بن خلكان في كتاب الوفيات في معنى عارضة الأحوذي العارضة: القدرة على الكلام والأحوذي: الخفيف في الشيء لحذقه. وقال الأصمعي: الأحوذي المشمر في الأمور القاهر لها لا يشذ عليه شيء منها. والأحوذي بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة وفتح الواو وكسر الذال المعجمة وفي آخره ياء مشددة. قال القاضي عياض: واستقضي ببلده فنفع الله به أهلها لصرامته وشدته ونفوذ أحكامه وكانت له في الظالمين سورة مرهوبة وتؤثر عنه

محمد بن أحمد بن بدر الصدفي من أهل طليطلة يكنى أبا عبد الله

في قضائه أحكام غريبة ثم صرف من القضاء وأقبل على نشر العلم وبثه. وذكر أنه ولي قضاء حلب. وكان رحمه الله تعالى فصيحاً أديباً شاعراً كثير الخبر مليح المجلس وممن أخذ عنه في اجتيازه لسبتة القاضي أبو الفضل: عياض ولقيه أيضاً بإشبيلية وبقرطبة فناوله وكتب عنه واستفاد منه. وتوفي رحمه الله تعالى في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة منصرفه من مراكش وحمل ميتاً إلى مدينة فاس ودفن بها بباب الجيسة والصحيح خارج باب المحروقي من فاس. ومولده ليلة الخميس لثمان بقين من شعبان سنة ثمان وستين وأربعمائة. ومن كتاب الصلة تصنيف الشيخ الفقيه المحدث الثقة أبي القاسم بن بشكوال: محمد بن أحمد بن بدر الصدفي من أهل طليطلة يكنى أبا عبد الله روى عن أبي إسحاق: إبراهيم بن محمد بن حسين وأبي جعفر بن ميمون وعبد الله بن ذنين وأبي محمد بن عباس والتبريزي والمنذر بن المنذر وغيرهم.

محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد الشهير بالحفيد

وكان مقدماً في فقهاء طليطلة وحافظاً للمسائل جامعاً للعلم كثير العناية به وقوراً عالماً عاقلاً متواضعاً وكان يتخير للقراءة على الشيوخ لفصاحته ونهضته وقد قرأ الموطأ على المنذر بن المنذر في يوم واحد. وكان أكثر كتبه بخطه وتوفي في رجب سنة سبع وأربعين وأربعمائة. ومن كتاب التكملة لأبي عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بالأبار: محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد الشهير بالحفيد من أهل قرطبة وقاضي الجماعة بها يكنى أبا الوليد روى عن أبيه أبي القاسم استظهر عليه الموطأ حفظاً وأخذ الفقه عن أبي القاسم بن بشكوال وأبي مروان بن مسرة وأبي بكر بن سمحون وأبي جعفر بن عبد العزيز وأبي عبد الله المازري. وأخذ علم الطب عن أبي مروان بن جزيول البلنسي وكانت الدراية أغلب عليه من الرواية ودرس الفقه الأصول وعلم الكلام ولم ينشأ بالأندلس مثله: كمالاً وعلماً وفضلاً.

وكان على شرفه أشد الناس تواضعاً وأخفضهم جناحاً وعني بالعلم من صغره إلى كبره حتى حكي أنه لم يدع النظر ولا القراءة مذ عقل إلا ليلة وفاة أبيه وليلة بنائه على أهله وأنه سود - فيما صنف وقيد وألف وهذب واختصر - نحواً من عشرة آلاف ورقة ومال إلى علوم الأوائل وكانت له فيها الإمامة دون أهل عصره. وكان يفزع إلى فتياه في الطب كما يفزع إلى فتياه في الفقه مع الحظ الوافر من الإعراب والآداب والحكمة. حكي عنه أنه كان يحفظ شعر المتنبي وحبيب. وله تآليف جليلة الفائدة منها كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد في الفقه ذكر فيه أسباب الخلاف وعلل ووجه فأفاد وأمتع به ولا يعلم في وقته أنفع منه ولا أحسن سياقاً. وكتاب الكليات في الطب ومختصر المستصفى في الأصول وكتابه في العربية الذي وسمه بالضروري وغير ذلك تنيف على ستين تأليفاً. وحمدت سيرته في القضاء بقرطبة وتأثلت له عند الملوك وجاهة عظيمة ولم يصرفها في ترفيع حال ولا جمع مال إنما قصرها على مصالح أهل بلده خاصة ومنافع أهل الأندلس عامه.

محمد بن سعيد بن أحمد بن سعيد يعرف بابن زرقون

وحدث وسمع منه أبو بكر بن جهور وأبو محمد بن حوط الله وأبو الحسن: سهل بن مالك وغيرهم. وتوفي سنة خمسة وتسعين وخمسمائة ومولده سنة عشرين وخمسمائة قبل وفاة القاضي جده أبي الوليد بن رشد بشهر. محمد بن سعيد بن أحمد بن سعيد يعرف بابن زرقون الأنصاري من أهل إشبيلية وأصله من بطليوس. كنيته أبو عبد الله وزرقون لقب عن جد أبيه سعيد المذكور لقب بذلك لحمرة وجهه. سمع أباه وأبا عمران بن أبي تليد وأبا القاسم بن الأبرش وأبا الفضل: عياض واختص به ولازمه كثيراً وأجاز له أبو عبد الله الخولاني وأبو محمد بن عتاب وأبو مروان الباجي وغيرهم كثيراً. وولي قضاء شلب وقضاء سبتة فحمدت سيرته ونزاهته وكان أحد سروات الرجال حافظاً للفقه مبرزاً فيه يعترف له أبو بكر بن الجد بذلك مع البراعة في الأدب والمشاركة في قرض الشعر صبوراً على الجلوس للاسماع مع الكبرة يتكلف ذلك وإن شق عليه. سمعت أبا الربيع بن سالم يقول: رام يوماً أن ينهض من مجلسه فلم يستطع من الكبر حتى اعتمد على من أعانه فلما استوى قائماً أنشد متمثلاً:

محمد بن عبد الله بن محمد بن سعيد بن أحمد بن سعيد بن زرقون الأنصاري

أصبحت عند الحسان زيفاً ... وغير الحادثات نقشي وكنت أمشي ولست أعيا ... فصرت أعيا ولست أمشي ومن تآليفه: كتاب الأنوار جمع فيه بين المنتقى والاستذكار وجمع أيضاً بين الترمذي وسنن أبي داود السجستاني. وكان الناس يرحلون إليه للأخذ عنه والسماع منه لعلو روايته. ومولده سنة اثنين وخمسمائة. وتوفي بإشبيلية في منتصف رجب سنة ست وثمانين وخمسمائة رحمه الله تعالى. محمد بن عبد الله بن محمد بن سعيد بن أحمد بن سعيد بن زرقون الأنصاريالإشبيلي كنيته أبو الحسن شيخ المالكية وكان من كبار المتعصبين للمذهب فأوذي من جهة بني عبد المؤمن ولما أبطلوا القياس وألزموا الناس بالأثر والظاهر صنف كتاب المعلى في الرد على المحلى لابن حزم. توفي في شوال سنة إحدى وعشرين وسبعمائة - وله يومئذ ثلاث وثمانون سنة - رحمه الله تعالى.

محمد بن عبد الرحيم الأنصاري الخزرجي من ولد سعد بن عبادة. كنيته أبو عبد

محمد بن عبد الرحيم الأنصاري الخزرجي من ولد سعد بن عبادة. كنيته أبو عبد الله يعرف بابن الفرس من أهل غرناطة سمع أباه أبا القاسم وأخذ عنه القراءات ودرس عليه الفقه وسمع أبا بكر بن عطية وأبا محمد بن عتاب وابن رشد وأبا بحر الأسدي وأبا القاسم بن بقي وابن مغيث وأبا عبد الله المازري وأبا علي الصدفي وغيرهم من الشيوخ المتقدمين: خلقاً كثيراً. وكان عالماً حافظاً رواية مكثراً عالماً بالقرآن والفقه مشاركاً في الحديث والأصول مع البصر في الفتوى ووجوهها والضبط للروايات وتحصيلها والتنبيه على مواضع الخلاف وحفظها والاعتناء بجمع الأقاويل وإحصائها. ولي خطة الشورى بمرسية ثم قدم إلى قضاء بلنسية فلم تطل مدة ولايته وخرج مستعفياً عنها وكان ذا حظ من الإنقباض وعدم التلبس بالدنيا ملازماً للإقراء والتدريس والإسماع. وكان في وقته أحد حفاظ الأندلس في المسائل مع المعرفة بالآداب. قال التجيبي: ذكر لي من عمله وفضله ما أزعجني إليه - يعني لمرسية فلقيت عالماً كبيراً وأطال الثناء عليه وأطنب وكان أهلاً لذلك.

محمد بن يوسف بن سعادة

أخذ الناس عنه وانتفعوا به وتوفي بإشبيلية سنة سبع وستين وخمسمائة واحتمل إلى غرناطة فدفن بها. ومولده سنة إحدى وخمسمائة رحمه الله تعالى. محمد بن يوسف بن سعادة من أهل مرسية وسكن شاطبة كنيته أبو عبد الله. سمع أبا علي الصدفي وأبا محمد بن عتاب وأبا بحر الأسدي وأبا الوليد بن رشد وأبا بكر بن العربي وأبا عبد الله بن الحاج. وأخذ الفقه وعلم الكلام عن أبي الحجاج بن زياد الميورقي وكتب إليه أبو بكر الطرطوشي ولقي أبا عبد الله المازري وسمع منه. وكان عارفاً بالسنن والآثار والتفسير والفروع والأدب وعلم للكلام مائلاً إلى التصوف وكان خطيباً بليغاً ينشئ الخطب وولي خطة الشورى بمرسية مضافة إلى الخطبة بجامعها وأخذ في إسماع الحديث وتدريس الفقه وولي القضاء بها ثم ولي قضاء شاطبة فاتخذها وطناً وألف كتاب شجرة الوهم المترقية إلى ذروة الفهم لم يسبق إلى مثله وليس له غيره وجمع فهرسة حافلة. وروى لنا عنه أكابر شيوخنا وذكره بن عباد ووصفه بالتفنن في المعارف والرسوخ في الفقه وأصوله والمشاركة في علم الحديث والأدب.

محمد بن إبراهيم بن موسى بن عبد السلام الأنصاري المعروف بابن شق الليل

وقال: كان صليباً في الأحكام مقتفياً للعدل حسن الخلق والخلق جميل المعاملة لين الجانب. قال: ولم يكن عند شيوخنا مثل كتبه في صحتها وإتقانها وجودتها وكان فيهم من رزق عند الخاصة والعامة من الحظوة والذكر وجلالة القدر ما رزقه. توفي في منسلخ ذي الحجة من سنة خمس وستين وخمسمائة. ومولده بمرسية في شهر رمضان سنة ست وتسعين وأربعمائة. ومن كتاب الصلة: محمد بن إبراهيم بن موسى بن عبد السلام الأنصاري المعروف بابن شق الليل من أهل طليطلة سكن طلبيرة يكنى أبا عبد الله سمع من أبي إسحاق وابن شنظير وصاحبه أبي جعفر بن ميمون وأكثر عنهما وروى عن المنذر بن المنذر وابن الفخار وجماعة كثيرة سواهم ومن أهلها ومن القادمين عليها ولقي بمكة أبا الحسن بن فراش العبقسي وأبا الحسن: علي بن جهضم وأبا القاسم السقطي وأبا بكر المطوعي وغيرهم من الشيوخ المصريين وغيرهم كثيراً. وكان فقيهاً عالماً إماماً متكلماً حافظاً للحديث والفقه قائماً بهما متقناً لهما.

محمد بن أحمد بن بكر بن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن علي القرشي

وكان مليح الخط جيد الضبط من أهل الرواية والدراية والمشاركة في العلوم والافتنان لها وبمذاكرتها. كان أدبياً شاعراً لغوياً مجيداً فاضلاً ديناً كثير التصنيف والكلام على الحديث حلو الكلام في تآليفه وتصانيفه. وكانت له عناية بأصول الديانات وإظهار الكرامات. توفي سنة خمس وخمسين وأربعمائة. ومولده في حدود سنة ثمانين وثلاثمائة. ومن الإحاطة لابن الخطيب: محمد بن أحمد بن بكر بن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن علي القرشيالمقري ويكنى أبا عبد الله قاضي الجماعة بفاس تلمساني هذا الرجل مشار إليه بالعدوة للعربية اجتهاداً وخوفاً وحفظاً وعناية وإطلاعاً ونقلاً ونزاهة سليم الصدر محافظاً على العمل حريصاً على العبادة قائماً على العربية والفقه والتفسير أتم القيام ويحفظ الحديث ويتفجر بحفظ الأخبار والتواريخ والآداب ويشارك مشاركة فاضلة في الأصلين والجدل والمنطق وله شعر جيد ويتكلم في طريق الصوفية كلام أرباب المقال ويعتني بالتدوين فيها.

حج ولقي جلة ثم عاد إلى بلده فأقرأ به وانقطع إلى خدمة العلم فلما ولي السلطان أبو عنان المغرب ولاه قضاء الجماعة بفاس فاستقل بذلك أعظم الاستقلال وأنفذ الحق وألان الكلمة وآثر التشديد في العلم واستفاد على الإمامين العالمين الراسخين أبي زيد: عبد الرحمن وأبي موسى: عيسى ابني الإمام وعلي الإمام العالم الحافظ ناصر الدين أبي موسى: عمران بن موسى بن يوسف المشذالي. وكان رحمه الله تعالى نسيج وحده في المتأخرين وعلى قاضي الجماعة بتلمسان أبي عبد الله: محمد بن منصور بن هدية القرشي من ولد عقبة بن عامر الفهري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى غيرهم من المشايخ الجلة. وألف كتاباً يشتمل على أزيد من مائة مسألة فقهية ضمنها كل أصل من الرأي والمباحثة ودون في التصوف: إقامة المريد ورحلة المتبتل وكتاب الحقائق والرقائق. قال بن الخطيب: اتصل بنا - نعيه في شهر محرم عام تسعة وخمسين وسبعمائة وأراه توفي في ذي الحجة من العام قبله.

محمد بن عياض بن موسى بن عياض بن عمرون بن موسي بن عياض اليحصبي

محمد بن عياض بن موسى بن عياض بن عمرون بن موسي بن عياض اليحصبي من أهل سبتة ولد الإمام أبي الفضل يكنى أبا عبد الله كان فقيهاً جليلاً أدبياً كاملاً دخل الأندلس وقرأ على بن بشكوال كتابه الصلة وولي غرناطة. قال بن الزبير: وقفت على كتاب الفقه في شيء من أخبار أبيه وحاله في أخذه وعلمه وما يرجع إلى هذا. روى عن أبيه أبي الفضل الإمام وأبي بكر بن العربي وابن بشكوال. روى عنه ابنه أبو الفضل: عياض. توفي سنة خمس وتسعين وخمسمائة. محمد بن عياض بن محمد بن عياض بن موسى اليحصبي من أهل سبتة حفيد القاضي الإمام أبي الفضل يكنى أبا عبد الله قال الأستاذ أبو جعفر بن الزبير: كان من عدول القضاة وجلة سراتهم وأهل النزاهة فيهم شديد التحري في الحكم والاحتياط شديداً على أهل الجاه وذي السطوة فاضلاً وقوراً حسن الصمت يعرب كلامه أبداً ويزينه ذلك لكثرة وقاره محباً في أهل العلم مقرباً لأصاغر الطلبة

محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد الحسيني

ومكرماً لهم ومعتنياً بهم ليحبب إليهم العلم والتمسك به ما رأينا بعده في هذا مثله. قرأ بسبتة وأسند بها فأخذ بها عن أبي الصبر أيوب بن عبد الله الفهري وغيره ورحل إلى الجزيرة الخضراء فأخذ بها كتاب سيبويه وغير ذلك تفقهاً على النحوي الجليل أبي القاسم عبد الرحمن بن القاسم وأخذ بها أيضاً إيضاح الفارسي على الأستاذ أبي الحجاج بن معزوز وقرأ على القاضي أبي القاسم بن بقي برنامجه وأجاز له وكتب له من أهل المشرق علم كثير منهم: الشيخ المحدث أبو العباس العزفي وغيره من المشايخ الجلة. ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة وتوفي بغرناطة يوم الخميس الثامن والعشرين لجمادى الأخيرة سنة خمس وخمسين وستمائة. محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد الحسيني من أهل سبتة هذا الرجل كان فاضلاً جملة من جمل الكمال عرف بالوقار والحصافة ونزع غرباً في قوس السيادة وبلغ المدى متوقد الذهن أصيل الإدراك حاملاً لراية البلاغة رحلة الوقت في التبريز معلوم اللسان عربية مستبحرة لحفظ أصيلة التوجيه مرهفة باللغة والغريب والتاريخ والخبر والبيان

وصناعة البديع وميزان العروض وعلم القافية متقدماً في الأحكام وتدريس الفقه بارع التصنيف غزير الحفظ حاضر الذكر فصيح اللسان مفخراً من مفاخر أهل بيته. ولي القضاء والخطابة بالحضرة بعد ولاية غيرها التي أنبهها مدينة مالقة وكان نافذ الأمر عظم الهيبة قليل الناقد ثم عزل عن القضاء من غير زلة تحفظ ولا هناة تؤثر فتحيز إلى التحليق لتدريس العلم وتفرغ لإقراء العربية والفقه ثم أعيد إلى القضاء وتوفي قاضياً بغرناطة. أخذ العربية عن أبي عبد الله بن هاني الأستاذ وانتفع به وعليه جل قراءته واستفادته وأخذ عن الإمام شيخ المشيخة أبي إسحاق الغافقي والقاضي المحدث أبي عبد الله بن رشيد والقاضي أبي عبد القرطبي والفقيه الصالح أبي عبد الله بن حريث وأخذ عن الأستاذ النظار أبي القاسم بن الشاط وغيرهم. وتصانيفه بارعة منها: رفع الحجب المستورة عن محاسن المقصورة ومقصورة الأديب أبي الحسن حازم مما تنقطع الأطماع فيه ومنها رياضة الأبي في شرح قصيدة الخزرجي وقيد على كتاب التسهيل لأبي عبد الله بن مالك تقييداً جليلاً وشرحاً بديعاً قارب التمام وشرع في تقييد على الجزء المسمى بدرر السمط في خبر السبط. توفي في سنة ستين وسبعمائة.

محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن حزب الله بن عامر بن سعد الخير بن

محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن حزب الله بن عامر بن سعد الخير بنعياش المكنى بأبي عيشون ابن محمود الداخل إلى بلاد الأندلس يكنى أبا البركات بلفيقي الأصل مروزي النشأة والولادة والسلف يعرف بابن الحاج شهرة قديمة لا يعلم لمن الإشارة بها من سلفه إذ لا يعلم فيهم حاج إلا جده إبراهيم الأقرب. وكان جد جده يعرف بابن الحاج وشهر الآن في غير بلده بالبلفيقي وفي بلده بالمعرفة القديمة ونسبه متصل بحارثة بن العباس بن مرداس صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد خطبائه وشعرائه رئيس في الإسلام ورئيس في الجاهلية. وكان لسلفه - وخصوصاً إبراهيم - من الشهرة بولاية الله ما هو مشهور في الفهارس يعضد هذا المجد من جدود الأمومة بأبي بكر بن مهيب وابن عمه أبي إسحاق. نشأ بالمرية بلده غمر رداء العفة بضفاف جلباب الصيانة غضيض طرف الحياء حليف الانقباض لا يرى إلا في منزل من منازله أو في حلق الأساتيذ أو في مسجد من مساجد خارج المدينة المعدة للتعبد لا يغشى سوقاً

ولا مجتمعاً ولا وليمة ولا مجلس حاكم ولا يلابس أمراً من الأمور التي جرت عادة الناس أن يلابسوها بوجه من الوجوه ثم ترامى إلى الرحلة فأخذ عن العلماء والصلحاء والأدباء بالقطر الغربي وبجاية ثم صرف عنانه إلى الأندلس فتصرف في الإقراء والقضاء والخطابة بالغاً في ذلك الدرجة التي لا فوقها. وكان نسيح وحده أصالة عريقة وسجية على السلامة مقصورة رحلة الوقت وفائدة العصر تفنناً وامتناعاً مبرزاً في فنون إماماً في القراءة والحفظ ومعرفة العروض متضلعاً بصناعة الحديث وتاريخ الرجال مستكثراً من الرواية مشاركاً في أصول الفقه وفروعه وعلم اللسان وصناعة المنطق معدوداً في رجال التصوف أولي الأحوال والمقامات جماعة للدواوين متبحراً في معرفة أسماء الكتب كلفاً بالمطالعة رياناً من الأدب شاعراً مفلقاً مطبوع الأغراض حلو المقاصد سهل النظم غريب النزعات يغرف من بحر وينحت من طود فارس المنابر خطيب المحافل طيب النغمة بالقرآن كثير الشفقة سريع الدمعة مخولاً في رياسة الدين والدنيا. هذا أقل ما تسامح فيه من ذكره ويكفي فيه الإشارة. قرأ القراءات السبع على الأستاذ أبي الحسن بن أبي العيش وبين يديه نشأ وتأدب وقرأ عليه جمل الزجاج تفقهاً والجزولية وعروض التبريزي وابن الحاجب وعروض بن عبد النور وتفقه في رسالة بن أبي زيد

والأشعار الستة وفصيح ثعلب وغيره وممن قدم عليه الأستاذ العالم الشاعر أبو عبد الله بن خمسين الجحدري أخذ عنه كثيراً من شعره وكتاباً منها الموطأ والمقامات وقرأ عليه جملة من كلام الشيخ أبي مدين رضي الله عنه. وقرأ على القاضي أبي جعفر بن فركون عند قدومه على بلده قاضياً بالقراءات السبع والموطأ وجملة من تعليقة الطرطوشي ومن كشف الحقائق للأبهري والدعوى والإنكار للرعيني تفقه وسمع على الغافقي الموطأ والبخاري بين سماع وقراءة وتفقه وسنن الترمذي وقرأ عليه كتاب سيبويه وقرى على بن الشاط الإشارة الباجية وبرهان أبي المعالي وتنقيح القرافي ومقدمة المستصفى والحاصل للأرموي وقرأ على أبي سلطان: محمد بن عبد المنعم في تسهيل الفوائد لابن مالك وتفقه عليه في كثير منه وغير ذلك من التآليف العديدة في أنواع العلوم على عدة مشايخ يطول ذكرهم. منهم أبو الحسن الصغير وأبو زيد الجزولي وأبو علي: ناصر الدين المشذالي فقرأ عليهم وتفقه بهم وقرأ على أبي ناصر الدين شرحه على الرسالة ومنهم أبو العباس بن البنا العددي وتفقه عليه في كثير من تصانيفه وله أشياخ جلة كثيرون ما عدا من ذكرنا من أهل المشرق والمغرب يشق استقصاؤهم وتركت كثيراً ممن ذكر المؤلف. وولي القضاء بأعمال كثيرة وجلس للإقراء فأفاد وبلغ أقصى مبالغ الإمتاع. وله تآليف أكثرها أو كلها غير متممة في مبيضات منها كتاب:

قد يكبو الجواد في ذكر أربعين غلطة عن أربعين من النقاد هو من نوع تصحيف الحافظ أبي الحسن الدارقطني وكتاب قد وجل في نظم الجمل ومنها كتاب خطر فنظر ونظر فخطر في تنبيهات على وثائق بن فتوح ومنها: الإفصاح فيمن عرف في الأندلس بالصلاح ومنها: حركة الرجولية في المسألة المالقية ومنها: سلوة الخاطر فيما أشكل من نسبته الذنب إلى الذاكر ومنها: تاريخ المرية غير تام ومنها: مغربة خبر في جلب التمر إلى شجر ومنها: ديوان شعره المسمى بالعذاب والأجاج من شعر أبي البركات بن الحاج ومنها: عرائس بنات الخواطر والمجلوات على منصات المنابر ومنها: المؤتمن على أنباء الزمن ومنها تأليف في أسماء الكتب والتعريف بمؤلفيها على حروف المعجم ومنها: كتاب المرجع بالدرك على من أنكر اللفظ المشترك ومنها: مشتبهات مصطلحات العلوم ومنها: كتاب ما كثر دوره في مجالس القضاء ومنها: الغلسيات وهي ما صدر من مجالسه في الكلام على صحيح مسلم في التغليس ومنها: الفصول والأبواب في ذكر من أخذ عنه من الشيوخ والأتباع والأصحاب. ومن شعره من قصيدة طويلة فيها صفة حاله: تأسف لكن حين عز التأسف ... وكفكف دمعاً حيث لا عين تذرف

وجاذب قلباً ليس يأوي لمألف ... وعالج نفساً داؤها يتضعف ورام سكوناً وهو في رجل طائر ... ونادى بأنس والمنازل تقنف أراقب قلبي مرة بعد مرة ... فألفيه ذياك الذي أنا أعرف فإن حلت الضراء لم ينفعل لها ... وإن حلت السراء لا يتكيف تحدثني الآمال وهي كذوبة ... تبدل في تحديثها وتحرف بأني في الدنيا أقضي مآربي ... وبعد يحق الزهد لي والتقشف وتلك أمان لا حقيقة عندها ... أفي فرق الضدين يبغى التألف ألا إنها الأقدار تظهر سرها ... إذا ما وفى المقدرو ما الرأي مخلف أيا رب إن القلب طاش بما جرى ... به قلم الأقدار والقلب يرجف وفي الكون من سر الوجود عجائب ... أطل عليها العارفون وأشرفوا فليس لنا إلا نحط رقابنا ... بأبواب الاستسلام والله يلطف فهذا سبيل ليس للعبد غيره ... وإلا فماذا يستطيع المكلف؟ وله أيضاً: لا تبذلن نصيحة إلا لمن ... تلفي لبذل النصح منه قبولاً فالنصح إن وجد القبول فضيلةويكون إن عدم القبول فضولاً وله أيضاً: إذا ما كتمت السر عمن أوده ... توهم أن الود غير حقيقي ولم أخف عنه السر من ظنة به ... ولكنني أخشى صديق صديقي

محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن جزي الكلبي

وله أيضاً: كففت عن قومي الأذى إذ همو ... يؤذونني طراً أشد الأذى أصبحت عيناً فيهم واغتدوا ... فيها على حكم زماني قذى وله أيضاً: رعى الله إخوان الخيانة إنهم ... كفونا مؤنات البقاء على العهد فلو قد وفوا كنا أسارى حقوقهم ... نراوح ما بين النسيئة والنقد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن جزي الكلبي يكنى أبا القاسم من أهل غرناطة وذوي الأصالة والنباهة فيها. كان رحمه الله على طريقة مثلى: من العكوف على العلم والاشتغال بالنظر والتقييد والتدوين فقيهاً حافظاً قائماً على التدريس مشاركاً في فنون من عربية وأصول وقراءات وحديث وأدب حافظاً للتفسير مستوعباً للأقوال جماعة للكتب ملوكي الخزانة حسن المجلس ممتع المحاضرة صحيح الباطن تقدم خطيباً بالمسجد الأعظم من بلده على حداثة سنه فاتفق على فضله وجرى على سنن أصالته. قرأ على الأستاذ أبي جعفر بن الزبير وأخذ عنه العربية والفقه

والحديث والقرآن ولازم الخطيب الفاضل أبا عبد الله بن رشيد وأبا المجد بن الأحوص والقاضي أبا عبد الله بن برطال والأستاذ النظار المتفنن أبا القاسم: قاسم بن عبد الله بن الشاط. وألف الكثير في فنون شتى منها: كتاب وسيلة المسلم في تهذيب صحيح مسلم وكتاب الأقوال السنية في الكلمات السنية وكتاب الدعوات والأذكار المخرجة من صحيح الأخبار وكتاب القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية والتنبيه على مذهب الشافعية والحنفية والحنبلية وكتاب تقريب الوصول إلى علم الأصول وكتاب النور المبين في قواعد الدين وكتاب المختصر البارع في قراءة نافع وكتاب أصول القراء الستة غير نافع وكتاب الفوائد العامة في لحن العامة إلى غير ذلك مما قيده من التفسير والقراءات وغير ذلك. وله فهرسة كبيرة اشتملت على جملة كثيرة من أهل المشرق والمغرب ومن شعره: لكل بني الدنيا مراد ومقصد ... وإن مرادي صحة وفراغ لأبلغ في علم الشريعة مبلغاً ... يكون به لي في الجنان بلاغ ففي مثل هذا فلينافس أولو النهى ... وحسبي من الدنيا الغرور بلاغ فما الفوز إلا في نعيم مؤبد ... به العيش رغد والشراب يساغ وله في الجناب النبوي: أروم امتداح المصطفى فيردني ... قصوري عن إدراك تلك المناقب

محمد بن إبراهيم بن محمد السياري ويعرف بالبياني

ومن لي بحصر البحر والبحر زاخر ... ومن لي بإحصاء الحصى والكواكب؟ ولو أن كل العالمين تألقوا ... على مدحه لم يبلغوا بعض واجب فأمسكت عنه هيبة وتأهباً ... وخوفاً وإعظاماً لأرفع جانب ورب سكوت كان فيه بلاغة ... ورب كلام فيه عتب لعاتب وله أيضاً: يا رب إن ذنوبي اليوم قد كثرت ... فما أطيق لها حصراً ولا عددا وليس لي بعذاب النار من قبل ... ولا أطيق لها صبراً ولا جلدا فانظر إلهي إلى ضعفي ومسكنتي ... ولا تذيقنني حر الجحيم غدا توفي شهيداً يوم الكائنة بطريف في عام أحد وأربعين وسبعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن إبراهيم بن محمد السياري ويعرف بالبياني يكني أبا عبد الله من أهل غرناطة كان رحمه الله تعالى حسن الطريقة في الخير مأمون الغائلة كهفاً للطلبة حسن العهد حسن الخلق كثير التواضع.

محمد بن سعيد بن علي بن يوسف الأنصاري يكنى أبا عبد الله ويعرف بالطراز

أقرأ الفقه ودرسه عمره وانتصب للفتيا وتكلم للجمهور وكان مفزعاً في المشكلات ومستشاراً في الأحكام يقوم على الفقه أحسن قيام عاكفاً على تدريسه مكباً على تبيينه سهل الألفاظ حسن التعليم يشارك في العربية والفرائض والأصول خطيباً جهورياً بليغ الخطبة حسن التلاوة طيب النغمة. قرأ على الأستاذ الكبير أبي جعفر بن الزبير وعلى الخطيب المحدث أبي عبد الله بن رشيد وأخذ عن أبي الوليد الحضرمي وتلمذ للشيخ الصالح أبي عبد الله الساحلي وأخذ عن الخطيب الصالح أبي جعفر الزيات والأستاذ أبي القاسم بن الشاط وغيرهم. وتوفي رحمه الله تعالى مدرساً بالمدرسة النصرية وخطيباً بمسجد المنصورة في عام ثلاثة وخمسين وسبعمائة. محمد بن سعيد بن علي بن يوسف الأنصاري يكنى أبا عبد الله ويعرف بالطراز من أهل غرناطة كان رحمه الله تعالى مقرئاً جليلاً ومحدثاً حافلاً وبه ختم بالمغرب هذا الباب ألبتة وكان ضابطاً متقناً ومقيداً حافلاً بارع الخط حسن الوراقة عارفاً بالأسانيد والطرق والرجال وطبقاتهم عارفاً بالقراءات ومختلف

الروايات: ماهراً في صناعة التجويد مشاركاً في علم العربية والفقه والأصول وغير ذلك مجموعاً فاضلاً ثقة فيما روى عدلاً ممن يرجع إليه فيما قيد وضبط لإتقانه وحذقه. كتب بخطه كثيراً وترك أمهات حديثية اعتمدها الناس بعده وعولوا عليها وتجرد آخر عمره إلى كتاب مشارق الأنوار تأليف القاضي أبي الفضل: عياض وكان قد تركه في مبيضته في أنهى درجات التثبيج والإدماج والأشكال وإهمال الحروف حتى اخترمت منفعتها حتى استوفى ما نقل منه المؤلف وجمع عليها أصولاً حافلة وأمهات هائلة: من الغريب وكتب اللغة فتخلص الكتاب على أتم وجه وأحسنه وكمل من غير أن يسقط منه حرف ولا كلمة. والكتاب في ذاته لم يؤلف مثله. وروى أبو عبد الله عن القاضي أبي القاسم بن سمجون وعن أبي جعفر بن شراحيل وأبي عبد الله بن صاحب الأحكام وأبي الحسن: علي بن جابر بن فتح الأنصاري وأبي محمد بن عبد الصمد بن أبي رجاء وأبي القاسم الملاحي. وأخذ بقرطبة عن أبي الحسن: علي بن أحمد الغافقي وأخذ بمالقة عن الحافظ أبي محمد القرطبي ولازمه وانتفع به في صناعة الحديث وعن أبي علي الرندي وأبي إسحاق بن أغلب وابني حوط الله وأبي محمد بن عطية وبسبتة عن أبي العباس العزفي وبإشبيلية عن أبي بكر بن عبد النور وأبي جعفر بن فرقد وأبي الحسن بن زرقون وبمدينة فاس عن أبي عبد الله بن زيدان وأبي البقاء: يعيش بن القديم وأبي محمد:

محمد بن أحمد بن داود بن موسى بن مالك اللخمي المكي من أهل بلش يكنى أبا

قاسم الشريف وبمرسية عن أبي القاسم الطرطوشي وغيره. وتوفي بغرناطة عام خمسة وأربعين وستمائة. محمد بن أحمد بن داود بن موسى بن مالك اللخمي المكي من أهل بلش يكنى أباعبد الله ويعرف بابن الكماد كان من جلة صدور الفضلاء زهداً وقناعة وانقباضاً. إلى دماثة الخلق ولين الجانب وحسن اللقاء والعمل على التقشف والعزلة قديم السماع والرحلة إماماً مشهوراً في القراءات يرحل إليه محدثاً ثبتاً فقيهاً متصرفاً في المسائل أعرف الناس بعقد الشروط ذا حظ من اللغة والعربية والأدب رحل إلى العدوة وتجول في بلاد الأندلس فأخذ عن كثير من الأعلام وروى وقيد وصنف وأفاد وتصدر للإقراء بغرناطة وغيرها. وتخرج بين يديه جملة وافرة من العلماء والطلبة انتفعوا به. قرأ ببلده على الأستاذ أبي الحسن: علي بن محمد بن لب وتلا عليه وسمع من الخطيب أبي الحسن: علي بن يوسف بن باق ومن أبي عبد الله محمد بن

محمد بن أحمد بن محمد بن علي الغساني

أحمد الشهير بابن الجون وتلا عليه وقرأ العربية على الغافقي وأبي بكر يحيى بن مهلب وأبي علي بن أبي الأحوص والقاضي أبي بكر: محمد بن إبراهيم الدباغ الأوسي وأبي جعفر الطباع وإمام العربية الأستاذ أبي الحسين بن أبي الربيع وأجازه جماعة من أهل المشرق منهم قطب الدين القسطلاني وجار الله أبو اليمن بن عساكر وابن أبي الدنيا وغيرهم. وله تآليف: واختصر كتاب المقنع في القراءات اختصاراً بديعاً وسماه: الممتع في تهذيب المقنع وله غير ذلك. ومن شعره: عليك بالصبر وكن راضياً ... بما قضاه الله تلق النجاح واسلك طريق الجد والهج به ... فهو الذي يرضاه أهل الصلاح توفي في عام اثني عشر وسبعمائة. محمد بن أحمد بن محمد بن علي الغساني من أهل مالقة يكنى أبا القاسم ويعرف بابن حفيد الأمين كان من أهل العلم والفضل والدين المتين والدأب على تدريس كتب الفقه استظهر منها على كتاب الجواهر لابن شاس واضطلع بها فكان مجلسه من مجالس حفاظ المذهب وانتفع به الناس وكان معظماً

فيهم متبركاً به على سنن الصالحين من الزهد والانقباض سني المنازع شديد الإنكار على أهل البدع والأهواء. جلس للتدريس العام بالمسجد الجامع وأقرأ به الفقه والعربية والفرائض وأخذ عن أبي علي بن أبي الأحوص وأبي جعفر بن الزبير وأبي محمد بن أبي السداد والقاضي أبي القاسم المكوى. وله تقييد حسن في الفرائض وجزء في تفضيل التين على التمر وكلام على نوازل من الفقه. فقد في الكائنة العظمى بطريف وقد تقدم أنها كانت عام أحد وأربعين وسبعمائة. محمد بن أحمد بن محمد بن علي الغساني من أهل مالقة يكنى أبا بكر ويعرف بابن حفيد الأمين كان فقيهاً جليلاً حافظاً لفروع الفقه إماماً منقبضاً يدرس مختصر بن الحاجب الفرعي عمره وعرضه في مجلس واحد واجتهد اجتهاداً كثيراً ورحل إلى المشرق فحج ورجع إلى الأندلس وكان أكثر أهل بيته تواضعاً وأملحهم خلقاً جميل الاعتقاد في الناس متحلياً بالصدق والعفاف مثابراً على الخير حسن العهد على سنن الصالحين متقشفاً. توفي عام ستة وثلاثين وسبعمائة أو في حدوده.

محمد بن إبراهيم بن محمد

قلت: هذان المذكوران أخوان ولهم أخ ثالث: اسمه أيضاً: محمد ويكنى أبا الحكم. من أهل العلم والدين المتين جلس للتدريس في الجامع الأعظم بعد موت أخيه أبي القاسم وكان خطيباً. وتوفي عام تسعة وأربعين وسبعمائة. محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن الفرج الأوسي المعروف بابن الدباغ الإشبيلي كان واحد عصره في مذهب مالك وفي عقد الوثائق ومعرفة عللها عارفاً بالنحو واللغة والأدب والكتابة والشعر والتاريخ كثير البشاشة والانقباض طيب النفس جميل العشرة صبوراً على المطالعة سهل الألفاظ في تعليمه وإقرائه. أقرأ بجامع غرناطة أكابر علمائها: الفقه وأصوله وكان يقرئ العقائد العامة قرأ على والده الأستاذ أبي إسحاق: إبراهيم وعلى أبي الحسن الدباج وعلى القاضي أبي الوليد: محمد بن الحاج التجيبي القرطبي وعلى القاضي أبي عبد الله: محمد بن عياض. توفي عام ثمانية وستين وستمائة.

محمد بن حكيم بن محمد بن أحمد بن باق الجزامي

محمد بن حكيم بن محمد بن أحمد بن باق الجزامي من أهل سرقسطة سكن غرناطة ثم مدينة فاس يكنى أبا جعفر. كان مقرئاً مجوداً متحققاً بعلم الكلام وأصول الفقه محصلاً لهما متقدماً في النحو حافظاً للفقه حاضر الذكر لأقوال أهل تلك العلوم جيد النظر متوقد الذهن ذكي القلب فصيح اللسان. ولي أحكام فاس وأفتى بها ودرس بها العربية: كتاب سيبويه وغيره. روى عن أبي الأصبغ بن سهل وأبي الحسن الحضرمي وابن سابق وأبي العباس الدلائي وأبي عبد الله البكري وأبو الفوارس: محمد بن عاصم وأبي الفوارس بن زرقون وعبد الدائم بن زرقون وأجاز له أبو الوليد الباجي. روى عنه أبو إسحاق بن قرقول وأبو الحسن: صالح بن خلف واللواتي وخلائق. وله شرح كتاب الإيضاح للفارسي وكان قيماً عليه وصنف في الجدل مصنفين كبيراً وصغيراً وله عقيدة جيدة. توفي بفاس وقيل: بتلمسان سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.

محمد بن حسن بن محمد بن عبد الله بن خلف الأنصاري

محمد بن حسن بن محمد بن عبد الله بن خلف الأنصاري من أهل مالقة يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن الحاج وبابن صاحب الصلاة. وكان مقرئاً صدراً في أئمة التجويد محدثاً متقناً ضابطاً نبيل الخط والتقييد ديناً فاضلاً وصنف في الحديث وخطب بجامع بلده وأم في الفريضة واستمرت حاله كذلك من نشر العلم وبثه وإفادته إلى أن أكرمه الله بالشهادة في وقعة العقاب. روى بالأندلس عن أبي الحجاج بن الشيخ وأبي الحجاج بن كوثر وأبي خالد بن يزيد بن رفاعة وأبوي عبد الله بن عروس وابن الفخار وأبي محمد بن حوط الله وعبد المنعم بن الفرس وحج في نحو سنة ثمانين وخمسمائة. توفي شهيداً محرضاً صابراً في سنة تسع وستمائة.

