الدر الثمين والمورد المعين

ميارة

مقدمة المؤلف

مقدمة المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي شرح بفضله صدور المرشدين للعباد وضيق بعدله قلوب الجهلة ذوي الفسق والعناد وتصرف تعالى في خلقه بحكمته كيف شاء وأراد ويسر الكل لما خلق فلا يصرف عنه ولا يذاد فأهل الجهل لطلب معيشة النفس والأهل والأولاد متحرياً لدنياه الصلاح والسداد غافلاً عن دينه وماينجيه في المعاد وقيض لحمل الشريعة السمحة عدول كل خلف ورثة الأنبياء والزهاد فهجروا في تبيين مسائلها الراحة والرقاد وهاجروا وإن جاوروا الأهلين والأولاد فبذل كل مجهوده وإستفاد وأفاد وأنفق بقدر وسعه وما فتح الكريم الجواد وجمع أصولها وفروعها ودون وبين وحصل وأتقن وأجاد وجمع الفروق ونظم الجواهر فبرزت متوجة مكللة على أحسن مراد تبصرة للجاهل بمقدمات سهلة التناول قريبة التناد فسبحان حاجبها عن غير خليلٍ ممن إتصف بكفرٍ أوعنادٍ وموضحها رسالة لمن سبقت له العناية والرشاد فما أعد له من مضلٍ وأكرمه من هادٍ نحمده سبحانه ونشكره على سابق العناية والفضل والإمداد ونستعينه ونستغفره عن آثامنا المانعة لنا اللحوق بمن علم وساد. ونشهد أن لاإله إلآ الله وحده لاشريك له شهادةً لاشك فيها ولاخفاء وإيمان من وصف بيعبدوا الله مخلصين له الدين حنفا ونشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله من الله يتلو صحفاً وعلى آله وأصحابه أهل الكرم والوفا المنزل فيهم قل الحمد لله وسلام على عبده الذين اصطفى. (وبعد) فيقول أحوج الخلق إلى مولاه وأقل العبيد محمد بن أحمد بن محمد الشهير بميارة طالباً من الله التوفيق والتسديد إن بعض الأصحاب والإخوان من الطلبة المقربين والخلان طلب مني وضع شرح على النظم المسمى بالمرشد المعين على الضروري من علوم الدين تأليف شيخنا الإمام العالم العلامة الحاج الأبر سيدي أبي محمد عبد الواحد بن عاشر رحمه الله تعالى ونفع به لإختصاره وكثرة مااشتمل عليه من الفوائد من الفقه والتصوف والتوحيد والعقائد وقصور الهمة عن المطولات للاشتغال بالدنيا والعوائد ولم يزل يتردد إلي كثيراً في ذلك وأنا أجول بفكري في صعوبة الخوض في تلك المسالك وأتعلل بالعجز والتقصير وعدم الفراغ ومجيء النذير فلم يزل يذكرني في ثواب من علم وعلم وإنتفع ففهم وفهم وإن الفراغ من الدنيا قد غبن فيه

كثير ووجوده نادر عسير حتى استخرت الله في إسعافه وموافقته على ماطلب أوخلافه ثم شرعت فيه راجياً ثواب النفع به إن شاء الله تعالى للبادي والحاضر ملتمساً صالح الدعاء من كل قارىء له وناظر معترفاً أن ليس فيه إلا النسخ والترتيب وإني فيهما بين خوف التخطئة ورجاء التصويب طالباً من الله سبحانه وتعالى الدخول في زمرة الأئمة المهتدين والإندراج في خبر «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» وسميته بالدرالثمين والمورد المعين في شرح المرشد المعين على الضروري من علوم الدين نفع الله به النفع العميم وجعله خالصاً لوجهه العظيم إنه متفضل محسن كريم ومن الله أستمد العون والتوفيق والهداية إلى أقوم طريق إنه على مايشاء قدير والإجابة جدير ولاحول ولاقوة إلآ بالله العلي العظيم قال رحمه الله تعالى: يَقُولُ عَبْدُ الْوَاحِد بِنُ عَاشِرِ مُبْتَدِئاً بِاسْمِ الإِلَهِ الْقَاِدِر أَلْحَمْدُ لله الَّذِي عَلّمَنَا مِنِ الْعُلُومِ مَا بِهِ كَلّفَنَا صَلّى وَسَلّمَ عَلَى مُحَمَّدِ وَاآلِه وَصَحْبِهِ وَالْمُقْتَدِي بدأ رحمه الله بتسمية نفسه لأنه في هذا المقام من أعظم المهمات لما علم أن العمل أو الفتوى من الكتب التي جهل مؤلفوها ولم يعلم صحة مافيها لايجوز قال الإمام شهاب الدين القرافي رحمه الله في كتاب الإحكام في تمييز الفتاوي عن الأحكام تحرم الفتوى من الكتب الحديثة التصنيف إذالم يشتهر إعزاء مافيها من النقول إلى الكتب المشهورة إلا أن يعلم أن مصنفها ممن يعتمد لصحة علمه والوثوق بعدالته وكذا تحرم الفتوى من الكتب الغريبة التي تشتهر حتى تتظافر عليها الخواطر ويعلم صحة مافيها وكذا تحرم من حواشي الكتب لعدم الوثوق بمافيها قال ابن فرحون مراده إذا كانت الحواشي غريبة النقل أما إذا كان مافيها موجوداً في الأمهات أومنسوباً إلى محله وهو بخط من يوثق به فلا فرق بينها وبين التصانيف اه. وإذا تأكدت من معرفة مؤلف الكتاب كماذكر فلا بد من التعريف بالناظم وذكر نبذة من أحواله ـ رحمه الله ـ فأقول ناظم هذه القصيدة هو شيخنا الإمام العالم العلامة،

المتفنن الحاج الأبر المجاهد سيدي أبو محمد عبد الواحد ابن أحمد بن علي بن عاشر الأنصاري نسباً الأندلسي أصلاً الفاسي منشأ وداراً كان رحمه الله تعالى عالماً عاملاً ورعاً عابداً مفتياً في علوم شتى قرأ القرآن على الإمام الشهير الأستاذ المحقق أبي العباس أحمد بن الفقيه الأستاذ سيدي عثمان اللمطي وعلى غيره وأخذ قراءات الأئمة السبعة على الأستاذ المحقق أبي العباس أحمد الكفيف ثم عن العالم الشهير مفتي فاس وخطيب حضرتها أبي عبد الله محمد الشريف المري التلمساني وغيرهما ولاشك أنه فاق أشياخه في التفنن في التوجيهات والتعليلات ـ رحم الله جميعهم ـ وأخذ النحو وغيره من العلوم عن جماعة من الأئمة كالإمام العالم المتفنن مفتي فاس وخطيب حضرتها أبي عبد الله محمد بن قاسم القصار القيسي وكالإمام النحوي الأستاذ أبي الفضل قاسم بن أبي العافية الشهير بابن القاضي وكشيخنا الفقيه المحدث المسند الرواية الأديب الحاج الأبر أبي العباس أحمد ابن محمد بن أبي العافية الشهير بابن القاضي ابن عم أبي الفضل المذكور قبله وكالإمام العالم المحقق قاضي الجماعة بفاس أبي الحسن علي بن عمران وكالإمام العالم مفتي فاس وخطيب حضرتها أبي عبد الله محمدالهواري وكالشيخ العامل الورع الزاهد أبي عبد الله محمد بن أحمد النجيبي شهر بابن عزيزبفتح العين المهملة وكسر الزاي كان الناظم رحمه الله تعالى يذكر لنا عنه كرامات نفعناالله به وكشيخناالإمام العالم المتفنن المفسر المسن قاضي الجماعة بفاس وخطيب حضرتها ومفتيها أبي الفضل قاسم بن محمد أبي نعيم الغساني وغيرهم من الأئمة وأخذ الحديث على بعض من تقد من الشيوخ الفاسيين كابن عزيز والقصار وشيخنا ابن القاضي وغيرهم من المشارقة لماحج وذلك سنة ثمانية وألف وهو الإمام المحدث المعمر صفي الدين أبو عبد الله محمد بن يحيى العزي ـ بكسر العين المهملة وكسر الزاي المشددة ـ الشافعي وقرأ موطأ الإمام مالك بن أنس على الفقيه العالم المسن سيدي أبي عبد الله محمد بن الجنان وشمائل الترمذي على شيخنا الإمام العالم المحدث سيدي أبي الحسن علي البطيوي رحمة الله علينا وعليهم أجمعين وكان الناظم رحمه الله ذا معرفةٍ بالقراءة وتوجيهها وبالنحو والتفسير والإعراب والرسم والضبط وعلم الكلام يحفظ نظم ابن زكرى عن ظهر قلب ويعلم الأصول والفقه والتوقيت والتعديل والحساب والفرائض وعلم المنطق والبيان والعروض والطب وغيرذلك وحج وجاهد واعتكف وكان يقوم من الليل ماشاء الله تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته ألف تآليف عديدة منها هذه المنظومة العديمة المثال في الاختصار وكثرة الفوائد والتحقيق ومحاذاة مختصر الشيخ خليل والجمع بين أصول الدين وفروعه بحيث أن من قرأها وفهم

مسائلها خرج قطعاً من ربقة التقليد والمختلف في صحة إيمان صاحبه وأدى ماأوجب الله عليه تعلمه من العلم الواجب على الأعيان ولذا قال فيها الفقيه الأجل الأديب النحوي اللغوي سيدي أبو محمد عبدالله ابن الشيخ الأجل الولي الصالح المجاهد الرابط بالثغور ذي الفتوحات العديدة والمآثر الحميدة سيدي أبي عبد الله محمد إبن أحمد العياشي أبقى الله وجوده كهفاً للإسلام وجلاءً لغياهب الظلام وأعانه على ماهو بصدد من إخماد الكفرة ونصرة الإسلام وكبت أعدائه بجاه سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام ما نصه: عليك إذا رمت الهدى وطريقه وبالدين للمولى الكريم تدين بحفظ لنظم كالجمان فصوله وماهو إلا مرشدٍ ومعين كأن المعاني تحت ألفاظه وقد بدت سلسبيلاً بالرياض معين وكيف وقد أبداه فكر بن عاشر إمام هدى للمشكلات يبين تضلع من كل العلوم فما له شبيه ولا في المعلومات قرين وأبرز ربات الحجال بفهمه فها هي أبكار لديه وعين وأعمل فكراً في جميعها فذل له صعب ولان حرون وأنهى إلى أقطاب الوجود تحية علينا بها كل الأمور تهون وهذا شرحه العجيب على مورد الظمآن في علم رسم القرآن فقد أجاد فيه ماشاء وليس الخبر كالعيان وقد كان شرحه ديناً على العلماء الأعيان وأدرج فيه تأليفاً آخر سماه الإعلان بتكميل مورد الظمآن في كيفية رسم قراءة غيرنافعٍ من بقية السبعة في نحو خمسين بيتاً وشرحه وإبتدأ شرحاً عجيباً على مختصر الشيخ خليل ملتزماً فيه نقل لفظ ابن الحاجب ثم لفظ التوضيح وأضاف إلى ذلك فوائدعجيبة ونكتا غريبة كتب منه من قوله في النكاح والكفاءة والدين الحال إلى باب السلم والله أعلم وله طرر عجيبةً مفيدةً على المختصر المذكور بعضها يتلعق بلفظ المختصر وبعضها بلفظ شارحه الإمام التتائي في شرحه الصغيروله رسالة عجيبة في عمل لربع المجيب في نحو مائةٍ وثلاثين بيتاً من الرجز وله تقاييد على العقيدة الكبرى للإمام السنوسي وله طرر عجيبةً على شرح الإمام أبي عبد الله محمد التنسي لذيل مورد الظمآن في الضبط وله مقطعات في جمع نظائر ومسائل مهمة من الفقه والنحو وغيرهما ومن نظمه رحمه الله وكان يكثر من

ذكره عندما تكثر عنده الأسئلة الفقيهة ومن إملائه نقلت: يزهدني في الفقه أني لاأرى. يسائل عنه غير صنفين في الورى. فزوجان راما رجعة بعدبته. وذئبان راما جيفةً فتعسرا ومنه في مدح مختصر ابن الحاجب وشرحه. خليلي خليل قد شغفت بحسنه. وتوضيحه صبحاً بزينة حاجبه. واليت آلوه شرحاً لغامض. من الودير ضاه خليل وحاجبه ومنه في الكتابة على طريق اللغز: لله في خلقه من صنعه عجب. حقائق كادت في الوجوه تنقلب. كلهم بعين ترى لا الأذن تسمعها. خطابها حاضر وأهلها ذهبوا أصيب بالداء المسمى على لسان العامة بالنقطة ضحى يوم الخميس ثالث ذي الحجة الحرام من عام أربعين وألف ومات عند الاصغرار من ذلك اليوم رحمة الله ونفع به وإلى سنة وفاته أشرت بالشين والميم بحساب الجملة من قولنا في جملة أبيات في تواريخ وفاة جملة من شيوخنا والإشارة إلى بعض صفاتهم: وعاشرالمبرور غزوا وحجة إمام التقى والعلم شم قرنفل (قوله يقول) القول وفروعه يتعدى إلى مفعول واحد فإن وقعت بعده جملة محكية فهي في موضع مفعول والمحكي به هنا قوله (الحمد لله) إلى آخر النظم وابن عاشر بالرفع نعت لعبدٍ ويكتب ابن هنا بغير ألف الوصل على قاعدة كتبه إذا وقع بين علمين لكن قال بعضهم مالم يكن أول سطر فيكتب حينئذٍ بالألف وكذا إن أعرب بدلا وعليه خرج إثباتها في عيسى ابن مريم فإن كان العلم الذي قبله منوناحذف تنويه كزيد بن عمرو ومبتدئا حال مقدرة من عبد الواحد ولما كان نظم الكتاب وتأليفه أمراً ذا بال ـ أي شأن يهتم به ـ وكل ماهو كذلك يطلب فيه البداءة بالبسملة لقوله كل أمر ذي بال لايبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر بدأ الناظم بها فقال (مبتدئا بإسم

الإله) وإنما قالوا بسم الله ولم يقولوا بالله لأن التبرك والإستعانة بذكر اسمه تعالى وقيل للفرق بين اليمين الذي هو القسم والتيمن وهو التبرك (والقادر) من له القدرة وهو صفة الإله و (الحمدلله) لغة الوصف بالجميل على جهة التعظيم والتبجيل وإن شئت قلت هو الوصف بجميل إختياري أوقديم على جهة التعظيم والتبجيل والمراد بالوصف الذكر باللسان دون غيره من سائر الأركان وإطلاق الحمد على ماليس باللسان إنما هو باعتبار تعبير اللسان عنه وشمل قوله الجميل أي الحسن ماكان في مقابلة إنعام وماليس في مقابلته كما شمل أيضاً على التعريف الأول وهو مصرح به في الثاني ماكان اختيارياً أو قديماً والمراد بالاختياري مافيه اختيار ولو بوجه ما فيدخل فيه الطبائع الغريزية المحمودة كالسجاعة والكرم وشمل القديم جميع أوصافه تعالى إذ كل منها جميل فخرج الوصف بغير الجميل وبجميل لاختيار فيه كحمرة الخد ورشاقة القدـ أي حسنه ـ وبجميل اختياري أوقديم لاعلى جهة التعظيم بل على جهة التهكم والسخرية فليست بحمد والوصف بجميل لااختيار فيه يسمى مدحاً لاحميداً والحمد مدحاً فبين الحمد والمدح عموم وخصوص مطلق إذ كل حمد مدح ولاعكس ومما استطردوه هنا تعريف الشكر وهو لغة فعل ينبىء عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعماً والمراد بالفعل الحدث فيدخل فيه ماكان باللسان وبغيره من سائر الأركان فلايختص باللسان كالحمد وخرج بقولهم ينبىء عن تعظيم المنعم مالاينبىء تعظيمه وخرج بقولهم بسبب كونه منعماً ماينبىء عن تعظيمه لافي مقابلة إنعام فإنه حمد لاشكر وإذا فهمت هذا علمت أن بين الحمد والشكر عموماً وخصوصاً من وجه يصدقان على الوصف المساني بالجميل في مقابلة الإحسان وينفرد الحمد بصدقه على الوصف اللساني بالجميل لافي مقابلة إحسان وينفرد الشكر بصدقه على ماليس باللسان من الفعل المنبىء عن التعظيم إن كان في مقابلة إحسان وأما الحمد والشكر الشرعيان فقال في شرح المطالع تحقيق ماهيتهما أن الحمد ليس عبارة عن قول القائل (الحمدلله) بل هو فعل يشعر بتعظيم المنعم بسبب كونه منعماً وذلك الفعل إما فعل القلب أعني إعتقاد

إتصافه بصفات الكمال والجلال أوفصل اللسان أعني ذكر مايدل عليه أوفعل الجوارح وهو الاتيان بأفعال دالة على ذلك والشكر كذلك ليس قول القائل والشكر لله بل هو صرف العبد جميع ماأنعم الله به عليه من السمع والبصر وغيرهما إلى ماخلق له وأعطاه لأجله كصرفه النظر إلى مطالعة مصنوعاته والسمع إلى تلقي ماينبىء عن مرضاته والاجتناب عن منهياته وعلى هذا يكون الحمد أعم من الشكر مطلقاً لعموم النعمة الواصلة إلى الحامد وغيره واختصاص الشكر بمايصل إلى الشاكر اهـ قال السيد وذلك لأن المنعم المذكور في تعريف الحمد العرفي مطلق لم يقيد بكونه منعماً على الحامد أوغيره فيتنا ولها بخلاف الشكر إذ قد اعتبر فيه منعم مخصوص وهو الله سبحانه ونعمة واصلة إلى عبده الشاكر ولكون الحمد أعم من الشكر وجه ثان وهو أن فعل القلب واللسان وحده مثلاً قد يكون حمد وليس بشكر أصلا إذا قد اعتبر فيه شمول الآلات ووجه ثالث وهو أن الشكر بهذا المعنى لايعلق بغيره تعالى بخلاف الحمد اهـ وعبارة الشيخ خالد الأزهري في شرح التوضيح فالشكر أخص مطلقاً لاختصاص تعلقه بالباري تعالى ولتقييده بكون المنعم منعماً على الشاكر ولو جرب شمول الآلات فيه بخلاف الحمد اهـ وقال الإمام أبو حامد الغزالي في الإحياء إن عمل الشكر يتعلق بالقلب واللسان والجوارح فاستعمال نعم الله تعالى في طاعته والتوقى من الاستعانة بها على معصيته حتى أن شكر العينين أن يستر كل عيبٍ يراه لمسلم وشكر الأذنين أن يستر كل عيب يسمعه فيدخل هذا في جملة شكر نعمة هذه الأعضاء والشكر باللسان إظهار الرضا عن الله تعالى وماهو مأمور به اهـ والله الموفق والله قال البيضاوي أصله إله فحذفت الهمزة وعوض عنها حرف التعريف ثم جعل علماً على الذات الواجب الوجود الخالق للعالم وإنما لم يقل الحمد للخالق أوللرازق أونحوهما لئلا يوهم ذلك أن استحقاقه اختصاص الحمد إنما هو لوصف دون وصف وقدم الحمد على اسم الجلالة لاقتضاء المقام مزيد اهتمام به وإن كان ذكر الله أهم في نفسه ومعنى جملة الحمد الخبر عن الله تعالى باستحقاقه الإنصاف بكل جميلٍ فهو حمد في المعنى وزادت بمزية التصريح بلفظ الحمد مع التعميم في أوصافه تعالى وإفادة اختصاصه به ولفظها خبر ومعناها الإنشاء قال الإمام الطبري في تفسير الفاتحة الحمد

لله ثناءً أثنى به تعالى على نفسه وفي ضمنه أمرعبيده أن يثنوا به عليه فكأنه قال قولوا الحمد لله اهـ وهل الألف واللام في الحمد لاستغراق الجنس قال الإمام القلشاني وهو أظهر أوللعهد قولان وجه الأول أن الحمد لما كان قديماً وحادثاً فالقديم حمده تعالى لنفسه ولمن شاء من عباده والحادث حمد المخلوقين لربهم فالقديم صفته ووصفه والحادث خلقه وملكه فالحمد كله لله فثبت كون أل للاستغراق وأيضاً لما كانت أصول النعم وفروعها منه تعالى استحق جميع المحامد ووجه الثاني ماقاله الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه أن الله تعالى لما علم من خلقه العجز عن كنه حمده حمد نفسه في أزله فلما خلق الخلق اقتضى منهم أن يحمدوه بحمده اهـ ولاشتمالها على ماذكر بدأ بها الناظم كغيره مع الإقتداء بالكتاب العزيز والعمل بمقتضى قوله (كل أمرذي بال لايبدأ فيه بالحمد لله) وفي رواية (بحمدالله) فهو أجذم وفي رواية (أقطع) وفي رواية بزيادة (والصلاة) على (فهو أقطع أبت ممحوق من كل بركة) وقد جمع الناظم في الابتداء بين البسملة والحمدلة فيقال المقصود من الحمد هنا حصول البداءة به لتحصيل بركته كما مرفي الحديث وقد فات ذلك بالبداءة بالبسملة وبقوله يقول عبد الواحد بن عاشر والجواب عن تقديم البسملة على الحمد أنه ليس المراد بالحمد في الحديث لفظ الحمدلله فقط بل ماهوأعم ممايفيد وصفه تعالى بالجميل والبسملة لاسيما مع إضافة الوصف بالقادر صادقة بذلك فذكر الحمد بلفظه بعدها تأكيد فقط وأيضاً فإن البداءة إما حقيقية وهي ذكر الشيء أولا على الاطلاق وعليهاحمل الأمر بالبداءة بالبسملة وإما إضافية وهي ذكره أولاً بالإضافة إلى شيء دون شيء آخر وعليهم حمل الأمر بالإبتداء بالحمدلة وهي صادقة بذكر الحمد قبل المقصود بالذات وأما تقديم يقول عبد الواحد بن عاشر عليها فلامحذور فيه إذ المأمور به إبتداء التأليف بالثناء على الله تعالى وذلك حاصل لاتقديم الثناء على القول المحكي به التأليف وهذا المحل قابل لأكثر من هذا الكلام وفيماذكرناه كفاية إذالمطلوب إمام وقوله الذي علمنا إلخ الذي بدل من اسم الجلالة ومامن قوله مابه كلفنا

مفعول ثانٍ لعلم والذي كلفنا به من العلوم هوالعلم الواجب على الأعيان أي على كل مكلف وهو علم المكلف مالايتأتى له تأدية ما وجب عليه إلا به وذلك مثل كيفية الوضوء والصلاة والصيام والزكاة إن كان له مال والحج إن كان مستطيعا وكذا مايتعلق بالمعتقدات في حقه تعالى وفي حق رسله عليهم الصلاة والسلام وهل يكفي في ذلك التقليد وهو اتباع الغيرمن غير دليل أولايكفي إلا العلم وهو الجزم المطابق عن دليل في ذلك خلاف يأتي إن شاء الله تعالى وكذا حكم البيع لمن يتعاطاه والقراض والشركة والإجارة ونحوها لمن يتعاطى ذلك فيجب على كل أحد تعلم حكم مايريد أن يفعله من ذلك الاجماع أنه لايجوز لأحد أن يقدم على أمرٍ حتى يعلم حكم الله فيه لكن يكفيه في غير العبادات تعلم الحكم بوجه إجمالي فيبرئه من الجهل بأصل حكمه على قدر وسعه وكذا علم أمراض القلوب كالكبر والحسد والحقد ونحوها فقد قال الإمام أبو حامد الغزالي إن معرفة حدودها وأسبابها وعلاجها فرض عين وقال غيره إن رزق الإنسان قلباً سليماً من هذه الأمراض المحرمة كفاه ولايلزمه تعلم دوائها وماعدا ماذكر فهو فرض كفاية يحمله من قام به قال في الرسالة وكذلك طلب العلم فريضةً عامةً يحملهامن قام بهاإلا مايلزم الرجل في خاصة نفسه أي فهو فرض عين ونظر شرح الجزولي في هذا المحل فقد أجاد فيه على عادته وانظر شرح القلشاني قبل قوله وقد جاء أن يؤمروا بالصلاة لسبع سنين ويأتي الكلام في ذلك عند قوله في التصوف: ويوقف الأمور حتي يعلما ماالله فيهن به قد حكما وعلى العلم الواجب على الأعيان حمل خبر (طلب فريضة على كل مسلمٍ) قال الإمام محي الدين النووي هذا الحديث إن لم يكن ثابتاً فمعناه صحيح ويحتمل أن يريد الناظم الذي كلفنا من العلوم العلم الواجب على الأعيان والكفاية معاً فإن علم الكفاية يخاطب به أيضاً كل أحد على خلاف يأتي ذكره إلا أنه يسقط بقيام البعض به والناظم رحمه الله ممن علمه الله علم الكفاية وعلم الأعيان وسيأتي الكلام على الواجب علماً أوعملاً وتقسيمه إلى كفاية وعين والسر في ذلك عند كلام الناظم عليه إن شاء الله قوله البيت فاعل صلى وسلم يعود على الله تعالى ولفظه وإن

كان خبراً فالمراد الطلب أي اللهم صل وسلم، وقال الإمام أبو عبدالله محمد بن مرزوق في قول الشيخ خليل والصلاة والسلام على محمد يحتمل أن يريد صلاة الله وسلامه أو الصلاة والسلام من الله على محمد وهومن الخبرالمراد به الإنشاء أي أسأل الله أن يصلي أي يرحم ويسلم أي يؤمن نبيه محمداً صلى الله عليه وآله وسلم فيكون طلب له صلوات الله وسلامه ويحتمل أن يريد صلاته هو وسلامه أي إنشاء الدعاء لمحمد بالرحمة والأمان والفرق بين الإحتمالين أنه طلب في الأول صلاة الله وسلامه وفي الثاني دعاء بهما وهما المعنيان المذكوران في الصلاة من الله تعالى ومن الخلق وأن الأول نفس الرحمة والثاني دعاء بها وعلى كلا التقديرين فهو دعاء من المصنف للنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا أنه طلب في الأول أن يتولى الله تعالى الصلاة والسلام عليه وفي الثاني صلى هو بنفسه والفرق بينهما كالفرق بين الصلاتين في قوله صلى الله عليه وآله وسلم من صلى على صلاة صلى الله عليه بها عشراً اهـ والاحتمال الأول هو المتعين في كلام الناظم والله أعلم وإنما نقلته بجملته لمااشتمل عليه من الفوائد ومعنى الصلاة في آية (إن الله وملائكته يصلون على النبي) على ماقرره صاحب المغنى في الباب الخامس العطف قال ثم العطف بالنسبة إلى الله تعالى الرحمة وإلى الملائكة إستغفار وإلى الآدميين دعاء بعضهم لبعض وشرح العقيدة الصغرى لمؤلفها نفعنا الله به والصلاة من الله على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم زيادة تكرمه إنعام وسلامه عليه زيادة تأمين له وطيب تحية وإعظام اهـ. (فائدة) قال الرصاع ناقلاً عن الشيخ أبي محمد عبد العزيز ابن عبد السلام لايتوهم المصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن صلاتناعليه شفاعةً منا له عند الله تعالى في زيادة رفعته وبلوغ أمنيته فإن مثلنا لايشفع لعظيم القدر عند ربه ولكن الله سبحانه أمرنا بمكافأة من أحسن إلينا وأنعم علينا ولماأحسن إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إحساناً لم يحسن إلينا أحد كإحسانه ولاأكرمنا مخلوق مثل إكرامه وكنا عاجزين عن مكافأة سيدالمرسلين وحبيب رب العالمين أمرنا ربناسبحانه أن نرغب إليه بأن يصلي هو عليه لتكون صلاة مولانا عليه مكافأة له منه سبحانه لإحسانه إلينا وأفضاله عليناإذ لاإحسان أفضل من إحسانه إلا إحسان خالقه المنعم ببعثه رحمةً إلى خلقه صلى الله عليه وآله وسلم اهـ (فرع) قال الإمام أبوعبدالله الأبي في شرح مسلم وما يستعمل من لفظ السيد

والمولى حسن وإن لم يرد والمستند فيه ماصح من قوله صلى الله عليه وآله وسلم (أناسيد ولد آدم) وانظر لو قال (اللهم صلي على سيدنا محمد عدد كذا) هل يثاب بعدد تلك الأعداد وكان الشيخ يقول يحصل له ثواب أكثر من ثواب من صلى مرةً واحدةً لاثواب من صلى ذلك العدد اهـ. وقوله (وإن لم يرد) أي في لفظ الصلاة بدليل قوله والمستند فيه إلخ ويعني بالشيخ الإمام الشهير أبا عبدالله محمدبن عرفة التونسي ومحمد منقول من اسم مفعول حمد المضعف للتكثير سمي نبينا وآله وسلم بإلهام من الله تعالى تفاؤلاً بأنه بكثرة حمدالخلق له لكثر خصاله المحمودة (فرع) في حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثة أقوال قال القاضي أبو الحسن بن القصار المشهور عن أصحابنا أن ذلك واجب في الجملة على الإنسان وفرض عليه أن يأتي بها مرة من دهره مع القدرة على ذلك وقال القاضي ابن عطية الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل حال واجبة وجوب السنن المؤكدة التي لا يسع تركها ولا يغفلها إلا من لا خير فيه وقال غيره تجب كلما ذكر صلى الله عليه وآله وسلم واختاره الطحاوي من الحنفية والحليمي من الشافعية قال الفاكهاني في الباب الأول من الفجر المنير في فضل الصلاة على البشير النذيرالطاهر من الأدلة تساوي حكم الصلاة والسلام في الوجوب وأن الواجب من ذلك المرة الواحدة في العمر على المختار الذي عليه الجمهور اهـ (فرع) في جواز التسمية باسمه صلى الله عليه وآله وسلم خلاف قال الإمام أبوعبدالله محمد بن مرزوق التلمساني في شرح قول الإمام البوصيري رضي الله تعالى عنه فإن لي ذمةً منه بتسميتي محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم في كلام الناظم دليل على الترغيب في التسمية باسمه صلى الله عليه وآله وسلم لأنها من الذمم التي يمت بها إليه في رجاء شفاعته صلى الله عليه وآله وسلم وذلك يستلزم جواز التسمية باسمه صلى الله عليه وآله وسلم وقد اختلف العلماء في ذلك فمن مجيزالتسمية باسمه والتكنية بكنيته ومن مانع لهما ومن مجيز للتسمية دون التكنية والثاني هوالظاهر من مذهب عمر رضي الله عنه فإنه قال لمن تسمى بمحمد لاأسمع محمداً يسب بك أبداً وقالت الأنصار للذي سمى ولده أبا القاسم لانكنيك أبا القاسم ولانلقبك بذلك عيناً والأول هو الذي ذهب إليه الأكثر لتسمية كثير من

السلف بذلك والتكني به ووجه القول الثالث قوله صلى الله عليه وآله وسلم للذي نادى يا أبا القاسم فإلتفت إليه صلى الله عليه وآله وسلم فقال لم أعنك يارسول الله فقال صلى الله عليه واله وسلم (تسموا بإسمي ولاتكنوا بكنيتي) ومنهم من أجاز ذلك بعد موته لافي حياته صلى الله عليه وآله وسلم لرفع هذاالمحذور والخلاف في المسألة أكثر من هذا وممن استوفى الكلام فيها القاضي أبوالفضل عياض في الأول وقد وردت آثار في فضل التسمية بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم منها ما ذكر القاضي عياض عن شريح بن يونس أنه قال (إن لله ملائكة سياحين يكتبون عبادة كل دارٍ فيها أحمد ومحمد إكراماً لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم) قال وروي عن جعفر بن محمد (إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ ألاليقم من إسمه محمد فيدخل الجنة) الكرامة اسمه صلى الله عليه وآله وسلم وفي لفظ آخر (ينادي يوم القيامة يامحمد فيرفع رأسه في الموقف كل من اسمه محمد فيقول الله جلا جلاله أشهدكم أني قد غفرت لكل من اسمه على اسم محمد نبيي وروى ابن وهب في جامعه عن مالك سمعت أهل مكة يقولون (مامن بيتٍ فيه إسم محمد إلا ورزقوا) وعن مالك أيضاً قال قال صلى الله عليه وآله وسلم (ماضر أحدكم أن يكون في بيته محمدان أوثلاثة) وجاء (خيرالأسماء ماعبد أوحمد) وفي حمل خبر (تسموا باسمي ولاتكنوا بكنيتي) على الندب أو الإباحة تأويلان اهـ وفي المدخل عن الحسن البصري إن الله تعالى ليوقف العبد بين يديه اسمه أحمد أو محمد فيقول عبدى أما ستحييت أن تعصيني واسمك اسم حبيبي محمد قال فينكس العبد رأسه حياءً من الله تعالى ويقول اللهم إني قد فعلت فيقول الله تعالى ياجبريل خذ

بيد عبدي وأدخله الجنة فإني أستحي أن أعذب بالنار من اسمه اسم حبيبي اهـ وعلى جواز التسمية باسمه صلى الله عليه وآله وسلم فهل يقال بضم الميم الأولى أوبفتحها قال في جامع المعيار عن بعضهم إن التسمية بمحمد إنما هي بضم الميم الأولى وفتح الثانية على الموافقة للاشتقاق من الحمد قال وأما التسمية بمحمد بضم الميمين أوبفتحهما فلعله من باب التغيير صوناً للاسم الشريف أن يسمى به غيره وقوله وآله وصحبه والمقتدى معطوفات على محمد وفي الصلاة على غير الأنبياء ثلاثة أقوال بالجواز والمنع والكراهة قال: الإمام أبو عبد الله الأبي قال بعضهم الخلاف في الصلاة على غير الأنبياء إنما هو في الاستقلال نحو اللهم صل على فلان وأما بالتبع نحو اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته فجائز وعلى الجواز فإنما يقصد بها الدعاء لأنها بمعنى التعظيم خاصة بالأنبياء كخصوص عز وجل بالله تعالى فلايقال محمد عز وجل وإن كان عزيزاً جليلاً وكذاالسلام هوخاص به فلايقال أبوبكر عليه السلام اهـ (فائدة) قال الإمام جلال الدين السيوطي قال ابن عبدالبر في الاستذكار لايجوز لأحدٍ إذا ذكر النبي أن يقول رحمه الله لأنه قال (من صلى علي) ولم يقل (من ترحم علي) ولا (من دعا لي) وإن كان معنى الصلاة الرحمة ولكنه خص بهذا اللفظ تعظيماً له فلا يعدل إلى غيره ويؤيده قوله تعالى (لاتجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) اهـ وفي العلقمي ماحاصله إنه يجوز الدعاء بالرحمة على سبيل التبعية لذكرالصلاة والسلام كمافي التشهد على وجه الإطناب والخطابة وأما على وجه الافراد كمايقال قال النبي رحمه الله فلا شك في منعه وهو خلاف الأدب وخلاف المأمور به عند ذكره من الصلاة عليه ولاورد مايدل عليه البتة ورب شيء يجوزتبعاً ولايجوز استقلالاً قال وقول الأعرابي ارحمني ومحمداً قد يجاب عنه بأن الدعاء فيه بالرحمة على سبيل التبعية لماقبلها وأما حديث اللهم اغفر لي وارحمني ونحوه فذلك على سبيل التواضع منه لربه عز وجل مع كونه سيق مساق التشريع للأمة ويجب علينا نحن أن نخصه بما يشير إلى تفخيمه وتعظيمه اللائق بمنصبه الشريف اهـ وآله أقاربه المؤمنون من بني هاشم وهو قول ابن القاسم ومالك وأكثر أصحابه،

وفيمن فوقهم إلى بني غالب قولان أما مافوق غالب فليسوا بآل وهو سيدنا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب واسمه شيبة بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب وابن لؤي بن غالب بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة واسمه عامر بن الياس بن مضر بن نزاربن معد ابن عدنان كذافي الصحيح وهو متفق عليه ومابعد عدنان إلى آدم مختلف فيه إلا أنهم اتفقوا على أن النسب يرفع إلى إسماعيل بن إبراهيم خليل الله تعالى وقد نظم الإمام ابن مرزوق بيتين رمز فيهما بالحرف الأول من كل كلمة إلى واحد من الآباء الكرام على ترتيبهم فقال: علقت شفيعاً هال عقلي قرانه كتاب مبين كسب لبي غرائبه فذا معشر نفسي كرام خلاصتي على الفهم مذنبل مجد عواقبه فالشين من شفيعاً لعبدالمطلب لأن اسمه شيبة والعين من عقلي لمدركة لأن اسمه عامر كما مر (فائدة) أخرج الطبراني في الأوسط عن أنس أن النبي قال (آل محمد كل تقي) وصحب اسم جمع وقيل جمع لصاحب كراكب وركب والمراد الصحابي وهو من اجتمع مؤمناً بمحمد سواء رآه أو لا كابن أم مكتوم الأعمى وهذا هو سرالتعبير بالاجتماع دون الرؤية قال بعضهم ولابدمن زيادة ومات على ذلك ليخرج من اجتمع به مؤمناً ثم ارتد ومات على ردته وردهذا بأن زيادة ذلك تقضي أن لاتتحقق الصحبة لأحدٍ في حياته وهو خلاف الإجماع بل عدم وصف المرتد بالصحبة بعد الردة لأن الردة أحبطتها بعدم وجودها له بالإيمان وعطف الصحب على الآل لتشمل الصلاة والسلام من اجتمعت له الصحبة والآلية كعلي ومن انفرد بالصحبة فقط وليس من الآل كعثمان ومن انفرد بالآلية دون الصحبة كزين العابدين وبين الآل والصحب عموم وخصوص من وجه يجتمعان وينفردان كمامثل والمقتدي والمتبع أي النبي ولشريعته. وَبَعْدُ فَالْعَونُ مِنْ الله الْمَجِيْد فِي نَظْمِ أَبْيَاٍت لِلاُمِّيِّ تُفِيدُ فِي عَقْدِ الآشْعَرِي وفِقْهِ مَالِكِ وَفِي طَرِيقِةِ الْجُنَيْدِ السَّالِكِ بعد ظرف قطع عما يستحقه من الإضافة فبني على الضم والمضاف إليه هنا ضمير

ما تقدم من الحمد والصلاة والسلام أواسم ظاهر والتقدير وبعد الحمد والصلاة المتقدمين أوبعد هذه الخطبة ولماعلم هذاالمضاف بقرينة ذكره أو لاحذفه اختصاراً وبني بعد على الضم لقطعه عن الإضافة لفظاً مع نيتها معنى فأشبهت الحروف لنقصها عن الدلالة وحدها وكذا يفعل بقبل ومنه لله الأمر من قبل ومن بعد وبنيتا على حركة لالتقاء الساكنين وكانت ضمة لأنها حركة لاتكون لهما حالة الاعراب لأنهما إما منصوبان على الظرفية وإمامجروران بمن قاله ابن مرزوق والعون والإعانة الظهور على الأمر والتقوي عليه وأتى بالفاء إما على توهم أماوإماعلى تقديرها في الكلام والمجيد صفة لله وهو الذي انتهى في الشرف وكمال الملك وإتساعه إلى غاية لايمكن المزيد عليها ولاالوصول إلى شيء منها (وقوله في نظم أبيات) أي على نظم لأن الاستعانة وماتصرف منها إنماتتعدى بعلى، والنظم لغة الجمع من نظمت العقدإذا جمعت جواهره على وجه يستحسن واصطلاحا الكلام الموزون الذي قصد وزنه فإرتبط لمعنى وقافية ووضع جمع القلة في قوله أبيات موضع جمع الكثرة وذلك كثير والأمي منسوب إلى الأمة الأمية التي هي أصل ولادة أمهاتها ولم تتعلم الكتابة ولاقراءتها وجملة تفيد للأمي صفة أبيات وقوله في عقد يحتمل الصفة لأبيات أوالحالية لوصفه بجملة تفيده فيتعلق بمحذوف واجب الحذف والأشعري بنقل حركة الهمزة للساكن قبلها للوزن وكذا للأمي وحاصل البيتين أن الناظم طلب من الله العون على نظم أبيات تنفع الأمي قراءتها وتفهم معانيها لاشتمالها على مايجب عليه تعلمه ولايسعه تركه من العقائد والفقه والتصوف وهومراده بطريقة الجنيد رضي الله عنه ويأتي تفسير السالك في شرح قول الناظم في التصوف وحاصل التقوى اجتناب وامتثال البيتين وعقد مصدر عقديعقد إذا جزم وأضاف العقد إلى الأشعري لأنه واضع علم العقائد وهوالإمام أبو الحسن علي بن إسماعيل بن بشر بن إسحق بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري صاحب رسول الله وهو مالكي المذهب إليه تنسب جماعة أهل السنة ويلقبون بالأشاعرة والأشعرية وكانواقبل ظهوه يقلبون بالمثبتة إذ أثبتوامانفت المعتزلة وكان مذهب المعتزلة في وقت الأشعري شائعاً وكلمتهم عالية فكان الأشعري رحمه الله يقصدهم للمناظرة في مجالسهم بنفسه فقيل له كيف تفعل ذلك وقدأمرت بهجرانهم فقال هم أولو الرئاسة منهم الولاة والقضاة فهم لرئاستهم لاينزلون إلي فإن لم أسر إليهم فكيف يظهر الحق ويعلم

أن لأهله ناصراً بالحجة وقدألف التصانيف لأهل السنة وأقام الحجج على إثبات السنن ومانفاه أهل البدع في صفاته تعالى ورؤيته وغيرذلك مماأنكروه من أمرالمعاد فلما كثرت تآليفه وانتفع بقوله وظهر لأهل العلم ذبه عن الدين تعلق أهل السنة بكتبه وكثرت أتباعه فنسبواإليه وسموا باسمه مولده سنة سبعين وقيل ستين ومائتين بالبصرة وتوفي سنة نيف وثلاثين وثلثمائة ببغداد ودفن بين الكوخ وباب البصرة وقد صنف الحافظ أبوالقاسم بن عساكر في مناقبه مجلداً اهـ من شرح نظم الإمام ابن زكرى لشيخ شيوخنا الإمام العالم العلامة المشهور ذي التآليف المفيدة العديدة والذكرالمنشور بالمشرق والمغرب بل وجميع المعمور سيدي أبي العباس أحمد بن علي الشهير بالمنجور وقدرأيت في آخر كتاب لحن العوام لأبي علي بن عمر بن خليل الأصولي الاشبيلي ثم التنسي أن الإمام أباالحسن الأشعري رضي الله عنه ألف كتاب المحترق في التفسير في أربعمائة سفر قال وقد بلغت تآليفه ثلثمائةٍ وثمانين تأليفاً اهـ. ومراد الناظم بفقه مالك ماقاله مالك رضي الله عنه أوقاله أحدمن أصحابه أومن بعدهم ممن يوثق به مما كان جارياًعلى قواعده وضوابطه وهو الإمام أبو عبدالله مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي إمام دارهجرة رسول الله ومهبط الوحي وهو المعني في قول جمهور العلماء بقوله (يوشك أن يضرب للناس أكباد الإبل في طلب العلم فلايجدون عالماً أعلم من عالم المدينة) وإعتماده رضي الله عنه على الكتاب والسنة وعمل أهل المدينة وهم أعلم الناس بالناسخ والمنسوخ إذ كانت الأحكام تتجدد إلى وفاة رسول الله كان رضي الله عنه موصوفاًبالعلم والديانة والاتباع والعقل والفضل وكمال الإدراك والفهم والإتقان أجمعت الأمة على إمامته وجلالته وعظيم سيادته وتبجيله وتوقيره والإذعان له في الحفظ والتثبيت وتعظيم حديث رسول الله لازم ابن هرمز خمس عشرة سنة من الغدو إلى الزوال مع ملازمته لغيره ومن كلامه رضي الله عنه (العلم نفور لايأنس إلا بقلب تقي خاشع) وقال ليس العلم بكثرة الرواة وإنما العلم نور يضعه الله في القلوب وقال (ينبغي للعالم إذاكان يشارإليه بالأصابع أن يضع التراب على رأسه ويعاتب نفسه إذا خلابها ولايفرح بالرئاسة فإنه إذاإضطجع في قبره وتوسد التراب ساءه ذلك كله) ومن كلامه رضي الله عنه (عليك بمجالسة من يزيد في علمك قوله ويدعوك إلى الآخرة فعله) أخذ عن تسعمائة شيخ

ثلثمائةٍ من التابعين وستمائةٍ من تابعيهم ممن إختاره وإرتضاه لدينه وفقهه وقيامه بحق الرواية ولد رضي الله سنة ثلاثٍ وقيل إحدى وقيل أربعٍ وقيل سبعٍ وتسعين من الهجرة وتوفي صبيحة يوم الأحد رابع عشرٍ ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائةٍ قال الإمام الشافعي رضي الله عنه قالت لي عمتي ونحن بمكةً رأيت في هذه الليلة عجباً) فقلت (وماهو) قالت: كأن قائلاً يقول مات الليلة أعلم أهل الأرض (فحسبناتلك الليلة فإذا هي وفاة مالك وقال ابراهيم بن أبي يحيى) (نمت فرأيت الشمس قد كسفت وقد علت الأرض ظلمةٍ حتى أن الناس لاينظر بعضهم إلى بعض فقلت لرجل بجنبي أقامت القيامة فقال ولم لاتقوم وقد مات عالم الإسلام فقلت ومن هوقال مالك بن أنس فإنتبهت فزعاً فإذا به قد مات رضي الله عنه). ونقل الشيخ الجزولي في شرح الرسالة عن القنازعي أن بعض المحدثين أعمل فكرته فيماينبغي أن يتعلق به من الكتب المؤلفة في الحديث فالتزم الروضة المشرفة بكثرة الذكر والصلاة طمعاً في أن يرى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيسأله عن ذلك فكان يرغب إلى الله بأنواع الرغبة عندانقضاء كل ورد التزمه لذلك ودام على ذلك مدة ثلاثين شهراً فلماكانت ليلة عرفة وكانت ليلة جمعة ختم القرآن وإنضم إلى الروضة ووقف بإزاء رأس القبر الشريف وقال ياخير من أرسل بخير كتاب أنزل أقسمت عليك بمن اصطفاك وهدى الخلق بهداك إلا ماجمعت بين مرادي منك فرأى فيمايرى النائم الروضة قدرجعت على صورة الخباء وتعالت في الهواء مرفوعة الأطناب وقائلاً يقول أين المقسم على أنه يجمع له بين معرفةٍ وعرفة فدنوت من الروضة فإذا بثلاثة أشخاص فغلب علي الخجل والوجل مماعلاهم من النور والبهاء فههمت بالدنو منهم فأشار علي أحدهم أن تكلم مكانك وأشار إلى المتوسط وكان أبهاهم فقلت يارسول الله قد إختلفت على رواة حديثك فدلني فقال عليك بكتب مالك بن أنس فقلت واختلف علي الفقهاء فدلني فقال عليك بفقه مالك فقلت قد إختلفت على أصحابه فدلني عليك بما رواه عبدالرحمن بن القاسم فقلت يارسول الله إدع الله أن يرزقني شفاعتك فقال أغناك الله عنهابعملٍ يرضاه منك فدفعني دافع وقال لاتشغله بأكثرمن هذا فقمت وخرجت إلى عرفة فأدركتها قبل طلوع الفجر فكمل الله حجي اهـ وفضائله أكثر من أن تستقصى وإنماأشرنا إلى اليسير من ذلك على وجه التبرك به وقام بمذهبه بعد وفاته جماعة من أصحابه أشهرهم عبدالرحمن بن القاسم العتق المصري. وتوفي أبن القاسم عام إحدى وتسعين ومائةٍ وعمره ستون سنةً وأخذ عن إبن

القاسم جماعة منهم سحنون مؤلف المدونة واسمه عبدالسلام بن سعيد التنوخي توفي رحمه الله سنة أربعين ومائتين رحم الله الجميع ونفعنا ببركاتهم. والجنيد رضي الله عنه هو الإمام الشهير الجليل أبوالقاسم الجنيد بن محمد سيدالصوفية علماً وعملاً وإمامهم وأصله من نهاوند مثلث النون الأولى مفتوح الهاء بعدها ألف ثم واومفتوحة ثم نون ساكنة ثم دال مهملة قال في القاموس بلد من بلاد الجبل جنوبي همذان وكان فقيهاً على مذهب أبي ثور، صحب السري والمحاسبي ومحمد بن علي القصاب ويحكى أن أباالعباس بن سريج اجتاز بمجلسه فسمع كلامه فقل له ماتقول في هذا فقال لاأدري ماأقول ولكن أرى لهذا الكلام صولةً ليست بصولة مبطل ثم صاحبه ولازمه وكان إذا تكلم في الأصول والفروع أذهل العقول ويقول هذا ببركةٍ مجالسة أبي القاسم الجنيد وقيل لعبدالله بن سعيد ابن كلاب إنك تتكلم على كلام كل أحد وهنارجل يقال له الجنيد فإنظر هل تعترض عليه أم لافحضر حلقته يوماً فسأل الجنيد عن التوحيد فأجابه فتحير عبدالله وقال له أعد علي ماقلت فأعاده ولكن لابتلك العبارة فقال عبد الله هذا شيء ملم أحفظه أعده علي مرةً أخرى فأعاده بعبارةٍ أخرى فقال له ليس يمكنني حفظ ماتقول ولكن أمله علي فقال له إن كنت أجزته فأناأمليه عليك فقام عبد الله وقال بفضله واعترف بعلو شأنه ومن كلامه رضي الله عنه الطريق إلى الله تعالى مسدود على خلقه إلا على المقتفين آثار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن لم يحفظ القرآن وكتب الحديث لم يقتد به في هذاالأمر لأن علمنا مقيد بالكتاب والسنة وقال إني لتخطر ببالي النكتة فلا أقبلها إلا بشاهدي عدلٍ من الكتاب والسنة وقال رضي الله عنه رأيت في المنام أني أتكلم على الناس فوقف علي ملك فقال ماأقرب ماتقرب به المتقربون إلى الله تعالى فقلت عمل خفي بميزان وفي قولي وهويقول كلام موفق والله توفي رضي الله عنه سنة سبعٍ وتسعين ومائتين. *****

مقدمة لكتاب الاعتقاد معينة لقارئها على المراد

مقدمة لكتاب الاعتقاد معينة لقارئها على المراد ذكرفي هذه الترجمة الحكم العقلي وأقسامه وأول مايجب على المكلف وشروط التكليف وجعل ذلك مقدمة لكتاب الاعتقاد لأن مدار الاعتقادات على الحكم العقلي بأقسامه الثلاث وهي أول واجب في الجملة ولايخاطب بواجب ولاغيره إلا البالغ العاقل كماذكر في الترجمة الثالثة الحكم الشرعي وأقسامه وجعله مقدمة لمابعده من فروع الفقه لإنقسامها إلى واجب غيره من أقسام الحكم الشرعي فتأكدت لذلك معرفة الحكم الشرعي وأقسامه وترك الكلام على الحكم العادي لما لم يتوقف على معرفته شيء مماذكر بعد ومقدمة بكسرالدال بمعنى متقدمة من قدم اللازم بمعنى تقدم وبفتحها من قدم المتعدي بمعنى أن الغير قدمها وفي مختصرالسعد والمقدمة مأخوذة من مقدمة الجيش للجماعة المتقدمة منه من قدم بمعنى تقدم يقال مقدمة العلم لما يتوقف عليه الشروع في مسائله ومقدمة الكتاب لطائفة من كلامه قدمت أمام المقصود لارتباط له بها وانتفاع بهافيه والفرق بين مقدمة العلم ومقدمة الكتاب مماهوخفي على كثيرٍ من الناس اهـ ومقدمة خبر مبتدأ محذوف أي هذه مقدمة ومعينة صفة لها والله أعلم. وَحكْمُنا العَقْلِى قَضِيَّةٌ بِلاَ وَقْفٍ عَلَى عَادَةٍ أَوْ وضْعٍ جَلاَ اعلم أن من أدرك أمراً من الأمور فإن تصور معناه فقط ولم يحكم بثبوته لأمرٍ ولابنفيه عن أمرسمى هذا الإدراك في الاصطلاح تصوراً كإدراكنا مثلاً أن معنى الحدوث الوجود بعد العدم من غير أن نثبته لأمرٍ ولاأن ننفيه عنه وإن تصورمع ذلك ثبوت ذلك المعنى لأمرٍ أونفيه عنه فهذاالإدراك يسمى في الاصطلاح حكماً ويسمى تصديقاً كإثباتناالحدوث مثلاً بعد تصورنا لمعناه للعوالم وهي ماسوى المولى تبارك وتعالى فنقول العوالم حادثةً أونفيناله عمن وجب قدمه وهو مولانا جل وعز فنقول مولانا تعالى ليس بحادثٍ فإثبات أمر لأمرٍ أونفيه عنه هو المسمى حكماً وهومراد الناظم بالقضية والله أعلم. ثم اعلم أن الحكم ينقسم إلى ثلاثة أقسام شرعي وعادي وعقلي وذلك أن الثبوت أوالنفي اللذين في الحكم إن أسنداإلى الشرع بحيث لايمكن أن يعلما إلا منه فهو الحكم الشرعي ولذا نسب إلى الشرع كقولنا في الإثبات الصلوات الخمس واجبة وقولنافي النفي صوم يوم عاشوراء ليس بواجب وإن لم يستند إلى الشرع فإن كفى العقل في إدراكه من غير أن يحتاج إلى تكرر ولا اختبار فهو الحكم العقلي ولماتوصل إليه العقل من غير أن يتوقف على شيء آخر نسب إلى العقل وذلك كقولنا في الإثبات (العشرة زوج) وفي النفي (السبعة ليست بزوج) وإن لم يستند النفي أوالإثبات اللذان في الحكم

إلى شرع ولاكفى العقل في التوصل إليهما بل احتاج إلى تكرر واختيار وعادةً فهوالحكم العادي نسب إلى العادة لأن بهاتول إليه لابشرعٍ ولابعقلٍ وذلك كقولنا في الإثبات شراب السكنجبين مسكن للصفراء وفي النفي الخبز الفطيرليس بسريع الإنهضام ثم ينقسم هذا العادي إلى قسمين عادي قولي كرفع الفاعل ونصب المفعول ونحو ذلك من الأحكام النحوية أواللغوية وعادي فعلى كالمثالين المذكورين فقول الناظم قضية كالجنس يشمل جميع أقسام الحكم وقوله بلا وقفٍ على عادة فصل أخرج به الحكم العادي فإنه لم يثبت إلا بواسطة التكرير والتجربة حتى عرف أنه ليس باتفاق. قال في شرح المقدمات فإن قلت هانحن نثبت لشراب السكنجبين تسكين الصفراء تقليداً للأطباء وإن لم يتكررعندنا ولاجربناه قلت إنما أثبتنا له هذا الحكم بواسطة التجربة التي صدقنا فيها الأطباء وليس من شرط التكرروالتجربة في الحكم العادي أن يكون من كل أحدٍ بل هو المستند لثبوت الحكم العادي وإن حصل من البعض الموثوق بتجربته وقوله أو وضع أي جعل عطف على عادة وهو فصل أخرج به الحكم الشرعي قال في شرح المقدمات فإن قلت كيف يصح أن يقال في الحكم الشرعي أنه حصل بالوضع والجعل وهو خطاب الله تعالى وكلامه القديم والقديم ليس بوضع ومجعول قلت المراد بالحكم الشرعي هنا التعلق التنجيزي لخطاب الله القديم بأفعال المكلفين بعد وجودهم وتوفر شروط التكليف فيهم وهذا التعلق ليس بقديم والقديم إنما هوكلام الله تعالى وتعلقه العقلي الصلاحي بالمكلفين في الأزل وإطلاق الحكم الشرعي على التعلق التنجيزي الحادث مشهورعند الفقهاء والأصوليين اهـ. أَقْسامُ مُقْتَضاهُ بِالْحَصْرِ تُمازْ وهِيَ الْوجُوبُ اِلاستِحالَةُ الْجَوازْ فَوَاجِبٌ لاَ يَقْبَلُ النَّفْيَ بِحالْ ومَا أبَى الثّبُوتَ عَقْلاً الْمُحَالْ وجَائِزاً مَاقَبْلَ الأَمْرَيْنِ سِمْ ولِلضَّرورِيْ والنَّظَرِي كُلُّ قُسِمْ أخبر أن أقسام مقتضى الحكم العقلي تتميز وتتبين بالحصر وتلك الأقسام هي الوجوب والإستحالة والجواز وبيان الحصر في الثلاثة أن كل مايحكم به العقل إماأن يقبل الثبوت والانتفاء معاًأويقبل الثبوت فقط أو يقبل الانتفاء فقط فالأول هوالجائز ويسمى الممكن أيضاً والثاني الواجب والثالث المستحيل وإنما قال أقسام مقتضاه أي متعلقه ولم يقل أقسامه لأن الحكم العقلي ليس نفس هذه الثلاثة المذكورة فلاتكون أقساماً له لأن من شرط القسمة صدق اسم المقسوم على كل واحدٍ من

أقسامه ولايصدق على الوجوب أوالاستحالة أوالجواز اسم الحكم وإنما يصدق عليهاأنهامحكوم بها قوله فواجب إلخ أخبرأن الواجب هومالايقبل النفي أصلاً بحيث لايدرك العقل عدمه وأن المحال هو ماامتنع ثبوته في العقل بحيث لايدرك العقل ثبوته ووجوده وأن الجائز ماقبل النفي والثبوت بحيث لايدرك العقل وجوده وعدمه فاللام في الأمرين للعهد والمعهود النفي والثبوت وجائزاً مفعول أول لسم وهوفعل أمرمن وسم بسم سمة من السمة وهي العلامة وماقبل مفعول ثانٍ لسم على حذف الباء أي علم الجائز بماقبل الأمرين معاً النفي والثبوت قوله للضروري والنظري كل قسمٍ يعني أن كل قسمٍ من الثلاثة المتقدمة ينقسم إلى ضروري وهومايدرك ثبوته أونفيه إبتداءً بلا تأمل وإلى نظري وهو مايدرك بعدالتأمل فمثال الواجب الضروري التحيز للجرم وهوأخذه قدر ذاته من الفراغ فإن ثبوت هذا المعنى له لايفتقرإلى تأمل وكذا كون الاثنين أكثر من واحدومثال الواجب النظري ثبوت القدم لمولانا جل وعز فإنه لايتصور في العقل نفيه عنه تعالى ولكن لايدرك ذلك إبتداءً من غير تأملٍ بل بعد التأمل فيمايترتب على نفيه من المستحيلات كالدور والتسلل وتعدد الإله وتخصيص كل واحدٍ منهم بنوع من الممكنات بلامخصص ونظيره في الوجوب النظري كون الواحد ربع عشر الأربعين ومثال المستحيل الضروري تعري الجسم عن الحركة والسكون معاً أي تجرده عنهما بحيث لايوجد فيه واحدٍ منهمافإن العقل إبتداءً لا يتصور ثبوت هذاالمعنى للجرم ومثال المستحيل النظري كون الذات العلية جرماً تعالى الله عن ذلك فإن استحالة هذا المعنى عليه جل وعز إنما يدركه العقل بعد أن يسبق له النظر فيمايترتب على ذلك من المستحيل وهوالجمع بين النقيضين وذلك أنه قد وجب لمولانا جل وعز القدم والبقاء لئلا يلزم الدور والتسلسل لوكان تعالى حادثاً فلوكان جرماً لوجب له الحدوث لماتقرر من وجوب الحدوث لكل جرمٍ فلزم إذن لوكان تعالى جرماً أن يكون واجب القدم لألوهيته واجب الحدوث لجرميته تعالى عن ذلك وذلك جمع بين النقيضين لامحالة ومثل الجائز الضروري إنصاف الجرم بخصوص الحركة مثلاً فإن العقل يدرك إبتداء صحة وجودها للجرم وصحة عدمها له ومثال الجائز النظري تعذيب المطيع الذي لم يعص الله قط فإن ذلك

في الإبتداء قد ينكرالعقل جوازه بل يتوهمه مستحيلاً كماتوهمته المعتزلة وأمابعدالنظر في وحدانيته تعالى وإنفراده بخلق جميع الممكنات وإرادتها بلا واسطة خيراً كان أوشراً وأن الأفعال كلها بالنسبة إليه تعالى سواء لانفع له في طاعةٍ ولاضرر ولانقص يلحقه جل وعلا بكفر كافرٍ أومعصية عاصٍ ولاحرج عليه ولاحكم لأحد عليه فتعلم حينئذٍ على القطع إنمايترتب منه سبحانه على الكفر من العذاب الأليم وعلى الطاعة من النعيم المقيم لوعكس تعالى في ذلك أولم يرتب جل وعلا عليهما شيئاً أصلاً لم يلزم على ذلك بالنظر إلى حقيقة الطاعة والكفر والمعصية نقص ولامحال أصلاً قال في شرح الصغرى واعلم إن الحركة والسكون للجرم يصح أن يمثل بهمالأقسام الحكم العقلي الثلاثة فالواجب العقلي ثبوت أحدهما لابعينه للجرم والمستحيل نفيهما معاً عن الجرم والجائز ثبوت أحدهما بالخصوص للجرم واعلم أن معرفة هذه الأقسام الثلاثة وتكريرها وتأنيس القلب بأمثلتها حتى لايحتاج الفكر في إستحضارمعانيهاإلى كلفةٍ أصلاً مماهو ضروري على كل عاقلٍ يريدأن يفوز بمعرفة الله تعالى ورسله عليهم الصلاة والسلام بل قال إمام الحرمين وجماعة إن معرفة هذه الأقسام الثلاثة هي نفس العقل فمن لم يعرف معانيها فليس بعاقل اهـ (تنبيهان) الأول المراد بالواجب المذكورهوالواجب الذاتي وأما الواجب العرضي وهومايجب لتعلق علم الله تعالى به كتعذيب أبي جهل فإنه بالنظرإلى ذاته جائزيصح في العقل وجوده وعدمه وبالنظر إلى ماأخبربه الصادق المصدوق صلاة الله وسلامه عليه من إرادة الله تعالى لعذابه هو واجب لايتصورفي العقل عدمه وإنما لم يقيد الناظم الواجب بكونه ذاتياً لأنه عند الإطلاق لايحمل إلا على الذاتي ولايحمل على العرضي إلا بالتقييد على أنه لايبعدأن يكون تساهل في حذف مايدل عليه من هذا القسم إعتماداً على ماأثبته في الثاني حيث قال وماأبى الثبوت عقلاً فيكون معنى قوله هنافواجب أي عقلاً ولاإشكال بعد هذا في حذفه من قسم الجائز لاسيماوالتقسيم إنماهوفي الحكم العقلي وماوجب أواستحال أوجازعقلاً فهوالذاتي وكذلك المستحيل المذكورهوأيضاً الذاتي وأماالمستحيل لعارضٍ منفصلٍ عنه فهومن قبيل الجائز كاستحالة إيمان أبي لهب فإنهالماعرض لإيمانه من إرادة الله تعالى لعدمه والمراد بالجائز أيضاً مايصح في العقل وجوده وعدمه أي لايلزم من هذين التقديرين فيه محال لذاته ويدخل فيه ثلاثة أقسام الأول الجائز المقطوع بوجوده كاتصاف الجرم المطلق بخصوص البياض وخصوص الحركة ونحوها وكالبعث والثواب والعقاب ونحو ذلك وهذا هو الواجب العرضي.

الثاني الجائزالمقطوع بعدمه كإيمان أبي لهب وأبي جهل ودخول الكافرين الجنة ونحوذلك وهذاهوالمستحيل العرضي. الثالث المحتمل للوجود والعدم كقبول الطاعات وفوزنا بحسن الخاتمة وسلامتنا من عذاب الآخرة ونحوذلك وإنماقالوا لايترتب على تقديروجوده ولاعلى تقديرعدمه محال لذاته أي بالنظر إلى ذات ذلك الجائز أي حقيقته ليدخل فيه القسمان الأولان وهما المقطوع بوجوده والمقطوع بعدمه فإن كل واحدٍ منهمابالنظر إلى ذاته لايلزم محال في وجوده ولاعدمه ولونظرناإلى ماتعلق بهما من أخبارالله تعالى ورسله عليهم الصلاة والسلام لترتب حينئذٍ على عدم الأول ووجود الثاني أمرمحال وهوالكذب والخلف في خبرمن يستحيل عليه ذلك وليس المرادبالجائزهنا ماأذن الشرع في فعله وتركه فيكون مرادفاً للمباح كالبيع والنكاح ونحوهما ولاماأذن في فعله وإن لم يأذن في تركه فيكون أعم من المباح لصدقه على الواجب والمندوب وحاصل هذا التنبيه أن المراد بالواجب الواجب لذاته لالعارضٍ وبالمستحيل المستحيل لذاته لالعارضٍ وبالجائزالجائز لذاته وإن عرض وجوبه بإخبارالشارع بوقوعه وهوالواجب العرضي أوعرضت إستحالته بإخبارالشارع بعدم وقوعه وهوالمستحيل العرضي وليس المرادبالجائز المباح أوالمأذون في فعله (التنبيه الثاني) قدتقدم في تقسيم الحكم بعض الكلام على الحكم العادي وأن الناظم لم تدعه حاجةٍ لذكره ولابدمن زيادة بعض الكلام فيه لتشوف النفس عندالتقسيم إلى معرفة جميع الأقسام فأقول قال في المقدمات وأماالحكم العادي فهوإثبات الربط بين أمرٍ وأمرٍ وجوداً أوعدماً بواسطة التكررمع صحة التخلف وعدم تأثير أحدهما في الآخر ألبتة قال في شرحها يعني أن الحكم العادي هوإثبات الربط بين وجودأمرٍ وعدمه وبين وجود أمرٍ آخر فقولنا وجوداً أوعدماً راجع لكل واحدٍ من الأمرين لا لأحدهما فقط إذ لوكان كذلك مادخل تحت هذاالكلام جميع الأقسام الأربعة الآتية وإحترز بقوله التكرر من الربط بين أمرين عقلاً أوشرعاً كالربط العقلي بين قيام العلم بمحل وبين كون ذلك المحل عالماً وكالربط الشرعي بين زوال الشمس ووجوب صلاة الظهر مثلاً فهذان الربطان لايسمى واحد منهما عادياً لعدم توقفه على تكرروأماقولنا مع صحة التخلف وعدم تأثير أحدهما في الآخر ألبته فلم نذكره لبيان حقيقة الحكم العادي بل التنبيه على تحقيق علم ودفع جهالةٍ ابتلى بها الأكثر في الأحكام العادية حتى توهموا أنه لامعنى للربط الذي حصل في الحكم العادي إلا ربط اللزوم الذي لايمكن

معه الانفكاك كاللزوم العقلي أوربط التأثير من أحدهما في الآخرر فنبهنا بهذه الجملة على أن الربط الذي حصل في الحكم العادي إنماهوربط اقتران ودلالة جعلية لاربط لزوم عقلي ولاربط تأثيرمن أحدهما في الآخر فأشرنا إلى عدم الربط فيه بطريق اللزوم الذي يشبه اللزوم العقلي بقولنامع صحة التخلف وفيه تنبيه على جهالة من فهم أن الربط في العاديات بطريق اللزوم الذي لايصح معه التخلف فأنكربسبب هذه الجهالة البعث وإحياء الميت في القبروالخلودفي النارمع استمرارالحياة لأن ذلك كله على خلاف العادة المستمرة في الشاهد والربط المقترن فيها لايصح فيه التخلف عندهم وأشرنا إلى عدم الربط فيه بطريق التأثيربقولناوعدم تأثيرأحدهما في الآخر ألبته وقديقال إن ذكرهذين القيدين في تعريف الحكم العادي إنماهولإفادة معرفته بناءً على أن الجهل بصفة حقيقية، وإثبات ضدها لتلك الحقيقة موجب للجهل بها وهومذهب الشيخ أبي عمران الفارسي رضي الله عنه في المسألة المشهورة بالخلاف وهي الجهل بصفات المولى تبارك وتعالى وإثبات ضدهابمالايليق به جل وعلا كإثبات الجسمية له والجهة ونحوذلك مماهومستحيل عليه تعالى هل يصدق على معتقدذلك أنه جاهل بالمولى تبارك وتعالى أم لا والأظهر أنه جاهل به جل وعلا كماإختار أبوعمران رحمه الله فعلى هذامن جهلٍ صفة الحكم العادي بأنه ربط اقتران جعلى يصح فيه التخلف واعتقد لجهله أن الربط فيه ربط تأثيرأولزوم ولايمكن فيه التخلف فإنه يصدق عليه أنه جاهل بالحكم العادي بناءً على هذا القول الأظهر أن الجهل بالصفة جهلٍ بالموصوف فإسقاط هذين القيدين إذاً من تعريف الحكم العادي قديخل بمعرفته قال في المقدمات أيضاً وأقسامه أربعة ربط وجود بوجود كربط وجودالشبع بوجود الأكل وربط عدم بعدم كربط عدم الشبع بعدم الأكل قال وربط وجودبعدم كربط وجود الجوع بعدم الأكل وربط عدم بوجود كربط عدم الجوع بوجود الأكل في الشرح قد عرفت أن الربط بين أمرين في الحكم العادي يصح في وجود كل واحدٍ منهماوعدمه فلزم انقسام الربط إلى أربعة أقسام من ضرب إثنين وهماوجود أحدالأمرين وعدمه في اثنين وهماوجود الأمرالآخر وعدمه اهـ. محل الحاجة (تتمه) كما إنقسم الحكم العقلي إلى ضروري ونظري فكذلك الحكم العادي فمثال الضروري من الحكم العادي حكمنا بأن النار محرقةٍ وأن الثوب ساترونحوذلك ومثال النظري منه كون شراب السكنجبين مسكناً للصفراء والخبزالفطير ليس بسريع الإنهضام ونحوذلك وأكثر أحكام أهل الطب عادية نظرية وكذلك الشرعي ينقسم إلى ضروري ونظري وسيأتي

أَوَّلُ وَاجِبٍ عَلَى مَنْ كُلِّفَا مُمْكِّناً مِنْ نَطَرٍ أنْ يَعْرِفَا الله وَالرُّسُلَ بِالصِّفَاتِ مِمَّا عَلَيْهَا نَصَبَ الآيَاِت أخبرأن أول مايجب على المكلف وهوالعاقل البالغ حالة كونه ممكناً من النظرمعرفة الله تعالى ومعرفة رسله عليهم الصلاة والسلام بالصفات التي نصب الله تعالى عليها الآيات أي أقام عليها البراهين والأدلة إذ الجهل بالصفة جهل بالموصوف كمامر قريباً وإنما قال ممكناً من نظرٍ ليتحرز به عن المكلف إذالم يتمكن من النظر لمفاجأة الموت له عقب البلوغ فلاتجب عليه المعرفة إذ لايتوصل لهاإلا بالنظروالفرض أنه لم يتمكن منه وكون المعرفة أول واجبٍ هو أحد أقوال في المسألة قال في شرح الكبرى مامررناعليه في هذه العقيدة من أن أول واجب النظر هومذهب جماعةٍ منهم الشيخ الأشعري وذهب الأستاذ وإمام الحرمين إلى أن أول واجبٍ القصد إلى النظر أي توجيه القلب إليه بقطع العلائق المنافية لهاومنها الكبروالحسد والبغض للعلماء الداعين إلى الله سبحانه، وتطهيرالقلب من هذه الأخلاق أول هداية الله للعبد وقال القاضي أول واجب أول جزءٍ من النظروقيل أول واجب المعرفة ويعزى للشيخ أيضاً وهوفي الحقيقة غير مخالفٍ لماقبله لأنه نظر إلى أول مايجب مقصداً وغيره نظر إلى أول مايجب إمتثالاً وأداء وإنمااخترنا من هذه الأقوال القول بأن أول واجب النظر لتكررالحث على النظر في الكتاب والسنة حتى كأنه مقصد بخلاف ماقبله من الوسائل فإنماأخذ من قاعدة أن الأمر بالشيء أمربمايتوقف عليه من فعل المكلف وفي تلك القاعدة نزاع اهـ قوله ممكناً من نظرالنظرقال ابن العربي هوالفكرالمرتب في النفس على الطريقة تفضى إلى العلم يطلب به من قام به علماً في العلميات أوغلبة ظنٍ في المظنونات وقال البيضاوي حقيقة النظر ترتيب أمورمعلومة على وجه يؤدي إلى إستعلام ماليس بمعلوم وقيل غيرذلك وهل الربط بين الدليل والنتيجة عادي فيمكن تخلفه أوعقلي

فلا يمكن عند نفي الآفات العامة كالموت ونحوه التخلف أوبالتولدأوبالإيجاب أربعة أقوال الأول مذهب الأشعري والثاني إمام الحرمين وهو الصحيح وللقاضي القولان والثالث مذهب المعتزلة والرابع مذهب الحكماء. قوله أن يعرفاالمعرفة هي الجزم المطابق عن دليل وللشيخ في شرح الكبرى تقسيم عجيب لابد من إيراده لمسيس الحاجة إليه وإشتماله على فوائدٍ قال رحمه الله أعلم أن الحكم الحادث ينشأ عن أمورٍ خمسةٍ علم وإعتقاد وظن وشك ووهم لأن الحاكم بأمرٍ على أمرٍ ثبوتاً أونفياً إماأن يجدفي نفسه الجزم بذلك الحكم أولا والأول إماأن يكون لسببٍ وأعني به ضرورةً أوبرهاناً أولا وغيرالجزم إماأن يكون راجحاً على مقابله أومرجوحاً أومساوياً فأقسام الجزم إثنان وأقسام غيرالجزم ثلاثةً ويسمى الأول من قسمي الجزم علماً ومعرفةً ويقيناً والثاني اعتقاداً ويسمى الأول من أقسام غير الجزم ظناً والثاني وهماً والثالث شكاً فإذا عرفت هذافالإيمان إن حصل عن أقسام غيرالجزم الثلاثة فالاجماع على بطلانه وإن حصل عن القسم الأول من قسمي الجزم وهو العلم فالإجماع على صحته وأما القسم الثاني وهو الاعتقاد فينقسم قسمين مطابق في نفس الأمر ويسمى الاعتقاد الصحيح كاعتقاد عامة المؤمنين المقلدين وغير مطابق يسمى الإعتقاد الفاسد والجهل المركب كاعتقادالكافرين فالفاسد أجمعوا على كفرصاحبه وأنه اثم غير معذور مخلدفي الناراجتهد أو قلد ولايعتدبه بخلاف من خالف في ذلك من المبتدعة واختلفوا في الاعتقاد الصحيح الذي حصل بمحض التقليد فالذي عليه الجمهور والمحققون من أهل السنة كالشيخ الأشعري والقاضي والإستاذ وإمام الحرمين وغيرهم من الأئمة أنه لايصح الإكتفاء به في العقائد الدينية وهو الحق الذي لاشك فيه وقدحكى غيرواحدٍ الإجماع عليه وكأنه لم يعتدبه بخلاف الحشوية وبعض أهل الظاهرإما لظهورفساده وعدم متانة علم صاحبه أو لإنعقادإجماع السلف قبله على ضده وقد حصل ابن عرفة في المقلد ثلاثة أقوال الأول أنه مأمن غيرعاصٍ بترك النظر الثاني أنه مؤمن لكنه عاصٍ إن ترك النظرمع القدرة.

الثالث إنه كافر، ثم قال وبالجملة فالذي حكاه غير واحدٍ عن جمهورأهل السنة ومحققيهم أن التقليد لايكفي في العقائد ولهذا قال ابن الحاجب في العقيدة المنسوبة له بعد قوله إن الإيمان هوالتصديق وهو حديث النفس التابع للمعرفة على الأصح قال ولايكفي التقليد في ذلك على الأصح اهـ وإلى القسم الأول من قسمي الجزم وهو الجزم المطابق عن دليل أشارالناظم بقوله أن يعرف الله والرسل إذ هوالمسمى معرفةً كمامر وسيب الخلاف في الاكتفاء بالتقليد وعدمه هوهل المعرفة واجبة على الكفاية أوعلى الأعيان فالمعرفة واجبة في الجملة بإجماع وهل على الكفاية بحملهامن قام بها وغيره يكفيه التقليد أوهي واجبة على الأعيان فتجب المعرفة على كل واحدٍ ولايكفي التقليد في المسألة قولان وكل من يقول يقول ادعى الإجماع لنقض ماادعاه مخالفةً وإلى ذلك أشارالإمام ابن زكرى بقوله فصل وقد وجب بالإجماع معرفة الله بلا نزاع وفي وجوبها على الأعيان أوالكفاية لهم قولان لا يكتفي الأول بالتقليد ويكتفي الثاني بلا ترديد كل حكى الإجماع في نقيض ما قد ادعاه خصمه ملتزما قوله بالصفات وهو جمع صفة والصفة والوصف بمعنى واحد عند أهل العربية وأما عند المتكلمين فالوصف قول الواصف والصفة المعنى القائم بالموصوف وهوالمرادهنا. قوله مماعليه نصب الآيات. يتعلق بمحذوف صفة أوحال للصفات ومفهومه أنه لايجب المعرفة بمالم ينصب عليه دليل من الصفات وهوكذلك وهذاالمفهوم كقول الإمام السنوسي في شرح الصغرى صفات مولانا جل وعز الواجبة له لاتنحصرفي العشرين إذ كمالاته لانهاية لهالكن العجزعن معرفة مالم ينصب عليه دليل عقلي ولانقلي لانؤاخذبه بفضل الله تعالى. وَكُلُّ تكْليفٍ بِشرْطِ الْعَقْلِ مَعَ الْبُلُوغِ بِدمٍ أوْ حَمْلِ أَوْ بِمَني أو بِإِنْباتِ الشّعْرِ أَوْ بِثَمانِ عَشْرَةٍ حَوْلاً ظَهَرْ اعلم أنه اختلف في التكليف فقيل هوإلزام مافيه كلفة وقيل طلب مافيه كلفة ويجري على القولين الندب فهوتكليف على الثاني دون الأول وللتكليف ثلاثة شروط. الأول العقل وهو قوة مهيئة لقبول العلم وقيل قوة يكون بها التمييز بين الحسن

والقبيح. وقال صاحب القاموس الحق أنه نور روحاني به تدرك النفوس العلوم الضرورية والنظرية وابتداء وجوده عند اختتان الولد ثم لايزال ينموإلى أن يكمل عند البلوغ اهـ وقال بعضهم اختلف الناس في العقل من جهاتٍ شتى هل له حقيقة تدرك أم لا وعلى أن له حقيقة تدرك هل هو جوهر أوعرض قولان وهل محله الرأس أوالقلب قولان وهل العقول متفاوته أو متساوية قولان وهل هو اسم جنس أوجنس أونوع أقوال ثلاثة فهذه أحد عشر قولاً ثم القائلون بالجوهرية والعرضية اختلفوا في رسمه على أقوال شتى أعد لها قولان قال أصحاب العرض هو ملكة النفس بها يستعد للعلوم والإدراكات وقال أصحاب الجوهر جوهر لطيف تدرك به الغائبات بالوسائط والمحسوسات بالمشاهدات خلفه الله في الدماغ وجعل نوره في القلب. الثاني من شروط التكاليف البلوغ وهوكما قال الإمام أبوعبدالله المازري قوة تحدث في الصبي يخرج بها عن حالة الطفولية إلى حال الرجولية وتلك القوة لايكاد يعرفها أحد فجعل الشارع لها علامات يستدل بها على حصولها اهـ والعلامات خمس ثلاث يشترك فيها الذكروالأنثى أولها الاحتلام وهو خروج المني ابن شاس ويثبت الاحتلام بقوله إن كان ممكناً إلا أن تعارضه ريبةً والثانية إنبات الشعر أي شعر الوسط والمراد به الخشن لاالزغب ابن العربي ويثبت بالنظر إلى مراة تسامت محل الإنبات ابن عرفة أنكر هذاعزالدين وقال هو كالنظر إلى عين العورة وكذا ابن القطان المحدث. والثالثة السن واختلف في حده والمشهور وعليه اقتصر الناظم ثمان عشرة سنة وقيل سبع عشرة وقيل خمس عشرة واثنتان تختص بهما الأنثى وهما الحيض والحمل ابن ناجي في عد الحمل نطر لأنه لايكون إلا بعد سبقية الإنزال من المرأة فهوراجع إلى الاحتلام وزاد الشهاب القرافي في العلامات رائحة الإبطين وزاد غيره فرق الأرنبة من الأنف وبعض الطبائعيين غلظ الصوت البرزلي ومن ذلك أن يأخذ خيطاً ويثنيه ويديره برقبته ويجمع طرفيه في أسنانه فإن دخل رأسه فإن دخل رأسه منه فقد بلغ وإلا فلا ولاإشكال في العلامات المذكورة بالنسبة إلى الشخص الذي تمخضت ذكورته أوأنوثته وأما الخنثى فإن غلبت ذكورته فله حكم الذكر أوأنوثته فله حكم الأنثى وإن كان مشكلاً فله حكم الاحتياط فتجري فيه العلامات الخمس. الثالث من شروط التكليف بلوغ دعوة النبي وأسقط الناظم هذا الشرط لعدم الحاجة إليه بسبب دعوته لكل أحد والله تعالى أعلم.

كتاب أم القواعد، وما انطوت عليه من العقائد

أم القواعد، وماانطوت عليه من العقائد ذكر الناظم في هذه الترجمة القاعدة الأولى من قواعدالإسلام الخمس وهي الشهادتان ومااشتملت عليه من العقائد فبدأ بذكرالعقائد وبراهينها ثم ذكرأن جميعها مندرج في كلمة التوحيد ولماكانت بقية القواعدالأربعة المذكورة بعدهامبنية عليها ولايصح شيء منها إلا بعدوجودها كمايصرح به في قوله بعد وهي الشهادتان شرط الباقيات سماها أم القواعد أي شرطاً شرعياً لصحة بقية القواعد كماأن وجود الأم شرط عادي في وجودالولد والكتاب مصدركتب يكتب كتابة وكتاباً ومادة كتب تدل على الجمع والضم ومنه الكتيبة استعملوا ذلك فيما يجمع أشياء ومسائل والضم فيه بالنسبة إلى المكتوب من الحروف حقيقة بالنسبة إلى المعاني المرادمنها مجاز وكتاب خبرمبتدأ محذوف أي هذا كتاب والمشار إليه بالمبتدء المحذوف هو الكلام المذكور في الترجمة من أولها إلى آخرها أي هذاالكلام بجمع القاعدة الأولى وماانطوت عليه أي اشتملت عليه من عقائد الإيمان فقوله وماانطوت عطف على أم وسيأتي إن شاء الله بيان اشتمال الشهادتين على جميع العقائد حيث تعرض له الناظم بقوله وقوله لاإله إلا الله محمدأرسله الإله يجمع كل هذه المعاني يُجِبُ لله الْوُجُودُ وَالْقِدَمْ كَذَا الْبَقَاء وَالْغِنَى الْمُطْلَقُ عَمْ وَخُلُفُهُ لِخَلْقِهِ بِلاَ مِثَالْ وَوَحْدَةُ الذَّاتِ وَوَصْفٍ وَالْفِعَالْ وَقُدْرَةٌ إِرَادَةٌ عِلْمٌ حَيَاةْ سَمْعٌ كَلاَمٌ بَصَرٌ ذِي وَاجبِاتْ وَيَسْتَحِيلُ ضِدُّ هَذِهِ الصِّفاتْ بَعَدمُ الْحُدُوثُ ذَا لِلْحادِثَاتِ كذَاَ الْفَنَا وَالاِفْتِقَاُر عُدَّهْ وَأنْ يُمَاثِلُ وَنَفْىُ الْوحْدَهْ عَجْزٌ كَرَاهَةٌ وَجَهْلٌ وممَات وَصَمَمٌ وَبَكَمٌ عَمَي صُمات يَجُوزُ فِي حَقِّهِ فِعْلُ الْمُمْكِناتِ بأَسْرِهَا وَتَرْكهَا فِي الْعَدَمَاتِ لما ذكرالناظم في مقدمة كتاب الاعتقاد أن معرفة الله تعالى بالصفات التي قام الدليل عليها واجبة شرع هنا في ذكرتلك الصفات وقسمها كغيره إلى ثلاث أقسام قسم واجب في حقه تعالى بمعنى أن وصفه تعالى به واجب عقلاً لايتصور في العقل عدمه

وقسم مستحيل عليه تعالى بمعنى أن وصفه تعالى به محال عقلاً لايتصورفي العقل وجوده وقسم جائز في حقه تعالى بمعنى أن وصفه تعالى به جائز عقلاً أي بحيث أن العقل يجوز أن يوصف به تعالى وأن لا ولاينبني محال على كل منهما فالقسم الأول ثلاث عشرة صفة وكذاالثاني لأن كل صفةٍ واجبةٍ يستحيل ضدها. الأولى الوجود قال في شرح الصغرى وفي عد الوجود صفة على مذهب الأشعري تسامح لأنه عنده عين الذات ليس بزائدٍ عليها والذات ليست بصفة لكن لما كان الوجود توصف به الذات في اللفظ فيقال ذات مولاناموجودة صح أن يعد صفة على الجملة وأما على مذهب من جعل الوجود زائداً على الذات كالإمام الرازي فعده من الصفات صحيح لاتسامح فيه وعلى من جعله زائداً على الذات في الحادث دون القديم وهومذهب الفلاسفة أهل الثانية القدم وهو عبارة عن سلب العدم السابق على الوجود وإن شئت قلت هوعبارة عن عدم الأولية للوجود وهذامعنى القدم باعتبار ذاته تعالى وصفاته وأماإذا أطلق في حق الحادث كقوله هذا بناء قديم فهو عبارة عن طول مدة وجوده وإن كان حادثاً مسبوقاً بعدم ويستحيل إطلاقه بهذا المعنى على الله تعالى لأن وجوده تعالى لايتقيد بزمان ولامكان لحدوث كل منهما فلايتقيد بواحدٍ إلا ماهو حادث ويجوز أن يقال الله تعالى قديم لأن معناه واجب له جل وعلا وهو الصحيح لوروده في حديث أبي هريرة في التسعة والتسعين أخرجه ابن ماجه في سننه أويقال إنما يجب له تعالى القدم لأن أسماءه تعالى توقيفية تردد في ذلك بعض الشيوخ. الثالثة البقاء وهو عبارة عن سلب العدم اللاحق للوجود وهذا التفسير وكذا تفسير القدم المتقدم بناء على أن القدم والبقاء صفتان سلبيتان وقال بعض الأئمة في تفسيرالقدم هو استمرار الوجود في الماضي إلى غير نهاية وقال في تفسيرالبقاء هو استمرار الوجود في المستقبل إلى غير نهاية قال في شرح الصغرى وكان صاحب هذه العبارة يجنح إلى أن القدم والبقاء صفتان نفسيتان لأنهما عنده الوجود المستمر في الماضي والمستقبل والوجود نفسي لعدم تحقق الذات بدونه وهذا المذهب ضعيف لأنهما لو كانا نفسيين لزم أن لاتعقل الذات بدونهما وذلك باطل بدليل أن الذات يعقل

وجودها ثم يطلب البرهان على وجود قدمهاوبقائها. الرابعة الغنى المطلق وهوقيامه تعالى بنفسه أي بذاته فلايفتقر لشيء من الأشياء فلايفتقر إلى محلٍ أي ذات سوى ذاته يوجد فيها كماتوجد الصفة في الموصوف لأن ذلك لايكون إلا للصفات وهو تعالى ذات موصوف بالصفات وليس هو تعالى بصفةٍ كما تدعيه النصارى ولا يفتقر تعالى إلى مخصص أي فاعل يخصه بالوجود لا في ذاته ولافي صفة من صفاته لوجود القدم والبقاء لذاته تعالى ولجميع صفاته وإنمايحتاج إلى المخصص من يقبل العدم ومولانا جل وعز لا يقبله فبعدم افتقاره إلى محل أي ذاتٍ أخرى لزم كونه تعالى ذاتاً لاصفة وبعدم افتقاره تعالى إلى مخصص أي فاعل لزم أن داته تعالى ليست كسائر الدوات المفتقرة إلى الفاعل وإن كانت لاتفتقر إلى محل أيضاً فإذا القيام بالنفس عبارة عن الغنى المطلق كما عبر به الناظم وذلك لايمكن إلا لمولانا جل وعز وقال تعالى (ياأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هوالغني الحميد) وعم آخر البيت الأول أصله عاماً حال مؤكدة من الغنى فحذفت الألف الأولى كماحذفت في بر والأصل بار حذفت الثانية ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة ويوقف عليه بتخفيف الميم للوزن. الخامسة مخالفته تعالى للحوادث أي لايماثله تعالى شيء منها مطلقاً لافي الذات ولافي الصفات ولافي الأفعال، قال تعالى (ليس كمثله شيء وهوالسميع البصير). فأول هذه الآية تنزيه واخرها إثبات فصدرها يرد على المجسمة وأضرابهم وعجزها يرد على المعطلة النافين لجميع الصفات. السادسة الوحدانية أي لاثاني له في ذاته ولافي صفاته ولافي أفعاله فأوجه الوحدانية ثلاثة وحدانية الذات ووحدانية الصفات ووحدانية الأفعال فوحدانية الذات تنفي التركيب في ذاته تعالى ووجود ذاتٍ أخرى تماثل الذات العلية فتنفي التعدد في حقيقتها متصلاً كان أومنفصلاً ووحدانية الصفات تنفي التعدد في حقيقة كل واحدٍ منهامتصلاً كان أومنفصلاً فعلم مولانا جل وعز ليس له ثانٍ يماثله لامتصلاً أي قائماً بالذات العلية ولامنفصلاً أي قائماً بذاتٍ أخرى بل هو تعالى يعلم المعلومات التي لا

نهاية لها بعلم واحدٍ لاعددٍ له ولاثاني له أصلاً وقس على هذا سائر صفات مولانا جل وعز ووحدانية الأفعال تنفي أن يكون ثم إختراع لكل ماسوى مولانا جل وعز في فعل مامن الأفعال بل مولانا جل وعز هوالمنفرد باختراع جميع الكائنات بلا واسطة وحاصل وحدانية الأفعال نفي نظيرله تعالى في ألوهيته ونفي شريك معه في جميع الممكنات فلا مؤثر في جميعها سواه وليست الوحدة الثابتة لذاته تعالى بمعنى تناهيه في الدقة والصغر إلى حدلاينقسم وإلا لزم أن يكون جوهراً فرداً ولابمعنى من المعاني لأن المعاني لاتقبل الانقسام وإلا لزم أن يكون صفة غير قائم بنفسه وذلك محال. السابعة القدرة وهي صفة يتأتى بهاإيجادالممكن وإعدامه على وفق الإرادة أي يتيسر بها إخراج كل ممكن من العدم إلى الوجود وإخراجه عن الوجود إلى العدم سواء كان الممكن جرماً أوعرضاً مكتسباً أوغير مكتسب حيواناً أوغيره ففيه تنبيه على فساد مذهب القدرية الذين أخرجوا أفعال الحيوانات الاختيارية عن تعلق قدرة الله تعالى وعلى فساد مذهب الطبائعيين الذين أسندوا بعض الممكنات لقوى الطبائع العلوية والسفلية وقولهم على وفق الإرادة إشارة إلى أن فعله تعالى للكائنات إنماهو بطريق الاختيار لا بطريق اللزوم كفعل العلة والطبيعة عندالفلاسفة والطبائعيين. الثامنة الإرادة وهي صفة يتأتى بهاتخصيص الممكن ببعض مايجوز عليه ومعنى ذلك أن الممكنات نسبتها إلى قدرة الله تعالى على حدٍ سواء فلو اختصت بوجودبعضها دون بعض لزم العجز فإذا لابد لتخصيص بعض الممكنات بالوقوع دون مقابلة من صفة أخرى وليس إلا صفة الإرادة إذ لايلزم نقص في قولنا أراد الله وجود هذا الممكن ولم يرد هذا الممكن الآخر بل أراد عدمه بل ذلك دليل على غاية الكمال فإن تصرفه تعالى في الممكنات إنما هو بمحض الإرادة والاختيار ولاباعث له على ممكن منهاولاإكراه ولاإجبار كما قال تعالى (وربك يخلق مايشاء ويختار). ولوقلت قدر الله تعالى على هذا الممكن الموجود ولم يقدرعلى مقابله لكان فاسداً لمافيه

من لزوم نقيصة العجز. وأماسائر الصفات كالعلم والكلام والسمع والبصرفلايصح التخصيص بهالأن التخصيص تأثيروهذه الصفات ليست مأثرة في متعلقاتها وأشار بالعموم في قول الممكن إلى فساد مذهب المعتزلة الذين خصصوا تعلق الإرادة بالخير دون الشر وبالصلاح والأصلح دون مقابليهما والله تعالى أعلم اهـ من شرح المقدمات (تتمة) قال في شرح الصغرى متعلق القدرة والإرادة واحدوهوالممكنات دون الواجبات والمستحيلات إلا أن جهة تعلقهما بالممكنات مختلفة فالقدرة صفة تؤثر في إيجاد الممكن وإعدامه والإرادة صفة تؤثر في إختصاص أحد طرفي الممكن من وجود وعدم أوطول وقصر ونحوها بالوقوع بدلاً عن مقابله فصار تأثير القدرة فرع تأثير الإرادة إذ لايوجد مولانا جل وعز من الممكنات أويعدم بقدرته إلا ماأراد سبحانه وتعالى وجوده أوإعدامه وتأثير الإرادة عند أهل الحق على وفق العلم فكل ماعلم الله تبارك وتعالى أنه يكون من الممكنات أولايكون فذلك مراده جل وعز والمعتزلة قبحهم الله جعلوا تعلق الإرادة تابعاً للأمر فلايريد عندهم مولانا جل وعزإلا ماأمربه من الإيمان والطاعة سواء وقع ذلك أم لا فعندنا إيمان أبي جهل مأموربه غير مراد له تعالى لأنه تعالى علم عدم وقوعه وكفر أبي جهل منهي عنه وهو واقع بإرادة الله تعالى وقدرته وعند المعتزلة قبح الله رأيهم إيمانه هوالمراد لله تعالى لاكفره فلزمهم أنه وقع نقص في ملك مولانا جل وعز إذ وقع فيه على قولهم مالايريده تعالى من له ملك السموات والأرض ومابينهما عن ذلك علواً كبيراً. وبالجملة فالتعلقات عند أهل الحق ثلاثة مرتبة تعلق القدرة وتعلق الإرادة وتعلق العلم بالممكنات فالأول مرتب على الثاني والثاني مرتب على الثالث وإنما لم تتعلق القدرة والإرادة بالواجب والمستحيل لأن القدرة والإرادة لماكانتا صفتين مؤثرتين ومن لازم الأثر أن يكون موجوداً بعد عدم لزم أن مالايقبل العدم أصلاً كالواجب لايقبل أن يكون أثراً لهما وإلا لزم تحصيل الحاصل ومالا يقبل الوجودأصلاً كالمستحيل لايقبل أيضاً أن يكون أثراً لهماوإلا لزم قلب الحقيقة برجوع المستحيل عين الجائز فلا قصور أصلاً في عدم تعلق القدرة والإرادة القديمتين بالواجب والمستحيل بل لوتعلقتا بهما لزم حينئذٍ القصور لأنه يلزم على هذا التقدير الفاسد أن يجوز تعلقهما بإعدام أنفسهما بل وبإعدام الذات العلية وبإثبات الألوهية لمالايقبلها من الحوادث وسلبها عمن تجب له هو ومولانا جل وعز وأي

نقصٍ وفساد أعظم من هذا وبالجملة فذلك التقدير الفاسد يؤدي إلى تخليط عظيم لايبقى معه شيء من الإيمان ولاشيء من المعقولات أصلاً اهـ (فرع) قال الإمام أبوالعباس أحمد القلشاني في شرح اختلف العلماء هل يجوز إطلاق القول بأن الله تعالى أراد الكفرو المعصية أم لافقال ابن سعيد والقلانسي لايجوز إطلاق ذلك وإن صح في الاعتقاد لأن الطلاق يلزم فيه الأدب مع الله تعالى وأن ذلك يوهم أن المعصية حسنة مأمور بهاوقيل بالجواز قال ابن العربي قال شيخنا والصحيح الجواز حيث لاإيهام قلت الأظهر الأول مع اعتقاد أن لاخالق إلا الله وأن جميع الكائنات بمراده وانظر قوله تعالى (وأنالاندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً) اهـ. التاسعة العلم وهوصفة ينكشف بها المعلوم على ماهوبه انكشافاً لايحتمل النقيض بوجه من الوجوه قال في شرح المقدمات يعنى بالمعلوم كل مايصح أن يعلم وهوكل واجبٍ وكل مستحيلٍ وكل جائز ومعنى ينكشف أنه يتضح ذلك المعلوم لمن قامت به تلك الصفة ويتميز عن غيره اتضاحاً لاخفاء معه وهذامخرج للظن والشك والوهم فإن الاحتمال القائم فيها يمنع من انكشاف ذلك المظنون والمشكوك والموهوم ويوجب له تعالى خفاء والتعبير بالمضارع في الانكشاف يقتضي دوام الانكشاف واستمراره بحيث لايحتمل النقيض بوجه وذلك لإستناد هذه الصفات إلى ضرورة أوبرهان ويخرج أيضاًالاعتقاد الجازم مطابقاً كان أوغير مطابق لأنه يحتمل النقيض بتشكيك مشكك فلايستمر معه الانكشاف وقوله على ماهو به زيادة في البيان وتصريح على سبيل التوكيد بإخراج الجهل المركب وهواعتقاد أمر على خلاف ماهو به والمقصود من هذا التعريف التقريب على سبيل الاختصار لعسر تعريف العلم بما يسلم من كل مناقشة ويدخل في العلم على مقتضى هذا التعريف إدراك السمع والبصر وسائر الادراكات فهي إذاً أنواع للعلم وهذا مذهب الشيخ الأشعري رضي الله عنه اهـ. وقد اتضح من قوله يعني بالمعلوم كل مايصح أن يعلم وهو كل واجبٍ وكل جائز

وكل مايستحيل أن متعلق العلم الأقسام الثلاثة. العاشر الحياة وهي صفة تصحح لمن قامت به أن يتصف بالادراك قال في شرح المقدمات يعني أن الحياة ليست من الصفات المتعلقة وهي مايقتضي بذاته أمراً زائداً على القيام بمحله كالقدرة فإنها تقتضي زائداً على القيام بمحلها وهوالمقدور الذي يتأتى بها إيجاده وإعدامه والارادة تقتضي لذاتها مراداً يتخصص بها والعلم يقتضي معلوماً ينكشف به والكلام يقتضي معنى يدل عليه والكلام يقتضي معنى يدل عليه والسمع يقتضي مسموعاً والبصر يقتضي مبصراً والحياة لاتقتضي زائداً على القيام بمحلها وإنما هي صفة مصححة للادراك بمعنى أنهاشرط عقلي له يلزم من عدمها عدم الادراك ولايلزم من وجودها وجودالادراك ولاعدمه اهـ زاد في شرح الصغرى مانصه وبالجملة فجميع صفات المعاني متعلقة أي طالبه لزائد على القيام بمحلها سوى الحياة وهذاالتعلق نفسي لتلك الصفات كما أن قيامها بالذات نفسي لهاأيضاً. الحادية عشرة والثانية عشرة السمع والبصرقال في المقدمات والسمع الأزلي صفة ينكشف بها كل موجودٍ على ماهوبه إنكشافاً يباين سواه ضرورة والبصر مثله والإدراك على القول به مثلهما قال في شرحها هذه الصفات مشتركة في تعلقها بالموجودقديماً كان أوحادثاً إلا أنها في الشاهد مختصة ببعض الموجودات لتخصيصه تعالى بذلك ولوخرق الله سبحانه العادة في ذلك لصح أن تتعلق بسائر الموجودات ولهذا جازت رؤية المخلوقات لمولانا تبارك وتعالى على مذهب أهل الحق وجاز سماعهم لكلامه القائم بذاته العلية مع أن الرؤية في الشاهد إنما جرت العادة بتعليقها بالأجرام وألوانها وأكوانها والسمع في الشاهد إنماجرت العادة بتعلقه بالحروف والأصوات ولما استحال دخول التخصيص في صفات المولى تبارك وتعالى لاستلزامه الافتقار إلى المخصص المستلزم للحدوث وجب تعميم تعلق صفاته تعالى بكل ماتصلح له لأنها واجبة فلا يمكن أن تتصف بمايقتضي حدوثها والقاعدة أن كل مايقبله مولانا تبارك وتعالى من الصفات الذاتية وكمالاتها فهو واجب لاستحالة اتصافه جل وعلا بالجائزات اهـ وفي شرح الصغرى ونبه بقوله المتعلقان بجميع الموجودات على أن سمعه تعالى وبصره مخالفان لسمعنا وبصرنا في التعلق لأن سمعنا إنما يتعلق عادة ببعض الموجودات وهي الأصوات على وجه مخصوص من عدم البعد والسر جداً وبصرنا إنمايتعلق عادة ببعض الموجودات وهي الأجسام وألوانها وكونها في جهة مخصوصة على صفة مخصوصة وأما سمع مولانا جل وعز وبصره فيتعلقان بكل موجود قديماً كان أوحادثاً فيسمع جل وعز ويرى في أزله ذاته العلية وجميع صفاته الوجودية ويسمع ويرى

تبارك وتعالى مع ذلك فيمالايزال ذوات الكائنات كلهاوجميع صفاتها الوجودية كانت من قبيل الأصوات أومن غيرها أجساماً كانت أوألواناً وأكواناً أوغيرها. الثالثة عشرة وهي في ترتيب النظم الثانية عشرة الكلام قال في المقدمات والكلام الأزلي هوالمعنى القائم بالذات المعبر عنه بالعبارات المختلفات المبان لجنس الحروف والأصوات المنزه عن البعض والكل والتقديم والتأخير والسكوت واللحن والإعراب وسائر أنواع التغيرات المتعلق بمايتعلق به العلم من المتعلقات قال في شرحها لاشك أن الكتاب والسنة والإجماع مصرحة بإثبات الكلام لمولانا تبارك وتعالى من أمر ونهي ووعد ووعيد وتبشير وتحذير وأخبار ودليل العقل أيضاً يدل بالطريق القطعي أن كل عالم بأمر يصح أن يتكلم به ومولانا تبارك وتعالى عالم بجميع المعلومات فصح أن له كلاماً مايتعلق بها وكل مايصح أن يتصف به جل وعلا وجب له استحالة اتصافه تعالى بصفة جائزة فالكلام إذاً واجب له تعالى ثم قال وقداتضح أن الحق ماأجمع عليه أهل السنة من ثبوت كلام المولى تبارك وتعالى ليس من جنس الحروف والأصوات منزهاً عن التقديم والتأخيروالجزء والكل واللحن والإعراب والسكوت ونحوهامن خواص كلامنا الحادث لسانياً كان أونفسانياً لاستلزام ذلك كله النقص والبكم والحدوث وإنما كلامه جل وعلا صفة واجبة القدم والبقاء متعلقة بجميع ماتعلق به علمه وكنهه محجوب عن العقل إذ لامثل له عقلياً ولاوهمياً ولاخيالياً ولاموجوداً ولامقدراً وذلك كذاته العلية وسائر صفاته اهـ. وحاصلة إثبات الكلام القديم وأنه يستحيل أن توجدفيه صفة من صفات الكلام الحادث من حروف وأصوات وماذكر بعدها وإنما هوصفة معنى موجود قائم بذاته العلية ويعبرعنه بالعبارات المختلفات كالتوراة والإنجيل والزبور والفرقان وليست هذه العبارات هي عين كلامه تعالى لأنهابالحروف والأصوات بل هذه دالة على كلام الله تعالى القديم ولم يحل كلامه تعالى في شيء من الكتب بل هو قائم بذاته العلية لايفارقه ولايتصف به غيره لكن لما كانت حروف القرآن دالةً على كلامه تعالى أطلق على القرآن أنه كلام الله من باب تسمية الدال باسم المدلول وذلك كقول عائشة رضي الله عنها (مابين دفتي المصحف كلام الله) ثم قال في شرح المقدمات بعدما تقدم عنه وإذاعرفت مذهب أهل الحق في كلام الله تعالى عرفت أن إطلاق السلف رضي الله عنهم على كلام الله تعالى أنه مقروء بالألسنة،

مكتوب في المصاحف محفوظ في الصدور هوبطريق الحقيقة لاالمجاز وليس يعنون بذلك حلول كلام الله تعالى القديم في هذه الأجرام تعالى الله عن ذلك وإنما يريدون أن كلامه تعالى مذكورمدلول عليه بتلاوة اللسان وكلام الجنان وكتابة البنان فهو موجود فيها فهماً وعلماً لاحلولا لأن الشيء له وجودات أربع وجود في الأعيان ووجودفي الأذهان ووجود في اللسان ووجود في البنان أي بالكتابة بالأصابع فالوجود الأول هوالوجودالذاتي الحقيقي وسائر الوجودات إنماهي باعتبار الدلالة والفهم وبهذا تعرف أن التلاوة غيرالمتلو والقراءة غير المقروء والكتابة غيرالمكتوب لأن الأول من كل قسمٍ من هذه الأقسام حادث والثاني منها قديم لانهاية له اهـ. قوله ذي واجبات جملة إسمية تتميم للبيت لاستفادة وجوب الصفات من قوله يجب لله (تنبيهات) الأول قوله في شرح المقدمات هو بطريق الحقيقة لاالمجاز صريح في أن إطلاق كلام الله تعالى على المقروء والمحفوظ والمكتوب حقيقة لامجازاً وكذاصرح به في جمع الجوامع وبأن إطلاق القرآن على كلام الله تعالى هوأيضاً حقيقة لامجاز وظاهر قوله آخراً فالوجودالأول هوالوجود الحقيقي إلخ أن إطلاقه على ماعدا الوجودالأول مجاز لا حقيقةً وبهذا الثاني صرح غير واحد من المحققين قال الإمام ناصر الدين اللقاني في حاشيته على المحلى واعلم أن الاتصاف بهذه الثلاثة في حق القديم مجاز قطعاً وماذكر من الوجودات الثلاثة غيرالخارجي بيان للعلاقة المصححة للتجوز نبه عليه في حاشيته وبعد فلايخفى عليك مافي قول المصنف والشارح على الحقيقة لاالمجاز كيف وقد صرح في شرح المقاصد بالتجوز وأن وصفه بالمقروء والمسوع والمكتوب من وصف المدلول بصفة الدال مجاز لاحقيقة اهـ وفي شرح جمع الجوامع للعراقي بعد كلام له وحاصل هذا إطلاق الكلام على النفسي القديم حقيقةً فقط عقليةً وإطلاقه أيضاً على المكتوب والمحفوظ والمقروء حقيقة شرعية وعرفية وليس حقيقةً عقليةً اهـ. (الثاني) تكلم الناظم على صفات المعاني وهي القدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام ولم يتكلم على المعنوية وهي كونه تعالى قادراً ومريداً وعالماً وحياً وسميعاً وبصيراً ومتكلماً والله أعلم بناءً على مذهب الإمام الأشعري من نفي الحال وأنه لاواسطة بين الوجود والعدم فالثابت من الصفات التي تقوم بالذات إنما هو صفات المعاني أما المعنوية فعبارة عن قيام تلك بالذات إنماهو صفات المعاني أماالمعنوية فعبارة عن قيام تلك بالذات لاأن لها ثبوتاً في الخارج عن الذهن وأما على مذهب غيره من القول بثبوت الأحوال وهي صفات ثبوتية ليست بموجودة ولا معدومة تقوم بموجود فتكون هذه الصفات المعنوية صفات ثابتة قائمة بذاته تعالى فلابد من ذكرهاإلا أنه لوحظ فيها كونها ملازمةً للسبع الأولى وكون الأولى عللا

لهذه أي ملزومةً لها إذ لايصح اتصاف محل بكونه قادراً أوعالماً مثلاً إلا إذا قامت به القدرة أوالعلم وكذا الباقي ولذلك كانت سبعاً مثل الأولى ولذلك أيضاً نسبت هذه إلى تلك فقيل فيها صفات معنوية والياء في لفظ المعنوية ياء النسب إلى المعنى والواو فيه بدل من الألف التي في ذلك مالايخفي إذاً في المعنى وفي المقام مقام البسط والبيان والاكتفاء بالملزوم عن الملازم ذريعة إلى جهل اللازم لخائه غالباً وخطرالجهل في هذا العلم عظيم فينبغي الاعتناء فيه بمزيد الايضاح على قدرالإمكان (الثالث) مما لايتضح في مذهب الأشعري ماوجدته بخط شيخنا الإمام العلامة الحافظ المتفنن الحاج الأبر سيدي أبي العباس أحمدالمقري القرشي التلمساني نزيل فاس المحروسة رحمه الله مانصه سئل الإمام سيدي محمد بن يوسف السنوسي سيدي رضي الله عنه جوابكم عن معنى قولهم الصفة المعنوية هي وجه واعتبار نريد بيان الوجه والاعتبار فأجاب معنى قول الأستاذ في الصفات المعنوية ونحوها من كل مايسمى حالاً أنه وجه واعتبار التنبيه على نفي الحال وأن مايتخيل من ثبوت الحال في الخارج ليس بصحيح وإنما هو وجه يعتبره الذهن لاأمر وجودي فالعلم مثلاً إذاقام بمحل فله أوجه يعتبرها الذهن فإن اعتبره من حيث حقيقته فهو صفة معنى وجودية وإن اعتبره من حيث صار محله عالماً فهو المعنى الذي يعبرون عنه بالعالمية وليس له ثبوت في الخارج وإنما هو وجه اعتبره العقل من أوجه العلم وإن اعتبرالعقل العلم من حيث انكشاف المعلوم به سمي هذا الوجه تعلقاً وإن اعتبره العقل من حيث وجوده في محل سمي هذا الوجه قياماً فرجعت الأحوال كلها في هذا القدر إلى وجوه يعتبرها العقل للأمور الوجودية اهـ. (الرابع) أنكرت المعتزلة صفات المعاني التي أثبتها جماعة أهل السنة ووافقوهم على اتصافه تعالى بأحكامها المعنوية وهي كونه تعالى قادراً ومريداً وعالماً وحياً وسميعاً وبصيراً ومتكلماً وقالوا يجب أن تكون هذه هي الأحكام واجبة لذاته تعالى ولاتعلل بصفات المعاني كماهو في الشاهد ويلزم من إنكار صفات المعاني إنكارأحكامها التي هي المعنوية وإنكارها كفر فإن قلنا لازم القول قول كفروا وإلا فلا ولمالكٍ والشافعي والقاضي فيهم قولان وقد كنت قلت في هذا المعنى مبيناً للخلاف في لازم القول هل هو قول أولا وماينبني عليه بيتين وهما: هل لازم القول يعد قولا عليه كفر ذي هوى تجلى كمثبت الأحكام للصفات مع إنكاره لها فبئس ما ابتدع

(الخامس) صفات المعاني باعتبار متعلقها على أربعة أقسام قسم لايتعلق بشيء وهو الحياة وقسم يتعلق بالممكنات فقط وهو القدرة والإرادة وقسم يتعلق بجميع الموجودات وهو السمع والبصر وقسم يتعلق بجميع أقسام الحكم العقلي وهو العلم والكلام فأعمها في التعلق العلم والكلام وبين متعلق القدرة والإرادة ومتعلق السمع والبصر عموم وخصوص من وجه فتزيد القدرة والإرادة بتعلقها بالمعدوم والممكن. ويزيد السمع والبصر بتعلقهما بالموجود الواجب كذاته تعالى وصفاته ويشترك القسمان في تعلقهما بالموجود الممكن (السادس) قال في شرح المقدمات صفاته تبارك وتعالى على أقسام. الأول مايعبربه عن نفس الذات وهو الوجود. الثاني مايرجع في المعنى إلى سلب نقص مستحيل عليه تعالى وذلك خمس صفات القدم والبقاء والمخالفة للحوادث والقيام بالنفس والوحدانية. الثالثة صفات المعاني وهي عبارة عن الصفات الوجودية القائمة بالذات العلياوهي سبع القدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام واختلف في زيادة صفةٍ واحدةٍ وهي إدراك المشمومات والمذوقات والملموسات واللذائذ والآلام فقيل بثبوتها زائدة على الصفات السبع وعليه فتتعلق بكل موجود بغير اتصال بالأجسام ولا تكييف بالذات والآلام وقيل ترجع في حقه تعالى إلى العلم وقيل بالوقف وهوأحسنها. الرابع الصفات المعنوية وهي صفات الذات اللازمة لصفات المعاني وهي كونه تعالى قادراً ومريداً وعالماً وحياً وسميعاً وبصيراً ومتكلماً. الخامس زاد بعضهم صفات الأفعال وهي عبارة عن التعلق التنجيزي للقدرة والإرادة بالممكنات كخلقه ورزقه وإماتته وإحيائه وتحريكه وتسكينه وإن شئت قلت هي عبارة عن صدور الممكنات عن القدرة والإرادة وهي على قسمين. فعليه وجودية كالأمثلة وفعلية سلبية كعفوه تعالى عمن شاء من أهل المعاصي فإنه عبارة عن ترك العقوبة لمن يستحقها وهذاالترك متأخر عن المعصية، والحادثة هوفعل بناء على أن الترك فعل أوسلب فعل العقوبة لمن يستحقها بناءً على أنه ليس بفعل. (السادس) زاده بعضهم أيضاً وهوالصفات الجامعة لسائر الصفات كالألوهية والكبرياء والعظمة (التنبيه السابع) حاصل الأقسام الأربعة الأول أن نقول كل صفة موجودة في نفسها

فهي صفة معنى سواء كانت قديمة كعلمه تعالى وقدرته وإرادته وحياته وسمعه وبصره وكلامه إوحادثة كبياض الجرم وسواده وإن كانت غير موجودة في نفسها فإن سلبت أمراً لايليق به تعالى فهي سلبية وذلك كالقدم والبقاء والمخالفة للحوادث والقيام بالنفس والوحدانية وإن لم تسلب مع كونها غيرموجودة وكانت واجبة للذات مادامت الذات فينظر فيها فإن كانت غيرمعللة بعلةٍ فهي صفة نفسية أوحال نفسية سواء كانت قديمة كالوجود لمولانا جل وعز أوحادثة كالتحيز للجرم مثلاً وإن كانت معللة فهي صفة معنوية أوحال معنوية ككون الذات عالمة أوقادرة فإنها معللة بقيام العلم والقدرة بالذات النفسية والمعنوية أحوال ليست بموجودة في نفسها ولابمعدومة كمامر في التنبيه الثاني والثالث. قوله ويستحيل ضد هذه الصفات إلخ هذا هو القسم الثاني وهومايستحيل وصفه تعالى به وذلك ثلاثة عشرة صفةً أيضاً كعددالواجبات لأنها أضدادها كما مر ورتب الناظم رحمه الله هذا القسم على الأول الواجب، فالعدم ضد الوجود والحدوث ضد القدم والفناء ضد البقاء واستحالة العدم عليه تعالى تستلزم استحالة الحدوث والفناء لأنه إذا استحال العدم عليه تعالى لم يتصورلاسابقاً ولا لاحقاً وكذلك وجوب الوجود له تعالى يستلزم وجوب القدم والبقاء فعطف ثاني الصفات وثالثها في قسم الواجب والمستحيل على الأول من القسمين من عطف خاص على عام أواللازم على الملزوم ولم يكتف بالأول في الموضعين لأن المقصود عد الصفات الواجبة والمستحيلة على التفصيل والاستغناء عن الخاص وبالملزوم عن اللازم ذريعةً إلى جهل كثير منها لخفاء اللوازم وعسرادخال الجزئيات تحت كلياتها والجهل في هذا العلم عظيم فينبغي الاعتناء به والايضاح والبيان والافتقار ضد الغنى والمماثلة للحوادث ضد مخالفته لها فأوجه المماثلة كثيرة وفي الصغرى بأن يكون جرماً أي تأخذ ذاته العلية قدراً من الفراغ أو يكون عرضاً يقوم بالجرم أويكون في جهة للجرم أوله هوجهة أويتقيد بزمان أومكان أوتتصف ذاته العلية بالحوادث أويتصف بالصغر أوالكبر أو يتصف بالأغراض في الأفعال أوالأحكام اهـ والجرم أعم من الجوهر الفرد والجسم لأن الجرم عبارة عماعمر قدر ذاته من الفراغ مركباً كان أم لا والجوهر الفرد عبارة عمالم يتركب وهو الذي يبلغ في الدقة إلى حد لايقبل معه القسمة عقلاً والجسم عبارة عما تركب من جوهرين فأكثر ونفي الوحدة ضد وحدانية الذات والصفات والأفعال والعجز ضد القدرة والكراهة ضد الإرادة وليس المراد بها الكراهة التي هي من أقسام الحكم الشرعي وهي طلب الكف عن الفعل طلباً جازماً أوغير جازمٍ فإن تلك يصح أن تجمع مع

الإيجاد فيوجد الله الفعل مع كراهته له أي نهيه عنه كما أضل الله كثيراً من الخلق مع نهيه لهم عن ذلك الضلال أما الكراهة بمعنى عدم إرادة الله تعالى للفعل فيستحيل إجتماعها مع الإيجاد إذ يستحيل أن يقع في ملك مولانا جل وعز ما لايريد وقوعه والجهل ضد العلم ويدخل في الجهل الظن والشك والوهم والنسيان والنوم وكون العلم نظرياً ونحوذلك لمنافاتها العلم كمنافاة الجهل له والممات ضد الحياة والصمم ضد السمع والبكم ضد الكلام والعمى ضد البصر والمراد بالصمم والعمى في هذا الموضع عدم السمع والبصر بوجود ماينافيهما أوغيبة موجود مامن الموجودات عن صفتي السمع والبصر لماسبق من وجوب تعلقهمابكل موجود والمراد بالبكم عدم الكلام أصلاً بوجود آفة تمنع من وجوده وإليه أشار بقوله وبكم وفي معناه السكوت وكونه بالحرف والصوت لاستحالة إجتماع حرفين في آن واحد فضلاً عن الكلمتين فقد تبكم المتكلم بالحرف والصوت واحتبس عن أن يدل على معلومات له في آن واحد بصفة الكلام المركب من الحروف والأصوات وإلى ذلك أشار بقوله صمات وهو لغة في الصمت فالكلام الذي يكون بالحروف والأصوات وإن بلغ غاية الفصاحة والبلاغة وكان كمالاً بالنسبة إلى الحوادث الناقصة فهوبالنسبة إلى مقام الألوهية الأعلى نقيصة عظيمة (مسئلة) سئل الإمام العالم أبو عبد الله سيدي محمدبن جلال هل يقال المولى تبارك وتعالى لاداخل العلم ولاخارج العالم فأجاب السائل. هكذا نسمعه من بعض شيوخنا واعترضه بعضهم بأن هذا رفع للنقيضين وقال بعض فقهائنا في هذه المسألة هو الكل أي الذي قام به كل شيء وزعم أنه للإمام الغزالي وأجاب بعضهم أن هذا السؤال معضل ولايجوز السؤال عنه وزعم أن ابن مقلاش هكذا أجاب عنه في شرحه على الرسالة فأجاب بأن نقول ذلك ونجزم به ونعتقد أنه لاداخل العالم ولاخارج العالم والعجز عن الإدراك لقيام الدلائل الواضحة على ذلك عقلاً ونقلاً أما النقل فالكتاب والسنة والإجماع أماالكتاب فقوله تعالى {ليس كمثله شيء وهوالسميع البصير} فلوكان في العالم أوخارجاً عنه لكان مماثلاً وبيان الملازمة واضح أمافي الأول فلأنه إن كان فيه صار من جنسه فيجب له ماوجب له. وأمافي الثاني فلأنه إن كان خارجاً لزم إما إتصاله وإماإنفصاله وإنفصاله إمابمسافة متناهية أوغير متناهية وذلك كله يؤدي لافتقاره إلى مخصص. وأما السنة فقوله (كان الله لاشيء معه

وهو الآن على ماكان عليه) وأماالإجماع فأجمع أهل الحق قاطبة على أن الله تعالى لاجهة له فلافوق ولاتحت ولايمين ولاشمال ولاأمام ولاخلف. وأما العقل فقد اتضح لك اتضاحاً كلياً مما مر في بيان الملازمة في قوله تعالى {ليس كمثله شيء} والاعتراض بأنه رفع للنقيضين ساقط لأن التناقض إنما يعتبر حيث يتصف المحل بأحد النقيضين ويتواردان عليه وأماحيث لايصح تواردهما على المحل ولايمكن الاتصاف بأحدهما فلاتناقض كمايقال مثلاً الحائط لاأعمى ولابصير فلاتناقض لصدق النقيضين فيه لعدم قبوله لهما على البدلية وكمايقال في الباري أيضاً لافوق ولاتحت وقس على ذلك. وقول من قال إنه الكل زاعماً أنه للغزالي فقضية تنحو منحى الفلسفة أخذ بها بعض المتصوفة وذلك بعيد من اللفظ وماأجاب به بعضهم أنه معضل لايجوز السؤال عنه ليس كما زعم لوضوح الدليل على ذلك وإن صح ذلك عن ابن مقلاش فلايلتفت إليه في هذا لعدم إتقانه طريق المتكلمين إذكثير من الفقهاء ليس له خبرة به فضلاً عن إتقانه. قوله يجوز في حقه فعل الممكنات البيت هذا هو القسم الثالث الجائز في حقه تعالى وهو فعل كل ممكن أوتركه في العدم وذلك كالثواب والعقاب وبعثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والصلاح والأصلح للخلق لايجب من ذلك شيء على الله تعالى ولايستحيل إذ لو وجب عليه تعالى فعل الصلاح والأصلح للخلق كماتقوله المعتزلة لما وقعت محنة دنيا وأخرى ولما وقع تكليف بأمر ولانهي وذلك باطل بالمشاهدة (فرع) اختلف المتكلمون هل تدرك حقيقة الذات العلية وصفاتها السنية أم لا على قولين قال الإمام أبو العباس أحمد القلشاني قال بعض الشراح يفهم من قوله ولايبلغ كنه صفته الواصفون نفي العلم بالحقيقة واختاره جماعة من المتقدمين وقال الجنيد لايعرف الله إلا الله واختاره أكثر المتأخرين وإليه ذهب الضرير وكان من المحققين وأنكر القاضي أبوبكر هذا القول ورده وتبعه الإمام أبو المعالي في طائفةٍ. وقال: الباري تعالى يعلم والعلم يتعلق بالمعلوم على ماهو به فلو تعلق العلم به على خلاف ما

هوبه لكان العلم جهلاً وقد أجمعت الأمة على وجوب معرفة الله تعالى ولو كانت مستحيلةً لما أجمعت عليه قيل وهو خلاف في حالٍ فإن من أثبت العلم بالحقيقة مقر بأنه تعالى لايحاط به ومن نفى مقر بأنه تعالى عرفه العارفون بدلالة الآيات وتحققوا أوصافه تعالى بواجب الصفات وتيقنوا تنزهه عن التشبيه بالمحدثات وتقدسه عن الحدوث والكيفيات قال الأستاذ أبوالحجاج الضرير مقرراً لنفي العلم بالحقيقة مثبتاً للعلم به تعالى من هذه الطريقة ولايحيط عارف بذاته علما كماقال ولاصفاته ولو رآه خلقه تعالى لأكثروا الإعظام والإجلالا فدل ذلك أنه على صفه من الجلال لم تنله معرفة انتهى وظاهر أن هذا الخلاف في الدنيا والآخرة وفي جمع الجوامع للإمام السبكي مانصه. حقيقته تعالى مخالفة لسائر الحقائق قال المحققون ليست معلومة الآن واختلفوا هل يمكن علمها في الأخرة قال العراقي بعد أن حكى الخلاف في صحة العلم بحقيقته تعالى للبشر الآن في الدنيا وأن جمهور المحققين على عدم صحة ذلك وحكوا عن الشافعي أنه قال (من انتهض لطلب مدبره فانتهى إلى موجود ينتهي إليه فكره فهو مشبه وإن اطمأن إلى العدم الصرف فهو معطل وإن إطمأن إلى موجود واعترف بالعجز عن إدراكه فهو موحد) وهو معنى قول الصديق رضي الله عنه (العجز عن الإدراك إدراك) وقد قيل حقيقة المرء ليس يدركها فكيف كيفية الجبارفي القدم واحتج على ذلك أنه يمتنع أن يكون الكلي معلوماً للجزئي لأن الجزئي متناه والكلي غير متناه ثم من ذهب إلى تجويز ذلك في الدنيا فهو في الآخرة أشد تجويزاً ومن منعه في الدنيا اختلفوا هل يمكن إدراكه في الآخرة اهـ وفي شرح الكبرى وبالجملة فالمقطوع به بشهادة البراهين العقلية والقواطع السمعية أنه جل وعلا ذات قائم بنفسه أي مستغنٍ عن المحل والمؤثر لوجوب وجوده موصوف بما لايحاط به من صفات الجمال والجلال ليس بصفة من الصفات ولاجرماتجري عليه الحوادث والتغيرات ولاتمر عليه الأزمنة ولايتخصص بالجهات لايقبل اجتماعاً ولاافتراقاً ولاصغراً ولاكبراً لامثل له ولانظير ولاضد ولا وزير كل الممكنات مفتقرة إليه وهو الغني عن جميعها في الأزل وفيما لايزال وهو على كل شيء قدير كل ذلك شهدت به البراهين المنتهية إلى ضرورات العقول وطابق فيها المعقول المنقول ثم عجزت العقول بعد عن

الإدراك وانقطع تشوفها للخوض فيماخرج عن دائرة التوهمات والتخيلات وقصارى أمرها أنهاصارت من أجل اللمحة التي لحظت والرمزة التي بهاغابت عن العوالم كلها وفيها تأهب وبهاولهت تطايرمن وراء حجب الكبرياء وإرادية العز تشوفاً إلى مالايكيف من جميل اللقاء وتتنسم من مواهب الزيادة لكشف الغطاء ماتروح به عن القلب المحترق الأحشاء وربماعظم الشوق بلطف نسيم المزيد فشطحت الذوات شطحاً طارت به الروح عن سحب الجد وإتصلت بما لانهاية لزيادة نعيمه على طول الأبد. وللمولى القطب الجامع أبي مدين رضي الله عنه في هذا المعنى. فقل للذي ينهى عن الوجد أهله إذا لم تذق معنى شراب الهوى دعنا إذا اهتزت الأرواح شوقاً إلى اللقا ترقصت الأشباح ياجاهل المعنى أما تنظر الطير المقفص يافتى إذا ذكرالأوطان حن إلى المغنى ففرج بالتغريد مابفؤاده فتضطرب الأعضاء في الحس والمعنى ويرقص في الأقفاص شوقاً إلى اللقا فيهتز أرباب العقول إذا غنى كذلك أرواح المحبين يافتى تهززهاالأشواق للعالم الأسنى أتلزمها بالصبر وهي مشوقة وهل يستطيع الصبر من شاهد المغنى فيا حادي العشاق قم واحد قائما وزمزم لنا باسم الحبيب وروحنا وصن سرنا في سكرنا عن حسودنا وإن أنكرت عيناك شيئاً فسامحنا فأنا إذا طبنا وطابت عقولنا وخامرنا خمر الغرام تهتكنا فلا تلم السكران في حال سكره فقد رفع التكليف في سكرنا عنا. وقدأنشدني بعض الأصحاب بيتاً قبل البيت الأول من هذه القصيدة ولفظه. يحركنا ذكر الأحاديث عنكم ولولا هواكم في الحشا ماتحركنا ولم يشرح عليه شارح هذه القصيدة وهو الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الله الهبطي رحمه الله ونفع به وُجُودُهُ لَهُ دَلِيلٌ قَاطِعْ حَاجَةُ كُل مُحدِثٍ لِلصَّانِعْ لَوْ حَدَثَتْ لِنَفْسِهَا الأَكُوَانُ لاَجْتَمَعَ التَّساوي وَالرُّجْحَانُ وَذَا مَحَالٌ وَحُدُوثُ العَالَمِ مِنْ حَدَثِ الأعْرَاضِ مَعْ تَلاَزُمِ

لما فرغ من تعداد الصفات الواجبة والمستحيلة والجائزة في حقه تعالى أخذ يذكر براهينها ودلائلها ليخرج المكلف بمعرفتها عن ربقة التقليد المختلف في إيمان صاحبه فأخبر أن لوجوده تعالى دليلاً قاطعاً أي لكل شبهة وهو افتقار كل محدث بفتح الدال اسم مفعول إلى صانع أي محدث بكسرها وافتقار كل حادث إلى محدث منهم من قال إنه أمر ضروري لايفتقر إلى دليل حتى قال الإمام الفخر في المعالم إن العلم بذلك مركوز في فطرة طباع الصبيان فإنك إذا لطمت وجه الصبي من حيث لايراك وقلت إنه حصلت هذه اللطمة من غير فاعل البتة لايصدقك بل في فطرة البهائم فإن الحمار إذا أحس بصوت الخشبة فزع لأنه تقرر في فطرته أن حصول صوت الخشبة بدون الخشبة محال وعلى كونه ضرورياً لو اكتفى الناظم بالبيت الأول لكفى ومنهم من قال أن العلم بذلك نظري وهو الصحيح إلا أنه يحصل بنظر قريب ولأجل قربه ظن بعضهم أن ذلك العلم ضروري وإلى بيان النظر أشار الناظم بقوله لوحدثت إلى قوله وذامحال ومعنى ذلك أن الحادث إذا حدث في الوقت المعين فالعقل لايمنع استمرار عدمه ولايمنع صحة تقدمه على الوقت الذي وجد فيه بأوقات أوتأخره عنه بساعات فاختصاصه بالوجود بدلاً عن العدم المجوز عليه وبكونه في ذلك الوقت لاقبله ولابعده يفتقر قطعاً إلى محدث يخصصه بماذكر بدلاً عن مقابله ولو حدث لنفسه لاجتمع التساوي والرجحان وإجتماعهما محال لأنهما متنافيان وبيانه أن العالم يصح وجوده ويصح عدمه على السواء كمامر فلو حدث بنفسه ولم يفتقر إلى محدث لزم أن يكون وجوده الذي فرض مساواته لعدمه راجحاً بلا سبب على عدمه الذي فرض أيضاً مساواته لوجوده وهو محال فتعين أن يكون المرجح لوجوده على عدمه ولكون وجوده في الوقت دون وقت آخر غيره هو الفاعل المختار جل وعلا وهذامعنى قولهم لزم أن يكون أحد الأمرين المتساويين مساوياً لذاته راجحاً وهومحال ضرورة هذاإن قلنا الوجود والعدم بالنسبة إلى الممكن متساويات وهو المختار أما إن قلنا إن العدم أولى به من الوجود لقبوله إياه بلا سبب فهو أصل في كل حادث فأظهر في الاحتياج إلى الصانع لئلا يلزم ترجيح الوجود المرجوح على العدم الراجح بلا مرجح فقد ظهر استحالة المخصوص دون سائر الأمكنة وفي تخصيصه بالزمان المخصوص دون سائر الأزمنة وفي تخصيصه بالمقدار المخصوص دون سائر المقادير وفي تخصيصه بالصفة المخصوصة دون سائر الصفات فهذه الأشياء كلها متساوية فاختصاصها وترجيحها على مقابلها يدل على أن المرجح غيرها وهو الله تعالى.

قوله وحدوث العالم إلخ لماقدم في برهان الوجود حدوث العالم ذكر هنا برهان ذلك وهو ملازمته للأعراض الحادثة فإن أجرام العالم يستحيل انفكاكها عن الأعراض كالحركة والسكون وهذه الأعراض حادثة بدليل مشاهدة تغيرها فلوكانت قديمة لزم أن لاتنعدم لأن ماثبت قدمه استحال عدمه وإذا ثبت حدوثها واستحال وجودها في الأول لزم حدوث الأجرام واستحال وجودها في الأول قطعاً لاستحالة انفكاكها عن الأعراض إذ حدوث أحد المتلازمين يستلزم حدوث الآخر ضرورة ولم يذكر الناظم دليلي حدوث العرض لوضوحه والأكوان أعراض مخصوصة وهي الحركة والسكون والاجتماع والافتراق قاله في شرح الكبرى والمراد به كلام الناظم والله أعلم ماهو أعم من الجوهر والعرض من سائر الموجودات الحادثة ويحتمل أن يريد الأعراض المخصوصة كماذكر ويدخل غيرها من الأعراض وسائر الجواهر من باب لافارق والتساوي في كلام الناظم بحذف الياء للوزن والعالم بفتح اللام كل ماسوى الله تعالى والعرض بفتحتين عند المتكلمين اسم لمالادوام له وهو مايقوم بغيره قاله في القاموس وفي شرح الكبرى العرض ماكانت ذاته لاتشغل فراغاً ولا له قيام بنفسه وإنما يكون وجوده تابعاً لوجود الجوهر كالعلم الذي يقوم بالجوهر وكالحركة واللون فإنها لاتشغل فراغاً بل الفراغ الذي شغله الجوهر قبل اتصافه بها هو الفراغ الذي أشغله مع إنصافه بها من غير زيادة اهـ. لَوْ لَمْ يَكُ الْقِدَمُ وَصْفَهُ لَزِمَ حُدُوثُهُ دَرْرٌ تَسَلْسُلٌ حُتمْ لَوْ أمْكنَ الْفَنَاءُ لاَنْتَفَى الْقِدَمُ لَوْ مَاثَلَ الْخَلْقِ حُدُوثُهُ انْحَتَمْ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَصْفُ الْغِنَى افْتَقَرْ لَوْ لَمْ يَكُنْ بِوَاحِدٍ لَمَا قَدَرْ لَوْ لَمْ يَكُنْ حَيَّاً مُرِيداً عَالِماً وَقَادِرَاً لَمَا رَأَيْتُ عَالِماً وَالتَّالِ فِي السِّتِّ الْقَضايَا بَاطِلُ قَطْعاً مُقَدَّمٌ إِذاً مُماثِلُ ذكر الناظم في هذه الأبيات براهين تسع صفات قائلاً في كل برهان منها لو لم يكن كذا للزم كذا أولوكان كذا لكان كذا وتبع رحمه الله اصطلاح أهل المنطق في تسمية مجموع قولنا لوكان كذا لكان كذا ونحوه قضية وتسميته الجزء الأول منها وهو قولنا لوكان كذا مقدماً وتسمية الجزء الثاني وهو قولنا لكان كذا تالياً باللازم كما يؤخذ

ذلك كله من قوله والتالي في الست القضايا البيت ولو أسقط هذه العبارة المستعملة عند أهل فن لايخالطه قارىء هذه المنظومة غالباً لكان أنسب بالمقام ولكنه لما كان يتفجر علماً نفعنا الله به صار وإن تنازل مااستطاع لابد أن تسرقه الطباع فهو كماقيل. وكل إناءبالذي فيه يرشح. الصفة الأولى القدم فذكر أنه تعالى لو لم يكن موصوفاً بالقدم لزم حدوثه فيفتقر إلى محدث ويلزم الدور أو التسلسل وكل منهما محال لكن حدوثه تعالى محال باطل قطعاً فعدم وصفه تعالى بالقدم محال بل هو تعالى واجب القدم فالتالي لزوم حدوثه تعالى والمقدم كونه تعالى غير قديم وكل منهما باطل فلزوم الدور أو التسلسل مسبب عن التالي الذي هو الحدوث إذ كل حادث مفتقر إلى محدث فيلزم ماذكر فجملة حتم بالبناء للمجهول خبر دور وما عطف عليه وحذف أو العاطفة وهوقليل ومنه قوله (رجل في إزار ورداء في إزار وقميص) أي ليصل رجل في إزار ورداء أوفي إزار وقميص والمسوغ للابتداء به التقسيم وفي الكلام حذف متعلق إذ به ترتبط الجملة بماقبلها تقديره عليه ودور أو تسلسل حتم أي تحتم على الحدوث وبيان البرهان الذي ذكرأنه لو لم يكن تعالى قديماً لكان حادثاً لوجوب انحصار كل موجود في القدم والحدوث فمهما انتفى أحدهما تعين الآخر والحدوث على مولانا جل وعز مستحيل ويلزم أيضاً في هذا المحدث مالزم في الذي قبله من الافتقار إلى محدث آخر وهكذا فإن انتهى العدد وانحصر لزوم الدور فيلزم أن يكون الأول الذي انتهى إليه العدد إنما أوجده بعض من بعده ممن تأخر وجوده عنه فيكون سابقاً عليه في الوجود متأخراً عنه وذلك لايعقل وإن لم ينته العدد بل تسلسل إلى غير أول لزم وجود مالا نهاية له عدداً والفراغ من ذلك فيمامضى وذلك لايعقل إذ مالانهاية له من الأعداد كأنفاس أهل الجنة وأزمنتهم ونعيمهم مثلاً لايسعه إلا المستقبل بأن يوجد فيه شيئاً بعد شيء أبداً وإما أن يوجد في الحال والمضي فلايعقل (تنبيه) وكما يجب وصف ذاته العلية بالقدم فكذلك صفاته السنية قال في شرح الكبرى لوكان الشيء من صفاته تعالى حادثاً لزم أن لايعرى عنه أوعن ضده الحادث لما عرفت من أن القابل للشيء لايخلو عنه أوعن ضده وما لا يعرى عن الحوادث لا

يسبقها ومالايسبقها كان حادثاً مثلها وهو معنى قولي في أصل العقيدة ومالا تتحقق ذاته بدون حادث يلزمه حدوثه ضرورة أي مالايمكن مفارقة ذاته للحوادث يلزم حدوثه ضرورة إذ لو كان هوقديماً ووصفه اللازم له حادثاً لكان مفارقاً لوصفه اللازم كيف وقد تحقق أنه لا يفارقه اهـ. الثانية البقاء فذكر أنه لوأمكن أن يلحقه الفناء لانتفى عنه القدم وانتفاء القدم عنه تعالى مستحيل لمامر قريباً فإمكان الفناء محال أيضاً بل هو تعالى الباقي الذي لا يفنى فالتالي انتفاء القدم عنه تعالى والمقدم إمكان الفناء وكلاهما باطل وبيان ذلك أنه لو جاز أن يلحقه العدم تعالى عن ذلك لكان وجوده جائزاً لاواجباً لصدق حقيقة الجائز حينئذ على ذاته تعالى وهو مايصح وجوده وعدمه وهذا التقدير الفاسد يستلزم صحة الوجود والعدم للذات فيكون جائز الوجود وذلك يستلزم حدوثه تعالى عن ذلك لما عرفت من استحالة ترجيح الوجود الجائز على العدم مقابلة المساوي له في القبول من غير فاعل مرجح كيف وقد سبق قريباً برهان وجوب قدمه تعالى فثبت وجوب البقاء له تعالى كالقدم ولهذا يقولون ماثبت قدمه استحال عدمه. الثالثة مخالفته للحوادث فذكر أنه تعالى لو ماثل خلقه لتحتم حدوثه وتحتم حدوثه تعالى محال لمامر من وجوب القدم فمماثلته لخلقه مستحيلة أيضاً بل هو تعالى مخالف لخلقه فالتالي تحتم حدوثه تعالى والمقدم المماثلة للخلق وكلاهما لايصح أيضاً وبيان ذلك أن كل مثلين لابد وأن يجب لأحدهما مايجب للآخر ويستحيل عليه مااستحال على الآخر ويجوز له ماجاز عليه وقد عرفت بالبرهان القاطع أن كل ماسوى مولانا جل وعز يجب له الحدوث فلو ماثل شيئاً مماسواه لوجب له تعالى من الحدوث ماوجب لذلك الشيء وذلك باطل لما عرفت بالبرهان القاطع من وجوب قدمه وبقائه وبالجملة لوماثل تعالى شيئاً من الحوادث لوجب له القدم لألوهيته والحدوث لفرض مماثلته للحوادث وذلك جمع بين متنافين ضرورة. الرابعة استغناؤه تعالى عن كل ماسواه فذكر أنه لو لم يجب وصفه تعالى بالغنى لكان مفتقراً لكن افتقاره تعالى محال فانتفاء وجوب الغنى عنه تعالى محال أيضاً بل هو تعالى الغني عن كل ماسواه المفتقر إليه كل ماعداه فالتالي افتقاره تعالى عن ذلك والمقدم عدم وجوب الغنى له تعالى وكلاهما لايصح وبيان ذلك أنه قد تقدم أن قيامه تعالى بنفسه عبارة عن استغنائه جل وعلا عن كل ماسواه من محل أومخصص أما برهان استغنائه تعالى عن المحل أي عن ذات يقوم بها فهو أنه لو احتاج إلى ذات أخرى

يقوم بها لزم أن يكون صفة لتلك الذات إذ لايقوم بالذات إلا صفاتها ومولانا جل وعز يستحيل أن يكون صفة حتى يحتاج إلى محل يقوم به إذ لوكان صفةً لزم أن لايتصف بصفات المعاني وهي القدرة والإرادة إلى آخرها ولا بالصفات المعنوية وهي كونه تعالى قادراً ومريداً إلى آخرها إذ لو قبلت الصفة صفةً أخرى لزم أن لاتعرى عنها أوعن مثلها أوعن ضدها ويلزم مثل ذلك في الصفة الأخرى التي قامت بها وهلم جرا إذ القبول نفسي فلابد أن يتحد بين المماثلات وهو محال لما يلزم عليه من التسلسل ودخول مالا نهاية له من الصفات في الوجود وهو محال فإذاً الصفة لاتقبل أن تتصف بصفة ثبوتية تقوم بها من صفات المعاني ولاالمعنوية بخلاف الصفة النفسية والسلبية فتتصف بهما الذوات والمعاني ومولانا جل وعز قام البرهان القاطع على وجوب اتصافه بصفات المعاني والمعنوية فيلزم أن يكون ذاتاً موصوفاً بالصفات وليس هو في نفسه صفةً لغيره وأما برهان وجوب استغنائه تعالى على المخصص أي الفاعل فهو أنه لو احتاج إلى الفاعل لكان حادثاً وذلك محال لما عرفت بالبرهان القاطع من وجوب قدمه تعالى وبقائه فتبين بهذين البرهانين وجوب الغنى المطلق لمولانا جل وعز عن كل ماسواه وهو قيامه تعالى بنفسه. الخامسة الوحدانية فأخبر أنه تعالى لو لم يكن واحداً بل متعدداً بأن كان معه في الوجود إله أو أكثر ماقدر على إيجاد أي ممكن أوإعدامه بل يكون عاجزاً والعجز عليه تعالى محال فكونه غير واحد محال أيضاً بل هوتعالى الواحد الأحد فالتالي كونه غير قادر تعالى عن ذلك والمقدم كونه تعالى غير واحد بل متعدداً وكلاهما لايصح. ثم اعلم أنه يدخل في كونه غير واحد خمسة أقسام كمامر في الوحدانية الأولى كون ذاته مركبة من أجزاء الثاني أن يكون لها نظيريماثلها ويدخل هذان القسمان في عدم وحدانية الذات الثالث تعدد صفة من صفاته تعالى مع قيامها بذاتها العليا الرابع تعددها مع قيامها بذات أخرى ويدخل هذان القسمان في عدم وحدانية الصفات الخامس أن يكون معه في الوجود مؤثر في فعل من الأفعال وهو عدم وحدانية الأفعال فدليل استحالة القسم الأول وهو كونه الذات العلية مركبة من أجزاء أن أوصاف الألوهية إما أن تقوم بكل جزء أو بالمجموع أو بالبعض والأقسام كلها مستلزمة للعجز نفياً أما الأول فلأن كل جزء يكون إلهاً فيلزم التمانع كما في تعدد

الإلهين الآتي وذلك مؤد للعجز وأما الثاني فلأنه يلزم منه عجز كل جزء على الانفراد وعجزه يوجب عجز سائر الأجزاء المماثلة وذلك مستلزم لنفينا وأما الثالث فلأنه لاأولوية لبعض الأجزاء على بعض وحينئذ لاتقوم بها وذلك يستلزم عجز جميعها ودليل استحالة القسم الثاني وهو أن يكون للذات العلية نظير يماثلها أن النظير إما أن يخالف في الإرادة تضاداً أو يوافق والقسمان مستلزمان العجز المستلزم لنفينا أما الأول فلأن الإرادتين إماأن تنفذا أم لا فإن نفذتا لزم اجتماع متنافيين وهو لايعقل فإذاً يجب عدم نفوذهما معاً وحينئذ فإما أن تتعطلا معاً أو إحداهما فإن كان الأول لزم عجزهماوإن كان الثاني لزم عجز من تعطلت إرادته ويلزم منه عجز الآخر للمماثلة وأما الثاني فلأن الإرادتين قد تتوجهان إلى مالايقبل الانقسام من عرض أوجوهر فرد فلا يمكن أن تنفذفيه إلا إرادة واحدة وحينئذ فإما أن تنفذ إرادة أحدهما أولا فإن نفذت لزم عجز من لم تنفذ إرادته ويلزم منه عجز الآخر للمماثلة وإن لم تنفذا فيه لزم عجزهما ودليل استحالة القسم الثالث وهو تعدد صفة من صفاته تعالى مع قيامها بذاته العلية فهو أن يقال لو كانت من صفاته متعددة لم يخل إما إن تتعدد بحسب تعدد متعلقاتها التي قام بها البرهان على أنها غيرمتناهية وإما أن تختص بعدد متناه ويلزم على الأول وجود صفات لانهاية لها عدداً وهو محال إذ كل مايدخل تحت الوجود فلا بد من صحة تمييزه وتمييز مالا يتناهى محال فوجود مالايتناهى محال ولايلزم على الثاني وهواختصاصها بعدم متناه افتقارها إلى مخصص يخصصها بعد دون آخرإذ لارجحان لبعض الأعداد على بعض وذلك يستلزم حدوثهاوأيضاً يلزم توزيع مالا يتناهي من المتعلقات على مالايتناهي من الصفات وهو محال ضرورة وإذا لزم من تعددها غيرمتناهية وجودصفات لانهاية لها عدداً وهو محال ولزم من تعددها متناهية حدوثها وهو محال أيضاً كما مرالتنبيه عليه في صفة القدم ومن جملة الصفات القدرة لزوم من تقدير التعدد بقسمية فيها عجزه تعالى عن ذلك إذ مايلزم عليه المحال وهو تعدد القدرة مثلاً محال وإذا استحال الوصف بالقدرة متعددة كان إما عاجزاً وهو محال أوموصوفاً بقدرة واحدة وهوالمطلوب ودليل استحالة القسم الرابع وهو تعدد صفة من صفاته تعالى مع قيامها بذات أخرى هو دليل إستحالة القسم الثاني وهو وجود نظير لذاته تعالى يماثلها ودليل استحالة القسم الخامس وهو أن يكون مع الإله تعالى في الوجود مؤثر في فعل من الأفعال أنه لوصح أن يكون لغير المولى تأثير لوجب أن يكون ذلك الأثر مقدوراً له تعالى لعموم قدرته وحينئذ إما أن يحصل اتفاق أواختلاف ويأتي ماسبق فإن كان المؤثر غير المولى سبحانه لزم عجزه ويلزم عجزه عن سائر الممكنات لتساويها وقد ظهر مما مر

أن قول الناظم لما قدر دليل الوحدانية بجميع وجوهها كماظهر من القسم الخامس أن لاتأثير لقدرتنا الحادثة في فعل من الأفعال قال في شرح الصغرى إثر ذكره برهان الوحدانية وبهذا تعرف أن لاأثر لقدرتنا في شيء من أفعالنا الاختيارية كحركاتنا وسكناتنا وقيامنا وقعودنا ومشينا ونحوها بل جميع ذلك مخلوق لمولانا جل وعز بلا واسطة وقدرتنا أيضاً مثل ذلك عرض مخلوق لمولانا جل وعز يقارن تلك الأفعال ويتعلق بها من غير تأثير لها في شيء من ذلك أصلاً وإنما أجرى الله تعالى العادة أن يخلق عند تلك القدرة لابها ماشاء من الأفعال وجعل سبحانه بمحض اختياره وجود تلك القدرة فينا مقترنةً بتلك الأفعال شرطاً في التكليف وهذا الاقتران والتعلق لهذه القدرة الحادثة بتلك الأفعال من غير تأثير لها أصلاً هو المسمى في الاصطلاح وفي الشرع بالكسب والاكتساب وبحسبه تضاف الأفعال للعبد كقوله تعالى {لها ماكسبت وعليهامااكتسبت} أما الاختراع والايجاد فهو من خواص مولانا جل وعز لايشاركه فيه شيء سواه تبارك وتعالى ويسمى العبد عند خلق الله تعالى فيه القدرة المقارنة للفعل مختاراً وعندما يخلق الله فيه الفعل مجرداً عن تلك القدرة الحادثة مجبوراً ومضطراً كالمرتعش مثلاً وعلامة مقارنة القدرة الحادثة لمايوجد في محلها تيسره بحسب العادة فعلاً وتركاً وعلامة الجبر عدم تلك القدرة وعدم التيسر وإدراك الفرق بين هاتين الحالتين ضروري لكل عاقل كما أن الشرع جاء بإثبات الحالتين وتفضل بإسقاط التكليف في الحالة الثانية وهي حالة الجبر دون الأولى قال تعالى {لايكلف الله نفساًإلا وسعها} بحسب العادة وأما بحسب العقل وما في نفس الأمر فليس في وسعها أي طاقتها اختراع شيء ماوبهذا تعرف بطلان مذهب الجبرية القائلين باستواء الأفعال كلها وأنه لاقدرة تقارن شيئاً منهاعموماً ولاشك في أنهم في هذه المقالة مبتدعة بل يكذبهم الشرع والعقل وبطلان مذهب القدرية مجوس هذه الأمة القائلين بتأثيرتلك القدرة الحادثة في الأفعال على حسب إرادة العبد ولاشك أنهم مبتدعة أشركوا مع الله تعالى غيره فتحقق مذهب أهل السنة بين هذين المذهبين الفاسدين فهو وقد خرج من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين وكما أن هذه القدرة الحادثة لاأثر لهاأصلاً في شيء من الأفعال كذلك لاأثر للنار في شيء من الإحتراق أو الطبخ أو التسخين أوغير ذلك لابطبعها ولابقوة وضعت فيها بل الله تعالى أجرى العادة اختياراً منه جل وعز بإيجاد تلك الأمور عندها لابها وقس على هذا مايوجد مع القطع للسكين والألم عند الجرح والشبع عند الطعام والري عند الشرب والنبات عند الماء والضوء عند الشمس والسراج ونحوهما والظل عند الجدار

والشجرة ونحوهما وبرد الماء الساخن عند صب ماء بارد فيه وبالعكس ونحو ذلك مما لاينحصر فاقطع في ذلك كله بأنه مخلوق الله تعالى بلا واسطة ألبتة وأنه لاأثر فيه أصلاً لتلك الأشياء التي جرت العادة بوجودها معه وبالجملة فلتعلم أن الكائنات كلها يستحيل منها الاختراع لأثر ما بل جميعها مخلوق لمولانا عز وجل ابتداءً ودواماً بلا واسطة بهذا شهد البرهان العقلي ودل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح قبل ظهور البدع ولاتصغ بأذنيك لما ينقله بعض من أولع بنقل الغث والسمين عن مذهب بعض أهل السنة مما يخالف ماذكرناه فشد يدك على ماذكرناه فهو الحق الذي لاشك فيه ولايصح غيره واقطع تشوقك عن سماع الباطل تعش سعيداً وتمت كذلك والله المستعان اهـ. السادسة والسابعة والثامنة والتاسعة الحياة والإرادة والعلم والقدرة فذكر أنه لو لم يكن تعالى موصوفاً بجميعها مارأيت عالماً بفتح اللام وهو ماسوى الله تعالى والعالم موجود مرئي فهو تعالى موصوف بماذكر فالتالي عدم رؤية العالم والمقدم عدم وصفه تعالى بالصفات الأربع وكلاهما لايصح والدليل على تصافه تعالى بماذكر أنه قد تقدم أن تأثير القدرة الأزلية موقوف على إرادته تعالى ذلك الأثر وإرادته تعالى لذلك الأثر موقوفة على العلم به والاتصاف بالقدرة والارادة والعلم موقوف على الاتصاف بالحياة إذ هي شروط فيها ووجود المشروط بدون شرطه مستحيل فإذاً وجود حادث أي حادث كان موقوفاً على اتصاف محدثه بهذه الصفات الأربع فلو انتفى شيء منها لماوجد شيء من الحوادث قال في شرح الصغرى وبهذا يتبين وجوب اتصافه تعالى بهذه الصفات في الأزل إذ لو كانت حادثة لزوم توقف إحداثها على اتصافه تعالى بأمثالها قبلها ثم تنقل الكلام إلى أمثالها ويلزم التسلسل وهو محال فيكون وجود تلك الصفات على هذا التقدير محالاً وذلك مؤد إلى المحذور المذكور وهو أن لايوجد شيء من الحوادث وبهذا تعرف أيضاً وجوب عموم التعلق للمتعلق منها كالعلم والقدرة والإرادة إذ لو اختصت ببعض المتعلقات دون بعض لزم الافتقار إلى المخصص فتكون حادثةً ولايمكن أن يكون المحدث لها غير الموصوف بها لماعرفت من وجوب الوحدانية له تعالى وانفراده بالاختراع وإحداثه تعالى لها فرع عن اتصافه بأمثالها قبلها ثم تنقل الكلام إلى تلك الأمثال ويجيء ماقد سبق فقد بان لك بهذا أن البرهان الذى ذكرناه في أصل العقيدة يؤخذ منه ثلاثة أمور وجوب هذه الصفات ووجوب القدم والبقاء لها ووجوب عموم التعلق بالمتعلق اهـ والبرهان الذي ذكرناه في أصل هذه العقيدة هو قوله وأما برهان وجوب اتصافه تعالى بالقدرة والإرادة والعلم والحياة فلأنه لو انتفى شيء

منها لما وجد شيء من الحوادث وهو معنى قول الناظم لو لم يكن حياً البيت فيؤخذ منه الثلاثة الأمور كما قال في شرح صغرى الصغرى قوله والتالي في الست القضايا البيت معناه أن التالي من القضايا الست المتقدمة باطل فالمقدم منها الثاني في البطلان وقد تقدم بيانها عند ذكر البراهين الست فراجعه إن شئت. وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْكَلاَمْ بِالنَّقْلِ مَعْ كَمَالِهِ تُرَامْ أخبر أن لوجوب إتصافه تعالى بالسمع والبصر والكلام دليلين شرعي ويقال فيه نقلي وسمعي وهو المراد بقوله بالنقل وعقلي وإليه أشار بقوله مع كماله فالسمعي كقوله تعالى {وهوالسميع البصير} وكقوله {وكلم الله موسى تكليما} والأحاديث بذلك كثيرة وانعقد الإجماع على وجوب اتصافه تعالى بذلك والعقلي هو أن نفي هذه الصفات يدل على اتصافه تعالى بضدها وهي نقائص والنقص عليه تعالى محال قال في شرح الصغرى لأنه يستلزم أن يحتاج حينئذ إلى من يكلمه بأن يدفع عنه ذلك النقص ويخلق له الكمال وذلك يستلزم حدوثه وافتقاره إلى إله آخر كيف وقد تقرر بالدليل وجوب الوحدانية له تعالى وأيضاً لو اتصف بتلك النقائص لزم أن يكون بعض مخلوقاته أكمل منه تعالى عن ذلك لسلامة كثير من المخلوقات من تلك النقائص والمخلوق يستحيل أن يكون أشرف من خالقه وهذا الدليل العقلي وإن كان لايسلم من الاعتراض فذكره عن سبيل التبعية والتقوية لما هو مستقل بنفسه ولايرد عليه شيء وهو الدليل النقلي حسن وقد لوحنا إلى ذلك بتأخيره في أصل العقيدة اهـ قلت وكذا لوح الناظم لذلك أيضاً بتأخيره (تنبيه) قال في شرح صغرى الصغرى اعلم أن عقائد الإيمان تنقسم على ثلاثة أقسام مالايصح أن يعلم إلا بالدليل العقلي وهو كل ماتتوقف عليه دلالة المعجزة كوجوده تعالى وقدرته وإرادته وعلمه وحياته فإنه لو استدلوا على هذا القسم بالدليل الشرعي وهو متوقف على صدق الرسل المتوقف على دلالة المعجزة لزوم الدور. الثاني مايصح أن يستدل عليه بالدليل الشرعي وهو كل مالاتتوقف عليه دلالة المعجزة كالسمع والبصر والكلام والبعث وأحوال الآخرة جملةً وتفصيلاً. الثالث مااختلف فيه للتردد فيه هل هو من القسم الأول أومن القسم الثاني كالوحدانية فإنه اختلف فيها

هل يكفي فيها الدليل السمعي بناءً على عدم توقف دلالة المعجزة عليها في علم الناظر وأن توقف وجود المعجزة عليها في نفس الأمر لإستحالة وجود الفعل مع وجود الشريك أو لابد فيها من الدليل العقلي نظراً إلى توقف دلالة المعجزة على صحة وجود المعجزة أيضاً المتوقف على الوحدانية لأن المعجزة فعل والفعل يستحيل وجوده على تقدير الأثنينية في الألوهية والمتوقف على المتوقف على الشيء متوقف على ذلك الشيء اهـ ومعنى كلامه أن دلالة المعجزة على صدق الرسول المتحدي بها متوقفةً على إتصاف مصدقه وهو الله تعالى بماذكر في القسم الأول فلايصح أن يستدل عليه بقول الرسول المتوقف على صدقه على دلالة المعجزة للدور وهو توقف دلالة المعجزة على إتصافه تعالى بتلك الأوصاف وإتصافه بتلك الأوصاف متوقف على دلالة المعجزة بخلاف ماذكر في القسم الثاني فلا تتوقف دلالة المعجزة على الصدق على إتصافه تعالى بها فصح الإستدلال عليها بقول الرسول وأما القسم الثالث فذو نظرين كما ذكر وكونه من القسم اوول أظهر والله أعلم وزاد في شرح الكبرى في القسم الأول القدم والبقاء وجعل كل مايرجع إلى وقوع جائز كالبعث وأحوال الآخررة مما لايصح الإستدلال عليه إلآ بالسمع عكس القسم اوول قال لأن غاية مايدرك العقل وحده من هذه الأمور جوازها أما وقوعها فلاطريق له إلآ السمع لَوْ إسْتَحَالَ مُمْكِنٌ أَوْ وَجَبَا قَلْبُ الْحَقَائِقِ لُزُوماً أَوْجَبَا ذكر في هذا البيت دليل القسم الثالث الجائز في حقه تعالى المشار إليه بقوله يجوز في حقه فعل الممكنات البيت فأخبرأنه لو وجب عقلاً عليه تعالى وجود ممكن أواستحال عقلاً لزم قلب الحقائق وذلك لايعقل إذ حقيقة الممكن مغايرة لحقيقة الواجب والمستحيل كما مر بيانه فقوله ممكن على حذف مضاف أي فعل ممكن أو وجود ممكن وقلب مفعول وجبا قال في صغرى الصغرى وأما الجائز في حقه تعالى ففعل كل ممكن أو تركه صلاحاً كان أوضده لما عرفت قبل وجوب عموم قدرته تعالى وإرادته لجميع الممكنات، ويدخل في ذلك جواز خلق الله تعالى الرؤية لذاته العلية والسمع لكلامه القديم والثواب في دار النعيم والبعث لرسله الأكرمين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين قال في الشرح: لاشك أن الجواز لايتطرق للذات العلية ولالشيء من صفاتها المرتفعة لوجوب الوجود لجميع ذلك وإنما يرجع الجواز للتعلق التنجيري لقدرته تعالى وإرادته وهذا التعلق ليس بقديم مرجعه إلى صدور الكائنات عن قدرته تعالى وإرادته ولما عرفت فيما سبق عموم تعلق قدرته تعالى وإرادته لجميع الممكنات،

وعرفت وجوب وحدانيته تبارك وتعالى عرفت أن كل ممكن فهو جائز بأن يكون بقدرة الله تعالى وإرادته وليس فيه ماهو واجب عقلاً كالصلاح والأصلح كما قال بعض من ضل لأنه يلزم عليه قلب حقيقة الصلاح والأصلح الجائزة بأن ترجع واجبة وذلك يمنع وقوع ضدها وهو الفساد كيف وهو موجود بالمشاهدة ومن الممكنات الجائزة عند أهل الحق رؤية المخلوق لمولانا جل وعلا على مايليق به تبارك وتعالى من غير وجهة ولاجرمية ولاتحيز لأنه تعالى موجود وكل موجود يصح أن يرى بالبصر واستدعاء الرؤية المقابلة للمرئي والجهة له والتوسط بين القرب جداً والبعد جداً إنماهو عادي يقبل التخلف وكما صح أن يعلم مولانا جل وعلا على مايليق بجلاله وعظمته من إحاطة فكذا يصح أن يرى جل وعلا بالبصر على ممايليق به تعالى وليست الرؤية بإثبات شعاع يتصل بالمرئي حتى تستحيل رؤيته جل وعلا لاستحالة اتصال الشعاع به تبارك وتعالى إذ لوكانت الرؤية باتصال شعاع بالمرئي لزم أن لايرى الرائي إلا مقدار حدقته كيف وهو ينكشف للرائي في نظرة واحدة أضعاف ذاته أضعافاً لاحصر لها بحيث يقطع أنه لايمكن أن ينفصل منه شعاع يتصل بأدنى شيء منها وكذا من الجائزات إثابة الله تعالى المطيع إذ لاحق لأحد عليه تعالى إذ لانفع له بطاعة أحد وأيضاً فالطاعة خلق له تبارك وتعالى وليس للعبد فيها إلا الاكتساب والاتصاف ولاأثر له فيها أصلاً وكذا من الجائزات بعث الله تعالى لرسله عليهم الصلاة والسلام لأن ماقدر الله سبحانه وتعالى معهم من المصالح الدينية والدنيوية فبمحض فضله ولاأثر للرسل عليهم الصلاة والسلام في شيء من المصالح ولاحق لأحد على مولانا جل وعلا في هداية ولا مصلحة دنيوية ولا أخروية وأوجبت المعتزلة عقلاً على الله تعالى بعث الرسل عليهم الصلاة والسلام على أصلهم الفاسد في وجوب مراعاة الصلاح والأصلح على الله تعالى ولايخفى فساده وأما البراهمة فجعلوا بعث الرسل مستحيلاً ورأوا أن العقل يصل وحده بتحسينه وتقبيحه إلى أحكام الله تعالى ولاتخفى سخافة عقولهم إلى الغاية لماعرفت أن مرجع أحكام الله تعالى الشرعية إلى نصب أفعال خلقها الله تعالى وجعلها بمحض اختياره أمارات على ماشاء من ثواب أوعقاب أوغيرهما ولاحسن في فعل ولاقبح يوجب له حكماً من الأحكام ومن عرف انفراده تعالى بإيجاب جميع الكائنات ونفذ إرادته فيها مع التنزه عن الأغراض لايخفى عليه فساد تلك المقالة الشنيعة اهـ. يَجِبُ لِلرُّسْلِ الْكِرامِ الصِّدْقُ أَمانَةٌ تَبْلِيغُهُمْ يَحِقُّ مُحالٌ الْكَذِبُ وَالمَنْهِىُّ كَعَدَمِ التَّبْلِيغِ يا ذَكِيُّ

يَجُوزُ فِي حَقِّهِمْ كُلُّ عَرَضْ لَيْسَ مُؤَدِّياً لِنَقْصٍ كالْمَرَضْ هذا هو الجزء الثاني من جزأي الإيمان لأن الإيمان مركب من جزأين أحدهما الإيمان بالله تعالى وهو حديث النفس التابع للمعرفة بمايجب له تعالى ومايستحيل ومايجوز، الثاني الإيمان بالرسل عليهم الصلاة والسلام وهو أيضاً حديث النفس التابع للمعرفة بمايجب لهم ومايستحيل ومايجوز ولماكان الجزء الثاني موقوفاً على الأول لأنه إنما يعرف ويحصل بعد معرفته قدم علماؤنا الكلام على الجزء الأول قبل الكلام على الجزء الثاني والرسل في النظم بسكون السين تخفيفاً عن ضم جمع رسول وهوإنسان ذكر بعثه الله سبحانه إلى عبيده وإمائهم ليبلغهم عنه أحكامه التكليفية الوضعية ومايتبعهما من وعد ووعيد ونحوهما وهل شرطه أن يكون له شرع جديد أوكتاب مخصوص أونسخ لشرع من قبله أولايشترط فيه شيء من ذلك أقوال وقد تقرر أنا مكلفون بمعرفة الرسل عليهم الصلاة والسلام ولايتم إيماننا إلا بمعرفة مايجب لهم ومايستحيل عليهم ومايجوز في حقهم وذكرالناظم كغيره أنه يجب في حقهم عليهم الصلاة والسلام ثلاثة أشياء (أولها) الصدق في كل مايبلغون عن المولى تبارك وتعالى أن لايكون خبرهم في ذلك إلا مطابقاً لمافي نفس الأمر ولايقع منهم الكذب في شيء من ذلك لاعمداً ولاسهواً إجماعاً عند المحققين (الثاني) الأمانة وهي حفظ جميع الجوارح الظاهرة والباطنة من التلبس بمنهي عنه نهي تحريم أوكراهة ويسمى صاحبها أميناً للأمن في جهته من المخالفة لماحد له وأوصى به لأنه الذي يترك كل أمر على الوجه الذي أوصى به مالكه أن يترك عليه ولايخون بأن ينقله بسبب الشهوة من الموضع الذي ينبغي أن يكون بوصية مالكه الذي يجب طاعته (الثالث) تبليغ كل ماأمرهم الله سبحانه بتبليغه ولم يتركوا شيئاً منه لانسياناً ولاعمداً أما عمداً فلماتقدم من وجوب الأمانة وأما نسياناً فللإجماع وأنه يستحيل في حقهم عليهم الصلاة والسلام أضداد هذه الصفات وهي الكذب الذي هو عدم مطابقة الخبر لمافي نفس الأمر فقوله الكذب على حذف مضاف أي وقوع الكذب والخيانة بفعل شيء مما نهوا عنه نهي تحريم أوكراهة وقول الناظم والمنهي هو على حذف مضاف وجار ومجرور أي وفعل المنهي عنه أي غير الكتمان لتنصيصه على استحالة عدم التبليغ فالكاف في

كعدم التبليغ للتشبيه في إفادة الحكم وهو الاستحالة ويحتمل أن يريد بالمنهي عنه جميع المعاصي كتماناً أو غيره فالكاف للتمثيل والأول أظهر والله تعالى أعلم وعدم التبليغ هو كتمان شيء مما أمروا بتبليغه للخلق وأنه يجوز في حقهم عليهم الصلاة والسلام الأعراض البشرية التي لاتنافي علو رتبتهم كالمرض والفقر من الأعراض الدنيوية مع الغنى عنها بالله تعالى وكالأكل والشرب والنكاح والنسيان بعد التبليغ أو فيما لم يؤمروا بتبليغه والنوم إلا أنه تنام أعينهم ولاتنام قلوبهم فاحترزوا بالأعراض وهي الصفات الحادثة المتجددة من الصفات القديمة التي هي صفات الإله تعالى فلا يصح أن يتصف بهاغيره وقد كفرت النصارى بمخالفتهم هذا القيد وإفراطهم في حق عيسى عليه الصلاة والسلام فجعلوا صفة العلم القديم قائماً بجسم عيسى وجعلوه لذلك إلهاً على خبط لهم وتخليط عظيم لايفوه به عاقل واحترزوا بقيد البشرية كالأكل والشرب والمرض ونحوها عن صفات الملائكة عليهم السلام وهي غناهم عن هذه الأعراض التي وضعها الله في البشر فلا يشترط ذلك في الرسل عليهم الصلاة والسلام لعدم توقف الرسالة عليها وقد كفرت الجاهلية بمخالفتهم هذا القيد وإفراطهم فزعموا أن هذه الصفات البشرية ناقصةً لاتليق برتبة الرسالة وإنما يليق بها صفات الملائكة فكفروا وكذبوا بسبب ذلك الرسل وقالوا ماأخبر الله به عنهم (أبشر يهدوننا). (إن أنتم إلا بشر مثلنا). (مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق) ولو كشفت الحجاب عن قلوبهم لعلموا أن وقوع هذه الأعراض البشرية بالرسل عليهم الصلاة والسلام كمالات لهم في أنفسهم وتكميلات متكاثرة لأممهم بحيث يغتبطها الملائكة الكرام ويتمنون وجود مثلها لهم لما فيها من الآداب الرفيعة والعبادات الدقيقة وأسقط الناظم هذا القيد للعلم بأنه المراد في هذا المحل والله أعلم واحترزوا بقولهم التي لاتنافي علو رتبتهم عن الغفلة عن جنابهم الرفيع والتفريط بسبب مشاهدة ظواهرهم البشرية في مراعاة قدرهم العلي وقد ضلت اليهود لعنهم الله فأساؤا الأدب ووصفوا أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام بمساوٍ لايليق أن يوصف بها من هو أدنى منهم في غاية وبهذا يعلم أن كل ماأوهم في حقهم وفي حق الملائكة نقصاً من الكتاب والسنة وجب تأويله انظر لآخر شرح صغرى الصغرى فقد أطال في المسألة جداً قلت وفي تمثيلهم للأعراض التي لانقص فيها بالمرض إجمال فقد سئل شيخنا

الإمام العالم العلامة المتفنن الفهامة المحدث المتصوف سيدي أبو زيد عبد الرحمن بن محمد الفاسي رحمه الله في مسألة تظهر من جوابه ولفظ الجواب لايجوز الصمم على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وفاقاً لأن السمع طريق إلى الوحي وباب له فلايقع بهم لأنه لامعنى للنبوة إلا الوحي فكيف تعطل حاسته وينسد بابه هذا لايعقل وكذا البكم لايجوز عليهم لأنه مانع من التبليغ وآفة بالغة ونقضية ظاهرة يتنزهون عن مثلها وكذلك يمنع في حقهم العمى على الصحيح قيل ولم يعم نبي قط ومايذكر عن شعيب لم يثبت وأما يعقوب فحصل ضعف في نور عينيه ولم تكونا عميتا وأزيل ذلك الضعف بعد ذلك فكان عارضاً هذا هو الحق الراجح وقيل غير ذلك مع الإتفاق على عدم استمرار ذلك العارض وكذا يمتنع في حقهم الجنون قليله وكثيره لأنه نقص بل يجب في حقهم كمال العقل والذكاء والفطنة وقوة الرأي والسلامة من كل ماينفر مما يوجب ثلماً في النسب والخلق والخلق كالفظاظة والعيوب المنفرة كالبرص والجذام والأدرة لأنهم على غاية الكمال في خلقهم وخلقهم ومن نسب أحداً منهم إلى نقص في خلقته فقد آذاه ويخشى على فاعله الكفر وقدقال تعالى {لاتكونوا كالذين آذوا موسى} يعني في وصفهم له بالأدرة فبرأه الله من ذلك كماقدعلم ونص في صحيح الأحاديث وأما أيوب عليه السلام فروي أنه أول من أصابه الجدري ولم يكن مرضه جذاماً لتنزه الأنبياء عن ذلك كما تقرر وعلم وكذا تجب سلامة الأنبياء من كل مايخل بالمروءة كالحجامة وكذا من كل مايخل بحكمة البعثة من البكم والفهاهة والخيانة والخور والبخل والضعف والمهانة لأنهم سيوف الله الماضية وحججه البالغة والسلام وكتبه عبدالرحمن بن محمد الفاسي كان الله له ولياً وبه حفياً اهـ والفهاهة عدم الفصاحة وفي بعض نسخ الجواب بدل والخور والنمر وهو الغضب وسوء الخلق والخور الضعف قلت شيخنا هذا كان إماماً عالماً متفنناً دراكةً شهد له

بذلك شيوخه زاهداً لم يتعاط قط أسباب الدنيا له معرفة بالنحو وباللغة والفقه والأصول والمنطق والبيان وعلم الكلام وغير ذلك وأما التفسير والحديث والتصوف المؤيد بالكتاب والسنة فلايجارى في ذلك أصلاً يستحضر جميع ذلك بلاتأمل تصحح من فيه نسخ البخاري ومسلم يستحضر حل مسائل مشارق عياض على الصحيحين والموطأويستحضر معارضات الآيات ومعارضات الأحاديث وأجوبتها وماقيل فيها من صحيح وسقيم ومأخذ المتصوفة من الكتاب والسنة له حاشية مقيدة على الكتاب المبارك المتداول بأيدي العامة والخاصة المسمى بدلائل الخيرات وله حاشية عجيبة على صحيح البخاري وله حاشية عجيبة على تفسير الجلالين وحاشية على العقيدة الصغرى للسنوسي وله تعليق عجيب على الحزب الكبير للشاذلي رضي الله عنه وله تقاييد كثيرة في التفسير والحديث والتوحيد وغير ذلك توفي رحمه الله آخر ليلة الأربعاء السابع والعشرين من ربيع النبوي من عام ستة وثلاثين وألف وإلى سنة وفاته رمز صاحبنا الأديب الشهير سيدي محمد المكلاتي رحمه الله بالشين واللام والواو من قوله أبو زيد الفاسي شلو معظم رثاه حديث المصطفى خير مرسل رحمه الله ونفع به (تنبيهان) الأول اعلم أن بين الواجبات الثلاث وهي الصدق والأمانة والتبليغ عموماً وخصوصاً من وجه فلايمكن الاستغناء ببعضها عن بعض لأن كل واحد يزيد على صاحبه بزيادة لاتفهم إلا منه فأما الواجب الأول وهو الصدق فيزيد على الأمانة بمنع الكذب سهواً بمعنى أن هذه النقيصة إنما يفهم امتناعها في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام من وجوب الصدق لعمومه في كل قول ولايفهم امتناعه من الأمانة لأنها تمنع من وقوع المعصية أوالمكروه وأما الكذب سهواً فليس بحرام ولامكروه فلا منافاة بينه وبين الأمانة ويزيد الصدق أيضاً على التبليغ بمنع الزيادة على ماأمروا بتبليغه عمداً أونسياناً فلايفهم امتناع هذه النقيصة من التبليغ لأنها وقعت بعد التبليغ العام فلا تنافيه وإنما تفهم من الصدق لأن هذه الزيادة كذب ووجوب الصدق العام ينفعه وأما الواجب الثاني وهو الأمانة فتزيد على الصدق بمنع المعصية أوالمكروه في غير كذب اللسان كالغيبة مثلاً والنظر العمد للأجنبية في غير ضرورة فيفهم امتناع هذه النقيصة من وجوب الأمانة لمنافاتها لها لا من وجوب الصدق لأنها ليست بكذب

حتى يدفعها الصدق وتزيد الأمانة أيضاً على التبليغ العام بمنع المعصية التي لاتتعلق بالتبليغ كالسرقة والخديعة وأما الواجب الثالث وهو التبليغ العام فيزيد على الصدق بمنع ترك شيء مماأمروا بتبليغه عمداً أونسياناً مع إلتزامهم الصدق فيما بلغوا من ذلك فيفهم امتناع هذه النقيصة من وجوب التبليغ العام لأن النقص عمداً أونسياناً مناف لوجوب عموم التبليغ وليس بمناف لوجوب الصدق لأنه يصدق فيما يبلغ ويترك شيئاً آخر أجنبياً عنه يترك تبليغه ليس بكذب ويزيد أيضاً وجوب التبليغ العام على الأمانة بمنع ترك شيء مما أمروا بتبليغه نسياناً فهذه النقيصة إنما يفهم نفيها عنهم عليهم الصلاة والسلام من وجوب التبليغ العام لمنافاتها له لأن السلب الجزئي مناف للثبوت الكلي لايفهم نفيها من وجوب الأمانة لأنها إنما تدفع المعصية والمكروه ومايفعل نسياناً لاتحريم فيه ولاكراهة وإذا علمت هذا ظهر لك معرفة النقيصة التي تشترك الصفات الثلاثة الواجبة في نفيها عن الرسل عليهم الصلاة والسلام والتي تشترك اثنان في نفيها عنهم دون الثالث ومايزيد به كل واحد على مجموع الباقين فتشترك الواجبات الثلاث في نفي تبديل شيء مماأمر الله تعالى بتبليغه أوتغير معناه عمداً لأنه كذب فيدفعه وجوب الصدق ومعصية فيدفعه وجوب الأمانة وكتمان فيدفعه وجوب التبليغ لكل ماأمروا بتبليغه فهذه النقيصة تشترك الواجبات الثلاث في نفيها عن الرسل عليهم الصلاة والسلام وهذا هو المطلب الأول. المطلب الثاني معرفة النقيصة التي يشترك في نفيها عن الرسل عليهم الصلاة والسلام اثنان من الواجبات الثلاث دون الثالث فيشترك الصدق والأمانة في منع الكذب عمداً في الزائد على المأمور بتبليغه ولايمنعه التبليغ العام لأن هذه النقيصة إنما وقعت بعد التبليغ العام ويشترك الصدق والتبليغ العام في منع التبديل نسياناً لبعض المأمور بتبليغه فإنه مناف للصدق لأنه كذب ومناف لتبليغ المأمور بتبليغه ولايمنع هذه النقيصة وجوب الأمانة لأنها إنما تمنع المعصية والمكروه والتبديل نسياناً لاتكليف فيه فليس بمعصية ولامكروه وتشترك الأمانة والتبليغ العام في منع نقص شيء من المأمور بتبليغه عمداً فإنه معصية وترك للتبليغ العام فينفيه كل واحد من هذين الواجبين ولاينفيه الصدق لأن الترك من غير تبديل ليس بكذب. المطلب الثالث مايزيده كل واحد من الواجبات الثلاث على مجموع الواجبين الباقيين فالصدق يزيد على مجموع الأمانة والتبليغ العام يمنع الكذب نسياناً من غير

المأمور بتبليغه لأنه مناف للصدق وليس منافياً للأمانة ولا للتبليغ العام فلا يفهم نفيه إلا من الصدق والأمانة تزيد على مجموع الصدق والتبليغ العام بمنع المعصية في غير الكذب وبعدم التبليغ العام كالسرقة مثلاً والتبليغ العام تزيد على مجموع الصدق والأمانة بمنع نقص شيء من المأمور بتبليغه نسياناً من غير تبديل ولا إخلال فيما بلغ فهو مناف للتبليغ ولاينافي الواجبين إذ ليس بكذب ولاخيانة. المطلب الرابع مايزيده كل واحد منها على كل واحد من صاحبيه وهو المتقدم أول التنبيه والفرق بينه وبين الثالث أن الثالث في معرفة مايزيده كل واحد منها على كل واحد من صاحبيه وهو المتقدم أول التنبيه والفرق بينه وبين الثالث أن الثالث في معرفة مايزيده كل واحد على مجموع الآخرين والمتقدم في معرفة مايزيده كل واحد على كل واحد واحد من الباقين والله تعالى أعلم اهـ. من شرح صغر الصغرى (التنبيه الثاني) قال في شرح الكبرى الكلام في عصمة الأنبياء في موضعين أحدهما قبل النبوة والثاني بعدها أما حكمهم قبل النبوة فالذي ذهب إليه أكثر الأشاعرة وطائفة كثيرة من المعتزلة أنه لايمتنع عقلاً على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبل البعثة معصية كبيرة كانت أوصغيرة وذهب بعض أصحابنا إلى أنه يمتنع ذلك وهو مختار القاضي عياض على أنه قال تصور المسئلة كالممتنع فإن المعاصي إنما تكون بعد تقدير الشرع إذ لايعلم كون الفعل معصية إلا من الشرع وقال بعض أصحابنا يحصل الامتناع بالسمع إذ لامجال للعقل لكن دال السمع بعد ورود الشرع على أنهم كانوا معصومين قبل البعثة وذهب الروافض إلى امتناع ذلك كله عليهم عقلاً ووافقهم أكثر المعتزلة في امتناع وقوع الكبائر منهم عقلاً قبل البعثة ومعتمد الفريقين التقبيح العقلي لأن صدورالمعصية منهم ممايحقرهم في النفوس وينفر الطباع عن إتباعهم وهو اختلاف مااقتضته الحكمة من بعثة المرسل فيكون قبيحاً عقلاً وقد سبق الكلام على فساد أصل التحسين والتقبيح العقليين وأما بعد النبوة فالإجماع على عصمتهم من تعمد الكذب في الأحكام لأن المعجزة دلت على صدقهم فيما يبلغونه عن الله تعالى فلو جاز تعمد الكذب عليهم لبطلت دلالة المعجزة على الصدق وأما جواز صدور الكذب منهم في الأحكام غلطاً أونسياناً فمنعه الأستاذ وطائفة كثيرة من أصحابنا لمافيه من منافضه دلالة المعجزة القاطعة وجوزه القاضي وقال إن المعجزة إنما دلت على صدقهم فيما يصدر عنهم قصداً واعتقاداً قال القاضي عياض لاخلاف في امتناعه سهواً وغلطا لكن عند الأستاذ بدليل المعجزة القائمة مقام قول الله تعالى صدق عبدي وعند القاضي بدليل الشرع وأما غير المذكور من المعاصي القولية والفعلية فالإجماع على عصمتهم من تعمد الكبائر وصغائر الخسة خلافاً لبعض الخوارج وأما إتيان ذلك نسياناً أوغلطاً فقال

الآمدي اتفق الكل على جوازه سوى الروافض وهذا الذي ذكره لايصح بل اتفقوا على إمتناعه فقال القاضي والمحققون بدليل السمع وقال الأستاذ وظائفة كبيرة منا ومن المعتزلة وبدليل العقل أيضاً وأما الصغائر التي لاخسة فيها فجوزها عمداً وسهواً الأكثرون وبه قال أبو جعفر الطبري من أصحابنا ومنعته طائفة من المحققين من الفقهاء والمتكلمين عمداً أوسهواً قالوا لاختلاف الناس في الصغائر ولأن جماعة ذهبوا إلى أن كل ماعصي الله به فهو كبيرة ولأن الله تعالى أمرنا باتباعهم وأفعالهم يجب الإقتداء بهاعند أكثر المالكية وبعض الشافعية والحنفية فلو جازت منهم المعصية لكنها مأمورين باتباعهم فيها (قلت) وبهذا تعرف عدم جوز وقوع المكروه منهم فالحق أن أفعالهم دائرة بين الوجوب والندب والإباحة وليس وقوع المباح منهم كوقوعه من غيرهم وهوأن يقع بحسب مقتضى الشهوة بل لعظيم معرفتهم بالله تعالى وخوفهم منه واطلاعهم على مالم يطلع عليه غيرهم لايصدر منهم المباح إلا على وجه يصير في حقهم طاعةً وقربةً كقصدهم تشريعه أو التقوي به على طاعة الله تعالى ونحو ذلك مما يليق بمقاماتهم الرفيعة وإذا كان أهل المراقبة من أولياء الله تعالى بلغوا في الخوف منه تعالى ورسوخ المعرفة مامنعهم أن تصدر منهم حركة وسكون في غير رضاه تعالى فكيف بأنبيائه تعالى ورسله صلوات الله وسلامه على جميعهم اهـ لَوْ لَمْ يَكُونُوا صَادِقِينَ لَلَزِمْ أنْ يَكْذِبَ الإِلَهُ فِي تَصْدِيقهِمْ إذْ مُعْجِزَاتُهُمْ كَقَوْلِهِ وَبَرْ صَدَقَ هَذَا الْعَبْدُ فِي كُلِّ خَبَرْ لَوِ أنْتَفَى التَّبْلِيغُ أَو خَانُوا حُتِمْ أَنْ يُقْلَبَ الْمَنْهىُّ طَاعَةً لَهُمْ جوَّازُ الأَغْرَّاضِ عَلِيْهِمْ حُجَّتُهْ وُقُوعُها بِهِمْ تَسَلٍ حِكْمَتُهْ تعرض الناظم في هذه الإبيات لبراهين الواجبات وغيرها ممايتعلق بجانب الرسل عليهم الصلاة والسلام فذكر أنهم عليهم الصلاة والسلام لولم يصدقوا للزم كذب الإله تعالى عن ذلك حيث صدقهم بإظهار المعجزات على أيديهم لتنزل المعجزة منزلة قوله تعالى صدق هذا العبد في كل ماأخبر به عني إذ تصديق الكاذب كذب والكذب عليه تعالى محال إذ خبره تعالى على وفق علمه والخبرعلى وفق العلم لايكون إلا صدقاً فخبره تعالى لايكون إلآ صدقاً قال في الكبرى فإن قلت قد وجدنا العالم منا بالشيء يخبرعنه بالكذب قلنا كلامنا

في الخبرالنفسي لافي الألفاظ لاستحالة اتصاف الباري تعالى بها والعالم منا بالشيء يستحيل أن يخبر الجزء من قلبه الذي قام به العلم بخبركذب على غير وفق علمه غايته أن يجد في نفسه تقدير الكذب لاالكذب قال في الشرح مامعناه إن العالم بالشيء يمتنع أن يخبرالمحل الذي قام به العلم منه بالكذب والكذب الذي يوجد للعالم منا إنماهو في خبر لسانه اللفظي أما كلامه النفسي فلايكون أبداً إلا على وفق عقده وغاية مايجد في نفسه تقدير أخبار ووسوسة بالكذب لاالخبر بالكذب والإله جل وعلا يستحيل عليه التركيب حتى يقوم العلم والصدق بمحل والكذب بمحل آخر ويستحيل عليه الوسواس والتقادير الحادثة اهـ زاد في الكبرى وأيضاً لو اتصف الباري تعالى بالكذب لاتكون صفته الأقدمية لاستحالة اتصافه بالصدق مع صحة اتصافه به لأجل وجوب العلم له تعالى ففيه استحالة ماعلمت صحته اهـ والمعجزة اسم فاعل مأخوذ من الإعجاز مصدر أعجز وهي لفظ أطلق على الآية الدالة على صدق النبي وهي أمر خارق للعادة مقارن لدعوى الرسالة متحدى به قبل وقوعه غير مكذب بعجز من يبغي معارضته على الإتيان بمثله قال في شرح الصغرى وقولنا في تعريف المعجزة أمر أحسن من قول بعضهم فعل لأن الأمر يتناول الفعل كانفجار الماء مثلاً بين الأصابع ويتناول عدم الفعل كعدم إحراق النار مثلاً لإبراهيم عليه الصلاة والسلام اهـ وخرج بقيد كون الأمر خارقاً للعادة فإنه يستوي فيه الصادق والكاذب قال في الكبرى ومن المعتاد السحر ونحوه وإن كان سببه العادي نادراً إختلافاً لمن جعل السحر خارقاً لكن لسبب خاص به ومن المعتادأيضاً مايوجد في بعض الأجسام من الخواص كجذب الحديد بحجر المغناطيس واحترز بقوله مقارن لدعوى الرسالة مما وقع بدون دعوى أوبدعوى غير دعوى الرسالة كدعوى الولاية بقوله متحدى به قيل وقوعه أي يقول آية صدقي كذا مما لو وقع بدون تحديه كالإرهاص ونحوه أو تحدى به لكن بعد وجوده وهل يجوز تأخير المعجزة عن موته قولان وبقوله غير مكذب مما إذا قال آية صدقى أن ينطق الله تعالى يدي فنقطعت بتكذيبه وفي تكذيب الميت المتحدى بإحيائه قولان للقاضي وإمام الحرمين واختار بعض المتأخرين عدم القدح في تكذيب اليد وشيهها لهدم التحدي بتصديقها وهل دلالة المعجزة على صدق الرسل دلالة عقلية أو وضعية أو عادية بحسب القرائن أقوال اهـ قال في شرح الصغرى وقد ضرب العلماء لدعوى الرسالة وطلبه المعجزة من الله تعالى دليلاً على صدقه مثالاً لتتضح به دلالتها على صدق الرسل ويعلم ذلك على الضرورة فقالوا مثال ذلك ماإذا قام رجل في مجلس ملك بمرأى منه ومسمع بحضور

جماعة وادعى أنه رسول هذا الملك فطالبوه بالحجة فقال هي أن يخالف الملك عادته ويقوم عن سريره ويقعد ثلاث مرات مثلاً ففعل ولاشك أن هذا الفعل من الملك على سبيل الإجابة للرسول تصديق له ومفيد للعلم الضروري بصدقه بلاارتياب ونازل منزلة قوله صدق هذا الإنسان في كل مايبلغ عني ولافرق في حصول العلم الضروري بصدق ذلك الرسول بين من شاهد ذلك الفعل من الملك أو لم يشاهده إلا أنه يبلغه بالتواتر خبر ذلك الفعل ولاشك في مطابقة هذا المثال لحال الرسل عليهم الصلاة والسلام فلايرتاب في صدقهم إلا من طبع على قلبه اهـ وقد أطال في العقيدة الوسطى في هذا المثال جداً وساقه مساقاً حسناً فراجعه إن شئت. وقول الناظم صدق هذا العبد إلخ هو محكي القول وبر بتشديد الراء أي صدق ويوقف عليه في النظم بالتخفيف للوزن وفاعله يعود على الله تعالى والجملة خالية من الضمير المضاف إليه القول لاقتضاء المضاف عمله على تقدير قد أي صدق تعالى في تصديقه لهم بالمعجزة إذ تصديقهم خبر على وفق العلم فلايكون إلا صدقاً كما مر وفي المشارق بعدأن ذكر أن بر بمعنى صدق وسمي الله تعالى نفسه براً قيل معناه خالق البر وقيل العطوف على عباده المحسن إليهم اهـ وظاهر قوله في كل خبر أن المعجزة دليل على صدقهم عليهم الصلاة والسلام فيما أخبروا به عن الله تعالى وغيره وهو كذلك لكن ماأخبروا به عن الله تعالى دلالة المعجزة على الصدق فيه بالمطابقة وأماغيره فبالالتزام كذا قيل وعبارة الشيخ في الوسطى والصغرى وصغراها ظاهرة في أن دلالة المعجزة على الصدق خاصة بماأخبروا به عن الله تعالى وعليه فدليل صدقهم في غير ماأخبروا به عن الله تعالى إنما يؤخذ من وجوب الأمانة لاغير. قوله لو انتفى التبليغ أو خانوا البيت أي لو انتفى عن الرسل عليهم الصلاة والسلام وصف التبليغ بأن كتموا شيئاً مماأمروا بتبليغه لصار الكتمان طاعةً فنكون مأمورين بأن نقتدي بهم في ذلك لأن الله تعالى أمر بالاقتداء بهم في أقوالهم وأفعالهم فنكتم نحن أيضاً بعض ماأوجب الله علينا تبليغه من العلم النافع لمن اضطر إليه وهذا معنى انقلاب المنهي عنه الذي هو الكتمان طاعة كيف وهو محرم ملعون فاعله. قال الله تعالى {إن الذين يكتمون ماأنزلنا من البينات والهدى من بعد مابيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون} وكيف يتصور وقوع ذلك منهم عليه الصلاة والسلام ومولانا جل وعز يقول لسيدنا ومولانا محمد (ياأيها الرسول بلغ ماأنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت

رسالته) أي إن لم تبلغ بعض ماأمرت بتبليغه من الرسالة فحكمك حكم من لم يبلغ شيئاً منها فانظر هذا التخويف العظيم لأشرف خلقه وأكملهم معرفةً به فكان خوفه على قدر معرفته ولهذا كان يسمع لصدره عليه الصلاة والسلام أزيز أي غليان كأزيز المرجل من خوف الله وقد شهد مولانا جلا وعلا لسيدنا ومولانا محمد بكمال التبليغ فقال تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً). وقال تعالى {لاإكراه في الدين قد تبين الرضد من الغي} وقال تعالى {فتول عنهم فماأنت بملوم} إلى غير ماآية قوله أوخانوا إلخ: أشار به إلى برهان الوصف الثالث وهو وجوب الأمانة لهم عليهم الصلاة والسلام فذكر أنهم لو إنتفى عنهم وصف الأمانة فوصفوا بضدها وهو الخيانة بفعل محرم أومكروه لانقلب ذلك طاعةً فنؤمن نحن بفعل ذلك لوجوب الاقتداء بهم في أقوالهم وأفعالهم ولايأمر الله تعالى بمحرم ولامكروه فقوله أوخانوا عطف على انتفى وقوله حتم إلخ جواب عن المسألتين والمنهي عنه في المسألة الأولى خصوص معصية الكتمان وفي الثانية محرم ومكروه وإنما قال طاعةً لهم ولم يقل طاعةً ومباحاً بل اقتصر على الطاعة إشارةً إلى أن أفعالهم عليهم الصلاة والسلام وإن كانت دائرة بين الواجب والمندوب والمباح بحسب النظر إلى الفعل من حيث ذاته فهي بحسب العارض من حيث النية دائرة بين الواجب والمندوب لاغير لأن المباح لايقع منهم عليهم الصلاة والسلام بمقتضى الشهوة ونحوها كما يقع من غيرهم بل لايقع منهم إلا مصاحباً لنية يضير بها قربة وأقل ذلك أن يقصدوا به التشريع للغير وذلك من باب التعليم وناهيك بمنزلة قربه التعليم وعظيم فضلها وإذا كان أدنى الأولياء يصل إلى رتبة تصير معها مباحاته كلها طاعات بحسن النية في تناولها فمابالك بخيرة الله من خلقه وهم أنبياؤه ورسله عليهم الصلاة والسلام فلذا اقتصر الناظم على مايقتضي الاختصاص بالواجب والمندوب وهو الطاعة. قال في الكبرى فصل وإذا علم صدق الرسل عليهم الصلاة والسلام بدلالة المعجزة وجب تصديقهم في كل ماأتوا به عن الله تعالى ويستحيل عليهم الكذب عقلاً والمعاصي شرعاً لأنا مأمورون بالإقتداء بهم فلو جازت عليهم المعصية لكنا مأمورين بها (قل إن الله لايأمر بالفحشاء) وبهذا تعرف عدم وقوع المكروه منهم أيضاً بل والمباح على الوجه الذي يقع من غيرهم وبالله التوفيق.

