الدلائل في غريب الحديث

قاسم السرقسطي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ 1 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهُ §أُتِيَ بِعُلَالَةِ شَاةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا ثُمَّ صَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» . يَرْوِيهِ سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ

قَوْلُهُ: بِعُلَالَةِ شَاةٍ، يُرِيدُ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ كَانَ قَدْ فَضَلَ مِنْهَا

وَقَالَ الرَّاجِزُ: أَحْمِلُ أُمِّي وَهِيَ الْحَمَّالَهْ تُرْضِعُنِي الدِّرَّةَ وَالْعُلَالَهْ وَلَا يُجَازَى وَالِدٌ فَعَالَهْ قَالَ أَبُو زَيْدٍ: الْعُلَالَةُ: اللَّبَنُ بَعْدَ حَلْبِ الدِّرَّةِ تُنْزِلُهُ النَّاقَةُ، وَالْأُمُّ تُعَلِّلُ صَبِيَّهَا بِشَيْءٍ مِنَ الْمَرَقِ وَاللَّبَنِ، وَأَنْشَدَ: وَقَالَ الَّذِي يَرْجُو الْعُلَالَةَ وَرِّعُوا ... عَنِ الْمَاءِ لَا يُطْرَقْ وَهُنَّ طَوَارِقُهْ فَمَا زِلْنَ حَتَّى عَادَ طَرْقًا وَشِبْنَهُ ... بِأَصْفَرَ تَذْرِيهِ سِجَالًا أَيَانِقُهْ

وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: التَّعِلَّةُ وَالتَّعَلُّلُ وَاللَّهْوُ وَاحِدٌ، وَأَنْشَدَ: غَنِينَا فَأَفْنَيْنَا النَّهَارَ تَعِلَّةً بِإرْقَاصِ مِرْقَالٍ تَخُبُّ وَتُعْنِقُ لَهَا مِنْ رَدِيفٍ كَانَ لَدْنًا رِدَافُهُ وَذُو رُقَعٍ مِنْ خَمْرِ عَانَهُ مُتْأَقُ «لَهَا» : أَيْ مِنَ اللَّهْوِ وَ «ذُو رُقْعٍ» : يُرِيدُ زِقًّا، وَأَلْهَاهُ ذُو رُقْعٍ أَيْضًا.

وَقَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَعْفُرَ: أَلَا هَلْ لِهَذَا الدَّهْرِ مِنْ مُتَعَلَّلٍ ... عَلَى النَّاسِ مَهْمَا شَاءَ بِالنَّاسِ يَفْعَلِ وَهذَا رِدَائِي عِنْدَهُ يَسْتَعِيرُهُ ... لِيَسْلُبَنِي نَفْسِي أَمَالُ بْنُ حَنْظَلِ 2 - وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، قَالَ: نَا ابْنُ أَبِي فَضَالَةَ وَأَسْنَدَهُ إِلَى حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ الْهِلَالِيِّ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: حِينَ §نَهَى عُمَرُ عَنِ التَّشْبِيبِ بِالنِّسَاءِ: أَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنَّ سَرْحَةَ مَالِكٍ ... عَلَى كُلِّ أَفْنَانِ الْعِضَاهِ تَرُوقُ فَمَا ذَهَبَتْ عَرْضًا وَلَا فَوْقَ طُولِهَا ... مِنَ النَّحْلِ إِلَّا عَشَّةٌ وَسَحُوقُ وَهَلْ أَنَا إِنْ عَلَّلْتُ نَفْسِي بِسَرْحَةٍ ... مِنَ السَّرْحِ مَوْجُودٌ عَلَيَّ طَرِيقُ

وَيَقُولُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ: لَا تُعَلِّلْ عَلَيَّ، أَيْ لَا تَطْلُبْنِي بِالْيَسِيرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَتَبُّعِ الْعِلَلِ، كَقَولِ الْآخَرِ:

إِذَا أَرَادَ امْرُؤٌ حَرْبًا جَنَى عِلَلًا ... وَظَلَّ يَضْرِبُ أَخْمَاسًا لِأَسْدَاسِ فَحَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَينِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لِأَسْدَاسٍ، أَيْ يُظْهِرُ خِلَافَ مَا يُضْمِرُ. وَأَنْشَدَ لِرَجُلٍ مِنْ طَيِّئٍ: اللَّهُ يَعْلَمُ لَوْلَا أَنَّنِي فَرِقٌ ... مِنَ الْأَمِيرِ لَعَاتَبْتُ ابْنَ نِبْرَاسِ فِي مَوْعِدٍ قَالَهُ لِي ثُمَّ أَخْلَفَهُ ... غَدًا ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لِأَسْدَاسِ حَتَّى إِذَا نَحْنُ أَلْجَأْنَا مَوَاعِدَهُ ... إِلَى الطَّبِيعَةِ فِي نَقْدٍ وَإِبْسَاسِ أَجْلَتْ مَخِيلَتُهُ عَنْ لَا فَقُلْتُ لَهُ ... لَوْ مَا بَدَأْتَ بِلَا مَا كَانَ مِنْ بَاسِ وَلَيْسَ يَرْجِعُ بَعْدَمَا سَلَفَتْ ... مِنْهُ نَعَمْ طَائِعًا حُرٌ مِنَ النَّاسِ وَأَخْبَرَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ فِي قَوْلِ الْكُمَيْتِ:

§وَذَلِكَ ضَرْبُ أَخْمَاسٍ أُرِيدَتْ ... لِأَسْدَاسٍ عَسَى أَلَّا تَكُونَا وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: وَهُوَ أَنْ يُظْهِرَ خَمْسَةً، وَيُرِيدُ سِتَّةً، وَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ وَهُوَ رَاوِيَةُ الْكُمَيْتِ: إِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ سَفَرًا بَعِيدًا عَوَّدَ إِبِلَهُ أَنْ تَشْرَبَ خُمُسًا ثُمَّ سُدُسًا حَتَّى إِذَا دَفَعَتْ فِي السَّيْرِ صَبَرَتْ.

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لِأَسْدَاسٍ، يُقَالُ لِلَّذِي يُقَدِّمُ الْأَمْرَ يُرِيدُ بِهِ غَيْرَهُ، فَيَأْتِيهِ مِنْ أَوَّلِهِ فَيَعْمَلُهُ رُوَيْدًا رُوَيْدًا، وَالْخُمْسُ الْوِرْدُ يَوْمَ الْخَامِسِ، وَالسُّدُسُ يَوْمَ السَّادِسِ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُنْبَذَ فِي الْمَزَادَةِ الْمَجْبُوبَةِ يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

الْمَجْبُوبَةُ: هِيَ الَّتِي قُطِعَ رَأْسُهَا، فَكَانَتْ كَهَيْئَةِ الدِّنِّ: لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُوكِيَهَا، فَيَعْلَمُ بِذَلِكَ إِذَا عَلَا مَا فِيهَا، وَبَلَغَ مَا يَكْرَهُ، وَأَصْلُ الْجُبِّ الْقَطْعُ. قَالَ الشَّاعِرُ: وَمَا ذَاكَ إِلَّا فِي فَتَاةٍ أَصَبْتُهَا ... أَلَا لَيْتَ أَنَّ الشَّيْخَ جُبَّتْ ذَبَاذِبُهْ الذَّبَاذِبُ: وَاحِدُهَا ذَبْذَابُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ وُقِيَ شَرُّ قَبْقَبِهِ وذَبْذَبِهِ فَقَدْ وُقِيَ»

4 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَيْنَا هُوَ فِي مَسِيرٍ لَهُ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ لَهُ مِصَكٌّ، وَالْمِصَاكُ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ، فَلَا يَشَاءُ أَنْ يَضَعَ بَعِيرَهُ فِي مَكَانٍ مِنَ الْقَوْمِ إِلَّا وَضَعَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§أَلَا هَلْ عَسَى رَجُلًا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ فَضْلٌ، وَهُوَ يَرَى فِي أَخِيهِ مَوْضِعًا، فَمَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَرِّرُهَا عَلَيْنَا، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ لَيْسَ مِنَّا وَاحِدٌ أَحَقُ بِمَالِهِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ» . أَخْبَرَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ: قَالَ: نَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، قَالَ: وَذَكَرَهُ

الْمِصَكُّ: الْجَيِّدُ الْجَسَدِ الشَّدِيدُ الْقَوِيُّ. وَأَنْشَدَ أَبُو زَيْدٍ: تَرَى الْمِصَكَّ يَطْلُبُ الْحَوَاشِيَا ... جِلَّتَهَا وَالْأُخَرَ الْعَوَاشِيَا يُقَالُ: الْعَاشِيَةُ الَّتِي تُعَشِّي، وَهِيَ الَّتِي تَرْعَى، وَالْإِبِلُ هَادِئَةٌ، فَإِذَا رَأَتْهَا الْإِبِلُ قَدْ تَوَجَّهَتْ نَحْوَ الرَّعِيِّ تَسَرَّبْنَ خَلْفَهَا، وَاقْتَدَيْنَ بِهَا، فَتِلْكَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ لَا تَكُونُ إِلَّا بِاللَّيْلِ، وَالْجِلَّةُ، وَاحِدُهَا جَلِيلٌ، وَهُوَ الْمُسِنُّ. 5 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: نَا زِيَادُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ الثَّقَفِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §رَأَى إِبِلًا جِلَّةً مِنَ الْصَدَقَةِ، فَقَالَ: «مَنْ أَخَذَهَا؟» فَقِيلَ: سَعْدٌ، فَقَالَ: «ادْعُ سَعْدًا، لَا يُحَيِّي اللَّهُ سَعْدًا» ، فَجِيءَ بِسَعْدٍ، فَقَالَ: لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي فَارَقْتُكَ حِينَ فَارَقْتُكَ، فَأَخَذْتُ

الصَّدَقَاتِ عَلَى وَجْهِهَا، لَمْ أُخَالِفْ سِنًّا عَنْ سِنٍّ، وَكُنْتُ قَدْ عَرَفْتُ حَاجَتَكَ إِلَى الظَّهْرِ، فَكُنْتُ أَشْتَرِي الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ، قَالَ: «كَذَلِكَ؟» قَالَ: نَعَمْ فَسَكَتَ

6 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الَّذِي حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلَيٍّ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدَهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ يَدِهَا، فَأَتَى أَهْلُهَا أُسَامَةَ فَكَلَّمُوهُ، فَكَلَّمَ أُسَامَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أُسَامَةُ أَلَا أَرَاكَ تُكَلِّمُنِي فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ» ، ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا، فَقَالَ: «إِنَّمَا §هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، بِأَنَّهُ

إِذَا سَرَقَ فِيهُمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهُمُ الضَّعِيفُ قَطَعُوهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» ، قَالَ: فَقَطَعَ يَدَ الْمَخْزُومِيَّة

كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَحْمِلُ عَلَى مَعْمَرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، إِذِ الْمُسْتَعِيرُ لِلْمَتَاعِ الْمُغِلُّ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ فِي صَرِيحِ الْحُكْمِ، وَيَظُنُّونَ أَنَّهُ وَهْمٌ دَخَلَ عَلَى مَعْمَرٍ

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ، قَالَ: مَعْمَرٌ، يَقُولُ فِي حَدِيثِهِ: أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ، فَقَالُوا: سَرَقَتْ، فَذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ إِلَى تَوْهِينِ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ، وَتَصْحِيحِ رِوَايَةِ غَيْرِهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ بِتَصْحِيحِ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ، وَاعْتَلَّ لَهَا، فَقَالَ: إِنَّمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ يَدِهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ يَعْنِي حَدِيثًا رَوَاهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ قُتَيْبَةَ أَنَّهُ قَطَعَهَا، وَهَذَا عَلَى الْوَعِيدِ لَا عَلَى الْإِيقَاعِ. وَهَذَا وَهْمٌ، لِأَنَّ فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، عَنِ الثِّقَاتِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَهَا، وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَاتٍ كَثِيرَةٍ مَعَهُ، وَمُرَاجَعَةُ أُسَامَةَ إِيَّاهُ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْفِي التَّأْوِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَاعْتَلَّ بِهِ لِلْحَدِيثِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ لِلْحَدِيثِ، لَكَانَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعِيدًا، لِأَنَّ الْوَعِيدَ دُونَ الْإِيقَاعِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَخْلَاقِ حَسَنًا، فَإِنَّهُ لَيْسَ يَجُوزُ فِي الْأَحْكَامِ، وَمَوَاقِعِ الْحُدُودِ، وَمَوْضِعِ الْقُدْوَةِ، وَقَدْ كَرِهَ ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ، وَعَابَتْهُ الْأَئِمَّةُ

7 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ، قَالَ: وَهُوَ ابْنُ عُمَرَ، نا الْحَسَنُ، عَنْ مَيْمُونٍ وَهُوَ ابْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ مُتَغَيِّظٌ عَلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ: §لَا أَظْفَرُ بِشَاهِدِ زُورٍ إِلَّا قَطَعْتُ لِسَانَهُ، قَالَ مَيْمُونٌ: فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ لَيْسَ بِفَاعِلٍ، إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُؤَدِّبَ أَهْلَ مِصْرَ. فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ إِنَّ خِصْلَتَيْنِ أَهْوَنُهُمَا الْكَذِبُ لَخِصْلَتَا سُوءٍ.

وَلِإِنْجَازِ الْوَعْدِ، وَإِكْذَابِ الْوَعِيدِ، وَمَا مَدَحَتْ بِهِ الْعَرَبُ مِنْ ذَلِكَ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا وَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَالَّذِي نَذْهَبُ إِلَيْهِ أَنَّ حَدِيثَ مَعْمَرٍ صَحِيحٌ، لِأَنَّهُ حَفِظَ مَا لَمْ يَحْفَظْ أَصْحَابُهُ الَّذِينَ شَرَكُوهُ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَأْتِ بِكُلِّ مَعْنَى الْحَدِيثِ مُتَقَصِّيًا،

وَلِمَا وَافَقَهُ مِنْ حَدِيثِ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَفِيهِ زِيَادَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا قَطَعَ يَدَهَا لِعِلَّةٍ غَيْرِ السِّرْقَةِ، وَلِمَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ فِي مَنْ عَتَا عَلَيْهِ، وَرَغِبَ عَنْ أَمْرِهِ. 8 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا ابْنُ أَخِي جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ §امْرَأَةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَجْحَدُهُ وَتَمْسِكُهُ، فَخَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَالْمَرْأَةُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ مِنَ امْرَأَةٍ تَائِبَةٍ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ» ، فَلَمْ تَقُمْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ، وَلَمْ تَتَكَلَّمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُمْ يَا فُلَانُ، فَاقْطَعْ يَدَ فُلَانَةٍ، لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ» ، فَقَطَعَهَا

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَا تَأَوَّلْنَاهُ، إِذِ التَّوْبَةُ لَا تُسْقِطُ الْحُدُودَ عَمَّنْ تَسَمَّى بِاسْمِ الْإِسْلَامِ 9 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ «§خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ» . أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ،

الْغَمِيمُ: مَوْضِعٌ، وَكُرَاعَه: طَرَفٌ مِنَ الْحَرَّةِ تَمْتَدُ إِلَيْهِ قَالَ عَوْفُ بْنُ الْأَحْوَصِ: أَلَمْ أَظْلِفْ عَنِ الشُّعَرَاءِ عِرْضِي ... كَمَا ظُلِفَ الْوَسِيقَةُ بِالْكُرَاعِ فَلَا أَقْتَافُ إِلَّا فَوْقَ قُفٍ ... يَزِلٌ بِذِي الْحَوَافِرِ أَوْ بِقَاعِ يَقُولُ: أَلَمْ أَمْنَعْ مِنَ الشُّعْرَاءِ عِرْضِي أَنْ يُؤَثِّرُوا فِيهِ أَثَرًا، كَمَا مَنَعَ صَاحِبُ الْوَسِيقَةِ وَسِيقَتَهُ أَنْ يَقْفُوا أَحَدًا أَثَرَهَا، وَالْوَسِيقَةُ: مَا اغْتَصَبْتَهُ فَسُقْتَهُ سَوْقًا وَهِيَ السِّيقَةُ أَيْضًا، وَيُقَالُ: سَيَّقَةٌ، وَجَمْعُهَا: سَيَائِقُ، وَأَنْشَدَ: تَقُولُ صِلَنِّي وَاهْجُرَنِّي وَقَدْ تَرَى ... إِذَا هُجِرَتْ أَنْ لَا وِصَالَ مَعَ الْهَجْرِ فَهَلْ أَنَا إِلَّا مِثْلُ سَيِّقَةِ الْعِدَا ... إِذَا اسْتَقْدَمَتْ نَحْرٌ وَإِنْ جَبَأَتْ عَقْرِ وَالظَّلَفُ: الْمَوْضِعُ الْغَلِيظُ الَّذِي لَا يُؤَدِّي أَثَرًا.

قَالَ الْأُمَوِيُّ: أَرْضٌ ظَلِفَةٌ: غَلِيظَةٌ لَا يُرَى فِيهَا أَثَرٌ، بَيِّنَةُ الظَّلَفِ، وَمِنْهُ أُخِذَ الظَّلَفُ فِي الْمَعِيشَةِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إِذَا سَالَ أَنْفٌ مِنَ الْحَرَّةِ، فَهُوَ كُرَاعٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: وَكَذَلِكَ كُرَاعُ كُلِّ شَيْء طَرَفُهُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلدَّقِيقِ الْقَوَائِمِ مِنَ الدَّوَابِ أَكْرَعُ، وَالْأُنْثَى كَرْعَاءُ، وَقَدْ كَرِعَ كَرَعًا فَهُوَ كَرِعٌ، وَفِيهِ كَرَعُ أَيْ دِقَّه، وَالْكُرَاعُ مِنَ الْإِنْسَانِ مَا دُونَ الرُّكْبَةِ، وَمِنَ الدَّوَابِ مَا دُونَ الْكَعْبِ. وَقَالَ حَكِيمُ بْنُ جَبَلَةَ الْعَبْدِيُّ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، وَكَانَتْ رِجْلُهُ قُطِعَتْ يَوْمَ الْجَمَلِ، فَأَخَذَهَا، وَزَحَفَ بِهَا حَتَّى لَقِيَ قَاطِعَهُ، فَمَا زَالَ يَنْخَعُهُ أَيْ يَضْرِبُ مَوْضِعَ النُّخَاعِ حَتَّى قَتَلَهُ، وَهُوَ يَقُولُ:

يَا نَفْسِ لَا تُرَاعِي إذْ قُطِعَتْ كُرَاعِي إنْ مَعِي ذِرَاعِي وَالْكُرَاعُ أَيْضًا: اسْمٌ جُعِلَ لِلْخَيْلِ، يُقَالُ: أَعَدُّوا السِّلَاحَ وَالْكُرَاعَ. 10 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ بَاهِلَةَ: «§صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ رَمَضَانَ» ، قُلْتُ: إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً، فَمَا زَالَ حَتَّى قَالَ: «صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ» ، قَالَ: «وَأَلْحِمْ عِنْدَ الثَّالِثَةِ» . أَخْبَرَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيُّ، قَالَ: نا أَبُو السَّلِيلِ، عَنْ مُجِيبَةَ عَجُوزٍ مِنْ بَاهِلَةَ، عَنْ أَبِيهَا، أَوْ عَنْ عَمِّهَا، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا

قَالَ يَعْقُوبُ: إِذَا أَظْهَرُوا الْأَيَّامَ، قَالُوا: صُمْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ، فَإِذَا لَمْ يَذْكُرُوهَا غَلَّبُوا اللَّيَالِي، يَقُولُونُ: صُمْنَا خَمْسًا مِنَ الشَّهْرِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ الصِّيَامُ عَلَى الْأَيَّامِ، لِأَنَّ لَيْلَةَ كُلِّ يَوْمٍ قَبْلَهُ. قَالَ النَّابِعَةُ الْجَعْدِيُّ:

فَطَافَتْ ثَلَاثًا بَيْنَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ... يَكُونُ النَّكِيرُ أَنْ تُضِيفَ وَتَجْأَرَا وَكَذَلِكَ أَقَمْنَا عِنْدَهُ عَشَرًا بَيْنَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ غَلَّبُوا التَّأْنِيثَ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: دَخَلَ لِلْحَجَّاجِ فِي مَقْدَمِهِ الْكُوفَةَ مِنْ مَكَّةَ، وَقَدِمَهَا فِي عَشْرٍ. فَلَا يَقْطَعُ الرَّحْمَنُ أَيْدِي قَلَائِصٍ ... حَمَلْنَكَ مِنْ صَنْعَاءَ سِتًّا وَأَرْبَعَا أَرَادَ يَقْطَعُ الرَّحْمَنُ مِنْ أَيْدِي قَلَائِصٍ مِنْ صَنْعَاءَ، يُريِدُ أَنَّهَا يَمَانِيَةٌ. وَقَوْلُهُ: «وَألْحِمْ عِنْدَ الثَّالِثَةِ» . قَالَ أَبُو زَيْدُ: يُقَالُ: ألْحَمَ الرجُلُ فُلَانًا إِلْحَامًا، إِذْ غَمَّهُ وَلَزَّ بِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ: قَدْ أَلْحَمَ الْمَطَرُ 11 - وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: " §أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ حُذَيْفَةَ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ: أَنَا

أَحْفَظُهُ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: مَا أَجْرَأَكَ، كَيْفَ قَالَ لِأَهْلِهِ: أَيُّ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ قَالُوا: ذَهَبَ اللَّيْلُ وَأَسْحَرْتُ، قَالَ: حَبِيبٌ جَاءَ عَلَى فَاقَةٍ، لَا أَفْلَحَ مَنْ نَدِمَ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أُشَارِكْ غَادِرًا فِي غَدْرَتِهِ، فَأَسْأَلُكَ خَيْرَ الصَّبَاحِ. قَالَ: فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: كَذَبَ قَدْ شَرِكَ فِي دَمِ عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ: دَعُوهُ فَهُوَ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: وَأَنْتَ قَدْ شَرِكْتَ فِي دَمِ عُثْمَانَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَنَا وَاللَّهِ كُنْتُ خَيْرًا لِعُثْمَانَ مِنْكَ، كُنْتُ أَنْهَاهُ عَمَّا دَخَلَ فِيهِ، وَأَنْتَ تَأْمُرُهُ بِهِ، فَلَمَّا لَحَمَهُ مَا لَحَمَهُ، اعْتَزَلْتُهُ، فَلَمْ أُعِنْ عَلَيْهِ، وَاسْتَغَاثَ بِكَ، فَأَبْطَأْتَ عَنْهُ "

هَكَذَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ: «فَلَمَّا لَحَمَهُ مَا لَحَمَهُ» ، وَالْوَجْهُ فِيهِ: فَلَمَّا أَلْحَمَهُ مَا أَلْحَمَهُ، أَيْ لَمَّا أُحِيطَ بِهِ، وَعَظُمَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَلْحَمَ الرَّجُلُ إِذَا أُحِيطَ بِهِ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا. أَنْشَدَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ رَوَّادٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ الْعَجَّاجُ: إِنَّا لَعَطَّافُونَ خَلْفَ الْمَلْحَمِ ... إِذَا الْعَوَالِي أَخْرجَتْ أَقصَى الْفَمِ

وَأَلْحَمَ الْمَطَرُ إِذَا كَثُرَ وَأَقَامَ، وَأَنْشَدَ وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ: زَئِيرُ أَبِي شِبْلَيْنِ فِي الْغِيلِ أَثْجَمَتْ ... عَلَيْهِ نَجَاءُ الشَّعْرَيَيْنِ وَأَلْحَمَا. «أَثْجَمَتْ» : دَامَتْ، «وَأَلْحَمَ» : أَقَامَ، «وَالنَّجَاءُ» السَّحَابُ، وَأَمَّا لَحَمَهُ، فَإِنَّهُ مِنْ قَوْلِكَ: لَحَمْتُ الْعَظْمَ إِذَا أَخَذْتَ لَحْمَهُ، وَلَحَمْتُ الرَّجُلَ إِذَا قَتَلْتَهُ. قَالَ الشَّاعِرُ: وَقَالُوا تَرْكَنَا الْقَوْمَ قَدْ نَذَرُوا بِهِ ... فَلَا رَيْبَ أَنْ قَدْ كَانَ ثَمَّ لَحِيمُ وأَنْشَدَنَا: وَعَامُنَا أَعْجَبَنَا مُقَدَّمُهْ يُدَعَى أَبَا السَّمْحِ وَقِرْضَابٌ سُمُهْ مُبْتَرِكًا لِكُلِّ عَظْمٍ يَلْحُمُهْ. وَيُرْوَى «يَلْحَمُهُ» أَيْ: يَأَخْذُ لَحْمَهُ، وَإِذَا بَقِيَ عَلَى الْعَظْمِ لَحْمٌ رَقِيقٌ، قُلْتَ: لَحَمْتُ مَا عَلَى الْعَظْمِ أَلحَمُهُ وَأَلْحَمْتُ الثَّوْبَ، وَأَلْحَمْتُ الصَّقْرَ: أَطْعَمْتُهُ اللَّحْمَ. 12 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا فَرَجُ بْنُ

فَضَالَةَ، قَالَ: نا شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، قَالَ: «إِنَّ §اللَّهَ تَعَالَى يَبْغَضُ أَهْلَ الْبَيْتِ اللَّحِمِينَ» قَالَ رَجُلٌ لِلثَّوْرِيِّ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبْغَضُ الْبَيْتِ اللَّحِمِ، قَالَ: لَيْسَ هُوَ بِالْبَيْتِ الَّذِي يُؤْكَلُ فِيهِ اللَّحْمُ، إِنَّمَا هُوَ الْبَيْتُ الَّذِي تُؤْكَلُ فِيهِ لُحُومُ النَّاسِ.

قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ: رَجُلٌ لَحِمٌ شَحِمٌ إِذَا كَانَ يُحِبُّهُمَا وَيَقْرِمُ إِلَيْهِمَا، وَرَجُلٌ شَحَّامٌ لَحَّامٌ إِذَا كَانَ يَبِيعُهُمَا، وَرَجُلٌ مُشْحِمٌ مُلْحِمٌ، إِذَا كَانَا عِنْدَهُ كَثِيرًا، وَكَذَلِكَ شَاحِمٌ لَاحِمٌ إِذَا كَانَ عِنْدَهُ شَحْمٌ وَلَحْمٌ، وَكَانَ يُطْعِمْهُمَا، وَرَجُلٌ شَحِيمٌ لَحِيمٌ كَثِيرُ الشَّحْمِ وَاللَّحْمِ فِي بَدَنِهِ، وَتَقُولُ مِنْهُ: قَدْ لَحُمَ الرَّجُلُ. وَفِي الْحَدِيثِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ يُوتِرُ بِتِسْعِ رَكَعَاتٍ، فَلَمَّا لَحُمَ وَبَدُنَ أَوْتَرَ بِسَبْعِ رَكَعَاتٍ، وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ»

13 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» . أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

قَالَ هِشَامٌ: الْعِرْقُ الظَّالِمُ أَنْ يَأْتِيَ الْأَرْضَ الْمَيِّتَةَ لِغَيْرِهِ، فَيَغْرِسُ فِيهَا. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ سُفْيَانُ: الْعِرْقُ الظَّالِمُ: الْمُنْتَزِي

15 - وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: " §الْعُرُوقُ أَرْبَعَةٌ: عِرْقَانِ ظَاهِرَانِ، وَعِرْقَانِ بَاطِنَانِ، فَأَمَّا الظَّاهِرَانِ: فَالْغَرْسُ وَالْبِنَاءُ، وَأَمَّا الْبَاطِنَانِ: فَالْمَعْدَنُ وَالْبِئْرُ "

16 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَا مِنْ صَاحِبِ بَقَرٍ وَلَا غَنَمٍ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمْ يُؤَدِّ حَقَّهَا إِلَّا جُمِعَتْ لَهُ عَلَى أَوْفَرِ مَا كَانَتْ لَيْسَ مِنْهَا عَضْبَاءُ وَلَا جَمَّاءُ، وَلَا عَطْفَاءُ، فَيُبْطَحُ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ» . أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الْعَطَفُ: مِنْهَا كَالْعَقَصِ وَهُوَ: الْتِوَاءٌ فِي الْقَرْنِ، وَمِنْهُ قِيلَ: ظَبْيَةٌ عَاطِفٌ، وَهِيَ الَّتِي تَرْبُضُ، وَتَعْطِفُ عُنُقَهَا، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: وَمَا مُخْرِفٌ فَرْدٌ بِأَعْلَى صَرِيمَةٍ ... تَصَدَّى لَأَحْوَى مُدْمَعِ الْعَيْنِ عَاطِفِ

17 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ قَالَ: «§أُدُّكَ أَدُّ أَبِيكَ، لَا تَقْطَعْ أُدُّ أَبِيكَ فَيُطْفَا نُورُكَ» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ الْكِنَانِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وُدُّ الرَّجُلِ أَهْلُ مَودَّةِ أَبِيهِ»

أُخْرِجَ الِاسْمُ مَخْرَجَ الْمَصْدَرِ، وَهَذِهِ الْوَاوُ إِذَا كَانَتْ مَضْمُومَةً فِي صَدْرِ الْحَرْفِ، قُلِبَتْ أَحْيَانًا هَمْزَةً كَمَا يَقُولُونَ: أُجُوهٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} [المرسلات: 11] ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى، يُقَالُ: فُلَانٌ وُدُّكَ وَوَدِيدُكَ، كَمَا يَقُولُونَ: حِبُّكَ وَحَبِيبُكَ، وَأَنْشَدَ: فَإِنْ كُنْتَ لِي وُدًّا فَبَيِّنْ مَوَدَّتي

18 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ §نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ وَالنَّقِيرِ» . فَأَمَّا الدُّبَّاءُ: فَكَانَتْ ثَقِيفُ تَخْرُطُ عَنَاقِيدَ الْعِنَبِ، فَتَجْعَلُهَا فِي الدُّبَّاءِ، ثُمَّ تَدْفِنُهَا فِي الْأَرْضِ حَتَّى تَهْدِرَ ثُمَّ تَمُوتَ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ، نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نا عُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ

أَصْلُ الْخَرْطِ: حَتُّكَ الْوَرَقَ عَنِ الشَّجَرِ نَزْعًا بِكَفِّكَ. قَالَ مِرَارٌ: إِنَّ دُونَ الَّذِي هَمَمْتَ بِهِ ... خَرْطُكَ شَوْكَ الْقَتَادِ فِي الظُّلُمَةْ

وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ «إِذَا أَكَلَ الْعِنَبَ أَكَلَهُ خَرْطًا» 19 - وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: نا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَوَّارٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: " §ثَلَاثٌ الْجِدُّ فِيهِنَّ أَجْوَدُ: أَكْلُ الْعِنَبِ وَأَكْلُ الرُّمَّانِ، وَالثَّالِثَةُ: أَنْتُمْ

تَقُولُونَهَا لَا نَحْنُ نَقُولُهَا، تَعْنِي الْجِمَاعَ " وَيُقَالُ: هَدَرَتِ الْجَرَّةُ تَهْدِرُ، مِثْلُ صَوْتِ الْجَمَلِ، لِأَنَّهُ صَوْتُ غَلَيَانِهَا، يُقَالُ: لِلْجَرَّةِ هَدِيرٌ وَكَتِيتٌ وَكَشِيشٌ.

وَأَنْشَدَ: دَلَفْتُ لَهُمْ بِبَاطِيةٍ هَدُورِ وَأَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعَابِدِيُّ: وَعَمْرٍو إِنْ دَعْوتَ بِهَا ابْنَ عَوْفٍ ... أَتَتْنِي كَالْقُرُومِ لَهَا كَتِيتُ وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَاهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَقَدْ وَضَعَ اللَّأْمَةَ، فَقَالَ: عَذِيرَكَ مِنْ مُحَارِبٍ،

نَصَبُوا عَذِيرَكَ عَلَى مَعْنَى هَلُمَّ مَعْذِرَتَكَ إِيَّايَ مِنْ فُلَانٍ، أَيْ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْكَ إِذَا وَضَعْتَ لأْمَتَكَ ". 21 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ دَخَلَ حَائِطَ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَمَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ يُحَوِّلُ الْمَاءَ فِي حَائِطِهِ، فَقَالَ: §إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ فِي شَنٍّ وَإِلَّا كَرَعُنَا، قَالَ: بَلَى فَانْطَلَقَ إِلَى الْعَرِيشِ فَسَكَبَ مِنْهُ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ حَلَبَ عَلَيْهِ دَاجِنًا فَسَقَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: الْعَرِيشُ أَهْلُ الْبَيْتِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ عَرِيشًا، لِأَنَّ الْقَوْمَ يَأْتُونَ الْمَوْضِعَ بَيْنَ النَّخْلِ فَيَبْنُونَ فِيهِ مِثْلَ الْكُوخِ مِنْ سَعْفِ النَّخْلِ، وَيُقِيمُونَ فِيهِ يَأْكُلُونَ مِنَ النَّخْلِ حَتَّى يُصْرَمَ 22 - وَحَدَثَّنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ الْأَنْصَارِيِّ، §أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ " §أَرْسَلَ فِي خَرْصِ نَخْلٍ فَخَرَصَهَا سَبْعَ مِائَةِ وَسْقٍ، وَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي وَجَدْتُ فِيهَا سَبْعِينَ عَرِيشًا

لَخَرَصْتُهَا تِسْعَ مِائَةِ وَسْقٍ.

وَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ كَانُوا يَنْزِلُونَ النَّخْلَ، لِيُصِيبُوا مِنْ ثِمَارِهَا فَخُفِّفَ فِي الْخَرْصِ عَنْهُمْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ " قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْكُوخُ هُوَ الْبَيْتُ الْمُحَرَّدُ الْمُسَنَّمُ، وَالْمُحَرَّدُ مِنْ كُلِّ شَيْء الْمُعْوَجُّ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ غُرْفَةٌ مُحَرَّدَةٌ فِيهَا حَرَادِيُّ الْقَصَبِ، وَالْوَاحِدُ حُرْدِيٌّ، وَلَا يُقَالُ: هُرْدِيٌّ. 23 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا مِسْعَرٌ، عَمَّنْ، سَمِعَ يَحْيَى بْنَ جَعْدَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، قَالَتْ: «§كُنْتُ أَسْمَعُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ، وَأَنَا عَلَى عَرِيشِ أَهْلِي»

وَالدَّاجِنُ: هِيَ الَّتِي تَأْلَفُ الْبَيْتَ، وَلَا تَرْتَعِي مَعَ الْغَنَمِ السَّائِمَةِ، يُقَالُ: دَجَنْتَ إِلَى كَذَا وَكَذَا إِذَا أَقَمْتَ بِهِ، وَقَالَ الْأَعْشَى: كَأَنَّ الْغُلَامَ نَحَا لِلصُّوَارِ ... بِأَزْرَقَ ذِي مِخْلَبٍ قَدْ دَجَنْ يُرِيدُ قَدْ تَعَوَّدَ الصَّيْدَ، وَأَنِسَ بِهِ، وَمِنْهُ أُخِذَتِ الْمُدَاجَنَةُ: وَهِيَ حُسْنُ الْمُخَالَطَةِ، وَالدُّجُونُ: الْأَلَفَانِ، وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ الَّتِي عُوِّدَتِ السِّنَاوَةُ مَدْجُونَةٌ. 24 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§رَمَيْتُ يَوْمَ الْفِجَارِ بِضْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ قُضًى» . حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعَابِدِيُّ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْحُبَابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ، قَالَ: نا عُمَرُ بْنُ مُعَاذٍ التَّمِيمِيُّ، قَالَ: قَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ ابْنُ سَلَّامٍ: قَوْلُهُ «مِنْ قُضًى» يَعْنِي مِنْ صَنْعَتِهِ، أَيْ مِنْ عَمَلِهِ

25 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ لَهُ رَجُلٌ §أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ أَدْرِكُ بِهِ عَمَلَ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ لَهُ: «كَمْ مَالُكَ؟» قَالَ: سِتَّةُ آلَافٍ، قَالَ: «لَوْ أَنْفَقْتَهَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ لَمْ تَبْلُغْ غُبَارَ شِرَاكِ الْمُجَاهِدِ» . أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَخَلَفُ بْنُ عَمْرٍو الْعُكْبَرِيُّ، قَالَا: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أنا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، فِي قَوْلِ النَّاسِ: طَلَبْتُ فُلَانًا فَمَا شَقَقْتُ غُبَارَهُ، أَيْ: لَمْ أُدْرِكْهُ، وَلَمْ أَدْخُلْ فِي غُبَارِهِ. وَأَنْشَدَ غَيْرُهُ: أَرَأَيْتَ يَوْمَ عُكَاظَ حِينَ لَقِيتَنِي ... تَحْتَ الْعَجَاجِ فَمَا شَقَقْتَ غُبَارِ

26 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «§مَثَلُ الَّذِي يَعْتِقُ عِنْدَ الْمَوْتِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي بَعْدَ الشَّبَعِ» . أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَخَلَفُ بْنُ عَمْرٍو الْعُكْبَرِيُّ، قَالَا: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي حَبِيبَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَوْلُهُ: «الَّذِي يُهْدِي بَعْدَ الشِّبَعِ» ، يَقُولُ لَمْ يُهْدِهِ عَنْ سَخَاوَةِ نَفْسٍ وَلَا ائْتِجَارٍ، وَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ سَدَّ خِلَالَهُ، حَتَّى إِذَا فَضَلَ عَنْهُ مَا لَا مَنْفَعَةَ لَهُ بِهِ، وَلَا حَاجَةَ بِهِ أَهْدَاهُ، يَقُولُ: فَإِنَّمَا أَفْضَلُ الْمَعْرُوفِ مَا كَانَ مِنَ الرَّجُلِ، وَهُوَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، يَأْمَلُ الْعَيْشَ، وَيَخْشَى الْفَقْرَ

قَالَ الْفَرَزْدَقُ: وَلَمْ أَلْفِظْكِ عَنْ شِبَعٍ وَلَكِنْ ... رَأَيْتُ الدَّهْرَ يَأْخُذُ مَا يُعَارُ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: مِنْ أَمْثَالِهِمْ فِي مِثْلِ هَذَا، «أَتَاكَ رَيَّانُ بِلَبَنِهِ» يَضْرِبُ مَثَلًا لِلَّذِي لَا يُوَاسِي حَتَّى لَا تَبْقَى لَهُ حَاجَةٌ. قَالَ الشَّاعِرُ يَعِيبُ هَذَا الْخُلُقَ: وَمَنْ لَا يُنِلْ حَتَّى يَسُدَّ خِلَالَهُ يَجِدْ ... شَهَوَاتِ النَّفْسِ غَيْرَ قَلِيلِ 27 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: " §{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] فَقَالَ: سِمَامًا وَاحِدًا ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَتْ:

أَخْبَرَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ

قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: كَذَا قَالَ عَبَّاسٌ بِالسِّينِ، وَالصَّوَابُ عِنْدَنَا مَا قَالَ عَبَّاسٌ، وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُ النَّاسِ صِمَامًا وَاحِدًا، يَذْهَبُ فِيهِ إِلَى مِثْلِ صِمَامِ الْقَارُورَةِ.

وَمِسْبَارُ الْجَرْحِ. وَأَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّا، لِلرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحَقِيقِ. فَلَمَّا بَرَزْنَا كَمِثْلِ السُّيُوفِ ... لَا يَجِدُ النَّاسُ فِينَا مَذَامَا أَذَاعَتْ بِهِمْ كُلُّ نُفَّاحَةٍ ... لَهَا عَانِدٌ لَا يُقِرُّ الصِّمَّامَا وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ الصِّمَامِ، وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ عَلَى ضَعْفٍ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ سِمَامٌ وَاحِدٌ، يَقُولُ: إِنَّ الْإِنْسَانَ يَكُونُ فِي سِمَامٍ وَاحِدٍ لَا يَعْدُوهُ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُجَيِّبَهَا، وَإِنَّمَا شَبَّهَهُ بِسِمَامِ الْإِبْرَةِ، يُقَالُ: سِمَامُ الْإِبْرَةِ وَسَمُّهَا، وَهُوَ خَرْتُهَا، سَمُّ الْأَنْفِ. قَالَ الْفَرَزْدَقُ: فَنَفَّسْتُ عَنْ سَمَّيْهِ حَتَّى تَنَفَّسَا ... وَقُلْتُ لَهُ لَا تَخْشَ شَيْئًا وَرَائِيَا وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَنْشِدُ «فَنَفَّسْتُ عَنْ أَنْفَيْهِ» يُرِيدُ مِنْخَرَيْهِ، كَمَا قَالَ مُزَاحِمٌ:

يَسُوفُ بِأَنْفَيْهِ النِّقَاعَ كَأَنَّهُ ... عَنِ الرَّوْضِ مِنْ فَرْطِ النَّشَاطِ كَعِيمُ وَالنِّقَاعُ: جَمْعُ نَقْعٍ: وَهُوَ الْقَاعُ مِنَ الْأَرْضِ يُمْسِكُ الْمَاءَ، وَمِنْهُ الْحَديِثُ الَّذِي: 28 - حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ نَصْرٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنِ ابْنِ هُبَيْرَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " §اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْمَلَاعِنُ الثَّلَاثَةُ؟ قَالَ: أَنْ يَقْعُدَ أَحَدُكُمْ فِي ظِلٍّ يُسْتَظَلُّ فِيهِ، أَوْ فِي طَرِيقٍ أَوْ فِي نَقْعِ مَاءٍ "

وَأَنْشَدَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ فِي السُّمُومِ: قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ: §لِطَافٌ بَرَاهَا الصَّوْمُ حَتَّى كَأَنَّهَا ... سُيُوفٌ يَمَانٍ أَخْلَصَتْهَا سُمُومُهَا لِطَافٌ: يَعْنِي أَجْسَادَ الْخَوَارِجِ قَدْ نَحَلَتْ مِنَ الْعِبَادَةِ، وَالسُّمُومُ الثُّقَبُ، فَيُقُولُ: بَيَّنْتُ هَذِهِ السُّمُومَ عَنْ هَذِهِ السُّيُوفِ، أَنَّهَا عُتُقٌ، وَسُمُومُ الْعُتُقِ غَيْرُ سُمُومِ الْحُدُثِ قَالَ دَاوُدُ: أَنْشَدَنَا ثَابِتُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، لِلْكُمَيْتِ يَصِفُ فِرَاخَ الْقَطَا: §مِثْلُ الْكُلَى غَيْرُ أَنَّ أَرْؤُسَهَا ... تَهْتَزُّ فِيهَا السُّمُومُ وَالشُّعَبُ. وَالشُّعَبُ: الْمَنَاقِيرُ، وَالسُّمُومُ: ثُقَبُ الْأُذُنَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ وَالْمِنْخَرَيْنِ

قَالَ دَاوُدُ، أَنْشَدَنِي يَعْقُوبُ: §عَلَى كُلِّ نَابِي الْمِحْزِمَيْنِ تَرَى لَهُ ... شَرَاسِيَفَ تَغْتَالُ الْوَضِينِ الْمُسَمَّمَا أَيِ الَّذِي لَهُ سُمُومٌ أَيْ عُرٌ، وَالسُّمُّ: الْخَرْقُ، «تَغْتَالُ» أَيْ: تَذْهَبُ بِهِ لِعَظْمِ جَوْفِهِ وَرُحْبِهِ، وَكُلُّ مَنْ أَذْهَبَ شَيْئًا فَقَدِ اغْتَالَهُ، يُقَالُ: الْغَضَبُ غُولُ الْحِلْمِ. وَالشَّرَاسِيفُ: مِقَاطُّ الْأَضْلَاعِ قَالَ يَعْقُوبُ: قَالَ الْمُمَزَّقُ الْعَبْدِيُّ فِي مَعْنَاهُ: §وَقَدْ ضَمُرَتْ حَتَّى الْتَقَى مِنْ نُسُوعِهَا ... عُرَا ذِي ثَلَاثٍ لَمْ تَكُنْ قَبْلُ تَلْتَقِي وَالْوَضِينُ: لَهُ ثَلَاثُ عُرًا، عُرْوَتَانِ فِي طَرَفَيْهِ، وَثَالِثَةٌ فِي الْوَسَطِ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ، فَإِذَا ضَمُرَتْ أُدْخِلَ طَرَفُ الْوَضِينِ فِي ذَلِكَ الْوُسْطَى، قَالَ الطِّرْمَاحُ: طَوَاهَا السَّرَى حَتَّى انْطَوَى ذُو ثَلَاثِهَا ... إِلَى أَبْهَرِي دَرْمَاءَ شَعْبِ السَّنَاسِنِ فَفُسِّرَ هَذَا الْبَيْتُ كَتَفْسِيرِ الَّذِي قَبْلَهُ. وَقَالَ أَبُو عُمَرٍو: يُرْوَى «حَتَّى انْطَوَى» وَحَتَّى ارْتَقَى ذُو ثَلَاثِهَا «فَمَنْ رَوَى»

حَتَّى انْطَوَى ذُو ثَلَاثِهَا " عَنَى بِهَا بَطْنَهَا، وَالثَّلَاثُ الْحِرْصِيَانُ وَالْكَرْشُ وَالْجِلْدُ، وَالْحِرْصِيَانُ: جِلْدَةٌ حَمْرَاءُ تَكُونُ بَيْنَ الْجِلْدِ الْأَعْلَى وَاللَّحْمِ تُقَشَّرُ بَعْدَ السَّلْخِ، وَالْجَمِيعُ حِرْصِيَانَاتُ، وَمَنْ رَوَى «ارْتَقَى ذُو ثَلَاثِهَا» يَعْنِي وَلَدَهَا وَالثَّلَاثَ، السَّلَى وَالسَّابِيَاءُ وَالرَّحِمُ، وَالسَّابِيَاءُ: قَبْلَ الْوَلَدِ يَكُونُ عَلَى الْأَنْفِ، أَيْ: صَعِدَ وَلَدُهَا إِلَى ظَهْرِهَا وَالْأَبْهَرَانِ: عِرْقَانِ يَسْتَنْبِطَانِ الْمَتْنَيْنَ. دَرْمَاءُ: قَالَ بَعْضُهُمْ جَسِيمَةٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا سِنَامَ لَهَا. وَرَوَى عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223] قَالَ: الْحَرْثُ لَا يَكُونُ إِلَّا حَيْثُ النَّبَاتُ 29 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَرْوِيهِ أَوْسُ بْنُ حُذَيْفَةَ، قَالَ: §قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفْدِ ثَقِيفَ، فَنَزَلَ الْأَحْلَافُ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَأَنْزَلَ رَسُولُ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي مَالِكٍ فِي قُبَّةٍ لَهُ، وَكَانَ يَأْتِينَا كُلَّ لَيْلَةٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: أنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ جَدِّهِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ

30 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: نا الْفَضْلُ بْنُ غَانِمٍ، قَالَ: نا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: §وَلَدُ ثَقِيفَ وَهُوَ قَسِيُّ بْنُ النَّبْتِ بْنِ مُنَبِّهِ بْنِ مَنْصُورِ

بْنِ يَقْدُمَ بْنِ أَفْصَى بْنِ دُعْمِيِّ بْنِ إِيَادِ بْنِ مَعَدِ بْنِ عَدْنَانَ، عَوْفُ بْنُ قَسِيٍّ، وَجُشَمُ بْنُ

قَسِيٍّ، فَوَلَدُ جُشَمَ، حُطَيْطُ بْنُ جُشَمَ، وَوَلَدُ حُطَيْطٍ، مَالِكُ بْنُ حُطَيْطٍ، فَهَؤُلَاءِ بَنُو مَالِكٍ، وَوَلَدُ عَوْفِ بْنِ قَسِيٍّ سَعْدُ بْنُ عَوْفٍ، وَغِيَرَةُ بْنُ عَوْفٍ، فَهَذِهِ بُطُونُ الْأَحْلَافِ مِنْ ثَقِيفَ، وَكَانَتْ حَرْبُ ثَقِيفَ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ الْأَحْلَافِ وَبَنِي مَالِكٍ، أَنَّ بَنِي مُعَتِّبِ بْنِ مَالِكٍ مِنَ الْأَحْلَافِ، وَكَانُوا أَهْلَ ثَرْوَةٍ وَعَدَدٍ، وَكَانَتْ لَهُمْ خَيْلٌ، فَحَمَوْا لَهَا حِمًى مِنْ أَرْضِ بَنِي نَصْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ مِنْ قَيْسٍ، يُقَالُ لَهُ: جِلْذَانُ فَغَضِبَتْ مِنْ ذَلِكَ بَنُو نَصْرٍ، فَقَاتَلُوهُمْ فِيهِ حَتَّى لَجَّتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَحْلَافِ، فَلَمَّا لَجَّتِ الْحَرْبُ بَيْنَ بَنِي يَرْبُوعٍ مِنْ بَنِي نَصْرٍ وَبَيْنَ الْأَحْلَافِ، اغْتَنَمَتْ ذَلِكَ بَنُو مَالِكٍ وَإِخْوَتُهُمْ مِنْ ثَقِيفَ، لِضَغَائِنَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَحْلَافِ، فَأَرَادُوا أَنْ يَكُونُوا هُمْ وَبَنُو يَرْبُوعٍ مِنْ بَنِي نَصْرٍ عَلَى الْأَحْلَافِ يَدًا وَاحِدَةً، فَحَالَفُوا بَنِي يَرْبُوعٍ عَلَى الْأَحْلَافِ، فَلَمَّا سَمِعَتِ الْأَحْلَافُ ذَلِكَ، اجْتَمَعُوا لِحَرْبِهِمْ، وَانْضَمَّ بَعْضُهُمْ يَوْمَئِذٍ إِلَى بَعْضٍ، وَرَئِيسُ الْأَحْلَافِ إِذْ ذَاكَ مَسْعُودُ بْنُ مُعَتِّبٍ، وَهُوَ كَانَ حَلَّفَ الْحُلَفَاءَ بَيْنَ ثَقِيفَ وَقَيْسٍ، وَرَئِيسُ بَنِي مَالِكٍ إِذْ ذَاكَ جُنْدُبُ بْنُ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حُطَيْطِ بْنِ جُشَمَ بْنِ قَسِيٍّ، فَكَانَ أَوَّلُ قِتَالٍ اقْتَتَلَ فِيهِ الْأَحْلَافُ وَبَنُو مَالِكٍ وَحُلَفَاؤُهُمْ، وَمِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ مِنْ بَنِي نَصْرٍ يَوْمًا لِطَائِفٍ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَسَاقَتْهُمُ الْأَحْلَافُ حَتَّى أَخْرَجُوهُمْ مِنْهُ إِلَى وَادٍ مِنْ وَرَاءِ الطَّائِفِ، يُقَالُ لَهُ: نَخْبٌ، فَأَلْجَئُوهُمْ إِلَى جَبَلٍ، يُقَالُ لَهُ: التَّوْأَمُ، فَقَتَلَتْ بَنُو مَالِكٍ وَبَنُو يَرْبُوعٍ عِنْدَهُ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً فِي شِعَبٍ مِنْ شِعَابِ ذَلِكَ الْجَبَلِ، فَسُمِّيَ شِعَبَ الْأُنَانِ، لِأَنِينِ الْقَتْلَى فِيهِ. وَنَخْبٌ هَذَا هُوَ الَّذِي جَاءَ فِيهِ الْحَدِيثُ

31 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَاللَّفْظُ لِابْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِنْسَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ لِيَّةَ حَتَّى إِذَا كُنَّا عِنْدَ السِّدْرَةِ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَرَفٍ عِنْدَ الْقَرْنِ الْأَسْوَدِ حَذْوَهَا، فَاسْتَقْبَلَ نَخْبًا بِبَصَرِهِ يَعْنِي وَادِيًا وَوَقَفَ حَتَّى اتَّقَفَ النَّاسُ كُلُّهُمْ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ §صَيْدَ وَجٍّ وَعِضَاهَهُ حَرَامٌ مُحَرَّمٌ للِّهِ» ، وَذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِهِ وَحِصَارِهِ

قَالَ مُوسَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ: وَذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ الطَّائِفِ وَحِصَارِهِ ثَقِيفَ، وَلَا أَدْرِي أَذَكَرَهُ لَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ أَمْ لَا، وَأَمَّا إِسْحَاقُ فَذَكَرَهُ

32 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الَّذِي يَرْوِيهِ الْمِقْدَامُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْدُو، قَالَتْ: نَعَمْ، كَانَ يَبْدُو إِلَى هَذِهِ التِّلَاعِ، وَقَدْ أَرَادَ الْبَدَاوَةَ مَرَّةً، فَأُتِيَ بِنَعَمٍ، قَالَتْ: أُرَاهُ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ، فَأَعْطَانِي نَاقَةً مُحَرَّمَةً، لَمْ تُرْكَبْ بَعْدُ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَوْ يَا ابْنَةَ أَبِي بَكْرٍ، §عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ، فَإِنَّ الرِّفْقَ لَمْ يَكُنْ فِي شَيْء إِلَّا زَانَهُ، وَلَمْ يُنْزَعْ مِنْ شَيْء إِلَّا شَانَهُ» . حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلَاءِ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: نا شَرِيكٌ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ.

قَالَ أَبُو الْعَلَاءِ فِي حَدِيثِهِ: الْبَدَاوَةُ، وَبَعْضُ أَصْحَابِ اللُّغَةِ يَقُولُونَ: الْبَدَاوَةُ، يُقَالُ: بَدَا يَبْدُو إِلَى الْبَادِيَةِ بَدَاوَةً، قَالَ الْفَرَزْدَقُ: بَنَاتُ قُصُورٍ إِنْ أَرَدْنَ بَدَاوَةً ... فَبِالْعِرْقِ لَمْ يَحْلُلْنَ فِي نِيَةٍ قَفْرَا وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ، يَقُولُ: هِيَ الْبَدَاوَةُ وَالْحَضَارَةُ بِالْفَتْحِ

33 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: نا يَزِيدُ وَهُوَ ابْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ أَنَّهُ «§اسْتَأْذَنَ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبَدَاوَةِ فَأَذِنَ لَهُ» وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: هِيَ الْبَدَاوَةُ وَالْحَضَارَةُ وَأَنْشَدَ:

فَمَنْ تَكُنِ الْحَضَارَةُ أَعْجَبَتْهُ ... فَأَيُّ رِجَالِ بَادِيَةٍ تَرَانَا وَالنَّاقَةُ الْمُحَرَّمَةُ: هِيَ الصَّعْبَةُ الَّتِي لَمْ تُرْكَبْ، وَفِي الْمَثَلِ الْمَضْرُوبِ: «شَرُّ خَلِيطَيْكَ السَّئُومُ الْمُحَرَّمُ» ، السَّئُومُ لَا يَصْبِرُ، وَالْمُحَرَّمُ: صَعْبٌ لَا يَعْرِفُ مَا يُرَادَ بِهِ، قَالَ الْأَعْشَى: تَرَى عَيْنَهَا صَغْوَاءَ فِي جَنْبِ مُوقِهَا ... تُرَاقِبُ كَفِّي وَالْقَطِيعَ الْمُحَرَّمَا وَالْقَطِيعُ الْمُحَرَّمُ: هُوَ السَّوْطُ الَّذِي لَمْ يُمَرَّنْ. 34 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ» . أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْعَلَاءِ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ، قَالَ: نا أَبُو حُصَيْنٍ الْأَسَدِيُّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَوْلُهُ: «لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ» فَإِنَّ الْمِرَّةَ شِدَّةُ أَسْرِ الْخَلْقِ، وَهُوَ فِي الْحَبْلِ شِدَّةُ الْفَتْلِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} [النجم: 6] .

يُقَالُ: هُوَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَقَهُ اللَّهُ قَوِيًّا، فَأَمَرَهُ شَدِيدًا، وَيُقَالُ: فَرَسٌ مُمَرٌّ أَيْ قَدْ أُمِرَّ خُلُقُهُ 35 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدَكَ، قَالَ: نا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ أَبِي مُعَاذٍ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ الْأَرْطِبَانِيُّ شَيْخٌ مِنْ مُزَيْنَةَ، قَالَ: نا أَبُو الْبَيْدَاءِ، عَمَّنْ رَأَى الْفَرَزْدَقَ فِي جِنَازَةِ بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ، يَقُودُ فَرَسًا كَانَ بِشْرٌ حَمَلَهُ عَلَيْهِ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِهِ، عَقَرَ الْفَرَسَ وَأَنْشَأَ يَقُولُ: §أَقُولُ لِمَحْبُوكِ السَّرَاةِ مُعَاوِدٍ ... سِبَاقَ الْجِيَادِ قَدْ أُمِرَّ عَلَى شَزْرِ

أَلَسْتُ شَحِيحًا إِنْ رَكِبْتُكَ بَعْدَهَا ... لِيَومِ هِيَاجٍ أَوْ تَكُونُ مَعِي تَجْرِي حَلَفْتُ بِأَلَّا تُرْكَبَ الدَّهْرَ بَعْدَهُ ... صَحِيحُ الشَّوَى حَتَّى تَكُوسَ عَلَى الْقَبْرِ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ فُلَانٌ ذُو مِرَّةٍ إِذَا كَانَ قَوِيًّا مِحْبَالًا، وَالْمَرِيرَةُ، الْحَبْلُ الْمَفْتُولُ، وَقَالُوا: أَمْرَرْتُهُ إِمْرَارًا، وَكَذَلِكَ أَمَرَّ مُمَرٌّ، قَالَ جَرِيرٌ: لَا يَأْمَنَنَّ قَوِيٌ نَقْضَ مِرَّتَهُ ... إِنِّي أَرَى الدَّهْرَ ذَا نَقْضٍ وَإِمْرَارِ وَقَدِ اسْتَمَرَّ الْحَبْلُ إِذَا اشْتَدَّ 36 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: نا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، وَمُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: نا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ، قَالَ: نا ابْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ أَنْشَأَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، يَقُولُ: §إِذَا تَخَازَرْتُ وَمَا بِي مِنْ خَزَرْ ثُمَّ كَسَرْتُ الطَّرْفَ مِنْ غَيْرِ عَوَرْ أَلْفَيْتَنِي أَلْوَى شَدِيدَ الْمُسْتَمَرِّ كَالْحَيَّةِ الْأَصْيَدِ فِي أَصْلِ الشَّجَرْ أَحْمِلُ مَا حُمِّلْتُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرّ

وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ يُنْشِدُهُ «وَجَدْتَنِي ألْحَى بَعِيدَ الْمُسْتَمَرّ» . وَيُقَالُ رَجُلٌ ألْحَى وَامْرَأَةٌ لَحْوَاءُ: وَهُوَ الْكَثِيرُ الْكَلَامِ فِي الْبَاطِلِ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ، وَقَدْ لَحِيَ يَلْحَى لَحًا شَدِيدًا، وَالْأَخْزَرُ: الَّذِي يَكْسِرُ عَيْنَيْهِ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: سَأَلَنِي هَارُونُ الرَّشِيدُ عَنْ مَعْنَى قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ: مُمَرٌّ أَمَّرَتْ مَتْنَهُ أَسَدِيَّةٌ ... يَمَانِيَّةٌ حَلَّالَةٌ بِالْمَصَانِعِ

قُلْتُ: ذَكَرَتِ الرُّوَاةُ أَنَّهُ وَصْفُ حِمَارٍ وَحْشٍ أَسْمَنَتْهُ بَقْلَةُ رَوْضَةٍ تَشَاكَلَتْ فُرُوعُهَا، وَتَوَاشَجَتْ عُرُوقُهَا فِي مَطَرِ سَحَابَةٍ كَانَتْ فِي نَوْءِ الْأَسَدِ، ثُمَّ فِي الذِّرَاعِ مِنْهُ. قَالَ: أَحْسَنْتَ. 37 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ كَانَ يَقُولُ: «§الْغِنَى صِحَّةُ الْجَسَدِ»

أَرَادَ الصِّحَّةَ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنَ الْمَالِ وَالثَّرْوَةِ وَالْيَسَارَةِ. قَالَ الشَّاعِرُ: إِنِّي وَإِنْ كَانَ الْمَالُ يُعْجِبُنِي ... فَلَيْسَ يَعْدِلُ عِنْدِي صِحَّةَ الْجَسَدِ الْمَالُ زَيْنٌ وَفِي الْأَوْلَادِ مَكْرُمَةٌ ... وَالسُّقْمُ يُنْسِيكَ حُبَّ الْمَالِ وَالْوَلَدِ 38 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ رَجُلًا أَتَاهُ فَسَأَلَهُ: §أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ، وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ، قَالَ: فَأَيُّ الْعَتَاقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَنْفَسُهَا» ، قَالَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَجِدْ؟ قَالَ: «فَتُعِينُ الصَّانِعَ، وَتَصْنَعُ لِلْأَخْرَقِ» ، قَالَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ؟ قَالَ: «فَدَعِ النَّاسَ مِنْ شَرِّكَ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقْ بِهَا عَلَى نَفْسِكَ» حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: نا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَبِيبٍ مَوْلَى عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ الْغِفَارِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

قَوْلُهُ: «تَصْنَعُ لِلْأَخْرَقِ» ، فَإِنَّ الْأَخْرَقَ الَّذِي لَا رِفْقَ لَهُ، وَلَا سِيَاسَةَ عِنْدَهُ.

يَقُولُ: فَتَكْفِيهِ عَمَلَهُ. وَأَنْشَدَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ: قَالَ: أَنْشَدَنِي الزُّبَيْرُ وَأَبِي عَنْ مُصْعَبٍ: إِذَا لَزِمَ الْقَوْمُ الْبُيُوتَ وَجَدْتَهُمْ ... عُمَاةً عَنِ الْأَخْبَارِ خُرْقَ الْمَكَاسِبِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ: وَأَنْشَدَنِي الزُّبَيْرُ فِي مِثْلِهِ: رَأَيْتُ الَّذِي لَا يَبْرَحُ الدَّهْرَ قَاعِدًا ... يُعَالُ وَمَنْ يَعْلُ الْمَطِيَّ يَعُولُ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: قَالَ الرَّاجِزُ: فَقَامَ وَسْنَانَ وَلَمْ يُوَسَّدِ يَمْسَحُ عَيْنَيهِ كَفِعْلِ الْأَرْمَدِ إِلَى صَنَاعِ الرِّجْلِ خَرْقَاءِ الْيَدِ خَطَّارَةٍ بِالسَّبْسَبِ الْعَمَرَّدِ وَيُقَالُ: نَاقَةٌ خَرْقَاءُ الْيَدِ إِذَا لَمْ يُتَعهَّدْ مَوَاضِعُ قَوَائِمِهَا، وَهَذَا لِسُرْعَتِهَا وَشِدَّةِ سَيْرِهَا، قَالَ الرَّاجِزُ: خَرْقَاءُ إِلَّا أَنَّهَا صَنَاعُ وَذَكَرُوا أَنَّ غَيْلَانَ نَظَرَ إِلَى امْرَأَةٍ، فَأَعْجَبَتْهُ، فَخَرَّقَ إِدَاوَتَهُ وَدَنَا مِنْهَا يَسْتَطْعِمُهَا الْكَلَامَ، فَقَالَ لَهَا: أَصْلِحِي لِي هَذِهِ، فَقَالَتْ: أَنَا خَرْقَاءُ، وَالْخَرْقَاءُ الَّتِي لَا تَتَنَاوَلُ عَمَلَ شَيْء مِنْ كَرَامَتِهَا عَلَى أَهْلِهَا، فَنَسَبَ بِهَا، وَقَالَ: أَعَنْ تَرَسَّمْتَ مِنْ خَرْقَاءَ مَنْزِلَةً ... مَاءُ الصَّبَابَةِ مِنْ عَيْنَيْكِ مَسْجُومُ

وَمِمَّا مَدَحُوا بِهِ عَوْنَ الْأَخْرَقِ قَوْلُ الرَّاجِزِ: أَنْشَدْنَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: هَلَّا سَأَلْتَ الْحَيَّ أُمَّ مَعْبَدِ ... عَنِّيَ بَعْدَ السَّفَرِ الْعَطَوَّدِ لَا أَفْجَأُ الْحَيَّ بِطِينِ الْمَزْودِ ... وَلَا أُعَرِّي عَاجِزَ الْمُفَرَّدِ قَوْلُهُ: «لَا أَفْجَأُ الْحَيَّ بِطِينِ الْمَزْوَدِ» يَقُولُ: لَا يَرْجِعُ جِرَابِي إِلَى الْحِيِّ مَلْآنَ كَمَا خَرَجْتُ بِهِ، وَهُوَ كَقَوْلِ الْآخَرِ: وَمَا يَكُ مِنْ أَخْلَاقِيَ الْعُوجَ لَا أَضِعْ ... رَفِيقِي وَلَا يَرْجِعْ إِلَى الْحَيِّ زَادِيَا يَقُولُ: لَا أُعْرِي هَذَا الرَّجُلَ مِنْ عَوْنِي إِذَا كَانَ فَرْدًا، وَعَجِزَ عَنْ نَفْسِهِ وَ «الْعَطَوِّدُ» : الْبَعِيرُ الصَّعْبُ، وَتَقُولُ: إِنَّهُ لَطَوِيلُ الْأَفْرَادِ هُوَ اسْمٌ مِنَ التَّفْرِيدِ، وَرَجَلٌ فَرْدٌ وَفَرِدٌ وَفَرَدٌ وَفَرُودٌ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ فَرَدْتُ بِهَذَا الْأَمْرِ أَفْرُدُ بِهِ، فُرُودًا إِذَا انْفَرَدْتَ بِهِ. وَأَنْشَدَنَا أَيْضًا الْحَسَنُ بْنُ مَعْرُوفٍ فِي مِثِلهِ: وَمُخْتَلَسٍ عَقْلَ الْفُؤَادِ كَأَنَّهُ ... مِنَ الْجَهْدِ بِالدُّوِّيَّتَيْنِ أَمِيمُ حَبَسْتُ عَلَيْهِ الْقَوْمَ حَتَّى تَنَاظَرُوا ... وَقُلْتُ لَهُمْ إِنَّ الرَّفِيقَ كَرِيمُ وَفَدَّيْتُهُ بِالْوَالِدَيْنِ كَأَنَّنِي ... لَهُ الْأُمُّ تَبْكِي شَجْوَهَا وَتُنِيمُ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْغَازِي، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعُتْبِيِّ،

قَالَ: قُلْتُ لِأَعْرَابِيٍّ: أَمَا تَسْتَحِي أَنْ تَكُونَ أُمُّكَ نَسَّاجَةً؟ قَالَ: إِنَّمَا كُنْتُ أَسْتَحْيِي أَنْ تَكُونَ خَرْقَاءَ لَا تَنْفَعُ أَهْلَهَا. 40 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الَّذِي يَرْوِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَكَانُوا فَرُّوا فِي غَزَاةٍ غَزَوَهَا، قَالَ: فَلَطَأْنَا لَهُ عِنْدَ الْفَجْرِ، وَقُلْنَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ §نَحْنُ الْفَرَّارُونَ، قَالَ: «بَلْ أَنْتُمُ الْعَكَّارُونَ» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا أَحْمَدُ، قَالَ: نا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ

اللَّطْوُ: اللُّصُوقُ بِالْأَرْضِ، تَقُولُ: رَأَيْتُ فُلَانًا لَاطِئًا بِالْأَرْضِ، وَرَأَيْتُ الذِّئْبَ لَاطِئًا

لِلسَّرِقَةِ، قَالَ حُمَيْدٌ يَصِفُ الذِّئْبَ: رَأَتْهُ فَشَكَّتْ وَهُوَ أَطْحُلُ لَاطِئٌ ... إِلَى الْأَرْضِ مَثنِيٌّ إِلَيْهِ الْأَكَارِعُ يَنَامُ بإِحْدَى مُقْلتَيْهِ وَيَتَّقِي ... الْمَنَايَا بِأُخْرَى فَهْوَ يَقْظَانُ هَاجِعُ وَقَالَ الْأَحْمَرُ: يُقَالُ: لَطِئْتُ بِالْأَرْضِ وَلَطَأْتُ إِذَا لَصِقْتُ بِهَا، وَيُرِيدُ بِالْحَدِيثِ أَنَّهُمُ اسْتَكَانُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتَشَعُوا هَيْبَةً لَهُ وَحَيَاءً مِنْ فَرَّتِهِمُ الَّتِي فَرُّوا.

وَالْعَكَّارُ: الْعَطَّافُ، يُقَالُ: إِنَّ فُلَانًا لَعَكَّارٌ فِي الْحُرُوبِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: «عَكَرَ عَلَيْهِ الزَّمَانُ» ، أَيْ: عَطَفَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْعَتَّابِيُّ: بَيْنَمَا الْمَرْءُ فِي غَضَارَةِ عَيْشٍ ... وَصَلَاحٍ مِنْ أَمْرِهِ وَاتِّفَاقِ عَكَرَتْ شِدَّةُ الزَّمَانِ فَأَدَّتْهُ ... إِلَى فَاقَةٍ وَضِيقِ خِنَاقِ قَالَ أَبُو زَيْدٍ، يُقَالُ: عَكَرَ عَلَى ذَلِكَ يَعْكِرُ عُكُورًا إِذَا كَرَّ عَلَيْهِ. 41 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي §أُرِيدُ عَتِيقًا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ قَصْدًا، فَقَالَ لَهَا النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْتَظَرِي حَتَّى يَجِيءَ فَيْءُ الْعَنْبَرِ غَدًا» ، فَجَاءَ فَيْءُ الْعَنْبَرِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذِي مِنْهُ أَرَبَعَةَ غِلْمَةٍ صِبَاحٍ مِلَاحٍ، لَا تُخْبَأُ مِنْهُمُ الرُّءُوسُ» ، قَالَ عَطَاءُ بْنُ خَالِدٍ، فَأَخَذَتْ جَدِّي وَرُدَيْحًا، وَأَخَذَتِ ابْنَ عَمِّي سَمُرَةَ، وَأَخَذَتِ ابْنَ عَمِّي رُخَيًّا، وَأَخَذَتْ خَالِي زُنَيْبًا، ثُمَّ رَفَعَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ، فَمَسَحَ بِهَا عَلَى رُءُوسِهِمْ، وَبَرَّكَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ: «هَؤُلَاءِ يَا عَائِشَةُ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ قَصْدًا» حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا عَطَاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رُدَيْحِ بْنِ ذُؤَيْبٍ الْعَنْبَرِيُّ أَبُو عُثْمَانَ بِالْبَصْرَةِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي خَالِدٌ، عَنْ أَبِيهِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ رُدَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ ذُؤَيبٍ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

قَوْلُهُ: «مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ قَصْدًا» كَمَا تَقُولُ قَلْبًا أَيْ صُرَاحٍ لَا ارْتِيَابَ فِيهِمْ، قَالَ الشَّاعِرُ: بِحْيثُ انْتَهَى قَصْدُ الْفُؤَادِ مِنَ الصَّدْرِ وَقَوْلُهُ: «لَا تُخْبَأُ مِنْهُمُ الرُّءُوسُ» يَعْنِي لَا يَسْتُرُونَهَا مِنْ قُبْحٍ، وَلَا يُخَبِّئُونَهَا مِنْ دَمَامَةٍ، قَالَ الرَّاجِزُ: لَيْسَتْ كَأُخْرَى وَلَدَتْ قَمْقَامَهْ ... مَخْبُوءَةٌ تفْضَحُهَا الدَّمَامَةْ

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعَابِدِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، لِعُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ: فَلَمَّا تَوَافَقْنَا وَسَلَّمَتُ أَشْرَقَتْ ... وُجُوهُ زَهَاهَا الْحُسنُ أَنَّ تَتَقَنَّعَا تَبَالَهْنَ بِالْعِرْفَانِ لَمَّا رَأَيْنَنِي ... وَقُلْنَ امْرُؤٌ بَاغٍ أَكَلَّ وَأَوْضَعَا وَقَرَّبْنَ أَسْبَابَ الْهَوَى لِمُتَيَّمٍ ... يَقِيسُ ذِرَاعًا كُلَّمَا قِسْنَ إِصْبَعَا وَأَنْشَدَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ لِأَعْرَابِيٍّ: جَزَى اللَّهُ الْبَرَاقِعَ مِنْ ثِيَابٍ ... عَنِ الْفِتْيَانِ شَرًّا مَا بَقِينَا يُغَيِّبْنَ الْمِلَاحَ فَلَا نَرَاهُمْ ... وَيُزْهِينِ الْقِبَاحَ فَيَنْزَهِينَا 42 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ سُئِلَ حَتَّى أَحْفُوهُ بِالْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ مَرَّةً: «§سَلُونِي، فَوَاللَّهِ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ» ، فَأَرَمَّ الْقَوْمُ، وَخَشَوْا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ أَمْرٍ عَظِيمٍ. حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، قَالَ: نا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ: نا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

يُقَالُ: أَحْفَى فُلَانٌ فُلَانًا إِذَا بَرَّحَ فِي الْإِلْحَاحِ عَلَيْهِ، وَسَأَلَهُ فَأَكْثَرَ عَلَيْهِ فِي

الطَّلَبِ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزِّيَادِيُّ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، حَفِيَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْوَصِيَّةِ إِذَا بَالَغَ فِيهِمَا، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَفَيْتُ إِلَيْهِ فِي الْوَصِيَّةِ أَيْ بَالَغْتُ، وَأَمَّا قَوْلُ الْأَعْشَى: فَإِنْ تَسْأَلِي عَنِّي فَيَارُبَّ سَائِلٍ ... حَفِيٍّ عَنِ الْأَعْشَى بِهِ حَيْثُ أَصْعَدَا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْ حَفَّى فِي الْمَسَأَلَةِ إِذَا بَالَغَ، وَمِنْ قَوْلِهِمْ رَجُلٌ حَفِيٌّ إِذَا كَانَ مَعْنِيًّا بِأَمْرِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} [مريم: 47] . وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا} [الأعراف: 187] . فَفِيهِ أَيْضًا قَوْلَانِ: قَالَ بَعْضُهُمْ: سَئُولٌ عَنْهَا، وَأَنْشَدَ: سَئُولٌ حَفِيٌّ عَنْ أَخِيهِ كَأَنَّهُ ... بِذِكْرَتِهِ وَسْنَانُ أَوْ مُتَوَاسِنُ 43 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: §{يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا} [الأعراف: 187] . قَالَ: كَأَنَّكَ

حَفِيٌّ بِهِمْ حَتَّى يَأْتُوكَ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ، وَهُوَ هَاهُنَا مِنْ حَفِيتُ بِهِ أَحْفَى

حَفَاوَةً إِذَا عَنَيْتَ بِأَمْرِهِ، وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ «مَأْرَبٌ لَا حَفَاوَةٌ» ، وَيُقَالُ: رَجُلٌ حَفِيٌّ وَحَفٌّ: إِذَا كَانَ شَفِيعًا، قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: تَجُودُ بأَنْفُسِ الْأَبْطَالِ فِيهَا ... وَأَنْتَ بِنَفْسِكَ الْحَفُّ الضَّنِينُ وَيُقَالُ: سَأَلَنِي فَحَفَوْتُهُ حَفْوًا إِذَا سَأَلَكَ فَحَرَمْتَهُ، وَالِاسْمُ الْحَفْوَةُ، وَحَفَاهُ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، أَيْ مَنَعَهُ، وَأَمَّا حِفْوَةٌ مِنْ حَفَا الْقَدَمِ، فَمَكْسُورٌ، وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ لمَّا صَعِدَ مَعَ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغَارَ، قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى قَدَمَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ تَفَطَّرَتَا دَمًا، قَالَ: فَاسْتَبْكَيْتُ، وَعَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَعَوَّدِ الشَّقَاءَ وَالْحِفْوَةَ. وَأَرَمَّ الرَّجُلُ: إِذَا سَكَتَ، وَضَمَّ شَفَتَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسُيرُهُ فِي كِتَابِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ 44 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ خَيْرٌ مِنَ السَّيِّدِ مِنَ الْمَعْزِ» . حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا بِهِ سَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ الطَّالْقَانِيُّ: قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: نا أَبُو ثِفَالٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ: السَّيِّدُ: الْجَلِيلُ، قَالَ غَيْرُهُ: وَكَذَلِكَ هُوَ عِنْدَنَا، أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ الْأَعْشَى: قَدْ حَمَّلُوهُ حَدِيثَ السِّنِّ مَا حَمَلَتْ ... سَادَاتُهُمْ فَأَطَاقَ الْحِمْلَ وَاضْطَلَعَا

أَيِ اضْطَلَعَ، وَهُوَ صَغِيرُ السِّنِّ بِمَا لَا يَضْطَلِعُ بِهِ إِلَّا الْجِلَّةُ وَالْأَكَابِرُ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَةِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ» . وَهَذَا حَدِيثٌ قَدْ ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، إِلَّا أَنَّ فِي اسْتِدَارَتِهِ لِلْعَرَبِ وَجْهًا لَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو عُبَيْدٍ، فَاجْتَلَبْنَاهُ لِذَلِكَ، وَهُوَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهُ الْحَدِيثِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: نا بَشَّارُ بْنُ مُوسَى الْخَفَّافُ، قَالَ: نا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، قَالَ: نا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ §الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

وَفِيهِ فَقَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: وَاسْتِدَارَةُ الزَّمَانِ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَحْسِبُونَ السَّنَةَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، وَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَكَانَ الْحَجُّ يَكُونُ فِي رَمَضَانَ وَفِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَحَجَّ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَحُجَّ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ حَجَّ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَافَقَ الْحَجُّ ذَا الْحِجَّةِ فِي الْعَشْرِ، ثُمَّ نَظَرُوا فِي الْأَهِلَّةِ، فَوَافَقَ ذَلِكَ، فَأَخَذُوا بِهِ 46 - قَالَ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «§حَجَّ أَبُو بَكْرٍ فِي ذِي الْحِجَّةِ»

47 - قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: نا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: نا جَدِّي، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، ذَكَرَ فِيهِ خَبَرَ النَّسِيءِ، قَالَ: فَإِذَا كَانَتِ السَّنَةُ الَّتِي يُنْسَأُ فِيهَا يَقُومُ، فَيَخْطُبُ بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ وَيَجْتَمِعُ النَّاسُ إِلَيْهِ يَوْمَ الصَّدْرِ، فَيَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ §نَسَأْتُ الْعَامَ صَفَرًا الْأَوَّلَ " يَعْنِي الْمُحَرَّمَ، فَيَطْرَحُونَهُ مِنَ الشُّهُورِ، وَلَا يَعْتَدُّونَ بِهِ، وَيَبْتَدِئُونَ الْعِدَّةَ، فَيُقُولُونَ لِصَفَرٍ وَشَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ صَفَرَانِ وَيَقُولُونَ لِشَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ وَجُمَادَى الْأُولَى شَهْرَا رَبِيعٍ، وَيَقُولُونَ لِجُمَادَى الْآخِرَةِ وَلِرَجَبٍ جُمَادِيَانِ، وَيَقُولُونَ لِشَعْبَانَ رَجَبٌ، وَلِشَهْرِ رَمَضَانَ شَعْبَانُ، وَيَقُولُونَ لِشَوَّالٍ رَمَضَانُ، وَلِذِي الْقَعْدَةِ شَوَّالٌ، وَلِذِي الْحِجَّةِ ذُو الْقَعْدَةِ، وَلِصَفَرٍ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمُحَرَّمُ الشَّهْرُ الَّذِي نَسَأَهُ ذُو الْحِجَّةِ، فَيَحُجُّونَ تِلْكَ السَّنَةَ فِي الْمُحَرَّمِ، وَيُبْطِلُ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ شَهْرًا يَنْسَؤُهُ فَيَحُجُّونَ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي شَهْرٍ حَجَّتَيْنِ، ثُمَّ يُنْسَأُ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ فَيَنْسَأُ صَفَرًا الْأَوَّلَ فِي عِدَّتِهِمْ هَذِهِ، وَهُوَ صَفَرٌ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ الْمُسْتَقِيمَةِ، حَتَّى يَكُونَ حَجُّهُمْ أَيْضًا فِي صَفَرٍ حَجَّتَيْنِ، وَكَذَلِكَ الشُّهُورُ كُلُّهَا حَتَّى يَسْتَدِيرَ الْحَجُّ فِي كُلِّ أَرَبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً إِلَى الْمُحَرَّمِ إِلَى الشَّهْرِ الَّذِي ابْتَدَءُوا سَنَّهُ النَّسَاءِ

48 - أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: §كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُخْطِئُونَ يَحُجُّونَ فِي كُلِّ عَامٍ فِي شَهْرٍ مَرَّتَيْنِ

49 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: نا الزُّبَيْرُ، قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ الْقَلَمَّسُ وَهُوَ سُوَيْدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ كُنَانَةَ: §أَرَى شُهُورَ الْأَهِلَّةِ ثَلَاثَ مِائَةٍ، وَأَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ يَوْمًا، وَأَرَى شُهُورَ الْعَجَمِ ثَلَاثَ مِائَةٍ وَخَمْسَةً وَسِتِّينَ يَوْمًا، فَبَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، فَفِي كُلِّ ثَلَاثِ سِنِينَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا، فَفِي كُلِّ ثَلَاثِ سِنِينَ شَهْرًا

وَالْقَلَمَّسُ: الشَّرِيفُ، وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَرْطَاةَ بْنِ سَيْحَانَ الْجَسْرِيِّ مِنْ جِسْرِ مُحَارِبٍ. وَإِنِّي مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَلِيلُهُمْ ... كَثِيرٌ إِذَا ارْفَضَّتْ عَصَا الْمُتَخَلِّفِ إِلَى نَضَدٍ مِنْ عَبْدِ شَمِسٍ كَأَنَّهُمْ ... هِضَابُ أَجَا أَرْكَانُهُمْ لَمْ تَقَصَّفِ قَلَامِسَةٌ سَاسُوا الْأُمُوُرَ فَأَحْسَنُوا ... سِيَاسَتَهَا حَتَّى أَقَرَّتْ لِمُرْدِفِ إِذَا صُرِفُوا لِلْحَقِّ يَوْمًا تَصَرَّفُوا ... إِذَا الْجَاهِلُ الْحَيْرَانُ لَمْ يَتَصرَّفِ

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ: الْقَلمَّسُ الْوَاسِعُ الْخُلُقِ. وَالنَّضَدُ: هُمُ الْأَعْمَامُ وَالْأَخْوَالُ، وَقَالَ عَنْ غَيْرِهِ: الْقَلَمَّسُ هُوَ الْبَحْرُ، وَأَنْشَدَ: قَدْ صَبَّحَتْ قَلَمَّسًا هَمُومًا ... يَزِيدُهُ مَخْجُ الدِّلَا جُمُومَا مَخَجْتُ الدَّلْوَ ومَحَجْتُهَا إِذَا خَضْخَضْتَهَا، وَالْهَمُومُ: الْكَثِيرُ الْمَاءِ. 50 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَلَا بِالطَّوَاغِيتِ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» . حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا يَحْيَى وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَى رَهْطٍ وَفِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَسَمِعَهُ يَقُولُ: لَا وَأَبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

الطَّوَاغِيتُ: الْبُيُوتُ الَّتِي كَانُوا بَنُوهَا يُضَاهُونَ بِهَا الْكَعْبَةَ يَطُوفُونَ بِهَا.

51 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: نا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: نا مَخْلَدٌ، قَالَ: نا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: §حَلَفْتُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَقَالَ لِي أَصْحَابِي: بِئْسَ مَا قُلْتَ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ، وَانْفُثْ عَنْ شِمَالِكَ ثَلَاثًا وَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ثُمَّ لَا تَعُدْ»

وَرَوَى مُسَدَّدٌ، عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَحُجُّونَ الْبَيْتَ، فَلَمَّا كَثُرَتِ الْعَرَبُ، جَعَلُوا يَسْتَعْبِدُونَهُمْ وَيَأْخُذُونَهْمُ فَاتَّخَذَ أَهْلُ الْمُولْتَانِ بَيْتًا، وَسَمَّوْهُ بَيْتَ

الذَّهَبِ، فَبَلَغَ أَهْلَ خُرَاسَانَ فَعَمِلُوا بَيْتًا، وَسَمَّوْهُ بَيْتَ النَّارِ، وَأَهْلُ الشَّامِ اتَّخَذُوا بَيْتًا، وَأَهْلُ الْيَمَنِ الْكَعْبَةَ الْيَمَانِيَّةَ، فَكَانَ لَا يَحُجُّ الْبَيْتَ إِلَّا مَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ. 52 - وَحَدَّثْنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: نا الْفَضْلُ بْنُ غَانِمٍ، قَالَ: نا سَلَمَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: §كَانَتِ الْعَرَبُ قَدِ اتَّخَذُوا مَعَ الْكَعْبَةِ طَوَاغِيتَ يُعَظِّمُونَهَا كَتَعْظِيمِ الْكَعْبَةِ، لَهَا سَدَنَةٌ، وَيَهْدُونَ لَهَا كَمَا يَهْدُونَ لِلْكَعْبَةِ، وَيَطُوفُونَ بِهَا كَطَوَافِهِمْ بِهَا، وَكَانَتِ الْعُزَّى بِنَخْلَةَ، وَكَانَ حَجَبَتُهَا الَّذِينَ يَحُجُّونَهَا بَنُو شَيْبَانَ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ حُلَفَاءُ بَنِي هَاشِمٍ، وَكَانَتِ اللَّاتُ لِثَقِيفَ بِالطَّائِفِ، وَحُجَّابُهَا بَنُو مُعَتِّبٍ مِنْ

ثَقِيفَ، وَكَانَتْ مَنَاةُ لِلْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، وَالْأَزْدِ مِنْ غَسَّانَ، وَمَنْ دَانَ بَدِينِهِمْ مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ، وَكَانَتْ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُشَلَّلِ بِقَدِيدَ، وَكَانَ ذُو الْخَلَصَةِ لِدَوْسٍ وَخَثْعَمٍ وَبَجِيلَةَ، وَمَنْ كَانَ مِنَ الْعَرَبِ بِبِلَادِهِمْ بِتَبَالَةَ، وَكَانَتْ فُلْسٌ لِطَيِّئٍ وَمَنْ يَلِيهَا بَجَبَلَيْ طَيِّئٍ سُلْمَى وَأَجَأ، وَكَانَتْ رُضَاءٌ بَيْتًا لِبَنِي رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ، وَلَهَا يَقُولُ الْمُسْتَوْغِرُ

بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ حَيْثُ هَدَمَهَا فِي الْإِسْلَامِ: ولَقَدْ شَدَدْتُ عَلَى رُضَاءٍ شَدَّةً ... فَتَرَكْتُهَا ثَمِلا بِقَاعٍ أَسْحَمًا وَدَعَوْتُ عَبْدَ اللَّهِ فِي مَكْرُوهِهَا ... وَبِمِثْلِ عَبدِ اللَّهِ تَغْشَى الْمَحْرَمَا وَكَانَ ذُو الْكَعَبَاتِ لِبَكْرِ بْنِ وَائِلٍ وَتَغْلِبَ وَإِيَادٌ بِسِنْدَادَ، وَلَهَا يَقُولُ الْأَسْوَدُ بْنُ يَعْفُرَ: وَمِنَ الْحَوَادِثِ لَا أَبَا لَكِ أَنَّنِي ... ضُرِبَتْ عَلِيَّ الْأَرْضُ بِالْأَسْدَادِ بَيْنَ الْخَوَرْنَقِ وَالسَّدِيرِ وَبَارِقٍ ... وَالْبَيْتِ ذِي الْكَعَبَاتِ مِنْ سِنْدَادِ أَرْضًا تَخَيَّرَهَا لِطِيبِ مِيَاهِهَا ... كَعْبُ بْنُ مَامَةَ وَابْنُ أُمِّ دُوَادِ وَكَانَتْ لِحِمْيَرَ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ بَيْتٌ بِصَنْعَاءَ، يُقَالُ لَهُ: رِئَامٌ، وَقَالَ شَاعِرُ الْعَرَبِ يَذْكُرُ مَنْحَرَ الْعُزَّى: لَقَدْ أُنْكِحَتْ أَسْمَاءُ رَأْسَ بُقَيْرَةٍ ... مِنَ الْأُدْمِ أَهْدَاهَا امْرُؤٌ مِنْ بَنِي غَنْمِ

رَأَى قَذَعًا فِي عَيْنِهَا إِذْ يَسُوقُهَا ... إِلَى غَبْغَبِ الْعُزَّى فَوَسَّعَ فِي الْقَسْمِ وَكَانُوا كَذَلِكَ يَصْنَعُونُ إِذَا نَحَرُوا هَدْيًا قَسَمُوهُ فِي مَنْ حَضَرَهُمْ «وَالْغَبْغَبُ» : مِهْرَاقُ الدِّمَاءِ، وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَشْجَعَ: يَا عَامِ لَو قَدَرَتْ عَلَيْكَ رِمَاحُنَا ... وَالرَّاقِصَاتِ إِلَى مِنًى فَالْغَبْغَبِ لَنَقَبْتَ بِالْمِسْحَاةِ وَقْعَةَ مُرْهَفٍ ... حَرَّانَ أَوْ لَثَويْتَ غَيْرَ مُحَسَّبِ 53 - وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَحَدَّثَنَا، عَنِ الرِّيَاشِيِّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: جُذِمَ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ، فَتَنَكَّبَهُ النَّاسُ، فَقَالَ: §بِأَيِّ بَلَاءٍ رَبِّ أُوِتْيتُ مَا أَرَى ... يَرَانِي عَدُوِّي كُلَّمَا قُمْتُ أَجْرَبَا وَلَا كَاهِنًا أَلْصَقْتُ بَيْتِي بِبَيْتِهِ ... وَلَا مُتْغَبًا إِنْ كَانَ لِلَّهِ مُتْغَبَا

وَفِي كُلِّ عَامٍ غَيْرُ مَنٍّ أَقُولُهُ ... أُرِيقَ عَلَى أَضْحَى مِنَ اللَّهِ غَبْغَبَا يُقَالُ: فُلَانٌ ذُو ثَغَبَاتٍ إِذَا كَانَ ذَا إِسْقَطَاتٍ فِي شَرٍّ وَفُضُوحٍ، قَالَ: الْغَبْغَبُ وَالْغَبَبُ وَاحِدٌ وَفِي الْعُزَّى، يَقُولُ الشَّاعِرُ: شَهِدتُ بِإِذْنِ اللَّهِ أَنَّ مُحَمَّدًا ... رَسُولُ الَّذِي فَوْقَ السَّمَوَاتِ مِنْ عَلُ وَأَنَّ أَبَا يَحْيَى وَيَحْيى كِلَيْهِمَا ... لَهُ عَمَلٌ فِي دِينِهِ مُتَقَبَّلُ وَأَنَّ أَخَا الْأَحْقَافِ إِذْ يَعْذُلُونَهُ ... يُجَاهدُ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ ويَعْدِلُ وَأَنَّ الَّذِي بِالْجِذْعِ مِنْ بَطْنِ نَخْلَةٍ ... وَمَنْ دَانَهَا فِلٌّ مِنَ الْخَيْرِ مَعْزِلُ وَالْفِلُ: الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ يُصِبْهَا مَطَرٌ، يُقَالُ: قَدْ أَفَلَلْنَا: إِذَا وَطِئْنَا أَرْضًا فِلا، وَجَمْعُهَا أَفْلَالُ، وَقَالَ الْآخَرُ: حَرَّقَهَا حَمْضُ بِلَادٍ فِلٍّ وَغَتْمُ نَجْمٍ غَيرِ مُسْتَقَلِّ فَمَا تَكَادُ دُنِيبُهَا تُوَلِّي وَالْغَتْمُ: شِدَّةُ الْحَرِّ، وَالْأَخْذُ بِالنَّفَسِ

54 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَا مِنْ قَوْمٍ جَلَسُوا مَجْلِسًا، فَأَطَالُوا الْجُلُوسَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرُوا اللَّهَ، وَيُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلَّا كَانَتْ عَلَيْهِمْ مِنَ اللَّهِ تَرْحَةٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ» . حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مَالِكٍ الشَّعِيرِيُّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: نا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: نا عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ الْمَدَنِيُّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

التَّرَحُ: نَقِيضُ الْفَرَحِ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «بَعْدَ كُلِّ فَرْحَةٍ تَرْحَةٌ» ، قَالَ الشَّاعِرُ:

وَمَا فَرْحَةٌ إِلَّا سَتُعْقِبُ تَرْحَةً ... وَمَا عَامِرٌ إِلَّا وَشيِكًا سَيَخْرَبُ وَيُقَالُ: إِنَّ أَصْلَهُ مِنْ قَوْلِهِمْ: نَاقَةٌ مِتْرَاحٌ مِنْ نُوقٍ مَتَارِيحَ، وَهِيَ الَّتِي يُسْرِعُ انْقِطَاعُ لَبَنِهَا. 55 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ §أُمِرْتُ بِالسِّوَاكِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُدْرِدَنِي» . حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

56 - هَكَذَا نا مُوسَى، قَالَ: وَأنا أَحْمَدُ بْنُ بِشْرٍ الْمَرْثَدِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَرَوِيِّ، عَنْ وَكِيعٍ، قَالَ: " §السِّوَاكُ هَكَذَا، وَالشَّوْصُ هَكَذَا، وَوَصَفَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ بِشْرٍ الْمَرْثَدِيُّ الشَّوْصَ بِالطُّولِ، وَالسِّوَاكَ بِالْعَرْضِ.

قَالَ مُوسَى: وَطُولُ الْفَمِ أَقَلُّ مِنْ عَرْضِهِ، لِأَنَّ عَرْضُهُ الْأَضْرَاسَ إِلَى الْأَضْرَاسِ، وَطُولُهُ مِنْ أَسْفَلِ الْفَمِ إِلَى فَوْقَ، وَأَرَانَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، وَجَعَلَ يَصِفُهُ

57 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ مِسْعَرٌ: §أَرْجُو أَنْ تَكُونَ الْإِصْبَعُ مُجْزِيَةً عَنِ السِّوَاكِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى 58 - وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: §الدَّرْدُ أَنْ تَسْقُطَ الْأَسْنَانُ، قَالَ: وَمَغَارِزُ الْأَسْنَانِ، يُقَالُ لَهَا الدَّرْدُرُ، وَيُقَالُ لِلصَّبِيِّ قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ أَسْنَانُهُ: هُوَ يَمْضُغُ دُرْدُرَهُ، وَيُقَالُ لِلشَّيْخِ مَا بَقِيَ إِلَّا دُرْدُرُهُ، وَفِي مَثَلٍ

«أَعْيَيْتِنِي بِأُشُرٍ فَكَيْفَ بِدُرْدُرٍ» ، وَذَلِكَ أَنَّ عَجُوزًا كَانَتْ سَقَطَتْ أَسْنَانُهَا، فَجَعَلَتْ تُغَازِلُ زَوْجَهَا، فَقَالَ: أَعْيَيْتِنِي بِأُشُرٍ، وَأَنْتِ شَابَّةٌ، وَأَسْنَانُكِ مُوَشَّرَةٌ لِلْحَدَاثَةِ، فَكَيْفَ، وَقَدْ سَقَطَتْ أَسْنَانُكِ كُلُّهَا قَالَ الْأَثْرَمُ: وَحَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ رُؤْبَةَ يَوْمًا فَوَهَبْتُ لِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ شَيْئًا حَتَّى اسْتَأْذَنَ لِي عَلَيْهِ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عُبَيْدَةَ أَتَيْتَنِي، وَأَنَا أُلَوِّكُ بُسْرَةً عَلَى دُرْدُرِي فَمَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَمْضُغَهَا. وَإِذَا كَانَ الشَّيْخُ كَذَلِكَ فَهُوَ أَدْرَدُ، وَالْعَجُوزُ دَرْدَاءُ بَيِّنَةُ الدَّرَدِ، وَمَا كَانَ أَدْرَدَ وَلَقَدْ دَرِدَ يَدْرَدُ دَرَدًا، وَأَنْشَدَ لِيَحْيَى بْنِ هَزَّالٍ: فَعَضَّ الْحَصَى إِنْ كُنْتَ أَصْبَحْتَ رَاغِمًا ... بِنَابَيْكَ وَاكْدُمْهِ بِدُرْدُرِكَ الْأَيَلَ. قَالَ: وَالْيَلَلُ: قِصَرُ الْأَسْنَانِ، وَهُوَ عَلَى مِثَالِ الْأَعْرَجِ وَالْعَرَجِ، وَالْأَشَلِّ وَالشَّلَلِ وَهُوَ اسْمُ الدَّاءِ.

59 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ كَانَ §إِذَا دَخَلَ الْكَنِيفَ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ ". حَدَّثْنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا شُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: نا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، قَالَ: أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

قَالَ مُوسَى: قَوْلُهُ: «إِذَا دَخَلَ الْكَنِيفَ» يَعْنِي بِهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْكَنِيفَ.

قَالَ هَذَا الْقَوْلَ: لِأَنَّ الْحَشَّ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى فِيهِ بِلِسَانِهِ، وَهَذَا كَمَا ذَكَرَ مُوسَى، لِأَنَّهُ جَائِزٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، أَنْ يَقُولَ: إِذَا فَعَلَ، وَمَعْنَاهُ: إِذَا كَادَ يَفْعَلُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمُطَلَّقَاتِ: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] يُرِيدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِذَا قَارَبْنَ بُلُوغَ أَجَلِهِنَّ: لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَعْدَ بُلُوغِ الْأَجَلِ إِمْسَاكٌ وَلَا تَسْرِيحٌ. 60 - أَخْبَرَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ قَابُوسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " §يُكْرَهُ أَنْ يُذْكَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى حَالَتَيْنِ: عَلَى خَلَائِهِ، وَالرَّجُلُ يُوَاقِعُ امْرَأَتَهُ، لِأَنَّهُ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ يَجِلّ عَنْ ذَلِكَ "

61 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَلُوَيْنٌ، قَالُوا: أَنَا يَحْيَى وَهُوَ ابْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ الْبَهِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ «كَانَ §يَذْكُرُ اللَّهَ فِي كُلِّ أَحْيَانِهِ»

قَالَ مُوسَى: وَهَذَا حَدِيثٌ إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا، فَإِنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَنَا أَنَّهُ كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ

تَعَالَى مُتَوَضِّئًا وَغَيْرَ مُتَوَضِّئٍ، أَمَّا عِنْدَ الْخَلَاءِ وَالْبَوْلِ، فَلَا يَنْبَغِي لِرَجُلٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ

62 - قَالَ مُوسَى وَأَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، وَأَبُو إِبْرَاهِيمَ التُّرْجُمَانِيُّ، قَالُوا: نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَجُلًا §مَرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «إِذَا رَأَيْتَنِي عَلَى هَذِهِ الْحَالِ فَلَا تُسَلِّمْ عَلَيَّ، فَإِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ لَمْ أَرُدَّ عَلَيْكَ»

قَالَ مُوسَى: وَالْحَدِيثُ عَلَى لَفْظِ هَارُونَ بْنِ مَعْرُوفٍ

63 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " §لَا تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ: لَا تَؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللَّهُ، فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ الطَّالْقَانِيُّ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ مُوسَى: وَنا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: نا بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الدَّخِيلُ: الضَّيْفُ، وَقَالَ جَرِيرٌ: وَلَّوْا ظُهُورَهُمُ الْأَسِنَةَ بَعْدَمَا ... كَانَ الزُّبَيْرُ مُجَاوِرًا وَدَخِيلًا لَوْ كُنْتَ حُرًّا يَا بْنَ قَيْنِ مُجَاشِعٍ ... شَيَّعْتَ جَارَكَ فَرْسخًا أَوْ مِيلَا وَالدَّخِيلُ أَيْضًا: دَخِيلُ الرَّجُلِ الَّذِي يُدَاخِلُهُ فِي أُمُورِهِ كُلِّهَا، فَهُوَ لَهُ دَخِيلٌ مِنَ الْمُدَاخَلَةِ، كَمَا يُقَالُ شَرِيبٌ وَأَكِيلٌ مِنَ الْمُؤَاكَلَةِ وَالْمُشَارَبَةِ، وَفِيهِ لُغَتَانِ: دَخِيلٌ وَدُخْلُلٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ: إنَّ بَنِي عَوْفٍ ابْتَنَوْا حَسَبًا ... ضَيَّعَةُ الدُّخْلُلُونَ إِذْ غَدَرُوا وَيُقَالُ: إِنَّ فُلَانًا لَعَفِيفُ الدُّخْلَةِ أَيْ بِطَانَتِهِ الَّذِينَ يُدَاخِلُونَهُ.

وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدَكَ، قَالَ: نا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، قَالَ: نا الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ كَثِيرٌ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ: وَلَمْ أَرَ رَكْبًا جَاءَنَا لَكَ حَادِبًا ... وَلَا خُلَّةً يُزْرِي عَلَيْكَ دَخِيلُهَا وَقَوْلُهُ: «يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا» فَإِنَّهُ يُقَالُ: أَوْشَكَ فُلَانٌ خُرُوجًا وَيُوشِكُ، وَلَوَشْكَانَ مَا كَانَ ذَلِكَ، فِي مَعْنَى لَسَرْعَانَ وَلَعَجْلَانَ، وَقَالَ: أَتَقْتُلُهُمْ طَوْرًا وَتَنْكِحُ فِيهِمُ ... لَوَشْكَانَ هَذَا وَالدِّمَاءُ تَصَبَّبُ

وَأَمْرٌ وَشِيكٌ أَيْ سَرِيعٌ، وَقَوْلُ الْعَرَبِ «وَشْكُ الْبَيْنِ» ، أَيْ سُرْعَةُ الْقَطِيعَةِ، وَيُقَالُ أَوْشَكَ أَنْ يَكُونَ كَذَا وَكَذَا، وَمَنْ قَالَ يُوشَكُ بِالْفَتْحِ، فَقَدْ أَخْطَأَ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ يُسْرِعُ، وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيُّ: يُوشِكُ مَنْ فَرَّ مِنْ مَنِيَّتِهِ ... فِي بَعْضِ غِرَّاتِهِ يُوَافِقُهَا وَأَنْشَدَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: أَبَا هَانِئٍ لَا تَسْأَلِ النَّاسَ وَالْتَمِسْ ... بِكَفَّيْكَ فَضْلَ اللَّهِ فَاللَّهُ أَوْسَعُ فَلَوْ تَسْأَلُ النَّاسَ التُّرَابَ لَأَوْشَكُوا ... إِذَا قُلْتَ هَاتُوا أَنْ يَمَلُّوا وَيَمْنَعُوا وَيُرْوَى: «أَنْ يَضَنُّوا» يُقَالُ: ضَنَنْتُ وَضَنِنْتُ، وَالْكَسْرُ أَجْوَدُ. 65 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ عَلَى فُرَضَةٍ مِنْ فُرَضِ الْخَنْدَقِ، فَقَالَ: «§شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ أَوْ قُبُورَهُمْ أَوْ بُطُونَهُمْ نَارًا أَوْ أَجْوَافَهُمْ نَارًا» . حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْجَارُودِيُّ، قَالَ: نا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: نا وَكِيعٌ، قَالَ: نا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنْ عَلِيٍّ

الْفُرْضَةُ: مَشْرَبُ الْقَوْمِ مِنَ النَّهْرِ، وَهُوَ فِي الْبَحْرِ مَرْفَأُ السُّفُنِ وَمَأَنِيهَا، وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:

66 - نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ، قَالَ: نا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَا: نا الْأَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ الْجُهَنِيُّ، قَالَ: نا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: أَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَذَكَرَ حَدِيثَ مُوسَى حِينَ أَلْقَتْهُ أُمُّهُ فِي الْيَمِّ، فَانْتَهَى بِهِ الْمَاءُ إِلَى فُرْضَةِ مُسْتَقَى جَوَارِي امْرَأَةِ فِرْعَونَ.

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ، أَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «§صَلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ» وَعَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ النَّاسِ، وَقَدْ جَاءَ عَنِ الْعَرَبِ فِي أَشْعَارِهِمْ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ، قَالَ الشَّاعِرُ: أَنَخْتُ بِهَا الْوَجْنَاءَ مِنْ غَيْرِ سَامَةٍ ... لِثِنْتَيْنِ بَيْنَ اثْنَينِ جَاءٍ وَذَاهِبِ فَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: أَرَادَ مِنْ غَيْرِ سَأَمِهِ، فَخَفَّفَ، «لِثِنَتَيْنِ» يُرِيدُ رَكْعَتَيِ الْعَصْرِ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ، يَعْنِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَالْجَائِي: اللَّيْلُ، وَالذَّاهِبُ: النَّهَارُ. 67 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ أَنَّهُ صَلَّى بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً، وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مُسْتَوْقِلُو الْعَدُوَّ، أَوْ قَالَ: مُسْتَقْبِلُو الْعَدُوَّ، ثُمَّ ذَهَبَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ، فَقَامَتْ مَقَامَ أَصْحَابِهِمْ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَارَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَانِ، وَلِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةٌ حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا الْعَبَّاسُ النَّرْسِيُّ، قَالَ: نا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: نا أَبُو رَوْقٍ عَطِيَّةُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ مُخْمَلِ بْنِ دِمَاثٍ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِي: مَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

قَوْلُهُ: «كَانُوا مُسْتَوقِلِي الْعَدُوَّ» فَهُوَ قَرِيبُ الْمَعْنَى مِنْ قَوْلِهِ: «مُسْتَقْبِلِي الْعَدُوَّ» إِلَّا أَنَّ التَّوَقُّلَ أَشَدُّ تَوْكِيدًا فِي الْمُدَانَاةِ، يُقَالُ لِلْفَرَسِ: إِنَّهُ لَحَسَنُ التَّوَقُّلِ فِي الْجِبَالِ، أَيْ حَسَنُ الدُّخُولِ بَيْنَهَا، وَقَدْ وَقَلَ يَقِلُ وَقْلًا، وَفَرَسٌ وَقِلٌ وَوَقِلَةٌ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: يُقَالُ: وَعِلٌ وَقِلٌ وَوَقُلٌ: إِذَا كَانَ يَتَوَقَّلُ فِي الْجِبَالِ، كَمَا يُقَالُ رَجُلٌ فَطِنٌ وَفَطُنٌ، وَلَقِنٌ وَلَقُنٌ، وَنَدِسٌ وَنَدُسٌ: إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالْأَخْبَارِ، وَنَجِدٌ وَنَجُدٌ لِلشُّجَاعِ، وَحَذِرٌ وَحَذُرٌ، وَحَدِثٌ وَحَدُثٌ: إِذَا كَانَ حَسَنَ السِّيَاقِ لِلْحَدِيثِ، وَعَجِلٌ وَعَجُلٌ، وَوَظِيفُ عَجِرٌ وَعَجُرٌ 68 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: §اللَّهُمَّ رَبَّ هَوْزِ بْنِ أُسَيَّةَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ عَقْرَبٍ وَحَيَّةٍ ". ناه إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ

سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَوْزُ بْنُ أُسَيَّةَ: هُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ السُّهَا، وَهُوَ نَجْمٌ صَغِيرٌ يَكُونُ مَعَ بَنَاتِ نَعْشٍ، وَفِيهِ يَقُولُ الْقَائِلُ: أُرِيهَا السُّهَا وَتُرِينِي الْقَمَرَ.

69 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، يَقُولُ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يَتَفَقَّدُونَ أَبْصَارَهُمْ فِي النَّجْمِ الصَّغِيرِ الَّذِي فِي بَنَاتِ نَعْشٍ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: هُوَ هَوْزُ بْنُ أُسَيَّةَ. 70 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَغْزُو فِيهِ فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيُقَالُ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ،

قَالَ: نا عَمْرٌو، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: نا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ الْفِئَامُ: جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ أَوْ قِطْعَةٌ مِنَ النَّاسِ، وَيُقَالُ هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْفِئَامِ كَالْقِطْعَةِ أَوِ الْبَنِيقَةِ تُزَادُ فِي الشَّيْءِ، يُقَالُ: فَئِمْ دَلْوَكَ، أَيْ: زِدْ فِيهَا بَنِيقَةً فَهِيَ دَلْوٌ مُفَأَّمَةٌ وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، قَالَ: الْفِئَامُ: الْهَوْدَجُ الَّذِي وَسِعَ أَسْفَلُهُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ: مُفْأَمٌ عَلَى تَقْدِيرِ مُفْعَمٍ، وَأَنْشَدَ غَيْرُ الْأَصْمَعِيِّ فِي الْفِئَامِ: فَمَا الْعُمَرَانُ مِنْ رَجُلَيْ عَدِيٍّ ... وَمَا الْعُمَرَانُ مِنْ رَجُلَيْ فِئَامِ

وَإنَّهُمَا لَجَوَّابَا خُرُوقٍ ... وَشَرَّابَانِ بِالنُّطَفِ الطَّوَامِ أَيْ مَا هُمَا مِنْ رِجَالِ الْعَدِيِّ، وَالْعَدِيُّ، الْقَوْمُ يُحْمَلُونَ فِي الرَّجَّالَةِ وَلَيْسَ هُمَا مِنْ رِجَالِ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ، وَلَكِنَّهُمَا جَوَّابَا الْخُرُوقِ، وَالْخُرُوقُ، الطُّرُقُ تَنْخَرِقُ فِي الْفَلَاةِ. وَجَوَّابَانِ أَيْ: دَخَّالَانِ فِيهَا، وَقَطَّاعَانِ لَهَا، وَشَرَّابَانِ بِالْمِيَاهِ الَّتِي لَا يَشْرَبُ بِهَا إِلَّا مِثْلُهُمَا. وَالطَّوَّامِيُّ: الَّتِي قَدْ تُرِكَتْ حَتَّى طَمَّتْ، وَارْتَفَعَتْ مِمَّا لَا تُورَدُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ فَمَا هُمَا مِنْ رَجُلَيْ عَدِيٍّ، وَمِنْ رَجُلَيْ فِئَامٍ عَلَى التَّعَجُّبِ، وَهُمَا مَعَ ذَلِكَ جَوَّابَا خُرُوقٍ، وَشَرَّابَانِ بِهَذِهِ الْمِيَاهِ. 71 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ §صَلَّى الصُّبْحَ بِمَكَّةَ فَقَرَأَ سُورَةَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا أَتَى عَلَى ذِكْرِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ وَأُمِّهِ أَخَذَتْهُ شَرْقَةٌ فَرَكَعَ. حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشَّرَقُ: كَالْغَصَصِ، وَكَأَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ عِنْدَمَا قَصَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ ذِكْرِ عِيسَى وَأُمِّهِ، وَالْمُسْتَعْبِرُ أَحْيَانًا مُنْقَطِعٌ بِهِ عَنِ الْكَلَامِ كَانْقَطَاعِ الْخَنْقِ، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: لَعَمْرُكَ إِنِّي يَوْمَ جَرْعَاءِ مَالِكٍ ... لَذُو عَبْرَةٍ كُلا تَفِيضُ وتَخْنُقُ ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّهُ نَصَبَ «كُلًا» عَلَى مَعْنَى أَنَّهَا تَفْعَلُ ذَلِكَ كُلًا. وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ: لَوْ بِغَيْرِ الْمَاءِ حَلْقِي شَرِقُ ... كُنْتُ كَالْغَصَّانِ بِالْمَاءِ اعْتِصَارِي

72 - وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِكَ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ، قَالَ: نا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَرَجِ الرِّيَاشِيُّ، قَالَ: نا الْأَصْمَعِيُّ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُ أَبِي §إِذَا ذَكَرَ عَلِيًّا عَلَى الْمِنْبَرِ تَعْتَرِيهِ شَرَقَةٌ، فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّا لَنَعْرِفُ لِعَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنَ الْفَضَائِلِ مَا لَوْ عَرَفَهُ النَّاسُ مَا تَبِعَنَا مِنْهُمُ اثْنَانِ

73 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ قَدِمَ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ حَتَّى نَزَلَ الْجُحْفَةَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ بَيْنَ الدَّوْحَاتِ، فَقَمَّ مَا تَحْتَهَا فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا، ثُمَّ قَالَ: إِنَّكُمْ §تُوشِكُونَ أَنْ تَرِدُوا عَلَى الْحَوْضِ، فَأَسْأَلُكُمْ حِينَ تَلْقَوْنَنِي عَنْ ثَقَلَيَّ كَيْفَ خَلَفْتُمُونِي فِيهِمَا، قَالَ: فَعِيلَ عَلَيْنَا، فَلَمْ نَدْرِ مَا الثَّقَلَانِ، حَتَّى قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا الثَّقَلَانِ؟ فَقَالَ: الْأَكْبَرُ مِنْهُمَا كِتَابُ اللَّهِ، وَالْأَصْغَرُ مِنْهُمَا عِتْرَتِي، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ، فَقَالَ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» . حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ الْعَيْشِيُّ، قَالَ: نا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ امْرَأَةِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

وَفِي غَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: فَأَمَرَ بِالدَّوْحَاتِ أَنْ تُخَمَّ، وَمَعْنَاهُمَا مَعًا الْكَنْسُ. وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنْشَدَنَا: يَابْنَ أَخِي كَيْفَ وَجَدتْ عَمَّكَا ... أَرَدْتَ أَنْ تَخْتَمَّهُ فَاخْتمَّكَا وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْخَمُّ: الْقَطْعُ، يُقَالُ: خَمَّ الرَّجُلُ نَاقَتَهُ إِذَا حَلَبَهَا وَهَشَمَهَا وَهَجَمَهَا. وَقْوَلُهُ: «الثَّقَلَانِ» فَأَصْلُ الثَّقَلِ: مَتَاعُ الْمُسَافِرِ، وَهُوَ ثَقِلَتُهُ، وَالْجَمْعُ الْأَثْقَالُ، وَإنَّمَا سُمِّيَ الثَّقَلَانِ: لِأَنَّهُمَا ثِقَلٌ عَلَى الْأَرْضِ، وَسَمَعَ بَعْضُ الشِّيعَةِ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ: مَاذَا تَقُولُونَ إِنْ قَالَ النَّبِيُّ لكُمْ ... مَاذَا فَعَلْتُمْ وأَنْتُمْ آخِرُ الْأُمَمِ بِأَهْلِ بَيْتِي وَأَحْبَابِي وَخَالِصَتِي ... مُنْهُمْ أُسَارَى وَقَتْلَى ضُرِّجُوا بِدَمِ مَا كَانَ هَذَا جَزَائِي إِذَا نَصَحْتُ لَكُمْ ... أَنْ تَخْلُفُونِي بِسُوءٍ فِي ذَوِي رَحِمِ فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ، نَقُولُ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا

وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23] وَأَحْسَبُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنًى مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الَّذِي: 74 - نَا بَهُ ابْنُ الْهَيْثَمِ: قَالَ نا أَحْمَدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: نا تَلِيدٌ أَبُو إِدْرِيسَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي عَوْفٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ، قَالَ: مَرِضَ أَبُو ذَرٍّ مَرَضًا أَشْفَقَ مِنْهُ، فَأَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ، فَقِيلَ لَهُ لَوْ أَوْصَيْتَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ أَحْمَلَ لِوَصِيَّتِكَ! فَقَالَ: لَقَدْ §أَوْصَيْتُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَقَّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّهُ لَرِزُّ الْأَرْضِ الَّذِي تَسْكُنُ إِلَيْهِ، وَيَسْكُنُ إِلَيْهَا، وَلَوْ قَدْ فُقِدَ لَأَنْكَرْتُمُ الْأَرْضَ، وَأَنْكَرْتُمُ النَّاسَ،

وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، قَالَ: أَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مِثْلِهِ: §غَدَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ... فَاغْتَالَهُ بِالسَّيْفِ أَشْقَى مُرَادْ شُلَّتْ يَدَاهُ وَهَوَتْ أُمُّهُ ... أَيُّ امْرِئٍ دَبَّ لَهُ فِي السَّوَادْ عَزَّ عَلَى عَيْنِكَ لَوْ أَبْصَرَتْ ... مَا اجْتَرَحَتْ بَعْدَكَ أَيْدِي الْعِبَادْ لَانَتْ قَنَاةُ الدِّينِ وَاسْتَأثَرَتْ ... بِالْقَيْ أَفْوَاهُ الْكِلَابِ الْعَوَادْ قَوْلُهُ «فَعِيلَ عَلَيْنَا» وَقَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ فِي حَدِيثِهِ: «فَأُعِيلَ عَلَيْنَا»

وَيُقَالُ: مَا الَّذِي يَعُولُكَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ أَيْ مَا الَّذِي يَشْتَدُّ عَلَيْكَ مِنْهُ؟ . وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: عِلْتُ بِالضَّالَّةِ أَعِيلُ عَيْلًا، وَعَيَلَانًا، أَيْ لَمْ يَدْرِ أَيَّ وَجْهٍ يَبْغِيهَا، وَتَقُولُ: عَالَنِي الشَّيْءُ يَعُولُنِي بِمَعْنَى غَلَبَنِي، وَثَقُلَ عَلَيَّ، قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ: وَأَحْبِبْ حَبِيبَكَ حُبًّا رُوَيْدًا ... فَلَيْسَ يَعُولُكَ أَنْ تَصْرِمَا وَقَوْلُهُمْ: «عِيلَ مَا هُوَ عَائِلُهُ» ، أَيْ غُلِبَ مَا هُوَ غَالِبُهُ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ذَرَاهَا مِائَةَ عَامٍ» .

سَأَلْنَا عَنْهُ الْهَجَرِيَّ، فَقَالَ: ذَرَى الشَّيْءِ ظِلُّهُ وَدِفْئُهُ. وَأَنْشَدَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْهَجَرِيُّ: أَيَا سَرْحَتَيْ جَاشٍ عَفَا اللَّهُ عَنْكُمَا ... أَثِيبَا طَرِيدًا خَائِفًا قَدْ أَتَاكُمَا أَيَا سَرْحَتَيْ جَاشٍ إِذَا هَبَّتِ الصَّبَا ... وَأَمْسَيْتُ مَقْرُورًا ذَكَرْتُ ذَرَاكُمَا أَيَا سَرْحَتَيْ جَاشٍ إذَا كَانَ فِيكُمَا ... جَنَى نَاعِمٌ مَنْ تُطْعِمَانِ جَنَاكُمَا لَوْ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْغِنَى ... يَذُوقُ جَنَى فَرْعَيْكُمَا لَاصْطَفَاكُمَا كَنَّى عَنْ ذِكْرِ الْمَرْأَتَيْنِ بِالسَّرْحَتَيْنِ. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْهَجَرِيُّ: وَجَأْشٍ هَذَا وَادٍ، وَفِيهِ يَقُولُ الرَّاجِزُ: وَرَدْنَ جَأْشًا وَالْحَمَامُ وَاقِعٌ ... وَمَاءُ جَأْشٍ سَائِلٌ وَنَاقِعٌ 76 - وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: نا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَا: أنا عَمُّنَا، قَالَ: سَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §مُغَلِّسَ، بَطْنًا مِنْ سُلَيْمٍ، عَنْ نَخْلِهِمْ، فَقَالُوا: مَقْضَمٌ، أَوْ مُقْتَضَمٌ، فَقَالَ الشَّاعِرُ فِي ذَلِكَ:

كَذَبْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ عَنْهَا وَقُلْتُمُ ... لَنَا مَقْضَمٌ كَانَتْ لَكُمْ شَرَّ مَقْضَمِ لَعَمْرُكَ مَا فِي نَخْلِهَا النَّخْلَةُ الَّتِي ... أَوَتْ فِي ذَرَاهَا أَمُّ عِيسَى بْنِ مَرْيَمِ وَقَوْلُهُ: «مَقْضَمٌ» قَالَ يَعْقُوبُ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ: «قَدْ يُبَلْغُ الْخَضْمُ بِالْقَضْمِ» ، وَالْخَضْمُ: أَكْلٌ بِجَمِيعِ الْفَمِّ، وَالْقَضْمُ دُونَ ذَلِكَ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: أَنَا ابْنُ طَرَفَةَ، قَالَ: قَدِمَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى ابْنِ عَمِّ لَهُ بِمَكَّةَ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ أَرْضٌ مَقْضَمٌ، وَلَيْسَتْ بِلَادٌ مَخْضَمٌ 77 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَرْوِيهِ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، قَالَ: " §نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً بِاللَّيْلِ وَنَحْنُ عَلَى حُفْرَةٍ نَازِلُونَ أَنْ نَأْكُلَ لَحْمَ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ، وَكَانَ يَقُولُ لَنَا: إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عَيْنِ الشِّمَالِ، عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ، وَنَهَانَا يَوْمَ وُرُودِ حِجْرَ ثَمُودَ أَنْ نَتَوَلَّجَ بُيُوتَهُمْ، نَبَّأَنَا أَنَّ وَلَدَ النَّاقَةِ ارْتَقَى فِي قَارَةٍ، سَمِعْتُ النَّاسَ يَدْعُونَهَا كَبَابَةَ. أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَا: نا مَرْوَانُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ خُبَيْبِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ هَذَا فِيهِ

الْحُفَرَةُ: وَهْدَةٌ مِنَ الْأَرْضِ، وَجَمْعُهَا حُفَارٌ بِهَا سُمِّيَتِ الْحُفَارُ، قَالَ الشَّاعِرُ: وَالْخَيْلُ تَقْتَحِمُ الْحُفَارَ عَوَابِسًا ... وَعَلَى سَنَابِكِهَا شَرَائِجُ مِنْ دَمِ. وَالظَّفَرةُ: جُليْدَةٌ تَغْشَى الْعيْنَ تَنْبُتُ مِنْ تِلْقَاءِ الْمَأْقِي رُبَّمَا قُطِعَتْ، وَإِنْ تُرِكَتْ غَشَّتْ بَصَرَ الْعَيْنِ، يُقَالُ ظُفِرَ فُلَانٌ، فَهُوَ مُظْفَرٌ، وَقَدْ ظَفِرَتْ عَيْنُهُ فَهِيَ ظَفِرَةٌ، إِذَا كَانَتْ بِهَا ظَفَرَةٌ، وَيَقُولُ لَهَا الْعَوَامُ: ظَفْرُ الْعَيْنِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ شُرَيْحٍ: 78 - أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: أَتَيْتُ شُرَيْحًا " §وَقَدِ اشْتَرَيْتُ بِرْذَوْنًا بِسِتِّ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَبَاتَ عِنْدِي لَيْلَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَرَأَيْتُ فِي عَيْنِهِ ظَفَرَةً، فَأَتَيْتُ بِهِ طَهْمَانَ الْبَيْطَارَ، فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ مُنْذُ حِينٍ، فَخَاصَمْتُ الَّذِي بَاعَنِيهِ إِلَى شُرَيْحٍ، فَقَعَدْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقُلْتُ: إِنِّي اشْتَرَيْتُ مِنْ هَذَا بِرْذَوْنًا، فَنَقَدْتُهُ فَأَحْسَنْتُ نَقْدَهُ، فَقَالَ عَلَى غَيْرِي فَمُنَّ وَجَدْتُ فِي عَيْنِهِ ظَفَرَةً، فَقَالَ لِلرَّجُلِ: مَا تَقُولُ؟ فَسَكَتَ، فَقَالَ لَهُ شُرَيْحٌ: أَمِنَ الْكَلَامِ بُدٌّ؟ فَقَالَ: مَا بِعْتُهُ دَاءً، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ، وَقَالَ لِي: أَلَكَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ بَاعَكَ دَاءً، وَإِلَّا فَيَمِينُهُ بِاللَّهِ مَا بَاعَكَ دَاءً، فَقُلْتُ: إِنِّي أَرَيْتُهُ طَهْمَانَ الْبَيْطَارَ، فَقَالَ: إِنَّهُ بِهِ مُنْذُ حِينٍ، فَقَالَ: إِنَّ دَيْنِي لَيْسَ بِيَدِ طَهْمَانَ.

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ: أَنَّ شُرَيْحًا كَانَ لَا يَرُدُّ مِنَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ الَّذِي مِثْلُهُ لَا يَحْدُثُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَذَكَرَ الشَّعْبِيُّ أَنَّ شُرَيْحًا عُوتِبَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي لَا أَجْمَعُ أَنْ أَكُونَ قَاضِيًا وَشَاهِدًا، وَكَانَ غَيْرُهُ يُخَالِفُهُ فِي ذَلِكَ 79 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: نا مُدْرِكُ بْنُ عُمَارَةَ بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: §اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَوْدٍ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ الرَّقِيقِ، وَأَصْحَابُ الرَّقِيقِ يَوْمَئِذٍ إِلَى جَانِبِ الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا اسْتَوْجَبَهَا وَقَبَضَهَا، قَطَعَ عَرَضَ الْمَسْجِدِ إِلَى الْآخَرِ، فَاسْتَقْبَلَهُ صَدِيقٌ لَهُ، فَقَالَ:

انْظُرْ إِلَى هَذِهِ السِّلْعَةِ كَيْفَ تَرَاهَا؟ فَنَظَرَ إِلَيْهَا الْآخَرُ، فَقَالَ: بِهَا دُبَيْلَةٌ، فَرَجَعَ كَمَا هُوَ مِنْ سَاعَتِهِ، إِلَى بَائِعِهِ، فَقَالَ: إِنَّ بِسِلْعَتِكَ دُبَيْلَةً، فَقَالَ: مَا أَعْرِفُ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُمَا ارْتَفَعَا إِلَى الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ، وَهُوَ أَمِيرُ الْكُوفَةِ، فَقَالَ لَهُ الضَّحَّاكُ: اقْبَلْ سِلْعَتَكَ وَرُدَّ إِلَى الرَّجُلِ مَالَهُ، فَإِنَّ الدُّبَيْلَةَ لَا تُحْدَثُ فِي قَدْرِ عَرَضِ الْمَسْجِدِ وَالْقَارَةُ: جَمْعُهَا الْقُورُ وَالْقِيرَانُ، وَهِيَ الْأَصَاغِرُ مِنَ الْجِبَالِ مُتَفَّرِقَةٌ، خَشِنَةٌ كَثِيرَةُ الْحِجَارَةِ، وَيَقُولُ الْقَائِلُ: قَدْ أَنْصَفَ الْقَارَةَ مَنْ رَامَاهَا.

80 - أَخْبَرَنَا أَبُو عِيسَى الْأَنْطَاكِيُّ، قَالَ: نا مُحَمَّدٌ أَبُو الْحَسَنِ الْيَمَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: نا الْأَصْمَعِيُّ، قَالَ: سَأَلَنِي هَارُونُ الرَّشِيدُ عَنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: §قَدْ أَنَصَفَ الْقَارَةَ مَنْ رَمَاهَا، فَقُلْتُ: فِيهِ وَجْهَانِ: فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَذَكَرَتِ الرُّوَاةُ أَنَّ الْقَارَةَ: الْحَرَّةُ مِنَ الْأَرْضِ يَقِفُ الرَّجُلُ مُرَامِيًا لَهَا فَتَتَزَيَّدُ بِهِ أَحْجَارُهَا، وَيُتَزَيَّدُ بِهَا عَنَاءً وَنَصَبًا. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: ذَكَرُوا أَنَّ التَّبَابِعَةَ كَانَتْ تَكُونُ لَهَا رُمَاةً، لَا تَقَعُ لَهَا سِهَامٌ إِلَّا فِي الْحَدَقِ فَكَانَتْ تَكُونُ عَلَى يَمِينِ الْمَلِكِ عَلَى الْجِيَادِ الْبُلُقِ فِي أَعْنَاقِهَا الْأَطْوَاقُ وَفِي أَيْدِيهَا الْأَسَاوِرَةُ، وَإِنَّهُ وَقَعَ بَيْنَ حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ وَبَيْنَ الصُّغْدِ حَرْبٌ، فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ، وَاسْتَوَى الصَّفَّانِ، خَرَجَ فَارِسٌ مِنْ مَوْكِبِ الصُّغْدِ، مُعَلَّمًا بِعِذَبَاتِ سَمَّوْرٍ فِي قُلُنْسُوَتِهِ، ثُمَّ أَنْبَضَ وَتَرَهُ، وَوَضَعَ نُشَّابَهُ عَلَى كَبِدِ قَوْسِهِ، ثُمَّ صَاحَ: أَيْنَ رُمَاةُ الْعَرَبِ؟ فَقَالَتِ الْعَرَبُ عِنْدَ ذَلِكَ: قَدْ أَنْصَفَ الْقَارَةَ مَنْ رَامَاهَا. قَالَ هَارُونُ: أَحْسَنْتَ 81 - وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعَابِدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، إِنَّمَا " §سُمِّيَتْ بَنُو الْهَوْنِ بْنُ خُزَيْمَةَ قَارَةً، لِأَنَّ بَنِي كِنَانَةَ لَمَّا أَخْرَجَتْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ تِهَامَةَ، تَحَالَفَتْ كِنَانَةُ بَيْنَهَا وَضَمُّوا الْقَلِيلَ إِلَى الْكَثِيرِ، وَجَعَلُوا بَنِي الْهَوْنِ بْنِ خُزَيْمَةَ قَارَةً بَيْنَهُمْ، لَا

إِلَى أَحَدٍ دُونَ أَحَدٍ، قَالَ الزُّبَيْرُ أَنْشَدَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ: أَقَائِمَةٌ حُلُومُ بَنِي أَبِينَا ... كِنَانَةَ أَمْ هُمُ قَوْمٌ نِيَامُ فَإِنْ يَكُ فِيهِمُ كَرَمٌ وَعِزٌّ ... فَقَوْمُكُمُ وَإِنْ قَلُّوا كِرَامُ دَعُونَا قَارَةً لَا تَذْعَرُونَا ... فَتُنْبِتْكَ الْقَرَابَةُ وَالزِّمَامُ كَمَا أَرْسَلْتُمْ أَسَدًا فَبَانَتْ ... أَوِ الْأُخْرَى كَمَا فَعَلَتْ جُذَامُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: يُقَالُ إِنَّهُمْ صَفُّوا فِي بَعْضِ حَرْبِهِمْ لِبَنِي بَكْرٍ فِي هَوْتَةٍ مِنَ الْأَرْضِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْهَوْتَةَ الْقَارَةَ، فَقَالَتْ بَنُو بَكْرٍ حِينَ رَأَوْهُمْ يُرِيدُونَ قِتَالَهُمْ: يَا أَصْحَابَ الْقَارَةِ! الْمُرَامَاةُ أَحَبُّ إِلَيْكُمْ أَمِ الْمُسَابِقَةُ؟ وَكَانُوا رُمَاةَ الْحَدَقِ، فَقَالَ شَاعِرُ بَنِي الْهَوْنِ: قَدْ عَلِمَتْ سَلْمَى وَمَنْ وَالَاهَا ... أَنَا نَصُدُّ الْخَيْلَ عَنْ هَوَاهَا قَدْ أنْصَفَ الْقَارَةَ مَنْ رَمَاهَا ... إِنَّا إِذَا مَا فِئَةٌ نَلْقَاهَا نَرُدُّ أُولَاهَا عَلَى أُخْرَاهَا ... نَرُدُّهَا دَامِيَةً كُلَاهَا

82 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ §نَهَى أَنْ يُنْتَبَذَ فِي الْمَشَاعِلِ» يُرْوَى عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

الْمِشْعَلُ: سِقَاءٌ مِنْ جُلُودِ الْإِبِلِ لَهُ قَوَائِمٌ يُنْتَبَذُ فِيهِ، قَالَ الشَّاعِرُ: أَضَعْنَ مَوَاقِتَ الصَّلَوَاتِ عَمْدًا ... وَحَالَفْنَ الْمَشَاعِلَ وَالْجِرَارَا وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ بَثَّ فَلَمْ يَصْبِرْ» يُرْوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ.

الْبَثُّ: الشَّكْوَى، وَالْبَثُّ أَيْضًا الْأَمْرُ الَّذِي لَا يَصْبِرُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ أَوْ يَبُثُّهُ. وَأَنْشَدَ يَعْقُوبُ: وَلِي كَبِدٌ مَقْرُوحَةٌ قَدْ بَدَا بِهَا ... صُدُوعُ الْهَوَى لَوْ كَانَ قَيْنٌ يَقِينُهَا وَكَيْفَ يَقِينُ الْقَيْنُ صَدْعًا فَتَشْتَفِي ... بِهَا كَبِدٌ بَثَّ الْجُرُوحَ أَنِينُهَا إِذَا قَسَتِ الْأَكْبَادُ لَانَتْ فَقَدْ أَتَى ... عَلَيْهَا وَلَا كُفْرَانَ لِلَّهِ ليِنُهَا وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ يَعْقُوبَ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86] وَفِيهِ لُغَتَانِ: بَثَثْتُ، وَأَبْثَثْتُ. وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: وَأَبْثَثْتُ عُمْرًا كُلَّ مَا فِي صَحِيفَتِي ... وَجَرَّعْتُهُ مِنْ مُرِّ مَا أَتَجَرَّعُ وَلَا بُدَّ مِنْ شَكْوَى إِلَى ذِي مَوَدَّةٍ ... إِذَا جَعَلَتْ أَسْرَارُ نَفْسِي تَطَلَّعُ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعَرَابِيِّ، قَالَ: قَالَتِ امْرَأَةٌ

لِزَوْجِهَا: وَاللَّهِ لَقَدْ أَطْعَمْتُكَ مَأْدُومِي، وَأَبْثَثْتُكَ مَكْتُومِي، وَأَتَيْتُكَ بَاهِلًا غَيْرَ ذَاتِ صِرَارٍ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: قَوْلُهَا: «أَطْعَمْتُكَ مَأْدُومِي» أَيْ لَمْ أَدَّخِرْ عَنْكَ شَيْئًا مِنْ مَالِي، «وَأَبْثَثْتُكَ مَكْتُومِي» أَيْ أَخْبَرْتُكَ بِسِرِّي أَيْ لَمْ أَكُنْ فِي رِيبَةٍ قَطُّ فَأَسْتُرُهَا عَنْكَ، وَأَتْيُتَكَ بَاهِلًا غَيْرَ صِرَارٍ، وَالْبَاهِلُ النَّاقَةُ الَّتِي أُطْلِقَ صِرَارُهَا، أَيْ كُنْتُ مُطَّلَقَةً مِنَ الرِّجَالِ، أَيْ لَمْ يَمْلِكُنِي، وَلَمْ يَصْرُرْنِي أَحَدٌ عَلَيْكَ. 84 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§كُلُّ نَبِيٍّ أُعِطِيَ سَبْعَةَ نُجَبَاءَ رُقَبَاءَ، وَأُعْطِيتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ كَثِيرٍ النَّوَّاءِ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ نَجْبَةَ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا أَنَّ فِي الْحَدِيثِ «رُقَبَاءَ» أَوْ قَالَ «رُفَقَاءَ»

وَفِي الرُّقَبَاءِ مَعْنَيَانِ، كِلَاهُمَا جَائِزٌ حَسَنٌ: فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ: أَنَّ الرُّقَبَاءَ جَمْعُ رَقِيبٍ، وَالرَّقِيبُ: الْأَمِينُ، وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُسَمُّونَ الْأَمِينَ عَلَى ضَرْبِ الْقِدَاحِ فِي الْمَيْسِرِ رَقِيبًا، قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ: لَهُ خَلْفَ إِذْ نَابِهَا أَزْمَلُ ... مَكَانَ الرَّقيِبِ مِنَ الْيَاسَرِينَا وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] ، وَمِنْهُ قِيلِ لِحَارِسِ الْقَوْمِ رَقِيبٌ، وَهُوَ الَّذِي يُشْرِفُ عَلَى مَرْقَبَةٍ يَحْرُسُهُمْ، وَقَالَ الشَّاعِرُ: أَحَقًّا عِبَادَ اللَّهِ أَنْ لَسْتُ صَادِرًا ... وَلَا وَارِدًا إِلَّا عَلَيَّ رَقِيبُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: سَبْعَةَ نَجْبَاءَ أُمَنَاءَ يَكُونُونَ شُهُودًا عَلَى النَّاسِ. وَالْمَعْنَى الْآخَرُ: أَنَّ الرُّقَبَاءَ بِمَنْزِلَةِ الرَّقَائِبِ مِنَ النُّجُومِ. يَقُولُ: كُلَّمَا مَاتَ مِنْهُمْ أَحَدٌ خُلِّفَ بَعْدَهُ مَنْ يَسُدُّ مَكَانَهُ، وَيَقُومُ مَقَامَهُ، وَكَذَلِكَ الرَّقِيبُ مِنَ النُّجُومِ، وَهُوَ الَّذِي يَغْرُبُ بِالْغَدَاةِ، إِذَا طَلَعَ رَقِيبُهُ بِالْمَشْرِقِ، وَقَالَ جَمِيلٌ:

أحَقًّا عِبَادَ اللَّهِ أَنْ لَسْتُ لَاقِيًا ... بُثْينَةَ أَوْ يَلقَى الثُّرَيَّا رَقِيبُهَا يَقُولُ: لَسْتُ لَاقِيهَا أَبَدًا، لِأَنَّ رَقِيبَ الْكَوْكَبِ يَغْرُبُ إِذَا طَلَعَ رَقِيبُهُ بِالْمَشْرِقِ، قَالَ الشَّاعِرُ: أَلَا مَا لِلَيْلِي لَا تَغُورُ كَوَاكِبُهْ ... إِذَا غَارَ نَجْمٌ لَاحَ نَجْمٌ يُرَاقِبُهْ أَيْ يَكُونُ لَهُ رَقِيبًا، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يُسَمِّيهِ الْمِعْقَبَ. وَأَخْبَرَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدِ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ الشَّاعِرُ: كَأَنَّهَا بَيْنَ السُّجُوفِ مِعْقَبُ ... أَوْ شَادِنٌ ذُو بَهْجَةٍ مُرَبَّبُ مِعْقَبٌ: نَجْمٌ يُعْتَقَبُ بِهِ، وَقَوْلُهُ «شَادِنٌ» حِينَ شَدَنَ أَيْ قَوِيَ وَتَحَرَّكَ، وَالْبَهْجَةُ: الْحُسْنُ، مَرَبَّبُ: يُرَبَّبُ فِي الْبُيُوتِ، وَهُوَ أَحْسَنُ لَهُ، مُرَبَّبُ وَمُرَبَّى سَوَاءٌ. 85 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَرْوِيهِ سَهْلُ بْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ، قَالَ: §كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ، فَأَطْنَبْنَا الْمَسِيرَ ذَاتَ عَشِيَّةٍ، حَتَّى قَالَ لَهُ قَائِلٌ: قَدْ تَقَطَّعَ النَّاسُ مِنْ وَرَائِكَ، قَالَ: فَصَلَّى بِنَا الْعَصْرَ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَنْزِلُوا، فَفَعَلُوا وَأَقْبَلَ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي انْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ حَتَّى أَشْرَفْتُ عَلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا بِهَوَازِنَ عَلَى بَكْرَةِ أَبِيهَا مَعَهُمُ الظَّعْنُ وَالنِّسَاءُ وَالْغَنَمُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «تِلْكَ غَنِيمَةُ الْمُسْلِمِينَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سَلَّامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَخَاهُ زَيْدَ بْنَ أَبِي سَلَّامٍ، يُحَدِّثُ أَنَّهُ

سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، يَقُولُ: نا أَبُو كَبْشَةَ السَّلُولِيُّ، قَالَ: نا سَهْلُ بْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ

يَقُولُ: جَاءَ الْقَوْمُ قَضُّهُمْ بِقَضِيضِهِمْ، وَجَاءُوا عَلَى بَكْرَةِ أَبِيهِمْ، وَجَاءُوا بِأَجْمَعِهِمْ، إِذَا جَاءُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ، وَكَذَلِكَ جَاءَ الْقَوْمُ بِآيَتِهِمْ، أَيْ بِجَمَاعَتِهِمْ لَمْ يَدَعُوا وَرَاءَهُمْ شَيْئًا، وَأَنْشَدَ لِبُرْجٍ الطَّائِيِّ: خَرَجْنَا مِنَ الْقُفَّيْنِ لَا حَيَّ مِثْلُنَا ... بِآيَتِنَا نُزْجِي اللِّقَاحَ الْمَطَافِلَا قَالُوا: وَمَعْنَى آيَةٍ مِنَ كِتَابِ اللَّهِ جَمَاعَةُ حُرُوفٍ، وَقَدْ تَأَبَّيْتُ الرَّجُلَ أَيْ

تَعَمَّدْتُ آيَتَهُ أَيْ شَخْصَهُ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ جَاءَ الْقَوْمُ عَلَى بَكْرَةِ أَبِيهِمْ، وَلَيْسَ ثَمَّ بَكْرَةُ، إِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِهِمْ: عِطْرُ مَنْشِمٍ، اسْمٌ وُضِعَ لِشِدَّةِ الْحَرْبِ، وَلَيْسَتْ ثَمَّ امْرَأَةٌ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: هِيَ امْرَأَةٌ مِنْ خُزَاعَةَ كَانَتْ تَبِيعُ عِطْرًا، فَإِذَا حَارَبُوا اشْتَرَوْا مِنْهَا كَافُورًا لِمَوْتَاهُمْ، فَتَشَاءَمُوا بِهَا، فَضُرِبَتْ مَثَلًا، وَأَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، لِخِدَاشِ بْنِ زُهَيْرٍ: أَلَمْ تَأْتِنِي تُزْجِي بِنَضْلَةَ كُلِّهَا ... بِكَارَتَهَا مِنْ أَهْلِ تَرْجٍ وَعَثَّرَا دَعَوْتُ إِلَيْهِمْ عُصْبَةً عَامِريَّةً ... حِسَانَ الْوُجُوهِ يَلْبَسُونَ السَّنَوْرَا

86 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ قَالَ: «§الْمَحْشرُ مِنْ بَنِي مَغَالَةَ» . حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ الْعَابِدِيُّ، قَالَ: نا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنٍ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إِذَا كُنْتَ بِخَاتِمَةِ الْبَلَاطِ، فَكُلُّ مَا كَانَ عَنْ يَمِينِكَ فَهُوَ بَنُو مَغَالَةَ، وَأَنْتَ تُرِيدُ الْمَسْجِدَ، وَمَا كَانَ عَنْ يَسَارِكَ، فَهُوَ بَنُو حُدَيْلَةَ، وَمَسْجِدُ

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَنِي مَغَالَةَ. 87 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§إِنْ كَانَ الْوَبَاءُ فِي شَيْءٍ، فَهُوَ فِي ظِلِّ مُسْعُطٍ» . حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: نا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، قَالَ: نا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

مُسْعُطٌ: أُطُمٌ كَانَ لِبَنِي حُدَيْلَةَ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ قَالَ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي كُلَّهُمْ حُنَفَاءَ، فَاجْتَالَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ عَنْ دِينِهِمْ» . وَالِاجْتِيَالُ: هُوَ السَّوْقُ، يُقَالُ: اجْتَلْتُ مِنَ الْإِبِلِ نَاقَةً بِمَعْنَى أَخْرَجْتُهَا، وَأَخَذْتُ فِي سَوْقِهَا. وَقَالَ الْكُمَيْتُ: وَآخَرُ مُجْتَالٌ بِغَيْرِ قَرَابَةٍ ... هُنَيْدَةَ لَمْ تَمْنُنْ عَلَيْهِ اجْتِيَالُهَا 89 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ §كَوَى أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ مِنَ الشَّوْكَةِ» . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ الطَّالْقَانِيُّ، قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ذَكَرُوا أَنَّ الشَّوْكَةَ، هِيَ الْحُمْرَةُ تَعْلُو الْوَجْهَ، وَبَعْضَ الْجَسَدِ، يُقَالُ: رَجُلٌ مَشِيكٌ، وَقَدْ شِيكَ الرَّجُلُ أَيْ أَصَابَتْهُ شَوْكَةٌ فِي وَجْهِهِ أَوْ جَسَدِهِ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ خَرَجَتْ فِي زَمَانِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ حَتَّى أَكَلُوا الْحُرْبُثَ» . يُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. الْحُرْبُثُ: نَبَاتٌ يَنْبُتُ فِي السَّهْلِ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ حِينَ أُرِيَ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ، أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ» .

أَنْدَى صَوْتًا: أَيْ أَجْهَرَ وَأَبْعَدَ غَايَةً، وَأَنْشَدَ: فَقُلْتُ ادْعِي وَأَدْعُ فَإِنَّ أَنْدَى ... لِصَوْتٍ أَنْ يُنَادِيَ دَاعِيَانِ وَيُرْوَى: «وَأَدْعُوَ إِنْ أَنْدَى» . وَتَقُولُ: سَمِعْتُ نَدَى صَوْتِهِ أَيْ عُلُوَّهُ وَرِفَاعَتَهُ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَذْكُرُ بَعِيرًا مُحْنَقًا ضَامِرًا: §وَأَنْ لَمْ يَزَلْ يَستَسْمَعُ الْعَامَ حَوْلَهُ ... نَدَى صَوْتِ مَقْرُوعٍ مِنَ الْعَذْفِ عَاذِبِ يَقُولُ: وَمِمَّا جَنَاهُ أَنْ لَمْ يَزَلْ يَسْتَسْمِعُ نَدَى صَوْتِ مَقْرُوعٍ، قَالَ: وَالنَّدَى: مَبْلَغُ صَوْتِ الشَّيْءِ، فَكَأَنَّ هَدِيرَ الْفَحْلِ يَبْلُغُهُ مِنْ غَايَتِهِ، وَالْمَقْرُوعُ: الْمُخْتَارُ لِلْفُحْلَةِ، يُقَالُ: اقْتَرَعَ بَنُو فُلَانٍ فَحْلًا كَرِيمًا، وَمِنْهُ الْقَرِيعُ، وَالْعَذْفُ: الْأَكْلُ، يُقَالُ: مَا عَذَفَ عُودًا أَيْ مَا أَكَلَهُ، وَمَا ذَاقَ عُذُوفًا أَيْضًا، وَالْعَذُوبُ: الْقَائِمُ أَلَّا يَأْكُلَ شَيْئًا، وَلَا يَشْرَبَ، يُقَالُ: قَدْ

عَذُبَ لَيْلَتَهُ جَمْعَاءَ، وَهُوَ عَاذِبٌ وَعَذُوبٌ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ قَالَ: الْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَا وَهَا ". إِعْرَابُهُ هَاءَ هَاءَ مِثْلُ هَاعَ هَاعَ 92 - وَأَنْشَدَ أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ: §لَمَّا رَأَتْ فِي ظَهْرِي انْحِنَاءْ وَالْمَشْيَ بَعْدَ قَعَسٍ إحْنَاءْ أَجْلَتْ وَكَانَ حُبُّهَا إِجْلَاءْ وَجَعَلَتْ نِصْفَ غَبُوقِي مَاءْ تَمْذُقُ لِي مِنْ بُغْضِي السِّقَاءْ ثُمَّ تَقُولُ مِنْ بَعِيدٍ هَاءْ دَحْرَجَةً إِنْ شِئْتَ أَوِ إِلْقَاءْ ثُمَّ تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ دَاءْ لَا يَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ شِفَاءْ

وَقَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: هَاءَ يَا رَجُلُ، وَهَاؤُمَا يَا رُجَلَانِ، وَهَاؤُمْ يَا رِجَالُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 19] ، وَهَاءِ يَا امْرَأَةُ، مَكْسُورَةُ الْأَلِفِ بِلَا يَاءٍ، وَهَاؤُمَا يَا امْرَأَتَانِ، وَهَاؤُنَّ يَا نِسَاءُ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى: هَأْ يَا رَجُلُ مِثْلُ: خَفْ، وَلِلِاثْنَيْنِ هَاءَا مِثْلُ: خَافَا، وَلِلْجَمِيعِ هَاءُوا مِثْلُ خَافُوا: وَلِلْمَرْأَةِ هَائِي، وَلِلْمَرْأَتَيْنِ هَاءَا، وَلِلْجَمِيعِ هَائِينَ، وَإِذَا قِيلَ لَكَ هَاءَ يَا رَجُلُ، قُلْتَ: مَا أَهَاءُ يَا رَجُلُ، أَيْ مَا الَّذِي آخُذُ وَمَا أُهَاءُ، أَيْ مَا أُعْطَى، وَيُقَالُ: هَاتِ يَا رَجُلُ، وَلِلِاثْنَيْنِ هَاتِيَا، وَلِلْجَمِيعِ هَاتُوا، وَلِلْمَرْأَةِ هَاتِي، وَلِلِاثْنَتَيْنِ هَاتِيَا، وَلِلْجَمَاعَةِ هَاتِينَ، وَيُقَالُ: هَاتِ لَا هَاتَيْتُ، وَهَاتِ إِنْ كَانَتْ بِكَ مُهَاتَاةُ 93 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الَّذِي يَرْوِيهِ صُهَيْبٌ، قَالَ: §دَخَلْتُ عَلَى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبَاءَ، وَبَيْنَ أَيْدِيهِمْ تَمْرٌ وَثُرْتُمٌ، وَأَنَا أَشْتَكِي إِحْدَى عَيْنَيْ، فَوَقَعْتُ فِي التَّمْرِ آكُلُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَأْكُلُ التَّمْرَ عَلَى عَيْنَيْكَ، وَأَنْتَ رَمِدٌ؟» قُلْتُ: إِنَّمَا آكُلُ عَلَى شِقِّيَ الصَّحِيحِ، وَأَنَا أَمْزَحُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى نَوَاجِذِهِ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: نا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ زِيَادِ بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ

صُهَيْبٍ

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ: مَا فَضَلَ عَنْ طَعَامٍ أَوْ إِدَامٍ، فَهُوَ ثُرْتُمٌ، قَالَ الشَّاعِرُ: لَا تَحَسَبَنَّ طِعَانَ قَيْسٍ بِالْقَنَا ... وَضِرَابَهُمْ بِالْبِيضِ حَسْوَ الثُّرْتُمِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ لَمَّا مَرِضَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَسُئِلَ عَنْهُ، فَقَالَ: أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا ".

هَذَا عَلَى لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ، يَقُولُونَ: بَرَأْتُ مِنَ الْمَرَضِ، وَبَنُو تَمِيمٍ، يَقُولُونَ، بَرِئْتُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ الْعَابِدِيُّ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْحُبَابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ: سَأَلْتُ يُونُسَ، عَنْ قَوْلِ بَشَّارٍ: §عَجِبَ الْحِيُّ مِنْ بُكَائِي وَقَالُوا ... فُزْ بِصَبْرٍ لَعَلَّ عَيْنَكَ تَبْرُو قَالَ: يَقُولُونَهَا فِي الْمَرَضِ وَحْدَهُ، قَالَ يُونُسُ: بَرَأْتُ مِنَ الْمَرَضِ وَبَرِئْتُ إِلَيْهِ مِنْ حَقِّهِ، وَتَمِيمٌ يَقُولُونَ: بَرِئْتُ مِنَ الْوَجَعِ وَمِنَ الْحَقِّ، وَأَنْشَدَ غَيْرُ الْعَابِدِيِّ: تَبْكِي عَلَى زَيْدٍ وَلَمْ يُرَ مِثْلَهُ ... بَرِيءٌ مِنَ الْحُمَّى شَدِيدُ الْجَوَانِحِ وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: أَنْشَدَتْ أمُّ الْبُهْلُولِ: §بِكُلٍ سَتُرْمَى وَهْيَ مِنْهُ بَريَّةٌ ... وَغَيْرُ الْأُولَى يَرْمُونَ لَيْلَى حَسِيبُهَا أَيِ: اللَّهُ حَسِيبُهَا لَا هُمْ

وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أُمَّ سَلَمَةَ فَخِرَتْ، وَقَالَتْ: أَنَا ابْنَةُ أَبِي أُمَيَّةَ، وَأَنَا وَأَنَا، فَقَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ: تَكَلَّمِي، فَفَخِرَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَتْ: أَنَا وَأَنَا، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزْبِيهَا، حَتَّى تَوَلَّيْتُ، نا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ الْعَابِدِيُّ، وَقَالَ: قَالَ لَنَا الْعَابِدِيُّ: يَزْبِيهَا، يُغْرِيهَا وَيُعِينُهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ وَقَالَ غَيْرُ الْعَابِدِيِّ: زَبَيْتُ الشَّيْءَ، وَأَزْبيْتُهُ إِذَا رَفَعْتَهُ وَحَمَلْتَهُ وَكَذَلِكَ زَبَّيْتُهُ، قَالَ الْكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ: أَهَمْدَانُ مَهْلًا لَا تُصَبِّحُ بُيُوتَكُمْ ... بِجُرْمِكُمْ خَيْلٌ تَهُمُّ وَمَا تُزْبِي وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى: زَأَبَ وَأَزْأَبَ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِمَّا فَسَّرَهُ الْعَابِدِيُّ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ قَالَ: «لَا خَيْرَ لَكَ فِي صُحْبَةِ مَنْ لَا يَرَى لَكَ مِثْلَ الَّذِي يَرَى لَهُ» .

هِيَ أَعمُّ وُجُوهِهَا وَأَشْهَرُهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا خَيْرَ لَكَ فِي صُحْبَةٍ هُوَ مُوجِبٌ لِحَقِّهِ عَلَيْكَ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَا يَرَى لَكَ حَقًّا» . وَأَنْشَدَنَا فِي مِثْلِ هَذَا الْهَجَرِيُّ أَبُو عَلِيٍّ: أَأُوجِبُ حَقًّا لِامْرِئٍ لَيْسَ مُوجِبًا ... لِحَقِّي لَقَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ الْمَذَاهِبُ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: أَنْشَدَنِي الْعُتْبِيُّ مِنْ شِعْرِهِ: §لِي صَدِيقٌّ يَرَى حُقُوقِي عَلَيْهِ ... نَافِلَاتٍ وَحَقَّهِ كَانَ فَرْضَا لَوْ قَطَعْتُ الْبِلَادَ طُولًا إِلَيْهِ ... ثُمَّ مِنْ بَعْدِ طُولِهَا سِرْتُ عَرْضَا لَرَأَى مَا فَعَلْتُ غَيْرَ كَبِيرٍ ... وَاشْتَهَى أَنْ يَزِيدَ فِي الْأَرْضِ أَرْضَا وَغَيْرُنَا يَحْمِلُ وَجْهَ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ لَا خَيْرَ لَكَ فِي صُحْبَةِ مَنْ لَا تَجْرِي مَعَهُ عَلَى الْمُسَاوَاةِ وَالْمُكَافَأَةِ عَلَى إِفْضَالِهِ عَلَيْكَ، كَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَغِبَ بِهِمْ عَنِ الذِّلَةِ

وَالتَّطْفِيفِ. وَجَاءَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ «تَرْكُ الْمُكَافَأَةِ عَلَى الْهَدِيَّةِ مِنَ التَّطْفِيفِ» ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي الْمُطَفِّفِينَ مَا قَدْ سَمِعْتُمْ. وَأَنْشَدَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ الْكِلَابِيُّ فِي نَحْوِ ذَلِكَ: وَإِنِّي لَأَسْتَحْيِي أَخِي أَنْ أَرَى لَهُ ... عَلَيَّ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي لَا يَرَى لِيَا يَقُولُ: أَسْتَحْيِي أَخِي أَنْ أَرَى مَعْرُوفَهُ عِنْدِي، وَلَا يَرَى مَعْرُوفِي عِنْدَهُ. وَأَنْشَدَ الْهَجَرِيُّ فِي مِثْلِهِ: وَأَعْرِفُ لِلْفِتْيَانِ مَا أَنَا عَارِفٌ ... لِنَفْسِي وَإنْ أَنْكَرْتُ إِنِّي لَظَالِمُ

97 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ نَاسًا مِمَّنْ يَصِيدُ فِي الْبَحْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا نَخْرُجُ بِالْإِدَاوَةِ وَالْإِدَاوَتَيْنِ مِنَ الْمَاءِ، فِيمَا نَجِدُ الصَّيْدَ قَرِيبًا فَيَكْفِينَا، وَبِمَا نَجِدُهُ بَعِيدًا، فَإِنْ شَرِبْنَا مِنْهَا وَتَوَضَّأْنَا عَطِشْنَا، وَسَأَلُوا عَنْ مَاءِ الْبَحْرِ، فَقَالَ: §هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، وَحِلٌّ مَيْتَتُهُ ". حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقِ بْنِ دِينَارٍ، بِمِصْرَ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ، قَالَ: نا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ الْمِصْرِيِّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، عَنْ جُلَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ نَاسًا مِمَّنْ يَصِيدُ فِي الْبَحْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

قَوْلُهُ: «فِيمَا نَجِدُ الصَّيْدَ» فَهُوَ قَرِيبُ الْمَعْنَى مِنْ قَوْلِكَ، رَبُّمَا أَيْ إِنَّ هَذَا مِنْ شَأْنِنَا، وَمِمَّا يُعْرَضُ كَثِيرًا وَأَمَّا ابْنُ الْهَيْثَمِ، فَحَدَّثَنَا عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدِ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ فِي قَوْلِ الْأَعْشَى: عَلَى أَنَّهَا إِذْ رَأَتْنِي أُقَادُ ... قَالَتْ بِمَا قَدْ أَرَاهُ بَصِيرًا أَيْ: هَذَا الْعَمَى بِمَا كَانَ يَبْصُرُ أَيْ: هَذَا بَدَلٌ مِنْ ذَلِكَ، وَيُقَالُ فِي مَثْلٍ: بِمَا لَا أُخَشَّى بِالذِّئْبِ. قَالَ: أَصْلُ هَذَا أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْفُرْسَانِ كَبُرَ وَضَعُفَ فَكَانَ أَهْلُهُ يُفْزِعْنَهُ بِالذِّئْبِ، فَقَالَ: بِمَا لَا أُخَشَّى بِالذِّئْبِ، أَيْ: وَإِنِّي وَإِنْ كَبُرْتُ الْآنَ فَقَدْ صِرْتُ أُخَشَّى بِالذِّئْبِ، فَهَذَا بِمَا كُنْتُ شَابًّا لَا أَخْشَاهُ، وَيُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ يَكُونُ عَزِيزًا ثُمَّ يَرَى ذِلَّةً.

98 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: نا السِّجِسْتَانِيُّ، عَنِ الْعُتْبِيِّ، قَالَ: غَابَ شَبِيبُ بْنُ شَيْبَةَ الْأَهْتَمِيُّ دَهْرًا بِالْحِجَازِ، ثُمَّ قَدِمَ فَوَجَدَ أَهْلَهُ، وَقَدْ بَادَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَوَجَدَ أَصْحَابَهُ قَدْ تَفَرَّقُوا، فَأَوْحَشَهُ ذَلِكَ فَأَنْشَأَ، يَقُولُ: §يَا مَنْزِلَ الْحَيِّ الَّذِينَ ... تَفرَّقَتْ بِهِمُ الْمَنَازِلْ أَصْبَحْتَ بَعْدَ عِمَارَةٍ ... قَفْرًا تُخَرِّقُكَ الشَّمَائِلْ فَلَئِنْ رَأَيْتُكَ مُوحِشًا ... لَبِمَا أَرَاكَ وَأَنْتَ آهِلْ 99 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ شَبَابَانَ مَوْلَى النَّوْفَلِيِّينَ، قَالَ: نا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: نا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: §كَانَ أَبُو عُبَيْدِ بْنُ مَسْعُودٍ عَبَرَ الْفُرَاتَ إِلَى مِهْرَانَ، فَقَطَعُوا الْجِسْرَ خَلْفَهُ، فَقُتِلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَأَوْصَى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ أَبُو مِحْجَنٍ: أَمْسى أَبُو خَيْرٍ خَلَاءً بُيُوتُهُ ... بِمَا كَانَ تَغْشَاهُ الضِّعَافُ الْأَرَامِلُ وَأَمْسَى بَنُو عَمْروٍ لَدَى الْجِسْرِ مِنْهُمْ ... إِلَى جَانِبِ الْأَبْيَاتِ حَزْمٌ وَنَائِلُ

وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الَّذِي يَرْوِيهِ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ، قَالَ: «قَدِمْنَا الْحُدَيْبِيَةَ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَعَدَ عَلَى جَبَاهَا، فَإِمَّا بَسَقَ فِيهَا، وَإِمَّا دَعَا فَمَا نُزِحَتْ بَعْدُ» . الْجَبَا: مَقْصُورٌ وَهُوَ مَا حَوْلَ الْبِئْرِ، وَقَالَ الرَّاعِي: تَسَاقَتْ جَبًا فِيهِ ذَنُوبٌ هَرَاقَةُ ... عَلى قُلُصٍ مِنْ أَرْضِ أَرْحَبَ نَاشِحُ وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْجِبَا بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ: مَا جَمَعْتَ فِي الْحَوْضِ مِنَ الْمَاءِ، وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا: جِبْوَةٌ وَجِبَاوَةٌ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: جَبَيْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ جَبًى مَقْصُورٌ، وَقَالَ يَعْقُوبُ، عَنِ

الْفَرَّاءِ: جَبَوْتُ الْمَاءَ وَجَبيْتُ إِذَا قَرَى الْمَاءُ فِي الْحَوْضِ. وَقَوْلُهُ: «فَمَا نُزِحَتْ بَعْدُ» يُقَالُ: نَزَحْتُ الْمَاءَ أَنْزِحُهُ، وَهِيَ بِئْرُ نَزَحَ إِذَا نُزِحَ مَاؤُهَا، وَقَالَ الرَّاجِزُ: لَا تَسْتَقِي فِي النَّزَحِ الْمَضْفُوفِ ... إِلَّا مُدَارَاتُ الْغُرُوبِ الْجُوفِ. 101 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَرْوِيهِ سَلَمَةُ الْأَكْوَعُ، قَالَ: §خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَصَابَنَا جَهْدٌ حَتَّى هَمَمْنَا أَنْ نَنْحَرَ بَعْضَ ظُهُورِنَا، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَسَطْنَا نِطْعًا، فَاجْتَمَعَ زَادُ الْقَوْمِ عَلَى النِّطْعِ، فَتَطَاوَلْتُ أَحزُرُهُ كَمْ هُوَ؟ فَحَزَرْتُهُ كَرِبْضَةِ الْعَنْزِ، وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ حَشَوْنَا جُرُبَنَا، ثُمَّ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ، هَلْ مِنْ وُضُوءٍ؟» فَجَاءَ رَجُلٌ بِإِدَاوَةٍ لَهُ، فِيهَا نُطْفَةُ مَاءٍ فَرَشَّهَا فِي قَدَحٍ، فَتَوَضَّأْنَا كُلُّنَا نُدَغْفِقُهُ دَغْفَقَةً. حَدَّثَنَا بِهِ وَبِالَّذِي قَبْلَهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: نا عِكْرِمَةُ، قَالَ: نا إِلْيَاسُ، عَنْ أَبِيهِ.

قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: دَغْفَقْتُ الْمَاءَ: صَبَبْتُهُ 102 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ سَمِعَ لَجَبَةَ خَصْمٍ عِنْدَ بَابِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «إِنَّكُمْ §تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَإِنِّي إِنَّمَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، وَأَظُنُّهُ صَادِقًا، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ، مِنْ حَقِّ أَخِيهِ، فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ، فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ لِيَدَعْهَا» .

حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ.

اللَّجَبُ: وَاللَّجَبَةُ: الصَّوْتُ، وَمِنْهُ قِيلَ: عَسْكرٌ لَجِبٌ وَسَحَابٌ لَجِبٌ بِالرَّعْدِ، وَلَجَبُ الْأَمْوَاجِ كَذَلِكَ 103 - وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: نا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: نا ابْنُ الْأَجْلَحِ، عَنْ أَبِيهِ، أَوِ الْكَلْبِيِّ، أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ

مَرْوَانَ، قَالَ لِلْأَخْطَلِ: مَنْ أَشْعَرُ الْعَرَبِ الْيَوْمَ؟ قَالَ: أَنَا، إِلَّا أَنَّ الْفَرَزْدَقَ قَدِ امْتَدَحَنِي بِأَبْيَاتٍ وَاللَّهِ مَا قَدَرْتُ أَنْ أُكَافِئَهُ بِهَا، بَعْدُ، قَالَ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: قَوْلُهُ: §إِنَّ الْأَرَاقِمَ لَا يَنَالُ حَدِيثَهَا ... كَلْبٌ عَوَى مُتَهَتِّمُ الْأَسْنَانِ مَا ضَرَّ تَغْلِبَ وَائِلٍ أَهَجَوْتَهَا ... أَمْ بُلْتَ حَيْثُ تَنَاطَحَ الْبَحْرَانِ وَرَدُوا أَرَابَ بِجَحْفَلٍ مِنْ وَائِلٍ ... لَجِبِ الْعَشِيِّ ضُبَارِمَ الْأَرْكَانِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِشَهْرٍ أَوْ شَيْعَهُ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَوْلُهُ «أَوْ شَيْعَهُ» يَعْنِي نَحْوَهُ.

وَأَمَّا أَبُو زَيْدٍ، فَقَالَ: الْعَرَبُ تَقُولُ: آتِيكَ غَدًا، أَوْ شَيْعَهُ مَعْنَاهُ أَوْ بَعْدَ غَدٍ 105 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّ §رَجُلًا اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَوْطٍ، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ مَكْسُورٍ، فَقَالَ: فَوْقَ هَذَا، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ جَدِيدٍ، لَمْ تُقْطَعْ ثَمَرَتُهُ، فَقَالَ: مَا بَيْنَ هَذَيْنِ، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ قَدْ لَانَ، فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ

قَوْلُهُ: «لَمْ تُقْطَعْ ثَمَرَتُهُ» ، يَعْنِي لَمْ يُعْتَمَلْ، وَلَمْ يَلِنْ طَرَفُهُ بَعْدُ، وَيُقَالُ لِلطَّرَفِ: الثَّمَرَةُ، وَفِي حَدِيثِ آخَرَ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ آخِذًا بِثَمَرَةِ لِسَانِهِ» . يَعْنِي: طَرَفَهُ 106 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ أَشْكَابٍ، قَالَ: نا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجُشُونُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: كَانَتْ أَسْمَاءُ تُحَدِّثُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ، قَالَ: «§وَتُسَلَّطُ عَلَيْهِ دَابَّةٌ فِي قَبْرِهِ، مَعَهَا سَوْطٌ ثَمَرَتُهُ جَمْرَةٌ مِثْلُ غَرْبِ الْبَعِيرِ»

وَالْغَرْبُ: هِيَ الدَّلْوُ الْعَظِيمَةُ، وَقَالَ زُهَيْرٌ: لَهَا مَتَاعٌ وَأَعْوَانٌ غَدَوْنَ بِهِ ... قِتْبٌ وَغَرْبٌ إِذَا مَا أُفْرِغَ انْسَحَقَا تَقُولُ الْعَرَبُ: الْقِتْبُ لِلْبَعِيرِ، فَإِذَا كَانَ لِبَعِيرِ السَّانِيَةِ، قِيلَ: قِتْبٌ بِكَسْرِ الْقَافِ،

وَإِسْكَانِ التَّاءِ. وَقَالَ ابْنُ كُرَاعٍ: وَإِذَا الرِّكَابُ تَكَلَّفَتْهَا عُطِّفَتْ ... ثَمَرُ السِّيَاطِ قُطُوفُهَا وَوَسَاعُهَا أَيْ: جُعِلَتِ السِّيَاطُ عَطْفًا لَهَا فِي جَنْبَيْهَا، وَذَلِكَ أَنَّهَا لَا تُدْرِكُهَا فَتُضْرَبُ بِالسِّيَاطِ، وَالْعِطَافُ: الرِّدَاءُ: وَقَالَ بَعْضُ الرُّجَّازِ: إِيَّاكِ أَنْ تَوَشَّحِي بِالْأَصْبُحِي أَيْ: إِيَّاكِ أَنْ تُسَاطِي بِالسَّوْطِ، يُقَالُ: سُطْتُ الرَّجُلَ بِالسَّوْطِ ضَرَبْتُهُ، وَقَالَ الشَّاعِرُ: فَصَوَّبْتُهُ كَأَنَّهُ صَوْبُ غَيْبَةٍ ... عَلَى الْأَمْعَزِ الضَّاحِي إِذَا سِيطَ أَحْضَرَا وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: آمِينَ.