محمد بن محمد بن إدريس بن مالك بن عبد الواحد من أهل اصطبونة يكنى أبا

محمد بن محمد بن إدريس بن مالك بن عبد الواحد من أهل اصطبونة يكنى أبابكر ويعرف بالقلاوسي كان رحمه الله تعالى إماماً في العربية والعروض وكان بقطره علماً من أعلام الفضل والعلم والإيثار فيه والمشاركة وألف في الفرائض جزءاً سهلاً شهيراً علماً وعملاً نبيهاً وألف في العروض وتاريخ بلده وألف تأليفاً حسناً في ترحيل الشمس ومتوسطات الفجر ومعرفة الأوقات بالأقدام وله أرجوزة في شرح ملاحن بن دريد وله شرح الفصيح وغير ذلك. قرأ على الأستاذ أبي الحسن بن الربيع وأبي القاسم الحصار الضرير وعلى الأستاذ أبي جعفر بن الزبير وغيرهم. توفي عام سبعة وسبعمائة. محمد بن عبد الله بن ميمون العبدري يكنى أبا بكر كان عالماً بالقراءات ذاكراً للتفسير حافظاً للفقه واللغات والآداب شاعراً محسناً مبرزاً في النحو وصنف في غير فن من العلم وكلامه - نظماً ونثراً كثير مدون.

محمد بن عبد الله بن يحيى بن عبد الله بن فرج بن الجد الفهري

روي عن أبي بكر بن العربي وأبي الحسن بن شريح وعبد الرحمن بن بقي وابن الباذش ويونس بن مغيث وأبي عبد الله بن الحاج وأبي محمد بن عتاب وأبي الوليد بن رشد ولازمه عشرين سنة وسمع أبا بحر الأسدي وغيرهم وصنف: مشاحذ الأفكار في مآخذ النظار وشرحيه الكبير والصغير على جمل الزجاجي وشرح أبيات الإيضاح للصفدي ومقامات الحريري وشرح معشراته الغزلية ومكفراته الزهدية إلى غير ذلك. ومن شعره: توسلت يا ربي بأني مؤمن ... وما قلت إني سامع ومطيع أيصلى بحر النار عاص موحد ... وأنت كريم والرسول شفيع وله أيضاً: لا تكترث بفراق أوطان الصبا ... فعسى تنال بغيرهن سعوداً فالدر ينظم عند فقد بحاره ... بجميل أجياد الحسان عقودا توفي سنة سبع وستين وخمسمائة. محمد بن عبد الله بن يحيى بن عبد الله بن فرج بن الجد الفهري الحافظ الجليل يكنى أبا بكر جليل إشبيلية وزعيم وقته في الحفظ. لبلي الأصل إشبيلي كان في حفظ الفقه بحراً يغرف من محيط يقال

إنه ما طالع شيئاً من الكتب فأنسيه إلى الجلالة والأصالة وبعد الصيت واشتهار المحل. روي عن أبي الحسن بن الأخضر ودرس عليه كتاب سيبويه وأخذ عنه كتب اللغات والآداب والعربية وسمع من أبي بكر بن العربي وبرع أولاً في العربية واقتصر عليها ثم مال إلى دراسة الفقه ومطالعة الحديث والإشراف على الاتفاق والاختلاف بتحريض أبي الوليد بن رشد إياه على ذلك لما رأى من سداد فطرته واتقاد فطنته وانتهت إليه الرياسة في الفتيا وقدم للشورى مع أبي بكر بن العربي ونظرائه حينئذ بإشبيلية في سنة إحدى وعشرين وخمسمائة وتمادى به ذاك نيفاً على ستين سنة في ازدياد سمو الرياسة واطراد تمكن الحظوة ولم يشتغل بالتأليف مع غزارة حفظه واتساع مادة علمه. وروى عن أبي محمد بن عتاب وعن أبي بحر الأسدي وأبي الوليد بن طريف وأبي القاسم بن منظور القاضي وأبي الوليد بن رشد وناوله كتاب: البيان والتحصيل وكتاب المقدمات. حدث عنه أبو الحسن بن زرقون وأبو محمد القرطبي الحافظ وابنا حوط الله وغيرهم. مولده سنة ست وتسعين وأربعمائة وتوفي سنة ست وثمانين وخمسمائة.

محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن الفخار الجذامي

محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن الفخار الجذامي يكنى أبا بكر أركشي المولد والمنشأ مالقي الاستيطان شريشي التدرب والقراءة. كان رحمه الله كثير العكوف على العلم والملازمة قليل الرياء خيراً صالحاً شديد الانقباض مغرقاً في باب الورع سليم الباطن وكان مفيد التعليم متفننه من فقه وعربية وقراءات وأدب وحديث عظيم الصبر مستغرق الوقت في التدريس ونشأت بينه وبين فقهاء بلده مشاحنة في أمور عدوها عليه مما ارتكبها اجتهاده في مناط الفتوى وعقد لهم أمير المسلمين بالأندلس مجلساً أجلى عن ظهوره فيه وبقاء رسمه وبلغ من تعظيم الناس إياه مبلغاً لم ينله اجتهاده وانتفع بعلمه واستفيد منه. قرأ ببلده على فقهائها كالأستاذ أبي بكر: محمد الدباج وعلى الأستاذ أبي الحسن: علي بن إبراهيم بن حكم السكوني الكرماني وعلى الحافظ أبي الحسن: علي بن عيسى المعروف بابن متيوان وقرأ على الخطيب أبي عبد الله بن خمسين وأبي الحسن بن أبي الربيع وعلي أبي يعقوب

المحاسبي والمحدث الحافظ أبي محمد بن الكماد وغيرهم من الأئمة الجلة ممن يطول تعدادهم. وكان رحمه الله تعالى مغرماً بالتأليف ألف نحو الثلاثين تأليفاً في فنون مختلفة منها: كتاب تحبير نظم الجمان في تفسير أم القرآن وانتفاع الطلبة النبهاء في اجتماع السبعة القراء والأحاديث الأربعون فيما ينتفع به القارئون والسامعون وكتاب منظوم الدرر في شرح كتاب المختصر وكتاب نصح المقالة في شرح الرسالة وكتاب الجواب المختصر المروم في تحريم سكنى المسلمين ببلاد الروم وكتاب استواء النهج في تحريم اللعب بالشطرنج وكتاب الفيصل المنتضى المهزوز في الرد على من أنكر صيام النيروز وكتاب جواب البيان على مصارمة أهل هذا الزمان وكتاب تفضيل صلاة الصبح للجماعة في آخر وقتها المختار على صلاة الصبح للمنفرد في أول وقتها بالابتدار وكتاب إرشاد المسالك في بيان إسناد زياد عن مالك وكتاب الجوابات المجمعة على السؤالات المنوعة وكتاب إملاء الدول في ابتداء مقاصد الجمل وكتاب أجوبة الاقناع والإحساب في مشكلات مسائل الكتاب وكتاب منهج الضوابط المقسمة في شرح قوانين المقدمة وكتاب التوجيه لأوضح الأسماء في حذف التنوين من حديث أسماء وكتاب التكملة والتبرية في إعراب البسملة والتصلية وكتاب سح مزنة الانتخاب في شرح خطبة الكتاب ومنها اللائح المعتمد عليه

محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر من مرزوق العجيسي

في الرد على من رفع الخبر بلا إلى سيبويه وغير ذلك. مجيد ومقصر. توفي في عام ثلاثة وعشرين وسبعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر من مرزوق العجيسي من أهل تلمسان يكنى أبا عبد الله ويلقب من الألقاب المشرقية بشمس الدين قال بن الخطيب: هذا الرجل أبقاه الله من طرف دهره ظرفاً وخصوصية ولطافة مليح الترسل. حسن اللقاء مبذول البشر كثير التودد نظيف البزة لطيف التأتي خير البيت طلق الوجه خلوب اللسان طيب الحديث مقدر الألفاظ عارفاً بالأبواب درباً على صحبة الملوك والأشراف ممزوج الدعابة بالوقار والفكاهة بالنسك والحشمة بالبسط عظيم المشاركة لأهل وده والتعصب لإخوانه إلفاً مألوفاً كثير الأتباع مجدي الجاه غاص المنزل بالطلبة بارع الخط أنيقه متسع الرواية مشاركاً في فنون من أصول وفروع وتفسير ويكتب ويقيد ويؤلف ويشعر فلا يعدوه السداد في ذلك فارس منبر جزوع ولا هيابة.

رحل إلى المشرق في كنف حشمة من جناب والده رحمه الله تعالى فحج وجاور ولقي الجلة ثم فارقه وقد عرف بالمشرق حقه وشيوخه الذين أخذ عنهم العلم وروى عنهم الحديث مذكورون في مشيخته المسماة: عجالة المستوفى المستجاز في ذكر من سمع من المشايخ دون من أجاز من أئمة المغرب والشام والحجاز فمنهم: عز الدين أبو محمد: الحسين بن علي الواسطي الخطيب بالمدينة النبوية وجمال الدين محمد بن أحمد بن خلف المطري وهو يروي عن عفيف الدين عبد السلام بن مزروع وأبي اليمن بن عساكر وغيره والشيخ أبي الحسن: علي بن محمد الحجار الفراش بالحرم النبوي وشهاب الدين أحمد بن محمد الصنعاني وقاضي المدينة شرف الدين الأسيوطي اللخمي والخطيب بهاء الدين موسى بن سلامة الشافعي الخطيب بالمدينة النبوية والشيخ أبي طلحة الزبير بن أبي صعصعة الأسواني والشيخ عفيف الدين المطري والشيخ أبي البركات: أيمن بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد - إلى أربعة عشرة جداً كلهم اسمه محمد التونسي المجاور بالمدينة النبوية والشيخين أبي محمد: عبد الله وأبي الحسن: علي ابني محمد بن فرحون والشيخ أبي فارس: عبد العزيز بن عبد الواحد بن أبي زكنون التونسي وبمكة الشيخ شرف الدين أبي عبد الله: عيسى بن عبد الله الحجي المكي توفي وقد قارب المائة والشيخ زين الدين: أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الطبري المكي والشيخ شرف الدين خضر بن عبد الرحمن

العجمي والشيخ حيدر بن عبد الله المقري والشيخ برهان الدين إبراهيم بن مسعود بن إبراهيم الأعلى المصري والشيخ مصلح الدين الحسن بن عبد الله العجمي والشيخ الصالح أبي الوفا خليل بن عبد الرحمن القسطلاني التوزري والشيخ الصالح أبي محمد: عبد الله بن أسعد الشافعي الحجة انتهت إليه الرياسة العلمية والخطط الشرعية بالحرم والشيخ فخر الدين: عثمان بن أبي بكر النويري المالكي والشيخ شهاب الدين أحمد بن الحرازي اليمني والشيخ قاضي القضاة نجم الدين محمد بن جمال الدين بن عبد الله بن المحب الطبري والشيخ جلال الدين أبي عبد الله: محمد بن أحمد الأقشهري التلمساني والشيخ أبي الربيع: سليمان بن يحيى بن سليمان المراكشي السفاح وأبي فارس المعروف بابن الدروال التونسي وأبي عبد الله بن القماح وشرف الدين عيسى بن محمد المغيلي وبرهان الدين إبراهيم بن محمد القيسي الصفاقسي وخطيب القدس محمد بن أحمد بن الصائغ ومحمد بن علي بن متيت الأندلسي وبرهان الدين بن تاج الدين بن الفركاح الدمشقي وقاضي القضاة عز الدين عبد العزيز بن محمد بن جماعة الكناني قاضي القضاة بالديار المصرية. وبالديار المصرية الشيخ علاء الدين: إسماعيل بن يوسف الغزنوي وتقي الدين محمد بن أبي بكر بن عيسى السعدي والشيخ المصنف قاضي القضاة جمال الدين أبي عبد الله: محمد بن عبد الرحمن بن عمر القزويني شهير الذكر رفيع القدر وقاضي القضاة برهان الدين: إبراهيم بن أبي محمد: عبد الحق الحنفي والشيخ قطب الدين أبي محمد عبد الكريم بن عبد النور بن منير الحنفي

والشيخ شهاب الدين: أحمد بن منصور الحلبي الجوهري والشيخ المعمر شرف الدين يحيى بن أبي الفتوح المقدسي بن المصري والشيخ محسن أبي عبد الله: محمد بن عبد الله بن عبد المعطي القرشي وشهاب الدين أحمد بن محمد الحلبي الحنبلي وفتح الدين: بن محمد بن محمد بن أحمد بن سيد الناس اليعمري وأخيه شمس الدين: أبو بكر: محمد والشيخ أثير الدين: أبي حيان: محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان النفزي الغرناطي والشيخ النسابة شهاب الدين أبي العباس: أحمد بن أبي بكر بن طي بن حاتم بن عبس الزبيري المصري. تبلغ شيوخه نحواً من ألفي شيخ وشمس الدين: محمد بن عدلان وشهاب الدين: أحمد بن عبد الله البوشي المالكي والشيخ تاج الدين أبي عبد الله: محمد بن أحمد بن ثعلب المصري مدرس المالكية وشمس الدين محمد بن كشتغدى بن عبد الله الخطابي الصيرفي وعماد الدين: محمد بن عالي بن نجم الدمياطي الشافعي وتقي الدين: صالح بن مختار الإسنوي وتقي الدين: علي بن عبد الكافي السبكي وبرهان الدين: إبراهيم بن علي بن أبي القاسم المعروف بابن بنت الشاذلي وبرهان الدين الحكري ومحمد بن جابر الواد آشي وأبي القاسم بن علي البراء وعز القضاء أبي محمد: ناصر الدين بن منصور بن محمد بن منير الإسكندري. وبتونس المحدث النسابة أبي عبد الله: محمد بن حسن الزبيدي وقاضي الجماعة أبي إسحاق بن عبد الرفيع والقاضي أبي محمد بن عبد السلام وأبي محمد

بن راشد القفصي وإمام جامع الزيتونة أبي موسى: هارون وببجاية الإمام العلامة أبي علي ناصر الدين المشذالي والحافظ فقيه زمانه أبي عبد الله: محمد بن عبد الله بن يلليخت الزواوي وأبي عبد الله بن المعتز. وبتلمسان ابني الإمام وقاضي الجماع أبي عبد الله بن هدية والخطيب أبي محمد المجاصي وغيرهم وذكرهم يطول. ولما انصرف من المشرق وقدم المغرب اشتمل عليه السلطان أبو الحسن اشتمالاً: خلطه بنفسه وجعله مفضى سره وإمام جمعته وخطيب منبره وأمين رسالته ورحل بعد أبي الحسن إلى الأندلس فاجتذبه سلطانها وأجراه على تلك الوتيرة فقلده الخطبة بمسجده وأقعده للإقراء بمسجد حضرته. ثم انصرف عزيز الرحلة حتى قدم على ولد السلطان أبي الحسن وارث الملك بعد السلطان أبي عنان فارس فكان عنده في محل تجلة وبساط قرب مجرى التوسط ناجع الشفاعة. وكان بعد أبي عنان عند أخيه السلطان أبي سالم المسمى بالسعيد فاستولى على أمر السلطان وخلطه السلطان بنفسه ولم يستأثر ببثه ولا انفرد بما سوى بضع أهله بحيث لا يقطع في شيء إلا عن رأيه ولا يمحو أو يثبت إلا وقفاً عند حده فغشيت بابه الوفود وصرفت إليه الوجوه ووقفت

عليه الآمال وخدمته الأشراف وجلبت إلى سدته بضائع العقول والأموال وهادته الملوك فلا تحدو الحداة إلا إليه ولا تحط الرحال إلا لديه. ثم انفرد أخيراً ببيت الخلوة ومنتبذ المناجاة من دونه مصطفى الوزراء وغايات الحجاب وإذا انصرف تبعته الدنيا وسارت بين يديه ووقفت ببابه الأمراء قد وسع الكل لحظه وشملهم بحسب الرتب والأحوال رعيه لكن رضى الناس الغاية التي لا تدرك والحسد بين بني آدم قديم فلما انقضى أمر هذا السلطان قبض عليه وأجمع الملأ على قتله وضيق عليه وانتهبت أمواله واعتقلت رباعه وتمادى به الاعتقال والشدة إلى أن شملته عوائد الله تعالى معه في الخلاص من الشدة وظهرت عليه بركة سلفه قائمة حجة الكرامة لهم في أمره. قال بن الخطيب: أخبرني أمير المسلمين سلطاننا أعزه الله قال: عرض لي والدي رحمه الله في النوم فقال لي: يا ولدي اشفع في الفقيه بن مرزوق فعينت للوجهة في ذلك قاضي الحضرة فكان ذلك ابتداء الفرج. قال: وحدثني الثقة من خدام السلطان أبي عنان عنه مخبراً عن نفسه يعني السلطان وكان أبو عنان قد غضب عليه ثم أجاره من سخطه عليه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرني بذلك وكفى بها جاهاً وحرمة. قال المؤلف: ثم ترك سبيله وأبيح له ركوب البحر إلى البلاد المشرقية بأهله وولده فسار في كنف الستر وتحت جناح الوقاية عام أربعة وستين وسبعمائة.

محمد بن عبد الرحمن بن سعد التميمي التسلي

وتصانيفه عديدة في فنون متنوعة وكلها بديعة كثيرة الفائدة تدل على كثرة اطلاعه منها: شرح العمدة في خمس مجلدات جمع فيه بين شرحي الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد وتاج الدين الفاكهاني وأضاف إلى ذلك كثيراً من الفوائد الجليلة النفيسة وشرح كتاب الشفا في التعريف بحقوق المصطفى ولم يكمل. وتوفي بعد الثمانين وسبعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن عبد الرحمن بن سعد التميمي التسلي كرسوطي من أهل فاس نزيل مالقة يكنى أبا عبد الله كان غزير الحفظ متبحر الذكر عديم القرين عظيم الإطلاع ينثال منه على السائل كثيب مهيل ينقل الفقه منسوباً إلى أمانة ومنوطاً برجاله والحديث بأسانيده ومتونه محله من الشهرة بالحفظ والاستظهار لفروع الفقه كبير. قرأ الفقه على أبي زيد الجزولي وعبد الرحمن بن عفان وأبي الحسن الصغير وعبد المؤمن الجاناتي وأخذ بعد ذلك على أبي إسحاق اليزناسني وعن خلف الله المجاصي وأبي عبد الله بن عبد الرحمن الجزولي وأبي العباس بن راشد العمراني وأبي عبد الله بن رشيد وروى الحديث بسبتة على أبي عبد الله الغماري وأبي عبد الله بن هاني وبمالقة عن أبي عمر بن منظور وغيرهم.

محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن رشيد الفهري

وله من التآليف: الغرر في تكميل الطرر طرر أبي إبراهيم الأعرج ثم الدرر في اختصار الطرر المذكورة وتقييدان على الرسالة: كبير وصغير ولخص التهذيب لابن بشير وحذف أسانيد المصنفات الثلاثة والتزم إسقاط التكرار. واستدرك الصحاح الواقعة في الترمذي على مسلم والبخاري وقيد على مختصر الطليطلي وشرع في تقييد على قواعد الإسلام لأبي الفضل عياض رحمه الله أسر هو ووالده في طريف ولقيا شدة ونكالاً ثم سرحا وخلصا. مولده بفاس عام تسعين وستمائة. محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن رشيد الفهري من أهل سبتة يكنى أبا عبد الله ويعرف بابن رشيد. الخطيب المحدث المتبحر في علوم الرواية والإسناد. كان رحمه الله تعالى فريد عصره جلالة وعدالة وحفظاً وأدباً وسمتاً وهدياً واسع الأسمعة عالي الإسناد صحيح النقل أصيل الضبط تام العناية بصناعة الحديث قيماً عليها بصيراً بها محققاً فيها ذاكراً للرجال متضلعاً من العربية واللغة والعروض فقيهاً أصيل النظر ذاكراً

للتفسير ريان من الأدب حافظاً للأخبار والتواريخ مشاركاً في الأصلين عارفاً بالقراءات. قدم غرناطة فأقام بها خطيباً معظماً مقبول الشفاعة ثم انتقل إلى مدينة فاس فأقام بها معظماً عند الملوك والخاصة. قرأ ببلده سبتة على الأستاذ إمام النحاة أبي الحسن بن أبي الربيع كتاب سيبويه وقيد على ذلك تقييداً مفيداً وأخذ عنه القراءات وأخذ عنه الجلة الذين يشق إحصاؤهم فلقي بإفريقية: الراوية العدل أبا محمد: عبد الله بن هارون. يروي عن بن بقي وروى بالمشرق عن أبي اليمن بن عساكر والإمام شرف الدين أبي محمد: عبد المؤمن ابن خلف الدمياطي وأبي عبد الله: محمد بن عبد المنعم بن الخيمي وعلي بن أحمد المقدسي رحلة الشام وأحمد بن هبة الله بن عساكر الدمشقي شرف الدين وقطب الدين: محمد بن أحمد القسطلاني شيخ دار الحديث الكاملية. ألف فوائد جليلة في كتاب سماه ملء العيبة فيما جمع بطول الغيبة في الوجهتين الكريمتين إلى مكة وطيبة قدم غرناطة في عام اثنين وتسعين وستمائة فعقد مجالس للخاص والعام يقرئ بها فنوناً من العلم وتقدم خطيباً وإماماً بالمسجد الأعظم منها. توفي بمدينة فاس في شهر المحرم سنة إحدى وعشرين وسبعمائة. ومولده بسبتة عام سبعة وخمسين وستمائة.