قوله جواز الإعراض عليهم حجته. وقوعها بهم. أخبر أن دليل جواز الأعراض البشرية على الرسل عليهم الصلاة والسلام مشاهدة وقوعها بهم فقد شوهد مرضهم وجوعهم وإذاية الخلق لهم ولكن حد ذلك منهم البدن الظاهر أما قلوبهم باعتبار مافيها من المعارف والأنوار التي لايعرف قدرها إلا الله مولانا جل وعز الذي من عليهم بها فلا يخل المرض ونحوه بقلامة ظفر منها ويكدر شيئاً من صفوها ولايوجب لهم ضجراً ولاانحرافاً ولاضعفاً لقواهم الباطنة أصلا كما ذلك موجود في حق غيرهم عليهم الصلاة والسلام وكذاالجوع والنوم لايستولي على شيء من قلوبهم ولهذا تنام أعينهم ولاتنام قلوبهم وجواز الأعراض مبتدأ ومضاف إليه وعلمهم يتعلق بجواز وحجته مبتدأ ثان ووقوعها خبر الثاني وبهم يتعلق به والثاني وخبره خبر الأول وضمير حجته للجواز وهو الرابط لجملة الخبر بالمبتدأ وضمير وقوعها للأعراض، قوله تسل حكمته أشار إلى أن حكمة وقوع هذه الأعراض بهم عليهم الصلاة والسلام التسلي عن الدنيا أي التصبر ووجود الراحة عليها واللذات لفقدها والتنبه لخسة قدرها عند الله تعالى بما يراه العاقل من مقاساة هؤلاء السادات الكرام خيرة الله تعالى من خلقه لشدائدها وإعراضهم عنها وعن زخرفها الذي غر كثيراً من الحمقى إعراضهم العقلاء عن الجيف والنجاسات ولهذا قال (الدنيا جيفة قذرة) ولم يأخذوا عليهم الصلاة والسلام إلا شبه زاد المسافر المستعجل ولهذا قال (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) وقال (لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ماسقى الكافر منها جرعة ماء) فإذا نظر العاقل في أحوال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام باعتبار زينة الدنيا وزخارفها علم علم اليقين أنها لاقدر لها عند الله تعالى فأعرض عنها بقلبه بالكلية وشد إزاره لعبادة مولانا جل وعلا وصبر هذه اللحظة من العمر وماأربح صفقة هذا الموفق إذ بذل شيئاً يسيراً لاقيمة له ليسارته وخسته فأخذ شيئاً كثيراً لاقيمة له لكثرته وعظيم رفعته وتزايد نعمه كل لحظة أبد الآباد،

ومن حكمة وقوعها بهم عليهم الصلاة والسلام تعظيم أجرهم كما في المرض والجوع وإذاية الخلق لهم ولهذا قال (أشدكم بلاء الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل) ومولانا جل وعز قادر أن يوصل لهم ذلك الثواب بلامشقة تلحقهم لكن ذلك الذي اقتضت الحكمة التي لاتحصرها العقول يفعل مايشاء لايسأل عما يفعل ومن حكمة وقوعهابهم أيضاً تشريع الأحكام المتعلقة بها للخلق كما عرفنا أحكام السهو في الصلاة من سهو سيدنا ومولانا محمد وكيف تؤدى الصلاة في حال المرض والخوف من فعله عند ذلك وعرفنا أكل الطعام وشرب الشراب من أكله وشربه وإلا فهو غني عن ذلك لأنه يبيت عند ربه يطعمه ويسقيه إلى غير ذلك اهـ من شرح الصغرى باختصار. وَقَوْل لاَ إلَهَ إلاّ الله مُحَمَّدٌ أَرْسَلَهُ الإِلَهُ يَجْمَعُ كُلَّ هَذِهِ الْمَعانِي كانَتْ لِذَا عَلاَمَةَ الإِيمان وَهِيَ أَفْضَلُ وُجُوهِ الذِّكْرِ فَاشْغَلْ بِها الْعُمْر تَفُزْ بِالذَّخْر لما فرغ رحمه الله من ذكر مايجب على المكلف معرفته من عقائد الايمان في حق مولانا جل وعز وفي حق رسله عليهم الصلاة والسلام على سبيل التفصيل كمل هنا الفائدة ببيان اندراج جميع ذلك تحت هذه الكلمة المشرفة وهي قولنا لاإله إلا الله محمدرسول الله ليحصل العلم بعقائد الإيمان تفصيلاً وإجمالاً ويعرف بذلك شرف هذه الكلمة وماانطوت عليه من المحاسن وبيان اندراج ذلك تحتها أن المختار في تفسير الإله أنه المستغني عن كل ماسواه المفتقر إليه كل ماعداه كما سيأتي إن شاء الله فإذا وضعت هذا التفسير في موضع المفسر وهو الإله صار معنى لاإله إلا الله لامستغني عن كل ماسواه ومفتقراً إليه كل ماعداه إلا الله فوصفه تعالى بالاستغناء عن كل ماسواه يوجب له تعالى الوجود والقدم والبقاء والمخالفة للحوادث وأحد جزأي معنى القيام بالنفس وهو الاستغناء عن المخصص إذ لو انتفى شيء من هذه الصفات لكان حادثاً فيفتقر إلى محدث ويلزم الدور أو التسلسل كيف وهو الغني عن كل ماسواه ويوجب أيضاً له تعالى الجزء الثاني من جزأي معنى القيام بالنفس وهو الاستغناء عن المحل وإلا كان

مفتقراً إليه كيف وهو الغني ويوجب أيضاً له التنزه عن النقائص فيدخل في ذلك وجوب السمع له تعالى والبصر والكلام إذ لو لم يجب له هذه الصفات لكان محتاجاً إلى من يدفع عنه هذه النقائص كيف وهو الغني ويوجب أيضاً له تعالى تنزهه عن الأغراض في أفعاله وأحكامه وإلا لزم افتقاره تعالى إلى مايحصل غرضه كيف وهو الغني عن كل ماسواه وقد يمكن الاستغناء عن هذا بالمخالفة للحوادث إذ هو من أوجهه ويؤخذ منه أيضاً أنه لايجب عليه تعالى فعل شيء من الممكنات ولاتركه إذ لووجب عليه تعالى شيء منها عقلاً كالثواب مثلاً لكان تعالى مفتقراً إلى ذلك الشيء ليتكمل به إذ لايجب في حقه تعالى إلا ماهو كمال له كيف وهو جل وعلا الغني عن كل ماسواه والغرض المنفي عنه تعالى عبارة عن وجود باعث يبعثه تعالى على إيجاد فعل من الأفعال أوعلى حكم الشرعية من الأحكام من مراعاة مصلحة تعود إليه تعالى أو إلى خلقه وكلا الوجهين مستحيل عليه لمايزم عليهما من احتياجه تعالى أن يتكمل بمخلوقه الذي يحصل غرضه ويؤخذ من استغنائه تعالى عن كل ماسواه أن لاتأثير لشيء من الكائنات في أثر مابقوة جعلها الله تعالى كالنار في الإحراق والماء في الري لأنه يصير حينئذ مولانا وجل عز مفتقراً في إيجاد بعض الأفعال إلى واسطة وذلك باطل لماعرفت قبل من وجوب استغنائه تعالى عن كل ماسواه ووصفه تعالى بافتقار كل ماسواه إليه يوجب له تعالى الحياة وعموم القدرة والإرادة والعلم إذ لو انتفى شيء من هذه لماأمكن أن يوجد تعالى شيئاً عن الحوادث فلايفتقر إليه شيء كيف وهو الذي يفتقر إليه كل ماسواه ويوجب أيضاً له تعالى الوحدانية إذ لو كان معه تعالى ثان في ألوهيته لما افتقر إليه جل وعلا شيء للزوم عجزهما حينئذ كيف وهو الذي يفتقر إليه كل ماسواه ويؤخذ منه أيضاً أن لاتأثير لشيء من الكائنات في أثر مابطبعه وإلا لزم أن يستغني ذلك الأثر عن مولانا جل وعز كيف وهوالذي يفتقر إليه كل ماسواه عموماً وعلى كل حال وبهذا يبطل مذهب القدرية القائلين بتأثير القدرة الحادثة في الأفعال مباشرة أوتولداً ويبطل مذهب الفلاسفة القائلين بتأثير الأفلاك والعلل ويبطل مذهب الطبائعيين القائلين بتأثير الطبائع والأمزجة ويؤخذ منه أيضاً حدوث العالم بأسره إذ لو كان شيء منه قديماً لكان ذلك الشيء مستغنياً عنه كيف وهو الذي يجب أن يفتقر إليه كل ماسواه هذا حاصل ماذكره الولي الصالح سيدي محمد بن يوسف السنوسي نفعناالله به في عقيدته الصغرى فجزاه الله عن المسلمين خيراً وملخصه بتقريب أن استغناءه تعالى عن كل ماسواه يوجب له ثمان صفات من الصفات الواجبة وهي الوجود والقدم والبقاء

والمخالفة للحوادث والقيام بالنفس والسمع والبصر والكلام ويؤخذ منه حكم القسم الثالث وهو كون فعل الممكنات أوتركها جائزاً في حقه تعالى لاأنه واجب أومستحيل وأن افتقاره كل ماسواه إليه يوجب له تعالى خمس صفات من الصفات الواجبة وهي الحياة والقدرة والإرادة والعلم والوحدانية فمجموع ذلك ثلاث عشرة صفةً كما ذكر الناظم قبل هذا ويلازم وصفه تعالى بالقدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام كونه تعالى قادراً مريداً وعالماً وحياً وسميعاً وبصيراً ومتكلماً فهذه عشرون صفةً واجبةً إذ وجب اتصافه تعالى بهذه العشرون استحال وصفه تعالى بأضدادها لاستحالة الجمع بينهما وتقدم قريباً أن حكم القسم الثالث وهو الجائز في حقه تعالى يؤخذ من وصف الاستغناء قال الشيخ رضي الله عنه ونفعنا به فقد بان لك تضمن قول لاإله إلا الله للأقسام الثلاثة التي تجب على المكلف معرفتها في حق مولانا جل وعز وهي مايجب في حقه تعالى ومايستحيل ومايجوز وأما قولنا محمد رسول الله فيدخل فيه الإيمان بسائر الأنبياء والملائكة عليهم السلام والكتب السماوية واليوم الآخر لأنه عليه الصلاة والسلام جاء بتصديق جميع ذلك ويؤخذ منه وجوب صدق الرسل عليهم الصلاة والسلام واستحالة الكذب عليهم وإلا لم يكونوا رسلاً أمناء لمولانا العالم بالخفيات واستحالة فعل المنهيات كلها لأنهم عليهم الصلاة والسلام أرسلوا ليعلموا الخلق بأقوالهم وأفعالهم وسكوتهم فيلزم أن لايكونوا في جميعها مخالفين لأمر مولانا جل وعز الذي اختارهم على جميع خلقه وأمنهم على سر وحيه ويؤخذ منه جواز الأعراض البشرية عليهم إذ ذاك لايقدح في رسالتهم وعلو منزلتهم عند الله تعالى بل ذلك ممايزيد فيها فقد اتضح لك تضمن كلمتي الشهادة مع قلة حروفها لجميع مايجب على المكلف معرفته من عقائد إيمانية في حقة تعالى وفي حق رسله عليهم الصلاة والسلام اهـ ويدخل في استحالة فعل المنهيات الكتمان لشيء مماأمروا بتبليغه قال في الكبرى فصل وإذا وفقت لعلم هذا كله حصل لك العلم ضرورة بصدق رسالة نبينا ومولانا محمد فوجب الإيمان به في كل ماجاء به عن الله سبحانه جملةً وتفصيلاً كالحشر والنشر لعين هذا البدن لالمثله إجماعاً وفي كونه عن تفرق أو عدم محض تردد باعتبار مادل عليه الشرح أما الجواز العقلي فيهما فاتفاق وفي إعادة الأعراض بأعيانها طريقان الأولى تعاد بأعيانها باتفاق الثانية قولان الصحيح منهما إعادتها بأعيانها وفي إعادة عين الوقت قولان وكالصراط والميزان وفي كون الموزون صحف الأعمال أوأجساماً تخلق أمثلة لها تردد وكالجنة والنار وعذاب القبر وسؤاله ولايقدح فيه مشاهدتنا للميت على نحو ما وضع في قبره لأن في الموت وما بعده خوارق عادات أخبر بها الشرع وهي

جائزة فوجب الإيمان بها على ظاهرها أما مااستحال ظاهره نحو على العرش استوى فإنا نصرفه عن ظاهره إتفاقاً ثم إن كان له تأويل واحد تعين الحمل عليه وإلا وجب التفويض مع التنزيه وهو مذهب الأقدمين خلافاً لإمام الحرمين (فصل) ومماجاء به ويجب الإيمان به نفوذ الوعيد في طائفة من عصاة أمته ثم يخرجون بشفاعته والحوض وهل قبل الصراط أو بعده أوهما حوضان أحدهما قبل الصراط والآخر بعده وهو الصحيح أقوال وتطاير الصحف إلى غير ذلك مما علم من الدين ضرورةً وعلمه مفصل في الكتاب والسنة وكتب علماء الأمة اهـ. والحشر عبارة عن جمع الأجساد وإحيائها وسوقها إلى الموقف وغيره من مواطن الآخرة والنشر عبارة عن إحيائها بعد مماتها والقول بأن الحشر عن عدم محض مقيد بغير عجب الذنب وبغير من نص الشارع أن الأرض لاتأكل جسده قال شيخنا الإمام الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد القرشي في إضاءة الدجنة وإستثن من ذا الخلف عجب الذنب وماأتت به النصوص كالنبي وعجب الذنب بفتح العين المهملة ثم جيم ساكنة ثم باء موحدة ثانية الحروف وقد تبدل ميماً عظم صغير كالخردلة في أصل الصلب وهل بقاؤه دون سائر الجسد تعبد أو معلل جعله الله تعالى علامةً للملائكة على أنه يحي كل إنسان بجواهره بأعيانها قولان والذين لاتعدو عليهم الأرض خمسة نظمهم الإمام التتائي في شرح الرسالة فقال لاتأكل الأرض جسماً للنبي ولا لعالم وشهيد قتل معترك ولالقارىء قرآن ومحتسب أذانه لإله مجرى الفلك وقد حكى شيخنا رحمه الله في النظم المذكور في المذنب العاصي هل يأخذ كتابه بيمينه أوشماله ثالثها الوقف وصحح مايذكر أن الصراط أرق من الشعر وأحد من السيف وحكي في إنفراده بالحوض أو لكل رسول حوض قولين وفي كون الحوض قبل الصراط أوبعده أو هما حوضان أحدهما قبل الصراط والآخر بعده ثلاثة أقوال فقال. والأخذ للكتب به النص أتى والخلف في العاصي لديهم ثبتا هل بيمين أو شمال يعطى كتابه ومن يقف ماأخطا إذ لم يرد فيه صريح يعول عليه والوارد فيه مجمل

وكالصراط ذي الكلاليب ومن أنفذ منه فهو بالفوز قول جسر على متن جهنم التي يهوي بها من رجله قد زلت ومايقال إنه تاق من شعر صدقه فهو حق وفى صحيح مسلم ماأرشدا إليه والضرير فيه أنشدا والرب لايعجزه إمشاؤهم عليه إذالم يعيه إنشاؤهم وللقرافي هنا كلام نيط به من أجله ملام ثم قال وحوضه ممابه النص ورد وفيه خلف هل به الهادي انفرد وهل الأصح أولكل مرسل حوض من العذاب الرحيق المسلسل وكونه بعد الصراط مختلف فيه وبعض بالتعدد اعترف قلت وقد أجاد شيخنا رحمه الله فى النظم المذكور فى هذا الفصل فعليك به ولولا خوف السآمة لأثبته بجملته (قلت) وشيخنا هذا كان إماماً عالماً متفنناً حافظاً مستحضراً للفقه والنوازل غاية فى الحفظ والفهم وفصاحة اللسان له ولوع بالأدب وطريقته ولي الفتوى والخطابة والإمامة بجامع القرويين بعد وفاة الفقيه سيدي محمد الهواري وذلك فى جمادى الأولى من عام اثنين وعشرين وألف إلى أن خرج للحج وذلك أواخر رمضان من عام سبعة وعشرين وألف فحج واستوطن مصر وكملت حجاته خمساً والله أعلم وألف تآليف منها حاشية مفيدة على مختصر الشيخ خليل ومنها كتاب فى التعريف بالقاضي أبي الفضل عياض ومنها نظم مفيد في علم الجدل ومنها هذه المنظومة في العقائد فقد اشتملت على فوائد وجواهر فريدة مع سلاسة النظم وحسن المساق نظمها بمكة المشرفة حسبما ذكر فيها ورواها عنه ثمة من الخلق من لايحصى كثرة من أقطار مختلفة* وممن رواها عنه وأعطاه منها نسخة بخطه الفقيه الأجل الحاج الأبر سيدي أبوعبدالله محمد بن الإمام العالم العلامة المتفتن الفهامة الولي الصالح الورع الزاهد العابد المشمر عن ساعد الجد والثبت ومعظم العلماء وأهل البيت الحاج الأبر سيدي أبي عبدالله محمد بن الولي الصالح العابد الزاهد ذي الكرامات العديدة والمآثر الحميدة الشهير شرقا وغربا سيدي أبي بكر المجاصي أبقى الله بركته وعظم حرمته وكبت عدوه وذلك لما حج سنة أربعين وألف وعنه انتشرت عندنا بفاس فجزاه الله خيرا

وأعظم له أجرا ماهي بأول بركاتكم ياآل أبي بكر (قلت) ولشيخنا المذكور مقطعات في الأدب وغير ذلك توفي رحمه الله بمصر منتصف رجب أوشعبان سنة إحدى وأربعين وألف* وإلى سنة وفاته أشرت بالشين والألف والميم مع إفادة كونه كان عازما على استيطان الشام فاخترمته المنية من قولنا في جملة أبيات في تاريخ وفيات جملة من شيوخنا رحمهم الله تعالى وجامع أشتات العلوم بأسرها* وذا أحمد المقري شامالمنزل* قوله كانت لذا علامة الإيمان أشار به والله أعلم إلى قول الشيخ في الصغرى ولعلها لاختصارها مع اشتمالها على ماذكرناه جعلها الشرع ترجمة على مافي القلب من الإسلام ولم يقبل من أحد الإيمان إلا بها قال في الشرح لاشك أنه عليه الصلاة والسلام قد خص بجوامع الكلم فتحت كل كلمة من كلماته من الفوائد مالا ينحصر فاختار لأمته في ترجمة الإيمان هذه الكلمة المشرفة السهلة حفظاً وذكرا الكثيرة الفوائد علماً وحساً فماتعبوا فيه من تعلم عقائد الإيمان الكثيرة المفضلة جمع لهم ذلك كله فى حرز هذه الكلمة المنيع وتمكنوا من ذكر عقائد الإيمان كلها بذكر واحد خفيف على اللسان ثقيل في الميزان ثم تنبه أيها المؤمن العظيم إلى رحمة الله تعالى وإنعامه علينا بهذه الكلمة الشريفة وهو أن المكلف إنما ينجو من الخلود في النار إذا اتصف في آخر حياته بعقائد الإيمان التي تنطق بالله وبرسله عليهم الصلاة والسلام والغالب عليه في ذلك الوقت الهائل الضعيف عن استحضار جميع عقائد الإيمان مفصلة فعلمه الشرع بمقتضى الفضل العظيم هذه الكلمة السهلة العظيمة القدر حتى يذكر بها من غير مشقة تناله جميع عقائد الإيمان بلسانه أوبقلبه واكتفى منه في هذا الوقت الضيق بذكرها مجملة إذ طالما أداها قبل ذلك على لسانه وقلبه مفصلة ولهذا قال (من كان آخر كلامه لاإله إلاالله دخل الجنة) وقال أيضا (من مات وهو يعلم لاإله إلاالله دخل الجنة) فالأول فيمن يستطيع النطق والثاني فيمن لايستطيعه والله أعلم وقد ورد أن الملكين الكريمين يجتزيان منه بمجرد ذكرها حيث يمنعه مانع الهيبة والخوف من ذكر عقائد الإيمان لهما مفصلة اهـ باختصار وإذا كان ذكر هذه الكلمة المشرفة علامة للإيمان وترجمة

عليه فلايقبل من أحد الإيمان إلابذكرها كماصرح به في الصغرى وهذا يستدعي الكلام على حكم ذكرها قال في الشرح اعلم أن الناس على ضربين مؤمن وكافر أماالمؤمن بالأصالة فيجب أن يذكرها مرة في العمر ينوي في تلك المرة بذكرها الوجوب وإن ترك ذلك فهو عاص وإيمانه صحيح والله أعلم ثم ينبغي له أن يكثر من ذكرها بعد أداء الواجب كماأشرنا إلى ذلك بقولنا في أصل العقيدة فعلى العاقل أن يكثر من ذكرها وليعرف معناها أولاً لينتفع بذكرها دنيا وأخرى وأماالكافر فذكره لهذه الكلمة واجب شرط في صحة إيمانه القلبي مع القدرة وإن عجز عن ذكرها بعد حصول إيمانه القلبي لمفاجأة الموت ونحو ذلك سقط عنه الوجوب هذا هو المشهور من مذهب علماء أهل السنة وقيل لايصح الإيمان إلابها مطلقا ولافرق في ذلك بين المختار والعاجز وقيل يصح الإيمان بدونها مطلقاً وإن كان التارك لها اختياراً عاصيا كمافى حق المؤمن بالأصالة إذا نطق بها ولم ينو الوجوب ومنشأ هذه الأقوال الثلاثة الخلاف في هذه الكلمة المشرفة هل هي شرط في الايمان أوجزء منه أوليست بشرط فيه ولاجزء منه والأول هو المختار اهـ انظر المسلم الذي يولد في الاسلام إذا اتفق له لم ينطق بالشهادتين قط فان كان ذلك لعجز كالأخرس فهو كمن نطق وإن كان ذلك إباية وامتناعاً فهو كافر بلاشك وإن كان لغفلة فقط فهل هو كمن امتنع فهو كافر أيضا أوهو كمن نطق فهو مؤمن ونسب للجمهور قولان وإلى هذا كله أشار الإمام العالم المتفتن صاحب العلم الفصيح والقلم المؤيد الصحيح سيدي أبوعبدالله محمد المدعو العربي بن الإمام الشهير العالم العلامة الولي الصالح سيدي يوسف الفاسي نفعنا الله به في نظمه المسمى بمراصد المعتمد في مقاصد المعتمد بقوله: ومن يكن ذا النطق منه مااتفق فان يكن عجزا يكن كمن نطق وإن يكن ذلك عن إباء فحكمه الكفر بلاامتراء وإن يكن لغفلة فكالإبا وذا لسنة عياض نسبا وقيل كالنطق وللجمهور نسب والشيخ أبي منصور انتهى وهذا هو الفصل الأوّل من الفصول السبعة المتعلقة بهذه الكلمة المشرفة وهو بيان حكمها (من كان آخر كلامه لاإله إلاالله دخل الجنة) وقال أيضا (من مات وهو يعلم لاإله إلاالله دخل الجنة) فالأول فيمن يستطيع النطق والثاني فيمن لايستطيعه والله أعلم وقد ورد أن الملكين الكريمين يجتزيان منه بمجرد ذكرها حيث يمنعه مانع الهيبة والخوف من ذكر عقائد الإيمان لهما مفصلة اهـ باختصار وإذا كان ذكر هذه الكلمة المشرفة علامة للإيمان وترجمة عليه فلايقبل من أحد الإيمان إلابذكرها كماصرح به في الصغرى وهذا يستدعي الكلام على حكم ذكرها قال في الشرح اعلم أن الناس على ضربين مؤمن وكافر أماالمؤمن بالأصالة فيجب أن يذكرها مرة في العمر ينوي في تلك المرة بذكرها الوجوب وإن ترك ذلك فهو عاص وإيمانه صحيح والله أعلم ثم ينبغي له أن يكثر من ذكرها بعد أداء الواجب كماأشرنا إلى ذلك بقولنا في أصل العقيدة فعلى العاقل أن يكثر من ذكرها وليعرف معناها أولاً لينتفع بذكرها دنيا وأخرى وأماالكافر فذكره لهذه الكلمة واجب شرط في صحة إيمانه القلبي مع القدرة وإن عجز عن ذكرها بعد حصول إيمانه القلبي لمفاجأة الموت ونحو ذلك سقط عنه الوجوب هذا هو المشهور من مذهب علماء أهل السنة وقيل لايصح الإيمان إلابها مطلقا ولافرق في ذلك بين المختار والعاجز وقيل يصح الإيمان بدونها مطلقاً وإن كان التارك لها اختياراً عاصيا كمافى حق المؤمن بالأصالة إذا نطق بها ولم ينو الوجوب ومنشأ هذه الأقوال الثلاثة الخلاف في هذه الكلمة المشرفة هل هي شرط في الايمان أوجزء منه أوليست بشرط فيه ولاجزء منه والأول هو المختار اهـ انظر المسلم الذي يولد في الاسلام إذا اتفق له لم ينطق بالشهادتين قط فان كان ذلك لعجز كالأخرس فهو كمن نطق وإن كان ذلك إباية وامتناعاً فهو كافر بلاشك وإن كان لغفلة فقط فهل هو كمن امتنع فهو كافر أيضا أوهو كمن نطق فهو مؤمن ونسب للجمهور قولان وإلى هذا كله أشار الإمام العالم المتفتن صاحب العلم الفصيح والقلم المؤيد الصحيح سيدي أبوعبدالله محمد المدعو العربي بن الإمام الشهير العالم العلامة الولي الصالح سيدي يوسف الفاسي نفعنا الله به في نظمه المسمى بمراصد المعتمد في مقاصد المعتمد بقوله: ومن يكن ذا النطق منه مااتفق فان يكن عجزا يكن كمن نطق وإن يكن ذلك عن إباء فحكمه الكفر بلاامتراء وإن يكن لغفلة فكالإبا وذا لسنة عياض نسبا وقيل كالنطق وللجمهور نسب والشيخ أبي منصور انتهى وهذا هو الفصل الأوّل من الفصول السبعة المتعلقة بهذه الكلمة المشرفة وهو بيان حكمها الفصل الثاني في ضبطها قال ينبغي لذاكرها أن لايطيل مد ألف لاجداً وأن يقطع الهمزة من إله إذ كثيراً مايلحن بعض الناس فيردها ياء وكذا ينبغي أن يفصح بالهمزة لأن بعضهم يرد الهمزة أيضاً ياء أويخفف اللام وأما كلمة الجلالة فإن وقف عليها تعين

السكون وإن وصلها كأن يقول لاإله إلاالله وحده لاشريك له فله وجهان الرفع وهو الأرجح والنصب وهو مرجوح ويأتي توجيهها فى فصل الإعراب وينبغي أن ينون اسم سيدنا ومولانا محمد ويدغم تنوينه في الراء اهـ واستحباب عدم إطالة مد ألف (لا) هو أحد أقوال ثلاثة مد (إلا) ويشدد اللام بعدها إذ كثيراً مايلحن ثلاثة قال القشلاني اختلف هل الأفضل للمكلف المد في لاالنافية ليستشعر المتلفظ بها نفي الألوهية عن كل موجود سوى الله تعالى أوالقصر لئلا تخترمه المنية قبل التلفظ بذكر الله وفرق الفخر بين أول كلمة فيقصر أولا فيمد اهـ وفي التوضيح في تعداد مايغلط فيه المؤذنون ومنها الوقوف على (لاإله) وهو خطأ ومنها أن بعضهم لايدغم تنوين محمد في الراء بعدها وهو لحن خفي عند القراء الفصل الثالث فى إعرابها اعلم أن هذه الكلمة قد احتوت على صدر وعجز فعجزها ظاهر الإعراب إذهو جملة من مبتدأ وخبر ومضاف إليه وأماصدرها ف (لا) فيه نافية و (إله) مبني معها لتضمنها معنى من إذ التقدير لامن إله ولهذا كانت نصاً في العموم كأنه نفى كل إله غيره جل وعز من بدء مايقدر منها إلى مالا نهاية له ممايقدر وقيل بنى الاسم معها للتركيب وذهب الزجاج إلى أن اسمها معرب منصوب بهاوإذ فرعنا على المشهور من البناء فموضع الاسم نصب بلاالعاملة عمل إن والمجموع من لاإله في موضع رفع بالابتداء والخبر المقدر هو لهذا المبتدأ ولم تعمل فيه لاعند سيبويه وقال الأخفش لاهي العاملة فيه وأما اسم الجلالة وهو الله فيرفع وهو الكثير ولم يأت في القرآن إلامرفوعاً وقد ينصب فالرفع إما على البدلية وهو المشهور والجاري على ألسنة المعربين وهو رأي ابن مالك وعليه فالأقرب أن يكون بدلا من الضمير المستتر في الخبر المقدر وقيل إنه بدل من اسم لاقبل دخولها وإنما كان القول بالبدل من الضمير المستتر أولى لأن البدل من الأقرب أولى من الأبعد ولأن كونه بدلا من اسم لاقبل دخولها داع إلى الاتباع باعتبار المحل مع إمكان الاتباع باعتبار اللفظ وأما أنه مرفوع على الخبرية قال ناظر الجيش وأماالقول بالخبرية في الاسم المعظم فقد قال به جماعة ويظهر لي أنه أرجع من القول بالبدلية وهذان القولان بالبدلية والخبرية في الاسم المعظم هما المعتبران وفي المسألة ثلاثة أقوال أخر قال ناظر الجيش لاعمل عليها أحدها أن إلا ليست أداة استثناء وإنما هي بمعنى غير وهي مع الاسم المعظم صفة لاسم باعتبار المحل والتقدير لاإله غير الله في الوجود ولامانع لهذا القول من جهة الصناعة النحوية وإنما يمتنع من جهة المعنى لأن المقصود من هذه الكلمة أمران نفي الألوهية عن غيره تعالى وإثبات ألوهيته تعالى وهذا الأمر الثاني لايفيده منطوق هذا

التركيب وإنما يفيده مفهومه وأين دلالة المنطوق من دلالة المفهوم ثم هو إما مفهوم ولم يقل به إلا الدقاق وبعض الحنابلة أومفهوم صفة وهو غير مجمع عليه الثاني أن لاإله في موضع الخبر وإلاالله في موضع المبتدأ ولايخفى ضعفه ويلزم منه أن الخبر يبنى مع لا وهي لايبنى معها إلاالمبتدأ أوأنه لايجوز نصب الاسم المعظم في هذا التركيب وقد جوزه كماسيأتي الثالث أن الاسم المعظم مرفوع بإله كمايرفع الاسم بالصفة في قولنا قائم الزيدان فيكون المرفوع بمعنى أغنى عن الخبر على أن إلها مألوه من أله أي عبد فيكون مفعولا أقيم مقام الفاعل واستغنى به عن الخبر كقولنا مامضروب إلاالعمران وضعفه وأجاب عنه وأما النصب فقد ذكر وله وجهين أحدهما أن يكون على الاستثناء من الضمير في الخبر المقدر الثاني أن يكون إلاالله صفة لاسم لاأما كونه صفة فلايكون إلاإذا كانت بمعنى غير وقد مربيان ضعفه في القول الأول من الثلاثة الأخيرة من أوجه الرفع وأما التوجيه الأول فقد قالوا فيه إنه مرجوح وكان حقه أن يكون راجحاً لأن الكلام غير موجب ثم قال والذي يقتضيه النظر أن النصب لايجوز بل ولا البدل ثم بين وجه ذلك فقف عليه وعلى مايتعلق بجميع الأوجه المذكورة من الأبحاث والأجوبة في شرح الصغرى الفصل الرابع في بيان معناها قال في شرح الصغرى لاشك أنها مشتملة على نفي وإثبات فالمنفي كل فرد من أفراد حقيقة لاإله غير مولانا جل وعز والمثبت من تلك الحقيقة فرد واحد وهو مولانا جل وعز وأنى بالالقصر حقيقة الإله عز وجل بمعنى أنه لايمكن أن توجد تلك الحقيقة لغيره تعالى لاعقلاً ولاشرعاً وحقيقة الإله هو الواجب الوجود المستحق للعبادة ولاشك أن هذا المعنى كلي أي يقبل بحسب مجرد إدراك معناه أن يصدق على كثيرين لكن البرهان القطعي دل على استحالة التعدد فيه وأن معناه خاص بمولانا جل وعز فقط والاسم المعظم المذكور بعد حرف الاستثناء ليس هو بمعنى الإله فيكون كليا بل هو جزئي علم على ذات مولانا جل وعز لايقبل معناه التعدد ذهنا ولاخارجا ولو كان معنى الله كمعنى الإله لزم استثناء الشيء من نفسه وأن لايحصل توحيد من هذه الكلمة ولو كان معنى الإله جزئياً مثل الاسم الأعظم لزم أيضاً استثناء الشيء من نفسه والتناقص في الكلام بإثبات الشيء ثم نفيه قال فإن كان المراد بالكلي الذي هو الإله مطلق المعبود لم يصح لما يلزم عليه من الكذب لكثرة المعبودات الباطلة وإن كان المراد بالإله المعبود بحق صح فإذا لايصح إلا أن يكون الإله كليا بمعنى المعبود بحق والاسم المعظم علم على الفرد الموجود منه أوالمعنى على هذا لامستحق للعبودية موجود أوفي الوجود إلاالفرد الذي هو خالق العالم جل وعز اهـ وهو صريح في أن

المنفي هو ماقد يتوهم من تعدد المعبود بحق وهذا المعنى أيضاً هو الذي عقد شيخ شيوخنا الإمام الشهير الحافظ الكبير الولى الصالح الحاج الرحال سيدى أبو القاسم ابن الامام الشهير الحافظ الأثير القاضى سيدى عبدالجبار بن أحمد بن موسى البزوري الفجيجي رحمه الله بقوله (فصل) ومعنى لاإله إلا الله جل الرب نعم المولى مافي الوجود من إله يعبد بالحق إلاالله فرد صمد وهي رد خطأ المعتقد أن إله الحق ذو تعدد كمن يظن أن عند زيد من العبيد نحو ألف عبد وليس عنده سوى عبد فريد وذلك العبد يسمى بسعيد فأنت حقاً فى خطابك تقول لذاك لاعبد لزيد ياجهول إلا سعيد فنفيت كل ماكان مخاطباً له توهما مستثنياً سعيداً المحقق وجوده وربنا الموفق فصرح أيضا بأن المنفي هو ماقد يتوهم من تعدد المعبود بحق أما المعبود بباطل فلم يتعرض له إذهو موجود فلايصح نفيه وإلى هذا ذهب الشيخ الامام العالم سيدي أبومحمد عبدالله الهبطي الطنجي من تسلط النفي على أفراد الآلهة المعبودة بالحق على تقدير وجودها دون الباطل من الأصنام والأوثان قائلا إذ لاينفي الشيء إلا عما من شأنه أن يتصف به الأصنام لامشاركة بينها وبين الإله الحق سبحانه حتى يحتاج إلى نفيها وهو خلاف ماذهب إليه الإمام العالم سيدي أبوعبدالله محمد السبتيني النفي على المجموع من الأفراد المعبودة بالحق على تقدير وجودها والأصنام والأوثان المعبودة بالباطل قال بدليل قوله تعالى {إنهم كانوا إذا قيل لهم لاإله إلا الله يستكبرون} فلولا أنهم فهموا من هذا النفي أنه أزال لهم ألوهية أصنامهم مااستكبروا وقالوا ماقال بعضهم وتحقيق ذلك لاإله إلا الله دلت على نفي الأفراد المعبودة بالحق على توهم وجودها بالمطابقة ودلت على نفي ألوهية الأصنام والأوثان المعبودة بالباطل بالالتزام قال والظاهر الأول فإن تعميم للنفي للأفراد المعبودة بحق على تقدير وجودها وتوهمه وللمعبودة بباطل من الأصنام ونحوها كماقال السبتيني يؤدي إلى عدم كفر الكافرين وأن لايوجد مشرك في الدنيا إذ المعنى حينئذ لامعبود بحق ولابباطل إلاالله تعالى وإذا لم يعبد إلاهو تعالى فمن عبده ليس بكافر (قلت) وفي الاستدلال بالآية نظر لاعتقادهم حقية عبادة أصنامهم ومن كلام الهبطى

المذكور من قصيدة له في ذلك. ومن قائل نفى الصليب وشبهه هو القصد بالتهليل تعدوك فتنة ولم يدر أن ماأريد بنفيه هو المستحيل مابذلك مرية فمعبود كل كافر بين عينيـ ـه عليه لأجله خضوع وذلك فلو نفسه ربي أراد بخبره لما كان صدقا لاتفتك شهادة كما مات خير الخلق مات دينه ومن شك في قولي غشته عماية ومن كلامه أيضا من قصيدة له أخرى في هذا المعنى. إن قلت لاإله إلاالله المثل قد نفيت لاسواه ومن يقل نفت وجود الصنم فليثبت أنه توهمى لكونه قطعاً لديه آلهة نفاها من نفى الإله قاطبة فإن أردت ثمرة الكلام ولاعليك فيه من ملام فخذ إليك لفظة بها اكتفى المثل ماقدرت منه منتف فكل ماأتى به التقدير فمنتف قليل أوكثر فشد كفك على هذا المقال وكف عن قول جميعه ضلال انتهى وقد ألف رحمه الله هذه المسئلة تأليفا مفيداً ثم قال الشيخ رضي الله عنه في شرح الصغرى وإن شئت قلت في معنى الإله هو المستغني عن كل ماسواه المفتقر إليه كل ماعداه وهو أظهر من المعنى الأول وأقرب منه وهو أيضاً أصل له لأنه لايستحق أن يعبد أي يدل له كل شيء إلامن كان مستغنيا عن كل ماسواه ومفتقراً إليه كل ماعداه فظهر أن العبارة الثانية أحسن من الأولى وبها ينجلي اندراج جميع عقائد الإيمان تحت هذه الكلمة ثم نقل عن المقترح مامعناه أنه لفظ الاستثناء في الحقيقة لايجري على ظاهره مايفهمه كل قاصر من أنه نفي وإثبات إذ يلزم منه هنا كفر وإيمان وإنما المقصود الإخبار بأن الإله الحقيقي واحد ثم يمكن أن يفاد هذا المعنى بعبارتين إحداهماالله واحد والثانية لاإله إلاالله فعدل إلى صيغة النفي لكونها أبلغ في إفادة معنى الوحدانية إذ يلزم منه نفي الكمية المتصلة والمنفصلة إذ مضمونها ليس كمثله شيء وليس هذا موجوداً في العبارة الأخرى وهي الله واحد فلاترتيب باعتبار المعنى حتى يلزم منه كفر ثم إيمان النفي والاثبات مقصودان دفعة واحدة ومدلوهما معا شيء

واحد وهو وحدانية الإله الحقيقي دل على ذلك مجموع قولنا لاإله إلاالله فلاإله إلاالله كقول القائل لفلان علي عشرة إلاثلاثة فقد قال الفقهاء إنه مقر بسبعة لاأنه أقر بعشرة ثم نفى منها ثلاثة إذ يلزم أن يقبل منه ذلك لأنه تعقب بالرافع لكن للسبعة عبارتان إحداهما بسيطة وهي سبعة والأخرى مركبة وهي مجموع قولنا عشرة إلاثلاثة فسبعة وعشرة إلاثلاثة مترادفان كماأن قولنا الله واحد ولاإله إلاالله مترادفان لكن عدل إلى العبارة المشتملة على النفي والإثبات لكونها أبلغ كمامر قال وهذا الذي اختاره المقترح هو قول القاضي أبي بكر قال وقال الأكثرون المراد بعشرة إنماهو السبعة وإلاثلاثة قرينة ذلك من إرادة الجزء باسم الكل وعلى هذا فاله المنفي أريد به غير الله وإلا الله قرينه إرادة ذلك ويندفع به التناقض أيضا قال وقيل المراد بعشرة جميع أفرادها السبعة والثلاثة معا ثم أخرجت الثلاثة بإلافبقيت السبعة ثم أسند إليها الحكم بعد الإخراج فلم يلزم تناقض في الحكم إذ ثبوته إنما هو للباقي بعد الإخراج والتقدير والعشرة المخرج منهاثلاثة له على ماقيل وهذا القول هو الصحيح على هذا فالمراد بإله كل أفراده ثم أخرج منها المعبود بحق ثم أسند الحكم بعد الإخراج والتقدير أفراد الإله المخرج منها الله معدومة (فرع) ومن خط شيخنا الإمام الحافظ الحجة سيدي أبي العباس أحمد المقري التلمساني نزيل فاس مانصه وقد سئل الشيخ سيدي محمد السنوس نفعناالله به هل يشرط في الإيمان أن يعرف المكلف معنى لاإله إلا الله محمد رسول الله على التفصيل الذي ذكرى في العقيدة الصغرى أم لا؟ فأجاب بأن ذلك لايشترط إلافي كمال الإيمان وإنمايشترط فى الصحة معرفة المعنى على الإجمال على وجه يتضمن التفصيل ولاشك أن الغالب على المؤمنين عامتهم وخاصتهم معرفة ذلك إذ كل أحد يعرف أن الإله هو الخالق وليس بمخلوق والرازق وليس بمرزوق وذلك هو معنى غناه جل وعز عن كل من سواه اليه وافتقار كل ماسواه إليه ويعرفون أن الإله لايصلى الاله ولايصام إلاله ولايحج ولايعبد سواه وافتقار كل ماسواه إليه وهو معنى قولهم إن الإله هو المستحق للعبادة ولايستحقها سواه وذلك الذي وقعت به الفتوى بعدم الإيمان نادر جداً وهو الذي لايدرى معنى لاإله إلاالله لاجملة ولاتفصيلاً ولايفرق بينه وبين الرسول بل يتوهم أنه متل ونظير لله تعالى وهذا النوع يقع في البادية البعيدة عن العمران جدا التي لاتخالط علما ولاخبرا والله تعالى أعلم اهـ وأشار بقوله وذلك الذي وقعت به الفتوى الخ لقوله في شرح الوسطى في باب الدليل على وجوب الوحدانية له تعالى وقد سئل فقهاء بجاية وغيرهم من الأئمة عن أول هذا القرن أو قبله

بيسير عن شخص ينطق بكلمتي الشهادة ويصلي ويصوم ويحج ويفعل كذا وكذا لكن إنما يأتي بمجرد الأقوال والأعمال فقط على حسب مايرى الناس يقولون ويعملون حتى أنه لينطق بكلمتي الشهادة ولايفهم لهما معنى ولايدرك معنى الإله ولامعنى الرسول وبالجملة فلايدرى من كلمتي الشهادة ماأثبت ولامانفى وربما توهم أن رسول الله نظير الإله لمارآه لازم الذكر معه في كلمتي الشهادة وفي كثير من المواضع فهل ينتفع هذا الشخص بماصدر منه من صورة القول والفعل ويصدق عليه حقيقة الإيمان فيمابينه وبين ربه أم لا فأجابوا كلهم بأن مثل هذا لايضرب له في الإسلام بنصيب وإن صدر منه من صور أقوال الإيمان وأفعاله وماوقع (قلت) وهذا الذي أفتوا به في حق هذا الشخص ومن كان على حالته جلي في غاية الجلاء لايمكن أن يختلف فيه اثنان وإنما نزاع العلماء واختلافهم فيمن عرف مدلول الشهادتين وجزم بماتضمنه من عقائد التوحيد من غير تردد إلاأن موجب جزمه بذلك التقليد ومجرد النشأة بين قوم مؤمنين من غير أن يعرف برهانا على ذلك أصلا والخلاف في صحة إيمان هذا هو الخلاف المعروف في صحة التقليد وقد قدمنا مافي ذلك في شرح مقدمة هذه العقيدة اهـ (الفصل الخامس فى بيان فضلها) قال رضي الله عنه اعلم أنه لولم يكن في بيان فضلها إلاكونها علماً عن الإيمان في الشرع تعصم الدماء والأموال بحقها وكون إيمان الكافر موقوفا على النطق بها لكان كافياً للعقلاء كيف وقد ورد في فضلها أحاديث كثيرا فمنها قول رسول الله «أفضل ماقلته أناوالنبيون من قبلي لاإله الاالله وحده لاشريك له» رواه مالك فى الموطأ زاد الترمذي في روايته له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير وروى هو والنسائي أنه قال (أفضل الذكر لااله الاالله وأفضل الدعاء الحمدلله) وروى النسائي أنه قال «قال موسى عليه الصلاة والسلام يارب علمني ماأذكرك به وأدعوك به فقال ياموسى قل لاإله الاالله قال موسى عليه السلام يارب كل عبادك يقولون هذا قال قل لاإله إلاالله قال موسى: لا

إله إلاأنت إنماأريد شيئا تخصني به قال ياموسى لوأن السموات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع فى كفة ولاإله إلا الله في كفة لمالت بهن لاإله إلا الله وقال يؤتى برجل إلى الميزان ويؤتى بتسعة وتسعين سجلا كل سجل منها مد البصر فيها خطاياه وذنوبه فتوضع في كفة الميزان ثم تخرج بطاقة مقدار الأنملة فيها شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله فتوضع في الكفة الأخرى فترجح بخطاياه وذنوبه» إلى غير ذلك مماورد في فضلها ففي الشرح من ذلك جملة صالحة فراجعه إن شئت الفصل السادس فى كيفية ذكرها على الوجه الأكمل قال رضي الله عنه اعلم أن ذكر هذه الكلمة على كل حال بقصد القربة يحصل به الثواب لكن الأكمل الذي ترد به على القلب المواهب الإلهية والفتوحات الربانية التي يقصر عنها الوصف أن يعظم الذاكر ماعظم الله تعالى وأن يحسن أدبه مع ماشرف مولانا جل وعز وقد علمت أن هذه الكلمة من أفضل الأذكار وأشرفها عند مولانا جل وعز فينبغي للمؤمن أن يعتني بشأنها فيتوضأ لها ويلبس ثيابا طاهرة ويقصد موضعا طاهرا كمايقصده للصلاة وليتحر الخلوة والإنفراد عن الناس مااستطاع ويقصد الأزمنة المشرفة كمابعد الفجر إلى طلوع الشمس وبعد العصر إلى غروبها أومايتمكن منه من بعض ذلك وبين العشاء والسحر ثم ليستقبل القبلة وليفتتح ورده أولا بالاستغفار ولو مائة مرة ليغسل باطنه من أدران المعاصي ليتهيأ لتحليته بمايرد عليه بعد ذلك من أنوار بقية أوراده ثم يتبع أثر ذلك صلاة على النبى ولوخمسمائة مرة ليستنير بها باطنه ويتهيأ لحمل مايرد عليه من سر التهليل ويقصد بذلك كله امتثال أمر الله سبحانه وطلب رضاه والذي يعينه على احضار قلبه وقصد القربة في هذه الأذكار أن يذكر على قلبه أمر مولانا جل وعلا بكل واحد منها ليستشعر قلبه هيئة الأمر بمعرفة من صدر منه اهـ ماتعلق به الغرض ولابد وراجع بقية الفصل في الشرح إن شئت فقد أجاد فيه رضي الله تعالى عنه ماشاء الفصل السابع في الفوائد التي تحصل لذاكر الكلمة المشرفة على الوجه الأكمل قال رضي الله عنه اعلم أن المواظبة على ذكر الكلمة المشرفة على الوجه الذي ذكرناه أولا

تحصل فوائد كثيرة منها مايرجع إلى محاسن الأخلاق الدينية ومنها مايرجع إلى الكرامات التي هي خوارق أماالأولى فمنها اتصافه بالزهد وهو خلو الباطن من الميل إلى فان وإن كانت اليد معمورة بمتاع حلال فعلى سبيل العارية فيتصرف فيه بالاذن الشرعى تصرف الوكيل الخاص ينتظر العزل عنه في كل نفس ومنها التوكل وهو ثقة القلب بالوكيل الحق ولايقدح في ذلك تلبس ظاهره بالأسباب إذا كان قلبه فارغا منها يستوي عند وجودها وعدمها ومنها الحياء بتعظيم الله عز وجل بدوام ذكره والتزام امتثال أمره ونهيه والإمساك عن الشكوى به إلى العجزة الفقراء غيره ومنها غنى القلب بسلامته من فتن الأسباب فلايعترض على الأحكام بلو أوبلعل لعلمه بمن صدرت منه تعالى المنفرد بالخلق والتدبير ومنها الفقر وهو نفض يد القلب من الدنيا حرصاً وإكثاراً ومنها الإيثار على نفسه بمالايذمه الشرع ومنها الفتوة وهي التجافي عن مطالبة الخلق بالإحسان إليه ولوأحسن إليهم لعلمه بأن إحسانه إليهم وإساءتهم إليه كل ذلك مخلوق لله تعالى فلايرى لنفسه إحسانا حتى يطلب عليه جزاء ولايرى لهم إساءة حتى يذمهم عليها إلاأن يكون الشرع هو الذي أمر بذمهم أومعاقبتهم فيفعل ماأمر به الشرع ليقوم بوظيفة العبادة فقط وهذه الفتوة فوق المسألة ومنها النظر وهو إفراد القلب بالثناء على الله تعالى ورؤية النعم منه في طي النقم قال رضي الله عنه والفوائد كثيرة ومن أرادها فليجتهد في أسبابها فسيعرفها بالذوق وأماالنوع الثاني من الفوائد وهو مايرجع إلى الكرامات فمنها وضع البركة في الطعام ونحوه حتى يكثر القليل ويكفي اليسير وهذا مشاهد لأولياء الله تعالى كثيرا ومنها تيسير دنانير أودراهم أوكليهما أوغير ذلك مما تدعوا إليه الحاجة وقد كان بعض المشايخ في أول أمره جزارا فتعذر عليه شغل الجزارة تعذرا شرعيا فكان إذا كان قضى وظيفة ذكره برفع رأسه فيجد في حجره درهما يشتري به قوت ذلك اليوم ومنها مسألة سقة الشيخ أبي عبد الله التاودي نفعنا الله به وغير ذلك مما لايحصى كثرة قال رضي الله عنه وكرامات هذا الباب كثيرة لاتنحصر إلا أن المؤمن لاينبغي له أن يقصدها بشيء من طاعته وإلادخل عليه الشرك الخفي ومكر به والعياذ بالله إذ هذه من جملة مايجب أن يصفي منها قلبه عند ذكر كلمة التوحيد ويقطع التفافه إليها بالكلية وليكن مقصوده رضا مولاه وكشف الحجاب عن قلبه فيواجه مولاه بالعجائب والأسرار. وهذا آخر الفصول السبعة المتعلقة بكلمة التوحيد باختصار جلها على حسب ماظهر في الوقت قوله وهي أفضل وجوه الذكر ظاهر وراجع الفصل الخامس في بيان فضلها قوله فاشغل به العمر تفز بالذخر أمر بالاشتغال والإكثار وعمارة الأوقات بذكر كلمة التوحيد لفضلها وثوابها قال في شرح الصغرى روى أن بعض السادات كان لايفتر عن ذكرها ليلا ولانهارا

ومنهم من يذكرها بين اليوم والليلة سبعين ألف مرة وأهل السبب والمشتغلون بالخدمة والصنائع اثني عشر ألفا وروي أن من قالها سبعين ألف مرة كانت فداءه من النار قوله تفز بالذخر جواب اشغل والذخر بالمعجمة المضمونة مصدر ذخر كمنع قال في القاموس ذخره كمنعه ذخرا بالضم وادخره اختاره أوأتخذه والذخيرة ماادخر كالذخر والجمع أذخار فَصْلٌ وَطَاعَةُ الْجَوارِحِ الْجَمِيعُ قَوْلاً وَفِعْلاً هُو الإِسْلامُ الرَّفِيعْ قَوَاعِدُ الاسْلاَمِ خَمْسٌ وَاجِبَاتِ وَهِىَ الشَّهادَتَانِ شَرْطُ البَاقيِاتِ ثُمَّ الصَّلاةُ والزَّكاَةُ فِي الْقطِاعْ والصَّوْمُ والحْجُّ عَلَى مَنِ اسْتَطاعْ لاِيمانُ جَزْمٌ بِالإلهِ والْكُتُبْ والرُّسلِ والأَمْلاك مَعَ بَعْث قَرُبْ وقَدْرٌ كَذَا الصِّرَاطُ فالميزانْ حَوْضُ النَّبيِّ جَنَّةٌ نيرانُ وأمَّا الإحسانُ فَقالَ مَنْ درَاهْ أَنْ تَعْبُدَ الله كأَنَكَ تَرَاهْ إنْ لَمْ تَكُنْ ترَاهُ إنَّهُ يَرَاكْ والدِّينُ ذِي الثّلاَثِ خُذْ أَقْوَى عُرَاكْ نعرض في هذا الفصل لبيان الإسلام وقواعده ولبيان الإيمان والإحسان والدين فأخبر أن طاعة جميع الجوارح أي السبعة من اللسان الموافق للاعتقاد وغير اللسان أي الانقياد بها إلى فعل المأمور به وترك المنهي قولا كان أوفعلا هو الإسلام أي في عرف الشرع ووصفه بالرفعة لكماله بسبب انقياد الجوارح كلها وفهم منه أن الانقياد ببعض الجوارح فقط ليس اسلاما كاملا بل إسلام ناقص أوكفر وهو كذلك إن كان هذا البعض المنقاد به النطق بالشهادتين وحده أومع غيره كماهو مشاهد في الناس كثيرا من فعل المأمور به غالباً وعدم ترك المنهي عنه فهو إسلام ناقص إذ يثبت حكم الإسلام في الظاهر بالنطق بالشهادتين وحده فأحرى إن انضاف له غيره وأما إن لم ينطق بالشهادتين فلايصح إسلامه رأساً كماسيأتي فالمنفي في الوجه الأول الكمال مع ثبوت أصل الإسلام والمنفي في الثاني أصل الإسلام هذا معنى الاسلام في عرف الشرع وأما الإسلام لغة فهو مطلق الطاعة والانقياد والجوارح الكواسب أي الأعضاء السبعة التي

يكسب بها الخير والشر وهي السمع والبصر واللسان واليدان والرجلان والفرج والبطن روي أن من عصى الله تعالى بجارحة من هذه فتح له باب من أبواب جهنم ومن أطاعه بواحدة منه غلق عنه باب فإن أطاعه بالجميع غلقت عنه أبوابها كلها* وقوله الجميع نعت للجوارح ويحتمل كونه تأكيداً لها وأل فيه خلف عن الضمير على المذهب الكوفي أي جميعها وقوله قولا وفعلا منصوب على إسقاط الخافض أي في القول والفعل نبه به على أن الإسلام الكامل هو ماحصل عن الانقياد في القول بالنطق بمايجب النطق به وفي الفعل يفعل المأمور به يزيد كماترك المنهي عنه كمامر ثم أخبر أن قواعد الإسلام أي أصوله التي بني عليها خمس خصال كل منها واجب ومعنى كونها أصولا له أنها أعظم خصاله وآكدها الأولى الشهادتان أي النطق بهما مع اعتقاد معناهما ولو على جهة الإجمال كمامر في الفرع قبل الفصل الخامس وقوله شرط الباقيات صفة الشهادتين وكونهما شرطاً في الخصال الباقية صحيح أماالنطق بهما فهو شرط في صحة الخصال الأربعة الباقية كماذكر يريد وشرط صحة أيضاً في غيرها من بقية خصال الإسلام لكن هذا بالنسبة للكافر فلاتصح منه صلاة ولاغيرها إلابعد النطق بهما إن كان قادراً عليه وأمكنه ذلك وأمابالنسبة لمن ولد في الإسلام ففي كون نطقه بهما شرط صحة في إسلامه فلايصح دونه أوشرط كمال فيه قولان لكن محل الخلاف إن كان عدم نطقه بهما في غفلة فقط أماإن كان إباية وإمتناعا فالاتفاق على عدم صحة إسلامه وقد تقدم هذا في الفصل الاول من الفصول السبعة المتعلقة بكلمة التوحيد وأمااعتقاد معناهما فهو نفس الإيمان الذي يصح الإسلام الشرعي دونه (الخصلة الثانية) الصلاة (الثالثة) الزكاة فيماتجب فيه من الأنواع وهي الماشية والعين والحرث وبعض الثمار ومن الأخرين تخرج زكاة الفطر وهذه الأنواع هي مراد الناظم والله أعلم بالقطاع القاموس قطاع ككتاب الدرهم وقطيع كأمير الطائفة من الغنم والنعم وجمعه القطاع بالكسر اهـ وحاصله إطلاق القطاع على الدراهم والماشية وقد أطلقه الناظم على ماهو أعم من ذلك من جميع ماتجب فيه الزكاة (الرابعة) صوم رمضان (الخامسة) حج البيت من استطاع إليه سبيلا.

ثم أخبر أيضا أن الايمان هو الجزم أي القطع بوجود الإله سبحانه وتعالى وباتصافه بصفات الجلال والكمال وبالكتب أي المنزلة على الرسل وبالرسل والملائكة والبعث والقدر والصراط والميزان والحوض والجنة والنيران وسيأتي مزيد بيان لذلك عند التعرض لشرح الحديث الذي عقده الناظم في هذه الأبيات إن شاء الله تعالى وقوله الإيمان ابتداء اللام مكسورة مجردة من همزة الوصول لأن همزة الوصل إنما جيء بها للتوصل إلى الابتداء بالساكن والساكن هنا هو اللام تحرك بحركة الهمزة المنقولة إليه فاعتد بها وأسقط الهمزة وقد ارتكب الناظم هذا الوجه في مواضع من هذا الرجز ثم إن الإحسان عند من دراه أي علمه هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله ثم أخبر أيضا أن الدين مجموع هذه الثلاث وهي الإسلام والإيمان والإحسان وقوله ذي الثلاث ذي اسم إشارة خبر الدين والثلاث بالرفع نعت له أوعطف بيان وقوله خذ أقوى عراك إشارة إلى أن الدين أقوى وأوثق عروة يستمسك بها وذلك إشارة إلى قوله تعالى (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى) وقوله (ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى) وفى ذلك تلويح إلى تعبيره العروة فى رؤيا عبدالله بن سلام رضي الله عنه بالإسلام الكامل المرادف للدين ففي صحيح البخاري رضي الله عنه عن قيس بن عباد قال «كنت جالساً في مسجد المدينة فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع فقال هذا رجل من أهل الجنة فصلى ركعتين تجوز فيهما ثم خرج وتبعته فقلت إنك حين دخلت إلى المسجد قالوا هذا رجل من أهل الجنة قال والله ماينبغي لأحد أن يقول مالايعلم فسأحدثك لم ذاك رأيت رؤيا على عهد النبي فقصصتها عليه رأيت كأني في روضة ذكر من سعتها وخضرتها وسطها عمود من حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء في أعلاه عروة فقيل لي ارق فقلت لاأستطيع فأتاني منصف فرفع ثيابي من خلفي فرقيت حتى كنت في أعلاها فأخذت العروة فقال لي استمسك فاستيقظت وإنها لفي يدي فقصصتها على النبي فقال تلك الروضة الإسلام وذلك العمود عمود الإسلام وتلك العروة الوثقى فأنت على الإسلام حتى تموت وذلك الرجل عبدالله بن سلام» اهـ.

والأصل فيماذكره الناظم في هذا الفصل ماأخرجه الامام أبوعبدالله محمد بن إسماعيل البخاري رضي الله تعالى عنه في صحيحه عن أبي هريرة قال كان النبي بارزاً يوما للناس فأتاه رجل فقال ما الإيمان قال الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه ورسله وتؤمن بالبعث قال ماالإسلام قال الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان قال ماالإحسان قال أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك قال متى الساعة قال ماالمسؤول عنها بأعلم من السائل وسأخبرك عن أشراطها إذا ولدت الأمة ربتها وإذاتطاول رعاة الإبل إليهم في البنيان فى خمس لايعلمهن إلاالله ثم تلاالنبى (إن الله عنده علم الساعة) الآية ثم أدبر فقال ردوه فلم يروا شيئاً فقال هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم قال أبوعبدالله فجعل ذلك كله ديناً وماأخرجه الامام أبوالحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري رضي الله تعالى عنه في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه «قال بينما نحن جلوس عند رسول الله ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لايرى عليه أثر السفر ولايعرفه مناأحد حتى جلس إلى النبي فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يامحمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله الإسلام أن تشهد أن لاإله إلاالله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا قال صدقت فعجبنا له يسأله ويصدقه قال فاخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره قال صدقت قال فاخبرني عن الإحسان قال أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فانه يراك قال فأخبرني عن الساعة قال ماالمسؤول عنها بأعلم من المسائل قال فأخبرني عن أماراتها قال أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان ثم انطلق فلبثت ملياً ثم قال ياعمر أتدري من السائل قلت الله ورسوله أعلم قال فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» قال الإمام شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي في شرح الأربعين للنووي بعد شرحه لحديث عمر مانصه وهو حديث متفق على عظم موقعه وكثرة أحكامه لاشتماله على جميع وظائف العبادات

الظاهرة والباطنة من عقائد الإيمان وأعمال الجوارح وإخلاص السرائر والتحفظ من آفات الأعمال حتى أن علوم الشريعة كلها راجعة إليه ومتشعبة منه فهو جامع لطاعات الجوارح والقلب أصولا وفروعا حقيق بأن يسمى أم السنة كماسميت الفاتحة أم القرآن لتضمنها جل معانيه ومن ثم قيل لولم يكن في هذه الأربعين بل في السنة جميعها غيره لكان وافيا بأحكام الشريعة لاشتماله على جملتها مطابقة وعلى تفصيلها فهو جامع لها علما ومعرفة وأدبا ونطقا ومرجعه من القرآن والسنة كل آية أوحديث تضمن ذكر الإسلام أوالإيمان أوالإحسان أوالإخلاص أوالمراقبة أونحو ذلك اهـ قال الإمام ابن حجر العسقلاني في فتح الباري في شرح حديث أبي هريرة المتقدم ظاهر سؤال جبريل عن الإيمان والإسلام وجوابه يقتضي تغايرهما وأن الإيمان تصديق بأمور مخصوصة والإسلام إظهار أعمال مخصوصة وتقدم أن المصنف يرى الإيمان والإسلام عبارة عن معنى واحد وقد نقل أبو عوانة الاسفرايني في صحيحه عن المزني صاحب الشافعي الجزم بترادفهما سمع ذلك منه وعن الإمام أحمد بتغايرهما ولكل من القولين أدلة متعارضة وقال أبومحمد البغوي في الكلام على حديث جبريل هذا جعل النبى الإسلام هنا اسما لماظهر من الأعمال والإيمان اسما لما بطن من الاعتقاد وليس ذلك لأن الأعمال ليست من الإيمان ولا أن التصديق ليس من الإسلام بل ذلك تفصيل لجملة كلها شىء واحد وجماعها الدين ولهذا قال (أتاكم ليعلمكم دينكم) وقال تعالى (ورضيت لكم الإسلام دينا) وقال (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه) ولايكون الدين فى محل الرضا والقبول الا بانضمام التصديق اهـ كلام البغوي قال ابن حجر والذي يظهر من مجموع الأدلة أن لكل منهما حقيقة شرعية كما أن لكل منهما حقيقة لغوية لكن كل منهما يستلزم الآخر بمعنى التكملة له فكما أن العامل لايكون مسلما كاملا الا إذا اعتقد فكذلك أن العامل لايكون مسلما كاملا إلاإذا اعتقد فكذلك المعتقد لايكون مؤمنا كاملا إلا إذا عمل وحيث يطلق الإيمان في موضع الإسلام أو بالعكس أويطلق أحدهما على إرادتهما معا فهو على سبيل المجاز ويتبين المراد بالسياق فإن ورد في مقام السؤال حملا على الحقيقة وإن لم يردا معا أولم يكونا في مقام سؤال أمكن الحمل على الحقيقة وعلى المجاز بسبب مايظهر من القرائن اهـ ومن إطلاق الإسلام على إرادتهما معا قوله تعالى {ورضيت لكم الإسلام دينا}.

{ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه} كما تقدم بيانه في نقل ابن حجر عن البغوي ومن إطلاق اسم الإيمان عليهما قوله تعالى {وما كان الله ليضيع إيمانكم} أى صلاتكم فأطلق الإيمان على التصديق والعمل إذ من المعلوم أن الصلاة التي لايضيعها الله متى صدرت من مؤمن ونقل الامام سيدي أحمد القلشاني في شرح الرسالة عن ابن الصلاح مانصه قال ابن الصلاح في كلامه على حديث سؤال جبريل هذا بيان لأصل الإيمان وهو التصديق بالباطن وبيان لأصل الإسلام وهو الاستسلام والانقياد الظاهر وحكم الإسلام في الظاهر يثبت بالشهادتين وإنما أضاف إليهما الصلاة والزكاة والصيام والحج لكونها أظهر شعائر الإسلام وأعظمها وبقيامه بها يتم استسلامه وتركه لهايشعر بانحلال قيد انقياده واختلافه ثم إن اسم الإيمان يتناول مافهم به الإسلام في هذا الحديث وسائر الطاعات لكونها ثمرات التصديق الباطن الذي هو أصل الإيمان ومقومات ومتممات وحافظات له ولهذا فسره النبي في حديث وفد عبد القيس بالشهادتين والصلاة والزكاة وصوم رمضان وأداء الخمس من المغنم ولكون الإيمان يطلق الأعمال لكونها ثمرات له ومقومات ومتممات له لايقع اسم المؤمن المطلق على من ارتكب كبيرة أوترك فريضة لأن اسم الشيء مطلقا يقع على الكامل منه ولايستعمل في الناقص إلابقيد ولذلك جاز إطلاق نفيه عنه في قوله «لايسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن» واسم الإسلام أيضا يتناول ماهو أصل الإيمان وهو التصديق بالباطن ويتناول أصل الطاعات فإن ذلك كله استسلام فخرج بما ذكرنا وحققنا أن الإسلام والإيمان يجتمعان ويفترقان فإذا اجتمع التصديق بالقلب بمايجب التصديق به شرعا من وحدانية الله تعالى وغير ذلك وانقاد بلسانه أوجوارحه وبالإقرار والعمل كان مسلما مؤمنا فان لم يكن تصديق في الباطن يريد وهو منقاد فى الظاهر فلا يصدق على هذا الظاهر إيمان يريد بل إسلام فقط قال تعالى {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم} فبين تعالى أن

محله القلب وكذلك فسره عليه السلام في حديث جبريل كماسبق اهـ وهذا هو المسمى الآن بالزنديق وقد كان فى الصدر الأول يسمى بالمنافق فان وجد التصديق بالقلب ولم يحصل في الظاهر انقياد فإن كان عدم حصوله حتى بلسانه فيمايجب عليه النطق به من الشهادتين لغير عذر فمؤمن لغة لاشرعاً غير مسلم ومؤمن لغة وشرعا على أحد القولين إن كان عدم نطقه غفلة راجع الفصل الأول من الفصول السبعة المتعلقة بكلمة التوحيد وإن انقاد بلسانه فيماذكر ولم ينقد بغيره من سائر الأركان فهو مؤمن لتصديقه مسلم لأن حكم الإسلام يثبت في الظاهر بالشهادتين كماتقدم في كلام ابن الصلاح إلاأن إسلامه ناقص كمامر أيضا ولاخفاء أن هذا كله مبني على القول بتغايرهما لاعلى القول بترادفهما فاعلمه وتغايرهما إنما هو باعتبار اللغة وأماباعتبار الشرع فمتلازمان لايصح إيمان إلا بإسلام ولا إسلام إلابإيمان واللهأعلم (تنبيه) مما يتأكد ذكره والتنبيه عليه فى هذا المحل مسائل مهمة ممالاغنى للفقيه عنها* المسألة الأولى في زيادة الإيمان ونقصانه وفي ذلك ثلاثة أقوال (الأول) يزيد وينقص (والثانى) لايزيد ولاينقص (والثالث) يزيد ولاينقص والأول والثالث رويا عن مالك فالأول باعتبار الأعمال وتسميتها إيمانا ومن قال بالثاني اعتبر حقيقة التصديق القائم بالمحل وهو عرض فلا يزيد ولاينقص إلا أن يقال زيادته باعتبار كثرة متعلقاته وكثرة أدلته وانتفاء الغفلات وتوالي ذلك من غير فتور وأماالثالث فمراعاة للإطلاق الشرعي فزادتهم إيمانا ولم يرد بنقصه وقال محققو المتكلمين نفس التصديق لايزيد ولاينقص ليس شيئا يتجزأ حتى يتصور كماله مرة ونقصه أخرى والإيمان الشرعي يزيد وينقص فزيادة بكثرة ثمراته وهي الأعمال ونقصه بنقصانها قالوا وفي هذا توفيق بين ظاهر النصوص التي جاءت بالزيادة وأقاويل السلف وهو ظاهر وقيل الأظهر أن نفس التصديق يزيد بكثرة النظر وتظاهر الأدلة وبهذا يكون إيمان الصديقين أقوى من إيمان غيرهم بحيث لايعتريهم الشبه أولا يتزلزل إيمانهم بعارض بل لاتزال قلوبهم منشرحة منيرة وإن اختلفت عليهم الأحوال وغيرهم ليسوا كذلك ولاشك أن نفس تصديق أبي بكر رضي الله تعالى عنه لايساويه تصديق آحاد الناس والله أعلم المسألة الثانية اختلف العلماء في إطلاق الإنسان أنا مؤمن أوتقييدها بالمشيئة فيقول انا مؤمن إن شاء الله تعالى وبالأول قال المحققون وبالثاني قالت جماعة وذهب الأوزاعي إلى التخيير فمن أطلق نظر إلى الحال ومن قيد بالمشيئة قال إما على وجه التبرك أونظر إلى العاقبة وهي مجهولة لايدري هل يثبت على إيمانه الآن أولا والعياذ بالله تعالى والكافر في التقييد بإن شاء الله كالمسلم.

المسألة الثالثة قال ابن حجر الهيتمي في شرح الأربعين قال جمع من الحنفية الإيمان مخلوق وكلام أبي حنيفة صريح فيه وقال آخرون منهم غير مخلوق وهما متفقان على أن أفعال العباد كلها مخلوقة لله تعالى وبالغ جمع منهم فكفروا من قال بخلقه لما يلزم عليه من خلق كلامه تعالى لأنه تعالى قال (فاعلم أنه لاإله إلاالله) فالتكلم بها قاطع بكلامه بما ليس بمخلوق كما أن قارىء آية قارئا لكلامه تعالى حقيقة ورد بأن هذا جهل وغباوة إذ الإيمان وفاقا التصديق بالجنان أومع الإقرار باللسان وكل منهما فعل العبد وهو مخلوق لله تعالى وأيضا فقد قال الفقهاء لايكون المقروء إلابالقصد وأيضا يلزمهم أن كل ذاكر بل كل متكلم وافق كلامه أجزاء من القرآن قد قام به ماليس بمخلوق من معاني كلامه تعالى وذلك مما لايقوله ذو لب وأيضا المتلفظ بالشهادتين لم يقصد به قراءة بل الإقرار بالتصديق والحاصل أن الواجب اعتقاده أن كل ماقام بقارىء القرآن حادث لأنه إن قام به مجرد التلفظ والملفوظ لعدم فهمه لمايقرؤه فظاهر إذ التلفظ أمر اعتبارى وهو حادث لأنه مسبوق بمايعتبر به والملفوظ سبقه العدم فيستحيل قدمه وإن قام به مع ذلك الفهم والتدبر فهو إنما يحدث في نفسه صورة معاني نظم القرآن وغايتها أن تدل على المعنى القائم بذاته تعالى وليست هو للقطع بحدوثها وبعدم انفكاكه عن الذات الواجب الوجود ولتغايرهما إذ هو مدلول لفعل القارىء وصفة للكلام النفسي والقائم بنفس القارىء هو صفة العلم بتلك المعاني النظيمة لاللكلام بدليل أن القائم بقارى (أقيموا الصلاة) ليس طلب إقامتها بل العلم بأنه تعالى طلب ذلك قيل وهذا ينافيه قولهم القراءة وهي أصوات القارىء حادثة لوجودها تارة وعدمها أخرى والمقروء بالألسنة المكتوب بالمصاحف المسموع بالأسماع المحفوظ في الصدور قديم لاقتضائه قيام المعنى القديم بنفس الإنسان لأن المحفوظ مودع في قلبه ورد بأنهم لم يريدوا بهذ اللفظ ظاهره لتصريحهم بمايدل على أنهم تساهلوا فيه إذ قالوا عقبه ليس المقروء المذكور حالا في قلب ولالسان ولامصحف فأرادوا بالمقروء المعلوم بالقراءة والمكتوب المفهوم من الخط والمسموع المفهوم من الألفاظ المسموعة فالحال في القلب هو نفس فهمه والعلم به لامتعلقهما إذ هو المعنى القديم القائم بذاته تعالى وقد نقل بعض أهل السنة أنهم منعوا من إطلاق القول بحلول كلامه تعالى في لسان أوقلب أومصحف ولو مع اللفظ لئلا يسبق الوهم إلى إرادة النفسي القديم ثم مامر من القول بعدم خلق الإيمان لم ينفرد به الحنفية بل نقله

الأشعري عن أحمد وجماعة من أهل الحديث ومال إليه لكن وجهه بغير مامر وهو أن المراد بالإيمان حينئذ مادل عليه وصفه لله تعالى بالمؤمن فايمانه هو تصديقه فى الأزل بكلامه القديم لإخباره بوحدانيته وليس تصديقه هذا محدثا ولامخلوقا أن يقوم به حادث بخلاف تصديقه لرسله بإظهار المعجزة فإنه من صفات الأفعال وهي حادثة عند الأشاعرة قديمة عند الماتردية وبذلك علم أنه لاخلاف في الحقيقة لأنه إن أريد بالإيمان المكلف به فهو مخلوق قطعا أومادل عليه وصفه تعالى بالمؤمن فهو غير مخلوق قطعا اهـ وإنما نقلته بكماله وإن كان يمكن اختصاره لما اشتمل عليه من الفوائد ولست فى عهد مافيه من التحصيف إذ لم أجد فى الوقت ماأصله منه وإذ فرغنا من حل كلام الناظم وبعض مايتعلق بالإيمان والإسلام فلنرجع إلى الحديثين المتقدمين اللذين عقدهما الناظم في هذه الأبيات فأنقل عليهما مالابد منه من كلام بعض من شرحهما لأنهما أصل الدين ومداره ويفهم معناهما بفهم كلام الناظم فأقول قال الإمام ابن حجر قوله في حديث أبي هريرة كان النبي بارزا يوما للناس أي ظاهرا لهم غير محتجب ولاملتبس بغيره والبروز الظهور وقد وقع في رواية أبي فروة بيان ذلك قال كان رسول الله يجلس بين أصحابه فيجيء الغريب فلايدري أيهم هو فطلبنا إليه أن يجعل له مجلساً يعرفه الغريب إذا أتاه قال فبنينا له دكانا من طين كان يجلس عليه واستنبط منه القاطبى استحباب جلوس العالم بمكان يختص به ويكون مرتفعا إذا احتاج لذلك لضرورة تعليم ونحوه قوله فأتاه رجل أي ملك في صورة رجل قوله فقال ماالإيمان فإن قيل كيف بدأ بالسؤال قيل السلام أجيب بأنه يحتمل أن يكون ذلك مبالغ في التعمية لأمره أوليبين أن ذلك غير واجب أوعلم فلم ينقله الراوي وهذا الثالث هو المعتمد قوله ماالإيمان قدم السؤال على الإيمان لأنه الأصل وثنى بالإسلام لأنه يظهر مصداق الدعوى وثلث بالإحسان لأنه متعلن بهما وفي رواية عمارة بن القعقاع بدأ بالإسلام لأنه الأمر الظاهر وثنى بالإيمان لأنه الأمر الباطن ورجح هذا الطيبي لمافيه من الترقي قلت وإياها تبع الناظم ابن حجر قوله (أن تؤمن بالله) دل هذا الجواب على أنه علم أنه سأله متعلقاته لاعن معنى

لفظه وإلا لكان الجواب الإيمان التصديق وأعاد لفظ الإيمان للاعتناء بشأنه تفخيما لأمره منه قوله تعالى {قل يحيها الذي أنشأها أول مرة} في جواب من يحيي العظام وهي رميم قوله (وملائكته) الإيمان بالملائكة هو التصديق بوجودهم وأنهم كماوصفهم الله عباد مكرمون وقدم الملائكة على الكتب والرسل نظرا للترتيب الواقع لأنه سبحانه وتعالى أرسل الملك بالكتاب إلى الرسول وليس فيه متمسك لمن فضل الملك على الرسل * قوله (وكتبه) الإيمان بكتب الله التصديق بأنها كلام الله وأن ماتضمنه حتى قوله وبلقائه قيل إنه مكرر مع الإيمان بالبعث والحق أنه غير مكرر فقيل المراد بالبعث القيام من القبر والمراد باللقاء مابعد ذلك وقيل اللقاء يحصل بالانتقال من دار الدنيا والبعث بعد ذلك وقيل المراد باللقاء رؤية الله تعالى في الآخرة إذ جعلت من قواعد الايمان* قوله (ورسله) الإيمان بالرسل التصديق بأنهم صادقون فيما أخبروا به عن الله ودل الإجماع في الملائكة والكتب والرسل على الاكتفاء بذلك في الإيمان بهم من غير تفصيل إلامن ثبت تسميته فيجب الايمان على التعين قوله (وتؤمن بالبعث) زاد في التفسير (الآخر) ولمسلم في حديث عمرو (اليوم الآخرة) فأما البعث الآخر فقيل ذكر الآخر تأكيدا كقولهم أمس الذاهب وقيل لأن البعث وقع مرتين الأولى الإخراج من العدم إلى الوجود أومن بطون الأمهات بعد النطفة والعلقة إلى الحياة الدنيا والثانية البعث من بطون القبور إلى محال الاستقرار وأما اليوم الآخر فقيل له ذلك لأنه آخر أيام الدنيا أو آخر الأزمنة المحدودة والمراد بالإيمان به التصديق وبما يقع فيه من الحساب والميزان والجنة والنار (فائدة) زاد الاسماعيلي (وتؤمن بالقدر) ولمسلم (كله) وفي رواية (خيره وشره) وكان الحكمة فى إعادة لفظ وتؤمن عند ذكر البعث الإشارة إلى أي نوع آخر مما يؤمن به لأن البعث سيوجد بعد وماذكر قبله موجود الآن أوالتنويه بذكره لكثرة من كان ينكره من الكفار ولهذا كثرة تكرار في القرآن وهكذا الحكمة في إعادة لفظ وتؤمن عند ذكر القدر كأنها إشارة إلى ماسيقع فيه من الاختلاف فحصل الاهتمام بشأنه بإعادة تؤمن وتأكيده بقوله كله ثم قرره بالإبدال بقوله خيره وشره حلوه ومره والقدر مصدر

قدرت الشيء بتخفيف الدال وفتحها أقدره بالكسر والضم قدرا إذا أحطت بمقدار والمراد أن الله تعالى علم مقادير الأشياء وأزمانها قبل إيجادها ثم أوجد ماسبق في علمه أنه يوجد فكل محدث صادر عن علمه وقدرته وإرادته هذا هو المعلوم من الدين بالبراهين القطيعة وعليه كان السلف من الصحابة وخيار التابعين إلى أن حدثت بدعة القدر في أواخر زمن الصحابة وقد روى مسلم القصة في ذلك ثم قال ابن حجر وقد حكى المصنفون عن طوائف من القدرية إنكار كون البادىء عالما بشيء من أعمال العباد قبل وقوعها منهم وإنما يعلمها بعد كونها قال القرطبي وغيره وقد انقرض هذا المذهب ولايعرف أحد انتسب إليه من المتأخرين قال والقدرية اليوم مطبقون على أن الله تعالى عالم بأفعال العباد قبل وقوعها وإنما خالفوا السلف في زعمهم أن أفعال العباد مقدورة لهم وواقعة منهم على جهة الاستقلال ثم قال (تنبيه) ظاهر السياق يقتضي أن الإيمان لايطلق إلاعلى من صدق بجميع ماذكر وقد اكتفى الفقهاء بإطلاق الإيمان على من آمن بالله ورسله ولااختلاف لأن الإيمان برسول الله المراد به الإيمان بوجوده وبما جاء به عن ربه فيدخل جميع ماذكر تحت ذلك والله أعلم* قوله في تفسير الإسلام أن تعبد الله قال النووي يحتمل أن يكون المراد بالعبادة معرفة الله تعالى ويحتمل أن يكون المراد الطاعة مطلقا فعطف الصلاة وغيرها من عطف الخاص على العام ابن حجر يبعد الأول أن المعرفة من متعلقات الإيمان وأما الإسلام فهو أعمال قولية وبدنية وقد عبر في حديث عمر هنا بقوله أن تشهد أن لاإله إلاالله وأن محمداً رسول الله فدل على أن المراد بالعبادة في حديث الباب النطق بالشهادتين وبهذا يتبين دفع الاحتمال الثاني ولماعبر الراوي بالعبادة احتاج أن يوضحها بقوله ولاتشرك به شيئا ولم يحتج إليها فى رواية عمر لاستلزامها ذلك وليس المراد بمخاطبته بالإفراد اختصاصه بذلك بل المراد تعليم السامعين الحكم في حقهم وحق من أشبههم من المكلفين وقد بين ذلك بقوله في آخره يعلم الناس دينهم ولم يذكر الحج لكون بعض الرواة ذهل عنه ونسيه وفي رواية كهمس وتحج البيت إن استطعت ءليه سبيلا

قوله الإحسان الإحسان مصدر أحسن يحسن إحسانا ويتعدى بنفسه وبغيره تقول أحسنت كذا إذا أتقنه وأحسنت إلى فلان إذا أوصلت إليه النفع والأول هو المراد لأن المقصود إتقان العبادة وقد يلحظ الثاني بأن المخلص مثلا يحسن بإخلاصه إلى نفسه وإحسان العبادة والإخلاص فيها والخشوع وفراغ البال حال التلبس ومراقبة المعبود وأشار في الجواب إلى حالتين أرفعها أن تغلب عليه مشاهدة الحق بقلبه حتى كأنه يراه بعينه وهو قوله (كأنك تراه) أي وهو يراك والثانية أن يستحضر أن الحق مطلع عليه يرى كل مايعمل وهو قوله (فإنه يراك) وهاتان الحالتان تثمرهما معرفة الله وخشيته قال النووي معناه إنك إنما تراعي الاداب المذكورة إذا كنت تراه ويراك لكونه يراك لا كونك تراه فهو دائماً يراك فأحسن عبادته وإن لم تره فتقدير الحديث فإن لم تكن تراه فاستمر على إحسان العبادة فإنه يراك قوله (متى الساعة) أي متى تقوم الساعة واللام للعهد والمراد يوم القيامة قوله (بأعلم من السائل) الباء زائدة لتأكيد النفي وهذا وإن كان مشعراً بالتساوي في العلم لكن المراد التساوي في العلم بأن الله استأثر بعلمها لقوله بعد في خمس لايعلمهن إلا الله قالالنووي يستنبط منه أن العالم إذا سئل عما لا يعلم يصرح بأنه لا يعلمه ولايكون في ذلك نقص من مرتبته بل يكون دليلا على مزيد ورعه قوله (وسأخبرك عن أشراطها) الأشراط جمع وأقله ثلاثة والمذكور هنا اثنان والجواب المرضي عن ذلك أن الأشراط المذكورة ثلاثة ولكن اقتصر بعض الرواة على اثنين منها فذكر هنا الولادة والتطاول وذكر في التفسير الولادة أيضاً وترؤس الحفاة فقال وإذا كان الحفاة العراة رءوس الناس فذلك من أشراطها قوله إذا ولدت الأمة ربها وفى التفسير ربتها بتاء التأنيث وكذا في حديث عمر واختلف في معنى ذلك فقيل المراد السراري فمن أولد أمة كان ولده منها بمنزلة ربها لأنه ولد سيدها وقيل المراد كثر السبى فقد يسبى الولد أولاً وهو صغير ثم يعتق ويكبر ويصير رئيساً بل ملكا ثم تسبى أمه فيما بعد فيشتريها عارفا بها أو وهو لايشعر أنها أمه فيستخدمها أويتخذها موطوءه أويعتقها ويتزوجها وقد جاء في بعض الروايات أن تلد الأمة بعلمها فحمل على هذه الصورة وقيل المراد كثرة العقوق في الأولاد فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الاهانة والسب والضرب والاستخدام.

قوله (يتطاولون) أي يتفاخرون في تطويل البنيان قوله (رعاة الابل) بضم الراء جمع راع كقاض وقضاة والبهم بضم الموحدة ووقع في رواية الأصيلى بفتحها ولا يتجه مع ذكر الابل وإنما يتجه مع ذكر الشاة أوعدم الاضافة وميم البهم يجوز كسرها صفة للإبل يعني الإبل السود فقد قيل إنها شر الألوان عندهم وخيرها الحمر التي ضرب بها المثل فقيل (خير من حمر النعم) ويجوز ضمها صفة للرعاة لأنهم مجهولوا الأنساب ومنه أبهم الأمر فهي مبهم إذا لم تعرف حقيقته وقالالقرطبي الأولى أن يحمل على أنهم سود الألوان لأن الأدمة غالب ألوانهم وقيل معناه أنه لاشيء لهم لقوله (تحشر الناس حفاة عراة بهما) والإضافة للإبل للاختصاص لا للملك وهذا هو الغالب أن الراعي يرعى لغيره بالأجرة وأما المالك فقل أن يباشر الرعي لنفسه والمراد بهم أهل البادية قال القرطبي المقصود الأخبار عن تبدل الحال بأن يستولي أهل البادية على الأمر ويملك البلاد بالقهر فتكثر أموالهم وتنصرف هممهم إلى تشييد البنيان والتفاخر به وقد شاهدنا ذلك فى هذه الأزمان ومنه الحديث الآخر (لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس لكع بن لكع) ومنه (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظروا الساعة) وكلاهما في الصحيح قوله (في خمس) أى علم وقت الساعة داخل فى جملة خمس قال القرطبي لامطمع لأحد في علم شيء من هذه الأمور الخمس لهذا الحديث وقد فسر النبي قول الله تعالى (وعنده مفاتح الغيب لايعلمها إلاهو) بهذه الخمس وهو في الصحيح قال (فمن ادعى علم شيء منها غير مستند إلى رسول الله كان كاذبا في دعواه) قال وأما ظن الغيب فقد يجوز من المنجم وغيره إذا كان عن أمر عادي وليس ذلك بعلم وقد نقل ابن عبدالبر الاجماع على تحريم أخذ الأجرة وإعطائها في ذاك قال القرطبي علامات الساعة على قسمين معتاد وغيره والمذكور هنا الأول وأما الغير المعتاد مثل طلوع الشمس من مغربها فتلك مقارنة لها أومقاربة والمراد هنا العلامات السابقة على

ذلك ثم قال ابن حجر (تنبيهات) الأول دلت الروايات على أن النبي ماعرف أن السائل جبريل إلا في آخر الحال (الثاني) قال ابن المنير في قوله (يعلمكم دينكم) دلالة على أن السؤال الحسن يسمى علما وتعليما لأن جبريل لم يصدر منه سوى السؤال ومع ذلك سماه معلما وقد اشتهر قولهم حسن السؤال نصف العلم ويمكن أن يؤخذ من هذا الحديث لأن الفائدة فيه مبنية على السؤال والجواب معا (الثالث) قال القرطبي هذا الحديث يصلح أن يقال له أم السنة لماتضمنه من حمل السنة وقالالقاضي عياض اشتمل هذا الحديث على جميع وظائف العبادات الظاهرة والباطنة من عقود كلها راجعة إليه ومتشعبة منه قال ابن حجر ولذلك أشبعت القول في الكلام عليه مع أن الذي ذكرته وإن كان كثيراً ولكنه بالنسبة لمايتضمنه قليل فلم أخالف طريقة الاختصار والله الموفق اهـ ماتعلق به الغرض من كلام ابن حجر على هذا الحديث الكريم باختصار وتقدير وتأخير في بعض المسائل وقد رأيت أن أنقل هنا بعض الفوائد ممايتعلق بالحديث المتقدم وجلها يتعلق بحديث مسلم عن عمر من كلام الإمام شهاب الدين أحمد بن جعفر الهيتمى في شرح الأربعين للنووي تكميلا للفائدة قال رحمه الله في قوله في حديث عمر قال (يامحمد) قد يستشكل بحرمة ندائه به لقوله تعالى {لاتجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} مع أن المقام مقام تعليم ويجاب بأنا لا نسلم حرمة ذلك على الملائكة فكأن في ندائه بذلك مع ماسيعلم به الصحابة رضي الله تعالى عنهم من أنه جبريل إعلام له بأن الملائكة لايدخلون فى هذا الخطاب على أنه يحتمل أن حرمة ذلك إنما عرضت بعد فلا إشكال أصلا ثم رأيت بعضهم أجاب بأنه قصد مزيد التعمية عليهم فناداه بما كان يناديه به أجلاف الأعراب وفيه أيضا جواز نداء العالم والكبير باسمه ولو من المتعلم ومحله إن لم يعلم كراهته لذلك وإلاكان على سبيل الوضع على قدره لمخالفته ما اعتيد من النداء لأولئك بالألقاب المعظمة وقال في قوله في حديث عمر أيضاً أن تشهد أن لاإله إلاالله وأن محمداً رسول الله مامعنا ظاهره أنه لابد في الإسلام من لفظ أشهد فلو قال أعلم بدل أشهد أوأسقطهما فقال لاإله إلاالله محمد رسول الله لم يكن مسلما ويوافقه رواية أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا وهو ما اعتمده بعض

المتأخرين منا وهذا إن لم يحمل تشهد على تعلم ويؤيده حمله عليه قوله تعالى {فاعلم أنه لا إله إلا الله} ثم قال وكلام الروضة في الإيمان يقتضي عدم الاشتراط ويؤيده اكتفاؤهم في حق من لم يدن بشيء بآمنت وكذا أؤمن بالله إن لم يرد به الوعد أوالله خالقي أوربي مع الشهادة الأخرى فإذا اكتفوا بذلك نظراً للمعنى دون اللفظ فالأولى الاكتفاء بلا إله إلا الله لأنه وجد فيه اللفظ الوارد نظراً لرواية يقولوا ومعناه وعلى هذا فيكفى بدل إله بارىء أو رحمن أو رزاق وبدل الله محيي أومميت إن لم يكن طبائعيا وبدل محمد أحمد ووأبوالقاسم وبدل إلا غير وسوى وعدا وسوى وعدا وبدل رسول الله نبي ولبعض أئمتنا رأي ثالث وهو اشتراط أشهد أومرادفها كأعلم وأنه يشترط ترتيبها وإن لم تقتضه الواو إذ لا يصح الإيمان بالنبي قبل الإيمان بالله نعم لا تشترط الموالاة ببنهما ولا العربية وإن أحسنها وأنه لابد من مجموعها في الإسلام فلا يكفي أحدهما خلافا لما شذ به بعض أصحابنا من أنه يكفي لا إله إلا الله وحدها وأنه لايشترط زيادة عليهما وهي البراءة من كل دين يخالف دين الإسلام ومحله إن أنكر أصل رسالة نبينا فإن خصها بالعرب اشترط زيادة إقراره بعمومها ويزيد حتما من كفر بإنكار معلوم من الدين بالضرورة اعترافه بما كفر بإنكاره أوالتبري من كل ما خلف الإسلام والشرك والمشبه البراءة من التشبيه وقال عند قوله وتقيم الصلاة معطوف على تشهد خلافا لمن زعم رفع هذا وما بعده استئنافا وكأنه نظر إلى أنه يكفي في إجراء أحكام الإسلام الشهادتان وحدهما وجوابه أن الانقياد له أقل وهو هذا وأكمل وهو ما ذكر في الحديث فكان عطف ما بعد تشهد عليه ليفيد هذا الأكمل أولى ومعنى إقامة الصلاة أن يأتي بها محافظا على أركانها وشروطها أوعلى مكملاتها أو يداوم عليها فيقيم معناه التعديل أومن الاقامة أي الملازمة والاستمرار والتشمير والنهوض وحمله على يقوم إليها أويقيم لها من الإقامة أخت الأذان بعيد لغة ومعنى ثم قال عند قوله (وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا) وإنما قيد بالاستطاعة في الحج مع أن مامر مقيد بها أيضا اتباعا للنظم القرآني فإنه لم يقيد بهذا اللفظ غيره أو إشارة إلى أن فيه من المشاق ما ليس في غيره أقوال وأيضاً فعدمها في نحو الصلاة والصوم لا يسقط فرضهما بالكلية وإنما يسقط وجوب أدائه بخلافها في الحج فإن عدمها يسقط وجوبه بالكلية ثم قال عند قوله قال صدقت قال فعجبنا له يسأله ويصدقه ما معناه فاعل قال الأول جبريل وفاعل قال الثاني عمر ووجه التعجب أن سؤاله يقتضي عدم علمه وأن كلامه دال على خبرته بالمسؤول عنه مع أنه لم يكن إذ ذاك

من يعرف هذا غير رسول الله فساغ التعجب منه ثم زال بإعلامهم أنه جبريل لأنه تبين أنه عالم في صورة متعلم ليعلمهم ثم قال عند قوله أن تؤمن بالله أى بأنه تعالى واحد في ذاته وصفاته وأفعاله لا شريك له في الألوهية وهي استحقاق العبادة منفرد بخلق الذوات بصفاتها وأفعالها وبقدم ذاته وصفاته الذاتية تعالى لها صفات حياة منزهة عن الروح وعلم بلا ارتسام لصورة في قلب ولا دماغ وإنما هو صفة تتميز بها الأشياء يتعلق بكل ما كان وما هو كائن بعلم واحد وكل من صفاته لا تكثر فيه التكثير في المتعلقات وقدرة على الممكنات وإرادة لجميع الكائنات لم تجدد له إرادة بتجدد المرادات وبأن الطاعات بإرادته ومحبته ورضاه وأمره والكل بقضائه وقدره وسمع بلا صماخ وبصر بلا حدقة وكلام بلا حرف ولا صوت منزه عما يعتري كلامنا النفسي من الخرس الباطن منزه عن قيام حادث به من حركة وسكون أوتحيز فصفاته ليست أعراضا ولا عين ذاته ولا غيرها وبأنه أحدث العالم باختياره من غير أن يحصل له به كمال لم يكن قبله ولم يتجدد له بإيجاد اسم ولا صفة لم يزل بأسمائه وصفات ذاته لا شبيه له في ذاته ولا يصفاته ولا في أفعاله منزه عن الجهة والجسمية وصفاتهما ولوازمهما وكل سمة نقص أولا كمال فيها وبأنه لا يكون في ملكه إلا ما شاء من خير وشر ونفع وضر بل لا تقع لمحة ناظرة ولا فلتة خاطر إلا بإرادته تعالى وبأنه الغنى المطلق فكل موجود مفتقر إليه في وجوده وبقائه وسائر ما يمده ويجمع ذلك كله أنه تعالى متصف بكل كمال منزه عن كل وصف لا كمال فيه ثم قال عند قوله (وملائكته) جمع ملك على غير قياس أوجمع ملاك على وزن مفعل إذ هو من الألوكة وهي الرسالة ثم خفف بنقل الحركة والحذف فصار ملكا وقيل فيه غير ذلك وتاؤه لتأنيث الجمع وقيل للمبالغة غلب فى الأجسام النورانية المبرأة من الكدورات الجسمانية القادرة على التشكل بالأشكال المختلفة أي بأنهم عباد له كما زعم المشركون من تألهم مكرمون لا كما زعم اليهود من نقصهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وبأنهم سفراء الله بينه وبين خلقه متصرفون فيهم كما أذن صادقون فيما أخبروا به عنه وأنهم بالغون من الكثرة مالا يعلمه إلا الله تعالى وما يعلم جنود ربك إلا هو أطت السماء وحق لها أن تئط ما من موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أوراكع (وكتبه) أي كلام الله الأزلي القديم القائم بذاته المنزه عن الحرف والصوت وبأنه تعالى أنزلها على بعض رسله بألفاظ حادثة في ألواح أوعن لسان الملك وبأن كل ما تضمنته حق وصدق وبأن بعض أحكامها نسخ وبعضها لم ينسخ قال الزمخشري وغيره وهي

مائة كتاب وأربعة كتب أنزل منها خمسون على شيث وثلاثون على إدريس وعشرة على آدم وعشرة على إبراهيم والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان ورسله أي بأنه أرسلهم إلى الخلق لهدايتهم وتكميل معاشهم ومعادهم وأيدهم بالمعجزات الدالة على صدقهم فبلغوا عنه رسالته وبينوا للمكلفين ما أمروا ببيانه وأنه يجب احترام جميعهم ولا نفرق بين أحد منهم كما في الإيمان به وأنه تعالى نزههم عن وصمة ونقص فهم معصومون من الصغائر والكبائر قبل النبوة وبعدها على المختار بل هو الصواب وما وقع في قصص يذكرها المفسرون وفي كتب قصص الأنبياء مما يخالف ذلك لا يعتمد عليه ولا يلتفت إليه وإن جل كالبغوي والواحدي وما جاء في القرآن من إثبات العصيان لآدم ومن معاتبة جماعة منهم على أمور فعلوها فإنما هو من باب إن للسيد أن يخاطب عبده بما شاء وأن يعاتبه على خلاف الأولى معاتبة غيره على المعصية وقدمنا أنهم أفضل من سائر الملائكة بدليله فإذا فضلوا المعصومين لزم كونهم معصومين بالأولى اهـ ثم قال عند قوله وبالقدر خيره وشره أي بأن ما قدره الله في أزله لابد من وقوعه ومالم يقدره يستحيل وقوعه وبأنه تعالى قدر الخير والشر قبل خلق الخلق وأن جميع الكائنات بقضائه وقدره وإرادته لقوله تعالى (خلق كل شيء) (والله خلقكم وما تعملون) (انا كل شىء خلقناه بقدر) بنصب كل كما أجمع عليه السبعة وحينئذ يكون نصا في عموم الخلق إذ تقديره إن خلقنا كل شيء خلقناه بقدر وبرفعها يزول هذا المعنى إذ تقديره حينئذ إنا كل مخلوق لنا بقدر وما تشاءون إلا أنا يشاء الله ولاجماع السلف والخلف على صحة قول القائل: (ما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن) ولخبر (كل شيء بقدر حتى العجز والكيس) والقضاء عند الأشعرية إرادته الأزلية المتعلقة بالأشياء على ما هي عليه فيما لا يزال والقدر إيجاده اياها على قدر مخصوص وتقدير معين في ذواتها أوأفعالها أوالقضاء علمه أزلاً بالأشياء على ما هي عليه والقدر إيجاده إياها على ما يطابق العلم اهـ ما تعلق به الغرض من كلام هذا الرجل على حديث عمر (تنبيه) تقدم في كلام ابن حجر العسقلاني ومثله نقل ابن حجر الهيتمي عن بعضهم أنه يجب الإيمان بجميع الملائكة والكتب والرسل إيمانا كليا فمن ثبت بعينه وباسمه كجبريل والإنجيل وموسى وجب الإيمان به عينا حتى أن من لم يصدق بمعين من ذلك فهو كافر ومن لم يعرف اسمه آمنا به إجمالا وإذا كان كذلك فينبغي ويتأكد أو يجب الاعتناء بمن

سمي من ذلك ليؤمن بعينه فأما الكتب فالمسمى منها أربعة التوراة والانجيل والزبور والفرقان وقد جمعتها في قولنا وفي الذكر من أسماء كتب نزلت لأربعة فاعلم هديت مبجلا فالإنجيل والتوراة ثم زبورها ومن بعد فرقان لأحمد كملا وأما الأنبياء والرسل والملائكة فقد ذكر الإمام جلال الدين السيوطي في الإتقان في علوم القرآن في النوع التاسع والستين أنه وقع في القرآن من أسماء الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام خمس وعشرون من أسماء الملائكة اثناعشر على خلاف في بعضهم. وقد رأيت أن آتى بكلامه مختصراً وإن كان المتأكد من ذلك إنما هو مجرد تعداد أسمائهم لكن تبعناه في التعريف بهم لغرابته والتبرك بهم قال رحمه الله (آدم أبوالبشر) سمي بذلك لأنه خلق من أديم الأرض وقيل وصف مشتق من الأدمة ولذلك منع من الصرف عاش تسعمائة وستين سنة واشتهر في كتب التاريخ أنه عاش ألف سنة (نوح) أعجمي معرب ابن لمك بفتح اللام وسكون الميم بعدها كاف ابن متوشلخ بفتح الميم وتشديد المثناة فوق المضمومة بعدها واو ساكنة وفتح الشين المعجمة واللام بعدها خاء معجمة ابن أخنوخ بفتحتين ثم نون مضمومة مخففة واو ساكنة ثم خاء معجمة وهو إدريس فيما يقال سمي نوحا لكثرة بكائه على نفسه وأكثر الصحابة أنه قبل إدريس روى الطبراني عن أبي ذر قلت يارسول الله من أول الأنبياء «قال آدم قلت ثم من قال نوح بينهما عشرة قرون» وفي المستدرك عن ابن عباس مرفوعا بعث الله نوحا على رأس أربعين سنة فلبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم وعاش بعد الطوفان ستين سنة حتى كثر الناس وفشوا وذكر ابن جرير أن مولد نوح كان بعد وفاة آدم بمائة وستة وعشرين عاما وفي التهذيب للنووي أنه أطول الأنبياء عمراً.

(إدريس) قيل إنه قبل نوح وهو أخنوخ وإدريس اسم سرياني وقيل عربي مشتق من الدراسة لكثرة درسه الصحف وفي المستدرك بسند واه عن الحسن عن سمرة قال كان نبي الله إدريس أبيض طويلا ضخم البطن عريض الصدر قليل شعر الجسد كثير شعر الرأس وكانت إحدى عينيه أعظم من الأخرى وفى صدره نكتة بياض من غير برص فلما رأى الله من أهل الأرض ما رأى من جورهم واعتدائهم فى أمر الله تعالى رفعه إلى السماء السادسة فهو حيث يقول {ورفعناه مكانا عليا} وذكر ابن قتيبة أنه رفع وهو ابن ثلثمائة وخمسين سنة وفي صحيح ابن حبان أنه كان نبياً ورسولا وأنه أول من خط بالقلم وفي المستدرك عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال كان فيما بين نوح وإدريس ألف سنة (ابراهيم) اسم قديم ليس بعربي بل سرياني ومعناه أب رحيم وقيل مشتق من البرهمة وهي شدة النظر وهو ابن آزر قال الواقدي ولد إبراهيم على رأس ألفي سنة من خلق آدم وفي المستدرك من طريق ابن المسيب عن أبي هريرة قال اختتن إبراهيم بعد عشرين ومائة سنة وقيل عاش مائة وخمسة وسبعين سنة (إسمعيل) ويقال بالنون آخره قال النووي وغيره هو أكبر ولد ابراهيم (إسحق) ولد بعد إسمعيل بأربع عشرة سنة وعاش مائة وثمانين سنة ومعناه بالعبرانية الضحاك (يعقوب) عاش مائة وسبعا وأربعين سنة (يوسف) عاش مائة وعشرين سنة وهو اسم أعجمي لا اشتقاق له (لوط) هو ابن هاران بن آزر وفي المستدرك قال لوط ابن أخي إبراهيم (هود) كان أشبه الناس بآدم كان رجلا جلداً واسمه عاير بن أرفخشذ بن سام بن نوح (صالح) هو ابن عبيد بن حاير ابن ثمود بن حاير بن سام بن نوح بعث إلى قومه حين

راهق الحلم وكان رجلا أحمر إلى البياض سبط الشعر فلبث فيهم أربعين عاما وهو من العرب ولما أهلك الله عاداً عمرت ثمود بعدها فبعث الله إليهم صالحاً غلاما شاباً فدعاهم إلى الله حين شمط وكبر ولم يكن بين نوح وإبراهيم إلا هود وصالح مات بمكة وهو ابن ثمان وخمسين سنة (شعيب) هو ابن ميكيل بن يشجن بن مدين بن إبراهيم الخليل وكان يقال له خطيب الأنبياء وبعث رسولا إلى أمتين مدين وأصحاب الأيكة وكان كثير الصلاة وعمي في آخر عمره (موسى) هو ابن عمران بن يصهر بن فاهث بن لاوي بن يعقوب لا خلاف في نسبه وهو سرياني وأخرج أبوالشيخ من طريق عكرمة عن ابن عباس قال إنما سمي موسى لأنه ألقي بين شجر وماء فالماذ بالقبطية مو والشجر سىء والصحيح وصفه بأنه آدم طوال جعد كأنه من رجال شنوءة قال الثعلبي عاش مائة وعشرين سنة (هرون) أخوه شقيقه وقيل لأمه فقط وقيل لأبيه فقط كان أطول منه فصيحاً جدا مات قبل موسى وكان ولد قبله بسنة وفي بعض أحاديث الإسراء صعدت إلى السماء الخامسة فإذا أنا بهارون ونصف لحيته أبيض ونصفها أسود تكاد لحيته تضرب سرته من طولها فقلت ياجبريل من هذا قال المحبب في قومه هرون بن عمران ومعنى هرون بالعبرانية المحبب (داود) هو ابن إيشا بكسر الهمزة وسكون التحية وبالشين المعجمة ابن عوبد بوزن جعفر الترمذي أنه كان أعبد البشر وقال كعب كان أحمر الوجه سبط الشعر أبيض الجسم طويل اللحية فيها جعودة حسن الصوت والخلق وجمع له النبوة والملك قال النووي قال أهل التاريخ عاش مائة سنة ومدة ملكه منها أربعون سنة وكان له اثنا عشر ابنا (سليمان) ولده كان أبيض جسيما وسيما وضيئا جميلا خاشعا متواضعا وكان أبوه يشوره فى كثير من أموره مع صغر سنه لوفور عقله وعلمه أخرج ابن جبير عن ابن عباس قال ملك الأرض مؤمنان سليمان وذو القرنين وكافران نمروذ وبخنتصر قال

أهل التاريخ ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة وابتدأ بناء بيت المقدس بعد ملكه بأربع سنين ومات وله ثلاثة وخمسون سنة (أيوب) الصحيح أنه كان من بني إسرائيل ولم يصح في نسبه شيء إلا اسم أبيه وكان أبيض كان بعد شعيب وقيل بعد سليمان ابتلي وهو ابن سبعين وكانت مدة بلائه سبع سنين وقيل ثلاث عشرة وقيل ثلاث سنين وروى الطبراني أن مدة عمره ثلاث وتسعون سنة (ذو الكفل) قيل هو ابن أيوب وفي المستدرك عن ابن وهب أن الله بعث بعد أيوب ابنه بشير بن أيوب نبيا وسماه ذا الكفل وأمره بالدعاء إلى توحيده وكان مقيما بالشام عمره حتى مات وعمره خمس وسبعون سنة وقيل هو اليسع وأن له اسمين (يونس) هو ابن متى بفتح الميم وتشديد التاء الفوقية مقصور ومتى اسم أبيه كما في الصحيح ونسبه إلى أبيه وقيل اسم أمه وهو مردود بما ذكر قال ابن حجر ولم أقف في شيء من الأخبار على اتصال نسبه روي أنه لبث في بطن الحوت أربعين يوما وقيل أقل من ذلك (إلياس) هو ابن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هرون أخي موسى بن عمران قال وهب إنه عمر كما عمر الخضر وأنه يبقى إلى آخر الدنيا وعن ابن مسعود أن إلياس هو إدريس وقد زيد في آخره ياء ونون في قوله تعالى {سلام على آل ياسين} (اليسع) هو ابن أخطوب بن العجوز وهو بياء واحدة مخففة عجمي وقيل عربي منقول من وسع يسع (زكريا) كان من ذرية سليمان بن داود وقتل بعد قتل ولده كان له يوم بشر بولده اثنتان وتسعون سنة وقيل تسعة وتسعون وقيل عشرون ومائة وزكريا اسم عجمي (يحيى) ولده أول من سمي يحيى بنص القرآن ولد قبل عيسى بستة أشهر ونبىء صغيرا وقتل ظلما وسلط الله على قاتله بخنتصر وجيوشه ويحيى اسم عجمي وقيل عربي ولا ينصرف على القولين وعلى الثاني سمي بيحيى لأنه أحياء الله بالإيمان وقيل لأنه حيى به رحم أمه وقيل لأنه استشهد والشهداء أحياء وقيل معناه يموت

كالمفازة للمهلكة والسليم للديغ (عيسى) بن مريم بنت عمران خلقه الله بلا أب وكانت مدة حملة ساعة وقيل ثلاث ساعات وقيل غير ذلك ورفع وله ثلاث وثلاثون سنة وفي الحديث أنه ينزل ويقتل الدجال ويتزوج ويولد له ويحج ويمكث في الأرض سبع سنين ويدفن عند النبي وأنه ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس يعني حماما وعيسى اسم عبراني أوسرياني اهـ باختصار (ونبينا ومولانا محمد) قال ناظم الإتقان وهو الشيخ الإمام الفقيه المشارك عبد العزيز بن عبد الواحد اللمطي أخو سيدي عثمان اللمطي المشهور ولد سيدي عثمان هذا وهو سيدي أحمد بن عثمان اللمطي أحد أشياخ الناطم رحم الله جميعهم وفي الذكر من أسمائهم قدر ستة وعشرين إجمالا وأما مفصلا فآدم نوح ثم إدريس بعده ومن بعد إبراهيم وابناه بجلا ويعقوب أيضا ثم يوسف نجله وهود ولوط صالح كل أرسلا وجاء شعيب ثم موسى وصنوه وداود فاعلم مع سليمان فضلا وأيوب أيضا ثم ذو الكفل منهم ويونس مع الياس واليسع انجلا كذا زكريا وابنه وابن مريم وخاتم رسل الله جاء مكملا انتهى إلا أن قوله قدر ستة لعله سبق قلم أوتصحيف وصوابه قدر خمسة إذ لم يذكر في النظم ولا في الإتقان ولا أصله إلا خمسة وعشرين ولو قال عوض البيت الأول وفي الذكر من أسماء رسل وأنبيا لخمسة مع عشرين خذها مفصلا لكان أصرح وإن كان ضمير أسمائهم في كلامه عائدا على الأنبياء لتقديم ذكرهم في الترجمة قيل هذه الأبيات ثم قال في الإتقان وفيه من أسماء الملائكة (جبريل وميكائيل) وفيها لغات ومعنى جبريل عبدالله وكذا ميكائيل وكل اسم فيه إبل فهو عبدالله (وهاروت وماروت) ملكان من ملائكة السماء وقد أفردت في قصتهما جزأ (الرعد) ملك موكل بالسحاب يسبح (البرق) ملك له أربعة وجوه وجه إنسان ووجه ثور ووجه نسر ووجه أسد فإذا مصع بذنبه فذلك البرق (ومالك) خازن جهنم (السجل) ملك كان هاروت وماروت من

أعوانه وهو موكل بالصحف (وقعيد) اسم كاتب السيئات (ذو القرنين) قيل إنه ملك من الملائكة (الروح) في قوله تعالى {يوم يقوم الروح} قال ابن عباس هو ملك من أعظم الملائكة خلقه (السكينة) في قوله تعالى {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين} قيل إنه ملك يسكن قلب كل مؤمن ومؤمنة كما روي أن السكينة تنطق على لسان عمر اهـ باختصار وجملتهم اثناعشر اسما قال ناظم الإتقان المذكور آنفا وفي الذكر من أسمائهم قد تنزلا ثمانية جبريل ميكال حملا وهاروت مع ماروت منهم ومالك قعيد بالرعد السجل تكملا انتهى إلا أنه أسقط ذكر البرق وذي القرنين والروح والسكينة وقد عززت البيتين بثالث يجمع الأربعة البواقي وهو قولنا: كذلك ذو القرنين في البرق ضف له سكينة مع روح فلاتك مهملا. ولو قال عوض الشطر الأول من البيتين. وفي الذكر من أسما ملائك ربنا لكان أصرح وهنا انتهى رضي الله عنه على ما يتعلق بالقاعدة الأولى من قواعد الإسلام وهي الشهادتان. ثم شرع فيما يتعلق بالقاعدة الثانية وهي الصلاة مصدراً له بمقدمة تتأكد الحاجة إليها فقال.

مقدمة من الأصول معينة في فروعها على الوصول

(مقدمة من الأصول معينة فى فروعها على الوصول) ذكر الناظم فى هذه الترجمة الحكم الشرعى وأقسامه وأفاد أن هذه المقدمة مأخوذة من الأصول أي من أصول الفقه وأنها معينة أي يستعان بمعرفتها في فروع الأصول التى تذكر بعد هذه الترجمة على الوصول إلى معرفة حقيقة حكم تلك الفروع الآتية فإذا خاض فيها وقيل له هذا واجب مثلا أومندوب علم من هذه الترجمة حقيقة الواجب المندوب وأن الأول ما طلب طلبا جازما والثانى ما طلب غير جازم وهكذا فى المحرم والمباح وكفى بذلك إعانة هذا مقصوده والله أعلم فقوله مقدمة خبر مبتدأ محذوف أي هذه مقدمة ومن الأصول صفة لمقدمة فيتعلق بمحذوف أى مأخوذه أي منقوله ومن الأصول على حذف مضاف أي من فن الأصول ومعينة وصف ثان لمقدمة وبه يتعلق المجروران بعده وتقدم ضبط لفظ مقدمة كتاب الاعتقاد وأصول الفقه لفظ مؤلف من جزأين مفردين أحدهما أصول والآخر الفقه فالأصل ما يبنى عليه غيره كأصل الجدار أي أساسه وأصل الشجرة أي طرفها الثابت في الأرض والفرع ما يبنى على غيره كفروع الشجرة لأصولها وفروع الفقه لأصوله. والفقه معناه لغة الفهم وشرعا معرفة الأحكام الشرعية التى طريقها الاجتهاد كالعلم بأن النية فى الوضوء واجبة وأن الوتر مندوب وأن تبييت النية شرط فى الصوم وأن الزكاة واجبة فى مال الصبي وغير واجبة فى الحلى المباح وأن القتل بمثقل موجب القصاص ونحو ذلك من مسائل الخلاف بخلاف ماليس الاجتهاد كالعلم بأن الصلوات الخمس فريضة وأن الزنا محرم كالأحكام الاعتقادية كالعلم بالله سبحانه وصفاته ونحو ذلك من المسائل القطعية فلا يسمى معرفة ذلك فقها لأن معرفة ذلك يشترك فيها الخاص والعام فالفقه بهذا التعريف لا يتناول إلا علم المجتهد ولا يضر فى ذلك عدم اختصاص التحبيس على الفقهاء بالمجتهدين فقط لأن المرجع فى ذلك للعرف وهذا اصطلاح خاص والمراد بالمعرفة هنا العلم بالمعرفة بمعنى الظن وأطلعت المعرفة التى هى بمعنى العلم على الظن لأن المراد بذلك ظن المجتهد الذى لقوته قريب من العلم وخرج بقولهم الأحكام الشرعية الأحكام العقلية كالعلم بأن الواحد نصف الاثنين والحسية كالعلم بأن النار محرقة والمراد بالاحكام في قولهم الأحكام الشرعية جميع الأحكام فالألف واللام للاستغراق والمراد بمعرفة جميع الاحكام التهيؤ لذلك فلا ينافى ذلك قول الإمام مالك رضي الله تعالى عنه وهو من أعظم الفقهاء المجتهدين فى اثنين وثلاثين مسئلة من ثمان وأربعين مسئلة سئل عنها لا أدري لأنه متهيء للعلم بأحكامها

بمعاودة النظر وإطلاق العلم على مثل هذا التهيؤ جائز عرفا تقول فلان يعلم النحو ولا تريد أن جميع مسائله حاضرة عنده على التفصيل بل إنه متهيء لذلك هذا معنى الفقه. (تنكيت) الذى فى أصل النظم واستيعاب مسح الأذنين وهو شامل للصماخين كما قال الناظم فيدخله الخلاف وهو كذلك لكن فيه نظر لما ذكرناه عن شارح الجلاب من الاتفاق على سنية مسح الصماخين هذا وقد عد فى أصل النظم من المتفق عليه مسح الأذنين ثم ذكر هنا أن المختلف فيه استيعاب مسحهما فجعلهما فى الأصل مسئلتين والله أعلم (تكميل) اختلف فى ظاهرهما وباطنهما فقيل ظاهرهما مما يلى الرأس وباطنهما مما يلي الوجه وقيل ظاهرهما ما يواجه قال في الذخيرة ابتدأ خلقتهما منغلقتين كزر الورد فإذا كمل خلقهما انفتحا على الرأس فالظاهر للحس الآن كان باطنا أولا والباطن كان ظاهرا فهل يعتبر حال الابتداء عملا بالاستصحاب أوحال الانتهاء لأنه الواقع حال ورود الخطاب وصفة مسحهما أن يجعل باطن الإبهامين على ظاهر الشحمتين ويمرهما للآخر وآخر السبابتين فى الصماخين ووسطهما ملاقيا للباطن دائرين مع الإبهامين قال ابن شاس وأما أصوله فهى دلائله الإجمالية أي غير المعينة كمطلق الأمر والنهى وفعل النبى والإجماع والقياس والاستصحاب المبحوث عن أولها بأنه للوجوب حقيقة والثانى بأنه للمحرمة كذلك والبواقى بأنها حجج وغير ذلك مما ذكر فى الفن وأما الدلائل التفصيلية نحو (أقيموا الصلاة) (ولا تقربوا الزنا) وصلاته في الكعبة كما أخرجه الشيخان والإجماع على أن لبنت الابن السدس مع بنت الصلب حيث لا عاصب لهما وقياس «الأرز على البر فى امتناع بيع بعضه ببعض إلا مثلا بمثل يدا بيد» كما رواه مسلم واستصحاب الطهارة لمن شك فى بقائها فليست بأصول الفقه وإنما يذكر بعضها فى كتبه للتمثيل وقد ظهر مما مر أن الفقه هو معرفة الأحكام الشرعية كالعلم بوجوب النية فى الصلاة وأن الوتر مستحب ونحو ذلك المستدعي لمعرفة حقائق تلك الأحكام ووجه ذكر ما ذكره الناظم فى هذه الترجمة فى فن أصول الفقه الُحْكْمُ فِى الشَّرْعِ خِطابُ رَبِّنا المُقْتَضِي فِعْلَ الْمُكلَّفِ افْطُنا بِطَلَبٍ أَوْإِذْنٍ أَوْبِوَضْعِ لِسَببٍ أَوْشَرْطٍ أَوْذِي مَنْعِ أخبر أن الحكم الشرعي المستند إلى الشرع وهو الذي لا يعلم إلا منه ولا يتوصل إليه بعقل ولا بعادة هو خطاب الله تعالى المقتضى أى المتعلق بفعل المكلف يريد من حيث أنه مكلف ثم تعلق الخطاب بفعل المكلف إما أن يكون بطلب أى يطلب فيه طلبا وإما أن يكون بإذن أى فى الفعل والترك بأن يبيحه وإما أن يكون بوضع بأن يضع أى بنصب أمارة أى على الطلب أوعلى الإذن وتلك الأمارة إما سبب أوشرط أومانع ثم اعلم أن الطلب إما يكون طلب الفعل أوطلب الكف عن الفعل وكل منهما إما أن يكون طلبا جازما أوغير جازم فجاءت الأقسام أربعة فطلب الخطاب الفعل من المكلف طلبا جازما بحيث لا يجوز له تركه كالإيمان بالله ورسله وكقواعد الإسلام الخمس هو الإيجاب وطلبه منه الفعل طلبا غير جازم بأن يجوز تركه كصلاة الفجر ونحوها هو الندب وطلب منه الكف عن الفعل طلبا جازما بحيث لم يجوز فعله كشرب الخمر والزنا ونحوهما هو التحريم وطلبه منه الكف عن الفعل طلبا غير جازم بأن يجوز له فعله كالقراءة فى الركوع والسجود مثلا هو الكراهة فبضم أقسام الطلب هذه إلى الإذن الذي هو إباحة الفعل والترك من غير ترجيح لأحدهما عن الآخر كالبيع ونحوه تكمل أقسام الحكم الشرعى الخمسة ويسمى هذا القسم خطاب التكليف وتعلق الخطاب

بفعل المكلف لكن بواسطة وضع أمارة من سبب أوشرط أومانع على حكم من تلك الأحكام الخمسة هو المسمى فى الاصطلاح بخطاب الوضع وسيأتى بيان السبب والشرط والمانع فقوله الحكم فى الشرع فيه بمعنى الباء كقوله ويركب يوم الروع منا فوارس بصيرون في طعن الأباهر والكلى أي بطعن أي الحكم بإثبات أمر لأمر أونفى أمر عن أمر بالشرع لا بالعقل ولا بالعادة هو خطاب ربنا الخ وافطنا بضم الطاء وفتحها كذا ضبطه الناظم رحمه الله بخطه فعل أمر من فطن تكميل للبيت وبطلب يتعلق بخطاب قال فى شرح المقدمات وفيه وصف المصدر قبل إكماله ويسهله أن المجرور يعمل فيه العامل القوى والضعيف وكون الخطاب هنا بمعنى المخاطب به اهـ نسخه بخط الناظم أيضا حكم إلهنا خطابه المفيد فعل المكلف وفى التعريف زيد بطلب إلخ فقوله وفى التعريف يتعلق بزيد وهو فعل ماض مبنى للمفعول ونائبه المجرور بعده وأل فى التعريف بدل عن الضمير أي وزيد فى تعريف الحكم الشرعى أن هذا الخطاب بطلب إلخ قال في شرح المقدمات قوله في حد الحكم الشرعي خطاب الله تعالى كالجنس فى الحد وحقيقة الخطاب الكلام الذى يقصد به من هو أهل للفهم واختلف هل من شرط التسمية به وجود المخاطب أم لا وعلى ذلك جرى الخلاف في كلام الله تعالى هل يسمى فى الأزل خطابا قبل وجود المخاطبين أم لا والمراد بالخطاب هو المخاطب به من إطلاق المصدر على اسم المفعول وإضافة الخطاب إلى الله تعالى تخرج خطاب غيره كالملوك والآباء والأمهات والمشايخ وبالجملة يخرج بهذا القيد خطاب من سوى الله تعالى من الملائكة والإنس والجن فلا يسمى خطاب هؤلاء كلهم حكماً شرعياً وإنما سمى خطاب الرسل بالتكاليف حكما شرعيا لأنهم مبلغون عن الله تعالى معصومون فى تبليغهم من الكذب عمدا وسهوا وقوله المتعلق بأفعال المكلفين يخرج أربعة أشياء (الأول) خطابه تعالى المتعلق بذاته العلية نحو (لا إله إلا الله) و (الثانى) الخطاب المتعلق بفعله نحو (الله خالق كل شىء) و (الثالث) الخطاب المتعلق بالجمادات نحو {ويوم نسير الجبال} (الرابع) الخطاب المتعلق بذوات المكلفين نحو {ولقد خلقناكم ثم صورناكم} والمراد بفعل المكلف ما يصدر منه ليشمل القول والنية اهـ زاد في جمع الجوامع بعد قوله المتعلق بفعل المكلف من حيث أنه مكلف قال المحلى

أخرج به مدلول وما تعملون من قوله تعالى {والله خلقكم وما تعملون} فإنه متعلق بفعل المكلف من حيث إنه مخلوق لله تعالى وقال قبله وتعلق خطابه تعالى بفعل المكلف إما تعلقا معنويا قبل وجوده وتنجيزيا بعد وجوده بعد البعثة إذ لا حكم قبلها اهـ ثم قال في شرح المقدمات والمكلف هو البالغ العاقل ومن هنا يعلم أن الصبى لا يتعلق به حكم هكذا قيل وانظر هذا ما ذكر فى الأصول من الخلاف فى الأمر بالأمر بالشيء هل هو أمر بذلك الشيء أم لا؟ فإن قيل ليس أمرا به يبقى الصبيان لم يأمرهم الشرع فالمتعلق بهم ليس حكم الشرع بل حكم أوليائهم وإن قلنا إنه أمر به فالأقرب أن الصبيان مكلفون من الشرع بمثل هذا الأمر وإذا كان الندب تكليفا فى حق البالغين على قول مع أنه لايلحق بتركه عقوبة شرعية لا فى الدنيا ولا فى الآخرة فأمر الصبيان بالصلاة أقرب لأن يكون تكليفا لاستحقاقهم بتركها عقوبة الشرع فى الدنيا هذا فيمن بلغ منهم عشر سنين ولم يبلغها كان طلب الصلاة منه كالمندوب فى حق من بلغ وهو تكليف اللهم إلا أن يوجد إجماع على أن البلوغ شرط التكليف انظر ذلك اهـ وقال المحلى فى شرح جمع الجوامع ولا يتعلق خطاب بفعل غير البالغ العاقل وولى الصبى والمجنون بأداء ما وجب فى ما لهما منه كالزكاة وضمان المتلف كما يخاطب صاحب البهيمة بضمان ما أتلفته حيث فرط فى حفظها لتنزل فعلها فى هذه الحالة منزلة فعله وصحة عبادة الصبى كصلاته وصومه المثاب عليهما ليس لأنه مأمور بها كما فى البالغ بل ليعتادها فلا يتركها بعد بلوغه إن شاء الله ذلك ولا يتعلق الخطاب بفعل كل بالغ عاقل كما يعلم مما سيأتي من امتناع تكليف العاقل والملجأ والمكره ويرجع ذلك في التحقيق إلى انتفاء تكليف العاقل البالغ فى بعض أحواله اهـ. قوله بطلب إلخ أي تعلق الخطاب بالأفعال إما بأن يطلب فيها طلبا أوبأن يبيحها وهذا هو المسمى بخطاب التكليف وإما بأن يضع لها سببا أوشرطا أومانعا ويسمى خطاب الوضع وتخصيص هذا النوع من الأحكام باسم الوضع محض اصطلاح وإلا فالأحكام كلها أعني المتعلقات بالأفعال التنجيزية بوضع الشرع لا مجال للعقل وللعادة في شيء منها قاله فى شرح المقدمات وقال ابن رشد سمي خطاب وضع لأن الشرع جعل السبب والشرط والمانع والتقديرات والحجج علامة موضوعة على الأحكام فكأنه يقول إن وجد السبب وجد الحكم وإن عدم عدم وذلك خاصيته وإن عدم الشرط عدم الحكم وذلك خاصية وإن وجد المانع عدم الحكم وذلك خاصيته والتقديرات الشرعية إعطاء الموجود حكم المعدوم وعكسه والحجج جمع حجة وهي التي يستند إليها القضاة كالبينة والإقرار فإذا نهضت الحجة عند القاضي وجب عليه

الحكم وهي عندي راجحة إلى السبب اهـ ومثال إعطاء الموجود حكم المعدوم تقدير الماء الموجود بالنسبة إلى مسافر يحتاجه لشربه معدوما فيتيمم ومثال تقدير المعدوم موجودا تقدير الربح الحاصل آخر الحول كامنا في أصله من أول الحول فيزكى لحول أصله وفي شرح جمع الجوامع للعراقي ما نصه خطاب الوضع وضعه الله تعالى في شرائعه لإضافة الحكم إليه تعرف به الأحكام تيسيرا لنا فإن الأحكام مغيبة عنا والفرق بينه وبين خطاب التكليف من حيث الحقيقة أن الحكم فى الوضع هو قضاء الشرع على الوصف بكونه سببا أوشرطا أومانعا وخطاب التكليف لطلب أداء ما تقرر بالأسباب والشروط والموانع ثم قال ظاهر عبارة المصنف أنه أخرج خطاب الوضع عن خطاب التكليف وجعله قسيما له وكذا فعل ابن الحاجب فى قوله فى تعريف الحكم بالاقتضاء أوالتخيير أوالوضع ورأى الإمام فخر الدين إدخاله في خطاب التكليف لأن معنى كون الشىء شرطا حرمة المشروط بدون شرطه اه. واعلم أن خطاب التكليف يشترط فيه علم المكلف وقدرته كالصلاة وخطاب الوضع لا يشترط فيه ذلك كتضمين الصبى والمجنون ولذا يقول الفقهاء العمد والخطأ فى أموال الناس سواء وقد يشترط فى بعض الأسباب العلم كإيجاب الزنا الرجم والقتل والقصاص. قوله أوبوضع لسبب معطوف على بطلب والسبب ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته كزوال الشمس لوجوب الظهر مثلا قال في شرح المقدمات قوله ما كالجنس وقوله يلزم من وجوده الوجود فصل يخرج الشرط والمانع وقوله ومن عدمه العدم يخرج الدليل على الحكم من الكتاب والسنة والإجماع والقياس فإن الدليل يلزم طرده أي يلزم من وجوده الوجود ولا يلزم عكسه أى يلزم من عدمه العدم أما السبب فإنه يلزم طرده وعكسه وقوله لذاته يدخل السبب الذى لم يلزم من وجوده الوجود لمقارنته انتفاء شرط كالعقل والبلوغ أووجود مانع لوجود السبب كالحيض الذي يقارن دخول الوقت ونحوه فإن السبب في ذاته يقتضى وجود المسبب وإنما انتفى المسبب لما عرض له من وجود المانع أونفى الشرط ويدخل أيضا هذا القيد السبب الذى لم يلزم من عدمه العدم لمقارنة عدمه وجود سبب آخر كوجود البول المقارن لعدم الغائط الذى هو أحد أسباب الطهارة. قوله أوشرط معطوف على سبب والشرط ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجود وجود ولا عدم لذاته كتمان الحول لوجوب الزكاة قال فى شرح المقدمات الشرط فى اللغة هو العلامة ومنه أشراط الساعة أى علامتها وأما فى الاصطلاح فمعناه ما ذكر وهو ينقسم إلى شرط عقلى وشرط عادي وشرط شرعي مثال الشرط

العقلى الحياة للإدراك فانه يلزم من عدم الحياة عدم الإدراك ولا يلزم من وجود الحياة وجود الإدراك ولا عدمه لأنه قد توجد الحياة ويكون معها غيبة بنوم أوإغماء أوجنون حتى لا يدرك الحى مع هذه الآفات شيئاً أصلا ومثال الشرط العادي النطفة في الرحم الولادة فإنه يلزم من نفى النطفة في الرحم نفي الولادة ولا يلزم من وجود النطفة في الرحم ولادة ولا عدمها لأنها بعد أن توجد في الرحم قد يكون الله تعالى منها ولادة وقد لا يكون مثال الشرط الشرعي الطهارة لصحة الصلاة وتمام الحول لوجوب الزكاة في العين والماشية مثلا فإنه يلزم من نفي الطهارة مع القدرة على تحصيلها عدم صحة الصلاة ولا يلزم من حصول الطهارة صحة الصلاة ولا عدمها لإمكان فسادها بعد حصول الطهارة باختلال ركن من أركانها ونحو ذلك وكذا يلزم من عدم تمام الحول عدم وجوب الزكاة في العين والماشية ولا يلزم من حصول تمام الحول وجوب الزكاة فيهما لتوقفه على سبب وهو ملك النصاب ملكا كاملا وزيادة مجيء الساعي في الماشية إن جرت العادة بمجيئه ونفي مانع الدين في العين دون الماشية ونفي مانع الرق والكفر فيهما وقولنا لذاته راجع للجملة الأخيرة وهو قولنا ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لأن وجود الشرط هو الذي قد يتفق فيه أن يصحبه وجود مانع فيلزم عدم المشروط حينئذ لكن لا بالنظر إلى ذات الشرط بل للنظر إلى ذات المانع وقد يصحب وجوده وجود السبب ونفي المانع فيلزم حينئذ من وجوده وجود المشروط كما لو صحب تمام الحول وجود السبب وهو ملك النصاب ملكا كاملا ونفي المانع الذي هو الدين فيلزم وجوب الزكاة لكن لم تجب بالنظر إلى ذات الشرط الذي هو تمام الحول وإنما وجبت بسبب ما قارنه من وجود سبب الزكاة ونفي مانعها ولو صحب تمام وجود المانع الذي هو الدين مثلا لزم معه عدم الزكاة لكن ليس بالنظر إليه لزم عدمها بل بالنظر إلى المانع الذي هو الدين وأما الجملة الأولى وهي قولنا ما يلزم من عدمه العدم فمعناه لازم للشرط على كل حال فلو قيدناه بذات الشرط لأوهم أنه قد لا يلزم من عدم الشرط عدم المشروط لمصاحبة عدمه أمرا يقتضي ذلك وذلك باطل قوله أو ذي منع معطوف على لسبب صفة لمحذوف أي أو بوضع لأمر ذي منع أي مانع والمانع ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته كالحيض لوجوب الصلاة قال في شرح المقدمات المانع من الشيء على ضربين أحدهما أن يمنع منه لمنافاته للسبب. الثاني أن يمنع منه لمنافاته له في نفسه. مثال الأول الدين في زكاة العين فإنه يمنع من وجوبها لسببها الذي هو الملك الكامل للنصاب ومثله الرق فإن كل واحد من الدين والرق مانع من كمال التصرف في المال فلم يثبت معهما الغني بذلك

المال الذي هو حكمة وجوب الزكاة فيه كما قال عليه الصلاة والسلام «خذها من أغنيائهم وردها على فقرائهم» ومثال الثاني الكفر مثلا بالنسبة إلى صحة الصلاة فإنه مانع من صحتها لا لمنافاته لسببها من دخول وقتها بل لمنافاته لها في نفسها إذ لايمكن مع الكفر التقرب بها إلى المولى تبارك وتعالى وهذا معنى قول الأصوليين المانع ينقسم إلى مانع السبب وإلى مانع الحكم وقولنا أيضا في حد المانع لذاته راجع إلى الجملة الأخيرة وهي قولنا ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته لأن عدم المانع هو الذي يتفق أن يصحبه وجود السبب والشرط فيلزم حينئذ من عدمه الوجود ولكن ليس ذات عدمه هي التي اقتضت الوجود بل الذي اقتضاه إجتماع السبب مع الشرط عند عدم ذلك المانع وقد يصحب عدم المانع عدم السبب أو عدم الشرط فيلزم حينئذ العدم لكن ليس لذات عدم المانع بل لمصاحبة عدم السبب أو عدم الشرط وأما الجملة الأولى وهي قولنا مايلزم من وجوده العدم فمعناها لازم للمانع على كل حال اهـ. (تنبيه) تقدم أن خطاب الوضع هو نصب الشارع أمارة من سبب أو شرط أو مانع على الطلب بأقسامه الأربعة وعلى الإباحة وعليه فلكل واحد من الأحكام الخمسة سبب وشرط ومانع قال بعضهم ممثلا للأقسام فالواجب كالظهر كذلك فالسبب زوال الشمس والشرط العقل والبلوغ والمانع الحيض والإغماء والمندوب كالنافلة فالسبب لها دخول الوقت وشرطها العقل والمانع عدم الوقت والمحرم كأكل الميتة فالسبب موتها حتف أنفها والشرط عدم الضرورة والمانع وجود الضرورة والمكروه كصيد اللهو فالسبب اللهو والشرط عدم الضرورة والمانع وجود الضرورة والمباح كالنكاح فالسبب له عقد والشرط خلو العقد من الموانع والموانع النكاح في العدة مثلا اهـ. أَقْسامُ حُكْم الشَرْعِ خَمْسَةٌ تُرَامْ فرْضٌ وَنَدْبٌ وَكَرَاهَةٌ حَرَامْ ثُمَّ إبَاحَةٌ فَمَامُورٌ جُزِمَ فَرْضٌ وَدُوَنَ الْجَزْمِ مَنْدُوبٌ وُسِمَ ذُو النَّهْيِ مَكْرُوهٌ وَمَعَ خَتْمٍ حَرامْ مَاذُونُ وَجْهِيْهِ مُباحٌ ذا تَمَامْ أخبر أن أقسام الحكم الشرعي خمسة ترام أي تقصد وجملة تراه صفة لخمسة وهي الفرض والندب والكراهة والحرام والإباحة ثم فسر ما أجمل في البيت بقوله فمأمور جزم إلخ يعني أن المأمور بفعله إن جزم بالأمر به أي طلب فعله طلبا جازما بأن لم يجوز

تركه فهو الفرض وذلك كالإيمان بالله ورسله وكقواعد الإسلام الخمس وإن لم يجزم بالأمر به بأن طلب طلبا غير جازم بأن جوز تركه فهو المندوب وذلك كصلاة الفجر ونحوها وجملة وسم أي علم من الوسم وهي العلامة صفة مندوب وأن المنهى عن فعله الذي طلب تركه إن كان النهي من غير تحتم بأن جوز فعله فهو المكروه وذلك كالقراءة في الركوع مثلا وإن كان مع تحتم بأن لم يجوز فعله فهو الحرام وذلك كشرب الخمر والزنا ونحوهما وأن ما أذن الشرع في فعله وتركه على السواء هو المباح فم أفاد بقوله ذا تمام أن هذا القسم الأخير أو جميع الأقسام المذكورة تمام أقسام الحكم الشرعي وكون المباح أحد أقسام الحكم الشرعي هو الذي عند الأكثر وقيل ليس هو منها وإنما هي الأربعة دونه وسبب الخلاف الاختلاف في تفسير المباح فمن فسره بنفي الحرج لايكون عنده من الشرع لأنه كان منفيا قبل الشرع ومن فسره بالإعلام بنفي الحرج فإنما يعلم من الشرع فهو عنده من الشرع قاله ابن أبي يحيى في شرح الرسالة والفرض والواجب مترادفان أخذا من فرض الشيء قدره ووجب الشيء وجوبا ثبت فكل من المقدر والثابت أعم من أن يثبت بقطعي أو ظني خلافا لأبي حنيفة في أن الفعل إن ثبت بدليل قطعي كقراءة القرآن في الصلاة الثابت بقوله تعالى {فاقراءوا ما تيسر من القرآن} فهو الفرض وإن ثبت بدليل ظني كخبر الواحد فهو الواجب كقراءة الفاتحة في الصلاة الثابتة بحديث الصحيحين (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) فيأثم بتركها ولا تفسد به الصلاة عنده بخلاف ترك القراءة والندب قال في المشارق ندبه للجهاد حثه والندب الحث على الشيء والرغبة فيه اهـ. والمكروه لغة ضد المحبوب والحرام ما أوجب الشرع احترمه أي تجنبه واتقاءه والمباح مأخوذ من التوسعة وعدم الضيق ومنه باحة الدار أي ساحتها ويقال فيه الحلال لأنه انحلت عنه التبعات فلا حق فيه للخلق ولا مللع فيه من جانب الحق وقال بعضهم اختلف في حد الواجب فقيل ما حرم تركه أو ترك بدله إن كان له بدل وقيل ما في فعله ثواب وفي تركه أو ترك بدله إن كان له بدل عقاب وقال القرافي الواجب ما ذم تاركه شرعا والمحرم ما ذم فاعله شرعا والمندوب ما رجح فعله على تركه؛ من غير ذم وقيل ما في فعله ثواب وليس في تركه عقاب والمكروه ما رجح تركه على فعله شرعاً من غير ذم وقيل ما في تركه ثواب وليس في فعله عقاب والمباح ما استوى طرفاه في نظر

الشرع اهـ. (تنبيهات) الأول قال في جمع الجوامع الحكم الشرعي إن تغير إلى سهولة لعذر مع قيام السبب للحكم الشرعي فرخصة وإلا فعزيمة اهـ. أي فالحكم المتغير إليه السهل يسمى رخصة وهي لغة السهولة ثم قد تكون واجبة كأكل الميتة للمضطر ومندوبة كقصر الصلاة في السفر ومباحة كالسلم الذي هو بيع موصوف في الذمة وخلاف الأولى كفطر مسافر لا يشق عليه الصوم مشقة قوية والحكم الأصلي في هذه المثل الحرمة وسهولة الوجوب في أكل الميتة موافقته لغرض النفس في بقائها وقيل إنه عزيمة لصعوبته من حيث إنه وجوب والسهولة في الثلاثة الأخيرة ظاهرة والأعذار هنا الاضطرار لأكل الميتة ومشقة السفر في القصر والفطر والحاجة إلى ثمن الغلات قبل إدراكها والسبب فيها للحكم الأصلي الذي هو حرمة لخبث في الميتة ودخول وقتي الصلاة والصوم في القصر والفطر لأنه سبب لوجوب الصلاة تامة ولوجوب الصوم والغرر في السلم والسبب فيها قائم حال الحلية فإن لم يتغير الحكم أصلا سمي عزيمة كوجوب الصلوات الخمس ووجوب الإطعام في كفارة الظهار عند فقد الرقبة لأنه الواجب ابتداء على ما فقدناه كما أن الإعتاق هو الواجب ابتداء على واجدها وكذا التيمم على فاقد الماء لأنه الواجب في حقه ابتداء بخلاف التيمم لجرح ونحوه وكذا إن تغير إلى صعوبة كحرمة الاصطياد بالإحرام بعد إباحته قبله وكذلك إن تغير إلى سهولة من غير عذر كجواز ترك الوضوء لصلاة ثانية مثلا لمن لم يحدث بعد حرمته في صدر الإسلام بمعنى أنه خلاف الأولى وكذا إن تغير إلى سهولة لعذر لكن لا مع قيام السبب للحكم الأصلي كإباحة فرار الواحد من العشرة بعد حرمته فالعذر مشقة الثبات والسبب قلة المسلمين حينئذ فلم يبق ذلك السبب حالة الإباحة لكثرة المسلمين ويسمى الحكم فيما اختل فيه قيد من هذه القيود عزيمة لأنها مبالغة القصد المصمم لأنه عزم أمره أي قطع وحتم صعب على المكلف أو سهل (الثاني) قال في شرح المقدمات مذهب جمهور الأصوليين أن الأحكام التكليفية وهي التي يخاطب بها المكلفون خمسة الإباحة والأربعة الداخلة في الطلب وزاد ابن السبكي سادساً وهو خلاف الاولى لأن النهي غير الجازم عنده إن تقلق بالكف عن الفعل بدلالة المطابقة كالنهي المتعلق بالقراءة في الركوع مثلا فهو الكراهة وإن تعلق بالكف عن الفعل بدلالة الالتزام على النهي عن ضده فهو خلاف الأولى كطلب قيام الليل فإنه يدل بالالتزام على النهي عن ضده كنوم الليل كله فيطلق على النوم إنه خلاف الأولى ولا

يطلق عليه إنه مكروه وتبع السبكي في زيادة هذا القسم السادس إمام الحرمين قال والإمام أول من علمناه ذكره قال العراقي بل نقله الإمام عن غيره فقال إنه مما أحدثه المتأخرون (الثالث) اعلم أن المندوب يستعمل على عبارات يرجع اختلافها إلى قوة تأكيد بعضها على بعض فقال مندوب ومسنون ونفل ورغبية ومستحب ومستحسن وفضيلة وتطول وأدب وهي كلها راجعة لشيء واحد وهو ما طلب فعله طلباً غير جازم الذي هو حقيقة المندوب وسيأتي بعض الكلام على هذا المعنى في شرح البيت الآتي قريبا إن شاء الله تعالى (الرابع) من فعل طاعة على وجه مكروه كإن يصلي على الجنازة في المسجد فهو كمن فعل مكروها محضا فلا يأثم على صلاته ولا يؤجر عليها ولو ترك الصلاة عليها في المسجد أجر لما مر أن المكروه هو ما في تركه ثواب وليس في فعله عقاب وَالْفَرْضُ قِسْمانِ كِفَايَةٌ وَعَيْنُ وَيَشْمَلُ المنْدُبُ سُنَّةً بِذَيْنُ أخبر أن الفرض الذي هو أحد الأقسام الخمسة المتقدمة يقسم إلى قسمين فرض عين أي على كل مكلف كالصلوات الخمس ونحوها وفرض كفاية يحمله من قام به إذا فعله البعض سقط عن الباقين كإنقاذ الغريق وتجهيز الميت وأن المندوب الذي هو أحد الأقسام الخمسة أيضا يشمل السنة أي يصدق عليها لأن طلبها غير جازم أيضاً حالة كون السنة بهذين القسمين المتقدمين من عين وكفاية فالمندوب فاعل يشمل بفتح الميم وسنة مفعوله وبذين تثنية ذا يعرد على الكفاية والعين ويتعلق بمحذوف صفة سنة العين كالوتر ونحوه وسنة الكفاية كالأذان والإقامة وسلام واحد من جماعة وشمول المندوب للسنة هل هو على معنى ترادفهما وهو قول الجمهور إن المندوب والمستحب والتطوع والسنة ألفاظ مترادفة أي أسماء لمعنى واحد وهو الفعل المطلوب طلباً غير جازم أو على معنى أن المندوب أعم فيصدق بالسنة وبغيرها وهو المتبادر من كلام الناظم وهو قول القاضي حسين وغيره بعدم ترادفهما وأن الفعل إن واظب عليه النبي فهو السنة وإن لم يواظب عليه فإن فعله مرة أو مرتين فهو المستحب وإن لم يفعله وهو ما ينشئه الإنسان باختياره من الأوراد فهو التطوع والمندوب يشملها كلها وقال ابن رشد إن كثرت أجور المندوب وأظهره النبي في الجماعات يسمى سنة وإن قلت ولم يظهره سمي نافلة وإن توسطت بين القسمين سمي فضيلة.

(تنبيهات) الأول قال في جمع الجوامع فرض الكفاية مهم يقصد حصوله من غير نظر بالذات إلى فاعله فقال المحلي أي يقصد حصوله في الجملة فلا ينظر إلى فاعله إلا بالتبع للفعل ضرورة أنه لا يحصل بدون فاعل فيتناول ما هو ديني كصلاة الجنازة والأمر بالمعروف ودنيوي كالحرف والصنائع وخرج فرض العين فانه منظور بالذات إلى فاعله حيث قصد حصوله من كان واحد من المكلفين أو من عين مخصوصة كالنبي فيما فرض عليه دون أمته اهـ. وهل هو أفضل من فرض العين لأنه يصام بقيام البعض به جميع المكلفين عن الإثم المرتب على تركهم له وفرض العين إنما يسقط الإثم عن القائم به فقط أو فرض العين أفضل لشدة اعتناء الشارع به يقصد حصوله من كل واحد في الأغلب قولان وهل فرض الكفاية واجب على البعض أو على الكل قولان وعلى الأول فقيل إن ذلك البعض معين عند الله تعالى يسقط الفرض بفعله وبفعل غيره كما يسقط الدين عن الشخص بأداء غيره عنه وقيل هو من قام به ويتعين بالشروع فيه فيصير كفرض العين في وجوب إتمامه وسنة الكفاية كفروضها في جميع ما تقدم قال الإمام شهاب الدين القرافي رحمه الله في القرن الثالث عشر بين قاعدتي فرض الكفاية وفرض العين وظابط كل واحد منهما وتحقيقه بحيث لا يلتبس بغيره أن تقول الأفعال قسمان منها ما تكرر مصلحته بتكرره ومنها ما لاتتكرر مصلحته بتكرره فالقسم الأول شرعه صاحب الشرع على الأعيان تكثيرا للمصلحة بتكرر ذلك الفعل كصلاة الظهر فإن مصلحتها الخضوع لله تعالى وتعظيمه ومناجاته والتذلل له والمثول بين يديه والتفهم لخطابه والتأدب بآدابه وهذه المصالح تكثر كما كررت الصلاة والقسم الثاني كانقاذ الغريق إذا سأله إنسان فالنازل بعد ذلك إلى البحر لا يحصل شيئا من المصلحة فجعله صاحب الشرع على الكفاية نفيا للعبث في الأفعال وكذا كسوة العريان وإطعام الجوعان ونحوهما فهذا هو ضابط القاعدتين وبه تعرفان. ثم ذكر مسألتين المسألة الأولى أن الكفاية والأعيان كما يتصوران في الواجبات يتصوران في المندوبات كالأذان والإقامة والتسليم والتشميت وما يفعل بالأموات من المندوبات فهذه على الكفاية والذي على الأعيان كالوتر والفجر وصيام الأيام الفاضلة وصلاة العيدين والطواف في غير النسك والصدقات المسألة الثانية يكفي في سقوط المأمور به على الكفاية ظن الفعل لا وقوعه تحقيقا فإذا غلب على ظن هذه الطائفة أن تلك فعلت سقط عن هذه وإذا غلب على ظن تلك أن هذه فعلت سقط عن تلك وإن غلب على ظن كل منهما فعل الأخرى سقط الفعل عنهما اهـ. وإلى كلام الشهاب هذه أشار الإمام سيدي أبو الحسن علي الزقاق بقوله في المنهج المنتخب وفرض عين الذي تكررا نفع به غير كفاية يرى

ثم قال والظن كلف في السقوط والسنن عين كفاية على ذاك السنن الثاني تقدم في كلام القرافي حصر فرض الكفاية بالحد والضابط وهو ما لا تكرر مصلحته بتكرر فعله وأما حصره بالعد فقد ذكروا أشياء منها القيام بالعلوم الشرعية من حفظ القرآن والحديث ومعرفة علومهما والأصول والفقه والنحو واللغة والتصريف ومعرفة رواة الحديث والإجماع والخلاف فتسقط بفعل البعض ومع الترك يأثم كل من أمكنه ذلك ولا يأثم من لم يتمكن لكونه غير أهل أو لعذر وقد تقدم في شرح قوله الذي علمنا من العلوم ما به كلفنا الكلام على فرض العين من العلوم فراجعه إن شئت ومن فروض الكفاية الجهاد وزيارة الكعبة كل سنة والقضاء لأن الإنسان لا يستقل بأمور دنياه فيحتاج إلى غيره وبالضرورة أنه قد يحصل بينهما التشاجر وتحمل الشهادة وكان على الكفاية لأن الغرض يحصل بالبعض ويتعين في حق من انفرد خليل والتحمل إن افتقر إليه فرض كفاية وتعين الأداء من كبر يدين وعلى ثالث لمن لم يجتز بهما والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشروطه انظر حاشية الخطاب عند قوله في الرسالة ومن الفرائض الأمر بالمعروف إلخ والإقامة الكبرى وأما إمامة الصلاة فهي تابعة لصلاة الجماعة والمشهور أنها سنة مؤكدة في غير الجمعة وقيل فرض كفاية ورد السلام فإذا سلم على الجماعة وقام بالرد واحد منهم سقط عن الباقين والرباط في ثغور المسلمين وسدها وحياطتها والفتوى على المتأهلين لها والحرف المهمة كالحراثة والتجارة والقيام بمؤن الميت كالغسل والصلاة والدفن وحضانة اللقيط خليل ووجب لقط طفل نبذ كفاية وحضانته ونفقته إن لم يعط من الفيء والتوثيق وهو كتب الوثائق وفداء أسارى المسلمين والدرء بالدال المهملة وهو دفع الضرر في النفس أو المال عمن لا يستحقه شرعاً كدفع الصائل من إنسان أو بهيمة وتخليص الغريق إن كان لا يحسن العوم وإعطاء الطعام والشراب لمن اضطر إليه فهذه ستة عشر وقد عدها صاحب المنهج المنتخب في بيتين بعد أول البيتين المتقدمين بالشرع قم جاهد وزر أفض أشهد بالعرف مرام سلاما اردد ورابط افت واحترف والميت صن واحضن ووثق وافد وادرأ تؤتمن وزاد بعضهم في عد فروض الكفاية عيادة المرضى وتمريضهم وحضور محتضريهم ونصيحة المسلم وإطعام الجياع وستر العورة وحفظ القرآن سوى الفاتحة فإن حفظها فرض عين وضيافة الوارد والآذان على قول والظاهر اندراج ما عدا عيادة المرضى وحضور المحتضر لغير تمريض وحفظ القرآن والأذان في الدرء وقد نظمت هذه التسع

بزيادة تشميت العاطس فقلت عيادة تمريض مع حضور محتضر ضيافة المرور وحفظ قرآن سوى المثاني نصيحة زدها مع الأذان تشميت عاطس وستر عورة إطعام جائع تمام العشرة فكلها فرض كفاية فان ألفيت غيرها أضفه لاتبن وحاصل هذه المسائل نوعان دنيوية كالحرف المهمة ودينية وهي جلها ومترددة بينهما كالقضاء والشهادة والدينية نوعان علم وهو القيام بعلوم الشريعة وعمل كالأمر بالمعروف والجهاد ونحوهما (الثالث) قال الإمام أبو عبد الله محمد الحطاب رحمه الله السنة لغة الطريقة وما رسم ليحتذى أي يتبع والمراد بها عرفا سيدنا محمد والتي لم يدل دليل على وجوبها ثم إن كان قد فعلها وداوم عليها وأظهرها في جماعة كالوتر والعيدين والاستسقاء أو فهم منه إدامتها كصلاة خسوف الشمس فسنة مؤكدة أي لا يسمع تركها وإن لم يأثم التارك لها وإن اختل الإظهار أو داومه فنافلة كصلاة الضحى وقيام الليل لأن صلاة الليل أظهرها ولم يدام على إظهارها وصلاة الضحى داوم عليها ولم يظهرها حتى قالت عائشة رضي الله تعالى عنها من حدثك إنه كان يصلي الضحى فقد كذب وصح نقلها عنه عليه الصلاة والسلام من غير وجه فتأمل ذلك وإن وقع الترغيب فيها بمجرد قوله «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها» فرغبية وكذا بمجرد فعل كركعتين بعد المغرب وإحياء ما بين العشاءين وإنما اختلف في ركعتي الفجر اعتباراً للمدرك الحكم والله أعلم وإن كانت منوطة بالأكل والشرب والسفر واللباس فهي الأدب وهذا ما اقتضاه كلام الشيخ يعني ابن أبي زيد في رسالته وهو قريب من اصطلاح المحدثين والشافعية وأما أهل المذهب فكل ما وراء الفرض عندهم نافلة لأن أصل النفل الزيادة ثم تفصل إلى سنة مؤكدة ومخففة ورغبية ونافلة وهي الفضيلة قال ابن بشير ولا فرق بينها إلا كثرة الثواب وقد اضطر أهل المذهب في ذلك بما يفهم أن ذلك راجع للاصطلاح وهو لا يتيقد بغير قصد واضعه وقال المازري السنة ما رسم ليحتذى فالواجب يسمى سنة على هذا وهي طريقة من طرق صاحب الشرع وأصل السنة الطريقة لكن غلب على ألسنة الفقهاء إطلاق هذه التسمية على العبادات الذي يجوز تركها والواجب يحرم تركه ولا يطلقون هذه التسمية في غالب محاوراتهم وقد يطلقون السنة على ما وجب بالسنة وهو شاذ عن عادة الإطلاق عندنا وكذا يطلق الفقهاء لفظ الرغائب والواجبات مرغب فيها والاشتقاق يقتضي كونها من الرغائب لكنهم لا يختلفون على الامتناع من إيقاع هذه

التسمية على الواجبات وأما النافلة فهي الزيادة وتطلق على بعض المندوبات لكونها زيادة في الفرض وأصل الاشتقاق يقتضي إطلاق التسمية على سائر المندوبات لكونها زيادة على أصل الفرض لكنهم لم يستعملونها أيضا في الجميع وكذلك قولهم فضيلة إنما يطلقونه على بعض المندوبات فإن كان أخذا من الفضلة فالواجب فيه فضل وإن كان أخذا من الفضيلة فالمندوبات كلها كالفضيلة مع الواجبات هذا اشتقاق هذه التسميات ولكنهم اصطلحوا على معان لتمييز كل نوع عن صاحبه بمجرد النطق بتسميته فسموا كل ما علا قدره في الشرع من المندوبات وأكد الشرع أمره وحده وقدره وأشاده وأشهره سنة كالعيدين والاستسقاء وسموا ما كان في الطرف الآخر في العكس من هذا نافلة وسموا ما توسط بين هذين الطرفين فضيلة هذا هو سر القوم في إطلاق هذه التسميات وهي مما يكثر جريانها في ألسنة أهل الشرع وقال ابن بشير وقد قيل في الفرق بين السنن والفضل والمستحبات أن كل ما واظب عليه رسول الله مظهراً له فهو سنة بلا خلاف وما نبه عليه وأجمله في أفعال الخير فهو مستحب وما واظب على فعله غير مظهر له ففيه قولان أحدهما تسميته سنة التفاتا إلى المواظبة والثاني تسميته فضيلة التفاتا إلى ترك إظهاره وهذا كركعتي الفجر قال بعضهم واسم المندوب يقع على الثلاثة اهـ.

كتاب الطهارة

كتاب الطهارة لما فرع الناظم رحمه الله في مسائل الاعتقاد المتعلقة بالقاعدة الأولى من قواعد الاسلام وهي الشهادتان شرع الآن فيما يتعلق بالقاعدة الثانية وهي الصلاة من بيان صفة الماء الذي تحصل به الطهارة بقسميها أعني طهارة الحدث والخبث لأنها شرط في الصلاة والشرط متقدم على المشروط وهي إنما تكون بالماء غالبا فاحتيج إلى معرفتها قبلها إذ هو كالآلة لها وتقسم طهارة الحدث إلى صغرى وكبرى وذكر نواقضهما وفرائضهما وسنتهما ومستحباتهما وموانعهما وبعض المكروهات وما ينوب عن الطهارة المائية عند تعذرها وهو التيمم وما يتعلق به من فرائض وسنن ومستحبات وما يتعلق بذلك قال الإمام أبو عبد الله محمد بن مرزوقفي أول شرحه على مختصر الشيخ خليل ما نصه ببعض اختصار اختلفت مقاصد الفقهاء والمحدثين فيما يبتدئون به كتبهم اختلاف أغراضهم فيما قصدوا تبينه من أحكام الشريعة المتعلقة بأعمال القلوب وهي الاعتقادات المسماة بأصول الدين وأعمال الجوارح والظاهرة المسماة بالفروع فابتدأ البخاري ببيان بدء الوجه لقصد بيان أصول الشريعة وما ذكره من كتاب الايمان وغيره مبني عليه وقريب من مسلك البخاري مسلك ابن ماجه في ابتدائه بالتحريض على اتباع السنة لأنه أصل لما ذكر بعده من كتاب الايمان وغيره وابتدأ مسلم بكتاب الايمان لأنه رأى الشريعة تقررت وإنما يحتاج إلى بيان أحكامها الأصولية والفرعية وهو الذي قصد الشيخ أبو محمد في ابتداء رسالته بالكلام في العقائد قلت وصنيع الناظم مثل صنيع الشيخ أبي محمد قال ابن مرزوق ومن لم يبتدىء ببيان العقائد من الفقهاء والمحدثين رأى أن الكلام إنما هو في فروع الدين وذلك إنما يكون بعد تقرر العقائد الذي هو الواجب الأول على اختلاف بين العلماء في أول ذلك الواجب ما هو وهو فن مستقل بنفسه وكل هؤلاء أو جلهم ابتدأوا بالكلام في أول أركان الفروع التي بني عليها الاسلام وهو الصلاة المذكورة في الحديث بعد ركن الأصل الأول وهو الشهادتان تبركا بالحديث ولأن الصلاة من الدين كالرأس من الجسد ولقول عمر رضي الله عنه من حفظها وحافظ عليها فقد حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ثم لا يتحدثون بعدها في الغالب إلا في بقية الأركان المذكورة في الحديث إلا أن مقاصدهم اختلفت هنا أيضاً فمن ابتدأ بالكلام في الطهارة وهم الأكثرون رأى أنه مفتاح الصلاة الذي به تدخل والكلام في الشرط متقدم على المشروط ومن ابتدأ في الكلام في أوقات الصلاة كفعل الامام في الموطأ رأى أن الخطاب بالطهارة وغيرها إنما يكون

بعد دخول الوقت فقدم الكلام فيه ثم عاد إلى الكلام في الطهارة ثم الذين ابتدأوا بالطهارة أو ذكروها بعد العقائد اختلفت أراؤهم فيما يقدمون من أنواعها فمنهم من ابتدأ بذكر عمل الوضوء كالمدونة وابن الجلاب لأنه المنصوص عليه في القرآن عند القيام إلى الصلاة ومنهم من ابتدأ بذكر نواقض الوضوء كالرسالة لانها السابقة عليه عادة ومنهم من ابتدأ بذكر ما تكون به الطهارة وهو الماء في الغالب لانه إن لم يوجد هو أو بدله لا توجد الطهارة فهو كالآلة واستدعى الكلام فيه الكلام على الطاهر والنجس من الاشياء ليعلم ما ينجس الماء مما لا ينجسه وهذه طريقة المصنف ومن سبقه إلى ذلك (قلت) يعني بالمصنف الشيخ خليلا وبمن سبقه صاحب الجواهر وابن الحاجب وكذا فعل الناظم حيث قدم الكلام على المياه على الكلام في الطهارة قال ابن مرزوق والجميع مقتدون في الاستفتاح بما استفتح به القرآن العظيم من صفة المرتضين من عباد الله في قوله تعالى {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون} وفي ابتداء الكلام بما ابتدأ بذكره رسول الله حين ذكر ما بني عليه الاسلام اهـ والطهارة في اللغة قال الشيخ أبو الحسن الصغير أصلها النزاهة والتخلص من الأنجاس والآثام وهي في عرف الفقه والشرع إزالة الدنس والنجس أو ما في معناه في الحدث بالماء أو ما في معناه ولا يعترض على هذا بالتيمم وهو من أقسام الطهارة وليس فيه تحسين ظاهر فإن المقصود فيه استباحة الطاعة المشترك فيها الطهارة أو رفع الحدث الموجب لها فهو في معنى التحسين والتنظيف وشرع عند تعذر الماء بدلا منه لئلا تطول المدة بترك العبادة فتركن النفس إلى الدعة بتركه فيصعب عليه الرجوع إلى متكرر الطهارة اهـ ولابن عرفة هنا حدود أربعة الطهارة والطهورية والتطهير والطهور وللناس معه فيها أبحاث كثيرة وأجوبة أنظر شرحها للرصاع فَصْل وَتَحْصُلُ الطَّهارَةُ بِما مِنَ التَّغَيُّرِ بِشَيْءٍ سَلِما إذَا تَغَيَّرع بِنَجْسٍ طُرِحا أوْ طَاهِرٍ لِعَادَةٍ قَدْ صَلْحا إلاَّ إذَا لاَزَمَهُ فِي الْغالِبِ كمُغْرَةٍ فَمُطْلَقٌ كالذَّائِبِ أخبر أن الطهارة تحصل بالماء الذي سلم من التغير بشيء من الاشياء أي النجسة

أو الطهارة ولذا نكر شيئاً أي بحيث لم يتغير لونه ولا طعمه ولا ريحه لا بطهارة ولا بنجس ثم أفاد في البيت الثاني ما إذا تغير فأخبر أن الماء إذا تغيرت أوصافه أو أحدها بنجس كالبول والخمر فإنه يطرح لنجاسته أي فلا يستعمل في العبادات من وضوء أو غسل أو إزالة نجاسة من ثوب أو بدن أو مكان ولا في عادات من شرب أو طعام ونحوهما لان حكمه حينئذ حكم مغيره ومغيره من بول أو نحوه لا يستعمل في عادة ولا في عبادة فكذلك هو وإن تغيرت أوصافه أو أحدها بطاهر كالزيت واللبن فانه يصلح للعادات دون العبادات ثم استثنى من التغير بطاهر ما تغير بما يلازمه ولا ينفك عنه غالبا كالمتغير بالمغرة والزرنيخ الجاري هو عليهما وحكم عليه بأنه مطلق فيستعمل في العادات والعبادات وكذا المتغير بالطحلب بضم الطاء وسكون الحاء المهملة وبضم اللام وفتحها خضرة تعلو الماء لطول مكثه وكذا المتغير بالمكث وهو طول الإقامة قال في التوضيح لمشقة الاحتراز من المغير المذكور ثم قال قال سند وأما رائحة القطران تبقى في الوعاء وليس له جسم يخالط الماء فلا بأس ولا يستغنى عنه عند العرب وأهل البوادي اهـ. واحترز بقوله إلا إذا لازمه في الغالب مما يغير الماء وليس مما يلازمه غالبا كورق الشجر وفيه قولان الجواز للعراقيين والمنع للابياني حكاهما الباجي وكالغدير المتغير بأرواث الماشية فان مالكا قال فيه ما يعجبني ولا أحرمه اللخمي المعروف من المذهب أنه غير مطهر قال سند ليس الأمر على ما قال اللخمي بل إنما تردد مالك في ذلك لأنه رآه غالبا وكالمتغير بنشارة الأرز ففي أسئلة ابن رشد إذا تغير ماء القناة بما يخالطه من نشارة الأرز فلا يصح استعماله في شيء من ذلك وكذلك الماء المتغير في حواشي النهر المتغير من الكنان المنقوع فيه وأما الماء يستقى بالكوب الجديد أو الحبل الجديد فلا يجب الامتناع من استعماله في الطهارة إلا أن يطول مكث الماء في الكوب أو طرف الحبل حتى يتغير من ذلك تغيرا فاحشا اهـ قال الشيخ خليل في مختصره ويضر بين تغير بحبل سانية كغدير بروث ماشية أو بئر بورق شجر أو تين والأظهر في بئر الباديه بهما الجواز قوله كالذائب معناه أن الماء إذا ذاب بعد أن كان جامدا فمطلق أيضا وذلك كالثلج

والبرد والجليد سواء ذاب بموضعه أو بغيره ويدخل في ذلك الملح الذائب بعد جموده بموضعه سواء كان جموده بصنعة أو لا وحاصل الأبيات أن الماء إن لم يتغير أصلا فمطلق طهور وان تغير بما يلازمه في الغالب فكذلك أيضا وإن تغير بما لا يلازمه في الغالب فليس بطهور وقد تقدمت أمثلتها وبعد كونه ليس بطهور إن تغير بنجس فلا يستعمل في شيء وإن تغير بطاهر استعمل في العادات فقط والنجس في النظم ساكن الجيم تخفيفاً للوزن قال ابن هارون في (شرح) ابن الحاجب والحيوانات طاهرة قال سحنون وابن الماجشون الكلب والخنزير نجس ما نصه نجس بفتح الجيم ويصح الاخبار به عن المفرد وغيره كقولهم رجل عدل ورجلان عدل ورجال عدل ولذا أفرده هنا وفي كتاب الإقليد لتاج الدين عرف بالفركاح النجس بفتح الجيم عين النجاسة وعليه جاء قوله تعالى {إنما المشركون نجس} على المبالغة بجعلهم أنجاسا وبكسر الجيم المتنجس من الطهارات ويقال نجس الماء بكسر الجيم ينجس بفتحها في اللغة الفصحى وينجس بضمها في لغة ضعيفة اهـ الجوهري نجس الشيء بالكسر وأنجسه غيره ونجسه بمعنى اهـ (تنبيهات) الأول ظاهر كلام القاضي عبد الوهاب أن الماء المطلق والطهور مترادفان لأنه قال الماء ضربان مطلق ومضاف والتطهير بالمطلق دون المضاف والمطلق ما لم يتغير أحد أوصافه بما ينفك عنه غالبا مما ليس بقرار له ولا متولد عنه فيدخل في ذلك الماء القراح وما تغير بالطين لأنه قراره وكذلك ما يجري على الكبريت وما تغير بطول المكث لأنه متولد عنه وما تغير بالطحلب لأنه تغير من مكثه وما انقلب من العذوبة إلى الملوحة لأنه من أرضه وطول إقامته ويدخل في ذلك المستعمل على كراهة وكذلك القليل الذي لم تغيره النجاسة والمضاف نقيض المطلق وهو ما تغيرت أوصافه أو أحدها من مخالطة ما ينفك عنه غالبااهـ فانظر كيف جعل جميع ما يتطهر به مطلقا فهو كالصريح في ترادفهما وإياه تبع الناظم حيث حكم على المتغير بما يلازمه غالبا بأنه مطلق وأصرح من ذلك في هذا المعنى ما يقع في بعض نسخ هذا النظم وهو الذي رأيته بخط الناظم رحمه الله في نسختين بدل البيت الأول ونصه ويحصل الطهران بالماء المطلق وهو الذي من التغير يقي فانه كالصريح في متابعة القاضي عبد الوهاب في ترادفهما حيث صرح في البيت الأول بأن ما لم يتغير مطلق وهذا شامل لما لم يخالطه شيء ولم يغيره وفي البيت الثاني

بأن المتغير بما يلازمه غالبا مطلق أيضا فجعل جميع ما يتطهر به مطلقا وكذا فعل الشيخ خليل في مختصره وظاهر صنيع ابن الحاجب حيث فسر المطلق بأنه الباقي على خلقته أي لم يضف إليه شيء أصلا كما قال في الجواهر أنه الباقي على أوصاف خلقته من غير مخالط وجعل ما تغير بما لا ينفك عنه غالبا ملحقا بالمطلق والملحق بالشيء خلافه وجعل ما خولط بغيره ولم يتغير قسما للمطلق لأن المطلق أخص من الطهور والطهور أعم منه وعليه فكل مطلق طهور وليس كل طهور مطلقا فإن المخالط غير المغير والمغير بما يلازمه في الغالب طهور غير مطلق (الثاني) قسم ابن الحاجب المياه إلى ثلاثة أقسام فقال المطلق طهور وهو الباقي على خلقته ويلحق به المتغير بما لا ينفك عنه غالبا كالتراب والزرنيخ الجاري هو عليهما والطحلب والمكث ثم قال والمسخن بالنار والمشمس كغيره الثاني ما خولط ولم يتغير فالكثير طهور باتفاق والقليل بطاهر مثله ووقع لابن القابسي غير طهور والقليل بنجاسة المشهور مكروه وقيل نجس ثم قال الثالث ما خولط فتغير لونه أو طعمه أو ريحه فحكمه كمغيره ولم يعتبر ابن الماجشون الريح ولعله قصد التغير بالمجاورة (الثالث) شمل قولالناظم وتحصل الطهارة طهارة الحدث وطهارة الخبث كما هو مصرح به في النسخة الثانية والحدث هو المنع المرتب على الأعضاء كلها وهو الحدث الأكبر أو بعضها وهو الأصغر والخبث هو النجس فطهارة الخبث هي إزالة النجاسة عن الثوب والبدن والمكان فأما الحدث فلا يرتفع إلا بالماء الطهور اتفاقا كذا قال ابن الحاجب وسلمه في التوضيح وبحث بعضهم في الاتفاق لوجود خلاف في رفعه بالتيمم وأما الخبث وهو النجس فيزول عنه بغير المطلق اتفاقا وأما حكمه فالمشهور أنه لا يزول إلا بالمطلق وقيل يزال بالماء المضاف حكاه في النوادر وقيل بكل مائع قلاع كالخل ذكره اللخمي قال المازري وأراه أخذه من قول ابن حبيب إذا بصق دما ثم بصق حتى زال أنه يطهر ورده المازري بجواز أن يكون ابن حبيب إنما عفا عن هذا ليساره وعلى المشهور من أن حكمها لا يزال إلا بالمطلق فاذا زال عنها بغير المطلق عن ثوب فلا تجوز الصلاة به على المشهور وعليه فهل ينجس ما لاقاه قولان والأكثرون على عدم التنجس إذ الأعراض لا تنتقل قال ابن عبد السلام قولهم لا تزال النجاسة إلا بالمطلق عند الأكثر يدل على أن إزالتها تعبد وقولهم لا يفتقر زوالها إلى نية يدل على أنها معقولة المعنى فهو تناقض قال ابن ناجي ما ذكره صحيح وقد أوردته في درس كثير من أشياخي فكلهم لم يجب عنه إلا بما لا يصلح اهـ قلت الجواب عن ذلك ما قاله القاضي أبو عبد الله المقرىء في قواعده أو إزالة النجاسة فيها شائبتا المعقولية والتعبد

فأعمل الإمام الشائبتين معا فلإعمال شائبة المعقولية أسقط النية ولإعمال شائبة التعبد اشتراط ان تزال المطلق دون غيره (الرابع) ما تقدم من أن حكم الخبث لا يرتفع إلا بالمطلق مقيد بغير الإستنجاء فيكفي في رفعه مع وجود الماء وإزالة النجاسة بالأحجار وجواهر الأرض كالتراب ونحوه بل ويكفي كل يابس طاهر منق ليس بمؤذ ولا ذي حرمة وقال ابن حبيب إنما يكفي ذلك إن عدم الماء أما مع وجوده فلا وتأوله الباجي على الاستحباب قال وإلا فهو خلاف الإجماع قال في التوضيح والمشهور أظهر لعموم أحاديث الاستجمار اهـ ويأتي الكلام على الاستنجاء والاستجمار وما يتعلق بهما حيث تعرض الناظم لبعض ذلك إن شاء الله (الخامس) ظاهر قوله (بما من التغير بشيء سلما) وقوله (إلا إذا لازمه في الغالب) أن التغير بما ينفك عنه غالبا غير طهور سواء تغير لونه أو طعمه أو ريحه وهو كذلك على المشهور خلافا لابن الماجشون في عدم اعتبار تغير الريح فقد نقل عنه الباجي إن وقعت فيه ميتة لم تضره إن تغير ريحه فقط وهذا النقل يرد جواب ابن الحاجب عن ابن الماجشون بقوله ولعله قصد التغيير بالمجاورة (السادس) مما ينبغي التنبيه عليه هنا بيان الطاهر من الأشياء والنجس منها لتفصيلهم في الماء المغير بين أن يتغير بطاهر أو نجس فتأكدت معرفتهما لذلك. ولذكر بعض ذلك باختصار فمن الطاهر ميتة ما لا نفس له سائلة كالزنبور والعقرب والخنفساء وبنات وردان والصرصر وهي دويبة تصيح بالليل قفاز شبيهة بالجواد وشبه ذلك لا ينجس في نفسه ولا ينجس ما مات فيه ولا يؤكل إلا بذكاة على المشهور الموافق وفي المدونة إن وقع الخشاش في قدر أو إناء أكل إن تميز الخشاش فازيل أو لم يتميز وقل وكثر الطعام كاختلاط نملة بكثيره ومنه ميتة الحيوان البحري ولو طالت حياته بالبر كالضفدع والسلحفاة وترس الماء وأما ميتة الضفادع البرية فنجسة ومنه المذكى المأكول مباحا أو مكروها وجميع أجزائه دون محرم الأكل فإن الذكاة لا تعمل فيه. ومنه ما يزال من الحيوان في حياته أو بعد موته بغير ذكاة مما لا تحله الحياة ولا يتألم بزواله كالصوف والوبر وزغب الريش والشعر ولو من خنزير على المشهور إن جزت اللخمي أجاز مالك شعر الخنزير للخرازة المواق انظر هذا مع قولهم غير قلع وقد قالوا لا تتهيَّأ به الخرازة إن

جز ومنه الجماد قالوا وهو جسم غير حيوان ولا [منفصل] عن حيوان إلا المسكر منه فنجس هذا الحد غير جامع لخروج بعض أفراد الجماد كاللبن والعسل إلا إن أراد بالانفصال الولادة لا غير. ومنه الحي ودمه وعرقه ولعابه ومخاطه وبيضه ولو كان يأكل النجاسة على المشهور ولو كان هذا الحي كلباً أو خنزيراً على المشهور فيهما إلا البيض المزر أي الفاسد فنجس وكذا ما خرج منه بعد موت الحيوان لأنه ميتة المواق مالك البيض يخرج رطبا ويابسا من ميتة نجس التتائي قال ابن فرحون ان خرج صلباً غسل وأكل وفي الكافي إذا وجد في فرخ ميت أو دم حرم أكلها اهـ وكذلك نتونته وتعفنه المواق انظر قد يتفق أن يوجد في البيضة نقطة دم قيل ويكون ذلك من أكلها الجراد الذخيرة فمقتضى مراعاة السفح في الدم أن لا تكون هذه البيضة نجسة وقد وقع في هذا بحث وما ظهر غيره ابن عرفة بيض الطير طاهر وبيض سباعه والحشرات كلحمها ومنه لبن الآدمي رجلا أو مرأة إلا لبن الميت فنجس ولبن غير الآدمي تابع للحمه على المشهور قال في التوضيح لأنه ناشىء عنه فما حرم لحمه فلبنه نجس وما كره لحمه فلبنه مكروه وهو ظاهر المذهب قال عياض وغيره اهـ ويريد ما أبيح لحمه كالأنعام فلبنه طاهر وقوله وما كره لحمه فلبنه مكروه أي مكروه استعماله في أكل أو غيره مع طهارته والله أعلم وقد روي عن مالك لا بأس بلبن الحمارة ابن رشد يحتمل أن يريد لا بأس بالتداوي به ومنه البول والعذرة من مباح الأكل حيوان أو طائر إلا المتغذي بنجس فإن ذلك منه نجس ومنه القيء إلى المتغير عن الطعام تغيرا زائدا على تغير المضغ فنجس على المشهور فإن شابه أحد أوصافه العذرة فنجس اتفاقا وكذا القلس وهو ماء حامض قد تغير عن حال الماء ولو كان نجساً ما قلس ربيعه في المسجد ومنه الصفراء والبلغم والمسك وفأرته وهي مقره الذي يستحيل فيه الدم لاتصافه بنقيض علة النجاسة ومنه الدم غير المسفوح قال اللخمي ان لم يظهر الدم أكل اتفاقا كشاة شويت قبل تقطيعها وإذا قطعت فظهر الدم فقال مالكمرة حرام وحمل الإباحة فيه على ما لم يظهر لأن اتباعه من العروق حرج وقال مرة حلال بقوله تعالى {أو دماً مسفوحا} فلو قطع اللحم على هذا بعد إزالة المسفوح لم يحرم وجاز أكله بانفراده وفي القبس قوله أو دماً مسفوحاً يقتضي تحليل ما خالط العروق وجرى عند تقطيع اللحم سفح فرق ابن يونس الفرق بين قليل الدم وكثيره أن كل ما حرم أكله لم تجز الصلاة به وإنما حرم الله الدم المسفوح لقوله تعالى {أو دماً مسفوحاً} فدل أن ما لم يكن مسفوحاً حلال طاهر وذلك للضرورة التي تلحق الناس في ذلك إذ

لا يخلو اللحم وإن غسل من أن يبقى فيه دم يسير وقد قالت عائشة رضي الله عنها لو حرم قليل الدم لتتبع الناس ما في العروق ولقد كنا نطبخ اللحم والمرقة تعلوها الصفرة ولذلك فرق بين قليل الدم وبين قليل سائر النجاسات لأن قليل سائر النجاسات حرام أكلها وشرابها اهـ على نقل المواق ومنه القمح النجس يزرع فينبت هو طاهر وكذلك الماء النجس يسقى به شجر أو بقل فالثمرة والبقل طاهرتان (فائدة) إذا اختلط الطعام بنجس أو غيره فقال الشيخ زروق رحمه الله حكى لنا بعض الطلبة أن الشيخ ابن مرزوق رحمه الله كان يقول إذا اختلط الطعام بالتراب ونحوه بحيث لا يمكن النفع به سقطت حرمته وحكى لنا شيخنا أبو عبد الله القوري في أكل الخبز المحترق الذي صار كالتراب قولين قال ذكرهما في المعين في شرح التلقين اهـ ومن شرح الإمام الشهير سيدي أبي العباس أحمد الونشريسي على ابن الحاجب ومن خطه نقلت ما نصه كان الشيخ ابن عرفة رحمه الله تعالى يقول في الطعام المبدد في الشوارع إن قل ولم يكن في طين يلزمه لقطه وقال السيد أبو محمد عبد الله بن الحاج في مدخله وينبغي للمار في الأسواق أن ينوي أنه إن رأى قرطاسا في سكة الطريق رفعه وأزاله من موضع المهنة إلى موضع طاهر يصونه فيه ولا يقبله ولا يضعه على رأسه إذ فعل ذلك بدعة وسواء كان مكتوبا أو غير مكتوب وكذلك ينوي أنه إذا وجد خبزا أو غيره مما له حرمة مما يؤكل فإنه يرفعه عن موضع المهنة إلى موضع طاهر يصونه فيه ويضعه على رأسه ولا يقبله تحرزاً من البدعة أيضاً وكان الشيخ أبو محمد المرجاني رحمه الله إذا جاءه القمح لم يترك أحدا من الفقراء في الزاوية يعمل في ذلك اليوم عملا حتى يلقطوا ما وقع من الحب على الباب أو الطريق فاذا فعلوا ذلك حينئذ يرجعون إلى ما كانوا يعملون وهذا الباب مجرب من عظم نعم الله تعالى لطف به وأكرم وإن وقعت الشدة بالناس جعل الله لمن هذه صنعته فرجا ومخرجا فعلى منوالهم فانسج ان كنت ذا حزم اهـ ومنه الخمر إذا تحجر أي جمد وصار طرطاراً على المشهور وكذا ان صارت خلا وفي ذلك طريقتان طريقة ابن رشد ان تخللت بنفسها فلا خلاف في طهارتها ومحل القولين إذا خللها صاحبها بالمعاناة والمعالجة والطريقة الثانية أن القولين في المخللة لذاتها والمتخللة بالصنعة حكاها عياض عن ابن وضاح قال ابن غازي وماء الحياة إن سلم ذهاب السكر عنه دخله الخلاف الذي في الخمر إذا تخللت على الطريقتين معا لأن ذلك ما زال إلا بمعالجة وأي معالجة اهـ وفي نظم إيضاح المسالك لولد مؤلفه سيدي أبي محمد عبد الواحد الونشريسي رحمه الله ولابن رشد حل ما تخللا بنفسه والخلف فيما خللا

قال ابن غازي ما الحياة يجري عليه إن سلم فقد السكر ومن النجس زيادة على ما استثني من بعض الطاهرات ميتة الحيوان البري ابن عرفة ميتة بري ذي نفس سائلة غير إنسان كالوزغ نجس ولو قملة ابن بشير البرغوث لا نفس له سائلة فلا ينجس بالموت إلا أن يجتلب دما ففيه قولان وعلى هذا يجري قتله في المسجد بخلاف القملة فلا تقتل في المسجد ولا تلقى فيه وقال سحنون في برغوث وقع في ثريد لا بأس أن يؤكل الباجي يحتمل أن ينجس إذا كان فيه دم البرزلي استخف ابن عرفة جلد القملة وفي شرح مرزوق على مختصر الشيخ خليل ما نصه (فائدة) سمعت عن بعض من عاصرته من الفقهاء الصالحين أنه كان يقول من احتاج إلى قتل قملة في ثوبه أو في المسجد على القول بنجاسة ميتتها فينوي بقتلها الذكاة ليكون جلدها طاهراً فلا يضره ولا أدري هل رأى ذلك منقولاً أو قال برأيه إجراء على القواعد وهو إن كان محتملا للابحاث لا بأس به اهـ فالقملة إن كانت من مباح الأكل فما ذكره طاهر وإن كانت من محرمة أو مكروهة فذلك مبني على أن الذكاة تعمل في المحرم والمكروه كالمباح وهذا مراده بالإجراء على القواعد والله أعلم وفي هذه الفائدة فائدة أخرى هي جواز قول الفقيه المقلد برأيه إجراء على القواعد وهذا ظاهر شائع ذائع كثير في فتوى المتأخرين لا يمكن إنكاره فانظره مع ما نص عليه غير واحد أن المقلد لا يفتي إلا إن وجد النص في عين النازلة وقد كنت ذكرت مثل ذلك للناظم رحمه الله فقال لي العمل على جواز قول المقلد برأيه إجراء على القواعد وإلا بطلت فتاوي هؤلاء المتأخرين المشحونة بها كتب الأحكام وفي تأليف الإمام العالم أبي عبد الله محمد بن مرزوق الذي سماه تقرير الدليل الواضح المعلوم على جواز النسخ في كاغد الروم ما نصه القياس الممتنع على المقلد هو الذي ينشأ به حكما في واقعة بالقياس على أصل ثابت بالكتاب أو السنة أو الإجماع فإن هذا لا يكون الا للمجتهد وأما القياس الذي يستعمل في إخراج جزئية من نص كلية أو إلحاق مسألة لنظيرتها مما نص عليه المجتهد بعد اطلاع المقلد على مأخذ إمامه فيها أو المستعمل في ترجيح أقوال الإمام في مسألة لقياسه على قوله في مسألة أخرى تماثلها ولم يختلف قوله فيها بعد اطلاعه على المدار فهذا وأشباهه من تخريج الأقوال في النظائر كما يفعله الأشياخ لا

يمتنع على المقلد أنظر تمام كلامه ونقله صاحب المعيار أواخر كتاب الطهارة ومن النجس أيضاً ميتة بني آدم وقال ابن رشد الصحيح طهارته وذكر عياض عن بعض المتأخرين التفرقة ينجس الكافر ولا ينجس المسلم وقصر بعضهم الخلاف على المسلم قال وأما الكافر فلا يختلف في نجاسته وانكره بعضهم وهذا الخلاف لايدخل في أجساد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومنه ما يبان ويزال من الحي أو الميت غير المذكى مما تحمله الحياة ويتألم إذا أزيل منه وهو حي وذلك كالقرن والعظم والظلف على المشهور وقال ابن المواز وما قطع من طرف القرن والظلف مما يؤلم ولا يناله دم ولا لحم فهو حلال أخذ منها حية أو ميتة اللخمي وعلى ذلك يجري ما قص من الظفر البرزلي قال أبو محمد من صر أظفاره في طرفه وصلى بها فلا شيء عليه إن لم يكن في أظفاره نجاسة والظلف للبقر والشاة والظباء كالحافر للفرس وكذا العاج وهو عظم الفيل وكره مالك الأدهان في أنياب الفيل والمشق بها والتجارة فيها ولم يحرم ذلك لأن عروة وربيعة وابن شهاب أجازوا ذلك فإن ذكى الفيل فلا إشكال على القول بأن الذكاة تعمل في المكروه وهو المشهور والريش وقال ابن الحاجب شبيه الشعر كالشعر وشبيه العظم كالعظم وما بعده فعلى القولين أي ما بعد من القصبة عن أصلها وهو طرفها الأعلى يجري على خلاف في طهارة طرف القرن. ثالثها يطهر إن صلق أي غلي في الماء وجلد الميتة نجس ولو دبغ على المشهور ويجوز استعماله بعد دبغه في اليابسات والماء إن كان من غير الخنزير ولا يباع ولا يصلى عليه لنجاسته وفي المدونة وقف مالك عن الجواب في الكيمخت ابن رشد وهو جلد الحمار وقبل جلد الفرس وفي العتبية ما زال الناس يصلون بالسيوف وفيها الكيمخت. ومنه المني والمذي والودي ابن الحاجب والمذهب أن المني نجس فقيل لا صله وقيل لمجرى البول وعليهما مني المباح والمكروه يريد فإن عللنا نجاسته بكون أصله دما فمني الحيوان المباح الأكل ومكروهه نجس وإن عللناها بجريانه مجرى البول فمني المباح طاهر ومني مكروه الأكل نجس لأن بولها كذلك على المشهور ابن عرفة المذي والودي والقيح والصديد نجس عياض ورطوبة الفرج عندنا نجسة ابن عرفة مسفوح الدم نجس قال عز الدين يجب غسل محل الذكاة بالماء وقال بعض الشيوخ يجب أن يرفع بأنف البهيمة ليخرج الدم المسفوح ولا فرق بين دم الحيض والسمك والذباب وغيرها

والسوداء نجسة وكذا رماد النجس ودخانه على المشهور اللخمي إنعكاس دخان الميتة في ماء أو طعام ينجسه المازري الدخان أشد من الرماد ابن رشد الأظهر طهارتهما لأن الجسم الواحد تتغير أحكامه بتغير صفاته وقال التونسي رماد الميتة يجب أن يكون طاهرا لأنه كالخمر يصير خلا ابن الحاجب والبول والعذرة من الآدمي والمحرم الأكل نجس وكذلك من المباح الذي يصل إلى النجاسة وكذلك الدواب ونحوها على المشهور وقيل إلا بول من لم يأكل الطعام من الآدمي وقيل من الذكور وطاهر من المباح أي لا يصل إلى النجاسة بدليل ما مر له قريبا ومكروه من المكروه وقيل نجس اهـ والقول بنجاسة البول والعذرة من مكروه الأكل كالهرة هو المشهور وإن كان ظاهر كلام ابن الحاجب أن المشهور الكراهة لتصديره به وعطفه عليه فقيل واختلف في المراد بالطعام في قول من فرق في بول الادمي بين من أكل أو لا قال في التوضيح يحتمل أن يريد به لبن أمه ويحتمل أن يريد به غير لبن أمه لأنه الطعام عرفا ثم قال وهذا الخلاف إنما هو بوله وأما عذرته فنجسة باتفاق وقال قبل هذا ويستثنى من ذلك الأنبياء فإن الظاهر طهارة ما يخرج منهم لإقراره عليه الصلاة والسلام شاربة بوله اه وفي الحطاب عن بين الفرات وغسل عائشة رضي الله تعالى عنها الجنابة من ثوبه تشريع اهـ قال القاضي أبو عبد الله المقري في قواعده بعد أن أنكر كثرة الكلام في هذه المسألة مما أمن تجديده ولا يتوقف عليه حكم يجدد والمعلوم أنه كان يتوقى من نفسه ما أمر بتوقيه من غيره ثم لم ينكر على من شرب دمه وبوله بعد النزول لما غلب عليه من حسن قصده ومع أمنه من اعتقاد خلاف الحكم ألا ترى قوله للآخر زادك الله حرصا ولا تعد اهـ قال شيخ شيوخنا أبو عبد الله القصار على قول المقرى ثم لم ينكر الخ بل قال لابن الزبير منكراً من أمرك بشرب الدم لأنه استفهام إنكاري وفي الشمنى على الشفاء شرب دمه عليه الصلاة والسلام سالم بن الحجاج فقال له عليه الصلاة والسلام لا تعد فإن الدم كله حرام اهـ ولما تقدمت الإحالة على مباح الأكل ومكروهه ومحرمه في اللبن والبول والعذرة انبغي تكميل الفائدة بسرد بعض ذلك. فمن مباح الأكل من الحيوان الحيوان البحري وإن كان ميتا وجميع أنواع الطير ولو تغذى بالنجاسة أو كان ذا مخلب وهو الظفر على المشهور فيهما وقيل بكراهة الخطاف في وكره ببدو أو حضر ومنه النعم من الابل والبقر والغنم ولو جلالة على المشهور وكذا الوحش الذي يفترس كاليربوع دابة قدر

بنات عرس رجلاها أطول من يديها عكس الزرافة وكذا الخلد مثلث الأول ساكن فأر أعمى أعطي من الحس ما يغنيه عن البصر وكذا الوبر بسكون الموحدة وفتحها من دواب الحجاز فوق اليربوع ودون السنور كحلاء اللون لا ذنب لها وكذا الأرنب وفي أذنه طول وكذا القنفذ بضم القاف وفتحها ثم نون ساكنة ثم فاء مضمومة ثم ذال معجمة أكبر من الفأر كله شوك إلا رأسه وكذا الضربوب على وزن فعلول بفتح أوله كالقنفذ في الشوك إلا أنه أكبر وكذا الحية إذا أمن سمها وكذا خشاش الأرض مثلث الأول كالعقرب والخنفساء والنمل والدود. ومن المحرم الخنزير إجماعا والبغل والفرس والحمار على المشهور ولو كان الحمار وحشيا وتأنس وصار يعمل عليه فكذلك أيضا وقال ابن القاسم لا يحرم ما دجن من الحمر وأما الإنسي يتوحش فلا يؤكل ومن المكروه السبع والضبع والثعلب والذئب والهر وإن كان وحشيا وكذا الفيل وفي التوضيح الصحيح الإباحة. ومنه كلب الماء وخنزيره وفي كراهة القرد والكلب ومنعهما قولان وفي الفأر والوطواط التحريم وهو المشهور والكراهة والإباحة وإنما أطلنا في هذا التنبيه لشدة الحاجة لمسائله كما أشرنا إليه أولا ولسهولة حلها (السابع) تكلم الناظم على الماء الذي تحصل به طهارة الخبث وهو النجس ولم يتكلم هنا على حكم زواله عن ثوب أو بدن أو مكان بل أخره إلى أن يجمعه مع نظائره في شروط أداء الصلاة حيث قال شروطها الاستقبال طهر الخبث البيتين ولا على صفة زواله وذكر ذلك وما يتعلق به هنا أنسب كما فعل ابن الحاجب وغيره فأما حكم إزالة النجاسة فحكى ابن الحاجب ثلاث طرق والطريقة عبارة عن اختلاف الشيوخ في كيفية نقل المذهب بحيث ينقل شيخ أو شيوخ حكما ويرون المذهب كله على ما نقلوه وينقل غيره خلاف ذلك ويروي ذلك الغير المذهب كله على ما نقل هو والأولى الجمع بين الطرق ما أمكن والطريق التي فيها زيادة هي راجحة على غيرها لأن الجميع ثقات وحاصل دعوى النافي شهادة على نفي وحاصل الطرق الثلاث كما قال ابن عبد السلام يرجع إلى ثلاثة أقوال كطريقة اللخمي القول الأول في المدونة واجبة مع الذكر والقدرة لإيجابه الإعادة معهما في الوقت وبعده دون العجز والنسيان لأمره بالإعادة في الوقت خاصة فيعيد المغرب والعشاء إلى طلوع الفجر والصبح ما لم تطلع الشمس قاله ابن بشير التتائيووزان ما تقدم في الظهرين أن يعيدها إلى الإسفار والظهر والعصر إلى الاصفرار أبو الحسن الصغير لأن الإعادة في الوقت إنما هي استحباب فأشبهت النافلة ولا يتنفل بعد الاصفرار والليل كله محل للتنفل اهـ وأصله لابن يونس والنهي عن التنفل لا يختص بالاصفرار بل هو من صلاة العصر لكن يتأكد النهي عنه عند الاصفرار فالإعادة في الوقت كما قال شبيهة بالنفل لا نفل حقيقة بل هي أعلى منه

فلانحطاطها عن الفرض لم تقع بعد الاصفرار لتأكد النهي عن التنفل إذ ذاك وهي شبيهة به ولو كانت فرضا لأوقعت في كل وقت ولارتفاعها عن النافلة جازت في وقت تكره فيه النافلة كراهة غير مؤكدة ولو كانت نفلا حقيقة ما وقعت بعد صلاة العصر مطلقا وبهذا يظهر أن ما قاله التتائي من إعادة الصبح إلى الإسفار لا بعده هو أظهر مما قال ابن بشير أنه يعيد ما لم تطلع الشمس والله أعلم وفي شرح الرسالة للقلشاني ناقلا عن اللخمي وقول من قال يعيد الليلة إلى الفجر لجواز التنفل إليه وكراهته بعد الاصفرار لا يتم لأن الإعادة بنية الفرض لا النفل اهـ فانظره مع قول أبي الحسن إن الإعادة في الوقت مستحبة قال بعض الشيوخ الظاهر ما قاله ابن يونس القول الثاني واجبة مطلقاً لأن ابن وهب روى يعيد أبداً وإن كان ناسياً. الثالثة سنة قال أشهب تستحب إعادته في الوقت عامداً أو ناسياً يريد وهو آثم إن تعمد الصلاة بها مختارا ثم قال القاضي عبد الوهاب في المدونة من تعمد الصلاة بالنجاسة مع القدرة على إزالتها فعلى القول بأنها سنة يأثم ولا إعادة عليه وعلى القول بأنها فريضة لا تجزئه وعليه الإعادة اهـ وقوله لا إعادة عليه أي واجبة فلا ينافي استحباب الإعادة المتقدم عن أشهب والله أعلم وفي البيان بعد أن قال المشهور أنها سنة إن صلى بها ناسياً أو مضطراً أو جاهلا بالنجاسة أعاد في الوقت وإن صلى بها عالماً غير مضطر متعمداً أو جاهلا أعاد أبداً لتركه السنة عامداً اهـ ونحوه في شرح الرسالة لابن عمر وهو مخالف لقول أشهب باستحباب الإعادة في الوقت مع التعمد والله أعلم وفي التوضيح عن الشيخ عبد الحميد ما معناه إن الاعادة في الوقت مع العجز والنسيان أو مطلقا على القول الثالث لا دليل فيها على عدم الوجوب لاحتمال أن يكون القائل بها يرى الوجوب وإنما قصر الاعادة على الوقت مراعاة للخلاف كما أن الاعادة أبداً مع الذكر والقدرة أو مطلقاً كما في القول الثاني لا دليل فيها أيضاً على الوجوب لاحتمال أن يكون القائل بها يرى السنية وذلك مذهبه فيها وأما صفة زوالها فعلى وجهين لأنه إما أن يتيقن إصابتها لثوب أو بدن أو مكان وإما أن يشك في ذلك ولا يتيقنه إن علم محلها غسل ذلك المحل فقط وإن جهل محلها وعلمت ناحيتها غسل تلك الناحية كعلمه أنها أسفل الثوب فيغسل الأسفل كله ولا يغسل الأعلى وإن لم يعلم محلها ولا جهتها غسل الثوب كله وإن أصابت إحدى كميه ولم يميزه غسلهما معا على المشهور وإذا اشتبه عليه ثوبان أحدهما طاهر والآخر نجس تحرى أحدهما على المذهب وصلى به ولكون الأصل في كل منهما على انفراده الطهارة فيستند اجتهاده إلى أصل ولا كذلك الثوب الواحد كمسألة الكمين لأن حكم الأصل قد بطل منه لتحقق حصول النجاسة فيه فيجب غسله ابن عبد السلام

هكذا قالوا ولا يخفى ما فيه ويعلم طهارة محلها بزوال طعمها ولونها وريحها وانفصال الماء طهوراً والغسالة المتغيرة نجسة وغير المتغيرة طاهرة ولا يضر بللها الباقي في الثوب لأنه جزء المنفصل فلذا لا يجب عصره وهذا في اللون والريح إن لم يعسر زوالهما فإن عسر لم يضر بقاؤهما التونسي خلط الماء بالسدر يضيفه وصب الماء على الجسد بعد حكمه بالسدر لا يضيفه ابن عرفة وعلى هذا يطهر الثوب النجس بصب الماء عليه بعد طليه بالصابون وأما المشكوك فيها فعلى ثلاثه أوجه الأول أن يتحقق نجاسة الشيء ويشك في إصابته لثوبه فيجب عليه النضح على المشهور فإن تركه أعاد على ما تقدم في ترك إزالة النجاسة من التفصيل والشاذ يجب الغسل ولا يكفي النضح الثاني أن يتحقق الاصابة ويشك في نجاسة المصيب فلا نضح على المشهور والشاذ النضح الثالث أن يشك في الإصابة هل حصلت أم لا وعلى تقدير حصولها فهل المصيب نجس أو طاهر فلا نضح لضعف الشك التوضيح وذكر الباجي في أقسام الشك قسما آخر وهو إذا تحقق النجاسة وشك في الازالة قال ولا خلاف في وجوب الغسل لأن النجاسة متيقنة فلا يرتفع حكمها إلا بيقين وصفة النضح قال سحنون رش ما شك في ظاهره وباطنه عياض هذا فيما شك في ناحيته معا وإلا رش التي شك فيها فقط وقال القابسي رش موضع الشك بيده رشة واحدة وإن لم يعمه إذ لا يجب غسله أبو عمر النضح لا يطهر نجاسة وإنما هو لقطع الوسوسة وفي افتقاره النية لظهر التعبد لأن الرش يزيد في كمية النجاسة بخلاف الغسل فإنه يزيلها فالنضح على خلاف المشروعية فكان متعبدا به والأصل في هذا النوع من الأحكام وجوب النية وعدم افتقاره لها جريا على أصل النجاسة قولان والثاني اختيار ابن محرز محتجا بأنه إن كانت نجاسة لم تفتقر لنية وإن لم تكن فلا إزالة فلا نية وهذا حكم الثوب وأما إذا شك في إصابتها لجسده فقيل حكمه كالثوب فيجري على التفصيل المتقدم ويشهد له قوله في المدونة والنضح من أمر الناس وهو طهور لكل ما شك فيه وقيل يتعين غسله وشهره ابن رشد ويشهد له قوله «إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل ان يدخلهما في الإناء ثلاثة فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده» فجعل الشك موجبا للغسل لا للنضح ويشهد له أيضاً قول المدونة ولا يغسل أنثييه من المذي إلا أن يخشى أن يصيبهم منه شيء وأما البقعة يشك في نجاستها فحكمها الغسل اتفاقا ليسر

الانتقال للمحقق وقيل كالجسد فيدخلها الخلاف وألحق بن يونس الحصير بالثوب في النضح إذا شك فيه نقله المواق فراجعه الثامن النجاسات ما لا يؤمر الانسان بازالته إلا على طريق الاستحباب وهو كل ما تدعو الضرورة إليه ولا يمكن الانفاك عنه فيعفى عنه لمشقة التحرز عنه. ولما كانت المشاق على ثلاثة أقسام يعفى عنها إجماعا كطهارة حدث أو خبث تذهب بالنفس وسفلى لا يعفى عنها إجماعا كالتألم ببرودة الماء في الشتاء ومترددة بينهما هل تلحق بالعليا فتؤثر في الاسقاط أو بالسفلى فلا تؤثر وكان تنزيل الكلي على الجزائي مظنة النزاع وفي استخراج بعضها من الكلي نوع خفاء احتيج إلى بيان الجزئيات المعفو عنها بالتعيين. فمن ذلك الحديث المستنكح الذي يعترى صاحبه كثيراً يقال استنكح فلانا الأمرإذا غلبه كأن حدث بول أو مذي أو ريح وغير ذلك وبلل البواسير في المدونة قال يحيى بن سعيد من به باسور يخرج فيرد بيده عليه غسلها إلا أن يكثر القباب والثوب كاليد الذخيرة وثوب المرضع يجتهد في التحفظ فيه فيعفى عن بول الصبي فيه ما لم يتفاحش اهـ وقيل لأنه كالحدث المستنكح وندب لها ثوب تعدة للصلاة وكذا من شغله في الزبل النجس يستعد ثوباً للصلاة إن وجده وإلا فيصل على حاله ولا يخرج الصلاة عن وقتها وكذا اليسير من الدم والقيح والصديد ولا فرق في الدم بين دم الحيض والميتة وغيرهما وروي أن يسير الحيض ككثيره وقيل دم الميتة ولا يعفى عن يسير البول ونحوه وما دون الدرهم يسير وما فوقه كثير وفي الدرهم روايتان ومذهب المدونة أن اليسير من الدم لا يعفى عنه بل يؤمر بغسله استحبابا ما لم يره في الصلاة فلا يقطعها لأجله وكذا بول الفرس للغازي بأرض الحرب إن لم يكن له ممسك غيره ويتقيه ما استطاع ودين الله يسر ويسير البول والعذرة يعلق بالذباب ثم يجلس على المحل معفو عنه وكذا المحتجم، يكفيه مسح موضع الحجامة لتضرره بوصول الماء إليه فإذا برىء غسله فإذا لم يغسله أعاد ما صلى بعد البرء مما لم يخرج وقته بعد أن يغسله وكطين المطر ونحوه كالماء المستنقع في الطرق يصيب الجسد والثوب والخف والنعل وإن كان فيها العذرة وقال ما زالت الطرق وهذا فيها وكانوا يخوضون طين المطر ويصلون ولا يغسلون ما لم تكن النجاسة غالبة أو عينها قائمة وكذيل المرأة تطيله للستر فيطهر من القشب اليابس بمروره على طاهر وكذا من توضأ ثم وطىء موضعا قذرا جافا فلا

بأس عليه قد وسع الله على هذه الأمة اللخمي لأن رفع رجليه بالحضرة يمنع اتصال النجاسة إلا ما لا قدر له وكمن وطىء بخفيه أو نعليه على أرواث الدواب الرطبة وأبوالها فيدلكه ويصلي ابن يونس لأنه مختلف في نجاسته باختلاف الدم والعذرة والبول فلا يصلي حتى يغسله ولذا قال ابن حبيب عن مطرف وأصبغ وابن الماجشون في مسافر مسح على خفيه فأصابت خفه نجاسة ولا ماء معه أنه ينزعه ويتيمم المازري وعلى هذا من لم يجد إلا قدر وضوئه أو ما يغسل به نجاسته بغير محله يغسلها ويتيمم إذ لا بدل عن غسلها وعن الوضوء بدل ابن عبد السلام وأظن أني رأيت لأبي عمران أنه يتوضأ به ويصلي بالنجاسة لأن طهارة الخبث مختلف في وجوبها بخلاف طهارة الحدث والمتفق على وجوبه أولى بالتقديم وهو الظاهر. الباجيلا نص في الرجل وأراها كالخف وخرجها اللخمي على النعل واختار هو وابن العربي غسلها لغير من شق عليه شراء النعل وكمن سقط عليه ماء من سقف فهو في سعة ما لم يوقن بنجاسة فإن سأل أهله فقالوا طاهر صدقهم إن لم يكونوا نصارى ابن رشد هو محمول على الطهارة وسؤالهم مستحب فيصدقهم إن لم يعرف عدالتهم وقال المازرى يقبل خبر الواحد وإن امرأة أو عبدا عن نجاسة الماء إن بين سبب النجاسة أو لم يبينها ومذهبه فيها كالمخبر وإن أجمل وخالف مذهبه استحب تركه لأنه قد صار مخبره مشتبها وكالسيف الصقيل وشبهه كالمدية والمرآة كل ما يشاكله في الصقالة من الحديد وسائر الجواهر يجزى مسحه عن غسله لما في غسله من افساده وقيل لانتفاء النجاسة بالمسح ولا يلحق بالسيف وما يشبهه غيره كالثوب والجسم على الأصح التوضيح وأكثر مثلهم في السيف إنما هو في الدم فيحتمل أن لا يقصر عليه ويحتمل القصر لأنه الغالب من النجاسة الواصلة إليه وكالجرح بمصل والدم في الجسد والثوب فإن تفاحش استحب بخلاف ما يتكاثر فإنه يغسل فان كان في صلاة قطع إلا أن يخرج الشيء اليسير فليقتله ولا ينصرف واليسير ما يقتله الراعف وكدم البراغيث غير المتفاحش ابن عرفة ظاهر المدونة وجوب غسل دم البراغيث إذا تفاحش بخلاف القرحة

(التاسع) أذكر فيه فروعا مما الكلام فيه بعضها يتعلق بالمياه وبعضها بالنجس والطاهر وبعضها بإزالة النجاسة. فالتي تتعلق بالمياه أولها روى على الندى يجمع من الورق طهور الثاني قال في المدونة لا بأس بسؤر الحائض والجنب وما فضل عنهما من وضوء أو غسل لا بأس بشربه وبالوضوء منه والأغتسال به الثالث قال المازري إن شك في المغير هل هو نجس مايؤثر أم لا فلا تأثير له مالك إن جهل سبب نتن ماء بئر الدور ترك قيل لما يغلب على الظن أن ذلك من المراحيض المجاورة لها فتترك ما لم توقن السلامة ابن رشد بخلاف البئر والغدير بالصحراء الرابع قال اللخمي إن كانت رائحة الماء عن المجاورة دون الحلول لم تنجس الخامس قال ابن الحاجب المغير بالدهن طهور ابن عبد السلام لأنه يجاور ولا يمازج ابن عرفة يرد بأن ظاهر الروايات أن كل تغير بحال معتبر وإن لم يمازج فإن تغير بمخالطة الأدهان فغير مطهر السادس قال ابن بشير المشهور أن الماء إن تغير بما هو قراره وبما عادته يتولد فيه بنقل ناقل نقله إليه لا مبالاة به والماء باق على أصله ابن يونس الملح إذا طرح في الماء فالصواب أن لا يجوز الوضوء به لأنه إذا فارق الأرض كان طعاما ولا يتيمم به ابن بشير اختلف المتأخرون في الملح هل هو كالتراب فلا ينقل حكم الماء على المشهور من المذهب أو كالطعام فينقله أو المعدنى منه كالتراب والمصنوع كالطعام ثلاثة طرق ثم اختلف المتأخرون هل ترجع هذه الطرق إلى قول واحد فيكون من جعله كالتراب يريد المعدنى ومن جعله كالطعام يريد المصنوع أو يرجع ذلك إلى ثلاثة أقوال كما تقدم السابع إن تغيرت رائحة الماء ببخار المصطكى كان مضافا الثامن قال ابن حبيب وفي التطهير بالماء بعد جعله في الفم قولان التوضيح القولان راجعان إلى خلاف في حال هل يمكن أن ينفك عنه الماء بصفته أم لا التاسع قال في المدونة ولا يتوضأ بماء قد توضىء به إلا أن لا يجد غيره وكان الذي

توضأ به أولا طاهر الأعضاء من نجاسة ووسخ القرافي إن كان المتوضىء بالماء مجدداً فالماء طهور بخلاف إن كان محدثا العاشر قال في المدونة من توضأ من ماء ولغ فيه كلب وصلى أجزأه ولا إعادة عليه وإن علم في الوقت مالك ولا يعجبني الوضوء به ونص ابن القاسم إن لم يجد غيره توضأ به ولا يتيمم الحادي عشر قال ابن الحاجب فيها ولا يغتسل في الماء الراكد وإن غسل الأذى للحديث اهـ (فائدة تناسب هذا الفرع) ذكر الشيخ زروق في النصيحة أن البول في الماء الراكد يورث النسيان وكذا أكل سؤر الفأر والتفاح الحامض وكنس البيت بالخرقة وأكل الكزبرة الخضراء وقراءة كتابة القبور والنظر في المصلوب والمشي بين الجملين المقطورين أي المربوطين وطرح القمل على الطريق وإدمان النظر إلى البحر قال ذكر ذلك الشيخ أبو طالب المكي آخر كتاب قوت القلوب الثاني عشر قال ابن الحاجب أيضا وفيها بئر قليلة الماء ونحوها وبيده نجاسة يحتال يعنى بآنية أو بخرقة أو بفيه على القول بتطهيره فإن لم يمكنه فقال ابن القاسم لا أدري وأجريت على الأقوال في ماء قليل تحله نجاسة وقال فإن اغتسل فيها أجزأه ولم ينجسها إن كان معينا الثالث عشر قال ابن الحاجب ما معناه إن فضلة شراب الحيوان الذي يأكل النجاسة أو فضلة طعامه إن رأيت على فيه نجاسة وقت استعماله عمل عليها أي فإن شرب من ماء وتغير يطرح وإن لم يتغير فيفصل بين قليله وكثيره كما مر في التنبيه الثاني وإن أكل من طعام مائع نجس كثيراً كان أو قليلا وإن كان جامداً تنجس ما سرت فيه وإن لم تر فيه نجاسة وقت الاستعمال فإن عسر الاحتراز منه كالهر والفأرة فمغتفر وإن لم يعسر كالطير والسباع والدجاج والأوز المخلاة فثالثها المشهور يفرق الماء والطعام لاستجازة طرح الماء وسؤر الكافر وما أدخل يده فيه وسؤر شارب الخمر وشبهه مثله اهـ ومعنى قوله ثالثها أي إذا لم تر النجاسة على فيه ولم يعثر الاحتراز منه فثلاثة أقوال الأول يطرح الماء والطعام والثاني لا يطرح واحد منهما المشهور يطرح الماء لجواز طرحه إن حصلت فيه شبهة كذا أو مطلقا ولا يطرح الطعام لحرمته (فائدة) إذا قال ابن الحاجب ثالثها فالضمير عائد على الأقوال المفهومة من السياق

ويؤخذ القول الأول من صدر الثالث والثاني من عجزه والثالث من مسألتنا يطرح الماء ولا يطرح الطعام فالأول طرحهما معا والثاني لا يطرح واحد منهما الرابع عشر قال ابن الحاجب والجاري كالكثير إذا كان المجموع كثيراً والجرية لا انفكاك لها انظر التوضيح وبحث ابن عرفة في قوله إذا كان المجموع الخ فانظره فيه الخامس عشر قال ابن الحاجب وأما الماء الراكد كالبئر وغيره تموت فيه دابة بل ذات نفس سائلة ولم يتغير فيستحب النزح بقدرهما بخلاف ما لو وقع ميتا التوضيح الراكد هو الواقف ثم قال ويشمل ماله مادة وما لا مادة له وقوله تموت احتراز مما لو وقع ميتا فإنه إن تغير وجب نزحه وإن لم يتغير لم يجب ولم يستحب لفقد العلة التي ذكرت للاستحباب إذا مات في الماء فالمخالفة إنما هي في عدم التغير وأما التغير فالحكم متساو وهو وجوب النزح وقوله دابة بر احتراز من دابة البحر فإنها إذا لم تغير لا يستحب النزح وقوله ذات نفس سائلة احتراز مما لا نفس له كالعقرب والزنبور فإنهما لو وقعا في ماء وماتا فيه ولم يتغير لا يستحب النزح والمراد بالنفس السائلة الدم الجاري وقوله لم يتغير احتراز مما لو تغير فإنه يجب نزحه حتى يزول تغيره وقوله بقدرهما أي بقدر الميتة والماء وبمراعاتها قال في الجلاب على قدر كثرة الماء وقلته وصغر الدابة وكبرها وعلى هذا فالصور أربع تارة يكثر الماء وتصغر الدابة فيقلل من النزح وتارة يقل الماء وتكبر الدابة فيزداد في النزح وتارة يتوسط إما لكبر الدابة وكثرة الماء وأما لقلة الماء وصغر الميتة اهـ قال القاضي عبد الوهاب وأما غير الماء فلا فرق أن تموت فيه الفأرة وبين أن تقع فيه ميتة أي فيتنجس مطلقا السادس عشر قال مالك في رواية ابن أبي أويس عنه في جباب تحفر في المغرب فتسقط فيها الميتة فيتغير لونه وريحه ثم يطيب الماء بعد ذلك فلا بأس به السابع عشر قال المازري لا فرق بين ورود الماء على النجاسة وورودها عليه لأن المخالطة حصلت في الحالين فلا اعتبار بتقديم أحد السببين وقالت الشافعية طرو الماء على النجاسة لا يضر لأنه أذهب حكمها وبقي طاهراً في نفسه. وأما الفروع التي تتعلق بالنجس والطاهر. فأولها قال ابن عرفة المشهور أن الطعام المائع ينجس بحلول يسير النجاسة قال في التلقين وإن لم تغيره ومن المدونة لو كان العسل أو السمن يعني الذي ماتت فيه الفأرة جامداً لطرحت الفأرة وما حولها وأكل ما بقى سحنون إلا أن يطول مقامها به ابن يونس بما علم أنه قد يذوب في خلال ذلك فيطرح ذلك كله الثاني قال ابن الحاجب وفي طهارة الزيت النجس ونحوه

واللحم يطبخ بماء نجس والزيتون بملح نجس وفي الفخار من ماء نجس غواص كالخمر قولان التوضيح قال ابن بشير المشهور في ذلك كله أنه لا يطهر وبنى الخلاف على خلاف في شهادة هل يمكن إزالة ما حصل من النجاسة أم لا ونحو الزيت كل دهن وكيفية تطهيره على القول به أن يؤخذ إناء فيوضع فيه شيء من الزيت ويوضع عليه ماء أكثر منه ويثقب الإناء من أسفله ويد الإناء بيده أو بغيره ثم يمخض الماء ثم يفتح الثقب فينزل الماء ويبقى الزيت يفعل هكذا مرة بعد مرة حتى ينزل الماء صافياً وبهذا القول كان يفتى ابن اللياد ابن الحاجب وفي نجاسة البيض يصلق مع نجس بيض أو غيره قولان التوضيح المشهور النجاسة. الثالثة قال ابن الحاجب وفي استعمال النجس لغير الأكل كالوقود وعلف النحل والدواب قولان بخلاف شحم الميتة والعذرة على الأشهر وحاصله أن في استعمال المتنجس وهو ما كان طاهرا ثم طرأت نجاسته لغير الأكل كوقود الزيت المتنجس يريد في غير المساجد قولين المشهور الجواز وهو لمالك والشاذ لابن الماجشون وأما نجس الذات كشحم الميتة ولحمها فلا يجوز استعماله فلا تطلى به السفن ولا غيرها فهو أقوى مما طرأت عليه النجاسة الرابع قال ابن الحاجب ولا يصلى بلباسهم بخلاف نسجهم ولا بثياب غير مصل بخلاف لباس رأسه ولا بما يحاذي الفرج من غير العالم بخلاف ثوب الجنب والحائض التوضيح قوله ولا يصلى بلباسهم أي بلباس الكافرين وشاربي الخمر بخلاف نسجهم قال في المدونة مضى الصالحون على ذلك أي على عدم الغسل ولأنا لو أمرنا بغسله لأدى إلى الحرج ولأنهم يصونون ذلك لغلاء الثمن وقوله ولا بثياب غير المصلي لعدم توقيه النجاسة ولا تصل غالبا إلى رأسه قوله ولا بما يحاذي الفرج أي القبل والدبر يريد من المصلي لأنه قل من يتقن أمر الاستبراء وفهم من التقييد بما يحاذي الفرج الجواز فيما لا يحاذيه من المصلي اللخمي وابن بشير ويلحق بما يحاذي الفرج ما ينام فيه ولو من المصلي لأن الغالب نجاسته والمراد بالعالم العالم بأمور الاستبراء ولا يشترط أن يكون عالما بغيره وكل من ولي أمراً في الشريعة فإنما يطلب منه العلم بذلك فقط الخامس قال في التوضيح من باع ثوبا جديدا وبه نجاسة ولم يبين كان ذلك عيبا فيه لأن المشتري يجب أن ينتفع به جديدا قاله اللخمي سند وكذلك إن كان لبيسا وينقص بالغسل كالعمامة والثوب الرفيع قال وإن كان لا ينقص من ثمنه فليس عيباً به. السادس قال في التوضيح أيضاً قال في النوادر وعلى من اشترى رداء من السوق إن قدر أن يسأل عنه صاحبه وإلا فهو من غسله في سعة اهـ وقال اللخمي وأما ما يلبسه المسلم فإن علم بائعه ممن يصلي فلا بأس بالصلاة فيه وإن كان

ممن لا يصلي به حتى يغسله وإن لم يعلم بائعه فينظر إلى الأشبه بمن يلبس مثل ذلك فإن شك فالاحتياط بالغسل أفضل ونص سند على أن ما اشترى من مسلم مجهول الحال محمول على السلامة قال وإن شك فيه نضح قال اللخمي وهذا في القمص وما أشبهها وأما ما على الرأس فالأمر فيه أخف قال وتحمل قمص النساء على غير الطهارة لأن الكثير منهن لا تصلي إلا أن يعلم أنه كان لمن تصلي وأما الفروع التي تتعلق بازالة النجاسة (فأولها) هل يجب توقي النجاسة الباطنة فيعيد شارب خمر قليل لا يسكر صلاته أبدا مدة ما يرى بقاءه في بطنه وهو نقل اللخمي عن رواية محمد أو لا يجب إلا توقي ما على ظاهر الجسد فلا إعادة على شارب الخمر إذا كان في عقله وقت الصلاة وهو قول التونسي قولان كذا نقله ابن عرفة قال بعضهم وظاهره ترجيح الأول (الثاني) قال ابن الحاجب والنجاسة على طرف حصير لا تماس لا تضر على الأصح ونجاسة طرف العمامة معتبرة وقيل إن تحركت بحركته اهـ وإنما كان الأصح في الحصير عدم الاعتبار لأنه صلى على مكان طاهر وهو المطلوب وإنما اعتبرت نجاسة العمامة لأنه في معنى الحامل للنجاسة وظاهر كلامه أن طرف الحصير الذي به النجاسة غير الطرف الذي عليه المصلي وجوز بعضهم في كلام التهذيب أن يكون المراد بالطرف النجس الوجه الموالي للأرض فيكون كنجاسة فرش عليها طاهر ومن هذا المعنى مسألة الهيدورة وهي التي تكون النجاسة بأحد وجهيها دون الوجه الآخر هل يصلي على الطاهر وقد اختلف فيها أصحاب الفقيه أبي ميومنة دارس فقيه فاس فمنهم من أجاز ومنهم من منع الأبياني من نزع نعله لنجاسة أسفله ووقف عليه جاز كطهر حصير ومن المدونة لا بأس بصلاة المريض على فراش نجس أي يبسط عليه طاهرا كثيفا ابن يونس خصه بعض شيوخنا بالمرض وعممه بعضهم فيه وفي الصحيح (الثالث) قال ابن حبيب المعتبر في طهارة البقعة محل قيامه وقعوده وسجوده وموضع كفيه عياض وسقوط طرف ثوبه على جاف نجاسة بغير محله لغو (الرابع) قد تقدم في التنبيه السادس أن مذهب المدونة أن إزالة النجاسة واجبة مع الذكر والقدرة ساقطة مع العجز والنسيان فمن صلى بنجاسة في ثوبه أو بدنه أو على مكان نجس عالما بذلك قادرا على توقيها بغسل أو إبدال ثوب أو مكان أعاد صلاته أبدا ومن صلى بها ناسيا أو ذاكرا لكن عجز عن توقيها بما ذكر أعاد في الوقت خاصة قال في المدونة من صلى بثوب نجس أو في جسده نجاسة ولا يعلم أعاد في الوقت ومن لم

يكن معه غير ثوب نجس صلى به فإن وجد غيره أو ما يغسل به أعاد في الوقت (الخامس) وجوب إزالة النجاسة في الصلاة هو ابتداء ودواما فلذا قال سحنون من ألقي عليه ثوب نجس في الصلاة ثم سقط عنه مكانه فأرى أن يبتدىء قال الباجي وهذا على رواية ابن القاسم وعن المدونة من علم بنجاسة في صلاته قطع وقال في غيرها ولو كان مأموما وهو تفسير وإن كان إماما استخلف وكل هذا إذا كان الوقت متسعا وأما مع ضيقه فقال ابن هرون لا يختلفون في التمادي إذا خشي فوات الوقت لأن المحافظة على الوقت أولى من النجاسة وعلى هذا لو رآها وخشي فوات الجمعة أو الجنازة أو العيدين فتمادى لعدم قضاء هذه الصلوات وفي الجمعة نظر إذا قلنا إنها بدل الحطاب والمراد بسعة الوقت أن يبقى منه ما يسع بعد إزالة النجاسة ركعة فأكثر قاله في الذخيرة ومن علم بالنجاسة وهو في الصلاة فهم بالقطع ثم نسي فتمادى قال ابن حبيب تبطل صلاته وهو الجاري على مذهب المدونة واختار ابن العربي عدم البطلان بناء على صحة الصلاة إذا نزع الثوب النجس ابن عرفة لو رأى بمحل سجوده نجاسة بعد رفعه فقال بعض أصحابنا يتم صلاته متنحيا وقلت أنا يقطع لقولها من علم في صلاته أنه استدبر القبلة أو شرق أو غرب قطع وابتدأ صلاته باقامة وإن علم بعد صلاته أعاد في الوقت التوضيح في مسألة من رأى نجاسة تحت قدميه فتحول عنها وخرجت على الخلاف في الثوب النجس إذا أمكنه طرحه قلت والمشهور بطلانها كما تقدم المازري عن بعضهم لو علم بنجاسة بنعله وهو في الصلاة فأخرج رجله دون تحريكه صحت صلاته اهـ والجاري على المشهور [هو] البطلان في هذه الصورة (السادس) قوله في المدونة كما تقدم قريبا ابتدأ صلاته باقامة قال في التوضيح هذا في الفريضة وأما في غيرها فليس عليه استئنافها قال في المدونة ومن قطع نافلة عمدا لزمه إعادتها وإن ذلك لعلة لم يعدها وقوله فيها باقامة هل ذلك مطلقاً لأنها إنما كانت لتلك الصلاة وقد فسدت أو مع الطول تأويلان للشيوخ صح منه بالمعنى (السابع) من المدونة قيل له إن رآها قبل أن يدخل في الصلاة زاد في المبسوط ونسي حتى دخل قال هو مثل هذا كله يعني إن صلى بذلك ولم يعلم أعاد في الوقت وإن ذكر في الصلاة قطع كان وحده أو مأموماً وإن كان أماما استخلف ابن القاسم وسحنون ولو رأى النجاسة في صلاته فهم بالقطع فنسي فلا إعادة عليه إلا في الوقت وهكذا لو رآها بعد صلاته فهم بالاعادة في الوقت فنسي وروى الأخوان يعيد أبدا المواق انظر إن ترك الإعادة عمدا اهـ وما تقدم قريبا عن ابن القاسم وسحنون فيمن هم بالقطع فنسي هو على خلاف قول ابن حبيب الجاري على مذهب المدونة

القطع كما تقدم في الفرع الخامس (الثامن) قال في التوضيح قال ابن القاسم وابن زرب وإذا صلى العاجز عريانا فلا يعيد بخلاف المصلي بثوب نجس واستشكل وفرق ابن عطاء الله بأن المصلي بنجاسة قادر على إزالتها بأن يصلي عريانا وإنما رجحنا ستر العورة على إزالة النجاسة مع أنه قادر على تركها بخلاف المصلي عريانا لعدم القدرة على الستر (التاسع) الإمام يصلي بنجاسة ناسياً ففي إعادة مأموميه قولان مبنيان على ارتباط صلاتهم بصلاة إمامهم أولا (العاشر) تقدم أن الإمام إذا ذكر نجاسة استخلف وهي إحدى النظائر التي تبطل فيها الصلاة على الإمام دون المأموم وستأتي وأما إن علم المأموم وهو في الصلاة نجاسة بثوب إمامه فإن كان قريباً منه أراه إياها وإن بعد منه كلمه لإصلاحها (الحادي عشر) قال ابن وهب من نسي فذكرها بعد شهر فصلاها ثم تبين له بعد ما صلى أن في ثوبه نجاسة أعاد ابن رشد هذا خلاف مذهب ابن القاسم وسائر أصحاب مالك لأن الصلاة الفائتة بتمامها يخرج وقتها وإلى هذه المسألة أشار الشيخ خليل بقوله كفائتة بعد قوله لا عاجز صلى عريانا أي فلا يعيد (الثاني عشر) المصلي يصلي في سفر بالتقصير بثوب نجس ناسياً ثم يحضر في الوقت فإنه يعيدها أربعا قال أبو محمد والوقت في ذلك النهار كله (الثالث عشر) قال ابن الحاجب ولو عرق من المستجمر موضع الاستجمار فقولان التوضيح أي هل يعفى عن ذلك العرق في الثوب ثم قال ابن الحاجب والمرهم النجس يغسل على الأشهر التوضيح قال ابن رشد إذا عمل المرهم من عظام الميتة أو من شيء نجس وطلى به الجرح فهل يعفى عنه لمشقة غسله من الجرح وهو قول ابن الماجشون أو لا يصلي حتى يغسله وهو المشهور لأنه أدخله على نفسه فكان كما لو أنكأ القرحة (الرابع عشر) قال ابن الحاجب ويكفي مج الريق فينقطع الدم ولا يمصه بفيه ويمجه واليسير عفو التوضيح الفرع الأول فيما في نفس الفم والثاني فيما في غير الفم اهـ وإنما لم يكف ذلك لأن النجاسة لا تزال إلا بالماء المطق ابن عرفة روى ابن حبيب من دمي فوه به أي بالمسجد انصرف حتى ينقطع وإن كان بغيره بصق حتى ينقطع ولا يقطع صلاته إلا أن يكثر جداً الشيخ لغير ابن حبيب إن خف أرسله من فيه غير المسجد (الخامس عشر) في حكم من اشتبه عليه الإناء الطاهر بالنجس والثوب الطاهر بالنجس فأما اشتباه الأواني فقال ابن الحاجب وإذا اشتبهت الأواني قال سحنون يتيمم ويتركها وقال ابن الماجشون يتوضأ ويصلي حتى تفرغ وبه قال ابن مسلمة ويغسل

أعضاءه مما قبله وقال ابن المواز وابن سحنون يتحرى واحداً منها ويستعمله كمن التبست عليه جهة القبلة وقال ابن القصار مثل قول ابن المواز وابن سحنون إن كثرت الأواني ومثل قول ابن مسلمة إن قلت: التوضيح اشتبهت أي التبس الطاهر بالنجس وأما لو اشتبه مطهر بطاهر لم يستعملها وصلى صلاة واحدة ثو قال قال ابن عبد السلام وبقي عليه قول من قال إنه يتوضأ بعدد النجس وزيادة إناء مثل ما قال في الثياب خليل وهذا هو الصحيح بل لا ينبغي أن يفهم الخلاف على الاطلاق لأنه إذا كان معه عشر أوان فيها واحد نجس فما وجه التيمم ومعه ماء محقق الطهارة وهو قادر على استعماله وما وجه من يقول إنه يستعمل الجميع ونحن نقطع أنه إذا استعمل إناءين تبرأ ذمته وإنما ينبغي أن يكون محل الأقوال إذا لم يتحقق عدد النجس من الطاهر أو تعدد النجس واتحد الطاهر قال في الجواهر ثم من شرط الاجتهاد أن يعجز عن الوصول إلى اليقين فإن كان معه ماء يتحقق طهارته أو كان على شط نهر امتنع الاجتهاد ابن الحاجب فإن تغير اجتهاده بعلم عمل عليه وبظن قولان كالقبلة التوضيح: إذا فرعنا على القول بالاجتهاد فتحرى إناء ثم تغير اجتهاده فإن كان إلى يقين بطلت الأولى ولزمه إعادته وهذا معنى قوله عمل عليها وإن كان إلى ظن فقولان مبنيان على أن الظن هل ينقض بالظن أم لا اهـ وأما اشتباه الأثواب فقال ابن الحاجب أيضا ويتحرى في الثياب وقال ابن الماجشون أن يصلي بعدد النجس وزيادة ثوب التوضيح: والفرق بين الأواني والثياب خفة النجاسة بدليل الاختلاف فيها ولا كذلك الماء فلم يختلف في اشتراط المطلق في رفع الحدث وظاهر كلام ابن الحاجب وابن شاس عدم اشتراط الضرورة في التحري ونص سند على أنه إنما يتحرى في الثوبين عند الضرورة وعدم وجود ما يغسل به الثوبين اهـ المواق عند قوله في المختصر بخلاف ثوبيه فيتحرى والذي لابن القاسم في رجل في سفر ليس معه الا ثوبان أصابت أحدهما نجاسة لا يدري أيهما قال بلغني عن مالك يصلي في واحد كما لو لم يجد إلا ثوبا ويعيد في الوقت إن وجد طاهراً ولست أناأرى ذلك بل يصلي في واحد منهما ثم يعيد في الآخر مكانه ولا إعادة عليه إن وجد طاهراً ابن رشد في قول ابن القاسم نظر لأنه إذا صلى على أن يعيد لم يعزم في صلاته فيه أنها فرضه وكذلك إذا أعادها في الآخر لم يخلص النية للفرض لأنه إنما نوى أنها صلاته إن كان هذا الثوب هو الثوب الطاهر ونحو هذا لابن يونس في جامع القول في الإقامة على أن من صلى صلاة على أن يعيدها ينبغي أن لا تجزئه ابن رشد وقول مالك أصح وأظهر من جهة النظر والقياس أنه يصلي في أحدهما على أنه فرضه كما لو لم يجد غيره فإن وجد في الوقت ثوباً يوقن

بطهارته أعاد استحباباً أنظر في الذخيرة اعتراضه على ابن شاس اهـ (السادس عشر) قال ابن الحاجب ويغسل الإناء من ولوغ الكلب سبعاً للحديث فقيل تعبداً وقيل لقذارته وقيل لنجاسته السبع تعبد وقيل لتشديد المنع وقيل لأنهم نهوا فلم ينتهوا وفي وجوبه وندبه روايتان ولا يؤمر إلا عند قصد الاستعمال على المشهور ولا يتعدد الغسل بتعدده على المشهور وفي إلحاق الخنزير به روايتان وروى ابن القاسم في الماء خاصة وروى ابن وهب وفي الطعام وفي إراقتهما مشهورها الماء لا الطعام وكان يستعظم أن يعمد إلى رزق الله فيراق لأنه ولغ كلب وفي غسله بالماء المولوغ فيه قولان قال في التوضيح فروع الأول الغسل مختص بالاناء فلو ولغ في حوض لم يغسل لأنه تعبد الثاني الحكم مختص بالولوغ فلو أدخل يده أو رجله لم يغسل خلافاً للشافعي الثالث لا تشترط النية في الغسل قاله الباجي وابن رشد قالا وإنما يفتقر التعبد الى النية إذا فعله الشخص في نفسه أما هذا وغسل الميت وما أشبههما فلا الرابع هل يشترط الدلك أم لا ليس فيه نص والظاهر على أصولنا الاشتراط لأن الغسل عندنا لا تتم حقيقته إلا به (التبيه العاشر) قال غير واحد ممن شرح الرسالة وغيرها جرت عادة الشيوخ أن يتعرضوا هنا لنقل نطائر منها أن ثماني مسائل من باب إزالة النجاسة يكفي فيها المسح عن الغسل وهي السيف الصقيل والجسم والثوب والمخرجان وموضع الحجامة والقدم والخف والنعل من أرواث الدواب وأبوالها وإجزاء المسح عن الغسل في الجسد والثوب جار على المشهور وهو مقابل الأصح في قول ابن الحاجب بعد أن ذكر السيف ولا يلحق به غيره على الأصح في التوضيح ممثلا بغير السيف كالثوب والجسم راجع التبيه الثامن: ولا غرابة في ارتكاب الشاذ في جميع النظائر المقصود منه الاشتراك في حكم ما مشهورا كان ذلك الحكم أم لا ومنها أن ثمانية أثواب لايطلب غسلها إلا مع التفاحش ثوب صاحب السلس والجرح السائل وذوى القرحة والبواسير وثوب المرضع والمتعيش بالدواب في سفره والغازي بأرض الحرب لايجد من يمسك له الفرس يصيبه بوله ودم البرغوث ومنها أن ثمانية تحمل على الطهارة الذباب يقع على النجاسة ثم على الثوب أو البدن أو البقعة وذيل المرأة المطال للمستر وقترة سقف الحمام ومزاب السطوح وآلة رفع الماء كالدلو والحبل وطين المطر وما نجسه الكافر وأبواب الدور وهل المراد أن باب الدار محمول على الطهارة كداخلها وهذا إن كانت لمسلم مصل أو المراد أن طين أبواب الدور الناشأ عن غسلها مثلا محمول على الطهارة كطين المطر يظهر هذا من عطف بعضهم في تعداد هذه النظائر أبواب الدور على طين المطر لم أقف في ذلك على قاطع

بالمراد ومنها أن ثمانية تجب مع الذكر وتسقط مع النسيان طواف القدوم وزوال النجاسة من ثوب أو بدن أو مكان والنضح لما شك فيه وترتيب الصلوات والفور في الوضوء والغسل والكفارة في رمضان وقضاء التطوع من صلاة وصيام واعتكاف التوضيح اذاقطعت عمدا من غيرعذر لزم القضاء إن كان لعذر لم يلزم اهـ والتسمية في الذبح كذا ذكر هذه الثمانية الأخيرة وفي التوضيح وأسقط ابن ناجى منها طواف القدوم والنضح وجعل مكانهما ترتيب الحاضرتين وتقديم الفوائت اليسيرة على الحاضرة وجعل مكان ترتيب الصلوات الترتيب وكأنه يعني الترتيب في الوضوء والصواب والله أعلم ما في التوضيح لأنه أكثر فائدة لزيادة طواف القدوم والنضح وشمول ترتيب الصلوات ترتيب الحاضرتين وترتيب الفوائت في أنفسها وترتيب يسير الفوائت مع الحاضرة أي تقديمها عليها إلا أن الظاهر أن لاخصوصية للصلاة والصيام والاعتكاف بهذا الحكم بل جميع مايلزم بالشروع من الثلاثة المذكورة والحج والعمرة والطواف والإتمام كذلك على بحث لهذا الأخير في كونه يلزم بالشروع ولكن من خرج من الائتمام عمدا لم يجب عليه قضاء صلاته في جماعة ثم اعلم أن عد قضاء التطوعات اللازمة بالشروع مع هذه النظائر إنما هو باعتبار مجرد الاشتراك في الوجوب مع الذكر والسقوط والنسيان وإن اختلف المذكور والمنسي فيهما فإن النضح مثلا يجب على من ذكره ويسقط عمن نسيه وقضاء النافلة مثلا يجب على من ذكر قطعها أي قطعها عمدا ويسقط عمن نسي قطعها أي قطعها نسيانا فالمذكور والمنسي في النضح فعله والمذكور والمنسي في قضاء النافلة هو قطعها وليس المراد أن من قطع هذه التطوعات يجب عليه قضاؤها إن ذكره ويسقط عنه إن نسيه فإن من قطعها ناسيا لايجب عليه قضاؤها ولو ذكره ومن قطعها متعمداً وجب عليه قضاؤها لابقيد الذكر والله أعلم والأولى والله أعلم إسقاط قضاء التطوع من صلاة وصيام واعتكاف من هذه النظائر كما فعل الإمام سيدى على الزقاق في المنهج والمنتخب في قواعدالمذهب من إسقاطه لها في عد مايجب بالذكر ويسقط مع النسيان وعده لها مع مايلزم بالشروع فيقضيه من قطعه عمدا لانسيانا حيث قال لايسقط الواجب بالنسيان وفي ضعيف مدرك قولان بخبث ثم بفور رتب كفر وقيل وبعذر أذهب في طوع حج وصلاة وصيام طواف قادم عكوف وائتمام وعمرة إذ لزمت من شرعا وفي ائتمام نظر قد سمعا وقد نظم النظائر الاثنين والثلاثين المتقدمة آنفا الشيخ الإمام العالم أبو محمد عبد

الواحد بن الامام الشهير أبي العباس ابن يحيى الونشريسى رحمهما الله تعالى معتمدا في الثمانية الأخيرة على ملس التوضيح فقال ثمانية يجزى عن الغسل مسحها وهى من الأسياف ماكان ذا صقل وجسم وثوب مخرج ومحاجم كذا قدم والخف أيضا مع النعل وإن من الأثواب في العد مثلها أمرنا بهذا عند التفاحش بالغسل ثياب ذوي الأسلاس والجرح إن يسل وقرح وباسور ومرضعة الطفل وذي سفر بالظهر يرجو معيشة ومن في بلاد الحرب يمسك للخيل وثوب ذوي البرغوث والطهر صف به ثمانية وهي التي بعد ذا أمل ذباب وإن فوق النجاسة قد بدا وما جره النسوان للستر من ذيل وقطرة حمام وميذاب أسطح وآلة رفع الماء كالدلو والحبل وطين الشتا أيضا ومنسوج كافر وأبواب دور مثل مامر من قبل وأخرى مع الذكر استبان وجوبها فدونكها فى النظم مضمومة الشمل طواف قدوم مع زوال نجاسة ونضحاً وترتيباً وفوراله اتل وكفارة في صوم شهر صيامنا كذاك القضاء في التطوع والنفل وتسمية في الذبح قدتم وانتهى فلله رب الحمد ذو المن والطول وأزكى سلام طيب العرف عاطر على أحمد المختار والصحب والأهل قال مؤلفه عفاالله عنه وقد خرجنا في هذا المحل أيضا عن الاختصار المقصود إلى تطويل ينكره الودود والحسود لمسيس الحاجة لذلك لكل واصل وسالك فمن صعب عليه الخوض في تلك المسالك فليقتصر على ما قبل التنبيهات من الشرح هنالك قال الناظم رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنته فَصْلٌ فَرائِضُ الْوُضُو سَبْعٌ وهِي دَلْكُ وفَوْرٌ نِيَّةٌ فى بَدْئِهِ ولْيَنْوِ رَفْعَ حَدَثٍ أَوْ مُفْتَرضْ أَو اسْتِبَاحَةً لِمَمْنُوع عَرَضْ وغَسْلُ وجْهٍ غَسْلُهُ الْيَدَيْنِ ومَسْحُ رَاسٍ غَسْلُهُ الرِّجْلَيْنِ

والْفَرْضُ عمَّ مَجْمَعَ الأُذُنَيْنِ والْمِرْفَقَيْنِ عَمّ والْكَعْبَيْنِ خلِّلْ أَصَابِع الْيَديْنِ وشَعَرْ وجْهٍ إِذَا ما تَحْتَهُ الْجِلْدُ ظَهَرْ الوضوء مشتق من الوضاءة وهى النظافة وهو في الشرح تطهير أعضاء مخصوصة بالماء ويرتفع عنها الحدث لاستباحة العبادة الممنوعة وهو بفتح الواو اسم الماء وبضمها اسم للفعل وقيل هما بمعنى واحد قال ابن دقيق العيد وإذا قلنا إنه بالفتح اسم للماء هل هو اسم لمطلق الماء أوبقيد كونه متوضأ به أو معدا للوضوء به فيه نظر اهـ وهو في النظم بضم الواو لأن المراد الفعل وحذف همزته للوزن وسكن ياء وهى للوقف وذكر أن فرائضه سبع (أولهاالدلك) قال في التوضيح وفي الدلك ثلاثة أقوال المشهور الوجوب والثانى لابن عبد الحكم نفي وجوبه والثالث أنه واجب لالنفسه بل لتحقيق إيصال الماء لطول مكث أجزأه ورأى بعضهم أن هذا راجع إلى القول بسقوط الدلك اهـ ابن العربى وتجوز الوكالة على صب الماء على أعضاء الوضوء ولاتجوز على ركعها إلا إن كان المتوضأ مريضا لايقدر عليه وانظر إذا دلك إحدى رجليه بالأخرى ولم يمر عليها بيده فمذهب ابن القاسم أن ذلك يجزئه والمشهور أن الدلك واجب لنفسه ابن أبي زيد ولو تدلك المنغمس إثر انغماسه فى الماء أجزأه وارتضاه ابن يونس ابن بشير وهو الصحيح قال بعض شيوخ عبد الحق لو كانت بجمسه نجاسة لم يجزه لأنها لاتزول إلا بمقارنة الدلك للصب فتبقى لمعة (الفريضة الثانية الفور) ويعبر عنه بالموالاة ابن بشير الموالاة أن يفعل الوضوء كله فى فور واحد من غير تفريق ابن الحاجب والتفريق اليسير مغتفر يريد ولو عمدا والمشهور وجوبها مع الذكر والقدرة وقال ابن رشد المشهور أنها سنة وعليه فإن فرق الوضوء ناسياً فلاشأ عليه وعامدا أعاد أبدا لتهاونه قال ابن القاسم وقال ابن عبد الحكم لاإعادة عليه وعلى الفريضة إذا فرق الوضوء فثلاثة أقوال يبطل وضوؤه عمدا كان التفريق أونسيانا لايبطل كذلك، ثالثها للمدونة وهو المشهور يبطل إن كان عمدا أواختيارا لا إن كان نسيانا أوعجزا فإن فرقه ناسيا بنى بنية طال أولم يطل وعاجزاً بنى مالم يطل والمشهور أن الطول معتبر بجفاف الاعضاء المعتدلة فى الزمان المعتدل وسيأتى مسألة ترك الموالاة مع العجز للناظم إن شاء الله وقيل وهو محدود بالعرف فإن بنى مع التفريق ناسيا من غير تجديد نية لم يجزه ذلك كما لو نسي رجليه وظن أنه أكمل وضوءه فخاض نهرا ودلكهما بلا نية فلا يجزئه ذلك (فرع) إذا بنينا على أنها لاتجب مع النسيان فلو فرق وضوءه نسيانا أي فعل بعض

[أعضائه] وترك بعضها ناسياثم تذكر فهم بكامله فنسي فهو كمن أخر معتمدا بناء على أن النسيان الطارأ ليس كالأصل راجع التوضيح (فرع) فلو ذكر فلم يجد ماء فحكى في النكت عن غير واحد من شيوخه أن حكمه كحكم من عجز ماؤه أي فيبني مالم يطل (فرع) من ذكر لمعة ولم يجد ما يغسلها به فهل حكمه حكم من عجز ماء وضوئه أو لايبطل ولو طال مالم بفرط قولان لنقل عبد الحق عن شيخه الأبيانى. (الفريضة) الثالثة من فرائض الوضوء النية في ابتدائه) والكلام فيها اتباعا لما ذكر الناظم في ثلاث فصول الفصل الأول في حكمها الفصل الثاني في المنوي في الوضوء ماهو الفصل الثالث في محلها في الوضوء هل عند غسل الوجه أو عند غسل اليدين فأما حكمها فقال ابن الحاجب فرائضه ست: النية على الأصح التوضيح لقوله تعالى {وماأمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} وقوله «إنما الأعمال بالنيات» ومقابل الأصح رواية عن مالك بعدم الوجوب حكاها المازري نصا عن مالك في الوضوء قال وتخرج في الغسل خليل وفي التخريج نظر لأن التعبد في الغسل أقوى ولم يحفظ صاحب المقدمات في وجوب النية في الوضوء خلافا بل حكى الاتفاق عليها اهـ وعلى وجوب النية درج الناظم فى عدها مع الفرائض (فائدة) في بيان حكمة وجوب النية فيما تجب فيه وفي ضابط ماتجب فيه النية مما لا تجب فيه من الأفعال وفى بيان معنى التعبد المفتقر للنية ومعقول المعنى الذي لايفتقر إليها فأما حكمتها فقال في التوضيح وحكمة إيجاب النية تمييز العبادات عن العادات ليتميز مالله عما ليس له أو تمييز مراتب العبادات في أنفسها لتتميز مكافأة العبد على فعله ويظهر قدر تعظيمه لربه فمثال الأول يكون الغسل يكون عبادة وتبردا وحضور المساجد يكون للصلاة ويكون للفرجة والسجود لله وللصنم ومثال الثاني الصلاة لانقسامها إلى فرض ونفل والفرض إلى فرض على الأعيان وفرض على الكفاية وفرض منذور وغير منذور ومحل النية القلب وقيل في الدماغ اهـ وبعضه بالمعنى وأما ضابط ماتجب فيه من الأفعال فهو ماكان متعبداً به ولم يطلع على حكمته أو مافيه شائبة التعبد والمعقولية على خلاف في هذا الثاني قال ابن الحاجب والاجماع على

وجوب النية في محض العبادة وعلى نفي الوجوب فيما تمحض لغيرها كالديون والودائع والغصوب واختلف فيما فيه شائبتان كالطهارة والزكاة التوضيح: حاصله أن الفعل ثلاثة أقسام قسم تمحض للعبادة كالصلاة والإجماع على وجوب النية فيه الثاني مقابلة كإعطاء الديون ورد الودائع والغصوب فالاجماع أنه لاتجب النية أي نية التقرب فإن نواها أثيب كأن ينوي براءة ذمته أو امتثال أمر الله أو ادخال السرور على صاحب الدين وهذا كما قالواإن إن الامام لاتجب عليه نية الامامة لكن الأفضل ينويها ليحصل له فضلها الثالث: مااشتمل على الوجهين كالزكاة والطهارة لأن الزكاة معناها معقول وهو رفق الفقراء وبقية الأصناف ولكن كونها إنما تجب في قدر مخصوص لايعقل معناه وكذلك الطهارة عقل معناها وهي النطافة لكن كونها في أعضاء مخصوصة على وجه مخصوص لا يعقل معناه واختلف في وجوب النية فيه اهـ باختصار بعضه وأما بيان معنى التعبد والمعقولية فقال في التوضيح أيضاً (فائدة) كثيراً مايذكر العلماء التعبد ومعنى ذلك الحكم الذى لاتظهر له حكمة بالنسبة إلينا مع أنا نجزم أنه لابد له من حكمة وذلك لأنا استقرينا عادة الله تعالى فوجدناه جالبا للمصالح دارئا للمفاسد ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنه إذا سمعت نداء الله فهو إما أن يدعوك لخير أو يصرفك عن شر فإيجاب الزكاة والنفقات لسد الخلات وأرش الجنايات لجبر المتلفات وتحريم القتل والزنا والسكر والسرقة والقذف صونا للنفوس والأنساب والعقول والأموال والأعراض عن المفسدات ويقرب لك ما أشرنا اليه مثال في الخارج إذا رأينا ملكا عادته أنه يكرم العلماء ويهين الجهال ثم أكرم شخصا غلب على ظننا أنه عالم والله تعالى إذا شرع حكما علمنا أنه شرعه لحكمة ثم إن ظهرت لنا فنقول هو معقول المعنى وإن لم تظهر فنقول هو تعبد اهـ (الفصل الثاني في محل النية) والمشهور أنها عند غسل الوجه وقيل عند غسل اليدين أولا وجمع بعضهم بين القولين فقال يبدأ بالنية أول الفعل ويصحبها إلى أول والمفروض قال الشيخ خليل والظاهر هو القول الثاني لأنا إذ قلنا إنه ينوي عند غسل الوجه يلزم منه أن يعري غسل اليدين والمضمضة والاستنشاق عن نية فإن قالوا ينوي له نية مفردة فيلزم منه أن يكون للوضوء نيتان ولاقائل بذلك اهـ وقال ابن رشد وقول الناظم في بدئه يحتمل أن يكون أراد البدء الحقيقي وذلك عند غسل اليدين أولا فيكون على مقابل المشهور الذي استظهره الشيخ خليل ويحتمل أن يكون أراد في بدء ماهو الوضوء اتفاقا وهو غسل الوجه ليوافق المشهور.