قَالَ يَعْقُوبُ: إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ أُمَّ الْقُرْآنِ أَمَّنَ، فَقَالَ: أَمِينَ، فَيَقْصُرُ الْأَلِفَ، وَيُخَفِّفُ الْمِيمَ، وَآمِينَ مُطَوَّلَةُ الْأَلِفِ، مُخَفَّفَةُ الْمِيمِ لُغَةٌ لِبَنِي عَامِرٍ، وَلَا تَقُولُ أَمِّينَ بِالتَّشْدِيدِ. قَالَ الشَّاعِرُ: تَبَاعَدَ مِنيَّ فُطْحُلٌ أَنْ سَأَلْتُهُ ... أَمِينَ فَزَادَ اللَّهُ مَا بَيْنَنَا بُعْدَا وَقَالَ الْآخَرُ: يَا رَبِّ لَا تَسْلُبَنِّي حُبَّهَا أَبَدًا ... وَيَرْحَمُ اللَّهُ عَبْدًا قَالَ آمِينَا وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: أَنَّهَا أَلِفُ النِّدَاءِ أُدْخِلَتْ عَلَى أَمِينَ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا بَعَثَهُ وَتَبَنَّاهُ جَعَلَتْ قُرَيْشُ تَقُولُ لَهُ لَعَلَّ رَيًّا أَصَابَكَ» .

هَكَذَا يَقُولُهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ: لَعَلَّ رَيًّا، وَهَذَا اللَّفْظُ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ رَيِّ الْمَاءِ أَوْ رِئْيِ الْمَنْظَرِ، وَهُوَ مَا رَأَتْهُ الْعُيُونُ مِنْ حَالٍ حَسَنَةٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا» ، وَأَمَّا الَّذِي فِي الْحَدِيثِ فَإِنَّ إِعْرَابَهُ «لَعَلَّ رَئْيًا أَصَابَكَ» يُقَالُ: رَئِيٌّ عَلَى مِثَالِ رَعِيٍّ، وَهُوَ جِنِّيٌّ يَتَعَرَّضُ لِلرَّجُلِ يُرِيهِ كَهَانَةً أَوْ طِبًّا، يُقَالُ: مَعَ فُلَانٍ رَئِيٌّ.

109 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا ابْنُ أَخِي جُوَيْرِيَةَ، قَالَ: نا مَهْدِيٌّ، قَالَ: نا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَدِيٍّ، قَالَ: " §كَانَ لِي رَئِيٌّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْجِنِّ، فَلَمَّا أَسْلَمْتُ فَقَدْتُهُ، قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا بِعَرَفَاتٍ إِذْ سَمِعْتُ حِسَّهُ، فَقَالَ لِي: أَشَعُرْتَ أَنِّي أَسْلَمْتُ بَعْدَكَ؟ قَالَ: فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ، قَالَ: يَقُولُ الْجِنِّيُّ: عَلَيْكَ الْخُلُقُ الْأَسَدُّ، فَإِنَّ الْخَيْرَ لَيْسَ الصَّوْتُ الْأَشَّدُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: مَعَهُ رِيٌّ، وَالصَّوَابُ رَئِيُّ، تَقْدِيرُهُ رَعِيُّ، وَبَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ، رِئِيٌّ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: فَعِيلٌ وَكُلُّ شَيْءٍ وَزْنُهُ فَعِيلٌ، وَثَانِيهِ أَحَدُ حُرُوفِ الْحَلْقِ يَجُوزُ كَسْرُ أَوَّلِهِ، فَتَقُولُ: رَغِيفٌ، وَرِغيفٌ، وبَهِيمَةٌ وَبِهِيمةٌ، وَشَعيِرٌ وَشِعِيرٌ،

وَبَعِيرٌ وَبِعِيرٌ، وسَعِيدٌ وسِعِيدٌ، وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، وَبَاعًا بِبَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا خَشْرَمَ دَبْرٍ لَسَلَكْتُمُوهُ» الْخَشْرَمُ هَا هُنَا، مَأْوَى الزَّنَابِيرِ وَالنَّمْلِ، وَقَدْ يَجِيءُ فِي الشِّعْرِ الْخَشْرَمُ: اسْمٌ لِجَمَاعَةِ الزَّنَابِيرِ، قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ الْكِلَابَ. صُعْرُ السَّوَالِفِ بِالْجِرَاءِ كَأَنَّهَا ... خَلْفَ الطَّرِيدَةِ خَشْرَمُ مُتَبَدِّدُ وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: قَالَ طُفَيْلٌ الْغَنَوِيُّ: فَقَالَتْ أَلَا مَا هَؤُلَاءِ وَقَدْ بَدَتْ ... سَوَالِفُهَا كَالْخَشْرَمِ الْمُتَخَدِّبِ

وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ: هَلْ صُمْتَ مِنْ سَرَارِ هَذَا الشَّهْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَإِذَا أَفْطَرْتَ مِنْ رَمَضَانَ فَصُمْ أَيَّامًا مِنْ شَوَّالٍ ". قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: السَّرَارُ: آخِرُ الشَّهْرِ إِذَا اسْتَتَرَ الْهِلَالُ، وَقَالَ غَيْرُ أَبِي عُبَيْدٍ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحُضُّ عَلَى صِيَامِ آخِرِ شَعْبَانَ، وَلَا يَأْمُرُ بِهِ، بَلْ قَدْ جَاءَتِ الْكَرَاهِيَةُ فِيهِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ صُمْتَ مِنْ سَرَارِ هَذَا الشَّهْرِ شَيْئًا» يُريِدُ مِنْ وَسَطِهِ، لِأَنَّهَا الْأَيَّامُ الْغُرُّ الَّتِي كَانَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِصِيَامِهَا، وَهِيَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ، وَسَرَارُ كُلُّ شَيْءٍ وَسَطُهُ وَأَفْضَلُهُ ". قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ حِمَارًا: ظَلَّتْ تَفَادِي وَظَلَّ الْجَأْبُ مُكْتَئِبًا ... كَأَنَّهُ عِنْ سَرَارِ الْأَرْضِ مَحْجُومُ

يُرِيدُ عَنْ وَسَطِهَا وَهُوَ مَوْضِعُ الْكَلَأِ مِنْهَا. أَخْبَرَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ: قَالَ: سَرَارُ الْأَرْضِ أَكْرَمُهَا وَأَفْضَلُهَا، وَأَنْشَدَ: هَلَّا فَوَارِسُ رَحْرَحَانَ هَجَوْتُهُمُ ... عُشَرًا تَنَاوَحَ فِي سَرَارَةِ وَادِي قَالَ يَعْقُوبُ: وَالنَّبَاتُ يَحْسُنُ فِي السَّرَارَةِ، يَقُولُ: لَكُمْ أَبْدَانٌ وَجَمَالٌ، وَلَيْسَ لَكُمْ خَبَرٌ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعُشَرَ خُوَارٌ ضَعِيفٌ، وَالتَّنَاوُحُ: التَّقَابُلُ، وَذَكَرَ الْأَصْمَعِيُّ: أَنَّهُ يُقَالُ: دُورٌ يَتَنَاوَحْنَ، أَيْ يَتَقَابَلْنَ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ الرِّقَاعِ: بِسَرَارَةٍ حَفَشَ الرَّبِيعُ غُثَاءَهَا ... حَوَّاءَ يَزْدَرِعُ الْغَمِيرَ ثَرَاهَا قَالَ: السَّرَارَةُ، أَكْرَمُ الْوَادِي وَأَفْضَلُهَا، وَفِيهَا نَاعِمُ النَّبْتِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ فِي سِرِّ قَوْمِهِ، وَفِي سَرَارَةِ قَوْمِهِ. وَقَوْلُهُ: «حَفَشَ» أَسَالَهَا، وَأَخْرَجَ مَا فِيهَا مِنَ الْغُثَاءِ، يُقَالُ: حَفَشَ لَكَ الْوُدَّ، أَيْ أَخْرَجَهُ. «حَوَّاءُ» : خَضْرَاءُ إِلَى السَّوَادِ مِنْ رَيِّهَا، «يَزْدَرِعُ» يَقُولُ: يَبْقَى فِي هَذِهِ السَّرَارَةِ ثَرًى يُنْبِتُ الْغَمِيرَ بَعْدَ جُفُوفِ الْعُشْبِ، «الْغَمِيرُ» ، الْخُضْرَةُ فِي أُصُولِ الْيَابِسِ

112 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ أَصَابَتْهُ نُقْلَةٌ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ رَجُلًا سِبًّا، فَأُتِيَ بِهِ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا هَبَّارٌ يُسَبُّ وَلَا يَسُبُّ، فَأَتَاهُ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: «يَا هَبَّارُ §سُبَّ مَنْ سَبَّكَ» . أَخْبَرَنَاه إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ

السِّبُّ: الْكَثِيرُ السِّبَابِ، وَسِبُّ الرَّجُلِ أَيْضًا الَّذِي يُسَابُّهُ، قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: لَا تَسُبَّنَّنِي فَلَسْتَ بِسِبِّي ... إِنَّ سِبِّي مِنَ الرَّجَالِ الْكَرِيمُ 113 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ §الْمُسْلِمَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ رَأَى بُشْرَهُ، فَلَمْ يَكُنْ شَيْء أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الْمَكْثِ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا حَضَرَ الْكَافِرَ الْمَوْتُ رَأَى بُشْرَهُ، فَلَمْ يَكُنْ شَيْء أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْمَكْثِ فِي الدُّنْيَا» . أَخْبَرَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ: نا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ الْمِصْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ

وَقَوْلُهُ: «بُشْرَهُ» جَمْعُ بَشِيرٍ، كَمَا تَقُولُ: سَرِيرٌ وَسُرُرٌ، ثُمَّ يُخَفَّفُ كَمَا يُقَالُ رَسُلُ وَرُسْلٌ، فَالْمُؤْمِنُ يُبَشَّرُ بِالْجَنَّةِ، وَالْكَافِرُ يُبَشَّرُ بِالنَّارِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21] . وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ سَأَلَهُ عَنْ أَبِيهِ،: «أَيْنَمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ كَافِرٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ» وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْبُشْرُ جَمْعُ بِشَارَةٍ، قَالَ أَعْشَى بَاهِلَةَ: كَأَنَّهُ عِنْدَ صِدْقِ الْقَوْمِ أَنْفُسَهُمْ ... بِالْيَأْسِ تَلْمَعُ فِي قُدَّامِهِ الْبُشُرُ 114 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§إِنَّ أَصْحَابَهُ كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَهُ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ يَنْطَلِقُونَ، فَيَتَرَمَّوْنَ، فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ مَوَاقِعُ سِهَامِهِمْ، حَتَّى يَأْتُوا دَارَهُمْ، وَهُمْ فِي أَقَاصِي الْمَدِينَةِ فِي بَنِي سَلَمَةَ» . أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي

بِشْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بِلَالٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا أَنَّ فِي

الْحَدِيثِ «يَتَرَامَوْنَ» ، وَالْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يَتَرَمَّوْنَ قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ خَرَجْتُ أَتَرَمَّى إِذَا خَرَجْتَ تَرِمِي فِي الْأَغْرَاضِ وَفِي أُصُولِ الشَّجَرِ، وَخَرَجْتُ أَرْتَمِي إِذَا رَمَيْتَ فِي الْقَنْصِ "، قَالَ الشَّاعِرُ: دَعَوْنَ الْهَوَى ثُمَّ ارْتَمَيْنَ قُلُوبَنَا ... بِأَسْهُمِ أَعْدَاءٍ وَهُنَّ صَدِيقُ أَيِ اقْتَنَصْنَهَا، وَأَمَّا «يَتَرَامَوْنَ» فَإِنَّ التَّرَامِي يَكُونُ مِنَ الرَّجُلَيْنِ أَيْ يَرْمِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَتَقُولُ: رَمَيْتُ عَنِ الْقَوْسِ وَرَمَيْتُ عَلَيْهَا، وَلَا تَقُولُ رَمَيْتُ بِهَا، قَالَ الرَّاجِزُ: أَرْمِي عَلَيْهَا وَهِيَ فَرْعٌ أَجْمَعُ وَهِيَ ثَلَاثُ أَذْرُعٍ وَالْإِصْبَعُ وَهِيَ إِذَا أَنْبَضْتَ فِيهَا تَسْجَعُ تَرَنُّمُ النَّحْلِ أَبَى لَا يَهْجَعُ

115 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ §مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ كَانَتْ تُتْرِفُهُ أُمُّهُ، وَكَانَ لَا يَبِيتُ إِلَّا وَقَعْبُ الْحَيْسِ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَلَمَّا أَسْلَمَ مُصْعَبٌ، اخْتَلَّ جِسْمُهُ، قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَآهُ بَكَى ". حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ

قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: «اخْتَلَّ» نَقَصَ وَهَزُلَ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ لِابْنِ الْمَخَاضِ خَلٌّ، وَلِلْأُنْثَى خَلَّةٌ، وَلِلرَّجُلِ الْقَلِيلِ اللَّحْمِ أَيْضًا خَلٌّ، وَقَدْ خَلَّ لَحْمُهُ خَلًّا، وَخُلُولًا، هَذَا قَوْلُ الْأَصْمَعِيِّ، وَأَنْشَدَ غَيْرُهُ لِلشَّنْفَرِيِّ:

فَاسْقِنِي الْخَمْرَ سُويدَ بْنَ عَمْرٍو ... إِنَّ جِسْمِي بَعْدَ خَالِي لَخَلُّ وَالْجَمِيعُ: خُلُولٌ، وَأَنْشَدَ: وَاسْتَهْزَأَتْ بِي ابْنَةُ السَّعدِيِّ حِينَ رَأَتْ ... شَيْبِي وَمَا خَلَّ مِنْ جِسْمِي وَتَحْنِيبِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يُقَالُ: فَصِيلٌ خَلٌّ أَيْ مَهْزُولٌ، وَفَصِيلٌ خَلٌّ أَيْ سَمِينٌ وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ، وَقَالَ الْأَخْطَلُ: إِذَا بَدَتْ عَوْرَةٌ مِنْهَا أَضَرَّ بِهَا ... ضَخْمُ الْكَرَادِيسِ خَلُّ الْجِسْمِ زُغْلُولُ 116 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ §ظَاهَرَ يَوْمَ أُحُدٍ بَيْنَ دِرْعَيْنِ» . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ

الْمُظَاهَرَةُ: لِبَسَاهُمَا مَعًا إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: وَظَاهِرْ لَهَا مِنْ يَابِسِ الشَّخْتِ وَاسْتَعِنْ عَلَيْهَا الصَّبَا وَاجْعَلْ يَدَيْكَ لَهَا سِتْرًا أَيْ عَالَهُ عَلَيْهَا، وُرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الشُّجْعَانِ أَنَّهُ ظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: «إِنَّمَا أَقِي صَبْرِي وَلَسْتُ أَقِي نَفْسِي. » 117 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ §كَانَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَلِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حَصِيرَانِ عَلَى بَعِيرٍ، فَأَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ، فَرَأَى بَعِيرَهَا قَدْ أَعْيَا فَنَزَلَ فَحَوَّلَ لَهَا عَلَى الْبَعِيرِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ حَصِيرَا زَيْنَبَ، فَلَمَّا رَأَتْهُ، قَالَتْ: ألِلْيَهُودِيَّةِ تُغِيرُ، ألِلْيَهُودِيَّةِ تُغَيِّرُ ". رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَوْلُهُ: «فَحَوَّلَ لَهَا عَلَى الْبَعِيرِ» أَيْ أَصْلَحَ لَهَا عَلَيْهِ مَرْكَبًا، قَالَ أَبُو عَمْرٍو: الْحَالُ: الْكَارَةُ الَّتِي يَحْمِلُهَا الرَّجُلُ عَلَى ظَهْرِهِ، يُقَالُ مِنْهُ تَحَوَّلْتُ حَالًا.

قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ حُلْتُ فِي مَتْنِ الْفَرَسِ أَحُولُ حُئُولًا إِذَا رَكِبَهُ، وَمَا أَحُسُّ حَالَ مَتْنِ الْفَرَسِ، وَهُوَ مَوْضِعُ اللِّبَدِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْحَالُ طَرِيقَةُ مَتْنِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: كَأَنَّ غُلَامي، إِذْ عَلَا حَالَ مَتْنِهِ 118 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَسَرَعَ إِلَيْكَ الشَّيْبُ، قَالَ: «§شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا» . وَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْعَلَاءِ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولَابِيُّ، قَالَ: نا حَمَّادٌ الْأَبَحُّ، قَالَ: نا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَأَخْبَرَنَا أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا الْأَبَحُّ، قَالَ: نا يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّمَا جَعَلَهَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَوَاتٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنَّ بِهَا مُتَسَاوِيَةً فِي الْعَدَدِ، وَلَا قَرِينَتَهَا فِي الْمُصْحَفِ لِأَحَدِ مَعْنَيَيْنِ: إِمَّا لِمَا فِيهَا مِنَ النَّذَارَةِ وَالْوَعِيدِ، وَإِمَّا لِأَنَّهُنَّ أُنْزِلْنَ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ، كَمَا أُنْزِلَتْ سُورَةُ هُودٍ، وَكُلُّ شَيْءٍ كَانَ فِي مِيلَادِ شَيْءٍ، أَوْ وَاقِعًا بِوُقُوعِهِ أَوْ عَامِلًا بِعَمَلِهِ فَهُوَ أَخُوهُ فِي الْمَجَازِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَبَبٌ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} [الزخرف: 48] ، وَقَالَ الْأَعْشَى: أَبَا مُسْهرٍ فَاعْلَمْ بِأَنَّ قَصِيدَةً ... مَتَى تَأْتِكُمْ تَلْحَقْ بِهَا أَخْوَاتُهَا

119 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شَيَّبَكَ؟ قَالَ: «§شَيَّبَتْنِي هُوَدٌ، وَالْوَاقِعَةُ، وَالْمُرْسَلَاتُ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ»

وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: إِلَى كُلِّ بَهْوٍ ذِي أَخٍ يَسْتَعِدُّهُ ... إِذَا هَجَّرَتْ أَيَّامُهُ لِلتَّحَوُّلِ يَقُولُ إِلَى جَانِبِهِ بَهْوٍ مِثْلِهِ.

وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الَّذِي يَرْوِيهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا إِذَا اشْتَدَّ الْبَأْسُ، وَاحْمَرَّتِ الْحَدَقُ، اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَّا أَقْرَبَ إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ ".

قَوْلُهُ: «احْمَرَّتِ الْحَدَقُ» إِنَّمَا احْمِرَارُهَا لِشِدَّةِ الْغَضَبِ فِي الْحَرْبِ، وَأَنْشَدَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، لِضِرَارِ بْنِ الْخَطَّابِ: بِيضٌ جِعَادٌ كَأَنَّ أَعْيُنَهُمْ ... تُكْحَلُ يَوْمَ الْهِيَاجِ بِالْعَلَقِ أَيْ لِشِدَّةِ الْغَضَبِ، وَأَنْشَدَ مِثْلَهُ لِامْرِئِ الْقَيْسِ، وَذَكَرَ كِلَابًا: مُغَرَّثَةً زُرْقًا كَأَنَّ عُيونَهَا ... مِنَ الذَّمْرِ وَالْإِيحَاءِ نُوَّارُ عِضْرِسِ «مُغَرَّثَةٌ» : مُجَوَّعَةٌ، وَالْغَرَثُ: الْجُوعُ: وَ" الذَّمْرُ "، الْإِغْرَاءُ، وَيُقَالُ: أَسَدْتُ الْكَلْبَ، إِذَا قُلْتُ لَهُ: خُذْ. وَالْعَضْرِسُ: بَقْلَةٌ حَمْرَاءُ الزَّهْرَةِ، فَأَرَادَ أَنَّ عُيُونَهَا احْمَرَّتْ مِنْ شِدَّةِ الْغَضَبِ. قَالَ: وَقَالَ فِي قَوْلِ الْأَعْشَى: وَكَذِلكَ فَافْعَلْ مَا حَيَيْتَ إِلَيْهِمُ ... وَأقْدِمْ إِذَا مَا أَعْيُنُ النَّاسِ تَزْرَقُ قَوْلُهُ «أَقْدِمْ» تَقَدَّمَ فِي الْحَرْبِ، وَقَوْلُهُ «تَزْرَقُ» إِذَا فَزِعَ الْإِنْسَانُ وَفَرِقَ انْقَلَبَتْ حَمَالِيقُ عَيْنَيْهِ فَيَغِيبُ السَّوَادُ، قَالَ: وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: كَأَنَّ عُيُونَ الْوَحْشِ حَوْلَ خِبَائِنَا ... وَأَرْحُلِنَا الْجَزْعُ الَّذِي لَمْ يُثَقَّبِ قَالَ: الْبَقَرَةُ وَالظَّبِيُّ إِذَا كَانَا حَيَّيْنِ، فَعُيُونُهَا كُلُّهَا سُودٌ فَإِذَا مَاتَا بَدَا الْبَيَاضُ، فَإِنَّمَا شَبَّهَهَا بِالْجَزْعِ، وَفِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ بَعَدَمَا مُوِّتَا، فَانْقَلَبَتْ أَعْيُنُهُمَا.

قَالَ: وَقَالَ فِي قَوْلِ قَيْسِ بْنِ خُوَيْلِدٍ الْهُذَلِيِّ: حَتَّى أُشِبَّ لَهَا أُقَيْدرُ نَابِلٌ ... يُغْرِي ضَوَاريَ خَلْفَهَا وَيصِيدُ فِي كُلِّ مُعْتَرِكٍ يُفَادِرُ خَلْفَهَا ... زَرْقَاءَ دَامِيَةَ الْيَدَيْنِ تَمِيدُ ذَكَرَ ضَوَارِي «أُشِبَّ لَهَا» : قُدِّرَ لَهَا «أُقَيْدَرُ» أَيْ مُقَارِبُ الْخُلُقِ يَعْنِي قَانِصًا، يُغْرِي: يُؤْسِدُ. «الضَّوَارِي» كِلَابٌ ضَارِيَةٌ «زَرْقَاءُ» يَعْنِي بَقَرَةً وَحْشِيَّةً قَدْ غُشِيَ عَلَيْهَا، فَانْقَلَبَتْ عَيْنَاهَا، وَظَهَرَ بَيَاضُهُمَا. 121 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّ §رَجُلًا شَكَا إِلَيْهِ الْحُمَّى، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اغْتَسِلْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ اذْهَبِي يَا أُمَّ مِلْدَمٍ، فَإِنْ لَمْ تَذْهَبْ فَاغْتَسِلْ سَبْعًا ". أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخَبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ مَوْهَبٍ الْمَعَافِرِيِّ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَجُلًا شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْحُمَّى أُمَّ مِلْدَمٍ، وَتَقُولُ: قَالَتِ الْحُمَّى: أَنَا أُمُّ مِلْدَمٍ، آكُلُ اللَّحْمَ، وَأَمَصُّ الدَّمَ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَنْشَدَ يَعْقُوبُ: إِنِّي إِذَا شَارَكَنِي فِي جِسْمِي ... مَا يَنْتَقِي مُخِّي وَيَبْرِي عَظْمِي لَمْ أَطْلُبِ الذِّئْبَ بَثَأْرِ الْبَهْمِ ... وَلَوْ تَغَذَّى لَحْمَهَا وَلَحْمِي يَعْنِي الْحُمَّى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَعْنِي الْكِيرَ. وَقَالَ غَيْرُ يَعْقُوبَ: سُمِّيَتْ أُمَّ مِلْدَمٍ مِنَ اللَّدْمِ، وَهُوَ ضَرْبُ الْمَرْأَةِ صَدْرِهَا عَلَى الْهَالِكِ، يُريِدُ أَنَّ الْحُمَّى تُودِي إِلَى ذَلِكَ، كَمَا يُقَالَ لَهَا: رَائِدُ الْمَوْتِ، وَيُقَالُ رَجُلٌ مِلْدَمٌ، وَهُوَ الثَّقِيلُ الْكَثِيرُ اللَّحْمِ الْأَحْمَقُ، قَالَ حُجيَّةُ: فَلَا تَحْسِبَنِّي مِلْدَمًا إِذْ نَكَحْتِهِ ... وَلَكِنَّنِي حُجَيَّةُ بْنُ الْمُضَرَّبِ

123 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ الدَّيُّوثُ» . حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ وَارَةَ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ، إِمْلَاءً عَلَيَّ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي، مُوسَى بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ هِنْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " §ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ أَبَدًا الدَّيُّوثُ مِنَ الرِّجَالِ، وَالرَّجُلَةُ مِنَ النِّسَاءِ، وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا مُدْمِنُ الْخَمْرِ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الدَّيُّوثُ مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: الَّذِي لَا يُبَالِي مَنْ دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ، قُلْنَا: وَمَا الرَّجُلَةُ مِنَ النِّسَاءِ، قَالَ: الَّتِي تَشَبَّهُ بِالرِّجَالِ "

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: الدَّيُّوثُ، الَّذِي يَجْلِبُ عَلَى حُرَمِهِ مَنْ يُوَاجِرُهُنَّ إِيَّاهُ، وَهُوَ الْقَوَّادُ 123 - وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: نا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: نا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، قَالَ: نا سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «§لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرَأَةُ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ»

124 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا إِسْحَاقُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَلِيطٍ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَرَاهُ قَالَ: " §لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنَ النِّسَاءِ، قَالَ: قُلْتُ، وَمَا الْمُتَرَجِّلَاتُ مِنَ النِّسَاءِ؟ قَالَ: «الْمُتَشَبِّهَاتُ بِالرِّجَالِ»

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ عُبَيْدَةَ: رَجُلَةُ النِّسَاءِ: هِيَ الْمُذَكَّرَةُ تَأْتِي النِّسَاءَ كَأَنَّهَا فَحْلٌ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: §إِيَّاكُمْ وَكُلَّ ذَكَرَةٍ مُذَكَّرَةٍ شَوْهَاءَ فَوْهَاءَ، تُبْطِلُ الْحَقَّ بِالْبُكَاءِ، لَا تَأْكُلُ مِنْ قِلَّةٍ، وَلَا تَعْذِرُ مِنْ عِلَّةٍ، إِنْ أَقْبَلْتَ أَعْصَفَتْ، وَإِنْ أَدْبَرْتَ أَغْبَرَتْ

125 - نا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قِيلَ لِي بِالْعَسْكَرِ، §مَا أَبْيَاتٌ تَدَيَّثْتَ فِيهَا يَا أَبَا حَسَنٍ، فَأَنْشَدَهُمْ: فَلَمَّا بَدَا لِي أنَّهَا لَا تَوَدُّنِي وَأَنَّ هَوَاهَا لَيْسَ عَنِّي بِمُنْجَلِي تَمَّنْيتُ أَنْ تَهْوَى سِوَايَ لَعلَّهَا ... تَذُوقُ حَرَارَاتِ الْهَوَى فَتَرِقَّ لِي وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْحَنَفِيُّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ: التَّخْيِيسُ وَالتَّذْلِيلُ وَالتَّدْيِيثُ وَاحِدٌ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ دَيُّوثٌ، لِأَنَّهُ أَقَرَّ لِامْرَأَتِهِ بِالسُّوءِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ، وَقِيلَ لِأَعْرَابِيٍّ: بِمَ خَيَّسْتَ إِبِلَكَ؟ قَالَ: بِالضَّرْبِ الْوَجِيعِ، وَالْجُوعِ الْيَرْقُوعِ يَعْنِي الْجُوعَ الشَّدِيدَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ، وَقَدِمَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى عِيسَابَاذَ أَيَّامَ

الْمَهْدِيِّ، فَأَكَلَ طَعَامَهُمْ، فَأَتْخَمَ، فَأَصَابَتْهُ هَيْضَةٌ، فَقَالَ: أَقُولُ بِالْمِصْرِ لَمَّا سَاءَ بِي شِبَعٌ ... أَلَا سَبِيلَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا جُوعُ أَلَا سَبِيلَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا غَرْثٌ ... يُنْقِي الْعِظَامَ مِنَ الْإِنْقَاءِ يَرْقُوعُ 126 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ خَبٌّ وَلَا بَخِيلٌ وَلَا مَنَّانٌ وَلَا سَيِّئُ الْمَلَكَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ الْمَمْلُوكُ إِذَا أَطَاعَ اللَّهَ، وَأَطَاعَ سَيِّدَهُ» . حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى، عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ، عَنْ مُرَّةَ الطَّيِّبِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الْخَبُّ: الْجُرْبُزُ، يُقَالُ: رَجُلٌ خَبٌّ، وَامْرَأَةٌ خَبَّةٌ، وَالْفِعْلُ: خَبَّ يَخِبُّ خَبًّا، وَهُوَ بَيِّنُ

الْخَبِّ، وَالتَّخْبِيبُ، إِفْسَادُ الرَّجُلِ عَبْدَ رَجُلٍ أَوْ أَمَتَهُ، يُقَالُ: خَبَّبَهُمَا 127 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا شَيْبَانُ، قَالَ: نا أَبُو هِلَالٍ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: §مَا تَعَلَّمَ رَجُلٌ الْفَارِسِيَّةَ قَطُّ إِلَّا خَبَّ، وَلَا خَبَّ رَجُلٌ إِلَّا ذَهَبَتْ مُرُوءَتُهُ "

128 - أَخْبَرَنَا مُوسَى، قَالَ: نا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: نا بِشْرُ بْنُ رَافِعٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «§الْمُؤْمِنُ غِرًّ كَرِيمٌ، وَالْفَاجِرُ خَبٌ لَئِيمٌ»

وَقَوْلُهُ: «سَيِّئُ الْمَلَكَةِ» مَفْتُوحَةُ الْمِيمِ وَاللَّامِ، وَهُوَ مَلْكُ الْعَبْدِ، يُقَالُ: مَمْلُوكٌ قَدْ أَقَرَّ بِالْمُلُوكَةِ، شَبَّهُوهُ بِالْعُبُودَةِ، وَأَقرَّ بِالْمَلَكَةِ، وَالْمَلْكِ، وَأَمَّا الْمِلْكُ فَمِلْكُ الرَّجُلِ يَقُولُ: هَذَا مَلْكُ يَدِي، وَمِلْكُ يَدِي، وَمَا لِأَحَدٍ فِي هَذَا مِلْكٌ غَيْرِي، وَمَلْكٌ، وَيُقَالُ: الْمَاءُ مَلْكُ أَمْرِ، أَيْ إِذَا كَانَ مَعَ الْقَوْمِ مَاءً مَلَكُوا أَمْرَهُمْ، وَقَالَ أَبُو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ: فلَمْ يَكُنْ مَلَكٌ لِلْقَوْمِ يُنزِلُهُمْ ... إِلَّا صَلَاصِلَ لَا يُلْوَى عَلَى حَسَبِ أَيْ يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، وَلَا يُؤْثِرُ بِهِ أَحَدًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بَخِيلٌ» ، قَالَ: بَخِيلٌ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَرَوَى فِي ذَلِكَ حَدِيثًا، وَقَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى كُلِّ الْخِلَالِ إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ، فَتَجِدُهُ جَبَانًا وَتَجِدُهُ بَخِيلًا، وَلَا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ خَائِنًا وَلَا كَذَّابًا، لِأَنَّ الْكَذِبَ مُجَانَبَةُ الْإِيمَانِ» .

129 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّ رَجُلًا أَعْتَمَ عِنْدَهُ، فَسَأَلَ صِبْيَتُهُ أُمَّهُمُ الطَّعَامَ، فَقَالَتْ: حَتَّى يَجِيءَ أَبُوكُمْ، فَنَامَ الصِّبْيَةُ، فَجَاءَ أَبُوهُمْ، فَقَالَ: أَأَشْهَيْتِ الصِّبْيَةَ؟ فَقَالَتْ: لَا كُنْتُ أَنْتَظِرُ مَجِيئَكَ، فَحَلَفَ أَلَّا يَطْعَمَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: أَيْقِظِيهِمْ، وَجِيئِينِي بِالطَّعَامِ، فَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَكَلَ، ثُمَّ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي صَنَعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى خَيْرًا مِنْهَا، فَيَأْتِهِ، ثُمَّ لِيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، فَهُوَ كَفَّارَةُ يَمِينِهِ ". حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلَاءِ، قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ الْهَمْدَانِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

قَوْلُهُ: «أَأَشْهَيْتِ الصِّبْيَةَ» ، أَيْ أَطْعَمْتَهُمْ شَهْوَتَهُمْ مِنَ الطَّعَامِ، يُقَالُ: تَشَهَّتِ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا، فَأَشْهَاهَا، أَيْ أَطْلَبَهَا مَا تَشَهَّتْ، يُرِيدُ طَلَبَ لَهَا، وَيُقَالُ رَجُلٌ شَهْوَانُ،

وَامْرَأَةٌ شَهْوَى، وَقَدْ شَهِي يَشْهَى، وَالتَّشَهِّي شَهْوَةٌ بَعْدَ شَهْوَةٍ، وَقَوْمٌ شَهَاوَى وَقِيلَ لِمُوسَى بْنِ يَسَارٍ: شَهَوَاتٌ، لِأَنَّهُ كَانَ مَعَ بَعْضِ قُرَيْشٍ، فَكَانَ يَتَشَّهَى عَلَيْهِ فَيُشَهِّيهِ، وَقِيلَ: إِنَّمَا قِيلَ لَهُ شَهَوَاتٌ، لِقَوْلِهِ فِي يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ: لَسْتَ مِنَّا وَلَيْسَ خَالُكَ مِنَّا ... يَا مُضَيِّعَ الصَّلَاةِ لِلشَّهَوَاتِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّهُ ذَكَرَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَقَالَ: «مَنْ يَذْكُرُ مِنْكُمْ لَيْلَةً كَانَ فِيهَا الْقَمَرُ كَأَنَّهُ فِلْقَةُ جَفْنَةٍ» فِلْقَةُ الْقَصْعَةِ: نِصْفُهَا، وَتَقُولُ: سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ فَلْقِ فِيهِ، فَهَذِهِ بِالْفَتْحِ، لِأَنَّ الْفُلُوقَ الشُّقُوقُ.

131 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ §مَرَّ بِأَرْضٍ تُسَمَّى غَدِرَةُ فَسَمَّاهَا خَضِرَةٌ» . حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: نا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَإِنَّمَا كَرِهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَهَا تَفَاؤُلًا بِهِ، وَالْغَدِرَةُ: المظلمة السَّوَدَاءُ مِنَ الْمَحْلِ، وَمِنْهُ قِيلَ: لَيْلَةٌ غَدِرَةٌ وَمُغْدِرةٌ بَيِّنَةُ الْغَدَرِ، وَهِيَ الشَّدِيدَةُ الظُّلْمَةِ، وَالْغَدِرَةُ أَيْضًا: الْمُهْلِكَةُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْغَدْرِ، قَالَ الرَّاجِزُ: وَعَاصِمًا سَلَّمَهُ مِنَ الْغَدَرْ ... مِنْ بَعْدِ إِرْهَاقٍ بَصمَّاءِ الْغَبَرْ وَ «الْغَدْرُ» الْجِحَرَةُ وَالْجِرَفَةُ، يُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَثْبَتَ غَدَرُهُ، وَهُوَ ثَبِتُ الْغَدَرِ إِذَا ثَبُتَ فِي مَوْضِعِ الزَّلَقِ، يُرَادُ أَنَّهُ ثَبُتَ عِنْدَ الْقِتَالِ وَالْكَلَامِ، وَ «سَلَّمَهُ مِنَ الْغَدَرِ» مَعَنَاهُ: أَنْجَاهُ مِنَ الْهَلَاكِ مِنْ بَعْدِ إِرْهَاقٍ وَإِثْبَاتٍ، يُقَالُ: أَرْهَقَ لَكَ السَّيْرَ، «صَمَّاءِ» : دَاهِيَةٍ، «الْغَبَرُ» أَيْ دَاهِيَةُ الْبَقَاءِ، أَيْ دَاهِيَةٌ تَبْقَى. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَرِهَ اسْمَ مَوْضِعٍ غَيَّرَهُ. 132 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: نا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مَعْنٍ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: §نَزَلَتْ بَنُو سَلَمَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَارِدَةَ بْنِ تَزِيدَ بْنِ جُشَمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، مَا بَيْنَ مَسْجِدِ الْقِبْلَتَيْنِ إِلَى

الْمَذَادِ فِي سَنَدِ تِلْكَ الْحَرَّةِ، وَكَانَتْ داَرَهِمُ تُسَمَّى «خُزْبَى» فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَالِحَةُ» وَلَهَا يَقُولُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ.

فَلَوْلَا ابْنَةُ الْعَبْسِيِّ لَمْ تَلْقَ نَاقَتِي ... كَلَالًا وَلَمْ تُوضِعْ إِلَى غَيْرِ مُوضَعِ فَتِلْكَ الَّتِي إِنْ تُمْسِ بِالْجُرْفِ دَارُهَا ... وَأُمْسِي بِخُزْبَى تُمْسِ ذِكْرَتُهَا مَعِي وَإِنْ كَانَ هَذَا مَضْبُوطًا، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَ اسْمَهَا تَفَاؤُلًا بِالْخَزَبِ، وَالْخَزَبُ: تَهَيُّجٌ فِي الْجِلْدِ كَهَيْئَةِ الْوَرَمِ، يُقَالُ: خَزُبَ جِلْدُهُ وَتَخَزَّبَ، إِذَا كَانَ شَبِيهًا بِالرَّهَلِ، وَقَالَ الشَّاعِرُ: هُوَ الْكُمَيْتُ: أَخْلَاقُكَ الْوُجْدُ مِنْ جُودٍ وَمَكْرُمَةٍ ... ثُرُّ الْأَحَالِيلِ لَا كُمْشٌ وَلَا خُزُبُ يُقَالُ: نَاقَةٌ مِخْزَابٌ، وَهُوَ وَرَمٌ فِي الضَّرْعِ، خَزِبَ ضَرْعُهَا، يَخْزَبُ، فَيُسَخَّنُ لَهَا الْجُبَابُ، فَيُدْهَنُ بِهِ ضَرْعُهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: إِذَا أَبْرَدْتُمْ إِلَيَّ بَرِيدًا فَاجْعَلُوهُ حَسَنَ الْوَجْهِ، حَسَنَ الِاسْمِ.

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اطْلُبُوا الْحَوَائِجَ مِنْ حِسَانِ الْوُجُوهِ» ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ:

«اطْلُبُوا الْحَوَائِجَ مِنْ حِسَانِ الْوُجُوهِ» يُرِيدُ أَنَّهُ مِنَ الْوُجُوهِ الْحِسَانِ الَّتِي لَا تُزْرِي

بِطَالِبِهَا، قَالَ: وَمَثَلُ هَذَا أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِكُمْ رِزْقٌ بِحَضِيضِ أَرْضٍ، أَوْ فِي رَأْسِ جَبَلٍ يَأْتِيهِ قَبْلَ الْمَوْتِ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَأَمَّا الْعَامَّةُ، فَإِنَّهُمْ يَأْبَوْنَ إِلَّا الْوَجْهَ الْأَوَّلَ، وَقَالَ فِيهِ شَاعِرُهُمْ: وَدَعَانِي إِلَيْكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ ... إِذْ قَالَ مُفْصِحًا إِفْصَاحًا إِنْ أَرَدْتُمْ حَوَائِجًا مِنْ أُنَاسٍ ... فَتَوَخَّوْا بِهَا الْوُجُوهَ الصِّبَاحَا فَلَعَمْرِي لَقَدْ تَخَيَّرْتُ وَجْهًا ... مَا بِهِ خَابَ مَنْ أَرَادَ نَجَاحَا وَالْخُضْرَةُ: الْبُقْعَةُ الْخَضْرَاءُ الَّتِي تَهْتَزُّ مِنَ الرِّيِّ، وَكَذَلِكَ الْبَقْلُ أَيْضًا يُسَمَّى خَضِرًا، قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ. تَعْتَادُهَا قُرَّحٌ مَلْبُونَةٌ خُلُجٌ ... يَنْفُخْنَ فِي بُرْعُمِ الْحَوْذَانِ وَالْخَضِرِ 133 - وَمِنْهُ حَدِيثُ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: نا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، قَالَ: سَمِعْتُ خَوْلَةَ

بِنْتَ قَيْسٍ، وَكَانَتْ تَحْتَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّ §هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، مَنْ أَصَابَهُ بِحَقِّهِ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَرُبَّ مُتَخَوِّضٍ فِي مَا شَاءَتْ نَفْسُهُ مِنْ مَالِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، لَيْسَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا النَّارُ»

قَوْلُهُ: «إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ» يُرِيدُ أَنَّهُ شَهِيٌ كَالْبَقْلَةِ الْخَضِرَةِ إِلَى الْمَالِ يَأْكُلُهَا، قَالَ الْعُتْبِيُّ: رَأَيْنَ الْغَوَانِي الشَّيْبَ لَاحَ بِعَارِضِي ... فَأَعْرَضْنَ عَنِّي بِالْوُجُوهِ النَّوَاضِر كَمَا صَدَّ عَنْ ذَاوِي السَّفَا أَعْيُنُ الْمَهَى ... إِلَى وَارِفٍ لُدْنٍ مِنَ النَّبْتِ زَاهِرِ

وَأَنْشَدَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، هُوَ لِتَأَبَّطَ شَرًّا: وَلَا أَسْتطِيعُ أَنْ أَكُونَ عَلَيْكُمُ ... جَنَى جَنَّةٍ رَيًّا وَلَا فَيْضَ جَدْولِ يَقُولُ: لَا أَكُونُ لَكُمْ فَاكِهَةٌ تَلْعَبُونَ بِي، وَلَكِنِّي أَحْمِي نَفْسِي. 134 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَرْوِيهِ جَابِرٌ، قَالَ: «§رُمِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ يَوْمَ الْأَحْزَابِ فَقَطَعُوا أَبْجَلَهُ، فَحَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّارِ، فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ فَتَرَكَهُ، فَنَزَفَهُ الدَّمُ فَحَسَمَهُ أَخْرَى» حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: نا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ

الْأَبْجُلَانِ: عِرْقَانِ فِي الْيَدَيْنِ، وَهُمَا عِرْقَا الْأَكْحَلَيْنِ، مِنْ لَدُنِ الْمَنْكِبِ إِلَى الْكَفِّ، وَيُقَالُ: إِنَّمَا الْأَكْحَلُ مَا بَدَا مِنْهُ فِي مَأْبِضِ الذِّرَاعِ إِلَى الْمِفْصَلِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ هُمَا الْأَبْجُلَانِ مِنَ الدَّوَابِّ، وَالْأَكْحَلَانِ مِنَ النَّاسِ. وَقَالَ فِي وَصْفِ الْفَرَسِ: عَارِي الْأَشَاجِعِ لَمْ يُبْجَلِ أَيْ لَمْ يُقْطَعْ أَبْجَلُهُ وَأَنْشَدَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، لِلْجَعْدِيِّ: ظِمَاءُ الْفُصُوصِ لِطَافُ الشَّوَى ... نِيَامُ الْأَبَاجِلِ لَمْ تُضْرَبِ أَيْ سَاكِنَةٌ لَمْ تُضْرَبْ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ: مِنْ سَفَرِ الْأَبَاجِلِ. وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى ذَهَبَ الشَّاعِرُ فِي قَوْلِهِ: وَأَحْمَرُ كَالدِّيبَاجِ أَمَّا سَمَاؤُهُ ... فَرَيَّا وَأَمَّا أَرْضُه فَمُحُولُ وَقَوْلُهُ: «نَزَفَهُ الدَّمُ» أَيْ أَدْرَكَهُ نَزْفُ الدَّمِ فَصَرَعَهُ، يُقَالُ: نَزَفَهُ الدَّمُ يَنْزِفُهُ وَيَنْزُفُهُ، وَنُزِفَ فُلَانٌ دَمَهُ وَنَزَفْتُ الْبِئْرَ أَنْزِفُهَا نَزْفًا وَأَنْزَفْتُهَا إِنْزَافًا، قَالَ الرَّاعِي: إِذَا نَحْنُ أَنْزَفْنَا الْخَوَابِيَ عَلَّنَا ... مَعَ اللَّيْلِ مَلْثُومٌ بِهِ الْقَارُ نَاتِحُ

وَيُقَالُ: أَنْزَفَ الْقَوْمُ إِذَا ذَهَبَ مَاءُ بِئْرِهِمْ، وَتَقُولُ: أَعْطِنِي نُزْفَةً مِنْ مَائِكَ أَيْ قُدْحَةٌ، وَهِيَ الْغَرْفَةُ مِنَ الْمَاءِ، قَالَ الْعَجَّاجُ: فَشَنَّ فِي الْإِبْرِيقِ مِنْهَا نُزَفَا وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: تَقَطُّعَ مَاءِ الْمُزْنِ فِي نُزَفِ الْخَمْرِ وَالنَّزِيفُ: السَّكْرَانُ وَهُوَ الْمَنْزُوفُ أَيْضًا، قَالَ الرَّاجِزُ: بَدَّاءُ تَمْشِي مِشْيَةَ النَّزِيفِ وَالْبَدَّاءُ: الْمَفْتُوحَةُ مَا بَيْنَ السَّاقَيْنِ، وَقَدْ أَنْزَفَ الْقَوْمُ، إِذَا ذَهَبَتْ عُقُولُهُمْ مِنَ الشَّرَابِ. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْخَفَّافُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نا أَبُو الْعَلَاءِ، قَالَ: يُقَالُ فِي الدَّمِ، نَزَفَهُ الدَّمُ، فَهُوَ مَنْزُوفٌ، وَأَنْزَفَ الرَّجُلُ، فَهُوَ

مُنْزَفٌ إِذَا أَذْهَبَ عَقْلَهُ الشَّرَابُ، وَأَنْشَدَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: لَعَمْرِي لَئِنْ أَنْزَفْتُمُ أَوْ صَحَوْتُمُ ... لَبِئْسَ النَّدَامَى كُنْتُمُ آلَ أَبْجَرَا وَفِي مَثَلٍ مِنَ الْأَمْثَالِ: أَجْبَنُ مِنَ الْمَنْزُوفِ ضَرِطًا. قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمَنْزُوفُ: دَابَّةٌ بَيْنَ الْكَلْبِ وَالذِّئْبِ إِذَا صِيحَ بِهَا ضَرَطَتْ، وَأَنْشَدَ: بِأَجْبَنَ فِي الْحَرْبِ مِنَ الْمَنزُوفِ إِذْ يَضْرِطْ وَقَالَ غَيْرُهُمْ: كَانَ رَجُلٌ جَبَانٌ دَفَعَتْ عَلَيْهِ الْخَيْلُ، فَلَمْ يَزَلْ يَضْرِطُ حَتَّى مَاتَ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. وَقَالَتْ بِنْتُ الْجُلَنْدِيِّ مَلِكِ عُمَانَ حَيْثُ أَلْبَسَتِ السُّلَحَفَاةَ حُلِيَّهَا، فَدَخَلَتْ فِي الْبَحْرِ فَأَقْبَلَتْ تَغْتَرِفُ مِنَ الْبَحْرِ بِكَفَّيْهَا، وَتَصُّبُهُ عَلَى السَّاحِلِ، وَهِيَ تَقُولُ: نَزَافِ نَزَافِ، لَمْ يَبْقَ فِي الْبَحِرِ غَيْرُ قَذَافِ، أَيْ غَرْفَةً، وَالْقَذْفُ بِلُغَةِ عُمَانَ غَرْفُ الْمَاءِ. 136 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي بُرْدَةٍ، قَدْ أَعَجَبْتُهُ نَفْسُهُ، فَخَسَفَ اللَّهُ بِهِ الْأَرْضِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا قُتَيْبَةُ، قَالَ: نا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

التَّجَلْجُلُ: السُّئُوخُ فِي الْأَرْضِ مَعَ الْحَرَكَةِ وَالِاضْطِرَابِ، قَالَ أَوْسُ بْنُ حُجْرٍ. يَذْكُرُ الضَّرِّيبَ الَّذِي يُجَلْجِلُ الْقِدَاحَ فِي الرَّبَابَةِ، لِيُفِيضَ بِهَا وَشَبَّهَ بِهَا خَيْلًا أُرْسِلَتْ: فَجَلْجَلَهَا طَوْرَيْنِ ثُمَّ أَجَالَهَا ... كَمَا أُرْسِلَتْ مَخْشُوبَةٌ لَمْ تُقَوَّمِ وَالْمَخْشُوبَةُ: قِدَاحٌ لَمْ تُليَّنْ مِنَ الْعَجَلَةِ، وَيُرْوَى «لَمْ تُقَرَّمِ» أَيْ لَمْ تُعَلَّمْ بِعَلَامَةٍ، وَالْقَرْمُ: الْوَسْمُ. 137 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ §حُصَيْنَ بْنَ مُشَمِّتٍ وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعَهُ بَيْعَةَ الْإِسْلَامِ، وَصَدَّقَ إِلَيْهِ مَالَهُ، وَأَقْطَعَهُ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِيَاهًا عِدَّةٌ بِالْمَرُّوتِ، مِنْهَا: أَسُنَادُ جُرَادٌ، وَمِنْهَا أُصَيْهِبُ، وَمِنْهَا الْمَاعِزَةُ، وَمِنْهَا الْهَوِيُّ، وَمِنْهَا الثّمَادُ، وَمِنْهَا السُّدَيْدَةُ، وَشَرَطَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَقْطَعَهُ أَلَّا يُبَاحَ مَاؤُهُ، وَلَا يُعْقَرَ مَرْعَاهُ.

وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ عَاصِمٍ: إنَّ بِلَادِي لَمْ تَكُنْ أَمْلَاسًا ... بِهِنَّ خَطَّ الْقَلَمُ الْأَنْقَاسَا مِنَ النَّبيِّ حَيْثُ أَعْطَى النَّاسَا ... فَلَمْ يَدَعْ لَبْسًا وَلَا الْتِبَاسَا وَقَالَ أَبُو نُخَيْلَةَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ وَبِالسَّرِيِّ وَبِالْكِتَابَيْنِ مِنَ النَّبِيِّ مِنْ حَادثٍ حَلَّ عَلَى عَادِي حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، قَالَ: نا مُحْرِزُ بْنُ وَزَرَ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ شُعَيْثِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ حُصَيْنِ بْنِ مُشَمِّتٍ، قَالَ: نا أَبِي، أَنَّ أَبَاهُ عِمْرَانَ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَاهُ شُعَيْثًا حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَاهُ عَاصِمًا حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَاهُ حُصَيْنًا حَدَّثَهُ، أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

صَدَّقَ إِلَيْهِ مَالَهُ: أَيْ خَرَّجَ إِلَيْهِ مِنْ صَدَقِتِهِ، وَيُقَالَ: لِلْآخِذِ مُصَدَّقٌ، وَلِلْمُعْطِي مُصَدِّقٌ، قَالَ الشَّاعِرُ يَذْكُرُ مُصَدِّقًا كَانَ سَاعِيًا عَلَيْهِمْ: وَدَّ الْمُصَدِّقُ مِنْ بَنِي غُبَرَ ... أَنَّ الْقَبَائِلَ كُلَّهَا غَنَمُ وَكَذَلِكَ أَيْضًا الْمُتَصَدِّقُ، يُقَالُ لِلْآخِذِ وَالْمُعْطِي، وَفِي الْقُرْآنِ: {إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ} [يوسف: 88] . 138 - وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ، قَالَ: نا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: §{وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} [ص: 34] قَالَ: شَيْطَانٌ أَخَذَ خَاتَمَ سُلَيْمَانَ الَّذِي فِيهِ مُلْكِهِ، فَأَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ، فَالْتَقَمَتْهُ سَمَكَةٌ، فَذَهَبَ مُلْكُهُ، فَخَرَجَ يَتَصَدَّقُ، فَتُصُدِّقَ عَلَيْهِ بِالسَّمَكَةِ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ مُلْكُهُ "

وَأَنْكَرَهُ أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ، قَالَ: تَقُولُ لِلرَّجُلِ: يَسْأَلُ، وَلَا تَقُولُ: يَتَصَدَّقُ، إِنَّمَا يَتَصَدَّقُ الْمُعْطِي، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ} [يوسف: 88] . وَأَمَّا قَوْلُ زُهَيْرٍ: إِنَّ بِلَادِي لَمْ تَكُنْ أَمْلَاسًا وَاحِدُهَا مَلَسٌ، وَهِيَ الْأَرْضُ الْقَفْرُ، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ مُسْتَوِيَةٌ لَا نَبَاتَ فِيهَا، يَقُولُ: فَأَرْضِي لَيْسَتْ هَكَذَا مَوَاتًا يَسْتَحِقُّهَا مَنْ أَحْيَاهَا وَعَمَّرَهَا، قَالَ الرَّاجِزُ: يَصِفُ إِجْهَاضَ النَّاقَةِ: يَطْرَحْنَ بِالدَّوِيَّةِ الْأَمْلَاسِ لِكُلِّ ذِئْبٍ قَفْرَةٍ وَلَاسِ كُلُّ جَنِينٍ لَثِقُ الْأَدْرَاسِ وَ «أَمَالِيسُ» جَمْعُ الْجَمْعِ.

139 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَذَكَرَ قَيْسًا، فَقَالَ: إِنَّمَا §قَيْسٌ بَيْضَةٌ تَفَلَّقَتْ عَنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّ قَيْسًا ضِرَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ " حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: نا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدٍ الْعَبْسِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيِّ، عَنْ غَالِبِ بْنِ الْأَبْحَرِ، قَالَ: ذَكَرْتُ قَيْسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي كَلَامٍ طَوِيلٍ

ضِرَاءُ اللَّهِ تَعَالَى: أُسْدُهُ، وَاحِدُهَا ضَارٌ وَالضِّرَاءُ وَالضَّوَارِي مَا صَادَ مِنْ سَبُعٍ أَوْ طَائِرٍ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: مُقَزَّعٌ أَطْلَسُ الْأَطْمَارِ لَيْسَ لَهُ ... إِلَّا الضِّرَاءَ وَإِلَّا صَيْدَهَا نَشَبُ وَسَمِعَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ: وَللَّهِ فُرْسَانٌ هُمُ فِي سَمَائِهِ ... مَلَائِكَةٌ حَتْفٌ عَلَى مَنْ يُنَاضِلُهْ وَفُرْسَانُهُ فِي الْأَرْضِ قَيْسٌ وَإنَّهُمْ ... لَصَاعِقَةٌ تُلْقَى عَلَى مَنْ يُنَازِلُهْ حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: الضَّوَارِي: كِلَابٌ ضَارِيَةٌ، يُقَالُ: كَلْبٌ ضَارٍ، وَكَلْبَةٌ ضَارِيَةٌ، وَكَلْبَةٌ ضِرْوَةٌ، وَقَدْ ضَرِيَ يَضْرَى ضَرَاوَةً. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ ضَرِيَتْ أَشَدَّ الضِّرَاءِ، وَالضِّرَاءُ. وَقَدْ يُقَالُ: ضَرِيتُ بِهِ

أَضْرَى بِهِ ضُرًّا وَضَرَاوَةً، وَدَرِبْتُ أَدْرَبُ دَرَبًا، ولَهِجْتُ أَلْهَجُ لَهَجًا، وَلَذِمَتْ بِهِ أَلْذَمُ لَذَمًا، وَكُلُّهُ وَاحِدٌ، وَقَدْ أَلْذَمْتُ الرَّجُلَ بِالشيء إِلْذَامًا، وَأَلْهَجْتُهُ إِلْهَاجًا، وَأَدْرَبْتُهُ بِهِ إِدْرَابًا، وَضَرَّيْتُهُ بِهِ تَضْرِيَةً. 140 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ قَالَ: §كَفَّارَةُ الْمَجْلِسِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحْمَدِكَ، أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، مَنْ قَالَهَا ثَلَاثًا فِي مَجْلِسِ ذِكْرٍ كَانَتْ كَالطَّابِعِ عَلَيْهَا، وَمَنْ قَالَهَا فِي مَجْلِسِ لَغَطٍ كَانَتْ كَفَّارَةً لَهُ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمْيَدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ يَعْقُوبُ: قَالَ الْكِسَائِيُّ: سَمِعْتُ لَغْطًا وَلَغَطًا، وَقَدْ لَغَطَ الْقَوْمُ يَلْغُطُونَ لَغْطًا، وَأَلْغَطُوا يُلْغِطُونَ إِلْغَاطًا، قَالَ الرَّاجِزُ: وَمَنْهَلٍ وَرَدْتُهُ الْتِقَاطًا ... لَمْ أَلْقَ إِذْ وَرَدْتُهُ فُرَّاطَا إِلَّا الْحَمَامَ الْوُرْقَ وَالْغَطَاطَا ... فَهُنَّ يُلْغِطْنَ بِهِ إِلْغَاطَا وَسَمِعَ الْفَرَّاءُ: لَغَطًا بِتَحْرِيكِ الْغَيْنِ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ: تَسْمَعُ لِلطَّيْرِ فِي حَافَّاتِهَا لُغَطًا ... كَأَنَّ أَصْوَاتَهَا أَصْوَاتُ حُرَّامِ 141 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُكَلِّمَ الرَّجُلَ شِرَاكُ نَعْلِهِ وَعَذَبَةُ سَوْطِهِ» . حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، قَالَ: نا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: نا أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَذَكَرَهُ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

عَذَبَةُ السَّوْطِ: طَرَفُهُ، وَقَالَ: مِثْلُ السَّرَاحِينِ فِي آذَانِهَا الْعَذَبُ يَعْنِي أَطْرَافَ السُّيُورِ قُلِّدَتِ الْكِلَابُ، وَالْعَذَبَةُ فِي اللِّسَانِ أَسَلَتُهُ، وَالْأَسَلَةُ: مَا اسْتَدَقَّ مِنْ مُقَدِّمِهِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: مَا أَرَقَّ عَذَبَةَ لِسَانِهِ، وَعَذَبَةُ شِرَاكِ النَّعْلِ: مَا أُرْسِلَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ عَذَبَةُ الْعِمَامَةِ: مَا أُرْسِلَ

مِنْهَا مِنْ وَرَاءَ وَمُقَدَّمٍ، وَبَعْضُهُمْ يُسَمِّيهَا الذُّؤَابَةُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَسَنِ: 142 - ناه مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا ابْنُ أَخِي جُوَيْرِيَةَ قَالَ: نا مَهْدِيٌّ، قَالَ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ §يَلْبَسُ عِمَامَةً سَوْدَاءَ، وَيُرْسِلُ لَهَا ذُؤَابَةً وَرَاءَهُ. وَالْجَمِيعُ الذَّوَائِبُ، وَالْقِيَاسُ الذَّآئِبُ، مِثْلُ ذُعَابَةٍ وَذَعَائِبَ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا الْتَقَتْ هَمْزَتَانِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَلَفٌ لَيِّنَةٌ، لَيَّنُوا الْأُولَى مِنْهُمَا، لِأَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَثْقِلُ الْتِقَاءَ الْهَمْزَتَيْنِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ 143 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ ذَكَرَ §مَلِكًا مِنَ الْمُلُوكِ، فَقَالَ لِغُلَامٍ آمَنَ بِاللَّهِ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى، فَبَعَثَ بِهِ مَعَ نَفَرٍ إِلَى جَبَلٍ، فَقَالَ: إِذَا بَلَغْتُمْ ذِرْوَتَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ، وَإِلَّا فَدَهْدِهُوهُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذِرْوَتَهُ، قَالَ: اللَّهُمَّ أَكْفِينَهُمْ بِمَا شِئْتَ، فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ، فَتَدَهْدَهُوا أَجْمَعُونَ، وَجَاءَ الْغُلَامُ يَتَمَلَّسُ ".

حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحُسَيْنِ، قَالَ: نا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: نا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صُهَيْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: تَمَلَّسَ فُلَانٌ مِنَ الْأَمْرِ تَمَلُّسًا إِذَا خَرَجَ مِنْهُ، وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ حِينَ قَالَ لِأُوَيْسٍ الْقَرَنِيِّ: " أَنْتَ أَخِي لَا تُفَارِقُنِي، قَالَ: فَأَمْلَسَ مِنِّي حَتَّى قَدِمَ الْكُوفَةَ " وَيُقَالُ فِي مَثَلٍ مِنَ الْأَمْثَالِ: «هَانَ عَلَى الْأَمْلَسِ مَا يَلْقَى الدَّبِرَ» ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: مَا كِدْتُ أَتَمَلَّصُ مِنْ فُلَانٍ، وَمَا كِدْتُ أَتَمَلَّزُ مِنْ فُلَانٍ، أَيْ: مَا كِدْتُ أَتَخَلَّصُ

مِنْهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ: عَلَى رَبْذِ التَّقْرِيبِ يُفْدِيهِ خَالُهُ ... وَخَالَتُهُ لَمَّا نَجَا وَهُوَ أَمْلَسُ فَنَحْنُ لِأُمِّ الْبَيْضِ وَهُوَ لأُمِّهِ ... لَئِنْ قَاظَ لَمْ يَصْبَحْنَهُ وَهِيَ شُوَّسُ «رَبْذٌ» : خَفِيفٌ سَرِيعُ إِدَارَةِ الْيَدِ، «لَمَّا نَجَا، وَهُوَ أَمْلَسُ» ، أَيْ: لَمْ تُصِبْهُ جِرَاحَةٌ، وَإِنَّمَا يَصِفُ رَجُلًا انْهَزَمَ، فَهُوَ يُفَدِّي فَرَسَهُ، لِيُجِيدَ بِهِ الْعَدُوَّ، وَيَقُولُ لَهُ: وَيهًا فَدًى لَكَ خَالِي، وَقَوْلُهُ: «فَنَحْنُ لِأُمِّ الْبَيْضِ» أَيْ نَحْنُ نَعَامٌ جُبْنًا وَلُؤْمًا، وَهُوَ إِنْسَانٌ «لَئِنْ قَاظَ» أَيْ صَارَ فِي الْقَيْظِ، وَلَمْ تَأْتِهِ الْخَيْلُ فَتُغِيرُ عَلَيْهِ، «وَهِيَ شُوَّسُ» : أَيْ مَوَائِلٌ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ النَّشَاطِ، وَيُقَالُ: إِنَّ الدَّابَّةَ إِذَا اشْتَدَّ عَدْوُهُ، فَكَأَنَّهُ يَأْخُذُ فِي أَحَدِ شِقَّيْهِ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ اللَّئِيمِ الَّذِي لَا يَنْظُرُ إِلَى صَاحِبِهِ، وَلَا يُعْطِي خَيْرًا، إِنَّمَا يَنْظُرُ فِي وَجْهِ أَمْلَسَ أَمْرَسَ، وَهُوَ الْبَخِيلُ الَّذِي لَا خَيْرَ عِنْدَهُ، وَلَا يَتَمَرَّسُ بِهِ أَحَدٌ، لِأَنَّهُ صُلْبٌ لَا يُسْتَقْبَلُ مِنْهُ شَيْءٌ. 144 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ §أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ بَيْنَا هُوَ يَتَحَدَّثُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ فِيهِ مُزَاحٌ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ وَيُضْحِكُهُمْ فَطَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَاصِرَتِهِ، فَقَالَ: أَصْبِرنِي، قَالَ: «اصْطَبِرْ» ، قَالَ: إِنَّ عَلَيْكَ قَمِيصًا، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيَّ قَمِيصٌ، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمَيصَهُ، فَاحْتَضَنَهُ، وَجَعَلَ يُقَبِّلُ كَشْحَهُ، وَقَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ". حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: نا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: نا خَالِدٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ

يُقَالُ: قَدْ أَقَادَ السُّلْطَانُ فُلَانًا، وَأَقَصَّهُ وَأَمْثَلَهُ وَأَصْبَرَهُ إِذَا قَتَلَهُ بِقَوَدٍ. وَقَوْلُهُ: «أَصْبِرْنِي» أَيْ أَقِدْنِي حَتَّى اصْطَبِرَ، وَيُقَالُ: صَبَرْتُ الرَّجُلَ فَهُوَ مَصْبُورٌ، مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي يُرْوَى «لَا يَشْهَدْنَ أَحَدُكُمْ مَنْ يُقْتَلُ صَبْرًا فَتَنَالُهُ السَّخْطَةُ» ، وَبِهِ

سُمِّيَتْ «يَمِينُ الصَّبْرِ» لِأَنَّ صَاحِبَهَا يَصْبِرُ عَلَيْهَا. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: نا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: قَالَ: ابْنُ الدُّمَيْنَةِ الْخَثْعَمِيُّ: أَمَا وَاللَّهِ ثُمَّ اللَّهِ فَرْدًا ... يَمِينَ الصَّبْرِ أُتْبِعُهَا يَمِينَا لَقَدْ نَزَلَتْ أُمَيْمَةُ مِنْ فُؤَادِي ... مَنَازِلَ مَا أُبِحْنَ وَلَا رُعِينَا وَلَكِنَّ الْخَليِلَ إِذَا جَفَانِي ... وَآثَرَ بِالْمَوَدَّةِ آخَرِينَا صَدَدْتُ تَكَرُّمًا عَنْهُ بِنَفْسٍ ... وَإِنْ كَانَ الْفُؤَادُ بِهِ ضَنِينًا 145 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِسْرَاءِ: «§ثُمَّ عَرَجَ بِي رَبِّي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوَى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ، ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ» . حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: نا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: نا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: نا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

صَرِيفُ الْأَقْلَامِ: وَقْعُهَا مَعَ صَوْتٍ يُحْدْثُ عَنْهَا، كَصَرِيفِ الْبَكَرَةِ، وَصَرِيفِ الْبَعِيرِ إِذَا حَرَقَ نَابُهُ بِالْآخِرِ، وَأَنْشَدَ: إِنَّ غُلَامًا غَرَّهُ جَرْشَبِيَّةٌ ... عَلى نَفْسِهَا مِنْ نَفْسِهِ لَضِعِيفُ مُطَلَّقةً أَوْ مَاتَ عَنْهَا حَلِيلُهَا ... يَظَلُّ لِنَابَيْهَا عَلَيْهِ صَرِيفُ يُقَالُ: جَرْشَبَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا وَلَّتْ، وَالْجُنْبُذَةُ: مَا ارْتَفَعَ مِنَ الْبِنَاءِ، قَالَ يَعْقُوبُ: هِيَ الْجُنَبْذَةُ بِالضَّمِّ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: جَنْبَذَةٌ.

وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَرْوِيهِ الشَّعْبِيُّ: " أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ بِزَوْجِهَا وَابْنِهَا قَدْ قُتِلَا، وَقَدْ شَدَّتْهُمَا عَلَى بَعِيرٍ، وَجَلَسَتْ بَيْنَهُمَا يَوْمَ أُحُدٍ، فَأَشْرَفَ النِّسَاءُ وَأَزْوَاجُ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُلْنَ: مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَتْ: الْأَمْرُ جَلَلٌ مَا بَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ مُوسَى: وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ بِمِثْلِهِ غَيْرَ أَنَّهُ، قَالَ: قَالَتِ الْمَرْأَةُ: الْأَمْرُ أَمَمٌ مَا بَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

الْجَلَلُ هَاهُنَا: الْهَيِّنُ، قَالَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ.

قُلْتُ لِلَرَّنَةِ لَمَّا أَقْبَلَتْ ... كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا عَمْرًا جَلَلْ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: لِقَتْلِ بَنِي أَسَدٍ رَبَّهُمُ ... أَلَا كُلُّ شَيْءٍ سِوَاهُ جَلَلْ وَالْجَلَلُ أَيْضًا فِي غَيْرِ هَذَا: الْأَمْرُ الْعَظِيمُ، وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ، قَالَ الْحَارِثُ بْنُ وَعْلَةَ: فَلَئِنْ عَفَوْتُ لَأَعْفُوَنَّ جَلَلًا ... وَلَئِنْ سَطَوْتُ لَأُوهِنَنْ عَظْمِي وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: يُقَالُ: هَذَا أَمْرٌ جَلَلٌ: عَظِيمٌ، وَأَمْرٌ جَلَلٌ: هَيِّنٌ، وَهَذَا مِنَ الْأَضْدَادِ، وَأَنْشَدَ لِلَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ: وَأَرَى أَرْبَدَ قَدْ فَارَقَنِي وَمِنَ الْأَرْزَاءِ رُزْءٌ ذُو جَلَلْ وَالْأَمَمُ أَيْضًا: هُوَ الشَّيْء الْمُقَارِبُ، قَالَ الْحُطَيْئَةُ:

يَا عَامِ قَدْ كُنْتَ ذَا بَاعٍ وَمَكْرُمَةٍ ... لَوْ أنَّ مَسْعَاةَ مَنْ جَارَيْتَهُ أَمَمُ جَارَيْتَ فَرْعًا أَجَادَ الْأَحوَصَانِ بِهِ ... ضَخْمَ الدَّسِيعَةِ فِي عِرْنِينِهِ شَمَمُ وَقَالَ يَعْقُوبُ: الْأَمَمُ مَا كَانَ بَيْنَ الْبَعِيدِ وَالْقَرِيبِ، يُقَالُ: لَوْ ظَلَمْتَ ظُلْمًا أَمَمًا، قَالَ زُهَيْرٌ: كَأنَّ عَينَيْ وَقَدْ سَالَ السَّلِيلُ بِهِمْ ... وَجِيرَةٌ مَا هُمُ لَوْ أنَّهُمْ أَمَمُ 147 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §الْمَدِينَةُ حَرَامٌ كَحَرَامِ مَكَّةَ، وَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيَّ الْكِتَابَ، إِنَّ عَلَى أَنْقَابِهَا لَمَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا، فَقَالُوا: إِنَّا أَصْحَابُ عَمَلٍ وَنضْحٍ، وَإِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَنْتَابَ أَرْضَنَا، فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي الْقَامَتَيْنِ وَالْوِسَادَةَ وَالْعَارِضَةَ وَالْمَسَدَ وَالْأَشْنَانَ، فَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ، فَلَا يُخْبَطُ وَلَا يُعْضَدُ "، قَالَ جَابِرٌ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ الْمَدِينَةَ بُرَيْدًا يَمِينًا وَشِمَالًا ".

حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعَابِدِيُّ، قَالَ: نا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: نا مُحَمَّدٌ، عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ، عَنْ مُبَشِّرِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَامَةُ: هِيَ الْبَكَرَةُ، قَالَ الرَّاجِزُ: لَمَّا رَأَيْتُ أنَّهُ لَا قَامَهْ وَأَنَّهُ النَّزْعُ عَلَى السَّآمَهْ نَزَعْتُ نَزْعًا زَعْزَعَ الدِّعَامَهْ وَجِمَاعُهَا الْقِيَمُ: قَالَ آخَرُ: يَا رُبَّ يَوْمٍ حَرُّهُ مِثْلُ الضَّرَمْ مُلْتَبِسُ الْأَوْرَادِ صَرَّافُ الْقِيَمْ دَافَعْتُ عِنْدَ شِرْبِهَا فَلَمْ تُضَمْ مُجْتَنَحًا بَيْنَ السُّقَاةِ وَالدِّعَمْ صَرَّافٌ: يُرِيدُ الْبَكَرَةَ.

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُريِدُ دَافَعْتُ أَنَا عِنْدَ شِرْبِهَا، فَلَمْ تُضَمِ الْإِبِلُ. وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، وَأَنْشَدَ: §مَنْ لَا يَضَعْ بِالرَّمْلَةِ الْمَعَاوِلَا يَلْقَى مِنَ الْقَامَةِ مَثْلًا مَاثِلَا وَإِنْ تَشَكَّى الْأَيْنَ وَالتَّلَاتِلَا يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَحْفُرْ فِي الرَّمْلِ يَلْقَ شِدَّةً مِنَ الْحَفْرِ فِي الْجَلَدِ، مَثْلًا مَاثِلًا، أَيْ جَهْدًا جَاهِدًا، «وَالتَّلَاتِلُ» : الشَّدَائِدُ، وَقَالُوا: هَذِهِ دِعْمَةٌ، وَجَمْعُهَا الدِّعَمُ، وَدِعَامَةٌ وَدَعَائِمُ، وَهِيَ الْخَشَبَاتُ أُصُولُهُنَّ فِي الْأَرْضِ وَأَعَالِيهِنَّ عَلَيْهَا الْبَكَرَةُ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ طِينٍ أَوْ حِجَارَةٍ فَهِيَ الزَّرَانِيقُ، وَاحِدُهَا زُرْنُوقٌ. . «وَالْعَارِضَةُ» : الْخَشَبَةُ الْمُعْتَرِضَةُ عَلَى الْبِئْرِ، يُقَالُ لَهَا: النَّعَامَةُ ثُمَّ تُعَلَّقُ الْقَامَةُ وَهِيَ الْبَكَرَةُ مِنَ النَّعَامَةِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْقَامَةُ أَيْضًا هِيَ الْعَلَقُ، وَجَمْعُهَا الْأَعْلَاقُ، وَقَالَ لَنَا الْهَجَرِيُّ: الْعَلَقُ مَا عُلِقَ عَلَى الْبِئْرِ مِنْ أَدَوَاتِهَا نَحْوَ الْبَكَرَةِ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: الْعَلَقُ: الْبَكَرَةُ وَأَدَاتُهَا، يُقَالُ: أَعِرْنِي عَلَقَ بِئْرِكَ 148 - وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: نا الزُّبَيْرُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَكَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ذَكْوَانَ، قَالَ: §كَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ تُجْرِي

فِي الدِّيوَانِ رِزْقًا عَلَى مَنْ يَقُومُ عَلَى حَوْضِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بِالْعَقِيقِ فِي مَصْلَحَتِهِ فِيهَا، وَمَا يَصْلُحُ مِنْ عَلَقِهَا وَدِلَائِهَا، وَقَالَ الرَّاجِزُ: قَعْقَعَةَ الْمِحْوَرِ خُطَّافَ الْعَلَقْ «وَالْمَسَدُ» : الْحَبْلُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا الْمُنَافِي بْنُ الْمَنِيعِ بْنِ الْأَكْسَبِ بْنِ الْمُجَشَّرِ مِنْ بَنِي قَطَنٍ: §يَا رَبَّ عَبْسٍ لَا تُبَارِكْ فِي أَحَدْ فِي قَائِمٍ مِنْهُمْ وَلَا فِي مَنْ قَعَدْ غَيْرَ الَّذِي قَامُوا بِأَطْرَافِ الْمَسَدْ يَعْنِي رِجَالًا سَقَوْا عَلَى ظُهُورِهِمْ، وَمَدُّوا بِالْحِبَالِ فَاسْتَقَوْا 149 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: نا الزُّبَيْرُ، قَالَ: نا مُحَمَّدٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §حَرَّمَ شَجَرَ الْمَدِينَةِ بُرَيْدًا فِي بُرَيْدٍ مِنْهَا، وَأَذِنَ فِي الْمَسَدِ وَالْمِنْجَدَةِ وَمَتَاعِ النَّاضِحِ أَنْ يُقْطَعَ.

وَالْمِنْجَدَةُ: عَصَا النَّاضِحِ 150 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى الثَّبْرَةِ الَّتِي عَلَى الطَّرِيقِ حَذْوَ الْبُوَيْرَةِ، فَقَالَ: إِنَّ §خَيْرًا مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ فِي هَذِهِ الدُّورِ، وَأَشَارَ إِلَى دَارِ بَنِي سَالِمٍ وَدَارِ بَنِي بَلْحُبَلَى وَدَارِ بِلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ ". حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: نا الزُّبَيْرُ: قَالَ: نا مُحَمَّدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ

إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْجَهْمِ الثَّبْرَةُ: أَرْضٌ حِجَارَتُهَا كَحِجَارَةِ الْحَرَّةِ إِلَّا أَنَّهَا بِيضٌ، وَيَقُولُ الْقَائِلُ: انْتَهَيْتُ إِلَى ثَبْرَةِ كَذَا يُرِيدُ إِلَى حَرَّةِ كَذَا، وَبِهَا سُمِّيَتْ ثَبْرَةُ، وَهِيَ مَوْضِعٌ، قَالَ النَّابِغَةُ: بِمُصْطَحِبَاتٍ مِنْ لَصَافٍ وَثَبْرةٍ ... يَزُرْنَ أَلَالًا سَيْرُهُنَّ التَّدَافُعُ

151 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ قَالَ: «§خِيَارُكُمْ أَلْيَنُكُمْ مَنَاكِبَ فِي الصَّلَاةِ» . حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرُّزِّيُّ، قَالَ: نا عَاصِمُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: نا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَوْلُهُ: «أَلْيَنُكُمْ مَنَاكِبَ فِي الصَّلَاةِ» يُريِدُ أَشَدُّكُمْ تَوَاضُعًا وَأَقَلُّكُمُ الْتِفَاتًا وَأَسْكَنُكُمْ حَرَكَةً، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَسْتَعِيرُ الْمَنْكِبَ وَالْجَانِبَ أَحْيَانًا فِي الشِّدَّةِ وَاللِّينِ، قَالَ الشَّاعِرُ: وَبِالْمِصْرِ طِبٌّ إِنْ أَرَادُوا دَوَاءَهُ ... وَبِالشَّامِ لَيْثٌ تَقْشَعرُّ مَنَاكِبُهُ وَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ: أَلْقَى سِهَامَهُمُ الْكِتَابُ فَحَاوَلُوا ... أَنْ يَشْرَعُوا فِيهِ بِغَيْرِ سِهَامِ فَدَعُوا الزِّحَامَ لِمْعشَرٍ عَادَاتُهُمْ ... حَطْمُ الْمَنَاكِبِ عِنْدَ كُلِّ زِحَامِ وَكَذَلِكَ أَيْضًا يَسْتَعِيرُونَ الْكَاهِلَ، وَأَنْشَدَ:

هُمُ مَنْكِبُ الدَّهْرِ الَّذِي يُتَّقَى بِهِ ... وَكَاهِلُهُ إِنْ كَانَ لِلدَّهْرِ كَاهِلُ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: يُقَالُ: فُلَانٌ شَدِيدُ الْكَاهِلِ إِذَا كَانَ مَنِيعَ الْجَانِبِ، وَمِمَّا قِيلَ فِي الْجَانِبِ، قَوْلُ الشَّاعِرِ: رَأَيْتُ رِبَاطًا حِينَ تَمَّ شَبَابُهُ ... وَوَلَّى. شَبَابِي لَيْسَ فِي بِرِّهِ عَتْبُ إِذَا كَانَ أَوْلَادُ الرِّجَالِ حَزَازَةً ... فَأَنْتَ الْحَلَالُ الْحُلوُ وَالْبَارِدُ الْعَذْبُ لَنَا جَانِبٌ مِنْهُ أَنِيقٌ وَجَانِبٌ ... شَدِيدٌ عَلَى الْأَعْدَاءِ مَتْلَفُهُ صَعْبُ وتَأْخُذُهُ عِنْدَ الْمَكَارِمِ هِزَّةٌ ... كَمَا اهْتَزَّ تَحْتَ الْبَارِحِ الْغُصُنُ الرَّطْبُ 152 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §أَحَلَّ اللَّهُ مِنَ النِّسَاءِ ثَلَاثًا: نِكَاحٌ بِمُوَارَثَةٍ، وَنِكَاحٌ بِغَيْرِ مُوَارَثَةٍ، وَمِلْكُ يَمِينٍ ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا أَبُو مُوسَى، قَالَ: سَمِعْتُ حُسَيْنَ بْنَ زَيْدٍ، يَقُولُ: نا ابْنُ جُرَيْجٍ بِمَكَّةَ فِي دَارِ الْعَجَلَةِ وَجَعْفَرٌ حَاضِرٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ

عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَلَمْ يُنْكِرْهُ جَعْفَرٌ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ

هُوَ الصَّادِقُ قَالَ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، نِكَاحٌ بِغَيْرِ مُوَارَثَةٍ، الْمُسْلِمُ يَتَزَوَّجُ الذِّمِّيَّةَ. 153 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَنْ كَانَ يَبِيعُ الطَّعَامَ، وَلَيْسَ لَهُ تِجَارَةٌ غَيْرُهُ، فَهُوَ خَاطِئٌ، أَوْ طَاغٍ، أَوْ بَاغٍ، أَوْ زَاغٍ» . أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسَرَّةَ، قَالَ: نا الرِّيَاشِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَاهَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الْخَاطِئُ: الْآثِمُ: يُقَالُ: قَدْ خَطِئْتُ أَخْطَأُ خِطْئًا إِذَا أَثِمْتَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْأً كَبِيرًا} [الإسراء: 31] ، وَقَالَ: {إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} [يوسف: 97] ، أَيْ آثِمِينَ، وَتَقُولُ: «لَأَنْ تُخْطِئَ فِي الطَّرِيقِ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ تَخْطَأَ فِي الدِّينِ» ، وَتَقُولُ مِنَ الْخَطِيئَةِ: مَكَانٌ مَخْطُوءٌ

فِيهِ، وَمِنَ الْخَطَأِ: مَكَانٌ مُخْطَأٌ فِيهِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ: أَخْطَأَ وَخَطِئَ لُغَتَانِ، وَأَنْشَدَ: يَا لَهْفَ نَفْسِي إِذَا خَطِئْنَ كَاهِلًا أَيْ إِذَا أَخْطَأْنَ كَاهِلًا، وَتَقُولُ فِي مِثْلِ: «مَعَ الْخَوَاطِئِ سَهْمٌ صَائِبٌ» يُضْرَبُ لِلَّذِي يُكْثِرُ الْخَطَأَ، وَيَأْتِي أَحْيَانًا بِالصَّوَابِ. قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ إِنْ أَخْطَأْتَ فَخَطِّئِنِي وَإِنْ أَسَأْتُ فَسَوِّئْ عَلَيَّ، أَيْ: قُلْ لِي قَدْ أَسَأْتَ. وَقَالَ غَيْرُهُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: صَوْبُكَ أَكْثَرُ مِنْ خَطَائِكَ، وَأَنْشَدَ: ذَرِينِي إِنَّمَا خَطَئِي وَصَوْبِي ... عَلَيَّ وَإِنَّ مَا أَهْلَكْتُ مَالِ يَقُولُ: إِنَّمَا أَتْلَفْتُ مَالًا، وَلَمْ أُتْلِفْ عِرْضًا، وَلَا دِينًا، وَلَا رَزَيْتُ بِهِ شَقِيقًا، وَحَمِيمًا يُريِدُ مِثْلَ قَوْلِ دُرَيْدٍ: أَعَاذِلَ إِنَّ الرُّزْءَ فِي مِثْلِ خَالِدٍ ... وَلَا رُزْءَ فِي مَا أَهْلَكَ الْمَرْءُ بِالْيَدِ وَأَنْشَدَ أَبُو زَيْدٍ: وَخَصْمٍ قَدْ دَفَعْتُ الضَّيْمَ عَنْهُ ... تَمَنَّى فِي مُنَاهُ لِيَ السِّمَامَا وَلَوْ أَنِّي أَمُوتُ أَصَابَ ذُلًا ... وَسَامَتْهُ عَشِيرَتُهُ الظُّلَامَا

وَقَوْلُهُ: «أَوْزَاغٍ» فَهَذَا مِنَ الْمَقْلُوبِ، تَقُولُ: زَائِغُ وَزَاغٍ كَمَا تَقُولُ: شَاكُ السِّلَاحِ وَشَائِكٌ. وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ الزُّبَيْرُ، قَالَ: قَالَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ، يَوْمَ أُحُدٍ: الْقَوْمُ أَعْلَمُ لَوْلَا مُقْدَمَيْ فَرَسِي ... إِذْ جَالَتِ الْخَيْلُ بَيْنَ الْجِزْعِ وَالْقَاعِ مَا زَالَ مِنَّا بَجَنْبِ الْجَرِّ مِنْ أُحُدٍ ... أَفْلَاقُ هَامٍ تُرِقَّى أَمْرُهَا شَاعِ وَفَارِسٌ قَدْ أَصَابَ السَّيْفُ مَفْرِقَهُ ... أَفْلَاقُ هَامَتِهِ كَقَرْوَةِ الرَّاعِ قَالَ الزُّبَيْرُ قَوْلَهُ: «شَاعٍ» يُرِيدُ شَائِعًا: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ} [التوبة: 109] مَعَنَاهُ هَائِرٌ. وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْعَاصِي الْمَخْزُومِيُّ: الْقَلْبُ تَاقٍ إِلَيْكُمْ كَيْ يُلَاقِيكُمْ ... كَمَا يَتُوقُ إِلَى مَنْجَاتِهِ الْغَرِقُ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: «تَاقٍ» تَائِقٌ. وَقَوْلُهُ: «كَقَرْوَةِ الرَّاعِي» : الْقَرْوَةُ: قَدَحٌ صَغِيرٌ يَتَّخِذُهُ الرَّاعِي. وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: قَالَ ذُو الْخِرَقِ الطُّهَوِيُّ، وَاسْمُهُ قُرْطُ بْنُ شُرَيْحِ بْنِ شُنَيْفِ بْنِ أَبَانِ بْنِ دَارِمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ، يَصِفُ الذِّئْبَ: §فَلَوْ أَنِّي رَمَيْتُكَ مِنْ قَرِيبٍ ... لَعَاقَكَ عَنْ دُعَاءِ الذِّئْبِ عَاقِ وَلَكِنِّي رَمَيْتُكَ مِنْ بَعِيدٍ ... فَلَمْ أَفْعَلْ وَقَدْ أَوْهَنْتُ سَاقِي عَلَيْكَ الشَّاءَ شَاءَ بَنِي تَمِيمٍ ... فَعَافِقْهُ فَإِنَّكَ ذُو عِفَاقِ وَالْمُعَافَقَةُ: مِثْلُ الْمُغَافَصَةِ

154 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَيَعْقِلَنَّ الدِّينُ مِنَ الْحِجَازِ مَعْقِلَ الْأُرْوِيَّةِ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ» . حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ: قَالَ: نا الزُّبَيْرُ، قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ

قَوْلُهُ: «ليَعْقِلَنَّ» يَعْنِي أَنَّ الْحِجَازَ يَكُونُ لَهُ مَعْقِلًا يَلْجَأُ إِلَيْهِ، وَحِصْنًا يَمْتَنِعُ فِيهِ، وَالْعَاقِلُ مِنَ الْأُرْوِيِّ مَا تَحَصَّنَ فِي مَعَاقِلِ الْجِبَالِ، قَالَ النَّابِغَةُ: وَقَدْ خِفْتُ حَتَّى مَا تَزِيدُ مَخَافَتِي ... عَلَى وَعِلٍ فِي ذِي الْمَطَارَةِ عَاقِلِ وَإِيَّاهُ عَنِّي أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ، بِقَوْلِهِ: وَمَا يَبْقَى عَلَى الْحَدَثَانِ غُفْرٌ ... بِشَاهِقَةٍ لَهُ أُمٌ رَءُومُ تَبِيتُ اللَّيْلَ حَانِيَةً عَلَيْهِ ... كَمَا يَخْرَمِّسُ الْإِرْخُ الْأَطُومُ تُصَدَّيْ كُلَّمَا طَلَعَتْ لِنَشْزٍ ... وَوَدَّتْ أَنَّهَا مِنْهُ عَقِيمُ وَالْغُفْرُ: وَلَدُ الْوَعْلِ، وَالْإِرْخُ: وَلَدُ الْبَقَرَةِ، وَيَخْرَمِّسُ: يَصْمُتُ، وَالْأُطُومُ: الضَّامُّ بَيْنَ شَفَتَيْهِ، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: إِذَا تَكَلَّمَ اخْرَمِّسْ أَيْ: اسْكُتْ، وَكَذَلِكَ أَيْطِمْ أَيْ ضُمَّ بَيْنَ شَفَتَيْكَ، قَالَ: وَالتَّصَدِّي: الصَّفِيرُ، وَكَذَلِكَ الْوَعْلُ إِذَا فَزِعَ صَفَّرَ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: 35] . الْمُكَاءُ: الصَّفِيرُ، وَالتَّصْدِيَةُ: التَّصْفِيقُ، وَالْمُتَصَدِّي، الْمُتَشَوِّفُ الْمُنْتَصِبُ، وَيُقَالُ لِلْحَصِينِ: الْمَعْقِلُ وَالْعَقْلُ وَجَمْعُهُ الْعُقُولُ: قَالَ الشَّاعِرُ: وَقَدْ أَعْدَدْتُ لِلْحَدَثَانِ حِصْنًا ... لَوْ أَنَّ الْمَرْءَ تَنْفَعُهُ الْعُقُولُ طَوِيلَ الرَّأْسِ أَبَيْضَ مُشْمَخِرًا ... يَلُوحُ كَأَنَّهُ سَيْفٌ صَقِيلُ وَهَذَا الْحَدِيثُ شَبِيهٌ بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ. 155 - أَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: نا الزُّبَيْرُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُلَيْحٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى

يُحَازَ الْإِيمَانُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا يَحُوزُ السَّيْلُ الدِّمْنَةَ» وَالدِّمْنَةُ: مَا دَمَّنَهُ النَّاسُ وَسَوَّدُوا مِنَ الدِّيَارِ وَالْآثَارِ، وَدِمْنَةُ السَّيْلِ: مَا أَقْبَلَ بِهِ مِنَ الْغُثَاءِ.

وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ فِي قَوْلِ زُفَرَ بْنِ الْحَارِثِ: فَقَدْ يَنْبُتُ الْمَرْعَى عَلَى دِمْنِ الثَّرَى ... وَتَبْقَى حَزَازَاتُ النُّفُوسِ كَمَا هِيَا يَقُولُ: إِنَّ الثَّرَى يُعْطِي الدِّمْنَةَ مِنَ الْبَعْرِ، فَيَنْبُتُ النَّبْتُ فِي الثَّرَى، فَتَرَاهُ يَهْتَزُّ فِيهِ، وَتَحْتَهُ الدِّمْنُ وَالْفَسَادُ، يَقُولُ: فَكَذَلِكَ تَبْقَى حَزَازَاتُ النُّفُوسِ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ ظَهَرَ غَيْرُهُ. قَالَ: وَمِثْلُهُ: الْبَسْ رَفِيقَكَ فِي رِفْقٍ وَفِي دَعَةٍ ... لِبَاسَ ذِي إِرْبَةٍ لِلدَّهْرِ لَبَّاسِ وَلَا تَغُرَّنْكَ أَضْغَانٌ مُزَمَّلَةٌ ... قَدْ يُضْرَبُ الدَّبِرُ الدَّامِي بِأَحْلَاسِ يَقُولُ: يُغَطِّي بِالْحِلْسِ، فَالظَّاهِرُ حَسَنٌ، وَبَاطِنُهَا فَسَادٌ، وَقَالَ الْآخَرُ: وَفِينَا وَإِنْ قُلْنَا اصْطَلَحْنَا تَضَاغُنٌ ... كَمَا طَرَّ أَوْبَارُ الْجِرَابِ عَلَى النَّشْرِ إذَا مَا رَآنِي ظَلَّ كَاسِرَ عَيْنِهِ ... وَلَا جِنَّ بِالْبَغْضَاءِ وَالنَّظَرِ الشَّزْرِ 156 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ قِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ، وَهِيَ بِئْرٌ يُطْرَحُ فِيهَا الْمَحِيضُ، وَلَحْمُ الْكِلَابِ وَالنَّتْنُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» إِنَّ §الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْء ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا الْعَوْفِيُّ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ مِنْ وَلَدِ عَطِيَّةَ

الْعَوْفِيِّ قَالَ: نا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، حَدَّثَهُ أَنّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مِقْدَارِ مَا يُنَجَّسُ مِنَ الْمَاءِ، وَمَا لَا يُنَجَّسُ حَتَّى خَلُصَا إِلَى بِئْرِ بُضَاعَةَ لِلْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ فِيهَا لِيَعْتَبِرُوا بِهَا. قَالَ مُوسَى حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ شُعَيْبٍ الْبَزَّازُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ مَنْصُورَ بْنَ سَلَمَةَ الْخُزَاعِيَّ، وَسَأَلَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، عَنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ: كَمْ سَعَتُهَا؟ فَوَصَفَ نَحْوًا مِنْ هَذِهِ الْآبَارِ الَّتِي تُحْفَرُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ أَوْسَعِهَا.

قَالَ مُوسَى وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانيُّ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ قُتَيْبَةَ بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ قَيِّمَ بِئْرِ بُضَاعَةَ عَنْ عُمْقِهَا، قُلْتُ: مَا أَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِيهَا مِنَ الْمَاءِ؟ قَالَ: إِلَى الْعَانَةِ، قُلْتُ: فَإِذَا نَقُصَ مَاؤُهَا؟ قَالَ: دُونَ الْعَوْرَةِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: قَدَّرْتُ أَنَا بِئْرَ بُضَاعَةَ بِرِدَائِي مَدَدْتُهُ عَلَيْهَا ثُمَّ ذَرَّعْتُهُ، فَإِذَا عَرُضُهَا سِتَّةُ أَذْرُعٍ، وَسَأَلْتُ الَّذِي فَتَحَ لِي بَابَ الْبُسْتَانِ، هَلْ غُيَّرَ بِنَاؤُهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ لَا. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَأَيْتُ فِيهَا مَاءً مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ جِدًّا. وَبُضَاعَةُ هَذِهِ فِي دُورِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَلَهَا يَقُولُ أَبُو أُسَيْدِ بْنُ رَبِيعَةَ السَّاعِدِيُّ: نَحْنُ حَمَيْنَا عَنْ بُضَاعَةَ كُلَّهَا ... وَنَحْنُ بَنَيْنَا مُعْرِضًا فَهْوَ مُشْرِفُ

فَأَصْبَحَ مَعْمُورًا طَوِيلًا قَذَالُهُ ... وَتَخْرُبُ آطَامٌ بِهَا وَتُقَصَّفُ 158 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ كَانَ §فِي كِتَابِهِ لِأَهْلِ نَجْرَانَ لَا يُحَرِّكُ رَهْبَانِيًّا عَنْ رَهْبَانِيَتِهِ، وَلَا وَافِهَ عَنْ وَفَاهِيَتِهِ، وَلَا أَسْقُفَ عَنْ سِقَافَتِهِ، وَلَا يُحَشَّرُوا وَلَا يُعَشَّرُوا» . يُرْوَى عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِيَنَارٍ

الْوَافِهُ: الْقَيِّمُ الَّذِي يَقُومُ عَلَى بَيْتِ النَّصَارَى الَّذِي فِيهِ صَلِيبُهُمْ، وَهَذَا مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ. 159 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ» . حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: نا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ، وَيَقُولُ: اسْتَوُوا وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفُ قُلُوبُكُمْ "

قَوْلُهُ: «يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا» أَيْ يُعَدِّلُهَا وَيُسَوِّيَهَا، وَمِنْهُ قِيلَ: رَجُلٌ مَمْسُوحُ الْوَجْهِ، وَمَسِيحٌ، وَذَلِكَ أَلَّا يَبْقَى عَلَى أَحَدِ شِقَّيْ وَجْهِهِ عَيْنٌ وَلَا حَاجِبٌ إِلَّا اسْتَوَى، وَيُقَالُ: إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، وَالْأَمْسَحُ مِنَ الْمَفَاوِزِ كَالْأَمْلَسِ، وَالْجَمْعُ: الْأَمَاسِحُ. 160 - وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: نا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: نا طَلْحَةُ بْنُ مُصَرًّفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَانَ §يَأْتِينَا إِذَا قُمْنَا إِلَى الصَّلَاةِ، فَيَمْسَحُ صُدُورَنَا وَيَدْعُو فِينَا، وَيَقُولُ: لَا تَخْتَلِفْ صُدُورُكُمْ، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، وَيَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ "

وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ تَحَوَّلَ عَنْ قُبَاءَ» ، قَالَ أَهْلُ الْأَسْرَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَعْجَبَنَا أَنْ نَتَحَوَّلَ إِلَيْكَ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، أَنَّهُ قَالَ: الْأَسْرَارُ: الْقُرَى الَّتِي حَوْلَ الْمَدِينَةِ 162 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ §قُبِضَ وَلَهُ بُرْدَتَانِ تُعْمَلَانِ فِي الْحَفِّ، وَلَمْ يُفْرَغْ مِنْهُمَا بَعْدُ» أَخْبَرَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ حَسَنِ بْنِ حَسَنٍ، عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ حُسَيْنٍ،

حَفُّ الْحَائِكِ: خَشَبَتُهُ الْعَرِيضَةُ الَّتِي يُنَسِّقُ بِهَا اللّحْمَةَ بَيْنَ السُّدَى 163 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: نا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَصْمَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: جَازَ الْفَرَزْدَقُ بِعِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ، فَقَالَ: إِلَيَّ

يَا أَبَا فِرَاسٍ تَسْمَعُ شِعْرَ بَعْضِ صِبْيَانِنَا، ثُمَّ دَعَا صَبِيًّا لَهُ مِنَ الْكُتَّابِ لَهُ سِتُّ سِنِينَ، فَقَالَ: أَنْشِدْ عَمَّكَ بَعْضَ مَا قُلْتَهُ، فَأَنْشَدَهُ الصَّبِيُّ: §وَهُمُ إِذَا كَسَرُوا الْجُفُونَ أَكَارِمٌ ... صُبُرٌ وَحِينَ تُحَلَّلُ الْأَزْرَارُ يَغْشَوْنَ حَوْمَاتِ الْحِيَاضِ وَإِنَّهَا ... فِي اللَّهِ عِنْدَ نُفُوسِهِمْ لَصِغَارُ يَمْشُونَ فِي الْخَطِّيِّ لَا يَثْنِيهِمُ ... وَالْقَوْمُ إِذْ رَكِبُوا الرِّمَاحَ تِجَارُ فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ لِلصَّبِيِّ: اسْكُتْ وَيْلَكَ لَا يَسْمَعُكَ الْحَوَّاكُونَ فَيَخْرُجُوا عَلَيْنَا مَعَكُمْ بِحُفُوفِهِمْ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: الْحُفُوفُ وَاحِدُهَا حَفٌّ: وَهُوَ الْمِنْسَجُ، وَجَمْعُهُ الْمَنَاسِجُ، وَهُوَ الَّذِي يُنْسَجُ بِهِ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الْحَفَّةُ، الْقَصَبَاتُ الثَّلَاثُ، يُقَالُ «مَا أَنْتَ بِلَحْمَةٍ وَلَا سَتَاةٍ، وَمَا أَنْتَ بِنِيرَةٍ، وَلَا حَفَّةٍ» ، فَالنِّيرَةُ: الْخَشَبَةُ الْمُعْتَرِضَةُ، وَالسَّتَاةُ: هِيَ السَّدَاةُ، وَسُدًى مَقْصُورٌ يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ لَا يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ 164 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّ §رَجُلًا أُحَيْبِنَ أُحَيْدِبَ أُفَيْدِعَ أُزَيْمِنَ مُقْعَدًا، فَذَكَرَ مِنْ مَرَضِهِ، كَانَ عِنْدَ جِرَارِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَأَنَّهُ ظَهَرَ بِامْرَأَةٍ حَبَلٌ، فَسُئِلَتْ،

فَقَالَتْ: هُوَ مِنْ فُلَانٍ الْمُقْعَدِ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَأَقَرَّ بِالزِّنَى، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضُرِبَ بِإِثْكَالِ النَّخْلِ، وَقَالَ آخَرُ: بِأَثْكُولِ النَّخْلِ يَعْنِي الشَّمَارِيخَ مِنْ أَجْلِ ضَعْفِهِ وَضُرِّهِ " حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا أَبُو الزِّنَادِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حَنِيفٍ

الْأُحَيْبِنُ: تَصْغِيرُ الْأَحْبَنِ، وَهُوَ الَّذِي بِهِ السَّقْيُ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَالَ الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ مِنْهُ: سَقَى بَطْنهُ يَسْقِي سَقْيًا، وَقَالَ يَعْقُوبُ: أَيْضًا: مِثْلُهُ سَقَى بَطْنهُ يَسْقِي إِذَا اسْتَسْقَى، وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: الِاسْمُ السِّقَى، وَقَدِ اسْتَسْقَى بَطْنهُ اسْتِسْقَاءً. 165 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: نا عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، قَالَ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: §تَجَشَّأُ رَجُلٌ فِي مَجْلِسٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: هَلْ دَعَوْتَ لِهَذَا الطَّعَامِ الَّذِي تَجشَّأْتَ مِنْهُ أَحَدًا؟ قَالَ: لَا قَالَ: فَجَعَلَهُ اللَّهُ حِبْنًا وَقُرَادًا. وَالْقُرَادُ: وَجَعٌ فِي الْبَطْنِ. وَأَمَّا الْحِبْنُ: بِالْكَسْرِ فَنَحْوُ الدُّمَّلِ وَالْخُرَّاجِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِدَمِ الْحُبُونِ بَأْسًا. وَالْفَدَعُ: زَيْغُ الْقَدَمِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي

166 - حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سَلْمٍ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابِطٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى حَبَشِيٍّ أَفْدَعَ مَعَهُ مِعْوَلٌ يَنْزِعُ حِلِيَّةَ بَيْتِكُمْ هَذَا»

وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: §إِذَا زَاغَتِ الْقَدَمُ مِنْ أَصْلِهَا مِنَ الْكَعْبِ وَطَرَفِ السَّاقِ فَذَلِكَ الْفَدَعُ، يُقَالُ: رَجُلٌ أَفْدَعُ، وَامْرَأَةٌ فَدْعَاءُ، وَإِذَا أَقْبَلَتِ الْقَدَمُ كُلُّهَا عَلَى الْقَدَمِ الْأُخْرَى، فَذَلِكَ الْقَعْوَلَةُ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: وَأَنْشَدَنِيُّ خَلَفٌ الْأَحْمَرُ: إِمَّا تَرَيْنِي فِي الْوَقَارِ وَالْعَلَهْ قَارَبْتُ أَمْشِي الْقَعْوَلَى وَالْفَنْجَلَهْ يُقَالُ: الْعُلَةُ: الْخِفَّةُ، يُقَالُ: عَلَهَتْ نَفْسِي إِلَى كَذَا وَكَذَا أَيْ خَفَّتْ، وَيُقَالُ: مَرَّ يَمْشِي مُقَعْوَلًا إِذَا مَرَّ يَمْشِي تِلْكَ الْمِشْيَةَ، وَرَجُلٌ مُقَعْوَلٌ، فَإِذَا تَبَاعَدَ مَا بَيْنَ السَّاقَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، فَتِلْكَ الْفَنْجُلَةُ، يُقَالُ: مَرَّ مُفَنْجِلًا، فَنْجَلَةً شَدِيدَةً، وَإِذَا كَانَتِ الْقَدَمُ إِذَا مَشَى الرَّجُلُ حَنَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، فَهُوَ مُقَعْثِلٌ، وَالْمِشْيَةُ الْقَعْثَلَةُ، وَهِيَ النَّقْثَلَةُ، قَالَ: وَأَنْشَدَ الْأَصْمَعِيُّ:

وَتَارَةً أَنْبِثُ نَبْثًا نَقْثَلَهُ فَإِذَا مَشَى الرَّجُلُ فَظَلَعَ، وَمَشَى مِشْيَةَ الضَّبُعِ، فَهِيَ الْهَنْبَلَةُ، وَرَجُلٌ مُهَنْبِلٌ، قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: أَنْشَدَنِي بَعْضُ الْأَعْرَابِ: مِثْلَ الضِّبَاعِ إِذَا رَاحَتْ مُهَنْبِلَةً فَإِذَا ظَلَعَ ظَلْعًا خَفِيفًا قِيلَ: مَرَّ مُخَزْعِلًا، وَأَنْشَدَ الْأَصْمَعِيُّ لِبَعْضِ الرُّجَّازِ: وَرِجْلِ سَوْءٍ مِنْ ضِعَافِ الْأَرْجُلِ مَتَى أُرِدْ مَشْيًا بِهَا تُخَزْعِلِ وَقَالَ حَكِيمُ بْنُ مَعِيَّةَ فِي الْفَدَعِ: يَتْبَعُهَا تِرْعِيَّةٌ فِيهِ خَضَعْ ... فِي كَعْبِهِ زَيْغٌ وَفِي الرُّسْغِ فَدَعْ يُقَالُ: " تِرْعِيَّةٌ وَتِرْعَايَةٌ إِذَا كَانَ حَسَنَ الْقِيَامِ عَلَى الْمَالِ، وَالْخَضْعُ: تَطَامُنٌ فِي الرِّجْلِ، وَدُنُوُّ الرَّأْسِ إِلَى الْأَرْضِ، يُقَالُ: رَجُلٌ أَخْضَعُ وَامْرَأَةٌ خَضْعَاءُ. وَقَوْلُهُ: «عِنْدَ جِرَارِ سَعْدٍ» يَعْنِي عِنْدَ سِقَايَتِهِ الَّتِي جَعَلَهَا لِلْمُسْلِمِينَ. 167 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا حَوْثَرَةُ بْنُ أَشْرَسَ، قَالَ: نا سُوَيْدٌ أَبُو حَاتِمٍ، صَاحِبُ الطَّعَامِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا سَأَلَ الْحَسَنَ عَنِ الْمَاءِ الَّذِي يَتَصَدَّقُ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، فَقَالَ الْحَسَنُ: «§شَرِبَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مِنْ سِقَايَةِ أُمِّ سَعْدٍ، فَمَهْ؟»

وَيُقَالُ: أُثْكُولٌ وَإِثْكَالٌ وَعُثْكُولٌ وَعِثْكَالٌ كَمَا يُقَالُ: عِنْقَادٌ وَعُنْقُودٌ. 168 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَذَكَرَ الْجَنَّةَ، فقال: «§طُولُ الْعِنْقَادِ اثْنَا عَشَرَ ذِرَاعًا» فَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: فَعَجِلْتُ، فَقُلْتُ لِأَبِي عُبَيْدَةَ: مَنْ حَدَّثَكَ، أَوْ مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَكْذِبْ، حَدَّثَنِيهِ مَسْرُوقٌ

وَقَالَ فِي حَدِيثِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّ هِنْدًا قَالَتْ لَهُ: لَقَدْ أَمْسَيْتُ وَمَا مِنْ أَهْلِ خِبَاءٍ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُذِلَّهُمُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، فَقَدْ أَصْبَحْتُ وَمَا مِنْ أَهْلِ خِبَاءٍ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُعِزَّهُمُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: وَأَيْضًا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ". مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ سَيُلْبِسَكِ مِنَ الْإِيمَانِ مَا تَصِيرِينَ بِهِ إِلَى أَعْلَى مِنْ هَذِهِ الدَّرَجَةِ، وَتَرْجِعِينَ فِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ وَأَكْثَرَ مِنْهَا. قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ فَعَلَ ذَلِكَ أَيْضًا، وَهُوَ مَصْدَرُ آضَ يَئِيضُ أَيْضًا، إِذَا رَجَعَ، وَإِذَا قَالَ: فَعَلْتُ ذَلِكَ أَيْضًا، قُلْتُ: قَدْ أَكْثَرْتَ مِنْ أَيْضٍ، وَدَعْنِي مِنْ أَيْضٍ. كَمَلَ حَدِيثُ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَتْلُوهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

حديث أبي بكر رضي الله عنه

حديث أبي بكر رضي الله عنه 170 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ خَرَجَ مُهَاجِرًا قِبَلَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ، لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ ابْنُ الدُّغُنَّةِ، فَقَالَ: §أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: أَخْرَجَنِي قَوْمٌ، فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الْأَرْضِ، وَأَعْبُدَ رَبِّي، فَقَالَ ابْنُ الدُّعُنَّةِ: فَإِنَّ مِثْلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ إِنَّكَ تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتُقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، فَأَنَا لَكَ جَارٌ، فَارْجِعْ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

وَقَوْلُهُ: «تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ» يَقُولُ: مَا يَعْدِمُهُ غَيْرُهُ، وَيُعْجِزُهُ عَنْهُ يُصِيبُهُ هُوَ وَيَكْسِبُهُ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ أَعْرَابِيٌّ فِي إِنْسَانٍ وَصَفَهُ: دَعُوهُ فَإِنَّهُ أَكْسَبُكُمْ لِمَعْدُومٍ، وَأَعَطَاكُمْ لِمَحْرُومٍ، وَأَنْشَدَ فِي وَصْفِ ذِئْبٍ: تَرَاهُ سَمِينًا مَاشَتَا وَكأَنَّهُ ... حَمِيٌّ إِذَا مَا صَافَ أَوْ هُوَ أَهْزَلُ كَسُوبٌ لَهُ الْمَعْدُومُ مِنْ كَسْبِ وَاحِدٍ ... مُحَالِفُهُ الْإِقْتَارُ مَا يَتمَوَّلُ قَوْلُهُ: «مِنْ كَسْبِ وَاحِدٍ» أَيْ مِمَّا يَكْسَبُهُ وَحْدَهُ لَمْ يُعِنْهُ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ، وَقَوْلُهُ: «مُحَالِفُهُ الْإِقْتَارُ» وَذَلِكَ إِذَا صَافَ، قَالَ: وُكُلُّ السِّبَاعِ تَهْزَلُ فِي الصَّيْفِ حَتَّى السَّنَانِيرُ فِي الْبُيُوتِ، وَ «حَمِيٌّ» أَيْ يَحْمِي، وَوَصْفُهُ بِالسَّمِنِ فِي الشَّتَاءِ، لِأَنَّهُ يَأْكُلُ مِنَ الْأَشْلَاءِ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: عَدِمْتُ زَيْدًا وَعَدِمَنِي عَدُوِّي، فَلَمْ يَجِدْنِي، وَتَقُولُ: مَهْمَا أَعْدَمَنِي مِنْ شَيْءٍ، فَلَا يُعْدِمُنِي سَيْفٌ صَارِمٌ، قَالَ لَبِيدٌ: وَلَقَدْ أَغْدُو وَمَا يُعْدِمُنِي ... صَاحِبٌ غَيْرُ طَوِيلِ الْمُحْتَبَلْ يَعْنِي بِالصَّاحِبِ فَرَسًا، وَالْمُحْتَبَلُ: مَوْضِعُ الْحَبْلِ فَوْقَ الْعُرْقُوبِ، وَطُولُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَيْبٌ، وَتَقُولُ: لَا فَقَدْتُكَ، وَلَا عَدِمْتُكَ، وَلَا أَفْقَدَنِيكَ اللَّهُ، وَلَا أَعْدَمَنِيكَ، وَأَعَدَمَ الرَّجُلُ: إِذَا افْتَقَرَ، فَصَارَ مُعْدِمًا، وَيُقَالُ: الْفَقْرُ وَالْعُدْمُ وَالْعُدُمُ وَالْعَدَمُ وَالْإِعْدَامُ.

171 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّهُ كَانَ يَخْضِبُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ حَتَّى يَقْنَأَ شَعْرُهُ» . حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا شَيْبَانُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، قَالَ: نا مَكْحُولٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «§لَمْ يَبْلُغْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الشَّيْبِ مَا يَخْضِبُهُ، وَلَكِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ كَانَ يَخْضِبُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ حَتَّى يَقْنُأَ شَعْرُهُ»

هَكَذَا قَالَ مُوسَى فِي الْحَدِيثِ: وَإِنَّمَا عَرَبِيَّتُهُ «يَقْنَأُ» ، وَالْقُنُوءُ: شِدَّةُ حُمْرَةٍ إِلَى سَوَادٍ يُقَالُ: أَحْمَرُ قَانِئٌ، وَمَنْ قَالَ خِضَابٌ أَقْنَأُ فَقَدْ أَخْطَأَ، وَلَكِنْ لِحْيَةً قَانِئَةً، وَقَالَ سَاجِعُ الْعَرَبِ: «إِذَا طَلَعَتِ النَّثْرَةُ قَنَأَتِ الْبُسْرَةُ» ، يُرِيدُ اشْتَدَّتْ حُمْرَتُهَا حَتَّى تَكَادَ تَسْوَدُّ. وَأَنْشَدَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ لِلْمُخَبَّلِ السَّعْدِيِّ " §ومَا خِفْتُ حَتَّى بَيَّنَ الشِّرْبُ وَالْأَذَى ... بِقَانِئَةٍ أَنِّي مِنَ الْحِيَّ أَبِينُ فَقَالَ: هَذَا شَرِيبٌ لِقَوْمٍ، يَقُولُ: لَمْ يَزَالُوا يَمْنَعُونَنِي الشُّرْبَ حَتَّى احْمَرَّتِ الشَّمْسُ فَقَنَأَتْ تَقْنَأُ 172 - وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: نا مِسْكِينٌ وَهُوَ ابْنُ بَكِيرٍ، قَالَ: نا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: نا ابْنُ عُبَيْدٍ حَاجِبُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ وَسَّاجٍ، قَالَ: نا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: §قَدِمَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ أَسَنَّ أَصْحَابِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَغَلَّفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ حَتَّى قَنَأَ لَوْنُهَا، قَالَ: فَلَقِيتُهُ مِنَ الْغَدِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، حَتَّى قَنَأَ لَوْنُهَا سَوَادًا، فَقَالَ: لَمْ أَقُلْ سَوَادًا

وَقَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: حَنَّأْتُ لِحْيَتِي بِالْحِنَّاءِ، وَقَدْ قَنَّأْتُ لِحْيَتِي بِالْخِضَابِ، وَقَدْ قَنَأَتْ، إِذَا اشْتَدَّتْ حُمْرَتُهَا. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ: عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ فِي قَوْلِ أَبِي ذُؤَيْبٍ: §مُتَفَلِّقٌ أَنْسَاؤُهَا عَنْ قَانِئٍ ... كَالْقُرْطِ صَاوٍ غُبْرُهُ لَا يُرْضَعُ إِنَّهُ لَا يُرِيدُ ضَرْعَهَا، وَقَالَ: إِذَا يَبَسَ الضَّرْعُ احْمَرَّ وَاسْوَدَّ كَمَا يَقْنَأُ الْخِضَابُ، قَالَ: «وَالْقَانِئُ» : الْأَحْمَرُ يَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ، فَأَرَادَ أَنَّهَا ذَاوِيَةُ الضَّرْعِ لَمْ تَحْمِلْ زَمَانًا، وَ «الصَّاوِي» : الضَّامِرُ الذَّاوِي

173 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ السَّقِيفَةِ: «إِنَّهُ §لَيْسَ أَحَدٌ أَكْثَرَ أَوْشَاجَ أَرْحَامٍ فِي الْعَرَبِ مِنَّا، نَحْنُ الْأُمَرَاءُ، وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ، وَالْأَمْرُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ نِصْفَانِ كَقَدِّ الْأُبْلُمَةِ» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: نا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

وَهَذَا اللَّفْظُ أَيْضًا قَدْ يُرْوَى لِغَيْرِ أَبِي بَكْرٍ: 174 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّ الْحُبَابَ بْنَ الْمُنْذِرِ، قَالَ يَوْمَ السَّقِيفَةِ «§الْأَمْرُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ كَقَدِّ الْأُبلُمَةِ» . قَوْلُهُ: «أَوْشَاجَ أَرْحَامٍ» فَإِنَّ الْوَشِيجَةَ شُبْكَةُ الرَّحِمِ، يُقَالُ: وَشَجَتِ الْعُرُوقُ وَالْأَغْصَانُ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَشْتَبِكُ فَهُوَ وَاشِجٌ وَقَدْ وَشَجَ يَشِجُ وَشِيجًا 175 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْزَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ حَمْزَةَ بْنِ

عُتْبَةَ اللَّهَبِيِّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ آلِ أَبِي لَهَبٍ، قَالَ: لَمَّا قَالَ الطُّرَيْحُ الثَّقَفِيُّ فِي أَبِي جَعْفَرٍ: §أَنْتَ ابْنُ مُسْلَنْطِحِ الْبِطَاحِ وَلَمْ ... تُطْرِقْ عَلَيْكَ الْحُنِيُّ وَالْوَلَجُ سَقْيًا لِفَرْعَيْكَ مِنْ هُنَا وَهُنَا ... سَقْيًا لِأَعْرَاقِكَ الَّتِي تَشِجُ لَوْ قُلتَ لِلسَّيلِ دَعْ طَرِيقَكَ ... وَالْمَوْجُ عَلَيْهِ كَالْهَضْبِ يَعْتَلجُ لَسَاخَ أَوْكَادَ أَوْ لَكَانَ لَهُ ... فِي سَائِرِ الْأَرْضِ عَنْكَ مُنْعَرَجُ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْخَلِيفَةُ: بَلَغَنِي أَنَّهُ يَتَأَلَّهُ، وَهُوَ يَقُولُ: " لَوْ قُلْتَ لِلسَّيْلِ دَعْ طَرِيقَكَ:، فَبَلَغَ ذَلِكَ الطُّرَيْحَ، فَقَالَ: اللَّهُ يَعْلَمُ لَقَدْ قُلْتُهَا، وَأَنَا أَرْفَعُ يَدَيْ إِلَى السَّمَاءِ

أَقُولُ يَا رَبِّ لَوْ قُلْتَ لِلسَّيْلِ. وَالْوَشِيجُ: مِنَ الْقَنَا وَالْقَصَبِ مَا نَبَتَ فِي الْأَرْضِ مُعْتَرِضًا مُلْتَفًّا بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ، وَهُوَ مِنَ الْقَنَا أَصْلَبُهُ، وَالْمَوَاشِجُ: الْأَمْرُ الْمُدَاخِلُ، وَيُقَالُ: قَدْ وَشَجَتْ فِي قَلْبِهِ هُمُومٌ 176 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: نا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَمْرٍو الَّذِي يُعْرَفُ بِالْعَرَجِيِّ لِهِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ: §عَبْدُ شَمْسٍ أَبُوكَ وَهْوَ أَبُونَا ... لَا نُنَادِيكَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدِ وَالْقَرَابَاتُ بَيْنَنَا وَاشِجَاتٌ ... مُحْكَمَاتُ الْقُوَى بِعَقْرٍ شَدِيدِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يُقَالُ الْمَالُ بَيْنَنَا شِقُّ الْأُبْلُمَةِ، وَالْأَبْلُمَةَ أَيْضًا، وَهِيَ الْخُوصَةُ خُوصَةُ الْمُقْلِ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: هِيَ الْإِبْلَمَةُ بِكَسْرِ الْأَلِفِ، وَفَتْحِ اللَّامِ، وَذَكَرَ يَعْقُوبُ: الْإِبْلِمَةُ بِكَسْرِهِمَا، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: قَاسَمْتُهُ الْمَالَ شِقَّ التَّمْرَةِ، وَشِقَّ الشَّعْرَةِ، قَالَ الرَّاجِزُ:

خَوْدٌ تُريِكَ الْجَسَدَ الْمُنَعَّمَا ... كَمَا رَأَيْتَ الْكَثَرَ الْمُبَلَّمَا وَالْكَثَرُ: جُمَّارُ النَّخْلِ، وَالْمُبَلَّمُ: الَّذِي يُجْعَلُ حَوْلَهُ الْخُوصُ. وَيُرْوَى هَذَا الْبَيْتُ، وَهُوَ بَيْتٌ مُوَلَّدٌ، زَعِمَ ذَلِكَ أَبُو زَيْدٍ، وَالْأَصْمَعِيُّ: أَتَوْنَا زَائِرِينَ فَلَمْ يَئُوبُوا ... بِأُبْلُمَةٍ تُشَدُّ عَلَى وَزِيمِ وَالْوَزِيمُ: حِزْمَةُ الْبَقْلِ. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ، أَنَّهُ قَالَ: إِنْ شِئْتُمْ وَاللَّهِ فَرَرَنَاهَا جَذَعَةً يُرِيدُ فَرَرَنَا الْحَرْبَ فَأَضْمَرَ لِغَيْرِ مَذْكُورٍ، قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ فِي الْأَمْرِ إِذَا عَاوَدَهُ مِنَ الرَّأْسِ أَوْ مِنْ رَأْسٍ فُرَّ الدَّهْرُ جَذَعًا، وَأَنْشَدَ: وَمَا أَزَالُ عَلَى أَرْجَاءِ مَهْلكَةٍ ... يُسَائِلُ الْمَعْشَرُ الْأعَدَاءَ مَا صَنَعَا وَمَا رَمَيْتُ عَلَى خَصْمٍ بِفَاقِرَةٍ ... إِلَّا رُمِيتُ بِخَصْمٍ فُرَّ لِي جَذَعًا مَا سُدَّ مِنْ مَطْلَعٍ ضَاقَتْ ثَنِيَّتُهُ ... إِلَّا وَجَدْتُ سَوَاءَ الضِّيقِ مُطَّلَعَا وَقَالَ غَيْرُ أَبِي زَيْدٍ: وَالدَّهْرُ يُسَمَّى جَذَعًا لِأَنَّهُ جَدِيدٌ أَبَدًا، وَأَنْشَدَ: يَا بِشْرُ لَوْ لَمْ أَكُنْ مِنْكُمْ بِمَنْزِلَةٍ ... أَلْقَى عَلَيَّ يَدَيْهِ الْأَزْلَمُ الْجَذَعُ وَكَانَ بَعْضُهُمْ، يَقُولُ: «الْأَزْلَمُ الْجَذَعُ» فِي هَذَا الْبَيْتِ الْأَسَدُ، وَهَذَا الْقَوْلُ خَطَأٌ، إِنَّمَا هُوَ الدَّهْرُ، يَقُولُ: لَوْلَا أَنْتُمْ لَأَهْلَكَنِي الدَّهْرُ.

177 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ عَائِشَةَ ذَكَرَتْهُ، فَقَالَتْ «كَانَ رَجُلًا مُطَارًا» . حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: نا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ أَبُو أَحْمَدَ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: " §دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَعِنْدَهَا جَارِيتَانِ لَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ تُغَنِّيَانِ وَتَضْرِبَانِ بِدُفَّيْنِ لَهُمَا، فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: أَمْسِكَا فَتَنَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سَرِيرٍ فِي الْبَيْتِ فَاضْطَجَعَ عَلَيْهِ، ثُمَّ تَسَجَّى بِثَوْبِهِ، قَالَتْ: فَأَخَذَتَا، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَيُحِلَنَّ الْيَوْمَ الْغِنَاءَ أَوْ لِيُحَرِمَنَّهُ، فَأَشَرْتُ إِلَيْهِمَا أَنْ خُذَا، قَالَتْ: فَأَخَذَتَا، فَوَاللَّهِ مَا نَشِبَ ذَلِكَ أَنْ دَخَلَ عَلَيَّ أَبِي أَبُو بَكْرٍ فِي بَيْتِي فَدَخَلَ، وَكَانَ رَجُلًا مُطَارًا، وَهُوَ يَقُولُ: أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: فَكَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَأْسِهِ، وَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدٌ، وَهَذَا عِيدُنَا»

قَوْلُهَا: «كَانَ رَجُلًا مُطَارًا» : تُرِيدُ حَدِيدَ النَّفْسِ، سَرِيعَ الْغَضَبِ، يُقَالُ: فَرَسٌ مُطَارٌ، وَهُوَ الْحَدِيدُ الْفُؤَادِ الْمَاضِي كَأَنَّهُ مُرَوَّعٌ، يُقَالُ: فِي الرَّجُلِ طَيْرَةٌ مِنْ غَضَبٍ 178 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا عَمْرٌو، قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ، أَنَّ أَبَا مُوسَى كَتَبَ إِلَى عُمَرَ فِي §رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: «إِنْ كَانَ ضَارِيًا بِقَتْلِ النَّاسِ فَاقْتُلْهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ إِنَّمَا هِيَ طَيْرَةٌ مِنْهُ، فَأَغْرِمْهُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ» وَقَالَ الشَّاعِرُ: يَذْكُرُ ثَوْرًا أَجَاءَتْهُ الْكِلَابُ فَكَرَّ عَلَيْهَا: كَرَّتْ بِهِ طَيْرَةٌ مِنْهُ وَمَحْمِيَّةٌ ... هَوْجَاءُ شَارَكَ فِيهَا الْجُرْأَةَ الْبَعَلُ

وَمِنْهُ حَدِيثُ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ، وَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ فَنَمَاهُ ذُو الْعُيَيْنَتَيْنِ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِنِّي أَرَاكَ شَابًّا فَصِيحَ اللِّسَانِ، فَسِيحَ الصَّدْرِ، وَقَدْ تَكُونُ فِي الرَّجُلِ عَشَرَةُ أَخْلَاقٍ تِسْعَةٌ مِنْهَا صَالِحَةٌ، وَخُلُقٌ سَيِّئٌ فَيُفْسِدُ الصَّالِحَةَ الْخُلُقُ السَّيِّئُ. فَاتَّقِ طَيَرَاتِ الشَّبَابِ. ذُو الْعُيَيْنَتَيْنِ: هُوَ الَّذِي يَتَجَسَّسُ الْأَخْبَارَ، وَيَرْفَعُهَا إِلَى الْأُمَرَاءِ. 179 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ جَلَسَ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، يَا بُنَيَّةُ، وَاللَّهِ إِنَّ §أَحَبَّ النَّاسِ إِلَى غِنًى بَعْدِي لأَنْتِ، وَإِنَّ أَعزَّ النَّاسِ عَلِيَّ فَقْرًا بَعْدِي لِأَنْتِ، وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِي، فَوَدَدْتُ وَاللَّهِ أَنَّكِ حُزْتِيهِ وَحَدَّدْتِيهِ، وَلَكِنَّهُ إِنَّهُ الْيَوْمَ مَالُ الْوَارِثِ، وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ لَوْ كَانَ لِي مَا بَيْنَ كَذَا وَكَذَا لَرَدَدْتُهُ ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا قُتَيْبَةُ، قَالَ: نا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ

قَوْلُهُ: «جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا» : يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ يُصْرَمُ مِنْهَا، وَيَجُوزُ هَذَا كَمَا يُقَالُ: مَالُ فُلَانٍ عِشْرِينَ وَسْقًا، يَعْنُونَ أَنَّ ذَلِكَ يُغْتَلُّ مِنْهَا. وَقَالَ الزِّيَادِيُّ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ: أَرْضُ بَنِي فُلَانٌ جَادُّ مِائَةِ وَسْقٍ أَيْ تَحْمِلُ مِائَةَ وَسْقٍ، وَيُجَدُّ ذَلِكَ مِنْهَا. وَالْجِدَادُ: الصِّرَامُ، يُقَالُ: أَتَانَا بِتَمْرٍ جَدِيدٍ أَيْ مَصْرُومٍ، وَقَوْلُهُ: «حَدَّدْتِيهِ

وَحُزْتِيهِ» : اتَّفَقَتِ الرُّوَاةُ عَلَى إِيجَابِ الْيَاءِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَهِيَ لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ: وَيُدْخِلُونَ الْأَلِفَ فِي كَافِ الْمُذَكَّرِ تَوْكِيدًا، فَيَقُولُونَ: أَعْطَيْتُكَاهَ، يُرِيدُونَ: أَعْطَيْتُكَهُ، ذَكَرَ ذَلِكَ يُونُسُ، وَالْمُؤَنَّثُ أَعْطَيْتُكِيهِ، وَكَانَ أَبُو حَاتِمٍ يَنْكِرُ هَذَا أَجْمَعَ وَيَدْفَعُهُ. 180 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ عَائِشَةَ ذَكَرَتْهُ، فَقَالَتْ: «كَانَ §إِذَا ادْلَهَمَّ اللَّيْلُ سَالَتْ دُمُوعُهُ عَلَى خَدَّيْهِ، وَأَتْعَبَ أَطْرَافَهُ، وَأَرْطَبَ أَصْغَرَيْهِ، وَاضْطَرَبَ فَكَّاهُ، وَحَادَثَ الْوَحْيَ عَنْ رَبِّهِ، وَكَانَ، وَاللَّهِ، إِذَا أَتَاهُ الْخُصُومُ جَرَّدَ الْحَقَّ تَجْرِيدًا، ثُمَّ لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَلَقَدْ مَضَى حِبِّي، وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ» . حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، قَالَ: قَالَ النُّعْمَانُ أَبُو الْمُفَضَّلِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مِنْقَرٍ: قَالَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ لِعَائِشَةَ: أَلَا تُخْبِرِينَنِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِّيقِ، فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَفَلَا سَأَلْتِ عَنْهُ أَبَاكَ، فَإِنَّهُ كَانَ بِهِ خَبِيرًا، وَلَقَدْ عَلِمَ أَبُوكَ أَنَّ أَبِي كَانَ إِذَا ادْلَهَمَّ اللَّيْلُ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ.

«ادْلهَمَّ اللَّيْلُ» : أَدْجَى، وَكَثُفَ سَوَادُهُ، «وَأَرْطَبَ أَصْغَرَيْهِ» : يُرِيدُ قَلْبَهُ وَلِسَانَهُ 181 - وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ أَصْبَغَ بْنِ الْفَرَجِ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: نا أَبِي، قَالَ: ذَكَرَ لِي أَبُو سُلَيْمَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ ضَمْرَةَ بْنَ ضَمْرَةَ الضَّبِّيَّ

كَانَ دَمِيمًا قَصِيرًا، وَكَانَ يُغِيرُ عَلَى مَسَالِحِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، فَأُتِيَ بِهِ إِلَيْهِ أَسِيرًا، فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ النُّعْمَانُ حَيْثُ نَظَرَ إِلَيْهِ: «تَسْمَعُ بِالْمُعِيدِيِّ لَا أَنْ تَرَاهُ» ، فَصَارَتْ مَثَلًا، فَقَالَ لَهُ ضَمْرَةُ: §مَهْلًا أَيُّهَا الْمَلِكُ، فَإِنَّمَا الْمَرْءُ بِأَصْغَرَيْهِ قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ، إِنْ نَطَقَ نَطَقَ بِبَيَانٍ، وَإِنْ قَاتَلَ قَاتَلَ بِجَنَانٍ، قَالَ للَّهِ دَرُّكَ يَا ابْنَ ضَمْرَةَ 182 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو مُوسَى عِيسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ لِخَالِدِ بْنِ صَفْوَانَ: §وَمَا الْمَرْءُ إِلَّا الْأَصَغَرَانِ لِسَانُهُ ... وَمَعْقُولُهُ وَالْجِسْمُ خَلْقٌ مُصوَّرُ فَإِنْ طُرَّةً رَاقَتْكَ فَاخْبِرْ فَرُبَّمَا ... أَمَرَّ مَذَاقُ الْعُودِ وَالْعُودُ أَخْضَرُ وَمَا الزَّيْنُ فِي بَادٍ تَرَاهُ وَإِنَّمَا ... يَزِينُ الْفَتَى مَخْبُوءُهُ حِينَ يُخْبِرُ

183 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِيسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: نا ابْنُ عَائِشَةَ، عَنْ أَشْيَاخِهِ، قَالَ: كَانَ فَتًى يُجَالِسُ الْأَحْنَفَ وَيُطِيلُ الصَّمْتَ، فَكَثُرَ ذَلِكَ مِنْهُ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ خَلَا الْمَجْلِسُ، فَقَالَ لَهُ الْأَحْنَفُ: يَا ابْنَ أَخِي، انْبَسِطْ فِي الْكَلَامِ، وَتَحَدَّثْ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَمُّ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا سَقَطَ مِنْ هَذِهِ الشُّرُفَاتِ يُرِيدُ شُرُفَاتِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِالْبَصْرَةِ أَكَانَ يَضُرُّهُ سُقُوطُهُ شَيْئًا، قَالَ الْأَحْنَفُ: يَا ابْنَ أَخِي، §لَوَدَدْتُ أَنِّي تَرَكْتُكَ سَاكِتًا كَمَا كُنْتَ وَلَمْ أَكْشِفْكَ، ثُمَّ أَنْشَدَ لِلْأَعَوَّرِ الشَّنِّيِّ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ: لِسَانُ الْفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فَؤَادُهُ ... فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا صُورَةُ اللَّحْمِ وَالدَّمِ وَكَائِنْ تَرَى مِنْ صَامِتٍ لَكَ مُعْجِبٍ ... زِيَادَتُهُ أَوْ نَقْصُهُ فِي التَّكَلُّمِ وَقَوْلُ عَائِشَةَ: «أَرْطَبَ أَصْغَرَيْهِ» تُرِيدُ أَنَّهُ يَتْلُو الْقُرْآنَ بِلِسَانِهِ فَيَلِينُ لَهُ قَلْبُهُ، وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ فِي كَلَامٍ فَلِسَانُهُ رَطْبٌ، وَمِنْهُ حَدِيثُ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «أَفْضَلُ

الْأَعْمَالِ أَلَا يَزَالُ فُوكَ رَطْبًا بِذِكْرِ اللَّهِ» . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: أَخَذْتُ سُورَةَ الْمُرْسَلَاتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفُوهُ رَطْبٌ بِهَا 184 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، " إِنَّ عَائِشَةَ دَخَلَتْ عَلَيْهِ، فَرَأَتْ بِهِ الْمَوْتَ، فَقَالَتْ: §هِيجَ هِيجَ: مَنْ لَا يَزَالُ مُقْنِعًا، فَإِنَّهُ مَرَّةً مَدْفُوقٌ ". قَالَ: لَا تَقُولِينَ ذَاكَ، وَلَكِنْ قُولِي: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق: 19] . حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا الْعَبَّاسُ، وَهُوَ ابْنُ الْوَلِيدِ، النَّرْسِيُّ، قَالَ: نا

هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي غَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ: «مَنْ لَا يَزَالُ دَمْعُهُ مُقْنِعًا» وَيُقَالُ: أَقْنَعَ الرَّجُلُ

رَأْسَهُ إِذَا رَفَعَهُ، وَكَأَنَّهُ مُمِيلٌ لَهُ مُقْبِلٌ بِهِ عَلَى شَيْءٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} [إبراهيم: 43] ، وَالرَّجُلُ يُقْنِعُ الْإِنَاءَ لِلْمَاءِ الَّذِي يَسِيلُ مِنْ سَفْحٍ أَوْ حَدُورٍ، قَالَ الرَّاجِزُ: يُقِنعُ لِلْجدْوَلِ مِنْهَا جَدْوَلًا شَبَّهَ فَاهًا بِالْجَدْوَلِ تَسْتَقْبِلُ بِهِ جَدْوَلًا إِذَا شَرِبْتَ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ مُزَرِّدٌ: إِذَا مَسَّ خِرْشَاءَ الثُّمَالَةِ أَنْفُهُ ... ثَنَى مِشْفَرَيْهِ لِلصَّرِيحِ فَأَقْنَعَا «الْخِرْشَاءُ» : جِلْدُ الْحَيَّةِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مُنْتَفِخٍ رَقِيقٍ فِيهِ خُرُوقٌ، فَشَبَّهَ هَذَا مَا يَرْتَفِعُ مِنَ الرُّغْوَةِ بِالْخِرْشَاءِ، فَيَقُولُ: هَذَا حَاذِقٌ بِالشَّرَابِ إِذَا خَشِنَتْ عَلَيْهِ الرُّغْوَةُ، ثَنَى مِشْفَرَيْهِ لِلصَّرِيحِ وَتَرَكَ الْخَشِنَ، يَصِفُ ضَيْفًا جَيِّدَ الشُّرْبِ يَهْجُوهُ، وَ «الثُّمَالَةُ» الرُّغْوَةُ ". قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ أَقْنَعَ يُقْنِعُ إِقْنَاعًا إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ. وَقَالَ جُبَيْهَاءُ يَهْجُو ضَيْفًا: فَأَقْنَعَ كَفَّيْهِ وَأَجْنَحَ صَدْرَهُ ... بِجَرْعٍ كَأَثْبَاجٍ الزَّبَابِ الزَّنَابِرِ

أَقْنَعَ: رَفَعَ رَأْسَهُ وَ «أَجْنَحَ» : أَمَالَ، وَالْأَثْبَاجُ: الْأَوْسَاطُ وَ «الزَّبَابُ» فَارُ الْقُفِّ الْوَاحِدَةُ زَبَابَةٌ، وَ «الزَّنَابِرُ» : الْعِظَامُ مِنْهُ وَالْوَاحِدَةُ زُنْبُورٌ. 185 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مِسْعَرٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفْلَةَ يَقُولُ لِغُلَامٍ لَهُ: يَا جُلْجُلُ، اقْتُلْ، فَقَدْ «§أَمَرَنَا عُمَرُ أَنْ نَقْتُلَ الزُّنْبُورَ، وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ»

وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْفَأْرِ، فَيَكَونُ مِثْلَ الْحَدِيثِ الَّذِي يُرْوَى عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالْفَأْرَةِ وَالْغُرَابِ مَنْ كَانَ مُحْرِمًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الذُّبَابِ، وَأَنْشَدَ أَبُو حَاتِمٍ لِلْمُتَلمِّسِ:

فَهَذَا أَوَانُ الْعِرْضِ حَيًّا ذُبَابُهُ ... زَنَابِيرُهُ وَالْأَزْرَقُ الْمُتَلَمِّسُ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الزَّنَابِيرُ: الذُّبَابُ، لِأَنَّ النَّحْلَ يُقَالُ لَهَا ذُبَابُ الْعَسَلِ. وَيُرْوَى فِي الْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «الذُّبَابُ كُلُّهُ فِي النَّارِ إِلَّا ذُبَابَةَ الْعَسَلِ» .

وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْإِقْنَاعَ أَيْضًا يَكُونُ إِمَالَةً، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ أَقْنَعَتِ الْإِبِلُ

وَالْغَنَمُ لِلْمَرْتَعِ إِذَا مَالَتْ إِلَيْهِ، وَمِنَ الْإِقْنَاعِ مَا أَنْشَدَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، لِأَبِي حَيَّةَ الْأَعْيُونِيِّ، يَذْكُرُ نَاقَةً: تَدُرُّ لِلْعُصْفُورِ لَوْ مَرَاهَا بِمُقْنَعٍ ضَاقَ بِهِ حَقْوَاهَا تَمَلَأُ مَسْكَ الْفِيلِ لَوْ أَتَاهَا قَالَ: الْمُقْنَعُ: الضَّرْعُ الْمُرْتَفِعُ. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رِضْوَانُ اللَّهُ عَلَيْهِ تَمَثَّلَ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ أَمْرٍ عُرِضَ لَهُ، وَكَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَكْرَهُهُ. 186 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: §كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَتَأَوَّلُوا شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ عِنْدَمَا يَعْرِضُ مِنْ أَمْرِ الدَّنْيَا، قِيلَ لِهُشَيْمٍ، مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى} [طه: 40] ، قَالَ: نَعَمْ.

وَأَبُو بَكْرٍ أَوْلَى بِالْقُدْوَةِ مِنْهُ مَعَ أَنَّ فِيهِ حَدِيثًا عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 187 - حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا نَصْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَرْوَانَ الْمُؤَدِّبُ، وَكَانَ ثِقَةً، قَالَ: نا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: نا أَبِي، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ أَبَاهُ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «§أَلَا تُصَلُّونَ» ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قُلْتُ لَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا ثُمَّ سَمِعْتُهُ، وَهُوَ يَضْرِبُ فَخِذَهُ، وَيَقُولُ: {وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا} [الكهف: 54]

وَقَالَ جَرِيرٌ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي مِثْلِ مَا أَنْكَرَهُ هُشَيْمٌ:

زَانَ الْخِلَافَةَ إِذْ كَانَتْ لَهُ قَدَرًا ... كَمَا أَتى رَبَّهُ مُوسَى عَلَى قَدَرِ وَ «الْمَدْفُوقُ» : الْمَصْبُوبُ يُقَالُ: دَفَقَ الْمَاءُ يَدْفُقُ دَفْقًا وَدُفُوقًا إِذَا انْصَبَّ بِمَرَّةٍ، وَيُقَالُ فِي الطَّيْرَةِ عِنْدَ انْصِبَابِ الْكُوزِ وَنَحْوِهِ، دَافِقُ خَيْرٍ، وَأَنْشَدَ: صَبَا فُؤَادُكَ مِنْ طَيْفٍ أَلَمَّ بِهِ ... حَتَّى تَرَقْرَقْ مَاءُ الْعَيْنِ فَانْدَفَقَا وَقَوْلُهَا: «هَيْجِ هَيْجِ» وَيُقَالُ: هِيجِ هِيجِ، وَهُوَ حِكَايَةٌ لِصَوْتِ بُكَائِهَا، وَيُقَالُ: هَجْهَجَ الرَّجُلُ إِذَا صَاحَ بِالْأَسَدِ وَجَهْجَهَ، وَفَحْلٌ هِجْهَاجٌ لِشِدَّةِ هَدِيرِهِ، وَيُقَالُ: هَجْهَجْتُ بِالنَّاقَةِ وَبِالْجَمَلِ، إِذَا زَجَرْتُهُ، فَقُلْتُ: هِيجِ، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: أَمْرقْتُ مِنْ جَوزِهِ أَعْنَاقَ نَاجِيَّةً ... تَنْجُو إِذَا قَالَ حَادِيهَا لَهَا: هِيجِ 188 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا لَمَّا تَمَثَّلَتْ بِهَذَا الْبَيْتِ، وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْضِي: §وَأَبْيَضُ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ذَاكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَثِمَالُ الْقَوْمِ: عِصْمَتُهُمْ وَغِيَاثُهُمْ.

189 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ الْتَزَمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ مِنْ وَرَائِهِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «§اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تُهْلِكَ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنَ الْإِسْلَامِ لَمْ تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ» ، فَمَا زَالَ يَدْعُو مَادًّا يَدَيْهِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، كَذَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: نا عِكْرِمَةُ، قَالَ: نا أَبُو زُمَيْلٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

بَعْضُ النَّاسِ يَتَوَهَّمُ قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ: «كَذَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ» ، عَلَى الْإِغْرَاءِ أَيْ كُنْ فِي دُعَائِكَ، وَأَنْشَدَ قَوْلَ الْأَعْشَى: كَذَلِكَ فَافْعَلْ مَا حَيِيتَ إِلَيْهِمُ ... وَأَقْدِمْ إِذَا مَا أَعْيُنُ النَّاسِ تَزْرَقُ وَتَفْسِيرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِنَّ كَذَلِكَ، يَكُونُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَى وَالْإِحْسَابِ، كَقَوْلِكَ حَسْبُكَ، وَهَذَا مِنْ مَوَاضِعِهِ، لِأَنَّهُ أَوَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَصْبِ الْقِيَامِ وَطُولِ الدُّعَاءِ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ جَاءَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، قَالَ: «بَعْضُ مُنَاشَدِتِكَ رَبَّكَ» ، قَالَ جَرِيرٌ: يَقُلْنَ وَقَدْ تَلَاحَقَتِ الْمَطَايَا ... كَذَاكَ الصَّوْتُ إِنَّ عَلَيْكَ عَيْنَا 190 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " §وَأَغْلَظَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: أَلَا أَقْتُلُهُ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَتْ لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: لَا يُقْتَلُ أَحَدٌ فِي سَبِّ أَحَدٍ إِلَّا فِي سَبِّ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ كَلَّمَهُ فِي الْقَضِيَّةِ: الْزَمْ غَرْزَهُ، فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ".

قَوْلُهُ: «الْزَمْ غَرْزَهُ» أَيْ تَمَسَّكْ بِهِ وَاتَّبِعْهُ، يُقَالُ لِلْإِنْسَانِ اشْدُدْ يَدَكَ بِغَرْزِ فُلَانٍ أَيْ تَمَسَّكْ بِهِ، وَقَالَ أَبُو خِرَاشٍ: تَذَكَّرْتُ مِنْ أَيْنَ الْمَفَرُّ وَإنَّنِي ... بِغَرْزِ الَّذِي يُنْجِي مِنِ الْمَوْتِ مُعْصِمُ يَقُولُ: أَنَا مُتَعَلِّقٌ بِغَرْزٍ شَدِيدٍ يُنْجِنِي مِنَ الْمَوْتِ، وَالْمَفَرُّ: الْمَلْجَأُ، وَالْمَفَرُّ: الذِّهَابُ فِي الْأَرْضِ. 192 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ §امْرَأَةً أَتَتْهُ، فَقَالَتْ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعْتِقَ هَذَا وَأَتَزَوَّجَهُ، فَأَرْسَلَهَا إِلَى عُمَرَ، فَضَرَبَهَا حَتَّى أَشَاغَتْ بِبَوْلِهَا ". يُرْوَى عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ قَتَادَةَ وَالتِّشْغِيَّةُ: أَنْ يَقْطُرَ الْبَوْلَ قَلِيلًا قَلِيلًا، وَتَقْدِيرُهُ مِنْ هَذَا: شَغَتْ بِبَوْلِهَا وَأَشْغَتْهُ بِهِ. 193 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إِنَّ رَجُلًا أَتَاهُ فَقَالَ: إِنِّي §رَأَيْتُ كَأَنِّي أُجْرِي الثَّعْلَبَ أَحْسَنَ إِجْرِيَّا تَكُونُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْرَيْتَ مَا لَا يُجْرَى، لَأَنْتَ

رَجُلٌ فِي لِسَانِكَ شَيْءٌ، فَاتَّقِ اللَّهَ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْإِجْرِيَّا: طَرِيقَةُ الرَّجُلِ الَّتِي يَجْرِي عَلَيْهَا مِنْ عَادَتِهِ وَأُمُورِهِ، وَأَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ

عَبْدِ اللَّهِ: عَلَى ذَاكَ إِجْرِيَّايَ وَهْيَ خَلِيَقَتِي ... فَمَا شَكَمُونِي إِذْ أَصَابُوا فُؤَادِيَا وَقَالُوا: الْإِجْرِيَّا ضَرْبٌ مِنَ الْجَرْيِ، وَفَرَسٌ ذُو أَجَارِي، وَيُقَالُ: لَمْ يَأْتِ فِي الْكَلَامِ عَلَى إِفْعِيلَى إِلَّا إِجْرِيَّا وَإِهْجِيَرَى، وَأَنْشَدَ فِي الْأَوَّلِ: مَتَى مَا تُلَاقِي مِنْهُمُ الدَّهْرَ نَاشِئًا ... تَجِدْهُ بِإِجْرِيَّا أَوَائِلُهُ يَجْرِي وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: جَرَى جَرْيًا وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ، إِلَّا الْمَاءَ، فَإِنَّكَ تَقُولُ: جَرَى جِرْيَةَ وَالْجِرَاءُ: يَكُونُ لِلْخَيْلِ خَاصَّةً. 194 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ قَالَ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ حِينَ عَهِدَ إِلَى عُمَرَ، فَرَاجَعَهُ طَلْحَةُ، فَقَالَ لَهُ: §جِئْتَنِي وَقَدْ دَلَكْتُ عَقِبَيْكَ تُرِيدُ أَنْ تَفْتِنَنِي فِي دِينِي، وَتُرَيِّثُنِي عَنْ رَأْيِي، وَاللَّهِ لَئِنْ بَلَغَنِي أَنَّكَ غَمَصْتَهُ لَأُلْحِقَنَّكَ بِحَمَضَاتِ قُنَّةَ حَيْثُ كُنْتُمْ تَرْعَونَ فَلَا تَشْبَعُونَ، وَتَسْتَقُونَ فَلَا تَرْوُونَ ". يَرْوِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسَرَّةَ، قَالَ: نا أَبُو الْخَطَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَعْلَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكَلْبِيِّ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ مُعَيْقِيبِ بْنِ أَبِي فَاطِمَةَ

قَوْلُهُ: «وَقَدْ دَلَكْتُ عَقِبَيْكَ» يُرِيدُ قَدْ تَهَيَّأْتُ وَاسْتَعْدَدْتُ لِطَلِبِ هَذَا الشَّأْنِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لِلْفَرَسِ إِنَّهُ لَمَدْلُوكُ الْمَعَاقِمِ، أَيْ مُعَدٌّ لِلْجَرْيِ، لَيْسَ بِرَهِلِ الْفُصُوصِ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ خُفَافُ بْنُ نُدْبَةَ.

وَنهْبٍ كَجُمَّاعِ الثُّرَيَّا حَوَيْتُهُ ... غِشَاشًا بِمَدْلُوكِ الْمُعَاقِمِ مُحْنِقِ أَيِ اجْتِمَاعُ الثُّرَيَّا، «غِشَاشًا» : عَلَى عَجَلَةٍ، وَ «الْمُعَاقِمِ» : الْفُصُوصُ، وَهُوَ مُجْتَمَعُ كُلِّ عَظْمَيْنِ: الرُّسْغُ عِنْدَ الْحَافِرِ مَعْقِمٌ، وَالرُّكْبَةُ مَعْقِمٌ، وَالْمُحْنَقُ: الضَّامِرُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ يَكُونُ مُخَاصِمًا أَوْ مُقَاتِلًا: جِذْلُ حِكَاكٍ حَسِفَتْ عَنْهُ الْأُبَنُ، يُرِيدُ أَنَّهُ مُنَقَّحٌ أَمْلَسُ لَا يُرْمَى بِشَيْءٍ إِلَّا زَلَّ عَنْهُ. وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: الْمَدْلُوكُ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي جَرَّدَهُ الدَّهْرُ. 195 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إِنَّ §النَّاسَ لَمَّا بَايَعُوهَ اعْتَزَلَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ لِهَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ؟ فَقَامَ عُمَرُ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: اذْهَبَا إِلَى هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى تَأْتِيَانِي بِهِمَا فَإِنِ امْتَنَعَا عَلَيْكُمَا، فَقَاتِلَاهُمَا، فَجَاءَ عُمَرُ وَزَيْدٌ، فَوَجَدَاهُمَا فِي مَنْزِلِ عَلِيٍّ، فَرَجَّا الْبَابَ، فَجَاءَ الزُّبَيْرُ، فَنَظَرَ مِنْ قُتْرَةِ الْبَابِ، فَرَجَعَ إِلَى عَلِيٍّ، قَالَ: لَهَذَانِ الرَّجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَلَيْسَ لَنَا أَنْ نُقَاتِلَهُمَا، قَالَ: افْتَحْ لَهُمَا الْبَابَ، وَخَرَجَا مَعَهُ حَتَّى أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَلِيٍّ: أَنْتَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِهْرُهُ، وَتَقُولُ: أَنَا أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ، وَلاهَا اللَّهُ لَأَنَا أَحَقُّ بِهِ مِنْكَ، قَالَ: لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلزُّبَيْرِ: أَنْتَ ابْنُ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَوَارِيُّهُ وَفَارِسُهُ، وَتَقُولُ: إِنَّكَ أَحَقُّ بِهَذَا الْأَمْرِ

مِنِّي، وَلاهَا اللَّهُ لَأَنَا أَحَقُّ بِهِ مِنْكَ، فَقَالَ: لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَهُ

الْقُتْرَةُ هَاهُنَا صِيرُ الْبَابِ، وَأَصْلُ الْقُتْرَةِ نَامُوسُ الرَّامِي، يُقَالُ: اقْتَتَرَ فِيهَا، قَالَ الشَّاعِرُ: فَأَوْرَدَهَا مَاءً قَلِيلًا أَنِيسُهُ ... يُحَاذِرْنَ عَمْرًا صَاحِبَ الْقُتُرَاتِ وَيُقَالُ: تَقَتَّرُ الصَّائِدُ إِذَا تَنَحَّى مُخَاتَلًا لِلصَّيْدِ، وَتَقَتَّرَ الرَّجُلُ، إِذَا تَنَحَّى عَنْ أَهْلِهِ، قَالَ الشَّاعِرُ: وَكُنَّا بِهِ مُسْتَأْنِسِينَ كَأنَّهُ ... أَخٌ وَخَلِيطٌ عَنْ خَلِيطٍ تَقَتَّرَا وَيُقَالُ مِنْ غَيْرِ، هَذَا قَتَّرُ الصَّائِدِ، وَهُوَ مِنْ تَهْيِيجِ الْقُتَارِ، وَقَتَّرْتُ لِلْأَسَدِ، إِذَا وَضَعْتُ لَهُ لَحْمًا تَجِدُ قُتَارَهُ، وَيُقَالُ: رَجَّ الرَّجُلُ الْبَابَ رَجًّا شَدِيدًا، إِذَا زَعْزَعَهُ، وَمِنْهُ

قِيلَ: كَتِيبَةٌ رَجْرَاجَةٌ، وَجَارِيَةٌ رَجْرَاجَةٌ يَتَرَجْرَجُ كَفْلُهَا وَلَحْمُهَا. 196 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ §قَسَمَ قَسْمًا بَيْنَ النِّسَاءِ، قَالَ: فَبَعَثَ إِلَى امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ قَسْمَهَا مَعَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: فَأَتَاهَا بِهِ، فَقَالَتْ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: قَسَمَ أَبُو بَكْرٍ قَسْمًا فِيمَا بَيْنَ النِّسَاءِ، فَبَعَثَ إِلَيْكِ بِقَسْمِكِ، فَقَالَتْ: تُرَاشُونَنِي عَنْ دِينِي، تَخَافُونَ أَنْ أَدَعَهُ، لَا وَاللَّهِ لَا أَقْبلُهُ أَبَدًا فَرَجَعَ بِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَنَحْنُ لَا نَقْبَلُ شَيْئًا أَعْطِهَا إِيَّاهُ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ

الْمُرَاشَاةُ: الْمُرَاضَاةُ، وَالْمُدَارَاةُ، وَكَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الرِّشْوَةِ، قَالَ الشَّاعِرُ: نَزِيفٌ إِذَا قَامَتْ لِوَجْهٍ تَمَايَلَتْ ... تُرَاشِي الْفُؤَادَ الرَّخْصَ أَلَّا تَخَتَّرَا 197 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْبَيَاضِيُّ، قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ دَاوُدَ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، " إِنَّ §لِي ابْنًا لَا يُصَلِّي أَأَضْرِبُهُ؟ قَالَ: ارْشُهُ.

وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ يَوْمَ الْيَمَامَةِ، أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ صَغَّرَ عِنْدِي أَمْرَ هَذَا الْفَتْحِ مُصِيبَتِي بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَعَثَّثَهُ عَلَيَّ بُكَاءُ الْحَيِّ عَلَى الْقَتِيلِ، وَلَوْ كُنْتَ قَتَلْتَ الرِّجَالَ، وَسَبَيْتَ الْعِيَالَ، كَفَفْتَ الْبَاكِي، وَشَفَيْتَ الْمَحْزُونَ. قَوْلُهُ: «عَثَّثَهُ عَلَيَّ» أَيْ أَفْسَدَهُ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْعُثَّةِ وَهِيَ السُّوسَةُ، يُقَالُ: عَثَّتِ الصُّوفُ تَعُثُّهُ عَثًّا، إِذَا أَكَلَتْهُ، وَالْجَمْعُ الْعُثَثُ، وَقَدْ عُثَّ الثَّوْبُ فَهُوَ مَعْثُوثٌ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْعُثُّ: دَابَّةٌ تَأْكُلُ الْجُلُودَ، وَقَالَ أَبُو حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ مِثْلَهُ فِي الْعُثِّ. 199 - وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: أَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ،

قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ، قَالَ: وُضِعَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ غَدَاؤُهُ، فَقَالَ لِإِذِنْهِ: §ادْعُ لِي خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: مَاتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: ادْعُ لِي رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ الْجُذَامِيَّ، قَالَ: مَاتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: ادْعُ لِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ، قَالَ: مَاتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: ارْفَعْ، وَيْحَكَ عَثَّثْتَ عَلَيْنَا، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

ذَهَبَتْ لُمَّاتِي وَانْقَضَتْ آجَالُهُمْ ... وَغَبَرْتُ بَعْدَهُمُ وَلَسْتُ بِغَابِرِ وغَبَرْتُ بَعْدَهُمْ فَأَسْكُنُ مَرَّةً ... بَطْنَ الْعَقِيقِ وَمَرَّةً بِالظَّاهِرِ الْعَيْشُ مُنْقَطِعٌ وَإِنْ أَحبَبْتُهُ ... وَالْمَوْتُ مَوْرَدَةُ الْهَيُوبِ النَّافِرِ مَاءٌ بِمُنْقَطَعِ الْمَوَارِدِ كُلِّهَا ... فَالْبَرُّ وَارِدُ حَوْضِهَا وَالْفَاجِرِ وَلَقَدْ عَلِمْتُ لَأَشْرَبَنَّ بِجَمَّةٍ ... يَوْمًا وَلَسْتُ إِذَا وَرَدْتُ بِصَادِرِ وَكَانَ إِسْمَاعِيلُ رُبَّمَا قَالَ «غثَّيْتَ عَلَيْنَا» ، يَذْهَبُ إِلَى غَثَيَانِ النَّفْسِ، يُقَالُ مِنْهُ غَثَتْ نَفْسُهُ، تَغْثِي غَثْيًا وَغَثَيَانًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ: غَثَا الْمَاءُ يَغْثُوا غَثْوًا وَغُثَاءً إِذَا كَثُرَ فِيهِ الْبَعَرُ وَالْوَرَقُ وَالْقَصَبُ، وَالْجَمَّةُ: الْبِئْرُ الْوَاسِعَةُ الْكَثِيرَةُ الْمَاءِ 200 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ قَالَ: §وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ يَوْمَ وَجَّهْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ لِقِتَالِ الرِّدَّةِ، أَقَمْتُ بِذِي الْقَصَّةِ، فَإِنْ ظَفَرَ الْمُسْلِمُونَ ظَفَرُوا، وَإِنِ انْهَزَمُوا كُنْتُ بِصَدَدِ لِقَاءٍ أَوْ مَدَدٍ ".

حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ ، قَالَ: صَدَدُ الشَّيْء حِذَاؤُهُ، يُقَالُ: هُوَ بِصَدَدِ ذَلِكَ، وَلَا يُقَالُ بِغَيْرِ صِفَةٍ، قَالَ وَأَنْشَدَ الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ: عَلَا كَالْخَنِيفِ السَّحْقِ يَدْعُو بِهِ الصَّدَى ... لَهُ صَدَدٌ وَرْدُ التُّرَابِ دَهِينُ أَرَادَ عَلَا طَرِيقًا كَالْخَنِيفِ، وَالصَّدَدُ: حِذَاؤُهُ. انْتَهَى حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَتْلُوهُ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

حديث عمر بن الخطاب رحمه الله

حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَحِمَهُ اللَّهُ 201 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: إِنَّ §أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَهَافَتُوا يَوْمَ الْيَمَامَةِ تَهَافُتَ الْفَرَاشِ فِي النَّارِ، وَقَالَ: إِنِّي لَأَخْشَى أَلَا يَشْهَدُوا مَوْطِنًا إِلَّا فَعَلُوا ذَلِكَ حَتَّى يَفْنَوْا، وَهُمْ حَمَلَةُ الْقُرْآنِ، فَيَضِيعُ الْقُرْآنُ، وَيُنْسَى، فَلَوْ جَمَعْتَهُ وَكَتَبْتَهُ، فَنَفَرَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: أَفْعَلُ مَا لَمْ يَفْعَلْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: فَتَرَاجَعَا فِي ذَلِكَ، ثُمَّ أَرْسَلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: فَدَخَلْتُ وَعُمَرُ مُحْزَئِلٌّ ". حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، قَالَ: نا عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ

يُقَالُ: تَهَافَتَ الْقَوْمُ، وَتَقَادَعُوا وَتَعَادَوْا، إِذَا هَلَكَ بَعْضُهُمْ فِي إِثْرِ بَعْضٍ، وَأَنْشَدَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ فِي التَّعَادِي: أَقُولُ لِكَنَّازٍ تَوَكَّلْ فَإِنَّهُ ... أَبًى لَا أَخَالُ الضَّانَ مِنْهُ نَوَاجِيَا فَيَالَكِ مِنْ أَرْوَى تَعَادَيْتِ بِالْعَمَى ... وَلَاقَيْتِ كَلَّابًا مُطِلا وَرَامِيَا فَإِنْ أَخْطَأَتْ نَبْلا حِدَادًا ظُبَاتُهَا ... عَلَى الْقَصْدِ لَمْ تُخْطِئْ كِلَابًا ضَوَارِيَا قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: تَيْسٌ آبِيٌّ، وَعَنْزٌ أَبْوَاءُ: وَقَدْ أَبِيتَ تَأْبَى أَبَى، وَهُوَ دَاءٌ

يُصِيبُهَا فِي رُءُوسِهَا مِنْ بَوْلِ الْأَرْوَى، وَلَا يَكَادُ يُصِيبُ الضَّأْنَ. «تعَادَيَتْ» تَوَالَيَتْ، فَيَقُولُ: لَا تَنْجُو الضَّأْنُ الَّتِي لَا يُصِيبُهَا الْأَبَى مِنْ شِدَّتِهِ فَكَيْفَ بِالْمَعْزِ. وَفِي الْحَدِيثِ «مُحْزَئِلٌّ» يَعْنِي شِبْهَ الْمُتَّكِئِ، وَلَا أَدْرِي مِمَّنْ تَفْسِيرُهُ، وَالَّذِي عَلَيْهِ كَلَامُ الْعَرَبِ غَيْرُ ذَلِكَ، تَقُولُ: احْزَأَلَّ الرَّجُلُ إِذَا اجْتَمَعَ وَانْتَصَبَ، وَهَذَا أَشْبَهُ بِعُمَرَ فِي مِثْلِ هَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ الَّذِي كَانَ يُحَاوِلُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَوْفِزًا مُجْتَمِعًا، يُقَالُ لِلسَّحَابِ إِذَا ارْتَفَعَ نَحْوَ بَطْنِ السَّمَاءِ، احْزَأَلَّ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا الزُّبَيْرُ لِجُمْلَ الْكِلَابِيَّةِ، فِي جَدَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ. أَلَا لَيْتَنِي وَافَقْتُ رَكْبَ ابْنِ مُصْعَبٍ ... إِذَا مَا مَطَايَاهُ احْزَأَلَّتْ صُدُورُهَا وَأَنْشَدَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْهَجَرِيُّ: وَمَا ثَغَبٌ فِي حَرَّةٍ مُحْزَئِلَّةٍ ... أَرَشَّتْ عَلَيْهَا دِيمَةٌ بِرِهَامِ بِأَطْيَبَ مَنْ فِيهَا إِذَا جِئْتُ طَارِقًا ... تَبْغِي الذُّرَا مِنْ طُخْيَةٍ وَظَلَامٍ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: «مُحْزَئِلَّةٌ» مُرْتَفِعَةٌ عَلَتْ عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، وَأَنْشَدَ غَيْرُهُ:

وَقُلْتُ لِعَمَّارِ بْنِ بِشْرٍ وَقَدْ رَأَى ... سُحُوقِي جَرَتْ فِيهَا دُمُوعِي فَبَلَّتِ وَشِدِّي بِبُرْدِي حُشْوَةً ضَبَثَتْ بِهَا ... يَدُ الشَّوْقِ فِي الْأَحْشَاءِ حَتَّى احْزَأَلَّتِ أَلَا قَاتَلَ اللَّهُ اللِّوَى مِنْ مَحَلَّةٍ ... وَقَاتَلَ دُنْيَانَا بِهَا كَيْفَ وَلَّتِ 202 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ §الْعَلَاءَ بْنَ جَارِيَةَ الثَّقَفِيَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَكَانَ قَاذُورَةً، فَأُخْبِرَ بِذَلَكَ عُمَرُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ، فَقَالَ: طَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ مِائَةَ مَرَّةٍ، قَالَ: قَدْ بَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ، وَزِدْتَ عَلَى الطَّلَاقِ، فَلَا تَنْكِحُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ ". حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نا أَبُو الْمُغِيرَةِ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: نا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ الْعَلَاءَ بْنَ جَارِيَةَ الثَّقَفِيَّ

الْقَاذُورَةُ: الْفَاحِشُ السَّيِّئُ الْخُلُقِ، قَالَ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ الْيَرْبُوعِيُّ: فَإِنْ تَلْقَهُ فِي الشَّرْبِ لَا تَلْقَ فَاحِشًا ... عَلَى الْكَأْسِ ذَا قَاذُورَةٍ مُتَرَبِّعَا

203 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ §عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَرَجُلًا آخَرَ أُلْقِيَا مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ فَتَكَنَّعَتْ أَيْدَيْهُمَا، فَاتَّهَمُوا الْيَهُودَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عُمَرُ، اخْرُجُوا مِنْ أَرْضِنَا، فَقَالُوا: أَقَرَّنَا فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِكُمْ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّكُمْ فِيهَا مَا شِئْنَا، وَقَدْ شِئْنَا أَنْ نُخْرِجَكُمْ مِنْهَا، فَأَجْلَاهُمْ عَنْهَا ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: نا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ

الْكَنَعُ: تَقَبُّضٌ فِي الْأَصَابِعِ وَتَشَنُّجٌ، وَقَالَ الشَّاعِرُ: أَنْحَى أَبُو لَقِطٍ حَزًّا بِشَفْرَتِهِ ... فَأَصْبَحَتْ كَفُّهُ الْيُمْنَى بِهَا كَنَعُ وَالْفِعْلُ: كَنِعَ يَكْنَعُ كَنَعًا، وَتكَنَّعَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ إِذَا تَعَلَّقَ بِهِ، وَكَنَعَ الْمَوْتُ كُنُوعًا: إِذَا دَنَا وَاقْتَرَبَ، وَقَالَ الْأَحْوَصُ: يَلُوذُ حِذَارَ الْمَوْتِ وَالْمَوْتُ كَانِعُ وَكَنَعَتِ الْعُقَابُ تَكْنَعُ كُنُوعًا: إِذَا ضَمَّتْ جَنَاحَيْهَا لِلِانْقِضَاضِ فَهِيَ كَانِعَةٌ: جَانِحَةٌ، وَكَنِعَ الرَّجُلُ يَكْنَعُ كَنَعَا فَهُوَ كَنِعٌ، وَيُقَالُ: أَكْنَعَ الشَّيْءُ، إِذَا لَانَ وَخَضَعَ، وَقَالَ الْعَجَّاجُ: مِنْ نَفْثِهِ وَالرِّيقُ حَتَّى أَكْنَعَا وَقَالَ النَّابِغَةُ مِنَ الْأَوَّلِ: رَمَى اللَّهُ فِي تِلْكَ الْأُنُوفِ الْكَوَانِعِ أَيِ الْمُنْقَبِضَةُ اللَّاصِقَةُ بِالْوُجُوهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: " §إِذَا أَصَابَ الْيَدَ أَوِ الرِّجْلَ خُرَّاجٌ أَوْ عِلَّةٌ فَتَقَبَّضَتْ قِيلَ: تَكَنَّعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ، قَالَ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ:

وَضَيفٍ إِذَا أَرْعَى طُرُوقًا بَعِيرَهُ ... وَعَانٍ نَآهُ الْوَفْدُ حَتَّى تَكَنَّعَا يَقُولُ: بَعُدَ عَنْهُ مَنْ يَفِدْ عَلَيْهِ فَيَفْدِيهِ، حَتَّى تَكَنَّعَتْ يَدَاهُ فِي الْقَدِّ. وَأَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لِلْفَرَزْدَقِ: وَكَمْ أَطَلَقَتْ كَفَّاكَ مِنْ قَيدِ يَائِسٍ ... وَمِنْ عُقدَةٍ مَا كَانَ يُرْجَى انْحِلَالُهَا كَثِيرًا مِنَ الأَيْدِي الَّتِي قَدْ تَكَنَّعَتْ ... فَكَكْتَ وَأَعْتَاقًا عَلَيْهَا غِلَالُهَا وَالْغِلَالُ: جَمْعُ غُلٍّ 204 - وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسَرَّةَ، قَالَ: نا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: نا وَهْبٌ، قَالَ: نا الْأَسْوَدُ، عَنْ أَبِي نَوْفَلٍ، قَالَ: لَمَّا جُدَّ بِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَضْعُ يَدَهُ مَوْضِعَ الْغِلَالِ مِنْ ذَقَنِهِ، ثُمَّ قَالَ: «§اللَّهُمَّ أَمَرَّتَنَا فَتَرَكْنَا، وَنَهَيْتَنَا فَرَكِبْنَا، وَلَا تَسَعُنَا إِلَّا مَغْفِرَتُكَ» ، فَكَانَتْ تِلْكَ هِجِّيرَاهُ حَتَّى مَاتَ

205 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ §رَأَى نَاسًا يَنْثَالُونَ، فَقَالَ: مَا لَهُمْ؟ فَقَالُوا: مَكَانٌ صَلَّى فِيهِ نَبِيٌّ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حِينَ اتَّبَعُوا آثَارَ أَنْبِيَائِهِمْ، وَتَرَكُوا أَمْرَهُمْ، أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكُمُ الصَّلَاةَ فَصَلُّوا، فَإِنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا مَسْجِدٌ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَعْشَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْمَعْرُورَ، يَقُولُ: رَأَى عُمَرُ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ،

حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: تَقُولُ: انْثَالَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ، وَانْكَالُوا وَانْهَالُوا وَانْقَصَفُوا: إِذَا أَتَوْهُ وَتَتَابَعُوا عَلَيْهِ، وَتَهَافَتُوا، وَفِي بَعْضِ الْكَلَامِ: مَا رَاعَنِي إِلَّا انْثِيَالُ النَّاسِ عَلَى فُلَانٍ، أَيْ: اجْتِمَاعُهُمْ إِلَيْهِ، وَإِقْبَالُهُمْ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ قَالَ: أَلَا إِنَّ الْأُسَيْفِعَ أُسَيْفَعَ

جُهَيْنَةَ رَضِيَ مِنْ دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ بِأَنْ يُقَالَ: سَبَقَ الْحَاجَّ، فَادَّانَ مُعْرِضًا، ثُمَّ أَصْبَحَ قَدْ رِينَ بِهِ. قَوْلُهُ: «ادَّانَ مُعْرِضًا» يُرِيدُ أَنَّهُ ادَّانَ مِمَّنِ اسْتَطَاعَ، وَأَخَذَ مَالَ مَنْ أَمْكَنَهُ، لَمْ يُبْقِ

أَحَدًا لِخَوْفِ عَاقِبَةٍ وَلَا تَأَثُّمٍ مِنْ مَعَادٍ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ فِي قَوْلِ الْبُعَيْثِ: فَطَأُ مُعْرِضًا إِنَّ الْحُتُوفَ مَظِنَّةٌ ... وَإِنَّكَ لَا تُبْقِي لِنَفْسِكَ بَاقِيًا أَوْ قَالَ: كَثِيرَةٌ. قَوْلُهُ: «فَطَأُ مُعْرِضًا» : يَقُولُ: ضَعْ رِجْلَكَ حَيْثُ وَقَعَتْ وَلَا تَتَّقِ شَيْئًا إِنَّ الْحُتُوفَ كَثِيرَةٌ تُصِيبُكَ وَإِنِ اتَّقَيْتَ، وَقَوْلُهُ: «لَا تُبْقِي لِنَفْسِكَ بَاقِيَا» يَقُولُ إِنْ أَبْقَيْتَ نَفْسَكَ لَمْ تَبْقَ لَكَ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " حِينَ سَلَّمَ عَلَيْهِ زِيَادُ بْنُ حُدَيْرٍ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ عُمَرُ لِهَيْئَةٍ رَآهَا مِنْهُ، فَقَالَ زِيَادٌ: لَقَدْ رُمِيتُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الرَّأْسِ ". يُقَالُ رُمِيَ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ فِي الرَّأْسِ إِذَا سَاءَ رَأْيُهُ فِيهِ حَتَّى لَا يَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَأَحْسَبَهُ رُمِيَ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ فِي الرَّأْسِ أَوْ مِنْ كَأَيِّنْ مَا كَانَ.