محمد بن سعدون بن علي بن بلال البدوي

محمد بن سعدون بن علي بن بلال البدوي كان من أهل العلم بالأصول والفروع سمع من أبي إسحاق التونسي وابن بابشاذ وله كتاب الإكمال لأبي إسحاق التونسي. روى عنه أبو علي الصدفي وأبو علي الغساني. توفي بأغمات سنة خمس وثمانين وأربعمائة. محمد بن جابر بن محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن حسان القيسي الوادآشي الأصل التونسي الاستيطان يكنى أبا عبد الله ويلقب شمس الدين ويعرف بابن جابر ولد ونشأ بتونس وجال في البلاد المشرقية والمغربية واستكثر من الرواية ونقب عن المشايخ وقيد الكثير حتى أصبح جماعة المغرب وراوية الوقت ثم قدم الأندلس. كان رحمه الله تعالى عظيم الوقار والأبهة قويم السمت قرأ القرآن على أبي جعفر بن الزيات بفاس ثم رحل إلى المشرق ورحل إلى الحجاز مرتين وجاور بالحرمين وحدث بهما وسمع وأسمع وسمعت عليه موطأ مالك بن أنس

رواية يحيى بن يحيى في الحرم النبوي في سنة ست وأربعين وسبعمائة لقي أئمة من العلماء والمحدثين أصبح بهم نسيج وحده انفساح رواية وعلو إسناد. كان محدثاً مقرئاً مجوداً له معرفة بالنحو واللغة والحديث ورجاله وكان فقهه قليلاً وكان والده معين الدين بن سلطان جابر إماماً عالماً رحالاً مفيداً مقرياً. ومن شيوخه: أبو عبد الله قاضي الجماعة بتونس أبو العباس بن الغماز والخزرجي البلنسي وقاضي القضاة بها أبو إسحاق بن عبد الرفيع وقاضي القضاة بالديار المصرية بدر الدين إبراهيم بن سعد الله بن جماعة وقاضي الجماعة ببجاية أبو العباس الغبريني وأبو جعفر عمر بن الخضر بن طاهر بن طراد وشرف الدين أبو عبد الله بن الحسن بن عبد الله بن الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بن سرور المقدسي ورضي الدين: إبراهيم بن عمر الخليلي الجعبري وأبو الفضل أبو القاسم بن حماد الحضرمي اللبيدي وعبد الله بن يوسف بن موسى الخلاسي وعبد الله بن محمد بن هارون الطائي القرطبي وإبراهيم بن محمد بن أحمد بن الحاج التجيبي وأحمد بن يوسف بن يعقوب بن علي الفهري اللبلي ووالده جابر بن محمد بن قاسم معين الدين ومحيي الدين أبو القاسم بن محمد بن الخطيب وجمال الدين أبو عبد الله: محمد بن عبد الباقي بن الصفار وأبو بكر بن عبد الكريم بن صدقة العوفي ومحمد بن إبراهيم بن أحمد التجيبي وأبو يعقوب: يوسف بن إبراهيم بن أحمد بن عقاب

الجذامي الشاطبي وعبد الرحمن بن محمد بن علي بن عبد الله الأنصاري الأسدي القيرواني وأبو القاسم: خلف بن عبد العزيز القبتوري وعلي بن محمد بن أبي القاسم بن رزين التجيبي وعز القضاة فخر الدين أبو محمد: عبد الواحد بن منصور بن محمد المنير وتقي الدين: محمد بن أحمد بن عبد الخالق المصري وصدر النحاة أثير الدين أبو حيان وظهير الدين أبو محمد بن عبد الحق المخزومي المقدسي الدلاصي ورضي الدين: إبراهيم بن أبي بكر الطبري والمعمر بهاء الدين أبو محمد: القاسم بن مظفر بن محمود بن هبة بن عساكر الدمشقي. وأما من كتب فنحو من مائة وثمانين من أهل المشرق والمغرب. قدم غرناطة عام ستة وعشرين وسبعمائة وله تآليف حديثية جملة منها أربعون حديثاً أغرب فيها بما دل على سعة خطر وانفساح رحلة وله أسانيد كتب المالكية يرويها إلى مؤلفيها والترجمة العياضية وله تعاليق مفيدة. وإنما ذكرت هذا الشيخ ومن كان مثله في قلة البضاعة في الفقه للإفادة بذكر من روى عنهم فإنه أحد شيوخنا وشيخ كثير من أهل زماننا. توفي رحمه الله تعالى سنة تسع وأربعين وسبعمائة في الطاعون. مولده سنة ثلاث وسبعين وستمائة.

محمد بن خلف بن موسى الأوسي

محمد بن خلف بن موسى الأوسي من أهل البيرة يكنى أبا عبد الله كان متكلماً متحققاً برأي الأشعري ذاكراً لكتب الأصول والاعتقادات مشاركاً في الأدب متقدماً في الطب. روى عن بن فرج مولى بن الطلاع وأبي علي الغساني وأخذ علم الكلام عن أبي بكر بن الحسن المرادي روى عنه أبو إسحاق بن قرقول وأبو الوليد بن فيرة وجماعة كثيرة. وله: النكت والأمالي في الرد على الغزالي والإفصاح والبيان في الكلام على القرآن والوصول إلى معرفة الله والرسول صلى الله عليه وسلم ورسالة الاقتصار على مذاهب الأئمة الأخيار ورسالة البيان في حقيقة الإيمان والرد على أبي الوليد بن رشد في مسألة الاستواء الواقعة في الجزء الأول من مقدماته وشرح مشكل ما وقع في الموطأ وصحيح البخاري وكتاب مداواة العين وهو كتاب جم الفائدة. توفي سنة سبع وثلاثين وخمسمائة رحمة الله عليه.

محمد بن عبد الرحمن بن عبد السلام الغساني

محمد بن عبد الرحمن بن عبد السلام الغساني من أهل غرناطة يكنى أبا عبد الله كان محدثاً نبيلاً حافظاً ذكياً. وله شرح حفيل على كتاب الشهادات واختصار حسن في اقتباس الأنوار للرشاطي. وكان وافر الحظ من الأدب ويقرض شعراً لا بأس به. توفي سنة تسع عشرة وستمائة. محمد بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن بن صقالة النميري من أهل غرناطةأبو عبد الله كان من حذاق المحدثين عارفاً بعلل الحديث وأسماء رجاله صدراً في روايته ولم يكن في عصره مثله. أخذ عن الحافظ أبي بكر بن عطية وعياض بن موسى وابن عتاب وأبي بكر بن العربي وغيرهم من الجلة وله تآليف مفيدة. مولده سنة خمسمائة توفي في سنة أربع وأربعين وخمسمائة.

محمد بن علي المحاربي

محمد بن علي المحاربي غرناطي كان من جلة أهل العلم ببلده روي عن أبي جعفر بن الباذش وأجاز له أبو محمد بن عتاب رحمه الله تعالى. محمد بن سفيان أبو عبد الله القيرواني صاحب كتاب الهادي في القراءات. تفقه على أبي الحسن القابسي ورحل فأخذ القراءات على أبي الطيب بن غلبون وغيره. قال أبو عمرو الداني: كان ذا فهم وحفظ وعفاف. توفي سنة خمس عشرة وأربعمائة رحمه الله تعالى. محمد بن معاوية بن عبد الرحمن بن أبي بكر الأموي المرواني القرطبي محدث الأندلس المعروف بابن الأحمر. روى عن عبيد الله بن يحيى بن يحيى وخلق وفي الرحلة عن النسائي والفريابي وأبي خليفة الجمحي ودخل الهند ورجع وكان ثقة. توفي في رجب سنة ست وخمسين وثلاثمائة رحمه الله.

محمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير بن صالح بن عبد الله بن أسامة

محمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير بن صالح بن عبد الله بن أسامةأبو الطاهر الذهلي القاضي السدوسي البصري البغدادي المالكي ولي قضاء بغداد وواسط ودمشق ومصر وكان أبوه ولي قضاء البصرة وواسط وكان يستخلف ولده هذا. دخل أبو طاهر مصر سنة أربعين وثلاثمائة وحج منها وعاد إليها وتولى القضاء بها ولم يتول قضاء مصر أحد من القضاة الذين تولوا قضاء بغداد غيره وغير يحيى بن أكثم. وروى أبو طاهر عن أبي غالب: علي بن أحمد بن النضر وإسحاق بن خالويه والحسين بن الكميت وأبي مسلم الكجي وأبي خليفة: الفضل بن الحباب وجعفر بن محمد الفريابي ويوسف بن يعقوب القاضي وجماعة كثيرة من الأعيان. وقال بن زولاق: كان أبو الطاهر كثير الحديث والأخبار واسع المذاكرة قد عنى به أبوه فسمعه في سنة سبع وثمانين ومائتين فأدرك جماعة منهم علي بن محمد السمسار وعبد الله بن أحمد بن حنبل وغيرهما كثيراً تركته اختصاراً وحدث ببغداد يسيراً ونزل مصر فحدث بها وأكثر وكتب عنه عامة أهلها وسمع منه الحافظ أبو الحسن الدارقطني وأبو أسامة الهروي والحافظ عبد المغني بن سعيد وأبو العباس الصيرفي وخلائق لا يحصون كثرة. وذكره بن ماكولا فقال: كان ثقة ثبتاً كثير السماع فاضلاً وهو ثبت جليل في الحديث والقضاء وكان يذهب إلى قول مالك بن أنس

وربما اختار وكان من أهل القرآن والعلم والأدب متفنناً في علوم وله كتاب في الفقه أجاب فيه عن مسائل مختصر المزني على قول مالك بن أنس واختصر تفسير الجياني وتفسير البلخي وكان يخالف قول مالك في الحكم باليمين مع الشاهد ويحكى أن أباه وإسماعيل القاضي كان لا يحكمان به وكانا مالكيين وكان إذا شهد عنده الشاهد الواحد ليس معه سواه رد الحكم. ومما استحسن من كلام أنه تلقى الخليفة المعز لدين الله بالإسكندرية وهو أحد الخلفاء العبيديين وكان مع الخليفة قاضيه النعمان بن محمد فلما جلس أبو طاهر عنده سأله الخليفة عن أشياء منها: أنه قال له كم رأيت من خليفة؟ فقال: واحد فقال: ومن هو؟ فقال: أنت والباقي ملوك ثم قال له: حججت؟ قال: نعم قال: وزرت؟ قال: نعم قال: سلمت على الشيخين؟ قال: شغلني عنهما النبي صلى الله عليه وسلم كما شغلني أمير المؤمنين عن ولي عهده. فأرضى الخليفة وتخلص من ولي عهده وكان لم يسلم عليه بحضرة الخليفة فازداد الخليفة به عجباً وخلع عليه وأبقاه على ولايته. وأجازه بعشرة آلاف درهم. وأقام النعمان بن محمد بمصر لا ينظر في شيء اختياراً. ولما أسن وضعف عزله العزيز بالله وولى علي بن النعمان فكانت ولاية أبي الطاهر ست عشرة سنة وقيل ثمان عشرة سنة وقيل إنه لم يعزل بل استعفى قبل موته بيسير. ومولده سنة تسع وسبعين ومائتين وهي سنة النجباء ولد فيها هو وجعفر بن الفرات والحسين بن القاسم بن عبيد الله وغيرهم.

محمد بن أحمد بن أبي الأصبغ عبد العزيز بن منير

وقال رحمه الله: كتبت العلم بيدي ولي تسع سنين. وتوفي بمصر سنة سبع وستين وثلاثمائة وله ثمان وثمانون سنة وقيل غير ذلك. محمد بن أحمد بن أبي الأصبغ عبد العزيز بن منير الإمام الحراني المعروف بابن أبي الأصبغ يكنى أبا بكر سكن مصر وأم بالجامع وكان فقيهاً مشهوراً ثقة راوية للحديث وحدث بمصر وأملى. وكان إماماً عالماً فصيحاً. توفي سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. محمد بن أحمد بن محمد بن مفرج يكنى أبا بكر مولى عبد الرحمن بن الحكم الأموي الأندلسي القاضي المعروف والده بالقبتوري نسبة إلى عين قبتارويه بقرطبة وقيل: كنيته أبو عبد الله. سمع بقرطبة من قاسم بن أصبغ كثيراً ومحمد بن عبد الله بن أبي دليم ومحمد بن محمد الخشني ونظرائهم وسمع بمكة من أبي سعيد بن الأعرابي ونظرائه وسمع بمدينة النبي صلى الله عليه وسلم من قاضيها المرواني ودخل اليمن وطاف بلدانها وسمع بها من المشايخ الجلة ودخل القدس والشام ومصر وأعمال تلك البلدان وسمع عدة الشيوخ والذين سمع منهم مائتا شيخ وثلاثون شيخاً.

محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح

روى عنه أبو عمر وأحمد بن محمد بن عبد الله الطلمنكي وأبو الوليد: عبد الله بن محمد بن يوسف القرطبي وأبو سعيد بن يونس وهو من أقرانه وقدم الأندلس بعلم كثير واتصل بأمير المؤمنين المستنصر بالله وكانت له منه مكانة واستقضاه على استجة وعلى غيرها. وكان - رحمه الله تعالى - حافظاً للحديث عالماً به بصيراً بالرجال صحيح النقل جيد الكتابة - على كثرة ما جمع وكان من أغنى الناس بالعلم وأحفظهم للحديث ومن أوثق المحدثين بالأندلس وصنف كتباً في فقه الحديث وفي فقه التابعين فمنها فقه الحسن البصري في سبع مجلدات وفقه الزهري في أجزاء كثيرة وجمع مسند بن الفرضي وحديث قاسم بن أصبغ وغير ذلك. توفي سنة ثمانين وثلاثمائة. ومولده سنة خمس عشرة وثلاثمائة رحمه الله تعالى. محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح بإسكان الراء والحاء المهملة الشيخ الإمام أبو عبد الله الأنصاري الأندلسي القرطبي المفسر كان من عباد الله الصالحين والعلماء العارفين الورعين الزاهدين في الدنيا المشغولين بما يعنيهم من أمور الآخرة أوقاته معمورة ما بين توجه وعبادة وتصنيف.

جمع في تفسير القرآن كتاباً كبيراً في اثني عشر مجلداً سماه كتاب جامع أحكام القرآن والمبين لما تضمن من السنة وآي القرآن وهو من أجل التفاسير وأعظمها نفعاً أسقط منه القصص والتواريخ وأثبت عوضها أحكام القرآن واستنباط الأدلة وذكر القراءات والإعراب والناسخ والمنسوخ وله شرح أسماء الله الحسنى في مجلدين سماه: الكتاب الأسنى في أسماء الله الحسنى وكتاب التذكار في أفضل الأذكار وضعه على طريقة التبيان للنووي لكن هذا أتم منه وأكثر علماً وكتاب التذكرة بأمور الآخرة مجلدين وكتاب شرح التقصي وكتاب قمع الحرص بالزهد والقناعة ورد ذل السؤال بالكتب والشفاعة لم أقف على تأليف أحسن منه في بابه وله أرجوزة جمع فيها أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وله تآليف وتعاليق مفيدة غير هذه. وكان قد أطرح التكلف يمشي بثوب واحد وعلى رأسه طاقية سمع من الشيخ أبي العباس: أحمد بن عمر القرطبي - مؤلف المفهم في شرح صحيح مسلم - بعض هذا الشرح وحدث عن أبي علي: الحسن بن محمد بن محمد البكري وغيرهما وكان مستقراً بمنية بني خصيب وتوفي بها ودفن في شوال من سنة إحدى وسبعين وستمائة.

محمد بن نظيف البزاز الأفريقي

محمد بن نظيف البزاز الأفريقي كان من العلماء الراسخين والفقهاء البارعين والأئمة المعدودين العباد النساك. كان أبو محمد بن أبي زيد رحمه الله تعالى يقول: لو كان أبو عبد الله بن نظيف بالقيروان لم يسعني أن أجلس هذا المجلس لأنه أولى بذلك مني لفهمه وحفظه وفقهه ودينه وورعه وكان يعد في أعلى طبقة من أصحاب أبي بكر بن اللباد وكان يشبه بن القاسم ولما اشتهرت إمامته خرج من إفريقية إلى المشرق هرباً من الرياسة ولما ظهر فيها من سب السلف. وذكر أنه دخل إلى موضع تباع فيه الكتب وقد دخل ذلك الموضع جماعة من العلماء والصلحاء فلما دخل قاموا كلهم إجلالاً له وهيبة لأنه كان له هيبة لم تكن لأحد من أهل إفريقية وكان في ذلك المجلس السكاكيني الشاعر فلما رأى تعظيمهم له قال: لقد أعطي هذا الرجل أمراً كبيراً والله لأختبرنه فألقى عليه مسائل فوجده بحراً لا تكدره الدلاء وكأنه إنما يجيب من الكتاب فقال السكاكيني: لو قام الناس على رؤوسهم لهذا الرجل لكان قليلاً. تخلى من الدنيا وانقطع إلى الله عز وجل وكان يحضر مجلس أبي إسحاق: إبراهيم بن أحمد الشيباني مع أصحابه للمذاكرة فتخلف مرة فسأله أبو إسحاق عن سبب تخلفه فقال: اغتبت في مجلسك رجلاً مسلماً فلذلك تخلفت فقال: إني تائب.

محمد بن رشيد أبو زكرياء الإفريقي الفقيه

وأقام رحمه الله بمصر في طلب الحديث ومذاكرة العلماء مثل أبي إسحاق بن شعبان وأبي عبد الله النعالي وغيرهم من العلماء. وتوفي بمصر سنة خمس وخمسين وثلاثمائة رحمه الله تعالى. محمد بن رشيد أبو زكرياء الإفريقي الفقيه كانت رحلته ورحلة سحنون إلى بن القاسم رحلة واحدة. وذكره أبو العرب فقال: كان في نقله العلم ثقة. توفي سنة إحدى وعشرين ومائتين. محمد بن سعيد بن السري أبو عبد الله الأموي القرطبي من أهلها له رحلة إلى المشرق ولقي فيها أبا عبد الله البلخي وعلي بن الحسين القاضي الأزدي ومحمد بن موسى النقاش والحسن بن رشيق وغيرهم. ومن تآليفه جامع واضحات الدلالات وكتاب روضات الأخبار في الفقه وكتاب عمل المرء في اليوم والليلة وغير ذلك. حدث عنه بجميع ذلك أبو عبد الله بن عبد السلام الحافظ وقال: قدم علينا طليطلة مجاهداً وحدث عنه أبو جعفر الزهراني قال: إن البربر عند دخولهم قرطبة استقبلهم شاهراً سيفه يقول إلى حطب النار طوبى لي إن كنت من قتلاكم حتى قتلوه وذلك في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة.

محمد بن سليم بن شبل أبو عبد الله الإفريقي

محمد بن سليم بن شبل أبو عبد الله الإفريقي سمع من سحنون وكان ثقة معروفاً بالسماع من محمد بن رمح. توفي سنة سبع وثلاثمائة. محمد بن مسكين أخو عيسى بن مسكين له سماع من محمد بن سنجر والحارث بن مسكين وسحنون وجماعة من المصريين. ذكره أبو العرب وقال: ما أعلم أنه فاته أحد من رجال أخيه عيسى وكان عيسى أكبر منه في المولد بثلاث سنين وكان شيخاً عاقلاً سمع منه أبو العرب. توفي بعد أخيه عيسى في سنة تسع وتسعين ومائتين بتوزر. محمد بن مسور بن عمر ينسب إلى يسار مولى الفضل بن العباس بن عبد المطلب قرطبي روى عن بن وضاح وإبراهيم بن قاسم ويحيى بن قاسم ومطرف بن قيس ووهب بن نافع ومحمد بن عبد السلام الخشني وغيرهم وحج سنة ثمان وستين ومائتين وكان ضابطاً ثقة بصيراً بالفقه والأقضية. متديناً خاشعاً ذكره بن الفرضي وقال: حدثنا عنه جماعة من شيوخنا وأثنوا عليه. توفي سنة خمس وعشرين وثلاثمائة رحمة الله عليه.