(فرع) نسيان النية في الوضوء مغتفر للمشقة قال الشيخ زروق في شرح القرطبية (فرع) إذا تقدمت النية عن محلها واستصحبت إلى أن شرع في الوضوء فلا إشكال وإن لم تستصحب فإن تقدمت بكثير لم تجز بلا خلاف وإن تقدمت بيسير فقولان قال ابن عبد السلام الأشهر عدم التأثير ومقتضى الدليل خلافه وقال المازري الأصح فى النظر عدم الإجزاء ابن بزيزة وهو المشهور وأما إن تأخرت عن محلها فلا تجزىء لعرو المفعول عنها وإذا تقرر هذا فمن هذا المعنى من خرج من بيته إلى الحمام ليغتسل فهل تجزئه تلك النية أم لا قال الشيخ أبو الحسن الصغير هذه المسألة على ثلاثة أوجه إذا خرج إلى الحمام للغسل فاغتسل ولم يتحمم أجزأه الغسل اتفاقا قلت وكذا إن تحمم بعد ما اغتسل والله أعلم قال وإن خرج للغسل فبداله يتحمم فيه ثم اغتسل لم تجزه اتفاقا إلا أن يجد النية وإذا خرج ليتحمم ثم ليغتسل ففعل أجزأه الغسل عند ابن القاسم ولم يجزه عند سحنون إلا أن يجدد النية عند الغسل ولبعضهمفي ذلك وأظن أنى رأيته منسوبا لسيدي أبي محمدعبد الواحد الونشريسى رحمه الله من استقبل الحمام للغسل فاغتسل ولم يتمم غسله مابه خلل فإن يتحمم قيل لم يجز غسله إذا لم يجدد نية حين يغتسل وإن يقصد التحميم والغسل بعده أجاز له ابن القاسم الغسل إن فعل وماعند سحنون يجوز اغتساله وإذ لم يجدد نية الطهر قد بطل والأصل أن تستصحب النية مع المنوي الخ فإن لم تستصحب وانقطعت وذهل عنها بعد وقتها فذلك مغتفر للمشقة وكذلك لا يؤثر رفض النية على المشهور ويأتى في الصلاة إن شاء الله الكلام على رفض الوضوء أوغيره أو ما يرتفض وما لا يرتفض (فرع) قال ابن الحاجب ولو فرق النية على الأعضاء فقولان بناء على رفع الحدث عن كل عضو أو بالإكمال التوضيح أي خص كل عضو بنية مع قطع النظر عما بعده (الفصل الثالث في المنوي بها) وهو هنا أحد ثلاثة أشياء كما أشار إليه الناظم بقوله ولينو رفع حدث البيت أولها رفع الحدث أي عن الأعضاء وهو المنع المرتب عليها. الثاني الفرض أي ينوى أداء الوضوء الذي هو فرض عليه فيخرج عنه الوضوء للتجديد ويدخل فيه الوضوء للنوافل لأنه فرض إذ الفرض قسمان ما يأثم الانسان على تركه

ولا إشكال وما يتوقف عليه غيره كالوضوء للنافلة قاله الحطاب وكذا الوضوء للفريضة قبل دخول الوقت فإنه فرض بمعنى توقف الصلاة عليه قاله شيخ شيوخنا سيدى أبو عبدالله محمدالقصار * الثالث استباحة ما كان الحدث مانعا منه مما يتوقف على الوضوء كالصلاة ومس المصحف ونحوهما فقوله أو مفترض معطوف على رفع على حذف مضاف أي أداء مفترض ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة وكذا قوله أواستباحة وجملة عرض صفة في اللفظ الممنوع والمعنى عرض منعه ولابد في هذا الفصل من ذكر فروع الأول قال ابن الحاجب وإن نوى حدثا مخصوصا ناسيا غيره أجزأه التوضيح أي إذا أحدث أحداثا فنوى حدثا منها ناسيا غيره أجزأه لتساويها في الحكم ويأتي ما إذا أخرج غيره وأما لو كان ذكرا للغير ولم يخرجه فظاهر النصوص الاجزاء وسواء كان الحدث الأول أم لا وفرق بين المخالفين لنا في المذهب بين أن ينوي الحدث الأول فيجزئه وبين أن ينوي غيره فلا يجزئه إذ المؤثر في نقض الطهارة إنما هو الأول ولو نوى حدثا غير الذي صدر منه غلطا فنص بعض المخالفين على الاجزاء وهو أيضا صحيح على المذهب قاله ابن عبد السلام. الثاني إن خص حدثا مخرجا غيره فسدت طهارته للتناقض كما إذا تغوط وبال ونوى رفع أحدهما دون الآخر وكذا لو أخرج أحد الثلاثة التى تنوى كما إذا نوى رفع الحدث وقال لا أستبيح أو نوى الاستباحة وقال لا أرفع الحدث أو نوى الفرض وقال لا أستبيح أو لاأرفع الحدث وقال لم تصح طهارته للتضاد. الثالث إذا أخرج بعض المستباح كأن ينوي أن يصلي به الظهر ولا يصلي به العصر أومس المصحف دون الصلاة فثلاثة أقوال قيل يستباح مانواه ومالم ينوه لقصد رفع الحدث قال الباجى وهو المشهور وقيل لايستبيح شيئا لأنه لما خرج بعض المستباح فكأنه قصد رفض الوضوء وقيل يستبيح مانواه دون مالم ينوه لخبر (وإنما لكل امرىء مانوى). الرابع قال المازري في صحة الوضوء لرفع الحدث والتبرد قولان ابن القاسم يجزأ للتعليم ورفع الحدث. الخامس من نوى مالا يصح إلا بطهارة كالصلاة ومس المصحف والطواف فيجوز أن يفعل بذلك الطهر مانواه وغيره ومن نوى شيئا لايشترط فيه الطهارة كالنوم وقراءة القرآن ظاهرا أو تعليم العلم فلا يجوز أن يفعل بذلك الوضوء غير المنوي على

المشهور قيل يستبيح الجميع لأنه نوى أن يكون على أكمل الحالات فنيته مستلزمة لرفع الحدث عنه. السادس إذا قصد الطهارة المطلقة لأن ذلك لايرفع الحدث لأن الطهارة قسمان طهارة حدث وطهارة نجس فإذا قصد قصدا مطلقا وأمكن انصرافه للنجس لم يرتفع حدثه قاله المازري. السابع لايلزم في الوضوء والغسل أن يتعين بنيته الفعل المستباح ويحتاج لذلك في التيمم قيل وجوبا وقيل استحبابا وهو المشهور فانظر الفرق. الثامن من تيقن الطهارة وشك في الحدث وقلنا لايجب عليه الوضوء فتوضأ ومن توضأ مجدداً فتبين حدثهما فالمشهور عدم الإجزاء لكونهما لم يقصدا رفع الحدث وإنما قصدا الفضيلة وقيل يجزئهما لأن نيتهما أن يكون على أكمل الحالات وذلك يستلزم رفع الحدث. التاسع من اغتسل وقال إن كانت علي جنابة فهذا الغسل لها ثم تبين أنه كان جنبا فروى عيسى عن ابن القاسم لايجزئه وقال عيسى يجزئه. العاشر من ترك لمعة فانغسلت ثانيا بنية الفضيلة فقولان والمشهور عدم الاجزاء وهى إحدى النظائر التي اختلف هل يجري فيها ما ليس بواجب عن الواجب ومنها من جدد فتبين حدثه كما تقدم ومنها من اغتسل للجمعة ناسيا للجنابة ومنها من سلم من ركعتين ساهيا ثم قام إلى نافلة أي فهل تجزئه ركعتا النافلة عن ركعتي فرضه ومنها من لم يسلم ولكن ظن أنه قد سلم يريد ثم قام لنافلة كالتى قبلها ومنها ماإذا بطلت ركعة ثم قام إلى خامسة ساهيا ومنها من نسي سجدة ثم سجد سجدا سهوا وسجد للسهو التوضيح: والمشهور فى هذه عدم الإجزاء ومنها من طاف للوداع ناسيا للافاضة ومنها من ساق هدي تطوع ثم تمتع ومنها من قام إلى ثالثة من غير أن يسلم أو يظن السلام يريد من قام من ثانية فرض لثالثة بنسة النفل أيضا أما إن سلم أو ظن أنه سلم فهي المسألة الرابعة والخامسة من هذه النظائر وإلى هذه الثلاثة أشار صاحب المختصر بقوله كلام وظنه إلى قوله كأن لم يظنه التوضيح: والمشهور في مسألة الطواف واللتين بعدها الإجزاء ومنها ماوقع لعبد الملك فيمن نسى جمرة العقبة ثم رماها ساهيا فإنه يجزئه وقد نظم هذه النظائر الفقيه أبو العباس أحمد بن عبد الله الزواوى فقال

مسائل يجزي نفلها عن فريضة شذوذا فلا تتبع سوى قول شهرة مجدد طهر ساهيا وهو محدث ولمعة عضو طهرت بفضيلة وآت بغسل ساهيا عن جنابة نوى جمعة واحكم لتارك سجدة من الفرض يأتي السجود لسهوه ومبطلها يأتي بخامس ركعة ومن لم يسلم ظن فيها سلامة وآت بنفل قبل ختم فريضة ومن لم يسلم أو يظن سلامة لثالثة قد قام فافهم يصورة ويجزأ في المشهور من طاف عندهم طواف وداع ذاهلا عن إفاضة وذو متعة قد ساق هدي تطوع فيجزيه قد قالوا لواجب متعة وقد قاله ابن الماجشون إذا رمى جمارا بسهو لايعيد لجمرة الحادى عشر لايصح وضوء الكافر ولاغسله لتعذر النية في حقه بخلاف الذمية فتجبر على الغسل من الحيض لحق زوجها المسلم إذ لا يجوز وطء الحائض إلا بعد الغسل على المشهور التوضيح: فإن قيل ما فائدة جبرها على الغسل وهو لايصح إلا بالنية وهى لاتصح منها قيل إنما تشترط النية في صحة الغسل إذا كان للصلاة وأما للوطء في حق الزوج فلا لأن الزوج معتمدا بالغسل فيها وما كان كذلك من العبادات التى يفعلها المتعبد في غيره لم يفتقر إلى نية كغسل الميت وغسل الإناء من ولوغ الكلب ولا يجبر المسلم زوجته الكافرة على الغسل من الجنابة لأن وطء الجنب جائز (الفريضة الرابعة غسل الوجه) ابن الحاجب والوجه من منبت الشعر المعتاد إلى منتهى الذقن فيدخل موضع الغمم ولايدخل موضع الصلع ومن الأذن إلى الأذن وقيل من العذار إلى العذار وقيل بالأول في نقي الخد والثانى في ذى الشعر وانفرد عبد الوهاب بأن مابينهما سنة اهـ التوضيح والذقن مجتمع اللحيين وبسبب قولنا الشعر المعتاد يغسل الأغم ما على جبهته من الشعر ولا يغسل الأصلع ما انحسر عنه الشعر من الرأس اهـ فأشار بقوله والوجه من منبت الخ إلى حد الوجه طولا وبقوله ومن الأذن إلى الأذن إلى حده عرضا وإلى حده عرضا أشار الناظم بقوله (والفرض عم) مجمع الأذنين والله أعلم واعتمد الناظم هذا الحد دون غيره كما حكى ابن الحاجب بعده لكونه هو المشهور ابن الحاجب ويجب تخليل حفيف الشعر دون كثيفه في اللحية وغيرها حتى الهدب وقيل وكثيفه ويجب غسل ما طال من اللحية

على الأظهر التوضيح الخفيف ما تظهر البشرة من تحته والكثيف ما لا تظهر قاله في التلقين والتخليل إيصال الماء إلى البشرة وإنما لم يجب تخليل كثيف الشعر في الوضوء على المشهور لأن المأمور به غسل الوجه: والوجه ما يوجه ماخوذ من المواجهة وأما في الغسل فالمطلوب المبالغة لقوله تعالى {فاطهروا} ولقوله «تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وأنقوا البشرة» فيجب تخليله خفيفا كان أو كثيفا وإلى وجوب تخليل الشعر أشار الناظم بقوله (وجه إذا من تحته الجلد ظهر) وأفهم منه أنه لايجب تخليل كثيفه وهو مالا يظهر الجلد من تحته وهو كذلك في الوضوء كما تقدم ابن عرفة ويجب غسل ما تحت مارنه وأسارير جبهته وظاهر شفتيه ابن يونس ليس عليه غسل ما غار من جرح برىء على استغوار كثير أو كان خلقاً خلق به (تنبيه) قال الشيخ زورق في شرحه للرسالة: للعامة في الوضوء أمور منها صب الماء من دون الجبهة وهو مبطل ونفض اليدين قبل إيصال الماء إلى الوجه وهو كذلك ولطم الوجه بالماء لطما وهو جهل لايضر وقال قبل هذا ولا يكب وجهه في يديه كبا ولا يرشه رشا لأن ذلك كله جهل اهـ الفريضة الخامسة غسل اليدين مع المرفقين على المشهور وعلى دخول المرفقين في الغسل نية الناظم بقوله والمرفقين عم وقيل لايجب غسل نفس المرفقين والخلاف في ذلك مبني على دخول المغيا في الغاية وعدم دخوله من قوله تعالى {وأيديكم إلى المرافق} وللامة في المسئلة كلام طويل انظر القلشانى أو غيره إن شئت فإن قطع من اليد دون المرفق غسل باقيه فإن قطع من المرفق سقط ومن المدونة لايغسل أقطع المرفقين موضع القطع إذ قد أتى عليهما القطع بخلاف أقطع الرجلين فيغسل موضع القطع وبقية الكعبين لأن القطع نحتهما إلا إن عرف أنه بقي من المرفق شيء فإنه يغسل وفي السليمانية لو نبت كف في عضد دون ذراع غسلت فقط ومن لا رجل له ولا يد ولا ذكر وفضلته تخرج من سرته فهى كدبره وفرض اليد والرجل ساقط ونسمه من سرتها لأسفل خلق امرأة ومن فوق خلق ثنتين تغسل أيديها الأربع وتمسح رأسيها ويصح وطؤها بنكاح وتعقبه عياض بأنهما أختان قال ابن عرفة يرد بمنعه لاتحاد الوطء وذكر القاضي أبو الفضل عياض في مداركه لما عرف بالشافعى

قال بينما أنا أدور في طلب الحديث باليمن قيل لي هنا امرأة من وسطها إلى أسفل بدن وإلى فوق بدنان مفترقان بأربع أيد ورأسين فأحببت رؤيتها ولم أستحل فخطبتها ودخلت بها فوجدتها كما وصف فلعهدي بالبدنين يتلاطمان ويتقاتلان ويصطلحان ويأكلان ويشربان ثم نزلت عنهاوغبت ورجعت بعد مدة فسألت عنها فقيل مات الجسد الواحد وربط أسفله بحبل وثيق وترك حتى ذبل ثم قطع ودفن فرأيت الشخص الآخر بعد ذلك يذهب في الطريق ويجيء قال عياض في مثل هذا نظر وهما أختان. (فروع) الأول قال في الطراز إن وجد الأقطع من يوضئة ولو بأجره لزمه كشراء الماء وإن لم يجد فوجوب مسه الماء أظهر من سقوطه لمسه الأرض بوجه (الثاني) ماطال من الأظفار فيه خلاف جار على الخلاف فيما طال من اللحية (الثالث) في وجوب تخليل أصابع اليدينة ابن رشد هو المشهور وفي استحابه قولان فإن قلت علام يحمل الأمر في قول الناظم (خلل أصابع اليدين) هل على الوجوب أو الندب قلت يحمل على الوجوب لوجوه أحدها أن الأصل فى صيغة الأمر إذا أطلقت الوجوب الثاني موافقة المشهور من وجوب التخليل الثالث تخصيص أصابع اليدين بالتخليل ولو أراد الاستحباب ماخصصها إذ تخليل أصابع الرجلين مستحب فى الوضوء قلت وقد كنت قيدت عن شيخنا الامام العالم المحقق أبي الحسن علي بن عمير البطوتي رحمه الله عن شيخه الفقيه الأجل قاضى الجماعة بفاس سيدى عبد الواحد الحميدى عن شيخه الإمام العالم سيدى محمد البستنى أن هذا الخلاف إنما هو فيما عدا ما بين السبابة والإبهام لشبهه بالباطن أما ما بينهما فلا خلاف في وجوب تخليله لأنه من جملة ظاهر اليد الواجب غسله اتفاقا قلت شيخنا هذا كان إماما عالما محققا متقنا زاهدا ورعا مولعا بالخلوة للذكر والمطالعة والتقييد تاركا للأسباب ملازما لبيته منعزلا عن الناس نسخ بخطه كتبا عديدة أدرك جماعة من بقية العلماء وقرأ عليهم كالامام العالم الشيخ المسن ملحق الأحفاد بالأجداد سيدى يعقوب البدرى والامام العالم الولي الصالح المحدث المتصوف سيدى أبى النعيم رضوان نفعنا الله به والامام الأستاذ النحوي سيد أبى العباس أحمد القدومى والامام النحوى المحقق سيدى أبى عبد الله محمد الزياتى والامام العالم النحوى صاحب التأليف المفيد سيدى أبى الفضل قاسم بن أبي العافية الشهير بابن القاضى وإمام العصر في علم الكلام وغيره سيدى أبى العباس أحمد المنجور قيد عنه فوائد على العقيدة

الكبرى للامام السنوسى وامامي عصرهما في الفقه مفتي فاس وقاضيها سيدى أبى زكريا يحيى السراج وسيدى أبي محمد عبد الواحد الحميد والامام العالم الولي الصالح المشهور سيدى يوسف بن محمد الفاسى نفعنا الله به والامام العالم الصالح سيدى الحسن الدراوي والامام العالم المحقق قاضى الجماعة سيدى أبي الحسن على بن عمران والإمام المحقق المتفنن مفتي فاس وخطيبها سيدى أبي عبد الله محمد القصار وغيرهم وكان رحمه الله حسن النية ذا خلق حسن وحلم وحياء ينتفع بالقراءة عليه في الأيام اليسيرة ما لاينتفع بالقراءة على غيره في أضعاف ذلك مع سهولة تعبيره وعدم تكلفه توفي رحمه الله ليلة الجمعة الثامن والعشرين من ربيع الثانى سنة تسع وثلاثين وألف وإلى وفاته أشرت بلفظ «كشيط» مع التنبيه على بعض أحواله مع قولنا في جملة أبيات في هذا المعنى أبو الحسن البطوي مازال متقنا لعلم وإلقاء «كشيط» بمعزل وفي لفظ «كشيط» زيادة على الزمن المذكور الإشارة إلى تجرده من الأسباب وذلك يستلزم غالبا انعزاله عن الناس كما هو مصرح به آخر البيت كشيط خبر ثانى عن أبى الحسن وفيه تقديم الخبر جملة عليه مفرداً الرابع من توضأ وفي يده خاتم فهل يحيله أي يحركه وهو لابن شعبان أولا وهو الذي رواه ابن قاسم عن مالك وهو المشهور ثالثها يحيله إن كان ضيقاً لاإن كان واسعاً لابن حبيب ورابعها ينزع ولاتكفي إجالته حكاه ابن بشير عن ابن عبد الحكم وأما غير الخاتم مما يحول بين الماء والعضو يداً كان أو وجها أو غيرهما فلا بد من نزعه فإن لم ينزع فموضعه لمعة فيندرج فيه ما يجعله الرماة وغيرهما من أصابعهم من عظام ونحوها وما يزين النساء وجوهنَّ وأصابعهن من النقط التي لها تجسد وما يضفرن به شعورهن من الخيوط وما يكون في شعر الرأس من حناء أو حلتيت أو غيرهما مما له تجسد وما يلصق بالظفر أو الذراع أو غيرهما من عجين أو زفت أو شمع أو نحوهما فإن كان العجين ونحوه يسيرا فقولان استظهر ابن رشد تخفيف ذلك لكن محل القولين بعد الوقوع والنزول وأما ابتداء من إزالته والنشادر لمعة لمشاهدته يتقشر ونجاسته تجري على الخلاف في النجاسة إذا انقلب أعراضها فإن نفضت الحناء من الرأس ولم تغسل فحكى بعض الشيوخ في جواز المسح خلافا ثم مال إلى الجواز قائلا إن إضافة الماء بمد وصوله إلى العضو لاتضره قال وما زال يدهنون ويتمندلون بأقدامهم ومعلوم أن الماء ينضاف بملاقاته للعضو مما عليه قال الشيخ زروق وكان شيخنا أبو عبد السلام القوري رحمه الله يقول إنى لأفتي النساء بالمسح على الحناء لأنا إن منعناهن منه تركن الصلاة رأسا وإذا دار الأمر بين ترك الصلاة وبين فعلها على خلاف

فارتكاب الخلاف أولى (الفريضة السادسة مسح الرأس) ابن الحاجب الرابعة مسح جميع الرأس للرجل والمرأة ومااسترخى من شعرهما ولاتنقض عقصها ولاتمسح على حناء ولاغيره ومبدؤه من مبدأ الوجه وآخره ماتجوزه الجمجمه وقيل آخره منبت القفاء المعتاد فإن مسح بعضها لم بحزه على المنصوص ابن مسلمة يحرى الثلثان وقال أبو الفرح الثلث وقال أشهب الناصية وروي عن أشهب أيضاً الاطلاق فقال إن لم يعم رأسه أجزأ ولم يقدر مالا يضره وتركه التوضيح اللخمي وابن عبد السلام لاخلاف أنه مأمور بالجميع ابتداء وإنما الخلاف إذا اقتصر على بعضه ابن عبد السلام وكان بعض أشياخي يحكي عن بعض شيوخ الاندلسيين أن الخلاف ابتداء في المذهب ولم أره اهـ وعقص الشعر ضفره وليه وإنما لم يجب عليها حل عقاصها للمشقة التى تلحقها في ذلك التوضيح: للعقصة التى يجوز المسح عليها ما يكون بخيط يسير وأما لو كثر لم يجز المسح لأن الخيط حينئذ حائل الباجى وكذا لو كثرت شعرها بصوف أوشعر لم يجز أن تمسح لأنه مانع من الاستيعاب ابن يونس وكذلك الرجل إذا فتل شعر رأسه يجوز له أن يمسح عليه كالمرأة وحكى البلنسى في شرح الرسالة أن الرجل لايجوز له أن يفتل شعر رأسه ابن أبى زيد وتدخل يديها من تحت عقاص شعرها في رجوع يديها في المسح ثم قال (تنبيه) ذكر في النوادر أن شعر الصدغين من الرأس يدخل في المسح قال الباجى يريد مافوق العظم (فرع) من غسل في الوضوء بدلا من مسحه فهل يجزئه وهو المشهور لأن الغسل مسح وزياة أولا يجزئه لأن حقيقة الغسل مغايرة لحقيقة المسح فلا يجزىء أحدهما عن الآخر ثالث الأقوال يجزىء على كراهة وجهه مراعاة الخلاف قاله في التوضيح (الفريضة السابعة) غسل الرجلين مع الكعبين على المشهور ونبه على دخول الكعبين بقوله والمرفقين عم والكعبين وقيل الغسل دون الكعبين فلا يدخلان فى الغسل التوضيح: الخلاف فى دخول الكعبين كالخلاف فى المرفقين والمشهور عندنا وعند أهل

اللغة أن الكعبين هما الناتئان في طرف الساقين وقيل عنده معقد الشراك وأنكره الاصمعى اهـ وعبارة القاضى عياض الكعبان هما العظمان الناتئان في جانبى طرف الساق هذا هو المشهور والأصح لغة ومعنى قيل يشهد لهذا حديث «أقيموا صفوفكم» فقال الراوي فلقد رأيت الرجل يلزق كعبه بكعب صاحبه (فرع) فى وجوب تخليل أصابع الرجلين في الوضوء وندبه قولان والمشهور الاستحباب وروي عن مالك إنكار تخليلها التوضيح: وإنما أتى في أصابع الرجلين قول بالانكار ولم يأت فى اليدين لالتصاق أصابع الرجلين فأشبه ما بينهما الباطن اهـ قال بعضهم هذا قصور فإن فى تخليل أصابع اليدين قولا بالإنكار أيضا نقله ابن عرفة وغيره قال لكن الفرق المذكور يصح أن يفرق به المشهور حيث كان في اليدين الوجوب وفى الرجلين الاستحباب وهذا فى الوضوء وأما في الغسل فتخليلها واجب ونقل القرافى يبدأ بتخليل خنصر اليمنى ثم ما يليه وبإبهام اليسرى ثم ما يليه للابتداء بالميامن (فرع) قال الشيخ خليل ولايعيد من قلم ظفره أو حلق رأسه وفى لحيته قولان قال في المدونة من كان على وضوء فقلم أظفاره أو حلق رأسه لم يعد مسحه ابن يونس إذ ليس الشعر مثل الخفين لأن الشعر من أصل الخلقة سُنَنُهُ السَّبْعُ ابْتدَاء غَسلُ الْيَدَيْنِ وَرَدُّ مَسْحِ الرّاسِ مَسْحُ الأُذُنَيْنِ مَضْمَضةُ اُسْتِنْشَاقٌ اُستِنْثَارُ تَرْتيب فَرْضُهُ وَذَا الْمُخْتارُ لما فرغ من الفرائض شرع فى السنن فأخبر أن سنن الوضوء سبع (الأولى) الابتداء بغسل اليدين ثلاثا قبل دخولهما في الإناء وهو المشهور وقيل إنه مستحب وفى كونه متعبدا به لم يطلع على حكمته وهو قول ابن القاسم أو معقول المعنى وهو النظافة وهو لأشهب قولان التوضيح وعلى التعبد يغسلهما من أحدث فى أثناء وضوئه ومن كان نظيف الجسد ويحتاج إلى نية ويغسلهما مفترقتين وعلى النظافة خلافه في الجميع اهـ والأصل في غسل اليدين قوله «إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثا فإن أحدكم لايدري أين باتت يده» فتعين الثلاث يدل للتعبد والتعليل لكونه لايدرى أين باتت يده للنظافة وليس الأمر في

الحديث للوجوب بدليل أن النبى قال للذي سأله عن الوضوء «توضأ كما أمرك الله» فأحاله على آية {إذا قمتم ألى الصلاة إلى آخرها} وليس فيها غسل اليدين ولا المضمضة ولا الاستنشاق والمقام مقام تعليم فلو كان غير المذكور في الآية فرضا لبينه عليه السلام إذلايجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة فقول الناظم (ابتدا غسل اليدين) ابتداء وحذف همزته للوزن خبر سننه وغسل بالخفض باضافة ابتدأ إليه كذا ضبطه الناظم بخطه ويحتمل أن يكون غسل هو الخبر وابتدأ مقصور منون منصوب على إسقاط الخافض أى سننه غسل اليدين في ابتدائه وهذا الإعراب أولى لما يوهمه لفظه على الإعراب الأول أن السنة ابتداء غسل اليدين دون كماله أن السنة قراءة شأ مع الفاتحة لاكمال السورة وليس ذلك هو المراد بل المراد أن غسل اليدين في ابتداء الوضوء سنة ومعنى فى ابتدائه أي قبل دخولهما في الاناء حتى لو أحدث فى أثناء وضوئه فقال ابن القاسم لايدخلهما فى الإناء حتى يفرغ عليهما الماء أبو عمر من أدخل يده في الإناء قبل غسلها لم يضر ذلك وضوؤه فإن كان في يده نجاسة رجع كل واحد من الفقهاء إلى أصله فإن توضأ من مطهرة ونحوها مما لايمكنه أن يصب منه على يده جاز أن يدخل يده قبل غسلها (السنة الثانية) رد مسح الرأس ابن عرفة من سنن الوضوء رد اليدين من منتهى المسح لمبدئه (السنة الثانية) مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما فيمسح ظاهرهما بابهاميه وباطنهما بأصبعيه السبباتين يجعلهما في صماخيه ابن حبيب ولايتبع عضو بهما أي كما في الخفين اللخمى مسح الصماخين سنة اتفاقاً ابن يونس مسح داخل الأذنين سنة ومسح ظاهرهما قيل فرض والظاهر من قول مالك أنه سنة ابن الحاجب وظاهرهما مما يلي الرأس وقيل ما يواجهه (السنة الرابعة) المضمضة وهي إدخال الماء في الفم وخضخضته من شدق إلى شدق ومجه (السنة الخامسة والسادسة) الاستنشاق والاستنثار وهو أن يجذب الماء بأنفه وينثره بنفسه وأصبعيه ويبالغ غير الصائم وأنكر مالك ترك وضع يده على أنفه عند ابن رشد لأن وضع يده يمنع ما يخرج من أنفه من الماء الذى استنشقه من أن يسيل على فيه أو لحيته

عياض الاستنشاق والاستنثار عندنا سنتان وعدهما بعض شيوخنا سنة واحدة ابن عرفة وهو ظاهر الرسالة والمدونة ويدل للمشهور قوله عليه الصلاة والسلام «إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم ليستنثر» فقد أمر عليه الصلاة والسلام بجعل الماء في الأنف وهو الاستنشاق ثم أمر أيضا بنثره وهو الاستنثار وقول الناظم (مضمضة استنشاق استنثار) مرفوعات بالعطف على خبرسننه وهو ابتداء أو غسل على الإعرابين بحذف العاطف من الثلاثة والتنوين من الأول للوزن (السنة السابعة) ترتيب الفرائض فيما بينها فيقدم الوجه على اليدين واليدين على الرأس والرأس على الرجلين على القول المختار وعبر عنه ابن الحاجب بالأشهر وقيل بوجوب الترتيب فى الفرائض رواه علي عن مالك ثالث الأقوال يجب مع الذكر ويسقط مع النسيان لما تقدم فى النظائر وعلى المشهور من السنية لو نكس متعمداً فقولان قال ابن شاس أحدهما أن يعيد قريبا كان أو بعيداً الثانى أنه كالناسى فلا يعيد وهما على الخلاف في تارك السنن متعمداً هل تجب عليه إعادة الصلاة أم لا اهـ وقوله كالناسى فلا يعيد هو أحد الأقوال فيمن نكس معتمداً وتباعد وجف وضوؤه انظر التوضيح وقال ابن يونس من غير واحد إن نكس عامداً أعاد الوضوء والصلاة أبداً لأنه عابث اهـ وأما لونكس ناسياً فقال ابن الحاجب بحضرة الماء فإن بعد فقال ابن القاسم يعيد المنكس خاصة وقيل يعيده وما بعده التوضيح قوله أعاد بحضرة الماء يحتمل إعادة الوضوء كله وهو ظاهر قول ابن شاس إن كان بحضرة الماء فإنه يبتدأ ليسارة الأمر عليه ويحتمل إعادة المنكس وما بعده وهو الذي نص عليه ابن رشد وابن البشير اهـ وعليه فلو بدأ بيديه ثم بوجهه ثم برأسه ثم برجليه فإن كان بحضرة الماء فيغسل يديه ثم يمسح رأسه ثم يغسل رجليه وإن بعد فقال ابن القاسم يؤخر ما قدم من غسل ذراعيه ولا يعيد ما بعده وقال ابن حبيب يغسل يديه وما بعدهما كما لو كان بحضرة الماء ولو بدأ بوجهه ثم برأسه ثم بذراعيه ثم برجليه فإن كان بحضرة الماء فليمسح رأسه ثم يغسل رجليه وإن بعد فقال ابن القاسم يعيد رأسه فقط وقال ابن حبيب رأسه ورجليه ولو بدأ بوجهه ثم برأسه ثم برجليه ثم بذراعيه فإن كان بحضرة الماء مسح رأسه لأنه لم يقع بعد يديه وبعد غسل رجليه لهذه العلة وإن بعد فكذلك أيضاً ويتفق هنا ابن القاسم وغيره والضابط فى ذلك أنه يبني على العضو الذى يصح الترتيب دون إعادته وأما على القول بوجوب الترتيب فيبتدأ الوضوء وإذا نكسه قال

في الجواهر وكذلك روي عن مالك راجع التوضيح وأَحَدَ عَشَرَ الْفَضائِلُ أَتَتْ تَسْمِيَةٌ وبُقْعَةٌ قَدْ طُهِّرَتْ تَقْلِيلُ مَاءِ وتَيامُنُ الإنا والشّفْعُ والتّثْلِيثُ فىِ مَغْسُولِنَا بَدْءُ الْمَيامِنِ سِواكٌ وَنُدِبْ ترْتِيبُ مَسْنُونِهِ أَوْمَعْ ما يَجِب وبَدْءُ مَسْحِ الرَّاسِ مِنْ مُقَدِّمِهْ تَخْلِيلُهُ أصَابِعاً بِقَدَمِهِ أخبر أن فضائل الوضوء أي مستحباته أحد عشر ولما صار لفظ عشر مع ما قبله بسبب التركيب كالكلمة الواحدة جاز تسكين أوله تخفيفا كما فعل الناظم. الفضيلة الأولى: التسمية على المشهور وروي فيها الإباحة والإنكار ومعنى الإباحة هنا على هذه الرواية اقتران هذا الذكر بأول هذه العبادة الحاصلة مباح لاحصول الذكر من حيث هو الذكر فإنه راجع للفعل وصيغة رواية الإنكار أهو يذبح ما علمت أحد يفعل ذلك وانظر الفرق التاسع عشر من فروق القرافى بين قاعدة ما يبسمل فيه وقاعدة مالاتشرع فيه البسملة وقد عد الشيخ خليل مواضع تشرع فيها البسمة فقال بعد أن ذكر استحبابها فى الوضوء وتشرع فى غسل وتيمم وأكل وشراب وذكاة وركوب دابة وسفينة ودخول وضده لمنزل ومسجد ولبس وغلق باب وإطفاء مصباح ووطء وصعود خطيب منبرا وتغميض ميت ولحده. الثانية: أن يتوضأ فى موضع طاهر لئلا يتطاير شأ على ثوبه أو بدنه إن كان الموضع متنجسا وقد عدابن رشد وابن يونس من الفضائل أن لا يتوضأ فى الخلاء. الثالثة: تقليل الماء من غير تحديد فليس الناس فيما يكفيهم من الماء سواء بل مختلفون بحسب القشابة والكثاقة والرطوبة والرفق والخرق الباجى ومن اغتسل أقل من صاع أو توضأ بأقل من مد أجزأه على المشهور وقال الشيخ أبو إسحق لايجزأ في الغسل أقل من صاع ولا في الوضوء أقل من مد اهـ ابن العربى ومراده التقدير بهما الكيل لافى الوزن ورأى أن ما رواه البخارى ومسلم من وضوئه بمد وتطهيره بصاع محمول على الأقل ابن الحاجب ولا تحديد فيما يتوضأ به ويغتسل على الأصح وقيل الأقل مد وصاع والواجب الإسباغ وأنكر مالك التحديد بأن يسيل أو يقطر وقال كان بعض من مضى يتوضأ بثلث المد يعنى مد هشام التوضيح: والإنكار إنما هو لنفس التحديد لأنه لغير دليل وإلا فهو مع عدم السيلان مسح بغير شك قاله فضل ابن مسلمة وقال ابن محرز ظاهر قوله أنه ليس من حد الوضوء أن يسيل أو يقطر قال التنبيهات هو خلاف الأولى والمشهور أن مد هشام مد وثلثان بمده.

الرابعة: أن يجعل الإناء عن يمينه لأنه أمكن له في تناوله كما في الرسالة عياضاختار أهل العلم ما ضاق عن إدخال اليد فيه وضع على اليسار. الخامسة: الغسلة الثانية والثالثة بمعنى أن تكرار المغسول ثلاثا مستحب وهو المشهور وظاهر كلامه أن مجموع الغسلة الثانية والثالثة فضيلة واحدة وهو الذى شهر فى التوضيح وقال ابن ناجى كل واحدة فضيلة مستقلة وقيل كلاهما سنة وقيل الثانية والثالثة فضيلة حكى هذه الأقوال الثلاثة عياض عن شيوخه وقيل بالعكس محافظة على المستحب وهي الثانية في هذا القول إذ لايتوصل للسنة إلا بعد فعل المستحب حكاه أبو عبدالله محمد السبتى وغيره وهل الرجلان كغيرهما أو لا فضيلة فى تكرار غسلهمالأن المقصود منه الإنقاء لأنهما محل الأقذار غالبا قولان السادسة: البداءة بالميامن قبل المياسر على المشهور وفى المدونة عن على وابن مسعود مانبالي بدأنا بأيماننا أوبأيسارنا السابعة: السواك قال ابن الحاجب في تعداد الفضائل والسواك ولوبأصبعه إن لم يجد والأخضر لغيرالصائم أحسن التوضيح: السواك فضيلة لماورد فيه من الأحاديث الصحاح قال سند يستاك قبل الوضوء ويتمضمض بعده ليخرج الماء ما حصل بالسواك وفي اللخمى هومخير بأن يجعله عند الوضوء أو الصلاة واستحسن إذا بعد ما بين الوضوء والصلاة أن يعيده عن صلاته وإن حضرت أخرى وهو على طهارته تلك أن يستاك للثانية ويستاك بالسبابة والإبهام قيل من اليمنى وقيل من اليسرى وينبغى أن يكون ذلك برفق لابعنف. الثامنة: ترتيب السنن فيما بينها بحيث يقدم غسل اليدين على المضمضة والمضمضة على الاستنشاق قال في التوضيح وأما ترتيب المسنون مع المسنون فمستحب. التاسعة: ترتيب السنن مع الواجبات بحيث يقدم غسل اليدين والمضمضة والاستنشاق والاستنثار على غسل الوجه ويقدم مسح الأذنين على غسل الرجلين ويؤخره عن مسح الرأس قال فى التوضيح وفى المقدمات ظاهر الموطأ أنه يستحب لأنه قال فيمن غسل وجهه قبل أن يتمضمض أنه يتمضمض ولا يعيد غسل وجهه وقال ابن حبيب هو سنة إلا أنه أخف من ترتيب المفروض مع المفروض قال مرة إنه يعيد الوضوء إذا نكسه متعمداً كالمفروض مع المفروض وله مع فى موضع آخر ما يدل على أنه لاشيء عليه إذا فارق وضوءه. العاشر: أن يبدأ في مسح رأسه من مقدمه وحكى فيه ابن رشد قولان بالسنية فى

المذهب قول أنه يبدأ من مؤخر الرأس وقول من وسطه ثم يذهب إلى جهة وجهه إلى حد منابت شعره ثم يرجع إلى قفاه ثم يردهما إلى حيث بدأ وهو قول أحمد بن داود. الحادية عشرة: تخليل أصابع الرجلين وقد تقدم الكلام على ذلك فى غسل اليدين فراجعه إن شئت (تنبيه) قال الشيخ زروق في نصيحته للطهارة آفات منها الوسوسة وأصلهاجهل بالسنة أو خبل فى العقل والخلاص منها بالتلهى عنها والعلم بأن أحدا لن يقدر الله حق قدره وإن عمل ماعمل زاد فى شرح الرسالة أنه يستعين على دفعها بالنظر في اختلاف العلماء قال ومن آفاتهم لطم الوجه بالماء ولايفعله إلا النساء وضعفة الرجال ومنها استعجال صب الماء دون الجبهة ونفض اليدين قبل وصول الماء للوجه وترك امرار اليد على مغابنه وذلك نقص لواجبه ومنها كثرة صب الماء فى الغسل والطول فيه وذلك أيضا غلو في الدين ومنها كثرة الحديث على الوضوء حتى يتفرق القلب والافراط فى الذكر والتزام هذه الأذكار الأعضائية ولم يثبت عنه من أذكار الوضوء غير الشهادتين آخره والتسمية أوله وقال بعض العلماء الحضور في الصلاة بقدر الحضور في الوضوء وقد جرب ذلك فصح وإدمان الوضوء موجب لسعة الخلق وسعة الرزق ومحبة الحفظة ودوام الحفظ من المعاصي والمهلكات فقد جاء الوضوء سلاح المؤمن وهو مجرب وتأخير غسل الجنابة يثير الوسواس ويمكن الخوف من النفس ويقلل البركة من الحركات ويقال إن الأكل على الجنابة يورث الفقر والكلام في الخلاء والبول في المستحم يورث الوسواس والبول فى الماء الراكد يورث النسيان اهـ. (بشارة) أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه ومسنده وأبوبكر المروزي والبزار عن حمران مولى عثمان قال: دعا عثمان رضي الله عنه بوضوء في ليلة باردة وهو يريد الخروج إلى الصلاة فجئته بماء فأكثر نرداد الماء على وجهه ويديه فقلت حسبك قد أسبغت الوضوء والليلة شديدة البرد فقال صب فإني سمعت رسول الله يقول «لايسبغ أحد الوضوء إلا غفر له ماتقدم من ذنبه وما تأخر» قال الامام أبوعبد الله محمد بن محمد الحطاب والأسباغ لغة الاتمام وقال البخاري في صحيحه قال ابن عمر إسباغ

الوضوء الإنقاء قال ابن حجر هو من تفسير الشأ بلازمه إذ الاتمام يستلزم الإبقاء عادة وحمران راوي الحديث بضم الحاء المهملة والبزار ثم راء اهـ من مريح القلوب فى الخصال المكفرة لما تقدم وما تأخر من الذنوب للحطاب المذكور وكل ما أنقل من هذا النحو فمن الكتاب المذكور وكرِهَ الزَّيْدُ عَلى الْفَرْضِ لَدَى مَسْحِ وَفى الْغَسْلِ عَلى ماحَدَّدَا أخبر أن ما فرضه في الوضوء المسح كالرأس والأذنين يكره فيه الزيادة على الفرض أي على ما فرضه وقدره فيه الشارع وهو المسح ورده في الرأس والمرة الواحدة في مسح الأذنين فأطلق الفرض على التقدير الشرعي كقوله في الرسالة في زكاة الفطر فرضها رسول الله أي قدرها على أحد التأويلين فيه وأن مافرضه الغسل يكره فيه الزيادة على القدر الذي حدده الشارع فيه وهو الثلاث وهو صريح في كراهة الرابعة قال في التوضيح ونحوه في المقدمات وقال عبد الوهاب واللخمى والمازري بل تمنع ونقل سند على المنع اتفاق المذهب فوجه الكراهة أنه من جهة السرف في الماء ووجه المنع قوله للأعرابي الذي سأله عن الوضوء فأراه ثلاثاً وقال «هكذا الوضوء فمن زاد فقد تعدى وظلم» (فرع) إذا شك هل غسل اثنين أو ثلاثا فقولان للشيوخ قيل يأنى بأخرى قياساً على الصلاة وقيل لا خوفا من الوقوع في المحذور المازري لوشك في الثالثة فقولان بناء على أصل العدم وترجيح السلامة من ممنوع على تحصيل فضيلة قال وعليهما صوم من شك في كون يوم عرفة عاشرا (فرع) لافضيلة عند أهل المذهب فى إطالة الغرة ابن عبد السلام وينبغى أن يعدوها من الفضائل لما ثبت فى ذلك اهـ كان أبو هريرة يقول أحب أن أطيل غرتى قال عياض والناس مجمعون على خلافه.

(فرع) قال فى المدونة لابأس بالمسح بالمنديل بعد الوضوء ورآه علي قبل غسل الرجلين وإنى لأفعله وعاجِز الْفَوْرِ بَنَى مالَم يَطُلْ يُبْسٌ لاعْضافِى زَمانِ مُعْتَدلْ تقدم أن الفور وهو الموالاة من فرائض الوضوء وإن المشهور وجوبه مع الذكر والقدرة وسقوطه مع العجز والنسيان وأخبر هنا أن من أخل به عاجزاً بنى مالم يطل فإن عجز ماؤه مثلا ولم يجد سواه فإن طال بطل وضوؤه وإن لم يطل ووجد الماء بالقرب فإنه يبني على مافعل ويكمل مابقي والطول معتبر بجفاف الأعضاء المعتدلة في الزمن المعتدل فقوله الأعضاء على حذف الصفة أي المعتدلة يدل عليها قوله في زمان معتدل وقيل يعتبر بالعرف وأما إن أخل بالفور ناسيا ثم تذكر فإنه يبني على ما فعل طال أو لم يطل لكن بنية وقد تقدم هذا كله في الكلام على الموالاة وهو الفريضة الثانية من فرائض الوضوء. ذَاكِرُ فَرْضِهِ بِطُولٍ يَفْعَلُهْ فَقطْ وفِى الْقُرْبِ الْمُوالِى يُكْمِلُهْ إنْ كانَ صَلّى بَطَلَتْ ومَن ذَكَرْ سُنَّتهُ يَفْعلَها لِما حَضَرْ أخبر أن من نسي من وضوئه شيئاً فإما أن يكون ذلك المنسي فرضا أو سنة فإن كان فرضا ولم يذكر إلا بعد طول فإنه يفعل المنسي فقط ولا يعيد ما بعده وإن ذكره بالقرب فيفعله ويعيد مابعده فإن لم يذكر في الوجهين حتى صلى بطلت صلاته ويعيدها أبدا لأنه صلاها بلا وضوء وأما الوضوء نفسه فكما تقدم قريبا ويأتي الفرق بين الطول والقرب والعمد والنسيان وإن كان المنسي سنة فإنه يفعله وحده لما حضر [وقته] أي لما يستقبل الصلوات ولم يعد ما صلى قبل أن يفعله ولافرق بين الطول والقرب والله

أعلم وفهم كون الترك فى المسئلتين على سبيل النسيان من قوله ذكر فرضه ومن قوله ومن ذكر سنته إذ لايقال ذكر إلا مع النسيان وأما من ترك شيئاً من وضوئه عمدا فإما أن يكون المتروك أيضاً فرضاً أو سنة وإما أن يريد فعله بالقرب أو بعد طول فإن ترك فرضاً عمداً أو طال بطول وضوئه لاخلاله بالموالاة عمدا اختيارا وإن أراد فعله بالقرب فهو كمن نكس ناسيا وتذكر بالقرب فيعبد المتروك وما بعده وإن ترك سنة عمدا وصلى فيستحب له أن يعيد فى الوقت وقيل لايعيد أبدا ولافرق فى ذلك بين الطول والقرب أيضاً والله أعلم والحاصل أن الترك إما أن يكون ناسياً وعليه تكلم الناظم وإما عمداً وفى كل من الصورتين إما أن يكون المنسي أو المتروك فرضا أو سنة فهي أربع صور من ضرب اثنين وهما النسيان والعمد فى اثنين وهما الفرض والسنة وفى كل من الصور الأربع إما أن يفعل ذلك بالقرب أو بعد طول فالمجموع ثمان صور إلا أن صورتي ترك السنة عمداً أو نسيانا لافرق فيهما بين الطول والقرب فترجع لست صور كما تقدم قال فى الرسالة ومن ذكر من وضوئه شيئاً مما هو فريضة منه فإن كان بالقرب أعاد ذلك ومايليه وإن تطاول ذلك أعاده فقط وإن تعمد ذلك ابتدأ الوضوء إن طال ذلك وإن كان قد صلى فى جميع ذلك أعاد صلاته أبداً ووضوءه وإن ذكر مثل المضمضة والاستنشاق ومسح الأذنين فإن كان قريبا فعل ذلك ولم يعد ما بعده وإن تطاول فعل ذلك لما يستقبل ولم يعد ما صلى قبل أن يفعل ذلك اهـ (تنبيه) لامنافاة بين ما تقدم فيمن ترك سنته ناسيا وبين قوله في الرسالة وإن ذكر مثل المضمضة الخ فإن مفهوم قوله فإن كان قريبا مفهوم موافقة نبه عليه لما قد يتوهم أنه كالفرض وكذا مفهوم قوله وإن تطاول الخ فلا فرق في فعل المنسي فقط دون ما بعده بين القرب والبعد ولابينكونه يفعل ذلك لما يستقبل من الصلوات ولا يعيد ماصلى قيل أن يفعله بين القرب والبعد أيضاً والله تعالى أعلم للفقيه الأديب أبى محمد عبد الواحد الونشريسى رحمه الله فى هذا المعنى ومن بفرض من وضوئه أخل أعاده وما يلى إن لم يطل فإن يطل فليفعلن منسيه وليحذر أن يترك فيه النيه وإن يكن طول وعمدا ئتنف كمثل من أخر بعد ما عرف وإن يقم لعجز مائه بنى فى القرب والبدء لبعد عينا وليفعل المسنون إن لم يؤت في محله بعوض كما تفي

ولتعد الصلاة إن أخللت به على سبيل العمد ندبا فانتبه وعودها لتارك الفرض حتم والطول بالجفاف حده علم من امرأ معتدل الأعضاء فى زمن معتدل الهواء فقوله ومن بفرض يشمل العمد والنسيان اذ حكمهما مع القرب سواء وأما مع البعد فالحكم مختلف كما نبه عليه بالبيت الثانى والثالث ونبه بالبيت الرابع على حكم من ترك بعض أعضائه لعجز مائه وقد تقدم بالكلام عليه فى الموالاة وأشار بقوله وليفعل المسنون إن لم يأت فى محله بعوض إلى قول ابن بشير ضابط ما يفعل من السنن أن كل سنة متى تركت ولم يأت فى محلها بعوض فإنها تفعل كالمضمضة والاستنشاق ومسح داخل الأذنين والترتيب وكل سنة عوضت فى محلها كغسل اليدين مع إدخالهما فى الإناء ومسح الرأس عائدا من المؤخر إلى المقدم فلا يفعل لأن محلها قد حصل فيه الغسل والمسح اهـ وظاهر قول الناظم ومن ذكر سنة يفعلها أنه لافرق بين أن يجعل فى محلها عوض أم لاوكذا يظهر من إطلاق الشيخ خليل فى مختصره فَصلٌ نَواقِضُهُ سِتَّ عَشَرْ بَوْلٌ ورِيحٌ سَلَسٌ إِذَا نَدَرْ وغائِطٌ نَومٌ ثَقيِلٌ مَذْيُ سُكْرٌ وإِغْماءُ جُنُونٌ ودْيُ لَمْسٌ وقُبْلَةٌ وذَا إنْ وُجِدَتْ لَذَّةُ عادَة كَذَا إنْ قُصِدتْ إلْطافُ مَرْأَةٍ كَذا مَسُّ الذَّكَرْ والشّكُّ فى الْحَدَثِ كُفْرُ مَنْ كَفَر عبر الناظم كابن الحاجب والشيخ خليل بنواقض الوضوء وعبر في الجواهر والرسالة بموجبات الوضوء قال بعضهم الموجب سابق والناقض لاحق فالحدث السابق على الوضوء الأول موجب لاناقض ومابعده ناقض لما قبله موجب لمابعده فالموجب أعم بالتعبير به أتم وأجاب عن ذلك الإمام أبو عبد الله المقرى بأن قال الموجب هو القيام إلى الصلاة للآية حتى أنَّا لو قدرنا انخراق العادة بوجود شخص لم يحدث الى أن أراد الصلاة فإنا نوجب عليه الوضوء وعلى هذا التقدير يكون الحدث نا قضاً لاموجبا قال لايقال الآية متأولة بالقيام من النوم أو محدثين لأنا نقول لم يتعذر الظاهر فنتكلف التأويل على أن الموجب على التقدير القيام المقيد لا الحدث هو به والله أعلم اهـ ثم اعلم أن نواقض الوضوء على قسمين أحداث وأسباب فالحدث ما ينقض بنفسه كالبول والسبب ما كان مؤديا إلى خروج الحدث كالنوم فإنه مؤد الى

خروج الريح مثلا ابن الحاجب المعتاد من السبيلين جنسا ووقتاً وهو البول والمذي والودي والغائط والريح بخلاف دود أو حصى أو دم أو ماء بواسير التوضيح واحترز بالمعتاد من الحصى والدود والمراد بالسبيلين القبل والدبر واحترز به عما لو خرج من جائفة أو من الخلق وبالوقت من السلس وسيأتى. ثم قال وقال ابن بريزة إن انفتق لخروج الحدث مخرج السبيلين فلا يخلو من أن ينسد المخرجان المعلومان أم لا فإن انسدا وكان المنفتق تحت المعدة فهو كالمخرج المعتاد وإن لم ينسد المخرجان فهل يجري المنفتق مجرى المخرج المعتاد أم لا فيه قولان فى المذهب وكذلك إن كان فوق المعدة وهذه حالة نادرة اهـ (فرع) قال ابن الحاجب وصار يتقيأ عادة بصفة المعتاد فللمتأخرين قولان أي في النقص وعدمه. وقولان وهو البول تفسير للحدث وجعله خمسة من القبل واثنان من الدبر ابن الحاجب. وقال ابن عبد الحكم وغير الجنس ينقض يريد كالحصى والدود وقال المازري وإن تكرر وشق كالسلس. ثم قال ابن الحاجب الأسباب الثلاثة الأول زوال العقل بجنون أوإغماء أو سكر أو نوم: ثم قال الثانى لمس الملتذ بلمسها عادة ثم قال الثالث مس الذكر ثم قال وفى مس المرأة فرجها ثلاث روايات اهـ ولم يعد مس المرأة سببا رابعا كأنه رآه من معنى مس الذكر والله أعلم وقال بعض المتأخرين نواقض الوضوء أحداث وأسباب وغيرهما وهو ماليس حدثاً ولاسبباً وهو الردة كما يأتى وكذا الرفض على القول به والظاهر رجوعهما في المعنى إلى الأحداث والأسباب لأن الردة محبطة للعمل الذي من جملته الوضوء فكأنه لم يتوضأ وكذا الرفض فإنه يصير الواقع كأن لم يقع فكأنه لم يتوضأ قيل ومن هذا القسم أيضا الشك في الحدث لمن تيقن الطهارة والشك فى السابق من الحدث والطهارة والظاهر أنه سلب فيهما احتمال الحدث احتياطا فالنقض بالشك من النقض بالحدث حقيقة قوله ستة عشر يعنى باعتباره مجموع ماذكر من الأحداث والأسباب وغيرهما وباعتبار تنوع زوال العقل إلى أربعة أوجه بنوم أو إغماء أوسكر أو جنون. وقد خلط الناظم الأحداث بالأسباب على حسب ماسمح له النظم قوله بول وريح هما من الأحداث كما تقدم فى كلام ابن الحاجب ومراده بالريح الخارج من الدبر لاالريح الخارج من القبل فإنه لاينقص قوله سلس يشمل سلس البول والريح

والمذي والاستحاضة فعطفه على البول والريح من عطف عام على خاص ونبه بذلك على النقض بالبول والريح المعتادين وعلى النقض بالسلس وهو الخارج المعتاد إذا خرج على غير العادة كان سلس بول أو ريح أو غيرهما كالمذي والاستحاضة لكن إن كان إتيانه أقل من انقطاعه وهو معنى قوله إذا ندر ومعنى ندر قل وفهم منه أنه إذا لم يقل لاينقض وهو كذلك ثم هو صادق بما إذا كان إتيانه أكثر من انقطاعه فإنه لاينقض لكن يستحب منه الوضوء مالم يكن برد أو ضرورة وبما إذا تساوى زمن إتيانه وانقطاعه فلا ينقض على المشهور أيضا أما إن لم يفارق أصلا فلا فائدة فى الوضوء منه لاإيجابا ولااستحبابا وهذا التقسيم لايخص حدثا دون حدث وهو جامع لأقسام السلس العقلية لأنه أما ملازم أو لا وغير الملازم إما أن يكون إتيانه أكثر أوانقطاعه أكثر أو يتساويا وقد علمت حكمهما وفي اعتبار الملازمة فى وقت الصلاة خاصة لأنه الزمان الذى يخاطب فيه بالوضوء أو تعتبر في سائر الزمان رأيان للشيوخ وهذا كله إنما هو في سلس لم يقدر على رفعه أما سلس قدر على رفعه بمداواة أو نكاح أو تسر في المذي مثلا فإنه ينقض مطلقا على المشهور لأن القدرة على رفعه تلحقه بالمعتاد وينبغى أن يكون في زمن طلب المداواة أو النكاح أو شراء السرية معذورا قوله وغائط الغائط اسم المكان المنخفض وقد كانت العرب تقصده لقضاء حاجة الإنسان لأجل التستر ثم نقل عن المكان وكني به الخارج نفسه فهو من باب تسمية الشيء باسم محله. قوله نوم ثقيل اختلف في النوم فمذهب الجمهور أنه سبب وفي المدونة عن زيد بن أسلم إذا قمتم عني من النوم وهو يقتضي أن النوم حدث بنفسه وعلى كونه سببا ففيه ثلاث طرق الإولى قال اللخمى الطويل الثقيل ينقض القصير الخفيف لابنقض الطويل الخفيف لاينقض ويستحب منه الوضوء. وفى القصير الثقيل قولان والمشهور ينقض ووصف الناظم النوم بالثقل يدخل الأول والرابع فينتقض الوضوء بالنوم الثقيل مع الطول اتفاقا ومع القصر على المشهور ويخرج الخفيف فلا ينقض الوضوء مع القصر ولامع الطول اتفاقا فيهما على هذه الطريقة وعلامة الثقيل أن تنحل حبوته أويسيل لعابه أوتسقط السبحة من يده أويكلم من قرب ثم لايتفطن لشيء من ذلك، الطريقة الثانية: لابن بشير وهي كالأولى لكنها تحكي في الوجه الثالث وهو الطويل الخفيف قولين كالرابع لأن فى كل منها موجبا ومسقطا وهذان الطريقان راعيا حالة النوم الطريقة الثالثة لعبد الحميد وغيره المراعى فيها حالة النائم فان كان على هيئة

يتيسر فيها الطول والحدث كالساجد فينقض مقابله فالقائم والمحتبي لاينقض فإن تيسر له الطول دون الحدث كالجالس مستندا والحدث دون الطول كالراكع فقولان التوضيح وينبغى أن يقيد المحتبى بما إذا كان بيديه وشبههما. أما الحبوة المصنوعة فلا هي كالمستند والقولان في الثالث والرابع لتعارض موجب مسقط. وقيد بعض الأشياخ المستند بما إذا كان مستويا وإلا فالمال يلحق بالمضطجع ولو قيل بمراعاة الشخص فيفرق بين أن يكون حديث عهد باستبراء أملا وبين الممتلىء طعاماوغيره ما بعد عن القواعد. قوله مذي بالذال المعجمة الساكنة ويجوزفي غير هذا المحل كسرالذال وتشديد الياء وهو كما في الرسالة ماء أبيض رقيق يخرج عند اللذة بالانعاظ عند الملاعبة أو التذكار. وهل يجب منه غسل جميع الذكر أو موضع الأذى فقط قولان وعلى الأول ففي وجوب غسله بنية قولان الظاهر وجوبها لظهور التعبد وفي بطلان صلاة تاركها قولان وفي بطلان صلاة من غسل موضع الأذى فقط قولان وعلى الثاني فلا نية قوله سكر إغماء جنون جعل الناظم كل نوع من أنواع زوال العقل أي استتاره ناقضا مستقلا وإصطلاح غيره أن يعد زوال العقل ناقضا واحدا وتحته أربعة أنواع زوال إما بنوم أو إغماء أو سكر أو تخبط جنون كما قال في الرسالة وغيرها وقد مر التنبيه على هذا قال بعض شراح الرسالة ولافرق في السكر بين كونه بحرام أو بحلال قلت وفي هذا والله أعلم المسامحة فإن المسكر الحقيقي كما قال القرافى وغيره هو ما إذا ذهب العقل دون الحواس مع نشوة وفرح ويترتب على ذلك ثلاثة أحكام التنجيس وحرمة القليل والكثير والحد وإذا كان ذلك فكيف يتصور السكر بالحلال إلا أن أطلقوه على ما هو أعم منه ومن المفسد زاد في التوضيح والمفسد ما غيب العقل دون الحواس لامع نشوة وفرح كعسل البلاذر والمرقد ما غيب العقل والحواس كالسكران اهـ وهما طاهران ويجوز استعمال اليسير منهما الذي لا يؤثر في العقل ومن استعمل منهما ما يؤثر في عقله فعليه الأدب باجتهاد من له النظر في الأحكام التوضيح اذا تقرر ذلك فللمتأخرين في الحشيشة قولان هل هي من المسكرات أو من المفسدات مع اتفاقهم على المنع من أكلها واختار القرافي أنها من المفسدات قال لأنى أراهم لايميلون إلى

القتال والنصرة بل عليهم الذل والمسكنة وربما عرض لهم البكاء وكان شيخنا رحمه الله تعالى الشهير بعبد الله المنوفى يختار أنها من المسكرات قال لأنا رأينا من يتعاطاها يبيع أمواله لأجلها فلولا أن لهم فيها طربا ما فعلوا ذلك بدليل أنا لانجد أحدا يبيع دارا ليأكل بها سكرا وهو واضح اهـ وللشيخ ابن غازي رحمه الله تأليف حسن مفيد جدا في الشراب المسمى بماء الحياة المعالج بالتقطير ولم يجزم فيه والله أعلم بكونه مسكرا والعامة اليوم مطبقون على أنه مسكر فلا أدري على ذلك لجهلهم بحقيقة السكر التى هى ذهاب العقل دون الحواس مع نشوة وفرح أم كيف الأمر ولشيوخنا رحمهم الله ومن عاصرهم ومن قبلهم بقريب من العلماء أجوبة مختلفة فى استفاف دخان العشبة المشومة المسماة بطابة فجلهم شدد فى منع ذلك وبعضهم مال إلى الجواز لضرورة. قوله وإغماء لافرق فيه بين أن يطول أو يقصر بخلاف النوم كما مر ليسر الإنتباه منه دون الإغماء قوله جنون لافرق فيه بين أن يكون بصرع أولا وظاهر كلام الناظم أن الجنون لا ينقض الطهارة الكبرى بصرع أو غيره وهو المشهور ورآه ابن حبيب من موجبات الغسل فى حق المصروع لأن الغالب عليه خروج المني كما نقل عنه ابن بشير ونقل عنه ابن يونس إن أفاق بحدثان فلا غسل عليه وإن أقام به يوما أو يومين فعليه الغسل (فرع) إذا حصل له هم أذهب عقله فقال مالك فى المجموعة عليه الوضوء قيل له فهو قاعد قال أحب إليَّ أن يتوضأ قال صاحب الطراز يحتمل الاستحباب أن يكون خاصاً بالقاعد بخلاف المضطجع ويحتمل أن يكون عاماً فيهما قوله ودي بسكون الدال المهملة ويجوز كسرها وتشديد الياء هو كما فى الرسالة ماء أبيض خاثر يخرج بأثر البول يجب منه ما يجب من البول قوله لمس وقبلة اعلم أن مطلق التقاء الجسمين يسمى مساً فإن كان بالجسد سمي مباشرة وإن كان باليد سمي لمساً وإن كان بالفم على وجه مخصوص سمي قبلة وإنما ينقض اللمس الوضوء إذا كان الملموس ممن يلتذ به عادة كالزوجة والأجنبية بالنسبة للفاسق وكان اللامس قصد باللمس اللذة سواء وجدها أم لا أو وجد لذة قصدها أم لا فإن كان الملموس ممن لايلتذ به فى العادة كالمحرم والصغيرة التى لاتشتهى فلا أثر للمسها وفى التوضيح ما معناه إذا التذ بمحرم فظاهر كلام ابن الحاجب والجلاب أنه لا أثر لذلك ونص القاضي عبد الوهاب وغيره أنه إذا وجد اللذة ينتقض وضوؤه وبناه على الخلاف فى الصور النادرة اهـ ابن رشد إذا قصدها الفاسق في المحرم فالنقض

ولو قصدها في الصغيرة ووجدها فلا وضوء إلا على النقض للذة التذكر ابن عرفة يرد بقوة الفعل عياض ولمس الغلمان وفروج سائر الحيوان للذة ناقض فإن حصل اللمس ولم يقصد لذة ولم تحصل له فلا نقض هذا حكم اللمس وأما القبلة فإن كانت لمحرم أو صغيرة لاتشتهى فلا نقض وقبلة غيرهما إن قصد لذة أو وجدها نقضت كاللمس فإن لم يقصد بالقبلة لذة ولا وجدها فقولان أحدهما إيجاب الوضوء قال في التوضيح وهى رواية أشهب عن مالك وقول أصبغ قال فى المقدمات وهو دليل المدونة وعلة ذلك أن القبلة لا تنفك عن اللذة إلا أن تكون صبية صغيرة يقبلها على وجه الرحمة أو ذات محرم يقبلها على سبيل الود أو الوداع أو نحو ذلك والقول الثاني أنه لاوضوء كالملامسة والمباشرة وهو قول ابن الماجشون اهـ وحكى ابن عرفة عن هذين القولين وزاد ثالثا إن كان على الفم نقضت وإلا فلا قال وهي رواية المجموعة وعزاه عياض لظاهر المدونة وفيها لاشأ على من قبلته امرأته على غير الفم إلا أن يلتذ اهـ ابن الحاجب والمشهور أن القبلة فى الفم تنقض للزوم اللذة التوضيح قال في التنبيهات اشتراط اللذة على غير الفم دليل على أنه لايشترط وجودها في القبلة في الفم ولا قصدها منهما جميعا وهو قول مالك في المجموعة قال ابن رشد وأما إن قصد اللذة ولم يجدها فالوضوء واجب عليه ولا أعلم في ذلك خلافا فى المذهب ولا يبعد دخول الخلاف فيها معنى وعلى هذا فيحمل قوله والمشهور أن القبلة فى الفم تنقض للزوم اللذة على الوجه الأول وذكر ابن بزيزة فى القبلة ثلاثة أقوال فى المذهب النقض مطلقا والثاني اعتبار اللذة والثالث إن كانت في الفم انتقض مطلقا وإن كانت في غيره اعتبرت اللذة اهـ قوله قال ابن رشد وأما إن قصد اللذة أي بالقبلة على الفم وقوله أي قول ابن الحاجب والمشهور أن القبلة في الفم الخ يحمل على الوجه الأول وهو إذا لم يجد لذة ولا قصدها فهذا على المشهور ومقابله الشاذ وأما إن وجد لذة بالقبلة على الفم أو قصدها بها فالنقض بلا خلاف كما صرح به ابن رشد فيما إذا قصد وبين بهذا أن معنى اللزوم في كلام ابن الحاجب الغلبية فقط لا اللزوم العقلي فقول الناظم وذا إشارة إلى الحكم المتقدم وهو النقض باللمس والقبلة وقوله لذة عادة يخرج الالتذاذ بالصغيرة والمحرم وقد تقدم قريبا أن الالتذاذ بالصغيرة لا

أثر له وبالمحرم ينقض على خلاف وقوله وجدت لذة عادة أي سواء قصدها أم لا ابن الحاجب فإن وجدها فالنقض باتفاق قصدها أو لم يقصدها قوله كذا إن قصدت أي سواء وجدها أم لا ابن الحاجب فإن قصدها ولم يجد فكذلك على المنصوص وخرج اللخمى من الرفض لا ينتقض اهـ وفهم من قوله (إن وجدت لذة عادة كذا إن قصدت) أنه إن لم يجد لذة ولم يقصدها فلا ينتقض وهو كذلك ابن الحاجب فإن لم يقصدها ولم يجد لم ينتقض اهـ وهذا الحكم ظاهر منطوقاً ومفهوماً بالنسبة للملامسة وظاهر أيضا باعتبار المنطوق فقط أعنى إذا قصد لذة أو وجدها بالنسبة للقبلة على غير الفم وأما باعتبار المفهوم أعنى إذا لم يجد ولم يقصد فإنما يجري على قول ابن الماجشون لانقض لاعلى قول أصبغ ورواية أشهب بالنقض وظاهر التوضيح ترجيح هذا الثاني كما مر قريبا وأما بالنسبة إلى القبلة على الفم فظاهر أيضاإن قصد لذة أو وجدهاإن لم يقصد ولم يجد إذ ظاهر كلامه عدم النقض والمشهور النقض والحاصل أن القبلة على غير الفم قيل كالملامسة وهو ظاهر كلام الشيخ خليل فى مختصره وقيل تنقض مطلقا وإن كانت على الفم فثلاثة أقوال المشهور النقض مطلقا قصد أم لا وجد أم لا وهذا حكم اللامس والمقبل بالكسر وأما الملموس والمقبل بالفتح فإن وجد لذة فالنقض وإلا فلا قال فى التهذيب والملموس إن وجد لذة توضأ وإلا فلا قالوا مالم يقصدها فيكون لامسا صح فى التوضيح (فرع) قال فى المجموعة ليس فى قبلة أحد الزوجين للآخر لغير شهوة وضوء فى مرض أو غيره ولا فى قبلة الصبية وضوء ومس فرجها إلا أن يكون للذة وروى على عن مالك ليس فى مس فرج الصبى والصبية وضوء قال فى النوادر يريد لغير لذة اهـ (فرع) لافرق في النقض بالقبلة بين الطوع والاكراه فعن مالك في المجموعة إن قبل زوجة مكرهة فعليها الوضوء وكذلك روى ابن نافع لوغلبته هي فقبلته فعليه الوضوء ولولم يلتذ ابن عرفة الصقلي يريد لو على غير الفم وقال ابن هارون هذا إن كانت على الفم وإلا فهي كالملامسة ولانعلم فى ذلك خلافا إلاما تأوله الصقلى كما تقدم (فرع) قال فى التوضيح ولا يبالى بماوقع اللمس فيه سواء كان ظفراً أوشعراً أويداً وهو المنصوص وروى بعض الشيوخ أن الظفر والشعر لايلحقان بما عداهما من الجسد لأن اللذة ليست بلمسها وإنما هي بالنظر ولا أثر له في نقض الطهارة (فرع) إذاوقع اللمس من فوق حائل فإن كان خفيفا فالنقض وإن كان كثيفا فقولان المشهور النقض وهذا إن كان اللمس باليد وإن ضمها إليه فالكثيف كالخفيف

(فرع) قال الإمام أبوعبداللهالمازري وأمامن نظر فالتذ بقلبه دون لمس فالمشهور عن أصحابنا أن وضوءه لاينتقض اهـ وذهب ابن بكير والأبيانى إلى أن اللذة بالنظر ناقضة (فرع) قال ابن الحاجب وفي الانعاظ الكامل قولان بناه على لزوم المذي أم لا اهـ والانعاظ قيام الذكر والقولان فى النقض بذلك مبنيان كما قال على أنه ملازم للمذي لا يفارقه فينقض أو لا فلا ينقض قال التوضيح وحكى ابن بشير أن الأشياخ رأوا أن ينظر للشخص في نفسه إن كانت عادته خروج المذى بذلك فعليه الوضوء وألا فلا. قوله إلطاف مرأة إلطاف المرأة: هوأن تدخل يدها في شفري فرجها والنقض به فقط هو رواية ابن أبى أويس وروى ابن زيادة الوضوء باللمس ألطفت أم لا ورواية المدونة نفي الوضوء ابن الحاجب وفى مس المرأة فرجها ثلاث روايات لابن زيادة والمدونة وابن أويس ثالثها إن ألطفت انتفض قال قلت ما ألطفت قال أن تدخل يدها بين الشفرتين فقيل على ظاهرها وقيل باتفاقهااهـ ومعنى قوله فقيل على ظاهرها أنه قد اختلف الشيوخ فى هذه الروايات فمنهم من أجراها على ظاهرها من الخلاف فالمذهب إذا على ثلاثة أقوال ومنهم من جعل الثالث تفسير للقولين فمن قال بالنقض فمعناه إذا ألطفت ومن قال بعدمه فمعناه إذ الم تلطف فليس إلا قول واحد بالتفصيل إن ألطفت انتقض وإلا فلا ولعل الناظم اعتمد على هذا وهو كون النقض مقيدا بالإلطاف فلذلك عبر به دون المس قوله كذا مس الذكر اعلم أن الآثار اختلفت في إيجاب الوضوء في مس الذكر ففي بعضها من مس ذكره فليتوضأ وفي بعضها من أفضى بيده إلى فرجه من غير حجاب فعليه الوضوء وفى بعضها أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن مس الرجل ذكره بعد الوضوء فقال «وهل هو إلا بضعة منك» ورأى المالكية الجمع بينهما بأن ينتقض الوضوء بمسه على صفة دون صفة وفي تعين تلك الصفة لهم أقوال أحدها اعتبار اللذة فإن وجد اللذة بمسه انتقض ماله لبغداديون من أهل المذهب الثانى مراعاة العمد فينتقض معه دون النسيان وهوأحد أقوال مالك وقول سحنون الثالث مراعاة باطن الكف فإن مسه بغيره لم بنتقض قاله أشهب الرابع مذهب المدونة مراعاة

باطن الكف وباطن الأصابع فإن مسه بغير ذلك لم ينتقض الخامس كالرابع وزيادة باطن الذراع نقله ابن زرفون وابن العربى عن الوقار السادس قول ابن نافع ينتقض بمص الكمرة والمشهور مذهب المدونة وعليه فإن مسه بحرف اليد ففى النقض قولان حكاهماابن العربى قال بناء على تقديم الحظر على الإباحة والعكس وشهر الشيخ خليل النقض بمسه بجانب الكف أو الأصابع وبالمشهور يفسر قول الناظم كذا مس الذكر أي إذا مسه بباطن كفه أو باطن أصابعه أو بجنبهما كما يصرح بذلك في الغسل حيث قال تبدأ في الغسل بفرج ثم كف عن مسه ببطن أو جنب الأكف أو أصبع ابن عرفة في مسه بحرف لليد والأصابع أو بأصبع زائدة نقلا ابن العربى الطراز إذ امسه بين أصبعيه أو بحرف كفه أو بأصبع زائدة انتقض على ظاهر قول ابن القاسم اهـ (فرع) فإن مسه بأصبع زائدة فقولان قال ابن رشد والخلاف خلاف في حال هل فيها من الاحساس مافي غيرها أم لا وينبغي إن ساوت الأصابع في التصرف والإحساس فالنقض ولم تساو فلا ولو شك فعلى الخلاف فيمن تيقن الطهارة وشك في الحدث (فرع) فإن مسه من فوق حائل فطريقان الأولى قول ابن الحاجب ومن فوق حائل ثالثها إن كان خفيفا نقض الثانية إن كان الحائل كثيفا فلا وضوء قولا واحدا وإن كان رقيقا فروى ابن وهب لا وضوء عليه وهو الأشهر وروى على بن زياد أن عليه الوضوء التوضيح والظاهر عدم النقض مطلقا لما فى صحيح ابن حبان عنه عليه الصلاة والسلام من أفضى بيده إلى فرجه ليس بينهما ستر ولا حجاب فقد وجب عليه الوضوء للصلاة.

(فرع) قال فى التوضيح عن ابن هارون ولو مس موضع الجب فلا نقض عندنا وحكى الغزالى أن عليه الوضوء والجارى على أصلنا نفيه لعدم اللذة غالبا اهـ (فرع) ومس ذكر الغير يجري على حكم المس فلو مست المرأة ذكر زوجها تلذذاً الوجب عليها الوضوء ولغير شهوة من مرض ونحوه فلا ينقض وكذلك الملموس ذكره إن نذ فعليه الوضوء وإلا فلا ولذا قال القرافى لا ينتقض وضوء الخاتن بمس ذكر المختون (فرع) واختلف أصحاب مالك فيمن مس ذكره وصلى من غير وضوء فقيل يعيد في الوقت قاله مالك وابن القاسم وقيل لا إعادة عليه وهو أحد قولي مالك وابن القاسم ووجههما مراعاة الخلاف وقيل يعيد أبداً قاله ابن نافع وابن دينار وقيل يعيد العامد أبداً والناسي في الوقت قاله ابن حبيب (فرع) مس الذكر المقطوع قال ابن العربى لغو قال المازرى كذكر الغير قال ابن عرفة يرد بأن الحياة مظنة اللذة ونقيضها مظنة نقيضها (فرع) قال ابن الحاجب لا أثر لمس الدبر وخرجه حمديس على فرج المرأة ورده عبدالحق باللذة وابن بشير بأن ذلك ليس بقياس اهـ ومعنى قوله وابن بشير الخ أن ابن بشير رد إلحاق حمديس مس الدبر بمس الفرج بأن الوضوء من مس الفرج خارج عن القياس لأنه من الجسد والحكم إذا خرج على غير قياس لم يقس عليه (فرع) ومس الخنثى فرجه مخرج على من تيقن الطهارة وشك في الحدث للتردد في المحل الأصلى والزائد ابن العربى عن بعض شيوخه إن مس فرجيه معاً وجب الوضوء وإن مس أحدهما وقلنا إن المرأة ينتقض وضوؤها بمس فرجها فهو كمن تيقن الطهارة وشك في الحدث ثم قال ولو مس أحدهما وصلى ثم توضأ ومس الآخر وصلى أي صلاة أخرى فقال ذانشمند يحتمل إعادته الصلاتين كذاكر صلاة من صلاتين أو عدم الإعادة لأن كل صلاة تمت باجتهاد كأربع صلوات لأربع جهات باجتهادات مع تيقن بطلان ثلاث منها قال ابن عرفة كل اجتهاد أوجب جهة وكل مس لغو أو مبطل على تخريجه على الشك في الحدث فكيف يقاس المبطل أواللغو على الموجب اهـ وهذا إنما هو في الخنثى المشكل وأما غير المشكل فبحسب ما ثبت له وفي تكميل التقييد للامام ابن غازي من أشياخ ابن العربي ذانشمند الأكبر وهو الإمام إسماعيل الطوسى وذانشمند الأصغر وهو الامام أبو حامد الغزالي الطوسي ومعنى ذانشمند بلغة الفرس عالم العلماء قال وكان شيخنا الأستاذ أبو عبد الله الصغير يحكي لنا

عن شيخه أبى محمد عبد الله العبدوسى أنه بلغه أن الفرس يفخمون ذانشمند اهـ وهذه المسئلة إحدى النظائر المعروفة بمسائل الخنثى المشكل وقد وقفت على جملة صالحة منها منظومة في سؤال وجواب رأيت إيرادهما هنا تكميلا للفائدة وهذا نص السؤال أجب سائلا يا أيها الحبر إنه على الحبر أن يفتي الفتى حين يسأل أبن لي ففي الخنثى مسائل جمة تزيد على عشر إذا كان يشكل فما حكمه مهما غزا وإذا زني به أوزنى ما حكمه حين يفعل وقل أين يلقى فى الجنائز نعشه ومن يتولى غسله حين يغسل وميراثه ما قدره ونكاحه أيؤذن فيه أم يصان فيعضل وإن لمست كفاه موضع فرجه فهل طهره يبقى له أم يبدل وهل صفه خلف المصلين آخرا إذا هو صلى فى الرجال أم أول وهل سجنه بين الرجال أو النساء فإن جوار الشكل بالشكل أمثل وهل ينبذ القاضى شهادة قوله إذا هو أدى أو يقول فيقبل وقل هل يؤم القوم أو ليس يرتضى فإن مقال الحق للمرء أجمل ونص الجواب تفطن هداك الله إن كنت تسأل فهذا جواب نوره يتهلل له نصف سهم فى الغزاة وإن زنى به فعليه الحد والحد أعدل ومهما زنى فالحد عنه بمعزل فإن الفتى فى معرك الحرب أعزل وميراثه فى نصف مرء ومرأة كذلك تودى نفسه حين يقتل ويعضل عن معنى النكاح إذا اشتهى فإن الهدى فى عضله حين يعضل وآخر صف فى الرجال مكانه وأما إذا لاقى النساء فأول وحيث يصلى ثم يوضع نعشه وذلك فيه سنة لا تبدل وتغسله مملوكة تشترى له بخالص بيت المال لا تتمول ومهما استحق السجن يسقف وحده فليس له فى الناس شبه مماثل وليس يؤم القوم إلا ضرورة وفى المال لافى غير ذلك يقبل

وإن هو مس الفرج أبطل طهره وإن مس إحليلا فنقض معجل فدونها مثل النجوم زواهرا قد الفها ذو فطنة يتوسل فذهب على النقض بمس الفرج أوالإحليل بناء على القول بالنقض بمس المرأة فرجها إذ التردد فى المحل الأصلى من الزائد صير مس أحدهما موجبا للشك فى الطهارة ومسائل الخنثى المشكل أكثر مما تقدم وقد كنت ذيلت الجواب المتقدم ببيت يشتمل على مسألتين من مسائله وهو قولنا مذكاه ومكروه دليل بلوغه بأي بدا قل باحتياط يعلل وكلام المجيب ظاهر إلا قوله. وليس يؤم القوم إلا ضرورة. فلم أقف عليه الآن وإنما وقفت على قول ابن عرفه فى شروط الامامة عن ابن بشير الخنثى المشكل كامرأة اهـ وعليه فلا يؤم إلا على رواية ابن أيمن تؤم المرأة النساء وعلى هذا فالأولى أن يقول. إمامته فامتنع لغير ابن أيمن. وقد ذكر ابن عرفة فى المحرمات من النساء فى كتاب النكاح مسائل عديدة من مسائله رأيت إثباتها هنا تكميلا للفائدة لغرابتها قال رحمه الله عبد الحق لايطأ ولا يوطأ وقيل يطأ أمته وإن زنى بذكره لم يحد لأنه كاصبع ويؤدب وبفرجه يحد المتيطى في حده إن ولد من فرجه قولان ابن عرفه قلت ففي حده ثالثها إن ولد وينبغى أن يتفق عليه لأن ولادته من فرجه دليل على أنوثته وعن عبد الحكم من وطىء خنثى غصبا حد زاد الشعبى وعليه نصف المهر ابن عرفهوالأظهر إن زنى بذكره وفرجه حد اتفاقا وحد قاذفه يجرى على حده وعن بعض أهل العلم في قطع ذكره نصف دية ونصف حكومة قال وصفة جسه أن يستر فرجه ويجس الرجال ذكره ويغطى ذكره وينظر النساء فرجه ابن عرفه وكذا فى دعواه أنه خنثى بعد نكاحه على أنه رجل أو امرأة ونزلت بتونس ففسخ النكاح وفى كون الواجب له إذا غزا ربع سهم أو نصفه قولان وفى بعض التعاليق يحتاط فى الحج فلا يحج إلا مع ذى محرم لا مع جماعة رجال فقط ولا مع نساء فقط. قلت إلا أن يكون جواريه أو ذوات محارمه ويلبس ما تلبسه المرأة ويفتدى وهذا فيما يجب على المرأة ستره وفى غيره ولا يلبسه إلالحاجة ويسجن وحده وإن مات ولا محرم معه ولا مال اشتريت له من بيت المال أمة تغسله وتعتق وولاؤها للمسلمين ابن عرفة قلت مقتضى الاحتياط أنه كرجل مع نساء وفي شراء الأمة من بيت المال نظر إذ لا ملك له فيها ولو كان لورثها عنه وارثه أو بيت المال فلا موجب لعتقها اهـ. وفي غير ابن عرفة أن شأنه في جميع أحواله على أحوط الأمرين ولا يفعل إلا ما يفعله الرجال والنساء معاً ولا يفعل ما يجوز لأحدهما فقط فلا يلبس

الحرير ولا الذهب ويسمع نفسه فقط إذا صلى ولا يؤذن ولا يرث الولاء ويستر نفسه إذا صلى ويبدي للرجال ماتبديه لهم المرأة والنساء ما يبديه لهن الرجال قوله والشك فى الحدث قال فى الرسالة ومن أيقن بالوضوء وشك في الحدث ابتدأ الوضوء وفي ابن يونس من أيقن بالوضوء ثم شك فلم يدر أحدث بعد الوضوء أم لا فليعد وضوءه إلا أن يكون مستنكحاً فلا يلزمه إعادة وضوء ولا صلاة قال ابن حبيب وإذا خيل إليه أن ريحاً خرج منه فلا يتوضأ إلا أن يوقن به وكذلك إذا دخله الشك بالمس وذكرالحدث ثم قال وأما إن شك هل بال أم لا فهذا يعيد الوضوء اهـ. وفي ابن الحاجب من تيقن الطهارة وشك فى الحدث ففيها فليعد وضوءه كمن شك أصلى ثلاثاً أو أربعاً يعيد فقيل وجوباً وقيل استحباباً وقال اللخمى خمسه ثالثها يستحب ورابعها يجب ما لم يكن في صلاة وخامسها يجب مالم يكن الشك فى سبب ناجز كمن شك في ريح ولم يدرك صوتاً ولا ريحاً وأما المستنكح فالمعتبر أول خاطر به اهـ. قال في التوضيح استشكل الشيوخ قياس من شك في الحدث على من شك أصلى ثلاثا أم أربعا لأن الشك في الطهارة شك في المانع والأصل في الشك الالغاء إذ الأصل في الوضوء دوامه بخلاف الركعات فإن الشك فيها شك في الشرط والأصل عمارة الذمة بالعدد حتى يتحقق حصوله وحاصله أن الأصل الغاء الشك ويلزم منه البناء على الأقل في الركعات والبقاء على الطهارة ويمكن أن يوجه الوجوب بالاحتياط للعبادة إذ الاصل أن الصلاة في الذمة بيقين فلا تبرأ الذمة منه إلا بيقين ويمكن أن يقال منشأ الخلاف هل الشك في الشرط يورث الشك في المشروط أم لا قال صاحب النكت وإنما يجب الوضوء في غير المستنكح وأما المستنكح فلا شيء عليه اهـ. وهذا هو المشهور في المستنكح وهو الموسوس قال ابن عبد السلام وهو ظاهر المدونة وغيرها من غير نظر إلى خاطر البتة لأن من هذه صفته لا ينضبط الخاطر الاول مما بعده قيل والمعتبر أول خاطر به فإن سبق إلى نفسه أنه أكمل وضوئه أو أنه على وضوئه فلا يعيد وإن سبق إلى نفسه أنه لم يكمل أعاد لأنه فى الخاطر الأول مشابه للعقلاء وفي الثاني مفارق لهم ومعنى القول الخامس عند ابن الحاجب فى طريقة اللخمى أن الشك الذي طرأ في أثناء الصلاة إن كان على وجه هل خرج منه ريح إذ داك أو لم يخرج في حالة الصلاة ولم يدرك صوتا ولا وجد ريحا أو أنه حك فخذه مثلا وهو يصلى فشك هل مس ذكره أم لا فلا يقطع وإن كان على وجه هل بال أو تغوط مثلا قبل الدخول في الصلاة قطع وتوضأ وعلى المشهور من وجوب الوضوء على الشاك إذا حصل له الشك في الصلاة قطع صرح به في التوضيح وظاهر ما يأتي لابن رشد تقييد وجوب الوضوء على الشك بما إذا شك قبل الدخول في الصلاة أما بعد الدخول فيها فلا يقطع إلابيقين

(فرع) قال في التوضيح فإن افتتح الصلاة متيقناً الطهارة ثم شك في الصلاة وتمادى على صلاته ثم تبين له أنه متطهر فقالمالك صلاته تامة لحصول الشرط في نفس الأمر وقالأشهب وسحنون لا تصح لأنه غير عامل على قصد الصحة اهـ قال ابن رشد في رسم جمع من شك أثناء صلاته هل هو على وضوء أم لا فتمادى في صلاته وهو على شكه ذلك فلما فرغ من صلاته استيقن أنه كان على وضوء قال صلاته مجزئة عنه إلاأن يكون نواها نافلة حين شك ابن رشد إنما قال صلاته تامة وإن تمادى على شكه لأنه دخل في الصلاة بطهارة متيقنة فلايؤثر فيها الشك الطارأ عليه بعد دخوله في صلاته لحديث إن الشيطان يفسو بين أليتى أحدكم فلا ينصرف من صلاته حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً وليس هذا بخلاف لما فى المدونة من أيقن بالوضوء وشك فى الحدث مسألة المدونة طرأ عليه الشك فى طهارته قبل دخوله فى الصلاة فوجب أن لا يدخل فيها إلا بطهارة متيقنة وهو فرق بين وأظهر مما رواه سحنون عن أشهب اهـ (فرع) قالابن العربى لو تيقن طهرا وحدثا شك في السابق منهما فلا نص لعلمائنا وقال إمام الحرمين الحكم نقيض ما كان عليه وهو صحيح أقوالنا إلغاء الشك فمن كان قبل الفجر محدثاً جزم بعده بوضوء وحدث وشك في الأحدث منهما فمتوضأ لتيقن وضوئه وشك نقضه ولو كان متطهراً فمحدث لتيقن حدثه وشك رفعه ابن محرز يجب الوضوء فيهما وفى ابن الحاجب ولو شك على غير ذلك وجب الوضوء باتفاق التوضيح يدخل فيه خمس صور: الأولى تيقن الحدث وشك فى الطهارة وحكى ابن

يسير فيهاالإجماع الثانية تيقنهما ولم يدر السابق منهما وحكى سند فيها الاتفاق الثالثة شك فيهما فحكىبن محرز أن الوضوء يجب عليه لأنه ليس عنده أمر يتيقنه يبني عليه وذكرابن بشير في هذه الصورة أنه يطرح ما شك فيه ويبني على ما كان حاله قبل الشك فإن كان محدثاً لزمه الوضوء وإن كان متوضئاً صار بمنزلة من تيقن الطهارة وشك في الحدث الرابعة تيقن الوضوء وشك في الحدث وشك مع ذلك أكان قبله أو بعده، والخامسة عكس هذه تيقن الحدث وشك في فعل الوضوء وشك مع ذلك أكان قبله أو بعده وحكى ابن محرز الوجوب فيهما اهـ قوله كفر من كفر معناه إن المسلم إذا توضأ ثم ارتد وكفر والعياذ بالله ثم إنه راجع الإسلام فإن وضوءه ينتقض بردته قال ابن الحاجب وفى وجوب وضوء المرتد إذا تاب قبل نقض وضوئه قولان اهـ وسمع موسى ابن القاسم من ارتد عن الإسلام ثم راجع الإسلام قبل أن ينتقض وضوؤه أحب إلي أن يتوضأ وقاليحيى بن عمر واجب عليه أن يتوضأ لقوله تعالى {لئن أشركت ليحبطن عملك} أهو في كون الردة موجبة للوضوء وهو المشهور ولذا عدت من نواقضه أو للغسل قولان حكاهما ابن العربى ورأيت وأظنه في المعيار للونشريسى أن عد الردة من موجبات الوضوء إنما هو في حق من لم يجب عليه غسل قط وكان بلوغه بالإنبات مثلا أو ببلوغه ثمانى عشرة سنة فتوضأ ثم ارتد ثم راجع الإسلام قبل أن يحدث فهذا يبطل وضوؤه بردته وأما من وجب عليه الغسل واغتسل ثم راجع الإسلام قبل أن يجب عليه غسل فهذا يغتسل لبطلان غسله الأول بردته وكأنه توفيق بين القولين اللذين حكيا عن ابن العربى والله أعلم (فرع) في وجوب الوضوء بخروج الهادي وهو ماء أبيض يخرج من الحامل عند وضع الحمل أو السقط وسقوطه قال فى البيان وهو الأحسن لكونه ليس معتاداً (فرع) قالابن الحاجب ولا يجب الوضوء بقأ ولا حجامة ولا لحم إبل وفيها أحب إلي أن يتمضمض من اللبن واللحم ويغسل الغمر إذأراد الصلاة (فرع) قال اللخمى تجديد الوضوء بكل صلاة فضيلة قال القاضى عياض الوضوء على خمسة أقسام ثم ذكر من الوضوء الممنوع تجديده قبل صلاة فرض به (فرع) قال ابن الحاجب ويمنع المحدث من الصلاة ومس المصحف أو جلده ولو بقضيب ولا بأس بحمل صندوق أو خرج هو فيه ما لم يكن المقصود حمله ولا بأس بالتفاسير والدراهم وبالألواح للمتعلم ليصحهما ابن حبيب يكره مسها للمعلم والجزء للصبى كاللوح وبخلاف المكمل وقيل المكمل وفى التوضيح أجاز مالك فى

العتبية الحرز للصبى والحائض والحامل إذا كان عليه شيء يكنه ولا يتعلق وليس عليه شيء وما رأيت من يفعله ويَجِبُ استِبْراءُ الاخبَثَيْنِ معَ سَلْبٍ ونَتْرِ ذَكَرٍ وَالشَّدَّعْ وجازَالإِسْتِجْمارُ مِن بَوْلِ ذكَرْ سَلْتِ كَغَائِطٍ لاَما كَثِيراً انْتَشَرْ يعني أنه يجب على قاضى الحاجة استبراء الأخبثين والاستبراء استفراغ ما في المخرجين ابن الجلاب الاستبراء واجب مستحق وهو إخراج ما بالمحلين من أذى والأخبثان بالثاء المثلثة من الخبث الذي هو التنجس قاله في المشارق والمراد به هنا البول والغائط ويزاد على ذلك في الذكر السلت والنتر الخفيفان فيأخذ ذكره بيسراه ويجعله بين سبابته وإبهامه ويمرهما من أصله إلى آخره والنتر بمثناة فوقية ساكنة جذب بخفة وقوله الأخبثين يقرأ بنقل حركة الهمزة للساكن قبلها للوزن وقوله سلت بكسرة واحدة لأنه مضاف في التقدير لمثل ما أضيف له نتر على حد بين ذراعي وجبهة الأسد وإنما أمر بترك الشد في السلت لأنه يرخي المثانة ولا تحديد في المرات لأن أمزجة الناس مختلفة الشيخ زروق وقد جرب لطوله أن يهمز بأصبعه بين السبيلين فإنه يدفع الحاصل ويمنع الواصل وسمع ابن القاسم ليس القيام والقعود وكثرة السلت بصواب اللخمى من عادته احتباسه فإذا نزل منه وجب أن يقوم ثم يقعد وسأل ابن رشد عن الرجل يخرج من بيت الماء وقد استنجى بالماء ثم توضأ فيكون في الصلاة أو سائراً إليها فيجد نقطة هابطة فيفتش عليها فتارة يجدها وتارة لا يجدها فأجاب لاشيء عليه إذا استنكحه ذلك ودين الله يسر وسئل ربيعة عن الرجل يمسح ذكره من البول ثم يتوضأ فيجد البلل فقال لا بأس به قد بلغ محنته وأدى فريضته وحكم الاستبراء الوجوب كما صرح به الناظم تبعاً لغيره وأما تنظيف المحلين بالاستنجاء أو بالاستجمار فهو من باب زوال النجاسة وقد تقدم حكمه (فرع) فإن ترك الاستنجاء والاستجمار ساهياً وصلى ففى إعادته فى الوقت رويتان لابن القاسم وأشهب فقال ابن أبى زيد يريد الماسح والمبعر وخرج اللخمى يعيد أبداً من القول بالإعادة أبداً لمن صلى بنجاسة ناسيا وهي رواية أبو وهب قوله وجاز الاستجمار البيت أن الاستجمار بالحجر ونحوه يجوز أن يكفى عن الاستنجاء بالماء في بول الذكر وفي الغائط ما لم ينتشر ذلك المذكور من البول والغائط عن المخرج كثيراً فلا بد فيه حينئذ من الاستنجاء بالماء كما لا بد منه في بول المرأة ولذا قال في بول ذكر فأما الاستنجاء فقال القاضي عياض إنه مأخوذ من نجوت العود إذا قشرته فكأن المستنجي يقشر ما على المحل من الأذى وقيل مأخوذ من النجاسة وهو التخلص

لأن الإنسان يتخلص به من دون المحل وتعلق الأذى به وحقيقته إزالة النجاسة الخارجة من المخرجين أو من أحدهما بالماء المطلق عن ظاهري المحل الذي خرجت منه وأما استجمار فقال إنه مأخوذ من الجمار وهي الحجارة الصغيرة التي تزال بها وقيل من الاستجمار بالبخور والمجمر لأنه يطيب المحل كما يطيب البخور ويسمى استطابة لتنظيفه الموضع بإزالة الأذى عنه قال المازرى الاستجمار التمسح بالجمارة وقال غيره وهو مسح المخرج من الأذى بجامد طاهر منق منفصل ليس بذي شرف ولا بذي حرمه ولا مطعوم ولا حق لأحد فيه ولا منجس غيره اهـ فقوله بجامد أي بكل جامد حجرا كان أو غيره وهو كالجنس قال في التوضيح في شرح قول ابن الحاجب والجامد كالحجر على المشهور قاس في المشهور كل جامد على الحجر لأن القصد الإنقاء وروى في القول الآخر أن ذلك رخصة فيقتصر بها على ما ورد والصحيح الأول لأن الرخصة في نفس الفعل لا في المفعول به وأخرج بوصف الطهارة النجس فلا يستجمر به وليس على إطلاقه بل إذ باشر المحل فإن كان في أحد جنبي الحجر نجاسة جاز الاستجمار بالجنب الآخر قال فى التوضيح قال الباجى عندي إن استجمر بنجس فقد طرأت على المحل نجاسة غير معتادة فلا ترفع إلا بالغسل وبوصف الانقاء ما لا ينقى لملوسته كالزجاج وبوصف الانفصال يد نفسه لكن ذكر في الرسالة أنه يستجمر بيده ولفظه ثم يمسح ما في المخرج من الأذى بمدر أو غيره أو بيده وكذلك ذكر سيدىبو عبدالله ابن الحاج أنه إذا عدم الأحجار فلا يترك فضيلة الاستجمار بل يستجمر بأصبعه الوسطى بعد غسلها وأخرج بقوله ليس بذي شرف الذهب والفضة واليواقيت ونحوها وأخرجها ابن الحاجب بوصف النفاسة فقال في التوضيح عن ابن رشد وذكر وصف النفاسة تنبيها على علة المنع لأن استعمالها في ذلك تنجيس لها ولأنها أجسام فيها ملوسة فتزيد المحل تلطيخاً وأخرج بقوله ولا بذي حرمة جدار المسجد كذلك قال ابن الحاجب قال في التوضيح ناقلا عن الاكمال وقد تساهل الناس في المسح بالحيطان وهو مما لا يجوز فعله لتنجيسها ولأن على الناس ضرائر في الانضمام إليها لا سيما عند نزول المطر وبلل الثياب وهو ظاهر وعلى هذا فلا يظهر لتخصيص جدار المسجد إلا الأولوية اهـ وكذا يخرج الورق لحرمة الحروف وتختلف الحرمة بحسب ما كتب فيه وفي معنى المكتوب الورق غير المكتوب لما فيه من النشا واخرج بقوله ولا مطعوم جميع المأكول ولو كان في الأدوية والعقاقير وأخرج بقوله ولا حق فيه لأحد ما كان مملوكا للغير ولا إشكال وكذا الحممة والروث والعظم الطاهر لحق الجن فقد روى أبوداود أنه قدم وفد الجن على النبى فقالوا يامحمد إنه أمتك أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حممة فإن الله جعل لنا فيها رزقا «فنهى النبي عن

ذلك» قالأبو عبيدالحممة الفحم وقوله ولا منجس غيره احترز به من جدار المرحاض ومن المائعات والخرق المبتلة لأن الرطوبة تنشر النجاسة فتنجس ما لم يكن متنجسا زاد ابن الحاجب كونه غير مؤذ احترازا من الزجاج المحرف ونحوه ولا يبعد الاكتفاء عنه بوصف الانقاء لأن إذابته قد تمنع من الإنقاء به (فرع) فإن استجمر بشيء مما نهي عنه فقال اصبغ يعيد في الوقت وقالابن حبيب لا إعادة عليه وقالابن عبد الحكم صلاته باطلة فيعيد أبدا واستظهره ابن عبد السلام لأن الاستجمار رخصة فإذا لم يأت بمحل الرخصة بقي على أصل المنع فيكون مصليا بالنجاسة التوضيح وفيه نظر لأن الرخصة فى الإزالة وقد حصلت لا فيما يزال به والقول بعدم الإعادة فيما إذا استجمر بنجس مبنى على أن إزالة النجاسة مستحبة (فرع) المذهب أن المطلوب في الاستجمار الانقاء دون العدد فإذا حصل الانقاء بحجر واحد أو اثنين كفى ذلك ومذهب الشافعي مراعاة الانقاء مع العدد لحديث ومن استجمر فليوتر وحديث أو لا يجد أحدكم ثلاثة أحجار وقد خرج هذا بيانا لأقل ما يجزىء وبوجوب الانقاء والعدد قال أبوالفرج وابن شعبان وأنه لا بد من ثلاثة أحجار وعلى قولهما فهل يجب لكل مخرج ثلاث أو تكفى الثلاث لهما معا قولان وفي إجزاء حجر ذي ثلاث شعب قولان وفى إمرار الثلاث على جميع المحل أولكل جهة واحد والثالث للوسط قولان وعلى المشهور من عدم وجوب العدد فهل يستحب الوتر قالابن هارون لم أر لأصحابنا فيه نصا والذى سمعته قديما فى المذكرات أنه يطلب الوتر إلى السبع فإن لم ينق بها لم يطلب إلا الانقاء من غير مراعاة وتر (فرع) المطلوب الجمع بين الأحجار والماء فإن اقتصر على الماء أجزأه بغير خلاف وإن اقتصر على الأحجار مع عدم الماء ولم تنتشر النجاسة على فم المخرج فكذلك وإن

اقتصر عليها مع وجود الماء فالمشهور الاجزاء وقال ابن حبيب بعدم الأجزاء مع وجوده. (فرع) ما انتشر من النجاسة عن محل خروجها أي بعد تعيين الماء كما نبه عليه الناظم بقوله إلا ما كان كثيراً انتشر وفى كون ما قرب جدا كالمخرج أو لا بد من الماء قولان الأول لابن الجلاب والثانى لابن عبد الحكم وابن حبيب وهذا مفهوم قول الناظم كثيراً والخلاف فى المسألة جار على الخلاف فيما قرب من الشيء هل له حكم ذلك الشيء أو حكم نفسه وللمسألة نظائر كثيرة انظرها فى كتب النظائر كالمنهج المنتخب للزقاق وإيضاح المسالك للونشريسى ونحوهما (فرع) إذا قلنا بالمشهور على إجزاء الاستجمار مع وجود الماء فغيرالمعتاد يخرج من السبيلين مثل المعتاد الطراز جوز القاضي الاستجمار من الدم والقيح وشبهه ويحتمل المنع (تنبيه) استثنى العلماء مسائل يتعين فيها الماء ولا يكفى الاستجمار فيها منها ما انتشر على المخرج كثيرا كما تقدم ومنها بول المرأة لتعديه محله لجهة المقعدة وكذلك الحصى ومنها المذي وتقدم الخلاف هل يجب منه غسل جميع الذكر أو محل الأذى فقط ومنها المني ودم الحيض والنفاس فى حق من فرضه التيمم لمرض أو لعدم ماء ومعه ما يزيل به النجاسة فقط فتجب إزالة ذلك بالماء ولا يكفي ذلك الاستجمار قلت وكذا المني إذا خرج بغير لذة أصلا أو للذة غير معتادة فإنه حينئذ موجب الوضوء فقط فلا بد من إزالته بالماء (فرع) قال في التهديب ولا يكره استقبال القبلة ولا استدبارها لبول أو غائط أو المجامعة إلا في الفلوات وأما المدائن والقرى والمراحيض التى على السطوح فلا بأس به وإن كانت تلي القبلة التوضيع وظاهره جواز الاستقبال في الكنيف وإن لم تكن مشقة بدليل جواز المجامعة ولا ضرورة فيها قاله اللخمي وابن رشد وعياض وسند قال سند وظاهر قوله فيها والمراحيض التى على السطوح الجواز وإن لم يكن سائر وعلى ذلك حمله في تهذيب الطالب ونقل أبو الحسن تأويلا آخر أن ما في المدونة محمول على الساتر اهـ قال في الشامل ويجوز في القرى والمراحيض وإن لم يلجأ على الأصح وهل يجوز ذلك في مرحاض سطح مطلقا أو بساتر قولان اهـ التوضيح وقال ابن رشدالموضع إن كان لا مراحيض فيه ولا ساتر فلا يجوز فيه الاستقبال والاستدبار أو يكون فيه المراحيض والساتر فيجلس بحسب ما تقتضيه المراحيض أو يكون ذا مراحيض ولا ساتر فيجلس بحسب ما تقتضيه المراحيض أيضاً للضرورة أو يكون ذا ساتر ولا مراحيض ففي المذهب قولان وسبب الخلاف هل العلة المصلون أي ينظره بعض من

يصلي للجهة فإن كان ساتراً جاز للأمن من علة المنع أو المنع لأجل حرمة القبلة وهي حاصلة سواء كان ثم حائل أم لا اهـ قال في المدونة الكبرى قلت أيجامع الرجل زوجته مستقبل القبلة قال لا أحفظ في هذا عن مالك شيئاً ورأى أنه لا بأس بذلك لأنه لا يرى بالمراحيض في المدائن والقرى بأساً ابن بشير تعلق بعض الأشياخ باللفظ الأول فأجاوزه مطلقاً وتعلق آخرون بالتشبيه فألحقوه بالحدث والتأويل الثاني للقابسي وشهره ابن الحاجب التوضيح وهو الظاهر لأن فيه اعتبار مجموع كلام ابن القاسم وأما التأويل الأول فينظر فيه إلى أول الكلام فقط وهو لا ينبغي ثم قال في التوضيح فرعان الأول قال صاحب الطراز لا يكره استقبال بيت المقدس لأنه ليس قبلة الثاني يجوز عندنا استقبال الشمس والقمر لعدم ورود النهي عنه كذا قالابن رشد وقال سيدى أبو عبد الله ابن الحاج في ذكر آداب الاستنجاء الثامنة أن لا يستقبل الشمس والقمر فإنه ورد أنهما يلعنانه ومقتضى كلامه أنه في المذهب فإنه قال أولا وقد ذكر علماؤنا رحمهم الله آداب المتصرف ذلك اهـ (فرع) قال في المدونة ولا يستنجى من الريح قال في التوضيح فيه تنبيه على من شذ فأمر بالاستنجاء من الريح وقد ورد عنه عليه الصلاة والسلام «ليس منا من استنجى من الريح» أي على سنننا رواه الحافظ أبو بكر الخطيب في كتاب المتفق والمفترق في ترجمة محمد بن زيادالكلبي اهـ فصل أذكر فيه بعض آداب قضاء الحاجة فمنها هل يكون قائما أوجالسا قال في التوضيح قسم بعضهم موضع القبول على أربعة أقسام فقال إن كان طاهراً رخواً كالرمل جاز القيام والجلوس أولى لأنه أستر وإن كان صلباً نجساً تنحى عنه إلى غيره وإن كان طاهراً صلباً تعين الجلوس وإن كان نجسا رخوا بال قائماً مخافة أن تتنجس ثيابه اهـ وإلى هذا التقسيم أشار الإمام أبو محمد عبد الواحد الونشريسى رحمه الله تعالى بقوله بالطاهر الصلب اجلس وقم برخو نجس والنجس والصلب اجتنب واجلس وقم إن تعكس والعكس هو أن يكون المحل طاهراً رخواً عكس الوجه الثالث وقدم فيه فى النظم الجلوس على القيام لأنه الأفضل كما تقدم عن التوضيح وقد ورد فى الحديث «أن

النبى أتى سباطة قوم فبال قائما» رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وأنكرت ذلك عائشة وقالت من حدث أن رسول الله بال قائما فكذبوه وكأنها والله أعلم أنكرت ذلك للغالب من فعله قالمجاهد ما بال قائما قط إلا مرة واحدة وقال الخطابى إنما فعل ذلك لعلة به ولم يقدر على الجلوس معها وكانت العرب تستشفى به من وجع الصلب ولذا قال بعضهم بولة فى الحمام قائما خير من فصادة وقيل إنما فعله لقرب الناس منه والبول قائما يؤمن معه خروج الصوت وقيل إنما فعله لأنه خاف متى جلس أن يكون فى السباطة نجاسة فتنجس ثوبه اهـ والسباطة موضع طرح الكناسة وهذا التقسيم إنما هو فى البول وأما الغائط فلا يجوز إلا جالسا ومنها الإبعاد عن الناس بحيث لايسمع له صوت والتستر عن أعين الناس عياض من آداب الأحداث ابعاد الذاهب إلى الغائط فى الصحراء وحيث تتعذر الجدران بحيث لا يرى له شخص ولا يسمع له صوت القباب ولا يشم ريح وللبول بحيث يستر ويأمن سماع الصوت ومنها إتقاء الحجر لما يخرج من الهوام فيؤذيه قالابن حبيب فى النوادر ويكره أن يبول فى المهواة وليبل دونها ويجرى إليها وذلك من ناحية الجان ومساكنها ابن عبد السلام وكان ذلك سبب موت سعد ابن عبادة رضى الله عنه وكذا اتقاء الملاعن كالطريق والظلال والشاطأ والماء الراكد سميت بذلك لأن الناس يأتون إليها فإذا وجدوا العذرة هناك لعنوا فاعلها ومنها إعداد المزيل من حجر أو ماء ومنها الذكر قبل موضع الحدث لما فى الصحيحين أن رسول الله كان يقول عند الدخول إلى الخلاء «اللهم إنى أعوذبك من الخبث والخبائث الرجس النجس الشيطان الرجيم» فإن فاته أن يذكر قبل موضع الحدث فيذكر في مواضع الحدث إن كان غير معد لقضاء الحاجة وفى جوازه فى المعد لقضاء الحاجة قولان القاضى ذهب بعضهم إلى جواز ذكر الله فى الكنيف وهوقول مالك والنخعى وعبد الله بن العاصى وقالابن القاسم إذا عطس وهو يبول فليحمد الله ابن رشد الدليل لابن للقاسم من جهة الأثر أن رسول الله

كان إذا دخل الخلاء استعاذ وعن عائشة كان رسول الله يذكر الله على كل أحيانه ومن طريق النظر أن ذكر الله يصعدإلى الله فلا يتعلق من دناءة الموضع شيء فلا ينبغى أن يمتنع من ذكرالله على حال إلا بنص ليس فيه احتمال وكذا الذكر بعد الخروج من بيت الخلاء كقوله اللهم غفرانك الحمد الله الذي سوغنيه طيبا وأخرجه عني خبيثا أو يقول الحمد لله الذي رزقني لذته وأخرج عني مشقته وأبقى في جسمي قوته ومنها إدامة الستر إلى الجلوس فلا يرفع ثوبه حتى يدنومن الأرض ومنها السكوت فلا يتكلم إلا إذا خشي فوات مال أو نفس عياض ولا يسلم عليه ولا يرد قلت وهذه إحدى النظائر التى لا يسلم فيها على الإنسان وإن سلم عليه فلا يرد ولبعضهم فيها ردالسلام واجب إلا على من في صلاة أو بأكل شغلا أو شرب أو قراءة أدعية أو ذكر أو بخطبة تلبية أو في قضاء حاجة الانسان أو في إقامة كذا الأذان أو سلم الطفل أو السكران أوشابة يخشى بها افتتان أو فاسق أو ناعس أو نائم أو حالة الجماع أو تحاكم أو كان فى الحمام أو مجنونا فواحد من بعده عشرونا انتهى ومن آداب قضاء الحاجة أيضا أن يتكأ على رجله اليسرى ومنها أن لا يأخذ ذكره بيمينه المازرى يأخذ المستجمر ذكره بشماله يمسح به الحجر عياض فإن لم يمكن أمسك حجرا بيمينه وحرك بشماله ذكره ومنها أن يفرغ الماء على يده قبل أن يلاقي بها الأذى لسهولة إزالة ما يتعلق بها من الرائحة وأن يغسلها بالتراب بعد الفراغ ومنها تقديم قبله قبل دبره خوف تلويثه ذراعه إن قدم الدبر وقيده سند بما إذا لم يقطر بوله عند مس الدبر فإن قطر فيقدم الدبر حينئذ ومنها تفريج فخذيه لأنه أبلغ فى استفراغ ما في الحمل واسترخاؤه قليلا لئلا ينكمش المحل بملاقاته برودة الماء على شيء من النجاسة وقيل ليتمكن بذلك من تقطير البول وغيره ومنها تغطية رأسه لقول الصديق رضى الله عنه لأذهب فى قضاء حاجتى مقنعا رأسي بردائي حياء من ربي وأن لا يلتفت يمينا وشمالا لئلا يعتريه ما يؤذيه ومنها أن ينحي ما فيه اسم الله الجزولي من آداب المحدث أن لا يدخل الخلاء ما فيه اسم الله تعالى إكراما له كالدرهم والخاتم وغير ذلك كما كره مالك أن يعامل أهل الذمة بالدراهم عليها مكتوب اسم الله وحكى ابن

الحاجب فى الاستنجاء بخاتم فيه ذكر الله قولين التوضيح والمعروف فى الخاتم المنع والرواية بالجواز منكرة ثم المانع فى الخاتم أقوى من الذكر لمماسة النجاسة له ومنها أن يقدم رجله اليسرى فى دخوله بيت الخلاء ويؤخرها فى الخروج منه عكس المسجد فيقدم اليمنى دخولا واليسرى خروجا وأما المنزل فيقدم يمناه دخولا وخروجا فَصلٌ فُرُوضُ الغَسلِ قَصْدٌ يُحتَضرْ فَوْرٌ عُمومُ الدَّلْك تَخْلِيلُ الشّعرَ فَتابعِ الخَفِىَّ مِثْلُ الرُّكْبَتَيْنْ الأَبِطَ والرُّفْغَ وبينَ الاليَتَينْ وصِل لِما عَسُرَ بالمِنْديلِ ونَحوِهِ كالحَبْلِ والتَّوكِيلِ الغسل بالفتح اسم للفعل وبالضم اسم للماء عكس المختار فى الوضوء أخبر رحمه الله أن فرائض الغسل أربعة أولها النية وعبر عنها بالقصد وإنما وصفه بيحتضر أي يطلب حضوره عند الشروع فى الغسل لأن المطلوب أن تكون مصاحبة للمنوي وتقدم فى الوضوء الكلام على تقدمها وتأخرها فراجعه إن شئت قال فى التوضيح ناقلا عن ابن عبد السلام وابن هارون اتفق هنا على وجوب النية وخرج جماعة من الوضوء قولا بعدمه ابن هرون وقد يفرق بأن الوضوء فيه معنى النظافة لكونه متعلقا بالأعضاء التي يتعلق بها الوسخ غالبا بخلاف الغسل اهـ. وينوى إن كان الغسل واجبا رفع الحدث الأكبرأو استباحة الممنوع أو الفرض كالوضوء الباجى ينوي الجنابة أو ما يغسل له كل الجسد وجوبا كالحيض أو استحبابا كالجمعة أو استباحة كل موانعها أوبعضها ابن عرفة ويجىء ما مر في الوضوء اهـ ومحل النية عند شروعه في الغسل أما عند إزالة الأذى إن بدأ بها كما هو المطلوب أو عند غيرها مما بدأ به أوعند غسل اليدين المقدم على إزالة الأذى إن قلنا إن غسلهما واجب للجنابة وتقديم غسلهما هو السنة فإن نوى الجنابة عند إزالة الأذى فلا يحتاج إلى إعادة غسل ذلك المحل لأن إزالة النجاسة لا تفتقر إلى نية فتندرج في الغسل وتكفي الغسلة الواحدة لرفع الحدث وحكم الخبث إذ لا يشترط تقديم طهارة المحل على غسل رفع الحدث الأصغر أو الأكبر على ظاهر نصوص الأئمة خلافا لابن مسلمة وابن الجلاب ومن قال بقولهما أن الغسلة الواحدة لاتجزأ لهما وأنه لا بد من تقدم طهارة المحل على غسل رفع الحدث وعليه فينوي الاستنجاء في الثاني الذي هو بنية الجنابة دون الأولى إذ هو خارج عن الغسل وهو من باب إزالة النجاسة وعلى أن الغسلة الواحدة تكفي ولو اقتصر على نية الإزالة فلا بد من إعادة غسل محل النجاسة بنية الجنابة فإن لم يفعل فهي لمعة القلشانى

وظاهر قول الرسالة وأفضل له أن يتوضأ بعد أن يبدأ بغسل ما بفرجه أو في جسده من الأذى كقولالجلاب في شرط تقدم طهارة المحل ويحتمل غير ذلك وأن ذلك على سبيل الأفضل لا أنه واجب اهـ التوضيح وكان شيخنا رحمه الله يقول كلام ابن الجلاب حق ولا يمكن أن يخالف فيه أحدا إذ لا بد من انفصاله بالماء عن العضو مطلقا ولوانفصل متغيراً بالنجاسة لم يمكن بالقول بحصول الطهارة لهذا المتطهر وعلى هذا فلا بد من إزالة النجاسة قبل طهارة الحدث انتهى (الثانى) الفور وهو المولاة كما تقدم فى الوضوء سواء صرح بذلك ابن الحاجب وابن عرفة وغيرهما فيجب مع الذكر والقدرة ويسقط مع العجز والنسيان على أحد القولين المشهورين وعليه اعتمد الناظم هنا وفى الوضوء (الثالث) الدلك التوضيح عن ابن هرون والدلك هنا كالوضوء اهـ وقد تقدم بعض الكلام على الدلك فى الوضوء فراجعه إن شئت ويتدلك بيده فإن لم تصل يده لبعض جسده دلكه بخرقة أو حبل أونحوهما أواستناب غيره على دلكه ممن تجوز له مباشرته كالزوجة والسرية على أي موضع عجز عنه فإن كان المعجوز عنه في غير ما بين السرة والركبة جاز أن يوكل على دلكه أجنبيا هذا هو المشهور وهو قول سحنون وقيل إن ما لم يصل إليه بيده يسقط وجوب دلكه وهو في الواضحة وقيل إن كان ذلك كثيرا لزمه دلكه بخرقة أو استنابة كما تقدم وإن كان ذلك قليلا سقط وهو للقاضى أبى الحسن فإن تعذر الدلك بكل وجه سقط كأن يكون بعض جسده لايصل إليه بيده ولابخرقة ولم يجد من يستنيب أصلا أو وجد أجنبيا وكان ذلك فيما بين السرة والركبة ابن الحاجب فإن كان مما لا يصل إليه بوجه سقط وإن كان يصل إليه باستنابة أوبخرقة فثالثها إن كان كثيراً لزمه اهـ ظاهر جواز الاستنابة فيما عجز عن دلكه بيده مع قدرته على دلكه بحبل ونحوه وهو كذلك والله أعلم على وجوب ذلك ما تصل إليه يده بحبل ونحوه أو استنابة فيه بقوله وصل لما عسر البيت فقوله والتوكيل عطف على بالمنديل ولما كان الواجب فى الغسل دلك جميع البدن قال الناظم فى تعداد الفرائض عموم الدلك أي لجميع الجسد واستنتج عن ذلك وجوب متابعة المغابن والمحافظة عليها فقال مصدرا بالفاء المؤذنة بتسبب ما بعدها عما قبلها فتابع الخفى البيت ومثل الركبتين على حذف مضاف أي طي الركبتين وكذا قوله والإبط أن تحت الإبط والرفغ أخذ الفخذ من المقدم وبين الاليتين هو الشق الذي بين الفخذين من خلف وهو منتهى سلسلة الظهر ونبه على المواضع بالخصوص وإن كانت داخلة في وجوب غسل جميع البدن لكونها

مغابن ينبو عنها الماء ويغفل عنها فاعتنى بذكرها محافظة عليها واعتناء بشأنها ويدخل في قوله مثل الركبتين أسافل الرجلين أي ما يلي الأرض من القدم وعمق السرة ونحو ذلك وفي الرسالة ويتابع عمق سرته وتحت حلقه ويخلل شعر لحيته وتحت جناحيه وبين أليتيه ورفغيه وتحت ركبتيه وأسافل رجليه ويخلل أصابع يديه اهـ قال ناظم مقدمة ابن رشد. وتابع الشقوق والأعكانا وتابعن ماغارحيث كانا فإن يكن في فعله مشقه فعمه بالماء وادلك فوقه وحرك الخاتم فى اغتسالك والخرص والسوار مثل ذلك انتهى ولا يشترط فى الدلك أن يكون مصاحبا لصب الماء أو الانغماس فيه على المشهور وعبرعنه ابن الحاجب بالأصح فقال لو تدلك عقب الانغماس أو الصب أجزأه على الأصح وهو قول أبى محمد ومقابله لابن القابسى وقيد محل الخلاف بطاهرالأعضاء أما من بجسمه نجاسة فلاتزول إلا بمصاحبة الدلك بصب كما تقدم (الرابع) تخليل الشعر وظاهره سواء كان كثيفاً أو خفيفاً وهو كذلك بخلافه فى الوضوء كما تقدم ابن الحاجب الأشهر وجوب تخليل اللحية والرأس وغيرهما وتضغث المرأة شعرها مضفوراً التوضيح تضغث بفتح التاء وبالغين المعجمة والضاد المعجمة الساكنة وآخره ثاء مثلثة ومعناه تضمه وتجمعه وتحركه وتعصره قال عياض وقوله مضفوراً مبنى على الغالب وإلا فلا فرق بين المضفور والمربوط اهـ الرسالة وليس عليها حل عقاصها قالوا يريد إذا كان مرخوا بحيث يدخله الماء وإلا فلا بد من حله وهذا التحليل هو بعد صب الماء على الرأس أو معه وأما التخليل قبله فمستحب ويأتى الكلام عليه إن شاء الله تعالى (فرع) من كانت برأسه علة لا يستطيع معها غسله وإنما يقدر على مسحه فأفتى ابن رشد بانتقاله إلى التيمم إذا خشي على نفسه قالابن عرفة الأظهر مسحه ومثله لابن عبد السلام أخذ له من مسائل على الجبائر (فرع) المرأة الجنب تحيض أوالحائض تجنب فتغتسل غسلا واحداً لها ثلاثة أحوال (الأولى) أن تنويهما معا ولا إشكال في الاجزاء (الحالة الثانية) أن تنوي الجنابة ناسية

للحيض فهل يجزئها، وإليه ذهب أبو الفرج وابن عبد الحكم ابن يونس وهومذهب المدونة، أو لا يجزئها وإليه ذهب سحنون لأن موانع الحيض أكثر فلا يندرج تحت الجنابة، ورأى في القول الأول أنهما متساويان في أكثر الأشياء وإنما يختلفان في الأقل ومن القواعد جعل الأقل تابعاً للأكثر (الحالة الثالثة) أن تنوي الحيض ناسية للجنابة قالابن الحاجب: فالمنصوص يجزأ لتأكده أولكثرة موانعه وخرج الباجى نفي الاجزاء بأن الجنابة تمنع القراءة، والحيض لا يمنعها على المشهور. وأما إن اجتمع الواجب من الغسل مع ما ليس بواجب كالجنابة مع غسل الجمعة فقالابن عبدالسلام الأظهر أن المكلف مطلوب بغسل الجنابة وغسل الجمعة واتفاقهما في الصورة لايوجب اتحادهما فلا بد من غسلين ولاسيما إذا فرعنا على المشهور أن غسل الجمعة متعبد به، ولكنهم حكموا إذا نواهما مستتبعا نية غسل الجمعة بالإجزاء عنهما. واختلفوا في العكس وعبارة التوضيح: اعلم أن لهذه المسألة صورتين (إحداهما) أن ينوي غسل الجنابة وينوي به النيابة عن غسل الجمعة وهذه الصورة لا خلاف فيهاأنها تجزىء لهما (والثانية) أن ينوي أي هذا الغسل للجنابة والجمعة، وهى المسألة التى ذكرها فى الجلاب ابن الحاجب. وفى الجلاب لو خلطهما بنية واحدة لم يجزه ومذهب المدونة عند الأكثرين الإجزاء فى صورة الخلط ولو نوى الجنابة ناسياً للجمعة فيجزئه عن الجنابة ولايجزئه عن الجمعة وإن نوى الجمعة ناسياً للجنابة لم يجزه عن جنابته ولاعن جمعته، هذا قولابن القاسم ووجهه قوله «إنما الأعمال بالنيات» فوجب إن نوى الجنابة ناسياً للجمعة أن لايجزئه عن الجمعة وأما إن نوى الجمعة ناسياً للجنابة فوجد عدم الاجزاء فى ذلك أن من شرط غسل الجمعة حصول غسل الجنابة القلشانى، وانظر على هذا إذا صام يوم عرفة أو عاشوراء ناوياً فضل اليوم مع فضل قضاء رمضان، وأما إذا نوى مع الجنابة أو الجمعة ما هو من ضروريات الفعل مما لا يفتقر إلى نية كالتبرد. فمال ابن العربى للأجزاء وهو منصوص عليه للشافعية وجار على أصل مذهبنا وذكر المازري في صحة الغسل بنية رفع حدث الجنابة والتبرد قولين ابن القاسم يجزأ للتعليم ورفع لحدث (فرع) من اغتسل لجنابة إن كانت فكانت ففي إجزاء غسله قولان قال عيسى يجزئه

وسماعه من ابن القاسم لا يجزئه الباجى على وجوب غسل الشاك يجزأ اتفاقاً وعلى استحبابه قول اللخمى شك الجنابة كالحدث وتجويز الجنابة دون شك لغو لو اغتسل له ثم تيقن لم يجزه (فرع) لو اعتقد أنه جنب فاغتسل ثم ظهر أنه لم يجنب فهل يجزئه هذا الغسل عن الوضوء أم لا؟ قال المازري يجزئه ونية الأكبر تنوب عن الأصغر قال ابن عرفة وخرج على ترك الترتيب وإجزاء غسل الرأس عن مسح (فرع) فلو توضأ بنية رفع الحدث الأصغر ناسياً للجنابة وتذكر عند كمال وضوئه قال اللخمى. له أن يبني عليه فيكمل غسله ويجزئه ويغسل رأسه وأذنيه وهذا الفرع عكس ما قبله يليه (فرع) قال فى التوضيح. ويدخل فى قول ابن الحاجب ويجزأ الوضوء عن غسل محله مالو كانت جبيرة ومسح عليها فى غسل الجنابة ثم سقطت وتوضأ بعد ذلك وكانت فى مغسول الوضوء وقد نص فى المدونة فى هذه على الإجزاء وستأتى فى قول ابن الحاجب ف (*)

إذا سئلت وضوءاً ليس ينقضه إلا الجماع وضوء النوم للجنب قال الناظم رحمه الله تَبْدَأُ في الْغُسْلِ بِفَرْجٍ ثُمَّ كُفْ عَنْ مَسِّهِ بِبَطْنِ أَو جَنَبِ الأَكُفْ أَو أُصْبُعٍ ثُمَّ إذا مَسَسْتَهْ أَعِدْ مِنْ الوُضُوءِ ما فَعَلْتَهْ البداءة في الغسل بغسل الفرج تقدمت للناظم في المستحبات وإنما أعادها والله أعلم ليرتب عليها ما ذكر بعدها من كون المغتسل إذا غسل فرجه يطلب منه أن يكف عن مسه ببطن الكف أو جنبها أو بطن الاصابع أو جنبها ليكفيه الغسل عن الوضوء فإذا مسه بما ذكر بعد كمال الوضوء أو في أثنائه احتاج إلى اعادة ما فعل من الوضوء كما نبه عليه بقوله ثم إذا مسسته الخ وهو بكسر السين الأولى ولا خصوصية للمس بل وكذلك إذا انتقض وضوؤه بغير المس الحكم واحد وإنما خص المس لأنه الغالب فقط فقوله عن مسه أي عن مس الفرج وهو شامل للذكر وفرج المرأة وقوله ببطن بكسرة واحدة لأنه مضاف في التقدير إلى مثل ما أضيف له جنب كما قررنا وقوله أو أصبع عطف على الأكف مدخول لبطن وما عطف عليه أي أو ببطن أصبع أو جنبها وتخصيص النقض بالبطن والجنب للكف والأصابع ظاهر في أن المراد بالفرج خصوص الذكر إذا لم أقف الآن على أن النقض بمس المرأة فرجها على القول به خاص بمسه بالبطن والجنب اللهم أن يكون من باب صرف الكلام لما يليق به وإن المس إن كان لفرج المرأة فالنقض بأي جهة مسته وإن كان للذكر فيختص بما ذكر قال في الرسالة ويحذر أن يمس ذكره في تدلكه بباطن كفه فإن فعل ذلك وقد أوعب طهره أعاد الوضوء وإن مسه في ابتداء غسله وبعد أن غسل مواضع الوضوء منه فليمر بعد ذلك بيده على مواضع الوضوء بالماء على ما ينبغي من ذلك وينوبه الجزولى قوله فليمر بعد ذلك هل بعد المس في أثناء الغسل أو بعد كمال الغسل في المدونة ما يشهد لهما قال فيها ومن مس ذكره في غسله من جنابته أعاد وضوءه إذا فرغ من غسله إلا أن يمر بيده على مواضع الوضوء في غسله فيجزئه اهـ فإن قلنا أراد بعد المس فيكون الشيخ أبو محمد تكلم عن الوجه الثاني في المدونه وهو المستثنى وإن قلنا أراد بعد الغسل فيكون تكلم عن الوجه الأول فيها

وهو المستثنى منه (فرع) إذا أحدث المغتسل في أثناء غسله بمس أو غيره فهل يجب عليه تجديد النية إذا غسل أعضاءه حينئذ قبل كمال غسله أم لا اختلف في ذلك الشيخان فقال ابن أبى زيد يجب عليه التجديد وإن لم يجدد لم يجزه ذلك عن وضوئه وقال القابسي يجزئه وأجرى هذا الخلاف على أصلين الأول هو كل عضو غسل يرتفع عنه حدثه أو لا يرتفع الحدث إلا بالإكمال الثاني هل الدوام كالابتداء أم لا ووجه إجزائه على الأصل الأول أنك إذا قدرت الطهارة كانت حاصلة لأعضاء الوضوء وجبت إعادة النية عند تجديد غسلها لذهاب طهارتها وان قدرتها غير حاصلة فالنية باقية فلا يحتاج إلى تجديدها لبقائها ضمنا في نية الطهارة الكبرى ووجه إجزائه على الأصل الثاني أن نية الطهارة الكبرى منسحبة حكما فإن قدر الانسحاب كالابتداء كان نية والدوام كالابتداء فينسحب عليه نية الابتداء وإن لم يقدر الانسحاب كالابتداء واحتيج إلى تجديدها وظاهرالمدونة مع القابسى لأنه إنما ذكر فيها إمرار اليدين من غير تعرض للنية فلو كانت شرطاً لذكرها قال في التهذيب ومن مس ذكره في غسله من جنابته أعاد وضوءه إذا فرغ من غسله إلا أن يمر بيده على موضع الوضوء غسله فيجزئه فأطلق على الأول وهو الوضوء بعد فراغ الغسل إعادة وعلى الوضوء الثانى وهو أثر المس قبل كمال الغسل إمرارا وخالف بين اللفظين وذلك دليل على اختلاف الحقيقتين وليس إلا وجود النية وعدمها وفي التوضيح ما معناه في قولهم في تقرير هذا الظاهر لو كانت النية شرطا لذكرها ضعف إذ لا يلزم من عدم ذكر الشيء عدم اشتراطه وإلى المسئلة وما انبنى عليه خلافها أشار الإمام ابن الحاجب بقوله وأما اختلاف القابسى وابن أبى زيد فيمن أحدث قبل تمام غسله ثم غسل ما مر من أعضاء وضوئه ولم يجدد نية فالمختار بناؤه على أن الدوام كالابتداء أو لا ظاهرها للقابسى اهـ ومقابل المختار بناء على الخلاف على الأصل الأول كما تقدم (تنبيه) هذا كله إذا انتقض وضوؤه في أثناء غسله فغسل أعضاء الوضوء حينئذ قبل كمال الغسل وأما إذا لم يغسلها إلا بعد كمال الغسل فأما الشيخ أبو محمد فيقول بتجديد النية من باب الأولى وأما الشيخ أبو الحسن القابسى فهل يلزم عنده تجديد النية لانقضاء الطهارة الكبرى أم لا لأن الفصل يسير قولان للشيوخ المتأخرين قاله المازرى ونقله في التوضيح وأما إن لم ينقض وضوؤه إلا بعد كمال الغسل فتلزمه نية الوضوء اتفاقاً نقله التتائى في شرح الرسالة عن أبى الحسن الصغيرقلت ويتوضأ ثلاثاً ثلاثاً ولا أشكال والله أعلم مُوجِبهُ حَيْضٌ نِفاسٌ انْزالُ مَغِيبُ كَمْرَةٍ بِفَرْجٍ اسْجَالُ

لما فرغ من فرائض الغسل وسننه وفضائله شرع في بيان موجباته وأخبر أنها أربعة الأول والثانى الحيض والنفاس أي انقطاعهما ففي كلام الناظم حذف مضاف وعاطف أي موجب الغسل انقطاع حيض ونفاس إلى آخر ما ذكره الثالث الإنزال وهو خروج المنى المقارن للذة المعتادة الرابع مغيب الحشفه وتسمى الكمرة وهي رأس الذكر في فرج آدمي أو غيره أنثى أو ذكر حي أو ميت بانعاظ أم لا أنزل أم لا وإلى هذا التعميم في مغيب الحفشة أشار بقوله اسجال إذ هو مصدر أسجل إذا أطلق وأرسل ولم يقيد قال الجوهري قال محمد بن الحنفية في قوله تعالى {هل جزاء الإحسان إلاالإحسان} وهي مسجلة للبر والفاجر قال الأصمعى أي مرسلة لم يشترط فيها بردون فاجر يقال أسجلت الكلام أي أرسلته اهـ ولعل هذا اللفظ في كلام الناظم مخفوض على إسقاط الخافض أي بإسجال وهو في محل الحال من مغيب وإنزال ومغيب مرفوع بالعطف على حيض بحذف العاطف أيضا واعلم أن لابن الحاجب في موجبات الغسل صنيعاً يخالف صنيع الناظم لأنه قال الغسل موجباته أربعة الجنابة وهي إما بخروج المنى المقارن للذه المعتادة من الرجل أو المرأة وإما بمغيب الحشفة أو قدرها من مقطوعها في فرج آدمي أوغيره أنثى أو ذكر حي أو ميت والمرأة في البهيمة مثله. الثاني انقطاع الحيض والنفاس بخلاف انقطاع دم الاستحاضة ثم قال تطهر أحب إلي. الثالث الموت والرابع الإسلام لأنه جنب على المشهور وقبل تعبد وعليه ولو لم تتقدم له جنابة وقال القاضى اسمعيل يستحب وإن كان جنبا لجنب الإسلام وألزم الوضوء اهـ فعد الجنابة موجبا واحدا تحته شيآن خروج المني ومغيب الحشفة والناظم عدهما موجبين وعد انقطاع الحيض والنفاس موجبا واحدا وجعل الموجب الثالث الموت ولم يذكره الناظم هنا بل أخره إلى الكلام على الصلاة على الميت ولم يذكر الناظم أيضا الموجب الرابع بناء على المشهور كما تقدم في كلام ابن الحاجب من أن غسل الكافر إذا أسلم إنما هو للجنابة التى تقدمت له وأنه إذا أسلم ولم تتقدم له جنابة لا يجب عليه غسل وإذا كان كذلك لم يحتج إلى ذكره لاندراجه في الإنزال ومغيب الحشفة. ولا بد من ذكر فروع الأول قال ابن الحاجب ولو وطىء الصغير كبيرة فلم تنزل فلا غسل عليها على المشهور قال في التوضيح الخلاف إنما هو في المراهق ونحوه على ما قال عبدالوهاب وأما ما دون ذلك فلا غسل عليها اتفاقاً ومنشأ خلاف في شهادة هل يحصل من وطء المراهق لذة كالبالغ أم لاثم قال ابن الحاجب وتؤمر الصغيرة على الأصح أي وإذا

وطىء الكبيرة بناء على أن الغسل طهارة كالوضوء فتأمر كما تؤمر به أم لا لعدم تكرره كالصوم فان كانا غير بالغين فقال ابن بشير مقتضى المذهب أن لا غسل قال وقد يؤمران به على وجه الندب. الثاني قال في المدونة وإن جامعها دون الفرج فوصل من مائه إلى داخل فرجها فلا غسل عليها إلا أن تلتذ فمن الشيوخ من حمله على إطلاقه فتغسل مهما التذت لأن الالتذاذ مظنة الإنزال وهو تأويل الباجى وغيره وتأول ابن القاسم ذلك على أنها أنزلت فإن لم تنزل فلا غسل عليها وأما إن لم تلتذ أصلا فلا غسل عليها اتفاقا قاله ابن هرون التوضيح وفيه نظر لأن الشيخ أباالحسن الصغير نقل قولا ثالثا بوجوب الغسل بمجرد وصول الماء إلى فرجها وإن لم تلتذ الثالث قال ابن الحاجب فإن أمنى بغير لذة كمن لدغته عقرب أو ضرب أو بلذة غير معتادة كمن حك الجرب فأمنى فقولان التوضيح وهذان القولان جاريان على الخلاف في الصور النادرة لأن العادة خروج المني بلذة الجماع أو بمقدماته الحطاب ظاهر كلامهم أنه لا غسل عليه في اللذة غير المعتادة ولو أحس بمبادىء اللذة ثم استدام ذلك حتى أمنى وقد قالوا في الحج إن ذلك يفسده قال في المدونة ولو كان راكبا فهزته الدابة واستدام ذلك حتى أنزل فسد حجه ثم قال ابن الحاجب وعلى نفي الغسل ففي وجوب الوضوء واستحبابه قولان التوضيح وجه الوجوب أن هذا الخارج له تأثير في الكبرى فإن لم يؤثر فيها فلا أقل من الصغرى ووجه العدم أن هذا الخارج غير معتاد بالنسبة إلى الوضوء وإلى تشهير سقوط الغسل ووجوب الوضوء أشار الشيخ خليل بقوله لا بلا لذة أو غير معتادة ويتوضأ الرابع من جامع ولم ينزل فاغتسل ثم خرج منه المني ومن التذ بغيرالجماع ولم ينزل ثم أنزل بعد ذهاب اللذة فقيل بوجوب الغسل فيهما لأنه مستند إلى لذة متقدمة وقيل لا فيهما لعدم المقارنة ولأن الجنابة في الوجه الأول قد اغتسل لها والثالث التفرقة فيجب الغسل في الوجه الثاني دون الأول وهذا هو المشهور لأنه في الأول قد اغتسل لجنابته والجنابة الواحدة لا يتكرر الغسل لها ولو كان خروج المني بعد أن صلى ففي الإعادة قولان اختار ابن رشد والمازرى عدم الإعادة وسواء قلنا بوجوب الغسل أو سقوطه ابن الحاجب وعلى سقوطه ففي الوضوء قولان أي بالوجوب والاستحباب قال الباجى قال القاضى أبو الحسن والظاهر من مذهب مالك أن الوضوء واجب

الخامس قال ابن الحاجب فلو انتبه فوجد بللا لايدري أمني أم مذي فقال مالك لا أدري ما هذا ابن سابق كمن شك في الحدث قال بعضهم المشهور وجوب الغسل كمن أيقن بالوضوء وشك في الحدث وعليه فالمشهور أنه يستغنى بالغسل عن الوضوء كمن تحقق الجنابة وقيل انه يضيف إلى غسله الوضوء بناء على وجوب الترتيب في الوضوء لأن غسل الجنابة لا ترتيب فيه والوضوء يجب ترتيبه السادس من انتبه من نومه فوجد في لحافه بللا فإن كان منياً اغتسل وإن كان مذياً غسل فرجه ابن نافع فإن شك فيه فليغتسل ابن يونس يريد احتياطاً قال مالك وكذلك من لاعب امرأته في اليقظة أو رأى في منامه أنه يجامع في نومه فإن أمنى اغتسل وإن أمذى غسل فرجه والمرأة في ذلك كالرجل فيما يراه في المنام أو اليقظة الباجى وسواء ذكر أنه يجامع في نومه أو التذ أو لم يذكر شيئا إلا أنه رأي المني في ثوبه فإنه يغتسل لأن الغالب خروجه على وجه اللذة وأما إن استيقظ فذكر احتلاما ولم يجد بللا فلا حكم له قاله المازرى. السابع قال ابن الحاجب ولو رأى في ثوبه احتلاما اغتسل وفي إعادته أي لصلاته من أول نوم أو من آخر نوم نام فيه قولان التوضيح قوله احتلاما أي يابساً وأما الطري فيعيد من أحدث نومه اتفاقا ومذهب الموطإ والمجموعة أنه يعيد من أحدث نومه وسواء رأى أنه يجامع أم لا وذكر ابن رشد في المسألة ثلاثة أقوال يفرق في الثالث بين أن يكون بنزعه فيعيد من أحدث نومه أو لا فمن أول نومه ابن الحاجب والمرأة كالرجل التوضيح أي في جميع ما تقدم ثم قال ابن الحاجب ومني الرجل أبيض ثخين رائحته كرائحة الطلع والعجين ومني المرأة أصفر رقيق. الثامن اختلف قول مالك إذا انقطع دم الاستحاضة فقال أولا يستحب لها الغسل لأنها طهارة وليس ثم موجب ولأنه دم علة وفساد فأشبه الخارج من الدبر ثم رجع فقال يستحب لها الغسل لأنه دم خارج من القبل فتؤمر بالغسل منه كالحيض ولأنها لا تخلو من دم غالباً وفي الرسالة يجب الطهر لانقطاع دم الاستحاضة ابن عبد السلاماستشكلوا ظاهر الرسالة ابن عرفة إن كان هذا الاستشكال لمخالفة المدونة فالمشهور قد لا يتقيد بها وإن كان لعدم وجوده فقصور لنص الباجى وغيره قال مرة تغسل ومرة لا تغتسل اهـ أنظر القلشانى. التاسع من ولدت بغير دم ففي وجوب غسلها واستحبابه روايتان التوضيح والظاهرمن القولين الوجوب حملا على الغالب ومنشأ الخلاف في الصور النادرة هل تعطى حكم نسها أو غالبها وقال بعضهم أي في منشأ الخلاف هل النفاس اسم للدم

ولم يوجد أو اسم لتنفس الرحم وقد وجد اهـ اللخمى الغسل للدم لا للولد فلو نوت الغسل لخروج الولد دون الدم لم يجزها. العاشر إذا أسلم الكافر ولم يجد ماء يغتسل به فقال ابن الحاجب المنصوص يتيمم إلى أن يجد كالجنب وعن ابن القاسم ولو أجمع على الإسلام واغتسل له أجزأه وإن لم ينو الجنابة لأنه نوى الطهر وهو مشكل التوضيح قول ابن القاسم مشكل من وجهين أحدهما أن الغسل عنده للجنابة وهو لم ينوها وليس للإنسان إلا ما نوى الثاني أنه قبل التلفظ على حكم الشرك فلا يصح منه العمل لأن التلفظ في حق القادر شرط على المشهور والمشهور عدم اشتراطه مع العجز نقله عياض وهذا بخلاف الكفر فانه لا يفتقر إلى لفظ لأنه مقام خمسة فينبغى حمل قول ابن القاسم على ما إذا كان خائفاً أن ينطق بالشهادة ابن هرون وقد يجاب عن الأول بأنه وإن لم ينو الجنابة فقد نوى أن يكون على طهر وذلك يستلزم رفع الجنابة وعن الثانى إذا اعتقد الإسلام فهو ممن تصح منه القربة بخلاف ما لم يعتقد لما في الصحيح من اغتسال ثمامة قبل أن يسلم ثم أسلم ولم يأمره بإعادة الغسل (تنبيه) عد الناظم رحمه الله الحيض والنفاس من موجبات الغسل ولم يذكر من أحكامها شيئا وذكر ذلك من المهمات التي ينبغي الاعتناء بها فلنذكر بعض ذلك باختصار تكميلاً للفائدة إذ مثل ذلك لا ينبغي إسقاطه من الأم فضلاً عن الشرح وينحصر الكلام في ذلك في ثلاثة فصول الفصل الأول في تعريف الحيض والنفاس الفصل الثاني في معرفة قدر الحيض والنفاس وقدر الطهر وعلامته الفصل الثالث في تقسيم النساء، فأما تعريفهما فقال ابن الحاجب الحيض الدم الخارج بنفسه من فرج الممكن حملها عادة غير زائد على خمسة عشرة يوما من غير ولادة فأخرج بالدم غيره وأخرج بقوله بنفسه دم النفاس لأنه دم سببه الولادة التوضيح ومن ثم أجاب شيخنا رحمه الله لما سئل عن امرأة عالجت دم الحيض هل تبرأ من العدة بأن الظاهر أنها لا تحل وتوقف رحمه الله عن ترك الصلاة والصيام والظاهر على بحثه أن لا يتركا وإنما قال الطاهر لاحتمال أن استعجاله لا يخرجه عن الحيض كإسهال البطن وقوله من فرج يخرج الخارج لا من فرج كالدبر ونحوه لأن مراده القبل والأحسن أن لو قال من قبل لصدق الفرج على الدبر وقوله الممكن حملها عادة يخرج دم الصغيرة بنت ست ونحوها واليائسة كبنت السبعين وقيل الخمسين فليس بحيض وقوله غير زائدة على

خمسة عشر يوما أي على المشهور بخروج دم الاستحاضة وهذا والله أعلم حد غالبه وإلا فحيض الحامل أكثر كما سيأتي وقوله من غير ولادة زيادة بيان وإلا فهو خارج بقوله بنفسه ثم قال ابن الحاجب النفاس الدم الخارج للولادة قال في التوضيح قوله للولادة أخرج به الحيض والاستحاضة ثم قال حكى القاضي عياض في الدم الخارج قبل الولادة لأجلها قولين للشيوخ أحدهما أنه حيض والثاني نفاس والفصل الثاني في معرفة قدر الحيض والنفاس والطهر فأما الحيض فأقل مدته في باب العبادة غير محدودة فالدفعة حيض والصفرة والكدرة حيض وحده أو في أيام حيضها والصفرة كماء العصفر والكدرة كغسالة اللحم هذا في باب العبادة وأما أقله في باب العدة فالمشهور الرجوع في ذلك إلى قول النساء وأكثر الحيض خمسة عشرة يوما على المنصوص وخرج من قول ابن نافع أن المعتادة إذا زاد حيضها على عادتها تمكث خمسة عشر يوما وتستظهر بثلاة أيام إن كان أكثره ثماية عشر يوما وكون الكثرة خمسة يوما إ نما هو من حيث الجملة وإلا فالمشهور التفرقة بين المبتدأة والمعتادة والحامل كما سيأتي وأما الطهر فأكثره غيرمحدود لجواز عدم الحيض وأقله خمسة عشر يوما على المشهور ابن حبيب عشرة سحنون ثمانية ابن الماجشون خمسة وقيل يسأل النساء وفي الرسالة ثم إن عاودها دم أو رأت صفرة أو كدرة تركت الصلاة ثم إذا انقطع عنها اغتسلت ولكن ذلك كله دم واحد في العدة والاستبراء حتى يبعد ما بين الفتوى وقد استقراه أبو محمد من المدونة وهو قول سحنون قال في شرح الرسالة فعلى هذا فقد تنقضي العدة في السبعة عشر يوما انظر إنما هذا يأتي على أن الدفعة حيض وهذا هو مقتضى الفقه عند ابن رشد وقال ابن مسلة أقل الطهر خمسة عشر يوما واعتمده في التلقين وجعله ابن شأس المشهور وأما النفاس فلا حد لأقله كالحيض ابن الحاجب وفي تحديد أكثره بستين أو بما يرى النساء وإليه يرجع روايتان. ثم هي مستحاضة والطهر من الحيض له علامتان الجفوف وهو خروج الخرقة جافة والقصة البيضاء وهو ماء أبيض كالقصة وهو الجير واختلف في الأقوى منهما فقال ابن القاسم القصة أبلغ في الدلالة على الطهر من الجفوف لأن القصة لا يوجد بعدها دم والجفوف قد يوجد بعده دم وقال ابن عبد الحكم وابن حبيب الجفوف أبلغ لأن القصة من بقايا ما يرجئه الرحم والجفوف بعده وقال الداودي وعبد الوهاب هما سواء فما اعتادتهما معا تكتفي بأيهما رأت ومعتادة واحد منهما إن رأت عادتها اكتفت بها وإن رأت غيرها فهل تكتفي بما رأت بناء على القول الثالث أن العلامتين سواء أو تنتظر عادتها ما لم يخرج الوقت المختار وقيل الضروري في ذلك قولان قلت وعلى أنها تنتظر عادتها فيظهر من كلام غير واحد أن ابن القاسم وابن عبدالحكم متفقان على

أنها إنما تنتظر عادتها إن كانت أقوى مما رأت وأما إن كانت أضعف فلا تنتظرها ثم أجرى ذلك على الاختلاف في الأقوى منهما كما مر قال ابن الحاجببعد ذكر الخلاف في أقوى العلامتين وفائدته أن معتادة الاقوى تنتظره يعني إن رأت غيره، مما هو أضعف ومفهومه أن معتادة الأضعف لا تنتظره إن رأت الأقوى فمعتادة القصة ترى الجفوف قبلها تنتظر القصة عند ابن القاسم لأنها معتادة للأقوى وقد رأت الأضعف ولا تنتظرها عند ابن عبد الحكم لأنها عنده معتادة للأضعف وقد رأت الأقوى فلا تنتظر عادتها ومعتادة الجفوف ترى القصة قلبه تنتظر الجفوف عند ابن عبد الحكم لأنها رأت الأضعف عنده وهي معتادة للأقوى ولا تنتظر عند ابن القاسم لأنها عنده معتادة للأضعف رأت الأقوى فلا تنتظر الأضعف وعلى هذا فالقصة عند ابن القاسم أبلغ لمعتادتها فتنتظرها إن رأت الجفوف والمعتادة الجفوف فلا تنتظره إن رأت القصة فقول الشيخ خليل وهي أبلغ لمعتادتها لامفهوم له والله تعالى أعلم حسبما صرح به الأجهوري وغيره نعم يفرق عند ابن القاسم بين معتادتها وغيرها في الانتظار لها كما مر قريبا هذا حكم المعتادة و (أما المبتدأة فقال ابن القاسم ومطرف وابن الماجشون إن رأت القصة تنتظر الجفوف قال الباجي نزع ابن القاسم لقول ابن عبد الحكم وقال غيرهما تطهر بأيهما رأت انظر التوضيح. الفصل الثالث في تقسيم النساء قال ابن الحاجب والنساء مبتدأة ومعتادة وحامل فالمبتدأة إنما تمادى بها الدم تمكث خمسة عشر يوما وروى بن زياد تطهر لعادة لداتها وروى ابن وهب وثلاثة أيام استظهارا التوضيح المشهور مذهب المدونة أن المبتدأة إن تمادى بها الدم تمكث خمسة عشر يوما ورأى في رواية ابن زياد أن الطباع لا تختلف كاستوائهن في النوم واليقظة والألم واللذة فيغلب على الظن أن الدم الزائد علة. واللدات هي الأتراب وهن ذوات أسنانها ابن الجلاب من أهلها وغيرهن والاستظهار استفعال من الظهير وهو البرهان فكأن أيام الاستظهار برهان على تمام الحيض والاستظهار على رواية ابن وهب مشروط بأن لا يزيد على خمسة عشر يوما ثم قال ابن الحاجب والمعتادة إن تمادى بها فخمسة أقوال فيها روايتان خمسة عشر يوما

وترجع إلى عادتها مع الاستظهار بثلاثة أيام ما لم تزد على خمسة عشر يوما فقيل على أكثر عادتها وقيل على أقلها وأيام الاستظهار عند قائله حيض وما بينه وبين خمسة عشر يوما قيل طاهر وقيل تحتاط فتصوم وتقضى وتصلي وتمنع الزوج ثم تغتسل ثانيا والثالث عادتها وفيما بينها وبين خمسة عشر القولان والرابع خمسة عشر واستظهار يوم أو يومين والخامس قال ابن نافع واستظهار ثلاثة أيام وأنكره سحنون اهـ والمشهور من هذه الأقوال القول الثاني أنها تمكث عادتها مع الاستظهار بلاثة أيام ما لم تجاوز خمسة عشر يوما فتستظهر بثلاثة إن كانت عادتها اثني عشر يوما فأقل وإن كانت ثلاثة عشر استظهرت بيومين وإن كانت أربعة عشر فيوم واحد وعلى المشهور من الاستظهار مع العادة فاختلف إذا اختلفت عادتها في الفصول كأن تحيض في الصيف عشرة أيام مثلا وفي الشتاء ثمانية أيام فتمادى بها الدم في الشتاء هل تبني على العشرة أو الثمانية والقول بالبناء على الأكثر مذهب المدونة وعلى الأقل لابن حبيب وإلى هذا الخلاف أشار ابن الحاجب بقوله فقيل على أكثر عادتها وقيل على أقلها وأما إن تمادى بها في فصل الأكثر فلا خلاف أنها تبني على الأكثر ابن هرون واتفق على أن أيام الاستظهار حيض عند من قال به ومذهب المدونة في كتاب الطهارة أنها فيما بين الاستظهار وتمام خمسة عشر يوما ظاهر فتصلي وتصوم ولا تقضي الصوم ويأتيها زوجها وقيل تحتاط فتصوم لاحتمال الطهارة وتقضي لاحتمال الحيض وتصلي لاحتمال الطهارة ولا تقضي لأنها كانت طاهرا فقد صلت وإن كانت حائضا فلا أداء ولا قضاء وتمنع الزوج لاحتمال وتغتسل عن انقطاعه لاحتمال الحيض والحامل تحيض قال في المدونة إذا رأت الحامل الدم أول حملها أمسكت عن الصلاة قدر ما يجتهد لها وليس في ذلك حد وليس أول الحمل كآخره ابن القاسم إن رأته في ثلاثة أشهر ونحو ذلك تركت الصلاة خمسة عشر يوما ونحوها وإن رأته بعد ستة أشهر من حملها تركت الصلاة ما بين العشرين ونحوها ابن زرقون واختلف على قول ابن القاسم في المدونة هل للشهر والشهرين حكم الثلاثة قال الأبياني لها حكمها فتجلس خمسة عشر يوما وقال ابن شيلون الشهران كالحامل ابن زرقون إذ لا يتبين المحل فيهما اهـ ولا بد من ذكر فروع تتعلق بعهذه الفصول. الفرع الأول قال في المدونة إذا رأت الطهر يوما والدم يوما أو يومين واختلط هكذا لفقت من أيام الدم عدة أيامها التي كانت تحيض وألغت أيام الطهر ثم تستظهر بثلاثة أيام إن اختلط عليها الدم في أيام الاستظهار أيضا لفقت ثلاثة أيام من أيام الدم هكذا ثم تغتسل وتصير مستحاضة بعد ذلك والأيام التي استظهرت بها هي فيها حائض وهي مضافة إلى الحيض رأت بعدها دما أم لا إلا أنها في أيام الطهر التي كانت تلغيها تتطهر عند انقطاع الدم في خلال ذلك وتصلي وتصوم وتوطأ وهي فيها طاهر وليست تلك

الأيام بطهر تعتد به عدة من طلاق لأن ما قبلها وما بعدها من الدم قد ضم بعضه إلى بعض فجعل حيضة واحدة اهـ التوضيح ولا خلاف في إلغاء أيام الطهر إن كانت أيام دمها أكثر من أيام طهرها إذ لا يكون الطهر أقل من الحيض أصلا هكذا على صاحب الذخيرة هذه المسألة والمشهور أن الحكم كذلك إن كانت أيام الطهر أكثر أو مساوية وقال ابن مسلمة وعبد الملك تكون حائضا يوم الحيض وطاهرا يوم الطهر حقيقة ولو بقيت على ذلك عمرها ثم قال (تنبيه) قوله حاضت يوما وطهرت يوما لا يريد به استيعاب جميع اليوم بالحيض فقد نقل في النوادر عن بن القاسم في التي لا ترى الدم إلا في كل يوم مرة فإن رأته في صلاة الظهر فتركت الصلاة ثم رأت الطهر قبل العصر فتحسبه يوم دم وتتطهر وتصلي الظهر والعصر. والثاني المعتادة إن زاد دمها على زاد دمها على العادة والاستظهار وحكم لها بالطهارة فإن زاد دمها على خمسة عشر يوما فالزائد على عادتها استحاضة وإلا فعادة انتقلت إليها نقله القلساني في شرح الرسالة عن اللخمي قائلا وقضت ما صامت فجعل انقطاع زمن الحيض دليل كون الزائدة على العادة المتقررة قبل حيضا وتماديه بعد زمن الحيض دليلا لكون الزائد عليها استحاضة وهو ظاهر وعليه فإن انقطع داخل الخمسة عشر يوما وحاضت بعد ذلك بنت على هذه العادة التي انتقلت إليها فإن كانت عادتها ثمانية أيام مثلا فتمادى بها فاستظهرت بثلاثة واغتسلت ثم انقطع في اليوم الثالث عشر ثم حاضت فتمادى بها فتبني على ثلاثة عشر وتستظهر يومين فقط والله تعالى أعلم وقوله وقضت ما صامت يريد بعد العادة والاستظهار وقبل انقطاع الدم كاليوم الثاني عشر والثالث عشر في المثال المتقدم لما تبين من أنها صامت وهي حائض وظاهر القول المشهور أنها بعد العادة على العادة والاستظهار طاهر مطلقا ولا فرق بين انقطاعه داخل خمسة عشر أو بعدها الثالث إن زاد دم المعتادة والاستظهار وحكم لها بالاستحاضة فإن بقي الدم بصفته ولم تميز غيره فلا تزال محكوما لها بالطهارة بعد أقل الطهر ولو استمر الدم بها شهورا متواليا إلى أن تميز وإن ميزت ورأت دما يخالف دم الاستحاضة قال ابن الحاجب والنساء يزعمن معرفته برائحته ولونه فإن ميزته قبل كمال الطهر فلا اعتبار بذلك التمييز وإن ميزته بعد طهر تام فهو حيض في باب العبادات اتفاقا وفي العدة على المشهور فإن تمادى هذا الدم المميز فهل تقتصر على عادتها فقط أو مع الاستظهار أو تمكث خمسة عشر يوما يجري على الخلاف في المعتادة يتمادى بها ثم اختلف القائلون بالاستظهار في

الحائض هل تستظهر المستحاضة أم لا وقول ابن القاسم في المجموعة لا تستظهر رواه عن مالك في العتبية وبه قال أصبغ لأنها قد تقرر لها حكم الاستحاضة فالأصل أن دمها إن زاد على حيضها استحاضة وإن لم يتماد هذا الدم المميز بل انقطع حقيقة أو حكم بانقطاعه لتغيره وضعفه قبل اكمال عادتها استأنفت طهرا تاما فإن أتاها دم أو ميزت دما لكونه مخالفا لما كان يجري عليه في لونه ورائحته وكان إتيانه أو تميزه قبل كمال مطهر فهي مفلقة أنظر التوضيح وراجع حكم المفلقة في الفرع الأول. الرابع قال الباجي قال مالك لا يلزم المرأة أن تتفقد طهرها بالليل ولا يعجبني ذلك ولم يكن للناس مصابيح وإنما يلزمها ذلك إذا أرادت النوم أو قامت لصلاة الصبح وعيبهن أن ينظرن في أوقات الصلوات ونحو هذا في سماع ابن القاسم وزاد وليس تفقد طهرها يعني بالليل من عمل الناس قال ابن رشد كان القياس أن يجب عليها أن تنظر قبل الفجر بقدر ما يمكنها إن رأت الطهر أن تغتسل وتصلي المغرب والعشاء قبل طلوع الفجر إذ لا اختلاف في أن الصلاة تتعين في آخر الوقت فسقط ذلك عنها من ناحية المشقة فإن استيقظت بعد الفجر وهي طاهر فلم تدر لعل طهرها كان من الليل حملت في تلك الصلاة على ما نامت عليه ولم يجب عليها قضاء صلاة الليل حتى توقن أنها طهرت قبل الفجر وأمرت في رمضان بصيام ذلك اليوم وأن تقضيه احتياطا اهـ والحاصل أنها إن شكت هل طهرت قبل الفجر أو بعده قضت الصوم دون الصلاة والفرق بينهما أن الحيض مانع من أداء الصلاة وقضائها وهو حاصل وموجب القضاء وهو الطهر في الوقت مشكوك فيه وأما في الصوم فإنما يمنع الحيض من الأداء خاصة ولا يمنع من القضاء قاله في التوضيح الخامس قال في المدونة وإذا ولدت وبقي في بطنها آخر فلم تضعه إلا بعد شهرين والدم متماد بها فحالها حال النفساء ولزوجها عليها الرجعة ما لم تضع آخر ولد في بطنها ابن يونس قوله كحال النفساء يريد في الجلوس عن الصلاة إذا تمادى بها فتجلس شهرين على قوله الأول وقدر ما يراه النساء على قوله الثاني اهـ ابن الحاجب وفي كون الدم بين التوأمين إلى شهرين نفاسا فيضم ما بعده أو حيضا قولان وحاصله أنها إن ولدت الثاني بعد شهرين من ولادة الأول فهما نفاسان تمكث لكل واحد إن تمادى الدم بها شهرين على المشهور وإن ولدته قبل كمال الشهرين ففي كون الدم الذي بينهما دم حيض الحامل نظرا لكونها لا تخرج من العدة إلا بوضع الثاني فيجري على حكم حيض الحامل وتستأنف ستين يوما من ولادة الثاني أو دم نفاس فتمكث ستين يوما من ولادة الأول قولان ولا تستظهر النفساء إذا جاوز دمها الستين رواه ابن حبيب عن مالك نقله ابن يونس وغيره

السادس قال في المدونة إذا انقطع دم النفساء فإن كان قرب الولادة فلتغتسل وتصلي فإذا رأت بعد ذلك بيومين أو ثلاثة أو نحو ذلك دما فهو مضاف إلى دم النفاس إلا أن يتباعد ما بين الدمين فيكون الثاني حيضا وإن رأت الدم يومين والطهر يومين فتمادى بها ذلك فتلغي أيام الطهر وتغتسل إذا انقطع عنها الدم وتصلي وتوطأ وتدع الصلاة في أيام الدم حتى تستكمل أقصى ما يجلس له النساء في النفاس من غير سقم ثم هي مستحاضة والأَوَّلانِ مَنَعا الْوَطْءَ إِلى غُسْلٍ وَالآخَرَانِ قُرْآنا حَلاَ وَالكُلَّ مَسْجِدا وَسَهْوُ الاغْتِسالْ مِثْلُ وُضُوئِكَ وَلَمْ تُعِدْ مُوالْ ذكر في البيت الأول وبعض الثاني بعض موانع الحدث الأكبر فأخبر أن الحيض والنفاس وهما اللذان عناهما بالأولين لتصديره بهما في البيت قيل يمنعان الوطء ويستمر المنع منه إلى أن تغتسل فلا يجوز وطء الحائض والنفساء حالة جريان الدم عليها اتفاقا ولا بعد انقطاعه وقبل الاغتسال على المشهور وأما الإنزال ومغيب الحشفة وهما اللذان عناهما بالآخرين فيمنعان قراءة القرآن يريد ويستمر المنع إلى الاغتسال أيضا هذا هو المشهور ويقرأ الآخران بالمد وكسر الخاء كذا ضبطه الناظم بخطه ومن غير ياء بعدها وبالنقل للوزن وفهم من كلامه أن الحيض والنفاس لا يمنعان القراءة وهو كذلك على المشهور وأن الإنزال ومغيب الحشفة لا يمنعان الوطء وهو كذلك اتفاقا والله أعلم ثم أخبر أن الكل من الحيض والنفاس والإنزال ومغيب الحشفة يمنع من دخول المسجد أما منع الحائض والنفساء من دخول المسجد فظاهر التوضيح أنه متفق عليه ثم نقل عن اللخميأنه خرج جواز دخولها إذا استثفرت بثوب وجواز كينونة الجنب فيه من قول ابن مسلمة لا ينبغي للحائض أن تدخل المسجد لأنها لا تأمن أن يخرج منها ما ينزه المسجد عنه وأما منع الجنب منه فعلى المشهور إن كان مجتازا فقط وأما المكث والمقام فيه فلا أحفظ الآن فيه قولاً منصوصا بالجواز وتقديم تخريج اللخمي من قول ابن مسلمة وحاصل كلامه أن بين موانع الحيض والنفاس وموانع الجناية عموما وخصوصا من وجه يجتمعان في منع دخول المسجد وينفرد الحيض والنفاس بالمنع من الوطء وتنفرد الجنابة وهي المعبر عنها بالإنزال ومغيب الحشفة بالمنع من قراءة القرآن وجملة حلا صفة القرآن (تنبيه) ذكر الناظم بعض الموانع وسكت عن بعض لقصد الاختصار أما الجنابة فتمنع

موانع الحدث الأصغر وقد تقدمت قبل قول الناظم ويجب استبراء الأخبثين البيتين وتمنع أيضا القراءة إلا كآية للتعوذ ونحوه ويقيد كلام الناظم بذلك ودخول المسجد ولو مجتازا على المشهور ونقل عن مالك الجواز إذا كان عابر سبيل كما يمنع الكافر من دخول المسجد وإن أذن له مسلم لأن الحق لله تعالى المواق وانظر من كان مريضا أو على سفر ولم يجد ماء فتيمم هل يصلي في المسجد وأما الحيض والنفاس فيمنعان من أشياء وهي قسمان متفق عليها ومختلف فيها فالمتفق عليها تسعة وجوب الصلاة وصحة فعلها فلا تجب وإذا أوقعتها فلا تصح منها وصحة فعل الصوم ومس المصحف والطلاق وابتداء العدة والوطء في الفرج ورفع الحدث ودخول المسجد ويندرج فيه الطواف والاعتكاف إذ لا يقعان في غيره والمختلف فيها سبعة وهي على قسمين قسم المشهور فيه المنع وهو خمسة الوطء في الفرج بعد الطهر وقبل التطهير بالماء وأجازه ابن نافع وكرهه ابن بكير والوطء بعد طهر التيمم والوطء فيما دون الإزار ووجوب الصوم ورفع حدث جنابتها وفائدة الخلاف في الفرع الأخير إ باحة القراءة بالغسل وقسم المشهور فيه الجواز وهو قراءة القرآن ظاهرا والتطهير بفضل مائها ابن الحاجب ويمنع الوطء في الفرج اتفاقا ما لم تطهر وتغتسل على المشهور وقيل أو تتيمم وقال ابن بكير يكره قبل الاغتسال وما فوق الإزار جائز لا ما تحته على المشهور. قوله وسهو الاغتسال الخ حاصل أن حكم السهو في الغسل كالسهو في الوضوء إلا في صورة واحدة وهي أن من ترك من غسله لمعة ثم تذرها بالقرب فإنه يغسلها ولا يعيد ما بعدها وإلى ذلك أشار بقوله ولم تعد موال فإذا لم يتذكر إلا بعد طول، فعل المنسي فقط في الوضوء والغسل وإن لم يتذكر حتى صلى فعل المنسي وأعاد الصلاة وقد تقدم هذا كله في شرح قول الناظم (ذاكر فرضه بطول يفعله) البيتين فراجعه إن شئت وتعد بضم التاء وكسر العين مبني للفاعل كذا ضبطه الناظم بخطه وعليه فموال مفعوله أصله مواليا فحذف منه الألف المبدل من التنوين على لغة من يحذف التنوين إثر الفتح فصار موالي ثم حذف الياء تخفيفا ونون اللام ثم وقف عليه بالسكون فَصْلٌ لِخَوفِ ضُرٍّ أَو عَدَمِ ما عَوِّضْ مِنَ الطَّهارةِ التَّيَمُّما ذكر الناظم في هذا الفصل التيمم وأحكامه والتيمم في اللغة القصد قال تعالى

{ولا تيمموا الخبيث} أي لا تقصدوه وفي الشرع طهارة ترابية تشتمل على مسح الوجه واليدين ليستباح به ما منعه الحدث قبل فعله عند العجز عن الماء وسبب مشروعيته إقامة رسول الله والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء لالتماس عقد عائشة والحديث مشهور وإنه كان في غزوة المريسيع والأصل فيه الكتاب والسنة والإجماع قال تعالى {وإن كنتم مرضى أو على سفر} الآية والسنة غير ماحدث في بعضها «جعلت لنا الأرض مسجدا وجعلت لنا تربتها طهورا» وثبت عنه قولاً وفعلاً وأجمع المسلمون عليه وحكمة مشروعيته أن الله تعالى لما علم من النفس الكسل والميل إلى ترك الطاعة التي فيها صلاحها شرع لها التيمم عند عدم الماء حتى لا تصعب عليها الصلاة عند وجوده لما ألفته من فعلها دائما وقيل لتكون طهارته دائرة بين الماء والتراب اللذين منهما أصل خلقته وقوام بنيته وقيل لما كان أصل حياته الماء ومصيره بعد موته إلى التراب شرع له التيمم ليستشعر بعدم الماء موته وبالتراب إقباره فيذهب عنه الكسل ابن ناجي والحق عندي أن التيمم عزيمة في حق العادم للماء رخصة في حق الواجد له العاجز عن استعماله والقول بأنه رخصة مطلقا لا يستقيم في حق العاجز فإن الرخصة تقتضي إمكان الفعل المرخص فيه وتركه كالفطر في السفر بخلاف عادم الماء لا سبيل له إلى ترك التيمم وقول من قال إن الرخصة قد تنتهي إلى الوجوب غير مسلم فإنها إذا انتهت إليه صارت عزيمة وزال عنها حكم الرخصة اهـ (فائدة) قال الطيبي في تقرير آية التيمم {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلى عابري سبيل حتى تغتسلوا} ولا محدثين من الغائط أو اللمس حتى تتوضئوا وإن كنتم مرضى أو على سفر سواء كنتم مجنبين أو محدثين فلم تجدوا ماء فتيمموا اهـ وكلام الناظم في هذا الفصل دائرة على ستة فصول الفصل الأول في السبب الناقل عن الماء إلى التيمم الفصل الثاني ما يفعل بالتيمم الفصل الثالث ما يتيمم له وما لا الفصل الرابع في فرائضه وسننه ومندوباته ويندرج فيه صفته الفصل الخامس في وقت التيمم وهو من جملة فرائضه الفصل السادس في نواقض التيمم وفيما لا ينقضه لكن تعاد الصلاة معه في الوقت وأشار

بهذ البيت إلى الفصل الأول من هذه الفصول فأمرك أن تعوض التيمم من الطهارة أي تجعله بدلاً عنها إما لخوف ضر يلحقه في استعمال الماء أو لعدم وجود الماء أصلاً ولا فرق في الطهارة التي يعوض عنها التيمم بين الكبرى والصغرى فكما أن المحدث الحدث الأصغر يتيمم لخوف ضر أو عدم ماء فكذلك المحدث الحدث الأكبر يتيمم لخوف ضر أو عدم ماء وقد تقدم في تقدير الآية للطيبي التصريح بذلك في قوله {وإن كنتم مرضى أو على سفر} سواء كنتم مجنبين أو محدثين فلم تجدوا ماء فتيمموا فأما ما يتعلق بخوف الضر فقال الإمام أبو عبد الله المازري المشهور أنه يتيمم لخوف حدوث مرض أو زيادة أو تأخر البرء ابن وهبويتيمم المبطون إذا كان لا يقدر على الوضوء وكذلك المائد في البحر ولو كان الماء معهما وهما لا يقدران على الوضوء به لضعفهما أو إضرار الماء بهما ابن القصار ويتيمم الصحيح إذا خاف نزلة أو حمى وكذا يتيمم مريض يقدر على الوضوء والصلاة قائماً فحضرت الصلاة وهو في عرقه وخاف إن قام جف عرقه ودامت علته فيتيمم ويصلي للقبلة إيماء وإن خرج الوقت قبل زوال عرقه ولم يعد قاله مطرف وابن الماجشون وأصبغ قال سند وهو موافق للمذهب وروى ابن نافعيتيمم ذو الماء يخاف العطش خاف الموت أو الضرر المازري والظن كالعلم ابن رشد على غيره من العطش كخوفه على نفسه سواء بن بشير وكذا خوفه على حيوان غير آدمي ابن الحاجب وكظن عطشه أو عطش من معه من آدمي أو دابة ونقل في التوضيح عن ابن عبد السلام في الدابة تفصيلاً بين أن تكون لا يبلغ إلا عليها أو لا وبين أن تكون مأكولة اللحم أو لا ثم قال والظاهر أنه إذا كان معه كلب أو خنزير فإنه يقتلهما ولا يدع الماء لأجلهما اهـ ولا خلاف أنه يتيمم من خاف على نفسه من لصوص أو سباع وأما من خاف على ماله فالمشهور أنه يتيمم وقيل لا واستبعده ابن بشير بن ناجي الجاري على أصل المذهب أنه إن كان يحتاج لذلك المال يتيمم مطلقا وإن كان يحتاج إليه فإن كان قليلاً بحيث يجب عليه شراء الماء بمثله فلا يتيمم وإلا تيمم اهـ (فرع) من أسباب التيمم استيعاب الجروح والقروح أكثر جسد الجنب أو أكثر أعضاء الوضوء قال ابن الحاجب في تعداد أسباب التيمم وكالمجدور والمحصوب يخافان من الماء وكشجاج غمرت الجسد وهو جنب أو أعضاء الوضوء وهو محدث وكذلك إن لم يبق إلا يد أو رجل فلو غسل ما صح ومسح الجبائر لم يجزه كصحيح وجد ما يكفيه من الماء فغسل ومسح الباقي (فرع) قال أبو عمير لا يجب حمل الماء للوضوء وقال الباجي يجوز السفر في طريق يتيقن فيه عدم الماء طلبا للمال ورعي المواشي ويجوز له المقام على حفظ ماله وإن أدى

ذلك إلى الصلاة بالتيمم ونحو هذا في الإكمال (فرع) من وجد ماء لا يكفيه لطهارته فهو كالعدم التلقين فإن وجد من الماء دون الكفاية لم يلزمه استعمال ومن المدونة إن كان مع الجنب قدر وضوئه فقط تيمم ولم يتوضأ وقال الشيخ أبو محمد فإن وجد من الماء ما يغسل به وجهه ويديه ويقدر على جمع ما يسقط منهما ويكمل به وضوءه فإنه يفعل ذلك ويصير كمن وجد ماء مستعملاً يجب عليه استعماله إن لم يجد غيره اهـ وعلم من هذا أن من وجد ما يغسل به الأعضاء المفروضة فقط أنه يتوضأ ويترك السنن ولا يجزئه التيمم انظر الحطاب وتقدم أن فيمن لم يجد من الماء إلا قدر وضوئه أو ما يغسل به النجاسة قولين قيل يتوضأ للخلاف في طهارة الخبث دون الحدث وقيل يزيل النجاسة إذ لابد من إزالتها وللوضوء بدل وهو التيمم (فرع) وكذا يتيمم المريض الذي يقدر على استعمال الماء ولا يجد من يناوله إياه كما في الرسالة وغيرها إذ هو في معنى العادم للماء (فرع) قال في التلقين يجوز التيمم لعدم الآلة التي توصله كالدلو والرشا وأما ما يتعلق بعدم الماء وهو السبب الثاني في كلام الناظم فإن تحقق عدمه تيمم من غير طلب إذ طلب ما يتحقق عدمه عبث وأما إن لم يتحقق عدمه فإن تحقق وجوده أو ظنه أو شك فيه أو توهمه فإنه يجب عليه أن يطلبه فإن طلبه ولم يجده تيمم والطلب يختلف فليس من ظن العدم كمن شك ولا الشاك كالمتوهم بل طلب الأول أقوى من الثاني والثاني أقوى من الثالث وليس الناس في القوة والضعف سواء فليس الرجل كالمرأة غالبا ولا الشاب كالشيخ فالواجب على كل أحد أن يطلب طلبا لا يشق بمثله قال مالك من الناس من يشق عليه نصف الميل فإن كان في رفقة فهل يسألهم فإن لم يعطوه ماء تيمم أو يتيمم من غير سؤال في ذلك تفصيل قال مالك رضي الله تعالى عنه إذا كانت الرفقة يبخلون بالماء لقلته معهم جاز له أن يتيمم بلا سؤال وإن لم يكونوا كذلك وكانت الرفقة كثيرة لم يكن عليه أن يسألهم قال مالك لم يكن عليه أن يسأل أربعين رجلاً وقال أصبغ يطلب من الرفقة الكثيرة ممن حوله ممن قرب فإن لم يفعل فقد أساء ولا يعيد وإن كانوا رفقة قليلة ولم يطلب أعاد في الوقت وإن كانت مثل الرجلين والثلاثة أعاد أبدا وبحث اللخمي في ذلك أنظر التوضيح فإن عدم الماء بعد أن طلبه أو دونه فيتيمم إن كان مسافرا اتفاقا أو حاضرا كالمسجون على المشهور وهل يشترط في تيمم المسافر أن يكون سفره أربعة برد فأكثر أو لا يشترط ذلك منشؤهما هل المعتبر السفر الشرعي أو يقال الخروج عن الوطن مظنة عدم الماء وهل يشترط في سفره

أيضا أن يكون مباحا أو غير ممنوع فيدخل الواجب كسفر الحج لمستطيعه والمندوب كزيارة الصالحين والمباح كسفر التجارة ويخرج غير المباح كسفر الآبق وقاطع الطريق فلا يتيممان وهو المشهور أو لا يشترط ذلك ويتيم الجميع قولان التوضيح عن ابن عبد السلام والحق أنه لا ينتفي عن الرخص بسبب العصيان بالسفر إلا رخصة يظهر أثرها بالسفر دون الحضر كالقصر والفطر وأما رخصة يظهر أثرها في السفر والإقامة كالتيمم ومسح الخفين فلا يمنع العصيان منها اهـ. فإن كان السفر مباحا فلا يمنعه من التيمم عصيانه فيه بشرب خمر أو نحوه (فرع) قال فيها أيضا من خاف في حضر أو سفر إن رفع الماء من البئر أن يذهب الوقت فليتيمم ويصلي ولا يعيد الصلاة بعد ذلك (فرع) قال ابن يونس قال بعض فقهائنا ومن خاف أن يتوضأ بماء معه ذهاب الوقت وهو إن تيمم يدركه فليتوضأ وقال عبد الوهاب وهو الصواب عندي إذ لا فرق بين تشاغله باستعماله أو رفعه من البئر وإنما وضع التيمم لإدراك فضيلة الوقت (فرع) من وهب له الماء لزمه قبوله ومن وهب له ما يشتريه به لم يلزمه قبوله على المشهور والفرق قوة المنة في هبة الثمن وضعفها في هبة الماء وأما من أقرض له ثمن الماء وهو يقدر على الوفاء فلا يجوز له التيمم لخفة مشقة المنة بمثل ذلك أيضا نقله المواق عن ابن علاق عن الشافعية قال ابن علاق ولا أذكر في مذهبنا في هذا نصا ابن العربي ولو وجد الماء بثمن في الذمة لزمه شراؤه لأنه قادر على ذلك فأشبه ما لو كان ثمنه معه والمبيع يكون بمعجل ومؤجل ولو وجد الماء بثمن معتاد ولا يحتاج إليه لزمه شراؤه ابن الحاجب ولو بيع بغبن مجحف أو بغير غبن وهو محتاج لنفقة سفره لم يلزمه قال في المدونة إذا لم يجد الجنب الماء إلا بالثمن فإن كان قليل الدراهم تيمم وإن كان يقدر فليشتره ما لم يرفعوا عليه في الثمن فإن رفعوا تيمم حينئذ اللخمي إن كان بموضع رخص كالدرهمين اشتراه ولو بزيادة مثليه (فرع) لا نص في جنب لم يجد ماء غير إلا في المسجد وأخذ بعض المتأخرين من قول مالك لا يدخل الجنب المسجد إلا عابر سبيل دخله لأخذ الماء لأنه مضطر وذكر أن محمد بن الحسن سأل مالكا فأجاب لا يدخل الجنب المسجد فأعاد مالك جوابه فأعاد محمد فقال مالك ما تقوله أنت قال يتيمم ويدخل لأجل الماء فلم ينكره مالك. (فرع) من نام في نفس المسجد فاحتلم خرج ولا يتيمم لأن في تيممه مكثا بالجنابة في

المسجد ومن نام في بيت ونحوه في المسجد فاحتلم تيمم في موضعه ثم خرج (فرع) يمنع المسافر من الوطء إن لم يكن معه ما يكفيه وزوجته من الماء إلا أن يطول فيجوز له الوطء اتفاقا فإن لم يطل فالمشهور المنع خلافا لابن وهب وكذا يمنع المتوضيء مما ينقض طهارته اختيارا كالتقبيل واللمس وفي الطراز منع ابن القاسم للمتوضيء العادم للماء من البول إن خفت حقنته اهـ قال في المدونة ليس كمن به شجاج أو جراح لا يستطيع الغسل بالماء هذا له أن يطأ [بلا ماء] لطول أمره وصلِّ فَرْضاً وَاحِدا وإِنْ تَصِلْ جَنَازَةً وسُنَّةً به يَحِلّ ذكر في هذا البيت الفصل الثاني وهو ما يفعل بالتيمم فقال إن من تيمم للفرض فلا يصلي بذلك التيمم إلا فرضاً واحدا وهو المتيمم له ويجوز ويحل له أن يصلي بذلك التيمم على الجنازة وأن يصلي به سنة غير صلاة الجنازة إذا فعل ذلك بعد أن صلى الفرض الذي تيمم له متصلاً به فيكون تبعا لذلك الفرض وعلى هذا نبه الناظم بقوله وإن تصل إلخ وهو بفتح التاء وكسر الصاد مضارع وصل وضمير به للفرض أي أن تصلي الجنازة والسنة بالفرض المتيمم له فإن ذلك يحل أي يجوز واشتراطه في جواز إيقاع السنة بتيمم الفرض وصل السنة بذلك الفرض يفهم منه تأخيرها عن الفريضة زيادة على الاتصال المصرح به وأنه لا يجوز أن يصلي السنة قبل ذلك الفرض المتيمم ولا بعده غير متصل به وهو كذلك ويأتي الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى ولو قال بدل به بعد لكان صريحا في التأخير. وفي تعبير الناظم بالسنة إشارة إلى جواز إيقاع ما دون السنة من الرغيبة والنافلة بتيمم الفرض تبعا له وهو كذلك لأنه إذا جاز إيقاع السنة مع تأكدها بتيمم الفرض ما دون السنة من الرغبية بتيمم الفرض تبعا له المسألة الأولى وهو كونه لا يصلي بالتيمم إلا فرضا واحدا فقال في المدونة لا يصلي مكتوبتين بتيمم واحد اهـ فإن صلى فريضتين بتيمم واحد بطلت الثانية منهما ولو كانتا مشتركتي الوقت على المشهور. وفي المسألة الرابعة أقوال، واختلف في علة ذلك فقيل لأن التيمم لا يرفع الحدث فلا يستباح به إلا أقل ما يمكن وهو صلاة واحدة. قال في التوضيح: وهذه دعوى لا دليل عليها وقيل: لأنه لا يتقدم عن الوقت. ولهذا

روى أبو الفرج: يجوز أن يصلي فوائت بتيمم واحد كما قال في الرسالة وقد روى عن مالك فيمن ذكر صلوات أن يصليها بتيمم واحد ويقول ابن شعبان هذا صدر الشيخ أبو محمد في الرسالة حيث قال ولا يصلي صلاتين بتيمم واحد من هؤلاء إلا مريض لا يقدر على مس الماء لضرر بجسمه مقيم ثم قال أثره وقد قيل بتيمم لكل صلاة وهذا القول الثاني الذي حكاه بقيل هو المشهور وقال ابن القاسم: ولهذا عد شراح الرسالة أن هذه المسألة من النظائر التي ضعف فيها أبو محمد قول أبي القاسم وذلك من جهة تأخيره وحكايته بقيل وهي من صيغ التمريض والتضعيف عند المحدثين وإنما قلنا إن من تيمم لفرض فلا يصلي بذلك التيمم إلا فرضا واحدا وهو الفرض الذي يتيمم له لا لغيره لقول المدونة من تيمم لفريضة فذكر صلاة قبلها أعاد التيمم للمنسية وبدأ بها ثم تيمم للحاضرة وأما المسألة الثانية وهي جواز إيقاع السنة وغيرها من النوافل بتيمم الفرض تبعا له فقال في المدونة لا بأس أن يتنفل بعد الفريضة التوضيح قال بعضهم لا خلاف في جواز ذلك ثم قال ومن شرط جواز إيقاع النفل بتيمم الفرض أن يكون النفل متصلاً بالفرض فقد روى أبو زيد عن ابن القاسم في العتبية من تيمم لنافلة ثم خرج من المسجد لحاجة ثم عاد فلا يتنفل به ولا يمس المصحف وشرط فيه ابن رشد أن تكون النافلة منوية عند تيمم الفريضة قال وإن لم ينوها لم يصلها ولا فرق بين النفل والسنة عند ابن حبيب واستحب سحنون أن يتيمم للوتر التونسي وإنما له أن يتنفل بأثر الصلاة ما لم يطل كثيرا اهـ ثم قال وإن تيمم لفريضة فتنفل قبلها أو صلى ركعتي الفجر بتيمم الصبح ثم صلى الصبح ففي الموازية أعاد أبدا ثم قال هذا خفيف ورأى أن يعيد في الوقت اهـ وفي اشتراط كون النافلة منوية عند تيمم الفريضة نظر أنظر الحطاب (فرع) وأما من تيمم لنافلة فلا يجوز أن يصلي به الفرض فإن وقع ونزل وصلى به فريضة فنقل في التوضيح عن الموازية أن من تيمم لنافلة أو لقراءة في مصحف ثم صلى مكتوبة أعاد أبدا وقال سحنون عن ابن القاسم فيمن تيمم لركعتي الفجر فصلى به الصبح أو تيمم لنافلة فصلى به الظهر أنه يعيد في الوقت وقال البرقي عن أشهب يجزئه صلاة الصبح بتيممه لركعتي الفجر ولا يجزئه إذا تيمم لنافلة أن يصلي به الظهر (فرع) وكذا تجوز السنة فما دونها من النوافل والرغائب بالتيمم للنافلة سواء قدم النافلة المتيمم لها على ما ذكر أو أخرها عنه ففي النوادر عن ابن القاسم لا

بأس أن يوتر بتيمم النفل وكذا يجوز من باب أخرى إيقاع الرغبة بتيمم السنة ففي المجموعة من تيمم للوتر بعد طلوع الفجر فله أن يركع به ركعتي الفجر وكما تجوز الجنازة والسنة بتيمم الفرض إن تأخرت عنه وبتيمم النافلة مطلقا فكذلك مس المصحف والقراءة والطواف وركعتاه يجوز كل منهما بتيمم الفرض إن تأخرت عنه وبتيمم النافلة تأخرت عنها أو تقدمت عليها وأما الاتصال بالتيمم له فشرط في الجميع والله أعلم قال الشيخ خليل في مختصره وجاز جنازة وسنة ومس مصحف وقراءة وطواف وركعتان بتيمم فرض أو نفل إن تأخرت وهذا في الجنازة ما لم تتعين فإن تعينت صارت فرضا فلا تصلى بتيمم فرض آخر كما يقول الناظم وصلى فرضا واحدا وقيد بهذا قول الشيخ خليل وجاز جنازة كما قيد قوله وطواف بغيره الواجب للعلة المذكور أيضا واشتراطه تأخير الأشياء عن الصلاة المتيمم لها إنما يصح باعتبار التيمم للفريضة أما المتيمم لنافلة أن يفعل به غير ما تيمم له من النوافل بعد الذي تيمم له أو قبله كما مر وجازَ لِلنَّفْلِ ابْتِدا ويَسْتَبِيحْ الْفَرْض لاَ الجُمْعَةَ حاضِرٌ صَحِيحٌ هذا هو الفصل الثالث من الفصول الستة التي اشتمل عليها كلام الناظم في التيمم وهو ما تيمم له وما لا يتيمم له فأخبر هنا أنه يجوز أي للمسافر والمريض التيمم للنفل وهو ما عدا الفرائض ابتداء أي استقلالاً بحيث يتيمم له بالقصد ويصليه وأما إيقاع النفل بتيمم الفرض تبعا له فقد تقدم في البيت قبل هذا وما ذكره من التيمم للنافلة استقلالاً إنما هو على المشهور في حق المريض والمسافر لأنهما محل النص وأما الحاضر الصحيح العادم الماء كالمسجون فلا يتيمم للنوافل استقلالاً وإنما يتيمم استقلالاً للفرائض فقط على المشهور فإذا تيمم للفرائض جاز له أن يتنفل بذلك التيمم كما تقدم في شرح البيت قبل هذا وعلى المشهور من كونه للفرائض فقط إذا خشي فوات الجمعة فهل يتيمم له حكاه ابن القصار وغيره أولا يتيمم لها وهو لأشهب قال فإن فعل لم يجزه قولان ابن عطاء الله ومنشأ الخلاف هل الجمعة فرض يومها أي فيتيمم لئلا يفوته أو بدل عن الظهر أي فلا يتيمم لأنه إن فاته فرض الجمعة لم يفته وقت الظهر الذي هو الأصل التوضيح وظاهر المذهب أنه لا يتيمم للجمعة وإلى كون الحاضر الصحيح إنما يتيمم استقلالاً للفرائض فقط ما عدا الجمعة فلا يتيمم لها ولا للنوافل أشار الناظم بقوله (ويستبيح الفرض لا الجمعة حاضر صحيح) فالفرض مفعول بيستبيح والجمعة معطوف عليه ويقرأ بلغة سكون الميم وللوزن وحاضر فاعل يستبيح وفهم من كلامه أن الذي يجوز له التيمم للنوافل ابتداء المذكور أول البيت هو غير الحاضر الصحيح

وهو المسافر والمريض والحاصل أن المريض والمسافر يتيممان للفرائض والنوافل فإذا تيمما للفرائض جاز إيقاع النفل بذلك التيمم بشرط تقدم الفرض واتصال النفل به كما تقدم وإن تيمما للنوافل جاز أن يصليا به ما عدا الفرض وأما الحاضر الصحيح فالمشهور أنه لا يتيمم للنوافل استقلالاً إنما يتيمم للفرائض فقط إذا خشي فوات وقتها وفي تيممه للجمعة خلاف فإذا تيمم للفرائض جاز له إيقاع النفل بعده تبعا له هذا ظاهر إطلاقاتهم وقال الشيخ محمد السوداني في شرحه للمختصر ما معناه إنما يتنفل بتيمم الفرض المريض والمسافر أما الحاضر الصحيح فلا يتيمم للنوافل استقلالاً ولا يصليها بتيمم الفرض تبعا وقيل إنه كالمسافر والمريض فيتيمم للفرائض والنوافل واستظهرهابن عبد السلام قال بعضهم لأن علة التيمم عدم الماء وخوف فوات الوقت فلا فرق في المعنى بين مسافر ومريض وبين حاضر وصحيح لاستوائهما في العلة طردا وعكسا وإنما خص الله تعالى بالذكر المسافر والمريض لغلبة وقوع ذلك لهم دون غيرهم فلا يقع به إلا نادرا فإن وقع به لحق بهما إذ لا فرق بينهما في المعنى وقيل لا يشرع له التيمم أصلاً وهو لـ مالك في الموازية قال يطلب الماء وإن خرج الوقت نقله ابن رشد ابن عبد السلام وهذا يظهر إذا قيل إن عادم الماء والصعيد لا يصلي وأما على القول بأنه يصلي فيحتمل أن يصلي هذا بغير تيمم ويحتمل أن يقال إنه يتيمم لأن التيمم لا يزيده إلا خيرا التوضيح منشأ الخلاف هل تناول الآية الحاضر أو هي مختصة بالمريض والمسافر وذلك أنه قال تعالى {وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيباً} فإن حملنا أو في الثانية على بابها فيكون قوله أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء مطلقا لا يختص بمريض ولا بمسافر وإن جعلناها بمعنى الواو خصت المريض والمسافر لأن التقدير وإن كنتم مرضى أو على سفر وجاء أحد منكم والمشهور أظهر لحمل أو على حقيقتها اهـ ويعني بالمشهور القول بأنه يتيمم للفرائض إذا خشي فوات وقتها ولا يتيمم للنوافل إلا تبعا للفرائض وهذا هو القول الثالث في المسألة وعليه ذهب الشيخ خليل في مختصره وعلى المشهور إذا تيمم وصلى ثم وجد الماء فلا يعيد وقال ابن حبيب يعيد وصلاة الجنازة للحاضر الصحيح إن لم تتعين فكسائر السنن لا يتيمم لها استقلالاً وإن تعينت فكسائر الفرائض يتيمم لها وإلى هذا كله أشار الشيخ خليل بقوله يتبعهم ذو مرض وسفر أبيح لفرض ونفل وحاضر صح لجنازة إن تعينت وفرض غير جمعه ولا يعيد فَرضُهُ مَسْح مَسْحُكَ وجْها والْيَدَيْنِ للْكُوعِ والنِّيَّةُ أُولى الضَّرْبَتينِ

ثمَّ المُوالاةُ صَعِيدٌ طَهَرا ووصْلُها بهِ ووقْتٌ حَضَرا آخِرُهُ لِلرَّاجِ آيِسٌ فَقَطْ أَولُهُ والمُتَرَدِّد الْوَسَطْ ذكر في هذه الأبيات الثلاثة والأربعة بعدها الفصل الرابع من فصول باب التيمم وهو بيان فرائضه وسننه ومستحباته وذلك يستلزم بيان صفته المستحبة وأدرج في هذا الفصل الفصل الخامس من فصول هذا الباب أيضا وهو بيان وقت التيمم لكون دخول الوقت من جملة الفرائض فأخبرنا هنا أن فرائض التيمم ثمانية. أولها مسح الوجه ابن شعبان ولا يتتبع غضونه الثاني مسح إلى الكوعين ابن الحاجب وينزع الخاتم على المنصوص قالوا ويخلل أصابعه التوضيح الاستيعاب بالمسح مطلوب ابتداء ولو ترك شيئا من الوجه أو من اليدين إلى الكوعين لم يجزه على المشهور وقال ابن مسلمة إذا كان يسيرا أجزأه ولاخلاف أنه مطلوب منه نزع الخاتم ابتداء لأن التراب لا يدخل تحته فإن لم ينزعه فالمذهب أنه لا يجزئه وتضعيف تخليل الأصابع بقوله قالوا لأن التخليل لا يناسب المسح الذي هو مبني على التخفيف الثالث النية ومحلها عند الضربة الأولى ولم يعينه الناظم كما قال في الوضوء نية في بدئه لظهوره والله أعلم إذ شأن النية أن تكون أول الفعل المنوي واحتمال كون قوله أولى الضربتين غير معطوف بحذف العاطف بل ظرفا للنية بعيد إذ يلزم عليه محاولة إفادة أمر ظاهر وإسقاط ما لا بد من ذكره وهو التنصيص على وجوب الضربة الأولى وينوي استباحة الصلاة محدثا أو جنبا فإن نسي الجناية وتيمم لم يجره تيممه ففي المدونة قال مالك إن تيمم للفريضة وصلى ثم تذكر أنه جنب أعاد التيمم لجنابته وأعاد الفريضة قال في المختصر أبدا ابن يونس وهذا أصوب لأن التيمم للوضوء بدل منه وللغسل بدل منه فكما لا يجزء الوضوء عن الغسل كذلك لا يجزئه بدل عن بدل الغسل ابن الحاجب فإن نسي الجنابة لم يجزه على المشهور فيعيد أبدا ونقل عن ابن مسلمة الإجزاء وروى ابن وهب يعيد في الوقت (فرع) إذا تيمم الجنب ثم أحدث فظاهر المذهب أن يتيمم بنية الجنابة أيضا وخرج اللخمي على قول بن شعبان أن له أن يصيب الحائض إذا طهرت بالتيمم أن ينوي