208 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ: §إِيَّايَ وَالتَّغْبِيبَ عَنْ كُلِّ صَاحِبِ ذَنْبٍ، فَإِنَّهُ لَا يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى الْحَقِّ مَنْ لَا يَزَعُهُمْ عَنِ الْبَاطِلِ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الْعَلَاءِ بنِ الْمِنْهَالِ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، التَّغْبِيبُ: تَرْكُ الْمُبَالَغَةِ، يُقَالُ: غَبَّبَ فُلَانٌ فِي الْحَاجَةِ إِذَا لَمْ يُبَالِغْ فِيهَا وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزِّيَادِيُّ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، قَالَ: يُقَالُ شَدَّ الذِّئْبُ عَلَى الْغَنَمِ، فَفَرَسَ مِنْهَا، وَغَبَّبَ، وَالْفَرْسُ: دَقُّ الْعُنُقِ، وَالتَّغْبِيبُ: أَنْ يَدَعَهَا وَبِهَا شَيْءٌ مِنْ حَيَاةٍ. قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: يُقَالُ لَا تَفْرِسُ وَلَا تَنْخَعْ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، قَالَ: وَقَالَ رَجُلٌ

مِنْ أَهْلِ الْعَالِيَةِ: مَنْ لِيَ مِنْهَا إِذَا مَا جُلْبَةٌ أَزِمَتْ ... وَمِنْ أُوَيْسٍ إِذَا مَا أَنْفُهُ رَذَمَا إِذْ لَا يَزَالُ فَرِيسٌ أَوْ مُغَبَّبَةٌ ... صَغْوَاءُ تَنْشُرُ مِنْ دُونِ الدِّمَاغِ دَمَا وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى: 209 - عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ يَذْكُرُهُ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عُمَرَ حُجَّاجًا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْعَرْجِ لَيْلًا، إِذَا هَاتِفٌ عَلَى الطَّرِيقِ، يَقُولُ: قِفُوا، فَوَقَفْنَا فَقَالَ: أَفِيكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ عُمَرُ: إِحْدَاهُنَّ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، أَتَعْقِلُ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: الْعَقْلُ سَاقَنِي هَاهُنَا، قَالَ عُمَرُ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَوَ مَاتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَمَنْ وَلِيَ هَذَا الْأَمْرَ بَعْدَهُ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ: أَنُحَيْفُ بَنِي تَمِيمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَاللَّهِ إِنْ كَانَ لَهَا لأَهْلًا، أَوَ فِيكُمْ هُوَ؟ قَالَ عُمَرُ: مَاتَ، قَالَ: أَوَ مَاتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَمَنْ وَلِيَ هَذَا الْأَمْرَ بَعْدَهُ؟ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: وَأَيْنَ كَانُوا عَنْ أَبْيَضَ بَنِي أُمَيَّةَ، يَعْنِي عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، قَالَ: قَدْ كَانَ مَا أَخْبَرْتُكَ، قَالَ: مَا كَانَتْ صَدَاقَةُ عُمَرَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ لِتُسْلِمَهُ إِلَّا إِلَى خَيْرٍ، فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: هَا هُوَ ذَا يُكَلِّمُكَ، قَالَ: فَالْغَوْثَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْغَوْثَ، قَالَ: قَدْ بَلَغَكَ الرَّيُّ، فَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُقَيْلٍ أَحَدُ بَنِي ثُعَيْلَةَ بْنِ مَلِيلٍ، §لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَدْهَةِ بَنِي جِعَالٍ، فَدَعَانِي إِلَى الْإِسْلَامِ، فَأَسْلَمْتُ، وَسَقَانِي فَضْلَةَ

سَوِيقٍ شَرِبَ أَوَّلَهَا، فَمَا زِلْتُ أَجِدُ رَيَّهَا إِذَا عَطِشْتُ، وَشِبَعَهَا إِذَا جُعْتُ، ثُمَّ يَمَّمْتُ رَأْسَ الْأَبْيَضِ، فَلَمْ أَزَلْ فِيهِ أَنَا وَأَهْلِي مُنْذُ عَشَرَةِ أَعَوَّامٍ، مَا رَأَيْتُ فِيهِ ذَاكِرًا غَيْرِي، أُصَلِّي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ صَلَوَاتٍ خَمْسًا، وَيَدُورُ شَهْرُ رَمَضَانَ فَأَصُومُهُ، وَإِنْ كَانَ الْيَوْمُ حَارًّا، وَأَذْبَحُ لِعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ نُسُكًا، فَآكُلُ وَأُطْعِمُ أَهْلِي، كَذَلِكَ عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَصَابَتْنَا حَطْمَةٌ، فَوَاللَّهِ مَا أَبْقَتْ لَنَا إِلَّا شَاةً كُنَّا نَمْتَذِقُ دَرَّهَا، فَعَدَا عَلَيْهَا الذِّئْبُ بَارِحَةَ الْأُولَى، فَغَبَّبَهَا وَاتَّبَعْتُهُ، فَأَدْرَكْتُ ذَكَاتَهَا، فَأَكَلْتُ بَعْضًا، وَحَمَلْتُ بَعْضًا، قَالَ: أَتَاكَ الْغَوْثُ، الْحَقْنِي عَلَى الْمَاءِ، وَمَضَى عُمَرُ، وَأَبْطَأَ الرَّجُلُ حَتَّى رَاحَ عُمَرُ، فَدَعَا عُمَرُ صَاحِبَ الْمَاءِ فَأَوْصَى بِالرَّجُلِ، وَقَالَ: إِذَا أَتَاكَ، فَمُنْهُ وَعِيَالَهُ بِمَا يَسَعُهُمْ، وَمَضَيْنَا، فَلَمَّا انْصَرَفْنَا مَرَّ عُمَرُ بِصَاحِبِ الْمَاءِ، فَقَالَ: أَيْنَ الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: ذَاكَ قَبْرُهُ، فَمَشَى عُمَرُ إِلَى قَبْرِهِ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، وَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: كَرِهَ اللَّهُ لَهُ، فِتْنَتَكُمْ، وَمَا أَنْتُمْ فِيهِ، فَقَبَضَهُ إِلَيْهِ

قَوْلُهُ: «إِحْدَاهُنَّ وَرَبُّ الْكَعْبَةِ» يَعْنِي إِحْدَى الْعَجَائِبِ، وَفِي مَثَلٍ مِنَ الْأَمْثَالِ: لَا يَقُومُ لِهَذَا الْأَمْرِ إِلَّا ابْنُ إِحْدَاهَا، يَقُولُ إِلَّا كَرِيمُ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ مِنَ الرِّجَالِ وَالْإِبِلِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَوْلُهُ: «بَلَغَكَ الرَّيُّ» يُرِيدُ الشِّبَعَ، وَهُوَ يَقَعُ مَوْقِعَ الْغَيْثِ، أَوْ قَالَ: الْغَوْثُ، كَمَا يُغَاثُ الشَّرِقُ بِالْمَاءِ، وَالرَّدْهَةِ وَالْوَقِيعَةِ الْوَقْظِ وَالْوَجْذِ وَالْإِخَاذَةِ: النُّقْرَةُ فِي الْجَبَلِ يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الْمَاءُ، وَكَذَلِكَ الثَّغَبُ وَالْقَلْتُ وَالْوَقْبُ، وَ «رَأْسُ الْأَبْيَضِ» : جَبَلٌ: وَيُقَالُ بَارِحَةَ الْأُولَى وَصَلَاةُ الْأُولَى وَمَسْجِدُ الْجَامِعِ، تُضِيفُ الِاسْمَ إِلَى الصِّفَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي كُلِّ شَيْء، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَحَبَّ الْحَصِيدِ} [ق: 9] ، يُرِيدُ وَالْحَبَّ الْحَصِيدَ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: يُضَافُ الشَّيْءُ إِلَى نَعْتِهِ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {حَقُّ الْيَقِينِ} [الواقعة: 95] . 210 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَنَظَرَ إِلَيْهِ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا الشَّيْخُ الْفَدْغَمُ ". حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: نا الزُّبَيْرُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كِنَانَةَ، قَالَ: لَمَّا كَانَتِ الرَّمَادَةُ، وَانْجَلَتْ فَسَالَتِ الْأَوْدِيَةُ وَسَالَ الْعَقِيقُ، أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقِيلَ لَهُ: سَالَ الْعَقِيقُ، فَخَرَجَ عَلَى فَرَسٍ عُرْيٍ، فَوَقَفَ عَلَى السَّيْلِ مَعَهُ نَاسٌ كَثِيرٌ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ وَهُوَ عَلَى شَاطِئِ الْوَادِي: §مَنْ هَذَا الشَّيْخُ الْفَدْغَمُ الْأَبْيَضُ الْأَصْلَعُ عَلَى الْفَرَسِ؟ فَقَالُوا: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَدَنَا الْأَعَرَابِيُّ

حَتَّى كَانَ عَلَى رَتْوَةٍ فِي السَّيْلِ، ثُمَّ صَاحَ: يَا ابْنَ حَنْتَمَةَ، جَازَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيهَا يَا ابْنَ ثَأْدَاءَ، فَأَلْوَى عُمَرُ بِيَدِهِ أَنِ اعْبُرَا، فَلَمْ يُبِنْ جَوَابَهُ حَتَّى عَبَرَ، ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ الْقَائِلُ مَا قُلْتَ، وَيْحَكَ، مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أنا حَبِيبُ بْنُ عِصَامٍ الْمُحَارِبِيُّ. قَالَ: وَيْحَكَ لَوْ كُنْتَ أَنْفَقْتَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَالِي وَمَالَ أَبِي، لَكُنْتَ حَرِيًا حَتَّى مَضَتْ، وَلَكِنْ مَا أَنْفَقْتُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ مَالِهِمْ "

الْفَدْغَمُ: اللَّحِيمُ الْجَسِيمُ. قَالَ الرَّاجِزُ: أَثَّلَ مُلْكًا خِنْدَفِيًا فَدْغَمَا يُرِيدُ عَظِيمًا قَدِيمًا، وَيُقَالُ: إِنَّ الْفَدْغَمَ فِي نَعْتِ الرَّجُلِ لَا يَكُونُ إِلَّا وَضَاءَةً مَعَ عِظَمٍ. وَقَالَ الْكُمَيْتُ يَذْكُرُ النِّسَاءَ. وَأَدْنَينَ الْبُرُودَ عَلَى خُدُودٍ ... وَزَيَّنَ الْفَدَاغِمَ بِالْأَسِيلِ أَرَادَ أنَّهُنَّ رِوَاءُ الْوُجُوهِ. وَقَالَ غَيْلَانُ ذُو الرُّمَّةِ، يَمْدَحُ بِلَالَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ: ومُخْتَلَقٌ لِلْمُلْكِ أَبَيْضُ فَدْغَمٌ ... أَشَمُّ أَبَجُّ الْعَيْنِ كَالْقَمَرِ الْبَدْرِ الْمُخْتَلَقُ: التَّامُّ الْخَلْقِ وَالْجَمَالِ، وَالْجَمَلُ الْفَدْغَمُ: الْغَلِيظُ الْجَسِيمُ. وَأَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعَابِدِيُّ لِأَبِي قَيْسِ بْنِ الْأَسْلَتِ: فَهَلْ يُبْلِغَنِّي الْمَالِكِيَّةَ فَدْغَمٌ ... عَلَى الْأَيْنِ وَالشَّكْوَى صَبُورٌ مُذكَّرُ تَعَاوَرَهُ الرُّوَاضُ حَتَّى كَأَنَّهُ ... إِذَا اجْتَمَعُوا فِيهِمْ كَبِيرٌ مُنَفِّرُ

وَقَوْلُهُ: «أَلْوَى بِيَدِهِ» أَيْ: لَمَّحَ بِهَا وَأَشَارَ، وَقَالَ طُفَيْلٌ: فَأَلْوَتْ بَغَايَاهُمْ بِنَا وَتَبَاشَرُوا ... إِلَى عُرْضِ جَيْشٍ غَيْرَ أَنْ لَمْ يُكَتَّبِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ: يُقَالُ أَخْفَقَ الرَّجُلُ بِثَوْبِهِ إِخْفَاقًا، وَأَلْوَى بِثَوْبِهِ إِلْوَاءً، وَلَوَّحَ بِثَوْبِهِ تَلْوِيحًا، وَلَمِعَ بِهِ لَمْعًا كُلُّهُ وَاحِدٌ. 211 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: نا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ، قَالَ: حَلَمَ حَالِمٌ بِالْكُوفَةِ أَنَّهُ مَنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ غُفِرَ لَهُ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ: فَأَتى عَبْدُ اللَّهِ، فَخَرَجَ فَزِعًا حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ، فَقَامَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ، فَجَعَلَ يُلْوِي وَيُلْمِعُ بِثَوْبِهِ، وَيَقُولُ: اخْرُجُوا لَا تُعَذَّبُوا، فَإِنَّمَا هِيَ نَفْحَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ §لَا نَبِيَّ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ، وَلَا كِتَابَ بَعْدَ كِتَابِكُمْ

وَقَالَ جَرِيرٌ: نَهَيْتُكُمُ أَنْ تَرْكَبُوا ذَاتَ نَاطِحٍ ... مِنَ الْحَرْبِ يُلْوِي بِالرِّدَاءِ نَذِيرُهَا وَأَنْشَدَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: وَنَهْدِيَّةٍ شَمْطَاءَ أَوْ حَارِثِيَّةٍ ... تُؤَمِّلُ كَسْبًا مَنْ بَنِيهَا يُغِيرُهَا تُؤَمِّلُ أَنْفَالَ الْخَمِيسِ وَقَدْ رَأَتْ ... سَوَابِقَ خَيْلٍ لَمْ يُذَرِّعْ بَشِيرُهَا وَقَدْ رَجَعَتْ كَعْبٌ خَزَايَا أَذِلَّةً ... مِلَاءً مِنَ اللَّحْمِ الْخَبِيثِ حُجُورُهَا «لَمْ يُذَرَّعْ» أَيْ لَمْ يَرْفَعْ ذِرَاعَيْهِ بَشِيرٌ بِغُنْمٍ وَلَكِنَّهُمْ مُنْهَزِمُونَ، «يُغِيرُهَا» :

يَمِيرُهَا، يَقُولُ: مَاذَا يَغِيرُكَ بُكَاؤُكَ أَيْ مَاذَا يَرُدُّ عَلَيْكَ، قَالَ الشَّاعِرُ: مَاذَا يَغِيرُ ابْنَتَيْ رِبْعٍ عَوِيلُهُمَا ... لَا تَرْقُدَانِ وَلَا بُؤْسَ لِمَنْ رَقَدَا وَيُقَالُ مِنْ غَيْرِ هَذَا: أَلْوَى بِهِ يُلْوَى إِلْوَاءً، إِذَا ذَهَبَ بِهِ، وَقَدْ أَلْوَى الْقَوْمُ إِذَا بَلَغُوا لِوَى الرَّمْلِ. وَقَدْ أَلْوَى الْبَقْلُ فَهُوَ مُلْوٍ إِذَا صَارَ لَوِيًّا، وَهُوَ الَّذِي بَعْضُهُ فِيهِ نُدُوَّةٌ، وَبَعْضُهُ يَابِسٌ. 212 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ §نَظَرَ إِلَى رَجُلٍ يَنْطُفُ رَأْسُهُ، قَالَ: أَمُحْرِمٌ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: إِنَّ الْمُحْرِمَ أَشْعَثُ أَغْبَرُ أَذْفَرُ، وَلَوْ رَخَّصْتُ لَكُمْ لَضَاجَعْتُمُوهُنَّ بِالْأَرَاكِ، ثُمَّ رُحْتُمْ حُجَّاجًا، عُمْرَةَ بَتِيلٍ، وَحَجَّةَ بَتِيلٍ ". أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا صَالِحُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: نا مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نَظَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

يَنْطُفُ رَأْسُهُ، يَقُولُ: يَقْطُرُ، وَقَوْلُهُ: «حَجَّةَ بَتِيلٍ» : وَهِيَ الْمُفْرَدَةُ، وَأَصْلُ الْبَتْلِ: إِبَانَةُ الشَّيْءِ عَنِ الشَّيْءِ، وَتَمْيِيزُهُ مِنْهُ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْبَتُولُ: وَهِيَ الْفَسِيلَةُ الَّتِي قَدِ اسْتَغْنَتْ عَنِ النَّخْلَةِ، وَالنَّخْلَةُ حِينَئِذٍ مُبْتِلٌ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُتَنَخِّلِ:

ذَلِكَ مَادِينُكَ إِذَا جُنِّبَتْ ... أَحْدَاجُهَا كَالْبُكُرِ الْمُبْتِلِ وَالْبُكُرُ: جَمْعُ بُكُورٍ، وَهِيَ النَّخْلَةُ تُدْرَكُ فِي أَوَّلِ النَّخْلِ، وَالْمُبْتِلُ: الْأُمُّ تَكُونُ لَهَا فَسِيلَةٌ قَدِ انْفَرَدَتْ وَاسْتَغْنَتْ عَنْ أُمِّهَا. 213 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، قَالَ: " §أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَتَدَافَعُوهَا، لِيَؤُمَّهُمْ حُذَيْفَةُ، فَقَالَ: لَتَبْتُلُنَّ لَهَا إِمَامًا، أَوْ لَتُصَلُّنَّ فُرَادَى « أَيْ لَتَنْدُبُنَّ لَهَا وَاحِدًا مِنْكُمْ تَبْتُلُونَهُ أَيْ تُمَيِّزُونَهُ. وَقَوْلُهُ» أَذْفَرُ " يَعْنِي تَفِلًا مُتَغَيِّرَ الرِّيحِ، وَيُقَالُ: لِكُلِّ رِيحٍ ذَكِيَّةٍ شَدِيدَةٍ مِنْ طِيبٍ أَوْ نَتْنٍ ذُفْرٌ، وَمِنْهُ قِيلَ: مِسْكٌ أَذْفَرُ، وَقَالَ الرَّاعِي يَصِفُ الْإِبِلَ: لَهَا فَارَةٌ ذَفْرَاءُ كُلَّ عَشِيَّةٍ ... كَمَا فَتَقَ الْكَافُورَ بِالْمِسْكِ فَاتِقُهْ

وَالدَّفْرُ: بِالدَّالِ وَتَسْكِينِ الْفَاءِ، هُوَ النَّتْنُ، يُقَالُ: مُنْتَنٌ أَذْفَرُ، وَمَنْ رَوَاهُ «أَظْفَرُ» فَإِنَّهُ يُرِيدُ الطَّوِيلَ الْأَظَافِرِ. وَقَوْلُ الرَّاعِي: «لَهَا فَارَةٌ ذَفْرَاءُ» يَقُولُ: إِذَا صَدَرَتْ عَنِ الْمَاءِ وَقَدْ نَدِيَتْ جُلُودُهَا، فَاحَتْ مِنْهَا رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، قَالَ الرَّاجِزُ: ثَمَّتْ يَصْدُرْنَ إِذَا الرَّاعِي صَدَرْ ... فِي مِثْلِ جِلْبَابِ الْعَرُوسِ ذِي الْعِطِرْ 214 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ §أَبَا مُوسَى اشْتَرَى لَهُ جَارِيَةً بِثَمَانِ مِائَةٍ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَيْهِ فَوَقَعَتْ مِنْهُ مَوْقِعًا، فَسَمَّاهَا زَيْنَبَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ زَيْنَبَ وَإِنَّهَا حُرَّةٌ، ثُمَّ تَبِعَتْهَا نَفْسُهُ، فَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، فَقَالَ: ابْنُهُ عُبَيْدِ اللَّهِ: أَتُحَدِّثُ الْعَرَبُ أَنَّكَ تَزَوَّجْتَ هَذِهِ الْعِلَجَةَ، وَاللَّهِ لَئِنْ تَزَوَّجْتَهَا لَأَمْشِيَنَّ بَيْنَ وِصْلَيْهَا، فَخَافَ عُمَرُ بَعْضَ هَنَّاتِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَبَلَغَ النَّاسَ الَّذِي قَالَ فِيهَا، فَخَطَبَهَا قُرَيْشٌ وَالْعَرَبُ، فَجَعَلَ يَرُدُّهُمْ عَنْهَا حَتَّى خَطَبَهَا مُؤَذِّنٌ لِعُمَرَ، فَقَالَ: يَا زَيْنَبُ، هَلْ لَكِ فِي هَذَا؟ وَهُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْهُمْ، إِنَّ أُولَئِكَ كَانُوا يَتَّخِذُونَكِ أَمَةً، وَإِنَّكِ تَتَّخِذِينَ هَذَا عَبْدًا، قَالَتْ: نَعَمْ، فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ، فَسَمَّى عُمَرُ جَوَارِي لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ زَيْنَبَ ". أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْعَلَاءِ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيُّ: قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أنا جُرَيْجٌ، قَالَ: سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ

قَوْلُهُ: «لَأَمْشِيَنَّ بَيْنَ وِصْلَيْهَا» . فَأَحَدُ الْوِصْلَيْنِ: وِصْلُ مَا بَيْنَ عَجِزِ الْبَعِيرِ وَفَخِذِهِ، وَهُمَا: الْوَرِكَانِ، قَالَ الرَّاجِزُ: تَرَى يَبِيسَ الْبَوْلِ دُونَ الْمَوْصِلِ ... مِنْهُ بِعَجَزٍ كَصَفَاةِ الْجَنْدَلِ وَالْمَوْصِلُ الْآخَرُ: مَوْصِلُ الظَّهْرِ فِي الْعُنُقِ وَهُوَ الْكَاهِلُ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: إِذَا ابْنُ أَبِي مُوسَى بِلَالًا بَلَغْتِهِ ... فَقَامَ بِفَأْسٍ بَيْنَ وِصْلَيْكِ جَازِرُ وَتَتَبَّعَتْهَا نَفْسُهُ: مِثْلُ اتَّبَعَتْهَا وَطَلَبَتْهَا. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو سُوَيْدٍ، وَأَبُو الْقَاسِمِ التَّمِيمِيُّ: عَلَامَ تُوَاصِلُ مَرَّ الْغُيُوثِ ... حَوْلِي وَأُحْرَمُ أَمْطَارَهَا وَقَدْ كُنْتَ عَوَّدْتَنِي عَادَةً ... تَتَبَّعَتِ النَّفْسُ آثَارَهَا 215 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ §قَالَ لِلْحُطَيْئَةِ: إِيَّاكَ وَالشِّعْرَ، قَالَ: لَا أَقْدِرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى تَرْكِهِ، مَأْكَلَةُ عِيَالِي، وَنُمْلَةٌ عَلَى لِسَانِي، قَالَ: فَشَبِّبْ بِأَهْلِكَ، وَإِيَّاكَ وَكُلَّ مِدْحَةٍ مُجْحِفَةٍ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا الْمِدْحَةُ الْمُجْحِفَةُ؟ قَالَ: تَقُولُ بَنُو فُلَانٍ خَيْرٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ، امْدَحْهُمْ وَلَا تُفَضِّلْهُمْ، قَالَ: أَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَشْعَرُ مِنِّي ". حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: نا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ، عَنْ أَبِيهِ

النُّمْلَةُ: مِثْلُ الْقَلَقِ بِالْخَبَرِ لَا يَمْلِكُهُ وَلَا يَسْتَطِيعُ الصَّبْرَ عَلَيْهِ، يُقَالُ مِنْهُ: رَجُلٌ نَمِلٌ وَنَمَّالٌ، إِذَا كَانَ نَمَّامًا، قَالُوا: وَرُبَّمَا جَوِيَ الرَّجُلُ مِنَ الْقَوْلِ يَطْوِيهِ، وَالشَّيْءِ يُخْفِيهِ، قَالَ أَعْرَابِيٌّ: لَسْنَا بإِخْوَانِ أَقْوَامٍ يُغَيِّرُهُمْ ... قَوْلُ الْعُدَاةِ وَلَا ذُو النَّمُلَةِ النَّمِلُ وَقَالَ آخَرُ: لَا أَكْتُمُ الْأَسْرَارَ لَكِنْ أَنُمُّهَا ... وَلَا أَتْرُكُ الْأَخْبَارَ تُغْلَى عَلَى قَلْبِ قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ عَنِ النَّمِيمَةِ: رَجُلٌ نَمٌّ مِنْ قَوْمٍ نَمِّينَ وَأَنِمَّاءٌ وَهُوَ الَّذِي يُفْشِي الْحَدِيثَ، وَامْرَأَةٌ نَمَّةٌ مِنْ نِسْوَةٍ نَمَّاتٍ، وَأَنْشَدَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ: إِنَّ النَّمُومَ أَغَطِّي دُونَهُ خَبَرِي ... وَلَيْسَ لِي حِيلَةٌ فِي مُفْتَرِي الْكَذِبِ

وَهَذَا كَقَوْلِ الْآخَرِ: لِي حِيلَةٌ فِيمَنْ يَنِمُّ وَلَيْسَ فِي الْكَذَّابِ حِيلَةْ مَنْ كَانَ يَكْذِبُ مَا أَرَادَ فَحِيلَتِي فِيهِ قَلِيلَةْ 216 - وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ الْعَابِدِيُّ، قَالَ: نا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: §حَجَّ مَرْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ مَعَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمَّا كَانُوا بِوَادِي الْقُرَى، جَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مُحَاوَرَةٌ، وَالْوَلِيدُ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ، فَغَضِبَ الْوَلِيدُ فَأَمَضَّهُ، فَتَفَوَّهَ مَرْوَانُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ، فَأَمْسَكَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى فِيهِ، فَمَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِعُمَرَ: قَتَلْتَنِي رَدَدْتَ غَيْظِي فِي جَوْفِي، فَمَا رَاحُوا مِنْ وَادِي الْقُرَى حَتَّى دَفَنُوهُ، فَلَهُ يَقُولُ الشَّاعِرُ: لَقَدْ غَادَرَ الرَّكْبُ الْيَمَانُونَ إِذْ غَدَوْا ... بِوَادِي الْقُرَى جَلْدَ الْجَنَانِ مُشَيَّعَا

فَسِيرُوا فَلَا مَرْوَانَ لِلْحَيِّ إِذْ شَتَوْا ... وَلِلرَّكْبِ إِذَا أَمْسَوْا مُكِلِّينَ جُوَّعَا وَذَكَرَ غَيْرُ الزُّبَيْرِ أَنَّهَا لِجَرِيرِ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ: وَكَانَ مَرْوَانُ أَخَا يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ لِأُمِّهِ عَاتِكَةَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَزَادَ: أَبَا خَالِدٍ فَارَقْتَ مَرْوَانَ عَنْ رِضَا ... وَكَانَ يَزِينُ الْأَرْضَ أَنْ تُرَيَا مَعَا وَيُقَالُ مِنَ النَّمُلَةِ قَدْ نَمَلَ يَنْمُلُ، وَقَالَ الْكُمَيْتُ: وَلَا أُزْعِجُ الْكَلِمَ الْمُحْفِظَاتِ ... إِلَى الْأَقْرِبِينَ وَلَا أَنْمُلُ أَيْ لَا أَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وَيُقَالُ: رَجُلٌ نَمِلُ الْأَصَابِعِ لَا يَكَادُ يَكُفُّ أَصَابِعَهُ عَنِ الْعَبَثِ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ خَفِيفَ الْأَصَابِعِ فِي الْعَمَلِ، وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ لَا يَكَادُ يَسْتَقِرُّ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ أَهْوَنَ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ، فَحَاسِبُوهَا، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرَضِ الْأَكْبَرِ ".

يُقَالُ لِلْعَرَضِ الْأَكْبَرِ، وَلِلْعَرْضِ، فَمَنْ خَفَفَّ فَهُوَ مَصْدَرٌ، وَمَنْ فَتَحَ أَرَادَ الِاسْمَ. قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ مِنْهُ عَرَضْتُ الْجُنْدَ عَرْضًا، وَقَدْ فَاتَ فُلَانًا الْعَرَضُ كَمَا يُقَالُ: قَبَضْتُ الْمَالَ قَبْضًا، وَدَخَلَ مَالُ فُلَانٍ فِي الْقَبَضِ، يَعْنِي مَا قَبَضَ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ. 218 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، " أَنَّهُ §أَمَرَ بِضَرْبِ رَجُلٍ، فَقَالَ لِرَجُلٍ: اضْرِبْ وَلَا تَمَتَّ، وَاعْطِ كُلَّ عُضْوٍ حَقَّهُ ". حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، ذَكَرَهُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ

يُقَالُ: تَمَتَّى الرَّجُلُ إِذَا تَمَطَّى حَدَّثَنَا الْجُمَحِيُّ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ حَمْزَةَ بْنَ عُتْبَةَ، عَنْ قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ: §فَأَتَتْهُ الْوَحْشُ وَارِدَةً ... فَتَمَتَّى النَّزْعَ فِي أَزَرِهْ مَا تَمتَّى؟ قَالَ: تَمَطَّى، قَالَ الرَّاجِزُ يَذْكُرُ الْإِبِلَ: إِذَا تَمَطَّيْنَ عَلَى الْقَيَاقِي ... لَاقَيْنَ مِنْهُ أُذُنَيْ عَنَاقِ ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: نا أَبُو عَمْرٍو، قَالَ: أَنْشَدَنَاهُ أَبُو هِفَّانَ، قَالَ: الْقَيَاقي: جَمْعُ قِيقَأَةٍ، وَهِيَ مِنَ الْأَرْضِ مَا أَشْرَفَ بَعْضٌ، وَانْخَفَضَ بَعْضٌ، تَقُولُ الْعَرَبُ: جَاءَ بِالْعَنَاقِ أَيْ بِالدَّاهِيَةِ. وَأَمَّا أَبُو الْحُسَيْنِ، فَحَدَّثَنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، يُقَالُ: جَاءَ بِأُذُنَيْ عَنَاقِ الْأَرْضِ، إِذَا جَاءَ بِالْكَذِبِ الْفَاحِشِ، وَإِذَا جَاءَ أَيْضًا بِالْخَيْبَةِ، وَأَنْشَدَ يَعْقُوبُ: أَمِنْ تَرجِيعِ قَارِيةٍ تَرَكْتُمْ ... سَبَايَاكُمْ وَأُبْتُمْ بِالْعَنَاقِ أَيْ فَزِعْتُمْ لَمَّا سَمِعْتُمْ تَرْجِيعَ هَذَا الطَّائِرِ، فَتَرَكْتُمْ سَبَايَاكُمْ، وَأَبْتُمْ بِالْخَيْبَةِ،

وَالْعَنَاقُ: الْخَيْبَةُ. وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: قَالَ: مَتَوْتُ الشَّيْء: مَدَدْتُهُ، وَتَمَتَّى هُوَ، وَمَأَيْتُ الشَّيْء، وَتَمَأَى هُوَ وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَبِي هِفَّانَ: §أَمَتُّ إِلَيْكَ بِالرِّجْلِ وَأَمُطُّ وَأَمُدَّ، وَأَنْشَدَنَا غَيْرُهُ: تَدْعُو هَوَازِنُ بِالْإِخَاوَةِ بَيْنَنَا ... ثَدْيٌ تَمدُّ بِهِ هَوَازِنُ أَيْبَسُ وَقَالَ الرَّاجِزُ: يَا إِبِلًا تَرَوَّحِي وَانْمَطِّي ... وَصَعَّدِي فِي ضَفِرٍ وَانْحَطِّي إِلَى أَمِيرٍ بِالْغُبَيْبِ ثَطِّ ... وَجْهِ عَجُوزٍ جُلِّيَتْ فِي لَطِّ وَاللَّطُّ: الْقَلَائِدُ الَّتِي تُعْمَلُ مِنْ حَنْظَلٍ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، «انْمَطِّي» ، امْتَدِّي، وَ «ضَفِرٍ» : رَمْلٌ مُنْعَقِدٌ 219 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ قَالَ: §فِيمَ الرَّمَلَانِ الْآنَ وَقَدْ أَطَّأَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ، وَنَفَى الْكُفْرَ وَأَهْلَهُ، وَايْمُ اللَّهِ مَا نَدَعُ شَيْئًا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: نا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ

الرَّمَلَانِ: وَالرَّمَلُ وَاحِدٌ مِنْ قَوْلِكَ رَمَلَ يَرْمُلُ رَمَلًا، وَهُوَ فَوْقَ الْمَشْيِ وَدُونَ الْعَدْوِ، كَمَا يَرْمُلُ الْحَاجُّ، وَالرَّمَلُ أَيْضًا أَسْلُوبٌ مِنَ الشِّعْرِ، قَالَ الرَّاجِزُ:

لَا يُغْلَبُ النَّازِعُ مَا دَامَ الرَّمَلْ ... فَإِنْ أَكَبَّ صَامِتًا فَقَدْ خَمَلْ وَقَوْلُهُ: «قَدْ آطَى اللَّهُ الْإِسْلَامَ» يَعْنِي أَعْلَاهُ وَأَوْطَأَهُ، وَكَذَلِكَ أَوْطَأْتُ فُلَانًا دَابَّتِي حَتَّى وَطِئَتْهُ، وَمِثْلُ أَوْطَئْتُهُ وَأَطَئْتُهُ، قَوْلُكَ: أَوْصَدْتُ الْبَابَ وَأَصَدْتُهُ، وَأَوْسَدْتُ الْكَلْبَ وَأَسَدْتُهُ، وَمَنْ رَوَاهُ «أَطَّأَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ» فَمَعْنَاهُ مَكَّنَهُ وَبَسَطَهُ، وَيَقُولُ: وَطَّأْتُ لَكَ الْأَمْرَ، وَقَدْ وَطُؤَ يَوْطُؤُ وَطْئًا. قَالُوا عَنِ الْخَلِيلِ: وَطِئْتُ الشَّيْءَ أَطَؤُهُ وَطْئًا، وَإِنَّمَا ذَهَبَتِ الْوَاوُ مِنْ يَؤْطُؤُ، فَلَمْ تَثْبُتْ كَمَا ثَبَتَتْ فِي وَجِلٍ يَوْجَلُ، لِأَنَّ وَطِئَ يَطَأُ بُنِيَتْ عَلَى تَوَهُّمِ فَعِلَ يَفْعِلُ، مِثْلُ حَسِبَ يَحْسِبُ، وَوَرِمَ يَرِمُ، غَيْرَ أَنَّ الْحَرْفَ الَّذِي يَكُونُ فِي مَوْضِعِ اللَّامِ مِنْ يَفْعِلُ إِذَا كَانَ مِنْ حُرُوفِ الْحَلْقِ السِّتَّةِ، فَإِنَّ أَكْثَرَ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَرَبِ مَفْتُوحٌ، وَمِنْهُ مَا يَقَرُّ عَلَى أَصْلِ تَأْسِيسِهِ، مِثْلُ وَرِمَ يَرِمُ، وَأَمَّا وَسِعَ يَسَعُ، فَإِنَّ يَسَعُ فُتِحَتْ لِتِلْكَ الْعِلَّةِ. 220 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إِنَّ أَبَا وَائِلٍ ذَكَرَهُ، فَقَالَ: §بَرَّزَ وَاللَّهِ عُمَرُ ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ يَعْنِي ابْنَ بَهْدَلَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ

الْمُبَرِّزُ: السَّابِقُ، وَإِذَا تَسَابَقَتِ الْخَيْلُ قِيلَ لِسَابِقِهَا: بَرَّزَ عَلَيْهَا، قَالَ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ: بَرَّزَ إحْسَانُكَ فِي سَبْقِهِ ... ثُمَّ تَلَاهُ شُكْرٌ لَاحِقُ حَتَّى إِذَا مَدَّ الْمَدَى بَيْنَهَا ... جَاءَ الْمُصَلِّي وَهُوَ السَّابِقُ وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «وَأَتَاهُ رَجُلٌ فَبَكَعَهُ بِسَيْفِهِ» وَالْبَكْعُ: شِدَّةُ الضَّرْبِ الْمُتَتَابِعِ، يُقَالُ: بَكَعْتُهُ بِالسَّيْفِ أَوْ بِالْعَصَا بَكْعًا، وَقَالَ

اللَّيْثُ: بَكَعْنَاهُمْ بِالسَّيْفِ تَبْكِيعًا. 222 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إِنَّ §وَافِدًا قَدِمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي عُمَرُ: مَا أَقْدَمَكَ؟ قُلْتُ: وَافِدًا لِقَوْمِي، قَالَ: فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَآذِنِ الْمُهَاجِرِينَ، ثُمَّ الْوَفْدَ، ثُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ احْضُرِ الْبَابَ، قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَذَنْتُ الْمُهَاجِرِينَ ثُمَّ الْوَفْدَ ثُمَّ النَّاسَ، قَالَ: فَحَضَرُوا الْبَابَ، فَجَلَسَ عُمَرُ وَصَفَّهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ صُفُوفًا، فَقَالَ: وَجَعَلَ يَتَصَفَّحُهُمْ بِعَيْنِهِ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مُحْبَنْطِئٍ عَلَيْهِ مُقَطَّعَاتُ بُرُودٍ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ أَنْ تَعَالَى، فَأَتَاهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: هِيهْ، وَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُشَارَ عَلَيْهِ بِالْأَمْرِ، قَالَ: هِيه، فَقَالَ الرَّجُلُ: هِيه، فَقَالَ عُمَرُ: هِيه، فَقَالَ الرَّجُلُ: هِيه، فَقَالَ عُمَرُ: قُمْ، فَأَخَذَ مَقَامَهُ مِنَ الصَّفِّ، ثُمَّ جَعَلَ يَتَصَفَّحُهُمْ بِعَيْنِهِ، فَإِذَا فِيهِمْ رَجُلٌ صَغِيرُ الْقِمَّةِ ثَطٌّ، قَالَ: فَأَتَاهُ، فَإِذَا هُوَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، فَقَالَ عُمَرُ: هِيه، فَقَالَ: هِيه يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سَلْ، فَلَنُخْبِرَنَّكَ، قَالَ: هِيه، قَالَ: هِيه، قَالَ: قُمْ فَمَا نَفَعَكَ صَبَّاغٌ وَلَا رَاعِي ضَأْنٍ، فَقَامَ، فَأَخَذَ مَقَامَهُ مِنَ الصَّفِّ، ثُمَّ جَعَلَ يَتَصَفَّحُهُمْ بَعَيْنَيْهِ، قَالَ: فَإِذَا شَابٌّ طُوَالٌ، مَعْرُوقٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، فتفَّرَسَ فِيهِ الْخَيْرَ، قَالَ: فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ أَنْ تَعَالَى، قَالَ: فَأَتَاهُ فَجَثَا وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: هِيه، فَقَالَ: هِيه، وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا وُلِّيتَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِسَبْقٍ كَانَ مِنْكَ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَكِنَّهَا بَلِيَّةٌ ابْتُلِيتَ بِهَا، وَلَوْ أَنَّ شَاةً ضَلَّتْ بِشَطِّ الْفُرَاتِ لِسُئِلْتَ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَانْكَبَّ عُمَرُ لِوَجْهِهِ، فَمَا زَالَ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ مَا حَوْلَهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ أَعِدْ عَلَيَّ فَمَا صَدَقَنِي أَحَدٌ مُنْذُ وُلِّيتُ هَذَا الْأَمْرَ غَيْرُكَ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ، قَالَ

وَبَكَى عُمَرُ أَشَدَّ مِنْ بُكَائِهِ الْأَوَّلِ حَتَّى سُرِّيَ عَنْهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ أَنْتَ تَأْكُلُ لَحْمَهَا، وَأَنَا أُسْأَلُ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لِأَنَّكَ رَاعٍ وَكُلُّ رَاعٍ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالشَّاةُ فِي رَعِيَّتِكَ، قَالَ: فَكَانَتْ عَلَيْهِ أَشَدَّ مِنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، فَانْكَبَّ يَبْكِي حَتَّى ظَنَنَّا نَفْسَهُ سَتَخْرُجُ، حَتَّى قَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: لَيْتَ أَنَّ هَذَا الشَّابَّ لَمْ يَدْخُلِ الْيَوْمَ هَذِهِ الدَّارَ، مَا دَخَلَهَا إِلَّا لِشَرٍّ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ لَهُ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلَانُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: أَخُو الْمُهَاجِرِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَعَا عُمَرُ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، فَاسْتَعَمَلَهُ، ثُمَّ ضَمَّ إِلَيْهِ الْفَتَى، وَقَالَ لَهُ: تَفَقَّدْ سَرِيرَتَهُ مِنْ عَلَانِيَتِهِ، فَإِنَّ وَجَدْتَهُمَا وَاحِدَةً، فَاكْتُبْ إِلَيَّ، فَإِنَّ عِنْدَهُ غِنًى، قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ إِذَا ذَكَرَ الْغِنَى عَنَى بِهِ الدِّينَ، وَلَمْ يَعْنِ بِهِ الْمَالَ، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ أَبُو مُوسَى الْبِلَادَ أَجْبَرَهُ عَلَى الْعَمَلِ، ثُمَّ ضَمَّ إِلَيْهِ رَجُلًا يَتَفَقَّدُ سَرِيرَتَهُ مِنْ عَلَانِيَتِهِ، فَوَجَدَهُمَا وَاحِدَةً، فَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: إِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَاسْتِخْلِفْهُ عَلَى الْجُنْدِ، وَأَقْبِلْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ: كَرِهَ وَاللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونَ عَلَى النَّاسِ رَجُلٌ، وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمْ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: نا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ الْخُرَاسَانِيُّ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَخِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، وَكَانَا تَوْءَمَيْنِ وُلِدَا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ أَكْبَرَهُمَا، قَالَ: حَدَّثَنِي وَافِدٌ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: قَالَ لِي عُمَرُ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

قَوْلُهُ: «وَكَانَا تَوْءَمَيْنِ» يُقَالُ لِلرَّجُلَيْنِ: هُمَا تَوْأَمَانِ، وَهَذَا تَوأَمُ هَذَا، وَهُمْ تُؤَامٌ لِلْجَمِيعِ، وَالَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «لَا يَتَوَارَثُ أَتْوَامُ الزَّانِيَّةِ وَالْمُغْتَصَبَةِ إِلَّا مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ» . وَإِنَّمَا عَرَبِيَّتُهُ: «لَا يَتَوَارَثُ تُؤَامٌ» الزَّانِيَّةِ عَلَى فُعَالٍ، وَيُقَالُ لِلْمَرَأَةِ: هَذِهِ تَوْأَمَةُ هَذِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الْحَدِيثِ: «كَانَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تَوْأَمَةَ أَبِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ، وَالْجَمْعُ تَوَائِمُ، قَالَ الرَّاجِزُ: قَالَتْ لَنَا وَدُمْعُهَا تُؤَامُ كَالدُّرِّ إِذْ أَسْلَمَهُ النِّظَامُ عَلَى الَّذينَ ارْتَحَلُوا السَّلَامُ

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: نَخَلَاتٌ مِنْ نَخْلِ بَيْسَانَ أَيْنَعْنَ ... جَمِيعًا وَنَبْتُهُنَّ تُؤَامُ وَيُقَالُ: أَتْأَمَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا وَلَدَتِ اثْنَيْنِ فِي بَطْنٍ، فَهِيَ مُتْئِمٌ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهَا قِيلَ: مِتْآمٌ. وَالْمُحْبَنْطِئُ: قَالَ بَعْضُهُمُ: الْمُمْتَدُّ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْمُتْغَضِّبُ، وَكَأَنَّهُ إِلَى الْقِصَرِ مَا هُوَ. قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا اسْتَزَدْتَهُ مِنْ عَمَلٍ أَوْ حَدِيثٍ: إِيهٍ، فَإِنْ وَصَلْتَ، قُلْتَ: إِيهٍ حَدِّثَنَا، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: وَقَفْنَا فَقُلْنَا إِيهِ عَنْ أُمِّ سَالِمٍ ... وَمَا بَالُ تَكْلِيمِ الدِّيَارِ الْبَلَاقِعِ فَلَمْ يُنَوِّنْ وَقَدْ وَصَلَ لَأَنَّهُ نَوَى الْوَقْفَ، فَإِذَا أَسْكَتَّهُ أَوْ كَفَفْتَهُ، قُلْتَ: إِيهًا عَنَّا، فَإِذَا أَغْرَيْتَهُ بِالشيء، قُلْتَ: وَيْهًا يَا فُلَانُ، فَإِذَا تَعَجَّبْتَ مِنْ طِيبِ الشَّيْءِ، قُلْتَ: وَاهًا لَهُ مَا أَطْيَبَهُ.

وَقَالَ أَبُو النَّجْمِ: وَاهًا لِرَيَّا ثُمَّ وَاهًا وَاهًا يَالَيْتَ عَيْنَاهَا لَنَا وَفَاهَا بِثَمَنٍ نُرْضِي بِهِ أَبَاهَا وَقَوْلُهُ «يَتَصَفَّحُهُمْ» . يَعْنِي: يَسْتَعْرِضُهُمْ، وَيَنْظُرُ فِي وُجُوهِهِمْ مَا شَأْنُهُمْ وَمَا حَالُهُمْ؟ وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: شَخْصُ الْإِنْسَانِ إِذَا كَانَ قَائِمًا الْقِمَّةَ، يُقَالُ: فُلَانٌ طَوِيلُ الْقِمَّةِ، وَقَصِيرُ الْقِمَّةِ، وَأَمَّا قِمَّةُ الرَّأْسِ مِنَ الْإِنْسَانِ، فَأَعْلَى الرَّأْسِ وَوَسَطُهُ، يُقَالُ: صَارَ الْقَمَرُ عَلَى قِمَّةِ الرَّأْسِ، إِذَا كَانَ حِيَالَ وَسَطِ رَأْسِ الْقَائِمِ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: وَرَدْتُ اعْتِسَافًا وَالثُّرَيَّا كَأَنَّهَا ... عَلَى قِمَّةِ الرَّأْسِ ابْنُ مَاءٍ مُحَلِّقُ وَيُقَالُ لِلرَّاكِبِ إِنَّهُ لَحَسَنُ الْقِمَّةِ عَلَى الرَّحْلِ إِذَا كَانَ حَسَنَ الشَّخْصِ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ لَحَسَنُ الْقَامَةِ وَالْقُومِيَّةِ، وَإِنَّهُ لَحَسَنُ الْقَوَامِ، وَإِنَّهَا لَحَسَنَةُ الْقَوَامِ، يُرِيدُ الشَّطَّاطَ، وَهَذَا قِوَامُ الْأَمْرِ مَكْسُورُ الْقَافِ.

وَأَنْشَدَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: وَاللَّهِ مَا أَشْبَهَنِي عِصَامُ لَا خُلُقٌ مِنْهُ وَلَا قَوَامُ نِمْتُ وَعِرْقُ الْخَالِ لَا يَنَامُ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: يُقَطِّعْنَ أَجْوَازَ الْفَلَاةِ بِفِتْيَةٍ ... لَهُمْ فَوْقَ أَنْضَاءِ السُّرَى قِمَمُ السَّفْرِ أَنْضَاءُ السُّرَى: أَيِ الْمَهَازِيلُ الَّتِي قَدْ أَنْضَتْهَا السُّرَى، يَقُولُ لَهُمْ فَوْقَهَا شُخُوصُ الْمُسَافِرِينَ. قَالَ ثَابِتُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: وَالثَّطَطُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي وَجْهِهِ كَبِيرُ شَعْرٍ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ رَجُلٌ ثَطٌّ وَرَجَلٌ ثُطَّانُ وَثِطَاطٌ وَثَطِطَةٌ، وَهَذَا رَجُلٌ بَيِّنُ الثَّطَاطَةِ، وَالثُّطُوطَةِ، وَهُوَ الْكَوْسَجُ. وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: بِأَرْقَطَ مَحْدُودٍ وَثَطٍّ كِلَاهُمَا ... عَلَى وَجْهِهِ وَسْمُ امْرِئٍ غَيْرِ سَابِقِ وَقَالَ آخَرُ: يَا إِبِلًا تَرَوَّحِي وَانْمَطِّ وَصَعَّدِي فِي ضَفِرٍ وَانْحَطِّي إِلَى أَمِيرٍ بِالْغُبَيْبِ ثَطِّ وَجْهُ عَجْوزٍ حُلَّيَتْ فِي لَطِّ

وَاللَّطُّ: الْقَلَائِدُ الَّتِي تُعْمَلُ مِنْ حَنْظَلٍ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، انْمَطِّي: امْتَدِّي، وَضَفِرٌ: رَمْلٌ مُتَعَقِّدٌ. وَقَوْلُهُ: «فَمَا نَفَعَكَ صَبَّاغٌ وَلَا رَاعِي ضَأْنٍ» ، فَإِنَّ هَذَا إِنَّمَا يُعَاتِبُ بِهِ نَفْسَهُ، وَكَأَنَّهُ مَثَلٌ ضَرَبَهُ، يَقُولُ: مَنْ كَانَ هَكَذَا لَمْ يُنْتَفَعْ بِرَأْيِهِ. وَفِي مَثَلٍ مِنَ الْأَمْثَالِ: أَحْمَقُ مِنْ رَاعِي ضَأْنٍ ثَمَانِينَ، وَلِهَذَا الْمَثَلِ خَبَرٌ مَشْهُورٌ، وَقَالَ الشَّاعِرُ: أَصْبَحْتُ هُزْءًا لِرَاعِي الضَّأْنِ أَعْجَبَهُ ... مَاذَا يُرِيبُكَ مِنِّي رَاعِيَ الضَّأْنِ إِنْ تَرْعَ ضَأْنًا، فَإِنِّي قَدْ رَزَيْتُهُمْ ... بِيضَ الْوُجُوهِ بَنِي عَمِّي وَإِخْوَانِ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: نا عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، يَقُولُ: قَضَى شَرِيكٌ عَلَى ابْنِ إِدْرِيسَ، بِشَيْءٍ، فَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: الْقَضَاءُ فِيهِ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ لَهُ شَرِيكٌ: اذْهَبْ فَأَفْتِ بِهَذَا حَاكَةَ الزَّعَافِرِ، وَكَانَ ابْنُ إِدْرِيسَ فِي الزَّعَافِرِ، وَعِنْدَهُ حَاكَةٌ.

وَقَالَ الْأَخْطَلُ لِجَرِيرٍ يَسْتَجْهِلُهُ بِرَعْيِ الضَّأْنِ: فَانْعَقْ بِضَأْنِكَ يَا جَرِيرُ فَإِنَّمَا ... مَنَّتْكَ نَفْسُكَ فِي الْخَلَاءِ ضَلَالَا وَإِنَّمَا أَرَادَ اسْتِجْهَالَهُ بِهَذَا الْقَوْلِ: 224 - قَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ §رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ أَتَاهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَتَحْمِلَنِّي، فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: وَأَنَا أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَا أَحْمِلُكَ فَأَظُنُّهُ قَدْ رَدَّدَهَا ثَلَاثِينَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ مَرَّةً، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَالُ اللَّهِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَمِنْ عِيَالِ اللَّهِ، وَاللَّهِ إِنَّكَ لَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَذَمَّتْ بِي رَاحِلَتِي، وَاللَّهِ إِنِّي لَابْنُ سَبِيلٍ انْقَطَعَ بِي، وَاللَّهِ لَتَحْمِلَنِّي، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: كَيْفَ قُلْتَ، فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ الْمَالَ مَالُ اللَّهِ، وَإِنَّكَ لَمِنْ عِيَالِ اللَّهِ، وَإِنِّي لَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ كَانَتْ رَاحِلَتُكْ أَذَمَّتْ بِكَ لَا أَتْرُكُكَ لِلتَّهْلُكَةِ. وَاللَّهِ لَأَحْمِلَنَّكَ، قَالَ: فَأَعَادَهَا حَتَّى حَلَفَ ثَلَاثِينَ يَمِينًا وَيَمِنَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ أَبَدًا، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا إِلَّا اتَّبَعْتُ خَيْرَ الْيَمِينَيْنِ. أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى

قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ أَذَمَّتْ رِكَابُ الْقَوْمِ إِذَا تَأَخَّرَتْ عَنْ جَمَاعَةِ الْإِبِلِ وَلَمْ تَلْحَقْ بِهَا، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِكَ: أَذَمَّ الرَّجُلُ إِذَا فَعَلَ مَا يُذَمُّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ أَذَمَّ الرَّحْلُ إِذَا فَعَلَ مَا يُذَمُّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ أَذْمَمْتُهُ إِذَا صَادَفْتَهُ مَذْمُومًا. وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: «أَذَنَّتْ» ، وَهَذَا الَّذِي قَالَ: لَا وَجْهَ لَهُ عِنْدَنَا، وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ النَّاقِلُ غَيَّرَ الْكَلِمَةَ مِنْ قَوْلِهِ: «أَدْنَتْ رَاحِلَتِي» تَقُولُ: قَدْ أَدْنَتِ النَّاقَةُ، فَهِيَ مُدْنٌ إِذَا دَنَا وِلَادُهَا، وَهَذَا قَدْ يَجُوزُ عَلَى ضَعْفٍ فِيهِ، وَأَمَّا وَجْهُ الْكَلَامِ، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْعَرَبِ مَا ذَكَرْنَاهُ. 225 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: نا الْفَضْلُ بْنُ غَانِمٍ، قَالَ: نا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ جَهْمِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ مَوْلَى الْحَارِثِ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: §كَانَتْ حَلِيمَةُ بِنْتُ أَبِي ذُؤَيْبٍ السَّعْدِيَّةُ أُمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُحَدِّثُ أَنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ بَلَدِهَا مَعَهَا زَوْجُهَا وَابْنٌ لَهَا تُرْضِعُهُ، قَالَتْ: فَخَرَجَتْ عَلَى أَتَانٍ، فَلَقَدْ أَذَمَّتْ بِالرَّكْبِ حَتَّى شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ عَجْفًا وَضَعْفًا، ثُمَّ رَجَعْنَا، وَرَكِبْتُ أَتَانِي تِلْكَ، وَحَمَلْتُهُ عَلَيْهَا، فَوَاللَّهِ لَقَطَعَتْ بِالرَّكْبِ مَا

يَقْدِرُ عَلَيْهَا شَيْء مِنْ حُمُرِهِمْ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى وَغَيْرُهُ: أَذَمَّتْ بِالرَّكْبِ، يَعْنِي أَنَّهَا تَخَلَّفَتْ بِرَاكِبِهَا، وَوَقَفَتْهُ عَنْ جَمَاعَةِ النَّاسِ

226 - وَقَالَ: «فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ §أَبَا لُؤْلُؤَةَ، لَمَّا طَعَنَهُ طَعَنَ بِخِنْجَرِهِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، فَأَفْرَقَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ، وَمَاتَ سَبْعَةٌ» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، قَالَ: نا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ

قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: قَدْ أَفْرَقَ الرَّجُلُ مِنْ عِلَّتِهِ، يُفْرِقُ إِفْرَاقًا، إِذَا بَرَأَ حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: أَنْشَدَ: وَقَدْ عَلِمْتُ وَخَيْرُ الْعِلْمِ أَنْفَعُهُ ... عَلَى تَبَارِيحَ مِنْ شَوْقٍ وَمِنْ نَصَبِ مَا لِابْنِ خَمْسِينَ مِنْ سَجْوَاءَ قَدْ صُنِعَتْ ... إِحْدَى وَعِشْرِينَ إِلَّا لَوْعَةُ الطَّرَبِ إِلَّا عَلَى ذَاتِ أَنْيَارٍ تَوَاتُرُهَا ... إِفْرَاقُ عَامَيْنِ وَاقْوَرَّتْ عَلَى أَدَبِ إِفْرَاقُ عَامَيْنِ، أْيَ لَمْ تَحْمِلْ عَامَيْنِ، وَقَوْلُهُ: ذَاتِ أَنْيَارٍ، يَعْنِي: نَاقَةً، وَثِيقَةً، كَثِيفَةً مِنَ الشَّحْمِ وَاللَّحْمِ، كَالثَّوْبِ الَّذِي يُنْسَجُ بِنِيرَيْنِ، اقْوَرَّتْ: ضَمَرَتْ، وَقَوُلُهُ: سَجْوَاءَ: امْرَأَةٌ سَاجِيَةُ الطَّرْفِ، أَيْ سَاكِنَتُهُ، قَدْ صُنِعَتْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ: أَيْ قِيمَ عَلَيْهَا وَأُصْلِحَتْ، إِلَّا لَوْعَةُ الطَّرَبِ، وَالطَّرَبُ: خِفَّةٌ تَأْخُذُ الرَّجُلَ مِنْ فَرَحٍ، أَوْ حَزَنٍ، وَالتَّبَارِيح: بُلُوغُ الْجَهْدِ مِنَ الْإِنْسَانِ

227 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: §مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ، إِلَّا كَنَفْجَةِ أَرْنَبٍ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ:

" النَّفْجَةُ: مِثْلُ الطَّفْرَةِ، وَهِيَ الْوَثْبَةُ، يُقَالُ: أَنْفَجَ الصَّائِدُ الْأَرْنَبَ، أَيْ: أَثَارَهُ مِنْ مَجْثَمِهِ وَمَكْنِسِهِ، وَيُقَالُ: نَفَجَ الْيَرْبُوعُ، وَهُوَ يَنْفِجُ وَيَنْفُجُ، وَهُوَ أَوْحَى عَدْوَهُ " 228 - وحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا حَاتِمُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: نا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: نا حَمَّادُ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءَ، يَقُولُ: §أَذْكُرُ أَكْلَةً أَكَلْتُهَا أَنَّا أَنْفَجْنَا ظَبْيًا رَقَبَهُ السَّبُعُ، فَأَخَذْنَاهُ فَرَضَضْنَاهُ، وَرَضَضْنَا شَيْئًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا، فَأَلْقَيْنَاهُ وَأَلْقَيْنَا عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ، وَقُمْتُ إِلَى شَارِفٍ لَنَا فَفَصَّدْتُهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ لَبَكْنَاهُ بِهِ

وَاللَّبْكُ: جَمْعُكَ الشَّيْءَ، وَخَلْطُكَهُ إِيَّاهُ، كَمَا تَلْبُكَ الثَّرِيدَ لِتَأْكُلَهُ، وَمِنْهُ يُقَالُ: الْتَبَكَ الْأَمْرُ، إِذَا اخْتَلَطَ وَالْتَبَسَ قَالَ زُهَيْرٌ: رَدَّ الْقِيَانُ جِمَالَ الْحَيِّ فَاحْتَمَلُوا ... إِلَى الظَّهِيرَةِ أَمْرٌ بَيْنَهَمْ لَبِكُ

أَيْ: مُلْتَبِسٌ لَا يَسْتَقِيمُ، رَأْيُهُمْ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، أَلَّا تَرَى أَنَّهُ قَدْ فَسَّرَهُ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي حَيْثِ يَقُولُ: مَا إِنْ يَكَادُ يُخَلِّيهِمْ لِوِجْهَتِهِمْ ... تَخَالُجُ الْأَمِرِ إِنَّ الْأَمْرَ مُشْترَكُ وَيُقَالُ: مَا ذَاقَ عَبَكَةً وَلَا لَبَكَةً، فَالْعَبَكَةُ: الْحَبَّةُ مِنَ السَّوِيقِ وَنَحْوِهِ، وَاللَّبَكَةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الثَّرِيدِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَذَكَرَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى " {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} [القصص: 25] قَالَ: قَائِلَةٌ بِكُمِّهَا عَلَى وَجْهِهَا، لَيْسَتْ بِسَلْفَعٍ مِنَ النِّسَاءِ خَرَّاجَةٍ وَلَاجَةٍ ". يُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، عَنْ عُمَرَ،

يُقَالُ: رَجُلٌ سَلْفَعٌ، وَهُوَ الْجَرِيءُ الْجَسُورُ، وَامْرَأَةُ سَلْفَعٌ، الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ، وَهِيَ مِنَ النِّسَاءِ السَّلِيطَةُ، قَالَ جَرِيرٌ: مُنَعَّمَةٌ سَوْدَاءُ لَيْسَتْ بِسَلْفَعٍ ... طَوِيلٌ بِجِيرَانِ الْبُيُوتِ نِدَاؤُهَا وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَأَلَ عَمْرَو بْنَ مَعْدِي كَرِبَ، عَنْ سَعْدٍ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: لَشَدَّ مَا تَقَارَضْتُمَا الثَّنَاءَ، قَالَ أَبُو زَيْدُ: يُقَالُ: فُلَانٌ يُقَرِّضُ صَاحِبَهُ تَقْرِيضًا إِذَا مَدَحَهُ، أَوْ ذَمَّهُ، وَهُمَا يَتَقَارَضَانِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ، وَفُلَانٌ يُقَرَّضُ صَاحِبَهُ إِذَا مَدَحَهُ، وَهُمَا يَتَقَارَضَانِ الْمَدْحَ إِذَا مَدَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ خَطَبَ إِلَى عَلِيٍّ بِنْتَهُ، فَقَالَ: " إِنِّي أُرْصِدُ مِنْ كَرَامَتِهَا مَا لَا يُرْصِدُهُ غَيْرِي،

قَالَ أَبُو زَيْدُ: فِيهِ لُغَاتٍ، يُقَالُ: رَصَدْتَ لَهُ بِالْخَيْرِ وَغَيْرِهِ، أُرْصُدُهُ بِهِ رَصْدًا، وَأَنَا رَاصِدُ بِالْخَيْرِ، وَأَرْصَدْتُ لَهُ بِالْخَيْرِ إِرْصَادًا، وَأَنَا مُرْصِدٌ لَهُ بِذَلِكَ، وَفِي الْقُرْآنِ: {وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [التوبة: 107] . وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: «وَيْحَكَ مَا أُعَاتِبُكَ فِي شَيْءٍ إِلَّا تَرَكْتَنِي فِي مِثْلِ رَوَاجِبِ الضَّرْسِ، لَا أَدْرِي آمُرُكَ أَمْ أَنْهَاكَ» . وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الرَّاجِبَةَ الْعَمْرُ الَّذِي بين الْأَضْرَاسَ، وَإِنِّمَا الرَّوَاجِبُ فِي الْأَصَابِعِ، الرَّاجِبَةُ مَا بَيْنَ الْبَرْجُمَتَيْنِ مِنْ كُلِّ إِصْبَعٍ، وَهِيَ السُلَامِيُّ، فَاسْتَعَارَهَا فِي الْأَضْرَاسِ، وَرَاجِبَةُ الطَّيْرِ: الْإِصْبَعُ الَّتِي تَلِيَ الدَّائِرَةَ مِنَ الْجَانِبِ الْوَحْشِيِّ، وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ فِي رَوَاجِبِ الْأَصَابِعِ يَصِفُ فَرَسًا:

كَأَنَّهُ مَتْنُ مِرِّيخٍ أَمَرَ بِهِ ... زَيْغ الشِّمَالِ وَحَفْزُ الْقَوْسِ بِالْوَتَرِ هَرْجَ الْوَلِيدِ بِخَيْطٍ مُبْرَمٍ خَلَقٍ ... بَيْنَ الرَّوَاجِبِ فِي عُودٍ مِنَ الْعُشَرِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: الْمِرِّيخُ سَهْمٌ لَهُ أَرْبَعُ قَذَذٍ وهو أسرع السهام ذهابا، زيغ الشمال: يقول: حيث زاغت شماله أرسله سهمه، والحفز: الدفع. وَالْهَرْجُ: كَثْرَةُ الْقَتْلِ، يُرِيدُ الْخُذْرُوفَ، وَجَعَلَ خَيْطَهُ خَلَقًا، لِأَنَّهُ أَسْلَسَ وَجَعَلَ عُودَ الْخُذْرُوفِ مِنْ عُشَرٍ، لِأَنَّ الْعُشَرَ أَخَفُّ. وَسَأَلْتُ الْهَجَرِيَّ عَنْ قَوْلِ جَرِيرٍ: وَلَقَدْ لَقِيتُ فَوَارِسًا مِنْ عَامِرٍ ... غَنَظُوكَ غَنْظَ جَرَادةِ الْعَيَّارِ فَقَالَ: كَانَ الْعَيَّارُ رَجُلًا مِنْ بَنِي عُلَيْمٍ، وَكَانَ أَفْرَقَ الثَّنِيَّةَ، فَأَكَلَ جَرَادًا، فَنَشِبَتْ جَرَادَةٌ فِي فَرَقِ ثَنِيَّتِهِ، فَلَمْ يَشْعُرْ بِهَا حَتَّى تَكَلَّمَ، وَهُوَ فِي نَادِي قَوْمِهِ، فَنُبِّهَ عَلَيْهَا.

233 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ §قُرَيْشًا رَوْقٌ بَيْنَ النَّاسِ، وَإِنَّهُ لَيْسَ يَدْخُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي بَابٍ، إِلَّا دَخَلَ مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ، حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: نا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، رَوْقُ كُلِّ شَيْءٍ، خَيْرُهُ وَأَفْضَلُهُ، وَمِنْهُ قِيلَ: رَوْقُ الشَّبَابِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ الْبُعَيْثُ: §مَدَحْنَا لَهَا رَوْقَ الشَّبَابِ فَعَارَضَتْ ... جِنَابَ الصِّبَا فِي كَاتِمِ السِّرِّ أَعْجَمَا. فَعَارَضَتْ: أَيْ أَخَذَتْ فِي عُرْضٍ مِنْهُ أَيْ نَاحِيَةٍ مِنْهُ، جِنَابَ الصِّبَا: أَيْ جَنْبَهُ، يُقَالُ: بَنُو فُلَانٍ جِنَابَ فُلَانٍ أَيْ إِلَى جَنْبِهِ، يَقُولُ وَالشَّبَابَ، فهشت لذلك، وأخذت في طرف منه، كاتم أي

في خفية، أعجم: مَدَحْنَا الصِّبَا لَا يَتَبَيَّنَهُ النَّاسُ، يُقَالُ: سِرٌّ كَاتِمٌ أَيْ مَكْتُومٌ، وَمَاءٌ دَافِقٌ أَيْ مَدْفُوقٌ، وَسَبِيلٌ خَائِفٌ، وَلَيْلٌ نَائِمٌ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى: رَيْقُ الشَّبَابِ. عَلِقَ الفُؤادُ بِرَيِّقِ الْجَهِلِ ... فَأَبَرَّ وَاسْتَعْصَى عَلَى الْأَهْلِ وَصَبَا وَقَدْ شَابَتْ مَفَارِقُهُ ... جَهْلَا وَكَيْفُ صَبَابَةُ الْكَهِلِ أَدْرَكْتُ مُعْتَصَرِي وَأَدْرَكَنِي ... حِلْمِي وَيَسَّرَ قَائِدِي نَعْلِي وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: رُوقَةُ النَّاسِ خِيَارُهُمْ 234 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا القَعْنَبِيُّ، قَالَ: نا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «§لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى تَكُونَ رَائِطَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِبَوْلَانَ، إِنَّكُمْ سَتَقَاتِلُونَ بَنِي الْأَصْفَرِ، وَتَقْتُلُونَهُمْ، وَيُقَاتِلُهُمْ مِنْ بَعْدِكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ رُوقَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، لَا تَأْخُذُهُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَرُومِيَّةَ بِالتَّسْبِيحِ والتَّكْبِيرِ»

وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ: إِنَّمَا هِيَ رَوْقَةٌ، وَكَذَلِكَ الَّذِي هُوَ فِي الْحَدِيثِ، «قُرَيْشٌ رُوَقٌ» جَمْعُ رُوقَةٍ، قَالَ: وَيُقَالُ: لِمَا حَسُنُ مِنَ الْوُصَائِفِ وَالْوُصَفَاءِ رُوقَةٌ وَوُصَفاءُ رُوقَةٌ وَرُوقٌ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الرَّوْقِ وَهُوَ الْإِعْجَابِ، رَاقَنِي الشَّيْءُ يَرُوقُنِي، وَقَالَ ذُو الرُّمَةِ: وَسَاعَفْتُ حَاجَاتِ الْغَوَانِي وَرَاقَنِي ... عَلَى الْبُخْلِ رَقْرَاقَاتُهُنَّ الْمَلَائِحُ وَقَالَ الْعُتْبِيُّ: ذَكَرَ أَعْرَابِيُّ امْرَأَةً، فَقَالَ: تَبْسِمُ عَنْ حَمْشِ اللِّثَاتِ كَأَقَاحِي النَّبَاتِ، فَالسَّعِيدُ مَنْ ذَاقَهُ، وَالشَّقِيُّ مَنْ رَاقَهُ، أَيْ: أَعْجَبَهُ وَلَمْ يَنَلْهُ

وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: " أَخْبَرَكُمْ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ هَذَا الْمَالِ كَذَا وَكَذَا، وَيَدِي مَعَ أَيْدِكُمْ تَقَرُّمُ الْبَهْمَةِ، يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عُمَرَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ يَغْلُطُ فِيهِ، فَيَقُولُ: تَقَرُّمَ الْبَهِيمَةِ، وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ، يُقَالُ: قَرَمَ الرَّجُلُ يَقْرِمُ قَرْمًا، إِذَا أَكَلَ أَكْلًا ضَعِيفًا، وَقَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ مِنْهُ: هُوَ يَتَقَرَّمُ تَقَرُّمَ الْبَهْمَةِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ: يُقَالُ لِلصَّبِيِّ أَوَّلَ مَا يَأْكُلُ، قَدْ قَرَمَ يَقْرِمُ قُرُمًا وَقَرْمًا. 236 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا بَعَثَ الْعُمَّالَ، أَوْصَاهُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَقَالَ: «§أَرْبَعٌ لَيْسَ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ سُلْطَانٌ، ذُو دَمٍ مُسْلِمٍ، وَلَا عَلَى عِرْضٍ، وَلَا عَلَى بَشَرٍ» .

حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا شَيْبَانُ، قَالَ: نا الصَّعِقُ بْنُ حَزْنٍ، قَالَ: نا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ الْأَسَدِيُّ هَكَذَا قَالَهُ مُوسَى، وَلَمْ يَذْكُرِ الرَّابِعَةَ.

وَقَوْلُهُ: ذُو دَمٍ مُسْلِمٍ، فَإِنَّ الْعَرَبَ تَزِيدُ، ذُو فِي الْكَلَامِ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مُدْرَكَةَ الْخَثْعَمِيُّ: عَزَمْتُ عَلَى إِقَامَةِ ذِي صَبَاحٍ ... لِأَمْرٍ مَا يُسَوَّدُ مَنْ يَسُودُ وَرُبَّمَا كَانَتْ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِمُ الَّذِي. قِيلَ لِأَعْرَابِيٍّ: هَلْ بِامْرَأَتِكَ مِنْ حَبَلٍ، قَالَ: لَا، وَذُو بَيْتُهُ فِي السَّمَاءِ، مَالَهَا ذَنْبٌ تَشُولُ بِهِ، وَمَا آتِيهَا إِلَّا وَهِيَ ضَبِعَةٌ 237 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، عَنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: §شَتَمَ عَوْفُ بْنُ ضَمْرَةَ السَّهْمِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ لَهُ طُلَيْبَ بْنَ عَمْرِو بْنِ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ قُصَيٍّ، وَأُمَّهُ أَرْوَى بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَحْيَى جَمَلٍ «فَضَرَبَهُ حَتَّى سَقَطَ مُرَمَّلًا بِدَمِهِ، فَقِيلَ لِأُمِّهِ، أَلَا تَرَيْنَ مَا يَصْنَعُ ابْنُكِ» ، فَقَالَتْ:

إِنَّ طُلَيْبًا نَصَرَ ابْنَ خَالِهِ ... أَسَاهُ فِي ذِي دَمِهِ وَمَالِهِ 238 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ: نا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْعَبْدِيِّ، قَالَ: أَنَا هَارُونُ بْنُ رِئَابٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَسْعَسَ بْنَ سَلَامَةَ، يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: سَأُحَدِّثُكُمْ بِبَيْتٍ مِنَ الشِّعْرِ، فَجَعَلُوا يَنْظُرُونَ، وَيَقُولُونَ: مَا نَصْنَعُ بِالشِّعْرِ؟ فَقَالَ: §إِنْ تَنْجُ مِنْهَا تَنْجُ مِنْ ذِي عَظِيمَةٍ ... وَإِلَّا فَإِنِّي لَا إخَالُكَ نَاجِيَا قَالَ: فَمَا رَأَيْتُهُمْ بَكَوْا مِنْ مَوْعِظَةٍ بُكَاءَهُمْ مِنْهُ،

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَلُغَةُ كَثِيرٍ مِنَ الْعَرَبِ الْفُصَحَاءِ يَقُولُونَ: هَذَا فُلَانٌ سَمِعْتُ

بِهِ، يَعْنِي الَّذِي سَمِعْتُ بِهِ، وَلَا يُغَيَّرُ هَذَا اللَّفْظُ فِي رَفْعٍ، وَلَا نَصْبٍ، وَلَا جَرٍّ، وَهُوَ عَلَى هَيْئَةٍ وَاحِدَةٍ فِي التَّثْنِيَةِ، وَالْجَمْعِ، وَالتَّذْكِيرِ، وَالتَّأْنِيثِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: فَإِنَّ بَيْتَ تَمِيمٍ ذُو سَمِعْتَ بِهِ ... فِيهِ تَنَمَّتْ وَأَرْسَتْ عِزَّها مُضَرُ وَقَالَ أَبُو حَيَّةَ النُّمَيْرِيُّ: وَذَا لُعَابُ الْمَنَايا ذُو سَمِعْتَ بِهِ وَيُقَالُ: أَتَى عَلَيْهِ ذُو أَتَى. أَيِ الَّذِي أَتَى 239 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا يُونُسُ، قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي هِشَامٍ مَوْلَى قُرَيْشٍ، قَالَ: " قَرَأْتُ §وَصِيَّةَ حَفْصَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِذَا هِيَ قَدْ أَوْصَتْ بِأَشْيَاءٍ، فَإِذَا فِي آخِرِ وَصِيَّتِهَا: هَذِهِ وَصِيَّتِي إِنْ أَتَى عَلَى ذُو أَتَى لَمْ أُغَيِّرْهَا

وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْغَازِ، يَقُولُ: ذُو أَتَاءٍ، وَقَوْلُ أَبِي حَاتِمٍ: هُوَ الْمَحْفُوظُ عِنْدَنَا، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَهَذَا كَمَا جَعَلُوا مَا، وَمَنْ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَمِمَّا يَتَكَلَّمُ بِهِ مُؤَنَّثًا: اللَّهُمَّ أَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَلَمْ يَقُولُوا: ذَا بَيْنِنَا، كَأَنَّهُمْ أَرَادُوا شَيْئًا مُؤَنَّثًا، وَقَالُوا: لَقِيتُهُ ذَاتَ يَوْمٍ، وَذَاتَ لَيْلَةٍ، وَذَاتَ غَدَاةٍ، وَذَاتَ مَرَّةٍ، وَعَلَى إِضْمَارِ شَيْءٍ مُؤَنَّثٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيدَةَ: وَكَذَلِكَ لَقِيتُهُ ذَاتَ الْعُوَيْمِ، وَذَاتَ الزُّمَيْنِ، وَلَقِيتُهُ ذَا غَبُوقٍ، وَذَا صَبُوحٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَقَدْ يُقَالُ: لَقِيتُهُ ذَا صَبَاحٍ، وَقَدْ يُقَالُ فِي بَعْضِ الْجَوَابِ: لَا بِذِي تَسْلَمُ، كأَنَّهُ قَالَ: افْعَلْ كَذَا وَكَذَا، فَقُلْتُ لَا بِسَلَامَتِكَ، أَيْ لَا أَفْعَلُهُ، وَتَدْعُوا لَهُ مَعَ ذَلِكَ بِالسَّلَامَةِ، وَلُلْمَرْأَةِ: لَا بِذِي تَسْلَمِينَ. وَمِمَّا تَكَلَّمُوا فِيهِ بِالتَّأْنِيثِ قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ قَلِيلُ ذَاتِ الْيَدِ، إِذَا كَانَ مُقِلًّا. 240 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعَابِدِيُّ، قَالَ: نا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: نا ابْنُ سَلَامٍ، قَالَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنِ الْحَسَنِ «§مَنْ وُسِّعَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ يَدِهِ، فَلَمْ يَخَفْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَكْرٌ، فَقَدْ أَمِنَ مَخُوَفًا، وَمَنْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ يَدِهِ، فَلَمْ يَرْجُ أَنْ يَكُونَ

ذَلِكَ نَظَرًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ ضَيَّعَ مَأمُولًا» 241 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ، قَالَ: «§رَأَيْتُ عُمَرَ §بَالٍ قَائِمًا حَتَّى رَأَيْتُهُ يَفِجُّ قَائِمًا» . حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا بُنْدَرٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ ابْنِ وَهْبٍ.

الْفَجَجُ: أَقْبَحُ مِنَ الْفَحَجِ، وَالنَّعَامَةُ: تَفِجُّ: إِذَا رَمَتْ بِصَوْمِهَا، وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ أَفجَّ إِفْجَاجَ النَّعَامَةِ، وَأَجْفَلَ إِجْفَالَ الظَّلِيمِ، وَأَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، لِنَهِيكِ بْنِ إِسَافٍ:

لَيْسُو يَصَدُّونَ إِنْ نَابَتْ مُجَلْجَةُ ... إِذَا أَفَجَّ مِنَ الْعُرْمِ الْمِفَادِيحُ 242 - وَقَالَ فِي حُدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: «§مَنْ نَقَرَ أَنْفَهُ، أَوْ مَسَّ إِبْطَهُ، فَلْيَتَوَضَّأْ» . أخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نا اللَّيْثُ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: النَّقْرُ هَهُنَا: قَرْفُ الْأَنْفِ وَسَحْفُ مَا فِيهِ، وَأَصْلُ النَّقْرِ: ضَرْبُ الرَّحَى، وَالْحَجَرِ، وَالْأَرْضِ الصُّلْبَةِ بِالْمِنْقَارِ، وَالْمَنْقَارِ: حَدِيدَةٌ كَالْفَأْسِ لَهُ خَلْفٌ مُسَكَّكٌ، أَيْ مَمْدُودٌ مُسْتَدِيرٌ تُقْطَعُ بِهِ الْحِجَارَةَ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:

إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنِّي سَوْفَ يَلْحَدُ لِي ... نَبْتُ الْأَكُفِّ وَتَنْقِيرُ الْمُنَاقِيرِ. وَمِنْهُ قِيلَ: رَجُلٌ نَقَّارٌ وَمُنَقِّرٌ: يُنَقِّرُ عَنِ الْأُمُورِ وَالْأَخْبَارِ وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: مَتَى تَكْثُرُ حَمَلَةُ الْقُرْآنِ يُنَقرُوا، وَمَتَى يُنَقِّرُوا يَخْتَلِفُوا، وَمَتَى يَخْتَلِفُوا يَهْلِكُوا وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ: «مَالِي أَرَاكَ مُحَمِّجًا» . التَّحْمِيجُ: تَغَيُّرٌ فِي وَالْوَجْهِ مِنَ الْغَضَبِ وَنَحْوِهِ، وَالتَّحْمِيجُ أَيْضًا: النَّظَرُ بِخَوْفٍ. وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي الضُّحَى. 244 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا بُنْدَارٌ، قَالَ: نا يَحْيَى، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: §" {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} [القمر: 8] قَالَ: التَّحْمِيجُ

«. وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَعَ أَبِي زُبَيْدٍ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ» لَمَّا أَتَى بِفَرْوَةِ كِسْرَى، وَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا ". قَالَ الزِّيَادِيُّ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، الْفَرْوَةُ: الْمَيْسَرَةُ وَالْغِنَى، يُقَالُ: فُلَانٌ ذُو فَرْوَةٍ، وَالْفَرْوَةُ فِي الْمَالِ، وَالثَّرْوَةُ فِي الْعَدَدِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا بَعْدَ لُوطٍ، إِلَّا فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ» .

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الثَّرْوَةُ: الْعَدَدُ وَالْمَنَعَةُ، وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: يُقَالُ: ثَوْرَةٌ مِنْ رِجَالٍ، وَثَرْوَةٌ، يَعْنِي: عَدَدًا كَثِيرًا، وَثَرْوَةٌ مِنْ مَالٍ لَا غَيْرَ، وَقَالَ غَيْرُهُ. وَقَالَ فِي ذَلِكَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ: وَمَا يُشْعِرُ الرُمْحَ الْأَصَمَّ كُعُوبُهُ ... بِثَرْوَةِ رَهْطِ الْأَبْلَخِ الْمُتَظَلِّمِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ ضَبَّةَ بْنَ مِحْصَنٍ، قَالَ: انْطَلَقْتُ آثِي عَلَى أَبِي مُوسَى عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، الْإِثَاوَةَ: الرَّفْعُ عَلَى الرُّجِلِ وَالتَّحْمِيلُ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَثَوْتُ بِالرَّجُلِ، وَأَثَيْتُ إِذَا وَشَيْتُ بِهِ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: الصُّلْعَانُ خَيْرٌ أَمِ الْفُرْعَانُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: بَلِ الْفُرْعَانُ ". الْفَرَعُ: الشَّعَرُ الْكَثِيرُ، يُقَالُ رَجُلٌ أَفْرَعُ، وَامْرَأَةٌ فَرْعَاءُ بَيِّنَةُ الْفَرَعِ، وَهُوَ التَّامُ الشَّعَرِ الَّذِي لَمْ يَذْهَبْ مِنْهُ شَيْءٌ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَعَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَفْرَعُ، وَكَانَ عُمَرُ أَصْلَعَ لَهُ حِفَافٌ، وَكَانَ عَلِيٌّ أَصْلَعَ

حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: يُقَالُ: §لَمْ يَبْقَ مِنْ شَعَرِهِ إِلَّا حِفَافٌ، وَهُوَ أَنْ يَبْقَى مِنْهُ كَالطُّرَّةِ حَوْلَ رَأْسِهِ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنْشَدَ: §حَنَى أَعْظُمِي مَرُّ الزَّمَانِ الَّذِي مَضَى ... وَبُدِّلْتُ مِنْ رَأْسِي ثَلَاثَةَ أَرْؤُسِ

حِفَافَيْنِ مِثْلَ الْقُذَّتَيْنِ وَهَامَةً ... يَزَلُّ الذُّبَابُ الثَّقْفُ عَنْهَا فَيَفْرَسِ وَيُرْوَى بِنَقْرِسِ أَيْ أَنَّ قَوَائِمَهُ تَتَوَجَّعُ بِنُزُولِهِ عَلَيْهِ، أَيْ تَنْدَقُّ عُنُقُهُ، وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ: وَمَنْ يَمِيلُ أَمَالَ السَّيْفُ ذِرْوَتَهُ ... حَيْثُ انْتَهَى مِنْ حِفَافَيْ رَأْسِهِ الشَّعَرُ. 248 - َقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ شَيْءٍ، فَأَجَابَهُ، فَالْتَفَتَ إِلَى الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ: «§أَعْيَيْتُمُونِي أَنْ تَأْتُوا بِمِثْلِ مَا جَاءَ بِهِ هَذَا الْغُلَامُ، الَّذِي لَمْ تَجْتَمِعْ شُئُونُ رَأْسِهِ» . حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَاحِدُ الشُّئُونِ شَأْنٌ، وَهِيَ السَّلَاسِلُ الَّتِي تَجْمَعُ بَيْنَ الْفُرَاشِ، وَالْفُرَاشُ: الْقَبَائِلُ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ أَرْبَعُ قَبَائِلَ مُتَقَابِلَاتٍ مُتَشَعِبٌ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ، قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: وَلِلنِّسَاءِ ثَلَاثُ قَبَائِلَ، وَيُقَالُ: إِنَّ الدَّمْعَ يَخْرُجُ مِنَ الشُّئُونِ، وَمِنْهُ يُقَالُ: اسْتَهَلَّتْ شُئُونُهُ وَالِاسْتِهْلَالُ قَطْرٌ لَهُ صَوْتٌ، قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ: لَا تَحْزُنِينِي بِالْفِرَاقِ فَإِنِّنِي ... لَا تَسْتَهِلُّ مِنَ الْفِرَاقِ شُئُونِي. وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي الْقَبَائِلِ: وَإِنِّي زَعِيمٌ لِلْكَمِيِّ بِضَرْبَةٍ ... بِأَبْيَضَ مَصْقُولٍ شُئُونَ الْقَبَائِلِ وَكَذَلِكَ قَبَائِلُ الْقَدَحِ وَالْجَفْنَةِ، وَكُلُّ قِطْعَتَيْنِ شُعِبَتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى، فَهِيَ قَبِيلَةٌ، وَمِنْهَا قَبَائِلُ الْعَرَبِ. وَقَوْلُ عُمَرَ: لَمْ تَجْتَمِعْ شُئُونُ رَأْسِهِ، يَقُولُ: إِنَّهُ غُلَامٌ، لِأَنَّ الشُئُونُ إِنَّمَا تَشْتَدُّ وَتَتَلَاحَمُ، وَتَصْلُبُ مِنَ الْكَهْلِ، وَقَالُوا: وَجَّهَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ خَيْلًا إِلَى رَجُلٍ كَانَ يَصِيبُ الطَّرِيقَ، فَأَعْجَزَهُمْ عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهَا: الْعَصَا، وَأَنْشَأَ يَقُولُ: تَجَلَّلْتُ الْعَصَا وَعَلِمْتُ أَنِّي ... رَهِينَةُ حَبْسِهِمْ إِنْ يَثْقَفُونِي وَلَو أَنِّي نَظَرْتُهُمْ قَلِيلًا ... لَسَاقُونِي إِلَى شَيْخِ بَطِينِ شَدِيدِ مَجَالِزِ الْكَتِفَيْنِ صُلْبٍ ... عَلَى الْحَدَثَانِ مُجْتَمِعِ الشُّئُونِ وَأَنْشَدَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ يَعْقُوبَ: أَوَاقِدُ لَا آلُوكَ إِلَّا مُهَنَّدًا ... وَجِلْدَ أَبِي عِجْلٍ وَثِيقَ الْقَبَائِلِ

وَجِلْدَ أَبِي عِجْلٍ: أَيْ تُرْسًا عُمِلَ مِنْ جِلْدِ ثَوْرٍ، وَهُوَ أَبُو العِجْلِ، وَثِيقَ الْقَبَائِلِ: أَيْ شَدِيدَ الْقَبَائِلِ قَبَائِلُ الرَّأْسِ، لِأَنَّهُ مُسِنُّ 249 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «أَنَّهُ كَانَ §يَأْكُلُ إِحْدَى عَشْرَةَ لُقْمَةً كُلُّ وَاحِدَةٍ كَهَمِّكَ» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي عُمَيرٍ عَنْ آلِ عُمَرَ. قَوْلُهُ: كَهَمِّكَ: أَيْ كَمَا تَتَمنَّى وَتَشْتَهِي، تَقُولُ: رَأَيْتُ رَجُلًا هَمَّكَ مِنْ رَجُلٍ، وَهَدَّكَ مِنْ رَجُلٍ، بِمَعْنَى: شَرْعِكَ، وَحَسْبِكَ، قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ يَذْكُرُ جَلَدَهُ وَحِنْكَتَهُ:

كَهَمِّكِ لِأَحَدٌ الشَّبَابُ يُضِلُّنِي ... وَلَا هَرَمٌ مِمَّنْ تَوَجَّهَ دَالِفُ يَقُولُ: لَسْتُ بِالضَّرَعِ الْغُمْرِ، وَلَا بِالْهَرَمِ الَّذِي قَدْ دَلَفَ لِلمَوْتِ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: هَذَا رَجُلٌ هَمَّكَ مِنْ رَجُلٍ، وَنَاهِيكَ مِنْ رَجُلٍ، وَجَازَيَكَ مِنْ رَجُلٍ، وَكَافِيكَ مِنْ رَجُلٍ، وَحَسْبُكَ مِنْ رَجُلٍ، وَشَرْعُكَ مِنْ رَجُلٍ، وَكُلُّهُ وَاحِدٌ 250 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ §عَامِلِي كَتَبَ إِلَيَّ أَنَّهُ كَرِهَ لِلْمُسْلِمِينَ مُبَاحَتَةَ الْمَاءِ، وَغَلَا عَلَيْهِمُ الْعَسَلُ، وَأَنَّهُ صَنَعَ لَهُمْ شَرَابًا مِنَ الْعَصِيرِ يَذْهَبُ الثُّلُثَانِ، وَيَبْقَى الثُّلُثُ، فَاشْرَبْهُ وَصِفْهُ لِمَنْ عِنْدَكَ» ، أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةُ، عَنْ أْشَعَثَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ حَيَّانَ بْنِ حُصَيْنٍ الْأَسَدِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، فَطَرَحَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ عُمَرَ فِيهِ هَذَا.

مُبَاحَتَةُ الْمَاءِ: شُرْبُهُ بَحْتًا، وَالْبَحْتُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: الْخَالِصُ، قَالَ رُؤْبَةُ: وَقَدْ أَرَانِي فِي الشَّبَابِ الصَّلْتِ أَزْمَانَ لَا أَدْرِي وَإِنْ سَأَلْتِ مَا نُسْكُ يَوْمِ جُمْعَةٍ مِنْ سَبْتِ أَغْيَدُ لَا أَحْفِلُ يَوْمَ الْوَقْتِ إِنْسِا وَجِنِّيًّا إِذَا وَصَفْتِ كَحَيَّةِ الْمَاءِ جَرَى فِي الْقَلْتِ أَرْكَبُ مَادُونَ الْفُجُورِ الْبَحْتِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيدَةَ، يَقُولُ: لَا أَعْرِفُ الْجُمُعَةَ مِنَ السَّبْتِ مِنَ الْمُجُونِ وَالْخَبَثِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: ثُمَّ رَأَيْتُهُ بَعْدُ يَجْمَعُ، وَالشَّبَابُ الصَّلْتُ: الْحَدُّ الْمَاضِي. حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: يُقَالُ ضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ صَلْتًا وَصُلْتًا، إِذَا ضَرَبَهُ بِحَدِّهِ، وَيُقَالُ: رَجُلٌ صَلْتٌ إِذَا كَانَ مَاضِيًا 251 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، " إِنَّكَ كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي §عَنْ قَوْمٍ دَخَلُوا فِي جَفَّةِ الْإِسْلَامِ، فَمَاتُوا، قَالَ: تُرْفَعُ أَمْوَالُ أُوَلِئَكَ إِلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الرَّجُلِ يُسْلِمُ، فَيُعَادُّ الْقَوْمَ وَيُعَاقِلُهُمْ، وَلَيْسَ لَهُ فِيهِمْ قَرَابَةٌ، وَلَا لَهُمْ عَلَيْهِ نِعْمَةٌ، فَاجْعَلْ مِيرَاثَهُ لِمَنْ عَاقَلَ وَعَادَّ ". أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ. قَالَ: سَأَلْتُ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنِ الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيِ الرَّجُلِ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

الْجَفُّ وَالْجَفَّةُ: جَمَاعَةُ النَّاسِ. وَقَوْلُهُ: عَادَّهُمْ، هُوَ مِنَ الْعِدَادِ فِي الدِّيوَانِ، وَأَخْذِ الْعَطَاءِ. وَأَنْشَدَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ: إِذَا قُرِّبَتْ لِلْبَابِ خُلِّفَ نِصْفُهَا ... كَمَا خُلِّفَتْ يَوْمَ الْعِدَادِ الرَّوَادِفُ يَقُولُ: إِذَا عَادَّهُمْ قَوْمٌ، فَجَاءُوا لِيَأْخُذُوا الْعَطَاءَ، خُلِّفَتِ الرَّوَادِفُ، وَهُمُ الْأَتْبَاعُ الَّذِينَ يَجِيئُونَ رَادِفَةً، لَيْسَ دِيوَانَ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى عَنِ الْأَحْنَفِ، أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ: لَوْلَا أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَقَدَّمَ أَلَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ مِنَّا إِلَّا فِي حَاجَتِهِ، لَأَعْلَمْتُهُ أَنَّ رَادِفَةً رَدَفَتْ، وَنَابِتَةً قَدْ نَبَتَتْ، يَعْنِي قَوْمًا مُنْقَطِعِينَ مِنَ الدِّيوَانِ، قَالَ الرَّاجِزُ: لَا رَيَّ حَتَّى تَنْهَلَ الرَّوَادِفُ ... النَّاظِرَاتُ الْعُقَبُ الصَّوَادِفُ وَالْعُقَبُ: مِنْ قَوْلِكَ جِئْتَ فِي عُقُبِ الشَّهْرِ وَعُقْبِهِ، وَهُوَ بَعْدَ مُضِيِّ الْآخَرِ، وَيُقَالُ لِلشُّرَكَاءِ فِي الْمَالِ وَالْمِيرَاثِ عَدَائِدُ، قَالَ لَبِيدٌ: تَطِيرُ عَدَائِدُ الْأَشْرَاكِ شَفْعًا ... وَوِتْرًا وَالزَّعَامَةُ لِلْغُلَامِ

الزَّعَامَةُ: الْكَفَالَةُ، وَفِي الْقُرْآنِ {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] . وَالزَّعَامَةُ: السِّلَاحُ، وَيُقَالُ: هِيَ الرِّيَاسَةُ. وَالْمُعَاقَلَةُ: مِنَ الْمُعَقَّلَةِ، وَيُقَالُ الْمَرْأَةُ تُعَاقِلُ الرَّجُلَ إِلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ، أَيْ تُوَازِنُهُ، وَيَسْتَوِيَانِ فِي مَا دُونَ الثُّلُثِ مِنَ الْمَوَاضِحِ وَالْمُنَقَّلَاتِ، وَمَا أَشْبَهُهَا مِنَ الشِّجَاجِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَتَى بِسَوِيقٍ سُلْتٍ، فَقَالَ لِلْجَارِيَةِ: " أَعْطِيهِ، قَالَ الرَّجُلُ: فَنَاوَلَتْنِيهِ، فَجَعَلَتْ إِذَا أَنَا حَرَّكْتُهُ ثَارَتْ لَهُ قُشَارَةٌ، وَإِذَا أَنَا تَرَكْتُهُ نَثَدَ، فَلَمَّا رَآنِي قَدْ بَشِعْتُهُ ضَحِكَ، فَقَالَ: مَالَكَ؟ أَرِنِيهِ إِنْ شِئْتَ، فَنَاوَلْتُهُ، فَشَرِبَ حَتَّى وَضَعَ عَلَى جَبْهَتِهِ "، وَفِي الْحَدِيثِ، أَنَّهُ قَالَ: يَا يَرْفَأُ انْطَلِقْ بِهِ، ما حَمَلَهُ، وَصَاحِبُهُ عَلَى نَاقَتَيْنِ ظَهِيرَتَيْنِ. أخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَخَلَفُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، عَنِ الحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، قَالَ: نا شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ الْأَسَدِيُّ، عَنِ الرَّسُولِ الَّذِي جَرَى بَيْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَسَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْجَعِيِّ، فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا.

الْقُشَارَةُ: اسْمُ مَا قُشِرَ عَنِ الْحَبِّ كَالنُّخَالَةِ، وَالنُّحَاتَةِ، وَالسُّلَاتَةِ. وَالظَّهِيرَةُ: الْقَوِيَّةُ الْظَهْرِ الصَّحِيحَةُ، وَالْفِعْلُ ظَهُرَ ظَهَارَةً، وَأَمَّا قَوْلُهُ: نَثَدَ، فَهَكَذَا أَخْبَرَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَخَلَفُ بْنُ عَمْرٍو، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ، إِنَّمَا هُوَ لَثَدَ مِنْ قَوْلِكَ لَثَدْتُ الْمَتَاعَ وَرَثَدْتُهُ، أَيْ نَضَدْتُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، وَتَرَكْتُ فُلَانًا مُلْتَثِدًا وَمُرْتَثِدًا، أَيْ نَاضِدًا مَتَاعَهُ. وَأَحْسَبُ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ أَيْضًا جَائِزًا، لِأَنَّ قَوْلَهُ: نَثَدَ أَيْ سَكَنَ، وَفِيهِ لُغَتَانِ نَثَدَ وَنَثَطَ. وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ: «أَنَّ الْأَرْضَ كَانَتْ تَمِيدُ فَوْقَ الْمَاءَ، فَنَثَّطَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِالْجِبَالِ» ، أَيْ سَكَّنَهَا.

وَقَالَ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: نَثْطُ الْأَرْضِ، أَنْ نَثْطَهَا تَصَدُّعُهَا، حَتَّى بَدَتِ الْجِبَالُ مِنْ صُدُوعِهَا، قَالَ: وَكَذَلِكَ النَّثْطُ: خُرُوجُ الْكَمَأَةِ مِنَ الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ النَّبَاتُ إِذَا صَدَعَ الْأَرْضَ فَظَهَرَ 253 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: «§صَلَاةُ الْعِشَاءِ حِينَ يُعَسْعِسُ اللَّيْلُ، وَتَذْهَبُ حُمْرَةُ الْأُفُقِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ» . أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: هَذِهِ خُطْبَةُ عُمَرَ بِالْجَابِيَةِ، وَذَكَرَ فِيهِ هَذَا. يُقَالُ: عَسْعَسَ اللَّيْلُ إِذَا أَظْلَمَ، وَقَالَ عِلَقَةُ بْنُ قُرْطٍ التَّيْمِيُّ:

حَتَّى إِذَا اللَّيْلُ عَلَيْهَا عَسْعَسَا ... وَادَّرَعَتْ مِنْهُ بَهِيمًا حِنْدِسَا وَقَدْ يُقَالُ أَيْضًا: عَسْعَسَ إِذَا وَلَّى، وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} [التكوير: 17] ، قَالَ: وَلَّى. وَكَأَنَّهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، اعْتَبَرَ فِيهِ قَوْلَهُ: {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ {33} وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ {34} } [المدثر: 33-34] . قَالَ الشَّاعِرُ: وَرَدْتُ بِأَفْرَاسٍ وَفِتْيَةٍ ... فَوَارِطَ فِي أَعْجَازِ لَيْلٍ مُعَسْعِسِ

254 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: أَنَا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، وَجَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ " §عَنِ الْوِتْرِ، فَسَكَتَ عَنْهُ، حَتَّى وَجَّهَ الصُّبْحُ، ثُمّ قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْوِتْرِ؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَنَا، فَقَالَ: هَذَا حِينَ عَسْعَسَ اللَّيْلُ، وَتَنَفَّسَ الصُّبْحُ، فَهَذَا حِينُ أَفْضَلِ الْوِتْرِ "

255 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، " أَنَّ §جُنْدُبَ بْنَ عَمْرِو بْنِ حُمَمَةَ الدَّوْسِيَّ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مُهَاجِرًا، ثُمَّ مَضَى إِلَى الشَّامِ، وَخَلَّفَ ابْنَتَهُ أُمَّ أَبَانٍ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ وَجَدْتَ لَهَا كُفْئًا فَزَوِّجْهَا، وَلَوْ بِشَرَاكِ نَعْلِهِ، فَزَوَّجَهَا عُمَرُ مِنْ عُثْمَانَ، فَجَاءَ عُثْمَانُ بِمَهْرِهَا، فَأَخَذَهُ عُمَرُ فِي يَدَيْهِ، فَدَخَلَ بِهِ عَلَيْهَا، فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ، مُدِّي حُذْلَكِ، فَفَتَحَتْ حِجْرَهَا، فَأَلْقَى فِيهِ الْمَالَ، ثُمَّ قَالَ: قُولِي: اللَّهُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَمَا هَذَا يَا أَبَتَاهُ؟ قَالَ: مَهْرُكِ، فَأَشِيعِي مِنْهُ فِي أَهْلِكِ، فَنفَحَتْ، وَقَالَتْ: وَاسَوْءَةَ ". حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: أَنَا الزُّبَيرُ، قَالَ: أَنَا عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: نا مُحْرِزُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ جَدِّهِ " , قَالَ: قَدِمَ جُنْدُبُ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَّا أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ:

«فَشَيِّعِي مِنْهُ فِي أَهْلِكِ» وَأَصْحَابُ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُونَ: فَأَشِيعِي: أَيِ انْفِقِي وَأَعْطِي. حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: تَقُولُ حُذْلَتُهُ، وَحُجْزَتُهُ، وَحُزَّتُهُ، وَحُبْكَتُهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي إِسْنَادِهِ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: تَقُولُ سَوْءَةُ وَلَوْءَةُ، وَاللَّوْءَةُ مِثْلُ السَّوْءَةِ.

وَقَالَ يَعْقُوبُ: لَهُ عِنْدِي مَا سَاءَهُ وَنَاءَهُ، وَمَا يَسُوءُهُ وَيَنُوءُهُ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} [القصص: 76] ، أَيْ تُثْقِلُ الْعُصْبَةَ، وَتَقُولُ: نُؤْتُ بِالْحِمْلِ إِذَا نَهَضْتُ بِهِ مُثْقَلًا، وَقَدْ نَاءَنِي الْحِمْلُ إِذَا أَثْقَلَكَ، وَأَنْشَدَ: إِنِّي وَجَدِّكَ لَا أَقْضِي الْغَرِيمَ وَإِنْ ... حَانَ الْقَضَاءُ وَلَا رَقَّتْ لَهُ كَبِدِي إِلَّا عَصَا أَرْزَنٍ طَارَتْ بُرَايَتُهَا ... تَنُوءُ ضَرْبَتُهَا بِالْكَفِّ وَالْعَضُدِ 256 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «§أَلَا لَا يَتَقَدَّمُ الشَّهْرَ مِنْكُمْ أَحَدٌ، أَلَا لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، ثُمَّ صُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ، فَلَنْ يُغَمَّ عَلَيْكُمُ الْعَدَدُ، فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ، ثُمَّ أَفْطِرُوا» . أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ الْجُهَنِيِّ , قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

قَوْلُهُ: وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ، فَلَنْ يُغَمَّ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّهُ جَاءَ بِاللُّغَتَيْنِ يُقَالُ: غَمَّ الْهِلَالُ عَلَى النَّاسِ، وَأُغْمِيَ عَلَى الْهِلَالِ، إِذَا سَتَرَهُ عَنْهُمْ غَيْمٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَيُقَالُ: هِيَ لَيْلَةُ الْغُمَّى، وَقَالَ: لَيْلَةُ غُمَّى طَامِسٍ هِلَالُهَا ... أَوْغَلْتُهَا وَمُكْرَهٌ إِيغَالُهَا وَقَالَ آخَرُ: يُثَابِرُ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَيْلَ خَلْفَهُ ... قَوَابِعُ فِي غُمَّى عَجَاجِ وَعِثْيَرِ وَيُقَالُ: قَدْ أُغْمِيَ عَلَى الْمَرِيضِ، فَهُوَ مُغْمًى عَلَيْهِ، وَقَدْ غُمِيَ عَلَيْهِ، فَهُوَ مَغْمِيٌّ عَلَيْهِ، وَتَرَكْتُ فُلَانًا غَمًى، مَقْصُورٌ بِمَنْزِلَةٍ قُفًا، إِذَا كَانَ بِمَعْنَى مُغْمًى عَلَيْهِ، وَتَرَكْتُهَا غَمًى

257 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ لِعُمَّالِهِ: " §إِنْ شِئْتُمْ قَاصَصْتُكُمْ، وَإِنْ شِئْتُمْ شَاطَرْتُكُمْ أَمْوَالَكُمْ، فَاخْتَارُوا الْمُقَاسَمَةَ إِلَّا أَبَا بَكْرَةَ، فَإِنَّهُ قَالَ: قُصَّنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ عُمَرُ: مَالَهُ قَاتَلَهُ اللَّهُ، إِنَّهُ لَفَاجِرٌ أَبَلُّ، أَوْ أَمِينٌ مَا يُفَلُّ ". وَهَذَا حَدِيثُ يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ. حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: يُقَالُ رَجُلٌ بَلُّ، وَأَبَلُّ إِذَا كَانَ مَطُولًا. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنِ الْكِسَائِيِّ، رَجُلٌ أَبَلُّ، وَامْرَأَةٌ بَلَّاءُ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُدْرَكُ مَا عِنْدَهُ مِنَ اللُّؤْمِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: وَالْمَصْدَرُ مِنْهُ الْبَلَلُ، وَأَنْشَدَ: أَلَا تَتَّقُونَ اللَّهَ يَا آلَ عَامِرٍ ... وَهَلْ يَتَّقِي اللَّهَ الأَبَلُّ الْمُصَمِّمُ 258 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ:

§إِنَّ الْخُصُومَ لَدَيَّ بَيْنَ مُسَلِّمٍ ... لِقَضَاءِ مُتَّبِعٍ لِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَأَلَدُّ مُتَّبِعٍ هَوَاهُ مُصَمِّمٍ ... وَأَبَلَّ لَا يَرْضَى بِقَوْلِ الْعَالِمِ هَوِّنْ عَلَيْكَ إِذَا قَضَيْتَ بِسُنَّةٍ ... أَوْ بِالْقُرْآنِ بِرَغْمِ أَنْفِ الرَّاغِمِ قَوْلُهُ: إِنْ شِئْتُمْ قَصَصْتُكُمْ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ تَتَبُّعَ عَثَرَاتِهِمْ، وَالْبَحْثَ عَنْ سَقَطَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ وَجْهٌ مِنْ قَوْلِكَ قَصَصْتُ الْأَثَرَ أَقُصُّهُ قَصًّا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف: 64] وَأَنْشَدَ: فَمَنْ يَأْتِنَا يَوْمًا يَقُصُّ طَرِيقَنَا ... يَجِدْ حَطَبًا جَزْلًا وَنَارًا تَأَجَّجَا وَإِلَّا فَإِنْ عَرَبَيْتَهَا أَقْصَصْتُكُمْ مِثْلُ قَوْلِهِ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَنِّي لَا أَقُصُّ مِنْكَ؟ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقِصُّ مِنْ نَفْسِهِ. تَقُولُ مِنْهُ أَقَصَّ الْحَاكِمُ فُلَانًا، وَأَمْثَلَهُ، إِذَا أَقَادَهُ مِنْ دَمٍ أَوْ جُرْحٍ، وَالرَّجُلُ يَقْتَصُّ لِنَفْسِهِ، وَيَمْتَثِلُ إِذَا تَوَلَّى ذَلِكَ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ ضَرَبَ رَجُلًا بِالدِّرَةِ، فَنَادَى: يَا آلَ قُصَيٍّ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا ابْنَ أَخِي، لَوْ غَيْرَ الْيَوْمِ تُنَادِي قُصَيًّا، لَأَتَتْكَ مِنْهُمُ

الْغَطَارِيفُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اسْكُتْ لَا أُمَّ لَكَ، قَالَ: هَا، وَوَضَعَ السَّبَّابَةَ عَلَى فِيهِ ". حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: نا الْعَبَّاسُ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. الْغِطْرِيفُ: الْفَتَى السَّرِيُّ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ رَفِيعٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: الْغِطْرِيفُ: السَّيِّدُ الضَّخْمُ، قَالَ الرَّاجِزُ: كَأنَّهُمْ لُجَّةُ بَحْرِ مُسْدِفُ مَنْ يَطْعُنُوا فِي عَيْنِهِ لَا يَطْرِفُ وَمَنْ يَكُونُوا قَوْمَهُ يُغَطْرِفُ

قَوْلُهُ: يُغَطْرِفُ، يَعْنِي يَتَكَبَّرُ، وَمِنْهُ قِيلَ: عُنُقُ غِطْرِيفٍ، وَخِطْرِيفٌ أَيْ وَاسِعٌ، قَالَ رُؤْبَةُ: وَجْهُكَ وَجْهُ الْمَلِكِ الْغِطْرِيفِ 260 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «§إِذَا قُلْتُمْ لَا تَدْهَلْ فَقَدْ أَمِّنْتُمُوهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُ الْأَلْسِنَةَ كُلَّهَا» . أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ , قَالَ: أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

قَوْلُهُ: لَا تَدْهَلْ، هُوَ بِالنَّبَطِيَّةِ لَا تَخَفْ، يَقُولُونَ: لَا دَهْلَ، وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ يَهْجُوا الطِّرْمَاحَ وَيَنْفِيهِ عَنِ الْعَرَبِ إِلَى الْأَنْبَاطِ: رَأَى جَمَلًا يَوْمًا وَلَمْ يَكُ قَبْلَهُ ... مِنَ الدَّهْرِ يَدْرِي كَيْفَ خَلْقُ الْأَبَاعِرِ فَقَالَ شَطَايَا مَعْ طَيَايَا أَلَا لِيَا ... وَأَجْفَلَ إِجْفَالَ الظَّلِيمِ الْمُبَادِرِ فَقُلْتُ لَهُ لَا دَهْلَ مِنْ قَمْلٍ بَعْدَ مَا ... مَلَا نَيْفَقَ التُّبَّانُ مِنْهُ بِعَاذِرِ

طَيَايَا: فِي لُغَةِ النَّبْطِ عَرَبِيٌّ، وَشَطَايَا: شَيْطَانٌ، وَأَلَالِيَا: تَغْوِيثٌ، وَالْعَاذِرُ: الْحَدَثُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْعَاذِرُ الْأَثَرُ، قَالَ ابْنُ أَحَمَرَ:. . . . . ... وَبِالظَّهْرِ مِنِّي مَنْ قَرَا الْبَابَ عَاذِرُ وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ، كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ، فَأَصَابَ مِنْهَا ابْنًا، فَلَمَّا شَبَّ، قَالَ لِأَبِيهِ: حَتَّى مَتَى تَسْتَأْمِي أُمِّي، فَحَذَفَهُ بِالسَّيْفِ فَمَاتَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ " لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: لَا يُقَادُ الْأَبُ بِابْنِهِ، لَقَتَلْتُكَ، لَكِنْ هَلُمَّ دِيَتَهُ، فَقَسَمَهَا عَلَى وَرَثَتِهِ، وَتَرَكَ أَبَاهُ ". حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ بِإِسْنَادٍ ذَكَرَهُ.

يُقَالُ: اسْتَأْمَيْتُ الْأَمَةَ: اسْتَخْدَمْتُهَا، وَتَأَمَّيْتُ الْأَمَةَ اتَّخَذْتُهَا أَمَةً، وَأَمَّيْتُ فُلَانَةً جَعَلْتُهَا أَمَةً كَمَا يَقُولُونَ: عَبَّدْتُ الرَّجُلَ جَعَلْتُهُ عَبْدًا، قَالَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشعراء: 22] أَيْ جَعَلْتَهُمْ عَبِيدًا، قَالَ الرَّاجِزُ: يَرْضُونَ بِالتَّعْبِيدِ وَالتَّآمِي. وَيُقَالُ مِنْهُ: أَمَةٌ قَدْ أَقَرَّتْ بِالْأُمُوَّةِ وَثَلَاثُ إِمَاءٍ وَآمٍ، وَأَنْشَدَ: إِذَا تَبَارَيْنَ مَعًا كَالْأَمِ ... فِي سَبْسَبٍ مُطَّرِدِ الْقَتَامِ وَقَدْ تُجْمَعُ الْأَمَةُ، فَيُقَالُ: إِمْوَانٌ. أَنْشَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ:

أَنْشَدَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَمَّا الْإِمَاءُ فَلَا يَدْعُونَنِي وَلَدًا ... إِذَا تَرَامَى بَنُو الْإِمْوَانِ بِالْعَارِ وَيُقَالُ: مَا كُنْتِ أَمَةً، وَلَقَدْ أَمِيتِ 262 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَرَأْتُ عَلَى الْمِنْبَرِ: {جَنَّاتِ عَدْنٍ} [التوبة: 72] ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، §أَتَدْرُونَ مَا جَنَّاتُ عَدْنٍ؟ قَصْرٌ فِي الْجَنَّةِ لَهُ خَمْسَةٌ آلَافِ بَابٍ، عَلَى كُلِّ بَابٍ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا نَبِيٌّ، وَهَنِيئًا لِصَاحِبِ الْقَبْرِ، وَأَشَارَ إِلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ صِدِّيقٌ، وَهَنِيئًا لِأَبِي بَكْرٍ، أَوْ شَهِيدٌ، وَأَنَّى لَعُمَرُ بِالشَّهَادَةِ؟ وَإِنَّ الَّذِي أَخْرَجَنِي مِنْ مَنْزِلِي بِالْحَثْمَةِ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَسُوقُهَا إِلَيَّ» . يُرْوَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ

الْحَثْمَةُ: صَخَرَاتٌ بِمَكَّةَ فِي أَسْفَلِهَا فِي رَبْعِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَفِيهَا يَقُولُ الْمُهَاجِرُ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: لَنِسَاءٌ بَيْنَ الْحُجُونِ إِلَى الْحَثْمَةِ ... فِي مُظْلِمَاتِ لَيْلٍ وَشَرْقِ

سَاكِنَاتُ الْبِطَاحِ أَشْهَى إِلَى النَّفْسِ مِنَ السَّاكِنَاتِ دُورَ دِمَشْقِ يَتَضَوَّعْنَ لَوْ تَضَمَّخْنَ بِالْمِسْكِ ... صُنَانًا كَأَنَّهُ رِيحُ مَرْقِ 263 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ بَعَثَ عِيرًا إِلَى أَهْلِ نَجْدٍ عَامَ الرَّمَادَةِ، وَقَالَ لِلَّذِي بَعَثَهُ: «§مُرْ لِكُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ بِبَعِيرٍ، وَمَا عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيَأْخُذُوا ضُمَّةً مِنْ قَدِيدٍ، وَكُبَّةً مِنْ شَحْمٍ، وَحَفْنَةً مِنْ دَقِيقٍ، فَلْيَطْبُخُوا وَلْيَأْكُلُوا» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ

الضُمَّةُ: بِالضَّمِ اسْمُ مَا ضَمَمْتَ، وَقَبَضْتَ عَلَيْهِ بِيَدِكَ، وَجَمَعْتَ، وَالضَّمَةُ بِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ، قَالَ جَرِيرٌ: فَإِنَّكَ لَوْ ضَمَّتْكَ يَا تَيْمُ ضَمَّةً ... مُنَاكِبُ زَيْدٍ لَمْ تُطِقْ أَنُ تَوَثَّبَا فَإِنْ كَانَتِ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ، فَهِيَ إِضْمَامَةٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَصْلُهُمْ وَاحِدًا، وَلَكِنَّهُمْ لَفِيفٌ، وَالْجَمِيعُ أَضَامِيمُ، وَقَالَ: حَيٌ أَضَامِيمَ وَأَكْوَارُ نَعَمْ. وَالْكَوْرُ: الْقَطِيعُ الضَّخْمُ مِنَ الْإِبِلِ 264 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «§إِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ بَعْدِي، فَإِنْ فَعَلْتُمْ، فَاعْلَمُوا أَنَّ مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ، وَسَتَعْلَمُونَ، إِذَا وُكِلْتُمْ إِلَى أَنْفُسِكُمْ كَيْفَ يَسْتَبِزُّهَا دُونَكُمْ» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدُ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ

أَبِي هَارُونَ البَرُّ: السَّلَبُ وَالْعِزُّ الْغَلَبَةُ، تَقُولُ: عَزَزْتُهُ فَبَززْتُهُ، وَالِاسْمُ: الْبِزِّيزِيُّ. وَمِنْهُ ابْتُزَّتِ الْمَرْأَةُ مِنْ ثِيَابِهَا إِذَا جُرِّدَتْ، وَقَوْلُهُ: عَزَزْتُهُ أَيْ غَلَبْتُهُ وَقَهَرْتُهُ 265 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحَمِيدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنَيْ أَبِي بَكْرٍ، قَالَا: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَقَدْ

شَهِدْتُ فِي دَارِ ابْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا، لَوْ دُعِيتُ إِلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ، تَحَالَفُوا أَنْ تُرَدَّ الْفُضُولُ عَلَى أَهْلِهَا، وَأَلَّا يَعُزَّ ظَالِمٌ، مَظْلُومًا»

وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَايِنْ إِذَا عَزَّكَ مَنْ تُخَاشِنُ، وَالْبِزَّةُ: الشَّارَةُ الْحَسَنَةُ مِنَ اللِّبَاسِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْبَزَّ السِّلَاحُ، وَالْبِزَّةُ مِثْلُهُ. وَأَنْشَدَ لِقَيْسِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ عَيْزَارَةَ الْبَاهِلِيِّ، حَيْثُ أَسَرَتْهُ فَهْمٌ، وَأَخَذَ سِلَاحَهُ ثَابِتُ بْنُ جَابِرِ بْنِ سُفْيَانَ، وَهُوَ تَأَبَّطَ شَرًا: سَرَا ثَابِتُّ بَزِّي ذَمِيمًا وَلَمْ أَكُنْ ... سَلَلْتُ عَلَيْهِ شَلَّ مِنِّي الْأَصَابِعُ

فَوَيْلُ أَمِّ بَرٍّ جَرَّ شَعْلٌ عَلَى الْحَصَى ... فَضُيِّعَ بَزٌ مَا هُنَالِكَ ضَائِعُ. فَوَيْلُ أَمِّ بَزٍّ يَتَعَجَّبُ مِنْهُ، وَشَعْلٌ: لَقَبُ تَأَبَّطَ شَرًا، وَأَنْشَدَ أَبُو زَيْدٍ فِي الْبِزَّةِ: إِذَا جَعَلْتُ بِزَّتِي عَلَى عَدَسْ عَلَى الَّتِي بَيْنَ الْحِمَارِ وَالْفَرَسْ فَمَا أُبَالِي مَنْ غَزَا وَمَنْ جَلَسْ وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّهُ كَانَ يُوصِي الْمُجَاهِدِينَ أَلَّا يُقَلِّمُوا أَظْفَارَهُمْ» . مَعْنَاهُ عِنْدَنَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يُكْمِلُوا سِلَاحَهُمْ، وَأَنْ يَكُونَ مَعَ

ذَلِكَ حَدِيدًا غَيْرَ دَاثِرٍ، وَإِنَّمَا اخْتَرْنَاهُ، لِأَنَّهُ أَشْبَهُ الْوُجُوهِ لِمَذَاهِبِ الْعَرَبِ، وَأَجْدَرُ أَلَّا نُوَاقِعَ شَيْئًا، قَدْ تَقَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهْيِ عَنْهُ، وَكَانَتْ أَيَّامُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَعْظَمَ أَيَّامِ الْإِسْلَامِ مِحْنَةً، وَأَشَدَّهُ خَوْفًا، وَأَكْثَرَهُ جِهَادًا، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَأْمُرُ بِتَقْلِيمِ أَظْفَارِ الْيَدَيْنِ، وَيُعَاتِبُ عَلَيْهِ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ فِي قَوْلِهِ: لَدَى أَسَدٍ شَاكِ السِّلَاحِ مُقَذَّفٍ ... لَهُ لِبَدٌ أَظْفَارُهُ لَمْ تُقَلَّمِ قَوْلُهُ: شَاكِ السِّلَاحِ يُرِيدُ شَائِكِ السِّلَاحِ، أَيْ سِلَاحُهُ ذُو شَوْكَةٍ، فَأَلْقَى الْيَاءَ كَمَا قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ: وَسَوَّدَ مَاءُ الْمَرْدِ فَاهَا فَلَوْنُهُ ... كَلَوْنِ النَّئُورُ وَهِيَ أَدْمَاءُ سَارُهَا يُرِيدُ: سَائِرُهَا، وَالْمُقَذَّفُ: الْغَلِيظُ اللَّحْمِ، وَاللِّبْدُ: الشَّعْرُ الْمُتَرَاكِبُ عَلَى زُبْرَةِ الْأَسَدِ، وَزُبْرَتُهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَيُقَالُ لِأَسَدٍ إِذَا أَسَنَّ هُوَ ذُو لِبْدَةٍ. وَقَوْلُهُ: أَظْفَارُهُ لَمْ تُقَلَّمِ، أَيْ هُوَ تَامُّ السِّلَاحِ حَدِيدُهُ، يُرِيدُ الْجَيْشَ، وَاللَّفْظُ عَلَى الْأَسَدِ، وَأَنْشَدَ لِأَوْسِ بْنِ حَجَرٍ:

فَوَاللَّهِ إِنَّا وَالْأَحَالِيفَ هَؤُلَاءِ ... لَفِي حِقْبَةٍ أَظْفَارُهَا لَمْ تُقَلَّمِ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ: وَبَنُو قُعَيْنِ لَا مَحَالَةَ أَنَّهُمْ ... آتُوكَ غَيْرَ مُقَلَّمِي الْأَظْفَارِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَا مَانِعَ لَهُ، وَلَا دَافِعَ عَنْهُ فَهُوَ مُقَلَّمٌ. حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: خَطَبَ رَجُلٌ إِلَى نِسْوَةٍ، فَلَمْ يُزَوِّجْنَهُ، فَقَالَ: أَظُنُّكُنَّ مُقَلَّمَاتٍ، أَيْ لَيْسَ لَكُنَّ رَجُلٌ، وَلَا أَحَدٌ يَدْفَعُ عَنْكُنَّ، وَقَدْ يَقُولُونَ أَيْضًا: لِلرَّجُلِ الَّذِي لَا سِلَاحَ لَهُ أَجَمُّ، وَمِنْهُ الْمَثَلُ الْمَضْرُوبُ: عِنْدَ النِّطَاحِ يُغْلَبُ الْكَبْشُ الْأَجَمُّ. وَقَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ: وَيْلُ أُمِّهِمْ مَعْشَرًا جُمًّا بُيُوتُهُمْ ... مِنَ الرِّمَاحِ، وَفِي الْمَعْرُوفِ تَنكِيرُ وَقَالَ عَنْتَرَةُ أَلَمْ تَعْلَمْ هَدَاكَ اللَّهُ أَنِّي ... أَجَمُّ إِذَا لَقِيتُ ذَوِي الرِّمَاحِ

267 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، " أَنَّ رَجُلًا أَتَاهُ، فَقَالَ: إِنَّ §إِبِلِي قَدْ نَقِبَتْ وَدَبِرَتْ فَاحْمِلْنِي، فَقَالَ عُمَرُ: كَذَبْتَ وَاللَّهِ، مَا بِإِبِلِكَ نَقَبٌ وَلَا دَبَرٌ، فَوَلَّى الرَّجُلُ، وَهُوَ يَقُولُ: أَقْسَمَ بِاللَّهِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ ... مَا مَسَّهَا مِنْ نَقَبٍ وَلَا دَبَرْ فَاغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فَجَرَ ". وَيُرْوَى عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ رَافِعٍ

268 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «§بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، لَيْسَ عَلَيْهِ سَحْنَاءُ سَفَرٍ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ، يَتَخَطَّى حَتَّى وَرَّكَ، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا يَجْلِسُ أَحَدُنَا فِي الصَّلَاةِ» ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ الْمُنَادِي، قَالَ: نا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: نا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ , قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا

يُقَالُ: فُلَانٌ جَيِّدُ السَّحْنَاءِ، إِذَا كَانَ حَسَنَ اللَّوْنِ، وَأَمَّا أَبُو عُبَيْدٍ، فَذَكَرَ عَنِ الْفَرَّاءِ: السَّحَنَاءُ مُحَرَّكَةً، وَالثَّأَدَاءُ هَذَانِ عَلَى فَعَلَاءِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ. قَالَ: وَالسَّحْنَاءُ الْهَيْئَةُ، وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ؛ السَّحَنُ، وَالسَّحَنَةُ: لِينُ الْبَشْرَةِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: تَسَحَّنْتُ الْمَالَ، فَرَأَيْتُ سَحْنَاءَةَ حَسَنَةً. وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، قَالَ: جَاءَتْ فَرَسُ فِلَانٍ سَحِنَةً، إِذَا جَاءَتْ حَسَنَةَ الْحَالِ. وَقَوْلُهُ: وَرَّكَ أَيْ ثَنَى رِجْلَيْهِ، وَالْوَرِكَانِ، هُمَا فَوْقَ الْفَخْذَيْنِ: كَالْكَتِفَيْنِ فَوْقَ الْعَضُدَيْنِ، وَيُقَالُ: هَذِهِ نَعْلٌ مَوْرِكَةٌ وَمَوْرِكٌ، إِذَا كَانَتْ مِنَ الْوَرِكِ، وَأَنْشَدَ: حَذَانِي بَعْدَما خَذِمَتْ نِعَالِي ... دُبَبَّةُ إِنَّهُ نِعْمَ الْخَلِيلُ بِمَوْرِكَتَيْنِ مِنَ صَلَوَيْ مِشَبِّ ... مِنَ الثِّيرَانِ عَقْدُهُمَا جَميِلُ 269 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، " §وَخَرَجَ رَجُلٌ، فَمَرَّ بِبَعْضِ الْمِيَاهِ، فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيُخْبِرُهُمْ، فَقَالُوا: مَنْ يَتَّبِعُهُ؟ فَقَالَ: فُلَانٌ، وَفُلَانٌ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالُوا: الصِّرِّيعُ الَّذِي كَانَ يُصَارِعُ النَّاسَ بِعُكَاظٍ، لِيَمْلَأَنَّهَا خَيْرًا أَوْ شَرًا ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ

أَبِي سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مَشْيَخَتِهِ الصِّرِّيعُ: عَلَى بِنَاءِ فِعِّيلٍ، هُوَ الَّذِي الصِّرَاعُ مِنْ شَأْنِهِ، وَمِنْ أَمْرِهِ، وَرَجُلٌ صراع إذا كان شديد الصرع وإن لم يكن معروفا، ورجل صَرُوعُ لِلْأَقْرَانِ، أَيْ كَثِيرُ الصَّرْعِ لَهُمْ، وَالصَّرَّاعَةُ: مَصْدَرُ الصِّرِّيعِ مِنْ قَوْمٍ صَرَعَةٍ.

وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا أَتَاهُ بِأَسِيرٍ لَهُ قَدْ كَتَّفَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَتُعَتْرِسُهُ، يَعْنِي أَتَقْهَرُهُ، وَتَظْلِمُهُ، وَتَعْتَسِرُهُ مِنْ غَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ. وَقَدْ رَوَاهُ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ عَلَى التَّصْحِيفِ، فَقَالُوا قَالَ عُمَرُ: أَبِغَيْرِ بَيِّنَةٍ؟ وَهَذَا مُحَالٌ، لِأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْحُكْمِ أَنْ يُكَتِّفَهُ. وَالْعَتْرَسَةُ: الْغَضَبُ يُقَالُ: أَخَذَ مَالَهُ عَتْرَسَةً، وَعَتْرَسَهُ مَالُهُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْعِتْرِيسُ الْجَبَّارُ الْغَضْبَانُ، وَالْعَتْرَسَةُ: الْغَلَبَةُ وَالْقَهْرَةُ، قَالَ غَيْرُ أَبِي عُبَيْدٍ مِثْلَهُ، وَقَالَ: مِنْهُ قِيلَ: نَاقَةٌ عَنْتَرِيسٌ، إِذَا كَانَتْ شَدِيدَةً غَلِيظَةً.

وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: يُقَالُ: أَخَذَهُ بِالْعَتْرَسَةِ، أَيْ بِالْجَفَاءِ وَالشِّدَّةِ. وَأَنْشَدَ لِعُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ: عَلَى قَلُوصَيْنِ مِنْ رِكَابِهِمُ ... وَعَنْتَرِيسَيْنِ فِيهِمَا شَجَعُ وَالشَّجَعُ: طُولٌ، وَالْأَشْجَعُ: الْجَسِيمُ 271 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «§مَنْ زَافَتْ عَلَيْهِ وَرِقُهُ فَلَا يُحَالِفُ النَّاسَ أَنَّهَا طِيَابٌ، وَلَيَبْتَعْ بِهَا سَمَلَ ثَوْبٍ، أَوْ سَحْقَ ثَوْبٍ» . حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى

يُقَالُ: أَسْحَقَ الثَّوْبُ، إِذَا أَخْلَقَ وَبَلِيَ، وَهُوَ ثَوْبٌ سَحْقٌ، وَثِيَابٌ سُحُوقٌ، وَقَالَ مُزَرِّدٌ: وَمَا زَوَّدُونِي غَيْرَ سَحْقِ عِمَامَةٍ ... وَخَمْسِ مِئًى مِنْهَا قَسِيٌ وَزَائِفُ وَكَذَلِكَ أَسْحَقَ خُفُّ الْبَعِيرِ إِذَا مَرَنَ. وَالسَّمَلُ: الثَّوْبُ الْخَلَقُ، يُقَالُ: أَسْمَلَ الثَّوْبُ وَأَسْمَالَّ، وسَمَلَ يَسْمُلُ. وَقَالَ قُطْرُبُ: يُقَالُ أَيْضًا، سَمِلَ وَجَمْعُهَا سِمَالٍ، وَأَنْشَدَ: وَلَوْلَا الْحُمْسُ مَا لَبِسَتْ رِجَالٌ ... ثِيَابَ أَعِزَّةٍ حَتَّى يَمُوتُوا ثِيَابُهُمْ سِمَالٌ أَوْ عَبَاءٌ ... بِهَا دَنَسٌ كَمَا دَنِسَ الْحَمِيتُ الْحَمِيتُ: زِقُّ السَّمْنِ 272 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنِ الزُّبَيرِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: §إِنَّمَا سُمُّوا الْحُمْسَ بِالْكَعْبَةِ، لِأَنَّهَا حَمْسَاءُ، أَيْ حَجَرُهَا أَبْيَضُ يَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ،

وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ دِرْهَمٌ زَائِفٌ وَزِيِّفَ فِي دَرَاهِمَ زُيُوفٌ، بَيِّنَةُ الزُّيُوفَةِ، وَقَالَ الشَّاعِرُ: تَرَى النَّاسَ أَشْبَاهًا إِذَا نَزَلُوا مَعًا ... وَفِي النَّاسِ زَيْفٌ مِثْلُ زَيْفِ الدَّرَاهِمِ. قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ دَرَاهِمُ زُيَّفٌ، وَأَنْشَدَ: إِذَا وَرَقُ الْأَحْدَاثِ كَأَنَّهُمْ ... دَرَاهِمُ مِنْهَا جَائِزَاتٌ وَزُيَّفُ قَالَ وَرِقُ الْقَوْمِ أَحْدَاثُهُمْ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: يُقَالُ ثَوْبٌ سَمَلٌ وَسَمِيلٌ، وَأَنْشَدَ مُشْتَمِلٌ بِبُرْدَةٍ سَودَاءِ سَمِيَلَةٍ سَودَاءَ أَوْ بَيْضَاءِ. مِنْ نُخْبَةِ الْأَصْوَافِ صُوفِ الشَّاءِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَأَبُو زَيْدٍ، يَقُولَانِ: خَلُقَ الثَّوبُ وَنَهَجَ، وَكَانَ الْأَصْمَعِيُّ، يَقُولُ: لَا يَكُونُ إِلَّا أَخْلَقَ الثَّوْبُ وَأَنْهَجَ،

وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُنْشِدُ قَوْلَ الْأَعْشَى: أَلَا يَا قَتْلُ قَدْ خَلُقَ الْجَدِيدُ ... وَحُبُّكِ مَا يَمَحُّ وَمَا يَبِيدُ وَأَبْيَاتًا سِوَى هَذِهِ، وَكَانَ الْأَصْمَعِيُّ يُنْشِدُ لِأَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ: نَظَرْتُ إِلَى عُنُوانِهِ فَنَبَذْتُهُ ... كَنَبْذِكَ نَعْلًا أَخْلَقَتْ مِنْ نِعَالِكَا وَهَذَا الْوَجْهُ الْجَيِّدُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ. وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ يَتَّسِعُ فِي اللُّغَاتِ، حَتَّى كَانَ رُبَّمَا جَاءَ بِالشَّيْءِ الضَّعِيفِ، فَيُجْرِيهِ مَجْرَى الْقَوِيِّ، وَكَانَ الْأَصْمَعِيُّ مُولَعًا بِالْجَيِّدِ الْمَشْهُورِ، وَيُضَيِّقُ فِي مَا سِوَاهُ. 273 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " §وَأَقْبَلَ رَهْطٌ مَعَهُمُ امْرَأَةٌ، حَتَّى نَزِلُوا مَكَّةَ، فَخَرَجُوا لِحَوَائِجِهِمْ، وَتَخَلَّفَ رَجُلٌ مَعَ الْمَرْأَةِ، فَرَجَعُوا حِينَ رَجَعُوا، وَهُوَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، فَشَهِدَ ثَلَاثَةٌ أَنَّهُمْ رَأَوْهُ يَهُبُّ فِيهَا، كَمَا يَهُبُّ الْمِرْوَدُ فِي الْمُكْحِلَةِ، وَقَالَ الرَّابِعُ: أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، لَمْ أَرَاهُ يَهُبُّ فِيهَا، رَأَيْتُ سَخِينَتَيْهِ، يَعْنِي: خِصْيَتَيْهِ تَضْرِبَانِ اسْتَهَا، وَرِجْلَاهَا عَلَيْهِ مِثْلَ أُذُنَيِ الْحِمَارِ، وَعَلَى مَكَّةَ يَوْمَئِذٍ نَافِعُ بْنُ عَبْدِ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيُّ، فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ عُمَرُ: إِنْ شَهِدَ الرَّابِعُ عَلَى مَا يَشْهَدُ الثَّلَاثَةُ، فَقَدِّمْهُمَا وَاجْلِدْهُمَا، وَإِنْ كَانَا أُحْصِنَا، فَارْجُمْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدِ الرَّابِعُ إِلَّا بِمَا كَتَبْتَ إِلَيَّ، فَاجْلِدِ الثَّلَاثَةَ، وَخَلِّ سَبِيلَ الْمَرْأَةِ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: نا الْوَلِيدُ

هُوَ ابْنُ جَمِيعٍ، ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ

الْهَبُّ: الِاهْتِزَازُ، وَالسَّيْفُ يَهُبُّ إِذَا هُزَّ هَبَّةً، وَيَهُبُّ التيس لِلسِّفَادِ هَبِيبًا، وَالنَّاقَةُ تَهُبُّ هِبَابًا، قَالَ لَبِيدٌ: وَلَهَا هِبَابٌ فِي الزِّمَامٍ كَأَنِّها ... صَهْبَاءُ رَاحَ مَعَ الْجَنُوبِ جَهَامُهَا. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، يُقَالُ لِلْفَحْلِ إِذَا اهْتَاجَ لِلضِّرَابِ اهْتَبَّ اهِتِبَابًا، وَيُقَالُ الْهَبْهَبِيُّ: تَيْسُ الْغَنَمِ، وَيُقَالُ: رَاعِيهَا، قَالَ الشَّاعِرُ. كَأَنَّهُ هَبْهَبِيٌّ نَامَ عَنْ غَنَمٍ ... مُسْتَأْوِرٌ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ مَذْءُوبُ وَالْمُسْتَأْوِرُ: الْفَزِعُ، وَيُقَالُ: الْعَجِلُ. وَقَوْلُهُ: أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، فَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْحِمَى، يَقُولُ: أَحْمِيهِ مِنَ الْمَأْثَمِ، أَنْ أُرِيَهُ مَا لَمْ يَرَ، قَالَ أَبُو زَيْدٍ: تَقُولُ: حَمَيْتُ، الْحِمَى أَحْمِيَهُ حَمْيًا، إِذَا مَنَعْتُهُ، قَالَ جَرِيرٌ:. . . . . . . . . . ... ومَا شَيْءٌ حَمَيْتَ بِمُسْتَبَاحِ وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْهُ النَّاسُ، وَعَرَفُوا أَنَّهُ حِمًى، قُلْتُ: أَحْمَيْتُ الحِمَى إِحْمَاءً، قَالَ الْآخَرُ: دَعَانِي امْرُؤٌ أَحْمًى عَلَى النَّاسِ عِرْضَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: لَبَّيَكَ لِمَا دَعَا لِيَا. وَنَقُولُ: حَمَى الرَّجُلُ أَنْفَهُ يَحْمِيهِ مَحْمِيَّةً وَحَمِيَّةً، وَحَمَيْتُ الْقَوْمُ حِمَايَةً، إِذَا نَصَرْتُهُمْ، وَمَنَعْتُهُمْ مِنَ الْظُلْمِ، وَحَمَيْتُ الْمَرِيضَ أَحْمِيهِ حِمْوَةً. وَقَالَ أَبُو الصَّقْرِ: حِمْيَةً، وَأَحْمَيْتُ الْحَدِيدَةَ إِحْمَاءً، حَتَّى حَمِيَتْ حَمْيًا شَدِيدًا

وَحَمِيَتِ الشَّمْسُ تَحْمَى حَمْيًا وَحُمِيًا 274 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «§لَتَمْرُنَنَّ أَيُّهَا الْبَطْنُ عَلَى الزَّيْتِ مَا دَامَ السَّمْنُ يُبَاعُ بِالْأَوَاقِي» . أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ , أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَقُولُ ذَلِكَ يُقَالُ لِلرَّجُلِ أَوِ الدَّابَّةِ إِذَا تَعَوَّدَ الْأَمْرَ، وَجَرَى عَلَيْهِ: قَدْ جَرَنَ يَجْرُنُ جُرُونًا، وَمَرَنَ يَمْرُنُ مُرُونًا وَمَرَانَةً.

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ: يُقَالُ: مَا زَالَ ذَلِكَ مَرَنِي، وَدَيْدَنِي، وَعَادَتِي، وَكُلُّهُ وَاحِدٌ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: مَرَنَتْ يَدُهُ عَلَى الْعَمَلِ، وَقَدْ أَكْنَبَتْ، قَالَ الرَّاجِزُ: قَدْ أَكْنَبَتْ كَفَّاكَ بَعْدَ لِينِ ... وَهَمَّتَا بِالصَّبْرِ وَالْمُرُونِ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي بِشْرُ بْنُ حَيَّانَ بْنِ بِشْرٍ الْقَاضِي أَبُو الْمُخَارِقِ، قَالَ: أَنْشَدَنِي عَلِيُّ بْنُ جَبَلَةَ الْعَكُوكُ لِنَفْسِهِ. خُذْ لِلَّيَالِي أُهْبَةً لِلْمَجْدِ ... وَامْرُنْ عَلَى الْهَوْلِ مُرُونَ الْعَبْدِ مَا الْمَالُ إِلَّا تَحْتَ ثَوْبِ الْكَدِ ... بَانَتْ تُلَاحِينِي لِفَرْطِ الْوَجْدِ وَحَذَرَتْ عَلَيَّ مَا لَا يَجْدِي ... لَا تُذْهِبِي عَدْوَكِ فِي التَّعَدِّي إِنْ تُوطَئِي الْعَجْزَ فَحَزْمِي عِنْدِي ... وَالدَّلْوُ لَا تَجْبِي جَبَاةَ الْوِرْدِ إِلَّا بِفَتْلٍ مَرِسٍ وَحَصْدِ ... مَا الْمَالُ إِلَّا مِقْدَحِي وَزَنْدِي وَعَلَلٌ بَيْنَ السُّرَى وَالْوَخْدِ ... بِكُلِّ بَوْعَاءِ الْخُطَا عَلَنْدِ

حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه

وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ لِدُلَيْمٍ أَبِي زُغَيْبٍ، يَصِفُ صَقْرًا: أَحْمَرَ قَدْ مُرِّنَ كُلَّ التَّمْرِينْ فَذَلَّ لِلْمَسْحِ بِهِ وَالتَّلْيِينْ تَاحَ لَهُ أَعْرَفُ ضَافِي الْعُثْنُونِ حَتْفُ الْحُبَارَيَاتِ وَالْكَرَاوِينْ فَظَلَّ أَفْوَاهُ الْعُرُوقِ تَهْمِينْ كَأَنَّ جَرَارًا هُذَامَ السِّكِينْ جَزَّ لَهُ بِمِنْسَرِ أَفَانِينْ جَزَّلَهُ: أَيْ قَطَّعَهُ، مُرِّنَ أَيْ ذَلَّلَ، تَاحَ لَهُ أَيْ عَرَضَ لَهُ، أَعْرَفُ، يَعْنِي: الصَّيَّادَ، ضَافِي الْعُثْنُونِ، أَيْ: طَوِيلُ اللِّحْيَةِ، وَالْأَوَاقِي: مَكَايِيلُ الزَّيْتِ، مُشَدَّدُ، وَقَدْ يُخَفَّفُ، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: - يَصِفُ غُئُورَ عُيُونِ الْإِبِلِ -. . . . . . . . . . . كَأَنَّهَا ... أَوَاقِي أَعْلَى زَيْتِهَا بِالْمَنَاصِفِ انْتَهَى حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَيَتْلُوهُ: حَدِيثُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

275 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ بِمِنًى، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ §السُّنَّةَ سُنَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ سُنَّةُ صَاحِبَيْهِ، وَلَكِنْ حَدَثَ طَغَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَخِفْتُ أَنْ تَنْسَوْا» . حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: نا سُلَيْمَانُ بْنُ سَالِمٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ

الطَّغَامُ: أَوْغَادُ النَّاسِ، يُقَالُ لِلْوَغْدِ: هَذَا طَغَامَةٌ مِنَ الطَّغَامِ، وَقَالَ الشَّاعِرُ: وَكُنْتُ إِذَا هَمَمْتُ بِفِعْلِ أَمْرٍ ... يُخَالِفُنِي الطَّغَامَةُ لِلطَّغَامِ وَيُقَالُ: مَا هُوَ إِلَّا طَغَامَةٌ مِنَ الطَّغَامِ، وَهُوَ الَّذِي لَا رَأْيَ لَهُ، وَلَا خَيْرَ فِيهِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ كَثِيرَ بْنَ أَفْلَحَ، قَالَ: " لَمَّا كَانَتِ الْأَيَّامُ الَّتِي نَعَجَ النَّاسُ فِيهَا بِأَمْرِ عُثْمَانَ، وَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا. حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: نا مَخْلَدُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ "

قَوْلَهُ: نَعَجَ النَّاسُ فِيهَا بِأَمْرِ عُثْمَانَ، يُقَالُ: نَعَجَ فُلَانٌ يَنْعَجُ نَعْجًا، وَهُوَ شِدَّةُ الصِّيَاحِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَمَّا كَانَتِ الْأَيَّامُ الَّتِي لَهَجَ النَّاسُ فِيهَا بِأَمْرِ عُثْمَانَ، وَتَكَلَّمُوا فِيهِ، وَنَحْوَ هَذَا، قَالَ الشَّاعِرُ: أَتَيْتُكُمْ بِلُهَاءٍ لَا يُوَرَّعُهُ ... نَعْجُ الصِّيَاحِ وَلَا الدَّأْدَاءُ لِلْقَمَرِ وَاللُّهَاءُ: الْجَيْشُ الْعَظِيمُ، وَقَالَ أَبُو كَبِيرٍ: جَيْشٌ لُهَاءٌ كَثِيرُ اللَّجَبِ فَإِنْ أَنْتَ قَصَّرْتَ اللُّهَاءَ، فَهُوَ حِينَئِذٍ مِنَ الْمَالِ، يُقَالُ: لُهُوةً وَلُهًى. وَوَجْهٌ آخَرُ، يُقَالُ: نَعِجَ الرَّجُلُ بِالْأَمْرِ إِذَا ثَقُلَ عَلَيْهِ، وَضَاقَ بِهِ ذَرْعُهُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ نَعِجَ الرَّجُلُ إِذَا أَكَلَ لَحْمَ ضَأْنٍ، فَثَقُلَ عَلَى قَلْبِهِ، قَالَ الشَّاعِرُ:

كَأَنَّ الْقَوْمَ عُشُّوا لَحْمَ ضَأْنٍ ... فَهُمْ نَعِجُونَ قَدْ مَالَتْ طُلَاهُمْ 277 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ أُمَّ عَيَّاشٍ، قَالَتْ: " كُنْتُ §أَمْغَثُ لِعُثْمَانَ الزَّبِيبَ غُدْوَةً، فَيَشْرَبُهُ عَشِيَّةً، وَأَمْغَثُهُ عَشِيَّةً، فَيَشْرَبُهُ غُدْوَةً، فَقَالَ لَهَا عُثْمَانُ ذَاتَ يَوْمٍ: لَعَلَّكِ أَنْ تَكُونِي تَخْلِطِينَ فِيهِ زَهْوًا، قَالَتْ: قُلْتُ لَهُ: رُبَّمَا خَلَطْتُ فِيهِ الزَّهَوَاتِ، فَقَالَ: لَا تَعُودِي ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: نا عَفَّانُ، قَالَ: نا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ صَفْوَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ أُمِّهِ أِمِّ عَيَّاشٍ

يُقَالُ: مَغَثْتُ الدَّوَاءَ فِي الْمَاءِ وَنَحْوَهُ، إِذَا مَرَثْتَهُ، وَالْمَغْثُ: الْعَرْكُ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ أَيْضًا فِي الْمُصَارَعَةِ وَالْخُصُومَاتِ، قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: نُوَلِّيهَا الْمَلَامَةَ إِنْ أَلَمْنَا ... إِذَا مَا كَانَ مَغْثٌ أَوْ لُحَاءُ وَيُقَالُ: مَغَثَتْهِمِ الْحُمَّى. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَتَحَ خَيْبَرَ، وَهِيَ مُخْضَرَّةٌ مِنَ الْفَوَاكِهِ، فَوَاقَعَ النَّاسُ الْفَاكِهَةَ، فَمَغَثَتْهُمُ الْحُمَّى، فَشَكَوْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " أَيُّهَا

النَّاسُ، إِنَّ الْحُمَّى رَائِدُ الْمَوْتِ، وَسِجْنُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، فَبَرِّدُوا لَهَا الْمَاءَ فِي الشِّنَانِ، ثُمَّ صُبُّوهُ عَلَيْكِمْ، فِيمَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، قَالَ: يَعْنِي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ "، قَالَ: فَفَعَلُوا، فَذَهَبَتْ عَنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّهَا النَّاسُ " إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ وِعَاءً إِذَا مُلِئَ شَرًا مِنْ بَطْنٍ، فَإِنْ كَانَ لَابُدَّ، فَاجْعَلُوا ثَلَاثًا: ثُلُثًا لِلطَّعَامِ، وَثُلُثًا لِلشَّرَابِ، وَثُلُثًا لِلرِّيحِ ".

وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَرِّدُوا لَهَا الْمَاءَ فِي الشِّنَانِ» لُغَتَانِ: يُقَالُ: بَرَّدْتُ الْمَاءَ وَبَرَدْتُ، وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الْآخَرُ فِي الْحُمَّى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَرَنَا أَنْ نَبْرُدَهَا بِالْمَاءِ وَأَنْ نُبَرِّدَهَا» وَالرَّجُلُ مُبَرِّدٌ وَبَارِدٌ، وَقَالَ الرَّاجِزُ: قَدْ عَلِمَتْ أَنِّي مُرَوِّي هَامِهَا وَبَارِدُ الْغَلِيلِ مِنْ أَوَامِهَا إِذَا عَقَدْتُ الدَّلْوَ فِي خُطَامِهَا. وَهُوَ رَشَاؤُهَا، وَأَنْشَدَ أَبُو زَيْدٍ: قَدْ وَرَدَتْ مِنْ نَحِوِ ذِي عُذُوقِ خَوَامِصًا جَاءَتْ مِنَ الْعَقِيقِ تَرْتَشِفُ الْمَاءَ ارْتِشَافَ الرِّيقِ كَأَنَّمَا يَبْرُدْنَ بِالْغَبُوقِ كَلَلَ مِدَادٍ مِنْ فَحًا مَدْفُوقِ يُقَالُ: مَدٌ، وَثَلَاثَةُ أَمْدَادٍ، وَهِيَ الْمَدَدَةُ وَالْمِدَادُ. وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: تَقُولُ الْعَرَبُ: اسْقِنِي وَأَبْرِدْ، مَعْنَاهُ: ايتِنِي بِهِ بَارِدًا، وَاسْقِنِي وَابْرُدْ غَلِيلِي. وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، أَنَّكَ تَقُولُ: بَرُدْتُ الْمَاءَ مِنَ الْإِبْرَادِ، وَبَرَّدْتُهُ مِنَ

الْإِسْخَانِ، وَقَالَ: هُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ، وَكَانَ يَنْشِدُ بَيْتًا يَغْلَطُ فِيهِ: عَفَتِ الْمَاءَ فِي الشِّتَاءِ، فَقُلْنَا ... بَرِّدِيهِ تُصَادِفِيهِ سَخِينَا وَإِنَّمَا هُوَ بَلْ رِدِيهِ، فَأَدْغَمَ اللَّامَ، كَمَا يُقْرَأُ بِالْإِدْغَامِ: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14] . وَقَوْلُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحُمَّى «إِنَّهَا سِجْنُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ» ، يُرِيدُ أَنَّهَا تَمْنَعُ مِنَ التَّقَلُّبِ وَالتَّصَرُّفِ، كَمَا يُمْنَعُ الْمَسْجُونُ. 278 - وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: نا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ بُهْلُولٍ، قَالَ: §دَخَلْتُ عَلَى شَيْخٍ مِنَ الْأَعْرَابِ لَهُ زُهْدٌ وَوَرَعٌ، قَدْ أَحْرَضَتْهُ الْعِلَّةُ، وَهُوَ يَتَقَلَّبُ عَلَى فِرَاشِهِ، وَهُوَ يَنْظُرُ فِي وُجُوهِ إِخْوَانِهِ، فَقُلْنَا لَهُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: انْظُرُوا إِلَيَّ، فَفِيَّ مُعْتَبَرٌ، أَسِيرُ اللَّهِ فِي بِلَادِهِ، يَتَقَلَّبُ عَلَى فِرَاشِهِ، وَيَنْظُرُ فِي وُجُوهِ أَحِبَّتِهِ، لَا يَسْتَطِيعُونَ كَشْفَ كُرْبَتِهِ، يُرِيدُ النُّهُوضَ فَلَا يَسْتَطِيعُ، مَا عَلَيْهِ غُلٌّ، وَلَا قَيْدٌ، وَأَسِيرُ الْمُلُوكِ فِي الْمُطَابِقِ وَالْحُبُوسِ، وَفِي الْأَغْلَالِ وَالْقُيُودِ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ: أَسِيرُ الْمُلُوكِ لَهُ الْمُطْبَقُ ... وَمِنْ دُونِهِ رَتْجٌ مُغْلَقُ فَإِنْ أَنَّ لِثُقْلِ الْحَدِيدِ ... وَضَرْبِ السِّيَاطِ الَّتِي تُحْرِقُ وَأَمَّا أَسِيرُ مَلِيكِ الْعِبَادِ ... وَإِنْ حَازَهُ الْغَرْبُ وَالْمَشْرِقُ

فَفِي بَيْتِهِ وَعَلَى فُرْشِهِ ... أَسِيرٌ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقُ يُطِيُلُ التَّقلُّبَ فَوْقَ الْفِرَاشِ ... مُخَلًّا وَبَاطِنُهُ مُوثَقُ فَفِي مِثْلِ هَذَا وَفِي شِبْهِهِ ... دَلِيلٌ عَلَى اللَّهِ مُسْتَنْطَقُ 279 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، عَنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ مُصْعَبٍ، قَالَ: قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: «§حَاجَجْتُ الْخَوَارِجَ بِسُنَّةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَهَرْتُهُمْ وَضَعُفَ قَوْلُهُمْ، حَتَّى لَكَأَنَّهُمْ صِبْيَانُ يَمْغَثُونَ سُخُبَهُمْ» 280 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الَّذِي يَرْوِيَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ

عَوْفٍ، قَالَ: " مَرَّ أَبُو سِرُوعَةَ بْنُ الْحَارِثِ بَيْنَ يَدَيْ، وَأَنَا أُصَلِّي، فَرَدَدْتُهُ، فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَمُرَّ، فَدَفَعْتُهُ حَتَّى اقْتَتَلْنَا، فَرَثَمْتُ أَنْفَهُ، فَاسْتَعْدَى عَلَيَّ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَقَالَ عُثْمَانُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قُلْتُ: قَطَعَ عَلَيَّ صَلَاتِي، قَالَ عُثْمَانُ: §لَا يَقْطَعُ صَلَاةَ الْمُسْلِمِ شَيْءٌ. حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ الْقَطَّانُ، قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَمِرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَرَمَثْتُ أَنَفَهُ.

وَحَدَّثَنَا الْجَارُودِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: نا مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْبُرْدِيُّ، قَالَ: نا الْوَلِيدُ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَمِرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بِمِثْلِهِ، قَالَ: فَرَثَمْتُ أَنَفَهُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: رَثَمْتُ أَنْفَ الرَّجُلِ وَفَاهُ، فَهُوَ مَرْثُومٌ، وَرَثِمٌ هُوَ فَهُوَ أَرْثَمُ. وَالرَّثْمُ: دَقُّهُ وِإِسَالَةُ دَمِهِ، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:. . . . . . . . . . . . ... شَمَّاءَ مَارِنُهَا بِالْمِسْكِ مَرْثُومُ شَبَهُ لَطْخِ أَثَرِ الْمِسْكِ فِي الْمَارِنِ بِالدَّمِ.

وَقَالَ نُفَيْعُ بْنُ لَقَيطٍ: إِنَّ الْحِجَارَةَ قَدْ رَثَمْنَ أُنُوفَكُمْ ... رَثْمَ الْحِجَارَةِ إِصْبَعَ الْمَنْكُوبِ 282 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا وَكِيعٌ، قَالَ: نا الْعُمَرِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " §أُرْثِمَ أَنْفَهُ بِالسَّومِ يَعْنِي: فِي الْبَيْعِ "

وَقَدْ يُقَالُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا، رُتِمَ أَنْفُ الرَّجُلِ، إِذَا كُسِرَ وَدُقَّ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يُزَاحِمُ عَلَى الرُّكْنِ، حَتَّى رُتِمَ أَنْفُهُ. وَقَالَ الشَّاعِرُ، هُوَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ: لَأَصْبَحَ رَتْمًا دُقَاقَ الْحَصَى ... مَكَانُ النَّبِيِّ مِنَ الْكَاثِبِ وَالرَّتْمَةُ وَالرَّتِيمَةُ فِي غَيْرِ هَذَا، أَنْ يَعْقُدُ الرَّجُلُ فِي إِصْبَعِكَ خَيْطًا، لِتَذْكُرَ لَهُ حَاجَتَهُ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ مِنْهُ أَرْتَمْتُ لِلرَّجُلِ إِرْتَامًا 283 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ: «§نَسَّغَتْ سِنِّي، وَرَقَّ عَظْمِي، وَجَاوَزْتُ سِنَّ أَهْلِ بَيْتِي» . حَدَّثَنَاهُ ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ

يُقَالُ: نَسَّغَتِ الْأَسْنَانُ، فَهِيَ مُنَسِّغَةُ تَنْسِيغًا، إِذَا طَالَتْ وَاسْتَرْخَتْ حَتَّى تَبْدُو أُصُولُهَا الَّتِي كَانَتِ اللَّثَةُ قَبْلَ ذَلِكَ تُوَارِيهَا وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ صَعَدَ الْمِنْبَرَ، فَأُرْتِجَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ، إِنَّ أُوِّلَ كُلِّ مُرْكَبٍ صَعْبٌ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، كَانَا يُعِدَّانِ لِهَذَا الْمَقَامِ مَقَالًا، وَأَنْتُمْ إِلَى إِمَامٍ عَادِلٍ أَحْوَجُ مِنْكُمْ إِلَى إِمَامٍ قَائِلٍ، وَإِنْ أَعِشْ تَأْتِكُمُ الْخُطْبَةُ عَلَى وَجْهِهَا، وَيُعَلِّمُ اللَّهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» . يُقَالُ: أُرْتِجَ عَلَى فُلَانٍ إِذَا أَرَادَ قَوْلًا، فَلَمْ يَصِلْ إِلَى تَمَامِهِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الرِّتَاجِ، وَهُوَ الْبَابِ الْمُغْلَقِ، وَقَالُوا: فِي كَلَامِهِ رَتَجٌ أَيْ تَتَعْتُعٌ وَعِيٌّ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ رَتِجَ فُلَانٌ، وَبَكِمَ إِذَا انْقَطَعَ عَنِ الْكَلَامِ، وَقَدْ قَالُوا: الرَّتْجُ أَيْضًا فِي الْبَابِ.

وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: نا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: نا عَاصِمُ بْنُ بُهْلُولٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى شَيْخٍ مِنَ الْأَعْرَابِ، وَأَتَى بِالْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ قَبْلَ هَذَا فِي حَدِيثِ أُمَّ عَيَّاشٍ الَّذِي فِيهِ الشِّعْرُ عَلَى رَوِيِّ الْقَافِ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: نا الرِّيَاشيُّ، وَغَيْرُهُ، قَالَ: يُقَالُ: أُرْتِجَ عَلَى فُلَانٍ إِذَا أُحْصِرَ، فَانْقَطَعَ مَنْطِقُهُ، وَيُقَالُ أَيْضًا فِيهِ: زَرِمَ وَأَزْرَمَ وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ صَعْصَعَةَ بْنَ صُوحَانَ كَلَّمَهُ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا الْبَجْبَاجُ النَّفَّاجُ؟ ". قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الْبَجْبَاجُ النَّفَّاجُ: الْكَثِيرِ الْكَلَامِ، قَالَ: وَهُوَ مِنَ الْبَجْبَجَةِ، مِثْلَ مُنَاغَاةِ الصَّبِيِّ فِي كَلَامٍ لَا يُعْقَلُ، وَلَا يُفْهَمُ، يَقُولُ: فَهَذَا مِثْلُ ذَلِكَ لَا يُوقَفُ عَلَى كَلَامِهِ وَلَا يُعْقَلُ.

وَقَالَ يَعْقُوبُ: إِذَا كَانَ الرَّجُلُ سَمِينًا، ثُمَّ اضْطَرَبَ لَحْمُهُ، قِيلَ هَذَا رَجُلٌ بَجْبَاجٌ، وَقَالَ الزِّيَادِيُّ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ: يُقَالُ: بَجَّ الرَّجُلُ الْجُرْحَ يَبُجُّهُ بَجًّا إِذَا شَقَّهُ، وَانْبَجَّتِ الْمَاشِيَةُ مِنَ الْكَلَأِ، إِذَا فَتَقَهَا الْكَلَأُ وَأَوْسَعَ خَوَاصِرَهَا. قَالَ الشَّاعِرُ: فَجَاءَتْ كَأَنَّ الْقَسْوَرَ الْجَوْنَ بَجَّهَا ... غَسَالِيجُهُ وَالثَّامِرُ الْمُتَنَاوِحُ فَإِنْ لَمْ يَكُ مِنْ هَذَا، فَإِنَّ مَعْنَاهُ تَشْقِيقُ الْكَلَامِ، وَالتَّشَدُّقُ فِيهِ، وَالْمُتَنَاوِحُ: الَّذِي يُقَابِلُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَالْقَسْوَرُ: نَبْتٌ كَثِيرُ الْمَاءِ، يَفْتِقُ الدَّوَابِ، وَالثَّامِرُ: الرِّمْثُ، وَالْعَسَالِيجُ: الْأَغْصَانُ الرَّطْبَةُ. وَأَمَّا النَّجْنَاجُ بِالنُّونِ، فَهُوَ الرَّوَّاغُ، وَأَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ الْعَابِدِيُّ لِعَدِيِّ بْنِ حَرَشَةَ: أَلمْ تَرَ عُمَرًا إِذَا أَتَانِي وَعِيدُهُ ... فَلَمَّا رَآنِي فِي السِّلَاحِ تَنَجْنَجَا فَغَادَرْتُهُ يَكْبُو لِحُرِّ جِبِينِهِ ... كَأَنَّ عَلَيْهِ الرَّازِقِيَّ الْمُضَرَّجَا وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: نَجَّتِ الْأُذُنُ تَنِجُّ نَجِيجًا، إِذَا سَأَلَ مِنْهَا الدَّمُ وَالْقَيْحُ، وَالْأُذُنُ النَّجَّةُ: الَّتِي لَمْ يُعْجِبْهَا الْحَدِيثُ. 287 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: «§لَيْسَ عَلَى مَالِ مُسْلِمٍ تَوًى» . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خَلِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ. أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ

قَالَهُ

قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَى مُسْلِمٍ تَوًى، فَسَّرَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ، أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُحِيلُ الرَّجُلَ بِحَقٍّ لَهُ عَلَى آخَرَ، فَيَتْوَى، أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ مُفَسَّرٌ فِي حَدِيثٍ يُرْوَى عَنْ شُرَيْحٍ 288 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ شُرَيْحٍ، أَنَّهُ §كَانَ يَقُولُ فِي الْحَوَالَاتِ وَالْكَفَالَاتِ «إِذَا تَوِيَتْ لَيْسَ عَلَى مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَوًى تَرْجِعُ إِلَى صَاحِبِهِ»

قَالَ هُشَيْمٌ، وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي رَجُلٍ أَحَالَ عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍ لَهُ كَانَ عَلَيْهِ، قَالَ شُرَيْحٌ «هُوَ كَابِنُ الظِّئْرَيْنِ يَرْضَعُ مِنْ أَيَّتِهِمَا شَاءَ»

وَالتَّوَى: ذَهَابُ الْمَالِ، يُقَالُ: تَوَى يَتْوَى إِذَا ذَهَبَ، وَأَتْوَى فُلَانٌ مَالَهُ فَتَوِيَ وَقَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: مَالٌ تَوٍ إِذَا ذَهَبَ وَهَلَكَ، وَهُوَ التَّوَى، مَقْصُورٌ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " حِينَ سَأَلَ أَبَا زُبَيْدٍ الطَّائِيَّ عَنِ الْأَسَدِ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي زُبَيْدٍ: يَا أَخَا تُبَّعِ الْمَسِيحِ، أَسْمِعْنَا بَعْضَ قَوْلِكَ، فَقَدْ أُنْبِئْتُ أَنَّكَ تُجِيدُ، فَأَنْشَدَهُ قَصِيدَتَهُ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا: مَنْ مُبْلِغٌ قَوْمَنَا النَّائِينَ إِذْ شَحَطُوا ... أَنَّ الْفُؤَادَ إِلَيْهِمْ شَيِّقٌ وَلِعُ وَوَصَفَ فِيهَا الْأَسَدَ، فَقَالَ لِعُثْمَانَ: تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ الْأَسَدَ مَا حَيِيتَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُكَ جَبَانًا هِدَانًا، قَالَ: كَلَّا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَكِنْ رَأَيْتُ مِنْهُ مَنْظَرًا، وَشَهِدْتُ مِنْهُ مَشْهَدًا، لَا يَبْرَحُ يَتَجدَّدُ ذِكْرُهُ فِي قَلْبِي، وَمَعْذُورٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ مَلُومٍ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: وَأَنَّى كَانَ ذَلِكَ؟ قَالَ: خَرَجْتُ فِي صُيَّابَةٍ أَشْرَافٍ مِنْ أَبْنَاءِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ ذَوِي هَيْئَةٍ، وَشَارَةٍ حَسَنَةٍ، تَرْتَمِي بِنَا الْمُهَارِي بِأَكْسَائِهَا، وَنَحْنُ نُرِيدُ الْحَارِثَ بْنَ أَبِي شَمَرٍ الْغَسَّانِيَّ مَلِكَ الشَّامِ، فَاخْرَوَّطَ بِنَا الْمسَيْرُ فِي حَمَارَّةِ الْقَيْظِ، حَتَّى إِذَا عُصِبَتِ الْأَفْوَاهُ، وَذَبُلَتِ الشِّفَاهُ، وَشَالَتِ الْمِيَاهُ، وَأَذْكَتِ الْجَوْزَاءُ الْمَعْزَاءَ، وَذَابَ الصَّيْهَدُ، وَصَرَّ الْجُنْدُبُ، وَضَافَ الْعُصْفُورُ الضَّبَّ فِي وَجَارَهُ، وَقَالَ قَائِلُنَا: أَيُّهَا الرَّكْبُ غَوِّرُوا بِنَا فِي ضَوْجِ هَذَا الْوَادِي، وَإِذَا وَادٍ قُدَيْدٌ يَمْتَنَا كَثِيرُ الدَّغَلِ، دَائِمُ الْغَلَلِ، شَجْرَاؤُهُ مُغِنَّةٌ، وَأَطْيَارُهُ مُرِنَّةٌ، فَحَطَطْنَا رِحَالَنَا بِأُصُولِ دَوَحَاتٍ كَنَهْبُلَاتٍ، فَأَصَبْنَا مِنْ فُضَلَاتِ الزَّادِ، وَأَتْبَعْنَاهَا بِالْمَاءِ الْبَارِدِ، فَإِنَّا لَنَصِفُ حَرَّ يَوْمِنَا ذَلِكَ، وَمُمَاطَلَتَهُ إِذْ صَرَّ أَقْصَى الْخَيْلِ أُذُنَيْهِ، وَفَحَصَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا لَبِثَ أَنْ جَالَ، ثُمَّ حَمْحَمَ فَبَالَ، فَأَرْزَمَ، ثُمَّ فَعَلَ فِعْلَهُ الَّذِي يَلِيهِ وَاحِدًا، فَوَاحِدًا، فَتَصَعْصَعَتِ الرِّكَابُ، وَتَكَعْكَعْتِ الْخَيْلُ، وَقَهْقَرَتِ الْبِغَالُ، فَمِنْ نَافِرٍ بِكَالِهِ، وَنَاهِضٍ بِعِقَالِهِ، فَعَلِمْنَا أَنْ قَدْ أُتِينَا، وَأَنَّهُ السَّبُعُ، فَفَزِعَ كُلُّ امْرِئٍ مِنَّا إِلَى سَيْفِهِ، فَسَلَّهُ مِنْ جُرُبَّانِهِ، ثُمَّ وَقَفْنَا رَزْدُقًا

فَأَقْبَلَ يَتَظَالَعُ مِنْ بَغْيِهِ كَأَنَّهُ مَجْنُوبٌ، أَوْ فِي هَجَارٍ، لِصَدْرِهِ نَحِيطٌ، وَلِبَلَاعِيمِهِ غَطِيطٌ، وَلِطَرْفِهِ وَمِيضٌ، وَلِأَرْسَاغِهِ نَقِيضٌ، كَأَنَّهُ يَخْبَطُ هَشِيمًا، أَوْ يَطَأُ صَرِيمًا، فَإِذَا هَامَةٌ كَالْمِجَنِ، وَخَدٌّ كَالْمِسَنِ، وَعَيْنَانِ سَجْرَاوَانِ، كَأَنَّهُمَا سِرْاجَانِ يَقِدَانِ، وَقَصْرَةٌ رَبْلَةٌ، وَلِهْزِمَةٌ رَهِلَةٌ، وَكَتِدٌ مُغْبَطٌ، وَزَوْرٌ مُفْرَطٌ، وَسَاعِدٌ مَجْدُولٌ، وَعَضُدٌ مَفْتُولٌ، وَكَفٌّ شَثْنَةٌ الْبَرَاثِنَ إِلَى مَخَالِبٍ كَالْمَحَاجِنِ، فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ فَأَرْهَجَ، وَكَشَرَ فَأَفْرَجَ عَنْ أَنْيَابٍ كَالْمَعَاوِلِ مَصْقُولَةً غَيْرَ مَقْلُولَةٍ، وَفَمٌ أَشْدَقُ كَالْغَارِ الْأَخْوَقِ، ثُمَّ تَمَطَّى فَأَشْرَعَ بِيَدَيْهِ، وَحَفَزَ وَرِكَيْهِ بِرِجْلَيْهِ، حَتَّى صَارَ طُولُهُ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ أَقْعَى فَاقْشَعَرَّ، ثُمَّ مَثَّلَ فَاكْفَهَرَّ، ثُمَّ تَجَهَّمَ فَازْبَأَرَّ، فَلَا وَالَّذِي بَيْتُهُ فِي السَّمَاءِ مَا اتَّقَيْنَاهُ إِلَّا بِأَوَّلِ مَنْ أَخَ لَنَا مِنْ بَنِي فَزَارَةَ، وَكَانَ ضَخْمُ الْجُزَارَةِ، فَوَقَصَهُ وَقْصَةً ثُمَّ نَفَضَهُ نَفْضَةً، فَقَضْقَضَ مَتْنَهُ، فَجَعَلَ يَلَغُ فِي دَمِهِ، فَذَمَرْتُ أَصْحَابِي، فَبَعْدَ لَأْيٍ مَا اسْتَقْدَمُوا، فَكَّرَ مُقْشَعِرًا بِزُبْرَةٍ، كَأَنَّ بِهَا شَيْهَمًا حَوْلِيًّا، فَاخْتَلَجَ رَجُلًا أَعْجَزَ ذَا حَوَايَا، فَنَفَضَهُ نَفْضَةً تَزَايَلَتْ مَفَاصِلُهُ، ثُمَّ نَهَمَ فَفَرْفَرَ، ثُمَّ زَفَرَ فَبْرَبَرَ، ثُمَّ زَأَرَ فَجَرْجَرَ، ثُمَّ لَحَظَ، فَوَاللَّهِ لَخِلْتُ الْبَرْقَ يَتَطَايَرُ مِنْ تَحْتِ جُفُونِهِ، مِنْ عَنْ شِمَالِهِ وَيَمِينِهِ، فَأُرْعِشَتِ الْأَيْدِي، وَاصْطَكَّتِ الْأَرْجُلُ، وَأَطَّتِ الْأَضْلَاعُ، وَارْتَجَّتِ الْأَسْمَاعُ، وَحَمَّجَتِ الْعُيُونُ وَلَحِفَتِ الْبُطُونُ، وَانْخَزَلَتِ الْمُتُونُ، وَسَاءَتِ الظُّنُونُ. فَقَالَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اسْكُتْ قَطَعَ اللَّهُ لِسَانَكَ، فَقَدْ رَعَبْتَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ. وَهَذَا حَدِيثٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ، عَنْ أَبِي الْغَرَّافِ.