محمد بن يحيى الأسلمي الإسكندراني

محمد بن يحيى الأسلمي الإسكندراني روى عن مالك بن أنس وحيوة وضمام بن إسماعيل روى عنه مقدام بن داود وذكره بن يونس في الإسكندرانيين وقال يروي مناكير وذكره الخطيب في الرواة عن مالك بن أنس. محمد بن يحيى المعافري ذكره بن شعبان في أصحاب مالك الإسكندرانيين. محمد بن أشهب بن عبد العزيز ذكره بن يونس وقال: روى عن أبيه. توفي سنة تسع وأربعين ومائتين. محمد بن عبد الملك بن أيمن القرطبي أبو عبد الله الحافظ رحل إلى العراق وسمع من محمد بن إسماعيل الصائغ ومحمد بن الجهم السمري وطبقتهما وألف كتاباً على سنن أبي داود وكان بصيراً بمذهب مالك. توفي سنة ثلاثين وثلاثمائة وله ثمان وتسعون سنة.

محمد بن صالح بن علي الهاشمي

محمد بن صالح بن علي الهاشمي العباسي العيسوي الكوفي الشهير بأبي الحسن بن أم شيبان قاضي القضاة روى عن عبد الله بن زيدان البجلي وجماعة وقدم بغداد مع أبيه فقرأ على بن مجاهد وتزوج بابنة قاضي القضاة أبي عمر: محمد بن يوسف. قال طلحة الشاهد: هو رجل عظيم القدر واسع العلم كثير الطلب حسن التصنيف متوسط في مذهب مالك متفنن. وقال بن أبي الفوارس: نهاية في الصدق نبيل فاضل ما رأينا في معناه مثله. توفي فجأة في جمادى الأولى سنة تسع وستين وثلاثمائة وله بضع وسبعون سنة. محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى بن مفرج الأموي مولاهم القرطبي الحافظ محدث الأندلس يكنى أبا عبد الله رحل وسمع أبا سعيد بن الأعرابي وخيثمة وقاسم بن أصبغ وطبقتهم وكان أبو عبد الله وافر الحرمة عند صاحب الأندلس صنف له عدة كتب فولاه القضاء. توفي سنة ثمانين وثلاثمائة وله ست وستون سنة.

محمد بن بطال بن وهب بن عبد الأعلى أبو عبد الله التميمي

محمد بن بطال بن وهب بن عبد الأعلى أبو عبد الله التميمي من أهل لورقة رحل من بلده رحلتين: الأولى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة والثانية سنة ست وأربعين سمع في الأولى بمكة من بن الأعرابي وعبد الملك بن بحر الجلاب وبمصر من أحمد بن مسعود الزبيري وأبي القاسم العلاف وابن أبي الأصبغ وروى كتاب بن المواز عن علي بن عبد الله بن أبي مطر بالإسكندرية. وكان كثير الرواية مشهور العناية حدث بقرطبة وسمع منه جماعة. وتوفي بلورقة سنة ست وستين وثلاثمائة وهو بن اثنتين وستين سنة. محمد بن عبد الله بن خيرة أبو الوليد الأندلسي القرطبي الفقيه المالكيالحافظ حدث بالموطأ عن أبي بحر: سفيان بن العاصي بن سفيان وحدث عن أبي الحسين سراج بن عبد الملك بن سراج الأموي وأخذ عنه الأدب وعن مالك بن عبد الله العتبي. قال أبو القاسم بن بشكوال: روى عن جماعة من شيوخنا وكان من جلة العلماء الحفاظ متفنناً في المعارف كلها جامعاً لها كثير الرواية واسع المعرفة حافل الأدب. قرأ الفقه على أبي الوليد بن رشد وقرأ الحديث على أبي محمد بن عتاب.

محمد بن إبراهيم بن محمد أبو عبد الله البقوري

وروى عنه السلفي وقال: كان من كبار فقهاء المالكية يتصرف في علوم شتى وانتفع به أهل قرطبة في الفقه والأصول وقدم مصر هارباً من بني عبد المؤمن ودولته لما ظهر على المغرب ثم خاف من استيلائه على مصر فقدم الحجاز فخاف أن يحج فدخل اليمن ثم خاف أن يظهر على اليمن فأراد أن يتوجه إلى الهند فمات بزبيد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة مولده سنة تسع وثمانين وأربعمائة. قال الحافظ قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور: وخيرة بكسر الخاء المعجمة وفتح الياء المثناة من تحت بعدها راء مهملة مفتوحة ثم هاء. محمد بن إبراهيم بن محمد أبو عبد الله البقوري وبقور بباء موحدة مفتوحة وقاف مشددة وراء مهملة بلد بالأندلس. سمع من القاضي الشريف أبي عبد الله محمد الأندلسي ووضع كتاباً سماه إكمال الإكمال للقاضي عياض وله كلام على كتاب شهاب الدين القرافي في الأصول. قدم إلى مصر وأرسل معه بعض السلاطين بالمغرب ختمة كبيرة بخط مغربي منسوب ليوقفها بمكة أو بالمدينة ورجع إلى مراكش فتوفي بها سنة سبع وسبعمائة.

محمد بن أبي القاسم بن عبد السلام بن جميل أبو عبد الله الربعي

محمد بن أبي القاسم بن عبد السلام بن جميل أبو عبد الله الربعي التونسي المالكي العلامة القاضي الأوحد المتفنن المفتي الملقب شمس الدين. مولده سنة تسع وثلاثين وستمائة بمدينة تونس. سمع الحديث من جماعة بها وبالقاهرة كأبي المحاسن يوسف بن أحمد بن محمود الدمشقي اليعموري المعروف بالحافظ وقاض القضاة شمس الدين: محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي وتولى نيابة الحكم بالحسينية بالقاهرة مدة: وتولى قضاء الإسكندرية سنة تسع وسبعمائة ثم عزل ورجع إلى القاهرة فأقام يشتغل بها في العلوم وكان إماماً مفتياً فقيهاً مفسراً بارعاً في فنونه أصولياً عالماً ذا سكون وعفة وديانة سريع الدمعة. وله كتاب مختصر التفريع. قال شيخنا عفيف الدين المطري: أنشدنا القاضي شمس الدين بن جميل قال: أنشدني ظهير الدين قاضي إخميم رحمه الله: ولو أني جعلت أمير جيش ... لما قاتلت إلا بالسؤال لأن الناس ينهزمون منه ... وقد صبروا لأطراف العوالي توفي في شهر صفر بالقاهرة سنة خمس عشرة وسبعمائة ودفن بالقرافة.

محمد أبو الفتح بن أبي الحسن

محمد أبو الفتح بن أبي الحسن علي بن أبي العطاء وهب بن أبي السمع مطيع بن أبي الطاعة القشيري المنفلوطي ثم القوصي المنعوت بالتقي المعروف بتقي الدين بن دقيق العيد المالكي الشافعي من ذرية بهز بن حكيم القشيري. تفرد بمعرفة العلوم في زمانه والرسوخ فيها معظماً في النفوس. اشتغل بمذهب مالك وأتقنه ثم اشتغل بمذهب الشافعي وأفتى في المذهبين وله يد طولى في علم الحديث وعلم الأصول والعربية وسائر الفنون. سمع كثيراً ورحل إلى الحجاز والشام وسمع بدمشق وغيرها من جماعة يطول تعدادهم منهم بن بنت الجميزي وابن رواح وسبط السلفي وبدمشق من بن عبد الدائم وغيره وحدث وألف وشرح قطعة من مختصر الإمام أبي عمرو بن الحاجب في مذهب مالك. وذكر لي شيخنا أبو عبد الله بن مرزوق أنه بلغه أن الشيخ تقي الدين وصل في شرح بن الحاجب إلى كتاب الحج والذي وقع لي منه إلى آخر التيمم في مجلد خرماً وأظنه بلغ إلى كتاب الصلاة وشرح العمدة في الأحكام:

محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن سحمان البكري

أملاه إملاء على بن الأثير أبان فيه عن علم واسع وذهن ثاقب ورسوخ في العلم وألف كتاب الإمام في أحاديث الأحكام وشرحه شرحاً عظيماً لم يكمل. ومن تآليفه: الاقتراح في بيان الاصطلاح وما أضيف إلى ذلك من الأحاديث الصحاح وله ديوان خطب وله أربعون حديثاً تساعية وله غير ذلك. ولي قضاء القضاة الشافعية بالديار المصرية. وكان والده مجد الدين شيخ المالكية فهو الإمام بن الإمام العلامة بن العلامة. مولده بساحل مدينة ينبع من أرض الحجاز في سنة خمس وعشرين وستمائة وتوفي رحمه الله في سنة اثنتين وسبعمائة ودفن بالقرافة وتوفي والده مجد الدين سنة سبع وستين وستمائة عن ست وثمانين سنة. محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن سحمان البكري الوائلي الشريشي الأندلسي كنيته أبو بكر ويلقب جمال الدين. مولده بها سنة إحدى وستمائة ورحل إلى بغداد وتفقه بها وتفنن في العلوم وسمع بها الحديث ثم دخل إربل وسنجان وحلب وسمع بها وبمصر والإسكندرية.

محمد بن سليمان بن سومر أبو عبد الله الزواوي المنعوت بالجمال

كان عالماً بمذهب مالك والشافعي بارعاً فيهما وفي الأصلين والعلوم العقلية وعرض عليه قضاء القضاة فامتنع. وكان مدرساً بالمدرسة الفاضلية وشرطها أن يكون عالماً بالمذهبين. كان إماماً في التفسير والعربية كبير القدر نبيه الذكر قدوة حجة إماماً علامة. وتوفي سنة خمس وثمانين وستمائة بدمشق رحمه الله تعالى وسحمان بسين مهملة مضمومة وحاء مهملة ساكنة. وشريش بشين معجمة وراء مهملة ثم ياء باثنين من تحت ثم شين معجمة بلد بالأندلس. محمد بن سليمان بن سومر أبو عبد الله الزواوي المنعوت بالجمال قاضي القضاة المالكية بالشام سمع من الحافظ أبي الحسين بن يحيى القرشي وأبي عبد الله محمد بن أبي الفضل المرسي وأبي العباس أحمد بن عمر القرطبي وأبي محمد: عبد العزيز بن عبد السلام. قدم من المغرب سنة خمس وأربعين وستمائة واشتغل بالديار المصرية وحدث وتولى قضاء دمشق ثلاثين سنة وعزل قبل موته بعشرين يوماً. توفي سنة تسع عشرة وسبعمائة.

محمد بن هبة الله بن شكر

محمد بن هبة الله بن شكر قاضي القضاة بالديار المصرية الملقب نفيس الدين مولده سنة خمس وستمائة وولي القضاء بعد تقي الدين: الحسين بن شاس. محمد بن أبي بكر بن عيسى بن بدران السعدي المصري أبو عبد الله المعروف بابن الأخنائي الملقب تقي الدين سمع من أبي محمد الدمياطي وغيره وأكثر عن الدمياطي وكان فقيهاً فاضلاً صالحاً خيراً صادقاً سليم الصدر وله تآليف وأوضاع حسنة مفيدة وذكر أنه سمع من بن عساكر بمكة وتولى قضاء القضاة المالكية بالديار المصرية. وكان من عدول القضاة وخيارهم كان بقية الأعيان وفقهاء الزمان وعمر وأسند. مولده سنة ثمان وخمسين وستمائة وتوفي سنة خمسين وسبعمائة. محمد بن محمد أبو عبد الله العبدري المعروف بابن الحاج المغربي الفاسي من عباد الله الصالحين العلماء العاملين من أصحاب الشيخ أبي محمد بن أبي جمرة فقيهاً عارفاً بمذهب مالك سمع بالمغرب من بعض شيوخه

محمد بن الحسين بن عتيق

وقدم القاهرة وسمع بها الحديث وحدث بها وهو أحد المشايخ المشهورين بالزهد والخير والصلاح صحب جماعة من الصلحاء أرباب القلوب وتخلق بأخلاقهم وأخذ عنهم الطريقة وصنف كتاباً سماه المدخل إلى تنمية الأعمال بتحسين النيات والتنبيه على كثير من البدع المحدثة والعوائد المنتحلة وهو كتاب حفيل جمع فيه علماً غزيراً. والاهتمام بالوقوف عليه متعين. قال شيخنا عفيف الدين المطري: وأجاز الشيخ أبو عبد الله لمن أدرك حياته. توفي رحمه الله سنة سبع وثلاثين وسبعمائة. محمد بن الحسين بن عتيق بن الحسين بن عتيق بن عبد الله بن رشيق أبو الحسين الربعي المصري المالكي الفقيه المفتي الملقب علم الدين بن شيخ المالكية وهو وأبوه وجده بيت علم كان رحمه الله إماماً فاضلاً مفتياً في المذهب وولي قضاء القضاة المالكية بثغر الإسكندرية وسمع من أبي الحسين: محمد بن أحمد بن خيرة وسمع من أبي الحسن: علي بن الفضل المقدسي وابن جبير وأبي محمد: عبد الله بن محمد بن المحلى وعبد القوي بن الحباب. سمع منه أبو العباس: أحمد بن محمد الظاهري والشهاب الإربلي.

محمد بن محمد بن عبد الرحمن

وكان من سادات المشايخ جمع بين العلم والعمل والورع والتقوى. توفي سنة ثمانين وستمائة مولده سنة خمس وتسعين وخمسمائة. محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن يوسف القرشي الهاشمي المالكي التونسي الشهير بابن القوبع شيخ المالكية بالديار المصرية والشامية العلامة الفريد في فنون العلم زكي الدين أبو الفضل نزيل القاهرة لم يخلف بعده مثله في فنونه. مولده سنة أربع وستين وستمائة بتونس. توفي بالقاهرة سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة. محمد بن قاضي الجماعة أبي العباس أحمد بن محمد بن الحسين بن الغماز كنيته أبو عبد الله الخزرجي البلنسي المجيد التونسي قاضي الجماعة بتونس كان من العلماء العاملين من أولياء الله تعالى ومن القضاة المتقين العادلين. روى عنه أبو عبد الله الوادآشي: محمد بن جابر القيسي وغيره.

محمد بن عبد الله بن سعيد بن عابد المعافري القرطبي يكنى أبا عبد الله

كان علامة زمانه وجمع إلى العلم: الزهد في الدنيا وعمر حتى جاوز التسعين. توفي سنة خمس وثمانين وسبعمائة. محمد بن عبد الله بن سعيد بن عابد المعافري القرطبي يكنى أبا عبد الله سمع بمصر من أبي بكر المهندس وأبي بكر: أحمد بن الحسين البصري وروى عن أبي عبد الله بن مفرج وأبي محمد الأصيلي وأبي سليمان: أيوب بن حسين وعباس بن أصبغ وزكرياء بن الأشج وأبي القاسم الوهراني وغيرهم جمعاً كثيراً. ورحل إلى المشرق سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة ولقي في طريقه أبا محمد بن أبي زيد فسمع منه بعض تآليفه وحج ثم رجع إلى أبي محمد بن أبي زيد فسمع منه أيضاً. وكان معتنياً بالإجازة والآثار ثقة فيما رواه وعنى به. وكان خيراً فاضلاً ديناً متواضعاً متصاوناً مقبلاً على ما يعنيه وله حظ من الفقه والبصر بالمسائل ودعي إلى الشورى بقرطبة فأبى من ذلك وحدث عنه جماعة من العلماء منهم أبو عبد الله بن عتاب ونظراؤه. مولده سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة. توفي في سنة تسع وثلاثين وأربعمائة وعابد بالباء الموحدة.

محمد بن عبد الله بن قيس أبو محرز الكناني

محمد بن عبد الله بن قيس أبو محرز الكناني قاضي إفريقية كان رجلاً فاضلاً سمع من مالك بن أنس وروى عنه وولي القضاء بإفريقية وفيه أنشد: خلت الديار فسدت غير مسود ... ومن الشقاء تفردي بالسؤدد توفي سنة أربع عشرة ومائتين. محمد بن محمد بن عبد الملك بن سعيد الأنصاري الأوسي الإمام العلامة الأوحد المصنف الأديب المفتي الفقيه المقرئ المؤرخ الحافظ المقيد أبو عبد الله قاضي مراكش. من جملة شيوخه أبو زكرياء بن أبي عتيق تلا عليه القرآن بالسبع وأبو القاسم البلوي والقاضي أبو محمد: الحسن بن الإمام الحافظ أبي الحسين محمد بن علي والعلامة أبو الحسن: علي بن محمد بن علي الفخار الرعيني الإشبيلي الكاتب وغيرهم. مولده ليلة الأحد عاشر ذي القعدة سنة أربع وثلاثين وستمائة. وتوفي سنة ثلاث ودفن بتلمسان.

محمد بن عمران بن موسى بن عبد العزيز بن محمد بن حزم الشريف الحسيني

محمد بن عمران بن موسى بن عبد العزيز بن محمد بن حزم الشريف الحسيني يكنى أبا محمد بن أبي عبد الله ويعرف بالشريف الكركي ويلقب شرف الدين. الإمام العلامة المتفنن ذو العلوم شيخ المالكية والشافعية بالديار المصرية والشامية في وقته يقال إنه أتقن ثلاثين فناً من العلوم وأكثر من ذلك بل قال الإمام العلامة شهاب الدين القرافي: إنه تفرد بمعرفة ثلاثين علماً وحده وشارك الناس في علومهم. قدم من المغرب فقيهاً بمذهب مالك وصحب الشيخ عز الدين بن عبد السلام وتفقه عليه في مذهب الشافي وتفقه في مذهب مالك على الشيخ الإمام أبي محمد: صالح فقيه المغرب في وقته واشتغل عليه الشهاب القرافي. ومولده بمدينة فاس من بلاد المغرب. وتوفي بمصر سنة ثمان أو تسع وثمانين وستمائة. محمد بن محمد بن مسعود الباهلي الجياني ثم البجائي المعروف بابن المفسر الإمام العلامة المتفنن المفسر المصنف الأوحد نادرة العصر يكنى أبا عبد الله توفي سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة.

محمد بن عبد الرحمن بن عسكر البغدادي

محمد بن عبد الرحمن بن عسكر البغدادي الإمام العالم العلامة المتفنن الجامع بين المنقول والمعقول القائم بلواء مذهب مالك رحمه الله تعالى ببغداد كان رحمه الله فاضلاً في الفقه متقناً للأصول والجدل والمنطق والعربية. إماماً في علومه لا يجارى رحلة للطلاب وولي قضاء بغداد وولي الحسبة بها وكانت له هيبة عظيمة وهمة سرية ومكارم أخلاق وكان مدرس المدرسة المستنصرية. وله تآليف منها شرح الإرشاد من تآليف والده في مذهب مالك وشرح مختصر بن الحاجب في المذهب وشرح مختصر بن الحاجب أيضاً في الأصول وله تفسير كبير بلغني قديماً قبل وفاته بنحو خمسة عشر عاماً أنه وصل فيه إلى سورة تبارك وله تعليقة في علم الخلاف وله أجوبة اعتراضات لابن الحاجب كذا كتب إلي به من بغداد بعض المحدثين. وأخوه القاضي الفاضل العالم العامل مفيد الطلاب الشهير بشمس الدين: محمد بن عسكر البغدادي. اجتمعت به بمصر بمنزله بالقاهرة شيخاً فاضلاً حسن السمت والوقار كثير المذاكرة ولي قضاء القضاة المالكية بدمشق ثم عزل ورجع إلى القاهرة وضعف بصره فلزم بيته وعرضت عليه مدارس ومناصب جمة فلم يقبل شيئاً من ذلك ولزم بيته للإسماع والإفادة. توفي شمس الدين في سنة ست وتسعين وسبعمائة ومولده سنة إحدى وسبعمائة.