الحدث الأصغر ولا ينوي المتيمم رفع الحدث فإن التيمم لا يرفعه على المشهور فإذا تيمم ثم وجد الماء توضأ أو اغتسل إن وجب عليه الغسل ولو لم يحدث له موجب طهارة فيما بين تيممه ووجود الماء وقال ابن المسيب يرفع الحدث الأصغر دون الأكبر فإذا تيمم وهو غير جنب وصلى ثم وجد الماء لم يلزمه استعماله حتى تنتقض طهارته وأما الجنب فإنه يغتسل وبه قال ابن شهاب وقال عبد العزيز ابن أبي سلمة يرفع الحدث الأصغر والأكبر فإذا أجنب وتيمم ووجد الماء لا يتطهر حتى يجنب جنابة أخرى نقله الجزولي شارح الرسالة ونقله الفاكهاني في شرح الرسالة عن أبي بكر ابن عبد الرحمن اهـ من القلشاني عند قوله في الرسالة فإذا وجد الماء تطهرا ولم يعيدا ما صليا (تنبيه) قولهم أن المتيمم ينوي استباحة الصلاة لا رفع الحدث قال في التوضيح يفهم منه أن الاستباحة لا تلزم رفع الحدث بل أعم نعم يمكن أن يدعي أن الاستباحة مساوية لرفع الحدث اهـ وعلى كون الاستباحة أعم من رفع الحدث أو مساوية ففي المسألة إشكال إذ المراد بالحدث هنا المنع المرتب على الأعضاء وإن لم يرتفع هذا المنع فكيف يستبيح الصلاة إذ لا يلزم عليه اجتماع النقيضين إذ الحدث وهو المانع والإباحة متحققة بإجماع وأجيب عن ذلك بجوابين أحدهما ل لقرافي أن معنى قولهم التيمم لا يرفع الحدث أي لا يرفعه مطلقا بل إلى غاية وجود الماء قال وعلى هذا فلا يبقى في المسألة خلاف أي لأن من قال يرفعه معناه إلى غاية وهي وجود الماء ومن قال لا يرفعه أي رفعا مطلقا بحيث لو وجد الماء لم يلزمه استعماله فالمثبت في القول الأول الرفع المقيد والمنفي في الثاني الرفع المطلق فليس إذا إلا قولا واحدا بالتفصيل وهو أنه يرفع الحدث رفعا مقيدا بغاية ولا يرفعه رفعا مطلقا ولذلك قال الإمام ابن عبد الله المازري لعل الخلاف في اللفظ فقط الجواب الثاني لابن رشد قال يمكن أن يقال الجنابة سبب يترتب عليه مسببان أحدهما المنع من الصلاة والآخر وجوب الغسل بالماء فأقام الشرع التيمم سببا لرفع أحد المسببين وهو المنع من الصلاة ولا يقيمه سببا لرفع المسبب الآخر وهو وجوب استعمال الماء بل إذا وجد الماء أمر بإيقاع المسبب الثاني وهو وجوب الغسل فلا منافاة بين قولنا التيمم يرفع الحدث وبين كونه يؤمر بالغسل لما يستقبل قال وهو لعمري مراد الأشياخ بقولهم التيمم لا يرفع الحدث أي لا يرفع مسببات الحدث كلها وإنما وقع الإشكال من قصور الفهم عنهم فتأمله فهو بحث حسن جدا خليل وعليه فلا يكون في المسألة خلاف أيضا أي لأن مراد من قال التيمم يرفع الحدث أنه يرفع بعض مسبباته وهو المنع من الصلاة ومراد من قال لا يرفعه أنه لا يرفع بعض مسبباته وهو وجوب الغسل فالمثبت غير المنفي أيضا فالخلاف لفظي والله أعلم. الرابع من فرائض التيمم الضربة الأولى والمراد بها وضع اليد على الصعيد لا

الضرب على بابه فقول الناظم (أولى الضربتين) هو معطوف على النية بحذف العاطف واحترز بأولى من الضربة الثانية فإنها سنة وستأتي: الخامس الموالاة وهي الفور كما في الوضوء قال في المدونة من فرق تيممه وكان أمرا قريبا أجزأه وإن تباعد ابتدأ التيمم كالوضوء قال وتنكيس التيمم كالوضوء. السادس الصعيد الطاهر واختلف في الصعيد ما هو فقال الأزهري ما صعد على وجه الأرض وقال ابن فارس الصعيد التراب وقال ابن العربي الذي يعضده الاشتقاق وهو صريح اللغة أنه وجه الأرض على أي وجه كان من رمل أو حجارة أو مدر أو تراب ومذهب مالك أن المراد بالطيب في الآية الطاهر وقيل هو النظيف وقيل هو المنبت بدليل {والبلد الطيب يخرج بناته بإذن ربه} وقيل هو الحلال وأجمع المسلمون على جواز التيمم بكل تراب طاهر منبت غير منقول ولا مغصوب وعلى منعه بمثل الخبز واللحم والأطعمة ولا يعترض بالملح على القول بجواز التيمم عليه لأنه مصلح للطعام ولا طعام في نفسه واختلفوا فيما وراء ذلك. ولا بد من ذكر فروع. الأول المشهور جواز التيمم بالتراب المنقول خلافا لابن بكير الثاني يجوز التيمم على صلب الأرض لعدم التراب اتفاقا ومع وجوده على المشهور وكذا حكم التيمم الحجر الثالث يجوز التيمم على خالص الرمل خلافا لابن شعبان اللخمي ويجوز بتراب السباخ اتفاقا الرابع اختلف في التيمم على المعادن كمعدن الشب والزرنيخ والكحل والكبريت والزاج والمشهور جوازه وقيل بعدم جوازه والثالث إن لم يجد غيرها وضاق الوقت تيمم عليها وإلا فلا التوضيح وقال مالك في السليمانية إذا نقل الكبريت والزرنيخ والشب ونحو ذلك لا يتيمم به لأنه لما صار في أيدي الناس معدا لمنفعتهم أشبه العقاقير ويتيمم بالمغرة لأنها تراب اهـ وفي جواز التيمم على الملح ومنعه ثالثا يتيمم على المعدني لا المصنوع والرابع إن كان بأرضه وضاق الوقت تيمم الوقت وإلا فلا الخامس في جواز التيمم على الثلج والمشهور منعه ثالثها إن عدم الصعيد والرابع كالثالث بزيادة يعيد في الوقت. السادس الجلاب لا بأس

بالتيمم بالجص والنورة قبل طبخهما اللخمي ويمنع بالجير والآجر والجص بعد حرقه والياقوت والزبرجد والرخام والذهب والفضة فإن فقد سوى ما منع التيمم به وضاق الوقت تيمم به السابع قال بعض البغداديين في التيمم على الزرع قولان ابن يونس عن الأبهري يجوز على الحشيش الوقار يجوز على الخشب المازري فيهما نظر واحتراز الناظم يوصف الصعيد بالطهارة من التيمم بالصعيد النجس فإن من تيمم به عالما أعاد أبدا نقله الشيخ عن أصبغ وجاهلاً أعاد في الوقت قاله ابن حبيب وفي المدونة المتيمم على موضع نجس كالمتوضيء بماء غير طاهر يعيد في الوقت واستشكل قصر الإعادة على الوقت وأجيب بأن المراد أن نجاسته لم تظهر ظهورا يحكم بها فهو كماء شك فيه وبأن ذلك مراعاة لمن يقول جفوف أرض طهورها وهو مذهب الحسن ومحمد بن الحنفية (فرع) من عدم الماء والصعيد فاختلف المذهب فيه على أربعة أقوال. الأول لابن القاسم يصلي كذلك ويقضي. والثاني ل مالك لا يصلي ولا يقضي. الثالث لأشهب يصلي ولا يقضي. والرابع لأصبغ يقضي ولا يصلي ونظم بعضهم هذه الأقوال فقال ومن لم يجد ماء ولا متيمما فأربعة الأقوال يحكين مذهبا يصلي ويقضي عكس ما قال مالمك وأصبغ يقضي والأداء لأشهبا قال القابسي يوميء المربوط للأرض بوجهه ويديه للتيمم كإيمائه بالسجود إليها وذيل بعضهم البيتين بقول القابسي قال وللقابسي ذو الربط يومي لأرضه بوجه وأيد للتيمم مطلبا ومطلبا في البيت مفعل بفتح أوله وثالثه مراد به المصدر وهو حال من فاعل يومي على حذف مضاف أي ذا طلب أو مفعول من أجله وهو أظهر وقد ذيل الشيخ بن غازي في تكميل التقيد البيتين المتقدمين ببيتين آخرين في بيان توجيه الأقوال الأربعة فقال أرى الطهر شرطا في الوجوب لمسقط وشرط أداء عند من بعد أوجبا ويحتاط باقيهم ومن قال إنه إنه لأشهب شرط دون عذر قد أغربا فأخبر أن المسقط أي لأداء الصلاة وقضائها وهو مالك بنى قوله على أن الطهارة شرط وجوب والشرط يلزم من عدمه العدم وأن الذي أوجب القضاء بعد خروج الوقت ولم يوجب أداءها كذلك وهو أصبغ بنى قوله على أنها شرط في الأداء لا في

الوجوب وأن وجه باقي الأقوال وهو أنه يصلي كذلك يقضي هو لابن القاسم أو يصلي ولا يقضي وهو لأشهب الاحتياط ومن وجه قول أشهب بكون الطهارة عنده شرطا مع القدرة دون العجز فقد أتى بغريب من القول واختار السيوري وغيره مذهب مالك لظواهر أقربها عنده سقوط الصلاة عن الحائض والنفساء ولا موجب لذلك إلا العجز عن الطهارة (فرع) من دخل الصلاة بلا وضوء ولا تيمم على القول به عند عدم الماء والصعيد فأحدث فيها غلبة فإن ذلك لا يضره لأنه لم يرفع حدثا بطهر وإن تعمد الحدث بطلت ويقطع لأنه رفض للصلاة ويلغز بها فيقال أخبرني عن صلاة لا تبطل بسبق حدث ولا غلبته قاله ابن فرحون في ألغازه. السابع من فرائض التيمم أن تكون الصلاة متصلة به قال ابن الجلاب من شرط التيمم أن يكون متصلاً بالصلاة فلا يجوز أن يصلي فريضتين بتيمم واحد ولا بأس أن يصلي نوافل بتيمم واحد إذا كان في فور واحد وفي المدونة ما معناه من تيمم لفريضة فذكر صلاة قبلها أعاد التيمم للمنسية وبدأ بها ثم تيمم للحاضرة ومن تيمم لفريضة فصلاها ثم ذكر صلاة نسيها تيمم لها أيضا. الثامن دخول الوقت فلا يصح التيمم قبل دخوله ولو دخل بنفس فراغه من التيمم ولهذا لم يكتف بالفرض السابع الذي هو اتصال الصلاة بالتيمم عن هذا إذ لا يلزم من اتصاله بها كونه في الوقت كما لا يلزم من كونه في الوقت اتصاله بها إذ قد يتيمم أول الوقت ويصلي آخره قال ابن عرفة شرط التيمم للفرض دخول وقتهابن الحاجبووقته بعد دخول الوقت لا قبله على الأصح التوضيح ما ذكره أنه الأصح قال غيره هو المشهور ووجه أنها طهارة ضرورة ولا ضرورة لفعلها قبل وقت الصلاة وما قبله لابن شعبان بناء على أنه يرفع الحدث اهـ. ثم بعد كونه لا يصح إلا بعد دخول الوقت فالمتيممون على ثلاثة أقسام قسم يتيمم أول الوقت المختار وهو الآيس من وجود الماء في الوقت المختار ومن شاركه في المعنى ممن غلب على ظنه عدم وجوده فيه لأن غلبة الظن كاليقين في مسائل كثيرة والمريض الذي لا يقدر على مس الماء إذا عدم قدرته على مسه يصيره كمن عدمه فلا فائدة في تأخيرها وتفويته فضيلة أول الوقت وإلى هذا القسم أشار الناظم بقوله آيس فقط أوله وأخرج بفقط الراجي والمتردد له ونحوهما لا من غلب على ظنه عدم وجوده ولا المريض الذي لا يقدر على مس الماء إذ هما في معنى الآيس كما ذكر فالمطلوب دخولهما وقسم يتيمم وسطه وهو المتردد في

لحوق الماء أو في وجوده وإليه أشار بقوله والتردد الوسط قال في التوضيح ويلحق بالمتردد الخائف من سباع ونحوها والمريض الذي لا يجد من يناوله إياه فيتيممان ومحصل الفرق بين المتردد في اللحوق والوجود أو المتردد في اللحوق يتيقن وجود الماء وإنما تردد في إدراكه ولحوقه قبل خروج الوقت أو بعد خروجه والمتردد في الوجود لا علم عنده لا يدري هل بذلك الموضع ماء أم لا فهو متردد في وجود الماء وعدمه ويعبر عنه بعضهم بالجاهل وقسم يتيمم آخره وهو الموقن بوجود الماء في الوقت الذي غلب على ظنه وجوده ويسمى الراجي لأن غلبة الظن هنا كاليقين وإلى هذا القسم أشار الناظم بقوله آخره الراجي وإذا أخر الراجي فالموقن أولى والضابط في هذه المسائل أن إ يقاع الصلاة في الوقت المختار بطهارة ترابية أولى من إيقاعها بعد طهارة مائية لنقصان الأولى وكمال الثانية وأن إيقاعها آخر المختار بطهارة مائية أولى من إيقاعها أوله بطهارة ترابية والمراد بوسط الوقت نصف القامة في الظهر قاله ابن أبي زمنين وقال ابن محرز ثلثها لبطء حركة الشمس قرب الزوال وسرعة حركتها بعد الميل ابن عرفة يرد باعتبار الظن لا نفس الحركة وآخر الوقت قال ابن عبدوس وهو في الظهر إلى أن يخاف دخول وقت العصر قال ابن حبيب إلى أن يبلغ ظله مثله وفي العصر إلى أن يبلغ ظله مثليه وفي المغرب قبل غيبوبة الشفق وفي العشاء ثلث الليل قال الشيخ أبو الحسن الصغير ومعناه أن يبقى من الوقت مقدار ما يتيمم فيه ويصلى اهـ وهذا التفصيل الذي ذكره الناظم في وقت التيمم هو المشهور ابن الحاجب روى آخره في الجميع وقيل وسطه إلا الراجي فيؤخره وقيل آخره إلى الآيس فيقدم اهـ وقد نظم الإمام الحطاب في شرح نظائر الرسالة وقت التيمم لجميع المتيممين بعد بحثه مع ابن غازي حيث عد الراجي لوجود الماء مع من يوسط وإنما حكمة التأخير كما تقدم فقال بادر بيأس ثم ممنوع المرض وموقنا أخر وراج إن عرض ووسطن عادم المناول كالشك والخائف ثم الجاهل ألا أنه بقي عليه من غلب على ظنه عدم وجود الماء في الوقت وحكمه التيمم أوله كما مر فلو قال بادر بظن عدم منع المرض لدخل اليأس من باب أولى ويكون بظن عدم على حذف مضاف أي بذي ظن عدم كقوله هو كالشك فإنه على حذف مضاف أيضا والمراد بقوله المتردد في اللحوق وبالجاهل المتردد في الوجود سُنَنُهُ مَسْحُهما للْمِرْفَقِ وضَرْبةُ الْيَدَيْنِ تَرْتِيبٌ بَقِي منْدُبُهُ تَسمِيَةٌ وصْفٌ حمِيْد أخبر أن سنن التيمم ثلاثة الأولى مسح اليدين من الكوعين إلى المرفقين. وأما

مسحهما إلى الكوعين فهو فرص كما تقدم. الثاني الضربة الثانية لمسح اليدين. الثالث الترتيب فيقدم مسح الوجه على مسح اليدين فإن نكسه وصلى أجزأه ثم ذكر مندوباته وهي التسمية والوصف الحميد الصفة المستحبة في مسح اليدين ولم يبينها اعتمادا على شهرتها قال في الرسالة. يضرب بيديه الأرض فإن تعلق بهما شيء نفضهما نفضا خفيفا ثم يمسح بهما وجهه كله مسحا ثم يضرب بيديه الأرض فيمسح يمناه بيسراه يجعل أصابع يده اليسرى على أطراف يده اليمنى ثم يمر أصابعه على ظاهر يده وذراعه وقد حنى أصابعه حتى يبلغ المرفق ثم يجعل كفه على باطن ذراعه من طي مرفقه قابضا عليه حتى يبلغ الكوع من يده اليمنى ثم يجري بباطن بهمه على ظاهر بهم يده اليمنى ثم يمسح اليسرى باليمنى هكذا فإذا بلغ الكوع مسح كفه اليمنى بكفه اليسرى إلى آخر أطرافه اهـ هذه هي الصفة المستحبة في مسح اليدين فقوله يجعل أصابع يده اليسرى أي الأربعة ما عدا الإبهام على أطراف أصابع يده اليمنى يعفى ما عدا الإبهام أيضا بدليل ما ذكره في الإبهام قال ابن عرفة: ظاهر الروايات مسح إبهام اليمنى مع ظاهر أصابعها. والرسالة وابن الطلاع إذا بلغ باطن كوعها أمر باطن إبهام اليسرى على ظاهر إبهام اليمنى اهـ وهلا يمسح كف اليمنى حتى يمسح اليسرى وينتهي الكوع منها فيمسح الكفين بعضهما ببعض وهو الذي في الرسالة وبه قال ابن حبيب قيل إنما اختيار ذلك ليبقى التراب فيها واستشكل أو يمسح كف اليمنى قبل الشروع في اليسرى وهو اختيار القابسي قال لا ينتقل عن العضو إلا بعد كماله كالوضوء قولان وهذا كله على مشهور المذهب من استحباب مراعاة صفة مسح اليدين. وقال ابن عبد الحكم: لا تراعى فيهما صفة بل يمسحهما كيف شاء كغسلهما في الوضوء قيل: وإلى قوله أشار صاحب الرسالة بقوله أثر النص المتقدم ولو مسح اليمنى باليسرى أو اليسرى باليمنى كيف شاء وتيسر عليه وأو عب المسح لأجزأه (فرع) إذا مسح بيديه على شيء قبل التيمم ففي الإجزاء وعدمه قولان للمتأخرين بخلاف النقض الخفيف فإنه مشروع (فرع) لو لم يجد إلا قدر ضربة فقال ابن القصار لا يستعمله وقال غيره يستعمله لوجهه ويديه وهما على الخلاف في الاقتصار على ضربة واحدة (فرع) إذا اقتصر على ضربة أو على الكوعين فأربعة أقوال: الأول ابن نافع يعيد أبدا فيهما الثاني لا إعادة فيهما الثالث الإعادة في الوقت فيهما ل ابن حبيب الرابع وهو المشهور إن اقتصر على الكوعين أعاد في الوقت وإن اقتصر على ضربة واحدة فلا إعادة عليه في وقت ولا غيره ولا يشترط وضع اليدين منفرجة الأصابع عند ضرب الأرض بهما واشترط الشافعية ضم أصابعهما في الضربة الأولى وتفريقهما في الضربة الثانية

(فرع) سمع موسى بن القاسم لا بأس أن يتيمم بتراب تيمم به ابن رشد لأن التراب لا يتعلق به من أعضاء المتيمم ما يخرجه عن حكم التراب كما يتعلق بالماء بعض وسخ الأعضاء ناقِضُهُ مِثْلُ الْوُضُوءِ ويَزيدْ وُجُودُ ماءٍ قَبْلَ أنْ صلّى وإنْ بَعْدُ يَجِدْ يُعِدْ بِوَقْتٍ إنْ يكُنْ كَخائِفِ اللِّصِّ وراجٍ قدَّما وزَمَنٍ مُناوِلاً قَدْ عَدما أخبر أن كل ما ينقض الوضوء من الأحداث والأسباب فإنه ينقض التيمم أيضا قوله ويزيد وجود ماء قيل أن صلى معناه أن التيمم ينتقض بنواقض الوضوء كما مر ويزيد التيمم على الوضوء بنقضه بأمر آخر لا ينقض الوضوء وهو وجود الماء قبل الصلاة. قال في التلقين: من تيمم فوجد الماء قبل أن يصلي لزمه استقبال الماء وبطل عليه تيممه إلا أن يكون الوقت من الضيق بحيث يخشى معه فوات الصلاة إن تشاغل به اهـ أي فلا يلزمه استعماله ولا يبطل تيممه على الصحيح من المذهب قال اللخمي وفهم من قوله قبل أن صلى أن وجوده في الصلاة أو بعدها لا ينقض التيمم وهو كذلك في الجملة. فإن وجده فيها فيتمادى وتصح صلاته إلا إذا نسيه وهو عنده في رحلة فتذكره في الصلاة بأنه يقطع قال في المدونة وإن ذكر الماء في رحله وهو في الصلاة قطع ولو أطلع عليه رجل بالماء وهو في الصلاة تمادى وأجزأته صلاته ابن يونس لأن الذي ذكر الماء في رحله حين قيامه إلى الصلاة كان واجدا للماء ومالكا له اجتمع عليه مع ذلك العلم به حال الصلاة بطلت عليه لأنه قادر على الماء قبل تمامها ومالك له في حين القيام إليها بخلاف الذي أطلع عليه بالماء وهو في الصلاة هو غير واجد للماء وغير مالك له فقد دخل في الصلاة بما أمر به وحصل له منها عمل بإحدى الطهارتين فوجب أن لا يبطله لقوله سبحانه {ولا تبطلوا أعمالكم} اهـ وأما إن وجده بعد الفراغ من الصلاة فلا يبطل تيممه أيضا وصلاته صحيحة وهل يعيد في الوقت أم لا. في ذلك تفصيل باعتبار تعدد المتيممين فمنهم من يعيد سواء صلى في الوقت المأمور هو بالصلاة أم لا، ومنهم من لا يعيد إلا إذا قدم على الوقت الذي أمر بالتيمم فيه وأشار الناظم إلى بعض هذا التفصيل بقوله (وإن بعد يجد يعد بوقت أن يكن. كخائف اللص وراج قدما. وزمن مناولا قد عدما)

أي وإن لم يجد المتيمم الماء بعد أن صلى فإنه يعيد في الوقت أن يكن كخائف من لص أو سبع ونحوهما أو ما عطف عليه من الراجي إذا قدم ومن الزمن أي المقعد الذي يقدر على استعمال الماء ولا يجد من يناوله إياه في كونه مقصرا فيما طلب منه أو مخالفا لما أمر به، فالخائف مقصر في الطلب والزمن مقصر في إعداد الماء والراجي إذا قدم مخالف لما أمر به من التوسط وأحرى في الإعادة والمخالفة الموقن بوجود الماء إذا قدم أيضا. ويدخل تحت الكاف من وجد الماء بعد أن صلى بقربه ومن أصل مائه في رحله فخشي خروج الوقت فتيمم وصلى ثم وجده والمتردد في لحوق الماء في رحله ولم يذكره إلا بعد أن صلى فيعيد كل هؤلاء في الوقت أيضا على المشهور. والمراد بالوقت إذا أطلق هذا الباب للوقت المختار ابن الحاجب فإن قدم ذو التأخير فوجد الماء في الوقت أعاد أبدا. وقيل في الوقت وتحتملهما التوضيح ذو التأخير هو الراجي ويدخل في كلامه المتيقن للماء لأنه صاحب تأخير وقد حكى ابن شأس في الراجي والمتيقن إذا قدما أول الوقت ثلاثة أقوال: الإعادة في الوقت لابن القاسموالإعادة أبدا والتفصيل فيعيد المتيقن أبدا والراجي في الوقت ل ابن حبيب. ومن ثم اعترض على ابن الحاجب في تقديم قول ابن القاسم ثم قال قال ابن عطاء الله ومنشأ الخلاف هل التأخير من باب الأولى أو من باب الأوجب ثم قال والمسألة مقيدة بما إذا وجد الماء المرجو، وأما إن وجد غيره فلا إعادة قاله ابن عبد السلام. ثم قال ابن الحاجب: ومن تيمم في وقته وصلى ثم وجد الماء في الوقت فلا إعادة ما لم يكن كالمقصر فيعيد في الوقت، وتحتمل أبدا كالشاك هل تدركه مع العلم بوجوده والمطلع عليه بقربه والخائف والمريض العادم المناول لتقصيره في الاستعداد وفي ناسي الماء في رحله ثالثها ل ابن القاسم يعيد في الوقت اهـ أما إعادة الموقن والراجي إن قدما فلمخالفتهما ما أمرا به من التأخير كما مر وأما إعادة الخائف فتقصيره في الطلب لكن قال في التوضيح قال شيخنا إعادة الخائف مشكلة إذ لا يجوز له أن يغرر بنفسه. وأما إعادة الزمن العادم المناول فلتقصيره في الاستعداد. قال في التوضيح: إن كان ممن يتكرر عليه الداخلون فليس بمقصر ابن ناجي قلت والأقرب أنه لا إعادة عليه مطلقا لأنه إنما ترك الماء قبل دخول الوقت وهو مندوب على ظاهر المذهب وذلك لا يضر. وأما إعادة واجد الماء لقربه أو في

رحله وقد كان أضله فيه أو نسيه وإعادة المتردد في لحوقه فلتقصيرهم في الطلب أيضا والله أعلم وما ذكره الناظم من إعادة الخائف وعادم المناول لا فرق فيها بين أن يصليا في وقتهما وهو وسط الوقت أو قبله كما إذا قدما أول الوقت فقوله قدما صفة لراج فقط وألفه للإطلاق وقوله وزمن عطف على كخائف ومنا ولا مفعول عدم بفتح العين وفاعل عدم يعود على زمن وجملة عدم صفة لزمن (فرع) من أضل رحله بين الرحال وبالغ في طلبه فلم يجده فتيمم وصلى ثم وجده فلا يعيد في وقت ولا غيره قال ابن رشد ولم أر في هذا خلافا (فرع) قال ابن الحاجب وكل من أمر أن يعيذ في الوقت فنسي بعد أن ذكر لم يعد بعده وقال ابن حبيب يعيد (فذلكة مفيدة) في الأسباب الناقلة إلى التيمم وعدد المتيممين وقت تيممهم ومن يعيد منهم ومن لا يعيد ممن تيمم في وقته أو قبله أو بعده ثم وجد الماء فالأسباب الناقلة إلى التيمم ثلاثة كما في الرسالة: عدم الماء والمرض والخوف وما عداها يرجع إليها فمن دخل عليه الوقت ولا ماء معه فلا يخلو حاله من ستة أوجه إما أن يتيقن وجوده في الوقت المختار وهو الموقن وإما أن يغلب على ظنه وجوده فيه وهو الراجي وإما أن يتردد في وجوده وعدمه ويستوي عنده احتمال الوجود والعدم وهو المتردد في الوجود وإما أن يغلب على ظنه عدم وجوده فيه وإما أن ييأس من وجوده فيه، وهذا هو اليائس والمتردد إما أن يكون تردده في وجود الماء وعدمه كما مر لجهله هل بذلك الموضع ماء أم لا وإما أن يكون في إدراكه قبل خروج الوقت أو بعده مع علمه أن بذلك الموضع ماء لا محالة والمرض إما أن يكون مانعا من مس الماء ولا فرق فيه بين أن يكون حاصلاً في الحال أو مترقبا أي سواء خاف زيادة مرضه باستعمال الماء أو حدوث مرض لم يكن به وإما أن يكون المرض مانعا من تناوله حيث لا يجد مناولا مع القدرة على استعماله الخوف قسم واحد كان على النفس أو المال لاتحاد حكمهما في الجملة فالمتيممون إذا تسعة وهم بالنسبة لوقت تيممهم على ثلاثة أقسام قسم يتيمم أول الوقت وهو ثلاثة: الآيس من وجود الماء في الوقت والذي غلب على ظنه عدم

وجوده فيه والمريض الذي لا يقدر على مس الماء وقسم يتيمم وسطه وهم أربعة المتردد في لحوق الماء والمتردد في وجوده والخائف من سباع ونحوها والمريض الذي لا يجد مناولا. قسم يتيمم آخره وهو الموقن بوجود الماء في الوقت والراجي الذي غلب على ظنه وجوده فيه [فمن] تيمم منهم في وقته وصلى ثم وجد الماء في الوقت فلا يعيد إلا إن كان معه تفريط وتقصير كمن وجد الماء بقربه أو في رحله ولم يتقدم له به علم أو كان يعلمه ونسيه وهو عنده في رحله وكذلك من ألحق به كالخائف من سباع والمريض العادم للمناول والمتردد في لحوق الماء والثلاثة الأول من هذه الستة من قسم عادم الماء الذي يتيمم أول الوقت والثلاثة الأخيرة من الذين يوسطون وأما من تيمم في غير وقته فإن أخره عن وقته كمن حكمه أن يقدم فوسط وأخر، أو حكمه التوسط فأخر فلا يعيد إلا [إن] كان مفرطا أو ملحقا بالمفرط كالستة المتقدمة فيعيد أيضا كما تقدم قريبا هذا ظاهر إطلاقهم وإن الثلاثة الأول من الستة المذكورين المعيدين يعيدون في الوقت سواء قدموا أو وسطوا أو أخروا وإن الثلاثة الأخيرة منها يعيدون في الوقت أيضا سواء وسطوا كما صرحوا به ولا إشكال أو أخروا على ظاهر إطلاقهم أما إن قدم وتيمم قبل وقته فإن كان مما يوسط به يعيد إلا للتردد في وجود الماء فلا إعادة عليه لاستناده للأصل وهو العدم وإن كان ممن يؤخر ففي إعادته في الوقت وقد كنت قلت أبياتا في هذه الفذلكة لتقريبها للحفظ وهي هذه والانتقال للتيمم اعلما لمرض أو خوف أو عدم ما آخرها ليائس ظن العدم وموقن راج وشك انقسم والشك في لحوق أو وجدان ومرض قالوا له قسمان مانع من مانع التناول بالعد تسعة لكل سائل والكل منهم بوقت الاختيار يأتي صلاته بطهر الاضطرار ذو اليأس والظن لفقد قدما كذا مريض مع المس اعلما وموقن ثمنه راج أخرا ومن بقي وسط وقت قررا من شك في اللحوق أو وجدان أو خاف وذو عجز التناول رأوا

وإن يكن ماء بوقت الاختيار أعاد ضعف أربع ولا تمار من واجد للماء بقرب أو متاع من غير علم ذاكر بالرحل شاع كذلك الخائف والذي عدم مناولا شك إدراك وسم في أي وقت فعلوا التيمما ثمنه موقن راج قدما ثم الثلاثة الأولى ممن عدم ماء وأوله له كان رسم وسط وقت الظهر نصف قامة وقس عليه الغير لا ملامة آخر أن يبقى منه قدر ما فيه يصلي بعد ما تيمما جمع ذا محمد بن أحمدا ميارة بذاك يدعى أبدا عامله الإله بالفغران والفوز بالنعيم والرضوان ثم صلاة الله تترى بالدوام على النبي وآ له مع السلام حذف مضاف أيضا (فرع) إذا وجدت جماعة ماء يكفي أحدهم فقط بعد أن تيمموا فإن بادر إليه أحدهم لم يبطل تيمم الباقين إذ لا قدرة لهم عليه ومن أخذه فهو أحق به فيبطل تيممه وحده وإن سلموه لواحد منهم اختياراً فقولان قيل يبطل تيمم الجميع لأن الحكم فيه القرعة فما من واحد منهم إلا ويجوز أن يملكه بالسهم وقيل لا يبطل إلا تيمم آخذه فقط لأن ما تركه كل واحد لا تكمل به الطهارة والقولان ل سحنون قاله في البيان وهذا الفرع تعلق بقول الناظم وجود ماء وقولنا ظن العدم على حذف مضاف وعاطف أي والذي ظن وكذا قولنا وشك انقسم وقولنا وشك إدراك هما على قبل أن صلى (فرع) إذا مات صاحب الماء ومعه جنب فربه أولى به أن يخشى الجنب العطش فيضمن قيمته للورثة لا مثله فإن كان الماء بين رجلين فمات أحدهما وأجنب الآخر فقال ابن القاسمالحي أولى ويضمن قيمة نصيب الآخر لأن غسل الجنابة مجمع عليه وقال ابن العربي الميت أولى لأنها طهارة خبث وهي أولى ولأنها آخر طهارته من الدنيا (تنبيه) سكت الناظم رحمه الله عن فصلين مناسبين لهذا المحل وهما المسح على الخفين والمسح على الجبائر ولا بد من ذكر بعض ما يتعلق بالفصلين بتقريب واختصار تكميلاً للفائدة

(وأما المسح على الخفين) فقال ابن الحاجب إنه رخصة على الأصح التوضيح مقبال الأصح ما وقع في مختصر ابن الطلاع أنه مطلوب قيل بالندب وقيل بالوجوب وكان شيخنا رحمه الله يحمل بالوجوب على ما إذا كان لابسا فأراد خلعه بغير عذر لا أنه يجب عليه أن يلبس ليمسح اهـ ابن طلاع نفس مسح الخفين فرض والانتقال إليه من الغسل رخصة اهـ وانظر كيف قابلوا الرخصة بالطلب وجوبا أو ندبا مع أن الرخصة تكون واجبة ومندوبة ففي جمع الجوامع للإمام السبكي والحكم الشرعي إن تغير إلى سهولة لعذر مع قيام السبب للحكم الأصلي فرخصة كأكل الميتة والقصر والسلم وفطر مسافر لا يجهده الصوم واجبا ومندوبا ومباحا وخلاف الأولى وإلا فعزيمة اهـ والجواب والله أعلم أن كلام ابن الحاجب على حذف الصفة أي رخصة مباحة وحينئذ تحسن المقابلة بالمطلوب بقسيمة والمسح على الخفين رخصة للرجل والمرأة وإن مستحاضة في السفر والحضر وله عشرة شروط خمسة في الماسح وخمسة في الممسوح فالتي في الماسح أن يلبسهما على طهارة بالماء غير كاملة وهو غير عاص بلبسه أو سفره ولا مترفه بلبسه والتي في الممسوح أن يكون الخف جلدا طاهرا مخروزا ساتراً لمحل الفرض تمكن متابعة المشي فيه فلو لبسهما علىغير طهارة فلا يمسح اتفاقا إلا ما وقع في العتبية أو على طهارة ترابية فلا يمسح خلافا ل أصبغ ومحل الخلاف إذا لبسه بعد التيمم وقبل الصلاة وأما إذا لبسه بعدها فلا يخالف في ذلك أصبغ لانقضاء الطهارة والمشترطة حسا وحكما ولا إذا غسل إحدى الرجلين ولبس خفها ثم غسل الأخرى ولبس الآخر حتى يخلع الملبوس قبل كمال الطهارة ولا المحرم العاصي بلبسه ولا نحو الآبق العاصي بسفر ولا لابس لمجرد المسح كمن جعل في رجليه حناء ولبس الخفين ليمسح عليهما أو لبسهما لينام وكذا لا يمسح على الجورب وهو ما كان على شكل الخف من كتان أو صوف أو غير ذلك إلا أن يكون من فوقه ومن تحته جلد مخروز ففوقه ما على ظاهر القدم وتحته ما يلى الأرض لا ما يلى بشرة الرجل والحاصل أنه يشترط مباشرة المسح للجلد كان تحته غيره أم لا فإذا لبس الخف فوق الريحية أو فوق خرق ونحوها مسح عليه وإذا لبسه تحت ما ذكر فلا يمسح لكونه حائلاً بين المسح والخف ويستثنى من ذلك المهماز فيمسح عليه مع كونه فوق الخف لكن خصصه ابن عبد السلام بالراكب ولا يمسح على نجس الذات كجلد الخنزير أو بمتنجس كجلد مذكى تنجس ولا على جلد لصق بعضه على بعض على هيئة الخف ولا على خف لا يستر

الكعبين ولا على ذي الخرق الكثير وهو الذي يظهر معه جل القدم على المنصوص وقال العراقيون هو أن تتعذر مدوامة المشي عليه وهو مقيد بذوي المروآت وأما غيرهم فلا يتعذر عليه شيء ويمسح على الخف فوق الخف على المشهور فلو نزع الأعليين مسح على الأسفلين وإن نزع الخفين المفردين غسل الرجلين فلو أخر مسح الأسفلين ولو أخر غسل الرجلين قدر ما تجف فيه الأعضاء المعتدلة في الزمان المعتدل فإن كان عامدا بطل وضوؤه وإن كان ناسيا فيبني وإن طال وإذا نزع أحد الخفين وجب نزع الآخر وغسل رجليه معا فإن عسر عليه نزع الآخر وضاق الوقت ففي تيممه ومسحه عليه أو إن كثرت قيمته مسح عليه وإلا مزقه أقوال. وصفة المسح قال في المدونة أرانا مالك المسح على الخفين فوضع يده اليمنى على أطراف أصابعه من ظاهر قدمه اليمنى ووضع اليسرى تحت أطراف أصابعه من باطن خفه فأمرهما إلى مواضع الوضوء وذلك أصل الساق اهـ واختلف الشيوخ في صفة اليسرى فقال ابن شيلون يمسح اليسرى كاليمنى فيضع يده اليمنى على ظاهر أطراف أصابع رجله اليسرى ويده اليسرى من تحتها إذ لو كانت بينهما مخالفة لنبه عليها وقالابن ابي زيدوغيره يجعل اليد اليسرى على الرجل اليسرى واليمنى من أسفلها لأنه أمكن وقيل يبدأ بيديه من الكعبين مارا إلى القدم التوضيح وانظر هل يأتي الخلاف المتقدم في كون اليد اليمنى على الرجلين أو اليد اليمنى على اليمنى واليسرى على اليسرى وقيل يجعل اليد اليمنى كالصفة الأولى واليد اليسرى من عند العقب كالصفة الثانية ويمرهما مختلفتين وإذا مسح الخف الأول فإنه يغسل يده التي مسح بها أسفل الخف لما عسى أن يتعلق بها ويجدد الماء لمسح الخف الآخر لأن ما بيده من البلل ذهب في مسح الخف الأول ويزيل عنهما الطين لأنه حائل ولا يتتبع الغضون ويكره تكرار مسحه وغسله بدلاً عن مسحه ويجوز المسح عليه بالشروط المذكورة من غير توقيت بمدة من الزمن على المشهور ولا يقطعه إلا خلعه أوحدوث ما يوجب الغسل وروى ابن نافع للمقيم من الجمعة إلى الجمعة وروى أشهب للمسافر ثلاثة أيام واقتصر أي على حكم المسافر ولم يذكر حكم الحاضر وفي كتاب السر

وللمقيم يوم وليلة ولو مسح أعلاه فقط أجزأه ويعيد في الوقت وأسفله فقط لم يجزه أشهب يجزيء فيهما ابن نافع لا يجزيء فيهما (وأما المسح على الجبائر) فيمسح أولا على جراحه إن قدر فإن خشي بمسحها ضررا كما في باب التيمم مسح على الجبائر وشبهها وكذلك المرارة تجعل على الظفر والقراطاس يجعل على الصدغ وإن احتاجت إلى عصابة مسح على العصابة وإن انتشرت على المحل المألوم وإن كثرت العصائب وأمكنه مسح أسفلها لم يجزه المسح على ما فوقه ويمسح على عصابة الفصادة وغيرها إن خافها في المسح والوضوء إن شئت على غير طهارة لأن لبسها ضروري بخلاف لبس الخف فإنه اختياري فلذلك لا يمسح عليه إلا إن لبسه على طهارة ابن عرفة يمسح على العمامة إن شق مسح الرأس ويمسح على الرأس في غسل الجنابة وفتوى ابن رشديتيمم من خشي على نفسه من غسل رأسه تعقبت والمسح على الجبائر مرة واحدة كالخف فإن كان يتضرر بمسح الجراح ولا تثبت عليها الجبيرة كما لو كانت تحت المارن أو لا تمكن أصلاً كما لو كانت في أشفار العينين فإن كان ذلك في أعضاء التيمم تركها وغسل ما سواها وإن كان في غيرها فقيل يتيمم ليأتي بطهارة كاملة وقيل يغسل ما صح ويسقط موضع الجبيرة لأن التيمم إنما يكون مع عدم الماء ثالثها يتيمم إن كان كثيرا لأن الأقل يتبع الأكثر ورابعها يجمع بين الوضوء والتيمم ويقدم الوضوء ومن مسح ثم صح غسل ما مسحه مما هو في الأصل مغسول ومسح مباشرة ما فرضه المسح كالرأس والأذنين في الوضوء مما كان يمسح على جبيرته ابن عرفة يجب فعل الأصل حين البرء وتأخير ذلك تأخير للموالاة ولو نسي غسل ما كان يمسحه في غسل جنابته ففيها إن كان في مغسول الوضوء أجزأ وقضى ما قبل غسله أي من حين صحته إلى أن غسلها في وضوئه وإن لم تكن في مغسول الوضوء إن كانت ممسوحة أو في غير أعضاء الوضوء غسل وقضى كل ما صلى من حين صحته إلى أن غسلها وإن سقطت الجبيرة أو نزعها هو بعد أن مسح عليها في وضوء أو تيمم ردها ومسح وإلا كان تاركا للموالاة أيضا وإن سقطت وهو في الصلاة قطع وردها ومسح لتعلق الحدث بمحلها فقد فقد شرط من شروط الصلاة وهو طهارة الحدث المطلوبة ابتداء ودواما.

كتاب الصلاة

كتاب الصلاة فَرائِضُ الصَّلاَةِ سِتَّ عشَرَهْ شُرُوطُها أَرْبَعَةٌ مُفْتَقِرهْ الصلاة منقولة من الدعاء الذي تشتمل عليه قال عياض وتسمية الدعاء صلاة معروف في كلام العرب فأضاف الشرع إلى الدعاء ما شاء من أقوال وأفعال وقيل منقولة من الصلة وهي ما يربط بين شيئين فهي صلة بين العبد وربه وافترضها الله تعالى ليلة الإسراء وذلك بمكة قبل الهجرة بسنة وكان الفرض قبل ذلك ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي وهل فرضت ركعتين في الحضر والسفر فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر وهو قول عائشة رضي الله عنها أو فرضت أربعا ونقص منها ركعتان في السفر ويؤيده ما روي عنه أنه قال إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة والوضع لا يكون إلا من تمام قولان ووجوب الصلوات الخمس مما علم من الدين ضرورة والاستدلال عليه من باب تحصيل الحاصل فمن جحدها أو بغضها فهو كافر مرتد يستتاب فإن لم يتب قتل وكذلك بقية أركان الإسلام الخمسة واختلف فيمن أقر بوجوبها ثم امتنع من فعلها هل هو فاسق يقتل حدا ويورث إن تمادى على امتناعه أو كافر فيقتل ولا يورث ولا يصلى عليه والأول هو المشهور والثاني لابن حبيبأن من ترك الصلاة متعمدا أو مفرطا كافر ولكل من القولين دلائل ليس هذا محلها (فائدة) الصلاة من أعظم العبادات البدنية وأشرفها جمع الله فيها لبني آدم أعمال الملائكة كلهم من قيام وركوع وسجود وذكر وقراءة واستغفار وصلاة على النبي وأنواعا مهمة من أعمال بني آدم لأنها متوفقة على بذل ثمن ما يستر به عورته ويتطهر به من الماء وذلك يجري مجرى الزكاة وفيها الإمساك عن الأطيبين وهو يجري مجرى الصيام وإمساك في مكان مخصوص يجري مجرى الاعتكاف وتوجه إلى الكعبة يجري مجرى الحج ومجاهدة النفس في مدافعة الشيطان يجري مجرى الجهاد وذكر الله نعالى ورسوله

يجري مجرى الشهادتين وفيها زائد على ذلك ما اختصت به من وجوب قراءة القرآن والسجود وإظهار الخشوع وغير ذلك ولذلك قيل فيها إنها من الدين كالرأس من الجسد قال ابن حجر قال القفال من فتاويه من ترك الصلاة قصر بجميع المسلمين لأن المصلي يقول اللهم اغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات ولابد أن يقول في التشهد السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فيكون مقصرا في الخدمة لله وفي حق رسوله وفي حق نفسه وحق كافة المسلمين ولذلك عظمت المصيبة بتركها واستنبط منه السبكي أن في الصلاة حقا للعباد مع حق الله وأن من تركها أخل بجميع المؤمنين من مضى ومن يجيء إلى يوم القيامة لدخولهم في قوله فيها السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اهـ وروى أبو هريرة أن رسول الله قال من تهاون بالصلاة عاقبه الله بخمس عشرة خصلة ست منها في دار الدنيا وثلاث عند الموت وثلاث في القبر وثلاث في القيامة فأما التي في دار الدنيا فأولها ينزع الله البركة من رزقه. والثانية ينزع الله البركة من حياته. والثالثة يرفع الله سيما الصالحين من وجهه والرابعة لاحظ له في دعاءالصالحين. والخامسة كل عمل يعمله من أعمال البر لا يؤجر عليه. والسادسة لا يرفع الله عز وجل دعاءه إلى السماء وأما التي تصيبه عند الموت فيموت ذليلاً عطشانا ولو سقى كل ماء في الدنيا لم يرو عطشه أما التي تصيبه في قبره فيوكل الله به ملكا يزعجه إلى يوم القيامة. والثانية تكون ظلمة في قبره والثالثة تكون وحشة في قبره وأما التي في القيامة فأولها يوكل الله به ملكا يسحبه على حروجه في عرصات القيامة. والثانية يحاسبه حسابا طويلاً. والثالثة لا ينظر الله عز وجل إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب أليم ثم تلا {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا} اهـ ذكر الناظم في هذا البيت أن فرائض الصلاة ست عشرة فريضة وشروطها أي شروط أدائها أربعة مفتقرة أي متبعة وأعلم أن الصلاة شروطا وفرائض وسننا وفضائل والفرق بين الشرط والفرض أن الشرط خارج عن الماهية والفرض داخل فيها ثم أعلم أن الشرط على قسمين شرط وجوب وشرط أداء في التوضيح لما تكلم على شروط

الجمعة والفرق بين شروط الوجوب وشروط الأداء أن كل ما لا يطلب من المكلف كالذكورية والحرية يسمى شرط وجوب وما يطلب منه كالخطبة والجماعة يسمى شرط أداء هكذا قال ابن عبد السلام اهـ فشروط وجوبها خمسة الإسلام والبلوغ والعقل والنقاء من دم الحيض والنفاس ودخول وقت الصلاة وزاد القاضي عباس بلوغ الدعوة وقد ذكر الناظم من هذه الشروط النقاء ودخول الوقت أثناء هذا الفصل حيث فإن شرط وجوبها النقاء البيتين واكتفى عن العقل والبلوغ بما قدم صدر الكتاب في قوله وكل تكليف بشرط العقل مع البلوغ وأسقط الإسلام أيضا يناء والله أعلم على أن الكفار مخاطبون بالفروع وهو الصحيح فلا يتوقف وجوبها على الإسلام وشروط أدائها أربعة جمعها الناظم بعد في بيت واحد وهو قوله شَرْطُها الاِسْتِقْبَالُ ظُهْرُ الْخَبثِ وَستْرُ عٍورَةٍ وَطُهرُ الْحَثِ ويأتي الكلام على ذلك وعلى غيره من الفرائض والسنن والمندوبات وغير ذلك عند ذكر الناظم له إن شاء الله تعالى تكبيرة الاحْرامِ والْقِيامْ لَها وَنِيَّةٌ بِها تُرام فاتِحَةٌ مَعَ الْقهيام والرُّكُوعْ والرَّفْعُ والسُّجُودُ بالخُضُوعْ والرَّفْعُ مِنْهُ والسَّلاَمُ والْجُلُوسْ لَهُ وتَرْتِيبُ أَدَاءٍ في الأُسُوسْ والاِعْتِدالُ مُطْمَئِنا بالتِزامْ تَبَع مَامُومٌ بإِحْرَامٍ سَلاَم نِيَّتُهُ افْتِداء كَذا الامامُ في خَوْفٍ وَجَمْعٍ جُمّعَةٍ مُسْتَخْلَفٍ لما ذكر أن فرائض الصلاة ستة عشر الآن في بيانها أولها تكبيرة الإحرام أي التكبيرة التي يدخل بها في حرم الصلاة وحرمتها والحرمة ما لا يحل انتهاكه وإضافة التكبير إلى الإِحرام تؤذن بأنه غيره لامتناع إضافة الشيء إلى نفسه وهو كذلك إذا التكبير غير حرم الصلاة وهي واجبة على الإمام والفذ والمأموم ولفظها الله أكبر لا يجزي غيره ولا يجزيء إكبار بإشباع فتحة الباء لتغيير المعنى نص عليه سند قال في الذخيرة وأما قول العامة الله أكبر فله مدخل في الجواز لأن الهمزة إذا وليت ضمة جاز أن تقلب واوا والعاجز عن الكلام جملة تكفيه النية اتفاقا وأما العاجز لجهله باللغة فقال

الأبهري تكفيه النية وقال أبو الفرج يدخل في الصلاة بما دخل به الإسلام وقال بعض شيوخ القاضي عبد الوهاب يدخل الصلاة بما يرادف التكبير في لغته ولا خلاف أنه لا يعوض القراءة بلغته لأن الإعجاز في النظم العربي (فرع) وينتظر الإمام به قدر ما تستوي الصفوف لأنه إذا كبر بأثره تمام الإقامة وتشاغل المأمومون بتسوية الصفوف فاتهم جزء من الصلاة ومن فاتته الفاتحة فأنه خير كثير وإن لم يسووا صفوفهم فاتتهم صفوفهم فضيلة تسوية الصفوف (فرع) يشترط في تكبيرة الإحرام اقترانهم بنية الصلاة المعينة بقلبه ويأتي بقية الكلام على النية إن شاء الله (فرع) فيمن نسي تكبيرة الإحرام تفصيل بين أن يكون إماما أو فذا أو مأموما وفي كل منها إما أن يذكر ذلك قبل أن يركع أو بعده وإما أن يكون جازما بنسيانها أو شاكا فيه فإن نسيها الإمام فإنه يقطع متى ذكر ويبتديء بمن خلفه إن لم يذكر حتى سلم أعاد وأعادوا وهل يقطع بسلام أو دونه قال ابن رشد إن ذكر قبل الركوع قطع بغير سلام اتفاقا وإن ذكر بعد الركوع فقولان إن كبر للركوع ونوى به الإحرام فهل يجزئه كالمأموم أو لا قولان والقول بالإِجزاء خرجه أبو الفرج على عدم وجوب الفاتحة في كل ركعة والثاني مذهب المدونة وهذا إذا جزم بأنه سها عن تكبيرة الإحرام فإن شك في ذلك فقال ابن القاسم يقطع وقال ابن الماجشون يتمادى ويعيد وقال سحنون يتم ويسألهم بعد سلامه إن تيقنوا إحرامه أجزأتهم وإلا أعادوا وقيل إن شك قبل الركوع قطع وبعده تمادى وأعاد وأما المأموم إذا نسي تكبيرة الإحرام فاختلف هل يحملها عنه الإمام أم لا والمشهورة لا يحملها عنه وعلى المشهور لو ذكره قبل ركوعه كبر له وبعده ونوى بتكبيرة الإحرام ففي المدونة أجزأه ابن يونس هذا أن كبر قائما وفسر الباجي المدونة بما ينفي شرطية القيام وإن لم ينو تكبيرة الإحرام فروى الباجي يقطع وقال ابن القاسم يتمادى ويعيد وقال مالك وأصبغ أن طمع أن يدرك ركوع إمامه قطع وإلا تمادى وأعاد وعلى القطع قيل بسلام وقيل دونه في تقييد تماديه بتكبيرة قائما نقله عياض وفي قصر الإعادة على الوقت قولان للمتأخرين الشيخ عن ابن حبيب يقطع في الجمعة ويبتديء ولـ ابن القاسم في المجموعة يتمها ويعيدها ظهرر وإن لم يكبر لا للإحرام ولا للركوع وكبر للسجود فهل يتنزل منزلة تكبيرة الركوع وهي رواية محمد أو لاً وتكبيره للسجود لغو وهو قول محمد قولان واللخمي عنه تكبير السجود والرفع مثله وإن لم يكبر للسجود ابتداء اللخمي عن أبي مصعب إن شاء

قطع أو أتم وأعاد ولو شك في ترك الإحرام قبل ركوعه أو بعده ولم يكبر للركوع ابتداء بعد قطعه بسلام نقله ابن رشد ولو شك بعد تكبير ركوعه يتم ويعيد وأما الفذ إذا نسي تكبيرة الإحرام فإنه يبتدىء فإن كبر للركوع ونوى تكبيرة الإحرام لم يجزه على المشهور وخرج أبو الفرج صحته على عدم وجوب الفاتحة في كل ركعة وقال ابن شعبان أن تعمد فباطلة قالاللخميحتى على القول بأنها تحب في البعض لأن قراءتها في الباقي سنة وتركها عمدا وفي قطعه بسلام قولان فإن شك الفذهل كبر الإحرام أم لا فقيل يتمادى ويعيد وقيل يقطع ويبتدىء (الثاني من فرائض الصلاة) القيام لتكبيرة الإحرام وفرضيته لغير المسبوق متفق عليها وفي المسبوق تأويلان سببهما قول المدونة قال مالك إن كبر المأموم للركوع ونوى بها تكبيرة الإحرام أجزأه قال بعضهم إنما يصح هذا إذا كبر للركوع في حال القيام وأما لو أحرم راكعا فلا تصح له تلك الركعة وقيل يجزئه وإن كبر وهو راكع لأن التكبير للركوع إنما يكون في حال الانحطاط فمن حمل المدونة على أنه كبر في حال القيام أوجبه على المسبوق ومن حملها على أنه كبر وهو راكع أسقطه من المسبوق (الثالث النية) التي ترام الصلاة بها أي تقصد فإن اقترنت بالتكبير فلا إشكال في الإجزاء وإن تأخرت عن تكبيرة الإحرام فلا خلاف في عدم الإجزاء وإن تقدمت بكثير لم تجز اتفاقا وبيسير قولان ظاهر المذهب الإجزاء إذ لم ينقل عنهم اشتراط المقارنة المؤدية إلى الوسوسة المذمومة شرعا وطبعا ومعنى اشتراط المقارنة على القول به أنه لا يجوز الفصل بين النية والتكبير لا أنه يشترط أن تكون مصاحبة للتكبير أشار إلى ذلك المازري أبو عمر وحاصل مذهب مالك لا يضر عزوب النية بعد قصده المسجد للصلاة المعينة ما لم يصرفها لغير ذلك ولا يكفيه أن ينوي فرضا مطلقا بل لابد من تعيينه ظهرا أو عصرا أو غيرهما وتعيين ذلك ذلك بالقلب لا باللفظ هو الأولى فإن لفظ وخالف لفظه نيته فالمعتبر ما نواه دون ما لفظ به من غير نية (فرع) الأصح عدم اشتراط عدد الركعات لأن كونها عصراً مثلاً يستلزم كونها أربعا وكونها مغربا يستلزم كونها ثلاثة وكذا سائرها وفي المسافر ينوي القصر فيتم أو الإنمام فيقصر قولان مبنيان على اعتبار عدد الركعات وكذا من ظن الظهر جمعة وعكسها مشهورهما يجزىء في الأولى لأن شروط الجمعة أخص من شروط الظهر ونية الأخص تستلزم نية الأعم بخلاف العكس

(فرع) عزوب النية بعد محلها مغتفر بخلاف رفضها فإنه مبطل على المشهور كما في الصوم بخلاف الحج والوضوء فإن المشهور فيهما عدم الرفض والفرق على المشهور أن الوضوء معقول المعنى بدليل أن الحنفية لم يوجبوا فيه النية والحج محتو على أعمال مالية وبدنية فلم يتأكد طلب النية فيهما فرفضهما رفض لما هو غير متأكد وذلك يناسب عدم اعتبار الرفض ولأن الحج عبادة شاقة يتمادى في فاسده فيناسبه عدم تأثير الرفض دفعا للمشقة (فرع) لا يجب على المصلى أن يستحضر في نيته الإيمان وأداء الصلاة والتقرب بها ووجوبها نعم الأكمل استحضار ذلك نص عليه في المقدمات ولا يلزمه عند الإحرام أن يذكر حدوث العالم وأدلته وإثبات الأعراض واستحالة عن الجواهر عنها وأدلة إثبات الصانع والصفات وما يجب له تعالى وما يستحيل وما يجوز أدلة المعجزة وتصحيح الرسالة ثم الطرق التي بها وصل التكليف إليه خلافا لـ لقاضي أبي بكر وحكى عنالمازريأنه قال أردت العمل على قولالقاضي فرأيت في منامي كأني أخوض في بحر من ظلام فقلت والله أعلم هذه الظلمة التي قالها القاضي (الرابع قراءة الفاتحة) وهي واجبة على الإمام والفذ دون المأموم وأوجبها عليه ابن العربي في السرية وهذا الحكم في الفريضة وأما قرائتها في النافلة فسنة على المشهور نص عليه البرزلي ويقرؤها أثر التكبير ولا يتربص لكراهة الدعاء وغيره بينهما على المشهور ولا معنى للتربص مع السكوت ولا يتعوذ ولا يبسمل في الفريضة وله ذلك في النافلة ولم يزل القراء يتعوذون في قيام رمضان وفي جواز الجهر بالتعوذ وكراهته قولان في محله قبل الفاتحة أو بعد الفراغ منها قولان ظاهر المدونة التقديم وجواز الجهر ويجب تعلمها على من لا يحفظها إن كان في الوقت سعة وكان قابلاً للتعليم فإن ضاق الوقت عن التعليم وجب عليه أن يأتم بمن يحسنها عن الأصح وقيل تصح صلاته من غير ائتمام فإن لم يجد من يأتم به أو من يعلمه سقطت قرائتها ولا يذكر غيرها عوضها ويختلف حينئذ هل يجب القيام بقدر قراءتها أو ينبغي ذلك بقدر قراءتها وقراءة سورة أو يستحب الفل بين الإحرام والركوع بوقوف ما يكون فاصلاً بين الركعتين أقوال وقيل إذا سقطت ففرضه ذكر لما رواه الدارقطني «أن رجلاً سأل النبي فقال إني لا أحسن الفاتحة فقال قل سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله»

(فرع) قال أشهب من قرأ في صلاته بشيء من التوراة أو الإنجيل أو الزبور وهو يحسن القراءة أو لا يحسنها فقد أفسد صلاته وهو كالكلام وكذلك لو قرأ شعرا فيه تسبيح وتحميد لم يجزه وأعاد (فرع) اختلف في الفاتحة هل تجب في كل ركعة أو إنما تجب في الأكثر والقولان لـ مالكفي المدونة أو في النصف نقلهأبو عمروعن مالكأو إنما تجب في ركعة وإليه ذهبالمغيرةأربعة أقوال وفي المسألة قول خامس بالتردد بين وجوبها في الكل أو في الأكثر وينبني على القول بوجوبها في كل ركعة إن ترك الفاتحة من ركعة ألغى وأثم إن صارت الثالثة ثانية سجد قبل السلام وإلا بأن صارت الثانية أولى والرابعة ثالثة سجد بعد السلام قال اللخمي ووجهه ظاهر لأنه إن تذكر بعد عقد الثالثة أن ترك الفاتحة من الأولى أو من الثانية فقد اجتمعت له زيادة الركعة الملغاة ونقصان الفاتحة من الثالثة لصيرورتها ثانية وأما إن تذكر في قيام الثانية أو الثالثة فليس إلا محض الزيادة وكذا إن ذكر في قيام الرابعة تركها من الثالثة والحاصل أن تركها من إحدى الأوليين وتذكر بعد عقد الثالثة اجتمعت الزيادة والنقصان وإن كان قبل عقد الثالثة أو كان الترك من الأخريين فليس إلا محض الزيادة وعلى وجوبها في الأكثر قال اللخمي هي في الأقل سنة يسجد لتركها سهوا قيل ويختلف إذا تركها عمدا هل تبطل الصلاة أو تجبر بالسجود على ترك السنن عمدا وعلى وجوبها في النصف يجتزىء بسجود السهو إذا تركها في ركعة من الصبح أو ركعتين من الظهر وعلى وجوبها في ركعة قال المغيرة في النوادر من لم يقرأ في الظهر إلا في ركعة أجزأ سجود السهو قبل السلام وعلى التردد بين وجوبها في الكل أو في الجل يسجد قبل السلام إذا تركها من ركعة ثلاثية أو رباعية ويعيد الصلاة قال الشيخ أبو محمد وهذا أحسن ذلك إن شاء الله ووجهه أنه لا يلغى تلك الركعة ويأتي بغيرها لاحتمال عدم وجوب فإذا ألغاها وزاد ركعة احتمل بطلان الصلاة لزيادته فيها ركعة عمدا ثم إنه إذا سجد قبل السلام ولم يلغ في الركعة فإنا نأمره

بالإعادة مراعاة للقول بوجوبها في كل ركعة وقد أخل بها في ركعة وهذا القول رجحه ابن القاسم مرة وجعله اللخمي المشهور أنظر التوضيح إلا أن فيه طولاً (الخامس القيام لقراءة الفاتحة) ابن يونس والقيام للإمام والفذ قدر أم القرآن من الفرض المتفق عليها التوضيح وهل هو لأجل الفاتحة أو فرض مستقل وتظهر فائدة الخلاف إذا عجز عن الفاتحة وقدر عليه أي هل يجب القيام قدر قراءتها أم لا كما مر قال أيضا ولا يجب القيام على المأموم للفاتحة إلا من جهة مخالف الإمام عند من يقول بأنه واجب لها (السادس الركوع) وأقله أن ينحني بحيث تقرب راحتاه أي كفاه من ركبتيه ويستحب أن ينصب ركبتيه ويضع كفيه عليهما ويجافي مرفقيه ولا ينكس رأسه إلى الأرض بل يكون ظهره مستويا (السابع الرفع من الركوع) فإن أخل به وجبت الإعادة على المشهور لقوله عليه الصلاة والسلام للأعرابي «صل فإنك لم تصل» والشاذ رواية عن مالك أن الرفع سنة وسمع ابن القاسم من خص من ركعته ساجدا لم يعتد بها وأحب تماديه معتدا بها ويعيد صلاته ابن المواز وإن فعله سهوا فيرجع منحنيا إلى ركعته لايرجع قائما فإن فعل أعاد صلاته وإن رجع محدودبا كما مر يريد ثم رفع سجد بعد السلام وأجزأته وإن كان مأموما حمل إمامه سجود السهو (الثامن السجود) وينبغي أن يكون مصحوبا بخضوع وتذلل مستحضرا كونه واقفا بين يدي من لا تخفى عليه خافية سبحانه وتعالى والسجود تمكين الجنة والأنف من الأرض قال في المدونة قال مالك: والسجود على الجبهة والأنف جميعا ابن القاسم فإن سجد على الأنف دون الجبهة أعاد أبدا وإن سجد على الجبهة دون الأنف أجزأه عبد الوهاب ويعيد في الوقت استحبابا اهـ وقيل بالإجزاء مع الإقتصار على السجود على أحدهما حكاه أبو الفرج عن ابن القاسم وقال: يعيد في الوقت وقيل ينفي الإجزاء حتى يسجد عليهما معا وهو لـ ابن حبيب. ويستحب تقديم اليدين قبل الركبتين في الهوى إلى السجود وتأخيرهما عند القيام. ويأتي الكلام على السجود على غير الجبهة والأنف إن شاء الله ويستحب مباشرة الأرض بالوجه واليدين لأن ذلك من التواضع ولذلك لم يتخذ في مسجدي الحرمين حصير ويخير في مباشرة الأرض بغيرهما فإن عسر ذلك لحر أو برد ونحوه فيما لا ترفه فيه كالخمر والحصير وما تنبته

الأرض بخلاف ثياب الصوف والكتان والقطن. فالمشهور كراهة السجود عليها خلافا لابن مسلم والأولى وضع يديه على ما يضع عليه جبهته والخمرة بضم الخاء حصير صغير من جريد سمى بذلك لأنه يخمر وجه المصلي أي يغطيه (التاسع الرفع من السجود) التلقين الفصل بين السجدتيتن من أركان الصلاة قال بعض أصحاب سحنون من لا يرفع يديه من السجود لا يجزئه وخفف ذلك بعضهم (العاشر السلام) ويتعين لفظ السلام عليكم بتعريف لفظ السلام بأل وجمع ضمير عليكم تقديم لفظ السلام فلو نكره فقال سلام عليكم فالمشهور لا يجزىء وقال ابن شبلون بالإجزاء ولو جمع بين التعريف والتنوين فقال ابن عرفة يجزىء ذلك على خلاف اللحن في الفاتحة ولو عرف بالإضافة كسلامي أو سلام الله عليكم لم يجزه وكذا لو قدم الخبر على المبتدأ فقال عليكم السلام وقال ابن ناجي حكى صاحب الحلل قولاً بالصحة ولا أعرفه ويجمع ضمير عليكم سواء كان المصلي فذا أو إماما أو مأموما فإن كان إماما فلا فرق بين أن يكون خلفه رجل فقط قولاً أنه يختلف بحسب المسلم عليه من تذكير وتأنيث وإفراد وتثنية وجمع كما تقتضيه اللغة وهل يشترط أن ينوي السلام بالخروج من الصلاة كما نوى بالإحرام الدخول به فيها أو لا يشترط ذلك قولان (الحادي عشر الجلوس للسلام) ابن عرفة من فروض الصلاة جلوس قدر التسليم ابن الحاجب ويستحب في جميع الجلوس جعل الورك الأيسر على الأرض ورجلاه من الأيمن ناصبا قدمه اليمنى وباطن إبهامه على الأرض وكفاه مفتوحتان على فخذيه قال في الرسالة وإن شئت أحنيت اليمنى في انتصابها فجعلت جنبيها إلى الأرض فواسع (الثاني عشر ترتيب أداء الصلاة) بحيث يقدم القيام على الركوع والركوع على السجود والسجود على الجلوس القباب فلو عكس أحد صلاته فبدأ بالجلوس قبل القيام أو بالسجود على الركوع وما أشبه ذلك لم تجزه صلاته بإجماع. قوله في الأسوس يتعلق بمحذوف صفته لترتيب والأسوس الأصول ويعنى بها هنا الفرائض واحترز بذلك من ترتيب الأداء بين الفرائض والسنن كتقديم الفاتحة على السورة أو فيما بين السنن كرد المأموم السلام على إمامه ثم على من على يساره فإن ذلك سنة لا واجب والله أعلم (الثالث عشر الاعتدال) وهو نصب القامة ابن الحاجب فلو لم يعتدل فقال ابن القاسم أجزأه ويستغفر وقال أشهب لا يجزئه وقيل إلى قارب أجزأه

(الرابع عشر الطمأنينة) وهي استقرار الأعضاء وسكونها ولا ملازمة بينها وبين الاعتدال إذ قد يعتدل بنصب قامته من غير أن تسكن أعضاؤه وقد يطمئن بسكون أعضائه من غير أن ينصب قامته ووجوب الطمأنينة هو المشهور وقال ابن رشد عن سماع عيسى سنة وصوبه ولما كان قوله مطمئنا حال غير لازمة من المعتدل المدلول عليه بالاعتدال وخاف أن يتوهم أن ذلك الاطمئنان على طريقي الأولى فقد زاد بعده ما يرفع هذا الوهم ويبين كونه من الفرائض وهو قوله بالتزام والله تعالى أعلم فهو متعلق بمحذوف حال من الاعتدال (الخامس عشر متابعة المأموم لإمامه) في الإحرام والسلام بمعنى أنه لا يحرم إلا بعد أن يحرم إمامه ولا يسلم إلا بعد سلام إمامه فمساواة المأموم إمامه فيهما مبطلة وأحرى مسابقته له فيهما فيعيد الإحرام إن سبقه به أو ساواه وتبطل إن ساواه في السلام أو سبقه به وهذا هو المشهور ويتصور هنا تسع صور في الإحرام ومثلها في السلام وذلك أن المأموم إما أن يبتدىء الإحرام أو السلام قبل إمامه أو معه دفعة واحدة أو بعده وفي كل منها إما أن يتم قبله أو معه أو بعده قال ابن رشد إن بدأ المأموم التكبير بعد بدء الإمام صح أتم بعده أو معه وأما إن أتم قبله فقال ابن عرفة الأظهر بطلانها لأن المعتبر كل التكبير لا بعضه وإن بدأ المأموم قبل إمامه بطل سواء أتم قبله أو معه أو بعده وإن بدأ مع الإمام دفعة فقالمالك مرة يعيد بعده فإن لم يفعل وأتمه معه أو بعده ففي صحته قولان الصحة لابن قاسم معابن عبد الحكم والبطلان لابن حبيب وأصبغ اهـ بالمعنى وبقي حكم صورة واحدة من هذه الثلاث الأخيرة وهي إذا بدأ معه وأتم قبله ويظهر من قول ابن عرفة فيما إذا بدأ بعده وختم قبله الأظهر البطلان أن البطلان في هذه الصورة أولى والله تعالى أعلم وفهم من قوله إحرام أو سلام أن متابعة المأموم إمامه في غير الإحرام والسلام غير واجبة وهو كذلك ابن الحاجب وتستحب المتابعة في غيرهما اهـ فإن خالف هذا المستحب وفعل مع الإمام دفعة واحدة فمكروه وإن سبقه فقد فعل صلاة التوضيح قال مالك ومن سها فرفع قبل إمامه في ركوع قبل إمامه في ركوع أو سجود فالسنة أن يرجع راكعا أو ساجدا قال الباجي إن علم أنه يدرك الإمام راكعا لزمه الرجوع إلى موافقته وإن علم أنه لا يدرك الإمام راكعا فقال أشهب لا يرجع ورواه ابن حبيب عن مالك وقال الرجوع إلى موافقته وإن علم أنه لا يدرك الإمام راكعا فقال أشهب لا يرجع ورواه ابن حبيب عن مالك وقال سحنون يرجع ويبقى بعد الإمام بقدر ما انفرد الإمام قبله ثم قال وهذا حكم الرفع قبل الإمام وأما الخفض قبله كركوع أو سجود فإنه غير مقصود في

نفسه جلا خلاف في المذهب وإنماالمقصود منه الركوع والسجود فإنه قام بعد ركوع الإمام راكعا أو ساجدا مقدار فرضه صحت صلاته إلا أنه قد أساء في خفضه قبل إمامه (السادس عشر نية الاقتداء) على المأموم مطلقا وعلى» الإمام في بعض الصلوات فيجب على المأموم أو ينوي أنه مقتد بالإمام ومتبع له وإلا لما وقع التمييز بينه وبين الفذ وان لم ينوه بطلت ويجب على الإمام أن ينوي أنه مقتدى به وإمام في أربع مسائل في صلاة الخوف على هيئتها المعروفة وفي الجمع ليلة المطر وفي صلاة الجمعة وفي الاستخلاف فيلزم المستخلف بالفتح أن ينوي كونه إماما لأنه دخل ابتداء على أنه مأموم فلما صار إماما لزم نية ما صار إليه فهذه فريضة واحدة وهي نية خاصة زائدة على النية المشترطة في سائر العبادات وهي نية الاقتداء بإمام بالنسبة للمأموم ونية الإمامة وكونه مقتدى به بالنسبة للإمام في مسائل خاصة ابن عبد السلام كان بعض أشياخنا يقول في نية الاقتداء هذا الشرط لابد منه ولكن لا يلزم التعرض إليه بما يدل عليه مطابقة إذ هناك ما يدل عليه التزاما كانتظار المأموم أمامه بالإحرام ولو سئل حينئذ عن سبب الانتظار لأجاب بأنه مأموم وما قاله ظاهر اهـ التوضيح قال ابن عبد السلام وحكى بعض الأندلسيين عن ابن القاسم اشتراط نية الإمام مطلقا ابن رشد في كتاب القصد والإيجاز قال عبد الوهاب لا يفتقر الإمام عند مالك أن ينوي أنه إمام وإنما يفتقر إلى ذلك المأموم فينوي أنه مؤتم وإلا بطلت صلاته وإنما تلزم الإمام النية في أربعة مواضع أحدها إذا كان إماما في الجمعة إن الجماعة شرط فيها فلابد أن ينوي مصليها كونه إماما الثاني صلاة الخوف على هيئتها لأن أداها على تلك الصفة لا يصح إلا إذا كان إماما الثالث المستخلف يلزمه أن ينوي الإمامة لتمييز بين نية المأمومية والإمامية الرابع فضيلة الجماعة فإنها لا تحصل إلا أن ينوي أنه إمام فإن قيل فما تقولون فيمن صلى منفردا ينوي الانفراد ولا ينوي الإمامة فصلى رجل خلفه فهل تحصل لصاحب الصلاة فضيلة قيل له أما المأموم فنعم لأنه نواها وأما الإمام فلا لأنه لم ينوها اهـ وخالفه اللخمي في هذا ورأى أنه تحصل للإمام أيضا فضيلة الجماعة وإن لم ينو الإمامة خليل وتسامح أي عبد الوهاب في الرابع لأنها غير لازمة وإنما هي شرط في حصول فضل الجماعة ولذلك قال المازري بعد ذكر الثلاثة ويجب أن تشترط نية الإمامة في تحصيل الجماعة لأن الإمام إنما تكتب له فضيلة الجماعة إذا نواها ولم أر من أضاف الجمع إلى الثلاثة الأول إلا المتأخرين كالالمصنف والقرافي ولما ذكر ابن عطاء الله الثلاثة الأول قال وظهر لي أن يلحق بها جمع الصلاتين ليلة المطر إذ لا يكون إلا في الجماعة فينبغي أن ينوي الإمام الإمامة فيها

كالجمعة ثم ينظر هل يشترط ذلك في الثانية من الصلاتين لأنها التي ظهر تأثير الجمع فيها لتقديمها على وقتها أو لا يشترط فيها إذ السنة الجمع والجمع لا يعقل إلا بين اثنين اهـ كلام التوضيح وظاهره أن الخلاف ابتداء هل ينوي الجمع عند الأولى وعند الثانية وظاهر قول ابن الحاجب وينوي الجمع عند الأولى فإن أخره إلى الثانية فقولان أن محل النية عند الأولى اتفاقا فإن وقع ونزل وأخر إلى الثانية فقولان فانظر ذلك ثم قال في التوضيح وزاد ابن بشير مسألة أخرى وهي صلاة الجنازة فأوجب فيها على الإمام نية الإمامة بناء على اشتراط الجماعة فيها وفيه نظر فإنه نص في المدونة على أنه لو لم يمكن الإنشاء صلين أفذاذا وصرح في الجواهر بأن الجماعة غير مشروطة فيها اهـ ولم يذكر الناظم وجوب نية الإمامة في صلاة الجنازة لمخالفتها للمدونة والجواهر كما هي قريبا ولانية الإمامة لتحصيل فضل الجماعة ولأنها شرط في تحصيل الفضل المذكور وليست فرضا من فرائض الصلاة فتعد مع الفرائض (فرع) من افتح الصلاة وحده منفردا وجد جماعة فلا ينتقل إليها لأن نية الاقتداء فات محلها وهو أول الصلاة ومن افتتحها مع جماعة فلا ينتقل إلى الانفراد لأن المأموم ألزم نفسه نية الاقتداء واختلف في مريض اقتدى بمثله فصح المأموم فقال سحنون يخرج من صلاة الإمام ويتم لنفسه فيخرج إذ لا يجوز لقائم أن يأتم بقاعد ويتمها ولا يقطع لدخوله بوجه جائز وقال يحيى بن عمر يتمادى معه يريد مراعاة لمن أجاز ذلك ابتناه وهو ما لم يطرأ عذر على الإمام كالرعاف فإن طرأ عليه عذر جاز لهم في غير الجمعة أن يتموا صلاتهم أفذاذا (تنبيهات) الأول أشعر قول الناظم والسجود بالخضوع بطلب الخضوع وهو الخشوع في الصلاة ابن عرفة عن ابن رشد الخشوع الخوف باستشعار الوقوف بين يدي الخالق فرض غير شرط ولا في ركن منها مظنة للإقبال عليها اهـ وقيل هو غض البصر وخفض الجناح وحزن القلب قال الشيخ زروق عند قوله في الرسالة وتعتقد الخضوع بذلك بركوعك وسجودك حض على الخشوع وقد عده عياض في فرائض الصلاة وقال ابن رشد وهو من الفرائض التي لا تبطل الصلاة بتركها وقال بعص الصوفية من لم يخشع في صلاته فهو إلى العقوبة أقرب وقال بعض من اختصر الإحياء حضور القلب في الصلاة واجب بإجماع ولا يجب في كلها إجماعا وإنما يجب في جزء وينبغي أن يكون عند تكبيرة الإحرام والمشهور أن الفكر بدنيوي مكروه اهـ وقال القرطبي في تفسير سورة قد أفلح اختلف الناس في الخشوع هل هو من فرائض الصلاة

أو من فضائلها ومكملاتها على قولين والصحيح الأول ومحله القلب وهو أول عمل يرفع اهـ ابن رشد لم يعدو الخشوع في الفرائض من أجل أنها لا تبطل صلاة من لم يخشع في صلاته أو في شيء منها اهـ لـ ابن العربي ما يقتضى البطلان نقله عن القباب في شرح القواعد (الثاني) فرائض الصلاة التي عد الناظم على قسمين قسم فرض في الصلاة في الجملة فذا أو جماعة وهي الأربعة عشر الأول ومن جملتها الفاتحة فإنها فرض مطلقا لكن في صلاة الفذ عليه وفي الجماعة على الإمام وقسم فرض في خصوص صلاة الجمعة وهو الخامس عشر والسادس عشر وعبر ابن الحاجب وغيره عن القسم الثاني بالشروط فقال وشروط الاقتداء أربعة نية الاقتداء بخلاف الإمام إلا في الجمعة والخوف والمستخلف وقد تقدم ذلك ثم قال الثاني أن لا يأتم في فرض بمتنقل أي لا يجوز لمن يصلي فريضة أن يأتم بمتنقل ويجوز العكس وهو أن يأتم المتنقل بالمفترض في السفر وفي الحضر على القول بجواز النفل أربعا ثم قال الثالث أن يتحد الفرضان في ظهرية أو غيرها أي فلا يصلي الظهر خلف من يصلي العصر ولا بالعكس التوضيح ويشترط أيضا أن تتحد الصلاتان في الأداء والقضاء فلا يصلي ظهرا قضاء خلف من يصلي ظهرا أداء ولا بالعكس ثم قال الرابع المتابعة في الإحرام والسلام إذا علمت هذا اتجه لك البحث مع الناظم رحمه الله تعالى من وجهين أحدهما اقتصاره على اثنين فقط وهما الأول والرابع في كلام ابن الحاجب الثاني تعبيره عنهما بالفرض مع أن غيره عبر بالشرط وهما متاينان كما تقدم أول هذا الباب وقد عد الشيخ خليل رحمه الله نية الاقتداء في الفرائض ثم عدها أيضا في شروط الاقتداء قال شارحه الإمام التتائي أجاب عنه بعض مشايخي باختلاف الجهة ففريضتها بالنسبة للصلاة وشرطيتها بالنسبة للاقتداء قال وهذا جلي من كلامهم اهـ قال التتائي وفيه شيء وقد يقال أن المصنف أشار بما هنا وهناك إلى قولين بالركنية والشرطية اهـ وعلى هذا فعد الناظم نية الاقتداء من الفرائض أما بالنسبة للصلاة على الجواب الأول أو على القول أنها فرض على الجواب الثاني ومثل هذا والله أعلم يقال في المتابعة إذ هي نتيجة الاقتداء فهي فرض باعتبار شرط باعتبار آخر وهذا هو الجواب عن الوجه الثاني وهو التعبير

عن المتابعة ونية الاقتداء بالفرض مع تعبير غير الناظم عنهما بالشرط وأما جواب الأول وهو اقتصاره على هذين فقط فلأن الاثنين الباقيين شرطان صريحان غير محتملين ولي كنية الاقتداء والمتابعة وهو لم يتعرض هنا إلا للفرائض الثالث تقدم أن القيام للإحرام والفاتحة فرض وتلك في حق القادر عليه بلا مشقة أما العاجز عنه أو القادر عليه بمشقة أو من خاف إن قام ضررا من حدوث مرض أو زيادته أو تأخر برء كما في التيمم فإنه يسقط عنه فيتوكأ فإن لم يقدر جلس وكذا من حدث ذلك فيها ثم أعلم أن للمصلي سبع مراتب أربع ترتيبها على الوجوب وثلاثة على الاستحباب فالأربع أن يقوم مستقلاً أي غير مستند إلى حائط ونحوه ثم يجلس مستقلا ورجلاه إلى القبلة ثم مستندا فمتى قدر على واحدة وانتقل إلى التي تليها بطلت صلاته والثالث أن يستلقي على جنبه الأيمن كالملحد ثم على ظهره مستلقيا على جنبه الأيسر إن صلى على ظهره أو على جنبه الأيسر مع قدرته أن يصلي على جنبه الأيمن فصلاته صحيحة وقد ترك مستحبا ومن قدر على القيام مستقلا ثم استند فإن كان بحيث لو أزيل العماد سقط بطلت صلاته ولا بأس بالجلوس في النافلة مع القدرة على القيام قال بعض الشيوخ إلا الوتر وركعتي الفجر لقولها لا يصليان في الحجر اهـ أي فقد ألحقهما بالفرض في منع إيقاعهما في الحجر والفرض لا يصلي جالسا قال بعضهم وقد ألحق الوتر بالنوافل في جوازه على الدابة للمسافر وعليه فيصلي جالسا قلت والفجر أخف والله أعلم والاستناد يكون لغير الجنب والحائض ومن استند إليهما أعاد في الوقت قاله ابن قاسم في العتبية وفي علة ذلك خلاف ويوميء بالسجود إذا لم يقدر ويكره رفع شيء يسجد عليه فإن عجز عن جميع أفعال الصلاة ولم يقدر على شيء إلا على النية فلا نص في مذهبنا وعن الشافعي وجوب القصد إليه لقوله «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» وعن أبي حنيفة سقوطها لأن النية وسيلة لتمييز غيرها وقد تعذر الفعل المميز فلا يخاطب بالنية كما في حق العاجز عن الصوم وغير ذلك ويمكن أن يكون سبب الخلاف بين الحنفي والشافعي هل النية شرط فلا تجب كسقوط الوضوء عند سقوط الصلاة أو ركن فتجب والنص المنفي في مذهبنا هو الصريح وأما الظواهر فموجودة قال في الجلاب والكافي ولا تسقط الصلاة عنه ومعه شيء من عقله ونحوه في الرسالة فإن قدر على حركة بعض الأعضاء

من رأس أو يد أو حاجب فقال ابن بشير لا خلاف أنه يصلي ويومىء بما قدر على حركته انتهى ومن عجز عن الركوع والسجود والجلوس وقدر على القيام فإنه يصلي قائما إيماء وهل يومىء قدر وسعه لأنه أقرب إلى الأصل أو ما يصدق عليه إيماء دون نهاية طاقته تأويلان ومن فرضه الإيماء كمن بجبهته قروح تمنعه السجود عليها فسجد على أنفه فقال أشهب يجزئه واختلف بجزئه واختلف المتأخرون في مقتضى قول ابن القاسم هل الإجزاء أم لا والمريض الذي لا يستطيع القيام والركوع والرفع منه والسجود والجلوس لكن إذا سجد لا يستطيع النهوض إلى القيام فقيل يصلي الأولى قائما بكمالها ويتم بقية الصلاة جالسا وإليه مالالتونسي واللخمي وابن يونس قالبعض المتأخرين يصلي الثلاث الأول إيماء أي يومىء لركوعها وسجودها وهو قائم ثم يركع ويسجد في الرابعة ومن قدر على القيام قدر على قراءة الفاتحة وعجز عن قراءتها أو بعضها قائما لدوخة وغيرها فالمشهور الجلوس لأن القيام إنما وجب لها فإذا لم يقدر أن يقف لها سقط وعلى أن القيام فرض مستقل يقف على قدر طاقته ثم يجلس لقراءتها وكذا إن عجز عن القيام لكل الفاتحة فينتقل إلى الجلوس قاله ابن بشير وأما العاجز عن قيام السورة فيركع إثر الفاتحة قاله اللخمي وابن رشد ويستحب للمصلي جالسا التربع على المشهور لأنه بدل عن القيام ويغير جلسته بين سجدتيه وقيل كجلوس التشهد واختاره المتأخرون ابن الحاجب ويكره الإقعاء وهو أن يجلس على صدور قدميه أبو عبيد على أليتيه ناصبا قدميه وقيل ناصبا فخذيه والرمد يتضرر بالقيام والركوع والسجود كغيره من ذوي العذر ويجوز قدح العين المؤدى إلى الجلوس فإن أدى إلى استلقاء منع فإن فعل أعاد أبدا وعلل بعدم تحقق النجح وقال أشهب معذور وهو الصحيح وإذا وجد المريض في نفسه قوة انتقل إلى الأعلى فإن كان جالسا قام وإن كان يومىء ركع وسجد وهكذا لا ينتقل قادر على القعود مضطجعا على الأصح ومن افتتح النافلة قائما ثم شاء الجلوس فقولان لـ ابن القاسم وأشهب بخلاف العكس فيجوز اتفاقا والله أعلم وقسم اللخمي المسألة إلى ثلاة أقسام إن التزم القيام لم يجلس وإن نوى الجلوس جلس وإن نوى القيام ولم يلتزمه فالقولان المواق قد يستحب أن يتم النافلة جالسا إذا أقيمت عليه الصلاة وهو في النافلة أيضا إذا كان مسبوقا في الأشفاع في رمضان اهـ شَرطُها الاِستقْبَالُ طُهْرُ الخْبَثِ وستْرُ عَوْرَةٍ وطُهْرُ الحَدَثِ بالذِّكْرِ والْقُدرَةِ في غيْرِ الاخِيرْ تَفرِيعُ ناسِيَها وعاجِزٌ كَثِيرْ

ندبًا يعيدان بِوَقْتٍ كالْخطا في قِبْلَةٍ لا عَجْزِها أوِ الْغطا أخبر أن شرط الصلاة أي شروط أدائها أربعة وعبر بالشرط بلفظ المفرد لأن المراد الجنس. الأول استقبال القبلة وهو شرط في الفرائض في الحضر والسفر وفي النوافل أيضا إلا في السفر الطويل لراكب الدابة فيجوز تنفله حيثما توجهت به دابته وترا أو غيره سواء ابتدأ الصلاة إلى القبلة ثم تحول عنها أو افتتحها إلى غيرها على المشهور وقال ابن حبيب يفتتحها إلى القبلة ثم يصلي كيفما أمكنه ويوميء الراكب بالركوع وبالسجود أخفض منه وإن قرأ سجدة أو مألها ابن عرفة وسمع ابن القاسم المصلي في محمله يعيا فيمد رجليه أرجو خفته ولا يصلي محولا وجهه لدبر البعير ابن رشد ول كان تحوله تلقاء الكعبة وسمع القرينان أرجو أن لا بأس بتنحية وجهه عن الشمس تستقبله والمراد بالنوافل ما عدا الفرائض ولا ينتقل على الدابة في سفر لا تقصر فيه الصلاة لقصره أو لكونه سفر معصية وخرج براكب الدابة الماشي فلا يجوز له النفل عندنا ماشيا لغير القبلة وراكب السفينة فلا ينتقل إلا إلى القبلة إن دارت دار معها وروى ابن حبيب كالدابة وشرطية الاستقبال مقيدة بالذكر والقدرة دون العجز والنسيان كما صرح به الناظم في البيت الثاني فمن صلى لغير القبلة عامدا قادرا على استقبالها فصلاته باطلة ومن صلى لغيرها ناسيا أعاد في الوقت كما نبه عليه بعموم قوله ندبا يعيدان بوقت وعبر عنه ابن رشد بالمشهور وقال القابسي يعيد أبدا وإن كان عاجزا لمرض منعه التحول إليها أو القتال حال الصلاة أو خوف أو نحوه فلا إعادة عليه لقوله لا عجزها ولا فرق في شرطية الاستقبال مع الذكر والقدرة بين ابتداء الصلاة ودوامها فمن افتتح الصلاة للقبلة ثم تحول عنها فهو كمن ابتدأها لغيرها ويأتي حكمه إن شاء الله (الثاني طهارة الخبث) وهو النجس أي إزالة النجاسة عن الثوب والبدن والمكان وهو شرط ابتداء ودوام أيضا فمن افتتح الصلاة طاهرا فسقطت عليه نجاسة بطلت صلاته ولو زالت عنه من حينها وقد تقدم هذا واقتصر على كونها شرطا وهو أحد القولين المبنيين على كونها واجبة أي إذا قلنا بوجوبها فهل هي واجبة شرط أو واجبة غير شرط وقيل فيها بالسنية وقيل بالاستحباب وقيد الناظم شرطيتها بالذكر والقدرة دون العجز والنسيان وعليه فمن صلى بنجاسة ثوبه أو بدنه أو مكانه ذاكرا قادرا على إزالتها أعاد أبداً وإن صلى بها ناسيا أو ذاكرا لكن عجز عن إزالتها أعاد في الوقت كما نبه عليه بقوله ندبا يعيدان بوقت وقد تقدم هذا في التبيه السابع أول كتاب الطهارة فراجعه إن شئت الثالث ستر العورة وهو أيضا شرط مع الذكر والقدرة ساقط مع العجز والنسيان فمن صلى مكشوف العورة ذاكرا غير ناسي قادر على سترها فصلاته باطلة ومن

صلى كذلك ناسيا أو عاجزا عما يسترها به تبطل صلاته ثم إن كان ذلك للعجز فوجد ثوبا في الوقت فلا إعادة عليه كما نبه عليه بأو الغطا وإن كان ناسيا ثم تذكر فلم أقف الآن على حكمه وظاهر عموم قول الناظم ندبا يعيدان بوقت أنه يعيد في الوقت ويظهر من كلام ابن رشد أن ستر العورة في الصلاة واجب ابتداء ودواما أيضا لاستقبال وطهر الخبث والحدث ونص المسألة على نقل المواق، قال ابن القاسم ولو سقط ساتر عورة إمام في ركوعه فرده بالقرب بعد رفع رأسه لكن لم يقدر على رده قبل أن يرفع لا شيء عليه ابن رشد فلو لم يرده بالقرب لأعاد في الوقت على أصله إن ستر العورة من سنن الصلاة ويأتي على القول بأنها من فرائض الصلاة أن يخرج ويستخلف فإن تمادى واستتر بالقرب فصلاته وصلاتهم فاسدة اهـ والشاهد لمدعانا قوله ويأتي على القول إلى آخره إنه كالصريح في وجوبها دواما حيث أمره بالخروج واستخلاف وإن استتر وتمادى بطلت عليهم أيضا وبنى ذلك على القول بالوجوب وإليه ذهب الناظم حيث عده شرطا إذ شرطيته مفرعة على القول بالوجوب وقد حكى ابن عرفة في سنية ستر العورة ووجوبه قولين ورد قول ابن بشير المذهب كله على الوجوب والخلاف إنما هو في كونه شرطا أم لا فانظره ابن شاس واعلم أن ستر العورة عن أعين الناس واجب اتفاقا وهل يجب في الخلوة أو يندب قولان وإذا قلنا لا يجب فهل يجب للصلاة في الخلوة أو يندب إليه فيها ذكر ابن رشد في ذلك قولين عن اللخمي، قال ابن بشير وليس كذلك وإنما المذهب على قول واحد وهو وجوب الستر والخلاف إنما هو في كونه شرطا أم لا والستر بفتح السين المصدر وهو المراد هنا وأما بكسرها فهو ما يستر به الرابع طهارة الحدث وهي شرط ابتداء ودواما فمن افتتح الصلاة متطهرا ثم أحدث فيها بطلت كمن افتتحها محدثا ولا تتقيد شرطيتها بالذكر والقدرة كالشروط الثلاثة المتقدمة بل هي شرط حتى مع العجز والنسيان فمن صلى محدثا أعاد أبدا سواء كان ذاكرا للطهارة قادرا عليها أو ناسيا لها عاجز عنها إلا من عدم الماء والصعيد على الخلاف المتقدم وإلى ذلك أشار الناظم بقوله بالذكر والقدرة في غير الأخير والأخير هو طهارة الحدث (قوله) تفريع ناسيها وعاجز كثير: ضمير ناسيها للشروط الثلاث الأول التي قيدت شرطيتها بالذكر والقدرة أي فروع ناسي تلك الشروط والعاجز عنها كثيرة ولما ذكر أن فروع ناسيها والعاجز عنها كثيرة تشوقت النفس لحكم تلك الفروع فأفاده بقوله ندبا يعيدان البيت أن عد تلك الفروع ستة لأن النسيان والعجز إما عن القبلة فيكون صلى لغيرها ناسيا مع علمه بجهتها أو عاجزا عن التحول إليها وإما عن طهارة

الخبث فيكون صلى بنجاسة ناسيا أو عاجزا وإما عن ستر العورة فيكون صلى مكشوفها ناسيا أوعاجزا والحكم فيها الإعادة في الوقت على جهة الاستحباب إلا العاجز عن استقبال القبلة أو عن ستر العورة المعبر عنه بالغطا فلا إعادة عليهما لقوله لا عجزها أو الغطا فبقي قوله ندبا يعيدان بوقت شاملا لناسي الاستقبال وستر العورة والمصلي بنجاسة ناسيا أو عاجزا وقوله كالخطا في قبلة تشبيه لإفادة الحكم المذكور وهو الإعادة في الوقت ومعناه أن من اجتهد في طلب جهة القبلة فأداه اجتهاده إلى جهة فصلى إليها ثم تبين له الخطأ أو أنه صلى لغير القبله إنه يعيد في الوقت أما في إعادة من صلى لغير القبلة ناسيا أو مخطئا أو متعمدا أو جاهلا فقال في البيان ومن صلى لغير القبلة مستدبرا لها أو مشرقا أو مغربا عنها ناسيا أو مجتهدا فلم يعلم حتى فرغ من الصلاة فالمشهور في المذهب أن يعيد في الوقت من أجل أنه يرجع إلى اجتهاده من غير يقين وقيل يعيد في الوقت أو بعده وهو قول المغيرة وابن سحنون كالذي يجتهد فيصلي قبل الوقت، وذكر عن أبي الحسن القابسي أن الناسي يعيد أبدا بخلاف المجتهد وأما من صلى لغير القبلة متعمدا أو جاهلا بوجوب استقبال القبلة فلا اختلاف في وجوب الإعادة عليه أبدا اهـ وفهم من قوله فلم يعلم حتى فرغ من الصلاة أنه إن علم ذلك وهو في الصلاة فلا يكون حكمه كذلك قال في المدونة ومن علم وهو في الصلاة أنه استدبر القبلة أو شرق أو غرب طع وابتدأ وإن علم في الصلاة أنه انحرف يسيرا فلينحرف إلى القبلة ويبني وقال أشهب يدور إلى القبلة ولا يقطع ابن الحاجب ولو قلد الأعمى ثم أخبر بالخطأ فصدق احرف وقال سحنون إلا أنه يخبره عن يقين فيقطع انتهى، والوقت في الظهرين اصفرار الشمس وفي العشاءين طلوع الفجر وفي الصبح طلوع الشمس قاله في المدونة وتقدم أن من صلى لغير القبلة عاجزا لمرض أو خوف فلا إعادة عليه لا في الوقت ولا بعده لقول الناظم لا عجزها وظاهره عدم الإعادة سواء صلى لغيرها لخوف سباع أو لقتال عدو أو لمرض وفصل في المدونة بين الأولين فقال مالك من خاف أن ينزل من سباع أو غيرها صلى على دابته إيماء أينما توجهت به فإن أمن في الوقت فأحب إلي أن يعيد بخلاف العدو اهـ أي بخلاف من صلى لغيرها لأجل قتال عدو ثم زال خوفه في الوقت فلا تستحب إعادته فيه وأما من صلى لغير القبلة لمرض ثم وجد من يحوله في الوقت إليها إنه يعيد إلى آخر الضروري كما يأتي عن أبي الحسن الصغير في العشرة الثانية من المعيدين وظاهر كلام الناظم عدم إعادته وأما إعادة من

صلى بنجاسة فقد تقدم الكلام عليها في التنبيه السابع في شرح البيت الأول من كتاب الطهارة وحاصلها على المشهور أنه إن صلى بها معتمدا مختارا أعاد أبدا وإن صلى بها ناسيا أو عاجزا أعاد في الوقت والوقت كما تقدم قريبا وأما من صلى مكشوف العورة ناسيا فعهدة إعادته في الوقت على عموم قول الناظم: ندبا يعيدان بوقت وأما عدم إعادة العاجز فقال ابن الحاجب والعاجز يصلي عريانا التوضيح هذا بين على أن ستر العورة غير شرط، وكذلك على أنها شرط مع القدرة. قالابن القاسم وابن رزب: وإذا صلى العاجز عريانا فلا يعيد بخلاف المصلى بثوب نجس واستشكل، وفرَّق ابن عطاء الله بأن المصلي بنجاسة قادر على إزالتها بأن يصلي عريانا وإنما رجحنا ستر العورة على إزالة النجاسة مع أنه قادر على تركها بخلاف المصلي عريانا لعدم المقدرة على الستر اهـ قال مالك ويركع ويسجد ولا يوميء ولا يصلي قاعدا/ ابن القاسم ولا يعيد إن وجد ثوبا في الوقت الموافق ولم يحك ابن رشد غير هذا (فرع) فإن دخل الصلاة عريانا فوجد ثوبا قريبا منه استتر به فإن لم يستتر فقال ابن القاسم يعيد في الوقت وإن بعد منه فقيل يتمادى وقيل يقطع، وقال سحنون إن وجد ثوبا قطع ولا بد من ذكر بعض ما يتعلق بهذ الشرط باختصاره أما الاستقبال فالناس فيه على ثلاثة أضرب: الضرب الأول فرضه في التوجه اليقين والثاني فرضه الاجتهاد والثالث فرضه التقليد: فأما من فرضه اليقين فعلى ضربين بمعاينة ويقين بغير معاينة فأما من فرضه اليقين بمعاينة فهو المصلي بحضرة الكعبة شرفها الله من غير حائل بينه وبينها وأما من فرضه اليقين بغير معاينة فهم أهل مكة الذين نشأوا بها يصلون في بيوتهم لحصول اليقين لهم بطول المدة وكلاهما لا يجوز له الاجتهاد قولا واحدا لأنه رجوع من اليقين إلى الظن فإن انتقل إلى الاجتهاد مع القدرة على اليقين أعاد أبدا قولا واحدا وهذا الحكم يجري في محراب النبي بالمدينة لأنه متوجه الرجوع إلى التقليد وعليه أن يستدل على القبلة بالنجوم وما يجري مجراها قال تعالى {وبالنجم هم يهتدون} وقال تعالى {وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها} ولا خلاف في ذلك إنما الخلاف في مطلوبه في الاجتهاد هل هو جهة الكعبة أو سمتها وأما من فرضه التقليد فهو الأعمى والبصير الذي لا يعرف القبلة ولا يمكنه تعلم طرق الاجتهاد فإن قلت الجاهل بأدلة القبلة يسافر هل هو عاص بسفره أم لا؟ فالجواب أنه إن كان طريقه على قرى متصلة فيها محاريب أو كان معه في الطريق بصير بأدلة القبلة موثوق بعدالته وبصيرته يقدر على

تقديره فلا يعصي فإن لم يكن شيء من ذلك عصى لأنه معرض لوجوب الاستقبال ولم يكن حصل علمه (فرع) إذا كان الفرض على من يقدر على الاجتهاد ويمتنع عليه التقليد فإن القادر أيضا على تعلم الطرق التي يستدل بها على استخراج القبلة يجب عليه تعلمها وهكذا قالوا إذا لم يكن عالما وأمكنه التعلم وجب عليه التعلم وحرم التقليد قال ابن شاس أما البصير الجاهل بالقبلة إن كان بحيث لو اطلع على وجه الاجتهاد لاهتدى إليه لزمه السؤال ولا يقلد وإن كان بحيث لا يهتدي ففرضه التقليد اهـ من شرح المواسي الكبير على روضة الأزهار لـ الجادري في سمت القبلة ابن الحاجب والقدرة على اليقين تمنع من الاجتهاد وعلى الاجتهاد تمنع من التقليد، قال ابن القصار: والبلدة الخراب التي لا أحد فيها لا يقلد المجتهد محاريبه. فإن خفيت عليه أو لم يكن من أهل الاجتهاد قلدها والبلد العامر التي تتكرر فيها الصلوات ويعلم أن إمام المسلمين نصب محرابه أو اجتمع أهل البلد على نصبه إن العالم والعامي يقلدونه. قال لأنه قد علم أنه لم يبين إلا بعد اجتهاد العلماء في ذلك القباب وهذا إذا لم تكن مختلفة ولا مطعونا فيها مثل مساجد بلد فاس فإن قبلة القرويين مخالفة لقبلة الأندلس، والأندلس أقرب إلى الصواب بالنظر إلى الأدلة قال ابن الحاجب: وهل مطلوبه في الاجتهاد الجهة أو السمت قولان أي من كان فرضه اليقين وهو المكي فالواجب عليه أن يستقبل بذاته بناء الكعبة ويسامتها قولا واحدا وأما من كان فرضه الاجتهاد وهو غير المكي فهل الواجب عليه مسامتة بنائها كالمكي أو استقبال جهتها فقط لأإن لم يسامت بناءها وهو المشهور قولان والوجوب المسامتة على المكي ابن الحاجب. أثر ما تقدم وأما لو خرج السمت في المسجد الحرام لم تصح ولو لم تصح ولو كان في الصف وكذلك من بمكة أي في غير المسجد الحرام فتجب عليه المسامتة أيضا لقدرته على ذلك إن كان بموضع بمكة لا يعلم سمت الكعبة فيه فيجب عليه أن يطلع على سطح أو غيره ويعرف سمت الكعبة في المحل الذي هو فيه إن قدر على الصعود لطلب المسامتة بمشقة ففي تكليفه ذلك لأنه قادر على اليقين فلا يكفيه الاجتهاد أو يكتفي بالاجتهاد فيجتهد في الجهة المسامتة لبناء الكعبة ويصلي إليها نظر إلى الحرج الذي يلحقه في الصعود وهو منفي من الدين تردد لبعض المتأخرين وظاهره أن هذا إذا كان لا يعلم سمتها إن صلى بموضعه أما من كان يعلمه فلا يحتاج إلى صعود إذ لا يجب على المكي إلا المسامتة يقينا كانت مع مشاهدة ورؤية أم لا؟ (فرع) الأعمى إن كان عاجزا عن التوصل إلى اليقين والاجتهاد فإنه يقلد مسلما عدلاً عارفا وإن كان عارفا بالاجتهاد قلد في أدلتها كسؤاله عن كوكب كذا

(فرع) البصير الجاهل مثل الأعمى الجاهل في تقليد المسلم العدل العارف فإن لم يجده فقال ابن عبد الحكم يصلي حيث شاء ولو صلى أربعا لكان مذهبا حسنا (فرع) تقدم أن المجتهد لا يقلد غيره فإن عمي عليه ففي تخيره جهة يصلي إليها أو يصلي أربعا لأربع جهات أو يقلد غيره ثلاثة أقوال (فرع) قال ابن الحاجب ويستأنف الاجتهاد لكل صلاة وكذا قال ابن شاس قالوا لعله يتغير اجتهاده في الطراز إذا كان الوقتان تختلف فيهما الأدلة اجتهد ثانيا وإلا فلا وهو أظهر مما قاله ابن شاس وابن الحاجب (فرع) إذا اختلف شخصان في القبلة فلا يأتم أحدهما بالأخر (فرع) تقدم أن للمسافر أن يتنقل على دابته حيثما توجهت به. وأما الفريضة فلا تؤدى راكبا اختيارا اتفاقا فإن كان هناك مرض أو قتال أو خوف م سبع ونحوه أو خضخاض جازت على الدابة فإن كان لمرض أو خضخاض إلى القبلة وإن كان لقتال أو لخوف من سبع ونحوه فإلى القبلة أو غيرها ففي الرسالة ولا يصلي الفريضة وإن كان مريضا إلا بالأرض إلا أن يكون أن نزل صلى جالسا إيماء لمرضه فليصل على الدابة بعد أن توقفت له ويستقبل بها القبلة وفي المدونة إذا اشتد الخوف صلوا على قدر طاقتهم يركعون إيماء مستقبلين القبلة أو غيرها ابن يونس ويصلون على خيولهم يومئون. ومن المدونة أيضا قال مالك من خاف إن نزل من سباع أو غيرها صلى على دابته إيماء أينما توجهت به فإن أمن في الوقت أحب إلي أن يعيد بخلاف العدو وفي الرسالة والمسافر يأخذه الوقت في طين خضخاض لا يجد أين يصلي فلينزل عن دابته ويصلي فيه قائما يوميء بالسجود أخفض من الركوع فإن لم يقدر أن ينزل فيه صلى على دابته إلى القبلة (فرع) من المدونة قال مالك لا يصلي في الكعبة ولا في الحجر فريضة ولا ركعتا الطواف الواجب ولو الوتر ولا ركعتا الفجر وأما غير ذلك من ركوع الطواف والنوافل فلا بأس به/ ابن الحاجب إن صلى فحيث شاء، ورجع مالك لاستحباب جعل

الباب خلفه لفعل إياه، ومن المدونة من صلى في الكعبة فريضة أعاد في الوقت فحمله ابن يونس وجماعة على الناسي لقوله في المدونة كمن صلى لغير القبلة وأما لو صلى فيها عامدا لأعاد أبدا وحمله عبد الوهاب واللخمي وابن عات على طاهرة وأن العامد كالناسي يعيدان في الوقت/ ابن عرفة الغرض على ظهرها ممنوع/الباجي فإن صلاه أعاد أبدا قاله مالك وابن حبيب وأشهب، الجلاب ولا بأس بالنفل عليهما وقال ابن حبيب النفل عليها ممنوع وأما طهارة الحدث والخبث فقد تقدم ما يتعلق بهما في شرح البيت الأول من كتاب الطهارة جملة صالحة ومن جملة ما يتعلق بطهارة الخبث مسألة الرعاف وذكرها هناك كما فعل ابن الحاجب أنسب ولما طال بنا الكلام ثمة تبعنا الشيخ خليلا في ذكرها هنا والرعاف الدم الذي يخرج من الأنف وهو بضم الراء مصدر رعف بالفتح يرعف ويرعف بضم العين وفتحها ورعف بالضم لغة ضعيفة والرعاف إما أن يحصل قبل الدخول في الصلاة أو بعده إن كان قبل الدخول في الصلاة فحكى فيه ابن رشد قولين أحدهما أنه ينتظر الوقت الاختياري القامة في الظهر والقامتين في العصر والثاني يؤخرها ما لم يخف فوات الوقت جملة وظاهر كلام ابن رشد قولين: أن الأول هو المذهب لتصديره به وعطفه عليه بقيل، وإن رعف وهو في الصلاة فإن غلب على ظنه بعادة تقررت له دوامه لآخر الوقت المختار فلا يقطع بل يتمها على حاله إذ لا فائدة في قطعها والأصل في هذا ما ورد أن عمر رضي الله تعالى عنه وجرحه يثعب دما أي يتفجر وإذا لم يقطعها ولم يقدر على الركوع والسجود إما لأنه يضر به ويزيد في رعافه وإما خشية أن يتلطخ بالدم إن ركع أو سجد فهل يجوز له أن يصلي بالإيماء أو لا؟ في ذلك تفصيل إن خشي ضررا بجسمه أومأ اتفاقا وإن خشي تلطخ جسده لم يومىء اتفاقا إذ الجسد لايفسد بالغسل وإن خشي تلطخ ثوبه فقولان وعلى الإيماء فيوميء للركوع من قيام وللسجود من جلوس قالهالقابسي/ابن رشد إن انقطع عن الرعاف في بقية من الوقت لم تجب عليه إعادتها هذا كله إذا رعف في الصلاة وغلب على ظنه دوامه إن لم يضر وشك هل يدوم أو ينقطع فله ثلاثة أحوال الأولى أن لا يسيل ولا يقطر فلا يجوز له أن يخرج وإن قطع أفسد عليه وعليهم إن كان إماما. قال مالك: ويفتله بأنامله الأربع أي بإبهامه وأنامله الأربع والمراد بالأنامل الأنامل العليا فإن زاد إلى الوسطى قطع قاله الباجي، وحكى ابن رشدأن الكثير هو

الذي يصل إلى الأنامل الوسطى بقدر الدرهم في قولابن حبيب أو أكثر منه في رواية ابن زياد وحكى مجهول الجلاب في فتله باليد اليمنى أو اليسرى قولين وإنما يشرع الفتل في المسجد المحصب غير المفروش حتى ينزل المفتول في خلال الحصباء وأما إن كان المسجد مفروشا وخاف تلويثه فلا يجوز له الفتل أصلا بل يخرج من أول ما يرشح حكى ذلك صاحب الذخيرة عن سند بن عنان. الحالة الثانية أن يقطر ويسيل ويتلطخ به فلا يجوز له التمادي الثالثة أن يسيل أو يقطر ولا يتلطخ به فيجوز له القطع والتمادي وهل الأفضل البناء لعمل الصحابة أو القطع لحصول المنافي حكى ابن رشد الأول عن مالك والثاني عن ابن القاسم إن قطع فلا إشكال وإن بنى خرج فغسل الدم ثم كمل ما بقي وهذا الحكم في الإمام ويستخلف من يتم بالقوم صلاتهم في المأموم أيضا قاله مالك. وجميع أصحابه، واختلفوا في الفذ فقال ابن حبيب لا يبني وقال أصبغ وابن مسلمة يبني ومنشأ الخلاف هل رخصة البناء لحرمة الصلاة للمنع مع إبطال العمل أو لتحصيل فضل الجماعة وكيفية البناء قال ابن عرفة يخرج ممسكا أنفه مساكتا لأقرب ماء يمكن/اللخمي ولو مستدبر القبلة ابن العربي لا يستدبرها إلا ضرورة/ ابن رشد إن وجد الماء في موضع فتجاوزه إلى غيره بطلت صلاته باتفاق/ بهرام قال ابن هرون يمسك أنفه من أعلاه لئلا يبقى الدم داخل أنفه وحكمه حكم الظاهر ورد هذا بأنه محل ضرورة ابن رشد إن وطيء على نجاسة رطبة بطلت صلاته باتفاق وإن وطيء على قشب يابس فقولان وأما أوراث الدواب وأبوالها فلا تبطل صلاته بالمشي عليها فإن تكلم عمدا بطلت صلاتهالمواق وأما أن تكلم سهوا بعد غسل الدم عند رجوعه إلى الصلاة فلا أذكر خلافا أن صلاته صحيحة، قال سحنون: فإن أدرك بقية صلاة الإمام حمل السهو عنه الإمام وإلا سجد بعد السلام لسهوه وأما إن كان تكلمه سهوا في حين انصرافه قال سحنون الحكم واحد ورجحه ابن يونس قال لأن حكم الصلاة قائم عليه سواء تكلم في سيره أو رجوعه وقال ابن حبيب تبطل صلاته كما لو تكلم عمدا اهـ وإذا فرغ من غسل الدم فإما أن تكون الصلاة جمعة أو غيرها فإن كانت غير جمعة وظن فراغ الإمام أتم مكانه إن أمكن وإلا ففي أقرب المواضع إليه مما يصلح للصلاة وتصح صلاته أصاب ظنه أو أخطأ فإن خاف ورجع بطلت أصاب ظنه أو أخطأ وهذا هو المشهور وروي عن مالك أنه يرجع في مسجد مكة ومسجد الرسول وحكى ابن رشد قولاً بالبطلان إذا أخطأ عنه وأما لو ظن بقاء الإمام لزمه الرجوع

سواء رجا إدراك ركعة أو أقل على المشهور فإن لم يرجع بطلت وهذا ظاهر في المأموم والإمام لأنه إذا استخلف صار حكمه حكم المأموم وأما الفذ فيتم مكانه من غير رجوع لأإن كانت جمعة إن ظن بقاء الإمام رجع وإن لم يظن بقاءه واعتقد أن الإمام أتم الصلاة لزمه الرجوع إلى الجامع أيضا لأن الجمعة لا تصلى إلا في الجامع/ ابن شعبان وإنما يرجع إلى أدنى موضع تصلي فيه بصلاة الإمام/ الباجي ولا يجزئه إلا أن يتم بغير المسجد وإذا فرغ من غسل الدم وأراد أن يكمل صلاته بموضعه أو بعد رجوعه على التفصيل المتقدم فلا يعتد إلا بركعة كاملة وروى ابن القاسم إن إدراك ركعة بسجدتها وأدرك من الأخرى الركوع وسجدة ثم رعف فخرج ثم رجع وقد غسل الدم فليستأنف هذه الركعة الثانية من أولها ولا يبني على ما تقدم منها (فرع) من رعف في صلاة الجمعة فإن كان بعد أن صلى ركعة بسجدتها كملها جمعة وإن رعف قبل كمال الركعة فإن أدرك الركعة الثانية كملها جمعة أيضا وإن رعف قبل كمال الركعة ولم يدرك الركعة الثانية صلاها ظهرا اتفاقا ويحدد الإحرام على المشهور وقال سحنون يبني على إحرامه وقال أشهب يخير، إن شاء قطع وابتدأ وإن شاء بنى على إحرامه فقط وإن شاء بنى على إحرامه وعلى ما تقدم له من فعلها (فرع) من رعف في التشهد قبل سلام الإمام فحكمه كمن رعف قبل ذلك أجره على ما تقدم وإن رعف المأموم بعد سلام الإمام وقبل سلامه هو سلم وأجزأه لما في الخروج من كثرة المنافي وخفة لفظ السلام (فرع) من ظن أنه أحدث أو رعف فانصرف ثم تبين له أنه لم يصبه شيء ففي المدونة يستأنف ولا يبني إلا في الرعاف وحده (فرع) وإذا اجتمع البناء والقضاء فقال ابن القاسم يقدم البناء وقال سحنون يقدم القضاء، عبارة عما فات بعد الدخول مع الإمام والقضاء عبارة عما فات قبل الدخول مع الإمام وذلك كمن سبق بالركعة الأولى وأدرك الثانية والثالثة معا ورعف في الرابعة أو أدرك الثانية ورعف في الثالثة والرابعة أو بإفاتته الأولى والثانية وأدرك الثالثة ورعف في الرابعة فإذا سبق بالأولى وأدرك الوسطين وفاتته الرابعة بخروجه لغسل الدم وفي معناه النعاس والزحام فعلى تقديم البناء يأتي بركعة الفاتحة فقط سرا ويجلس عليها على المشهور لأنه يحاكي بها فعل الإمام ولأن من سنة القضاء أن يكون عقيب جلوس وقيل لا يجلس لأنها ثالثة ثم يأتي بركعة بأم القرآن وسورة ويجهر إن كانت صلاة جهر ويجلس لأنها آخر صلاته وتلقب هذه المسألة بأم الجناحين لقراءة السورة في

الطرفين وعلى قول سحنون يأتي بركعة بأم القرآن وسورة ولا يجلس لأنها أولى إمامه وثالثه هو، ثم يركع بأم القرآن خاصة وإذا فاتته الأولى وأدرك الثانية وفاتته الأخيرتان فعلى تقديم البناء يأتي بركعة بالفاتحة فقط لأنها ثالثة الإمام ويجلس لأنها ثانيته تغليبا لحكمه ثم يأتي بثالثة بالفاتحة فقط لأنها رابعة إمامه وهل يجلس] القولان ثم يأتي بركعة القضاء بالفاتحة وسورة وتكون هذه الصلاة على المشهور كلها جلوسا وهي أيضا على هذا القول أم الجناحين وفيها يتصور ذكر ترك التشهدين قبل السلام وبعد فوات محلهما معا وعلى قول سحنون يأتي بركعة بالفاتحة وسورة ويجلس لأنها ثانيته ثم بركعتي البناء من غير جلوس في وسطهما ومثل هذه الصورة الحاضر يدرك ثانية صلاة المسافر ومن أدرك ثانية صلاة الخوف في الحضر إذ كل منهما فاتته واحدة قبل الدخول مع الإمام واثنتان بعده وإذا فاتته الأوليان وأدرك الثالثة وفاتته الرابعة لخروجه للغسل فعلى تقديم البناء يأتي بركعة بالفاتحة فقط لأنها رابعة الإمام ويجلس اتفاقا لأنها ثانيته ورابعة إمامه ولأن القضاء لا يقام له إلا من جلوس ثم يأتي ركعتي القضاء بسورتين من غير جلوس في وسطهما لعدم موجب الجلوس فتكون السورتان متأخرتين عكس الأصل وعلى قول سحنون يأتي بركعة الفاتحة والسورة لأنها أولى إمامه وثانيته وهو يجلس لأنها ثانيته ثم بثالثة بالفاتحة وسورة ولا يجلس لأنها ثالثته هو ولا عبرة بكونها ثانية إمامه إذ محل الخلاف جلوسه على أخيرة الإمام إلا على ثانية الإمام ثم بركعة البناء بالفاتحة وتسمى الحبلى والمجوفة لصيرورة الصورتين وسطها قال مقيد هذا الشرح عبد الله محمد بن حمد ميارة وقد سألني بعض الإخوان من الطلبة الأعيان قبل هذا الوقت بزمان عن مسألة من هذا المعنى وهي من أدرك إحدى الوسطيين ولم يدر عينها فأجبته بأنه على قول ابن القاسم بتقديم البناء يأتي بركعة بالفاتحة فقط لأنها إما ثالثة الإمام أو رابعته ويجلس عليها اتفاقا لأنها ثانيته ورابعة إمامه في احتمال أن يكون أدرك الثالثة ثم يأتي بركعة بالفاتحة وسورة، لاحتمال أن يكون أدرك الثالثة، فهذه أولى إمامه، فهي قضاء، ويجلس عليها لاحتمال أن يكون أدرك الثانية فهذه أخيرة الإمام ثم يأتي بركعة الفاتحة وسورة لأنها إما أولى الإمام أو ثانيته ويسجد بعد السلام لاحتمال أن يكون أدرك ثالثة الإمام فجلوسه على ثالثته محض زيادة وعلى قول سحنون يأتي بركعة بالفاتحة وسورة لأنها أولى إمامه ويجلس عليها لأنها ثانيته ثم يأتي بركعة بالفاتحة وصورة الاحتمال أن يكون قد أدرك الثالثة فهذه ثانية الإمام ثم يأتي بركعة بالفاتحة فقط لأنها رابعة الإمام قطعا والله تعالى أعلم بالصواب ولم أقف على نص فيما أجبت به إلا أني أخذته مما لهم في مسائل متعددة من مسائل الشك كقضاء الفوائت وغيرها من عدم براءة الذمّة إلا بالإتيان بما يحيط بحالات

الشكوك والتقارير ولتؤخر الكلام على ما يتعلق بستر العورة إلى البيتين الآتيين وما عَدا وجْهَ وكَفَّ الحُرُّهْ يَجِبُ سَتْرُه كما في الْعَورَهْ لكِنْ لدى كشْفٍ لِصدْرٍ أَو شَعَرْ أَو طَرَفٍ تُعيدُ في الّوَقْتِ المُقَرْ تقدم أن ستر العورة شرط مع الذكر والقدرة ساقط مع العجز والنسيان وأن من عجز عما يستر به عورته وصلى عريانا وجد ثوبا في الوقت فلا إعادة عليه وذكر هنا أنه يجب على المرأة الحرة أن تستر جميع بدنها ما عدا وجهها وكفيها كما تقدم في ستر العورة أي بشرط الذكر والقدرة أيضا وأنها إن أخلت ببعض ذلك مختارة فصلت مكشوفة الصّدر أو الشعر أو الأطراف كظهور قدميها وكوعيها فإنها تعيد في الوقت المقرر عند أهل الفن وهو في الظهرين إلى الإصفرار وفي العشاءين الليل كله على مذهب المدونة وقول الناظم وجه هو بكسرة واحدة لإضافته في التقدير إلى مثل ما أضيف له كف على حد قوله بين ذراعي وجبهة الأسد والعورة الخلل وسميت السوأتان عورة لأن كشفهما يوجب خللا في حرمة مكشوفهما وسميت المرأة عورة لأنها يتوقع من رؤيتها وسماع كلامها خلل في الدين والعرض وليس المراد بالعورة المستقبح لأن المرأة الجميلة تميل إليها النفوس وبهذا يظهر أن المرأة كالرجل مع الرجل في حكم الستر وسائر مسائل العورة تخرج على هذا المعنى قاله في الذخيرة والعورة على ثلاثة أقسام عورة الرجل حرا كان أو عبدا وعورة الحرة وعورة الأمة القن أو ذات شائبة كأم الولد والمدبرة والمعتقة إلى أجل والمعتق بعضها فعورة الرجل مع الرجل قال الباجي جمهور أصحابنا أن عورة الرجل ما بين سرته وركبتيه السوأتان مثقلها وإلى سرته وركبتيه مخففهما وصحح عياض هذا وصرح بخروج السرة والركبة/ابن القطان وهذا هو الأظهر لقول مالك يجوز أن يأتزر الرجل تحت سرته وفي ابن الحاجب وفي الرجل ثلاثة أقوال السوأتان خاصة ومن السرة إلى الركبة والسرة حتى الركبة وقيل ستر جميع البدن واجب وأما بالنسبة إلى المرأة فيجوز للمرأة الأجنبية أن ترى من الرجل وجهه وأطرافه ويجوز للمحرم كأمه أن ترى منه ما يراه الرجل منه وهو ما عدا السرة والركبة وعورة الحرة مع الرجل الأجنبي جميع بدنها إلا الوجه والكفين فليسا بعورة وتحريم النظر إليهما إنما هو لخوف الفتنة لا لكونهما عورة وأما بالنسبة إلى المحرم كابنها وأخيها فلا يرى منها إلا الوجه والأطراف وأما بالنسبة إلى النساء فالمشهور أنها كالرجل مع الرجل وقيل كحكم الرجل مع ذوات محارمه فترى المرأة من المرأة الوجه والأطراف

فقط وقيل كحكم الرجل مع المرأة الأجنبية فلا ترى المرأة إلا الوجه والكفين إن أمنت الفتنة التوضيح ومقتضى كلام سيدي أبي عبد الله ابن الحاج أن هذا الخلاف إنما هو في المسلمة مع المسلمة وأما الكافرة فالمسلمة معها كالأجنبية مع الرجل اتفاقا وعورة الأمة كعورة الرجل مع تأكد، ومن ثم لو صلى الرجل والأمة باديي الفخذين تعيد الأمة في الوقت ولا يعيد الرجل، المشهور التوضيح واعلم أنه إذا خشي من الأمة الفتنة وجب الستر لدفع الفتنة لا لأنه عورة/ خليل ولا تطلب أمة بتغطية رأس/ ابن الحاجب وأم الولد آكد من الأمة ولذا قال إذا صلت من غير قناع فأحب إليَّ أن تعيد في الوقت بخلاف المدبرة والمعتق بعضها والمكاتبة أي فلا إعادة عليهن إذا صلين بغير قناع ثم قال ورأس الحرة وصدرها وأطرافها كالفخذ للأمة أي فتعيد في الوقت قال في المدونة قال مالك إذا صلت المرأة بادية الشعر أو الرأس أو الصدر أو ظهور القدمين أعادت الصلاة في الوقت/ ابن يونس سواء كانت جاهلة أو عامدة أو ساهية وقد تقدم هذا في قول الناظم (لكن لدى كشف) البيت ... ويستحب للصغيرة التي تخاطب بالصلاة أن تستر من جسدها ما تستره الكبيرة، قال مالك كانت إحدى عشرة واثنتي عشرة، قال أشهب فإن صلت بغير قناع أعادت في الوقت وكذلك الصبي يصلي عريانا وإن صليا بغير وضوء أعادا أبدا وقال سحنون يعيدان بالقرب لا بعد اليومين والثلاث/ اللخمي وإن كانت كبنت ثمان سنين كان الأمر أخف (فرع) ولا تعيد المتنقبة لفعلها ما أمرت به من الستر وزادت عليه التنقيب وهو مكروه لأنه من الغلو في الدين ابن القطان ولا يلزم غير الملتحي التنقب لكن قال القاضي أبو بكر بن الطيب ينهى الغلمان عن الزينة لأنه ضرب من التشبه بالنساء وتعمد الفساد ابن القطان وأجمعوا أنه يحرم النظر إلى غير الملتحي لقصد التلذذ بالنظر إليه واستمناع حاسة البصر بمحاسنه وأجمعوا النظر إليه بغير قصد اللذة والناظر من ذلك آمن من الفتنة واختلف إن توفر له أحد هذين الشرطين دون الآخر وقال عياض كان ابن نصر عدلا فى أحكامه صارما في الحق وكان يأمر من يمشي على البحر والمواضع الخالية فإن وجدوا رجلا مع غلام حدث أتوا بهما إن لم تقم بينة أنه ابنه أو أخوه وإلا عاقبه وسئل عز الدين عن الرجل يدخل الحمام فيجلس بمعزل عن الناس إلا أنه يعرف بالعادة أنه يكون معه في الحمام من هو كاشف لعورته هل يجوز حضوره على هذا الحال أم لا؟ أجاب يجوز له حضور الحمام إن قدر على الإنكار أنكر ويكون مأجورا على إنكاره وإن عجز عن الإنكار كره بقلبه ويكون مأجورا على كراهته ويحفظ بصره عن العورات ما استطاع ولا يلزم الإنكار إلا في السوأتين، لأن العلماء اختلفوا في قدر

العورة، فقال بعضهم: لا عورة إلا السوأتان، فلا يجوز الإنكار على من قلد بعض أقوال العلماء إلا أن يكون فاعل ذلك معتقدا لتحريمه فينكر عليه حينئذ وما زال الناس يقلدون العلماء في مسائل الخلاف ولا ينكر عليهم وسئل ابن عرفة عن السوأتين فقال هما من المقدم الذكر والأنثيان ومن المؤخر ما بين الأليتين اهـ من نوازل البرازلي قبل كتاب الطهارة (فرع) تقدم أن الأمة لا تطلب بتغطية رأسها فإذا دخلت الصلاة مكشوفة الرأس فطرأ العتق في الصلاة وبلغها ذلك أو طرأ العتق قبل الصلاة فعلمت به في الصلاة فقال ابن القاسم تتمادى ولا إعادة عليها إلا أن يمكنها الستر فتترك فتعيد في الوقت وقال سحنون تقطع وقال أصبغ إن كان العتق قبل الصلاة فالمعتمدة تعيد في الوقت وإن كان العتق في الصلاة لم تعد (فرع) قال ابن الحاجب والساتر الشفاف كالعدم وما يصف لرقته أو تحديده مكروه كالسراويل بخلاف المئزر (فرع) تقدم أن العاجز يصلي عريانا إذا اجتمع عراة في ظلام فكالمستورين وفي ضوء أو ليل مقمر تباعدوا بحيث لا ينظر بعضهم إلى بعض وصلوا أفذاذا وهو المشهور وقال ابن الماجشون يصلون جماعة صفا واحدا وإمامهم في الصف ويغضون أبصارهم وعلى المشهور إن لم يكن تباعد بعضهم من بعض لخوف أو غيره فقولان الأول وهو المشهور يصلون على الهيئة المعهودة من القيام والركوع والسجود أي مع غض البصر الثاني أنهم يصلون جلوسا إيماء للركوع والسجود (فرع) من لم يجد ما يستتر به إلا ثوبا نجسا استتر به وصلى فإن وجد غيره أو ما يغسله به قبل خروج الوقت أعاد في الوقت، ومن لم يجد إلا ثوبا حريرا فقال ابن القاسم وأشهب يصلي عريانا واستبعد، فإن الحرير إنما منع خشية الكبر والسرف وعند الضرورة يزول ذلك وخرج لـ ابن القاسم أنه يصلي بالحرير من قوله إذا وجد ثوبا نجسا حريرا صلى بالحرير إذا قدم الحرير على النجس في الاجتماع والنجس المقدم على التعري فيلزم تقديم الحرير على العرى لأن مقدم المقدم وهو ظاهر ابن الحاجب ويستتر العريان النجس وبالحرير على المشهور، ونص ابن القاسم وأشهب في الحرير يصلي عريانا قال في المعيار ولما قوي هذا التخريج عند ابن الحاجب وصفه وإلا فليس بمنصوص فضلا عن أن يكون مشهورا وعلى المشهور من كونه يصلي بالحرير إذا صلى به ثم وجد غيره أعاد في الوقت على المشهور هذا كله إذا صلى بالحرير مضطرا لذلك بحيث لم يجد سواه وأما إن صلى به مختارا فنص ابن الحاجب وغيره على أنه

عاص ثم إن كان معه ساتر غيره فقال ابن القاسم وسحنون يعيد في الوقت وقال ابن وهب وابن الماجشون لا إعادة عليه ابن عرفة ونقل ابن الحاجب عدم صحة الصلاة لا أعرفه، وأما إن لم يكن معه ساتر فقال ابن وهب وابن الماجشون أيضا لاإعادة عليه وقال أشهب يعيد في الوقت، وقال ابن حبيب يعيد أبدا كذا نقل المواق وفي التوضيح ما يخالف نقله باعتبار نسبة الأقول لقائلها ثم قال التوضيح بعد أن ذكر القولين فيما إذا صلى بالحرير مع ثوب آخر وكذلك القولان لو صلى بخاتم ذهب أو سوار أو تلبس في صلاته بمعصية كما لو نظر إلى عورة أخرى أو أجنبية أو سرق درهما ونقل عن سحنون البطلان في ذلك كله فانظر هل يؤخذ منه قول بالبطلان وإن كان عليه غيره أم لا، لأن الحرير مختلف فيه في الأصل اهـ ومن لم يجد إلا ثوبا نجسا وآخر حريرا فقال ابن الحاجب إن اجتمعا فالمشهور ل ابن القاسم بالحرير وأصبغ بالنجس فوجه قول ابن القاسم أن النجاسة تنافي الصلاة بخلاف الحرير ووجه قول أصبغ أن الحرير يمنع في الصلاة وغيرها والنجس إنما يمنع في الصلاة والممنوع في حالة دون أخرى أولى من الممنوع مطلقا (تنبيه) ما ذكره الناظم من إعادة الحرة إذا صلت منكشفة الشعر أو الصدر أو الأطراف هي إحدى النظائر العشرة التي فيها الإعادة إلى الاصفرار في الظهرين وإلى طلوع الفجر في العشاءين وإلى الإسفار في الصبح وقيل إلى طلوع الشمس راجعه في إزالة النجاسة، قال الشيخ أبو الحسن الصغير المعيدون للصلاة ثلاثون، عشرة إلى الاصفرار وهم الحرة إذا صلت بادية الشعر أوالصدر أو ظهور القدمين ومن صلى في الحجر أو في الكعبة فريضة ومن صلى ومعه لحم ميتة أو عظمها أو جلدها ومن صلى على مكان نجس ومن صلى بثوب نجس وهو لا يعلم نجاسته ومن صلى بخاتم ذهب ومن صلى بثوب حرير ومن صلى وقد توضأ بماء نجس مختلف في نجاسته ومن صلى بتيمم على موضع نجس ومن صلى لغيرالقبلة ناسيا أو عميت عليه في غير المعاين، وعشرة يعيدون إلى الغروب في الظهرين يريد والله أعلم وإلى طلوع الفجر في العشاءين وإلى طلوع الشمس في الصبح قال وهم المرأة تحيض أو تطهر والمجنون أو المغمى عليه يفيق أو يصيبه ذلك والرجل يسافر أو يقدم من سفره والصبي يحتلم والكافر يسلم ومن عسر تحويله إلى القبلة أي فصلى لغيرها ثم وجد من يحوله إليها ومن صلى في السفر أربعا ومن صلى بثوب نجس لا يجد غيره ومن صلى صلوات وهو ذاكر لصلاة وترتيب المفعولات، قلت أي الحاضرة الوقت مع يسير الفوائت كمن صلى الظهر والعصر ثم تذكر فوائت يسيرة فإنه يصلي الفوائت ويعيد الظهر والعصر إلى الغروب، قال وعشرة يعيدون إلى آخر القامة قلت أي في الظهر إلى آخر المختار ولم يذكر أيضا حكم غير الظهر وقياسه على هذا أن

تعاد العصر إلى الاصفرار والمغرب ما لم يجز من وقتها قدر ما تقع فيه بعد تحصيل شروطها والعشاء إلى الثلث الأول والصبح إلى الإسفار الأعلى والله أعلم، قال: وهم المستجمر بفحم وشبهه والماسح على ظهور الخفين دون بطونهما ومن صلى خلف مبتدع ومن تيمم إلى الكوعين وناسي الماء في رحله والخائف من سباع ونحوها أي إذا زال خوفه فوجد الماء بعد أن كان قد صلى بالتيمم والراجي والموقن إذا تيمما أول الوقت وصليا ثم وجد الماء في الوقت والمريض الذي لا يجد من يناوله الماء واليائس إذا وجد الماء الذي قدره اهـ ولم أفهم المسألة الأخيرة ولعله يعني الشاك في لحوق الماء في الوقت فقد نصوا على أنه إنما يعيد إذا وجد الماء الذي قدره قبل خروج الوقت المختار لا إن وجد ماء آخر وإطلاق الإعادة على جميعهم من باب التغليب فإن الخمسة الأول من العشرة الثانية لمن تقع منهم صلاة البتة والمقصود بذكر الأولين منها أن من زال عذره قبل خروج الوقت ووجب عليه من الصلوات ما أدرك وقته ومن طرأ عليه العذر سقط عنه ما أدرك العذر وقته وبالثالث أن من سافر أو قدم من سفره قرب الغروب أو الفجر ولم يكن صلى العصر أو مع الظهر أو المغرب أو العشاء هل يتم أو يقصر وبالرابع والخامس أن من زال عذره من صبأ أو كفر فيجب عليه أن يصلي ما أدرك وقته والوقت في ذلك كله آخر الضروري وقد نظم هذه النظائر الإمام العلامة المحقق المشارك سيدي أبو عبد الله محمد بن غازي رحمه الله تعالى فقال عشرة أتت عن سادة أخيار تحدد الوقت بالاصفرار ظهار حرة لنحو الصدر الفرض في الكعبة أو فى الحجر ميت وبقعة وثوب نجسا وذهب ثم حرير لبسا وماء خلف وصعيد نجس وقبلة لغائب تلتبس فصل وللغروب عشرة تنتظر طرو حيض وجنون وسفر وعكسها والحلم والإسلام وعسر قبلة مع الإتمام في سفر والعجز عن وجد اللباس وحالة الترتيب دون ما التباس وبعدها عشر للاختيار فحم والشبهه للاستجمار وترك لبطن لبطن الخف واقتداء بصاحب البدعة لا امتراء ثم تيمم إلى الكوعين وذكر ماء الرجل دون مين

خوف رجاء ويقين ومرض واليأس في التيمم أفهم ذا الغرض ولو قال بدلت البيت الأول: عشر تعيد قل للاصفرار والفجر والطلوع لا تمار أو الفجر ولا أسفار، وقال بدل الشطر الأول من البيت الخامس. [لآخر الضروري عشر تنتظر]. لأفاد الحكم في سائر الصلوات وقوله نجسا صفة لثوب وهو بفتح النون وكسر الجيم مخففة أو بضم النون وكسر الجيم المشددة/ الجوهري نجس الشيء بالكسر ثم قال وأنجسه غيره بمعنى اهـ، والمراد إذا صلى به ناسيا أو غير عالم بنجاسته وأما العاجز الذي لم يجد سواه فهو قوله بعد والعجز عن وجد اللباس شَرْطُ وُجُوبِها النَّقا مِنَ الدَّمِ بقَصَّةٍ أَوِ الْجفُوفِ فاعلمْ فَلا قَضا أَيَّامِه ثُمَّ دُخُولُ وَقْتٍ فَإِذْهابُهُ حَتْما أقُولُ أخبر أن شرط وجوب الصلاة النقاء من دم الحيض والنفاس ودخول الوقت ويحصل النقاء المذكور بفصة وهو ماء أبيض كالجير أو بالجفوف وهو خروج الخرقة الجافة وإذا كان النقاء شرطا في الوجوب وقد تقرر أن الشرط يلزم من عدمه العدم فيلزم من عدم النقاء وهو حالة الحيض والنفاس عدم وجوب الصلاة وإذا لم تجب فلا قضاء على الحائض والنفساء أيام الدم وإلى هذا أشار بقوله مصدر إيفاء السبب (فلا قضاء أيامه) وضمير أداها للصلاة وبه للوقت والباء فيه ظرفية وقد تقدم قبل قوله تكبيرة الإحرام: أن شروط الوجوب خمسة قدم الناظم منها اثنين وهما العقل والبلوغ عند قوله (* وكل تكليف بشرط العقل * مع البلوغ). وأسقط الثالث وهو الإسلام بناء على أن الكفار مخاطبون بالفروع وذكر هنا اثنين النقاء من دم الحيض والنفاس ودخول الوقت ولم يتكلم الناظم على الوقت ومعرفته من المهمات فلا بد من جلب بعض ما يتعلق بذلك التوضيح: الوقت مأخوذ من التوقيت وهو التحديد والوقت أخص من الزمان مدة حركة الفلك والوقت هو ما قال المازري وإذا اقترن خفي بجلى سمي الجلى وقتا نحو جاء زيد طلوع الشمس فطلوع الشمس وقت المجيء إذا كان الطلوع معلوما والمجيء خفيا ولو خفي طلوع الشمس بالنسبة إلى أعمى أو مسجون لقلت له طلوع الشمس عند مجيء زيد فيكون المجيء وقتا للطلوع والوقت على قسمين وقت أداء ووقت قضاء ولا قضاء ولا يقال

إن القضاء ليس بوقت للصلاة فلا ينبغي أن يجعل قسما منه لأنا نقول المراد بالوقت هنا الزمان الذي تفعل فيه الصلاة فوقت الأداء ما يقدر الفعل فيه أولا أي الزمان الذي أمر المكلف بإيقاع العبادة فيه بالخطاب الأول فخرج عن ذلك النوافل المطلقة فإن الشارع يقدر لها وقتا فلا توصف بالأداء ولا بالقضاء وخرج بقولنا بالخطاب الأول القضاء فإنه بخطاب ثان بناء على رأي الأصوليين أن القضاء بأمر جديد كوقت الذكر للناسي وقضاء رمضان ووقت القضاء ما بعد وقت الأداء ووقت الأداء اختياري وضروري فالإختيار للظهر أوله زوال الشمس وبيان ذلك أن الشمس إذا طلعت ظهر لكل شخص ظل في جانب المغرب فكلما ارتفعت نقص ذلك الظل إذا وصلت غاية ارتفاعها في ذلك اليوم وهو زمن الاستواء كمل نقصانه وبقيت منه بقية وقد لا تبقى وذلك بمكة وتزيد مرتين في السنة وبالمدينة الشريفة مرة في السنة وهو أطول يوم فيها فإذا مالت الشمس لجانب المغرب حدث الفيء في جانب المشرق إن لم يكن بالكلية أو زاد إن كان وتحول لجهة المشرق فحدوثه أو زيادته هو الزوال (فائدة) لابد من بقاء ظل عند الزوال لكل قائم في كل بلدة عرض إما دائما كفاس أو في الغالب كمكة وقدر ذلك الظل يختلف باختلاف البلاد والأزمنة وقدر قدره أرباب هذا الفن بالأقدام فيقولون أقدام الزوال اليوم ثمانية مثلا أي تزول الشمس وظل القائم ثمانية أقدام قال الإمام المؤقت سيدي أبو زيد عبد الرحمن الجادري في شرح رجز أبي مقرع ما معناه وقد استخرجت أنا أقدام الزوال لعرض فاس لكن بتقريب وهي هذه والابتداء من يناير فالياء عشرة والحاء ثمانية والهاء خمسة والجيم ثلاثة والباء اثنان والألف واحدة بحساب الجمل فالياء ليناير وهكذا إلى يونيه ثم عكس هذه الحروف في الترتيب للشهور الستة الباقية فالألف ليونيه والياء لأغسطس وهكذا إلى آخرها فإذا أردت معرفة أقدام الزوال لأي يوم شئت من شهرك العجمي فانظر إلى أقدامه وإلى أقدام الشهر الذي بعده فإن لم يكن بينهما فضل كدجنبر مع يناير ويونيه مع يوليه فأقدام الزوال في الأول مع شهريك وهو دجنبر ويونيه هي لكل يوم منه وأما الثاني منهما فيناير عدد أقدامه وأقدام ما بعده فضل وتعمل فيما إذا كان بين أقدام شهرك وأقدام الشهر الذي بعده فضل أنك كنت في أول يوم من الشهر فعد حرف الشهر من الأقدام لا غير فإن مضى

يوم أو يومان فاضرب الفضل في عدد الأيام التي مضت لك من الشهر وأقسم الخارج من الضرب على أيام ذلك الشهر أو على ثلاثين بتقريب فما خرج فانقصه من أقدام شهرك إن كان الفضل له وإن كان الفضل للشهر الذي بعده فزد الخارج على أقدام شهرك والباقي بعد الشهر النقص والمجتمع بعد الزيادة هو أقدام الزوال في اليوم الذي أردت فإذا مضى لك مثلا عشرة أيام من يناير وقد علمت أن الفضل هو لشهرك الذي أنت فيه الآن أقدامه عشرة وأقدام الذي بعده ثمانية فالفضل اثنان فاضربه في عدد الأيام التي مضت بعشرين أقسمها على ثلاثين أي أنسبها منها تكن ثلثين فانقص من أقدام شهرك ثلثي القدم فيكون ظل الزوال في اليوم الحادي عشر تسعة أقدام وثلث قدم إن مضت خمسة عشر فاضربها في اثنين الفضل بثلاثين أقسمها على ثلاثين يخرج واحد أنقصه من عشرة فيكون ظل الزوال يومئذ تسعه أقدام وإن مضت منه عشرون مثلا فاضربها في اثنين الفضل بأربعين اقسمها على ثلاثين بواحد وثلث فانقص ذلك من عدد أقدام شهرك فيكون ظل الزوال يومئذ ثمانية أقدام وثلثي القدم وهكذا الحكم في الشهر والستة الأولى من يناير إلى يونيه بالنون وإذا كنت في الستة الأخيرة فمضى لك عشرة أيام من شتنبر فالفضل للشهر الذي بعد شهرك لأن أقدام شهرك ثلاثة وأقدام الذي بعده خمسة فاضرب الفضل وهو اثنان في عشرة بعشرين سمها من ثلاثين تكن ثلثين فزد الثلثين على أقدام شهرك فيكون ظل الزوال يومئذ ثلاثة أقدام وثلثي القدم، وإن مضى لك منه خمسة عشر فاضربها في اثنين الفضل بثلاثين واقسمها على ثلاثين يخرج واحد زده على أقدام شهرك فيكون ظل الزوال يومئذ أربعة أقدام فإن مضت منه عشرون فاضربها في اثنين الفضل بأربعين واقسم الخارج على ثلاثين بواحد وثلث فزد الواحد والثلث على أقدام شهرك ويكون ظل الزوال يومئذ أربعة أقدام وثلث القدم، وهكذا العمل في جميع السنة الباقية وقد لفقت في هذه المسألة سنة أبيات توطئة لثلاثة لغيرى في هذا ثم ذيلت الثلاثة ببيتين آخرين فقلت في ذلك وإن ترد ظل الزوال فاعلم لفاس رتبن شهور العجم على حروف بحساب الجمل يحهجبا أبجه حي فصل ينير مع دجنبر بعشرة فبراير ثمان مع نونبره ومارس وأكتوبر بخمسة إبريل مع دجنبر شتنبر ثلاثة ومايه غشب مع ثنتان ينيه ويليه واحد إيعان فأول الشهر له حرف بدا وبعده فاعلمن على ما قيدا

فاجر فضل حر في الشهرين فيما مضى للشهر دون مين واقسم على عد ثلاثين وما يخرج للزيد وللنقص انتمى من يليه زده إلى دجنبر وكل ما قبل فالنقص حري وإن هما تساويا فالأول جر بحرفه له مكمل وكل هذا قل بتقريب العمل والله يصفح ويغفر الزلل وآخر الوقت المختار للظهر أن يصير ظل كل قائم مثله بعد إسقاط الظل الذي زالت عليه الشمس فلا يعتبر وهو بعينه أول وقت العصر فيكون وقتا لهما ممتزجا فإذا زاد الظل على المثل خرج وقت الظهر واختص الوقت بالعصر فيقع الاشتراك بين الوقتين ما دام ظل كل شيء مثله وعلى هذا فقد شاركت العصر الظهر بمقدار أربع ركعات من آخر القامة الأولى وقيل إن الاشتراك بينهما في أول القامة الثانية لأأن الظهر شاركت العصر بمقدار أربع ركعات من أول القامة الثانية وقيل الاشتراك بينهما وعليه ففي كون آخر مختار الظهر ما قبل تمام القامة بقدر العصر ويكون تمام القامة أول وقت العصر لا تشاركها فيها الظهر وآخر وقتها المختار تمام القامة والعصر تليها بأول القامة الثانية قولان وآخر العصر الاصفرار، وروي إلى قامتين أي أن يصير ظل كل شيء مثليه بالتثنية بعد إسقاط الظل الذي زالت عليه الشمس والمغرب بغروب قرص الشمس دون أثرها ورواية الاتحاد أشهر وعلى اتحاد وقتها وعدم امتداده فقال صاحب الإرشاد وغيره: يقدر آخره بالفراغ منها بعد تحصيل شروطها ورواية امتداد وقتها حتى يغيب الشفق وهو الحمرة دون البياض من الموطأ وهو أول وقت العشاء فيكون مشتركا، وقال أشهب الاشتراك بينهما بعدها الشفق بقدر ثلاث ركعات، وروي عنأشهب أيضا الاشتراك قبل المغيب وآخره ثلث الليل. وقال ابن حبيب النصف والفجر بالفجر المستطير بالراء المنتشر الشائع لا المستطيل الذي هو كذنب السرحان وهو الذنب وآخره طلوع الشمس وقيل الإسفار الأعلى وقول ابن أبي زيد وآخر وقتها الإسفار البين الذي إذا سلم منها بدا حاجب الشمس توفيق بين القولين. وقد وقفت لبعضهم على نظم حسن بيان الأوقات فأثبته هنا تكميلا للفائدة وهو هذا ومعرفة الأوقات فرض معين على علماء المسلمين مؤكد أتى ذاك في القرآن يا صاح مجملا وفسره خير البرية أحمد فمهما رأيت الظل قد زاده فيؤه فصل صلاة الظهر إذ ذاك تسعد

وزد قامة بعد الزوال فإنه أوان لوقت العصر وقت محدد وآخر وقت العصر من بعد قامة إلى القامة الأولى تضاف وترصد وعند غروب الشمس قم صل مغربا فليس لها وقت سوى ذاك مفرد وصل العشاء بعد انتظارك حمرة إذا الشفق العالي يجاب ويفقد ولا تعتبر ذاك البياض فإنه يدوم زمانا في السماء ويوجد وأيقن بأن الفجر فجران عندنا فميزهما حقا فأنت مقلد فأول فجر منهما طالع كما ترى ذنب السرحان في الجو يصعد فهذا كذوب ثم آخر صادق منور ضوء بعده يتجدد ولا خير فيمن كان بالوقت جاهلا ولم يك ذا علم بما يتعبد انتهى والضروري تالي الاختياري فهو في النهاريتين إلى الغروب وفي العشاءين إلى الفجر وفي الصبح إلى الطلوع (فرع) المازري وجوب الصلاة يتعلق عند المالكية بجميع الوقت. فعليه لو مات المكلف في وسط الوقت قبل الأداء لم يعص ابن الحاجب الجمهور أن جميع وقت الظهر ونحوه وقت لأدائه ومن أخر مع ظن الموت قبل الفعل عصى اتفاقا إن لم يفت ثم فعله فالجمهور أداء وإن ظن السلامة فمات فجأة فلا يعصي (فرع) أبو عمر جمهور العلماء في الصلوات كلها أن المبادرة لأدائها أفضل من التأني لقوله سبحانه وتعالى {وسابقوا} {وسارعوا} ولحديث «أفضل الأعمال لأول وقتها» وفي الحديث «أول الوقت رضوان الله، وآخره عفو الله» اهـ وهذا في حق

المنفرد ونحوه قول ابن العربي الأفضل للمنفرد تقديم الفرض على النفل ثم ينتقل بعد الفرض يريد إن كان مما يتنقل بعده وألحق اللخمي بالمنفرد الجماعة التي لا تنتظر غيرها كأهل الزوايا. وقيل: إن البدار إلى الصلاة أول الوقت من فعل الخوارج (تنبيه) يستثنى من ذلك الظهر في شدة الحر فيستحب للمنفرد تأخيرها لنصف القامة كالجماعة وقيل ما لم يخرج الوقت (فرع) روى ابن نافع في المسافرين يقدمون الرجل لسنه فيسفر بصلاة الصبح قال: قال يصلي الرجل وحده أول الوقت أحب إلى من يصلي بعد الإسفار مع جماعة (فرع) الأفضل للجماعة تأخير الظهر إلى أن يزيد ظل كل شيء ربعه بعد الظل الذي زالت عليه الشمس لاجتماع الناس فلا فرق بين شدة الحر وغيرها ويزاد على ذلك الربع في شدة الحر وغيرها للإبراد فتؤخر إلى أن يزيد ظل كل شيء نصفه وقيل: يؤخر ولا يخرجها عن الوقت قال المازري: والأصح عندي مراعاة قوة حر اليوم وحر البلد، ولا فرق في ذلك بين الجماعة والفذ/ الباجي للظهر تأخيران أحدهما لأجل الجماعة وذلك يكون في الصيف والشتاء في المساجد ومواضع الجماعات دون الرجل في خاصة نفسه، فالمستحب له تقديم الصلاة. والثاني للإبراد وهو مختص بالحر دون غيره وتستوي في الجماعة والفذ. والعصر تقديمها أفضل، وقال أشهب إلى ذراع بعده لا سيما في شوة الحر، المغرب والصبح تقديمهما أفضل. وعن ابن حبيب: تؤخر الصبح في زمان الصيف لقصر الليل إلى نصف الوقت والعشاء رواية ابن القاسم عن مالك تقديمها عند مغيب الشفق أو بعده بقليل أفضل، ورواية العراقيين عن مالك تأخيرها أفضل. ثالثها تأخيرها إن تأخرت الجماعة، واختاره اللخمي، ورابعها ل ابن حبيب تؤخر في الشتاء وفي رمضان (فرع) المصلي في الوقت الضروري إن كان من أهل الأعذار فهو مؤد من غير كراهة ولا عصيان وإن لم يكن من أهل الأعذار فالمشهور أنه مؤد عاص. وقيل: مؤد وقت كراهة. وقيل: قاض عاص (فرع) من أدرك ركعة من الوقت الضروري هل يكون مؤديا لجميع الصلاة أو مؤديا لركعة قاضيا الثلاث؟ قولان

(فرع) الأعذار الحيض والنفاس والكفر أصلا وارتدادا والصباء والإغماء والجنون والنوم والنسيان بخلاف السكر، فمن زال عذره وأدرك ركعة من الوقت فأكثر لزمه ما أدرك وقته ومن حصل له العذر غير النوم والنسيان سقط عنه ما أدرك العذر وقته، وأما النوم والنسيان يطرأ أحدهما على من لم يصل العشاء مثلا حتى طلع الفجر. أو الصبح حتى طلعت الشمس، فإنه يجب عليه قضاء الصلاة لآية {أقم الصلاة لذكري} ولخبر (من نام عن الصلاة أو نسيها فوقتها حين يدركها) ويقدم الصبح على الفجر في المثال الثاني على المشهور ابن الحاجب؟ وفائدته في الجميع الأداء عند زواله، وفي غير الناسي والنائم السقوط عند حصوله (فرع) قال ابن عرفة: تجب الصبح والعصر والعشاء على ذي مانع برفع ذلك المانع بقدر ركعة قبل الطلوع أو الغروب أو الفجر/ ابن القاسم بسجدتيها/ القاضي مع ظاهر الروايات بقراءتها وطمأنينتها وعلى عدم فرضيتها لا يعتبران، وتجب أولى المشتركتين بإدراك ركعة فوق قدرها وقيل فوق قدر الثانية اهـ ابن الحاجب والمشتركتان الظهر والعصر والمغرب والعشاء لا يدركان معا إلا بزيادة ركعة على مقدار الأولى عند ابن القاسم وأصبغ وعلى مقدار الثانية عند ابن عبد الحكم وابن الماجشون وابن مسلمة وسحنون وعليهما اختلفوا إذا طهرت الحاضرة لأربع قبل الفجر أي إن قلنا تجب الأولى بإدراك ركعة فوق قدرها صلت المغرب والعشاء وإن قلنا بإدراك ركعة فوق قدر الثانية صلت العشاء فقط ابن الحاجب ولو طهرت المسافرة لثلاث فقولان على العكس، التوضيح يعني فإن قدرنا بالأولى فلا يفضل للعشاء شيء فيكون الوقت مختصا بالعشاء فتسقط المغرب وعلى قول ابن عبد الحكم إذا قدرنا بالثانية أدركتهما لأن العشاء ركعتان اهـ وقال قبله ولا يظهر للخلاف أثر في الظهر والعصر لاتحاد ركعاتهما وإنما يظهر في المغرب والعشاء ابن الحاجب فلو حاضتا فكل قائل بسقوط ما أدرك فلو حاضت الحاضرة لأربع قبل الفجر فعلى قول ابن القاسم تسقط الصلاتان لوجوبهما عليها إذا طهرت وعلى قول ابن عبد الحكم تسقط العشاء

فقط دون المغرب وإذا حاضت المسافرة لثلاث قبل الفجر فعلى قول ابن القاسم تسقط عنها العشاء إذا لم يفضل عن المغرب شيء فالوقت للعشاء وعلى قول ابن عبد الحكم تسقط الصلاتان عكس الوجوب وهذا معنى قوله فكل قائل بسقوط ما أدرك ثم قال ابن الحاجب ولو طهرت الحاضرة لخمس أو لثلاث قبل الفجر أو طهرت المسافرة لأربع قبل الفجر أو اثنتين لحصل الاتفاق في الطهر والحيض أي فإذا طهرت الحاضرة لقدر خمس ركعات أو أكثر قبل الفجر أدركتهما وإن حاضت لذلك سقطتا وإن طهرت لثلاث أي فأقل أدركت الأخيرة فقط وإن حاضت لذلك سقطت الأخيرة فقط وإذا طهرت المسافرة لأربع قبل الفجر أي فأكثر أدركتها وإن حاضت لذلك سقطت الأخيرة وهذا معنى قوله لحصل الاتفاق في الطهر والحيض (فرع) هل يعتبر الإدراك بنفس زوال العذر أو بعد قدر التطهير ثالثها ل ابن القاسم اعتبار قدر التطهير إلا للكافر لانتفاء عذره ويقدر لأهل الأعذار مقدار الطهارة في طرف السقوط. قال اللخمي بمعنى أن ممن طرأ عليه العذر آخر الوقت وهو لم يصل فلا يعتبر الزمان الباقي لخروج الوقت بنفس طرؤ العذر بل يسقط عنه قدر التطهير ويعتبر الباقي كما مر في زوال العذر (فرع) إذا تطهرت الحائض فأحدثت أو تبين أن الماء غير طاهر ونحوه فظنت أنها تدرك الصلاة في الوقت بطهارة أخرى فشرعت فلم تدرك الوقت فتقضى على الأصح لتحقق الوجوب، قال ابن القاسم ولا يعتبر قدر منسية تذكر كحائض طهرت لأربع فأدنى فذكرت فإنها تقضى المنسية ثم تقضى ما أدركت وقته ثم رجع فقال لا تقضى والأول أصح (فرع) لو قدرت خمسا فأكثر فصلت الظهر فغربت قضت العصر لتحقق وجوبها ولا خلاف في هذا فلو غربت وهي في الظهر لم تعقد منها ركعة لكان الاختيار لها أن تقطع ولو صلت ركعة فغربت فلتضف إليها أخرى وتسلم وتصلي العصر وكذلك لو غربت بعد ثلاث أتت برابعة وتكون نافلة وتصلي العصر وقيل يجوز لها القطع في الوجهين، أما لو علمت وهي تصلي قبل أن تغيب الشمس أنها إن أكملت الظهر غابت الشمس لوجب أي تقطع على أي حال كان وتصلي العصر بلا خلاف قاله في البيان واختلف في عكس هذه وهي إذا قدرت أربعا فصلت العصر وبقي من الوقت فضلة فإنها تصلي الظهر واختلف في إعادتها العصر التوضيح والظاهر وهو قوله في العتبية عدم الإعادة (فرع) روى ابن وهب أن رسول الله قال «مرو الصبيان بالصلاة لسبع واضربوهم

عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع» ونقل ابن عرفة في التأديب أنه يكون بالوعيد والتقريع لا بالشتم إن لم يفد القول انتقل إلى الضرب بالسوط من واحد إلى ثلاثة ضرب إيلام فقط دون تأثير في العضو قال أشهب إن زاد المؤدب على ثلاثة أسواط اقتص منه (تنبيه) ما نقدم من تحديد الأوقات هو للفرائض الوقتية وأما الفوائت فتوقع في كل وقت من ليل أو نهار وأما النوافل فعلى قسمين مقيدة بأوقاتها وذلك كالوتر والفجر والعيدين والكسوف والاستسقاء ولا إشكال ومطلقة لم يعين لها وقت فتفعل في كل وقت من ليل أو نهار ويستثنى من ذلك ما بعد صلاة العصر إلى أن تصلي المغرب وما بعد طلوع الفجر إلى أن ترتفع الشمس قدر رمح وعند خطبة الإمام يوم الجمعة وبعد صلاة الجمعة وفي مصلى العيدين قبل صلاته أو بعدها على تفصيل في ذلك بين ما هو ممنوع أو مكروه فقط التوضيح وحكى ابن بشير الإجماع على تحريم إيقاعها عند الطلوع وعند الغروب ابن عرفة يمنع عنده جلوس الإمام للخطبة النفل ولو تحية اتفاقا الباجي عن المدونة وكذا عند خروجه للخطبة ابن عرفة يمنع النفل غير ركعتي الفجر بطلوعه حتى ترتفع الشمس وبعد صلاة العصر حتى تغرب اهـ وبالمنع فيها بعد العصر والفجر عبر ابن الحاجب أيضا فقال في التوضيح يحتمل أن يريد بالمنع الكراهة وهو الذي صرح به غير واحد وقال في مختصره ما معناه إنه يكره النفل بعد طلوع الفجر إلى أن ترتفع الشمس قدر رمح زاد غيره وتبيض وتذهب منها الحمرة إلا ركعتي الفجر والورد لمن غلبته عنه عيناه فيجوز إيقاعهما بعد طلوع الفجر وقبل صلاة الصبح والإسفار وإلا صلاة الجنازة وسجود التلاوة فيوقعان بعد طلوع الفجر وقبل صلاة الصبح وبعد صلاة الصبح وقيل الإسفار هو مذهب المدونة وفي الموطأ المنع من إيقاعهما بعد صلاة الصبح قبل الإسفار وأنه يكره النفل أيضا بعد صلاة العصر إلى أن يصلى المغرب إلا صلاة الجنازة وسجود التلاوة فيجوز إيقاعهما بعد صلاة العصر وقبل الاصفرار وهو مذهب المدونة أيضا ويمنع على مذهب الموطأ وكذلك يكره التنفل بعد صلاة الجمعة قال في المدونة ولا يتنفل الإمام والمأموم بعد الجمعة في المسجد وإن تنفل المأموم فيه فواسع اهـ وكذا يكره التنفل للإمام والمأموم إذا خرجا لصلاة العيد قبلها وبعدها وأما إن صليت فلا كراهة على المشهور ابن الحاجب ولا تكره وقت الاستواء على المشهور ثم قال ومن أحرم في وقت نهي قطع يريد كان النهي للكراهة

أو التحريم (فرع) إذا خرج الخطيب يوم الجمعة على من يصل نافلة أتمها وكذا يتمها إذا شرع فيها والإمام يخطب جاهلاً أو ناسيا على قول مالك وقول ابن شعبان في كتابه يقطع اهـ قلت وهو الجاري على قولهم من أحرم في وقت نهى قطع (فرع) قال مالك من ذكر بعد ركعة من صلاة العصر أنه صلاها شفعا لأنه لم يتعمد نفلا بعد العصر ابن رشد لو أحرم بالعصر ثم قبل أن يركع ذكر أنه كان أنه كان قد صلاها فالأظهر أنه يقطع اهـ وأما من صلى العصر وحده ثم دخل المسجد ليعيده مع الجماعة فلا يصلي تحية المسجد ولا غيرها من النوافل ويؤخذ من قول مالك لأنه لم يتعمد نفلا بعد العصر أن النفل المنهي عنه بعد العصر والفجر هو المدخول عليها ابتداء لا ما آل إليه الأمر (فرع) قال التاج السبكي في طبقات الفقهاء إذا جمع المسافر بين الظهر والعصر عند الزوال ثم ركب فلا ينتقل للنهي عن الصلاة بعد العصر قال ابن عقبة وهو فرع غريب ما رأيت من نص عليه من أهل مذهبنا (فرع) من قطع نافلة عمدا لزمته إعادتها هل تلحق إعادتها بالفرائض فتوقع في كل وقت أو حكمها حكم التطوعات الأصلية لا نص الوانوغي والثاني هو الظاهر (فائدة) في تعيين الصلاة الوسطى المأمور بالمحافظة عليها بعد الأمر بالمحافظة على جميع الصلوات تنبيها على عظم شأنها في آية {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} عشرون قولا وقد نظمها الإمام أبو محمد عبد الواحد الونشريسي رحمه الله تعالى فقال كل من الخمسة فهي الجمعه فاوتر والظهر وجمعة معه فالخوف فالعيدان فهي مبهمه في الخمس والصبح ومعها العتمه فصبح أوعصر على التردد ثم صلاتنا على محمد فالصبح مع عصر بوقف فالضحى ثم الجماعة بها الوسطى شرحا فقوله كل من الخمس أي ما من واحدة من الصلوات الخمس إلا وقيل فيها إنها الوسطى فهذه خمسة أقوال السادس جميعها وإليه أشار بقوله فهي، وسكن الياء للوزن وكل ما عطفه بثم أو بالفاء فهو قول مستقل إلا إذا أشرك مع مدخولها غيره بمع أو بها

وبالواو أو بأو بالمجموع حينئذ قول واحد وقوله فالعيدان أي قيل في صلاة كل واحد منهما أنها الوسطى فهما قولان الثامن عشر الوقف التاسع عشر صلاة الضحى العشرون الصلاة في الجماعة وعلى القول بأنها مبهمة في الخمس ليحافظ على جميعها تكون كأحد الأقوال في ليلة القدر وساعة الإجابة التي في يوم الجمعة والاسم الأعظم المجموعة في قول القائل وأخفيت الوسطى كساعة جمعة كذا أعظم الأسماء مع ليلة القدر والمشهور أنها صلاة الصبح وفي الحديث أنها صلاة العصر قال بعض المفسرين وإنما جاء الأمر بالمحافظة على الصلوات في تضاعف الكلام على الزوجات مخافة الاشتغال بأمورهن والغفلة عن الصلاة سُنَنُها السُّورَةُ بَعْدَ الْواقِيَهْ مَعَ الْقِيام أوَّلاً والثّانِيَهْ جَهْرٌ وسِرٌ يِمَحَلٍّ لَهُما تَكْبيرُهُ إلاّ الّذِي تَقدَّما كُلُّ تَشَهُّدٍ جُلُوسٌ أَوَّلُ والثّانِي لا ما للسَّلامِ يَحْصُلُ وسَمِع الله لِمنْ قدْ حَمِدهْ في الرَّفْعِ منْ رُكُوعهِ وأوْرَدَهْ الْفَذُّ والإمامُ هذا أَكِّدا والْباقِ كالمنْدوبِ في الْحُكْمِ بَدا سُجُودُهُ على الْيَديْن وطَرفُ الرِّجْليْنِ مِثْلُ الركْبتَيْنْ إنْصاتُ مُقْتَدٍ بِجَهْرٍ ثُمَّ ردْ عَلى الإِمامِ والْيَسارِ إنْ أَحَدْ بهِ وزائدُ سُكُونٍ لِلْحُضْورْ سُتْرَةُ غيْرِ مُقْتَدٍ خافَ الْمُرورْ جَهْرُ السَّلامِ كَلِمُ التَّشَهُّدِ وأنْ يُصلِّى على محمَّدٍ سُنَّ الاذانُ لِجماعةٍ أَتَتْ فَرضاً بِوقْتِه وَغٍيْراً طَلَبَتْ وقَصْرُ مَن سافَرَ أَربَعُ بُرُدْ ظُهْراً عِشا عصْراً إلى حِين يَعُد مِمَّا رَوى السُّكْنَى إلَيْهِ إنْ قدِمْ مُيمُ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ يُتِمْ ذكر في هذه الأبيات نحو اثنتين وعشرين سنة من سنن الصلاة (الأولى) قراءة السورة بعد قراءة الفاتحة المسماة بالواقية في الركعة الأولى والثانية من سائر يريد للإمام والفذ وأما المأموم فإن كانت الصلاة جهرية فالسنة في حقه الإنصات كما يأتي للناظم قريبا وإن كانت سرية فقراءته مستحبة كما يأتي في

المندوبات، التوضيح: الظاهر أن كمال السورة إما فضيلة والسنة قراءة شيء مع الفاتحة أو سنة خفيفة بدليل أن السجود إنما هو دائر مع زاد على الفاتحة لا مع السورة ويتعلق بهذه السنة فروع الأول فهم من قوله السورة أنه لو أعاد الفاتحة لم تحصل السنة وهو كذلك كما فهم منه أيضا أن السنة تحصل بقراءة سورة واحدة فلو قرأ سورتين أو أكثر جاز ولا سجود عليه وقد كان ابن عمر أحيانا يقرأ بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة إذا صلى وحده وهذا الحكم في الفريضة وأما النافلة فليست السورة فيها سنة. الثاني فهم من قوله بعد الواقية أنه إن قرأها قبل الفاتحة لم يحصل السنة فيعيدها بعد ولا سجود عليه بعد السلام على المشهور. الثالث فهم من قوله أولا والثانية أنها لا تسن في غيرهما وهو كذلك فلو قرأ سورة في ثالثة أو رابعة فلا سجود عليه اتفاقا وإن قرأها فيهما معا فلا سجود عليه على المشهور خلافا ل أشهب وقد كان ابن عمر إذا صلى وحده قرأ في الأربع جميعا في كل ركعة بأم الكتاب وسورة وأنه لو تركها من الأولين وقرأها في الأخريين لم يحصل السنة أيضا وهو كذلك. الرابع قال ابن عرفة الباجي يكره في الثانية سورة قبل سورة الأولى عياض لا خلاف في جوازه وإنما يكره في ركعة واحدة وسمع ابن القاسم هو من عمل الناس وهو الترتيب سواء/ ابن حبيب وابن عبد الحكم ورواية مطرف الترتيب أفضل/ ابن رشد لعمري إنه أحسن لأنه جل عمل الناس الخامس قال ابن عرفة أيضا ويكره تكريره للسورة الأولى في الثانية وروى ابن حبيب يتمها ولو ذكر في أولها * الثانية القيام لقراءة السورة في الأولى والثانية يريد للإمام والفذ أيضا وأما المأموم فتجب عليه متابعته للإمام وعند القيام للسورة من السنن تبع فيه ابن الحاجب والشيخ خليلا والذي نقل المواق عن اللخمي وابن رشد ما نصه: العاجز عن قيام السورة يركع أثر الفاتحة/ ابن عرفة لأن قيام السورة لقارئها فرض كوضوء النفل لا سنة كما أطلقوه وإلا جلس وقرأها اهـ فقول الناظم أولا والثانية راجع لقراءة السورة والقيام لها * الثانية والرابعة الجهر بمحله والسر بمحله التلفين الجهر بالقراءة في موضع والجهر والإسرار بها في موضع الإسرار سنتان/ ابن عرفة في المدونة يسمع نفسه في الجهر وفوته قليلا والمرأة دونه فيه وتسمع ابن عرفة فجهر المرأة مستحب ويسحب سر الرجل * الخامسة التكبير إلا تكبيرة الإحرام فإنها فريضة كما تقدم في الفرائض وإلى ذلك أشار

بقوله (إلا الذي تقدما) واختلف في التكبير ما عدا تكبيرة الإحرام هل مجموعه سنة واحدة وعليه جماعة الفقهاء بالأمصار أو كل تكبيرة سنة قولان ولم يبنوا فروعهم على واحد من القولين إذ الجاري على القول بأن مجموعه سنة واحدة أن لا سجود إلا بترك جميعه إذ لا يعهد السجود لترك بعض سنة وقد قالوا بالسجود لترك تكبيرتين فأكثر والجاري على القول وأن كل تكبيرة سنة مع عدهم التكبير من السنن المؤكدة أن يسجد لترك تكبيرة واحدة مع أنهم قالوا لا سجود في ترك تكبيرة واحدة ومن سجد لها بطلت صلاته على المشهور والجواب عن الثاني أن التأكيد منوط بالمتعدد منه لا بالمتحد والله أعلم السادسة والسابعة التشهد الأول والتشهد الثاني وبمعنى مطلق التشهد بأي لفظ كان وأما تعين لفظ (التحيات لله) مثلا فسنة أخرى تأتي في قوله كلمة التشهد التوضيح حكى ابن بزيزة في التشهدين ثلاثة أقوال المشهور أنهما سنتان وقيل فضيلتان وقيل الأول سنة والثاني فريضة اهـ القلشاني وقد اختلف المذهب في حكم التشهدين فالمشهور أنهما سنة واحدة وقيل كل واحدة سنة وروى أبو مصعب وجوب الأخير كمذهب الشافعي الثامنة والتاسعة الجلوس الأول والجلوس الثاني إلى القدر الذي يقع فيه السلام فإن ذلك القدر من الجلوس فرض وإلى ذلك أشار بقوله لا ما للسلام يحصل ابن يونس الواجب من الجلوس أي الثاني قدر ما يسلم فيه وأما ما يوقع فيه التشهد فمسنون العاشرة سمع الله لمن حمده في الرفع من الركوع ل لإمام والفذ ابن ناجي هو سنة باتفاق وهل ذلك سنة واحدة أو كل واحدة سنة يجري ذلك على الخلاف في التكبير اهـ ومعنى سمع الله لمن حمده تقبل منه وإلى كون محله الرفع من الركوع بالنسبة للإمام والفذ دون المأموم أشار الناظم بقوله في الرفع من ركوعه أورده الفذ والإمام وضمير ركوعه للمصلى وجملة أورده صفة لرفع والفذ فاعل أورده ومفعول البارز يعود على الرفع من الركوع وأما المأموم فيستحب في حقه أن يقول ربنا ولك الحمد كما يأتي في المندوبات * قوله (هذا أكدا) والباقي كالمندوب في الحكم أبدا معناه أن هذه السنن المذكورة هي السنن المؤكدة التي يسجد لتركها وأما ماعداها من السنن فغير مؤكدة وحكم من تركها كمن ترك مندوبا لا شيء عليه وأشار بهذا الكلام إلى نقل صاحب التوضيح عن المقدمات ونصه إنما يسجد للمؤكد منها وهي ثمان قراءة ما سوى أم القرآن والجهر والإسرار والتكبير سوى تكبيرة الإحرام والتحميد والتشهد الأول والجلوس والتشهد

الأخير وأما ما سواها فلا حكم لتركها ولا فرق بينها وبين الاستحباب إلا في تأكيد فضائلها اهـ وانظر مع كلام الناظم فقد زاد عليه الناظم القيام لقراءة السورة والجلوس للتشهد الأخير. الحادية عشرة إقامة الصلاة وهي سنة لكل فرض وقتيا كان أو فائتا وهذا للرجل وأما للمرأة إن أقامت سرا فحسن وجائز أن يقيم غير من أذن وإسرار المنفرد بالإقامة حسن ابن عرفة سمع ابن القاسم لا يقيم أحد في نفسه بعد الإقامة ومن فعله خالف ابن رشد أي السنة لأن السنة إقامة المؤذن دون الإمام والناس ثم قال ونقل بعضهم كراهة إقامة الإمام لنفسه لا أعرفه وفي أخذه من كلام ابن رشد نظر اهـ، وقد عد القرافي في الفرق الثالث عشر الأذان والإقامة من سنن الكفاية ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الإقامة مع الأذان. الثاني عشر السجود على اليدين والركبتين وأطراف الرجلين ابن القصار يقوى في نفسي أن السجود على الركعتين وأطراف القدمين سنة الرسالة وتكون رجلاك في سجودك قائمتين بطون إبهاميهما إلى الأرض ابن الحاجب وأما اليدان فقال سحنون إن لم يرفع يديه بينهما فقولان التوضيح فعلى البطلان يكون السجود عليهما واجبا وإلا فلا اهـ/ ابن عبد السلام والتخريج ظاهر ويبعد أن يقال فيه إنما بطلت لأن بقاء اليدين في الأرض مناف للاعتدال، فالبطلان بعدم الاعتدال لا لوجوب السجود على اليدين اهـ، وما استبعده هو المتبادر لكنه أعرف وقوله مثل الركبتين على حذف مضاف أي مثل السجود على الركبتين في الحكم وهو السنية ولعل مثل في النظم بالنصب على الحال من السجود على اليدين وطرف الرجلين الثالث عشر إنصات المقتدي وهو المأموم لقراءة الإمام في الصلاة الجهرية وأطلق فيعم بالإنصات للفاتحة وغيرها، ومن يسمع قراءة الإمام ومن لم يسمعها وسواء أكان إمامه ممن يسكت بين التكبير والفاتحة كـ الشافعي أم لا قاله في الذخيرة وهو أحد قولي مالك وهو المشهور الباجي، وروى ابن نافع إن كان إمامه ييسكت بين التكبير والقراءة قرأها المأموم حينئذ. الرابع عشر رد المأموم السلام وليس هذا الرد واجبا كما ذلك في رده في غير الصلاة لأن الإمام قصد به الخروج من الصلاة والسلام على المأمومين بالتبع لا بالقصد الأول، ولا يشترط حضور الإمام بل يرد المأموم ولو كان مسبوقا فلم يسلم حتى ذهب إمامه وهو الذي رجع إليه مالك وأخذ به ابن القاسم وقيل لا يرد إن ذهب الإمام والقولان ل مالك، والأحسن الرد لأن السلام يتضمن دعاء، قال ابن سعدون ولو كان المأموم بين يدي الإمام فإنه يسلم على الإمام وهو على حاله وينوى الإمام ولا

يتلف إليه وفهم من قوله ثم رد على الإمام أن هذا الحكم في مأموم أدرك ركعة فأكثر وإلا فلا يرد إذ ليس إماما له في صلاته وهو كذلك ولذا لا يسجد معه للسهو قاله في الذخيرة V الخامس عشر رد المأموم السلام على يساره إن كان فيه أحد لأإلا فلا يرد الرسالة. فإن لم يكن سلم عليه أحد لم يرد على يساره شيئا. واعلم أن المصلى إن كان غير مسبوق ولا عن يساره مسبوق فلا إشكال وأما إن كان مسبوقا وقضى ما فاته فإن كان الإمام والذي عن يساره لم ينصرفا رد عليهما وإلا فقولان والأحسن الرد لأن السلام يتضمن دعاء قاله اللخمي وإن كان الذي عن يسار المصلى مسبوقا لقضاء ما فاته قال البساطي فهل يرد عليه بناء على أنه لابد أن يسلم فهو كالمحقق أو لا فيه قولان السادس عشر الزائد على أقل ما يقع عليه اسم الطمأنينة منها التوضيح ظاهر المذهب وجوب الطمأنينة والواجب منها أدنى لبث واختلف في الزائد فهل ينسحب عليه الوجوب أو هو فضيلة اهـ وإلى ذلك أشار بقوله وزائد يكون على القدر الواجب. وسكون الأعضاء هو الطمأنينة كما مر ولم أر من علل ذلك بحضور القلب كما قال الناظم رحمه الله السابعة عشرة السترة للإمام وهو مراده بقوله غير مقتد إذا خافا المرور بين أيديهما/ ابن عرفة سترة المصلى غير مؤتم حيث توقع مارا قال عياض مستحبة/ الباجي مندوبة وقيل سنة وفيها لا يصلى حيث يتوقع مرورا إلا لها فإن أمن لمصلى دونها، التوضيح ابن مسلمة ومن ترك السترة فقد أخطأ ولا شيء عليه، وقال ابن حبيب السنة الصلاة إلى السترة وإن ذلك من هيئات الصلاة/ التونسي انظر قوله من هيئات الصلاة ومن سننها فافتهم ذلك ورتبه على الحكم في تارك السنن معتمدا اهـ، والإجماع على الأمر بالسترة نقله ابن بشير وروى البخاري ومسلم وغيرهما أن النبي كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحرية فتوضع بين يديه فصلى إليها والناس من ورائه. وكان يفعل ذلك في السفر. ثم قال في التوضيح خصص الإمام والمنفرد لأن المأموم لا يؤمر بها بلا خلاف قال ابن بشير. قال واختلفت ألفاظ أهل المذهب في علة سقوط السترة عن المأموم فقال بعضهم لأن سترة الإمام سترة لهم. وقال بعضهم لأن الإمام سترة لهم واختلف المتأخرون هل العبارتان بمعنى واحد أي ففي الثانية حذف مضاف أي سترة الإمام أو معناهما مختلف فيكون معنى الأول أن السترة التي جعلها الإمام بين يديه هي السترة للمأموم وإذا سقطت صار أي المأموم حينئذ مصليا إلى غير سترة، ومعنى

الثانية أن الإمام هو الساتر فإذا سقطت سترته كان المأموم باقيا على حكم الاستتار وإن ذهبت سترة الإمام وينشأ عن ذلك مسألة فإن قلنا سترة الإمام سترة لمن خلفه جاز المرور بين الإمام والصف الذي يليه كما أجاز ذلك مالك في الثالث والرابع، وإن قلنا إن الإمام سترة لهم لم يجز، وفي المدونة ولا بأس بالمرور بين الصفوف عرضا والإمام سترة لهم واستشكلت هذه العلة لأنه إذا كان الإمام سترة لهم فكيف يمر هذا بينهم وبين سترتهم اهـ/ ابن عرفة أبو إبراهيم تعليل مالك فاسد لأنه إذا كان سترة لهم امتنع المرور بينه وبينهم ويجاب بأن مراده سترة لمن يليه حسا وحكما ولغيره حكما فقط والممنوع فيه المرور الأول فقط وبه يتم التخريج اهـ، ثم قال في التوضيح ومن ثمرة هذا الخلاف أيضا لو صلى الإمام بغير سترة فعلى القول بأن سترة الإمام سترة لمن خلفه يستوي الإمام والمأمومون وعلى القول الآخر تكون صلاة المأمومين أكمل لأن الإمام لهم سترة كما قالوا إذا ترك الإمام السجود فسجد المأمومون تكون صلاتهم أكمل (فرع) قال في التوضيح وللسترة خمسة شروط أن تكون طاهرة ثابتة في غلظ الرمح وطول الذراع مما لا يشغل فاحترزها بالطاهر من الأشياء النجسة فلا يستتر بها كقضيب المرحاض ونحوه مما لا يثبت فلا يستتر بمجنون مطبق ولا صغير لا يثبت قاله ابن القاسم واشترطنا أن تكون في غلظ الرمح لحديث الحريه المتقدم ولهذا قال مالك في المدونة السوط أي القضيب ليس بسترة وقال ابن حبيب لا بأس أن تكون السترة دون مؤخرة الرحل في الطول ودون الرمح في الغلظ وإنما يكره ماكان رقيقا جدا وقد كانت السترة التي كانت لرسول الله دون الرمح في الغلظ قال ولا يكون السوط سترة لرقته إلا أن لا يوجد غيره واحترزنا بما لا يشغل من المرأة والمأبون والكافر فلا يستتر بذلك ولا بما في معناه قال ابن القاسم وإن صلى وهم أمامه لم أر عليه إعادة ناسيا كان أو عامدا وهو بمنزلة الذي يصلى وأمامه جدار مرحاض (فرع) قال مالك ولا يصلى إلى النائم لأنه قد يحدث منه شيء يشوش على المصلي. وفي مسند ابن سنجر قال قال رسول الله «إني نهيت أن أصلى إلى النائم والمتحدثين» وتجوز الصلاة إلى ظهر الرجل إذا رضي أن يثبت له حتى تنقضى صلاته

ولا يصلى إلى وجهه لأن ذلك يشغله. وفي الاستتار بجنبه روايتان منعه مرة وخففه في رواية ابن نافع. وفي الجلاب لا يصلى الرجل خلف المتكلمين في الفقه وغيره لما فيه من شغل البال، وفي اللخمي والمازري واختلف في الصلاة إلى الحلقة فأجيز، لأن الذي يليه ظهر أحدهم وكره لأن وجه الآخر يقابله قال المازري ولو صلى رجل إلى سترة وراءها رجل جالس يستقبل المصلى بوجهه اختلاف فيه على التعليل في الحلقة وخفف مالك الصلاة إلى الطائفين ورآهم في معنى من هو في الصلاة ولأنه لو منعت الصلاة إليهم مع عدم خلو الكعبة عن طائف لزم ترك التنقل غالبا قال في العتبية: ولا يصلي إلى الخيل والحمير لأن أبوالها نجسة بخلاف الإبل والبقر والغنم لأن أبوالها طاهرة (فرع) ويكره أن يصلى للحجر الواحد وأما أحجار كثيرة فجائز (فرع) ولا يصلى إلى ظهر امرأة ليست محرما وإن كانت امرأته وهل يستتر بامرأة من ذوات محارمه؟ في الجلاب وغيره الجواز وفي المجموعة لا يستتر بامرأة وإن كانت أمه أو أخته (فرع) قال في المدونة والخط باطل اهـ، ومعناه أن يخط بالأرض خطا من المشرق إلى المغرب ومن القبلة لدبرها وقيل من اليمين إلى اليسار منعطف الطرفين كالهلال ويصلي إليه، الطراز وفي معنى الخط الحفرة بين يدي المصلى أو النهر أو النار وسبه ذلك مما ليس له جرم قائم/ ابن رشد وقد روي أن أمة بالمدينة نظرت إلى ابن جريج وقد خط خطا وصلى إليه فقالت واعجبا لهذا الشيخ وجهله بالسنة فأشار إليها أن قفي فلما قضى صلاته قال ما رأيت من جهلي قالت الصلاة إلى الخط وقد حدثتني مولاتي عن أمها عن أم سلمة زوج النبي أنه قال «الخط باطل لأن العبد إذا كبر تكبيرة الإحرام سدت ما بين السماء والأرض» فسألها أن تقفوه إلى مولاتها ففعلت فقال لمولاتها تبيعينها مني أعتقها فإنه ينبغي أن يحفظ من روى شيئا من العلم فقالت ذلك إليها فعرض عليها فقالت لا حاجة لي بذلك لأن مولاتي حدثتني عن أمها عن أم سلمة أنه رسول الله قال «إذا اتقى العبد ربه ونصح مواليه فله أجران» ولا أحب أن أنقص من أجرى اهـ (فرع) قال مالك وإذا استتر برمح فسقط فليقمه إن كان ذلك خفيفا وإن شغله فليدعه (فرع) قال مالك ولا بأس أن ينحار الذى يقضى بعد سلام الإمام إلى ما قرب منه من الأساطين عن يمينه أوعن يساره أوإلى خلفه يقهقر قليلا ليستتر إذا كان قريبا فإن لم يجد ما قرب منه صلى مكانه ودار من يمر ما استطاع (فرع) قال ابن عرفة وفيها ولا يناول من على يمينه من على يساره وروى ابن

القاسم ولا يكلمه انتهى وكره مالك من رواية ابن القاسم في المجموعة لمن على يمينه أن يجذب من على يساره (فرع) ولا يجعل السترة أمام وجهه بل إما عن يمينه أوعن يساره ويدنو منها. وهل شرعت السترة حذرا من مرور ما يشغل به أو حريما للصلاة حتى يقف نظره عندها قولان (فرع) ابن عرفة والمذهب لا يقطعها مارا لا بيانى لو عاد الإحرام من اعتقد ذلك لم يضره إنما زاد تكبيره وقراءة المازرى يريد ما لم يركع/ ابن الحاجب ويأثم المار وله مندوحة والمصلى إن تعرض فتجيء أربع صور بيانها إن تعرض المصلى ووجد المار مندوحة أى أمكنه لأن لا يمر بين يديه أثما معا وإن لم يتعرض المصلي ولم يجد المار مندوحة فلا إثم على واحد منهما وإن تعرض المصلي ولم يجد المار مندوحة أثم المصلى وحده وإن لم يتعرض المصلى ووجد المار مندوحة أثم المار وحده والأصل فى تأثيم المار قوله «لو يعلم المار بين يدي المصلى ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه» قال أبوالنضر لا أدرى أربعين يوما أوشهرا أوسنة ورواه البزار مفسراً بأربعين خريفا ورواه ابن أبي شيبة لكان أن يقف مائة عام (فرع) المذهب أن المصلى يدفع من يمر بين يديه دفعا خفيفا لا يشغله عن الصلاة، وقال أشهب إذا مر بين يديه شىء بعيد منه رده بالإشارة ولا يمشي إليه فإن فعل وإلا تركه، وإن قرب منه فلم يفعل فلا ينازعه فإن ذلك أشد من مروره فإن مشى إليه أونازعه لم تفسد صلاته وهذا بخلاف ما قاله ابن العربى أنه ليس للمصلي حريم إلا ثلاثة أذرع ومعنى خبر فإن أبى فليقاتله إنما هو شيطان أوائل المقاتلة وهو الدفع بعنف ما لم يؤد إلى العمل الكثير فى الصلاة ويحتمل أن المراد فليؤاخذه على ذلك وليوبخه على فعله بعد تمام الصلاة ولا يريد المقاتلة على ظاهرها بالاجماع الثامن عشر الجهر بالسلام روى ابن وهب عن مالك يجهر المأموم بتسليمة التحليل جهرا يسمع من يليه وروى علي ويخفى السلام، الثانى الباجى وجهه أن السلام الثانى رد فلا يستدعي بالجهر به رداً والأول يقتضى الرد فلذلك جهر به (فرع) وسمع ابن وهب أحب عدم جهر المأموم بالتكبير، وربنا ولك الحمد فإن أسمع

من يليه فلا بأس وترك ذلك أحب إلي، قال محمد ولا يحذف سلامه وتكبيره حتى لا يفهم ولا يطيله جدا وفى الواضحة ليحذف الإمام سلامه ولا يمده، قال أبوهريرة وتلك السنة وكان عمر بن عبدالعزيز يحذفه ويخفض صوته التاسع عشر لفظ التشهد الذي هو (التحيات لله) إلخ وقيل باستحبابه وهو ظاهر المدونة استحب مالك «التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله» ويستحب الدعاء بعد التشهد الثاني دون الأول العشرون الصلاة على النبي في التشهد الأخير وقيل باستحبابها أيضا كلفظ التشهد وإلى ذلك أشار الشيخ خليل بقوله لفظ التشهد والصلاة على النبي سنة أو فضيلة خلاف * الواحدة والعشرون الأذان للجماعة الذين يطلبون غيرهم في الفرض الذي حضر وقته فقولهم يخرج المنفرد فلا يسن في حقه الأذان إلا إذا سافر أو كان من الأرض فيستحب أذانه لحديث أبي سعيد الخدري وهو قوله في الموطأ لعبد الله بن زيد «إذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن إنس ولا جن إلا شهد له يوم القيامة» قال أبو سعيد سمعته من رسول الله ابن عرفة وابن حبيب الفذ الحاضر والجماعة المنفردة لا أذان عليهم مالك إن أذنوا فحسن وروى أبو عمر لا أحب لفذ تركه واستحبه ابن حبيب ومالك للفذ المسافر ومن بفلاة لما ورد فيه فعز وابن بشير وابن الحاجب استحباب الأذان للفذ المسافر ومن بفلاة للمتأخرين قصور واحترزوا بالذين يطلبون غيرهم عما إذا لم يطلبوا/ ابن الحاجب وإما إذا لم يقصد الدعاء إليها فوقع لا يؤذنون ووقع إن أذنوا فحسن فقيل اختلاف وقيل لا اهـ، فكونه خلافا ظاهر وهو ل اللخمي والمازري وكونه وفاقا هو ل ابن بشير قال يحمل نهيه على نفي تأكده لا على نفي حسنه لأنه ذكر ابن عرفة عن ابن حبيب من صلى بمنزله أو أم جماعة لا بمسجد لا أذان عليهم وإمام المصر تخرج الجنازة بحضرة

الصلاة ويؤذن ويقيم اهـ، وقد تلخص من نقل ابن عرفة استحباب الأذان لمن بفلاة فذا كان أو جماعة مسافر أو لا والله أعلم، واحترزوا بالفرائض من النافلة فلا أذان لها/ عياض استحسن الشافعي أن يقال عند كل صلاة لا يؤذن لها، الصلاة جامعة عياض وهذا الذي استحسنه الشافعي حسن، وبالذي حضر وقته من الفائتة فلا أذان، لها قال في التوضيح إلا على قول شاذ وكون الأذان سنة به صدر ابن الحاجب ثم قال وقيل فرض، وفي الموطأ وإنما يجب الأذان في مساجد الجماعات وقيل فرض كفاية على كل بلد يقاتلون عليه (فرع) في الأذان في الجمع بين الصلاتين ثلاثة أقوال لا يؤذن لكل منهما وهو المشهور مقابله لا يؤذن لواحد منهما وقيل يؤذن للأولى فقط/ المازري واتفق عندنا على أنه يقام لكل صلاة (فرع) قال ابن الحاجب وصفته معلومة ويرفع صوته بالتكبير ابتداء على المشهور ويقول بعده الشهادتين مثنى مثنى أخفض منه ولا يخفيهما جدا ثم يعيدهما رافعا صوته وهو الترجيع ويثني (الصلاة خير من النوم) في الصبح على المشهور ويفرد قد قامت الصلاة على المشهور التوضيح وما ذكر أنه المشهور يريد من رفع الصوت بالتكبير ابتداء كذلك ذكره صاحب الإكمال وذكر أن عليه عمل الناس وعبر عنه ابن بشير بالصحيح وذكر بعضهم أن مذهب مالك ليس إلا الإخفاء كالتشهدين ثم قال: قيل وهي إحدى النظائر التي خالف فيها أهل الأندلس مذهب مالك اهـ، فأهل الأندلس يقولون بالرفع وبه العمل ومذهب مالك الإخفاء كما ذكر وكذا قالوا أيسهم في الجهاد سهم واحد للفرس وسهم لراكبه وقالوا أيضا لا يحكم بإثبات الخلطة ولا بالشاهد واليمين وأجازوا إكراء الأرض بالجزء مما يخرج منها وذلك في مسألة الخلطة وما بعدها مذهب الليث بن سعد وأجازوا أيضا غرس الأشجار في المسجد وهو مذهب الأوزاعي وقد نظم هذه النظائر الشيخ ابن غازي في باب الجهاد من تكميل التقييد ناقلاً لها عن الوثائق الصغرى لـ الغرناطي فقال: قد خولف في المذهب في الأندلس في ستة منهن سهم الفرس وغرس الأشجار لدى المساجد والحكم باليمين قل والشاهد

وخلطة الأرض بالجزء تلي ورفع تكبير الأذان الأول التوضيح (فائدة) يغلط بعض المؤذنين في مواضع منها أن يمد الباء من أكبر فيصير أكبار والأكبار جمع كبر وهو الطبل فيخرج إلى معنى الكفر ومنها أو يمدوا في أول أشهد فيخرج إلى حيز الاستفهام والمراد أن يكون الحيز إنشاء وكذلك يصنعون في أول الجلالة ومنها الوقوف على الإله وهو خطأ ومنها أن بعضهم لا يدغم تنوين محمد في الراء بعدها وهو لحن خفي عند القراء ومنها أن بعضهم لا ينطق بالهاء في (حي على الصلاة) ولا بالحاء في (حي على الفلاح) فيخرج في الأول إلى وصلا النار والثاني إلى غير المقصود اهـ. قلت وكذا يلحنون في الياء من حي الذي بمعنى هلموا واجتمعوا فيخففونها ويمدونها حتى تنشأ عنها ألف وبعضهم يزيد على ذلك إبدال الحاء هاء (فرع) كره مالك أذان القاعد لمخالفته أذان السلف إلا مريضا لنفسه وروى أبو الفرج جوازه ويجوز أذان الراكب لكونه في معنى القائم ولا يقيم إلا نازلاً لتكون متصلة بالصلاة (فرع) ويجوز للمؤذن جعل أصبعيه في أذنيه في الأذان والإقامة ابن الحاجب ولا يكره الالتفات عن القبلة للإسماع ولا يفصل أي بين كلمات الأذان بابتداء سلام ولا رده ولا غيرهما فإن فرق بذلك أو غيره فاحشا استأنف ولا يرد السلام إلا بالإشارة على المشهور بخلاف المصلى أي فيرد بالإشارة على من سلم عليه، التوضيح والملبي يلحق بالمؤذن ثم قال ابن الحاجب قال بعضهم ولم يسمع أي الأذان إلا موقوفا أي مجزوما بخلاف الإقامة إنها معربة (فرع) ابن الحاجب وشرط المؤذن أن يكون مسلما عاقلاً ذكرا وفي الصبي قولان فلا يعتد بكافر ولا مجنون ولا سكران ولا امرأة ولا يؤذن ولا يقيم من صلى تلك الصلاة وتستحب الطهارة، وفي الإقامة آكد يستحب أن يكون صيتا والتطريب منكر (فرع) وإذا تعدد المؤذنون جاز أن يرتبوا واحدا بعد واحد ويتراسلوا أي يؤذنون في زمن واحد وكل منهم يؤذن لنفسه لا يقتدي بأذان صاحبه ويؤذن للمغرب واحد أو جماعة مرة واحدة (فرع) ابن الحاجب وتستحب حكايته وينتهي إلى الشهادتين على المشهور وقيل إلى آخره فيعوض عن الحيعلة الحوقلة وفي تكرير للتشهد قولان وقوله أي الحاكي قبل المؤذن واسع فإن كان في صلاة فثالثها المشهور يحكي في النافلة لا في الفريضة فلو قال أي الحاكي في الصلاة حي على الصلاة ففي بطلان الصلاة قولان

(بشارة) أخرج أبو عوانة في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص قال قال رسول الله «من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا إلا الله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا» وفي رواية «رسولاً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر» وفي رواية «من قال وأنا أشهد» إلخْ ولفظ مسلم عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله أنه قال «من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبمحمد رسولاً وبالإسلام دينا غفر له ذنبه» صح من تفريج القلوب (فرع) ابن الحاجب ولا يؤذن الجمعة ولا غيرها قبل الوقت إلا الصبح فإن مشهورها يجوز إذا بقي السدس وقيل إذا خرج المختار وقيل إذا صليت العشاء الخطاب إذا أذن للصبح في السدس الأخير من الليل فلا يسن لها أذان آخر عند طلوع الفجر (فرع) من المدونة قال مالك تجوز الاجارة على الأذان والصلاة جميعا ولا تجوز الإجارة على الصلاة خاصة ابن شاس جازت على الأذان لأنه لا يلزم الإتيان به وهو عمل بكلفة فإذا جمع مع ذلك الصلاة إنما الأجر على الأذان خاصة وأجاز ابن عبد الحكم الإجارة على الصلاة ووجهه أنه تكلف الصلاة في ذلك الموضع والإتيان إليه والاهتمام به فله أجره في ذلك (فائدة) وجد بخط الإمام ابن مرزوق ونحوه في نوازل البرازلي أن الشيخ الولي الصالح الزاهد أبا عبد الله محمدا الدكالي رحمه الله كان بمدينة تونس في حدود التسعين وسبعمائة فكان لا ينتسب للخلق ولا يخالطهم لا عامتهم ولا خاصتهم ولا يحضر الجمعة ولا الجماعات ولا يصلي مع الناس في الجامع في جماعة فرموه بالزندقة وشنع عليه الإمام

الأوحد أبو عبد الله محمد بن عرفة أقبح التشنيع وصار يبحث على امتناعه من الصلاة مع الناس لماذا؟ فقيل له إنما امتنع لأخذ الأئمة الأجرة على الصلاة فزاد بذلك إغلاظا في القول والتشنيع وتبعته العامة والخاصة في ذلك فرحل الإمام أبو عبد الله الدكالي إلى المشرق فارّاً بنفسه فكتب الإمام ابن عرفة كتابا لأهل مصر إلى أن قال لهم فيه يخبرهم بشأنه يا أهل مصر ومن في الحكم شاركهم تنبهوا لقبيح معضل نزلا لزوم فسقكم أو فسق من زعمت أقواله إنه بالحق قد عملا في تركه الجمع والجمعات خلفكم وشرط إيجاب حكم الكل قد حصلا وإن كان شأنكم التقوى فغيركم قد باء بالفسق حتى عند ما عدلا وإن يكن عكسه فالأمر منعكس قولوا بحق فبان الحق معتدلا فاجتمع العلماء والفقهاء من أهل مصر وما والاها وامتحنوا القول غاية الامتحان ثم أجمع رأيهم واتفقت كلمتهم بأن أجابوه على ما كتب لهم في شأنه ما كان من شيم الأبرار أن يسموا بالفسق شيخا على الخيرات قد جبلا لا لا ولكن إذا ما أبصروا خللا كسوه من حسن تأويلاتهم حللا ألبس قد قال في المنهاج صاحبه يسوغ ذاك لمن قد يختشي زللا كذا الفقيه أبو عمران سوغه لمن تخيل خوفا واختشى خللا وقال فيه أبو بكر إذا ثبتت عدالة المرء فليترك وما عملا وقد روينا عن ابن القاسم العتقى فيما اختصرنا كلاما أوضح السبلا ما إن ترد شهادات لتاركها إن كان بالعلم والتقوى قد احتفلا نعم وقد كان في الأعلين منزلة من جانب الجمع والجمعات فاعتزلا كمالك غير مبد فيه معذرة إلى الممات ولم يتلم وما عذلا هذا وإن الذي أبداه متضع أخذ الأئمة أجرا منعه نقلا وهب بأنك راء حله نظراً فما اجتهادك أولى من الصواب ولا انتهى وفى كون الاحتباس على الصلاة فيها إجارة فيجرى ماتقدم أو إعانة قولان

(فرع) إذا كان الأذان أو الإقامة يخرج من الصلاة عن وقتها سقط ذلك المخرج لها عن الوقت من أذان أو إقامة نقله ابن عرفة (فرع) قال فى المدونة من أراد الأذان فأقام أو الإقامة فأذن أعاد (فرع) روى ابن القاسم إن بعد تأخير الصلاة عنها أعيدت وظاهر المدونة إعادتها لبطلان الصلاة ولو لم يطل (فرع) قال ابن عرفة لو أقيمت على معين فلم يكن فقام غيره ففي إعادة الإقامة قولان لابن العربى وغيره ولفظ ابن العربى في العارضة على نقل الإمام سيدى أحمد الونشريسي في شرح ابن الحاجب الإقامة حق للإمام لا تكون إلا بأمره ولقد شاهدت جماعة حفيلة فأقام المؤذن الصلاة وهو يعتقد أن الإمام حضر فإذا به لم يحضر وقدموا هم فلما طلبوا الإمام ولم يوجد قدموا غيره فقلت لهم أعيدوا الإقامة فأعادوها فأنكر ذلك جميع أهل المسجد لجهلهماهـ (فرع) قال الإمام أبو عبد الله الأبى، وذكر ابن العربى أن الإقامة إن كانت على إمام بعينه فلا يؤم غيره وليس فى الأحاديث مايدل عليه اهـ والظاهر أن هذا الفرع غير الذى نقل عنه ابن عرفة وانظر قوله وليس فى الاحاديث مايدل عليه مع ورد من قول عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام عند نزوله للإمام الذي أقيمت عليه صلاة العصر وقد أراد تقديم عيسى عليه السلام صل فعليك أقيمت (فرع) قال فى المدونة من صلى بغير إقامة عامداً أو ساهياً أجزأه ويستغفر الله العامد ابن يونس لأنها سنة منفصلة عن الصلاة (فرع) قال فى المدونة وليس في سرعة القيام إلى الصلاة بعد الإقامة وقت وذلك على قدر طاقة الناس فمنهم القوي والضعيف وكان ابن عمر لايقوم إلى الصلاة حتى يسمع قد قامت الصلاة. الثانية والعشرون قصر الصلاة الرباعية وهى صلاة الظهر والعصر والعشاء لمن سافر مسافة أربعة برد فأكثر فيصلي ركعتين ركعتين ولا يزال يقصر إلى أن يعود ويرجع من سفره مالم ينو إقامة أربعة أيام صحاح فإن نواها أتم صلاته وإلى ذلك أشار بقوله:

(مقيم أربعة يتم)، ويبتدىء التقصير مما وراء المواضع المكونة وينتهي التقصير إلى ذلك الموضع إن قدم من سفره وعلى بيان موضع ابتداء التقصير وانتهائه نبه بقوله مما وراء السكنى إليه إن قدم فمن الداخلة على ما لابتداء الغاية وإلى الجارة لضمير وراه السكنى لانتهائه وبكون التقصير سنة صدر ابن الحاجب ثم قال وقيل مستحب، وقيل مباح، وقيل فرض، التوضيح المشهور أنه سنة ثم قال ابن الحاجب سببه سفر طويل بشرط العزم من أوله على قدره من غير تردد، والشروع فيه وإباحته اهـ ثم فسر الطويل بقوله الطويل أربعة برد وهى ستة عشر فرسخا وهى ثمانية وأربعون ميلا وماروى من يومين ويوم وليلة يرجع إليه عند المحققين اهـ وإذا كانت الأربعة البرد ستة عشر فرسخا ففى كل بريد أربعة فراسخ وإذا كانت الستة عشر فرسخا ثمانية وأربعين ميلا ففى كل فرسخ ثلاثة أميال وفى بعض نسخ ابن الحاجب والميل ألفا ذراع على المشهور فالميل ثلث من الفرسخ والفرسخ ربع من البريد وفى ذلك أنشدنا شيخنا الإمام المتفنن الولي الصالح سيدي محمد بن عبد الله السملالي رحمه الله لغيره الميل ألفان ولكن أذرع وهو من الفرسخ ثلث أجمع وفرسخ من البريد ربع وقد ذيلت ذلك بقولنا فى بيان الباع والعقبة: باع ذراعان وقيل أربع وعقبه بفرسخين تسمع والمعتبر فى المسافة المذكورة الذهاب فقط ولا يلفق الرجوع مع الذهاب بل يعتبر الرجوع سفراً على حدته فلذلك يتم الراجع لا لشيء نسيه إلى مادون المسافة على الأصح فإن رجع لشيء نسيه في وطنه فقولان في قصره وإتمامه في حالة الرجوع أما إن دخل وطنه فيتم على القولين، وخرج بقول ابن الحاجب بشرط العزم من أوله على قدرة طالب الآبق ونحوه فلا يقصر لأنه لم يعزم على المسافة فى أوله بل لو وجده بعد بريد رجع إلا أن يعلم قطع مسافة القصر دون الآبق فيقصر لعزمه على مسافة القصر وخرج بقوله من غير تردد من عزم على السفر وانفصل ينتظر رفقة ولايسير إلا بسيرهم فلا يقصر وإن كان يذهب وإن لم يذهبوا قصر واختلف إذا كان يتردد فى السفر وعدمه إذا لم يسيروا على قولين، والأقرب الإتمام لأنه الأصلي، ولم يتحقق المبيح/ المواق أنظر هنا مسألة تعم بها البلوى وهي المسافر في البحر يركب السفينة في مرسى بلد ويبقى بها ينتظر الريح، وقال قبل هذا وانظر هنا مسألة الكافر يسافر أربعة برد فيسلم وهو قطع نصف المسافة نقل ابن عرفة هنا عن السلمانية أنه لايقصر

اللخمي وكذلك البلوغ قال وفي طهر الحائض نظر اهـ وانظر من نحو هذا نازلة اختلف فيها شيوخ وقتنا وهي قوم مقصرون رأوا هلال شهر رمضان وهم على بريدين فى رجوعهم إلى بلدهم فظهر لي أن لهم أن يفطروا لأنه بحيث يجوز القصر يجوز الفطر، وبالوجه الذي يقصرون عتمة تلك الليلة وإن كانت لم تجب إلا وقد بقي لبلد أقل من مسافة القصر بذلك الوجه فيصبحون مفطرين اهـ كلام المواق، واشتراط الشروع فى السفر لأن القاعدة أن النية لاتخرج عن الأصل إذا قارنها الفعل/ ابن بشير إن سافر من مصر من الأمصار لابناء حوله ولابساتين فالمشهور أنه يقصر بمفارقته السور إن كان حول المصر بناءات معمورة وبساتين فإن اتصلت به وكانت فى حكمه فلا يقصر حتى يجاوزها وإن لم تتصل به وكانت قائمة بنفسها قصر وإن لم يجاوزها وإن كان الموضع المرتحل عنه قرية لا تقام فبها الجمعة ولا بناءات متصلة بها ولابساتين قصر إذا جاوز بيوت القرية بلا خلاف وإن كانت تقام فيها الجمعة وكذلك أيضا المشهور. مطرفوابن الماجشون يقصر بعد ثلاثة أميال إن خرج من موضع جمعة ولايقصر البدوي حتى يجاوز بيوت الحلة وغير من ذكر يقصر إذا انفصل عن منزله كالساكن بجبل (فرع) من أدركه الوقت فى الحضر فقال ابن حبيب إن شاء خرج وقصرها وإن شاء صلاها حضرية ثم سافر، وخرج باشتراط إباحة السفر سفر معصية كالآبق والعاق بالسفر فلا يقصر على المشهور مالم يتب، ويجوز له أكل الميتة على المشهور حفظاً للنفوس بل ترك الأكل معصية، والشاذ لابن حبيب وكذلك السفر المكروه كصيد اللهو فلا يقصر أيضا على المشهور وعلى قول ابن عبد الحكم بإباحة اليد للهو يقصر (فرع) ومحل القصر كل صلاة رباعية مؤداة فى السفر أو مقتضية لفواتها فى السفر سواء قضاها فى السفر أو فى الحضر فيقضيها ركعتين (فرع) قال في المدونة وإن ذكر في سفر صلاة حضر قد ذهب وقتها صلاها أربعاً كما كانت وجبت عليه (فرع) ويقطع القصر نية إقامة أربعة أيام لا إقامتها من غير نية فإنه إذا أقام ولو شهوراً من غير نية الإقامة بل كان لحاجة وهو يرجو قضاءها كل يوم قصر فالقاطع نية الإقامة لا الإقامة وعليه فيعيد قول الناظم مقيم أربعة أيام يتم بما إذا كانت الإقامة بنية وقال ابن الماجشون وسحنون إذا نوى إقامة مايصلي فيه عشرين صلاة أتم وأعلم أن الأربعة

الأيام تستلزم عشرين صلاة وعشرين صلاة، لاتستلزم أربعة أيام إذ لو دخل قبل العصر من يوم الأحد مثلا ولم يكن صلى الظهر ونوى أن يصلي الصبح من يوم خميس ثم يخرج فقد نوى عشرين صلاة وليس معه إلا ثلاثة أيام وبعض يوم وعلى المشهور من اعتبار الأربعة الايام لايعتد بيوم الدخول إلا أن يدخل أوله وقال ابن نافع يعتد به إلى مثل وقته وعلى المشهور فالمسألة من النظائر التي يلغى فيها اليوم المجموعة في قول الشيخ ابن غازي في نظائر الرسالة. واليوم يلغى فى اليمين والكرا وفي الإقامة على مااشتهرا وفى خيار البيع ثم العده وأجل عقيقة وعهدة (فرع) ويقطع القصر أيضا المرور بالوطن أو ما في حكمه من البساتين المسكونة وإن لم يعزم على الإقامة لأن المرور بالوطن مظنة تعوقه فيه بأن يطرأ له مايقتضي إقامته ويقطع القصر أيضاً العلم بالإقامة عادة كإقامة الحاج بمكة أربعة أيام وكذا العلم بالمرور بالوطن، التوضيح وأعلم أن المرور بالوطن لايقطع القصر إلا بالوصل وأما العلم بالمرور فيقطع السفر ويغير حكمه قبل الوصول فإن لم تكن نيته المرور بوطنه لايقطع قصره إلا مروره بالوطن أو ما في حكمه ومن علم المرور بالوطن نظر مابين ابتداء سفره ووطنه فإن كان أربعة برد فأكثر قصر وإلا أتم، وكذا ينظر مابين وطنه وموضع قصره فإن كان بينهما مسافة القصر قصر وإلا فلا فتجيء أربع صور والوطن هنا مافيه زوجة مدخول بها أو سرية بخلاف ولده وخدمه فإن تقدم للمسافر استيطان المحل ثم سافر من موضع استيطانه رافضا لسكناه ثم رجع إليه من مسافة القصر ناويا قضاء حاجته في يومين فيقصر فى مسيره ورجوعه واختلف قول مالك في اليومين اللذين يقيم فيهما والذي رجع إليه واختاره ابن القاسم القصر لأن عوده إليه من غير نية الاستيطان لايوجب الاتمام/ ابن الحاجب أما لو ردته الريح إلى وطنه أتم اتفاقا (تنبيه) تقدم أن نية إقامة أربعة أيام تقطع القصر ثم هذه النية إما أن تكون بعد صلاة أو فى أثنائها أو قبلها، فإذا صلى بالتقصير ثم نوى الإقامة فيعيدها حضرية فى الوقت استحبابا/ ابن عبد السلام ويكاد أن يكون لا وجه له إلا أن يقال إن نية الإقامة على جري العادة لا بدلها من ترو، فإذا جزم بالإقامة بعد الصلاة فلعل مبدأ نيته كان في الصلاة فاحتيط لذلك بالإعادة في الوقت، وأما إن نوى الإقامة في اثناء الصلاة فمذهب المدونة أنها لاتجزئه حضرية ولا سفرية ثم في قطعهما أو جعلها نافلة قولان، وفي بطلان صلاة المؤتمين به وصحتها فيستخلف من يتم بهم سفرية ويقطع هو ويصليها حضرية

وراء المستخلف قولان وأما إن نوى الإقامة قبل الصلاة فيتم ولا إشكال وقد فرع ابن الحاجب على كون القصر سنة ثلاث صور، لأن المسافر إما أن يدخل الصلاة ناويا للإتمام أو ناوياً القصر أو تاركا للنيتين معاً ساهياً مضرباً فإن نوى الإتمام فإما أن يفعل مانوى فيتم أو يخالفه فيقصر، فإن أتم فإما عمداً وإما ساهيا عن كونه مسافراً أو عن التقصير وإن قصر فإما أن يقصر عمداً أو سهواً فهذه أربع صور وإن نوى القصر فإما أن يقصر عامداً أو ساهياً عن السفر أو التقصير كما تقدم وإما أن يتم عمداً أو سهوا فهذه أربع صور أيضاً وإن لم ينو إتماما ولاقصراً فإما أن يتم أو يقصر فهاتان صورتان فالمجموع عشر صور ويستتبع هذه الصور حكم المقتدي بالمسافر في كل صورة منها فناوى الاتمام إن أتم عمداً أعاد في الوقت وأربعا إن حضر فيه وإن أتم ساهياً فقال ابن القاسم يسجد بعد السلام ولايعيد ثم رجع إلى الإعادة فإن أم هذا المسافر الذي نوى الإتمام وأتم عامداً أو ساهيا أعاد هو كما تقدم وأعاد من تبعه من مسافر ومقيم فيى الوقت وأعاد من لم يتبعه أبداً على الأصح وإن قصر أي ناوي الإتمام عمدا بطلت على الأصح فإن أم بطلت صلاة من ائتم به وإن قصر سهوا به ليرجع فعلى أحكام السهو وهو كمقيم سلم من اثنتين سهوا فإن أتمها حيث يصح له ذلك صار كمسافر أتم فيعيد في الوقت فإن أم سحبوا لو كانوا كلهم مقيمين سلم إمامهم المقيم من اثنتين ثم إذا أتم يعيدون كلهم الصلاة في الوقت لأنهم مؤتمون بمسافر كما أتم وناوى القصر إن قصر عمداً أو سهواً فواضح إذ فعل السنة في حقه فإن أتم المقيمون أفذاذاً لا إعادة باتفاق، فإن أتموا بإمام ففي إجزاء صلاتهم لاصلاة من أمهم قولان وإن أتم أي ناوي القصر أتم عمداً بطلت على الأصح فإن أم بطلت صلاة من ائتم به وإن أتم سهواً فيعيد في الوقت وقال ابن المواز يسجد ولايعيد، فإن أم فقال مالك يسبحون به ولا (يتبعونه ويسلم المسافرون بسلامه) وأما المقيمون فيتمون بعد سلامه أفذاذاً أو يعيد وحده في الوقت وأما تارك النية عامدا أو مضربا ففي صحة صلاته قولان سواء أتم أو قصر فإن أم فنصح على القول بصحة صلاته وتبطل على الآخر وعلى الصحة فإن قصر أتم المقيمون أفذاذاً بعد سلامه وإن أتم أعاد هو ومن تبعه من مسافر ومقيم في الوقت وأعاد من لم يتبعه أبداً كما تقدم للإمام سيدي عبد الواحد الونشريسي رحمه الله في هذه المسألة وذو السفر الناوى التمام فتارة يتم وذا وقت يعيد ومن تلا وأبطل سوى التالي له كمقصر بعمد وإن سهوا فكالسهو يختلى وذو نية التقصير أبطل صلاته بتكميله عمدا وإلا كمن تلا

وسبح مؤتم به غير تابع له وتلاه فى السلام مكملا قوله فتارة يتم يشمل ما إذا أتم عمداً أو سهواً فحكمه حكم مأموم تلا أي تبع إمامه في الإتمام وقد دخل عليه وهو الإعادة في الوقت ولم يكمل حكم المأموم في المسألة الأخيرة وأسقط حكم الصورة الثالثة وهي ترك نية القصر والإتمام معاً ومكملا فى البيت الأخير حال من مفعول تلاه وقد ذيلت الأبيات الأربعة بتكميل حكم المأموم وبيان حكم ماإذا نوى القصر وقصر عمداً أو سهواً وإن كان ظاهراً لكمال التقسيم وبيان حكم الصورة الثالثة من قولنا ذوو سفر والغير فذا يتمها إمام بوقت فليعدها على الولا وان هو للتقصير ينوي مقصرا فذلك مطلوب له قد تحصلا وإن هو لم ينو التمام وضده فقولان فى الإتمام والقصرا عملا ومؤتمة فاعلم بتابع حكمه لذي صحة والضد قله مفصلا على الصحة المأموم يجري كما مضى بقصر واتمام لمن سافرا نجلا وذوو في البيت الأول من هذه الخمس هو فاعل تلاه في البيت الأخير من الأربعة قبله أي وتلا الإمام في الاسلام حال كون الإمام مكملا لصلاته المسافرون من المأمومين وقد تقدم بيان ذلك (فرع) حكى بعضهم في اقتداء المقيم بالمسافر وعكسه ثلاثة أقوال الكراهة فيهما والجواز فيهما وجواز اقتداء المقيم بالمسافر وكراهة العكس والمعروف الأول ونص ابن حبيب وغيره على أن اقتداء المقيم بالمسافر أقل كراهة لما يلزم عليه من تغيير السنة فى اقتداء المسافر بالمقيم بخلاف العكس وقال ابن حبيب أجمعت رواة مالك على أنه إذا اجتمع مسافرون ومقيمون أنه يصلى بالمقيمين مقيم وبالمسافرين مسافر إلا فى المساجد الكبار التي يصلي فيها الأئمة قال المازري يعني الأمراء فإن الإمام يصلى بصلاته فإن كان مقيما أتم معه المسافر وإن كان مسافرا أتم من خلفه من المقيمين وإذا اقتدى المسافر بالمقيم كمل وصحت صلاته ولا يعيد على المشهور وقد حكى ابن الحاجب فى اقتداء المسافر بالمقيم على القول بفرضية التقصير ثلاثة أقوال الأول البطلان والثانى الصحة وإن كان فرضه القصر لكنه لما ائتم بمقيم انتقل فرضه لفرض المقيم كالمرأة والعبد فى الجمعة والثالث أنه يقتدى به فى ركعتين وعليه فهل يسلم ويتركه أو ينتظره فيسلم معه قولان لكن بحث فى التوضيح فى بنائه القول الثالث على الفرضية تبعا لابن

شاس بأن ابن رشد وغيره إنما حكوه مطلقا ولم يقيدوه بالفرض ولا بالسنية وقد بقيت فروع كثيرة من باب صلاة السفر رأينا تتبعها يخرج عن المقصود (استطراد) ومما ينسب للقاضي أبي محمد عبد الوهاب في مدح السفر تغرب عن الأوطان في طلب العلا وسافر ففى الأسفار خمس فوائد تفرج هم واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحبة ماجد فان قيل فى الأسفار هم وغربة وقطع فياف وارتكاب شدائد فموت الفتى خير من مقامه بأرض عدو بين واش وحاسد ونسب للقاضى أبى الفضل عياض رحمه الله تعالى فى ذم السفر مانصه: تقاعد عن الأسفار إن كنت طالبا نجاة ففى الأسفار سبع عوائق تشوق إخوان وفقد أحبة وأعظمها ياصاح سكنى الفنادق وكثرة إيحاش وقلة مؤنس وتبديد أموال وخيفة سارق فان قيل فى الأسفار كسب معيشة وعلم وآداب وصحبة وافق فقل كان ذا دهر تقادم عصره وأعقبه دهر شديد المضايق فهذا مقالى والسلام كما بدا وجرب ففى التجريب علم الحقائق قلت ومن أعظم مايزهد فى السفر ويرغب عنه مارأينا الناس أجمعوا عليه اليوم من ترك الصلاة فى الطريق إلا النادر جدا ومن سأل أهل الرفقة الصبر للصلاة لم يلتفت إليه وكأنه أتى بمنكر من القول وكذا معاشرة من اجتمعت فيه رذائل الخصال وهو الحمار وقد قلت تذييلا للبيت المعلوم وهو قول القائل فما حن حجام ولا حاك فاضل وما كان جرار كريم الفعائل كذلك حمار ففيه تجمعت قبائح هؤلاء وزد فى الرذائل وأما عماد الدين وهى صلاتنا فلا يلتفت سفر إليها لسائل (تنبيه) مما يؤكد ذكره هنا ويناسب هذا المحل لكون السفر أحد أسبابه الجمع بين الصلاتين والجميع بينهما فى خمسة مواضع فى عرفات بين الظهر والعصر وإثر الزوال وفى المزدلفة بين المغرب والعشاء حين وصوله إليها وذلك بعد مغيب الشفق وفى

السفر بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء على تفصيل فى وقت الجمع وفى كل مسجد بين المغرب والعشاء ليلة المطر أو الطين من الظلمة وبين الظهر والعصر والمغرب والعشاء للمريض يخاف الإغماء أو حمى النافض أو الميد فأما الجمع بعرفة والمزدلفة فيأتي الكلام عليه في الحج إن شاء الله تعالى وأما الجمع في السفر ففي الموطأ أن رسول الله كان يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في سفره إلى تبوك ثم اعلم أن المسافر له حالتان تارة تزول عليه الشمس وهو نازل بمنهل يريد الرحيل وتارة تزول عليه وهو راكب فالحالة الأولى إن نوى النزول بعد الغروب جمع بينهما مكانه قبل ارتحاله وإن نوى النزول قبل الاصفرار أخر العصر لتمكنه من إيقاع كل صلاة في وقتها وإن نوى النزول في الاصفرار صلى الظهر حينئذ وخير في العصر بين أن يصليها إذ ذاك أو يؤخرها حتى ينزل وأما الحالة الثانية وهى أن تزول عليه الشمس وهو راكب فإن نوى النزول قبل الاصفرار أو في الاصفرار نفسه أخرهما إليه وإن نوى النزول بعد انقضاء جميع زمن الاصفرار وهو الغروب جمعها جمعا صوريا الظهر آخر القامة الأولى والعصر أول القامة الثانية، التوضيح وهذا كله إذا كان له وقت يرتحل فيه ووقت ينزل فيه وأما إن لم ينضبط ذلك وتساوت أحواله فإنه يجمع بين الصلاتين جمعا صوريا قاله ابن بشير اهـ (فرع) الأول قال ابن عرفة لم يذكر مالك فى العشاءين الجمع عند الرحيل أول الوقت وقال سحنون كالظهر والعصر والباجى وجه رواية ابن القاسم أن ذلك الوقت ليس بوقت معتاد للرحيل، الثانى لايختص الجمع بالسفر الطويل كالقصر لما في الموطأ عن على بن حسين أنه كان يقول كان رسول الله إذا أراد أن يسير يومه جمع بين الظهر والعصر وإذا أراد أن يسير ليلته جمع بين المغرب والعشاء، الثالث قال في النكت قال بعض شيوخنا لايجمع المسافر في البحر لأنا إنما نبيح للمسافر فى البر في الجمع من أجل جد السير وخوف فوات أمر وهذا غير موجود في المسافر بالريح في البحر الرابع المشهور جواز الجمع وان لم يجد به السير وقيل لايجمع إلا أن يجد به السير قاله في المقدمات الخامس قال ابن عات إن كان راجلا فلا بأس أن يجمع لأن جد السير يوجد منه

القلشاني قال بعض الشراح هذا نص فيما تردد فيه بعضهم من جمع الراجل وفى المواق عن ابن علاق ظاهر كلامهم أن الجمع إنما رخص للراكب دون الراجل وفقا به لمشقة النزول والركوب، السادس قال التلمساني لو جمع أول الوقت وهو في المنهل فلم يرتحل فلمالك في المجموعة يعيد الأخيرة في الوقت من التوضيح، السابع قال في التوضيح إذا جمع في السفر وقدم الصلاة الثانية مع الأولى فنوى الإقامة فى أثناء إحدى الصلاتين إما الأولى وإما الثانية فقد بطل الجمع، وبطل الجمع لايستلزم بطلان الصلاة فلذلك أن ينوى الإقامة في أثناء الأولى أو بعد الفراغ منها وقال التلبيس بالثانية صحت الأولى ويؤخر الثانية إلى أن يدخل وقتها وإن نوى الإقامة في أثناء الثانية صحت الأولى أيضا وقطع الثانية أو أتمها نافلة والإتمام أولى وأما إن نواه بعدهما فلا تبطل كمن صلى بالتيمم ثم وجد الماء ولو قبل الإعادة قياسا على خائف الإغماء إذ لم يغم عليه على أحد القولين وقياسا على استحبابه في المدونة الاعادة في حق من نوى الإقامة بعد الصلاة مابعد الثامن اذا ارتحل قبل الزوال فنزل عند الزوال فجمع بينهما ظنا منه جواز جمعه لارتحاله السابق فروى علي عن مالك يعيد الصلاة مادام في الوقت وأما الجمع للمرض فقال في المدونة قال مالك إذا خاف المريض أن يغلب على عقله جمع بين الظهر والعصر إذا زالت الشمس لاقبل ذلك وبين العشاءين عند الغروب اهـ قال في التوضيح وألحق في العتبية خائف الإغماء بالذي يأخذه النافض وجوز له الجمع عند الزوال ولذلك أجاز مالك فى المبسوط لمن يخاف الميد إذا نزل فى المركب أن يجمع إذا زالت الشمس قال وجمعه عند الزوال أحب من أن يصليها فى وقتها قاعداً ( فرعان) الأول قال فى المدونة إن كان الجمع للمريض أرفق به لشدة مرض أو بطن منخرقة من غير مخالفة على عقله جمع بين الظهر والعصر في وسط وقت الظهر وبين العشاءين عند غيبوبة الشفق لاقبل ذلك قال في التوضيح حمل سحنون وأبو حمران وغيرهما الكتاب على أن المراد بوسط الوقت الجمع الصوري وأن المراد بالوقت الوقت كله أي اختيارية وضرورية ووسعه آخر القامة ويجوز الجمع الصوري للحاضر الصحيح أيضا: الثاني إذا جمع المريض أول الوقت لأجل الخوف على عقله ثم لم يذهب

عقله فقال عيسى بن دينار يعيد الآخرة قال سند يريد في الوقت وعند ابن شعبان لايعيد وأما الجمع بين المغرب والعشاء ليلة المطر فقال فى التوضيح واعلم أنه إذا اجتمع المطر والطين والظلمة أو اثنان منهما جاز الجمع اتفاقا وإن انفرد واحد فإن كان الظلمة لم يجز الجمع اتفاقا وإلا أدى إلى الجمع في أكثر الليالي وإن انفرد الطين أو المطر فقال صاحب المقدمات المشهور جواز الجمع لوجود المشقة وقال فى الذخيرة المشهور في الطين عدمه وهو الأظهر ثم قال: (تنبيه) حكى الباجي وصاحب المقدمات عن أشهب إجازة الجمع لغير سبب لحديث ابن عباس جمع رسول الله بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء فى غير خوف ولا سفر ولا مطر ثم قال فإن قلت لعل مراد أشهب الجمع الصوري فالجواب أن الباجي وابن رشد وغيرهما من الأئمة لم ينقلوه على ذلك ولو كان ذلك لم يكن لنسبته لأشهب معنى والله أعلم، والمشهور جواز الجمع بين المغرب والعشاء للمطر أو للطين مع الظلمة في كل مسجد وفي كل بلد وقيل يختص بمسجد المدينة والمنصوص اختصاص الجمع بالمغرب والعشاء لابين الظهر والعصر لعدم المشقة فيهما غالبا واستقراء الباجى وابن الكاتب من قول مالك في الموطأ بعد حديث ابن عباس أن رسول الله «صلى الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً في غير خوف ولا سفر» أراه فى المطر جواز الجمع بين الظهر والعصر وهو أخذ حسن وهذا إنما هو في تقديم العصر إلى الظهر وأما لو جمع بين ببنهما جمعا صوريا لجاز ذلك من غير مطر باتفاق اهـ من التوضيح ابن ناجي ماذكر الشيخ ابن أبى زيد من أن الجمع رخصة هو خلاف رواية ابن عبد الحكم الجمع ليلة المطر سنة ولا خلاف مافي المدونة عن ابن قسيط الجمع ليلة المطر سنة ماضية والأصل الحقيقة ثم قال وهل هذه الرخصة على القول بها راجحة أو مرجوحة قولان للخمى وابن رشد اهـ وفي شرح ابن الحاجب للإمام سيدي أحمد الونشريسي رحمة الله عليه مانصه: (تنبيه) مانقلناه عن الأكثر من أن الجمع أرجح هو مالم يجر العرف بتركه في موضع كما اتفق بالجامع الأعظم من تونس فإنه لم يسمع أنه جمع به قط قال: قلت وكذا جامع القرويين والأندلس بفاس وقيل فى علة ذلك أنه لابد فيه من الأذان للإعلام بدخول الوقت ومن كلم الأذان حي على الصلاة وإذا دعا إلى الصلاة كان ذلك كذبا والصواب في التعليل أنه لعدم جريان العرف بذلك وفي شرح المواق بعد أن عد

فوائد الاذان ناقلا لها عن القاضي مانصه أنظر هل يكون هذا شاهداً على استخفاف الأذان للعتمة عند مغيب الشفق وقد كان الناس جمعوا اهـ وصفه الجمع أن يؤذن للمغرب على المنار فى أول وقتها على العادة ثم يؤخر المغرب قليلا ثم يصليها في وسط الوقت وينبغي للإمام إذا صلى المغرب أن يقوم من مصلاه حتى يؤذن للعشاء ويقيم ثم يعود للعشاء في صحن المسجد وقيل في مقدمه وقيل خارجه بخفض الصوت أذانا ليس بالعالي ثم يصلون العشاء متصلة بالمغرب إلا قدر الأذان والإقامة ولايتنفل بينهما خلافا لابن حبيب ولا يوتر إلا بعد الشفق ثم ينصرفون قبل مغيب الشفق هذا هو المشهور، وضعف لأن فيه إخراج كل صلاة عن وقتها المختار وهو مبنى على القول بامتداد وقت المغرب وقيل تصلى المغرب أول وقتها المختار وتصلى العشاء وهو مبني على القول بعدم الامتداد (فروع) الأول إذا انقطع المطر بعد الشروع في المغرب أو العشاء جاز التمادى لأن عودته لاتؤمن قال المازري والأولى عدم الجمع إذا ظهر عدم عودته، الثاني يجمع المعتكف فى المسجد تبعاً للجماعة لفضلها ولأن فى عدم جمعه الطعن على الإمام ولأجل التبعية استحب بعضهم للإمام المعتكف أن يستخلف من يصلى بالناس والمشهور عدم جمع الضعيف والمرأة ببيتهما بمسمع، الثالث قال ابن الحاجب وينوي الجمع عند الأول فإن أخره إلى الثانية فقولان وينبني عليهما جواز الجمع إن حدث السبب بعد أن صلى الأولى وإن صلى الأولى وحده ثم أدرك الثانية يريد أو صلى الأولى فى غير تلك الجماعة أي فإن قلنا محل النية عند صلاة الأولى لم يجمع وإن قلنا عند الثانية جمع والمشهور عدم الجمع إن حدث السبب بعد الأولى وجواز الجمع لمن أدرك الثانية، الرابع من جمع وبقي في المسجد حتى غاب الشفق فقال ابن الجهم يعيدون وفى سماع أشهب وابن نافع لايعيدون والثالث للشيخ إن بقي أكثرهم أعادوا وإن بقي أقلهم فلا اعادة اهـ مندوبها تيامن مع السلام ... تأمين من صلى عدا جهر الإمام وقول ربنا لك الحمد عدا ... من أم والقنوت في الصبح بدا رداً وتسبيح السجود والركوع ... سدل يد تكبيره مع الشروع وبعد أن يقوم من وسطاه ... وعقده الثلاث من يمناه

لما فرغ من ذكر السنن أعقبها بالمندوبات وهي الفضائل أولها التيامن بالسلام ابن عرفة سلام غير المأموم قباله متيامنا قليلا وفي كونه أي سلام المأموم كذلك أو بدايته عن يمينه قولان اهـ قال أبو محمد صالح ويكون التيامن عند النطق بالكاف والميم من عليكم الثاني قول آمين إثر ختم الفاتحة، الفذ على القراءة نفسه فى السر والجهر والمأموم على قراءة نفسه في السر وعلى قراءة إمامه في الجهر وللإمام على قراءة نفسه في السر دون الجهر على المشهور وهذا كله داخل في قول الناظم «تأمين من صلى عدا جهر الامام» أي يستحب تأمين كل مصل ماعدا الإمام في الجهر، الرسالة فإذا قلت [ولاالضالين] فقل آمين إن كنت وحدك أو خلف إمام وتخفيها ويقولها الإمام فيما أسر فيه ولايقولها فيما جهر فيه وهذا هو المشهور، أعني أن الإمام لايقولها فيما جهر فيه وعلى ذلك نبه الناظم بقوله (عدا جهر الإمام) ثم استدرك في الرسالة الخلاف في المسألة فقال وفي قوله أي المأموم إياها في الجهر اختلاف (فرع) إذا لم يسمع المأموم قراءة الإمام، فقال ابن عبدوس يتحرى ويؤمن وروى الشيخ لايؤمن وصوبه ابن رشد وآمين ممدود الهمزة مخفف الميم قبل معناه اللهم استجب لنا (بشارة) أخرج ابن وهب فى مصنفه من رواية بحر بن نصر عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله يقول «إذا أمن الإمام فأمنوا فإن الملائكة تؤمن فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ماتقدم من ذنبه وماتأخر»

الثالث قول ربنا ولك الحمد للمأموم والفذ دون الإمام ولذا قال (عدا من أم) وإثبات ذلك فى رواية ابن القاسم وفي زيادة اللهم طريقان وقد تقدم أن من السنن قول (سمع الله لمن حمد) في الرفع من الركوع للإمام والفذ فتحصل من ذلك أن الفذ يجمع (بين سمع الله لمن حمد) و (ربنا لك الحمد) فالأول سنة والثاني مستحب وأن الامام يقول (سمع الله لمن حمده) فقط كما تقدم وأن المأموم يقول (ربنا ولك الحمد) فقط كما هنا والرابع القنوت فى الصبح عياض من فضائل الصلاة ومستحباتها القنوت في الصبح قال في المدونة واسع القنوت قبل الركوع وبعده والذي آخذ به في نفسي قبل الركوع اهـ ولايكبر له ولايرفع يديه عنده ومن سجد لتركه قبل السلام بطلت صلاته على المشهور من كونه مستحبا وعلى الشاذ من كونه سنة لاتبطل قال بعضهم من أراد الخروج من الخلاف فليسجد لتركه بعد السلام (فرع) من أدرك الركعة الثانية من الصبح فقال فى العتبية لايقنت في ركعة القضاء وهو جار على كونه قاضيا للأقوال والأفعال أو للأقوال فقط فهو يقضى أقوال الركعة الأولى ولاقنوت فيها ويلزم على البناء مطلقا أنه يقنت. الخامس الرداء ابن رشد وعياض واتخاذ الرداء عند الصلاة مستحب. قال غيرهما ولافرق بين الإمام وغيره. السادس التسبيح في الركوع والسجود يريد من غير تحديد. وفي الرسالة يقول في الركوع سبحان ربي العظيم ويحمده وفي السجود (سبحانك ربي ظلمت نفسي وعملت سوءاً فاغفر لي) أو غير ذلك إن شئت.