الْهِدَانُ: الْمُسْتَرْخِي النَّؤومُ، وَقَالَ الرَّاعِي يَذْكُرُ سُرَاهُ، وَشِدَّةَ قَلْبِهِ: سَرَيْتُ وَأَحْلَامُ الْهِدَانِ تَعَوَدُهُ ... هُنَيْدَ وَشَتَّى نَوْمُهُ وَنَجَائِيَا يُرِيدُ أَنَّهُ يَرَى الْأَحْلَامَ، لِأَنَّهُ نَائِمٌ، وَفِيهِ لُغَتَانِ: الْهِدَانُ، وَالْهِدَاءُ الصُّيَّابَةُ: سَرَاةُ الْقَوْمِ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى: صُوَّابَةٌ، وَالْأَكْسَاءُ: الْمَآخِيرُ، يَصِفُهَا بِشِدَّةِ الْعَدِوِّ وَالسَيْرِ، وَكَذَلِكَ أَكْسَاءُ الْقَوْمِ أَدْبَارُهُمْ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي: يُرْوَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُرْثُمٍ مولى أم برثم، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ كَانَ فِي الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ حُنَيْنَ، قَالَ: وَأَصْحَابَ لَمَّا الْتَقَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَقُومُوا لَنَا حَلْبَ شَاةٍ، إِذْ كَشَفْنَاهُمْ، فَبَيْنَا نَحْنُ فِي آثَارِهِمْ، إِذِ انْتَهَيْنَا إِلَى صَاحِبِ الْبَغْلَةِ الشَّهْبَاءِ، فَتَلَّقَانَا عِنْدَهُ رِجَالٌ بِيضٌ حِسَانُ الْوُجُوهِ، فَقَالَ: شَاهَتِ الْوُجُوهُ، ارْجِعُوا فَرَجَعْنَا، وَرَكِبُوا أَكْسَاءَنَا، فَكَانَتِ إِيَّاهَا.

وَوَاحِدُ الْأَكْسَاءِ كِسْوُ، قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ قَدِمْنَا عَلَى عِقْبِ رَمَضَانَ، وَفِي عُقْبِهِ، وَعَلَى كُسْئِهِ، وَفِي كُسْئِهِ، وَكُلُّ هَذَا بَعْدَ مُضِيِّ الْآخَرِ. وَقَوْلُهُ: فَاخْرَوَّطَ بِنَا الْمَسِيرُ: يُقَالُ: اخْرَوَّطَ بِهِمُ الطَّرِيقُ وَالسَّفَرُ، إِذَا امْتَدَّ، قَالَ أَعْشَى بَاهِلَةَ: لَا تَأْمَنُ الْبَازِلُ الْكَوْمَاءُ صَوْلَتَهُ ... بِالْمَشْرَفِيِّ إِذَا مَا اخْرَوَّطَ السَّفَرُ وَالْمُخْرَوِّطَةُ مِنَ النُّوقِ السَّرِيعَةِ، ورجل مخروط الوجه، إِذَا كَانَ في وَجْهِهِ طُولٌ، وَيُقَالُ لِلشَّرَكَةِ إِذَا انْقَلَبَتْ عَلَى صَيْدِهَا، فَاعْتَلَقَتْ رِجْلُهُ اخْرَوَّطَتْ فِي رِجْلِهِ، وَالْمُخْرَوَّطُهَا امْتِدَادَ أُنْشُوطَتِهَا. وَحَمَارَّةُ الْقَيْظِ: شِدَّةُ حَرِّهِ، وَلَمْ يَأْتِ فِي الْكَلَامِ مَا بُنْيَتُهُ عَلَى فَعَالَّةٍ، غَيْرَ الْحُمَارَّةِ، وَالزَّعَارَّةِ، وَقَوْلُهُمْ: صَبَارَّةُ الشِّتَاءِ. وَعَصَبَتِ الْأَفْوَاهُ: تَعْصِبُ عُصُوبًا، وَهُوَ وَسَخٌ يَجْتَمِعُ عَلَى الْأَسْنَانِ مِنْ غُبَارٍ، أَوْ شِدَّةِ عَطَشٍ، وَقَالَ الشَّاعِرُ: يُصَلِّي عَلَى مَنْ مَاتَ مِنَّا عَرِيفُنَا ... وَيَقْرَأُ حَتَّى يَعْصِبَ الرِّيقُ بِالْفَمِ وَيُقَالُ لِذَلِكَ الْوَسَخُ: الطَّلَاوَةُ وَالدُّوَايَةِ أَيْضًا، شُبِّهَ بِدِوَايَةِ اللَّبَنِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: دَوَّى الْأَمْرُ، إِذَا تَغَيَّبَ فَلْمَ يَضِحْ. وَأَنْشَدَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ:

وَلَا أَرْكَبُ الْأَمْرَ الْمَدوِّي سَادِرًا ... بِعَمْيَاءَ حَتَّى أَسْتَبِينَ وَأُبْصِرَا. أَيِ الْأَمْرُ الْمَسْتُورُ كَاللَّبَنُ الْمُدَوِّي الَّذِي عَلَيْهِ الدُّوَايَةُ، وَهِيَ الْجَلْدَةُ الَّتِي تَعْلُو اللَّبَنَ الْحَلِيبَ، إِذَا بَرَدَ كَالْجِلْدَةِ الرَّقِيقَةِ، يُقَالُ مِنْهُ: قَدْ أدَّوَى الْقَوْمُ، إِذَا أَخَذُوا الدُّوَايَةَ فَأَكَلُوهَا، وَقَالَ: بَدَا مِنْكَ دَاءٌ طَالَمَا قَدْ كَتَمْتَهُ ... كَمَا كَتَمَتْ دَاءَ ابْنِهَا أُمُّ مُدَّوِي. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: أَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ غُلَامًا، قَالَ لِأُمِّهِ يَا أُمَّتِ، أَدَّوِي، وَعِنْدَهَا أُمُّ خِطْبِهِ، وَبَعْضُ الْعَرَبُ، يَقُولُ: أُمُّ خِطْبَتِهِ، فَقَالَتْ: أُمُّهُ تُوَرِّي عَنْ قَوْلِهِ لِئَلَّا يُزْدَرَى اللِّجَامُ بِعَمُودِ الْبَيْتِ، تُرِيدُ أَنَّهُ إِنَّمَا سَأَلَهَا عَنِ اللِّجَامِ، وَتَكْرَهُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ إِنَّمَا طَلَبَ الْإِدْوَاءَ. وَشَالَتِ الْمِيَاهُ: نَشِفَتْ وَقلَّتْ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلنَّاقَةِ: شَائِلَةٌ، وَهِيَ الْغَارِزُ، وَيُقَالُ لِلْمَاءِ الْقَلِيلِ الَّذِي يَكُونُ فِي أَسْفَلِ الْقِرْبَةِ: الشَّوْلُ، وَقَالَ الْأَعْشَى:. . . . . . . . . . . وَصَبَّ رُوَاثُهَا أَشْوَالَهَا وَالصَّيْهَدُ: حَرُّ الشَّمْسِ، وَإِنَّمَا يُصَفُ بِالذَّوْبِ فِي الْهَاجِرَةِ، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: إِذَا ذَابَتِ الشَّمْسُ اتَّقِي صَقَرَاتِهَا ... بِأَفْنَانِ مَرْبُوعِ الصَّرِيمَةِ مُعْبِلِ

وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: يُقَالُ سَأَلَ لُعَابُ الشَّمْسِ إِذَا رَأَيْتَ لَهُ مِثْلَ وَهَجٍ يَتَحَدَّرُ. وَأَنْشَدَ لِلرَّاجِزِ: وَذَابَ لِلشَّمْسِ لُعَابُ فَنَزَلْ ... وَقَامَ مِيزَانُ النَّهَارِ فَاعْتَدَلْ وَصَرَّ الْجُنْدُبُ: فَإِنَّ الْجُنْدُبَ يَرْمَضُ، فَيَحْتَرِقُ، فَيَسْتَغِيثُ بِالطَّيَرَانِ، فَتَقَعُ رِجْلَاهُ فِي جَنَاحَيْهِ، فَيُسْمَعُ لِذَلِكَ صَوْتٌ، وَلَيْسَ صَوْتُهُ مِنْ فِيهِ، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:. . . . . . . . . . . . إِذَا تَجَاوَبَ مِنْ بُرْدَيْهِ تَرْنِيمُ وَقَالَ الرَّاجِزُ: وَنَفَّرَ الظَّهَائِرُ الْجَنَادِبَا أَصْغَرَهَا وَالْأَكْبَرُ الْجُخَادِبَا وَقَوْلُهُ: أَذْكَتِ الْجَوْزَاءُ الْمَعْزَاءَ، فَإِنَّ ابْنَ الْهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: إِذْ طَلَعَتِ الْجَوْزَاءُ سَحَرًا، فَهُوَ أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ الْحَرِّ، وَالْأَمْعَزُ وَالْمَعْزَاءُ: مَا غَلُظَ مِنَ الْأَرْضِ. وَضَافَ الْعُصْفُورُ الضَّبَّ فِي وِجَارِهِ: مِنْ قَوْلِكَ ضُفْتُ فُلَانًا إِذَا مِلْتَ إِلَيْهِ، وَأَضَافَنِي هُوَ، وَقَالَ أَبُو زُبَيْدٍ: أَيُّ سَاعِ لِيَقْطَعَ شِرْبِي ... حِينَ لَاحَتْ لِلصَّابِحِ الْجَوْزَاءُ

وَاسْتَظَلَّ الْعُصْفُورُ كُرْهًا مَعَ الضَّبِّ ... وَأَوْفَى فِي عُودٍ الْحِرْبَاءُ وَالصَّابِحُ: الَّذِي يَصْبَحُ الْإِبِلَ أَيْ يَسْقِيهَا بِالْغَدَاةِ، وَمِنَ الْمَعْزَاءِ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ أَمْعَزُ رَأْيًا مِنْ فُلَانٍ، إِذَا كَانَ أَصْلَبَ مِنْهُ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ، سُئِلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَاجُشُونُ، عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ أَنَا أَمْعَزُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: يُقَالُ: فُلَانٌ أَمْعَزُ رَأْيًا مِنْ فُلَانٍ، إِذَا كَانَ أَصْلَبَ رَأْيًا مِنْهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُ أَنَا أَمْعَزُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ أَكْرَهُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فِيهِ، يُقَالُ: فُلَانٌ يَمْعَزُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ، إِذَا كَرِهَ الْكَلَامَ فِيهِ. وَذَكَرَ الزِّيَادِيُّ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، قَالَ: يُقَالُ هُوَ مَاعِزٌ مِنَ الرِّجَالِ إِذَا كَانَ شَدِيدَ الْأَمْرِ، وَمَاعِزَةٌ مِنَ النِّسَاءِ، قَالَ غَيْرُهُ: الْمَاعِزُ الشَّدِيدُ عَصْبِ الْخَلْقِ، قَالَ: يُقَالُ مَا أَمْعَزَهُ مِنْ رَجُلٍ، أَيْ: مَا أَشَدَّهُ وَأَصْلَبَهُ. 292 - وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: نا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَنَا الْأَصْمَعِيُّ، قَالَ: أَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى الْفَزَارِيِّ، قَالَ: " جَاءَ

الْحَارِثُ بْنُ عَوْفِ بْنِ أَبِي حَارِثَةَ مِنْ عَطْفَانَ مِنْ بَنِي مُرَّةَ، إِلَى نَجْبَةِ بْنِ رَبِيعَةَ، فَقَالَ: §إِنَّا مُنْتَجِبُونَ، فَجِئْتُ لِتَمْنَحَنِي وَتُنْكِحَنِي، فَقَالَ: يَا أُمَّ فُلَانٍ، عِنْدَكِ امْرَأَةٍ لِلْحَارِثِ بْنِ عَوْفٍ؟ فَإِنَّمَا امْرَأَةُ الْحَارِثِ، الْمُؤْدَمَةُ الْمُبْشَرَةُ، الْمُعَازَةُ، الْمَقْرُوظَةُ، قَالَتْ: عِنْدِي جَارِيَةٌ مِنْ خَيْرِ النِّسَاءِ، قَالَ: مَنْ هِيَ؟ قَالَتْ: قِرْصَافَةُ بِنْتُ نَجْبَةَ، قَالَ: قَدْ زَوَّجْتُهُ، فَادْفَعِيهَا إِلَيْهِ، قَالَتْ: وَاحَرْبَاهُ، أَمَّا خَطَبَتْ خَطْبَاءُ؟ أَمَّا سَفَرَتْ سَفْرَاءُ؟ كَمَا تُنْكَحُ الْإِمَاءُ؟ قَالَ: ادْفَعِيهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهِ أَرْبَعِينَ حَلُوبًا، وَقَالَ: احْتَلَبَ حَتَّى تَخْصِبَ وَاتَّقِ اللَّهَ "

وَأَنْشَدَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ لِلشَّمَّاخِ: §وَبُرْدَانِ مِنْ خَالٍ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا ... عَلَى ذَاكَ مَقْرُوِظٌ مِنَ الْقِدِّ مَاعِزُ وَيُرَى مِنَ الْجِلْدِ مَاعِزٌ، وَالْخَالُ: بُرُودُ حُمُرٍ فِيهَا خُطُوطٌ سُودٌ، عَلَى ذَلِكَ، أَيْ مَعَ ذَلِكَ يَقُولُ: هَذَا كُلُّهُ مَضْمُومٌ لَهُ فِي عَيْبَةٍ مَقْرُوظَةٍ، وَهِيَ الْمَدْبُوغَةُ بِالقَرَظِ، وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ الْمَقْرُوظَ، لِأَنَّهُ مِنْ أَنْفَسِ الدِّبَاغِ، وَأَطْيَبِهِ رَائِحَةً. وَقَالَ الشَّاعِرُ: وَلَا يَأْكُلُ الْكَلْبُ السَّرُوقُ نِعَالَنَا ... وَلَا نَنْتَقِي الْمُخَّ الَّذِي فِي الْجَمَاجِمِ يَقُولُ: نِعَالُنَا مَدْبُوغَةٌ بِقَرْظٍ، لَيْسَ بِهَا دَسَمٌ، فَإِذَا أَصَابَهَا النَّدَى لَمْ يَظْهَرْ رِيحُ دَسَمِهَا، فَيَسْرِقُهَا الْكَلْبُ. وَالنَّعْلُ إِذَا كَانَ فِيهَا دَسَمٌ، فَأَصَابَهَا النَّدَى، وَشَمَّهَا الْكَلْبُ أَكَلَهَا، فَيَقُولُ: نِعَالُنَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ، قَالَ كَثِيرٌ: لَهُ نَعَلٌ لَا يَطَّبِي الْكَلْبَ رِيحُهَا ... وَإِنْ وُضِعَتْ وَسْطَ الْمَجَالِسِ شُمَّتِ يَطَّبَى: يَدْعُو، وَنَحْوٌ مِنْهُ قَوْلَ الْآخَرِ، الْأَسُودُ بْنُ يَعْفُورٍ: أَكَلَتْ خَبِيثَ الزَّادِ فَاتَّخَمَتْ ... مِنْهُ وَشَمَّ خِمَارَهَا الْكَلْبُ

أَيْ هُوَ زَهِمٌ قَدْ تَقَيْأَتْ فِيهِ. وَأَمَّا أَبُو زَيْدٍ، فَإِنَّهُ، قَالَ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا غَضِبَ، أَوْ حَزِنَ، أَوْ تَغَيَّرَ عَنْ حَالٍ كَانَ عَلَيْهَا مَا شَمَّ خِمَارَكِ؟ إِي مَا سَبَعَكِ؟ وَمَا أَصَابَكِ؟ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِنَّ زَوْجَهَا أَلَمَّ بِهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، وَأَمَّا قَوْلُ الْأَخْطَلِ: سَبَنْتَى يَظَلُّ الْكَلْبُ يَمْضَغُ ثَوْبَهُ ... لَهُ فِي زُقَاقِ اللَّامِعَاتِ طَرِيقُ فَإِنَّ السَّبَنْتَى: الْجَرِئُ، وَاللَّامِعَاتُ: الْفَوَاجِرُ، وَقَوْلُهُ: يَمْضُغُ ثَوْبَهُ: أَيْ: قَدْ بَسِئْنَ بِهِ لِمُعَاوَدَتِهِ أَبْيَاتِ هَؤُلَاءِ الْفَوَاجِرِ. وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ يَتَنَصَّلُ مِنْ مِثْلِ هَذَا، أَنْشَدَنَاهُ إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: أَنْشَدَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَنْشَدَنِيهُ مُصْعَبُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ: وَأَنْشَدَنِيهُ مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَنْشَدَنِيهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، لِحُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ: " §وَإِنِّي لَعَفٌ عَنْ زِيَارَةِ جَارَتِي ... وَإِنِّي لَمَشْنُوءٌ إِلَيَّ اغْتِيَابُهَا إِذَا غَابَ عَنْهَا بَعْلُهَا لَمْ أَكُنْ لَهَا ... زَءورًا وَلَمْ تَأْنَسِ إِليَّ كِلَابُهَا وَمَا أَنَا بِالدَّارِي أَحَادِيثَ بَيْتِهَا ... وَلَا عَالِمٌ مِنْ أَيِّ حَوْكٍ ثِيَابُهَا وَإِنَّ قِرَابَ الْبَطْنِ يَكْفِيكَ مَلْؤُهُ ... وَيَكْفِيكَ سُؤَاتِ الْأُمُورِ اجْتِنَابُهَا إِذَا رُدَّ بَابٌ عَنْكَ مِنْ دُونِ حَاجَةٍ ... فَذَرْهَا لِأُخْرَى لَيِّنٌ لَكَ بَابُهَا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: الْمُؤْدَمَةُ الْمُبْشَرَةُ، فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلرَّجُلِ الْكَامِلِ: إِنَّهُ لَمُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ، أَيْ جَمَعَ شِدَّةً وَلِينًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ جَمَعَ لِينَ الْأَدَمَةِ، وَخُشُونَةَ الْبَشْرَةِ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: يُقَالُ فِي

الْمَثَلِ: §إِنَّمَا يُعَاتَبُ الْأَدِيمُ ذُو الْبَشْرَةِ، أَيْ يُكَلَّمُ مَنْ يُرْجَى، وَمَنْ بِهِ قُوَّةٌ أَوْ مُسَكَةٌ. وَقَوْلُهُ: يُعَاتَبُ، أَيْ: يُعَادُ فِي الدِّبَاغِ، وَيُقَالُ: امْرَأَةُ فُلَانٍ الْمُؤْدَمَةُ الْمُبْشَرَةُ، يُرِيدُ أَنَّهَا تَامَةٌ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَبَاطِنُ الْجِلْدِ الْأَدَمَةِ، وَظَاهِرُهُ الْبَشْرَةِ، وَهُوَ الَّذِي يَنْبُتُ فِيهِ الشَّعْرُ، وَيُقَالُ: عِنَانٌ مُبْشَرٌ لِلَّذِي تَظْهَرُ بَشْرَتُهُ، وَعِنَانٌ مُؤْدَمٌ لِلَّذِي تَظْهَرُ أَدَمَتُهُ، وَالْمُؤْدَمُ أَلْيَنُهَا، قَالَ الْعَنْجَاجُ. وَكَفَلٍ بِنَحْضِهِ مُلَكَّمِ وَعْثٍ كَأَرْكَانِ النَّقَا الْمُجَرْثَمِ إِلَى سَوَاءِ قَطَنٍ مُؤَكَّمِ رِيَّا الْعِظَامِ فَعْمَةُ الْمُخَدَّمِ فِي صَلَبٍ مِثْلِ الْعِنَانِ الْمُؤْدَمِ يُقَالُ: لَكَمَهُ بِاللَّحْمِ وَقَذَفَهُ، أَيْ: كَأَنَّهُ مَرْمِيٌ بِاللَّحْمِ. وَقَوْلُهُ: صَلَبٌ أَيْ صُلْبٌ. وَقَوْلُهُ: غَوِّرُوا بِنَا، أَيِّ: قِيِّلُوا، وَالْغَائِرَةُ: الْقَائِلَةُ، وَالتَّغْوِيرُ: نَوْمُ نِصْفِ النَّهَارِ، قَالَ طُفَيْلٌ: أَنَخْنَا لِتَغُوِيرٍ قَلِيلًا فَشَارِبُ ... قَلِيلًا وَآبٍ صَدَّعَنْ كُلَّ مَشْرَبِ وَالضَّوْجُ: ذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: أَضْوَاجُ الْوَادِي، إِذَا كَانَتْ بَيْنَ جَبَلَيْنِ مُتَضَايِقَيْنِ، ثُمَّ اتَّسَعَ لَكَ، فَقَدِ انْضَاجَ الْوَادِي، وَقَالَ حَسَّانٌ:

غَدَا أَهْلُ ضَوْجَى ذِي الْمَجَازِ بِسُحْرَةٍ ... وَجَارُ ابْنِ حَرْبٍ بِالْمُغَمَّسِ مَا يَغْدُوا. وَقَوْلُهُ: كَثِيرُ الدَّغَلِ، فَإِنَّ الدَّغَلَ كُلُّ مَوْضِعٍ، يُخَافُ ضُرُّهُ وَبَأْسُهُ، يُقَالُ مِنْهُ رَجُلٌ دَغْلٌ نَغِلٌ أَنْشَدَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ: §لَمَّا رَأَيْتُ الشَّاءَ تُحْدَى بِالدَّغَلْ قُلْتُ هَنِيئًا لِسُحَامٍ مَا أَكَلْ مِنْ جُلَّةٍ أَوْ مِنْ وِعَاءٍ ذِي دَقَلْ يَقُولُ: لَمَّا رَأَيْتُ الشَّاءَ تَسُوقُهَا الذِّئَابُ، قُلْتُ: هَنِيئًا لِسُحَامٍ، يَعْنِي: كَلْبًا مَا أَكَلَ مِنْ جُلَّةٍ لِحَاجَتِي إِلَيْهِ فِي طَرْدِ السِّبَاعِ وَنَفْيِهَا عَنِّي، فَلَمْ يُغْنِ شَيْئًا. وَمِنَ الدَّغَلِ الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى، عَنِ ابْنِ فُلَيْحٍ، أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ: فَقَدَتِ الْيَهُودُ رَجُلًا فَسَمِعَتْ رَجُلًا، يَصِفُهُ فِي شِعْرِهِ بِصِفَتِهِ، فَقَدَّمُوهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالُوا: هَذَا قَاتِلُ صَاحِبِنَا، وَكَانَ شِعْرُهُ الَّذِي، قَالَ: رُدُّوا عَليَّ كُمَيْتَ اللَّوْنِ صَافِيَةً ... أَنِّي لَقِيتُ بِأَرْضٍ خَالِيًا رَجُلًا ضَخْمَ الْمَنَاكِبِ لَوْ أَبْصَرْتَ هَامَتَهُ ... وَسْطَ الرِّجَالِ إِذَا شَبَّهْتَهُ جَمَلَا سَايَرْتُهُ سَاعَةً مَا بِي مَخَافَتُهُ ... إِلَّا التَّلَفُّتَ حَوْلِي هَلْ أَرَى دَغَلَا أَمْسَى يُسَائِلُنِي مَا سِعْرُ أَرْضِكُمُ ... فَقُلْتُ: أَرْبَحْتَ إِنْ زَيْتًا وَإِنْ عَسَلَا يَدْعُو الْيَهُودُ وَقَدْ مَالَتْ عِلَاوَتُهُ ... وَلَا يَهُودَ لَهُ إِذْ قَارَنَ الْأَجَلَا غَادَرْتُهُ بَيْنَ أَحْجَارٍ لِمَحْنِيَةٍ ... لَا يَعْلَمُ النَّاسُ غَيْرِي بَعْدُ مَا فَعَلَا. فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَمَا سَمِعْتَ اللَّهَ تَعَالَى، يَقُولُ: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ {224} أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ {225} وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ {226} } [الشعراء: 224-226] ، فَخَلَّى سَبِيلَهُ. وَإِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ مُدْخَلًا مُرِيبًا، قِيلَ: دَغَلَ فِيهِ، مِثْلُ دُخُولِ الْقَانِصِ فِي الْمَكَانِ

الْخَفِيِّ لِخَتْلِ الْقَنْصِ، وَقَالَ: أَوْطَنَ فِي الشَّجْرَاءِ بَيْتًا دَاغِلًا. وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِمْ: اتَّخَذُوا كِتَابَ اللَّهِ دَغَلًا، أَيْ: أَدْخلُوا فِي التَّفْسِيرِ دَخْلًا مُفْسِدًا، يُقَالُ: أَدْغَلْتَ فِي هَذَا الْأَمْرِ، أَيْ: أَدْخَلْتَ فِيهِ مَا يُخَالِفَهُ 293 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا تَمْنَعُوا النِّسَاءَ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِاللَّيْلِ» ، فَقَالَ ابْنٌ لَهُ: لَا أَدَعُهُنَّ يَخْرُجْنَ فَيَتَّخِذْنَهُ دَغَلًا، فَزَبره، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ تَقُولُ: لَا أَدَعُهُنَّ

َالْغَلَلُ: الْمَاءُ الَّذِي يَجْرِي بَيْنَ الشَّجَرِ، وَمِنْهُ قِيلَ أَنْغَلَّ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ فِي غُمَارِ

النَّاسِ، وَقَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ، يَصِفُ قَوَّاسًا أَنْغَلَّ بَيْنَ الشَّجَرِ إِلَى قَضِيبٍ رَآهُ لِيَتَّخِذَهُ قَوْسًا:. . . يَبْرِي كُلَّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ ... وَيَنْخَشُّ حَتَّى قَالَهُ يَتَغَلْغَلُ وَمِنْهُ قِيلَ: رِسَالَةٌ مُغَلْغَلَةٌ، أَيْ: مَحْمُولَةٌ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، وَجَمْعُ الْغَلَلِ أَغْلَالٌ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ دُكَيْنٌ يَصِفُ فَرَسًا جَرَى مَعَ خَيْلٍ فِي رِهَانٍ: يَنْجِيهِ مِنْ مِثْلِ حَمَامِ الْأَغْلَالْ مدُّ يَدٍ عَجْلَى ورِجْلٍ شِمْلَالْ ظَمْأَى النِّسَا مِنْ تَحْتُ رَيَّا مِنْ عَالْ. يَقُولُ يُنْجِي هَذَا الْفَرَسُ مِنْ خَيْلٍ مِثْلُ حَمَامِ الْأَغْلَالِ، حَتَّى يُخَلِّيهَا وَيَدَعَهَا مَدُّ يَدٍ، وَمَدُّ رَجْلٍ. قَالَ: وَالْأَغْلَالُ جَمْعُ غَلَلٍ، وَهُوَ الْمَاءُ يَجْرِي بَيْنَ الشَّجَرِ، فَذَاكَ الْحَمَامُ يَرُدُّ الْغَلَلُ، لِيَشْرَبَ مِنْهُ. قَالَ غَيْرُ يَعْقُوبَ: وَإِذَا كَانَتِ الْحَمَامُ، تَرِدُ الْمَاءَ، فَهُوَ أَسْرَعُ لَهَا، وَأَنْشَدَ لِلنَّابِغَةِ: احْكُمْ كَحِكْمِ فَتَاةِ الْحَيِّ إِذْ نَظَرَتْ ... إِلَى حَمَامٍ شِرَاعِ وَارِدِ الثَّمَدِ وَقَوْلُهُ: شَجَرَاؤُهُ مُغِنَّةٌ، وَالشَّجْرَاءُ جَمْعُ شَجَرَةٍ، قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

وَتَرَى الشَّجْرَاءَ فِي رَيَّقِهِ ... كَرُءُوسٍ قُطَعَتْ فَيهَا الْخُمُرْ. 294 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " §وَقَفَ عَلَى الْحَجُونِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَهِيَ سَاعَتِي هَذِهِ، حَرَامٌ وَلَا يُعْضَدُ شَجْرَاؤُهَا "

وَالْمُغِنَّةُ: الَّتِي يُسْمَعُ فِيهَا أَصْوَاتُ الذُّبَابِ، لِأَنَّ فِي أَصْوَاتِهَا عُتَّةٌ أَيْ بُحَّةُ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى الرِّيفِ وَالْخِصْبِ، وَأَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ الْعَابِدِيُّ، لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَمَتْرُوكَةٌ شَوْطَى وَبَرْدُ ظِلَالِهَا ... وَذُو الْغُصْنِ مُلْتَجٌ أَغَنُّ خَصيِبُ

وَلي صَاحِبٌ لَمْ أَعْصِ مُذْ كُنْتُ أَمْرَهُ ... إِذَا قَالَ شَيْئًا قُلْتُ أَنْتَ مُصِيبُ. وَيُقَالُ: قَرْيَةٌ غَنَّاءُ إِذَا كَانَتْ كَثِيرَةُ الْأَهْلِ. وَأَطْيَارُهُ مُرِنَّةٌ: أَيْ تُرِنُّ، وَالِاسْمُ مِنْهُ الرَّنِينُ، وَأَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: فَإِنْ تَكُ قَدْ وَكِّلْتِ عَيْنَيَّ بِالْبُكَا ... وَأَشْمَتَّ أَعْدَائِي فَقَرَّتْ عُيُونُهَا فَإِنَّ حَرَامًا أَنْ أَخُوَنَكَ مَا دَعَا ... بِيَلْيلَ قُمْرِيُّ الْحَمَامِ وَجُونُهَا وَمَا طَرَدَ اللَّيْلُ النَّهَارَ وَمَا دَعَا ... عَلَى فَنَنٍ وَرْقَاءُ شَاجٍ رَنِينُهَا وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ لُعِنَتِ الرَّانَّةُ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ مِنْ قَبْلِ النَّقَلَةِ، إِنَّمَا يُقَالُ: أَرَنَّتِ

الْمَرْأَةُ إِرْنَانًا، إِذَا صَاحَتْ، وَالِاسْمُ مِنْهُ الرَّنَّةُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَالْعَوَامُّ يَقُولُونَ: رَنَّتْ، وَإِنَّمَا الصَّوَابُ أَرَنَّتْ، فَهِيَ مُرِنَّةٌ. الدَّوْحَةُ: الشَّجَرَةُ الْعَظِيمَةُ مَا كَانَتْ، وَالْكَنَهْبُلُ: اسْمُ شَجَرَةٍ، قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:. . . . . . . . يَكُبُّ عَلَى الْأَذْقَانِ دَوْحَ الْكَنَهْبُلِ وَفُضَالَةُ الزَّادِ: مَا بَقِيَ مِنْهُ، وَالْمُمَاطَلَةُ: الْمُطَاوَلَةُ، وَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ: فِي فِتْيَةٍ هَجَعُوا غِرَارًا بَعْدَمَا ... سَئِمُوا مُوَاعَسَةَ السُّرَى وَمِطَالَهَا. وَأَنْشَدَنِي ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ الْعَجَّاجُ: بِمُرْهَفَاتٍ مُطِلَتْ سَبَائِكًا ... تَعُضُّ أُمَّ الْهَامِ وَالتَّرَائِكَا مُطِلَتْ: أَيْ مُدَّتْ وَطُوِّلَتْ، وَيُقَالُ: مُطِلْتَ الدَّيْنَ إِذَا مَدَدْتَهُ. وَقَوْلُهُ: سَبَائِكًا أَيْ مُدَّتِ السُّيُوفُ، وَهِيَ سَبَائِكٌ، حَتَّى صَارَتْ سُيُوفًا، وَأُمُّ الْهَامِ: الدِّمَاغُ، وَالتَّرَائِكُ: مَا فَسَدَ مِنْ بَيْضِ النَّعَامِ، وَالْوَادَةُ تَرِيكَةٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ تُرِكَ فَهُوَ تَرِيكَةٌ، وَظَنَّ الْعَجَّاجُ أَنَّ كُلَّ بَيْضَةٍ مِنَ الْحَدِيدِ يُقَالُ لَهَا تَرِيكَةً أَيْضًا. وَفَحَصَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ: أَيْ خَبَطَهَا لِمَا بِهِ مِنَ الْقُوَّةِ وَالنَّشَاطِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ أُفْحُوصِ الْقَطَاةِ، وَهُوَ مَجْثِمُهَا الَّذِي تَفْحَصُ عَنْهُ الْأَرْضَ أَيْ تَكْشِفُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: فَفَحَصَ عُمَرُ عَنِ الْأَمْرِ، أَيْ كَشَفَ وَبَحَثَ،

وَالْحَمْحَمَةُ: صَوْتُ الْفَرَسِ خَاصَةً، وَقَالَ عَنْتَرَةُ فِي فَرَسِهِ:. . . . . . . . . . وَشَكَا إِلَيَّ بِعَبْرَةٍ وَتَحَمْحُمِ وَقَوْلُهُ: فَتَصَعْصَعَتِ الرِّكَابُ: يَعْنِي: جَالَتْ وَتَفَرَّقَتْ. وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: كَمَا صَعْصَعَ الْبَازِيُّ الْقَطَا وَتَكَشَّفَتْ ... عَنِ الْمُقْرَمِ الْغَيْرَانِ عِيطٌ لَوَاقِحُ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى: 295 - عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ بَحْرٍ السَّقَّاءِ، عَنْ سَعْدِ كُرْزٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " §كُنْتُ وَاقِفًا مَعَ عَائِشَةَ، فَتَصَعْصَعَتْ رِمَاحُ النَّاسِ، فَقِيلَ: مَاذَا؟ قِيلَ: مُسْتَأْمِنٌ، فَجَاءَ عَمَّارٌ فَكَلَّمَهَا بِكَلَامٍ ذَكَرَهُ "

وَالتَّكَعْكُعُ: عَنِ الْأَمْرِ إِذَا أَحْجَمَ عَنْهُ، قَالَ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ وَلكِنَّنِي أَمْضِي عَلَى الْهَوْلِ مُقْدِمًا إِذَا بَعْضُ مَنْ يَلْقَى الْخُطُوَبَ تَكَعْكَعَا. وَالْجُرُبَّانُ: مِثْلُ الْغِمْدِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالرَّزْدَقُ: الصَّفُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ: تَضَمَّنَهَا وَهْمٌ رَكُوبٌ كَأَنَّهُ ... إِذَا ضَمَّ جَنْبَيْهِ الْمَخَارِمُ رَزْدَقُ وَهْمٌ: طَرِيقٌ وَاسِعٌ قَدِيمٌ، رَكُوبٌ: ذَلُولٌ مُوَطَّأٌ، وَالرَّزْدَقُ: سَطْرٌ مَمْدُودٌ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ: رَسْتَهْ. وَالشِّكَالُ لِلْفَرَسِ، وَالْهِجَارُ لِلنَّاقَةِ، وَالْهِجَارُ: حَبْلٌ يُشَدُّ مِنَ الرُّسْغِ إِلَى الْعُنُقِ، يَصِفُهُ بِالْبَغْيِ وَالنَّشَاطِ، قَالَ الْعَجَّاجُ: كَأَنَّ مِنْ تَقْرِيبِهِ الْمِشْوَارَا ... وَدَأَلَ الْبَغْيِ بِهِ هِجَارَا. وَالْمِشْوَارُ: الْعَدْوُ، وَيُقَالُ: الْمَوْضِعُ، الَّذِي تُشَارُ فِيهِ الدَّوَابُ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: إِيَّاكُمْ وَالْخُطَبَ، فَإِنَّهَا مِشْوَارٌ كَثِيرُ الْعِثَارِ. وَقَوْلُهُ: كَأَنَّهُ مَجْنُوبٌ: أَيْ يَمِيلُ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ مِنْ بَغْيِهِ، كَأَنَّهُ مَجْنُوبٌ، أَيْ

قَدْ شُكَّ جَنْبُهُ، أَيْ قَدْ أُصِيبَ فِي أَحَدِ جَنْبَيْهِ، فَهُوَ مَائِلٌ، وَقَالَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الرَّاجِزُ: كَأَنَّمَا يَحْمِلُ جَنْبًا أَخْدَعَا. يَصِفُهُ بِالْإِدْلَالِ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ: يُكَلِّفُنِي زَيدُ بْنُ فَارِسٍ صَادِفٍ ... وَزَيْدٌ كَنَصْلِ السَّيْفِ عَارِي الْأَشَاجِعِ وَزَيْدٌ إِذَا مَا سِيمَ خَسْفًا رَأيْتَهُ ... كَسِيدِ الْغَضَا أَرْبَى لَكَ الْمُتَظَالِعِ وَأَيُّ امْرِئٍ فِي النَّاسِ تُطْلَبُ نَفْسُهُ ... إِذَا كَانَ ذَا نَفْسٍ وَلَمَّا يُمَاصِعِ قَالَ: وَسَيدِ الْغَضَا، أَخْبَثُ الذِّئَابِ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي الْغَضَا خَتَلَ وَاسْتَتَرَ بِالْغَضَا، فَذَلِكَ أَخْبَثُ لَهُ وَأَضْرَى. وَقَوْلُهُ: أَرْبَى لَكَ، أَيْ أَشْرَفُ. وَقَوْلُهُ: الْمُتَظَالِعِ، أَيْ يَظْلَعُ مِنَ الْبَغْيِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْجَعْدِيِّ: فَأَدَلَّ الْعَيرُ حَتَّى خِلْتُهُ قَفِصَ ... الْإِمْرَارِ يَعْدُو فِي شَكَلْ قَالَ صَحْبي إِذْ رَأَوْهُ مُقبِلًا ... مَا تَرَاهُ شَأْنَهُ قُلْتُ أَدَلْ وَالْإِمْرَارُ: عَصَبُ الذِّرَاعَيْنِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْقَفِصُ: الَّذِي لَا يَنْطَلِقُ مِنْ جَرْيِهِ، قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ: جَرَى قَفِصًا وَارْتَدَّ مِنْ أَسْرِ صُلْبِهِ ... إِلَى مَوْضِعٍ مِنْ سَرْجِهِ غَيْرَ أَحْدَبِ

وَقَوْلُهُ: لِصَدْرِ نَحِيطٌ وَالنَّحِيطُ: هُوَ الزَّفِيرُ، يُقَالُ: مِنْهُ، نَحَطَ يَنْحَطُ، نَحِيطًا وَنَحَطًا، قَالَ النَّابِغَةُ: وَتَنحْطَ حَصِانٌ آخِرُ اللَّيْلِ نَحْطَهً ... تَقَضْقَضُ مِنْهَا أَوْ تَكَادُ ضُلُوعُهَا قَالَ أَبُو زَيْدٍ: النَّحِيطُ صَوْتٌ مَعَهُ تَوَجُّعٌ. وَالْبُلْعُومُ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَجْرَى الطَّعَامِ فِي الْحَلْقِ، وَقَدْ تُحْذَفُ الْوَاوُ، فَيُقَالُ: بُلْعُمٌ، مِثْلُ الْعُسْلُوجُ، وَالْعُسْلُجُ. قَالَ غَيْرُهُ: وَيُقَالُ الْبُلْعُومُ أَيْضًا لِلْبَيَاضِ الَّذِي فِي جَحْفَلَةِ الْحِمَارِ، وَأَنْشَدَ فِي ذَلِكَ:. . . . . . . . . . . . . بِيضُ الْبَلَاعِمِ أَمْثَالُ الْخَوَاتِيمِ. وَقَوْلُهُ: ذَبُلَتِ الشَّفَاهُ، أَيْ يَبِسَتْ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى: ذَبَّتِ الشِّفَاهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: يُقَالُ: ذَبَّتْ شَفَتُهُ ذَبًّا وَذُبُوبًا، إِذَا يَبِسَتْ، وَذَهَبَ رِيُقُهَا، وَأَنْشَدَ الْأَصْمَعِيُّ: إِذَا رَآنِي عِنْدَ حُبِّي ذَبَّا. يَعْنِي ذَبَّتْ شَفَتُهُ لِمَا يُصِيبُهُ مِنَ الْغَيْرَةِ. وَقَالَ الْقُطَامِيُّ: قَدْ حَقَنَ اللَّهُ بِكَفَّيْكَ دَمِي ... مِنْ بَعْدِ مَا ذَبَّ لِسَانِي وَفَمِي قَالَ الْأَعْمَشُ: وَإِذَا مَا الْأَكَسُّ شُبِّهَ بِالْأَرْوَقِ ... عِندَ الْهَيْجَا وَقَلَّ الْبُصَاقُ

وَالضَّرِيمُ: اسْمٌ لِلْحَرِيقِ، وَقَالَ: شَدًّا كَمَا تُشَيِّعُ الضَّرِيمَا. وَالْوَمِيضُ: الْبَرْقُ، وَالنَّقِيضُ: صَوْتٌ كَالْقَعْقَعَةِ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} [الشرح: 3] ، أَثْقَلَهُ، حَتَّى سُمِعَ نَقِيضُهُ، وَتَقُولُ: أَنْقَضْتُ بِالرَّجُلِ. 296 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُمَيْدُ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا عِمْرَانُ بْنُ ظَبْيَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: " §ذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَهُودِيٍّ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ يُدَارِسُهُمْ، فَرَأَى رَجُلًا مُتَخَلِّقًا، فأَنْقَضَ أَوْ قَالَ: فَنَقَّضَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَعَلَّهُ عَرُوسٌ، قَالَ: وَإِنْ فَاذْهَبْ، فَاغْسِلْهُ، ثُمَّ انْهَكْهُ، ثُمَّ اغْسِلْهُ، ثُمَّ انْهَكْهُ "

وَالنَّهْكَةُ: الْمُبَالَغَةُ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ الْإِنْقَاضُ: كَأَنَّ إِنْقَاضَ مِنْ إِيغَالِهِنَّ بِنَا ... أَوَاخِرِ الْمَيْسِ أَنْقَاضُ الْفَرَارِيجِ. وَيُقَالُ: أَنْقَضْتَ بِالْحِمَارِ إِذَا أَلْزَقْتَ طَرَفِ لِسَانِكَ بِالْغَارِ الْأَعْلَى، ثُمَّ صَوَّتَ بِحَافَتَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَرْفَعَ طَرَفَهُ، عَنْ مَوْضِعِهِ. وَأَنْشَدَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ: رُبَّ عَجُوزٍ مِنْ أُنَاسٍ شَهْبَرَهْ ... عَلَّمْتُهَا الْإِنَقَاضَ بَعْدَ الْقَرْقَرَهْ يَعْنِي أَنَّهَا كَانَ لَهَا بَعِيرٌ مُسِنٌّ، فَرَكِبَهُ، وَذَهَبَ بِهِ، وَتَرَكَ لَهَا بِكْرًا، يَنْقُضُ بِهِ، وَالْمُسِنُّ يُقَرْقِرُ بِهِ. وَقَوْلُهُ: عَيْنَانِ سَجْرَاوَانِ. قَالَ ابْنُ الْهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، §قَالَ السَّجرُ: أَنْ يَكُونَ سَوَادُ الْعَيْنِ مُشْرَبًا حُمْرَةً، يُقَالُ: رَجُلٌ أَسْجَرُ، وَامْرَأَةٌ سَجْرَاءُ، وَكَذَلِكَ غَدِيرٌ أَسْجَرُ: إِذَا كَانَ يَضْرِبُ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْكُدْرَةِ، وَيُقَالُ لِمَاءِ السَّمَاءِ، قَبْلَ أَنْ يَصْفُوَ: أَسْجَرُ، وَذَلِكَ لِكَدْرَتِهِ، وَضَرْبِهِ إِلَى الْحُمْرَةِ، وَنُطْفَةٌ سَجْراءُ. وَقَالَ الْعُجَيْرُ السَّلُولِيُّ يَصِفُ قَطَاةً: غَدَتْ كَالْقَطْرَةِ السَّجْرَاءِ رَاحَتْ ... أَمَامَ مُزَمْزِمٍ لَجِبٍ نَفَاهَا

وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْأَشْكَلُ دُونَ الْأَسْجَرِ، وَالْأَسْجَرُ أَكْثَرُهُمَا حُمْرَةً، وَهُوَ الشَّهَلُ، وَالسَّجَرُ، وَالشَّكَلُ، وَإِنَّمَا تُوصَفُ الْعَيْنُ بِالْحُمْرَةِ عِنْدَ شِدَّةِ الْغَيْظِ وَالْغَضَبِ، قَالَ الشَّاعِرُ. مَرَرْنَا عَلَى لُبْنَى كَأَنَّ عُيُونَنَا ... مِنَ الْوَجْدِ وَالْإِتْئَارِ جَمْرُ الصَّنَوْبَرِ وَالْقَصَرَةُ: أَصْلُ الْعُنُقِ، وَمَغْرِزُهَا فِي الْكَاهِلِ، وَالرَّبِلَةُ وَالْمُتَرَبِّلَةُ: الْكَثِيرَةُ اللَّحْمِ، وَاللِّهْزِمَةُ: مَا تَحْتَ الْأُذُنِ مِنْ أَعْلَى اللَّحْي، وَالرَّهَلُ: سعة جلدها، يريد أن جلدها يموج هنالك، وذلك مما يمدح به، وفيه لغتان: رهل، وَلَهِزٌ، قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ: وَحَاجِبٍ خَاشِعِ وَمَاضِغِ لَهِزٍ ... وَالْعَيْنُ تَكْشِفُ عَنْهَا ضَافِيَ الشَّعَرِ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ. قَوْلَهُ: مَاضِغٍ لَهِزٍ، أَيْ: كَثِيرُ الْعَصَبِ، مَعْرُوقٌ مِنَ اللَّحْمِ، إِذَا كَثُرَ عَصَبُ الْمَاضِغِ وَاشْتَدَّ، قِيلَ: مَاضِغٌ لَهِزٌ، وَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ، وَأَنْشَدَ فِي ذَلِكَ الْأَصْمَعِيُّ قَوْلَ الْجَعْدِيِّ: وَلَوْحُ ذِرَاعَيْنِ فِي بِرْكَةٍ ... إِلَى جُؤْجُؤٍ رَهِلِ الْمَنْكِبِ فِي بِرْكَةٍ: أَيْ مَعَ بِرْكَةٍ، وَالْبِرْكَةُ: الصَّدْرُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّيهِ الْبَرْكَ، وَكُلُّ عَظْمٍ عَرِيضٍ: لَوْحٌ، وَرَهِلِ الْمَنْكِبِ أَيْ: جِلْدُ مَنْكِبَيْهِ يَمُوجُ، وَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ مِنْهُ، وَالْكَتِدُ: مَا بَيْنَ الثَّبْجِ إِلَى مُنْصَفِ الْكَاهِلِ مِنَ الظَّهْرِ، فَإِذَا أَشْرَفَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِنَ الظَّهْرِ، فَذَلِكَ أَكْتدُ. الْمُغْبَطُ: يُقَالُ: فَرَسٌ مُغْبَطُ الْكَاثِبَةُ إِذَا كَانَ مُرْتَفِعُ الْمِنْسَجِ، شَبَّهَهُ بِصَنْعَةِ الْغَبِيطِ، كَمَا قَالَ حُمَيْدٌ فِي صِفَةِ الْغَبِيطِ.

تَسَارَعَ فِيهِ الصَّانِعَاتُ فَشَاكَهَتْ ... بِهِ الْخَيْلُ حَتَّى هَمّ أَنْ يَتَحَمْحَمَا وَقَالَ لَبِيدٌ:. . . . . . . . . . . . . ... مُغْبَطُ الْحَارِكِ مَحْبُوكُ الْكَفَلْ وَأَنْشَدَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، لِحُمَيْدٍ الْأَرْقَطِ: تَشْكُو مَعَ الِاتْعَابِ دَامِيَاتِ ... مِنْ مُغْبَطِ الْمَيْسِ عَلَى الدَّأْيَاتِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الْهَمْزَةُ مُحَرَّكَةٌ، وَلَكِنَّهُ احْتَاجَ فَأَسْكَنَهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: كَتِفَاهُ كَمَا يُرَكِّبُ قَيْنٌ ... قَتَبًا فِي أَحْنَائِهُ تَشْمِيمُ وَالزَّوْرُ: الْوَسَطُ مِنَ الصَّدْرِ، وَمُقَدَّمُهُ، وَجَمْعُهُ أَزْوَارٌ، وَالْمُفْرَطُ: الْمُرْتَفِعُ شَبَّهُهُ بِالْفُرُطِ، وَهُوَ رَأْسُ الْأَكَمَةُ، وَقَالَ وَعْلَةُ الْجَرْمِيُّ: وَهَلْ سَمَوْتُ بِجرَّارٍ لَهُ لَجَبٌ ... جَمِّ الصَّوَاهِلِ بَيْنَ السَّهْلِ وَالْفُرُطِ وَجَمْعُهُ أَفْرَاطٌ، وَقَالَ الْهَمْدَانِيُّ:

إِذَا اللَّيْلُ أَدْجَى وَاسْتَقَلَّتْ نُجُومُهُ ... وَصَاحَ مِنَ الْأَفْرَاطِ بُومٌ جَوَاثِمُ وَيُقَالُ: الْأَفْرَاطُ فِي هَذَا الْبَيْتِ أَفْرَاطُ الصُّبْحِ، أَيْ أَوَائِلُهُ، لِأَنَّ الْهَامَ إِذَا أَحَسَّ بِالصَّبَاحِ صَاحَ. وَفِي قَوْلِهِ: زَوْرٌ مُفْرِطٌ مَذْهَبٌ آخَرُ، وَهُوَ الْمُسْتَقْدَمُ مِنْ قَوْلِكِ: أَفْرَطْتُ الشَّيْءَ إِذَا قَدَّمْتَهُ، وَمِنْهُ فَارَطُ الْقَوْمِ: الَّذِي يَتَقَدَّمُ. قَالَ النَّضْرُ بْنُ سَلَمَةَ الْعِجْلِيُّ يَذْكُرُ فَرَسًا: عَارِي الْوُظِيفِ أَحْدَبُ الذِّرَاعَيْنِ ... مُسْتَقْدِمُ الْبِرْكَةِ ضَخْمُ الْعَضْدَيْنِ. وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي زُبَيْدٍ: زَوْرٌ مُفْرِطٌ، أَنْ يَكُونَ مِنَ الْعَرْضِ الْمُفْرِطِ، وَلَا الطُّولِ الْمُفْرِطِ، كَقَوْلِ الرَّاجِزِ: مُنْتَفِخُ الْجَوْفِ عَرِيَضٌ كَلْكَلُهُ. لِأَنَّ عَرْضَ الصَّدْرِ مَحْمُودٌ، وَأَمَّا الْجُؤْجُؤُ وَالزَّوْرُ، فَيُوصَفَانِ بِالضِّيقِ، وَهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهُ بْنُ سَلِيمَةَ فِي صِفَةِ فَرَسٍ: مُتَقَارِبِ الثَّفِنَاتِ ضَيِّقٌ زَوْرُهُ ... رَحْبُ اللَّبَانِ شَدِيدُ طَيِّ ضَرِيسِ وَيُقَالُ: إِنَّ الْفَرَسَ إِذَا دَقَّ جُؤْجُؤُهُ، وَتَقَارَبَ مَرْفِقَاهُ كَانَ أَجْوَدَ لِجَرْيِهِ، وَكُلُّ مَا يُسْتَحَبُّ فِي الْفَرَسِ، فَهُوَ نَعْتٌ فِي الْكِلَابِ وَالسِّبَاعِ، إِلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرُ، مِثْلُ الْعَجُزِ، وَدِقَّةِ الْمَذْبَحِ، وَخَطَلِ الْآذَانِ، وَقَوْلُهُ: شَدِيدُ طَيِّ ضَرِيسِ يُرِيدُ شَدِيدُ طَيِّ الْفِقَارِ،

ضُرِّسَتْ ضَرْسًا، وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ الْبِئَرَ إِذَا طُوِيَتْ بِالْحِجَارَةِ، قِيلَ: ضُرِّسَتْ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: الْبَرَاثِنُ بِمَنْزِلَةِ الْأَصَابِعِ مِنْ يَدَيِ الْإِنْسَانِ وَرِجْلَيْهِ، وَاحِدُهُمَا بُرْثُنٌ، فَالْبُرْثُنُ بِكَمَالِهِ بِمَنْزِلَةِ الْإِصْبَعِ بِكَمَالِهَا، فَإِذَا سَقَطَ مِخْلَبُ الْبُرْثُنِ، وَهُوَ الظُّفْرُ، فَهُوَ بُرْثُنٌ، وَلَا ظُفْرَ لَهُ كَمَا الْإِصْبَعِ الَّتِي لَا ظُفْرَ لَهَا، وَالبُرْثُنُ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ،، أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ مَنْ سَمِعَ ابْنَ الْأَعْرَابِيِّ، وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ: فُلَانٌ أَجْرَأُ مِنْ خَاصِي الْأَسَدِ. قَالَ: خَاصِي الْأَسَدِ، وَسَطُ بَرَاثِينِهِ، وَقُلْ مَا يَفْرُسُ إِلَّا بِالْخَاصِي. وَأَنْشَدَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ: أَنْشَدَنِي الْحِرْمَازِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي خَلَفُ الْأَحْمَرُ: سَاوَرَنِي الدَّهْرُ بِكُلِّ مُعْضِلَهْ وَنَالَ مِنِّي صَرْفُهُ مَا أَمَّلَهْ مَا هَكَذَا كُنْتُ عَهِدْتُ أَوَّلَهْ وَكَانَ لِي هِرٌّ يُسَمَّى حَلْحَلَهْ حَسَّنَهُ خَالِقُهُ وَأَكْمَلَهْ أَسْوَدُ ذُو بَرَاثِنَ مُؤَلَّلَهْ كَأَنَّمَا الْوَاحِدُ مِنْهَا مِعْبِلَهُ مَا حَازَهُ بِطَرِفِهِ فَذَاكَ لَهْ وَقَوْلُهُ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ فَأَرْهَجَ، مِنَ الْإِرْهَاجِ، وَهُوَ الْغُبَارِ السَّاطِعُ، يُقَالُ: وَادٍ مُرْهَجٌ. قَالَ الشَّاعِرُ: إِذَا أَرْهَجَ الْوَادِي لِوَقْعِ الْحَوَابِرِ.

أَيْ كَثُرَ غُبَارُهُ، وَهُوَ الرَّهْجُ، وَالرَّهَجُ مُحَرَّكٌ. وَأَنْشَدَ أَبُو زَيْدٍ: وَادٍ خَصِيبٌ عَجِيبٌ لَيْسَ يَمْنَعَهُ ... مِنَ الْأَنِيسِ حَذَارُ الْيَوْمِ ذِي الرَّهَجِ وَالْخَوْقُ: السَّعَةُ، وَقَدِ انْخَاقَتِ الْمَفَازَةُ، وَقَالَ الرَّاجِزُ: خَوْقَاءُ مُفْضَاهَا إِلَى مُنْخَاقِ. وَالْجَمِيعُ الْخُوقُ، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: تُسَامِي عَثَانَيْنِ الْحَرُورِ وَتَرْتَمِي ... بِنَا بَيْنَهَا أَرْجَاءُ خُوقٍ نَفَانِفِ وَالِاكْفَهْرَارُ: الِاسْتِقْبَالُ بِوَجْهٍ كَرِيهٍ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «لَا تَلْقَوْا أَهْلَ الْمَعَاصِي إِلَّا بِوُجُوهٍ مُكْفَهِرَّةٍ» . وَقَوْلُهُ: فذمرتُ أَصْحَابِي، فَإِنَّ الرَّجُلَ يَذْمُرُ أَصْحَابَهُ إِذَا لَامَهُمْ وَأَسْمَعَهُمْ، لِيَكُونُوا أَجَدَّ لَهَمْ فِي الْقِتَالِ، وَالرَّجُلُ يَتَذمَّرُ، قَالَ الْأَعْرَابِيُّ يَذْكُرُ نَفْسَهُ وَكَلْبَهُ: فَقُلْتُ لَعَلَّ اللَّهَ يُرْسِلُ وَدْقَةً ... فَيُضْحِي كِلَانَا قَاعِدًا يَتَذَمَّرُ

كَأَنِّي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْغِنَى ... وَأَنْتَ هِزَبْرِيٌّ كَأَنَّكَ جَعْفَرُ 297 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا أَبُو الرَّبِيعِ الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ: نا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: " §أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَجَاءَ يَتَذَمَّرُ، فَقُلْنَا يَا أَبَا حَمْزَةَ، مَا ذَاكَ؟ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ هَذَا يَعْنِي: الْحَجَّاجَ، فَجِئَ بِالطَّعَامِ، فَأَكَلُوا، ثُمَّ قَامُوا فَصَلُّوا، وَلَمْ يَتَوَضَّأُوا، فَقُلْنَا: يَا أَبَا حَمْزَةَ، أَمَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا

قَالَ الْفَرَّاءُ: الذِّمْرُ الشُّجَاعُ مِنْ قَوْمٍ أَذْمَارٍ، وَيُقَالُ أَيْضًا: رَجُلٌ ذَمِيرٌ وَذَمِرٌ وَذِمِرٌ، وَهُوَ الْمُنْكَرُ الشَّدِيدُ " وَقَالَ يَعْقُوبُ: ظَلَّ فُلَانٌ يَتَذمَّرُ لِفُلَانٍ، وَيَتَنَمَّرُ لِفُلَانٍ، وَيَتَنَغَرُ عَلَى فُلَانٍ، كُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ، إِذَا تَنَكَّرَ لَهُ، وَأَوْعَدَهُ. وَقَوْلُهُ: فبَعْدَ لَأْيٍ: أَيْ بَعْدَ بُطْءٍ، قَالَ زُهَيْرٌ: فَلَأْيًا بِلَأْيٍ مَا حَمَلْنَا غَلَامِنا ... عَلَى ظَهْرِ مَحْبُوكٍ ظِمَاءٍ مَفَاصِلُهْ. وَقَالَ الْأَعْشَى:

وَعَادَ فَتَى صِدْقٍ عَلَيْهِمْ بِجَفْنَةٍ ... وَسَوْدَاءَ لَأْيًا بِالْمُزَادَةِ تُمْرَقُ وَالسَّوْدَاءُ: قِدْرٌ عَظِيمَةٌ. وَالِاقْشِعْرَارُ مِنَ الْقُشَعْرِيرَةِ، وَهُوَ انْتِفَاشُ الشَّعْرِ وَقِيَامُهُ. 298 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: أَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومِ بِنْتِ الْعَبَّاسِ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «§مَا اقْشَعَرَّتْ جِلْدَةُ عَبْدٍ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، إِلَّا تَحَاتَّتْ خَطَايَاهُ، كَمَا تَحَاتَّ وَرَقُ شَجَرَةٍ يَابِسَةٍ، أَصَابَتْهَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ»

299 - وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: نا وَكِيعٌ، قَالَ سُفْيَانُ، فِي حَدِيثٍ: " إِنَّ لنَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، §خَطَبَ امْرَأَةً، فَبَعَثَ عَائِشَةَ تَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَجَاءَتْ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْتُ طَائِلًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ رَأَيْتِ بِخَدِّهَا خَالًا، اقْشَعَرَّتْ كُلُّ شَعْرَةٍ مِنْكِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا دُونَكَ سِرٌ "

وَالِازْبِئْرَارُ أَيْضًا: الِانْتِفَاشُ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ الْمُرَارُ الْعَدَوِيُّ: فَهُوَ وَرْدُ اللَّوْنِ فِي ازْبِئْرَارِهِ ... وَكُمَيْتُ اللَّوْنِ مَا لَمْ يَزْبَئِرَ يَقُولُ: هُوَ إِذَا دَجَا شَعْرَهُ، وَسَكَنَ اسْتَبَانَتْ كُمْتَتُهُ، وَإِذَا ازْبَأَرَ اسْتَبَانَ أُصُولُ شَعْرِهِ، وَلَيْسَتْ بِأَشَدِّ قُنُوًا، هِيَ أَقَلُّ صِبْغًا مِنْ أَطْرَافِهِ، وَيُقَالُ: أَسَدٌ زِبِرٌ، إِذَا كَانَ شَدِيدًا، قَالَ الْفَقْعَسِيُّ: إِنِّي إِذَا طَرْفُ الْجَبَانِ احْمَرَّا وَكَانَ خَيْرُ الْخَصْلَتَيْنِ الشَرَّا أَكُونُ ثُمَّ أَسَدًا زِبِرَّا.

وَالْجُزَارَةُ: الْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالْعُنُقُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ كَانَ لَا تُقْسمَ فِي سِهَامِ الْجَزُورِ، وَيُقَالُ: سُمِّيَ بِهَا، لِأَنَّ الْجَزَّارَ، كَانَ إِذَا نَحَرَ جَزُورًا أَخَذَهَا فِي أَجْرِهِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْبُدُنِ، " وَلَا تُعْطِ الْجَازِرَ مِنْ جُزَارَاتِهَا شَيْئًا، وَيُرْوَى عَلَى وَجْهٍ آخَرَ، وَلَا تُعْطِ الْجَازِرَ مِنْهَا فِي جِزَارَتِهَا شَيْئًا. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ، فَهِيَ جِزَارَةٍ بِالْكَسْرِ مَصْدَرُ جَزَرْتُ، وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: وَلَمْ أَشْهِدِ الْخَيْلَ الْمُغِيرَةَ بِالضُّحَا عَلَى هَيْكَلٍ نَهدِ الْجُزَارَةِ جَوَّالِ. وَالْوَقْصُ: دَقُّ الْعُنُقِ، وَالزَّبْرَةُ مِنَ الْكَاهِلِ الشَّعْرَةُ الْمُجْتَمِعَةُ، وَكُلُّ شَعْرٍ يَكُونُ كَذَلِكَ مُجْتَمِعًا مِنَ الْوَبَرِ، فَهُوَ زُبْرَةٌ، وَالْأَزْبَرُ: الضَّخْمُ زُبْرَةِ الْكَاهِلِ، وَالْأُنْثَى زَبْرَاءُ، وَيُقَالُ لِلْإِنْسَانِ إِذَا هَاجَ غَضَبُهُ: قَدْ هَاجَتْ زَبْرَاؤُهُ، يُقَالُ: أَصْلُهُ أَنَّ جَارِيَةً لِلْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، كَانَتْ سَيِّئَةَ الْخُلُقِ، تُسَمَّى زَبْرَاءُ، فَكَانَ الْأَحْنَفُ إِذَا هَاجَتْ، قَالَ: قَدْ هَاجَتْ زَبْرَاءُ، فَذَهَبَ مَثَلًا. وَقَوْلُهُ: اخْتُلِجَ، فَإِنَّ الْخَلْجَ الْجَذْبُ، يُقَالُ خَلَجَهُ يَخْلُجُهُ، قَالَ الْعَجَّاجُ: فَإِنْ يَكُنْ هَذَا الزَّمَانُ خَلَجَا حَالًا لِحَالٍ تَصْرِفُ الْمُوَشَّجَا. فَقَدْ لَجِجْنَا هَوَاكِ لَجَجَا. وَمِنْهُ سُمِّيَ الْخَلِيجُ خَلِيجًا، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْحَبْلِ خَلِيجٌ، لِأَنَّهُ يُجْذَبُ مَا شُدَّ بِهِ،

وَيُقَالُ: قَدْ خَلَجَهُ بِعَيْنِهِ إِذَا غَمَزَ، قَالَ الرَّاجِزُ: جَارِيَةٌ مِنْ شِعْبِ ذِي رُعَيْنِ حَيَّاكَةٌ تَمْشِي بِعُلْطَتَيْنِ قَدْ خَلَجَتْ بِحَاجِبٍ عَيْنِ يَا قَومُ خَلُّوا بَيْنَهَا وَبَيْنِي أَشَدَّ مَا خُلِّيَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَيُقَالُ: اخْتَلَجَ الْجَنِينُ إِذَا اضْطَرَبَ. 300 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: " §وَلَدَتِ امْرَأَةٌ وَلَدًا، فشهد نسوة أَنَّهُ وُلِدَ حَيًّا، وَأَنَّهُ اخْتَلَجَ، وَلَمْ يَشْهَدْنَ عَلَى اسْتِهْلَالِهِ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: الْحَيُّ يَرِثُ الْمَيِّتَ، ثُمَّ أَبْطَلَ مِيرَاثُهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا الْمِيرَاثُ لِمِنَ اسْتَهَلَّ

وَقَوْلُهُ: فَقَضْقَضَ مَتْنُهُ، فَإِنَّ الْقَضْقَضَةُ: كَسْرُ الْعِظَامِ وَالْأَعْضَاءِ عِنْدَ الْفَرَسِ، وَمِنْهُ قِيلَ: أَسَدٌ قَضْقَاضٌ، يُقَضْقِضُ فَرِيسَتَهُ، قَالَ الرَّاجِزُ: كَمْ جَاوَزَتْ مِنْ حَيَّةٍ نَضْنَاضِ ... وَأَسَدٍ فِي غَيْلِهِ قَضْقَاضِ 301 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " §مَنْ مَاتَ، وَتَرَكَ كَنْزًا، مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةَ شُجَاعًا أَقْرَعَ، فَلَا يَزَالُ يَتَّبِعُهُ حَتَّى يَلْقَمَ يَدَهُ فَيُقَضْقِضَهَا، ثُمَّ يُتْبِعَهَا سَائِرَ جَسَدِهِ.

وَالشَّيْهَمُ: مَا عَظُمَ شَوْكُهُ مِنْ ذُكْرَانِ الْقَنَافِذِ، وَهُوَ الدُّلْدُلُ، قَالَ أَعْشَى بَكْرٍ: إِنِّي وَثَوْبِي رَاهِبِ الشَّأْمِ وَالَّتِي ... بَنَاهَا قُصَيُّ وَحْدَهُ وَابْنُ جُرْهُمِ لَئِنْ شَبَّ نَيِرَانُ الْعَدَاوَةِ بَيْنَنَا ... لَتَرْتَحِلَنْ مِنِّي عَلَى ظَهْرِ شَيْهَمِ وَقَوْلُهُ: أَعْجَزُ فَهُوَ الْعَظِيمُ الْعَجِزُ، قَالَ يَعقُوبُ: يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ عَجْزَاءُ ضَخْمَةُ الْعَجِيزَةُ وَالْعَجُزِ، وَرَجُلٌ أَعْجَزُ ضَخْمُ الْعَجُزِ، وَلَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ ضَخْمُ الْعَجِيزَةِ. وَالْحَوَايَا: مَا تَحْوِي مِنَ الْبَطْنِ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: الْحَوَايَا وَاحِدَتُهَا حَاوِيَةٌ، قَالَ الشَّاعِرُ: أَضْرِبُهُمْ وَلَا أَرَى مُعَاوِيَهْ ... الْأَخْزَرَ الْعَيْنِ الْعَظِيمَ الْحَاوِيَهْ. وَقَدْ يُقَالُ لِلْحَاوِيَةِ حَاوِيَاءُ، مَمْدُودَةٌ، وَالْجَمِيعُ الْحَاوِيَاتُ، قَالَ جَرِيرٌ: كَأَنَّ نَقِيقَ الْحَبِّ فِي حَاوِيَائِهِ ... فَحِيحُ الْأَفَاعِي أَوْ نَقِيقُ الْعَقَارِبِ وَالنَّهِيمُ: صَوْتٌ فَوْقَ الزَّفِيرِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْأَسَدِ: نَهَّامُ، وَالْفِعْلُ نَهَمَ يَنْهِمُ نَهِيمًا، وَقَالَ: إِذَا أَعَادَ الزَّأْرَ أَوْ تَنَهَّمَا. يُقَالُ لِلْأَسَدِ: يَنْهِمُ وَيَنْهِتُ وَيَنْئِمُ وَيَزْئِرُ، قَالَ الرَّاجِزُ: مَالَكَ لَا تَنْهِمُ يَا فَلَّاحُ ... إِنَّ النَّهِيمَ لِلسُّقَاةِ رَاحُ. وَقَالَ الرَّاجِزُ: يَلُحْنَ مِنْ أَصْوَاتِ حَادٍ شَيْظَمِ صُلْبٍ عَصَاهُ لِلْمَطِيِّ مِنْهَمِ لَيْسَ يُمَانِي عُقَبَ التَّجَشُّمِ

وَالشَّيْظَمُ: الشَّدِيدُ الطَّوِيلُ، وَالْمِنْهَمُ: الزَّاجِرُ، وَقَوْلُهُ: يَلُحْنَ، أَيْ: يُشْفِقْنَ، وَقَوْلُهُ: لَيْسَ يُمَانِي تَقُولُ: مَانَيْتُكَ مُنْذُ الْيَوْمِ، أَيِ انْتَظَرْتُكَ، وَالْمُمَانَاةُ: الْمُطَاوَلَةُ، قَالَ الرَّاجِزُ: عُلِّقْتَهَا قَبْلَ الِانْضِبَاحِ لَوْنِي وَجُبْتُ لَمَّاعًا بَعِيدَ الْبَوْنِ مِنْ أَجْلِهَا بِفِتْيَةٍ مَا نَوْنِي. الِانْضِبَاحُ: تَغَيُّرُ اللَّوْنِ، يُقَالُ ضَبَحَتْهُ النَّارُ، وَضَبَتْهُ تَضْبُوهُ ضُبُوًّا. وَأَنْشَدَ لِغَيْلَانَ: فَإِلَّا يَكُنْ فِيهَا هُرَارٌ فَإِنَّنِي ... بِسَلٍّ يُمَانِيهَا إِلَى الْحَوْلِ خَائِفُ وَالْهُرَارُ: دَاءٌ يَأْخُذُ الْإِبِلَ تَسْلَحُ مِنْهُ، قَالَ الْكُمَيْتُ: وَلَا يُهَرُّ بِهِ مِنْهُنَّ مُبْتَقِلُ. وَالتَّجَشُّمُ: تَجَشُّمَ الْأَرْضَ، إِذَا أَخَذْتَ نَحْوَهَا تُرِيدُهَا، وَيُقَالُ: تَجشَّمْتَ الْأَمْرَ إِذَا تَكَلَّفْتَهُ عَلَى مَشَقَّةٍ. وَالْفَرْفَرَةُ: الطَّيْشُ وَالْخِفَّةُ، يُقَالُ رَجُلٌ فَرْفَارٌ، وَامْرَأَةٌ فَرْفَارَةٌ، وَيُرِيدُ بِقَوْلِهِ، فَرْفَرَ الْأَسَدُ: نَفَضَ رَأْسَهُ، قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَذْكُرُ الْبَرِيرِ: إِذَا مَا عَنجْتُ بِالْعِنَانَيْنِ رَأْسَهُ ... مَشَى الْهِرْبَذِيُّ فِي دَفِّهِ ثُمَّ فَرْفَرَا وَالْبَرْبَرَةُ مِنَ الْجَلَبَةِ وَالصِّيَاحِ، وَالْجَرْجَرَةُ نَحْوُهُ، وَاللَّحْظُ: مَصْدَرٌ، لَحَظَ الرَّجُلُ يَلْحَظُ لَحْظًا وَلَحَظَانًا، إِذَا نَظَرَ بِمُؤَخِرِ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ الشَّاعِرُ: نَظَرْنَاهُمْ حَتَّى كَأَنَّ عُيُونَنَا ... بِهَا لَقْوَةٌ مِنْ شِدَّةِ اللَّحَظَانِ

وَالْأَطِيطُ: مِثلُ النَّقِيضِ، قَالَ الشَّاعِرُ: أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةُ ... بَعِيدًا سَحِيقًا مِنْ أَطِيطِ الْمَحَامِلِ وَأَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، لِسُوَيْدِ بْنِ صَامِتٍ: وَخَرْقٍ تَعْرِفُ الْجِنَّانَ فِيهِ ... بَعَثْتُ لَهُ مُذَكِّرَةً عُقَامَا عَذَافِرَةٍ يَئِطُ النِّسْعُ فِيهَا ... أَطِيطَ السَّمْهَرِيَةَ أَنْ تُقَامَا وَيُقَالُ لِأَصْوَاتِ الْإِبِلِ الْأَطِيطُ، قَالَ الْأَعْشَى: أَلَسْتَ مُنْتَهِيًا عَنْ نَحْتِ أَثْلَتِنَا ... وَلَسْتَ ضَائِرِهَا مَا أَطَّتِ الْإِبِلُ وَقَوْلُهُ: مِنْ عَنْ شِمَالِهِ وَيَمِينِهِ، فَإِنَّ الْعَرَبَ تَدْخِلُ الصِّفَاتَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضِهِ، قَالَ الشَّاعِرُ:. . . . . . . . . . . . إِذَا مَا جَعَلتُ السَّيْفَ مِنْ عَنْ شِمَالِيَا وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ أَبُو زَيْدٍ: جِئْتُ مِنْ مَعَ الْقَوْمِ، وَقَالَ مُزَاحِمُ الْعُقَيْلِيُّ: غَدَتْ مِنْ عَلَيْهِ بَعْدَمَا تَمَّ ظَمَؤُهَا ... تَصِلُّ وَعَنْ قَيْضٍ بِزَيْزَاءَ مَجْهَلِ وَالْعَرَبُ تُدْخِلُ مِنْ عَلَى جَمِيعِ الْمَحَالِ إِلَّا عَلَى اللَّامِ وَالْبَاءِ، وعَلَيْهَا نَفْسُهَا، وَعَلَى فِي، وَأَنْشَدَ: إِذَا نَفَحَتْ مِنْ عَنْ يَمِينِ الْمَشَارِقِ.

وَقَالَ أَبُو ثَرْوَانَ إِنَّ. . . . . . . حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: التَّحْمِيجُ، شِدَّةُ النَّظَرِ، وَفَتْحُ الْعَيْنِ. قَالَ أَبُو الْعِيَالِ الْهُذَلِيُّ: وَحَمَّجَ لِلْجَبَانِ الْمَوْتَ ... حَتَّى قَلْبُهُ يَجِبُ وَقَالَ الْآخَرُ: مِنْ أَنْ رَأَيْتَ بَنِي أَبِيكَ ... مُحَمِّجِينَ إِلَيْكَ شُوسَا 302 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الرِّيَاشِيِّ، قَالَ: نا دِمَاذُ أَبُو غَسَّانَ، عَنِ الْمَدَائِنِيِّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: قُلْتُ لِسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ: §مَا أَغْرَى أَبَا زُبَيْدٍ

حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه

بِوَصْفِ الْأَسَدِ؟ قَالَ: إِنَّهُ لَقِيَهُ أَسَدٌ بِثَنْيِ الْفُرَاتِ، فَسَلَحَهُ، فَصَارَ شَعْرُ أَبِي زُبَيْدٍ كُلُّهُ فِي الْأَسَدِ، وَهُوَ حَرْمَلَةُ بْنُ الْمِنْذِرِ الطَّائِيُّ، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا فِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. كَمَلَ حَدِيثُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَيَتْلُوهُ فِي حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

303 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ فِي الْأَضَاحِي: «§لَا يَضُرُّ الشَّاةُ مَا كَانَ مِنْ شَطْرٍ أَوْ شَقٍ بِأُذُنِهَا أَوْ صَمَعٍ» . حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: نا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عُقَيْلٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ، يُخَبِّرَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَحَدَّثَنَا الْجَارُودِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. . . .

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: إِذَا يَبِسَ أَحَدُ خِلْفَيْهَا فَهِيَ شَطُورٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: شَاةٌ شَطُورٌ، وَقَدْ شَطَرَتْ شِطَارًا، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ طَبْيَيْهَا أَطْوَلَ مِنَ الْآخَرِ، وَإِنَّ حَلَبًا جَمِيعًا، وَالْخِلْفَةُ كَذَلِكَ سُمِّيَتْ حُضُونًا، وَأَمَّا فِي الْإِبِلِ، فَإِنَّ الشَّطُورَ الَّتِي يَبِسُ مِنْهَا خِلْفَانِ، لِأَنَّ لَهَا أَرْبَعَةُ أَخْلَافٍ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: أَنْشَدَ الْأَصْمَعِيُّ يَذْكُرُ أَخْلَافَ النَّاقَةِ: §وَجْنَاءُ مُقْوَرَّةُ الْأَلْيَاطِ يَحْسَبُهَا ... مَنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلُ رَاهَا رَأْيَةً جَمَلَا حَتَّى يَدُلَّ عَلَيْهَا خَلْقُ أَرْبَعَةٍ ... فِي لَازِقٍ لَحِقَ الْأَقْرَابَ فَانْشَمَلَا ، قَالَ: وَيُرْوَى: مُقْوَرَّةُ الْأَقْرَابِ، وَالْأَقْرَابُ: الْخَوَاصِرُ وَاحِدُهَا قُرْبٌ، يُقَالُ:

لَأَوْجَعَنَّ قُرْبَيْكَ، وَالْمُقَوَّرَةُ: الضَّامِرَةُ خَلْقُ أَرْبَعَةٍ: أَيْ: أَرْبَعَةُ أَخْلَافٍ، فِي لَازِقٍ: أَيْ فِي ضَرْعٍ لَازِقٍ. وَانْشَمَلَ: مِثْلُ انْصَرَمَ، فَإِنْ كَانَ يَبِسَ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَخْلَافٍ فَهِيَ ثَلُوثٌ. حَدَّثَنَا الْجَارُودِيُّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: الشَّطَرُ: أَنْ يَكُونَ نَاحِيَةٌ مِنْ ضَرْعِهَا يَابِسَةٌ، وَالْأُخْرَى يُحْلَبُ مِنْهَا. وَالصَّمَعُ: صِغَرُ الْأُذُنَيْنِ وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَبِي هَفَّانَ، قَالَ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: " §سُمِّي الشَّاطِرُ شَاطِرًا، لِأَنَّهُ أُخِذَ مِنْ ضَرْعٍ شَطْورٍ إِذَا فَسَدَ، وَيُقَالُ: حَلَبَ الدَّهْرَ أَشْطُرَهُ، أَيْ: ضُرُوبَهُ، مَرَّ بِهِ خَيْرٌ وَشَرٌّ، وَلِلنَّاقَةِ شَطْرَانِ قَادِمَانِ، وَآخَرَانِ، فَكُلُّ خِلْفَيْنِ شَطْرٌ، وَيُقَالُ: قَدْ شَطَرَ بِنَاقَتِهِ إِذَا صَرَّ خِلْفَيْنِ، وَتَرَكَ خِلْفَيْنِ، وَإِذَا صَرَّ خِلْفًا وَاحِدًا، قِيلَ: خَلَّفَ بِهَا، وَإِذَا صَرَّ ثَلَاثَةَ أَخْلَافٍ، قِيلَ: ثَلَّثَ بِهَا، وَإِذَا صَرَّ كُلَّهَا قِيلَ: أَجْمَعَ بِهَا، وَأَكْمَشَ " وَتَقُولُ: شَطَرْتُ نَاقَتِي وَشَاتِي، أَيْ: حَلَبْتُ شَطْرًا، وَتَرَكْتُ شَطْرًا، وَتَقُولُ: قَدْ شَاطَرْتُ طَلِيِّي: أي احتلبت شطرا، وصورته، وتركت له الشطر الآخر. والطلي: الصَّغِيرُ مِنْ أَوْلَادِ الْغَنَمِ يُشَدُّ رِجْلَهُ بِخَيْطٍ إِلَى وَتَدٍ أَيَّامًا، وَيُقَالُ لِلْخَيْطِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ طِلَاءٌ، وَجَمْعُ الطَّلِي طُلْيَانُ، وَقَدْ طَلَيْتُهُ أَطْلِيهِ، وَحَكَى الْفَرَّاءُ طَلَيْتُهُ وَطَلَوْتُهُ.

وَحَدَّثَنَا الْجَارُودِيُّ، قَالَ: نا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ ابْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ النَّابِغَةُ، §وَذَكَرَ الثَّوْرَ وَالْكِلَابَ: فَبَثَّهُنَّ عَلَيْهِ وَاسْتَمَرَّ بِهِ ... صُمْعُ الْكُعُوبِ بَرِيَّاتٌ مِنَ الْحَرَدِ صُمْعُ الْكُعُوبِ: يَقُولُ: كُلُّ مُفَصَّلٍ مِنْهَا أَصْمَعُ، وَيُقَالُ لِلْبُهْمَى قَبْلَ أَنْ تَفَقَّأَ: صَمْعَاءُ، لِضُمُورِهَا. وَالْأُذُنُ الصَّمْعَاءُ: اللَّازِقَةُ بِالرَّأْسِ اللَّطِيفَةِ، يُقَالُ: كَبْشٌ أَصْمَعُ، وَنَعْجَةٌ صَمْعَاءُ، وَيُقَالُ جَاءَ بِثَرِيدَةٍ مُصَمَّعَةِ إِذَا رَقَّقَهَا وَأَحَدَّ رَأْسَهَا. وَصَوْمَعَةٌ: فَوْعَلَةٌ مِنْ هَذَا، لِأَنَّهُ دُقِّقَ رَأْسَهَا، وَلَمْ يُنَفِّجْ، وَيُقَالُ: خَرَجَ السَّهْمُ مَصَمِّعًا، إِذَا خَرَجَ وَقَدْ تَلَطَّخَ بِالدَّمِ، فَضَمُرَتْ قُذَذُهُ وَصَغُرَتْ، وَيُقَالُ: فُلَانٌ أَصْمَعُ الْقَلْبِ: إِذَا كَانَ حَدِيدُ الْقَلْبِ، وَالْأَصْمَعَانِ: الْقَلْبُ الذَّكِيِّ وَالرَّأْيُ الْحَازِمُ، وَأَنْشَدَ فِي نَاقَةٍ: وَلَهَا مُنَاخٌ قَلَّمَا بَرَكَتْ بِهِ ... وَمُصَمِّعَاتٌ مِنْ بَنَاتِ مِعَاهَا. يَعْنِي: بَعَرَاتٍ مُلْتَزِقَاتٍ مُحَدَّدَاتٍ 304 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَامَ رَجُلٌ يَوْمَ صِفِّينَ، فَقَالَ: " §اللَّهُمَّ الْعَنْ أَهْلَ الشَّامِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: مَهْ، لَا تَسُبَّ أَهْلَ الشَّامِ جَمًّا غَفِيرًا، فَإِنَّ مِنْهُمُ الْأَبْدَالَ ". حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ قَالَ: قَامَ

رَجُلٌ،

يُقَالُ: جَاءَ الْقَوْمُ جَمًّا غَفِيرًا، وجماء غفيرا، وَالْجَمَّاءَ الْغَفِيرَ، قَالَ الْكُمَيْتُ:

وَقَدْ كَانَ جِلَّتُهُمْ وَالرَّعَاعُ ... جَمَّاءَ فِي شَنَآنِي غَفِيرَا وَيُقَالُ: جَمَّاءُ الْغَفِيرِ بِالْإِضَافَةِ، وَهُمُ الْجَمَّاءُ الْغَفِيرُ، وَأَنْشَدَ: كَبِيرُهُمْ وَطِفْلُهُمْ جَمِيعًا ... هُمُ الْجَمَّاءُ فِي اللُّؤْمِ الْغَفِيرُ وَحَدَّثَنَا الْكَلَابِزِيُّ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: تَقُولُ الْعَرَبُ: هُمْ فِيهَا الْجَمَّاءَ الْغَفِيرَ، بِالنَّصْبِ عَلَى تَوَهُّمِ: جَمَاءً غَفِيرًا، لِأَنَّ الْحَالَ لَا تَكُونُ مَعْرِفَةً، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِمْ: لَا هَيثَمَ اللَّيْلَةَ لِلْمَطِيِّ وَهَيْثَمٌ مَعْرُوفٌ بِعَيْنِهِ، فَأُخْرِجَ مَخْرَجَ النَّكِرَاتِ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُنْصَبُ فِي النَّفْيِ النَّكِرَاتِ، وَتُرْفَعُ الْمَعَارِفُ، وَمِثْلُهُ قِرَاءَةُ أَهْلِ مَكَّةَ: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ

غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] بِالنَّصْبِ عَلَى تَوَهُّمِ لَا مَغْضُوبًا عَلَيْهِمْ، فَوَضَعَ غَيْرَ فِي مَوْضِعِ مَغْضُوبَ وَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: يَقُولُ هُمْ فِي اجْتِمَاعِهِمْ وَاسْتِوَائِهِمْ إِذَا اجْتَمَعُوا كَالْبَيْضَةِ فِي اجْتِمَاعِهَا وَاسْتِوَائِهَا، قَالَ: هِيَ جَمَّاءٌ لَيْسَتْ لَهَا حُيُودٌ، أَيْ مَا أَشْرَفَ مِنْهَا، وَهِيَ غَفِيرٌ، أَيْ تَغْفِرُ الرَّأْسَ، أَيْ تُغَطِّيهِ. 305 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: " §اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا الْجِلْفَ الْجَافِيَ. حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ بْنِ سَنَّةٍ. قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ

الْجِلْفُ: الْأَعْرَابِيُّ الْجَافِي فِي خَلْقِهِ وَأَخْلَاقِهِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: الْجِلْفُ: هُوَ الْجَافِي الْخَالِي الْجَوْفِ، مِثْلُ الدَّنُّ الْفَارِغُ، وَيُقَالُ لِلشَّاةِ الْمَسْلُوخَةِ بِلَا رَأْسٍ وَلَا بَطْنٍ: جِلْفٌ، وَغَنَمًا وإنما يُقَالُ لِرَجُلٍ: جِلْفٍ، إِذَا وُصِفَ بِالْجَفَاءِ، وَقِلَّهِ الْعَقْلِ، أَيْ جَوْفُهُ هَوَاءٌ مِنَ الْعَقْلِ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: أَنْشَدَ لِقَيْسِ بْنِ الْخَطِيمِ:

كَأَنَّ لَبَّاتِهَا تَبَدَّدَهَا ... هَزْلَى جَرَادٍ أَجْوَازُهُ جُلُفُ تَبَدَّدَهَا: أَيْ: كَانَ عَنْ نَاحِيَتِهَا، يُقَالُ: ابْتَدَّهُ رَجُلَانِ، إِذَا أَخَذَا مِنْ نَاحِيَتَيْهِ، وَقَوْلُهُ: أَجْوَازُهُ جُلُفُ أَيْ: بِلَا رُءُوسٍ، وَلَا قَوَائِمَ فَشُبِّهَ مَا عَلَيْهَا مِنْ صِيغَةِ الذَّهَبِ بِالْجَرَادِ. وَقَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ: أَنَاةٌ عَلَيْهَا لُؤْلُؤٌ وَزَبَرْجَدٌ ... وَنَظْمٌ كَأَجْوَازِ الْجَرَادِ مُفَصَّلُ وَكَذَلِكَ الْجِلْفُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَا كَانَ غَيْرَ نَظِيفٍ وَلَا مُحْكَمٍ. وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو صَالِحٍ الْفَزَارِيُّ: §ألْوَحْشُ خَيْرٌ مِنْ مَبِيتٍ بِتُّهُ ... بِجُنُوبِ زَخَّةَ عِنْدَ آلِ مُعَارِكِ جَاءُوا بِجِلْفٍ مِنْ شَعِيرٍ يَابِسٍ ... بَيْنِي وَبَيْنَ غُلَامِهِمْ ذِي الْحَارِكِ بَرْكٍ عَلَى جَنْبِ الْخِوَانِ مُعَاوِدٍ ... أَكْلَ الْبِدَادِ بِلَقْمِهِ الْمُتَدَارِكِ وَالْوَحْشُ: أَنْ يَبِيتَ طَاوِيًا، قَالَ حُمَيْدٌ يَصِفُ الذَّئْبَ. وَإِنْ بَاتَ وَحْشًا لَيْلَةً لَمْ يَضِقْ بِهَا ... ذرَاعًا وَلَمْ يُصْبِحْ لَهَا وَهُوَ خَاشِعُ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: تَوَحَّشَ لِلدَّوَاءِ، أَيْ: أَخْلِ جَوْفَكَ مِنَ الطَعَّامِ، وَيُقَالُ: بَاتَ الْقَوْمُ

أَوْحَاشًا، وَقَدْ أَوْحَشُوا مُذْ لَيْلَتَانِ، أَيْ ذَهَبَ زَادُهُمْ، وَأَنَا مُوحِشٌ بَيِّنُ الْإِيحَاشِ 306 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «يَا بَنِي §أَسَدٍ اتَّبِعُونِي، أَجْعَلْ لَكُمْ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ» . أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْعَلَاءِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ وَهْبَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْأَسَدِيَّ، فَحَدَّثَنِي، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ الْأَسَدِيُّ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ غَالِبٍ

قَوْلُهُ: أَجْعَلْ لَكُمْ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ، يَعْنِي بِهِ الشَّرَفِ، وَالْعَرَبُ تَسْتَعِيرُ الْأَنْفَ فِي مَوْضِعِ الْعِزَّةِ وَالشَّرَفِ، أَنْشَدَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَبِي هَفِّانَ، لِإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيِّ: إِذَا كَانَتِ الْأَحْرَارُ أَصْلِي وَمَنْصِبِي ... وَقَامَ بِأَمْرِي خَازِمٌ وَابْنُ خَازِمِ عَطَسْتُ بِأَنْفٍ شَامِخٍ وَتَنَاوَلَتْ ... يَدَايَ الثُّرَيَّا قَاعِدًا غَيْرَ قَائِمِ. وَكَذَلِكَ يُقَالُ: جُدِعَتْ أُنُوفُ بَنِي فُلَانٍ، إِذَا ذَلُّوا وَاتَّضَعُوا، وَأَنْشَدَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، لِبَعْضِ بَنِي تَمِيمٍ: جَدَعْنَا بِهِ أَنْفَ اليَّمَامَةِ كُلِّهَا ... فأَصْبَحَ عِرْنِينُ اليَّمَامَةِ أَكْشَمَا وَيُقَالُ: عَبْدٌ أَجْدَعُ، وَقَدْ جُدِعَ وَكُشِمَ، وَهُوَ قَطْعُ الْأَنْفِ مِنْ مُقَاوِيمِهِ إِلَى أَقْصَاهُ، فَإِنْ قُطِعَ وَلَمْ يَبِنْ، وَكَانَ مُعَلَّقًا قُلْ لَهُ: مَفْقُورٌ، وَقَدْ فَقَرْتُ أنفه أَفْقِرُهُ فَقْرًا

307 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «إِنَّ §هَذِهِ الْإِمَارَةِ لَمْ يَعْهَدْ إِلَيْنَا فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدًا نَتَّبِعُ أَثَرَهُ، وَلَكِنْ رَأَيْنَاهَا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِنَا، أَصَبْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا، اسْتَخْلَفَ أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فَأَقَامَ وَاسْتَقَامَ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَأَقَامَ وَاسْتَقَامَ، ثُمَّ ضَرَبَ الدِّينُ بِجِرَانِهِ، وَطَلَبَ قَوْمٌ الدُّنْيَا، يُعَذِّبُ اللَّهُ، مَنْ يَشَاءُ، وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ» . أخْبَرَنَاهُ أَبُو الْعَلَاءِ، قَالَ: نا الْمُسَيِّبُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، الدَّشَّاشُ، قَالَ: نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ سَوَّارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ , قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْجَمَلِ

قَوْلَهُ: ضَرَبَ الدِّينُ بِجِرَانِهِ، يَعْنِي: أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى ذَلِكَ، ثُمَّ جَثَمَ، وَلَمْ يَنْهَضْ، وَسَكَنَ مِنْ غُلَوَائِهِ، وَيُقَالُ: أَلْقَى الْبَعِيرُ جِرَانَهُ عَلَى الْأَرْضِ إِذَا بَرَكَ، وَمَدَّ عُنُقَهُ أَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعَابِدِيُّ، قَالَ: نا أَبُو زُرْعَةَ، قَالَ: نا أَبُو غَسَّانَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ المُثَنَّى، قَالَ: قَالَ أُحَيْحَةُ بْنُ الْجَلَّاحِ يَذُمُّ رَجُلًا: تَبُوعٌ لِلْخِلَافَةِ حَيْثُ حَلَّتْ ... كَمَا يَعْتَادُ لِقْحَتَهُ الْفَصِيلُ إِذَا أَلْقَى بِجَانِبِهَا جِرَانًا ... تَحَمْحَمَ كَالْحِصَانِ لَهُ صَهِيلُ. وَأَمَّا قَوْلُ طَرَفَةَ فِي وَصْفِ النَّاقَةِ:. . . . . . . . . . وَأَجْرِنَةٌ لُزَّتْ بِدَأْيٍ مُنَضَّدِ

فَإِنَّهُ جَمَعَهُ لِسَعَتِهِ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، وَأَنْشَدَ: الشَّيْخُ عُثْمَانُ وَنِعْمَ الْمُتَّبَعْ طَأْطَأَ لِلْمَوْتِ جِرَانًا فَوَضَعْ مُحْتَسِبًا نَفْسَ شَهِيدٍ قَدْ رَجَعْ نَفْسَ شَهِيدٍ يُرِيدُ نَفْسَهُ، قَالَ: يُقَالُ إِذَا فَزِعَ الرَّجُلُ، ثُمَّ ثَابَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ: قَدْ رَجَعَ، وَأَنْشَدَ أَيْضًا يَعْقُوبُ: لَوْ أَنَّ كَلْبًا مَعَهُ كَلْبَانِ حَيْثُ الْتَقَتْ أَعْظُمُهَا الثَّمَانِي مَا بَرِحَتْ ضَارِبَةُ الْجِرَانِ قَوْلُهُ: أَعْظَمُهَا الثَّمَانِي يَقُولُ إِذَا بَرَكَتْ، فَالْتَقَتْ أَعْظُمُ فَخْذَيْهَا وَسَاقَيْهَا وَعَضُدَيْهَا وَذِرَاعَيْهَا، فَفَزَّعَهَا كَلْبٌ مَعَهُ كَلْبَانِ، مَا بَرِحَتْ لِذُلِّهَا وَسُكُونِهَا، وَذَهَبَ إِلَى مِثْلِ قَوْلِ الْآخَرِ: فَمِنْهَا أَنْ يُقَادُ بِهِ بَعْيرٌ ... ذَلُولٌ حِينَ يَحْتَرِشُ الضِّرَاءُ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: ضَرَبَ بِجِرَانِهِ إِذَا أَقَامَ، وَالْجِرَانُ مِنْ كُلِّ ذِي حَافِرٍ، وَخُفٍّ، وَإِنْسَانٍ: مَا وَلِيَ الْأَرْضَ مِنْ بَاطِنِ عُنُقِهِ إِلَى الصَّدْرِ.

308 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، " أَنَّ نَاسًا سَأَلُوا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، عَنْ رَجُلٍ أَوْتَرَ بَعْدَ الْأَذَانِ، فَقَالَ: لَا وِتْرَ لَهُ، فَأَتَوْا عَلِيًّا، فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: أَغْرَقَ النَّزْعَ، §الْوِتْرُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْأَسْوَدِ الْحَارِثُ بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: نا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ

قَوْلَهُ: أَغْرَقَ النَّزْعَ، يَعْنِي: أَنَّهُ تَنَطَّعَ فِي فُتْيَاهُ، يُقَالُ: أَغْرَقَ الرَّجُلَ فِي النَّزْعِ، إِذَا لَمْ يُبْقِ مِنَ السَّهْمِ شَيْئًا، إِذَا جَبَذَهُ بِالْوَتَرِ عِنْدَ الرَّمْيِ، قَالَ زُفْرُ بْنُ الْحَارِثِ: وَلَمَّا رَأَيْنَا النَّاسَ أَوْلَادِ عَلَّةٍ ... وَأَغْرَقَ فِينَا نَزْعَهُ كُلَّ نَابلِ وَقَالَ الْحِصْنيُّ: يَذْكُرُ نَجْمًا يُعْرَفُ بِسَهْمِ الرَّامِي حِيَالَ الْقِلَادَةِ، وَالْقِلَادَةُ: مِنَ الْبَلْدَةِ، وَرُبَّمَا نَزَلَ بِهَا الْقَمَرُ: أَمَامَهَا رَمٍ إِذَا ... أَغْرَقَ ذَا فَوْقٍ نَزَعْ

يَتْلَو نَعَامً وَارِدًا ... وَمَا دَرَى حَيْثُ سَكَعْ وَيُقَالُ: قَدْ أَمْلَأَ فِي قَوْسِهِ نَزْعًا، وَمَلَأَ، إِذَا هُوَ أَغْرَقَ السَّهْمَ، وَقَدْ أَمْلَأَ النَّزْعَ فِي قَوْسِهِ، وَيُقَالُ فِي قَوْلِ عَلِيٍّ: أَغْرَقَ النَّزْعَ، مَذْهَبٌ آخَرُ: مِنْ نَزْعِ الدَّالِي، يُقَالُ: أَغْرَقَ النَّازِعُ بِالدَّلْوِ، إِذَا لَمْ يُخْرِجْ إِلَّا غُرْفَةً، وَهُوَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: يُقَالُ §نَزَعْتُ الدَّلْوَ مِنَ الْبِئْرِ أنْزِعُهَا نَزْعًا، ونَزَعْتُ بِالدَّلْوِ مِنَ الْبِئْرِ، وَهُمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ جَذْبُكَ الدَّلْوِ مِنَ الْبِئْرِ، فَأَرَادَ عَلِيٌّ أَنَّهُ لَمْ يَصْنَعْ فِي فُتْيَاهُ شَيْئًا، وَشَبَّهَهُ بِالنَّازِعِ غَيْرَ الْمَمْهِيِّ، قَالَ الشَّاعِرُ:

تُضْحِي وَقَدْ ضَمِنَتْ ضَرَّاتُهَا ... غُرَقًا مِنْ طِيبِ الطَّعْمِ حُلْوٍ غَيْرِ مَجْهُودِ. وَالْغُرْقَةُ مِثْلُ الْغُرْفَةِ، يُقَالُ: مَا فِي ضَرْعِهَا إِلَّا غُرْقَةُ لِلْغُرْفَةِ وَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ الشَّاعِرُ: §نَامَ وَخَلَّى سَوْمَهَا عَطَاءُ نَوْمَ امْرِئٍ هَدَّنَهُ الْغِطَاءُ وَغُرْقَةٌ مِنْ مَحْضِهَا شِفَاءُ قَالَ: الْغُرْقَةُ الشَّيْءُ مِنَ اللَّبَنِ فِي الْإِنَاءِ، أَوْ فِي الضَّرْعِ، قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ فِي الدَّلْوِ عَرَّقَ الرَّجُلُ، بِعَيْنٍ غَيْرَ مُعْجَمَةٍ، بِمَعْنَى قَلَّلَ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: " §عَمِلَ رَجُلٌ عَمَلًا، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: عَرَّقْتَ، وَبَرَّقْتَ وَمَعْنَى بَرَّقْتَ لَوَّحْتَ بِشَيْءٍ لَيْسَ لَهُ مِصْدَاقٌ، وَعَرَّقْتَ: قَلَّلْتَ، وَأَنْشَدَ: لَا تَمْلَأِ الدَّلَوَ وَعَرِّقْ فِيهَا ... أَلَّا تَرَى حَبَارَ مَنْ يَسْقِيهَا

وَالحَبَارُ: الْهَيْئَةُ 309 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، " أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلَيْنِ: إِنَّكُمَا عِلْجَانِ فَعَالِجَا عَنْ دِينِكُمَا ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: نا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ , قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ أَنَا وَرَجُلَانِ: رَجُلٌ مِنَّا، وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، أَحْسَبُهُ قَالَ: فَوَجَّهَهُمَا وَجْهًا، وَقَالَ: §" إِنَّكُمَا عِلْجَانِ، فَعَالِجَا عَنْ دِينِكُمَا

الْعِلْجُ: هَاهُنَا الشَّدَيدُ الْخَلْقِ، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: عِلْجٌ إِذَا خَرَّجَ وَجْهَهُ، وَغَلُظَ، قِيلَ قَدِ اسْتَعْلَجَ، وَمِنْهُ قِيلَ لِحِمَارِ الْوَحْشِ عِلْجٌ، لِاسْتَعْلَاجِ خَلْقِهِ 310 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: نا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى الْأَعْمَشِ، فَقُلْتُ: §كَيْفَ رَأَيْتَ قِرَاءَتِي، قَالَ: مَا قَرَأَ عَلَيَّ عِلْجٌ أَقْرَأُ مِنْكَ،

وَرُبَّمَا زَادُوا النُّونَ فِي الْعِلْجِ، فَقَالُوا: عَلْجَنُّ، وَأَكْثَرُ مَا يَسْتَعْمِلُونَهُ فِي النُّوقِ، قَالَ الرَّاجِزُ وخلطت كل دلاث علجن ... تخليط خرقاء اليدين خلبن الْخَلْبَنُ: الْخَرْقَاءُ، يُقَالُ: امْرَأَةٌ خَلْبَنٌ، وَلَيْسَ مِنَ الْخِلَابَةِ، وَالْعَلْجَنُ: هِيَ الْغَلِيظَةُ الْمُسْتَعْلِجَةُ

عَنْ دِينِكُمَا، أَيْ دَافِعَا، وَالْعِلَاجُ: الْمُقَاوَاةُ، وَالْمُغَالَبَةُ، تَقُولُ: عَالَجْتُ فُلَانًا فَعَلِجْتُهُ عَلْجًا، إِذَا غَلَبْتُهُ، وَاعْتَلَجَ الْقَوْمُ، إِذَا اتَّخَذُوا صِرَاعًا، وَقِتَالًا، وَالْأَمْوَاجُ تَعْتَلِجُ إِذَا الْتَطَمَتْ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَصْمَعِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَعْرَابِيٌّ مِنْ بَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، فِي مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ: " §مَسْلَمٌ يَا خَيْرَ قُرَيْشٍ دَرَجَا أَحْلَمَهَا حِلْمًا وَأَحْجَاهَا حِجَا إِذَا الْمُلِمَّاتُ اعتَلَجْنَ عَلَجَا كُنْتَ بَإِذْنِ اللَّهِ مِنْهَا مَخْرَجَا 311 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبَّاسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، قَالَ: نا الْأَبْرَشُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: " رَأَيْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، §يَلْبَسُ الصُّوفَ، وَكَانَ عِلْجَ الْخَلْقِ يُعَالِجُ بِيَدَيْهِ، وَيَعْمَلُ

قَوْلُهُ: عِلْجَ الْخَلْقِ، مِثْلُ حَدِيثِهِ الْآخَرِ أَنَّهُ كَانَ ذَا كِدْنَةٍ، قَالَ أَبُو زَيْدٍ، يُقَالُ: مَا أَحْسَنَ كِدْنَتَهُ وَعِبْدَتَهُ، أَيْ قُوَّتَهُ، وَأَنْشَدَ: إِنِّي عَلَى ذَاكِ لَبَاقيٍ كِدْنَتِي وَتَارِكٌ وَجْهَكِ بَيْنَ صِبْيَتِي وَجَاعِلٌ ذِكَرَ الْغَوَانِي هِمَتِي. وَقَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: كِدْنَةٌ وَكُدْنَةٌ لُغَتَانِ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: عُنِيتُ بِعَلِيٍّ حِينَ قُتِلَ طَلْحَةُ، فَرَكِبَ بَغْلَتَهُ، وَرَكِبْتُ مَعَهُ، فَكُنْتُ أَسِيرُ مَعَهُ يَمِينَهُ، وَابْنُ عَبْدٍ الْقَارِئُ عَنْ يَسَارِهِ، فَمَرَّ بِقَبْرِ طَلْحَةَ، فَأَكْثَرَ التَّلَفُّتَ إِلَيْهِ، وَقَدْ أَكْثَرَ فِيهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ يَشْتُمُونَهُ، وَيَقَعُونَ فِيهِ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ، وَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ، وَإِنْ أَكْثَرُوا، لَقَدْ كَانَ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: فَتًى كَانَ يُدْنِيهِ الْغِنَى مِنْ صَدِيقِهِ ... إِذَا مَا هُوَ اسْتَغْنَى وَيُبْعِدُهُ الْفَقْرُ. وَقَدْ كَانَ يَعِزُ عَلَيَّ، أَنَّ قُرَيْشًا صَرْعَى تَحْتَ بُطُونِ الْكَوَاكِبِ، وَلَكِنْ نَظَرْتُ فِيمَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ، فَلَمْ أَرَهُ يَسَعُنِي إِلَّا الْقِتَالُ، أَوْ دَفْعُ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ. قَوْلُهُ: تَحْتَ بُطُونِ الْكَوَاكِبِ، فَقَدْ جَاءَ تَفْسِيرُهُ عَنْ بَعْضِهِمْ: يُرِيدُ أَنَّهُمْ قُتِلُوا لَيْلًا، أَوْ قُتِلُوا ثُمَّ تُرِكُوا لَمْ يُقْبَرُوا، وَلَمْ يُحَثُّوا حَتَّى هَجَمَ عَلَيْهِمُ اللَّيْلُ، وَهُمْ كَذَلِكَ،

لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْكَوَاكِبِ سِتْرٌ، وَمِنْهُ حَدِيثٌ يُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، ذَكَرَ فِيهِ قَتَلَةَ عُثْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَقَالَ: قَتَلَهُمُ اللَّهُ كَلَّ قَتَلَةٍ، وَنَجَا مَنْ نَجَا مِنْهُمْ تَحْتَ بُطُونِ الْكَوَاكِبِ. يَعْنِي أَنَّهُمْ هَرَبُوا لَيْلًا. وَفِي قَوْلِهِ: تَحْتَ بُطُونِ الْكَوَاكِبِ، وَجْهٌ آخَرُ: إِنَّمَا هُوَ كَمَا يُقَالُ تَحْتَ نُحُورِ الْخَيْلِ، وَالْكَوَاكِبُ: الْكَتَائِبُ حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ: وَمَلْمُومَةٍ لَا يَخْرِقُ الطَّرْفُ عَرْضَاهَا ... لَهَا كَوْكَبٌ فَخْمٌ شَدِيدٌ وُضُوحُهَا تَسِيرُ وَتُزْجِي السُّمَّ تَحْتَ نُحُورِهَا ... كَرِيمَهٌ إِلَى مَنْ فَاجَأَتْهُ صَبْوحُهَا. مَلْمُومَةٍ: كَتِيبَةٌ لَا يَنْفُذُهَا الطَّرَفُ، لِكَثْرَتِهَا، وَمُعْظَمُ كُلُّ شَيْءٍ كَوْكَبُهُ، وَكَذَلِكَ كَوْكَبُ الْمَاءِ: أَغْزَرُهُ، وَكَوْكَبُ الْقِتَالِ: مُعْظَمُهُ، وَتُزْجِي السُّمَّ: يَعْنِي: أَنَّهَا تُقَدِّمُ الْمَوْتَ بَيْنَ أَيْدِيهَا، وَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ: وَنَحْنُ ضَرَبْنَا الْكَبْشَ حَتَّى تَسَاقَطَتْ ... كَوَاكِبُهُ بِكُلِّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ. قَالَ: كَبْشُ الْقَوْمِ رَأْسُهُمْ، وَكَوَاكِبُهُ: مَعْظُمُ كَتَائِبِهِ، وَمِمَّا يُضْرَبُ الْكَوْكَبُ فِيهِ مَثَلًا

فِي الْحَرْبِ قَوْلُ الْحُصَيْنِ بْنِ حُمَامِ الْمُرِيِّ: وَلَمَّا رَأَيْتُ الصَّبْرَ لَيْسَ بِنَافِعِي ... وَإِنْ كَانَ يَوْمًا ذَا كَوَاكِبَ أَشْهَبَا أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْيَوْمُ يَوْمًا ذَا كَوَاكِبَ، يُقَالُ: لَهُ كَوَاكِبُ مِنَ السِّلَاحِ، أَشْهَبَا: يَقُولُ: هُوَ يَوْمُ شَمْسٍ لَا ظِلَّ فِيهِ كَقَوْلِ الْآخَرِ: وَيَوْمٌ كَظِلِّ الرُّمْحٍ وَالْيَوْمُ شَامِسُ. أَيْ طَوِيلٌ: لِأَنَّ ظِلَّ الرُّمْحِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ يَطُولُ جِدًا، لَا ظِلَّ فِيهِ مِنْ شِدَّتِهِ، وَأَمَّا قَوْلُ النَّابِغَةِ: تَبْدُو كَوَاكُبُهُ وَالشَّمْسُ طَالِعَةُ ... لَا النُّورُ نُورٌ وَلَا الْإِظَلَامُ إِظْلامُ يَقُولُ هُوَ يَوْمٌ شَدِيدٌ تُظْلِمُ عَلَيْهِمُ الشَّمْسُ مِنْ شِدَّتِهَ، فَتَبْدُوا كَوَاكِبُهُ، كَمَا تَقُولُ

لِلرَّجُلِ تُهَدِّدُهُ لأُرِيَنَّكَ الْكَوَاكِبَ ظُهْرًا. قَوْلُهُ لَا النَّورُ نُورٌ، يَقُولُ: لَا كَنُورِهِ نُورٌ إِنْ ظَفِرَ، وَلَا كَظُلْمَتِهِ إِنْ ظُفِرَ بِهِ. وَأَرَادَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ طَلْحَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ جَوَادًا يَحْمِلُ كَلَّ أَصْحَابِهِ إِذَا احْتَاجُوا، وَلَا يَحْمِلُ عَلَيْهِمْ كُلَّهُ إِذَا احْتَاجَ 313 - وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: نا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: نا الْأَصْمَعِيُّ، قَالَ: §مَدَحَ أَعْرَابِيٌّ رَجُلًا، فَقَالَ: كَانَ وَاللَّهِ إِذَا افْتَقَرَ لَمْ تَفْتَقِرْ نَفْسُهُ، وَإِذَا اسْتَغْنَى، لَمْ يَسْتغنِ وَحْدَهُ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ: إِذَا افْتَقَرَ الْمِنْهَالُ لَمْ يُرَ فَقْرُهُ ... وَإِنَّ أَيْسَرَ الْمِنْهَالُ أَيْسَرَ صَاحِبُهُ حَمُولٌ لِحَاجَاتِ الصَّدِيقِ وَهَمُّهُ ... عَلَى مَالِهِ حَتَّى تُقَضَّى مَآرِبُهُ وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مَنْ أَحَبَّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَلْيُعِدَّ لِلْفَقْرِ جِلْبَابًا ". وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، فَقَالَ: مَعْنَاهُ: فَلْيُعِدَّ لِفَقْرِ يَوْمِ الْآخِرَةِ عَمَلًا صَالِحًا، وَأَنْكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ، وَقَالَ: مَعْنَاهُ فَلْيَرْفَضِ الدُّنْيَا، وَلْيَكُنِ الْفَقْرُ أَحَبَّ إِلَيْهِ فِيهَا مِنَ الْغِنَى.

قَالَ أَحَدُهُمَا: وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مَنْ أَحَبَّنَا افْتَقَرَ، لِأَنَّا نَرَى فِي مُحِبِّيهِمْ، مِنَ الْغِنَى وَالسَّعَةِ، مَا نَرَى فِي غَيْرِهِمْ، قَالَ: وَأَعْجَبُ الْوُجُوهِ إِلَيْنَا الْوَجْهُ الَّذِي أَعْرَضَا عَنْهُ لِوُجُوهٍ نُؤَكِّدُ مِنْهَا، أَنَّ قَوْلَهَ: مَنْ أَحَبَّنَا بِمَعْنَى مَنِ اسْتَنَّ بِسُنَّتِنَا، وَاهْتَدَى بِهَدْيِنَا، وَكَفَّ عَمَّا لَا يَحِلُ لَهُ، وَلَمْ يَتَطَلَّعْ إِلَى الْمَحْظُورِ عَلَيْهِ، وَغَيْرِ الْمُبَاحِ لَهُ، كَانَ ذَلِكَ مُوَدِّيًا لَهُ إِلَى الْإِقْلَالِ، وَرِقَّةِ الْحَالِ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] . وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ} [الرعد: 24] ، قَالَ: عَلَى الْفَقْرِ فِي الدُّنْيَا، قَالَ الشَّاعِرُ: إِنَّ الْحَرَامَ غَزِيرَةٌ حَلَبَاتُهُ ... وَوَجَدْتُ حَالِبَةَ الْحَلَالِ مَصُورَا وَوَدَّهُ آخَرُ: أَنَّ قَوْلَهُ: فَلْيُعِدَّ لِلْفَقْرِ جِلْبَابًا، أَنْ يَكُونَ مَخْبِرًا عَنْ غَيْبٍ أَطْلَعَهُ عَلَيْهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ الَّذِي عَلَّمَهُ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا تَلَقَى الْعِتْرَةُ بَعْدَهُ مِنَ الْبَلَاءِ، وَالشِّدَّةِ، وَالتَّشْرِيدِ، يَقُولُ: فَمَنْ أَحَبَّنَا، وَلَمْ يَرْغَبْ بِنَفْسِهِ عَنْهَا، لَزِمَهُ مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَزِمَنَا، وَعَضَّهُ مِنَ الشِّدَّةِ مَا يَعَضُّنَا، وَقَدْ جَاءَ هَذَا مُفَسِّرًا، أَوْ كَالْمُفَسِّرِ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ 315 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ

الْخُدْرِيِّ، شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجَةً، فَقَالَ: اصْبِرْ يَا أَبَا سَعِيدٍ، §فَإِنَّ الْفَقْرَ إِلَى مَنْ يُحِبُّنِي، أَسْرَعُ مِنَ السَّيْلِ مِنْ أَعْلَى الْوَادِي، أَوْ مِنْ أَعْلَى الْجَبَلِ إِلَى أَسْفَلِهِ "

316 - وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ، قَالَ: نا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، قَالَ: نا الْأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو، يَقُولُ: «§اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقِي وَرِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ كَفَافًا» .

قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو لَهُمْ بِالْكَفَافِ، وَأَبَى ذَلِكَ لَهُمْ أَهْلُ دَارِ الْبَطِّيخِ، قَالُوا: لَا وَاللَّهِ، لَا نَرْضَى حَتَّى نَجْعَلَهُمْ مُلَوكًا، وَنَضْرِبَ دُونَهُمْ بِالسَّيْفِ 317 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " §الْإِسْلَامُ ثَلَاثُ أَثَافِيَّ: الْإِيمَانُ، وَالصَّلَاةُ، وَالْجَمَاعَةُ، فَمَنْ آمَنَ وَصَلَّى، وَجَامَعَ، وَمَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ، فَقَدْ خَلَعَ

رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ ". أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، عَنْ عَمِّهِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي صَادِقٍ، عَنْ عَلِيٍّ قِيدُ شِبْرٍ: بِمَعْنَى قَدْرِ شِبْرٍ، يُقَالُ: قِيدُ رُمْحٍ، وَقَادُ رُمْحٍ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى

قِدَى رُمْحٍ، قَالَ الشَّاعِرُ: وَإِنِّي إِذَا مَا الْمَوْتُ لَمْ يَكُ دُونَهُ ... قِدَى الشِّبْرِ أَحْمِي الْأَنْفَ أَنْ أَتَأَخَّرا. وَقَوْلُ عَلِيٍّ: الْإِسْلَامُ ثَلَاثُ أَثَافِيَّ، فَإِنَّهُ جَعَلَهُ كَثَلَاثِ الْأَثَافِيِّ، يَقُولُ: لَا يُجْتَزَأُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ دُونَهُنَّ جُمِعَ، كالْأَثَافِيُّ لَا يُسْتَغْنَى بِبَعْضِهِنَّ عَنْ بَعْضٍ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ، قَوْلَهُمْ: رَمَاهُ بِثَالِثَةِ الْأَثَافِيِّ، يُقَالُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَهُ تَوابِعٌ، فَلَا يُسْتَغْنَى بِشَيْءٍ مِنْهُ عَنْ شَيْءٍ، لِأَنَّ الْأَثَافِيَّ ثَلَاثٌ لَا يُسْتَغْنَى بِوَاحِدَةٍ عَنِ الْأُخْرَى، قَالَ: وَقَالُوا: هُوَ أَحَدُ الْأَثَافِيِّ لِلَّذِي يُعِينُ الْعَدُوَّ عَلَى أَصْحَابِهِ. وَقَالَ النَّابِغَةُ: لَا تَقْذِفَنِّي بِرُكْنٍ لَا كِفَاءَ لَهُ ... وَإِنْ تَأَتَّفَكَ الْأَعْدَاءَ بَالرِّفَدِ وَقَالَ غَيْرُهُ: قَوْلُهُمْ رَمَاهُ بِثَالِثَةِ الْأَثَافِيِّ، أَصْلُهُ أَنَّ الْقَوْمَ رُبَّمَا نَزَلُوا مَنْزِلًا تَقِلُّ فِيهِ الْأَثَافِيُّ، فَإِذَا أَصَابُوا أَثْفِيَّتَيْنِ نَصَبُوهُمَا، وَجَعَلُوا الثَّالِثَةَ تَكُونُ نَاشِزَةً مِنَ الْجَبَلِ، فَأَرَادَ رَمَاهُ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ.

وَأَنْشَدَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: لَمَّا أَتَتْ مِنْ نَحْوِ عَيْنِ التَّمْرِ سِتُّ أَثَافٍ لَا أَثَا فِي قِدْرِ فَظَلَّتِ الْقُضْبَانُ فِيهِمْ تَفْرِي يريد الكتائب. هَبْرًا هَذَاذَيْكَ وَفَوْقَ الْهَبْرِ وَالْهَبْرُ: الْقَطْعُ، وَقَدْ يَكُونُ جَمْعُ هَبْرَةٍ، وَالْهَبْرَةِ: الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُقَالُ: أَثَّفْتُ الْقِدْرَ وَثَفَّيْتُهَا لُغَتَانِ، إِذَا جَعَلْتَ لَهَا أَثَافِيَّ، وَالْوَاحِدَةُ: أُثْفِيَّةُ مُثْقَلَةٌ، وَكَانَ الْقِيَاسُ فِي الْجَمْعِ التَّشْدِيدَ، وَلَكِنَّ الشُّعَرَاءَ خَفَّفُوهُ، وَقَالَ يَعْقُوبُ، عَنِ الْفَرَّاءِ: فِيهَا لُغَتَانِ: أُثْفِيَّةٌ وَإِثْفِيَّةٌ 318 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ: §اللَّهُمَّ مِثْ قُلُوبَهُمْ مَيْثَ الْمِلْحِ فِي الْمَاءِ ". يُرْوَى عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ عَلِيٍّ

قَالَ يَعْقُوبَ: يُقَالُ: مَاثَ الشَّيْءَ، فَهُوَ يَمُوثُهُ مَعْنَاهُ: دَافَهُ، وَيَمِيثُ لُغَةٌ، قَالَ أَبُو عَمْرٍو مِثْلَهُ، وَقَالَ: الْمَصْدَرُ مَوَثَانًا، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَاثَ الدَّوَاءَ يَمِيثُهُ، وَدَوَاءٌ مَمِيثٌ، وَمَنْ قَالَ أَمَاثَهُ، فَقَدْ أَخْطَأَ

319 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِّي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، " أَنَّ §أَبَا قُرَّةَ الْكِنْدِيَّ، أَتَاهُ بِكِتَابٍ، فَقَالَ: إِنِّي قَرَأْتُ هَذَا بِالشَّامِ، فَأَعْجَبَنِي، فَإِذَا هُوَ مِنْ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِاتِّبَاعِهِمُ الْكُتُبَ، وَتَرْكِهِمْ كِتَابَ اللَّهِ، فَدَعَا بِطَسْتٍ وَبِمَاءٍ، فَوَضَعَهُ فِيهِ، وَمَاثَهُ بِيَدِهِ، حَتَّى رَأَيْتُ سَوَادَ الْمِدَادِ مُخْتَلِطًا بِالْمَاءِ " 320 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ، قَالَ: " §نَزَلْتُ عَلَى أَعْرَابِيٍّ بِالْبَادِيَةِ، فَأَتَانِي بِلَحْمٍ يَنْمَاثُ فِي فَمِي، وَآخَرُ شَدِيدٌ لَا

أَقْوَى عَلَى أَكْلِهِ، وَآخَرُ دُونَ ذَلِكَ، فَلَمَّا انْقَضَى الْعَشَاءُ، ذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي خَلَطْتُ فِي الْقِدْرِ بَيْنَ ضَبْعٍ، وَضَبٍّ، وَظَبْيٍ، وَكَانَ صَيَّادًا، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: يَنْمَاثُ: يَذْوُبُ، وَيُقَالُ: مَاثَ الشَّيْءَ، يَمِيثُ 321 - وَيُرْوَى عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ فُلَانِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، " §يَمُوثُ الْمِسْكَ، وَيَجْعَلُهُ فِي رَأْسِهِ، وَالطَّسُّ: مُؤَنَّثَةٌ أَعْجَمِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ، وَيُقَالُ: الطَّسْتُ، وَالطَّسُّ، وَالطَّسَّةُ، وَالطَّسَّةُ، وَتَصْغِيرُهَا طُسَيْسَةُ، وَالْجَمْعُ: طِسَاسُ، وَطَسَّانُ، وَطَسِيسُ، وَطُسُوسُ، وَطُسُوتُ أَيْضًا، وَأَمَّا طَسِيسُ، فَمِنَ الْجَمْعِ الشَّاذِ، مِثْلُ: كَلْبٍ، وَكَلِيبٍ، وَبَغْلٍ، وَبَغِيلٍ، وَفَحْلٍ، وَفَحِيلٍ، وَسَجْلٍ، وَسَجِيلٍ، وَعَبْدٍ وَعَبِيدٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ هَذِهِ كُلِّهَا " 322 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ لِعِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ: وَاللَّهِ §مَا قَبَضْتُ ضَيْعَتَكُمْ أَنْ أَكُونَ رَأَيْتُ لِي، وَلَا لِلْمُسْلِمِينَ فِيهَا حَقًّا، وَلَكِنْ خِفْتُ عَلَيْهَا غَوْغَاءَ النَّاسِ وَسُفَهَاءَهُمْ، وَهَذِهِ غُلَّتُكَ عِنْدَ عَمِّكَ قُرْظَةَ بْنِ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيِّ، فَاذْهَبْ فَاقْبِضْهَا، قَالَ: فَأَتَيْنَا قُرْظَةَ، فَأَمَرَ لَنَا مِنْ غَلَّةِ سَنَتَيْنِ وَليها بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ". أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا صَالِحُ بْنُ مُوسَى الطَّلْحِيُّ، قَالَ: نا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي حَبِيبَةَ. قَالَ: دَخَلْتُ

مَعَ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ عَلَى عَلِيٍّ

الْغَوْغَاءُ: مَمْدُودٌ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى: الْجَرَادُ أَوَّلُ مَا يَكُونُ سِرْوَةً، فَإِذَا تَحَرَّكَ فَهُوَ دَبًا قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ أَجْنِحَتُهُ، ثُمَّ يَكُونُ غَوْغَاءَ، قَالَ: وَبِهِ يُسَمَّى الْغَوْغَاءُ مِنَ النَّاسِ، قَالَ: وَالْغَوْغَاءُ أَيْضًا، شَيْءٌ يُشْبِهُ الْبَعُوضَ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَعَضُّ، وَلَا يُؤْذِي، لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ 323 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، " أَنَّهُ كَانَ §إِذَا نَظَرَ إِلَى ابْنِ مُلْجَمٍ، يَقُولُ: أُشْدُدْ حَيَازِيمَكَ لِلْمَوْتِ ... فَإِنَّ الْمَوْتَ آتَيِكَا وَلَا تَجْزَعْ مِنَ الْمَوْتِ ... إِذَا حَلَّ بِوَادِيكَا

حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ: أُشْدُدْ حَيَازِيمَكَ لِهَذَا الْأَمْرِ، أَيْ وَطِّنْ نَفْسَكَ عَلَيْهِ، وَالْحَيْزُومُ: الصَّدْرُ وَمَا احْتَزَمَ بِهِ، قَالَ الرَّاعِي: زَجِلُ الْحُدَاءِ كَأَنَّ فِي حَيْزُومِهِ ... قَصَبًا وَمُقْنَعَةَ الْحَنِينِ عَجُولَا يَقُولُ: كَأَنَّ فِي صَدْرِهِ مَزَامِيرَ مِنْ حُسْنِ صَوْتِهِ. وَقَوْلُهُ: مُقْنَعَةُ الْحَنِينِ: يَعْنِي: نَاقَةً إِذَا حَنَّتْ رَفَعَتْ رَأْسَهَا أَقْنَعَتْهُ، وَبَعْضُهُمْ يُسَمَّى الْحَيْزُومُ حَزِيمًا، وَقَالَ أَعْشَى بَاهِلَةَ: إِنِّي أَشُدُّ حَزِيمِي ثُمَّ يُدْرِكُنِي ... مِنْكَ الْبَلَاءُ وَمِنْ آلَائِكَ الذَّكَرُ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعَابِدِيُّ، فِي حَدِيثٍ لَهُ، أَنَّ الْمَثَلَ الَّذِي تَمَثَّلَ بِهِ عَلِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلَاحِ، يَقُولُ لِابْنِهِ سُهَيْلٍ، وَزَادَنَا فِيهَا: أَلَا أَبْلِغْ سُهَيْلًا أَنَّنِي ... مَا عِشْتُ كَافِيكَا فَلَا يَشْغَلْكَ عَمَّا لَكَ ... فِي السَّيْفِ تَرَائِيكَا وَسَمِّحْ عَنْكَ فِي الْمِشْيَةِ ... لَا يُجْدِي تَبَازِيكَا فَإِنَّ الدِّرْعَ وَالْبَيْضَةَ ... يَوْمَ الرَّوْعَشِ تَكْفِيكَا قَوْلُهُ: لَا يُجْدِي تَبَازِيكَا، فَإِنَّ الْبَزَا فِي الظَّهْرِ أَنْ يَسْتَأْخِرَ الْعَجُزَ، وَيَسْتَقْدِمَ الصَّدْرَ، فَتَرَاهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُقِيمَ ظَهْرَهُ، يُقَالُ رَجُلٌ أَبْزَى، وَامْرَأَةٌ بَزْوَاءَ، وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ عَجِيزَتُهَا خَارِجَةً قَدْ تَبَازَتْ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانٍ:

فَتَبازَتْ فَتَبَازَخْتُ لَهَا ... جِلْسَةَ الْجَازِرِ يَسْتَنْجِي الْوَتَرَ يَسْتَنْجِي: يَسْتَخْرِجُ مَا فِيهِ، وَقَالَ كَثِيرٌ:. . . . . . . . . . . مِنَ الْقَوْمِ أَبْزَى مُنْحَنٍ مُتَبَاطِنُ وَقَوْلُهُ: تَبَازَخْتُ لَهَا، فَإِنَّ الْبَزَخَ أَنْ يَطْمَئِنَّ وَسَطُ الظَهْرِ، وَيَخْرُجُ أَسْفَلُ الْبَطْنِ، وَيُقَالُ: رَجُلٌ أَبْزَخُ، وَامْرَأَةٌ بَزْخَاءَ، وَقَدْ بَزِخَ يَبْزَخُ بَزَخًا، يُقَالُ. بِرْذُونٌ أَبْزَخُ، إِذَا كَانَ فِي ظَهْرِهِ تَطَامُنٌ وَأَشْرَفَ حَارِكُهُ وَقَطَاتُهُ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ قُبَيْصَةَ الْعَبْدِيُّ، مِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَارِمٍ: أَبَا مَالِكٍ لَوْلَا حَوَاجِزُ بَيْنَنَا ... وَحُرْمَاتُ حَقٍّ لَمْ تُهَتَّكْ سُتُورُهَا رَمَيْتُكَ إِذْ عَرَضْتَ نَفْسَكَ رَمْيَةً ... تَبَازَخُ مِنْهَا حِينَ يُرْسَى عَذِيرُهَا قَوْلُهُ: حِينَ يُرْسَى عَذِيرُهَا: حِينَ يُذْكَرُ حَالُهَا وَحَدِيثُهَا، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ: رَسَوْتُ عَنْهُ حَدِيثًا أَرْسُوهُ، إِذَا حَدَّثْتَ بِهِ عَنْهُ

وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: خَلِيلَيَّ عُوجَا بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا ... عَلى دَارِ مَيِّ أَوْ أَلِمَّا فَسَلِّمَا كَمَا أَنْتُما لَوْ عَجْتُمَا بِي لِحَاجَةٍ ... لَكَانَ قَلِيلًا أَنْ تُطَاعَا وَتُكْرَمَا أَلِمَّا لِمْحزُونٍ سَقِيمٍ، وَأَسْعِفَا ... هَوَاهُ بِمَيِّ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّما أَلَا فَاحْذَرَا الْأَعْدَاءَ وَاتَّقِيَاهُمُ ... وَرُسَّا إِلَى مَيِّ كَلَامًا مُتَمَّمَا 324 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: «§صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يُذْهِبْنَ بَلَابِلَ الصَّدْرِ» . حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: نا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ , عَنْ عَلِيٍّ.

وَالبَلْبَلَةُ: وَسْوَاسُ الْهُمُومِ فِي الصَّدْرِ، وَهُوَ الْبَلْبَالُ، وَجَمْعُهُ الْبَلَابِلُ، وَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: وَإِنِّي لَأَرْضَى مِنْكِ يَا لَيْلَ بِالَّذِي ... لَوَ أَيْقَنَهُ الْوَاشِي لَقَرَّتْ بِلَابِلُهْ بِلَا وَبِأنْ لَا أَسْتَطِيعُ وَبِالْمُنَى ... وَبِالْوَعْدِ وَالتَّسْوِيفِ قَدْ مَلَ آمِلُهْ

وَبِالنَّظْرَةِ الْعَجْلَى وَبِالْحَوْلِ تَنْقَضِي ... أَوَاخِرُهُ لَا نَلْتَقِي وَأَوَائِلَهُ 325 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: «§السَّكِينَةُ لَهَا وَجْهٌ كَوَجْهِ الْإِنْسَانِ، وَهِيَ فِي ذَلِكَ رِيحٌ هَفَّافَةٌ» . حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ، قَالَ: نا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، وَسُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ. عَنْ عَلِيٍّ.

الْهَفَّافَةُ: السَّرَيعَةُ الْمَرِّ، يُقَالُ: هَفَّتْ، تَهِفُّ هَفِيفًا، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: إِذَا مَا نَعَسْنَا نَعْسَةً قُلْتُ غَنِّنَا ... بِخَرْقَاءَ وَارَفَعْ مِنْ هَفِيفِ الرَّوَاحِلِ 326 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الَّذِي رَوَى عَنِ الفَرَزْدَقِ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ لَهُ: §" مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا غَالِبُ بْنُ صَعْصَعَةَ، قَالَ: ذُو الْإِبِلِ الْكَثِيرَةِ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَا فَعَلَتْ إِبِلُكَ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ذَعْذَعَتْهَا النَّوَائِبُ، وَفَرَّقَتْهَا الْحُقُوقُ، قَالَ: ذَلِكَ أَفْضَلُ سُبُلَهَا ". حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: نا أَبُو عُبَيْدَةَ، قَالَ: نا لَبَطَةُ بْنُ الْفَرَزْدَقِ، عَنْ أَبِيهِ

الذَّعْذَعَةُ: تَحْرِيكُ الشَيّْءِ حَتَّى تُفَرِقَهُ، وَيُقَالُ: رَمَادُ تُذَعْذِعُهُ الصَّبَا، أَيْ تَحْمِلُهُ، فَتَذْهَبُ بِهِ وَتُفَرِّقُهُ، قَالَ النَّابِغَةُ: غَشِيتُ لَهَا مَنَازِلَ مُقْوِيَاتٍ ... تُذَعْذِعُهَا مُذَعْذِعَةٌ حَنُونُ وَقَالَ آخَرُ: وَمَا زَالَتِ الدُّنْيَا تَخُونُ نَعِيمَهَا ... وَتُصْبُّحُ بِالْأَمِرِ الْعَظِيمِ تُمَّخِضُ لُمَاظَةُ أَيَّامٍ كَأَحْلَامِ نَائِمٍ ... يُذَعْذِعُ مِنْ لَذَّاتِهَا الْمُتَبَرِّضُ 327 - وَقَالَ فِي حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " §وَبَاعَ رَجُلٌ مِنَ الْحَمِيِّ نَاقَةً، وَهِيَ مَرِيضَةٌ، وَاشْتَرَطَ ثُنْيَاهَا، لِتُنْحَرَ، فَصَحَّتْ، فَرَغِبَ فِيهَا صَاحِبُهَا، فَاخْتَصَمَا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَرْسَلَهَا إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ عَلِيٍّ: اذْهَبَا بِهَا فَأَقِيمَاهَا فِي السُّوقِ، فَإِذَا بَلَغَتْ أَقَصَى ثَمَنَهَا، فَأَعْطِهِ حِسَابَ ثُنْيَاهَا مِنْ ثَمَنِهَا ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا ابْنُ الْمُقْرِئِ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيُّ،

قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا نُسَيْرُ بْنُ ذُعْلُوقٍ، قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ رَاشِدٍ الْأَشْجَعِيُّ، قَالَ: بَاعَ رَجُلٌ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الثُّنْيَا: مَا اسْتُثْنِي مِنَ الْجَزُورِ، وَهِيَ الْقَوَائِمِ وَالرَّأْسِ، لِأَنَّ الْجَزَّارَ يَسْتَثْنِيهَا إِذَا

نَحَرَ الْبَعِيرَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ القُشَيْرِيُّ يُصِفُ نَاقَةً: §مُذَكَّرَةُ الثَّنَايَا مُسَانَدَةُ الْقَرَى ... جُمَالِيَّةٌ تَخْتُبُّ ثُمَّ تُثِيبُ مُذَكَّرةُ، أَيْ تُشْبِهُ الذَّكَارَةَ فِي رَأْسِهَا وَقَوَائِمِهَا، وَقَوْلُهُ: مُسَانَدَةُ الْقَرَى أَيْ: مُشْرِفَةُ الظَّهْرِ، وَجُمَالِيَّةٌ: تُشْبِهُ الْجَمَلَ فِي عِظَمِ خَلْقِهَا، تَخْتَبُّ: أَيْ تَفْتَعِلُ مِنَ الْخَبَبِ، ثُمَّ تُثِيبُ، أَيِّ: تَرْجِعُ إِلَى سَيْرٍ آخَرَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُقَالُ لَكَ الْجَزُورُ إِلَّا ثَنْوَاهَا، وَفَسَّرَهُ: الرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ، وَالضَّرْعُ، وَالْكِرْكِرَةُ، وَالْقَلْبُ. قَالَ: وَيُقَالُ: هَؤُلَاءِ رِجَالٌ ثَنِيَّةٌ: وَهُوَ الْأَخِسَّاءُ، وَهُوَ ثَنِيَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ إِذَا كَانَ خَسِيسَهُمْ وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَاتِلَ مُعَاوِيَةَ، فَليَخْرُجُ إِلَى الدَّيْلَمِ، قَالَ مُرَّةُ: فَخَرَجْنَا فِي النُّخْبَةِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ ".

يُرْوَى عَنْ زَائِدَةَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ مُرَّةَ. النُّخْبَةُ: الَّذِينَ يُخْتَارُونَ وَيُنْتَخَبُونَ، قَالَ الْعَجَّاجُ: مِنْ نُخْبَةِ النَّاسِ الَّذِي كَانَ امْتَخَرَ. الْمُخْرَةُ وَالنَّصِيَّةُ: خِيَارُ الْقَوْمِ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ عِنْدَ اخْتِيَارِ الرَّجُلِ الشَّيْءَ: قَدِ اعْتَامَ وَقَدِ اخْتَارَ، وَقَدِ امْتَخَرَ، وَقَدِ انْتَصَى، وَالِاسْمُ مِنْهُ الْعِيمَةُ، وَالْخِيرَةُ، وَالْمُخْرَةُ، وَالنَّصِيَةُ، وَكَذَلِكَ النُّخْبَةُ يُقَالُ: انْتَخَبَ انْتِخَابًا فِي مَعْنَى امْتَخَرَ.

وَأَمَّا يَعْقُوبُ، فَزَعَمَ أَنَّهَا الْخِيَرَةُ مَكْسُورَةُ الْأَوَّلِ مَفْتُوحَةُ الثَّانِي، وَقَالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خِيَرَةُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَذُكِرَ لَهُ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يُفْتِي بِالْمُتْعَةِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّكَ امْرُؤٌ تَائِهٌ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُمِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ "

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: طَاحَ الرَّجُلُ يَطِيحُ طَيْحًا، وَتَاهَ يَتِيهُ تَيْهًا، وَتِهًا وَتَيَهَانًا، وَمَا أَطْوَحُهُ، وَأَتُوهُهُ، وَأَطِيحُهُ، وَأَتِيهُهُ، وَقَدْ طَوَّحَ نَفْسَهُ، وَتوَّهَهَا 330 - وَحَدَّثَنَا الْخَفَّافُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الدَّرْدَاءِ بْنِ مُنَيبٍ، قَالَ: نا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عِيسَى، قَالَ: §خَرَجَتْ مَرْيَمُ فِي طَلَبِ عِيسَى، فَأَتَتْ عَلَى قَوْمِ حَاكَةَ، فَأَرْشَدُوهَا بَغَيْرِ الطَّرِيقِ، فَدَعَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَتْ: تَوَّهَ اللَّهُ عُقُولَكُمْ، فَلَا تَرَى حَائِكًا إِلَّا مُتَوَّهًا عَقْلُهُ، ثُمَّ أَتَتْ عَلَى قَوْمٍ خَيَّاطِينَ، فَأَرْشَدُوهَا لِلطَّرِيقِ، فَدَعَتْ لَهُمْ بِالْبَرَكَةِ، فَلَا تَرَى خَيَّاطًا إِلَّا جَلَسَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَاسْتَأْنَسُوا بِهِ.

وَيُقَالُ: طَاحَ الرَّجُلُ إِذَا سَقَطَ مُنْبَسِطًا 331 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: نا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ، قَالَ: دَخَلَ عَمَّارٌ عَلَى عَلِيٍّ، وَنَحْنُ عِنْدَهُ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالطَّيَّبِ الْمُطَيَّبِ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: §«إِنَّ عَمَّارًا مُلِئَ إِيمَانًا إِلَى مُشَاشِهِ»

332 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ " §خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ ذِي الْعُشَيْرَةِ، قَالَ: فَخَرَجْنَا يَوْمَئِذٍ نَنْظُرُ إِلَى سَوَانٍ لِبَنِي مُدْلِجٍ، فَنَظَرْنَا، ثُمَّ ذَهَبَ بِنَا النَّوْمُ، قَالَ عَلِيٌّ: فَمَا شَعَرْتُ إِلَّا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَبِّهُنِي بِرِجْلِهِ، وَأَنَا مُتَمَرِّغٌ فِي الْبَوْغَاءِ، فَقَالَ: قُمْ يَا أَبَا تُرَابٍ، فَكَانَتْ مِنْ أَحَبِّ أَسْمَاءِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ

عَنْهُ إِلَيْهِ ". يُرْوَى عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنِ الْقُرَظِيِّ

قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْبَوْغَاءُ: التُّرْبَةُ الرِّخْوَةُ الَّتِي كَأَنَّهَا ذَرِيرَةٌ، وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:

أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُدْعَى غَيْلَانَ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبْيَنَ قَوْمٍ دُخُولٌ وَطَوَائِلٌ، فَحَلَفَ أَلَّا يُسَالِمَهُمْ، حَتَّى يَدْخُلَ التَّرَابُ فِي عَيْنَيْهِ، يُرِيدُ بِذَلِكَ حَتَّى يَمُوتَ، فَرَهِقُوهُ يَوْمًا، وَهُوَ عَلَى غِرَّةٍ، فَأَيْقَنَ بِالشَّرِّ، فَجَعَلَ يَذَرُ مِنَ الْبَوْغَاءِ عَلَى عَيْنَيْهِ، وَيَقُولُ: تَحَلَّلَ غَيْلٌ، يُرِيدُ أَنَّهُ يُصَالِحُهُمْ، وَيُجِيبُهُمْ إِلَى مَا سَأَلُوا، وَأَنَّهُ قَدْ تَحَلَّلَ مِنْ يَمِينِهِ، فَلَمْ يَقْبَلُوا ذَلِكَ مِنْهُ، وَقَتَلُوهُ. وَغَيْلُ: تَرْخِيمُ غَيْلَانُ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ رَجُلًا قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا مَسَحَ أُذُنَيْهِ، قِيلَ: فَهَلْ رَأَيْتَهُ مَسَحَ أَصْمَاخَهُ؟ قَالَ: لَا، ". الْأَصْمَاخُ: جَمْعُ صُمْخٍ، وَالصُّمْخُ وَالْأَصْمِخَةُ: جَمْعُ صِمَاخٍ، وَهُوَ: الْخَرْقُ الْبَاطِنُ الَّذِي يُفْضِي إِلَى الرَّأْسِ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: الْمِسْمَعُ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَأَمَّا الْمَسْمَعُ بِفَتْحِ الْمِيمِ، فَهُوَ الْمَكَانُ مِنْ قَوْلِكَ هُوَ مِنِّي بِمَرْأَى وَمَسْمَعِ. 334 - وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيُّ،

قَالَ: نا وَكِيعٌ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، «أَنَّهُ كَانَ §يَدَّهِنُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ مِنَ الدَّبَّةِ»

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ: هِيَ الْبَطَّةُ 335 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، §كَذَبَتْكُمْ مِنَ النِّسَاءِ الْحَارِقَةُ ". وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَأَمَّا غَيْرُ أَبِي مُحَمَّدٍ، فَأَنْكَرَ تَفْسِيرَهُ، وَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ امْرَأَةُ حِرَاقٍ، كَمَا يُقَالُ: نَارٌ حِرَاقٌ، وَهِيَ الَّتِي تُحْرِقُ كِلَّ شَيْءٍ، وَمِنْ هَذَا قِيلَ أَيْضًا: رَجُلٌ حِرَاقٌ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُبْقِي شَيْئًا إِلَّا أَفْسَدَهُ 336 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " §وَسُئِلَ عَنِ الْمَجَرَّةِ الَّتِي فِي السَّمَاءِ، فَقَالَ: هِيَ شَرَجِ السَّمَاءِ ".

شَرَجٌ: مُحَرَّكَةٌ، قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: هُوَ شَرَجُ الْعَيْبَةِ بِتَحْرِيكِ الرَّاءِ، كَمَا يُقَالُ فِي شَرَجِ الدَّابَّةِ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ إِحْدَى خُصْيَيْهِ أَعْظَمَ مِنَ الْأُخْرَى، يُقَالُ: دَابَّةٌ أَشْرَجُ، وَأَمَّا الَّذِي فِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّ كَثِيرًا لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ فِي أَصْحَابٍ لَهُ، حُجِبُوا عَنْهُ، فَاسْتَمَعَ لِخُطْبَتِهِ يَوْمًا، فَقَالَ كَثِيرٌ لِأَصْحَابِهِ: خُذُوا فِي شَرْجٍ مِنَ الشِّعْرِ خِلَافَ مَا كُنَّا نَقُولُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَآبَائِهِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ آخِرِيٌّ، وَلَيْسَ بِدُنْيَوِيٌّ. فَإِنَّ الشَّرْجَ: الضَّرْبُ، وَيُقَالُ فِي مِثْلِ: أَشْبَهَ شَرْجٌ شَرْجًا لَوْ أَنَّ أُسَيْمِرًا. يُضْرَبُ لِلشَّيْئَيْنِ يُشْتَبَهَانِ، وَيُفَارِقُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ، وَأُسَيْمِرٌ: تَصْغِيرُ أَسْمَرُ، وَأَسْمُرُ: جَمْعُ سَمُرٍ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا، يُقَالُ: بِتَسْكِينِ الرَّاءِ شَرْجُ الْمَاءِ: وَهُوَ مَسِيلٌ مِنَ الْحَرَّةِ، وَجَمْعُهُ شِرَاجٌ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا، شَرْجٌ: مَاءٌ لِبَنِي عَبْسٍ.

وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ قَالَ: أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا، مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا. يَقُولُ: لَا تُحْبِبْ حَبِيبَكَ حُبًا شَدِيدًا، وَلَكِنْ أَحْبِبْهُ هَوْنًا مَا، فَعَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا.

وَتَفْسِيرُ مَا أَيْ هَكَذَا افْعَلْ، ذُكِرَ هَذَا التَّفْسِيرُ عَنِ الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ، وَهُمْ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ: «وَاللَّهِ لَوَدَدْتُ أَنَّ لِي مِنْكُمْ مِائَتَيْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ، ثُمَّ لَا أُبَالِي مَنْ لَقِيتُ بِهِمْ» . وَقَوْلُهُ: أَنَّ لِي مِنْكُمْ، يُرِيدُ بَدَلًا مِنْكُمْ حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:

§فَلَيْتَ لَنَا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ شَرْبَةً ... مُبَرَّدَةً بَاتَتْ عَلَى طَهَيَانِ قَالَ يَعْقُوبُ: قَوْلُهُ مِنْ مَاءَ زَمْزَمَ يُريِدُ بَدَلًا مِنْ مَاءَ زَمْزَمَ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَأَتَاهُ يَعْنِي رَجُلٌ، فَقَالَ: لِلْمَنْخِرَيْنِ وَلِلْفَمِ ".

مَعْنَى اللَّامِ هَا هُنَا مَعْنَى عَلَى تَقَوُّلِكَ: سَقَطَ لِفِيهِ، وَعَلَى فِيهِ، وَكَذَلِكَ لِوَجْهِهِ، وَعَلَى وَجْهِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ الطِّرِمَاحُ: كَأَنَّ مُخَوَّاهَا عَلَى ثَفِنَاتِهَا ... مُعَرَّسُ خَمْسٍ وَقَعَتْ لِلْجَنَاجِنِ كَأَنَّهُ، قَالَ: وَقَعَتْ عَلَى الْجَنَاجِينِ، وَقَالَ فِي مِثْلِهِ الْعَجَّاجُ: خَوَّى عَلَى مُسْتَوِياتِ خِمْسِ ... كِرْكِرةٍ وَثَفِنَاتٍ مُلْسِ

وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: " كُنَّا إِذَا اشْتَدَّ الْبَأْسُ، وَاحْمَرَّتِ الْحَدَقُ، اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَّا أَقْرَبَ إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ. احْمَرَّتِ الْحَدَقُ: أَيِ احْمَرَّتْ لِشِدَّةِ الْغَضَبِ فِي الْحَرْبِ وَأَنْشَدَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ لِضِرَارِ بْنِ الْخَطَّابِ: §بِيضٌ جِعَادٌ كَأَنَّ أَعْيُنَهُمْ ... تُكْحَلُ يَوْمَ الْهِيَاجِ بِالْعَلَقِ أَيْ لِشِدَّةِ الْغَضَبِ. وَأَنْشَدَ مِثْلَهُ لِامْرِئِ الْقَيْسِ، وَذَكَرَ كِلَابًا: مُغَرِّثةً زُرْقًا كَأَنَّ عُيُونَهَا ... مِنَ الذَّمْرِ وَالْإِيحَاءِ نُوَّارُ عَضْرَسِ وَعَضْرَسٌ بِالْفَتْحِ، مُغَرَّثَةٌ: مُجَوَّعَةٌ، وَالْغَرَثُ: الْجُوعُ، وَالذَّمْرُ: الْإِغْرَاءُ. وَيُقَالُ: أَسَدْتُ الْكَلْبَ، إِذَا قُلْتُ لَهُ خُذْ، وَالْعَضْرَسُ: بَقْلَةٌ حَمْرَاءُ الزَّهْرَةِ، فَأَرَادَ أَنَّ عُيُونَهَا احْمَرَّتْ مِنْ شِدَّةِ الْغَضَبِ، وَقَالَ فِي قَوْلِ الْأَعْشَى: كَذَلِكَ فَافْعَلْ مَا حَيِيتَ إِلَيْهِمْ ... وَأُقْدِمُ إِذَا مَا أَعْيُنُ الْقَوْمِ تُزْرِقُ قَوْلُهُ: أُقْدِمُ: تَقَدَّمَ فِي الْحَرْبِ، وَقَوْلُهُ: تُزْرِقُ: إِذَا فَزِعَ الْإِنْسَانُ، وَبَرِقَ انْقَلَبَتْ حَمَالِيقُ عَيْنَيْهِ، فَيَغِيبُ السَّوَادُ. قَالَ: وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: كَأَنَّ عُيُونَ الْوَحْشِ حَوْلَ خِبَائِنَا ... وَأَرْحُلُنَا الْجَزْعُ الَّذِي لَمْ يُثقَّبِ.

قَالَ: الْبَقَرَةُ، وَالظَّبْيُ، إِذَا كَانَا حَيَّيْنِ، فَعُيُونُهُمَا كُلُّهَا سُودٌ، فَإِذَا مَاتَا بَدَا الْبَيَاضُ، فَإِنَّمَا شَبَّهَهُمَا بِالْجَزْعِ، وَفِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ بَعْدَمَا مَوَّتَا، فَانْقَلَبَتْ أَعْيُنُهُمَا. وَقَالَ فِي قَوْلِ قَيْسِ بْنِ خُوَيْلِدٍ الْهُذَلِيِّ: حَتَّى أُشِبَّ لَهَا أُقَيدِرُ نَابِلٌ ... يُغْرِي ضَوَارِيَ خَلْفَهَا وَيَصِيدُ فِي كُلَّ مُعْتَرَكٍ يُغَادِرُ خَلْفَهَا ... زَرْقَاءَ دَامِيَةَ الْيَدَيْنِ تَمِيدُ ذَكَرَ ضَوَارِيَ، أُشِبَّ لَهَا: قُدِرَ لَهَا، أُقَيْدِرُ: أَيِّ مُقَارِبُ الْخَلْقِ، يَعْنِي: قَانِصًا، يُغْرِي: يُؤْسِدُ، وَالضَّوَارِي: كِلَابٌ ضَارِيَةٌ، زَرْقَاءُ: يَعْنِي بَقَرَةً وَحْشِيَّةً، قَدْ غُشِيَ عَلَيْهَا، فَانْقَلَبَتْ عَيْنَاهَا، وَظَهَرَ بَيَاضُهَا 341 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، §الشَّاهِدَةُ أَبْدَانُهُمْ، الْمُخْتَلِفَةُ أَهْوَاؤُهُمْ، مَا عَزَّتْ دَعْوَةُ مَنْ دَعَاكُمْ، وَلَا اسْتَرَاحَ قَلْبٌ مَنْ قَاسَاكُمْ، إِذَا قِيلَ لَكُمْ: انْفِرُوا إِلَى عَدِوِّكُمْ، قُلْتُمْ كَيْتَ، وَكَيْتَ، وَمَهْمَا، وَلَا أَدْرِي أَعَالِيلَ بِأَضَالِيلَ، وَسَأَلْتُمُونِي التَّأْخِيرَ دِفَاعَ ذِي الدِّينِ الْمَطُولِ، هَيْهَاتَ حِيدِي حَيَادِ، إِنَّهُ لَا يَدْفَعُ الضَّيْمُ الذَّلِيلُ، وَلَا يُدْرِكُ الْحَقَّ إِلَّا بِالْجِدِّ وَالصَّبْرِ، أَيْ دَارٍ بَعْدَ دَارِكُمْ تَنْصِرُونَ، أَوْ مَعَ أَيْ إِمَامَ بَعْدِي تُقَاتِلُونَ، أَصْبَحْتُ وَاللَّهِ لَا أَرْجُو نَصْرَكُمْ، وَلَا أُصَدِّقُ قَوْلَكُمْ، وَالْمُغْرُورُ وَاللَّهِ مَنْ غَرْرَتْمُوهُ، وَلِمَنْ فَازَ بِكُمْ، لَقَدْ فَازَ بِالسَّهْمِ الْأَخِيبِ، أَعْقَبَنِي اللَّهُ مِنْكُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ لِي مِنْكُمْ، وَأَعْقَبَكُمْ مِنِّي مَنْ هُوَ شَرٌّ لَكُمْ مِنِّي، ثُمَّ نَزَلَ ". حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا نُعَيمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا عُمَرُ بْنُ حَسَّانٍ الْبُرْجُمِيُّ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ هَمْدَانَ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَالِبِيِّ.

قَوْلُهُ: «حِيدِي حَيَادِ» ، فَإِنَّهَا كَلِمَةٌ بُنِيَتْ عَلَى مُخَاطَبَةِ الْمُؤَنَّثِ، يُقَالُ لِلْمُعْرِضِ عَنِ الشَّيْءِ: يَحِيدُ عَنْهُ، وَحَيَادَ مَكْسُورَةٌ، كَقَوْلِهِمْ قَطَامِ وَرَقَاشِ، وَمِثْلُهَا فِي الْوَزْنِ، قَوْلُهُمْ فِي الْغَارَةِ، فِيحِي فَيَاحٍ، أَيِ اتَّسِعِي عَلَيْهِمْ وَتَفَرَّقِي قَالَ الشَّاعِرُ:

دَفَعْنَا الْخَيْلَ شَائِلَةً عَلَيْهِمْ ... وَقُلْنَا بِالضُّحَى فِيحِي فَياحِ وَيُرْوَى فِي هَذَا الْخُطْبَةِ أَوْ غَيْرِهَا أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي أَيَّامِ الْحَرِّ، قُلْتُمْ هَذِهِ حَمَارَةُ الْقَيْظِ، أَمْهِلْنَا يُسْبِخُ عَنَّا الْقَيْظُ، وَإِنْ أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ، قُلْتُمْ أَمْهِلْنَا يَنْسَلِخُ عَنَّا الْقُرُّ، كُلُّ هَذَا فِرَارًا مِنَ الْحَرِّ وَالْقُرِّ، فَأَنْتُمْ وَاللَّهِ مِنَ السَّيْفِ أَفَرُّ، يَا أَشْبَاهَ الرِّجَالِ وَلَا رِجَالٌ، أَحْلَامُ الْأَطْفَالِ، وَعُقُولُ رَبَّاتِ الْحِجَالِ، وَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ أَخْرَجَنِي مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ، وَقَبَضَنِي إِلَى رَحْمَتِهِ مِنْ بَيْنِكُمْ، وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَرَاكُمْ، وَلَمْ أَعْرِفْكُمْ، مَعْرِفَةً، وَاللَّهِ جَرَّتْ نَدَمًا، وَرَيْتُمْ صَدْرِي غَيْظًا، وَجَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ التَّهْمَامِ أَنْفَاسًا، حَتَّى قَالَتْ قُرَيْشٌ: إِنَّ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ رَجُلٌ شُجَاعٌ، وَلَكِنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِالْحَرْبِ، لِلَّهِ أَبُوهُمْ، هَلْ فِيهِمْ أَحَدٌ أَطْوَلُ لَهَا مِرَاسًا، أَوْ أَشَدَّ لَهَا ضِرَاسًا مِنِّي؟ وَاللَّهِ لَقَدْ جَرَيْتُ فِيهَا، وَمَا بَلَغْتُ الْعِشْرِينَ، فَهَا أَنَذَا قَدْ ذَرِفتُ عَلَى السِّتِّينَ، وَلَكِنْ لَا رَأْيَ لِمَنْ لَا يُطَاعُ. قَوْلُهُ: جَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ التَّهْمَامِ أَنْفَاسًا. فَإِنَّ النُّغَبَ جَمْعُ نُغْبَةٍ، وَهِيَ الْقَلِيلُ مِنَ الْمَاءِ يَتَجَرَّعُهُ الرَّجُلُ. قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ مِنْهُ: نَغَبْتُ مِنَ الْإِنَاءِ نُغَبًا، إِذَا جَرِعْتُ مِنْهُ جُرْعًا

قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: حَتَّى إِذَا زَلَجَتْ عَنْ كُلِّ حَنْجَرَةٍ ... إِلَى الْغَلِيلِ لَمْ يَقْصَعْنَهُ نُغَبُ أَرَادَ أَنَّكُمْ جَرَّعْتُمُونِي أَنْفَاسَ الْهمِّ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي مِثْلِ قَوْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: إِنْ كَانَ جَارُكَ لَمْ تَنْفَعْكَ ذِمَّتُهُ ... وَقَدْ نَغِبْتَ بِكَأْسِ الذُّلِ أَنْفَاسَا وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي الْحُزْنِ تَجَرَّعُهُ عَلَلًا بَعْدَ نَهَلٍ، وَتَجَرَّعُهُ أَنْفَاسًا 342 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبْيِبٍ، قَالَ نا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَمْرِيِّ، قَالَ: §رَأَى إِنْسَانٌ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ قَبْلَ ظُهُرِ بَنِي الْعَبَّاسِ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ، كَأَنَّ عَاتِكَةَ بِنْتَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ نَاشِرَةٌ شِعْرَهَا، وَهِيَ تَقُولُ: إِنَّ الزَّمَانَ وَعَيْشَنَا اللَّذَّ الَّذِي ... كُنَّا بِهِ زَمَنًا نُسَرُّ وَنَجْذَلُ زَالَتْ بَشَاشَتُهُ وَأَصْبَحَ ذِكْرُهُ ... حَزَنًا يُعَلُّ بِهِ الْفُؤَادُ وَيُنْهَلُ فَأَوَّلَ النَّاسُ ذَلِكَ زَوَالِ مُلْكِ بَنِي أُمَيَّةَ. قَوْلُهُ يَسْبِخُ عَنَّا الْحَرُّ. أَيْ يَسْكُنُ، وَالتَّسْبِيخُ السُّكُونُ، وَأَنْشَدَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ فِي بَعْضِ دُعَاءِ الْأَعْرَابِ: §الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نَوْمِ اللَّيْلِ، وَتَسْبِيخِ الْعُرُوقِ، وَتَأْخِيرِ الشَّدَائِدِ.

قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيُّ: التَّسْبِيخُ: السُّكُونُ، وَأَنْشَدَ: لَمَّا رَمَوْا بِي وَالنَّقَانِيقُ تَكِشْ فِي قَعْرِ خَوْقَاءَ لَهَا جَوْفٌ عَطِشْ سَبَّخْتُ وَالْمَاءُ بِعَطِفِيهَا يَنِشْ خَوْقَاءَ: بِئْرُ خَوْقَاءَ، سَبِخَتْ: سَكَنَتْ، وَالنَّقَانِيقُ: الضَّفَادِعُ. وَقَوْلُهُ: أَحْلَامُ الْأَطْفَالِ، فَإِنَّ الْعَرَبَ تَضْرِبُ بِهِمُ الْمَثَلَ فِي كُلِّ بَابٍ مِنَ الشَّرِّ، يَقُولُونَ: لَا نَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ شَرًّا مِنَ الصَّبِيِّ، هُوَ أَكْذَبُ النَّاسِ، وَأَنَمُّ النَّاسِ، وَأَبْخَلُ النَّاسِ، وَأَقَلُّ النَّاسِ حَيَاءً، وَأَقْسَى النَّاسِ قَسْوَةً. قَالَ أَعْرَابِيُّ وَسُئِلَ عَنِ الْحَجَّاجِ، فَقَالَ: دَعُوهُ، لَعَنَهُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ كَانَ شَرًّا مِنْ صَبِيٍّ. قَالَ الشَّاعِرُ: فَلَا تَحْكُمَا حُكْمَ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُ ... كَثِيرٌ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ مَجَاهِلُهُ وَقَوْلُهُ: ذَرَّفْتُ: أَيْ نَيَّفَتْ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: أَنْشَدَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ،

لِنَافِعِ بْنِ لَقِيطٍ الْفَقْعَسِيِّ: " §أُعْطِيكَ ذِمَّةَ وَالِدَيَّ كِلَيْهِمَا ... لَأُذَرِّفَنْكَ الْمَوْتَ إِنْ لَمْ تَهْرُبِ وَلَيَغَلِبَنْ خَالَيْكَ خَالِي وَادِعًا ... وَلَيَغْلِبَنْ أَبَوَيْكَ إِنْ جُمِعَا أَبِي قَالَ: لَأُذْرِفَنَّكَ، لَأُطْلِعَنَّكَ عَلَيْهِ، يُقَالُ: ذَرَفَ عَلَى السِّتِّينَ إِذَا جَاوَزَهَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زَيْدٍ، يَقُولُ: §وَذَّمَ فُلَانٌ عَلَى الْخَمْسِينَ تَوْذِيمًا، وَذَرَّفَ عَلَيْهَا تَذْرِيفًا، وَأَرْمَى عَلَيْهَا إِرْمَاءً، كُلُّ ذُلٍّك إِذَا زَادَ عَلَيْهَا. قَالَ غَيْرُهُ: وَكَذَلِكَ نَيَّفَ عَلَى الْخَمْسِينَ مِثْلَ ذَرَّفَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: §يُقَالُ أَلْفٌ وَنَيَّفٌ، أي شيء يشرف على الألف، وَقَالَ ابْنُ الرِّقَاعِ: وُلِدْتَ بِرَابِيَةٍ رَأُسُهَا ... عَلَى كُلِّ رَابِيَةٍ نَيِّفُ أَيْ مُشْرِفٌ، وَمِنْهُ قِيلَ: أَنَافَ يُنِيفُ. وَقَالَ غَيْرُهُ عَنِ الْكِسَائِيِّ، وَكَذَلِكَ أَرْبَيْتُ عَلَيْهَا إِذَا زَادَ عَلَيْهَا، وَأَنْشَدَ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ:

وَأَسْمَرَ خَطْيًا كَأَنَّ كُعُوبَهُ ... نَوى الْقَسْبِ قَدْ أَزْبَى ذِرَاعًا عَلَى الْعَشْرِ. وَمِثْلُهُ: أَرْدَى عَلَى الْخَمْسِينَ، وَأَرْدَيْتُ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: فَإِنْ كَانَ دَنَا لَهَا وَلَمْ يَبْلُغْهَا، قَالَ زَنَأْتُ عَلَى الْخَمْسِينَ، وَحَبَوْتُ لَهَا. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَزَاهَمْتُهَا مُزَاهَمَةً مِثْلَهَا. قَالَ الْفَرَّاءُ: فَإِنْ أَرَادَ، أَنَّهَا قَدْ دَنَتْ مِنْهُ، قَالَ: قَذِعَتْ لِي الْخَمْسُونَ. وَأَنْشَدَ: مَا يَسْأَلُ النَّاسُ عَنْ سِنِّي وَقَدْ قَدَعَتْ ... لِي أَرْبَعُونَ وَطَالَ الْوِرْدُ وَالصَّدْرُ 343 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، " أَنَّهُ §تَزَوَّجَ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيَّةَ بَعْدَ جَعْفَرٍ، وَأَبِي بَكْرٍ، فَوَلَدَتْ مِنْ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمُ ابْنًا، يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ، فَافْتَخَرُوا يَوْمًا، وَعَلِيٌّ جَالِسٌ، كُلُّهُمْ، يَقُولُ: أَبِي خَيْرٌ مِنْ أَبِيكَ، فَقَالَ لِأُمِّهِمْ أَسْمَاءَ: اقْضِي بَيْنَهُمْ، فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ كَهْلًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَلَا رَأَيْتُ شَابًّا قَطُّ خَيْرًا مِنْ جَعْفَرٍ، فَقَالَ عَلِيٌّ لِابْنِهِ: فَسْكَلَ أَبُوكَ سَائِرَ الْيَوْمِ، فَقَالَتْ لَهُ أَسْمَاءُ: إِنَّ ثَلَاثَةً أَنْتَ أَخَسُّهُمْ لَخِيَارٌ، قَالَ لَهَا: صَدَقْتِ، وَلَوْ قُلْتِ غَيْرَ هَذَا حُمِّقْتِ وَسَفُهْتِ ".

حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسَرَّةَ، قَالَ: نا أَبُو الْخَطَّابِ، قَالَ: نا الْهَيْثَمُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ عَوَانَةَ يُقَالُ: فَسْكَلَ الرَّجُلُ إِذَا أَتَى مُتَأَخِّرًا، وَرَجُلٌ فُسْكُولٌ، وَهُوَ مِثْلُ السُّكَّيْتِ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْفِسْكِلُ الَّذِي يَجِئُ فِي الْحَلَبَةِ آخِرَ الْخَيْلِ، وَهُوَ الْقَاشُورُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْقَاشُورُ، وَهُوَ الْمَشْئُومُ، يُقَالُ: قَشَرَهُمْ، أَيْ شَأمَهُمْ

344 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: «§يَأْتِيكُمْ رَاكِبُ الذِّعْلِبَةِ قَدْ شَدَّ حَقَبَهَا بِوَضِينِهَا، لَمْ يَقْضِ تَفَثًا مِنْ حَجٍّ وَلَا عَمْرَةٍ تَقْتُلُونَهُ» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: نا سُفْيَانُ يَعْنِي: ابْنَ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَفِي الْحَدِيثِ، قُلْتُ لِأَبِي الطُّفَيْلِ: مَا الذِّعْلِبَةُ؟ قَالَ: الْخَفِيفَةُ النَّاجِيَةُ،

وَقَالَ غَيْرُ أَبِي الطُّفَيْلِ: الذِّعْلِبَةُ: النَّعَامَةُ، وَإِنَّمَا قِيلَ لِلنَّاقَةِ ذِعْلِبةً تَشْبِيهًا بِهَا لِسُرْعَتِهَا، وَجَمَلٌ ذِعلِبٌ، وَقَدْ جَاءَ ذِعلِبٌ أَيْضًا فِي النَّاقَةِ. قَالَ الشَّاعِرُ: هُوَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ: وَتَحْتِي مِثْلُ الْفَحْلِ وَجْنَاءُ ذِعْلِبُ وَيُقَالُ: اذْلَعَبَّ الْجَمَلُ فِي سَيْرِهِ اذْلِعْبَابًا، إِذَا وُصِفَ بِالنَّجَاءِ، وَالسُّرْعَةِ، قَالَ الرَّاجِزُ: نَاجَ أَمَامَ الرَكْبِ مُذلَعِبٌّ.

وَيُقَالُ: إِنَّ اشْتِقَاقَهُ مِنَ الذَّعْلِبِ، وَلَكِنَّ الْفِعْلَ الرُّبَاعِيَّ إِذَا ثُقِّلَ آخِرُهُ، فَإِنَّ الْفِعْلَ لَابُدَّ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى حَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ الْحَلْقِ، وَالذَّعَالِبُ أَيْضًا مِنَ الْخِرَقِ: الْقِطَعُ الْمُشقَّقَةُ. قَالَ رُؤْبَةُ: مُنْسَرِحًا إِلَّا ذَعَالِيبَ الْخِرَقْ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو: أَطْرَافُ الثِّيَابِ، يُقَالُ لَهَا: الذَّعَالِيبُ، وَاحَدُهَا ذُعْلُوبٌ، وَهِيَ الذَّنَاذِنُ، وَاحِدُهَا ذِنْذِنٌ وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «وَاللَّهِ مَا قَتَلْتُ عُثْمَانَ وَلَا مَالَأْتُ عَلَى قِتلَّهِ» . يُقَالُ: مَالَأْتُ الرَّجُلَ عَلَى الْأَمْرِ، وَقَدْ تَمَالَئُوا عَلَيْهِ، إِذَا اجْتَمَعُوا، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمَلَأِ، وَالَمَلَأُ: الْجَمَاعَةُ، قَالَ الشَّاعِرُ: وَتَحَدَّثُوا مَلَأً لِتُصْبِحَ أَمُّنَا ... عَذْرَاءَ لَا كَهْلٌ وَلَا مَوْلُودُ

أَيْ تَحَدَّثُوا مُتَمَالِئِينَ عَلَيْنَا، لِيَقْتُلُونَا، فَتُصْبِحُ أُمُّنَا كَالْعَذْرَاءِ الَّتِي لَمْ تَلِدْ، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ: الْمُلْكُ عَقِيمٌ يُرِيدُ أَنَّ الْمَلِكَ يَقْتُلُ بَنِيهِ عَلَيْهِ، حَتَّى يَعُودَ كَالْعَقِيمِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَحْسِنُوا مَلَأُ، تَقْدِيرُهَا: مَلَعًا، أَيْ غَلَبَةٌ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:. . . . . . . . . . . . . . فَقُلْنَا أَحْسِنِي مَلَأُ جُهَيْنَا وَنَقُولُ: مَا كَانَ هَذَا الْأَمْرُ عَنْ مَلَأٍ مِنْهَا أَيْ: عَنْ تَشَاوُرٍ، وَلَا اجْتِمَاعٍ عَلَيْهِ. 346 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: «§أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ أَهْلِ بَيْتِي؟ أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، فَصَاحِبُ لَهْوٍ، وَأَمَّا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، فَصَاحِبُ جَفْنَةٍ، وَفَتًى مِنْ فِتْيَانِ قُرَيْشٍ، لَوْ قَدِ الْتَقَتْ حَلْقَتَُا الْبِطَانِ لَمْ يُغْنِ عَنْكُمْ فِي الْحَرْبِ

حِمَالَةَ عُصْفُورٍ، وَأَمَّا أَبْنَاءُ فُلَانَةٍ، فَلَا يَغُرَّاكُمْ مِنْ شَيْءٍ، وَأَمَّا أَنَا وَالْحُسَيْنُ، فَنَحْنُ مِنْكُمْ، وَأَنْتَم مِنَّا» . يُرْوَى عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ نَخَبَةَ

قَالَ: الْبِطَانُ لِلْبَعِيرِ، كَالْحِزَامِ لِلدَّابَةِ، وَلَهُ ثَلَاثُ عُرًا، فَإِذَا ضَمُرَ، أُدْخِلَ طَرَفُ الْوَضِينِ فِي تِلْكَ الْوُسْطَى، يُضْرَبُ ذَلِكَ مَثَلًا لِلشِدَّةِ. وَقَالَ الْمُمَزِّقُ الْعَبْدِيُّ: وَقَدْ ضَمَرَتْ حَتَّى الْتَقَ مِنْ نُسُوعِهَا ... عُرَا ذِي ثَلَاثٍ لَمْ تَكُنْ قَبْلُ تَلْتَقِي وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى ذَهَبَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ فِي قَوْلِهِ يَصِفُ شِدَّةِ الزَّمَانِ: وَازْدَحَمَتْ حَلْقَتَا الْبِطَانِ ... بِأَقْوَامٍ وَجَاشَتْ نُفُوسُهُمْ فَزَعَا 347 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَذَكَرَ فِتْنَةَ التَّزْيِيلِ، فَقَالَ: «§لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا مَنًا مِنْ حَدِيدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ، مَعَ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ، لَضَبَرَهُ إِلَى أَهْلِ الْبَاطِلِ، وَلَوْ أَنْ رَجُلًا عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا مَنًا مِنْ حَدِيدٍ مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ، مَعَ أَهْلِ الْبَاطِلِ، لَضَبَرَ بِهِ الْحَقُّ إِلَى أَهْلِ الْحَقِّ» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا بُنْدَرٌ، قَالَ: نا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ، يُقَالُ لَهُ سَلَمَةُ، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ أَبِي الْقَمَّاصِ عَنْ عَلِيٍّ.

يُقَالُ: ضَبَرَ الْفَرَسُ يَضْبِرُ ضَبْرًا، وَهُوَ الْوَثْبُ فِي عَدْوٍ.

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: إِذَا وَثَبَ، فَوَقَعَ مَجْمُوعَةً يَدَاهُ فَذَلِكَ الضَّبْرُ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ فُلَانٌ ذُو ضَبَارَةٍ، إِذَا كَانَ مُشَدَّدُ الْخَلْقِ، مَجْتَمِعَهُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ ابْنُ ضَبَارَةَ، وَمِنْهُ ضَبَرَ الْفَرَسُ، إِذَا جَمَعَ قَوَائِمَهُ، وَوَثَبَ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْجَمَاعَةِ يَغْزُونَ: ضَبْرٌ، قَالَ الْهُذَلِيُّ:. . . . . . . . . . . . . . . . ... ضَبْرُ لِبَاسُهُمُ الْقَتِيرُ مُؤَلَّبُ وَضَبَرْتُ الشَّيْءَ: جَمْعَتُهُ، وَمِنْهُ قِيلَ: إِضْبَارَةٌ مِنْ كُتُبٍ، وَمِنْ نُشَّابٍ، وَلَا يُقَالُ: ضِبَارَةٌ، قَالَ الْعَجَّاجُ: وَضَبَّرَ الْقَوْمُ لَهَا إِضْبارَا. يَعْنِي: جَمَعَهُمْ لِلْمَنْجَنِيقِ، لِيَرْمُوا بِهِ، وَتَقُولُ: عِنْدِي مَنَا دُهْنٍ، وَمَنَوا دُهْنٍ، وَأَمْنَاءُ دُهْنٍ، وَعِنْدِي مَنُّ دُهْنٍ، وَمَنَّا دُهْنٍ، وَأَمْنَانُ دُهْنٍ، وَالْأَوَّلُ أَفْصَحُ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَقَدْ يَكُونُ مِنَ الْحَدِيدِ أَوْزَانًا، وَبَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ: مَنُّ وَأَمْنَانُ

وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامًا غَيْرَ خَاصٍ، أَدَّى مَا أَدَّى عَلَانِيَةً غَيْرَ سِرًّ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ، أَنَّ عِنْدِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ يَكُونَ عِنْدِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي قَرَنِي هَذَا شَيْءٌ، فَفَتَحَهُ فنَكَبَهُ فِي يَدِهِ، فَسَقَطَتْ مِنْهُ صَحِيفَةٌ، فَفَتَحَهَا فَقَرَأَهَا رَافِعًا بِهَا صَوْتَهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوْ تَوَلَّى مَوْلَى قَوْمٍ دُونَهُمْ، بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ، وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، وَالْمَدِينَةُ حَرَامٌ، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، وَالْمَلَائِكَةُ، وَالنَّاسُ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا» .

قَالَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: وَهُوَ إِلَى عِضَادَةِ الْمِنْبَرِ، هَذِهِ عَلَيْكَ لَا لَكَ، فَدَعْهَا تَرْتَحِلُ، فَخَفَضَ عَلِيٌّ إِلَيْهِ بَصَرِهِ، فَقَالَ: مَا يُدْرِيكَ مَا عَلِيٌّ مِمَّا لِي، إِنِّي لَأَجِدُ بَنَّةَ الْغَزْلِ مِنْكَ، وَاللَّهِ لقَدْ أَسَرَكَ الْإِسْلَامُ مَرَّةً، وَالْكُفْرُ مَرَّةً، وَمَا فَدَاكَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَالٌ وَلَا حَسَبٌ، ثُمَّ قَالَ: أَصْبَحْتُ هُزْءًا لِرَاعِي الضَّأْنِ أُعْجِبُهُ ... مَاذَا يَرِيبُكَ مِنِّي رَاعِيَ الضَّانِ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَرَّأَكَ عَلَى لِسَانِكَ، فَوَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَا أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ هَذَا مِنْكَ، قَالَ: فَهُوَ وَاللَّهِ ذَاكَ.

فَمَا قِيلَ فِينَا بَعْدَهَا مِنْ مَقَالَةٍ ... وَمَا عَلِقتْ مِنَّا جَدِيدًا وَلَا دِرْسَا الْقَرَنُ: جَعْبَةٌ صَغِيرَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ: «النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَالنَّبْلِ فِي قَرَنٍ» ، يَعْنِي: أَنَّهُمْ مُتَسَاوُونَ، وَأَمَّا قَوْلُ جَرِيرٍ: أَبْلِغْ خَلِيفَتَنَا إِنْ كُنْتَ لَاقِيَهُ ... أَنِّي لَدَى الْبَابِ كَالْمَصْفُودِ فِي قَرَنِ فَيَكُونُ الْقَرَنُ هَاهُنَا حَبْلًا، وَيَكُونُ جُعْبَةً. وَبَنَّةُ الْغَزْلِ: رَائِحَتُهُ، تَقُولُ: أَجِدُ فِي هَذَا الشَّيْءِ بَنَّةً طَيِّبَةً، وَجَمْعُهَا بِنَانٌ، وَقَالَ جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ: وَشَرْبَةٍ مِثْلِ رِيحِ الْمِسْكِ بَنَّتُهَا ... شَرِبْتُهَا بِإِنَاءٍ لَيْسَ مِنْ عُودِ لَمْ أُعْطَهَا بِيَدٍ قَدْ كُنْتُ أَشْرَبُهَا ... إِلَّا تَنَاوَلَ مَدِّ الْجِيدِ لِلْجِيدِ كَمَا تَعَانَقَ فِي خَضْرَاءَ دَانِيةٍ ... مُطَوَّقَانِ أَصَاخَا بَعْدَ تَغْرِيدِ وَالْبَنَةُ أَيْضًا: كَرِيحِ مَرَابِضِ الْغَنَمِ وَالظِّبَاءِ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:. . . . . . . . . . نَسِيمَ الْبِنَانِ فِي الْكِنَاسِ الْمُظَلِّلِ وَقَوْلُهُ: جَدِيدًا وَلَا دِرْسًا. قَالَ: الدِرْسُ: الْخَلَقُ مِنَ الثِّيَابِ، وَجَمْعُهُ دُرْسَانِ، وَدِرْسَانِ، وَكَذَلِكَ الدَّرِيسُ، قَالَ الشَّاعِرُ:

إِلَى مِثْلِهِ يَأْوِي الْمُضَافُ إِذَا شَتَا ... وَمُسْتَنْبِحٌ بَالِي الدَّرِيسَيْنِ عَائِلُ وَالْمَضَافُ: الْمُلْجَأُ الَّذِي أَجَاءَتْهُ حَاجَةٌ لَا يَسْتَطِيعُهَا مِنْ حَمَالَةِ دَمٍ، أَوْ ثِقَلُ مَغْرَمٍ، أَوْ مَصْرَعٌ فِي مَأْزِقٍ. وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ الْآخَرِ: أَنَّ ابْنَ الْكَوَّاءِ، وَقَيْسَ بْنَ عُبَادٍ جَاءَاهُ، فَقَالَا: أَتَيْنَاكَ مُضَافَيْنِ مُثْقَلَيْنِ مِنْ حَمَالَةٍ. وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: قَوْلُهُ: مُضَافَيْنِ أَيْ خَائِفَيْنِ، يُقَالُ: أَخَافَ فُلَانٌ مِنَ الْأَمْرِ، إِذَا أَخَافَهُ، قَالَ: وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى ضَافَ. وَلَوْ كَانَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ كَمَا ذَكَرَ مِنَ الْخَوْفِ مَنْ أَضَافَ، أَوْ ضَافَ، لَقَالَ: أَتَيْنَاكَ مُضِيفِينَ، أَوْ ضَائِفِينَ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الْإِضَافَةِ، وَهُوَ الْإِلْجَاءُ. وَقَوْلُهُ فِي الْبَيْتِ: إِلَى بَيْتِهِ يَأْوِي الْمُضَافُ إِذَا شَتَا: دَلِيلٌ عَلَى السَّنَةِ

وَالضَّنْكِ، لِأَنَّ الشَّتْوَةَ زَمَنَ الشِّدَّةِ وَالضِّيقَةِ، يَقُولُ الرَّجُلُ: قَدْ أَضَافَتْنِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ، وَقَدْ أَضَفْتُ الرَّجُلَ إِلَى كَذَا بِمَعْنَى: أَلْجَأْتُهُ إِلَيْهِ. وَالدَّرِسَانِ: ثَوْبَانِ خَلَقَانِ عَلَيْهِ، وَذَكَرُوا أَنَّ رَجُلًا مِنْ جُلَسَاءِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، قَتَلَ رَجُلًا فِي مَجْلِسِهِ، فَأَمَرَ النُّعْمَانُ بِقَتْلِهِ، فَقَالَ: أَيَقْتُلُ الْمَلِكُ جَارَهُ، وَيُضِيعُ ذِمَارُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِذَا قَتَلَ جَلِيسُهُ، وَخَضَّبَ دَرِيسَهُ. وَقَالَ أَبُو خِرَاشٍ: فَعَارَرْتُ شَيْئًا وَالدَّرِيسُ كَأَنَّمَا ... يُزَعْزِعُهُ وِرْدٌ مِنَ الْمُومِ مُرْدِمُ قَوْلُهُ: عَارَرْتُ، أَيْ تَلَبَّثْتُ، وَالْمُعَارَّةُ: التَّلَبُّثُ، وَالدَّرِيسُ: ثَوْبُهُ الَّذِي عَلَيْهِ، وَهُوَ الْخَلَقُ، وَالْمُرْدِمُ: الْمُلَازِمُ. وَقَوْلُ عَلِيٍّ: جَدِيدًا وَلَا دَرِسًا: يُقَالُ: ثَوْبُ جَدِيدٌ، وَمِلْحَفَةً جَدِيدٌ، هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِكَ جُدَّ الثَّوْبُ مِنْ مَنْسِجِهِ، أَيْ قُطِعَ الْآنَ، ثُمَّ اسْتُعِيرَ ذَلِكَ فِي الرِّبَاعِ وَالدِّيَارِ، قَالَ مُزَاحِمٌ: وَهُنَّ عَلَى طُولِ الْقَوَاءِ جَدِيدَةُ ... وَعَهْدُ الْمَغَانِي بِالْحُلُولِ قَدِيمُ 349 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «أَنَّهُ §اسْتَحَلَّ فَاطِمَةَ بِبَدَنٍ مِنْ حَدِيدٍ» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ،

قَالَ: نا عَمْرٌو، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ

الْبَدَنُ: شِبْهُ دِرْعِ إِلَّا أَنَّهُ قَصِيرٌ بِقَدْرِ مَا يَكُونُ عَلَى الْجَسَدِ، قَصِيرُ الْكُمَّيْنِ، وَالْجَمِيعُ الْأَبْدَانُ، وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ: أَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ، مَنْسُوبَةٌ إِلَى حُطَمَةَ بْنِ مُحَارِبٍ، وَهُوَ بَطْنٌ مِنْ لُكَيْزٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ

350 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، " وَسُئِلَ §عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى، فَقَالَ: هِيَ الَّتِي أَفْرَطَ فِيهَا سُلَيْمَان النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: نا زُهَيْرٌ، قَالَ: نا مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْأَقْمَرِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْأَحْوَصِ

تَقُولُ: أَفْرَطْتُ الشَّيْءَ إِذَا تَرَكْتُهُ وَنَسِيتُهُ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ مَا أفْرَطْتُ مِنَ الْقَوْمِ أَحَدًا، أَيْ مَا تَرَكْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ} [النحل: 62] وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ ذَكَرَ بَني أُمَيَّةَ، فَقَالَ: لَئِنْ وَلِيتُهُمْ لَأَنْفُضَنَّهُمْ نَفْضَ الْقَصَّابِ التُّرَابَ الْوَذِمَةَ ".

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: هِيَ الْكَرِشُ التي قَدْ تَتَرَّبَتْ: أَصَابَهَا التُّرَابُ، وَالْوَذِمَةُ: ذَاتَ الْأَعَالِيقِ، وَقَدْ تَكُونُ الرَّحِمُ، وَذِمَةٌ فِيهَا زَوَائِدُ. وَهَذَا أَعْجَبُ إِلَيْنَا مِمَّا ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، لِأَنَّهُ فَسَّرَهُ عَلَى لَفْظِ الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ بِهِ، وَيُقَالُ: دَلْوٌ وَذِمَةٌ، وَهِيَ الَّتِي يُخَافُ عَلَى أَوْذَامِهَا أَنْ تَنْقَطِعَ، قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ الْفَرَسَ: يَزَعُ الدَّارِعُ مِنْهُ مِثْلَ مَا ... يَزَعُ الدَّالِي مِنَ الدَّلْوِ الوَذَمْ أَيْ يَكْفِهِ الدَّارِعُ، وَيَرْفُقُ بِهِ، كَمَا يَرْفُقُ الدَّالِي بِالدَّلْوِ الَّتِي يُخَافُ عَلَى أَوْذَامِهَا. وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ ارْتَجَزَ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقَالَ: أَنَا الَّذِي سَمَّتْني أُمِّي حَيْدَرَهْ ".

قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: حَيْدَرَةُ اسْمُ عَلِيٍّ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ، وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: كَانَتْ أُمُّهُ سَمَّتْهُ أَسَدًا بِاسْمِ أَبِيهَا، وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ يَوْمَئِذٍ غَائِبًا، فَلَمَّا قَدِمَ، غَيَّرَ ذَلِكَ الِاسْمَ، وَأَسْمَاهُ عَلِيًّا، فَرَجَزَ عَلِيٌّ، وَذَكَرَ ذَلِكَ الِاسْمَ الْأَوَّلَ، وَكُنِيَ عَنْهُ بِالْأَسَدِ، وَفِيهِ تَفْسِيرٌ ثَالِثٌ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ، يُقَالُ: غُلَامٌ حَادِرٌ، وَرُمْحٌ حَادِرٌ، وَمِنْهُ أُشْتُقَّ حَيْدَرَةُ. وَأَنْشَدَ لِلنَّمَرِيِّ: لَهَا مُقْلَةٌ حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ ... إِلَى حَاجِبٍ غُلَّ فِيهِ الشُّفُرْ قَالَ: حَدْرَةٌ: مُجْتَمِعَةٌ، فَكَأَنَّ عَلِيًّا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، كَانَ يُلَقَّبُ بِهَذَا الِاسْمِ، وَهُوَ صَغِيرٌ لِحَدَارَتِهِ وَعِظَمِ بَطْنِهِ، وَيُقَالُ: نَاقَةٌ حَدِرَةُ الْعَيْنَيْنِ: إِذَا امْتَلَأَتَا نِقْيًا فَارْتَوَتَا وَحَسُنَتَا. قَالَ الشَّاعِرُ: أُحِبُّ صَبِيَّ السُّوءِ مِنْ حُبِّ أُمِّهِ ... وَأُبْغِضُهُ مِنْ بُغْضِهَا وَهُوَ حَادِرُ

وَأَنْشَدَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدَيُّ فِي مَعْنَى هَذَا الْبَيْتِ، قَالَ: أَنْشَدَنِي عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: أَنْشَدَنِي الْأَصْمَعِيُّ، وَزَعَمَ أَنَّهُ لِمِسْكِينٍ الدَّارِمِيِّ: لَا أَحْمِلُ الصِّبْيَانَ أَلْثَمُهُمْ ... وَالْأَمْرُ قَدْ يُعْنَى بِهِ الْأَمْرُ يَقُولُ: لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ اسْتَمِيلُ بِهِ أُمَّهُ، لِتَخْضَعَ لِبَعْضِ الْأَمْرِ. وَقَوْلُهُ: غُلَّ فِيهِ الشُّفُرْ أَيْ: أُدْخِلَ وَحُشِيَ، وَيُستَحَبُّ مِنَ النَّاقَةِ وَالْفَرَسِ أَنْ يَخْشَعَ حِجَاجَاهُمَا. 353 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ مِسْعَرًا، يُحَدِّثُ، عَنْ عَقِيصَاءَ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ " §يَأْتِينَا فِي السُّوقِ، فَكَانُوا يَقُولُونَ إِذَا طَلَعَ: قَدْ جَاءَكُمْ نُوذِشْكُمْ، يُرِيدُونَ الْعَظِيمَ الْبَطْنِ، فَيَقُولُ: إِنَّ أَسْفَلَهُ شَحْمٌ، وَإِنَّ أَعْلَاهُ عِلْمٌ "

354 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «§تَزَوَّجْتُ فَاطِمَةَ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَيْنَا كِسَاءٌ أَوْ قَطِيفَةٌ، فَلَمَّا رَأَيْنَهُ تَحَشْحَشْنَا» . حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا،

قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ تَحَشْحَشَ الْقَوْمُ، إِذَا تَحَرَّكُوا، وَقَالَ غَيْرُهُ: تَحَشْحَشْنَا مِثْلُ تَقَمَّعْنَا، وَتَحَشْحَشَ الرَّجُلُ، إِذَا تَجَمَّعَ وَتَقَبَّضَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: حَشَشْتُ النَّارَ بِالْحَطَبِ، وَأَنَا أَحُشُّهَا حَشًّا، وَهُوَ ضَمُّكَ مَا تَفَرَّقَ مِنَ الْحَطَبِ، وَالنَّابِلُ إِذَا رَاشَ السَّهْمَ، فَأَلْزَقَ الْقُذَذَ بِهِ مِنْ نَوَاحِيهِ، يُقَالُ: حَشَّ سَهْمَهُ بْالْقُذَذِ. وَقَالَ: أَوْ كَمِرِّيخٍ عَلَى شَرَيَانِهِ ... حَشَّهُ الرَّامِي بِظُهْرَانٍ خُشُرْ 355 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «أَنَّهُ» §أُتِيَ بِعَلِيِّ بْنِ أَصْمَعَ جَدِّ الْأَصْمَعِيِّ، وَقَدْ سَرَقَ عَيْبَةً بِسَفَوَانَ، فَسَأَلَ الشُّهُودَ: أَأَخْرَجَهَا مِنَ الرَّحْلِ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَقَطَعَهَا مِنَ الْأَشَاجِعِ، فَقِيلَ: فَهَلَّا مِنَ الزَّنَدِ، فَقَالَ: فَبِأَيْ شَيْءٍ يَعْتَمِلُ ". حَدَّثَنَاهُ إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ، عَنْ يُونُسَ قَالَ: فَأَدْرَكْتُ عَلِيَّ بْنَ أَصْمَعَ، أَتَى الْحَجَّاجَ، فَقَالَ: إِنَّ أَبُوَيَّ عَقَّانِي فِي تَسْمِيَتِهِمَا إِيَّايَ عَلِيًّا، فَإِنْ رَأَى الْأَمِيرُ أَنْ يُبْدِلَنِي بِهِ اسْمًا، قَالَ الحَجَّاجُ: مَا أَلْطَفَ مَا تَوَسَّلْتَ بِهِ، فَقَدْ وَلَّيْتُكَ سَمْكَ الْبَاذِنْجَاهْ، وَأَجْرَيْتُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَيْكَ دَانِقَيْنِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ وَقَعْتُ مِنْكَ عَلَى خِيَانَةٍ، لَأُقَطِّعَنَّ الَّذِي أَفْضَلُ عَلَيَّ مِنْ يَدِكَ.

وَالْأَشَاجِعُ: الْعَصَبَاتُ الَّتِي عَلَى ظَهْرِ الْكَفِّ، تَتَّصِلُ بِظُهُورِ الْأَصَابِعِ، حَتَّى تَبْلُغَ الْبَرَاجِمَ السُّفْلَى، ثُمَّ تَغْمِضَ، قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَسْتُ بِسَعْدِيٍّ فَتَأُّكَلُ جُلَّتِي ... وَلَكِنْ عُقَيلِيُّ طَوِيلُ الْأَشَاجِعِ وَوَاحِدُهَا أَشْجَعُ، وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ مُغْرَقَ الْكَفِّ، قِيلَ: عَارِي الْأَشَاجِعِ، قَالَ الشَّاعِرُ: يَهُزُّونَ أَرْمَاحًا طِوَالًا مُتُونُهَا ... بِأَيْدِي رِجَالٍ عَارِيَاتِ الْأَشَاجِعِ 356 - وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ، قَالَ حَدَّثَنِي التَّوَّزِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ، عَنْ قَوْلِ الْفَرَزْدَقِ: " §وَأَضْحتْ رُسُومُ الدَّارِ قَفْرًا كَأَنَّهَا ... كِتَابٌ تَلَاهُ الْبَاهِلِيُّ بْنُ أَصْمَعَا

فَقَالَ: هَذَا جدُّ الْأَصْمَعِيِّ، كَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبِ عَلَى الْمِنْبَرِ، كَمَا يَقْرَأُهَا الْخُرَاسَانِيُّ، يَعْنِي: أَبَا حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيَّ، وَكَانَ أَبُو حَاتِمٍ: يَقْرَأُ الْكُتُبَ عَلَى الْمِنْبَرِ، قَالَ التَّوَّزِيُّ، فَسَأَلْتُ الْأَصْمَعِيَّ عَنْ هَذَا فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، ثم قَالَ: هَذَا كِتَابُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَرَدَ عَلَى ابْنِ عَامِرٍ، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَنْ يَقْرَأْهُ إِلَّا جَدِّي. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَشْجَعُ هُوَ الْعُظَيمُ الَّذِي يَصِلُ الْإِصْبَعَ بِالرُّسْغِ، لِكُلِّ إِصْبَعٍ أَشْجَعٌ، وَإِنَّمَا احْتَجَّ الَّذِي قَالَ هُوَ الْعَصَبُ، بِقَوْلِهِمُ لِلذِّئْبِ: هُوَ عَارِي الْأَشَاجِعِ، أَيِ الْعَصَبُ، فَمَنْ جَعَلَ الْأَشَاجِعَ الْعَصَبَ، قَالَ: تِلْكَ الْعِظَامُ هِيَ الْأَسْنَاعُ، الْوَاحِدُ سِنْعٌ، وَالْأَشْجَعُ مِنَ الرِّجَالٍ: الَّذِي كَأَنَّ بِهِ جُنُونًا مِنْ جُرْأَتِهِ، وَمَنْ قَالَ: الْأَشْجَعُ الْمَمْسُوسُ، فَقَدْ أَخْطَأَ، قَالَ الْأَعْشَى: بِأَشْجَعَ أَخَّاذٍ عَلَى الدَّهْرِ حُكْمَهُ ... فَمِنْ أَيِّمَا تَأُّتِ الْحَوَادِثُ أَفْرَقُ وَاللَّبُؤَةُ الشَّجْعَاءُ: هِيَ الْجَرِيئَةُ الْجَسُورُ 357 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «أَنَّهُ §كَرِهَ الرَّهْنَ وَالْقَبِيلَ فِي السَّلَمِ» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا وَكِيعٌ، قَالَ: نا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ

عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ , عَنْ عَلِيٍّ

الْقَبِيلُ الْكَفِيلُ حَدِيثُ إِسْمَاعِيلَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ 358 - حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: نا الْمَدَائِنِيُّ أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: §خَاصَمَ أَعْرَابِيٌّ مِنَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ امْرَأَتَهُ، فَادَّعَى عَلَيْهَا دَعْوًى، وَجَحَدَتْ، فَقَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ: هَاتِ بَيِّنَتَكَ، قَالَ: قَبِّلْهَا حَتَّى أَجِئَ بِشُهُودِي، قَالَ: لَا أُقَبِّلُهَا، قَالَ: فَارْطُمْهَا، قَالَ: لَا أَرْطُمُهَا. مَعْنَى قَبِّلْهَا، يَقُولُ: خُذْ مِنْهَا كَفِيلًا، وَارْطُمْهَا: يَعْنِي: احْبِسْهَا فِي السِّجْنِ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ قَالَ: أَنَا قَسِيمُ النَّارِ ". قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مَعْنَاهُ: أَنَّ كُلَّ مِنَ اتَّبَعَنِي كَانَ عَلَى الْحَقِّ، وَمَنْ

تَخَلَّفَ عَنِّي هَلَكَ. وَالْقَسِيمُ: الْمُقَاسِمُ، كَمَا يُقَالُ: الْأَكِيلُ وَالشَّرِيبُ، تَقُولُ: قَسَمْتُ الشَّيْءَ قَسْمًا، وَأَعْطَيْتُكَ قِسْمَكَ، أَيْ: نَصِيبَكَ، وَقَسِيمَكَ، وَمَقْسَمَكَ، وَقَالَ الشَّاعِرُ: وَمَالُكَ إِلَّا مَقْسَمٌ لَيْسَ فَائِتًا ... بِهِ أَحَدٌ فَاسْتَأْخِرْنَ أَوْ تَقَدَّمَا 360 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، " §فِي الْمُحْرِمِ يُصِيبُ بَيْضَ النَّعَامِ، قَالَ: يُنْظَرُ إِلَى عِدِّ الْبَيْضِ مِنَ الْأَبْكَارِ، فَيُطْرِقُهُنَّ الْفَحْلَ، فَمَا نَتَجَ مِنْ شَيْءٍ أَهْدَاهُ، فَقِيلَ: فَإِنْ أَزْلَقَتْ مِنْهُنَّ نَاقَةٌ، قَالَ عَلِيُّ: إِنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنَ الْبَيْضِ مَا يَكُونُ مَارِقًا ". أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ , عَنْ عَلِيٍّ

يُقَالُ: أَزْلَقَتِ النَّاقَةُ: إِذَا أَلْقَتْ وَلَدَهَا تَامًا كَالسِّقْطِ، فَهِيَ مُزْلِقٌ، وَنَاقَةٌ مِزْلَاقٌ،

وَيُقَالُ: نَاقَةٌ زَلْوقٌ، وَزَلُوجٌ، إِذَا كَانَتْ سَرِيعَةً، وَالتَّزْلِيقُ فِي غَيْرِ هَذَيْنِ صَنْعَةُ الْبَدَنِ بِالْأَدْهَانِ وَنَحْوَهَا. وَمِنْهُ قَوْلُ الْخَطَّابِ بْنِ الْمُعَلَّى الْمَخْزُومِيِّ لَوَلَدِهِ: إِيَّاكَ وَكَثْرَةَ التَّبْرِيقِ وَالتَّزْلِيقِ، فَإِنَّ ظَاهِرَ ذَلِكَ يُنْسَبُ إِلَى التَّأْنِيثِ أَوِ التَّصنُّعِ لِمُغَازَلَةِ النِّسَاءِ، وَكُنْ مُتَمَعْزِزًا، وَلَا تَهْلُبْ لِحْيَتِكَ وَلَا تَبْطُنْهَا. قَوْلُهُ: كُنْ مُتَمَعْزِزًا فَهُوَ مِنَ الْأَمَعْزِ وَالْمَعْزَاءِ، والمعزاء: الْأَرْضُ الْحَزْنَةُ الْغَلِيظَةُ، وَالْجَمِيعُ الْأَمَاعِزُ وَالْمَعْزَاوَاتُ، وَمَنْ جَعَلَهُ نَعْتًا قَالَ لِلْجَمِيعِ: مُعْزٌ، وَقَالَ طَرَفَةُ: جَمَادٌ بِهَا الْبَسْبَاسُ يَرْهِصُ مُعْزُهَا ... بِنَاتِ اللَّبُونِ وَالصَّلَاقِمَةَ الْحُمْرَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِكَ: قَوْلُهُ: لَا تَهْلُبْهَا الْهَلْبُ أَنْ يُقَصَّ مِنْ نَوَاحِيهَا، فَتَبْقَى كَنَّةً، وَقَوْلُهُ: لَا تَبْطُنْهَا، أَيْ لَا تَأْخُذْ مِنْ بَاطِنِهَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: 361 - نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «§كَانَ يَعْجِبُهُمُ التَّبَطُّنُ وَالْأَخْذُ مِنَ الْعَارِضِينَ» .

يُقَالُ: مَرَقَتِ الْبَيْضَةُ مَرَقًا، وَمَذِرَتْ مَذْرًا، إِذَا فَسَدَتْ، فَصَارَتْ مَاءً، وَيُقَالُ: مَرَقَتِ النَّخْلَةُ إِذَا نَفَضَتْ مَا عَلَيْهَا مِنْ حِمْلِهَا، وَقَدْ أَصَابَ النَّخْلَ مَرْقٌ 362 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: " §{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] ، وَكَانَ قُرَشِيًّا قُلْبًا ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: رَوَاهُ سُفْيَانُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ , عَنْ عَلِيٍّ

يُقَالُ: عَرَبِيٌّ قُلْبٌ، وَعَرَبِيَّةٌ قُلْبٌ، وَإِنْ شِئْتَ ثَنَّيْتَ، وَهُوَ الْمَحْضُ، وَكَذَلِكَ الْبَحْتُ إِذَا قُلْتُ: عَرَبِيٌّ بَحْتٌ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: " §يُقَالُ إِنَّهُ لِعَرَبِيٍّ مَحْضٍ، وَقَلْبٌ وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ، وَالْمَرْأَةُ، وَالنِّسَاءُ، وَهَذِهِ الْحُرُوفُ كُلُّهَا يَجُوزُ فِيهَا التَّثْنِيَةُ، فَإِذَا جَمَعْتَ وَحَّدْتَ، وَأَنْشَدَ: تَجُولُ خَلَاخِيلُ النِّسَاءِ وَلَا أَرَى ... لِرَمْلَةَ خِلْخَالًا يَجُولُ وَلَا قُلْبَا وَلَا تُكْثِرُوا فِيهَا الْمَلَامَ فَإِنَّنِي ... تَخَيَّرْتُهَا مِنْهُمْ زُبَيْرِيَّةً قُلْبَا أُحِبُّ بَنِي الْعَوَّامِ طُرًّا لِحُبِّهَا ... وَمِنْ أَجْلِهَا أَحْبَبْتُ أَخْوَالَهَا كَلْبَا فَإِنْ تُسْلِمِي نُسْلِمْ وَإِنْ تَتَنَصَّرِي ... يُعَلِّقُ رِجَالٌ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ صُلْبَا وَعَرَبِيُّ بَحْتٌ إِذَا كَانَ خَالِصًا مَحْضًا، وَقُلْبُ الشَّجَرَةِ مَا رَخْصُ مِنْ غُرَّتِهَا الَّتِي تَقُودُهُ 363 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمٍ الْكِنَانِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الْغَيْلَانِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَيْسَرَةَ، قَالَ: §كَانَ طَعَامُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّاءَ الْجَرَادَ وَقُلُوبَ الشَّجَرِ، وَكَانَ يَقُولُ: مَنْ

أَنْعَمُ مِنْكَ يَا يَحْيَى؟ طَعَامُكَ الْجَرَادُ وَقُلُوبُ الشَّجَرِ.

وَالَّذِي يُرَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقْرَأُ: {إِيَّاكَ} [الفاتحة: 5] ، وَلَمْ يَكُنْ يَقُولُ كَمَا يَقُولُ الْأَعْرَابُ: هِيَّاكَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: أَنْشَدَ الْأَخْفَشُ: §فَهَيَّاكَ وَالْأَمْرُ الَّذِي إِنْ تَوَسَّعَتْ ... مَوَارِدُهُ ضَاقَتْ عَلَيْكَ مَصَادِرُهُ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، عَنْ يَمُوتَ بْنِ الْمُزَرَّعِ الْبَكْرِيِّ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: أَنْشَدَتْنِي أُمُّ الْهَيْثَمِ الْعَنْبَرِيَّةُ لِنَفْسِهَا: §دَعَوْتُ عِيَاضًا يَوْمَ صَعْدَةَ دَعْوَةً ... وَعَلَيْتُ صَوْتِي يَا عِيَاضَ بْنَ طَارِقٍ وَقُلْتُ لَهُ هِيَّاكَ وَالْبُخْلَ إِنَّهُ ... إِذَا عُدَّتِ الْأَخْلَاقُ شَرُّ الْخَلَائقِ 364 - وَحَدَّثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسَرَّةَ، قَالَ: نا أَبُو الْخَطَّابِ، قَالَ: نا عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ بَارِقٍ الْحَنَفِيُّ، قَالَ سَمِعْتُ جَدِّي، أَبَا أُمِّي سِمَاكَ بْنَ الْوَلِيدِ، يَقُولُ: إِنَّهُ لَقِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: " هَيَّا ابْنَ عَبَّاسٍ، §مَا تَقُولُ فِي سُلْطَانٍ عَلَيْنَا يَظْلِمُونَنَا، وَيَشْتُمُونَنَا، وَيَعْتَدُونَ

عَلَيْنَا فِي صَدَقَاتِنَا، أَلَا نَمْنَعُهُمْ؟ قَالَ: لَا، أَعْطِهِمْ يَا حَنَفِيُّ، قُلْتُ: إِنَّهُمْ لَا يُعْطُونَنَا مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، أَلَا نَمْنَعُهُمْ؟ قَالَ: لَا، أَعْطِهِمْ يَا حَنَفِيُّ، وَإِنْ أَتَاكَ أَهْدَلُ الشَّفَتَيْنِ، مُنْتَفِشُ الْمَنْخِرَيْنِ، فَأَعْطِهِ صَدَقَتَكَ، فَلَنِعْمَ الْقُلُوصُ قَلُوصٌ تُؤْمِنُ الْمَرْءَ بَيْنَ عِرْسِهِ وَوَطَنِهِ، قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ بِذِرَاعِي، فَغَمَزَهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا حَنَفِيُّ، الْجَمَاعَةَ الْجَمَاعَةَ، إِنَّمَا هَلَكَتِ الْأُمُمُ الْخَالِيَةُ بِتَفَرُّقِهَا، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103] ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ أَفِي أَخِدَّةَ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّهَا تَجْرِي عَلَى أْرَضِ الْجَنَّةِ مُسْتَكِفَّةً، لَا تَفِيضُ هَنَّا وَلَا هَنَّا ".

حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: فِي الشَّفَةِ: الْهَدَلُ، وَهُوَ ضِخَمٌ وَاسْتِرْخَاءٌ فِيهَا، يُقَالُ: رَجُلٌ أَهْدَلُ الشَّفَةِ، وَامْرَأَةٌ هَدْلَاءُ 365 - وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: نا الزُّبَيْرُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: §إِنَّمَا سُمِّيَتْ بَنُو هَدَلٍ، وَهُوَ عَمْرُو بْنُ الْخَزْرَجِ، لِهَدَلٍ كَانَ فِي شَفَتِهِ 366 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ الْعُتْبِيُّ، لَمَّا أَخَذَ الْحَجَّاجُ النَّاسَ بِالْبُكَاءِ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ: §عَجِبْتُ لِنَوْحِ النَّائِحَاتِ عَشِيَّةً ... بِوَادِرَ أَمْثَالِ النَّعَامِ النَّوَافِرِ يُمَخِّطْنَ أَطْرَافَ الْأُنُوفِ وَإِنَّمَا ... يُضَاهِينَ بِالتَّبْكَاءِ هُدْلَ الْمَشَافِرِ بَكَى الشَّجْوَ مَا دُونَ اللَّهَا مِنْ خُلُوقِهَا ... وَلَمْ تَبْكِ شَجْوًا مَا وَرَاءَ الْحَنَاجِرِ هُدْلُ الْمَشَافِرِ، يَعْنِي الْإِبِلَ لَهَاةٌ وَلَهَاتَانِ، وَلَهَا وَلَهَوَاتُ، مِثْلُ: قَطَاةٌ وَقَطًا وَقَطَوَاتُ، وَقَوْلُهُ: هَنَّا يُرِيدُ هَاهُنَا حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ بَعْضُ الرُّجَازِ: §لَمَّا رَأَيْتُ مَحْمِلَيْهَا هَنَّا مُخَدَّرَيْنِ كِدْتُ أَنْ أُجَنَّا قَرَّبْتُ مِثْلَ الْعَلَمِ الْمُبِنَّا

هَنَّا: يُرِيدَ هَاهُنَا، وَأَمَّا قَوْلُ الْآخَرِ: لَمَّا رَأَى الدَّارَ خَلَاءً هَنَّا. فَمَعْنَى هَنَّا: بَكَى، يُقَالُ هَنَّ يَهِنُّ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ، فَمَعْنَاهُ: هَاهُنَا، كَقَوْلِ الرَّاعِي: أَفِي أَثَرٍ الْأَظْعَانِ عَيْنُكَ تَلْمَحُ ... نَعَمْ لَاتَ هَنَّا إِنَّ قَلْبَكَ مِتْيَحُ يَقُولُ: لَيْسَ الْأَمْرُ حَيْثُ ذَهَبْتَ، وَإِنَّمَا قَلْبُكَ مِتْيحُ فِي غَيْرِ ضَيْعَةٍ، وَالْمِتْيَحُ: الَّذِي يَعْرِضُ لِكُلِّ شَيْءٍ 367 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ، وَزَيْدَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: «§الْوَلَاءُ لِلْكُبْرِ» . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ مَعْنَاهُ: أَنَّ الْوَلَاءَ لَأَقْعَدَ النَّاسَ بِالْمُعْتِقِ يَوْمَ يَمُوتُ الْمُعْتَقُ

حديث أبي محمد الزبير بن العوام رحمه الله

368 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ شُرَيْحٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «مَنْ مَلَكَ شَيْئًا حَيَاتَهُ، فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ» ، وَقَالَ عَلِيٌّ، وَعَبْدُ اللَّهِ وَزَيْدُ: §الْوَلَاءُ لِلْكُبْرِ تَمَّ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَتْلُوهُ حَدِيثُ أَبِي مُحَمَّدٍ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رَحِمَهُ اللَّهُ

وَقَالَ فِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، رَحِمَهُ اللَّهُ " وَظَلَمَ رَجُلٌ، فَنَادَى يَا لَخِنْدِفَ، فَخَرَجَ الزُّبَيْرُ وَبِيَدِهِ السَّيْفُ، وَهُوَ يَقُولُ: خَنْدِفْ إِلَيْكَ أَيُهَا الْمُخَنْدِفُ ... وَاللَّهِ لَئِنْ كُنْتَ مَظْلُومًا لَأَنْصُرَنَّكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو: الْخَنْدَفَةُ: أَنْ يَمْشِي الرَّجُلُ مُفَاجًّا، وَيَقْلِبُ قَدَمَيْهِ، كَأَنَّهُ يَغْرِفُ بِهِمَا. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْخَنْدَفَةُ: مِشْيَةٌ كَالْهَرْوَلَةِ. وَذَكَرَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ مُدْرِكَةَ اسْمُهُ عَمْرٌو، وَطَابِخَةُ عَامِرٍ، وَقَمْعَةُ عُمَيْرٍ، وَأُمُّهُمْ لَيْلَى، وَهِيَ خِنْدِفُ بِنْتُ حُلْوَانَ، وَكَانَ إِلْيَاسُ، وَهُوَ أَبُو مُدْرِكَةَ خَرَجَ مُنْتَجِعًا، فَنَفَرَتْ إِبِلُهُ مِنْ أَرْنَبٍ، فَخَرَجَ عَمْرٌو فِي طَلَبِ الْإِبِلِ، فَأَدْرَكَهَا فَسُمِّي مُدْرِكَةُ، وَخَرَجَ عَامِرٌ فِي طَلَبِ الْأَرْنَبِ، فَأَخَذَهَا فَاطَّبَخَهَا فَسُمِّيَ طَابِخَةُ، وَانْقَمَعَ عُمَيْرٌ، فَلَمْ يَخْرُجْ فَسُمَّيَ قَمْعَةُ، وَخَرَجَتْ لَيْلَى أُمُّهُ تَنْظُرُ، فَقَالَ لَهَا إِلْيَاسُ: أَيْنَ تُخَنْدِفِينَ، وَقَدْ رُدَّتِ الْإِبِلُ؟ فَسُمِّيَتْ خِنْدَفُ، وَنَظَرَ إِلْيَاسُ إِلَى بَنِيهِ، فَقَالَ: إِنَّكَ قَدْ أَدْرَكْتَ مَا طَلَبْتَا وَأَنْتَ قَدْ أَنْضَجْتَ مَا أَطَّبَخْتَا وَأَنْتَ قَدْ أَسَأْتَ وَانْقَمَعْتَا وَيُقَالُ: خَنْدَفَ الرَّجُلُ، وَتَخَنْدَفَ إِذَا انْتَمَى إِلَى خِنْدِفَ. 370 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: نا عِيسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْقَحْذَمِيِّ،

قَالَ: كَتَبَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ صَاحِبِ الْعِرَاقِ " أَنْ §سَمِّ لِي قَوْمًا، اسْتَعْمِلُهُمْ عَلَى خُرَاسَانَ، قَالَ: فَسَمَّى نَصْرَ بْنَ سَيَّارٍ، وَسَلْمَ بْنَ قُتَيْبَةَ، وَرَشَّحَ سَلْمًا، فَكَتَبَ إِلَيْهِ هِشَامُ: إِنَّكَ قَدْ تَقَيَّسْتَ عَلَيَّ، وَإِنِّي تَخَنْدَفْتُ عَلَيْكَ، فَاسْتَعْمِلْ نَصْرًا " 371 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: نا أَبُو زُرْعَةَ أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: نا رُفَيْعُ بْنُ سَلَمَةَ أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: §كَانَ بَدْرُ بْنُ مَعْشَرٍ أَحَدُ بَني غِفَارِ ابنِ مُلَيْلِ بْنِ ضَمْرَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ، رَجُلًا مُسْتَطِيلًا، لِمَنَعَتِهِ عَلَى مَنْ

وَرِدَ عُكَاظَ، فَاتَّخَذَ مَجْلِسًا بِسُوقِ عُكَاظَ، فَقَعَدَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ، فَجَعَلَ يَبْذَخُ عَلَى النَّاسِ، وَعَلَى رَأْسِهِ رَاجِزٌ، يَقُولُ: نُحْنُ بَنُو مُدْرِكَةَ بنِ خِنْدِفِ ... مَنْ يَطْعُنُوا فِي عَيْنِهِ لَا يَطْرِفُ وَمَنْ يَكُونُوا قَوْمَهُ يُغَطْرِفِ ... كَأنَّهُمْ لُجَّةُ بَحْرٍ مُسْدِفِ وَبَدْرُ بْنُ مَعْشَرٍ بَاسِطٌ رِجْلَهُ، يَقُولُ: أَنَا أَعَزُّ الْعَرَبِ، فَمَنْ زَعَمَ، أَنَّهُ أَعَزَّ مِنِّي، فَلْيَضْرِبْهَا بِالسَّيْفِ، فَهُوَ أَعَزُّ مِنِّي، فَضَرَبَهَا الْأَحْمَرُ بْنُ مَازِنِ بْنِ أَوْسٍ، أَحَدُ بَنِي نَصْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَلَى الرُّكْبَةِ فَأَنْدَرَهَا، وَقَالَ: خُذْهَا إِلَيْكَ أَيُّهَا الْمُخَنْدِفُ وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ، فَقَالَ: إِنَّ بَنِي دُهْمَانَ ذِي التَّغَطْرُفِ ... بَحْرٌ لِبَحرٍ زَاخِرٍ لَمْ يُنْزَفِ نَحْنُ ضَرَبْنَا رُكْبَةَ الْمُخَنْدِفِ ... إِذْ مَدَّهَا فِي أَشْهُرِ الْمُعَرَّفِ وَقَالَ الْأَحْمَرُ بْنُ مَازِنٍ: لَمَّا رَأَيْتُ غِفَارًا حَافِلِينَ لَدَى ... بَدْرٍ وَأَبْرَزَ عَنْ رِجْلٍ يُعَرِّيهَا ضَرَبْتُ رُكْبَتَهُ إِذْ مَدَّهَا أَشِرًا ... وَقُلْتُ دُونَكَهَا خُذْهَا بِمَا فِيهَا لَمَّا رَأَى رِجْلَهُ بَانَتْ بِرُكْبَتِهَا ... أَهْوَى إِلَى رِجْلِهِ بَدْرٌ يُفَدِّيهَا فَقُلْتُ ضُمَّ إِلَيْكَ الْيَوْمَ بَاقِيهَا ... فَإِنَّمَا لَكَ مِنْهَا الْيَوْمَ بَاقِيهَا 372 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ كَانَ " §بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُثْمَانَ كَلَامٌ، فَقَالَ

الزُّبَيْرُ: إِنْ شِئْتَ وَاللَّهِ تَقَاذَفْنَا، قَالَ: أَبَا لَبَعَرِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: بَلْ بِضَرْبِ خَبَّابٍ، وَرِيشِ الْمُقْعَدِ ". حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: نا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: نا ابْنُ سَلَامٍ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ قَوْلُهُ: ضَرْبَ خبَّابٌ، فَإِنَّهُ، يَعْنِي: خَبَّابَ بْنَ الْأَرَتِّ، كَانَ قَيْنًا بِمَكَّةَ، يَضْرِبُ السُّيُوفَ، وَالْمُقْعَدُ: رَجُلٌ كَانَ يُرَيِّشُ السِّهَامَ 373 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ، رَحِمَهُ اللَّهُ " أَنَّ §عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، دَعَا بِهِ يَوْمَ الْجَمَلِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، لَئِنْ كَانَ لَكَ حِلًا خِذْلَانُنَا إِنَّهُ لَحَرَامٌ عَلَيْكَ قِتَالُنَا، قَالَ: أَفَتُحِبُّ أَنْ أَنْصَرِفَ عَنْكَ؟ قَالَ: وَمَالِي لَا أُحِبُّ ذَلِكَ، وَأَنْتَ سَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَوارِيُّهُ، وَصِهْرُهُ، وَابْنُ عَمَّتِهِ وَخَالَتِهِ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ، وَعَارَضَهُ ابْنَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: يَا أَبَتِ، مَا دَهَاكَ؟ فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَتِ، لَقَدْ أَنْسَاكَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ مَعَ عَلْمِكَ بِذَلِكَ أَنَّكَ بِزِمَامِ الْأَمْرِ أَوْلَى مِنْكَ بِعَنَانِ فَرَسِكَ، وَلَئِنْ أَخْطَأَكَ أَنْ يَقُولَ

النَّاسُ أَجْبَنَهُ عَلَيٌّ، لَيَقُولَنَّ خَدَعَهُ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: لِيَقُلْ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ، فَوَاللَّهِ لَا أَشْرِي عَمَلِي بِشَيْءٍ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ ضَيْحَةٍ سَجَّاجَةٍ ". يُرْوَى عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ: إِذَا كَثُرَ مَاءُ اللَّبَنِ فَهُوَ الضَّيْحُ وَالضِّيَاحُ، فَإِذَا جَعَلَهُ أَرَقَّ مَا يَكُونُ، فَهُوَ السَّجَاجُ، وَأَنْشَدَ: يَشْرَبُهُ مَذْقًا وَيَسْقِي عِيَالَهُ ... سَجَاجًا كَأَقْرَابِ الثَّعَالِبِ أَوْرَقَا. وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، يُحَدِّثُ فِي إِسْنَادٍ لَهُ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: مَا زَالَ الزُّبَيْرُ مِنَّا أَهْلِ الْبَيْتِ، حَتَّى نَشَأَ وَلَدُهُ، فَأَفْسَدَهُ.

وَقَالَ فِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ رَحِمَهُ اللَّهُ، " أَنَّ يَاسِرًا الْيَهُودِيَّ، لَمَّا خَرَجَ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَدَعَا إِلَى الْمُبَارَزَةِ، وَهُوَ يَقُولُ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي يَاسِرُ ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ خَرَجَ إِلَيْهِ الزُّبَيْرُ، فَقَالَتْ صَفِيَّةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَقْتُلُ ابْنِي؟ فَقَالَ: بَلِ ابْنُكِ يَقْتُلُهُ، فَضَرَبَهُ الزُّبَيْرُ بِالسَّيْفِ عَلَى عَاتِقِهِ ضَرْبَةً، هَدَرَ مِنْهَا سَحْرُهُ، فَلَمَّا دَنَا الزُّبَيْرُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَامَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاعْتَنَقَهُ، وَقبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَقَالَ: فِدَاكَ عَمٌ وَخَالٌ، وَقَالَ: لِكُلِّ نَبِيٍّ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيٌّ، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ

السَّحْرُ: الرِّئَةُ. قَالَ الْهُذَلِيُّ، يَذْكُرُ قَانِصًا: وَيُهْلِكُ نَفْسَهُ إِنْ لَمْ يَنَلْهَا ... فَحُقَّ لَهُ سَحِيرٌ أَوْ بَعِيجُ أَيْ: يُهْلِكُ نَفْسَهُ بِاللَّوْمِ، إِنْ فَاتَهُ الصَّيْدُ، وَالسَّحِيرُ: الَّذِي يُصِيبُ سَحْرَهُ، وَالْبَعِيجُ: الَّذِي يَبْعُجُ بَطْنَهُ، أَيْ يَشُقُهُ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ: ضَرَبْتُهُ، فَهَدَرَتْ رِئَتُهُ، فَهِيَ تَهْدُرُ هَدْرًا وَهُدُروًا، وَمِنْهُ قِيلَ: بَنُو فُلَانٍ: هَدَرَةُ، وَهَدَرَ أَيْ سَاقِطُونَ لَيْسُوا بِشَيْءٍ. قَالَ الشَّاعِرُ: وَمُنْتَكِثٌ عَالَلْتُ مُلْتَاثَهُ بِهِ ... وَقَدْ هَدَرَ اللَّيْلُ النُّشُوزَ الْعَوَالِيَا الْمُنْتَكِثُ: السَّوْطُ، عَالَلْتُ: طَلَبْتُ عُلَالَةً النَّاقَةَ الْمُلْتَاثَةَ بِهِ، وَقَدْ هَدَرَ اللَّيْلُ النُّشُوزَ، أَيْ أَلْصَقَهَا بِالْأَرْضِ، فَتَرَى الْجَبَلَ، كَأَنَّهُ أَكَمَةٌ صَغِيرَةٌ فِي عَيْنِكَ، قَالَ الرَّاجِزُ: وَهَدَرَ الْجِدُّ مِنَ النَّاسِ الْهَدَرْ

أَيْ أَسْقَطَ جِدُّكَ حُرْضَانَ النَّاسِ، وَحُرْضَانَ: جَمْعُ حَرَضٍ، وَهُوَ السَّاقِطُ، قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ: {حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا} [يوسف: 85] . 375 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ رَحِمَهُ اللَّهُ، «أَنَّهُ كَانَ §مُتَوذِّفَ الْخِلْقَةِ» . حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: نا أَبُو غَزِيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الزُّبَيْرُ طَوِيلًا تَخُطُّ رِجْلَاهُ الْأَرْضَ إِذَا رَكِبَ الدَّابَةَ، أَشْعَرُ رُبَّمَا أُخِذْتَ بِشَعْرِ كَتِفَيْهِ، مُتَوذِّفُ الْخِلْقَةِ.

قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: مَرَّ يَتَوَذِّفُ، وَمَرَّ يَتَكَتَّلُ، إِذَا مَرَّ يُقَارِبُ الْخَطْوَ، وَيُحَرِّكُ مَنْكَبَيْهِ 376 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ رَحِمَهُ اللَّهُ، " §وَجَاءَهُ رَجُلٌ يَطْلُبُهُ، وَكَأَنَّهُ يَتَوَعَّدُهُ، فَقَالَتْ لَهُ صَفِيَّةُ: هُوَ فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَاذْهَبْ إِلَيْهِ، قَالَ: فَذَهَبْتُ إِلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعَ بِشَرٌ، فَقَالَتْ صَفِيَّةُ: كَيْفَ وَجَدْتَ زَبْرَا أَأَقِطًا حَسِبْتَهُ أَوْ تَمْرَا أَمْ خِضْرِ مِيًّا مَرَّا

وَقَدْ يُقَالُ: أَمْ قُرَشِيًّا صَقَرَا. حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ إِذَا نَسَبْتَ أَمْرًا إِلَى أَبٍ لَهُ خِضْرِمٌ، وَالْخِضْرِمُ: الْكَثِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، قُلْتُ:

رَجُلٌ خِضْرِمِيُّ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَخَرَجَ الْعَجَّاجُ يُرِيَدُ الْيَمَامَةَ، فَاسْتَقْبَلَهُ جَرِيرٌ، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ الْيَمَامَةَ، قَالَ: لَتَجِدَنَّ بِهَا نَبِيذًا خِضْرِمًا، وَسِعْرًا سَعْبَرًا، أَيْ رَخِيصًا وَقَالَ فِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ رَحِمَهُ اللَّهُ " أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ الْبَصْرَةَ، وَمَعَهُ طَلْحَةُ، قَامَ حَكِيمُ بْنُ جَبَلَةَ الْعَبْدِيُّ، فَقَالَ: إِنَّا خَلَّفْنَا هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ بِالْمَدِينَةِ، وَقَدْ أَسْمَحَا لِلْبَيْعَةِ لِعَلِيٍّ، وَأَذْعَنَا لَهُ بِالطَّاعَةِ، وَذَكَرَ كَلَامًا. يُقَالُ: سَمَحَ الرَّجُلُ بِكَذَا وَكَذَا يَسْمَحُ سَمَاحًا وَسَمَاحَةً، وَهِيَ الْمُوَافَقَةُ وَالْمُسَاهَلَةُ، وَأَسْمَحَ أَيْضًا فِي مِثْلِ مَعْنَاهُ. قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ: فَلَاقَى امْرَأً مِنْ مَيْدَعَانَ وأَسْمَحتْ ... قَرُونَتُهُ بِالْيَأْسِ مِنْهُ فَعَجَّلَا وَالْمُسَامَحَةُ فِي الطِّعَانِ، وَالضِّرَابِ، وَالْعَدْوِ إِذَا كَانَتْ عَلَى مُسَاهَلَةٍ، قَالَ: وَسَامَحْتُ طَعْنًا بِالْوَشِيجِ الْمُقَوَّمِ

حديث أبي محمد طلحة بن عبيد الله رحمه الله

وَالتَّسْمِيحُ أَيْضًا السُّرْعَةُ، قَالَ: سَمَّحَ وَاجْتَابَ فَلَاةً قِيَّا. وَرُمْحٌ مُسَمَّحٌ: ثُقِّفُ حَتَّى لَانَ تَمَّ حَدِيثُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتْلُوهُ: حَدِيثُ أَبِي مُحَمَّدٍ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدٍ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ

378 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ طَلْحَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، " وَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: §يَا شَرَبَةَ السَّوِيقِ، أَنَا حُدَيَّاكُمْ صِرَاعًا، فَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: لَيَقُوَمَنَّ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْكُمْ، أَوْ لَأَقُومَنَّ إِلَيْهِ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا عَمْرٌو، يَعْنِي: ابْنَ دِينَارٍ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. الْحُدَيَّا: مِنَ التَّحدِّي، يُقَالُ: فُلَانٌ يَتَحدَّى فُلَانًا، أَيْ يُبَارِزُهُ، وَيُنَازِعُهُ الْغَلَبَةَ، وَتَقُولُ: أَنَا حُدَيَّاكَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ، أَيْ: أَبْرُزُ إِلَيَّ فِيهِ، وَجَارَنِي، وَقَالَ: أَلَا إِنَّا حُدَيَّا النَّاسِ طُرًّا ... نُقَارِعُهُمْ بَنِيهِمْ عَنْ بَنِينَا

379 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ «§كُنْتُ أَتَحَدَّى النَّاسَ بِالْحِفْظِ، فَصَلَّيْتُ خَلْفَ مَسْلَمَةَ بْنِ مُخَلَّدٍ، فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَمَا تَرَكَ أَلِفًا وَلَا وَاوًا» .

أَيْ مَا أَسْقَطَ بِهَا حَرْفًا. قَالَ يَعْقُوبُ: وَيُقَالُ أَيْضًا: مَا سَقَطَ بِحَرْفٍ، وَلَا أَسْقَطَ حَرْفًا 380 - وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: خَطَبَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ أَهْلَ الْعِرَاقِ، §فَأَنَّبَهُمْ، فَأَطَالَ، وَانْتَحَى عَلَى الرُّمَّانَةِ، فَحَطَمَهَا، فَنَظَرَ إِلَى النَّاسِ يَتَرَامَسُونَ بِهِ، فَقَالَ أَنَا حُدَيَّا الظَّبْيِ السَّانِحِ، وَالْغُرَابِ الْأَبْقَعِ، عَلَيَّ بِمَنْ يُصْلِحُهَا، فَجَاءُوا بِمَنْ أَصْلَحَهَا، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ 381 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ طَلْحَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: " أَنَّهُ §جَاءَ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَتَفَلَ فِي أُذُنِهَا، فَخَرَجَ الْمُنَادِي: أَلَا إِنَّ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ سَائِرَةٌ إِلَى الْبَصْرَةِ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَجْلَحَ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ

يُقَالُ: تَقَلَ فُلَانٌ فِي أُذُنِ فُلَانٍ، وَنَفَثَ فِي أُذُنِهِ، إِذَا نَاجَاهُ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: تَقُولُ الْعَرَبُ: أَرَادَ فُلَانٌ أَنْ يُقِرَّ بِحَقِّي، حَتَّى نَفَثَ فُلَانٌ فِي ذُؤَابَتِهِ، وَفِي عُرْشَيْهِ، وَصَفْحَتَيْ عُنُقِهِ، يَنْفِثُ نَفْثًا فَأَفْسَدَهُ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: يُقَالُ: أَتَى فُلَانٌ فُلَانًا، فَمَا زَالَ يَفْتِلُ فِي ذِرْوتِهِ، وَغَارَ بِهِ حَتَّى صَرَفَهُ، وَلَا يُفْتَلُ فِي ذِرْوَةِ الرَّجُلِ، وَلَا

فِي غَارِبِهِ، وَإِنَّمَا يُفْعَلُ ذَلِكَ بِالْبَعِيرِ إِذَا حَنَّا، لِيُصْرَفَ إِلَى شَيْءٍ 382 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ طَلْحَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ " §قَالَ يَوْمَ الْجَمَلِ: §نَدِمتُ نَدَامَةً الْكُسَعِي لَمَّا ... شَرَيْتُ رِضَا بَنِي غَنْمٍ بِرَغْمِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ خُذِ الْيَوْمَ مِنِّي لِعُثْمَانَ حَتَّى تَرْضَى. الْكُسَعُ: حَيُّ مِنَ الْيَمَنِ رُمَاةَ، وَكَانَ مِنْ حَدِيثِ الْكُسَعِيِّ، أَنَّهُ رَأَى نَبْعَةً فَرَبَّاهَا حَتَّى بَلَغَتْ، ثُمَّ قَطَعَهَا، فَبَرَى مِنْهَا قَوْسًا، وَلَهُ فِي ذَلِكَ أَشْعَارٌ، فَرَمَى لَيْلَةً عِيرًا، فَنَفَذَ

السَّهْمُ مِنْ مَقْتَلِ الْعَيرِ لِخِفَّتِهِ وَسُرْعَتِهِ، فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُصَبْ، فَانْتَحَى عَلَى الْقَوْسِ، فَكَسَرَهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ رَأَى الْعِيرَ سَاقِطًا، وَالسَّهْمُ نَافِذًا، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ " , قَالَ: اسمُ الْكُسَعِيُّ صَاحِبُ الْقَوْسِ عَيَّادُ بْنُ الْحَارِثِ 383 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ طَلْحَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: " أَنَّهُ §بَيْنَا هُوَ يَنْثُلُ دِرْعَهُ، لِيَلْبَسَهَا إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ، فَأَصَابَهُ فِي هَذِهِ، وَأَشَارَ إِلَى لَبِّتِهِ، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38] . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا أَبُو مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُهُ؟

قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: نَثَلَ دِرْعَهُ إِذَا أَلْقَاهَا عَلَيْهِ، وَلَا يُقَالُ: نَثَرَهَا وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ، فِي قَوْلِ النَّابِغَةِ: وَكُلُّ صَمُوتٍ نَثْلَةٍ تُبَّعِيَّةٍ ... وَنَسْجُ سُلَيْمٍ كُلَّ قَضَّاءَ ذَائِلِ قَالَ: الصَّمُوتُ مِنَ الدُّرُوعِ: الَّتِي إِذَا صَبَّتْ لَمْ يُسْمَعْ لَهَا صَوْتٌ، يُرِيدُ أَنَّهَا لَيِّنَةُ الْمَسِّ، لَيْسَتْ بِخَشِنَةٍ، وَلَا صَدِئَةٍ، وَالنَّثْلَةُ: الْوَاسِعَةُ، وَيُقَالُ: نَثْرَةٌ بِالرَّاءِ، وَنَسْجُ سُلَيْمٍ: أَرَادَ سُلَيْمَانَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ نَسْجِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَعْفُرَ:

. . . . . . . مِنْ نَسْجِ دَاوُدَ أَبِي سَلَّامِ أَرَادَ مِنْ نَسْجِ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ: فِيهِ الرِّمَاحُ وَفِيهِ كُلُّ سَلْهَبَةٍ ... جَدْلَاءَ مُبْهَمَةٍ مِنْ نَسْجِ سَلَّامِ يُرِيدُ سُلَيْمَانَ، وَذَائِلٌ: أَيْ أَنَّهَا سَابِغَةٌ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: النَّثْلَةُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الدِّرْعِ، يُقَالُ: نَثَلْتُ عَنِّي الدِّرْعَ، أَيْ: أَلْقَيتُهَا، وَيُقَالُ: نَثْرَةٌ، وَلَا يُقَالُ: نَثَرْتُ عَنِّي الدِّرْعَ، فَتُرَاهُمْ حَوَّلُوا اللَّامَ إِلَى الرَّاءِ، كَمَا يُقَالُ: سَمَلْتُ عَيْنَهُ، وَسَمَرْتُ عَيْنَهُ. وَنَرَى أَنَّ النَّثْلَةُ، هِيَ الْأَصْلُ، لِأَنَّ لَهَا فِعْلًا، وَلَيْسَ لِلنَّثْرَةِ فِعْلٌ، لِأَنَّها مُسْتَبْدَلَةٌ. وَالتُّبَّعِيَّةُ: مِنْ جِيَادِ الدُّرُوعِ، وَالْقَضَّاءُ: الْمَسْرُوَدَةُ الْمُسْحُورَةُ، وَنُرَاهُ مِنْ قَوْلِهِمْ، إِذَا ثَقَبَ الرَّجُلُ الْجَوْهَرَ، وَاللُّؤلؤَ: قَدْ قَضَّهَا، وَمِنْهُ قِضَّةُ الْعَذْرَاءِ: إِذَا فُرِغَ مِنْهَا، قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الدِّرْعُ الْقَضَّاءُ: الْحَدِيثَةُ الْعَهْدِ بِالْعَمَلِ، لَمْ تُمَلَاسْ، وَكَأَنَّ مَجَسَّتَهَا فِيهَا قَضَّةٌ، وَيُقَالُ: قَدْ سَنَّ عَلَيْهِ دِرْعَهُ، وَلَا يُقَالُ سَنَّ الْمَاءَ عَلَى وَجْهِهِ، وَسَنَّ الْمَاءَ عَلَى شَرَابِهِ، إِذَا صَبَّهُ صَبًّا مُتَفَرِّقًا فِي نَوَاحِيهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ مَعَهُ خَمْرٌ: «سُنَّهَا فِي الْبَطْحَاءِ»

حديث أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص رحمه الله

وَيُقَالُ: قَدْ شَنَّ عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ إِذَا فَرَّقَهَا. تَمَّ حَدِيثُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدٍ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتْلُوهُ: حَدِيثُ أَبِي إِسْحَاقَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

384 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، " أَنَّهُ §لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُنْزِلَ النَّاسَ بِالْعِرَاقِ، قَالَ لَهُ عِبَادِيٌّ: أَنَا أَدُلُّكَ عَلَى أَرْضٍ تَطَأْطَأَتْ مِنَ الثَّلْجَةِ، وَارْتَفَعَتْ مِنَ الْيَقَّةِ، وَتَوَسَّطَتِ الرِّيفَ، وَطَعَنَتْ فِي أَنْفِ الرِّبَّةِ، قَالَ: أَيْنَ؟ قَالَ: أَرْضٌ بَيْنَ الْعِرَاقِ وَالْحِيرَةِ، قَالَ: فَنَزَلَهَا الْمُسْلِمُونَ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعَطَّارُ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ. الْأُنُفُ: الْكَلَأُ الَّذِي لَمْ يُرْعَ، يُقَالُ: قَدْ أَنَفَ الرَّجُلُ إِذَا وَطِئَ كَلَأً أُنُفًا، وَيُقَالُ:

رَوْضَةٌ أُنُفٌ وَكَأْسٌ أُنُفٌ، لَمْ يُشْرَبْ بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ، كَأَنَّهُ اسْتُؤْنِفَ شُرْبَهَا، قَالَ لَقِيطُ بْنُ زُرَاةَ: إِنَّ الشِّوَاءَ وَالنَّشِيلَ وَالرُّغُفْ وَالْكَاعِبَ الْحَسْنَاءَ وَالْكَأَسَ الْأُنُفْ لِلضَّارِبِينَ الْهَامَ وَالْخَيْلُ قُطُفْ 385 - وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: قِيلَ لُبْنَةُ الْخُسِّ، وَهِيَ هِنْدُ بِنْتُ الْخُسِّ بْنِ حَابِسِ بْنِ قُرَيْطٍ الْإِيَادِيَّةُ: §مَا أَحْسَنُ شَيْءٍ؟ قَالَتْ: سَارِيَةٌ فِي إِثْرِ غَادِيَةٍ، فِي رَوْضَةٍ أُنُفٍ أُكِلَ مِنْهَا وَتُرِكَ. وَالتَّأْنِيفُ: طَلَبُ الْكَلَأِ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ، فِي قَوْلِ حُمَيْدٍ الْأَرْقَطِ، وَذَكَرَ عَيْرًا وَعَانَتَهُ: ضَرَائِرٌ لَيْسَ لَهُنَّ مَهْرُ تَأْنِيفُهُنَّ نَقَلٌ وَأَفْرُ وَالْعَدْوُ تَارَاتٍ وَعَدْوٌ ظَأْرُ

قَالَ لَنَا: التَّأْنِيفُ: طَلَبُ أَنْفِ الْكَلَأِ، وَيُقَالُ مِنْهُ: إِبِلٌ مُؤَنَّفَةٌ، وَأَنْشَدَ لِابْنِ هَرِمَةَ: لَسْتُ بِذِي ثَلَّةٍ مُؤَنَّفَةٍ ... يَأْقِطُ أَلْبَانَهَا وَيَسْلَؤُهَا قَالَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: لَمَّا قَدِمَ الْخُطَيْئَةُ عَلَى بَنِي كُلَيْبٍ رَهْطِ جَرِيرٍ، قَالُوا لَهُ: يَا أَبَا أُمَامَةَ، تَمَنَّةً؟ قَالَ: قَصْعَةً مِنْ ثَرِيدٍ، قَالُوا: لَكَ أَلْفُ قَصْعَةٍ، فَجَعَلَ يَمْدَحُهُمْ، فَقَالَ: لَعَمْرُكَ مَا قُرَادُ بَنِي كُلَيْبٍ ... إِذَا نُزِعَ الْقُرَادُ بِمُسْتَطَاعِ حَرَامٌ سِرُّ جَارَتِهِمْ عَلَيْهِمْ ... وَيَأْكُلُ جَارُهُمْ أُنُفَ الْقِصَاعِ وَزَادَنَا فِيهَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ الْعَابِدِيُّ: هُمُ صَنَعُوا لِجَارِهِمُ وَلَيَسَتْ ... يَدُ الْخَرْقَاءِ مِثْلَ يَدِ الصَّنَاعِ وَجَارُهُمْ إِذَا مَا حَلَّ فِيهِمْ ... عَلَى أَكْنَافِ رَابِيَةٍ يَفَاعِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: أُنُفُ الْقِصَاعِ: أَوَائِلُهَا وَكَثْرَتُهَا، قَالَ: وَمَا يُعْرَفُ أَحَدٌ مَدَحَ قَوْمَ جَرِيرٍ غَيْرَ هَذَا، مَدَحَهُمْ لِلَّذِي أَطْعَمُوهُ. قَالَ غَيْرُهُ: يُرِيدُ، أَنَّهُمْ لَا يُسْتَذَلُّونَ، كَمَا يُسْتَذَلُّ الْبَعِيرُ، إِذَا نُزِعَتْ قِرْدَاتُهُ. وَالرِّبَّةُ: نَبَاتٌ يَنْبُتُ فِي الصَّيْفِ، وَالْجَمِيعُ الرِّبَبُ، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: أَمْسَى بِوَهْبِينْ مُجْتَازًا لِمَرْتَعِهِ ... مِنْ ذِي الْفَوَارِسِ تَدْعُو أَنْفَهُ الرِّببُ وَالْمُتَأَنِّفُ مِنَ الْإِبِلِ: الَّذِي يَرْعَى فِي أُنُفِ الْكَلَأِ، وَقَالَ الطِّرْمَاحُ: يَرِعْنَ لِمِسْرَابِ الضُّحَى مُتَأَنَّفٍ ... ضَوَاحِي رُبًا تَحْنُو لَهُنَّ ضُلُوعُ

الْمِسْرَابُ: الَّذِي يَسْرُبُ يَذْهَبُ فِي الْأَرْضِ، تَقُولُ: أَسْرُبْ غَنَمَكَ، أَيْ: أَخْرِجْهَا لِلرَّعْيِ. وَقَوْلُهُ: ضَوَاحِي: تُسَمَّى الْأَرْضُ إِذَا كَانَتْ بَعِيدَةً مِنَ الْأَرْضِ الْخَشِنَةِ ضَاحِيَةٌ، أَيِ: انْفَرَجَتْ عَنْهَا الْجِبَالُ، فَبَرَزَتْ، وَالضُّلُوعُ: جِبَالٌ صِغَارٌ، وَالْوَاحِدُ ضِلَعٌ، وَمَنْ رَوَاهُ: فِي أُنُفِ الرِّيَّةِ: فَالرِّيَّةُ: سَعَةُ الْعَيْشِ وَكَثْرَةُ الْمِيَاهِ، يُقَالُ: مِنْ أَيْنَ رِيَّةُ أَهْلِكَ؟ ، أَيْ: مِنْ أَيْنَ يَرْتَوُونَ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: الْقَوْمُ فِي رِيٍّ، وَرِيَةٍ، وَرَوَاءٍ، وَمَرْوًى وَكُلُّهُ وَاحِدٌ 386 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: " §لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ مِنْ مَالٍ، ثُمَّ مَرَّ بِتَسْعَةِ أَسْهُمٍ صُنُعٍ، كَلَّفَتْهُ نَفْسُهُ أَنْ يَنْزِلَ، فَيَأْخُذُهَا، فَقَالَ: رَجُلٌ: وَمَا يَمْنَعُهُ؟ فَقَالَ سَعْدٌ: إِنِّي لَأَظُنُّكَ هُوَ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسًا

صُنُعٍ: هِيَ الَّتِي قَدْ أُجِيدَ صَنْعَتُهَا، وَمِنْهُ قِيلَ: فَرَسٌ صَنِيعٌ: الَّذِي قَدْ صَنَعَهُ أَهْلُهُ بِحُسْنِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ 387 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، " أَنَّ §عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، جَاءَ يَتَقَاضَاهُ مَالًا، اسْتَسْلَفَهُ سَعْدٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَغَمَزَهُ سَعْدٌ، فَغَمَزَهُ عَبْدُ اللَّهِ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: وَيْحَكَ قُلْ قَوْلًا، وَلَا تَلْعَنْ، فَرَأَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ حِينَ انْفَلَتَ وَهُوَ يُحْضِرُ مِنْ سَعْدٍ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ مَا فِي فُلَانٍ غَمِيزَةٌ وَلَا غَمِيزٌ، أَيْ لَيْسَ فِيهِ مَا يُغْمَزُ، فَيُعَابُ بِهِ، قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: وَمَا وَجَدَ الْأَعْدَاءُ فِيَّ غَمِيزَةً ... وَلَا طَافَ لِي مِنْهِمْ بِوَحْشَيَ صَائِدُ وَأَنْشَدَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، لِبَعْضِ الرُّجَّازِ: لَا تَرْكَبِينِي وَارْكَبِي الْحُرَيْزَا ... لَنْ تَجِدِي فِي جَانِبِي غَمِيزَا وَيُقَالُ: فُلَانٌ قَدْ أَغْمَزَتْ فِيهِ النِّسَاءُ إِغْمَازًا، إِذَا اسْتَضْعَفَتْهُ، وَالرَّجُلُ إِذَا اسْتَضْعَفَكَ، فَقَدْ أَغْمَزَ فِيكَ، قَالَ الشَّاعِرُ: وَمَنْ يُطِعِ النِّسَاءَ يُلَاقِ مِنْهَا ... إِذَا أَغْمَزَتْ فِيهِ الْأَقْوَرِينَا وَيُقَالُ: سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةٌ، فَاغْتَمَزْتُهَا فِي عَقْلِهِ، وَالْمُغَامِزُ: الْمُعَاتِبُ

388 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، " §عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَرِيضٌ، فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ، فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا عَلَى فُؤَادِي، فَقَالَ: إِنَّكَ رَجُلٌ مَفْئُودٌ، فَائْتِ الْحَارِثَ بْنَ كَلْدَةَ، أَخَا ثَقِيفَ، فَلْيَأْخُذْ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِنْ عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ، فَلْيَجَأْهُنَّ بِنَوَاهُنَّ، ثُمَّ لِيَلُدَّكَ بِهِنَّ ". حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ سَعْدٍ

قَوْلُهُ: فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا، فَإِنَّهُ بِمَعْنَى السُّرُورِ، وَالِاسْتِشْفَاءِ بِهَا وَبِبَرَكَتِهَا. قَالَ الشَّاعِرُ: بِنَفْسِي مَنْ لَوْ مَرَّ بَرْدُ بَنَانِهِ ... عَلَى كَبِدِي كَانَتْ شِفَاءً أَنَامِلُهُ وَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: وَقَدْ عَارَضَتْنَا الرِّيحُ مِنْهَا بَنَفْحَةٍ ... عَلَى كَبِدِي مِنْ طِيبِ أَنْفَاسِهَا بَرْدُ وَقَوْلُهُ: إِنَّكَ رَجُلٌ مَفْئُودٌ، أَيْ قَدْ خَلُصَتِ الْعِلَّةُ إِلَى فُؤَادِكَ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: وَيُقَالُ أَيْضًا، لِلرَّجُلِ الضَّعِيفِ الْفُؤَادِ الْجَبَانِ: مَفْئُودٌ، وَيُقَالُ: فَأَدْتُ الرَّجُلَ إِذَا أَصَبْتَ فُؤَادَهُ، وَكَذَلِكَ بَطَنْتُهُ وَرَأَسْتُهُ وَشَدَقْتُهُ 389 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا

سُفْيَانُ، قَالَ: نا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَائِشَةَ، " أَنَّ §امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ لَحْمٌ، فَجَعَلَ يُنَاوِلُهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا تُغَمِّرْ يَدَكَ، فَقَالَ: يَا عَائِشَةَ، إِنَّ هَذِهِ كَانَتْ تَأْتِينَا زَمَنَ خَدِيجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ، فَلَمَّا ذَكَرَ خَدِيجَةَ، قَالَتْ: قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ مِنْ كَبِيرَةِ السِّنِّ حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَشَدَقَنِي، وَقَالَ: مَا عَلَيَّ أَوْ نَحْوَ هَذَا، أَنْ كَانَ اللَّهُ رَزَقَهَا مِنِّي الْوَلَدَ، وَلَمْ يَرْزُقْكِيهِ، فَقُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَذْكُرُهَا إِلَّا بِخَيْرٍ أَبَدًا "، قَالَ الْحُمَيْدِيُّ، ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ: عَبْدُ الْوَاحِدِ، وَغَيْرُهُ، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ فِي الْحَدِيثِ

وَأَنْشَدَنَا الْهَجَرِيُّ، لِلَبِيدٍ: كَأَنَّ سَحِيلَهُ شَكْوَى رَئِيسٍ ... يُحَاذِرُ مِنْ سَرَايَا وَاغْتِيَالِ رَئِيسٌ مِنْ قَوْلِكَ رَأَسْتُهُ، فَهُوَ مَرْءُوسٌ، وَرَئِيسٌ، أَيْ يَشْتَكِي رَأْسَهُ، وَالسَّرَايَا:

النُّكْسُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الضَّبُّ رُبَّمَا رَأْسُ الْأَفْعَى، وَرُبَّمَا ذَنَبُهَا. وَقَوْلُ عَائِشَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُغَمِّرْ يَدَكَ، فَهُوَ مِنْ غَمَرَ اللَّحْمَ، وَهُوَ السَّهَكُ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ الْعَابِدِيُّ، قَالَ: قَالَ الزُّبَيْرُ: كُلُّ مَا كَانَ مِنْ ذَاتِ كَرْشٍ، فَهُوَ غَمَرٌ، وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ ذَاتِ عَفَجٍ، فَهُوَ زَهَمٌ، وَكُلُّ مَا كَانَ مِنَ الْأَرْضِ فَهُوَ دَسَمٌ، وَمِنَ الْحِيتَانِ وَالْحَدِيدِ، وَالصُّفْرِ، فَهُوَ الصَّمَرُ. وَقَوْلُهُ: فَلْيَجَأْهُنَّ عَلَى تَقْدِيرٍ فَلْيجَعْهُنَّ، مِنْ وَجَأْتُ الشَّيْءَ أَجَؤُهُ، إِذَا رَضَضْتُهُ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْوَجِيئَةُ: وَهُوَ التَّمْرُ يُدَقُّ، حَتَّى تَخْرُجَ نَوَاهُ، ثُمَّ يُبَلُّ بِسَمْنٍ أَوْ لَبَنٍ حَتَّى يَتَّدِنَ، وَيَلْزَمَ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَيُؤْكَلَ. يَتَّدِنَ، أَيْ يَبْتَلَّ. 390 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، " إِنَّ §أَهْلَ الْكُوفَةِ شَكَوْهُ إِلَى عُمَرَ، حَتَّى قَالُوا: لَا يُحْسِنُ يُصَلِّي، فَقَالَ سَعْدٌ: أَمَّا أَنَا، فَكُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَلَاةَ الْعَشِيِّ لَا أَخْرِمُ عَنْهَا، أَرْكُدُ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَأَحْذِفُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ، قَالَ عُمَرُ: ذَلِكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ ". أخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ

عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ يَعْقُوبُ: ذَهَبَ فُلَانٌ دَلِيلًا، فَمَا خَرَمَ عَنِ الطَّرِيقِ، بِمَعْنَى مَا جَارَ، وَمَا عَدَلَ. وَبِغَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ: مَا أَلَوْتُ أَنْ أُصَلِّيَ بِهِمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ مَا أَلَوْتُ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ آلوًا، أَيْ مَا تَرَكْتُ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ، وَتَقُولُ: أَلَّيْتَ عَنِ الشَّيْءِ: أَبْطَأْتَ. قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ ضَبُعِ الْفَزَارِيُّ: وَإِنَّ كَنَائِنِي لَنِساءُ صِدْقٍ ... وَمَا أَلَّى بَنِيَّ وَمَا أَسَاءُوا أَيِّ مَا أَبْطَئُوا، وَهُوَ فَعَلْتُ مِنْ أَلَوْتُ، وَقَدْ يُقَالُ مَا أَلَوْتُ يُرَادُ بِهِ مَا اسْتَطَعْتُ. قَالَ أَبُو الْعِيَالِ الْهُذَلِيُّ: جَهْرَاءُ لَا تَأْلُو إِذَا هِيَ أَظْهَرَتْ ... بَصَرَا وَلَا مِنْ عَيْلَةٍ تُغْنِينِي وَالْجَهْرَاءُ: الَّتِي لَا تُبْصِرُ فِي الشَّمْسِ 391 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: " أَنَّهُ §تُوُفِّيَ بِالْعَقِيقِ، قَالَتْ أُمُّ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ: فَرَأَيْتُ الرِّجَالَ تَنْعَشُهُ، حَتَّى أَدْخَلُوهُ الْمَسْجِدَ، فَوُضِعَ بِفِنَاءِ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّيْنَ عَلَيْهِ ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ كُسَيْبٍ سَجَّادَةُ، قَالَ: نا

ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أُمِّي تُحَدِّثُ

تَنْعَشُهُ: تَحْمِلُ نَعْشَهُ، وَالنَّعْشُ: سَرِيرُ الْمَيِّتِ، وَكُلُّ شَيْءٍ رَفَعْتَهُ أَوْ جَبَرْتَهُ، فَقَدْ نَعَشْتَهُ، تَقُولُ: انْتَعِشْ نَعَشَكَ اللَّهُ، فِيهِ لُغَتَانِ: نَعَشْتُ وَأَنْعَشْتُ ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَمَّا يَعْقُوبُ، فَقَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْعَشَهُ. وَبَنَاتُ نَعْشٍ: سَبْعُ كَوَاكِبَ، يُقَالُ: أَرْبَعَةٌ مِنْهَا نَعْشٌ، وَثَلَاثٌ بَنَاتٌ، وَيُقَالُ لِلْوَاحِدِ مِنْهَا ابْنُ نَعْشٍ، لِأَنَّ الْكَوْكَبَ مُذَكَّرٌ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَكُلِّمَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّوَارِ، امْرَأَةِ الْفَرَزْدَقِ، فَقَالَ: إِذَا جَنَزْتُمُوهَا فَأْذَنُونُي بِهَا. وَقَوْلُهُ: فَصَلَّيْنَ عَلَيْهِ، أَيْ دَعَوْنَ لَهُ، وَتَرَحَّمْنَ عَلَيْهِ 392 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: نا حَمَّادٌ، قَالَ: نا أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، " أَنَّهَا §قَدِمَتْ بَعْدَ وَفَاةِ أَخِيهَا بِشهْرٍ، فَقَالَتْ: أَيْنَ قَبْرُ أَخِي؟ فَأَتَتْهُ، فَصَلَّتْ عَلَيْهِ "

قَالَ مُوسَى، يَعْنِي: دَعَتْ لَهُ، وَإِنَّمَا يُصَلِّي عَلَى الْقَبْرِ الرِّجَالُ.

وَقَالَ الْأَعْشَى:. . . . . . . . . . . ... وَصَلَّى عَلَى دَنِّهَا وَارْتَسَمْ وَقَدْ تَكُونُ الصَّلَاةُ: الرَّحْمَةُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] 393 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، " وَسُئِلَ §عَنِ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ، يُؤَاجِرُهَا صَاحِبُهَا بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، قَالَ: ذَلِكَ فَرْضُ الْأَرْضِ، لَا بَأْسَ بِهِ ". حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ نا هُشَيْمٌ، عَنْ يَعْلَى بْنِ

عَطَاءٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ , قَالَ: سَأَلْنَا سَعْدًا فَرْضُ الْأَرْضِ: كِرَاؤُهَا بِالْعَيْنِ، وَالْفَرْضُ: خِلَافُ الْعَرْضِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، كَتَبَ إِلَى أَهْلِ مِصْرَ: أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ زَادَكُمْ فِي أُعْطِيَاتِكُمْ عَشَرَةً عَشَرَةً، فَلَا أَعْلَمَنَّ مَا بَاعَهَا رَجُلٌ بِعَرْضٍ، وَلَا فَرْضٍ، فَإِنَّ

ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ 394 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْرِئِيُّ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ، " §عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَقَالَ: حَلَالٌ، لَا بَأْسَ بِهِ، إِنَّمَا نَهَى عَنِ الْإِرْمَاثِ " لَمْ نَجِدْ لَهُ تَفْسِيرًا.

حديث أبي عبيدة بن الجراح رحمه الله

تَمَّ حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتْلُوهُ: حَدِيثُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رَحِمَهُ اللَّهُ

395 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: " §قَدِمْتُ عَلَيْهِ، فَأَنْزَلَنِي فِي نَاحِيَةِ بَيْتِهِ، وَامْرَأَتُهُ فِي نَاحِيَةٍ، وَبَيْنَهُمَا سِتْرٌ، قَالَ: وَكَانَ يَحْلِبُ النَّاقَةَ، فَيَجِيءُ بِالْإِنَاءِ، فَيَضَعُهُ فِي يَدِي، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَتُنْزِلْ هَذَا فِي نَاحِيَةِ بَيْتِكَ مَعَ امْرَأَتِكَ؟ فَقَالَ: أُرَاقِبُ فِيهِ قَبْرَ مَنْ لَوْ لَقِيتُهُ ... سَلِيبًا لَآسَانِي عَلَى كُلِّ مَرْكِبِ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: نا عَفَّانُ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ثَابِتٌ , عَنْ أَنَسٍ. قَوْلُهُ: آسَانِي، أَيْ جَعَلَنِي إِسْوَتَهُ فِيهِ 396 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحُمَيْدِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: §كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ، فَجَاءَ أَعْرَابِيُّ وَمَعَهُ ابْنُهُ،

فَذَهَبَ ابْنُهُ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ لَهُ: عَلَى رِسْلِكَ، ثُمَّ قَالَ: أَيْ قَوْمُ، أَبْنَاءُ سَبِيلٍ وَأَنْضَاءُ سَفَرٍ، وَفَلُّ سَنَةٍ، فَرَحِمَ اللَّهُ مَنْ أَعْطَى مِنْ سَعَةٍ، أَوْ آسَى مِنْ كَفَافٍ، قَالَ: فَحَلَّ رَجُلٌ دِرْهمًا، فَأَعْطَاهُ فَذَهَبَ ابْنُهُ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ لَهُ: عَلَى رِسْلِكَ، آجَرَكَ اللَّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْتَلِيَكَ ". وَالفَلُّ: هُمُ الْقَوْمُ الْمَفْلُولُونَ، وَفَلَلْتُ الشَّيْءَ أَصْلُهُ كَسَرْتُهُ، قَالَ الرَّاجِزُ: عُجَيِّزٌ عَارِضُهَا مُنْفَلُّ ... طَعَامُهَا اللُّهْنَةُ أَوْ أَقَلُّ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلطَّعَامِ الَّذِي يَتعَلَّلُ بِهِ الْقَوْمُ قَبْلَ الْغَدَاءِ: السُّلْفَةُ وَاللُّهْنَةُ، يُقَالُ: لَهِّنُوا لِلْقَوْمِ تَلْهِينًا، وَسَلِّفُوهُمْ تَسْلِيفًا، أَيْ قَدِّمُوا إِلَيْهِمْ مَا يَتَعَلَّلُونَ بِهِ قَبْلَ الْغَدَاءِ. وَيَعْنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ بِقَوْلِهِ: أُرَاقِبُ فِيهِ: أَنَّهُ يُرَاقِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

لِمَكَانِ الْأَنْصَارِ مِنْهُ، وَوَصِيَّتِهِ بِهِمْ، وَمَكَانِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مِنْ خِدْمَتِهِ 397 - وَأَوَّلُ هَذَا الْمَثَلِ، كَمَا أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ الْعَابِدِيُّ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى، وَأَنَاهُ إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نا أَبِي، قَالَ: نا الْمُحَبَّرُ بْنُ قَحْذَمٍ، قَالَ: نا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " لَمَّا قُدِمَ بِابْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنَتِهِ ضَمَّتْهُمَا عَائِشَةُ إِلَيْهَا، فَلَمَّا شَبَّا وَقَوِيَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا، قَالَتْ عَائِشَةُ لِأَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: إِنِّي أَظُنُّكَ قَدْ §وَجَدْتَ فِي نَفْسِكَ مِنْ تَوْلِيَتِي عَلَيْكَ أَمْرَ وَلَدَيْ أَخِيكَ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِشَيْءٍ تَكْرَهُهُ، إِنَّمَا كَرِهْتُ أَنْ يَلِيَ نِسَاؤُكَ مِنْهُمَا قَبِيحَ أَمْرِ الصِّبْيَانِ، وَقَدْ قَوِيَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا، فَضُمَّهُمَا إِلَيْكَ، وَكُنْ لَهُمَا كَمَا كَانَ حُجَيَّةُ بْنُ الْمُضَرَّبِ، فَإِنَّهُ غَزَا غَزَاةً، وَخَلَفَ ابْنَيْ أَخِيهِ عِنْدَ أَهْلِهِ، فَرَجَعَ وَقَدْ هَزَلَا وَقَشِفَا، فَسَأَلَهُمَا عَنْ حَالِهِمَا، فَأَرَيَاهُ قَعْبًا مُشَعَّبًا، وَقَالَا: كَانَتْ تُقَوِّتُنَا فِي هَذَا، فَأَرْسَلَ إِلَى عَشِيرَتِهِ، فَقَالَ: أُشْهِدُكُمْ أَنَّ غَنَمِي وَإِبِلِي وَرَقِيقِي لِابْنَيْ أَخِي، فَغَضِبَتِ امْرَأَتُهُ، وَضَرَبَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حِجَابًا، وَجَعَلَتْ تَكْتَحِلُ مَرَّةً، وَتَنْتَحِبُ مَرَّةً. فَأَنْشَأَ يَقُولُ: لَجِجْنَا وَلَجَّتْ هَذِهِ فِي التَّغَضُّبِ ... وَلَطِّ الْحِجَابُ دُونَنَا وَالتَّنَحُّبِ وَخَطَّتْ بِعُودَيْ إِثْمَدٍ جَفْنَ عَيْنِهَا ... لِتَقُتلَني وَشَدَّ مَا حُبُّ زَيْنَبِ وَكَانَ الْيَتَامَى لَا يَسُدُّ سُغُوبَهُمْ ... هَدَايَا لَهُمْ فِي كُلِّ قَعْبٍ مُشَعَّبِ فَقُلْتُ لِعَبْدَيْنَا أَرِيحَا عَلَيْهِمَا ... سَأَجْعَلُ بَيْتِي بَيْتَ آخَرَ مُعْزِبِ رَحِمْتُ بَنِي مَعْدَانَ إِذْ قَلَّ مَالُهُمْ ... وَحُقَّ لَهُمْ مِنِّي وَرَبِّ الْمُحَصَّبِ أُحَابِي بِهِ مَنْ لَوْ أَتَيْتُ لِمَالِهِ ... حَرِيبًا لَآسَانِي عَلَى كُلِّ مَرْكَبِ أَخِي وَالَّذِي إِنْ أَدْعُهُ لِعَظِيمَةٍ ... يُجِبْنِي وَإِنْ أَغْضَبْ إِلَى السَّيْفِ يَغْضَبِ

فَقُلْتُ خُذُوهَا دُونَكُمْ إِنَّ عَمَّكُمْ ... هُوَ الْيَوْمَ أَوْلَى مِنْكُمْ بِالتَّكَسُّبِ " وَفِي مِثْلِ هَذَا مَا أَنْشَدَنِيهِ إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي قَالَا: أَنْشَدَنَا مُصْعَبُ الزُّبَيْرِيُّ، لِأُمِّ نُشَيْبَةَ: §نُشَيْبَةُ وَابْنَا أُمِّهِ الْهَمُّ وَالْأَسَى ... وَفِي الْقَلْبِ مِنِّي كُلَّمَا قُلْتُ هَاجِسُ أُحِبُّهُمْ حُبًّا إِذَا خَامَرَ الْحَشَى أَضَاءَ ... عَلَى الْأَحْشَاءِ وَاللَّيْلُ دَامِسُ بَنِي رَجُلٍ لَوْ كَانَ حَيًّا أَعَانَنِي ... عَلَى ضُرِّ أَعْدَائِي الَّذِينَ أُمَارِسُ

وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ مَا رُئِيَ أَثْرَمُ أَحْسَنُ مِنْهُ. الثَّرَمُ: أَنْ تَنْقَلِعَ السِّنُّ مِنْ أَصْلِهَا، يُقَالُ: رَجُلٌ أَثْرَمُ، وَامْرَأَةٌ ثَرْمَاءُ، وَقَدْ ثَرِمَ يَثْرَمُ، إِذَا ثَرِمَتْ سِنُّهُ، وَقَدْ ثَرَمْتُهَا أَثْرَمْتُهَا أَثْرُمُهَا ثَرْمًا، وَقَدْ أَثْرَمَهُ اللَّهُ، أَيْ صَيَّرَهُ أَثْرَمَ، وَتَقُولُ الْعَرَبُ: الْأَثْرَمَانِ: الدَّهْرُ وَالْمَوْتُ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطُّوسِيُّ،

حديث عبد الرحمن بن عوف رحمه الله

صَاحِبُ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو عُبَيْدٍ: §وَلَمَّا رَأَيْتُكَ تَنْسَى الْإِخَاءَ ... وَلَا قَدْرَ عِنْدَكَ لِلْمُعْدِمِ وَتَجْفُو الشَّرِيفَ إِذَا مَا ... أُخِلَّ وَتُدْنِي الدَّنِيَّ عَلَى الدِّرْهَمِ وَلَا فَصْلَ عِنْدَكَ بَيْنَ الْعَفِيفِ ... ذِي الْفَضْلِ وَالْمُقْدِمِ الْمُجْرِمِ وَهَبْتُ إِخَاءَكَ لِلْأَعْمَيَيْنِ ... وَلِلْأَثْرَمَيْنِ وَلَمْ أَظْلِمِ وَلَا أَطَأُ الشَّوْكَ فَوْقَ الْبِسَاطِ ... وَلَا آكُلُ الشَّهْدَ بِالْعَلْقَمِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْأَعْمَيَانِ: السَّيْلُ وَالنَّارُ. ثُمَّ حَدِيثُ أَبِي عُبَيْدَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ. يَتْلُوهُ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

399 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّ الْمِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ، ذَكَرَهُ فِي قِصَّةِ الشُّورَى، فَقَالَ: «§مَا رَأَيْتُ رَجُلًا بَذَّ قَوْمًا قَطُّ أَشَدَّ مِمَّا بَذَّهُمْ بِهِ حِينَ وَلَّوْهُ أَمْرَهُمْ» . حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ

قَالَ يَعْقُوبُ: تَقُولُ الْعَرَبُ: بَذَّ يَبُذُّ بَذًّا، إِذَا خَرَجَ شَيْءٌ عَلَى آخَرَ فِي حُسْنٍ أَوْ عَمَلٍ، قَالَ كَثِيرٌ: إِذَا ابْتَدَرَ النَّاسُ الْمَكَارِمَ بَذَّهَا ... عَرَاضَةُ أَخْلَاقِ ابْنِ لَيْلَى وَطُولُهَا وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَعْضِ الْبَصْرِيِّينَ، قَالَ: كَانَ بِالْبَصْرَةِ فِي أَيَّامِ الطَّاعُونِ رَجُلٌ مَرِحٌ أَشِرٌ يَقْعُدُ عَلَى مَدْرَجَةِ الْجَنَائِزِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ جَرَّةٌ، فَكُلَّمَا مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ، أَلْقَى فِي الْجَرَّةِ حَصَاةً، فَإِذَا أَمْسَى تَرَكَ الْجَرَّةَ، وَقَامَ يَعْتَرِضُ وَيَمْرَحُ، وَيَرْمَحُ، وَيَكْتَسِعُ، وَيُنْشِدُ بَيْتَ النَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ: يَبُذُ الْجِيَادَ بِتَقْرِيبِهِ ... وَيَأْوِي إِلَى حُضُرِ مُلْهِبِ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ، فَمَرَّ إِنْسَانٌ بِجَرَّتِهِ، وَلَا أَحَدَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: أَيْنَ صَاحِبُ

الْجَرَّةِ؟ فَقَالَ إِنْسَانٌ: وَقَعَ، وَاللَّهِ، فِي الْجَرَّةِ وَلِهَذَا الْبَيْتِ أَيْضَا قِصَّةٌ أُخْرَى: 400 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعُتْبِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: " §كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، قَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ، وَشَارَفَ التِّسْعِينَ، وَكَانَ لَا يَدَعُ إِتْيَانَ الْمِرْبَدِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَيَقُولُ: الْقُعُودُ فِي الْبَيْتِ يُخْلِقُ، وَيُهْرِمُ، وَيُمْلِقُ، فَخَرَجَ يَوْمًا، وَلَقِيَهُ شَابُّ عَلَى فَرَسٍ يَتَوَقَّصُ بِهِ، فَبَلَغَ بِالشَّابِّ الْمَزْحُ، أَنْ قَالَ: يَا شَيْخُ أَلَا تُعَقِّبُ، وَذَلِكَ عِنْدَ مَسْجِدِ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: مَهْلًا يَا ابْنَ أَخِي، فَرُبَّ شَابٍّ مِثْلِكَ، قَدْ طَبَّقْتُ بِاللَّبِنِ عَلَى اسْتِهِ، ثُمَّ مَضَى، فَلَمَّا كَرَّ رَاجِعًا سَمِعَ الْوَاعِيَةَ، فَسَأَلَ عَنْهَا، فَقِيلَ لَهُ: الشَّابُّ الَّذِي رَأَيْتَ حَاصَ، وَاللَّهِ، بِهِ فَرَسُهُ فَدَقَّ عُنُقَهُ، فَقَالَ لَا جَرَمَ، وَاللَّهِ لَا أَصِيرُ إِلَى مَنْزِلِي حَتَّى أُودِعَهُ لَحْدَهُ، فَلَمَّا أُخْرِجَ اتَّبَعَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: يَبُدُّ الْجِيَادَ بِتَقْرِيبِهِ ... وَيَأْوِي إِلَى حُضُرٍ مُلْهِبِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: اعْتَرَضَ الرَّجُلُ: إِذَا جَرَى، وَتَرَمَّحَ: إِذَا وَثَبْتَ، وَتَكَسَّعَ مِنَ الْجَرْيِ. قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ فِي كُلِّ أَمْرٍ غَلَبَ عَلَيْهِ رَجُلٌ قَوْمًا: قَدْ غَلَبَهُمْ فُلَانٌ، وَقَدْ بَذَّهُمْ

فُلَانٌ، وَقَدْ جَبَّهُمْ فُلَانٌ. وَيُقَالُ: جَبَّتْ فُلَانَةُ النِّسَاءَ حُسْنًا. قَالَ الرَّاجِزُ: مَنْ رَوَّلَ اليَّوْمَ لَنَا فَقَدْ غَلَبْ ... خُبْزًا بِسَمْنٍ فَهُوَ عِنْدَ النَّاسِ جَبَّ رَوَّلَ: أَكْثَرَ دَسَمَهُ، وَفِي مَثَلٍ مِنَ الْأَمْثَالِ: الْجَحْشَ لَمَّا بَذَّكَ الْأَعْيَارُ. وَقَوْمٌ يَقُولُونُهَا: لَمَّا فَاتَكَ الْأَعْيَارُ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، قَالَ: نا الْمُبَرِّدُ، عَنِ الْمَازِنِيِّ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، قَالَ: " §طَافَ أَعْرَابِيٌّ بِالْبَيْتِ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى اسْتِلَامِ الْحَجَرِ، فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ وَقَبَّلَهُ، وَجَعَلَ يَقُولُ: الْجَحْشَ لَمَّا فَاتَكَ الْأَعْيَارُ " قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ، أَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ فِي نَحْوِهِ: " §فَإِنْ تَكُ فَاتَتْكَ الْعُلَا يَابْنَ دَيْسَقٍ ... فَدَعْهَا وَلَكِنْ لَا تَفُتْكَ الْأَسَافِلُ حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: الْبَذُّ: الْقَطْعُ، وَأَنْشَدَ لِلَبِيدٍ:

لِوِرْدٍ تَقْلِصُ الْغِيطَانُ عَنْهُ ... يَبذُّ مَفَازَةَ الْخِمْسِ الْمُغَالِي يَقُولُ: تَقْصُرُ هَذِهِ الْغِيطَانُ إِذَا سَارَهَا مِنْ سُرْعَتِهِ، وَشِدَّةِ شَدِّهِ، كَأَنَّمَا تُطْوَى لَهُ 401 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ §كَاتَبْتُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ فِي أَنْ يَحْفَظْنِي فِي صَاغِيَتِي بِمَكَّةَ، وَأَحْفَظَهُ فِي صَاغِيَتِهِ بِالْمَدِينَةِ ". حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، قَالَ: نا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ: قَالَ: نا صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ

صَاغِيَةُ الرَّجُلِ: الَّذِينَ يَمِيلُونَ إِلَيْهِ، وَيَأْتُونَهُ، قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ صَغَيْتُ إِلَيْهِ، فَأَنَا أَصْغَى صَغًا حَسَنًا، وَصَغِيَ إِلَيْهِ سَمْعِي يَصْغَى صَغًا إِذَا اسْتَمَعْتَ لِحَدِيثِهِ وَحَفِظْتَهُ، وَأَصْغَيْتُ لَهُ سَمْعِي إِصْغَاءً حَتَّى صَغِيَ سَمْعِي إِلَيْهِ، فَالْمَصْدَرُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ صَغًا، وَأَصْغَيْتُ الْإِنَاءَ، إِصْغَاءً إِذَا حَرَّفْتُهُ عَلَى جَنْبِهِ، لِيَجْتَمِعَ مَا فِيهِ، وَأَصَغَيْتُ حَقَّهُ إِصْغَاءً إِذَا نَقَصْتُهُ، وَتَقُولُ: صَغَيْتَ عَلَى الْقَوْمِ صَغًا، إِذَا كَانَ هَوَاكَ مَعَ غَيْرِهِمْ، وَتَقُولُ: صَغْوُهُ وَصِغْوُهُ وَصَغَاهُ مَعَكَ. قَالَ أَبُو الصَّقْرِ: صَغَوْتُ إِلَيْهِ أَصْغُو صُغُوًّا، وَصَغَا إِلَيْهِ سَمْعِي، فَهُوَ يَصْغُو صُغُوًّا. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَأَنْشَدَ الْأَصْمَعِيُّ، لِلنَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ:

حديث أبي المنذر أبي بن كعب رحمه الله

وَإِنَّ ابْنَ أُخْتِ الْقَوْمِ مُصْغًى إِنَاؤُهُ ... إِذَا لَمْ يُزَاحِمْ خَالَهُ بِأَبٍ جَلْدِ وَقَالَ غَيْرُ أَبِي زَيْدٍ: صَغَتِ النُّجُومُ: مَالَتْ، وَالصَّغَا أَيْضًا: مَيْلٌ فِي الْحَنَكِ، رَجُلٌ أَصْغًى وَامْرَأَةٌ صَغْوَاءُ، وَقَدْ صَغَى يَصْغَى. قَالَ: قِرَاعٌ تَكْلَحُ الرَّوْقَاءُ مِنْهُ ... وَيَعْتَدِلُ الصَّغَا مِنْهُ سَوِيَّا تَمَّ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتْلُوهُ: حَدِيثُ أَبِي الْمُنْذِرِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

402 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، «أَنَّهُ §دَخَلَ الْمَسْجِدَ، قَالَ قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ، فَمَا رَأَيْتُ الرِّجَالَ مَتَحَتْ أَعْنَاقُهَا إِلَى شَيْءٍ مُتُوحُهَا إِلَيْهِ» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: نا مُحَمَّدٌ، قَالَ: نا شُعْبَةُ، قَالَ: نا أَبُو جَمْرَةَ، قَالَ: نا إِيَاسُ بْنُ قَتَادَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ

الْمَتْحُ: مِثْلُ الْمَدِّ وَالْجَذْبِ، وَالْإِبِلُ تَتَمَتَّحُ فِي سَيْرِهَا، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: تَرَاهَا وَقَدْ كَلَّفْتُهَا كُلَّ حَاجَةٍ ... لِأَيْدِي الْمَهَارَى خَلْفُهَا مُتَمتَّحُ وَتَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ عِشْرُونَ فَرْسَخًا مَتْحًا، أَيْ مَدًّا وَفَرْسَخٌ مَتَّاحٌ، أَيْ مَدَّادٌ 403 - حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ، قَالَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي شُبَيْلُ بْنُ عَزْرَةَ، قَالَ: نا شِيَحَةُ أَبُو حِبْرَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، " §عَنِ السَّفَرِ إِلَى الْأُبُلَّةِ، فَقَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمًا مُتَّاحًا فَقَصِّرْ "

تَمَّ حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتْلُوهُ:

حديث أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري رحمه الله

حَدِيثُ أَبِي مُوسَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْعَرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ 404 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ: " §لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ، أَتَيْتُ أَبَا مُوسَى فَاسْتَشَرْتُهُ، فَقَالَ: ارْجِعْ، فَإِنْ كَانَ لِقَوْسِكَ وَتَرٌ، فَاقْطَعْهُ، وَإِنْ كَانَ لِرُمْحِكَ سِنَانٌ، فَأَنْصِلْهُ، فَإِنَّ الْقَاعِدَ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: نا زَائِدَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمَاصِرِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ

تَقُولُ: أَنْصَلْتُ الرُمْحَ، فَهُوَ مُنْصَلٌ، إِذَا نَزَعْتَ نَصْلَهُ، وَنَصَّلْتُهُ: إِذَا رَكَّبْتَ عَلَيْهِ النَّصْلَ، وَهُوَ السِّنَانُ. وَأَنْشَدَ أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ الْعَابِدِيُّ، لِعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ: أَنَشَحَذُ أَرْمَاحًا بِأَيْدِي عَدُوِّنَا ... وَنُنْصِلُ أَرْمَاحًا بِهُنَّ تُنَاجِزْ وَكَانَ يُقَالُ لِرَجَبٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مُنْصِلُ الْأُلِّ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَنْزَعُونَ الْأَسِنَّةَ فِيهِ، وَلَا يَغْزُونَ، وَلَا يُغيِرُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. قَالَ الْأَعْشَى: تَدَارَكَهُ فِي مُنْصِلِ الْأَلِّ بَعْدَمَا ... مَضَى غَيْرَ دَأْدَاءٍ وَقَدْ كَادَ يَعْطَبُ 405 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا ابْنُ أَخِي جُوَيْرِيَةَ، قَالَ: نا مَهْدِيٌّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءَ الْعُطَارِدِيَّ، قَالَ: §كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، إِذَا جَاءَ شَهْرُ رَجَبٍ، نَقُولُ: جَاءَ مُنْصِلُ الْأَسِنَّةِ، فَلَا نَدَعُ سَهْمًا، وَلَا رُمْحًا فِيهِ حَدِيدَةٌ إِلَّا انْتَزَعْنَاهَا، فَأَلْقَيْنَاهَا

" وَقَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ يَذْكُرُ الرُّمْحَ: أَصَمَّ رُدَينِيًّا كَأَنَّ كُعُوبَهُ ... نَوَى الْقِسْبِ عَرَّاصًا مُزَجًّا مُنَصَّلَا يُرِيدُ أَنَّ لَهُ زُجًّا وَنَصْلًا قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: أَزْجَجْتُ الرُّمْحَ، فَهُوَ مُزَجٌّ، إِذَا عَمِلْتَ لَهُ زُجًّا، وَزَجَجْتُ الرَّجُلَ أَزُجُّهُ زَجًّا، إِذَا طَعَنْتُهُ بِالزُّجِ، وَيُقَالُ: سَهْمٌ نَاصِلٌ، أَيْ سَقَطَ نَصْلُهُ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: لِحْيَةٌ نَاصِلٌ مِنَ الْخِضَابِ بِغَيْرِ هَاءٍ. وَفِي مَثَلٍ مِنَ الْأَمْثَالِ، يُقَالُ: مَا بَلِلْتُ مِنْهُ بِأَفْوَقِ نَاصِلٍ، أَيْ لَمْ أَكُنْ كَذَلِكَ،

وَتَقُولُ: بَلِلْتُ بِالْقَوْمِ أَيِّ صَلِيتُ بِهِمْ. قَالَ الْأَخْطَلُ: وَلَوْ بِبَنِي ذُبْيَانَ بَلَّتْ رِمَاحُنَا ... لَقَرَّتْ بِهِمْ عَيْنِي وَبَاءَ بِهِمْ وِتْرِي يُقَالُ: مِنْهُ بَلِلْتَ تَبَلُّ بَلَالَةً وَبُلُولًا. وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ يَذْكُرُ عَرُوسًا عَجَزَ عَنْهَا زَوْجُهَا: فَأَضْحَتْ تَمَرَّى لَمْ تَضَعْ صَفْحَةً لَهَا ... بِجُمْعٍ وَلَمْ يَعْرَقْ عَلَيْهَا عِذَارُهَا وَلَو أَنَّهَا بَلَّتْ بِحَبْلِي لَأَصْبَحَتْ ... طَلِيحًا قَلِيلًا لِلْعُيُونِ انْتِظَارُهَا قَوْلُهُ: بِجُمْعٍ أَيْ لَمْ تُقْتَضَّ، يُقَالُ: أَمْرُ بَنِي فُلَانٍ بِجُمْعٍ، أَيْ لَمْ يُفْرَغْ مِنْهُ، وَتَقُولُ: جِئْتُ أَتَنَصَّلُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ، أَيْ أَعْتَذِرُ مِنْهُ، لأَخْرُجَ مِنْ ذَنْبِي، كَمَا يَنْصُلُ السِّنَانُ مِنَ الرُّمْحِ إِذَا سَقَطَ. وَأَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، لِبَعْضِ الْمَدَنِيِّينَ: لَوْ كَانَ وَالِدُهُ تَنَصَّلَ عِرْقَهُ ... لَصَفَتْ طَبَائِعُهُ لِعِرْقِ الْوَالِدِ أَيِ اسْتَخْلَصَ. وَيُرْوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ قَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: كُلَّمَا أَظَلَّتْ عَلَيْكُمْ سَرِيَّةٌ لِأَهْلِ الشَّامِ، أَغْلَقَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بَابَهُ، وَانْجَحَرَ فِي بَيْتِهِ انْجِحَارَ الضَّبِّ فِي جُحْرِهِ، أَوِ الضَّبُعِ فِي وِجَارِهَا، الذَّلِيلُ وَاللَّهِ مَنْ نَصَرْتُمُوهُ، وَمَنْ رَمَى وَاللَّهِ بِكُمْ، فَقَدْ رَمَى بِأَفْوَقِ نَاصِلٍ، فَقُبْحًا لَكُمْ، وَتَرْحًا يَوْمَ أُنَادِيكُمْ، وَيَوْمَ أُنَاجِيكُمْ، فَلَا أَحْرَارٌ عِنْدَ النِّدَاءِ، وَلَا

إِخْوَانُ الثِّقَةِ عِنْدَ النَّجَاءِ. فَالنَّاصِلُ: الَّذِي قَدْ سَقَطَ نَصْلُهُ، وَالْأَفْوَقُ: الْمَسْكُورُ الْفُوقِ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ: قَدِ انْفَاقَ السَّهْمُ، إِذَا انْشَقَّ فُوقُهُ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: فَإِذَا كَسَرْتَهُ أَنْتَ، قُلْتُ: فُقْتُهُ، فَإِنْ عَمِلْتَ لَهُ فُوقًا، قُلْتُ: فَوَّقْتُهُ تَفْوِيقًا، فَإِنْ وَضَعْتَ السَّهْمَ فِي الْوَتَرِ، لِتَرْمِيَ بِهِ، قُلْتَ أَفَقْتُ السَّهْمَ وَأَوْفَقْتُهُ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: أَفَاقَ، وَأَفُوقُ بِالسَّهْمِ، وَجَمْعُ الْفُوقِ: أَفْوَاقٌ، وَفُوَقٌ وَفُقًا مَقْلُوبٌ. وَأَنْشَدَ لِلْفِنْدِ الزِّمَّانِيِّ، وَاسْمُهُ شَهْلُ بْنُ شَيْبَانَ: وَنَبْلِي وَفُقَاهَا ... كَعَرَاقِيبِ قَطًا طُحْلِ

وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: قَالَ أَهْلُ الْكُوفَةِ لَا يُصَلِّي بِنَا إِلَّا رَجُلٌ شَطِيرٌ، لَيْسَ مِنْ رَبِيعَةَ وَلَا مُضَرَ، قَالَ: فَتَرَاضَوْا بِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ فَكَانَ أَبُو مُوسَى هُوَ الَّذِي يُصَلِّي بَالنَّاسِ، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ، قَالَ أَبُو مُوسَى «إِنَّ هَذِهِ فِتْنَةٌ بَاقِرَةٌ كَدَاءِ الْبَطْنِ، لَا يَدْرِي صَاحِبُهَا أَنَّى يُؤَتَّى لَهُ، فَقَصِّدُوا الرِّمَاحَ، وَشَيِّمُوا السُّيُوفَ، وَقَطِّعُوا الْأَوْتَارَ، فَإِنَّهَا فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي خَيْرٌ مِنَ الرَّاكِبِ» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ

قَوْلُهُ: شَطِيرٌ: يُرِيدُ غَرِيبًا لَيْسَ مِنَ الْحَيَّيْنِ. وَقَوْلُهُ: كَدَاءِ الْبَطْنِ، هُوَ السِّلُّ، يُرِيدُ أَنَّ أَمْرَهُ مُشْكِلٌ غَيْرَ مُتَبَيِّنٍ، قَالَ الشَّاعِرُ: وَمَوْلَى كَدَاءِ الْبَطْنِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ ... فَيُشْفَى وَدَاءُ الْبَطْنِ مِنْ شَرِّ صَاحِبِ وَالْعَرَبُ تَضْرِبُهُ مَثَلًا لِلْأَمْرِ الْمُعْضِلِ، وَالشَّرِّ اللَّازِمِ، قَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِيَةَ: فَلَوْ كَانَ دَاءُ الْيَأَسِ فِي وَأَغَاثَنِي ... طَبِيبٌ بِأَرْوَاحِ الْعَقِيقِ شَفَانِيَا فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ الْعَابِدِيُّ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: دَاءُ الْيَاسَ، يُرِيدُ إِلْيَاسَ بْنَ مُضَرَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ مَاتَ مِنَ السِّلِ، وَفِيهِ يَقُولُ صَخْرُ بْنُ

الْجَعْدِ الْخُضَرِيُّ: مَتَى يَحْجُبُوا كَأْسًا عَلَيْكَ وَيَحْنِقُوا ... بِكُلِّ يَمَانٍ وَاضِحٍ حِينَ يُصْقلُ يَكُنْ بِكَ دَاءُ الْيَاسِ أَوْ تَخْطِرُ الْعِدَا ... حَيَاتَكَ مِنْ وَجْدٍ بِكَأْسٍ فَتُقْتَلُ قَوْلُهُ: قَصِّدُوا الرِّمَاحَ، يَقُولُ: كَسِّرُوهَا قِصَدًا، وَثُقِّلَ، لِلتَّكْثِيرِ، يُقَالُ مِنْهُ قَصَّدْتُ الْعُودَ، أَيْ كَسَرْتَهُ، وَالْقِصْدَةُ: مِثْلُ الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ، قَالَ قَيْسٌ: تَرَى قِصَدَ الْمُرَّانِ تُلْقَى كَأَنَّهَا ... تَذَرُّعُ خِرْصَانٍ بِأَيْدِي الشَّوَاطِبِ فَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: التَّذَرُّعُ وَالتَّقَصُّدُ وَاحِدٌ، وَوَاحِدُ الْقِصَدِ قِصْدَةٌ، وَالتَّذَرُّعُ: قَدْرُ ذِرَاعٍ يَنْكَسِرُ فَيَسْقُطُ، قَالَ: وَالْمُرَّانِ وَالْوَشِيجِ: عُرُوقُ الْقَنَا، فَنَسَبُوا الْقَنَا إِلَيْهِ، مِثْلَ مَا جَعَلُوا الْخُرْصَ الرُّمْحَ، وَإِنَّمَا هُوَ نِصْفُ السِّنَانِ الْأَعْلَى إِلَى مَوْضِعِ الْجُبَّةِ. وَكَذَلِكَ الْأَسَلُ، إِنَّمَا هُوَ أَطْرَافُ الْأَسِنَّةِ، يُقَالُ: خُرْصٌ، وَخِرْصٌ، وَخُرُصٌ، وَالْجَمْعُ: خِرْصَانٌ. وَالشَّاطِبَةُ: الَّتِي تَعْمَلُ الْحُصُرَ مِنَ الشَّطْبِ، يُقَالُ: شَطَبَتْ تَشْطُبُ شَطْبًا وَشُطُوبًا، وَهُوَ أَنْ تَأْخُذَ قِشْرَهُ الْأَعْلَى، وَتَشْطُبُ، وَتَلْحَى وَاحِدٌ. كَمَا قَالَ: لَحَيْنَاهُمْ لَحْيَ الْعَصَا. وَلَحَوْنَاهُمْ لَحْوَ الْعَصَا، وَوَاحِدُ الشَّطْبِ شَطْبَةٌ، وَهِيَ السَّعْفَةُ.

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الشَّاطِبَةُ الَّتِي تُقَشِّرُ الْعَسِيبَ، ثُمَّ تُلْقِيهِ إِلَى الْمُنَقِّيَةِ، فَتَأْخُذُ كُلَّ شَيْءٍ عَلَيْهِ بِسِكِّينِهَا حَتَّى تَتْرُكَهُ دَقِيقًا، ثُمَّ تُلْقِيهِ الْمُنَقِّيَةِ إِلَى الشَّاطِبَةِ ثَانِيَةً، وَكُلُّ قَضِيبٍ مِنْ شَجَرٍ: خُرْصٌ وَمِنْ ثُمَّ قِيلَ لِلزُّجِّ خُرْصٌ. وَأَنْشَدَ لِلْعَجَّاجِ: حَنَّى قَنَاتِي الْكِبَرُ الْمُحِّنِي ... أَطْرَ الثِّقَافِ خُرُصَ الْمُقَنِّي وَشَيْمُ السُّيُوفِ: إِغْمَادُهَا هَاهُنَا، وَهَذَا الْحَرْفُ مِنَ الْأَضْدَادِ. وَقَوْلُهُ: لَا يَدْرِي صَاحِبُهَا أَنَّى يُؤَتَّى لَهُ أَيْ لَا يَدْرِي كَيْفَ يُتَأَتَّى لِبُرْئِهِ، وَيُتَوَصَّلُ إِلَى عِلَاجِهِ، وَقَالَ: أَيْضًا: لَا يَدْرِي صَاحِبُهُ أَنَّى يُؤَتَّى، أَيْ لَا يَدْرِي صَاحِبُهُ، مَتَى يُهَيَّجُ عَلَيْهِ، فَيَقْتُلَهُ. 407 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا مُطَرِّفُ بْنُ طَرِيفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا السَّفَرِ، يَقُولُ: " خَطَبَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، بِالْكُوفَةِ حِينَ تَرَاضَوْا بِهِ يُصَلِّي بِهِمْ، فَقَالَ: إِنَّهُ §قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِي بَيْتِ مَالِكُمْ هَذَا ثَمَانُونَ أَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، مَا اجْتَمَعَ فِيهِ مِثْلُهُ قَطَّ، كَانَ يُتَبَارَى فِي جَمْعِهِ، كَمَا تَجَمَّعُ السَّائِلَةُ فِي نِحْيِهَا، لَا تَأْلُوا عَمَّا زَادَتْ فِيهِ، وَاللَّهِ مَا مِنْهَا دِرْهَمٌ، إِلَّا عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ أَمَانَةٌ، لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا بِحَقِّهِ "

وَالتَّبَارِي: هُوَ المُعَارَضَةُ، أَنْ تُعَارِضَ الرَّجُلَ بِمْثِلِ عَمَلِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ، قَدِ انْبَرَى الرَّجُلُ لِلْأَمْرِ ، قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ: وَقَدْ أَنْبَرِي لِلْجَهْلِ يَوْمًا وَانْتَحى ... ظَعَائِنَ لَهْوٍ وَدُّهُنَّ مُسَاعِفُ وَيُقَالُ أَيْضًا: قَدْ بَرَى لَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ: تَبْرِي لِعُرْيَانِ الشَّوَى مَيَّاحِ. وَالْمَيَّاحُ: الْمَيَّالُ فِي شِقَّيْهِ، وَذَلِكَ أَجْوَدُ لَهُ، وَعُرْيَانِ الشَّوَى يَقُولُ مُمَحَّصُ الْقَوَائِمِ لَيْسَ بِرَهِلِهَا.

408 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا أَبُو سُفْيَانَ السَّعْدِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: §كَانَ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، قَالَ: عُلُوجٌ تُبَارِي الدُّيُوكَ تَبَارِيًا، كُلَّمَا طَرِبَ دِيكٌ، طَرِبُوا، وَهَلْ كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بَعْدَمَا يَطْلُعُ الْفَجْرُ، أَذَّنَ بِلَالٌ مَرَّةً، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَعِدَ فَنَادَى إِنَّ الْعَبْدَ قَدْ نَامَ.

وَالسَّالِئَةُ: الَّتِي تَسْلُأُ السَّمْنَ سَلْأً، وَهُوَ إِذَابَةُ الزُّبْدَ، وَاسْمُ ذَلِكَ السَّمِنَ السِّلءُ، مَا كَانَ طَرِيًّا، وَيُقَالُ: هَذَا سَمْنٌ سِلْءٌ، وَسَمْنُ السِّلَآءِ، كُلُّ هَذَا بِالْكَسْرِ. وَالْمَصْدَرُ: السَّلْءُ بِالْفَتْحِ، وَأَنْشَدَنَا الْهَجَرِيُّ: وَنَحْنُ مَنَعْنَاكُمْ تَمِيمًا وَأَنْتُمُ ... سَوَالِئُ إِلَّا تُحْسِنُوا السَّلْءَ تُضْرَبُ

وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ الرَّاجِزُ: §" حُرٌّ هِجَانُ اللَّوْنِ يَحْمِي فُوتَهُ يَبُلُّ مِنْ مَاءِ الرُّغَامَى لِيَّتَهُ كَمَا يَبُلُّ سَالِئُ حَمِيَّتَهُ. هِجَانُ اللَّوْنِ: كَرِيمُ اللَّوْنِ أَبْيَضُهُ، يَحْمِي فُوتَهُ: أَيْ يَحْمِي أَنْفَةُ، أَنْ يَفُوتَهَا وَيَسْبِقَهَا، وَلَوْ شَاءَ فَعَلَ، وَلَكِنَّهُ يَأْنَفُ مِنْ ذَلِكَ، يَعْنِي: الثَّوْرَ، وَالْكِلَابَ، وَالرُّغَامَى: زِيَادَةُ الْكَبِدِ، وَمَاؤُهَا: دَمُهَا، فَيَقُولُ: يَبُلُّ لِيَّتَهُ بِدِمَاءِ الْكِلَابِ إِذَا طَعَنَهَا، وَالْحَمِيتُ: النِّحْيُ الْمَرْبُوبُ، وَقَدْ يَجِيءُ السِّلَاءُ مَمْدُودًا، وَأَنْشَدَ غَيْرُهُ، قَوْلَ الشَّاعِرِ: إِنَّ السِّلَاءَ الَّذِي تَرْجِينَ كَثْرَتَهُ ... قَدْ بِعْتُهُ بِأُمُورٍ ذَاتِ تَبْغِيلِ وَالْكَثْرَةُ: مَا صَارَ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ دَسَمِهِ وَخُثُورَتِهِ 409 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى رَحِمَهُ اللَّهُ، «أَنَّهُ كَانَ §يَتَتَبَّعُ الْيَوْمَ الْمَعْمَعَانِيَّ الشَّدِيدَ الْحَرِّ فَيَصُومُهُ» . حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: نا وَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ , أَنَّ أَبَا مُوسَى

الْأَشْعَرِيِّ

الْمَعْمَعَانِيُّ: نَسَبُهُ إِلَى الْمَعْمَعَانِ، وَهُوَ شِدَّةُ الْحَرِّ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: حَتَّى إِذَا مَعْمَعانُ الصَّيْفِ هَاجَ لَهُ ... بِأَجَّةٍ نَشَّ عَنْهَا الْمَاءُ وَالرُّطُبُ 410 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ لَقِيطٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: كَانَ أَبُو مُوسَى، " §يَصُومُ الْيَوْمَ الْحَارَّ، الَّذِي تَتَسَلَّخُ فِيهِ الْكِلَابُ، يُرِيدُ أَنَّ الْحَرَّ يَمْحَقُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الشَّعْرِ، وَمِنْهُ قِيلَ: يَوْمٌ مَاحِقٌ، أَيْ: شَدِيدُ الْحَرِّ يَمْحَقُ كُلَّ شَيْءٍ " قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:

ظلَّتْ صَوَافِنَ بِالْإِرْزَانِ صَادِيَةً ... فِي مَحِقِ مِنْ نَهَارِ الصَّيْفِ مُحْتَدِمِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ جَاءَ فُلَانٌ فِي مَاحِقِ الصَّيْفِ، أَيْ: فِي شِدَّةِ حَرٍّ، وَأَنْشَدَ أَبُو زَيْدٍ: يَوْمٌ عَكِيكٌ يَعْصِرُ الْجُلُودَا ... يَتْرُكُ حُمْرَانَ الرِّجَالِ سُودَا 411 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى رَحِمَهُ اللَّهُ: " أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا §تَعَلَّمْتُ الْمُعْجَمَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا شَيْبَانُ، قَالَ: نا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: نا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: نا أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ

حديث المقداد بن الأسود رحمه الله

الْمُعْجَمُ: مُخَفَّفٌ هِجَاءُ الْمُقَطَّعَةِ، لِأَنَّهَا أَعْجَمِيَّةٌ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: الْقَيْسَيُّومُ يَقُولُونَ: هُمُ الْأَعْجَمُ، وَلَمْ يَعْرِفُوا الْعَجَمَ، قَالَ الرَّاجِزُ: سَلُّومٌ لَوْ أَصْبَحْتِ وَسْطَ الْأَعْجَمِ فِي الرُّومِ أَوْ فَارِسَ أَوْ فِي الدَّيْلَمِ إِذًا لَزُرْنَاكِ وَلَوْ بِسُلَّمِ وَكَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ: يُنْكِرُ أَنْ يُقَالُ: رَجُلٌ أَعْجَمِيُّ، يُرِيدُ بِهِ النِّسْبَةَ إِلَى الْعَجَمِ، وَقَالَ: لَا يَكُونُ إِلَّا عَجَمِي، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالُ: أَعْجَمِيُّ إِلَّا لِمَنْ تَنْسِبُهُ إِلَى عُجْمَةِ اللِّسَانِ، وَإِنْ كَانَ عَرَبِيَّ النَّسَبِ، وَقَوْلُ أَبِي زَيْدٍ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا، قَالَ الشَّاعِرُ: مِمَّا تُعَتِّقُهُ مُلُوكُ الْأَعْجُمِ وَكِتَابٌ مُعْجَمٌ، وَتَعْجِيمُهُ: تَنْقِيطُهُ، لِكَيْمَا تَسْتَبِينُ عُجْمَتُهُ، وَقَالَ جَرِيرٌ: لَمِنَ الدِّيَارُ بِعَاقِلٍ فَالْأَنْعُمِ ... كَالْوَحْيِ فِي وَرَقِ الزَّبُورِ الْمُعْجَمِ تَمَّ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى رَحِمَهُ اللَّهُ يَتْلُوهُ: حَدِيثُ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ رَحِمَهُ اللَّهُ

412 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ الْمِقْدَادِ رَحِمَهُ اللَّهُ، " §وَعُوتِبَ فِي الْجِهَادِ، فَقَالَ: أَبَتْ عَلَيْنَا سُورَةُ الْبُحُوثِ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا يَعْقُوبُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَيْسَرَةَ. قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيُّ، قَالَ: وَافَيْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَمْرٍو الْبَهْرَانِيَّ فَارِسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

الْبُحُوثُ: جَمْعُ الْبَحْثِ، يُقَالُ: بَحَثْتُ عَنْ أَخْبَارِ الْمُنَافِقِينَ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنِ

الْجِهَادِ، وَقَدْ يَجُوزُ سُورَةُ الْبُحُوثِ، تُضِيفُ الِاسْمَ إِلَى النَّعْتِ، كَمَا قَالُوا: مَسْجِدُ الْجَامِعِ، وَصَلَاةُ الْأُولَى. وَأَصْلُ الْبَحْثِ طَلَبُ الشَّيْءِ، وَشِدَّةُ اسْتِقْصَائِهِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ سُورَةَ بَرَاءَةٍ، وَكَانُوا يُسَمُّونَهَا الْمُبَعْثِرَةَ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْبُحُوثُ مِنَ الْإِبِلِ، وَهِيَ الَّتِي إِذَا سَارَتْ بَحَثَتِ التُّرَابَ بِأَيْدِيهَا أُخْرًا، أَيْ: تَرْمِي بِهِ إِلَى خَلْفِهَا. وَسَمِعْتُ رَجُلًا مِنَ الْأَعْرَابِ يَرْتَجِزُ: يَبْحَثْنَ بِالْأَيْدِي الَّتِي فِيهَا فَتَلْ ... بَحْثَ السِّبَاعِ دَامِعًا مِنَ الْوَشَلْ ثُمَّ أَخَذَ فِي شَرْحٍ آخَرَ، فَقَالَ: يَبْحَثْنَ بِالْأَيْدِي وَقَدْ وَجِينَا بَحْثَ الْمُضِلَّاتِ لِمَا يَعْنِينَا دَمَالِجًا ضَيَّعْنَ أَوْ بُرِينَا. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: جَاءَ أَبُو دُلَامَةَ لِيَشْهَدَ عِنْدَ قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ بَغْدَادَ، فَلَمَّا قَعَدَ سَكَتَ الْقَاضِي، فَلَمْ يَسْأَلْهُ، فَقَالَ أَبُو دُلَامَةَ:

إِنِ الْقَوْمَ غَطُّونِي تَغَطَّيْتُ دُونَهُمُ ... وَإِنْ بَحَثُوا عَنِّي فَفِيهِمْ مُبَاحِثُ وَإِنْ حَفَرُوا بِئْرِي حَفَرْتُ بِئَارَهُمُ ... فَسَوْفَ يَرَوْنَ مَا تُجْنِ النَّبَائِثُ فَوَزَنَ الْقَاضِي ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ 413 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا يَعْقُوبُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ حِبَّانَ بْنِ زَيْدٍ الشِّرْعَبِيِّ، قَالَ: " §نَفَرْنَا مَعَ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو إِلَى الْجُرَاجُمَةِ، فَلَقِينَا شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ عَلَى رِجْلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا عَمُّ، أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْكَ، فَرَفَعَ حَاجِبَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا بْنَ أَخِي، اسْتَنْفَرَنَا اللَّهُ خِفَافًا وَثِقَالًا، إِنَّهُ مَنْ يُحِبُهُ اللَّهُ يَبْتَلِيهِ، ثُمَّ يُعِيدُهُ، فَيَقْتَنِيهِ "

حديث أبي الفضل العباس بن عبد المطلب رحمه الله

تَمَّ حَدِيثُ الْمِقْدَادِ وَيَتْلُوهُ: حَدِيثُ أَبِي الْفَضْلِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَحِمَهُ اللَّهُ

414 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي الْفَضْلِ الْعَبَّاسِ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: " §رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ، كَأَنَّ قَمَرًا فِي الْأَرْضِ، يُرْفَعُ بِأَشْطَانٍ شِدَادٍ، فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ذَاكَ ابْنُ أَخِيكَ، يَعْنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: ذَكَرَهُ مِسْكِينٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

الشَّطَنُ: الْحَبْلُ الطَّوِيلُ الشَّدِيدُ الْفَتْلِ، يُسْتَقَى بِهِ، وَتُشَدُّ بِهِ الْخَيْلُ يُقَالُ لِلْفَرَسِ الْعَزِيزِ النَّفْسِ، إِنَّهُ لَيَنْزُو بَيْنَ شَطَنَيْنِ، وَيُضْرَبُ مَثَلًا لِلْإِنْسَانِ الْأَشِرِ الْبَطِرِ الْقَوِيِّ، وَالْفَرَسُ إِذَا اسْتَعْصَى عَلَى صَاحِبِهِ شَدَّهُ بِحَبْلٍ مِنْ جَانِبَيْنِ، فَهُوَ فَرَسٌ مَشْطُونٌ، قَالَ أَعْرَابِيٌّ: دَبَحَنِي نَزْعُ الرِّشَاءِ الْمُحْصَدِ وَكُنْتُ مِثَلَ الشَّطَنِ الْمُمَدَّدِ وَسَقْيُ ذَوْدِ كَالْقَطِيلِ الْأَجْرَدِ

الْقَطِيلُ: الْجِذْعُ، وَالْجَمْعُ: قُطُلٌ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيٍّ، قَالَ: قَالَ عَقِيلُ بْنُ عُلَّفَةَ: إِنِّي لَيَحْمَدُنِي الْخَلِيلُ إِذَا اجْتَدَى ... مَالِي وَيَكْرَهُنِي ذَوُو الْأَضْعَانِ وَأَبَيْتُ تَخْلِجُنِي الْهُمُومُ كَأَنَّنِي ... دَلْوُ السُّقَاةِ تُمَدُّ بِالْأَشْطَانِ وَأَعِيشُ بِالْبَلَلِ الْقَلِيلِ وَقَدْ أَرَى ... أَنَّ الرُّسُومَ مَصَارِعُ الْفِتْيَانِ 415 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ الْعَبَّاسِ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ عِكْرِمَةُ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، فَحُبِسَ يَوْمَهُ، وَلَيْلَتَهُ، وَالْغَدَ، حَتَّى دُفِنَ مِنَ اللَّيْلِ، وَقَالُوا: لَمْ يَمُتْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ عُرِجَ بِرُوحِهِ، كَمَا عُرِجَ بِرُوحِ مُوسَى، فَقَامَ عُمَرُ خَطِيبًا، فَجَعَلَ يُوعِدُ الْمُنَافِقِينَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَاتَ، وَلَكِنْ عُرِجَ بِرُوحِهِ، كَمَا عُرِجَ بِرُوحِ مُوسَى، لَا يَمُوتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يُقَطِّعَ أَيْدِي أَقْوَامٍ وَأَلْسِنَتِهِمْ، وَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ، حَتَّى أَزْبَدَ شِدْقَاهُ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: " أَيْ قَوْمِ، §إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَاتَ، وَإِنَّهُ بَشَرٌ، أَيْ قَوْمِ، ادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ، فَهُوَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ يُمِيتَ أَحَدَكُمْ إِمَاتَةً، وَيُمِيتَهُ إِمَاتَتَيْنِ، لَهُوَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، ادْفِنُوهُ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي تَقُولُونَ كَمَا تَقُولُونَ، فَلَيْسَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ أَنْ يَبْحَثَ عَنْهُ التُّرَابَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَاتَ حَتَّى تَرَكَ السَّبِيلَ نَهْجًا وَاضِحًا، أَحَلَّ الْحَلَالَ، وَحَرَّمَ الْحَرَامَ، وَنَكَحَ وَطَلَّقَ، وَحَارَبَ وَسَالَمَ، وَمَا كَانَ رَاعِي غَنَمٍ، يَتَّبِعُ

بِهَا صَاحِبُهَا رُءُوسَ الْجِبَالِ، يَخْبِطُ عَلَيْهَا بِمِخْبَطِهِ، وَيَمْدُرُ حَوْضَهَا بِيَدِهِ، بِأَنْصَبَ، وَلَا أَدْأَبَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ فِيكُمْ، أَيْ قَوْمِ، ادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ، وَجَعَلَتْ أُمُّ أَيْمَنَ، تَبْكِي يَوْمَئِذٍ، فَقِيلَ: يَا أُمَّ أَيْمَنَ تَبْكِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: أَمَا وَاللَّهِ مَا أَبْكِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَلَّا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا، وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَى خَبَرِ السَّمَاءِ انْقَطَعَ ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: نا حَمَّادٌ، قَالَ: نا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ

قَوْلُهُ: يَخْبِطُ عَلَيْهَا بِمِخْبَطِهِ، فَالْخَبْطُ: الْهَشُّ، وَأَنْشَدَ: إِنْ لَمْ يَكُنْ وَرَقٌ يَوْمًا أَجُودُ بِهِ ... لِلْخَابِطِينَ فَإِنِّي لَيَّنُ الْعُودِ أَلَا تَرَيْنَ وَقَدْ قَطَّعْتِنِي عَذَلًا ... مَاذَا مِنَ الْفَوْتِ بَيْنَ الْبُخْلِ وَالْجُودِ يُقَالُ مِنْهُ خَبَطَ الرَّحْلَ وَاخْتَبَطَ 416 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: نا الزُّبَيْرُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ، وَعَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَا: جَاءَ أَبُو شَجَرَةَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ السُّلَمِيُّ، إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَهُوَ يَقْسِمُ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، §أَعْطِنِي، فَإِنِّي ابْنُ سَبِيلٍ، قَالَ: فَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَبُو شَجَرَةَ السُّلَمِيُّ، قَالَ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ، أَلَسْتَ الَّذِي تَقُولُ: وَرَوَّيْتُ رُمْحِي مِنْ كَتِيبَةِ خَالِدٍ ... وَإِنِّي لَأَرْجُو بَعْدَهَا أَنْ أُعَمَّرَا وَعَارَضْتُهَا شَهْبَاءَ تَخْطِرُ بِالْقَنَا ... تَرَى الْبَيْضَ فِي حَافَاتِهَا وَالسَّنَوَّرَا. ثُمَّ عَلَاهُ بِالدِّرَّةِ، حَتَّى سَبَقَهُ عَدْوًا، فَأَتَى رَاحِلَتَهُ، فَرَكِبَهَا رَاجِعًا إِلَى بِلَادِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: قَدْ ضَنَّ عَنَّا أَبُو حَفْصٍ بِنَائِلِهِ ... وَكُلُّ مُخْتَبِطٍ يَوْمًا لَهُ وَرَقُ مَا زَالَ يَضْرِبُنِي حَتَّى خَذِيتُ لَهُ ... وَحَالَ مِنْ دُونِ بَعْضِ الرَّغْبَةِ الشَّفَقُ ثُمَّ ارْعَوَيْتُ إِلَيْهَا وَهِيَ حَانِيَةٌ ... مِثْلَ الرَّتَاجِ إِذَا مَا لَزَّهُ الْغَلَقُ أَقْبَلْتُهَا الْخَلَّ مِنْ شَوْرَانَ صَادِرَةً ... إِنِّي لَأَزْرِي عَلَيْهَا وَهِيَ تَنْطَلِقُ

وَكِدْتُ أَتْرُكُ أَثْوَابِي وَرَاحِلَتِي ... وَالشَّيْخُ يُضْرَبُ أَحْيَانًا فَيَنْحَمِقُ ".

وَيُرْوَى أَقْبَلْتُهَا الْخَلَّ مِنْ شَوْذَانَ، تَقُولُ: أَقْبَلْتُ الْإِبِلَ طَرِيقَ كَذَا، وَكَذَا، إِذَا اسْتَقْبَلْتَ بِهَا الْإِبِلَ بِسُوقِكِ، وَأَقْبَلْتَ الْإِبِلَ مَجْرَى الْمَاءِ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ، كَانَ يَشْتَرِي الْعِيرَ مِنَ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ، ثُمَّ يُقْبِلُهَا فَمَ الشِّعْبِ الَّذِي فِيهِ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَنُو هَاشِمٍ. وَقَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ، وَهِيَ حَانِيَةٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: حَابِيَةٌ، وَالْحَابِيَةُ: الْمُرْتَفِعَةُ الْعَظِيمَةُ الشَّخْصِ، وَأَنْشَدَ لِرَاجِزٍ: إِذَا أَرَدْتَ طَلَبَ الْمَفَاوِزِ ... فَاعْمِدْ لِكُلِّ بَازِلٍ تُرَامِزِ أَعْيسَ يُبْلَى جُدُدَ التَّحَائِزِ ... وَكُلُّ حَابِي الْمَنْكَبَيْنِ ضَامِزِ وَالْحَابِي الْمَنْكَبَيْنِ: الْمُرْتَفِعُ الْمَنْكَبَيْنِ إِلَى عُنُقِهِ، وَالضَّامِزُ: الَّذِي لَا يَرْغُو. وَمِنْهُ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَذَكَرَ قَوْمًا، فَقَالَ: قُلُوبُهُمْ قَرِحَةٌ،

وَأَفْوَاهُهُمْ ضَامِزَةٌ وَالتُّرَامِزُ: الشَّدِيدُ الْقَوِيُّ، وَمِنَ الِاخْتِبَاطِ أَيْضًا حَدِيثُ عُمَرَ. 417 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " كُنَّا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِضَجْنَانَ، فَقَالَ: كُنْتُ §أَرْعَى إِبِلًا لِلخَطَّابٍ بِهَذَا الْمَكَانِ، وَكَانَ فَظًّا غَلِيظًا، وَكُنْتُ أَرْعَى أَحْيَانًا، وَأَختَبِطُ أَحْيَانًا، فَأَصْبَحْتُ لَيْسَ فَوْقِي إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ قَالَ:

لَا شَيْءَ فِيمَا نَرَى إِلَّا بَشَاشَتُهُ ... يَبْقَى الْإِلَهُ وَيُودِي الْمَالُ وَالْوَلَدُ " وَالْخَبَطُ: اسْمُ مَا خُبِطَ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ وَرَقُ الْعَضَاهِ مِنَ الطَّلْحِ وَنَحْوِهِ يُخَتَبَطُ بِالْعَصَا، حَتَّى يَتَنَاثَرَ، ثُمَّ تَعْلِفَهُ الْإِبِلَ. وَمِنْهُ حَدِيثُ جَابِرٍ، وَذَكَرَ غَزَاةً، فَقَالَ: أَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ، حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ،

فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْجَيْشُ جَيْشَ الْخَبَطِ، وَالْمِخْبَطُ: الْعَصَا، وَالْمَدْرُ: تَطْيِينُكَ وَجْهَ الْحَوْضِ بِالطِّينِ الْحُرِّ، وَالْمَمْدَرَةُ: مَوْضِعٌ فِيهِ طِينٌ حُرُّ يُسْتَعَدُ لِذَلِكَ وَقَالَ فِي حَدِيثِ الْعَبَّاسِ رَحِمَهُ اللَّهُ «أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ حِينَ ذَكَرَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا ذَكَرَ مِنْ صِهْرِ أَبِي الْعَاصِي، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ نَدَّدَ بِكَ» .

التَّنْدِيدُ: أَنْ تُنَدِّدَ بِإِنْسَانٍ مِثْلَ أَنْ تُسَمِّعَ بِعُيُوبِهِ، وَأَصْلُهُ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ قَالَ طَرَفَةُ: وَصَادِقَتَا سَمْعِ التَّوَجُّسِ لِلسُّرَى ... لِجَرْسٍ خَفِيٍّ أَوْ لِصَوْتٍ مُنَدِّدِ وَالْمُنَدِّدُ: الرَّفِيعُ الْعَالِي، وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ أُمَيَّةَ الصُّغْرِيُّ: أُفَرِّرُ بِالْأَبَاطِحِ كُلَّ يَوْمٍ ... مَخَافَةَ أَنْ يُنَدِّدَ بِي حَكِيمُ وَيُرْوَى مَخَافَةَ أَنْ يُشَرِّدَ بِي حَكِيمٌ، وَحَكِيمٌ هَذَا هُوَ: حَكِيمُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ الْأَوْقَصِ السُّلَمِيُّ حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَكَانُوا اسْتَعْمَلُوهُ عَلَى سُفَهَائِهِمْ، فَفَرَّ مِنْهُ الْحَارِثُ، فَهَدَمَ حَكِيمٌ دَارَهُ، فَأَعْطَاهُ بَنُو هَاشِمِ بْنِ الْمُغِيرَةَ دَارَهُ الَّتِي بِأَجْيَادَ وَذَلِكَ أَنَّ هِشَامَ بْنَ الْمُغِيرَةِ، وَحَرْبَ بْنَ أُمَيَّةَ تُوُفِّيَا، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا فِيمَا ذَكَرُوا إِلَّا سَبَعَةَ أَيَّامٍ، وَيُقَالُ: بَلْ مَاتَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَرَثَى الْحَارِثُ بْنُ أُمَيَّةَ هِشَامًا، وَلَمْ يَرْثِ حَرْبًا، فَقَالَ:

فَمَا كُنْتَ كَالْهَلْكَى فَتُبْكَى بُكَاءَهُمْ ... وَلَكِنْ أَضْرَى الْهُلَّاكَ فِي جَنْبِهِ وَغْلَا أَلَمْ تَرَيَا أَنَّ الْأَمَانَةَ أَصْعَدَتْ ... مَعَ النَّعْشِ إِذْ وَلَّى وَكَانَ لَهَا أَهْلَا وَقَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: قَدْ نَدَّدَ بِهِ، وَحَنْظَى بِهِ، وَعَنْظَى بِهِ إِذَا أَسْمَعَهُ، وَأَنْشَدَ: حَتَّى إِذَا أَجْرَسَ كُلُّ طَائِرِ ... قَامَتْ تُعَنْظِي بِكَ سِمْعَ الْحَاضِرِ 419 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ الْعَبَّاسِ رَحِمَهُ اللَّهُ " أَنَّهُ §نَجَمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ أَبْيَضُ بَضٌّ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ، فَقَالَ: " أَعْجَبَنِي جَمَالُكَ يَا عَمَّ النَّبِيِّ، قَالَ: وَمَا الْجَمَالُ فِي الرَّجُلِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «اللِّسَانُ» . حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْخَلِيلِ بْنِ أَسْوَدَ، عَنِ الْعُمَرِيِّ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الْأَيْلِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ: الْبَضَّةُ: الرَّقِيقَةُ الْجِلْدِ، إِنْ كَانَتْ بَيْضَاءَ أَوْ أَدْمَاءَ.

قَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ امْرَأَةٌ غَضَّةٌ بَضَّةٌ، قَدْ غَضَّتْ فَهِيَ تَغَضُّ، وَقَالَ غَيْرُهُمَا: الْبَضَّةُ: التَّارَّةُ الْمُكْتَنِزَةُ اللَّحْمِ، يُقَالُ: بَشَرَةٌ بَضَّةٌ بَضِيضَةٌ وَبَضَّةٌ بَضَاضٌ، وَأَنْشَدَ: كُلُّ رَدَاحِ بَضَّةٍ بَضَاضِ وَقَالَ الرَّاجِزُ: يَتْرُكُ ذَا اللَّوْنِ الْبَضِيضِيِّ أَسْوَدَا. وَقَالَ الشَّاعِرُ: أَلَا لَيْسَ فَتَى الْفِتْيَانِ ... بِالرَّخْصِ وَلَا الْبَضِّ وَلَكِنْ مُبْتَنِي الْعُرْفِ ... بِفَرْضٍ كَانَ أَوْ قَرْضِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ الْعَبَّاسِ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَسُئِلَ عَنْ سِنِّهِ، فَقَالَ: كُنْتُ لِدَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".

لَدَةُ الرَّجُلِ: الَّذِي وُلِدَ مَعَهُ أَوْ قَرِيبًا مِنْ مِيلَادِهِ، وَالِاثْنَانِ لِدَتَانِ، وَالْجَمْعُ: لِدُونٌ وَلِدَاتٌ. قَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ: صَفْرَاءُ أَعْجَلَهَا الشَّبَابُ لِدَاتِهَا ... مَوْسُومَةٌ بِالْحُسْنِ غَيْرُ قَطُوبِ تَخْطُو عَلَى بَرْدِيَّتَيْنِ غَذَاهُمَا ... غَدِقٌ بِسَاحَةِ حَائِرٍ يَعْبُوبِ فَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: صَفْرَاءُ، يَقُولُ: هِيَ كَاتِعَةٌ مِنَ الطِّيبِ، أَعْجَلَهَا الشَّبَابُ لِدَاتِهَا، أَيْ سَبَقَتْ أَقْرَانُهَا فِي الشَّبَابِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ ابْنِ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ: لَمْ تَلْتَفِتْ لِلْدَاتِهَا ... وَمَضَتْ عَلَى غُلْوَائِهَا يُقَالُ: كَانَ ذَلِكَ فِي غُلْوَائِهِ: أَيْ حِينَ يَغْلُو، فَيَطُولُ، وَغَلَا النَّبْتُ يَغْلُو غُلُوًا إِذَا طَالَ، وَكَذَلِكَ غَلَا الصَّبِيُّ: إِذَا شَبَّ. قَالَ الْحَارِثُ بْنُ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ:

خُمْصَانَةٌ قَلِقٌ مُوَشَّحُهَا ... رُؤْدُ الشَّبَابِ غَلَا بِهَا عَظْمُ رُؤْدُ الشَّبَابِ: نَاعِمَةُ الشَّبَابِ، وَيُقَالُ لِلْجَارِيَةِ، إِذَا شَبَّتْ شَبَابًا حَسَنًا، وَجَاوَزَتْ لِدَاتَهَا: قَدْ غَلَا بِهَا عَظْمٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ: حَتَّى إِذَا غَلَا بُنَيَّ وَاحْتَجَنَ وَزَانَهُ الشَّحْمُ وَلِلْشَحْمِ زِيَنْ رَجَعَ إِلَى تَفْسِيرِ يَعْقُوبَ. وَقَوْلُهُ: مَوْسُومَةٌ: أَيْ عَلَيْهَا سِمَةُ الْحُسْنِ. وَقَوْلُهُ: عَلَى بُرْدِيَّتَيْنِ: أَيْ عَلَى سَاقَيْنِ كَأَنَّهُمَا بَرْدِيَّتَانِ فِي بَيَاضِهِمَا، وَصَفَائِهِمَا، وَأُمْلِيسَاسِهِمَا، قَالَ الْعَجَّاجُ: كَأَنَّمَا عِظَامُهَا بَرْدِيُّ ... سَقَاهُ رِيًّا حَائِرٌ رَوِيُّ يُقَالُ: مَكَانٌ حَائِرٌ، إِذَا كَانَ مُطْمَئِنُ الْوَسَطِ، مُرْتَفِعُ الْحُرُوفِ، يَعْبُوبٌ: طَوِيلٌ. قَالَ: وَالْبَرْدِيُّ: لَا عُقَدَ لَهُ وَلَا عَضَلَ، وَهُوَ عَيْبٌ أَنْ تَكُونَ السَّاقُ عَظِيمَةَ الْعَضَلِ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: لِدَانِ فِي التَّثْنِيَةِ، لِأَنَّهُمْ أَقَامُوا زِيَادَتَيِ التَّثْنِيَةِ مُقَامَ الْهَاءِ الْمَحْذُوفَةِ، فَيَقُولُونَ: لِدَانِ، كَمَا قَالُوا أَلْيَانِ، وَخُصْيَانِ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: هُمَا خُصْيَانِ إِذَا جُمِعَتَا، فَإِذَا انْفَرَدَتِ الْوَاحِدَةُ قِيلَ: هَذِهِ

خُصْيَةٌ، قَالَ الرَّاجِزُ: قَدْ حَلَفَتْ بِاللَّهِ لَا أُحِبُّهْ ... إِنْ طَالَ خُصْيَاهُ وَقَصْرَ زُبُّهُ وَيُقَالُ: هُمَا أَلْيَانِ، فَإِذَا أُفْرَدْتَ الْوَاحِدَةَ فَهِيَ أَلْيَةٌ، وَأَنْشَدَ: كَأَنَّمَا عَطِيَّةُ بْنُ كَعْبٍ ظَعِينَةٌ وَاقِفَةٌ فِي رَكْبِ تَرتَجُّ أَلْيَاهُ ارْتِجاجَ الْوَطَبِ. وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ: بَانَ الْخَليِطُ بِلَيْلٍ مِنْكَ فَانْجَرَدُوا ... وَأَخْلَفُوكَ عِدَ الْأَمْرِ الَّذِي وَعَدُوا. أَرَادَ عِدَّةَ الْأَمْرِ، فَحَذَفَ الْهَاءَ، وَجَعَلَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ عِوَضًا مِنَ الْهَاءِ، لِأَنَّ الْمُضَافَ وَالْمُضَافَ إِلَيْهِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ زِيَادَةُ التَّثْنِيَةِ، وَمَا لَزِمْتَهُ الزِّيَادَتَانِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ، وَقَالَ: قَامَ وُلَاهَا فَسَقَوْهُ صَرْخَدَا أَرَادَ وُلَاتُهَا، وَقَدْ جَاءَ عَنْ بَعْضِهِمْ: خُصْيَتَاتُ. 421 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ: نا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ

سَلَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ لَاحِقٍ الرَّقَاشِيُّ، قَالَ: §أَتَى فَتًى مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ حَمَّادًا الرَّاوِيَةَ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ شِعْرًا قَالَهُ، فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا بِشِعْرِكَ، إِنَّمَا اجَتَلَبْتَهُ، قَالَ: لَا وَاللَّهِ إِنَّهُ لَشِعْرِي، قَالَ: فَإِنْ كَانَ شِعْرَكَ فَاهْجُنِي، وَكَانَ حَمَّادٌ ضَخْمَ الْبَطْنِ، فَتَنَحَّى الْفَتَى نَاحِيَةً، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ قُلْتُ، فَقَالَ: هَاتَ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ: سَيَعْلَمُ حَمَّادٌ إِذَا مَا هَجَوْتُهُ ... أَكُنْتُ اجْتَلَبْتُ الشِّعَرَ أَمْ أَنَا شَاعِرُ أَلَمْ تَرَ حَمَّادًا تَقَدَّمَ بَطنُهُ ... فَجَاوَزَ مِنْهُ مَا تُجِنُّ الْمَآزِرُ فَلَيْسَ بَرَاءٍ خُصْيَتُيْهِ وَلَوْ جَثَا ... لِرُكْبَتِهِ مَا دَامَ لِلزَّيْتِ عَاصِرُ فَقَالَ حَمَّادٌ: أَشْهَدُ إِنَّهُ شِعْرُكَ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ فِي الْوَاحِدَةِ خُصْيَةٌ وَخِصيَةٌ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: خُصْيَةٌ، وَلَمْ أَسْمَعْ خِصْيَةً، وَسَمِعْتُ خُصَيَاهُ، وَلَمْ يَقُولُوا: خُصْيٌ لِلْوَاحِدِ

422 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ الْعَبَّاسِ رَحِمَهُ اللَّهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تُوُفِّيَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأَبِي بَكْرٍ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى الْعَبَّاسِ، فَجَعَلَ لَهُ فِي هَذَا الْأَمْرِ نَصِيبًا مِنْ بَعْدِكَ، تَقْطَعُ عَنْكَ نَاحِيَةَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَادَيْتَهُ، فَذَهَبُوا إِلَيْهِ لَيْلًا، فَعَرَضُوا ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرْضَوْا مِنْ جَوَابِهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: عَلَى رِسْلِكُمْ يَا بَنِي هَاشِمٍ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَّا وَمِنْكُمْ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: §" أَمَّا زَعْمُكَ يَا عُمَرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَّا وَمِنْكُمْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَجَرَةٍ، نَحْنُ أَغْصَانُهَا، وَأَنْتُمْ جِيرَانُهَا، فَإِنْ كُنْتَ بِرَسُولِ اللَّهِ طَلَبْتَ، فَحَقَّنَا أَخَذْتَ، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يَجِبُ ذَلِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ، فَوَاللَّهِ مَا وَجَبَ إِذْ كُنَّا كَارِهِينَ، وَإِنْ كَانَ حَقُّكَ تَعْرِضُهُ عَلَيْنَا، فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ، وَإِنْ كَانَ حَقَّ الْمُسْلِمِينَ، فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَحْكُمَ فِيهِ دُونَهُمْ، وَإِنْ كَانَ حَقَّنَا تَعْرِضُهُ عَلَيْنَا، فَإِنَّا لَا نَأْخُذُ بَعْضَهُ دُونَ بَعْضٍ، {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء: 111] ". حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَوْلُهُ: تَقْطَعُ عَنْكَ نَاحِيَةَ عَلِيٍّ وَعَادَيْتَهُ، فَإِنَّ عَادِيَةَ الرَّجُلِ مَا يُتَخوَّفُ مِنْهُ، تَقُولُ: كُفَّ عَنَّا عَادِيَتَكَ، وَعَادِيَةَ شَرِّكَ، وَأَصْلُ الْعَادِيَةِ: الْقَوْمُ يَحْمِلُونَ فِي الْحَرْبِ قَالَ الْجَعْدِيُّ: وَعَادِيَةٍ سَوْمَ الْجَرَادِ وَزَعْتُهَا ... فَكَلَّفْتُهَا سِيدًا أَزَلَّ مُصَدَّرَا فَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: الْعَادِيَةُ الْحَامِلَةُ،

وَكَذَلِكَ عَدِيُّ الْقَوْمِ، أَيْ حَامِلَتُهُمْ، قَالَ خَالِدُ بْنُ مَالِكٍ الْخُنَاعِيُّ: لَمَّا رَأَيْتُ عَدِيَّ الْقَوْمِ يَسْلُبُهُمْ ... طَلْحُ الشَّوَاجِنِ وَالطَّرْفَاءُ وَالسَّلَمُ الشَّوَاجِنُ: شِعْبٌ فِي الْحِرَارِ، وَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُنْهَزِمُونَ تَعْلَقُ ثِيَابُهُمْ بِالشَّجَرِ، فَيَدَعُونَهَا. رَجَعَ إِلَى قَوْلِ يَعْقُوبَ: وَقَوْلُهُ: سَوْمُ الْجَرَادِ، أَيْ تَنْتَشِرُ كَمَا يَنْتَشِرُ الْجَرَادُ، وَزَعْتُهَا: كَفَفَتُهَا، وَكَلَّفْتُهَا سِيدًا، أَيْ حَمَلْتُ مَئُونَةَ هَذِهِ الْعَادِيَةِ عَلَى فَرَسٍ، وَشَبَّهَهَا بِالذِّئْبِ، وَالْأَزَلُّ: مِنْ صِفَةِ الذِّئْبِ، لِدِقَّةِ مُؤَخِّرِهِ. قَالَ غَيْرُهُ: الْأَزَلُّ: هُوَ السَّرِيعُ. وَأَنْشَدَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ لِبَعْضِ الْفَزَارِيِّينَ. هَلْ لَكَ فِي أَجْودِ مَا قَادَ الْعَرَبُ هَلْ لَكَ فِي الْخَالِصِ غَيْرِ الْمُؤْتَشَبْ جِذْلِ رِهَانٍ فِي ذِرَاعَيْهِ خَدَبْ أَزَلَّ إِنْ قِيدَ وَإِنْ قَامَ نَصَبْ كَأَنَّمَا مِيهُ بِهِ مَاءُ الذَّهَبْ. فَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: خَدَبُهَا: غِلَظُهَا، وَنُتُوءُ مُقَدِّمِهَا، وَالْأَزَلُّ: السَّرِيعُ يَزَلُّ زَلِيلًا سَرِيعًا، وَإِنْ قَامَ نَصَبَ، يَقُولُ: إِذَا قَامَ رَأَيْتَهُ مُشْرِفَ الْعُنُقِ وَالرَّأْسِ، وَالْجِذْلُ: الْأَصْلُ جِذْلُ رِهَانٍ، أَيْ صَاحِبُ رِهَانٍ،

وَأَنْشَدَ أَبُو زَيْدٍ: لَاقَتْ عَلَى الْمَاءِ جُذَيلًا وَاتِدَا ... وَلَمْ يَكُنْ يُخْلِفُهَا الْمَوْاعِدَا وَقَدْ يَحْمِلُ بَعْضُ النَّاسِ قَوْلَ الْحُبَابِ بْنِ الْمُنْذِرِ: أَنَا جُذَيلُهَا الْمُحَكَّكَ. عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ، وَالْمُحَكَّكُ: الْمُعَاوِدُ لِتِلْكَ الْمُقَامَاتِ، وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمِمَّا يَشُدُّ قَوْلَ أَبِي عُبَيْدٍ عَلَى مَا وَجَّهَهُ فِي كِتَابِهِ، قَوْلُ الْمُعَطِّلِ الْهُذَلِيِّ: رِجَالٌ بَرَتْنَا الْحَرْبُ حَتَّى كَأَنَّنَا ... جِذَالُ حِكَاكٍ لَوَّحَتْهَا الدَّوَاجِنُ وَقَالَ فِي حَدِيثِ الْعَبَّاسِ رَحِمَهُ اللَّهُ، " أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ، كَانَ يَقُولُ لَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ: ظَنِّي بِعَبَّاسٍ حَبِيبِي إِنْ كَبِرْ أَنْ يَمْنَعَ الْأُخْرَى إِذَا ضَاعَ الدُّبُرْ وَيَنْزَعَ السَّجْلَ إِذَا اللَّيْلُ اقْمَطَرْ وَيَسْبَأَ الزِّقَّ الْعَظِيمَ الْقِنَّخِرْ وَيَفْصِلَ الْخُطَّةَ فِي الْأَمْرِ الْمُبِرْ وَيَكْشِفَ الْكَرْبَ إِذَا مَا الْيَوْمُ هَرْ

أَكْمَلَ مِنْ عَبدِ كُلَالٍ وَحُجُرْ لَوْ جُمِعَا لَمْ يَبْلُغَا مِنْهُ الْعُشُرْ قَوْلُهُ: اقْمَطَرَ، أَيِ اشْتَدَّ، يُقَالُ شَرٌّ قُمَاطِرٌ وَمُقْمَطِرٌ وَقِمِطْرٌ، قَالَ أبو طَالِبٍ: وَكُنْتُ إِذَا قَوْمٌ رَمَونِي رَمَيْتُهُمْ ... بِمُسْقِطَةِ الْأَحْبَالِ فَقْمَاءَ قِمْطِرِ وَأَمَّا قَوْلُ خَنْسَاءَ:. . . . . . مُقْمَطِرَّاتٌ وَأَحْجَارُ فَيُقَالُ: اقْمَطَرَّتْ عَلَيْهِ الْحِجَارَةُ فَتَدَاكَأَتْ، وَاقْمِطَرَارُ الشَّيْءِ: إِطْلَالُهُ وَتَرَاكُمُهُ إِذَا غَشِيَهُ. وَيُقَالُ: سَبَأْتُ الْخَمْرَ: إِذَا اشْتَرَيْتُهَا، وَاسْمُهَا، السَّبِيئَةُ، وَمَصْدَرُهَا السِّبَاءُ. قَالَ الْأَعْشَى: وَسَبِيئَةٍ مِمَّا تُعَتِّقُ بَابِلُّ ... كَدَمِ الذَّبِيحِ سَلَبْتُهَا جِرْيَالَهَا وَالقِنَّخْرُ: الْعَظِيمُ الْجَلَالِ، وَالْمِبُرُّ: الْغَالِبُ، يُقَالُ: قَدْ أَبَرَّ عَلَيْهِمُ الْأَمْرُ أَيْ غَلَبَ.