محمد بن ميمون بن عمر الإفريقي أبو عمر

محمد بن ميمون بن عمر الإفريقي أبو عمر الفقيه قاضي القيروان وقاضي صقلية عاش مائة سنة أو أكثر وكان آخر من روى عن سحنون بالمغرب وعن أبي مصعب الزهري. توفي سنة عشرين وثلاثمائة ذكره الذهني في العبر. محمد بن عبد الله بن راشد البكري القفصي يكنى أبا عبد الله كان فقيهاً فاضلاً محصلاً وإماماً متفنناً في العلوم واشتغل ببلده وحصل ثم رحل إلى تونس فأقام بها زماناً ملازماً للاشتغال بالعلم ثم رحل إلى المشرق فتفقه بالإسكندرية بالقاضي ناصر الدين الإبياري تلميذ أبي عمرو بن الحاجب وهو المأذون في إصلاح كتاب بن الحاجب الفرعي وتفقه أيضاً بضياء الدين بن العلاف وأخذ عن محي الدين الشهير بحافي رأسه. وكان مجيداً في العربية وعلم الأدب ثم رحل إلى القاهرة فلقي بها الإمام العلامة شهاب الدين القرافي فتفقه عليه ولازمه وانتفع به وأجازه بالإمامة في أصول الفقه وفي الفقه وكان عالماً بالعربية وتعبير الرؤيا وغير ذلك وكان يحضر عند الشيخ الإمام تقي الدين بن دقيق العيد في إقرائه مختصر بن الحاجب الفقهي وأخذ عن شمس الدين الأصبهاني وغيره. وحج في سنة ثمانين وستمائة

محمد بن عبد السلام بن يوسف بن كثير

ثم رجع إلى المغرب بعلم جم وولي قضاء قفصة ثم عزل. وله تآليف منها كتاب الشهاب الثاقب في شرح مختصر بن الحاجب الفقهي وكتاب الذهب في ضبط قواعد المذهب جمع فيه جمعاً حسناً سمعت أبا عبد الله بن مرزوق يقول: ليس للمالكية مثله وكتاب النظم البديع في اختصار التفريع وكتاب تحفة اللبيب في اختصار كتاب بن الخطيب ونخبة الواصل في شرح الحاصل في أصول الفقه والمرتبة السنية في علم العربية والمرتبة العليا في تعبير الرؤيا كتاب غريب في فنه وله غير ذلك من التقاييد الحسنة. واستجازه شيخنا عفيف الدين المطري في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة وكان بالحياة في وصول السلطان أبي الحسن المريني إلى تونس ولم أقف على تاريخ وفاته رحمه الله ورضي عنه. محمد بن عبد السلام بن يوسف بن كثير قاضي الجماعة بتونس كان إماماً عالماً حافظاً متفنناً في علمي الأصول والعربية وعلم الكلام وعلم البيان فصيح اللسان صحيح النظر قوي الحجة عالماً بالحديث له أهليه الترجيح بين الأقوال لم يكن في بلده في وقته مثله.

محمد بن محمد بن عبد النور الحميري التونسي

سمع من أبي العباس البطرني وأدرك جماعة من الشيوخ الجلة وأخذ عنهم وولي قضاء الجماعة فكان قائماً بالحق ذاباً عن الشريعة المظهرة شديداً على الولاة صارماً مهيباً لا تأخذه في الحق لومة لائم وتخرج بين يديه جماعة من العلماء الأعلام كأبي عبد الله بن عرفة الورغمي ونظرائه موصوفاً بالدين والعفة والنزاهة معظماً عند الخاصة والعامة وله تقاييد وشرح مختصر بن الحاجب الفقهي شرحاً حسناً وضع عليه القبول فهو أحسن شروحه وكان قد شرع فيه وهو في حال ضيق ومحنة أصيب بها أسوة العلماء قبله فلم يحضره كتب حتى أنه ذكر في كتابه أنه لم يقدر على الوقوف على مختصر بن الجلاب لمراجعة مسألة نسبت إليه حتى وصل في الشرح نحو ثلث الأصل ثم أكمله إكمالاً حسناً ثم فرج الله عنه وعظم قدره وانتشر ذكره وانتفع به الناس. توفي سنة تسع وأربعين وسبعمائة. محمد بن محمد بن عبد النور الحميري التونسي كان من صدور العدول المبرزين أخذ العلم عن القاضي الإمام العالم أبي القاسم بن زيتون والقاضي الخطيب أبي محمد بن برطلة الأزدي وله تفنن في سائر العلوم وله تصانيف في عدة علوم واختصر تفسير الإمام فخر الدين بن الخطيب في سبعة أسفار اختصاراً حسناً سماه: نفحات الطيب في اختصار تفسير

محمد بن محمد بن عرفة الورغمي التونسي يكنى أبا عبد الله

ابن الخطيب وله على الحاصل تقييد كبير في سفرين وله في الفقه كتاب جمع فيه فتاوى على طريقة أحكام بن سهل سماه الحاوي في الفتاوى وله غير ذلك وكان بالحياة عام ست وعشرين وسبعمائة. محمد بن محمد بن عرفة الورغمي التونسي يكنى أبا عبد الله هو الإمام العلامة المقرئ الفروعي الأصولي البياني المنطقي شيخ الشيوخ وبقية أهل الرسوخ روى الشيخ أبو عبد الله بن عرفة عن المحدث أبي عبد الله: محمد بن جابر الوادي آشي الصحيحين - سماعاً وأجازه. روى عن الفقيه القاضي أبي عبد الله بن عبد السلام وسمع عليه موطأ مالك وعلوم الحديث لابن صلاح وعن الفقيه المحدث الراوية أبي عبد الله: محمد بن حسين بن سلمة الأنصاري وقرأ عليه القرآن العظيم بقراءة الأئمة الثمانية. وتفقه على الإمام أبي عبد الله: محمد بن عبد السلام وأبي عبد الله محمد بن هارون محمد بن حسن الزبيدي وأبي عبد الله الآبلي ونظرائهم وتفرد بشيخوخة العلم والفتوى في المذهب له التصانيف العزيزة والفضائل العديدة انتشر علمه شرقاً وغرباً فإليه الرحلة في الفتوى والاشتغال بالعلم والرواية حافظاً للمذهب ضابطاً لقواعده إماماً في علوم القرآن مجيداً

في العربية والأصلين والفرائض والحساب وعلم المنطق وغير ذلك. وله في ذلك تآليف مفيدة. تخرج على يديه جماعة من العلماء الأعلام وقضاة الإسلام فعن رأيه تصدر الولايات وبإشارته تعين الشهود للشهادات ولم يرض لنفسه الدخول في الولايات بل اقتصر على الإمامة والخطابة بجامع الزيتونة وانقطع للاشتغال بالعلم والتصدر لتجويد القراءات. أجمع على اعتقاده ومحبته الخاصة والعامة ذا دين متين وعقل رصين وحسن إخاء وبشاشة وجه للطلاب صائم الدهر لا يفتر عن ذكر الله وتلاوة القرآن إلا في أوقات الاشتغال منقبضاً عن مداخلة السلاطين لا يرى إلا في الجامع أو في حلقة التدريس لا يغشى سوقاً ولا مجتمعاً ولا مجلس حاكم إلا أن يستدعيه السلطان في الأمور الدينية كهفاً للواردين عليه من أقطار البلاد يبالغ في برهم والإحسان إليهم وقضاء حوائجهم وقد خوله الله تعالى في رياسة الدين والدنيا ما لم يجتمع لغيره في بلده له أوقاف جزيلة في وجوه البر وفكاك الأسارى ومناقبه عديدة وفضائله كثيرة. وله تآليف منها: تقييده الكبير في المذهب في نحو عشرة أسفار جمع فيه ما لم يجتمع في غيره أقبل الناس على تحصيله شرقاً وغرباً. وله في أصول الدين تأليف عارض به كتاب الطوالع للبيضاوي واختصر كتاب الحوفي اختصاراً وجيزاً وله تأليف في المنطق وغير ذلك وأقام والده بالمدينة على منهاج الصالحين والسلف الماضين.

محمد بن محمد بن حسن اليحصبي البروني التلمساني

توفي فيما أظن سنة ثمان وأربعين وسبعمائة ودفن بالبقيع. وحج الشيخ أبو عبد الله في سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة فتلقاه العلماء وأرباب المناصب بالإكرام التام واجتمع بسلطان مصر الملك الظاهر فأكرمه وأوصى أمير الركب بخدمته ولما زار المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام نزل عندي في البيت. وكان يسرد الصوم في سفره وهو باق بالحياة وذكر لي مولده أنه سنة ست عشرة وسبعمائة نفع الله تعالى به. محمد بن محمد بن حسن اليحصبي البروني التلمساني استقر ببلد الجزائر فقيه في المذهب موصوف بالعلم والإتقان حاز رياسة العلم في قطره حسن التعليم أخذ العلم على بني الإمام أبي زيد وأخيه أبي موسى وعن أبي عبد الله الآبلي والفقيه عمران المشذالي وغيرهم وقد انفرد بمعرفة مختصر بن الحاجب الفقهي وله عليه شرح قارب إكماله وهو باق بالحياة نفع الله به. محمد بن يوسف بن موسى بن يوسف بن موسى بن يوسف بن مسدي المهلبي من أهل غرناطة وهو الفقيه الإمام البارع العلامة الأوحد الحافظ الناقد الخطيب البليغ الأديب جمال الدين أبو المكارم.

من اسمه موسى

سمع بجيان على أبي عبد الله بن صلتان وأخذ بغرناطة وغيرها وبمدينة فاس عن أبي البقاء: يعيش بن العديم وأبي محمد بن زيدان وأخذ بالمشرق عن جعفر الهمذاني وغيره والتزم المجاورة بالحرم الشريف المكي وأفتى به وألف في مناسك الحج كتاباً سماه إعلام الناسك بأعلام المناسك محرر الائتلاف بين الإجماع والخلاف ذكر فيه المذاهب الأربعة وغيرها من الخلاف العالي وخلاف بعض الفرق كالزيدية والإمامية وأفتى فيه بفوائد جمة. وكان يميل إلى الأخذ بالحديث وكتبت نسبه وأسماء شيوخه من برنامج الإمام العلامة أبي جعفر بن الزبير. توفي بن المسدي بمكة المشرفة سنة ثلاث وستين وستمائة. ومن المدارك من اسمه موسى قال القاضي عياض ومن الطبقة الوسطى من أصحاب مالك من أهل اليمن: موسى بن قرة بن طارق السكسكي أبو محمد وأبو قرة لقب له الجندي بجيم ونون مفتوحتين ودال مهملة مكسورة منسوب إلى الجند ناحية باليمن وقيل هو من أهل زبيد من أهل الحصيب قاض لهم.

موسى أبو الأسود بن عبد الرحمن بن حبيب المعروف بالقطان

روى عن مالك ما لا يحصى حديثاً ومسائل وروى عنه الموطأ وله كتابه الكبير وكتابه المبسوط وسماع معروف في الفقه عن مالك يرويه عنه علي بن زياد الحجي. وذكره أبو عمرو المقرئ في القراء فقال: قرأ أبو قرة على نافع وروى عن إسماعيل القسط وموسى بن عقبة ومالك وابن جريج وابن عيينة. عنه علي بن زياد الحجي وابن حنبل وابن راهويه قال أبو حاتم: هو ثقة محله الصدق وأثنى عليه بن حنبل خيراً ولم يذكر وفاته. ومن الطبقة الرابعة ممن التزم مذهب مالك ولم يره من أهل إفريقية: موسى أبو الأسود بن عبد الرحمن بن حبيب المعروف بالقطان مولى بني أمية سمع من محمد بن سحنون ومحمد بن عامر الأندلسي وعلى بن عبد العزيز وغيرهم روى عنه تميم بن أبي العرب وأبو القاسم السوري وغيرهما وما أعجب أهل مصر بمن قدم عليهم من القيروان إعجابهم به وأبي العباس بن طالب. كان ثقة فقيهاً حافظاً من الفقهاء المعدودين والأئمة المشهورين وله أوضاع كثيرة في العلم.

كان يحسن الكلام في الفقه على مذهب مالك وأصحابه ولي قضاء طرابلس فنفذ الحقوق وأخذها للضعيف من القوي فبغي عليه وأوذي فعزل وحبس في الكنيسة شهوراً ثم أطلق وكان سبب إطلاقه في رجل اشترى حوتاً فوجد في بطنه آخر فاختلفوا: هل هو للبائع أو للمشتري؟ فأفتى موسى: إن كان الشراء على الوزن فهو للمشتري وإن كان على الجزاف فهو للبائع فقال الوالي: مثل هذا لا يسجن وأطلقه وألفت الناس في فضائله وألف أبو الأسود أحكام القرآن اثني عشر جزءاً. وتوفي في ذي القعدة سنة ست وثلاثمائة وهو بن إحدى وسبعين سنة ومولده سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. قال ربيع القطان: لما غسلناه وكفناه وأغلقنا عليه البيت وخرجنا إلى المسجد وبقي عنده النساء في الدار فلما جئنا أخبرنا النساء أنهن سمعن جلبة عظيمة فظننا أن الرجال في البيت فعجبنا من ذلك وتأولنا أنهم الملائكة تزاحمت عليه. وقال بعضهم: رأيت صاحباً لنا في النوم فسألته عن أستاذنا موسى فقال: ذاك رجل يدخل على الله متى شاء.

موسى أبو عمران بن عيسى بن أبي حجاج الغفجومي

ومن الطبقة الثامنة من أهل إفريقية: موسى أبو عمران بن عيسى بن أبي حجاج الغفجومي وغفجوم فخذ من زنانة. قلت: غفجوم بالغين المعجمة والفاء المفتوحة والجيم المضمومة: قبيلة من البربر أصله من فاس وبيته منها بيت مشهور معروف يعرفون ببني حجاج وله عقب وفيهم نباهة إلى الآن. استوطن القيروان وحصلت له بها رياسة العلم وتفقه بأبي الحسن القابسي ورحل إلى قرطبة فتفقه بها عند الأصيلي وسمع من أبي عثمان وعبد الوارث وأحمد بن قاسم وغيرهم. ورحل إلى المشرق وحج ودخل العراق فسمع من أبي الفتح بن أبي الفوارس وأبي الحسن المستملي ودرس الأصول على القاضي أبي بكر الباقلاني ولقي جماعة وسمع من أبي ذر ثم ترك أن يسميه لشيء جرى بينهما فكان يقول فيما سمع منه: حدثني الشيخ أبو عيسى إذ كان يكنى بذلك قال حاتم بن محمد: كان أبو عمران من أحفظ الناس وأعلمهم جمع حفظ المذهب المالكي إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفة معانية وكان يقرأ القرآن بالسبع ويجوده مع معرفته بالرجال وجرحهم وتعديلهم. أخذ عنه الناس من أقطار المغرب والأندلس واستجازه من لم يلقه وله كتاب التعليق على المدونة كتاب جليل لم يكمل وغير ذلك وخرج من عوالي إلى حديث نحو مائة ورقة.

موسى بن أحمد ويقال محمد بن سعد اليحصبي يعرف بالوتد

قال حاتم: ولم ألق أحداً أوسع علماً منه ولا أكثر رواية وذكر أن الباقلاني كان يعجبه حفظه ويقول له: لو اجتمعت في مدرستي أنت وعبد الوهاب وكان إذ ذاك بالموصل لاجتمع علم مالك أنت تحفظه وهو ينصره؟ وتوفي أبو عمران سنة ثلاثين وأربعمائة. وهو بن خمس وستين سنة. موسى بن أحمد ويقال محمد بن سعد اليحصبي يعرف بالوتد قرطبي يكنى أبا محمد سمع من قاسم بن محمد وأحمد بن مطرف ومحمد بن يحيى بن عبد العزيز. كان بصيراً بالشروط وله فيها تأليف حسن وله حظ من تعبير الرؤيا وقلد الشورى وتصرف في رفع كتب المظالم إلى المنصور ودرس عليه الفقه وحدث ونسب إليه تخليط كثير شهر به وعرف منه يعني في الحديث. توفي سنة سبع وسبعين وثلاثمائة.

من اسمه مروان من الطبقة الثامنة ممن لم ير مالكا من أهل إفريقية

من اسمه مروان من الطبقة الثامنة ممن لم ير مالكاً من أهل إفريقية مروان أبو عبد الملك بن علي البوني أندلسي الأصل سكن بونة من بلاد إفريقية وكان من الفقهاء المتفننين ذكره صاحب الصلة أخذ عن أبي محمد الأصيلي والقاضي أبي المطرف وعبد الرحمن بن فطيس وأخذ عن أبي الحسن القابسي وأحمد بن نصر الداودي. وكان رجلاً حافظاً فذاً في الفقه والحديث وكان رجلاً صالحاً مات قبل الأربعين وأربعمائة. وله تأليف في شرح الموطأ مشهور حسن رواه عنه حاتم الطرابلسي وابن الحذاء.

من اسمه مطرف من الطبقة الوسطى من أهل إفريقية

من اسمه مطرف من الطبقة الوسطى من أهل إفريقية: مطرف بن عبد الله بن مطرف بن سليمان بن يسار اليساري الهلالي أبو مصعب ويقال: أبو عبد الله مولى ميمونة أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها. كان جد أبيه سليمان مشهوراً مقدماً في العلم والفقه وكان هو وإخوته عطاء وعبد الله وعبد الملك بنو يسار مكاتبين لميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها أخذ عن جميعهم العلم ومطرف هو بن أخت مالك بن أنس الإمام وكان أصم. روى عن مالك وغيره. روى عنه أبو زرعة وأبو حاتم والبخاري وخرج عنه في صحيحه تفقه بمالك وهو ثقة. وقال بن حنبل: كانوا يقدمونه على أصحاب مالك صحب مالكاً سبع عشرة سنة. مات سنة عشرين ومائتين بالمدينة - في صفر منها - وسنه بضع وثمانون سنة.

مطرف بن عبد الرحمن بن إبراهيم القرطبي

مطرف بن عبد الرحمن بن إبراهيم القرطبي يكنى أبا سعيد روى عن يحيى بن يحيى وسعيد بن حسان وابن حبيب ورحل فسمع من سحنون ونظراء من ذكرنا كثيراً. كان بصيراً بالفقه والنحو واللغة والشعر بصيراً بالوثائق وكان مشاوراً في الأحكام ذا زهد وورع وفضل وانقباض عن السلطان. توفي في سنة اثنتين وثمانين ومائتين. من اسمه مكي من الطبقة الثامنة ممن لم ير مالكاً من أهل الأندلس: مكي أبو محمد بن أبي طالب بن محمد بن مختار القيسي كان فقيهاً مقرئاً أدبياً وله رواية وغلب عليه علم القرآن وكان من الراسخين فيه أخذ بالقيروان عن أبي محمد بن أبي زيد وأبي الحسن القابسي وحج ولقي بالمشرق جلة من الشيوخ وأخذ عنهم منهم: أبو القاسم المالكي وابن فارس وإبراهيم المروزي وأبو العباس وجماعة. ودخل قرطبة أيام المظفر بن أبي عامر - سنة ثلاث وتسعين - ولا يؤبه بمكانه إلى أن نوه بمكانه بن ذكوان القاضي وأجلسه في الجامع فنشر علمه وعلا ذكره ورحل الناس إليه من كل قطر وولي الشورى والخطبة والصلاة إلى أن قعد عنها زمن الفتنة وصنف تصانيف كثيرة في علوم

مكي بن عوف

القرآن وغير ذلك منها: الإيجاز واللمع في الإعراب روى عنه جلة كابن عتاب وحاتم بن محمد وبعدهم أبو الأصبغ بن سهل. وتوفي في صدر محرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. مكي بن عوف مؤلف العوفية تقدم ذكره مع ذكر جده إسماعيل بن مكي في حرف الألف. الأفراد في حرف الميم من الطبقة الأولى من أصحاب مالك من أهل المدينة: المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة بنالمغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ويقال أيضاً بن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش ويقال بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عياش وأمه قريبة بنت محمد بن عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي سمع أباه وجماعة كهشام بن عروة وأبي الزناد ومالك وغيرهم. وروى عنه جماعة كمصعب بن عبد الله وأبي مصعب الزبيري وغيرهما قيل لا بأس به

معن بن عيسى القزاز

خرج عنه البخاري. وقال يحيى: هو ثقة وكان مدار الفتوى في زمان مالك على المغيرة ومحمد بن دينار وكان بن أبي حازم ثالثهم وعثمان بن كنانة وكان بين مالك وبينه أول مرة معارضة ثم زالت وجالسه. وكان لمالك مجلس يقعد فيه وإلى جانبه المغيرة لا يجلس فيه سواه وإن غاب المغيرة. وعرض عليه الرشيد القضاء بالمدينة وجائزته أربعة آلاف دينار فأبى أن لا يلزمه ذلك وقال: والله يا أمير المؤمنين لأن يختنقني الشيطان أحب إلي من القضاء فقال الرشيد: ما بعد هذا شيء وأعفاه وأجازه بألفي دينار. كان فقيه المدينة بعد مالك وله كتب فقه قليلة في أيدي الناس. مولده سنة أربع وعشرين ومائة وتوفي سنة ثمان وثمانين وقيل في صفر يوم الأربعاء لسبع خلون منه سنة ست وثمانين ومائة. ومن الوسطى من أهل المدينة: معن بن عيسى القزاز كان يبيع القز مولى أشجع أبو يحيى. روى عن مالك وجماعة وروى عنه بن المديني وابن معين والحميدي وسحنون. وكان ربيب مالك وهو الذي قرأ عليه الموطأ للرشيد وابنيه الأمين

مسكين بن عبد العزيز

والمأمون وخلف مالكاً في الفقه بالمدينة وله سماع من مالك معروف وهو من كبار أصحاب مالك. كان أشد الناس ملازمة لمالك وكان يتكئ عليه عند خروجه إلى المسجد حتى قيل له عصية مالك وهو ثقة خرج عنه البخاري ومسلم. قال أبو حازم الرازي: أوثق أصحاب مالك وأثبتهم معن. وسئل يحيى عن الثبت في أصحاب مالك فقال: القعنبي ومعن. وسمع معن من مالك أربعين ألف مسألة. مات معن سنة ثمان وتسعين ومائة في شوال منها بالمدينة. ومن أهل مصر: مسكين بن عبد العزيز هو أشهب وقد تقدم التعريف به في حرب الألف وقد نبهت هناك على اسمه. ومن الطبقة السادسة من أهل العراق ومن غير آل حماد: عبد المحسن القاضي أبو العلاء بن محمد بن العباس البغدادي من علماء المالكية واختصر المبسوط سماه المقتضب من المبسوط وله كتاب في الفروق ويعرف بابن البصري.