السابع سدل اليدين أي أرسالهما لجنبيه يريد في الفرض ومذهب المعتزلة أن وضع اليد على الأخرى مكروه في الفرض لا في النفل لطول القيام وقيل مطلقا وهل كراهته في الفرض للاعتماد أو خيفة اعتقاد وجوبه أو إظهار خشوع وتأويلات الثامن التكبير حالة الشروع في أفعال الصلاة إلا في القيام من الجلسة الوسطى فلا يكبر حتى يستوى قائما فقول الناظم (وبعد أن يقوم) معطوف على (مع الشروع) وذلك مطلوب في حق الإمام والفذ والمأموم ولايقوم المأموم لثالثة الإمام إلا بعد استقلال الإمام قائما كما في الرسالة وغيرها. قال في المدونة قال مالك ويكبر فى حال انحطاطه لركوع أو سجود ويقول سمع الله لمن حمده فى حال رفع رأسه من الركوع وإذا قام من الجلسة الأولى فلا يكبر حتى يستوي قائما وذلك لأنه شبه المفتتح لصلاة أخرى لاسيما عند من يقول إن الصلاة فرضت اثنتين اثنتين ولأن التكبير فى غير هذا المحل وقع بين فرضين فليس أحدهما أولى به من الآخر فجعل بينهما وهنا وقع بين سنة وفرض فأوثر به الفرض ونقل ابن حجر عن ناصر الدين بن المنير أن الحكمة فى مشروعية التكبير فى الخفض والرفع لأن المكلف أمر بالنية أول الصلاة مقرونة بالتكبير وكان من حقه أن يستصحب النية إلى آخر الصلاة فأمر أن يجدد العهد فى أثنائها بالتكبير الذى هو شعار النية. التاسع عقد الأصابع الثلاث من اليد اليمنى في التشهد وهي الوسطى والخنصر والبنصر وبسط ماعداها من السبابة والإبهام/ ابن بشير ويبسط المسبحة ويجعل جانبها مما يلي السماء يمد الإبهام على الوسطى، وأما اليد اليسرى فيبسطها ولايحركها وضمير (خلاه) لما ذكر. العاشر تحريك السبابة في التشهد وضمير تلاه أي قرأه للتشهد ابن عرفة وفي استحباب الاشارة بالأصبع في تشهد أو عند أشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له، ثالثها لايحركها ورابعها يخير اهـ ويحركها يمينا وشمالا وقيل إلى السماء والأرض. الحادى عشر أن يباعد الرجل في سجوده بطنه عن فخذيه ومرفقيه من ركبتيه قال في المدونة ويرفع بطنه عن فخذيه في سجوده ويجافي ضبعيه تفريجا مقاربا واستحب ابن شاس أن يفرق بين ركبتيه عياض من فضائل الصلاة ومستحباتها أن يجافى ركوعه وسجوده ضبعيه عن جنبيه ولاينصبهما ولا يفرش ذراعيه وقول الناظم (رجال) مبتدأ سوغ الابتداء به إرادة الحقيقة أو ما في الكلام من معنى حصر هذا الحكم في

الرجال دون النساء وجملة (يبعدون) بضم الياء مضارع أبعد خبر والواو الضمير هو الرابط لجملة الخبر بالمبتدأ والبطن مفعول يبعدون ومن فخذ بكون الخاء تخفيفا للوزن يتعلق يبعدون ومرفقا على البطن ومن ركبتيه يتعلق يبعدون أيضا وكذا إذ يسجدون الثاني عشر صفة الجلوس للتشهدين وبين السجدتين قال مالك في المدونة والجلوس مابين السجدتين وفي التشهد سواء يفضى بأليتيه إلى الأرض أبو عمر يفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وينصب قدمه اليمنى على صدرها ويجعل باطن الإبهام على الأرض ظاهرة القباب وأما الورك الأيمن فإنه يكون مرتفعا عن الأرض قال في الرسالة ولاتقعد على رجلك اليسرى وإنما يجيء قعوده على طرف الورك الايسر عياض معنى نصب القدم رفع جانبها عن الأرض كل شيء رفعته فقد نصبته أبو عمر ويجعل قدمه اليسرى تحت ساقه اليمنى اهـ فالجلوس للتشهد سنة وبين السجدتين واجب وكونه على الصفة المذكورة: مستحب الثالث عشر تمكين اليدين من الركبتين في الركوع وأفرد اليد لقصد الجلس الرابع عشر أن ينصب ركبتيه في الركوع ابن شاس ويستحب نصب ركبتيه عليهما يداه الباجي المجزأ منه تمكين يديه من ركبتيه ابن الحاجب ويجافي مرفقيه ولاينكس رأسه إلى الأرض. الخامس عشر قراءة المأموم فى الصلاة السرية الرسالة ويقرأ مع الامام فيما يسر فيه ولايقرأ معه فيما يجهر فيه وظاهره عموم قراءة المأموم في السرية الفاتحة والسورة وفي ابن عرفة ثالث الأقوال وهو المشهور استحباب قراءة الفاتحة في السرية. السادس عشر وضع اليدين في السجود حذو أذنية قال مالك في المدونة يتوجه بيديه إلى القبلة ولم يحك أين يضعهما الرسالة تجعل يديك حذو أذنيك أو دون ذلك واقتفى معناه اتبع تكميل للبيت ولدى بمعنى في. السابع عشر رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام ابن الحاجب ويستحب رفع اليدين إلى المنكبين وقيل إلى الصدر فقيل قائمتين وقيل بطونها إلى الأرض وقيل يحاذي برؤوسهما الأذنين، التوضيح ووقت الرفع عند الأخذ في التكبير نص ابن شاس. الثامن عشر تطويل السورتين في الركعة الأولى والثانية من صلاة الصبح والظهر أي يقرأ فى كل ركعة منهما بسورة من طوال المفصل وتوسطهما فى الركعتين الأوليين من صلاة العشاء وقصرهما فى الركعتين الأوليين من باقي الصلوات وهما العصر والمغرب

والمفصل هو ما كثر فيه الفصل بالبسملة وأوله الحجرات إلى آخر القرآن على ما اختاره بعضهم وطواله إلى عبس ومتوسطه إلى الضحى وقصاره من الضحى إلى آخر القرآن. فقول الناظم سورتين مفعول بتطويل، فتطويل أضيف لضمير الفاعل وهو المصلي وكمل بالمفعول وهو سورتين وقوله صبحا وظهرا منصوبان على إسقاط الخافض، ويحتمل أن يكون صبحا وطهرا مفعول توسط وسورتين بدل من صبحا وظهرا بدل اشتمال وقوله توسط العشاء على حذف مضاف أي سورتي العشاء وكذا قوله قصر الباقيين على حذف مضاف أيضا قال مالك في المدونة أطول الصلوات قراءة الصبح والظهر قال غيره ويخففها فى العصر والمغرب ويوسطها فى العشاء قال يحيى والصبح أطول وقال أشهب الظهر نحو الصبح. التاسع عشر تقصير سورة الركعة الثانية عن سورة الركعة الأولى من كل الصلوات/ ابن العربى حراس من أن تجهلوا أن الركعة الأولى فى الشريعة أطول من الثانية فتسووا بينهما وأنه لأشهد مايجهله الناس وفى الواضحة أن ذلك مستحب وفى المختصر لابأس بطول قراءة ثانية الفريضة عن الأولى. العشرون تقصير الجلسة الوسطى ابن رشد تقصير الجلسة الأولى فضيلة قيل لمالك أيدعو الإمام بعد تشهده فى الركعتين الأوليين من صلاة الظهر بما بدا له قال نعم ابن رشد لكن لايطول (فائدة) قال فى التوضيح يكره الدعاء فى خمسة مواضع باتفاق أولها فى أثناء الفاتحة لأنها ركن فلا تقطع لغيره ثانيها بعد الفاتحة وقبل السورة فلا يشتغل عن السنة بما ليس بسنة ثالثها فى أثناء السورة رابعها بعد الجلوس وقبل التشهد خامسها بعد سلام الإمام وقبل سلام المأموم، واختلف في أربعة مواضع بعد تكبيرة الاحرام وقبل القراءة والمشهور الكراهة وفي الركوع والمعروف الكراهة أيضا وفي التشهد الأول والظاهر الكراهة لأن السنة فى التقصير والدعاء يطوله الرابع بين السجدتين والصحيح الجواز ماعدا هذه المواضع يجوز الدعاء فيه اتفاقا كالسجود وبعد القراءة وقبل الركوع والرفع من الركوع والتشهد الأخير لهـ باختصار. الواحد والعشرون تقديم اليدين قبل الركبتين في الهوي إلى السجود وتأخيرهما عن ركبتيه في قيامه التوضيح وفي أبي داود والترمذي والنسائي قال «كان رسول الله إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه» وروى ابن عبد الحكم عن مالك التخيير اهـ وقوله استحب معطوف بحذف العاطف على جملة مندوبها

تيامن من باب عطف الجملة الفعلية على الاسمية ولولا الوزن لم يحتج للعامل بل يعطف لفظ السبق على ماقبله ووضعا منصوب على إسقاط الخافض وقوله الركب معطوف على يد أي وندب سبق الركب في الرفع (تنبيه) بقي على الناظم استحباب الذكر عقب الصلوات قال القلشانى في شرح الرسالة وروى عنه «أنه كان إذا صلى قال أستغفر الله استغفر الله استغفر الله اللهم أنت السلام ومنك السلام واليك يعود السلام حينا ربنا بالسلام تباركت وتعاليت ياذا الجلال والإكرام لاإله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير اللهم لامانع لما أعطيت ولامعطي لما منعت ولاينفع ذا الجد منك الجد» وروى مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال «قال رسول الله من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة أدخله الله الجنة» قال وتقدم فى العقيدة أن من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت ولايواظب عليها إلا صديق أو عابد، وعن عبد الله بن عمر بن العاص من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة كان الذي يتولى قبض نفسه ذا الجلال والإكرام وكان كمن قاتل مع أنبياء الله حتى استشهد الرسالة ويستحب الذكر إثر الصلوات يسبح الله ثلاثا وثلاثين ويحمد الله ثلاثا وثلاثين ويكبر الله ثلاثا وثلاثين ويختم المائة بلا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير/ ابن ناجى الأصل فيما ذكر للشيخ أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله فقالوا يارسول الله ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم فقال وماذاك فقالوا يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق فقال رسول الله أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم ولايكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ماصنعتم قالوا بلى يارسول الله قال تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين مرة وتختمون المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له

الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير قال أبو محمد صالح فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله فقالوا يارسول الله سمع إخواننا أهل المال بما فعلنا ففعلوا مثله فقال رسول الله «ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم» فقال الفقهاء لاخصوصية للفقراء فى هذا الحديث لقوله «ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء» وقال الصوفية بل قوله «ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء» الخ يدل على أن هذا الفضل مخصوص بهم لايلحقهم غيرهم فيه اهـ. ويتعلق بهذا الذكر أعني الوارد في حديث الفقراء مسائل الأولى محل هذا الذكر إثر الفرائض دون النوافل فإن كان الفرض مما يتنفل بعده قدم هذا الذكر الثانية اختلف هل يجمع هذا الذكر فيقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثاً وثلاثين مرة مجموعة وهو مختار جماعة أو يفصل فيقول سبحان الله ثلاثا وثلاثين وكذا مابعده واختار جماعة أيضا. الثالثة وقع فى الصحيحين تقديم التحميد على التكبير وفى الموطأ تقديم التكبير على التحميد. الرابعة وقع في رواية لمسلم يكبر أربعا وثلاثين فالأحوط أن يفعل ذلك فيكون لاإله إلا الله زائدا على المائة. الخامسة ليس فى الحديث زيادة يحيي ويميت وقيل إنه ورد في رواية. السادسة لاينبغي الزيادة على هذا العدد كما هو الشأن فيما حدده الشارع إذ لعل لذلك الأعداد خاصية تفوت بمجاوزة ذلك العدد. السابعة قال الشيخ زروق وقد صح الترغيب فى ذلك عشرا فكان شيخنا أبو عبد الله القورى يأخذ به إن أعجله أمر.

الثامنة روى أصحاب السنن أنه كان يعقد التسبيح بيمينه وروى الديلمي بسند ضعيف «نعم ذكر السبحة» قال بعض الشيوخ وقد اتخذ السبحة سادات يؤخذ عنهم ويعتمد عليهم وَكَرِهُوا بَسْمَلَةً تَعَوُّذاً فِى الْفَرضْ والسُّجُودَ فِى الثَّوبِ كَذَا كَوْرُ عِماَمَةٍ وَبَعْضُ وَحَمْلُ شَيءٍ فيهِ أو فِي فَمِّهِ قِرَاءةُ لَدَى السُّجُودِ والرّكوعْ* تَفَكّرُ القَلْبِ بِما نافَى الْخُشُوعْ وَعَبَثُ والاِلْتِفافُ وَالدُّعا أَثْنا قِرَاءةٍ كَذَاأنْ رَكَعا تَشبِيكُ أوْ فَرْقَعَةُ الأَصَابِع* تَخَصُّرُ تَغْمِيضُ عَيْنِ تابعٍ لما فرغ من تعداد الفرائض والسنن والفضائل شرع في المكروهات فأولها والثاني البسملة والتعوذ في الصلاة الفريضة دون النافلة فلا بأس بالبسملة والتعوذ فيها قال مالك في المدونة لايبسمل في الفريضة لاسرا ولاجهرا إمام أو غيره وأما في النافلة فواسع إن شاء قرأ وإن شاء ترك ولايتعوذ في المكتوبة قبل القراءة ويتعوذ في قيام رمضان إذا شاء ومن قرأه في غير صلاة تعوذ قبل القراءة إن شاء وظاهر المدونة ونص المجموعة أن التعويذ يكون قبل قراءة الفاتحة ورد ابن العربى هذا أبلغ رد. الثالث السجود على الثوب ففي النظم «في» بمعنى «على» حد {ولأصلبنكم في جذوع النخل} خلافا لمن جعلها في الآية ظرفية مجازا فكان الجذوع ظرف للمصلوب لتمكنه عليه تمكن المظروف من الظرف قال مالك في المدونة يكره أن يسجد على الطنافس وبسط الشعر والأدم وثياب القطن والكتان وأحلاس الدواب ولايضع كفيه عليه ولاشيء على من صلى على ذلك/ ابن حبيب ولابأس أن يقوم ويعقد على ماكره إذا وضع وجهه وكفيه على الأرض/ مالك وتبدي المرأة كفيها فى السجود حتى تضعهما على ماتضع جبهتها، والأدم بفتح الهمزة والدال جمع أديم وهو الجلد المدبوغ وأحلاس بفتح الهمزة جمع حلس وهو مايلي ظهور الدواب قال مالك في المدونة ولابأس أن يسجد على الخمرة والحصير وماتنبت الأرض ويضع كفيه عليها ابن حبيب تستحب

مباشرة الأرض بوجهه ويديه/ اللخمى من غير حائل حصير ولاغيره، وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يؤتى بالتراب فيوضع على الخمرة في مواضع سجوده ويسجد عليه عياض والخمرة حصير صغير من جريد سمي بذلك لأنه يخمر وجه المصلي، أي يغطيه وقد صلى في بيت أنس على حصير من جريد النخل/ اللخمى وابن رشد ويكره السجود على ماعظم ثمنه من حصير السامان. الرابع السجود على كور العمامة قال مالك في المدونة من صلى وعليه عمامته فاحب إليَّ أن يرفع عن بعض جبهته حتى يمس الأرض بعض جبهته فإن سجد على كور عمامته كرهته ولايعيد ابن حبيب هذا إن كان قدر الطاقتين وإن كان كثيفا أعاد/ التونسي قول ابن حبيب تفسير، وسئل الإمام سيدي أبى العباس احمد بن يحيى الونشريسي عن الطاقة والطاقتين التي يسجد عليها في العمامة هل هي الحاشية الواحدة أو الليلة برمتها فأجاب بأن المراد بالطاقتين التعصيبتان هكذا فسره الشيخ أبو عبد الله الأبي رحمه الله في ترجمة أحاديث وضع اليمنى على اليسرى وترجمة أحاديث السجود من كتاب إكمال الإكمال وقال مختصر العين العصابة ماعصب به الرأس والعصاب لغيرها ماعصبت به سائر البدن، وقال القاضي عياض والكور بفتح الكاف وهو مجتمع طاقتها وما ارتفع منها بأعلى الجبين فيظهر من هذا أن الطاقة والتعصيبة اسمان لمسمى واحد ليس المراد من التعصيبة والطاقة التحزيمة لأن التحزيمة لايجتمع منها كور فيتعين أن تكون الطاقة الليلة إذ منها إذ يجتمع الكور وهي شأن عمائم العرب لأن التحريمة التى هي كالبخنوق للنساء والله أعلم اهـ الخامس السجود على طرف الكم ابن مسلمة لاينبغي أن يسجد على ثوب جسده ولا على يديه في كميه المازري وكشفهما مستحب وتقدم عن ابن حبيب استحباب مباشرة الأرض بالوجه واليدين. السادس والسابع حمل شيء في كمه أو في فمه، من المدونة كره مالك أن يصلي وفي فمه درهم أو دينار أو شيء من الأشياء ابن القاسم فإن فعل فلا إعادة عليه وكره مالك أن يصلي وفمه محشو بخبز أو غيره ابن يونس إنما كره مالك ذلك لاشتغاله عن الصلاة.

الثامن القراءة فى الركوع والسجو في الصحيح نهيت أن أقرأ راكعا أو ساجدا عياض إلى النهي عن القراءة في الركوع والسجود ذهب فقهاء الأمصار وأباح ذلك بعض السلف. التاسع تفكر القلب بما ينافي الخشوع من أمور الدنيا عياض من مكروهات الصلاة تحدث النفس بأمور الدنيا وقد بسط القباب في شرح القواعد ذلك بسطا شافيا فانظره وفهم من كلام الناظم عدم البطلان بذلك ولو طال تفكره وفي الطراز لو طالت تفكره في شيء بين يديه فسدت صلاته وفهم منه أيضا أن التفكر في أمور الآخرة غير مكروره العاشر العبث أي اللعب بلحية أو غيرها عياض من مكروهات الصلاة العبث بأصابعه او بخاتمه أو بلحيته وسمع ابن القاسم لابأس أن يحول خاتمه فى أصابعه لعدد ركعات خوف السهو الحادى عشر الالتفات في الصلاة من المدونة لايلتفت المصلي فإن فعل لم يقطع ذلك صلاته وإن كان بجميع جسده قال الحسن إلا أن يستدبر القبلة الثاني عشر الدعاء أثناء القراءة أو الركوع راجعة في المستحبات عند استحباب تقصير الجلسة الوسطى الثالث عشر والرابع عشر تشبيك الأصابع وفرقعتها فقوله تشبيك بضمة واحدة لأنه مضاف فى التقدير إلى مثل ما أضيف له فرقعة وسمع ابن القاسم لابأس بتشبيك الأصابع بالمسجد في غير الصلاة وإنما يكره فى الصلاة من المدونة كره مالك أن يفرقع أصابعه فى الصلاة ابن يرنس إنما كره مالك ذلك لاشتغاله عن الصلاة الخامس عشر التخصر عياض من مكروهات الصلاة الاختصار وهو وضع اليد على الخاصرة في القيام وهو من فعل اليهود السادس عشر تغميض بصره وإنما كره لئلا يتوهم أنه مطلوب في الصلاة وهذا إذا كان فتح عينيه لايثير عليه تشويشا وإلا فالتغميض حسن، قال البرزلي ومن المدونة قال مالك ويضع المصلي بصره في الصلاة أمام قبلته (تنبيهان) الأول قال شهاب الدين القرافى في الفرق الثالث والسبعين والمائتين كره

مالك وجماعة من العلماء لأئمة المساجد والجماعات الدعاء عقب الصلوات المكتوبة جهراً للحاضرين فيجتمع لهذا الإمام التقدم للصلاة وشرف كونه نصب نفسه واسطة بين الله تعالى وعباده في تحصيل مصالحهم على يده بالدعاء فيوشك أن تعظم نفسه عنده فيفسد قلبه ويعصى ربه في هذه الحالة أكثر مايطيعه ويجري هذا المجرى في كل من نصب للدعاء لغيره وخشي على نفسه الكبر بسبب ذلك فالأحسن له الترك حتى تحصل السلامة اهـ وقد أكثر الناس الكلام في هذه المسألة أعني دعاء الإمام إثر الصلاة وتأمين الحاضرين على دعائه وحاصل ما انفصل عليه الإمام ابن عرفة والغبرينى أن ذلك إن كان على نية أنه من سنن الصلاة أو فضائلها فهو غير جائز وإن كان مع السلامة من ذلك فهو باق على حكم أصل الدعاء والدعاء عبادة شرعية فضلها من الشريعة معلوم عظمه وكذلك الأذكار بعدها على الهيئة المعهودة كقراءة الأسماء الحسنى ثم الصلاة على النبي مراراً ثم الرضا عن الصحابة رضى الله عنهم وغير ذلك من الأذكار بلسان واحد وقد مضى عمل من يقتدى به فى العلم والدين من الأئمة على الدعاء بأثر الذكر تمام الفريضة قال ابن عرفة وماسمعت من ينكره إلا جاهل غير مقتدى به ورحم الله بعض الأندلسيين فإنه لما أنهى إليه ذلك ألف جزءاً في الرد على منكره ونقل في المعيار عن القباب جوابا طويلا في المسألة فانظره إن شئت (الثاني) سئل الأمام العالم سيدي علي بن هرون عن مسألة قول لا إله إلا الله محمد رسول الله مراراً عقب الصلوات هل ذلك بدعة مستحسنة فيدخل من سنها في خبر من سن في الإسلام سنة حسنة الحديث أو ذلك بدعة غير مستحسنةفأجاب بما نصه: الجواب والله الموفق للصواب الذكر مطلوب ومندوب إليه ومرغب فيه والإكثار منه وترتبه بعد الصلوات يذكرون بصوت واحد من البدع التى ينهى عنها لما يتطرق عنها من الزيادة فى الدين ماليس منه ولم يكن هذا في الصدر الأول فيجب قطعه وإن كان صادقاً، هذا الذي أراد أن يسنه فليذكر الله ويحمده في جميع أوقاته فهو أنفع له وأسلم من

الرياء والسمعة والله أعلم وكتبه عبد الله علي بن موسى بن هرون لطف الله به فَصْلُ وَخَمْسُ صَلوَاتٍ فَرْضُ عَيْنْ وَهِىَ كِفَايةُ لميت دُونَ ميْنْ فُرُوضُهَا التَّكْبِيرُ أَرْبَعاً دُعا وَنِيَّةُ سَلاَمُ سرَّا تبِعا وَكالصَّلاَةِ الغُسْلُ دَفْنُ وَكَفَنْ وِتْرُ كُسُوفُ عِيدُ استِسِقا سُننْ فَجْرُ رَغِيبَةُ وتقضْى للَزُّوالْ والفَرْضُ يُقْضَى أَبداً وبالتَّوَالْ حاصل تقسيم الصلاة على ماذكر الناظم في هذا الفصل أن الصلاة على قسمين فرض ونفل والنفل كل ماعدا الفرض لأن المنفل في اللغة هو الزيادة فكل مازاد على الفرض هو نافلة ثم الفرض على قسمين عين وهو الصلاة الخمس وفرض كفاية وهي الصلاة على الميت والنفل أيضا على قسمين ماله اسم خاص لتأكده من سنة ورغيبة كالوتر والكسوف والعيد والاستسقاء والفجر وهي المذكورة هنا مايسمى بالاسم العام وهو النفل كالرواتب قبل الصلوات وبعدها وغيرها ممايوقع في غير أوقات النهي وإن كان بعضها آكد من بعض وسيأتي ذلك كله في البيتين بعد هذا ثم اعلم أن ماله اسم خاص من النوافل على قسمين قسم عى الأعيان كالوتر والفجر وقسم على الكفاية كالعيد على أحد القولين فيه وانظر الكسوف والاستسقاء هل سنيتهما على الأعيان أو على الكفاية وأما الذي ليس له اسم خاص فهو كله على الأعيان أي مندوب في حق كل واحد وكون الصلاة على الميت فرض كفاية قال ابن ناجى عليه الأكثر وشهره الفاكهانى في الأوقات وجعله ابن الحاجب وصاحب الشامل الأصح وقيل بسنيتها وهو قول ابن القاسم وأصبغ وشهره سند واللام في الميت للاستعلاء المجازى فهو بمعنى على حد وإن أسأتم فلها واشترط لهم الولاء ويقال ميت وميت وهين والمين الشك قوله فروضها التكبير أربعاً دعا البيت لما أداه التقسيم إلى ذكر صلاة الجنازة كمل الفائدة ببيان فرائضها فأخبر أن فروض صلاة الجنازة أربع. الأول التكبير أربعا عياض ومن فروضها وشروط صحتها تكبيرة الاحرام وثلاث تكبيرات بعدها قال غيره كل تكبيرة بمنزلة ركعة (فرع) سمع ابن القاسم إن كان الامام ممن يكبر خمساً فليقطع المأموم بعد الرابعة أي

يسلم ويتبع في الخامسة وقال مالك في الواضحة يسكت فإذا سلم الإمام سلم بسلامه وقال أشهب ويؤيد مافي الواضحة أن الإمام إذا قام لخامسة ينتظر ليسلم بسلامه (فرع) وفي رفع اليدين عبد التكبير ثلاثة أقوال الرفع في الجميع وعدمه فى الجميع والرفع في الأولى دون مابقي وهو المشهور. الثاني الدعاء للميت عقب كل تكبيره من الثلاث الأولى وفي الدعاء بعد التكبيرة الرابعة أو يسلم أثرها من غير دعاء قولان ولايستحب دعاء معين اتفاقا ولاقراءة للفاتحة على المشهور وفي استحباب الابتداء بالثناء على الله تعالى والصلاة على نبيه محمد قولان (فرع) قال أشهب لايجهر الإمام ولامن خلفه بشيء من الدعاء وإن أسمع بعض ذلك من إلى جانبه فلا بأس الثالث النية عياض من فروض صلاة الجنازة وشروط صحتها النية (فرع) من صلى على جنازة يظنها امرأة فإذا هي رجل أو بالعكس فدعا على ماظنه فصلاته تامة الرابع السلام عياض من فروض صلاة الجنازة وشروط صحتها السلام آخرا وإلى كونه آخراً أشار الناظم بقوله تبعاً أي ماقبله من التكبير والدعاء وسمع ابن القاسم يسلم الإمام واحدة ويسمع من يليه من ورائه يسلمون واحدة في أنفسهم وإن أسمعوا من يليهم لم أر بذلك بأساً ابن رشد هذا مثل مافي المدونة سواء فالإمام يسمع من يليه لأنهم يقتدون فيسلمون بسلامه بخلاف من خلفه إنما يسلم ليتحلل من صلاته فيسلم في نفسه وروى عن مالك أن الإمام يسر أيضا وعلى هذا فيعرف المأموم انقضاء صلاته بانصراف الإمام وظاهر قول الناظم سلام سر أنه بالنسبة للامام والمأموم فيكون ذهب على هذه الرواية والمشهور أنه لايرد المأموم على الإمام وهو مذهب

المدونة وقيل يرد عليه من سمعه فقط (تنبيه) بقى على الناظم من فروض صلاة الجنازة وشروطها القيام لها نص عليه عياض وبقى أيضا الامامة قال ابن رشد من شروط صحة الصلاة على الجنازة الامامة فإن صلى عليها بغير إمام أعيدت الصلاة (فروع) الأول إذا وإلى التكبير ولم يدع فقال مالك في العتبية تعاد الصلاة مالم يدفن كالذي يترك القراءة في الصلاة ابن حبيب إلا أن يكون بينهما دعاء وأن قل الثاني إذا سلم بعد ثلاث تكبيرات أو أقل فإن كان بالقرب رجع لإصلاح الصلاة مقتصرا على النية ولايكبر لئلا تلزم الزيادة في عدد فإن كبر حسبها في الأربع وإن طال أعيدت الصلاة فإن دفن جاءت الأقوال التى فيمن دفن ولم يصل عليه هل يصلى على قبره أم لا وعلى النفى هل يخرج أم لا؟ لا الثالث إذا صلى على الميت نعشه منكوس رأسه مكان رجليه لم تعد الصلاة عليه الرابع لو ذكر إمام الجنازة أنه جنب أو رعف أو أحدث فحكمه حكم إمام المكتوبة في الاستخلاف وقال في العتبية الخامس إذا ذكر صلاة في صلاة الجنازة فقال ابن القاسم يقطع إذ لاترتيب بين الفريضة وصلاة الجنازة. السادس إذا قهقه الإمام أبطل عليه وعليهم قال في العتبية السابع إذا جهلوا القبلة أي فصلوا على الجنازة لغير القبلة ثم علموا بذلك قبل دفنها أو بعده فقال ابن القاسم في العتبية إن دفنوها فلا شيء عليهم وإن لم يدفنوها فأنا أستحسن أن يصلى عليها قبل الدفن وليس بواجب. الثامن إذا وجد المسبوق الإمام قد كبر فان كان بالقرب دخل معه وان تباعد فهل يكبر ويدخل مع الإمام أو ينتظر تكبير الإمام ويكبر معه قولان الثاني مذهب المدونة ووجهه أن التكبيرة هنا بمثابة ركعة فتكبيرة قضاء في صلب الإمام. التاسع قال مالك في المدونة أكره أن توضع الجنازة في المسجد وإن وضعت قرب المسجد للصلاة عليها فلا بأس أن يصلى من بالمسجد عليها بصلاة الامام إذا ضاق خارج المسجد ابن رشد لافرق في كراهة الصلاة في المسجد بين أن تكون الجنازة

فيه أو خارجة عنه قول على مالك في المدونة فعلى هذا فلا يأثم في صلاته ولا يؤخر ولو ترك أجر لأن هذا هو حد المكروه. العاشر إذا اجتمعت جنائز جاز أن تجمع فى صلاة واحدة ويجوز أن يفرد كل واحد بصلاة وعلى الأول فإن كانت أجناسها مختلفة بأن كان فيهم ذكور وإناث وخناثى فيجعل الذكور ممايلي الإمام الأفضل فالأفضل ثم الخناثى كذلك ثم النساء وكذلك لو كان معهم خصى ومجبوب فهما قبل الخنثى والخصى قبل المجبوب ثم كل واحد من الذكر والأنثى والخنثى والخصى والمجبوب يفرض لكل واحد منهم أن يكون بالغا أو غيره حرا أو عبدا فهي أربعة أوصاف في خمسة أصناف فتبلع عشرين: المقدم الذكر البالغ الحر ثم غير البالغ الحر ثم البالغ العبد ثم العبد غير البالغ فهذه أربعة في الذكر ومثلها في الخصى بعده ومثلها في المجبوب بعد الخصي ومثلها في الخنثى بعد المجبوب ومثلها في الأنثى بعد الخنثى فيكون آخر منزلة الأمة غير البالغة وفى بعضها خلاف فإن كانت الجنائز صنفاً واحدا ذكورا أحراراً مثلا أو عبيدا أو نساء أو إماء فوجهان أحدهما كما تقدم أن يجعل واحد أمام واحد إلى القبلة مع تقديم الأفضل فالأفضل والثاني أن يجعلوا صفا واحدا من المشرق الى المغرب ويقف الامام عند أفضلهم وعن يمينه الذي يلي الأفضل فالأفضل رجلا المفضول عند رأس الأفضل ومن دونهما في الفضل عن شماله ورأسه عند رجلى الأفضل فإن كان رابع دون هذه الثلاثة جعل عن يساره رأسه عند رجلي الثالث في الذكر الحادى عشر روى ابن غانم وصى الميت بالصلاة عليه أحق من الولى وروى سحنون إن كان لعداوة بينه وبين وليه فالولي أحق سحنون والوصى أحق من الخليفة والخليفة أحق من الولي وأما فرع الخليفة من الأمير أو القاضي أو صاحب الشرطة فلا يقدم على الولي إلا أن تكون له الخطبة والصلاة فإن كانتا له من دون إمرة فلا كما إذا كانت له إمرة دون الخطبة والصلاة ويقدم من أولياء الجنازة الواحدة أو المتعددة الأفضل فالأفضل فإن تساووا فالقرعة وفي تقديم ولى الذكر وان كان مفضولا قولان الثاني عشر قال ابن رشد أولى الأولياء الابن ثم ابنه وإن سفل ثم الأب ثم الأخ ثم ابنه وإن سفل ثم الجد ثم العم وإن سفل ثم أبو الجد ثم بنوه على هذا الترتيب كولاية النكاح وميراث الولاء

الثالث عشر لوسها الإمام فنوى إحدى الجنازتين ونواهما خلفه فقال في العتبية تعاد الصلاة ثم من ينوه الإمام دفن أم لا الرابع عشر يقوم الإمام عند وسط الجنازة في الرحل وعند منكبي المرأة ويجعل رأسه على يمين المصلى الخامس عشر إن لم يوجد من يصلى على الجنازة إلا النساء صلين أفذاذاً على الأصح وهل واحدة بعد واحدة أو مجتمعات قولان السادس عشر في المدونة إذا كان الامام يصلى على جنازته ثم جاءت جنازة أخرى تمادى على الأولى ولا تدخل معها الثانية فإذا فرغ صلى على الثانية فإذا جيء بها بعد تمام الصلاة على الأولى فلا بأس بتنحية الأولى والصلاة على الثانية. السابع عشر قال مطرف لابأس بالصلاة على الجنازة ليلا ولابأس بالدفن ليلا وقد دفن الصديق ليلا وكذلك فاطمة وعائشة رضي الله تعالى عنهم. قوله بالصلاة الغسل دفن وكفن أخبر أن غسل الميت ودفنه وكفنه كالصلاة عليه في كونه فرض كفاية أماالغسل فقال ابن عرفة غسل الميت المسلم غير الشهيد قال الشيخ مع الأكثرية سنة وقال القاضي مع البغدادين فرض كفاية وأما الدفن والكفن فقال ابن يونس وأما دفنه ففرض على الكفاية وقال المازرى التكفين عندنا واجب وقال صاحب المقدمات وغير واحد ولابد من ذكر فروع الأول من المدونة قال مالك ويغسل أحد الزوجين صاحبه وإن كان ثم غيره من النساء والرجال ويستر كل واحد عورة صاحبه وهل يحكم لمن أراد منها غسل صاحبه أم لا حكى ابن الحاجب ثلاثة أقوال تقضى لهما ومقابلة ثالثها يقضى الزوج دونها ابن الماجشون لو مات الزوج وامرأته حامل فولدت قبل غسله فلها أن تتزوج غيره وتغسله وإن ماتت هي وتزوج أختها فله أن يغسلها قال ابن حبيب أحب إلى إذا نكح أختها أن لا يغسلها ابن يونس وكذا عندي إذا ولدت المرأة وتزوجت غيره أحب إلى أن لاتغسله ابن عرفة والملك المبيح للوطء كالمدبرة وأم الولد النكاح في الغسل تغسل سيدها ويغسلها وفي

العتبية وكذلك من يحل له وطؤها مثل أمته ومدبرته وأما مكاتبته سحنون أو المعتق بعضها أو إلى أجل أو من له فيها شركة فلا تغسله ولايغسلها ثم الأولى بغسل الميت الذكر بعد زوجه أولياؤه الأقرب كما في الصلاة عليه ثم رجل أجنبي فإن لم يوجد رجل فامرأة من محارمه أو أخت أو عمة وهل تستر جميع بدنه أو عورته فقط تأويلا فإن لم يوجد إلا امرأة أجنبية يممت وجهه ويديه إلى المرفقين والأولى بغسل المرأة بعد زوجها أقرب امرأة وهي ابنتها ثم بنت ابنتها على مثال منازل الرجال ثم امرأة أجنبية فإن لم توجد امرأة غسلها رجل من محارمها من فوق ثوب فإن لم يوجد إلا أجنبي يمم وجهها ويديها إلى الكوعين اللخمى قول مالك تيمم الميت عند عدم الماء دليل على أن غسله تعيد ابن رشد ويجزىء غسله بغير نية الأصل في ذلك أن كل مايفعله الانسان في غيره فلا يحتاج فيه إلى نية كغسل الإناء من ولوغ الكلب سبعاً الثانى قال ابن بشير أما صفة غسل الميت فإنه في صب الماء والتدلك على حكم غسل الجنابة الثالث سئل ابن القاسم عن المرأة ذات الشعر تغسل كيف يصنع بشعرها أيضفر أم يفتل أم يرسل وهل يجعل بين الأكفان أم يعقص ويرفع مثل ماتعرفه الحية بالحمار فقال ابن القاسم يفعلون فيه كيف شاءوا وأما الضفر فلا أعرفه ابن رشد يريد أن لايعرفه من الأمر الواجب وهو إن شاء الله حسن من الفعل والضفر نسج الشعر وعقصه ضفره وليه على الرأس الرابع المخمى على الأب أن يكفن ولده الصغير والكبير الزمن وعلى الابن أن يكفن أبويه هذا كله وإن لم يكن للميت مال ابن عرفة كفن ذى رق على ربه حتى المكاتب قال سحنون مسلمين كانوا أو كفاراً الرسالة واختلف في كفن الزوجة فقال ابن القاسم في مالها وقال عبد الملك في مال الزوج وقال سحنون إن كانت ملية ففي مالها وإن كانت فقيرة ففى مال الزوج وقول ابن القاسم هو المشهور (فصل فى بعض مايتعلق بغسل الميت) قال أبو عمر يستحب أن تكون الغسلة الأولى بالماء والسدر أو الخطمى أو الأشنان أو ماأشبه ذلك بعد أن يغسل ماتحته من النجاسات ثم الثانية بالماء القراح إن شاء بارداً وإن شاء سخنا ثم الثالثة بمثل ذلك ويجعل فيها كافورا ويستحب تجريد الميت للغسل ويستر عورته ولايطلع عليه غير غاسله ومن يعينه ويستحب جعله فى مكان خال ووضعه على سرير وجعل حديدة على بطنه خوف انتفاخه وكون غسله وترا ثلاثاً أو خمسا أو سبعا المازري فإن خرج من الميت شيء بعد الفراغ من غسله غسل ذلك الموضع فقط المدونة يجعل الغاسل على يده خرقة ويفضى بها إلى فرجه وان احتاج إلى مباشرة بيده فعل ويعصر بطنه عصرا رقيقا اهـ ويستحب أن يوضأ الميت قبل أن

يغسل ويجعل الغاسل على أصبعه خرقة ينظف بها أسنانه وينقي أنفه ويميل رأسه ليخرج ماء المضمضة وفي تكرره تكرر غسله قولان وإذا فرغ من غسله نشف بلله في ثوب وفي طهارة ماينشف به ونجاسته قولان ويستحب اغتسال غاسله على المشهور (تنبيه) هذا في غير شهيد المعترك أما هو فلا يغسل ولايصلى عليه ويدفن بثيابه إن سترته وإلا زيد عليها قاتل أو لم يقاتل طاهرا كان أو جنبا قتل ببلد العدو أو ببلد الإسلام على المشهور فإن رفع حيا غسل وصلى عليه وإن أنفذت مقاتله إلا المغمور ولايدفن بدرع وسلاح بل بخف وقلنسوة ونحوهما وأما شهيد البطن والطاعون ونحوهما فيغسل ويصلى عليه. (فصل فى بعض مايتعلق بالدفن) قال المازري تسنيم القبر عندنا هو المأمور به الصحاح تسنيم القبر خلاف تسطيحه وقال اللخمى كره في المدونة تسنيم القبر قال ابن حبيب يستحب لمن كان على شفير القبر أن يحثو فيه ثلاث حثيات من التراب وقد فعله رسول الله في قبر ابن مظعون وقال مالك لاأعرف ذلك ابن رشد إرسال الطعام لأهل الميت لاشتغالهم بميتهم إن لم يكونوا اجتمعوا لمناحته من الفعل الحسن المرغب فيه المندوب روى أن رسول الله قال لأهله لما جاء نعى جعفر بن أبى طالب اصنعوا لآل جعفر طعاما وابعثوا به اليهم فقد جاء مايشغلهم عنه ابن شاس والتعزية سنة وقد جاء فى التعزية ثواب كثير جاء أن الله يلبس الذى عزاه الناس التقوى وعزى رسول الله امرأة فى ابنها فقال «ان الله ماأخذ وله ماأعطى ولكل أجل مسمى وكل إليه راجعون فاحتسبي واصبري فإنما الصبر عند الصدمة الأولى» ابن حبيب والتعزية عند القبر واسع في الدين فأما في الأدب فيعزى الرجل في بيته ومنزله ابن العربى وقوف ولى الميت عند تسوية التراب على القبر فيعزى قال اللخمي إنه مكروه ولكنه مستعمل ابن حبيب يستحب أن لايعمق القبر جدا بل قدر عظم الذراع ابن عات:

من رأى تعميقه القامة والقامتين رآه في أرض الوحش أو توقع النبش. الشيخ خليل: وأقله مامنع رائحته وحرسه. ابن حبيب اللحد أفضل من الشق إن أمكن. وقال مالك: كل ذلك واسع واللحد أحب وهو الحفر في قبلة القبر والشق في وسطه. ابن حبيب: وواسع أن يلي إقبار الميت الشفع والوتر، ويلحد على شقه الأيمن إلى القبلة، وتمد يده اليمنى على جسده، وتعدل رأسه لئلا ينطوى ويعدل رجليه ويرفق في ذلك ويحل عقد كفنه. ابن القاسم: فإن وضع في قبره على شقه الأيسر فإن كانوا لم يواروه أو ألفوا عليه شيئاً يسيراً فأرى أن يحول ويوجه إلى القبلة، وإن فرغوا من دفنه ترك ولاينبش. ابن عرفة: الزوج أحق بإدخال زوجته قبرها فإن لم يكن فأقرب محارمها. ابن القاسم: فإن لم يكونوا فأهل الفضل، والزوج أولى من الابن والأب. وابن حبيب: وللزوج الاستعانة بذي محرم، فإن لم يكن فبذي الفضل عند أعلاها والزوج عند أسفلها. قالوا: ويستر قبرها بثوب أشهب ولا أكرهه في الرجل ويقول إذا وضعه في لحده: باسم الله وعلى سنة رسول الله اللهم تقبله بأحسن قبول، وإن دعا بغيره أو ترك فواسع. ابن رشد: الأفضل فيما يجعل على الميت في قبره اللبن ثم الألواح ثم القراميد ثم الآجر ثم الحجارة ثم القصب ثم سن التراب وسن التراب خير من التابوت. قال ذلك ابن حبيب، واللبن ما يعمل من الطين بالتبن وربما عمل بدونه. قال ابن القاسم: ميت البحر إن طمعوا بالبر من يومهم وشبه ذلك حبسوه حتى يدفنوه في البر، وإلا غسل في الحين وصلي عليه وشد كفنه عليه. ابن حبيب: ويلقونه مستقبل القبلة محرفاً على شقه الأيمن، قال ابن الماجشون وأصبغ: ولا يثقل رجله بشيء ليغرق وحق على واجده بالبر دفنه. فصل فى بعض مايتعلق بالكفن ابن رشد: الفرض من الكفن ساتر العورة والزائد لستر غيرها سنة. [وقال ابن بشير: أقله ثوب يستره كله، ابن حبيب: يستحب إيصاؤه أن يكفن في ثياب جمعته وإحرام حجه، رجاء بركة ذلك وقد أوصى سعد بن أبي وقاص أن يكفن في جبة صوف شهد بها بدراً، ابن يونس. الحنوط وجميع مؤن الميت في إقباره إلى أن يوارى من رأس ماله، والرهن أولى من الكفن والكفن أولى من الدين فإن نبش الميت لم يعد غسله ولا الصلاة عليه، ولكن يكفن ويبدأ به على الدين كالكفن الأول وسواء قسم ماله أم لا، فإن وجد الكفن الأول فهو للغريم أو للوارث كما إذا أكل السبع الميت وبقي الكفن. اللخمي: يستحب في الكفن البياض. ابن بشير: الكتان والقطن. ابن عرفة: وعلى قول ابن حبيب: والصوف. ابن يونس: الحديث البسوا البياض وكفنوا فيه موتاكم. أبو عمر السنة تجمر ثياب الميت أي تبخر بالبخور ويستحب ألا يؤخر التكفين عن الغسل، فإن غسل بالعشي وكفن بالغد فلابن]

[قاسم: أرجو أن يجزئه وفي «المدونة» قال مالك: أحب إلىَّ أن لا يكفن الميت في أقل من ثلاث أثواب إلا أن لا يوجد ذلك. الأبياني: يريد غير العمامة والمئزر. وقال ابن حبيب: أحب إليَّ في الكفن خمسة أثواب، يعد فيها العمامة والمئزر والقميص ويلف في ثوبين وذلك في المرأة ألزم، ويشد مئزرها بعصائب من حقويها إلى ركبتيها ودرع وخمار وتلف في ثوبين. ابن شعبان: أقله لها خمسة وأكثره سبعة. اللخمي: يستحب الوتر فوق اثنين ولا يزاد على سبع، والاثنان أولى من الواحد للستر لأن الواحد يصف ما تحته، والثلاثة أولى من الأربعة للوتر ولا يقضى على الوارث إن شح بما زاد على الثوب الواحد. ونقل ابن محرز: أن الورثة والغرماء يجبرون على ثلاثة أثواب، وكذا نقل ابن يونس أيضاً: أن الرجل لا ينقص عن ثلاثة أثواب، إن شح الورثة. وقال ابن رشد: يقضى على الورثة أن يكفنوه في نحو ما كان يلبس في الجمع والأعياد ويستحب الحنوط بكل طيب طاهر كالكافور والمسك والعنبر. ابن بشير: ومحل الحنوط مواضع السجود، وهي المقدمة ومغابن البدن ومراقه، كالآباط والأفخاذ مما يرق جلده ويكون محلاً للأوساخ وفي الرأس كالأنف والفم والأذنين وسائر الجسد وبين الكفن وبينه وبين الأكفان، ابن حبيب ويجعل] على القطن الذي يجعل بين فخذيه ويسد أذنيه ومنخريه قطنة [فيها] الكافور. فصل فى مسائل من هذا الباب يستحب للمحتضر أن يحسن ظنه بالله تعالى لخبر لايموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى وينبغى أن يوجه إلى القبلة على شقه الأيمن فإن لم يقدر فعلى ظهره ورجلاه إلى القبلة ابن حبيب ولا أحب أن يوجه إلا عند إحداد نظر وشخوص بصره ويستحب أن لاتقربه حائض ولاجنب ولايحضره إلا أفضل أهله ويكثروا له من الدعاء فإن الملائكة يحضرونه ويؤمنون على دعاء الداعين وينبغى أن يلقن لاإله إلا الله عند الموت مرة بعد أخرى بأن يقال بحضرته أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله من كان آخر كلامه لاإله إلا الله دخل الجنة ولايقال له قل لاإله إلا الله ويستحب تلقينه بعد الدفن لآية {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين} وأحوج مايكون العبد إلى التذكير بالله عند سؤال الملائكة فيجلس إنسان عند رأس الميت عقب دفنه فيقول يافلان ابن فلانه او ياعبد الله أو ياأمة الله اذكر العهد الذي

خرجت عليه من الدنيا وهو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويستحب أن يغمض بصره إذا قضى وأن يشد لحيه الأسفل بعصابة تربط عند رأسه خوف تشويه خلقه وأن يلين مفاصله برفق وأن يسرع بتجهيزه إلا الغريق بما رجاء إفاقته وهذه إحدى المسائل السبع التي يطلب فيها المبادرة كالتوبة من الذنب وتقديم الطعام للضيف وانكاح البكر إذا بلغت والصلاة إذا دخل وقتها والجهاد وأداء الدين وقد جمعت في قول القائل. بادر بتوبة قرى والذقن بكر صلاة مع جهاد دين ويستحب مشي المشيع للجنازة ويكره له الركوب إلا في الرجوع وإسراعه بالجنازة إسراع الرجل الشاب في حاجته والسنة مشى المشيع أمام الجنازة الباجى حكم الراكب في الجنازة أن يكون خلفها والنساء خلفه ابن القاسم لايترك أن يستر نعش المرأة بقية في حضرة أو سفرإذا وجد ذلك ابن حبيب ولا بأس أن يجعل على النعش للمرأة البكر أو الثيب الساج وراء الوشي أو البياض مالم يجعل مثل الأخمرة الملونة فلا أحبه ولا بأس أن يستر الكفن بثوب ساج ونحوه وتنزع عند الحاجة وهذه هي مسألة تغطية الجنازة بقناع الحلى وقد أطال فيها في المعيار آخر الجنائز بما حصله أن بعضهم قال يمنع ذلك لوجود ذكرهاوأن بعض الأئمة كان يأمر بنزع ذلك ولا يصلى على الجنازة وهي مستورة بالحرير واختار هو جواز ذلك وجواز اكترائه لمن لم يجده إلا بذلك وسنزيد المسألة بيانا إن شاء الله في نزهة الأنفاس في كراء حلى الأعراس على العادة بفاس ويجوز غسل امرأة ابن كسبع سنين ورجل كرضيعة وترك الدلك لكثرة الموتى والتكفين بالثوب الملبوس وبالمصبوغ وبالزعفران أو الورس وخروج المنجاله ومن لم تخش منها الفتنة من الشواب لجنازة قريبها كأب وابن وزوج وأخ وسبق الجنازة لموضع دفنها والجلوس قبل وضعها عن أعناق الرجال ونقل الميت قبل دفنه من بدو لحضر وعكسه وكذا بعد الدفن لضرورة البكاء عند الموت وبعد بلا رفع صوت وقول قبيح وجمع أموات بقبر واحد لضرورة وولى القبلة إلا فصل وتقبيل وجه الميت كمافعل بابن مظعون أوفعله أبو بكر بالنبى ويكره حلق شعره وتقليم أظفاره وجعل ذلك معه إن فعل ولا تنكأ قروحه ويزال ماخرج منها وسمع ابن القاسم وأشهب ليست القراءة

والبخور من العمل ابن رشد استحب ذلك ابن حبيب وروى عن النبي «أن من قرأ يس عند رأسه وهو في سكرات الموت بعث الله ملكا إلى ملك الموت أن هون على عبدي الموت» وقال إنما يكره مالك ذلك استنانا ابن عرفة قبل عياض استدلال بعض العلماء على استحباب القراءة على القبر بحديث الجريدتين وقاله الشافعي وفي الإحياء لابأس بالقراءة على القبر ويكره أن توضع الجنازة في المسجد وكذا الصلاة عليها في المسجد مالم يضق خارجه قال مالك ولايصلى على المولود ولايغسل ولايحنط ولايسمى ولايورث ولايرث حتى يستهل صارخا بالصوت ويكره أن يدفن السقط في الدار ومن وجده بدار فليس عيبا ترد به بخلاف ما إذا وجد قبر كبير فله ردها به ويجوز أن يدفن الرجل في داره ولابأس بزيارة القبور والجلوس إليها والسلام عليها عند المرور وبها وفروع الباب كثيرة وفي هذا القدر كفاية قوله: وتر كسوف عيد استسقا سنن. الوتر بالمثناة وبكسر الواو وفتحها ابن يونس والوتر سنة مؤكدة لايسع أحدا تركها سحنون يجرح تاركه ابن عرفة اعتذر بعضهم عن التجريح بأن تركه علامة استخفافه بأمور الدين وقال أصبغ يؤدب. المازري لاستخفافه بالسنة كقول ابن خويز منداد تارك السنة فاسق التوضيح والتأديب لايستلزم الوجوب لأنا نؤدب الصبي على ترك الصلاة وقال فى مختصره والوتر سنة آكد ثم عيد كسوف ثم استسقاء (فرع) وأول وقته المختار بعد العشاء الصحيحة وبعد الشفق وآخره إلى طلوع الفجر وضرورية من طلوع الفجر إلى صلاة الصبح ابن عرفة ففعله قبل صلاة العشاء ولو سهوا لغو ومن المدونة من صلى العشاء على غير وضوء ثم انصرف إلى بيته فتوضأ وأوتر ثم ذكر بعد ذلك فليعد العشاء ثم الوتر التوضيح وزاد أى ابن الحاجب بعد الشفق احترازا من مثل الجمع ليلة المطر أي فلا يوتر إلا بعد الشفق هذا هو المعروف في المذهب (فرع) من المدونة قال مالك من ذكر الوتر بعد صلاة الصبح لم يقضه وليس كركعتي الفجر في القضاء ومن كان خلف إمام في الصبح أو وحده فذكر وتر ليلته فقد استحب له مالك أن يقطع ويوتر ثم يصلي الصبح قال ابن القاسم ثم رخص مالك للمأموم

أن يتمادى ابن حبيب ويقطع الإمام إلا أن يسفر جداً وقال المغيرة لايقطع ولم يفرق بين فذ ولا غيره وعلى قطع الإمام ففي قطع مأمومه خلاف وهل محل الخلاف في قطع الصبح للوتر وإن لم يعقد ركعة فإن عقدها تمادى قولا واحداً أو الخلاف ولو عقدها قولان ومن تمادى ولم يقطع فقد فاته الوتر فذا كان أو إماما على المشهور وقال ابن وهب إن شاء المأموم تمادى مع الإمام ثم أوتر ثم أعاد الصبح قال في تكميل التقييد يريد يتمادى بنية النفل وظاهره أن الإعادة مختصة برواية ابن وهب وعليها يكون من مساجين الامام. فعد هذه المسئلة من مساجين الإمام كما هو الشائع على الألسنة حتى قال بعضهم مساجن الامام فيها اشتهر أربعة من للركوع كبرا ونسي الإحرام أو من ذكر صلاة أو وتراً كذا الضحك جرى إنما هو على مقابل المشهور وهو رواية ابن وهب ولذا لم يذكرها الشيخ خليل فى مساجين الإمام حيث قال فيها وبطلت بقهقهة وتمادى المأموم فقط إن لم يقدر على الترك كتكبيره للركوع بلانية إحرام وذكر فائتة (فرع) من ذكر الوتر وقد أقيمت الصبح فروى على يخرج فيصليه ولايخرج لركعتى الفجر. (فرع) من ذكر الوتر بعد أن ركع الفجر فيوتر ثم يعيد ركعتى الفجر قال سحنون من ذكر صلاة بعد أن ركع الفجر صلاها وأعاد الفجر (فرع) من طلعت عليه الشمس وعليه الوتر والصبح فإنه يصلي الصبح خاصة ولايصلى الوتر قبلها قاله ابن يونس وغيره. (فرع) من صلى الوتر ركعتين ساهياً سجد بعد السلام ولايبطل وإن زاد في الصلاة مثلها لأن الوتر لما لم يكن إلا بعد شفع أشبه زيادة ركعة في الثلاثة وذلك لايبطلها على المشهور (فرع) من انتبه قرب الطلوع ولم يصل الشفع والوتر فإن ضاق الوقت إلا عن ركعة فالصبح فإن اتسع لركعتين وأخرى لثلاث فالوتر ثم الصبح فإن اتسع لرابعة ففي الشفع قولان وإن اتسع لخامسة فإن كان تنفل بعد العشاء ففي تقديم الشفع على ركعتي الفجر قولان وإن لم يكن تنفل بعد العشاء قدم الشفع لتأكده ويؤخر الفجر في هذه الأحوال كلها إلى وقت حل النافلة فإن اتسع لسبع زاد الفجر

(فرع) يستحب أن يكون الوتر آخر صلاة الليل فإن أوتر ثم تنفل جاز ولايعيد الوتر على المشهور وإنما يتنفل بعد الوتر من حديث له نية التنفل بعد أن أوتر ويؤمر أن يؤخر تنفله عن الوتر يسيراً وأما عن قصد أولا أن يجعل وتره في أثناء تنفله بغير موجب فذلك خلاف السنة (فرع) ابن يونس الأفضل عند مالك تأخير الوتر إلى آخر الليل لفضيلة قيام الليل إلا لمن الغالب عليه أن لاينتبه فالأفضل أن يوتر ثم ينام لأن في نومه قبله تغريراً بالوتر (فرع) إذا أراد إمام التراويح أن يوتر وأراد بعض من خلفه زيادة النفل فلا يصل وتر الإمام بركعة ليوتر بعد ذلك بل يسلم معه ويصلى بعد ذلك ماشاء بعد أن يتأنى قليلا وأنظر مع قولهم من قصد أن يجعل وتره أثناء نفله لغير موجب فقد خالف السنة إلا أن يقال متابعة الإمام موجب ومن أتى المسجد يصلى الأشفاع مع الإمام فدخل معه فإذا هو في الوتر قال ابن رشد يشفعه كما إذا أوتر مع الإمام قبل أن يصلى العشاء المواق أنظر هذا في ليالي الإحياء من أوتر أول الليل ثم أتى آخر الليل فعلى هذا إذا سلم الإمام من ركعة الوتر قام هذا الذي كان أوتر فشفع هذا الوتر الذي صلاه مع هذا الإمام وربما تجد بعض العوام ليالي الاحياء إذا نودي بالشفع والوتر تركوا القيام مع الإمام لركعتي الشفع فضلا عن ركعة الوتر وهذا لاينبغى (فرع) المشهور أن إيقاع الشفع قبل الوتر مستحب فإن أوتر من غير شفع صح وتره وقد فعل مكروها وقيل لايصح الوتر إلا بعد تقدم شفع وشهره الباجى وهل يشترط في ركعتي الشفع تخصيصهما بنية أو يكتفى بأي ركعتين كانتا والثاني هو الظاهر من قوله صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح ركعة توتر له ماقد صلى وهل يلزم اتصال الشفع بالوتر أو يجوز أن يفرق بينهما بالزمن الطويل قولان والقول باشتراط الاتصال لابن القاسم في العتبية والقول بعدم الاشتراط رواه ابن نافع عن مالك ونفل أيضا عن ابن القاسم

(فرع) يسلم من صلى الشفع ويكره وصله بالوتر من غير سلام فإن صلى خلف من لايفصل بينهما بسلام تبعه قاله في المدونة (فرع) لايصلى الشفع بنية الوتر ولا الوتر بنية الشفع على المشهور خلافا لأصبغ (فرع) من أدرك مع الإمام ركعة من الشفع لم يسلم معه ويصلى ركعة الوتر فإذا سلم الإمام من الوتر سلم معه ثم أوتر إلا أن يكون أمامه لايسلم من شفعه ففي سلام هذا مع الإمام قولان قال الشيخ أبو محمد وغيرهم ومعنى قولهم أنه يصلي الوتر معه أي يحاذي ركوعه وسجوده ركوع الإمام وسجوده فأما أن يتم به فلا لأنه يكون محرماً قبل إمامه (فرع) المشهور استحباب قراءة الشفع يسبح والكافرون والوتر بالاخلاص والمعوذتين إلا لمن له حزب فيقرأ منه فيهما وقيل لايستحب ذلك ولاغيره بل يقرأ بما تيسر وقيل غير ذلك قوله كسوف التوضيح يقال خسفت الشمس بفتح الخاء مبينا للفاعل وبضمها مبنيا للمفعول وكذلك كسفت الشمس ويقال كسفا وانكسافا وخسفاً وانخسافا وقيل الكسوف مختص بالشمس والخسوف مختص بالقمر وقيل عكسه ورد بقوله تعالى {وخسف القمر} وقيل الخسوف أوله والكسوف آخره إذا اشتد ذهاب الضوء وقيلى الكسوف ذهاب الضوء بالكلية والخسوف تغير اللون وقيل هما مترادفان وصلاة الكسوف للشمس قبل الانجلاء سنة وتوقع في المسجد مخافة انجلائها في طريق المصلى فيفوت فعل هذه السنة واخبر ابن وهب فى إيقاعها في المسجد أو في المصلى وهذا إذا وقعت في جماعة كما هو المستحب وأما الفذ فله أن يفعلها في بيته والجماعة فيها مستحبة ويؤمر بها كل مصل حاضراً أو مسافراً إن أن يجد به السير ويؤمر بها أهل العمود وتصليها المرأة في بيتها ووقتها من حل النافلة إلى الزوال وقيل إلى الاصفرار وقيل إلى الغروب وصفتها ركعتان في كل ركعة ركوعان وقيامان بغير أذان ولااقامة وصح أنه نادى الصلاة جامعة قال صاحب

الاكمال وغيره وهو حسن يحرم ثم يقرأ الفاتحة ثم البقرة ثم يركع طويلا نحو مكته ثم قراءته ثم يرفع رأسه يقول سمع الله لمن حمده ثم يقرأ الفاتحة أيضا في هذا القيام الثاني على المشهور ثم يقرأ آل عمران ثم يركع ويمكث نحو قراءته الثانية ثم يرفع رأسه يقول سمع الله لمن حمده ثم يسجد سجدتين تامتين بأن يطيلهما مثل الركوع على المشهور ثم يقوم للركعة الثانية فيقرأ الفاتحة والنساء ثم يركع نحو قراءته في الطول ثم يرفع رأسه يقول سمع الله لمن حمده ثم يعيد الفاتحة أيضا على المشهور ويقرأ بعدها العقود ثم يركع نحو قراءته ثم يرفع رأسه ثم يسجد كما ذكرنا ويتشهد ويسلم وقراءتها سراً على المشهور وقيل جهرا واختاره بعض الشيوخ لوروده أيضا وبالقياس على السنن النهارية كالعيدين والاستسقاء الرسالة وليس في أثر صلاة خسوف الشمس خطبة مرتبة ولا بأس أن يعظ الناس ويذكرهم (فرع) إذا انجلت في أثنائها ففي اتمامها على سنتها أو كالنوافل قولان لأصبغ وسحنون ابن عبد السلام ومعنى اتمامها على سنتها في عدد الركوع والقيام خاصة دون الإطالة (فرع) الركوع الأول سنة والثاني هو الفرض فلذلك من أدرك الركوع الثاني من إحدى الركعتين فقد أدرك تلك الركعة فإذا أدرك الركوع الثاني من الركعة الأولى فقد أدرك الصلاة كلها وإن أدرك الثانى من الثانية فقد أدرك الركعة الثانية ويقضى ركعة فيها ركوعان (فرع) قال المازري قال عبد الحق إذا اجتمع عيد وكسوف واستسقاء وجمعة في يوم واحد فيبدأ بالكسوف لئلا تنجلي الشمس ثم بالعيد ثم بالجمعة ويترك الاستسقاء اليوم آخر لأن يوم العيد يوم تجمل ومباهاة والاستسقاء ضد ذلك ولم أزل أعجب من ذلك إذ لايكون كسوف يوم عيد لأن العيد إنما يكون في النصف الأول والكسوف في النصف الثانى ابن الحاجب وأجيب بأن المقصود مايقتضيه الفقه بتقدير الوقوع ورده المازرى بأن تقدير خوارق العادة ليس من دأب الفقهاء وأنظر قوله إذ لايكون كسوف يوم عيد الخ وجوابه المقتضى تقدير استحالة وقوع ذلك مع قول جلال الدين السيوطى آخر تأليفه فى تحريم الاشتغال بالمنطق وقال المنجمون إن الشمس لاتكسف إلا يوم الثامن عشر أو التاسع والعشرين فأظهر الله الأمر بخلافه فكشف الشمس يوم مات ابراهيم ابن النبي رواه الشيخان وكان عاشر ربيع الأول رواه

البيهقى والزبير بن بكار وغيرهما وقد كسفت الشمس يوم قتل الحسين وكان يوم عاشوراء ذكر ذلك الرافعي في الشرح والنووى في الروضة اهـ وأما صلاة خسوف القمر فتصلى أفذاذا ركعتين ركعتين حتى ينجلى والمعروف في المذهب أنها تصلى فى البيوت ولمالك في المجموعة تصلى في الجامع أفذاذا وفي منعهم من صلاتها جماعة قولان قوله عيد سمى العيد عيداً تفاؤلا لأن يعود على من أدركه وقيل غير ذلك وصلاة العيدين سنة مؤكدة وفي كونها سنة عين أو كفاية قولان ويؤمر بها من تلزمه الجمعة وهو البالغ العاقل الحر الذكر المقيم وفي غيرهم من العبيد والنساء والمسافرين قولان وعلى أنهم لايؤمرون بها فهل يجوز لهم أن يصلوها وهو المشهور أو يكره لهم ذلك أو يكره لهم فذاً لاجماعة ثلاثة أقوال وأنكر صاحب التنبيهات القول الثالث وقال المتوجه عكسه وهو كراهتها جماعة لافذا وهي ركعتان بغير أذان ولاإقامة ومذهبنا لاينادى الصلاة جامعة وقال القاضي عياض إن النداء بذلك حسن ويكبر في الأولى سبعاً بالاحرام وفي الثانية ستا بالقيام ويتربص بينهما بقدر تكبير من خلفه ومن لم يسمعه تحرى تكبير الامام وكبر ويرفع يديه في الأولى خاصة على المشهور وروى مطرف يرفع في الجميع (فرع) إذا نسى التكبير وقرأ ثم ذكر قبل الركوع فإنه يرجع فيكبر ثم يعيد القراءة ويسجد بعد السلام لزيادة القراءة التي قبل التكبير فإن لم يتذكره حتى رفع رأسه من الركوع تمادى وسجد قبل السلام فإن ذكره وهو راكع فقولان المشهور أنه يفوت كما إذا دكر بعد رفع رأسه وقيل يرجع كما لو تذكر وهو قائم فرع) من أدرك الامام في القراءة فإن وحده في الركعة الأولى كبر سبعا بالاحرام وليس ذلك فضاء في صلب الإمام لخفة الأمر إذ ليس الكبير كاجزاء الصلاة وقال ابن

وهب يكبر للاحرام فقط وإن وجده في الثانية فقال ابن القاسم يكبر ستا بالاحرام ويقضي ركعة بسبع يعد فيها تكبيرة القيام واستشكل قيامه هنا بالتكبير مع كونه جلس على واحدة وقال ابن حبيب يكبر ستا دون الاحرام ويقضي ركعة بست والسابعة تقدمت للاحرام ولايكبر للقيام لجلوسه في غير محل الجلوس التوضيح وهو الأظهر فإن أدرك الامام قدر رفع رأسه من ركوع الثانية قضى الأولى بسكت تكبيرات بعد قيامة وهل يقوم بتكبيرة أخرى زائدة على الست كما هو الشأن فيمن لم يدرك مايعتد به أو يقوم بغير تكبير قولان ثم يقتضى الركعة الثانية بست بالقيام وقراءتها بسبع والشمس جهراً ابن حبيب بقاف واقتربت ثم يخطب بعدها كخطبة الجمعة ويفتتح الخطبة بسبع تكبيرات اتباعا ثم يكبر ثلاثا في أثنائها ولم يجده مالك وله تكبير الحاضرين بتكبيرة قولان وينصت للخطيب ويستقبل فإن أحدث في الخطبة تمادى لأنها بعد الصلاة ولو قدم الخطبة على الصلاة أعادها بعدها استحبما وإيقاعها في الصحراء أفضل من المسجد إلا بمكة فإن وقعت في الصحراء فلا يتنقل الإمام والمأموم لاقبلها ولا بعدها وفى المسجد يجوز التنفل قبلها وبعدها على المشهور ووقتها من حل النافلة إلى الزوال ولاتقتضى بعده ومن سننها الغسل والطيب والتزين باللباس والفطر قبل الغدو في الفطر وتأخيره في النحر والمشى راجلا والرجوع من طريق آخر والخروج بعد الشمس إن كان يدركها خرج حينئذ وإن خرج قبل ذلك ويكبر في الطريق يسمع نفسه ومن يليه في المصلى حتى يخرج الإمام فيقطع ولايكبر إذا رجع ويكبر في العيدين الفطر والأضحى وسأل سحنون ابن القاسم هل عين مالك التكبير فقال لا وما كان مالك يجد مثل هذا واختار ابن حبيب أن يقول أن الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله أكبر الله الله أكبر ولله الحمد على ماهدانا اللهم اجعلنا لك من الشاكرين وزاد أصبغ على ذلك الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيراً وسبحانه الله بكرة وأصيلا ولا حول ولاقوة

إلا بالله ويستحب التكبير عقيب خمسة عشر فريضة وقيل ست عشرة أولها ظهر يوم النحر وفي التكبير عقب النوافل قولان المشهور لايكبر عقبها ولاعقب المقضية في تلك الأيام منها أو من غيرها ولفظة الله أكبر ثلاثا وفي المختصر لابن عبد الحكم الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد ويكبر ناسياً إن ذكره بالقرب ويكبر المؤتم تركه امامه فإن ترتب سجود بعدى فيكبر بعده (فائدة) سئل مالك رضي الله تعالى عنه عن قول الرجل لأخيه يوم العيد تقبل الله منا ومنك وغفر لنا ولك فقال لا أعرفه ولا أنكره قال ابن حبيب لم يعرفه سنة ولم ينكره على من قاله لأنه قول حسن قال ابن حبيب ورأيت أصحابه لايبتدئون به ولاينكرونه على من قاله ويردون عليهم مثله ولا بأس عندى بالبداءة به. قوله استسقاء: الاستسقاء طلب السقي كما أن الاستفهام طلب الفهم وهو سنة عند الحاجة إلى الماء لزرع أو شرب حيوان فلذلك يستسقى من صحراء أو بسفينة وقلة النهر كقلة المطر قال أصبغ استسقى بمصر للنيل خمسة وعشرين يوما متوالية وحضره ابن القاسم وابن وهب وغيرهما وروى أبو مصعب عن مالك أن البروز للاستسقاء لايكون إلا عند الحطمة الشديدة وفي إقامة المخصبين لصلاة الاستسقاء لأجل المجد بين نظر قال اللخمي ذلك مندوب إليه الخبر من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل وخبر دعوة المؤمن لأخيه بظهر الغيب مستحبابه ويخرجون إلى المصلى في ثياب بالية أذلة راجلين يخرجون من طريق ويرجعون من أخرى كالعيدين ويصلى ركعتين كالنوافل جهراً ثم يخطب على الأرض بعدهما كالعيدين ويبدل التكبير بالاستغفار ويبالغ في الدعاء آخر الخطبة الثانية ويستقبل القبلة حينئذ ويحول رداءه تفاؤلا مايلى ظهره إلى السماء وما على اليمين على اليسار ولا ينكسه كذلك يفعل الرجال قعودا ولا يخرج إليها من لايعقل من الصبيان على المشهور ولا الحائض ولا البهائم والمشهور أن أهل الذمة لايمنعون من الخروج للاستسقاء وينعزلون بموضع عن المسلمين ولايخرجون فى يوم لم يخرج فيه المسلمون ويستحب صيام ثلاثة أيام قبله والصدقة ويأمر الإمام بالتوبة ورد التباعات ويجوز التنفل بالمصلى قبلها وبعدها على المشهور قوله فجر رغيبة وتقضى للزوال المشهور أن الفجر رغيبة كما قال وقيل سنة ومعنى كونه يقضي أنه إذا ضاق الوقت عن ركعتي الفجر قضاهما بعد طلوع الشمس وحل النافلة إلى الزوال وكون مايفعله قضاء هو أحد القولين وقيل ركعتان ينوب له ثوابهما عن ثواب ركعتي الفجر وكون القضاء إلى الزوال لا بعده هو المشهور وعن أشهب يقضى بعد الظهر وفي الليل والنهار

(فرع) من لم يصل الصبح ولا الفجر حتى طلعت الشمس فالمشهور أنه يقدم الصبح على الفجر وقال ابن وهب يقد الفجر (فرع) شرط ركعتي الفجر أن ينوي لهما نية معينة وأن يصليهما بعد طلوع الفجر فإن صلى ركعة قبله وركعة بعده لم يجزه ولو تحرى على المشهور خلافا لعبد الملك (فرع) من دخل المسجد فوجد الإمام فى الصبح أو أقيمت وهو فى المسجد ولم يكن صلاهما دخل مع الإمام على المشهور وفي الجلاب يخرج ويركعهما إن اتسع الوقت وأما إن أقيمت عليه الصبح وهو خارج المسجد فقال مالك فى المدونة إن لم يحف فوات ركعة فليركعهما خارجه وإن خاف ذلك دخل مع الامام (فرع) قال في السليمانية وصلاة الفجر في المسجد أحب إلى منها في البيت لأنهما سنة وإظهار السنة خير من كتمانها ومن دخل المسجد بعد طلوع الشمس صلاها وتكفيه عن التحية وقيل لاتكفى عنها فيصليهما بعد التحية (فرع) من ركع الفجر في بيته ثم أتى المسجد ففي ركوعه روايتان مشهورتان وعلى الركوع فهل بنية ركعتي الفجر أو بنية تحية المسجد التوضيح وهو الظاهر وقراءتها بأم القرآن فقط على المشهور وقيل وسورة قصيرة وقيل: {قولوا آمنا بالله} (الآية) فى الأولى {وقل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة} الآية. في الثانية وقل الشيخ رزوق روى ابن وهب أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ فيهما بقل ياأيها الكافرون وقل هو الله أحد وهو في مسلم من حديث أبى هريرة رضي الله عنه وقد جرب لوجع الاسنان فصح وما يذكر من قرأها بألم وألم لم يصبه ألم لا أصل له وهو بدعة أو قريب منها قوله والفرض يقضى أبدأ وبالتوالي لما ذكر أن الفجر يقضي إلى الزوال لا بعده أفاد هنا أن من عليه فرض أي صلاة فرض فإنه يجب عليه قضاؤه أبدا ولا يسقط عنه بمضى زمانه ولو طال وإن هذا الفرض إن تعدد يجب قضاؤها مرتبا كما فاته وعلى ذلك نبه بقوله وبالتوالى واعلم أن قضاء الفوائت واجب على الفور لايجوز إلا لعذر قال ابن رشد ليس وقت المنسية بمضيق لايجوز تأخيرها عنه بحال كغروب الشمس للعصر وطلوعها للصبح لقولهم إن ذكرها مأموم تمادى وكذلك الفذ عند ابن حبيب وإنما يؤمر

بتعجيلها خوف معالجة الموت ويجوز تأخيرها لمدة حيث يغلب على ظنه أداؤها قال في المدونة يصلى الفوائت على قدر طاقته ابن أبي يحيى قال أبو محمد صالح أقل مالا يسمى به مفرطاً أن يقضى يومين في يوم ابن العربي توبة من فرط في صلاته أن يقضيها ولا يجعل مع كل صلاة صلاة ولايقطع النوافل لأجلها وإنما يشتغل بها ليلا ونهاراً ويقدمها على فضول معاشه وأخبار دنياه ولايقدم عليها شيئا إلا لضرورة المعاش ولايشتغل في أموره الزائدة على حاجته حتى إذا جاء وقت الصلاة أقبل على قضاء الفوائت وترك النوافل فهذا مأثوم بن ناجى ونقل التادلى أن من قضى يومين في يوم لم يكن مفرطاً وهو أقل القضاء ابن ناجى وماذكره لا أعرفه وأفتى ابن رشد بأن من عليه فوائت لاينتقل سوى الشفع والوتر والفجر ونحوها قائلا فإن فعل اثيب وأثم لترك القضاء وقال ابن العربى يجوز له أن يتنفل ولا يحرم من الفضيلة ويجب قضاء الفوائت سواء تركت سهوا أو عمدا أو جهلا كالمستحاضة تتركها جهلا يسيرة كانت أو كثيرة وتقضى في كل وقت من ليل أو نهار ولو والإمام يخطب في الجمعة فإن كان ممن يقتدى به أخبر من يليه أنه يصلى الفرض نظر المعيار ويقضيها على نحو مافاتته من سر ولو قضاها ليلا أو جهرا ولو قضاها نهارا. وإن فاتته في السفر صلاها ركعتين ولو بعد أن حضر وإن فاتته في الحضر فأربعا ولو قضى في السفر لأن صلاة السفر قد قيل إنها الأصل وأما إن تركها وهو صحيح ثم مرض فإنه يصليها على قدر طاقته لوجوب القضاء وإن تركها وهو مريض ثم صح فإنه يقضيها على أتم وجوهها لأن صلاته لها بقدر طاقتها لعارض المرض وقد زال واعلم أن الترتيب المشار إليه بقوله وبالنوال على ثلاثة أقسام ترتيب الصلاتين الحاضر في الوقت لايشمله كلام الناظم لأن كلامه في قضاء الفوائت وترتيب الفوائت فيما بينها وترتيب الفوائت مع الحاضرة فأما القسم الأول وهو الترتيب بين الحاضرتين فمثاله ظهر وعصر من يوم واحد فترتيبهما بأن يصلى الظهر أولا ثم العصر بعدها واجب شرط مع الذكر ساقط مع النسيان فإن نكس فصلى العصر أولا ثم الظهر فإن كان عامدا أعاد العصر أبدا اتفاقا وكذلك الجاهل عند ابن رشد وإن كان ناسيا أعاده في الوقت فإن لم يعده حتى خرج الوقت فمشهور قول ابن القاسم عدم الإعادة وسواء ترك الاعادة في الوقت عمدا أو جهلا بالحكم أو ببقاء الوقت أو نسيانا المشهور لايعيد بعده راجع القلشاني وأما القسم الثاني وهو ترتيب الفوائت في أنفسها إن كان يعلم ترتيبها فذكر ابن

هرون في ذلك ثلاثة أقوال الوجوب والسنية والوجوب مع الذكر والسقوط مع النسيان قال وهذا هو الذي يؤخذ من التهذيب ابن رشد فإن قدم بعض الفوائت على بعضها متعمداً أو جاهلا كما إذا نسي الصبح والظهر فذكرهما فقدم الظهر ذاكراً للصبح فثلاثة أقوال الأول ليس عليه إعادة الصلاة التي صلاها لأنها مفعولة قد خرج وقتها والثاني أن عليه إعادتها والثالث الفرق بين أن يتعمد الصلاة قبل الأولى وبين أن يدخل في الثانية ناسيا ثم يذكر الأولى ويتمادى عليهااهـ على نقل التوضيح ومعنى القول الثالث أنه إن تعمد التنكيس أعاد الثانية وإن نكس ناسيا فلا يعيدها والله أعلم وقال ابن رشد أي قول ابن القاسم أنه لا إعادة عليه لأنه إذا صلاها فقد خرج وقتها ولأنه وضعها في موضعها وأما إن قدم بعضها على بعض ناسيا فلا إعادة عليه المواق انظر مسألة تعم بها البلوى بالنسبة لمن فرط في صلوات كثيرة ثم رجع على نفسه وأخذ في قضاء فوائته شيئا فشيئاً فقد تطلع عليه الشمس وعليه صبح يومه أو تغرب الشمس وعليه صلاة يومه هل يستحسن أن يترك الناس وماهم اليوم عليه أنهم يبدأون بقضاء هذه الفائتة القريبة ويقدمونها على الفوائت الكثيرة القديمة فإن الذمة تبرأ بذلك على المشهور وربما إن لم يقدموها على الفوائت القديمة يتكاسلون عن الاشتغال عوضها بشيء من فوائتهم القديمة أنظر آخر العواصم من القواصم فإنه يرجع هذه المآخذ أي هل يترك ماجرى عمل الناس عليه من تقديم الفائتة القريبة ويقدم الفوائت البعيدة كما تقتضيه نصوص الأئمة في ترتيب الفوائت أو يفعل ماجرى به عمل الناس من تقديم الفائتة القريبة فإن الذمة تبرأ إلى آخر كلامه وأما القسم الثالث وهو ترتيب الفوائت مع الحاضرة فعلى أربعة أوجه لأن الفوائت إما يسيرة أربع صلوات على قول أو خمس على قول أو كثيرة وهي ماكان أكثر من ذلك وفي كلا الوجهين إما أن يكون قد صلى الحاضرة أو يكون لم يصلها إلى الآن فإن كانت الفوائت يسيرة وهو لم يصل الحاضرة قدم الفوائت اليسيرة وإن أدى إلى الاشتغال بها إلى خروج وقت الحاضرة وإن كان قد صلى الحاضرة قضى الفوائت وأعاد الحاضرة إن لم يخرج وقتها وإن كانت الفوائت كثيرة وهو لم يصل الحاضرة قدم الحاضرة ثم صلى الفوائت ولايعيد بعدها الحاضرة وإن لم يخرج وقتها وإن كان قد صلى الحاضرة صلى الفوائت الكثيرة ولم يعد الحاضرة أيضا قال في المدونة إن ذكر أربع صلوات فأدنى بدأبهن فإن لم يذكرهن حتى صلى فليصل ماذكر ويعيد التى صلى إن كان في وقتها وإن ذكر خمس صلوات فأكثر بدأ بالحاضرة ثم يصلى ماذكر بعد ذلك ولايعيد الحاضرة وإن كان في وقتها وكذلك لو ذكرهن بعد ماصلى الحاضرة أي ذكر الخمس فأكثر فإنه

يصلي ماذكر ولايعيد الحاضرة ابن الحاجب ولو بدأ أي من عليه يسير الفوائت الحاضرة سهواً صلى المنسية وأعاد في الوقت وفي تعيين وقت الاختيار أو الاضطرار قولان وعمدا كذلك وروى ابن الماجشون يعيد أبدا اهـ مثاله من عليه الظهر ثم بعد أن صلى العصر والمغرب ناسيا لكونه لم يصل الظهر أو ذاكرا لذلك فالمشهور في الصورتين أنه يصلى الظهر ثم يعيد المغرب لبقاء وقتها دون العصر لخروج وقته وقد تقدم هذا في قول المدونة فان لم يذكرهن حتى صلى فليصل ماذكر ويعيد التي صلى إن كان في وقتها إلا أنه لم يذكر فيها حكم العامد والله أعلم (تنبيه) ماتقدم في هذا القسم الثالث من تقديم الحاضرة على كثير الفوائت هو المشهور وقال محمد بن عبد الحكم إذا كان عليه صلوات كثيرة إن صلاها كلها فاته وقت الحاضرة فإنه يصلي بعض تلك الصلوات فإن خاف فوت الحاضرة صلاها ثم صلى مابقى واعلم أن ذكر الفوائت فى وقت صلاة حاضرة ثلاثة أحوال قبل الدخول في الصلاة أو بعد الفراغ منها وتقدم حكمهما القسم الثالث والحالة الثالثة أن يذكر الفوائت وهو في الصلاة الحاضرة الوقت فإن كانت الفوائت كثيرة تمادى ولا اشكال لأنه إذا كان إن ذكر كثير الفوائت قبل الدخول في الحاضرة قدم الحاضرة فأحرى إن لم يذكرها حتى كان في الحاضرة وإن كانت يسيرة فلا يخلو هذا الذاكر إما أن يكون أماما أو مأموماً أو فذا فأما الإمام فقال في المدونة قال مالك إن ذكر الامام صلاة نسيها فليقطع مالا ويعلمهم فيقطعون المواق ومقتضى ما لابن عرفة لافرق بين الجمعة وغيرها فيقطع مطلقاً هو ومامومه على المشهور وأما المأموم فقال في المدونة قال مالك وإن ذكر صلاة وهو خلف الإمام تمادى معه فإذا سلم الإمام سلم معه ثم صلى مانسى ويعيد ماكان فيه مع الإمام إلا أن يكون صلى قبلها صلاة يدرك وقتها ووقت التي صلى مع الإمام فيعيدهما جميعها بعد الفائتة مثل أن يذكر الصبح وهو مع الإمام في العصر فإنه إذا سلم الامام صلى الصبح ثم أعاد الظهر والعصر اهـ وأما الفذ فقال في المدونة قال مالك إن ذكر فذ صلاة نسيها وهو في فريضة غيرها قطع مالم يركع وصلى مانسى ثم يعيد التي كان فيها وإن صلى ركعة شفعها ثم يقطع وإن ذكر وهو في شفع سلم ثم صلى مانسى وأعاد التي كان فيها وإن ذكرها بعد ماصلى من هذه ثلاثا أتمها أربعا اهـ وهل يتمها أربعا بنية الفرض قاله ابن يونس أو بنية النقل وهو قول فضل وقبله التونسى وعياض وابن عرفة وإن ذكر اليسيرة

في صلاة فذ فعن مالك يستحب القطع وعنه أيضا يجب ابن رشد في المدونة يستحب القطع إن أحرم ذاكرا المازري مذهب المدونة من صلى صلاة ذاكرا الأخرى لم تفسد صلاته بل يعتد بها وإنما يعيدها في الوقت استحبابا (تنبية) ماتقدم من تمادى المأموم هى إحدى مساجين الإمام الثلاث والثانية من ضحك مع الإمام غلبة فتمادى أيضا ويعيد أما إن كان مختارا فلا خلاف في بطلان صلاته وقطعها فذا كان أو إماما أو مأموماً والثالثة المسبوق الذي وجد الإمام راكعا فكبر تكبيرة نوى بها الركوع ناسيا للاحرام وهل صلاة هذا الماموم في هذه المسائل الثلاث صحيحة فتماديه واجب وإعادته مستحبة أو واجبة إذ لامنافاة بين وجوب التمادى ووجوب الإعادة كما يأتى عن الجلاب لأن الشك في الصحة بسبب الخلاصير الجميع راجيا أو هي باطلة فتماديه مستحب لفضل الجماعة وإعادته واجبة أبدا لبطلان صلاته أما مسألة المأموم يذكر يسير الفوائت مع الإمام فقال ابن الحاجب إن كان مأموماً تمادى وفي وجوب الإعادة قولان البساطى ظاهر هذه العبارة أن القولين الإعادة أبا والاعادة في الوقت لاستلزام وجوبها كونها أبدية واستحبابها كونها في الوقت ولم يتعرض المؤلف لشرح هذا في توضيحه اهـ قلت وكذا لم يتعرض لشرحه ابن عبد السلام وقول الشيخ خليل لامؤتم فيعيد في الوقت ولو جمعة يقتضى صحة الصلاة ووجوب تماديه عليها واستحباب الاعادة ولذا قيدها بالوقت وأما مسألة من ضحك مع الإمام علبة فيظهر من نفل الإمام المواق والإمام القلشاني بطلان صلاته ووجوب اعادتها أبداً واستحباب التمادى مراعاة لمن يقول بصحتها ونص الأولى روى ابن حبيب من فهقه عامداً أو ناسيا أو مغلوبا فسدت عليه صلاته فإن كان وحده قطع وإن كان مأموماً تمادى وأعاد وإن كان اماما استخلف في السهو والغلبة ويبتدى في العمد انتهى فهذه رواية ابن حبيب عن مالك لاقول لابن حبيب ونص الثاني قال عبد الوهاب إنما تمادى المأموم لأن الضحك ليس بمتفق على أنه مفسد وجاز عند بعض العلماء أن تكون هذه الصلاة صحيحة وكانت صلاته متعلقة بصلاة إمامه فوجب لأجل ذلك موافقته لإمامه فقوله وجاز عند بعض العلماء أن تكون إلى آخره يظهر منه أن المشهور البطلان وأما مسألة المسبوق الذي وجد الإمام راكعا فكبر تكبيرة نوى بها الركوع ناسيا للاحرام ففي شرح الامام الجزولي أنه يتمادى وجوبا ويعيد استحبابا وقيل بالعكس اهـ فعلى الأولى صلاته صحيحة واستحباب إعادتها مراعاة لمن يقول ببطلانها وعلى الثاني باطلة فاستحباب التمادى مراعاة لمن يقول بالصحة وجوب الإعادة لكونها باطلة

وفي التوضيح نحوه ولفظه أهل يتمادى وجوبا وهو ظاهر المذهب أو استحبابا وهو الذي في الجلاب ثم قال التلمساني فاختلف في الإعادة هل هي واجبة أو ندب فقال ابن القاسم يعيد احتياطيا وذكر ابن الجلاب أنه يعيد صلاته وجوبا ففهم اهـ التلمساني من الاحتياط عدم الوجوب وكذلك فهم غيره والذي يظهر أن معناه الوجوب أي كما قاله الجلاب فإن قلت لايمكن أن يكون معنى الاحتياط الوجوب لأنه إذا كان التمادى واجبا فلا يأمر بالاعادة أي وجوبا لأن الانسان لايجب عليه صلاتان فالواجب أنه لا منافاة بينهما لجواز أن تكون هذه الصلاة غير مجزئة ولكنه أمره بالتمادى مراعاة للخلاف وقد صرح مصنف الارشاد بالإعادة إيجاباً فقال وأعاد إيجاباً وقال ابن الماجشون استحباباً اهـ وقد قرر الإمام المواق وتبعه ابن غازي قول الشيخ خليل كتكبيرة للركوع بلا نية إحرام وذكر فائتة على أنه شبه هاتين المسألتين بمسألة القهقهة في تمادى المأموم وقطع غيره أي لا في البطلان منه البطلان في مسئلة القهقهة والصحة في الأخريين والله أعلم وقد تقدم أن عد المسألة ذاكر الوتر في الصبح مع هذه النظائر جار على غير المشهور ولنختم هذا الفصل بذكر ضوابط وقواعد يستعان بها على معرفة مايجب على من عليه صلوات لايدري عينها أو داره وجهل ترتيبها على القول بوجوبه قال الإمام أبو عبد الله المازري أكثر الناس من هذا ومداره على اعتبار تحصيل اليقين ببراءة الذمة فيوقع من الصلوات إعداداً على ترتيب مايحيط بجميع الحالات الشكوك فمن ذلك لونسى صلاة لايدري أي الصلوات الخمس فإنه يصلى الخمس الصلوات لأن كل صلاة من الخمس يمكن أن تكون هي المنسية فصارت حالات الشكوك خمساً فوجب أن يصلى خمساً ليستوفى جميع أحوال الشكوك وأما إن علم عين الصلاة ونسى يومها فإنه يصليها غير ملتفت لعين الأيام لأن الصلاة لاتختلف باختلاف الأيام اهـ وهذا في الصلاة الواحدة أما المتعددة فعلى قسمين مجهولة العين ومعلومته والمجهولة العين إما متوالية أو غير متوالية فالمجهولة العين المتوالية مثل نسيان صلاة وثانيتها أو صلاة وثالثتها أو ابعتها فما زاد على ذلك وضابط مايحيط بحالات الشكوك فيها أن يصلى لواحدة خمساً ثم كل مازاد واحدة في المنسى زادها في المقضى ففي الصورة الأولى حيث نسى صلاتين يصلى ست صلوات متوالية ويستحب له تقديم الظهر وفي الثانية سبعا وفي الثالثة ثمانيا ولو ترك خمساً لصلى تسعاً وهكذا المجهولة العين غير المتوالية كصلاة وثالثتها أو صلاة ورابعتها أو صلاة وخامستها والحكم في ذلك أن يصلى ستاً لكن غير المتوالية بل يثنى بالمنسى ففي صلاة وثالثتها إذا بدأ الظهر مثلا يثني بثالثتها وهي

المغرب ثم بثالثة المغرب وهي الصبح ثم بثالثة الصبح وهي العصر وهكذا إلى أن يكمل ستا وفي صلاة ورابعتها يثنى برابعة الظهر وهي العشاء ثم برابعة العشاء وهي العصر وهكذا إلى أن يكمل ستا وفي صلاة وخامستها يثنى بالخامسة وهي الصبح ثم بخامسة الصبح وهي العشاء إلى أن يكمل ستا وإن نسى صلاة وسادستها فهما صلاتان متماثلتان من يومين لأن سادسة كل صلاة مثلها فسادسة الظهر ظهر وسادسة العصر عصر وهكذا وحكمه أن يصلي الخمس الصلوات مرتين المازري فيصلى صبحين وظهارين وعصرين ومغربين وعشاءين ابن عرفة قوله يصلي كل واحدة من الخمس ثم يعيدها غير لازم لحصول المطلوب باعادة الخمس بعد فعلها نسقا وهذا أحسن لانتقال النية فيه من يوم لآخر مرة فقط وفيما قاله تنتقل خمسا اهـ وكل مازاد على ذلك فانه يرجع لما ذكر كصلاة وسابعتها وثامنتها ونحو ذلك وضابط ماراد على صلاة وسادستها أن تقسم عدد المعطوفة على خمس فإن انقسم فهي خامستها فيصلى ستا يثنى بالخامسة كما تقدم مثاله نسى صلاة وعاشرتها أو صلاة وخامسة عشرتها وإن لم ينقسم وبقي واحد فالثانية مماثلة للأولى فيصلى الخمس مرتين كما في صلاة وسادستها مثاله صلاة وحادية عشرتها أو سادسة عشرتها وإن لم ينقسم ولم يبق واحد فالباقى اسم للمنسية مثاله نسي صلاة وسابعتها فإذا قسمت على المعطوفة على خمس بقي اثنان فالمنسى صلاة وثانيتها وحكمه أنه يصلى ستا متوالية كما مر في المجهولة العين المتوالية وصلاة وثامنتها الباقي ثلاثة فالمنسي صلاة وثالثتها وصلاة وتاسعتها الباقي أربعة فالمنسي صلاة وأربعتها وقد تقدم حكم من نسي صلاة وثالثتها أو رابعهها وثانية عشرتها هي ثانيتها وهكذا وأن المعلومة العين كظهر وعصر من يومين لايدري السابقة منهما أو ظهر وعصر ومغرب من ثلاثة أيام لايدري ترتيبها فضابط مايحيط بحلالات الشكوك في ذلك أن تضرب عدد المنسيات في أقل منهما فواحد ثم تزيد واحداً على خارج الضرب ففي الصورة الأولى من هاتين تضرب اثنين عدد المنسيات فى واحد بائتين وتزيد واحداً فيصلى ظهراً وعصراً أو ظهراً وفي الثانية تضرب ثلاثة عدد المنسيات في اثنين بست وتزيد واحدا فيصلى ظهراً وعصراً ومغرباً ثم مثلها ثم ظهراً وإن كان عليه أربع فتضربها في ثلاثة بإثنى عشر وتزيد واحداً فيصلي ثلاث عشرة ظهراً وعصر ومغرباً وعشاء ثم مثلها ظهراً والمدار في هذا القسم على المحافظة على ترتيب الفوائت في أنفسها فقط لأنها معينة والمجهول ترتيبها وفي القسمين الأولين على تعيينها وترتيبها معاً قال الامام أبو عبد الله المازري إنما ذكرنا هذه

المسائل ليكد الطالب فيها فهمه فيكتسب من كده بفهمه فيها انتباهاً وتيقظا فيما سواها من المعاني الفقهية وغيرها مما يطالعه اهـ الشيخ زروق ومتى لم يحصر ماعليه من صلاة أو زكاة أو غيرهما فإن التحري يكفيه ويحتاط لدينه بلا وسوسة وهي العمل على الشك بلا علامة بما يفعله كثير من التائبين من صلاة العمر مع كونهم لم يتركوها أو كانوا يفعلونها مرة واحدة لايصلح كذا سمعته من شيخنا ابى عبد الله بن يوسف السنوسي كبير تلمسان علماً وديانة ينفله عن القرافي في مجلسه وكنت أستحسنه قبل ذلك ففرحت به اهـ نُدِبَ نَفْلٌ مُطْلقاً وأُكِّدَتْ تَحيَّةُ ضُحَى تَرَاوِيحُ تَلَتْ وقبل وتر مثل ظُهر عَصْر وبعد مَغْرب وبعد الظهر أخبر رحمه الله أن التنفل أي بالصلاة مندوب أي مستحب ومعنى الإطلاق أنه لاحد لعدد التنفل ولا زمان له مخصوص بل يستحب أن يفعل منه مااستطاع في كل وقت من ليل أو نهار يريد إلا في وقت النهي عن ذلك كما تقدم في الأوقات قبل قوله سنتها السورة بعد الواقية والمتأكد منه تحية المسجد وصلاة الضحى وتراويح رمضان وماقبل الوتر وهو الشفع وماقبل الظهر والعصر ومابعد الظهر والمغرب أما استحباب التنفل فلما صح من قوله عليه الصلاة والسلام مخبرا عن الله تعالى ولايزال عبدى يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه الحديث وأما تحية المسجد فلما في الصحيحين إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس قال أبو مصعب إلا أن يكثر دخوله فيجزئه الركوع الأول قال القاضي عياض تحية المسجد فضيلة قال مالك وليست بواجبة أبو عمر على هذا جماعة الفقهاء التوضيح لو قيل بسنية التحية مابعد ثم قال ثال علماؤنا وليست الركعتان مرادتين لذاتهما بل لأن القصد بهما تمييز المسجد من سائر البيوت فلذلك لو صلى فريضة اكتفى بها ولايخاطب بالركوع إلا مريد الجلوس فأما المار فقال مالك يجوز له ترك الركوع

(فرع) وتحية المسجد الحرام الطواف به قال بعضهم لما أمر الشارع بتحية المساجد إكراما لها وكان هذا البيت أرفعها قدراً وأعظمها حرمة جعل الله له مزية بالطواف به إكراما وإعزازاً ثم عند الفراغ من الطواف الذي أوثر به أمر بالركوع على النبى قال مالك في العتبية ويصلى النافلة في مصلى النبي ويتقدم في الفرض إلى الصف الأول وأما صلاة الضحى فقال ابن عرفة نص التلقين والرسالة أن صلاة الضحى نافلة قال أبو عمر فضيلة وهي ثمان ركعات وقد عدت أيضا في السنن ونقل في التوضيح عن ابن رشد أن أكثر الضحى ثمان ركعات وأقلها ركعتان ومن فوائده صلاة الضحى أنها تجزىء عن الصدقة التي تصبح على مفاصل الإنسان الثلثمائة والستين مفصلا كما أخرجه مسلم وفيه ويجزىء عن ذلك ركعتا الضحى وحكى الحافظ أبو الفضل الزين العراقى أنه اشتهر بين العوام أن من يقطعها يعمى فصار كثير منهم يتركها لذلك وليس لما قالوه أصل بل الظاهر أنه مما ألقاه الشيطان على ألسنة العوام ليحرم الخير الكثير لاسيما إجزاءها عن تلك الصدقة وروى الحاكم أمرنا رسول الله أن نصلى الضحى بسور منها والشمس وضحاها والضحى ومناسبة ذلك ظاهرة (بشارة) أخرج آدم بن إياس فى المتاب الثواب له «عن على بن أبى طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله من صلى شفعة الضحى ركعتين إيماناً واحتسابا كتب الله له مائة حسنة ومحا عنه مائة سيئة ورفع له مائتي درجة وغفرت له ذنوبه كلها ماتقدم منها وماتأخر إلا القصاص» وفي سنن الترمذي وابن ماجه من حديث «أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله من حافظ على شفعة الضحى غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر» الحطاب وشفعة الضحى بضم الشين المعجمة وقد تفتح ركعتا الضحى قال في النهاية من الشفع بمعنى الزوج وأما تراويح رمضان ففي الصحيح من

قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه قال ابن حبيب قيام رمضان فضيلة أبو عمر سنة والجمع له بالمسجد حسن فإذا أقيمت بالمسجد ولو بأقل عدد فالصلاة حينئذ في البيت أفضل قال في المدونة قال مالك قيام الرجل في رمضان في بيته أحب الى لمن قوى عليه وليس كل الناس يقوى على ذلك (فرع) قال في المدونة قال مالك ليس ختم القرآن سنة فى رمضان قال ربيعة ولو أمهم رجل بسورة حتى ينقضى الشهر لاجزأ اللخمى والختم حسن ابن الحاجب ويقرأ الثاني من حيث انتهى الأول وأجازها في المصحف وكرهه فى الفريضة فإن أبتدأ بغير مصحف فلا ينبغي أن ينظر فيه إلا بعد سلامة التوضيح قال سند كان الناس أولا يقومون إحدى عشرة ركعة قيام النبي إلا أنهم كانوا يطيلون ففي الموطأ أنهم كانوا يستعجلون الخدم بالطعام مخافة الفجر ثم خففت القراءة وزيد في الركعات فجعلت ثلاثا وعشرين ويقومون دون القيام الأول وفي الموطإ أن القارىء كان يقرأ بسورة البقرة ثمان ركعات فإذا قام بها باثنتى عشرة ركعة رأوا أن قد خفف ثم جعلت بعد وقعة الحرة تسعا وثلاثين خففوا من القراءة فكان القارىء يقرأ بعشرة آيات في الركعة فكان قيامهم بثلاثمائة وستين آية التوضيح استمر العمل شرقا وغربا في زماننا على الثلاث والعشرين ولمالك في المختصر الذي آخذ لنفسى من ذلك الذى جمع عليه عمر الناس إحدى عشرة ركعة وهي صلاة النبى (فرع) من سبق بركعة من تراويحه قال سحنون وابن عبد الحكم يقضى ركعة مخففا ويدخل معهم المواق قبل فصل الفوائت قد يستحب أن يتم النافلة جالسا إذا أقيمت عليه الصلاة وهو في النافلة وكذلك أيضا إذا كان مسبوقا في الأشفاع في رمضان (فرع) من دخل المسجد وهم يصلون القيام وعليه صلاة العشاء فروى ابن القاسم يصليها ويدخل معهم وقال ابن حبيب له تأخيرها ويدخل معهم فى القيام مالم يخرج الوقت المختار للعشاء وعلى القول الأول لايجزىء قيام رمضان قبل صلاة العشاء

وعلى القول الثاني يجوز ذلك كما يفعله بعض الناس في الصيف قال الإمام أبو عبد الله الأبى والمعروف أن يكون القيام بعد العشاء الأخيرة فلو أراد الإمام أن يقدمه عليها منع وكنت إماما بجامع التوفيق وهو بالربض فصليت قبل العشاء ودخلت فلقيت شيخنا أبا عبد الله بن عرفة فقال لي من استخلفت يصلي لك القيام فقلت صليته قبل العشاء فقال لي أعرفك أروع من هذا وهذا لايخلصك اهـ وتقدم الكلام على الشفع المتقدم على الوتر. وأما التنفل قبل الصلاة وبعدها فمندوب لقوله «من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرم الله عظامه على النار» خرجه أبو داود وفي الموطأ وصحيح مسلم أن النبى قال «رحم الله امرءا صلى قبل العصر أربعا وقال من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم بينهن بسوء عدلن له عبادة اثنتى عشرة سنة» وفي المدونة لم يوقت قبل الصلاة ولابعدها ركوعا معلوماً وإنما يوقت في هذا أهل العراق الشيخ يستحب النفل بعد الظهر بأربع ركعات يسلم من كل ركعتين وكذا قبلها وكذا قبل العصر وبعد المغرب ركعتين وله في الرسالة إن تنفل بست ركعات فحسن الجلاب الركعتان بعد المغرب مستحبة كركعتى الفجر (تتمة) قال القاضى عياض ركعتان بعد الوضوء فضيلة وقال الباجى في شرحه على الموطإ هذا القيام الذي يقومه الناس في رمضان في المسجد مشروع في السنة كلها يوقعونه في بيوتهم وهذا أقل مايمكن في حق القارىء وإنما جعل ذلك في المساجد في رمضان لكي يحصل لعامة الناس فضل القيام بالقرآن كله وليسمعوا كلام ربهم في أفضل الشهور اهـ ونحوه لابن الحاج في المدخل (فرع) قال في الرسالة ثم يصلى الشفع والوتر جهرا وكذا يستحب في نوافل الليل الإجهار وفي نوافل النهار والإسرار وإن جهر في النهار تنفله فذلك واسع يريد وان أسر في الليل في تنفله فذلك واسع (فرع) والجمع في النوافل في موضع خفي الجماعة ويسيرة جائز فإن كان الموضع

مشتهرا وكانت الجماعة كثيرة كره ذلك على المشهور هذا في غير قيام رمضان كما مر التوضيح ومن هنا تعلم أن الجمع الذي يفعل من ليلة النصف من شعبان وأول من رجب ونحوه ذلك بدعة مكروهة وقد نص جماعة من الأصحاب على ذلك بل لو قيل بتحريم ذلك مابعد انتهى قلت ومن هذا المعنى والله أعلم ما أحدث في هذا الوقت عندنا من احياء ليلة العيد بجامع القرويين بجماعة كثيرة إلا أن يقال ينسحب عليه حكم رمضان قبله والله أعلم (تنبيه) مما يناسب ذكره هنا سجود التلاوة ابن الحاجب وسجود التلاوة فضيلة وقيل سنة وهي إحدى عشرة الأعراف والرعد والنحل يؤمرون وسبحان ومريم وأول الحج والفرقان والنمل العظيم والسجدة وص وأناب وثيل مآب وفصلت تعبدون وقيل لايسأمون وقال ابن وهب وابن حبيب خمس عشرة ثانية الحج والنجم والانشقاق آخرها وقيل لايسجدون واقرأ وروى أربع عشرة غير ثانية الحج فقيل اختلاف وقال حماد بن اسحق الجميع سجدات والاحدى عشرة العزائم كما في الموطأ أي التي يعزم على القارىء بالسجود عندها ويؤكد عليه ذلك والأربعة الأخرى دونها في التأكد ثم قال ابن الحاجب ويسجد القارىء وقاصد الاستماع إن كان القارىء صالحا للامامة فإن ترك القارىء السجود فني سجود المستمع قولان وفي مختصر الشيخ خليل مامعناه يكره تعمد قراءة السجدة في الفريضة والخطبة دون النافلة فإن قرأها في فرض سجد فإن كانت الصلاة سرية جهر بقراءتها خوف أن يظن به السهو فإن لم يجهر تبعه مأمومه وإن قرأها في الخطبة لم يسجد ويشترط في السجود شروط الصلاة من طهارة الحدث والخبث وستر العورة واستقبال القبلة وفي السجود المستمع وجود شروط الإمامة في القارىء ولا إحرام لها ولا سلام ويكبر للخفض والرفع وفي غير الصلاة ومن جاوزها بيسير سجد وبكثير إن كان في فريضة أعادها مالم ينحن للركوع فتفوت وإن كان في نافلة أعادها في ثانيته وهل قبل الفاتحة أو بعدها قولان وفي التوضيح إذا قرأ الماشى للسجدة سجدها وينزل الراكب إلا في السفر القصر قاله في الواضحة فَصْلُ لِنقْضِ سُنَّةٍ سهوا يُسن قَبْلَ السَّلاَم سَجْدَتاَنِ أو سُنَنْ إنْ أكِّدَتْ وَمَنْ يَزِدْ سَهْواً تَمامُ وَاُستَدْرِكِ القَبْلى مَعَ قُرْبِ السَّلاَمْ وَاُسْتَدْرِكِ الْبَعْدِى وَلَوْ مِنْ بَعْدِ عَامْ

عَنْ مُقْتَدٍ يَحْمِلُ هذَيْن الامَامْ ... وبطلت بعمد نفخ أو كلام ذكر في هذا الفصل بعض مسائل السهو فأخبر رحمه الله أن من سها في صلاته بنقص سنة واحدة مؤكدة كما إذا أسر في حمل الجهر في الفريضة أو بنقص سنن متعددة كترك السورة التي مع أم القرآن في الفريضة أيضا لأن فيء تركها ثلاث سنن قراءتها وصفة قراءتها من سر أو جهر والقيام إليها فإنه يسن في حقه أي يطلب على جهة السنية أن يسجد سجدتين قبل للسلام يريد بعد فراغ تشهده ثم يعيد التشهد على المشهور ثم يسلم وقيل ولايعيده وأن من سها بزيادة كمن جهر في محل السر في الفريضة أيضا فإنه يسن في حقه أن يسجد أيضا سجدتين بعد السلام يريد يحرم لهما ويهوى بتكبيرة الإحرام للسجود ويتشهد ويسلم جهرا وأن من سها بزيادة مع نقصان كأن ترك السورة من الفريضة ويقوم للخامسة فإنه يغلب النقصان ويسجد قبل السلام وأن من ترتب عليه سجود قبلى فنسيه حتى سلم فتذكره بقرب السلام فإنه يسجد حينئذ ومفهومه أنه إن طال لا يستدركه ويفوت وهو كذلك ثم إن كان قد ترتب عن ترك ثلاث سنن بطلت الصلاة على المشهور وإن ترتب عن أقل من ذلك فلا سجود وصلاته صحيحة وأن من ترتب عليه سجود بعدى فإنه يسجده متى ذكره ولو ذكره بعد سنة أو أقل أو أكثر وأن الإمام يحمل عن المقتدى به سهو الزيادة والنقصان فإن سها المأموم دون إمامه فلا سجود عليه فقوله لنقص يتعلق بيسن أو سنن عطف على سنة وسهو احال من نقص وسجدتان نائب يسن وقيل السلام يتعلق بمحذوف صفة لسجدتان أي يسن سجدتان كاثنتان قبل السلام لنقص سنة أو سنن حال كون النقص سهوا وقوله إن أكدت الظاهر من جهة المعنى أنه شرط في ترتب السجود لترك سنة واحدة أما ترتب لنقص سنن أو لنقص سنة مع زيادة فلا يشترط تأكدها والله أعلم وحذف مفعول يزد ليشمل المزيد من القول والفعل والتشبيه في قوله كذا راجع إلى الحكم وهو السنية وإلى عدد السجدات كتب عليه الناظم بخطه أما حكم سجود سهو النقصان أو الزيادة أو هما معا فالمشهور أنه سنة كما قال وحكى ابن عرفة وابن الحاجب قولا بوجوبه ففي كل من سجود القبلى والبعدى قولان بالسنية والوجوب وأما محله فقال ابن الحاجب ففي الزيادة بعد السلام وفي النقصان وحده أو معهما قبله وروى التخيير يعنى إن شاء سجد قبل أو بعد كان السبب زيادة أو نقصانا أو هما معا وهذا القول حكاه اللخمى وأما السنن المؤكدة فقال في التوضيح ناقلا عن المقدمات وإنما يسجد

للمؤكد منها وهي ثمان قراءة ماسوى أم القرآن والجهر والإسرار والتكبير سوى تكبيرة الإحرام والتحميد والتشهد الأول والجلوس له والتشهد الأخير وأما ماسواها فلا حكم لتركها ولافرق بينها وبين الاستحبابات إلا في تأكيد فضائلها اهـ وقد تقدم للناظم التنبيه على تأكد هذه الثمان في عدد سنن الصلاة وإلى هذه الثمان الإشارة بقول بعضهم تقريبا للحفظ سينان شينان كذا جيمان تاءان عدد السنن الثمان فالسينان السورة والسر لأن السين أول حرف فيهما والشينان التشهد الأول والأخر رمز لهما بأول حرف من أصول الكلمة إذ لو اعتير الزائد لا التبس بالتحميد والتكبير المشار لهما بالتاءين ولم يعكس ذلك لاتخاذ أول الأصول في الأولين وتعدده في الآخرين والجيمان الجهر والجلوس للتشهد وأما استدراك السجود القبلى أو البعدى فقال ابن عرفة إن سها عن سجود قبلى سجد بالقرب فإن طال فقال ابن رشد لاتبطل إلا إن كان عن ثلاث سنن وفي المدونة قال مالك من نسي سجود السهو بعد السلام فليسجد متى ماذكره ولو بعد شهر ولو انتقض وضوءه توضأ وقضاهما وأما حمل الإمام سهو المأموم ففي الرسالة وكل سهو سهاه المأموم فالإمام يحمله عنه إلا ركعة أو سجدة أو تكبيرة الإحرام او السلام أو اعتقد نية الفريضة وروى الدارقطني أن النبي «ليس على من خلف الإمام سهو فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه» وفهم من قوله سهوا بالنسبة للزيادة والنقصان أن من نقص سنة عمدا أو زاد لاسجود عليه وهو كذلك أما ترك السنن عمدا فحكى ابن الحاجب فيه ثلاثة أقوال الصحة ولاسجود فيه وهو لمالك وابن القاسم لأن السجود أتى في السهو الثاني تبطل قاله ابن كنانة الثالث تصح ويسجد قاله أشهب وسيأتي الكلام على الزيادة عمدا أو سهوا وأنواعها في المبطلات إن شاء الله (تنبيه) ماتقدم في حل كلام الناظم من التمثيل لموجب السجور بترك السر أو الجهر في محله أو السورة إنما ذلك وفي الفرائض أما من ترك ذلك في النافلة فلا سجود عليه وكذا يخالف سهو الفريضة سهو النافلة وفيمن لثالثة ففي الفريضة لايرجع في النافلة مالم يعقد الركعة الثالثة وإذا رجع الفريضة أو النافلة فإنه يسجد بعد السلام لزيادة القيام نص عليه في المدونة فالمخالفة للفرض هنا إنما هي باعتبار الأمر بالرجوع فقط وكذا من ترك ركنا وطال فيعيد الفريضة لبطلانها دون النافلة إذ يجب عليه اعادتها إلا أن يتعمد

ابطالها وهذا معنى قولهم السهو في النافلة كالسهو في الفريضة إلا في خمس مسائل السر والجهر والسورة والقيام للثالثة وترك الركن مع الطول ولبعضهم في ذلك وسهو بنفل مثل سهو بفريضه. سوى خمسة سر وجهر وسورة. وعقد ركوع جا بثالثة ومن. عن الركن قد يسهو وطال تثبت (فرع) من ترتب عليه سجود سهو فنسيه سجده في أي موضع ذكره إلا أن يترتب عليه من صلاة الجمعة فلا يسجده إلا في الجامع فإن سجده في غيره لم يجزه ولايشترط عين الجامع الذي صلى بل يطلب أن يوقعه في جامع تصح فيه الجمعة وهذا ظاهر في السجود البعدي وأما القبلي فإنما يتصور ذلك على قول ابن القاسم أن الطول معتبر بالعرف فعلى قوله إذا نسي الامام أو المسبوق الذي سها بعد مفارقة الامام أن يسجد قبل السلام فسلم وخرج من المسجد ثم تذكر بالقرب فيرجع ويسجده في الجامع وتسمح صلاته ولايتصور ذلك على قول أشهب أن الطول معتبر بالخروج من المسجد فعلى قوله إذا لم يتذكر حتى خرج من المسجد فات السجود ويبقى النظر في الصلاة فإن ترتب السجود على ترك ثلاث سنن بطلت وإن ترتب على أقل لم تبطل وفات السجود (فرع) من ترتب عليه سجود سهو سجده في أي وقت ذكره من ليل أو نهار قال ابن ناجى وذكر عبد الحق عن بعض شيوخه فرقا فقال إن ترتب من فرض ففي كل وقت ومن نافلة ففي غير وقت النهي عنها وهل هو تفسير أو خلاف قولان وهذا أيضا ظاهر في السجود البعدى والقبلى إذا ذكرت بقرب الصلاة وأما إن طال فلا سجود عليه على تفصيل في صحة الصلاة وبطلانها كما تقدم ويأتي (فرع) من المدونة قال من ذكر سجودا بعديا من صلاة مضت وهو فريضة أو نافلة لم تفسد واحدة منها قال ابن القاسم فإذا فرغ مما هو فيه سيجدهما ابن يونس وكذلك إن كانتا قبل السلام وهما لاتفسد الصلاة بتركهما فهما كالتي بعد السلام اهـ وأما ماتفسد بتركهما فإن طال مابين سلامه من الأولى واحرامه بالثانية بطلت الأولى وصار ذاكر الصلاة في صلاة وإن أحرم بالثانية بقرب سلامه من الأولى فيتصور في ذلك أربعة أوجه لأن السجود إما من فريضة أو نافلة وفي كل منهما اما أن يذكره في فريضة أو نافلة فإن كان السجود من فريضة فإن أطال القراءة في هذه الثانية أو ركع يريد انحنى ولو لم يرفع رأسه بطلت الأول ثم إن كانت هذه التي ذكر فيها نافلة أتمها وإن كانت فريضة قطعها إن لم يعقد ركعة فإن عقدها استحب له تشفيعها وإنما يقطع لوجوب ترتيب يسير الفوائت مع الحاضرة فإن كان مأموما تمادى كما مر فيمن ذكر صلاة في صلاة وإن لم يطل القراءة ولم يركع الغى مافعل في الثانية وسجد لاصلاح الأولى كانت الثانية فرضا

أو نقلا ورجع بغير سلام كان وحده أو إماما أو مأموما وإن ذكر السجود من نقل فتذكره في فرض تمادى ولاشيء عليه وإن كان من نفل وتذكره في نافلة فإن أطال القراءة أو ركع في الثانية تمادى ولاقضاء عليه للاولى وإن لم يطل فقيل يتمادى أيضاً وقال في المدونة يرجع إلى الأولى مالم يركع يعني أو يطول القراءة كما في الفرض ثم يبتدىء التي كان فيها إن شاء وسيأتي بيان السجود القبلى الذي تبطل الصلاة بتركه مع الطول عند قول الناظم وفوت قبلي ثلاث سنن وهذا التفصيل كله يجرى فيمن ذكر بعض صلاة في صلاة (فرع) من ترتب عليه سجود قبلي فاخره حتى سلم فلا شيء عليه وكذا لو قدم البعدى فسجده قبل السلام فلا يعيده بعده ولاشيء عليه ناسيا كان أو متعمداً مراعاة للخلاف (فرع) قال في التلفين للسهو سجدتان كثر أو قل كان عن نقص أو زيادة أو كليهما (فرع) إذا أطال الجلوس أو التشهد أو القيام فقال ابن القاسم ذلك مغتفر وقال سحنون عليه السجود وفرق أشهب فقال إن أطال في محل يشرع فيه الطول كالقيام والجلوس فلا سجود عليه وان أطال في محل لم يشرع فيه الطول كالقيام من الركوع أو الجلوس بين السجدتين سجد قال في البيان وهو أصح الأقوال (فصل) أذكر فيه بعض مالا سجود فيه ممايتوهم فيه السجود وبعض مالا تبطل الصلاة به مما يتوهم بطلانها به أما اتفاقا أو على المشهور فمن ذلك قول الشهاب القرافي القاعدة أن من شك هل سها أو لم يسه فلا سجود عليه قال فانظر ماالفرق بين هذه القاعدة وبين من شك هل صلى ثلاثا أو أربعاً فإنه يبنى على ثلاث ويسجد بعد وقول الرسالة ومن لم يدر سلم أو لم يسلم سلم ولاسجود عليه وقول المدونة لو شك في سجدتى السهو أو في احداهما سجد ماشك فيه ولاسجود عليه في كل سهو سها فيهما وقول الامام مالك لو قرأ في الركعتين الأخيرتين بأم القرآن وسورة في كل ركعة سهوا فلا سجود عليه ابن يونس كما لو قرأ بسورتين أو بثلاث في كل ركعة مع أم القرآن في الأوليين ورواية ابن القاسم ان بدأ بسورة وختم بأخرى فلابأس وقول التلقين الفريضة لايجزىء عنها إلا الإيمان بها وفي المدونة قال مالك من سها فأسر فيما يجهر فيه سجد قبل السلام وإن جهر فيما يسر فيه سجد بعد السلام وإن كان شيئا خفيفاً من اسرار أو اجهار كاعلانه بآية أو نحوها في الاسرار فلا سجود عليه

وروى ابن القاسم خفيف الجهر يسر فيه عفو ابن عرفة ظاهرة قدر أو صفة ومن نسي فأسر الفاتحة في الصبح مثلا ثم تذكر فأعادها جهراً سجد على المشهور قاله مالك في العتبية وروى أشهب لاسجود عليه وكذا العكس على ظاهر كلام الشيخ خليلا كأن يجهر بالفاتحة في الظهر مثلا ثم يعيدها سرا وقال شارحه المواق ولم أجدها منصوصه وإن قرأ الفاتحة على وجهها ثم سها في السورة فتذكر قبل أن ينحنى فأعادها على صفتها المطلوبة فلا سجود عليه وأحرى في السجود إذا خالف في قراءة الفاتحة والسورة معاً ثم أعادهما وسمع أشهب لاسجود عليه وفي المدونة لاسجود على من قرأ السورة قبل الفاتحة ثم تذكر وأعاد فقرأ الفاتحة وأعاد السورة ولاعلى من قرأ السورة في الركعتين الأخيرتين وفي سماع في الذي شك في قراءة أم القرآن بعد أن قرأ السورة فرجع فقرأ أم القرآن والسورة أنه لاسجود عليه في ذلك كله وكذا لاشيء على إمام أدار المؤتم من خلفه لما وقف على يساره إلى يمينه عياض المشهور أن يسير الفعل من جنسها عفوا كالإشارة بالحاجة واصلاح الثوب وحك الجسد وشبهه وكذا لاشيء عليه في إصلاح سترة سقطت ولافي مشى الصف والصفين لسترة أو فرجة أو لدفع مار بين أو للذهاب دابته سواء ذهبت أمامه أو يمينه أو عن يساره فإن بعدت قطع وطلبها ولا على مؤتم فتح على أمامه إن وقف فى فرض أو نفل وروى ابن حبيب لايفتح عليه إلا أن ينتظر الفتح أو يخلط آية رحمة بآية عذاب أو غير بكفر وإن لم يفتح عليه حذف تلك الآية وإن تعذر ركع ولاينظر مصحفا بين يديه وكذا لاشىء على من سد فاه في الصلاة لتثاؤب ويقطع القراءة حينئذ ولا على من بصق فى صلاته لحاجة أو نفخ نفخا يسيرا إن لم يصنعه عبثا إذ لم يسلم منه البصاق المازري فتنحنح لضرورة الطبع وأنين الوجع عفو وسمع ابن القاسم التنحنح للافهام منكر لاخير فيه ابن رشد كتنحنح الجاهل للإمام يخطىء في قراءته ابن يونس وعن مالك أنه كالكلام وعنه لاشيء فيه اللخمى واختلف فيمن تنحنح مختارا أو نفخ أو جاوب انسانا بالتنحنح أو بآية من القرآن أو فتح على من ليس معه في صلاته هل ذلك كالكلام أو لاشيء فيه والقول بأن الصلاة صحيحة إذا تنحنح أو نفخ أحسن ومن نظم الشيخ أبى الحسن على بن عطية الونشريسى رحمه الله آمين النفخ يلحق بالكلام وبعضهم. زاد التنحنح والتأوه والأنين. وتأوخاً أو رفع صوت بالبكاء. وأشارة من أبكم لايستبين

ومن المدونة قال مالك لابأس بالتسبيح في الصلاة للرجال والنساء وضعف التصفيق لقوله مننابه شىء فى صلاته فليسبح ابن القاسم ومن استأذن رجلا في بيته وهو يصلى فيسبح به يريد أن يعلمه أنه في صلاة فلا بأس به ومن المدونة لايحمد المصلى إن عطش فإن فعل ففي نفسه وتركه خير له وسمع موسى لايعجبنى قوله لخبر سمعه الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات أو على كل حال أو استرجاعه وقال مالك من قال لسماع قراءة إمامه الاخلاص الله كذلك لم يعد ومن المدونة إن ابتلع حبة بين أسنانه وأنصت لمخبر يسيرا أو روح رجليه أو التفت غير مستدير فلا شيء عليه وروى ابن القاسم إن أرادته حية وهو يصلى قتلها ابن رشد وتمادى مالم يطل ومن المدونة لم يكره مالك السلام على المصلى لأنه قال من سلم عليه وهو يصلى فريضة أو نافلة فليرد بيده أو رأسه مشيرا سند اتفق الناس أن البكاء بالصوت مبطل إن كان من مصيبة أو رجع أو كان من الخشوع فلا شيء عليه ومن المدونة قال مالك لاشيء على المصلي إن تبسم ابن القاسم ساهيا كان أو عامدا الباجى لاخلاف أن الالتفات الخفيف لايبطل الصلاة ويكره لغير سبب والفروع كثيرة وتتبعها يخرج عن المقصود وَبَطَلَتْ بِعَمْدِ نَفْخٍ أَوْ كَلاَمْ لِغَيْرِ إصْلاَح وَبِالْمُشْغِلِ عن فَرْضٍ وقْتِ أعِد إذَا يُسَنّ وحَدثٍ وسَهْوِ زَيْدِ المِثْل قَهْقَهةٍ وَعَمدْ شُرْبٍ أَكْلِ وَسَجْدَةٍ في وَذِكْرٍ فَرْضِ أَقَلَّ مِنْ ستٍ كَذِكْر الْبَعْضِ وَفَوْتِ قَبْلِىّ ثَلاَثَ سُنَنِ بِفَضْلِ مَسْجَدٍ كَطُولِ الزَّمَنِ أخبر رحمه الله أن الصلاة تبطل بأشياء منها تعمد النفخ أوتعمد الكلام لغير إصلاح الصلاة الرسالة والنفخ في الصلاة كالكلام والعامد لذلك مفسد لصلاته ابن القاسم وإن كان ساهياً سجد لسهوه ابن شاس من أكره على الكلام فتكلم كرهاً فإن لأنه تبطل المازري إذا تكلم عمداً لإنقاذ أعمى من الوقوع في مهلكة بطلت صلاته وإن كان الكلام واجباً وقال اللخمي إن كان هذا المصلي في خناق من الوقت لم يبطل كلامه الصلاة قياساً على المسايفة في الحرب وفهم من قوله لغير إصلاح أن تعمد الكلام لإصلاحها لايبطلها وسيأتي لذلك مزيد بيان إن شاء الله

فقوله أو كلام عطف على نفخ مدخول لعمد ومنها مايشغل المصلي عن فرض من فرائض الصلاة أما مايشغله عن سننها فإنه لايبطلها إلا أنه يعيدها في الوقت ابن بشير إن شغله عن الفرائض أعاد أبداً وعن السنن ففي الوقت ويجري على تارك السنن متعمدا أو عن الفضائل لاشيء عليه ابن عبد السلام وهذا كلام لابأس به فقه المسألة وإياه اعتمد الناظم مشيرا إليه بقوله وبالمشغل وبالبيت وهو معطوف على يعمد المدونة ومن أصابه حقن أو قرقرة فإن كان ذلك حقيقياً فليصل وإن كان ممن يشغله أو يعجله في صلاته فلا يصلي حتى يقضي حاجته فإن صلى بذلك أحببت له الإعادة أبدا وقال الباجى عن بعض الأصحاب ماخف صلى به وإن ضم بين وركية قطع فإن تمادى أعاد في الوقت وإن شغله وأعجله فأبدا ومنها طرو الحديث فيها التلقين على أي وجه كان من سهو وعمد وغلبة وذلك اهـ لما مر أن طهارة الحديث شرط ابتداء ودواما فقوله وحدث عطف على بالمشغل أو على بعمد على القولين تكرر المعاطيف هل كل واحد معطوف على ماقبله ممايليه أو كلها على الأول ومنها أن يزيد في الصلاة مثلها سهوا كأنه يصلي الرباعية ثمانيا أو الثنائية أربعا ابن الحاجب وكثير الفعل من جنس الصلاة سهوا غير منجبر وقيل أي في جبره في السجود وعدم جبره تبطل الصلاة قولان ثم قال والكثير أربع ركعات وقيل ركعتان والثنائية مثلها أي تبطل بزيادة ركعة فتلحق المغرب بالرباعية أي فلا تبطل على المشهور إلا بزيادة أربع وقيل بالثنائية فتبطل بزيادة ركعتين وتقدم أن الوتر لايبطل إذا شفعه وقوله وسهو عطف يحدث أو على بعمد وفهم من كلامه أن السهو بزيادة أقل من مثل الصلاة غير مبطل وهو كذلك على المشهور لكنه يسجد بعد السلام وأن الزيادة إن كانت عمداً مبطلة كانت مثلا أو أقله وهو كذلك كما يأتي قريباً ومنها القهقهة قال في المدونة قال مالك أن قهقهة المصلي قطع وابتدأ الصلاة وإن كان مأموما تمادى مع الإمام فإذا فرغ الإمام أعاد الصلاة وظاهره كانت القهقهة عمدا أو نسيانا أو غلبة التوضيح وهكذا وروى ابن القاسم عن مالك نقله التونسى وكذا قال صاحب البيان إنه لايعذر فيه بالغلبة ولا بالنسيان عند ابن القاسم خلافا لسنون وفي قوله إن الضحك نسيانا بمنزلة الكلام نسيانا ولابن المواز أيضا إذا صح نسيانه مثل ان ينسى أنه في صلاة اهـ وإلى هذا الخلاف أشار ابن الحاجب بقوله والقهقهة تبطل مطلقا وقيل عمداً اهـ فقول الناظعلى عمد أيضا مدخول للباء أي وبطلت بقهقهة كيف كانت كما مر ومنها تعمد الأكل والشرب قال الإمام التتائي ناقلا عن الذخيرة لإخالته الإعراض أى لشبهة الإعراض عن الصلاة والانصراف عنها التوضيح يقال أخاله يخيله إخاله إذا أشبه غيره اهـ

وإذا بطلت بتعمد أحدهما فأحرى أن تبطل بتعمدهما وهو كذلك وهذا التقدير مبني على أن العاطف لأكل على شرب المقدر هو أو وحذف أو العاطفية قليل كما مر عند قوله في البراهين لو لم يك تقدم وصفه لزم البيت وأما على أنه الواو فلا يكون كلام الناظم صريحا في أن تعمد أحدهما فقط مبطل ومفهوم قوله عمد أن الأكل أو الشرب إن كان سهوا أي وقع واحد منها فقط لاتبطل به الصلاة بل ينجبر ذلك بالسجود وهو كذلك ابن الحاجب وفيها إذا أكل أو شرب في الصلاة أجزأ السهو سجود السهو اهـ. ومنها تعمد زيادة سجدة ونحوها وأحرى في البطلان زيادة ركعة ونحوها عمدا ابن عرفة يسير فعل من نوعها ولو سجدة مبطل وسهوه منجبر فقوله سجد عطف على شرب مدخول لعمد ومفهومه أن زيادة السجدة ونحوها إن سهوا لاتبطل وهو كذلك مالم يزد في الصلاة مثلها كما مر قريبا ومنها تعمد القىء قال في المدونة قال مالك من تقيأ عامدا ابتدأ أو لا يبنى إلا في الرعاف ابن رشد المشهور أن من زرعه قيء أو قلس فلم يرده فلا شيء عليه في صلاته ولا في صيامه وإن رده معتمدا وهو قادر على طرحه فلا ينبغى أن يختلف في فساد صومه وصلاته وإن رده ناسيا أو مغلوبا فقولان عن ابن القاسم اهـ وقوله وقىء عطف على سجدة ومنها أن يذكر في صلاته فوائت من الفرائض خمساً فاقل فقوله وذكر عطف على بعمد الرسالة ومن ذكر صلاة في صلاة فسدت هذه عليه وإن كان مع إمام تمادى وأعاد والبطلان في هذه واللتين بعدها إنما هو ظاهر بالنسبة للإمام الفذ دون المأموم كما تقدم الكلام على ذلك في قضاء الفوائت ومنها أن يذكر في الصلاة بعد صلاة قبلها كأن يكون في العصر فيذكر ركعة أو سجدة من الظهر يريد وقد طال مابين الصلاة المتروك منها وهذا بالخروج من المسجد أو طول الزمان ولو لم يخرج منه كما نبه عليه بقوله مسجد الخ إذ هو راجع لهذه والتي بعدها فتبطل المتروك منها لعدم إصلاحها بالقرب وتبطل هذه التي هو فيها أيضا وهو مراده هنا لأن أمره آل إلى أن ذكر صلاة في صلاة وكذلك لو ذكر البعض في غير صلاة وقد يريد أيضا وقد طال مابين الصلاة التي تذكر سجودها وهذه فتبطلان أيضا الأولى لعدم سجوده لما ترك منها بالقرب والثانية التي تذكر السجود فيها لأنه صار ذاكر الصلاة في صلاة وهي مراد الناظم هنا وكذا ان ذكر ذلك في غير صلاة وقد طال مابين ذكره والصلاة التي ترك منها السجود المذكور فتبطل أيضا والحاصل أن هاتين المسألتين آيلتان إلى التي قبلهما وهي من ذكر صلاة في صلاة ولكن كلام الناظم هنا إنما انصب لبطلان الصلاة الثانية التي تذكر فيها بعض ماقبلها أو السجود المذكور وأما بطلان الأولى المتروك منها لعدم اصلاحها بالقرب فيأتي من قول الناظم قريبا والطول الفساد ملزم ابن عرفة ذكر مايبطل تركه في صلاة افتتحها بعد طول كذا فيها

وقول الناظم بفصل يتنازع فيه ذكر وفوت وباؤه للمصاحبة على حد أهبط بسلام أي معه ولو عبر بذلك أيضا مكان فوت لكان أظهر والله أعلم وكون الخروج من المسجد طولا هو قول أشهب وكون الطول معتبرا بطول الزمن هو قول ابن القاسم وفهم من كلامه أن ذكر بعض صلاة أو السجود القبلي المترتب على ثلاثة سنن ولم يطل مابين الصلاة المتروك منها ووقت ذكره لذلك لم يكن الحكم كذلك فإن كان لم يتلبس بصلاة أخرى أتى بالبعض المتروك أو بالسجود وصحت صلاته وإن تلبس بغيرها فإما أن تكون الأولى المتروك بعضها أو سجودها فريضة أو نافلة وفي كل منهما إما أن تكون التي تلبس بها فريضة أو نافلة فهي على أربعة أوجه وقد تقدمت في شرح الأبيات قبل هذه وكذلك تبطل على قول كما تقدم في صلاة المأموم الذي وجد الإمام راكعا فكبر للركوع ولم ينوها تكبيرة الاحرام ناسيا لها وتمادى مع الإمام ويعيد وهذه إحدى مساجين الإمام الثلاث كما تقدم وتبطل أيضا بالسجود قبل السلام لترك مستحب أو لترك تكبيرة واحدة على المشهور وتبطل أيضا إن ظن أنه أحدث أو رعف فانصرف ثم تبين أنه لم يصبه شيء فيستأنف ولايبني وكذلك تبطل على من سلم شاكا في تمام صلاته ثم أيقن بعد سلامه أنه كان أتمها وأحرى إذا أيقن أنه لم يتهما أو بقي على شكه وَاستَدْرَكَ الرُّكْنَ فإِنْ حَالَ الرُّكُوعْ فَأَلْغِ ذَاتَ السَّهْوِ والبِناَ يَطُوعْ كَفِعْلِ مَنْ سَلَّمَ لَكِنْ يُحْرِمُ لِلْباقِى والطُّولُ الْفَساد مُلْزمُ أخبر رحمه الله أن من نسي ركنا من أركان الصلاة أي فرضا من فرائضها كالركوع والسجود ثم تذكر فإنه يستدركه حينئذ أي يأتي به فإن لم يتذكره حتى ركع أي عقد الركوع وذلك بأن ينحني لركوع الركعة التي تلي الركعة المتروك منها إن كان المتروك ركوعا أو برفع رأسه إن كان المتروك غيره كالسجود وحال الركوع بينه وبين تدارك ماترك فإنه يلغي الركعة صاحبة السهو أي التي سها عن بعضها ويبني على غيرها هذا إن كان السهو في غير الركعة الأخيرة وإلى ذلك أشار بالبيت الأول فإن كان السهو في الركعة الأخيرة فإنه يتدارك ماترك منها فإن لم يتذكره حتى سلم وحال السلام بينه وبين تدارك ماسهاعنه فإنه يلغي الركعة المتروك بعضها أيضاً ويبني على ماقبلها ولكن هذا الذي لم يتذكر حتى سلم لابد أن يحرم لما بقي له من صلاته وهو قضاء الركعة الفاسدة فإن سلم ولم يحرم إلا بعد طول بطلت صلاته وإلى ذلك أشار بالبيت الثاني فالمانع من فعل المتروك فقط الموجب للاتيان بركعة برمتها إن كان الترك من غير الأخيرة هو عقد

الركوع في التي تليها وإن كان من الأخير فهو السلام وحال فعل ماض من الحيلولة بمعنى منع وركوع فاعل حال ومثال ذلك كما قرأ في ركعة ثم سجد ونسي الركوع فإن تذكره وهو ساجد أو جالس بين السجدتين أو في التشهد فقال مالك يرجع قائما ثم يركع ويستحب له أن يقرأ قبل أن يركع وإن ذكره وهو قائم في الركعة التي بعد تلك ورفع وسجد وصارت هذه مكان التي ترك منها الركوع ولو تذكره وهو راكع في التي بعدها فقال الإمام أبو عبد الله المازري تنازع الأشياخ في ذلك فقال بعضهم يرفع رأسه بنية إصلاح الأول وقال بعضهم بل يتمادى على هذه الركعة وتبطل الأولى اهـ وهذا هو المشهور والله تعالى أعلم لقولهم كما يأتي وافق ابن القاسم أشهب على انعقاد الركعة بوضع اليدين في مسائل منها من نسي الركوع فلم يذكره إلا في ركوع التي تليها فهذا كالصريح في أنه يرفع للثانية وتبطل الأولى لأنه جعل الإنحناء مفوتا لاستدراك الركوع وإذا فات استدراكه بطلت ركعته وكذا لو قرأ وركع وسها عن الرفع من الركوع وتذكره جالساً أو ساجداً فقال أبو محمد يرجع الركوع محدود باثم يرفع ولو رجع معتدلا إلى القيام أبطل صلاته وظاهر كلام ابن حبيب أنه لايرجع محدودا بل قائما وانظر حكم مالو تذكر الرفع من الركوع وهو قائم وكذا أيضاً إذا قرأ وركع ورفع رأسه وشرع في القراءة للركعة الأخرى ناسيا للسجدتين ثم تذكر أو سجد واحدة ثم قام وتذكر يسجد مالم يرفع رأسه من الركوع التي تليها قال في المدونة قال مالك من صلى ركعة ونسي سجودها فذكر ذلك وهو في الثانية قبل أن يركع فليسجد سجدتين يريد أنه يخر لسجدتين فلا يجلس ثم يسجد قال ثم يقوم فيبتدىء القراءة للركعة ولو نسي سجدة من الأولى فذكرها قبل أن يركع للثانية أو بعد أن ركع ولم يرفع رأسه منها فليرجع ويسجد السجدة التي بقيت عليه يريد أنه يجلس ثم يسجد لأن عليه أن يفصل بين السجدتين بجلوس بخلاف الذي نسي السجدتين قال فإذا سجد قام فابتدأ قراءة الركعة الثانية فإن ذكر في الوجهين بعد مارفع رأسه من الركعة تمادى وكانت أول صلاته والغى الركعة الأولى وسجد في ذلك كله بعد السلام اهـ فألغيت لاستدراك السجود وهو رفع الرأس لا الإنحناء كما في الركوع ومراده في المدونة بالوجهين ترك سجدة واحدة أو سجدتين والله أعلم وماذكره الناظم من تدارك الركن مخصوص بغير النية وتكبيرة الإحرام فلا يتداركان لأنهما إذا اختلا أو اختل أحدهما لم يحصل الدخول في الصلاة وقد تقدم أنه إنما يتدارك الركن مالم يفت تداركه فإن فات تداركه فسدت تلك الركعة المتروك ركوعها مثلا أو

سجودها فتلغى كأنها لم توجد ويأتي بأخرى مكانها ويبني على ماصح له من صلاته وتتحول ركعاته فيصير ثانيته أولى وثالثته ثانية وهكذا وقد تقدم أيضا أن الفوات إما بعد الركعة التى تلي تلك الركعة إن كان الترك من غير الأخيرة وإما بالسلام إن كان المتروك من الأخيرة وأنه إن كان الترك من غير الأخيرة ولم يتذكر حتى عقد الركعة التي بعد تلك الركعة فسدت الركعة المتروك منها ويأتي بأخرى مكانها فإن كانت الفاسدة هي الأولى صارت هذه أولاه وإن كانت ثانيته صارت هذه ثانيته وهكذا وإن كان الترك من الأخيرة أو من غيرها ولم يتذكر في الوجهين حتى سلم فإنه يحرم ثم يأتي بركعة مكان الفاسدة وتكون هذه الركعة المأتي بها رابعة له فإن كانت الفاسدة الرابعة فلا إشكال وإن كانت الفاسدة هي الأولى صارت الثانية أولى والثالثة ثانية والرابعة ثالثة وهذه التي أتى بها رابعة وإن كانت الفاسدة هي الثانية صارت الثالثة ثانية وهي رابعة وإن كانت الفاسدة هي الثالثة صارت الرابعة ثالثة وهذه رابعة وهذا كله إن تذكر بقرب السلام ولم يخرج من المسجد أما إن لم يتذكر بالقرب بل بعد طول بطلت صلاته ولو لم يخرج من المسجد على قول ابن القاسم وقال أشهب إن خرج من المسجد فصلاته باطلة وظاهره ولو مع القرب وإلى هذا كله أشار بقوله فإن حال الركوع إلى آخر البيتين وإلى هذا أشار أيضا في المدونة آخر النص المنقول عنها آنفا بقوله فإن ذكر في الوجهين بعد مارفع رأسه من الركعة تمادى وكانت أول صلاته وألغى الركعة الأولى وسجد فى ذلك كله بعد السلام قال مالك وعقد الركعة رفع الرأس منها وقال الإمام أبو عبد الله المازرى إذا ذكر سجدة من الركعة الرابعة بعد أن تشهد قبل أن يسلم فإنه يسجد إذا لم يحل بينه وبين ذلك حائل ويعيد تشهده لوقوعه في غير موضعه وإن لم يذكر حتى سلم فالمذهب في قولين قيل أن الحكم كذلك والسلام لايحول بينه وبين الإصلاح وقيل قد حال السلام بينه وبين الإصلاح فيقضي الركعة بحملتها وعزا ابن عرفة هذا القول لابن القاسم وسحنون والمغيرة وعزا القولى الأول لسماع ابن القاسم اهـ. والقول الثاني هو المشهور وعليه اعتمد الناظم (تنبيهات) الأول ماتقدم من أن من لم يذكر حتى سلم فإنه يحرم هو المشهور ولو تذكر بالقرب جد وقيل لايحتاج إلى إحرام وقيل إن قرب لم يحرم وإن بعد أحرم التوضيح وهذا كله مقيد بما إذا لم يطل جداً وأما لو طال لم يصح له البناء على المشهور خلافا لما في المبسوط وعلى القول بأنه يحرم إذا تركه فقال ابن نافع تبطل صلاته وقال ابن أبى زيد وغيره من مشايخ عصره لاتبطل ثم إن تذكر وهو جالس فإنه يحرم كذلك ولايطلب منه القيام اتفاقا وأما إن تذكر بعد أن قام فهل يطلب بالجلوس لأنها الحالة التي فارق عليها

الصلاة أو يجوز أن يحرم وهو قائم ليكون إحرامه بالفور قولان لابن شبلون وقدماء أصحاب ومالك وعلى الثاني فهل يجلس بعد الإحرام أو لا قولان الثاني أخر الناظم الكلام على سجود السهو في هذه المسألة إلى أن جمعه مع سجود المسألة التي بعدها حيث قال وليسجدوا البعدى لكن قد يبين لأن بنوا في فعلهم والقول البيت وحصل السجود في مسألتنا هذه أن من ترك ركناً ثم تداركه وصحت ركعته سجد بعد السلام لتمحض الزيادة وهو ماعمل قبل كمال ركعته من التي بعدها وإن فاته تداركه وفسدت ركعته فإن كان الترك من الأولى فلم يتذكره حتى عقد الثانية لم يجلس عليها لأنها صارت أولاه بل يقوم للثانية ويجلس عليها ويكمل صلاته ويسجد بعد السلام أيضا لزيادة الركعة الملغاة وإن لم يتذكر حتى قام للثالثة صارت هي ثانيته فيقرأ فيها بالسورة مع الفاتحة ثم يجلس عليها ثم يكمل صلاته ويسجد بعد أيضا لزيادة الركعة الملغاة والجلوس الذي تبين أنه في غير محله وهذه الأوجه الثلاثة مع وجهين آخريين آتيين داخله في قوله بعد وليسجدوا البعدى وإن لم يتذكر حتى عقد الثالثة سواء كان الترك من الأولى ولا إشكال أو من الثانية لأنها تفسد بعقد الثالثة كملها ثم جلس عليها لأنها صارت ثانيته ثم كمل صلاته وسجد قبل السلام لاجتماع الزيادة وهي الركعة الفاسدة والجلوس الأول لأنه لما تبين له فساد إحدى الأوليين صار جلوسه الأول على واحدة والنقصان وهو ترك السجدة من الثانية لاعتقاده أنها ثالثته وإن لم يذكر حتى قام للرابعة أو حتى عقدها كملها وصارت ثالثته ثم أتى برابعة وسجد قبل السلام أيضا لاجتماع الزيادة كما تقدم النقصان وهو ترك السورة كما مر والجلوس الوسط إذالفرض أنه لم يتذكر حتى قام للرابعة وقد صارت ثالثته فإن لم يتذكر حتى سلم والمسألة بحالها من كون الترك من الأولى أو من الثانية أتى برابعة وسجد قبل أيضا لاجتماع الزيادة كما تقدم وتزيد هذه الصورة بزيادة السلام والنقصان كما مر بيانه والسجود في هذه الأوجه كلها قبل السلام لاجتماع الزيادة والنقصان وهي داخلة في قوله لكن قد يبين لأن بنوا البيت أي لكن قد يظهر النقص يريد مع الزيادة وسكت عنها لظهورها والنقص هو فوت السورة التي مع الفاتحة فقط كما في السورة الأولى من سور السجود القبلى يريد أو مع الجلوس كما في السورة الثانية منها وظهور النفس لأجل أنه يبني على ماصح له من الركعات في الأقوال والأفعال فتتحول ركعاته ويصير الجلوس في غير محله وتخلو السورة مما حقه أن تكون فيه وتجتمع الزيادة والنقصان كمامر بيانه فإذا كان كذلك فليسجد السجود القبلي ولو كان حكما كالمشهور في المسبوق من كونه يبني في الأفعال ويقضي في الأقوال لم يحصل له نقص السورة بأن ترك الجلوس فقط فتعليل النص المستفاد من قوله لأن بنوا إنما يظهر في نقص خاص وهو نقص السورة كما ذكر لا في غيره والله تعالى أعلم وإن ترك من الثالثة ولم يتذكر حتى عقد الرابعة

صارت ثالثة وأتى برابعة وسجد بعد السلام لتمحض زيادة الركعة الفاسدة وكذا إن لم يتذكر حتى سلم أتى برابعة وسجد بعد أيضا وكذلك إن كان الترك من الرابعة ولم يتذكر حتى سلم فإنه يأتى برابعة ويسجد بعد كما ذكر وهذان الوجهان هما الموعود بهما أولا والحاصل أن من بطلت له ركعة فان كانت الثالثة أو الرابعة فالسجود بعدي وأن كانت الأولى وتذكر قبل عقد الثالثة فكذلك أيضا وإن لم يتذكر حتى عقد الثالثة فالسجود قبلي كان الترك من الأولى أو من الثانية وهذه المسألة مما يلقى في المعاياة فقال من بطلت له ركعة وأتى بأخرى مكانها هل يسجد قبل السلام أو بعده فمن أجاب بقبل يقال له أخطأت ومن أجاب ببعد فكذلك والجواب التفصيل كما تقدم على أنه لا غرابة في مسألة لايصح جوابها مجملا إذ نظائر ذلك لاتحصى كثرة وهذا كله في غير الموسوس أما هو فلا سجود عليه أصلا كما يأتي في شرح الأبيات الثلاثة. الثالث ماتقدم لنا في تقرير هذه المسألة من تحول الركعات إنما هو بالنسبة للإمام والفذ وأما بالنسبة إلى المأموم إذا فسدت له ركعة بترك ركوع أو سجود بنعاس أو زحام أو غفلة ونحو ذلك وفات تداركه فإن ركعاته لاتتحول بل يأتي في قضاء الركعة الفاسدة بركعة على هيئتها مع كونها بالسورة أو بغيرها فمن المدونة قال ابن القاسم الذي أرى وآخذ به فيمن نعس خلف الإمام في الركعة الأولى أن لايعتد بها ولا يتبع الإمام فيها وإن أدركه قبل أن يرفع رأسه من سجودها ولكن يسجد مع الإمام ثم يقتضيها بعد سلام الإمام وإن نعس بعد عقد الأولى في ثانية أو ثالثة أو رابعة تبع الإمام لم يرفع رأسه من سجودها المازري لأن من عقد الركعة جعل بها مدركا للصلاة ومن أدرك الصلاة قضى مافاته مع الإمام وهو في الصلاة لكن بشرط أن لايفوته أن يفعل الإمام ماهو أوكد من تشاغله بالقضاء والمشهور أن الذي هو آكد سجود الركعة التي غاب على ظنه إدراكها وهل تعتبر السجدتان جميعا أو الأولى منهما المشهور اعتبار السجدتين جميعا لأن بهما تفرغ الركعة فيتبع الإمام مالم يرفع رأسه من السجدة الثانية يريد فإن رفع منها فاتته الركعة ثم يقضي بعد سلام الإمام ركعة مكانها على صفتها قال ومثل النعاس الغفلة وكذا المزاحمة خلافا لابن القاسم في المزاحمة فلا يباح معها عنده قضاء مافات من الركوع بل يلغى تلك الركعة لأن الزحام فعل آدمى يمكن الاحتراز منه فهو مقصر ابن يونس القياس أن ذلك سواء المازرى ولو كان هذا الركن المغلوب عليه سجودا فإنه يتبع الإمام مالم يعقد الركعة التي يليها قال ابن وهب عن ابن القاسم من سها عن سجدة من الركعة الأولى فذكرها وهو قائم مع الإمام في الثانية فليهو ساجدا ثم ينهض إلى الإمام ابن رشد وإن ذكرها والإمام راكع فإن علم أنه يدرك أن يسجد ويدرك الإمام راكعا جاز له أن يسجد ويتبع الإمام على المعلوم من مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك إن عقد الركعة رفع الرأس من الركوع ولو ظن أنه يدرك أن يسجد

ويدرك الإمام راكعا فسجد فرفع الإمام رأسه قبل أن يرفع هو رأسه من سجوده بطلت عليه الركعة الأولى والثانية وإن ذكرها بعد أن رفع الإمام رأسه أي في والثانية فليتبع الإمام فيما بقى فإذا سلم الامام فليقض ركعة بسجدتيها ويقرأ فيها بالحمد وسورة لأنها ركعة قضاء ويسجد لسهوه بعد السلام. الرابع مذهب ابن القاسم أن عقد الركعة برفع الرأس ومذهب أشهب أنه بالانحناء قالوا وقد وافق ابن القاسم شهب في انعقاد الركعة بوضع اليدين في مسائل منها من ترك السورة وفي معنى ذلك ترك الجهر أوالسر أو تنكيس السورة قبل الفاتحة لأن هذه الثلاثة أخف من السورة فهن أحرى أن يفتن بوضع اليدين على الركبتين ومنها من ذكر سجود السهو القبلى المرتب عن ثلاث سنن من فريضة فذكره في فريضة أو نافلة ومنها من ترك التكبير في صلاة العيد ومنها من نسي سجود التلاوة ومنها من نسي الركوع فلم يذكره ألا في ركوع التي تليها وهذه المسألة داخله في كلام الناظم ومنها من سلم من ركعتين ساهيا ودخل في نافلة فلم يذكرها ألا وهو راكع ومنها من أقيمت عليه المغرب وهو فيها قد أمكن يديه ركبتيه في ركوع الثالثة على قول ابن القاسم في المجموعة أحد قولى أشهب في العتبية أنه يرفع رأسه ويكملها ويسلم ويضع على أنفه ويخرج من المسجد وأما على المشهور من أنه إذا تمم ركعتين كمل وانصرف فلا يعد مع هذه النظائر (فرع) من المدونة قال ابن القاسم إن نسي سجدة من الأول والركوع من الثانية وسجد لها فليأت بسجدة يصلح بها الأولى ويبنى عليها ولايضيف من سجود الثانية لأن نيته في هذا السجود إنما كان لركعة ثانية فلا يجزئه لركعته الأولى ويسجد بعد السلام (فرع) قال الإمام أبو عبد الله المازرى إذا نسي أربع سجدات مع أربع ركعات فعندنا أنه يصلح الرابعة بالسجدة التي أدخل فيها ويبطل ماقبلها وأما إن نسي الثمان سجدات فإنه لم يحصل له سوى ركوع الرابعة فيبنى عليها على أصلنا حسبما ذكرناه (فرع) من نسي السلام ثم تذكره بعد طول لايمنع البناء أعاد التشهد ثم سلم وسواء فارق موضعه أم لا وهذا هو المشهور وقيل لايعيد التشهد أما إن تذكره بالقرب جدا فانه يسلم فقط ولا يعيد التشهد فإن انحرف عن القبلة استقبل وسلم ثم سجد بعد السلام سواء تذكر بالقرب جدا أو بعد طول لايمنع البناء والطول شرط فى إعادة التشهد كان معه موجب السجود وهو الانحراف عن القبلة أو والانحراف شرط في السجود البعدي كان معه موجب إعادة التشهد وهو الطول أم لا فالصور أربع يتشهد ويسجد إن انحرف مع طول لايتشهد ولايسجد إذا تذكر بالقرب جدا ولم ينحرف يتشهد ولا يسجد إن أطال ولم ينحرف يسجد ولايتشهد إن انحرف ولم يطل أما الطول الكثير الذي يمنع البناء فتبطل الصلاة معه رأسا والله أعلم وتؤخذ الصور

الأربعة من قول الشيخ خليل وأعاد تارك السلام التشهد وسجد ان انحرف عن القبلة [من شك في ركن على اليقين ... وليسجدوا البعدي لكن قد يبين لأن بنوا في فعلهم والقولي] ... نَقْصُ بِفَوْتِ سُورَةٍ فالقبلى كَذَاكِرِ الْوُسْطَى ولاَ يْدِى قَدْ رَفَع ... وَرُكباً لا قَبْلَ ذَلَكنْ رَجَعْ أخبر أن من شك في ركن من أركان الصلاة أي فرض من فرائضها هل أتى به أم لا فإنه يبنى على اليقين المحقق عنده يريد ويأتي بما شك فيه ويسجد بعد السلام فإذا شك هل صلى واحدة أو اثنتين بنى على واحدة لأنها المحققة ويأتيء بما شك هل أتى به أم لا هو الثانية ويكمل صلاته ويسجد بعد السلام وإذا شك هل صلى اثنتين أو ثلاثا بنى على اثنتين وإن شك صلى ثلاثا أو أربعا بنى على ثلاث وكذا إن كان في سجود مثلا هل ركع أم لا فانه يبنى على المحقق من الركعة وهو القيام ويفعل ماشك فيه وهو الركوع فيرجع له قائما ثم يركع وإن كان في قيام فشك هل سجد أم لا أو هل سجد واحدة أو اثنتين فيبني على المحقق من الركعة وهو الركوع في الصورة الأولى والسجدة الواحدة في الثانية ويفعل ماشك فيه ويسجد بعد السلام في جميع الصور لأن أمره دائر بين الزيادة وعدم النقص هذا هو المشهور وقال ابن لبابة يسجد قبل السلام لحديث أبى سعيد وهل غلبة الظن كالشك فيلغى ماغلب على ظنه أنه فعله ويبني على المحقق ويسجد بعد السلام أو كاليقين فيعتد بما غلب على ظنه فعله ولاسجود قولان ذكرهما اللخمى واعلم أن الركن في هذه المسألة شك المصلى هل أتى به أو لم يأت به وفي المسألة التى قبل هذه تحقق المصلى أنه تركه وماذكره الناظم من الحكم إنما هو في غير الموسوس أما الموسوس فإنه يبني على ماشك فيه وشكه كالعدم لكنه يسجد بعد السلام فإذا شك هل صلى ثلاثا أم أربعا بنى على الأربع وسجد بعد السلام قال في الرسالة ومن استنكحه الشك في السهو فليله عنه ولا إصلاح عليه ولكن عليه أن يسجد بعد السلام وهو الذي يكثر ذلك منه يشك كثيرا أن يكون سها زاد أو نقص ولايوفق فليسجد بعد السلام فقط قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب كثرته أن يطرأ عليه في كل وضوء أو في كل صلاة أو في اليوم مرتين أو مرة وإن لم يطرأ له إلا بعد يوم أو يومين أو ثلاثة فليس بمستنكح وقال الجزولى الاستنكاح أن يكون في اليوم مرة وأما مرة في السنة أو في الشهر فليس بمستنكح وفي اليومين والثلاثة والله أعلم ليس بمستنكح اهـ فالشك على قسمين مستنكح أي يعتري صاحبه كثيرا وهو كالعدم لكنه يسجد له بعد السلام وغير مستنكح وهو الذي يأتي بعد مدة وحكمه ماذكره الناظم هنا والسهو أيضا على قسمين مستنكح وغيره فالمستنكح مثاله أن يكثر منه

أن يسجد سجدة واحدة ويقوم أو أن يركع ويسجد ولا يرفع رأسه وحكمه أنه يصلح صلاته بأن يرجع للسجدة التي ترك أو لرفع رأسه إن لم يفت تدارك ذلك فإن فات تدارك ذلك أتى بركعة مكان تلك ولاسجود عليه أصلا وهذا فيما يمكن فيه الإصلاح أماما لايمكن فيه ذلك فلا شيء كأن يكثر منه نسيان الجلوس الوسط ولايذكره حتى يفارق الأرض أو نسيان السورة ولايذكرها حتى يركع فهذا لا إصلاح عليه ولاسجود ويقيد مجرد السهو المذكور هنا في مسألة قول الناظم قبل واستدراك الركن فإن حال الركوع الخ بغير المستنكح وأما سهو غير مستنكح فحكمه ماقدمه الناظم أول السهو من السجود قبل أو بعد وإلى حكم هذين القسمين أشار أبو محمد بقوله وإذا أيقن بالسهو سجد بعد إصلاح صلاته وإن كثر ذلك منه فهو يعتريه كثيرا أصلح صلاته ولم يسجد لسهوه (فرع) في المدونة قال مالك ومن لم يدر أجلوسه في الشفع أو في الوتر سلم وسجد سهوه ثم أوتر بواحدة ابن يونس قيل إنما أمره بسجود السهو لاحتمال ان يكون أضاف ركعة الوتر إلى ركعتي الشفع من غير سلام فيصير قد صلى الشفع ثلاثا فيسجد بعد السلام * قوله وليسجدو البعدى جميع الساجدين بعد السلام باعتبار هذه المسألة والتى قبلها أما هذه وهي مسألة من شك هل أتى بركن أم لا فألغى الشك وبنى على اليقين فالسجود فيها بعدي ولا إشكال وأما التى قبلها وهي مسألة من ترك ركنا فتداركه ففسدت ركعته وأتى بركعة أخرى مكانها فالسجود فيها بعد السلام في وجهين من تارك الركن حيث لم يفت تداركه وفي الإتيان بركعة يفوت التدارك وتتمحض الزيادة كما تقدم بيانه وذلك كله داخل في قول الناظم هنا وليسجدوا البعدى أما حيث تجتمع الزيادة والنقصان فأشار لحكمه هنا بقوله لكن قد يبين إلى قوله فالقبلى وقد تقدم بيانه أثناء التنبيه الثاني في شرح البيتين قبل هذا فقوله لكن استدراك من قوله وليسجدوا البعدى ويبين معناه يظهر ونقص فاعل يبين وبفوت سورة باؤه سببية متعلقة بنقص ولأن بنوا متعلق يبين علة له وفي فعله متعلق ببنوا وقوله فالقبلى مفعول بفعل محذوف أي فليسجدوا القبلى والمعنى لكن يظهر نقص بسبب فوت قراءة السورة التي مع أم القرآن لأجل بناء المصلى على ماصح من صلاته في القول والفعل وإذا كان كذلك فليسجدوا السجود القبلى إذ لو كان حكمه كالمسبوق من كونه يقضى القول ويبنى الفعل مافاتته السورة

قوله كذا الوسطى البيت التشبيه لإفادة الحكم وهو السجود القبلى ومراده أن من ذكر الجلسة الوسطى والحالة أنه قد رفع يديه وركبتيه عن الأرض فإنه يسجد قبل السلام يريد إذا تمادى على قيامه ولم يرجع للجلوس على ماهو مطلوب منه أن لايرجع من فرض لسنة فيسجد قيل لنقص الجلوس الوسط أما إن رجع إلى الجلوس والحالة هذه أي فارق الأرض بيديه وركبتيه فانما يسجد بعد السلام لتمحض الزيارة * قوله لاقبل ذا لكن رجع أي لا ما إذا ذكر الجلسة الوسطى قبل رفع يديه وركبتيه وعلى ذلك تعود الاشارة فلا سجود عليه وحكم هذا أنه يرجع إلى الجلوس قال في التوضيح لهذه المسئلة ثلاث حالات إحداها أن يذكر قبل أن يفارق الأرض بيديه وركبتيه فيرجع والمشهور لاسجود عليه في تزحزحه لأن التزحزح لو تعمده لم تفسد صلاته ومالايفسد عمده فلا سجود في سهوه فان قام ولم يرجع فإما أن يكون ناسياً أو عامدا أو جاهلا فالناسي يسجد قبل السلام والعامد يجري على تارك السنة متعمدا والمشهور إلحاق الجاهل بالعامد الحالة الثانية أن يذكر قبل استقلاله وبعد مفارقته الأرض بيديه وركبتيه فالمشهور لايرجع ويسجد قبل السلام وقيل يرجع وعلى المشهور من كونه لايرجع إن خالف ورجع فاما عمدا أو سهوا أو جهلا ولا تبطل صلاته في الثلاثة مراعاة لمن قال بالركوع وهل يسجد بعد السلام للزيادة أو لاسجود لخفتها وقلتها قولان والأول أظهر الحال الثالثة أن يذكر بعد استقلاله فيتمادى اتفاقا ويسجد قبل السلام لأنه قد شرع في واجب فلا يبطل بسنة واختلف إذا رجع عمداً هل تبطل صلاته أولا قولان والمشهور الصحة وعليه فهل يسجد بعد السلام لتحقق الزيادة أو قبله يريد أنه لما اعتدل وجب عليه التمادى وتخلد السجود في ذمته فرجوعه زيادة فهو كمن نقص وزاد فيسجد قبل السلام قولان ثم قال ولا أعلم خلافا إذا رجع ساهيا أن صلاته تامة باختصار ابن حبيب ويستحب للمأمومين أن يسجدوا مالم يستو قائما فإذا استوى فلا يفعلوا (تنبيه) هذا الحكم إنما هو في الفرض وأما النافلة إذا قام فيها للثالثة فإنه يرجع فارق الأرض أم لا وهذه إحدى النظائر الخمس التي سهو النافلة فيها مخالف لسهو الفريضة فإن فارقها ورجع سجد بعد السلام فإن لم يذكر حتى عقد الثالثة كمل أربعا وسجد قبل السلام قيل لنقص الجلوس وقيل لنقص السلام وهو إن كان فرضا والفرض لايجيز بالسجود فمراعاة القول بأن النفل أربع يصيره كسنة ولايلزم ذلك فمن صلى الظهر خمساً

لاستقلال الركعتين في النفل وعدم استقلال الخامسة في الظهر وكذا إن قام للخامسة في النافلة فإنه يرجع عقدها أم لا ويسجد قبل السلام أيضا لنقص السلام وحده إن جلس على الثانية أو لنقصة مع الجلوس إن لم تجلس وزيادة القيام للخامسة فَصْلُ بموَطنِ القُرى قدُ فُرِضَتْ* صَلاَةُ جُمْعَةٍ لِخُطْبةٍ تَلَتْ بجامِع عَلَى مَقيمٍ ما انْعذرْ حُرِّ قَرِيبٍ بكَفَرْ سَخ ذَكْر وَأجْزَأَتْ غَيراً نَعَمْ قَدْ تُنْدَبُ عِنْدَ النَّدَا السَّعْىُ إِلَيْها يَجبُ وَسُنَّ غْسلُ بِالرَّوَاِح اُتَّصَلاَ وَنُدِبَ تهْجِيِرُ وَحَالُ جَمُلا ذكرى في هذا الفصل صلاة الجمعه وبعض مايتعلق بها وهي بضم الميم وإسكانها كمافي النظم أو بفتحها ايضا من الجمع لاجتماع الناس فيها ولاخلاف في المذهب أنها فرض عين وأول وقتها كالظهر وإيقامتها أول الوقت إثر الزوال أفضل ولايخطب إلا بعد الزوال فإن خطب قبله أعاد الخطبة واختلف في آخر وقتها الذي بانقضائه لاتقام بل تصلى ظهرا أربعاً على خمسة أقوال الذي في المدونة أن يبقى قدر ركعة واحدة بعد الفراغ منها للغروب يدرك بها العصر ولها شروط وجوب شروط أداء والفرق بين شرط الوجوب وشرط الأداء أن كل مالا يطلب من المكلف لكونه ليس في طوقه كالذكورية والحرية يسمى شرط وجوب وما يطلب منه كالخطبة والجماعة يسمى شرط أداء هكذا قال ابن عبد السلام فشرط أدائها خمسة الأول الاستيطان وهو مقام بنية التأبيد ابن بشير من شروط أداء الجمعة موضع استيطان والمشهور أنه لايشترط أن يكون مصرا بل يجمع في القرى إذا أمكن فيها دوام الثواب واستغنوا عن غيرهم وحصل بجماعتهم أبهة الإسلام وكذا في الإختصاص دون الخيم وفي شرح الشيخ الجزولى كل بناء كثرت أشخاصه كثرة تخرج به عن الآحاد والتثليث يقال فيه قرية إذا تأتي فيه المقام على الدوام لوجود أسبابه وإن بلغ من الكثرة أربعمائة فأكثر وهو مع ذلك مفرق غير ملتصق قيل فيه مدينة من التمدن وهو التجميع وأن التصق واشتد بعضه ببعض قيل فيه مصر وسواء حلق عليه بسور أم لا وصدق اسم القرية على الجميع لتصور الاستقرار فيه وما عليه سور خص باسم الحصن لخروجه عن التحصن بكثرة العدد وإنما تحصل بالبناء اهـ والثواء بالمثلثة والمد الاقامة وهو المراد هنا وأما بالمثناة والقصر فهو الهلاك ومنه قولهم من له التما فعليه

التوا وإلى هذا الشرط أشار بقوله بموطن القرى أي فرضت صلاة الجمعة بسبب استيطان القوى فالباء سببية وأطلق السبب على الشرط وتحتمل المعية وموطن على هذا الفعل بمعنى استفعال أي استيطان قال الجوهري الوطن محل الانسان وأوطنت الارض ووطنتها توطينا واستوطنتها أي اتخذتها وطنا الموطن المشهد من مشاهد الحرب قال الله تعالى {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة} اهـ وتحتمل الباء الظرفية فموطن باق على معناه أي فرضت الجمعة في موضع القرى ومشهدها وخص القرى ليكون المصر أحرى قال ابن القاسم الخصوص والمحال إذا كانت مساكنهم كمساكن القرى في اجتماعها وكان لهم عدد لم يحل لهم أن يتركوا الجمعة كان عليهم وال أو لم يكن ابن رشد هذا خلاف ظاهر سماع أشهب إن لم يكونوا أهل عمود جمعوا والأظهر أن ذلك اختلاف من القول ولاجمعة على أهل العمود لأن الأصلى الظهر أربع ركعات فلا ينتقل عن ذلك إلا بيقين وهو المصر أو مايشبهه من القرى التي فيها الأسواق والمساجد والخص البيت من القصب والقول باشتراط الاستيطان جعلها ابن الحاجب الأصح وعبر عنه ابن شاس بالمعروف ولفظ ابن الحاجب بموضع يمكن الثواء فيه من بناء متصل أو اختصاص مستوطنين على الأصح اهـ ومقابله لايشترط الاستيطان ويكتفى بالإقامة وعلى القولين يجرى الخلاف في جماعة مروا بقرية خالية فنووا الاقامة فيها أربعة أيام فأكثر فعلى اشتراط الاستيطان لاتجب عليهم الجمعة وعلى مقابلة تجب (فرع) إذا كان من تجب عليهم الجمعة لاتنعقد بهم لقلتهم فانضم إليهم من لاتجب عليهم من عبيد ونساء مسافرين فهل تنعقد بهم أولا قولان بناء على أن الاتباع هل تعطى حكم متبوعها أو تستقل ولا يدخل هذا الخلاف في الصبيان للاتفاق على اشتراط الاسلام والبلوغ والعقل فيمن تنعقد بهم الجمعة ابن هرون من لاتجب عليهم الجمعة ثلاثة أصناف صنف لاتجب عليهم وإن حضروها وجبت عليهم وعلى غيرهم بسببهم وهم ذوو الأعذار وصنف لاتجب عليهم وإن حضروها لم تنعقد بهم وهم الصبيان وصنف لاتجب عليهم واختلف إن حضروها هل تنعقد بهم وهم النساء والعبيد والمسافرون الثاني الخطبة قبل الصلاة وعلى ذلك نبه بقوله لخطبة تلت فإن جهل الامام فصلى بهم دون خطبة خطب ثم أعاد الصلاة ولو صلى ثم خطب أعاد الصلاة فقط ومن شرط الخطبة وصلها بالصلاة ابن عرفة ويسير الفصل عفو قال ابن القاسم

وأقلها مايسمى خطبة عند العرب وقيل أقلها حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وتحذير وتيسير وقرآن في الاولى واستحب مالك أن يختم الثانية بيغفر لي ولكم ولجميع المسلمين قال وإن قال ذكروا والله يذكركم أجرأو الأول أصوب وفي وجوب الخطبة الثانية وسنيتها قولان التوضيح القول بوجوبها أعزاه اللخمى لابن القاسم ابن الفكهانى في شرح العمدة وهو المشهور القلشاني والمعروف على وجوب الخطبتين أنهما شرط ولذا نقل الباجي عن ابن القاسم إن خطب خطبتين ولم يخطب من الثانية ماله قدر وبال لم تجز اهـ التوضيح وعلى السنية إن نسى الثانية أو تركها أجزأتهم اهـ المواق تقدم نص ابن عرفة الخطبتان معا فرض وانظر إذا كان المعنى بهذا كل واحدة مع اتفاقهم أن الجلوس بين الخطبتين سنة وأن الفاظها غير متعينة انتهى وكأنه والله أعلم يشير إلى استشكال وهو أن الخطيب إذا لم يجلس بين الخطبتين فعليه أمره أنه ترك سنة وهل مافعل خطبة واحدة لو أتى في خطبته بألفاظ شأنها أن تذكر في الثانية لأن الألفاظ لاتتعين أو خطبتان ومن قال خطبتان ثم يعلم ذلك ويتوسل إليه والظاهر بحسب العرف أنه إن أتى بالأولى على وصفها المذكور ثم شرع في أخرى بحمد وتصلية وترض كما الشأن فهما خطبتان وإن استرسل في الأولى حتى فرغ فخطبة واحدة وقد نزلت منذ مدة بجامع القرويين وذلك أن الخطيب شرع بعد قوله أيها الناس أثناء الخطبة الأولى على العادة في الحض على طاعة الأمير فذهل وتلا الدعاء الذي حرت العادة بكونه في آخر الثانية ثم نزل وصلى فاعدتها ظهراً أربعا وأفتيت من استفتانى بالبطلان ووجوب الإعادة أبداً بناء على المشهور من وجوب الخطبة الثانية وشرطيتها كما مر وهو لم يأت بسوى الأولى واللهأعلم وانظر فول الإمام المواق مع اتفاقهم أن الجلوس بين الخطبتين سنة فقد تبع فيه الباجي وقد نقل هو بنفسه عن ابن العربي القول بفرضيته وحكى ابن الحاجب القولين الوجوب وبه صدر والسنية وفي وجوب الطهارة للخطبة قولان المشهور عدم الوجوب لكن يكره أن يخطب محدثا وفي

وجوب الجلستين والقيام للخطبتين وسنيتهما قولان المشهور السنية وعليه فإن نسي الجلوس الأول واعتدل فلا يرجع للجلوس لأنه تلبس بفرض فلا يقطعه لسنة كمن نسي السورة أو تكبير العيد أو السر أو الجهر حتى ركع أو الجلوس الأول حتى استقل في الثالثة أو المضمضة أو الاستنشاق حتى شرع في الوجه فيتمادى ويفعلها بعد فراغه وكذا إذا فرغ المؤذن الثاني يوم الجمعة فاعتقد الإمام أنه الثالث فقام وشرع في الخطبة ثم سمع المؤذن فإنه يتمادى لكونه تلبس بفرض ووقعت بجامع غرناطة للشيخ المحدث أبى عبد الله بن رشيد الفهري رحمه الله فاستعظم ذلك بعض الحاضرين وهم بعضهم باشعاره وتنبيهه وكلمه آخر فلم ينته عما شرع فيه وقال بديهة أيها الناس اعلموا رحمكم الله أن الواجب لايبطله المندوب وأن الأذان الذي بعد الأول غير مشروع الوجوب فتأهبوا المطلب العلم وانتبهوا وتذكروا قول الله تعالى {وماآتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا} فقد روينا عنه أنه قال: من قال لأخيه الإمام يخطب أنصت فقد لغا ومن لغا فلا جمعة له جعلنا الله وإياكم ممن علم فعمل وعمل فقبل وأخلص فتخلص وكان ذلك مما استدل به على قوة جنانه وانقياد لسانه لبيانه ولاتصح الخطبة إلا بحضور الجماعة قال القاضي أبو محمد الجاري على المذهب عياض وهو ظاهر المدونة قال غيره إذ لامعنى للخطبة بغير جماعة وتوكأ على عصا أو قوس لتطمئن نفسه وقيل لئلا يعبث بيده ومن شرط الخطبة أن لايصلي غير الذي خطب إلا لعذر كما لو طرأ عليه مرض أو جنون بين الخطبة والصلاة فإن كل ذلك يزول عن قرب ففي استخلافه قولان التوضيح أظهرهما عدم الاستخلاف فينتظر وإن كان لايزول عن قرب كالإغماء لم ينتظر ويجب الإنصات للخطبة وإن لم يسمع وهل يجب الإنصات على من هو خارج المسجد قولان وفى الموطأ عن ابن شهاب خروج الإمام يقطع الصلاة أي ابتداءها وكلامه يقطع الكلام وفى وجوب الإنصات إذا لغا الإمام قولان كان يشتم من لايجوز شتمه أو يمدح من لايمدح البرزلي عن ابن عرفة أما بدعة ذكر الصحابة فهو عندي جائز حسن لاشتماله على تعظيم من علم تعظيمه من الشريعة ضرورة ونظراً ولاسيما إذا مزج ذلك بما كانوا عليه من نصرة سيدنا ومولانا محمد وبذل نفوسهم في أظهار الدين وأما بدعة ذكر السلاطين

بالدعاء والقول السالم من الكذب فأصل وضعها في الخطبة من حيث ذاته مرجوح لأنها ممالم يشهد الشرع باعتبار حسنها فيما أعلم وأما بعد إحداثها واستمرار العمل بها وصيرورة عدم ذكرها مظنة اعتقاد السلاطين في الخطيب مايخشى غوائله ولاتؤمن عقوبته فذكرهم في الخطب راجح أو واجب اهـ ولايجوز الكلام بعد فراغ الخطبة وقبل الصلاة والاقبال على الذكر القليل سراً ولايتكلم في جلوس الامام بين الخطبتين والتعوذ والصلاة على النبي والتأمين عند أسبابها جائزة وفي جواز الجهر بذلك قولان ولا يسلم الداخل والإمام يخطب فإن سلم لم يرد عليه قاله مالك في المدونة ومن عطش حينئذ حمد في نفسه ولايشتمه غيره وأما الإمام فيسلم إذا خرج على الناس اتفاقا والمشهور لايسلم إذا رقى المنبر ولايبتدىء الداخل التحية بعد خروج الإمام على الأصح وقال السيورى الركوع أولى لحديث سليك الغطفاني وفيه أنه أمره بالركوع لما دخل وعلى الأصح لو ابتدأها قبل خروجه لم يقطعها وخففها فإن أحرم جاهلا أو غافلا ففي تماديه وقطعه قولان (فرع) ويحرم الاشتغال بالبيع وغيره زمن السعي إلى الجمعة وذلك عند أذان جلوس الخطبة وهو المعهود في زمانه قيل مرة وقيل مرتين وقيل ثلاثا واحدا بعد واحد واختلف النقل هل كان يؤذن بين يديه أو على المنار والمنار قيل اسطوانة في قبلة المسجد يرقى إليها بأقتاب وقيل منارة فى دار حفصة بنت عمر التي تلي المسجد وقيل على بيت امرأة من بني النجار قالت كان بيتي من أطول بيت حول المسجد واستمر الأمر على ذلك فلما كان زمن عثمان وكثروا أمر بأذان قبله على الزوراء بعد دخول الوقت وهو مكان أعلى السوق ليأتي الناس من السوق ثم نقله هشام إلى المسجد وجعل الذي كان في المسجد بين يديه ابن حبيب وينبغي للإمام أن يوكل وقت النداء من ينهى الناس عن البيع والشراء وحينئذ وأن يقيمهم من الأسواق من تلزمه الجمعة ومن لاتلزمه للذريعة فإن وقع البيع حينئذ فالمشهور فسخه ويرد الثمن للمشتري والمبيع لبائعه فإن فات بيد مشتريه ضمن قيمته يوم قبضه قال ابن بشير قال الأشياخ ومما ينخرط في سلك البيع الشرب من السقاء بعد النداء إذا كان بثمن وإن لم يدفع اليه الثمن فى الحال قال وهذا الذي قالوه ظاهر مالم تدع إلى الشرب ضرورة

قال في النكت وإذا انتقض وضوء الرجل يوم الجمعة وقت النداء عند منع البيع فلم يجد مايتوضأ به إلا بثمن فحكى ابن أبى زيد أنه يجوز شراؤه ليتوضأ به ولايفسخ شراؤه الثالث الجامع لقوله بجامع قال ابن بشير الجامع مع شروط الأداء الباجى من شرط المسجد البنيان المخصوص على صفة المساجد الباجي والبراج أو ذو بنيان خفيف ليس بمسجد قال في التنبيهات ظاهر المدونة وقول عامة أصحابنا أن الجامع شرط وإنما اختلفوا هل هو شرط في الوجوب والصحة أو في الصحة فقط وكذلك نقل صاحب القدمات أما المسجد فقيل من شرائط الوجوب والصحة جميعاً وهذا على قول من يرى أنه لايكون مسجدا إلا ماكان له سقف لأنه قد يعدم المسجد على هذه الصفة وقد يوجد فإن عدم كان من شرائط الوجوب وإن وجد كان من شرائط الصحة وعلى قياس هذا القول أفتى الباجى في أهل قرية انهدم مسجدهم وبقي لاسقف له فحضرت الجمعة قبل أن يبنوه أنه لايصلح لهم أن تجمع الجمعة فيه ويصلون ظهراً أربعا وهو بعيد لبقاء اسم المسجد عليه وحكمه بعد الهدم وقيل إن المسجد من شروط الصحة دون الوجوب بناء على أن المكان من الفضاء يكون مسجدا بتعيينه وتحبيسه للصلاة فيه واعتقاد اتخاذه مسجدا إذ لا يعدم موضع يصح أن يتخذ مسجدا فلما كان لايعدم ويقدر عليه في كل حال صار من شروط الصحة كالخطبة وسائر فرائض الصلاة ولايصح أن يقول أحد في المسجد إنه ليس من شرائط الصحة إذ لا اختلاف في أنه لايصح أن تقام في غير مسجد اهـ وفي شرح سيدي أحمد الونشريسي على ابن الحاجب مانصه قيل والذي يظهر أن فتيا الباجي بمنع إقامتها فيه إنما هى إذا لم يظلل على السقف بستور وأما لو ظلل بها لنابت الستور عن السقف كما نابت عن الجدر في قضية ابن الزبير بل أحرى وكانت نزلت بتونس سنة جدد سقف الجامع الأعظم وخطيبه إذ ذاك أبو سحق بن عبد الرفيع وغطيت المجنبة الأولى التي تحتها المنبر بالحصر وخطب فقام الشيخ الفقيه المشتهر بالصلاح أبو على القروى فأنكر عليه وأغلظ القاضي عليه في الرد وأفضت الحال إلى أن أمر القاضي بسجن الشيخ أبى علي وكان الشيخ ابن عرفة رحمه الله يقول الصواب مع الشيخ أبي أسحق ولاينتهي الحال إلى أن تمنع الجمعة لأنه لو خطب تحت سقف دون تغطية بحصر جاز لأنه ليس من شرط الخطبة أن تكون تحت سقف إذ لو خطب بالصحن جاز إذ ليس من شرط الجامع أن يكون كله مسقفا اهـ. (فرع) وهل يشترط في الجامع العزم على إيقاعها على التأييد فذهب الباجي إلى الاشتراط وأنه لو أصابهم مايمنعهم من الجامع لعذر لم تصح الجمعة في غيره إلا أن يحكم له بحكم الجامع وتنقل الجمعة إليه على التأييد ووافقه ابن رشد في مسائله المجموعة عنه وخالفه في مقدماته قال وقد أقيمت الجمعة بقرطبة في مسجد أبي عثمان دون أن

تنقل إليه على التأييد والعلماء متوافرون ولو نقل الإمام الجمعة في جمعة من الجمع من المسجد الجامع إلى مسجد آخر لغير عذر لكانت الصلاة مجزئة (فرع) شرط ابن بشير في الجامع كونه مما يجمع فيه أي الصلوات الخمس قال وأما المساجد التي لاتجمع فيها فلا تقام الجمعة فيها (فرع) صلاة المأمومين في رحاب المساجد والطرق المتصلة به على أربعة أقسام إن ضاق المسجد واتصلت الصفوف صحت اتفاقا وعكسه إن لم يضق ولم تتصل فظاهر المذهب عدم الصحة وحكى المازري عن ابن شعبان الإجزاء وإذا ضاق ولم تتصل فهي صحيحة التوضيح ولا تعلم فيه خلافا وإذا اتصلت الصفوف ولم يضق المسجد فحكى ابن بشير وابن رشد فيها قولين والمشهور الصحة والرحاب صحن المسجد وقيل البناء من خارج وقيل ماكان مضافا إلى المسجد محجرا عليه وإن كان خارجاً عنه (فرع) وفي صحة الجمعة في السطح أربعة أقوال الصحة لأشهب وعدمها لابن القاسم فيعيد أبدا ابن شاس وهو المشهور والصحة للمؤذن دون غيره لابن الماجشون والصحة إن ضاق المسجد لحمديس وأما الدور والحوانيث المحجورة بالملك إذا لم تتصل الصفوف اليها فلا تصح على الأصح وإن أذن أهلها فإن اتصلت الصفوف إليها فقولان وعلى المنع مع اتصال الصفوف أو مع عدمه إذا خالف وصلى فقال ابن مرين عن ابن القاسم يعيد أبداً وذكر اللخمي عن ابن نافع أنه قال أكره تعمد ذلك وأرجو أن تجزئه صلاته (فرع) قال ابن طلاع إذا امتلأ الجامع يوم الجمعة وبازائه خضخاض صلى هنا لك قائما وقيل يجوز أن ينصرفوا إلى المسجد آخر ويصلون فيه الجمعة بإمام وهذا القول بجواز تعدد الجمعة في المصر الواحد وأما على المنع فإنما يصلون فيه أربعا (فرع) وهل يجوز تعدد الجمعة في المصر الواحد في تفصيل نقل صاحب المعيار عن أبي عبد الله محمد القطان أن ظاهر كلام أئمة المذهب أن المصر الصغير لايختلف في منع إقامة الجمعة في جامعين والخلاف مخصوص بالمصر الكبير كما صرح به ابن الحاجب في قوله وفي تعددها في المصر الكبير ثالثها إن كان نهراً ومعناه مما فيه مشقة جاز ابن عبد السلام المشهور المنع رعاية لفعل الأولين والعمل عند الناس اليوم على الجواز لما في جمع أهل المصر الكبير في مسجد واحد من المشقة ثم قال وهل محل الخلاف مع فقد الضرورة أما مع وجودها فلا خلاف في جواز التعدد وهو الذي ذكر أئمة المذهب الاثبات أو الخلاف مع الضرورة أما مع عدمها فلا خلاف في منع التعدد وهو الذي [يظهر من نقل بعضهم وعلى المشهور من منع التعدد فلو أقيمت جمعتان فالجمعة للمسجد العتيق أي القديم ثم لاتخلو المسألة من ثلاثة أوجه أحدها أن يكون المسجد العتيق هو السابق بالصلاة والثاني أن يكون هو المسبوق. والثالث أن تكون صلاتهما معا في دفعة واحدة فإن كان العتيق هو السابق بالصلاة فلا خوف أن الجمعة لهم ويصلي من عداهم أربعاً وإن كان العتيق مسبوقا وهو الوجه الثاني أو وقعت الجمعتان فيهما معاً ضربة واحدة وهو الوجه الثالث ففيهما خلاف وعندنا أن الجمعة لأهل المسجد العتيق فيهما على كل حال وقال بعض الناس الجمعة للسابق منهما وعلى هذا القول فهل يعتبر السبق بالإحرام أو السبق بالسلام أو بتقديم أول الخطبة ثلاثة أقوال ثم قال وقد وقفت لبعض المؤخرين المعتنين بتاريخ فاس أن الامام إدريس بن إدريس شرع في تأسيس عدوة الأندلس يوم الخميس مهل ربيع النبوى من اثنتين وتسعين ومائة فلما أكمل سورها بنى بها جامعاً للخطبة يعرف بجامع الأشياخ وأنه شرع في تأسيس عدوة القرويين في مهل ربيع النبوى العام الذي بعده يليه فلما أكمل سورها بنى بها جامعاً للخطبة وهو معروف بجامع الشرفاء وأن الشروع في حفر أساس جامع الأندلس والقرويين اللذين تقام بهما اليوم الجمعة كان في عام خمسة وأربعين ومائتين ثم لما جرى أمر زناتة بالمغرب سنة سبع وثلثمائة أزيلت الخطبة من جامع الشرفاء لصغره وأقيمت بجامع القرويين لاتساعه وكبره وقيل إنما فيه سنة إحدى وعشرين وثلثمائة وهي السنة التي نقلت فيه الخطبة من جامع الأشياخ إلى جامع الأندلس فبان من هذا أن جامع الأشياخ هو السابق فتعين الحكم بصحة الجمعة له ويجب على من بعدوة القرويين أن يسعوا لعدوة الأندلس لإقامة الجمعة بجامعها المذكور وقوفا مع المشهور فلما نقلت الخطبتان من جامع الأشياخ لجامع الأندلس ومن جامع الشرفاء لجامع القرويين تعينت صحة الجمعة لجامع الأندلس عملا باعطاء البدل حكم المبدل منه لكنهم أقاموها في كلا البلدتين قبل النقل تقليداً للشاذ المجيز التعدد واستصحبوا ذلك بعد النقل وليس كون مدينة فاس اشتملت على جانبين بكل جانب منهما مدينة بموجب استقلال كل من المدينتين بخطبة ولابمصير كل من الجامعين عتيقاً في نفسه باعتبار مدينته المنسوبة إليه لما تقرر أنه ينبنى على المشهور منع إقامتها بقربة أخرى ليس بينهما ثلاثة أميال اتفاقا فيما زاد عل ذلك خلاف قال وحاصل جوابى إن مشهور الأقوال عدم صحتها في القرويين لكونها ثانية وأن الجمعة لاتصح في المدوسة العنانية من طالعة فاس والحلوية وجامع القصر من تلمسان الأعلى على قول خارج المذهب وهو قول عطاء وداود وأحد قول محمد بن الحسن لأنه وإن قلنا بجواز التعدد فيتقيد بمسجدين لا]

غير على ظاهر كلام القاضي أبي عبد الوهاب في المعونة في الجمعة. والثانية والرابعة لاتصح على المذهب نعم في كلام ابن بشير مايشير إلى جواز الثالثة يريد أو أكثر بحسب الحاجة قال أو هو الأنسب والأقيس لولا ماأشار إليه القاضي اهـ. كلام صاحب المعيار باختصار بعضه وتقديم وتأخير على حسب ماظهر في الوقت. فرع: وعلى منع التعداد إذا ضاق المسجد الجامع ورحابه عن حمل أهله وسع ممايليه أصلا كان أو حبسا ويجبر به على بيعه بالقيمة الرابع الامام عده ابن الحاجب من شروط الأداء وقال ابن رشد من الشرائط التي لاتجب الجمعة إلا بها ولاتصح دونها الامام ويشترط كونه مقيما على المشهور فلا تصح خلف مسافر لم ينو إقامة أربعة أيام فاكثر وهو قول ابن القاسم وقيل لايشترط ذلك فتصح حلفه وهو قول أشهب ثالثها إن استخلف بعد عقدها مع إمام مقيم صحت وإلا بطلت قال مطرف وابن الماجشون المواق أنظر إن كانت إنما لزمته الجمعة بالتبع لكونه مسافراً نوى إقامة أربعة أيام بهذه القرية البين أن له يؤمهم ويشترط يريد الخليفة المسافر الا أن يمر بمدينة في عمله أو قرية يجمع فيها لجمعة فيجمع بأهلها ومن معه غيرهم لأن الامام أيضا كونه حرا وإلا بطلت على المشهور كما سيأتي في شروط الامامة (فرع) من المدونة قال مالك لاجمعة على الامام إذا وافق الجمعة لم ينبغ له أن يصليها خلف عامله وإن جهل الامام المسافر فجمع بأهل قرية لاتجب فيها الجمعة لصغرها لم تجزهم ولم تجزه الخامس الجماعة ولم يصرح الناظم بهذين الشرطين اعتمادا والله أعلم على فهم اشتراطهما من اشتراط الجامع إذ لايشترط إلا لأجل الجماعة ومن لازم الجماعة امام قال الامام أبو عبد الله المازري لم يحد مالك حدا في أقل من تقام بهم الجمعة إلا أن يكون العدد ممن يمكنهم الثواء ونصب الأسواق عياض هذا الذي ذكر المازري عن مالك هو شرط في وجوبها لافى أجزائها والذي يقتضى كلام أصحابنا اجازتها مع اثنتي عشر رجلا وفي الواضحة إذا اجتمع ثلاثون رجلا وماقاربهم فهم جماعة تلزمهم الجمعة وإن كانوا أقل من ثلاثين لم تجزهم. فرع: يشترط بقاء الجماعة التي تنعقد بها الجمعة إلى تمام الصلاة ابن الحاجب وقال أشهب لو تفرقوا بعد عقد ركعة أتمها جمعة وفيها أن يأتوا بعد انتظاره ظهرا أي إن خاف دخول وقت العصر وشروطه وجوبها خمسة. الأولى على ترتيب النظم الإقامة

فلا تجب على مسافر وعلى ذلك نبه بقوله على مقيم وهذا ان لم ينو إقامة وأما إن نوى إمامه أربعة فأكثر فإنها تجب عليه قاله في المدونة أي بحسب التبع لابحسب الاستقلال حيث لم يكن في القرية مثلا إلا مسافرون نووا الاقامة أما إن وجد بها مستوطنون تقام بهم الجمعة فتجب على المسافرين بحسب التبع لهم (فرع) وأما إحداث السفر يوم الجمعة فهو على ثلاثة أقسام محرم ولاتسقط الجمعة به وذلك بعد الزوال لمخاطبته بها وأنظر من كان في بلاد الفتن وحصلت له رفقة في ذلك الوقت ولايمكن له السفر دونهم وانتظار أخرى لايدري من يمرون به مما يشق خليل والظاهر الإباحة ومباح وهو السفر قبل الفجر ومختلف فيه بالإباحة والكراهة وهو مابين الفجر وبين الزوال فإن سافر في هذا الوقت فأدركه النداء قبل مجاوزة ثلاثة أميال لزمه الرجوع ابن بشير وفيه نظر لأنه قد رفض الإقامة وحصل له حكم السفر نية وفعلا وينبغى أن يقيد الرجوع بأن يظن إدراك ركعه منها فأكثر وإلا مضى لعدم فائدة رجوعه حينئذ (فرع) قال مالك إذا دخل المسافر وطنه بعد أن صلى الظهر ركعتين فإن قدر على أن يصلى الجمعة مع الامام صلى معه قال ابن القاسم ولو أحدث الامام فقدمه فصلى بهم لأجزأتهم الثانى أن لايكون له عذر يمنعه من حضورها وعلى ذلك نبه بقوله ما انعذر والأعذار والمرض الذي يتعذر مع الأتيان أو لابقدر إلا بمشقة شديدة وتمريض القريب وفي معناه الزوجة والمملوك وإشراف القريب ونحوه كالصاحب على الموت وليس هذا لأجل التمريض بل لما يعلم مما يدهم القرابة لشدة المصيبة والخوف من سلطان إن ظهر أخذ ماله وكذا إن خاف أن يسرق بيته أو يحرق متاعه ابن بشير وكذلك خوفه على مال غيره وكذلك إن خاف أن يسجن في غير حق أو يضرب أو يقتل أو يلزم بأمر لايجوز من قتل أو ضرب أو بيعة ظالم أو يسجن في دين وهو عديم وكذلك إن رجا العفو عن العقوبة وكذلك العرى وأكل الثوم ونحوه فلا يصليها في المسجد ولا في رحابه قاله ابن وهب ولابن شعبان يصليها ذو الرائحة بفناء المسجد لافي رحابه ويكره دخول المسجد والجامع برائحة الثوم ولو كان خاليا فإن دخل أخرج الباجي وعندى أن مصلى العيد والجنائز كذلك وفي سقوطها بالمطر الشديد روايتان وتسقط بشعدة الوحل وهو الطين الرقيق وأحرى غير الرقيق وبمرض الجذام خلافا لابن حبيب ولاتسقط عن العروس على المشهور وفي الأعمى إن لم يجد قائداً قولان أما الواجد فتلزمه