حديث زيد بن ثابت رحمه الله

حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ، قَالَا: قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ لِابْنِهِ الْعَبَّاسِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ تَمَّ حَدِيثُ الْعَبَّاسِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتْلُوهُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

424 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ زَيْدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، " وَذُكِرَ الْمَالُ، فَقَالَ فِيهِ: كِبْرُ سِيَاسَةِ النَّاسِ الْيَوْمَ ". حَدَّثَنَاهُ ابْنُ الْهَيْثَمِ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَرْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ شَيْخٌ صَالِحٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ , قَالَ: قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَذَكَرَ §الدُّنْيَا وَالْمَالَ، فَقَالَ هُوَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَضِرَةٌ حَلْوَةٌ» ، قَالَ: وَقَالَ زَيْدٌ فِيهِ: كِبْرُ سِيَاسَةِ النَّاسِ الْيَوْمَ

قَالَ يَعْقُوبُ: كِبْرُ سِيَاسَةِ النَّاسِ فِي الْمَالِ، بِكَسْرِ الْكَافِ، وَكِبْرُ الشَّيْءِ مُعْظَمُهُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11] ، ثُمَّ قَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ: تَنَامُ عَنْ كِبْرِ شَأْنِهَا فَإِذَا ... قَامَتْ رُوَيْدًا تَكَادُ تَنْغَرِفُ قَالَ يَعْقُوبُ: وَيُقَالُ: الْوَلَاءُ لِلْكُبْرِ، ذَكَرَهُ بِالضَّمِّ، وَهُوَ أَكْبَرُ وَلَدِ الرَّجُلِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: الْوَلَاءُ لِلْكُبْرِ

أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مَعْنَاهُ أَنَّ الْوَلَاءَ لِأَقْعَدَ النَّاسَ بِالْمُعْتِقِ يَوْمَ يَمُوتُ الْمُعْتَقُ 425 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ شُرَيْحٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنْ مَلَكَ شَيْئًا حَيَاتَهُ، فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ، وَقَالَ عَلِيٌّ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَزَيْدٌ: §الْوَلَاءُ لِلْكُبْرِ 427 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: قَالَ: «§الْخِنَّابَتَانِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ ثُلُثُ دِيَّةِ الْأَنْفِ» . يُرْوَى عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ مَكْحُولٍ , عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ

الْخِنَّابَتَانِ: وَحْشِيَّا الْمَنْخِرَيْنِ، وَهُمَا حَرْفَاهُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، وَالْوَتَرَةُ،: الْحَاجِزُ بَيْنَ الْمَنْخِرَيْنِ، وَيُقَالُ مِنْ غَيْرِ هَذَا: أَخْنَبْتُ رِجْلَ الرَّجُلِ فَخَنِبَتْ، أَيْ أَوْهَنْتُهَا فَوَهَنَتْ، قَالَ الرَّاجِزُ: أَبِي الَّذِي أَخْنَبَ رِجْلَ ابْنِ الصَّعِقْ

إِذْ كَانَتِ الْخَيْلُ كَعِلْبَاءِ الْعُنُقْ وَقَالَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، " أَنَّهُ اجْتَمَعَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْمَرْأَةِ تَضَعُ ذَا بَطْنِهَا بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا، فَقَالَ زَيْدٌ: قَدْ حَلَّتْ، وَقَالَ عَلِيٌّ: أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، قَالَ زَيْدٌ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَتْ نَسْئًا، قَالَ علي: فَآخِرُ الْأَجَلَيْنِ، فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ أَنَّهَا وَضَعَتْ ذَا بَطْنِهَا، وَزَوْجُهَا عَلَى نَعْشِ سَرِيرِهِ، لَمْ يَدْخُلْ حُفْرَتَهُ لَكَانَتْ قَدْ حَلَّتْ.

النَّسْءُ: الْحَامِلُ، وَبِهَذَا اللَّفْظِ يُقَالُ لِلَّبَنِ الَّذِي قَدْ أُكْثِرَ مَاؤُهُ: هُوَ نَسْءٌ، قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الْوَرْدِ: سَقَوْني النَّسءَ ثُمَّ تَكَنَّفُونِي ... عُدَاةُ اللَّهِ مِنْ كَذِبٍ وَزُورِ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: كَيْفَ تَرَكْتَ أَرْضَ بَنِي فُلَانٍ؟ قَالَ: تَرَكْتُ أَرْضًا شَبِعَتْ قَلُوصُهَا، وَنُسِئَتْ شَاتُهَا، قَالَ: فَهَلْ مَعَ ذَلِكَ خُوصَةٌ؟ قَالَ: شَيْءٌ قَلِيلٌ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَحْمَدْتَ، وَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ صَالِحِينَ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ أَوَّلَ مَا تَحْمِلُ: قَدْ نُسِئَتْ تُنْسَأُ نَسْئًا، وَامْرَأَةٌ نَسْءٌ، وَنِسْوَةٌ

نُسُوءٌ وَنُسُوءٌ، ثُمَّ تَكُونُ حُبْلَى وَحَامِلًا، وَالْحَبَلُ: الِامْتِلَاءُ، يُقَالُ: حَبِلَ الرَّجُلُ مِنَ الشَّرَابِ إِذَا امْتَلَأَ، وَرَجُلٌ حَبْلَانُ وَامْرَأَةٌ حَبْلَى، كَأَنَّهُ مِنْ ذَلِكَ مُشْتَقٌّ، وَرَجُلٌ حَبْلَانُ، إِذَا امْتَلَأَ غَضَبًا وَقَالَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، إِنَّ رَجُلًا، قَالَ: فَرَضَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْجَدَّ، ثُمَّ أَنَارَهَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَيُرْوَى: نَوَّرَهَا، أَيْ بَيَّنَهَا وَأَوْضَحَهَا، قَالَ الشَّاعِرُ:

أَحَادِيثُ مِنْ عَادٍ وَجُرْهُمَ ضَلَّةُ ... يُنَوِرُّهَا الْعِضَّانِ زَيْدٌ وَدَغْفَلُ وَيُرْوَى: يُثَوُرُهَا. وَذَكَرُوا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِحَارِثَةَ الْأَنْصَارِيِّ: هَذَا عَبْدٌ نَوَّرَ اللَّهُ الْإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ.

430 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، «أَنَّهُ §قَضَى فِي الْبَازِلَةِ بِثَلَاثَةِ أَبْعِرَةٍ، وَفِي الّسَمْحَاقِ أَرْبَعَةٍ، وَفِي الْمُوَضَّحَةِ خَمْسًا، وَفِي الدَّامِغَةِ بِنِصْفِ بَعِيرٍ، وَفِي الدَّامِيَةِ بِبَعِيرٍ، وَفِي الْبَاضِعَةِ بِبَعِيرَيْنِ» . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا الْحَجَّاجُ، عَنْ مَكْحُولٍ

الْبَازِلَةُ: هِيَ الَّتِي تَبْزُلُ الْجِلْدَ لَا تَعْدُوهُ، وَالْحَارِصَةُ: أَهْوَنُ مِنَ الْبَازِلَةِ، إِنَّمَا تَكُونُ بَازِلَةً إِذَا بَزَلَتِ الْجِلْدَ أَجْمَعَ، وَنَفَذَتْ إِلَى اللَّحْمِ قَالَ زُهَيْرٌ: سَعَى سَاعِيًا غَيْظِ بْنِ مُرَّةَ بَعْدَمَا ... تَبَزَّلَ مَا بَيْنَ الْعَشِيرَةِ بِالدَّمِ وَزَعَمَ أَبُو عُبَيْدٍ، أَنَّ الْمُتَلَاحِمَةَ هِيَ الَّتِي تَمْضِي فِي اللَّحْمِ، وَلَا تَبْلُغُ الْعَظْمَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الصَّحِيحُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ غَيْرُ مَا قَالَ، إِنَّمَا الْمُتَلَاحِمَةُ مِنَ الشَّجَاجِ، الَّتِي قَدْ بَرَأَتْ وَتَلَاحَمَتْ، وَالَّتِي عَنَى أَبُو عُبَيْدٍ، إِنَّمَا تَدْعُوهَا الْعَرَبُ: اللَّاحِمَةُ، وَهِيَ

حديث عبد الله بن أنيس رحمه الله

الَّتِي تَلْحِمُ، أَيْ تَأْخُذُ فِي اللَّحْمِ، كَمَا يَقُولُونَ: الْبَاضِعَةُ: لِمَا بَضَعَ، قَالَ: وَمِنَ الشَّجَاجِ: الْمُنْتَبَرَةُ، وَهِيَ الَّتِي تَعْمَلُ فِي اللَّحْمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَشُقَّ، فَيَنْتَبِرُ الدَّمُ تَحْتَ الْجِلْدِ وَيَرِمُ. وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ يَقُولُ: قَضَى فِيهَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، بِأَرْشٍ خَمْسِينَ دِرْهَمًا. قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: فَذَلِكَ الْأَرْشُ ثَمَنُ الْجُرْحُ إِذَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ. وَجَمَاعَتُهَا الْأُرُوشُ، قَالَ: وَأَهْلُ مَكَّةَ يُسَمُّونَهَا النُّذُورَ، فَيَقُولُونَ: نَذَرَ هَذَا الْجُرْحَ كَذَا وَكَذَا. تَمَّ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتْلُوهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

431 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: «§ذَهَبَ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَدَعَا بِطَعَامٍ قَلِيلٍ، فَجَعَلْتُ أُخَطِّطُ، لِيَشْبَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . يُرْوَى عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قُدَامَةَ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ أُمِّهِ عَنْ أَبِيهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ

حديث معاذ بن جبل رحمه الله

وَفِي حَدِيثٍ لِلشَّعْبِيِّ: مَا رَأَيْتُ أَحْلَمَ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، إِذَا خُولِفَ، وَلَا أَنْصَتَ مِنْهُ إِذَا حُدِّثَ، وَإِنْ كَانَ لَيُؤْتَى بِالطَّعَامِ، فَيُخَطَّطُ فِيهِ، وَيَتَوَلَّى الْحَدِيثَ تَمَّ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ يَتْلُوهُ حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

432 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، " أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: §لَا تَأْوُوا لَهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ضَرَبَ عَلَى رِقَابِهِمْ بِذُلٍ مُفْرَمٍ، وَإِنَّهُمْ سَبُّوا اللَّهَ سَبًّا لَمْ يَسُبَّهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ، دَعَوُا اللَّهَ ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ السَّكْسَكِيُّ، عَنْ أَبِيهِ , عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ

قَالَ: فَسَأَلْتُ صَفْوَانَ، مَا مُفْرَمٌ: قَالَ: ذُلٌّ دَاخِلٌ، وُمِنْهُ حَدِيثُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: لَوْ كُنْتُ فِي جُحْرٍ لَاسْتَخْرَجَتْنِي مِنْهُ بَنُو أُمَيَّةَ، حَتَّى يَقْضُوا حَاجَتَهُمْ مِنِّي، ثُمَّ لَيُسَلِّطَنَّهُمُ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، حَتَّى تَكُونُوا أَذَلَّ مِنْ فَرْمِ الْأُمَّةِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: الْفَرْمُ شَيْءٌ: يَجْعَلُهُ النِّسَاءُ فِي الْفُرُوجِ يَتَضَيَّقْنَ بِهِ وَلَعَلَّ الصَّحِيحَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ بِذُلِّ الْمُفْرَمِ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: وَآثَرَ بِالْمَلْحَاةِ آلَ مُجَاشِعٍ ... رِقَابَ إِمَاءٍ يَقْتَنِينَ الْمَفَارِمَا. وَقَوْلُهُ: لَا تَأْوُوا لَهُمْ، يَقُولُ: لَا تَرْحَمُوهُمْ، وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ: إِنَّهُ كَانَ يَفْتَحُ رِجْلَيْهِ عِنْدَ الْبَوْلِ حَتَّى تَأْوِيَ لَهُ. تَثُولُ: أَوَيْتُ لِلرَّجُلِ أَيَّةً وَأَوِيًّا، قَالَ الشَّاعِرُ: إِنِّي وَلَا كُفْرَانَ لِلَّهِ أَيَّةً ... لِنَفْسِي لَقَدْ طَالَبْتُ غَيْرَ مُنِيلِ

أَيَّةً: فَعْلَةً مِنْ أَوَيْتُ، كَأَنَّهُ قَالَ: رَحْمَةً لِنَفْسِي، وَأَصْلُ أَيَّةٍ: أَوْيَةٌ، فَأَدْغَمُوا الْوَاوَ فِي الْيَاءِ، تَقُولُ: مِنْهُ أَوَيْتُ أَيَّةً، وَمَأْوِيَّةً، وَأُوِيًّا، وَمَأْوَاةً، وَقَالَ:. . . . . . . . . . . . . . وَلَوْ أَنَّنِي اسْتَأْوَيْتُهُ مَا أَوَى لِيَا 433 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، " أَنَّهُ §قَالَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ: اخْرُجُوا مِنْهَا قَبْلَ ثَلَاثٍ، قَبْلَ أَلَّا يَكُونَ زَادٌ إِلَّا الْجَرَادَ، وَقَبْلَ انْقِطَاعِ الْحَبْلُ، وَقَبْلَ النَّارِ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: أَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ

حديث عمار بن ياسر رحمه الله

قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: الْحَبْلُ الطَّرِيقُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ حَبْلَ الْعَهْدَ، وَالْوُصَلُ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الْقَبَائِلِ، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا سَلَكَ طَرِيقًا أَخَذَ بِذِمَّةِ سَيِّدٍ، حَتَّى يُؤَدِّيَهُ إِلَى حَيٍّ آخَرَ، ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى يَنْتَهِيَ لِنِيَّتِهِ بِتِلْكَ الْحِبَالِ، أَيْ: بِتِلْكَ الْعُهُودِ، فَسُمَّيَتِ الطَّرِيقُ بِذَلِكَ حَبْلًا، قَالَ الْأَعْشَى: وَإِذَا تُجَوِّزُهَا حِبَالُ قَبِيلَةٍ ... أَخَذَتْ مِنَ الْأُخْرَى إِلَيْكَ حِبَالَهَا وَقَالَ زُهَيْرٌ: وَلَسْتُ بِلَاقٍ بِالْحِجَازِ مُجَاوِرًا ... وَذَا سَفَرٍ إِلَّا لَهُ مِنْهُمُ حَبْلُ تَمَّ حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَتْلُوهُ حَدِيثُ عَمَّارُ بْنِ يَاسِرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

434 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَمَّارٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، " أَنَّهُ §دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ حِينَ تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْتَشَطَ زَيْنَبَ مِنْ حِجْرِهَا، وَقَالَ: دَعِي هَذِهِ الْمَقْبُوحَةَ الْمَشْقُوحَةَ الَّتِي قَدْ آذَيْتِ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا ابْنُ الْمُقْرِئِ، قَالَ: نا أَبِي، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ

الِانْتِشَاطُ: الْأَخْذُ وَالتَّنَاوُلُ، وَقَالَ رُؤْبَةُ يَذْكُرُ طَرِيقًا: تَنَشَّطَتْهُ كُلُّ مِغَلَاةِ الْوَهَقْ وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِلنَّاقَةِ النَّشِيطَةِ، وَهِيَ الَّتِي يُصِيبُهَا الْقَوْمُ فِي مَمَرِّهِمْ لِغَارَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَهَا 435 - وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا مَحْمُودُ بْنَ آدَمَ، قَالَ: نا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَسِّدًا بردًا لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، §أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا، أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا، قَالَ: فَجَلَسَ مُحْمَرًا وَجْهُهُ، فَقَالَ: قَدْ كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ قَبْلَكُمْ تَحْفَرُ لَهُ الْحَفِيرَةُ، ثُمَّ يُنْشَرُ بِالْمِنْشَارِ مَا يَصُدُّهُ عَنْ دِينِهِ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ قَبْلَكُمْ لَيُنْشَطُ مَا بَيْنَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ مَا يَصُدُّهُ عَنْ دِينِهِ، وَلَيُتَمِّنَّ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّجُلُ مَا بَيْنَ كَذَا إِلَى كَذَا لَا يَخَافُ، وَلَكِنَّكُمْ تَعْجَلُونَ "

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَأَيْتُ كَانَ دَلْوًا دُلِّيَتْ مِنَ السَّمَاءِ، فَتَنَاوَلَهَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ عَلِيٌّ، فَانْتُشِطَتْ مِنْ يَدِهِ.

يُقَالُ: نَشِطَ الرَّجُلُ الدَّلْوَ يَنْشَطُهَا: إِذَا جَذَبَهَا صُعُدًا، وَيُقَالُ: بِئْرُ آلِ فُلَانٍ أَنْشَاطٌ، أَيْ جَذْبَهٌ وَاحِدَةٌ. وَالشَّقِيحُ: اتِّبَاعٌ لِلْقَبِيحِ، يُقَالُ: قُبْحًا لَهُ، وَشُقْحًا، وَقَبْحًا لَهُ وَشَقْحًا. وَذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ، أَنَّهُ لَيْسَ بِإِتِّبَاعٍ، وَلَا تَوْكِيدٍ، لِأَنَّ كُلَّ مَا أُفْرِدَ، فَهُوَ كَلَامٌ عَلَى حِدَةٍ وَإِنْ ضُمَّ الْأَحْيَانُ إِلَى غَيْرِهِ، يُقَالُ: الْقُبَاحَةُ وَالشَّقَاحَةُ، وَهُوَ مِنْ شَقَحَ الْبُسْرُ، إِذَا تَهَيَّأَ لِيُلَوِّنَ، وَهُوَ أَقْبَحُ مَا يَكُونُ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ لِعَمَّارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَتَنَاوَلُ مِنْ عَائِشَةَ، فَقَالَ: اسْكَتْ مَقْبُوحًا مَنْبُوحًا 436 - أَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ غَالِبٍ، قَالَ " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَمَّارٍ، فَنَالَ مِنْ

عَائِشَةَ، فَقَالَ: «§اغْرُبْ مَقْبُوحًا مَنْبُوحًا، تُؤْذِي حَلِيلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» .

حديث سلمان الفارسي رحمه الله

فَالْمَنْبُوحُ: الْمَطْرُودُ تَنْبِحُهُ كِلَابُ الْحَيِّ، وَأَنْشَدَ أَبُو زَيْدٍ فِي الْقُبْحِ: وَأَنْتَ امْرُؤٌ عِنْدَ الْخِوَانِ كَأَنَّمَا ... زَوَى بَيْنَ عَيْنَيْكَ ابْنَ حَيَّانَ قَابِحُ قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ مِنْهُ: قَبَحْتُ وَجْهَهُ أَقْبَحُهُ قَبْحًا وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: هَذَا الْأَمْرُ مَقْبَحَةٌ لَكَ، أَيْ يَعِيبُكَ وَيُقَبِّحُكَ تَمَّ حَدِيثُ عَمَّارٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَتْلُوهُ حَدِيثُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ

437 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ، " أَنَّهُ كَانَ §إِذَا أَصَابَ شَاةً مِنَ الْمَغْنَمِ ذَبَحَهَا، فَيَعْمِدُ إِلَى جِلْدِهَا فَيَجْعَلُهُ جِرَابًا، وَإِلَى شَعْرِهَا فَيَجْعَلُهُ رَسَنًا، وَإِلَى لَحْمِهَا فَيُقَدِّدُهُ، قَالَ: فَيَسْتَنْفِعُ بِالْجِرَابِ، وَيَنْظُرُ إِلَى رَجُلٍ لَهُ فَرَسٌ قَدْ ضَرِعَ بِهِ فَيُعْطِيهِ الرَّسَنَ، وَيَأْكُلُ مِنَ الْقَدِيدِ فِي الْأَيَّامِ، فَإِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: إِنِّي اسْتَغْنِي بِهِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْسِدَهُ، ثُمَّ أَحْتَاجَ إِلَى سِوَايَ ". حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: نا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَمَةَ قَالَ: كَانَ سَلْمَانُ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، إِلَّا أَنَّ مُحَمَّدَ

بْنَ جَعْفَرٍ، قَالَ فِي حَدِيثِهِ: قَدْ صُرِعَ بِهِ فَرَسُهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: قَدْ ضَرِعَ بِهِ. تَقُولُ: ضَرِعَ الرَّجُلُ يَضْرَعُ ضَرَعًا وَضَرَاعَةً، إِذَا غَلَبَهُ أَمْرٌ، فَخَشَعَ لَهُ، قَالَ الشَّاعِرُ: وَمَا بِي إِنْ أَقْصَيْتَنِي مِنْ ضَرَاعَةٍ ... وَلَا افْتَقَرَتْ نَفْسِي إِلَى مَنْ يُهِينُهَا وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: الْحُمَّى أَضْرَعَتْنِي، وَقَوْمٌ ضَرَعَةٌ، أَيْ مُخْشَعُونَ، وَرَجُلٌ ضَارِعُ الْجِسْمِ 438 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: نا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §نَظَرَ إِلَى بَنِيهَا مِنْ جَعْفَرٍ، فَقَالَ: مَالِي أَرَى أَجْسَامَهُمْ ضَارِعَةً؟ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ الْعَيْنَ تُسْرِعُ إِلَيْهِمْ أَفَأَرْقِيهِمْ؟ قَالَ: وَبِمَاذَا؟ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ كَلَامًا لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، فَقَالَ: ارْقِيهِمْ بِهِ "

439 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: نا الْأَصْمَعِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلْمِ بْنِ قُتَيْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَآنِي الْحَجَّاجُ، وَأَنَا مَعَ بَنِيهِ، فَقَالَ: يَا بْنَ قُتَيْبَةَ §مَالِي أَرَاكَ ضَارِعَ الْجِسْمِ. أَيْ مُتَغَيِّرًا، فَقُلْتُ: إِنِّي أَتَّخِمُ، فَقَالَ لِي: يَا بْنَ قُتَيْبَةَ، اتَّقِ أَكْلَ اللَّحْمِ عَلَى اللَّحْمِ، فَرُبَّ أَكْلَةٍ تَمْنَعُ أَكَلَاتٍ، فَسَمِعَهَا رَجُلٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ، فَقَالَ:

حديث أبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري رحمه الله

وَكَمْ مِنْ طَالِبٍ فِي النَّاسِ أَمْرًا ... وَفِيهِ هَلَاكُهُ لَوْ كَانَ يَدْرِي وَرُبَّتَ أَكْلَةٍ مَنَعَتْ أَخَاهَا ... بِلَذَّةِ سَاعَةٍ أَكَلَاتِ دَهْرِ تَمَّ حَدِيثُ سَلْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَتْلُوهُ حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ خَالِدِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ

440 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ رَحِمَهُ اللَّهُ، " أَنَّهُ كَانَ §أَرَادَ أَنْ يَبِيتَ عَلَى سَطْحٍ أَجْلَحَ، ثُمَّ قَالَ: كِدْتُ أَبِيتُ وَلَا ذِمَّةَ لِي ". حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا بُنْدَارٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُمَارَةَ , قَالَ: جَاءَنَا أَبُو أَيُّوبَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْأَجْلَحُ: الَّذِي لَيْسَ حَوْلَهُ بِنَاءٌ يَرُدُ الرِّجْلَ

441 - وَحَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ آخَرَ، قَالَ: " §نَزَلَ عَلَيْنَا أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ، فَفَرَشْنَا لَهُ عَلَى سَطْحٍ لَيْسَ لَهُ حِوَاطٌ، فَقَالَ: كِدْتُ أَنْ أَبِيتَ وَلَا ذِمَّةَ لِي " الْحِوَاطُ: الْحَظِيرَةُ، وَمِنْهُ قِيلَ: حَاوَطْتُ الشَّيْءَ إِذَا دَاوَرْتُهُ، قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ: وَحَاوَطَنِي حَتَّى ثَنَيْتُ عِنَانَهُ ... عَلَى مَدْبِرِ الْعِلْبَاءِ رَيَّانَ كَاهِلُهُ وَقَدْ يُقَالُ لِلْحِوَاطِ الْحُوَّاطُ، وَأَنْشَدَ أَبُو حَاتِمٍ: إِنَّا وَجَدْنَا عُرُسَ الْحَنَّاطِ لَئِيمَةً مَذْمُومَةَ الْحُوَّاطِ 442 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ رَحِمَهُ اللَّهُ، «§إِذَا مِتُّ فَارْكَبْ، ثُمَّ سُغْ فِي الْأَرْضِ مَا وَجَدْتَ مُسَاغًا، ثُمَّ ادْفِنِّي» .

حديث خوات بن جبير الأنصاري رحمه الله

يُرْوَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ يَقُولُ: أُدْخُلُ مَا وَجَدْتُ مَدْخَلًا، وَيُقَالُ: سَاغَتْ بِهِ الْأَرْضُ، أَيْ: سَاخَتْ تَمَّ حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتْلُوهُ حَدِيثُ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ الْأَنْصَارِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ

حديث زيد بن خالد الجهني رحمه الله

443 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ خَوَّاتٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، «§مَا أُحِبُّ أَنَّ الَّذِي بِفَارِدٍ بِرَضْوَى» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ رَجُلٍ. قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: قَالَ سُفْيَانُ، وَكَانَ قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ الْفَادِرُ: الْوَعْلُ الْعَاقِلُ فِي الْجَبَلِ، وَهُوَ الْفَدُورُ أَيْضًا. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْفَادِرُ مِنَ الْوُعُولِ الْمُسِنُّ الضَّخْمُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَمِنْهُ قِيلَ: الْفَادِرَةُ لِلصَّخْرَةِ الضَّخْمَةِ تَرَاهَا فِي رَأْسِ الْجَبَلِ، شُبِّهَتْ بِالْوَعْلِ، وَيُقَالُ: فَدَرَ الْفَحْلُ فُدُورًا، إِذَا فَتَرَ عَنِ الضِّرَابِ تَمَّ حَدِيثُ خَوَّاتٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتْلُوهُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ

444 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، الَّذِي يَرْوِيهِ صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: " سَأَلْتُ رَجُلًا مِنْ جُهَيْنَةَ، فَقُلْتُ: §مَا بَالُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، كَانَ أَنْبَهَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذِكْرًا؟ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ لَا يُقِرُّ بَحَرَاهُ سُخْطًا لِلَّهِ ". حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْعَلَّافُ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: نا صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ حَرَ الرَّجُلِ: جَنَابُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَا تَطُورَنَّ حَرَانَا.

حديث عبد الله بن سلام رحمه الله

قَالَ الْأَحْمَرُ: يُقَالُ: اذْهَبْ فَلَا أَرَيَنَّكَ بِعُقْوَتِي، وَعَقَاتِي وَسَحْسَحِي وَسَحَاتِي، وَحَرَايَ وَحَرَاتِي، وَذَرَايَ، وَلَا يَكُونُ ذَرَاتِي، مَعْنَاهُ: كُلُّهُ بِنَاحِيَتِي. وَقَالَ غَيْرُهُ فِي مِثْلِهِ: يُقَالُ أَيْضًا: لَا أَرَيَنَّكَ بِجَنَابِي، وَلَا أَرَيَنَّكَ بِعُرَايَ وَعَرَاتِي، وَأَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّا، لَثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ أَبِي حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: فَإِنِّي اللَّيْثُ مَرْهُوبًا حَرَاهُ ... وَعِنْدِي زَاجِرٌ دُونَ افْتِرَاسِي وَيَمْنَعُهَا إِذَا دَارَتْ ضَرُوسٌ ... تُعَاطِي الْمَوْتَ أَنْفَاسًا بِكَاسِ تَمَّ حَدِيثُ زَيْدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَتْلُوهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

445 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: «§لَمَّا كَانَ حَيْثُ فُتِحَتْ نَهَاوَنْدُ، أَصَابَ الْمُسْلِمُونَ سَبَايَا مِنْ سَبَايَا الْيَهُودِ، وَأَقْبَلَ رَأْسُ الْجَالُوتِ يُفَادِي سَبَايَا مِنَ الْيَهُودِ، فَأَصَابَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ جَارِيَةً بَشِيرَةً صَبِيحَةً» . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، قَالَ: نا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنْ بِشْرِ بْنِ شَغَافٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ.

قَالَ لَنَا مُوسَى: بَشِرَةٌ، وَغَيْرُ مُوسَى، يَقُولُ: بَشِيرَةٌ، أَيْ حَسَنَةُ الْبَشْرَةِ، كَمَا يَقُولُونَ: خَلِيقَةٌ لِلْحَسِنَةِ الْخَلْقِ، وَامْرَأَةٌ صَيِّرَةٌ شَيِّرَةٌ لِحَسِنَةِ الصُّورَةِ وَالشَّارَةِ، وَالِاسْمُ مِنْهُ الْبَشَارَةُ، وَهِيَ الْجَمَالُ، قَالَ الْأَعْشَى: وَرَأَتْ بِأَنَّ الشَّيْبَ ... جَانَبَهُ الْبَشَاشَةُ وَالْبَشَارَةُ 446 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ «§كَلَّمَ النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ، فَنَقَفُوهُ بِحَصَى الْمَسْجِدِ» . يُرْوَى عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ نَقَفُوهُ: يُرِيدُ شَجُّوهُ وَجَرَحُوهُ، وَالنَّقْفُ: كَسْرُ الْهَامَةِ عَنِ الدِّمَاغِ، كَمَا يَنْقُفُ الظَّلِيمُ الْحَنْظَلُ، عَنْ حُبِّهِ، وَالْمُنَاقَفَةُ: الْمُضَارَبَةُ بِالسُّيُوفِ، وَهُوَ النِّقَافُ، وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ: إِنَّمَا هُوَ الْوِقَافُ ثُمَّ النِّقَافُ. وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

أبي ذر جندب بن جنادة رحمه الله

كَأَنِّي غَدَاةَ الْبَيْنِ يُومِ تَحَمَّلُوا ... لَدَى سَمُرَاتِ الْحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ وَذَلِكَ أَنَّ نَاقِفَ الْحَنْظَلِ: تَدْمَعُ عَيْنَاهُ لِحَرَارَتِهِ، فَشَبَّهَ بُكَاءَهُ بِذَلِكَ تَمَّ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَتْلُوهُ أَبِي ذَرٍّ جُنْدُبِ بْنِ جُنَادَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ

447 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ، " أَنَّهُ قَالَ لِعُثْمَانَ: §لَوْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَعَضَّ عَلَى عَرْقُوتِي قَتَبًا لَعَضِعضْتُ عَلَيْهَا، حَتَّى يَأْتِيَنِي الْمَوْتُ، وَأَنَا عَاضُّ عَلَيْهَا ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: نا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ، نا عَنْ مَطَرٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَامِتٍ , عَنْ أَبِي ذَرٍّ

عَرْقُوَتَاهُ: خَشَبَتَاهُ اللَّتَانِ تَضُمَّانِ مَا بَيْنَ وَاسِطِ الرَّحْلِ وَالْمُؤَخِّرَةِ، يُقَالُ مِنْهُ: إِذَا شَدَدَّتَهُمَا عَلَيْهِ: عَرْقَيْتُ الْقَتَبَ عَرْقَاةً 448 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ، " أَنَّ §رَجُلًا صَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فَدَعَاهُ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا الْخَمِيرَ، وَأَلْبَسَنَا الْحَبِيرَ، وَسَقَانَا النَّمِيرَ ". قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: الْحَبِيرُ: الْحِبَرَةُ، وَقَالَ الزِّيَادِيُّ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ: مَاءٌ نَمِيرٌ إِذَا كَانَ مَرِيئًا، قَالَ الشَّاعِرُ: وَسُقِيتُ مِنْ مَاءِ النَّمِيرِ وَلَمْ ... أُتْرَكْ أُلَاطِمُ حَمْأَةَ الْحَفْرِ وَقَالَ قَطْرَبٌ: الْمَاءُ النَّمِيرُ، الَّذِي يَسْمُنُ عَلَيْهِ الْمَالُ غَلِيظًا أَوْ عَذْبًا.

449 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ، «إِنَّ §اللَّهَ يُبْغِضُ الْخَالَ الْمُقِلَّ وَالشَّيْخَ الزَّانِي، وَذَكَرَ الثَّالِثِ» . يُرْوَى عَنِ الْفِرْيَابِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَفِي غَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ: وَالْعَائِلُ الْمَزْهُوُ. يُقَالُ: زُهِيَ عَلَيْنَا، وَلَا يُقَالُ: زَهَا. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، قَالَ: يُقَالُ: رَجُلٌ خَلٌ وَخَائِلٌ، وَمُخْتَالٌ: مُفْتَعِلٌ مِنْهُ، وَجَمْعُهُ الْخَالَةُ، مِثْلُ بَائِعٍ وَبَاعَةٍ، وَصَائِغٍ وَصَاغَةٍ وَأَنْشَدَ لِلنَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ: أَوْدَى الشَّبَابُ وَحُبُّ الْخَالَةِ الْخَلَبَهْ وَالْخَلَبَةُ: جَمْعُ خَالِبٍ، وَقَدْ يَجِيءُ الْخَالُ أَيْضًا اسْمًا لِلْخُيَلَاءِ، قَالَ الشَّاعِرُ: وَالْخَالُ ثَوْبٌ مِنْ ثِيَابِ الْجُهَّالْ أَرَادَ: الْخُيَلَاءَ، وَقَالَ الْجَعْدِيُّ: يَابْنَ الْحَيَا إِنَّهُ لَوْلَا الْإِلَهُ وَمَا ... قالَ الرَّسُولُ لَقَدْ أَنْسَيْتُكَ الْخَالَا وَقَالَ الرَّاجِزُ: آدَمُ مَعْرُوقٌ بِأُمَّهَاتِهِ خَالُ أَبِيهِ فِي بَنِي بَنَاتِهِ أَيْ خُيَلَاءُ أَبِيهِ يُعْرَفُ فِي بَنِي بَنَاتِهِ، وَقَالَ الْآخَرُ: إِنْ كُنْتَ سَيِّدَنَا سُدْتَنَا ... وَإِنْ كُنْتَ لِلْخَالِ فَاذْهَبْ فَخَلْ. أَيْ: لِلْخُيِلَاءِ.

450 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي ذَرٍّ بِيَدِهِ، «§لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَا اطْمَأْنَنْتُمْ عَلَى الْفُرُشِ، وَلَا وَصَلْتُمْ إِلَى النِّسَاءِ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى اللَّهِ تَجْأَرُونَ وَتَبْكُونَ، وَأَيْمُ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي شَجَرَةٌ تُعْضَدُ» . أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ , قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ

قَوْلُهُ: وَلَا اطْمَأْنَنْتُمْ، بِمَعْنَى وَلَمْ تَطْمَئِنُّوا، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لَا فَعَلَ كَذَا، بِمَعْنَى: لَمْ يَفْعَلْ كَذَا، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى} [القيامة: 31] . أَيْ لَمْ يُصَدِّقْ وَلَمْ يُصَلِّ، وَقَالَ زُهَيْرٌ: وَكَانَ طَوَى كَشْحًا عَلَى مُسْتَكِنَّةٍ ... فَلَا هُوَ أَبْدَاهَا وَلَمْ يَتَجَمْجَمِ

451 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ نُعَيْمُ بْنُ قَعْنَبٍ الرِّيَاحِيُّ: " أَتَيْتُ أَبَا ذَرٍّ، فَلَمْ أَجِدْهُ، وَرَأَيْتُ امْرَأَتَهُ، فَسَأَلْتُهَا عَنْهُ، فَقَالَتْ: هُوَ ذَا فِي صُفَّةٍ لَنَا، فَجَاءَ يَسُوقُ أَوْ يَقُودُ بَعِيرَيْنِ، قَاطِرًا أَحَدَهُمَا فِي عَجُزِ صَاحِبِهِ، فِي عُنُقِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قِرْبَةٌ، فَوَضَعَ الْقِرْبَتَيْنِ، فَقُلْنَا: أَبَا ذَرٍّ، مَا كَانَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَاهُ مِنْكَ، وَلَا أَبْغَضُ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَاهُ مِنْكَ، قَالَ: لِلَّهِ أَبُوكَ، وَمَا جَمَعَ هَذَا؟ قُلْتُ: إِنِّي كُنْتَ، وَأَدْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكُنْتُ أَخْشَى لِقَاءَكَ أَنْ تُخْبِرَنِي أَنَّهُ لَا تَوْبَةَ لِي، وَكُنْتُ أَرْجُو فِي لُقِيِّكَ أَنْ تُخْبِرَنِي أَنْ لِي تَوْبَةً وَفَرَجًا، قَالَ: أَفِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ، ثُمَّ عَاجَ رَأْسُهُ إِلَى الْمَرْأَةِ، فَأَمَرَهَا بِطَعَامٍ، فَالْتَوَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَهَا، فَالْتَوَتْ عَلَيْهِ، حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَقَالَ: إِيهًا دَعِينَا عَنْكِ، فَإِنَّكُنَّ لَنْ تَعْدُونَ مَا قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيكُنَّ، قُلْتُ: وَمَا قَالَ لَكُمْ فِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: §الْمَرْأَةُ ضِلَعٌ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقَوِّمَهَا تَكْسَرْهَا، وَإِنْ تَدَعها فَفِيهَا أَوَدٌ وبلغةٌ، فَجَاءَتْ بِثَرِيدَةٍ كَأَنَّهَا قَطَاةٌ، فَقَالَ: كُلْ وَلَا أَهُولَنَّكَ، فَإِنِّي صَائِمٌ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَجَعَلَ يُهَذِّبُ الرُّكُوعَ وَيُخِفُّهُ، وَرَأَيْتُهُ يَتَحَرَّى أَنْ أَشْبَعَ أَوْ أُقَارِبَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَجَعَلَ يَدَهُ مَعِي، فَقُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ فَقُلْتُ: مَنْ كُنْتَ أَخْشَى مِنَ النَّاسِ أَنْ يُكَذِّبَنِي، فَمَا كُنْتُ أَخْشَى أَنْ تُكَذِّبَنِي، فَقَالَ: لِلَّهِ أَبُوك: إِنْ كَذَّبْتُكَ كِذْبَةً مِنْذُ لَقِيتَنِي، فَقُلْتُ: أَلَمْ تَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ؟ ثُمَّ أَرَاكَ تَأْكُلُ، قَالَ: نَعَمْ، قَدْ صُمْتُ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَوَجَبَ لِي أَجْرُهُ، وَحَلَّ لِي الطَّعَامُ مَعَكَ ". حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ

إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي السُّلَيْلِ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ قَعْنَبٍ الرِّيَاحِيِّ

قَوْلُهُ: قَاطِرًا أَحَدِهِمَا فِي عَجْزِ صَاحِبِهِ، فَهُوَ مِنَ الْقِطَارِ أَنْ تَقْطُرَ الْإِبِلُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ، وَمِنْهَا اشْتُقَّتِ الْمِقْطَرَةُ، لِأَنَّ مَنْ حُبِسَ فِيهَا كَانُوا عَلَى قِطَارٍ وَاحِدٍ، مَضْمُومًا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ أَرْجُلُهُمْ فِي خَشَبَةٍ فِي خُرُوقٍ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: أَنَّهُ قَامَ الْإِسْلَامُ، وَلِلْعَبَّاسِ ثَوْبٌ لِعَارِي بَنِي هَاشِمٍ، وَجَفْنَةٌ لِجَائِعِهِمْ، وَمِقْطَرَةٌ لِجَاهِلِهِمْ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ هَرِمَةَ: وَكَانَ لِعَبَّاسٍ ثَلَاثٌ يُعِدُّهَا ... إِذَا مَا جَنَابُ الْحَيِّ أَصْبَحَ أَشْهَبَا فَسِلْسِلَةٌ تَنْهَى الظَّلُومَ وَجَفْنَةٌ ... تُنَاخُ فَيَكْسُوهَا السَّنَامَ الْمُرَعَّبَا وَحُلَّةُ عَصْبٍ مَا تَزَالُ مُعَدَّةٌ ... لِعَارٍ ضَرِيكٌ ثَوْبُهُ قَدْ تَهَدَّبَا وَأَنْشَدَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ:

أَمَّا النَّهَارُ فَفِي قَيْدِ سِلْسِلَةٍ ... وَاللَّيْلُ فِي جَوْفٍ مَنْحُوتٍ مِنَ السَّاجِ قَالَ: هَذَا لِصٌّ حُبِسَ، فَوُضِعَ بِاللَّيْلِ فِي الْمِقْطَرَةِ. وَقَوْلُهُ: فَعَاجَ رَأْسُهُ، هُوَ مِنَ الْعَوْجِ، وَالْعَوْجُ: عَطْفُ رَأْسِ الْبَعِيرِ بِالزِّمَامِ وَالْخِطَامِ، وَالْمَرْأَةُ تَعُوجُ رَأْسَهَا إِلَى ضَجِيعِهَا، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: حَتَّى إِذَا عُجْنَ مِنْ أَجْيَادِهِنَّ لَنَا ... عَوْجَ الْأَخِشَّةِ أَعْنَاقَ الْعَنَاجِيجِ يَعْنِي عَطْفَ الْجَوَارِي أَعْنَاقِهِنَّ إِلَيْنَا، كَمَا يَعْطِفُ الْخِشَاشُ عُنُقَ النَّاقَةِ، وَكُلُّ شَيْءٍ تَعْطِفُهُ مِنْ قَضِيبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، تَقُولُ: عُجْتُهُ فِانْعَاجَ. وَقَالَ رُؤْبَةُ: وَانْعَاجَ عُودِي كَالشَّظِيفِ الْأَخْشَنِ وَالشَّظِيفُ مِنَ الشَّجَرِ: هُوَ الَّذِي لَمْ يَجِدْ رِيَّهُ فَخَشَنَ وَصَلُبَ، يُقَالُ: مِنْهُ شَظُفَ يَشْظُفُ شَظَافَةً. 453 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، أَنَّ عِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ، حَدَّثَهُ، وَذَكَرَ الْعَوْجَ إِلَى الشِّعْبِ عِنْدَ النَّفْرِ مِنْ عَرَفَاتٍ، قَالَ: إِنَّمَا §عَاجَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، لِأَنَّهُ كَانَ رَجُلًا كَبِيرًا يَأْخُذُهُ الْبَوْلُ، فَعَاجَ إِلَيْهِ، فَأَهْرَقَ الْمَاءَ

وَيُقَالُ: نَاقَةٌ عَاجٌ، إِذَا كَانَتْ مِذْعَانَ السَّيْرِ لَيِّنَةَ الِانْعِطَافِ، وَتَقُولُ: مَا عِجْتُ

بِخَبَرِ فُلَانٍ، وَلَا أُعِيجُ بِهِ، أَيْ: مَا أُبَالِيهِ وَأَنْشَدَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: " §وَلَمْ أَرَ شَيْئًا بَعْدَ لَيْلَى أَلَذُّهُ ... وَلَا مَرْتِعًا أُرْوَى بِهِ فَأَعِيجُ كَوُسْطَى لَيَالِي الشَّهْرِ لَا مُقْسَئِنَّةٍ ... وَلَا وَثَبَى عَجْلَى الْقِيَامِ خَرُوجُ قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: أُعِيجُ بِهِ، أَيِ: انْتَفِعُ بِهِ، تَقُولُ: مَا عِجْتُ بِهِ، أَيْ مَا انْتَفَعْتُ بِهِ، وَمَا يَعِيجُ بِقَلْبِي شَيْءٌ مِنْ كَلَامِهِ. وَالْمُقْسَئِنَّةُ قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ شَرِبْتُ مَاءً مِلْحًا، فَمَا عُجْتُ بِهِ أَعِيجُ بِهِ عَيْجًا، أَيْ لَمْ أَرُوِ بِهِ، وَالْإِبِلُ تَعِيجُ بِالْمِلْحِ، وَتَنْقِعُ بِهِ، وَتَبْصَعُ بِهِ بُصُوعًا، وَنُقُوعًا، وَهُوَ الرِّيُّ، وَأَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّا، لِلرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ: وَبَعْضُ الْقَوْمِ لَيْسَ لَهُ مَعَاجٌ ... كَمَخْضِ الْمَاءِ لَيْسَ لَهُ إِتَاءُ وَبَعْضُ خَلَائِقِ الْأَقْوَامِ دَاءٌ ... كَدَاءِ الْكَشْحِ لَيْسَ لَهُ دَوَاءُ وَقَالَ يَعْقُوبُ: مَا أَعِيجُ مِنْ كَلَامِهِ لِشَيْءٍ، أَيْ مَا أَعْبَأُ بِهِ، وَبَنُو أَسَدٍ، يَقُولُونَ: مَا أَعُوُجُ بِكَلَامِهِ، أَيْ مَا أَلْتَفِتُ إِلَيْهِ، أَخَذُوهُ مِنْ عُجْتُ النَّاقَةَ. وَقَوْلُهُ: كُلْ وَلَا أَهُولَنَّكَ، تَقُولُ: هَالَنِي هَذَا الْأَمْرُ، وَهُوَ يَهُولُنِي، وَأَمْرٌ هَائِلٌ، وَلَا تَقُلْ مَهُولٌ، عَلَى أَنَّ الشَّاعِرَ قَالَ فِي بَيْتِ:

وَمَهُولٍ مِنَ الْمَنَازِلِ وَحْشٍ ... ذِي عَرَاقِيبَ آجِنٍ مِدْفَارِ وَتَفْسِيرُ الْمَهُولِ هَاهُنَا: أَيْ فِيهِ هَوْلٌ، وَالْعَرَبُ إِذَا كَانَ الشَّيْءُ لَهُ الشَّيْءُ يُخْرِجُونَهُ عَلَى فَاعِلٍ، كَقَوْلِكَ: دَارِعٌ لَهُ دِرْعٌ، وَإِذَا كَانَ الشَّيْءُ فِيهِ الشَّيْءُ، أَخْرَجُوهُ عَلَى مَفْعُولٍ، كَقَوْلِكَ: مَجْنُونٌ فِيهِ ذَلِكَ. وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ وَيَحْكِيهِ عَنِ الْفُصَحَاءِ: فُلَانٌ هَوْلَةٌ مِنَ الْهُوَلِ، وَيُنْكِرُ قَوْلَ النَّاسِ هَوْلٌ مِنَ الْأَهْوَالِ، وَأَنْشَدَ غَيْرُهُ لِلْكُمَيْتِ: إِنَّ الْمَكَارِمَ تُغْشَى دُونَهَا الْهُوَلُ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: يَجْمَعُ الْهَوْلَ عَلَى أَهْوَالٍ وَهُئُولٍ، وَأَنْشَدَ: وَقَدْ طَالَ الثَّوَاءُ فَأُمُّ غُولٍ ... وتَنْظُرُ مَا أَءُوبُ بِهِ وَغُولُ رَحَلْنَا مِنْ بِلَادِ بَنِي تَمِيمٍ ... إِلَيْكَ وَلَمْ تَكَاءَوْنَا الْهُئُولُ وَقَدْ هِيلَ الرَّجُلُ، فَهُوَ يُهَالُ، وَأَنْشَدَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ: جَرِئُ الْجَنَانِ لَا أُهَالُ مِنَ الرَّدَى إِذَا مَا جَعَلْتُ السَّيْفَ مِنْ عَنْ شِمَالِيَا. وَالْإِهْذَابُ: السُّرْعَةُ وَالْخِفَّةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَهْذَبَ الرَّجُلُ الْمَشْيَ إِذَا أَسْرَعَ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: إِذَا اضْطَرَمَ جَرْيُ الْفَرَسِ قِيلَ: أَهْذَبَ إِهْذَابًا.

وَقَالَ غَيْرُ الْأَصْمَعِيِّ: أَهْذَبَ فِي الْعَدْوِ وَأَلْهَبَ فِي الْعَدْوِ، وَأَحْصَفَ فِيهِ، وَعَجَرَ فِي الْعَدْوِ يَعْجِرُ عَجْرًا وَأَهْذَبَ يُهْذِبُ إِهْذَابًا، كُلُّ ذُلِكَ شِدَّةُ الْعَدْوِ 454 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: §سِرْتُ فِي بِلَادِ بَنِي عَقِيلٍ، فَرَأَيْتُ فَتَاةً بَيْضَاءَ بَضَّةً، تَدَافَعُ فِي مَشْيِهَا كَتَدَافُعِ الْفَرَسِ السَّابِقِ الْمُخْتَالِ، فَأَهْذَبْتُ الْمَشْيَ فِي إِثْرِهَا حَتَّى أَدْرَكْتُهَا، وَكَادَتْ تَلِجُ خِبَاءَهَا، فَاسْتَوْقَفْتُهَا، فَوَقَفَتْ، فَجَعَلْتُ أُسَائِلُهَا وَأُكَلِّمُهَا، فَصَاحَتْ بِي عَجُوزٌ حَجْرَةً، مَا يَقِفُكَ عَلَى هَذَا الْغَزَالِ النَّجْدِيِّ؟ فَوَاللَّهِ مَا تَرْزَأُ مِنْهَا طَائِلًا، فَقَالَتْ: يَا أَمَتَاهُ، يَكُونُ كَمَا قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا مُعَرَّسُ سَاعَةً ... قَلِيلًا فَإِنِّي نَافِعٌ لِي قَلِيلُهَا 455 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَسَأَلَهُ رَجُلٌ: " §أَيُّ اللَّيْلِ أَفْضَلُ، قَالَ: ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوْسَطُ، قَالَ: وَمَنْ يَطِيقُ ذَلِكَ؟ قَالَ: مَنْ خَافَ أَدْلَجَ ". أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو حُرَّةَ، عَنِ الْحَسَنِ , أَنَّ سَائِلًا سَأَلَ أَبَا ذَرٍّ

يُقَالُ: أَدْلَجَ الرَّجُلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَوَّلِهِ، أَوْ وَسَطِهِ، وَأَدْلَجَ إِذَا خَرَجَ مِنْ آخِرِهِ وَأَنْشَدَ أَبُو حَاتِمٍ: لَوْ ذُقْتَ فَاهَا بَعْدَ نَوْمِ الْمُدْلِجِ وَالصُّبْحِ لَمَّا هَمَّ بِالتَّبَلُّجِ قُلْتَ جَنَى النَّحْلِ بِمَاءِ الْحَشْرَجِ يُخَالُ مَثْلُوجًا وَإِنْ لَمْ يُثْلَجِ وَأَنْشَدَ أَبُو زَيْدٍ: أَلَا إِنَّمَا زَوْجُ الْعَجُوزِ كَمُدْلِجِ ... يَرَى نُجُحًا طُولَ السُّرَى وَهْوَ خَائِبُ قَالَ أَبُو زَيْدٍ، وَقَالَ الرَّاجِزُ:

أَقْبَلْتَ مِنْ نِيرٍ وُمِنْ سُرَاجِ بِالْحَيِّ قَدْ مَلُّوا مِنَ الْإِدْلَاجِ وَهُمَا جَبَلَانِ فَهُمْ رَجَاجٌ وَعَلَى رَجَاجِ يَمْشُونَ أَفْوَاجًا عَلَى أَفْوَاجِ مَشْيَ الْفَرَارِيجِ مَعَ الدَّجَاجِ قَالَ يَعْقُوبُ: الرَّجَاجُ: الْمَهَازِيلُ، وَأَنْشَدَ: قَدْ بَكَرْتُ مَحْوَةٌ بِالْعَجَاجِ فَدَ مَّرَتْ بَقِيَّةَ الرَّجَاجِ وَالرَّجَاجُ: الْمَهَازِيلُ مِنَ الْغَنَمِ، وَمَحْوَةٌ: اسْمٌ لِلشَّمَالِ مُعَرَّفَةٌ. 456 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ " §لَيْسَ مِنْ فَرَسٍ إِلَّا أَنَّهُ يَدْعُو اللَّهَ فِي كُلِّ سَحْرِيَّةٍ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ خَوَّلْتَنِي عَبْدًا مِنْ عَبِيدِكَ، وَجَعَلْتَ رِزْقِي فِي يَدِهِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ، وَوَلَدِهِ، وَمَالِهِ ". أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَخَلَفُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَا: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ، أَنَّهُ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ، فَإِذَا هُوَ أَبُو ذَرٍّ،

وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَوْلُهُ كُلُّ سَحْرِيَّةٍ، فَإِنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: لَقِيتُهُ سَحَرًا، وَسَحَرَ، بِلَا تَنْوِينٍ، وَلَقِيتُهُ بِالسَّحَرِ، وَلَقِيتُهُ سُحْرَةً، وَسُحْرَةً، بِالتَّنْوِينِ، قَالَ الطِّرْمَاحُ: بِانَ الْخَلِيطَ بِسُحْرَةٍ فَتَبَدَّدُوا ... وَالدَّارُ تُسْعِفُ بِالْخَلِيطِ وَتُبْعِدُ

وَتَقُولُ: لَقِيتُهُ سَحَرِيَّ هَذِهِ اللَّيْلَةِ، وَقَالَ: فِي لَيْلَةٍ لَا نَحْسَ فِي ... سَحَرِيِّهَا وَعِشَائِهَا. وَبَعْضٌ يَقُولُونَ: فِي سَحَرِيَّةِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ، وَهِيَ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ. وَتَقُولُ: لَقِيتُهُ بِأَعْلَى سَحَرَيْنِ، وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ الْعَجَّاجِ: غَدَا بِأَعْلَى سَحَرٍ وَأَجْرَسَا. قَالَ: وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: بِأَعْلَى سَحَرَيْنِ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ تَنَفُّسِ الصُّبْحِ، ثُمَّ الصُّبْحَ كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ: مَرَّتْ بِأَعْلَى السَّحَرْيَنِ تَذْأَلُ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الذَّأْلَانِ: مِشْيَةُ الَّذِي كَأَنَّهُ يَبْغِي فِي مِشْيَتِهِ مِنَ النَّشَاطِ، وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ مَا يَشُدُّ قَوْلَ الْعَجَّاجِ، فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا، فَهُوَ حُجَّةٌ لَهُ 457 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّهُ قَالَ: §لَا يَمْنَعُكُمْ مُرَاءٍ، أَوْ قَلِيلُ الْعَقْلِ مِنْ سَحُورِكُمْ، فَإِنَّهُمْ يُؤَذِّنُونَ بِهَجْعٍ مِنَ اللَّيْلِ طَوِيلٍ، وَقَدْ يُرَى بَيَاضٌ بِأَعْلَى السَّحَرِ، يُقَالُ

لَهُ الصُّبْحُ الْكَاذِبُ. وَسَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ يُوَجِّهُ قَوْلَ الْعَرَبِ فِي السَّحَرِ، وَيَذْكُرُ اخْتِلَافَهَا فِيهِ، قَالَ: يُقَالُ: أَتَيْتُهُ سَحَرًا وَعَشِيَّةً، وَبُكْرَةً، وَضَحْوَةً، وَغَدْوَةً، وَعَتْمَةً، لِأَنَّهُ نَكِرَةً، وَوَقْتٌ يَكُونُ فِي كُلِّ يَوْمٍ لَا يُخَصُّ بِهِ يَوْمٌ دُونَ يَوْمٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِلا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} [القمر: 34] ، يَعْنِي: سَحَرًا مِنَ الْأَسْحَارِ، وَكَذَلِكَ عَشِيَّةً مِنَ الْعَشَايَا، وَبُكْرَةً مِنَ الْبُكَرِ، فَلَمَّا قَالَ الرَّجُلُ: أَتَيْتُهُ سَحَرَا، فَلَمْ يَتَمَكَّنْ وَلَمْ يَنْصَرِفْ، لِأَنَّهُ يُرِيدُ سَحَرَ يَوْمِهِ وَعَشِيَّةَ يَوْمِهِ، وَغُدْوَةَ يَوْمِهِ، وَعَتْمَةَ لَيْلَتِهِ، فَعَرَّفَ الِاسْمَ مِنْ غَيْرِ وَجْهِ التَّعْرِيفِ، وَكَانَ وَجْهُ التَّعْرِيفِ فِي هَذَا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ، فَتَقُولُ: السِّحَرُ وَالْعَشِيَّةُ، كَمَا تَقُولُ: الْيَوْمُ، فَكَانَ حِينَئِذٍ قَدْ عُدِلَ سَحَرٌ وَعَشِيَّةٌ، وَمَا أَشْبَهَهُمَا عَنْ وُجُوهِهِمَا فِي التَّعْرِيفِ، فَوَقَعَتْ مَعْدُولَةٌ عَنْ وَجْهِهَا، غَيْرَ مُتَمَكِّنَةٍ، فَلَمْ تَنْصَرِفْ.

وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ، " إِنَّ رَجُلًا، قَالَ: حَجَجْتُ فَوَجَدْتُهُ بِالْبَلْدَةِ الْبَلْدَةُ: هِيَ مِنًى كَانُوا يُسَمُّونَهَا الْبَلْدَةَ، وَرُبَّمَا قَالُوا: الْبَلْدَةُ يُرِيدُونَ بِهَا مَكَّةَ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ مَكَّةَ فِي الْجَهَالِيَّةِ صَلَاحًا، قَالَ الشَّاعِرُ يَرْثِي هِشَامَ بْنَ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيَّ: أَوْدَى هِشَامٌ وَقَدْ كَانَتْ تُؤَمِّلُهُ ... أَبْنَاءُ فِهْرٍ إِذَا مَا عَضَّهَا الزَّمَنُ تُبْكَى عَلَيْهِ صَلَاحٌ كُلَّمَا طَلَعَتْ ... شَمسُ النَّهَارِ وَتُبْكَى شَجْوَهُ الْمُدُنُ وَقَدْ كَانُوا يُسَمُّونَهَا الْمَنَازِلَ أَيْضًا. قَالَ الشَّاعِرُ: وَقَالُوا تَعَرَّفْهَا الْمَنَازِلَ مِنْ مِنًى ... وَمَا كُلُّ مَنْ وَافَى مِنًى أَنَا عَارِفُ وَيُقَالُ: نَزَلَ الرَّجُلُ إِذَا حَجَّ، قَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ:.

أَنَازِلَةٌ أَسْمَاءُ أمْ غَيْرُ نَازِلَهْ ... أَبِينِي لَنَا يَا أَسْمَ مَا أَنْتِ فَاعِلَهْ فَإِنْ تَنْزِلِي أَنْزِلْ وَلَا أَخْشَ ضَيْعَةً ... وَلَا هُلْكَ مَالٍ أَوْ كَلَالَةَ رَاحِلَهْ وَإِنْ تَقْعُدِي أَقْعُدْ وَلَا آتِ مَوْسِمًا ... وَإِنْ نَزَلَتْ لِلْبَيْعِ جَسْرٌ وَبَاهِلَهْ وَقَالَ ابْنُ أَحْمَرَ: وَافَيْتُ لَمَّا أَتَانِي أَنَّهَا نَزَلَتْ ... إِنَّ الْمَنَازِلَ مِمَّا تَجْمَعُ الْعَجَبَا 459 - وَمِنْهُ حَدِيثٌ يُرْوَى عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ رَجُلٍ آخَرَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ فِي خُطْبَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ: " §أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قَالَ: قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: أَلَيْسَ بِالْبَلْدَةِ، قَالَ: قُلْنَا: بَلَى "

حديث عبد الله بن بسر المازني رحمه الله

تَمَّ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتْلُوهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ الْمَازِنِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ

460 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ الَّذِي يَرْوِيهِ عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ الْجَنَدِيِّ، قَالَ: " رَآنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ، وَأَنَا اتْبَعُ الشَّبَابَ، وَالشَّرَابَ، وَالْفُتُوَّةَ، فَقَالَ: إِنِّي أُحَذِّرُكَ، فَإِنِّي قَدْ سَمِعْتُ أَنَّهُ §سَيَكُونَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قَوْمٌ لَا يَشْعُرُونَ، وَإِنَّهُمْ لَفِي شُرْبِ الْخُمُورِ، وَضَرْبِ الْمَعَازِفِ، حَتَّى يَأْفِكَ اللَّهُ بِخَلْقِهِمْ، فَيَعُودُونَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ، فَأُحَذِّرُكَ أَنْ تَسْتَفْتِحَ بَابَ بَيْتِ أَهْلِكَ، وَلَكَ فُرْطُوسٌ كَفُرْطُوسِ الْخِنْزِيرِ، أَوْ حَطْمٌ كَخَطْمِ الْقِرْدِ، قَالَ: فَعَرَّفَنِي اللَّهُ بِمَوْعِظَتِهِ الْخَيْرَ، فَمَا عُدْتُ لِشَيْءٍ مِنْهُ ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي صَفْوَانَ السُّكُونِيُّ، ثُمَّ الْحِمْصِيُّ، قَالَ: نا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ صَيْدٍ الْكَلَاعِيُّ، ثُمَّ الْمِيتَمِيُّ أَبُو يُحْمِدَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَوَادَةَ بْنِ عُقْبَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْجَنَدِيِّ

الْفُتُوَّةُ: اسْمٌ مَبْنِيُّ مِنَ الْفَتَاءِ، وَيُقَالُ تَفَتَّى الرَّجُلُ، أَيْ تَشَبَّهَ بِالْفِتْيَانِ. وَيُرْوَى عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يَتَفَتَّى، لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يَتَقَرَّا. وَيُقَالُ: لِفُلَانٍ بِنْتٌ قَدْ تَفَتَّتْ، أَيْ تَشَبَّهَتْ بِالْفَتَيَاتِ، وَهِيَ أَصْغَرُهُنَّ، وَقَدْ

فُتِيَتْ، أَيْ مُنِعَتْ مِنَ اللَّعِبِ مَعَ الصِّبْيَانِ وَالْعَدْوِ، وَسُتِرَتْ فِي الْبَيْتِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ، عَنِ الْفَرَّاءِ: يُقَالُ: فُتُوُّ وَفُتِيُّ، وَأَجْمَعُوا عَلَى الْفُتُوَةِ بِالْوَاوِ، وَيُقَالُ: فِتْيَانٌ وَفُتْوَانٌ. يَأْفِكُ اللَّهُ بِخَلْقِهِمْ، أَيْ، يَقْلِبُهُ، وَيَرِدُّهُ عَلَى أَدْبَارِهِ، وَتَقُولُ: أَفَكْتُ فُلَانًا عَنْ هَذَا الْأَمْرِ، أَيْ صَرَفْتُهُ بِالْكَذِبِ، وَالْبَاطِلِ. 461 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، يَقْرَأ: «§وَذَلِكَ أَفَكَهُمْ»

حديث عبد الله بن مسعود

وَالْأَرْضُ الْمَأْفُوكَةُ إِلَيَّ لَمْ يُصِبْهَا مَطَرٌ، وَلَيْسَ فِيهَا نَبَاتٌ وَلَا خَيْرٌ، قَالَ: لَئِنْ لَمْ يَظْعَنِ الْفَعْلَانِ عَنِّي ... لَتُأْتَفَكَنَّ أَرْضُ بَنِي تَمِيمٍ. وَالْأَفِيكُ وَالْمَأْفُوكُ: الَّذِي لَا زَوَرَ لَهُ، وَأَنْشَدَ: مَالِي أَرَاكَ عَاجِزًا أَفِيكَا أَكَلْتَ جَدْيًا أَوْ أَكَلْتَ دِيكَا تَعْجَزُ أَنْ تَأْخُذَ مَا أُرِيكَا وَالْفُرْطُوسُ: خَطْمُ الْخِنْزِيرِ، وَهِيَ الْفُرْطُوسَةُ أَيْضًا، وَقَدْ فَرْطَسَ، إِذَا مَدَّ خَطْمَهُ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: يُقَالُ لِلْأَنْفِ: الْفِرْطِيسَةُ، وَذَلِكَ عِنْدَ الشَّتْمِ لِلرَّجُلِ، وَإِنَّمَا الْفِرْطِيسَةُ لِلْخِنْزِيرِ تَمَّ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ يَتْلُوهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ

462 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «§إِيَّاكَ وَكَبَّةَ السُّوقِ، فَإِنَّهَا كَبَّةُ الشَّيْطَانِ» . حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: نا وَكِيعٌ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ الثَّقَفيِّ، عَنْ بَلَازِ بْنِ عِصْمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ وَكِيعٌ: وَكَبَّةُ السُّوقِ أَنْ تَرَى جَمَاعَةً أَوِ السُّلْطَانَ، فَتَذْهَبُ إِلَيْهِ

قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْكَبَّةُ: جَمَاعَةُ النَّاسِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْكَبَّةُ: مَرَجُ النَّاسِ، وَاخْتِلَاطُهُمْ، وَتَجَمُّعُهُمْ لَهَوْشَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْكَبَّةُ أَيْضًا: جَمَاعَةُ الْخَيْلِ إِذَا دُفِعَتْ، قَالَ الشَّاعِرُ فِي وَصْفِ فَرَسٍ: يُفَرِّطُهَا عَنْ كُبَّةِ الْخَيْلِ مَصْدَقٌ ... كَرِيمٌ وَشَدُّ لَيْسَ فِيهِ تَخَاذُلُ فَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: يُفَرِّطُهَا: يُقَدِّمُهَا، وَمِنْهُ قِيلَ: فَرَسٌ فُرُطٌ، أَيْ سَرِيعَةٌ تَتَقَدَّمُ الْخَيْلَ، وَكَبَّةُ الْخَيْلِ: دَفْعَتُهَا الْأُولَى، وَمَصْدَقٌ: صَلَابَةٌ وَشِدَّةُ جَرْيٍ، يُقَالُ رُمْحٌ صَدْقٌ: إِذَا كَانَ صُلْبًا، وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَصَدْقُ النَّظَرِ لَيْسَ فِيهِ تَخَاذُلٌ، أَيْ لَا يَخْذِلُ بَعْضُ أَعْضَائِهَا بَعْضًا. وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي مُضَرُ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ التَّوَّزِيُّ، لِعُمَرَ بْنِ غَيَّاثٍ، أَوْ عُمَرَ بْنِ غِيَاثٍ يَرْثِي أَخَاهُ عَبَّادَ بْنَ غِيَاثٍ: لَا يَنْصِبُ الْقِدْرَ إِلَّا وَهِيَ بَارِزَةٌ ... مَقْسُومَةٌ عِنْدَ سَهْلٍ غَيْرَ مِيلَادِ الْوَارِدُ الْمَاءَ أَوِ السَّاقِي بِعَقْوَتِهِ ... قُدَّامُ كَبَّةِ خَيْلٍ يَوَمَ إِيرَادِ وَأَحْسَبُهُ يُقَالُ: الْكَبَّةُ وَالْكُبَّةُ، لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي أَمْثَالِهَا: إِنَّكَ لَكَبَائِعُ الْكَبَّةِ

بِالْهُبَّةِ: الرُّمْحُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يُقَالُ: رَمَانِي بِكُبَّتِهِ، أَيْ بِثِقَلِهِ وَنَفْسِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْكَبَّةُ أَيْضًا أَنْ تَكُبَّ الشَّيْءَ، وَأَنْشَدَ لِطُفَيْلٍ الْغَنَوِيِّ: قَتَلْنَا ابْنَ رَيَّا وَاللِّوَاءُ بِكُبَّةٍ ... وَكَانَ ثِمَالًا لِلْيَتَامَى وَمَرْبَعًا وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، " أَنَّ أَعْرَابِيًّا صَلَّى وَرَاءَهُ، فتتعتع في قراءته، فقال الأعرابي من خلفه: ارتبك الشيخ والله، فلما قضى ابن مسعود صلاته، قَالَ: يَا أَعْرَابِيُّ: إِنَّهُ وَاللَّهِ، لَيْسَ مِنْ نَسْجِكَ وَلَا نَسْجِ آبَائِكَ، وَلَكِنَّهُ عَزِيزٌ نَزَلَ مِنْ عِنْدِ عَزِيزٍ. ارْتَبَكَ الرَّجُلُ فِي كَلَامِهِ: إِذَا تَتَعْتَعَ، وَالْتُبِسَ عَلَيْهِ، وَارْتَبَكَ الرَّجُلُ فِي الْوَحْلِ: إِذَا لَمْ يَسْتَطِعِ الْخُرُوجَ مِنْهُ، وَالصَّيْدُ يَرْتَبِكُ فِي الْحِبَالَةِ 464 - وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا وَكِيعٌ، قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ حَسَّانَ، عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: §صَلَّيْتُ أَنَا وَإِبْرَاهِيمُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ الْمَغْرِبَ، ثم جئنا إلى المسجد، وهم في صلاة المغرب، فدخلنا معهم، فصلينا، فلما

سلم الإمام، ارتبكت أَنَا وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَقَامَ إِبْرَاهِيمُ، فَشَفَعَ بِرَكْعَةٍ. وَقَوْلُهُ: لَيْسَ مِنْ نَسْجِكَ وَلَا نَسْجِ آبَائِكَ، يُرِيدُ مِنْ تَأْلِيفِكَ وَلَا تَأْلِيفِ آبَائِكَ، وَشَبَّهَ بِالنَّسْجِ، وَالْعَرَبُ تَسْتَعِيرُ النَّسْجَ فِي قَوْلِ الشِّعْرِ، وَافْتِعَالِ الزُّورِ، قَالَ أَبُو النَّجْمِ: أَعْجَبَنِي شِعْرِي وَأُعْجَبَانِي حِينَ أُسَرِّيهِ وَتَنْسِجَانِ.

فَالشَّاعِرُ يَنْسِجُ الشِّعْرَ، وَكَذَلِكَ الْكَذَّابُ يَنْسِجُ الزُّورَ، يَقُولُ: فَلَيْسَ هَذَا مِنْ ذَلِكَ، قَالَ حَسَّانُ: فَإِنْ أَهْلِكْ فَقَدْ أَبْقَيْتُ بَعْدِي ... قَوَافِي تُعْجِبُ الْمُتَمثِّلِينَا رَقِيقَاتِ الْمَقَاطِعِ مُحْكَمَاتٍ ... لَوْ أَنَّ الشِّعْرَ يُلْبَسُ لَارْتُدِينَا وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: أَنْشَدَ الْأَصْمَعِيُّ، لِلْحَارِثِ بْنِ مُصَرِّفِ بْنِ أَصْمَعَ: §كَأَنَّهُ بِابْتِدَاعِ الزُّورِ يَنْسِجُهُ ... وَبِالنَّمِيمِ تَرَاهُ يَقْرَأُ الطُّوَلَا أَكْوِيهِ إِمَّا أَرَادَ الْكَيَّ مُعْتَرِضًا ... كَيَّ الْمُطَنِّي مِنَ النَّحْزِ الطَّنَى الطَّحِلَا وَالْمُطَنِّي: الَّذِي يُدَاوِي الطَّنَى، وَهُوَ لُزُوقُ الرِّئَةِ بِالْجَنِينِ مِنَ الْعَطَشِ. وَالنُّحَازُ: السُّعَالُ، وَإِذَا أَخَذَ الْبَعِيرَ النُّحَازُ تَرَكَ الْمَاءَ، فَإِذَا تَرَكَ الْمَاءَ، لَزِقَتْ رِئَتُهُ بِجَنْبِهِ 465 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ قَالَ: «§إِنَّكُمْ مَعَاشِرَ أَهْلِ الْيَمَنِ مِمَّا يَمُوتُ فِيكُمُ الْمَيِّتُ، لَا يُدْرَى مَنْ عُصْبَتِهِ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ كَذَلِكَ، فَلْيُوصِ بِمَالِهِ كُلِّهِ حَيْثُ شَاءَ» . أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: مِمَّا يَمُوتُ: يُرِيدُ أَنَّ هَذَا يَكُونُ فِيكُمْ كَثِيرًا، كَأَنَّهُ قَالَ: هَذَا مِنْ شَأْنِكُمْ وَدَأْبِكُمْ، أَنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ، فَجَعَلَ مَا كِنَايَةً عَنْ ذَلِكَ، قَالَ جَرِيرٌ: وَقَدْ كُنْتُ مِمَّ أَعْرِفُ الْوَحْيَ مَالَهُ ... رَسُولٌ سِوَى طَرْفِ الْعُيُونِ اللَّوَامِحِ أَيْ: قَدْ كَانَ مِنْ شَأْنِي مَعْرِفَةُ هَذَا وَاعْتِيَادُهُ 466 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «§إِنَّكُمْ مَعْشَرَ هَمَدَانَ مِنْ أَحْجَى حَيٍّ بِالْكُوفَةِ، يَمُوتُ أَحَدُكُمْ، وَلَا يَتْرُكُ عُصْبَةً، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ، فَلْيُوصِ

بِمَالِهِ كُلِّهِ» تَقُولُ: إِنَّهُ لَحَجٍ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، أَيْ حَرِيٌّ بِهِ، وَمَا أَحَجَاهُ لِذَلِكَ، قَالَ الْعَجَّاجُ:

كَرَّ بِأَحْجَى مَانِعٍ أَنْ يَمْنَعَا وَتَقُولُ: أَحَجِ بِهَذَا الْأَمْرِ، أَيْ أَحْرِ بِهِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ قَالَ: لَا يُعْجِبَنَّكَ مَا تَرَى مِنَ امْرِئٍ حَتَّى تَرَى عَلَى أَيِّ قُطْرَيْهِ يَقَعُ، أَيِّ: عَلَى أَيِّ شِقَّيْهِ، يُرِيدُ مَا الَّذِي يُخْتَمْ بِهِ عَمَلُهُ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: مَا بَيْنَ قُطْرَيْهَا مِثْلُ فُلَانٍ، أَيْ مَا بَيْنَ نَاحِيَتِهَا، وَالْقُطْرَانُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَكَذَلِكَ أَقْطَارُ الْأَرْضِ، وَأَقْطَارُ السَّمَاءِ: نَوَاحِيهَا، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا} [الأحزاب: 14] وَأَقْطَارُ الْفَرَسِ: مَا أَشْرَفَ مِنْهُ، وَهُوَ كَاثِبَتُهُ وَعَجُزُهُ، وَكَذَلِكَ أَقْطَارُ الْجَبَلِ وَالْجَمَلِ، أَعَالِيهِ، وَتَقُولُ: قَطَّرْتُ الرَّجُلَ إِذَا صَرَعْتُهُ، وَضَرَبْتُ بِهِ الْأَرْضَ. قَالَ أَبُو ثُمَامَةَ الضَّبِّيُّ:

قُلْتُ لِمِحْرِزٍ لَمَّا الْتَقَيْنَا ... تَنَكَّبْ لَا يُقَطِّرْكَ الزِّحَامُ أَتَسْأَلُنِي السَّوِيَّةَ وَسْطَ زَيْدٍ ... أَلَا إِنَّ السَّوِيَّةَ أَنْ يُضَامُوا وَفِيهِ لُغَتَانِ: قُطْرٌ وَفُتْرٌ، قَالَ الْقُطَامِيُّ: وَقَالُوا: فُقَيْمٌ قَيِّمُ الْمَاءِ فَاسْتَجَزَى عُمَارَةَ إِنَّ الْمُسْتَجِيزَ عَلَى قُتْرِ تَقُولُ: اسْتَجَزْتُ فُلَانًا فَأَجَازَنِي، إِذَا سَقَاكَ مَاءً لِأَرْضِكَ، أَوْ لِمَاشِيَتِكَ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: الْجَوَازُ: الْمَاءُ الَّذِي يُسْقَاهُ، الْمَالُ مِنَ الْمَاشِيَةِ وَالْحَرْثِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: مَا أُبَالِي عَلَى أَيْ قُطْرَيْهِ وَقَعَ، وَعَلَى أَيْ قُتْرَيْهِ، وَعَلَى أَيْ شُزُنَيْهِ، وَيُثَقَّلُ، فَيُقَالُ: شُزُنَيْهِ، وَالْقُطْرُ، وَالْقُتْرُ، وَالشَّزْنُ: النَّاحِيَةُ مِنَ الرَّجُلِ، وَهِيَ النَّاحِيَةُ مِنَ الْأَرْضِ. 468 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، «إِنَّهُ §لَيُسْمَعُ لِلْهَوَامِ جَلَبَةٌ بَيْنَ أَطْبَاقِ جِلْدِ الْكَافِرِ، كَمَا تُسْمَعُ جَلَبَةُ الْوَحْشِ فِي الْبَرِّ» . حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: نا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، قَالَ: نا عِاصَمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، قَالَ: نا زِرُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ

قَوْلَهُ: بَيْنَ أَطْبَاقِ جِلْدِ الْكَافِرِ، أَيْ، بَيْنَ أَضْعَافِهِ، كَأَطْبَاقِ التُّرْسِ، وَالسَّمَاوَاتِ طَبَقٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ. وَالطَّبَقُ: كُلُّ غِطَاءٍ، يُقَالُ: أَطْبَقَ الرَّحَيَيْنِ، أَيْ طَابَقَ بَيْنَ حَجَرَيْهِمَا. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: الطَّبَقُ: فَقَارُ الظَّهْرِ وَالْعُنُقِ، وَالْوَاحِدَةُ: طَبَقَةٌ قَالَ رُؤْبَةُ: يَشْقَى بِهِ صَفْحُ الْفَرِيصِ وَالْأَفَقْ وَمَتْنُ مَلْسَاءِ الْوَتِينِ فِي الطَّبَقْ

وَقَالَ غَيْرُهُ يَصِفُ السَّيْفَ، أَنْشَدَنَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ: يَفُدُّ الْبَيْضَ حَتَّى مُنْتَهَاهُ ... إِذَا مَا اهْتَزَّ فِي طَبَقِ النُّخَاعِ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ: إِنْ كَانَتِ الْهَاءُ الْمُضَافُ إِلَيْهَا فِي مُنْتَهَاهِ لِلسَّيْفِ، فَالْمُنْتَهَى رَفْعٌ وَإِنْ كَانَتْ لِلْبَيْضِ، فَالْمُنْتَهَى مَكَانُ النَّصْبِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى: طَبَقٌ وَالْجَمْعُ طِبَاقٌ، وَهُوَ مَا بَيْنَ كُلِّ فَقَارَتَيْنِ، وَالْهَوَامُ: الْحَيَّاتُ، وَاحِدَتُهَا هَامَةٌ، وَيُقَالُ فِي مَثَلِ: أَدْرِكِي الْقُوَيْمَةَ لَا تَأْكُلْهُ الْهُوَيْمَةُ. يَعْنِي الصَّبِيَّ الَّذِي يَأْكُلُ الْبَعْرَ وَالْقَصَبَ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ، يُقَالُ لِأُمِّهِ: أَدْرِكِيهِ لَا تَأْكُلُهُ الْهَامَةُ، وَهِيَ الْحَيَّةُ. 469 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: «§خَالِقُوا النَّاسَ وَزَايِلُوهُمْ وَدَيْنَكُمْ فَلَا تُكْلِمُنَّهُ» . حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا مُعَاذٌ وَهُوَ ابْنُ شُعْبَةَ، قَالَ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ

قَوْلُهُ: خَالِقُوا النَّاسَ، أَيْ جَامِلُوهُمْ، وَتَخلَّقُوا لَهُمْ بِخُلُقٍ حَسَنٍ، وَقَالَ الشَّاعِرُ: خَالِقِ النَّاسَ بِخُلْقٍ حَسَنٍ ... لَا تَكُنْ كَلْبًا عَلَى النَّاسِ يَهِرُّ وَأَنْشَدَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: وَلَسْتُ بِعَبْدٍ يَتَّقِي سُخْطَ رَبِّهِ ... إِذَا لَمْ تَلُمْنِي فِي مُجَامِلَةٍ نَفْسِي يَقُولُ: لَا آتِي الْأَمْرَ قَسْرًا أَبَدًا، إِنَّمَا آتِيهِ تَجَمُّلًا وَتَفَضُّلًا

470 - وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ، قَالَ: نا مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ، قَالَ: نا وَكِيعٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، قَالَ: قَالَ صَعْصَعَةُ بْنُ صَوْحَانَ، لِابْنِ أَخِيهِ زَيْدٍ: «إِنِّي كُنْتُ §أَحَبَّ إِلَى أَبِيكَ مِنْكَ، وَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ ابْنِي، إِذَا لَقِيتَ الْمُؤْمِنَ فَخَالِطْهُ، وَإِذَا لَقِيتَ الْفَاجِرَ فَخَالِقْهُ»

وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ أَبِي الدَّرْدَاءِ إِنَّا لَنُكْشِرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ، وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ. أَخَذَهُ الشَّاعِرُ، فَقَالَ: أُكَاشِرُهُ وَأَعْلَمُ أَنْ كِلَانَا ... عَلَى مَا سَاءَ صَاحِبُهُ حَرِيصُ وَالْكَشْرُ: بُدُوُ الْأَسْنَانِ عِنْدَ التَّبَسُّمِ. 471 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: §إِنَّ الرَّجُلَيْنِ إِذَا تَلَاقَيَا، وَتَصَافَحَا، وَتَعَانَقَا، وَتَكَاشَرَا تَحَاتَّتْ ذُنُوبُهُمَا كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ هَذَا لَيَسِيرٌ، فَقَرَأَ مُجَاهِدٌ: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} [الأنفال: 63] ، أَفَهَذَا يَسِيرٌ؟

قَالَ الشَّاعِرُ: إِنَّ مِنَ الْإِخْوَانِ إِخُوَانَ كِشْرَةٍ

. . . . . . . . وَالْكِشْرَةُ فِي هَذَا الْبَيْتِ: خِلْفٌ مِنَ الْمُكَاشَرَةِ، لِأَنَّ الْفِعْلَةَ قَدْ تَجِيءُ فِي مَصْدَرِ، فَاعَلْتَ، مِثْلُ: هَاجَرَ هِجْرَةً، عَاشَرَ عِشْرَةً 472 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ قَالَ: " §سَتَكُونُ رِدَّةٌ شَدِيدَةٌ، قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا أَعْلَمُ الرِّدَّةَ عَنِ الْإِسْلَامِ وَالتَّقَحُّمَ، إِلَّا سَوَاءً ". حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا أَبُو الرَّبِيعِ، نا حَمَّادٌ، قَالَ: نا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ , قَالَ: نُبِّئْتُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: كَانُوا يَرَوْنَ التَّقَحُمَ: أَصْحَابَ الْأَهْوَاءِ وَالْقُحَمُ: الْأُمُورُ الْعِظَامُ، وَالْوَاحِدَةُ قُحْمةٌ، وَقُحَمُ الطَّرِيقِ مَا صَعُبَ مِنْهُ، قَالَ الرَّاجِزُ: يَرْكَبْنَ مِنْ فَلْجٍ طَرِيقًا ذَا قُحَمْ وَقَالَ غَيْرُهُ: التَّقَحُمُّ: هُوَ التَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، يُقَالُ: مِنْهُ أَعْرَابِيُّ مُقْحَمٌ، وَهُوَ

الَّذِي نَشَأَ فِي الْمَفَازَةِ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا، وَيُقَالُ أَيْضًا: بَعِيرٌ مُقْحَمٌ قَدِ اقْتَحَمَ اقْتِحَامًا، إِذَا اقْتَحَمَ سِنِينَ فِي سِنٍّ، مِثْلُ: أَنْ يُجْذِعَ وَيُثَنِّيَ فِي سَنَةٍ، أَوْ يُثَنِّي وَيُرْبِعُ فِي سَنَةٍ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: بَعِيرُ مُقْحَمٌ هُوَ الَّذِي تُقْحِمُهُ سِن إِلَى سِنٍّ أُخْرَى، قَالَ الرَّاجِزُ: وَإِنْ رَغَا لَمْ يُنْجِهِ تَزَغْمُهْ مِنْ عَرَكٍ فَصِيلُهَا وَمُقْحَمُهْ. فَإِنْ يَكُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ هَذَا، فَإِنَّهُ ضُرِبَ اقْتِحَامُ الْبَعِيرِ سِنًّا إِلَى سِنٍّ آخَرَ لِلْخَوَارِجِ، وَأَهْلِ الْأَهْوَاءِ مَثَلًا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبُوا أَنْ خَرَجُوا مِنْهُ إِلَى شَيْءٍ آخَرَ، يُقَالُ مِنْهُ إِبِلٌ مَقَاحِمٌ وَمَقَاحِيمٌ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَذْكُرُ فَحْلًا: خِدَبٍّ حَنَى مِنْ صُلْبِهِ بَعْدَ سَلْوَةٍ ... عَلَى قُصْبِ مُنْضَمِّ الثَّمِيلَةِ شَازِبِ مِرَاسُ الْأَوَابِي عَنْ نُفُوسٍ عَزِيزَةٍ ... وَإِلْفُ الْمَتَالِي فِي قُلُوبِ السَّلَائِبِ وَلِلشَّوْلِ أَتْبَاعٌ مَقَاحِيمُ بَرَّحَتْ ... بِهِ وَامْتِحَانُ الْمُبْرِقَاتِ الْكَوَاذِبِ فَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: الْخِدَبُّ: الْعَظِيمُ، حَنَى مِنْ صُلْبِهِ، أَيْ أَحْنَقَهُ وَأَضْمَرَهُ، وَحَنَاهُ أَيْضًا، إِلْفُ الْمَثَالِي فِي قُلُوبِ السَّلَائِبِ، يَعْنِي: مَا فِي قُلُوبِ السَّلَائِبِ، مِنْ إِلْفِ الْمَتَالِي، وَذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ أَنْ تُسْلَبَ مَعَ الْمَتَالِي، فَلَمَّا اسْتَلَبَتْ حُوِّلَتْ عَنِ الْمَتَالِي إِلَى الطَّرُوقَةِ. وَالطَّرُوقَةُ: الَّتِي يَضْرِبُهَا الْفَحْلُ، فَإِذَا أَفْلَتَتِ السَّلَائِبُ، رَجَعَتْ إِلَى الْمَتَالِي، فَيَرْجِعُ الْفَحْلُ فَيَسْتَخْرِجُهَا مِنْهَا، فَيَرُدُّهَا إِلَى الطَّرُوقَةِ، وَالسَّلُوبِ: الَّتِي ذَهَبَ وَلَدُهَا

بِذَبْحٍ أَوْ مَوْتٍ، يَقُولُ: وَمِمَّا حَنَا صُلْبَهُ أَيْضًا، أَنَّ صِغَارًا مِنْ صِغَارِ الْإِبِلِ: مَقَاحِيمٌ تَخَلَفَ، فَيَخَافُهَا عَلَى طَرُوقَتِهِ، تَعْقِبُهُ فِي الشَّوْلِ، لِتَضْرِبَ فِيهَا، فَيَرُدُّهَا عَنْهَا وَيَطْرُدُهَا. 473 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَحِمَهُ اللَّهُ «§لَوْ سَخِرْتُ مِنْ كَلْبٍ لَخَشِيتُ مَحَارَهُ» . يُرْوَى عَنْ حَاتِمِ بْنِ وَرْجَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ

قَوْلُهُ: لَخَشِيتُ مَحَارَهُ، يُرِيدُ أَنْ أَحُورَ كَهَيْئَتِهِ، وَأَنْ أَرْجِعَ مَرْجِعَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَا تَسْخَرَنَّ مِنْ شَيْءٍ فَيَحُورُ بِكَ، قَالَ لَبِيدٌ: وَمَا الْمَرْءُ إِلَّا كَالشِّهَابِ وَضَوْئِهِ ... يَحُورُ رَمَادًا بَعْدَ إِذْ هُوَ سَاطِعُ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: إِنِّي أَرَى الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ، فَأَكْرَهُهُ لَهُ، فَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَعِيبَهُ، إِلَّا مَخَافَةُ أَنْ أُبْتَلَى بِهِ، وَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: الْبَلْاءُ مُوَكَّلٌ بِالْقَوْلِ.

وَيُقَالُ مِنَ الْمَحَارِ: حَارَ الرَّجُلُ يَحُورُ حَوْرًا، وَمَحَارًا، وَمَحُورَةً، وَمَحْوَرًا، وَحَوِيرًا، وَحِوَارًا. وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: " §وَأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حَوَارَهُ ... عَلَى النَّارِ وَاسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ أَصْفَرَ: قِدْحٌ مِنَ الْقِدَاحِ كَانَ بِهِ عَوَجٌ فَثَقِفَهُ بِالنَّارِ حَتَّى يَسْتَوِيَ، فَغَيَّرَتْهُ النَّارُ، فَهُوَ مَضْبُوحٌ وَضَبِيحٌ، وَحَوَارَهُ وَحَوِيرَهُ، أَيْ نَظَرْتُ الْفُلْجَ وَالْفَوْزَ بِهِ، أَيْ خُرُوجَهُ. وَالْمُجْمِدِ: الْأَمِينُ الَّذِي يَلْزِمُ الْحَقَّ صَاحِبَهُ، إِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَلَزِمَهُ قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيُّ، وَقَالَ سُلَمِيُّ بْنُ غَوِيَّةَ الضَّبِّيُّ: مَا طَالَ مِنْ أَبَدٍ عَلَى لُبَدٍ ... رَجَعَتْ مَحُورَتُهُ إِلَى قَصْرِ وَجَمْعُ الْمَحُورَةِ: مَحَاوِرٌ. وَأَنْشَدَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ لِرَاجِزٍ كَانَ لَهُ ضَرَائِرٌ: يَا هَيَّ مَالِي قَلِقَتْ مَحَاوِرِي

وَصَارَ أَمْثَالُ الْفَغَا ضَرَائِرِي مُخْرَنْطِمَاتٍ عُسَّرًا عَوَاسِرِي مُقَدِّمَاتٍ أَيْدِيَ الْمَوَاخِرِ فَصِرْتُ فِيمَا بَيْنَهَا كَالسَّاحِرِ قَالَ: يُقَالُ: يَا هِيَ مَالَكَ، وَيَا شِيَّ مَالَكِ، وَيَا فِيَّ مَالَكَ، كَأَنَّهُ تَضْعِيفٌ، وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: عِيُّ وَشِيُّ، وَمَا أَعْيَاهُ وَأَشْيَاهُ، الْأَخِيرَةُ تَأْكِيدٌ لِلْأُولَى، يُقَالُ ذَلِكَ لِلصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُحْسِنُ أَنْ يَتَكَلَّمَ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: قَلِقَتْ مَحَاوِرِي، أَيِّ مَصَايِرُ أَمْرِي، أَيِ اضْطَرَبَتْ أُمُورِي، وَالْفَغَا: الْبُسْرُ الْأَخْضَرُ إِذَا انْتَفَخَ، وَعَلَتْهُ قِشْرَةٌ غَلِيظَةٌ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ، وَلَمْ يَحْمَرَّ، يَقُولُ: فَهُنَّ مُنْتَفِخَاتٌ عَلَيَّ مِنَ الْغَضَبِ، مُخْرَنْطِمَاتٌ: مُتَغَضِّبَاتٌ، عَوَاسِرِي: يَحْمِلْنَنِي عَلَى الْعُسَّرِ. وَقَوْلُهُ: مُقَدَّمَاتٍ أَيْدِيَ الْمَوَاخِرِ: فَالْمَاخِرُ الَّذِي يَشُقُّ الْمَاءَ إِذَا سَبَحَ، يَقُولُ: فَهُنَّ يَصْخَبْنَ وَيَسْتَعِنَّ بِأَيْدِيهِنَّ، كَأَنَّهُنَّ سَوَابِحٌ، وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ الْآخَرِ، يَذْكُرُ النَّاقَةَ: كَأَنَّ يَدَيْهَا إِذَا أَرْقَلَتْ ... وَقَدْ جُرْنَ ثُمَّ اهْتَدَيْنَ السَّبِيلَا يَدَا سَابِحٍ خَرَّ فِي غَمْرَةٍ ... قَدْ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ إِلَّا قَلِيلًا وَأَنْشَدَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسَرَّةَ، قَالَ: أَنْشَدَنِي الرِّيَاشِيُّ، لِلْقَتَّالِ الْكِلَابِيِّ فِي الْمَحَارِ: يَأَيُّهَا الْبَطِنُ السَّمِينُ وَقَوْمُهُ ... هَزْلَى تُجَرِّرُهُمْ بَنَاتُ جَعَارِ اطْعَمْ، وَلَسْتَ بِمُطْعمٍ، وَلَتَعْلَمَنْ ... أَنَّ الطَّعَامَ يَحُوُرُ شَرَّ مَحَارِ نَمْشِي خِلَالَ بُيُوتِكُمْ وَتَشُوقُنَا ... رِيحُ الشِّوَاءِ يُلَطُّ بِالْأَسْتَارِ

يُقَالُ: رَجُلٌ بَطِنٌ لَا يُهِمُّهُ إِلَّا بَطْنِهِ، وَرَجُلٌ مِبْطَانٌ، إِذَا كَانَ لَا يَزَالُ ضَخْمُ الْبَطْنِ مِنْ كَثْرَةِ الْأَكْلِ، وَرَجُلٌ مُبَطَّنٌ، إِذَا كَانَ خَمِيصَ الْبَطْنِ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: رَخِيمَاتُ الْكَلَامِ مُبَطَّنَاتُ ... جَوَاعِلُ فِي الْبُرَى قَصَبًا خِدَالَا وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو وَجْزَةَ: §فَلَا وَأَبِيكَ مَا يُمْسِي رَفِيقِي ... خَمِيصًا مِنْ قِرَى رَجُلٍ بَطِينِ أُوَاسِيهِ وَأُوُرِهِ بِزَادِي ... وَأَحْفَظُ عِنْدَهُ حَسَبِي وَدِينِ 475 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، «§إِذَا ضَبُّوا عَلَيْكَ بِالْمُطَلْفَحَةِ فَكُلْ رَغِيَفَكَ وِرْدَ النَّهْرِ، وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ دِينَكَ» . أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ قَالَ: قَالَ أَبُو الْعُبَيْدَيْنِ، لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ، لَا تَفْتَرِقُوا عَلَيْنَا، فَنَفْتَرِقْ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. الْمُطَلْفَحَةُ: الدَّرَاهِمُ، وَطَلْفَحَتُهَا: عَرْضُهَا وَانْبِسَاطُهَا، وَمِنْهُ قِيلَ: رَجُلٌ

طَلَنْفَحٌ، وَهُوَ الَّذِي قَدِ انْبَسَطَ مِنَ الْإِعْيَاءِ وَالْكَلَالِ، وَالنُّونُ: زَائِدَةٌ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ أَعْرَابِيٌّ أُسِرَ فَحَرَّضَ قَوْمَهُ عَلَى فِكَاكِهِ: " §وَنَطْحَنُ بِالرَّحَى شَزْرًا وَبَتًّا ... وَلَوْ نُعْطَى الْمَغَازِلَ مَا عَيِينَا وَنُصْبِحُ بِالْغَدَاةِ أَتَرَّ شَيْءٍ ... وَنُمْسِي بِالْعَشِيِّ طَلَنْفَحِينَا الشَّزْرُ: إِدَارَةُ الرَّحَى عَلَى غَيْرِ جِهَتِهَا، وَالْبَثُّ: إِدَارَتُهَا عَلَى الْجِهَةِ 476 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، " أَنَّهُ §دَخَلَ دَارًا فَرَأَى فِيهَا غَضَارَةً مِنْ عَيْشٍ، وَمَرَايَا، وَدَوَاجِنَ مِنَ الْغَنَمِ، فَقَالَ لِرَجُلٍ: يُعْجِبُكَ مَا تَرَى هَاهُنَا؟ قَالَ: إِي وَاللَّهِ، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَئِنْ بَقِيتَ لَتَمَنَّيْنَ أَنْ لَكَ بِالدُّنْيَا، وَمَا فِيَها بَعِيرًا تَقْتَتِبُهِ ".

أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا يُونُسُ بْنُ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: نا أَبُو يَعْفُورٍ، عَنْ مُسْلِمٍ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

الْمَرَايَا: جَمْعُ مَرِيٍّ، كَمَا يُقَالُ: بَغِيٌّ وَبَغَايَا، وَالْمَرِيُّ: النَّاقَةُ الْكَثِيرَةُ اللَّبَنِ، وَقَالَ الشَّاعِرُ: إِذَا مَا مَرِيُّ الْحَرْبُ قَلَّ غَزَارُهَا وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: الْمَرَيَّةُ الِاسْمُ مِنَ الْمَرَيِّ، وَالنَّاقَةُ مَرِيٌّ، وَجَمْعُهَا مَرَايَا، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ مَرَيًّا، لِأَنَّها تُدِرُّ عَلَى الْمَرْيِ، وَالْمَرْيُ: مَسْحُ ضَرْعِ النَّاقَةِ لِتُدِرَّ، وَإِذَا دَرَّتِ النَّاقَةُ عَلَى غَيْرِ وَلَدِهَا، وَعَلَى مَا تُعْطَفُ عَلَيْهِ فَهِيَ مَرِيٌّ، وَأَنْشَدَ لِأَبِي زُبَيْدٍ: شَامِذًا تَتَّقِي الْمُبِسَّ عَلَى الْمُرْيَةِ ... كَرْهًا بِالصَّرْفِ ذِي الطُّلَاءِ

وَهُوَ: الدَّمُ الَّذِي يُطْلَى بِهِ، وَالشَّامِذُ: الَّتِي تَرْفَعُ ذَنَبَهَا، وَيُقَالُ لِلذِّئْبِ: الشُّمَيْذِنُ. قَالَ: وَنَرَى أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ شَمَذَ بِذَنَبِهِ، وَالْمُبِسُّ: الَّذِي يَقُولُ: بُسَّ لِتَدُرَّ، يُقَالُ: نَاقَةٌ بَسُوسٌ إِذَا كَانَتْ تَدُرُّ عَلَى الْإِبْسَاسِ، وَهُوَ صُوَيْتٌ لِلرَّاعِي، يُسْكِنُ بِهِ النَّاقَةَ عِنْدَ الْحَلْبِ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: هِيَ الْمِرْيَةُ، قَالَ: يُقَالُ: ارْفُقْ بِمِرْيَةِ نَاقَتِكَ إِذَا مَرَّهَا. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَمَرْيُهُ إِيَّاهُ، أَنْ يَمْسَحَ بِيَدِهِ ضَرْعَهَا لِتُدِرَّ بِلَبَنِهَا، وَاللُّغَتَانِ مَعًا مَحْفُوظَتَانِ: مِرْيَةٌ وَمُرْيَةٌ مِنْ مَرَيْتُ النَّاقَةَ، إِذَا مَسَحْتُ ضَرْعَهَا لِتُدِرَّهَا، وَالْمِرْيَةُ مِنَ الشَّكِّ مَكْسُورٌ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ} [هود: 17] . وَخَالَفَ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَقَالَ: مِرْيَةٌ وَمُرْيَةٌ مِنَ الشَّكِّ، وَمِرْيَةُ النَّاقَةِ، مَكْسُورَةٌ، هِيَ دِرَّتُهَا، قَالَ: وَكَذَلِكَ مِرْيَةُ الْفَرَسِ، وَهُوَ أَنْ تَمْرِيَهُ بِسَاقٍ، أَوْ بِسَوْطٍ، أَوْ بِزَجْرٍ، مَكْسُورٌ لَا غَيْرَ. وَتَقُولُ: أَقْتَبْتُ الْجَمَلَ إْقِتَابًا، إِذَا شَدَدْتُ قَتَبَهُ، وَيُقَالُ: لِلنَّاقَةِ الَّتِي تُقْتَبُ قُتُوبَةٌ. قال أبو زيد: يقول العرب: ما له قتوبة، وَلَا نَسُولَةٌ، وَلَا جَزُورَةً، فَالْقُتُوبَةُ: الَّتِي تَقْتُبُ إِقْتَابًا، وَجَمْعُهَا الْقَتَائِبُ، وَالنَّسُولَةُ: الَّتِي تُتَّخِذُ مِنْ نَسْلِهَا، وَجَمْعُهَا نَسَائِلُ، وَالْجَزُورَةُ: الَّتِي يُجَزُّ صُوفُهَا، وَجَمْعُهَا جَزَائِزُ. وَأَمَّا الدَّوَاجِنُ: فَمِنَ الْغَنَمِ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ: يُقَالُ: هَذِهِ شَاةٌ دَجُونٌ، وَهِيَ الَّتِي لَا تَمْنَعُ ضَرْعَهَا سَخَالَ غَيْرِهَا، وَجَمْعُهَا: الدُّجُنُ، وَقَدْ دَجَنَتْ عَلَى

الْبُهْمِ تَدْجُنُ دُجُونًا ودِجَانًا. 477 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، «إِنَّ §بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا طَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ وَقَسَتْ قُلُوبُهُمُ اخْتَرَعُوا كِتَابًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمُ اشْتَهَتْهُ قُلُوبُهُمْ، وَاسْتَحَلَّتْهُ أَلْسِنَتُهُمْ» . أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا الْأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ عُمَيْلَةَ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ

قَوْلُهُ: اخْتَرَعُوا كِتَابًا، أَيِ: اشْتَقُّوهُ، يُقَالُ: اخْتَرَعَ فُلَانٌ بَاطِلًا وَكَذِبًا، إِذَا اشْتَقَّهُ، وَيُقَالُ: خَرَعْتُ الثَّوْبَ فَانْخَرَعَ، أَيْ شَقَقْتُهُ فَانْشَقَّ، قَالَ الطِّرْمَّاحُ يَصِفُ مِشْفِرَ الْبَعِيرِ: خَرِيعَ النَّعْوِ مُضْطَرِبَ النَّوَاحِي ... كَأَخْلَاقِ الْغَرِيفَةِ ذَا غُضُونِ 478 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، «مَا تَبَنَّكَتِ الْيَهُودِيَّةُ فِي قَلْبِ عَبْدٍ، فَكَادَتْ تُفَارِقُهُ» . أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ , قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى كَعْبٍ، لِيَتَعَلَّمَ مِنْ عِلْمِهِ، فَلَمَّا رَجَعَ، قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: §هَاتِ الَّذِي أَصَبْتَ مِنْ كَعْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبًا، يَقُولُ: إِنَّ السَّمَاءَ تَدُورُ فِي قُطْبَةٍ مِثْلِ قُطْبَةِ الرَّحَى فِي عَمُودٍ عَلَى مَنْكَبِ مَلَكٍ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: وَدِدْتُ أَنِّي فَدَيْتُ رِحْلَتَكَ بِمْثِلِ رَاحِلَتِكَ، مَا تَبَنَّكَتِ الْيَهُودِيَّةُ فِي قَلْبِ عَبْدٍ، فَكَادَتْ تُفَارِقُهُ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [فاطر: 41] ، وَكَفَى بِهِمَا زَوَالًا أَنْ تَدُورَا

تَبَنَّكَتْ: يُرِيدُ تَمَكَّنَتْ وَلَزِمَتْ، وَالْبُنْكُ: الْأَصْلُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: لَأَرُدَّنَّهُ إِلَى بُنْكِهِ الْخَبِيثِ، وَفُلَانٌ قَدْ تَبَنَّكَ فِي عِزٍّ، أَيْ تَمَكَّنَ فِيهِ، وَاسْتَعْلَى بِهِ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: قَالَ الزُّبَيْرُ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ فِي عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: يَأَيُّهَا السَّائِلُ عَنْ عَلِيِّ تَسْأَلُ عَنْ بَدْرٍ لَنَا بَدْرِيِّ مُبَنَّكٍ في الْعِيصِ أَبْطَحِيِّ سَائِلَةٍ غُرَّتُهُ مُضِيِّ

479 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ قَالَ: " §إِذَا كَانَ عَلَى أَحَدُكُمْ إِمَامٌ يَخَافُ تَغَطْرُسَهُ، أَوْ ظُلْمَهُ، فَلَيْقُلْ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ، وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، كُنْ لِي جَارًا مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَأَحْزَابِهِ أَنْ يُفْرِطَ عَلَيَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ، أَوْ أَنْ يَطْغَى، عَزَّ جَارُكَ، وَجَلَّ ثَنَاؤُكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ " يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَقِبٍ الْمُحَلِّمِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْمُتَغَطْرِسُ: الْظَالِمُ الْمُتَكَبِّرُ، وَهُوَ الْغِطْرِيسُ، قَالَ الْكُمَيْتُ:. . . . . . . . . . . . . . كُنَّا الْأُبَاةَ الْغَطَارِسَا وَقَالَ غَيْرُ أَبِي عُبَيْدٍ: الْغَطْرَسَةُ: تَطَاوُلُ الرَّجُلِ عَلَى الْأَقْرَانِ مِنْ عُجْبٍ وَتَكَبُّرٍ، يُقَالُ: فَتًى مُتَغَطْرِسٌ، وَأَنْشَدَ: كَمْ فِيهِمُ مِنْ فَارِسٍ مُتَغَطْرِسٍ شَاكِي السِّلَاحِ يَذُبُّ عَنْ مَكْرُوِبِ 480 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، «أَنَّهُ §سَتَلِيكُمْ أُمَرَاءٌ، فَيَأْزِلُونَكُمْ وَيَحْرِمُونَكُمْ» . يُرْوَى عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْجُعْفِيِّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، قَالَ: قَالَ نِزَالُ بْنُ سَبْرَةَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ

الْأَزْلُ: الضِّيقُ وَالْحَبْسُ، يُقَالُ: قَدْ أَزَلُوا مَالَهُمْ يَأْزِلُونَهُ أَزْلًا، إِذَا حَبَسُوهُ عَنِ الْمَرْعَى مِنْ خَوْفٍ، وَأَمَّا الْإِزْلُ: بِالْكَسْرِ، فَذَكَرَ أَبُو عَمْرٍو، وَابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، أَنَّهُ الْكَذِبُ 481 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، " وَبَلَغَهُ أَنَّ §نَاسًا بَلَغَ مِنَ اجْتِهَادِهِمْ، أَنْ خَرَجُوا إِلَى الْجَبَّانَةِ، فَحَفَرُوا قَرَامِيصَ، فَقَالُوا: نَكُونُ فِيهَا، وَلَا نُخَالِطُ النَّاسَ، وَلَا نُكَلِّمُهُمْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ اتَّخَذُوا هَذِهِ الْقَرَامِيصَ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعلَمُ لَاتَكَلْتُمْ ". يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ

حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعَرابِيِّ، قَالَ: الْقَرَامِيصُ: وَاحِدُهَا قُرْمُوصٌ، وَهُوَ جَحَرٌ فِي الْأَرْضِ يُسْتَدْفَأُ بِهِ، وَأَنْشَدَ: جَاءَ الشِّتَاءُ وَلَمَّا أَتَخِذْ رَبَضًا ... يَا وَيْحَ كَفِّي مِنْ حَفْرِ الْقَرَامِيصِ وَالرَّبَضُ: امْرَأَةٌ تُرْبِضُهُ، أَيْ يَأْوِي إِلَيْهَا، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ بَعْضِهِمْ: الْقُرْمُوصُ: وَكْرُ الطَّائِرِ، حَيْثُ يَفْحَصُ عَنِ الْأَرْضِ 482 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، " أَنَّ §رَجُلًا أَتَاهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ تُرِيدُ أَنْ تَخْرُجَ، قَالَ: احْبِسْهَا، قَالَ: لَا تُطِيعَنِي، قَالَ: قَيِّدْهَا، قَالَ: إِنَّ لَها إِخْوَةً غَلِيظَةً رِقَابَهُمْ، قَالَ: اسْتَعْدِ عَلَيْهِمُ الْأَمِيرَ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ، قَالَ: نا عِيسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ

قَوْلُهُ: غَلِيظَةً رِقَابَهُمْ، يَعْنِي: عَظِيمًا شَأْنُهُمْ، جَلِيلَةً أَقْدَارُهُمْ، يُقَالُ لِلرَّجُلِ: إِنَّهُ لَغَلِيظُ الْعُنُقِ، إِذَا كَانَ جِلْدًا مَانِعًا، لِمَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ، قَالَ الشَّاعِرُ: مَاذَا دَعَانَا إِلَيْهِ مَوْقِفُنَا ... يَوْمَ الْتَقَيْنَا بِجَانِبِ الْعَقَبَهْ قَدْ كُنْتُ لَوْلَا مَحَبَّتِي لَكُمُ ... مِنْ أَغْلَظِ النَّاسِ كُلِّهِمْ رَقَبَهْ

وَرُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ امْرَأَةً لَهُ رَاجَعَتْهُ يَوْمًا، فَقَالَ: لَتَنْتَهِنَّ، أَوَّلًا لَأَدْعُوَنَّ اللَّهَ عَلَيْكَ، فَقَالَتْ لَهُ: أَنْتَ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً تَدْعُو عَلَى الْحَجَّاجِ، فَمَا تَزْدَادُ عُنُقُهُ إِلَّا غِلْظًا. وَقَالَ الشَّاعِرُ: فَقُلْتُ لَهُ وَأَنْكَرَ بَعْضَ شَيْءٍ ... أَلَمْ تَعْرِفْ رِقَابَ بَنِي تَمِيمِ وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى ذَهَبَتْ خَنْسَاءُ فِي قَوْلِهَا: يَهْدِي الرَّعِيلَ إِذَا جَارَ السَّبِيلُ بِهِمْ ... نَهْدَ التَّلِيلِ لِزُرْقِ السُّمْرِ رِكَّابَا وَالتَّلِيلُ: الْعُنُقُ، وَيَقُولُ النَّاسُ: لَأُحِيلَنَّكَ عَلَى رَجُلٍ غَلِيظِ الرَّقَبَةِ، وَإِنَّمَا شَبَّهُوهُ بِالْأَسَدِ، يُقَالُ لِلْأَسَدِ: أَغْلَبُ، لِغِلَظِ رَقَبَتِهِ، وَقَالَ الرَّاعِي: وَلَيْلٍ كَلَوْنِ السَّاجِ خُوصٍ نُجُومَهُ ... أَخَافُ بِهِ رَجْلًا وَأَغْلَبَ عَادِيَا وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: فِي قَوْلِ الْعَجَّاجِ: §مَا زِلْتُ يَوْمَ الْبَيْنِ أَلْوِي صَلَبِي وَالرَّأَسَ حَتَّى صِرْتُ مِثْلَ الْأَغْلَبِ لُغَةٌ فِي الصُّلْبِ، وَيُرْوَى صُلُبِي، بِالضَّمِّ، فَإِذَا الْتَفَتَ الْأَغْلَبُ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَّا بِعُنُقِهِ كُلِّهِ

483 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ " أَنَّهُ §رُئِيَ يَسْعَى إِلَى الصَّلَاةِ، وَقَدْ بَلَغَ إِزَارَهُ رُكْبَتَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: فَقَالَ: أُبَادِرُ حَدَّ الصَّلَاةِ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا بُنْدَارٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ , عَنْ رَجُلٍ مِنْ طَيئ، عَنْ أَبِيهِ

حَدُّ كُلِّ شَيْءٍ: أَوَّلُهُ 484 - وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْخَلَّالُ، قَالَ: نا عَمَّارٌ الْجنبي، قَالَ: نا السُّدِّيُّ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ رِيَاحِ بْنِ عُبَيْدَةَ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: §{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133] ، قَالَ: حَدُّ الصَّلَاةِ: التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى.

قَالَ عُبَيْدٌ الرَّاعِي: أَقَامَتْ بِهِ حَدَّ الرَّبِيعِ وَجَارُهَا ... أَخُو سَلْوَةٍ مَسَّى بِهِ اللَّيْلُ أَمْلَحُ فَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ حَدُّ الرَّبِيعٍ: مُعْظَمُهُ، وَجَارُهَا أَخُو سَلْوَةٍ: يَعْنِي: النَّدِيَّ، مَا دَامُوا يَرَوْنَ النَّدَى، فَهُمْ فِي سَلْوَةٍ مِنْ عَيْشِهِمْ وَرَخَاءٍ، مَسَّ بِهِ اللَّيْلُ، لِأَنَّ النَّدَى، إِنَّمَا يَأْتِي مَعَ اللَّيْلِ، أَمْلَحَ

إِلَى الْبَيَاضِ، وَهَذَا الْبَيْتُ حُجَّةٌ لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَسَاءَ يَكُونُ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، وَقَالَ الْأَعْشَى: وَكَأْسٍ كَعَيْنِ الدَّيِكِ بَاكَرْتُ حَدَّهَا ... بِفِتْيَانِ صِدْقٍ وَالنَّوَاقِيسُ تُضْرَبُ حَدُّهَا: أَوَّلُهَا، وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: حَدُّهَا صَلَابَتُهَا 485 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ زُبَيْدٍ، قَالَ: §مَنْ أَدْرَكَ حَدَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ

486 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «§مَنْ صَلَّى فِي مَسْجِدٍ جَمَاعَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا، لَا تَفُوتُهُ الرَّكْعَةُ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ عَتِيقًا مِنَ النَّارِ»

487 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ: «§لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، إِلَّا وَفِي قَلْبِهِ تَالِيَةٌ تَدْعُوهُ إِلَى دِينِهِ كَتَالِيَةِ الْمَالِ» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا بُنْدَارٌ، قَالَ: نا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ حُرَيْثِ بْنِ ظَهِيرٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ

التَّالِيَةُ: مِثْلُ الدَّاعِيَةُ، وَأَصْلُهُ التَّابِعَةُ، وَيُقَالُ: تَلَا الرَّجُلُ الشَّيْءَ يَتْلُوهُ تَلْوًا. قَالَ الشَّاعِرُ: تَكَادُ أَوَالِيهَا تُفَرِّي جُلُودَهَا ... وَيَكْتَحِلُ التَّالي بِتُرْبٍ وَحَاصِبِ

وَقَالَ الرَّاجِزُ: إِلَيْكَ عَبْدَ اللَّهِ يَا مُحَمَّدُ بَاتَتْ لَهَا قُوَائِدٌ وَعُوَّدُ وَتَالِيَاتٌ وَرَحًى تَمَيَّدُ فَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: رَحَى الْإِبِلِ، مْثِلُ رَحَى الْقَوْمِ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ، فَتَقُولُ: اسْتَأْخَرَتْ جَوَاحِرُهَا، وَاسْتَقْدَمَتْ قَوَائِدُهَا، وَوَسَطَتْ رَحَاهَا بَيْنَ الْقَوَائِدِ وَالْجَوَاحِرِ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: قَدْ تَلَى الرَّجُلُ صَلَاتَهُ الْمَكْتُوبَةَ بِالتَّطَوُّعِ تَتْلِيَةً: إِذَا جَعَلَ يَتَطَوَّعُ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، وَقَالَ الشَّاعِرُ: وَمُنْجَذِبٍ بِالرَّكْبِ مَا فِي نَهَارِهِ ... تَأَلٍّ وَلَا لِلْمُدْلِجِينَ هُجُوعُ عَلَى مَتْنِ عَادِيٍّ كَأَنَّ أَرُومَهُ ... رِجَالٌ يُتَلُّونَ الصَّلَاةَ خُشُوعُ وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْمَتَالِي مِنَ الْإِبِلِ، وَهِيَ الْأُمَّهَاتُ إِذَا تَلَاهُنَّ أَوْلَادُهُنَّ، وَالْوَاحِدَةُ مُتْلٍ، وَقَالَ الشَّاعِرُ: أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تَرْودَنَّ نَاقَتِي ... بِحَزْمٍ الرَّقَاشِ فِي مَتَالٍ هَوَامِلِ هُنَالِكَ لَا أُمْلِي لَهَا الْقَيْدَ بِالضُّحَى ... وَلَسْتُ إِذَا رَاحَتْ عَلَيَّ بِعَاقِلِ أَيْ، لَا أَعْقِلُهَا، وَالرَّقَاشُ: بَلَدُهُ الَّذِي فِيهِ أَمَلُهُ، وَقَوْلُهُ: لَا أُمْلِي لَهَا الْقَيْدَ،

يَقُولُ: لَا أُطِيلُ لَهَا الْقَيْدَ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنِّي لَا أُقَيِّدُهَا، لِأَنَّهَا تَصِيرُ إِلَى أُلَّافِهَا مِنَ الْإِبِلِ، فَتَقَرُّ وَتَسْكُنُ، وَأَمَّا الْهَوَامِلُ. فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْمَانِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: إِنَّمَا النَّفْشُ بِاللَّيْلِ، وَالْهَمَلُ بِالنَّهَارِ.

489 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ قَالَ: «§الْجَنَّةُ سَجْسَجٌ» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا بُنْدَارٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ السَّجْسَجُ مِنَ الزَّمَانِ: الَّذِي لَيْسَ فِيهِ حَرٌّ يُؤْذِي، وَلَا بَرْدٌ يُؤْذِي

490 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، " وَسُئِلَ §عَمَّنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، ثُمَّ أُحْصِرَ، قَالَ: عَلَيْهِ سَفَرَانِ وَهَدْيٌ، أَوْ هَدْيَانِ وَسَفَرٌ ". يُرْوَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ: سَفَرَانِ وَهَدْيٌ، يُرِيدُ أَنَّهُ يَبْعَثُ بِالْهَدْيِ يَوْمَ أُحْصِرَ، فَإِنْ وَصَلَ إِلَى الْبَيْتِ فِي وَسَطِ السَّنَةِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا حَجُّ قَابِلٌ، فَهَذَانِ سَفَرَانِ: سَفَرٌ لِعُمْرَتِهِ، وَسَفَرٌ لِحَجِّهِ، وَهَدْيٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ يَوْمَ أُحْصِرَ وَقَوْلُهُ: هَدْيَانِ وَسَفَرٌ، يُرِيدُ إِنْ أَخَّرَ الزِّيَادَةَ حَتَّى يُدْرِكْهُ حَجُّ فَعَلَيْهِ مَعَ الْهَدْيِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، لِأَنَّهُ قَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَهَذَانِ هَدْيَانِ وَسَفَرٌ. وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا، سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَالَ فِيهِ: فَإِنَّهُ يَبْعَثُ بِالْهَدْيِ يَوْمَ أُحْصِرَ، وَيَحُلُّ بِحَلَالِهِ. وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ، يَقُولُونَ: يَحُلُّ بِحَلَالِهِ، يُرِيدُونَ أَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ الْحَلَالَ. وَقَالَ غَيْرُهُمْ: يَحِلُّ بِحَلَالِهِ بِكَسْرِ الْحَاءِ يُرِيدُونَ بِالْمَكَانِ الَّذِي حَلَّ بِهِ يَوْمَ أُحْصِرَ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: طَلَبْتُ الدُّنْيَا مُظَانَّ حَلَالِهَا، أَيْ حَيْثُ أَظَنُّ أَنَّهَا حَلَّتْ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْحِلَالُ: جَمَاعَاتُ بُيُوتِ النَّاسِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْحِلَالُ أَيْضًا مَتَاعُ

الرَّحْلِ. قَالَ الْأَعْشَى: فَكَأَنَّهَا لَمْ تَلْقَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ... ضُرًّا إِذَا وَضَعَتْ إِلَيْكَ حِلَالَهَا قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: هُوَ كَيْذُبَانُ، لَوْ أَرَادَ فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ الصَّيْنَ لَأَتَاهُ. قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: رَجُلٌ كَيْذَابَانُ وَكَيْذُبَانُ. وَالْحِلَالُ أَيْضًا: مَرْكَبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ، وَلَيْسَ بِهَوْدَجٍ وَلَا مَحَفَّةٍ، قَالَ الشَّاعِرُ، وَهُوَ طُفَيْلٌ: وَرَاكِضَةٍ مَا تَسْتَجِنُّ بِجُنَّةٍ ... بَعِيرٍ حِلَالٍ غَادَرَتْهُ مُجَعْفَلِ يُرِيدُ: وَرُبَّ امْرَأَةٍ مِنْكُمْ قَدْ فَزَعَتْ، فَرَكَضَتْ بَعِيرًا، قَدْ كَانَ الْبَعِيرُ لِحِلَالٍ، فَغَادَرَتِ الْحِلَالَ مُلْقًى، أَيْ تَرَكَتْهُ وَمَضَتْ. وَقَوْلُهُ: مَا تَسْتَجِنُّ بِجُنَّةٍ، أَيْ مَا تَسْتَتِرُ مِنَ الْفَزَعِ، وَالْهَاءُ فِي غَادَرَتْهُ: لِلْحِلَالِ، وَالْمُجَعْفَلُ: الْمُلْقَى بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، وَأَنْشَدَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ فِي مِثْلِهِ: وَمَائِلَةٍ كَوْرَ الْحِمَارِ حَبِيبَةٍ ... عَلَى ظَهْرِ عُرْيٍ زَلَّ عَنْهَا حِلَالُهَا فَذَكَرَ نَحْوَ التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ عَنْتَرَةَ: وَمُرْقِصَةٍ رَدَدْتُ الْخَيْلَ عَنْهَا ... وَقَدْ هَمَّتْ بِإِلْقَاءِ الزِّمَامِ

أَيِ امْرَأَةٍ قَدْ رَكِبَتْ بَعِيرًا، فَهِيَ تُرَقِصُ هَارِبَةً، وَالرَّقْصُ وَالرَّقْصَانُ: ضَرْبٌ مِنَ السُّرْعَةِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَنْزُو، وَقَدْ هَمَّتْ أَنْ تَلْقِيَ زِمَامَ بَعِيرِهَا مِنَ الْفَزَعِ، وَتُعْطِيَ بِيَدِهَا. وَقَالَ الْآخَرُ، وَهُوَ بَاعِثُ بْنُ صُرَيْمٍ الْيَشْكُرِيُّ: وَخِمَارِ غَانِيَةٍ شَدَدْتُ بِرَأْسِهَا ... أُصُلًا وَكَانَ مُنَشَّرًا بِشِمَالِهَا يَقُولُ: إِنَّهَا كَانَتْ مَذْعُورَةً فَزِعَةً، وَخِمَارُهَا فِي يَدَيْهَا، فَلَمَّا أَدْرَكْتُهَا أَمِنَتْ وَاخْتَمَرَتْ. 491 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ " إِنَّ §الرَّجُلَ لَيَهُمُّ بِالْأَمْرِ مِنْ أَمْرِ الْإِمَارَةِ، أَوِ التِّجَارَةِ، فَيَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْمَلَكِ: اصْرِفْهُ عَنْ عَبْدِي، فَإِنْ أَنَا يَسَّرْتُهُ لَهُ، أَدْخَلْتُهُ النَّارَ، فَيَصْرِفُهُ عَنْهُ، فَيَظَلُّ يَتَظَنَّى بِجِيرَانِهِ مَنْ سَبَعَنِي مَنْ سَبَعَنِي؟ وَإِنْ صَرَفَهُ عَنْهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ , قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا يَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، فَسَأَلْتُ الْأَعْمَشَ عَنْهُ، فَحَدَّثَنِي عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ

قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: سَبَعْتُ فُلَانًا، إِذَا وَقَعْتَ فِيهِ وَقِيعَةً، وَيُقَالُ: أَسْبَعَ فُلَانًا عَبْدُهُ إِذَا أَهْمَلَهُ، وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ. صَخِبُ الشَّوَارِبِ لَا يَزَالُ كَأَنَّهُ ... عَبْدٌ لِآِلِ أَبِي رَبِيعَةَ مُسْبَعُ وَقَالَ رُؤْبَةُ: إِنَّ تَمِيمًا لَمْ يُرَاضِعْ مُسْبَعَا وَلَمْ تَلِدْهُ أُمُّهُ مُقَنَّعَا أَيْ لَمْ يُدْفَعْ إِلَى الظُّئُورَةِ، وَيُقَالُ: قَدْ أَسْبَعَ الرُّعْيَانُ: إِذَا وَقَعَ السُّبُعُ فِي مَوَاشِيهِمْ

وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ، " أَنَّهُ أَجْهَزَ عَلَى أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ يَوْمَ بَدْرٍ تَقُولُ: أَجْهَزْتُ عَلَى الْجَرِيحِ إِذَا أَسْرَعْتُ قَتْلَهُ، وَمِنْهُ قِيلَ: فَرَسٌ جَهِيزٌ، إِذَا كَانَ

سَرِيعُ الشَّدِّ، وَلَا يُقَالُ: أَجَزْتُ عَلَى الْجَرِيحِ، وَلَكِنَّكَ تَقُولُ: قَدْ أَجَزْتُ عَلَى اسْمِهِ إِذَا ضَرَبْتُ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَذَكَرَ الْمَحْشَرَ، فَيَأْتِيهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ رَبَّكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: سُبْحَانَهُ إِذَا اعْتُرِفَ لَنَا عَرَفْنَاهُ ".

سَمِعْتُ الْهَجَرِيَّ بِمَكَّةَ، يَقُولُ: اعْتَرَفَ إِلَى الرَّجُلِ، إِذَا أَخْبَرَكَ بِاسْمِهِ، وَأَطْلَعَكَ عَلَى شَأْنِهِ، وَأَنْشَدَ: فأَبْدِ سِيمَاكَ يَعْرِفُوكَ ... كَمَا يُبْدُونَ سِيَمَاهُمْ لِيَعْتَرِفُوا وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: اعْتَرَفْتُ الْقَوْمَ: سَأَلْتُهُمْ، وَأَنْشَدَ قَوْلَ بِشْرٍ. أَسَائِلَةٌ عُمَيْرَةُ عَنْ أَبِيهَا ... خِلَالَ الْجَيْشِ تَعْتَرِفُ الرِّكَابَا قَالَ الْهَجَرِيُّ: وَالِاسْمُ مِنْهُ: الْعَرْفَةُ، وَكَانَ يُنْشِدُ:

حديث زيد بن أرقم رحمهما الله

إِنْ كُنْتَ ذَا عَرْفَةٍ بِشَأْنِهِمُ ... تَعْرِفُ ذَا حَقِّهِمْ وَمَنْ ظَلَمَا وَأَنْكَرَهُ غَيْرُ الْهَجَرِيِّ، وَقَالَ: هِيَ، عِرْفَةٌ، بِالْكَسْرِ، وَذُكِرَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ: أَنَّهُ قَالَ: عِرْفَتِي بِهِ قَدِيمَةٌ، وَكَذَلِكَ: عِرْفَاتِي بِهِ قَدِيمٌ، وَأَنَا بِهِ عَرِيفٌ، أَيْ عَارِفٌ. تَمَّ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَيَتْلُوهُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ

494 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَحِمَهُ اللَّهُ، " §وَدَخَلَ عَلَى الْمُخْتَارِ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرٍو، لَوْ سَبَقَتْ رَأَيْتُ جِبْرِيلَ، فَقَالَ: حَقِرْتَ وَنَقِرْتَ، أَنْتَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ كَذَّابٍ مُفْتَرٍ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، قَالَ: نا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: نا ثَابِتُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَزْهَرَ، عَنْ أُنَيْسَةَ بِنْتِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ , أَنَّ زَيْدَ بْنَ أْرَقْمَ دَخَلَ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

حَقِرْتَ، بِالْكَسْرِ: صِرْتَ حَقِيرًا، وَازَنَ بِهِ نَقِرْتَ، وَالْمَعْرُوفُ: حَقُرْتَ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: مَا كَانَ حَقِيرًا وَلَا يَسِيرًا، وَلَقَدْ حَقُرَ وَيَسُرَ حُقْرًا وَيُسْرًا وَقَحَارَةً، وَيَسَارَةً. وَقَوْلُهُ: نَقِرْتَ، قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ إِتْبَاعٌ. كَقَوْلُكَ: حَسَنٌ بَسَنٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ: الْحَقِيرُ: الذَّلِيلُ عِنْدَ النَّاسِ، وَالنَّقِيرُ: الَّذِي بِهِ قُرُوحٌ وَبُثُرٌ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: قَدْ نَقِرَتِ الشَّاةُ تَنْقَرُ نَقْرًا، إِذَا أَصَابَتْهَا النُّقْرَةُ، وَهُوَ دَاءٌ

يَأْخُذُ الْغَنَمَ فِي بُطُونِ أَفْخَاذِهَا، وَفِي جُنُوبِهَا، فَإِذَا أَصَابَهَا فِي أَفْخَاذِهَا، ظَلَعَتْ، وَإِذَا أَخَذَهَا فِي جُنُوبِهَا، انْتَفَخَتْ بُطُونُهَا، وَحَظَلَتِ الْمَشْيَ، أَيْ: كَفَّتْ بَعْضَ مَشْيِهَا، وَأَنْشَدَ أَبُو عَمْرٍو: مَوْلَاكَ مَوْلَى عَدُوٍ لَا صَدِيقَ لَهُ ... كَأَنَّهُ نَقِرٌ أَوْ عَضَّهُ صَفْرُ وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو هَفَّانَ، لِلْمَرَّارِ بْنِ مُنْقِذٍ الْحَنْظَلِيِّ: أَنَا مِنْ خِنْدِفَ فِي صُيَّابِهَا ... حَيْثُ طَابَ الْعِيصُ مِنْهَا وَكَثُرْ وَليَ الْأَصْلُ الَّذِي فِي مِثْلِهِ ... يُصْلِحُ الْآبِرُ زَرْعَ الْمُؤْتَبِرْ وَعَظِيمُ الْمُلْكِ قَدْ أَوْعَدَنِي ... وَأَتَتْنِي دُونَهُ مِنْهُ النُّذُرْ حَنِقٌ قَدْ وَقَّدَتْ عَيْنَاهُ لِي ... مِثْلَ مَا وَقَّدَ عَيْنَيْهِ النَّمِرْ قَدْ حَقَنْتُ الْغَيْظَ فِي أَضْلَاعِهِ ... فَهُوَ يَمْشِي حَظَلَانًا كَالنَّقِرْ وَقَالَ أَبُو هَفَّانَ: النَّقِرُ: الَّذِي اعْتَرَضَتْ فِي مَبَالِهِ نَوَاةٌ، وَالْحَظَلَانِ: مَشْيَةٌ فِيهَا تَفَحُجٌ، وَأَنْشَدَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنُ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيٍّ: أَرْسَلَ فِيهَا سَبِطًا لَمْ يَحْظَلِ بَيْنَ الدِّيَافِ وَذَوَاتِ الْأَطْوَلِ يُخْرِجُ مِنْ رَأْسٍ لَهُ كَالْمِرْجَلِ شِقْشِقَةً مِثْلَ الْحِرَابِ السَّحْبَلِ فِي جَنْبِهَا وَهِيَ كَعَيْنِ الْأَقْبَلِ

حديث عمران بن الحصين رحمهما الله

قَالَ: هِيَ خِلْقَهٌ خَلَقَهُ اللَّهُ فِيهَا، لَمْ يَحْظَلْ: لَمْ يَزِدْ فِي طُولِهِ. وَقَوْلُهُ: مِنْ كَذَّابٍ مُفْتَرٍ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ، فَإِنَّ، مِنْ، تُزَادُ فِي الْكَلَامِ عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ وَالْمَدْحِ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، قَالَ: فِي قَوْلِ تَأَبَّطَ شَرًا: يَا عِيدُ مَالَكَ مِنْ هَمٍّ وَإِيرَاقِ ... وَمَرِّ طَيْفٍ عَلَى الْأَهْوَالِ طَرَّاقِ وَالْعِيدُ: مَا اعْتَادَكَ مِنْ هُمٍّ أَوْ حَزَنٍ: وَقَوْلُهُ: مِنْ هُمٍّ وَإِيرَاقِ، وَمِنْ مَرِّ طَيْفٍ، أَيِّ قَدْ جِئْتُ هَذَا كُلَّهُ، كَقَوْلِكَ: قَاتَلَكَ اللَّهُ مِنْ رَجُلٍ، وَيَا لَكَ مِنْ فَارِسٍ، قَاتَلَكَ اللَّهُ، وَرَبَّمَا زَادُوهَا فِي مَوْضِعِ الْخَلَةِ مِنَ الرَّجُلِ، تُسْتَثْنَى مِنْ خِصَالٍ مَحْمُودَةٍ، كَقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَسُئِلَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: كَانَ وَاللَّهِ تَالِيًا لِلْقُرْآنِ، صَرُوعًا لِلْأَقْرَانِ، مِنْ رَجُلٍ غَرَّتْهُ قَرَابَتُهُ وَسَابِقَتُهُ، فَظَنَّ أَنْ لَنْ يَتَعَاطَى شَيْئًا إِلَّا نَالَهُ. تَمَّ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَيَتْلُوهُ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ

495 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ، " §وَذَكَرَ الْمَرْأَةَ الَّتِي نَجَتْ عَلَى الْعَضْبَاءِ نَاقَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَكَانَتْ كُلَّمَا وَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى بَعِيرٍ رَغَا، حَتَّى أَتَتْ عَلَى الْعَضْبَاءِ، فَأَتَتْ عَلَى نَاقَةٍ ذَلُولٍ مُجَرَّسَةٍ ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ , عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ

قَالَ أَبُو عَمْرٍو: الْمُجَرَدُ، وَالْمُجَرَّسُ، وَالْمُضَرَّسُ: الَّذِي قَدْ جَرَبَ الْأُمُورَ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: وَالْمُنَجَّذُ مِثْلَهُ، وَقَالَ: مُعَقِّرٌ الْبَارِقِيُّ يَصِفُ عُقَابًا: لَهَا نَاهِضٌ فِي الْوَكْرِ قَدْ مَهَدَتْ لَهُ ... كَمَا مَهَدَتْ لِلْبَعْلِ حَسْنَاءُ عَاقِرُ تَخَافُ نِسَاءً يَبْتَرِزْنَ حَلِيلَهَا ... مُجَرَّبَةً قَدْ جَرَّدَتْهَا الضَّرَائِرُ وَقَالَ الرَّاجِزُ: والْعَصْرُ قَبْلَ هَذِهِ الْعُصُورِ مُجَرَّسَاتٍ غِرَّةَ الْغَرِيرِ يَقُولُ: هَذِهِ الدُّهُورُ قَدْ جَرَّسَتِ الْغَرِيرَ، أَيْ أَحْكَمَتْهُ، وَلَمْ يَرِدْ بَقَوْلِهِ: مُجَرَّسَةٍ، تَعْلِيقُ الْجَرَسِ، لِأَنَّ هَذَا لَا يُتَوَهَّمُ عَلَى نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّ الْحَدِيثَ يُرْوَى عَنْهُ فِي كَرَاهَتِهِ

496 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: «§كُنْتُ أُضَحِّي بِالْجَذَعِ، وَعَلَيْنَا أَلْفُ شَاةٍ» . حَدَّثَنَاهُ مُوسَى، قَالَ: نا شَيْبَانُ، قَالَ: نا أَبُو الْهِلَالِ، قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ , عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ

حديث حذيفة بن اليمان رحمه الله

قَالَ لَنَا مُوسَى: يَعْنِي عِنْدَنَا أَلْفَ شَاةٍ، وَهَكَذَا كَمَا فَسَّرَهُ مُوسَى، تَقُولُ الْعَرَبُ: عَلَيْنَا كَذَا وَكَذَا، أَيْ مَعَنَا. حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ فِي قَوْلِ لَبِيدٍ، وَذَكَرَ سَحَابًا: كَأَنَّ مُصَفِّحَاتٍ فِي ذُرَاهُ ... وَأَنْوَاحًا عَلَيْهِنَّ الْمَآلِي مُصَفِّحَاتٍ: مُصَفِّقَاتٍ، يُقَالُ: التَّصْفِيحُ لِلرِّجَالِ، وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ، وَأَنْوَاحٌ: جَمْعُ نُوحٍ، وَنُوحٌ: جَمْعُ نَائِحَةٍ، أَرَادَ نِسَاءً مَعَهُنَّ الْمَآلِي: جَمْعُ مِئْلَاةٍ، وَهِيَ جِلْدَةٌ، أَوْ خَرْقَةٌ تُشِيرُ بِهَا النَّائِحَةُ إِذَا نَاحَتْ، فَشَبَّهَ لَمَعَانَ الْبَرْقِ بِلَمْعِ النَّائِحَةِ بِمِئْلَاتِهَا إِذَا نَاحَتْ تَمَّ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَتْلُوهُ: حَدِيثُ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَحِمَهُ اللَّهُ

497 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَحِمَهُ اللَّهُ، «إِنَّ §اللَّهَ بَعَثَ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ إِلَى جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، فَمَلَأَ قِسْطًا وَعَدْلًا، ثُمَّ طَعَنَ بِهِمْ أَبُو بَكْرٍ، فَطَعَنَ بِهِمْ طَعْنَةً رَغِيبَةً، ثُمَّ طَعَنَ بِهِمْ عُمَرُ، طَعْنَةً رَغِيبَةً حَقَّ رَغِيبَةً» . حَدَّثَنَاهُ مُوسَى، قَالَ: نا أَبُو بَكْرٍ الرَّمَادِيُّ، قَالَ: نا أَبُو الْجَوَّابِ، قَالَ: نا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ حُذَيْفَةَ , عَنْ حُذَيْفَةَ

الرَّغِيبَةُ: الْوَاسِعَةُ، وَحَوْضٌ رَغِيبٌ وَاسِعٌ، وَرَجُلٌ رَغِيبٌ وَاسِعُ الْجَوْفِ أَكُُولٌ، وَقَدْ رَغُبَ رُغْبًا وَرَغَابَةً، وَيُقَالُ فِي مَثْلِ: الرُّغْبُ شُؤْمٌ، قَالَ الرَّاجِزُ: نِيطَ بِحَقْوَيْهَا رَغِيبٌ أَقْمَرُ مُحَجَّلٌ مُقَدَّمٌ مُؤَخِّرَ يَصِفُ ضَرْعَ النَّاقَةِ، رَغِيبٌ: وَاسِعٌ، وَنِيطَ: عُلِّقَ، وَأَقْمَرَ: أَبْيَضُ.

وَقَوْلُهُ: مُحَجِّلٌ: بِهِ أَثَرٌ مِنَ الصِّرَارِ، مِثْلَ تَحْجِيلِ الدَّابَةِ، مُقَدَّمٌ مُؤَخِّرَ: أَيْ ضَخْمٌ يَسْتَبِينَ مِنْ قُدَّامٍ وَمِنْ خَلْفٍ 498 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَحِمَهُ اللَّهُ، " §وَأَقْبَلَ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَوَضَعَ مَتَاعًا لَهُ، ثُمَّ نَقَدَ كَمَا يَنْقُدُ الدِّيكُ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: لِأَصْحَابِ السَّوَارِي أَحْسَنُ صَلَاةٍ مِنْ هَذَا، قَالَ: وَكَانَ أَصْحَابُ السَّوَارِي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ رَجُلًا، لَا يَفْتِرُونَ صَلَاةً، قَالَ: فَقَالَ حُذَيْفَةُ: كَيْفَ إِذَا كَانَ أَصْحَابُ السَّوَارِي شِرَارَكُمْ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: لَا تَزَالُ تُحَدَّثَنَا بِشَيْءٍ مَا نَدْرِي مَا هُوَ، قَالَ: فَعَدَّ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ رَجُلًا فِي أَصْحَابِ النَّهْرَوَانِ، لَا عَرَفَ أَنَّ الْخَامِسَ فِيهِمْ ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى، قَالَ: نا شَيْبَانُ، قَالَ: نا سُلَيْمٌ، قَالَ: نا حُمَيْدٌ

النَّقْدُ: هُوَ مِثْلُ النَّقْرِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ خَطَبَ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ فِي مَنَامِي كَأَنَّ دِيكًا نَقَدَنِي ثَلَاثَ نَقَدَاتٍ. وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: كَأَنَّ صَلِيلَ الْمَرْوِحِينَ تَشِدُّهُ ... صَلِيلُ زُيُوفٍ يُنْتَقَدْنَ بِعَبْقَرَا قَوْلُهُ: يَنْتَقَدْنَ، زَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ، أَنَّهُ إِنَّمَا سِمِّيَ النَّقْدُ، لِأَنَّ الْبَائِعَ كَانَ إِذَا تَقَاضَى الدَّرَاهِمَ، نَقَدَ بِإِصْبَعِهِ فَمَا صَلَّ مِنْهَا أَخَذَ، وَبَهْرَجَ مَا سِوَى ذَلِكَ، وَيُقَالُ: نَقَدَ الصَّبِيُّ الْجَوْزَةَ بِإِصْبَعِهِ، وَالطَّائِرُ يَنْقُدُ الْفَخَّ، أَيْ يَنْقُرُهُ بِمِنْقَارِهِ 499 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ «§تَكُونُ فِتْنَةٌ، فَيَقُومُ لَهَا رِجَالٌ، فَيَضْرِبُونَ خَيْشُومَهَا، حَتَّى تَذْهَبَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ الثَّانِيَةُ، وَالثَّالِثَةُ، وَالرَّابِعَةُ، ثُمَّ تَكُونُ الْخَامِسَةُ دُهَمِّاءٌ مُجَلَّلَةٌ تَنْبَثِقُ كَمَا يَنْبَثِقُ الْمَاءُ» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: نا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، قَالَ: أَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدِلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ , عَنْ حُذَيْفَةَ.

وَقَدْ ذَكَرَ إِبْرَاهِيمُ يَنْبَثِقُ بِلَفْظٍ آخَرَ، وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرْنَاهُ. أَخْبَرَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتٍ: قَالَ: الْخَيَاشِمُ: غَرَاضِيفُ فِي أَقْصَى الْأَنْفِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدِّمَاغِ، وَالْغُرْضُوفُ، وَيُقَالُ: الْغُضْرُوفُ بَيْنَ الرَوْثَةِ وَالْقَصَبَةِ، وَرَقَيقٌ لَيْسَ بِلَحْمٍ وَلَا عَظْمٍ بَيْنَ ذَلِكَ، وَالوَاحِدُ: خَيْشُومٌ، وَيُقَالُ: إِنَّ الْخَيَاشِمَ عُرُوقٌ فِي بَاطِنِ الْأَنْفِ، قَالَ الْعَجَّاجُ: كَانَ ذَا قَدَامَةِ مُنَطَّفَا قَطَّفَ مِنْ أَعْنَابهِ مَا قَطَّفَا خَالَطَ مِنْ سَلْمَى خَيَاشِيمَ وَفَا. وَتَقُولُ: انْبَثَقَ عَلَيْهِمُ الْمَاءُ، إِذَا أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَظُنُّوا بِهِ، وَالْبَثْقُ: كَسْرُ شَطِّ النَّهْرِ، لِيَنْبَثُقَ الْمَاءُ، وَأَنَا أَبْثُقُهُ بَثْقًا، وَالْبِثْقُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي حَفَرَهُ الْمَاءُ، وَالْجَمِيعُ:

الْبُثُوقُ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: بِثْقُ السَّيْلُ مِنْ كَلَامِ الْعَوَامِ، وَالصَّوابُ: الْفَتْحُ وَهِيَ الْبَالُوعَةِ 500 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، " أَنَّ §رَجُلًا أَتَاهُ، فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَنْزِلَ الْبَصْرَةَ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ لَابُدَ فَاعِلًا فَانْزِلْ بِسُرَّتِهَا، وَاجْتَنِبْ عَذَوَاتِهَا ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ.

وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَانْزِلْ عَذَوَاتِهَا وَلَا تَنْزِلْ سُرَّتَهَا. حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: أَرْضُ عَذَاةٍ وَعَذِيَّةٍ، وَهِيَ الْبَعِيدَةُ مِنَ الْمَاءِ، وَمِنْ ثمَّ يُقَالُ: زَرْعٌ عِذْيٌ يَشْرَبُ بِمَاءِ السَّمَاءِ، وَلَا يَدْنُو مِنَ الْمِيَاهِ وَلَا مِنَ الْأَنْهَارِ وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَبِي هَفَّانَ، قَالَ: أَنْشَدَنَا ابْنُ كُنَاسَةَ لِنَفْسِهِ فِي النَّخْلِ، وَلَيْسَ لِمَوْلِدٍ أَطْرَفُ مِنْهَا فِي النَّخْلِ: أَرَأَيْتَ كَيْفَ تَزَيَّنَ الظَّهْرُ ... عَذَوَاتُهُ فَبِرَاقُهُ الْعُفْرُ فَكَأَنَّ مَا نَشَرَ الرَّبِيعُ بِهِ ... فِيهِ قُطُوعُ الْحِيرَةِ الْخُضْرُ وَتَرَى الْفُرَاتَ عَلَى جَوَانِبِهِ ... فَرْدًا يَلُوحُ كَأَنَّهُ فَجْرُ

وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَرْفُ بِلْفَظٍ آخَرَ: فَانْزَلَ عُدُوَاتِهَا، كَأَنَّهُ جَمَعَ عُدْوَةً، قَالَ الرَّاجِزُ: أَسْقَى الْإِلَهُ عُدُوَاتِ الْوَادِي وَجَوْفَهُ كُلَّ مُلِتٍّ غَادِ كُلُّ أَجَشَّ حَالِكِ السَّوَادِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَدَوَلَاتِهَا، فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا، فَإِنَّهُ أَرَادَ كَلَاءَهَا وَمَرْسَى سُفُنَهَا، وَالْعَدَوْلِيٌّ: مَنْسُوبٌ إِلَى قَرْيَةٍ بِالْبَحْرَيْنِ، يُقَالُ لَهَا: عَدَوْلِيٌّ، قَالَ طَرَفَةُ: عَدَولِيَّةٌ أَوْ مِنْ سَفِينِ بْنِ يَامِنٍ يَجُورُ بِهَا الْمَلَّاحُ طَوْرًا وَيَهْتَدِي وَيُجْمَعُ الْعَدْوَلِيَّ عَلَى الْعَدَاوِلِ، كَمَا جَمَعُوا الْقَسْمَلِيَّ عَلَى قَسَامِلَ، وَالْمُهَلَّبِيُّ عَلَى مَهَالِبَ 501 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: " §لَمْ يَبْقَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلَّا أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهُمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَجِدُ بَرْدَ الشَّرَابِ مِنَ الْكِبَرِ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِي يَسْرِقُونَ عَلَائِقَنَا؟ فَقَالَ: أُولَئِكَ الْفُسَّاقُ الْفُسَّاقُ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ، قَالَ: نا عِيسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ , عَنْ حُذَيْفَةَ.

قَوْلُهُ: عَلَائِقَنَا: وَاحِدَتُهَا عَلِيقَةٌ، وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي تُبْعَثُ مَعَ الْقَوْمِ لِلْمِيرَةِ، وَلَيْسَ مَعَهَا ربهَا، قَالَ الشَّاعِرُ: يَقُولُونَ لِي لَا تَرْكَبَنَّ عَلِيقَةً ... وَمِنْ لَذَّةِ الدُّنْيَا رُكُوبُ الْعَلَائِقِ وَقَالَ: أَرْسَلْهَا عِلِيقَةً قَدْ عَلِمْ أَنَّ الْعَلِيقَاتِ يُلَاقِينَ الرَّقِمْ الرَّقِمُ: الدَّاهِيَةُ، وَقَالَ البَّاهِلِيُّ:. . . . . . . . . . . . . . . . . . . تَمَرِّسَ بِي مِنْ حَيْنِهِ وَأَنَا الرَّقِمْ وَيُقَالُ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْحَيَّةِ الْأَرْقَمِ، وَهِيَ رَقْشَةٌ تَعْلُوهَا، وَلَا يُقَالُ لِلْأُنْثَى: رَقْمَاءُ، إِنَّمَا يُقَالُ: رَقْشَاءُ. وَقَوْلُهُ: يُلَاقِينَ الرَّقِمْ، يُرِيدُ أَنَّهُمْ يُوَدِّعُونَ رِكَابَهُمْ، وَيَرْكَبُونَهَا، وَيُخَفِّفُونَ مِنْ

حِمْلِ بَعْضِهَا، وَهَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: عَلَائِقَنَا، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَائِفَنَا، بِالْفَاءِ، وَالْعَلِيَفةُ: النَّاقَةُ وَالشَّاةُ تَعْلِفُهَا وَلَا تُرْسِلُهَا تَرْعَى 502 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ " §وَجَاءَ رَاكِبٌ حَتَّى أَنَاخَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ، فَأُخْبِرَ بِأَنَّ عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ حُذَيْفَةَ، فَقَالَ: اطْلُبُوهُ، فَطُلِبَ، فَلَمْ يُوجَدْ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: ذَلِكَ عِثْيَمٌ، يُرِيدُ الْجَنَّ جَادَ مَا مَغَطَ السَّيْرَ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ،

الْمَغْطُ: الْمَدُّ، تَقُولُ: مَغَطْتُ الشَّيْءَ، فَامْتَغَطَ، وَامْغَطَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْمُمْغِطِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: التَّمَغُّطُ: أَنْ يَمُدَّ قَوَائِمَهُ، وَيَتَمَغَّطَ فِي جَرْيِهِ 503 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ " أَنَّهُ §أَتَى ابْنَ مَسْعُودٍ، وَعِنْدَهُ قَوْمٌ، قَدْ عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: ذَكَّرَنَا هَذَا الرَّجُلُ الدَّجَّالَ، وَمَا يُتَخَوَّفُ مِنْ خُرُوجِهِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: مَا أَنَا بِأَكْرَثُ بِخُرُوجِهِ مِنِّي بُهَذِهِ الْعَنْزِ، لَعَنْزٌ تَطَمَّمُ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: لِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: قَوْمٌ مُسْلِمُونَ، وَهُوَ امْرُؤٌ كَافِرٌ، وَلَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيُسَلِّطهُ عَلَيْنَا، وَايْمُ اللَّهِ لَا يَخْرُجُ، حَتَّى يَكُونَ خُرُوجَهُ أَشْهَى إِلَى الْمُؤْمِنِ مِنْ بَرْدِ الشَّرَابِ عَلَى الظَّمَأِ، قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لِمَ لِلَّهِ أَبُوكَ؟ فَقَالَ: مِنْ ظُلْمَةِ الْفِتَنِ، وَجَنَاديِعِ الشَّرِّ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ

وَأَمَّا قَوْلُهُ: تَطَمَّمُ فَإِنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ النَّزْوِ وَالْخِفَّةِ، يُقَالُ: طَمَّ فِي سَيْرِهِ يَطِمُّ طَمِيمًا، وَهُوَ مِضَاؤُهُ وَخِفَّتُهُ. وَأَمَّا أَبُو حَاتِمٍ، فَقَالَ: هُوَ إِذَا جَرَى جَرْيًا سَهْلًا. وَوَجْهٌ ثَانٍ: أَنْ يَكُونَ تُطَمَّمُ، بِمِثْلِ مَعْنَى تَقَمَّمَ، إِذَا الْتَمَسْتَ فِي الْقُمَامَةِ، وَكَذَلِكَ تَطَمَّمُ، أَيْ تَلْتَمِسُ فِي الطِّمِّ، وَالطِّمُّ: الْكَنْسُ، يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ فِي مِثْلِ الطِّمِّ وَالرِّمِّ: مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ فُتَاتِ الْأَشْيَاءِ. وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: كَأَنَّمَا جَلْزُ حَاذَيْهَا وَقَدْ لَحِقَتْ ... أَحْشَاؤُهَا مِنْ هَيَامِ الرَّمْلِ مَطْمُومُ وَالْجَنَادِعُ: الْآفَاتُ وَالْبَلَايَا، وَاحِدُهَا: جُنْدُعٌ

504 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقِيلَ لَهُ: " إِنَّ §خِيَارَنَا قَوْمٌ يُكَابِدُونَ هَذَا اللَّيْلَ، فَإِذَا نَعِسَنَّ أَحَدُهُمْ رَبَطَ جَوْزَهُ إِلَى سَمَاءِ الْبَيْتِ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: قَبَّحَ اللَّهُ قَوْمًا أُولَئِكَ خِيَارُهُمْ، خِيَارُكُمْ مَنْ لَمْ يَتْرُكْ دُنْيَاهُ لِآخِرَتِهِ، وَلَا آخِرَتَهُ لِدُنْيَاهُ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ , قَالَ: قِيلَ لِحُذَيْفَةَ: قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: هَذَا مِنْ ضَرْبِ ذَاكَ لَا تَكُونُوا عِيَالًا عَلَى النَّاسِ قَوْلُهُ: يُكَابِدُونَ هَذَا اللَّيْلَ، فَإِنَّ الْكَبَدَ: الْمَشَقَّةُ فِي الْأَمْرِ، يُقَالُ لِلْخُصُومِ: إِنَّهُمْ

لَفِي كَبَدٍ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَبَعْضُهُمْ يُكَابِدُ بَعْضًا، وَالرَّجُلُ يُكَابِدُ اللَّيْلَ، إِذَا رَكِبَ هَوْلَهُ وَصُعُوبَتَهُ، تَقُولُ: كَابَدْتُ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ بِكَابِدٍ شَدِيدٍ، أَيْ بِمُكَابَدَةٍ شَدِيدَةٍ، وَقَالَ الْعَجَّاجُ: وَلَيْلَةٍ مِنَ اللَّيَالِي مَرَّتِ كَابَدْتُها بِكَبَدٍ وَجَرَتِ. قَالَ لَبِيدٌ: عَيْنِي هَلَّا بَكَيْتِ أَرْبَدَ إِذْ ... قُمْنَا وَقَامَ النِّسَاءُ فِي كَبَدِ أَيْ فِي حُزْنٍ وَمَشَقَّةٍ. وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحِ بْنِ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَنْشَدَنِي الْأُسَيْدِيُّ، عَنِ الْقحذمي، لِبَعْضِ الْخَوَارِجِ: أَلَا فِي اللَّهِ لَا فِي النَّاسِ شَالَتْ ... بِدَاوُدٍ وَأُسْرَتِهِ الْجُذُوعُ إِذَا مَا اللَّيْلُ أَظْلَمَ كَابَدُوهُ ... فَأَسْفَرَّ عَنْهُمُ وَهُمُ رُكُوعُ أَطَارَ الْخَوْفُ أَمْنَهُمُ فَقَامُوا ... وَأَهْلُ الْأَمْنِ فِي الدُّنْيَا هُجُوعُ وَقَالَ: وَقَائِلَةٍ عِنْ ذِي الرُّمَيْمَةِ أَقْصِرِي ... لَقَدْ نِمْتِ عَنْ لَيْلٍ طَوِيلٍ أُكَابِدُهُ وَهَذَا الْبَيْتُ لِمَسْعُودٍ أَخِي ذِي الرُّمَّةِ 505 - كَمَا حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: نا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: §خَرَجَ ذُو الرُّمَّةِ مِنَ الْجَفْرِ، وَمَعَهُ مُزَاحِمٌ الْعُقَيْلِيُّ، بِرِوَايَا لِأَهْلِهِمَا، وَهُمَا بِالدَّهْنَاءِ، فَبَاتَا قَرِيبًا مِنْهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَدِيٍّ، يُقَالُ لَهُ: جَزْءُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَأَخَذَهُ وَجَعٌ فِي بَطْنِهِ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَخَرَجَ جُزْءٌ بِالرَّوايَا مِنَ الْغَدِ، فَطَرَقَهُمْ عِنْدَ الْعَتْمَةِ، فَنَعَاهُ

إِلَيْهِمْ، فَقَالَ أَخُو ذِي الرُّمَّةِ: نَعَى لِيَ جَزْءٌ ذَا الرُّمَيْمَةِ مَوْهِنًا ... فَبِتُّ بِلَيْلٍ إِذْ نَعَاهُ أُكَابِدُهْ أَلَا سَوْفَ أَبْكِي ذَا الرُّمَيْمَةِ حِقْبَةً ... كَمَا لَوْ بَنِي الْأُولَى بَكَتْنِي أَوَابِدُهْ إِلَى اللَّهِ أَشْكُو لَا إِلَى النَّاسِ إِنَّنِي ... وَلَيْلَى كَأَنِّي مُوجَعٌ مَاتَ وَاحِدُهْ غَصِصْتُ بِرِيقِي حِينَ جَاءَ نَعْيُهُ ... وَبِالْمَاءِ حَتَّى حَرَّ فِي الصَّدْرِ بَارِدُهْ وَالْجَوْزُ: الْوَسَطُ، يُقَالُ: جَوْزُ الْبَعِيرِ، وَجَوْزُ الْفَلَاةِ وَنَحْوَهَا، وَالْجَمْيعُ: أَجْوَازٌ، وَأَنْشَدَ: بَتَتْ تَنُوشُ الْحَوْضَ نَوْشًا مِنْ عَلَا نَوْشًا بِهِ تَقْطَعُ أَجْوَازَ الْفَلَا. وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: قَرَأَ رَجُلٌ عَلَى يُونُسَ. نَوْشًا بِهِ تَقْطَعُ إِخْوَانَ الْفَلَا قَالَ يُونُسُ: هُمْ أَهْلٌ لِذَلِكَ، وَهَذَا تَصْحِيفٌ مِنَ الْقَارِئِ، وَالنَّوْشُ: التَّنَاوُلُ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: نَاشَ فُلَانٌ فُلَانًا، لِيَأْخُذَ بِرَأْسِهِ، وَنَهَشَ إِلَى فُلَانٍ، لِيَأْخُذَ بِرَأْسِهِ، وَهُمَا سَوَاءٌ، وَمِنْهُ الْمُنَاوَشَةُ فِي الْقِتَالِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [سبأ: 52] وَقَالَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ «يُوشِكُ بَنُو قَنْطُورَى أَنْ يُخْرِجُوا أَهْلَ

حديث أبي الدرداء رحمه الله

الْعِرَاقِ مِنْ عِرَاقِهِمْ» . يُقَالُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ: إِنَّ قَنْطُورَى جَارِيَةٌ كَانَتْ لِإِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَدَتْ أَوْلَادًا كَثِيرًا، مِنْ نَسْلِهِمُ التُّرْكَ وَالصِّينَ. تَمَّ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتْلُوهُ حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَحِمَهُ اللَّهُ

507 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «إِنَّمَا §الصِّيتُ مِنَ السَّمَاءِ» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ، قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ الصِّيتُ: مَا يَنْتَشِرُ عَنِ الرَّجُلِ مِنَ الثَّنَاءِ الطَّيِّبِ، يُقَالُ: ذَهَبَ سَمْعُهُ فِي النَّاسِ

وَصِيتُهُ، وَأَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، لِثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ أَبِي حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: نَمَانِي لِلْعُلَا آبَاءُ صِدْقٍ ... إِلَى مَجْدٍ رَفِيعٍ ذِي أَوَاسِ وَإِنَّا نَحْنُ أَهْلُ الْعِزِّ قِدْمًا ... وَأَهْلُ الصِّيتِ وَالْعَدَدِ الْجُحَاسِ وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ: اللَّهُمَّ سَمْعٌ لَا بَلْغٌ، وَسِمْعًا لَا بِلْغًا، أَيْ نَسْمَعُ بِالشَّرِّ لَا يَبْلُغُنَا، وَلَا يُصِيبُنَا. وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: يُقَالُ: سَمِعَ بِالْفَتْحِ، وَكَذَلِكَ بَلَغَ

508 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، إِنَّهُ كَانَ " §يَدْخُلُ الْحَمَّامَ فَيَقُولُ: نِعْمَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ، يَذْهَبُ بِالضِّبْنَةِ، وَيَذْكُرُ بِالنَّارِ ". أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ

قَوْلُهُ: يَذْهَبُ بِالضِّبْنَةِ: يُرِيدُ تَعَبَ الْعِلَاجِ، وَوَهَنَ الْكَدِّ، وَكَذَلِكَ الضِّبْنَةُ فِي السَّفَرِ الضِّيقَةُ، وَمِنْهُ حَدِيثٌ لِعُمَرَ: إِنَّ دَارَكُمْ قَدْ ضَبِنَتِ الْكَعْبَةَ، أَيْ جَعَلَتْهَا فِي ضِبْنِهَا. وَالضِّبْنُ: الْإِبْطُ 509 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: نا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " §إِذَا خَرَجَ فِي سَفَرٍ، قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الضُّبْنَةِ فِي السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ، اللَّهُمَّ اقْبِضْ لَنَا الْأَرْضَ، وَهَوِّنْ عَلَيْنَا السَّفَرَ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ، قَالَ: آيِبُونَ، تَائِبُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، فَإِذَا دَخَلَ بَيْتِهِ، قَالَ: تَوْبًا لِرَبِّنَا، أَوْبًا لَا يُغَادِرُ عَلَيْنَا حَوْبًا "

510 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَحِمَهُ اللَّهُ، «§بِئْسَ الْعَوْنُ عَلَى تَقْوَى اللَّهِ قَلْبٌ نَخِيبٌ، وَبَطْنٌ رَغِيبٌ، وَنَعْظٌ شَدِيدٌ» . يُرْوَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ

يُقَالُ: رَجُلٌ نَخِيبٌ وَنَخِبٌ، وَهُوَ الشَّدِيدُ الْجُبْنِ، الَّذِي لَا فُؤَادَ لَهُ، وَالْمَنْخُوبُ أَيْضًا: الذَّاهِبُ الْعَقْلُ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ مَطَرٍ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْمُضَاءِ: لَقَدْ خَابَ قَوْمٌ قَلَّدُوكَ أَمُورَهُمْ ... بِمَكَّةَ إِذْ قِيلَ اللُّصُوصُ قَرِيبُ رَأَوْا رَجُلًا ضَخْمًا فَقَالُوا مُقَاتِلًا ... وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الْفُؤَادَ نَخِيبُ فَإِنْ لَا يَكُنْ نَفْسُ الشُّجَاعِ فَإِنَّهُ ... أَكُولٌ إِلَى جَنْبِ الْخِوَانِ شَرُوبُ 511 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَحِمَهُ اللَّهُ، «إِنَّ §سَلْمَانَ أَتَاهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخَى بَيْنَهُمَا، فَرَآهُ، وَقَدْ شَفَّ جِسْمُهُ» . حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: نا حَمَّادٌ، قَالَ: نا أَيُّوبُ،

وَهِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ , أَنَّ سَلْمَانَ قَوْلُهُ: شَفَّ جِسْمُهُ، يَعْنِي: نَحَلَ وَرَقَّ، وَالشُّفُوفُ: نُحُولُ الْجِسْمِ مِنَ الْهَمِّ

وَالْوَجْدِ، يُقَالُ مِنْهُ: شَفَّ يَشِفُّ، وَقَدْ شَفَّهُ الْحُزْنُ 512 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِكَ، قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْهَمَذَانِيُّ، قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجُشُونِ، عَنْ أَخِيهِ يُوسُفَ بْنِ الْمَاجُشُونِ، قَالَ: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: §كَتَمْتَ الْهَوَى حَتَّى أَضَرَّ بِكَ الْكَتْمُ ... وَلَامَكَ أَقْوَامٌ وَلَوْمُهُمُ ظُلْمُ فَأَصْبَحْتَ كَالنَّهْديِّ إِذْ مَاتَ حَسْرَةً ... عَلَى إِثْرِ هِنْدٍ أَوْ كَمَنْ شَفَّهُ السُّقْمُ وَقَالَ الْمَازِنِيُّ: كَأَنَّ دَنَانِيرًا عَلَى قَسِمَاتِهِمْ ... وَإِنْ كَانَ قَدْ شَفَّ الْوُجُوهَ لِقَاءُ الْقِسْمَتَانِ: مَا عَنْ وَشِمَالِهِ، وَرَجُلٌ قسام إذا كان جميلا، يَمِينِ الْأَنْفِ قَالَ الْعَجَّاجُ: وَرَبِّ هَذَا الْأَثَرِ الْمُقَسَّمِ.

وَأَنْشَدَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتٍ لِذِي الرُّمَّةِ: §وَأَلْمَحْنَ لَمْحًا عَنْ خُدُودٍ أَسِيلَةٍ ... رِوَاءٍ خَلَا مَا أَنْ تَشِفَّ الْمَعَاطِسُ قَوْلُهُ: أَلْمَحْنَ، أَيْ: أَمْكَنّ أَنْ يُنْظَرَ إِلَيْهِنَّ، وَصِرْنَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُمْكِنُنَا النَّظَرُ إِلَيْهِنَّ، وَقَوْلُهُ: رِوَاءٍ، أَيْ مُمْتَلِئَةٌ، وَتَشِفُّ: تَرِقُّ، يَقُولُ: وُجُوهُهَا رِوَاءٌ، إِلَّا أَنَّ مَعَاطِسَهَا رَقِيقَةٌ قَلِيلَةُ اللَّحْمِ، وَيُقَالُ أَيْضًا: شَفَّهُ الْمَرَضُ وَالْحُزْنُ، بِمَعْنَى أَرَّقَهُ وَأَذْبَلَهُ، وَقَالَ: وَهَمُّ يَشِفُّ الْحُزْنُ مِنِّي مَكَانَهُ ... وَأَحْدَاثُ دَهْرٍ مَا يُعَزَّى بَلَاؤُهَا وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: §إِذَا شَفَّ عَنْ أَجْيَادِهَا كُلُّ مُلْحَمٍ ... مِنَ الْقَزِّ وَاحْوَرَّتْ إِلَيْهِ الْمَحَاجِرُ قَالَ: شَفَّ: رَقَّ 513 - وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: نا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ النُّمَيْرِيُّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمُومَتِي مِنْ

قُرَيشٍ، أَنَّهُ " لَمَّا قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ، وَالِيًا عَلَى الْمَدِينَةِ، اجْتَمَعَ الْقُرَشِيُّونَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيشٍ، §لَكُمْ عِنْدِي ثَلَاثٌ، لَعَلِّي أَنْ أُقَصِّرَ فِيمَا بَعْدَهُنَّ، وَاللَّهِ لَا يَأْتِينِي فِيكِمْ خَيْرٌ إِلَّا عَجَّلْتُهُ، وَلَا شَرٌّ إِلَّا أَخَّرْتُهُ، وَلَا أَطَّلِعُ عَلَى سِرٍّ مِنْكُمْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، فَكَانَ وَاللَّهِ لَنَا عَلَى أَكْثَرِ مِمَّا قَالَ وَوَعَدَ مِنْ نَفْسِهِ، وَوَلِينَا سِنِينَ، وَبَعْضَ أُخْرَى، ثُمَّ أَتَاهُ الْعَزْلُ، فَاجْتَمَعْنَا إِلَيْهِ كَاجْتِمَاعِنَا إِلَيْهِ فِي وَقْتِ وِلَايَتِهِ فَاسْتَعْبَرَ، وَنَشَجْنَا حَوْلَهُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَيُّكُمْ يُنْشِدُنِي قَوْلَ الدَّرَّاجِ الضَّبَابِيُّ: فَلَا السِّجْنُ أَنْكَانِي وَلَا الْقَيْدُ شَفَّنِي ... وَلَا أَنَّنِي مِنْ خَشْيَةِ الْمَوْتِ أَجْزَعُ بَلَى إِنَّ قَوْمًا قَدْ أَخَافُ عَلَيْهِمُ ... إِذَا مِتُّ أَنْ يُعْطُوا الَّذِي كُنْتُ أَمَنَعُ وَاللَّهِ مَا بُكَائِي جَزَعًا مِنَ الْعَزْلِ، وَلَا أَسَفًا عَلَى الْوِلَايَةِ، غَيْرَ أَنِّي أَخَافُ أَنْ يَلِيَ هَذِهِ الْوُجُوهَ مَنْ لَا يَرْعَى لَهَا حَقًّا " 514 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، رَحِمَهُ اللَّهُ " §وَصَلَّوْا بِدِمَشْقَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ، وَكَانَتْ لَيْلَةَ مَطَرٍ، وَثَلْجٍ، وَشَفَّانٍ، لَوْ يَعْلَمِ النَّاسُ مَا فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ مِنَ الْخَيْرِ لَحَضَرُوهَا بِذَرَارِيهِمْ، وَنِسَائِهِمْ، ثُمَّ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ بِمَنْ يَحْضُرُ الْمَسَاجِدَ عَمَّنْ لَا يَحْضُرُهَا، وَبِالْغَزَاةِ عَمَّنْ لَا يَغْزُو، لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا ". يُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئِ، قَالَ: نا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ

شُرَحْبِيلَ الْغَافِقِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمَّارَ بْنَ سَعْدٍ التُّجِيبِيَّ. الشَّفِيفُ: بَرْدُ رِيحٍ فِي نُدُوَّةٍ، وَتُسَمَّى تِلْكَ الرِّيحُ شَفَّانًا، وَقَالَ: أَلْجَاهُ شَفَّانٌ لَهُ شَفِيفُ فِي دِفْءِ أَرْطَاةٍ لَهَا دُفُوفُ.