المهلب أبو القاسم بن أحمد بن أسيد بن أبي صفرة التميمي

ومن الثامنة من أهل الأندلس: المهلب أبو القاسم بن أحمد بن أسيد بن أبي صفرة التميمي سكن المرية. من أهل العلم الراسخين المتفننين في الفقه والحديث والعبادة والنظر. صحب الأصيلي وتفقه معه. وكان صهره وسمع القابسي وأبا ذر الهروي ويحيى بن محمد الطحان وأبا جعفر وأبا عبد الله بن مناس وغيرهم. وولي قضاء مالقة. قال أبو الأصبغ بن سهل: كان أبو القاسم من كبار أصحاب الأصيلي وبه حيي كتاب البخاري بالأندلس لأنه قرأه تفقهاً أيام قراءته وشرحه واختصره اختصاراً مشهوراً سماه النصيح في اختصار الصحيح وعلق عنه تعليق حسن على البخاري وسمع منه بن المرابط وأبو عمر بن الحذاء وأبو العباس الدلائي وحاتم بن محمد. توفي سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.

مسلم بن علي بن عبد الله بن محمد بن حسن الدمشقي أبو الفضل

ومن التاسعة من أهل الشام: مسلم بن علي بن عبد الله بن محمد بن حسن الدمشقي أبو الفضل اختص بالقاضي عبد الوهاب فشهر به وله كتاب في الفروق معروف حدث عنه الناس وأخذ عنه من أهل سبتة قاسم المأمون.

حرف الهاء

حرف الهاء هشام بن أحمد بن هشام الهلالي يكنى أبا الوليد من أهل غرناطة كان فقيهاً جليلاً سنياً مسنداً ثقة عدلاً مناظراً في الحديث والرأي وأصول الدين. ولي قضاء غرناطة. أخذ عن أبي الوليد الباجي وأبي العباس العذري الدلائي. مولده في سنة أربع وأربعين وأربعمائة. توفي في سنة ثلاثين وخمسمائة. هاشم بن خالد الأنصاري البيري كان من العلماء الحفاظ ولقب بالسقط لحفظه وقصد إليه في الإمامة بحاضرة البيرة وقرئ عليه. سمع من أصحاب محمد بن فطيس وغيرهم من أصحاب سحنون ورحل فسمع من يونس بن عبد الأعلى وغيره. توفي سنة ثلاثمائة.

هارون بن عبد الله بن الزهري العوفي المكي

هارون بن عبد الله بن الزهري العوفي المكي المالكي القاضي. نزيل بغداد الإمام أبو يحيى ويقال: أبو موسى. تفقه بأصحاب مالك قال أبو إسحاق الشيرازي: هو أعلم من صنف الكتب في مختلف قول مالك. وقال الخطيب: إنه سمع من مالك وإنه ولي قضاء العسكر ثم قضاء مصر. توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائة.

حرف الواو

حرف الواو ومن الطبقة الخامسة من أهل الأندلس: وهب بن مسرة بن مفرج بن حكيم التميمي الحجازي أبو الحزم سمع بقرطبة من بن وضاح وعبيد الله وأحمد بن إبراهيم الفرضي والأعناقي وابن معاذ وأبي صالح وأسلم وأبي الوليد وابن أبي تمام ومحمد بن أبي تمام ومحمد بن عمر بن لبابة وطاهر بن عبد العزيز وأحمد بن خالد وابن أيمن ومحمد بن قاسم وقاسم بن أصبغ والخشني وببلده من بن وهب وابن أبي نخيلة ومحمد بن عزرة وغيرهم. كان حافظاً للفقه بصيراً بالحديث واللغة بصراً حسناً ضابطاً لكتبه مع ورع وفضل أفتى بموضعه وله أوضاع حسنة واستقدم بكتبه إلى قرطبة وأخرجت إليه أصول بن وضاح اللاتي سمع فيها فسمعت عليه وسمع منه علم كثير. وهو إمام ثقة مأمون وإليه كانت الرحلة أيام حياته ثم انصرف إلى بلده. حدث عنه أبو محمد القلعي وأثنى عليه وحدث عنه غير واحد. وكان يتكلم في الحديث وعلله وكان خيراً فاضلاً وله كتاب في السنة وإثبات القدر والرؤية والقرآن رحمه الله تعالى.

حرف الياء

حرف الياء من اسمه يحيى من الطبقة الوسطى من أصحاب مالك من أهل البصرة والعراق وما وراءهما من بلاد المشرق: يحيى بن يحيى بن بكير بن عبد الرحمن التميمي مولى لهم ويقال: مولى بني منقر بن سعد بن عمرو بن تميم النيسابوري قرأ على مالك الموطأ ولازمه مدة للإقتداء به وهو معدود في الفقهاء من أصحاب مالك وروى عن الليث والحمادين وابن عيينة وغيرهم. وكان ثقة مأموناً مرضياً. روى عنه جماعة من الأئمة كابن راهويه والذهلي والبخاري ومسلم وخرجا عنه في الصحيح كثيراً ورحل يحيى إلى مصر والشام والعراق وغيرها. وقال بن حنبل: ما أخرجت خراسان بعد بن المبارك مثله. وأثنى عليه أبو زرعة ووثقه. وقال إسحاق بن راهويه: لم أكتب العلم عن أحد أوثق في نفسي منه ومن الفضل بن موسى الشيباني. قال: وكان يحيى رجلاً عاقلاً.

وقال: يحيى أثبت من بن مهدي وقال: ما رأيت مثل يحيى بن يحيى أي ولا أراه رأى مثل نفسه. وقال محمد بن مسلمة: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: عمن أكتب العلم؟ فقال: " عن يحيى بن يحيى ". وكان من العباد فاضلاً. وقال يحيى بن الشهيد: ما رأيت محدثاً أورع من يحيى بن يحيى ولا أحسن لباساً منه. قال أبو بكر بن إسحاق: لم يكن بخراسان أعقل من يحيى بن يحيى وكان أخذ تلك الشمائل من مالك بن أنس أقام عليه لأخذها منه بعد أن فرغ من سماعه فقيل له في ذلك فقال: إنما أقمت مستفيداً لشمائله فإنها شمائل الصحابة والتابعين. وكان يحيى بن يحيى من المياسير وذكر أنه أهدى إلى مالك هدية باع ورثة مالك فضلتها بثمانين ألفاً. توفي يوم الأربعاء منسلخ صفر من سنة ست وعشرين ومائتين.

يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس

ومن أهل الأندلس: يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس يكنى أبا محمد وأبوه يحيى يكنى بأبي عيسى وهو من مصمودة طنجة ويتولى بني ليث وأسلم وسلاس جدهم على يد يزيد بن أبي عامر الليثي ليث كنانة فهذا - والله أعلم - سبب انتمائهم إلى ليث وكانوا يعرفون ببني أبي عيسى. سمع يحيى مالكاً والليث وحج وكان لقاؤه لمالك سنة تسع وسبعين السنة التي مات فيها مالك ثم عاد فحج ولقي جلة أصحاب مالك. وكانت له رحلتان من الأندلس سمع في الأولى من مالك والليث وابن وهب واقتصر في الأخرى على بن القاسم وبه تفقه. سمع يحيى لأول نشأته من زياد موطأ مالك وسمع من يحيى بن مضر ثم رحل وهو بن ثمان وعشرين سنة فسمع من مالك الموطأ غير أبواب في كتاب الاعتكاف شك فيها فحدث بها عن زياد وسمع من نافع بن أبي نعيم القارئ ومن بن عيينة وسمع من بن وهب موطأه وجامعه ومن بن القاسم مسائل وحمل عنه عشرة كتب وكتب سماعه وحضر جنازة مالك وقدم الأندلس بعلم كثير فعادت فتيا الأندلس بعد عيسى بن دينار إلى رأيه.

وبيحيى وبعيسى انتشر مذهب مالك. وكان يحيى يفضل بالعقل على علمه. وقال بن لبابة: فقيه الأندلس عيسى بن دينار وعالمها: بن حبيب وعاقلها يحيى. وإليه انتهت الرياسة في العلم بالأندلس وكان مالك يعجبه سمت يحيى وعقله وسماه العاقل وكان ثقة عاقلاً حسن الهدي والسمت يشبه سمته سمت مالك ولم يكن له بصر بالحديث وكان أخذ بزي مالك وسمته. قال يحيى: لما ودعت مالكاً سألته أن يوصيني فقال: عليك بالنصيحة لله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم وقال لي الليث مثل ذلك. وامتدت أيام يحيى إلى أن توفي في رجب سنة أربع وثلاثين ومائتين وقيل في ذي الحجة وقيل توفي سنة ثلاث وثلاثين وكان سنه يوم توفي ثنتين وثمانين سنة. قال صاحب الوفيات: وسلاس بكسر الواو وسينين مهملتين: الأولى ساكنة وبينهما لام ألف ويزاد فيه نون فيقال ونسلاس ومعناه بالبربرية: يسمعهم.

يحيى بن عمر بن يوسف بن عامر الكناني

ومن الطبقة الثالثة ممن لم ير مالكاً والتزم مذهبه من أهل إفريقية: يحيى بن عمر بن يوسف بن عامر الكناني وقيل البلوي وهو مولى بني أمية أندلسي من أهل جيان وعداده في الإفريقيين سكن القيروان واستوطن سوسة أخيراً وبها قبره. كنيته أبو زكرياء. نشأ بقرطبة وطلب العلم عند بن حبيب وغيره فسمع بإفريقية من سحنون وعون وأبي زكرياء الحضرمي وسمع بمصر من بن بكير وابن رمح وحرملة وأبي الطاهر وهارون بن سعيد الأيلي والحارث بن مسكين وأبي زيد بن أبي الغمر وأبي إسحاق البرقي والدمياطي وغيرهم من أصحاب بن وهب وابن القاسم وأشهب. وسمع أيضاً بالحجاز وغيره من أبي مصعب الزهري ونصر بن مرزوق وابن محاسب وأحمد بن عمران الأخفش وإبراهيم بن مرزوق وسليمان بن داود وزهير بن عباد وغيرهم. سمع منه الناس وتفقه عليه خلق منهم: أخوه محمد وأبو بكر بن اللباد وأبو العرب وعمر بن يوسف وأبو العباس الابياني وأحمد بن خالد الأندلسي وإليه كانت الرحلة في وقته. وكان فقيهاً حافظاً للرأي ثقة ضابطاً لكتبه متقدماً في الحفظ إماماً

في الفقه ثبتاً ثقة فقيه البدن كثير الكتب في التفقه والآثار ضابطاً لما روى عالماً بكتبه متقناً شديد التصحيح لها من أئمة أهل العلم وعداده في كبراء أصحاب سحنون وبه تفقه وكانت له منزلة شريفة عند الخاصة والعامة والسلطان. وسكن القيروان ورحل إليه الناس ولا يروون المدونة والموطأ إلا عنه. وكان يجلس في جامع القيروان ويجلس القارئ على كرسي يسمع من بعد من الناس لكثرة من يحضره وكان من أهل الوقار والسكينة على ما يجب لمثله تأدب في ذلك بآداب مالك. وكان لا يفتح على نفسه باب المناظرة وإذا ألح عليه سائل أو أتي بالمسائل العويصة ربما طرده. وله أوضاع كثيرة منها: كتاب الرد على الشافعي وكتاب اختصار المستخرجة المسمى بالمنتخبة وكتبه في أصول السنن ككتاب الميزان وكتاب الرؤية وكتاب الوسوسة وكتاب أحمية الحصون وكتاب فضل الوضوء والصلاة وكتاب النساء وكتاب الرد على الشكوكية وكتاب الرد على المرجئة وكتاب فضائل المنستير والرباط وكتاب اختلاف بن القاسم وأشهب. قال بن أبي خالد في تعريفه: له من المصنفات نحو أربعين جزءاً وكان لا يتصرف تصرف غيره من الحذاق والنظار في معرفة المعاني والإعراب.

قال القصري: كنت أسأله عن الشيء من المسائل فيجيبني ثم أسأله بعد ذلك بزمان عنها فلا يختلف قوله علي وكان غيره يختلف قوله علي. وقال الكانشي: ما رأيت مثل يحيى بن عمر ولا أحفظ منه: كأنما كانت الدواوين في صدره قال: واجتمعت بأربعين عالماً فما رأيت أهيب لله من يحيى بن عمر. وأنفق يحيى في طلب العلم ستة آلاف دينار وكان من أهل الصيام والقيام مجاب الدعوة له براهين. قال الحسن بن نصر: ما رأيت أهيب منه قيل له: فابن طالب؟ قال: كانت له هيبة القضاء. وسمع عليه خلق كثير من أهل القيروان في الجامع بها. قال أبو الحسن اللواتي: كان عندنا يحيى بن عمر بسوسة يسمع الناس في المسجد فيمتلئ وما حوله فسئل عن سماعهم فقال: يجزئهم. وذكر أن بعض أصحاب سحنون نام حتى قرأ القارئ ما شاء الله ثم انتبه فاختلفنا في سماعه فسألنا سحنوناً؟ فقال: إذا جاء للسماع وله قصد فهو يجزئه. وقال يحيى بن عمر: لا ترغب في مصاحبة الإخوان وكفى بك من ابتليت بمعرفته أن تحترس منه. وذكر أنه رجع من القيروان إلى قرطبة بسبب دانق كان عليه لبقال فخوطب في ذلك فقال: رد دانق على أهله أفضل من عبادة سبعين سنة. وكان يقال إنه يرى على قبره نور عظيم. قال أبو العرب: وذهل آخر عمره.

يحيى بن إسحاق بن يحيى الليثي بن أحمد بن يحيى

وتوفي بسوسة في ذي الحجة سنة تسع وثمانين ومائتين وسنه ست وسبعون سنة مولده بالأندلس سنة ثلاث عشرة ومائتين. ومن الطبقة الرابعة من أهل الأندلس: يحيى بن إسحاق بن يحيى الليثي بن أحمد بن يحيى قرطبي يعرف بالرقيعة يكنى أبا إسماعيل سمع من أبيه ورحل فسمع بإفريقية من يحيى بن عمر وابن طالب وبمصر من محمد بن أصبغ بن الفرج وبالعراق من إسماعيل القاضي وأحمد بن زهير وغيرهما. وشوور في الأحكام وكان متصرفاً في العربية واللغة والتفسير نبيهاً وألف الكتب المبسوطة في اختلاف أصحاب مالك وأقواله وهي التي اختصرها محمد وعبد الله ابنا أبان بن عيسى ثم اختصر ذلك الاختصار أبو الوليد بن رشد. وتوفي سنة ثلاث وثلاثمائة وقيل سنة ثلاث وتسعين. يحيى بن عبد الله بن يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس المصمودي وقيل في نسبه الليثي لأن جده يحيى بن كثير أسلم على يد رجل يقال له يزيد بن عامر الليثي فنسب إليه. وكان يحيى هذا جليل القدر عالي الدرجة في الحديث ولي القضاء

يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن ربيع الأشعري يكنى أبا عامر

في مواضع عديدة وكان لا يرى القنوت في الصلاة ولا يقنت في مسجده ألبتة. روى عن أبي الحسن النحاس وسمع الموطأ من حديث الليث وغيره ومن بن عم أبيه عبيد الله بن يحيى. مولده سنة سبع وثمانين ومائتين. توفي سنة سبع وستين وثلاثمائة. يحيى بن عبد الرحمن بن أحمد بن ربيع الأشعري يكنى أبا عامر العالم الجليل المحدث الحافظ واحد عصره وفريد دهره. وكان رحمه الله تعالى عالماً من أعلام الأندلس ناصراً للسنة رادعاً لأهل الأهواء متكلماً دقيق النظر سديد البحث سهل المناظرة شديد التواضع كثير الانصاف مع هيبة ووقار وسكون. ولي قضاء الجماعة: بقرطبة ثم بغرناطة وأقرأ بغرناطة لأكابر علمائها الحديث والأصلين وغير ذلك. حدث عن والده العالم المحدث أبي الحسين: عبد الرحمن بن ربيع وعن أبي جعفر: أحمد بن يحيى الحميري وعن أبي القاسم بن بشكوال وأبي بكر بن الجد الفهري وأبي عبد الله بن أرمق وأبي محمد: عبد المنعم بن الفرس. توفي سنة سبع أو ثمان وثلاثين وستمائة.

يحيى بن عبد الله بن بكير أبو زكرياء الحافظ المخزومي المصري

يحيى بن عبد الله بن بكير أبو زكرياء الحافظ المخزومي المصري سمع مالكاً والليث وخلقاً كثيراً وصنف التصانيف وسمع من مالك الموطأ سبع عشرة مرة. توفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين. يحيى بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن السقاط الأنصاري كان من العلماء الفضلاء الرواة للحديث ولقي بمكة أبا ذر: عبد بن أحمد العذري وكان من أهل الجلالة والنباهة والحسب. توفي بغرناطة. يحيى بن محمد بن حسين الغساني القليعي من أهل غرناطة يكنى أبا بكر كان فقيهاً نبيلاً من جلة الفقهاء خيراً ثقة فيما يرويه مشاوراً فاضلاً من كبار أهل غرناطة جزلاً. روى عن أبي عبد الله محمد بن أبي زمنين ورحل إلى المشرق وسمع هناك. حدث عنه أبو محمد بن عتاب وأبو الأصبغ: عيسى بن سهل القاضي. توفي سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة.

يحيى بن عبد الله بن عيسى بن سليمان الهمداني يكنى أبا بكر ويعرف بالبغيل

يحيى بن عبد الله بن عيسى بن سليمان الهمداني يكنى أبا بكر ويعرف بالبغيل أخذ عن جماعة من أهل بلده ودرس الفقه بغرناطة دهراً وأخذ عنه أهلها وكان فقيهاً مشاوراً من بيت علم ودين حدث عنه القاضي أبو بكر بن أبي زمنين. توفي بعد السبعين وخمسمائة. يحيى بن علي بن محمد بن عمر الجذلي يكنى أبا بكر من أهل المعرفة الجيدة والحفظ للمسائل والتفنن فيها عرض المدونة على القاضي أبي الوليد بن رشد وعلى الفقيه أصبغ بن محمد وبلغ الغاية في المعرفة بالوثائق. يحيى بن محمد بن عبد العزيز يعرف بابن الجواز سمع من رجال الأندلس ثم رحل وحج سنة اثنتين وخمسين ومائتين وسمع هناك من جماعة بمصر وغيرها كمحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وغيره ثم رجع وكان من العلماء الفضلاء. توفي سنة سبع وتسعين ومائتين. يحيى بن عبد الله بن يحيى يكنى أبا عبد الله شوور مع أبيه آخر أيامه توفي سنة ثلاث وثلاثمائة.

يحيى بن زكرياء بن إبراهيم بن مزين

يحيى بن زكرياء بن إبراهيم بن مزين مولى رملة بنت عثمان بن عفان رضي الله عنه أصله من طليطلة وانتقل إلى قرطبة فأقطعه الأمير عبد الرحمن قطائع شريفة وابتنى له داراً ووصله بصلة جزيلة. روى بن مزين عن عيسى بن دينار ومحمد بن عيسى الأعشى ويحيى بن يحيى وغازي بن قيس ونظرائهم. ورحل إلى المشرق فلقي مطرف بن عبد الله وروى عنه الموطأ ورواه أيضاً عن حبيب كاتب مالك ودخل العراق فسمع من القعنبي وسمع بمصر من أصبغ بن الفرج وكان حافظاً للموطأ فقيهاً فيه وله حظ من علم العربية. كان مشاوراً مع العتبي وابن خالد وطبقتهم شيخاً وسيماً ذا وقار وسمت حسن موصوفاً بالفضل والنزاهة والدين والحفظ ومعرفة مذاهب أهل المدينة. قال بن لبابة: بن مزين أفقه من رأيت في علم مالك وأصحابه ولي قضاء طليطلة وله تآليف حسان منها تفسير الموطأ وكتاب تسمية رجال الموطأ وكتاب علل حديث الموطأ وهو كتاب المستقصية وكتاب فضائل القرآن ولم يكن له على ذلك علم بالحديث. توفي في جمادى الأولى سنة تسع وخمسين ومائتين وقيل سنة ستين.