اتفاقا ابن الحاجب فإن حضروها وجبت التوضيح لأن هذه الأوصاف كانت مانعة من الحضور فإذا حصل الحضور لم يبق مانع اهـ فوجود العذر مانع وانتفاؤه شرط كالحيض للصلاة والله أعلم (فرع) قال ابن شاس لو رجا زوال عذره يؤخر لفواتها ابن عرفة لمن لم تجب عليه غير مسافر صلاة ظهره قبل إقامتها ابن شاس لو زال عذر المريض ونحوه بعد أن صلى الجمعة ظهراً فعليه الجمعة إن أدركها وكذلك للصبي إن بلغ بعد أن صلى الظهر ابن الحاجب فلو زال العذر وجبت على الأصح ولايصلى الظهر جماعة إلا أصحاب الاعذار. الثالث الحرية فلاتجب على عبد المعروف من المذهب وأضاف اللخمى للمذهب قولا بالوجوب وعلى ذلك نبه بقوله حر الرابع القرب بحيث لايكون منها في وقتها على أكثر من ثلاثة أميال وهو الفرسخ وعلى ذلك نبه بقوله قريب بفرسخ وعليه فهل يعتبر الفرسخ من المنار أو من طرف البلد أي من المكان الذي تقصر منه الصلاة قولان وهذا الخلاف إنما هو في حق الخارج عن البلد وأما من فيها فيجب عليه وإن كان من المسجد على ستة أميال رواه عن مالك قاله في المقدمات وهو تفسير للمذهب وهل الفرسخ تحديد فلا تجب على من زاد عليه الشيء اليسير أو تقريب وهو مذهب المدونة فتجب على من ذكر قولان وقيل تجب على من كان على ستة أميال وقيل على بريد (فرعان) الأول من كان منزله على أكثر من ثلاثة أميال فكان في وقت السعى في ثلاثة أميال فإن كان مجتازاً لم يجب عليه السعي وإن كان مقيما فله حكم المنزل قاله الباجي الثاني قال الإمام أبو عبد الله الأبى في عكس هذا الفرع انظر مايتفق أن يخرج الرجل بكرة إلى حائط وهو على أكثر من ثلاثة أميال هل يجب السعى والأظهر أنه اهـ لايجب الخامس الذكورية فلا تجب على امرأة وعلى ذلك نبه بقوله ذكر قوله وأجزأت غير أي تجزىء الجمعة غير من تجب عليه عن الظهر وهو المسافر والمعذور والعبد والصبى والبعيد منها بأكثر من ثلاثة أميال والأنثى فهؤلاء لاتجب عليهم وإن صلوها أجزأتهم عن الظهر التوضيح وكل من حضرها ممن لاتجب عليه نابت له عن ظهره ولانعلم في ذلك خلافا إلا في المسافر فلابن الماجشون لاتجزىء ولو كان مأموما قال ولو كانت ركعتين كظهره لأنه صلاها بنية الجمعة وانظر عكس المسألة وهو إجزاء الظهر

عمن تجب عليه الجمعة وفيه تفصيل قال ابن عرفة ولو صلى من تلزمه الجمعة ظهر الوقت وكان بحيث لو سعى لأدركها أعاد بعد فوتها على المشهور وإن صلاها قبل إمامه لوقت لو سعى لم يدركها صحت ابن رشد اتفاقا وقوله نعم فقد تندب لما ذكر إجزاءها عن الظهر لمن لاتجب عليه بين هنا أن حضورهم لما مستحب ومطلوب دفعا لما أوهم الكلام المتقدم من الاجزاء بعد الوقوع من غير أن يكون مطلوباً ابتداء واستحب مالك للمكاتب حضورها وكذا العبد إذا أذن له سيده والصبي يستحب له الحضور وهل يستحب للمسافر حضورها قال بعضهم لم أجد فيه نصا وينبغي أن يفصل فإن كان لامضمرة عليه في الحضور ولايشغله عن حوائجه فيستحب له الحضور وإلا فهو مخيرا اهـ وفي المدونة قال مالك لاجمعة على مسافر وعبد وامرأة وصبى ومن شهدها منهم فلا يدع صلاتها وليغتسل إذا أتاها اهـ ولو أقف الآن هل يستحب حضورها لمن كان على أكثر من ثلاثة أميال وللمعذور إن أمكنه ذلك أم لا فانظر إطلاق الناظم ولعله نظر للأكثر قوله عند النداء السعى إليها يجب. أخبر أن السعى إلى الجمعة أي الذهاب إليها يجب عند النداء أي الأذان وهذا في حق القريب وأما البعيد فيجب عليه قبل ذلك قال في التوضيح واعلم أن لمن وجبت عليه الجمعة حالتين إما أن يكون قريبا وإما أن يكون بعيداً فالبعيد يجب عليه السعى قبل النداء بمقدار مايدرك وهو متفق عليه اهـ بمقدار مايدرك الصلاة فقط أو الخطبة والصلاة معا على الخلاف الآتي له قريبا التوضيح وأما القريب فقال الباجي وصاحب المقدمات اختلف متى يتعين إقباله إليها فقيل إذا زالت الشمس وقيل إذا أذن المؤذن والاختلاف في هذا إنما هو على اختلافهم في وجوب شهود الخطبة فمن أوجب شهودها على الأعيان أوجب على الرجل الإتيان من أول الزمان ليدركها ومن لم يوجب شهودها على الأعيان لم يوجب على الرجل الاتيان إلا بأذن لأنه معلوم أنه إذا لم يأت حتى أذن المؤذن أنه تفوته الخطبة أو بعضها وكذلك أيضاً يختلف في البعيد هل يجب عليه السعى ليدرك الصلاة أو الخطبة على هذا الاختلاف. قوله وسن غسل بالرواح اتصلا أي يسن لصلاة الجمعة غسل موصوف بكونه متصلا بالرواح إليها ابن عرفة الغسل لها مطلوب وصفته وماؤه كالجنابة والمعروف أنه سنة لمن يأتيها ولو كان ممن لاتلزمه كالعبد والمشهور شرط وصله برواحها والفصل اليسير عفو ولايجزىء قبل الفجر خلافاً للأوزاعى ولابعد الفجر أي أثره خلافاً لابن وهب قال أبو عمر ولاأعلم أحدا أوجب غسل الجمعة فرضاً لأهل الظاهر اهـ

بالمعنى وحصل غيره في حكم الغسل أربعة أقوال الوجوب والسنية والاستحباب والرابع الوجوب على من له رائحة يذهبها الغسل كالدباغ والاستحباب لغيره ومن المدونة قال مالك من اغتسل للجمعة غدوة ثم غدا إلى المسجد وذلك رواحه فأحدث لم ينتقض غسله وخرج فتوضأ ورجع وان تغذى ونام بعد غسله أعاد حتى يكون غسله متصلا بالرواح قال ابن حبيب هذا إذا طال أمره وإن كان شيئاً خفيفاً لم يعده ولايجزئه إلا متصلا بالرواح والرواح إنما يكون بعد الزوال انتهى والمراد بالرواح على مااختاره الإمام ابن حجر الذهاب لابقيد كونه بعد الزوال قال وقد أنكر الأزهرى على من زعم أن الرواح لايكون إلا بعد الزوال ونقل أن العرب تقول راح في جميع الأوقات بمعنى ذهب قال وهي لغة أهل الحجاز ونقل أبو عبيد في الغربيين نحوه. قوله ندب تهجير أي يستحب التهجير إلى الجمعة أي الذهاب إليها فى وقت الهاجرة التي هي شدة الحر وهذا على أن المراد بالساعات في حديث الموطأ من اغتسل يوم الجمعة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنه ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر أجزاء الساعة السادسة أو السابعة فالتهجير حقيقة في الساعة مجاز وأما إن قلنا إن المراد بالساعات في الحديث المتقدم حقيقتها فالتهجير مجاز بمعنى الإسراع والتكبير والله أعلم قال الامام أبو عبد الله المازري في الحديث المتقدم تمسك مالك بحقيقة الرواح وتجوز في الساعات وعكس غيره. قوله وحال جملا. الحال الهيئة والجمال الحسن أي يستحب لمصلى الجمعة تحسين هيئته باستعمال خصال الفطرة والتجمل بالثياب الحسنة واستعمال الطيب لما في الموطأ أن رسول الله قال «ماعلى أحدكم لو اتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبى مهنته» والمهنة بفتح الميم وكسرها أي خدمته وتبذله قاله في المشارق وفي حديث آخر من كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه ابن حبيب ويستحب أن يتفقد فطرة جسده من قص شاربه وأظافره ونتف إبطه وسواكه واستحداده إن احتيج إليه الباجي لأن ذلك كله من التجمل المشروع

(فرع) قال ابن عرفة الرواية كراهة ترك العمل يوم الجمعة كأهل الكتاب أصبغ أما ترك العمل استراحة فلا بأس به وأما استنانا فلا خير فيه (فصل في صلات الخوف) قال ابن شعبان صلاة الخوف مشروعة في كل قتال مأذون فيه ابن الحاجب وكذلك في كل خوف وفي كل قتال جائز كالقتال على الهزيمة المباحة وخوف اللصوص والسباع والظن كالعلم والحضر كالسفر على الأشهر اهـ وهي نوعان أحدهما عند المناجزة والالتحام فتؤخر إلى آخر الوقت الاختياري رجاء ذهاب الخوف فيصلون صلاة أمن فإن كان آخر الوقت صلوا أفذاذا إيماء للقبلة وغيرها من تكلف أو قول ويصلون على خيولهم بالإيماء ولايجب الركوع ولا السجود ولا القيام ولا لزوم مكان واحد ولا ترك مايحتاج إليه من الطعن والضرب والفر والكر وقول يفتقر إليه من التنبيه لغيره والتحذير من عدوه إن افتقر إلى ذلك ابن عرفة إن دهمهم عدو في الصلاة صلى بقدر الطاقة دون ترك مايحتاجون اليه من قول وفعل قال مالك ولا إعادة عليهم إن أمنوا في الوقت اهـ وإن أمنوا بها أتموها صلاة الثاني عند الخوف من معركة لو صلوا بأجمعهم فيقسمهم الامام طائفتين ويصلى بأذن وإقامة ويصلى بالطائفة الأولى ركعة إن كانت ثنائية وركعتين في الثلاثية والرباعية فإن صلى ركعتين في غير الثنائية فقال ابن القاسم إذا تشهد قام ساكتا أو داعيا وروى ابن وهب يشير وهو جالس فيتم المأمومون ثم يذهبون فيقفون مكان أصحابهم وتأتي الطائفة الثانية فتحرم خلف الإمام ويصلي بهم مابقى فإذا سلم الإمام أتموا مابقى لهم كالمسبوق وقيل إذا فرغ الامام من التشهد الأخير لايسلم بل يشير اليهم ليتموا مابقى لهم فإذا أتموا سلم وسلموا بسلامة وإن صلى بالطائفة ركعة في الثنائية فلا يجلس إتفاقا إذ لتس محل جلوس بل يقوم ساكتا أو داعيا أو قائما بما يدرك فيه حتى يفرغ من خلف فيذهبون ويأتي أصحابهم فيصلى بهم الركعة الباقية وفي سلام الامام أثر تشهده أو حتى تفرغ الطائفة الثانية القولان وعلى الامام أن يعلمهم كيفية الصلاة قبل التلبس بها لأن ذلك غير معهود ولو صلوا بإمامين أو بعض فذا جاز وإن سها الإمام مع الطائفة الأولى سجدت بعد إكمالها قبليا كان أو بعديا وإن سها مع الثانية سجدت القبلى معه والبعدى بعد القضاء وكذا تسجد الثانية إن سها مع الأول أيضا لأن الثانية كالمسبوق والمسبوق إذا أدرك ركعة معه الامام يسجد ولو كان سهو الامام قبل دخوله معه بِجُمْعَةٍ جَمَاعَةٍ سُنَّتْ بِفَرْضَ وَبِرَكْعَةٍ رَسَتْ ونُدِبَتْ إعادَةُ الفَذِّ بِها لاَ مغْرِباً كَذا عَشا مُوتِرها

أخبر أن الجماعة واجبة في الجمعة بمعنى أن إيقاع صلاة الجمعة في الجماعة واجب وأنها سنة في غيرها من سائر الفرائض بمعنى أن إيقاع غير الجمعة في الجماعة سنة فقوله سنت بفرض أي غير الجمعة بدليل ماتقدم والباء ظرفية في الموضعين وأن الجماعة أي فضلها يدرك بركعة أي كاملة بسجدتيها فرست معناه ثبتت وحصلت وأن صلى فذا أي وحده يستحب له أن يعيد في الجماعة فالباء ظريفة أو بمعنى مع والضمير للجماعة إلا المغرب فلا يعيدها وكذا العشاء إن أوتر بعدها وأما إن صلى العشاء وحده ولم يوتر فيستحب له إعادتها مع جماعة أما حكم ايقاع الصلاة في الجماعة فقال ابن عرفة صلاة الخمس جماعة أكثر الشيوخ سنة مؤكدة ابن رشد فرض في الجملة سنة كل مسجد مستحبة للرجل في كل خاصة نفسه ابن العربى ولو تركها أهل مصر قوتلوا وأهل حارة أجبروا عليهاوأكرهوا (فرع) وهل تتفاضل الجماعات أم لاقال ابن عرفة والمشهور أنها لاتتفاضل بالكثرة وروى ابن حبيب صلاة في الجماعة حيث المنبر والخطبة أفضل من خمس وسبعين صلاة في غيره من المساجد قال ابن حبيب والثواب على عدد الرجل حتى في الثلاثة المساجد ابن بشير لايجوز تعدى المسجد المجاور إلى غيره أمامه اهـ إلا لجراحة امامه اهـ ولعله يقيد بتعديه إلى غير جامع لما مر من رواية ابن حبيب ابن عبد السلام ومنهم من رأى أن معنى كون الجماعات لاتتفاضل بالنسبة للاعادة فمن صلى مع واحد فأكثر فلا يعيد مع ألف مثلا لأن الصلاة مع واحد كالصلاة مع ألف فيما يحصل من الثواب لما رواه أبى بن كعب أنه عليه الصلاة والسلام قال «صلاة الرجل مع واحد أزكى من صلاته وحده وصلاته مع رجلين أزكى من صلاته مع الواحد وما كثر فهو أحب إلى الله» وأما كون الجماعة تدرك بركعة فقال ابن الحاجب ولا يحصل فضلها بأقل من ركعة التوضيح لما خرجه مالك والبخارى ومسلم عنه عليه الصلاة والسلام من أدرك ركعة من صلاة فقد أدرك الصلاة ابن عبد السلام حمله المالكية على فضيلة الجماعة والوقت وقصره بعضهم على فضيله الوقت ثم قال ابن الحاجب قال مالك وحد ادراك الركعة أن يمكن يديه من ركبتيه مطمئنا قبل رفع الإمام يريد ويسجد معه السجدتين معاً فلو أدرك الركوع وزوحم مثلا على السجود وكان ذلك فى الركعة الأخيرة فلم يسجد إلا بعد سلام الإمام فحكى ابن عرفة في كونه في تلك الركعة فذا أو جماعة قول ابن عرفة استحب مالك عدم إحرامه عند الشك في إدراكها فإن فعل فسمع أشهب يقضي تلك الركعة وصحت صلاته قال ابن رشد ويسجد بعد السلام وقال ابن القاسم يسلم مع الإمام ويعيد

(فرع) فإن تحقق المأموم أنه إنما وضع يديه على ركبتيه بعد رفع الإمام فقال ابن عبد السلام الحق أنه يرفع رأسه للامام وإن وافقه كان بعض أشياخي يقول يبقى كذلك في صورة الراكع حتى يهوى الامام للسجود فيخرج من الركوع ولايرفع قال لأن رفع الرأس من الركوع عقد للركعة فلو فعل ذلك لكان قاضياً في حكم إمامه وهذا كما تراه ضعيف لاشتماله على مخالفة الامام وإنما يكون قاضياً لو كان هذا رفعا من ركوع صحيح وإنما هو موافقة للامام كما في السجود وقال الشيخ زروق في شرح الرسالة لايرفع فإن رفع جاهلا عامدا بطلت صلاته (فرع) قال في النوادر ومن سماع العتبية عيسى عن ابن القاسم قال لاينتظر الإمام من وراءه إن أحسن به مقبلا قال ابن حبيب إذا كان راكعا فلا يمد ركوعه وكذلك قال اللخمى من وراءه أعظم عليه حقا ممن يأتى وجوز سحنون الإطالة واختاره عياض ويشهد له انتظار الطائفة الثانية في صلاة الخوف وتخفيفه عليه الصلاة والسلام لبكاء الصبي واختاره ابن عرفة إن كانت الركعة الأخيرة قال الامام أبو عبد الله الأبى وكان الشيخ امام الجامع الأعظم بتونس إذا أحس بالمطر خفف رفقا بما يصلى في الصحن وأما استحباب إعادة الفذ مع الجماعة فقال ابن الحاجب وتستحب اعادة المنفرد مع إثنين فصاعدا لا مع واحد على الأصح إلا إماماً راتبا في مسجده فإنه أي وحده كالجماعة أى فيعيد معه من صلى بذا ثم قام ولذلك لايعيد أي الامامقولان وعدم إعادته هو اختيار جماعة (فرع) من صلى وحده ثم أدرك ركعة من صلاة الجماعة أتمها وإن لم يدرك ركعة

فليس عليه اتمامها لئلا يعيد منفرداً ويستحب له أن يصلى ركعتين يجعلهما نافلة قاله في الجلاب وقال ابن القاسم وقيد بأن تكون الصلاة بتنفل بعدها وأما إن لم يصل وحده فهو مخير بين أن يبنى على إحرامه فذاً أو يقطع ويعيد في جماعة أخرى إن رجاها (فرع) من المدونة قال مالك من صلى في جماعة مع واحد فأكثر فلا يعيد في جماعة كان إماما أو مأموما وليخرج من المسجد إذا أقيمت الصلاة اهـ وهذا في غير أحد المساجد الثلاثة فقد قال ابن عرفة المذهب لمن صلى في جماعة أن يعيد في جماعة بإحدى المساجد الثلاثة لا غيرها وقال ابن عرقة أيضا إذا أقيمت بموضع صلاة منع فيه ابتداء غيرها والجلوس فيه ولزمت من لم يصلها أو صلاها فذا وهي مما تعاد الباجى ورحاب المسجد الممنوع فيه الفجر مثله الشيخ من كان بمسجد قوم فأقاموها وأمر بالدخول معهم للحديث (فرع) فإن أقيمت على من بالمسجد وعليها ماقبلها فلابن رشد عن أحد سماعى ابن القاسم تلزمه نية النفل والآخر يخرج ابن رشد ويضع الخارج يده على أنفه وأما عدم إعادة المغرب والعشاء بعد الوتر فقال في المدونة قال مالك تعاد إلا المغرب لأنها وتر صلاة النهار وسمع ابن القاسم لايعيد في جماعة من صلى العشاء وحده وأوتر اهـ وقال المغيرة وابن مسلمة تعاد المغرب قال اللخمى وعلى قول المغيرة تعاد العشاء بعد الوتر وعلى المشهور من عدم إعادتهما إن أخطأ وأعاد فإن لم يكن يركع قطع وإن ركع شفعها فيصلى الركعة الثانية مع الامام ويسلم قبله فإن لم يذكر إلا بعد ثلاث أضاف إليها رابعة وسلم وكذا إن سلم في المغرب عن ثلاث فتذكر بالقرب أضاف إليها رابعة أيضا فإن لم يتذكر حتى طال لم يعدها مرة ثالثة على الأصح وهذا التفريع في المغرب قال ابن عبد السلام ولا أذكره الآن في العشاء بعد الوتر (فرع) فان أعاد العشاء بعد أن أوتر فقال سحنون يعيد الوتر وقال يحيى بن عمر لا يعيده ورأى اللخمي الإعادة إن كانت نيته بالعشاء الفرض وإن نوى بها النفل لم يعد (فرع) في كون الإعادة مع الجماعة بنية الفرض أو النفل أو التفويض إلى الله يقبل أيتهما شاء أو بنية اكمال الفريضة أربعة أقوال ونظمت في بيت وهو في نية العود للمفروض أقوال فرض ونفل وتفويض وإكمال وكلها مشكلة ابن الفكهاني والمشهور التفويض وفائدة الخلاف إذا ظهر بطلان واحدة منهما أو كونه لم يصل وحده فعلى النفل والاكمال تراعى الأولى تبين فساده أو عدمها وعلى الفرض تراعى الثانية وعلى التفويض تراعى الصلاتان معا فإن تبين

فساد واحدة أو عدم الأولى أعاد (فرع) من صلى وحده وأراد أن يعيد في جماعة فإنه يعيد مأموماً لأنه كمتنفل فلا يأتم به المفترض اللخمي وينبغي على القول بأنه ينوي الفرضية أن يؤتم به ومن أئتم به أعاد أبدا على المشهور وقيل يعيد مالم يطل اختلاف الصحابة في صلاة المفترض خلف المتنفل وإذا أعاد من أئتم به فإنما يعيدون أفذاذاً لاجماعة لمراعاة من يقول بصحتها (فرع) تقدم قول ابن عرفة إذا أقيمت صلاة بموضع منع فيه ابتداء غيرها فإن كان فذا في صلاة فأقيمت عليه صلاة فإن علم أنه يدرك الإمام في الركعة الأولى قطع وكل من يذكر أنه يتمادى إنما ذلك إذا علم أنه يدرك مع إمامه الركعة الأولى ثم إن كانت الصلاة التي هو فيها نافلة أتمها وإن كانت فريضة غير التي أقيمت عليه كملها أيضا عليه بالشرط المتقدم إن خاف فوات الركعة الأولى مع الإمام قطع ودخل مع الإمام ثم استأنف التي كان يصليها إذا كانت فرضا ثم أعاد التى صلى مع الإمام وإن كانت نافلة قطع ودخل مع الإمام ولا شيء عليه وإن كانت هي التي أقيمت عليه فإن ركع ركعة أضاف إليها ثانية وسلم ودخل مع الامام ابن يونس مالم يخف فوات ركعة وإن صلى ثالثة أضاف إليها رابعة ولا يجعلها نافلة ويسلم ويدخل مع الامام وحيث يذكر القطع فهو أما بالسلام أو يفعل مناف للصلاة شَرْطُ الإِمام ذَكَرُ مكَلَّفُ اتٍ بالاَرْكانِ وَحُكمْا يَعْرِف وَغَيْرُ ذِى فسْقِ وَلَحْنٍ واُقْتِدَا جُمْعَةٍ حُرُّ مقِيمُ عَدَدَا ويُكْرَهُ السَّلِسُ والقُروُحُ مَعْ باَدٍ لِغَيْرهمْ وَمَنْ يُكْرَهُ دَعُ وَكالاشَلِّ وإماَمةُ بِلاَ رِدَا بِمَسْجَدٍ صَلاَةُ تُجْتلَى بَيْنَ الأسَاِطينِ وقُدَّامْ الإِماَمْ جَمَاعةُ بَدَ صَلاَةٍ ذَي التِزامْ ورَاتِبُ مَجْهُولُ أوُ مَنْ أَبِنا وَأَغْلَفُ عَبْدُ خَصِىُّ اُبْنُ زِنا وجَازَ عنِيِّنُ وَأَعْمَى أَلْكَنُ مُجَذَّمُ خَفَّ وهَذَا الْمُمْكِنُ ذكر في هذه الأبيات شروط الإمام وبعض مايتعلق بصلاة الجماعة ثم اعلم أن شروط الامام على قسمين شرط صحة بمعنى إنه أن عدم ذلك الشرط بطل الاقتداء بذلك الإمام وكانت الصلاة خلفه باطلة تعاد ابدا وشرط كمال لاتبطل الصلاة بفقده وإن كان الأولى وجوده

فأول شروطه الصحة على ترتيب النظم أن يكون ذكرا وكان ينبغى أن يقول الذكورية والتكليف إلى اخرها لأن الذكر والمكلف محل الشروط فلا يخبر به عن الشرط إلا بتجوز ولأجل هذا الشرط من صلى خلف امرأة بطلت صلاته رجلا كان أو امرأة وروى ابن أيمن تؤمن النساء ولم يأخذ بذلك أكثر العلماء وأما الائتمام بالخنثى فقال سحنون إن حكم له بحكم النساء أعاد من ائتم به أبدا ولو حكم له بحكم الرجل لم يعد ابن عرفة فالمشكل مشكل وقال ابن بشير كالمرأة ولذا لم يرث في الولاء شيئاً وتقدمت هذه من جملة مسائل من مسائله منظومة في نواقض الوضوء فراجعها إن شئت الثاني أن يكون مكلفا أي عاقلا بالغا فمن ائتم بمجنون أو بسكران غلب على عقله أو بصبى غير بالغ أعاد أبدا وروى ابن عبد الحكم لا بأس بامامة المجنون حين افاقته ويطلب علمه بما لاتصح الصلاة إلا به وأما من شرب أو لم يسكر ففي إعادته وإعادة من اقتدى به خلاف التوضيح ومذهب المدونة أن الصبي لا يؤم في فريضة ولانافلة وفي المختصر جواز أمامته في النافلة زاد أشهب في روايته وقيام رمضان فإن أم في النفل على مذهب المدونة صحت وإن لم يجز الاقدام على ذلك ابتداء وإن أم في الفرض فقال سحنون يعيد من صلى خلفه أبدا وحكى في النوادر عن ابن مصعب جواز إمامته وخفف مالك ائتمامهم في المكتب بواحد منهم. الثالث أن يكون قادرا على أدائها والاتيان بأركانها من القيام والركوع والسجود ونحو ذلك فلا يصح ائتمام القادر على ذلك العاجز عنه ابن رشد ويؤم الجالس بعذر مثله اتفاقا فإن عرض للامام مايمنعه القيام استخلف ورجع إلى الصف مأموما فإن أم أعاد من ائتم به أبدا قال في المدونة فإن ائتم قاعد بمثله فصح المأموم فقال سحنون يخرج من الائتمام ويتم وحده وقال يحيى بن عمر لايخرج وروى الوليد بن مسلم جواز إمامة الجالس للقائم واختاره اللخمى. الرابع أن يكون عارفا بحكم الصلاة عالما بما لاتصح الصلاة إلا به من القراءة والفقه أما القراءة فقال في المدونة قال ابن القاسم إن صلى من يحسن القرآن خلف من لايحسنه أعاد الإمام والمأموم أبدا ابن عرفة حمل القابسى قولها خلف من لايحسن القرآن على اللحان وحملها ابن رشد اهـ على الأمى ثم فسر ابن رشد الذي لايحسن بمن لايحفظ من القرآن شيئاً ولايعرفة فاللحان في بطلان الصلاة خلفه وهو الذي أعتمد الناظم حيث عد كونه غير لحان خلال شروط الصحة وصحتها ثالثها إن غير لحنه المعنى كأنعمت ضما وكسر ابطلت وإن لم يغير المعنى ككسر دال الحمد ورفع هاء الله لم

تبطل ورابعها إن كان اللحن في الفاتحة بطلت وإن كان في غيرها لم تبطل خامسها تكره الصلاة خلفه ابتداء فإن وقعت لم تجب إعادتها ابن رشد وهذا هو الصيح من الأقوال لأن القارىء لايقصد مايتقضيه اللحن بل يعتقد بقراءته مايعتقد بها من لايلحق فيها وإلى هذا ذهب ابن حبيب ومن اللحن عدم تمييز الضاد من الظاء ابن الحاجب الأ لكن المنصوص تصح أي إمامته وقيل إن كان غير الفاتحة ابن عبد السلام الألكن الذي لايستطيع إخراج بعض الحروف من مخارجها سواء كان لاينطق بالحرف البتة أو ينطق به مغيراً وقال ابن رشد الألكن الذي لاتتبين قراءته والألثغ هو الذي لايتأتى له النطق ببعض الحروف والأمى الائتمام به باطل إلا إن ائتم به أميون مثله فقال سحنون صلاتهم تامة إن لم يجدوا من يصلون خلفه ممن يقرأ وخافوا ذهاب الوقت أما ان وجدوه فصلاتهم فاسدة قال بعض الفقهاء وإذا دخل الصلاة هذا الذي يحسن القرآن ثم أتى من يحسنه فلا يقطع لدخوله فيها بما يجوز له من ابن يونس (فرع) قال في المدونة قال مالك من صلى خلف رجل يقرأ بقراءة ابن مسعود فليخرج ويتركه قال ابن القاسم فإن صلى خلفه أعاد أبداً ابن يونس لأنها مخالفة لمصحف عثمان المجمع عليه وأما الفقة الأمام أبو عباس القباب في شرح القواعد لايريد بالفقه هنا معرفة أحكام السهو فإن صلاة من جهل أحكام السهو صحيحة إذا سلمت مما يفسدها وإنما تتوقف صحة الصلاة على معرفة كيفية الغسل والوضوء وانه ان ترك منه لمعة بطل غسله وصلاته واستيعاب غسل الرجلين في الوضوء وإيصال الماء أي الوجه وإن لم يستحضر تعيين الصلاة التي شرع فيها لم تجزه ونحو هذا مما يبطل الاخلال به ولايشترط تعيين الواجبات من السنن والفضائل الخامس كونه غير فاسق وهو شامل لفسق الجارحة من شرب خمر أو زنا أو سرقة أو نحوها ولفسق الاعتقاد كالقدرى والجبرى واذا اشترط عدم فسقه فاشتراط عدم كفره أحرى فيشترط كونه مسلما غير فاسق لا بالجارحة ولا بالاعتقاد على أنه قال في التوضيح والأحسن أن لايعد من شروط الامامة إلا ماكان خاصاً بها فلا يعد الاسلام ولا العقل لأنهما شرطان في مطلق الصلاة وليسا خاصين بالامام ولا خلاف في اشتراط الاسلام واختلف في الكافر يتزيا بزى الاسلام فيصلى فإذا ظهر عليه قال فعلت ذلك خوفا فقال مالك في العتبية لايقتل ويعيدون أبداً ابن يونس يريد ويعاقب وروى عن مالك أيضا إن عثربه استتيب كالمرتد وقال سحنون إن كان بموضع يخاف على نفسه فدرأ بذلك عن نفسه وماله يتعرض له وإلا قتل وأما الفاسق

بالجارحة ففي صحة الائتمام به خلاف فمن صلى خلفه قيل يعيد أبداً وهو قول مالك وابن وهب وقيل يعيد في الوقت نقله ابن رشد واللخمى وقال الباجى لا إعادة عليه قال ابن بشير الخلاف في صحة إمامة الفاسق خلاف في حال فإن كان من التهاون والجراءة بأن يترك ما اؤتمن عليه من فروض الصلاة كالنية والطهارة فتح إمامته وإن كان ممن اضطر وهو غالب إلى ارتكاب كبيرة مع براءته من التهاون والجرأة صحت إمامته وهذا يعلم بقرينة الحال وقال اللخمي أرى أن تجزىء الصلاة إذ كان فسقه مما لا تعلق له بالصلاة كالزنا والغصب وقال القباب أعدل المذاهب أنه لايقدم الفاسق للشفاعة والإمامة ومن صلى خلفه لا إعادة عليه إن كان يتحفظ على أمور الصلاة قال وهذا مرتضى التونسي واللخمي وابن يونس والذي ينزل بالناس كثيرا امامة بغير هذا الفاسق ممن يغتاب الناس ورما أخذ مرتبا من جباية المخزن ومن يعطي لزوجته الدراهم تدخل بها الحمام متجردة مع نساء متجردات كلهن بغير ساتر ونحو ذلك ممن استسهل الناس فعله (فرع) روى ابن القاسم لابأس أن يؤم محدود صلحت حاله وروى ابن حبيب لايؤم قاتل عمداً وإن تاب وقد جعل اللخمى القتل من مثل ماتعلق له بالصلاة فصحح الصلاة خلف القاتل (فرع) من فسق الامام صلاته بالناس وهو محدث متعمداً قال مالك وإذا صلى الجنب بالقوم ولايعلم ثم تذكر وهو في الصلاة استحلف وإن لم يتذكر حتى فرغ فصلاة من خلفه تامة ويعيد هو وحده وإن صلى بهم ذاكرا للجناية فصلاتهم كلهم فاسدة وكذلك إن ذكر في الصلاة فتمادى بهم جاهلا أو مستحييا فقد أفسد عليهم قال ومن علم بجانبته ممن خلفه والامام ناس لجنابته فتمادى بهم جاهلا أو مستحييا فقد أفسد عليهم قال ومن بجانبته ممن خلفه والامام ناس لجنابته فتمادى معه فصلاته فاسدة وسمع يحيى بن القاسم إن أطاق من رأى في ثوب إمامه نجاسة أن يريها إياه فعل وإن لم يطق وصلى معه أعاد أبداً ابن رشد إذا أراه إياها يخرج الإمام ويستخلف ويتمادى هو مع المستخلف على صلاته إلا أن يكون عمل من الصلاة معه عملا بعد أن أرى النجاسة قبل أن يريه اياها فيكون قد أفسد على نفسه فيقطع ويبتدىء اللخمي قال ابن حبيب لمن رأى في ثوب إمامه نجاسة أن يدنو منه ويخبره متكلما ولاتبطل صلاته لأنه تكلم لإصلاحها قال يحيى بن يحيى له أن يخرق الصفوف إليه ثم يرجع إلى الصف ولا يستدير القبلة في رجوعه وقيل إن قدر أن يفهم الامام بتلاوة وثيابك فطهر فعل وأما الفاسق الاعتقاد فقال أصبغ وابن عبد الحكم من صلى خلفه يعيد أبدا ولمالك سماع ابن وهب لا اعادة عليه ولابن القاسم في المدونة يعيد في الوقت

ولابن حبيب تعاد أبداً مالم يكن والياً أو صاحب شرطة فالصلاة خلفه جائزة وإن أعاد في الوقت فحسن والخلاف في ذلك جاز على الاختلاف في فسقهم أو كفرهم فعلى الكفر يعيد أبدا وعلى الفسق يختلف فيه كالفاسق بالجوارح ابن الحاجب ولمالك والشافعى والقاضى أبى بكر الطيب فيهم قولان أي بالتكفير وعدمه والمختار عند حذاق المتكلمين عدم تكفيرهم لأنه لا يكفر أحد بذنب من أهل القبلة وفيها لايناكحون ولايصلي خلفهم ولاتشهد جنائزهم ولايسلم عليهم (فرع) وأما المخالف في الفروع فحكى المازرى الإجماع على إجزاء الصلاة خلف الأئمة المختلفين لأنه إن كان كل مجتهد مصيبا فواضح وان كان المصيب واحد فكذلك لعدم بيان المحقق. السادس كونه غير لحان وقد تقدم مافيه فى الشرط الرابع لأنه مفهوم أحد وجهيه. السابع كونه غير مقتد بغيره فمن ائتم بمأموم بطلت صلاته كمن قام يقضى ركعة فائته قبل الدخول مع الامام فائتم به آخر فاتتة تلك الركعة فتبطل صلاة هذا المؤتم قاله محمد وابن حبيب وقال ابن حبيب في امام يصلى يقوم في السفر فرأى أمامه جماعة تصلى بامام فجهل فصلى بصلاتهم أجزأته صلاته لأنه كان مأموما وأعاد من وراءه أبداً لأنهم لا إمام لهم وقال ابن القاسم ومن لقيت من أصحاب مالك اهـ قوله يصلى بقوم أي أراد أن يصلى بقوم إلى آخره وهذه الشروط السبعة شروط في صحة الامامة في الصلاة من حيث هي ثم يشترط لصحة الامامة في صلاة الجمعة فقط شرطان آخران أحدهما كونه حرا فلا تصح إمامة عبد في جمعة قال في المدونة قال مالك ولا يؤم العبد في حضر في مساجد القبائل ولا في جمعة أو عيد قال ابن القاسم فإن أمهم في جمعة أو عيد أعادوا إذ لاجمعة عليه ولا عيد قال مالك ولا بأس إن يؤم العبد في قيام رمضان ويؤم في الفرائض في سفر إذا كان أقرأهم من غير أن يتخذ إماما راتبا فإمامته في الجمعة باطلة واتخاذه إماما راتباً في غير الجمعة مكروه وإمامته في الفرائض من غير أن يتخذ إماما راتبا جائزة الثانى كونه مقيما فلا تصح الجمعة خلف مسافر إلا أن ينوى إقامة أربعة أيام فأكثر وقد تقدم ذلك في الجمعة راجع الشرط الرابع من شروط ادائها وإلى هذين الشرطين أشار بقوله في جمعة حر مقيم وعددا تتميم للبيت قوله ويكره السلس الخ هذا شروع من الناظم في شروط الكمال فأخبر أن هذه

الأوصاف لاتمنع صحة الإمامة بل الإمامة معها صحيحة ولكن ترك إمامة الموصوف بشيء منها أولى فشرط كمال الإمام هو السلامة من هذه الأوصاف وأما الاتصاف بها وهو الذي ذكره الناظم إنما هو مانع من كمال الإمامة لاشرط إذ مايطلب عدمه مانع لاشرط وقولهم من شروط الكمال السلامة من كذا توسع في إطلاق على المانع أولها إمامة صاحب السلس والقروح للسالم من ذلك ابن بشير اختلف إذا سقط الوضوء يعنى من الخارج على غير العادة هل يكون ذلك رخصة للانسان في نفسه لايتعداه أو سقوط ذلك يجعل الخارج كالعدم فيه قولان وعليه يختلف هل تجوز له إمامة غيره وكذلك الحكم فيمن كانت تنفصل منه نجاسة لايقدر على الاحتراز منها كمن به قروح ففي جواز إمامته قولان ابن يونس وعن سحنون ترك إمامته أحسن إلا لذي صلاح الثانى إمامه الرجل من أهل البادية للحضريين قال مالك لايؤم الأعرابى في حضر ولاسفر وإن كان أقرأهم قال ابن حبيب لجهله السنن وقال غيره لنقص فرض الجمعة وفضل الجماعة الشيخ إن أم أجزأهم كمتيمم بمتوضئين ولم يكرهه ابن مسلمة عياض والأعرابي بفتح الهمزة هو البدوي كان عربيا أو عجمياً الثالث إمامه من تكرهه الجماعة عياض من الصفات المكروهة في الإمامة أن يأخذ على الصلاة أجرا وقد كرهته وقد جماعة أو من يلتفت إليه منهم انظر من أريد تقديمه للإمامة وخيف كراهة بعض الناس إمامته قال ابن رشد إن علم تسليم من حضر أحقية إمامته لم يستأذنهم وإن خاف كراهه بعضهم استأذنهم وإن كرهه أكثر الجماعة أو أفضلهم وجب تأخيره وأقلهم يستحب وحال من ورد على جماعته لغو الرابع إمامة الأشل وأدخل بالكاف أقطع اليد وشبهه قال المازري الباجي جمهور أصحابنا على رواية ابن نافع عن مالك انه لابأس بامامة الأقطع والأشل ولو في الجمعة ابن رشد وكره ابن وهب إمامة الأقطع والأشل وقد ذهب الشيخ خليل في مختصره على رواية ابن وهب وبحث معه المواق وإياه تبع الناظم وتجوز إمامة الأعرج إن كان عرجه خفيفا بحيث لايخرجه اعتماده على العرجاء عن كونه قائما لكن إن وجد غيره فهو أولى قاله أبو محمد عبد الله العبدوسى الخامس الامامة في المسجد بلا رداء قال مالك في المدونة أكره لأئمة المسجد الصلاة بغير رداء إلا إمامة في السفر أو في داره أو بموضع اجتمعوا فيه وأحب إلى أن يجعل على عاتقه عمامة إذا كان مسافراً أو في داره وأما الإمامة في غير المسجد فتجوز بغير رداء واليه أشار في المدونة بقوله إلا إماما في السفر أو في داره

ثم استطرد الناظم أثناء شروط الكمال ثلاثة فروع من فروع الصلاة مع الجماعة شاركت ماذكر قبلها في الكراهة وهي الصلاة بين الأساطين بين السوارى والصلاة قدام الإمام أي أمامه أي بلا ضرورة تدعو لذلك وإعادة الصلاة جماعة بعد صلاة الإمام الراتب وهو المراد بذي الالتزام فأما الصلاة بين الأساطين فقال في المدونة قال مالك لابأس بالصفوف بين الأساطين إذا ضاق المسجد ابن عرفة مفهوم المدونة إن كان المسجد متسعاً كرهت الصلاة بين الأساطين وقال في المبسوط لاتكره ابن يونس كره ابن حبيب الصلاة بين السوارى يريد إذا كان المسجد متسعا اهـ فيقيد كلام الناظم باتساع المسجد وأما الصلاة أمام الإمام فقال في المدونة مامعناه لا بأس في الصلاة في دور محجورة بصلاة الامام في غير الجمعة إذا رأوا عمل الامام والناس وسمعوا تكبيره قال مالك ولو كانت الدور بين الدور يدي الامام كرهت ذلك فإن صلوا فصلاتهم تامة التوضيح والكراهة محمولة على عدم الضرورة وأما لضيق المسجد فلا بأس بذلك قاله في الجلاب فيقيد كلام الناظم باتساع المسجد أيضا وأما إعادة الجماعة بعد الامام الراتب فقال ابن الحاجب ولا تجمع صلاة في مسجد لكل إمام راتب مرتين قال في المدونة إلا أن يكون مسجداً ليس له إمام راتب فلكل من جاء أن يجمع فيه اهـ فيه هو النهي للكراهة قال في الرسالة ويكره في كل مسجد إمام راتب أن يجمع فيه الصلاة مرتين وذهب أشهب إلى الجواز ويشهد له حديث من يتصدق على هذا وسمع ابن القاسم إذا كان المسجد جمع فيه بعض الصلاة فلا أرى أن تجمع فيه الصلاة مرتين لا مايجمع فيه ولا مالايجمع وسمع أشهب لايجمع في السفينة مرتين ابن رشد ليس هذا بخلاف لأجازتها صلاة من فوقها بامام ومن تحتها بامام لأنهما موضعان ومحل الكراهة إن صلى الامام في وقته المعتاد فمن جمع فقد فعل مكروها على المشهور وكذا من جمع قبله وله أن يجمع ثانية وأما إن قدم الامام قبل الوقت المعتاد أو أخر عنه وتضرر الناس بطول انتظاره فيجوز لغيره الجمع بعده في الوجه الأول وقبله في الوجه الثانى ولم يجمع هو إن جاء بعد الوقت وقد جمعوا ومن دخل مسجدا جمع أهله خرج يطلب جماعة في غيره إلا أن يكون أحد المسجد الثلاثة فإنه يصلي فيه فذا لأن الصلاة فيه فذاً أفضل من الصلاة في غيره جماعة السادس من شروط كمال الإمامة اتخاذ من جهل حاله هل هو عدل أم لاإماما راتباً قال ابن حبيب عن أشهب وابن نافع وأصبغ وابن عبد الحكم لاينبغى أن يؤتم بمجهول إلا إن كان إماما راتباً ابن عرفة هذا إن كانت التولية بالترجيح الشرعى فحينئذ لايبحث عن الامام الراتب قال فإن كانت التولية لذى هوى لايقوم فيهاالترجيح الشرعى ولم يؤتم براتب إلا بعد الكشف عنه. وكذا كان يفعل من أدركه

السابع اتخاذ المأبون أماما راتبا وليس المراد به الذي يؤتى لأنه من أرذل الفسقة ثم يحتمل أن يكون المراد به من كان موصوفا بذلك ثم تاب وحسنت توبته وبقيت الألسنة تتكلم فيه بما مضى ويحتمل أن يراد به المتهم وهو المساعد للغة العربية ففي البخاري ماكنا نأبنه برقية نتهمه وفيه أبنوا أهلى وزعم الشار مساحى أنه عند الفقهاء الضعيف العقل وكأنه على هذا أخف شأنا من المعتوه وقد قال في سماع ابن القاسم لايؤم المعتوه الناس قال سحنون فإن أمهم أعادوا قال ابن رشد المعتوه الذاهب العقل الثامن اتخاذ الأغلف وهو الذي لم يختتن إماماً راتبا سمع ابن القاسم لا يؤم أغلف سحنون لايعيد مأمومه اهـ وقيل لاتكره إمامته كالعنين بجامع أن في فرجيهما نقساً ابن هرون لا أعلم نفي الكراهة في الأغلف إذا ترك الختان من غير عذر وقال عبد الملك من تركه لغير عذر لم تجز شهادته ولا إمامته التاسع اتخاذ العبد إماماً راتبا وقد تقدم ذلك آخر شروط الصحة وهو أول شروط صحة الامامة في خصوص الجمعة العاشر اتخاذ الخصى إماما راتبا قال الإمام أبو عبد الله المازري نقص الخلقة إن كان لاتعلق إنه له بالصلاة فان كان مقربا من الأنوثة كالخصى فكره مالك امامته في الفرائض امامة راتبه انتهى ويطلق الخصى على مقطوع الذكر فقط مقطوعهما أو الأنثيين فقط أما مقطوعهما معا فهو المجبوب وكراهة ترتبه للامامة أحروية من كراهة ترتب الخصى والله أعلم ويقرأ الخصى في النظم بحذف التنوين للوزن الحادي عشر اتخاذ ولد الزنا اماما راتبا قال مالك في المدونة أكره أن يتخذ ولد الزنا اماما راتبا أبو عمر خوف أن يعرض نفسه للقول فيه لأن الإمامة موضع رفعة وكمال ينافس فيها ويحسد عليها وإنما كره ترتيب هؤلاء لأن الإمامة درجة شريفة لاينبغي أن تكون إلا لمن لا يطعن فيه وهؤلاء تسرع إليهم الألسنة وربما تعدى إلى من ائتم بهم * قوله وجاز عنين البيت أي الاقتداء بالعنين وهو من له ذكر صغير لا يتأتى به الجماع قال عيسى وابن الماجشون لابأس بامامة العنين وكذا تجوز امامة الأعمى

قال في المدونة ولابأس باتخاذ الأعمى إماما راتبا وحكى ابن ناجى في باب الأذان من شرح المدونة في كون امامة البصير أفضل لتوقيه النجاسة لرؤيته أو كون إمامة الأعمى أفضل أو هما سواء ثلاثة أقوال وكذا تجوز إمامة الألكن وقد تقدم الكلام عليه في الشرط الرابع من شروط الصحة وكذا المجزوم الخفيف الجذام قال ابن رشد إمامة المجذوم جائزة بلا خلاف إلا أن يتفاحش جذامه وعلم من جير أنه أنهم يتأذون به في مخالطته فينبغى أن يتأخر عن الإمامة فإن أبى أجبر قال الناظم وهذا الذي ذكرنا في أحكام صلاة الجماعة شروط الإمام هو القدر الممكن أي اللائق بهذا الكتاب الموضوع للمبتدىء المبنى على الاختصار فمن أراد أكثر طالع المطولات فصل في مسائل من هذا الفصل منها تقديم من يصلح للامامة بعضهم على بعض إذا اجتمع جماعة كلهم يصلحون للامامة وليس فى واحد منهم نقص يوجب منعا لإمامته أو كراهة لها فأولاهم بها السلطان أو خليفته لقوله عليه الصلاة والسلام لا يؤم الرجل في سلطانه ثم صاحب الدار إذا صلوا في منزله إلا أن يأذن لأحدهم فإن كان المنزل امرأة فلها أن تولى رجلا يؤم في منزلها ابن شاس ومالك منفعة الدار كمالك رقبتها وروى أشهب يؤمهم صاحب المنزل وإن كان عبدا ابن حبيب وأحب إلى إن حضر من هو أعلم من صاحب المنزل أو أعدل منه فليوله ذلك ابن رشد ولا كلام أن الأمير وصاحب المنزل أحق بالامامة وإن كان غيرهما أعلى مرتبة منهما في العلم والفضل إذا كانت لهما الحالة الحسنة ثم إن اختلفت حالاتهم وكان لكل واحد منهم وجه يدلى به ولا يدلى به الآخر قدم الفقيه فالمحدث القارىء فالعابد فذو السن في الاسلام فلو كان الأحدث سنا أقدم اسلاما لكان أولى بالامامة إذ لافضيلة في مجرد السن ثم ذو النسب لخبر قدموا قريشا ولاتقدموها ثم ذو الخلق بفتح فسكون أي ذو الصورة الجميلة

لخبر التمسوا الخير عند حسان الوجوه ثم ذو الخلق بضمتين لخبر خياركم أحاسنكم أخلاقا ذو اللباس الحسن فإن تشاح من تساوت أحوالهم أقرع بينهم قال ابن بشير إذا كان مطلوبهم فضل الامامة لاطلب الرئاسة الدنيوية وإذا اجتمع الأب وابنه فالإمامة للأب وكذا العم مقدم على ابن أخيه ولو كان العم أصغر من ابن أخيه إذا كان لهما الحالة الحسنة إلا أن يأذن الأب لابنه والعم لابن أخيه ومنها في بيان مكان وقوف المأموم مع إمامه ابن عرفة يستحب وقوف الرجل عن يمين امامه والاثنان خلفه والخنثى خلف الرجل مطلقا والأنثى خلف الخنثى ابن حبيب الصغير الذي يثبت ولا يذهب كالكبير وإلا فلغو (فرع) فإن كان واحد عن يمين الامام فدخل آخر تأخر المأموم ووقف هو والداخل خلف الامام * ومنها في مسائل متفرقة فمن ذلك كراهة صلاة الرجل بين النساء وعكسه وهو صلاة المرأة بين الرجال ومن المدونة قال مالك لا يتنفل الامام في موضعه وليقم عنه بخلاف الفذ والمأموم فلهما ذلك فإن شاء تنحى أو قام وفي الرسالة وإذا سلم الامام فلينصرف قال الجزولى معنى هذا الانصراف تغيير هيئته قال ابن لب وهذا عند أهل المذهب على الندب ومن المدونة قال مالك أكره قتل البرغوث والقملة في الصلاة ابن رشد ويقتل بها العقرب والفأرة وفي المدونة من دخل المسجد وقد قامت الصفوف قام حيث شاء خلف الامام أو عن يساره أو عن يمينه ولا بأس أن تقف طائفة عن يسار الامام في الصف ولاتلتصق بالطائفة التى عن يمينه ابن عرفة تعقبه التونسى بأنه تقطيع الصفوف وقد كرهه مالك وحمله ابن رشد على أنه بعد الوقوع ويكره ابتداء وقال مالك من صلى خلف الصفوف وحده أجزأه ولابأس أن يصلى كذلك وهو الشأن ولا يجذب إليه أحدا فإذا جذب فلا يتبعه فان اتبعه فهو خطأ منهما وسمع ابن القاسم لابأس باسراع المثنى إلى الصلاة إذا أقيمت وبتحريك فرسه لايدرك ابن رشد مالم يخرجه إسراعه عن السكينة ابن عرفة وسمع ابن القاسم معها

يجنب الصبي المسجد إن كان يعبث ولايكف إذا نهى اهـ المواق وانظر أيضا المجنون نص اللخمى أنه كالصبى بجنب أيضا المسجد ابن بشير إن اضطر الانسان إلى البصاق في المسجد فإن كان في الصلاة فالأولى أن يبصق في طرف ثوبه فإن لم يفعل لم يكن المسجد محصبا فلا ينبغي أن يبصق فيه بحال وإن دلكه قال مالك لابأس أن يبصق تحت الحصير لاعلى ظهره ولافي حائط قبلة المسجد قال وإن كان عن يمينه رجل وعن يساره رجل في الصلاة بصق أمامه ودفنه وإن كان لايقدر على دفنه فلا يبصق في المسجد بحال كان مع الناس أو وحده عياض المختار أي في المحصب يساره وتحت قدمه فإن كان أحد عن يساره وتعسر تحت قدمه فيمينه ثم أمامه ومما يجنب عنه المسجد أيضا أن يتخذ طريقا إلا في وقت ما ولايجوز حدث الريح به ولا يقلم أظافره ولا يتمضمض ولايستاك ولايتوضأ به ومن رأى في ثوبه نجاسة خرج به من المسجد وقيل يغطيه ويتركه بين يديه ابن رشد النساء المتجالات لاخلاف في جواز خروجهن إلى المسجد والجنائز والعيدين والاستسقاء وشبه ذلك وأما النساء الشواب فلا يخرجن إلى الاستسقاء والعيدين ولا إلى المساجد إلا في الفرض ولا إلى الجنائز إلا في جنائز أهلهن وقرابتهن وأما الشابة الفائقة في الشبابية والثخانة فالاختيار لها أن لاتخرج أصلا قال مالك السفن المتقاربة إذا كان الامام في إحداها وصلى الناس بصلاته أجزأتهم قال أبو اسحق إذا سمعوا تكبيرة ورأوا أفعاله اهـ ويكره اقتداء من بأسفل السفينة بمن بأعلاها ولكن يصلي الذين فوق السقف بامام والذين أسفل بامام ابن يونس لأن الأسفلين ربما لم تمكن لهم مراعاة أفعال الامام وكذا تكره الصلاة على أبى قبيس وقيقعان جبلان بقرب مكة بصلاة الامام بالمسجدالحرام لبعد المأموم عن الامام فلا يستطيع مراعاة فعله قال مالك لابأس بالنهر الصغير أو الطريق يكون بين الامام والمأموم ولا بأس في غير الجمعة أن يصلى الرجل بصلاة الامام على ظهر المسجد والامام في داخل المسجد وإذا صلى إمام بقوم على ظهر المسجد والناس خلفه أسفل من ذلك فلا يعجبنى وكره مالك وغيره أن يصلى الامام على شيء أرفع مما يصلى عليه من خلفه مثل الدكان يكون في المحراب ونحوه قال ابن القاسم فإن فعل أعادوا أبداً لأنهم يعبثون إلا أن يكون ذلك يسيراً قال أبو محمد مثل الشبر وعظم الذراع وإذا صلى المأموم على موضع مرتفع بقصد التكبر قال ابن بشير صلاته باطلة وهذا كله مع

اتساع الموضع لقوله في المدونة لأنهم يعبثون أما مع ضيفه فجائز ابن رشد أنظر تكبير المكبر في الجوامع هل يدخله الاختلاف الذي في الذكر المقصود به التفهيم أولا والأظهر أنه لايدخله لأنه مما يختص به اصلاح الصلاة وقال ابن يونس له أجر التنبيه قال صاحب المعيار بعد نقل كلام ابن رشد هكذا قال بعض الشيوخ في صحة الصلاة بالمسمع وصحة صلاة المسمع ستة أقوال ومذهب الجمهور الجواز بل عزاه ابن رشد مع الخلاف في مسألة الرافع صوته للافهام ونه من ضروريات الجوامع ثم قال بعض الشيوخ واختلف الشيوخ في المسمع هل هو نائب أو وكيل عن الامام وهو على صلاته أو إن أذن الإمام بنيابته وإلا فعلم وينبنى على تسميع الصبي والمرأة ومن على غير وضوء اهـ المواق وكان سيدى ابن سراج رحمه الله يقول إذا جرى الناس على شيء له مستند صحيح وكان للإنسان مختار غيره فلا ينبغي أن يحمل الناس على مختاره فيدخل عليهم شغبا في أنفسهم وحيرة في دينهم إذ من شرط التغير أن يكون المنكر متفقا عليه وانظر إذا لم يكن ثم مسمع والجماعة كثيرة فقد نص عياض أن من وظائف الإمام أن يرفع صوته بالتكبير كله وسمع الله لمن حمده ليقتدي من ورائه قال ومن وظائف الإمام أيضا أن يحرم تحريمه وتسليمه ولايمططها لئلا يسابقه بها من وراءه اهـ قلت وكذا نصوا على أن الجزم بما ذكر من فقه الإمام وكذا من فقهه أن لايدخل المحراب إلا بعد الفراغ من الإقامة وأن لايبادر بالاحرام حتى تستوى الصفوف وأن لايطيل الجلسة الأولى. وْالُمقْتَدِى الإِمامَ يَتْبَعُ خلا ... زِياَدَة [قد حققت عنها اعدلا أخبر أن المقتدي أي المتبع وهو المأموم يجب عليه أن يتبع إمامه في جميع أفعال الصلاة إلا إذا زاد الإمام في صلاته زيادة محققة، أي تحقق المأموم أنها لغير موجب، فإن المأموم يعدل عنها أي يتركها ولا يتبع إمامه فيها، وفهم من قوله والمقتدي الإمام يتبع أن المأموم لا يسبق الإمام في فعل من أفعال الصلاة وهو كذلك، بل لا ينبغي له أن يفعله معه دفعة واحدة بل بعد فعل إمامه إذ ذاك هو حقيقة الاتباع كما تقدم ذلك آخر فرائض الصلاة، وأشار بهذا البيت والله أعلم إلى مسألة الإمام يقوم لخامسة في الرباعية أو لرابعة في الثلاثية أو لثالثة في الثنائية، والحكم فيها أن المأمومين ينقسمون إلى قسمين: الأول: من تيقن انتفاء الموجب، الحطاب لعلمه بكمال صلاته وصلاة إمامه، والمراد باليقين هنا الاعتقاد الجازم فهؤلاء يجب عليهم الجلوس ويسبحون له فإن لم يفقه كلمه بعضهم ولا تبطل بذلك لأن الكلام لإصلاح الصلاة مغتفر ما لم يكثر فإن دخله شك]

[رجع إليهم إن كان من سبح له أو كلمه اثنان فأكثر عدلين كما قال الشيخ خليل، ورجع إمامه فقط لعدلين إن لم يتيقن، الحطاب فإن حصل له شك وجب عليه أن يرجع إليهم فإن تمادى ولم يفعل فقال ابن عرفة عن ابن المواز: لا تبطل صلاته إن لم يجمع كلهم على خلافه ولو جمعوا فخالفهم لشكه بطلت عليه وعليهم لوجوب رجوعه عن شكه ليقينهم اهـ. وكذا يرجع إلى تذكر وتحقق كونها خامسة فإن لم يرجع بطلت عليه وعليهم والله أعلم. الحطاب: وإن بقي الإمام على يقينه ولم يشك فإن كان معه عدد كثير فعلى قول ابن مسلمة يرجع، وهو الذي مشى عليه الشيخ خليل في قوله إلا لكثرتهم جداً بعد قوله ورجع إمام فقط لعدلين إن لم يتيقن فقوله: إلا لكثرتهم جداً مستثنى من مفهوم الشرط قبله يليه فإن لم يتيقن لم يرجع إلا لكثرتهم جداً فيرجع، ولو تيقن وذلك لأن الغالب أن الوهم معه وإن كان معه النفر اليسير أتم صلاته ولم يرجع إلى قولهم، ويختلف فيهم حينئذ هل يسلمون الآن أو ينتظرونه حتى يسلم بهم ويسجدون للسهو لتيقنهم زيادة الإمام اهـ. بالمعنى التوضيح وشرط سحنون في صحة صلاة المجالس التسبيح فإن لم يفعل وقعد فليعد أبداً، واستبعد أبو عمران ورأى ابن رشد أنه تفسير للمذهب اهـ. ومن تبع الإمام في القيام فمن تيقن انتفاء الموجب عمداً بطلت صلاته وسهواً لا تبطل. ولا شيء عليه ما لم تيقن له فساد إحدى الأربع. ففي إجزاء هذه الخامسة المفعولة سهواً عن الركعة الفاسدة خلاف. القسم الثاني: من لم يتيقن انتفاء الموجب فشمل من تيقن الموجب بأن علم أن الإمام إنما قام للخامسة لبطلان أحدى الأربع أو ظن ذلك أو توهمه أو شك فيه، فهؤلاء يجب عليهم اتباع الإمام في قيامه للخامسة، ومن جلس منهم عمداً بطلت صلاته لمخالفته ما أمر به وسهواً لا تبطل، ويأتي بركعة مكان التي بطلت إن تبين له بطلانها لأنه جلس وهو يعتقد أن الإمام قام لموجب أو يشك في ذلك. الحطاب وهو ظاهر كلام الشيخ خليل أنه يلزمهم اتباع الإمام في أحد هذه الأوجه سواء كان ذلك بالنسبة إلى صلاتهم وصلاة إمامهم أو كان ذلك بالنسبة إلى صلاة إمامهم فقط، وأما صلاتهم فيتيقنون كمالها وهذا هو الجاري على قول سحنون الذي قدمه المصنف فيما إذا سجد الإمام سجدة واحدة خلافاً لابن المواز. قال الهواري: الحالة الثانية: أن يوقنوا بتمام صلاتهم ويشكوا في صلاة إمامهم أو يوقنوا بنقصانها فقال ابن المواز: صلاتهم تامة فلا يتبعونه لكن ينتظرونه جلوساً حتى يقضي ركعة ويصير لهم بمنزلة المستخلف بعد ركعة، فإذا سلم سلموا بسلامه وسجدوا معه لسهوه، وقال سحنون: لا تجزئهم الركعة التي أيقنوا بتمامها دونه ولا يحتسب جميعهم إلا بما يحتسب به الإمام فعلى هذا يجب عليهم اتباعه في الركعة التي قام إليها وتبطل صلاتهم إن لم يتبعوه اهـ. وهذا ظاهر إطلاق قول الشيخ خليل وإلا]

[تبعه كما يأتي لفظه. فالقسم الأول من المأمومين: الزيادة عندهم محققة فلا يتبعون الإمام فيها وإلى ذلك أشار الناظم بقوله: خلا زيادة قد حققت عنها عدلا، وأما القسم الثاني منهم فلم يتحقق الزيادة بل تحقق النقص أو لم يتحققه فيجب عليهم اتباع الإمام وذلك داخل في قول الناظم: والمقتدي الإمام يتبع، وإلى هذين القسمين أشار الشيخ خليل بقوله: وإن قام لخامسة فمتيقن انتفاء موجبها يجلس ولا يتبعه وإن خالف عمداً بطلت فيهما لا سهواً فقوله: فيهما أي في صورتي المخالفة عمداً من القيام والجلوس وقوله لا سهواً أي لا إن كانت المخالفة سهواً فلا تبطل الصلاة] في صورتي القيام والجلوس أيضاً هذا حكم مايفعلونه قبل سلام الإمام أي من تيقن انتفاء موجب قيام الإمام جلس ومن لم يتيقنه تبعه فإذا سلم الإمام وتبين أن قيامه كان سهوا فواضح من جلس لتيقنه انتفاء الموجب تقدم أنه اختلف فيهم قيل إذا سبحوا له ولم يرجع يسلمون وقيل ينتظرونه حتى يسلم ويسجدون لزيادة الإمام ومن قام لعدم تيقنه انتفاء الموجب وتبع الإمام سجدوا معه بعدالسلام وكذا من تيقن انتفاء الموجب فتبع الإمام سهوا هو كالإمام وكذا من لم يتيقنه وجلس سهوا يسجد للسهو مع الإمام ولاشيء عليه وإذا قال الإمام إنما قمت لموجب من إسقاط سجدة أو ركوع أو قراءة الفاتحة من ركعة من الركعات فمر حكم ببطلان صلا لمخالفته عمدا ما أمر به من متابعة أو جلوس فيعيدها أبدا ولا إشكال وأما من حكم بصحتها منه وهو من تيقن انتفاء الموجب فجلس وسبح أو تبع سهوا ومن لم يتيقنه وتبع الإمام وجلس سهوا وإلى بعض هذه الصورة أشار الشيخ خليل بقوله وإن قال قمت لموجب صحت لمن لزمه اتباعه وتبعه ولمقابله إن سبح فقوله لمن لزمه أتباعه وتبعه يريد أو جلس سهوا وقوله لمقابله ان سبع هو من لزمه الجلوس فجلس ويريد أيضا أو تبع الإمام وفيمن لزمه الجلوس لقينه انفاء الموجب فجهل وتأول أنه يجب عليه اتباع الإمام فتبعه في الخامسة قولان في صحة صلاته وبطلانها اختار اللخمي القول بالصحة وإليه أشار الشيخ خليل بقوله كنبع تأول وجوبه على المختار وكذا فيمن تيقن انتفاء الموجب فجلس فلما قال الإمام قلت لموجب صحيح ذلك عنده أو شك فيه فقولان اختار اللخمي في هذه الصورة الصحة أيضا ولم يتبعه الشيخ خليل في ذلك لأن ذلك من رأي اللخمي وما اختاره في الفرع قبله منصوص لغير اللخمي وإلى هذا الفرع أشار الشيخ خليل بقوله لا لمن لزمه اتباعه في نفس الأمر ولم يتبع فهم على ماشهر الشيخ خليل خمسة من فعل ما وجب عليه من قيام أو جلوس ومن خالف ذلك سهواً في الوجهين ومن لزمه الجلوس بتيقنه انتفاء الموجب فجهل واعتقد أنه يجب عليه متابعة الإمام فتبعه وهم باعتبار فعلهم على قسمين قسم جلس ولم يتبع الإمام

وقسم تبعه فالقسم الأول اثنان من نيقن الموجب ومن لم يتيقنه وجلس سهواً فأما من تيقن انتفاء الموجب وجلس وقالالحطاب بعد تقرير صحة قال ابن ناجى وحيث تصح للجالس فلابد من اتيانه بركعة أخرى اذا أخبره الامام بالموجب وصدقه أو شك فيه وان كذبه فلم يلزمه شيء وكذا يأتي بركعة من لم يتيقن انتفاء الموجب وجلس سهواً مع باب أولى لأنه جلس وهو يعتمد ان الإمام قال لموجب أو بشك في ذلك ويشملها والله أعلم قول الشيخ خليل فيأتي الجالس بركعة وهو القيم الثاني وهو من تبع الإمام ثلاثة من لم يتيقن انتفاء الموجب ومن تيقن انتفاءه وتبع الإمام سهواً أو تبعه متأولا على ما اختاره اللخمي فالأول لا شيء عليه إلا متابعة الامام في سجود السهو ونحو ذلك والثاني إن بقي على يقينه فلا شيء عليه أيضا وإن تبين له خلاف ماكان يعتقد وظهر له أن الامام إنما قال لموجب ففي إعادته للركعة التي صلاها مع الامام قولان على الاعادة ذهب الشيخ خليل حيث قال ويعيدها المتبع أي في المتبع سهوا. الثالث قال الحطاب وإذا لم تبطل صلاته فإن استمر على تيقنه لانتفاء الموجب بعد سلام الإمام ولم يؤثر عنده كلام الامام شيئاً فلا يلزمه شيء وإن زال يقينه فإن تبين له صدق قول الامام أو شك في ذلك فهل يلزمه أن يأتي بركعة أو تكفيه الركعة التي صلاها مع الامام قال الهواري إذا قلنا في الساهي يقضي بركعة فالمتأول أولى بذلك لأنه إنما قام إليها وهو يعلم أنها زائدة وإذا قلنا في الساهي لايقضي فيجري في المتأولان قولان (تنبيه) ماتقدم من أن من تيقن انتفاء الموجب فقام عمدا وصدقه المأموم أو دخله شك فى ذلك فلا تبطل صلاته إن تبع الامام متعمدا متيقنا انتفاء الموجب لموافقته ما في نفس الأمر فقد نقل الحطاب عن الهوارى مانصه وإن تبعه عامدا عالماً بأنه لايجوز له اتباعه يعنى ثم تبين له أن الامام قام لموجب وأيقن بذلك أو شك فيه لأن كلامه في ذلك قال فظاهر قول ابن المواز أن صلاته تصح ورأى اللخمي أن الصواب أن تبطل وإذا قلنا تصح فهل يقضي ركعة أو تنوب له الركعة التي تبع الإمام فيها قولان اهـ وكذلك أيضا ماتقدم من أن من لم يتيقن انتفاء الموجب فجلس عمدا بطلت صلاته إنما ذلك مالم يتبين زيادة هذه الركعة فإن تبينت زيادتها فلا تبطل صلاته الحطاب وأما من كان حكمه القيام فجلس عمدا ثم تبين له وللإمام زيادة تلك الخامسة وأنه لاموجب لها فالظاهر أن صلاته تصح ولاتضره مخالفته ولم أر في ذلك نصا والله أعلم ثم قال الحطاب آخر المسألة فيتحصل فيمن كان متيقنا

لانتفاء الموجب عند قيام الامام أن حكمه أن يجلس فإن قام عمدا بطلت صلاته وإن تبين له بعد ذلك أن الامام قام لموجب على ماقال اللخمى أنه الصواب ونقله الهواري عنه ونقل قولا بعدم البطلان وأظنه عزاه لابن المواز قلت قوله وإن تبين له إلى آخره هي المسألة المتقدمة في التنبيه قبل هذا الحطاب وإن قام سهوا أو متأولا وجوب الاتباع فلا تبطل في السهو بلا خلاف فيما أعلم ولا في المتأول على مااختاره اللخمى ثم إذا سلم الإمام تارة يستمران على تيقن انتفاء الموجب فلا يلزمهما شيء وتارة يظهر لهما الموجب أو يظنانه أو يشكان فيه فهل يكتفيان بتلك الركعة أو يعيدانها قولان مشى الشيخ خليل على أن الساهي يعيدها وقال الهواري المتأول أحرى وإن لم يقم هذا الذي حكمه الجلوس حتى سلم الإمام وقال قمت لموجب فتارة يستمر على تيقنه لانتفاء الموجب فهذا صلاته صحيحة إن كان سبح وتاره يزول عنه تيقن انتفاء الموجب ويحصل له أحد الأوجه الأربعة فهذا صلاته تبطل وأما من لم يتيقن انتفاء الموجب فيلزمه الاتباع فإن تبعه فواضح أن حكمه وإن خالف عمدا بطلت صلاته وإن خالف سهوا أتى بركعة كما تقدم فتأمله والمسألة مبسوطة في الهواري ويؤخذ أكثر وجوهها من التوضيح لفظه وَأَحْرَمَ الَمْسُبوقُ فوراً وَدَخَل * مَعَ الإِمَام كَيْفْمَا كانَ العَمَلْ * مُكبِّراً إنُ سَاجِداً أوْ راكِعاَ ألْغَاهُ لاَ في جَلْسَةٍ وتَابَعاً* إنْ سلَّمَ الإِمَامُ قامَ قاضياَ* أَقْوَالَهُ وفى الْفعِالِ بانِيا كَبَّرَ إنْ حَصَّلَ شفَعْاً أو أَقَلْ مِنْ رَكْعَةٍ والسهْوَ إذْ ذَاكَ أحْتَمَلْ ذكر في هذه الأبيات والبيتين بعدهما بعض مايتعلق بالمسبوق فأخبر أن المسبوق إذا دخل فوجد الإمام يصلي فإنه يكبر تكبيرة الإحرام فوراً أي بنفس دخوله ويدخل مع الإمام وكيفما وجده قائما أو راكعا أو ساجدا أو جالسا وإلى ذلك أشار بالبيت الأول ثم إن كان قد وجده راكعاً أو ساجدا كبر تكبيرة أخرى لركوع أو السجود وإن كان إنما وجده في الجلوس وأحرم في القيام فلا يكبر إلا تكبيرة الإحرام فقط وإلى ذلك أشار بالبيت الثانى ونبه بقوله آخره وتابعا على أن المأموم المسبوق يلزمه متابعة الإمام فيما دخل فيه كان ذلك مما يعتد به هذا المسبوق كالركوع أولا كالسجود فقوله وتابعا عطف على أحرم وان المسبوق إذا سلم الإمام وأراد أن يأتي بما فاته قبل الدخول مع الإمام فإنه يقوم قاضيا للاقوال بانيا في الأفعال فالأقوال يقضيها على نحو ما فاتته فيكون ما أدرك منها مع الامام آخر صلاته فيقضي أولها والأفعال يبنى على ما أدرك مع

الإمام فيجعله أول صلاته ويأتي بآخرها وإلى ذلك أشار بقوله إن سلم الإمام البيت ثم هل يقوم هذا المسبوق إذا سلم إمامه بتكبيرة أم لا في ذلك تفصيل إن حصل لهذا المسبوق ركعتان فكان جلوس الامام الذي سلم منه على ثانية هذا المسبوق كأن يدرك ثالثة الرباعية أو ثانية المغرب فإنه يقوم بالتكبير إذ ذاك حكم من قال للثالثة وكذا إن لم يدرك مع الإمام إلا أقل من ركعة كأن يدركه بعد ما رفع رأسه من ركوع الأخيرة فإنه يقوم بالتكبير أيضا لكونه شبيها بالمستفتح للصلاة وإلى ذلك أشار بقوله كبر إن حصل شفعا أو أقل من ركعة ومفهومه أنه لو حصل له ركعة فأكثر ولم يكن ماحصل له شفعاً بل وترا ثلاثة أو واحدة كأن يدرك ثانية الرباعية أو رابعتها أو ثالثة الثلاثية أو ثانية الثنائية فإنه يقوم بغير تكبير لأن التكبير التي يقوم بها جلس بها مطاوعة للامامة فهى بمنزلة من كبر ليقوم فعاقه شيء ثم أمكنه القيام فلا يكبر تكبيرة أخرى ونبه بقوله والسهو إذ ذاك احتمل على أن ما يقع من السهو للمأموم حين اقتدائه بالإمام فإن الإمام يحمله عنه فالإشارة تعود على الاقتداء المفهوم من السياق واحتمل بمعنى حمل وفاعله يعود على الإمام ومفعوله السهو ومفهوم قوله إذ ذاك أن المسبوق إذا سها بعد سلام الإمام فإن الإمام لا يحمل ذلك عنه بل هو إذ ذاك كالفذ ولعل هذا المفهوم هو مقصود الناظم هنا مسألة المنطوق تقدمت أول السهو حيث قال عن مقتد هذين الامام أما تكبير المسبوق بنفس دخوله من غير تأخير فقال ابن رشد لايؤخر احرامه إن دخل المسبوق وإن أدرك مالا يعتد به وأما كونه يكبر غير تكبيرة الإحرام إن وجده راكعا أو ساجدا لا إن وجده جالسا فقال ابن عرفة يكبر المسبوق لما يدرك من سجود لا لجلوس الطليطلي لو أن رجلا جاء المسجد فوجد الإمام راكعا وجب عليه ان يكبر تكبيرتين تكبيرة الاحرام وتكبيرة الركوع فإن كبر واحدة ونوى بها الاحرام فصلاته تامة وإن نوى بها الركوع مضى مع الامام ثم يبتدىء الصلاة باقامة وأما كونه بعد سلام الامام قاضيا في الأقوال بانيا في الأفعال فهو المشهور وهي طريقة الأكثر قاله ابن الحاجب التوضيح وهي لابن أبى زيد وعبد الحميد وقال بها جل المتأخرين واختاره المازري وقيل يقوم بانيا فيهما وقيل قاضيا فيهما والبناء أن يجعل ماأدرك مع الإمام أول صلاته فيقوم ليأتي بآخرها القضاء أن يجعل ما أدرك مع الامام آخر صلاته فيقوم ليأتي بأولها فإذا أدرك ركعة من العشاء الأخير مثلا فعلى كونه بانيا في الأقوال والأفعال يقوم يأتي بركعة بالفاتحة وسورة جهرا لأنها ثانيته ويتشهد ثم بركعتين بأم القرآن فقط ويتشهد ويسلم وحاصل البناء مطلقا أنه في هذا المثال بمنزلة الفذ يقوم لثانيته وعلى كونه قاضيا فيهما يأتي بركعتين بأم القرآن وسورة جهرا في كل واحدة منهما ولايجلس بينهما لأنهما أولاه وثانيته ثم يتشهد بركعة بأم القرآن فقط لأنهما ثالثة

ويجلس عليها لأنها آخر صلاته إذ قد أدرك الرابعة وحاصل القضاء مطلقا أنه يقضي مافاته على هيئة من قراءة وجلوس وغيرهما على المشهور من التفصيل فيقضي الأقوال ويبني الأفعال يأتي بركعة بأم القرآن وسورة جهراً لأنه يقضى الأقوال كذلك فاتته ويتشهد عقبها لأنه يبنى على الفعل وقد أدرك واحدة فهذه ثانيته ثم يأتي بركعة أخرى بأم القرآن وسورة جهراً أيضاً لأنه يقضي الأقوال وكذلك فاتته الثانية ولايجلس لأنه يبني الأفعال فهذه ثالثته ثم بركعة بأم القرآن فقط لأنه كذلك فاتته الثالثة ويتشهد ويسلم التوضيح ومنشأ الخلاف اختلاف الروايات في قوله «ما أدركتم فصلوا ومافاتكم فأتموا» وفى رواية فاقضوا وجمع القائل بالفرق بين الأقوال والأفعال بين الدليلين (فرع) من أدرك الأخيرة من الصبح فقال في العتبية لايقنت في ركعة القضاء وهو جار على التفصيل لأنه يقضي ماقيل في الأولى ولا قنوت فيها ويلزم على البناء مطلقا القنوت اهـ وأما قيامه بعد سلام الإمام بالتكبير أو بعدمه فقال ابن يونس كل من أدرك ركعتين قام بتكبير وكل ماسوى ذلك يقوم بغير تكبير وقال مالك فى المدونة يقوم مدرك التشهد بتكبير فإن قام بغير تكبير أجزأه وقال ابن الماجشون يكبر مطلقاً ورأى أن التكبير إنما هو للانتقال إلى الركن الشيخ زروق قال شيخنا أبو عبد الله القروي وأنا أفتي به للعوام لئلا يلتبس عليهم الأمر ويتشوشون (تنبيه) هذا التفصيل على المشهور في القيام بالتكبير أو عدمه إنما هو بعد سلام الإمام وأما قبله كمن أدرك الثانية وجلس مع الإمام عليها ثم قام الإمام للثالثة فهل يقوم هذا المسبوق بالتكبير اتباعه لإمامه أوبغير تكبير إذ ليس عليه إلا تكبيرة الرفع من السجود وقد فعلها قال العوني الظاهر من المذهب أنه يكبر واستدل عليه أنه إذا أحرم معه في التشهد فإنه يتشهد متابعة له قال ففي هذا أولى لأن المخالفة تظهر فيها أكثر من المخالفة في التشهد اهـ وأما عدم حمل الإمام السهو عن مأمومه إذا سها بعد مفارقة الإمام المقصود هنا فقال فيه ابن الحاجب أما إذا انفرد بالسهو بعده فكالمنفرد التوضيح فإن كان بزيادة فعبده وإن كان بنقص أو بهما فقبله

(فرع) إذا خشي المسبوق فوات الركوع بوصوله إلى الصف فليركع فإن كان بقرب الصف دب اليه وهذا مذهب المدونة وهو المشهور وقيل لا يركع دون الصف إلا إذا علم إدراك الصف قبل أن يرفع الامام رأسه أما لو علم أنه أذا ركع دون الصف لايدرك أن يصل إلى الصف راكعا حتى يرفع الامام رأسه فلا يجوز أن يركع دون الصف وليتمادى إليه وإن فاتته الركعة قولا واحدا فإن فعل أجزأته ركعته وقد أساء ابن عرفة وفي دببيه راكعا أو بعد رفعه أو بعد سجوده ثلاثة للمدونة ورواية المازري وسماع أشهب (فرع) إذا دخل المسبوق فوجد الامام راكعاً فدخل معه ولم يخص الإحرام بتكبيرة فله خمسة أوجه الأول أن يدخل من غير تكبير أصلا أى لم يكبر لا للركوع ولا للافتتاح حتى ركع الامام ركعة وركعها معه ثم ذكر فإنه يبتدىء التكبير ويكون الآن داخلا في الصلاة ويقضي ركعة بعد الامام ولايعلم في هذا الوجه خلاف إلا ماحكى عن مالك أن الإمام يحمل عن المأموم تكبيرة الاحرام كالفاتحة وهي رواية شاذة الوجه الثاني أن يكبر للركوع ناويا بها الاحرام قال في التهذيب وإن ذكر مأموم أنه نسي تكبيرة الاحرام قال كبر للركوع ونوى بها تكبيرة الاحرام قال أجزأته وأشار بعض الشيوخ إلى تخريج هذه المسألة على من نوى بغسله الجنابة والجمعة وهذا إذا أوقع التكبير في حال قيامه واختلف إذا كبر في حال انحطاطه ونوى بذلك الاحرام على قولين بالإجزاء وعدمه فالإجزاء مبني على أنه لايجب على المأموم أن يقف قدر تكبيرة الاحرام وعدمه على وجوب ذلك عليه أما إن لم يكبر إلا وهو راكع ولم يحصل شيء من تكبيره في حال القيام فلا اشكال أنه لايعتد بهذه الركعة قاله ابن عطاء الله، الوجه الثالث أن يكبر للركوع غير ناو لتكبيرة الإحرام ناسياً لها فمذهب المدونة وهو المشهور أنه يتمادى مع الامام ولا يقطع ويعيد صلاته احتياطا لأنها تجزئه عند ابن المسيب وابن شهاب ولا تجزئه عند ربيعة وهل تماديه وجوباً أو استحبابً قولان وكذلك اختلف في الاعادة هل على الوجوب أو الندب قولان وتقدم هذا الوجه في مساجين الامام وهل من شروط تماديه أن يكون كبر في حال القيام أم لا قولان أما لو كبر للركوع وهو ذاكر للاحرام معتمدا لما أجزأته صلاته بإجماع قاله في المقدمات. الوجه الرابع إذا كبر ونوى الاحرام والركوع معا فقال في النكت تجزئة كما لو اغتسل غسلا واحدا للجنابة والجمعة

الوجه الخامس أن يكبر ولا ينوي تكبيرة الاحرام ولا الركوع فقال ابن رشد فى الاجوبة صلاته مجزئة لأن التكبيرة والتي كبرها تنضم مع النية التى قام بها إلى الصلاة إذ يجوز تقديم النية قبل الاحرام بيسير ويَسْجُدُ المسَبْوُقُ قَبْلىَّ الإِماَمْ مَعَهُ وَبْعدِيَّا قَضَى بَعْدَ السَّلاَمْ أَدْرَكَ ذَاكَ السَّهْوَ أوْلاَ قَيَّدُوا مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ رَكْعةً لاَ يَسْجُدُ تكلم فى هذين البيتين على المسبوق إذا سجد إمامه للسهو قبل السلام أو بعده هل يسجد معه أم يؤخر إلى آخر صلاته أو لا سجود عليه أصلا فأخبر بما حاصله أن المسبوق لا يخلو إما أن يدرك مع الامام ركعة فأكثر أم لا فإن أدرك معه ركعة فأكثر وترتب على الإمام السجود فان كان قبليا سجده معه وهذا هو المشهور وقال أشهب إنما يسجد إذا قضى ما فاته وهذا هو الجاري على المشهور من كونه بانيا في الأفعال فما أدرك منها مع الامام هو أول صلاته ولايكون سجود السهو الا آخر الصلاة وعلى المشهور من كونه يسجد معه فإن لم يسجد معه وأخره حتى قضى مافاته وسجد قبل السلام ففي صحة صلاته قولان مبنيان على أن ما أدرك صلاته أو اخرها أنظر الحطاب وإن كان السجود بعديا فلا يسجد مع الامام بل يقضيه بعد سلامه هو فإن سجده مع الإمام متعمدا بطلت صلاته وإن جهل فسجده معه فقال عيسى يعيد أبداً قال في البيان وهو القياس على أصل المذهب وإن سجده معه سهواً أعاده بعد سلامه ولافرق فى هذين الوجهين بين أن يدرك هذا المسبوق السهو أو لم يدركه إن كان الإمام سها قبل دخوله هذا المسبوق معه وأما إن أدرك المسبوق أقل من ركعة فلا سجود عليه أصلا فلا يسجد القبلى مع الإمام على المشهور وهو قول ابن القاسم فإن سجد معه بطلت صلاته قاله ابن عبد السلام عن أهل المذهب وقال سحنون يتبعه لوجوب متابعة بدخول معه ولا يسجد أيضا قبل سلامه هو إذا فرغ من قضاء مافاته ولايسجد البعدي معه أيضا فإن سجده معه بطلت صلاته والله أعلم لأنه إذا بطلت بسجوده معه البعدي لو هو قد لحق ركعة والقبلي حيث لم يلحق ركعة فأحرى أن تبطل بسجوده معه البعدي حيث لم يلحق ركعة ولا يسجده بعد سلامه من صلاته وهذا حاصل قول ابن الحاجب والمسبوق يسجد مع الإمام قبل السلام ان كان لحق ركعة فإن لم يلحق فقال ابن القاسم لايتبعه وقال سحنون يتبعه وأما بعده فلا أي يسجد معه البعدى قال ثم يسجد بعد السلام إلا أن كلامه في السجود البعدي خاص بمن لحق ركعة فأكثر التوضيح قوله ثم يسجد بعد السلام يريد إذا لحق ركعة وأما من لم يدركها فلا سجود عليه بعد سلام نفسه. اهـ ويتعلق بهذه المسألة فروع:

الأول إذا لحق هذا المسبوق ركعة فأكثر وسجد القبلي مع الإمام على المشهور ثم سها بعد مفارقة الإمام فهل يكتفى بذلك السجود وهو قول ابن الماجشون أو لايكتفي به وهو قول ابن القاسم وهو المشهور ابن عبد السلام الخلاف مبنى على استصحاب حكم المأمومية أولا. والثاني إذا لحق ركعة فأكثر وكان سجود الإمام بعديا فإنه يؤخره إلى أن يسلم كما مر وهل يقوم هذا المسبوق لقضاء ماعليه بنفس سلام الإمام من صلب صلاته ابن الحاجب وهوالمختار التوضيح وهو مذهب المدونة فإذا قام فقالوا يقرأ ولايسكت أو لايقوم حتى يسلم الإمام من سجوده قولان التوضيح وهو خلاف في الأولى لا في وجوب قال في المدونة إذا جلس فلا يتشهد ولايدع. الثالث إذا أخر هذا السجود البعدى ليسجده بعد سلامه ثم إنه سها بعد مفارقة الامام بنقص فهل يسجد قبل السلام لاجتماع الزيادة والنقص وهو وقول ابن القاسم في العتبية وأشهب في المجموعة أولا يسقط عنه ما لزمه مع إمامه وهو السجود البعدي وهو قول عبد الملك بدليل أنه يسجد موافقة لإمامه ولو لم يسه الرابع إذا ترتب على الإمام سجود قبلى فاستخلف مسبوقا فهل يسجد له اثر تمام صلاة الأول وهو قول ابن القاسم فى سماع أصبغ أو يسجد اثر تمام صلاته هو وهو قول ابن القاسم في سماع موسى وقاله أشهب وعلى قول ابن القاسم اعتمد الشيخ خليل حيث قال ويسجد قبله ان لم تتمحض زيادة بعد صلاة إمامه ولو كان السجود بعدياً لسجده بعد سلامه ويكفيه لسهو زيادة في استخلافه وقضائه ولو كان سهوه في استخلافه أو قضائه قبلياً والذي ترتب على من استخلفه بعدياً فاختلف في ذلك فقيل يكفيه السجود البعدي المرتب على من استخلفه وقيل يصير قبلياً ثالثها إن سها في بقية صلاة الأول سجد قبل وإن كان سهوه بنقص فيما يقضيه لنفسه سجد بعد واختاره ابن رشد والأول لابن القاسم في سماع أصبغ والثاني لابن عبدوس عن غيره والثالث لابن حبيب الخامس قاله ابن ناجى وأنظر إذا كان مع الإمام سجود قبلى فسها عنه حتى سلم أو قصد أن يسجده بعد فهل يسجده الذي حصلت له ركعة معه اعتباراً بأصله أولا يسجده اعتباراً بما آل إليه الأمر لم أر في ذلك نصاً للمتقدمين والذي ارتضاه بعد من لقيناه أنه إن كان هذا السجود مما تبطل الصلاة بتركه لو لم يسجده الإمام فإنه يسجده معه وإلا فلا اه

وَبَطَلَتْ لُمقْتَدِى بِمُبْطِلِ * عَلَى الإِماِم غَيْر فَرْعٍ مُنْجَلِي* مَنْ ذَكَرَ اَلحدَثَ أَوْ بِهِ غُلِبْ إِنْ باَدَرَ الْخُرُوج مِنْهاَ وَنُدِبْ * تَقْدِيمُ مُؤْتَمِّ يُتِمُّ بِهِمُ * فإِنْ أَباَهُ اُنْفَردُا أوْ قَدَّمُوا أخبر أن الصلاة تبطل على المقتدي وهو المأموم بما تبطل به على إمامه بمعنى أنه إذا بطلت صلاة الإمام سرى البطلان لصلاة المأموم فتبطل أيضاً لارتباط صلاته بصلاة إمامه إلا فى فرع ظاهر كظهور العروسة المجاورة على منصتها وهو من ذكر فى الصلاة أنه محدث أو غلبه الحدث فى أثنائها وهما فى الحقيقة فرعان والخطب سهل وأشار بهذا إلى قول الفقهاء كلما بطلت صلاة الإمام بطلت صلاة المأموم إلا فى ذكر الحدث وغلبته على أن فى اقتصارهم على استثناء هذين الفرعين فقط نظراً لما نذكره قريبا إن شاء الله ثم اشترط فى صحة صلاة المأموم فى هذين الفرعين مبادرة الإمام بالخروج من الصلاة ومفهومه أنه إن تذكر الحدث أو غلبه ولم يبادر بالخروج فانها تبطل على المأموم أيضا لاقتدائهم بمحدث متعمداً ثم ذكر أنه يستحب للامام أن يقدم مؤتما من مأموميه يتم بهم الصلاة بمعنى أنه يستخلفه على بقية الصلاة فإن أبى الإمام ذلك فذهب ولم يستخلف عليهم أحداً فهم مخيرون بين أن ينفردوا ويتموها أفذاذاً يريد في غير الجمعة إذ لاتصح إلا جماعة فلابد أن يستخلفوا من يتمها إن لم يستخلف الإمام وبين أن يقدموا أي يستخلفوا واحداً منهم يكمل بهم الصلاة واللام في (لمقتد) بمعنى على وفهم من قوله تقديم مؤتم أنه لايستخلف أجنبيا ليس مأموميه ولامسبوقا دخل مع الإمام بعد ذكر الحدث وسبقيته حصول مايمنع الإمام التمادي من ذكر الحدث وسبقيته لأنه كأجنبى إذ لم ينسحب عليه حكم الإمام (تنبيهان) الأول قال الإمام أبو عبد الله محمد الحطاب فى شرح مختصر الشيخ خليل قوله كلما بطلت صلاة الإمام بطلت صلاة المأموم إلا في سبق الحدث ونسيانه أي فلا تبطل في هاتين الصورتين على المأموم وإن بطلت على الإمام وينبغي أن يزاد في ذلك وفي ذكر النجاسة وسقوطها وفي انكشاف عورة الإمام على قول سحنون وفي سجود المأموم للسهو عن ثلاث سنن وعدم سجود الإمام ومسألة الإمام يخاف تلف نفس أو مال قلت وكذلك الإمام المسافر ينوى الإقامة أثناء الصلاة على مافي العتبية من الاستخلاف وكذلك إذا ظن الإمام أنه رعف فاستخلف وخرج فلم يجد ماء فإن صلاته تبطل دون صلاة من خلفه فيبتدىء خلف المستخلف قاله في النوادر نقله الحطاب في شرح المختصر وكذلك إذا قهقه غلبة أو نسياناً فتبطل صلاته ويستخلف وكذلك إذا

ذكر يسير الفوائت في الصلاة فإنه يستخلف وكذلك إذا ترك الإمام سجدة وقام وسبح له فلم يرجع فتبعوه ففي الحطاب إن سلامه على المشهور كالحدث أي فتبطل صلاته طال أو لم يطل ويستخلفون أو يتمون أفذاذاً وهي المسألة التي أشار لها الشيخ خليل بقوله وإن سجد إمام سجدة وقام لم يتبع أما سبق الحدث ونسيانه فقال ابن الحاجب وشرطه أي الاستخلاف أن يطرأ عذر بمنع الإمامة أي مع صحة صلاة الامام وراء المستخلف مأموماً قال أو يمنع الصلاة كذكر الحدث أو غلبته بخلاف النية وتكبيرة الاحرام أي فإن نسيانهما مانع من التمادي لأن ناسيهما لم يدخل في الصلاة والمقصود منه قوله يمنع الصلاة كذكر الحدث إذ فيه تبطل على الإمام دون المأموم وفي المدونة قال مالك إذا رعف الامام أو أحدث أو ذكر أنه جنب أو على غير وضوء استخلف قبل أن يخرج وأما ذكر النجاسة فقال في المدونة قيل له إن رآها قبل أن يدخل في الصلاة زاد في المبسوط ونسي حتى دخل قال هو مثل هذا كله يعني إن صلى بذلك ولم يعلم أعاد في الوقت وإن ذكر في الصلاة قطع كان وحده أو مأموما وإن كان إماما استخلف اهـ على نقل المواق وقال ابن رشد المشهور أنه يستخلف ويقطع إذا رأى في ثوبه نجاسة فإن لم يكن له ثوب غيره تمادى وأعاد في الوقت إن وجد غيره أو مايغسله به اهـ وسقوطها كذكرها من باب لا فارق والله أعلم وأما مسألة انكشاف عورة الا ماله فقال ابن عرفة ولو سقط ساتر عورة إمام في ركوع ورده قربه بعد رفع رأسه ففي بطلانها عليه وعليهم أحد قولي سحنون وابن القاسم وخرجهما ابن رشد على فرض الستر وسنيته قال ولو أعجزه أخذه بعد القرب فعلى الفرض يستخلف فإن تمادى بطلت عليه وعليهم وعلى السنية لايستخلف ويعيدون في الوقت اهـ. وأما مسألة السجود فقال في التوضيح في شرح قول ابن الحاجب ولو لم يسجد الامام لسهوه سجد المأموم قال في البيان إن السجود مما تبطل الصلاة بتركه فإن لم يرجع الامام إلى السجود بطلت صلاته وصحت صلاتهم لأن كل ما لايحمله الامام عمن خلفه لايكون سهوه عنه سهوا لهم إذا هم فعلوه وهذا أصل وبالله التوفيق وانتهى وأما خوف تلف النفس أو المال أو الدابة ففي التوضيح أيضا عن كتاب ابن سحنون إذا صلى الإمام ركعة ثم انفلتت دابته وخاف عليها أو على صبي أو أعمى أن يقع فى بئر أو نار أو ذكر متاعا يخاف عليه التلف فذلك عذر يبيح الاستخلاف اهـ أي ويقطع وتبطل عليه دون المأمومين وأما مسألة المسافر ينوي الإقامة في الصلاة فقال ابن الحاجب إذا نوى الإقامة بعد صلاة لم يعد على الأصح وأما في اثنائها ففي إجزائها حضرية قولان ثم قال ابن القاسم ويصليها حضرية وراء المستخلف بعد

القطع قال في التوضيح مذهب المدونة أنها لاتجزىء حضرية ولاسفرية ثم نقل عن البيان أنه على مذهب المدونة كمن ذكر صلاة في صلاة تخرج عن نافلة أو يقطع على الاختلاف في ذلك ويصلى بهم صلاة مقيم وعلى هذا لايستخلف الإمام وقال في العتبية يستخلف من يتم بهم على أحد قولين في الإمام يذكر صلاة وهو في صلاة اهـ فعلى مذهب المدونة تبطل على الإمام والمأموم وعلى ما في العتبية تبطل على الإمام دون مأموميه فتزاد مع هذه النظائر إذ لايشترط اتفاق النظائر في المشهور وأما مسألة ظن الرعاف قد تقدم عن الحطاب نقلها عن النوادر وأما مسألة القهقهة ففي المواق مانصه قال سحنون وإذا ضحك الامام ناسيا فإن كان شيئا خفيفا سجد لسهوه وإن كان عامدا أو جاهلا أفسد عليه وعليهم وروى ابن حبيب من قهقه عامداً أو ناسياً أو مغلوبا فسدت عليه صلاته فإن كان وحده قطع وإن كان مأموما تمادى وأعاد وإن كان إماما استخلف في السهو والغلبة ويبتدىء في العمد اهـ فقوله استخلف في السهو والغلبة أي وتصح لهم دونه وقوله ويبتديء في العمد أي يبتديء الصلاة بمن خلفه لبطلانها عليه وعليهم والله أعلم الموافق ابن يونس القياس ماقاله سحنون لأنه كالكلام لأنهم جعلوا النفخ كالكلام فهذا أشبه منه وقول ابن حبيب أحوط اهـ وأما ذكر الفوائت اليسيرة فقال ابن الحاجب فإن ذكر فائتة وقتيه ففي وجوب القطع واستحبابه قولان وفي إتمام ركعتين إن لم يعقد ركعة قولان فان كان إماما قطع أيضا وروى ابن القاسم يسري فلا يستخلف ورجع اليه وقيل ورجع عنه وروى أشهب لايسري فيستخلف اهـ فهذه إحدى عشرة مسألة تبطل فيها الصلاة على الإمام وتصح لمأمومه اما بطلانها على الإمام فهو جار على المشهور فى جميعها والله أعلم وأما صحتها للمأموم فكذلك أيضا إلا في ثلاث مسائل في مسألة ما إذا نوى المسافر الإقامة أثناء الصلاة وفي مسألة القهقهة ومسئله ذكر الفوائت فالمشهور بطلانها على المأموم أيضا كما يظهر ذلك من النصوص المجلوبة وعليه فلا يستخلف فيها وعلى صحتها للمأموم في هذه الثلاث فيصح الاستخلاف في جميعها إلا في مسألة ترك الإمام السجود القبلى فتبطل عليه دونهم ولا استخلاف لفراغ الصلاة ثم قد يوجد الاستخلاف أيضا مع صحة الصلاة للامام ومأمومه معا وذلك في مسائل منها إذا حصل للامام عجز عن القيام قال في المدونة قال مالك إن عرض للامام مامنعه القيام فليستخلف من يصلى بالقوم ويرجع هو إلى الصف فيصلي بصلاة المستخلف وتقدم نحوه عن ابن الحاجب اهـ ومنها إذا حصر عن قراءة الفاتحة وخاف دوام

حصره فانه يستخلف قاله سحنون ومنها إذا تفرقت السفن أثناء الصلاة وقد اقتدى أهل السفن بامام فانهم يستخلفون ومنها إذا رعف الإمام كما تقدم عن المدونة في مسألة سبق الحدث ونسيانه فتبطل صلاة الإمام دون مأمومه في إحدى عشرة مسألة والاستخلاف في عشرة منها وفي هذه المسائل الأربع فمجموع مسائل الاستخلاف على خلاف في بعضها أربع عشر مسألة عشر منها الصلاة فيها باطلة على الإمام وحده. وأربع الصلاة فيها صحيحة للامام والمأموم والله تعالى أعلم ومن وقف على شىء من هذا المعنى فليضفه لما ذكرنا راجيا ثواب الله سبحانه وقد كنت لفقت في هذه القاعدة أعني قولهم كلما بطلت صلاة الإمام بطلت صلاة المأموم وفيها استثنى منها وفي مسائل الاستخلاف أبياتافقلت: وإن صلاة للامام بطلت * فمقتد به كذا وارتبطت * إلا لذي عشرة وواحد تصح فيها وحده لمقتدي * ذكر النجاسة وسقوطها وزد* نسيانه الحدث وسبق قد يرد وكشفت عورة سجود أغفلا * إن عن ثلاثة وطال فاقبلا * وإن على نفس يخف أو مال أو ظهر فاعدد ولا تبال * مسافر لدى الصلاة قد نوى * إقامة ظن الرعاف قل سوا مقهقه غلب أو إذا نسى * أبطلها للكل مختار مسى * ذكر الفوائت اليسيرة اضمما في جلها كما قد علما. في كلها يستخلف الإمام. إلا لذي السجود فالتمام أعنى ولكن مقهقها سها. مسافر أو ذا الفوائت اعلما. مشهورها البطلان للكل فلا يصح الاستخلاف فضلا مجملا. ثم إذا عجز قل عن القيام. إمام أو حصرا يخاف بالدوام عن أم القرآن كذا إن رعفا. تفرق السفن فيها فاعرفا. صلاته تصح إن تأخرا واستخلف الغير فحقق لاامترا. وإن تقف على سواها فاضمما. وارج الثواب من إله عظما

واستخلف يقرأ بالبناء للمجهول ليشمل ما إذا استخلف هو وما إذا استخلفوا هم لتركه ذلك أو لتعذره منه حيث تتفرق السفن الثاني لوح الناظم لبعض مسائل الاستخلاف ولابأس بذكر بعض مسائله باختصار أما حكمه فقال الجلاب يستحب للامام أن يستخلف يعني إذا حصل له سبب الاستخلاف وأسبابه أربعة عشر في جملة كما تقدم قريبا وأما صفته فإذا طرأ للامام استخلف فإنه يشير لمن يتقدم من المأمومين فإن كان العذر يمنعه من الإمامة خاصة كالعجز عن القيام تأخر وصلى مأموما وراء المستخلف وإن كان يمنعه من الصلاة كالحدث بطلت صلاته وذهب ثم إن كان هذا المستحب بالفتح بعيدا عن محل الإمامة لم ينتقل وأكمل بهم الصلاة في موضعه وإن كان قريبا تقدم لموضع الإمامة ولهذا استحب مالك للامام أن يستخلف من الصف الذي يليه المازري ويكون تقدمه على الهئية التي صادفه الاستخلاف عليها فيتقدم الراكع راكعا والجالس جالسا والقائم قائما وإذا حصل للامام العذر وهو راكع أو ساجد فالمشهور أنه يستخلف بهم حينئذ فيرفع بهم من استخلفه الإمام وقيل لايستخلف إلا بعد أن يرفع رأسه ولكن لايكبر فإن رفع الامام الأول قبل أن يستخلف فاقتدى المأمومون به لم تبطل صلاتهم على الأصح كمن امامه رفع فرفع فتبين أن الإمام لم يرفع ثم يرجعون إلى الركوع فيتبعون المستخلف ولو لم يستخلف عليهم أحدا واجتزوا بهذا الرفع أجزأهم فإن غير من استخلفه الامام صحت صلاته على المنصوص فإن لم يستخلف الامام أحدا قدموا رجلا وصحت صلاتهم وكذلك ان لم يقدموا ولكن تقدم أحدهم وائتموا به فإن قدمت طائفة رجلا وقدمت أخرى آخر فإن كان غير الجمعة أجزأتهم صلاتهم وقد أساءت الطائفة الثانية بمنزلة جماعة يصلون فى المسجد بإمام فقدموا رجلا منهم وصلوا ولو قدموا رجلا منهم إلا واحدا منهم صلى فذاً فقد أساء وتجزئه صلاته بمنزلة رجل وجد جماعة تصلى بامام فصلى وحده وإن أتموا وحدانا فإن كانت غير الجمعة صحت وإن كانت الجمعة لم تصح على المنصوص لأن من شرطها الإمام والجماعة وقد فقد ولو أن الإمام حين طرأ له العذر أشار لهم لينتظروه فهل لهم أن يستخلفوا أولا قولان وشرط المستخلف إدراك جزء من الصلاة يعتد به قبل العذر كان يدرك الإمام قائما أو راكعا فدخل معه ثم يطرأ العذر للامام فان فاته الركوع فأدركه في السجود أو الجلوس فدخل معه فطرأ له العذر اذ ذاك واستخلفه بطلت صلاتهم لأنه كمتنفل أم بمفترض وقيل تصح لوجوب ماأدرك بدخوله فان لم يدرك المستخلف شيئا وإنما أحرم بعد حصول العذر فلا يصح استخلافه اتفاقا وتبطل صلاة من ائتم به وأما صلاته هو فإن صلى لنفسه صحت صلاتة وإن بنى على صلاة

الإمام أي استخلفه فإن في الركعة الأولى فكذلك أيضا وان كان في الثانية فكذلك على المشهور مقابلة تبطل بناء على البطلان بتعمد ترك سنة وهي هنا السورة وأما إن كان في الثانية أو في الرابعة فتبطل صلاته لجلوسه في غير موضع الجلوس ويقرأ المستخلف من حيث قطع ويبتدىء في السرية إن لم يعلم ويستخلف الإمام المسافر مسافرا مثله فإن لم يجده أو جهل واستخلف مقيما أتم بهم صلاة الإمام وقام لإكمال صلاته وسلم المسافرون حين قيامه على المشهور لأن صلاتهم قد انقضت وأتم إذ ذاك المقيمون أفذاذا لأنهم دخلوا على عدم السلام مع الإمام وإذا كان المستخلف مسبوقا وأكمل صلاة فالمشهور أنه يشير اليهم كالآمر لهم بالجلوس ثم يقوم للقضاء فينتظرونه إلى أن يكمل صلاته ويسلمون معه وقيل يستخلف من يسلم بهم فإن كان المستخلف مسبوقا وفى المأمومين مسبوق أيضا فكمل المستخلف صلاة الإمام فإن كلهم يجلسون إلى أن يكمل هذا المستخلف مافاته كما تقدم ويسلم معه من ليس بمسبوق ويقوم المسبوق للقضاء فان لم يدر المسبوق المستخلف ماعلى الامام أشار للمأمومين فأشاروا فان لم يفهم أو كانوا في ليل مظلم أفهموه بالتسبيح والا تكلم ولو رجع الامام فأخرج المستخلف وأم بهم في بقية الصلاة ففي بطلانها قولان (قلت) وقد رأيت أن أصل هذا الفصل بمسألة منه كنت سألت عنها قبل بمدة فأجبت عنها إذا ذاك وهي التي أشار لها الشيخ خليل بقوله وإن قال للمسبوق أسقطت ركوعا عمل عليه من لم يعلم خلافه وسجد قبله إن لم تتمحض زيادة بعد صلاة امامه طلب السائل منا بيان إجمالها وتوجيه أعمالها وحل إشكالها وهي وان كانت أجنبية عن الامام لكنها من حسان المسائل لاسيما ولم أر من أجاد شرحها من شراح المختصر وغيرهم فأثبت ماكنت قيدت فيها إذ ذاك هنا لماتحتاجه مخافة ضياعه ونص ذلك قال الشيخ خليل وان قال للمسبوق أسقطت ركوعا عمل عليه من لم يعلم خلافه وسجد قبله إن لم تتمحض زيادة بعد صلاة إمامه قوله وإن قال للمسبوق معناه أن الإمام إذا حصل له عذر فاستخلف مأموما مسبوقا ثم بعد مااستخلفه أخبره أنه أسقط ركوعا أو نحوه قوله يريد أن سجود أو قراءة الفاتحة على القول بالغاء تلك الركعة قوله من لم يعلم خلافه يشمل من علم صحة مقالته أو ظنها أو شك فيها أو توهمها من المأمومين ولايدخل في ذلك المستخلف لأنه مسبوق فلا علم عنده وفهم من كلامه أن علم خلاف قوله لايعمل عليه ثم إن علم صحة صلاة الامام وصلاة نفسه فلا يتبع المستخلف في الإصلاح وان علم صحة صلاة نفسه وشك في صلاة الإمام ففي لزوم اتباعه قولان قوله وسجد قبله ان لم تتمحض زيادة أي حيث تجمع مع النقصان واجتماعهما إنما يتصور

على المشهور من تحول ركعات الامام إذا بطلت إحداهما فمهما حصل العلم للمستخلف بما أسقطه الإمام من احدى الأولين بعد عقد الثالثة اجتمعت الزيادة والنقصان فالزيادة الركعة الملغاة والنقصان ترك السورة من الثانية التي سارت ثالثة وترك الجلوس عليها ان فاته وأما إن علم قبل عقدها فتتمحض الزيادة وأما على الشاذ من عدم التحول فالسجود بعدي أبدا لتمحض الزيادة والله تعالى أعلم ومفهوم الشرط ان تمحضت الزيادة سجد بعد السلام كما إذا استخلفه فى الرابعة فبعد أن صلاها أخبره أنه أسقط من الثالثة فتصير الرابعة التي صلى المستخلف ثالثة ويأتي برابعة ويسجد بعد السلام لتمحض الزيادة قوله بعد صلاة إمامه يتعلق بسجد ولفظ صلاة على حذف مضاف والمعنى أنه يسجد القبلي عند عدم تمحض الزيادة بعد كمال صلاة الامام وهذا هو المشهور لأنه موضع سجود إمامه وقيل يسجد بعد كمال صلاة نفسه تغليبا لحكم صلاته ابن عرفة ابن رشد سجوده بعد قضائه سماع موسى بن القاسم وإثر تمام صلاة الأول سماع أصبغ إياه اهـ وعلى سماع أصبغ درج المؤلف فان قيل هل في إتفاقهم على أن المسبوق يسجد مع الامام السجود القبلى ولا يؤخر إلى كمال صلاة نفسه ترجيح لما درج عليه المؤلف من سماع أصبغ قيل لا لأن المانع للمسبوق غير المستخلف من تأخير السجود إلى آخر صلاته إنما هو مخالفة الامام وذلك مفقود هنا وقد يقال إن الامام وإن لم وجد هنا حسا فهو موجود حكما قاله في التوضيح وقد رأيت أمثل ببعض الصور مما يشمله كلام المؤلف إذ بذلك معناه ويخرج من حيز الاجمال إلى التفصيل الصورة الأولى أن يدخل المسبوق مع الامام في قيام الثلاثة من الرباعية مثلا فيستخلفه فيها فبينما هو قائم في الرابعة أخبره الامام أنه أسقط ركوعا مثلا في إحدى الأوليين فتصير تلك ثالثة على المشهور من تحول الركعات فيكملونها ثم يأتي المستخلف بالفتح ومن لم يعلم خلاف قول الامام من المأمومين برابعة ويتشهد ويسجد بالجميع للسهو ثم يقوم وحده لركعة القضاء التي سبق بها فيقرأ فيها بالفاتحة وسورة ويتشهد ويسلم الجميع بسلامه ويصير أنما استخلف المستخلف على الثانية وأما من علم خلاف قول الامام فلا يتبعه في القيام لرابعة الامام بل يجلس إلى أن يسلم وإنما يتشهد بعد رابعة الامام لأنه لايقوم لقضاء مافاته إلا بعد كمال صلاة الامام ويسجد حينئذ تغليباً لحكم صلاة الامام كما مر وكان سجوده قبليا لاجتماع الزيادة وهي الركعة الملغاة والنقصان وهو ترك السورة من الثالثة لما صارت ثانية وترك الجلوس أثرها وأما لو فرعنا على الشاذ من عدم تحول الركعات لأنى بعد كمال التي هو فيها بركعة بالفاتحة وسورة قضاء عن

الفاسدة من الأوليين وتشهد ثم قام لركعة القضاء وسلم بعد السلام لتمحض الزيادة ويتبعه أيضا من لم يعلم خلاف قول الامام وأما من علم خلاف قوله فيجلس حتى يسلم مع الامام وإلى هذه الصورة أشار الشيخ ابن عرفة بقوله محمد ولو استخلف من فاتته ركعتان على ركعتين فقال له الأول بعد صلاة ركعة فقط أسقطت سجدة من الأوليين صارت الثالثة ثانية وهو لم يجلس عليها فليصل بهم ركعتين بناء فيتشهد فيسجد بهم فيأتي بركعة قضاء فيسلم بهم فقوله اهـ صارت الثالثة أي التي استخلف فيها وقوله ثانية بناء على تحول الركعات كما مر وقوله وهو لم يجلس عليها لأن الفرض أنه ماأخبره إلا بعد أن قام للرابعة وقوله فليصل بهم ركعتين أي التي قام فيها وأخرى لأن التي أخبره صارت ثالثة فيكملها ويأتي برابعة وقوله بناء مبنى على التحول أيضا ومنه يعلم أنه يقرأ فيهما بالفاتحة فقط ويتشهد أثرهما لكمال صلاة الامام الأول ويسجد هو وجميع المأمومين قبل السلام لاجتماع الزيادة والنقص كما مر ثم يأتي بركعة القضاء إذ قد كشف الغيب أنه لم تفته إلا واحدة ثم يسلم ويسلم الجميع بسلامه وإنما قال فليصل بهم ولم يقل بمن شك منهم أو بمن لم يعلم خلاف قول الإمام اجتزاء بتقدمه في كلامه في صورة أخرى وهى التى تذكر إثر هذه إن شاء الله تعالى * الصورة الثانية أي يخبره بذلك والمسألة بحالها بعد أن صلى بهم ركعتين بقية صلاة الأول فأخبره وهو في التشهد فيقوم هو ومن لم يعلم خلاف قول الإمام من المأمومين فيصلى بهم ركعة بأم القرآن فقط لأنها رابعة للامام ويتشهد إثرها ويسجد للسهو ويسجدون كلهم معه ثم يقوم وحده لركعة القضاء ويسلم بعدها ويسلم الجميع بسلامه ومن علم خلاف قول الإمام لايقوم بل يجلس أيضا إلى أن يسلم معه ووجه ذلك كما تقدم في الصورة الأولى وإلى هذه الصورة أشار الامام ابن عرفة بقوه سحنون لو قال الأول لمسبوق استخلف على ركعتي ظهر بعد صلاتهما أسقطت سجدة صلى بمن خلفه إن شكوا ركعة بأم القرآن فقط وقضى ركعة ويسجدبهم قبل سلامه وقيل قبل قضائه وإن أيقنوا فعلها قعدوا وصلى المستخلف ماعليه اهـ وقوله وقضى ركعة أي بعد أن يتشهد كما تقدم وقوله قبل قضائه هو المشهور كما مر وهذا إذا جزم الامام بالاسقاط وأما لو شك في ذلك فقال ابن عرفة أيضا إثر ماقبله يليه متصلا به مانصه ولو قال أشك فيها قرأ بأم القرآن وسورة لاحتمال عدم السقوط فتكون قضاء ويجلس عليها لاحتمال السقوط فتكون بناء ويصلونها معه إن شكوا ويسجدون قبل اهـ أي ثم يقوم وحده لركعة القضاء

وقوله قرأ فيها أي في الركعة التي يقوم لها هو ومن شك ثم قال ابن عرفة محمد لو استخلف من صلى معه ركعتين على ركعتين فذكر الأول بعد تمامها سجدة فإن شك المستخلف والقوم صلوا رابعة بناء وسجدوا قبل السلام فإن أيقنوا السلامة فلا شيء عليهم ولافرق بين هذه والتى قبلها في قول ابن عرفة سحنون لو قال الأول الخ إلا أن المستخلف في هذه غير مسبوق وفي تلك سبق ركعتين (فرع) قال ابن عرفة إثر ماقبله يليه ولو ذكر المستخلف أيضا سجدة من إحدى الأخيرتين سجد وتشهد وأتى بركعتين بناء وسجد قبل ويعيدون لكثر السهو اهـ والمعنى إذا استخلفه على ركعتين وهو غير مسبوق فصلاهما فبينما هو في التشهد أخبره الامام بأنه أي الامام أسقط سجدة من إحدى الأوليين وتذكر هذا المستخلف أنه أسقط سجدة من إحدى الأخيرتين فيسجد حينئذ لاحتمال أن يكون هو أسقط ذلك من الرابعة ويتشهد عقبها لذلك ثم يحتمل أن يكون إنما أسقط من الثالثة التى استخلف فيها فتبطل بعقد الرابعة وبالضرورة أن إحدى الأوليين باطلة أيضا فليس عنده صحيح بيقين إلا ركعتان فيأتي بركعتين بناء بالفاتحة فقط وهما الثالثة والرابعة ويسجد قبل السلام للزيادة ونقص السورة من الثانية لأنه لما بطلت إحدى الأوليين صارت إحدى الأخيرتين هي الثانية ولم يقرأ فيها إلا بالفاتحة وانظر قوله ويعيدون لكثرة السهو هل هو مبنى على القول ببطلان صلاة زيد فيها ركعتان فتكون الاعادة أبدية أو مبنى على المشهور أنها لاتبطل إلا بزيادة مثلها ولكن تستحب الاعادة مراعاة للقول بالبطلان أو أن كثرة السهو كيف كان موجب للاعادة والله أعلم الصورة الثالثة أن يخبره بذلك بعد قضاء ركعة واحدة من اللتين سبق بهما فتصير تلك رابعة صلاة الامام فيتشهد عليها ويسجد للسهو ويسجدون كلهم معه ثم يقوم وحده لركعة القضاء ويتشهد ويسلم ويسلم معه من علم خلاف قول الامام ومن لم يعلم خلافه صلى بعد سلام المستخلف ركعة بالفاتحة فقط لتحول ركعاتهم كما تقدم وإلى هذه الصورة أشار ابن عرفة بقوله ولو قال له بعد قضائه ركعة فقط جلس يتشهد فسجد بهم كما كان يفعل الأول وصلوا بعد قضائه بناء اهـ الصورة الرابعة أن يخبره بذلك بعد أن قضى الركعتين اللتين سبق بهما فصلاة المستخلف تامة لأنه صلى بالناس ركعتين وقضى فيسجد قبل السلام لأنه لما بطلت إحدى الأوليين صار استخلافه على الثانية وقد ترك منها السورة ولم يجلس عليها وزاد الركعة الملغاة ويسجدون كلهم معه ثم يسلم ويسلم معه من غير خلاف من علم خلاف قول الامام وتيقن عدم السقوط وأما من علم خلافه ممن تحقق النقص أو الشك فيه

فإنه إذا سلم المستخلف يأتي بركعة بالفاتحة فقط لأنها رابعة الامام ويسلم ثم يسجد بعد السلام أيضا من شك منهم فيما قاله الامام لاحتمال أن لا يكون بقي عليهم شيء فتكون هذه الركعة زائدة وكذا من تيقن عدم السقوط ممن كان سلم مع الامام لتحقق الزيادة في صلاة إمامه وأما من تيقن السقوط فلا يسجد بعد السلام إذ لا زيادة عنده وإلى هذه الصورة أشار الامام ابن عرفة بقوله ولو قاله بعد قضائه سجد قبل ومن خلفه وصلوا ركعة بناء وسجدوا بعد إن لم يتيقنوا سقوطها وتيقن كل المأمومين فعلها يسقطها عنهم ويوجبها على الامام قضاء وشك بعضهم يوجبها على الشك فتكون بناء اهـ فقوله صلوا ركعة بناء أى من تحقق من المأمومين السقوط أو شك فيه لقاعدة أن الشك في النقصان كتحققه وبدليل قوله وشك بعضهم بوجها أي الركعة على الشاك وإذا وجبت على الشاك فعلى الموقن بالسقوط أخرى وأما من تحقق عدم السقوط فلا يأتي بركعة لقوله وتيقن كل المأمومين فعلها يسقط عنهم يريد وتيقن البعض يسقطها عن ذلك البعض وقوله وسجدوا بعد إن لم يتيقنوا عن سقوطها هو صادق بمن تيقن عدم السقوط ومن شك فيه وإنما يسجد من تيقن عدم السقوط لتحققه لزيادة في صلاة إمامه ويسجد من شك فيه لاحتمال عدم السقوط فتكون هذه الركعة زائدة ومفهومه أن من تيقن السقوط لاسجود عليه إذ لازيادة عنده وهو كذلك والحاصل أن من تيقن السقوط يأتي بركعة ولايسجد بعد السلام ومن تيقن عدمه بالعكس لايأتي بركعة ويسجد بعد ذلك ومن شك فيه جمع بينهما فيأتي بركعة ويسجد بعد ذلك أيضا والله أعلم والسجود في الصور الثلاث قبل هذه قبلي لاجتماع الزيادة والنقص وفي هذه الرابعة قبلي وبعدي كما ذكر مفصلا. الصورة الخامسة من أدرك الإمام فى الثالثة فاستخلفه فيها أيضا وأخبره إذ ذاك باسقاطه سجدة من إحدى الأوليين لم يدر عينها فيسجد حينئذ لاحتمال كون الترك عن الثانية ولم يفت تداركها ويبنى على ركعة لاحتمال كون الترك من الأولى وقد بطلت بعقد الثانية فليس عنده محقق الصحة إلا واحدة فيصلى بهم ثلاثا بانيا على واحدة ويتشهد وينتظرون قضاءه ركعة ويسلم ويسلمون ويسجدون بعد لتمحض الزيادة ويعيد من خلفه صلاتهم لاحتمال كون الترك من الثانية فيكون قد أصاب بالسجدة محلها واستخلافه على اثنتين واستخلافه على هذا الاحتمال باطل لأنه لم يدرك من الثانية جزءا يعتد به فلما تبعوه بطلت صلاتهم ولو لم يتبعوه أعادوا أيضا لاحتمال وجوب أتباعهم له وتقديم غيرهم أولى وإلى هذا الصور أشار الشيخ ابن عرفة رحمه الله بقوله ولو قاله حين قدمه سجد بهم سجدة وبني على ركعة وصلى بهم ثلاثا بناء يتشهد آخرها

وينتظرون قضاءه ركعة ويسلم بهم الشيخ ويسجد بعد سلامه قال ويعيد من خلفه لاحتمال إصابته بالسجدة محلها فيصير مستخلفا على اثنتين وتصير الثالثة واجبة عليه فذا فلما صلوها معه بطلت صلاتهم ولو لم يتبعوه أعادوا لاحتمال وجوب اتباعهم والأولى تقديم غيره اهـ وانظر تعليل الشيخ أبى محمد إعادة من خلفه في احتمال إصابته بالسجدة محلها بصيرورة الثالثة واجبة عليه فذا فلما صلوها معه بطلت صلاتهم فظاهرة صحة الاستخلاف على هذا الاحتمال والبطلان إنما هو لاتباعهم له في الركعة الثالثة الواجبة عليه فذا وهذا إنما يأتي على مقابل المشهور من انه لا يشترط في صحة الاستخلاف إدراك المستخلف جزأ يعتد به وأما على المشهور من اشتراطه فالظاهر أن البطلان إنما هو لبطلان الاستخلاف رأسا كما تقدم وأنظر أيضا من علم خلاف قول الإمام هل يبقى قائما ولايتبع المستخلف في المسجدة فإذا جلس المستخلف على الثانية قام هو كمأموم جلس أمامه على ثلاثة فإذا قام المستخلف لرابعة صلاة الإمام جلس هو كمأموم قام إمامه لخامسة فإذا سلم المستخلف سلم معه وسجد معه بعد السلام للسهو وأعاد صلاته لاحتمال بطلان الاستخلاف كما مر أو حكمه خلاف هذا لم أقف فيه على شيء والله أعلم. الصورة الثالثة دخل المسبوق مع الامام في الرابعة فاستخلفه فيها فبعد أن صلاها وجلس للتشهد أخبره الامام باسقاط ركوع من الثالثة فيقوم ويأتي بركعة بالفاتحة فقط اتفاقا لأنا ان قلنا بتحول الركعات فهي رابعة وان قلنا بعدمه فثالثة ويتشهد عقبها ويتبعه في ذلك من لم يعلم خلاف قول الامام ثم يقوم وحده لقضاء مافاته ثم يسلم ويسلمون ومن علم خلاف قولا الامام يستمر جالساً إلى أن يسلم بسلامه أيضا ثم يسجدون كلهم بعد السلام للزيادة حتى من علم خلاف قول الإمام لترتب السجود على إمامه والله تعالى أعلم والسجود في هذه الصورة والتي قبلها بعدي لتمحض الزيادة وإلى هاتين الصورتين وما أشبههما أشار بقوله إن لم تتمحض زيادة وكلام الشيخ قابل لأكثر من هذا لان المتروك إما ركوع أوسجود أو قراءة الفاتحة وفى كل منها إما أن يستحلفه في قيام الثانية أو الثالثة أو الرابعة فهذه تسع صور وفي كل منها أن يخبره بالاسقاط وقت الاستخلاف أو بعد أن صلى ركعة أو ركعتين أو ثلاثا أو أربعا فهذه خمس صور فإذا ضربت في التسع خرج خمس وأربعون صورة وكلها مع تحقق الاسقاط فلو قال له الامام أشك أني تركت كذا جاءت الصورة كلها فالمجموع تسعون صورة إلا أن بعضها يبطل فيه الاستخلاف على المشهور تحقيقا كما إذا أدرك الثانية فاستخلفه فيها

وقال له أسقطت سجودا فيسجد المستخلف لإصلاح الأولى ويبني عليها حتى يكمل صلاة إمامه ثم يقضيها وتصح صلاته وحده دون من أتم به إذ لم يدرك جزأ يعتد به كما مر وفي بعضها يبطل على احتمال كما تقدم في الصورة الخامسة ونظر ابن عرفة على مااذا قال الامام لمدرك رابعة استخلفه فيها أسقطت قراءة الأولى وسجود الثانية وركوع الثالثة أو قال لمدرك ثالثة استخلفه فيها أسقطت سجدتين من الأوليين وأخبره بذلك قبل قضاء مافاته أو بعده قضاء ركعة أو بعد قضاء ركعتين أو قال له تركت سجدتين لا أدري من ركعة أو ركعتين وأخبره بذلك قبل قضائه أو بعد فطالع تطلع والله الموفق بمنه هذا ما أمكن جلبه في الحال مع تفرق الذهن وتشتت البال فمن وقف عليه من السادات الاعلام فرأى فيه فساد مما جرت به الأفلام أو مما قد يسبق إلى الأوهام فليتفضل علينا بالتنبيه على ذك أو الرجوع عن الخوض في تلك المسالك أخلص الله الكريم العمل لوجهه وتقبله بمحض جوده وفضله وتغمد الجميع برحمته وطوله آمين يارب العالمين وكتبه عبد الله محمد بن أحمد ميارة زاد الله له بمنه وكرمه حامدا الله تعالى مصليا ومسلما على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله مسلما على من يقف عليه من السادة الأعيان طالياً منهم صالح الدعاء فى السر والإعلان

كتاب الزكاة

كتاب الزكاة تكلم في هذا الكتاب على القاعدة الثالثة من قواعد الاسلام وهي الزكاة، والزكاة لغة النمو والزيادة يقال زكا الشيء إذا نما وكثر إما حساً كالنبات والمال أو معنى كنمو الإنسان بالفضائل والصلاح وسميت صدقة المال زكاة لانها تعود بالبركة في المال الذي أخرجت منه وتنميه وقيل لأن القدر المخرج يزكو عند الله وينمو كما جاء في الحديث ماتصدق عبد بصدقة من كسب طيب ولايقبل الله إلا الطيب إلا كان كأنما يضعها في كف الرحمن فيربيها له كما يربى أحدكم فلوه أو فصيله حتى تكون كالجبل وقيل لأن صاحبها يزكو بأدائها كما قال تعالى {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} وكونها إحدى القواعد الخمس معلوم من الدين ضرورة وأدلة وجوبها من الكتاب والسنة والإجماع مشيرة فلا نطيل بها فمن جحد وجوبها فهو مرتد يستتاب ثلاثة أيام فان لم يتب قتل كفراً لإنكاره ماعلم من الدين ضرورة ومن أقر بوجوبها وامتنع من أدائها أخذت منه كرها وإن بقتال ويؤدب على امتناعه من إعطائها وتجزئة على المشهور قال الإمام الجزولي ولها شروط وجوب إجزاء وآداب فشروط وجوبها سبعة الإسلام والحرية والنصاب وصحة الملك احترازا من الغاصب وتمام الحول فى غير الحبوب ومجيء الساعي في الماشية وعدم الدين في العين، وشروط إجزائها أربعة النية أنها زكائه وإخراجها بعد وجوبها ودفعها إلى إمام عادل أو في الأصناف الثمانية عند عدمه والاخراج من عين ماوجبت فيه لاعوض منه وآدابها ثمانية إخراجها عن طيب النفس ومن كسب طيب ومن خياره ودفعها للمساكين باليمين وسترها من أعين الناس وتفريقها في البلد الذي وجب فيه وأن يقصد بها الأحوج وعلى الإمام أو المصدق أن يدعو لدافعها اهـ قال في الجواهر: وهي بالإضافة إلى متعلقاتها ستة أنواع زكاة النعم والنقدين والمتجارة والمعشرات والمعادن والفطر اهـ فُرِضَتِ الزَّكاةُ فِيما يُرْتَسَم عَيْنٍ وحَبٍّ وثِمارٍ وَنَعَم

أخبر أن الزكاة فرضت فيما يرتسم أى يرسم ويكتب فيفتعل بمعنى يفعل ومراده فيما يذكر ثم أبدل من لفط ماتجب فيه الزكاة وهو الأنواع الثلاثة أولها العين وهو الذهب والفضة وعنه عبر ابن شاس بالنقدين كما مر، الثاني الحبوب والثمار وعبر غير الناظم كابن الحاجب والشيخ أبى محمد وغيرهما من هذا النوع بالحرث، قال الجزولي الحرث اسم لجميع فوائد الأرض مابين حبوب وثمار مما هو أطعمة مقتاتة مدخرة وبعضهم عبر عنه بالمعشرات كما مر عن الجواهر. الثالث النعم وهى الإبل والبقر والغنم واستعمل الناظم كابن الحاجب وغيره لفظ النعم اسم جنس للأنواع الثلاثة الإبل والبقر والغنم لقوله تعالى {فجزاء مثل ما قتل من النعم} وقال الجوهري النعم واحد الأنعام وهي الأموال الراعية وأكثر مايقع هذا الاسم على الإبل (تنبيه) تقدم عن الجواهر أن الذى تجب فيه الزكاة ستة أنواع ذكر الناظم في هذا البيت منها ثلاثة أنواع ثم عقد فصلا آخر الكتاب لزكاة الفطر وسكت عن زكاة المعدن ولعلة أدرجها في زكاة العين وإن كانت تخالفها في قليل من الأحكام نظرا لاتفاقهما في كثيرها كما سكت أيضا في هذا البيت عن زكاة العروض وهي التي عبر عنها في الجواهر بالتجارة نظرا إلى أنها آيلة إلى زكاة العين فأدرجها فيها أيضا كالمعدن ثم ذكرها صريحا مع بعض مايتعلق بها في قوله والعرض ذو التجر البيتين والله تعالى أعلم فى العَيْنِ وَالأَنْعاَم حَقَتْ كُلَّ عامْ يَكْمُلُ والحَبَّ بالإِفْرَاكِ يُرَام والتَّمْرِ والزَّبِيبِ بِالطِّيبِ وَفي ذِى الزَّيْتِ مِنْ زَيْتِهِ وَالحَبِّ يَفِي أخبر أن الزكاة في العين والأنعام حقت أي وجبت أي تجب في كل عام يكمل وينقضى فجملة يكمل صفة لعام بمعنى أن مرور الحول شرط في وجوبها فيهما وأن زكاة الحرث لايشترط في وجوبها مرورالحول بل تجب في الحبوب بالافراك وفى التمر والزبيب بالطيب وان لم يكمل الحول ولذا قال ابن الحاجب والحول شرط إلا في المعادن والمعشرات فالحب مبتدأ وجملة يرام أي يطلب خبره وبالإفراك يتعلق بيرام وفاعل يرام يعود على الحب على حذف مضاف أي تطلب زكاته بالافراك وأن ماله زيت من الحبوب تخرج الزكاة من زيته إذا بلغ حبه النصاب فجملة (والحب يفي) إلى بالنصاب حالية وفهم من كلامه أن مالا زيت له من سائر الحبوب والثمار تخرج الزكاة من عينه ولا

اشكال في ذلك وقد تقدم أن من شروط أدائها اخراجها من عين ماوجبت فيه فتكلم على ماقد يتوهم وسكت عما هو جار على الأصل ويدخل في الحب القمح والشعير والمسلت وهو حب بين القمح والشعير لاقشر له ويعرف بشعير النبي عند أهل المغرب قاله الشيخ زروق قال بعضهم يعرف عند البرابر بآشنتيت ويدخل أيضا العلس وهو حب صغير يقرب من خلقة البر التوضيخ ويدخل أيضا الارز والدخن وهو البشنة والذرة وهي على نوعين بيضاء وهي التي تعرف بهذا الاسم وسوداء وتعرف بآنيل وتدخل القطانى على المعروف وهي الفول والحمص والجلبان واللوبياء والترمس والبسلة والعدس والكرسنة وأما التمر والزبيب فقد صرح بهما ويدخل في ذي الزيت الزيتون والجلجلان وحب الفجل ونحوها مما له زيت وضابط ماتجب فيه الزكاة على قول الجمهور أنه المقتات المدخر للعيش غالياً كما يصرح به الناظم بعد هذا في قوله إذ هي في المقتات فيما يدخر وقال ابن الماجشون وكل ذي أصل من الثمار كالرمان والتفاح وقيل غير ذلك وعلى المشهور فلا زكاة في البقول ولا في الفواكة كالرمان وكذلك التين ولا في العسل وفي حب الفجل والكتان والعصفر ومالا يتتمر كبسر مصر ولايتزبب كعنبها ولايخرج زيتا كزيتونها خلاف المشهور ووجوب الزكاة إلا في حب الكتان أما مرور الحول في العين فلا شك في كونه شرطا كما صرح به ابن الحاجب وغيره فاذا تلف النصاب أو جزؤه قبل الحول ولو بيوم سقطت الزكاة وكذلك إذا تلف النصاب بعد الحول وقبل الإمكان كما لو تعذر الوصول إلى المال بسبب من الأسباب واختلف إذا تلف بعضه والمسألة بحالها بعد الحول وقبل الإمكان فالمشهور السقوط وأوجبها ابن الجهم ومنشأ الخلاف الفقراء شركاء في النصاب بدفع عشرة أو ليسوا كذلك وإنما المقصود إرفاقهم بشرط النصاب ولو أخرج الزكاة وعزلها عنه حولها فضاعت من غير تفريط لم يضمن ولو عزلها بعد حولها وقد كان فرط في تأخيرها فضاعت ضمنها ولو عزلها عند محلها فضاع المال المزكى وبقيت الزكاة عكس ماقبله وجب عليه دفعها والمشهور جواز إخراجها قبل الحول بيسير واختلف في حد القرب فقيل اليوم واليومان وهو قول ابن المواز وقيل العشرة أيام ونحوها وهو قول ابن الحاجب فى الواضحة وقيل الشهر ونحوه رواية عيسى عن ابن القاسم وقيل الشهران ونحوهما وهو لالمالك في المبسوط وهل هذا الخلاف في جواز الإقدام على ذلك ابتداء وهو ظاهر كلام ابن الحاجب أو بعد الوقوع والنزول وهو الذى نقل صاحب الجواهر والتلمساني وغيرهما قال في التوضيح وهو أقرب لأن المطلوب ترك ذلك ابتداء ومما يتعلق باشتراط الحول في العين الكلام على نماء المال وهو جنس تحته

ثلاثة أنواع: الربح والفائدة والغلة، ودليل الحصر في الثلاثة الاستقراء، والمراد حصر النماء في الثلاثة لاحصر الثلاثة في النماء لأن أحد طرفي الفائدة كالهبة لم ينم عن مال فالربح يزكى لحول أصله كان أصله نصاباً أو لا كما يقول الناظم: وحول الأرباح ونسل كالأصول: وهو كما قال ابن عرفة زائد ثمن مبيع تجر على ثمنه الأول فمن كان له دينار أقام عنده أحد عشر شهراً ثم اشترى به سلعة ثم باعها بعد شهر بعشرين فإنه يزكي الآن وهذا هو المعروف لأن حول الربح وهو التسعة عشر حول أصله وهو الدينار ويقدر كون ذلك الربح في أصله من أول الحول وعليه فمن له عشرة حال عليه الحول فأنفق خمسة منها ثم اشترى بالخمسة الباقية سلعة باعها بخمسة عشر أو اشترى بخمسة أولا ثم أنفق خمسة فه يقدر وجود الربح حين الحول فتجب الزكاة في الوجهين وهو مذهب المغيرة أو يقدر وجوده حين حصوله فتسقط الزكاة في الوجهين وهو قول أشهب أو يقدر وجوده حين الشراء فتسقط في الوجه الأول وهو اذا أنفق أولا ثم اشترى وتجب في الثاني وهو إذا اشترى ثم انفق وهو قول ابن القاسم ثلاثة أقوال [فر] (فرع) [/فر] من تسلف عشرين دينارا فاشترى بها سلعة اقامت حولا ثم باعها بأربعين ولم يكن عنده مايجعله فى مقابله العشرين المتسلفة فالاتفاق أنه لازكاة عليه في العشرين لأنها عليه دين واختلف في زكاة الربح فقال ابن القاسم يزكي لأنه ملك الأربعين عليه منها عشرون وقال المغيرة لا زكاة عليه فيه لأنها إذا سقطت الزكاة من الأصلى فالربح أحرى وقال مطرف إن نقد من ماله شيئا ولو قل يزكي وإن لم ينقد شيئا فلا زكاة [فر] (فرع) [/فر] من كان عنده عشرون دينارا فاشترى بها سلعة على أن ينقدها فلم ينقدها حتى حال الحول فباع السلعة بأربعين فاختلف في عشري الربح على ثلاثة أقوال الأول أنه يزكي لحول الأصل رواه ابن القاسم وعن بزيزة وهو المشهور والقول الثاني أنه يزكي من يوم الشراء قاله ابن القاسم والقول الثالث يستقبل بالربح رواه أشهب عن مالك وأما الفائدة فيستقبل بها بعد قبضها وهي ماحدث لا عن مال أصلا كالعطايا والميراث أو عن مال لا تجب فيه الزكاة كثمن عرض القنية فإن استفاد فائدة بعد أخرى فإن كانت الأولى نصابا زكيت على حولها وكل مايستفيد بعدها يزكي لحول نفسه كان نصابا أو لا فإن اختلطت عليه الأصول كان حول آخرها على المشهور وإذا كانت الفائدة الأولى دون النصاب ضمت إلى الثانية اتفاقا فإن كمل منهما معا النصاب فحولهما معا من حول الثانية وكل مايستفيده بعد ذلك يزكيه لحول نفسه نصابا أو أقل وإن لم يكمل النصاب منهما ضمتا معا إلى الثالثة فإما أن يكمل النصاب أولا فأجره على ماذكرناه

(فرع) إذا ملك عشرة فى المحرم وعشرة فى رجب فحولهما معا رجب كما تقدم فإذا أنفق العشرة المحرمية أو ضاعت بعد أن حال حولها ثم حال حول الرجبية وهي ناقصة عن النصاب فقال ابن القاسم بسقوط الزكاة لأنه يشترط اجتماعهما في الملك وكل الحول ولم يجتمعا إلا في نصفه وقال أشهب بوجوب الزكاة لأنه يكفي عنده اجتماعهما في الملك وبعض الحول ولم يجتمعا إلا نصفه لأنه يرى أن زكاة كل فائدة على حولها وإنما أخرت زكاة الأولى مخافة أن لاتبقى الثانية فإذا تبين البقاء زكيتا فلو ضاعت الثانية أو أنفقها قبل حولها فالاتفاق على سقوط الزكاة أو ضاعت الأولى وأنفقها قبل حولها فلا خلاف في سقوط الزكاة أيضا لفقد الحول ولو أنفق الأولى بعد حولها فحال حول الثانية وهي نصاب فيتفق على وجوب الزكاة في الثانية ويختلف في الأولى (فرع) إذا كانت الفائدة الأولى نصابا فعلى حولها كما مر فإذا نقصت عن النصاب فإن نقصت قبل كمال حولها فكالناقصة من أول وهلة تضم الثانية كما تقدم وان حال حولها كاملة ثم حال مرة أخرى ناقصة فلا تضم لما بعدها على المشهور بل تزكى كل فائدة على حولها لأن كل فائدة قد تقرر حولها بوجوب الزكاة فيها وقال ابن مسلمة تنتقل كما لو نقصت قبل حولها ورجحه في التوضيح وأما الغلة فالمشهور أنها كفائدة يستقبل بها حولا والشاذ إلحاقها بالربح قتزكى لحول أصلها والغلة هي نماء المال من غير معاوضة به فقولهم نماء المال خرج بذلك أحد نوعي الفائدة وهو ماتجدد عن غير مال كالعطية والميراث وقولهم من غير معاوضة به خرج به النوع الثاني من نوعي الفائدة وهو ماتجدد من مال غير مزكى كمن كان عنده عرض قنية فباعه فإن ثمنه نماء مال لسكن بعد المعاوضه به، وخرج به الربح أيضا لأنه مع المعاوضة ومثال الغلة من اشترى أصولا للتجارة فأثمرت وليس في عين تلك الثمار زكاة إما لكونها من الفواكه والخضر التي لازكاة فيها أو مما تزكي لكنها دون النصاب ثم باع تلك الثمار فالمشهور أنه يستقبل بثمنها وقيل يزكيه لحول المال الذي اشترى به تلك الأصول وما لو وجبت في عين الغلة زكاة كما لو اغتل نصابا من الثمر أو الحب فإنه يزكيه زكاة المعشرات اتفاقا ثم يكون كسائر سلع التجارة فإذا تم له حول عنده من يوم أدى زكاته قومه إن كان مدبرا أو له مال عين سواه وإن كان غير مدبر فلا تقويم عليه حتى يبيع، فإن باعه بعد الحول من يوم أدى زكاته زكى الثمن مكانه وإن باع قبل الحول تربص، فإذا تم الحول زكى وكذلك إذا اكترى أرضا للتجارة وزرع فيها للتجارة قاله في المدونة وأما إذا لم تجب في عين الغلة زكاة ولم يبعها بل بقيت عنده فهي كسائر سلع التجاة إما ان يكون مدبرا أو محتكرا وإما غلة اصول القنية فإن وجبت زكاة في عينها زكيت ثم لا شيء عليه حتى يبيعها ويستقبل بثمنها حولا لأن ثمنها فائدة لتجدده عن مال غير مزكى وهيى الأصول

المقصود بها القنية وكذا ان لم تجب في عينها زكاة استقبل بثمنها أيضا وأما لو اشترى الأصول للتجارة وفيها ثمار لم تطب ثم باع الثمرة طيبها وليست نصابا أو قبل الطيب على القطع ولو كانت نصابا فثمنها فائدة لأن مباشرة العقد للثمرة هنا كانت بطريق التبع فلم تكن مقصودة فلم تحصل معاوضة وذلك شأن الفائدة في أحد وجهيها، التوضيح ويبين لك هذا أنها لو كانت الثمرة مأبورة عند العقد لزكى ثمنها لحول الأصل/ ابن الحاجب في تمثيل الغلة وكذلك غلة دور التجارة وعبيدها وغنمها، التوضيح، قال في النوادر ومن المدونة قال مالك وما اتخذته المرأة من الحلي لتكريه فغلته فائدة وكذلك غلة ما اشترى للتجارة أو للقنية من رباع أو غيرها قال وأما من اكترى داراً ليكريها فما اغتل من هذه فليتركه لحول من يوم زكى ما نقد من كرائها لا من يوم اكترائها وهذا إذا اكتراها للتجارة أو القنية لأن هذا متجر وأما إن اكتراها للسكنى فأكراها له لأمر حدث فلا يزكي غلتها وإن كثرت إلا لحول من يوم بقبضها اهـ وأما مرور الحول بالنسبة لزكاة النعم فهو شرط أيضا كما شمله قول ابن الحاجب والحول شرط إلا في المعادن والمعشرات فلو نقص نصاب الماشية ولو قبل الحول بيوم فلا زكاة وإن كانت أقل من النصاب فتوالدت وكمل النصاب ولو قبل الحول بيوم فالزكاة لأن حول نسل الأنعام حول أمهاتهم كما يأتي في قول الناظم: وحول الأرباح ونسل كالأصول: وهذا إذا لم تكن سعاة أو كانت لاتصله فحينئذ تجب بمجرد مرور الحول وأما إذا كانت سعاة وتصله فمجيء الساعي شرط وجوب على المشهور وعليه لو مات رب الماشية بعد الحول وقبل مجيء الساعي لم يجب على الوارث إخراجها لأنها لم تجب على الميت ولكن يستحب له إخراجها ولو أوصى بزكاتها إذ ذاك فمات لم تخرج من رأس ماله إذ لم تجب عليه وإنما تخرج من الثلث ولو أخرجها قبل مجيء الساعي لم تجزه وكان له أخذها منه وعلى اشتراط مجيء الساعي أيضا ولو مر الساعي بانسان فوجد ماشيته ناقصة عن النصاب ثم رجع وقد كملت استقبل حولا لأن حول الماشية هو مرور الساعي بها بعد الحول ولو اعتبر رجوعه لما انضبط لها حول (فرع) إذا سأل الساعي رب الماشية عن عددها فأخبره ثم زادت الماشية بولادة أو نقصت بموت ثم عد عليه فإن كان الساعي لم يصدق ربها فيما أخبره فالمعتبر ما وجد حين عد اتفاقا وإن كان قد صدقه ففي النقص تسقط الزكاة كما لو ضاع جزء من العين قبل التمكن من الأداء وفي الزيادة طريقتان حكاهما ابن بشير إحداهما المعتبر ماصدقه فيه الثانية تحكى قولين، قيل المعتبر ماصدقه وقيل ماوجد (تنبيه) وكما يشترط مجيء الساعي فذلك يشترط أيضا عده وأخذه فلو نقصت بعد

مجيئه وقبل أن يعد أو بعد أن عد وقبل أن يأخذ لم تجب قال في المدونة ومن كانت غنمه مائتي شاة وشاة فهلكت منها واحدة بعد نزول الساعى وقبل العد لم يأخذ غير شاتين ونقل عن أبى الحسن اللخمي وأبى عمران أنها لو نقصت بعد العد وقبل الأخذ لا يأخذ إلا شاتين واعترض به على ظاهر المدونة (فرع) وتتعلق الزكاة بذمة الهراب من السعاة اتفاقا فيجب عليهم أداؤها على ماضي السنين التي هربوا فيها وإذا تخلف السعاة أعواما أخذوا عما تقدم إذا بقي بيد أرباب الماشية ما يؤخذ منه ولولا قول مالك بعد قوله أخذوا لماضي السنين وذلك الأمر عندنا لكان مقتضى كونه أي مجيء الساعي شرطا في الوجوب أن لا يأخذ للماضي/ اللخمي فإن كان تخلف السعاة لشغل أو أمر لم يقصدوا فيه إلى تضييع الزكاة فأخرج رجل زكاة ماشيته أجزأت (فرع) إذا امتنع الخوارج ببلد أعواما وظهر عليهم أخذوا بالزكاة لماضي الأعوام في العين والحرث والماشية قال أشهب إلا أن يقولوا أدينا فيصدقون بخلاف الهارب منها فلا يصدق (فرع) ويكون خروج السعاة لأخذ زكاة الماشية أول الصيف لقلة المياه حينئذ فتجتمع الناس فيكون في ذلك رفق بالسعاة حيث يجدون الناس مجتمعين وبأرباب المواشي إذ قد يحتاج إلى سن فيجده عند غيرهم وفي أخذهم سنة الجدب قون واعلم أن مرور الحول كله هو أحد شروط وجوب زكاة العين كما تقدم ولا يكفي مرور بعضه، الشرط الثاني بلوغ المال النصاب وسيأتي الكلام عليه بعد إن شاء الله، الشرط الثالث الملك احترازاً من غير المملوك كالمال المغصوب بالنسبة إلى الغاصب والمودع والملتقط بالنسبة إلى الحافظ والملتقط، الشرط الرابع أن يكون الملك كاملا احترازاً من العبد والمديان بالنسبة إلى العين، الشرط الخامس أن لا يكون المال معجوزاً عن تنميته احترازاً من العين المغصوبة بالنسبة إلى المغصوب منه ومن المدفون والموروث إذ لم يعلم به وقد ذكر ابن الحاجب هذه الشروط في زكاة العين وهي أيضاً شرط في زكاة الماشية على تفصيل في بعض المسائل المحترز عنها بالشروط المذكورة بحسب اللائق بكل نوع

وشرط هذا في زكاة الحرث ماعدا مرور الحول فإن الافراك في الحب والطيب في الثمار بدل عنه ولذا قابل الناظم مرور الحول في العين والأنعام بالافراك، والطيب في الحرث والثمار، فأما مايتعلق بمرور الحول فقد تقدم وأما مايتعلق بالملك فلا زكاة على غاصب عين أو ماشية أو أشجار في ثمارها الزكاة لأنه غير مالك، وماذكرنا من سقوط الزكاة عن غاصب العين كذلك يظهر من التوضيح أول الزكاة ونقل المواق عن لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه لابن الحاجب فإن أعتق العبد استقبل حولا بالنقد والماشية كما لو انتزع ذلك منه سيده أي فإن السيد يستقبل به حولا وأما الحبوب والثمار فإن عتق قبل الوجوب زكى وإلا استقبل وأما المديان فلا يسقط عنه بالدين إلا زكاة العين غير المعدن أما زكاة المعدن فلا تسقط عنه بالدين كزكاة الحرث أو الماشية ومن المدونة قال مالك لايسقط الدين زكاة الماشية والثمار قال عنه ابن المواز إنما يسقط الدين زكاة العين فقط اهـ ثم لافرق في الدين الذي عليه بين أن يكون عينا

أو غيره حالا أو مؤجلا وإنما سقطت عنه لعدم كمال ملكه إذ هو بصدد الانتزاع ولكونه غير كامل التصرف كالعبد فإن كان عند المديان عرض يباع مثله في دينه كداره وسلاحه وخاتمه وثوبي جمعته إن كان لهما قيمة فالمشهور جعل الدين في مقابلة العروض ويزكى العين فلو كان عرضه يساوي عشرين ودينه عشرون لزكى مابيده ان كان نصابا لأنه يجعل الدين في ذلك العروض وتزكى العين وقال ابن عبد الحكيم يجعل الدين في العين لأنه الذي لو رفع إلى الحاكم لم يقض إلا به وهل يشترط مرور الحول على هذا العرض أم لا؟ لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه اشترطه ابن القاسم ولم يشترط أشهب إلا كونه مملوكا في آخر الحول والحبوب والثمار كالعروض في جعلها في مقابلة الدين زكى عنها أم لا ومن كان بيده عشرون ديناراً وعليه من الدين نصف دينار ولا عرض عنده يجعله في مقابلة الدين سقطت الزكاة عنه إذ لم يملك ملكا كاملا إلا تسعة عشر ديناراً ونصفاً، ومن بيده ثلاثون ديناراً ولا عرض عنده وعليه عشرة دنانير زكى عشرين فقط وكذا لو كان عنده عرض يساوي عشرة دنانير، أما العرض الذي لايباع على الفلس فلا عبرة به كثياب جسده وما يعيش به الأيام هو وأهله وأما المال المعجوز عن تنميته كالمغصوب فلا زكاة على مالكه ما دام عند الغاصب عينا أو ماشية أو ثماراً وتقدم حكم ما إذا رده لربه وكذا العين المدفونة إذا ضل موضعها عن دافنها فلم يجدها إلا بعد سنين فيزكيها لعام واحد قاله مالك في المجموعة ابن رشد وهو أصح الأقوال وكالعين الموروث يقيم أعواما لا يعلم به من ورثه ولم يوقف له وان علم به ولم يوقف له ففي زكاته قولان وعلى الزكاة فهل يزكيه لما تقدم أو لعام واحد قولان وان وقف له ولم يعلم به فثلاثة أقوال: يستقبل يزكى لسنة كالدين يزكى لماضى السنين فان علم به وقف له فالمشهور لا يزكي إلا بعد حول من قبضه وأما الماشية الموروثة والحرث الموروث قبل بدو صلاحه فإنهما يزكيان من غير قيدي الإيقاف والعلم لأن النماء حاصل فيهما من غير كبير محاولة ففارقا العين وكون الوجوب في الحبوب بالافراك وفي الثمار بالطيب كما ذكره الناظم هو المشهور وقيل يجب في الحبوب بالحصاد وفي الثمار بالجذاذ وقيل بالخرص وتظهر ثمرة الخلاف لو مات ربها أو باع أو عتق العبد فيما بين ذلك فاذا مات قبل الوجوب فلا تجب الزكاة إلا على من بلغت حصته من الورثة النصاب وان مات بعده أن كان في المجموعة نصاب زكى وإلا فلا وإن باع قبل الوجوب فالزكاة على المشتري وبعده فالزكاة على البائع فيخرج مثل مالزمه من الحب أو الثمر أو الزيت ويسأل المشتري عما خرج من الزيت إن كان يوثق به وإلا سأل أهل المعرفة فإن أعدم البائع فعلى المشتري إن وجد ذلك عنده بعينه ثم يرجع المشتري على البائع بقدر ذلك من الثمن وإذا اعتق قبل الوجوب فالزكاة لكونه مخاطباً بها وقت الوجوب وبعده فلا زكاة

وأما ما ذكر الناظم من كون الإخراج من زيت ماله زيت من الحبوب كالزيتون والجلجلان فهو المشهور إذ لولا الزيت ماتعلقت بهذا النوع زكاة، وقال ابن كنانة وابن مسلمة وابن عبد الحكم إنما يعطى من الحب ثالثها، الحب يجزىء والزيت يجزىء وعلى المشهور فالمعتبر في تعلق الزكاة بلوغ الحب النصاب اتفاقا وإلى ذلك أشار الناظم بقوله والحب بفي أي بالنصاب يعني ولايشترط في الزيت بلوغه نصابا في الوزن بل يعطى عشر الزيت قل أو كثر ابن الحاجب فلو باع زيتونا لازيت له فمن ثمنه وماله زيت مثل مالزمه زيت يريد ويسأل المشترى كما مر ابن يونس قال مالك ويتحرى مايأكله من فريك زرعه والفول والحمص أخضر فإن بلغ ماخرصه على اليبس خمسة أوسق زكاة وأخرج عنه حبا يابساً من ذلك الصنف قال في كتاب ابن المواز وإن شاء أخرج من ثمنه ابن رشد قال مالك في الفول والحمص يبيعه أخضر، لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه إن شاء أخرج من ثمنه ابن الحاجب وفيما لايكمل يخرج من ثمنه قل الثمن أو كثر وهو المشهور، التوضيح ما لا يكمل كعنب مصر وزيتونها/ المواق أنظر كرم غرناطه أكثره لايشتري للتيبيس ومن أعنابها مايتعذر تيبيسه ومما لا يضبط خرصه ومنهم من يبيع منه على يديه يوماً بيوم ومقتضى النصوص أن هذا مسوغ لإخراج القيمة أو الثمن كما قاله مالك في الفول الأخضر وزيتون مصر والعنب الذي لايتزبب ومن اللخمي روى محمد إن باعه عنبا كل يوم وجهل خرصه فمن ثمنه/ ابن يونس، وقال مالك إن لم يضبط خرصه ولا يتحراه فليؤد من ثمنه، وقال ابن رشد في العنب الذي لايتزبب إن عمل به ربا إن شاء أعطى عشر الرب أو عشر قيمة العنب، قال ولو أعطى عنبا لأجزأه اهـ والحاصل أن ما له زيت يخرج من زيته وما لا زيت له مما شأنه أن يكون له زيت كزيتون مصر فمن ثمنه كذا مالا ييبس مما شأنه أن ييبس كعنبها فمن ثمنه أيضا وكذا ماييبس ولكنه أكل أخضر كما تقدم عن ابن يونس أو يباع ليؤكل أخضر كالفول والعنب فمن ثمنه أيضا وكذا مالا يضبط خرصه أو عمل ربا على أحد الوجوه فيه وماعدا ذلك فالزكاة من عينه، أما الحب فقال ابن الحاجب يؤخذ من الحب كيف كان اتفاقا، التوضيح كان طيبا كله أو رديئاً كله أو بعضه طيباوبعضه رديئاً اهـ، أي فيؤخذ من كل بقدره، هذا مع اتحاد النوع ابن عرفة وإن اختلف أنواعه فمن كان بقدره وأما الثمار فقال ابن الحاجب أيضا وفي الثمار ثالثها المشهور إن كانت مختلفة فمن الوسط وإن كان واحداً فمنه اهـ والقول الأول عنده يؤخذ من الوسط مطلقا كالماشية والثاني إنه يؤخذ منه مطلقا (فرع) في إخراج العين عن الطعام وعكسه أربعة أقوال الأول الكراهة قال أصبغ

الثاني المنع ولا يجزىء الثالث إن أخرج العين عن الحب أجزأ على كراهة وإن أخرج الحب عن العين لم يجزىء قال ابن القاسم الرابع عدم إجزاء أحدهما عن الآخر إلا فى زمن الحاجة إلى الطعام فيجزىء عن العين نقله ابن رشد عن ابن حبيب وَهِىَ فى الثِّمارِ والحَبِّ العُشُرْ أَو نِصْفُهُ أِنْ آلَةَ الُسقْي يَجُرْ خَمْسَةُ أوْسُقٍ نِصَابُ فِيهماَ فِى فِضَّةِ قُلْ مائِتاَنِ دِرهَماَ عِشْرُونَ ديناراً نِصابُ فى الذَّهَبْ وَرُبُعُ العُشْرِ شَرْعاً قَدْ وجَبْ تعرض فيء هذا الأبيات لبيان الزكاة في الثمار والحبوب وفي النقدين أي لبيان القدر المخرج من ذلك فضمير هي للزكاة مرادا بها الإسم ولبيان النصاب في الثمار والحبوب وفى النقدين أي لبيان القدر الذي إن بلغه المال وجبت الزكاة فيه فأشار إلى بيان القدر المخرج من الثمار والحبوب بقوله وهي في الثمار والحب البيت وأشار إلى بيان النصاب فيهما بقوله (خمسة أوسق نصاب فيهما) ثم أشار إلى بيان النصاب (في الفضة والذهب بقوله فى فضة قل مائتان درهما عشرون دينارا نصاب في الذهب) ثم أشار إلى بيان القدر المخرج منهما بقوله (وربع العشر فيهما وجب) والنصاب من المال هو أقل ماتجب فيه الزكاة سمي نصابا لأنه الغاية التي ليس فيما دونها زكاة والعلم المنصوب لوجوب الزكاة والحد المحدود لذلك قال تعالى {إلى نصب يوفضون} أي إلى غاية أو علم منصوب لهم يسرعون أو يكون مأخوذا من النصيب لأن المساكين لايستحقون في المال نصيبا فيما دون ذلك أما القدر المخرج من الثمار والحبوب فقال ابن الحاجب والمخرج العشر فيما سقي بغير مشقة كالسيح وماء السماء وبعروقه ونصف العشر فيما سقى بمشقة كالدواب والدلاء وغيرهما ولو اشترى السيح فالمشهور العشر، لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه التوضيح فوجه المشهور عموم قوله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر ابن حبيب البعل مايشرب بعروقه من غير سقي سماء ولا غيرها والسيح مايشرب بالعيون والعثري ماتسقيه السماء، والنضح ماسقته السواقي والدرانين باليد وبالدلو اهـ فقول الناظم (أو نصفه) بالرفع عطف على العشر المخبر به عن الضمير صدر البيت وآلة بالرفع فاعل بفعل محذوف يفسره بحر آخر البيت ومفعوله محذوف أي ماذكر من الثمار والحبوب ومعنى جر آلة لذلك أنها سبب فيه أي

يوجد عندها لا بها (فرع) قال ابن بشير إن كان يشرب بالسيح لكن رب الأرض لايملك ماء وإنما يشتريه بالثمن ففيه قولان المشهور وهو الصحيح أنه يزكى العشر إذ فيه نص الحديث وقال اللخمي فيما اشتري أصل مائة العشر لأن السقي منه غلة وفيما سقى بواد أجرى إليه بنفقة نصف عشر اول عام وعشر فيما بعده ورده ابن بشير (فرع) قال ابن يونس قال مالك وابن القاسم والمغيرة وعبد الملك من له النخل والعنب فيسقى نصف السنة بالعين فينقطع فيسقى باقيها بالسانية فليخرج زكاة ذلك نصفه على العشر ونصفه على نصف العشر وعبارة الباجى إن كان مرة يسقي بالنضح ومرة بماء السماء فإن تساوى الأمران فيهها كان عليه ثلاثة أرباع العشر فإن كان أحد الأمرين أكثر كان حكم الأقل منهما تبعا لأن التتبع له يشق والتقدير له يعتذر (فرع) قال البرزلى في نوازله من سقي بنضح فظن أن عليه العشر فأخرجه فلا يحتسب بما زاد جهلا في زرع آخر لم يخرج عشره وليخرج عشر هذا الثاني كاملا لكن إن وجد ماأخرج زائدا في الأول بأيدي الفقراء أخذه كمن أثاب على صدقة جهلا أو صالح عن دم خطأ من ماله لجهله كونه على عاقلته وأما النصاب الذي تجب فيه الزكاة على الثمار والحبوب فقال ابن الحاجب والنصاب خمسة أوسق وما زاد فبحسابه والوسق ستون صاعا والصاع خمسة أرطال وثلث والرطل مائة وثمانية وعشرون درهما زاد الشيخ خليل مكياً فى كل درهم خمسون وخمسا حبة من الشعير المطلق أي تكون الحبة متوسطة غير مقشرة وقد قطع من طرفها ماامتد وخرج من خلقتها والدرهم سبعة أعشار الدينار لأن وزن الدينار اثنان وسبعون حبة ثم قال في التوضيح وما ذكره المصنف من أن المد رطل وثلث، قال في البيان هو المشهور وقيل بالماء وقيل بالوسط من البر وقيل رطل ونصف وقيل رطلان اهـ ولم يصرح ابن الحاجب بكون المد فيه رطلا وثلثا إلا مايؤخذ من قوله والصاع خمسة أرطال وثلث لأنك إذا قسمت ذلك على أربعة عدد ما في الصاع من الأمداد خرج رطل وثلث لكل مد وإن كان في الصاع خمسة أرطال وثلث فاضربه في ستين عدد صيعان الوسق يخرج لك عدد أرطال الوسق وذلك عشرون رطلا وثلثمائة رطل في كل وسق واذا ضربت عدد أرطال الوسق في خمسة عدد أوسق النصاب خرج لك عدد أرطال الخمسة أوسق وذلك ألف رطل وستمائة رطل (فرع) قال ابن الحاجب ولازكاة على شريك حتى تبلغ حصته نصابا فى عين أو

حرث أو ماشية، لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه فلو نقصت حصة أحد الورثة لم تجب عليه زكاة مالم تجب على الميت أي قبل موته ثم قال مامعناه إن أوصى لمعين كزيد بجزء كثلث أو ربع كانت الوصية قبل الطيب فهو كأحد الورثة إن حصل له نصاب زكى وإلا فلا، وتجب عليه نفقة جزئه وعلاجه وإن أوصى بجزء لغير معين كالمساكين قبل الطيب أيضا فإن كانت حصتهم خمسة أوسق فأكثر فالزكاة وإن لم ينب كل مسكين إلا مد واحد والنفقة على ذلك فى مال الميت وأما إن أوصى بعد الطيب فزكاة الجميع عليه (فرع) قال أبو عمر لاتجب الزكاة في التمر والعنب والزيتون ولا فيما ذكرنا من التين عند من أوجبها من المالكيين حتى يبلغ كل واحد منها بعد الجفوف والحال التي يبقى عليها خمسة أوسق المواق أنظر تصريحه بالزيتون مثله في السليمانية أنه لاينظر إلى الزيتون في وقت ريعه بل حتى يجف ويتناهى في حال جفافه فإن كان فيه خمسة أوسق بعد الجفاف ففيه الزكاة وهو خلاف ماعزا اللخمي للمذهب قال وقد تقدم نص ابن عرفة وابن يونس أن التقدير في الزبيب بالوزن والمنصوص في الزيتون أنه بالكيل قال مالك إن كان رطب هذا النخل لايكون تمراً ولا هذا العنب زبييا فليخرص أن لو كان ذلك فيه ممكنا، فإن صح في التقدير خمسة أوسق من ثمنه كان ثمن ذلك أقل من عشرين ديناراً أو أكثر قال ابن المواز وليس له أن يخرج زبيبا ابن عرفة النصاب من عنب بلدنا ستة وثلاثون قنطارا تونسيا لأنها يابسة اثنا عشرة وهى خمسة أوسق اهـ ابن غازى قلت: ونحوه حفظت فى عنب لمطة عن شيخنا أبى عبد الله القوري عن الشيخ أبى القاسم النازغوري أن نصابه ستة وثلاثون قنطارا فاسيا ابن عرفة وفي كون المعتبر من الزيتون كيله يوم جذاذه أو بعد تناهى جفافه قولان الأول نص للخمي عن المذهب والثاني لابن يونس عن السليمانية (فرع) قال ابن رشد تجب زكاة الزرع حبا مصفى قال القرافي العلس يختزن في قشره كالأرز ولا يزاد في النصاب لأجل قشره وكذلك الأرز قياسا على نوى التمر وقشر الفول الأسفل خلافا للشافعية (فرع) قال في المدونة ويحسب رب الحائط ماأكل وعلف أو تصدق بعد طيبه وقال في العتبية وما أكل الناس من زرعهم وما يستأجرون به من القت التي يعطى منها حمل الحمل بقتة، قال مالك أرى أن يحسبوا كل ماأكلوا واستحملوا به فيجب عليهم في المعشر وأما ما أكلت من البقر والدواب في الدراس إذا كانت في المدرس فلا أرى

عليهم فيه شيئاً (فرع) تقدم أن المعتبر فى نصاب الثمار والحبوب حال اليبس، فإذا احتيج لأكلها أو بيعها قبل اليبس أو كانت مما ييبس فإنها تخرص إذا حصل بيعها ليعلم هل يجب فيه زكاة أم لا وإن وجبت فكم قدرها وتخرص نخلة نخلة ودالية دالية لأنه أقرب إلى الحذر ويسقط من كل نخلة مايظن أنه ينقص إذا جف ويكفي الخارص الواحد فإن تعددوا واختلفوا عمل قول الأعراف فإن استووا في المعرفة فانسب الواحد من عدد الخراص مما خرج من نصف أو ثلث أو ربع أو غير ذلك مما قال كل واحد وأجمع ذلك وأخرج الزكاة عما اجتمع من ذلك كما لو كانوا ثلاثة فقال أحدهم ستة والآخر ثمانية عشرة فيؤخذ ثلث ماقال كل واحد فيزكي عن ثمانية وإن كانوا اثنين أخذ من قول كل واحد النصف وإن كانوا أربعة أخذ من قول كل واحد الربع ولو أصابت الثمرة جائحة بعد التخريص فالمعتبر مابقي بعد الجائحه اتفاقا إن كان نصابا زكى وإلا فلا ولو تبين خطأ الخارص العارف ففي الاعتماد على ماقاله الخارص والرجوع إلى ما تبين من نقص وزيادة قولان. لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه أما النصاب في العين فقال ابن الحاجب فنصاب الذهب عشرون دينارا والورق مائتا درهم بالوزن الأول أي وزن السنة وقد تقدم أن وزن الدينار الشرعي اثنان وسبعون حبة وأن وزن الدرهم خمسون وخمسا حبة فإذا ضربت حبوب الدينار في سبعة خرج لك خمسمائة حبة وأربع حبات وهي التي تخرج من ضرب حبوب الدرهم في عشرة فحبوب عشرة دراهم سنية مساوية لحبوب سبعة دنانير سنية أيضا وهذا معنى قول أبى محمد في الرسالة أعنيء أن سبعة دنانير وزنها عشرة دراهم (فرع) فان نقصت العين عن النصاب فإما أن يكون النقص في الصفة أو في الوزن والنقص في الصفة إما من رداءة الأصل وإما من غش أضيف إلى العين فهذه ثلاثة أقسام وفي كل منها إما أن يحطها ذلك النقص أولا يحطها فهي ستة أقسام ومعنى الحط كونها لاتجوز بجواز الوزانة وعدم الحط عكسه وهو جوازها بجواز الوزانة الكاملة وهل معنى جوازها جواز الكاملة أن تكون وازنة في ميزان وناقصة في آخر وهو ابن القصار والأبهري أن المراد النقص اليسير كالحبة والحبتين في جميع الموازين مما جرت به العادة بالتسامح بمثله في البياعات وهو قول عبد الوهاب الباجى وهو الأظهر قولان فإن نقصت في وزنها مايحطها فالزكاة على المشهور فان حطها فلا زكاة وإن نقصت صفة برداءة في الأصل فكالخالصة حطها أو لا وإن كان بغش مضاف فان كان لايحطها فكالخالصة فان حطها فالمشهور يحسب الخالص ويصير النقص كأنه فى القدر وسواء كان الخالص مساويا أو أقل أو أكثر فيعتبر فيها من النحاس اعتبار العروض وقيل

يعتبر الأكثر فان كانت العين أكثر فالزكاة (فرع) فان وجدت سكة أو جودة تجبر النقص لم يعتبر اتفاقا كما لو كان عنده مائة وتسعون درهما ولسكتها أو جودتها تساوي مائتين كانت تلك الجودة والسكة غير معتبرة اتفاقا إنما ينظر إلى الوزن الحاصل بجودته وسكته وأما الصياغة فان كانت حراما فملغاة اتفاقا وفي الجوائز قولان: المشهور الغاؤها ولايعتبر إلا وزن المصوغ وقيل يعتبر المصوغ اعتبار العين وتعتبر الصياغة اعتبار العرض والمصوغ الجائز حلي النساء وما في معناه كالأزرار وحلية المصحف مطلقا وخاتم الفضة لا الذهب للرجال وتحلية السيف بالفضة وفي الذهب قولان وفي تحلية ماعدا السيف من آلة الحرب خلاف والحرام ماعدا ماذكر من حلى الرجال والأواني قال في الجواهر وإن كان على قصد استعمال محظور كما لو قصد الرجال بالسوار أو الحلى أن يلبسه أو قصدت المرأة ذلك لسيف لم تسقط الزكاة لأن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا اهـ (فرع) ويكمل أحد النقدين بالجزء بالجزء لا بالقيمة اتفاقا ومعنى التكميل بالجزء أن يقابل كل دينار بعشرة دراهم ولو كانت قيمته أضعافا كما لو كان عنده مائة درهم وعشرة دنانير أو مائة وخمسون درهما وخمسة دنانير أو خمسة عشر دينارا أو خمسون درهما ولايكمل بالقيمة كما لو كان عنده مائة وثمانون درهما ودينارا يساوي عشرين وسيأتي هذا في قول الناظم ويحصل النصاب في صنفين البيت (فرع) والحلي إن اتخذ للباس من يجوز له لبسه فإن ذلك يلحقه بعرض القنية ولا زكاة فيه وإن اتخذ للتجارة فالزكاة كل عام كالنقد وان اتخذ للكراء أو ليصدقه لامرأة يريد أن يتزوجها أو لحاجة إن عرضت له فثلاثة أقوال سقوط الزكاة في الجميع ووجوبها في الجميع والفرق بين مااتخذ للكراء، فتسقط وبين غيره فتجب وهو على المشهور وهو مذهب المدونة وإذا نوى بحلى القنية أو الميراث التجارة فالمشهور انتقاله لها فتجب زكاته لأن الأصل في الحلى وجوب الزكاة إذ جوهريته تقتضي وجوب ذلك بخلاف عرض القنية ينوى به التجارة لاينتقل لأن الأصل في العرض عدم الزكاة فالنية تنقل إلى الأصل ولا تنقل عنه (فرع) والحلي المزكي إن كان منظوما بجوهر فإن أمكن نزعه بغير ضرر فالحلي نقد والجوهر عرض وإن لم يمكن نزعه إلا بضرر فالمشهور أنه يتحرى مافيه ويزكيه والجوهر على حكمه وهو مذهب المدونة وأما القدر المخرج من العين فقال ابن الحاجب المخرج من النقدين ربع عشر ومازاد فبحسابه ماأمكن اهـ ويجوز إخراج الذهب عن الورق وإخراج الورق عن الذهب على المشهور وعليه فيعتبر في ذلك

صرف الوقت كان مثل الصرف الأول وهو كل دينار بعشرة دراهم أو أقل أو أكثر على المشهور فإذا وجب عليه دينار ذهبا وأراد أن يخرج عنه ورقا أخرج عنه مايساويه من الدراهم في ذلك الوقت عشرة أو واثنتى عشرة أو ثمانية، لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه وإذا وجب عليه عشرة دراهم وأراد أن يخرج عنها ذهباً أخرج مايساويها من الذهب في ذلك الوقت دينارا أو دينارا ونصفا أو نصف دينار وإذا وجب جزء عن عين مسكوك ولا يوجد ذلك الجزء مسكوكا وأخرج مكسورا من نوعه أو من غير نوعه فيعتبر قيمة السكة على الأصح ولا يكسر الكامل اتفاقا وفي كسر الرباعي وشبهه قولان وان كان العين المخرج عنه مصوغا فان أخرج عنه من جنسه وكان وزنه مائة دينار مثلا ولصياغته يساوى مائة وعشرة فالمشهور أن يخرج عن المائة والعشرة إذ له كسره وإعطاء الجزء الواجب بعد الكسر فليس للفقراء حق في الصياغة بخلاف السكة إذ ليس له كسرها فللفقراء فيها حق وإن أخرج عنه من غير جنسه وقلنا ان الصياغة في الجنس الواحد ملغاة كما مر ففي اعتبار قيمة الصياغة قولان لابن الكاتب وأبى عمران وألف القبيلان فيهما وَالعَرْضَ ذَو التَّجْرِ ودَيْنُ مَنْ أَدَارْ قِيْمَتُهاَ كالْعَيْنَ ثُمَّ ذُو احِتكاَرْ زَكَّى لَقَبْضِ ثَمَنٍ أَو دَيْنِ عَيْناً بشَرْطِ الحَوْلِ لِلاصلَيْنِ تعرض في هذين البيتين لزكاة العرض والدين فأخبر أن عرض التجارة ودين المدير قيمة كل منهما كالعين أي فتزكى تلك القيمة والمراد بعرض التجارة عرض أحد نوعيها وهو الادارة بدليل مابعده فيقول المدير عرض الادارة عند كمال الحول بما يساوي حينئذ وبما جرت العادة أن يباع به ذهب أو فضة ويزكي تلك القيمة وكذلك يقوم المدير دينه بما يجوز أن يباع به ويزكي تلك القيمة بشرط التقويم في النوعين ويأتى بيانها مع بيان كيفية التقويم للمدين إن شاء الله وأن المحتكر يزكي عند قبض الثمن أي للعرض أو عند قبض الدين حالة كون المقبوض من الدين أو ثمن العرض عينا بشرط مرور الحول لأصل العرض والدين أما العرض ففيه تفصيل فإن كان للقنية خلاف سقوط الزكاة عند ابن بشير وقد فهمته الأئمة من قوله ليس على المسلم زكاة في فرسه وعبده وإن كان للتجارة فتتعلق به الزكاة عند الجمهور خلافا للظاهرية اهـ ثم التجارة نوعان إدارة واحتكار فالادارة هى أن لاتستقر بيد صاحبها عين ولا

عرض بل يبيع مما يجد من الربح قل أو كثر وربما باع بغير ربح كأرباب الحوانيت والجالبين للسلع من البلدان والاحتكار هو أن يشترى السلعة أو يرصد بها السوق فيمسكها حتى يجد الربح الكثير ولو بقيت عنده أعواما ثم إن كان العرض مما تتعلق الزكاة بعينه كنصاب الماشية فالزكاة كل سنة كانت للقنية أو للتجارة وكذا نصاب الثمار والحبوب وإن كان لاتتعلق بعينه زكاة كسائر السلع والثياب والرقيق والدواب ويدخل في ذلك ماقصر عن النصاب والحبوب والثمار والماشية فتتعلق الزكاة به في الجملة شروط إحداها أن يملك بمعاوضة فلا زكاة في عرض الميراث والهبة حتى يبيعه ويستقبل بثمنه حولا ثانيها أن ينوى بها التجارة فان لم ينوها به فلا زكاة حتى يبيع ويستقبل بالثمن حولا سواء نوى القنية أو لم ينو شيئا لأن الأصل في العرض القنية ثالثها أن يكون هذا العرض أي مادفع فيه عرض تجارة أو عينا ذهبا أو فضة فلو كان أصله عرض قنية فلا زكاة حتى يبيع ويستقبل بثمنه حولا وقد حكى ابن الحاجب فيها قولين فان اجتمعت هذه الشروط وجبت الزكاة ثم يفصل في صاحب العرض فان كان مديرا قوم عروضه عند كمال الحول فى كل سنة وأخرج زكاة تلك القيمة وأول حوله أول حول نقده لحين إدارته خلافا لأشهب فلو ملك ألفا ف المحرم ثم أدار بها عروضا في رجب فأول حوله المحرم وقال أشهب رجب قالوا ويقوم كل جنس بما يباع به غالبا فى ذلك الوقت قيمة عدل على البيع المعروف دون بيع الضرورة فالديباج وشبهه والرقيق والعقار يقوم بالذهب والثياب الغليظة ولبيسة وشبهها تقوم بالفضة اهـ والمقصود منه أوله إلى قوله الضرورة ثم باع العرض بعد ذلك بأكثر مما قومه به لم يلزمه شيء، لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه لاحتمال أن تلك الزيادة من ارتفاع السوق ويزكي عن زنة الحلي لا عن صياغته كما مر لكن إنما يقوم بشرط أن ينض من أثمان العروض شيء ما قل أو كثر نض في أول الحول أو في آخره على المشهور فلو كان يدير العروض بعضها ببعض ولا يبيع بشيء من العين فالمشهور عدم التقويم وعلى سقوط التقويم إذ لم ينض له شيء في الحول ثم نض بعد الحول بستة أشهر مثلا فإنه يقوم حينئذ ويصير حوله من ذلك الوقت ويلغى الزائد على الحول (تنبيه) إنما يقوم الدين من العروض مادفع ثمنه أو ماحال الحول عليه عنده وان لم يدفع ثمنه وحكمه في الوجه الثاني إن لم يدفع ثمنه حكم من بيده مال وعليه دين أما

ان لم يدفع ثمنه ولا حال عليه الحول عنده فلا يزكيه ولايسقط من زكاة ماحال عليه الحول عنده شيئا في مقابلة دين ذلك العروض فقد سئل شيخنا الناظم رحمه الله بما نصه: سيدي رضي الله عنكم ماجوابكم في مسألة مدير اشترى سلعة في شوال مثلا لأجل مبلغه ثلاثة أشهر فانقض الأجل مهل المحرم وهذه السلعة ليس لها في ملكه سوى ثلاثة أشهر ولم يحل الحول عليها وثمنها إلى الآن لم يدفعه هل يجعل ماله من الأصول والعروض في مقابلة ثمنها ويزكيها مع ماكان عنده قبلها أو يخرجها عما كان بيده في مقابلة ثمنها لربها ويزكى مابقي عنده بعد إخراجها؟ وأيضا مسألة ثانية إذا اشترى هذا المدير سلعة في آخر الحجة بالنقد ولم يدفع ثمنها واستهل المحرم هل يحسب هذه السلعة مع مابيده من ماله ويزكى الجميع أو لايحسبها ولاتجب عليه فيها زكاة وأيضا مسألة ثالثة إذا اشترى هذا المدير سلعة في ذي القعدة مثلا لأجل مبلغه أربعة أشهر واستهل المحرم فوجبت عليه الزكاة في ماله هل يزكى قيمة هذه السلعة أو يخرج قيمتها ويزكي ما عداها بين لنا والسلام فأجاب بما نصه: الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما الجواب والله سبحانه الموفق بمنه للصواب: إن كل مايشتريه المدير من العروض بنية التجارة فإنه إذا حال الحول على مال الادارة وجبت فيه الزكاة ولم يكن خلص ثمن العرض سواء كان أصل شرائه بالدين أو اشتراه حلولا ولم يكن دفع ثمنه لم تجب عليه في تلك العروض زكاة وإنما تلزمه زكاة ماعداه من مال الادارة كله من غير أن يسقط من زكاة مال الادارة بسبب دين تلك العروض التي اشترى شيئاً اللهم إلا أن يقيم العرض الذي لم يخلص ثمنه حولا عنده فانه إذا حال الحول على مال الادارة قوم تلك العروض وزكاها وجعل الدين المرتب بسبب تلك العروض في ماله من ريع ونحوه فان لم يكن عنده مايجعل في مقابلة الدين فهذا يسقط الدين الذي عليه مما بيده من مال التجارة ويزكى الباقي نص على ذلك ابن رشد وهذا الواجب يكفي للأسئلة الثلاثة واعذرنى ياأخى في التطويل والمطل فقد قال إمامنا مالك تعلموا (لا أدري) كما تتعلموا أن أدري وأيضاً فألف لا أدري أسلم من الخطأ في مسألة واحدة والله أعلم وبه كتب فقير رحمة ربه الغافر عبد الواحد بن احمد بن عاشر علم الله جهله وأوسعه والمؤمنين رحمته وفضلة آمين يارب العالمين اهـ وإن كان محتكراً فيشترط في زكاته للعرض زيادة على الشروط المذكورة شروط أخر أحدها أن يبيعه فلو لم يبعه فلا زكاة عليه فيه ولو أقام عنده أعواما الثاني أن يبيعه بعين فلو باعه بعرض فلا زكاة ويتنزل العرض الثاني منزلة الأول الثالث أن يقبض تلك العين فلو باع بعين ولم يقبض فلا يزكي حتى يقبض فإن اجتمعت الشروط الستة فإنه

يزكي زكاة سنة واحدة ولو أقام عنده قبل البيع أحوالا متعددة (تنبيهات) الأول تقدم من جملة شروط زكاة العرض كونه تجارة لا للقنية فإن نوى بالعرض عند شرائه غلته ككرائه ففي زكاة ثمنه إن بيع قولان المشهور تسقط الزكاة لأن الغلة موجودة في عرض القنية ومقابلة تجب لأن الغلة نوع من التجارة فإن نوع التجارة والقنية كأن يشترى عرضا ينوي الانتفاع بعينه وهي للقنية وإن وجد ربحا باعه وهو التجارة فهل ترجح نية القنية لأنها الأصل في العروض فلا زكاة أو ترجح نية التجارة احتياطا للفقراء فيزكى ورجح اللخمي وابن يونس القول بالوجوب فإن نوى الغلة والتجارة أو الغلة والقنية احتمل القولين الثاني تقدم أيضا أن نصاب الماشية والحبوب والثمار تزكي كانت للقنية أو للتجارة فإذا بيع ذلك فإن كان للقنية استقبل بثمنه حولا وإن كان للتجارة فإن مر لها عنده حول وزكى عنها زكى الثمن لحول تزكية عينها وإن باعها قبل الحول زكى الثمن لحول أصله وأما مادون النصاب من ذاك فكسائر السلع إما أن يكون للقنية فلا زكاة أو للتجارة والتى للتجارة إما أن يكون صاحبها مديرا أو محتكراً أجره على ماتقدم. لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه الثالث إذا اجتمعت الإدارة أوالاحتكار فإن تساويا فكل واحد على حكمه فالمدير يقوم كل عام والمحتكر يزكي لعام بعد البيع ابن بشير ولاخلاف في ذلك وإن كان أحدهما الأكثر فهل يتبع الأقل الأكثر أو لايتبعه ويكون كل منهما على حكمه أويفرق فيقال بالتبعية إن كانت أحوط للفقراء إن كان المدار أكثر وبعدمها إن كان المحتكر أكثر ثلاثة أقوال والقولان الأولان لابن الماجشون والثاني له أيضاً ولمطرف قال في البيان وهو أقيس والثالث لابن القاسم وعيسى بن دينار في العتبية قاله في (التوضيح) وأما الدين فإما أن يكون ربه أيضا مديرا أو محتكراً فإن كان محتكرا فإنه يزكي عدده لكن بشروط. أولها أن يكون له أصل فما لا أصل له كدية جرحه وجرح عبده ودية وليه استقبل به بعد قبضة اتفاقا. الثاني أن يكون أصله كان بيده فما كان له أصل لكن لا بيده كدين ورثه استقبل بعد قبضه أيضا. الثالث أن يكون أصله عينا أو عرض زكاة فان كان أصله عرض قنية فان باعه بنقد استقبل اتفاقا وان باعه بنسيئة فالمشهور الاستقبال وروى ابن نافع وجوب الزكاة. الرابع أن يقبضه فلا زكاة عليه قبل قبضه وأوجب الشافعي زكاته وهو على

الغريم. الخامس أن يكون المقبوض عيناً فلو قبضة عرضا لم تجب الزكاة فيه إلا أن يكون مديرا. السادس أن يتم المقبوض نصابا بنفسه أو بفائدة حال حولها قبل القبض أو مع القبض أو بعد القبض فإذا اجتمعت هذه الشروط زكاة زكاة واحدة بعد مضي حول أصل الدين لابعد مضي حول الدين فلو مكث عنده نصاب ثمانية أشهر ثم داين به شخصاً فأقام عند ذلك الشخص أربعة أشهر ثم اقتضاه زكاه إذ ذاك لتمام حول من أصل الدين ولا عبرة بمدة بقائه عند المدين وكذلك لو بقي عند المدين أعواماً فانه يزكيه إذا قبضه لعام واحد (تنبيهان) الأول يتعلق بقولهم فى الشرط السادس أن يتم المقبوض نصاباً بنفسه من المدونة قال مالك من له دين على رجل من بيع أو قرض مضى له حول فاقتضى منه ما لا زكاة فيه في مرة أو مراراً فلا يزكيه حتى يجتمع مافيه الزكاة فيزكيه حينئذ كله ثم يزكي قليل مايقبض وكثيره ابن القاسم وإنما لم يزد إذا اقتضى دون العشرين لأنه لايدرى أيقتضي غيرها أم لا ولا زكاة في أقل من عشرين اللخمي من له غريم ثلاثون له عليه ديناراً حال عليها الحول فان اقتضى منها عشرة لم تكن فيها زكاة فاقتضى بعد ذلك عشرة أو العشرين الباقية زكاهما جميعا وكان حول الجميع من يوم اقتضى الثانية اللخمي فان اتفق المقتضى من الدين كان الحكم فيه بمنزلة مالو كان قائم العين فان اقتضى عشرة دنانير فأنفقها ثم انقضى عشرة زكى العشرين جميعاً وكذلك إن ضاعت العشرة الأولى على قول ابن القاسم وأشهب اهـ وحاصل المسألة باختصار أن من اقتضى من دينه بعد حلول أصله دون النصاب ولا عين عنده حال حولها تكمل له من المقتضى النصاب فلا زكاة عليه فاذا اقتضى بعد ذلك مايكمل به مع المقتضى أولا النصاب زكى الجميع ذهب المقتضى الأول أو بقي إلى اقتضاء ماكمل به النصاب وحول الجميع من حين كما النصاب فاذا اقتضى بعد ذلك قليل أو كثير زكاه يوم اقتضائه وهو ابتداء حوله فمن اقتضى عشرة في المحرم وليس عنده مايضمنها اليه فلا زكاة عليه فاذا اقتضى عشرة أخرى في ربيع زكى حينئذ العشرين ذهبت العشرة الأولى أو بقيت ويكون حول العشرين معاً من ربيع فاذا اقتضى خمسة مثلا في رجب زكاها حينئذ ذهبت العشرون أو بقيت وحول هذه الخمسة من رجب وإذا اقتضى ديناراً مثلا في رمضان زكاه حينئذ وحوله رمضان وهكذا فان اختلطت عليه الأحوال في العالم الثاني فانه يحمل حول الجميع من حين كمال النصاب وهو الربيع.