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ: رَأَيْتُ فُلَانًا قَبَلًا، فَفَتَحَ الْقَافَ وَالْبَاءَ، وَسَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ: قُبُلًا فَضَمَّ الْقَافَ وَالْبَاءَ، وَرَأَيْتُهُ قَبِلًا، وَمُقَابَلَةً وَعِيَانًا، وَكُلُّهُ وَاحِدٌ وَفَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ ذِي قِبَلٍ، لَمْ يَقُولُوا غَيْرَهُ، وَتَقُولُ: لَا قِبَلَ لِي بِهِ، أَيْ لَا طَاقَةَ. وَقَوْلُهُ: لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ قِبَلًا، أَيْ ظَاهِرًا، يَرَوْنَهُ وَيَعْرِفُونَهُ. وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ فِي حَدِيثٍ: الْحَقُّ بِقَبَلٍ، فَمِنَ انْتَهَى إِلَيْهِ اكْتَفَى، وَمَنْ قَصَّرَ عَنْهُ عَجَزَ، قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: قَوْلُهُ: بِقَبَلٍ، يَقُولُ: تَعْرِفُ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ، وَأَنْشَدَ ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، لِلقُطَامِيِّ: وَقُلْتُ لِلرَّكْبِ لَمَّا أَنْ عَلَا بِهِمُ ... مِنْ عَنْ يَمِينِ الْحُبَيَّا نَظْرَةٌ قَبَلُ وَقَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: هَذِهِ غَدَاةٌ ذَاتَ شَفَّانٍ، وَغَدَاةٌ ذَاتُ قِرَّةٍ، وَذَاتُ قِرٍّ، وَذَاتُ شَبْمٍ وَكُلُّهُ وَاحِدٌ، وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَجِدُ فِي أَسْنَانِهِ بَرْدًا، وَفِي أَسْنَانِهِ شَفِيفًا، وَكُلُّهُ وَاحِدٌ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ الْكُمَيْتُ: ذُو أَرْبَعٍ رُكِبَتْ فِي الرَّأْسِ تَكْلَأُهُ ... مِمَّا أَرَابَ وَدُونَ الْكَالِئِ الْأَجَلُ مِنْهَا اثْنَتَانِ لَمَّا الطَّأْطَاءُ يَحْجُبُهُ ... وَالْأُخْرَيَانِ لَمَّا أَوْفَى بِهِ الْقَبَلُ

حديث عوف بن مالك الأشجعي رحمه الله

ذُو أَرْبَعٍ: يَعْنِي: أُذُنَيْهِ وَعَيْنَيْهِ، فِيهَا اثْنَتَانِ: يَعْنِي: الْأُذُنَيْنِ، لَمَّا الطَّأْطَأُ يَحْجُبُهُ: وَهُوَ مَا تَطَامَنَ مِنَ الْأَرْضِ، فَيَقُولُ: إِذَا كَانَ مَوْضِعٌ يُوَارِي عَنْهُ مَا فِيهِ تَسَمَّعَ، وَالْأُخْرَيَانِ: عَيْنَاهُ، لَمَّا أَوْفَى: لَمَّا أَشْرَفَ بِهِ، وَالْقَبَلُ: مَا اسْتَقْبَلَكَ مِنْ مُشْرِفٍ تَمَّ حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتْلُوهُ: حَدِيثُ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ

515 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَوْفٍ رَحِمَهُ اللَّهُ «§لأَنْ يَمْتَلِئَ مَا بَيْنَ عَانَتِي إِلَى رَهَابَتِي قَيْحًا يَتَخَضْخَضُ مِثْلَ السِّقَاءِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شَعَرًا» . حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا قُتَيْبَةُ، قَالَ: نا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي شَمَّاسَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَمَّاسَةَ الْمُهْرِيِّ , أَنَّ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ ذَلِكَ.

حديث وائل بن حجر رحمه الله

الرَّهَابَةُ: هُوَ الْعَظْمُ الْمُشْرِفُ مِنَ الصَّدْرِ عَلَى الْبَطْنِ، وَهُوَ غُرْضُوفٌ يَنْثَنِي. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: أَبُو زَيْدٍ، قَالَ: الْكِلَابِيُّونُ: الرَّهَابَةُ: لِسَانُ الصَّدْرِ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَسَنِ الْخَارِجِيُّ: بَيْنَا كَذَلِكَ نَحْنُ جَالَتْ طَعْنَةٌ ... نَجْلَاءُ بَيْنَ رَهَابَتِي وَتَرَائِبِي وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الرَّاهِبَةُ: هِيَ آخِرُ فَلَكِ الزَّوْرِ، تُقْطَعُ عِنْدَهَا الْجَوَانِحُ، وَتَفْرُقُ عِنْدَهَا الضُّلُوعُ. وَقَالَ الرَّهَابَةُ: مَوْضِعُ الْقِلَادَةِ مِنَ النِّسَاءِ، قَالَ الْعَبْدِيُّ: وَمِنْ ذَهَبٍ يُسَنُّ عَلَى رَهَابِ قَالَ: وَكُلُّ شَيْءٍ يَتَحَرَّكُ، وَلَا يُصَوِّتُ خُثْوَرَةً، يُقَالُ فِيهِ: يَتَخَضْخَضُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْخَضْخَاضُ: وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْقَطِرَانِ، يُقَالُ: وَجَأَهُ بِالْخِنْجَرِ، فَخَضْخَضَ بِهِ بَطْنَهُ، وَأَمَّا الْخَضَاضُ: فَإِنَّهُ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ مِنَ الْحُلِيِّ، وَقَالَ: وَلَوْ أَشْرَفَتْ مِنْ كُفَّةِ السِّتْرِ عَاطِلًا ... لَقُلْتُ غَزَالٌ مَا عَلَيْهِ خَضَاضُ تَمَّ حَدِيثُ عَوْفٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَتْلُوهُ: حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

وَقَالَ فِي حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَهُ، وَبَعَثَ مَعَهُ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ لِوَائِلٍ: أَرْدِفْنِي خَلْفَكَ، قَالَ: لَا تَكُنْ مِنْ أَرْدَافِ الْمُلُوكِ، قَالَ: فَأَعْطِنِي نَعْلَكَ، قَالَ: لَا تُقِلُّهَا قَدَمَكَ، وَلَكِنِ انْتَعِلْ ظِلَّ النَّاقَةِ، قَالَ وَائِلٌ: فَلَمَّا وَلِيَ مُعَاوِيَةُ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَدِمْتُ عَلَيْهِ، فَأَقْعَدَنِي مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ، وَذَكَّرَنِي الْحَدِيثَ. قَالُوا: رِدْفُ الْمُلُوكِ: الَّذِي يَحْمِلُهُ الْمَلِكُ خَلْفَهُ، وَيَكُونُ عَنْ يَمِينِهِ إِذَا شَرِبَ، وَإِذَا نَحَرَ جَزُورًا أَعْطَاهُ الْعَجْزَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَتَى سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَرْضًا لَهُ، فَانْتَهَى إِلَى مَوْضِعٍ فِيهِ

حديث أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة رحمه الله

غِلَظٌ، فَتَرَكَ النَّاسَ كُلَّهَم، فَبَقِيَ سُلَيْمَانُ عَلَى دَابَّتِهِ، فَالْتَفَتَ إِلَى يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ، فَقَالَ: ارْتَدِفْ، فَأَبَى، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ فَعَلْتَ لَكُنْتَ أَكْرَمَ مَنْ أَرْدَفَهُ النُّعْمَانُ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَقِلْنِي، قَالَ: لَا تَعْلُوهُ وَاللَّهِ أَبَدًا. تَمَّ حَدِيثُ وَائِلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَيَتْلُوهُ: حَدِيثُ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ

517 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي حُذَيْفَةَ بنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّ أَبَاهُ نَادَاهُ يَوْمَ بَدْرٍ: §أَلَمْ أَكُنْ أُطْعِمُكَ اللَّحْمَ الَّذِي يَلِي الْعَظْمَ، وَأَنْكُتُ لَكَ الْمُخَّ وَأُطْعِمْكَهُ. يُرْوَى عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ. وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ فِي حَدِيثٍ آخَرَ، قَالَ: يَا أَبَتِ، إِنِّي رَأَيْتُ الْحَقَّ مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَإِنَّمَا خَصَّ مِنَ اللَّحْمِ مَا وَلِيَ الْعَظْمَ، لِأَنَّ الْعَرَبَ تَزْعُمُ أَنَّهُ أَطْيَبُ اللَّحْمِ، وَيَقُولُونَ: أَطْيَبُ اللَّحْمِ عُوَّذُهُ، أَيْ مَا عَذَا مِنْهُ بِالْعَظْمِ. وَالنَّكْتُ: أَنْ يُنْكُتَ بِالْقَضَيبِ أَوِ الْعَظْمِ فِي الْأَرْضِ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: ضَرَبَهُ فَنَكَتَهُ، أَيْ: أَلْقَاهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَوَقَعَ مُنْتَكِتًا، وَالنَّاكِتُ بِالْبَعِيرِ شِبْهُ النَّاحِزِ، وَهُوَ أَنْ يَنْكُتَ مَرْفِقُهُ حَرْفَ كَرْكَرَتِهِ، يُقَالُ: بِهِ نَاكِتٌ، وَالظَّلِفَةُ

حديث عمارة بن رويبة رحمه الله

الْمُنْتَكِتَةُ: وَهِيَ طَرَفُ الْحُنْوِ مِنَ الْقَتْبِ، وَالْإِكَافُ قَصِيرٌ، يَنْكُتُ جَنْبَ الْبَعِيرِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَهْلٍ، عَنِ الْعُتْبِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا، وَذَكَرُوا امْرَأَةً شَارَتْ زَوْجَهَا، فَقَالَ: أَمْ وَاللَّهِ، يَا أُمَّ شَرْخَةَ، إِذَا كَانَ يَنْكُتُهَا بِهِ كَمَا يَنْكُتُ الْعَظْمَ لِمُخِّهِ، فَقَدْ كُنْتِ لَهُ سَمُوعًا تَبُوعًا، فَلَمَّا لَانَ مِنْهُ مَا كَانَ شَدِيدًا، وَأَخْلَقَ مِنْهُ مَا كَانَ جَدِيدًا، أَعْرَضْتِ عَنْهُ، وَلَئِنْ كَانَ تَغَيَّرَ مِنْهُ بَعْضٌ، لَقَدْ تَغَيَّرَ مِنْهَا كُلٌّ تَمَّ حَدِيثُ أَبِي حُذَيْفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَتْلُوهُ: حَدِيثُ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ

519 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَنَظَرَ إِلَى فُلَانٍ يَخْطُبُ، وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: «§قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيُدَيَّتَيْنِ الْقَصِيرَتَيْنِ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يُشِيرَ بِإِصْبَعِهِ» . أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ , قَالَ: أَنَا حُصَيْنٌ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ: الْقَصِيرَتَيْنِ، يَعْنِي اللَّئِيمَتَيْنِ الْقَاصِرَتَيْنِ عَنْ تَنَاوُلِ الْمَعَالِي، وَعَظِيمَاتِ الْأُمُورِ قَالَ الشَّاعِرُ: وَنَاطُوا مِنَ الْحَجَّاجِ كَفًّا قَصِيرَةً ... وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ قَتْلُهُ بِنَكِيرِ وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي جُمْلَةِ هَذَا التَّفْسِيرِ، قَوْلُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ حِينَ خَطَبَ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ، وَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: يَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِصَرًا، وَإِنْ دَلَّ عَلَيْهِ بِقِصَرٍ بِيَدِهِ، وَلَكِنَّهُ كَمَا قَالَ الْآخَرُ: أَقُولُ وَنِضْوِي وَاقِفٌ عِنْدَ قَبْرِهَا ... عَلَيْكَ سَلَامُ اللَّهِ وَالدَّمْعُ يَسْفَحْ فَهَلًا فَدَاكِ الْمَوْتَ مَنْ أَنْتِ زَيْنُهُ ... وَمَنْ هُوَ أَسْوَءُ مِنْكِ دَلًّا وَأَقْبَحُ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ بِهَا قُبْحًا وَلَا سُوءًا دَلٍّ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: فَهَلَّا فِدَاكِ الْمَوْتَ مَنْ كَانَ سَيْءَ الدَّلِّ قَبِيحًا، وَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِ الْبَرَاءِ: يُرِيدُ أَنَّ يَدِيَ الْقَاصِرَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَنْكَرَ هَذَا الْمَعْنَى نَاسٌ مِنَ النَّاسِ فَرَوَوْهُ.

حديث المغيرة بن شعبة رحمه الله

وَمَنْ أَنْتِ خَيْرًا مِنْهُ وَجْهًا وَأَمْلَحُ. وَقَالُوا: فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا} [الفرقان: 24] . يُرِيدُ: خَيْرٌ مِنْ مُسْتَقَرِّ الْكَافِرِ، وَمَقِيلِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَالْمَعْنَى عِنْدَنَا مَا ذَكَرْنَاهُ، لَاتسَاعُ الْعَرَبُ فِي لُغَاتِهَا وَمَعَانِيهَا، وَكَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ ذِكْرِ النَّارِ: {قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ} [الفرقان: 15] ، وَقَالَ: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} [البقرة: 221] . وَالْمُشْرِكُ: لَا خَيْرَ فِيهِ، وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: فَسَلْ عَنْكَ فِي عُلَيَّا مَعْدٍّ وَغَيْرِهَا ... مِنَ النَّاسِ مَنْ أَخْزَى مَقَامًا وَأَشْنَعُ وَمَنْ هُوَ لَمْ تَتْرُكْ لَهُ الْحَرْبُ مَفْخَرًا ... وَمَنْ خَدُّهُ يَوْمَ الْكَرِيهَةِ أَضْرَعُ يُرِيدُ مَنْ هُوَ خَازٍ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ، لَمْ يَكُونُوا خَازِينَ وَلَا ضَارِعِينَ تَمَّ حَدِيثُ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَتْلُوهُ: حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ

حديث الضحاك بن قيس رحمه الله

520 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: " §عَزَلَكَ مُعَاوِيَةُ، وَقَلَاكَ وَاسْتَثْقَلَكَ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: أَنَا كَمَا قَالَ: نَآكَ رَبُّكَ وَاعْتَرَتْكَ خَصَاصَةٌ ... فَلَعَلَّ رَبَّكَ أَنْ يَعُودَ مُؤَيِّدَا ". يُرْوَى عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ. تَقُولُ: نَآنِي الرَّجُلُ إِذَا نَأَى عَنِّي، وَنَاءَكَ إِذَا نَأَى عَنْكَ، قَالَ الشَّاعِرُ: أَعَاذِلُ إِنْ يُصْبِحْ صَدَايَ بِقَفْرةٍ ... وَحِيدًا نَآنِي نَاصِرِي وَقَرِيبِي تَرَى أَنَّ مَا أَلْقَيْتُ لَمْ أَكْ رَبَّهُ ... وَأَنَّ الَّذِي أَنْفَقْتُ كَانَ نَصِيبِي حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: يُقَالُ: نَأَيْتُهُمْ، وَنَأَيْتُ عَنْهُمْ، وَأَنْشَدَ الْأَصْمَعِيُّ لِابْنِ أَحْمَرَ: فَلَئِنْ نَأَيْتُ لَقَدْ نَأَيْتُ بَنِي أَبِي ... وَمَضَتْ عَنَاجِيج الشَّبَابِ الْأَصْيَدِ تَمَّ حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتْلُوهُ: حَدِيثُ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

حديث عقيل بن أبي طالب رحمه الله

وَقَالَ فِي حَدِيثِ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْكُوفَةِ، فَلَمَّا دَخَلَهَا سَأَلَ عَنْ قَبْرِ زِيَادٍ، فَدُلَّ عَلَيْهِ، فَأَتَاهُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ تَحْتَ الْأَحْجَارِ حَزْمًا وَجُودًا ... وَخَصِيمًا أَلَدَّ ذَا مِعْلَاقِ حَيَّةٌ فِي الْوِجَارِ أَرْبَدُ لَا يَنْفَعُ ... السَّلِيمَ مِنْهُ نَفْثَةُ رَاقِ يُرْوَى عَنِ الْهَيْثَمِ عَنْ عَوَانَةَ. وَالْبَيْتَانِ لِلْمُهَلْهِلِ، يُقَالُ: إِنَّ فُلَانًا لَذُو مِعْلَاقٍ إِذَا كَانَ شَدِيدَ الْخُصُومَةِ، وَيُقَالُ: مِعْلَاقُ الرَّجُلِ: لِسَانُهُ. تَمَّ حَدِيثُ الضَّحَّاكِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتْلُوهُ: حَدِيثُ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

522 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: «أَنَّهُ كَانَ §يَقْبُلُ غَرْبَ زَمْزَمَ، وَقَدْ بَلَّ الْمَاءُ أَسْفَلَ قَمِيصِهِ» . يُرْوَى عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ. يُقَالُ: قَبِلَ صَاحِبُ الْغَرْبِ الدَّلْوَ، فَهُوَ يَقْبُلُهَا قَبَالَةً، كَمَا تَقْبَلُ الْقَابِلَةُ الْمَرْأَةَ، وَقَالَ زُهَيْرٌ: وَقَابِلٌ يَتَغنَّى كُلَّمَا قَدَرَتْ ... عَلَى الْعَرِاقِيِّ يَدَاهُ قَائِمًا دَافِقَا

وَيُقَالُ لِلْقَابِلَةِ: قَبِيلٌ وَقَبُولٌ، قَالَ الشَّاعِرُ:. . . . . . . . . . . . . . . كَصَرْخَةِ حُبْلَى أَسْلَمَتْهَا قَبِيلُهَا وَيُرْوَى: قَبُولُهَا 523 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ، «إِنِّي §لَأَدَعُ الْأُضْحِيَةَ، وَأَنَا مِنْ أَيْسَرِكِمْ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّهَا حَتْمٌ وَاجِبٌ» . أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ , عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَصْلُ الْحَتْمِ: إِيجَابُ الْأَمْرِ، وَالْقَضَاءُ بِهِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْقَاضِي: حَاتِمٌ قَالَ

الشَّاعِرُ: وَرَقَيْتُهُ حَتَمَاتِ الْمُلُوكِ ... بَيْنَ السُّرَادِقِ وَالْحَاجِبِ يُرِيدُ مِثْلَ قَوْلِ الرَّاعِي: يَذِلُّ لِيَ الْبَوَّابُ مِنْ غَيْرِ نِعْمَةٍ ... كَمَا ذَلَّ نَابَا حَيَّةٍ خَافَ رَاقِيَا وَمِنْهُ سُمِيَّ الْغُرَابُ حَاتِمًا، لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ يَحْتِمُ بِالْفِرَاقِ، أَيْ يُتَفَاءَلُ بِذَلِكَ فِي نَعِيقِهِ، وَأَنْشَدَ: وَهَوَّنَ وَجْدِي أَنَّنِي لَمْ أَكُنْ لَهَمْ ... غُرَابَ شِمَالٍ يَنْتِفُ الرِّيشَ حَاتِمَا وَذَكَرَ بَعْضُ الرُّوَاةِ: أَنَّ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا: صَدُوفٌ، وَكَانَتْ مُفَوَّهَةً، فَقَالَتْ: لَا أَتَزَوَّجُ إِلَّا مَنْ يَرُدُّ عَلَيَّ جَوَابِي، فَجَاءَهَا خَاطِبٌ، فَوَقَفَ بِبَابِهَا، فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: بَشَرٌ وُلِدَ صَغِيرًا، وَنَشَأَ كَبِيرًا، فَقَالَتْ: أَيْنَ مَنْزِلُكَ؟ ، قَالَ: عَلَى بِسَاطٍ وَاسِعٍ، وَبَلَدٍ شَاسِعٍ، قَرِيبُهُ بَعِيدٌ، وَبَعِيدُهُ قَرِيبٌ، قَالَتْ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: مَنْ شَاءَ أَحْدَثَ اسْمًا، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتْمًا، قَالَتْ: كَأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَكَ، قَالَ: لَوْ لَمْ تَكُنْ لِي حَاجَةٌ، لَمْ آتِكِ لِحَاجَةٍ، وَأَقِفُ بِبَابِكِ، وَأَصِلُ بِأَسْبَابِكِ، قَالَتْ: سِرُّ حَاجَتُكَ أَمْ جَهْرٌ، قَالَ: سِرُّ، وَسَتُعْلَنُ، قَالَتْ: فَأَنْتَ إِذًا خَاطِبٌ، قَالَ: هُوَ إِذًا ذَلِكَ، قَالَ: فَرَضِيَتْ فَتَزَوَّجَهَا. وَجَمْعُ الْحَتْمِ: حُتُومٌ، وَقَالَ أُمَيَّةُ: حَنَانَيْ رَبَّنَا وَلَهُ عَنَوْنَا ... بِكَفَّيْهِ الْمَنَايَا وَالْحُتُومُ

وَفِي قَوْلِ أَبِي مَسْعُودٍ: كَرَاهِيَةَ أَنْ يَعْلَمَ، ثَلَاثُ لُغَاتٍ: كَرَاهِيَةً، وَكَرَاهَةً، وَكَرَاهِينَ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: سَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، يَقُولُ: أَتَيْتُكَ كَرَاهِينَ أَنْ تَغْضَبَ. تَمَّ الشَّرْحُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ وَعَبْدِهِ، وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا وَزَادَهُمْ شَرَفًا وَتَعْظِيمًا، يَتْلُوهُ فِي السِّفْرِ الثَّالِثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَالَ فِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ.

وَقَالَ فِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: " اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، أَوْ عُثْمَانُ عَلَى صَدَقَاتِ سَعْدِ هُذَيْمٍ، وَهُمْ عُذْرَةُ، وَسَلَامَان، وَضِنَّةُ، وَالْحَارِثُ، وَهُمْ مِنْ قُضَاعَةَ، فَلَمَّا قَبَضْتُ الصَّدَقَةَ قَسَمْتُهَا بَيْنَ أَهْلِهَا، وَأَقْبَلْتُ بِالسَّهْمَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ إِلَى عُمَرَ أَوْ عَثْمَانَ، فَلَمَّا كُنْتُ بِبِلَادِ عُذْرَةَ فِي حَيٍّ مِنْهُمْ، يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو هِنْدٍ إِذَا أَنَا بِبَيْتِ حَرِيدِ جَاحِشٍ عَنِ الْحَيِّ، فَمِلْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا عَجُوزٌ جَالِسَةٌ عِنْدَ كِسْرِ الْبَيْتِ، وَإِذَا شَابٌّ نَائِمٌ فِي ظِلِّ الْبَيْتِ، فَلَمَّا قَعَدَتْ، فَسَلَّمَتْ، تَرَنَّمَ بِصَوْتٍ لَهُ ضَعِيفٍ، فقَالَ: جَعَلْتُ لِعَرَّافِ الْيَمَامَةِ حُكْمِهِ ... وَعَرَّافِ حَجْرٍ إِنْ هُمَا شَفَيَانِي فَقَالَا نَعَمْ نَشْفِي مِنَ الدَّاءِ كُلِّهِ ... وَقَامَا مَعَ الْعُوَّادِ يَبْتَدِرَانِ نَعَمْ وَبَلَى قَالَا مَتَى كُنْتَ هَكَذَا ... لِيَسْتَخْبِرَانِي قُلْتُ مُنْذُ زَمَانِ فَمَا تَرَكَا مِنْ رُقْيَةٍ يَعْلَمَانِهَا ... وَلَا سَلْوَةٍ إِلَّا بِهَا سَقَيَانِي فَقَالَا شَفَاكَ اللَّهُ وَاللَّهِ مَالَنَا ... بِمَا حُمِّلَتْ مِنْكَ الضُّلُوعُ يَدَانِ ثُمَّ شَهِقَ شَهْقَةً خَفِيفَةً، فَنَظَرْتُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ، فَقُلْتُ: أَيَّتُهَا الْعَجُوزُ، مَا أَظُنُّ هَذَا النَّائِمَ بِفِنَاءِ بَيْتِكَ إِلَّا وَقَدْ مَاتَ، قَالَتْ: وَأَنَا وَاللَّهِ أَظُنُّ، فَقَامَتْ، فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: فَاظَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، فَقُلْتُ: يَا أَمَةَ اللَّهِ، مَنْ هَذَا؟ ، قَالَتْ: عُرْوَةُ بْنُ حِزَامٍ الْعُذْرِيُّ، وَأَنَا أُمُّهُ، قُلْتُ: فَمَا الَّذِي صَيَّرَهُ إِلَى هَذَا؟ قَالَتْ: الْعِشْقُ، لَا وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ لَهُ أَنَّةً مُنْذُ سَنَةٍ إِلَّا فِي صَدْرِ يَوْمِنَا، فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَنْ كَانَ مِنْ أُمَّهَاتِي بَاكِيًا أَبدًا ... فَالْيَوْمَ إِنِّي أَرَانِي الْيَوْمَ مَقْبُوضًا يُسْمِعْنَنِيهِ فَإِنِّي غَيْرُ سَامِعِهِ ... إِذَا عَلَوْتُ رَقِابَ الْقَوْمِ مَعْرُوضًا

قَالَ النُّعْمَانُ: فَأَقَمْتُ وَاللَّهِ عَلَيْهِ حَتَّى غُسِلَ وَكُفِنَ وَحُنِطَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَدُفِنَ، قَالَ: قَلْتُ لِلْنُعْمَانِ: فَمَا دَعَاكَ إِلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: احْتِسَابُ الْأَجْرِ فِيهِمْ. يُرْوَى عَنِ الرِّيَاشِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ بَكِيرٍ، قَالَ: نَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: نَا النَّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ.

الْبَيْتُ الْحَرُيدُ، وَالْحَيُّ الْحَرِيدُ: هُوَ الَّذِي يَنْزِلُ مُعْتَزِلًا عَنِ الْبُيُوتِ مِنْ جَمَاعَةِ الْقَبِيلَةِ، لَا يُخَالِطُهُمْ فِي ارْتِحَالِهِ وَحُلُولِهِ خَوْفَ الْغَارَاتِ، وَالرَّجُلُ الْحُرِيدُ: الْمُتَحَوِّلُ عَنْ قَوْمِهِ، يُقَالُ: حَرَدَ يحرد حُرُودًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُّ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ حَرِيدٌ، قَالَ الشَّاعِرُ: نَبْنِي عَلَى سُنَنِ الْعَدُوِّ بُيُوتَنَا ... لَا نَسْتَجِيرُ وَلَا نَحُلُّ حَرِيدًا أَيْ لَا نَحُلُّ بِقَوْمٍ، وَنَحْنُ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ، وَلَكِنَّا نَحُلُّ بِهِمْ كَثِيرًا.

وَقَالَ رَدَادٌ: عَلَى سَنَنِ: فَفَتَحَ السِّينَ وَالنُّونَ، وَيُقَالُ: رَجُلٌ حَرِيدٌ مِنْ قَوْمِ حُرَدَاءَ، وَالْجَاحِشُ: مِثْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ، وَهُوَ الْجَحِيشُ أَيْضًا، قَالَ الرَّاجِزُ: كَمْ سَاقَ مِنْ دَارِ امْرِئٍ جَحِيشِ إِلَيْكَ نَأْشُ الْقَدَرِ النَّئُوشِ. وَقَوْلُهُ: شَهِقَ، فَإِنَّ ابنَ الْهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ " يُقَالُ: شَهِقَ الرَّجُلُ، فَهُوَ شَاهِقٌ إِذَا تَنَفَّسَ وَارْتَفَعَ، وَمِنْهُ قِيلَ: جَبَلٌ شَاهِقٌ ". وَقَوْلُهَا: فَاظَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، يُقَالُ: فَاظَ الْمَيِّتُ يَفِيظُ فَيْظًا، وَيَفُوظُ فَوْظًا، كَذَا , رَوَاهُ الْأَصْمَعِيُّ، وَأَنْشَدَ لِرُؤْبَةَ: لَا يَدْفِنُونَ مِنْهُمْ مَنْ فَاظَا. قَالَ: وَلَا يُقَالُ: فَاظَتْ نَفْسُهُ. وَزَعَمَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَنَّهَا لُغَةٌ لِبَعْضِ بَنِي تَمِيمٍ، وَأَنْشَدَ: اجْتَمَعَ النَّاسُ وَقَالُوا عُرْسُ فَفُقِئَتْ عَيْنٌ وَفَاظَتْ نَفْسُ.

فَأَنْشَدَهُ الْأَصْمَعِيُّ، فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ: «وَطَنَّ الضِّرْسُ» . أَيْ: صَوَّتَ. 525 - وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ " أَنَّهُ §غُشِيَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي وَجَعِهِ غَشْيَةً، ظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ فَاظَ مِنْهَا. وَأَنْشَدَ أَبُو حَاتِمٍ: سُمِّيتَ غَيَّاظًا وَلَسْتَ بِغَائِظٍ ... عَدُوًّا وَلَكِنَّ الصَّدِيقَ تَغِيظُ فَلَا رَحِمَ الرَّحْمَنُ نَفْسَكَ حَيَّةً ... وَلَا هِيَ فِي الْأَمْوَاتِ حِينَ تَفِيظُ.

وَقَالَ فِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ رَحِمَهُ اللَّهُ " أَنَّ رَجُلًا غَنَّى بِالْمَدِينَةِ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ النُّعْمَانُ: أَجَدَّ بِعَمْرَةَ غُنْيَانُهَا. فَقِيلَ لَهُ: اسْكُتْ، فَقَالَ النُّعْمَانُ: وَمَا بَأْسَ، دَعُوهُ، فَمَا قَالَ إِلَّا خَيْرًا، إِنَّمَا قَالَ: وَعَمْرَةُ مِنْ سَرَوَاتِ النِّسَاءِ ... تَنْفَحُ بِالْمِسْكِ أَرْدَانُهَا حَدَّثَنَاهُ ابْنُ الْهُيْثُمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ: أَرَاهُ ذَكَرَهُ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، قَالَ: عَمْرَةُ هِيَ أَمُّ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ. وَالْغُنْيَانِ: الْغَنِيُّ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَعْرَابِيًا يَقُولُ: الرُّفْعَانُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: مَا لَهُ عِنْدَكَ غُنْيَانٌ، وَلَا غُنْيَةٌ، وَلَا غِنًى وَلَا مَغْنًى، وَالْبَيْتُ لِقَيْسِ بْنِ الْخَطِيمِ: أَجَدَّ بِعَمْرَةَ غُنْيَانُهَا ... لِتَصْرِمَ أَمْ شَأْنُنَا شَانُهَا

يَقُولُ: أَمْ هِيَ عَلَى مَا نُحِبُّ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ رَحِمَهُ اللَّهُ " وَدَخَلَ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَعِنْدَهُ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ نِسَاءِ الْحُسَيْنِ وَصَغَارِ وَلَدِهِ، فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ: يَا نُعْمَانُ، مَا تَرَى أَنْ أَصْنَعَ بِهَؤُلَاءِ؟ قَالَ: اصْنَعْ بِهِمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَانِعًا بِهِمْ لَوْ رَآهُمْ بِهَذِهِ الْحِيبَةِ، فَأَمَرَ بِهِمْ يَزِيدُ، فَأُدْخِلُوا فِي الْحَمَّامِ، وَكَانُوا قَدْ قَشَفُوا، وَكَسَاهُمْ وَسَرَّحَهُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ ". حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الرِّيَاشِيِّ. قَالَ: يُقَالُ: فُلَانٌ بِحِيبَةِ سَوْءٍ، وَبِكِينَةِ سَوْءٍ، وَبِيئَةِ سَوْءٍ، إِذَا كَانَ بِحَالٍ سَيِّئَةٍ، وَالْحَالُ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ، وَأَنْشَدَ لِطَرْفَةَ:. . . . . . . . . . . . . . . . . . بِبِيئَةِ سَوْءٍ هَالِكًا وَكَهَالِكٍ وَقَالَ أَبُو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ: ثُمَّ انْصَرَفْتُ وَلَا أَبُثُّكَ حِيبَتِي ... رَعِشَ الْبَنَانُ أَطِيشُ مَشْيِ الْأَصْوَرِ.

وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: مَا أَحْسَنَ بِيئَةُ فُلَانٍ، الْبَاءُ مَكْسُورَةٌ، وَتَبَوَّأَ مَنْزِلًا تَبَوُّؤًا، وَالْبِيئَةُ: الِاسْمُ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ لِفُلَانٍ فِي بَنِي فُلَانٍ حَوْبَةٌ، وَيُقَالُ: حِيبَةٌ، فَتَذْهَبُ الْوَاوُ، إِذَا انْكَسَرَ مَا قَبْلَهَا، وَهِيَ: الْأُمُّ وَالْأُخْتُ وَالْبِنْتُ، وَهِيَ فِي مَوْضَعٍ آخَرَ الْهَمُّ وَالْحَاجَةُ، قَالَ الْفَرَزْدَقُ:. . . . . . . . . . . . . . . . . . لِحَوْبَةِ أُمٍّ مَا يَسُوغُ شَرَابُهَا وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ أَيْضًا: الْحَوْبَةُ: الضَّعِيفُ مِنَ الرِّجَالِ، وَحَوْبَةُ الرَّجُلِ أَيْضًا: أُمُّهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْحُوبَةُ: بِضَمِ الْحَاءِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إِذَا كَانَتْ كَبِيرَةً ضَعِيفَةً أَوْ دَمِيمَةً. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ تَحَوَّبَ الرَّجُلُ مِثْلُ: اهْتَمَّ وَتَضَوَّرَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يُقَالُ: الْحِيبَةُ إِلَّا فِي الشَّرِ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَيُقَالُ عِنْدَ الدُّعَاءِ عَلَى الرَّجُلِ: أَلْحَقَ اللَّهُ بِهِ الْحَوْبَةَ، وَأَنْزَلَهَا بِكَ، وَهِيَ الْحَاجَةُ وَالْمَسْكَنَةُ.

528 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، قَالَ: §أَتَى الْحَجَّاجُ بِأَسْرَى فِيهِمْ أَسِيرٌ لَهُ وَالِدٌ، فَسَأَلَ الْحَجَّاجَ الصَّفْحَ عَنْهُ، فَأَبَى عَلَيْهِ، وَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَتَوَجَّعَ الرَّجُلُ، وَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ يَوْمًا، وَقَدْ جَاءَ نَعْيُ مُحُمَّدِ بْنِ يُوسُفَ مِنَ الْيَمَنِ، وَمَوْتُ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى تَوَجُّعِ الْحَجَّاجِ عَلَيْهِمَا، قَالَ: مَا أَحْسَبُ الْأَمِيرَ إِلَّا مُتَذَكِّرًا لِقَتْلِ ابْنِي، وَتَمَثَّلَ بِأَبْيَاتِ طُفَيْلٍ الْغَنَوِيِّ: فَذُوقُوا كَمَا ذُقْنَا غَدَاةَ مُحَجَّرٍ ... مِنَ الْغَيْظِ فِي أَكْبَادِنَا وَالتَّحَوُّبِ فَمُتْ غَيْرَ مَفْقُودٍ إِلَى النَّارِ صَائِرًا ... فَأَهْوَنُ مَظْلُومٍ سِقَاءٌ مُرَوَّبُ فَلَا تَحْسِبَنَّ قَلْبِي لِفَقْدِكَ جَازِعًا ... وَلَا دَمْعَ عَيْنِي عِنْدَ مَوْتِكَ يَسْكُبُ. قَالَ إِبْرَاهِيمَ بْنُ حُمَيْدٍ: قَصَدَ لِلْمَثَلِ الْمَضْرُوبِ: مَنْ ضَحِكَ وَحْدَهُ، بَكَى وَحْدَهُ، وَأَنْشَدَ فِي ذَلِكَ: فَأَيْسَرُ مَفْقُودٍ وَأَيْسَرُ هَالِكٍ ... عَلَى الْحَيِّ مَنْ لَا يَبْلُغُ الْحَيَّ نَائِلُهُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ تُحْدِثْ لَكَ الْأَيَّامُ سُقْمًا ... يَحُولُ حَرِيضُهُ دُونَ الْقَرِيضِ يَكُنْ طُولُ التَّأَوُّهِ مِنْكَ عِنْدِي ... بِمَنْزِلَةِ الطَّنِينِ مِنَ الْبَعُوضِ فَمَا أَنَا بِالْمُفَجَّعِ حِينَ تُودِي ... وَمَا دَمْعِي عَلَيْكَ بِمُسْتَفِيضِ

حديث أبي سعيد الخدري

وَأَنْشَدَنَا أَيْضًا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي مِثْلِهِ: وَمَا أَنَا بِالْبَاكِي عَلَى إِثْرِ صَاحِبٍ ... إِذَا كَانَ لَا يَجْدِي عَلَيَّ بِطَائِلِ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ حَالَ مِنْ دُونِ وَصْلِكُمْ ... سَخَافَةَ أَحْلَامِ وَقِلَّةَ نَائِلِ تَمَّ حَدِيثُ النُّعْمَانِ وَيَتْلُوُهُ: حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الخدري

529 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رحمهُ اللَّهُ: " §أَنَّهُمْ نَزَلُوا بِأَهْلِ مَاءٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنَّ سَيِّدَ أَهْلِ هَذَا الْمَاءِ سَلِيمٌ، وَالْقَوْمُ خُلُوفٌ، فَهَلْ فِيكَمْ رَاقٍ؟ ". يُرْوَى عَنِ ابْنِ الْمُقْرِئِ، قَالَ: نَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَخِيهِ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلَّذِي يَرْقِي: كَيْفَ رَقْيُكَ؟ وَالسَّلْمُ: لَدْغُ الْحَيَّةِ، وَالْمَلْدُوغُ:

مَسْلُومٌ وَسَلَيِمٌ مِنْ قَوْمٍ سَلْمَى وَأَنْشَدَ أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، لِثَابِتِ قُطْنَةَ الْعَتَكِيِّ: " §كَأَنَّ لَيْلِيَ وَالْأَصْدَاءُ هَادِئَةٌ ... لَيْلُ السَّلِيمِ وَأَعَيَا مَنْ يُدَاوِينِي إِنِّي تَذَكَّرْتُ قَتْلَى لَوْ شَهِدْتُهُمْ ... فِي حَوْمَةِ الْحَرْبِ لَمْ يَصْلَوْا بِهَا دُونِي وَأَنْشَدَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسَرَّةَ، عَنِ الرَّيَاشِيِّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا أَعْرَابِيُّ: " §لَقَدْ عَلِمَ الْأَقْوَامُ أَنِّي أَخُوهُمْ ... وَحَذُّ الْقَوَافِي بَعْدُ أَنِّي زَعِيمُهَا خَشَاشٌ كَنَصْلِ السَّيْفِ لَوْ كُنْتُ ... حَيَّةً لَكُنْتُ ذُعَافًا لَا يُبِلُّ سَلِيمُهَا يُقَالُ: بَلَّ مِنْ وَجَعِهِ وَأَبَلَّ وَاسْتَبَلَّ، وَمَنْ قَالَ: بَلَّ، قَالَ: يَبِلُّ. وَالْخُلُوفُ: الْقَوْمُ إِذَا ذَهَبُوا مِنَ الْحَيِّ، وَخَلَّفُوا أَثْقَالَهُمْ، تَقُولُ: أَتَيْنَاهُمْ، وَهُمْ خُلُوفٌ، أَيْ غُيَّبٌ، وَأَنْشَدَ:

أَصْبَحَ الْبَيْتُ بَعْدَ آلِ بَيَانٍ ... مُقْشَعِرًّا وَالْحَيُّ حَيُّ خُلُوفُ وَتَقُولُ: بَعَثَنَا فُلَانًا يُخْلِفُ لَنَا، أَيْ: يَسْتَقِي، فَهُوَ مُخْلِفٌ، وَيُقَالُ لِلْقَطَا الْمُخْلِفَاتُ، لِأَنَّهَا تَسْتَقِي لِأَوْلَادِهَا الْمَاءَ. قَالَ يَعْقُوبُ: المُخْلِفُ: الْمُسْتَقِي، وَالْخَلْفُ: الِاسْتِقَاءُ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَأَنْشَدَ لِلْحُطَيْئَةَ: لِزُغْبٍ كَأَوْلَادِ الْقَطَا رَاثَ خَلْفُهَا ... عَلَى عَاجِزَاتِ النَّهْضِ حُمْرٍ حَوَاصِلُهُ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: أَخْلَفَ الرَّجُلُ فَهُوَ مُخْلِفٌ إِذَا اسْتَعْذَبَ الْمَاءَ اسْتَخْلَفَ يَسْتَخْلِفُ 530 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " قَالَ قَزَعَةُ: §رَآنِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَنَهَانِي، فَقُلْتُ: أَتْرُكُهُمَا بِكَ، قَالَ: اتْرُكْهُمَا بِي " أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ قَزَعَةَ

حديث أبي هريرة رحمه الله

قَوْلُهُ: أَتْرُكُهُمَا بِكَ، أَيْ: مِنَ أَجْلِكَ وَبِأَمْرِكَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ فِي قَوْلِ لَبِيدٍ: §غُلْبٌ تَشَذَّرُ بِالذُّحُولِ كَأَنَّهَا ... جِنُّ الْبَدِيِّ رَوَاسِيًا أَقْدَامُهَا ذَكَرَ وَفْدًا فَاخَرَهُمْ، أَرَادَ كَأَنَّهُمْ فُحُولٌ غُلَّبٌ، أَيْ غِلَاظٌ الرِّقَابِ، تَشَذَّرُ بِالذُّحُولِ، أَيْ: يَقْمَطِرُّ، وَيَنْتَصِبُ بَعْضٌ لِبَعْضٍ بِمَنْزِلَةِ تَشَذُّرِ النَّاقَةِ، وَعَقَدَهَا بِذَنَبِهَا. وَقَوْلُهُ: بِالدُّخُولِ أَيْ لِلذُّحُولُ، وَمِنْ أَجْلِ الذُّحُولِ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِكَ: تَشَذَّرْتُ إِلَى فُلَانٍ بِالْبَغْضَاءِ، أَيْ: مِنْ أَجْلِ الْبَغْضَاءِ، رَوَاسٍ: ثَوَابِتٌ، وَالْبَدِيُّ: وَادٍ تَمَّ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتْلُوُهُ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ

531 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ «أَنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْضًا وَهُوَ قَائِمٌ بِذُنَابَاهُ» . حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: نَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: نَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ لَبَطَةَ بْنِ الْفَرَزْدَقِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: «مَنْ أَنْتَ» ؟ قُلْتَ: أَنَا الْفَرَزْدَقُ، قَالَ: " إِنَّ قَدَمَيْكَ صَغِيرَتَانِ، وَكَمْ مِنَ مُحْصَنَةٍ قَدْ قَذَفْتَهَا، §وَإِنَّ لِرَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْضًا مَا بَيْنَ أَيَلَةَ إِلَى كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ قَائِمٌ بِذُنَابَاهُ، يَقُولُ: إِلَيَّ إِلَيَّ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ فَلَا تُحْرَمَنْهُ، قَالَ: فَلَمَّا قُمْتُ، قَالَ: مَا صَنَعْتَ مِنْ شَيْءٍ فَلَا تَقْنَطَنَّهُ

" الزُّنَابِيُّ مِنَ الطَّائِرِ: مَنْبَتُ الذَّنَبِ، ثُمَّ كَثُرَ فِي كَلَامِهِمْ حَتَّى صَارَ الذَّنَبَ نَفْسَهُ، قَالَ الشَّاعِرُ: قَضَى هَرِمٌ يَوْمُ الْمُرَيْرَةِ بَيْنَهُمْ ... قَضَاءَ امْرِئٍ بِالْأَوَّلِيَّةِ عَالِمِ قَضَى يَوْمَ وَلِيَ الْحُكْمَ مَنْ كَانَ أَهْلُهُ ... وَلَيْسَ ذُنَابِيُّ الرِّيشِ مِثْلَ الْقَوَادِمِ وَالذُّنَابُ: عَقِبُ كُلِّ شَيْءٍ، كَقَوْلِهِ: وَنَأْخُذُ بَعْدَهُ بِذُنَابِ عَيْشٍ ... أَجَبِّ الظَّهْرِ لَيْسَ لَهُ سَنَامُ وَقَدْ يُقَالُ أَيْضًا ذَنُوبُ الْوَادِي، أَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ لِقَيْسِ بْنِ الْخَطِيمِ: إِنَّ الْفَضَاءَ لَنَا فَلَا تَمْشُوا بِهِ ... مِنَهُ بِعَالِيَةٍ وَلَا بِذَنُوبِ

وَالذَّنَابُ أَيْضًا، وَيُقَالُ الذَّنَابَةُ مِنْ مَذَانِبِ السَّيْلِ، قَالَ مُهَلْهِلٌ: فَلَوْ نُبِشَ الْمَقَابِرُ عَنْ كُلَيْبٍ ... فَيُخْبَرَ بِالذَّنَائِبِ أَيُّ زِيرِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: «فَلَا تَقْنَطَنَّهُ» ، فَإِنَّهُ يُقَالُ: قَنَطَ يَقْنُطُ وَيَقْنِطُ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَجُوزُ قَنِطَ يَقْنَطُ. نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: قَالَ هَارُونُ قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو «يَقْنِطُ» بِكَسْرِ النُّونِ، وَقَالَ: وَلأَنْ أَقُولَ يَقْنُطُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ يَقْنِطُ ". قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى النَّحْوِيُّ، قَالَ: قَالَ بِلَالُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ لِأَبِي، وَلِابْنِ إِسْحَاقَ، وَلِأَبِي عَمْرٍو: أُحِبُّ أَنْ تَحْضُرُوا خُطْبَتُي، فَاجْتَمَعُوا،

فَقَرَأَ فِي الْخُطْبَةِ: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا} [الزمر: 53] بِالْفَتْحِ، فَقَالَ أَبُو عَمْرٍو لَنَا: لَحَنَ وَاللَّهِ الْأَمِيرُ قَالَ: مَا تَقُولُ يَا ابْنَ أَبِي إِسْحَاقَ؟ ، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فقَالَ لِأَبِي: مَا تَقُولُ يَا عِيسَى؟ ، قَالَ: فَسَكَتَ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا دَخَلُوا عَلَى بِلَالٍ، فَقَالَ لَهُمْ: كَيْفَ رَأَيْتُمْ خُطْبَتِي، فَقَالُوا: أَحْسَنْتَ الْخُطْبَةَ، قَالَ: فَقَالَ أَبُوِ عَمْرٍو: لَحَنْتَ فِي آيَةِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: مَا تَقُولُ يَا عِيسَى، قَالَ: كَذَبَ، إِنَّمَا قَنَطَ يَقْنِطُ أَوْ قَنِطَ يَقْنَطُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَبُو عَمْرٌو أَرْجَحُ مِنْ عِيسَى مِرَارًا، إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ هَاتَيْنِ لُغَتَانِ، فَلَا يُرَدُّ قَوْلُهُ إِذْ زَعَمَ أَنَّهُمَا مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَإِنَّمَا حَكَى وَلَمْ يَقِسْ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَسَأَلَنِي أَيُوبُ بْنُ مُتَوَكِّلٍ، هَلْ فِي قِرَاءَتِنَا عَيْبٌ؟ قَالَ: فَذَكَرْتُ لَهُ هَذَا الْحَرْفَ، وَقُلْتُ لَهُ: لَا يَكُونُ فَعَلَ يَفْعَلُ إِلَّا فِيمَا كَانَ ثَانِيهِ، أَوْ ثَالِثُهُ أَحَدَ حُرُوفِ الْحَلْقِ السِّتَّةِ: الْعَيْنُ وَالْغَيْنُ، وَالْحَاءُ وَالْخَاءُ، وَالْهَاءُ وَالْهَمْزَةُ، فَتَفَكَّرَ فَإِذَا هُوَ يَتَذَكَّرُ، قَالَ: نَعَمْ، قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي بَابِ: قَلَعَ يَقْلَعُ، ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ الْحِيلَةُ فِي الِاحْتِجَاجِ عَلَى مَنْ سَأَلَنَا عَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: تَقُولُ: فِيهِمَا لُغَتَانِ: قَنَطَ يَقْنِطُ وَقَنِطَ يَقْنَطُ، قَالَ: وَمَا قُلْتُ لَهُ شَيْئًا يُسَاوِي شَيْئًا، وَلَكِنْ مَوَّهْتُ لَهُ، فَسَكَتَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ، يَقُولُ: يَوْمٌ سَخْنَانٌ، وَلَيْلَةٌ سَخْنَانةٌ، كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُعْلِمَنِي أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ مِنْهُ 533 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: «§إِنْ كُنْتُ لَأَسْتَقْرِئُ الرَّجُلَ الْآيَةَ، وَأَنَا أَعْلَمُ بِهَا مِنْهُ وَمِنْ عَشِيرَتِهِ، وَمَا بِي إِلَّا لِيَقْبِضَ لِي قَبْضَةً مِنْ تَمْرٍ أَوْ سُفَّةً مِنْ سَوِيقٍ أَسُدُّ بِهَا جُوعِي» ، حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسَرَّةَ، قَالَ: نَا أَبُو سُفْيَانَ الْغَنَوِيُّ، قَالَ: نَا أَشْهَلُ بْنُ حَاتِمٍ،

قَالَ: نَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ.

السُّفَّةُ: القُمْحَةُ، وَالسَّفَّةُ فَعَلَ مَرَّةً، تَقُولُ: سَفِفْتُ السَّوِيقَ سَفًّا، أَيِ اقْتِمَاحًا، وَاقْتِمَاحُ كُلِّ شَيْءٍ يَابِسٍ: سَفُّ وَالسَّفُوفُ اسْمُهُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسَرَّةَ، وَحَدَّثَنَا الرِّيَاشِيُّ، قَالَ: يُقَالُ: سَفِفْتُ الدَّوَاءَ أَسَفُّهُ سَفًّا، وَسَفِتُّ الدَّوَاءَ أَسْفَتُهُ، قَالَ أَبُو نُخَيْلَةَ: مَا مِنْ شَرَابِي عَسَلٌ مَسْفُوتٌ وَلَا فُرَاتٌ يُصْطَرَى بَيُّوتُ وَالبَيُّوتُ: مَا بَاتَ مِنَ الْمَاءِ. قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ الْإِبِلَ: نَوَاهِكَ بَيُّوتِ الْحِيَاضِ إِذْ غَدَتْ عَلَيْهِ وَقَدْ ضَمَّ الضَّرِيبُ الْأَفَاعِيَا وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ: سَفِفْتُ الْمَاءَ أَسَفُّهُ سَفًّا، وَسَفِتُّهُ أَسْفَتُهُ سَفْتًا إِذَا أَكْثَرَ مِنْهُ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَا يُرْوَى. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: مِثْلُهُ سَفِهْتُهُ أَسْفَهُهُ، وَاللَّهُ أَسْفَهَكَهُ، وَلَا يُقَالُ مِنَ الدَّوَاءِ إِلَّا سَفِفْتُهُ، وَأَمَّا فِي الْخَوْصِ، فَفِيهِ لُغَتَانِ، يُقَالُ مِنْهُ سَفَفْتُ الْحَصِيرَ وَأَسْفَفْتُهُ، بِمَعْنَى نَسَجْتُهُ

534 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ «أَنَّهُ كَانَ يَرْكَبُ وَفِي رَأْسِهِ خُلْبَةٌ مِنْ لِيفٍ» . يُرْوَى عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ: نَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَ: نَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: نَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ رُبَّمَا اسْتَخْلَفَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَكَانَ §يَرْكَبُ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ بَرْذَعَةٌ قَدْ شَدَّهَا عَلَيْهِ، وَفِي رَأْسِهِ خُلْبَةٌ مِنْ لِيفٍ، فَجَعَلَ يَسِيرُ وَيَقُولُ: «الطَّرِيقُ قَدْ جَاءَ الْأَمِيرُ» ، قَالَ: وَرُبَّمَا أَتَى عَلَى الْغِلْمَانِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لُعْبَةَ الْغُرَابِ، فَيَقَعُ بَيْنَهُمْ فَيَضْرِبُ بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ الْأَرْضَ فَيَتَفَرَّقُونَ، وَرُبَّمَا دَعَانِي إِلَى الْعَشَاءِ، فَيَقُولُ: «يَا أَبَا رَافِعٍ دَعِ الْعُرَاقَ لِلْأَمِيرِ» ، فَأَضْرِبُ بِيَدِي إِلَى الصَّحْفَةِ فَإِذَا ثَرِيدَةٌ بِزَيْتٍ.

الْخُلْبَةُ: شَيْءٌ يُنْسَجُ مِنَ اللَّيفِ، وَجَمْعُهُ خُلْبٌ، وَأَنْشَدَ: كَالمَسَدِ اللَّدْنِ أُمِرَّ خُلُبُهْ. 535 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ، نَا أَبُو الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §مَرَّ عَلَى وَادٍ، فَقَالَ: «أَيُّ وَادٍ هَذَا» ؟ قَالُوا: هَذَا وَادِي الْأَزْرَقِ. قَالَ: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى، وَهُوَ هَابِطٌ مِنَ الثَّنِيَّةِ لَهُ جُؤَارٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالتَّلْبِيَةِ» ، ثُمَّ أَتَى عَلَى ثَنِيَّةٍ، فَقَالَ: «أَيٌّ ثَنِيَّةٍ هَذِهِ» ؟ قِيلَ: ثَنِيَّةُ هَرْشَى، فَقَالَ: «كَأَنِّي

أَنْظُرُ إِلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ جَعْدَةٍ خِطَامُهَا خُلْبَةٌ، وَهُوَ يُلَبِّي»

536 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: " §إِنَّ فِرْعَوْنَ وَتَدَ لِامْرَأَتِهِ أَرْبَعَةَ أَوْتَادٍ، وَأَضْجَعَهَا عَلَى ظَهْرِهَا، وَجَعَلَ عَلَى صَدْرِهَا رَحَارِحَ، وَاسْتَقْبَلَ بِهَا عَيْنَ الشَّمْسِ، فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَتْ: {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التحريم: 11] ، فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْ بَيْتِهَا فَرَأَتْهُ ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نَا الْحَسَنُ، قَالَ: نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاشِحِيُّ، قَالَ: نَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

الرَّحَارِحُ: الْحِجَارَةُ الْعَرِيضَةُ الْمُنْبَسِطَةُ كَالْأَرْحَاءِ وَنَحْوِهَا، وَالرَّحَحُ: انْبِسَاطُ الْحَافِرِ وَعَرْضُ الْقَدَمِ، وَكُلُّ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَهُوَ أَرَحُّ حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ حُمَيْدٌ الْأَرْقَطُ يَذْكُرُ فَرَسًا: §لَا رَحَحٌ فِيهَا وَلَا اصْطِرارُ وَلَمْ يُقَلِّبْ أَرْضَهَا الْبَيْطَارُ قَالَ: الرَّحَحُ أَنْ يَكُونَ وَاسِعًا غَيْرَ مُقَبَّبٍ، وَهُوَ عَيْبٌ. قَالَ الْأَعْشَى: وَلَوْ أَنَّ عِزَّ النَّاسِ فِي رَأْسِ صَخْرَةٍ ... مُلَمْلَمَةٍ يَعْنِي الْأَرَحَّ الْمُخدَّمَا

يَعْنِي الْوَعْلَ، يَصِفُهُ بِانْبِسَاطِ أَظْلَافِهِ، وَمِنْهُ قِيلَ: جَفْنَةٌ رَحْرَحَةٌ إِذَا كَانَتْ مُنْبَسَطَةً قَصِيَرةَ الْجِدْرِ، قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ الْإِبَلَ: تَرْمِي الْأَمَاعِيزَ بِمُجْمَرَاتِ وَأَرْجُلٍ رُحٍّ مُجَنَّبَاتِ يَحْدُو بِهَا كُلُّ فَتًى هَيَّاتِ تَلْقَاهُ بَعْدَ الْوَهَنِ ذَا أَوْحَاتِ وَهُنَّ نَحْوَ الْبَيْتِ عَامِدَاتِ. نَصَبَ «عَامِدَاتِ» ، عَلَى الْحَالِ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَذَكَرَ الدَّجَّالَ، فقَالَ: «يَخْرُجُ عَلَى حِمَارٍ أَصْحَرَ» . يُرْوَى مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، وَذَكَرَ الدَّجَّالَ. يُقَالُ: حِمَارٌ أَصْحَرُ اللَّوْنِ بَيْنَ الصَّحْرَةِ، وَالصَّحَرِ، وَهُوَ لَوْنُ غَبْرَةٍ فِيهِ حُمْرَةٌ خَفِيَةٌ إِلَى بَيَاضٍ قَلِيلٍ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: . . . . . . . . . . . . . . . . . ... صُحْرُ السَّرَّابِيلِ فِي أَحْشَائِها قَبَبُ وَرَجُلٌ أَصْحَرُ، وَامْرَأَةٌ صَحْرَاءُ فِي لَوْنِهَا، وَيُقَالُ لِلنَّبَاتِ إِذَا أَخَذَتْ فِيهِ الصُّفْرَةُ غَيْرُ الْخَالِصَةِ: وَقَدِ اصْحَارَّ النَّبَاتُ، ثُمَّ يَهِيجُ بَعْدُ فَيَصْفَرُّ، وَأَمَّا الصَّحَرَاءُ: فَهِيَ

الْفَضَاءُ الْوَاسِعُ وَتُجْمَعُ عَلَى صَحْرَاوَاتٍ وَصِحَارٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَعْتٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ صَحَارَى. وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: " يُقَالُ: عَذَارٍ وَصَحَارٍ وَذِفَارٍ، وَقَدْ تُفْتَحُ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ فَقَطْ " 538 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ": إِنَّهُ قَالَ: §لَا يَبْرُكْنَ أَحَدٌ بُرُوكَ الْبَعِيرِ الشَّارِدِ، وَلَا يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ ". أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورِ، قَالَ: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: نَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ بَكِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

قَوْلُهُ: «لَا يَبْرُكْنَ أَحَدٌ بُرُوكَ الْبَعِيرِ الشَّارِدِ» ، فَإِنَّ هَذَا فِي السُّجُودِ، يَقُولُ: لَا يَرْمِ بِنَفْسِهِ مَعًا كَمَا يَفْعَلُ الْبَعِيرُ الشَّارِدُ غَيْرُ الْمُطْمَئِنِّ الْمُوَاتِرِ، وَلَكِنْ لَيَنْحَطَّ مُطْمَئنًّا يَضَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ، وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ مُفْسَّرًا 539 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعُرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْرُكُ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ، وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ»

حديث عقبة بن عامر رحمه الله

تَمَّ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَتْلُوهُ: حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

540 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: «§لأَنْ أَطَأَ عَلَى جَمْرَةٍ، أَوْ عَلَى حَدِّ سَيْفٍ حَتَّى يَخْصِفَ نَعْلِي، أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَنْ أَمْشِيَ عَلَى قَبْرِ مُسْلِمِ، وَمَا أُبَالِي فِي الْقُبُورِ قَضَيْتُ حَاجَتِي، أَوْ فِي السُّوقِ، وَأَهْلُهُ يَنْظُرُونَ» . حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: نَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَوْلُهُ: «حَتَّى يَخْصِفَ نَعْلِي» حَتَّى يَخْرِقَهَا أَوْ يَنْفِذَهَا، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْحَدِيدَةِ الَّتِي يُثْقَبُ بِهَا مِخْصَفٌ، وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي وَصْفِ الْعُقَابِ:

. . . . . . . . . . . . . ... فَتْخَاءَ رَوْثَةُ أَنْفِهَا كَالْمِخْصَفِ وَالْخَصَفَةُ: قِطْعَةٌ تُخْصَفُ بِهَا النَّعْلُ، وَأَمَّا الْخَصْفُ، فَثِيَابٌ غِلَاظٌ جِدًّا. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ أَنَّ تُبَعًا كَسَا الْبَيْتَ الْمُسُوحَ، فَانْتَفَضَ الْبَيْتُ وَمَزَّقَهُ عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ كَسَاهُ الْخَصْفَ، فَلَمْ يَقْبَلْهُ، ثُمَّ كَسَاهُ الْأَنْطَاعَ فَقَبِلَهُ. قَالَ يَعْقُوبُ: الْخَصَفُ: الْجِلالُ الْبَحْرَانِيَّةُ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: " لَأَنْ يُجْمَعَ لِرَجُلٍ حَطَبٌ مِثْلُ هَذَا الْأَمَرَخِ، ثُمَّ يُحْرَقَ بِالنَّارِ حَتَّى إِذَا أَكَلَ بَعْضُهُ بَعْضًا طُرِحَ فِيهِ حَتَّى إِذَا احْتَرَقَ دُقَّ، حَتَّى يَكُونَ رَمَضًا، ثُمَّ يُذْرَى فِي الرِّيحِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَفْعَلَ إِحْدَى ثَلَاثٍ: يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، أَوْ يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، أَوْ يُصِّرُّ مِنْحَةً ".

حديث حذيفة بن أسيد رحمهما الله

فِي الْحَدِيثِ: الْأَمْرَخُ: جَبَلُ الْفُسْطَاطِ. تَمَّ حَدِيثُ عُقْبَةَ يَتْلُوُهُ: حَدِيثُ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ

542 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدِ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ الدَّجَّالَ خَرَجَ، فَقَالَ: «كَذْبَةُ صَنَّاعٍ، إِنَّ §الدَّجَّالَ لَوْ خَرَجَ الْآنَ لَقَتَلَهُ الصِّبْيَانُ بِالْخَزَفِ، وَلَكِنَّهُ يَخْرُجُ فِي خَفْقَةٍ مِنَ الدِّينِ، وَاخْتِلَافٍ مِنَ النَّاسِ» . حَدَّثَنَاهُ مُوسَى، قَالَ: نَا شَيْبَانُ، قَالَ: نَا الصَّعِقُ بْنُ حَزْنِ، عَنْ قِتَادَةَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى حُذَيْفَةَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

حديث جابر بن عبد الله رحمهما الله

الْخَفْقُ: اضْطِرَابُ الشَّيْءِ، يُقَالُ: رَايَاتُهُمْ تَخْفِقُ وَتَخْتَفِقُ، وَتُسَمَّى الْأَعْلَامُ خَوَافِقٌ، وَالْخَفَقَانُ: اضْطِرَابُ الْقَلْبِ، يُقَالُ: رَجُلٌ مَخْفُوقٌ تَمَّ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ، وَيَتْلُوهُ: حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ

543 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: كَلَّمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ §يَأْتِيَنَا فِي الْمَنْزِلِ، فَأَتَانَا، فَذَبَحْنَا لَهُ عِنَاقًا دَاجِنًا، وَقُلْتُ لِلْمَرْأَةِ: لَا تُكَلِّمِيهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلِّ عَلَيَّ وَعَلَى زَوْجِي، قَالَ: «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكِ وَعَلَى زَوْجِكِ، فَمَا زِلْنَا مُقْتَرِشِينَ حَتَّى مَاتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: نَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: نَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنْزِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كَلَّمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتِيَنَا، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، إِلَّا أَنَّ النِّسَائِيَّ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: مُفْتَرِشِينَ، كَأَنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى

التَّمَهُّدِ، وَسِعَةِ الْعَيْشِ

وَقَالَ غَيْرُهُ: «إِنَّمَا هُوَ مُقْتَرِشِينَ» ، يُقَالُ قَرَشَ الرَّجُلُ يَقْرِشُ إِذَا اكْتَسَبَ وَجَمَعَ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ نُشْتُ مِنَ الطَّعَامِ أَنُوشُ نَوْشًا، وَقَرَشْتُ مِنْهُ: أَصَبْتُ مِنَهُ قَلِيلًا، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُقَارَشَةِ وَالْمُهَارَشَةِ لِخُرُوجِهَا عَنْ رَأْيِهِ، وَإِقْدَامِهَا عَلَى نَهْيِهِ، وَالتَّقْرِيشُ: التَّحْرِيشُ، قَالَ الْحَارِثُ بْنُ حِلِّزَةَ: أَيُّهَا النَّاطِقُ الْمُقَرِّشُ عَنَّا ... عِنْدَ عَمْرٍو وَمَا لَهُ إِبْقَاءُ وَيُقَالُ: تَقَارَشُوا بِالرِّمَاحِ إِذَا مَشَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: " يُقَالُ: تَقَارَشَ الْقَوْمُ بِالرِّمَاحِ إِذَا تَدَانَوْا بِهَا " قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: أَقْرِشُ بِهِ يُقْرِشُ إِقْرَاشًا إِذَا سَعَى بِهِ وَوَقَعَ فِيهِ، وَقَدْ قَرَشَ يَقْرِشُ إِذَا اكْتَسَبَ وَجَمَعَ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ " أَنَّهُ نَكَتَ يَوْمَ الْحَرَّةِ، وَهُوَ يَمْشِي،

فَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ أَخَافَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَبْرِهِ، فَظَنَنْتُهُ انْفَصَى قَلْبُهُ مِنَ الْفَزَعِ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ أَخَافَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ، فَقَدْ أَخَافَ نَفْسِيَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيَّ» .

كُلُّ شَيْءٍ لَازِقٌ بِشَيْءٍ، ثُمَّ فَارَقَهُ قِيلَ: قَدِ انْفَصَى، وَاللَّحْمُ الْمُنْفَسِخُ يَتَفَصَّى عَنِ الْعَظْمِ، وَالْإِنْسَانُ يَتَفَصَّى مِنْ بَلِيَّةٍ إِذَا تَخَلَّصَ مِنْهَا، وَالِاسْمُ: الْفَصْيَةُ. 545 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: «أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ حَتَّى §إِذَا دَفَعْنَا إِلَى حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ بَنِي النَّجَارِ إِذَا فِيهِ جَمَلٌ قَطِمٌ، لَا يَدْخُلُ الْحَائِطَ أَحَدٌ إِلَّا شَدَّ عَلَيْهِ، فَدَعَا الْبَعِيرَ، فَجَاءَهُ وَاضِعًا مِشْفَرِهِ فِي الْأَرْضِ، حَتَّى بَرَكَ بَيْنَ يَدَيْهِ» . أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ: نَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: نَا ابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: نَا الْأَجْلَحُ، عَنِ الذَّيَّالِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ جَابِرٍ

يُقَالُ: جَمَلٌ قَطِمٌ بَيِّن الْقَطَمِ إِذَا كَانَ هَائِجًا، وَالْقَطَمُ: شَهْوَةُ الْفَحْلِ لِلضِرَابِ، وَالْقَطْمُ: بِالْتَخْفِيفِ، مَصْدَرُ قَطَمَ يَقْطِمُ، إِذَا عَضَّ، يُقَالُ: أَقْطُمُ هَذَا الْعُودَ، فَانْظُرْ مَا طَعْمُهُ، وَالْقَطْمُ بِمَقْدَمِ الْأَسْنَانِ، قَالَ أَبُو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ وَذَكَرَ صَقْرًا أَوْ بَازًا:

حديث كعب بن مالك رحمه الله

أَوْ خَائِفٌ لَحِمًا شَاكًا بَرَاثِنُهُ ... كَأَنَّهُ قَاطِمٌ وَقْفَيْنِ مِنْ عَاجِ يُرِيدُ: شَائِكًا، وَقَالَ: أَيْضًا. وَإِذَا قَطَمْتَهُمُ قَطَمْتَ عَلَاقِمًا ... وَقَوَاضِي الذَّيْفَانِ فِيمَا تَقْضَمُ الذِّيفَانُ: السُّمُّ الْوَجِيُّ. تَمَّ حَدِيثُ جَابِرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتْلُوهُ: حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

546 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكِ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ «§خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى تَبُوكَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلَالُ فَأَنَا إِلَيْهَا أَصْعَرُ» ، أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ فَرْوَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: كِلَاهُمَا حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ، وَعَرَضْتُهُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَأَخْبَرَانِي عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبًا يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ، وَذَكَرَهُ هَذَا فِيهِ

قَوْلُهُ: «فَأَنَا أَصْعَرُ إِلَيْهَا» ، يُرِيدُ أَمْيَلَ، وَالصَّعْرُ: مَيْلٌ فِي الْعُنُقِ، وَانْقِلَابٌ فِي الْوَجْهِ إِلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ، يُقَالُ: صَعَرَ رَأْسُهُ إِذَا مَالَ فِي شِقٍّ. حَدَّثَنَا ابَنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ فِي مَثَلٍ: أَمَّا وَاللَّهِ لَأَقِيمَنَّ صَعَرَكَ، أَيْ مَيْلَكَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَمِنْهُ التَّصْعِيرُ: إِمَالَةُ الْخَدِّ عَنِ النَّظَرِ إِلَى النَّاسِ تَهَاوُنًا مِنْ كِبْرٍ وَعَظَمَةٍ، كَأَنَّهُ مُعْرِضٌ، قَالَ الْفَرَزْدَقُ: وَكُنَّا إِذَا الجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ ... ضَرَبْناهُ حَتَّى تَسْتَقيمَ الْأَخَادِعُ وَيُقَالُ: ضَرِبَتُهُ فَاصْعَنْرَرَ إِذَا اسْتَدَارَ مِنَ الْوَجَعِ وَتَقَبَّضَ، وَيُقَالُ: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا أَصْعَرُ أَوْ أَبْتَرُ، وَالْأَبْتَرُ: الْقَلِيلُ الْخَيْرِ.

قَالَ يَعْقُوبُ: الْأَبْتَرَانِ: الْعَبْدُ وَالْعَيْرُ، سُمِّيَا بِهِ لِقِلَّةِ خَيْرِهِمَا. وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ مَعْرُوفُونَ بِصِفَةِ الظِّلَالِ وَطِيبِ الْأَصَالِ، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَاءَ الْعَابِدِيُّ، عَنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ زِيَادَةُ الْحَارِثِيُّ فِي الْإِسْلَامِ: لَيْتَ شِعْرِي إِذَا الظِّلَالِ أُحِبَّتْ ... كَيْفَ بَرْدُ الظِّلَالِ مِنْ مَخْلُوطِ قَالَ: وَمَخْلُوطُ هَذَا: أُطُمٌ لَهُمْ. 547 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: نَا الْخَلِيلُ بْنُ أَسْوَدَ، عَنِ الْعُمَرِيِّ، عَنِ الْهَيْثَمِ، قَالَ: نَا ابْنُ الْغَسِيلِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِذْ جَاءَهُ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، فَأَنْشَدَهُ: §وَأَعْجَبَهَا مِنْ عَيْشِهَا ظِلُّ غُرْفَةٍ ... وَرَيَّانُ مُلْتَفُّ الْحَدَائِقِ أَخْضَرُ وَوَالٍ كَفَاهَا كُلَّ شَيْءٍ أَهَمَّهَا ... فَلَيْسَتْ لِشَيْءٍ آخِرَ اللَّيْلِ تَسْهَرُ فَأَعَادَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَكُنْتَ رَوَيْتَهَا قَبْلَ الْيَوْمِ؟ قَالَ: لَا، وَأَحَدٌ يَسْمَعُ شَيْئًا وَلَا يَحْفَظُهُ

وَيُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «إِنَّهُ لَيَبْكِي عَلَى مَا هُوَ أَشَدُّ فَقْدًا مِنَ الرَّطْبِ» ، وَأَنْشَدَ: أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّ الْمُصَلَّى مَكَانَهُ ... وَأَنَّ الْعَقِيقَ ذَا الظِّلَالِ وَذَا الْبَرْدِ وَأَنَّ بِهِ لَوْ تَعْلَمَانِ أَصَائِلًا ... وَلَيْلًا رَقِيقًا مِثْلَ حَاشِيَةِ الْبُرْدِ وَفِي الْحَدِيثِ: وَاللَّهِ مَا تَعَذَّرْتُ مِنْ كَذْبَةٍ مُنْذُ قُلْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِي هَذَا. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: سَمِعْتُ أَعْرَابِيَّيْنِ تَمِيمِيًّا وَقَيْسِيًّا يَقُولَانِ: تَعَذَّرْتُ إِلَى الرَّجُلِ تَعَذُّرًا فِي مَعْنَى اعْتَذَرْتُ إِلَيْهِ اعْتِذَارًا.

548 - وَقَالَ فِي: حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: «§نَزَلْنَا فِي رَكِيَّةٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَفَتِهَا، فَأُدْلِيَتْ إِلَيْنَا دَلْوٌ، فَجَعَلْنَا فِيهَا نِصْفَهَا، أَوْ قِرَابَ ثُلُثِهَا» . حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نَا ابْنُ الْمُقْرِئِ، قَالَ: نَا أَبِي، قَالَ: نَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: نَا حُمَيْدٌ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ الْبَرَاءِ

الْقِرَابُ: مُقَارَبَةُ الشَّيْءِ، يُقَالُ: مَعَهُ أَلْفٌ أَوْ قَراَبَ ذَلِكَ، وَهَذا قَدَحٌ مَمْلُوءٌ مَاءً أَوْ قِرَابَهُ، وَتَقُولُ: أَتَيْتُ قِرَابَ الْعَشِيِّ، أَوْ قِرَابَ اللَّيْلِ، وَهَذَا قَدَحٌ قَرْبَانَ مَاءٍ، وَنُصْفَانُ مَاءٍ، وَفِي مَثَلٍ مِنَ الْأَمْثَالِ: إِنَّ الْفِرَارَ أَكْيَسُ، وَقَدْ جَاءَ قِرَابُ الْقَدَحِ بِالْكَسْرِ. وَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسْدِيُّ، عَنْ مُضَّرَ، قَالَ: أَنْشَدَنِيهِ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، لِحُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ: وَإِنَّ قِرَابَ الْبَطْنِ يَكْفِيكَ مَلْؤُهُ ... وَيَكْفِيكَ سَوْءَاتِ الْأُمُورِ اجْتَنَابُهَا وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ هَذَا إِنَاءٌ نَهَدَانُ، وَقَصْعَةٌ نَهْدَى، وَإِنَاءٌ كَرْبَانُ، وَقَصْعَةٌ كَرْبَى، وَهُمَا سَوَاءٌ، وَقَدْ أَنْهَدُتُهُ لِلْمَلْءِ إِنْهَادًا، وَأَكْرَبْتُهُ إِكْرَابًا، وَالِاسْمُ الْكِرَابُ إِذَا كِدْتُ تَمْلَأَهُ، وَهَذَا إِنَاءٌ نَصْفَانُ، وَقَصْعَةٌ نَصْفَى، وَإِنَاءٌ شَطْرَانُ وَقَصْعَةٌ شَطْرَى إِذَا كَانَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ إِلَى أَنْصَافِهَا، وَهُمَا وَاحِدٌ، وَهَذَا إِنَاءٌ مَلْآنُ وَقَصْعَةٌ مَلْأَى، وَقَدِ امْتَلَأَتْ، وَهَذَا إِنَاءٌ قَعْرَانُ وَقَصْعَةٌ قَعْرَى إِذَا كَانَ فِي الْإِنَاءِ مَا يُغَطِّي قَعْرَهُ، وَالَّذِي يُغَطِّي قَعْرَ الْإِنَاءِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ يُدْعَى الْقَعَرَةَ، وَجِمَاعُهُ: آنِيَةٌ كَرْبَى وَنَهْدَى وَشَطْرَى

وَنَصْفَى وَقَعْرَى وَمَلْأَى، وَلَمْ يَقُولُوا فِي الثُّلُثِ، وَلَا الرُّبُعِ، وَلَا فِي غَيْرِ هَذَا. وَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: إِنَاءٌ كَرْبَانُ وَقَرْبَانُ وَطَفَّانُ، وَقَالَ: وَذَكَرَ غَنَمًا، فَقَالَ: مَا فِيهِنَّ شَاةٌ إِلَّا وَهِيَ تُدَعْدِعُهُ، وَتُنْهِدُهُ، تُدَعْدِعُهُ: تَمْلَؤُهُ، وَتُنْهِدُهُ: تُقَارِبُ الِامْتِلَاءَ، وَالدَّعْدَعَةُ فِي غَيْرِ هَذَا كَلِمَةٌ تُقَالُ لِلْعَاثِرِ، قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ: كُرِهَ أَنْ يُقَالُ: دَعْ دَعْ، وَأُمِرُوا، أَنْ يَقُولُوا: اللَّهُمَّ أَرْفَعْ وَانْفَعْ، وَدَعْ دَعْ: كَلِمَةٌ تُقَالُ لِلْعَاثِرِ لِيَرْتَفِعَ بِهَا، وَأَنْشَدَ: وَوَرْدًا تَرَكْنَاهُ صَرِيعًا وَلَمْ تَقُلْ ... لَهُ إِذْ هَوَى لِلْوَجْهِ وَالنَّحْرِ دَعْدَعَا وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ سُلَيْمَانَ الْأَخْفَشَ، يَقُولُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى: كَانَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ يَقُولُ: حَبْلٌ مُقَارَبٌ، وَعَمَلٌ مُقَارَبٌ، وَجَمِيعُ أَهْلِ اللُّغَةِ يُخَالِفُونَهُ فِي هَذَا، وَكانَ يُنْشِدُ لِرَجُلٍ مِنَ اللُّصُوصِ تَابَ: يَارَبِّ عَفْوَكَ عَنْ ذِي تَوْبَةٍ حَذِرٍ ... كَأَنَّهُ مِنْ حِذَارِ النَّارِ مَجْنُونُ قَدْ كَانَ قَدَّمَ أَعْمَالًا مُقَارَبَةَ ... أَيَّامٍ لَيْسَ لَهُ عَقْلٌ وَلَا دِينُ وَغْيَرُهُ يُنْشِدُ: مُقَارِبَةَ.

549 - وَقَالَ فِي: حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ الْجَرْمِيِّ رحمهُ اللَّهُ قَالَ: " §كُنَّا ثِنْيَ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الْقَوْمُ وَالرَّكْبُ، فَتُدْرِكُهُمُ الصَّلَاةُ، فَيُصَلُّونَ عِنْدَنَا، وَإِنِّي حَفِظْتُ سُوَرًا مِنَ الْقُرْآنِ، وَلَمْ أُسْلِمْ، فَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ بَعَثَتِ الْعَرَبُ بِإِسْلَامِهَا، فَذَهَبَ كُلُّ رَجُلٍ بِإِسْلَامِ قَوْمِهِ، وَذَهَبَ أَبِي بِإِسْلَامِنَا، فَلَمَّا رَجَعَ اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، وَقَالُوا: مَا عِنْدَكَ؟ ، قَالَ: جِئْتُ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللُّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. . . . . . يَأْمُرُكُمْ بِكَذَا وَيَنْهَاكُمْ عَنْ كَذَا، «وَأَمَرَنِي أَنْ يَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا» ، قَالَ: فَنَظَرُوا فِي الْقَوْمِ، فَلَمْ يَجِدُوا أَحَدًا أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي، فَصَلَّيْتُ بِهِمْ، وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ لِي، فَإِذَا سَجَدْتُ تَكَشَّفَتْ عَنِّي، فقَالَتْ عَجُوزٌ مِنَ الْحَيِّ دُهْرِيَّةٌ: غَطُّوا عَنَّا اسْتَ إِمَامِكُمْ، فَاشْتَرَوْا لِي قَمِيصًا مِنْ مُعَقَّدَاتِ الْبَحْرَيْنِ بِدِرْهَمَيْنِ، فَلَمْ أَفْرَحْ بِشَيْءٍ بَعْدَ الْإِسْلَامِ مَا فَرَحْتُ بِهِ. نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسَرَّةَ، قَالَ: نَا أَبُو الْخَطَّابِ، قَالَ: نَا حَاتِمٌ، قَالَ: نَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ الْجَرْمِيِّ

ثِنْيَ الطَّرِيقِ: مُتَعَرِّجُهُ حَيْثُ يَنْثَنِي، قَالَ أَبُو زُبَيْدٍ: وَمَا مُغِبٌّ بِثِنْيِ الْحِنْوِ مُجَتَعِلٌ ... فِي الْغِيلِ مِنَ نَاعِمِ الْبَرْدِيِّ مِحْرَابَا قَالُوا: وَالْمِحْرَابُ: جَيَّدُ الْمَجَالِسِ، وَكَذَلِكَ أَثْنَاءُ النَّهْرِ، قَالَ الرَّاجِزُ: لِلْحُوتِ فِي أَثْنَائِهِ فَتُوتُ.. 550 - وَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: نَا الرِّيَاشِيُّ، قَالَ: نَا عُمَرُ بْنُ بَكِيرٍ الْبَغْدَادِيُّ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ حَمَّادٍ الرِّاوَيَةِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: نَا عُبَيْدٌ رَاوِيَةُ الْأَعْشَى، وَرَأَيْتُهُ بِالْحِيرَةِ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ شَيْخًا كَبِيرًا، قَالَ: أَنَا الْأَعْشَى، عَنِ الْمُتَلَمِّسِ، وَذَكَرَ حَدِيثَهَ §حَيْنَ أَلْقَى الصَّحِيفَةَ فِي النَّهْرِ، فَقَالَ: أَلْقَيْتُهَا بِالثِّنيِ مِنْ جَنْبِ كَافِرٍ ... كَذَلِكَ أَقْنُو كُلَّ قِطٍّ مُضَلَّلِ رَضَيْتُ لَهَا لَمَّا رَأَيْتُ مِدَادَهَا ... يَجُولُ بِهِ التَّيَّارُ فِي كُلِّ جَدْوَلِ

قَالَ: وَالثِّنْيُ: الْمُنْعَطِفُ، وَكَافِرٌ: نَهْرٌ بِالْحِيرَةِ، يُسَمَّى كَافِرًا، وَأَقْنُو: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: يُقَالُ: لَأَقْنَوَنَّكَ قِنَوَاتَكَ، وَلَأَنْحِزَنَّكَ نَحِيزَتَكَ، وَلَأَشْكَمَنَّكَ شُكْمَكَ، أَيْ لَأَجْزِيَنَّكَ جَزَاءَكَ. وَقَوْلُهُ: عَجُوزٌ دُهْرِيَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي قَدْ أَتَى عَلَيْهَا الدَّهْرُ، يُقَالُ لِلَّذِي أَتَى عَلَيْهِ الدَّهْرُ دُهْرِيٌّ كَمَا نَسَبُوا إِلَى السَّهْلِ، فَقَالُوا: سُهْلِيٌّ، فَإِذَا زَالَ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى رُدَّ إِلَى الْقِيَاسِ، لَوْ سَمَّيْتُ رَجُلًا دَهْرًا، ثُمَّ نَسَبْتُ إِلَيْهِ قُلْتُ: دُهْرِيٌّ، أَوْ سَهْلًا، قُلْتُ: سَهْلِيٌّ، أَوْ عَالِيَةً، قُلْتُ: عَالِيٌّ. وَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نَا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: نَا عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ أَبُو يَزِيدَ الْجَرْمِيُّ بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ فِيهِ: انْطَلَقَ أَبِي بِإِسْلَامِ أَهْلِ حِوَائِنَا.

وَالْحِوَاءُ: أَخْبِيَةٌ يُدَانِي بَعْضُهَا بَعْضًا، تَقُولُ: هُمْ أَهْلُ حِوَاءٍ وَاحِدٍ، وَهُمْ فِي حِوَاءٍ وَاحِدٍ، وَجَمْعُ الْحِوَاءِ أَحْوِيَةٌ، وَقَالَ وَالْحِوَاءُ: جَمَاعَاتُ بُيُوتِ النَّاسِ أَبُو عُبَيْدٍ: الْحِلَالُ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْأَحْوِيَةُ تَكُونُ مِنْ مَدَرٍ، لَا وَبَرٍ، وَلَا شَعَرٍ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: إِلَى لَوَائِحَ مِنْ أَطْلَالِ أَحْوِيَةٍ ... كَأَنَّهَا خِلَلٌ مَوْشِيَّةٌ قُشُبُ وَقَالَ السَّاجِعُ: إِذَا طَلَعَ سَعْدٌ الْأَخْبِيَةَ، دُهِنَتِ الْأَسْقِيَةُ، وَنُزِلَتِ الْأَحْوِيَةُ، وَتجَاوَرَتِ الْأَبْنِيَةُ. وَفِي حَدِيثِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: لَمَّا كَانَتِ الرِّدَّةُ، جَعَلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ، فَيَقُولُ «إِذَا أَتَيْتُمُ الْحِوَاءَ، فَإِنْ رَأَيْتُهُمْ يُنَادُونَ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَأَمْسِكُوا، وَإِلَّا فَأَغِيرُوا عَلَيْهِمْ» .

وَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: الْحِوَاءُ يَكُونُ خَمْسِينَ بَيْتًا أَوْ نَحْوَهَا، وَجَمْعُهَا أَحْوِيَةٌ 552 - وَقَالَ فِي: حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " أَنَّهُ كَانَ §يُصَلِّي، وَقَدْ جَعَلَ عِنَانَ دَابَّتِهِ فِي ذِرَاعِهِ، فَلَمَّا رَكَعَ انْذَرَعَ العِنَانُ مِنْ يَدِهِ، وَانْطَلَقَتِ الدَّابَّةُ نَحْوَ الْقِفَارِ عَلَى وَجْهِهَا، قَالَ: فَنَكَصَ عَلَى عَقِبِهِ حَتَّى لَحِقَهَا، فَأَخَذَهَا، ثُمَّ مَشَى كَمَا هُوَ حَتَّى أَتَى مَكَانَهُ الَّذِي يُصَلِّي بِهِ، فَقَضَى صَلَاتَهُ ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، قَالَ: نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعُرْيَانِ الْحَارِثِيُّ، قَالَ: نَا الْأَزْرَقُ بْنُ قَيْسٍ، أَنَّهُ رَأَى أَبَا بَرْزَةَ يُصَلِّي، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

انْذَرَعَ الْعِنَانُ مِنْ يَدِهِ، أَيِ: انْدَفَعَ، وَكُلُّ شَيْءٍ تَقَدَّمَكَ فَقَدْ ذَرَعَكَ، وَيُقَالُ: فَرَسٌ ذَرِعَةٌ إِذَا كَانَتْ سَرِيعَةُ الِانْدِفَاعِ، تَقُولُ: ذَرَعَ فَرَسٌ فَرَسَكَ إِذَا كَانَ أَبْعَدَ خَطْوَةٍ مِنْهُ، وَقَدْ ذَارَعَهُ فَذَرَعَهُ، أَيْ: غَلَبَهُ، وَمِنْهَ قِيلَ لِقَوَائِمِ الدَّابَّةِ: مَذَارِيعُهَا، وَالْوَاحِدُ: مِذْارَعٌ مِنَ الِانْذِرَاعِ، تَقُولُ: مَا أَذْرَعَ الْفَرَسُ، أَيْ: مَا أَبْعَدَ شِحْوَتُهُ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الْخَطْوَتَيْنِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ: ذَرَعَ فُلَانٌ بِيَدِهِ تَذْرِيعًا إِذَا حَرَّكَهَا فِي السَّعْيِ، وَاسْتَعَانَ بِهَا عَلَيْهِ، وَأَنْشَدَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، لِيَزِيدَ بْنِ خَذَّاقٍ الْعَبْدِيِّ: فَآضَتْ كَتَيْسِ الرَّبْلِ تَعْدُو إِذَا عَدَتْ ... عَلَى ذَرِعَاتٍ يَعْتَلِينَ خُنُوسَا قَالَ: الذَّرْعَةُ: الْكَثِيرَةُ الْأَخْذِ مِنَ الْأَرْضِ، يُقَالُ: رِقٌّ ذَرِعٌ وَذَارَعٌ، إِذَا كَانَ كَثِيرَ الْأَخْذِ مِنَ الشَّرَابِ. وَقَوْلُهُ: يَعْتَلِينَ خُنُوسَا، فَسَّرَهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ، فَأَحَدُهُمَا: يَعْتَلِينَ مَا جَارَاهُنَّ، وَهُنَّ يَخْنَسْنَ مِنْ جَرْيِهِنَّ، أَيْ: قَدْ لَقِينَ مِنْهُ، وَلَمْ يُجْهِدْنَ أَنْفُسَهُنَّ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: يَعْتَلِينَ، بِأَيْدِيهِنَّ، ثُمَّ يَخْنَسْنَ، أَيْ: يُسْرِعْنَ الرَّدَّ، وَإِذَا أَسْرَعَ الدَّابَّةَ مَدَّ يَدَهُ، وَلَمْ يُسْرِعْ رَدَّهَا، فَلَيْسَ بِجَوَادٍ، وَلَا سَرِيعٍ. وَقَالُوا: امْرَأَةٌ ذَرَاعٌ، وَهِيَ الْخَفِيفَةُ الْيَدَيْنِ فِي الْغَزْلِ، وَهِيَ أَذْرَعُ مِنْ غَيْرِهَا، أَيْ: أَغْزَلُ.

نَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: الْحِوَاءُ يَكُونُ خَمْسِينَ بَيْتًا أَوْ نَحْوَهَا وَجَمِيعُهَا أَحْوِيَةٌ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِ قَيْسٍ: تَرَى قِصَدَ الْمُرَّانِ تُلْقَى كَأَنَّهَا ... تَذَرُّعُ خِرْصَانٍ بِأَيْدِي الشَّوَاطِبِ قَالَ: التَّذَرُّعُ: قَدْرُ ذِرَاعٍ يَنْكَسِرُ فَيَسْقُطُ، وَالتَّقَصُّدُ وَالتَّذَرُّعُ وَاحِدٌ، وَوَاحِدُ الْقِصَدِ قِصْدَةٌ، قَالَ: وَالْمُرَّانِ وَالْوَشِيجُ: عُرُوقُ الْقَنَا، فَنَسَبُوا الْقَنَا إِلَيْهِ، مِثْلَمَا جَعَلُوا الْخُرْصَ: الْرُمْحَ، وَإِنَّمَا هُوَ نِصْفُ السِّنَانِ الْأَعْلَى إِلَى مَوْضِعِ الْجُبَّةِ، وَكَذَلِكَ الْأَسَلُ، إِنَّمَا هُوَ أَطْرَافُ الْأَسِنَّةِ، يُقَالُ: خُرْصٌ وَخِرْصٌ، وَالْجَمْعُ خِرْصَانٌ، وَالشَّاطِبَةُ: الَّتِي تَعْمَلُ الْحُصْرَ مِنَ الشَّطْبِ، يُقَالُ: شَطَبَتْ تَشْطُبُ شَطْبًا وَشُطُوبًا، وَهُوَ أَنْ تَأْخُذَ قِشْرَهُ الْأَعْلَى، وَتَشْطُبُ وَتَلْحَى وَاحِدٌ، كَمَا يُقَالُ: لَحَيْنَاهُمْ لَحْيَ الْعَصَا. وَاحِدُ الشَّطْبِ شَطْبَةٌ وَهِيَ السَّعْفَةُ، وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الشَّاطِبَةُ الَّتِي تُقَشِّرُ الْعَسِيبَ، ثُمَّ تُلْقِيهِ إِلَى الْمُنَقِّيَةِ، فَتَأَخُذُ كُلَّ شَيْءِ عَلَيْهِ بِسِكِّينِهَا حَتَّى تَتْرُكَهُ دَقِيقًا، ثُمَّ تُلْقِيهِ الْمُنَقِّيَةُ إِلَى الشَّاطِبَةِ ثَانِيَةً، قَالَ: وَكُلُّ قَضِيبٍ مِنْ شَجَرِ: خُرْصٌ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ لِلَّزُّجِّ: خُرْصٌ، وَأَنْشَدَ لِلْعَجَّاجِ: حَنَى قَنَاتِي الْكِبَرُ الْمُحَنِّي أَطَرُ الثِّقَافِ خُرُصُ الْمُقَنِّي.

553 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: " §كُنَّا نَتَحَدَّثُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّهُ مَنْ أَكَلَ الْخُبْزَ سَمِنَ، قَالَ: فَغَزَوْنَا غَزَاةً لَنَا، فَلَقِينَا الْمُشْرِكِينَ، فَأَجْهَضْنَاهُمْ عَنْ مَلَّةٍ لَهُمْ، فَجَلَسْنَا نَأْكُلُ مِنْهَا، ثُمَّ جَعَلَ أَحَدُنَا يَنْظُرُ فِي عَطِفَيْهِ هَلْ سَمِنَ بَعْدُ ". أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْعَلَاءِ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَنَا يُونُسُ، قَالَ: نَا الْحَسَنُ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ

قَوْلُهُ: «أَجْهَضْنَاهُمْ» ، يَعْنِي: أَعْجَلْنَاهُمْ بِالْقِتَالِ، فَكَشَفْنَاهُمْ عَنْهَا قَبْلَ إِدْرَاكِهَا، وَيُقَالُ: أَجْهَضَتِ النَّاقَةُ إِذَا أَلْقَتْ وَلَدَهَا قَبْلَ التَّمَامِ، وَالْجَهِيضُ: السِّقْطُ الَّذِي قَدْ تَمَّ خَلْقُهُ، وَنُفِخَ فِيهِ رُوحُهُ، يُقَالُ لِلنَّاقَةِ: قَدْ أَجْهَضَتْ إِجْهَاضًا، هِيَ مُجْهِضٌ، وَالْجَمِيعُ مَجَاهِيضُ إِذَا أَلْقَتْ وَلَدَهَا، قَالَ الْكُمَيْتُ: وَالْوُلَاةُ الْكُفَاةُ لِلْأَمْرِ ... إِنْ طَرَّقَ يَتْنًا بِمُجْهِضٍ أَوْ تَمَامِ وَالِاسْمُ: الْجِهَاضُ، وَرُبَّمَا قَالُوا: أَجْهَضْتُ الرَّجُلَ، بِمَعْنَى: قَهَرْتُهُ وَأَذْلَلْتُهُ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّكَ لَمْ تُنْازِعْ قَطُّ رَجُلًا إِلَّا أَجْهَضْتَهُ وَأَمْضَضْتَهُ. وَالْمُمِضُّ: هُوَ الْمُحْرِقُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقَالَ رُؤْبَةُ: فَاقْنَيْ فَشَرُّ القَوْلِ مَا أَمَضَّا وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى: مَضَضْتُهُ. قَالَ: وَالْمَلَّةُ عِنْدَ الْعَامَةِ هِيَ: الْخُبْزَةُ، وَهَذَا خَطَأٌ إِنَّمَا يُقَالُ: خُبْزُ مَلَّةٍ، وَالْمَلَّةُ: النَّارُ الَّتِي يُخْبَزُ فِيهَا وَأَنْشَدَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ:

مُرَّةٌ كَالذُّعَافِ أَكْتُمَهَا النَّاسُ ... عَلَى حَرِّ مَلَّةٍ كَالشِّهَابِ قَالَ: مُرَّةٌ فَأَنَّثَ، أَرَادَ كَلِمَةَ مُرَّةٍ، وَهِيَ فِي صَدْرِي عَلَى حَرِّ مَلَّةٍ، كَالشِّهَابِ: أَيْ كَأَنَّهَا مَلَّةٌ، تَلْتَهِبُ مِثْلَ شِهَابُ نَارٍ يَتَوَقَّدُ، وَتَقُولُ: أَطْعَمَنَا خُبْزَةً مَلِيلًا، وَأَطْعَمَنَا خُبْزَ مَلَّةٍ، قَالَ الشَّاعِرُ: لَا أَشْتُمُ الضَّيْفَ إِلَّا أَنْ أَقُولَ لَهُ ... أَبَاتَكَ اللَّهُ فِي أَبْيَاتِ عَمَّارِ أَبَاتَكَ اللَّهُ فِي أَبْيَاتِ مُعْتَنِزٍ ... عَنِ الْمَكَارِمِ لَا عَفٍّ وَلَا قَارِ جَلْدِ النَّدَى زَاهِدٍ فِي كُلِّ مَكْرُمَةٍ ... كَأَنَّمَا ضَيْفُهُ فِي مَلَّةِ النَّارِ وَعِطْفَا كُلِّ شَيْءٍ وَكُلِّ دَابَّةٍ: شِقَّاهُ مِنْ لَدُنِ رَأْسِهِ إِلَى وَرِكِهِ، قَالَ الْجَعْدِيُّ: بَيْنَا الْفَتَى يُعْجِبُ النَّاظِرِينَ مَالَ عَلَى عِطْفِهِ فَانْقَعَرْ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: ثَنَى فُلَانٌ عِطْفَهُ، إِذَا أَعْرَضَ عَنْكَ وَجَفَاكَ، وَأَنْشَدَ أَبُو زَيْدٍ: لَكَاعِبٌ مَائِلَةٌ فِي الْعِطْفَيْن بَيْضَاءُ ذَاتُ سَاعِدَيْنِ غَيْلَيْن أَهْوَنُ مِنْ لَيْلِي وَلَيْلِ الزَّيْدَيْن وَعَقَبِ الْعِيسِ إِذَا تَمَطَّيْن يَطْوِيَنَ أَجْوَازَ الْفَلَا وَيُطْوَيْن

حديث حسان بن ثابت رحمه الله

وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {ثَانِيَ عِطْفِهِ} [الحج: 9] ، قَالَ: لَاوٍ عُنُقَهُ، وَهَذَا كَقَوْلِ الشَّاعِرِ: نُبِّئْتُ أَنَّ رَبِيعًا أَنْ رَعَى إِبَلًا ... يُهْدِي إِلَي خَنَاهُ ثَانِيَ الْجِيدِ أَيْ: أَنِ اسْتَغْنَى وَصَارَ لَهُ مَالٌ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: «أَنْ رَعَى إِبَلًا» أَيْ: مَلَكَ إِبَلًا يَرْعَاهَا، فَاسْتَطَالَ بِذَلِكَ ثَانِيَ الْجِيدِ: أَيْ: رَخْيَ الْمَالِ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ لِذَلِكَ. تَمَّ حِدِيثُ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَتْلُوهُ: حَدِيثُ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

وقَالَ فِي حَدِيثِ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَنَّهُ أَبْرَزَ لِسَانَهُ، وَقَالَ: «وَاللَّهِ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهِ مِقْوَلًا مَنْ مَعَدٍ» . الْمِقْوَلُ: اللِّسَانُ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: يُقَالُ لِلِّسَانٍ: مِقْوَلٌ، وَمِذْوَدٌ، وَمِسْحَلٌ، وَأَنْشَدَ لِلْعَجَّاجِ فِي الْمِقْوَلِ: مَا كُنْتُ مِنْ تِلْكَ الرِّجَالِ الْخُذَّلِ ذِي دَائِهِمْ وَالْعَاجِزِ الْمُخَسَّلِ عَنْ هَيْجِ إِبْرَاهِيمَ يَوْمَ الْمَرْحَلِ وَجَعْلِ نَفْسِي مَعَهُ وَمِقْوَلِي

وَالْمُخَسَّلُ: الْمُجَدَّلُ، وَأَنْشَدَ فِي الْمِذْوَدِ: سَيَأْتِيكُمُ مِنِّي وَإِنْ كُنْتُ نَائِيًا ... دُخَانُ الْعَلَنْدَى دُونَ بَيْتِيَ مِذْوَدُ وَأَنْشَدَ فِي الْمِسْحَلِ: وَإِنَّ عِنْدِي إِنْ رَكِبْتُ مِسْحَلِي سُمَّ ذَرَارِيحَ رَطِيبٍ وَخْشِي 555 - وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسْدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمِ النَّحْوِيِّ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: §كُنْتُ عَنْ يَمِينِ الْحَجَّاجِ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ دَخَلَتْ أَعْرَابِيَّةٌ كَأَنَّهَا قَمَرٌ، فَسَلَّمَتْ، ثُمَّ جَلَسَتْ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَتْ: اخْتِلَافُ الْحُلُومِ، وَكَثْرَةُ الْغَرُومِ، قَالَ: مَا حَالُ النَّاسِ؟ قَالَتْ: الْبِلَادُ مُقْشَعِرَّةٌ، وَالْفِجَاجُ مُغْبَرَّةٌ، وَالنَّاسُ مُسْنِتُونَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ يَرْجُونَ، وَأَنْشَدْتُهُ، فَوَجَمَ الْحَجَّاجُ لِكَلَامِهَا، ثُمَّ قَالَ الْحَجَّاجُ: يَا شَعْبِيُّ، أَتَعْرِفُ هَذِهِ؟ ، قَلْتُ: لَا، إِلَّا أَنِّي لَمْ أَرَ امْرَأَةً قَطُّ أَشْعَرَ مِنْهَا، قَالَ: هَذِهِ لَيْلَى الْأَخِيلِيَّةُ، ثُمَّ أَمَرَ الْحَجَّاجُ حَرَسِيًّا عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ: اقْطَعْ عَنِّي لِسَانَهَا، فَخَرَجَ بِهَا الْحَرَسِيُّ، لِيَقْطَعَ لِسَانَهَا، فَقَالَتْ: وَيْلَكَ إِنَّمَا أَمَرَكَ أَنْ تَقْطَعَ

لِسَانِي بِعَطَيَّةٍ لَا بِمُدْيَةٍ، فَرَجَعَتْ إِلَيْهِ مَعَ الْحَرَسِيِّ، فَقَالَتْ: أَرَادَ وَاللَّهِ أَنْ يَقْصِبَ مِقْوَلِي، فَقَالَ: يَا غُلَامُ، أَعْطِهَا عَشْرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ. وَالْمِقْوَلُ أَيْضًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ: الْمَلِكُ، قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ الثَّوْرَ: كَأَنَّهُ مُتَوَّحٌ رُومِيُّ أَوْ مِقْوَلٌ تُوِّجَ حِمْيَرِيُّ حِينَ غَدَا وَاقْتَادَهُ الْكَرِيُّ وَالْكَرِيُّ: نَبْتٌ تَأْكُلُهُ الثِّيرَانُ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ حَسَّانٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: " أَشْعَرُ النَّاسِ الثُّجْلُ الْبُطُونُ فِي أُصُولِ الْغَضَا، يَعْنِي: بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ ". أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ الثُّجْلُ: اسْتِرْخَاءُ الْبَطْنِ، يُقَالُ: رَجُلٌ أَثْجَلُ، وَامْرَأَةٌ ثَجْلَاءُ، قَالَ الشَّاعِرُ:

لَمْ تُلْفَ خَيْلُهُمْ بِالثَّغْرِ رَائِدَةً ... ثُجْلِ الْخَواصِرِ لَمْ يَلْحَقْ لَهَا إِطِلُ يُقَالُ: رَجُلٌ أَثْجَلُ، وَعَثْجَلٌ، وَكَذَلِكَ الدَّحِنُ، وَالدَّحِلُ. وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: " أُنْزِلَ آدَمُ بِدَحْنَاءَ مِنَ الْأَرْضِ. فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ: الصَّحْرَاءُ الْوَاسِعَةُ. وَقَدْ وَصَفَهُمُ الْأَخْطَلُ بِغَيْرِ هَذِهِ الصِّفَةِ 557 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَبْدِيُّ، أَنَّ الْأَخْطَلَ قِيلَ لَهُ: §أَيُّ الشُّعَرَاءِ أَشْعَرُ؟ قَالَ: الزُّرْقُ الْعُيُونِ، الْخِمَاصُ الْبُطُونِ، الْآكِلُونَ فِي ظِلَالِ الْعَرْفَجِ. وَالْعَرْفَجُ وَالْغَضَا: شَجَرَةٌ، قَالَ الرَّاجِزُ: بَاتَ يُبَارِيهَا عَرِينٌ مِنْ غَضَى يَزْدَادُ طُولًا كُلَّمَا قِيلَ انْقَضَى وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذَا أَكَلَ الْغَضَا: غَاضٍ، إِبِلٌ غَواضٌ، فَإِذَا اشْتَكَى عَنْ أَكْلِ الْغَضَا قُلْتُ: بَعِيرٌ غَضٌّ، وَإِذَا نَسَبْتُهُ إِلَى الْغَضَا، قُلْتَ: غَضَوِيُّ.

وَقَالَ فِي حَدِيثِ حَسَّانٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَتَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ، فَاسْتَخْرَجُوهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: وَابِأَبِي رُهُنُ الْقَرْيَةِ، أَلَا حَيْثُ جَلَسْتُمْ بَعَثْتُمْ إِلَيَّ فَجِئْتُكُمْ، قَالُوا: إِنَّا ذَكَرْنَا شَيْئًا، وَكَانَ ذَلِكَ عَنْدَ افْتِرَاقِ مَجْلِسِنَا، وَكُنْتَ طَرِيقَنَا، فَأَحْبَبْنَا أَنْ نَسْأَلَكَ عَنْهُ، 5 قَالَ: وَمَا ذَاكَ، قَالُوا: ذَكَرْنَا الْفَتَى مَتَى يَكُونُ الْفَتَى؟ وَمَتَى يَخْرُجُ مِنْ حَدِّ الْفَتَى؟ ، قَالَ: قَدْ قُلْتُ فِي ذَلِكَ شِعْرًا، قَالُوا وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: إِنَّ الْفَتَى لَفَتَى الْهَوَاجِرِ وَالسُّرَى ... وَفَتَى الطِّعَانِ وَمِدْرَهُ الْحَدَثَانِ إِنْ كَانَ كَهْلًا أَوْ فَتًى فَهُوَ الْفَتَى ... لَيْسَتِ الْفَتَى بِعَمَلَّجِ الشُّبَانِ يَرْوِيهِ الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: الْعَمَلَّجُ: الدَّنِيُّ. وَرُهُنُ الْقَرْيَةِ: وُجُوهُهَا الَّذِينَ يُرْهَنُونَ عِنْدَ مَنْ كَانَتْ لَهُمْ عِنْدَهُمْ طَلْبَةٌ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ حَسَّانٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ جَعَلَ لَيْلَةً يَقُولُ: أَنَا الْحُسَامُ، أَنَا ابْنُ الْفُرَيْعَةِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ، قَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَالَكَ بِتَّ اللَّيْلَةَ تُنَوِّهُ بِأَسْمَائِكَ، فَقَالَ: إِنِّي قُلْتُ: بَيْتًا مِنْ شِعْرٍ مِنَ الْحِكْمَةِ، فَأَعْجَبَنِي، ثُمَّ أَنْشَدَ: وَإِنَّ امْرَأً يُمْسِي وَيُصْبِحُ سَالِمًا ... مِنَ النَّاسِ إِلَّا مَا جَنَى لَسَعِيدُ

قَوْلُهُ: تُنَوِّهُ بِأَسْمَائِكَ، يَعْنِي تَرْفَعُ صَوْتَكَ بِذِكْرِهَا، وَإِذَا رَفَعْتَ صَوْتَكَ، فَدَعَوْتَ إِنْسَانًا فَقَدْ نَوَّهْتَ بِهِ، وَالْهَامَّةُ: إِذَا رَفَعَتْ رَأْسَهَا، فَصَاحَتْ، يُقَالُ: نَاهَتْ نَوْهًا، قَالَ الرَّاجِزُ: عَلَى إِكَامِ النَّائِحَاتِ النُّوَّهِ وَتَقُولُ مِنْهُ: قَدْ نُهْتُ بِالشَّيْءِ 560 - وَحَدَّثَنَا مُوسى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " §إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جَبْرِيلَ: يَا جَبْرَيلُ، أَنَا أُحِبُّ عَبْدِي فُلَانًا فَيُنَوِّهُ بِهِ جَبْرِيلُ فِي حَمَلَةِ الْعَرْشِ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ الْعَرْشِ، فَيَسْمَعُ أَهْلُ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ لَغَطَ أَهْلِ الْعَرْشِ، فَإِذَا مَوَدَّةُ عَبْدٍ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، ثُمَّ يَنْزِلُ سَمَاءً سَمَاءً، حَتَّى يَنْزِلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ يَهْبِطُ إِلَى الْأَرْضِ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ الْأَرْضِ، وَالْبُغْضُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ "

حديث عمرو بن العاصي وعبد الله بن عمرو ابنه رحمهما الله

تَمَّ حَدِيثُ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَتْلُوهُ: حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ابْنِهِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ

561 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رحمهُ اللَّهُ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ابْنِهِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: " §خَرَجْتُ عَلَى لِوَاءِ أَبِي يَوْمَ صِفِّينَ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ: هَذَاكَ عَلِيٌّ، هَذَاكَ عَلِيٌّ، قَالَ: فَقَالَ لِي: انْظُر هَلْ تَرَاهُ، قَالَ: فَنَظَرْتُ، فَقُلْتُ: أَرَاهُ فِي حَرَجَةٍ مِنَ الرِّمَاحِ، عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ، وَعِمَامَةٌ بَيْضَاءُ، قَالَ: فَأَطْرَقَ عَمْرٌو سَاعَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا هُوَ بِيَوْمِ السَّلَاسِلِ، وَلَا يَوْمِ الْيَرْمُوكِ، وَلَا يَوْمِ أَجْنَادِينَ، وَلَوَدَدْتُ أَنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ، للَّهِ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ سَعْدُ بْنُ مَالِكِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ صَوَابًا إِنَّهُ لَعَظِيمٌ مَشْهُورٌ، وَإِنْ كَانَ خَطَأٌ إِنَّهُ لَصَغِيرٌ مَغْفُورٌ.

قَالَ: قُلْتُ يَا أَبَةِ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَنْزِلَ مَنْزِلَهُمَا؟ قَالَ: فَأَطْرَقَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: لَا يَرْجِعُ الشَّيْخُ وَلَمَّا يُعْذِرِ حِينَ الْتَقَى الْقَوْمُ بِضَنْكٍ قَمْطَرِ ثُمَّ تَأَمَّلَ بَعْدَهَا وَفَكَّرَ، ثُمَّ أَسْكَتَ إِسْكَاتَةً، وَمِنَ غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، ثُمَّ اطَّلَعَ اطِّلَاعَةً، وَأَشْرَفَ إِشْرَافَةً، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْحَدِيثِ، فَقَالَ: لَوْلَا ارْتِدَادُ الْمَرْءِ فِي غَمْرَةٍ ... قَدْ قَطَعَ الْأَرْضَ فَأَمْضَاهَا تَكُرُّهُ الْأَيَّامُ كَرَّ الرَّحَى ... حَتَّى إِذَا الْحُمَّةُ وَافَاهَا لَعَلَّهَا سَاعَةٌ صَدْقٍ لَهُ ... لَوْ كَانَ مِنْ قَبْلُ تَمَنَّاهَا احْمِلْ لَا أُمَّ لَكَ، لَا تَسْأَلْ عَنِّي، لَا أَسْأَلُ عَنْكَ، وَذَلِكَ حِينَ مَسَّ الْقَوْمُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا ". حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نَا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: نَا عِيسَى بْنُ يَزِيدَ الْمَدِينِيُّ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي، عَنْ أَبِيهِ.

الْحَرَجَةُ: الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ الَّذِي لَا مَنْفَذَ إِلَيْهِ وَجَمْعُهُ حَرَجٌ، وَحَرَجَاتٌ وَحَرَاجٌ، قَالَ الْعَجَّاجُ: عَايَنَ حَيًّا كَالْحِرَاجِ نَعَمُهْ يَكُونُ أَقْصَى شَلَّهُ مُحْرَنْجَمُهْ يَقُولُ: كَأَنَّهُ شَجَرٌ مِنْ كَثْرَتِهِ، وَالشَّلَلُ وَالشَّلُّ: الطَّردُ، يَقُولُ: يَكُونُ أَقْصَى مَا يُشَلُّ أَنْ يَحْرَنْجِمَ، أَيْ يَجْتَمِعَ وَيَثْبُتَ مَكَانَهُ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ الْآخَرَ، هُوَ زُهَيْرٌ: وَإِنْ شُلَّ رَعْيَانُ الْجَمِيعِ مَخَافَةً ... نَقُولُ جِهَارًا وَيْحَكُمْ لَا تُنَفِّرُوا

عَلَى رِسْلِكُمْ إِنَّا سَنُعْدِي وَرَاءَكُمْ ... وَتَمْنَعُكُمْ أَرْمَاحُنَا أَوْ سَنُعْذِرُ أَيْ نُعْدِي الْخَيْلَ، وَأَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي الْحَرَاجَاتِ: فَقُلْ لِحَمَامَةِ الْحَرَجَاتِ سَقْيًا ... وَرَعْيًا حَيْثُ أَدْرَكَكِ الْمَقِيلُ بَكَتْ أَشْجَانَهَا وَبَكَيْتُ شَجْوِي ... وَلَمْ تَنْطِقْ فَأَفْهَمُ مَا تَقُولُ 562 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورِ، قَالَ: نَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ، أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فِي نَاسٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، فَسَأَلُوهُ §عَنِ الْحَرَجِ، فَقَالَ: «أَلَسْتُمُ الْعَرَبَ» ؟ فَسَأَلُوهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: «أَلَسْتُمُ الْعَرَبَ» ؟ ثُمَّ قَالَ: " ادْعُوا لِي رَجُلًا مِنْ هُذَيْلٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: مَا الْحَرَجُ فِيكُمْ؟ قَالَ: الْحَرَجَةُ مِنَ الشَّجَرِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا مَخْرَجٌ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا الْحَرَجُ، الْحَرَجُ: الَّذِي لَا مَخْرَجَ لَهُ "

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، يُرْوَى فِي حَدِيثٍ: أَنَّ مَوْضِعَ الْبَيْتِ كَانَ فِي حَرَجَةِ عَضَاهٍ، قَالَ: وَالْعَضَاهُ مَا عَظُمَ مِنَ الشَّجَرِ الَّذِي لَهُ شَوْكٌ، وَأَنْشَدَ فِي الْحَرَجَةِ: أَيَا حَرَجَاتِ الْحَيِّ يَوْمَ تَحَمَّلُوا ... بِذِي سَلَمٍ لَا جَادَكُنَّ رَبِيعُ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ أَسْكَتَ، قَالَ: أَبُو زَيْدٍ يُقَالُ: أَسْكَتَ الرَّجُلُ إِسْكَاتًا، فَهُوَ مُسْكَتٌ، قَالَ الرَّاجِزُ: قَدْ رَابَنِي أَنَّ الْكَرِيَّ أَسْكَتَا لَوْ كَانَ مَعْنِيًّا بِهَا لَهَيَّتَا. أَيْ لَقَالَ: هَيَّتَاهُ، وَقَدْ سَكَتَ الرَّجُلُ يَسْكُتُ سُكَاتًا وَسَكْتًا وَسُكُوتًا، وَصَمَتَ يَصْمُتُ صَمْتًا وَصُمَاتًا وَصُمُوتًا، وَأَنْشَدَ: وَمَا رَأَيْتُ مِنْ مُغَنِّيَاتِ ذَوَاتِ آذَانٍ وَجُمْجُمَاتِ أَصْبَرَ مِنْهُنَّ عَلَى الصُّمَاتِ وَيُقَالُ: أَصْمَتَ الرَّجُلُ مُصْمَتٌ، وَالسُّكْتَةُ وَالصُّمْتَةُ: مَا أُسْكَتَ بِهِ الصَّبِيُّ أَوْ غَيْرُهُ، قَالَ الرَّاجِزُ: إِنَّكَ لَا تَشْكُو إِلَى مُصَمِّتِ فَانْهَضْ بِذَا الْحِمْلِ الثَّقِيلِ أَوْ مُتِ

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: يُقَالُ سَكَتَ الرَّجُلُ: أَمْسَكَ عَنِ الْكَلَامِ، وَأَسْكَتَ: أَطْرَقَ، وَأَنْشَدَ لِلرَّاعِي: أَبُوكَ الَّذِي أَجْدَى عَلَيَّ بِنَصْرِهِ ... فَأَسَكَتَ عَنِّي بَعْدَهُ كُلَّ قَائِلِ وَقَوْلُهُ: اطَّلَعَ اطِّلَاعَةً، أَيْ: أَشْرَفَ، يُقَالُ مِنْهُ نَخْلَةٌ مُطَّلِعَةٌ: إِذَا طَالَتِ النَّخْلَ، أَيْ: كَانَتْ أَطْوَلَ مِنْ سَائِرِهِ، وَقَدِ اطَّلَعْتُ مِنْ فَوْقِ الْحَبْلِ، وَتَقُولُ: قَدْ طَلَعْتُ عَلَى الْقَوْمِ أَطْلُعُ، إِذَا أَتَيْتَهُمْ، وَطَلُعَ يَطْلُعُ: لُغَةٌ فِيهِ. وَيُرْوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: هَذَا بُسْرٌ قَدْ طَلُعَ الْيَمَنَ وَقَدْ طَلَعْتُ عَنْهُمْ أَطْلُعُ: إِذَا غِبْتُ عَنْهُمْ، وَأَطَلَعَ النَّخْلُ يُطْلِعُ، إِذَا خَرَجَ طَلْعُهُ، وَيُقَالُ: أَطْلَعَنِي طِلْعَ أَمْرِكَ، وَفِي حَدِيثٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «دَعَوْتُ لِأُمَّتِي مَا لَوْ أُطْلِعُوا طِلْعَةً لَأَمْسَكُوا عَنِ الْعَمَلِ» . وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: أُطْلِعُكَ طِلْعَ ذَلِكَ الْأَمْرِ، وَفُلَانُ بِطِلْعِ الْوَادِي، وَطِلْعَ الْوَادِي. وَالْغَمْرَةُ: مَا غَمَرَكَ وَأَبَرَّ عَلَيْكَ، وَأَصْلُهُ مِنْ غَمْرَةِ الْمَاءِ.

563 - وَيُرْوَى عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِجُلَسَائِهِ، وَتَذَاكَرُوا أَشْيَاءَ مِنَ الدَّنْيَا: «§أَيُّ شَيْءٍ رَأَيْتُمْ أَحْسَنُ» ؟ فَذَكَرُوا الْمَرْأَةَ الْحَسَنَةَ، وَالدَّابَّةَ، فَقَالَ: «مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْ غَمَرَاتٍ ثُمَّ يَنْجَلِينَ» قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: أَيْ يَكُونُ فِي غَمْرَةٍ ثُمَّ تَنْجَلِي عَنْهُ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: " §دَعَا قَوْمُ أَعْرَابِيًّا إِلَى طَعَامٍ، وَبَيْنَهُمْ نَهْرٌ، فَلَمَّا صَارَ فِي النَّهْرِ كَثُرَ الْمَاءُ فِيهِ، قَالَ: وَجَعَلَ الْأَعْرَابِيُّ يُغَالِبُهُ، وَيَقُولُ: الْغَمَرَاتُ ثُمَّ يَنْجَلِينَ، قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ يَسْبَحُ حَتَّى وَصَلَ إِلَى الطَّعَامِ فَأَكَلَ مِنْهُ ". وَالْحُمَّةُ: الْمَيْتَةُ، قَالَ الشَّاعِرُ: بَلْ لَيْتَ شِعْرِي إِذَا مَا حُمَّتِي وَقَعَتْ ... مَاذَا تَقُولُ ابْنَتِي فِي النَّوْحِ تَنْعَانِي وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي رَحِمَهُ اللَّهُ، وَسَأَلَهُ ابْنُ الْأَزْمَعِ: عَنْ عَلِيٍّ، وَعُثْمَانَ، فقال: «أَمَا إِنِّي سَأَجْمَعُهُمَا لَكَ فِي خُرْزَةٍ، اقْتَتَلَتِ الْأُثْرَةُ وَالسُّخْطَةُ، فَغَلَبَتِ الْأُثْرَةُ السُّخْطَةَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . يُرْوَى عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: أَنَا قَيْسٌ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ

الْأَزْمَعِ. الْعَرَبُ إِذَا جَمَعَتْ شَيْئَيْنِ فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ، قَالُوا: جَمَعْتُهُمَا لَكَ فِي خُرْزَةٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَيْرَيْنِ فِي خُرْزَةٍ، وَهِيَ الْكُتْبَةُ، وَقَدْ ذَكَرَنَاهَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ

وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ قَالَ فِي غَزْوَةِ السَّلَاسِلِ: «انْظُرُوا رَجُلًا رِبِّيلًا يُجَنِّبُ بِنَا الطَّرِيقَ، وَيَأْخُذُ بِنَا الْمَفَاوِزَ» ، قَالُوا: مَا نَعْرِفُ إِلَّا رَافِعَ بْنَ أَبِي رَافِعٍ، فَإِنَّهُ كَانَ رِبِّيلًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا أُغِيرُ عَلَى النَّاسِ، وَأَدْفِنُ الْمَاءَ فِي أُدْحِيِّ النَّعَامِ، وَآتِيَ النَّعَمَ، فَأَسْتَاقُهُ حَتَّى أَمُرَّ بِالْفَلَاةِ، فَأَسْتَثِيرُهُ، فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلَاسِلِ «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشًا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِي» ، وَهِيَ الَّتِي يَفْخَرُ بِهَا أَهْلُ الشَّامِ، وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، وَفِي الْحَدِيثِ، فقَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ: «إِنَّ النَّاسَ دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ طَوْعًا وَكَرْهًا، فَهُمْ عُوَّاذُ اللَّهِ، وَجِيرَانُ اللَّهِ، وَفِي ذِمَّةِ اللَّهِ، فَمَنْ ظَلَمَ أَحَدًا مِنْهُمْ، فَإِنَّمَا يَخْفِرُ رَبَّهُ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَتُؤْخَذُ شَاةُ جَارِهِ، فَيَظَلُّ نَاتِئًا عَضَلُهُ لِجَارِهِ، وَاللَّهُ مِنْ وَرَاءِ جَارِهِ» .

الرِّبِّيلُ: اللِّصُّ الَّذِي يَغْزُو الْقَوْمَ وَحْدَهُ وَيَسْرِقُ، وَأُدْحِيُّ النَّعَامَةِ: مَوْضِعُ بَيْضِهَا، وَهُوَ أُفْعُولٌ مِنْ دَحَوَتْ، لِأَنَّ النَّعَامَةَ تَدْحُوهُ بِرِجْلِهَا، ثُمَّ تَبِيضُ فِيهِ، وَهُوَ مِثْلُ: أُفْحُوصُ الْقَطَاةِ، وَالْعَضَلَةُ: كُلُّ لَحْمٍ اجْتَمَعَ، فَاسْتَعَارَهُ لِلْعُنُقِ وَالْأَوْدَاجِ، كَمَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: يَظَلُّ أَحَدُكُمْ ثَائِرًا فَرِيصَ رَقَبَتِهِ، وَالْفَرِيصُ: لَحْمَةٌ تَحْتَ الْكَتِفِ، يُقَالُ: رَجُلٌ عَضَلٌ إِذَا كَانَ عَظِيمُ الْعَضَلِ، وَالْعَضَلَةُ الْمَشْهُورَةُ: اللَّحْمَةُ الَّتِي فِي بَاطِنِ السَّاقِ 566 - وَيُرْوَى عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْعِيزَارِ بْنِ حُرَيْثِ، عَنْ أُمِّ الْحُصَيْنِ، قَالَتْ: «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَهُوَ مُتَلَفِّعٌ بَبُرْدٍ وَعَضَلَتُهُ تَرْتَجُّ»

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي رَحِمَهُ اللَّهُ: " أَنَّهُ كَانَ يُمَرُّ عَلَيْهِ بِالْقَتْلَى يَوْمَ صِفِّينَ، فَيَقُولُ: كَمْ مِنْ أَخْشَنَ فِي اللَّهِ قَدْ قَتَلَهُ عَلِيٌّ وَمُعَاوِيَةُ مَا يَرَيَانِ أَنَّهُمَا نَدِيَا مِنْ دَمِّهِ بِشَيْءٍ ". يُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، يُقَالُ: مَا نَدِيَنِي مِنْ فُلَانٍ شَيْءٌ أَكْرَهُهُ، أَيْ: مَا بَلَّنِي وَلَا أَصَابَنِي، قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ: مَا إِنْ نَدِيتُ بِشَيْءٍ أَنْتَ تَكْرَهُهُ ... إِذًا رَفَعَتْ سَوْطِي إِليَّ يَدِي وَيُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ لَقِيَ اللَّهَ، وَلَمْ يَتَنَدَّ مِنَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِشَيْءٍ دَخَلَ مِنْ، أَيِّ: أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ أَيْ لَمْ يُعِنْ عَلَيْهِ، وَأَصْلُهُ مِنَ النَّضْحِ نَضْحُ الدَّمِ، وَقَالَ جَرِيرٌ: وَقُلْتُ نَصَاحَةً لِبَنِي عَدِيٍّ ... ثِيَابَكُمْ وَنَضْحَ دَمِ الْقَتِيلِ يَقُولُ: إِيَّاكُمْ أَنْ يُصِيبَ ثِيَابَكُمْ، فَتُطْلَبُوا بِهِ، وَإِنَّمَا هَذَا مَثَلٌ، أَيْ لَا تُعِينُوا عَلَيْهِ، وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:

تُمَشِّي حَرَامٌ بِالْبَقِيعِ كَأَنَّهَا ... حَبَالَى وَفِي أَثْوَابِهَا دَمُ سَالِمِ قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى قَوْلِ جَرِيرِ فِي قَوْلِهِ: «وَنَضْحَ دَمِ الْقَتِيلِ» ، أَيْ إِيَّاكُمْ أَنْ يَنْتَضِحَ عَلَيْكُمْ مِنْ دَمِهِ شَيْءٌ، فَأَعْدُو عَلَيْكُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ السَّبْعَ رُبَّمَا ضَغَمَ الشَّاةَ أَوْ غَبَّبَهَا، فَتَجْتَمِعُ عَلَيْهَا الشَّاءُ، يَشْمُمْنَ الْجَرْحَ، وَيَطُغْنَ بِهَا، فَيَغْتَرُهَا السَّبْعُ عَلَى ذَلِكَ، فَيَفْتَرِسُهُنَّ جُمُعًا، قَالَ: وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ: لَئِنْ عَمِرَتْ تَيْمٌ زَمَانًا بِغِرَّةٍ ... لَقَدْ حُدِيَتْ تَيمٌ حُدَاءً عَصَبْصَبَا فَلَا يَضْغَمَنَّ اللَّيْثُ عُكَلًا بِغِرَّةٍ ... وَعُكْلٌ يَشُمُّونَ الْفَرِيسَ الْمُنَيَّبَا 568 - وَقَالَ فِي: حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي رَحِمَهُ اللَّهُ: «§إِذَا حَضَرْتَ الصَّلَاةَ، فَأَذِّنْ، وَأَشْدِدْ صَوْتَكَ، فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُكَ مِنْ حَجَرٍ، وَلَا شَجَرٍ، وَلَا مَدَرٍ، إِلَّا شَهِدَ لَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَسْمَعُكَ مِنْ شَيْطَانٍ إِلَّا وَلَهُ نَفِيرٌ» . حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . قَالَ هُشَيْمٌ: وَلَهُ نَفِيرٌ، يَعْنِي ضُرَاطٌ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ النَّفْرِ، يُقَالُ: هَذِهِ لَيْلَةُ النُّفُورِ، وَلَيْلَةُ النَّفِيرِ. وَالنَّفْرُ: إِذَا نَفَرُوا مِنَ مِنًى، وَأَنْشَدَ: فَهَلْ يُؤْثِمُنِي اللَّهُ فِي أَنْ ذَكَرْتُهَا ... وَعَلَّلْتُ أَصْحَابِي بِهَا لَيْلَةَ النَّفْرِ وَيُقَالُ: غَضِبَ مِنْ غَيْرِ صَيْحٍ وَلَا نَفْرٍ، وَفَرَّ مِنْ غَيْرِ صَيْحٍ وَلَا نَفْرٍ قَالَ الشَّاعِرُ: كَذُوبٌ أَثْوَمٌ يَجْعَلُ اللَّهُ جُنَّةً ... لِأَيْمَانِهِ مِنْ غَيْرِ صَيْحٍ وَلَا نَفْرِ ويَجُوزُ أَنْ يَكُونَ: وَلَهُ نَفِيزٌ، بِالزَّايِ مُعْجَمَةً، وَيُقَالُ: بِالْقَافِ، وَالنَّفْزُ: اجْتِمَاعُ الْقَوَائِمَ، وَلَا يَتَفَرَّقْنَ عِنْدَ الْوُثُوبِ، وَلَا تَنْبَاعُ صُعُدًا فِي السَّمَاءِ، فَيَكُونُ

حِينَئِذٍ شَبِيهًا بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ: خَرَجَ وَلُهِ حُصَاصٌ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: نَفَرَ وَنَفَزَ سَوَاءٌ، وَقَالَ الشَّمَّاخُ: . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ... وَإِنْ رِيعَ مِنْهَا أَسْلَمَتْهُ النَّوَافِزُ يَعْنِي الْقَوَاتِمَ لِأَنَّهَا تَنْقِزُ. 569 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَحِمَهُ اللَّهُ: «§تَأْتِي عَلَى النَّاسِ فِتْنَةٌ لَا يَسَلَمُ فِيهَا إِلَّا مَا كَانَ غَازِيًا فِي الْبَحْرِ، فَيَتَمَنَّى الرَّجُلُ أَنَّهُ فِي لَاذِي مِنَ اللَّوَاذِي» ، قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ: حَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: نَا ضِمَامٌ، عَنْ أَبِي قُبَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ زَيْدٍ: اللَّواذِيُّ: قَوَاربٌ صِغَارٌ كَانَتْ تُعْمَلُ، أَوَّلُهَا مِنْ عَمَلِ ذِي الْقَرْنَيْنِ، يَكُونُ فِي وَسَطِهَا ثُقْبٌ عَلَيْهِ دَورٌ شَبِيهٌ بِالتَّنُّورِ، يَثُورُ مِنْهُ الْمَاءُ، لِئَلَّا يَفْرُقَ، وَهِيَ تَجْرِي بِكُلِّ رَيحٍ سَرِيعَةً، فَكُلَّمَا عَفِنَ لَوْحٌ جُعِلَ لَوْحٌ آخَرُ مَكَانَهُ بِوَزْنِهِ. وَالتَّفْسِيرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا ذَكَرَهُ يَحْيَى بْنُ زَيْدٍ، وَفِي الْحَدِيثِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ، وَلَوْلَا ذِكْرُ الْبَحْرِ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّفْسِيرِ لَتَوَهَّمْنَاهُ فِي لَوْذٍ مِنَ الْأَلْوَاذِ، وَاللَّوْذُ: حِضْنُ الْجَبَلِ، وَمَا يَطِيفُ بِهِ، كَأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، مَوْضِعُ يُخْفَى فِيهِ، وَيُمْتَنَعُ بِهِ، وَلَكَانَ شَبِيهًا بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ: رَجُلٌ فِي شَعَفَةٍ فِي غُنَيْمَةٍ.

وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ اللَّاذَ: ثِيَابُ مِنْ حَرِيرٍ، تُنْسَجُ بِالصِّينِ، وَاحِدَتُهَا: لَاذَةٌ، وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْحَدِيثِ فِي شَيْءٍ. 570 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْروٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَذَكَرَ الْحُسَيْنَ، فَقَالَ: «§إِنَّهُ لَا تَحِيكُ فِيهِ السِّلَاحُ» . يُرْوَى عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو

قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: قَالَ سُفْيَانُ: تَفْسِيرُهُ: أَنَّهُ لَا يَضُرُّهُ الْقَتْلُ مَعَ مَا سَبَقَ لَهُ، لَا يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ. قَالَ الْأُسَيْدِيُّ وَالْكِلَابِيُّ: مَا تَحِيكُ الْمُدْيَةُ اللَّحْمَ، وَمَا تَحِيكُ فِيهِ سَوَاءٌ، وَقَدْ أَحَاكَتْهُ، أَيْ: قَطَعَتْهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا تَحِيكُ السِّكِّينُ فِي اللَّحْمِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ مَا أَحَاكَ فِيهِ السَّيْفُ، وَهَذَا سَيْفٌ لَا يَحِيكُ شَيْئًا. وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللِّهِ بْنِ عَمْرٍو رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ كَلَّمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ فِي بَيْعَةِ يَزِيدَ، فَجَعَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَحْتَلِطُ وَيَتَفَالَقُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، «إِنِّي أَجِدُكَ سَتُعَنَّى وَتُعَنِّي وَتُدْعَى بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَسْتَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنيِنَ، وَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدُ» .

الِاحْتِلَاطُ: الِاجْتِهَادُ، تَقُولُ: أَحْلَطَ الرَّجُلُ فِي الْيَمِينِ إِذَا اجْتَهَدَ، قَالَ الشَّاعِرُ: وَكُنَّا وَهُمْ كَابْنَيْ سُبَاتٍ تَفَرَّقَا ... سَوَاءً وَكَانَا مُنْجِدًا وَتَهَامِيَا فَأَلْقَى التِّهَامِيُّ مِنْهُمَا بِلَطَاتِهِ ... وَأَحْلَطَ هَذَا لَا أَرِيمُ مَكَانِيَا قَوْلُهُ: كَابْنَيْ سُبَاتٍ، رَجُلَانِ نَامَا بِمَنْزِلٍ، ثُمَّ غَدَوَا لِطِيَّتِهِمَا، فَأَلْقَى التِّهَامِيُّ بِلَطَاتِهِ، لَمْ يَبْرَحْ، وَأَحْلَطَ هَذَا اجْتَهَدَ فِي الْيَمِينِ لَا يَبْرَحُ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: ابْنَا سُبَاتٍ: هُمَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ. وَقَوْلُهُ: بِلَطَاتَهُ، أَيْ: بِأَرْضِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ، اللَّطَاةُ فِي مُقَدَّمِهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَلْقَى بِنَفْسِهِ لِلنَّوْمِ، وَفِي مَثَلٍ مِنَ الْأَمْثَالِ: مَا يَعْرِفُ مِنْ ثَطَاتِهِ قَطَاتَهُ مِنْ لَطَاتَهُ، أَيْ: مُقَدَّمَهُ مِنْ مُؤَخِّرِهِ، وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ بِمَلَاحِسِ الْبَقَرِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زَيْدٍ

حديث معاوية بن أبي سفيان رحمهم الله

الْأَنْصَارِيَّ، يَقُولُ: تَقُولُ الْعَرَبُ: تَرَكْتُ فُلَانًا بِمَلَاحِسِ الْبَقَرِ أَوَلَادَهَا، وَتَرَكْتُهُ لِمَخَاوِضِ الثَّعَالِبِ، وَتَرَكْتُهُ بِهَوْبٍ دَابِرٍ، وَبِوَحْشٍ إِصْمَتٍ، وَبِعَيْنٍ وَبَارٍ، وَكُلُّ هَذَا حَيْثُ لَا يَدْرِي وَلَا يَعْلَمُ، وَأَنْشَدَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: . . . . . . . . . . . . . . . . . . ... كَضَلَالِ مُلْتَمِسٍ طَرِيقَ وَبَارِ يُقَالُ: إِنَّهَا بَلَدُ عَادٍ، وَإِنَّ الرِّمَالَ حَالَتْ بَيْنَ الْيَمَنِ وَبَيْنَهَا. تَمَّ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَيَتْلُوهُ: حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ

وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ نَعْيُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي، وَجَمَ، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ للِّهِ، مَاتَ مَنْ هُوَ أَصْغَرُ مِنِّي، وَمَاتَ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنِّي، وَمَاتَ مَنْ هُوَ مِثْلِي، ثُمَّ قَالَ: إِذَا سَارَ مَنْ خِلْفِ امْرِئٍ وَأَمَامَهُ ... وَأَوْحَشَ مِنْ جِيرَانِهِ فَهُوَ سَائِرُ حَدَّثَنَاهُ إِسْمَاعِيلُ الْأَسْدِيُّ، قَالَ: نَا يُونُسُ، قَالَ: نَا أَحْمَدُ بْنُ الْغَمْرِ أَبُو الْمُوَضِّحِ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ: وَزَادَنِي عَلِيُّ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ: §وَأُفْرِدْتُ سَهْمًا فِي الْكِنَانَةِ وَاحِداً ... سَيُرْمَى بِهِ أَوْ يَكْسِرُ السَّهْمَ كَاسِرُ وَالْوُجُومُ: الِانْكِسَارُ وَالسُّكُوتُ عَلَى هَمٍّ، وَرَأَيْتُهُ وَاجِمًا، وَيُقَالُ: الْوَاجِمُ، الْكَارِهُ لِلْأَمَرِ، وَجَمَ يَجِمُ وَجْمًا، وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ، لِأَنَّ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَتَمَثَّلُ: أَخُوكَ الَّذِي إِنْ أَحْرَضَتْكَ مُلِمَّةٌ ... مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَبْرَحْ لِبَثِّكَ وَاجِمَا وَلَيْسَ أَخُوكَ بِالَّذِي إِنْ تَشَعَّبَتْ ... عَلَيْكَ أُمُورٌ ظَلَّ يَلْحَاكَ لائِمَا قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: أَمْسَى فُلَانٌ مُحْرَضًا إِذَا أَشْفَى، أَيْ أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: قِيلَ لِامْرَأَةٍ، §أَيُّ الرِّجَالِ أَبْغَضُ إِلَيْكِ؟ قَالَتْ: الْعَيرُ النَّزَّاءُ الَّذِي يَضْحَكُ فِي بَيْتِ جَارِهِ، وَإِذَا أَمَّ بَيْتَهُ وَجَمَ، أَيْ لَمْ يَضْحَكْ، قِيلَ: وَأَيُّ النِّسَاءَ أَبْغَضُ إِلَيْكِ؟ ، قَالَتِ: الْطُلَعَةُ الْقُبَعَةُ، الْحَدِيدَةُ الرَّكَبَةُ، الْقَبِيحَةُ النَّقِبَةِ، الْحَاضِرَةُ الْكَذِبَةِ، قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا، قَالَتْ: الَّتِي إِنْ غَدَتْ بَكَرَتْ، وَإِنْ حَدَّثَتْ نَثَرَتْ، وَإِنْ صَخِبَتْ صَرْصَرَتْ، أَيْ يَكْثُرُ كَلَامُهَا، قِيلَ: وَيْلَكِ مَا

تَرَكْتِ فِي النِّسَاءِ خَيْرًا، قَالَتْ: بَلَى، قَدْ تَرَكْتُ خَيْرًا وَشَرًّا، قَالَتْ: وَالَّتِي تَأْكُلُ لَمَّا، أَيْ كَثِيرًا، وَتُوسِعُ الْحَيَّ ذَمَّا، قِيلَ: مَا تَرَكْتِ فِي النِّسَاءِ خَيْرًا، قَالَتْ: بَلَى بَيْضَاءَ وَسِيَمةً، أَوْ رَمْكَاءَ جَسِيمَةً، فَهَؤُلَاءِ أَمَّهَاتُ الرِّجَالِ، قِيلَ: فَأَيُّ الرِّجَالِ زَوْجُكِ؟ قَالَتْ: كَجِذْعِ النَّخْلَةِ الْمُشَذَّبِ مَنْ مَسَّهُ شَاكَ، إِنْ دَخَلَ فَهْدٌ، وَإِنْ خَرَجَ أَسَدٌ، وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ. الرُّمَكَةُ: لَوْنٌ فِي وُرْقَةٍ وَسَوَادٍ يُنْعَتُ بِهَا الْإِبِلُ وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوَيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ كَانَ يُرَشِّحُ يَزِيدَ ابْنَهُ لِلْخِلَافَةِ، وَيَقُولُ لَهُ: «يَا يَزِيدُ، إِنْ كُنْتَ بَعْدِي، وَكَنَّهُ، فَابْسُطْ يَدَكَ بِالْخَيْرِ، فَإِنَّهُ يُعَفِّي عَلَى الشَّرِّ، وَإِنْ عَاقَبْتَ فَأَبْقِ، فَإِنَّ اللَّهَ مُبْقٍ عَلَيْكَ، وَإِيَّاكَ وَالْقَتْلَ، فَإِنَّ اللَّهَ قَتَّالٌ لِلْقَاتِلِينَ» . قَوْلُهُ: يُرَشِّحُهُ، أَيْ يُدَرِّجُهُ إِلَى الْخِلَافَةِ، وَالتَّرْشِيحُ: أَنْ تُرَشِّحَ الْأُمُّ وَلَدَهَا بِاللَّبَنِ الْقَلِيلِ تَجْعَلُهُ فِي فِيهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، حَتَّى يَقْوَى لِلْمَصِّ. 574 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ حِينَ وَلاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْبَحْرَيْنَ: §جَزَتْكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَرَابَةٌ ... رَفَعَتْ بِهَا ذِكْرِي جَزَاءً مُوَفَّرَا وَرَشَّحْتَنِي حَتَّى إِذَا مَا رَأَيْتَنِي ... لِأَمْرِكَ أَهْلًا قُلْتَ قَوْلًا مُؤَثِّرَا وَالرَّشْحُ أَيْضًا: لَحْسُ الْأُمِّ مَا عَلَى طِفْلِهَا مِنَ النُّدُوَّةِ، وَيُقَالُ: الطَّائِرُ يُرَشِّحُ وَلَدَهُ إِذَا دَرَّجُهُ لِلطَّيَرَانِ شَيْئًا شَيْئًا، حَتَّى يَسْتَقِلَّ وَيَنْهَضَ، وَفِي مَثَلٍ مِنَ الْأَمْثَالِ:

وَأَيُّ شَيْءٍ لَا يُحِبُّ وَلَدَهْ ... حَتَّى الْحُبَّارَى وَتَدِفُّ عَنَدَهُ يُقَالُ: عَانَدَ الطَّيْرُ فَرْخَهُ إِذَا عَلَّمَهُ الطَّيَرَانَ، وَأَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَاءَ الْعَابِدِيُّ، لِكَعْبِ بْنِ أَسَدٍ الْقُرَظِيِّ يَبْكِي فِتْيَةً مِنْ قَوْمِهِ أُصِيبُوا: مَا رَشَّحْتُ فِيمَا مَضَى شَبَهًا لَهُمْ ... قُرَظِيَّةً وَلَدًا مِنَ الْأَوْلَادِ كَانُوا جَمَالًا لِلْجَمِيعِ وَمَوْئِلًا ... لِلْخَائِفِينَ وَسَادَةً فِي النَّادِي وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّ رَجُلًا كَلَّمَهُ بِكَلَامٍ أَغْلَظَ لَهُ فِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِي " اجْعَلْ هَذِهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي سُوَيْدَاءِ قَلْبِكَ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: طَأْهَا بِقَدَمِكَ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَاجْعَلْهَا دَبْرَ أُذُنِكَ ". حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: فِي الْقَلْبِ سُوَيْدَاؤُهُ، وَهِيَ عَلقَةٌ سَوْدَاءُ إِذَا شُقَّ الْقَلْبُ بَدَتْ، كَأَنَّهَا قِطْعَةُ كَبِدٍ، وَحَبَّةُ الْقَلْبِ: نَكْتَةٌ فِيهِ سَوْدَاءُ، قَالَ الْأَعْشَى: فَرَمَيْتُ غَفْلَةَ عَيْنِهِ عَنْ شَاتِهِ ... فَأَصَبْتُ حَبَّةَ قَلْبِهَا وَطِحَالِهَا

وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ، وَهُوَ يَقْسِمُ مِيرَاثَ رَجُلٍ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: «لَيَوَدَّنَّ صَاحِبُ هَذَا الْمَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ لَوْ كَانَتْ عَقَارِبُ تَلْسَعُ السُّوَيْدَاءَ مِنْ قَلْبِهِ» . قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ اجْعَلْ ذَلِكَ الْأَمْرَ فِي سُوَيْدَاءِ قَلْبِكَ، وَاجْعَلْهُ فِي جُلجُلانِ قَلْبِكَ، وَفِي أَسْوَدِ قَلْبِكَ، وَفِي سَوَادِ قَلْبِكَ، وَفِي حَبَّةِ قَلْبِكَ، وَفِي حَمَاطَةِ قَلْبِكَ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: تَقُولُ الْعَرَبُ: سَمِعْتُ كَلِمَةً جَعَلْتُهَا دَبْرَ أُذُنِي، أَيْ تَصَامَمْتُ عَنْهَا، قَالَ: وَقَالَ الشَّاعِرُ: يَدَاهَا كَأَوَّبِ الْمَاتِحِينَ إِذَا مَشَتْ ... وَرِجْلٌ تَلَتْ دَبْرَ الْيَدَيْنِ طَرُوحُ وَيُقَالُ: دَبَرَ السَّهْمُ الْهَدَفَ يَدْبُرُهُ دَبْرًا إِذَا وَقَعَ خَلْفَهُ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ قَالَ لِابْنَتَيْهِ وَهُمَا تُقَلِّبَانَهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: «إِنَّكُمَا تُقَلِّبَانِ حُوَّلًا قُلَّبًا جَمَعَ الْمَالَ مِنْ شُبٍّ

إِلَى دُبٍّ إِنْ لَمْ يَدْخُلِ النَّارَ» ، ثُمَّ تَمَثَّلَ: لَقَدْ سَعَيْتُ لَكُمْ مِنْ سَعْيِ ذِي نَصَبٍ ... وَقَدْ كَفَيْتُكُمُ التَّطَوَّافَ وَالرِّحَلَا. الْحُوَّلُ: ذُو الْحِيَلِ، وَالْقُلَّبُ: الَّذِي يُقَلِّبُ الْأُمُورَ، وَقَالَ الشَّاعِرُ: وَمَا غَرَّهُمْ لَا بَارَكَ اللَّهُ فِيهُمْ ... بِهِ وَهُوَ فِيهِمْ قُلَّبُ الرَّأْيِ حُوَّلُ وَرُبَّمَا قَالُوا: رَجُلٌ قُلَّبٌ يَرِيدُونَ بِهِ الذَّمَّ أَيْضًا، وَقَالَ رُؤْبَةُ يَذُمُّ رَجُلًا: ذَا دَغَواتٍ قُلَّبَ الأَخْلَاقِ يُقَالُ: ذُو دَغَواتٍ وَدَغَيَاتٍ، أَيْ ذُو أَخْلَاقٍ رَدِيئَةٍ، وَالْمَرْأَةُ: حُوَّلَةٌ قُلَّبَةٌ، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ مِحْوَالٌ كَثِيرُ الْحِيَلِ وَالْحِوَلِ وَالْمَحَالَةِ، وَيَقُولُونَ فِي مَوْضِعٍ: لَابُدَّ لَا مَحَالَةَ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:

مَتَى مَا تَزُرْنَا تَلْقَنَا لَا مَحَالةً ... بِقَرْقَرَةٍ مَلْسَاءَ لَيْسَتْ بِقَرْدَدِ فَنَوَّنَ اضْطِرَارًا، وَالْوَجْهُ، طَرْحُ التَّنْوِينِ كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ: وَلَا أَنَا مَأْمُونٌ بِشَيْءٍ أَقُولُهُ ... وَأَنْتَ بِأَمْرٍ لَا مَحَالَةَ وَاقِعُ وَكَذَلِكَ يُقَالُ: مَالَكَ احْتِيَالٌ وَلَا مُحْتَالٌ، وَلَا مَحَالَةَ، كُلُّ ذَلِكَ وَاحِدٌ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: هُوَ رَجُلٌ حُوَّلٌ، أَيْ مُحْتَالٌ، وَيُقَالُ: رَجُلٌ حُوَّلٌ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَثْبُتُ عَلَى عَهْدٍ، وَأَنْشَدَ: أُرْوَى بِجِنِّ الْعَهْدِ سَلْمَى وَلَا ... يُنْصِبْكَ عَهْدُ الْمَلِقِ الْحُوَّلِ وَجِنُّ الْعَهْدِ: حَدَثَانُهُ. وَقَوْلُهُ: مِنْ شَبّ إِلَى دَبّ، يُرِيدُ مُنْذُ شَبَّ إِلَى أَنْ صَارَ يَدُبُّ، وَيُقَالُ أَيْضًا: مِنْ شُبٍّ إِلَى دُبٍّ، وَالدَّبِيبُ: مَشْيُ الْكِبَرِ، وَقَالَ الْمُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ. فَإِنْ يَكُ غُصْنِي أَصْبَحَ الْيَوْمَ بَالِيًا ... وَغُصْنُكَ مِنْ مَاءِ الشَّبَابِ رَطِيبُ فَإِنِّي حَنَى ظَهْرِي خُطُوبٌ تَتَابَعَتْ ... فَمَشْيِي ضَعِيفٌ فِي الرِّجَالِ دَبِيبُ وَقَوَلُهُمْ: أَكْذَبَ مَنْ دَبَّ وَدَرَجَ، أَيْ أَكْذَبَ الْأَحْيَاءَ وَالْأَمْوَاتَ

وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: " §يُقَالُ لِلصَّبِيِّ إِذَا وُلِدَ: رَضِيعٌ وَطِفْلٌ، وَفَطِيمٌ، ثُمَّ دَارِجٌ، ثُمَّ جَفْرٌ، ثُمَّ يَفْعَةٌ وَيَافِعٌ، وَقَدْ أَيْفَعَ، ثُمَّ مُشَدِّحٌ، ثُمَّ مُطِّبَخٌ، ثُمَّ كَوْكَبٌ، ثُمَّ حَزَوَّرٌ، ثُمَّ مُرَاهِقٌ، ثُمَّ مُحْتَلِمٌ، ثُمَّ بَاقِلٌ إِذَا خَرَجَ وَجْهُهُ ثُمَّ اتَّصَلَتْ لِحْيَتُهُ، ثُمَّ مُجْتَمِعٌ، ثُمَّ كَهْلٌ، وَالْكَهْلُ: ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةٍ، ثُمَّ فَوْقَ الْكَهْلِ، طَعَنَ فِي السِّنِّ ثُمَّ خَصَفَهُ الْقَتِيرُ، ثُمَّ أَخْلَسَ شَعَرُهُ، ثُمَّ شَمِطَ، ثُمَّ شَاخَ، ثُمَّ كَبِرَ، ثُمَّ تَوَّجَهَ، ثُمَّ دَلَفَ، ثُمَّ دَبَّ، ثُمَّ مَجَّ، ثُمَّ عَوَّدَ، ثُمَّ ثَلِبَ، ثُمَّ الْمَوْتُ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: مَا بِهَا دُبِّيٌّ، أَيْ إِنْسَانٌ، وَهُوَ مِنْ دَبَبْتُ، وَقَوْلُ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: خَصَفَهُ الْقَتِيرُ، فَإِنَّ الْخَصِيفَ: الَّذِي فِيهِ لَوْنَانِ مِنْ سَوَادٍ وَبَيَاضٍ وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ يَعْقُوبَ فِي قَوْلِ الرَّاعِي: §سَيَكْفِيكِ الْمُرَحَّلُ ذُو ثَمَانٍ ... خَصِيفٌ تُبْرِمِينَ لَهُ الْجُفَالَا الْمُرَحَّلُ: ضَرْبٌ مِنَ الْوَشْيِ، يُقَالُ لَهَا: الْمَرَاحِلُ، «ذُو ثَمَانٍ» : كِسَاءٌ عُمِلَ مِنْ ثَمَانِي جَزَّاتٍ، وَالْجُفَالُ: الصُّوفُ، وَأَنْشَدَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ لِأَبِي الطَّمَحَانِ الْقَيْنِيِّ: فَإِنِّي رَأَيْتُ الدَّهْرَ إِنْ تَكْرَ لَا يَنَمْ ... وَإِنْ أَنْتَ تَغْفُلْ تَلْقَهُ غَيْرَ غَافِلِ دَنَتْ حِفْظَتِي إِذْ خَصَّفَ الشَّيْبُ لِمَّتِي ... وَخَلَّيْتُ بَالِي لِلْأُمُورِ الْأَثَاقِلِ «دَنَتْ حِفْظَتِي» أَيْ: امْتَعَضْتُ مِنَ الذُّلِّ وَالضَّيْمِ، وَخَلَّيْتُ بَالِي لِلْأُمُورِ الْأَثَاقِلِ، أَيْ: تَرَكْتُ الصِّبَا لِلْأُمُورِ الْعِظَامِ مِنَ احْتِمَالِ جَرِيرَةٍ، وَدَفْعِ ضَيْمٍ عَنْ قَوْمٍ، وَوِفَادَةٍ إِلَى مَلِكٍ.

وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوَيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ حِينَ ذُكِرَ لَهُ دَعْوةُ زِيَادٍ، فَقَالَ: «أَبَى قَائِلُهَا إِلَّا تِمَّا» . وَفِيهِ لُغَاتٌ: إِلَّا تِمَّا وَتَمَّا، فَالتَّمُّ: الْمَصْدَرُ، وَغَيْرُهَا أَسْمَاءٌ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوَيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، أنَّ سُفْيَانَ بْنَ عَوْفٍ لَمَّا مَاتَ قَاسَمَ بَنِيهِ مَالَهُ بِوِلَايَتِهِ، كَمَا قَاسَمَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَجَعَلَ يَقْسِمُ الْمَالَ، وَيُسْهِمُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَسَمَ الْأَثَاثَ، جَعَلَ يُخْرِجُ فِي سَهْمِهِ مَا يُحِبُّ بَنُو سُفْيَانَ بْنِ عَوْفٍ، فَتَتَغَيَّرُ وُجُوهُهُمْ، وَقَالَ: «يَا بَنِي أَخِي إِنَّكُمْ تَزْحَمُونَ مِزْحَمًا»

أَخْبَرَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ الْمِزْحَمُ: الشَّدِيدُ الزِّحَامِ، قَالَ أَعْرَابِيٌّ: §إِنْ تَزْحَمُونِي تَجِدُونِي مِزْحَمَا عَبْلَ الذِّرَاعَيْنِ شَدِيدًا مِلْطَمَا وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ أَعْرَابِيٌّ: §وَاللَّهِ: لَتَجِدَنِّي ذَا مَنْكِبٍ مِزْحَمٍ، وَرُكْنٍ مِدْعَمٍ، وَرَأْسٍ مِصْدَمٍ، وَلِسَانٍ مِرْجَمٍ، وَوَطْءٍ مِيثَمٍ، وَالوَثْمُ: وَقْعُ الْحَافِرِ، قَالَ الرَّاجِزُ: عَافِي الرَّقَاقِ مُنْهِبُ مُوَاثِمُ وَفِي الدَّهَاسِ مِضْبَرٌ مُتَائِمُ أَيْ يَجِيءُ بِعَدْوٍ بَعْدَ عَدْوٍ، يُرِيدَ أَنَّ عِنْدَهُ ضُرُوبًا مِنَ الْعَدْوِ، وَقَوْلُهُ: عَافٍ أَيْ سَهْلٌ لَا يَجْتَهِدُ، مِزْحَمٌ: مِنْ قَوْلِكَ زَاحَمْتُ الْقَوْمَ فَزَحَمْتُهُمْ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسْدِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي مُضَرُ، قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: §أَقَمْتُ لَكَ الْأَنْوَاحَ فَارْتَجَّ بَيْنَهَا ... نَوَائِحُ يَنْدُبْنَ اللُّهَى وَالمَعَالِيَا أَلِلْبَأْسِ أَمْ لِلْجُوِدِ أَمْ لِمُقَاوِمٍ ... مِنَ الْمَجْدِ يَزْحَمْنَ الْجِبَالَ الرَّوَاسِيَا وَقَالَ حَادِي زِيَادٍ أَبُو رَاجِزِهِ: كَأَنَّ أَطَلَالَ بِجَنْبَيْ خُرَّمَهْ نَعَامَةٌ فِي رِعْلَةٍ مُقَدَّمَهْ تَهْوِي بِفَيَّاضٍ رَفِيعِ الْحَكَمَهْ قِرْنَ إِذَا زَاحَمَ قِرْنًا زَحَمَهْ وَخُرَّمَةُ: مِنْ أَرْضِ فَارِسِ، وَأَطْلَالٌ: اسْمُ بَغْلَةِ زِيَادٍ. وَقَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ إِبِلًا: جَاءَتْ وَقَدْ أَسْلَمَهَا كَثِيبُهَا

مِنْ بَلْدَةٍ لَا يَسْتَطِيعُ ذَيْبُهَا الْوِرْدَ إِلَّا قَوْبَةً يَنُوبُهَا أَسْلَمَهَا كَثِيبُهَا: يَقُولُ: رَعَتْ كُلَّ مَا فِيهِ، فَتَرَكَتْهُ لِتَتَحَوَّلَ إِلَى غَيْرِهِ. وَأَنْشَدَ أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: وَمَنْهَلٍ يَامِيٌّ نَآئِيُّ الْعُوَّدِ خَالِي الثَّنَايَا بِالسِّبَاعِ الْوُرَّدِ أَوْرَدْتُهُ الْقَوْمَ لِكَيْلَا تَبْعَدِي وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوَيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، الَّذِي يَرْوِيهِ قَبِيصَةُ بْنُ جَابِرٍ، قَالَ " بَعَثَنَيِ زِيَادٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي حَوَائِجَ، فَلَمَّا قَضَاهَا وَفَرَغَ مِنْهَا، قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كُلُّ مَا جِئْتُ لَهُ قَدْ قَضَيْتَهُ لِي، وَقَدْ بَقِيَتْ لِي وَاحِدَةٌ، فَأَصْدِرَهَا مُصْدَرَهَا، قَالَ: وَمَا هِيَ؟ ، قُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْأَمْرُ بَعْدَكَ؟ ، قَالَ: فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: لِمَ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَقَرِيبُ الْقَرَابَةِ، عَظِيمُ الشَّرَفِ، وَادُّ الصَّدْرِ، فَسَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ وَالَى بَيْنَ رَهْطٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، فَقَالَ: أَمَّا كَرِيمَةُ قُرَيْشٍ فَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِي، وَفَتَى قُرَيْشٍ حَيَاءً وَدَمَاثَةً وَسَخَاءً فَابْنُ عَامِرٍ، وَأَمَّا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، فَرَجُلٌ سَخِيٌّ كَرِيمٌ رَقِيقٌ، وَأَمَّا الْقَارِئُ لِكِتَابِ اللَّهِ، الْفَقِيهُ فِي دِينِ اللَّهِ، الشَّدِيدُ فِي حُدُودِ اللَّهِ، فَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَأَمَّا رَجُلٌ نَفْسُهُ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَأَمَّا رَجُلٌ يَرِدُ الشَّرِيعَةَ مَعَ دَوَاهِي السِّبَاعِ، وَيَرُوغُ روغان الثَّعْلَبَ فَابْنُ الزُّبَيْرِ ".

يُرْوَى عَنْ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عُمَيْرٍ، يُحَدِّثُ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ. قَوْلُهُ: رَجُلٌ نَفْسُهُ، يُرِيدُ لَا فَضْلَ فِيهِ عَنْهَا، وَقَوْلُهُ: يَرِدُ الشَّرِيعَةَ مَعَ دَوَاهِي السِّبَاعِ، يَصِفُهُ بِالْبَأْسِ وَالْجَلَدِ وَقُوَّةِ الْمُنَّةِ، وَالتَّحَامُلِ عَلَى نَفْسِهِ فِي

الْأُمُورِ الْعِظَامِ، وَيُقَالُ لِلذِّئْبِ إِذَا كَانَ مُتَمَرِّدًا يَرِدُ مَرَّةً هَاهُنَا، وَمَرَّةً هَاهُنَا: إِنَّهُ لَشَرَّابٌ بِأَنْقَعَ، أَيْ يَتَوَرَّدُ الْمِيَاهَ الْمُتَنَازِحَةَ الَّتِي لَا يَرِدُهَا كُلُّ أَحَدٍ، وَالْعَرَبُ تَمْدَحُ بِذَلِكَ، قَالَ الشَّمَّاخُ يَذْكُرُ مَاءً وَرَدَهُ: ذَعَرْتُ بِهِ القَطَا وَنَفَيْتُ عَنْهُ ... مَقَامَ الذِّئْبِ كَالرَّجُلِ اللَّعِينِ الرَّجُلُ اللَّعِينُ: الْمَدْحُورُ الْمَنْفِيُّ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنَّهُ وَرَدَ الْمَاءَ، فَجَاءَ إِلَى الذِّئْبِ فَنَحَاهُ، وَذَعَرَ بِهِ الْقَطَا، فَشَرِبَ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ إِبِلًا: جَاءَتْ وَقَدْ أَسْلَمَهَا كَثِيبُهَا مِنْ بَلْدَةٍ لَا يَسْتَطِيعُ ذَيْبُهَا أَلِوِرْدَ إِلَّا نَوْبَةً يَنُوبُهَا «أَسْلَمَهَا كَثِيبُهَا» رَعَتْ كُلَّ مَا فِيهِ فَتَرَكَتْهُ لِلتَّحَوُّلِ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ. وَأَنْشَدَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ وَمنْهَلٍ يَامَيُّ نَائِيُّ الْعُوَّدِ خَالِي الثَّنَايَا بِالسِّبَاعِ الْوُرَّدِ أَوْرَدْتُهُ الْقَوْمَ لِكَيْلَا تَبْعَدِي وَالْفَرَسُ الرَّوَّاغُ: هُوَ الَّذِي لَا يَسْتَقِيمُ فِي حُضْرِهِ، يَعْدِلُ مَرَّةً يَمِينًا وَمَرَّةً شِمَالًا، وَهُوَ جَادٌّ فِي حُضْرِهِ، وَالْأُنْثَى: رَوَّاغَةُ، وَقَالَ: أَمَّا إِذَا يَعْدُو فَثَعْلَبُ جِرْبَةٍ ... أَوْ سِيدُ عَازِبَةٍ يُعَجْرِمُ عَجْرَمَهْ

وَالْجِرْبَةُ: الْمَزْرَعَةُ، وَذَكَرَ إِنْسَانٌ حَضَرَ مَوْتَ، فَقَالَ آخَرُ: جِرَبٌ كُلُّهَا، أَيْ مَزَارِعُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ كَالْأَسَدِ فِي شِدَّتِهِ وَبَأْسِهِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ خَفِيفٌ نَشِيطٌ كَالثَّعْلَبِ، وَقَدْ وَصَفَهُ الْحَجَّاجُ بِذَلِكَ 580 - حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ: §مَنْ يَعْذِرُنِي مِنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، ابْنُ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ يَنْقِزُ فِي الْجَبَلِ نَقْزَانَ الظَّبْيِ 581 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، عَنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ اللَّهْبِيُّ، قَالَ: صَحَبَ أَبُو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فِي غَزَاةٍ إِفْرِيقِيَّةَ، فَأَعَجَبَ أَبَا ذُؤَيْبٍ مَا رَأَى مِنْ شَجَاعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَشِدَّتِهِ وَصَلَابَتِهِ، فَقَالَ يَذْكُرُهُ: §وَصَاحِبِ صِدْقٍ كَسِيدِ الضَّرَّاءِ ... يَنْهَضُ فِي الْغَزْوِ نَهْضًا نَجِيحَا تَرِيعُ الْغُزَاةُ فَمَا إِنْ يَزَالُ ... مَضْطَمِرًا طُرَّتَاهُ طَلِيحَا وَشِيكَ الْفُضُولِ بَعِيَدَ الْقُفُولِ ... إِلَّا مُشَاحًا بِهِ أَوْ مُشِيحَا قَدْ أبْقَى لَكِ الْأَينُ مِنْ جِسْمِهِ ... نَوَاشِرَ سِيدٍ وَوَجْهًا صَبِيحَا وَقَالَ الْمِرَارُ يَذْكُرُ الْفَرَسَ:

صِفَةُ الثَّعْلبِ أَدْنَى جَرْيِهِ ... وَإِذَا يُرْكَضُ يَعْفُورٌ أَشِرْ وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ إِذَا مَرَّ يَقْرُبُ: مَرَّ يَعْدُو الثَّعْلَبِيَّةَ، وَالْيَعْفُورُ: ظَبْيٌ. أَشِرْ: نَشِيطٌ، وَتَقُولُ الْعَرَبُ: أَغَارَ إِغَارَةَ الثَّعْلَبِ إِذَا أَسْرَعَ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْفَرَسِ مَغْمُورًا، إِذَا كَانَ شَدِيدَ الدَّفْعَةِ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوَيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو الطُّفَيْلِ، فَنَالَ مِنْهُ بَعْضُ الْقَوْمِ، فَقَالَ مُعَاوَيَةُ " هَلْ تَعْرِفُ هَؤُلَاءِ يَا أَبَا الطُّفَيْلِ؟ ، قَالَ: مَا أُنْكِرُهُمْ مِنْ سُوءٍ، قَالَ: هَذَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ ". قَالَ يَعْقُوبُ: قَوْلُهُمْ: مَا أُنْكِرُهُمْ مِنْ سُوءٍ، أَيْ لَمْ يَكُنْ إِنْكَارِي مِنْ سُوءِ رَأَيْتُهُ مِنْهُمْ، إِنَّمَا هُوَ لِقِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوَيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ «أَنَّهُ خَرَجَ وَنَشْرُهِ أَمَامَهُ» . النَّشْرُ: مَا تَضَوَّعَ مِنَ الرَّائِحَةِ الطَّيَّبَةِ مِنَ الْمِسْكِ وَغَيْرِهِ، وَمِنْهُ قِيلَ: فُلَانُ طَيِّبُ النَّشْرِ إِذَا كَانَ ثَنَاؤُهُ فِي النَّاسِ حَسَنًا. وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوَيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، " أَنَّهُ قَالَ: " يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ تَطْلُبُونَ مَا قَبْلِي، وَاللَّهِ لَقَدْ كَنْتُمْ قَلِيلًا مَعِي، كَثِيرًا عَلَيَّ، وَلَفَلَلْتُمْ حَدِّي يَوْمَ صِفِّينَ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَنَايَا تَلَظَّى فِي أَسِنَّتِكُمْ، حَتَّى إِذَا أَقَامَ اللَّهُ مَا حَاوَلْتُمْ مَيْلَهُ، قُلْتُمْ: ارْعَ

فِينَا وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَيْهَاتَ يَأْبَى الْحَقِينُ الْعِذْرَةَ ". يُرْوَى عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَجْلَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ. قَوْلُهُ: «يَأْبَى الْحَقِينُ الْعِذْرَةَ» فَإِنَّ الْحَقِينَ: الْوَطْبُ الْمَمْلُوءُ قَدْ حَقَنَ رَأْسَهُ، وَالْعِذْرَةَ: الْمَعْذِرَةُ، وَيُقَالُ: إِنَّ أَصْلَ هَذَا الْمَثَلِ: أَنَّ أَعْرَابِيًا أَتَى قَوْمًا، فَاسْتَسْقَاهُمْ لَبَنًا، فَاعْتَلُّوا عَلَيْهِ، فَنَظَرَ إِلَى الْوَطْبِ مَمْلُوءًا، فَقَالَ: هَيْهَاتَ يَأْبَى الْحَقِينُ الْعِذْرَةَ. وَفِي مَثَلٍ مِنْ أَمْثَالِ الْعَرَبِ حَدَّثَنَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ، يُقَالُ: §رُبَّ سَامِعٍ عِذْرَتِي لَمْ يَسْمَعْ قِفْوَتِي. وَالْقِفْوَةُ: الذَّمُّ، وَالْعِذْرَةُ: الْمَعْذِرَةُ، يَقُولُ: رَبَّمَا تَعَذَّرْتُ لِلرَّجُلِ مِنْ شَرٍّ قَدْ كَانَ مِنِّي، وَأَنَا أَظُنُّ أَنْ قَدْ بَلَغَهُ، وَلَمْ يَكُنْ بَلَغَهُ، يُضْرَبُ لِمَنْ لَا يُحْفَظُ سِرُّهُ.

وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوَيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّ رَجُلًا عَاتَبَهُ حِينَ جَعَلَ مِصْرَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِي، فَقَالَ «وَاللَّهِ مَا لَبَّثَكَ السَّهْمِيُّ أَنْ طَحَا بِكَ حِينَ تَسَاوَرْتُمَا» . طَحَوْتُ بِالرَّجُلِ: وَهُوَ كَالْبَسْطِ، وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى طَحَا الْأَرْضَ وَدَحَاهَا طَحْوًا. وَمَذْهَبٌ آخَرُ: يُقَالُ: الْقَوْمُ يَطْحَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا: إِذَا تَدَافَعُوا عَنِ الشَّيْءِ، وَطَحَا بِكَ هَمَّكَ، إِذَا ذَهَبَ بِكَ فِي مَذْهَبٍ بَعِيدٍ، وَهُوَ يَطْحَى بِكَ طَحْيًا وَطَحْوًا، وَأَنْشَدَ: طَحَا بِكَ قَلْبٌ فِي الْحِسَانِ طَرُوبُ بُعَيْدُ الشَّبَابِ عَصْرَ حَانَ مَشِيبُ وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوَيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ، قَالَ لَهُ " قَدْ أَعْيَانِي أَنْ أَعْلَمَ أَشُجَاعٌ أَنْتَ أَمْ جَبَانٌ؟ فَلَقَدْ رَأَيْتُكَ تَقْدُمُ فِيهِ إِقْدَامًا مَا أَظُنُّكَ فِيهِ تُرِيدُ الْقَتْلَ، وَتَتَأَخَّرُ تَأَخُّرًا أَظُنُّكَ فِيهِ تُرِيدُ أَنْ تَفِرَّ، قَالَ: فَلَسْتَ حَيْثُ ظَنَنْتُ، وَلَكِنِّي أَقْدُمُ إِذَا رَأَيْتُ التَّقَدُّمَ غُنْمًا، وَأَتَأَخَرُّ إِذَا رَأَيْتُ التَّأَخُرَّ حَزْمًا، وَإِنِّي لَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

شُجَاعٌ إِذَا مَا أَمْكَنَتْنِي فُرْصَةٌ ... وَإِلَّا تَكُنْ لِي فُرْصَةٌ فَجَبَانُ ". قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: قَدْ أَصَابَ الرَّجُلُ فُرْصَتَهُ، وَقَدْ أَفْرَصَكَ الْأَمْرُ، وَأَصْلُ الْفُرْصَةِ أَنْ يَتَفَارَصَ الْقَوْمُ الْمَاءَ الْقَلِيلَ، فَيَكُونُ لِهَذَا نَوْبَةٌ، ثُمَّ لِهَذَا، ثُمَّ لِهَذَا، فَيُقَالُ: يَا فُلَانُ، جَاءَتْ فُرْصَتُكَ، أَيْ وَقَتُكَ الَّذِي تَسْتَقِي فِيهِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يُقَالُ: قَدْ أَفْرَصَتْنِي الْفُرْصَةُ، أَيْ: أَمْكَنَتْنِي. وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوَيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ " أَنَّهُ كَانَ يَتَمَثَّلُ كَثِيرًا: إِذَا اللَّهُ سَنَّى عَقْدَ أَمْرٍ تَيَسَّرَا. يُقَالُ: سَنَّى الرَّجُلُ الْعُقْدَةَ، بِمَعْنَى حَلَّهَا، وَسَنَّى اللَّهُ الشَّيْءَ وَالْأَمْرَ: سَهَّلَهُ

وَيَسَّرَهُ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ: وَمَلِيكٍ سَيْبُهُ مُسْتَعْمَلٌ ... عَاقِدِ الْأَيَّامَ وَالدَّهْرُ يُسَنْ أَيْ: إِنْ عَقَدَ عَلَيْهِمُ الدَّهْرُ عُقْدَةً سَهَّلَهَا وَحَلَّهَا. وَقَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ مَلِكًا: وَسَانَيْتُ مِنْ ذِي بَهْجَةٍ وَرَقَيْتُهُ ... عَلَيهِ السُّمُوطُ عَابِسٍ مُتَغَضِّبِ سَانَيْتُ: سَاهَلْتُ وَرَفَقْتُ بِهِ وَدَارَيْتُ عَلَيْهِ، السُّمُوطُ: أَيْ خَرَزَاتُ الْمَلِكِ، عَابِسٌ: مُتَكَبِّرٌ فِي نَفْسِهِ، يَقُولُ: هُوَ عَابِسٌ، فَرَقَيْتُهُ، وَتَلَطَّفْتُ لَهُ حَتَّى لَانَ إِلَى مَا أُرِيدُ، وَقَالَ الشَّاعِرُ: نَادَيْتُ هَيْذانَ وَالْأَبْوَابُ مُغْلَقَةٌ ... وَمِثْلُ هَيْذَانَ سَنَّى فَتْحَةَ الْبَابِ كَالْهُنْدُوَانِيِّ لَمْ تُفْلَلْ مَضَارِبُهُ ... وَجْهٌ جَمِيلٌ وَقَلْبٌ غَيْرُ وَجَّابِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوَيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ " لَمَّا كَانَ سَنَةُ الْمَجَاعَةِ دَخَلَ عَلَيْهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوَيَةُ:

تَغَيَّبْتُ عَنْ يَوْمَيْ عُكَاظَ كِلَيْهِمَا ... وَإِنْ يَأْتِ يَوْمٌ ثَالِثٌ أَتَغَيَّبُ وَإِنْ يَكُ يَوْمٌ رَابِعٌ لَا أَطُرْبُهُ ... وَإِنْ يَكُ يَوْمٌ خَامِسٌ أَتَنَكَّبُ قَوْلُهُ: لَا أَطُرْبِهِ، يَقُولُ: لَا أَقْرَبُهُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِكَ طَوَارِ الدَّارِ: مَا كَانَ مُمْتَدًّا مَعَهَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: عَدَا طَوْرَهُ، وَقَالَ الْفَرَزَدْقُ فِي الْأَوَّلِ: أَتَيْنَاكَ مِنْ أرْضٍ تَمُوتُ رِيَاحُهَا ... وَبِالصَّيْفِ لَا تُلْفِي دَلِيلًا يَطُورُهَا 589 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوَيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ «§مَا كَانَ لَنَا صِهْرٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَّا وَأَنَا أَضْطَنِئُ مِنْهُ فِي الْإِسْلَامِ إِلَّا جُثَامَةَ بْنَ قَيْسٍ، كَانَتْ عِنْدَهُ ابْنَةُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ» . حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَاءَ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْحُبَابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ.

اضْطَنَأْتُ مِنَ الشَّيْءِ: اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ 590 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوَيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ §" §سَمَرَ عِنْدَهُ حَتَّى ذَهَبَ هَزِيعٌ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ قَامَ مُعَاوَيَةُ، فَأَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «مِنْ أَيْنَ تَرَاهُ أَخَذَهَا؟» . يُرْوَى عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: سَمَرَ عِنْدَ مُعَاوَيَةَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

وَفِي غَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «إِنَّهُ لَفَقِيهٌ» قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ: قَدْ مَضَى هَزِيعٌ مِنَ اللَّيْلِ، وَجِمَاعُهُ: الْهُزُعُ، وَمَضَى جَرْشٌ مِنَ اللَّيْلِ، وَجِمَاعُهُ: الْأَجْرَاشُ وَالْجُرُوشُ، وَمَضَى عِنْكٌ مِنَ اللَّيْلِ،

وَجِمَاعُهُ: الْأَعْنَاكُ، وَمَضَى مَلِيٌّ مِنَ اللَّيْلِ، وَجِمَاعُهُ: الْأَمْلَاءُ، وَمَضَى هَدْءٌ مِنَ اللَّيْلِ، وَجِمَاعُهُ: الْهُدُوءُ، وَمَضَتْ قِطْعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ، وَجِمَاعُهَا: الْقِطَعُ، كُلُّهُنْ قَرِيبٌ بَعْضُهُنَّ مِنْ بَعْضٍ، يَكُنْ مِنْ أَوَّلِ اللَّيلِ إِلَى ثُلُثِهِ، ثُمَّ جَوْزُ اللَّيْلِ وَسَطُهُ، وَجَمْعُهُ: أَجْوَازٌ، وَقَالُوا: انْطَلَقْنَا فَحْمَةَ السَّحَرِ، وَجَمْعُهَا: فَحَمَاتٌ، وَهُوَ حِينَ السَّحَرِ، وَانْطَلَقْنَا جَهْمَةً مِنَ اللَّيْلِ، وَجَهْمَةً، وَهِيَ مَآخَيِرُ اللَّيْلِ، وَقَالَ الْأَسَوْدُ بْنُ يَعْفُرَ: وَقَهْوَةٍ صَهْبَاءَ بَاكَرْتُهَا ... بِجُهْمَةٍ وَالدِّيكُ لَمْ يَنْعَبِ قَالَ: وَالْجُهْمَةُ: أَوَّلُ مَآخِيرِ اللَّيْلِ، وَأَنْشَدَ الْكِسَائِيُّ: قَدْ أَغْتَدِي بِفِتْيَةٍ أَنْجَابِ وَجُهْمَةُ اللَّيْلِ إِلَى ذَهَابِ وَالْبُلْجَةُ: آخِرُ اللَّيْلِ، وَجِمَاعُهَا الْبُلَجُ، وَهِيَ مَعَ السُّحُورِ، وَالسُّدْفَةُ: مَعَ الْفَجْرِ، وَجِمَاعُهَا: السُّدَفُ، وَالسَّحَرَةُ: السَّحَرُ الْأَعْلَى، وَالتَّنْوِيرُ: عِنْدَ الصَّلَاةِ، وَفِي الْحَدِيثِ: نَوِّرُوا بِصَلَاةِ الْفَجْرِ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ.

وَقَالَ يَعْقُوبُ: بَعْدُ جَوْشٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَبَعْدَ جَرْشٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَأَتَانَا بَعْدَ هَدْءٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَبَعْدَ هَدْأَةٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَيُقَالُ: تَهَزَّعَتِ الْمَرْأَةُ فِي مِشْيَتِهَا تَهَزُّعًا إِذَا اضْطَرَبَتْ، وَقَالَ: إِذَا مَشَتْ سَالَتْ وَلَمْ تُقَرْصِعِ هَزَّ الْقَنْاةِ لَدْنَةَ التَّهَزُّعِ وَالْقَرْصَعَةُ: مُقَارَبَةُ الْمَشْيِ، يُقَالُ: إِنَّ فُلَانًا لَيُقَرْصِعُ كِتَابَهُ، وَهُوَ الْقَرْطَمَةُ حِينَ يُقَارِبُ بَيْنَ كِتَابِهِ. وَقَالَ أَعْرَابِيٌّ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ: إِذَا كَانَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ مُخْتَفِيًا مِنَ اللُّؤْمِ، فَهُوَ مُقَرْصِعٌ، وَالْأَهْزَعُ مِنَ السِّهَامِ: آخَرُ مَا يَبْقَى فِي الْكِنَانَةِ، وَلَا يَكَادُ يَتَكَلَّمُ بِهِ إِلَّا بِالْجُحْدِ، يُقَالُ: مَا عِنْدِي أَهْزَعُ وَلَهُ مَرِيشٌ، وَرُبَّمَا جَاءُوا بِهِ عَلَى الِاضْطِرَارِ فِي غَيْرِ الْجُحْدِ، قَالَ

حُوَيْصُ بْنُ الرَّيَّانِ الْعَبْدِيُّ: كَبِرْتُ وَرَقَّ الْعَظْمُ مِنِّي كَأَنَّمَا ... رَمَى الدَّهْرُ مِنِّي كُلَّ عِرْقٍ بِأَهْزَعِ وَعَاوَدَ قَلْبِي الْغَانِيَاتِ وَزَارَنِي ... غُرَابُ الصِّبَا يَهْفُو، فَقُلْتُ لَهُ: قَعِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوَيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ " أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: الْقَنِي بِمَنَاصِعَ، فَانْتَهَى إِلَيْهِ، وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَ: لَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ، وَأَنَا أُحِبُّ لِقَاءَكَ، فَلَمَّا رَأَيْتُكَ كَرِهْتُكَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ يَهْلِكْ مِنْ شَيْئِكَ مَا حَكَّمَكَ، وَأَنْتَ عَلَى رَأْسِ أَمْرِكَ، وَلَسْتُ أَدْرِي مَا وَرَاءَ ظَهْرِكَ، وَلَمْ يَخِبْ مِنْ غَنِيمَتِهِ مَنْ رَجَعَ سَالِمًا، قَالَ مُعَاوَيَةُ: سَأُقَصِّرُ لَكَ الْحَدِيثَ عَلَى قَدْرِ قِصَرِ لَيْلِكَ، وَلَا أُشَقِّقُهُ لَكَ تَشْقِيقَ رِدَاءِ أَخِي بَنِي مُحَارِبٍ حِينَ يَقُولُ: فَقُلْتُ لَهَا اجْتَابِي رِدَائِي فَشَقَّقَتْ ... لَهُ سُبُدَاتٍ مِنْ رِقَاقِ نَوَاعِمِ فَذَكَرَ عُثْمَانَ، ثُمَّ ذَكَرَ عَلِيًّا، فَقَالَ: أَوْقَدَ نَارًا لَا تُطْفَأُ بِالْمَاءِ، وَلَا تُدَاوَى بِالذَّرُورِ، وَلَا سِرَّ رَحِيلٍ مَعَ الرُّغَاءِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا قُلْنَا إِلَّا مَا قَالَ غَيْرُنَا، وَلَا نَطَقْنَا إِلَّا مَا نَطَقَ سِوَانَا، فَتَرَكْتُمُ النَّاسَ جَانِبًا، وَخَيَّرْتُمُونَا بَيْنَ أَنْ قُمْنَا مُتَّهَمِينَ، أَوْ نَزَعْنَا غَيْرَ مُعْتِبِينَ، وَصَاحِبُنَا مَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ، وَاللَّهِ لَا يُهَجْهِجُهُ مُهَجْهِجٌ إِلَّا رَكِبَهُ، وَلَا يَرِدُ حَوْضًا إِلَّا أَفْرَطَهُ ".

يُرْوَى عَنِ الْعَتْبِيِّ، عَنْ أَبيِهِ، قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ فُلَانٌ عَلَى رَأْسِ أَمْرِهِ، وَرِيَاسِ أَمْرِهِ، وَرِيَاسٌ عِنْدَهُ أَحْسَنُ. وَقَوْلُهُ: «فَشَقَّقَتْ لَهُ سُبُداتٍ» ، فَكَأَنَّ السُّبُدَاتِ مَا خَرَجَ عَنِ الثَّوْبِ إِذَا شُقَّتْ مِنْ أُكْلَةٍ مِثْلُ الزِّئْبِرِ الطَّالِعِ، أَوِ الْهُدْبِ الْخَارِجِ، قَالَ الطِّرْمَاحُ يَصِفُ خِشْفًا: أَوْ كَأَسْبَادِ النَّصِيَّةِ لَمْ ... تَجْتَدِلْ فِي حَاجِرٍ مُسْتَنَامْ قَالَ: الْأَسْبَادُ: أَوَّلُ مَا يَخْرُجُ، وَالنَّصِيُّ، نَبْتٌ، وَقَوْلُهُ: لَمْ تَجْتَدِلْ، أَيْ: لَمْ تَتَشَدَّدْ وَلَمْ تَسْمَقْ، يُقَالُ: جَدَلَ الْغُلَامُ يَجْدُلُ جُدُولًا، وَقَدْ تَكُونُ الأَسْبَادُ فِي مَعْنَى اللَّبُوسِ، وَأَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَاءَ، لِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتِ: وَإِنَّا مِنَ الْبَيْضِ سُفْعُ الْخُدُودِ ... وَنَلْبَسُ لِلْحَرْبِ أَسْبَادَهَا وَمَعْنَى هُمْ فِي تَشْقِيقِ الرِّدَاءِ مَا، حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ فِي قَوْلِ الدُّهَيْقِينِ مَوْلَى امْرِئِ الْقَيْسِ: §كَأَنَّ الصُّبِيرِيَّاتِ يَوْمَ لَقِينَنَا ... ظِبَاءٌ حَنَتْ أَعَنْاقَهَا لِلْمَكَانِسِ وَهُنَّ بَنَاتُ الْقَوْمِ إِنْ يَشْعُرُوا بِنَا ... يَكُنْ فِي ثِيَابِ الْقَوْمِ إِحْدَى الدَّهَارِسِ فَكَمْ قَدْ شَقَقْنَا مِنْ رِدَاءٍ مُنَيَّر ... وَمِنْ بُرْقُعٍ عَنْ طَفْلَةٍ غَيْرِ عَانِسِ إِذَا شُقَّ بُرْدٌ شُقَّ بِالْبُرْدِ مِثْلُهُ ... دَوَاليكَ حَتَّى كُلُّنَا غَيْرُ لَابِسِ

قَالَ يَعْقُوبُ: هَذَا مِثْلُ قَوْلِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ: كَأَنَّ ثِيَابِي نَازَعَتْ شَوْكَ عُرْفُطٍ ... تَرَى الثَّوْبَ لَمْ يُخْلِقْ وَقَدْ شُقَّ جَانِبُهْ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ كَانَ يَتَغَزَّلُ وَيَتَحَدَّثُ إِلَى النِّسَاءِ، فَيُشَقِّقْنَ ثَوْبَهُ، وَهُوَ جَدِيدٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كُنَّ يَصْنَعْنَ يَتَفَأَلَنَّ فِيهِ دَوَامَ الْعَهْدِ، وَبَقَاءَ الْمَوَدَةِ. وَالذَّرُورُ: مَا شَيَّعْتَ بِهِ النَّارَ مِنْ فُتَاتِ الْحَطَبِ، وَدِقَاقِ الْعِيدَانِ. وَقَوْلُهُ: لَا سِرَّ رَحِيلٍ مَعَ الرُّغَاءِ، فَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ: مَا اسْتَسَرَّ مَنْ قَادَ الْجَمَلَ، أَيْ أَنَّهُ عَظِيمٌ لَا يَخْفَى شَخْصُهُ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَفْضَحُهُ بِرُغَائِهِ، قَالَ القُلَاخُ: أَنَا القُلَاخُ بْنُ جَنَابِ بِنِ جَلَا أَخُو خَنَاثِيرَ أَقُودُ الْجَمَلَا أَيْ، لَا أَتَقَنَّعُ مِنْ خِزْيَةٍ، وَلَا أَسْتَتِرُ مِنْ مَخَافَةٍ. وَالْهَجْهَجَةُ: زَجْرُ السَّبُعُ وَالصِّيَاحُ بِهِ، يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا صَاحَ بِالسَّبُعِ لِيَكُفَّهُ: نَهْنَهَ بِالسَّبُعِ، وَقَدْ هَرَجَ بِهِ، وَقَدْ جَهْجَهَ بِهِ، كُلُّ ذَلِكَ يُقَالُ: قَالَ لَبِيدٌ يَذْكُرُ أَسَدًا: أَوْذِي ذَوَائِدَ لَا يُطَافُ بِأَرْضِهِ ... يَغْشَى الْمُهَجْهِجَ كَالذَّنُوبِ الْمُرْسَلِ

وَقَالَ الرَّاعِي: وَلَكِنَّمَا أَجْدَى وَأَمْتَعَ جَدُّهُ ... بِفِرْقٍ يُخَشِّيهِ بِهَجْهَجَ نَاعِقُهْ وَالْفِرْقُ: الْقَطِيعُ مِنَ الْغَنَمِ، وَيُقَالُ: أَفْرَطَ الْحَوْضَ، أَوِ الْإِنَاءَ إِذَا مَلَأَهُ حَتَّى فَاضَ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوَيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ «لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَفَضَّ فِيهِمُ الْعَطَاءَ» . قَالَ أَبُو زَيْدٍ فِي الْعَطَاءِ: إِنَّمَا يُقَالُ: أَفَضَّ الرَّجُلُ الْعَطَاءَ إِفْضَاضًا إِذَا أَجْزَلَ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: فَضَضْتَ مِنْ قَوْلِكَ فَضَضْتَ مَا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، إِذَا قَطَعْتَهُ، وَأَنْشَدَ أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: فَمَا فَضَّنَا مِنْ صَائِعٍ بَعْدَ ... عَهْدِكُمْ فَتَطَمْعُ فِينَا زَاهِرٌ وَالْأَصَارِمُ الْمَفْضُوضُ: الْمَكْسُورُ بَعْدُ أَنْ كَانَ صَحِيحًا. وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوَيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ قَالَ: «يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِنِّي لَسْتُ أُحِبُّ لَكُمْ خُلُقًا كَخُلُقِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، يَعِيبُونَ الْبَيْتَ، وَهُمْ فِيهِ، كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ شَيَّعَتْهُ نَفْسُهُ، فَاقْبَلُونَا بِمَا فِينَا، فَإِنَّ مَا وَرَاءَنَا شَرٌّ لَكُمْ، وَالْوَسَقُ خَيْرٌ مِنَ الْعَنَقِ، وَلَا مُقَامَ عَلَى الرَّذِيَّةِ» .

الْوَسَقُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ، وَالرَّذِيُّ: الْهَزِيلُ مِنَ الْإِبِلِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ بَرَاحًا، وَالْأُنْثَى: رَذِيَّةٌ، وَالْفِعْلُ: رَذِي يَرْذَى رَذَاوَةً، وَيُقَالُ: أَرْذَيْتَهُ. وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسْدِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي مُضْرُ، قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ لِأَعْرَابِيٍّ نَظَرَ إِلَى إِبِلٍ لَهُ بَاعَهَا تَحْمِلُ الطِّينَ: إِلَى اللَّهِ أَشْكُو هَجْمَةً عَرَبيَّةً ... أَضَرَّ بِهَا مَرُّ السِّنِينَ الْغَوَابِرِ فَأَضْحَتْ رَذِايَّا تَحْمِلُ الطِّينَ بَعْدَمَا ... تَكُونُ غِيَاثَ الْمُسْنَتِينَ الْمَفَاقِرِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ مُعَاوَيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ سَمِعَ قَوْلَ ذَكْوَانَ: فَلَوْ شَهِدَتْنِي مِنْ قُرَيْشٍ عِصَابَةٌ ... قُرَيْشِ الْبِطَاحِ لَا قُريْشَ الظَّاهِرِ تَطَالَلْتُ لِلضَّحَّاكِ حَتَّى رَدَدْتُهُ ... إِلَى حَسَبٍ فِي قَوْمِهِ مُتَقَاصِرِ وَلَكِنَّهُمْ غَابُوا وَأَصْبَحْتَ شَاهِدًا ... فَقُبِّحْتَ مِنْ مَوْلَى حِفَاظٍ وَنَاصِرِ فَقَالَ مُعَاوَيَةَ: أَنَا ابْنُ سِدَادِ الْبَطْحَاءِ، إِيَّايَ واللَّهِ دَعَا، اكْتُبُوا إِلَى الضَّحَّاكِ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهِ.

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَاءَ الْعَابِدِيُّ، عَنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ مُعَاوَيَةَ «مَا لَهُ قَاتَلَهُ اللَّهُ؟ وَاللَّهِ مَا بَرِحْتُ مِنْهَا خَائِفًا حَتَّى كَانَ هُوَ الَّذِي جَهَرَهَا» . قُرَيْشُ الْبِطَاحِ: قَبَائِلُ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَبَعْضُ بَنِي عَامِرِ لُؤَيٍّ: بَنُو مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ، وَالظَّوَاهِرُ: مُحَارِبٌ وَالْحَارِثٌ ابْنَا فِهْرٍ، وَبَنُو تَيْمٍ الْأَدْرَمِ، وَعَامَّةُ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، عَنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: نَا أَبُو الْحَسَنِ الْأَثْرَمُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيِّ، قَالَ: قُرَيْشُ الظَّوَاهِرِ، مُحَارِبٌ وَالْحَارِثٌ ابْنَا فِهْرٍ، وَجِيرَانُهُمْ عَامِرُ بْنُ لُؤَيٍّ، وَبَنُو تَيْمٍ الْأَدْرَمِ بْنِ غَالِبِ، وَكَانُوا يُغِيرُونَ عَلَى كِنَانَةَ. قَالَ الزُّبَيْرُ: وَكَانَ أَهْلُ الظَّوَاهِرِ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَفْخَرُونَ عَلَى أَهْلِ الْحَرَمِ بِظُهُورُهُمْ لِلْعَدُوِّ، وَإِصْحَارُهُمْ لِلْمَنَاسِرِ. قَالَ الزُّبَيْرُ فَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: أَنْشَدْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ الْمَأْمُونَ أَبْيَاتَ ضِرَارِ بْنِ الْخَطَّابِ: وَنَحْنُ بَنُو الْحَرْبِ الْعَوَانِ نَشُبُّهَا ... وَبِالْحَرْبِ سُمِّينَا فَنَحْنُ مُحَارِبُ فَذَلِكَ أَفْنَانَا وَأَبْقَى قَبَائِلًا ... سِوَانَا تَوَقِّيهِمْ قِرَاعَ الْكَتَائِبِ

قَالَ: مَنِ الْقَبَائِلِ الَّتِي يَعْنِي؟ قَالَ: أَنْتُمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَنُو كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ؛ لِلُزُومِكُمُ الْحَرَمَ، وَخُرُوجِهِمْ مِنْهُ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تنفسُ قُرَيْشًا، وَتُعَيِّرُ أَهْلَ الْحَرَمِ مِنْهَا الْمُقَامَ بِالْحَرَمِ، وَأَسْمَوْهُمُ الضَّبَّ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ قَائِلُهُمْ: شَدُّوا مَا عَلَى الضَّبِّ فَلَمْ يَخْرُجْ أَحَدْ قَالَ الزُّبَيْرُ، قَالَ ُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: كَانَتْ قُرَيْشُ الظَّوَاهِرِ يَدَيْنِ: فَبَنُو عَامِرٍ يَدٌ، وَهُمْ يُدْعَوْنَ الْبُسْلَ، وَسَائِرُ قُرَيْشِ الظَّوَاهِرِ، وَهُمْ يُدْعَوْنَ الْيَسَرَ، فَإِنْ دَهَمَهُمْ غَيْرُهُمُ اجْتَمَعُوا، فَصَارُوا يَدًا وَاحِدَةً، قَالَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوَيَةَ فِي تَفْضِيلِهِمْ: إِنَّهَا بَيْنَ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ ... حِينَ تُدْعَى وَبَيْنَ عَبْدِ مَنَافِ وَلَهَا فِي الْمُطَيَّبِينَ جُدُودٌ ... ثُمَّ نَالَتْ ذَوَائِبَ الْأَحْلَافِ يَسَرِيُّونَ فِي الذُّؤَابَةِ حَلُّوًا ... حَيْثُ حَلَّتْ ذَوَّائِبُ الْأَشْرَافِ وَإِنَّمَا سُمُّوا يَسَرًا مِنْ أَيْسَارِ الْجَزُورِ، وَالْبُسْلُ: الْحَرَامُ، قَالَ الْأَعْشَى: أَجَارَتْكُمْ بُسْلٌ عَلَيْنَا مُحَرَّمٌ ... وَجَارَتُنَا حِلٌ لَكُمْ وَحَلِيلُهَا وَقَوْلُهُ «حَتَّى كَانَ هُوَ الَّذِي جَهَرَهَا» ، أَيْ: كَشَفَهَا وَاسْتَثَارَهَا، تَقُولُ: جَهَرْتُ الْمَاءَ إِذَا كَانَ سُدُمًا، فَاسْتَقَيْتُ مِنْهُ حَتَّى يَطِيبَ.

حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، وَأَنْشَدَ: إِذَا وَرَدْنَا آجنًا جَهَرْنَاهْ أَوْ خَالِيًا مِنْ أَهْلِهِ عَمَرْنَاهْ وَأَنْشَدَ: يَارُبَّ مَاءٍ قَدْ وَرَدْتُ مَجْهُورْ يُنْبِطُهُ الذِّئْبُ بِحَدِّ الْأُظْفُورْ يَقُولُ: إِنَّهُ سُدُمٌ غَطَاهُ أَدْنَى شَيْءٍ. وَيُرْوَى عَنْ مُعَاوَيَةَ، أَنَّهُ قَالَ لِابْنِهِ يَزِيدَ: يَا بُنَيَّ، إِنْ وُلِّيتَ هَذَا الْأَمْرَ فَسَدَادًا، فَإِنَّ ابْنَ الْخَطَّابِ جَهَرَ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى تَرَكَهُ كَالْفَلَكَةِ 597 - وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَاءَ، عَنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي قُدَامَةَ الْعُمَرِيُّ، قَالَ: مَرَّ أَبُو الْحَارِثِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ أَبِي حُبَيْشِ بْنِ

الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ بِمَجْلِسِ قُرَيْشٍ، فَأَرْسَلُوا فِي أَثَرِهِ فَتًى مِنْهُمْ يَسْأَلُهُ عَنْ أَهْلِ الْبَطْحَاءِ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَ: أَنَا واللَّهِ أَبُو بُعْثُطِهَا. وَالْبُعْثُطُ: سُرَّةُ الْوَادِي قَالَ خَالِدُ بْنُ الْعَاصِي بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ: §إِمَّا تَرَيْنِي أَشْمَطَ الْعَشِيَّاتْ فَقَدْ لَهَوْتُ بِالنِّسَاءِ الْحُرَّاتْ فِي بُعْثُطِ الْبَطْحَاءِ مَضْرَحِيَّاتْ وَقَدْ يُقَالُ: الْبُعْثُطُ أَيْضًا فِي غَيْرِ هَذَا، قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ إِذَا أَلْزَقَ اسْتَهُ بِالْأَرْضِ: قَدْ أَلْزَقَ بُعْثُطَهُ بِالْأَرْضِ، وَقَدْ أَلْزَقَ عِضْرَطَهُ بِالصَّلَّةِ، وَهِيَ اسْتُهُ وَجِلْدَةَ خُصْيَيِهِ وَمَذَاكِيرِهِ. وَالصَّلَّةُ: الْأَرْضُ. قَالَ الزُّبَيْرُ: أَنْشَدَنِي حَمْزَةُ بْنُ عُتْبَةَ اللَّهْبِيُّ، لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ الَّذِي يُعْرَفُ بِالْعَرْجِيِّ، وَكَانَ يَسْكُنُ عَرَجَ الطَّائِفِ: سَكَنَ النَّاسُ بِالظَّوَاهِرِ مِنْهَا ... وَتَبَوَّا لِنَفْسِهِ بَطْحَاهَا فَابْتَنَوْا بِالشِّعَابِ وَالْحَزْنِ مِنْهَا ... وَتَفَحَّى عَنْ بَيْتِهِ سَيْلَاهَا

وَقَوْلُهُ «تَطَالَلَتْ لِلضَّحَّاكِ» ، أَيْ: أَشْرَفَتْ لَهُ، وَالطَّلَلُ: شَخْصُ الْإِنْسَانِ، قَالَ الْكُمَيْتُ، يَذْكُرُ الثَّوْرَ: وَلَّى يَهُزُّ قَنَاتِي غَيْرِ مُخْتَتِئٍ مِنْ وَحْدَةٍ طَلَلٌ يَأْدُو لَهُ طَلَلُ يَعْنِي: الصَّائِدَ يَخْتَلُهُ لِيَصِيدَهُ وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: قَالَ أَعْرَابِيٌّ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ لِابْنٍ لَهُ: " §يَا حَبَّذَا أَرْوَاحُهُ وَمَلْمَسُهْ أَمْلَحُ شَيْءٍ طَلَلًا وَأَكْيَسُهْ واللَّهُ يَرْعَاهُ لَنَا وَيَحْرُسُهْ حَتَّى يَجُرَّ ثَوْبَهُ وَيَلْبَسُهْ تَمَّ حَدِيثُ مُعَاوَيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَيَتْلُوهُ حَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ.

598 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، دَعَا أَخَاهُ مُعَاوَيَةَ، فَقَالَ: " يَا أَخِي، §انْقَطَعَتْ مُدَّتِي، وَبَلِيَتْ جِدَّتِي، وَخَلَا مِنِّي مَا لَا يَعُودُ، وَأَنَا هَامَةُ الْيَوْمِ أَوْ غَدٍ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّا فُضِّلْنَا قَوْمَنَا بِخِصَالٍ سِتٍّ: نَحْنُ أَصْبَحُهُمْ وُجُوهًا، وَأَطْوَلُهُمْ عَمُودًا، وَأَسْعَدُهُمْ جُدُودًا، وَأَبْعَدُهُمْ هِمَّةً، وَأَكْشَفُهُمْ لِلْغُمَّةِ، وَأَنَا ابْنُ أُمِّكَ وَأَبِيكَ وَأَخُو أَخِيكَ، قَدْ حَلَبْتُ الدَّهْرَ أَشْطَرَهُ، وَأَكَلْتُ ذَرْوَتَهُ، يَعْلَمُ مَا يَقُولُ: وَمَا يُقَالُ لَهُ، حَمَّالُ أثْقَالٍ، لَسْتُ بِالْكَهَامَةِ الْهَلِعِ، وَلَا بِالْغُمْرِ الضَّرِعِ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنْ سَوْفَ يَؤْذِيكَ قَوْمٌ لَهُمْ سَوَابِقُ وَأَوْاصِرُ، مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، لَهُ قَرَابَةٌ وَحَقٌّ، وَنِيَّةٌ وَصِدْقٌ وَقَلْبٌ، غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي الْحُرُوبِ إِرْبٌ، وَأَظُنُّكَ سَتُبْلَى بِهِ، فَاجْعَلْهُ مِنْكَ مَكَانَ الْمِجَنِّ، وَمِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِي لَهُ دُنْيَا، وَلَيْسَ لَهُ دِينٌ مَعَ إِرْبٍ وَدَهَاءٍ وَحَذَرٍ وَغَنَاءٍ، نَاصِحٌ رَقُودٌ لِلرِّجَالِ، حَسُودٌ فَأَعِدَّهُ ذُخْرًا، وَقَدِّمَ لَهُ رِجْلًا، وَأَخِّرْ لَهُ أُخْرَى، وَمِنْهُم سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِي، لَهُ قَرَابَةٌ وَوُدٌّ وَإِخَاءٌ، فَارْفِدْهُ بِالْمَالِ وَأَلْطِفْهُ فِي الْمَقَالِ، وَمِنْهُمُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَهُوَ الْأَرِيبُ الْمَاضِي، دَهِيُّ الدَّوَاهِي، فَاجْعَلْهُ دَونَ الْأَفْنَادِ، فَإِنَّهُ حَيَّةُ الْوَادِي، وَمِنْهُمُ الَّذِي يَجْثِمُ جُثُومَ الْأَسَدِ، وَيَرُوغُ مُرَاوَغَةَ الثَّعْلَبِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَابْعَثْهُ، فَإِنَّهُ شَنِفٌ مُتْرَفٌ ". حَدَّثَنَاهُ إِسْمَاعِيلُ الْأَسْدِيُّ، قَالَ: نَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: نَا الْأَصْمَعِيُّ قَوْلُهُ: «وَأَنَا هَامَةُ الْيَوْمِ أَوْ غَدِ» ، يُرِيدُ مَيِّتًا فِي الْيَوْمِ أَوْ فِي غَدٍ، قَالَ الطِّرْمَاحُ: وَيَا سَلْمَ إِنْ أَرْجِعُ إِلَيْكِ فَرُبَّمَا ... رَجَعْتُ وَأَمْرِي لِلْعِدَا غَيْرُ مُفْرِحِ وَإِلَّا فَإِنِّي إِنَّمَا أَنَا هَامَةٌ ... غَدًا بَيْنَ أَحْجَارِ بِبَيْدَاءَ صَرْدَحِ وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ: كَيْفَ تَرْضَى بَنُو شَيْبَانَ، أَنْ يُعْطُوا فَتًى مُسْتَقْبِلَ السِّنِّ، بِشَيْخٍ فَانٍ هَامَةِ الْيَوْمِ أَوْ غَدٍ. وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسْدِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ:

تَمَتَّعْ بِلَيْلَى إِنَّمَا أَنْتَ هَامَةٌ ... مِنَ الْهَامِ يَدْنُو كُلَّ يَوْمٍ حِمَامُهَا وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: نَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَشْيَاخِهِ، قَالَ: خَرَجَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ مُتَرَيِّفًا بِحَبَابَةَ، فَرُمِيَتْ بِالْعِلَّةِ، فَمَا لَبِثَتْ أَنْ مَاتَتْ، فَجَزَعَ عَلَيْهَا جَزَعًا شَدِيدًا، فَجَعَلَ يَتَرَشَّفُهَا، وَيُسْتَأْذَنُ فِي دَفْنِهَا، فَلَا يُؤْذَنُ فِيهِ حَتَّى غُلِبَتْ عَلَيْهِ بَنُو أُمَيَّةَ فِي احْتِمَالِهَا، فَخَرَجَ يَزِيدُ مَاشِيًا حَتَّى أَتَى الْمَقْبُرَةَ، فَلَمَّا وُضِعَتْ فِي قَبْرِهَا وَقَفَ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، ثُمَّ قَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ ابْنَ أَبِي جُمُعَةَ، حَيْثُ يَقُولُ: وَكُلُّ حَمِيمٍ رَآنِي فَهُوَ قَائِلٌ ... مِنْ أَجْلِكِ هَذَا هَامَةُ الْيَوْمِ أَوْ غَدِ قَالَ: فَلَمْ يَلْبَثُ إِلَّا خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حَتَّى دُفِنَ إِلَى جَانِبِهَا. وَقَوْلُهُ: حَلَبْتُ الدَّهْرَ أَشْطَرَهُ، أَيْ: ضُرُوبَهُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ. وَقَوْلُهُ: «فَاجْعَلْهُ مِنْكَ مَكَانَ الْمِجَنّ» ، يُرِيدُ بِحَيْثُ يَكُونُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ جِنَّةٌ تَسْتَجِنُّ بِهَا مِنْهُ. وَقَوْلُهُ: «لَيْسَ لَهُ فِي الْحَرْبِ إِرْبٌ» ، أَيْ: دَهَاءٌ وَنُكْرٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: رَجُلٌ أَرِيبٌ، قَالَ الْأَعْشَى: فَإِنْ تَكُ فِي الْحَرْبِ ذَا إِرْبَةٍ ... فَإِنَّ لِقَوْمِكَ مِنْهَا نَصِيبَا

وَفِي حَدِيثٍ: كَانَ بَصَرُ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ بِالْعِلْمِ، كَالتَّاجِرِ الْأَرِيبِ فِي تِجَارَتِهِ، وَمِنْهُ الْمُؤْارَبَةُ وَهِيَ: الْمُدَاهَاةُ وَالْمُخَاتَلَةُ، قَالَ: كَأَنَّ أَبَا مُوسَى غَدَاةَ لِقَائِنَا ... يُطِيفُ بِلُقْمَانَ الْحَكِيمِ يُؤَارِبُهْ وَلَمَّا تَدَارَوْا فِي تُرَاثِ مُحَمَّدٍ ... نَمَتْ بِابْنِ هِنْدٍ فِي قُرَيْشٍ مَضَارِبُهْ وَيُقَالُ فِي مِثْلِ: الْأَرِيبُ عَنَاءٌ، لِأَنَّ الْأَرِيبَ لَا يُخْدَعُ عَنْ عَقْلِهِ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: رَجُلٌ أَرِيبٌ مِنْ قَوْمٍ أُرَبَاءَ، وَقَدْ أَرِبَ يَأْرَبُ أَرَبًا، وَالِاسْمُ: الْإِرْبَةُ فِي الْحَاجَةِ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ فِي قَوْلِهِ: §أَرِبْتُ بِدَفْعِ الْحَرْبِ حَتَّى رَأَيْتُهَا ... عَلَى الدَّفْعِ لَا تَزْدَادُ غَيْرَ تَقَارُبِ قَالَ: الْإِرْبُ وَالْإِرْبَةُ وَالْمَأْرُبَةُ، وَالْمَأْرَبَةُ: الْحَاجَةُ، عَلَى الدَّفْعِ: أَيْ إِذَا دَفَعَتْ، «نَاضِحُ رَقُودٍ» : أَيْ لَا يُمْنَعُ خَيْرُهُ وَمَعْرُوفُهُ كَمَا يُقَالُ: نَاقَةٌ رَقُودٌ عِنْدَ الْحَلْبِ، أَيْ: كَأَنَّهَا مِنْ ذُلِّهَا تَرْقُدُ إِذَا حُلِبَتْ لَا تَزْبُنُ وَلَا تَدْفَعُ، وَالنَّاضِحُ: قَالَ الْكِسَائِيُّ: هُوَ الَّذِي يَسْتَقِي الْمَاءَ، وَالْأُنْثَى: نَاضِحَةٌ. وَيُقَالُ: حَيَّةُ الْوَادِي: هُوَ الْأَسَدُ، وَالشَّنِفُ: الْمُبْغَضُ، يُقَالُ: شَنِفْتُ لَهُ إِذَا أَبْغَضْتُهُ، وَالشَّنْفُ: الْبُغْضَةُ، والغُمْرُ: الَّذِي لَمْ يُجَرِّبِ الْأُمُورَ مِنْ قَوْمٍ أَغْمَارٍ، وَغَمَرْتُ الرَّجُلَ إِذَا وَجَدْتَهُ غُمْرًا، قَالَ الْأَعْشَى: وَلَقَدْ شُبَّتِ الْحُرُوبُ فَمَا غُمِّرَتَ ... فِيهَا إِذْ قَلَّصَتْ عَنْ حِيَالِ أَيْ: لَمْ تُوجَدْ غُمْرًا، وَالْكَهَامُ: الْبَطِيءُ عَنِ النُّصْرَةِ وَالْحَرْبِ، يُقَالُ: كَهُمَ الرَّجُلِ فَهُوَ

حديث الحكم بن أبي العاصي رحمه الله

يَكْهُمُ كَهَامَةً، وَفَرَسٌ كَهَامٌ: بَطِيءٌ عَنِ الْغَايَةِ، وَسَيْفٌ كَهَامٌ: كَلِيلٌ عَنِ الضَّرِيبَةِ، وَلِسَانٌ كَهَامٌ عَنِ الْبَلَاغَةِ، وَيُقَالُ: فُلَانٌ قَدْ كَهَمَتْهُ الشَّدائِدُ إِذَا نَكَصَتْهُ عَنِ الْإِقْدَامِ، وَرُبمَّا قَالُوا: الْكَهَامَةُ لِلْمُتَهَيِّبِ، قَالَ أَبُو الْعِيَالِ: وَلَا بِكَهَامَةٍ بَرَمٍ إِذَا مَا اشْتَدَّتِ الْحِقَبُ قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: رَجُلٌ كَهَامٌ وَكَهِيمٌ لِلذَّيِ لَا غَنَاءَ عِنْدَهُ. وَقَوْلُهُ: دُونَ الْأَفْنَادِ، فَإِنَّ الْفِنْدَ: الرَّجُلُ الْعَظِيمُ، وَبِهِ سُمِّيَ شَهْلُ بْنُ شَيْبَانَ الْفِنْدُ، وَأَصْلُ الْفِنْدِ: قِطْعَةٌ مِنَ الْجَبَلِ، قَالَ الشَّاعِرُ: وَعَنْتَرَةُ الْفلحَاءُ جَاءَ مُلأَمًا ... كَأَنَّكَ فِنْدٌ مِنْ عَمَايَةَ أَسْوَدُ تَمَّ حَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَتْلُوهُ: حَدِيثُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِي رَحِمَهُ اللَّهُ

وَقَالَ فِي حَدِيثِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: " وَاللَّهِ لَقَدْ أَقَامَتْ قُرَيْشُ أَمْرَهَا بِغَيْرِ سُلْطَانٍ، يَخْنَعُ الصَّغِيرُ لِلْكَبِيرِ، وَيَقْبَلُونَ الْأَدَبَ، وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي نَادٍ مِنْ قَوْمِي مَا فِيهِ أَصْغَرُ مِنِّي، فَأَقْبَلَ عَنْبَسَةُ بْنُ أَمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَبِهِ سُمِّيَ مَنْ تَرَى عَنْبَسَةَ مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ حَتَّى وَقَفَ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَأْخُذُ ابْنَيَّ هَذَيْنِ، فَيَكْفُلُهُمَا، وَأَخْرُجُ عَنْكُمْ، وَكَانَ عَنْبَسَةُ مُسِيفًا، قَدِ افْتَدَتْهُ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَنْشَأَ عَنْبَسَةُ، يَقُولُ: لَمَوْتٌ جَهِيزٌ عَاجِلٌ لَا شَوًى لَهُ ... إِذَا مَا أَتَى مُسْتَمْسِكًا بِالْمَشَارِبِ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ سُؤَالِ عَشِيرَةٍ ... إِذَا سُئِلُوا تَغَامَزُوا بِالْمَنَاكِبِ بَلَوْنَاكُمْ عِنْدَ الْجِمَارِ عَشِيَّةً ... نَبَوْتُمْ وَكُنْتُمْ كَالسُّيُوفِ الْقَوَاضِبِ قَالَ الْحَكَمُ: ثُمَّ هَرَبَ عَنْبَسَةُ، فَمَا يُدْرَى أَيْنَ صَقَعَ، وَلَا أَيْنَ وَقَعَ؟ وَمَا مَنَعَنِي أَنْ آخُذُ ابْنَيْهِ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أَصْغَرَ الْقَوْمِ سِنًّا، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَقَدَّمَ بِالْكَلَامِ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، قَالَ عُرْوَةُ: ثُمَّ الْتَفَتُّ إِلَى الْحَكَمِ، فَقَالَ: يَا عُرْوَةُ، إِيَّاكَ وَالتَّطَاوُلَ عَلَى الْأَكْفَاءِ، فَإِنَّهُ يَهَبُ الذِّلَّةَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: قَالَ الزُّبَيْرُ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَادَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ.

الْمُسِيفُ: الَّذِي قَدْ ذَهَبَ مَالُهُ، قَالَ الشَّاعِرُ: فَأَبَّلَ وَاسْتَرْخَى بِهِ الْخَطْبُ بَعْدَمَا ... أَسَافَ وَلَوْلَا سَعَيُنَا لَمْ يُؤَبَّلِ قَالَ: وَالْمُسِيفُ مَأْخُوذٌ مِنَ السُّوَافِ، وَهُوَ فَنَاءٌ يَقَعُ فِي الْإِبِلِ، وَهِيَ مَالُ الْعَرَبِ، يُقَالُ: أَسَافَ فُلَانٌ إِذَا هَلَكَ مَالُهُ، وَسَاءَتْ حَالُهُ.

وَحَدَّثَنِي ابْنُ الْهَيْثَمِ، قَالَ: نَا دَاوُدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ مُعَقِرُ بْنُ حِمَارٍ الْبَارِقِيُّ: تُجَهِّزُهُمْ بِمَا اسْطَاعَتْ وَقَالَتْ ... بَنِيَّ فَكُلُّكُمُ رَجُلٌ مُسِيفُ أَيْ: مَاتَتْ إِبِلُهُ بِالْغُدَّةِ، فَسَافَتْ إِبِلُهُ، أَيْ: هَلَكَتْ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: سَافَ الرَّجُلُ يَسُوفُ سَوَافًا وَسُوفًا إِذَا مَاتَ، وَهُوَ رَجُلٌ سَائِفٌ لِلْمَيِّتِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: رَمَاهُ اللَّهُ بِالسَّوَافِ، كَذَا قَالَهُ أَبُو عَمَروٍ الشَّيْبَانِيُّ، وَعُمَارَةُ، وَقَالَ: سَمِعْتُ هِشَامًا يَعْنِي النَّحْوِيَّ، يَقُولُ لِأَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ: إِنَّ الْأَصْمَعِيَّ، يَقُولُ: السُّوَافُ بِالضَّمِّ، فَقَالَ: الْأَدْوَاءُ كُلُّهَا تَجِيءُ بِالضَّمِّ نَحْوَ النُّحَازِ وَالدُّكَاعِ والْخُمَالِ، فَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: إِنَّمَا هُوَ السَّوَافُ، وَأَنْشَدَ غَيْرُهُ لِحُسَيْلِ بْنِ عُرْفُطَةَ: مِنْ دُونِ خُبْرِكَ لَوْنُ لَيْلٍ مُظْلِمٍ ... وَحَفِيفُ نَافِحَةٍ وَكَلْبٌ مُؤْسِدُ

وَأَخُوكَ مُحْتَمِلٌ عَلَيْكَ ضَغِينَةً ... وَمُسِيفُ قَوْمِكَ لَائِمٌ لَا يَحْمَدُ يُقَالُ: أَسَدْتُ الْكَلْبَ، وَأَوْسَدْتَهُ إِذَا أَغْرَيْتَهُ بِالصَّيْدِ، وَلَا يُقَالُ: أَشْلَيْتُهُ إِنَّمَا يُقَالُ: أَشْلَيْتُ إِذَا دَعْوَتَهُ إِلَيْكَ، وَكَذَلِكَ أَشْلَيْتُ النَّاقَةَ وَالْعَنْزَ إِذَا دَعَوْتَهُمَا، لِتَحْلِبَهُمَا، قَالَ الرَّاعِي: وَإِنْ بَرَكَتْ مِنْهَا عَجَاسَاءُ جِلَّةٌ ... بِمَحْنَيةٍ أَشْلَى الْعِفَاسَ وَبَرْوَعَا وَقَالَ الْآخَرُ: أَشْلَيْتُ عَنْزِي وَمَسَحْتُ قَعْبِي ثُمَّ تَهَيَّأْتُ لِشُرْبِ قَأْبِ الْعَجَاسَاءُ مِنَ الْإِبِلِ: الْعِظِيمَةُ، وَيُقَالُ: جَاءَتْ عَجَاسَاءُ مِنَ الْإِبِلِ، أَيْ قِطْعَةٌ ثَقِيلَةٌ، وَعَجَاسَاءُ: ظُلْمَةُ اللَّيْلِ الْمُتَرَاكِمَةُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنِ الْفَرَّاءِ: قَئِبَ الرَّجُلُ إِذَا أَكْثَرَ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ وَأَنْشَدَ أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَاءَ، لِنَهِيكِ بْنِ إِسَافٍ فِي عَنْزٍ لَهُ: إِنْ تُشْلِهَا فِي رَبِيضِ النَّاسِ كُلِّهِمْ ... فِي يَوْمِ رِيحٍ وَدَجْنٍ بَعْدَ إِقلَاعِ تَأْتِكَ فِي الدَّعْوَةِ الْأُوَلَى مُقَلِّصَةً ... مِثْلَ الْبَغِيِّ إِذَا هَمَّتْ بِإِسْرَاعِ تُوفِّيَّ الثَّلِيثَ إِذَا مَا كَانَ فِي صَفَرٍ ... فَالْقَوْمُ فِي خَاثِرٍ مِنْهَا وَإِنْقَاعِ وَالْمُسِيفُ فِي غَيْرِ هَذَا: الْمُسِيءُ لِلْعَمَلِ غَيْرُ الرَّفِيقِ بِهِ. حدثنا ابن الهيثم، عن داود بن محمد، عن يعقوب، في قوله: مَزَائِدُ خَرْقَاءِ الْيَدَيْنِ مُسِيفةٌ ... يَخُبُّ بِهَا مُسْتَخْلِفٌ غَيْرُ آيِنِ

مروان بن الحكم رحمهما الله

قَالَ: الْخَرْقَاءُ: الَّتِي لَا تُحْسِنُ الْعَمَلَ، مُسِيفَةٌ: مُسِيئَةٌ لِلْعَمَلِ، وَالْمُسْتَخْلِفُ: الْمُسْتَقِي، غَيْرُ آيِنِ: غَيْرُ رَافِقِ. وَقَوْلُهُ: لَا شَوًى لَهُ، أَيْ لَا يُخْطِئُ، قَالَ الْهُذَلِيُّ: لَا يُسْلِمُونَ قَرِيحًا حَلَّ وَسْطَهُمُ ... يَوْمَ اللِّقَاءِ وَلَا يُشْوُونَ مَنْ قَرَحُوا أَيْ لَا يُخْطِئُونَ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الشَّوَى، وَهُوَ مِنَ الرَّجُلِ أَطْرَافِهِ، وَمَا لَيْسَ بِمَقْتَلٍ، وَكَذَلِكَ الشَّوَى مِنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ مِثْلُ الْحَاشِيَةِ وَالْقَوَاصِي: وَاحِدُهَا شَوَى مِثَلُ الْجَمْعِ، قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَقِيلٍ: إِنَّكَ مَا سَلَّيْتَ نَفْسًا شَحِيحَةً ... عِنِ الْمَالِ فِي الدُّنْيَا بِمِثْلِ الْمَجَاوِعِ أَكَلْنَا الشَّوَى حَتَّى إِذَا لَمْ نَدَعْ شَوًى ... أَشَرْنا إِلَى خَيْرَاتِهَا بِالْأَصَابِعِ وَاحِدُ الْمَجَاوِعِ: مَجَاعَةٌ وَمَجْوَعَةٌ، تَكَلَّمُوا بِهَا عَلَى الْأَصْلِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَيْنَ صَقَعَ فَإِنَّ أَبَا زَيْدٍ، قَالَ: يُقَالُ: مَا يُدْرَى أَيْنَ صَقَعَ فُلَانٌ أَيْ: مَا يَدْرِي أَيْنَ تَوَجَّهَ، وَأَنْشَدَ: فَلِلَّهِ صُعْلُوكٌ تَشَدَّدَ هَمُّهُ ... عَلَيْهِ وَفِي الْأَرْضِ الْعَرِيضَةِ مَصْقَعُ يَقُولُ: مُتَوَجَّهٌ. وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: يُقَالُ: مَا يُدْرَى أَيْنَ صَقَعَ وَبَقَعَ، وَالصَّقِعُ: الْغَائِبُ الَّذِي لَا يُدْرَى أَيْنَ هُوَ. تَمَّ حَدِيثُ الْحَكَمِ وَيَتْلُوهُ حَدِيثُ: مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ

وَقَالَ فِي حَدِيثِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ رَحِمَهُ اللَّهُ «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي جُبَّةٍ وَمِعْجَرَةٍ» . حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبِ، قَالَ: نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَمِرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَنْبَسَةُ، أَنَّهُ رَأَى مَرْوَانَ يُصَلِّي فِي جُبَّةٍ وَمِعْجَرَةٍ، قَالَ: «وَكَانَ عُرْوَةُ يُصَلِّي فِي الْقَمِيصِ وَالرِّدَاءِ» . الْمِعْجَرَةُ هَاهُنَا: وَاحِدَةُ الْمَعَاجِرِ، وَالْمَعَاجِرِ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ تَكُونُ بِالْيَمَنِ، يُقَالَ هَذَا ثَوْبٌ مَعَاجِرُ، وَالْمِعْجَرُ أَيْضًا: ثَوْبٌ تَعْتَجِرُهُ الْمَرْأَةُ، أَصْغَرُ مِنَ الرِّدَاءِ، وَأَكْبَرُ مِنَ الْمِقْنَعَةِ، وَالِاعْتِجَارُ: لَفُّ الْعِمَامَةِ عَلَى الْرَأْسِ مِنْ غَيْرِ إِدَارَةٍ تَحْتَ الْحَنَكِ.

601 - وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: نَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونَ وَهُوَ الْفَرَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: لَمَّا نَسَّبَ الْنُمَيْرِيُّ بِأُخْتِ الْحَجَّاجِ، قَالَ: §أَعَاذَ الَّذِي فَوْقَ السَّمَاوَاتِ عَرْشُهُ ... أَوَانِسَ بِالْبَطْحَاءِ مُعْتَجِرَاتِ تَضَوَّعَ مَلِكًا بَطْنُ نَعْمَانَ أَنْ مَشَتْ ... بِهِ زَيْنَبُ فِي النِّسْوَةِ الْخَفِرَاتِ وَلَمَّا رَأَتْ رَكْبَ الْنُمَيْرِيِّ أَعْرَضَتْ ... وَكُنَّ مَنْ أَنْ يَلْقَيْنَهُ حَذِرَاتِ وَأَصْبَحَ مَا بَيْنَ النُّمَارِ وَصَائِفٍ ... إِلَى الْجِزْعِ جِزْعِ الْمَاءِ ذِي الْعُشُرَاتِ لَهُ أَرَجٌ بِالْعَنْبَرِ الْوَرْدِ سَاطِعٌ ... تَطَلَّعُ رَيَّاهُ مِنَ الْكَفِرَاتِ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ مَا كَانَ رَكْبُهُ إِلَّا حِمَارَيْنِ لِأَعْرَابِيَيْنِ يَحْمِلَانِ الْقَطِرَانَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْكَفِرُ: الْعَظِيمُ مِنَ الْحِبَالِ. تَمَّ حَدِيثُ مَرْوَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ

ابتداء حديث أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

ابْتِدَاءُ حَدِيثِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم 602 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ امْرَأَةً، قَالَتْ لَهَا: إِنَّ كَرِيِّي تَنَاوَلَ سَاقِي، قَالَتْ: فَأَعْرَضَتْ عَنْهَا بِوَجْهِهَا، وَاتَّقَتْهَا بِيَدَيْهَا، وَقَالَتْ: «حُجْرًا حُجْرًا، أَخْرِجْنَهَا عَنِّي» ، فَأُخْرِجَتْ، ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَتْ: «يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ §أَتَعْجَزُ إِحْدَاكُنَّ إِذَا أَصَابَتِ الذَّنْبَ، فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا، أَنْ تَسْتُرَ مَا سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا، فَلَا تُبْدِيهِ لِلنَّاسِ، فَإِنَّ النَّاسَ يُعَيِّرُونَ وَلَا يُغَيِّرُونَ، وَإِنَّ اللَّهَ يُغَيِّرُ وَلَا يُعَيِّرُ» . أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَرْيَمَ بِنْتِ طَارِقٍ، قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فِي نِسَاءِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

قَالَ يَعْقُوبُ: تَقُولُ الْعَرَبُ عِنْدَ الْأَمْرِ يُنْكِرُونَهُ حُجْرًا لَهُ، أَيْ دَفْعًا لَهُ، وَاسْتِعَاذَةً مِنَ الْأَمْرِ، قَالَ الرَّاجِزُ:

قَالَتْ وَفِيهَا حَيْدةٌ وَذُعْرُ عَوْذٌ بِرَبِّي مِنْكُمْ وَحُجْرُ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْحُجْرُ وَالْحِجْرُ لُغَتَانِ، وَهُوَ الْحَرَامُ، وَكَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَلْقَى رَجُلًا يَخَافُهُ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرِمِ، فَيَقُولُ: حِجْرًا مَحْجُورًا، أَيْ حَرَامًا مُحَرَّمًا عَلَيْكَ فِي هَذَا الشَّهْرِ، فَلَا يَنْدَاهُ بِشَيْءٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَرَأَى الْمُشْرِكُونَ الْمَلَائِكَةَ، قَالُوا: حِجْرًا مَحْجُورًا، وَظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهُمْ عِنْدَهَا كَفِعْلِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَقَالَ

الشَّاعِرُ: حَتَّى دَعَوْنَا بِأَرْحَامٍ لَهُمْ سَلَفَتْ ... وَقَالَ قَائِلُهُمْ إِنِّي بِحَاجُورِ يَعْنِي بِمُعَاذٍ، تَقُولُ: أَنَا مُتَمَسِّكٌ بِمَا يُعِيذُونِي مِنْكَ، وَعَلَى قِيَاسِهِ: الْعَاثُورُ، وَهُوَ الْمَتْلَفُ، وَكَذَلِكَ الْمَحْجَزُ أَيْضًا، وَهُوَ الْحَرَامُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ، وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ: فَهَمَمْتُ أَنْ أَغْشَى إِلَيْهَا مَحْجَرًا ... وَلِمِثْلِهَا يُغْشَى إِلَيْهَا الْمَحْجَرُ. 603 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «§أَنَّهَا كَانَتْ تَنْعَتُ سَبَعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةَ مِنَ الدُّوَامِ» . حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْخَلَّالُ، قَالَ: نَا عَمَّارُ بْنُ عَمْرٍو الْجَنْبِيُّ، قَالَ: نَا حَفْصٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ

الدُّوَامُ: الدُّوَارُ يُقَالُ: دَوَّمَ الطَّائِرُ فِي الْهَوَاءِ، وَهُوَ تَحْلِيقُهُ وَدَوَرَانُهُ، وَالشَّمْسُ لَهَا تَدْوِيمُ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدِ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: مِنَ النَّظَرِ التَّدْوِيمُ، وَهُوَ أَنْ تَدُومُ الْحَدَقَةُ كَأَنَّهَا فِي فَلَكَةٍ، قَالَ: دَوَّمَتْ عَيْنُهُ تُدَوِّمُ تَدْوِيمًا، قَالَ رُؤْبَةُ: تَيْهَاءُ لَا يَنْجُو بِهَا مَنْ دَوَّمَا إِذَا عَلَاهَا ذُو انْقِبَاضٍ أَجْذَمَا أَيْ: أَسْرَعَ، وَمِنْهُ سُمَّيَتِ الدُّوَّامَةُ لِدَوَرَانِهَا، يُرِيدُ الَّتِي يَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ

وَقَالَ غَيْرُ يَعْقُوبَ: وَجَمْعُهَا الدُّوَّامُ، قَالَ يَعْقُوبُ، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: يُدَوِّمُ رَقَرَاقُ السَّحَابِ بَرَأْسِهِ ... كَمَا دَوَّمَتْ فِي الْأَرْضِ فَلَكَةُ مِغْزَلِ وَيُقَالُ لِلْكِلَابِ إِذَا أَمْعَنَتْ فِي الْأَرْضِ: دَوَّمَتْ، وَأَنْشَدَ: هُوَ لِذِي الرُّمَّةَ. حَتَّى إِذَا دَوَّمَتْ فِي الْأَرْضِ رَاجِعَةً ... كِبْرٌ وَلَوْ شَاءَ نَجَّى نَفْسَهُ الْهَرَبُ وَمِنْهُ تَدْوِيمُ الزَّعْفَرَانِ، وَهُوَ دَوْفُهُ، وَإِدَارَتُهُ، وَالِاسْتِدَامَةُ فِي الْأَمْرِ: هُوَ الأَنَاةُ فِيهِ وَالنَّظَرُ، وَأَنْشَدَ: وَلَا تَعْجَلْ بِأَمْرِكَ وَاسْتَدِمْهُ ... فَمَا صَلَّى عَصَاكَ كَمُسْتَدِيمِ أَيْ: مَا قَوَّمَ أَمْرَكَ كَالتَّأَنِّي. 604 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: «§يَتَوَضَّأُ أَحَدُكُمْ مِنَ الطَّعَامِ الطَّيِّبِ، وَلَا يَتَوَضَّأُ مِنَ الْكَلِمَةِ الْعَوْرَاءِ» . حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْخَلَّالُ، قَالَ: نَا حُسَيْنُ بْنُ حَسَنِ الْمَرَوَزِيُّ، قَالَ: نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحِ ذَكْوَانَ،

قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ الْكَلِمَةُ الْعَوْرَاءُ: الَّتِي تَهْوِي فِي غَيْرِ عَقْلٍ وَلَا رُشْدٍ، وَأَنْشَدَ أَبُو حَاتِمٍ عَنْ أَبِي زَيْدٍ، لِحَاتِمٍ:

وَعَوْرَاءَ جَاءَتْ مِنْ أَخٍ فَرَدَدْتُهَا ... بِسَالِمَةِ الْعَيْنَيْنِ طَالِبَةٍ عُذْرَا وَلَوْ أنَّنِي إِذْ قَالَهَا قُلْتُ مِثْلَهَا ... وَلَمْ أُغْضِ عَنْهَا وَرَّثَتْ بَيْنَنَا غِمْرَا قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ هَذِهِ كَلِمَةٌ عَوْرَاءُ، وَكَلِمٌ عُورَانٌ، وَهُوَ الْكَلِمُ الْقَبِيحُ، قَالَ الشَّاعِرُ: وَعَوْرَاءُ قَدْ قِيلَتْ فَلَمْ أَلْتَفِتُ لَهَا ... وَمَا الْكَلِمُ الْعُورَانُ لِي بِقَتُولِ وَأَنْشَدَنَا أَبُو الْحُسْيَنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: يَرُومُ أَذَى الْإِخْوَانِ كُلُّ مُلأمٍ ... وَيَنْطِقُ بِالْعَوْرَاءِ مَنْ كَانَ مُعْوِرَا وَالْمُعْوِرُ: هُوَ الْبَادِيَ الْعَوْرَةِ، يُقَالُ: ذَلِكَ لِمَنْ كَانَ مُتَهَتِّكًا سَيِّئَ الرَّائِحَةِ. 605 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: نَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ الْأَصْمَعِيُّ، قَالَ: نَا أَبِي، قَالَ: " §كَانَ مِنْ خُطْبِ النَّاسِ: أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ، فَإِنَّ التَّقِيَّ آمِنٌ مَحْفُوظٌ، وَإِنَّ الْفَاجِرُ خَائِفٌ مُعْوِرٌ حَتَّى يَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ". وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا قَالَتْ لِعَلِيٍّ يَوْمَ الْجَمَلِ «قَدْ

مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ» . قَالَ: الْإِسْجَاحُ: الْإِجْمَالُ وَالْعَفْوُ، قَالَ الطِّرْمَاحُ: أُحَاذِرُ يَا صَمْصَامُ إِنْ مِتَّ أَنْ يَلِي ... تُرَاثِي وَإِيَّاكَ امْرِؤٌ غَيْرُ مُصْلِحِ إِذَا صَكَّ وَسْطَ الْقَوْمِ رَأْسَكَ صَكَّةً ... يَقُولُ لَهُ النَّاهِي مَلَكْتَ فَأَسْجِحِ قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: سَجْحٌ وَسَجِيحٌ: لُغَتَانِ إِذَا مَشَى مَشْيًا سَهْلًا، وَيُقَالُ: مَشَى فُلَانٌ مَشْيًا سَجَيحًا وَسُجُحًا، أَيْ سَهْلًا، قَالَ حَسَّانٌ: ذَرُوا التَّخَاجِئَ وَامْشَوْا مِشْيَةً سُجُحًا ... إِنَّ الرِّجَالَ ذَوُو عَصْبٍ وَتَذْكِيرِ وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَذُو خُلُقٍ سَجِيحٍ، قَالَ الْكُمَيْتُ: أَرُونِي مِنْكُمْ خُلُقًا سَجِيحًا ... تَعَوَّلَتِ الْخَلَائِقُ كُلَّ غُولِ 607 - وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَاءَ الْعَابِدِيُّ قَالَ: نَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: نَا ابْنُ سَلَامٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، قِيلَ لِلْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ: §كَيْفَ تَكُونُ لِلرَّجُلِ مُرُوءَةٌ بِلَا مَالٍ، قَالَ «بِالْخُلُقِ السَّجِيحِ، وَالصَّفْحِ عَنِ الْقَبِيحِ» . وَالسَّجَحُ: لِينُ الْخَدِّ، وَالنَّعْتُ: أَسْجَحُ وَسَجْحَاءُ، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

لَهَا أُذُنٌ حَشْرٌ وَذِفْرَى أَسِيلَةٌ ... وَخَدٌّ كَمِرْآةِ الْغَرِيبَةِ أَسْجَحُ قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ: وَإِنَّمَا خَصَّ مِرْآةَ الْغَرِيبَةِ، لِأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا مَنْ يَنْصَحُهَا فِي وَجْهِهَا، فَهِيَ لَا تَزَالُ تَتَمَرْأَى أَيْ لِتُصْلِحَ مِنْهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: الْغَرِيبَةُ لَا تَزَالُ تُصْلِحُ مِرْآتَهَا، لِئَلَا تُعَابَ، فَيُقَالُ: إِنَّهَا مُوَّسَخَةٌ، فَهِيَ نَقِيَّةٌ أَبَدًا مِمَّا تَقُومُ عَلَيْهَا. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّهَا قَالَتْ لِعَلِيٍّ: «قَدْ بَلَغَتْ مِنَّا الْبُلِغِينَ» . وَالْبُلِغِينَ: مِنْ أَسْمَاءِ الدَّوَاهِي 608 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَذَكَرَتْ حَدِيثَ الْإِفْكِ " وَاللَّهِ §إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ: لَيَقُولَنَّ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا كَشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ ". حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: نَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ

وَالْكَنَفُ: هَا هُنَا: الثَّوْبُ الَّذِي يَكْنُفُهَا، أَيْ يَسْتُرُهَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: هُوَ فِي حِفْظِ اللَّهِ وَفِي كَنَفِهِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَبَعْضُ الْعَرَبِ، يَقُولُ: أَنْتَ فِي كَنَفَتِي، وَيُقَالُ لِلْإِنْسَانِ الْمَخْذُولِ: لَا تَكْنُفُهُ مِنَ اللَّهِ كَانِفَةٌ، وَكَنَفَا الطَّائِرِ: جَنَاحَاهُ، قَالَ الشَّاعِرُ:

أُجُدٌ مُوَثَّقَةٌ كَأَنَّ عِفَاءَهَا ... سِقْطَانِ مِنْ كَنَفَيْ نَعَامٍ جَافِلِ 609 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: أَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، وَمُغِيرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: " §زَوَّجَنِي أَبِي امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا دَخَلْتُ جَعَلْتُ لَا أَنْحَاشُ لَهَا مِمَّا بِي مِنَ الْقُوَّةِ عَلَى الْعِبَادَةِ مِنَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، فَجَاءَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِي، فَقَالَ لَهَا: كَيْفَ وَجَدْتِ بَعْلَكِ؟ قَالَتْ: كَخَيْرِ الرِّجَالِ، أَوْ كَخَيْرِ الْبُعُولَةِ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا "، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ

قَوْلُهُ: لَا أَنْحَاشُ لَهَا: أَيْ لَا أَكْتَرِثُ بِأَمْرِهَا، تَقُولُ: زَجَرْتُ الذِّئْبَ، فَمَا انْحَاشَ لِزَجْرِي. وَمِنْهُ حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي بِسَيْفِهِ لَا يَنْحَاشُ مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدِهَا، فَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي» . قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ: مَعْنَاهُ لَا يَفْزَعُ لِذَلِكَ، وَلَا يَكْتَرِثُ لَهُ. وَالْكَنَفُ: الْجَانِبُ، وَنَاحِيَتَا كُلِّ شَيْءٍ: كَنَفَاهُ، وَأَكْنَافُ الْجِبَالِ وَالْوَادِي: نَوَاحِيهِ. 610 - وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ شِهَابِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: " §يَرْحَمُ اللَّهُ النِّسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَّلِ، قَالَتْ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] ، شَقَقْنَ أَكْنَفَ مُرُوطِهِنَّ، فَاخْتَمَرْنَ بِهَا ".

وَمِنْ غَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ: «شَقَقْنَ أَكْثَفَ مُرُوطِهنَّ» ، يُرِيدُ مِنَ الْكَثَافَةِ

611 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نَا أَبِي، قَالَ: نَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيَّانَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ فِي قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: §{ق} [ق: 1] ، وَقَالَ: هُوَ جَبَلٌ مِنْ زُمُرُّدٍ مُحِيطٌ بِالدُّنْيَا عَلَيْهِ كَنَفَا السَّمَاءِ. وَفِي حَدِيثِ الْإِفْكِ «فَانْقَطَعَ عِقْدٌ لَهَا مِنْ جَزْعٍ ظَفَارِ، فَحُبِسَ النَّاسُ ابْتِغَاءَ عِقْدِهَا» .

ظَفَارِ: مَدِينَةٌ بِالْيَمَنِ، وَظَفَارِ مَبْنِي عَلَى الْكَسْرِ، كَمَا قَالُوا: حَذَامِ وَرَقَاشِ، قَالَ الْفَرَزْدَقُ: وَعِنْدِي مِنَ الْمِعْزَى تِلَادٌ كَأَنَّهَا ... ظَفَارِيَّةُ الْجَزْعِ الَّذِي فِي التَّرَائِبِ وَفُي حَدِيثِ الْإِفْكِ: «وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يُهَبَّلَنَ، وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ» . الْمُهَبَّلُ: الْكَثِيرُ اللَّحْمِ، يُقَالُ: أَصْبَحَ فُلَانٌ مُهَبَّلًا، أَيْ مُتَوَرِمًا مُتَهَيِّجًا، وَقَالَ: رَيَّانُ لَا عَشٌ وَلَا مُهَبَّلُ وَالْعُلْقَةُ: كَلُّ شَيْءٍ فِيهِ بُلَغَةٌ، يُقَالُ: عَلَقَتِ الْإِبِلُ تَعْلُقُ عَلَقًا، إِذَا أَكَلَتْ مِنْ عَلْقَةِ الشَّجَرِ فَتَبَلَّغَتْ بِهِ، وَالْعُلْقَةُ: شَجَرٌ يَبْقَى فِي الشِّتَاءِ، تُعْلُقُ بِهِ الْإِبِلُ، تَسْتَغْنِي بِهِ حَتَّى تُدْرِكَ الرَّبِيعَ. وَفِي الْحَدِيثِ: «نَزَلْنَا مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ» . وَالْوَغْرَةُ: شِدَّةُ الْحَرِّ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فِي صَدْرِهِ عَلَيَّ وَغْرٌ، سَاكِنَةُ الْغَيْنِ، وَقَدْ أَوْغَرْتُ صَدْرَهُ، أَيْ: أَوْقَدْتَهُ مِنَ الْغَيْظِ، وَأَحْمَيْتَهُ، وَيُقَالُ: سَمِعْتُ وَغْرَ الْجَيْشِ، أَيْ

أَصْوَاتَهُمْ، قَالَ: كَأَنَّ وَغْرَ قَطَاهُ وَغْرُ حَادِينَا وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «§أَشِيرُوا عَليَّ فِي أُنَاسٍ أَبَّنُوا أَهْلِي» . حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبِي، وَاللَّفْظُ لِأَبِي، قَالَ: نَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: نَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ

التَّأْبِينُ: ذِكْرُ الشَّيْءِ وَتَتَبُّعُهُ، قَالَ الرَّاعِي: فَرَفَّعَ أَصْحَابِي الْمَطِيَّ وَأَبَّنُوا ... هُنَيْدَةَ فَاشْتَاقَ الْعُيُونُ اللَّوَامِحُ حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ يَعْقُوبَ: أَبَّنُوا هُنَيْدَةَ، كَأَنَّهُمْ حَدَوْا بِهَا وَذَكَرُوَهَا، وَأَنْشَدَ: فَإِنَّكَ وَالتَّأْبِينَ عُرْوَةَ بَعْدَمَا ... دَعَاكَ وَأَيْدِينَا إِلَيْكَ شَوَارِعُ لَكَالِرَّجُلِ الْحَادِي وَقَدْ مَتَعَ الضُّحَى ... وَطَيْرُ الْمَطَايَا فَوْقَهُنَّ أَوَاقِعُ التَّأْبِينُ: الثَّنَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ. وَقَوْلُهُ: لَكَا لِرَّجُلِ الْحَادِي، يَقُولُ: حَدَا بِالْإِبِلِ، وَقَدْ تَبَاعَدَ عَنْهَا، فَوَضَعَ الْحُدَاءَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، يَقُولُ: فَكَذَلِكَ أَنْتَ وَضَعْتَ التَّأْبِينَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. وَمَنْ رَوَى: «أَبَّنُوا عَلَى أَهْلِي» ، فَمَعْنَاهُ قَرَّفُوهَا وَذَكَرُوهَا بِالْقَبِيحِ، وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ: أُمِرَ الرَّجُلُ بِالْخَيْرِ، وَأُبِّنَ بِهِ، فَهُوَ مَأْمُورٌ وَمَأْبُورٌ، وَهُمَا سَوَاءٌ. 613 - وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: قَالَ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ، لِرَجُلٍ «§يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَاكَ، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَسْكَنَ فَوْرًا، وَلَا أَبْعَدَ غَوْرًا، وَلَا آخِذًا بِذَنْبِ حُجَّةٍ، وَلَا أَعْلَمَ بِوَصْمَةٍ، وَلَا أُبْنَةً فِي كَلَامٍ مِنْهُ» . قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: إِذَا كَانَ فِي الْقَوْسِ مَخْرَجُ غُصْنٍ، فَهُو أُبْنَةٌ. وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ 614 - نَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نَا هُدْبةُ بْنُ خَالِدِ، قَالَ: نَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ صَفْوَانَ، قَالَ: نَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: §{لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا} [طه: 107] ،

قَالَ: «هِيَ الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ الَّتِي لَيْسَ فِيهِ أُبْنَةٌ» وَالْأُبْنَةُ هَاهُنَا: مِثْلُ النَّبْكِ، وَمَا نَشَزَ مِنَ الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ الْأُبَنُ فِي الْعَصَا هِيَ الْعُقَدُ، وَقَالَ: وَأَرْزَنَاتٌ لَيْسَ فِيهِنَّ أُبَنْ وَفُي الْحَدِيثِ: أَنَّ أُمَّ مِسْطَحٍ عَثَرَتْ، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَانْتَهَرْتُهَا، فَقُلْتُ: عَلَامَ تَسُبِّينَ ابْنَكِ؟ ، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَسُبُّهُ إِلَّا فِيكِ، قُلْتُ: فِي أَيِّ شَيْءٍ، فَبَقَرَتْ لِيَ الْحَدِيثَ، أَيْ شَرَحَتْهُ وَبَيَّنَتْهُ، كَمَا يُقَالُ: بَقَرَتْ بَطْنَهُ.

وَفِي الْحَدِيثِ: " كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي هُوَ الَّذِي يَسْتَوْشِيهِ، أَيْ يَأْتَلِفُ عَلَيْهِ وَيَسْتَدْعِيهِ وَيَسْتَخْرِجُهُ كَمَا يَسْتَخْرِجُ الْفَارِسُ جَرْيَ الْفَرَسِ بِعَقِبَيْهِ وَبِالسَّوْطِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ مَرَّ فُلَانٌ يَرْكُضُ فَرَسَهُ، وَمَرَّ يَمْرِيهِ بِعَقِبِهِ، وَمَرَّ يَسْتَدِرُّهُ بِعَقِبِهِ، وَيَسْتَوْشِيهِ بِعَقِبِهِ، كَلُّ ذَلِكَ طَلَبَ مَا عِنْدَهُ لِيُزِيدَهُ، وَقَدْ يُقَالُ: أَوْشَاهُ يُوشِيهِ إِذَا اسْتَحَثَّهُ بِكُلَّابٍ أَوْ مِحْجَنٍ. قَالَ جُنْدُلُ بْنُ الرَّاعِي: جُنَادِفُ لَاحِقٌ بِالرَّأْسِ مَنْكِبُهُ ... كَأَنَّهُ كَوْدَنٌ يُوشَى بِكُلَّابِ وَقَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ: يُوشُونَهُنَّ إِذَا مَا رَاعَهَا فَزَعٌ ... تَحْتَ السَّنَوَّرِ بِالْأَعْقَابِ وَالْجِذَمِ وَيُقَالُ: هُوَ مِنْ قَوْلِكَ يَشِي الْكَذِبَ وِشَايَةً، وَفِي حَدِيثِ الْإِفْكِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ قَالَتْ عَائِشَةُ: «فَارْتَكَبَنِي صَالِبٌ مِنَ الْحُمَّى» ، وَالصَّالِبُ مِنَ الْحُمَّى: مَا لَا يَنْفَضُّ،

وَقَدْ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. أَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَاءَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمِّهِ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لِعَاتِكَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهَا قَالَتْ يَوْمَ بَدْرٍ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا بِأَبِي يَوْمَ اللَّقَاءِ مُحَمَّدٌ ... إِذَا عَضَّ مِنْ عُونِ الْحُرُوبِ الْغَوَارِبُ كَمَا بَرَدَتْ أَسْيَافُهُ عَنْ مَلِيلَتِي ... زَعَازِعَ وَرْدٍ بَعْدُ إِذْ هِيَ حَالِبُ وَمَا فَرَّ إِلَّا رَهْبَةَ الْمَوْتِ مِنْهُمْ ... حَكِيمٌ وَقَدْ أَعْيَتْ عَلَيْهِ الْمَذَاهِبُ قَالَ الْكِسَائِيُّ، يُقَالُ: صُلِبَتْ عَلَيْهِ الْحُمَّى، فَهُوَ مَصْلُوبٌ عَلَيْهِ. 615 - وَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: نَا الزُّبَيْرُ، قَالَ: نَا عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ خَالِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَفْصٍ، قَالَ: §قَدَمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِلَابٍ الْمَدِينَةَ، يُكَنَّى أَبَا حِبَالٍ، فَنَزَلَ عَلَى أَبِي، وَمَعَهُ ابْنُهُ حِبَالٌ، فَلَمْ يَنْشَبْ حِبَالٌ أَنْ وَعِكَ ثُمَّ مَاتَ، فَقَامَ أَبِي لِحَاجَتِهِ حَتَّى إِذَا هَمَمْنَا أَنْ نُوَارِيَهُ فِي أَكْفَانِهِ، قَالَ أَبُوهُ لِأَبِي: دَعْنِي حَتَّى أَدْخُلَ عَلَيْهِ، فَأُوَدِّعُهُ، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ وَذَاكَ، قَالَ: فَدَخَلَ، فَأَكَبَّ عَلَيْهِ، فَسَمِعْنَاهُ، يَقُولُ: فَلَوْلَا حِبَالٌ لَمْ تُنِخْ بِي مَطِيَّتِي ... بِأَرْضٍ بِهَا الْحُمَّى بِوَرْدٍ وَصَالِبٍ وَقَائِلَةٌ أَرْدَاكَ وَاللَّهِ حُبُّهُ ... بِنَفسِي حِبَالٌ مِنْ خَلِيلٍ وَصَاحِبِ

فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهُمَا حَتَّى هَدَأَ صَوْتُهُ، فَقَالَ أَبِي: ادْخُلُوا عَلَى الرَّجُلِ، فَإِنِّي أَرَاهُ قَدْ مَاتَ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَوَجَدْنَاهُ قَدْ مَاتَ 616 - وَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: نَا يُوسُفَ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ، قَالَ: نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ سَعِيدٍ أَبِي سَعْدٍ الْبَقَّالِ مَوْلَى حُذَيْفَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ، قَالَتْ: §فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابِهِ، وَوَجْهٌ كَأَنَّمَا دِيفَ عَلَيْهِ الرِّدْنِيخُ، إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، وَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ يُطْرِقُ، فَيَعْرِفُ أَصْحَابُهُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَجَعَلُوا يَنْظُرُونَ إِلَى وَجْهِهِ، وَهُوَ يَتَهَلَّلُ وَيَسْفِرُ، فَلَمَّا قَضَى الْوَحِيُّ قَالَ: «أَبْشِرْ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَ ابْنَتِكَ فَوْقَ رَأْسِهَا، فَانْطَلِقْ إِلَيْهَا فَبَشِّرْهَا» . قَالَتْ: وَقَرَأَ عَلَيْهِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيَّ مِنْ آيَةِ الْمُحْكَمِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] إِلَى آخِرِ السَّبْعِ الْآيَاتِ، قَالَتْ: فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ مُسْرِعًا إِنْ كَادَ لَيَنْكَبُّ مِنَ الْفَرَحِ وَالسُّرْعَةِ حَتَّى أَتَانِي، فَقَالَ: أَبْشِرِي يَا هَنْتَاهُ، أَوْ يَا بُنَيَّةُ، بِأَبيِ أَنْتِ وَأُمِّي، قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَكِ وَعُذْرَكِ، قُلْتُ: بِحَمْدِ اللَّهِ لَا بِحَمْدِكَ

أببأب الدَّوْفُ: خَلْطُكَ الزَّعْفَرَانَ بِالْمَاءِ، تَقُولُ: دُفْتُهُ بِالْمَاءِ أَدُوفُهُ دَوْفًا. وَقَوْلُهُ: فَوْقَ رَأْسِهَا يَعْنِي أَنَّ بَرَاءَتْهَا بَيِّنَةٌ، وَعُذْرَهَا وَاضِحٌ، لِنُزُولِ الْقُرْآنِ، فَهُوَ يُتْلَى فِي الْمَسَاجِدِ، وَيَظْهَرُ فِي الْآفَاقِ، فَشَبَّهَهُ بِالسَّوْمَةِ عَلَى الرَّأْسِ أَوِ الْغُرَّةِ الشَّادِخَةِ الَّتِي لَا تَخْفَى عَلَى مُتَأَمِّلٍ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْأَعْشَى: . . . . . . . . . . . . . . . . . ... يَكُنْ مَا أَسَاءَ نَارًا عَلَى رَأْسِ كَبْكَبَا

وَقَالَتِ: الْخَنْسَاءُ: . . . . . . . . . . . . . . . . ... كَأَنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِهِ نَارُ وَإِنْ كَانَتِ الرِّوَايَةُ كَمَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ: «قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَكِ مِنْ فَوْقِ رَأْسِكِ» ، فَمَعْنَاهُ أَنَّ عُذْرَهَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: إِنَّ الْجَبَانَ حَتْفُهُ مِنْ فَوْقِهِ، يَعْنُونَ مِنَ السَّمَاءِ بِقَدَرٍ. 617 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، قَالَ: نَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: §لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ حُمَّ أَصْحَابُهُ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ يَعُودُهُ، فَقَالَ: «كَيْفَ تَجِدُكَ يَا أَبَا بَكْرٍ» ؟ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحُ فِي أَهْلِهِ ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ وَدَخَلَ عَلَى عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ، فَقَالَ: «كَيْفَ تَجِدُكَ» ؟ ، فَقَالَ: وَجَدْتُ طَعْمَ الْمَوْتِ قَبْلَ ذَوْقِهِ إِنَّ الْجِبَان حَتْفُهُ مِنْ فَوْقِهِ وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: كُلُّ امْرِئٍ مُجَاهِدٌ بِطَوْقِهِ كَالثَّوْرِ يَحْمِي جِلْدَهُ بِرَوْقِهِ يَقُولُ: كُلُّ امْرِئٍ مَكلَّفٌ مَا أَطَاقَ، قَالَتْ: وَدَخَلَ عَلَى بِلَالٍ، فَقَالَ: «كَيْفَ تَجِدُكَ» ؟ ، فَقَالَ: أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنْ ... لَيْلَةً بِفَخِّ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ

وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِياهَ مَجَنَّةٍ ... وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفيلُ

وَالرَّجَزُ الَّذِي تَمَثَّلَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُهُ حَكِيمٌ النَّهْشَلِيُّ يَوْمَ الْوَقِيطِ. وَقَوْلُهُ: يُنْكَبُ مِنَ الْفَرَحِ، أَيْ تَنْكُبُ رِجْلَيْهِ الْحِجَارَةُ مِنَ السُّرْعَةِ وَالْعَجَلَةِ، يُقَالُ: نَكْبٌ، فَهُوَ مَنْكُوبٌ، وَلَا يُقَالُ: نَكِبَ، إِنَّمَا يُقَالُ: نَكَبَ يَنْكُبُ إِذَا قَالَ، وَالِاسْمُ مِنَ الْأَوَّلِ: النَّكْبَةُ. وَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: يُقَالُ: لَيْسَ دَونَ هَذَا الْأَمْرِ نَكْبَةٌ وَلَا ذُبَّاحٌ، وَالنَّكْبَةُ: أَنْ يَنْكُبَكَ الْحَجَرُ، وَالذُّبَّاحُ: شِقٌّ يَكُونُ فِي بَاطِنِ أَصَابِعِ الرِّجْلِ. 618 - نَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، قَالَ: نَا الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبًا الْبَجَلِيَّ، يَقُولُ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ، فَنُكِبَتْ إِصْبَعُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§هَلْ أَنْتَ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ» وَقَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ: الرَّجَزُ الْمَشْطُورُ وَالْمَنْهُوكُ لَيْسَا مِنَ الشِّعْرِ، فَقِيلَ: فَمَا هُمَا؟ ، قَالَ: أَنْصَافٌ مُسَجَّعَةٌ، قَالَ اللَّيْثُ: وَلَمَّا رَدُّوا عَلَى الْخَلِيلِ قَوْلَهُ: إِنَّ الْمَشْطُورَ لَيْسَ مِنَ الشِّعْرِ، قَالَ الْخَلِيلُ: لَأَحَتَّجَّنَ عَلَيْهِمْ بِحُجَّةٍ إِنْ لَمْ يُقِرُّوا بِهَا كَفَرُوا، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ لَا يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ الشِّعْرُ، قَالَ: فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: سَتُبْدِي لَكَ الْأَيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِلَا. وَيَأْتِيَكَ مَنْ لَمْ تُزَوَّدْ بِالْأَخْبَارِ، وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ النِّصْفَ الْأَوَّلَ الَّذِي جَرَى عَلَى لِسَانِهِ لَا يُكُونُ إِلَّا بِتَمَامِ النِّصْفِ الثَّانِي عَلَى لَفْظِهِ وَعَرُوضِهِ، فَالرَّجَزُ

الْمَشْطُورُ مِثْلُ ذَلِكَ النِّصْفِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ أَنْتَ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ

فَهَذَا عَلَى الْمَشْطُورِ، وَلَوْ كَانَ شِعْرًا مَا جَرَى عَلَى لِسَانِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69] . قَالَ اللَّيْثُ: فَعَجِبْنَا مِنْ قَوْلِهِ حِينَ سَمِعْنَا حُجَّتَهُ.

619 - نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَنَا مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ، قَالَ: نَا وَكِيعُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، قَالَ: تَمَثَّلَ مَسْرُوقٌ بِبَيْتِ شِعْرٍ، فَسَكَتَ عَنْ آخَرِهِ، فَقَالَ: §مَا أُحِبّ أَنْ يُكْتَبَ فِي صَحِيفَتِي بَيْتُ شِعْرٍ. وَفِي حَدِيثِ الْإِفْكِ قَالَتْ عَائِشَةُ: «فَقَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّهُ» ، أَيِ ارْتَفَعَ، وَيُقَالُ: قَلَصَ الظِّلُّ يَقْلِصُ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: قَلَصَ الْمَاءُ إِذَا ارْتَفَعَ فِي الْبِئْرِ، فَهُوَ مَاءٌ قَلِيصٌ، قَالَ الرَّاجِزُ: يَا رِيَّهَا مِنْ بَارِدٍ قَلاصِ قَدْ جَمَّ حَتَّى هَمَّ بِانْقِيَاصِ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

. . . . . . . . . . . . . ... بَلَاثِقُ خُضْرٌ مَاؤُهُنَّ قَلِيصُ بَلَاثِقُ: كَثِيرَةُ النَّدَى، وَهِيَ قَلَصَةُ الْبِئْرِ، وَجَمْعُهَا قَلَصَاتٌ لِلْمَاءِ الَّذِي يَجِمُّ فِيهَا وَيَرْتَفِعُ، وَلَا يُقَالُ: أَقْلَصَ، إِنَّمَا يُقَالُ: أَقْلَصَ الْبَعِيرُ إِذَا ظَهَرَ سِنَامُهُ شَيْئًا 620 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ: «§مَا تَصَدَّقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ عُرْضِ بَيْتِهَا فَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا شِطْرَانِ» . حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: نَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: نَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْحٍ، قَالَ: أَنَا أَبُو الزَّبَيْرِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ

قَوْلُهُ: «مِنْ عُرْضِ بَيْتِهَا» ، يَعْنِي مِنْ نَاحِيَتِهِ وَمَا أَمْكَنَ الْمُسْتَعْرِضُ مِنْهُ، يُقَالُ: عُرْضُ كُلِّ شَيْءٍ: مَا اسْتَقْبَلَكَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ عُرْضُ النَّهْرِ وَالْمَاءِ، قَالَ الشَّاعِرُ: تَرَى الرِّيشَ عَنْ عُرْضِهِ طَامِيًا ... كَعَرْضِكَ فَوْقَ نِصَالٍ نِصَالَا يَصِفُ الْبِئْرَ أَوِ الْمَاءَ أَنَّ الرِّيشَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ طَامٍ كَمَا عَرَضْتُ أَنْتَ نِصَالًا فَوْقَ نِصَالِ، فَجَعَلْتُهُ كَالصَّلِيبِ، تَقُولُ مَنْ هَذَا الثَّانِي عَرَضَ يَعْرُضُ. 621 - نَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: نَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: نَا عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§أَطْفِئُوا الْمِصْبَاحَ وَاذْكُرُوا اللَّهَ،

وَخَمِّرُوا الْآنِيَةَ، وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا بِعُودٍ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ»

وَتَقُولُ اسْتَعْرَضْتُ الشَّيْءَ، إِذَا أَخَذْتُ فِي عُرْضٍ مِنْهُ 622 - أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَمْروِ بْنِ مُهَاجِرٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ " §يُصَلِّي عَلَى سَطْحٍ مُطِلٍّ عَلَى الْمَسْجِدِ فِي رَمَضَانَ، وَيُوتِرُ بِوِتْرِنَا، وَكَانَ الْقُرَّاءُ يَقْرَءُونَ عَشْرًا عَشْرًا، فَإِذَا خَتَمُوا اسْتَعْرَضُوا فَقَرَءُوا مِنْ حَيْثُ شَاءُوا

623 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: " §أَنَّهَا شَوَّفَتْ جَارِيَةً، وَطَافَتْ بِهَا، وَقَالَتْ: لَعَلَّنَا نَتَصَيَّدُ بِهَا بَعْضَ شَبَابِ قُرَيْشٍ. حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا وَكِيعٌ، قَالَ: نَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ عِمْرَانَ رَجُلٍ مِنْ زَيْدِ اللَّهِ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنْهُمْ، عَنْ عَائِشَةَ يُقَالُ: شُفْتُ الْمَرْأَةَ وَشَوَّفْتُهَا: إِذَا جَلَوْتُهَا وَزَيَّنْتُهَا، قَالَ الرَّاعِي:

كَشَفْنَ الخُدُودَ إِذْ عَرَفْنَ تَحِيَّتِي ... وَشُفْنَ الْوُجُوهَ اجْتَلَيْنَ الْمَرَائِيَا مِنْهُ قَوْلِ الْأَعْشَى: . . . . . . . . . . . . . . . . . . ... أَوْ دُرَّةٍ شِيفَتْ إِلَى تَاجِرِ أَيْ عِنْدَ تَاجِرٍ، وَدِينَارٌ مُشَوَّفٌ، مَجْلُوٌّ، وَأَنْشَدَ: دَنَانِيرُ مِمَّا شِيفَ فِي أَرْضِ قَيْصَرَا. وَتَشَوَّفَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا تَزَيَّنَتْ وَظَهَرَتْ، وَتَشَوَّفَتِ الْأَوعَالُ إِذَا ظَهَرَتْ عَلَى مَعَاقِلِ الْجِبَالِ فَأَشْرَفَتْ. وَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: وَعِيطٍ كَأَسْرَابِ الْخُرُوجِ تَشَّوفَتْ مَعَاصِرُهَا وَالْعَاتِقَاتُ الْعَوانِسُ الْعِيطُ: الْإِبِلُ، وَوَاحِدُ الْأَسْرَابِ سِرْبٌ، وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الظِّبَاءِ وَالْقَطَا وَالنِّسَاءِ، تَشَوَّفَتْ: تَزَيَّنَتْ، وَوَاحِدُ الْمَعَاصِرِ: مُعْصِرٌ، وَهِيَ الْجَارِيَةُ حِينَ أَدْرَكَتْ، يُقَالُ أَعْصَرَتْ إِعْصَارًا، قَالَ الرَّاجِزُ: جَارِيَةٌ فِي سَفَوانَ دَارُهَا قَدْ أَعْصَرَتْ أَوْ قَدْ دَنَا إِعْصَارُهَا زَادَنَا غَيْرُهُ: يَطِيرُ مِنْ غُلْمَتِهَا إِزَارُهَا. وَالْخُرُوجُ: الْعِيدُ.

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: 624 - نَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: نَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا يَحْيَى، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، قَالَ: نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ لَهُ رَجُلٌ: " §شَهِدْتَ الْخُرُوجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَوْلَا مَكَانِي مِنْهُ مَا شَهِدْتُهُ "، يَعْنِي مِنْ صِغَرِهِ

نَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي خَلَفٌ: §وَلَيْسَتْ بِأَسْوَاقٍ يَكُونُ بِيَاعُهَا ... بِبيِضٍ تُشَافُ بِالْجِيَادِ الْمَثَاقِلِ وَلَكِنَّهَا سُوقٌ يَكُونُ بِيَاعُهَا ... بِجُنْثِيَّةٍ قَدْ أَخْلَصَتْهَا الصَّياقِلُ قَالَ: وَالْجُنْثِيُّ: السَّيْفُ بِعَيْنِهِ، وَقَالَ أَبُو عُبْيَدَةَ: الْجنْثِيُّ، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ مِنْ أَجْوَدِ الْحَدِيدِ، وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْجنْثِيُّ: الْقَيْنُ 625 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «§لَوْ كُلِّمَ النَّاسُ عَنْ جَاحِمِ الْجَمْرِ، لَقَالَ قَائِلٌ لَوْ ذُقْتُهُ» . يُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ يُقَالُ: جَحَمَتِ النَّارُ تَجْحَمُ جُحُومًا، وَهُوَ تَوَقُدُّهَا، وَجَاحِمُ الْحَرْبِ هُوَ شِدَّةُ الْقِتَالِ فِي مَعْرَكَتِهَا، وَقَالَ: الْحَرْبُ لَا يَبْقَى لِجَاحِمِهَا ... التَّخَيُّلُ وَالْمَرَاحُ إِلَّا الْفَتَى الصَّبَّارُ فِي ... النَّجَدَاتِ وَالْفَرَسُ الْوَقَاحُ

626 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ: " أَنَّهَا سُئِلَتْ §عَنْ رَجُلٍ كَانَ يُعْلِفُ أَفْرَاسًا لَهُ بِالْمَدَائِنِ، فَرَكَضَتْ فَرَسٌ مِنْهَا بِرِجْلِهَا، فَأَصَابَ رِكَازًا، فَأَخَذَ خُمُسَهُ، فَأَتَى بِهِ صَاحِبَ الْمَدَائِنِ، فَأَخَذَهُ بِالْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ الْبَاقِيَةِ، فَقَالَتْ: الْكَثْكَثُ فِي فِيهِ، الْكَثْكَثُ فِي فِيهِ ". أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُلِيٍّ، قَالَ: نَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ قَالَ الْكِسَائِيُّ: الْكَثكَثُ: الْحِجَارَةُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: دُقَاقُ التُّرَابِ، يُقَالُ فِي مَثَلٍ:

بِفِيكَ الْكَثْكَثُ وَلَكَ الْإِثْلِبُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْإِثْلِبُ: الْحِجَارَةُ، وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلَعَاهِرِ الْأَثْلَبُ وَالْإِثْلِبُ. وَبِفِيكَ الْكِثْكِثُ وَالْكَثْكَثُ، أَيِ التُّرَابُ حِجَارَةٌ، وَتُرَابٌ جَمِيعًا. وَقَالَ يَعْقُوبُ: فِيهِ لُغَتَانِ: الْإِثْلِبُ، وَالْأَثْلَبُ، أَيْ حِجَارَةٌ وَتُرَابٌ جَمِيعًا. 627 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا الَّذِي يُحَدِّثُهُ عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ، وَمَعَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَتْ: " يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْتَ الَّذِي تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §أَنَّ امْرَأَةً عُذِّبَتْ فِي النَّارِ مِنْ جَرَّى هِرَّةٍ، لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ سَقَتْهَا، وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ شَيْئًا حَتَّى مَاتَتْ؟ ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ مِنْهُ،

يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ يُعَذِّبَهُ مِنْ جَرَّى هِرَّةٍ، أَمَا إِنَّ الْمَرْأَةَ مَعَ ذَلِكَ كَانَتْ كَافِرَةً، يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَإِذَا حَدَّثْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْظُرْ كَيْفَ تُحَدِّثُ ". حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: نَا أَبُو أَحْمَدَ مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: نَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: نَا أَبُو عَامِرٍ صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ، قَالَ: نَا سَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ

قَوْلُهَا: مِنْ جَرَّى هِرَّةٍ، تَعْنِي مِنْ أَجْلِهَا، قَالَ الشَّاعِرُ: فَأَصْبَحْتُ مِنْ جَرَّاكَ أُغْضِي عَلَى الْقَذَى ... بِعَيْنِي عَلَى مَا لَمْ أَكُنْ أَتَعَوَّدُ وَتَقُولُ: فَعَلْتُ هَذَا الْأَمَرَ مِنْ أَجْلِكَ وَمِنْ جَرَّاكَ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: تَقُولُ خَفَّتْ جَرِيرَةُ فُلَانٍ وَجَرَّاهُ، وَهُمَا وَاحِدٌ، وَقَالَ الشَّاعِرُ: وَمَنْ أَجْلِ جَرَّاهَا ظَلَلْتَ كَأَنَّمَا ... أُقلبُ فِي عَيْنِي عُوَّار أَرْمَدَا وَالْعُوَّارُ: الْقَذَى يَدْخُلُ فِي الْعَيْنِ، يُقَالُ: أَجَلْتُ عَلَيْهِ أَجِلَ أَجْلًا، وَهُوَ مِثْلُ الْجَرِيرَةِ،

وَقَالَ تَوْبَةُ بْنُ الْمَالِكِيِّ: فَإِنْ تَكُ أُمُّ ابْنِي رُمَيْلَةُ أُثْكِلَتْ ... فَيَارُبَّ أُخْرَى قَدْ أَجَلْتُ لَهَا ثُكْلَا وَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ السَّجِسْتَانِيِّ، قَالَ: يُقَالُ: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَبَعْضُهُمْ، يَقُولُ: مِنْ إِجْلِ ذَلِكَ بِكَسْرِ الْأَلِفِ، وَمِنْ جَرَّى ذَلِكَ مَقْصُورٌ مُشَدَّدُ الرَّاءِ، قَالَ الْحَارِثُ بْنُ حِلَّزَةَ: أَعَلَيْنَا جَرَّى حَنِيفَةَ أَمْ مَا ... جُمِّعَتْ مِنْ مُحَارِبٍ غَبْرَاءُ «وَخَشَاشِ الْأَرْضِ» : صِغَارُ دَوَابِّهَا، وَقَالَ: فَكُلْ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ مَا أَنْتَ آكِلُ. 628 - نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: نَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «§عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، لَا أَطْعَمَتْهَا، وَلَا سَقَتْهَا، وَلَا أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا» .

وَيُرْوَى فِي حَدِيثٍ آخَرَ: «وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا فَتَأْكُلُ مِنْ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ» وَالْحَشَرَةُ مَا كَانَ مِنْ صِغَارِ دَوَابِّ الْأَرْضِ مِثْلُ الْيَرَابِيعِ وَالْقَنَافِذِ وَالضِّبَابِ وَنَحْوِهَا، وَهُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لَا يُفْرَدُ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا: هَذَا مِنَ الْحَشَرَةِ. وَأَخْبَرَنَا الْهَجَرِيُّ، قَالَ: الْحَشَرَاتُ مَا أَكَلَ مِنْ أَجْنَاءِ الشَّجَرِ. قَالَ قُطْرُبٌ: يُقَالُ: الْحَشَرَاتُ وَالْحَنَشَاتُ، وَمِنْهُ قِيلَ: رَجُلٌ مَحْنُوشٌ إِذَا كَانَ مَغْمُوزُ النَّسَبِ، قَالَ غَيْرُهُ: وَمِنَهُ قِيلَ: رَجُلٌ مُحَشَّرٌ إِذَا كَانَ مُحَقَّرًا، أَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَاءَ الْعَابِدِيُّ لِخَفَّافِ بْنِ نُدْبَةَ: كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ مَا تُطْعِمُونَهُ ... سِوَى الْمُدِينِ تَمْرٌ أُحِيطَتْ أَطَايِبُهْ فَأَصْبَحْتُ شَيْخًا فِي قَطَاةٍ مُحَشَّرًا ... وَأَصْبَحَتِ الرَّيَانُ تَعْوِي ثَعَالِبُهْ

وَإِنَّ حُضَيْرًا وَالَّتِي قَدْ أَرَاهَا ... حُضَيْرٌ كَرَاءٍ حَتْفِهِ وَهُوَ شَارِبُهُ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُحَسَّرَ بِالسِّينِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ. وَيُرْوَى فِي حَدِيثٍ: يَخْرُجُ فِي آخِرَ الزَّمَانِ رَجُلٌ يُسَمَّى أَمِيرُ الْغَضَبِ أَوْ أَمْيرُ الْعَصَبِ، أَصْحَابُهُ مُحَسَّرُونَ مُحَقَّرُونَ، مُقَصَّوْنَ عَنْ أَبْوَابِ السُّلْطَانِ وَمَجَالِسِ الْمُلُوكِ، يَأْتُونَهُ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ، كَأَنَّهُمْ قَزَعُ الْخَرِيفِ، يُوَرِّثُهُمُ اللَّهُ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا. قَالَ: وَيُقَالُ: رَجُلٌ مُحَسَّرٌ، مُحَقَّر مُؤَذِّي. 629 - وَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: نَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: " §مَنْ ذَبَحَ عُصْفُورًا عَبَثًا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعِجُ، قَالَ: لَمْ يَذْبَحَنِي فَيَأْكُلْنِي، وَلَمْ يَدَعْنِي أَعِيشُ فِي حَشَرَاتِهَا

«وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا» إِنْ كَانَ الْوَحْيُ لَيَنْزِلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا وَإِيَّاهُ تَحْتَ لِحَافٍ وَاحِدٍ ".

قَالَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ: إِذَا كَانَتْ إِيَّاهُ بِمَعْنَى مَعَهُ، أَضْمَرُوا هُنَالِكَ فِعْلًا، يَنْصِبُونَ بِهِ، كَأَنَّ مَعْنَاهُ، وَأَنَا أُضَاجِعُهُ، فَقَامَتْ إِيَّاهُ، مُقَامَ الْهَاءِ، كَقَوْلِهِمْ: جَاءَ الْبَرْدُ وَالطَّيَالِسَةَ، فَنُصِبَتْ عَلَى مَعْنَى، جَاءَ الْبَرْدُ، وَلَبِسَ النَّاسُ الطَّيَالِسَةَ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا عُوتِبَتْ فِي شِدَّةِ الْبُكَاءِ عَلَى أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَتْ «مَا تَرَوْنَ أَكْبَادَنَا إِلَّا مِثْلَ أَكْبَادِ الْإِبِلِ» . وَلِلْعَرَبِ فِي الْإِبِلِ وَجْهَانِ، فَتَارَةً تَصِفُهَا بِالْقَسْوَةِ وَالْجَلَادَةِ، مِنْهَا قَوْلُ عَائِشَةَ الَّذِي ذَكْرَنَاهُ، وَأَنْشَدَ أَبُو حَاتِمٍ: سَقْيًا وَرَعْيًا وَإِيمَانًا وَمَغْفِرَةً ... لِلْبَاكِيَاتِ عَلَيْنَا يَوْمَ نَرْتَحِلُ يُبْكَى عَلَيْنَا وَلَا نَبْكِي عَلَى أَحَدٍ ... أَنَحْنُ أَغْلَظُ أَكْبَادًا أَمِ الْإِبِلُ قَالَ: وَمَرَّةً تَصِفُهَا بِالرِّقَّةِ وَالْحَنِينِ، فَمِمَّنْ وَصَفَ الْإِبِلَ بِالرِّقَّةِ وَالْحَنِينِ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ فِي قَوْلِهِ: وَمَا وَجْدُ أَظْآرٍ ثَلَاثٍ رَوَائمٍ ... رَأْيَنَ مَجَرًّا مِنْ حُوَارٍ وَمَصْرَعَا يُذَكِّرْنَّ ذَا الْبَثِّ الْحَزِينَ بِبَثِّهِ ... إِذَا حَنَّتِ الْأُولَى صَدَحْنَ لَهَا مَعَا بِأَوْجَعَ مِنِّي يَوْمَ فَارَقْتُ مَالِكَا ... وَقَامَ بِهِ النَّاعِي الرَّفِيعُ فَأَسْمَعَا وَأَنْشَدَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ: وَتَفَرَّقُوا بَعْدَ الْجَمِيعِ لِطِيَّةٍ ... لَابُدَّ أَنْ يَتَفَرَّقَ الْجِيرَانُ لَا تَصْبِرُ الْإِبِلُ الْجِلَادُ عَلَى الْهَوَى ... حَتَّى تَحِنَّ وَيَصْبِرُ الْإِنْسَانُ

وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَا أَرْزَمَتْ أَمُّ حَائِلٍ. أَيْ حَنَّتْ فِي إِثْرِ وَلَدِهَا، وَهِيَ الْمُرْزِمَةُ. 632 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: §" قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، وَهُمْ يَبْكُونَ فِي مَنَاوِحِهِمْ بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ: أَلَا مَا لِهَذَا الْبَيْتِ لَيْسَ لَهُ أَهَلٌ ... تَجَنَّبْتَهُ قَدْ كُنْتَ تَأْلَفُهُ قَبْلِ أَلَا تِلْكَ أُمِّي لَا أُلِمَّ بِبَيْتِهَا ... يَدَ الدَّهْرِ إِلَّا قَائِمًا أَوْ عَلَى رِجْلِ وَلَوْ أَنَّنِي كُنْتُ الْمَرِيضَ لَأَيْقَظَتْ ... بَنِيهَا وَمَا نَامَتْ وَلَا فَعَلَتْ فِعْلِ أَجَارَتَنَا لَا تَبْعَدِي خَيْرَ جَارَةٍ ... أَبَرَّ وَأَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ طِفْلِ " حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نَا هَارُونُ بْنُ مُوسَى الْفَرَوِيُّ مِنْ وَلَدِ أَبِي عَلْقَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو غَزِيَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، إِلَّا أَنَّ مُوسَى، قَالَ لَنَا: بِذَا الدَّهْرِ

وَإِنَّمَا هُوَ «يَدُ الدَّهْرِ» ، وَيَدُ الدَّهْرِ: مَدُّ زَمَانِهِ، يَقُولُ: لَا أَفْعَلُ ذَلِكَ يَدَ الدَّهْرِ، أَيْ أَبَدًا، وَأَنْشَدَ لِبَعْضِ الْمُحْدِثِينَ: مَاذَا عَلَى مُشْتَمِّ قَبْرِ مُحَمَّدٍ ... أَلَا يَشُمَّ يَدَ الزَّمَانِ غَوَالِيَا صُبَّتْ عَلَيَّ مُصِيبَةٌ لَوْ أَنَّهَا ... صُبَّتْ عَلَى الْأَيَّامِ عُدْنَ لَيَالِيَا. 633 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «§كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْشِيٌّ، إِذَا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعِبَ وَاشْتَدَّ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا أَحَسَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ دَخَلَ رَبَضَ، فَلَمْ يَتَرَمْرَمُ مَا دَامَ فِي الْبَيْتِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُؤْذِيهِ» . حَدَّثَنَاهُ أَبُو الْعَلَاءِ، قَالَ: نَا أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: نَا يُونُسَ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . يُقَالُ: تَرَمْرَمَ الرَّجُلُ، إِذَا حَرَّكَ فَاهُ لِلْكَلَامِ، وَلَمَّا يَتَكَلَّمُ، قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ يَصِفُ مَلِكًا: إِذَا تَرَمْرَمَ أَغْضَى كُلُّ جَبَّارِ وَقَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ: وَمُسْتَعْجِبٍ مِمَّا يَرَى مِنْ أَنَاتِنَا ... وَلَوْ زَبَنَتْهُ الْحَرْبُ لَمْ يَتَرَمْرَمِ أَيْ: لَمْ يَتَحَرَّكْ. 634 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَقَالَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِنْ آلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: §إِذَا وَلَدَتِ امْرَأَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ نَحَرْنَا جَزُورًا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: «لَا، بَلِ السُّنَّةُ شَاتَانِ مُكَافَأَتَانِ عَلَى الْغُلَامِ، وَعَلَى الْجَارِيَةِ شَاةٌ تُطْبَخُ جُدُولًا، وَلَا يُكْسَرُ عَظْمٌ» . حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: نَا عَطَاءٌ، قَالَ: قَالَتِ امْرَأَةٌ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: الْجُدُولُ: الْأَعْضَاءُ، وَاحِدُهَا جَدْلٌ، وَأَنْشَدَ غَيْرُ أَبِي زَيْدٍ لِلْكُمَيْتِ:

مَتَى تَؤُبِ الْقِدَاحُ مُفَدَّيَاتٌ ... بِأَعْضَاءِ الْمَكَارِمِ وَالْجُدُولِ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: الْبَدْءُ، هُوَ الْعَظْمُ كَمَا هُوَ بِلَحْمِهِ، وَمِثْلُهُ: الْجَدْلُ، وَجَمْعُهُ، الْجُدُولُ، وَالْبَدْءُ مَهْمُوزٌ جِمَاعُهُ الْبُدُوءُ وَالْأَبْدَاءُ.

حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: كُلُّ عَظْمٍ عَلَى حِدَةٍ لَا يُكْسَرُ وَلَا يُخْلَطُ، فَهُو جَدْلٌ وَوِصْلٌ وَكِسْرٌ، وَالْجَمِيعُ، جُدُولٌ وَكُسُورٌ، وَيُقَالُ: رَجُلٌ عَظِيمُ الْأَجْدَالِ وَالْكُسُورِ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَلَا بَكَرَتْ عِرْسِي بِلَيِلٍ تَلُومُنِي ... وَفِي يَدِهَا كِسْرٌ أَبَحٌّ رَذُومُ الْكِسْرُ: الْعَظْمُ الَّذِي لَمْ يُكْسَرْ، وَالْأَبَحُّ: السَّمِينُ، وَالرَّذُومُ: الْقَطُورُ مِنَ الدَّسَمِ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: كَأَنَّهُ نَحَرَ بَعِيرًا سَمِينًا، فَأَتَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَقَالَتْ: مِثْلُ هَذَا تَنْحُرُ؟ فَلَامَتْهُ وَعَتَبَتْ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ فِيهِ قَوْلٌ آخَرُ: أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّهَا فِي خِصْبٍ وَسَعَةٍ، وَهِيَ تَلُومُ وَلَا تَقْنَعُ، يَقُولُ: إِنَّمَا جَاءَتْهُ تَسْتَبْطِئُهُ، وَتَزْعُمُ أَنَّهَا ضَيِّقَةُ الْعَيْشِ، وَفِي يَدِهَا كِسْرٌ، فَقَالَ: كَيْفَ ضِقْتِ، وَفِي يَدِكِ مِثْلُ هَذَا. وَقَالَ الْأُمَوِيُّ: يُقَالُ لِعَظْمِ السَّاعِدِ مِمَّا يَلِي النِّصْفَ مِنْهُ إِلَى الْمِرْفَقِ كِسْرُ قَبِيحٌ وَأَنْشَدَ: وَلَوْ كُنْتَ عَيْرًا كُنْتَ عَيْرَ مَذَلَّةٍ ... وَلَوْ كُنْتَ كِسْرًا كَنْتَ كِسْرَ قَبِيحِ وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: الْقَبِيحُ: رَأْسُ الْعَضُدِ الَّذِي يَلِي الذِّرَاعَ، وَهُوَ أَقَلُّ الْعِظَامِ مُشَاشًا وَمُخًّا، وَإِذَا كُسِرَ لَمْ يُجْبَرْ.

635 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مَا عَلِمْتُ حَتَّى §دَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، وَهِيَ غَضْبَى، ثُمَّ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " حَسْبُكَ إِذَا قَلَبَتْ لَكَ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ ذُرَيِّعَتَيْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيَّ، فَأَعْرَضْتُ عَنْهَا، حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دُونَكِ، فَانْتَصِرِي، فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهَا، حَتَّى رَأَيْتُهَا قَدْ يَبَسَتْ رِيقَتُهَا فِي فَمِهَا، مَا تَرُدُّ عَلَيَّ شَيْئًا، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ " حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: نَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: نَا زَكَرِيَاءُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ الْبَهِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ

قَوْلُهَا: قَلَّبَتْ لَكَ ذُرَيِّعَتَيْهَا، تَعْنِي شَدَّتْ عَلَيْهِمَا قُلْبَيْنِ، وَالْقَلْبُ مِنَ الْأَسْوِرَةِ مَا كَانَ قَلَدًا وَاحِدًا، وَقَدْ يَكُونُ الْقَلْبُ مِنْ فِضَّةٍ، وَأَنْشَدَ: تَجُولُ خَلَاخِيلُ النِّسَاءِ وَلَا أَرَى ... لِرَمْلَةَ خَلْخَالًا يَجُولُ وَلَا قُلْبَا كَمَا تَقُولُ: وَقَّفَتْ رِجْلَيْهَا إِذَا حَلَّتْهُمَا بِوَقْفَيْنِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلضَّبُعِ: مُوَقَّفَةٌ وَمُذَرَّعَةٌ مِنَ التَّوْقِيفِ وَالتَّذْرِيعِ، قَالَ الشَّاعِرُ: شَجَجْنَا خَشْرَمًا فِي الرَّأْسِ عَشْرًا ... وَوَقَّفنَا هُرَيْمَةَ إِذْ أَتَانَا يُرِيدُ: ضَرَبْنَاهُ مَوْضِعَ الْوَقْفِ مِنَ السَّاقِ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْوَقْفُ: الْخَلْخَالُ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ مِنَ الذَّبْلِ، وَالتَّوْقِيفُ: الْبَيَاضُ وَالسَّوَادُ.

636 - وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: نَا ابْنُ مُعَاذٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §رَأَى فِي يَدِ عَائِشَةَ قُلْبَيْنِ مَلْوِيَّيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: «أَلْقِيهِمَا عَنْكِ، وَاجْعَلِي قُلْبَيْنِ مِنْ فِضَّةٍ وَصَفِّرِيهِمَا بِزَعْفَرَانَ»

هَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: مَلْوِيَّيْنِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُ مُلَوَّبَيْنِ، كَمَا قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدَةَ: مَحَالٌ كَأَجْوَازِ الْجَرَادِ وَلُؤْلُؤَةٌ ... مِنَ الْقَلَقِيِّ وَالْكَبِيسِ الْمُلَوَّبِ مَحَالٌ: شَذْرُ ذَهَبٍ، كَأَنَّهُ صُدُورُ الْجَرَادِ يُحْشَى مِسْكًا، وَالْقَلِقيِّ: نَسَبُهُ إِلَى شَيْءٍ، وَالْكَبِيسُ: حُلْيٌّ مُجَوَّفٌ. يُطْلَى وَيُحْشَى. . . . . . . . . وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْكَبِيسُ: الطَّيِّبُ فِي قَوَرِايرِهِ. وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدِ اسْتَتَرْتُ بِقِرامٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ» . الْقِرَامُ: ثَوْبٌ مِنْ صُوفٍ فِيهِ أَلْوَانٌ مِنَ الْعُهُونِ، وَهِيَ شُقَقٌ تُتَّخَذُ سِتْرًا، وَيُغَشَّى بِهَا هَوْدَجٌ أَوْكِلَّةٌ، وَالْجَمِيعُ: قُرُمُ، وَأَمَّا الْمِقْرَمَةُ فَهُوَ الْمَحْبَسُ نَفْسُهُ، يُقْرَمُ بِهِ الْفِرَاشُ، وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ: سَيُبْلِغُهُنَّ وَحَيُّ الْقَوْلِ عَنِّي ... وَيُدْخِلُ رَأَسَهُ تَحْتَ الْقِرَامِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعَصْرَ، وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا، لَمْ تَظْهَرْ بَعْدُ» . قَوْلُهَا: لَمْ تَظْهَرْ تَقُولُ: لَمْ تَذْهَبْ، وَلَمْ تَزُلْ، يُقَالُ: ظَهَرَ عَنِّي الشَّيْءُ إِذَا زَالَ: وَظَهَرَ عَلَيَّ، إِذَا لَزَمَنِي، وَمِنَ الذِّهَابِ قَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ:

وَعَيَّرَهَا الْوَاشُونَ أَنِّي أُحِبُّهَا ... وَتِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكِ عَارُهَا وَفِيهِ مَذْهَبٌ آخَرُ، يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. 639 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نَا أَبُو مُعَاوَيَةَ، قَالَ: أَنَا أَبُو عَاصِمٍ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: «§كَانَ عَلِيٌّ يُؤَخِّرُ الْعَصْرَ، حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ عَلَى الْحِيطَانِ»

640 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَقَالَ لَهَا مَسْرُوقٌ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، §هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ؟ ، فَقَالَ: لَقَدْ قَفَّ شَعَرِي مِمَّا قُلْتَ، أَيْنَ أَنْتَ مِنْ ثَلَاثٍ مَنْ حَدَّثَكَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ؟ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: لَا وَهُوَ يَدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ، فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} [لقمان: 34] ، وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ كَتَمَ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: {يَأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67] الْآيَةَ ". حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ، قَالَ: نَا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ

قَفَّ الشَّعَرُ: أَيْ قَامَ: وَذَلِكَ يَعْتَرِي مِنَ الْفَزَعِ، وَالرَّجُلُ تَأْخُذُهُ قَفَّةٌ، وَالْقَفَّةُ: الرَّعْدَةُ. 641 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا وَكِيعٌ، قَالَ: نَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءٍ الْخَرَاسَانِيِّ، عَنْ أُمَّ الدَّرْدَاءِ، قَالَتْ: «كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ §§يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ يَجِيءُ، وَلَهُ قَفْقَفَةٌ، فَيَسْتَدْفِئُ بِي، وَلَمْ أَغْتَسِلْ»

وَقَالَ الْخَطَّابُ بْنُ الْمُعَلَّى الْمَخْزُومِيُّ: إِيَّاكَ وَالْأَحَادِيثَ الْعَائِرَةَ الْمُسْتَشْنَعَةَ الَّتِي تُنْكِرُهَا الْقُلُوبُ، وَتَقِفُ لَهَا الْجُلُودُ. وَيُقَالُ: عَارَ الْفَرَسُ يَعِيرُ عِيَارًا، وَهُوَ ذِهَابُهُ، كَأَنَّهُ مُنْفَلِتٌ مِنْ صَاحِبِهِ، وَمِنْهُ قِيلَ: قَصِيدَةٌ عَائِرَةٌ، أَيْ سَائِرَةٌ، وَقَالَ: مَا قَالَتِ الْعَرَبُ بَيْتًا أَعْيَرَ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ: مَنْ يَلْقَ خَيْرًا يَحْمَدُ النَّاسُ أَمْرَهُ ... وَمَنْ يَغْوِ لَا يَعْدَمْ عَلَى الْغَيِّ لَائِمَا يَعْنِي بَيْتًا أَسَيرَ مِنْهُ.

وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: عَارَ الْبَعِيرُ يَعِيرُ عِيرَانًا وَعِيَارًا إِذَا كَانَ فِي شَوْلٍ، فَتَرَكَهَا وَانْطَلَقَ نَحْوَ أُخْرَى، يُرِيدُ الْقَرْعَ. 642 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «§إِذَا تَصَدَّقْتَ عَلَى السَّائِلِ، فَدَعَا لَكَ، فَادْعُ لَهُ بِمِثْلِ مَا دَعَا لَكَ، فَتَكُونُ دَعْوَةٌ بِدَعْوَةٍ، وَتَعْتُقُ صَدَقَتُكَ» . حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَاءَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ

قَوْلُهَا: تَعْتُقُ، أَيْ تَسْلَمُ وَتَنْجُو مَنْ أَنْ تَلْحَقَهَا نَقِيصَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُقَالُ عَتَقَتِ الشَّقْرَاءُ، أَيْ سَبَقَتْ وَتَقَدَّمَتْ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: وَسَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا، يَقُولُ: فُلَانٌ مِعْتَاقُ الْوَسِيقَةِ، أَيْ سَبَّاقٌ بِالْوَسِيقَةِ، يَعْنِي إِذَا طَرَدَ طَرِيدَةً أَنْجَاهَا وَسَلَمَ بِهَا. وَقَالَ غَيْرُ الْأَصْمَعِيِّ: يُقَالُ مِنْهُ: عَتَقَتْ تَعْتُقُ عَتْقًا. قَالَ يَعْقُوبُ: قَدْ عَتَقَتْ تَعْتُقُ عِتْقًا. وَقَالَ يَعْقُوبُ: قَدْ عَتَقَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ، أَيْ تَقَدَّمَتْ وَوَجَبَتْ، وَقَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ: عَلَيَّ أَلِيَّةٌ عَتَقَتْ قَدِيمًا ... فَلَيْسَ لَهَا وَإِنْ طُلِبَتْ مَرَامُ

643 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «§تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَيَّ حَوْفٌ، فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ تَزَوَّجَنِي، فَأَلْقَى عَلَيَّ الْحَيَاءَ» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: نَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، قَالَ: نَا أَبُو سَعْدٍ، قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: قَالَ سُفْيَانُ: الْحَوفُ: ثِيَابٌ مِنْ سُيُورَةٍ، تُلَبِّسُهَا الْأَعْرَابُ نِسَاءَهُمْ. وَقَالُوا: سَيْرٌ وَسُيُورَةٌ كَمَا قَالُوا: عَيْرٌ وَعُيُورَةٌ لِلذَّكَرِ مِنْ حُمُرِ الْوَحْشِ، وَخَيْطٌ

وَخُيُوطَةٌ، قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ صَهِيلَ الْفَرَسِ: تَرَى النُّعَرَاتَ الْخُضْرَ تَحْتَ لَبَانِهِ ... أُحَادَ وَمَثْنَى أَصْعَقَتْهَا صَوَاهِلُهُ فَرِيسًا وَمَغْشِيًا عَلَيْهِ كَأَنَّهُ ... خُيُوطُةُ مَارِيِّ لَوَاهُنَّ فَاتِلُهُ النُّعَرَةُ: الذُّبَابَةُ، وَالْمَارِيُّ: الْكِسَاءُ، شَبَّهَ النُّعَرَاتِ لِلْخطُوُطِ الَّتِي فِيهَا بِهَذَا الْكِسَاءِ الْمُخَطَّطِ بِسَوَادٍ وَبَيَاضٍ، وَيُقَالُ: الْمَارِيُّ: صَائِدُ الْقَطَا شَبَّهَهَا بِالْخُيُوطِ الَّتِي تَكُونُ فِي شَبَكَتِهِ وَالْقَطَاةِ، يُقَالُ لَهَا: مَارِيَّةُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْحَوْفِ: هُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الرَّهْطُ، وَهُوَ أَدِيمٌ يُقْطَعُ كَقَدْرِ مَا بَيْنَ الْحَجْزَةِ إِلَى الرُّكْبَةِ، ثُمَّ يُشَقَّقُ، كَأَمْثَالِ الشَّرَكِ تَلْبَسُهُ الْجَارِيَةُ، وَأَنْشَدَ: مَتَى مَا أَشَأْ غَيْرَ هَزْلِ الرِّجَالِ ... أَجْعَلْكَ رَهْطًا عَلَى حِنْبِضِ الْحِنْبِضُ: الْجَارِيَةُ، سَمِعْتُ الْهَجَرِيَّ يَقُولُ ذَلِكَ، وَيُقَالُ: هِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ أَوْ سَبْعٍ، وَزَعَمَ أَنَّ رِوَايَةَ مَنْ يَرْوِيهِ، حُيَضٌ تَصْحِيفٌ وَجَمْعُهُ رِهَاطٌ، وَالْعَدَدُ أَرْهِطَةٌ.

644 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا قَالَتْ فِي حَدِيثِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي «§أَوَ قَدْ عَدَلْتُمُونَا بِالْكَلْبِ وَالْحِمَارِ، فَلَقَدْ كُنْتُ أُرَانِي عَلَى السَّرِيرِ مُضْطَجِعَةً، فَيَجِيءُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عَلَيْهِ، فَيَتَوَسَطُهُ، فَيُصَلِّي عَلَيْهِ، فَأَكْرَهُ أَنْ أَسْنَحَهُ، فَأمُرُّ مَنْ تِلْقَاءِ رِجْلِي حَتَّى أَخْرُجَ مِنْ لِحَافِي» . حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نَا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: نَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ قَوْلُهَا: فَأَكْرَهُ أَنْ أَسْنَحَهُ فَإِنَّ ابْنَ الْهَيْثَمِ، حَدَّثَنِي عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ حَبِيبٍ يَسْأَلُ رُؤْبَةَ عَنِ السَّانِحِ

وَالْبَارِحِ، فَقَالَ: السَّانِحُ مَا وَلَّاكَ مَيَامِنَهُ، وَالْبَارِحُ: مَا وَلَّاكَ مَشَائِمَهُ، وَأَنْشَدَنَا يَعْقُوبُ بَيْتَ زُهَيْرٍ: جَرَتْ سُنُحًا فَقُلْتُ لَهَا أَجِيزِي ... نَوًى مَشْمُولَةٌ فَمَتَى اللِّقَاءُ قَالَ: السُّنُحُ: جَمْعُ سَانِحٍ وَسَنِيحٍ، وَهِيَ مِنَ الظِّبَاءِ وَالطَّيْرِ مَا أَتَاكَ عَنْ مَشَائِمِكَ، فَوَلَّاكَ مَيَامِنَهُ، وَأَهْلُ نَجْدٍ يَتَيَمَّنُونَ بِهِ، وَأَهْلُ الْحِجَازِ يَتَشَاءَمُونَ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُ زُهَيْرٍ فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْهُذَلِيِّ: زَجَرْتَ لَهَا طَيْرَ السَّنِيحِ فَإِنْ تُصِبْ ... هَوَاكَ الَّذِي تَهْوَى يُصِبْكَ اجْتِنَابُهَا. وَالْبَوَارِحُ: جَمْعُ بَارِحٍ، وَهُوَ مَا أَتَاكَ عَنْ مَيَامِنِكَ، فَوَلَّاكَ مَشَائِمَهُ. وَأَهْلُ الْحِجَازِ يَتَيَمَّنُونَ بِهِ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ السَّانِحِ عَنْدَ أَهْلِ نَجْدٍ. وَقَوْلُهُ: مَشْمُولَةٌ: شَبَّهَهَا بِالسَّحَابِ الْمَشْمُولِ الَّذِي هَبَّتْ عَلَيْهِ الشِّمَالُ، فَكَشَطَتْهُ، أَيْ لَا مَطَرَ فِيهِ. وَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: مَشْمُولَةٌ، أَخَذُوا ذَاتَ الشِّمَالِ، يُقَالُ: شَمَلَ بِهِمْ وَيَمُنَ بِهِمْ، أَخَذَ ذَاتَ الشِّمَالِ، وَقَوْلُهُ: أَجِيزِي، قَالَ الْأَصْمَعِيُّ، يُقَالُ: أَجَزْتُ الْبَوَادِي إِذَا قَطَعْتَهُ وَخَلَّفْتَهُ، وَجُزْتَ إِذَا سِرْتَ فِيهِ، مِثْلُ مَعْنَى جَاوَزْتُ وَتَجَاوَزْتُ، وَقَالَ أَوْسُ بْنُ مَغْرَاءَ:

وَلَا يَرِيمُونَ فِي التَّعْرِيفِ مَوْقِفَهُمْ ... حَتَّى يُقَالُ أَجِيزُوا آلَ صَفْوَانَا يُرِيدُ صُوفَةَ بْنَ الْغَوْثِ، وَهُمْ أَهْلُ الْقَلَمَّسِ، وَكَانَ النَّاسُ لَا يَفِيضُونَ حَتَّى يَسْتَأْذُنُوهُمْ، فَيُجِيزُوهُمْ، وَكَانَ يُجِيزُ النَّاسَ مِنْ عَرَفَةَ آلُ صُوفَةَ بْنِ الْغَوْثِ بْنِ مُرٍّ، فَصَارَ هَذَا إِلَى شِجْنَةَ بْنِ عُطَارِدٍ، وَكَانَ يُجِيزُ النَّاسَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ أَبُو سَيَّارَةَ. وَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مُفَرِّغٍ: لَوْ كُنْتُ جَارَ بَنِي هِنْدٍ تَدَارَكَنِي ... عَوْفُ بْنُ نُعْمَانَ أَوْ عِمْرَانُ أَوْ مَطَرُ قَوْمٌ إِذَا حَلَّ جَارٌ فِي بُيُوتِهِمْ ... لَمْ يُسْلِمُوهُ وَلَمْ تَسْنَحْ لَهُ الْبَقَرُ وَخَالِدٌ قَالَ قَوْلًا قَدْ قَنِعْتُ بِهِ ... لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّى يَطْلُعُ الْقَمَرُ «لَمْ تَسْنَحْ لَهُ الْبَقَرُ» ، يَقُولُ: لَا يَتَطَيَّرُ، وَلَا يَفْزَعَ لِسَانِحٍ وَلَا بَارِحٍ، أَنَّى يَطْلُعُ الْقَمَرُ، يَقُولُ: لَوْ كَانَ لِي عَقْلٌ، قَالَ: وَمَثَلٌ لِلْعَرَبِ: مَنْ لِي بِالسَّانِحِ بَعْدَ الْبَارِحِ. وَفِي مَثَلٍ: إِنَّكَ لَكَبَارِحِ الْأَرْوَى قَلِيلًا مَا يُرَى، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَرْوَى يَكُونُ فِي أَعْلَى الْجِبَالِ لَا تَكَادُ تَنْزِلُ.

645 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا ذَكَرَتْ قَوْلَ لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ: §ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ ... وَبَقِيتُ فِي نَسْلٍ كَجِلْدِ الْأَجْرَبِ يَتَحَدَّثُونَ خِلَابَةً وَمَلَاذَةً ... وَيُعَابُ قَائِلُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَشْغَبِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: «فَكَيْفَ بِلَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ لَوْ أَدْرَكَ مَنْ أَنَا بَيْنَ ظَهْرَيْهِ» . حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، نَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ

الْمَلَاذَةُ: الِاسْتِتَارُ، يُقَالُ: إِذْ لَوْلَيْتَ اذْلِيلَاءَ، وَهُوَ انْطِلَاقٌ فِي اسْتِخْفَاءٍ. الْخِلَابَةُ: الْخِدَاعُ، قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ خَلَبَ نِسَاءَ فِي أَخْلَابِ نِسَاءٍ وَخُلَبَاءِ نِسَاءٍ، وَقَدْ خَلَبَهَا عَقْلَهَا يَخْلُبُهَا خَلَبًا إِذَا ذَهَبَ بِعَقْلِهَا. وَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يُحِبُّهُ النِّسَاءُ خِلْبُ نِسَاءٍ، شُبِّهَ بِالْخِلْبِ، وَهُوَ حِجَابُ الْقَلْبِ، وَأَنْشَدَ يَعْقُوبُ: . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ... وَشَرُ الرِّجَالِ الْخَالِبُ الْخَلَبُوتُ وَقَالَ الزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ: أَلَمْ أَكُ بَاذِلًا وُدِّي وَنَصْرِي ... وَأَصْرِفَ عَنْكُمُ ذَرَبِي وَلَغْبِي وَأَجْعَلَ كُلَّ مُضْطَعِفٍ أَتَانِي ... يَخَافُ الذُّلَّ بَيْنَ حَشًا وَخِلْبِ وَكَذَلِكَ طِلْبُ نِسَاءٍ، وَهُمْ أَطْلَابُ نِسَاءٍ، إِذَا كَانَ يَطْلُبُهُنَّ، وَكَذَلِكَ زِيرُ نِسَاءٍ، وَهُوَ الَّذِي يُحِبُّ أُنْسَ النِّسَاءِ أَوْ قُرْبَهُنَّ، وَلُزُومَهُنَّ، لِغَيْرِ شَرٍّ، وَجَمْعُهُ: الْأَزْوَارُ، وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا إِلَّا فِي النِّسَاءِ، وَيُقَالُ: هَذَا خِطْبُ فُلَانَةَ، وَجَمَاعَةُ الْأَخْطَابِ لِلَّذِينَ يَخْطُبُونَهَا، وَيُقَالُ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ أَيْضًا، هِيَ خِطْبُ فُلَانٍ وَهُنَّ أَخْطَابُ فُلَانٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُوَنَ خِلَابَةً مِنْ خَلَبْتُ الرَّجُلَ إِذَا انْتَقَصْتُهُ. 646 - وَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، قَالَ: نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، قَالَ: نَا عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: نَا ابْنُ أَحْمَرَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ، فَذَكَرُوا قَوْلَ لَبِيدٍ:

ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ. فَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: §ذَهَبَ النَّاسُ وَاسْتَقلُّوا فَصِرْنَا ... خَلَفًا فِي أَرَاذِلِ النَّسْنَاسِ مِنْ أُنَاسٍ نَعُدُّهُمْ مِنْ عَدِيدٍ ... فَإِذَا كُشِّفُوا فَلَيْسُوا بِنَاسِ كُلَّمَا جِئْتُ أَبْغِي النَّيْلَ مِنْهُمُ ... بَدَءُونِي قَبْلَ السُّؤَالِ بَيَاسِ وَبَكُوا لِي حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي ... مُفْلِتٌ عِنْدَ ذَاكَ رَأْسًا بِرَأْسِ وَفِي غَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ: . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ... وَبَقِيتُ فِي خَلْفٍ كَجِلْدِ الْأَجْرَبِ يُقَالُ: هَؤُلّاءِ خَلْفٌ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} [الأعراف: 169] ، وَمِنَهُ الْخَلْفُ مِنَ الْقَوْلِ، وَهُوَ الرَّدِيُّ قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ: سَكَتَ أَلْفًا وَنَطَقَ خَلْفًا، أَيْ سَكَتَ عَنْ أَلْفِ كَلِمَةٍ، ثُمَّ تَكَلَّمَ بِخَطَأٍ. وَحَدَّثَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: كَانَ أَعْرَابِيٌّ مَعَ قَوْمٍ، فَحَبَقَ حَبْقَةً، فَتَشَوَّرَ، فَأَشَارَ بِإِبْهَامِهِ نَحْوَ اسْتِهِ، وَقَالَ: إِنَّهَا خَلْفٌ، نُطِقَتْ خَلْفًا. وَمِنْهُ الْخَالِفَةُ، وَقَالَ: إِنَّهَا خَلْفٌ، نُطِقَتْ خَلْفًا. مِنْهُ الْخَالِفَةُ، وَهُوَ الْحَارِضَةُ مِنَ النَّاسِ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ عَقِيلٍ، يَقُولُ: كَانَ فِي أَهْلِ جَرِيرٍ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، يَقُولُونَ الشِّعْرَ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْفَرَزْدَقِ إِلَّا ابْنُ خَالِفَةَ

647 - وَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَاءَ، قَالَ: نَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ، قَالَ: ذَكَرَ قَوْمًا تَمَثُّلَ عَائِشَةَ قَوْلَ لَبِيدٍ: §ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ ... وَبَقِيتُ فِي خَلْفٍ كَجِلْدِ الْأَجْرَبِ فَقَالَ يُونُسُ: مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، نَشَأْتُ فِي حِجْرِ ابْنِ أَبِي قَحَافَةَ وَأَمِّ رُومانَ، حَتَّى إِذَا صَارَتْ زَوْجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنَةَ الصِّدِّيقِ، وَأُمَّ الْمُؤْمِنِينَ يُعْطِيهَا مُعَاوِيَةُ مِائَةَ أَلْفٍ، فَتَقْسِمُهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ تَبْكِي عَلَى زَمَانِ لَبِيدٍ 648 - وَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَطَّانُ الْكُوفِيُّ، قَالَ: نَا أَحْمَدُ بْنُ رَشِيدٍ الْهِلَالِيُّ، قَالَ: نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ السَرِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: " جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، إِنِّي سَمِعْتُ عَائِشَةَ §تَذُّمُّ دَهْرَهَا، وَهِيَ تَتَمَثَّلُ بِبَيْتَيْ لَبِيدٍ: ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ ... وَبَقِيتُ فِي خَلْفِ كَجِلْدِ الْأَجْرَبِ يَتَأَكَّلُونَ خِيَانَةً وَمَشَّحَةً ... وَيُعَابُ قَائِلُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَشْغَبِ قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " لَئِنْ ذَمَّتْ عَائِشَةُ دَهْرَهَا، لَقَدْ ذَمَّتْ عَادٌ دَهْرَهَا، قَالَ: وُجِدَ فِي خَزَائِنِ عَادٍ سَهْمٌ مُفَوَّقٌ مَرِيشٌ كَأَطْوَلِ مَا يَكُونُ مِنْ أَرْمَاحِنَا، وَإِذَا عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ: فَلَيْسَ إِلَى أَجْبَالِ صُبْحٍ بِذِي اللِّوَى ... لِوَى الرَّمْلِ أَعْذَرَتِ النُّفُوسَ مَعَاذُ بِلَادٌ بِهَا كُنَّا وَكُنَّا نُحِبُّهَا ... إِذِ النَّاسُ نَاسٌ وَالْبِلَادُ بِلَادُ "

649 - وَنَا إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: نَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، قَالَ: نَا الْأَصْمَعِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَعْرَابِيٍّ: §مَنْ سَيِّدُكُمُ الْيَوْمَ؟ ، قَالَ: أَلَجَاهُمُ الدَّهْرُ إِلَى فُلَانٍ 650 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَذَكَرُوا عِنْدَهَا النُّشَرَ، فَقَالَتْ:

«§مَا تَصْنَعُونَ بِهَا، هَذَا الْفُرَاتُ إِلَى جَانِبِكُمْ يَرْتَمِسُ فِيهِ أَحَدُكُمْ سَبْعًا مُسْتَقْبِلَ الْجِرْيَةِ» . حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نَا أَبُو الْحَسَنِ، نَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، نَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ. الِارْتِمَاسُ هَاهُنَا: الِانْغِمَاسُ، وَكُلُّ شَيْءٍ عَيَّبْتَهُ، فَقَدْ رَمِسْتَهُ، وَقِيلَ لِلرِّيَاحِ: الرَّوَامِسُ، لِأَنَّهَا تَعْفِي الْآثَارَ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْقَبْرُ رَمْسًا 651 - نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدَكَ، قَالَ: نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ الرِّفَاعِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ «§الْخَيْرُ الَّذِي لَا شَرَّ فِيهِ الشُّكْرُ مَعَ الْعَاقِبَةِ، وَالصَّبْرُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، فَكَمْ مِنْ مُنْعَمٍ عَلَيْهِ غَيْرِ شَاكِرٍ، وَمُبْتَلًى غَيْرِ صَابِرٍ،» وَقَالَ:

مَا يَنْظُرُ الْمَرْءُ بِالْمَعْرُوفِ يَفْعَلُهُ ... إِلَّا لِيُتْرَكَ رَمْسًا بَيْنَ أَحْجَارِ تَسْفِي الرِّيَاحُ عَلَيْهِ بَعْدَ جِدَّتِهِ ... وَيَظْعَنُ الْحَيُّ عَنْهُ وَهُوَ فِي الدَّارِ وَقَوْلُهُ: إِلَّا لِيُتْرَكَ، مَعْنَاهُ لِكَيْ يُتْرَكَ. وَكَانَ أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ وَلادٍ النَّحْوِيُّ يَقُولُ، فِي قَوْلِ خَنْسَاءَ: وَقَائِلَةٍ وَالنَّعْشُ قَدْ فَاتَ خَطْوُهَا ... لِتُدْرِكَهُ يَا لَهْفَ نَفْسِي عَلَى صَخْرِ قَالَ: مَعْنَاهُ: قَدْ فَاتَ خَطْوُهَا الَّذِي كَانَتْ تَخْطُو بِهِ لِتُدْرِكَهُ، أَيْ لِكَيْ تُدْرِكَهُ وَأَنْكَرَ. . . . . . . . . . . قَدْ فَاتَ خَطْوُهَا، أَيْ تُدْرِكَهُ، وَزَعَمَ أَنَّ هَذَا. . . . . . . . . . . مُحْدَثٌ لَيْسَ مِنْ مَذَاهِبِ الْعَرَبِ. وَالْمَرْمُوسُ: الْمَيِّتُ، وَكَذَلِكَ الرَّمْزُ وَالرَّمْسُ، وَهُوَ الْخَفِيُّ مِنَ الْكَلَامِ، قَالَ لَقِيطُ بْنُ زُرَارَةَ: يَا لَيْتَ شِعْرِي الْيَوْمَ دَخْتَنُوسُ

إِذَا أَتَاهَا الْخَبَرُ الْمَرْمُوسُ أَتَحْلِقُ الْقُرُونَ أَمْ تَمِيسُ لَا بَلْ تَمِيسُ إِنَّهَا عَرُوسُ 652 - وَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نَا أَبُو الْحَسَنِ، نَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «§كُنْتُ أُرَامِسُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِالْجُحْفَةِ، وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ»

حديث أم سلمة رحمها الله

653 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «§لَا تَحْقِرَنْ إِحْدَاكُنَّ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِ شَاةٍ» . نَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ. قَالَ: إِنَّمَا الْفِرْسُ لِلْبَعِيرِ، فَاسْتَعَارْتُهُ لِلشَّاةِ، وَأَنْشَدَ فِي مِثْلِهِ عَنِ الْفَرَّاءِ: أَوْعَدَنِي بِالسِّجْنِ وَالْأَدَاهِمِ ... رِجْلِي وَرِجْلِي شَثْنَةُ الْمَنَاسِمِ وَأَنْشَدَ أَيْضًا فِي مِثْلِهِ: أَشْكُو إِلَى مَوْلَايَ مِنْ مَوْلَاتِي ... تَرْبُطُ بِالْحَبْلِ أَكيرَعَاتِي تَمَّ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا يَتْلُوهَ: حَدِيثُ أَمِّ سَلَمَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ

654 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ، قَالَتْ: " §لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتِي إِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ، وَأَنَا أَمْعَسُ إِهَابًا لِي، فَغَسَلْتُ يَدِي، وَجَلَسْتُ، فَأَذَنْتُ لَهُ، وَأَلْقَيْتَ لَهُ وِسَادَةً مِنْ أَدْمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَخَطَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ لَمَّا قَضَى كَلَامَهُ: وَاللَّهِ مَا أَنَا لَكَ بِظَلَفٍ، فَيكَ الرَّغْبَةُ لَا فِيَّ، قَالَ: وَلِمَ؟ ، قَالَتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ فيَّ غَيْرَةٍ شَدِيدَةٍ "، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، ذَكَرَهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ

قَوْلُهَا: وَأَنَا أَمْعَسُ إِهَابًا لِي، أَيْ أُحَرِّكُهُ فِي الدِّبَاغِ.

حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، أَنْشَدَ: يُخْرِجُ بَيْنَ النَّابِ وَالضُّرُوسِ حَمْرَاءَ كَالْمَنِيئَةِ الْمَعُوسِ قَالَ: الْمَعُوسُ: الْمُحَرَّكَةُ فِي الدِّبَاغِ، يَعْنِي تَحْرِيكَ الْإِهَابِ، لِيُدْبَغَ فِي إِنَائِهِ، وَالْمَنِيئَةُ: هُوَ الْإِهَابُ. وَأَنْشَدَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: فَدَيْتِ مِنَ النِّسْوَانِ كُلَّ خَرِيدَةٍ ... قَلِيلَةِ جَرْسَ اللَّيْلِ ظَاهِرَةِ الْأُنْسِ إِذَا بَكَرَتْ عَبْءُ الْعَبِيرِ بِكَفِّهَا ... بَكَرْتِ عَلَى عِبْءِ الْمَنِيئَةِ وَالنفسِ وَالنفسُ: هُوَ قَدْرُ دَبْغَةٍ مِنَ الْقَرَظِ، وَأَنْشَدَ: وَصَاحِبٍ يَمْتَعِسُ امْتِعَاسَا كَأَنَّ فِي جَالِ اسْتِهِ أَحْلَاسَا يَزْدَادُ إِنْ حَثَثْتَهُ خِنَاسَا يُرِيدُ أَنَّ فِي جَالِ اسْتِهِ أَحْلَاسًا مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ، أَيْ يُرِيكَ أَنَّهُ يَعْدُو، وَإِنَّمَا تِلْكَ حَرَكَةٌ فِي مِشْيَتِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهَا: مَا أَنَا لَكَ بِظَلَفٍ، فَإِنَّ أَبَا عُبَيْدٍ، ذَكَرَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ، قَالَ: مِنْ أَمْثَالِ

الْعَرَبِ قَوْلُهُمْ: وَجَدَتِ الدَّابَّةُ ظَلَفَهَا، أَيْ مَا يُوَافِقُهَا، وَتَسْكُنُ إِلَيْهِ. وَحَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: يُقَالُ: غَنَمُ فُلَانٍ عَلَى ظَلَفٍ، أَيْ أَنَّهَا قَدْ وَلَدَتْ كُلُّهَا. وَقَالَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ، وَذَكَرَتِ النَّجَاشِيَّ، وَبَيْعَ عَمِّهِ إِيَّاهُ، قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَ عَمُّهُ مِنَ الْعَشِيِّ يَسْتَمْطِرُ تَحْتَ سَحَابَةٍ أَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ. يَسْتَمْطِرُ تَحْتَهَا، أَيْ يَبْرُزُ لَهَا. حَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ عَوْفٌ:

حديث فاطمة بنت قيس رحمها الله

§وَتَحُلُّ أَحْيَاءٌ وَرَاءَ بُيُوتِنَا ... حَذَرَ الصَّبَاحِ وَنَحْنُ بِالْمُسْتَمْطَرِ يَقُولُ: تَحُلُّ أَقْوَامٌ وَرَاءَ بُيُوتِنَا، لِنَكُونَ لَهُمْ جُنَّةً حَذَرَ الْغَارَةِ، وَنَحْنُ بَارِزُونَ لَهَا كَمَا يُبْرُزُ الرَّجُلُ لِلْمَطَرِ تَمَّ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَيَتْلُوهُ: حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رَحِمَهَا اللَّهُ

656 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رَحِمَهَا اللَّهُ «أَنَّ §عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، لَمَّا أُصِيبَ خَلَا الْقَوْمُ فِي بَيْتِهَا نَجِيًّا، وَكَانَتِ امْرَأَةً نَجُودًا» . حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ نَشِيطٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

حديث أسماء بنت يزيد بن سكن رحمها الله

قَالَ إِبْرَاهِيمُ: النَّجُودُ: الَّتِي لَيْسَ مَعَهَا أَحَدٌ، يَعْنِي أَنَّهَا لَا وَلَدَ لَهَا، وَأَنْشَدَ: تَلُوذُ النَّجُودُ بِأَذْرَائِنَا ... مِنَ الضُّرِّ فِي أَزَمَاتِ السِّنِينَا وَيُقَالُ فِي غَيْرِ هَذَا: النَّجُودُ: الْمَاضِيَةُ مِنَ الْإِبِلِ وَالأُتُنِ، فَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى هَذَا أَرَادَ أَنَّهَا كَانَتْ ذَاتَ رَأْيٍ وَحَزْمٍ. تَمَّ حَدِيثُ فَاطِمَةَ يَتْلُوهُ حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ سَكَنٍ رَحِمَهَا اللَّهُ

657 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ سَكَنٍ رَحِمَهَا اللَّهُ " قَالَتْ: §أَنَا قَيَّنْتُ عَائِشَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: نَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، قَالَ: سَمِعْتُ شَهْرَ بْنَ حَوْشَبٍ، يَقُولُ: أَتَيْتُ أَسْمَاءَ بِنْتَ يَزِيدَ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

التَّقَيُّنُ: التَّزَيُّنُ بِأَلْوَانِ الزِّينَةِ، وَاقْتَانَتِ الرَّوْضَةُ، إِذَا ازْدَانَتْ بِأَلْوَانِ زَهْرَتِهَا، كَمَا قَالَ: . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ... كَمَا اقْتَانَ بِالْنَبْتِ الْعِهَادِ الْمُحَوَّفُ وَالْقَيْنُ وَالْقَيْنَةُ: الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ، وَقَدْ جَرَى فِي الْعَامَّةِ أَنَّ الْقَيْنَةَ: الْمُغَنِّيَةُ، وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: أَوَّلُ مَنْ عَمِلَ الْحَدِيدَ مِنَ الْعَرَبِ الْهَالِكُ بْنُ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، فَلِذَلِكَ قِيلَ

حديث حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم

لِبَنِي أَسَدٍ: الْقُيُونُ. وَقَالَ النَّابِغَةُ: . . . . . . . . . . . . . . ... كَالَهَالِكِيِّ تَنَحَّى يَنْفُخُ الْفَحَمَا وَيُقَالُ لِلْحَدَّادِ: مَا كَانَ قَيْنًا، وَلَقَدْ قَانَ يَقِينُ قِيَانَةً، وَيُقَالُ: قِنْ إِنَاءَكَ هَذَا عِنْدَ الْقَيْنِ، وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ: أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تَغَيَّرَ بَعْدَنَا ... ظِبَاءٌ بِذِي الْحَصْحَاصِ نُجْلٌ عُيُونُهَا وَلِي كَبِدٌ مَقْرُوحَةٌ قَدْ بَدَا بِهَا ... صُدُوعُ الْهَوَى لَوْ كَانَتْ قَيْنٌ يَقِينُهَا تَمَّ حَدِيثُ أَسْمَاءَ رَحِمَهَا اللَّهُ وَيَتْلُوهُ: حَدِيثُ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

658 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «§لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُؤَرِضْهُ بِاللَّيْلِ» . وَهَذَا حَدِيثُ يُرْوَى عَنْ حَفْصَةَ، وَقَدْ رَفَعَهُ بَعْضُهُمْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: نَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ

حديث صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . قَالَ مُوسَى: وَلَمْ يَسْمَعْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ سَالِمٍ بَيْنَهُمَا الزُّهْرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ. قَوْلُهَا: يُؤَرِضْهُ، يَعْنِي: يَتَقَدَّمُ فِي النِّيَّةِ بِهِ وَالتَّعْرِيضِ بِصِيَامِهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: جَاءَ فُلَانٌ يَتَأَرَّضُ بِمَعْنَى: يَتَعَرَّضُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: تَرَكْتُ الْقَوْمَ يَتَأَرَّضُونَ لِلْمَنْزِلِ، أَيْ: يَتَخَيَّرُونَ، وَلِهَذَا قَالُوا: أَرْضٌ أَرِيضَةٌ، أَيْ: مُعْجِبَةٌ لِلْعَيْنِ حَدِيثُ صَفِيَّةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَقَالَ فِي حَدِيثِ صَفِيَّةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ عَائِشَةَ ذَكَرَتْهَا، قَالَتْ: «دَخَلَتْ عَلَيَّ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُهَا، فَكَرِهْتُ مَكَانَهَا، لِأَنَّهَا كَانَتْ حُلْوَةً مُلَّاحَةً» . يُقَالُ: مَلِيحٌ وَمُلَّاحٌ، وَذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، يُقَالُ: امْرَأَةٌ جُسَّامَةٌ فِي نِسَاءٍ جُسَّامَاتٍ، وَرَجُلٌ جُسَّامٌ فِي رِجَالٍ جُسَّامِينَ، وَجَمَلٌ جُسَّامٌ فِي جِمَالٍ جُسَّامَاتٍ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ، وَالنُّوقُ، وَهُوَ الْعَظِيمُ الطَّوِيلُ، وَرَجِلٌ كُرَّامٌ مِنْ قَوْمٍ كُرَّامِينَ، وَامْرَأَةٌ كُرَّامَةٌ مِنْ نِسْوَةٍ كُرَّامَاتٍ، وَهُمُ الْكِرَامُ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: وَكَذَلِكَ امْرَأَةٌ حُسَّانَةٌ، وَأَنْشَدَ لِلشَّمَّاخِ: دَارُ الْفَتَاةِ الَّتِي كُنَّا نَقُولُ لَهَا ... يَا ظَبْيَةً عُطُلا حُسَّانَةَ الْجِيدِ وَرَجُلٌ قُرَّاءٌ لِلْقَارِئِ، وَوُضَّاءٌ لِلْوَضِيءِ:

قَالَ الْفَرَّاءُ، أَنْشَدَنِي أَبُو صَدَقَةَ الدَّبِيرِيُّ: بَيْضَاءُ تَصْطَادُ الْغَوِيَّ وَتَسْتَبِي ... بِالْحُسْنِ قَلْبَ الْمُسْلِمِ الْقُرَّاءِ قَالَ الْفَرَّاءُ، وَفِي الْقَصِيدَةِ أَيْضًا: وَالْمَرْءُ يُلْحِقُهُ بِفِتْيَانِ النَّدَى ... خُلُقُ الْكُّرَّامِ وَلَيْسَ بِالْوُضَّاءِ. 659 - فِي حَدِيثِ صَفِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §حَوَّى لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءٍ» . حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَخَلَفُ بْنُ عَمْرٍو الْعُكْبَرِيُّ، قَالَا: نَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: أَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَذَكَرَهُ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَقِصَّةَ صَفِيَّةَ، قَالَ: «فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوَّى لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءٍ» .

الْحَوِيَّةُ: مَرْكَبٌ يُهَيَّأُ لِلْمَرْأَةِ، وَالْجَمِيعُ الْحَوَايَا، وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ عُمَيْرَ بْنَ وَهْبٍ الْجُمَحِيَّ: " أَطَافَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ يَحْزُرُهُمْ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ، قَالُوا لَهُ: مَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ الْحَوَايَا عَلَيْهَا الْمَنَايَا، نَوَاضِحُ يَثْرِبَ تَحْمِلُ الْمَوْتَ النَّاقِعَ " وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: وَقَرَّبْنَ لِلْأَظَعْانِ كُلَّ مُدَفَّعِ ... مِنَ الْبُزْلِ يُوَفِّي بِالْحَوِيَّةِ غَارِبَهْ

حديث سودة رحمها الله

يُوَفِّي بِهَا: يَمْلَأُهَا، وَكُلُّ مُدَفَّعٍ: وَهُوَ الْبَعِيرُ الَّذِي إِذَا جِيءَ بِهَا قِيلَ: دَعْ هَذَا، مِنَ الْإِشْفَاقِ عَلَيْهِ. وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْهَيْثَمِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ يَعْقُوبُ فِي قَوْلِ الرَّاجِزِ: قَدْ أَصْبَحَتْ يَارِبِّ بَارِكْ فِيهِا تَمُدُّ بِالْأَعْنَاقِ أَوْ تَلْوِيهَا وَتَشْتَكِي لَوْ أَنَّنَا نُشْكِيهَا غَمْزَ حَوَايَا قَلَّمَا نُجْفِيهَا قَالَ: تَمُدُّ بِالْأَعْنَاقِ مِنَ التَّعَبِ وَالْإِعْيَاءِ، وَتَشْتَكِي غَمْزَ الْحَوَايَا: قَدْ لَزَمَتْ ظُهُورَهَا لَا تَكَادُ تُجَافِي عَنْهَا مِنْ نِجَاءِ السَّيْرِ. تَمَّ حَدِيثُ صَفِيَّةَ وَيَتْلُوهُ: حَدِيثُ سَوْدَةَ رَحِمَهَا اللَّهُtit>

وَقَالَ فِي حَدِيثِ سَوْدَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ «أَنَّهَا خَرَجَتْ يَوْمًا، وَكَانَتِ امْرَأَةً عَظِيمَةً تَفْرَعُ النِّسَاءَ» . يُقَالُ: فَرَعَتِ النِّسَاءَ إِذَا طَالَتْهُنَّ، وَمِنْهُ قِيلَ: جَبَلٌ فَارِعٌ إِذَا كَانَ أَطْوَلَ مِمَّا يَلِيهِ، وَيُقَالُ: فَرَعْتُ رَأْسَهُ بِالْعَصَا، وَتَفرَّعَ فُلَانٌ الْقَوْمَ إِذَا رَكِبَهُمْ وَشَتَمَهُمْ، وَيُقَالُ: أَفْرَعَ الرَّجُلُ فِي الْجَبَلِ إِذَا صَعِدَ، وَأَفْرَعَ مِنْهُ إِذَا انْحَدَرَ، وَقَالَ مَعْنُ بْنُ أَوْسٍ: فَسَارُوا فَأمَّا حَيُّ جُمْلٍ فَأَفْرَعُوا ... جَمِيعًا وَأَمَّا حَيُّ دَعْدٍ فَصَعَّدَا

وقَالَ الْأَصْمَعِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو جَمِيعًا: أفْرَعْتُ: انْحَدَرْتُ، قَالَ الشَّمَّاخُ: فَإِنْ كَرِهْتَ هِجَائِي فَاجْتَنِبْ سَخَطِي ... لَا يُدْرِكَنَّكَ إِفْرَاعِي وَتَصْعِيدِي تَمَّ حَدِيثُ سَوْدَةَ وَيَتْلُوهُ حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ

662 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَحِمَهَا اللَّهُ، قَالَتْ: " لَمَّا نَزَلَتْ: §{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] ، جَاءَتِ الْعَوْرَاءُ أُمُّ جَمِيلٍ، فَعَثَرَتْ فِي مِرْطِهَا، فَقَالَتْ: تَعِسٌ مُذَمَّمٌ، فَسَمِعَتْهَا أُمُّ حَكِيمِ بِنْتُ أَبِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَتْ: إِنِّي حَصَانٌ، فَمَا أُكَلِّمُ، وَثَقَافٌ فَمَا أَعْلَمُ، وَكِلْتَانَا مِنْ بَنِي الْعَمِّ، وَقُرَيْشٌ مِنْ بَعْدُ أُعْلَمُ، فَسَكَتَتْ أُمُّ جَمِيلٍ ". حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانٍ السَّمْتِيُّ، قَالَ: نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنِ ابْنِ تَدْرُسَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ

قَوْلُهَا: «حَصَانٌ فَمَا أُكَلَّمُ» ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْكَلْمِ، أَيْ مَا أُوَبَّنُ، وَلَا يُطْعَنُ عَلَيَّ، كَمَا قِيلَ: وَلَوْ كَانَ قَوْلٌ يَكْلِمُ الْجِسْمَ قَدْ بَدَا ... بِجِسْمِي مِنْ قَوْلِ الْوُشَاةِ كُلُومُ 663 - وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: " §دَخَلَ حَسَّانٌ عَلَى عَائِشَةَ بَعْدَمَا كُفَّ بَصَرُهُ، فَأَنْشَدَهَا بَيْتًا قَالَهُ فِي ابْنَتِهِ: حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مَنْ لُحُومِ الْغَوافِلِ فَقَالَتْ: بَلْ أَنْتَ لَسْتَ كَذَلِكَ "

وَيُقَالُ: رَجُلٌ ثَقِيلٌ، وَامْرَأَةٌ ثَقَالٌ، وَرَجُلٌ رَزِينٌ، وَامْرَأَةٌ رَزَانٌ، إِذَا كَانَتْ رَزِينَةً فِي مَجْلِسِهَا، وَيُقَالُ: رَجُلٌ ثَقْفٌ، وَامْرَأَةٌ ثَقَافٌ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِكَ: ثَقُفْتُ الشَّيْءَ، وَهُوَ سُرْعَةُ التَّعَلُّمِ، وَقَالَ زَبَّانٌ: إِنَّ بَنِي بَدْرٍ يَرَاعٌ جُوفُ كُلٌ خَطِيبٍ مِنْهُمُ مَأْفُوفُ أَهْوَجُ لَا يَنْفَعُهُ التَّثْقِيفُ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ فِي قَوْلِ أَبِي النَّجْمِ:

أَدْرَكَ عَقْلًا وَالرِّهْانُ عَمَلُهْ ثَقْفٌ أَعَالِيهِ وَقَارٌ أَسْفَلُهْ قَوْلُهُ: ثَقْفٌ، أَيْ لَبِقٌ خَفِيفٌ جَيِّدُ التَّحَرُّفِ، وَقَارٌ: أَيْ، كَأَنَّهُ مُلْزَقٌ بِقَارٍ مِنْ ثُبُوتِهِ عَلَى مَتْنِ الْفَرَسِ. 664 - وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ رَحِمَهَا اللَّهُ: " أَنَّهُ §لَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَتْ: وَدِدْتُ أَنِّي وَجَدْتُ مَنْ يَنْعَتُهُ لِي، فَأَتَاهَا رَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ: أُسُودُ مِثْلُ الْأَبَنُوسِ الْخَرْطِ يَكِشُّ مِثْلَ بُرْمَةِ الْبَهَطِ كَأَنَّمَا غَمَسْتَهُ فِي نَفْطِ يُخَالُ فَوْقَ جِذْعِهِ الْمُسْبَطِّ إِذْ مُدِّدَتْ أَطْرَافُهُ لِلرَّبْطِ أَخَا نُعَاسٍ جَدَّ فِي التَّمَطِّ قَدْ خَامَرَ النَّومَ وَلَمْ يَغِطِّ. حَدَّثَنَاهُ إِسْمَاعِيلُ الْأَسْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ الْعَتَّابِيُّ، قَالَ: نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: نَا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قِتَادَةَ اللَّيْثِيُّ،

الْبَهَطُ: سِنْدِيَّةٌ، وَهُوَ الْأُرْزُ يُطْبَخُ بِلَبَنٍ خَاصَّةً وَبِسَمْنٍ، قَالَ الْأُمَوِيُّ، أَسْبَطَ الرَّجُلُ إِسْبَاطًا إِذَا امْتَدَّ وَانْبَسَطَ مِنَ الضَّرْبِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ رَحِمَهَا اللَّهُ: «أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهَا رِبْضَةٌ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ» . الرِّبْضَةُ: الْجَمَاعَةُ، وَأَصْلُ الرِّبْضَةِ الْقَتْلَى الَّذِينَ يَكُونُونَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، يُقَالُ: مِائَةٌ قَدْ قُتِلُوا فِي رِبْضَةٍ وَكَذَلِكَ الرِّبْضَةُ مِنَ الشَّاءِ: جَمَاعَتُهَا، مَثْلُ الرَّبِيضِ. 666 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نَا مَنْصُوَرُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، قَالَ: نَا الْهُذَيْلُ

بْنُ بِلَالٍ أَبُو الْبُهْلُولُ الْفَزَارِيُّ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ جَلَسَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِمَكَّةَ، فَقَالَ: إِنَّهُ بَلَغَنِي: " أَنَّ §مَثْلَ الْمُنَافِقِ كَالشَّاةِ بَيْنَ الرِّبْضَتَيْنِ مِنَ الْغَنَمِ، إِنْ أَتَتْ هَؤُلَاءِ نَطَحَتْهَا، وَإِنْ أَتَتْ هَؤُلَاءِ نَطَحَتْهَا، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَذَبْتَ، فَأَثْنَى الْقَوْمُ عَلَى أَبِي خَيْرًا وَمَعْرُوفًا، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا أظُنُّ صَاحِبَكُمْ إِلَّا كَمَا تَقُولُونَ، وَلَكِنِّي شَاهَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ قَالَ: «كَالشَّاةِ بَيْنَ الْغَنَمَيْنِ» ، فَقَالُوا: سَوَاءً، فَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْتُ "

§1/1