يحيى وأخوه أحمد ابنا محمد بن عجلان

يحيى وأخوه أحمد ابنا محمد بن عجلان من أهل سرقسطة سمعا من سحنون وكان أحمد فقيهاً ويحيى مشهوراً بالعلم والفضل بصيراً بالفرائض والحساب وألف في ذلك تأليفاً أخذه الناس عنه روى عنهما محمد بن تليد المعافري. يحيى بن موسى الرهوني كان فقيهاً حافظاً يقظاً متفنناً إماماً في أصول الفقه أديباً بليغاً مجيداً. أخذ الفقه عن الإمام أبي العباس: أحمد بن إدريس البجاني وقد تقدم ذكره وأخذ الأصول عن الإمام أبي عبد الله الآيلي. رحل إلى القاهرة واستوطنها وتولى تدريس المدرسة المنصورية والخانقاه الشيخونية وغير ذلك. وكان صدراً في العلماء حاز الرياسة والحظوة عند الخاصة والعامة ذا دين متين وعقل رصين ثاقب الذهب بارع الاستنباط. انفرد بتحقيق مختصر بن الحاجب الأصولي وله عليه شرح حسن مفيد وكان إماماً في المنطق وعلم الكلام. وله تقييد على التهذيب يذكر فيه المذاهب الأربعة ويرجح مذهب مالك لم يكمل وكان وقوراً مهيباً متواضعاً جواداً ذا سعة في الدنيا مؤثراً بها جامعاً لخلال الفضل وحج حجتين. وتوفي في سنة أربع أو خمس وسبعين وسبعمائة.

من اسمه يعقوب من الطبقة الثانية ممن لم ير مالكا والتزم مذهبه من أهل العراق

من اسمه يعقوب من الطبقة الثانية ممن لم ير مالكاً والتزم مذهبه من أهل العراق: يعقوب بن شيبة بن الصلت بن عصفور السدوسي مولاهم أبو يوسف كان بارعاً في مذهب مالك ألف فيه تآليف جليلة أخذ ذلك عن بن المعذل وأصبغ بن الفرج والحارث بن مسكين وسعيد بن أبي زنبر ولقي جماعة من أصحاب مالك كان فقيهاً من فقهاء البغداديين على قول مالك ومن كبار أصحاب أحمد بن المعذل والحارث وكان كثير الرواية ويعقوب هذا أحد أئمة المسلمين وأعلام أهل الحديث المسندين يروي عن يزيد بن هارون ويونس بن محمد وهاشم بن القاسم ويحيى بن أبي بكر وجماعة ممن روى البخاري عن رجل عنهم فمن دونهم وسمع يعقوب بالبصرة علي بن عاصم ويزيد بن هارون وروح بن عبادة وعفان بن مسلم ومحمد بن عبد الله الأنصاري وهاشم بن القاسم ويحيى بن أبي بكر وأبي الوليد الطيالسي وجماعة وروى عنه بن ابنه محمد بن أحمد ويوسف بن يعقوب. كان ثقة سكن بغداد وحدث بها ورماه أحمد بن حنبل بهوى وبدعة. قال بن عبد البر: يعقوب أحد أئمة أهل الحديث وصنف مسنداً معللاً إلا أنه لم يتمه. قال الأزهري: سمعت الشيوخ يقولون إنه لم يتم مسند معلل قط.

يعقوب بن يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف بن جزي الكلبي يكنى أبا العباس

ولم يتكلم أحد على علل الحديث بمثل كلام يعقوب وعلي بن المديني والدارقطني. وقال أبو عبد الله الحميدي: لو وجد كلام يعقوب على أبواب الحمامات للزم أن يقرأ ويكتب فكيف ويوجد سند لا مثل له؟ إعجاباً بكلامه وعن الدارقطني وابن حيوة مثل هذا الكلام وقيل إن مسند أبي هريرة الذي وجد من مسنده بمصر في مائتي جزء من الذي خرج من مسنده. والذي ظهر منه مسند العشرة وابن مسعود وعمار وعتبة بن غزوان والعباس وبعض الموالي هذا الذي رأينا من مسنده حسب ما قال الباجي وقد كان وقع لأبي علي الصدفي قطعة صالحة. وتوفي في ربيع الأول سنة اثنتين وستين ومائتين. ومولده سنة اثنتين ومائة مع بن عبد الحكم في سنة واحدة. وقال بن عبد البر: مولده سنة أربع وثمانين والله أعلم. يعقوب بن يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف بن جزي الكلبي يكنى أبا العباس كان من أهل المشاركة في العلم وتولى خطة القضاء بتونس ثم استعفى فأعفي ثم أعيد ثانية وكانت مدة ولايته ستاً وأربعين سنة. روى عن القاضي أبي محمد: عبد المنعم بن عبد الرحمن وعن أبي الحسن بن كوثر وغيرهما. توفي في سنة سبع وثلاثين وستمائة.

من اسمه يوسف من الطبقة الثالثة ممن لم ير مالكا والتزم مذهبه من أهل الأندلس

من اسمه يوسف من الطبقة الثالثة ممن لم ير مالكاً والتزم مذهبه من أهل الأندلس: يوسف أبو عمر المغامي بن يحيى بن يوسف بن محمد دوسي من ولد أبي هريرة أندلسي الأصل ومغام من ثغر طليطلة أصله منها ونشأ بقرطبة وسكن مصر ثم استوطن القيروان إلى أن مات. سمع بالأندلس من يحيى بن يحيى وسعيد بن حسان ويحيى بن مزين روى عن عبد الملك بن حبيب مصنفاته وكان آخر الباقين من رواته. ورحل فسمع بمكة من علي بن عبد العزيز وبصنعاء من الديري وبمصر من القراطيسي وسمع أبا المصعب وغيرهم وانصرف إلى الأندلس وكان حافظاً للفقه نبيلاً فيه فصيحاً بصيراً بالعربية. أقام بعد انصرافه بقرطبة أعواماً ثم رحل ثانية فسكن بمصر. وأسمع الناس بها كتب بن حبيب وعظم قدره بالمشرق. وقال أبو العرب في طبقاته: كان المغامي إماماً عالماً جامعاً لفنون من العلم ثقة عالماً بالذب عن مذهب الحجازيين فقيه البدن عاقلاً وقوراً قلما رأيت مثله في عقله وأدبه وخلقه إن جلس جلسة لم يغيرها حتى يقوم. ورحل في طلب الحديث وهو يومئذ إمام شيخ وقد سمع منه الناس

قبل رحلته فلقي الديري وكتب عن الناس وسمع منه علي بن عبد العزيز بمكة وخلق كثير من أهل مصر وجاءه من مصر نحو مائة كتاب من جماعة بعضهم يسأله الإجازة وبعضهم يسأله الرجوع إليهم. وقال بعضهم: لا أعلم بمنزلة يستحقها عالم بعلمه أو فاضل بحسن مذهبه إلا ويوسف ابن يحيى من أهلها. وقال فحلون: وكانت حلقة المغامي بصنعاء أعظم من حلقة الديري وكان علي بن عبد العزيز إذا سئل عن شيء يقول: عليكم بفقيه الحرمين يوسف بن يحيى وكان جاور بها سبع سنين وكان مفوهاً عالماً. قال الشيرازي: كان فقيهاً عابداً تفقه بابن حبيب يقال إنه صهره وكان شديداً على الشافعي وضع في الرد عليه عشرة أجزاء. وللمغامي أيضاً تأليف حسن في فضائل مالك وكتاب في فضائل عمر بن عبد العزيز. قال أحمد بن نصر: كان المغامي فقيه الصدر حسن القريحة وقوراً مهيباً عاقلاً حليماً ورحل إلى المشرق فأقام أحد عشر عاماً ومضى بألفي دينار فأتى وعليه الدين أنفقها في طلب العلم وسمعوا عليه باليمن كتب بن حبيب سمع منه علي بن عبد العزيز وأبو الذكر القاضي وأبو العباس الأبياني وفضل بن سلمة وأبو العرب التميمي وابن اللباد وسعيد بن فحلون وأبو عبد الله محمد بن الربيع الجيزي وغيرهم. توفي سنة ثمان وثمانين ومائتين وصلى عليه حمديس القطان ويقال إنه أغمي عليه عند موته ثم أفاق فقال: رأيت الآن أول ذنب عملته وقد بلغت الحلم.

يوسف بن عمر بن عبد البر بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري

ومن الطبقة العاشرة من أهل الأندلس: يوسف بن عمر بن عبد البر بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري حافظ شيخ علماء الأندلس وكبير محدثيها في وقته وأحفظ من كان فيها لسنة مأثورة. نسبه من النمر بن قاسط في ربيعة. من أهل قرطبة طلب بها وتفقه عند أبي عمر بن المكوى وكتب عن شيوخه ولازم أبا الوليد بن الفرضي وعنه أخذ كثيراً من علم الرجال والحديث سمع سعيد بن نصر وعبد الوارث وأحمد بن قاسم البزاز وأبا محمد بن أسد وخلف بن سهل الحافظ وجماعة سمع منه عالم كثير من جلة أهل العلم كأبي العباس الدلائي وأبي محمد بن أبي قحافة وأبي عبد الله الحميدي وأبي علي الغساني وأبي بحر: سفيان بن العاصي وذكر صاحب الوفيات عن القاضي أبي علي بن سكرة قال: سمعت شيخنا القاضي أبا الوليد الباجي يقول: لم يكن بالأندلس مثل أبي عمر بن عبد البر في الحديث وقال الباجي أيضاً: أبو عمر أحفظ أهل المغرب وألف في الموطأ كتباً مفيدة منها كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد رتبه على أسماء شيوخ مالك على حروف المعجم وهو كتاب لم يتقدمه أحد إلى مثله وهو سبعون جزءاً. قال أبو محمد بن حزم: لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله فكيف أحسن منه ثم صنع: كتاب الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار شرح فيه الموطأ على وجهه ونسق أبوابه وصنع كتاباً جمع فيه أسماء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين

كتاباً جليلاً مفيداً سماه كتاب الاستيعاب وكتاب الكافي في الفقه وله كتاب جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله وكتاب الدرر في اختصار المغازي والسير وكتاب العقل والعقلاء وما جاء في أوصافهم وله كتاب صغير في قبائل العرب وأنسابهم سماه جمهرة الأنساب وصنف كتاب بهجة الجالس وأنس المجالس في ثلاثة أسفار جمع فيه أشياء مستحسنة تصلح للمذاكرة والمحاضرة من ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في منامه أنه دخل الجنة ورأى فيها عذق مدلى فأعجبه فقال صلى الله عليه وسلم: " لمن هذا؟ " فقيل: لأبي جهل فشق ذلك عليه فقال: " ما لأبي جهل والجنة؟ والله لا يدخلها أبداً فإنه لا يدخلها إلا نفس مؤمنة ". فلما أتاه عكرمة بن أبي جهل مسلماً فرح النبي صلى الله عليه وسلم به وتأول ذلك العذق بعكرمة: ابنه. ومنه أنه قيل لجعفر بن محمد - يعني الصادق - كم تتأخر الرؤيا؟ فقال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم كأن كلباً أبقع يلغ في دمه فكان شمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين رضي الله عنه وكان أبرص فكان تأخير الرؤيا بعد خمسين سنة. ومن ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رؤيا فقصها على أبي بكر رضي الله عنه فقال: " يا أبا بكر رأيت كأني أنا وأنت نرقى درجة فسبقتك بمرقاتين ونصف " فقال: يا رسول الله يقبضك الله عز وجل إلى رحمته ورضوانه

وأعيش بعدك سنتين ونصفاً. ومن ذلك أن بعض أهل الشام قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: رأيت كأن الشمس والقمر اقتتلا ومع كل واحد منهما فريق من النجوم قال: مع أيهما كنت؟ قال: كنت مع القمر قال: مع الآية الممحوة؟ لا عملت لي عملاً أبداً فعزله وقتل الرجل مع معاوية بصفين. وكان أبو عمر بن عبد البر رحمه الله موفقاً في التأليف معاناً عليه ونفع الله بتآليفه فكان مع تقدمه في علم الأثر وتبصره بالفقه ومعاني الحديث له بسطة كبيرة في علم النسب وفارق قرطبة وجال في غرب الأندلس مدة ثم تحول إلى شرق الأندلس وسكن دانية من بلادها وبلنسية وشاطبة في أوقات مختلفة وتولي قضاء الأشبونة وشنترين. وتوفي هو والخطيب أبو بكر: أحمد بن علي البغدادي الحافظ في سنة واحدة. وكان الخطيب حافظ المغرب رحمهما الله تعالى ونفع بعلومهما. والنمري بفتح النون والميم وبعدهما راء هذه نسبة إلى النمر بن قاسط بفتح النون وكسر الميم وإنما تفتح الميم في النسبة خاصة. وكان والد أبي عمر أبو محمد: عبد الله بن محمد من أهل العلم من فقهاء قرطبة سمع من أحمد بن مطرف وأحمد بن مطرف وأحمد بن حزم وأحمد بن دحيم وغيرهم وكان من أهل الأدب البارع والبلاغة وله رسائل وشعر جيد. ومن شعره: لا تكثرن تأملا ... واحبس عليك عنان طرفك فلربما أرسلته ... فرماك في ميدان حتفك

يوسف بن الحسن بن عبد العزيز بن محمد بن أبي الأحوص

قيل إنه مات سنة ثمانين وثلاثمائة. مولده سنة ثلاثين وثلاثمائة لم يسمع منه ابنه أبو عمر لصغره. وفي يوسف ست لغات: ضم السين وفتحها وكسرها مع الواو وضم السين وفتحها وكسرها بعد الهمزة عوض الواو. فالمجموع ست لغات والياء في أوله مضمومة في اللغات الست. ومولد الإمام الحافظ أبي عمر سنة ثمان وستين وثلاثمائة في ربيع الآخر. وتوفي بشاطبة في ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وأربعمائة رحمه الله تعالى ومن نظمه: تذكرت من يبكي علي مداوماً ... فلم ألف إلا العلم بالدين والخبر علوم كتاب الله والسنن التي ... أتت عن رسول الله في صحة الأثر وعلم الألى قرن فقرن وفهم ما ... له اختلفوا في العلم بالرأي والنظر يوسف بن الحسن بن عبد العزيز بن محمد بن أبي الأحوص كان من أهل العلم والعدالة والنزاهة وولي كثيراً من القواعد فسلك في سيرته سبيل الجلة. قرأ على والده وروى عنه وأجاز له الرواية أبو يحيى بن الفرس وأبو عمر بن حوط الله وأبو القاسم بن ربيع وغيرهم. مولده في سنة تسع وأربعين وستمائة. وتوفي سنة خمس وسبعمائة.

يوسف بن أبي موسى بن سليمان بن فتح الجذامي

يوسف بن أبي موسى بن سليمان بن فتح الجذامي من أهل رندة يكني أبا الحجاج كان من أهل العلم والمشاركة في الأدب ذاكراً للأخبار حسن الشعر وتقلد خطة القضاء ببلده وانتهت إليه رياسة الأحكام. أخذ عن أبي محمد عبد الواحد بن أبي السداد الباهلي وأبي جعفر بن الزبير وأبي عبد الله بن برطال وأبي عبد الله الطنجالي وأبي عبد الله بن رشيد الخطيب الفهري وأبي الحسين: عبد الله بن منظور وأبي جعفر بن الزيات وأبي عبد الله بن الكماد وأبي عبد الله: محمد بن أحمد الأقشهري والأستاذ أبي إسحاق الغافقي وأبي القاسم بن الشاط وغيرهم ممن يطول ذكرهم من العلماء الجلة. ومن تآليفه: كتاب ملاذ المستعيذ وعياذ المستعين في بعض خصائص سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وتخميس الوتريات لابن رشيد وتخميس البردة وتجريد رؤوس مسائل البيان والتحصيل لابن رشد وتآليفه وتقاييده كثيرة. ومن شعره: أدب الفتى في أن يرى متيقظاً ... لأوامر من ربه ونواهي فإذا تمسك بالهوى يهوى به ... فالحبل منه إن تيقن واهي وهو الآن في قيد الحياة وقد قيدته الكبرة وأثقلته الشيخوخة نفع الله به.

يوسف بن محمد بن علي بن محمد بن جماعة الصنهاجي ويعرف بابن مصامد

يوسف بن محمد بن علي بن محمد بن جماعة الصنهاجي ويعرف بابن مصامد سكن مالقة وهو عندهم موصوف بالجودة والصلاح وأكثر قراءته بالمشرق. وله تآليف منها: كتاب الإقتداء بسنن الهدى في الفقه وكتاب المنتقى مما هو المرتضى. للمتكلمين في أصول الدين وكتاب المقام الأعلى بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى وكتاب المرشد في رواية ورش وقالون. توفي سنة ثلاث وثلاثين وستمائة. يوسف بن محمد بن أحمد القرشي الأموي الطرسوسي المرسي أبو يعقوب شهر بابن اندراس ولد المرسي بمرسية وارتحل إلى تونس واشتغل بها على أبي القاسم بن زيتون وحصل فنوناً من العلم وتفقه بأبي محمد: عبد الوهاب بن عبد القادر الزواوي البجري وكان البجري إماماً في العلوم خصوصاً المنطق وكان يقرئ تلقين القاضي عبد الوهاب فيقرر مسائله بنظم الأقيسة والتعاريف على القوانين المنطقية وكان يوسف المذكور طبيباً عالماً بعلم أوقليدس وتصانيفه في الحكمة والطب والهيئة وعلوم الأوائل مما يطول عدها لكثرتها. توفي بتونس سنة تسع وعشرين وسبعمائة وكان والده صوفياً بخانقاه سعيد السعداء.

يوسف بن يعقوب القاضي أبو محمد الأزدي بن عم إسماعيل القاضي

يوسف بن يعقوب القاضي أبو محمد الأزدي بن عم إسماعيل القاضي ولي قضاء البصرة وواسط سمع في صغره من مسلم بن إبراهيم وسليمان بن حرب وطبقتهما وصنف السنن وكان حافظاً ديناً عفيفاً مهيباً. توفي سنة سبع وتسعين ومائتين.

من اسمه يونس من الطبقة الثامنة من الأندلس

من اسمه يونس من الطبقة الثامنة من الأندلس: يونس القاضي أبو الوليد بن عبد الله بن محمد بن مغيث يعرف بابن الصفار قرطبي كان أولاً يتولى بني أمية فلما انقرضت دولتهم انتمى في الأمصار. سمع من بن الأحمر وابن ثابت وابن برطال وابن الخراز وغيرهم وابن عبد العزيز وابن مجاهد وابن السليم وابن جهور وابن زرب. وكان رجلاً صالحاً قديم الطلب سمع منه جماعة منهم: أبو الوليد الباجي وابن عتاب. وكان يونس من أكابر أصحاب بن زرب وكان يميل إلى التصوف في العبادة في هذا كله وكان سريع الدمعة ولم يكن بالبارع في الفقه. وولي قضاء مواضع كثيرة وولي الرد بقرطبة ثم ولاه المعتد قضاء قرطبة وكان يقال: إن مات يونس ولم يل قضاء الجماعة بقرطبة مات شهيداً وله: أدافع أيامي بقصد وبلغة ... وألزم نفسي الصبر عند الشدائد وأعلم أني في مكابدة البلا ... بعين الذي يرجوه كل مكابد ألف كتاب الموعب في تفسير الموطأ وجمع مسائل بن زرب وتآليفه في أخبار الزهاد وكتب الرقائق وكتاب الابتهاج لمحبة الله عز وجل وكتاب المنقطعين إلى الله عز وجل وكتاب التهجد وكتاب فضائل الأنصار وكتاب التسلي عن الدنيا وكتاب العباد والموجز الكافي ودعاء الصالحين وكتاب طب القلوب الشافي من ألم الذنوب وكتاب أنس الوحيد وكتاب المواقف وكتاب المعمرين وكتاب الحكايات وكتاب المستبصرين.

قلت: وفي يونس ست لغات كيوسف وقد تقدم ذكرها في ترجمة الحافظ أبي عمر بن عبد البر وتوفي في رجب سنة تسع وعشرين وأربعمائة.

§1/1