التنبيه الثانى يتعلق بقولهم فيه أيضا أو بفائدة حال حولها واعلم أن في تكميل النصاب من الاقتضاء والفائدة تفصيلا وحاصله أن من بيده عشرة مثلا فحال حولها وله دين حال حوله أصله فلا زكاة عليه الآن إذ لا زكاة في أقل من عشرين ولايزكي المحتكر الدين قبل قبضه فاذا اقتضى من دينه عشرة زكى حينئذ العشرين بقيت العشرة التي كانت بيده أو ذهبت لأنه حين حال الحول كان مالكا للنصاب وهو العشرة التي بيده والدين ولكن لايزكي الدين قبل قبضه مخافة أن لاقبض فلما قبض منه ماكمل له به النصاب زكى الجميع فلذا يضم الاقتضاء الى الفائدة التي حال حولها قبله ذهبت أو بقيت ولو اقتضى من الدين الذى حال حوله أصله عشرة في المحرم وبيده عشرة حولها ربيع مثلا فلا زكاة عليه في المحرم إذا لم يكمل الحول إلا للعشرة المقتضاة وينظر في ربيع، فإن كانت العشرة المقتضاة من الدين باقية، زكى العشرين ولا إشكال لاجتماع كل من العشرتين في حول واحد بسبب بقاء الأولى إلى حين حال حول الثانية أو ذهب شيء منها فلا زكاة إذ لم يجتمعا في حول واحد وإن حال حول كل واحدة منها فلهذا لايضم الاقتضاء للفائدة التي حال حولها بعد إلا إذا كان المقتضى باقيا هذا كله إن اتحد الاقتضاء أما إن تعدد فان الاقتضاء يضم إلى الاقتضاء مثله ذهب الأولى أو بقي تخللتهما فائدة أم لا كانت الفائدة المتخللة نصابا أم لا والفائدة التي حال حولها تضاف إلى ما بعدها من الاقتضاءات ذهبت الفائدة أوبقيت ولا تضاف الفائدة إلى الاقتضاء قبلها إلا إذا كان باقيا التوضيح قال ابن القاسم ولو اقتضى عشرة دنانير من دين حال حولها فأنفقها ثم حال حول الفائدة فزكاه أي لكونها نصابا ثم اقتضى خمسة من دينه فانه يزكي هذه الخمسة لكونها مقتضاه بعد حول الفائدة ولا يزكي العشرة الأولى لكونها لم تجتمع مع الفائدة أي في كل الحول بل في بعضه فقط لكن لو اقتضى خمسة أخرى بعد الخمسة التي قبضها زكى العشرة السابقة لحول النصاب من دينه ولو اقتضى خمسة فأنفقها ثم استفاد عشرة فأنفقها بعد حولها ثم اقتضى عشرة فانه يزكي العشرة الفائدة والعشرة التي بعدها من الاقتضاء لاضافة الفائدة لما بعدها ولا يزكي الخمسة الأولى لكونها لاتضاف إلى الفائدة فإذا اقتضى خمسة أخرى زكى حينئذ عن الخمسة الأولى وعن هذه الخمسة لكمال النصاب في الدين قال الامام أبو عبد الله المازري وهذا هو الذي يلهج به المدرسون ويقولون الفوائد تضاف إلى مابعدها من الاقتضاءات ولاتضاف إلى ماقبلها والاقتضاءات يضاف بعضها إلى بعض اهـ وإلى كلام المازري هذا أشار الامام أبو عبد الواحد الونشريسي بقوله والاقتضاء أضف للاقتضاء كما ... تضاف فائدة للمقتضى التالي

هذا الذي لهج المدرسون به ... فيما حكى عنهم الفائت الخالي ومعنى قولهم الفوائد تضاف إلى مابعدها من الاقتضاءات أي سواء بقيت الفائدة أو ذهبت بتلف أو إنفاق ومعنى قولهم ولاتضاف الفوائد إلى ماقبلها أي من الاقتضاءات إذا لم يكن المقتضي باقيا أما إن بقي فتضاف له الفائدة وعلى هذا التفصيل الذي في تكميل النصاب مما بين الفائدة والاقتضاء أنشدنا شيخنا الناظم رحمه الله حالة إقرائه قول الشيخ خليل والاقتضاء لمثله مطلقا والفائدة للمتأخر منه الخ لنفسه. فائدة والاقتضاء كل يضم ... [لمثله وغيره كيف انتظم إن كان الأول لدى حول الأخير ... باليد أوضاع والاقتضا أخير لا منفق لفائدة تأخراً ... لفقد جمع الملك حولاً قررا وههنا لطيفة جليه ... من نصهم إذا عللوا القضيه طرداً وعكساً وهي أن المنفقا ... لحول أصل الدين يبقى حققا وأشار بقوله: لا متفق إلى أن الاقتضاء أو الفائدة المنفق كل منهما قبل حول الفائدة لا يضم لها كما تقدم، وشمل قوله: وقبله أوضاع أي الأول الفائدة والاقتضاء وأشار بقوله: وههنا البيتين إلى أن ضم الفائدة أو الاقتضاء المنفق كل منهما قبل الاقتضاء إلى ذلك المقتضي مشروط ببقاء المنفق بقسميه بيده إلى أن يحول حول الدين الذي اقتضى منه ما كمل به النصاب، أما لو أنفقهما بعد حولها وقبل حول الدين الذي اقتضى منه ما كمل به النصاب ثم اقتضى فلا تكميل لعدم الاجتماع في كل الحول فهذا تقييد لقوله: أوضاع والاقتضاء أخير والله أعلم. وأما إن كان رب الدين مديراً فإن كان الدين للنماء أي من بيع لا من سلف وكان على ملىء ففيه الزكاة، فإن كان نقداً غير عرض حالاً غير مؤجل زكى عدده وإن كان الدين عرضاً أو نقداً أو مؤجلاً قوم كل عام وزكى قيمته على المشهور فيهما، فإن كان الدين طعاماً من بيع فهل يقومه كغيره. التوضيح: وصوبه ابن يونس وغيره أو لا يقوم لأن التقويم بيع وبيع الطعام قبل قبضه ممتنع قولان؛ وإن الدين سلف فللمتأخرين طريقتان الأولى: يزكيه بعد قبضه زكاة واحدة كالدين. الثانية: تحكي قولين: أحدهما كالدين والثاني يقومه كل سنة ويزكي قيمته كالمشهور في دين للنماء، ولو كان الدين على معدم فكالعدم على المشهور خلافاً لابن أنه يزكي قيمته نقداً وما احتيج إلى تقويمه من الدين، فإن كان عرضاً قوم بنقد حال سواء كان العرض حالاً أو مؤجلاً وإن كان نقداً مؤجلاً قوم بعرض، ثم العرض بنقد حال لأن الدين لا يقوم إلا بما يباع به ومثاله لو كان دينه ألف درهم. فيقال: لو]

[بيع هذا الدين بقمح لبيع بمائة إردب والمائة الإردب تساوي تسعمائة فيخرج عنها الزكاة قاله في التوضيح، والظاهر أنه يشترط في تزكية دين المدير الشروط الثلاثة الأول التي في دين المحتكر وهي أن يكون له أصل وأن يكون ذلك الأصل كان بيده وأن يكون ذلك الأصل الذي قد كان بيده عيناً أو عرض تجارة والله أعلم. في كل خمسة جمال جذعة ... من غنم بنت المخاض مقنعة في الخمس والعشرين وابنة اللبون ... في ستة مع الثلاثين تكون ستاً وأربعين حقة كفت ... جذعة إحدى وستين وفت بنتا لبون ستة وسبعين ... وحقتان واحداً وتسعين ومع ثلاثين ثلاث أي بنات ... لبون أو خذ حقتين بافتيات إذا الثلاثين تلتها المائه ... في كل خمسين كمالاً حقه وكل أربعين بنت للبون ... وهكذا ما زاد أمره يهون عجل تبيع في ثلاثين بقر ... مسنة في أربعين تستطر وهكذت ما ارتفعت ثم الغنم ... شاة لأربعين مع أخرى تضم في واحد عشرين يتلو ومئه ... ومع ثمانين ثلاث مجزئه وأربعاً خذ من مئتين أربع ... شاة لكل مائة إن ترفع] تعرض هذه الأبيات لزكاة النعم ابن الحاجب وهي الإبل والبقر والغنم ولا فرق في وجوب الزكاة فيها بين العاملة وغيرها ولابين المعلوفة والراعية وقوله في سائمة الغنم الزكاة أي الراعية خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له وفي وجوب الزكاة فيما تولد من النعم والوحش كأن تضرب فحول الظباء في إناث المعز أو بالعكس خلاف صدر ابن رشد بالسقوط وصححه ابن عبد السلام لعدم تحقق دخول هذا النوع تحت النعم ونسبه اللخمى لمحمد بن عبد الحكم وقيل إن كانت الأم من النعم والأب

من الوحش وجبت قاله ابن القصار ووجهه أن الولد في الحيوان غير العاقل تابع لأمه وقال اللخمي لا أعلمهم يختلفون في عدم تعلق الزكاة إذا كانت الأم وحشية وبدأ الناظم كغيره اتباعا للحديث الكريم بزكاة الإبل فاخبر أن كل خمسة من الجمال بالكسر جمع جمل شاة جذعة من الغنم يريد ويستمر أخذ ذلك إلى أربع وعشرين بدليل قوله بنت المخاض مقنعة من الخمسة والعشرين والجذعة من الغنم هي ما أوفت سنة وهو قول أشهب وابن نافع، لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه التوضيح ويقع في بعض نسخ ابن الحاجب تشهيره قال في الجواهر وهو الذي صدر به في الرسالة قال فيها والجذع ابن سنة وقيل ابن ثمانية أشهر وقيل ابن عشرة أشهر اهـ فزكاة الإبل من خمس إلى أربع وعشرين من غير جنسها وفيما بعد ذلك تجب من الجنس فمن له أربع من الابل فلا زكاة عليه فاذا بلغت خمسا ففيها شاة جذعة من الغنم ولايزال يعطي جذع إلى تسع فاذا بلغت عشراً ففيها شاتان كذلك ولايزال يعطى شاتين إلى أربع عشرة فاذا بلغت خمس عشرة ففيها ثلاث شياه ثم كذلك إلى تسع عشرة فاذا بلغت عشرين ففيها أربع شياه إلى أربع وعشرين وظاهر قوله في كل خمسة جمال جذعة أن الزائدة عن الخمس معفو عنه لاشيء فيه، التوضيح وهو خلاف مارجع إليه مالك من أن الشاة مأخوذة عن الخمس مع مازاد ويظهر أثر ذلك في الخلطة اهـ ومايزكى من الابل بالغنم يسمى شنقا بالشين المعجمة والنون المفتوحتين ثم قاف والمراد بالغنم في الشنق الضأن إلا أن يكون جل غنم أهل البلد المعز فتؤخذ من المعز حينئذ إن كانت غنمه معزاً اتفاقا وكذلك أن كانت غنما ضأنا على المشهور اعتبارا بحل غنم البلد، والشاة تؤخذ مما عنده رواه ابن نافع عن مالك وهو قول ابن حبيب فان تساويا أخذ من الضأن ابن عبد السلام والأقرب في هذه الصورة تخيير الساعي (فرع) لو أخرج بعيراً من خمسة أبعرة بدلا من الشاة الواجبة فقال أبو الطيب عبد المنعم من أصحابنا من أباه ليس بشيء لأنه مواساة من جنس المال بأكثر مما وجب عليه ابن عبد السلام الصحيح الاجزاء وقال القاضيان أبو الوليد وأبو بكر لايجزيء فاذا بلغت خمسا وعشرين فحينئذ تجب الزكاة من جنس ماوجبت فيه وهو الابلى ففيها بنت مخاض من الابل وإلى ذلك أشار الناظم بقوله بنت المخاض مقنعة أي كافية في الخمس والعشرين قال في التنبيهات وبنت المخاض هي التي كمل سنها سنة فحملت أمها لأن الابل سنة تحمل وسنة تربي فأمها حامل وقد مخض الجنين بطنها أو فيحكم الحامل إن لم تحمل فإذا كمل لها سنتان وضعت أمه وأرضعت فهي لبون وابنها المتقدم ابن لبون فاذا دخل في الرابعة فهو حق والأنثى حقة لأنهما استحقا أن يحمل عليهما واستحق أن يطرق الذكر منهما الأنثى واستحقت الأنثى أن تطرق ويحمل

عليها اهـ والحقة تجمع على حقق والحق يجمع على حقاق بالمد فاذا أدخل في الخامسة فهو جذع أو جذعة سمى بذلك لأنه يجذع أسنانه أي يحطها (فرع) إذا لم يجد صاحب الخمس والعشرين بنت المخاض أعطى ابن لبون ويجزئه اتفاقا لقوله في الحديث فان لم توجد بنت المخاض فابن لبون ذكر أما إن وجد بنت مخاض وابن لبون فلا يأخذ إلا بنت المخاض لأنها الأصل ولا يزال يعطى بنت المخاض إلى خمس وثلاثين فاذا بلغت ستا وثلاثين ففيها بنت لبون وإلى ذلك أشار الناظم بقوله (وابنة اللبون في ستة مع الثلاثين تكون) وتقدم أن بنت اللبون هي بنت سنتين ولا يزال يعطي بنت اللبون إلى خمس وأربعين فاذا بلغت ستا وأربعين ففيها حقة وإلى ذلك أشار الناظم بقوله (ستا وأربعين حقة كفت) أي كفت الحقة وأجزأت في الست والأربعين فستا منصوب على اسقاط الخافض والله أعلم وتقدم أيضا أن الحقة ماأوفت ثلاث سنين ودخلت في الرابعة، ولايزال يعطى الحقة إلى ستين فاذا بلغت إحدى وستين ففيها جذعة وإلى ذلك أشار بقوله (جذعة إحدى وستين وفت) أي وفت الجذعة بمعنى حصل وفاء الواجب بها في إحدى وستين وتقدم أن الجذعة ماأوفت أربع سنين ودخلت في الخامسة ولايزال يعطي الجذعة إلى خمس وسبعين فاذا بلغت ستا وسبعين ففيها بنتا لبون وإلى ذلك أشار بقوله (بنتا لبون ستة وسبعين) ولايزال يعطى بنتي لبون إلى تسعين فإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقتان، لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه وإلى ذلك أشار بقوله: وحقتان واحداً وتسعين، ولا يزال يعطى حقتين إلى عشرين ومائة فإذا بلغت إحدى وعشرين ومائة وعنها عبر الناظم بمعية الثلاثين أي للإحدى وتسعين ففيها ثلاثة بنات لبون أو حقتان وظاهر كلام الناظم أن هذا التخيير إنما هو للساعي إذ هو المأمور في النظم بأخذ الحقتين رضى رب الماشية بذلك أم لا ولذا قال باقتيات أي بتعد شرعى من الساعي على ربها وهذا هو المشهور قال في المقدمات والمشهور عن مالك يخير الساعي بين أن يأخذ حقتين أو ثلاث بنات لبون اهـ وقيل يتعين الحقتان وقيل ثلاث بنات لبون ولايزال يخير الساعي فيما ذكر إلى تسعة وعشرين ومائة فاذا بلغت مائة وثلاثين فلا يعتبر إلا العشرات إذ عندها يتعين الواجب وضابط ذلك أن في كل خمسين حقة وفى كل أربعين بنت لبون ففي المائة والثلاثين حقة عن خمسين وبنتا لبون عن ثمانين التوضيح ولاخلاف أن في مائة وعشرين حقتين بنص سيدنا ومولانا محمد ولا خلاف أن فيى مائة وثلاثين حقة وبنتي لبون واختلف فيما بين العشرين والثلاثين أي

من إحدى وعشرين إلى تسعة وعشرين على ثلاثة أقوال، وإلى حكم المائة والثلاثين فما زاد عليها أشار الناظم بقوله: إلى الثلاثين تلتها المائة في كل خمسين كمالا لاحقة وكل أربعين بنت لبون فالثلاثين مفعول بفعل محذوف يفسره تلت وكمالا أي كاملة حال من خمسين وكل أربعين بالخفض عطف على كل المخفوض يفي وبعد اعطاء هذا الضابط لايصعب عليك حكم مازاد على المائة والثلاثين كمائة وأربعين ففيها حقتان على خمسين وخمسين وبنت لبون عن الأربعين وفي مائة وخمسين ثلاث حقق وفي مائة وستين أربع بنات لبون وفي مائة وسبعين ثلاث بنات لبون وفي مائة وثمانين حقتان وبنتا لبون وفي مائة وتسعين ثلاث حقق وبنت لبون وفي مائتين إما أربع حقق أو خمس بنات لبون التوضيح والمشهور أن الساعي يخير إن وجدا أو فقدا فان وجد أحدهما وفقد الآخر خير رب المال اهـ إلى ذلك أشار الناظم بقوله (وهكذا مازادت أمرها يهون) وضابط ذلك من المائة والثلاثين فما فوق على ماقال الإمام أبو عبد الله محمد بن عرفة أنك تقسم العدد على خمسين فان انقسم كمائة وخمسين فالخارج وهو ثلاث عدد مايجب من الحقاق وإن لم ينقسم فاقسمه على أربعين فان انقسم كمائة وستين فالخارج وهو عدد مايجب من بنات لبون وإن لم ينقسم لا على خمسين ولا على أربعين يعني إلا بكسر فاقسم على أربعين ومايخرج صحيحا هو عدد مايجب من بنات لبون وبدل لكل ربع من الكسر حقه من صحيح الخارج مثال ذلك مائة وثلاثون أقسمها على أربعين فمائة وعشرون منها مقسمومة والخارج وهو الثلاث عدد بنات لبون وتنكسر العشرة الباقية من المائة والثلاثين وهي ربع من المقسوم عليه فتبدل إحدى بنات لبون بحقه فيكون الواجب حقه وبنتي لبون وكذلك مائة وأربعون ينكسر فيها عشرون وهي ربعان فتبدل من الثلاث الخارجة عدد بنات لبون بنتي لبون بحقتين ويكون الواجب حقتين وبنت لبون وكذلك مائة وتسعون مائة وستون منقسمة والخارج وهو أربع عدد الواجب من بنات اللبون وينكسر ثلاثون وهي ثلاثة أرباع فتبدل ثلاث بنات لبون بثلاث حقق ويكون الواجب ثلاث حقق وبنت لبون وعلى ذلك فقس. ثم ثنى الناظم كغيره أيضا ببيان زكاة البقر فأخبر أن فى ثلاثين منها عجل تبيع ولايزال يعطى كذلك إلى تسعة وثلاثين فاذا ملك أربعين ففيها مسنة وهكذا الحكم فيما زاد على ذلك في كل ثلاثين تبيح وفي كل أربعين مسنة ولايزال يعطى المسنة من أربعين إلى تسعة وخمسين فاذا بلغت ففيها تبيعان إلى سبعين فتبيع ومسنة وفي ثمانين مسنتان وفي تسعين ثلاث تبيعات وفي مائة وعشرة مسنتان وتبيع وفي مائة وعشرين

إما أربع تبيعات أو ثلاث مسنات الخيار للساعي كما تقدم في مائتين من الإبل وإلى ذلك أشار الناظم بقوله ( عجل تبيع في ثلاثين بقر مسنة في أربعين تستطر) وهكذا مارتفت ولفظ بقر تمييز ثلاثين حذف تنوينه وفقا على لغة ربيعة وجملة تستطر أي تكتب صفة مسنة وهو المسوغ للابتداء به ابن الحاجب والتبيع الجذع الموفي سنتين وقيل سنة والمسنة الموفية ثلاثا وقيل سنتين وعلى الأول من القولين في التبيع والمسنة اقتصر الشيخ خليل في مختصره ثم ثلث ببيان زكاة الغنم وهو شامل للضأن والمعز فأخبر أن لا زكاة في أقل من أربعين من الغنم فاذا بلغت أربعين ففيها شاة جذع أو جذعة وهو ابن سنة على المشهور كما مر وإلى ذلك أشار بقوله (ثم الغنم شاة لأربعين) أي في أربعين فاللام بمعنى في على حد قوله تعالى {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} لايجليها لوقتها الا هو أو عن أربعين فاللام بمعنى على حد قوله تعالى {وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا اليه} أي قال الذين كفروا عن الذين آمنوا وإلا لقيل ماسبقتونا اليه ولايزال يعطى واحدة إلى مائة وعشرين فإذا بلغت إحدى وعشرين ومائة ففيها شاتان كذلك وعلى ذلك نبه بقوله مع أخرى تضم في واحد وعشرين يتلو مائة فقوله مع أخرى أي تضم هي أي الشاة لابقيد كونها الواجبة عن أربعين مع شاة أخرى فمجموعها هو الواجب في واحد التالي للعشرين والمائة فمع يتعلق بتضم ونائبه، لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه الشاة وأخرى صفة لمحذوف أي شاة وفي قوله في واحد بمعنى عن أو على بابها وجملة يتلو صفة لواحد وعشرين مفعول بيتلو ومائة عطف على عشرين ولايزال يعطي الشاتين إلى مائتين فاذا بلغت مائتين وواحدة ففيها ثلاث شياه وعلى ذلك نبه بقوله (ومع ثمانين ثلاث مجزئة) أي إذا بلغت الغنم العدد المذكور قريبا مع زيادة ثمانين عليه واجتمع من ذلك مائتان وواحدة فثلاث شياه مجزئه وكافية في ذلك بمعنى أنها الواجبة عن هذا العدد لا أن الواجب غيرها وهي تجزيء عن ذلك الواجب ولايزال يعطى ثلاث شياه إلى ثلاثمائة وتسعة وتسعين فاذا بلغت أربعمائة ففيها أربع شياه وعلى ذلك نبه بقوله (وأربعاً خذ من مئين أربع) ثم لايعتبر بعد ذلك إلا المئون فلا يزال يعطى أربعا إلى أن تكمل خمسمائة ففيها خمس شياه ثم كذلك إلى ستمائة ففيها ست شياه وهكذا، وعلى ذلك نبه بقوله (شاة لكل مائة أن ترفع) أي الواجب شاة لكل مائة إن ترفع الغنم أي تزد على حذف مضاف أي يزد محددها

ويكثر وفهم من قوله شاة لكل مائة أن المعتبر بعد الأربعمائة إنما هو المئون لاغير وهو كذلك (فرع) اللازم فى زكاة الغنم إنما هو الوسط فلا تؤخذ كرائم الناس كالأكولات قال مالك وهي شاة تسمن لتؤكل ذكراً كانت أو أنثى وكالفحل المعد للضراب وكالربى بضم الراء وتشديد الباء والقصر وهي ذات الولد وكصاحب اللبن الذي ينظر اليه غالبا ولاتؤخذ شرارها كالسخلة وهي الصغيرة وكالتيس وهو الذكر الذي ليس معداً للضراب وكالعجفاء وهي المريضة وكذات العوز بفتح العين ويقال بالألف وبعير ألف هو العيب مطلقا ابن الحاجب فان كانت كرائم أو شراراً كلها فالمشهور يأتي بما يجزئه أي من غيرها مما هو وسط اهـ وَحَوْلُ الأَرْباحِ وَنسْلٍ كالأُصُولْ والطَّارِ لاَ عَمَّا يُزَكَّى أَنْ يَحُولْ ذكر في هذا البيت ثلاث مسائل الأولى أن حول ربح المال حول أصله والربح كما قال ابن عرفة زائد ثمن مبيع تجر على ثمنه الأول فقوله زائد أي العدد الزائد على الثمن واحترز بقوله من زيادة غير ثمن المبيع كنمو المبيع وأخرج بقوله تجر ثمن سلعة القنية فانه يستقبل به وبأصله فلذلك أخرجه، وإن كان يسمى ربحا كمن اشترى سلعة القنية بعشرة وباعها بخمسة عشر ولافرق في أصل الربح بين أن يكون نصابا أو لا فالأول كمن كان عنده عشرون دينارا أقامت عنده عشرة أشهر ثم اشترى بها سلعة بقيت عنده تلك السلعة شهرين ثم باعها بثلاثين دينارا فيزكى حينئذ الأصل وهو العشرون ولا إشكال ويزكي الربح وهو العشرة لأن حوله حول أصله وهو العشرون لتقدير الربح كامنا في أصله من أول الحول من باب تقدير المعدوم موجودا والثاني كمن له دينار أقام عنده بعض الحول ثم اشترى به سلعة ثم باعها عند كمال الحول بعشرين دينارا فيزكي حينئذ لتقدير الربح وهو التسعة عشر كامنا في الدينار أصله من أول الحول كما مر وقد تقدم الكلام على الربح لجمعه مع نظائره من نماء المال عند قوله في العين والأنعام حقت كل عام المسألة الثانية مما اشتمل عليه هذا البيت هي أن حول نسل الأنعام حول أصولها أو أمهاتها فمن عنده ثلاثون من الغنم مثلا فلما قرب الحول توالدت وصارت أربعين ولو قبل الحول بيوم أو بعد كمال الحول وقبل مجيء الساعي بيوم فان الزكاة تجب فيها إذ ذاك وحول ماولدته حول أمهاتها إعطاء أيضا للمعدوم وحكم الموجود كالربح وكذلك لو كان عنده ثمانون فلما قرب الحول توالدت وصارت مائة وإحدى وعشرين وجبت الزكاة إذ ذاك فتجب فيها شاتان لأن حول النسل حول الأمهات كانت الأمهات

نصابا أو أقل وكذلك في البقر وكذلك في الإبل الرسالة وحول ربح المال حول أصله وكذلك حول نسل الأنعام حول أمهاتها. لووعدم كمال ملكه من جهة أنه لايتصرف التصرف التام لا من جهة أن له انتزاع ماله إذ لايشمل المكاب ونحوه قوله (والطار لا عما يزكى) أن يحول هذه هي المسألة الثالثة مما اشتمل عليه هذا البيت وذلك أنه لما ذكر حكم مايطرأ ويزداد على الماشية مما ولدته وأن حوله حول أمهاتها كان في الأمهات نصاب أم لا بين هنا حكم مايطرأ عليها من غير ولادة بل بشراء أو إرث أو هبة فأخبر مايطرأ من الماشية مما ذكر عما لايزكى منها لكونه أقل من النصاب فإنه يجب الزكاة فيه وفيما كان عنده لكن بشرط أن يحول الحول على مجموعها بمعنى أنه يستقبل بالجمع ماكان عنده وما طرأ عليه حولا من حين كمال النصاب وفهم من كلامه أن ما يطرأ منها بما ذكر على ما يزكى لكونه نصابا فإنه لايشترط في وجوب زكاته مرور الحول بل يضم ماطرأ منها إلى ذلك النصاب ويزكي الجميع لحول الأولى فمن كان عنده ثلاثون من الغنم مثلا أقامت عنده أحد عشر شهراً ثم اشترى عشرة أخرى أو وهبت له أو ورثها فإنه يستقبل بالجميع حولا من حين كمال النصاب ولو كان عنده مائة فلما قرب الحول اشترى إحدى وعشرين فتجب عليه شاتان عند كمال الحول أو مجيء الساعي وهذا التفصيل هو المشهور، قال في المدونة قال مالك من أفاد غنما إلى غنم أو بقراً إلى بقر وإبلا إلى إبل بإرث أو هبة شراء زكى الجميع إذا كانت الأولى نصابا تجب فيها الزكاة وسواء ملك الثانية قبل تمام حول الاولى أو بعد قبل قدوم الساعى وإن كانت الأولى أقل من النصاب استقبل بالجميع حولا من يوم أفاد الآخرة اهـ وقال ابن عبد الحكم فائدة الماشية كفائدة العين إن صادفت قبلها أقل من النصاب فكمل النصاب بها ضمت له واستقبل بالجميع حولا من حينئذ وإن صاذفت قبلها نصابا استقبل بها حولا وبقي كل مال على حوله وخلاف ابن عبد الحكم إنما هو في هذا الطرف الأخير وأما الأول فهو موافق فيه للمشهور الله أعلم. ولا يُزَكَّى وقَصُ مِن النَّعَمْ كَذَاكَ ماَدُونَ النَّصَابِ ولْيَعُمْ وعَسلٌ فاَكِهةُ مَعَ الخُضَرْ إذْ هِيَ فِى الُمقْتاتِ فيما يُدَّخرْ أخبر أن الزكاة لاتجب في الوقص بفتحتين وهو مابين الفرضين من زكاة النعم وأنها لاتجب أيضاً فيما دون النصاب من جميع مايزكى من عين أو حرث أو ماشية وعلى ذلك نبه بقوله وليعم أي يعم هذا الحكم في كل مانقص على النصاب ولايخص بنوع منه ولاتجب أيضاً في العسل والفواكه والخضر لأجل أنها أي الزكاة إنما تجب في

الحبوب والثمار المقتاتة المدخرة أي للعيش غالبا وهذه ليست كذلك أما سقوطها عن الوقص فمتفق عليه في غير الخلطة والله أعلم، فمن كان عنده تسع من الإبل مثلا أخرج عنها شاة واحدة وهي التي تجب عليه لو لم يكن عنده إلا خمس فالأربع التى بين الفرض الأول والثاني وقص لازكاة فيها، وكذلك من كان عنده مائة وعشرون من الغنم فالواجب عليه شاة واحدة وهي الواجبة عليه لو لم يكن عنده إلا أربعون فالثمانون التي بين الفرضين وقص لا زكاة فيها وكذلك من كان عنده تسع وخمسون من البقر فإن الواجب عليه مسنة وهي التي تجب عليه لو لم يكن عنده إلا أربعون فالتسعة عشر التي بين الفرضين وقص لا زكاة فيها التوضيح وإنما لم تشرع زكاة الأوقاص في الماشية والله أعلم لضرر الشركة ولايتصور الوقص إلا فى زكاة النعم كما صرح به الناظم وأما زكاة العين والحرث فلا بل كل مازاد على النصاب ولو قل يخرج عنه ماينوبه وأما سقوط الزكاة عما دون النصاب فمتفق عليه في العين والحرث وفي الماشية في غير الخلطة أيضاً وأما سقوطها عما لايقتات ولايدخر للعيش غالباً كالخضر والفواكه التي لاتدخر أصلا كالتفاح ونحوه أو تدخر الا للعيش بل للتفكه كالجوز والرمان أو تدخر للعيش لكن نادراً كالتين فهو المشهور وقد تقدم بعض الكلام على ذلك في شرح قوله في العين والأنعام البيتين فقوله هنا فيما يدخل بدل من في المقتات بدل بعض كل أي لم تجب في العسل والفواكه والخضر لأجل أنها لاتجب إلا فيما كان مقتاتا مدخراً يعني للعيش غالبا كما مر. (فصل فى بعض مايتعلق بالخلطة) وهي كما قال ابن عرفة اجتماع نصابي نوع النعم مالكين فأكثر فيما يوجب تزكيتها على ملك واحد فقوله اجتماع جنس للخلطة وقوله نصابي أخرج به ماإذا لم يكن نصابا فيهما أو في أحدهما فلا يكون خلطة شرعية وقوله نوع أخرج به الخلطة في غير النعم وفي نوعين من النعم وقوله فيما يوجب يتعلق باجتماع أي الاجتماع فيما يوجب التزكية على ملك واحد فإذا كان لكل واحد أربعون من الغنم فالاجتماع في هذين النصابين من نوع الغنم في الأشياء الموجبة للخلطة من راع ومراح وماء وغير ذلك موجب لتزكية المجموع على ملك واحد فتكون عليهما شاة وأخرج بذلك الاجتماع في غير ماذكرنا فإنه لايوجب خاصية الخلطة، صح من الرضاع وأسقط من حد الخلطة الشرعية اشتراط كون كل منهما مسلما حراً حال حول ماشيته قصد بها الرفق والإعانة لا التخفيف من الزكاة والأشياء الموجبة للخلطة التي الاجتماع فيها يوجب تزكية المجموعة على ملك الشخص الواحد خمسة: الراعي والفحل والولد والمراح والمبيت ثم إن كان

الراعي واحداً فيشترط أن يؤذن له المالكان وإن كان متعددا فإن كان لماشية كل واحد راع يأخذ أجرته من مالكها وكانوا يتعاونون بالنهار على جمعها فيشترط إذن أربابها أيضا وكون الإذن في التعاون على حفظها لكثرة الغنم فإن كانوا لايتعاونون أو يتعاونون بغير إذن أرباب الماشية أو كانت قليلة بحيث يقوى راعي كل واحد على ماشيته دون غيره فليست بخلطة ويشترط في الفحل الضرب في الجميع مع كونه مشتركا بينهما أو لأحدهما فقط فإن كان متعدداً أي لماشية كل وِاحد فحل فيشترط الافتقار إلى تعدد الفحل أما إن كفى ماشية كل واحد فحله فليس الاجتماع حينئذ في الفحل من صفات الخلطة ابن بشير الدلو من موجبات الخلطة ومعناه السقي ومقتضى لفظه أن يسقى الجميع بدلو واحد لكن ألحق بذلك الاشتراك في الماء أن يكون موضعه مملوكا لهما أو تكون النفقة فيه مشتركة ابن الحاجب والمراح موضع إقامتها وقيل موضع الرواح للمبيت التوضيح وضبط الجوهري المراح بمعنى القول الأول بضم الميم وبفتحها إذا كان بمعنى القول الثاني اهـ والاجتماع في هذه الخمسة كلها واجب للخلطة ولا إشكال وأما الاجتماع في بعضها فقط فقال ابن القاسم لايكون خلطاً حتى يجتمعوا في جل ذلك وجل الخمسة ثلاثة كما قال ابن الحاجب والمعتبر فيها ثلاثة وقيل او اثنان وقيل أو الراعي التوضيح والقول بالثلاثة لابن القاسم في العتبية وبالاثنين للابهري وبالاكتفاء بالرعي لابن حبيب فاذا حصل الاجتماع في جل هذه الأشياء مع بقية الشروط المذكورة في الملاك من كون كل واحد مسلماً حراً مالكا للنصاب حال الحول على ماشيته قصد بذلك الرفق فيؤخذ حينئذ من الملاك مايؤخذ من مالك واحد في العدد كثلاثة لكل واحد أربعون فتجب عليهم شاة وفي السن كاثنين لكل واحد ستة وثلاثون من الإبل فعليهما جذعة وفي الصنف كاثنين لواحد ثمانون معزا وللآخر أربعون ضائنة فعليهما شاة من المعز فإذا أخذ الساعى منهما زكاة واحد وانصرف فإن كان الوقص من الطرفين معاً كأن يكون لأحدهما تسع من الإبل للآخر ست فلا خلاف في التراجع على الأجزاء فإذا أخذ الساعي منهما ثلاث شياه كانت قيمتها بينهما على خمسة عشر جزء على صاحب الستة ستة أجزاء وعلى صاحب التسعة تسعة أجزاء وإن انفرض الوقص من جهة كأن يكون لواحد خمس وللآخر تسع فعن مالك إذا أخذ الساعي منهما شاتين روايتان إحداهما أن على كل واحد شاة والثانية أن الشاتين بينهما على أربعة عشر جزء صاحب الخمسة خمسة أجزاء وعلى صاحب التسعة تسعة أجزاء وهل المعتبر في القيمة يوم الأخذ وهو قول ابن القاسم بناء

على أن المرجوع عليه كالمستهلك لنصيب خليطه والمعتبر في القيمة في الاستهلاك يوم التعدي أن المعتبر يوم الوفاء والخلاص والرجوع على صاحبه وهو قول أشهب بناء على أن المرجوع عليه كالمستسلف لنصيب خليطه ومن تسلف شاة تساوي عشرين ثم صارت تساوي عشرة فليس عليه إلا شاة تساوي عشرة (فرع) فإن خالف الساعي الشرع فأخذ منهما ولم يكن فى مجموع الماشية نصاب كاثنين لكل واحد خمسة عشرة شاة فأخذ من أحدهما شاة فذلك غصب لا تراجع فيه وإن كان المجموع نصابا كما لو كان لكل واحد عشرون فإن قصد الساعي بالأخذ الغصب فلا تراجع ايضا وإن لم يقصد الغصب بل تأول في ذلك وأخذ بقول من ذهب إليه من العلماء تراجعا لأن أخذ الساعي المتأول كحكم الحاكم في مسائل الاجتهاد لايناقض وإن كانت ماشية أحدهما نصابا والأخرى دون النصاب كاثنين لواحد مائة ولآخر إحدى وعشرون فإن قصد بالشاة الثانية الغصب فلا تراجع أيضا لأنه ظلم وإن لم يقصد الغصب بل قلد في ذلك إماما فإنهما يتراجعان كما تقدم وإذا قلنا بالتراجع في هذه الصور فهل يتراجعان في جميع الشاتين أو في الزائد وهو الشاة الثانية قولان فعلى الاول وهو قول محمد وسحنون يقتسمان الشاتين معا على مائة وأحد وعشرين جزء على صاحب المائة مائة وعلى الآخر أحد وعشرون وعلى الثاني وهو قول ابن عبد الحكم يكون على صاحب المائة شاة ثم تقسم الثانية على مائة وإحدى وعشرين صح من التوضيح هذا حكم ما إذا اختل شرط كون كل منهما له نصاب وأما إن اختل شرط قصد الرفق بأن قصد التخفيف من الزكاة كثلاثة لكل واحد أربعون فيجمعونها لتخفف الزكاة وتجب عليهم كلهم شاة واحدة فإنهم يعاملون بنقيض مقصودهم، وتجب على كل واحد شاة وكذلك لو كانوا مجتمعين فرأوا أن في اجتماعهم ضررا في تكثير الصدقة عليهم كاثنين مختلطين لكل واحد مائة شاة الواجب عليهم في الخلطة ثلاث شياه فافترقا فتجب على كل واحد شاة فقط فإنهما يعاملان بنقيض مقصودهما ويجب عليهما ثلاث شياه لما في الصحيح عنه لايجمع بين متفرق ولايفرق بين مجتمع خشية الصدقة هذا إذا أقرأ أو دلت قرينة على أن اجتماعهم أو

افتراقهم إنما كان لتخفيف الصدقة وأما إن لم يكن اقرار ولم تقم قرينة على ما يقصدان من اجتماعهما أو افتراقهما فالمشهور اعتبار قرب الزمان فإن اجتمعا أو افترقا قرب الحول أخذ بما كانا عليه قبل ذلك وقيل لايعتبر وإنما المعتبر مايظهر من قرينة الحال فقط وعلى اعتبار قرب الزمان فهل القرب شهران أو شهر أو دون الشهر ثلاثة أقوال فإن عدمت القرائن والزمان على القول باعتبار فهل تتوجه اليمين عليهم أو لا؟ ثالثها يفرق بين المتهم فتتوجه وبين غيره فلا تتوجه كما في أيمان المتهم والله أعلم وإن اختل شرط مرور الحول على ماشيتهما معا فقال ابن رشد لو كانت ماشية أحدهم مائة حال عليها الحول وماشية الآخر خمسين لم يحل عليها الحول فأخذ الساعي منهما شاتين فإن أخذهما من غنم صاحب المائة لم يكن على صاحب الخمسين شيء لعدم كمال حول ماشيته فالواحدة واجبة على صاحب المائة والثانية مظلمة وإن أخذهما من غنم صاحب الخمسين رجع بالواحدة على صاحب المائة لأنها تجب عليه لمرور حول ماشيته والثانية مظلمة لايرجع بها وإن أخذ واحدة من غنم صاحب المائة والأخرى من غنم صاحب الخمسين لم يكن لصاحب الخمسين على صاحب المائة رجوع بالتي أخذت منها لأنها مظلمة ولا تراجع في هذا إذ لا اختلاف فيه بخلاف ما إذا زكاها زكاة الخلطة وماشية أحدهما أقل من النصاب اهـ ويفهم منه أنه إن لم يكمل الحول على ماشية واحد منها فلا تراجع أصلا إذ كل مايؤخذ ظلم وانظر هل يتراجعان أم لا فيما إذا أخذ الساعي منهما مع اختلال باقي الشروط فيهما معا أو في أحدهما وذلك الحرية والاسلام وظاهر قول ابن عرفة لا أثر لخلطة عبد أو ذمي خلافا لابن الماجشون أنه إن قصد الغصب بما يأخذ من ماشية العبد أو الذمي فلا تراجع أيضا وإن لم يقصده وارتكب قول ابن الماجشون فالتراجع كما تقدم فيما إذا كان المجموع نصابا والله أعلم فإن كانا معا عبدين أو كافرين فلا تراجع أصلا والله تعالى أعلم ويَحْصُلُ النِّصاب مِنْ صِنْفَيْنِ* كَذَهَبٍ وفِضَّةٍ مِنْ عَيْنِ* وَالّضانُ لِلْمَعْزِ وبخُتُ لِعرَابْ وبَقَرُ إلَى الجَوَامِيسِ اُصْطِحابْ* والَقْمحُ لِلّشعيرِ لِلسُّلْتِ يُصارْ* كَذَا القَطَانِى وَالزَّبِيبُ والثِّمارْ أخبر أنه لا يشترط في كمال النصاب كونه من صنف واحد بل لا فرق بين كونه من صنف واحد أو من صنفين أو أكثر ففي زكاة العين لافرق بين كونه صنفاً واحداً وعشرين ديناراً أو مائتي درهم أو ملفقاً منهما معاً يعني بالجزء لا بالقيمة ومعنى التلفيق بالجزء أن يقابل كل دينار بعشرة دراهم ولو كانت قيمته إذ ذاك أقل أو أكثر كمن له عشرة دنانير ومائة درهم أو مائة وخمسون درهما وخمسة دنانير أو خمسون درهما وخمسة عشر دينارا والحاصل أنه إن كان عنده نصف النصاب من أحد الصنفين فيشترط

وجود النصف من الآخر وإن كان عنده الربع من أحدهما اشترط وجود الثلاثة الأرباع من الأخر وإن كان عنده الثلث من أحدهما اشترط وجود الثلثين من الآخر وهكذا ولا يكمل بالقيمة كما لو كان عنده مائة وثمانون درهما ودينار يساوي عشرين درهما وتقدم هذا وإليه أشار بالبيت الأول، وفي زكاة الماشية لافرق بين كون نصاب الغنم كله ضأناً أو كله معزا أو ملفقا منهما كعشرين من كل منهما ولا بين كون نصاب الإبل كله إبلا أو كله بختا أو ملفقا منهما كاثنين من الإبل وثلاثة من البخت ولا بين كون نصاب البقر كله بقرا أو كله جواميس أو ملفقا منهما كخمسة عشر من كل منهما وإلى ذلك أشار بالبيت الثاني وقوله (والضأن للمعز) مبتدأ وخبر أي الضأن يضم للمعز فإذا اجتمع منهما نصاب فالزكاة وكذا قوله وبخت لعراب وبقر إلى الجواميس وقوله اصطحاب مفعول من أجله وقف عليه بحذف التنوين مع كونه إثر الفتح على لغة ربيعة أي إنما ضم ماذكر بعضه إلى بعض لأجل الاصطحاب الذي بينهما وهو كونها معا نوعين لجنس واحد وفي زكاة الحرث لا فرق بين كونه كله قمحا مثلا أو شعيرا أو سلتا وبين كونه ملفقا من الثلاثة أو من اثنين منهما لأن هذه الثلاثة أنواع لجنس واحد على المنصوص، والقاعدة أن أنواع الجنس الواحد يضم بعضها إلى بعض باتفاق وأما الأجناس فلا يضم بعضها إلى بعض والمعتبر في الحكم الشيئين أو الأشياء بأنهما نوعان لجنس واحد فيضم بعضهما إلى بعض لاستواء منفعتهما أو تقاربهما وإن لم يتأكد التقارب كالقمح والشعير فإن لم تستو المنفعة ولم تتقارب فهما جنسان لايضم أحدهما إلى الآخر (تنبيه) قال الامام أبو العباس سيدى أحمد الونشريسي في المعيار مانصه وقد قيدت من خط المحدث الحافظ الخطيب أبي عبد الله محمد بن رشيد رحمه الله أن الشيخ محمد بن عبد الملك قاضي مراكش كان يقول الشعير الذي هو مع القمح جنس واحد إنما هو ماقارب القمح في الدقيق كشعير الحجاز وبعض البلاد وأما المتباعد فلا وهو تنبيه حسن لو قيل به وإلى ضم الثلاثة أشار الناظم بقوله والقمح والشعير للسلت يصار فالقمح مبتدأ وجملة يصار أي يضم خبره وللشعير يتعلق بيصار وقد تمت الفائدة بالخبر مع متعلقة وللسلت عطف على الشعير بحذف العاطف للوزن وكذلك لا فرق بين كون النصاب مع نوع واحدة من القطاني ولا بين كونه ملفقا من نوعين أو أكثر من أنواعها فإن المشهور فيها في باب الزكاة الضم وقد تقدم عدها أول الزكاة وكذا لافرق بين كون نصاب الزبيب كله أحمر أو كله أسود أو ملفقا منهما ولا فرق بين كون نصاب التمر كله صنفا واحدا أو أكثر وعلى ذلك نبه بقوله كذا القطاني يضم بعضها إلى

بعض والزبيب بضم أحمره إلى أسوده والثمار جمع ثمر بمثناة وميم ساكنة أي تضم أنواعه بعضها إلى بعض فان اجتمع النصاب فالزكاة ويحتمل أن يكون ثمار بالمثلثة جمع ثمر بها وبفتح الميم فيشمل ذلك ضم أنواع غير التمر كالزيتون فيضم ماله زيت لما لازيت فيه ونحو ذلك وفهم من كلامه أن ماعدا ماذكر لاضم فيه وذلك كالأرز والدخن والذرة والعلس فكل واحد جنس على حدته إن كمل منه وحدة النصاب فالزكاة وإلا فلا ولا يخدش في هذا المفهوم احتمال كون الثمار بالمثلثة لأن هذه لاتسمى ثمارا في العرف والله أعلم ثم إن كان النصاب ملفقا من ذهب وفضة فله أن يخرج عن كل من نوعه وله أن يخرج عن الجميع ذهباً أو فضة ويعتبر في ذلك صرف الوقت وقيمة السكة دون الصياغة كما تقدم قبل قوله والعرض ذو التجر ودين من أراد وإن كان ملفقا من نوعين أو أكثر في زكاة الحرث فقد تقدم الكلام عليه أيضاً قبل قوله وهي في الثمار والحب العشر وإن كان ملفقا في زكاة الماشية كأن يجتمع فيه الضأن والمعز فإن كان الواجب شاة وتساوى عدد الضأن والمعز كعشرين وعشرين وثلاثين وثلاثين خير الساعي فمن أيهما شاء أخذ وإن لم يتساو عددهما فالمشهور أنه يأخذ من الأكثر/ ابن عبد السلام وهو متجه إن كانت الكثرة ظاهرة وأما إن كانت تزيد بشاة أو شاتين فالظاهر أنهما كالمتساويين، وله نظائر في المذهب وإن كان الواجب شاتين فإن تساوى عددهما أخذ من كل صنف شاة كأحد وستين ضائنه ومثلها معزاً وإن لم يتساو فإن كان الأقل وقصا كمائة وأحد وعشرين من الضأن وأربعين من المعز أو بالعكس أو ليس في الأقل عدد الزكاة كمائة ضائنة وثلاثين معزاً أو بالعكس أخذنا من الأكثر وإن كان الأقل غير وقص وفيه عدد الزكاة كمائة ضائنة وأربعين معزا أوبالعكس فقال ابن القاسم يؤخذ من كل صنف شاة، وقال سحنون يؤخذ من الأكثر هنا وفي ذينك القسمين ومعنى كون الأقل فيه الزكاة أن يكون أربعين فأكثر ومعنى كونه غير وقص أن يكون الأقل هو الموجب للشاة الثانية بأن يكون أكثر النوعين مائة وعشرين فأقل والحاصل أن سحنونا قال يؤخذ من الأكثر مطلقا وأن ابن القاسم اشترط في الأخذ منهما شرطين متى اختلا أو اختل أحدهما أخذ من الأكثر كما قاله سحنون وإن كان الواجب ثلاثا فإن كان متساويين فمنهما ويخير الساعي في الثالثة وإن كانا غير متساويين فقال ابن القاسم إن كان في أقلهما عدد الزكاة وهو غير وقص أخذ من الأقل شاة وشاتين من الأكثر وإن لم يكن في الأقل عدد الزكاة وهو غير وقص أخذ من الأقل أو فيه عددها ولكنه وقص لم يوجب شيئا فتؤخذ الثلاث من الأكثر كما تقدم وقال سحنون أيضا تؤخذ الثلاث من الأكثر مطلقا وإن كان الواجب أربع شياه فأكثر فالحكم للمئين فإن كانت المائة الرابعة أو الخامسة أو غيرهما ملفقة من

نوعين فأجر الحكم فيهما على ماتقدم حيث يكون الواجب شاة واحدة والله أعلم هذا حكم زكاة الغنم. وأما البقر فقال فى المدونة قال مالك إن كانت أربعين جاموسا وعشرين بقرة أخذ من كل صنف تبيعا ابن يونس لأنه يجعل في الثلاثين من الجواميس تبيعا ويبقى عشرة منها عشرين بقرة فيأخذ تبيعا من الأكثر وهو البقر والفرق بين هذا وبين قولهما فيمن له عشرون ومائة ضائنة وأربعون ماعزة أن الثمانين الزائدة على الأربعين في الضائن وقص لاشيء فيها والعشرة الزائدة على الثلاثين في البقر ليس فيها وقص لأنها أحالت الفريضة على حالها ولو كانت الشاة مائة وإحدى وعشرين ضائنة يعنى وأربعين ماعزة لأشبهت مسألة الجواميس مع البقر لأن الأحد والثمانين الزائدة على الأربعين ليست بوقص فوجب أن يأخذ الجميع من الكثيرة وأما الإبل فإذا وجب فيها واحدة وتساويا كاثني عشر من البخت وثلاثة عشر من العراب أو بالعكس خير الساعى في أخذ بنت المخاض من أيهما شاء وإن لم يتساويا فمن الأكثر وإن وجب فيها اثنان بنتا لبون أو حقتان فالحكم فيهما كما تقدم في الشاتين فإن تساويا أي البخت والعراب أخذ من كل صنف، وإن لم يتساويا فإن لم يكن الأقل عدد الزكاة أخذ من الأكثر عند ابن القاسم وسحنون وإن كان في الأقل عدد الزكاة فقال ابن القاسم يأخذ من كل صنف وقال سحنون يؤخذ من الأكثر مطلقا فإن كان عنده أربعون من البخت وأربعون من العراب فيؤخذ من كل صنف بنت لبون لتساويهما وإن كان عنده خمسون وخمسون أخذ من كل صنف حقة وإن كان عنده ستون وثلاثون فتؤخذ بنت اللبون من الستين لقصور الثلاثين عن سن بنت اللبون إذ أقل ماتجب فيه ستة وثلاثون ويفهم من هذا أنه لايشترط في الأقل سن آخر إذ في الثلاثين بنت مخاض وإن كان عنده ستون وأربعون فتؤخذ الحقتان من الستين لقصور الأربعين عن سن الحقة إذ أقل ماتجب فيه ست وأربعون واختلف في أربعين وستة وثلاثين فابن القاسم يأخذ بنت لبون من كل صنف وسحنون يأخذها من الأربعين وكذلك اختلف في خمسين وست وأربعين فعند ابن القاسم يأخذ من هذه حقة ومن هذه حقة وعند سحنون يأخذهما من الخمسين قال في التوضيح (تنبيه) تقدم أن ابن القاسم شرط في الأخذ منهما في الغنم شرطين أحدهما وهو كون الأقل غير وقص لايتأتى وأنما يتأتى أن يكون الأقل ليس فيه عدد الزكاة لأن الشرطين المتقدمين لو أتيا هنا للزم وجود كل منهما بدون الآخر كما تقدم فيلزم أن

يوجد مثال يكون الأقل فيه عدد الزكاة وهو وقص وهو لايمكن في بنتي اللبون والحقتين والله أعلم. اهـ. أي فمهما كان في الأقل هنا عدد الزكاة فهو غير وقص, وإن لم يكن فيه عدد الزكاة فقد يكون وقصا وقد لا. مَصْرِفُهاَ الفَقِيرُ والْمِسْكِينُ ... غازٍ وعتْقُ عاَمِلُ مَدِينُ مُؤَلَّفُ القَلبِ ومُحتْاجُ غَرِيبْ ... أحْرَارُ إِسْلاَمٍ ولَمْ يَقْبَلْ مُرِيبْ تعرض في هذا الفصل لبيان مصرف الزكاة أي من تصرف له وتدفع إليه، ومصرفها الاصناف الثمانية في قوله تعالى: " إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله " [التوبة: 60] قال مالك رضي الله عنه: اللام في قوله تعالى لبيان المصرف لا للملك، يعنى ولو كانت للملك للزم عموم الأصناف الثمانية؛ لأن الملك يكون لكل صنف منهم فلابد من إعطاء الأصناف الثمانية وفي المجموعة آية الصدقة ليس فيها قسم بل إعلام بأهلها فلذلك لو أعطيت لصنف أجزأ، وقيده ابن عبد السلام بما عدا العامل وإلا فلا معنى لدفع جميعها له. اهـ. فأول الأصناف وثانيه الفقير والمسكين، والمشهور أنهما صنفان، وقيل: هما مترادفان بمعنى واحد وعلى أنهما صنفان، فروى أبو عمر: الفقير ذو بلغة لاتكفي والمسكين لا شيء لا وقيل غير هذا، اللخمي: من ادعى أنه فقير صدق مالم يكن ظاهر يشهد بخلاف ذلك، ولكن إن ادعى أن له عيالاً ليأخذ لهم فإن كان من أهل الموضع كشف عن حاله، وإن كان معروفاً بالمال كلف ببيان ذهاب ماله، وعلى هذا نبه الناظم آخر البيتين بقوله: [ولم يقبل مريب لا تقبل دعوى الفقر ممن قامت به ريبة تكذبه كأن يكون معروفاً بالمال فيدعي الفقر فلا يقبل منه إلا ببيان، وفهم منه أن من لم تقم ريبة تكذبه فإن يصدق في دعواه الفقر وهو كذلك كما صرح به اللخمي أول كلامه، ويشترط في كل من الفقير والمسكين أربعة شروط: الأول: أن يكون حراً فإن أعطى عبداً أو أم ولد أو مدبراً أو معتقاً إلى أجل أو معتقاً لم يجز إذا كان عالماً لأنهم في معنى الموسر لأن نفقتهم على من له الرق فيهم، فإن عجز عن الإنفاق عليهم بيع الأول وعجل عتق غيره، قاله اللخمي. وقال اللخمي أيضاً: إن أعطاها لغني أو عبد أو نصراني وهو عالم لم تجز وإن لم يعلم، وإن كانت قائمة بأيديهم انتزعت منهم وصرفت لمن يستحقها، فإن أكلوها غرموها على المستحب من القول لأنهم صانوا بها أموالهم، وإن هلكت بأمر من الله غرموها إن غروا من أنفسهم وإن لم يغروا لم يغرموها، وهل يغرمعا من وجبت عليه وكذا الإمام ومن جعل إليه]

[تفريقها؟ انظر فيه. الثاني: أن يكون مسلماً. ابن الحاجب: ولا تصرف لعبد ولا لكافر ولا في كفن ميت ولا بناء مسجد. التوضيح: اختلف هل تدفع لأهل الأهواء؟ فأجاز ذلك ابن القاسم ومنعه أصبغ، وكذلك تارك الصلاة ولعله على الخلاف في تكفيرهم. اهـ. وعلى هذين الشرطين نبه الناظم بقوله: أحرار إسلام أي أحرار أهل الإسلام أي ذووه، واعلم أنهم صرحوا باشتراط الحرية والإسلام في الفقير والمسكين والعامل، ويظهر من قوة كلامهم ولم أقف الآن على التصريح به اشتراط ذلك أيضاً في الغازي والمدين والغريب المحتاج لقولهم في الدين: إذا أدان في فساد فلا تعطى له، وقولهم: إن ابن السبيل يشترط أن لا يكون في سفره معصية وإن من أوصى لأبناء السبيل لا يدخل الكافر، وأما الرقاب فالفرض وصفها بالرق فيشترط فيها الإسلام لا غير كما صرحوا به، وأما المؤلفة قلوبهم] فعلى أن المراد بهم الكفار يعطون ليرغبوا في الإسلام فلا إشكال في عدم اشتراط الإسلام، وانظر الحرية وظاهر التعليل عدم اشتراطها أيضاً وأما على أن المراد بهم المسلمون كما يأتي فالإسلام حاصل وظاهر التعليل أيضاً عدم اشتراط الحرية والله أعلم. وعلى هذا ففي قول الناظم بعد تعدادهم: (أحرار إسلام)، إجمال ولعله اعتمد على ماهو معلوم من خارج فذهن السامع يرد كلاً لما يليق به والله تعالى أعلم. الثالث: أن لاتكون نفقته واجبة على مليء وجوباً أصلياً أو بالتزام كان ذلك المليء المزكى أو غيره، فلا تعطى لامرأة فقيرة لها زوج مليء، ولا لرجل فقير أو امرأة فقيرة لهما ولد مليء ولا لصغير فقير له أب مليء، إذ وجوب نفقتهم ولزومها للمليء صيرتهم أملياء ولم يصرح الناظم بهذا الشرط اكتفاء عنه بمفهوم وصف الفقر ولكن التصريح به أولى لعسر إدخال الجزيئات تحت الكليات، وفي التوضيح عن ابن عبد السلام ناقلا عن غيره: فقر الأب ومن في معناه له حالان: الحال الأول: أن يضيق حاله ويحتاج لكن لايشتد عليه ذلك فهذا يجوز اعطاؤه من الزكاة ولا تلزمه نفقته بل تبقى ساقطة عنه كما كانت قبل ضيق حاله، والحال الثانية: أن يشتد ضيق حاله ويصير في فقره إلى الغاية وهذا يجب على ابنه أن ينفق عليه ولا يجوز لابنه أن يدفع زكاته إليه والله أعلم. اهـ. وكذلك لا يعطى منها من كانت نفقته وكسوته لازمة لمليء بالالتزام لا بالأصاله كأن يلتزم نفقة ربيبة ونحوه، التوضيح: يعني أنه يلحق الملتزم للنفقة والكسوة بمن لزمته في الأصل وسواء كان التزامه لها صريحاً أو بمقتضى الحال كان من قرابته أم لا قاله ابن عبد السلام. اهـ. فإن انقطعت النفقة أو الكسوة عمن تلزمه نفقته بالأصاله أو بالالتزام فإنه يجوز له أن يدفع له من الزكاة ما انقطع عنه من نفقة أو كسوة، فإن انقطعا

معا فلا إشكال وأما من كان ينفق على غيره تطوعا فقال ابن عرفة الشيخ روى مطرف لايعطيها من في عياله غير لازم نفقته له قريبا أو أجنبيا فإن فعل جاهلا أساء وأجزأته ان بقى في نفقته ابن حبيب إن قطعها بذلك لم نجزه ونقله الباجي في القريب فقط ولم يقيد اجزاء اعطائها بجهله اهـ. وأما من لا تلزمه نفقته من قرابته وليس تحت اتفاقه فيعطيه لكن يستحب أن لا يباشر بها اعطاءها لهم بنفسه ففي المدونة لا يعجبني أن يلي هذا إعطاءهم ولابأس أن يعطيهم من يلي تفرقتها بغير أمره كما يعطى غيرهم إن كانوا أهلا لها، قال اللخمي كرهه خوف أن يحمد عليها وروى عن مالك إباحة ذلك وروى عن استحبابه وفيها منع اعطاء زوجة زوجها فقال بظاهره من المنع وقيل مكروه، الشرط الرابع أن لايكون من آله فلا يعطى آله لامن الصدقة الواجبة التى الكلام فيها ولامن صدقة التطوع وهو قول أصبغ ومطرف وابن الماجشون وابن نافع وهو المشهور/ ابن عبد السلام الحاقا لهم به وقيل يعطون من الصدقة المتطوع بها دون الواجبة وهو لابن القاسم وقيل يعطون من الصدقة الواجبة والمتطوع بها قاله الأبهري لأنهم في زماننا منعوا حقهم من بيت المال فلو لم يجز أخذهم للصدقة ضاع فقيرهم وبنو هاشم آل وبنو فوق غالب ليسوا بآل وفي بني من بينهما قولان والمشهور جواز إعطائها لموالي آله عليه الصلاة والسلام (فرع) قال في المدونة ولايعجبني أن يحسب دينا له على الفقير في زكاته وصرح ابن القاسم بعدم الإجزاء لأنه لاقيمة له وقال أشهب تجزئه لأنه لو دفع إليه الزكاة جاز له أن يأخذها من ديبه ابن عرفة الأظهر إن أخذه بعد إعطائه وإن كان بطوع الفقير دون تقدم شرط أجزأه وكرها إن كان له ما يواري عورته ويعيشه الايام وإلا فكا لم يعطه وهل يشترط في الفقير والمسكين أن يكون عاجزا عن التكسب فلا تعطي للقادر عليه أولا يشترط ذلك فتعطي للفقير ولو كان قادرا على التكسب وهو المشهور، قولان، وهل يشترط أيضا أن لايكون مالكا لنصاب الزكاة فلا تعطى لمن يملك النصاب لأنه غني أو لايشترط ذلك وهو المشهور أيضا قولان، ثالثها يعطاها إذا كان لايكفيه لكثرة عيال

ونحوه وضعف هذا القول أنه تجب عليه زكاة مابيده من النصاب اتفاقا فلم يدخل في اسم الفقير بل هو من الأغنياء/ ط يجوز أن يعطى للفقير يغنيه نصابا فمافوقه على المشهور الصنف الثالث على ترتيب النظم الغازي وهو المراد في الآية بسبيل الله الحج كما ذهب إليه أحمد بن حنبل وابن الحاجب أفنصرف في المجاهدين وآلة الحرب وإن كانوا أغنياء على الأصح لا، التوضيح، ومقابل الأصح لعيسى بن دينار وإذا كان غنيا ببلده ومعه ماينفقه في غزوه فلا يأخذ منها (تنبيه) لايعطي الغازي إلا في حال تلبسه بالغزو فإن أعطى له برسم الغزو ولو يغز استرد منه ماعليه اللخمي وغيره وفي إعطائها في إنشاء السور وهو المحيط بالبلد أو المركب قولان والمشهور المنع. الصنف الرابع العتق وهو المراد في الآية بالرقاب بأن يشتري الوالي أو من ولى زكاة نفسه بمال الزكاة رقيقا ويعتقه وولاؤه للمسلمين المواق وانظر هل يعمل القيمة لمملوكه ويعتقه عن زكاته نزلت هذه المسألة ووقع فيها نزاع قال ابن القاسم فان أعتق عن نفسه لم يجزه وعليه الزكاة ثانية لأن الولاء له قال اللخمى من اشترى رقبة عن زكاته ثم قال هي حرة عن المسلمين ولي ولاؤها كان ولاؤها للمسلمين وشرطه باطل وهو يجزيء عنه وإن قال هو حر عنى وولاؤه للمسلمين فقال ابن القاسم لايجزيء ويشترط في الرقيق الاسلام لأن الزكاة تقوية للمسلمين فلا يقوى بها كافر وفي شروط سلامته من العيب قولان: التوضيح عدم الاشتراط أظهر لأن المعيب أحوج للاعانة ابن رشد ولايجوز للرجل أن يعتق من زكاته مكاتبه ولا مدبره أو أم ولده، وقال أصبغ إن الذي رجع اليه مالك أنه يجزئه وأما فك الأسير منها فقال ابن بشير المشهور أنه لايجزيء وهو مذهب المدونة، وقال ابن حبيب يجزيء بل ذلك أحق وأولى من فك الرقاب التي بأيدينا/ ابن حارث لو أطلق أسير بفداء دين عليه أعطى من الزكاة اتفاقا لأنه غارم (الصنف الخامس) العامل عليها وهو جابيها ومفرقها وإن كان غنيا إذ لو اشترط فيه الفقر لرجع إلى الصنفين الأولين فلا يشترط فقره لأنه يأخذ ذلك على وجه الاجرة وأجرته بقدر عمله ولا يستأجر بجزء منها كربع أو خمس لما في ذلك من الجهل بقدر الأجرة ومن فرق زكاة نفسه فلا يأخذ عن ذلك أجرا قاله أبو عمر فإن كان العامل فقيرا أخذ بالجهتين بجهة فقره وبجهة عمله، كما يرث الزوج إن كان ابن عم بالجهتين، قال ابن القاسم ولا يستعمل على الزكاة عبد ولا نصراني فإن فات ذلك أخذ منها ما

أخذ وأعطيا من غير الصدقة بقدر عنائهما/ ابن محرز ولايستعمل عليها امرأة ولاصبي اللخمي ولايستعمل عليها من كان من آل النبى لأن أخذها على وجه الاستعمال لايخرج عن أوساخ الناس وعن الاذلال في الخدمة الصنف السادس المدين وهو المراد في الآية بالغارمين فمن كان عليه دين لآدمى أدانه في مباح أعطى من الزكاة وفي إعطائها لمن عليه دين لغير آدمى كأن ترتب عليه في ذمته من زكاة أو كفارة قولان ابن عبد السلام والقياس أن لايعطى لأنها لاتقوى كدين الآدميين بدليل أنها لايحاص بها في الفلس وكذا من استدان في شرب الخمر وشبهه فلا يعان بالزكاة، فإن تاب فقولان الأقرب أنه يعطى لأن المنع كان لحق الله تعالى وهو مما تؤثر فيه التوبة وكذا لايعطى منها من استدان لأخذ الزكاة كما لو كان عبده مايكفيه فاتسع في الانفاق وأخذ الدين لأجل الزكاة ابن عرفة في صرفها في دين الميت قولان لابن حبيب ومحمد وهل يشترط في إعطائها للمدين أن يدفع مابيده من العين وما يفضل عن ثمن غير العين كما لو كان له دار وخادم يساويان ثلاثة آلاف وعليه ألفان ويمكن بيعها واستبدل دار وخادم بألفين فالمشهور أنه لايعطى حتى يبيعهما ويستبدل ويؤدي الألف الفاضلة قبل والصحيح عدم اشتراط ذلك لما يلزم عليه من تداخل حقيقة الفقير والغارم فإن لم يكن في ثمن غير المعين فضل فانه يعطى إن أعطى مابيده من العين على المشهور، ففي المدونة قال مالك من بيده ألف وعليه ألفان وله دار وخادم يساويان العين لا فضل فيهما أنه لايعطى من الزكاة إلا أن يؤدي الألف في دينه فتبقى عليه ألف فحينئذ يعطى ويكون من الغارمين اهـ فإن كان في ثمن غير العين فضل يغنيه لم يعط كما لو كان عليه ألفان وداره وخادمه يساويان أربعة آلاف فإنه يستبدل داراً وخادماً بألفين ويؤدي الفضل في دينه الصنف السابع المؤلفة قلوبهم واختلف فى المراد بهم على ثلاثة أقوال فقيل إنهم كفار يؤلفون بالعطاء ليدخلوا في الإسلام وقيل إنهم مسلمون حديثو عهد بالإسلام فيعطون ليتمكن من قلوبهم لأن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها وقيل إنهم مسلمون لهم أتباع يعطون ليعطوا أتباعهم استئلافا لقلوبهم لينقادوا إلى الإسلام بالإحسان، والصحيح أن حكمهم باق، قال أبو محمد لايعطون إلا وقت الحاجة إليهم الصنف الثامن المسافر الغريب المحتاج المنقطع يدفع إليه كفايته ليستعين بذلك على التوصل لبلده أو على استدامة سفره إن كان غنيا ببلده ولايلزمه ردها إذا صار إلى بلده وهو المراد في الآية بابن السبيل، والحاج ابن السبيل وإن كان غنيا ببلده اللخمي يعطى ابن السبيل إذا لم يكن سفره في معصية، فإن كان مليئا ببلده ووجد من يسلفه ففي إعطائه قولان لابن القاسم ومالك في المجموعة اللخمي وقول ابن القاسم يعطي أحسن

فَصْلُ زَكاَةُ الْفِطَرِ صَاعُ وتَجِبْ عَنْ مُسْلِمٍ وَمَنْ بِرِزْقِهِ طُلِبْ وَمِنْ مُسْلِمٍ بِحلِّ عَيْشِ الْقَوْمِ لِتُغْنِ حُراَّ مُسْلماً في الْيَوم تعرض في هذا الفصل للكلام على زكاة الفطر فأخبر أن قدرها صاع وتقدم أنه أربعة أمداد بمده عليه الصلاة والسلام وأن حكمها الوجوب وأنها إنما تجب على المسلم يعني إذا قدر على أدائها وفهم من تعليق الوجوب على خصوص وصف الإسلام أنها لاتجب على كافر وأنه لافرق في المسلم بين كونه حراً أو عبداً ذكراً أو أنثى كبيراً أو صغيراً وهو كذلك وتجب عليه عن نفسه وعمن تلزمه نفقته من زوجة أو أبوين أو أولاد أو رقيق إذا كانوا مسلمين ومن تلزمه نفقة غيره دون نفسه أخرج هو عن ذلك الغير وأخرج عنه المنفق عليه كزوجة غنية لها أبوان فقيران فتخرج عن أبويها ويخرج زوجها عنها إن كانت هي وأبواها مسلمين، وذلك كله داخل تحت قوله الناظم عن مسلم ومن برزقه طلب من مسلم أي يجب على المسلم عن نفسه وعمن طلب المسلم برزقه ممن ذكر إذا كان مسلماً أيضا وأنها تخرج من جل عيش القوم الذين وجبت عليهم ثم نبه على حكمه وجوبها فأمر باغناء الحر المسلم في اليوم يعني يوم الفطر وفي الكلام حذف تقديره بها عن السؤال ومراده أنها إنما تدفع للحر المسلم لتغنيه عن سؤال يوم العيد فقوله عن مسلم يتعلق بتجب وعن للاستعلاء بمعنى على حد قوله تعالى {فإنما يبخل عن نفسه} أي عليها وقوله ومن برزقه طلب عطف على مقدر أي تجب على المسلم عن نفسه وعمن طلب المسلم برزقه أي بنفقته ويحتمل أن يضمن تجب معنى تلزم ويكون من عطفا على مسلم أي تلزم زكاة الفطر عن المسلم وعمن طلب المسلم برزقه فيكون كقول التلقين زكاة الفطر تلزم الرجل عن نفسه وعمن تلزمه نفقته من المسلمين من ولد صغير لا مال له أو كبير زمن وقوله من مسلم بيان لمن طلب المسلم برزقه والباء في قول بحل للتبعيض على حد عينا يشرب بها عباد الله أي منها أما كون قدرها صاعا فهو المعروف في جميع الأنواع التي تؤدي منها وقال ابن حبيب تؤدي من البر مدين لاصاعا للقباب وهذا الصاع هو كيل مدينة فاس في وقتنا بعض الشيوخ هو أن يغرف الإنسان أربع حفنات بكلتا يديه انتهى قيل لمالك أيؤدي بالمد الأكبر قال لا بل بمده عليه الصلاة والسلام فإن أراد خيراً فعلى حدة/ القرافي سداً لذريعة تغيير المقادير الشرعية

(فرع) إذا لم يقدر إلا على بعض الصاع فقال في الطراز ظاهر المذهب أنه يخرجه لقوله عليه الصلاة والسلام «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه مااستطعتم» وأما كونها واجبة فهو المشهور والشاذ إنها سنة وعلى الوجوب فالمشهور أنها واجبة بالسنة وقيل بالقرآن وعلى وجوبها بالقرآن فقيل بآية تخصها وهي قوله تعالى {قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى} وقيل بالعمومات وهل تجب بغروب الشمس من ليلة الفطر وهو مذهب ابن القاسم في المدونة اللخمي وعلى هذا القول تجب على من مات بعد الغروب وتسقط عمن ولد أو أسلم في ذلك الوقت وتكون في البيع على البائع دون المشتري وفي الطلاق على الزوج دون الزوجة وفي العتق على السيد دون العبد إذا كان البيع والطلاق والعتق بعد غروب الشمس اهـ وروى ابن القاسم عن مالك لاتجب على من هو من أهلها إلا بطلوع الفجر قال ابن رشد وهذا هو أظهر/ اللخمي وعلى هذا القول تجب على من كان حيا أو باع أو أعتق أو طلق بعد طلوع الفجر أو ولد أو أسلم قبل وتسقط عمن مات أو طلق أو أعتق أو باع قبل طلوع الفجر أو ولد أو أسلم بعد، وتكون الزكاة على المشتري والزوجة والعبد اهـ والمستحب إخراجها بعد طلوع الفجر وقبل الغدو إلى المصلى وفي المدونة وإن أداها قبل ذلك بيوم أو يومين فلا بأس ابن المواز ويوم الفطر أحب إلينا فإن أخرجها قبل الفطر بيومين فهلكت ففي إجزائها قولان وأما كون المخاطب المسلم القادر عليها عن نفسه وعمن تلزمه نفقته ففي ابن الحاجب والمشهور وجوبها على من عنده قوت يومه معه وقيل لاتجحف به وقيل إنما تجب على من لايحل له أخذها وقيل على من لايحل له أخذ الزكاة اهـ وقال عبد الوهاب إذا كان لا يلحقه ضرر باخراجها من إفساد معاشه أو جوعه أو جوع عياله اهـ وفي المحتاج يجد من يسلفه قولان، وفي الرسالة وزكاة الفطر سنة فرضها رسول الله على كل كبير وصغير ذكر أو أنثى حر أو عبد من المسلمين صاعا من كل نفس بصاع النبى ويخرج عن العبد سيده والصغير الذي لا مال له يخرج عنه والده ويخرج الرجل زكاة الفطر عن كل مسلم تلزم نفقته وعن

مكاتبه وإن كان لاينفق عليه لأنه عبد له بعد ومن المدونة قال مالك ويؤديها الرجل عن كل من يحكم عليه بنفقته من الأحرار أو العبيد من المسلمين ولا يؤديها عن عبده أو امرأته أو أم ولده النصارى ومن لزمته نفقة أبويه لحاجتهما أدى زكاة الفطر عنهما اللخمي أو استأجر أجيراً بطعامه لم يلزمه إخراجها عنه اهـ وكذلك الزوج تخالع الزوجة على نفقة بنيها يؤدى إلى سقوط ذلك عن الأب شرعا لايلزمها أن تخرج عنهم زكاة الفطر قال أبو عمر قال مالك إنه لا زكاة على الرجل في أجيره لأنه لا تلزمه نفقته في الشرع والأصل أن صدقة الفطر لاتلزم إلا عمن تلزم نفقته في الشريعة لا من طريق التطوع ولا المعاوضة ونحوه للباجي وإذا لم تلزمه عمن تطوع الإنسان بالتزام نفقته كالربيب ولا عمن التزم نفقته لعوض من خدمة وغيرها كالأجير والأم المخالعة فأحرى أن لا يلزم عمن ينفق عليه تطوعا دون التزام ابن حبيب وأصبغ وابن عبد الحكم وابن الماجشون يؤديها عن زوجة أبيه الفقير وخادمها اللخمي ويؤديها عن خادمي أبويه الفقيرين إذا كانا لا غنى لهما عنهما ومن المدونة قال مالك ويؤديها عن خادم واحد من خدم امرأته التي لابد لها منها اهـ. وأما سرية عبده وعبد عبده فلا يخرج عنهما لا السيد ولا العبد قاله مالك في المدونة ويخرج الإنسان زكاة الفطر عن مكاتبه كماتقدم عن الرسالة وعن عبده الآبق إذا كان يرتجيه لقربه وعن عبده المبيع بخيار وعن أمته المبيعة على المواضعة إذا غشيهم الفطر قبل انقضاء أيام الخيار والاستبراء فنفقتهم وزكاة فطرهم على البائع وسواء رد من له الخيار البيع أو أمضاه والعبد المشترك بين اثنين أو أكثر يعطى كل واحد على قدر نصيبه في العبد والمعتق بعضه، يخرج من يملك بعضه قدر ما يملك منه ولاشيء على العبد في الجزء المعتق لأنه لازكاة عليه في ماله لبقاء أحكام الرق عليه كمنع شهادته وميراثه ونحوهما، ومن اشترى عبدا شراء فاسدا فجاء الفطر وهو عنده فنفقته وفطرته على المشتري لأن ضمانة منه يرده، قال جميع ذلك في المدونة ابن الحاجب وتجب على رب المال فى عبيد القراض وأما كونها من جل عيش أهل الموضع ففي ابن الحاجب والتوضيح مانصه: وقدرها صاع من المقتات في زمانه من القمح والشعير والسلت والزبيب والتمر والأقط والذرة والدخن والأرز وزاد ابن حبيب العلس وقال أشهب من الست خاصة فلو اقتيت غير ماذكر كالقطاني والتين والسويق واللحم واللبن فالمشهور تجزيء وفي إجزاء

الدقيق بذلك قولان ولبعضهم فيما تجب فيه زكاة الفطر كما ذكر ابن الحاجب في البر والسلت والأرز يتبعه زكاة فطركم والتمر والأقط وفي زبيب وفي دخن وفي ذرة وفي شعير وما في ذاك من غلط والفاضل ابن حبيب زادنا علسا فتلك عشر بلا نقص ولا شطط ويخرج من غالب قوت البلد فإن كان قوته أفضل من قوت غالب البلد استحب له أن يخرج منه ويجزئه من قوت الناس وإن كان قوته دون قوت البلد لشح كلف أن يخرج من قوت البلد اتفاقا وإن كان لعسر أخرج منه وإن كان لعادة كالبدو يأكل الشعير بالحاضرة وهو مليء فقولان وأما كونها تذفع للحر المسلم ففي المدونة قال مالك لا يعطى منها أهل الذمة ولا العبيد/ اللخمي ولا أعلمهم يختلفون أنه لايعطى زكاة الفطر من يملك نصابا/ ابن عرفة في كون مصرفها فقير الزكاة أو عادم قوت يومه، نقل اللخمي وقول أبي مصعب وأما الأمر باغناء الحر المسلم فهو إشارة إلى قوله أغنوهم عن طواف هذا اليوم وهذه هي الحكمة في استحباب إخراجها يوم الفطر لاقبله كما تقدم لأنها إذا دفعت إليه قبله فقد يتصرف فيها لحاجته إليها قبل اليوم فينتفي المعنى المطلوب من اغنائهم فيه، وروى عن النبي أنه قال نزل قوله تعالى {قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى} في زكاة الفطر، ومعنى تزكى أخرج الزكاة وذكر اسم ربه في الخروج للمصلى ومعنى فصلى صلاة العيد (فرع) إذا أداها أهل المسافر عنه وكانت تلك عادتهم أو أوصاهم أجزأه وإلا فلا تجزئه لفقد النية ويجوز له أن يخرج عن أهله إن لم يترك لهم مايؤدونها منه انظر ابن عرفة (فرع) من المدونة لا بأس أن يعطى الرجل زكاة الفطر عنه وعن عياله لمسكين واحد واستحب مالك في رواية مطرف أن يعطى مسكيناً ماأخرج عن كل انسان من أهله قال في كتاب ابن المواز لو أعطى زكاة نفسه وحده لمساكين لم يكن به بأس

كتاب الصيام

(كتاب الصيام) هذا شروع من الناظم رحمه الله في بيان الرابعة من قواعد الإسلام وهي الصيام والصوم في اللغة مطلق الإمساك والكف فكل من أمسك عن شيء يقال فيه صيام عنه ويقال صام النهار إذا أمسكت الشمس عن الحركة قبل أن يأخذ الظل في الزيادة ومعنى ذلك أبطأت حركتها من باب تسمية الشيء باسم ماقرب منه وهل يجوز أن يقول الانسان إنى صائم وينوي الصوم في اللغة وروى هذا عن النخعي أو لايجوز لأنه كذب على اعتقاد المخاطب قولان وفي الشرع إمساك شهوتى الفرج والبطن يوما كاملا بنية التقرب وشرع لمخالفة الهوى لأن الهوى يدعو إلى شهوتي البطن والفرج ولكسر النفس ولنصفية مرآه العقل والاتصاف بصفة الملائكة ولتنبيه العبد على مواساة الجائع قال الشيخ الجزولي وقد ورد في فضل شهر رمضان أحاديث منها قوله إن لله في كل ليلة من ليالي رمضان خمسمائة ألف عتيق من النهار ومنها قوله «شهر رمضان شهر خير وبركة يغشاكم الله فيه برحمته ويباهي بكم الملائكة وينظر فيه إلى تنافسكم فأروه من أنفسكم خيرا» ومنها قوله «إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين ونادى مناد يا باغي الخير هلم ويا باغي الشر أقصر» اهـ. وقد أجاب الإمام أبو الحسن القابسي عن قوله عليه الصلاة والسلام (وصفدت الشياطين) مع مايوجد من الوسوسة والعصيان في رمضان بأن الشيطان قد يوسوس وهو مصفد قال ويحتمل أن يريد بالشياطين كفرة الجن وهم الذين يسمون الشياطين والمؤمنون من الجن لايصفدون فيكون الوسواس وتزيين المعاصي إنما يقع من فساق مؤمني الجن فتعد من معاصي مؤمنيهم ويدل لهذا تخصيصه الصفد بالشياطين ولم يقل وصفدت الجن قال والأولى الوقف وأن نقول لاعلم

لنا إذ قد يحتمل أن يكون المعنى غير ماقلناه مما هو خير وأحسن مما تأولناه اهـ من جامع المعيار وانظر الفائدة السابعة من الباب الثاني من عمدة الراوين في أحكام الطواعين للامام الحطاب فقد نقل عن ذلك أجوبة حسنة وفى ابن حجر في باب فضل من يصرع من الريح أن أنجاس الريح قد يكون سببا للصرع وقد يكون الصرع من الجن فراجعه إن شئت. صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَجَباَ فِي رَجَبَ شَعْبانَ صَوْمٌ نُدِباَ كَتِسْعِ حِجِّةٍ وَأَحْرَى الآخِرُ كَذَا المُحَرِّمُ وَأَحْرَى الْعاشِرُ أخبر أن صيام شهر رمضان واجب وأنه يستحب الصوم في شهري رجب وشعبان كما يستحب صوم التسع الأول من ذي الحجة ويتأكد استحباب صوم الأخير منها وهو يوم عرفة كما يستحب صيام المحرم ويتأكد استحباب صوم العاشر منه وهو يوم عاشوراء أما وجوب صيام شهر رمضان فلا خلاف فيه فمن جحده كافر ومن أقر بوجوبه وامتنع من صومه وأفطر فيؤدب إن ظهر عليه وان جاء تائبا مستعتباً فقولان مشهورهما لايؤدب ويختلف في كفر الممتنع من صومه ويجبر عليه عند القائلين بنفي التكفير كما يجبر على الصلاة وابن حبيب يقول بتكفيره كتارك الصلاة إلا أن مذهبه في الصلاة أقوى من الصوم لأنه لايوجد من الأدلة في الصوم مثل مايوجد في الصلاة وسمى الشهر شهرا لشهرته وسمي رمضان لأنه مشتق من الرمضاء وهي الحجارة المحماة لأنه يصام في الحر الشديد الذى كانت ترمض فيه الحجارة من الحرارة وقيل إن رمضان اسم من أسماء الله تعالى فمعنى شهر رمضان شهر الله وأما استحباب الصيام في رجب فكأنه تبع فيه الشيخ خليلا في مختصره والذي ذكر القاضي عياض وابن الحاجب وغيرهما أنه هو استحباب صيام الأشهر الحرم لا رجب بخصوصه على أن التوضيح بحثا في ذلك بعد أن نقل عن ابن يونس نحوه قال قال ابن يونس روى أنه صام الاشهر الحرم وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم التوضيح ولم أره في شيء من كتب الحديث بل يعارضه مارواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي عن عائشة رضي الله عنها انها قالت «كان رسول الله يصوم حتى نقول لايفطر ويفطر حتى نقول لايصوم وما رأيت رسول الله يستكمل صيام شهر قط الا رمضان وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان» وهذا لفظ الموطأ والذي جاء في الأشهر الحرم مارواه أبوداود والنسائي وابن ماجه أنه قال صم من الحرم واترك صم من الحرم واترك صم من الحرم

واترك وقال بأصبعه ثلاثا فضمها وأرسلها انتهى وأما استحباب صيام شعبان ففي التوضيح أيضاً روى أبو داود والنسائي عن عائشة رضي الله تعالى عنها «أنها قالت كان أحب الشهور إلى رسول الله شعبان يصله برمضان» وعنها أيضا أنها قالت «مارأيت رسول الله في شهر أكثر صياما منه في شعبان كان يصومه الا قليلا» وفي رواية لمسلم بعد الا قليلا (بل كان يصومه كله) وعن «أم سلمة رضي الله عنها قالت «مارأيت رسول الله يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان» وأما استحباب صوم التسع الاول من الحجة وأخروية استحباب صيام آخرها وهو يوم عرفة فقد صرح به القاضي عياض وغيره وقال ابن حبيب ورد الترغيب في صيام العشر ويوم التروية ويوم عرفة وأن صيام يوم العشر كصيام شهرين من غيره وصيام يوم التروية كسنة وصيام يوم عرفة كسنتين اهـ فقول الإمام ابن حبيب صيام العشر من باب التغليب مراده التسع لان العاشر يوم العيد وصومه محرم ويوم التروية هو ثامن الحجة وكأنه يقول ورد الترغيب في صوم التسع وخصوصاً ثامنها وتاسعها وفي التوضيح روى مسلم والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي قتادة أنه قال صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده وصيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله قيل وإنما كان يوم عاشوراء يكفر سنة ويوم عرفة يكفر سنتين لان يوم عرفة يوم سيدنا محمد ويوم عاشوراء يوم موسى عليه السلام والافضل للحجاج الفطر فى يوم عرفة وقد صح أنه في حجة كان مفطرا فيه وأما يوم

التروية فروى ابن حبيب في واضحته أنه عليه الصلاة والسلام قال «صوم يوم التروية كصوم سنة» قيل وهو حديث موسل اهـ. وأما استحباب صوم المحرم فإن عنى صوم المحرم كله وهو الظاهر ففي صحيح مسلم عنه عليه الصلاة والسلام أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وقد تقدم نفل التوضيح عن ابن يونس أنه صام الاشهر الحرم والمحرم أحدها وإن عنى صوم التسع الاول منه فقط على أن قوله كذا المحرم على حذف مضاف أي كذا تسع المحرم ودليل هذا الحذف قوله قبله كتسع حجة فذلك صحيح أيضاً، فقد صرح القاضي عياض باستحباب صوم العشر الأول من المحرم وأما أحروية استحباب صوم المحرم وهو يوم عاشوراء فقد صرح به عياض وابن الحاجب وغيرهما وفي شرح المواق عن ابن يونس مانصه فصل وصيام يوم عاشوراء مرغب فيه وليس بلازم وفيه تكسى الكعبة كل عام وقد خص بشيء أن من لم يبيت صومه حتى أصبح له أن يصومه أو باقيه إن أكل روى ذلك رسول الله وعن غير واحد من السلف وجاء الترغيب في النفقة فيه على العيال وقد روى أن رسول الله قال من وسع على أهل بيته يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر السنة وأن أهل مكة والمدينة يتحرون ذلك حتى كأنه يوم عيد اهـ وقال ابن العربي أما النفقة في يوم عاشوراء والتوسعة فمخلوفة باتفاق وأنه يخلف الله بالدرهم عشرة أمثاله ولابن حبيب لاتنس لاينسك الرحمن عاشورا. وذكره لازلت فى الأخيار مذكورا.

قال الرسول صلاة الله تشمله قولا وجدنا عليه الحق والنورا. أوسع بمالك فى العاشور إن له. فضلا وجدناه في الآثار مأثورا من بات في ليلة العاشور ذا سعة. يكن بعيشته في الحول مسرورا وفي شرح المواق إثر ماتقدم مانصه: وأنشد شيخى الأستاذ أبو عبد الله المنتوري جدد الله تعالى عليه رحمته، قال: أنشدني الخطيب أبو بكر بن جزي يوم عاشوراء قال أنشدني الخطيب أبو على القرشي يوم عاشوراء قال أنشدني الخطيب أبو عبد الله بن رشيد لنفسه يوم عاشوراء وذكر أنه نظمه يوم عاشوراء صيام عاشورا أتى ندبه. فى سنة محكمة قاضية. [ش] قال النبي المصطفى إنه يكفر ذنب السنة الماضية. ومن يوسع يومه لم يزل. فى عامه عيشة راضية وفي شرح الإمام أبي العباس أحمد القلشاني مانصه قال عياض الصيام على ستة أقسام واجب وسنة ومستحب ونافلة ومحرم ومكروه، فالواجب صوم شهر رمضان وقضاؤه والنذر وقضاؤه وصيام الكفارات كلها وهي الظهار والقتل واليمين بالله وصيد الحرم والمحرم والمتمتع وإماطة الأذى ولرمضان، والسنة صيام يوم عاشوراء وهو عاشر المحرم وقيل تاسعه والمستحب الأشهر الحرم وصيام شعبان وعشر ذي الحجة ويوم عرفة يعني لغير الحاج قال وثلاثة أيام من كل شهر والعشر الأول من المحرم ويوم الخميس ويوم الاثنين ويوم الجمعة إذاوصل بيوم قبله أو بعده للحديث الوارد فى ذلك وستة من شوال لفضلها لا لتعجل ستة، والنافلة كل صوم كان لغير سبب يستحق صومه أو يمنع فيه الصوم، والمكروه صوم الدهر ويوم الجمعة وصوم السبت خصوصا أيضا ويوم عرفة للحاج وآخر يوم من شعبان للاحتياط، والمحرم صوم يوم الفطر ويوم النحر وصيام الحائض والنفساء وصيام من خاف على نفسه الهلاك به وفي أيام التشريق الثلاثة لغير المتمتع خلاف وسهل فى الرابع لمن نذره اهـ ومن المكروه صوم مولد النبى قال الشيخ زروق صيام المولد كرهه بعض من قرب عصره ممن صح علمه وورعه قائلا إنه من أعياد المسلمين اهـ ويعني بمن قرب عصره الشيخ سيدي أحد الحاج ابن عاشر نفعنا الله تعالى بجميعهم وفي التوضيح عن ابن رشد ومن أيام السنة ما لايجوز صومه إلا لشخص واحد وهما اليومان اللذان بعد يوم النحر لايصومهما إلا المتمتع الذي لايجد هديا منها من لايصومه إلا ثلاثة أشخاص المتمتع والناذر ومن كان في صيام متتابع وهو ثالث أيام التشريق رابع النحر اهـ وبعضه بالمعنى

فتلخص من كلام التوضيح زيادة على تقسيم عياض أن القسم السادس المحرم منه ماهو محرم على كل أحد ومنه ماهو محرم إلا على شخص واحد فيجوز له صومه دون غيره ومنه ماهو محرم إلا على ثلاثة أشخاص فيجوز لهم صومه ولايجوز صومه لغيرهم والله تعالى أعلم ولبعضهم فى الأيام التى يستحب صيامها أيا راغبا أجر الصيام تطوعا عليك بأيام روتها الأوائل وعدتها سبع من العام كله وفي صومها للصائمين فضائل ففي رجب من بعد عشرين سابع به كل بر معتن متشاغل وفي النصف من شعبان جاءت عجائب من الخير والإحسان فهى تواصل فمن قامه ليلا واصبح صائما تلقى امانا لم تصبه الغوائل ومن قعدة خمس وعشرين فاحتفظ به إنه يوم عظيم وفاضل وفي حجة يوم أتى وهو أول وتاسعة أيضا كذلك فاضل وثالث أيام المحرم إنه جليل وعاشوراء فيه أقاول انتهى وجعل بعضهم بدل أول يوم من الحجة السادس منه وبعضهم الثالث من رجب وَيَثبُتُ الشَّهْرُ بُرؤْيةِ الْهِلاَلْ أَوْ بِثَلاَثِينَ قُبيْل فِى كَمَالْ أخبر أن دخول شهر رمضان يثبت بأحد أمرين إما برؤية الهلال وإما بكمال ثلاثين يوم قبيل رمضان يعني من شعبان وأشار بذلك إلى قول ابن الحاجب وغيره من أهل المذهب ويعرف دخول رمضان بأحد أمرين الأول برؤية الهلال والثاني إتمام شعبان ثلاثين يوما فأما الرؤية فيثبت بها بالنسبة لمن رآه وأما غير الرائي فيحصل له ذلك بوجهين بالخير المنتشر وهو المستفيض المحصل للعلم أو للظن القريب منه أو بالشهادة على شرطها بأن يشهد بذلك عدلان حران ذكران، هذا هو المشهور وقال ابن مسلمة يثبت بشهادة رجل وامرأتين، وقال أشهب بشهادة رجل وامرأة التوضيح وفيهما بعد، وكذلك عيد الفطر والمواسم كعرفة وعاشوراء لايثبت شيء من ذلك إلا بعد لين أو بالخبر المنتشر واختلف في الصوم بشهادة الواحد إذا أخبر عن رؤية نفسه فمنع مالك أن يصام بشهادته وأجازه ابن الماجشون وهذا إنما هو إذا كان هناك قاض أو جماعة من المسلمين يعتنون بأحكام الشريعة ومواقيت العبادة أي لايتأتي النظر في الشهادة ومن يشهد بها إلا مع ذلك وأما إن لم يكن إمام ألبتة أو ثم إمام وهو يضيع أمر الهلال ولايعتني به كفى الخبر ممن يثق به أو برؤية نفسه فيصوم بذلك ويفطر ويحمل

عليه من يقتدي به نقله الباجى وغيره عن عبد الملك هذا حكم بلد يثبت ذلك فيها بما ذكر فان نقل ذلك إلى بلد آخر فللنقل أربع صور استفاضة عن استفاضة فيلزم من بلغهم ذلك بما ذكر الصوم والقضاء وشهادة عن استفاضة كذلك واستفاضة عن شهادة أو شهادة عن شهادة والحكم فيهما واحد إن كانت الشهادة المنقول عنها تثبت عند حاكم عام وهو الخليفة وكذلك إن ثبتت عند حاكم خاص على المشهور وقال عبد الملك لايلزم ذلك إلا من تحت ولايته واختلف هل يكتفي بالنقل بخبر الواحد عن الإمام أو عن الخبر المنتشر على قولين قال الباجي وإذا ثبتت رؤية الهلال عند الإمام وحكم بذلك وأمر بالصيام ونقل إليك ذلك العدل أو نقله إليك عن بلد آخر فقال أحمد بن أيسر الاسكندراني يلزمك الصوم لأنه من باب قبول خبر الواحد العدل لا من باب الشهادة قال الشيخ أبو محمد وقول أحمد بن ميسر صواب كما ينقل الرجل إلى أهله وابنته البكر مثل ذلك فيلزمهم تبييت الصيام بقوله اهـ ونقل عن ابن عمران الفاسي أنه لايثبت بذلك وهذا الخلاف في النقل إلى الأجانب واما النقل بخبر الواحد إلى الأهل ومن يقتدى به فيقبل اتفاقا كما تقدم عن أبى محمد (فرع) من أخبره الإمام بثبوت الرؤية عنده لزمه الصوم نص عليه في المقدمات (فرع) قال ابن رشد من أخبره عدلان برؤيتهما لزمه الصوم نص عليه في المقدمات وقال الباجي إن قل عدد رائيه توقف ثبوته على الشهادة عند القاضي (فرع) قال الشهاب القرافي عن سند لو حكم الإمام بالصوم بالواحد لم يخالف وفيه نظر لأنه فتوى لاحكم ولو كان إمام يرى الحساب فأثبت به الهلال لم يتبع لإجماع السلف على خلافه (فرع) يثبت الهلال برؤية عدلين في المصر الصغير كان الغيم أو لا وفي المصر الكبير في الغيم وإن كان الصحو وانفردا بالرؤية من جم غفير ففي قبول شهادتهما وهو للمدونة ويحيى بن عمرو وردها وهو لسحنون، ثالثها إن نظروا كلهم لموضع واحد ردت شهادتهما وإلا أعملت قاله اللخمي وعلى المشهور وهو مذهب المدونة من قبول شهادتهما إذا عد الناس ثلاثين يوما ونظروا ليلة إحدى وثلاثين والسماء مصحية فلم ير فقال مالك في المدونة هما شاهدا سوء قال اللخمي وغيره يريد أنه تبين كذبهما لأن الهلال لايخفى مع كمال العدة ويجب أن يقضى الناس يوما فيما إذا كانت

شهادة الشاهدين على رؤية هلال شوال وعد الناس ثلاثين يوما ولم يروا هلال ذي القعدة وكذلك يفسد الحج إذا شهدا بهلال ذي الحجة قاله ابن عبد السلام (فرع) إذا انفرد عدل برؤية هلال رمضان فقد تقدم أنه لايثبت به فاذا انفرد برؤية هلال شوال عدل آخر فهل تضم شهادة العدلين ويكمل النصاب أو لا؟ في ذلك أربعة أقوال الضم ومقابله الثالث إن رآه الثاني بعد ثلاثين يوما من رؤية الأول لم يلفق وإن رآه بعد تسعة وعشرين لفق، والرابع عكسه إن كانت رؤية الثاني في غيم وإن كانت في صحو بطلت، فالقول الأول خرجه ابن رشد على القول بضم الشهادتين المتفقتي الحكم، والثاني ليحيى بن عمرو، والثالث نقله ابن رشد عن بعضهم والرابع اللخمي واعلم أنه إن كان بين الرؤيتين ثلاثون يوما فالشاهد الأول مصدق للثاني إذ لابد أن يرى ليلة إحدى وثلاثين وقد اتفقا على يوم العيد ولم يتعرض الثاني لكون رمضان كاملا أو ناقصا وإن كان بين الرؤيتين تسعة وعشرون يوما فالشاهد الثاني مصدق للاول من أجل أنه لاتمكن رؤيته على ثمانية وعشرين يوما وقد اتفقا على اليوم الأول من رمضان ولم يتعرض الأول لكون الشهر ناقصا أو كاملا فعلى القول بالتلفيق مطلقا أو يقيد إنما نلفق فما اتفقا عليه وهو العيد في المسألة الأولى واليوم الأول من رمضان في الثانية فيفطر في المسألة الأولى ويقضي اليوم الأول في الثانية، وعلى عدم التلفيق فلا يفطر لرؤية أحدهما ولا يقضي ماذكر لرؤية الآخر والخلاف في ذلك جار على الخلاف فيما إذا اتفق الشاهدان على مايوجبه الحكم واختلفا فيما شهدا به والمشهور أن شهادتهما لاتجوز، قاله في المقدمات، التوضيح والظاهر أنه لاتجري على الخلاف فى تلفيق الشهادة بل هذه أولى بالقبول اهـ والمتفق عليه في المسألة الأولى يوم العيد وفي الثانية اليوم الأول من رمضان أما ماشهدا به فمختلف، إذ شهادة الأولى على هلال رمضان والثاني على هلال شوال والله تعالى أعلم (فرع) ويجب على رائي الهلال رفع رؤيته إن كان بدلا أو مرجو العدالة لرجاء انضمام آخر فتكمل الشهادة وهل يجب على غيرهما قولان لعبد الملك وعبد الوهاب ومن رأى الهلال عدلا كان أو غير يجب عليه الامساك ومن أفطر منهم منتهكا وجب عليه القضاء والكفارة اتفاقا وإن أفطر متأولا جواز الفطر له قضى وفي الكفارة قولان المشهور وجوبها فان صام هذا الرائي وحده ثلاثين يوما لم ير أحد الهلال والسماء مصحية فقال محمد بن عبد الحكم وابن المواز هذا محال ويدل على أنه غلط وقال بعضهم الذي ينبغي أن يعمل في ذلك على اعتقاده الأول ويكتم أمره وأما من انفرد برؤية هلال شوال فان كان له عذر يخفي الفطر كالسفر أو المرض ونحوه أفطر وإن لم

يكن له عذر فلا يفطر لا ظاهرا ولاخفية وإن أمن الظهور عليه على أصح القولين لئلا يطرق إليه وغرض الشارع حاصل بنيته وكذلك إن رأى هلال الحجة وحده يجب عليه أن يقف وحده دون الناس ويجزئه ذلك فان ظهر على من يأكل، وقال رأيت الهلال فان كان مأمونا لم يعاقب وتقدم إليه أنه لايعود وإن كان غير مأمون عوقب إلا أن يكون أعلم بذلك قبل، قاله أشهب (فرع) إذا رأى الهلال بعد الزوال فالاتفاق أنه للقابلة وان رئي قبله فالأصح أنه للقابلة أيضا وقيل الماضية وأما الأمر الثاني مما يثبت به رمضان فهو اتمام شعبان ثلاثين يوما ولو غم شهورا متوالية لما في الموطأ أن رسول الله قال الشهر تسعة وعشرون يوما فلا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فان غم عليكم فاقدروا له وتقديره بتمام الشهر الذي أنت فيه ثلاثين، ولا يعتمد على قول المنجمين أن الشهر ناقص/ عياض ومعنى قوله غم عليكم ستر عنكم من قولهم غممت الشيء إذا سترته ويكون من تغطية الغمام إياه وليس من الغم، وقال ابن أبي زمنين معنى غم التبس العدد من قبل الغم أو من قبل الشك فى الرؤية وليس هو من باب الغيم وإلا لقيل غيم (فرع) وإذا كان الغيم ولم ير الهلال صبيحة تلك الليلة هي يوم الشك فينبغي الامساك حتى تستبرأ بمن يأتي من السفار وغيرهم فان ثبتت الرؤية نهارا وجب الامساك ولو كان أفطر قبل ووجب القضاء لعدم النية الجازمة وإن أفطر بعد الثبوت فان تأول أن هذا اليوم لما لم يجزه يجوز فطره فلا كفارة عليه وإن لم يتأول فالمشهور وجوب الكفارة بناء على أنها لانتهاك حرمة الشهر وقد حصل والشاذ سقوطها كالمتأول بناء على أنها لانتهاء إفساد صيام رمضان وهذا الصوم فاسد ويصام يوم الشك نذرا كمن ينذر يوما فيوافقه لا أنه ينذره من حيث أنه يوم الشك فان ذلك لايلزم لأنه نذر معصية ويصام قضاء عن رمضان الفارط أو لعادة كأن تكون عادته صيام الخميس فيوافقه صيام تطوعا على المشهور والمنصوص النهي عن صيامه احتياطا وعليه العمل ولو صامه احتياطا ثم ثبت لم يجزه وعليه العمل (فرع) إذا طهرت الحائض أو بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو حضر المسافر نهارا جاز لكل واحد منهم التمادي على الفطر وحاصله أن كل من أبيح له الفطر لعذر مع العلم بأن ذلك اليوم من رمضان ثم زال عذره في أثناء اليوم جاز له التمادي على الفطر

وبهذا يفرق بين هؤلاء حتى لم يجب عليهم الامساك بقية اليوم لكونهم أفطر والعذر مع العلم برمضان وبين ماإذا ثبت رمضان نهارا فيجب الامساك بقية اليوم لكون الفطر لعدم العلم برمضان فاذا حصل العلم به وجب الإمساك وإذا لم يجب الإمساك على من زال عذره فيجوز للمسافر إذا قدم ووجد امرأته طهرت فى يوم قدومه أن يطأها واختلف إذا كانت زوجته كافرة ظاهر المذهب الجواز وقال ابن شعبان بالمنع وفي استحباب إمساك بقية اليوم لمن أسلم ووجوبه قولان واختلف فيمن أدركته ضرورة فأزالها إما بشرب في العطش وإما بأكل في الجوع هل له أن يستديم الفطر بقية يومه اختيارا ولو بالجماع وهو قول سحنون وقال ابن حبيب يزيل ضرورته فقط قال وإن أكل بعد ذلك جاهلا أو متأولا أو متعمدا فلا كفارة عليه لأنه شبيه بالمريض اللخمي والأول أقيس وقال ابن رشد الصحيح أن يكفر إلا أن يكون متأولا وقال عبد الملك إن بدأ بالجماع كفر وإن بدأ بالأكل لم يكفر وفي نوازل البرزلي الفتوى عندنا أن الحصاد المحتاج يجوز له الحصاد وإن أدى إلى الفطر وإلا كره له بخلاف رب الزرع فلا حرج عليه مطلقا لحراسة ماله وقد نهى عن إضاعة المال اهـ وإنما يجوز الفطر للحصاد بعد أن تناله الضرورة لا قبل ذلك فلا يجوز أن يصبح مفطراً إذ من الجائز أن يصده أمر عن الحصاد رأسا فى ذلك اليوم فيكون كمن أفطر قبل أن يسافر أو في يوم الحيض قبل مجيئه، قال شيخنا الإمام العالم أبو زيد عبد الرحمن الفاسي رحمه الله في بعض فتاويه مانصه: ينبغى تقييد مسألة رب الزرع بعدم إمكان استئجاره لمن ينوب عنه في ذلك ممن يكون محتاجا ومضطرا للاجرة على ذلك اما بأن لايكون له مال يستأجر به على زرعه أو يكون ولكن لايجد من يستأجره على ذلك كما تقرر في مسألة الحامل والمرضع وأما إن وجد مايستأجر به ومن يستأجر فلا يتعاطى ذلك ويدخل نفسه فيما يضطره إلى الفطر لعدم الضرورة حينئذ ووجود المندوحة عن إضاعة المال اهـ وانظر هذا التقليد مع ماعلم من جواز السفر اختيارا وإن أدى إلى الفطر والتيمم ومثل مسألة الحصاد ماأفتى به الإمام ابن عرفة من أن المرأة المحتاجة يجوز لها غزل الكتان فى رمضان دون غيرها والله أعلم (فرع) الأسير ونحوه ممن لاتمكنه رؤية الهلال ولااستخبار ثقة يكمل الشهور ثلاثين ثلاثين وإن التبست عليه الشهور فان غلب على ظنه شهر صامه وإن لم يغلب على ظنه فقولان أحدهما أنه يصوم جميع الشهور الثاني أنه يتخير شهراً ويصومه ونظير ذلك من التبست عليه القبلة هل يصلى الى اربع جهات أو يتحرى جهة، قولان، ومن نذر صوم يوم معين ثم نسيه هل يصوم جميع أيام الجمعة أو يتحرى يوما ويصومه قولان فان تحرى وصام شهرا ثم تجلى له الآمر فلا يخلو من أربعة أوجه إما إن يعلم

انه صام قبله كما لو تبين أنه صام شعبان فلا يجزئه في العام الأول اتفاقا واختلف هل يقع شعبان من السنة الثانية قضاء عن رمضان من السنة الأولى وشعبان الثالث قضاء عن رمضان من السنة الثانية في ذلك قولان قال في البيان والصحيح عدم الاجزاء/ ابن رشد وهو المشهور وعلى الشاذ فيقضي شهرا للعام الأخير اتفاقا، وأما أن يعلم أنه صام بعده كما لو تبين أنه صام شوالا فانه يجزئه قال في البيان بالاتفاق وناقشه في التوضيح في حكاية الاتفاق وأما أن يعلم أنه صادفه بتحريه قال في البيان لم يجزه على قول ابن القاسم ويجزئه على مذهب أشهب وسحنون ويقول ابن القاسم في هذا القسم بحث صاحب التوضيح في الاتفاق على الاجزاء فيما قبله لأنه إذا قال ابن القاسم بعدم الاجزاء فيما إذا صادفه فأحرى أن يقول به إذا صام مابعده وأما إن بقى على شكله فلا يجزئه على مذهب ابن القاسم ويجزئه على مذهب ابن الماجشون وسحنون قاله في البيان وإذا قلنا بالإجزاء إذا وافق شهرا بعده فالمعتبر عدد رمضان على المشهور فان وافق شوالا لم يعتد بيوم العيد ثم ان كانا كاملين أو ناقصين قضى يوما واحدا وهو يوم العيد وان كان رمضان ناقصا وشوال كاملا لم يقض وان كان بالعكس قضى يومين وكذلك ان صادف ذا الحجة لم يعتد بيوم النحر ولا بأيام التشريق ثم ينظر الى مابقي. فَرْضُ الَّصياَم نَيّةُ بِلَيْلِهِ وَتَرْكُ وَطْءٍ شُرْبِهِ وأَكْلِهِ والَقْيءِ مَعْ إِيَصَالِ شَىْءٍ لِلْمِعَدْ مِنْ أُذُنٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ أَنْفٍ وَرَدْ وَقْتَ طُلُوعِ فَجْرِهِ إلى الغُروبْ والعَقْلُ في أولِهِ شَرْطُ الوُجُوبْ لْيَقْضِ فاَقِدُهُ والْحَيْضُ مَنَعْ صَوْماً وتَقْضِى الْفَرْضَ إنْ بِهِ ارْتَفَعْ تعرض الناظم رحمه الله فى هذه الأبيات لبيان فرائض الصوم وشروطه وموانعه فأخبر أن فرائض الصوم يزيد واجبا كان أو غير واجب خمسة وعبر بالمفرد لارادة الجنس: أولها النية في الليل ولايجوز تقديمها قبل الليل وهو قول الكافة لقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم «لاصيام لمن لم يبيت الصيام من الليل» رواه النسائي وأبو داود والترمذي وابن ماجه ولا يشترط مقارنة النية للفجر للمشقة قاله ابن الحاجب وبعد نفي اشتراط المقارنة هل تصح أو لا؟ نص القاضي أبو محمد على أنه يصح أن تكون مقارنة للفجر وفي البيان يصح ايقاعها في جميع الليالي إلى الفجر وقيل ايقاعها مع

الفجر لاتصح، والأول أصح لقوله تعالى {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} اهـ وقال ابن يونس قوله تعالى (حتى يتبين) يريد حتى تقاربوا بيان الخيط كما قال {فإذا بلغن أجلهن} يريد قاربن فكما لايجوز أن يفطر حتى يدخل جزء من الليل فكذلك لايأكل إلى دخول جزء من النهار اهـ فقوله فكذلك لايأكل أي لايستمر على الآكل ومما يدل على عدم صحة المقارنة أنه إذا وجب إمساك جزء من الليل وقد تقرر أن أول جزء من الامساك واجب النية سائره لزم تقدم نيته عليه لأنه قصد إليه والقصد متقدم على المقصود وإلا كان غير منوي والمشهور أن عاشوراء كغيره في اشتراط النية المبنية وقال ابن حبيب يصح صومه بنية من النهار الثاني ترك الوطء ويريد وما في معناه من اخراج مني والمذي من طلوع الفجر إلى الغروب كما نبه عليه بقوله وقت طلوع فجره إلى الغروب إذ هو راجع للمسائل الأربع، قال ابن بشير ولا خلاف أن الجماعة وما في معناه من استدعاء المني محرم في الصوم ويريد ومبطل له كما يأتي للناظم التنبيه على وجوب القضاء والكفارة في ذلك ابن الحاجب وشرطه الامساك في جميع زمانه عن إيصال طعام أو شراب وإيلاج الحشفة في قبل أو دبر ثم قال وشرطه الامساك عن إخراج مني أو قيء وفي المذي والانعاظ قولان، التوضيح المشهور في المذي وجوب القضاء وقال ابن الحاجب باستحبابه ومنهم من فرق في المذي بين أن يكون عن لمس أو قبلة أو مباشرة فيجب القضاء وبين أن يكون عن نظر فلا يجب وهو قول ابن حبيب والقول بالقضاء في الإنعاظ رواه ابن القاسم عن مالك ابن عبد السلام وهو الأظهر وبعدمه رواه ابن وهب عن مالك أيضا وإنما قال ابن الحاجب إخراج المني والقيء ليخرج بذلك الاحتلام والقيء الغالب فلا حكم لهما اهـ لأنهما خرجا من غير إخراج. الثالث ترك الأكل والشرب من طلوع الفجر إلى الغروب ابن الحاجب وشرطه

الامساك في جميع زمانه عن إيصال طعام أو شراب إلى الحلق أو المعدة من منفذ واسع كالفم والأنف والأذن يمكن الاحتراز منه، التوضيح وصف الطعام والشراب بإمكان الاحتراز منه ليخرج غبار الطريق ونحوه كما سيأتي وعطف الواصل إلى المعدة على الواصل إلى الحلق لتدخل الحقنة فان المشهور فيها القضاء ثم قال ابن الحاجب وفى القضاء بوصول ماينماع من العين والإحليل والحقنة، ثالثها المشهور يقضي في العين والحقنة ان وصل، التوضيح وقوله وصول يدل على أنه لو تحقق عدم الوصول لم يقض اتفاقا اهـ فقول الناظم شربه عطف على وطء بحذف العاطف الرافع ترك إخراج القيء من طلوع الفجر إلى الغروب وأما خروجه غلبة من غير إخراج فلا حكم له كما تقدم عن ابن الحاجب والتوضيح، وقوله والقيء عطف على الوطء على حذف مضاف أي وترك إخراج القىء والأصل فيى ذلك ماأخرجه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة عن رسول الله «إذا ذرع الصائم القيء فلا افطار عليه وان استقاء فعليه القضاء» ونحوه في المدونة/ ابن رشد قال ابن القاسم والفريضة والنافلة في ذلك سواء قال ابن يونس قال بعض أصحابنا الذي ذرعه القيء يندفع اندفاعا فيأمن أن يرجع منه إلى حلقه ولأنه لاصنع له فيه فأشبه الاحتلام بخلاف الذي استدعى القيء فان استقاء عابثا لغير مرض ولاعذر فرجع شيء إلى حلقه فليكفر وإلا فليقض الباجي الظاهر من قوله مالك وأصحابه أنه لا كفارة عليه وهو كمن أمسك ماء في فيه فغلبه ودخل حلقه يقضى ولايكفر الخامس ترك إيصال شىء إلى المعد جمع معدة سواء وصل لها من أذن أو عين أو أنف أو غيرها من طلوع الفجر إلى الغروب ولم يكتف عن ترك الإيصال إلى المعدة بترك الأكل والشرب لتدخل الحقنة كما تقدم عن التوضيح فالحاصل أن الإيصال إلى الحلق مبطل للصوم وإن لم يصل إلى المعدة وأن الإيصال إلى المعدة مبطل للصوم أيضا وان لم يمر على الحلق بأن دخل من الدبر وهي الحقنة إذا كانت بمائع في الدبر، أما ان كانت بغير مائع كالفتائل أو الاحليل بكسر الهمزة ثقبة الذكر حيث يخرج البول فلا قضاء عليه ومن المدونة كره مالك الحقنة للصائم فان احتقن في مرض بشيء يصل إلى جوفه فليقض ويكفر، وسئل مالك عن الفتائل تجعل للحقنة قال أرى ذلك خفيفا ولاشيء عليه، قال ابن القاسم وان قطر الصائم في إحليله دهنا فلا شيء عليه وهو أخف من

الحقنة اهـ وقد بحث في التوضيح مع ابن الحاجب عدة ترك الوطء وماعطف عليه مما يطلب تركه والامساك عنه شرطا وإنما هو ركن أي فرض قائلا وقد تسامح في اطلاق الشرط على الركن إذ لامعنى للصوم إلا الامساك أي عن ذلك وتركه فهو داخل في الماهية، قال والشرط خارج عن الماهية وكلام الناظم سالم عن هذا البحث لعده فرائض لا شروطا كمافعل ابن الحاجب (فرع) اختلف في الصائم يصل إلى جوفه شيء مما لايستعمل في الغذاء كالنواة والدرهم هل يكون كسائر الغذاء ايجب القضاء في السهو والقضاء والكفارة في العمد وهو قول ابن الماجشون أو لا شيء عليه لكونه من غير جنس الغذاء فوجوده كعدمه بل في وجوده مضرة ونقله في الجواهر عن البعض المتاخرين قولان (فرع) قال في الذخيرة من اكتحل ليلا لا يضره هبوط الكحل في معدته نهارا ومن علم من عادته أن الكحل ونحوه لايصل إلى حلقه فلا شيء عليه قاله اللخمي يريدان فعله نهارا والله أعلم قال الشيخ أبو الحسن الصغير هذا أصل في كل مايعمل في الرأس من الحناء والدهن وغيرهما وقال في تهذيب الطالب عن السليمانية من تبخر بالدواء فوجد طعم الدخان في حلقه قال يقضي بمنزلة من اكتحل أو دهن رأسه فيجد طعم ذلك في حلقه فيقضي وقال أبو محمد أخبرني بعض أصحابنا عن ابن لبابة أنه قال فيمن استنشق بخورا لم يفطر وأكره له ذلك وفي بعض شراح المدونة بعد نقله ماتقدم عن السليمانية من القضاء إذا تبخر وكذلك من استنشق ربو القدر لأن له أجزاء بخلاف الغالية وقال ابن الحاجب بخلاف دهن الرأس أي فلا يقضي وقيل الا أن يستطعمه ابن عبد السلام الخلاف خلاف في حال قال في التوضيح لم أر القول الأول وقد عد عياض في قواعده دهن الرأس من المكروهات فقال القباب لايجوز على المشهور أن يعمل في رأسه حناء أو غيره إذا علم بوصوله لحلقه ويكره على قول ابن مصعب وعليه مشى فى القواعد وقال سند لوحك أسفل رجليه بالحنظل فوجد طعمه في فمه أو قبض بيده على الثلج فوجد برده في جوفه فلا شيء عليه اهـ وأما المشموم الطيب الرائحة فنقل صاحب المعيار عن الإمام أبى القاسم العقباني أنه قال لا أعلم من يقول فيه بالإفطار وانما يكره فى مذهب بعض أهل العلم (فرع) لاقضاء ولاكفارة في دهن الجائفة وهي الجراح التي وصلت إلى الجوف لأن ذلك لايصل إلى موضع الطعام والشراب ولو وصلت إليه لمات صاحبها من ساعته (فرع) قال ابن الحاجب والمشهور أن لاقضاء فى فلقة من الطعام بين الأسنان تبتلع ومقابل المشهور القضاء لأشهب وقيد الشيخ أبو محمد قول أشهب بوجوب القضاء بما

إذا أمكنه طرحها وأما لو ابتلعها غلبة فلا شيء عليه وقال اللخمي واختلف في غير المغلوب فقيل ان كان ساهيا فعليه القضاء وان كان متعمدا فعليه القضاء والكفارة وان كان جاهلا أساء ولا شيء عليه وقيل إن كانت بين أسنانه فلا شيء عليه ساهيا أو عامدا أو جاهلا وإن تناولها من الأرض كانت كسائر الطعام يقضي في السهو ويقضى ويكفر في الجهل والعمد/ خليل ولاينبغي أن يختلف إذا أخذها من الأرض، فلذا قال ابن الحاجب بين أسنانه (فرع) والمضمضة لوضوء أو عطش جائزة فإن غلبه إلى حلقه فالقضاء وان تعمد فالقضاء والكفارة والسواك مباح كل النهار خلافا للشافعي اجازته له قبل الزوال فقط والمشهور أظهر لعموم قوله «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» رواه البخاري ومسلم وإنما يجوز بما لا يتحلل منه شيء قال ابن حبيب ويكره الاستياك بالرطب للجاهل الذي لايحسن أن يمج ما يجتمع منه الباجي والذي يقتضيه قول مالك وأصحابه أنه يكره للجاهل والعالم لما فيه من التغرير فان تحلل ووصل منه إلى حلقه فكالمضمضة في عمده القضاء والكفارة وفي التأويل والنسيان القضاء فقط وهذا لايختص بالجواز اهـ نعم هي أشد من غيرها، حكى عن ابن لبابة وغيره أنه ان استاك بالجوز في رمضان نهارا لزمه القضاء والكفارة وان استاك بها ليلا فأصبح على فيه القضاء فقط وفي النسخة الكبرى من نوازل ابن الحاجب ماحاصله أن الاستياك بأصول الجوز لايجوز للرجل ومن استاك به في ليل أو نهار فعليه القضاء قال الشيخ ابن غازي ومن الغريب ماكتب لي به شيخنا أبو عبد الله القوري أن شيخه أبا محمد عبد الله العبدوسي أن من تسحر بالنبات المسمى بالخرشف فأصبح صبغه على فيه بمنزلة من استاك بالجوز ليلا (فرع) قال ابن يونس قال ابن حبيب القيء الغالب إذا عرف صاحبه أنه رجع إلى حلقه منه شيء قبل فصوله فلا شيء عليه فان رجع بعد فصوله مغلوبا أو غير مغلوب وهو ناس فقد اختلف في ذلك عن مالك زاد في التوضيح عن اللخمي والصواب أن ينظر فان خرج إلى لسانه بحيث يقدر على طرحه فابتلعه فعليه القضاء وإن لم يبلع موضعاً يقدر على طرحه فلا شيء عليه، التوضيح ومقتضى كلامه أن العمد مبطل اتفاقا اهـ أي فيقضي وأما الكفارة فلا.

(فرع) وأنظر لو فلس ماء أو طعاما ثم رده بعد وصوله إلى طرف لسانه أو إلى موضع يمكن طرحه منه قال ابن حبيب هو بخلاف البلغم عليه القضاء والكفارة في عمده لأنه طعام وشراب ومخرجه من الصدر ويقضى في سهوه وإن رده من بين لهواته ومن موضع لايمكن طرحه منه فلا شيء عليه قاله ابن الماجشون وقال مالك في المجموعة في الذي يبتلع الفلس ناسياً لاقضاء عليه، وقال ابن القاسم وهذا يقتضي أنه لاكفارة في عمده (فرع) وأما البلغم فقال اللخمى لاشيء فيه إذا نزل إلى الحلق وإن كان قادراً على طرحه وفي كلام اللخمي بيان أنه مالم يصل إلى اللهوات غير مختلف فيه وإن كان قادراً على طرحه واختلف إذا وصل إلى اللهوات ثم عاد فقال ابن حبيب أساء ولاشيء عليه وقال ابن يونس قال ابن حبيب من ابتلع نخامة من لهواته أو من بعد فصولها إلى طرف لسانه فلا شيء عليه وقد أساء لأن النخامة ليست بطعام ولاشراب ومخرجها من الرأس القباب بعض من لم يقف على هذا كان يتكلف في صومه إخراج البلغم مهما قدر عليه فلحقته بذلك مشقة لتكرره عليه. قوله والعقل فى أول شرط الوجوب وليقض فاقده أخبر أن العقل في أول الصوم أي عند طلوع الفجر شرط في وجوب الصيام يريده وفي صحة فعله كما صرح به ابن رشد واذا كان كذلك فيلزم من عدم العقل حينئذ عدم وجوب الصيام وعدم صحته وعليه فمن فقد العقل عند طلوع الفجر وجب عليه القضاء ثم فقدان العقل تارة يكون في جميع النهار وتارة في بعضه ويأتى بيان ذلك إن شاء الله. وأعلم أن الناظم لما فرغ من الفرائض شرع فى الشروط والشأن تقديم الشروط على الفرائض لكن ضيق النظم يسهل أكثر من هذا، وشروط وجوب الصوم ستة. الاسلام والعقل والبلوغ والصحة والاقامة والنقاء من دم الحيض والنفاس، ولم يذكر الناظم منها إلا العقل فأما إسقاطه الاسلام فلعه بناء على خطاب الكفار بالفروع وأما إسقاطه البلوغ فلقوله في مقدمة الكتاب وعلى تكليف بشرط العقل مع البلوغ الخ وإنما أعاد هنا العقل ليرتب عليه وجوب القضاء على فاقده وأما إسقاطه الصحة والاقامة فتنصيص الناظم بعد هذا في قوله ويباح أي الفطر لضر أو سفر قصر، على إباحة الفطر للمريض والمسافر دليل على أن الصحة والاقامة شرط، أما في الوجوب فيكون قضاء المريض والمسافر بأمر جديد وأما في الأداء فيكون بالأمر الأول وأما

إسقاطه النقاء من دم الحيض والنفاس فيفهم من ذكره الحيض مانعاً لأن ما كان وجوده مانعاً ففقده شرط مع ضرب من التسامح ولاشتراط البلوغ لايؤمر بالصوم غير البالغ اذا كان يطيقه على المشهور لأنه مرة في السنة وهو امساك فقط بخلاف الصلاة فيؤمر بها لتكررها وكثرة أحكامها وروى أشهب أنه يؤمر به كالصلاة لاشتراط العقل قال الناظم وليقض فاقده ثم فقدان العقل اما أن يكون بجنون أو باغماء أو بنوم فان كان بجنون فقال مالك في المدونة من بلغ وهو مجنون مطبق فمكث سنين ثم أفاق فليقض صوم تلك السنين ولايقضي الصلاة كالحائض وفي ابن الحاجب مامعناه ومن بلغ عاقلا وقلت سنو طباقه فالقضاء اتفاقا بخلاف الصلاة أي فلا يقضيها وأما من بلغ عاقلا وكثرت سنو طباقه أو بلغ مجنونا كثرت سنو طباقه أو قلت فثلاثة أقوال المشهور القضاء والثاني السقوط والثالث ان قلت السنون وجب القضاء وان كثرت لم يجب وعلى المشهور فالأقسام الأربعة يشملها قول الناظم وليقض فاقده هذا حكم فقد العقل بالجنون وأما بالنوم فقال ابن الحاجب ولا أثر للنوم اتفاقا أي ولو كان جميع النهار لاساتر للعقل غير مزيل له فلا يشمله قول الناظم وليقض فاقده والله أعلم، وأما الاغماء فان كان كل النهار فكالجنون وإن كان في أقل النهار فان كان أوله سالما فكالنوم لا أثر له وان لم يسلم أوله أي عند طلوع الفجر فقولان المشهور القضاء وهو مذهب المدونة زاد ابن حبيب ولا يؤمر بالكف عن الأكل بقية نهاره وفي سماع أشهب الاجزاء نظراً إلى القلة وان كان في نصف النهار أو جله مع سلامة أوله فمذهب المدونة الاجزاء في النصف وعدم الإجزاء في الجل وقد تلخص من هذا أنه يقضي على المشهور في أربع مسائل من مسائل الاغماء إذا أغمي عليه جميع النهار أو جله سلم أوله أو لم يسلم أو نصفه أو أقله ولم يسلم أوله في الوجهين ولايقضي إذا أغمى عليه أقله أو نصفه وقد سلم أوله في الوجهين ففي قول الناظم وليقض فاقده إجمال بالنسبة إلى فقده بالاغماء والله أعلم.

قوله (والحيض منع صوما وتقضى الفرض إن به ارتفع) لما تكلم على الفرائض والشروط شرع في الكلام على المانع فأخبر أن الحيض مانع من الصوم يعني سواء كان الصوم واجباً أو غير واجب ولذلك نكر صوما ثم فرع على ذلك أن الحائض تقضي الفرض يريد من الصوم فهو على حذف الموصوف أي الصوم الفرض إن ارتفع ذلك الفرض أي ارتفع وجوبه بسبب الحيض ويحتمل أن معنى ارتفع بطل وفسد بسبب الحيض وفهم من قوله تقضي الفرض أنها لو حاضت في صوم غير فرض لم تقضه وهو كذلك واعلم أن الحيض إذا انقطع قبل الفجر فلا حكم له في فساد الصوم ومنع صحته سواء أمكن الغسل أم لا اغتسلت أم لا وقيل إن اتسع الزمان للغسل قبل الفجر فالحكم كذلك وان لم يتسع فحكم الحيض باق فلا يصح صومها نقله في الجلاب عن ابن الماجشون ورواه ابن القاسم وأشهب عن مالك وقيل إذا اغتسلت قبل الفجر وإلا فحكم الحيض باق سواء طهرت لزمان يمكنها فيه الغسل أو لا، وهذا القول حكاه ابن شعبان، قال في الجلاب وقال ابن مسلمة تصوم وتقضي فان شكت هل طهر لي قبل الفجر أو بعده صامت لاحتمال أن تكون طهرت قبل وقضت لاحتمال بعد، التوضيح قال ابن رشد وهذا بخلاف الصلاة فانه لايجب عليها أن تقضي ما شكت في وقته هل كان الطهر فيه أم لا هو بين فان الحيض مانع من أداء الصلاة وقضائها وهو حاصل وموجب القضاء وهو الطهر في الوقت مشكوك فيه وأما في الصوم فانما يمنع من الأداء خاصة ولايمنع من القضاء فلهذا وجب عليها قضاء الصوم دون الصلاة اهـ فقوله لايجب عليها أن تقضي ماشكت في وقته يعني مماخرج وقته ويُكْرَهُ اللّمْسُ وفِكْرُ سَلِما دَابَا منَ المَذْى وإِلاّ حَرُمَا أخبر أنه يكره للصائم اللمس والفكر إذا سلم دائما من خروج المذي وأحرى المني وان لم يسلما دائما مما ذكر حرصا عليه ولاخصوصية للمس والتفكر بهذا الحكم بل وكذلك حكم غيرهما من مقدمات الجماع من النظر والقبلة والمباشرة والملاعبة والفرق بين اللمس والمباشرة أن اللمس باليد والمباشرة بالجسد، التوضيح الحكم مختلف في مبادىء الجماع على أقسام ثلاثة فان كان يعلم من نفسه السلامة من المني والمذي لم تحرم وقد كرهوا ذلك في المشهور وجعلوا مراتب الكراهة تتفاوت بالأشدية على نحو مارتب المؤلف يعني ابن الحاجب المبادي فأخفها الفكر ثم النظر ثم القبلة ثم المباشرة ثم الملاعبة وإن كان يعلم من نفسة عدم السلامة من المني والمذي حرمت وإن شك في السلامة فقولان الظاهر منهما التحريم احتياطا للعبادة وقيل لاتحرم لأن الاباحة هي الأصل اللخمي وإن كان يسلم مرة ولا يسلم أخرى حرمت اهـ ولإخراج هذه

الصورة زاد الناظم قوله دأبا فقوله سلما دأبا من المذي أي كان دأب صاحبهما أو فاعلهما وعادته أن يسلم من خروج المذى وهذه هي الصورة الأولى في التوضيح المشار إليها بقوله فان كان يعلم من نفسه السلامة الخ وشمل قوله وإلا حرما الصورتين وهما ما إذا علم عدم السلامة وما إذا شك فيها ومن جملة الشك فيها مانقل عن اللخمي إذا كان يسلم مرة ولايسلم أخرى فلذا لم يعدها أربعة والله أعلم. هذا حكم الاقدام على المقدمات ابتداء وقد علمت من ترتيب ابن الحاجب لها ان عدتها خمسة وبعد الوقوع إما أن ينشأ عنها إنعاظ أو مذي أو مني فالمجموع خمس عشرة صورة من ضرب خمسة عدة المقدمات في ثلاث عدة ماينشأ عنها وكل من الصور إما ينشأ عما ذكر مع الاستدامة أو ابتداء من غير استدامة فالمجموع ثلاثون صورة فان نشأ إنعاظ ومذي فلا كفارة وفي القضاء تفصيل بين الاستدامة وعدمها وخلاف، وإن نشأ منى فالقضاء والكفارة في بعض الصور والقضاء فقط في بعضها وسقوطهما معا في بعضها انظر ابن الحاجب والتوضيح وكَرهُوا ذَوْقَ كَقْدِر وهَذَرْ غالِبُ قَىْءٍ وذُبابٍ مُغْتَفَرْ غُبَارُ صَاِنعٍ وطُرْقٍ وَسِوَاكْ يابِسٍ اصْبَاحُ جَنَابةٍ كَذَاكْ أخبر أن أهل المذهب كرهوا للصائم ذوق القدر من الملح وكذا نحو القدر كذوق العسل ومضغ العلك ومضغ الطعام للصبي ولذا أتى بالكاف وكرهو أيضا له الهذر في الكلام وهو كثرته لغير منفعة وهو معطوف على ذوق ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة ثم أخبر أن القيء الخارج من فم الصائم غلبة والذباب الداخل فيه كذلك مغتفر كل منهما لايوجب عليه قضاء ولاغيره، وأن غبار الصنعة كغبار الدقيق لطحنه وكذا غبار الطريق والاستياك باليابس الذي لايتحلل والاصباح بالجنابة بحيث لم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر كالقيء والذباب الغالبين في الاغتفار أما كراهة ذوق القدر فنحوه في المدونة الباجي ممن فعل شيئا من ذلك فمجه فقد سلم قال ابن حبيب ولاشيء عليه وإن دخل جوفه شيء منه فعليه القضاء قاله مالك البرزلي وغزل المرأة الكتان المصري جائز مطلقا بخلاف الدمني فيسوغ له إن كانت ضعيفة وإلا فيكره وأما كراهة كثرة الكلام لغير منفعة ففي الرسالة: وينبغي للصائم أن يحفظ لسانه وجوارحه ويعطم من شهر رمضان ماعظم الله سبحانه قال بعض شراحها حفظ اللسان والجوارح من كل منهي عنه واجب في رمضان وغيره وهو في رمضان آكد لأن المعصية تغلظ بالزمان والمكان فالمعصية في رمضان أو في مكة أعظم إثما منها في غيرهما قلت فلذا كرهوا للصائم كثرة الكلام المباح سداً لذريعة الوقوع في المحرم قال بعض العارفين:

لاتجعلن رمضان شهر فكاهة ... تلهيك فيه من القبيح فنونه واعلم بأنك لاتنال قبوله ... حتى تكون تصومه وتصونه (وقال آخر) إذا لم يكن في السمع مني تصاون وفي بصرى غض وفي منطقي صمت فحظي إذا من صومي الجوع والظما وإن قلت إني صمت يوما فما صمت وأما اغتفار غالب القىء ففي ابن الحاجب والقيء الضروري كالعدم وفي التلقين لايفسد الصوم ذرع قيء وحجامة ولا ركوب مأثم لايخرج عن اعتقاد وجوبه ومضيه على نيته وإمساكه كالعيبة والقذف وقد تقدم بعض الكلام في القيء عند قول الناظم (فرض الصيام نية) الأبيات الأربعة وأما اغتفار غالب الذباب فمن المدونة [قال مالك في الصائم يدخل حلقة الذباب لا شيء عليه، وأما اغتفار غبار الصانع والطريق، ففي «الذخيرة»: الأظهر في غبار الدقيق لصانعه لغوه، وهو قول ابن الماجشون، الجلاب: من دخل في حلقه غبار الدقيق أو غبار الطريق فلا شيء عليه، قال الشيخ أبو محمد: ينبغي أن لاشيء عليه في غبار كيل القمح ولا بد للناس من هذا. ابن الحاجب: وغبار الجباسين دون أي غبار الدقيق لأنه يغذي، وأما اغتفار الاستياك باليابس الذي لا يتحلل، فقال ابن الحاجب: والسواك مباح كل النهار بما لا يتحلل منه شيء وكره بالرطب لما يتحلل فإن تحلل ووصل إلى حلقه فكالمضمضة أي إن غلبه كان عليه القضاء، وإن تعمد ذلك كان عليه القضاء والكفارة، وأما الإصباح بالجنابة ففي الصحيح عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم، وكان أبو هريرة يقول من أصبح جنباً أفطر ذلك اليوم، فلما بلغه الحديث السابق فقال: لا علم لي وإنما أخبرنيه مخبر. قال أشهب: ولم يختلف العلماء في صيام الجنب أنه يجزئه وهو كمن صام على غير وضوء، قال: ولو أقام نهاره جنباً لم يفسده صومه. ونية تكفي لما تتابعه ... يجب إلا إن نفاه مانعه أخبر أن ما يجب تتابعه من الصيام كرمضان بالنسبة للحاضر الصحيح، وشهري كفارة الظهار وكفارة تعمد فطر رمضان ونحوها تكفيه نية واحدة في أوله لجميعه، إلا إن نفي وجوب التتابع مانع لذلك الوجوب من مرض أو سفر أو حيض فلا بد من]

قول لتجديدها ويصدق مع عدم التتابع وانقطاعه كالحائض والمسافر والمريض إذا أفطر ثم أراد الصوم فلا بد لهما من تجديدها أيضا ثم ان كان صومها بعد أن حضر المسافر وصح المريض كفتهما نية واحدة لبقية الصوم وإن كان صوم المسافر في السفر وصوم المريض في المرض فلابد لهما من التجديد كل ليلة حتى ينقضي السبب الذي نفى وجوب التتابع وهو المرض والسفر كما مر قريباً عن العتبية وهذا التفصيل جار في رمضان مطلقا وفي الكفارات الواجب تتابعها باعتبار المرض إذا أفطر له وأما باعتبار السفر فلا، لأنه إذا أفطر له انقطع تتابعه وابتدأ الصوم من أوله كما يأتي فلا يتصور فيه تجديد النية لبقية الصوم وأنظر إذا سافر في صيام الكفارات ولم يفطر في سفره أو مرض وتكلف الصوم هل يجب عليه تجديد النية كل ليلة كما في رمضان على قول مالك في العتبية وهو ظاهر كلامه في البيان وكلام ابن الحاجب كما يأتي أو لا؟ لقوله في العتبية قال مالك لايجزئه الصيام في السفر إلا أن يبيته في صيام رمضان اهـ فخص ذلك بصيام رمضان فغير رمضان لايحتاج فيه لتجديدها كل ليلة في السفر والمرض مثله من باب لافارق، أنظر ذلك وفهم من قوله لما يجب تتابعه أن الصوم الذي لايجب تتابعه كقضاء رمضان وصيام كفارة اليمين لاتكفيه نية واحدة بل لابد من تجديدها له كل ليله وهو كذلك/ ابن الحاجب والمشهور الاكتفاء بها فى أول ليلة لرمضان لجميعه التوضيح قال في البيان وحكى ابن عبد البر عن مالك وجوب النية في كل ليلة وهو شذوذ في المذهب ثم قال في التوضيح ورأى في المشهور أن الشهر كله عبادة واحدة وفي الشاذ أن أيام الشهر عبادات متعددة بدليل أن فساد يوم لايوجب فساد مامضى ثم قال وما ذكره من الاكتفاء بنية واحدة إنما هو في حق الحاضر وأما المسافر فلا بد من التبييت كل ليلة قاله في العتبية والمريض يلحق بالمسافر وحكى

سند قولا ثانيا في المسافر بالاكتفاء بنية واحدة ثو قال ابن الحاجب إثر ماتقدم عنه وكذلك الكفارات أي التي يجب تتابعها أي مثل رمضان في جميع ما تقدم والله أعلم ثم قال وإن انقطع التتابع بأمر فالمشهور تجديدها يريد ومقابله لايلزم تجديدها، ثالثها الفرق ماانقطع التتابع في حقها بالحيض فلا يلزمها تجديد النية وبين غيرها فيلزمه تجديدها، التوضيح واعلم أن هذا الكلام إنما هو إذا طرأ الحيض بعد أن بيتت أول الشهر وأما من دخل عليها رمضان وهي حائض فلا يجزئها في أول يوم من طهرها دون تبييت إلا على رأى عبد الملك أن المتعين لايحتاج اليه نية وانظر إذا أفطر متعمدا لغير عذر هل يلزمه التجديد اتفاقا أو يجري فيه الخلاف وعبارة ابن بشير ولو طرأ في رمضان ماأباح الفطر فهل يفتقر إلى إعادة التبييت أم لا؟ في المذهب قولان (فرع) قال ابن يونس قال فى المختصر وكتاب ابن حبيب من شأنه سرد الصيام أو شأنه صوم يوم بعينه ليس عليه التبييت لكل يوم/ الأبهري القياس أن على من عود نفسه صوم يوم بعينه وعلى من شأنه سرد الصيام التبييت كل ليلة لجواز فطره ويؤخذ حكم هذا الفرع من المفهوم قول الناظم (لما تتابعه يجب) إذ مفهومه أن مالايجب تتابعه لابد من تجديدها فيه كل ليلة نُدِبَ تَعْجِيلٌ لِفِطْرٍ رَفَعَهْ كَذَاكَ تَأخِيرُ سُحورٍ تَبِعَهْ أشار بالبيت إلى قوله في الرسالة ومن السنة تعجيل الفطر وتاخير السحور والسحور بفتح السين اسم لما يتسحر به وبالضم اسن للفعل وهو هنا بالضم والأصل فيما ذكر قوله «لايزال الناس بخير ماعجلوا الفطر وأخروا السحور» وفي تعجيل الفطر التقوية على الصلاة وفي تأخير السحور التقوية على الصوم وفي الصحيح تسحروا فان في السحور بركة وقول الناظم رفعه صفة لفطر وفاعله ومفعوله البارز للصوم وكذا جملة تبعه صفة لسحور وفاعله للصوم ومفعوله البارز للسحور أي ندب تعجيل فطر موصوف بكونه رفع هو الصوم وندب تأخير سحور موصوف بكونه تبعه الصوم والله أعلم (تنبيه) ماذكره الناظم من استحباب تعجيل الفطر وتأخير السحور إنما هو مع تحقق

الغروب وتحقق عدم طلوع الفجر أما مع الشك فلا، لتجديدها ويصدق مع عدم التتابع وانقطاعه كالحائض والمسافر والمريض إذا أفطر ثم أراد الصوم فلا بد لهما من تجديدها أيضا ثم ان كان صومها بعد أن حضر المسافر وصح المريض كفتهما نية واحدة لبقية الصوم وإن كان صوم المسافر في السفر وصوم المريض في المرض فلابد لهما من التجديد كل ليلة حتى ينقضي السبب الذي نفى وجوب التتابع وهو المرض والسفر كما مر قريباً عن العتبية وهذا التفصيل جار في رمضان مطلقا وفي الكفارات الواجب تتابعها باعتبار المرض إذا أفطر له وأما باعتبار السفر فلا، لأنه إذا أفطر له انقطع تتابعه وابتدأ الصوم من أوله كما يأتي فلا يتصور فيه تجديد النية لبقية الصوم وأنظر إذا سافر في صيام الكفارات ولم يفطر في سفره أو مرض وتكلف الصوم هل يجب عليه تجديد النية كل ليلة كما في رمضان على قول فقد روى ابن نافع عن مالك إذا غشيتهم الظلمة فلا يفطروا حتى يوقنوا بالغروب/ ابن حبيب إنما يكره تأخير مفطر استنانا وتدينا فأما لغير ذلك فلا، كذلك قال لي أصحاب مالك وقال/ أشهب يستحب تأخير السحور مالم يدخل الشك في الفجر اهـ (فرع) من المدونة كره مالك لمن شك في الفجر أن يأكل/ ابن عرفة فان أكل فبان كون أكله قبل أو بعد، فواضح وإلا ففي المدونة يقضي/ عياض حمل بعض أصحابنا قول مالك يقضي على الاستحسان وقال أبو عمران بل القضاء واجب عليه ابن يونس لأن الصوم في الذمة بيقين فلا يزول عن ذمته إلا بيقين ولا كفارة عليه لأنه غير قاصد لانتهاك حرمة الشهر وفي المدونة ومن يأكل في رمضان ثم شك أن يكون أكل قبل الفجر أو بعده فعليه القضاء ابن يونس إذ لايرتفع مقرر بغير يقين/ ابن الحاجب فان طلع الفجر وهو آكل أو شارب ألقى ولا قضاء عليه على المنصوص وخرج القضاء على القول بوجوب امساك جزء من الليل وفيه قولان، فان طلع وهو يجامع نزع ولا كفارة على المشهور وفي القضاء قولان فان شك في الغروب حرم الأكل اتفاقا فان أكل ولم يتبين فالقضاء، المدونة ومن ظن أن الشمس غربت فأكل في رمضان ثم طلعت فليقض قال في التنبيهات الظن هنا بمعنى اليقين ولو كان على شك لكفر على ماذكره أبو عبيدة في مختصره ولم يكفر على ماذكره البغداديون واختلف المشايخ في ترجيح أي القولين اهـ فان تبين أنه أكل بعد الغروب فنقل الخطاب عن الجزولي أنه لاقضاء عليه وقد غر وسلم مَنْ أَفْطَرَ الْفَرْضَ قَضَاهُ ولْيُزَدْ* كَفَّارَةُ في رَمَضانَ إنْ عَمَدْ لأِكْلٍ اُوْ شُرْبٍ فَمٍ أَوْ لِلْمَنِي وَلَوْ بِفِكْرٍ اُوْ بِفَرْض مابُنِي بِلاَ تَاوُّلٍ قَرِيبٍ وَيُباحُ لِضُرٍّ اُوْ سَفَرِ قَصْرٍ أَيْ مُباحْ قوله من (أفطر الفرض قضاهُ) أخبر من أفطر فى الفرض من الصوم يريد سواء كان ذلك الفرض رمضان أو غيره كالنذر المضمون الذي لم يعين له زمان فانه يجب عليه قضاؤه وعبر بالفرض ليشمل رمضان ولا اشكال في وجوب القضاء على من أفطر فيه كيفما كان فطره نسيانا أو غلطا في التقدير كان يعتقد غروب الشمس أو عدم طلوع الفجر أو يغلط في الحساب أول الشهر أو آخره أو عمدا سواء كان فطره العمد واجبا كفطر المريض الذي يخاف على نفسه الهلاك والحائض أو مباحا كالفطر في السفر أو مندوبا كالمجاهد يظن من نفسه إن أفطر حدثت له قوة أو حراما ولا إشكال أو جهلا أو

كان غلبة كصب طعام أو شراب في حلق نائم أو مجامعة امرأة نائمة ومكرها وسواء كان فطره بالجماع أو باخراج المني أو برفع النية ورفضها نهارا أو بأكل أو شرب فان كان بهما فلا فرق بين وصول ذلك للحلق أو للمعدة من منفذ واسع أو ضيق فيجب القضاء في الوجوه كلها ويشمل غير رمضان كالصوم المنذور ثم إن كان هذا للمنذور مضمونا أي لم يتعين له زمانا كأن يقول لله على صوم يوم فأصبح يوما صائما لوفاء نذره ثم أفطر فيه فانه يجب عليه قضاؤه أيضا على أي وجه كان فطره كما تقدم في فطر رمضان وإن كان معين الزمان كـ لله علي صوم كذا فى ذلك اليوم فان كان فطره لمرض أو لحيض أو نسيانا فانه لايقضى على المشهور لأن الملتزم شيء معين وقد فات ولابن القاسم يقضي في النسيان لأنه كالمفرط دون ماعداه وقال ابن عرفة أنه المشهور ولابن الماجشون الفرق بين الأيام التى يقصد فضلها كعرفة وعاشوراء فلا يقضيها لأن المقصود عينها وبين غيرها فيقضيه وإن أفطر في النذر المعين بغير ماذكر كالسفر وجب عليه القضاء اتفاقا نقله ابن هرون وكذا إن أفطر متعمدا لغير عذر كما يأتي عن المدونة والله أعلم وإذا علمت هذا ففي اطلاق الناظم وجوب القضاء على من أفطر في الصيام الفرض إجمالي بالنسبة للصوم المنذور المعين الزمان على المشهور لكنه داعى كثرة صور القضاء فاطلق ولابد من تقييده بغير المنذور المعين وهو رمضان والمنذور غير المعين وبالمنذور المعين اذا أفطر فيه لغيره ماذكر أما المنذور المعين إذا أفطر فيه لمرض أو حيض فلا قضاء عليه وكذا إذا أفطر فيه لنسيان على ماشهره ابن الحاجب وتبعه عليه الشيخ خليل فلا قضاء عليه أيضا والله أعلم ابن الحاجب ويجب قضاء رمضان والواجب بالفطر عمدا واجبا أو مباحا أو حراما أو نسيانا أو غلطا في التقدير فيجب على الحائض والمسافر ونحوهما وفي الواجب المعين يعذر كمرض أو نسيان ثالثها يقضي في النسيان ورابعها يقضي أو لم يكن اليوم فضيلة والمشهور لايقضي ابن عرفة يجب قضاء رمضان وواجب الصوم المضمون بفطره بأي وجه كان ولو مكرها وفي المدونة قال ابن القاسم من نذر صوم شهر بعينه فمرضه كله لم يقضه وإن أفطره متعمداً قضى عدد أيامه وقال مالك وإن نذرت صوم الخميس والأثنين مابقيت فحاضت فيهن أو مرضت فلا قضاء عليها، لتجديدها ويصدق مع عدم التتابع وانقطاعه كالحائض والمسافر والمريض إذا أفطر ثم أراد الصوم فلا بد لهما من تجديدها أيضا ثم ان كان صومها بعد أن حضر المسافر وصح المريض كفتهما نية واحدة لبقية الصوم وإن كان صوم المسافر في السفر وصوم المريض في المرض فلابد لهما من التجديد كل ليلة حتى ينقضي السبب الذي نفى وجوب التتابع وهو المرض والسفر كما مر قريباً عن العتبية وهذا التفصيل جار في رمضان مطلقا وفي الكفارات الواجب تتابعها باعتبار المرض إذا أفطر له وأما باعتبار السفر فلا، لأنه إذا أفطر له انقطع تتابعه وابتدأ الصوم من أوله كما يأتي فلا يتصور فيه تجديد النية لبقية الصوم وأنظر إذا سافر في صيام الكفارات ولم يفطر في سفره أو مرض وتكلف الصوم هل يجب عليه تجديد النية كل ليلة كما في رمضان على قول قال واما السفر فلا أدري ماهو، قال ابن القاسم وكأني رأيته يستحب له القضاء فيه ابن عرفة المشهور أن من أفطر نسيانا في صوم نذر معين أنه يقضى اهـ فالحاصل أن الفطر في الصوم واجب يوجب القضاء إلا إن كان الصوم منذوراً معيناً وأفطر فيه لمرض أو حيض ولا اشكال أو

نسيانا على ماشهره ابن الحاجب والشيخ خليل دون ماشهره ابن عرفة من وجوب القضاء قوله (وليزد كفارة) إلى آخره معناه أن يزاد على وجوب القضاء المتقدم وجوب الكفارة ويأتي تفسيرها في البيتين بعد هذه الأبيات لكن ذلك على من عمد وقصد في رمضان أي مع كونه مختارا إلى أكل أو شرب بفم أو لإخراج مني بجماع أو بقبلة أو مباشرة بل ولو بفكر أو برفض ما بنى الصوم عليه وهو النية حالة كون عمده خاليا عن التأويل القريب يريد وعن الجهل ولفظ (أكل) في النظم غير منون لإضافته في التقدير إلى فم فخرج بوصف العمد الفطر نسيانا فلا كفارة فيه كان بأكل أو شرب أو جماع على المشهور ابن الحاجب بعد تعداد ماتجب فيه الكفارة ذاكرا منتهكا حرمة رمضان فلا كفارة مع النسيان والغلبة والإكراه وقيل إلا فى إكراه الجماع أي ففيه الكفارة وخرج بقيد رمضان تعمد الفطر وفي غيره فلا تجب به كفارة ابن الحاجب ولاتجب الكفارة في غير رمضان التوضيح هذا هو المشهور وقال ابن حبيب إذا نذر صوم الدهر ثم أكل متعمدا فعليه الكفارة كرمضان وخرج بتقيدنا للعمد باختيار من عمد لشيء مما ذكر مكرها أو غلبة فلا كفارة عليه أيضا سواء أفطر بأكل أو شرب أو جماع على المشهور ابن الحاجب وقيل إلا في إكراه الجماع أي ففيه الكفارة في التنبيهات واختلف في الرجل المكره على الوطء بغير يعني بفتح الراء فقيل عليه الكفارة وهو قول عبد الملك وأكثر أقوال أصحابنا أنه لاكفارة عليه ولاخوف أن عليه القضاء واختلف في حده والأكثر على وجوبه عليه اهـ واختلف في الذي أكره غيره على أن يجامع هل تجب الكفارة على فاعل الاكراه اولا التوضيح والأقرب السقوط لأنه متسبب والمكره مباشر اهـ فتكلم في التنبيهات على المكره بالفتح وفي التوضيح على المكره بالكسر وتكلم ابن الحاجب عليهما معاً في التوضيح ومن أكره شخصا وصب في حلقه ماء ففي المدونة لاكفارة عل الصاب وأوجبها عليه ابن حبيب ثم قال ونقل ابن رشد عن ابن حبيب أنه قال إذا جامع زوجته نائمة عليها الكفارة واختلف في الذي يقبل امرأته مكرهة حتى ينزلا فقال القابسي وابن شبلون يكفر عن نفسه فقط وعليها القضاء وقال الشيخ أبو محمد وحمديس يكفر عنها ورجح مذهب ابن أبى زيد لأن الانتهاك من الرجل حاصل فيهما وخرج بقيد كون الأكل والشرب بالفم مايصل إلى الحلق من أذن أو أنف أو الى المعدة بحقنة فلا كفارة في شيء من ذلك أيضاً على المشهور خلافا لأبى مصعب ابن الحاجب وتجب الكفارة بما يصل الى الحلق من الفم خاصة ثم قال ولاكفارة فيما يصل من أذن أو أنف أو حقنة أو غيرها وقول أبى

مصعب في الأنف أو الأذن بعيد اهـ وخرج بتقدير المضاف في قوله أو المني أي لإخراجه خروجه من دون إخراج كالاحتلام فلا كفارة بل ولا قضاء كما تقدم وظاهر قول الناظم ولو بفكر وجوب الكفارة استدام الفكر أم لا وفي ابن الحاجب فان أمنى ابتداء قضى إلا أن يكثر التوضيح أي فان أمنى مع أول الفكر أو أول النظر من غير استدامة فعليه القضاء بلا كفارة إلا أن يكثر ذلك فيسقط القضاء أيضا للمشقة وهذا مذهب المدونة وقال ابن القاسم إن نظر نظرة واحدة متعمدا فأنزل كفر وهل خلاف للمدونة او وفاق فيحمل مافيها على ما إذا لم يتعمد النظر ابن الحاجب فإن استدام قضى وكفر إلا أن يكون بخلاف عادته في التكفير قولان انظر التوضيح وأما وجوب الكفارة برفض النية فقال في المدونة قال مالك من أصبح ينوى الفطر في رمضان فلم يأكل ولم يشرب حتى غربت الشمس أو مضى أكثر النهار فعليه القضاء والكفارة قلت لابن القاسم فان نوى الفطر في رمضان بعدما أصبح نهاره كله إلا أنه لم يأكل ولم يشرب قال لا أدري هل أوجب عليه مالك مع القضاء الكفارة أو لا؟ لتجديدها ويصدق مع عدم التتابع وانقطاعه كالحائض والمسافر والمريض إذا أفطر ثم أراد الصوم فلا بد لهما من تجديدها أيضا ثم ان كان صومها بعد أن حضر المسافر وصح المريض كفتهما نية واحدة لبقية الصوم وإن كان صوم المسافر في السفر وصوم المريض في المرض فلابد لهما من التجديد كل ليلة حتى ينقضي السبب الذي نفى وجوب التتابع وهو المرض والسفر كما مر قريباً عن العتبية وهذا التفصيل جار في رمضان مطلقا وفي الكفارات الواجب تتابعها باعتبار المرض إذا أفطر له وأما باعتبار السفر فلا، لأنه إذا أفطر له انقطع تتابعه وابتدأ الصوم من أوله كما يأتي فلا يتصور فيه تجديد النية لبقية الصوم وأنظر إذا سافر في صيام الكفارات ولم يفطر في سفره أو مرض وتكلف الصوم هل يجب عليه تجديد النية كل ليلة كما في رمضان على قول وأحب إليّ أن يكفر مع القضاء ومن أصبح ينوي الفطر في رمضان ولم يأكل ولم يشرب ثم نوى الصوم قبل طلوع الشمس وترك الأكل وأتم صومه لم يجزه صوم ذلك اليوم وبلغني عن مالك أن عليه القضاء والكفارة أو هو رأيي وقال أشهب عليه القضاء ولا كفارة عليه اهـ وقد اشتمل كلام المدونة هذا على ثلاث مسائل الأولى أصبح بنية الافطار واستمر عليها الثانية بيت الصيام وأصبح عليه ثم نوى الفطر نهارا الثالثة أصبح بنية الافطار ثم نوى الصوم قبل طلوع الشمس والمسائل الثلاث يشملها قول الناظم أو يرفض مابنى ودخل في فقد التأويل القريب الفطر عمدا انتهاكا أو بتأويل بعيد فتجب الكفارة في الوجيهن وخرج بفقده من تعمد الفطر بتأويل قريب فلا كفارة عليه ابن عرفة تجب الكفارة في إفساد صوم رمضان انتهاكا له أي من غير تأويل أصلا التوضيح فان أفطر متأولا فان قرب تأويله بأن استند إلى سبب موجود فلا كفارة عليه وإن كان تأويله بعيدا أي لم يستند إلى سبب موجود لم تسقط الكفارة ومثل أي ابن الحاجب للقريب بأربع مسائل وللبعيد بثلاث مسائل وكلها في المدونة الأولى من الأربع من أفطر ناسيا ثم أفطر بعد ذلك متعمدا معتقدا انه لايجب عليه التمادى أما إن أفطر مع علمه أن الفطر لايجوز له فعليه الكفارة الثانية من انقطع حيضها قبل الفجر فلم تغتسل حتى طلع الفجر فظنت بطلان

صومها فأفطرت قال أشهب في المجموعة وكذلك من أصبح جنبا فظن أن صومه فسد فأفطر لا كفارة عليه المسألة الثالثة من قدم من سفره ليلا فظن أنه لاينعقد له صوم في صبيحة تلك الليلة وتوهم أن صحة انعقاد الصوم أن يقدم قبل غروب الشمس فأفطر المسألة الرابعة الراعي يخرج لرعى ماشيته على أميال فظن أن سفر ذلك مبيح للفطر وألحق ابن القاسم بهذه المسائل من رأى هلال شوال نصف النهار فأفطر فأسقط عنه الكفارة لتأويله أي ان الهلال لليلة الماضية وجعل في العتبية من القريب من تسحر قرب الفجر فظن ان ذلك اليوم لايجزئه فأكل متأولا قال لاكفارة عليه وأما مثل التأويل البعيد فالأول منها المرأة إذا جرت لها عادة بالحيض في يوم معين لتصبح فيه مفطرة قبل ظهور الحيض ثم تحيض في ذلك النهار الثاني من به حمى الربع فيصبح يوم حماه مفطرا ثم يختم ذلك اليوم الثالث من رأى هلال رمضان فأصبح مفطرا لكونه لم تقبل شهادته ظانا أن حكم رمضان لايتبعض في حق المكلفين وألحق ابن القاسم بمسائل التأويل القريب من احتجم فظن ان الحجامة تفطر الصائم فقال أصبغ هو تأويل بعيد وألزم ابن حبيب فيه وفي المغتاب يفطر بعد ذلك الكفارة اهـ وزدنا في شروط الكفارة السلامة من الجهل احترازا من الفطر عمدا جاهلا فانه لا كفارة عليه قال اللخمي ومعروف المذهب أن حكم الجاهل كذا تأويل قريب كما لو جامع حديث إسلام لظنه قصر الصوم على منع الغذاء لعذر قال وعلة المذهب الانتهاك فمن جاء مستفتيا صدق ولا كفارة ومن ظهر عليه صدق فيما يشبه ولزمته فيما لايشبه اهـ ولابد من ذكر فروع الأول قال ابن حبيب ولايجب قضاء رمضان على الفور اتفاقا فان إلى رمضان ثان من غير عذر فالفدية اتفاقا فلو مرض أو سافر عند تعين القضاء ففي الفدية قولان التوضيح ومراده بتعين القضاء إذا لم يبقى لرمضان إلا قدر ماعليه فمرض أو سافر حينئذ والقولان مبنيا على أنه هل يعد هذا تفريطا أم لا، لتجديدها ويصدق مع عدم التتابع وانقطاعه كالحائض والمسافر والمريض إذا أفطر ثم أراد الصوم فلا بد لهما من تجديدها أيضا ثم ان كان صومها بعد أن حضر المسافر وصح المريض كفتهما نية واحدة لبقية الصوم وإن كان صوم المسافر في السفر وصوم المريض في المرض فلابد لهما من التجديد كل ليلة حتى ينقضي السبب الذي نفى وجوب التتابع وهو المرض والسفر كما مر قريباً عن العتبية وهذا التفصيل جار في رمضان مطلقا وفي الكفارات الواجب تتابعها باعتبار المرض إذا أفطر له وأما باعتبار السفر فلا، لأنه إذا أفطر له انقطع تتابعه وابتدأ الصوم من أوله كما يأتي فلا يتصور فيه تجديد النية لبقية الصوم وأنظر إذا سافر في صيام الكفارات ولم يفطر في سفره أو مرض وتكلف الصوم هل يجب عليه تجديد النية كل ليلة كما في رمضان على قول قال في التنبيهات واختلف في صفة المفرط الذي تلزمه الفدية على مذهب الكتاب فذهب أكثر الشارحين إلى أنه من أمكنه ذلك في شعبان قبل دخول رمضان فلم يفعله فمتى سافر فيه أو مرضه أو بعضه فلا تلزمه فدية فيما سافر فيه أو مرضه ولو كان فيما قبل من الشهور صحيحا مقيما وذهب بعضهم إلى مراعاة ذلك في شوال بعد رمضان الذي أفطره فمتى مضى عليه منه وهو صحيح مقيم عدد ماأفطر ولم يصم حتى دخل عليه رمضان آخر وجبت عليه الفدية ولو كان في بقية العام لايقدر على الصوم وهذا المذهب أسعد بظاهر الكتاب

انتهى، وهذا القول الثاني كالصريح في كون قضاء رمضان واجبا على الفور وبه صدر ابن عرفة قائلا: ففي كون القضاء على الفور أو التراخي لبقاء قدره قبل تاليه بشرط السلامه أومطلقا ثلاثة أقوال انتهى، ففي حكاية ابن الحاجب الاتفاق نظر ثم قال: قال ابن الحاجب وفيها لو تمادى به المرض أو السفر فلا اطعام الثاني قال سند إذا أمكنه القضاء فلم يقضه حتى مات فالمذهب أن لا اطعام عليه في ذلك الثالث قال في التوضيح المستحب تقديم القضاء قاله أشهب واختلف المؤكد من نافلة الصيام كعاشوراء هل المستحب أن يقضي فيه رمضان ويكره ان يصومه تطوعا وهو قوله في العتبية أو المستحب ان يصومه تطوعا وهو قوله في سماع ابن وهب أو هو مخير ثلاثة أقوال حكاها في البيان أما ما دون ذلك من تطوع الصيام فالمنصوص كراهة فعله قبل القضاء الرابع قال ابن يونس كفارة من فرط في قضاء رمضان حتى دخل عليه رمضان آخر مد لكل مسكين عن كل يوم وكذا إن مات فأوصى به ابن عرفة المشهور ان قدر هذه الكفارة مد نبوى مطلقا ومن المدونة قال مالك لايجزىء أن يطعم أمداد كثيرة لمسكين واحد لكن مد لكل مسكين الخامس فى وقت وجوب الفدية قولان أحدهما عندما يأخذ في القضاء أو بعده وهو مذهب الكتاب ليتفق الجابر النسكي والمالي ابن حبيب والمستحب فيه كلما صام يوما أطعم مسكينا ومن قدم الإطعام على القضاء أو أخره أو فرقه أو جمعه أجزأه، والقول الثاني لأشهب عند تعذر القضاء فإذا مضى له يوم من شعبان اطعم عنه مدا، قال اشهب في المجموعة ومن عجل كفارة التفريط قبل دخول رمضان الثاني ثم لم يصم حتى دخل عليه رمضان الثاني لم يجزه ما كفر قبل وجوبه فإن كان عليه عشرون يوما فلما بقي لرمضان الثاني عشرة أيام كفر عن عشرين يوما لم يجزه منها إلا عشرة وشبهه اشهب بالمتمتع يصوم قبل الإحرام بالحج/ ابن عطاء الله وهو بين لأنه اخرج الشيء قبل وجوبه وقيل جريان سبب وجوبه اهـ فتلخص من هذا أن وقتها مع القضاء أو بعده على قول قبله بعد الوجوب وذلك عند تعذر القضاء بضيق الزمان على قول والله أعلم السادس قال ابن بشير من أفطر فى رمضان أياما فلا خلاف أنه لايجب عليه إلا عددها فإن أفطر جميع الشهر وابتدأ القضاء متفرقا أو في أثناء شهر ثان فلا يجب عليه إلا عدد الأيام فان ابتدأ القضاء في شهر وعول على المتابعة من أوله فان كان كعدد

الأيام فلا شك فى الإجزاء وإن كان هذا الثاني أكمل فهل يجب عليه الصيام جميعه وإن كان أنقص فهل يكتفى به في المذهب قولان السابع يصح قضاء رمضان في كل وقت الا في يوم الفطر وأيام الأضحى الثلاثة والا فى رمضان لمن لايجب عليه صومه لسفر فلا يقضى فيه رمضان الفارط قال ابن الحاجب وكل زمان يخير في صومه وفطره وليس برمضان فمحل القضاء بخلاف العيدين التوضيح مراده بالتخيير صحة الصوم والفطر شرعا لا التخيير الذي يقتضي التساوي لأن التطوع بالصوم مندوب واحترز بقوله وليس برمضان من المسافر في رمضان فانه زمان يخير في صومه وفطره بالنسبة اليه لكن لايصح أن يقتضي فيه لأن رمضان لايقبل غيره وقوله بخلاف العيدين أي لايصح صومها فلا يقضي فيهما وهو زيادة ايضاح ابن الحاجب ولو نوى القضاء برمضان عن رمضان فثالثها لايجزيء عن واحد منها والأولان تحتملهما المدونة لأن فيها وعليها قضاء الآخر فجاء بكسر الخاء وفتحها الثامن من كان عليه يوم من رمضان فأصبح صائما ليقضيه ثم تبين له أنه كان قضاء فقال ابن القاسم يجب عليه اتمامه ابن شبلون وابن أبى زيد فان أفطر فعليه قضاؤه وقال أشهب ان قطع فلا شيء عليه التاسع قال اللخمي من ظهر عليه أنه يأكل ويشرب في رمضان عوقب على قدر مايرى أن فيه ردعا له ولغيره من الضرب أو السجن أو يجمع عليه الضرب والسجن جميعا والكفارة ثابتة بعد ذلك ويختلف فيمن أتى مستفتيا ولم يظهر عليه فقال مالك في المبسوط لا عقوبة عليه ولو عوقب خشيت أن لا يأتي أحد يستفتي في مثل ذلك وذكر الحديث أن النبى لم يعاقب السائل ويجري فيه قول آخر أنه يعاقب قياسا على شاهد الزور إذا أتى تائبا قال في المدونة يعاقب العاشر قال في المدونة من علمت حاجة زوجها لم تصم إلا باذنه وان علمت عدمها فلا بأس ابن عرفة الأقرب الجواز إن جهلت لأنه الأصل ابن رشد ومثل الزوجة في هذه السرية وأم الولد وعن أبي يونس إذا تلبست بالنافلة فلزوجها أن يقطعها عليها قوله (ويباح لضر أو سفر قصر) أي مباح أخبر أن الفطر يباح ويجوز للمكلف لأحد أمرين لضر يلحقه بسبب الصيام أو لسفر تقصر فيه الصلاة وهو السفر الطويل المباح أما إباحة الفطر لضر فانما ذلك إذا خاف تماديه أو زيادة أو حدوث مرض آخر أما ان

كان الصوم يؤدي إلى التلف أو إلى الأذى الشديد فأنه يحرم ويجب عليه الفطر، لتجديدها ويصدق مع عدم التتابع وانقطاعه كالحائض والمسافر والمريض إذا أفطر ثم أراد الصوم فلا بد لهما من تجديدها أيضا ثم ان كان صومها بعد أن حضر المسافر وصح المريض كفتهما نية واحدة لبقية الصوم وإن كان صوم المسافر في السفر وصوم المريض في المرض فلابد لهما من التجديد كل ليلة حتى ينقضي السبب الذي نفى وجوب التتابع وهو المرض والسفر كما مر قريباً عن العتبية وهذا التفصيل جار في رمضان مطلقا وفي الكفارات الواجب تتابعها باعتبار المرض إذا أفطر له وأما باعتبار السفر فلا، لأنه إذا أفطر له انقطع تتابعه وابتدأ الصوم من أوله كما يأتي فلا يتصور فيه تجديد النية لبقية الصوم وأنظر إذا سافر في صيام الكفارات ولم يفطر في سفره أو مرض وتكلف الصوم هل يجب عليه تجديد النية كل ليلة كما في رمضان على قول فقول الناظم ويباح لضر إما ان يقيد بما إذا لم يخاف الأذى الشديد أو التلف أو أنه أراد الإباحة العامة وهو جواز الإقدام على المشاق الشاملة للواجب ومااستوى طرفاه ابن الحاجب ويجوز الفطر بالمرض إذا خاف تماديه أو زيادته أو حدوث مرض آخر أما إذا أدى إلى التلف أو الأذى الشديد وجب اهـ وقال أشهب فى مريض لوتكلف الصوم لقدر أو الصلاة قائما لقدر إلا أنه بمشقة وتعب فليفطر ويصلي جالساً ودين الله يسر اهـ من ابن يونس المواق كأنه لامعارض لهذا قال وقال اللخمي صوم ذي المرض إن لم يشق واجب وإن شق فقط خير وإن خاف طوله أو حدوث آخر منع فإن صام أجزأه وقال ابن بشير يحرم الصوم مع المرض إذا أدى إلى التلف أو الأذى الشديد (فرع) قال اللخمي صوم الحامل وإن لم يشق واجب وإن خيف منه حدوث علة عليها أو على ولدها منع وإن كان الصوم يجهدها ويشق عليها ولاتخشى إن هي صامت شيئا من ذلك كانت بالخيار بين الصوم والفطر والذ رجع اليه في المدونة أنها إن أفطرت لشيء من هذه الوجوه التي يكون لها أن تفطر لأجلها كان عليها القضاء دون اطعام لأنها مريضة المواق أنظر مساق كلام الفقهاء أن هذا بالنسبة لمرضها في ذاتها يبقى النظر إذا أصبحت صائمة وهي صحيحة وشمت رائحة شيء والعادة تشهد أن اضطرارها اليه كاضطرار ذي القصة وقد سئلت عنها قديما وأنا بالبيازين فانظره، وفي نوازل ابن رشد أن للصائم أن يجعل في ثقب ضرسه لوباناً يسكن وجعه فيجب عليه أن يقضي ذلك اليوم (فرع) قال اللخمي المرضع إن كان الرضاع غير مضر بها ولابولدها أو كان مضرا بها وهناك مال يستأجر منه هو للإبن أو للأب أو للأم والولد يقبل غيرها لزمها الصيام وإن كان مضرا بها تخاف على نفسها أو على ولدها والولد لايقبل غيرها أو يقبل غيرها ولايوجد من يستأجر أو يوجد وليس هناك مال يستأجر منه لزمها الافطار وإن كان يجهدها الصوم ولاتخاف على نفسها ولاعلى ولدها والولد لايقبل غيرها كانت بالخيار بين الصوم والافطار قال في المدونة ومتى أفطرت لشىء من هذه الوجوه التي ذكرناها قضت وأطعمت وقال في المختصر لا اطعام عليها وهو أحسن قياسا على المريض والمسافر والحامل والمرضع كلتاهما أعذر من المسافر التوضيح والأجرة من مال الابن ان كان له مال لأن رضاعه بمنزلة أكله فان لم يكن له مال فهل يبدأ بمال الأب قبل مالها لأن الرضاع مكان الاطعام فاذا سقط عن الأم لمانع جعل ذلك من ماله واليه ذهب اللخمي ومال اليه التونسي وقال إنه الأشبه أو يبدأ لأن

الرضاع عليها إذا لم تكن مطلقه وهي قادرة على رضاعه واليه ذهب سند اهـ (فرع) ابن الحاجب الكبير لايطيق الصيام كالمريض ولافدية على المشهور فقوله كالمريض أي في جواز الافطار ووجوبه وصرح في التوضيح بأن المشهور استحباب الفدية والشاذ وجوبها خلاف مايظهر من لفظ ابن الحاجب وفي الرسالة ويستحب للشيخ الكبير إذا أفطر أن يطعم ثم قال في التوضيح (فرع) وهل على المتعطش إطعام روى ابن نافع وابن وهب الاطعام عليه واجب ابن حبيب يستحب له الاطعام وهذا إذا كان لايقدر على القضاء في وقت من الأوقات فان قدر أي على القضاء قضى يريد ولا إطعام عليه وكذلك الشيخ إذا قدر على القضاء قضى ولا إطعام عليه وقد تحصل مما تقدم أن للفدية ثلاثة أسباب تأخير القضاء عن وقته مع الإمكان وذلك في حق من فرط في قضاء رمضان حتى دخل عليه رمضان آخر وفوات فضيلة الوقت وذلك في حق الحامل والمرضع على القول باطعامهما والعجز عن الصوم فيكون الاطعام بدلا منه وذلك في حق الكبير والمتعطش وأما إباحة الفطر للسفر فقال في المدونة قال مالك من سافر سفرا مباحاً تقصر في مثله الصلاة فان شاء أفطر وإن شاء صام والصوم أحب إلي، لتجديدها ويصدق مع عدم التتابع وانقطاعه كالحائض والمسافر والمريض إذا أفطر ثم أراد الصوم فلا بد لهما من تجديدها أيضا ثم ان كان صومها بعد أن حضر المسافر وصح المريض كفتهما نية واحدة لبقية الصوم وإن كان صوم المسافر في السفر وصوم المريض في المرض فلابد لهما من التجديد كل ليلة حتى ينقضي السبب الذي نفى وجوب التتابع وهو المرض والسفر كما مر قريباً عن العتبية وهذا التفصيل جار في رمضان مطلقا وفي الكفارات الواجب تتابعها باعتبار المرض إذا أفطر له وأما باعتبار السفر فلا، لأنه إذا أفطر له انقطع تتابعه وابتدأ الصوم من أوله كما يأتي فلا يتصور فيه تجديد النية لبقية الصوم وأنظر إذا سافر في صيام الكفارات ولم يفطر في سفره أو مرض وتكلف الصوم هل يجب عليه تجديد النية كل ليلة كما في رمضان على قول قال في المختصر وإن قدم بلدة نوى أن يقيم بها اليوم واليومين فليفطر حتى ينوي إقامة أربعة أيام كما يلزمه الاتمام اهـ ولجواز الفطر للسفر شروط أحدها كون السفر سفرا تقصر فيه الصلاة أي مباحا مسيرة أربعة برد فأكثر كلها في الذهاب لا ملفقة بين الذهاب والإياب قصدت دفعة كما تقدم في تقصير الصلاة وقد صرح الناظم بهذا الشرط في قوله أو سفر قصر إذ الاحالة على سفر القصر تقتضى ذلك إن لم تتقدم كلها للناظم لما تكلم على سنية التقصير لاتكالة على شهرتها في كتب الفقه فقوله أي مباح تكميل للبيت مستغنى عنه أو يقال أراد بسفر القصر الاحالة على المسافة فقط المتقدمة في قوله وقصر من سافر أربع برد فلذا زاد وصف السفر بالاباحة وعلى كل فاشتراط كون الأربعة البرد في الذهاب فقط لا فيه وفي الإياب واشتراط كونها مقصودة دفعة واحدة لاشيئاً فشيئا إنما يستفاد من خارج لا من النظم، الشرط الثاني الشروع في السفر قبل طلوع الفجر فلا ينظر قبل الشروع ولا بعد الشروع إن كان شروعه بعد طلوع الفجر الباجي من سافر قبل طلوع الفجر فلا خلاف أنه يجوز له الفطر لأنه وقت انعقاد الصوم كان مسافرا فكان له الفطر ومن المدونة قال مالك إن أصبح فى حضره صائما فى رمضان وهو يريد سفرا قلا يفطر ذلك اليوم قبل خروجه ولا بعد خروجه لكن إن أفطر قبل خروجه وجبت عليه الكفارة قاله في

المختصر وإن أفطر بعد أن سافر لزمه القضاء بلا كفارة قاله في المدونة الشرط الثالث أن لا ينوى الصيام في سفره فان نوى الصوم وهو مسافر لم يجز له الفطر قال في المدونة قال مالك وإن أصبح في السفر صائما في رمضان ثم أفطر لغير عذر فعليه القضاء والكفارة لأنه كان فى سعة أن يفطر أو يصوم فلما صام لم يمكن أن يخرج منه إلا لعذر قال مالك وإن أصبح في الحضر صائما متطوعا ثم سافر فأفطر أو صام في السفر متطوعا ثم أفطر فان كان من عذر فلا قضاء عليه وإلا فليقض اهـ وَعَمْدُهُ فِى النّفْلِ دُونَ ضُرِّ مُحَرَّمُ وَلْيَقْضِ لاَ فِي الَغيْرِ لما قدم حكم من أفطر في الصوم الواجب ناسيا أو متعمدا وهو وجوب القضاء مطلقا وزيادة الكفارة في العمد بالشروط المتقدمة تكلم هنا على حكم من أفطر في صيام التطوع ناسياً أو متعمداً فأخبر إن تعمد الفطر في النفل من الصوم من دون ضرر يلحق الصائم محرم وهذا بيان لحكم الفطر في التطوع إبتداء وأما بعد الوقوع والنزول فانه يجب عليه القضاء وإلى وجوبه أشار بالأمر في قوله وليقض وفهم من قوله وعمده ومن قوله دون ضر أن الفطر في التطوع إذا كان نسيانا أو عمداً لضر لحق الصائم ليس بمحرم وهو كذلك ولاقضاء عليه أيضاً في هاتين الصورتين كما نبه بقوله لا في الغير أي لايقضي في غير ماذكر وهو النسيان والعمد لضرورة قال ابن الحاجب ويجب القضاء في النفل بالعمد الحرام خاصة فأخرج بالعمد النسيان وبوصفه بالحرام الفطر عمداً لضرورة فلا قضاء فيهما وقد تقدم قبل قوله [فصل فرائض الوضوء] أن عندنا في المذهب مسائل تلزم بالشروع فيها وان من قطعها عمداً لغير ضرورة لزمته إعادتها ومن جملتها الصوم، قال في التوضيح ومن الواضحة قال ابن حبيب لاينبغي للصائم أن يفطر لعزيمة أو غيرها فقد سئل عن ذلك ابن عمر فقال ذلك الذي يلعب بصيامه وسئل عن ذلك مالك فشدد القول فيه ولقد قال لي مطرف في الصائم في غير رمضان يحل بالرجل في منزله فيعزم عليه أن يفطر عنده قال لايقبل ذلك وليعزم على نفسه أن لايفعل وإن حلف عليه بالطلاق أو بالمشي أو بالعتق أحنثه ولم يفطر إلا أن يكون لذلك وجه وكذا لو حلف عليه بالله لأحنثه ولم يفطر وكفر الحالف عن يمينه لأن الصائم نفسه لو حلف بالله أن يفطر لرأيته أن لا يفطر وأن يكفر إلا الوالد والوالدة فإني أحب له أن يطيعمها وان لم يحلفا عليه إذا كان ذلك على وجه الرأفة منهما عليه لادامة الصوم وماأشبه ذلك وقال لى مطرف ولقد سمعت مالكا يقول فيمن يكثر الصوم أو يسرده وأمرته أمه بالفطر، لتجديدها ويصدق مع عدم التتابع وانقطاعه كالحائض والمسافر والمريض إذا أفطر ثم أراد الصوم فلا بد لهما من تجديدها أيضا ثم ان كان صومها بعد أن حضر المسافر وصح المريض كفتهما نية واحدة لبقية الصوم وإن كان صوم المسافر في السفر وصوم المريض في المرض فلابد لهما من التجديد كل ليلة حتى ينقضي السبب الذي نفى وجوب التتابع وهو المرض والسفر كما مر قريباً عن العتبية وهذا التفصيل جار في رمضان مطلقا وفي الكفارات الواجب تتابعها باعتبار المرض إذا أفطر له وأما باعتبار السفر فلا، لأنه إذا أفطر له انقطع تتابعه وابتدأ الصوم من أوله كما يأتي فلا يتصور فيه تجديد النية لبقية الصوم وأنظر إذا سافر في صيام الكفارات ولم يفطر في سفره أو مرض وتكلف الصوم هل يجب عليه تجديد النية كل ليلة كما في رمضان على قول قال مالك ولقد أخبرت عن رجال من أهل العلم أمرتهم أمهاتهم بالفطر ففعلوا ذلك وأفطروا اهـ ابن غلاب وحرمة شيخه كحرمة

الوالدين لعقده على نفسه أن لايخالفه وأن لايفعل شيئاً إلا بأمره فصارت طاعته فرضا لقوله جل وعلا وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتماهـ لفظ التوضيح وفى شفاء الغليل في شرح قول الشيخ خليل وفي النفل بالعمد الحرام ولو بطلاق بت الا لوجه كوالد أو شيخ وان لم يحلفا الاعياء والاستثناءان راجعان لتحريم تعمد الفطر في النفل لا للقضاء إذ لابد منه والمعنى أنه يحرم على المتطوع تعمد الفطر لغير عذر من مرض ونحوه فيخالف من أمره بذلك ويحنث من حلف له عليه ولو كانت يمينه بالطلاق الثلاث إلا أن يكون ذلك لوجه كحنانة والديه وأمره شيخه اهـ أي فيجوز له الفطر ويقضى كما صرح به القاضى عياض ثم قال ومنهم من قال معنى الوجه في قوله في الرواية إلا أن يكون لذلك وجه أن تكون يمينه آخر الثلاث فلا يحنثه فلعل الشيخ خليلا أشار بلو ولهذا وعلى جواز الفطر إن حلف له بالطلاق الثلاث فلابد من القضاء أيضا والله أعلم/ ابن رشد في الحديث مايدل على جواز الفطر إن أصبح صائما متطوعا وإلى هذا ذهب ابن عباس وكان ابن عمر لايجيزه ويقول هذا هو الذي يلعب بصومه وإلى هذا ذهب مالك اهـ (فرع) من لزمه قضاء إما لرمضان أو لنفل لفطره فيه عمدا لغير ضرورة فأفطر في ذلك القضاء متعمداً فهل يجب عليه قضاء يومين لأنه أفسدهما ولأنه لما دخل في القضاء وجب عليه إتمامه وإنما يجب عليه قضاء اليوم الأول لأنه الواجب في الأصل والقضاء ليس بمقصود لذاته قولان ابن الحاجب في الحج والمشهور أن لا قضاء في قضاء رمضان اهـ قال ابن رشد ونبه بقوله والمشهور الخ على أن المشهور في الحج القضاء التوضيح اختلف اذا فسد قضاء الحج هل يجب عليه أن يأتي بحجتين إحداهما قضاء عن الحج الأول والثانية قضاء عن القضاء المفسد ثانيا وبه قال ابن القاسم لحرمتهما معا أو لا يجب عليه الا قضاء الأول لأنه الذي في ذمته والقضاء مقصود لا لنفسه وهو قول ابن وهب وعبد الملك ورجحه عبد الحق واللخمي وغيرهما ابن هرون ولم ينقل خلاف أنه إذا أفسد قضاء الصلاة أنه ليس عليه الا صلاة واحدة اهـ وأما من أفطر ناسيا في قضاء صوم رمضان فانما عليه قضاء اليوم الأول الأصلي فقط كما يأتي عن المدونة الله أعلم، وانظر حكم من أفطر ناسيا في قضاء التطوع هل يقضي اليوم الاول أو لا قضاء عليه لأن التطوع لا يبطل بالفطر نسيانا فقضاؤه كذلك (فرع) من أصبح صائما ثم أفطر فهل يجوز له الفطر ثانيا أم لا في ذلك تفصيل وذلك أن الصوم إما أن يكون واجبا أو تطوعا والواجب إما متعين الزمان أو لا والفطر الأول في الوجه الأول في الوجوه الثلاثة إما يكون عمداً أو نسياناً فان كان الصوم واجبا

معين الزمان كرمضان والنذر المعين فلا يجوز الفطر فيه، لتجديدها ويصدق مع عدم التتابع وانقطاعه كالحائض والمسافر والمريض إذا أفطر ثم أراد الصوم فلا بد لهما من تجديدها أيضا ثم ان كان صومها بعد أن حضر المسافر وصح المريض كفتهما نية واحدة لبقية الصوم وإن كان صوم المسافر في السفر وصوم المريض في المرض فلابد لهما من التجديد كل ليلة حتى ينقضي السبب الذي نفى وجوب التتابع وهو المرض والسفر كما مر قريباً عن العتبية وهذا التفصيل جار في رمضان مطلقا وفي الكفارات الواجب تتابعها باعتبار المرض إذا أفطر له وأما باعتبار السفر فلا، لأنه إذا أفطر له انقطع تتابعه وابتدأ الصوم من أوله كما يأتي فلا يتصور فيه تجديد النية لبقية الصوم وأنظر إذا سافر في صيام الكفارات ولم يفطر في سفره أو مرض وتكلف الصوم هل يجب عليه تجديد النية كل ليلة كما في رمضان على قول ثانيا إن كان فطره أول مرة ناسياً لتعيين زمانهما نص على ذلك ابن الحاجب في باب الطهارة لما تكلم على الصيام أخذ أنواع كفارة الظهار وكذا يحرم الفطر فيهما ثانياً إن كان فطره أولا متعمداً والله أعلم فانظره وقد حكى ابن الحاجب قولين في تعدد الكفارة عن اليوم الواحد في رمضان اذا أفطر ثانياً بعد التكفير عن الفطر الأول فمن يقول بتعددها فهو قائل بتحريم الفطر ثانيا بلا إشكال وإن كان الصوم واجبا غير معين الزمان كقضاء رمضان فان أفطر فيه ناسياً فلا يحرم عليه الفطر ثانيا لأنه لا حرمة للزمان نص عليه ابن الحاجب أيضاً في المحل المذكور وقيل يكره فطره ولفظه ولو أفطر ثانيا متعمداً انقطع بخلاف أول يوم فإنه لا يحرم فطره ثانياً، كقضاء رمضان بخلاف رمضان والنذر المعين وصوم التطوع اهـ وحاصله أن من أفطر أولاً ناسيا فإن كان في أول يوم من صيام الكفارة أو كان في قضاء رمضان لم يحرم عليه الفطر ثانيا وإن كان في رمضان أو النذر المعين أو في صوم التطوع حرم عليه الفطر ثانياً وانظر إذا أفطر أولا في قضاء رمضان فيه ناسياً أو متعمداً هل هو كقضاء رمضان أم لا وإن كان الصوم تطوعا فان أفطر أولا ناسياً حرم عليه الفطر متعمدا ولعل جواز فطره ثانيا أخروي والله أعلم وانظر أيضا حكم النذر المضمون الذي لم يعين له زمان اذا أفطر ثانيا لصحة صومه إذ لا يفسد الا بالفطر عمداً اختياراً كما مر وإن أفطر أولا متعمدا فهل يجوز له التمادي على الفطر لأن الصوم قد فسد ولا حرمة للزمان كرمضان ويحرم ذلك عليه معاملة له بنقيض مقصوده قال ابن الحاجب بعد قوله ويجب القضاء في النفل بالعمد الحرام خاصة ما نصه ولو أكل ناسيا حرم عليه الأكل ثانيا وفي العمد قولان (فرع) قال اللخمي من تسحر في تطوع ثم تبين له أن الفجر قد طلع فان كان بيت الصلاة أمسك بقية يومه قال في المدونة ولا قضاء عليه وإن كانت نيته من أول الليل أن يقوم فيتسحر ثم يعقد الصيام بعد سحوره كان له أن يأكل بقية يومه ولا قضاء عليه وكذلك إن لم ينو الصيام من أول يوم اهـ وانظر قد يستروح من هذا الكلام أن التسحر بعد الفجر غلطاً كالأكل ناسياً فلذا وجب عليه إمساك إن بيت الصيام وعليه فمن بيت على قضاء رمضان فتسحر بعد الفجر غلطاً لا يجب عليه إمساك ذلك اليوم كمن أفطر في قضاء رمضان ناسياً فلا يحرم عليه الفطر ثانياً والله أعلم وقد كنت لفقت في هاتين المسألتين ما نصه ومن تسحر لنفل أو قضا فبان ذا من بعد فجر قد أضا

فالأول الفطر عليه يحرم إن بيته لا قضاء يلزم والثاني لا نص لهم وقد ظهر جواز فطره إذا قصداً أقر كمفطر ناس لدى القضاء لا يمنع الفطر وكره جائي ثم بعد ما كتبت هذا وقفت على نص المسألة في المدونة أول كتاب الصيام ولفظها «ومن تسحر بعد الفجر وهو لا يعلم بطلوعه أو أكل ناسياً لصومه فإن كان في قضاء رمضان فأحب أن يفطر يومه ذلك أفطره وأحب إليّ أن يتمه ويقضيه» اهـ باختصار لغير محل الحاجة وهو موافق لما قررت فلله الحمد ثم ذيلت الأبيات الأربع ببيت في بيان كون المسألة منصوصة في المدونة، لتجديدها ويصدق مع عدم التتابع وانقطاعه كالحائض والمسافر والمريض إذا أفطر ثم أراد الصوم فلا بد لهما من تجديدها أيضا ثم ان كان صومها بعد أن حضر المسافر وصح المريض كفتهما نية واحدة لبقية الصوم وإن كان صوم المسافر في السفر وصوم المريض في المرض فلابد لهما من التجديد كل ليلة حتى ينقضي السبب الذي نفى وجوب التتابع وهو المرض والسفر كما مر قريباً عن العتبية وهذا التفصيل جار في رمضان مطلقا وفي الكفارات الواجب تتابعها باعتبار المرض إذا أفطر له وأما باعتبار السفر فلا، لأنه إذا أفطر له انقطع تتابعه وابتدأ الصوم من أوله كما يأتي فلا يتصور فيه تجديد النية لبقية الصوم وأنظر إذا سافر في صيام الكفارات ولم يفطر في سفره أو مرض وتكلف الصوم هل يجب عليه تجديد النية كل ليلة كما في رمضان على قول وهو قولنا ثم وجدت النص في التهذيب يمثل ما أظهر في التصويب والقضاء المذكور في المدونة هو قضاء اليوم الذي عليه من رمضان ولا إشكال أنه يقضيه سواء أفطر بقية يومه أو أمسك كما في المدونة قال رحمه الله تعالى وَكَفِّرَنْ بِصَوْمِ شَهْرَيْنِ ولاَ أَوْ عِتْقِ مَمْلُوكٍ بِالاِسْلاَمِ حَلاَ وفَضَّلُوا إطْعَامَ سِتِّينَ فَقِيرْ مُدَّا لِمِسْكِينٍ مِنَ العَيْشِ الكَثِيرْ أمر وجبت عليه الكفارة بوجه من الوجوه المذكورة قبل أن يكفر بأحد ثلاثة أشياء إما بصوم شهرين متواليين متتابعين وإما يعتق مملوك تحلى وتزين واتصف بالاسلام وإما إطعام ستين مسكينا مدا لكل مسكين يريد بمد النبي صلى الله عليه وسلم من غالب عيش أهل ذلك الموضع وهو أفضل من الوجهين قبله وإن كان المكفر مخيراً بين الثلاثة الأوجه أيها فعل أجزأه أما كونها على التخيير فقال في التوضيح هو الذي نص عليه غير واحد أنه المعروف والمشهور من مذهبنا، قال ولفظ ابن عطاء الله والمعروف من مذهبنا أنها على التخيير لكن الأولى الإطعام لأنه أعم نفعاً اهـ ولذا انظر في التوضيح في قول ابن الحاجب والمشهور أنها إطعام ستين مسكينا مداً مداً كإطعام الظهار دون العتق والصيام وقوله أيضا مستشهدا لهذا القول وفيها ولم يعرف مالك إلا الإطعام لا عتقا ولا صوما حيث شهر حصرها في الاطعام والمشهور إنما هو التخيير كما مر ثم قال ابن الحاجب وقيل على الترتيب كالمظاهر أي يكفر بالعتق فإن عجز عنه فيصوم شهرين متتابعين فإن عجز عنه فباطعامه ستين مسكينا ثم قال ابن الحاجب وقيل العتق والصيام للجماع والإطعام لغيره التوضيح ونقل الباجي عن المتأخرين من الأصحاب أنهم يراعون في الأفضل الأوقات فإن كانت أوقات شدة فالإطعام أفضل وإن كانت أوقات خصب ورخاء فالعتق أفضل اهـ ابن عرفة بادر يحيى بن يحيى

الأمير عبد الرحمن حين سأل الفقهاء عن وطء جارية له في رمضان بكفارته بصومه فسكت حاضره وثم سألوه لم لم يخيره في أحد الثلاثة فقال لو خيرته وطىء كل يوم وأعتق فلم ينكروا وتعقب هذا فخر الدين بأنه مما ظهر من الشرع إلغاؤه وقد اتفق العلماء على إبطاله قال ابن عرفة وتأول بعضهم أن المفتي بذلك رأى الأمير فقيراً وما بيده إنما هو ملك المسلمين ولا يرد هذا بتعليل المفتي بما ذكر لأنه لا ينافيه والتصريح به موحش المواق انظر نقل عياض أن الرشيد حنث في يمين فقال له غير مالك عليك عتق رقبة فقال له مالك عليك صيام ثلاثة أيام فقال الرشيد قال الله تعالى {فمن لم يجد} فأقمتني مقام المعدم فقال يا أمير المؤمنين كل ما في يدك ليس لك فعليك صيام ثلاثة أيام اهـ وأما تفضيل الإطعام على غيره فقد تقدم عن ابن عطاء الله أنه الأولى لأنه أعم نفعا، التوضيح ومنهم من علل استحباب الاطعام بكونه الوارد في الحديث اهـ وفهم من قول الناظم ولا بكسر الواو أي متتابعين أنه لا يجزي صيام شهرين غير متتابعين ومن قوله (بالاسلام حلا) أنه لا يجزيء عتق الكافر ومن قوله ستين أنه لا يجزيء إطعام ثلاثين مدين لكل واحد ولا مائة وعشرين لكل واحد نصف مد ومن قوله فقير أنه لا يجزيء إطعام الغني من الكفارة ومن قوله مداً لمسكين أنه لا يجزيء أقل من مد ولا أكثر منه كما تقدم ومن قوله من العيش الكثير أنه لا يجزيء إخراجها من غير القوت الغالب وهو كذلك في الجميع ولعل الأخير يقيد بما إذا أخرها مما هو أدون من القوت الغالب لا العكس فانها تجزئه والله أعلم لقول ابن الحاجب في إطعام الظهار والجنس كزكاة الفطر ابن عروة الشيخ عن أشهب كالظهار اللخمي والعتق مثله وقول ابن الحاجب مداً مداً كإطعام الظهار موهم أنها بالمد الهاشمي أي وليس كذلك قلت والاحالة على كفارة الظهار تستدعي أن يذكر هنا بعض ما لا غنى عنه مما يتعلق بكفارة الظهار مما تشاركها فيه كفارة الصيام إذ لم يذكر الناظم رزمة النكاح المذكور في أثنائها الظهار حتى يحال هنا على كفارته في محلها كما فعل ذوو التآليف في العبادات والأحكام ولنذكر ذلك بلفظ ابن الحاجب ممزوجا بما تمس الحاجة اليه من كلام التوضيح مسقطا من ذلك ما يختص بكفارة الظهار فأقول قال ابن الحاجب أي الصيام شهران متتابعان بالأهلة وإن صام بغير الهلال تمم الشهر المنكسر ثلاثين من الشهر الثالث ويصوم الشهر المتوسط بالهلال وتجب نية الكفارة ونية التتابع لأن الكفارة والتتابع واجبان والواجب لا بد له من نية إذا انقطع التتابع استأنف لأن الله تعالى اشترط التتابع بقوله {فصيام شهرين متتابعين} وينقطع التتابع بفطر

السفر لأنه سبب اختياري غالباً بخلاف المرض والحيض فلا يقطعان التتابع لأنهما غير اختيارين وإذا لم يقطعاه فيقضي ما أفطره متصلا بصومه وإذا لم يتابعه ابتدأ والمرض يبيحه كالسفر أي فيقطع التتابع واختلف هل ينقطع التتابع بالفطر سهوا كمن أفطر في يوم ناسيا ولا إشكال أو خطأ كمن صام تسعة وخمسين ثم أصبح مفطراً متعمداً أنه أكمل الصوم وكمن اعتقد أن الشمس غربت فأكل أو الفجر لم يطلع فأكل ثم تبين له خلاف ما اعتقده على ثلاثة أقوال الأول ينقطع في السهو والخطأ وهو لمالك في المدونة والقول الثاني لا ينقطع بهما ابن الحاجب وهو المشهور وإنما عزاه اللخمي وصاحب البيان وغيرهما لابن عبد الحكم والقول الثالث أنه لا ينقطع بالسهو لأنه يعرض في كل جزء من أجزاء الصوم فيعسر التحرز منه بخلاف الخطأ وبعضهم يرى في هذا الثالث ظاهر المدونة ولو أفطر سهوا أو خطأ ثم أفطر ثانيا متعمدا في ذلك اليوم انقطع تتابعه وكذا من أفطر متعمدا في قضاء ما أفطره ناسيا أو خطأ على القول بأنهما لا يقطعان التتابع أو في قضاء ما أفطره لمرض أو حيض فإنه يبطل صومه من أصله إذ يلزمه في القضاء ما يلزمه في الأداء بخلاف ما لو أفطر في أول يوم من كفارته ناسيا فإنه لا يحرم فطره في بقية ذلك اليوم لأنه لا حرمة للزمان ولا يفسد بفطره صوما صحيحاً وقضاء رمضان مشارك للكفارة في هذا المعنى فإذا أفطر فيه ناسيا لم يحرم عليه الفطر ثانيا قلت لا بقيد كون الفطر في اليوم الأول منه بل مطلقا والله أعلم، لتجديدها ويصدق مع عدم التتابع وانقطاعه كالحائض والمسافر والمريض إذا أفطر ثم أراد الصوم فلا بد لهما من تجديدها أيضا ثم ان كان صومها بعد أن حضر المسافر وصح المريض كفتهما نية واحدة لبقية الصوم وإن كان صوم المسافر في السفر وصوم المريض في المرض فلابد لهما من التجديد كل ليلة حتى ينقضي السبب الذي نفى وجوب التتابع وهو المرض والسفر كما مر قريباً عن العتبية وهذا التفصيل جار في رمضان مطلقا وفي الكفارات الواجب تتابعها باعتبار المرض إذا أفطر له وأما باعتبار السفر فلا، لأنه إذا أفطر له انقطع تتابعه وابتدأ الصوم من أوله كما يأتي فلا يتصور فيه تجديد النية لبقية الصوم وأنظر إذا سافر في صيام الكفارات ولم يفطر في سفره أو مرض وتكلف الصوم هل يجب عليه تجديد النية كل ليلة كما في رمضان على قول وينقطع التتابع بالعمد وفي بعض نسخ ابن الحاجب بالعيد فيحمل على ما إذا ابتدأ في شهر العيد عالما به وأما الجاهل فقد أشار اليه بقوله وفي الجاهل قولان قال في المدونة وإذا صام ذا القعدة وذا الحجة لظاهر عليه أو قتل نفس خطأ لم يجزه إلا من فعله بجهالة وذن أنه يجزئه فعسى أن يجزئه وما هو بالبين وأحب إليّ يبتديء/ عياض وانظر هل الجهالة التي عذره بها في المدونة الجهالة بالحكم أو الجهالة بالعدد وتعين الشهر وغفلته عن أن فيه فطراً فيكون كالناسي وأشار الى أن في المبسوط والمدونة ما يبين أن المراد الثاني لا جهل الحكم اهـ قلت الذي يظهر من قول المدونة وظن أنه يجزئه جهل الحكم لا جهل العدد والله أعلم، التوضيح واختلف في تأويل المدونة بالإجزاء فقال أبو محمد يريد ويقضي أيام النحر التي أفطر فيها ويصليها وقال غيره لا تجزئه إلا أن يفطر يوم النحر خاصة ويصوم أيام التشريق وروى نحوه عن مالك ابن يونس وهو أصوب ابن القصار لأن صوم هذه الأيام إنما هو على الكراهة وقال ابن الكاتب معنى مسألة المدونة أنه صام يوم النحر وأيام التشريق ويقضيها ويبني وأما لو أفطرها ولم يجزه البناء لأنه صوم

غير متوال بخلاف ما إذا لم يأكل فيها ونوى صيامها وإن كانت لا تجزئه ابن يونس وهو أضعفها ابن حبيب وإن صام شعبان عن ظاهره ثم صام رمضان لفرضه ثم أكمل ظاهره بشوال أجزأه وقال بعض الشيوخ لا يجزئه لأنه تفريق كثير والأول أولى لأن الجهل عذر كالمرض في غير وجه ولو صام شعبان ورمضان لفريضته وكفارته قضى ثلاثة أشهر فيقضي رمضان لتشريكه في غيره وهو الكفارة فلا يجزئه لا عن فرضه ولا عن كفارته ويلزم عدم إجزائه عن كفارته بطلان شعبان لعدم التتابع وقال في المدونة ومن صام شعبان ورمضان بنويهما لظاهره ويريد أن يقضي رمضان في أيام أخرى لم يجزه لفرضه ولا لظاهره وهذا بعض ما يتعلق بالصوم وأما ما يتعلق بالعتق فقال ابن الحاجب يجزيء أي في كفارة الظهار عتق من يجزيء في الصيام والأيمان وهي رقبة مؤمنة غير ملفقة محررة له سليمة خالية من شوائب العتق والعوض يريد مملوكة ملكا تاما فلو أعتق جنينا عتق ولم يجزه لأن الجنين لا يسمى حين العتق رقبة ولزمه عتقه لتشوف الشارع للحرية ويجزيء عتق الرضيع ومن عقل الصلاة والصيام أولى ولو أعتق كتابيا كبيرا وقد عقل دينه لم يجزه باتفاق وإن كان صغيرا لم يعقله ففي اجزائه قولان لابن القاسم وأشهب مع ابن وهب ولو مجوسيا أجزأه نص عليه في المدونة ولو أعتق نصفين من رقبتين لم يجزئه للتلفيق فلم يصدق عليه ولو اشترى من يعتق عليه كأحد من أبويه وأحد من ولده وإخوته ما كانوا لم يجزه لأنه يعتق بسبب القرابة فليست الرقبة محررة للتكفير وكذا لو اشترى من علق عتقه على شرائه أو ملكه كأن يقول إن اشتريت فلانا لعبد معين أو إن ملكته فهو حر فاشتراه فلا يجزئه عن الكفارة لأنه يعتق عليه بالتعليق لا للكفارة وكذا من اشترى عبدا بشرط أن يعتقه لم يجزه أيضا لأن عتقه للوفاء بالشرط والعيوب ثلاثة ما يمنع كمال الكسب ويشين كالأقطع والأعمى والأبكم والمجنون والهرم العاجز والمريض الذي لا يرجى برؤه فلا يجزيء، لتجديدها ويصدق مع عدم التتابع وانقطاعه كالحائض والمسافر والمريض إذا أفطر ثم أراد الصوم فلا بد لهما من تجديدها أيضا ثم ان كان صومها بعد أن حضر المسافر وصح المريض كفتهما نية واحدة لبقية الصوم وإن كان صوم المسافر في السفر وصوم المريض في المرض فلابد لهما من التجديد كل ليلة حتى ينقضي السبب الذي نفى وجوب التتابع وهو المرض والسفر كما مر قريباً عن العتبية وهذا التفصيل جار في رمضان مطلقا وفي الكفارات الواجب تتابعها باعتبار المرض إذا أفطر له وأما باعتبار السفر فلا، لأنه إذا أفطر له انقطع تتابعه وابتدأ الصوم من أوله كما يأتي فلا يتصور فيه تجديد النية لبقية الصوم وأنظر إذا سافر في صيام الكفارات ولم يفطر في سفره أو مرض وتكلف الصوم هل يجب عليه تجديد النية كل ليلة كما في رمضان على قول الثاني ما لا يمنع الكسب ولا يشين كالمرض والعرج الخفيفين وقطع الأنملة أي من غير الإبهام فيجزيء، الثالث ما يشين ولا يمنع كمال الكسب كاصطلام الأذن والصمم والعورة والمرض الكثير المرجو والبرص الخفيف والعرج البين والخصا وقطع الاصبع فقولان بناء على اعتبار الشين أو الكسب ولا يجزيء عتق الغائب آبقا أو لا إذا كان قد انقطع خبره إذ لا يدري هل هو موجود

أو معدوم صحيح أو معيب ولا يجزيء مكاتب ولا مدبر ولا العتق الى أجل مستولدة لوجود شائبة العتق ولا يجوز عتق العبد على دينار مثلا اذا كان الدينار في ذمة العبد لأنه عتق لم يخل من شائبة العوض ولو أعتقه على دينار موجود بيد العبد لأجزأه قال في المدونة إذ له انتزاعه في اجزاء ما أعتق عنه غيره فبلغه فرضي به ثلاثة أقوال ثالثها ان أذن له أجزأ، ومن أعتق نصف عبده عن كفارة ثم أعتق النصف الثاني عن الكفارة أو أعتق نصفه والنصف الباقي له أو لغيره فكمل عليه ففي الإجزاء قولان التوضيح والأقرب في الفرعين عدم الإجزاء لأن الحكم لما كان يوجب عليه التيمم للباقي صار ملكه له غير تام ويجزيء أن يعتق الانسان عبده المغصوب منه عن كفارته وإن لم يقدر على تخليصه لأن ملكه باق عليه فقد أخرج رقبة من الرق وكذا يجري عتق المرهون والجاني ان فديا، هذا يتعلق بالعتق وأما الإطعام فقال ابن الحاجب أيضا وعدد ستين مسكينا أحرار مسلمين مراعى لكل مسكين مد فلو أطعم مائة وعشرين نصفا كمل لستين منهم وإلا استأنف ثم قال والجنس كزكاة الفطر ولا يجزيء قيمة في كفارة (فرع) قال ابن الحاجب في كفارة الظهار ولو فعل نصفا من كل كفارة لم تجزه التوضيح كما لو صام ثلاثين يوما وأطعم ثلاثين مسكينا أو أعتق نصف عبد لايملك غيره وصام ثلاثين يوما (فرع) من المدونة وإن أكره امرأته في نهار رمضان فوطئها فعليهما القضاء وعليه عنه وعنها الكفارة قال مالك وإن وطئها في نهار رمضان أياما فعليه لكل يوم كفارة وإن وطئها في يوم مرتين فعليه كفارة واحدة لأنه إنما أفسد يوماً واحداً، قال: وإن طاوعته امرأته في الوطء أول النهار ثم حاضت في آخره فلا بد لهما من القضاء والكفارة ونقل الشيخ محمد إن وطىء أمته كفر عنها وإن طاوعته لأن طوعها كالاكراه للرق ابن يونس إلا أن تطلبه هي في ذلك وتسأله فتلزمها الكفارة التوضيح وينبغي أن يلحق بالسؤال ما إذا ترينت وقال قبله وهل هي واجبة عليه بالأصالة لأنه أفسد صومين أم بالنيابة المشهور الثاني، فلذا لا يكفر الا بما يجزئها في التكفير فلو كانت أمة لم يصح له التكفير بالعتق إذ لا ولاء لها ولا يكفر عنها يريد ولا عن الزوجة الحرة بالصوم لأنه لايقبل النيابة والحاصل كما قال ابن يونس أنه يكفر عن نفسه بأحد ثلاثة وعن الزوجة بالعتق أو الإطعام وعن الأمة بالإطعام فقط وإذا لزم

الزوج أن يكفر عن زوجته فكان معسرا كفرت هي ثم رجعت عليه إلا إذا كفرت الصيام فلا ترجع عليه بشيء (فرع) ويكفر العبد والأمة بالصيام إلا أن يضر ذلك بالسيد فتبقى دينا عليهما إلا أن يأذن لهما السيد في الصيام وإن أكره العبد زوجته فقال ابن شعبان هي جناية إن شاء السيد أسلمه أو افتكه بأقل القيمتين من الرقبة أو الإطعام وليس لزوجته أن تأخذ ذلك وتكفر بالصيام إذ لا ثمن له ويعني بالرقبة الرقبة التي يكفر بها لا رقبة العبد الجاني وهو خلاف ما ذكره في النوادر قلت ووجه كون إكراهها على الجماع جناية ما تقدم من أن من لزمه التكفير عن زوجته فكان معسراً لزمها هي أن تكفر وهذا الزوج عبد لا مال له لأن ما بيده لسيده فقد أوقع الزوجة في ورطة التكفير فكان ذلك جناية على الزوجة فإن شاء سيده أسلمه لها أو أفتكه بما ذكر فإن أسلمه لها انفسخ نكاحهما لكونها ملكته والله أعلم (فرع) قال في النكت إن وطىء الرجل زوجته مكرهة فوجب عليه أن يكفر عنها فلم يكن عنده ما يكفر به فكفرت المرأة بمال نفسها بالإطعام رجعت على الزوج بالأقل من مكيله الطعام أو الثمن الذي اشترت به ذلك الطعام أو قيمة العتق أي أقل ذلك رجعت به ابن عرفة وإن كفرت عن نفسها بصوم لم ترجع بشيء (فصل) واعلم أن عادة المؤلفين من الفقهاء أن يذكروا الاعتكاف عقب الصيام للمناسبة الظاهرة بينهما ولم يذكره الناظم لبنائه النظم على الاختصار وقد رأيت أن أختم هذا الكتاب بما لا بد منه من مسائله محاذيا كلام ابن الحاجب باللفظ أو بالمعنى ممزوجا بما لا بد له من كلام التوضيح أو غيره فأقول: لتجديدها ويصدق مع عدم التتابع وانقطاعه كالحائض والمسافر والمريض إذا أفطر ثم أراد الصوم فلا بد لهما من تجديدها أيضا ثم ان كان صومها بعد أن حضر المسافر وصح المريض كفتهما نية واحدة لبقية الصوم وإن كان صوم المسافر في السفر وصوم المريض في المرض فلابد لهما من التجديد كل ليلة حتى ينقضي السبب الذي نفى وجوب التتابع وهو المرض والسفر كما مر قريباً عن العتبية وهذا التفصيل جار في رمضان مطلقا وفي الكفارات الواجب تتابعها باعتبار المرض إذا أفطر له وأما باعتبار السفر فلا، لأنه إذا أفطر له انقطع تتابعه وابتدأ الصوم من أوله كما يأتي فلا يتصور فيه تجديد النية لبقية الصوم وأنظر إذا سافر في صيام الكفارات ولم يفطر في سفره أو مرض وتكلف الصوم هل يجب عليه تجديد النية كل ليلة كما في رمضان على قول قال ابن الحاجب الاعتكاف قربة أي مستحب إذ لو كان سنة لم يواظب السلف على تركه، الرسالة والاعتكاف من نوافل الخير وحكمة مشروعيته التشبه بالملائكة الكرام في استغراق الأوقات بالعبادات وحبس النفس عن شهواتها وكف اللسان عن الخوض فيما لا يعني مالك ولم يبلغني أن أحدا من السلف اعتكف غير أبي بكر بن عبد الرحمن وإنما تركوه لشدته وفي المجموعة فكرت في ترك الصحابة الاعتكاف مع أنه لم يزل يعتكف حتى مات حتى أخذ في نفسي أنه كالوصال الذي نهى عنه وفعله فقيل له إنك تواصل قال إني لست كأحدكم

والاعتكاف لزوم المسلم المميز المسجد للعبادة صائما كافا عن الجماع ومقدماته يوما فما فوقه فيصح من المرأة والصبي والرقيق وإذا أذن لأمرأته أو لعبده في الاعتكاف فدخلا فيه فليس له قطعه عليهما فإن لم يدخلا فيه فله منعهما منه وإذا نذر العبد اعتكافا بغير إذن سيده فمنعه السيد منه بقي في ذمته ومتى عتق قضاه وليس للسيد اسقاطه كما يسقطه عنه دين الآدمي ولا يمنع المكاتب من الاعتكاف اليسير والردة والسكر المكتسب ببطلان الاعتكاف فيجب استثنائه في السكر ويجب البناء في غير المكتسب كالجنون والاغماء في إبطاله بالكبائر التي لا تبطل الصوم كالقذف وشرب الخمر ليلا قولان بحذف الصغائر فإنها لا تبطله لكن إذا لم تكن مبطلة للصوم كالنظر للأجنبية فإن أبطله كمن والى النظر حتى أمذى فينبغي أن يبطل اعتكافه والاعتكاف لايكون الا في المساجد كما قال الله سبحانه وتعالى {وأنتم عاكفون في المساجد} وعجز المساجد ورحابه سواء بخلاف السطح على الأشهر وبخلاف بيت قناديله فلا يصح فيهما إذ لا يصح إلا في موضع تصح فيه الجمعة ومن اعتكف أياما لا يأتي عليه فيها الجمعة اعتكف في أي مسجد شاء وكذلك إن كانت تأتي عليه الجمعة فيها ولكنه مما لا تلزمه الجمعة كالعبد ونحوه ولا يعتكف إلا في موضع تصح فيه الجمعة أن لو كانت في ذلك المسجد، لأن الاعتكاف لا يصح إلا في المسجد، وبيت القناديل ونحوه من المواضع المحجرة ليست مسجدا فلذا لا تصح فيها الجمعة فلا يصح فيها الاعتكاف أيضا كذا كنت قيدته عن شيخنا الامام العالم أبي العباس أحمد المقري جدّد الله عليه رحمته وإن كانت الأيام تأتيه الجمعة فيها وهو ممن تلزمه فالمشهور أنه لا يعتكف إلا في مسجد الجمعة وقيل بل يكره الاعتكاف في غيره فقط وعلى المشهور يخرج للجمعة ويبطل اعتكافه ويخرج المعتكف لحاجة الانسان البول والغائط ويستحب أن يكون في غير منزله ويخرج لمعيشته إن احتاج وإن بعد ويخرج لعيادة أبويه إذا مرضا ويبتديء اعتكافه ولا يخرج لجنازتهما ويخرج لموت أحدهما لأن عدم خروجه يسخط الآخر ولا يخرج لعيادة المريض ولا للحكومة وأداء الشهادة وصلاة الجنازة ويخرج لغسل الجمعة أو جنابة احتلام ولا ينتظر غسل ثوبه ولا تجفيفه ولذلك استحب له أن يعد ثوبا آخر ويكره اشتغاله بالعلم وكتابته ما لم يخف ولا يأخذ من شعره ولا يحتجم وإن

جمعه وألقاه لحرمة المسجد والصوم شرط وليس من شروطه كونه للاعتكاف لاعتكافه صلى الله عليه وسلم في رمضان ولو نذر اعتكافا فهل يعتبر له صوم ولا يجزئه في رمضان أو هو كغيره قولان بناء على أن الصوم ركن فناذر الاعتكاف ناذر لجميع أجزائه أو شرط فناذر الاعتكاف غير ناذر للصوم لخروجه عن الماهية كما يصح إيقاع الصلاة المنذورة بطهارة لغيرها وإذا طرأ على المعتكف ما يمنعه الصوم فقط دون المكث في المسجد كالمرض الذي يقدر معه على المكث فيه ففي خروجه خلاف مذهب المدونة أنه يخرج أما لو طرأ ما يمنع الصوم والمكث في المسجد معا كالحيض فإنه يخرج اتفاقا وإذا خرجا فحرمة الاعتكاف عليهما على المريض في المرض وعلى الحائض في الحيض فإن صح المريض أو طهرت الحائض رجعا تلك الساعة للمسجد فإن لم يرجعا بطل اعتكافهما إلا إذا زال عذرهما ليلة العيد أو يومه فلا بأس بالمكث في منزلهما الى أن يمضي يوم العيد ويرجعا للمسجد وكذا كل من جاز له الخروج لعذر يبنى معه فإنه إذا أخر الرجوع بعد ذهاب عذره يبطل اعتكافه ويبتدئه والجماع ومقدماته من القبلة والمباشرة وما في معناهما مفسدة ليلا أو نهاراً عمداً أو نسياناً ولو من الحائض ناسية ولا بأس أن يعقد النكاح في مجلسه لنفسه أو غيره وبالطيب ولا يسقط قضاؤه بشرط كأن يشترط إن حدثت له ضرورة توجب القضاء كالمرض فلا قضاء لم يفسد ذلك ويبني من خرج لتعين جهاد أو محاكمة على الأصح فإن أخر البناء بعد ذهاب عذره ابتدأ كما مر وأقله يوم وقيل وليلة وأكمله عشرة وفي كراهة ما دونها قولان ومن نذر اعتكاف ليلة فقيل يلزمه يومها وهو المشهور وقيل يبطل ومن دخل قبل الغروب اعتد بصبيحة تلك الليلة اتفاقا وإن دخل بعد الفجر فلا يعتد بها واختلف إذا دخل بينهما والمشهور الاعتداد وإذا دخل معتكفه ونوى أياما فما نوى من ذلك لزمه بخلاف من نوى صوما متتابعا فلا يلزمه بالدخول فيه إلا اليوم الأول به لأن الاعتكاف ليله ونهاره وسواء فهم كاليوم الواحد وصوم الأيام المتتابعة يتخللها الليل فصلر فاصلا بين ذلك ومن نذر اعتكافا بمسجد غير مسجد موضعه فليعتكف بمسجد موضعه إلا إذا نذر الاعتكاف بأحد المساجد الثلاثة فيلزمه إتيانه ومن نذر أن يصوم بساحل من السواحل أو بمواضع يتقرب بإتيانه كمكة والمدينة لزمه الصوم بذلك الموضع وإن كان من أهل مكة والمدينة وإيليا وإذا غربت الشمس من آخر أيامه جاز الخروج وفي خروجه ليلة الفطر وإقامته الى الخروج للمصلى وهو المشهور قولان وأفضله أن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان لطلب ليلة القدر واختلف في قوله التمسوها في العشر الأواخر في التاسعة والسابعة والخامسة

فقيل بظاهره أي فالمراد ليلة تسع وعشرين وليلة سبع وعشرين وليلة خمس وعشرين والمنصوص أن المراد بتسع بيقين أو سبع أو خمس وذلك ليلة اثنين وعشرين وليلة أربع وعشرين وليلة ست وعشرين وهذا مبني على أن الشهر كامل وقول مالك أرى والله أعلم أن التاسعة ليلة إحدى وعشرين إنما يأتي على الشهر ناقص وكأنه اعتبر المحقق وألغى المشكوك فيه، لتجديدها ويصدق مع عدم التتابع وانقطاعه كالحائض والمسافر والمريض إذا أفطر ثم أراد الصوم فلا بد لهما من تجديدها أيضا ثم ان كان صومها بعد أن حضر المسافر وصح المريض كفتهما نية واحدة لبقية الصوم وإن كان صوم المسافر في السفر وصوم المريض في المرض فلابد لهما من التجديد كل ليلة حتى ينقضي السبب الذي نفى وجوب التتابع وهو المرض والسفر كما مر قريباً عن العتبية وهذا التفصيل جار في رمضان مطلقا وفي الكفارات الواجب تتابعها باعتبار المرض إذا أفطر له وأما باعتبار السفر فلا، لأنه إذا أفطر له انقطع تتابعه وابتدأ الصوم من أوله كما يأتي فلا يتصور فيه تجديد النية لبقية الصوم وأنظر إذا سافر في صيام الكفارات ولم يفطر في سفره أو مرض وتكلف الصوم هل يجب عليه تجديد النية كل ليلة كما في رمضان على قول التوضيح وقد اختلف على ليلة القدر في ثلاثة أقوال أحدها أنها في ليلة بعينها لا تنتقل عنها إلا أنها غير معروفة ليجتهد في طلبها ويكون ذلك سببا لاستكثار فعل الخير وافترق الذاهبون الى هذا على أربعة أقوال أحدها أنها في العام كله والثاني أنها في شهر رمضان والثالث أنها في العشر الوسط أو في العشر الأواخر والرابع أنها في العشر الأواخر والقول الثاني أنها في ليلة بعينها لا تنتقل معروفة اختلف القائلون بهذا على أربعة أقوال أحدها في ليلة أحد وعشرين والثاني أنها في ليلة ثلاث وعشرين والثالث أنها في ليلة سبع وعشرين والرابع أنها في ليلة ثلاث وعشرين أو ليلة سبع وعشرين والقول الثالث أنها ليست في ليلة بعينها وأنها تنتقل في الأعوام وليست مختصة بالعشر الأواخر والغالب أن تكون في العشر الوسط والعشر الأواخر والغالب من ذلك أن تكون في العشر الأخيرة وإلى هذا ذهب مالك والشافعي وأحمد وأكثر أهل العلم وهو أصح الأقاويل قاله في المقدمات

كتاب الحج

كتاب الحج تعرض الناظم هنا لبقية قواعد الإسلام الخمس وهي الحج والحج في اللغة القصد وقيل بقيد التكرار لأن الحج يتكرر قصده للبيت وفي الشرع كما قال ابن عرفة عبادة يلزمها وقوف بعرفة ليلة العاشر من ذي الحجة وطواف بطهر أخص بالبيت عن يساره سبعا بعد فجر اليوم النحر وسعي بين الصفا والمروة ومنها اليها سبعا بعد طواف كذلك لا يقيد وقته باحرام في الجميع والأصل في وجوبة قوله تعالى {ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا} وقوله تعالى {وأتموا الحج والعمرة لله} قوله صلى الله عليه وسلم «بنى الاسلام على خمس شهادة أن لا إله الا الله» الحديث وقوله عليه الصلاة والسلام في خطبته «إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا» والاجماع على وجوبه فمن جحد وجوبه فهو كافر ومن أقر به وتركه فالله حسيبه ولا يتعرض له لتوقفه على الاستطاعة وسقوطه بعدمها وذلك مما قد يخفى وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» والرفث الجماع وقيل الفحش من القول والفسق المعاصي وفيهما أيضا أنه صلى الله عليه وسلم قال «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء عند الله إلا الجنة» والمبرور الذي لم يخالطه مأثم وقيل المقبول اَلْحجُّ فَرْضٌ مَرَّةً فِي العُمْرِ أَرْكانُهُ إنْ تُرِكتْ لَمْ تُجْبَرِ الاِحْرَامُ والسَّعْيُ وُقُوفُ عَرَفَةْ ليْلَةَ الأَضْحَى وَالطَّوَافُ رِدْفَهْ أخبر أن الحج فرض واجب على الانسان مرة في العمر وأن له أركانا أي فرائض إن

تركت كلها أو ترك واحد منها لم يجبر ذلك المتروك أي بالدم وهو الهدي إذ لا يجبر به إلا الواجبات غير الأركان حسبما يأتي وأن تلك الأركان هي الإحرام والسعي أي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة ليلة الأضحى والطواف الذي يردفه ويقع بعده وهو طواف الإفاضة ولفظ الإحرام أول البيت الثاني يقرأ بكسر لام التعريف بكسرة الهمزة المنقولة إليه وحذف همزة الوصل لتحرك ما بعدها بناء على الاعتداد بالعارض وقد استعمل الناظم هذه اللغة في مواضع من هذا النظم وفهم من قوله ليلة الأضحى أن الوقوف الركني إنما هو بالليل وهو كذلك وسيأتي للناظم التصريح بذلك في قوله هنيهة بعد غروبها تقف وأما الوقوف نهارا فليس بركن وحكمه الوجوب ويجبر تركه بالدم كما يأتي وفهم أيضا من قوله ردفه أن طواف القدوم وطواف الوداع ليس بركن وهو كذلك لكن طواف القدوم واجب يجبر بالدم وطواف الوداع مستحب لا شيء على من تركه أما فريضة الحج فلا خلاف فيها كما تقدم والحكمة في كونه مرة في العمر دون سائر العبادات التي شرع فيها التكرار زيادة على ما فيه من عظيم المشقة والحرج سيما من البلاد البعيدة هي أن غيره من العبادات تعلقت بالزمان المتكرر فتكررت بتكرره ولما تعلق الحج بالمكان وهو ثابت مستقر لا يتبدل ولا يتكرر اكتفى منه بمرة واحدة والله أعلم وفي كون وجوبه على الفور أو على التراخي إلى خوف الفوات فيكون حينئذ واجباً على الفور قولان وخوف الفوات إما بفساد الطريق بعدم أمنها أو بذهاب ماله أو صحته أو ببلوغ المكلف ستين سنة وعلى الفورية لو أخره عن أول عام استطاعه فيه ففي وقوعه أداء وهو شهور أو قضاء قولان والثاني لابن القصار قال الإمام أبو عبد الله محمد بن محمد الحطاب في مناسكه ثم يستحب بعد المرة الأولى ويتأكد الاستحباب في كل خمس سنين لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله يقول إن عبدا صححت له جسمه ووسعت عليه في المعيشة تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد على لمحروم رواه ابن أبي شيبة وابن حيان في صحيحه قال ابن فرحون قال العلماء وهو محمول على الاستحباب والتأكد في مثل هذه المدة ويجب إحياء الكعبة في كل سنة بالحج والعمرة فرضا على الكفاية فينبغي لمن حج الفرض أن ينوي القيام بفرض الكفاية ليحصل له ثواب ذلك وشروط وجوب الحج الحرية والبلوغ والعقل والاستطاعة فلا يجب على عبد ولا صغير ولا مجنون ولا غير مستطيع نعم يصح من الجميع ويقع نفلا ولا تسقط به الفروض ولو نووه الا غير المستطيع فإنه يقع منه فرضا إذا نواه أو لم ينو فرضا ولا نفلا ولو بلغ الصبي أو عتق

العبد بعد إحرامهما لم ينقلب فرضا وشروط صحته الاسلام فقط فلا يصح من كافر وإن وجب عليه على المشهور ويشترط في وقوعه فرضا أن لا ينوي به نفلا فلا نوى به الاحرام بنافلة انعقد نافلة وكره له ذلك ولم يجزه عن الفرض والاستطاعة هي إمكان الوصول الى مكة بلا مشقة عظيمة مع القدرة على أداء الصلاة في أوقاتها المشروعة لها في السفر وعدم الاخلال بشيء من فرائضها ومع الأمن على النفس والمال من لص أو مكاس وإلا لم يجب الحج إلا أن يكون المكاس مسلما يأخذ شيئا لا يجحف بالشخص ولا ينكث بعد أخذه ويجب الحج بلا زاد ولا راحة إذا كان الشخص قادرا على المشي وله صنعة يقتات منها ولا بالسؤال إذا كان ذلك عيشة في بلده وكانت العادة إعطاءه وإن لم يكن ذلك عيشه في بلده فلا يجب عليه الحج ويكره له الخروج ومن قدر على المشى ووجد من يؤاجره نفسه للخدمة ولا يؤدي به ذلك وجب عليه الحج ومن عجز عن المشي اعتبر في حقه وجود المركوب بشراء أو كراء ومن لم تكن له صنعة يفعلها في الطريق يتعيش بها اعتبر في حقه وجود الزاد ومن عجز عنهما اعتبرا معا في حقه اهـ وقالالشيخ خليل في مناسكه وليس من شروط الاستطاعة وجود الناض بل يلزمه أن يبيع من عروضه ما يباع على المفلس ونص اللخمي أن المعتبر في الاستطاعة ما يوصله فقط إلا إن خاف الضياع إن بقي هناك ونقل ابن المعلى عن بعض المتأخرين اعتبار الذهاب والرجوع معا وهو الظاهر ولا يشترط أن يبقي له ما استطاع به شيء على المشهور وقيل ما لم يؤد الى ضياعه وضياع من يقوت ويجب الحج عن من لم يجد طريقا إلا من البحر إلا أن يغلب العطف عليه أو يعلم عن نفسه إذا ركبه تعطيل الصلاة فيه بميد أو ضيق فيحرم ركوبه ونقل ابن الحاج في مناسكه عن ابن شعبان سقوط الحج عن أهل الجزائر والمرأة كالرجل إلا في المشي من المكان البعيد وركوب البحر فاختلف في الزامها ذلك على قولين وظاهر المذهب عدم اللزوم فيهما قال عياض إلا في المراكب الكبيرة التي تختص فيها بمكان وليس من شرط الاستطاعة في حقوقها وجود زوج أو محرم على المشهور بل يكتفي بالرفقة المأمونة بل هذا في حجة الفريضة فقط وأما التطوع فلا وسواء الشابة وغيرها واختلف الأشياخ هل لا بد في الرفقة من مجموع الرجال والنساء أو يكتفي بأحد الجنسين والركوب لمن قدر عليه أفضل على المعروف لأنه فعله صلى الله عليه وسلم ولأنه أقرب الى الشكر والمقتب أفضل من المحمل لمن قدر عليه لموافقته ولراحة الدابة اهـ وأما كون الأركان الأربعة لا تجبر بالدم ولا بغيره فهو كذلك كما نص عليه غير واحد وبعد كونها لا تجبر بالدم فهي على ثلاثة أقسام قسم يفوت الحج بتركه ولا يترتب بسبب تركه شيء وهو الاحرام إما بتركه بالكلية أو بترك ما ينعقد به من النية

والتلبية على قول ابن حبيب غير أن المكلف ان لم يكن حج الفرض فهو باق في ذمته وقسم يفوت الحج بفواته ويؤمر الحاج بالتحليل بأفعال عمرة والقضاء في قابل وهو الوقوف بعرفة باتفاق وقسم لا يفوت الحج بتركه ولا يتحلل من الاحرام إلا بفعله ولو صار إلى أقصى المشرق أو المغرب رجع الى مكة ليفعله وهو طواف الإفاضة بالاتفاق والسعي على المشهور قاله الحطاب في مناسكه والشاذ في السعي رواية عن مالك لا يرجع اليه ويجزئه الدم وهذه الأركان أحد أقسام الأفعال المطلوبة في الحج وقد قسمها أهل المناسك إلى ثلاثة أركان واجبات غير منجبرة بالدم ولا بغيره وهي الأربعة كما تقدم وزيد عليها على خلاف الوقوف بالمشعر الحرام ورمي جمرة العقبة وطواف القدوم والنزول بالمزدلفة والحلاق والمشهور في الوقوف بالمشعر أنه مستحب لا يجب بتركه شيء والمشهور في رمي جمرة العقبة وطواف القدوم والنزول بالمزدلفة والحلاق أنها واجبة تجبر بالدم كما يأتي للناظم عد الواجبات المجبرة بالدم الحطاب استحب بعض المتأخرين أن ينوى بهذه الأشياء المختلف فيها الركنية ليخرج من الخلاف لأن ثواب الواجب أكثر من ثواب غيره القسم الثاني واجبات غير أركان منجبرة بالدم وسيأتي قريبا للناظم عد جملة منها القسم الثالث سنن ومستحبات لا يجب بتركها شيء وذلك كغسل الإحرام وكونه اثر صلاة وخصوصية لبس إزار ورداء ونعلين هذه الهيئة التي تعد في السنن أما التجرد فواجب ومقارنة التلبية لنية الإحرام وسوق الهدي لمن يجب عليه وتقليد ما يقلد وإشعار ما يشعر والقصد إلى مكة عقب الاحرام بلا تأخير وتقبيل الحجر الأسود الى غير ذلك مما ذكر في صفة الحج ولم يتنازل الناظم لعدم هذا القسم على حدته كالقسمين الأولين وإنما ذكر بعضه أثناء صفة الحج ولكن يفهم من ذكر القسمين قبله أن ما عداهما مما يذكر في صفة الحج لا يجب بتركه شيء وقد عد الحطاب في مناسكه من هذا القسم نحو المائة والستين فراجعه ان شئت وسيأتي الكلام على الأفعال المطلوب تركها في الحج والعمرة وأنها أيضا على ثلاثة أقسام عند تعرض الناظم لمحرمات الإحرام بعد تمام صفة الحج ان شاء اللهتعالى وَالوَجِباتُ غيْرَ الارْكانِ بِدَمْ قَدْ جُبِرَتْ مِنْهَا طَوَافُ مَنْ قَدِم ووصْلُهُ بالسَّعَيِ مَشْىٌ فِيهماَ ورَكَعَتا الطَّوَافِ إن تَحَتَّما نُزُولُ مُزْدَلِفٍ في رُجُوعناَ فَبيت ليْلاَتٍ ثَلاثٍ بِمِنَى إحْرامُ مِيقاتٍ فَذُو الحُلَيْفَهْ لِطِيْبَ لِلشَّامِ ومِصْرَ الجُحْفَةْ

قَرْنٌ لِنَجْدٍ ذَاتَ عَرْقٍ للْعِرَاق يَلَمْلمُ اليَمَنْ آتِيهاَ مَعْ وَفاقْ [ش] تَجَرُّدٌ مِنَ المَخِيطِ تَلبْيَهْ والحَلْقُ مَعْ رَمْيِ اَلجِماَرِ تَوْفِيهْ أخبر أن الأفعال الواجبة التي ليست بأركان تنجبر بالدم وهو الهدي أحد عشر فعلاً فقال إن منها طواف القدوم ومنها وصله بالسعي أي بين الصفا والمروة وقال في التوضيح في شرح الواجبات المنجبرة أي وكترك طواف القدوم وترك السعي بعده لغير المراهق فلا خلاف في عدم وجوبهما عليه وسقوط الدم عنه وتركهما معا كترك أحدهما وسقوط الهدي عن الناسي أي لطواف القدوم أو السعي قولان لابن القاسم وغيره اهـ والمراهق الذي ضاق عليه الوقت فخاف إن طاف للقدوم وسعى بعده فاته الوقوف بعرفة وترك وصل الطواف بالسعي المستفاد من مفهوم قول الناظم ووصله بالسعي صادق بترك السعي رأساً وبتأخيره عنه كثيرا بأن فرق بينهما بالزمن الطويل وإذا كان مذهب ابن القاسم سقوط الدم عن الناسي والمراهق فيقيد كلام الناظم بغيرهما ومنها المشي في الطواف والسعي ونحوه من مناسك الحطاب والذي في ابن الحاجب ومناسك الشيخ خليل إنما هو المشي في الطواف التوضيح فإن ركب لعجز فإنه يجوز الباجي ولا خلاف فيه ولا يشترط فيه عدم القدرة بالكلية بل يكفي المرض الذي يشق عليه المشي فإن ركب قادرا فثلاثة أقوال الإجزاء لعبد الوهاب في إشرافه وعدمه لمالك في الموازية والمشهور مذهب المدونة أنه يعيد إذا كان قريبا فإن فات فعليه هدي وعليه فيقيد مفهوم قول الناظم شيء فيهما بما إذا ركب قادرا وفات، ومنها ركعتا الطواف الواجب والى وصفه بالوجوب أشار بقوله (إن تحتما) فيدخل طواف القدوم وطواف الافاضة كما صرح بهما ابن الحاجب التوضيح أي ويجب الدم بترك كل من ركعتي طواف القدوم والافاضة إذا بعد من مكة جبرا للتفرقة اهـ وظاهره ولو تركا نسيانا وهو كذلك قال في التوضيح متصلا بما تقدم عنه وانظر كيف أوجبوا الدم في ركعتي طواف القدوم ولم يوجبه ابن القاسم في ترك الطواف أو القدم نسيانا وهو في الحقيقة تبع له انتهى، وهو بحث له ظاهر مع ابن القاسم ومنها نزول المزدلفة في الرجوع من عرفة ليلة النحر التوضيح والظاهر أنه لا يكفي في النزول إناخة البعير بل لا بد من حط الرحال ومنها المبيت بمنى ثلاث ليال يريد لرمي الجمار التوضيح ومراده الليالي التي بعد عرفة وأما الليالي التي قبل عرفة فلا دم في تركها كما صرح به في المقدمات اهـ ويجب الدم سواء ترك المبيت رأسا أو ليلة واحدة أو جل ليلة ومنها الاحرام من الميقات فمن جاوزه حلالا وهو قاصد الحج أو

عمرة فقد أساء فإن أحرم بعد مجاوزته فعليه الدم ولا يرجع اليه ولو رجع سقط عنه الدم برجوعه وإن رجع الى الميقات قبل أن يحرم فأحرم منه ان رجع قبل البعد فلا دم عليه كان جاهلا أو عامدا قال أبو الحسن الصغير وإن رجع بَعْدَ أن بَعُدَ ففي ابن الحاجب وابن شاس عليه الدم وظاهر المدونة أنه لا دم عليه وإن خاف فوات الحج برجوعه للميقات فليحرم من موضعه ويتمادى وعليه دم قاله في المدونة ومنها التجرد من مخيط الثياب فإن تركه ولبس المخيط لغير عذر فعليه الدم وهذا للرجل دون المرأة كما يأتي الكلام عليه إن شاء الله في ممنوعات الاحرام بعد كمال صفة الحج وعادة المؤلفين ذكر هذه المسألة في الأفعال المحظورات الممنوعة على المحرم المنجبرة بالدم فإن للحج أفعالا مطلوبة وهي على ثلاثة أقسام كما تقدم وله أفعال ممنوعة وهي على قسمين مفسدة وغير مفسدة لكنها منجبرة بالدم ومن جملتها لبس المخيط للرجل من غير ضرورة فذكر المسألة هنا بالنظر الى التجرد لأنه في مقام تعداد الواجبات والتجرد واجب وذكرها في المحظورات بالنظر الى اللبس لأنه محرم والكل صحيح والله أعلم، ومنها التلبية يريد إذا تركها بالكلية أو تركها أول الاحرام حتى طاف أو فعلها أول الاحرام ثم تركها في بقيته على ما شهره ابن عرفة وظاهر كلام الشيخ خليل سقوط الدم في هذا، قاله الحطاب ومنها الحلاق فإذا تركه حتى رجع الى بلده أو طال فعليه الدم ومنها رمي الجمار فيجب الدم في تركه رأسا وفي ترك جمرة واحدة من الجمار الثلاث أو في ترك حصاة من جمرة منها الى الليل وفي قوله توفيه إشارة إلى أن رمي الجمار هو آخر الأفعال الواجبة وهو كذلك والله أعلم ولما عد الناظم الإحرام من الميقات ومن جملة هذه الأفعال المنجبرة بالدم استطرد ببيان الميقات المكاني أي المكان الذي يحرم منه من أراد حجا أو عمرة والمراد هنا الحج فأخبر أن ذا الحليفة ميقات أهل طيبة وهي المدينة المشرفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام فلطيب من حذف مضاف أي لأهلها وكذا يقدر في الشام وما يذكر بعده من المواضع ويريد وميقات لمن أتى عليها ومر بها على غير أهلها فيحرم من ذي الحليفة وجوبا وإن كان مكياً وفاقا لأهلها كما نبه عليه وعلى نظائره باعتبار سائر المواقيت بقوله بعد آتيها وفاق ويستثنى من ذلك من ميقاته الجحفة من الشامي والمصري ومن وراءهم يمر بذي الحليفة فيجوز مجاوزته الى ميقاته بالجحفة والأفضل له أن يحرم من ذي الحليفة لأن ميقاته صلى الله عليه وسلم التوضيح هذا مذهبنا خلافا للجمهور في إيجابهم الإحرام من ذي الحليفة مطلقا لعموم قوله صلى الله عليه وسلم ولمن أتى عليهم والمحل محل نظر فان قوله ولمن

أتى عليهن عام يعم من ميقاته بين يديه وغيره اهـ وقال قبل هذا وذي الحليفة ما بين مياه بني جشم على ستة أميال وقيل سبعة من المدينة أبعد المواقيت من مكة على نحو عشر مراحل أي من مكة أو تسعة قال النووي وهو بضم الحاء المهملة وبالفاء وأن الجحفة ميقات أهل الشام وأهل مصر يريد ميقات لمن مر عليها من غير أهلها لقوله بعد آتيها وفاق كما مر والجحفة بجيم مضمومة ثم حاء مهملة ساكنة قرية بين المدينة ومكة وسميت بذلك لأن السيول أجحفتها عياض وهي على ثماني مراحل من المدينة وتسمى أيضا مهيعة بسكون الهاء عند أكثرهم وبعضهم يكسرها وأن قرنا ميقات لأهل نجد يريد ولمن مر به من غير أهله أيضاً وقرن بسكون الراء ويقال قرن المنازل وقرن الثعالب وفتح الجوهري راءه عياض وغيره وهو خطأ وهو على مرحلة من مكة وهو أقرب المواقيت من مكة عياض وأصل القرن الجبل الصغير المستطيل المنقطع عن الجبل الكبير بينه وبين مكة أربعون ميلا وأن ذات عرق ميقات أهل العراق يريد ولمن مر به من غير أهله أيضا ولم يجده في التوضيح ونقل بعضهم عن الدميري أنه على مرحلتين من مكة وأن يلملما ميقات أهل اليمن ويلملم جبل من جبال تهامة على ليلتين من مكة ويقال فيه ألملم بالهمزة يريد ولمن مر به من غير أهله كما مر في سائر المواقيت وعلى ذلك نبه بقوله آتيها وفاق فلفظ آتيها مبتدأ وضميره للمواضع المذكورة وخبره محذوف ووفاق مفعول من أجله ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة أي الأتي على هذه المواضع والمار بها يحرم منها وفاقا لأهلها الحطاب نظم بعضهم المواقيت الخمسة في بيتين فقال عرق العراق يلملم اليمن وبذي الحليفة يحرم المدني والشام جحفة ان مررت بها ولأهل نجد قرن فاستبن انتهى والبيتان من العروض الثانية للكامل وهي الحذاء أي دخلها الحذر وهو حذف الوتد المجموع وضربها الأول مثلها فيبقى من الجزء الأول الواقع عروضاً أي ضربا متفاوتا وبيته دمن عفت ومحا معالمها هطل أجش وبارح ترب وجحفة وقرن في البيت الثاني غير منونين لامتناع صرفهما

(تنبيهات) الأول ظاهر قوله والواجبات وجوب هذه الأفعال وكذا عبر عنها بعضهم أعني بالوجوب وبعضهم عبر عنها بالسنن وبعضهم بالسنن المؤكدة قال ابن عبد السلاموتظهر ثمرة الخلاف في في التأثيم وعدمه فمن يرى وجوبها يقول بتأثيم تاركها ومن يرى أنها سنة لا يقول بذلك الحطاب، والظاهر أن الاختلاف إنما هو محض عبارة لأن الجميع قالوا في تركها الدم والظاهر في هذه الأفعال أنها واجبة لصدق حد الواجب عليها وهو ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه فتكون كالأركان في مطلق الوجوب إلا أن الشارع خصص كلا منهما بحكم فجعل الأركان أوكد من غيرها فلا بد من الإتيان بها وجعل هذه تجبر بالدم كما لم أخصص بعض تلك الاركان بأنه يفوت الحج بتركه لا يترتب على ذلك شيء وبعضها بأنه يتحلل بسبب فواته ويلزمه القضاء وبعضها بأنه لا يتحلل بالإتيان به وهذا ظاهر كلام صاحب الجواهر أو صريحه اهـ الثاني فهم من قوله منها حيث أتى بمن التبعيضية أنه لم يستوف تلك الأفعال بل ذكر بعضها فقط مما لا بد من معرفته وترك غيره اختصاراً وهو كذلك فقد ذكر الحطاب في مناسكه ثلاثا وأربعين فعلا من الواجبات المنجبرة بالدم إلا أنه قسمها على ثلاثة أقسام: قسم اتفق أهل المذهب على وجوب الدم بتركه وهو أربعة عشر الأول الإحرام بعد مجاوزة الميقات لمريد النسك إذا لم يرجع بعد الإحرام الى الميقات والثاني ترك التلبية من أول الإحرام الى آخره وظاهر كلام ابن الحاجب أن في ذلك خلافا وليس بمعروف والثالث ترك ركعتي الطواف حتى يبعد عن مكة ومنه من انتقض وضوؤه قبل فعلهما فتوضأ وفعلهما ولم يعد الطواف نسيانا أو جهلاً حتى بعد عن مكة فإن ذلك بمنزلة تركهما والرابع ترك رمي الجمار كلها أو حصاة منها حتى تمضي أيام الرمي والخامس ترك المبيت بمعنى ليلة كاملة فأكثر من ليالي الرمي والسادس ترك الحلاق حتى يرجع الى بلده أو يطول والسابع والثامن والتاسع تأخير طواف الإفاضة أوالسعي أو هما معا الى المحرم والعاشر ترك البدء بالحجر الأسود في الطواف ولم يعده حتى خرج من مكة وتباعد.

والحادي عشر الدفع من عرفة نهارا قبل الغروب ولم يخرج منها إلا بعد الغروب والثاني عشر التفريق بين الطواف والسعي بالزمن الطويل ولم يعاوده حتى بعد عن مكة والثالث عشر إيقاع السعي بعد طواف غير واجب ولم يعاوده بعد رجوعه من عرفة حتى بعد عن مكة وإن كان ابن الحاجب حكى فيه قولاً شاذا بسقوط الدم فقد قال ابن عرفة أنه لا يعرفه إلا تخريجا لالتونسي والله أعلم، والرابع عشر التفريق بين أجزاء السعي بالزمن الطويل ولم يعاوده حتى تباعد على ما قاله ابن الحاجب قال وجعل بعضهم البداءة بالصفا في السعي من هذا القسم وليس كذلك لأن ذلك شرط في صحة السعي وقسم اختلف فيه والمشهور فيه وجوب الدم وهو ثلاثة عشر الاول الإحرام بعد مجاوزة الميقات لمريد النسك اذا رجع بعد الاحرام للميقات والثاني ترك التلبية في أول الإحرام حتى يطوف أو فعلها في أول الإحرام ثم تركها في بقيته على ما شهره ابن عرفة وظاهر كلام الشيخ خليل سقوط الدم في هذا والثالث ترك طواف القدوم من غير عذر ولا نسيان حتى يخرج لعرفة ومنه أن يمضي الى عرفات بعد إحرامه من الميقات قبل أن يدخل مكة مع إمكان ذلك والرابعة ترك السعي بعده والخامس إذا تركهما معا فهو كترك أحدهما والسادس ترك المشي في الطواف للقادر ولم يعده والسابع تركه في السعي للقادر ولم يعده أيضا والثامن ترك الوقوف بعرفة نهارا بعد الزوال بغير عذر والتاسع تأخير رمي جمرة من الجمار أو حصاة الى الليل والعاشر ترك المبيت بمنى ليلة من ليالي الرمي والحادي عشر ترك النزول بمزدلفة ليلة النحر والثاني عشر تقديم الافاضة على الرمي والثالث عشر إيقاع ركعتي الطواف في الكعبة أو الحجر ولم يعد ذلك حتى بعد عن مكة.

وقسم اختلف فيه والمشهور عدم وجوب الدم وذلك ستة عشر الأولى ترك الإحرام من الميقات لمن يريد دخول مكة لغير نسك والثاني ترك طواف القدوم نسيانا حتى يخرج لعرفة والثالث ترك السعي كذلك والرابع إذا تركهما معا فهو كترك أحدهما والخامس الطواف في السقائب لغير زحام ولم يعده حتى رجع لبلده والسادس الإحرام بالعمرة من الحرم على ما قاله التادلي عن ابن جماعة التونسي والسابع ترك المبيت بمنى ليلة يوم عرفة على ما نقله التادلي عن ابن العربي ولم يحك غيره في سقوط الدم خلافا والثامن تأخير الحلق حتى تخرج أيام الرمي والتاسع تأخير الإفاضة حتى تخرج أيام الرمي والعاشر تقديم النحر على الرمي على ما قاله ابن الحاجب ووقع على بعض نسخ المنتقى وقال عياض لا شيء في ذلك اتفاقا والحادي عشر تقديم الحلق على النحر على ما نقل الباجي عن ابن الماجشون والذي نقله اللخمي والمازري عنه أن في ذلك الفدية والثاني عشر ترك الرمل في الطواف والثالث عشر ترك الخبب في السعي والرابع عشر تفريق الظهر من العصر يوم عرفة والخامس عشر مخالفة اللفظ النية في الإحرام والسادس عشر من وقف بعرفة بعد الزوال ثم دفع وخرج منها قبل الغروب ثم رجع فوقف ليلا إلا أن الدم في هذا الأخير عند القائل به مستحب اهـ وقد اعتمدت في هذه الأقسام على نسختين من مناسك الحطاب ولست في عهدة تصحيف أو إسقاط إن وجد فيها اذا لم أجد في الوقت غيرها ولم يذكر الناظم شيئا من هذا القسم الثالث لأن المشهور فيه سقوط الدم كما مر وإن كان تنصيصه على وجوب

الدم في طواف القدوم والسعي يدخل فيه الناسي وعلى وجوبه في ترك الإحرام من المقيات يدخل فيه أيضا من يريد دخول مكة لغير نسك وهذه الفروع الثلاثة من هذا القسم الثالث لكن يتعين حمله على المشهور فيقيد وجوب الدم في الفرع الأول والثاني بغير الناسي وفي الثالث بقاصد أحد النسكين حج أو عمرة كما قررنا به كلامه والله أعلم وذكر من القسم الأول المتفق على وجوب الدم فيه ثلاثة فروع وهي الثالث والرابع والسادس على الترتيب المتقدم ومن القسم الثاني أربعة فروع أيضا وهي الفرع الثالث والسادس والسابع وقد عددناهما أعني السادس والسابع في حل كلام الناظم فرعا واحدا والحادي عشر فالمجموع سبعة وشمل قوله ووصله بالسعي الفرع الثاني عشر من القسم الأول والرابع من القسم الثاني كما شمل قوله مبيت ليلات ثلاث بمنى الفرع الخامس من القسم الأول والفرع العاشر من القسم الثاني كما شمل قوله إحرام ميقات الفرع الأول من القسم الأول ومن القسم الثاني وكما شمل قوله تلبية الفرع الثاني من القسمين أيضا كما تقدم ذلك كله في حل كلام الناظم فمجموع ما يؤخذ من كلام الناظم من الفروع السبعة والعشرين التي يجب فيها الدم اتفاقا أو على المشهور خمسة عشر ولم يذكر الحطاب ولا الشيخ خليل هنا التجرد من المخيط وإنما ذكراه مع الأفعال المطلوب تركها المنجبرة بالدم وهو أنسب وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله الثالث اعلم أن للاحرام بالحج أو العمرة ميقاتين زماني ومكاني التوضيح وإطلاق الميقات على المكاني إنما هو بالحقيقة الشرعية لأن في الحديث وقت لأهل المدينة وإلا فحقيقة التوقيت عليق الحكم بالوقت ثم استعمل في التحديد لأن التوقيت تحديد بالوقت فيصير التحديد من لوازم التوقيت ثم قال وقال ابن دقيق العيد قوله وقت يحتمل أن يراد به التحديد أي حد هذه المواضع للاحرام ويحتمل أن يريد بذلك تعليق الاحرام بوقت الوصول الى هذه الأماكن بشرط إرادة الحج والعمرة ومعنى توقيت هذه الأماكن للاحرام بشرط إرادة الحج والعمرة أنه لا يجوز مجاوزتها لمن يريد الحج والعمرة إلا وهو محرم وإن لم يكن في لفظ وقت تصريح بالوجوب فقد ورد يهل أهل المدينة وهي صيغة خبر يراد به الأمر وورد في بعض الروايات لفظ الأمر اهـ فالميقات الزماني للاحرام بالحج مفردا أو قارنا وهو من أول شوال الى طلوع الفجر من يوم النحر ويأتي بيان الإفراد والقران عند كلام الناظم على صفة الاحرام إن شاء الله وللاحرام بالعمرة جميع السنة إلا لمن كان محرما بحج أو قران فحتى يكمل حجه وتمضي أيام التشريق فإن أحرم بها قبل الزوال من اليوم الرابع من أيام النحر لم تنعقد وإن أحرم بها بعد الزوال منه وكان قد طاف وسعى لحجه وأكمل رمي الجمار انعقد احرامه بها مع

الكراهة الا أنه لا يفعل فعلا من أفعالها الا بعد الغروب ولو طاف وسعى قبل الغروب فهما كالعدم وان خرج الى الحل فلا يدخل الحرم حتى تغرب الشمس لأن دخوله الى الحرم بسبب العمرة عمل لها ومن كان محرما بعمرة فلا ينعقد إحرامه بإخرى حتى يكمل أركان الأولى فإن أحرم بالثانية قبل الحلاق للاولى انعقد احرامه ويكفيه حلاق واحد لهما ان قرب الزمان كاليوم ونحوه على نقل التادلي عن ابن عطاء الله وظاهر كلام الطراز وجوب الدم ولو كان مع القرب وأما الميقات المكاني فالناس فيه قسمان أحدهما من بمكة، والثاني الواصل اليها فمن كان بها يحرم منها بالحج سواء كان من أهلها أو مقيما بها ويستحب أن يكون إحرامه من المسجد ويستحب للمقيم اذا كان الوقت متسعا أن يخرج الى ميقاته إن أمكنه ذلك وأما الاحرام بالعمرة أو بالحج قارنا فلا بد فيه من الخروج الى طرف الحل من أي جهة والأفضل الجعرانة ثم التنعيم كما يقول الناظم لما تكلم عن العمرة وفي التنعيم ندبا أحرم ويستحب أيضا لمن كان له ميقات أن يخرج اليه كما في الحج إن أمكنه ولو أحرم بها في الحرم إنعقد إحرامه ولكن لا يصح فعلها إلا بعد الخروج فلو طاف وسعى قبل الخروج أعادهما ولو حلق خرج وأعادهما ولزمه دم على الصحيح ولم يتعرض الناظم للميقات الزماني ولا المكاني باعتبار من بمكة وإنما تعرض للمكاني بالنسبة للآفاقي وهو الواصل الى مكة فذكر له المواقيت الخمسة وعين أهل كل ميقات منها من كان منزله بين مكة والميقات فميقاته مسكنه فإن كان مسكنه قريبا من الميقات فيستحب له أن يذهب الى الميقات فيحرم منه فإن سافر لما وراء الميقات فله التأخير الى منزله وله أن يحرم من الميقات قاله سند ومن لم يكن في طريقه ميقات أحرم اذا حاذى الميقات قال سند وصاحب الذخيرة ومن منزله بين ميقاتين فميقاته منزله قاله مالك وانظر هل معناه أنه محاذ لميقاتين أو أنه بعد ميقات وقبل آخر كأهل بدر قال في النوادر قال مالك ومن حج في البحر من أهل مصر وشبههم فليحرم اذا حاذى الجحفة من كان منزله قد حاذى ميقاتا أحرم منه وليس عليه أن يأتي الميقات ابن الحاجب فلو أحرم قبل أشهر الحج انعقد على الأشهر بناء على أنه أولى أو واجب ثم قال في الميقات المكاني وأول الميقات أفضل ويكره تقديمه ويلزمه اهـ والمار بالميقات ان أراد دخول مكة لم يجز له دخولها الا محرما سواء أراد نسكا أو تجارة أو غير ذلك ويستثنى من ذلك ثمانية أشخاص الداخل لقتال بوجه جائز والخائف من سلطانها ومن خرج من مكة ثم عرض أمر فرجع اليها ومن خرج لموضع قريب كالطائف وعسفان بنية العود ولم تطل اقامته به والعبد وغير البالغ والمغمى عليه ومن يكثر التردد

من الحطابين وأهل الفواكه فهؤلاء يجوز لهم دخولها من غير احرام أما غيرهم فيجب عليهم الاحرام فإن جاوز الميقات غير محرم فقد أساء ولا دم عليه إن كان غير مريد النسك وإنما يريد دخولها للتجارة أو لأهله أو لكونها وطنه ولو أحرم بعد ذلك من مكة أو غيرها وأراد دخولها للنسك وجاوز الميقات بغير احرام فيؤمر بالعود اليه ما لم يحرم ولو شارف مكة وظاهر كلام ابن يونس وغيره ولو دخلها وهو ظاهر فان عاد الى الميقات وأحرم منه فلا دم عليه وإن لم يعد وأحرم بعد مجاوزة الميقات ولو يسيرا فعليه الهدي ولا يسقط برجوعه بعد الاحرام وأما المار بالميقات غير محرم إذا لم يرد دخول مكة أصلا بل أراد ما دونها ومن لازم ذلم أنه لم يقصد نسكا فان كان غير ضرورة غير ضرورة أو ضرورة مستطيع فلا دم عليه وإن كان ضرورة مستطيعا ففي وجوب الدم عليه قولان بناء على كون الحج واجبا على الفور أو على التراخي والله تعالى أعلم وَإِنْ تَرِدْ تَرْتِيبَ حَجِّكَ اُسْمَعا بَيَانَهُ وَالذِّهْنَ مِنْكَ اُسْتَجْمِعاَ إِنْ جِئْتَ رَابغاً تَنَظَّفْ وَاغَتِسْل كَوَاجِبٍ وَبالشُّرُوع يَتَّصِلْ وَالْبَسْ رِداً وَأُزْرَةً نَعْلَينِ وَاُسْتَصْحِب الهَدْيَ وَرَكْعَتَيْن بِالْكَافِرُونَ ثُمَّ بالإِخْلاصِ هَما فإِنْ رَكِبْتَ أَوْ مَشِيْتَ أَحْرِماَ بِنِيَّةٍ تَصْحَبُ قَوْلاً أَوْ عَمَلْ كَمْشيٍ أَوْ تَلْبِيَةٍ مِمَّا اُتَّصَلْ وَجَدِّدْنَهاَ كُلَّماَ تَجَدَّدَتْ حَالٌ وَإِنْ صَلَّيْتَ ثُمَّ إِنْ دَنَتْ لما قدم حكم الحج وأن له أركانا لا تجبر بالدم وواجبات غير أركان تجبر به شرع الآن في بيان صفة الحج مضربا عن الاحكام لتقدمها فقال إن أردت ترتيب أفعال حجك فاسمعن بيان ذلك واستجمع ذهنك وأحضره لتكون على بصيرة فيما أذكر لك من ذلك وذلك إن مريد الاحرام اذا وصل الى الميقات حرم عليه مجاوزته وهو غير محرم كما تقدم وتقدم عن ابن الحاجب أن الاحرام أول الميقات أفضل واختلف في الاحرام من رابغ هل هو من باب الاحرام من أول الميقات واختاره الشيخ عبد الله المتوفي وكان ينقله عن شيوخه قال ودليله اتفاق الناس على ذلك واقتصر عليه ابن فرحون في مناسكه وعلى هذا اعتمد الناظم في قوله ان جئت رابغا تنظف لأنه من أعمال الجحفة ومتصل بها أو هو من باب الاحرام قبل الميقات فالإحرام منه مكروه قال سيدي أبو عبد الله بن الحاج فإذا وصله وأراد الإحرام فإنه يتنظف بحلق العانة ونتف الإبط وقص الشارب والأظفار ثم يغتسل ولو كان حائضا ونفساء صغيراً أو كبيراً وإن كان جنبا اغتسل للجنابة والإحرام وأجزأه وكذلك الحائض إن طهرت حينئذ فتغتسل للحيض

والاحرام ويتدلك فيه ويزيل الوسخ بخلاف ما بعده من الاغتسالات الآتية في الحج فليس فيها الا امرار اليد مع الماء والى صفة الغسل أشار بقوله كواجب فهو على حذف الموصوف أي كغسل واجب يراعى في الغسل الاتصال كغسل الجمعة قال في الموازية وإن اغتسل في المدينة ثم مضى من فوره أجزأه وإن اغتسل غدوة ثم أقام الى العشاء ثم راح الى ذي الحليفة فأحرم منها لم يجزه الغسل وإن اغتسل غدوة ثم قام الى الظهر وكرهته والى اشتراط وصله بالإحرام أشار الناظم بقوله وبالشروع يتصل ولا دم على من تركه ولا يعيده اذا بعد وفي إعادته بالقرب قولان ولا يتيمم من عدم الماء (فائدة) هذا الاغتسال عند الاحرام هو أحد اغتسالات الحج الثلاث الاغتسال الثاني لدخول مكة هو في الحقيقة للطواف بدليل سقوطه عن الحائض والنفساء والاغتسال الثالث لوقوف عرفة فالاغتسال أحد مثلثات الحج أي أحد الأشياء التي تفعل في الحج ثلاثا كالطواف والخطبة والرمي والاسراع أو تفعل على ثلاثة أوجه كالإحرام والدم ونحو ذلك كما يأتي بيانه إن شاء الله وقد لفقت فيما استحضرت منها بيتين وهما مثلثات الحج فيما أذكر غسل طواف خطبة تستحضر رمي واسراع مبيت بمنى دم وإحرام ظفرت بالمنى ثم بعد الفراغ من الغسل يلبد رأسه ان كان له وفرة والتلبيد أن يأخذ صمغا وغاسولا فيلطخهما ثم يجعلهما في الشعر فيلتصق بعضه ببعض ولا تكثر دوابه ولم يذكره الناظم ثم يلبس إزارا ورداء ونعلين كما نبه عليه بقوله والبس ردا وأزرة نعلين ولو ارتدى بثوب واحد جاز والأفضل البياض ولا يجوز المعصفر ولا المورس ثم يستصحب هديا وعلى ذلك نبه بقوله واستصحب الهدي يستحب له أن يقلده إن كان من الإبل أنه البقر والتقليد تعليق شيء في العبق والأفضل أن يفتل شيئا مما تنبته الأرض ويجعل فيه نعلين ويعلقه في عنق الهدي ثم يشعره إن كان من الإبل سواء كان له أسنمة أو لا ومن البقر إن كان لها أسنمة ولا تقلد الغنم ولا تشعر والاشعار أن يشق في سنامها من الجانب الأيسر من جهة الرقبة الى جهة المؤخر قدر أنملتين ونحو ذلك قائلا باسم الله والله أكبر مستقبلا هو وهديه آخذ لزمامه بيذه اليسرى ثم يحلله إن كان من الإبل وهو أن يجعل عليه ثوبا بقدر وسعه وتشق الجلال الا أن يكون ثمنها كثيرا ثم يصلي سنة الإحرام ركعتين فأكثر يقرأها فيهما بالكافرون والإخلاص وعلى ذلك نبه بقوله وركعتين الخ فإن كان وقت نهي انتظر وقت الجواز لإلا أن يخاف فوات الرفقة أو يكون مرهقا فيخرج بغير صلاة ويدعو الله عقب تنفله ويسأله العون على تمام نسكه ثم يركب راحلته فإذا استوى عليها أحرم وإن كان ماشيا فحين يشرع في المشي يحرم

وعلى ذلك نبه بقوله فإن ركبت أو مشيت أحرما والإحرام هو الدخول بالنية في أحد النسكين مع قول متعلق به كالتلبية والتكبير وفعل كالتوجه الى الطريق والاشعار وعلى ذلك نبه بقوله (بنية) البيت وبنية متعلق (بأحرما) وعمل معطوف على (قولا) ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة وكمشي مثال للعمل وتلبية مثال للقول ونشر غير مرتب ومما اتصل أي بالاحرام صفة لقولا وما عطف عليه والتلبية هي أن يقول «لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك» يروى بكسر همزة إن الحمد وهو المختار ويروى بفتحها ويحضر قلبه عند التلبية أنه يجيب مولاه فلا يضحك ولا يلعب ويجدد التلبية عند تغير الأحوال كالقيام والقعود والنزول والركوب والصعود والهبوط وملاقاة الرفاق ودبر الصلوات وعلى ذلك نبه بقوله وجددتها كلما تجددت حال وإن صليت ويتوسط في رفع صوته بها وفي ذكرها فلا يلح بها بحيث لا يفتر ولا يسكت وقد جعل الله لكل شيء قدرا ولا ترفع المرأة صوتها ولابأس أن يعلم الأعجمي التلبية بلسانه ولا يرد الملبي السلام بالاشارة على المشهور بخلاف الصلاة قال مالك ويرد الملبي السلام بعد فراغه من التلبية ثم قال وهل يسلم أحد على الملبي إنكارا لذلك وقد اشتمل كلام الناظم على سنن الإحرام الأربعة وهي الغسل ولبس إزار ورداء ونعلين متجردا عن المخيط وصلاة ركعتين والتلبية (تنبيه) الاحرام بالحج يكون على ثلاثة أوجه الافراد وهو أفضلها وهو أن يحرم بحجة فيقول نويت الاحرام بالحج وأحرمت به لله تعالى أو ينوي ذلك بقلبه وهو الأفضل عند مالك فإذا فرغ من حجه يسن له أن يأتي بعمرة الوجه الثاني القران وله صورتان أولاهما أن يحرم بعمرة وحجة معا ويبتدي العمرة في نيته وفي لفظه إن تلفظ وتبدئتها على جهة الاولى وإنما كان ذلك على وجه الأولى فقط لكون نية الاحرام بهما معا فيصح سواء ذكر العمرة قبل الحج أو بعده الصورة الثانية من صورتي القران أن يحرم بالعمرة أولا ثم يردف عليها الحج ويصح الارداف بلا كراهة ما لم يكمل طواف العمرة ويصح مع كراهة بعد الطواف وقبل الركوع ولا يصح بعد الركوع وقبل تمام السعي على المشهور فإن أحرم بالحج بعد كمال السعي وقبل الحلق صح إحرامه ولم يكن مردفا وحرم عليه الحلق وأهدى لتأخيره ولو حلق لم يسقط الهدي ولزمته الفدية ويشترط في صحة الإرداف أن تكون العمرة صحيحة فلو أفسدها لم يردف الحج عليها على المشهور والوجه الثالث التمتع وهو أن يحرم بعمرة ثم يحل منها في أشهر الحج ثم يحج من

عامه فإن نوى الدخول في حرمة الاحرام ولم يعين نسكا صح إحرامه كذلك ويجبر على صرفه لأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة/ ابن عبد السلام ولا يفعل شيئا من الاركان الا بعد التعيين (فائدة) إذا علمت أن الإحرام بالحج على ثلاثة أوجه كما مر فالإحرام أحد مثلثات الحج كما تقدم عند الكلام على الغسل للإحرام والله أعلم ويجب على كل من القارن والمتمتع الدم لكن بشرط أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام والمراد بالحاضر من كان مستوطنا مكة أو ذا طوى حين إحرامه بالعمرة ولو كان خرج لحاجة أو زيارة وأما من قدم محرما بعمرة في أشهر الحج ونيته الاستيطان فإنه يجب عليه الهدي لأنه لم يكن وقت إحرامه بالعمرة مستوطنا ولا يسقط الهدي بالإقامة بمكة بغير نية الاستيطان ويشترط أن يحج من عامه ويزاد في وجوب الدم على المتمتع أن لا يعود الى بلده أو مثل بلده في البعد وأن يفعل بعض أركان العمرة في أشهر الحج ولو بعض شوط من السعي بخلاف الحلق ولا يشترط كونهما عن واحدة فلو اعتمر عن غيره ثم حج عن نفسه أو بالعكس وجب عليه الهدى ولا يشترط في التمتع صحة العمرة فلو أفسد عمرته ثم حج من عامه قبل قضائها فهو متمتع وعليه قضاء عمرته إذا حل من حجه وحجه تام ولو كرر العمرة في أشهر الحج فهدي واحد يجزئه، ولو أحرم بعمرة وحل منها في أشهر الحج ثم أحرم بقران فعليه هديان هدي للتمتع وهدي للقران ولا يجوز نحر هدي التمتع والقران قبل يوم النحر فإن فعل لم يجزه وقال الشيخ خليل ودم التمتع يجب بإحرام الحج وأجزأ قبله يريد أجزأ تقليده واشعاره قبل الاحرام بالحج لا نحره نص على ذلك ابن عبد السلام وغيره صح من مناسك الامام الحطاب رحمه الله تعالى: ثم إن دنت مَكَّةُ فاَغْتَسِلْ بِذِي طُوىً بلاَ دلْكٍ وَمِنْ كَذَا الثَّنِيَّةَ ادْخُلاَ إذَا وصَلْتَ لِلْبُيُوتِ فاتْرُكا تَلْبِيَةً وَكُلَّ شُغْلٍ واسْلُكا لِلْبَيتِ مِنْ باَبِ السَّلاَمِ واسْتَلِمْ الْحَجَرَ الأَسْوَدَ كبِّرْ وَأَتِمّ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ بِهِ وقَدْ يَسَرْ وَكَبِّرَنْ مُقَبِّلاً ذَاكَ الحَجَرِ مَتَى تُحاذِيهِ كَدَا اليَمَانِي لَكِنَّ ذَا بالْيَدِ خُذْ بَيَاني

إِنْ لَمْ تَصِلْ لِلْحَجَرِ المَسْ باليَدِ وَضَعْ عَلَى الفَمِّ وكَبِّرْ تَقْتَدِ وَارْمُلْ ثَلاَثاً وَامْشِ بَعْدُ أرْبَعاً خَلْفَ المَقامِ رَكْعَتَيْنِ أوْ قِعاَ وادعُ بِما شِئْتَ لَدَى المُلْتَزَم وَالحَجَرَ الأَسْوَدَ بَعْدُ فاَسْتَلِمِ وَاُخْرُجْ إِلى الصَّفا وقِفْ مُسْتَقْبِلاً عَلَيْهِ ثُمَّ كَبِّرَنْ وَهَلَّلا واسْعَ لِمَرْوةَ فَقِفْ مِثْلَ الصَّفا وَخُبَّ في بَطْنِ المسِيلِ ذَا اقْتِفاَ أرْبَعَ وقْفاَتٍ بِكُلٍّ مِنْهُمَا تَقِفْ والأَشوَاطَ سَبْعاً تَمِّماً وَادْعُ بِماَ شِئتَ بِسَعيٍ وَطَوَافْ وَبالصَّفَا وَمْروَةٍ مَعَ اعْتِرَافْ وَيَجِبُ الطْهرَانِ والسَّتْرُ عَلَى مَنْ طَافَ نَدْبُها بسَعْيٍ يُجْتَلَى وَعُدْ فَلَبِّ لِمُصلّى عَرَفَهْ وَخُطْبَةَ السَّابِع تَاتي للِصِّفَهْ أخبر أن من أحرم ثم دنت وقربت منه مكة فوصل الى ذي طوى يريد أو ما كان على قدر مسافتها اغتسل لدخول مكة يصب الماء مع إمرار اليد بلا تدلك والى ذلك أشار بقوله ثم إن دنت مكة فاغتسل بذي طوى بلا دلك وقد تقدم أن هذا الغسل في الحقيقة للطواف بدليل سقوطه على من لا يطوف من حائض أو نفساء فإذا دخل مكة من غير غسل اغتسل ثم طاف هذا إن جاء نهارا وهو أفضلوإن جاء نهارا أو في آخر النهار استحب له أن يبيت خارج مكة فإذا أصبح اغتسل ودخل وإن اغتسل ثم بات لم يجزه ذلك الغسل ثم يدخل مكة من كدا الثنية التي بأعلى مكة وهو بفتح الكاف والدال المهملة وبالمد وقصرها الناظم للوزن ويهبط منها للأبطح والمقبرة تحتها وإن لم تكن في طريقه ما لم يؤد إلى يؤد إلى الزحمة وإذاية الناس فيتعين ترك ذلك وإذا وصل إلى الحرم قال «اللهم إن هذا حرمك وحرم رسولك فحرم لحمي ودمي على النار اللهم آمني من عذابك يوم تبعث عبادك» فإن كان محرما بعمرة قطع التلبية حينئذ وكذا من كان محرما بحج مفردا أو قارنا وفاته الحج وأما المحرم بأحدهما ولم يفته الحج فيستمر يلبي إلى أن يصل لبيوت مكة وقيل إلى الطواف وعلى الأول درج الناظم حيث قال إذا وصلت للبيوت فاتركا تلبية وكان بعض السلف يقول عند دخوله مكة «اللهم البلد بلدك والبيت بيتك جئت أطلب رحمتك وألزم طاعتك متبعا لأمرك راضيا بقدرك أسألك مسألة المضطر اليك المشفق من عذابك أن تستقبلني بعفوك وأن تتجاوز عني برحمتك وأن تدخلني جنتك» وصحح الشافعية أن دخولها ماشيا أفضل فإذا دخل مكة ترك كل شغل وقصد المسجد ليطوف بالبيت طواف القدوم وعلى ذلك نبه الناظم

بقوله (وكل شغل واسلكا) للبيت يريد إلا أن يخاف على رحله الضياع فتأويه فقوله وكل بالنصب عطف على تلبية واستحب مالك للمرأة الجميلة إذا قدمت نهارا أن تؤخر الطواف إلى الليل ويدخل المسجد من باب شيبة وهو المعروف الآن بباب السلام وإلى ذلك أشار بقوله واسلكا للبيت من باب السلام ويدور اليه إن لم يكن في طريقه فيقدم رجله اليمنى ويقول «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وسلم اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك» وهذا مستحب لكل من دخل مسجداً أي مسجد كان قال ابن حبيب ويستحب إذا وقع بصره على البيت أن يقول «اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما ومهابة وتكريما» وأنكر ذلك مالك خوف اعتقاد وجوبه والله أعلم ويستحضر ما أمكنه من الخضوع والخشوع ولا يركع تحية المسجد بل يقصد الحجر الأسود وينوي طواف القدوم أو طواف العمرة إن كان فيها أو يعين النسك إن كان إحرامه مطلقا غير معين فيقبله بفيه وهو مراد الناظم باستلام الحجر الأسود وسكن دال الأسود إعطاء للوصل حكم الوقف للوزن ويكبر وإن زوحم عن تقبيله لمسه بيده ثم وضعها على فيه من غير تقبيل ثم يكبر وإلى ذلك أشار الناظم بقوله وإن لم تصل للحجر (المس باليد) البيت فإن لم تصل يده فيعود إن كان لا يؤذي به أحداً أو إلا ترك وكبر ومضى ولا يشير بيده ولا يدع التكبير استلم أو لا (فائدة) قال ابن حجر استنبط بعضهم من مشروعية استلام الحجر جواز تقبيل كل من يستحق التعظيم من آدمي وغيره فأما تقبيل يد الآدمي فيأتي في كتاب الأدب وأما غيره فنقل عن الإمام أحمد أنه سئل عن تقبيل منبر النبي وتقبيل قبره فلم ير به بأساً واستبعد بعض أصحابه صحة ذلك ونقل عن أبا الصيف اليماني أحد علماء مكة من الشافعية جواز تقبيل المصحف وأجزاء الحديث وقبور الصالحين اهـ ذكر ذلك قبل باب تقبيل الحجر وفي بعض أجوبة ابن حجر قال نص أحمد رضي الله عنه على كراهة تقبيل الخبز، وفي المعيار وأما تعظيم الخبز بالتقبيل وجعله فوق الرأس فغير مشروع اهـ ثم يشرع في الطواف فيطوف والبيت عن يساره سبعة أشواط وإلى ذلك أشار بقوله وأتم سبعة أطواف به وقد يسر فضمير (به) للبيت المتقدم في قوله واسلكا للبيت وجملة قد يسر حال من فاعل أتم أي أتم أيها الطائف سبعة أطواف بالبيت والحالة أنك قد يسرته أي جعلته لناحية اليسار هذا هو المناسب لما قبله من صيغ الخطاب ففي إسناد ضمير يسر إلى الغائب التفات إذ التقدير قد يسر الطائف بالبيت ففاعل يسر اسم ظاهر والاسناد الى الظاهر من باب الغيبة والله أعلم فإذا وصل الى الركن اليماني وهو الركن

الذي قبل الحجر الأسود لمسه بيده ثم وضعها على فيه من غير تقبيل وكبر ومضى، أما الركنان الشاميان وهما اللذان يليان الحجر بكسر فسكون فلا يقبلهما ولا يستلمهما وهل يكبر عندهما أم لا؟ قال ابن الحاجب: على ما في بعض نسخه بخلاف الركنين اللذان يليان الحجر فإنه يكبر فقط. ابن عرفة: وقول ابن الحاجب يكبر لهما لا أعرفه. اهـ. ابن حجر. (فائدة): في البيت أربعة أركان، الأول له فضيلتان كون الحجر الأسود فيه وكونه على قواعد ابراهيم وللثاني الثانية فقط وليس للآخرين شيء منهما فلذلك يقبل الأول ويستلم الثاني فقط ولا يقبل الآخرين ولا يستلمهما، هذا على رأي الجمهور واستحب بعضهم تقبيل الركن اليماني أيضاً. اهـ. فإذا وصل إلى الحجر الأسود فذلك شوط، وكلما مر به أو بالركن اليماني فعل بكل واحد منهما كما ذكرنا فيه الى آخر الشوط السابع إلا أن تقبيل الحجر ولمس اليماني أول مرة سنة وفيما بعدها مستحب فقط كما سيأتي بيانه وإلى هذا أشار الناظم بقوله: وكبرن مقبلا ذاك الحجر ... متى تحاذيه كدا اليماني لكن إذا باليد خذ بياني واسم الاشارة الأخير راجع للركن اليماني أي أنَّ لمس الركن اليماني إنما هو باليد لا بالفم كما في الحجر، فإن لم يصل إلى الحجر في الشوط الثاني فما بعده لمسه بيده ثم وضعها على فيه كما نبه عليه بقوله: [إذا لم تصل للحجر المس باليد ... وضع على الفم وكبر تقتدي أي: تتبع السنة في نسكك. فائدة: الطواف أحد مثلثات: الحج كما مر، وذلك أن للحج ثلاثة أطواف، طواف القدوم الذي الكلام الآن فيه، وطواف الإفاضة، وطواف الوداع، ويرمل في الأشواط الثلاثة، الأول من هذا الطواف، ويمشي في الأربع بعدها، وإلى ذلك أشار بقوله: وارمل ثلاثاً وامش بعدها أربعاً، والرمل فوق المشي ودون الجري، فإن لم يرمل في الثلاثة الأول أو في شيء منها لم يرمل فيها بعدها من الأشواط، ولا يرمل النساء في طوافهن ولا يرمل الرجل إذا حج عن المرأة، ومن زوحم عن الرمل فعل ما وسعه، ولا يرمل في غير طواف القدوم ومن طواف الإفاضة إذا كان سعي بعد طواف القدوم لا في طواف الوداع أو التطوع ومن طاف بصبي أو مريض رمل بهما. فائدة: هذا أحد المواضع الثلاثة التي يسرع الحاج والثاني بين الميلين الأخضرين]

[في السعي بين الصفا والمروة، والثالث ببطن محسر واد بين مزدلفة ومنى وذلك في الرجوع من مزدلفة إلى منى صبيحة يوم العيد لرمي جمرة العقبة، فالإسراع أحد مثلثات الحج أيضاً كما تقدم، ثم يصلي ركعتي الطواف يركعهما خلف المقام، وعلى ذلك نبه بقوله: خلف المقام ركعتين أوقعا، فخلف يتعلق بأوقعا وركعتين مفعوله، ويقرأ في الركعتين مع الفاتحة الكافرون في الأولى والإخلاص في الثانية، وإن اقتصر على الفاتحة أجزأ، الحطاب: والظاهر أنه لا بد لهما من نية تخصهما؛ لأنه قد قيل بوجوبهما مطلقاً وبسنيتها كذلك وتبعيتها للطواف، ويستحب له الدعاء بما شاء من أمور الدين والدنيا بعد الطواف بالملتزم، وهو ما بين الباب] والحجر الأسود فيلتزمه ويعتنقه واضعاً صدره ووجهه وذراعه عليه باسطاً كفيه كفعل ابن عمر لقوله: رأيت رسول الله يفعل ذلك، وعلى ذلك نبه بقوله: (وادع بما شئت لدى الملتزم)، وهو أحد المواضع الخمسة عشر التي قال الحسن البصري رضي الله عنه يستجاب فيها الدعاء، وهي: في الطواف وعند الملتزم وتحت الميزاب في البيت وعند زمزم وعند الصفا وعند وعند المروة وفي المسعى وخلف المقام وفي عرفات وفي مزدلفة وفي منى وفي الجمرات الثلاث، ذكر الناظم منها في هذا المحل خمسة، فإذا فرغ من الطواف وركعتيه قبل الحجر الأسود وعلى ذلك نبه بقوله: (والحجر الأسود بعد استلم)، ثم يخرج إلى الصفا من أي باب أحب عند مالك، واستحب ابن حبيب خروجه من باب الصفا ويقدم رجله اليسرى في الخروج ويقول ما تقدم عند الدخول، إلا أنه يقول هنا «وافتح لي أبواب فضلك» وهذا مستحب لكل من خرج من مسجد أي مسجد كان، فإذا وصل الى الصفا رقى عليها ويستحب ذلك للمرأة إن خلا الموضع، فيقف مستقبل القبلة ولا يستحب رفع يديه على المشهور ثم يقول: الله أكبر ثلاثا لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم يدعو يقول ذلك ثلاث مرات. قال ابن حبيب: ولا يدع الصلاة على النبي ثم ينزل ويمشي ويشتغل بالذكر والدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإذا بقي بينه وبين الميل المعلق في ركن المسجد نحو ستة أذرع خب، والخبب فوق الرمل حتى يصل إلى الميلين اللذين أحدهما

في جوازالمسجد والآخر في جوار بلاط العباس رضي الله عنه فيترك الخبب ويمشي حتى يبلغ المروة فذلك شوط فإذا وصل المروة رقى عليها ويفعل كما تقدم في الصفا ثم ينزل ويفعل كما وصفنا من الفكر والدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والخبب، فإذا وصل إلى الصفا فذلك شوط ثان وهكذا حتى يستكمل سبعة أشواط بعد الذهاب للمروة شوطا وللرجوع منها للصفا شوط فيقف أربع وقفات على الصفا وأربعا على المروة فيبدأ بالصفا ويختم بالمروة وإلى صفة السعي وبعض ما يتعلق به أشار بقوله (الحجر الأسود بعد فاستلم واخرج إلى الصفا) الأبيات الثلاث فقوله الحجر مفعول مقدم باستلم بمعنى قبل وهذا التقبيل أول سنن السعي وبعد بالضم لقطعه عن الإضافة والتقدير بعد ما ذكر من الطواف وركعتيه ومستقبلا حال من فاعل قف والضمير المجرور بعلى للصفا وهو تصريح بالرقي على الصفا كما تقدم وقوله مثل الصفا أي في الرقي عليه والوقوف مستقبلا والتكبير والتهليل والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء (وذا اقتفا) أي اتباع للسنة حال من فاعل خب وأربع وقفات بتسكين قاف وقفات مفعول تقف بعده وباء بكل للاستعلاء بمعنى على أحد (من أن تأمنه بقنطار) أي عليه بدليل (هل آمنكم عليه) وضمير منهما للصفا والمروة والأشواط مفعول (تمما) وتقدم استحباب الدعاء في الملتزم ثم نص هنا على استحبابه في أربع مواضع أخر أشار اليها بقوله (وادع بما شئت) البيت ومع اعتراف أي بالذنب والتقصير حال من فاعل ادع والله أعلم وأشار بقوله (ويجب الطهران) البيت إلى أن من طاف بالبيت يجب عليه الطهران يعني طهارة الخبث وهي إزالة النجاسة عن ثوبه وبدنه ولا إشكال في طهارة مكان الطواف وطهارة الحدث الأصغر بالوضوء أو التيمم لمن يباح له التيمم ويجب عليه أيضا ستر العورة ولا يجب عليه ترك الكلام كما في الصلاة بل يباح له الكلام فيه وإن من سعى بين الصفا والمروة يستحب له ذلك ولا يجب عليه واعلم أن واجبات الطواف ثمانية الثلاث المذكورة في هذا البيت طهارة الحدث والخبث وستر العورة الرابع إكمال سبعة أشواط وقد يستفاد هذا الواجب من أمره بتمام سبعة أطواف في قوله وأتم سبعة أطواف به الخامس موالاة هذه الأشواط السادس كون الطواف داخل المسجد ويستروح هذا من قوله واسلكا للبيت من باب السلام الخ

والسابع كونه خارجا عن الشاذروان وعن ستة أذرع من الحجر بكسر الحاء وسكون الجيم إذ لو طاف وبعض بدنه مسامت للشاذروان كان بعض بدنه داخل البيت وكذا إن طاف داخل ستة أذرع من الحجر لأنها من البيت اختصرت من بنائه وعلى هذا فينبغي تنبيه الطائف على ذلك فلا يطوف مطأطىء الرأس بل يثبت قدميه وينصب قامته بعد التقبيل وحينئذ يشرع في الطواف وقد يستروح هذا من كون الواجب الطواف بالبيت لا فيه وأنكر ذلك القباب في شرح قواعد عياض واستبعده بأن الصحابة والتابعين ومن بعدهم لا يمكن أن يخفى هذا عليهم وكيف لم ينبهوا عليه الثامن كون البيت عن يساره وقد صرح بهذا في قوله وقد يسر كما تقدم الخطاب فإن ترك شيئا منها ناسيا أو عامدا لم يصح طوافه إلا إذا طاف بالنجاسة ساهياً فإنه إن ذكر في الطواف نزع النجاسة وبنى على ما قاله ابن الحاجب والشيخ خليل وغيرهما وإن أنكره ابن عرفة فقد قال التونسي إنه الجاري على مذهب ابن القاسم وإن ذكر بعد الفراغ من الطواف من الركعتين نزع النجاسة وصلى بثوب طاهر فإن ذكر بعد صلاة الركعتين أعادهما بالقرب وحكم ستر العورة حكم النجاسة ولو طاف غير متطهر أعاد فلو رجع الى بلده قبل الاعادة رجع من بلده إذا كان الطواف ركنا على المشهور وقال المغيرة بهدي ويجزئه إن انتقض وضوؤه في أثناء الطواف تطهر واستأنف وإن بنى كان كمن لم يطف فإن انتقض بعد كمال الطواف وقبل الركعتين توضأ وأعاد الطواف الواجب وهو مخير في التطوع ومن رعف في الطواف خرج فغسل الدم وبنى على ما فعل من الطواف كما في الصلاة ومن أقيمت عليه الفريضة وهو في الطواف قطعه وصلى ويستحب أن يخرج على كمال شوط وإن بقي عليه شوط أو شوطان فلا بأس أن يتمه قبل أن يحرم الإمام فإذا سلم من صلاته قام في الحال وبنى على ما طافه فإن جلس بعد الصلاة طويلا أو تنفل بطل الطواف واستأنفه ومن كان في طواف تطوع وخاف أن تقام صلاة الصبح وهو لم يصل الفجر فله أن يقطع الطواف ويصلي الفجر ثم يبني على طوافه ولا يقطع الطواف للصلاة على الجنازة فإن فعل بطل طوافه وابتدأه وإن شك في عدد ما طافه بنى على الأقل إلا أن يكون مستنكحا وأما البدء من الحجر الأسود فمن الواجبات التي تجبر بالدم كما تقدم في الفرع العاشر من القسم الأول الذي يجب فيه الدم اتفاقا فإن ابتدأ من غيره ألغى ذلك وأتم الى الحجر فإن اعتد بذلك وأتم إلى الموضع الذي بدأ منه ولم يذكر حتى طال أو انتقض وضوؤه أعاد الطواف والسعي بعده ما دام بمكة فإن خرج من مكة أو تباعد أجزأ وعليه الهدي كما تقدم إلا أن يكون ابتدأ من بين الحجر الأسود والباب فإن هذا يسير ولا يعيد ولو كان

بمكة إذا أتم إلى الموضع الذي بدأ منه ولو طاف والبيت عن يمينه رجع كالطهارة على المعروف ومن ذكر في أثناء سعيه أنه ترك من طوافه شوطا أو أكثر قطعه وكمل طوافه وأعاد ركعتيه وإن أكمل سعيه وتطاول أعاد الطواف من أوله ولو طاف خارج المسجد لم يجزه اتفاقا ولا يعيده في الطواف عن البيت فإن طاف وراء زمزم أو في السقائف لزحام فلا بأس وإن طاف في السقائف لا لزحام بل لحر ونحوه أعاد قاله في المدونة وفي رجوعه له من بلده قولان ولا خلاف له في مشروعيته ركعتي الطواف ولا في عدم ركنيتهما وفي وجوبهما وسنيتهما، ثالثها تبعيتهما للطواف فإن كان واجبا فحكمهما الوجوب وإن كان غير واجب فكذلك هما وسنن الطواف أربع المشي وتقدم أن من ركب فيه يجب عليه الدم وأنه لا سنة ولكن تقدم أيضا أن بعضهم يعبر عن المتأكد من غير الأركان بالواجب وبعضهم بالسنة، والثاني تقبيل الحجر الأسود أول الطواف ولمس الركن اليماني أول شوط وغير ذلك مستحب فقط ولا يكبر إذا حاذى الركنين الشاميين والثالث الدعاء مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وما في معناهما قال الشيخ أبو محمد في مناسكه ويقول في الطواف ربنا آتنا في الدنيا حسنة وي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار الرابع الرمل للرجال لا للنساء في طواف القدوم وطواف الإفاضة للمراهق وولمحرم بمكة لكن مشروعيته في طواف القدوم أقوى وكلها تؤخذ من كلام الناظم لكن باعتبار الفعل لا باعتبار الحكم من سنية أو غيرها وشروط السعي ثلاثة الأول إكمال سبعة أشواط كما نبه عليه بقوله والأشواط سبعا تمما الثاني البداية بالصفا كما قد يستروح ذلك من قوله (واخرج الى الصفا) الثالث تقدم طواف صحيح عليه وأما كون الطواف واجبا فليس بشرط بل ذلك من الواجبات التي تجبر بالدم كما تقدم وسنته تقبيل الحجر بعد ركعتي الطواف والرقي على الصفا والمروة والإسراع بيت الميلين الأخضرين فوق الرمل في الأطواف السبعة الدعاء ويستحب للسعي شروط الصلاة من طهارة حدث وخبث وستر عورة وعلى ذلك نبه بقوله (ندبها بسعي يجتلى) وجملة يجتلى خبر ندب أي ظهر ظهور العروسة المجلوة الجوهري جلوت العروس جلاء وجلوة واجتليتها بمعنى إذا نظرت اليها مجلوة ويستحب دخول البيت أعني الكعبة المشرفة ويجوز التنفل فيها قال مالك ويتنفل إلى أي وجهة شاء ثم قال أحب إلي أن يجعل البيت خلف ظهره وروى عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت «عجبا للمرء المسلم إذا دخل الكعبة كيف يرفع رأسه إلى السقف ليدع ذلك إجلالا لله وتعظيما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة فما اختلف نظره موضع سجوده حتى

خرج منها» الرسالة فإذا دخل مكة أمسك عن التلبية حتى يطوف ويسعى ثم يعاودها حتى تزول الشمس من يوم عرفة ويروح إلى مصلاها وإلى ذلك أشار بقوله (وعد فلب لمصلى عرفة) أي عد بعد الفراغ من السعي لما كنت تفعله فلب واستمر على ذلك إلى أن تروح لمصلى عرفة واقطعها ولا تلب بعد ذلك فإذا كان اليوم السابع من ذي الحجة ويسمى يوم الزينة أتى الناس إلى المسجد الحرام وقت صلاة الظهر ويوضع المنبر ملاصقا للبيت على يمين الداخل له فيصلي الإمام الظهر ثم يخطب خطبة واحدة ولا يجلس في وسطها وفي جلوسه في أولها قولان ويفتتحها بالتكبير ويخللها به كخطبة العيد يعلمهم فيها كيف يحرم من لم يكن أحرم وكيفية خروجهم إلى منى وما يفعلون إلى زوال الشمس من يوم عرفة وإلى ذلك أشار الناظم بقوله وخطبة السابع تأتي للصفة فخطبة مفعول تأتي وهو بمعنى تحضر والمراد الطلب بدليل عطفه على قوله وعد فلب أي يطلب منك حضور الخطبة والاتيان إليها وقوله للصفة يتعلق بمحذوف صفة خطبة على حذف مضاف أي المشروعة لتعليم الصفة ويحتمل أن يتعلق بتأتي على حذف مضاف أيضا أي لتعلم الصفة (فائدة) الخطبة إحدى مثلثات الحج فالأولى هذه بعد ظهر اليوم السابع بمكة والثانية يوم عرفة بعرفة بعد الزوال والثالثة تأتي يوم النحر بمنى وقد ترك العمل بها في هذا الزمان واختلف هل يجلس في أول هذه الخطب الثلاث أولا على قولين وَثامِنَ الشَّهْرِ اخْرُجَنَّ لِمِنَى بِعَرَفَاتٍ تاسِعاً نُزُولناَ وَاغْتَسِل قُرْبَ الزَّوال وَاحْضُرا الْخُطْبَتَيْنِ وَاجْمَعَنْ وَقَصِّرَا ظُهْرَيْكَ ثُمَّ الجَبَلَ اصْعَدْ رَاكِباً عَلَى وُضُوءٍ ثُمَّ كُنْ مُوَاظِباً عَلَى الدُّعا مُهلِّلاً مُبْتَهلاً مُصَلَّياً عَلَى النَّبِيْ مُسْتَقْبِلاَ هُنَيْهَةً بَعْدَ غُرُوبِهَا تَقِفْ وَانْفرْ لِمُزْدَلِفَةٍ وَتَنْصَرِفْ فِي الْمِازَمَيْنِ الْعَلَمِينِ تَكِّبِ وَقْصُرْ بِهَا وَاجْمَعْ عِشاً لِمَغْرِبِ وَاحْطُطْ وَبِتْ بِهَا وَأَحْيِ لَيَلَتَكْ وَصَلِّ صُبْحَكَ وَغَلِّسْ رِحْلَتَكْ قِفْ وادْعُ بالْمشْعَرِ لِلاسفاَرِ وَأَسْرِعَنْ في بَطْنِ وادِي النَّارِ وسِرْ كَمَا تَكُونُ قَاصِداً لِلْعَقَبَةْ فارْمِ لَدِيْهَا بِحِجَارٍ سَبْعَةْ مِنْ أَسْفَلٍ تُساقُ مِنْ مُزْدَلِفَهْ كالْفُوِل وَانَحْر هَدْيا انْ بِعَرَفَةْ

أَوْقَفْتَهُ واحلِقْ وَسِرْ لِلْبَيْتِ فَطُفْ وَصَلِّ مِثْلَ ذَاكَ النَّعْتِ وارْجع فَصَلِّ الصّبْحَ في مِنى وبِتْ إِثْرَ زَوَالٍ غَدِهِ ارْمِ لاَ تُفِتْ ثَلاثَ جَمَراتٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتْ لِكُلِّ جَمْرَةٍ وقِفْ لِلدَّعَوَاتْ طَوِيلاً اثْرَ الأَوَّلِينَ أَخِّرا عَقَبَةَ وكلَّ رَمْيٍ كَبِّرَا وافْعَلْ كَذَاكَ ثَالِثَ النَّحْرِ وزِدْ إِنْ شِئْتَ رَابِعاً وتَمَّ ما قُصِدْ إذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة يسمى يوم التروية مشتق من الري لأن الناس يعدون فيه الماء ليوم عرفة أحرم من لم يكن أحرم قبل ذلك فإن زمت الشمس منه طاف الناس سبعا ثم خرجوا من مكة الى منى ملبين بقدر ما يدركون بها صلاة الظهر آخر وقته المختار ويكره التراخي عن ذلك إلا لعذر وكذلك يكره التقدم قبله فإذا وصلوا الى منى نزلوا بها حيث شاؤوا وصلو بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح كل صلاة في وقتها ويقصرون الرباعية بمنى للسنة إلا أهل منى فإنهم يتمونها وإذا كان يوم التروية يوم جمعة فقال مالك يصلي الإمام بمنى ركعتين سرا بغير خطبة ومن خاف خروج وقت الظهر في الطريق قبل أن يصل الى منى صلاها وتردد مالك في قصره وإتمامه قاله سند والأحسن أن يقصر ويبيت الناس بمنى وهذه الليلة من الليالي التي يطلب إحياؤها فليكثر فيها من الصلاة والدعاء والذكر وإلى الخروج لمنى أشار الناطق بقوله وثامن الشهر أخرجن لمنى والسنة أن لا يخرج الناس من منى يوم عرفة وهذه السنة أعني المبيت بمنى قد أميتت عند كثير من الناس فينبغي المحافظة على إحيائها فإذا وصل إلى عرفة فلينزل بنمرة وهي السنة وقد تركت اليوم غالبا وإنما ينزل الناس في موضع الوقوف فينبغي المحافظة على إحياء هذه السنة أيضا وعلى النزول بعرفة نبه الناظم بقوله (بعرفات تاسعا نزولنا) فإذا قرب الزوال فليغتسل كغسل دخول مكة فإذا زالت الشمس فليرح إلى مسجد نمرة ويقطع التلبية حينئذ فلا يلبي بعد ذلك على المشهور إلا أن يكون أحرم في عرفة فليلب حينئذ ويقطع لأن كل إحرام لا بد له من التلبية ثم يخطب الإمام بعد الزوال خطبتين يجلس بينهما يعلم الناس فيهما ما يفعلون إلى اليوم الثاني من يوم النحر ثم يصلي بالناس الظهر والعصر جمعا وقصرا لكل صلاة أذان وإقامة ومن لم يحضر صلاة الإمام جمع وقصر في رحله ولو ترك الحضور من غير عذر ويتم أهل عرفة بها فإذا كان يوم عرفة يوم الجمعة فقال ابن الحاجب والصلاة سرية ولو وافقت جمعة التوضيح قيل إن الرشيد جمع مالكا وأبا يوسف فسأل أبو يوسف مالكا

عن إقامة الجمعة بعرفة فقال مالك لا يجوز لأنه صلى الله عليه وسلم وافق الجمعة بعرفة في حجة الوداع ولم يصلها فقال أبو يوسف قد صلاها لأنه خطب خطبتين وصلى بعدهما ركعتين فقال مالك أجهر فيهما بالقراءة كما يجهر في الجمعة فسكت أبو يوسف وسلم اهـ في مناسك الشيخ خليل ما حاصله أنه ينبغي أن تكون وقفة الجمعة أفضل قائلا ولم أر في ذلك نصا وإنما كانت أفضل لأنه ورد حديث بذلك وهو إن لم يصح فيستأنس به في فضائل الأعمال ولأنها وقفته صلى الله عليه وسلم ولأنه قد ثبت أن يوم الجمعة أفضل الأيام ومن البدع ما يفعل في سائر الأمصار من الوقوف يوم عرفة للتكبير والدعاء وعلى الاغتسال وحضور الخطبتين والجمع بين الظهرين وتقصيرهما نبه بقوله (واغتسل قرب الزوال واحضر الخطبتين واجمعن وقصرا ظهريك) ثم يدفع الإمام والناس إلى موقف عرفة وعرفة كلها موقف وحيث يقف الإمام أفضل الوقوف راكبا أفضل لفعله عليه الصلاة والسلام إلا أن يكون بدابته عذر وثبت أنه عليه الصلاة والسلام وقف مفطرا والقيام أفضل من الجلوس ولا يجلس إلا لتعب وتجلس المرأة ووقوفه طاهرا متوضئاً مستقبل القبلة أفضل قال ابن شعبان ويكثر من قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير قال ابن حبيب وإذا سألت فابسط يديك وإذا رهبت ولستغفرت فحولهما ولا تزال كذلك مستقبل القبلة بالخشوع والتواضع والتذلل وكثرة الذكر بالتهليل والتسبيح والتعظيم والصلاة على النبي والدعاء لنفسك ولوالديك والاستغفار إلى أن تتحقق غروب الشمس إذ الوقوف الركني هو الكون في عرفة في جزء من ليلة النحر فإذا بقي بها حتى تحقق الغروب فقد حصل القدر الواجب من الوقوف ومن خرج من عرفة قبل الغروب ثم لم يعد اليها حتى طلع الفجر من يوم النحر فقد فاته الحج فيتحلل منه بأفعال عمرة ويجب عليه القضاء في قابل والهدي وإلى الوقوف بعرفة وكيفيته ووقته أشار بقوله (ثم الجبل اصعد راكبا) إلى قوله (هنيهة بعد غروبها تقف) فإذا غربت الشمس وتحقق غروبها دفع الإمام ودفع الناس معه إلى المزدلفة بسكينة ووقار فإذا وجد فرجة حرك دابته وليحذر مما يعتقده كثير من الجهلة

وهو أن من لم يخرج من بين العلمين أي الجبلين لا حج له فتحصل بسبب ذلك المزاحمة العظيمة والضرر الكبير وربما أسرع بعض الناس بالخروج وقرص الشمس لم يغب فيذهب بغير حج فينبغي أن يخرج من ناحية أخرى ليسلم من ذلك ويعلم من يراه من الناس أن ذلك ليس بشرط ولا سيما إن كان ممن يقتدى به فإن لم تكثر الزحمة فيكره المرور من غير ما بين المأزمين وهما الجبلان اللذان يمر الناس من بينهما إلى المزدلفة ويذكر الله في طريقه ويؤخر المغرب حتى يصل إلى المزدلفة فإذا وصل إليها صلى المغرب والعشاء جمعا ويقصر العشاء بأذانين وإقامتين إن تيسر له من الإمام وإلا ففي رحله ويتم أهل مزدلفة بها والضابط في التقصير أن أهل كل مكان يتمون به ويقصرون فيما سواه فأهل مكة يتمون بها ويقصرون فيما سواها من منى وعرفة ومزدلفة ويتم أهل عرفة بعرفة ويقصرون بمنى ومزدلفة ويتم أهل مزدلفة بها ويقصرون في عرفة ومنى ويتم أهل منى بها ويقصرون في عرفة ومزدلفة ويبدأ بالصلاة حين وصوله قال مالك ولا بأس بحط الرحل الخفيف قبل الصلاة وأما المحامل فلا ولا يتعشى إلا بعد الصلاتين إلا أن يكون عشاء خفيفا فلا بأس به بعد صلاة المغرب وقبل العشاء وبعدهما أولى بالنزول بمزدلفة واجب والمبيت به إلى الفجر سنة كما تقدم فإن لم ينزل بالكلية فعليه الدم ولا يكفي في النزول إناخة البعير بل لا بد من حط الرحل والجلوس ساعة قال سند الواجب يحصل بحط الرحل والاستمكان من اللبث ويستحب إحياء هذه الليلة بالعبادة وأن يصلى بمزدلفة الصبح في أول وقتها والى النفر لمزدلفة وجمع العشاءين والمبيت بها وإحياء تلك الليلة وصلاته بها الصبح وأشار بقوله (وانفل لمزدلفة وتنصرف) إلى قوله (وصل صبحك) ثم إذا صلى الصبح يقف بالمشعر الحرام مستقبل القبلة والمشعر عن يساره فيثني على الله تعالى ويصلي على نبيه ويدعو لنفسه ولوالديه وللمسلمين والمشعر اسم لبناء مزدلفة ويطلق على جميعها وكلها موقف ولا وقوف عند المشعر قبل صلاة الصبح ولا بعد الإسفار ويلقط سبع حصيات لجمرة العقبة من المزدلفة وأما بقية الجمار فيلقطها من أي موضع شاء من منى أو غيرها ثم يدفع قرب الإسفار إلى منى ويحرك دابته ببطن محسر وهو قدر رمية بحجر ويسرع الماشي في مشيه وقد تقدم أن الإسراع في ثلاثة مواضع فهو أحد مثلثات الحج فإذا وصل إلى منى أتى جمرة العقبة على هيئته من ركوب أو مشي إلا أن يكون في إتيانه كذلك إذاية للناس فيحط رحله ويأتي فإذا وصل إليها وهي على طريق منى استقبلها ومنى عن يمينه ومكة عن يساره ثم يرميها بسبع حصيات متواليات يكبر مع كل حصاة فإن رماها من فوقها أجزأ وليستغفر الله فإذا رمى جمرة العقبة في يوم النحر فقد حصل له التحلل الأول ثم يرجع إلى منى فينزل حيث أحب وينحر هديه إن أوقفه بعرفة وإن لم يقف به بعرفة نحره

بمكة بعد أن يدخل به من الحلل ثم يحلق جميع شعر رأسه وهو الأفضل أو يقصره ثم يأتي مكة فيطوف طواف الإفاضة في ثوبي إحرامه استحبابا ثم يصلي ركعتين ثم يسعى سبعة أشواط كما تقدم إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم فإن كان قد سعى بعده لم يعد السعي وهذا هو التحلل الثاني ويسمى التحلل الأكبر وسيأتي بيان ما يحل له مما كان حراما عليه بالتحلل الأول والثاني ويدخل وقت طواف الإفاضة بطلوع الفجر من يوم النحر وإلى التغليس أي التكبير بالرحلة من المزدلفة والوقوف بالمشعر للدعاء والإسراع ببطن محسر ورمي جمرة العقبة ولقطها من المزدلفة ونحر الهدي والحلق والطواف للإفاضة وصلاة ركعتين بعده كما تقدم أشار الناظم بقوله (وغلس رحلتك قف وادع) إلى قوله (مثل ذاك النعت) فقوله قبل (وانفر) أي من عرفة لمزدلفة وهو بكسر الفاء قال تعالى {وانفروا خفافا وثقالا} ونون مزدلفة للوزن ومعنى وتنصرف في المأزمين أي بينهما وهذا حيث لا يكثر الازدحام كما مر والمأزمان العلمان وهما الجبلان اللذان يمر الناس بينهما إلى المزدلفة فلذلك أبدل منه العلمين ومعنى نكب أي جنب الانصراف إلى المزدلفة من غير ما بين الجبلين المذكورين فحذف مفعول نكب والله أعلم وضمير بها للمزدلفة والباء ظرفية متعلقة باقصر ومفعوله محذوف للعلم بأن محل القصر الرباعية وعشا مقصور منون مفعول اجمع واحطط أي الرحل وتقدم أنه لا يكفي إناخة البعير بل حط الرحل وضمير بها للمزدلفة أيضا وينازع فيه احطط وبت ومعنى غلس رحلتك ارتحل وقت الغلس وهو اختلاط الضوء بالظلام ومعنى سر كما تكون أي على هيئتك من ركوب أو مشي كما مر ونائب تساق للاحجار ومفهوم الشرط في قوله أنه إن لم يقف به بعرفة فلا ينحره بمنى وهو كذلك بل ينحره بمكة كما تقدم ومثل ذاك النعت راجع للطواف وصلاة الركعتين بعده فيقبل الحجر أولا ثم يجعل البيت عن يساره إلى آخر ما ذكر في طواف القدوم ويوقع الركعتين في المقام بالكافرون والإخلاص إلى غير ذلك مما تقدم فإذا فرغ من طواف الإفاضة وسعيه إن كان لم يسع كما تقدم رجع الى منى بلا تأخير فإن إقامته بها حينئذ أفضل من إقامته بمكة والأفضل له أن يصلي الظهر بمنى إن أمكنه أن يقيم بها إلى أن يكمل حجه أو المبيت بمنى واجب ثلاث ليال لمن لم يتعجل وليلتين للمتعجل فإن تركه جل ليلة فعليه دم كما تقدم ويشترط في المبيت أن يكون فوق جمرة القبة فمن بات دونها كأنه لم يبت بمنى ويسقط المبيت عن الرعاة فإذا رموا في يوم النحر يرخص لهم أن يذهبوا أو يأتوا في اليوم الثالث فيرموا لليوم الثاني ثم لليوم الثالث ولا دم عليهم ويسقط المبيت أيضا عمن ولي السقاية بمكة فإذا زالت الشمس من اليوم الثاني وتحقق الزوال فليذهب ماشيا متوضئا قبل صلاة الظهر ومعه إحدى وعشرون

حصاة فيبتديء بالجمرة الأولى وهي تلي مسجد منى فيرميها من جهة مسجد الخفيف استحبابا وهو مستقبل مكة بسبع حصيات ويكبر مع كل حصاة ثم يتقدم أمامها وهو مستقبل القبلة ثم يدعو ويمكث في دعائه قدر إسراع سورة البقرة ثم يأتي الجمرة الوسطى فيرميها بسبع حصيات من جهة مسجد الخفيف أيضا ثم يتقدم أمامها ذات الشمال ويجعلها على يمينه ويدعو قدر إسراع سورة البقرة أيضا ثم يأتي جمرة العقبة فيرميها بسبع حصيات ولا يقف عندها لأن موضعها ضيق ولذلك لا ينصرف الذي يرميها على طريقه لأنه يمنع الذي يأتي للرمي وإنما ينصرف من ورائها (فائدة) الجمار الثلاث إحدى مثلثات الحج كما تقدم ولا يجزيء الرمي في اليوم الثاني والثالث والرابع قبل الزوال ثم يرجع الى منى فيصلي بها الظهر وبقية الصلوات كل صلاة في وقتها ويقصر الصلاة جميع الحاج بمنى إلا أهلها ويكبرون دبر الصلوات من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الصبح في اليوم الرابع والتكبير أن يقول الله أكبر ثلاثا أو يقول الله أكبر الله أكبر لا إله الا الله والله أكبر ولله الحمد ويكثر الحاج من هذا الذكر ويسن للإمام في هذا اليوم أعني ثاني النحر أن يأتي إلى مسجد منى فيصلي بالناس الظهر ثم يخطب خطبة واحدة كالخطبة التي في اليوم السابع فيعلمهم فيها بقية أفعال الحج وحكم التعجيل والنزول بالمحصب وهذه الخطبة قد تركت منذ مدة فإذا زالت الشمس من اليوم الثالث رمى الجمار الثلاث بعد الزوال قبل صلاة الظهر على الصفة المتقدمة ثم إن شاء الله أن يتعجل إلى مكة فله ذلك ويسقط عنه المبيت ليلة الرابع ورمي يومها ويشترط في صحة التعجيل أن يخرج من منى قبل غروب الشمس من اليوم الثالث وإن غربت قبل أن يجاوز جمرة العقبة لزمه المبيت بمنى ورمي اليوم الرابع فإذا زالت الشمس في اليوم الرابع رمى الجمار الثلاث كما تقدم وقد تم حجه وإلى خروج الحاج بعد الإفاضة إلى منى وصلاته بها الظهر فما بعدها من الصلوات إلى تمام ثلاثة أيام بعد يوم أو يومين إن تعجل ورميه الجمار الثلاث أثر الزوال من كل يوم منها بسبع حصيات لكل جمرة ووقوفه إثر رمي الأولين للدعاء وتكبيرة مع كل حصاة وتأخيره جمرة العقبة أشار الناظم بقوله (وارجع فصل الظهر في منى وبت) إلى آخره فقوله وارجع أي من مكة إلى منى قوله وبت أي بمنى وإثر ظرف زمان متعلق بارم وضمير غده ليوم النحر لأن الكلام الآن في الأفعال الواقعة فيه وثلاث مفعول ارم ومعنى لا تفت بضم التاء مضارع أفات الشيء إذا أخرجه عن وقته أرم إثر الزوال ولا تخرج الرمي عن وقته المذكور وسيأتي بعض ما يتعلق بوقت الرمي وفهم من قوله إثر الأولين أنه لا يقف

إثر الثالثة وهو كذلك كما تقدم ومعنى آخر أعقبه أي قدم في الرمي الجمرة التي تلي مسجد منى ثم الوسطى وأخر رمي جمرة العقبة وألف أخرا بدل من نون التوكيد الخفيفة ومعنى افعل كذلك ثالث النحر أي من الرمي بعد الزوال قبل صلاة الظهر وتقديم الجمار بعضها على بعض والوقوف إثر الأولين والتكبير مع كل حصاة وفهم من قوله وزد إن شئت رابعا أنه إذا لم يشأ الزيادة فلا يزيدها وهو كذلك وهذا هو المتعجل لكن بشرطه وهو خروجه من منى قبل الغروب وإن لم يتعجل وزاد رمي الرابع فعل الصفة المذكورة في اليومين قبله ومعنى وتم ما قصد أي فرغ الآن وكمل ما قصد بيانه وصفته وهو الحج فإذا رمى في اليوم الرابع فينفر من منى ويؤخر الظهر فإذا وصل الى الأبطح نزل به فصلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويقصر الرباعية على القول الذي رجع اليه مالك وما خاف خروج وقته من الصلوات قبل الوصول إلى الأبطح فليصله حيثما كان النزول بالأبطح إنما يسرع لغير المتعجل ووسع مالك لم لا يقتدى به في تركه فإذا صليت العشاء فاقدم الى مكة وقد تم حجك فأكثر من الطواف مدة إقامتك ومن شرب ماء زمزم والوضوء به ولازم الصلاة في الجماعة الأولى ويسن لمن كان أحرم بالحج مفردا أن يخرج إلى الجعرانة أو التنعيم فيحرم بعمرة ثم يدخل إلى مكة فيطوف ويسعى ويحلق وقد تمت عمرته فإذا عزمت على الخروج من مكة فليكن آخر عهدك الطواف بالبيت ويسمى طواف الوداع ويرجع له من تركه إن لم يخف فوات أصحابه وإذا اشتغل بعده بشغل خفيف من بيع أو شراء أو تحميل لم يبطل وإن أقام يوما أو بعض يوم أعاده وإن حاضت المرأة قبل طواف الوداع تركنه وسافرت وإن حاضت قبل طواف الإفاضة انتظرت حتى تطهر ويفسخ الكراء بينها وبين كريها في هذا الزمان للخوف فان كان أمن فيحبس عليها الكرى والولى حتى تطهر فإذا فرغ من طواف الوداع وقف بالملتزم ودعا فاذا فرغ خرج كما هو ولا يرجع القهقرى فإن ذلك بدعة عند المالكية واستحب ذلك بعض العلماء من الشافعية والحنفية وللشيخ العارف الولي الزاهد الإمام العالم سيدي أبي العباس أحمد زروق نفعنا الله ببركاته في شرحه على الرسالة في بيان صفة الحج والعمرة لكن باختصار وتقريب أحرم ولب ثم طف واسع وزد في عمرة حلقا وحجا إن ترد فزد منى وعرفات جمعا ومشعرا والجمرات السبعا وانحر وقصر وأفض ثم ارجع للرمي أيام منى وودع وكمل الحجة والزياره متقيا من نفسك الأماره

فالسر في التقوى والاستقامه وفي اليقين أكبر الكرامه انتهى وجمعا هي المزدلفة وهو بفتح الجيم قاله في المشارق وقد اشتملت الأبيات مع اختصارها على الاشارة إلى جل أفعال الحج والعمرة مما لابد منه والله أعلم (تتمة) وشرط صحة الرمي في يوم النحر وفي الأيام الثلاثة بعده أن يكون بحجر لا بطين ولا بمعدن وأن يكون رميا فلا يجزيء وضع الحصاة على الجمرة وأن يكون الرمي على الجمرة وليس المراد بالجمرة البناء القائم فإن ذلك البناء قائم في وسط الجمرة علامة على موضعها والجمرة اسم لجميع موضع الحصى فإن رمى البناء ووقعت في أي موضع منها أجزأت وإن وقعت في البناء ففي الإجزاء خلاف للمتأخرين والظاهر الإجزاء وأن تكون الحصاة قدر حصى الخزف بل استحب مالكأن تكون أكبر من حصى الخزف قائلا لأنه أبرأ للذمة فإن الصغيرة جدا لا تجزيء والكبيرة تجزيء مع الكراهة ويشترط في الرمي في غير اليوم الأول الترتيب بين الجمار فلا يصح رمي الجمرة الثانية حتى يكمل رمي الجمرة الأولى ولا يصح رمي الثالثة حتى يكمل رمي الثانية وأما الموالاة بين الجمار الثلاث وبين حصر كل جمرة فمستحبة ووقت أداء رمي جمرة العقبة في يوم النحر من طلوع الفجر إلى الغروب وأفضله من طلوع الشمس إلى الزوال ووقت الأداء في اليوم الثاني والثالث والرابع من الزوال إلى الغروب ووقت قضاء كل يوم من غروب شمسه إلى غروب الشمس من اليوم الرابع فاليوم الرابع ليس له وقت قضاء ويجب الهدي بالتأخير إلى وقت القضاء على المشهور كما تقدم اهـ من مناسك الإمام الحطاب وإياه اعتمدت في كتاب الحج وربما نقلت بعض المسائل من مناسك الشيخ خليل رحمه الله ونفعنا به آمين وَمَنَعَ الإِحْرَامُ صَيْدَ البَرِّ في قَتْلِهِ الجَزَاءُ لا كالْفَارِ وَعَقْرَبٍ مَعَ الحَدَا كَلْبٍ عَقُورْ وَحَيَّةٍ مَعَ الغُرَابِ إِذْ يَجُورْ وَمَنَعَ المُحِيطَ بالعُضْوِ وَلَوْ بِنَسْجٍ أَوْ عَقْدٍ كَخَاتَمٍ حَكَوْا وَالسَّتْرَ لِلوَجْهِ أو الرَّاسِ بِما يُعَدّ سَاتِراً ولكِنْ إنَّما تُمْنَعُ الأُنْثى لُبْسَ قُفْازٍ كَذَا سَتْرٌ لوَجْهٍ لاَ لِسَتْرٍ أُخِذَا وَمَنَعَ الطِّيبَ وَدُهْناً وَضَرَرْ قَمْلٍ وَألقاَ وسَخٍ ظُفْر شَعَرْ وَيَفْتَدِى بِفِعْلِ بَعْضِ مَا ذُكِرْ مِنَ المُحِيطِ لِهُنا وإِنْ عُذْر

وَمَنع النِّسَا وأَفْسَدَ الجِمَاعْ إلى الإِفاضَةِ يُبَقَّى الامْتِنَاعْ كالصَّيْدِ ثُمَّ باقِي ما قَدْ مُنِعَا بالجَمْرةِ الأُولى يَحِلُّ فاسْمَعَا وَجَازَ الاسْتِظْلاَلُ بالمُرْتَفَعِ لا في المَحَامِلَ وَشُقْدُفٍ فَع تقدم قبل قول الناظم (والواجبات غير الأركان بدم) الأبيات الست إن للحج أفعالا مطلوبة وأفعالا محظورة منهيا عنها وأن الأفعال المطلوبة على ثلاثة أقسام الأول واجبات أركان لا تجبر بالدم الثاني واجبات أركان تجبر بالدم بمعنى أن من تركها عليه دم والثالث سنن ومستحبات لا يجب على تاركها شيء وأما الأفعال المحظورة فعلى ثلاثة أقسام أيضا الأول محظور مفسد للحج وإليه أشار بقوله وأفسد الجماع الثاني محظور غير مفسد بل يجبر بالدم أو ما يقوم مقامه بمعنى أن من فعله فعليه الدم وأشار بقوله (ومنع المحيط) إلى قوله و (يفتدى) البيت الثالث محظور لا يجب بفعله شيء ولم يذكره الناظم اكتفاء عنه بذكر القسمين الأولين إذ يفهم من كلامه أن من عداها لا يجب بفعله شيء ومعنى الخطر فيه الكراهة وذلك كمشي المرأة من المكان البعيد وركوبها البحر إن لم تخص بمكان والإحرام بالحج أو بالقران قبل أشهر الحج والاحرام قبل الميقات المكاني والاحرام بغير صلاة أو بغير غسل من غير عذر والالحاح في التلبية ورفع الصوت بها جدا والسلام على الملبي إلى غير ذلك انظر مناسك الحطاب والحظر بالظاء المنع والمراد به في القسمين الأولين التحريم وفي هذا الثالث الكراهة وحاصل الأبيات أن الإحرام أحد النسكين الحج والعمل يمنع المحرم من ستة أشياء الأول التعرض للحيوان البري فيحرم ذلك على المحرم ولو كان في الحل وعلى من في الحرم ولو كان حلالا بخلاف الممنوعات الخمس الباقية فإنما تحرم على المحرم كان في الحل أو في الحرم ولا تحرم على الحلال في الحرم وعلى هذا اقتصر الناظم لاشتراك الجميع فيه فيحرم بالاحرام أو بالكون في الحرم قتل الحيوان البري مأكولا كان أو لا وحشيا أو مستأنسا مملوكاً أو مباحاً ويحرم التعرض له ولأفراخه وبيضه ونصب شرك له أو حبال ويجب الجزاء بذلك إن مات لا إن برىء ناقصا فلا جزاء عليه ويستثنى من ذلك ما صاده الحلال في الحل وأدخله الحرم فيجوز في للحلال تملكه وذبحه

ولا يجوز ذلك للمحرم وكذلك الوزغ بقتله الحلال في الحرم ولا يقتله المحرم ويستثنى من ذلك أيضا الغراب والحدأة والفأرة والعقرب والحية وابن عرس فيقتلهن المحرم والحلال في الحل والحرم وإن لم يبتدئن بالأذى وصغيرها ككبيرها والعقور والمراد به السباع العادية كالأسد والنمر والذئب ونحوها إذا كبرت ولا يقتل صغيرها فإن قتلها فلا جزاء فيها وأما الكلب الإنسي فحكمه في الإحرام كحكمه في غير الإحرام لا شيء في قتله صرح به سند ولا يقتل سباع الطير إلا أن يبتدئن بالأذى فلا جزاء حينئذ ولا يقتل المحرم الزنبور خلافا للقاضي عبد الوهاب ولا البق ولا الذباب ولا البعوض ولا البرغوث فإن فعل ذلك أطعم ما تيسر من الطعام بحكومة وكذلك الوزغ وإذا رأى الصيد معرضا للتلف فلا يجب تخليصه وإلى تحريم الاصطياد أشار بقوله (ومنع الإحرام صيد البر) البيتين فقوله ومنع الإحرام ويريد وكذلك الكون في الحرم من غير إحرام فإنه يمنع ذلك أيضا كما تقدم وصيد إما مصدر بمعنى الاصطياد على حذف مضاف أي منع الإحرام اصطياد حيوان البر وأما أنه اسم للحيوان وهو على حذف مضاف أي قتل صيد البر يريد والتعرض له إما بطرد أو جرح أو برمي أو إفزاع وغير ذلك والجميع حرام لكن إنما يجب الجزاء بالقتل وإما ابتداء وإما بفعل شيء مما ذكر فينشأ عنه الموت ولذا علق الناظم المنع على التعرض الذي هو أعم من القتل ووجوب الجزاء على القتل دون غيره والله أعلم إلا في المستثنيات بجواز القتل إجمالا من جهة أن غير الطير يجوز قتله ابتداء وإن لم يبتديء بالأذى وسباع الطير إنما يجوز قتلها إذا ابتدأت بالأذى والخطب سهل الثاني اللباس وهو يختلف باعتبار الرجل والمرأة فالرجل يحرم عليه محل ستر إحرامه بما يعد ساترا وستر جميع بدنه أو عضو منه بالملبوس المعمول على قدر جميع البدن أو على بعضه إذ لبس باعتبار ما خيط له ومحل إحرامه وجهه ورأسه فيحرم عليه سترهما بما يعد ساترا من عمامة وقلنسوة وخرقة وعصابة وطين وغير ذلك ويحرم عليه أيضا لبس المخيط كما ذكر وذلك القميص والقباء والسراويل والبرنس والقفازان الخفان

إلا أن يجد نعلين فليقطعهما أسفل من الكعبين ويلبسهما وفي معنى الخياظة الأزرار وهي العقد والنسيج والتلبيد والتخليل والملصق بعضه على بعض ودرع الحديد والخاتم وله أن يستر بدنه بما ليس على تلك الصفة كالإزار والرداء والملحفة ونحو ذلك والمرأة إنما يحرم عليها محل ستر إحرامها فقط وإحرامها في وجهها وكفيها فيحرم عليها ستر وجهها بنقاب أو لثام أو برفع ستر بدنها بقفازين ولها سدل ثوب على وجهها للستر من فوق رأسها وليس عليه أن تجافيه ولها إدخال يديها في كمها وجلبابها وإلى هذا أشار الناظم بقوله (ومنع المحيط بالعضو) الأبيات الثلاث وفاعل منع ضمير الإحرام والمحيط بالحاء المهملة اسم فاعل من أحاط بالشيء إذا دار به والتعبير بالمحيط بضم الميم بالمهملة أعم منه بفتحها وبالمعجمة لشموله ما كانت إحاطته بالخياطة أو النسج أو العقد أو اللصق أو غير ذلك كالخاتم وهو على حذف مضاف أي لبس المحيط بالعضو وإذا حرم لبس المحيط بعضو فلبس المحيط بجميع البدن أحرى بالمنع وقوله والستر بالنصب عطف على المحيط وحرمة لبس المحيط وستر الوجه والرأس إنما هو على الرجل ولذا قال ولكن إنما تمنع الأنثى من لبس قفاز وهو ما يفعل على صفة الكف من قطن ونحوه ليقي الكف الشعت وتمنع أيضا من ستر وجهها لأن إحرامها في وجهها وكفيها كما مر إلا أن سترت وجهها على النظر إليها فلا بأس ولذا قال لا لستر فإن فعل أحدهما شيئا مما حرم عليه من ذلك فعليه الفدية بشرط حصول الانتفاع ومن حر أو برد أو طول كاليوم وتجب الفدية سواء فعل ذلك لضرورة أو لغير ضرورة ولكن عليه الاثم إن فعل ذلك من غير ضرورة ولا إثم عليه إن فعل لضرورة وقد نبه الناظم على وجوب الفدية في ذلك وما يذكر بعده بقوله (ويفتدى بفعل بعض ما ذكر) البيت الثالث الطيب وإليه أشار بقوله (ومنع الطيب) ولفظ الطيب على حذف مضاف وصفه أي ومنع الإحراماستعمال الطيب المؤنث وهو ماله جرم يعلق بالجسد والثوب كالمسك والعنبر والكافور والعود والورس والزعفران قال الشيخ خليل في مناسكه وأما ما ذكره كالورد والياسمين فلا فدية فيه ويكره والحناء من المذكر عندهم لكن إنما أسقط الفدية فيها في المدونة في الرقعة الصغيرة قبل الكبيرة اهـ وعلى هذا فيشكل ما كان أنشد فيه شيخنا الإمام العالم سيدي أبو الحسن علي البطيوي جدد الله عليه رحمته لشيخه الإمام المفتي سيدي أبي عبد الله محمد القصار رحمه الله تعالى من قوله:

أفد المؤنث كمسك عنبر والورد والحنا من المذكر باعتبار الورد فانظر ذلك فان عنى ماء الورد فلا شك أنهم نصوا على وجوب الفدية فيه لكن عللوا ذلك ببقاء أثره في البدن والثوب فيصدق عليه حد مؤنث الطيب ولا شكال في وجوبها في مؤنثة قال في الجواهر ومعنى استعمال الطيب إلصاق باليد وبالثوب فإن عبق الريح دون العين كجلوسه في حانوت عطار أو بيت تجمر ساكنوه فلا فدية عليه مع كراهة تماديه على ذلك اهـ وتجب الفدية باستعماله وبمسه فإن مسه ولم يعلق به أو علق ولكن أزاله سريعا ففي وجوب الفدية قولان، والمشهور الوجوب، وذلك لو جعل الطيب في الطعام إلا أن يطبخ فلا فدية حينئذ وإن صبغ الفم ويحرم على المرأة والرجل لبس الثوب المزعفر والمورس والمعصفر المشبع وتجب الفدية بذلك ولا فدية فيما تطيب به قبل إحرامه وبقيت رائحته بعد الإحرام وإن كان مكروها أو ألقته الريح أو ألقاه غيره عليه وأزاله مكانه وإن تراخى وجبت الفدية وحيث لا تجب الفدية على المحرم لإزالته سريعا فتجب على الملقي ولا فدية فيما أصابه من خلوق الكعبة وهو مخير في نزع يسيره وأما الكثير فإن نزعه وإلا افتدى والكحل إن كان لضرورة ولا طيب فيه فلا فدية وإلا فالفدية والمرأة كالرجل في ذلك كله ويؤخر وجوب الفدية في استعمال الطيب من قوله (ويفتدي بفعل بعض ما ذكر) البيت، والرابع الدهن أي استعماله فيحرم على المحرم دهن اللحية والرأس ولو كان أصلع وكذا سائر الجسد وتجب الفدية بذلك ولو لم يكن فيه طيب أو كان ادهانه لضرورة إلا إذا دهن باطن كفيه وقدميه لشقوق بغير مطيب فلا فدية ويجوز أكل الدهن غير الطيب كالسمن والزيت ونحوهما وتقطيره في الأذن وإلى وجوب الفدية في ذلك أيضاً أشار بقوله (ويفتدي) البيت، الخامس قتل القمل أو طرحه وإزالة الوسخ وقلم الظفر وإزالة الشعر وإلى ذلك أشار بقوله (وضرر قمل وإلقا وسخ ظفر شعر) فقوله وضرر عطف على دهنا وهو على حذف مضاف أي ومنع الإحرام دفع ضرر قمل وذلك صادق بقتله وطرحه وإلقاء عطف على ضرر وظفر عطف على وسخ بحذف العاطف للوزن وتقدير مضاف أي وقلم ظفر وشعر عطف على ظفر كذلك أي وإزالة شعر ويحرم قص الأظفار ولو ظفرا واحدا وإزالة الشعر ولو شعرة واحدة وقتل القمل ولو قملة واحدة وتجب الفدية إن قص ظفرين من غير كسر أو ظفراً واحداً لإماطة الأذى كأن يقلقه طوله أو يريد مداواة قرحة تحته أو أزال شعراً كثيراً كالعانة وموضع المحاجم والشارب والإبط والأنف أو قتل قملا كثيرا وإذا انكسر ظفره فقطع المكسور وسواه فقطع ما يتضرر ببقائه

فلا فدية قال التونسي وكذلك لو انكسر ظفران أو ثلاثة وان قص ظفرا واحدا لا لإماطة الأذى ولا بكسر أطعم حفنة وهي ملء يد واحدة وكذا يطعم في شعرة أو شعرات أو قملة أو قملات ولا شيء عليه فيما تساقط من شعر رأسه ولحيته عند وضوئه أو غسله ولو كان تبردا أو جريدة عليها بلا وضوء ولا غسل أو حمل متاعه الحاجة أو فقر ومن أنفه إذا أدخل يده لمخاطة ينزعها أو أسقط بالركوب والسرج ولو اغتسل وقتل قملا كثيرا من رأسه فلا شيء عليه في الجنابة وعليه الفدية في التبرد وطرح القمل كقتله بخلاف طرح البرغوث فلا شيء عليه وقوله (ويفتدى) البيت تعرض فيه لحكم من فعل شيئاً من هذه المحرمات الأربع وأن الواجب عليه الفدية وأما قتل الصيد ففيه الجزاء كما تقدم ولذا قال من المحيط لهنا ولا فرق في وجوب الفدية فيما تجب بين أن يفعل ذلك لعذر أو اختيارا ولذا قال (وإن عذر) إلا أن المختار آثم دون المضطر لذلك فلا إثم عليه كما تقدم، السادس النساء وإليه أشار بقوله ومنع النساء ولفظ النساء على حذف مضاف أي ومنع الإحرام قرب النساء يريد بوطء أو مقدماته أو عقد نكاح ثم إن كان قربهن بالوطء سواء كان في قبل أو دبر من آدمي أو غيره أنزل أو لم ينزل ناسياً أو متعمدا مكرها أو طائعا فاعلاً أو مفعولا أفسد ذلك الحج والعمرة ولذا قال وأفسد الجماع وفهم منه أن قربهن بغير الجماع من مقدماته وعقده لا يفسد وهو كذلك فقربهن ممنوع بأي وجه كان والافساد إنما هو بخصوص الجماع دون غيره وإنما يفسد الحج بالجماع إن وقع قبل رمي جمرة العقبة وطواف الإفاضة في يوم النحر أو قبله وإن وقع بعد أحدهما في يوم النحر أو قبلها بعد يوم النحر لم يفسد لكنه يجب الهدي به وتجب العمرة إن وقع قبل ركعتي الطواف وحيث فسد الحج يجب التمادي في الفاسد حتى يكمله والقضاء على الفور في القابل سواء كان ما أفسد تطوعا أو واجبا ويجب الهدي وينحره في حجة القضاء وإن قدمه أجزأ وتفسد العمرة بالجماع أيضا إن وقع قبل كمال السعي فإن كمل ولم يحلق لم تفسد لكن يجب بذلك الهدي والانزال إن كان بقبلة أوجسة أو وطء فيما دون الفرج أو تقبيض من المرأة على فرجها أو إدخال شيء فيه أو استمناء باليد أو استدامة نظر أو فكر أو حركة دابة كالجماع في جميع ما تقدم أما لو أمنى في غير استدامة نظر أو فكر لم يفسد لكن يجب الهدي وأما مقدمات الجماع فيحرم على المحرم المباشرة بشهوة والمعانقة والقبلة واللمس والغمزة وكل ما فيه نوع من الاستلذاذ بالنساء ثم ما كان منها لا يفعل إلا باللذة كالقبلة ففيه الهدي على كل حال وما عدا القبلة فممنوع لقصد اللذة ثم إن حصل منه مذي فالهدي وإلا فقد غر وسلم وأما عقد النكاح

فيحرم على المحرم أن يتزوج أو تزوج وكل نكاح كان الولي فيه محرما أو الزوج أو الزوجة فهو باطل يفسخ قبل البناء أو بعده ولو ولدت الأولاد ولا يتأبد تحريمها ولا يكون المحرم سفيرا في النكاح لغيره ولا يحضر غيره لكن يفسخ النكاح بذلك واعلم أن المانع من هذه الأشياء الست يستمر إلى التحلل وحينئذ تصير حلالا لا شيء على فاعلها ثم اعلم أن للحج تحللين أصغر وأكبر فالأول رمي جمرة العقبة أو خروج وقت أدائها ويحل به كل شيء إلا اثنين قرب النساء بجماع أو مقدماته أو عقد نكاح والصيد فلا يحلان بجمرة العقبة بل وما زال ذلك حراما عليه إلى التحلل الأكبر وهو طواف الإفاضة وإلى ذلك أشار الناظم بقوله (إلى الإفاضة يبقى الامتناع كالصيد) البيت، أي يستمر الامتناع المذكور قريبا وهو قرب النساء وكذلك الصيد إلى طواف الافاضة وهذا هو التحلل الأكبر يريد وكذا ينهى عن الطيب حينئذ لكن على الكراهة فإن تطيب فالفدية وأما باقي الممنوعات من اللباس والطيب والدهن وإزالة الشعث فيحل برمي الجمرة الأولى يوم العيد وهي جمرة العقبة يريد أو بخروج وقت أدائها كما تقدم وهذا هو التحلل الأصغر وإليه أشار بقوله (ثم باقي ما قد منعا) البيت، وإنما يكون طواف الإفاضة تحللا أكبر لمن سعى قبل الوقوف وإلا فلا يحصل التحلل إلا بالسعي لعد طواف الإفاضة ويحل به كل شيء إن حلق وإلا فهو ممنوع من الجماع فإن جامع فعليه الهدي ومنتهى المنع في العمرة السعي إلا أنه إن وطيء قبل الحلاق فعليه الهدي ويكره أن يفعل شيئا من ممنوعات الإحرام غير الوطء قبل الحلاق فان فعل فلا شيء عليه ثم ذكر الناظم مسألة كالمستثناة من منع المحرم من تغطية رأسه فقال (وجاز الاستظلال) البيت، وحاصله أن المحرم يجوز له أن يستظل بالمرتفع على رأسه مما هو ثابت كالبناء والخباء والشجر لا ما كان غير ثابت كالمحمل والشقدف فلا يجوز له الاستظلال في ذلك فإن فعل ففي وجوب الفدية عليه واستحبابه قولان مشهوران وفهم من قوله لا في المحامل حيث أتى بفي الدالة على الظرفية أن الممنوع الاستظلال بالمحمل وهو فيه أما لو استظل به وهو ليس فيه بل إلى جانبه وسواء كان المحمل سائرا أو نازلا فلا يمنع من ذلك وهو كذلك ومن هذا التفصيل يفهم أن جواز الاستظلال بالمرتفع كالبناء والشجر عام لمن كان تحته أو إلى جنبه وهو كذلك أيضا «وع» آخر البيت فعل أمر من وعى بمعنى حفظ تكميل للبيت والفاء الداخلة عليه عاطفة ابن الحاجب ويجوز استظلاله بالبناء والأخبية وما في معناهما مما يثبت في الاستظلال بشيء على المحمل وهو فيه بأعواد أو الاستظلال بثوب على عصا قولان التوضيح قال في الاستذكار أجمعوا أن للمحرم أن يدخل تحت الخباء وأن ينزل

تحت الشجرة واختلفوا في استظلاله على دابته وعلى المحمل فمنعه مالك وأحمد وقال ابن عمر أصح لمن أحرمت له وبعضهم يرفعه عنه قال مالك إن استظل في محمله افتدى وأجاز ذلك أبو حنيفة والشافعي وغيرهما قال مالك ولا يعجبني أن يستظل يوم عرفة بشيء وذكر المصنف يعني ابن الحاجب في الاستظلال على المحمل بشيء والمحرم فيه قولين يريد سواء كان سائرا أو نازلا وكذلك ذكر غيره واحترز بقوله وهو فيه مما استظل به وهو إلى جنبه فانه جائز انتهى ونحوه في مناسك الشيخ خليل والحطاب (تنبيهات) الأول تلخص من كلام الناظم أن محرمات الإحرام ستة فالخمس الأول منها منجبرة أولها بالجزاء والأربعة بعده تليه بالفدية ويأتي قريبا تفسيرهما إن شاء الله والسادس وهو قربان النساء إن كان بالجماع فمفسد كما مر وإن كان بقدماته فمجبر بالهدي على التفصيل المتقدم وإن كان بعقد النكاح فلا يوجب شيئا هديا ولا فدية وإنما فيه الاستغفار فقط وتلخص من هذا المحل أيضا ومما تقدم في قوله (والواجبات غير الأركان بدم قد جبرت) أن الجابر لترك ما يطلب فعله مما ليس بركن أو لفعل ما يطلب تركه مما ليس بمفسد ثلاثة أنواع هدي وجزاء الصيد وفدية فالفدية ما وجب للبس أو استعمال طيب أو دهن أو إزالة وسخ أو ظفر أو شعر أو قتل قمل وهي ثلاثة أنواع الأول نسك بشاة فأعلى العزيزي النسك الذبائح واحدتها نسيكة المشارق والنسيكة الذبيحة وجمعها نسك قال تعالى {أو صدقة أو نسك} والنسك كل ما يتقرب به إلى الله تعالى والنسك الطاعة اهـ النوع الثاني إطعام ستة مساكين مدان لكل مسكين بمد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم النوع الثالث صيام ثلاثة أيام بفعل أحد الثلاثة أحب، غنيا كان أو فقيرا ولا تختص بزمان ولا مكان إلا أن ينوى بالنوع الأول من هذه الثلاثة الهدي فيسمى هديا ويجري عليه حكم الهدي إلا أنه لا يأكل منه/ ابن عرفة فدية الأذى على التخيير في صوم ثلاثة أيام فيها ويصومها حيث شاء أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مدان سويان أو ينسك بشاة فيها ويذبحها أيضا حيث شاء/ ابن المواز في ليل أو نهار وإن شاء أن ينسك ببعير أو بقرة ببلده فذلك له وله أن يجعله هديا ويقلده ويشعره ثم لا ينحره إن قلده إلا بمنى أو بمكة إن أدخله من الحل فيها وكذلك الاطعام والصيام حيث شاء من البلاد ولم يذكر الله للفدية محلا وسماها نسكا ولم يسمها هديا فأينما ذبحت أجزأت اهـ ويستحب تتابع صيام الأيام فإن فعل موجبات للفدية بأن لبس وتطيب وحلق وقلم وأزال الوسخ وقتل القمل فإن كان ذلك في وقت واحد أو متقارب ففدية واحدة وكذلك تتحد الفدية وإن تراخى

الثاني عن الأول إذا ظن الإباحة أو كانت نيته فعل الجميع ومنه نية التكرار وهو أن يلبس مثلا لعذر ثم يزول العذر فيخلع وينوي إن عاد إليه المرض عاد إلى اللبس ومحل النية من حين لبسه للعذر إلى حين نزعه وأما من لبس ثوبا ثم نزعه ليلبس غيره أو نزع ثوبه عند النوم ليلبسه إذا استيقظ فقال سند هذا فعل واحد متصل في العرف ولا يضر تفريقه في الحس وصرح في المدونة بأن فيه فدية واحدة وأما جزاء الصيد فهو ما وجب لقاتل الصيد وهو على التخيير أيضا وصفة ذلك أن يحكم القاتل حكمين سواء عدلين فقيهين بذلك فيخيرانه بين إخراج مثل الصيد أو مقاربه من النعم إن كان له مثل أو مقارب وبين إخراج قيمته طعاما بالموضع الذي قتله به إن كان له قيمته فيه وإلا فيقربه فتصدق به على المساكين لكل مسكين مد وبين عدل ذلك صياما أي وبين تعويض تلك القيمة صياما بأن يصوم عن كل مد يوما ولكسر المد يوما كاملا فيتخير بين ثلاثة أشياء وإن لم يكن للصيد مثل ولا مقارب فيخيرانه بين شيئين فقط بين إخراج قيمة الصيد طعاما وبين تعويض تلك القيمة بالصيام فيصوم لكل مد كما ذكر ولا بد من لفظ الحكم ولا يجزئه الاخراج بغير حكم الا حمام مكة والحرم ويمامه ففي كل واحد شاة بغير حكومة فإن لم يجدها صام عشرة أيام وفي الجنين والبيض عشر دية اوم ولو تحرك فان استهل ومات فكالكبير فإن ماتت الأم معه فجزاءان فإن تيقن موت الفرخ في البيضة قبل كسرها برائحة ونحوها فلا شيء عليه وإذا اختار المثل فحكمه كحكم الهدي إلا في جواز الأكل كما سيأتي وإن اختار الإطعام فيطعم في محل الإصابة فإن لم يكن فيه مساكين فيخرجه بقربه فإن أخرج بمحل آخر لم يجزه إلا أن يتساوى سعرهما فتأولان وإن اختار الصوم صام حيث شاء وأما الهدي فهو ما وجب لنقص في حج أو عمرة بترك واجب من الواجبات المنجبرة المتقدمة قال الحطاب وجملتها اثنان وأربعون من المتفق عليه والمختلف فيه ويضاف لذلك أيضا الهدي الواجب في مقدمات الجماع مع المذي وفي القبلة وفي الانزال من غير إدامة فكر ونظر وفي الوطء قبل الحلاق وفي الوطء بعد طواف الإفاضة وقبل جمرة العقبة إذا خالف الترتيب وفي الفساد وفي الفوات وفي التمتع والقران وفي العمرة إذا وطىء قبل الحلاق وجزاء الصيد إذا كان من النعم والفدية وإذا جعل النسك هديا ويضاف الى ذلك على قول المغيرة الهدي الواجب على من طاف محدثا ورجع الى بلده وأما على المشهور فلا بد من رجوعه فتم جملة الخصال الموجبة للهدي خمساً وخمسين خصلة فقد صح ما ذكر ابن عرفة عن الطرطوشي أن الهدي يجب في الحج في نحو أربعين خصلة وسقط اعتراضه عليه حيث قال قلت إن أراد بالنوع لم يتجاوز الثلاثين وإن أراد بالشخص فهي الى الألف أقرب لإمكان بلوغ الألف بآحاد الصيد اهـ الحطاب بل

الخصال التي يجب بها الدم على المشهور تتجاوز الثلاثين وتقارب الأربعين اهـ المشارق الهدي والهدي وبالتثقيل والتخفيف ما يهدى إلى بيت الله من بدنة واختلف الفقهاء على ما يطلق عليه هذا الاسم فمذهبنا أنه لا يطلق إلا على ما سبق من الحج قال ابن المعذل وما لم يسبق من الحج فليس بهدي وقال الطبري سمي الهدي لأن صاحبه يتقرب به ويهديه إلى الله تعالى كالهدية يهديها الرجل لغيره فتأول بعضهم أن ظاهره عدم اشتراط الحج يقال منه هديت الهدي اهـ محل الحاجة منه وفي الغريب لالعزيزي أن الهدي ما أهدى إلى البيت الحرام واحدته هدية وهدية اهـ ويستحب في الهدي الإبل ثم البقر ثم الغنم فإن عجز عن جميع ذلك ولم يجد ما يشتري به الهدي ولا من يسلفه صام عشرة أيام فإن كان الهدي وجب لنقص في حج وكان ذلك النقص متقدما على الوقوف كالتمتع بالقران ومجاوزة الميقات صام ثلاثة أيام قبل عرفة وسبعة إذا رجع من منى وفي ابن الحاجب صام ثلاثة أيام الحج ومن حين يحرم بالحج إلى يوم النحر فإن أخرها اليه فأيام التشريق وقيل ما بعدها صام سبعة أيام إذا رجع من منى إلى مكة وغيرها وقيل إذا رجع إلى أهله فإن أخرها صام متى شاء التتابع في كل منها ليس بلازم على المشهور اهـ وجب عليه هديان وعجز عنهما صام عن كل واحد ثلاثة أيام قبل عرفة وسبعة إذا رجع لكن لا يصوم الثلاثة حتى يحرم بالحج فإن صام قبل الاحرام بالحج لم يجزه فإذا أراد أن يصوم أحرم في اليوم الرابع من ذي الحجة أو قبله وصام الثلاثة فإن لم يفعل ذلك فإنه يصوم أيام النحر وإن كان النقص متأخرا عن الوقف كترك النزول لمزدلفة ورمي الجمار والمبيت بمنى بعد يوم النحر وأخر الثلاثة ولو عمدا صام العشرة جميعا ولو قدم السبعة قبل الوقوف لم تجز ويستحب فيها التتابع ويشترط في الهدي سواء كان واجبا أو تطوعا من السن والسلامة من العيب ما يشترط في الأضحية والمعتبر في سلامته من العيوب وقت التقليد والأشعار والتعيين فلو كان سالما وقت تعيينه وجعله هديا ثم طرأ عليه عيب أجزأ واجبا أو تطوعا قاله في المدونة وهو المشهور كما صرح به ابن الحاجب والشيخ خليل في توضيحه خلافا لما في المختصر والشامل من تخصيص الإجزاء بالتطوع ولو عين وهو معيب ثم سلم (فائدة) تلخص من هذا التنبيه أن الدم في الحج على ثلاثة أوجه كما تقدم الأول الهدي وهو ما وجب لنقص في حج أو عمرة إما بسبب نقص ما يجب فعله أو سبب فعل ما يجب تركه أو ما تركه أولى أو ما فعل من غير اختيار الثاني جزاء الصيد الواجب على قاتله الثالث الفدية وهي ما يجب في اللبس والطيب والدهن وإزالة الوسخ والقمل وقلم الظفر ونحو ذلك فالدم أحد مثلثات الحج وأن الهدي قد

يطلق أيضا على أحد أنواع الفدية وأحد أنواع الجزاء (التنبيه الثاني) كما يحرم التعرض للحيوان البري في الحرم فكذاك يحرم فيه قطع ما ينبت بنفسه من الأشجار وغيرها إلا الأذخر والسنا للحاجة إليهما اهـ ابن الحاجب ويكره اختلاؤه للبهائم لمكان دوابه لا رعيه، التوضيح والاختلاء القطع وأما ما يستنبت فيجوز قطعه ابن يونس ولا يقطع أحد من شجر الحرم شيئا يبس أو لم ييبس من حرم مكة أو المدينة فإن فعل فيستغفر الله ولا جزاء فيها ولا يقطع ما أنبتته الناس في الحرم من الشجر مثل النخل والرمان والفاكهة كلها والبقل كله والكرات والخس والسلق وشبهه والقثاء/ اللخمي والاصطياد في حرم المدينة حرام فإن صاد ففي المدونة لا جزاء فيه أو الأقيس أن فيه الجزاء ولا يؤكل ابن الحاجب والمدينة ملحقة بمكة في تحريم الصيد والشجر ولا جزاء على المشهور التوضيح ودليلنا ما في الصحيح أن رسول الله قال إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها بين الحرار الأربع ابن حبيب وغيره وإنما ذلك في الصيد وأما في قطع الشجر فبريد وعبارة الباجي على بريد من كل شق حولها واللابتان الحرتان إحداهما حيث ينزل الحج والأخرى تقابلها شرقي المدينة قال ابن نافع وحرتان أخريان أيضا من ناحية القبلة والجوف ابن الحاجب قال مالك وبلغني أن عمر رضي الله تعالى عنه حدد معالم الحرم أي مكة بعد الكشف وحد الحرم مما يلي المدينة أربعة أميال إلى منتهى التنعيم ومن العراق ثمانية المقطع ومن عرفة تسعة ومما يلي اليمن سبعة إلى إضاة ومن جدة عشرة إلى منتهى الحديبية ويعرف الحرم بأن سيل الحل إذا جرى نحوه وقف دونه (التنبيه الثالث) اعلم أن دماء الحج الثلاثة والهدي والمتطوع به والمنذور باعتبار جواز أكل معطيها منها إن ذبحها أو نحرها أما بعد بلوغ محلها أي منحرها أي الموضع الذي يحل فيه نحرها إن سلمت إلى أن بلغته وهو منى إن وقف به بعرفة وإلا فمكة وأما قبل بلوغ محلها إذا عطبت وهلكت فذبحها أو نحرها قبله ومنعة من ذلك على أربعة أقسام نذكرها قريبا ثم الهدي المنذور قسمان مضمون في الذمة ومعين وكل منهما أما أن يسميه للمساكين بلفظه أو بقصده لهم بنيته فقط ولا يسميه لهم بلفظه ولا يقصده لهم بنيته فالهدي المنذور إذا على أربعة أوجه ودماء الحج ثلاثة وهدي التطوع المجموع ثمانية وترجع باعتبار جواز أكل مخرجها منها ومنعه إلى أربعة أقسام القسم الأول يجوز أكله منه قبل بلوغ المحل وبعده وهو كل هدي وجب لنقص في

حج أو عمرة والهدي والمنذور المضمون إذا يسمه للمساكين ولا نواه لهم فهذا يأكل منه قبل المحل لأنه مضمون يجب عليه بدله ويأكل منه بعد المحل لأن أكله غير معين فهو على سنة الهدايا وقد قال تعالى {فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر} القسم الثاني لا يأكل منه لا قبل المحل ولا بعده عكس الأول وهو نذر المساكين المعين إذا سماه للمساكين بلفظه أو نواه لهم كقوله لله علي أن أهدي هذه البدنة أو هذه البقرة أو هذه الشاة للمساكين فهذا لا يأكل منه قبل المحل لأنه غير مضمون ولا بعد المحل لأنه قد عين آكله وهم المساكين القسم الثالث يأكل منه قبل بلوغ المحل إذا عطب ولا يأكل منه بعد بلوغ المحل وهو ثلاثة أشياء جزاء الصيد وفدية الأذى إذا جعلها هديا ونذر المساكين المضمون إذا جعله لهم بلفظ أو نية وإنما أكل من هذه الثلاثة قبل إذا عطبت لأنه يجب عليه بدلها لكونها مضمونة في الذمة ولم يأكل منها بعد لأن آكلها معين وهم المساكين فنذر المساكين ظاهر وأما فدية الأذى وجزاء الصيد فلأن ذلك من مقابلة الطعام وهو للمساكين فكذلك بدله القسم الرابع ما يأكل منه بعد المحل لا قبله وهو هدي التطوع والهدي المنذور المعين إذا لم يكن سماه للمساكين بلفظ أو نية وإنما لم يأكل من هذا القسم قبل المحل لأنه غير مضمون وجاز أكله منه بعد المحل لأن آكله غير معين وقد نظم هذه الأقسام على الترتيب الشيخ ابن غازي آخر نظائر الرسالة فقال كل هدي نقص والذي ضمنتا إن لم تكن سميت أو قصدت ودع معينا إذا فعلتا قبل كل جزاء صيد نلتا وهدي فدية الأذى إن شئتا وما ضمنت قصدا أو صرحتا وبعد كل طوع وما عينتا إن لم تكن سميت أو أضمرتا فإن أكل معطي الهدي من هدي لا يجوز له الأكل منه وجب عليه بدله هديا كاملا إلا نذر المساكين المعين ففيه قولان مشهوران أحدهما أنه كغيره والثاني أنه يجب عليه قدر ما أكل فقط والله أعلم وَسُنَّةُ الْعُمْرَةِ فاَفْعَلَها كَما حَجَّ وَفي التَّنْعِيمِ نَدْباً أَحْرمَا وَإثْر سَعْيكَ احْلِقَنْ وقَصِّرَا تَحِلَّ مِنْهاَ وَالطَّوَاَف كَثِّرا

ماَ دُمْتَ في مَكَّةَ وارْع الحُرْمَهْ لِجَانِبِ الْبَيْتِ وَزِدْ في الخِدْمَةْ وَلازِم الصَّفاَ فَإنْ عَزمْتَ عَلَى الخُرُوجِ طُفْ كَمَا عَلمْتَ أخبر رحمه الله أن العمرة سنة أي مؤكدة مرة في العمر وهو كذلك على المشهور وأن الاحرام بها يستحب أن يكون من التنعيم أي لأنه أمر عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق أن يخرج بأخته عائشة رضي الله تعالى عنها اليه وتقدم عند تعرض الناظم لبيان مواقيت الحج المكانية بيان ميقاتي العمرة الزماني والمكاني وإن صفة الإحرام بها في استحباب الغسل والتنظيف وفيما يلبسه وما يحرم عليه من اللباس والطيب والصيد وغير ذلك وفي التلبية والطواف والرمل والركوع بعده والسعي بعده كالحج سواء بسواء ولذا قال (فافعلها كما حج) فما زائدة على حد فبما رحمة الله فإذا فرغ من السعي وحلق وقصر فقد حل منها وإلى ذلك أشار بقوله (وإثر سعيك احلقن أو قصرا تحل منها) ف «أو» في قوله أو قصرا للتخييروقدم الحلق لأنه أفضل ثم أفاد بقوله (والطواف كثرا) الخ أنه يستحب للآفاقي أن يكثر الطواف بالبيت ما دام بمكة لتعذر هذه العبادة العظيمة عليه بعد خروجه منها وأن يراعي حرمة مكة المشرفة لجانب البيت المعظم الكائن بها بتجنبه الرفث والفسوق والعصيان وبكثرة فعل الطاعات والخدمة لله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه وملازمته الصلاة في الجماعة وغير ذلك من أفعال البر وإن كان ذلك مطلوبا في كل مكان وزمان ففي هذا المكان آكد لما تقرر أن المعصية تغلظ بالزمان والمكان باعتبار الإثم والأدب عليها وأن الطاعة تعظم ذلك أيضاً فيكثر ثوابها وأنه إن عزم على الخروج من مكة يستحب له أن يطوف طواف الوداع على الصفة التي علمتها مما تقدم من الابتداء بتقبيل الحجر وجعل البيت على اليسار إلى آخر ما ذكر من صفة الطواف واعلم أن الأفعال المطلوبة في العمرة ثلاثة أقسام أركان لا تجبر وواجبات تجبر وسنن لا شيء في تركها فأركانها ثلاثة الاحرام والطواف والسعي وأما الحلاق فليس بركن بل يجبر بالدم إذا تركه حتى رجع لبلده أو طال كما تقدم في موجبات الدم وواجباتها المنجبرة بالدم فهي كالحج فيما يتأتى فعله فيها من ذلك وذلك أربعة عشر على المشهور وأما السن والمستحبات فكالحج أيضا فيما يتأتى فعله فيها من ذلك وذلك نحو السنن قاله الحطاب في مناسكه وتفسد بالجماع وما في معناه إذا وقع قبل انقضاء أركانها ويكره تكرارها في العام الواحد على المشهور وأجاز ذلك مطرف وابن الماجشون وعلى المشهور فأول السنة المحرم فيجوز لمن اعتمر في آخر الحجة

أن يعتمر في المحرم قاله مالك ثم استثقله وقد تقدم قبل قوله ومنع الاحرام صيد البر ما يستحب لمن كمل حجه وفرغ منه ورجع الى مكة من كثرة التطوع بالطواف وشرب ماء زمزم إلى آخر ما ذكر هنالك وقد سئل مالك رضي الله عنه أيهما أحب إليك المجاورة أو القفول فقال السنة الحج ثم القفول وكان عمر رضي الله عنه إذا فرغ من حجه يقول يا أهل اليمن يمنكم ويا أهل العراق عراقكم ويا أهل الشام شامكم ويا أهل مصر مصركم وهذا والله أعلم لأن الغالب العجز عن آداب المجاورة إذ الجناب العظيم لا سيما معه عليه الصلاة والسلام ولا يخلو الانسان من الهفوات والكسل غالبا وقد حكي عن بعض كبار الصوفية أنه جاور بمكة أربعين سنة ولم يبل في الحرم ولم يضطجع فمثل هذا تستحب له المجاورة وقال الشيخ أبو عبد الله محمد بن الحاج حكى الشيخ الجليل أبو عبد الله الفاسي رحمه الله تعالى أنه احتاج الى حاجة الانسان وهو بالمدينة المشرفة فخرج الى موضع من تلك المواضع وعزم أن يقضي فيه حاجته فسمع هاتفا ينهاه عن ذلك فقال الحجاج يعملون هذا فأجابه الهاتف بأن قال وأين الحجاج ثلاث مرات وقد لوح الناظم لهذا المعنى بقوله وارع الحرمة لجانب البيت وزد في الخدمة وسُرْ لِقَبْرِ الْمُصْطَفَى بأَدَبٍ ونيَّةٍ تُجَبْ لِكُلِّ مَطْلَبِ سَلِّمْ عليْهِ سِرْ إِلَى الصِّدِّيق ثُمَّ الَى عُمَرَ تَفُوزُ بِالتَّوفِيقِ وَاعلَمْ بِأَنَّ ذَا المَقَامِ يُستَجابْ فِيْهِ الدّعا فَلا تَمَلَّ مِنْ طِلاَبْ وَسَلْ شَفَاعَةً وَخَتْماً حَسَناَ وَعَجِّلِ الأَوْبَةَ إذْ نِلْتَ المُناَ وادْخُلْ ضُحىً وَاصْحَبْ هَدِيَّة السُّرُورْ الَى الأَقاَرِبِ وَمَنْ بِكَ يَدُورْ إذا خرج الحاج من مكة يستحب له الخروج من كدا ولتكن نيته وعزيمته وكليته زيارته وزيارة مسجده وما يتعلق بذلك لا يشترك معه غيره لأنه صلى الله عليه وسلم متبوع لا تابع فهو رأس الأمر المطلوب والمقصود الأعظم فإن زيارته سنة مجمع عليها وفضيلة مرغب فيها وليكثر الزائر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه ويكبر على كل شرف ويقول ما تقدم ويستحب أن ينزل خارج المسجد فيتطهر ويركع ويلبس أحسن ثيابه ويتطيب ويجد التوبة ثم ليمش على رجليه فإذا وصل المسجد فليبدأ بالركوع إن كان وقت يجوز فيه الركوع وإلا فليبدأ بالقبر الشريف ويكون ركوعه في محراب النبي إن قدر أو في الروضة أو في غيره من المواضع ثم يتقدم إلى القبر الشريف ولا يلتصق به ويستقبله وهو متصف بكثر الذل والمسكنة والانكسار والفقر والفاقة والاضطرار ويشعر نفسه أنه واقف بين يديه صلى الله عليه وسلم إذ لا فرق بين موته وحياته فيبدأ بالسلام عليه قال مالك فيقول السلام عليك أيها

النبي ورحمة الله وبركاته ثم يقول صلى الله عليك وعلى أزواجك وذرياتك وعلى أهلك أجمعين كما صلى على ابراهيم وآل ابراهيم وبارك عليك وعلى أزواجك وذرياتك وأهلك كما بارك على ابراهيم وآل ابراهيم في العالمين إنك حميد مجيد فقد بلغت الرسالة وأديت الأمانة وعبدت ربك وجاهدت في سبيله ونصحت لعباده صابرا محتسبا حتى أتاك اليقين صلى الله عليك أفضل الصلاة وأتمها وأطيبها وأزكاها» ثم ينتحي على اليمين نحو ذراع ويقول «السلام عليك يا أبا بكر ورحمة الله وبركاته صفي رسول الله وثانيه في الغار جزاك الله عن أمة رسول الله خيرا» ثم ينتحى الى اليمين قدر ذراع فيقول «السلام عليك يا أبا حفص الفاروق ورحمة الله وبركاته جزاك الله عن آله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خيرا» وكره مالك لأهل المدينة الوقوف بالقبر كلما دخل أحدهم المسجد وخرج وإنما قال للغرباء لأنهم قصدوا ذلك قال مالك ولا بأس لمن قدم من أهل المدينة من سفر أو خرج الى سفر أن يقف بالقبر فيصلي على النبي ويدعو له ولأبي بكر وعمر رضي الله عنهما وليحذر الزائر مما يفعله بعض الجهلة من الطواف بالقبر الشريف على ساكنه أفضل الصلاة وأزكى السلام والتمسح بالبناء وإلقاء المناديل والثياب عليه ومن تقرب العامة بأكل التمر في الروضة وإلقاء شعورهم في القناديل وهذا كله من المنكرات ويستحب أن يزورالبقيع والقبور المشهورة فيه ومسجد قباء ويتوضأ من بئر أريس ويشرب منها وهذا في حق من كثرت إقامته وإلا فالمقام عنده صلى الله عليه وسلم أحسن ليغتنم مشاهدته صلى الله عليه وسلم وقد قال ابن أبي جمرة لما دخلت مسجد المدينة ما جلست إلا الجلوس في الصلاة وما زلت واقفا هناك حتى رحل الركب ولم أخرج إلى البقيع ولا غيره ولم أر غيره صلى الله عليه وسلم وقد كان حضر لي أن أخرج الى البقيع فقلت إلى أين أذهب هذا بيت الله المفتوح للسائلين والطالبين والمنكسرين والمضطرين والفقراء والمساكين وليس ثم من يقصد مثله صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم ومجد وعظم اهـ اللهم إنا نتوسل اليك بقدره عندك وجاهه لديك أن تغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا ربنا آتنا في الدنيا حسنة وغي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار واغفر اللهم لنا ولآبائنا وأمهاتنا وأشياخنا وأزواجنا وذرياتنا وبلغ بجودك وكرمك مقصودنا فيهم من العلم والعمل لجميع الأخلاء والأحباب ومن له علينا حق من الإخوان والأصحاب وجميع المسلمين وأمتنا وإياهم على قول لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله تائبين بلا محنة واقبل على الجميع بفضلك واحسانك يا ذا الفضل العظيم والاحسان والجود والامتنان إنك جواد كريم متفضل إن لم نكن لرحمتك أهلا أن ننالها فرحمتك أهل أن تنالنا وفقنا للدعاء كي تستجيب لنا وأنت أكرم من وفى بما وعد وقول الناظم تجب بضم التاء مبنيا للمجهول وتمل بفتح التاء والميم مضارع ملل بالكسر مللا وطلاب مصدر طلب وحسنا منصوب على إسقاط الخافض أي وسل الختم

بالحسنى وهو الموت على قول لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم والأوبة الرجوع والمنى المطلوب والمراد هنا هو الحج والزيارة واالأصل في استحباب تعجيل الأوبة قوله صلى الله عليه وسلم «السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه فإذا قضى نهمته فليعجل إلى أهله» وفي الحديث أيضا النهي عن أن يطرق الإنسان أهله ليلا كي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة والأولى أن يكون أول النهار ضحى واذن قال: وادخل ضحى وأما استحباب استصحاب هدية يدخل بها السرور على أقاربه ومن يدور به من الحشم ونحوه فظاهر وذلك سنة ماضية لكن ذلك مقيد بما إذا لم يلحقه في ذلك كلفه وبهذه المسألة ختم أيضا الشيح خليل رضي الله عنه مناسكه وقد رأيت أن أختم هذا الكتاب أعني كتاب الحج بكلام عجيب لا يصدر إلا ممن نور الله قلبه وفتح بصيرته ذكر الشيخ خليل في الفصل الرابع من الباب الأول من مناسكه فيما اشتملت عليه صفة الحج من الأقوال والأفعال قال رضي الله عنه ونفعنا به اعلم نور الله قلبي وقلبك وضاعف في النبي المصطفى حبي وحبك أن الحج محتو على أحكام عديدة وقل من تعرض لها من المصنفين فأولها أن الله تعالى شرف عباده بأن استدعاهم لمحل كرامته والوصول الى بيته ولما كان الله تعالى منزلها عن الحلول في محل إقامة البيت الحرام مقام بيت الملك فإن الملك إذا شرف أحدهم دعاه لحضرته ومكنه من تقبيل يده وأمره باللياذ به وجدير به حينئذ أن يقضي حوائجه وكذلك الله تعالى استدعى عبيده لبيته الحرام وأمرهم باللياذ به وأقام الحجر الأسود مقام يد الملك فأمرهم بتقبيله وأمرهم بطلب حوائجهم إذا كان اللائق بملوك الدنيا قضاء الحوائج في هذه الحالة فكيف بملك الملوك المعطى بغير سؤال وشرع الغسل عند الاحرام لأن من استدعاه الملك ينبغي أن يكون على أكمل الحالات ويطهر قلبه ولسانه لأن الظاهر تبع للباطن فإذا أمر بتطهير الظاهر فالباطن أولى وشرع خلع الثياب إشعارا بحالة الموت ليتخلى عن الدنيا ويقبل على باب ربه وعبادته لأن نزع ثيابه كنزع ثياب الميت على المغسل ولبس ثياب الاحرام كلبس الأكفان وتشبيها بنبيه سيدنا موسى عليه السلام لما

قدم على المناجاة قيل له (اخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى) والحاج قادم على الأرض المباركة المقدسة ثم قصد بمخالفته حالته المعتادة ليتنبه لعظيم ما هو فيه فلا يوقع خللا ينافيه ثم أمره بالاحرام لأنه لما دعي وأتى مجيبا قيل له قدم النية وأظهر ما أتيت إليه فقال لبيك إجابة بعد إجابة وأمره أن لا يفعل ذلك إلا بعد الصلاة لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر فكأنه قيل له انته عن الرعونات البشرية وتهيأ على الاقدام لله تعالى وقد أمر الله تعالى سيدنا موسى عليه السلام قبل مناجاته بصيام أربعين يوما لكن لما علم منك أيها العبد من الضعف ما علم لم يأمرك بذلك واكتفى منك بالصلاة مع حضور القلب وترك ما نهاك عنه ثم جعل ميقاتين زمانيا ومكانيا إشارة الى تعظيم هذه العبادة وأن العبد يحصل له بها الشرف فإنه إذا أعطي الزمان والمكان شرفا وحرمة بسبب القرب وهما مما لا يعقل كان العبد أولى وأمر عبيده بترك الرفاهية وإلقاء التفث إشارة إلى حظوظ النفس وأن العبد إذا قدم على مولاه لا يأتيه إلا خاضعا ذليلا ولا يشتغل بغير الله ونهى العبد عن الصيد إشارة إلى أن من دخل الحرم فهو آمن ولطمع العبد حينئذ في تأمين مولاه وشرع الغسل لدخول مكة إشارة إلى تطهير قلبه مما عساه اكتسبه من حال إحرامه الى وقت الدخول في محل الملك وأنه لا ينبغي أن يدخل إلا بعد تصفيته من جميع الأكدار وشرع طواف القدوم إشارة إلى تعجيل إكرامه لأن الضيف ينبغي أن يقدم إليه ما حضر ثم يهيأ له ما يليق به وكان سبعة أشواط لأن أبواب جهنم سبعة فكل شوط يغلق عنه بابا ثم يركع بعد الطواف زيادة في القرب والتداني لأن أقرب ما يكون العبد من مولاه وهو ساجد وأمره بعد ذلك بالسعي والبداية بالصفا إشارة إلى أن العبد إذا أطاع مولاه أوصلته طاعته إلى محل الصفا وصفاء القلوب ثم أمره بالنزول والمسير إلى المروة إشارة إلى أن العبد ينبغي له أن يتردد في طاعة ربه بين صفاء القلوب بخلوه مما سوى ربه وبين المروة بالسمت الحسن وترك المجانة وأمره أن يفعل ذلك سبعا إما للمبالغة في الإبعاد عن جهنم وإما لما في السبع من الحكم التي لا يحيط بكنهها إلا رب الأرباب جعل الأيام والأقاليم سبعا والأفلاك سبعا وتطور الإنسان سبعا وطباق العين سبعا وأمره أن يسجد على سبع وجعل السموات سبعا والأرضين سبعا وجعل رزق الانسان سبعا وأبواب جهنم سبعا إلى غير ذلك ثم أمره بالخروج إلى منى إشارة إلى بلوغ المنى ثم بالسير الى عرفات لأنه محل المعرفة والمناجاة تشبيها بنبيه سيدنا موسى عليه السلام وتنبيها على شرف هذه الأمة بأن شرع لها ما شرع لأنبيائه مثله وخصها بأشياء وأمره بالدعاء لأنه ينور القلب

ويوجب انكساره وتذلله وأباح الجمع والقصر رفقا بهم واشعارا بارادته طول المناجاة معهم وسماع أصواتهم ثم أمرهم بطلب حوائجهم ولهذا استحب لهم الوقوف ليكون أبلغ في التضرع ثم ان وقوفهم في هذا اليوم تنبيه بوقوفهم في المحشر ألا ترى أن بركة بعضهم على بعض هناكبركة الأنبياء والرسل على المؤمنين يوم المحشر قد روي أن من صلى خلف مغفور غفر له فمن لطفه بك شرع الجماعة وحض على الإتيان إليها لعل أن تصادف المغفور له فيغفر لك وشرع الجمعة احتياطا ليحضر أهل البلد كلهم لاحتمال أن يكون في تلك الجماعة مغفور له وشرع العيدين لهذا لأنه يجتمع في العيدين أكثر من الجمعة ثم احتاط فشرع الموقف الأعظم ثم أمرهم بالنفر إلى منى إشارة إلى نيل المنى وإشعارا بقضاء حوائجهم ثم أباح لهم الجمع بين المغرب والعشاء رفقا بهم وأمرهم بالوقوف بالمشعر الحرام مبالغة في إكرامهم كما أن الملك إذا بالغ في إكرام شخص أدخله بستانه ومقاصيره وأمرهم بالمسير إلى جمرة العقبة ورميها بسبع حصيات إشعارا بالابعاد عن النار إذ الجمار مأخوذة من الجمر وطرد الشيطان إذ سبب ذلك ما قيل أن الشيطان تعرض لاسمعيل عليه السلام لما ذهب مع أبيه للذبح وقال له إن أباك يريد أن يذبحك فاهرب منه فأمره ابراهيم عليه السلام أن يرميه بسبع حصيات فكأنه جل وعلا يقول يا عبادي قد شرفتكم بدخول حرمي وأهلتكم لمناجاتي وأدخلتكم في زمرة أوليائي فابتروا الجمرة بالحصى وأبعدو عن محل من عصى وتلك الجمار فكاك رقابكم من النار قال تعالى في صفة النار وقودها الناس والحجارة وأنتم قد بعدتم عن النار فاجعلوا مكانكم الجمرة ثم انقلبوا إلى منى وانحروا وكلوا واشربوا فقد بلغتكم المنى واستحققتم القرى وشرع لهم الهدايا إشعارا باكرام قراهم فإنه كذلك يفعل بالكبير وكانت السنة الفطر على زيادة الكبد تشبيها بأهل الجنة فإنهم أول ما يفطرون على زيادة كبد الحوت الذي عليه الأرض ثم نهاهم عن الصوم ثلاثة أيام لأن الضيافة كذلك ثم شرع ذلك لأهل الأقاليم كلهم فمنعهم من صيام أيام التشريق زيادة في الاكرام للحجاج لكونه أدخل سائر الناس في ضيافتهم ولم يطلب الشرع فطر ثلاثة أيام متواليات إلا هنا ولهذا قال بعضهم أنه لا ينبغي أن يمكث الإنسان أربعة أيام متوالية من غير صوم ثم أمرهم بحلق رؤوسهم ليزول ما في الشعر من الدرن والعفن وفيه إشارة إلى نبذ المال لأن الشعر يقي الدماغ من البرد كما أن المال يقي الانسان من الفقر ولذلك قال المعبرون من رأى أن شعر رأسه قد ذهب فهو ذهاب ماله ثم أمرهم بلبس المخيط وأحل لهم ما منعوا منه من النساء والطيب بعد

الإفاضة إشارة إلى آخر التعب في الدنيا والنصب بالعبادة أن يدخلوا الجنة مستحلين ما حرم عليهم من الشهوات متلذين بالطيب والزوجات ثم أمرهم بالرجوع إلى منى ليرموا الجمرات ويكبروا في سائر الأوقات مبالغة في الابعاد من النار وتعظيم الملك الجبار وفي ذلك إشارة إلى التخلي عن الدنيا لأن وقوفهم عند الجمرات تشبيه بوقوفهم عند الموقف الذي في المحشر والسؤال عن كل موقف ولتعلم يا أخي أن تكثير أسباب المغفرة دليل على أن الله رحيم بهذه الأمة فإنه إذا أخطأ العبد سببا من أسباب المغفرة لا يخطئه سبب آخر فنسأل الله العظيم أن يصلح قلوبنا ويحقق رجاءنا وأملنا وأن يقدمنا عليه وهو راض عنا ويطهر قلوبنا من رعونات البشرية فإنه قادر على ذلك اهـ *****

كتاب مباديء التصوف!، وهوادي التعرف

كتاب مبادىء التصوف، وهوادي التعرف ختم هذا النظم بمبادىء علم التصوف وفاء بما وعد به صدر النظم في قوله (وفي طريقة الجنيد السالك) وتفاؤلا لأن يكون السعي في تصفية القلب وتطهيره خاتمة الأمر والمبادىء جمع مبدأ وهو في اصطلاح أكثر الأصوليين ما يتوقف عليه المقصود بوجه ما ولا يخلو توقف المقصود عليه إما أن يكون باعتبار معرفته أو باعتبار الشروع فيه أو باعتبار البحث عن مسائله فإن توقف باعتبار معرفته فإن كان من جهة المعنى فهو الحد ومعرفته تستلزم معرفة الموضوع وإن كان من جهة اللفظ فهو الاسم وإن توقف عليه باعتبار الشروع فيه فإن كان باعتبار الغاية والمقصود منه فهي الفائدة وفي معناها معرفة الفضيلة وكذا معرفة فضل واضعه فإن ذلك مما يبعثه على الشروع فيه وإن كان باعتبار الإذن في الشروع فهو الحكم وإن توقف باعتبار البحث في مسائله فيسمى ذلك بالاستمداد عند الاصوليين وبالمبادىء عند المنطقيين ولا شك أن ما ذكره الناظم في هذا الكتاب من مسائل التصوف من التوبة والتقوى وغض البصر عن المحارم وما ذكر بعده يتوقف عليه غيره مما هو أرقى منه مما هو المقصود بالذات قال الإمام الهروي واعلم أن العامة من علماء هذه الطائفة والمشيرين إلى هذه الطريقة اتفقوا على أن النهايات لا تعلم إلا بتصحيح البدايات كما أن الأبنية لا تقوم إلا على الأساس وتصحيح البدايات هو إقامة الأمر على مشاهدة الاخلاص ومتابعة السنة وتعظيم النهي على مشاهدة الخوف وغاية الحرمة والشفقة على العالم يبذل النصيحة وكف المؤوفة ومجانبة كل صاحب يفسد الوقت وكل سبب يفتن القلب على أن الناس في هذا الشأن ثلاثة نفر: رجل يعمل بين الخوف والرجاء شاخصا إلى الحب مع صحبة الحياء فهذا هو الذي يسمى المريد ورجل مختطف من وادي الفرقة إلى وادي الجمع وهو الذي يقال له المراد ومن سواهما مدع مفتون مخدوع وجميع هذه المقامات يجمعها رتب ثلاث الرتبة الأولى أخذ القاصد في السير. الرتبة الثانية دخوله في القربة. الرتبة الثالثة حصوله على المشاهدة الجاذبة إلى عين التوحيد في طريق الفناء اهـ ثم قال واعلم أن الأقسام العشرة التي ذكرتها في صدر هذا الكتاب هي قسم البدايات وهي عشرة أبواب الباب الأول اليقظة قال تعالى {قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله} والقومة لله تعالى هي اليقظة من سنة الغفلة والنهوض عن ورطة الفترة وهو أول ما يستنير قلب العبد بالحياة لرؤية نور التنبيه.

الثاني التوبة قال تعالى {من لم يتب فأولئك هم الظالمون} فسقط اسم الظلم عن التائب الثالث المحاسبة قال تعالى {ولتنظر نفس ما قدمت لغد} وإنما يسلك طريق المحاسبة بعد العزيمة على عقد التوبة الرابع الإنابة قال تعالى {وأنيبوا إلى ربكم واسلموا له} والإنابة الرجوع. الخامس التفكر قال تعالى {وأنزلنا إليك الذكر ليتبن للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} والتفكر تصرف البصيرة لاستدراك البغية. السادس التذكر قال تعالى {وما يتذكر إلا من ينيب} والتذكر فوق التفكر فإن التفكر طلب والتذكر وجود السابع الاعتصام قال تعالى {واعتصموا بالله هو مولاكم} والاعتصام بحبل الله والمحافظة على طاعته من إقبال أمره والاعتصام به هو التوقي عن كل موهم والتخلص عن كل تردد الثامن الفرار قال تعالى {ففروا إلى الله} والفرار هو الهرب مما لم يكن إلى ما لم يزل التاسع الرياضة قال تعالى {والذين يؤتون ما أوتوا وقلوبهم وجلة} والرياضة تمرين النفس على قبول الصدق. العاشر السماع قال تعالى {ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم} ونكتة السماع حقيقة الانتباه اهـ باختصار فقف عليه لي محله إن شئت وفي تسمية التصوف تصوفا أقوال قال الشيخ زروق رحمه الله تعالى في قواعده وقد كثرت الأقوال في اشتقاق التصوف ورأس ذلك بالحقيقة خمس. أولها من الصوفة لأنه مع الله كالصوفة المطروحة لا تدبير لها. الثاني أنه من صوفة الفقهاء للينها فالصوفي هين لين الثالث أنه من الصفة إذ جملته اتصاف بالمحامد وترك الأوصاف المذمومة. الرابع أنه من الصفاء وصح هذا القول حتى قال أبو الفتح البستي رحمه الله تعالى تخالف الناس في الصوفي واختلفوا جهلا وظنوه مأخوذا من الصوف ولست أنحل هذا الاسم غير فتى صافي فصوفي حتى سمي الصوفي الخامس أنه منقول من الصفة لأن صاحبه تابع لأهلها فيما أثبت الله لهم من الصوف حيث قال تعالى {يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه} وهذا هو الأصل الذي يرجع اليه كل قول فيه والله أعلم اهـ وقيل سمي بذلك لأنه يصفي القلوب وهو كما قال أبو حامد الغزالي رضي الله عنه تجريد القلب لله

واحتقار ما سواه، قال وحاصله يرجع الى عمل القلب والجوارح في شرح نظم الإمام ابن ذكرى لشيخ شيوخنا سيد أحمد المنجور علم به تصفية البواطن من كدرات النفس في المواطن ما نصه: التصوف علم يعرف به كيفية تصفية الباطن من كدورات النفس أي عيوبها وصفاتها المذمومة كالغل والحقد والحسد والغش وطلب العلو وحب الثناء والكبر والرياء والغضب والأنفة والطمع والبخل وتعظيم الأغنياء والاستهانة بالفقراء، وهذا لأن علم التصوف يطلع على العيب والعلاج وكيفيته فبعلم التصوف يتوصل إلى قطع عقبات النفس والتنزه عن أخلاقها المذمومة وصفاتها الخبيثة حتى يتوصل بذلك إلى تخلية القلب من غيرالله وتحليته بذكره سبحانه اهـ ثم قال في شرح قوله وبه وصول العبد للاخلاص روح العبادة بالاختصاص الاخلاص إفراد الله تعالى بالطاعة بالقصد وهو أن يريد بطاعته التقرب إلى الله دون شيء آخر من تصنع لمخلوق واكتساب محمدة عند الناس أو محبة مدح من الخلق أو معنى من المعاني سوى التقرب إلى الله تعالى ولا شك أن العبد إنما يصل الى هذا باطلاعه على عيوب النفس وآفات العمل وكيفية العلاج حتى يتحرز من الرياء والخفاء وقصد الهوى النفسي وأشار بقوله روح العبادة بالاختصاص أي بسبب اختصاص المعلم بالله سبحانه إلى قول السيد ابن عطاء الله: الأعمال صور قائمة وأرواحها وجود سر الإخلاص فيها: قال سيدي أبو عبد الله بن عباد إخلاص كل عبد هو روح أعماله فبوجود ذلك حيلتها وصلاحيتها للتقرب بها ويكون فيها أهلية وجود القبول لها وبعدم ذلك يكون موتها وسقوطها عن درجة الاعتبار وتكون إذ ذاك أشباحا بلا روح وصورا بلا معان ثم قال في شرح قوله وذاك واجب على المكلف تحصيله يكون بالعرف يعني أن علم التصوف فرض عين على كل مكلف وذاك أن الغالب أن الانسان أن الانسان لا ينفك عن دواعي الشر والرياء والحسد فيجب عليه أن يتعلم ما يتخلص به من ذلك قال أبو حامد رضي الله عنه وكيف لا يجب عليه وقد قال ثلاث مهلكات الحديث ولا ينفك بشر عنها أو عن بقية ما سنذكره من مقدمات أحوال القلب كالكبر

والعجب وأخواتهما وتتبع هذه الثلاث المهلكات وإزالتها فرض عين ولا يمكن إلا بمعرفة حدودها ومعرفة أسبابها ومعرفة علاجها فإن من لا يعرف الشر يقع فيه والعلاج ممكن وهو مقابلة الشيء بضده فكيف يمكن دون معرفة السبب والمسبب فأكثر ما ذكرناه في ربع المهلكات من فروض الأعيان وقد تركه الناس كافة اشتغالا بما لا يعني وأشار بقوله تحصيله يكون بالمعرف إلى تحصيل علم التصوف بمعنى الاتصاف بثمرته يكون بالشيخ المعرف للمريد عيوب نفسه وخبايا حظوظها قال الإمام أبو عبد الله بن عباد ولا بد للمريد في هذا الطريق من صحبة شيخ محقق مرشد قد فرغ من تأديب نفسه وتخلص من هواه فيسلم نفسه إليه وليلزم طاعته والانقياد اليه في كل مايشير به عليه من غير ارتياب ولا تردد فقد قالوا من لم يكن له شيخ فإن الشيطان شيخه وقال أبو علي الثقفي رضي عنه لو أن رجلا جمع العلوم كلها وصحب طوائف الناس لا يبلغ مبلغ الرجال إلا بالرياضة من شيخ وإمام أو مؤدب ناصح ومن لم يأخذ آدابه من آمر له وناه يريه عيوب أعماله ورعونات نفسه لا يجوز الاقتداء به في صحيح المعاملات انتهى وقد استفيد من هذا الكلام ثلاث مسائل الأولى أن بالتصوف يصل العبد الى الاخلاص الذي هو روح العبادة. الثانية أن معرفته فرض عين على كل مكلف. الثالثة أن تحصيل هذا العلم لا بد له من الشيخ ولفظ هوادي في ترجمة الناظم جمع هاد اسم فاعل من هدى بمعنى بين وأرشد وهو معطوف على مبادىء والتعرف مصدر تعرف إذا طلب المعرفة ولعل المراد المعرفة وعبر بالتعرف للسجع والحاصل أنه وصف المسائل المذكورة في هذا الكتاب بوصفين بكونها يتوقف عليها المقصود ولذلك سماها مبادي وبكونها ترشد للمعرفة فمصدوق المتعاطفين في الترجمة شيء واحد والله أعلم وهو مسائل الكتاب لا أن المبادي غير الهوادي كما قد يعطيه العطف والله أعلم وَتَوْبةٌ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ يُجتَرَمْ تَجِبُ فَوْراً مُطْلَقاً وهْيَ النَّدَمْ بِشَرْطِ الاِقْلاَعِ ونَفْيِ الاِصْرَارْ وليَتلاَفَ مُمْكِناً ذَا اسْتِغْفارْ أخبر أن التوبة تجب أي وجوب الفرائض على الأعيان من كل ذنب أي كبيرا كان أو صغيرا كان حقا لله تعالى أو لآدمي أو لهما كان الذنب معلوما عنده أو مجهولا فتجب التوبة من الذنوب المجهولة إجمالا ومن المعلومة تفصيلا وجملة يجترم بالجيم صفة الذنب ومعناها يذنب لأن الجرم هو الذنب، قال في الصحاح الجرم الذنب والجريمة منه

تقول منه جرم واجرام واجترام بمعنى انتهى وأن وجوب التوبة على الفور لا على التراخي فمن أخرها وجب عليه التوبة من ذلك التأخيروالظاهر أن الاطلاق راجع للفورية فكما تجب التوبة من كل ذنب فكذلك تجب فورا في جميعها ويحتمل رجوع الاطلاق للذنب فيكون لتأكيد العموم المستفاد من لفظ كل كما ما تقدم وأن التوبة هي الندم أي على المعصية من حيث أنها معصية وإن شئت قلت لقبحها شرعا فالندم على شرب الخمر لاضراره بالبدن ليس بتوبة وإنما يكون الندم المذكور توبة بثلاثة شروط الأول الاقلاع أي عن الذنب في الحال بحيث يتركه ويتجنبه فورا ولكن هذا إنما يشترط في معصية اتصلت بالتوبة فلو تاب من معصية بعد الفراغ منها كشرب الخمر بالأمس سقط هذا الشرط الشرط الثاني أن ينوي أن لا يعود إلى ذلك أبداً وهذا الشرط لا بد منه في حق من تاب بعد الفراغ من المعصية، وفي حق من تاب حال التلبس بها فيلزمه مع الإقلاع أن ينوي أن لا يعود أبداً وعلى هذا الشرط عبر بنفي الاصرار إذ هو كما في الرسالة المقام على الذنب واعتقاد العودة اليه على أن الواو في كلام الرسالة بمعنى أو فإذا انتفيا ثبت مقابلهما وهو الاقلاع ونية أن لا يعود أبدا وهو الثاني هو المراد هنا وعلى هذا فنفي الاصرار أعم من الاقلاع فلو اكتفى بنفي الاصرار على الاقلاع لكفى والله أعلم، ولا يشمل الاقلاع من غير نية أصلا إذ لا بد في التوبة من النية لأنها روح العمل الشرط الثالث تلافي ما يمكن تلافيه وتداركه من الحق الناشىء عنها كحق القذف فيتداركه بتمكين نفسه عن المقذوف أو وارثه ليستوفيه وإلى ذلك أشار بقوله وليتلافى ممكنا وقيل لا يشترط ذلك بل يجب عليه فإن لم يفعله فتوبته صحيحة وذلك ذنب آخر تلزمه التوبة منه، قلت ويظهر من كلام بعضهم أن هذا الشرط آيل الى شرط الاقلاع وذلك ظاهر فإن من وجب عليه حق يمكنه تلافيه فلم يفعل لم يقلع إذ ما من وقت إلا وفيه عاص بترك التلافي فإن لم يمكن تدارك الحق كما إذا لم يكن مستحقه موجودا سقط هذا الشرط كما يسقط أيضا في توبة معصية لا ينشأ عنها حق لآدمي وذا استغفار حال التائب النادم واستغفاره شرط كمال لا شرط صحة والتوبة لغة الرجوع وشرعا الرجوع من أفعال مذمومة شرعا إلى أفعال محمودة شرعا وقيل الرجوع عن أربعة أشياء إلى أربعة أشياء من الكفر إلى الإيمان ومن المعصية إلى الطاعة ومن البدعة إلى السنة ومن الغفلة إلى اليقظة وقيل نفور النفس عن المعصية بحيث يحصل عن ذلك الندم على المعاصي والعزم على الترك في المستقبل والاقلاع في الحين فيرد المظالم

ويتحلل من الاعراض ويسلم نفسه للقصاص إن أمكن ذلك وهذا هو الذي ذكره الناظم ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم الندم توبة أي معظمها الندم على حد قوله صلى الله عليه وسلم الحج عرفات أي معظم أركانه عرفات والعبارات متقاربة المعنى قال الإمام سيدي عبد الرحمن الجزولي في شرح الرسالة: التوبة نعمة من الله تعالى على العبد وأبوابها مفتوحة ما لم يعاين أي الموت قال تعالى وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذ حضر أحدهم الموت أي حضرت أسبابه ومقدماته وما لم تطلع الشمس من مغربها قال تعالى {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل} والتوبة مما خصت به هذه الأمة لأنه كان من قبلنا إذا أذنب ذنبا يجده مكتوبا على باب داره وكفارته اقتل نفسك أو افعل كذا والتوبة مأخوذة من الثوب لأن يستر به العورة كما تستر التوبة الذنوب وليس بينهما فرق اهـ وانتظر قوله مأخوذة من الثوب فإن الثوب بالمثلثة والتوبة بالمثناة فمادتهما متغايرة والله أعلم وفي شرح جمع الجوامع لالعراقي قال الواسطي كانت التوبة في بني اسرائيل بقتل النفس كما قال تعالى {فتوبوا الى بارئكم فاقتلوا أنفسكم} قال فكانت توبتهم إفناء نفوسهم وتوبة هذه الأمة أشد وهي إفناء نفوسهم عن مرادها مع رسوم الهياكل ومثله بعضم بمن أراد كسر لوزة في قارورة لكن ذلك يسير على من يسره الله عليه اهـ، قال الجزولي وأما حكمها فهي فرض عين والأصل فيها الكتاب والسنة والاجماع أما الكتاب فقوله تعالى {وتوبوا الى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} وقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا توبو إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم} الآية. ولعل وعسى من الله تعالى بمعنى الوجوب وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم «توبوا فإني أتوب في كل يوم سبعين مرة

وفي بعضهاـ مائة مرة» وقال «والتائب من الذنب كمن لا ذنب له» والاجماع على أنها واجبة ويجب على كل مكلف مسلما كان أو كافرا حراً أو عبداً ذكراً كان أو أنثى مريضا أو صحيحا مقيما أو مسافراً، الشيخ لا خلاف أنها واجبة على الفور ولا قائل بأنها على التراخي فمن أخرها فهو عاص تجب عليه التوبة من تأخيرها لأنها معصية ثانية ثم قال وهي على قسمين واجبة من المحظور ومندوبة من المكروه اهـ (تنبيهات) الأول ظاهر قوله من كل ذنب وجوب التوبة من الذنب كبيراً كان أو صغيراً من الكبائر فتفتقر اليها اتفاقاً وفي الصغائر ثلاثة أقوال الأول أنها تفتقر إلى التوبة قاله القاضي عبد الوهاب وهو ظاهر قول الرسالة والتوبة فريضة من كل ذنب وهذا القول هو ظاهر النظم، قال أبو بكر بن الطيب وهو المشهور الثاني أنها لا تفتقر إلى توبة بل توبتها اجتناب الكبائر لقوله تعالى {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} وهو قوله في أول الرسالة وغفر الصغائر باجتناب الكبائر الثالث أنها إن كانت منوطة بالكبيرة كالقبلة لمن أراد الزنا ثم تاب عنه غفرت باجتناب الكبيرة وإن كانت منفردة مستقلة بنفسها افتقرت الى التوبة وهل تكفير الصغائر باجتناب الكبائر على القول به قطعي أو ظني قولان لجماعة الفقهاء والمحدثين والأصوليين الثاني الكبيرة والصغيرة نسبة وإضافة وإلا فكل ذنب فهو كبير بالنظر الى مخالفة ذي الجلال والاكرام وقال ابن عباس كل ما عصى الله تعالى به فهو كبيرة فتسمية بعض الذنب صغائر إنما هو تكفيرها باجتناب غيرها مما هو أكبر منها فكلها كبائر وبعضها أكبر من بعض ولهذا لم يأت في الشرع لفظ يحصرها في عدد معين وإنما ذلك ليكون الناس من اجتناب جميع المنهيات على حذر لئلا يواقعوها وما ورد في الاحاديث من تسميتها بالسبع الموبقات لا يدل على حصرها في سبع ولهذا قال ابن عباس هي الى السبعين وروي الى سبعمائة أقرب منها الى السبع وقد اختلف في الكبيرة على ستة أقوال فقيل هي ما توعد عليه بخصوصه في الكتاب أو السنة كقوله تعالى {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما} الآية وقيل ما فيه حد كالزنا والسرقة الآية الزانية والزاني الآية والسارق السارقة الآية

قال الرافعي وهم الى ترجيح هذا أميل وقيل هي ما نص الكتاب على تحريمه كقوله تعالى {حرمت عليكم الميتة} الآية أو وجب في جنسه حد وقيل أنها أخفيت ليكون الناس من اجتناب جميع المنهيات على حذر مخافة الوقوع فيها وقال الاستاذ أبو اسحق الإسفرايني والشيخ الإمام والد صاحب جمع الجوامع هي كل ذنب ونفيا الصغائر نظر الى عظمة من عصى بذلك وشدة عقابه وقيل وهو المختار وفاقا لإمام الحرمين إنها كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين ورقة الديانة ثم سرد صاحب جمع الجوامع منها نحو السبعة والثلاثين رأيت أن أذكرها منظومة ليسهل حفظها قال الإمام جلال الدين السيوطي في الكوكب الساطع في نظم جمع الجوامع في المسألة برمتها ما نصه وفي الكبيرة اضطراب إذ تحد فقيل ذو توعد وقيل حد وقيل ما في جنسه حد وما كتابنا بنصه قد حرما وقيل لا حد لها بل أخفيت وقيل كل والصغائر بقيت والمرتضى قول إمام الحرمين جريمة تؤذننا بغير مين بقلة اكتراث من أناه بالدين والرقة في تقواه [ش] كالقتل والزنا وشرب الخمر ومطلق المسكر ثم السحر والقذف واللواط ثم الفطر ويأس رحمة وأمن المكر والغصب والسرقة والشهادة بالزور والرشوة والقياده منع الزكاة وديانة فرار خيانة في الكيل والوزن ظهار نميمة كتم شهادة يمين فاجرة كذب على النبي يبين وسب صحبه وضرب المسلم سعاية عقوق قطع الرحم حرابة تقديمه الصلاة أو تأخيرها ومال أيتام رووا وأكل خنزير وميت والربا والغل أو صغيرة قد واظبا انتهى وقال الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في شرح العمدة سلك بعد المتأخرين طريقا فقال إذا أردت أن تعرف الفرق بين الصغائر والكبائر فاعرض مفسدة الذنب على مفاسد الكبائر المنصوص عليها فإذا نقصت عن أقل مفاسد الكبائر فهي من الصغائر وإن ساوت أدنى مفاسد الكبائر أو أربت عليها فهي من الكبائر وذلك مثل

إلقاء المصحف في القاذورات وتضميخ الكعبة بالعذرة فهذا من الكبائر ولم ينص عليها الشارع انتهى وقد كنت لفقت في نقل تقي الدين هذا أبياتاً لتكمل الفائدة بضمنها لنظم السيوطي المذكور آنفاً وهي قولنا: ولتقي الدين عن بعض نظر فيما نشا عن بعض ما منها ذكر من المفاسد مع الذي نشا عن غيرها من مغفل مما تشاء فإن تساويا أو أربى الآخر فهي كبيرة وقس ما يذكر ثم قال تقي الدين بعد كلام ولابد مع هذا من أمرين أحدهما أن المفسدة لا تؤخذ مجردة عما يقترن بها من أمر آخر فقد يقع الغلط في ذلك ألا ترى أن السابق إلى الذهن أن مفسدة الخمر السكر هو تشويش العقل فإن أخذ هذا بمجرده لزمه منه أن لا يكون شرب القطرة الواحدة كبيرة لخلائها عن المفسدة المذكورة مع أنها كبيرة وإن خلت عن المفسدة المذكورة لأنها تقترن بها مفسدة التجرؤ على شرب الخمر الكثير الموقع في المفسدة فهذا الاقتران يصيرها كبيرة الثاني إذا سلكنا هذا المسلك فقد تكون مفسدة بعض الوسائل إلى بعض الكبائر مساوية لبعض الكبائر أو زائدة عليها فامساك امرأة محصنة لمن يزني بها أو مسلماً معصوما لمن يقتله كبيرة أعظم مفسدة من أكل مال اليتيم المنصوص على كونه من الكبائر وكذلك لو دل على عورة من عورات المسلمين تقضي إلى قتلهم وسبي ذراريهم وأخذ أموالهم كان ذلك أعظم من الفرار من الزحف المنصوص على كونه منها وكذلك تفعل على القول بأن ما رتب عليه لعن أو وعيد فهو كبيرة متعتبر المفسدة بالنسبة إلى ما رتب عليه شيء من ذلك فما ساوى أقلها فهي كبيرة وما نقص فليس بكبيرة اهـ فلا بد من ذكر فروع الأول إذا وقعت التوبة بشروطها فهل تقبل قطعا أو ظناً فمذهب القاضي أنه لا يقطع بها ومذهب الشيخ أبي الحسن القطع بها والخلاف إنما هو في توبة المؤمن العاصي وأما توبة الكافر من كفره وهي إسلامه فالإجماع على أنها مقبولة قطعاً لقوله تعالى {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} وفي القطع بقبول توبته فتح لباب الإيمان وسوق إليه في عدم القطع بقبول توبة المؤمن وبقائه بين الرجاء والخوف، سد لباب العصيان ومنع منه الثاني واختلف هل تصح التوبة من بعض الذنوب أم لا فذهبت المعتزلة إلى أن ذلك لا يصح ولا خلاف بين أهل في صحتها وهي طاعة من الطاعات ويطلب بالتوبة فيما بقي وعلى هذا إذا أسلم الكافر فيصح إسلامه وإن كان يزني ويسرق

وحكمه حكم المؤمن العاصي فأما التوبة من كل الذنوب فهي التوبة النصوح الثالث إذا تذكر المذنب ذنبه فهل يجب عليه تجديد الندم أو لا قولان للقاضي وإمام الحرمين قائلا يكفيه أن لا يبتهج ولا يفرح عند تذكره الرابع من تاب ثم عاود فهل تكون عودته نقصاً أم لا قولان للقاضي مع ابن العربي وإمام الحرمين قائلاً توبته الأولى صحيحة وهذه معصية أخرى واختاره المتأخرون الخامس هل توبة الكافر نفس إسلامه أم لا بد من الندم على الكفر فأوجبه الإمام وقال غيره إيمانه لأن كفره ممحو بإيمانه وإقلاعه عنه قال تعالى {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} السادس الذنب الذي يتاب منه إن كان حقاً لله فيكفي فيه الندم والاقلاع ويشرع في قضاء الفوائت كالصلاة والصيام وشبه ذلك وإن كان حقا لآدمي وجب عليه رده إن كان مالاً والتحلل منه إن كان عرضاً فإن لم يجده ولا وجد أحداً من ورثته فإنه يستغفر الله ويتصدق عليه وإن كان نفساً وجب عليه تسليم نفسه للاولياء إن أمكن ذلك فإن لم يفعل مع الإمكان فمذهب الجمهور صحتها وهذه معصية أخرى ويجب عليه أن يتوب منها وقيل لا تصح وهو مرجوح وحَاصِلُ التَّقْوَى اجتِنابٌ وَامْتَثاَلْ في ظاهِرٍ وَباطِنٍ بِذَا تُنالْ فَجَاءَتِ الأَقْسامُ حقّاً أَرْبَعَةْ وَهِيَ لِلسَّالِكِ سُبْلُ المَنْفَعَةْ أخبر أن حاصل التقوى ومدارها المأمور بها في غير ما آية هي اجتناب أي للمنهيات في الظاهر والباطن وامتثال أي للمأمورات في الظاهر أيضا والباطن وبذلك الاجتناب والامتثال تنال التقوى وتدرك وإذا كان كذلك فأقسامها أربعة: اجتناب وامتثال في الظاهر فهذان قسمان اجتناب وامتثال في الباطن فهذان قسمان آخران ففي ظاهر وباطن يتنازع فيه اجتناب وامتثال وأن التقوى للسالك طريق إلى المنفعة أي الأخروية وسبل بضم السين وسكون الباء تخفيفاً عن ضم جمع سبيل وهو الطريق وأعلم أن التقوى في عرف الشرع هي وقاية الإنسان نفسه عما يضره في الآخرة قال البيضاوي والمتقي اسم فاعل من قوله وقاه فاتقى والوقاية فرط الصيانة ولها ثلاث مراتب الأولى التوقي من العذاب المخلد بالتبري عن الشرك وعليه قوله تعالى {ألزمهم كلمة التقوى} والثانية التجنب عن كل ما فيه إثم من فعل أو ترك حتى الصغائر عند قوم وهو المتعارف باسم التقوى في الشرع وهو المعنى بقوله {تعالى}

ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا والثالثة أن يتنزه عما يشغل سره عن الحق ويتبتل إليه بسرائره وهي التقوى الحقيقي المطلوبة بقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته} اهـ في تفسير ابن جزي: درجات التقوى خمس أن يتقي العبد الكفر وذلك مقام الإسلام أن يتقي المعاصي والمحرمات وهو مقام التوبة وأن يتقي الشبهات وهو مقام الورع وأن يتقي المباحات وهو مقام الزهد وأن يتقي حضور غير الله على قلبه وهو مقام المشاهدة، قال والبواعث على التقوى عشرة خوف العقاب الدنيوي والأخروى ورجاء الثواب الدنيوي والأخروي فهذه أربعة وخوف الحساب والحياء من نظر الله وهو مقام المراقبة والشكر على نعمه لطاعته والعلم لقوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} وتعظيم جلال الله وهو مقام الهيبة، وصدق المحبة فيه لقول القائل تعصى الإله وأنت تظهر حبه هذا محال في القياس بديع لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع وقال آخر قالت وقد سألت عن حال عاشقها بالله صفه ولا تنقص ولا تزد فقلت لو كان رهن الموت من ظمأ وقلت قف عن ورود الماء لم يرد انتهى والسالك أي إلى الله تعالى وهو المريد ويقابله المجذوب وهو المراد وهذا الثاني أعلى، قال الشيخ العارف سيدي أبو عبد الله بن عباد رضي الله عنه ونفعنا به: بنو آدم في أول نشأتهم ومبدأ خلقتهم وخروجهم من بطون أمهاتهم موسومون بالجهل وعدم العلم قال الله تعالى {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا} ثم إن الله تعالى لما اختص بعضهم بخصوصية عنايته واختار منهم من أهله لولايته وما ذلك إلا بحصول العلم الذي يتضمنه قوله تعالى {وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة} الذي يحقق لهم النسبة ويوجب لهم الزلفة والقربة المشار إلى ذلك بقوله {لعلكم تشكرون} جعلهم على قسمين مرادين ومريدين وإن شئت قلت مجذوبين وسالكين وكلاهما مراد ومجذوب على التحقيق قال الله عز وجل {الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب} فالمريدون السالكون إلى الله تعالى في حال سلوكهم محجوبون عن ربهم برؤية الأغيار

فالآثار والأكوان ظاهرة لهم موجودة لديهم والحق تعالى غيب عنهم فهم يستدلون بها عليه في حال ترقيتهم والمرادون المجذبون واجههم الحق بوجهة الاكرام وتقرب إليهم فعرفوه به فلما عرفوه على هذا الوجه انحجبت الأغيار عنهم فلم يروها فهم يستدلون به عليها ففي حال تذللهم فهذا حال الفريقين وبعيد ما بينهما وذلك أن المستدل به على غيره عرف الحق الذي هو الوجود الواجب لأهله وهو المختص بوصف القدم وأثبت الأمر المشار به إلى الآثار العدمية من وجود أصله المشار به إلى المؤثر المتحقق وجوده والمستدل بغيره عليه على عكس ما ذكرنا لأنه استدل بالمجهول على المعلوم وبالمعدوم على الموجود وبالأمر الخفي على الظاهر الجلي وذلك لوجود الحجاب ووقوفه مع الأسباب وعدم احتظائه بالوصول والاقتراب وإلا فمتى غاب حتى يستدل عليه بالأشياء الحاضرة ومتى بعد حتى تكون الآثار القريبة هي التي توصل إليه أو فقد حتى تكون الآثار الموجودة هي التي تدل عليه عجبت لمن ينبغي عليك شهادة وأنت الذي أشهدته كل مشهد يَغُضُّ عَينَهُ عَنِ المحارِمِ يَكُفُّ سَمْعَهُ عَنِ الْمَآَثِمِ كَغِيبَةٍ نَمِيمةٍ زُورٍ كَذِبْ لِسَانُهُ أَحْرَى بِتَرْكِ مَا جُلِبَ يَحْفَظُ بَطْنَهُ مِنَ الحَرَامِ يَتْرُكُ مَا شُبِّهَ بِاهتِمامِ يَحْفَظُ فَرْجَهُ وَيتَّقِي الشَّهيدْ في البَطْشِ والسَّعْي لِمَمْنوع يُريدْ وَيُوقِفُ الأمُورَ حَتَّى يَعْلَمَاَ ماَ الله فِيهِنْ بِهِ قَدْ حَكَمَا [ش] يُطَّهِرُ الْقَلْبَ مِنَ الرِّياءِ وَحَسَدٍ عُجْبٍ وكُلِّ داءٍ قال الإمام سيدي عبد الرحمن الجزولي في شرح الرسالة: الدين شيئان امتثال الأوامر واجتناب النواهي واجتناب النواهي أشد على النفس من امتثال الأوامر لأن امتثال الأوامر يفعله كل أحد واجتناب النواهي لا يفعله إلا الصديقون وهذا كله لا يتوصل إليه إلا بالعلم قال الله تعالى {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} والدليل على أن ترك النواهي أشد قوله صلى الله عليه وسلم لقوم قدموا من الغزو «رجعتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس عن هواها» وروي

عنه صلى الله عليه وسلم أن قال «خلق الله الجنة فحفها بالمكاره وخلق النار فحفها بالشهوات» وخلق للنار سبعة أبواب وخلق لابن أدم سبعة جوارح فمتى أطاع الله بجارحة من تلك الجوارح السبعة غلق عنه باب من تلك الأبواب ومتى عصى الله بجارحة من تلك الجوارح السبعة استوجب الدخول من باب من تلك الأبواب والجوارح السبعة هي السمع والبصر واللسان واليدان والرجلان والبطن والفرج وسميت جوارح لأنها كواسب تكسب الخير والشر وأصل صلاح هذه الجوارح وفسادها من القلب لأن القلب كالسلطان والجوارح كالأجناد لا تفعل إلا ما أمرها به القلب وقد قال «إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب» قالها ثلاثاً. فينبغي للإنسان أن يجعل من جوارحه حاجباً يمنع عنها كل شيء بأن يمتثل الأمر ويجتنب النهي حتى يجري أفعاله وأقواله كلها على سنن للشرع قال الله تعالى {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا} وقد نبه أبو محمد على هذا في أول الكتاب حيث دعا وقال أعاننا الله على رعاية ودائعه وهي الجوارح باجتناب المنهيات وحفظ ما أودعنا من شرائعه بامتثال المأمورات فمن رعى ودائعه وحفظ شرائعه فقد فاز، قال صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته» الشيخ: والجوارح نعمة من الله على العبد وأمانة لديه ومن أشد الطغيان وغاية الخسران استعانة العبد بنعمة الله على معصية الله تعالى وخيانته لما أمنه الله تعالى عليه اهـ وقد اشتمل كلام الناظم في هذه الأبيات على أربع مسائل: الأولى: حفظ الجوارح السبعة كل بما يليق به الثانية ترك الأمور المشبهات بالحلال مع عدم القطع بكونها منه. الثالثة الوقوف على الأمور التي لم يعلم حكم الله فيها فلا يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه. الرابعة تطهير القلب من أمراضه كالرياء والحسد والعجب وغير ذلك فقوله يغض ويكف ويحفظ في الموضعين ويترك ويتقي ويوقف ويطهر لفظها لفظ الخبر والمراد الطلب ولولا رفعها لقلت إنها على حذف لام الأمر لكنها إذا حذفت يبقى عملها وهو الجزم والغض والستر وغض البصر عن المحارم فرض عين والدليل عليه الكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب فقوله تعالى {قل للمؤمنين يغضوا من

أبصارهم ويحفظوا فروجهم} فقرن الأمر بغض البصر مع الأمر بحفظ الفرج وهو في الأخير للوجوب باجماع وأتى بمن الدالة على التبعيض ليبقى جواز النظر إلى الزوجات ونحوها إذ لو قال يغضوا أبصارهم للزم غض البصر مطلقاً حتى لا يرى الإنسان أين يمشي، وأما السنة فقول صلى الله عليه وسلم العينان تزنيان وزناهما النظر والإجماع على تحريم النظر إلى المحارم وهي النساء والمراد من الصبيان على جهة الالتذاذ وإلى ما يكره مالكه أن ينظر له فيه من الكتب والأمتعة ونحوها وإلى الملاهي الملهية على أحد القولين والقول الآخر بالكراهة فقط ومن المحرم أيضاً النظر في عورات النساء وعيوبهن والنظر إلى أخيه المسلم بعين الاحتقار والازدراء وانظر هل مما نحن بصدده من نظر العين أو هما من عمل القلب وهو الظاهر إذ لا يحتاج إلى العين في تلك الرسالة وليس في النظرة الأولى بغير تعمد حرج ومفهومه أن في الثانية الحرج وكذا في الأولى بتعمد وقد روي عنه أنه قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لا تتبع النظرة النظرة فإن النظرة الأولى لك والثانية عليك قيل معناه لا تتبع نظر عينيك نظر قلبك وقيل معناه لا تتبع النظرة الأولى الواقعة سهواً بالنظرة الثانية التي وقعت عمداً وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه العيون مصائد الشيطان، وقال بعض الحكماء من أرسل طرفه استدعى حتفه، وجاء في قوله تعالى {يعلم خائنة الاعين} أنها النظرة الثانية {وما تخفي الصدور} قيل الأولى (فرع) من تابع التفكير اختياراً فهو كمتعمد النظر ومن دفعه من قبله ما استطاع ولم يندفع لما كلف به مما ليس في مقدوره ولا بسبب له فيه فلا شيء عليه فيه (فرع) يجوز النظر إلى المرأة المتجالة وهي الكبيرة التي لا أرب للرجال فيها مشتقة من التجلي وهو الظهور ولا تحجب لانقطاع أربها من النكاح وانظر هل هذا لكل أحد وإنما يباح النظر إليها لمن لا يتهم أن يتعلق بها قلبه كالشاب وأما الشيخ فلا يجوز له النظر إليها إذ قد يتشوف إليها وقد جاء عن أبي حنيفة لكل ساقطة لاقطة ويدل على

الثاني أنهم أباحوا النظر إلى الوحش ولم يبيحوه إلى العلى وما ذلك إلا للتشوف وعدمه (فرع) يجوز النظر إلى الشابة لعذر من شهادة عليها إذا باعت أو اشترت أو تزوجت فيجوز للشهود النظر إليها ليتحققوا صفاتها ويكتبوها أعني صفات الوجه والسن والقد وهذا إذا كانوا لا يعرفونها وأما إن عرفوها فلا ينظروا إليها ويكتفوا بسماع كلامها وكذلك إن أخبرهم بها مخبر فحصل لهم العلم بذلك وقال ابن شعبان ينبغي أن لا يشهد لشابة أو عليها إلا من يبلغ ستين سنة من الشهود ومن الشهادة لها الشهادة على جرح فيها وهل هو مأمومة أو جائفة أو غيرهما وشبه الشهادة عليها نظر الطبيب والجرائحي إذا كان في الوجه أو في اليدين والرجلين وأما في الفرج فلا يجوز واختلف إذا كان في سائر الجسد فقيل يقطع عليه الثوب وينظر إليه وقيل لا ينظر إليه إلا النساء ونظر الراقي وقد ذكر عن الشيخ أبي يعرى نفعنا الله ببركاته أنه كان يرقي النساء فأنكر ذلك عليه بعض الفقهاء فلما وصلوا إليه قال لهم جئتم لكذا أليس أنكم تقولون يجوز للطبيب أن ينظر إلى موضع الداء أفلا جعلتموني كالطبيب الكافر فانقطعوا (فرع) يجوز للخاطب أن ينظر من المخطوبة الوجه والكفين بعلمها وهذا إذا خطبها لنفسه وكان يظن الإجابة وإلا لم يجز له ذلك (فرع) اختلف في عبد المرأة هل يجوز له النظر إليها أو يمنع، ثالث الأقوال يجوز إذا كان وغداً أي قبيح المنظر ولا يجوز إن كان غير وغد واختلف في عبد زوجها وعبد الأجنبي وهل يدخلان عليها ويريان شعورها أم لا قولان المشهور المنع (فرع) واختلف فيمن أراد شراء أمة هل يجوز له أن ينظرها أما الأطراف فلا خلاف أنه يجوز له أن ينظرها كما أنه لا خلاف أنه لا يجوز له النظر إلى الفرج وفي النظر إلى جسدها قولان الجواز والمنع (فرع) يجوز لكل من الزوجين النظر إلى فرج الآخر ولحسه بلسانه وكذا السيد مع أمته وقيل بكراهة ذلك لأنه يؤدي إلى ضعف البصر، قاله بعض الأطباء وكذا يكره النظر لعورة الصبيان (فرع) اختلف هل يجوز للرجل أن يرى شعر أم زوجته أم لا على قولين وكذا اختلف في العم والخال هل تضع المرأة خمارها عندهما أم لا فكرهه الشافعي وعكرمة لكونهما ينعتانها لأبنائهما وأجازه بعضهم هذا بعض ما يتعلق بالبصر وأما السمع

فيجب عليه أيضاً أن يكف سمعه عن كل ما يأثم بسماعه كالغيبة والنميمة والزور والكذب ونحوه وعلى ذلك نبه الناظم بقوله يكف سمعه عن المأثم كغيبة ونميمة زور وكذب ويأتي تفسيرها قريباً في عد آفات اللسان إن شاء الله قال في الرسالة ولا يحل لك أن تتعمد سماع الباطل كله قال الشيخ الجزولي يشتمل الغناء والملاهي الملهية والغيبة وسماع كلام امرأة لا تحل لك وسماع المحلقين للقصص وغيرها والباطل كثير ومفهومه أنه لم يتعمد فلا إثم عليه ولكن ذلك إذا سمعه وألغاه وأعرض عنه كالنظرة الأولى فأما إذا سمعه فتمادى على سماعه فهو مأثوم والأصل في ذلك قوله تعالى وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقوله «المستمع شريك القائل» قال الشاعر وسمعك صن عن سماع القبيح كصون اللسان عن النطق به فإنك عند سماع القبيح شريك لقائله فانتبه قال وهذا الحديث يعارض ما قال مالك في موطأ يحيى بن يحيى قال له أوصني قال أوصيك بثلاث الأولى اجمع لك فيها علم العلماء هي إذا سئلت عن شيء لا تدري فقل لا أدري والثانية اجمع لك فيها طب الأطباء وهي أن ترفع يدك من الطعام وأنت تشتهيه والثالثة اجمع لك فيها حكمة الحكماء وهي إذا كنت في قوم فكن أصمتهم فإن أصابوا أصبت معهم وإن أخطأوا سلمت منهم مع أنه قال في الحديث المستمع شريك القائل فيحمل ما قاله مالك على ما إذا كان لا يقدر على تغييره ولا على أن يقوم عنهم قال ابن شعبان وكذلك الأمرد من الصبيان لا يحل سماع كلامه إذا كان فيه لين يخاف منه اللذة قال أبو حامد ولا يصلي خلفه الأشفاع لأنه يتلذذ بصوته ثم قال الشيخ الجزولي عند قوله ولا سماع شيء من الملاهي والغناء: والملاهي آلة الغناء كالمزمار والأتار وما أشبه ذلك والغناء ممدود وهو كلام موزون طيب مفهوم المعنى محرك للقلب وتحريم سماع الملاهي والغناء عام في الرجال والنساء وإذا حرم سماع الملاهي على الانفراد فأحرى إذا اجتمعا وظاهره سواء اتخذ ذلك حرفة أو لا أكثر التردد إليه أم لا، أما إن اتخذه حرفة أو أكثر التردد إليه فلا خلاف في المذهب أنه حرام وأن ذلك جرحة في شهادته وإمامته واختلف فيمن ليس ذلك حرفة له وقل حضوره له فقيل حرام وقيل مباح،

الشيخ: ومذهب مالك أن سماع آلة اللهو كلها حرام إلا الدف في النكاح والكبر على خلاف وكذلك استعمالها وبيعها وشراؤها ولا يجوز وقيل يجوز الاستماع اليها وقال أبو حامد الطبل والقصب والدف والقضيب فيجوز سماعه ولا يحرم إلا ما ورد في الشرع تحريمه وذلك كالأتار والمزامير والعود والقرن المعتاد للشرب فيمنع تبعا لمنع شرب الخمر ليكون ذلك مبالغة في الانقطاع وأما الغناء فمذهب مالك منعه سواء كان بآلة أو بغير آلة وروي عن الشافعي إجازته إذا كان بغير آلة ثم قال فإن كان يحرك ما في القلب من الخوف ومحبة الله تعالى كان مندوباً إليه وإن كان يحرك محبة المخلوق لغلبة الشهوة وتمكنه من الشيبة فالسماع في حقه حرام ومن لم يتصف باحدى الوصفين المتقدمين اتخذه مستراحاً يتقوى به على حاله فهو مكروه عند أهل الفضل والدين لأنه لهو ولعب واختلف عندهم في التواجد فقيل لا يجوز وإن من حسن الأدب الإصغاء وترك المشقة والحركة وخصوصاً الشاب بين يدي المشايخ والمبتدىء بين يدي المنتهي وذهب بعضهم إلى جوازه ورجاء لتحقيق الوجد وتهييج ما هو كامن في البطن ككمون النار في الحجر ولا تظن أن ذلك لفهم المعنى بل ذلك ثابت في كل الحيوانات وخصوصاً الإبل فإنها كلما طالت عليها البراري وسمعت الحداء مدت أعناقها وطوت المراحل ثم قال: ويقال أن الطير كانت تقف على رأس داود عليه السلام لاستماع صوته وقال أبو سليمان لا يحصل في القلب ما ليس فيه ولكن يحرك ما هو فيه/ الشيخ: وللسماع عندهم شروط منها المكان والإمكان والإخوان وطول الاشتياق وأن لا يحضر هناك شاب يخاف منه الفتنة قال وقد اتفق أربعون شيخاً أن ما على الشيخ اللبيب أشد من الشاب وقال ومن البدعة الكبرى ما نشاهده في كثير مما يدعي لنفسه العبادة والتقدم في الزهد وينسب نفسه إلى التصوف والفقر من الاضطراب وأنواع الرقص والإيماء باليد والرأس والضرب على الصدر والوقوع على الحاضرين حتى يؤدي ذلك إلى الضحك والطنز والاستهزاء وأما اللسان فأشار إليه بقوله (لسانه أحرى بترك ما جلب) فلسانه أحرى جملة اسمية والمبتدأ على حذف مضاف يدل عليه يكف وبذلك المضاف يتعلق بترك وبنى (جلب) للمجهول للوزن والجالب هوالناظم أي كف لسانك بترك ما جلبناه وذكرناه وأتينا به في كف السماع من الغيبة والنميمة والزور والكذب ونحوها من المآثم أحرى أي في الوجوب من كف السماع عن ذلك والأحروية ظاهرة قال في الرسالة ومن الفرائض صون اللسان عن الكذب والزور والفحشاء والغيبة والنميمة والباطل وكذلك قال رسول الله «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت» قال الشيخ الجزولي اللسان نعمة من الله تعالى على

العبد وهو أشد الجوارح السبعة وروي أنه ما من صباح إلا والجوارح تشكو به وتقول ناشدناك الله إن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا وخطر اللسان عظيم لا يسلم منه إلا بالصمت ولذلك مدحه وحث عليه فقال «من صمت نجا» وقال «الصمت حكم وقليل فاعله» وقال «من تكفل لي ما بين لحييه ضمنت له على الله الجنة» وقال ابن مسعود بالله الذي لا إله إلا هو ما من شيء أحوج إلى طول السجن من اللسان وروي عنه أنه قال لساني سبع إن أطلقته أكلني. وحقيقة الكذب الاخبار عن الشيء على غير ما هو عليه والصدق ضده والشك في الحديث كالكذب فيه قال مالك من حدث بكل ما سمع فهو كاذب فينبغي أن لا يحدث الانسان إلا بما علمه قطعاً أو سمعه أو نقل إليه نقلاً متواتراً ثم إن كان الكذب سهواً فلا إثم فيه ولا حرج لقوله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وإن كان عمداً فهو محرم باجماع، في الجملة وإن كان تعرض له أحكام الشريعة الخمسة باعتبار متعلقاته والدليل على تحريمه في الجملة الكتاب والسنة والاجماع أما الكتاب فقوله تعالى {ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين} وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم «ثلاث من كن فيه فهو منافق من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان» ومعناه منافق في العمل لا في الاعتقاد وقال أيضاً إياكم والكذب فإنه يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً وعليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن

الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً إلى غير ذلك مما ورد والاجماع على أن الكذب محرم فمن أباحه استفسر فإن أباح ما هو حرام منه فإنه يستناب ثلاثاً فإن تاب وإلا قتل فحكمه في الجملة التحريم ثم قد يكون واجباً مثل أن يكذب لإنقاذ نفس أو مال كما إذا هرب الإنسان من ظالم إلى جهة فيسألك عنه فتقول له جاز يميناً وهو على الشمال فالكذب في هذا واجب يؤجر عليه فإن صدق أثم وعليه أن يحلف إذا طلب منه اليمين ويلغز بيمينه ولا يلزمه الطلاق إن حلف واللغز أن ينوي في يمينه طلاق الدابة من وثاقها أو الحجر من الأعلى إلى الأسفل واختلف إذا حلف ولم يلغز في يمينه هل يلزمه الطلاق أم لا على قولين سببهما هل هو كالمكره أم لا، ويكون حراماً وهو الكثير فيه كالكذب لقطع حق مخلوق أو على وجه المزاح للانبساط وكلاهما حرام والأول أشد من الثاني والتوبة من الأول الاستحلال من المظالم والنية أن لا يعود ومن الثاني الندم والنية أن لا يعود ويكون مستحباً وهو الكذب على الكفار بأن يقول لهم إن المسلمين تهيئوا للقائكم بكثرة العدد وتأمر عليهم البطل فلان ونحو ذلك ويكون مكروهاً وهو الكذب للزوجة ومباحاً وهو الكذب للاصلاح بين المسلمين إذا وقعت بينهم شحناء وقيل في هذا إنه مندوب قال والعرض على الضيف بغير جد حرام من وجهين أحدهما أنه أطعمه الحرام والثاني كذب من غير منفعة وانظر هل يجوز التعريض بالكذب كما روي عن اللخمي أنه إذا أتاه من يكره رؤيته يقول لجاريته قولي له انظره في المسجد وروي عن الشعبي أنه كان إذا أتاه من يكره رؤيته يقول لجاريته اجعلي اصبعك في وسط دائرة وقولي له ليس هو هنا فأباح هذا وكره التصريح قال أبو حامد وتباح المعاريض تخفيفاً كقوله عليه السلام «لا تدخل الجنة عجوز» وقوله في عين زوجك بياض لأن هذه الكلمة أوهمت خلاف المراد فيباح هذا مع النساء والصبيان لتطيب قلوبهم بالمزاح ومن يتمتع من أكل الطعام فلا ينبغي أن يكذب ويقول لا أشتهي شيئاً إذا كان يشتهي بل يعدل إلى المعاريض وقد قال لامرأة قالت ذلك «لا تجمعي بين كذب وجوع» والزور أيضاً وهو الإخبار

بالشيء على غير ما هو عليه إلا أنه خاص بالشهادة مشتق من زور الصدر وهو اعوجاجه لا من نزور الكلام الذي هو تحسينه وقال الزناتي من زور زوراً إذا مال عن الصواب ودليل تحريمه الكتاب وهو قوله تعالى {والذين لا يشهدون الزور} {وإنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً} والسنة وهو قوله «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قالوا بلى يا رسول قال الاشراك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور أو قول الزور» وأجمعت الأمة على تحريمه والفحشاء مأخوذة من فحش الشيء إذا ظهرت قبائحه واشتهرت قولاً كان أو فعلاً والمراد هنا القول القبيح، قال إن الله يكره الفاحش البذيء وهو الذي لا يكني عن الألفاظ المتفاحشة فيدخل فيه كل ما يستحيا منه أن يذكر بمحضر أهل الفضل والصلاح ومن يجب توقيره كالآباء والإخوة كذكر الغائط والجماع بألفاظ العامة السفهاء والسفلة من الناس والغيبة وهي أن تقول في أخيك ما لو سمعه لكرهه ولو كان ذلك فيه سواء كان ذلك في نفسه أو بدنه أو ماله أو ولده أو في فعله أو قوله أو في دينه أو دنياه حتى في ثوبه وردائه ودابته وكل ما يتعلق به حتى قولك واسع الكم أو طويل الذيل سواء كان تصريحاً أو تعريضاً أو بالاشارة أو الرمز وهي محرمة بالكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب فقوله تعالى {ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه} قيل وجه الشبه بينهما أن الميت لا ينتصر لنفسه وأما السنة فقوله «إياكم والغيبة فإنها أشد من الزنا» وفي رواية «أشد من ثلاثين زنية في الاسلام» وقال «من أراد أن يفرق حسناته يميناً وشمالاً فليغتب الناس» وقال عليه الصلاة والسلام «الغيبة تأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب الرقيق» وقال حأتدرون من المفلس من أمتي قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال «إنما المفلس من أمتي الذي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وقد شتم هذا

وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته فإذا نفذت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم وطرحت عليه ثم طرح في النار» أخرجه مسلم عن أبي هريرة، وقال «من اغتيب أخوه بمحضره فنصره نصره الله في الدنيا والآخرة وإن لم ينصره أذله الله في الدنيا والآخرة» وقال ابن المبارك «لو كنت ممن يغتاب الناس لاغتبت أبوي فإنهما أحق بحسناتي» وروى عن الحسن أنه بلغه أن رجلاً اغتابه فأهدى له طبقاً من رطب فقيل له في ذلك فقال بلغني أنه أهدى إلي حسناته وهي أحب ما عنده فأهديت له أحب ما عندي وقال مالك رضي الله عنه أدركت أناساً بالمدينة لا عيوب لهم فاشتغلوا بعيوب الناس فأحدث الناس لهم عيوباًوأدركت أناس بالمدينة لهم عيوب فسكتوا عن عيوب الناس فسكت الناس عن عيوبهم، ثم قال: وأشد الغيبة غيبة القراء لأنها تجمع بين الغيبة وتزكية النفس والنفاق وكلها حرام كأن يقول أصلح الله فلاناً لقد أساء فيما جرى له فيظهر من نفسه الدعاء له ويقول بلسانه ما ليس في قلبه لأن مراده أن يسمع الناس قبحه وإلا دعا له سراً أو كتم معصيته أو يقول الحمد لله الذي لم يبتلنا بالدخول على السلطان لطلب الدنيا وهو يعرض بغيره/ الشيخ: ومن الغيبة أن يقول: السدراتي فعل كذا لأن ذلك تكرهه قبيلته فلو قال: كان فلان يفعل كذا وكذا ففي كونه غيبة قولان والمستمع للغيبة شريك للمتكلم بها فيجب على من سمعها أن يقوم من ذلك الموضع الذي سمعها فيه إن أمكنه ذلك وإن لم يمكنه نهاهم عن ذلك بقول غليظ مظهراً في وجهه ذلك فإن انتهوا فهو المطلوب وإلا أبغضهم في قلبه وكذبهم لأنهم فساق فإن قال لهم دعوا غيبة الناس ومقصوده إظهار الورع فلا يخرجه ذلك عن الغيبة قال بعض العلماء الغيبة فاكهة القراء ومزبلة الأتقياء ومراتع النساء وتباح الغيبة في مواضع عند السلطان لدفع ظلم والشكاية به فيذكر للسلطان أمره وما فعل له أما عند غيره ممن لا قدرة له على الدفع فلا، وعند الاستغاثة على تغير المنكر ورد الظالم عن ظلمه بمن له قدرة على ذلك أيضاً وعند المفتي كقول هند رضي الله عنهما للنبي إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي، وعند التحذير من مصاهرة أو شركة أو مجاورة وعند التعريف به فيذكر عدالته أو جرحته ويدخل في ذلك دعاء من عرف باسم فيه عيب بذلك الاسم

كالأعرج والأعمش والطويل إذا قصد صفته لا غيبته والعدول الى اسم آخر أولى وعند ذكر بدعة المبتدع سواء أكانت بدعته ظاهرة يدعو إليها أو خفية يلقيها لمن يظفر بها وعند ذكر فسق الفاسق المجاهر بفسقه قال عليه الصلاة والسلام «من ألقى جلباب الحياء عن وجهه فلا غيبة فيه» قال أبو حامد والصحيح أن ذكر الفاسق بمعصية يخفيها ويكره ذكرها لا يجوز من غير عذر اهـ باختصار وبعضه بالمعنى وقد نظم بعضهم هذه المواضع السبعة التي تجوز فيها الغيبة في بيت فوطأ له شيخنا الامام العالم الحاج الأبر سيدي أبو العباس أحمد محمد بن القاضي رحمه الله ببيتين آخرين قبله وهما هذان ألا إن اغتياب الناس ذنب عظيم الوصف من أردى المناكر فحب غيبة إلا حروفا ببيت جاء عن بعض الأكابر تظلم واستغث واستفت حذر وعرف بدعة فسق المجاهر ثم قال الإمام الجزولي ودواء الغيبة في التفكر بالوعيد الوارد فيها من تبديد حسناته وغيره وبالتفكر في عيوب نفسه فيشغله ذلك عن عيوب الناس قال صلى الله تعالى عليه وسلم «طوبى لعبد شغلته عيوبه عن عيوب الناس» وبالصمت أيضاً والنميمة هي أن ينقل الانسان من غيره إلى غيره ما يكره المنقول فيه سماعه أو المنقول عنه التحدث به سواء كان ذلك بالكلام أو بغيرهما وهي محرمة بالكتاب والسنة وبالاجماع قال تعالى {لا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم} وقال {ويل لكل همزة لمزة} وهو الذي يعيب الناس ويفسد بينهم وقال صلى الله عليه وسلم «أشد الناس عذاباً يوم القيامة المشاءون بالنميمة والقطاعون بين الاخوان» وقال «لا يدخل الجنة قتات» والقتات النمام والاجماع على تحريمها لأنها تؤدي إلى التقاطع والتدابر المنهي عنهما وقال صلى الله عليه وسلم «لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله اخوانا» ومن نقل ما يكره فيجب عليه خمسة أشياء: أن لا يصدق الناقل لقوله تعالى {يا أيها الذين

آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} وأن ينهاه عن ذلك لأنه من باب النهي عن المنكر وأن يبغضه في الله تعالى لأن الله تعالى يبغض النمام والحب في الله والبغض في الله من الإيمان وأن لا يفحص عن حقيقة ما قاله له لقوله تعالى {ولا تجسسوا} وهذا تجسس وأن لا يعاقب بذلك المنقول عنه لأن في ذلك نميمة/ الشيخ: فكيف يحب الانسان ويعتقد أنه ناصح له كما هو في زماننا من ينقل إليه ما يكره ويوجب عليه خمس مسائل كما تقدم، وقد روي عن بعض الصالحين أنه دخل عليه رجل فقال له: ان فلاناً قال فيك كذا وكذا فقال له يا هذا طالت غيبتك عني وألزمتني ثلاثة أشياء شوشتني وشغلت خاطري بعد أن كان فارغاً وبغضت إلي أخي بعد أن كان حبيبي وأدخلتني الشك فيك بعد أن كنت عندي مأموناً الشيخ: النميمة أشد من الغيبة لأن فيها الغيبة وزيادة كذلك يحرم أنواع سائر الباطل ككثرة المزاح لأنه يؤدى إلى ذهاب الهيبة والوقار ولذا قال بعض الحكماء لا تمازح الشريف فيحرقك ولا الدنيء فيتجاسر عليك ومن الباطل تزكية الانسان نفسه وذم الطعام بل إن أعجبه أكله وإلا تركه واللعنة فلا يجوز لعن إنسان معين وإن كان كافراً وأما لعن الجنس فيجوز لخبر لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده وقد ذكر الامام أبو حامد الغزالي رضي الله عنه من أنواع الباطل المتعلقة باللسان عشرين آفة الأولى الكلام فيما لا يعني وهو ما لا يعود على الانسان منفعة لا في دنياه ولا في آخرته ولذا قيل إن العاقل لا ينبغي له أن يرى إلا ساعيا في تحصيل حسنة لمعاده أو درهم لمعاشه، وقال بعض الحكماء من اشتغل بما لا يعنيه فاته ما يغنيه والثانية فضول الكلام كتكرار ما لا فائدة في تكراره والاتيان بالألفاظ المستغنى عنها وذكر الله في غير محل التعظيم كقوله الهم أخر هذا الكلب أو الحمار وفضول الكلام لا تنحصر بل المهم محصور في قوله تعالى لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف والثالثة الخوض في الباطل مثل حكايات أحوال النساء ومجالس أهل الخمر ومقامات

الفساق وتنعم الاغنياء وتجبر الملوك والرابعة المراء والجدال في الدين والخامسة الخصومة واللدده السادسة التصنع في الكلام بتكلف السجع ونحوه. والسابعة السب والفحش. والثامنة اللعن لانسان أوحيوان أو جماد. والتاسعة الغناء والشعر. والعاشرة كثرة المزاح والافراط منه والحادية عشرة الاستهزاء والسخرية ويكون بالأقوال والأفعال والمحاكاة. والثانية عشرة إفشاء السر وهو منهي عنه لما فيه من التهاون. والثالثة عشرة الوعد الكذوب إذ هو من علامات النفاق. والرابعة عشر الكذب وأحرى في اليمين والخامسة عشر الغيبة. والسادسة عشرة النميمة. والسابعة عشرة كلام ذي اللسانين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه. والثامنة عشرة المدح لما قد يكون فيه من الكذب والرياء ومدح الظالم ولما يدخل على الممدوح من الكبر والعجب والرضا عن النفس ونحو ذلك. والتاسعة عشرة الغفلة عن دقائق الخطأ في بحر الكلام لا سيما ما يتعلق بالله وصفاته مثاله ما روى حذيفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لايقل أحدكم ما شاء الله وشئت ولكن ليقل ما شاء الله ثم شئت» وذلك لأن العطف بالواو يوهم التشريك وقال عليه الصلاة والسلام «لاتقولوا للمنافق سيدنا فإنه إن يكن سيدكم فقد أسخطتم

ربكم» وقال صلى الله عليه وسلم «من قال أنا بريء من الاسلام فإن كان صادقا فهو كما قال أو كاذباً فلا يرجع إلى الاسلام سالماً». العشرون سؤال العوام عن غير ما كلفوا به من علم العقائد كسؤالهم عن الحروف هل هي قديمة أو حادثة ونحو ذلك اهـ باختصار وبعضه بالمعنى وقد كنت حالة قراءة هذا المحل من الرسالة لفقت في هذه الآفات أبياتاً لتحفظ وهي هذه: وللكلام من الآفات فاستمعن عشرون خذ عدها عن عالم رجل ما ليس يعنيك والفضول فاجتنبن والخوض في باطل مراء مع جدل خصومة وتصنع الكلام وزد سباً ولعناً غنا كشاعر محل مزح وسخرية وعد كذوب كذا إفشاء سر مع الكذاب ذي الحيل نميمة غيبة مدح يضاف لها ومن له فاعلمن وجهان كالجبل والسهو عن خطايا لدى الكلام وزد شغل ذوي الجهل بالتوحيد والعلل من غير ما كلفوا خوضاً به وهنا قد ما رمت بالتفصيل والجمل ويستعان على السلامة من هذه الأشياء بالخلوة ومجانبة الناس وبالصمت ففي الحديث من صمت نجا وفي الصمت حكمة وقليل فاعله قيل للسلامة عشرة أجزاء منها في الصمت وقال بعض الحكماء في الصمت سبعة آلاف خير وقد جمع ذلك في سبع كلمات في كل كلمة ألف خير وهي حصن من غير حائط، زينة من غير حلى، راحة الكرام الكاتبين، هيبة من غير سلطان، ستر العيوب، عبادة من غير عناء، الاستغناء عن الاستعذار إلى أحد، وقد كنت لفقت في ذلك بيتين وهما قولنا وفي الصمت حسن ثم زينة راحة كذا هيبة ستر عبادة واستغنا وفي كلها ألف من الخير فاعلمن فتبلغ سبعاً من ألوف بلا عنا وأشرت بقولنا بلا عنا أن الصمت الجامع لهذا الخير كله لا مشقة فيه ولا كلفة وزينة

وعبادة بالرفع وحذف التنوين للوزن وحذف العاطف في بعض المعاطيف للوزن أيضا قال الشيخ الجزولي وبالجملة فآفات اللسان كثير فينبغي للانسان أن لا يتكلم بكلام حتى يرويه في قلبه فإن كان خيراً قاله وإن كان شراً سكت عنه لأن اللسان ترجمان القلب وجميع ما يتكلم به الانسان على أربعة أقسام قسم ليس فيه إلا المضرة فهذا حرام، وقسم فيه مضرة ومنفعة فهذا كالأول لأن مضرته ذهبت بمنفعته وصار حراماً، وقسم ليس فيه مضرة ولا منفعة فلا ينبغي الاكثار منه لئلا يذهب العمر باطلاً، وقسم ليس فيه إلا المنفعة فهذا هو المطلوب فخرج من هذا أن ثلاثة أرباع الكلام لا خير فيها وليس له من كلامه إلا الرابع اهـ، ولبعضهم على آداب الطالب ولو يكون القول في القياس من فضة بيضاء عند الناس إذا لكان الصمت من عين الذهب فافهم هداك الله آداب الطلب وأما حفظ البطن من الحرام المستلزم لأكل الحلال المشار إليه بقول الناظم (يحفظ بطنه من الحرام) فواجب أيضاً بالكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب فقد قال تعالى {يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً} وقال {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} وقال {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً} قال ابن عباس قد أمر الله المؤمنين بما أمر به الرسل وقدم تعالى أكل الحلال على صالح الأعمال تنبيهاً على أن الانتفاع بالأعمال لا يتوصل إليه إلا بعد إصلاح الرزق واكتسابه من حله ولهذا قال بعض الحكماء من أكل الحلال أطاع الله أحب أم كره ومن أكل الحرام عصى الله أحب أم كره لأنه إذا أكل الحلال شربت عروقه منه ونشطت للعبادة وإذا أكل الحرام شربت عروقه منه وكسلت عن العبادة وأما السنة فقوله «طلب الحلال فريضة على كل مسلم» وقوله «إن لله ملكاً على بيت المقدس ينادي كل يوم ألا من أكل حراماً لم يقبل منه صرف ولا عدل» قال أبو حامد الصرف النافلةوالعدل الفريضة وقال:

من أكل الحلال أربعين يوماً نور الله قلبه وأجرى ينابيع الحكمة على لسانه ـ وفي رواية أخرى ـ وزهده الله الدنيا وقال من اشترى ثوباً بعشرة دراهم وفي ثمنه درهم حرام لم يقبل الله صلاته ما دام عليه. وقال: كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به. وقال: أول ما يفقد هذه الأمة [هذه الأمة درهم حلال وأخ صالح». وقال عمر: كنا ندفع أربعين باباً من الحلال مخافة الوقوع في الشبه من الحرام، وإنما الورع في الحلال وأما الحرام فتركه واجب، قيل من أنفق الحرام في طاعة الله كان كمن طهر ثوبه بالبول. وفي التوراة: من لم يبال من أين رمطعمه لم يبال الله من أي باب من أبواب النار أدخله. والإجماع على طلب الحلال فرض عين على كل مكلف، واختلف في الحلال هل هو موجود أم لا؟ فقيل: إنه موجود، وإنما قل طلابه، وقيل: هو ضالة مفقودة للحديث الأخير، ولا يعرف الحلال من الحرام إلا بالعلم. الشيخ: وينبغي للإنسان أن لا يكثر من طلب المال مخافة أن يكتسب بعضه من الحرام ويجب على المكلف ترك الحرام جملة من غير تفصيل، وأكل الحلال المجمع عليه، فإن لم يجده فالمتفق عليه، فإن لم يجده فالمختلف فيه في المذهب، فإن لم يجده فالمختلف فيه في غير المذهب، فإن لم يجده فكما قال القاسم بن محمد: لو كانت الدنيا كلها حرامًا لما كان لنا بد من العيش. فمن حصل له كسب طيب فأراد شراء قوته فليتلطف في شراء الطيب جهده، فإن بذل جهده واستفرغ طاقته وقع إن شاء الله على ما تسكن إليه نفسه، فإن تعذرت عليه معرفة أصله فشراء الخبز أولى من شراء الدقيق، وشراء الدقيق أولى من شراء الزرع، وشراء الزرع المجلوب أولى من شراء الزرع القريب، واختلف هل يجب عليه السؤال أم لا؟ وعلى القول بوجوبه فلا يقدم على شراء سلعة حتى يسأل عن أصلها، فإن لم يجد من يسأل فلينظر حلية البائع يفحص عن ذلك جهده. قال بعض العلماء: أصول الحلال عشرة: صيد البر، وصيد البحر، وتجارة بصدق، وإجارة]

[بنصح، والفيء إذا قسم على وجهه، وميراث عن أصل طيب، وماء الغدير، وما أنبتته الأرض غير الممتلكة، وهدية من أخ صالح، والسؤال عند الحاجة. اهـ. من الجزولي مختصراً ملفقاً من مواضع ولبعضهم في ذلك:] ياصاح إن للحلال الحر عشر أصول وهي صيد البحر وموت حل وماء الغدر ثم هدية المحب فادر من حله الله لا للشكر وصنعه بالنصح لا بالمكر والتجر بالصدق وصيد الفقر ثم السؤال عن شديد الفقر ونبت أرض لم تكن للغير والفيء يقسم بغير جور وانفرد الثعالبي بالمهر فزاده موافقاً للعشر لنص تقييد الجزولي الخير جزاه ربنا كل خير انتهى ثم قال الإمام الجزولي وأما عدد الوجوه التي يكسب منه المال الحرام فهو أن تقول اعلم أن أخذ أموال الناس من غير حلها على وجهين إما برضا أربابها أو بغير رضاه معشرة أوجه: فعدها ثم قال والذي برضاهم ستة عشر وجها وعدها قال وزاد بعضهم الغرور الخلابة اهـ وقد كنت حالة قراءة هذا المحل من الرسالة لفقت في هذا أبياتاً لتتم الفائدة بضمها لأبيات أصول الحلال المتقدمة وهي هذه وأخذ مال الغير إما بالرضا ومن ربه أولا ذا عشراً أرضا غصبا تعدية حرابة ترى سرقة وخلة ولا امترا ثم اقتطاعا ودلالة علم بكرة ربه خيانة وسم ثم خديعة وغشاً والذي مع الرضا فست عشرة احتذى وهي الربا ثم القمار والرشا وثمن الجاه وكلب لا تشا حلوان كاهن ومهر للبغي وثمن القرد وسنور بغي عليهما وأجرحجام كذا ما يأخذ القاضي وشاعر خذا وثمن الصورة آلة اللعب نائحة كذا الوصف قد طلب ثم بدا خلافه زيد الغرر خلابة والكل يرمي بشرر

إذ كلها أصل الى الحرام والخلف قل في أجرة الحجام نقل ذا في شرحه الجزولي ذو العلم بالفروع والأصول عامله الإله باللطف الخفي بفضله ولم يزل بنا حفى والاقتطاع أي باليمين الكاذبة والدلالة أي أخذ مال الغير بالاستدلال عليه لصحبة ونحوها إن علم طيب نفس صاحب المال بذلك فهو حلال وإن علم أن نفسه لا تطيب به أو جهل فهو حرام وكذا ما يؤخذ على وجه الحياء ووصف الكلب بجملة (لا تشا) لإفادة أن المراد به الذي لا يجوز اتخاذه وقيل ثمنه حرام مطلقا وسنور بالخفض عطف على القرد ومعنى بغى عليهما أي ظلماً بالبيع تكميلا للبيت وآلة نائحة بالخفض عطف على الصور مدخول الثمن وآلة اللعب الملاهي كالعود ونحوه والثمن بالنسبة الى الصورة وآلة اللهو حقيقة وبالنسبة للنائحة المراد به الأجرة والذي أعطى لوصف مطلوب وجوده ثم بدا عدمه وهو كان يعطي على أنه عالم فإذا به جاهل وأشرت بقولي يرمي بشرر إلى التنفير عن هذه الأشياء والبعد عنها وحفي بالحاء المهملة أي مكرم خبر زال ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة ويدخل في حفظ البطن من الحرام ما حرم أكلها كالميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة وما ذكر معها في الآية إذا أنفذت مقاتلها أو لم تنفذ وأيس من حياتها على خلاف في التي لم تنفذ مقاتلها وكذا الخمر وغيره من المسكرات قليلها وكثيرها والحشيشة كذلك وأما الأفيون وغيره من المفسدات فلا يحرم منه الا القدر المؤثر في العقل ويجوز استعمال اليسير منه الذي لا يؤثر لدواء ونحوه وقد اختلفت فتاوى شيوخنا فمن قبلهم من قرب عصره في استفاف دخان العشبة المسماة على لسان متعاطيها بطابة فمنهم من شدد المنع في ذلك ومنهم من أجازه لمن احتاج له لمرض ونحوه ولم يقطع بتحريمها (تنبيه) لا خصوصية للبطن في بالحفظ من الحرام بل وكذلك سائر الجسد فكما لا يحل لك أن تأكل إلا طيباً أي حلالاً فكذلك لا يحل لك أن تلبس إلا طيباً ولا تسكن إلا طيباً ولا تركب إلا طيباً ويجب عليك أن تستعمل سائر ما تنتفع به طيباً كما في الرسالة وأما ترك المشبهات فمطلوب أيضاً وزاد الناظم قوله بالاهتمام أي بقصد ونية ليفيد الوجه الأكمل وأن الثواب إنما يحصل في المتروك مع النية لا بمجرد الترك فمن ترك محرماً أو متشابهاً بنية الامتثال أثيب على تركه ومن تركه ولم يخطر بباله فلا ثواب له والأصل في ترك المشبهات ما أخرجه أهل الصحيح عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا

يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله في أرضه محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب قال الإمام ابن حجر الهيتمي في الأربعين للنووي الحلال ما نص الله أو الرسول أوالمسلمون على تحليله بعينه أو جنسه ومنه أيضاً ما لم يعلم فيه منع على أسهل القولين والحرام ما نص أو أجمع على تحريمه بعينه أو جنسه على أن فيه حدا أو تعزيزاً أو وعيداً ثم قال والمشتبه به هو كل ما ليس بواضح الحل والحرمة مما تنازعته الأدلة وتجاذبته المعاني والأسباب فبعضها يعضده دليل الحلال وبعضها يعضده دليل الحرام ومن ثم فسر أحمد واسحق وغيرهما والمشتبه بما احتار فيه وفسره أحمد مرة باختلاط الحلال والحرام ثم الحصر في ثلاثة صحيح لأنه إن نص أو أجمع على الفعل الحلال أو على المنع جازماً فالحرام أو سكت عنه أو تعارض فيه نصان ولم يعلم المتأخر منهما فالمشتبه ثم ذكر كلاماً عجيباً في بيان المشتبه تركته لطوله فراجعه إن شئت وقال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري: وحاصل ما فسر به العلماء المشبهات أربعة أشياء أحدها تعارض الأدلة، [والثاني: اختلاف العلماء وهي منتزعة من الأولى. والثالث: أن المراد بها قسم المكروه؛ لأنه يجتذبه جانباً الفعل والترك. والرابع: أن المراد بها، المباح ولا يمكن قائل هذا أن يحمله على متساوي الطرفين من كل وجه بل يمكن حمله على ما يكون من قسم خلاف الأولى بأن يكون متساوي الطرفين باعتبار ذاته راجع الفعل أو الترك باعتبار أمر خارج. اهـ. وفي جواز الإقدام عليها قولان: قال الجزولي: وقد اختلف في المتشابه فقيل: مباح؛ لقوله تعالى: "وهو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً" [البقرة: 29]، وقيل: حرام كقوله تعالى: "أحل لكم الطيبات" [المائدة: 5]. ومن العلماء من توقف فيه. اهـ. وأما قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم: «ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام» فمعناه أنه بصدد الوقوع في الحرام لا من أكثر تعاطيها ربما صادف الحرام المحض، وإن لم يتعمده لا أن من ارتكب مشتبهاً فعل حرامًا، لكن الأولى تركه ليبرأ الدين والعرض كما قال صلى الله عليه وسلم. وقد تقدم في شرح قوله: وحاصل التقوى اجتناب وامتثال، عن ابن جزي أن ترك الشبهات هو مقام الورع وهي الدرجة الثالثة من درجات التقوى، وحديث النعمان هذا]

[أحد الأحاديث الأربع التي مدار الإسلام، والثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: «ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس»، والثالث: قوله صلى الله عليه وسلم: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه». والرابع: قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات ولكل امريء ما نوى» ولبعضهم فيها: عمدة الدين عندنا كلمات ... أربع من كلام خير البرية اتق الشبهات وازهد ... ودع ما ليس يعنيك واعملن بنية وأما حفظ الفجر وحفظ اليد من البطش بها لممنوع يريده، وحفظ الرجل من السعي لممنوع يريده المشار إليه بقول الناظم: يحفظ فرجه ويتقي الشهيد ... في البطش والسعي لممنوع يريد] فواجب أيضاً ومعنى يتقي يحذر والشهيد فعيل بمعنى فاعل أي الحاضر وهو الله تعالى وفي البطش يتعلق بيتقي والبطش التناول والأخذ الشديد، والسعي عطف على في البطش ولممنوع يتنازع فيه البطش والسعي وجملة يريد صفة لممنوع، قال في الرسالة: ولتكف يدك عما لا يحل لك من مال أو جسد أو دم ولا تسع بقدميك فيما لا يحل لك ولا تباشر بفرجك أو بشيء من جسدك ما لا يحل لك قال الله تعالى {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} الجزولي: قوله من مال أو جسد أو دم ذكر ثلاثة أشياء فلا يحل أخذ مال الغير ولا قتله ولا جرحه ولا مباشرة جسده لا بالفرج ولا باليد إلا أن مباشرة الفرج أشد من مباشرة الجسد وهذا في غير المرأة المتزوجة وأما الرجال فيما بينهم فلا يباشر فرجه بفرجه ولا بيده ولا يجوز له مباشرة جسده بيده إلا أن يقصد بذلك اللذة فيمنع وكذا يجب أن يكف يده عن أن يكتب بظلم

أحد أو بقتله ولا يجوز إعانة هذا الكاتب بشيء من آلات الكتابة وكذا يكف يده عن الكتب للظالم إذا مدحه أو قال فيه ما ليس فيه وكما لا يحل لك أن تسعى بقدميك فيما لا يحل لك كمشيك في حائط غيرك أو فدانه إذا كان يتضرر من ذلك فكذلك لا يحل لك أن تسعى بهما إلى ما لا يحل لك من زنى أو غصب أو غيره ومن السعي المحرم السعي إلى أبواب الظلمة لقوله عليه الصلاة والسلام من تواضع لغني لأجل غناه فقد ذهب ثلثا دينه قال أبو عمر للغني الشاكر فما بالك بغيره ولأن في وقوفه هناك إعانة لهم على فعلهم وأما لحوائج المسلمين ومنافعهم فجائز وكذلك للمداراة على نفسه والدفع عنها/الشيخ: ويؤخذ من الآية فوائد الأولى تحريم المتعة وهي أن يعير الأمة مدة لمن يستمتع بها ثم يردها وشذ من قال بجوازها من العلماء الثانية تحريم الاستمناء باليد وفي جوازه ومنعه وكراهته ثلاثة أقوال الثالث تحريم ما يفعله شرار النساء من المساحقة وهي بآلة أشد منها بغيرها ويعاقب من فعل ذلك منهن لأن هذه الثلاثة خارجة عن التزويج وملك اليمين اللذين لا يحل الوطء إلا بهما الرابعة تحريم وطء البهيمة لأن المراد بملك اليمين من الإناث الآدميات فلا يجوز وطء البهيمة ولا يصح ما أشيع عن الشافعية من جواز وطء الذكور بملك اليمين وأما كونه يوقف الأمور أي يقف عنها ولا يرتكبها حيث يجهل حكمها حتى يعلم أي يغلب على ظنه ما حكم الله به في تلك الأمور بالنظر في الأدلة أو في كتب العلم إن كان أهلا لذلك أو بالسؤال لأهل العلم لقوله تعالى {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} وحينئذ يفعل أو يترك فواجب أيضاً لقوله «لايحل لأحد أن يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه» وليس هذا من باب ترك الشبهات المتقدم لأن الشبهات ما اختلف فيه العلماء أو ما تجاذبته الحلية والتحريم فلتاركها لذلك شعور بالحكم في الجملة وتركها ورع كما مر وهذه المسألة فيمن لا شعور له بالحكم أصلاً والتوقف عنها حتى يعلم حكمها واجب فقهاً لا ودعاً والله أعلم قال الإمام شهاب الدين القرافي في الفرق الثالث والتسعين حكى الغزالي في إحياء

علوم الدين والشافعي في رسالته الاجماع على أن المكلف لا يجوز له أن يقدم على فعل حتى يعلم حكم الله تعالى فيه فمن باع وجب عليه أن يتعلم ما عينه الله وشرعه في البيع ومن آجر وجب عليه أن يتعلم ما شرعه الله تعالى في الاجارة ومن قارض وجب عليه أن يعلم حكم الله تعالى في القراض ومن صلى وجب عليه أن يتعلم حكم الله تعالى في تلك الصلاة وكذا الطهارة وجميع الأعمال والأقوال فمن تعلم وعمل بمقتضى ما علم فقد أطاع الله تعالى طاعتين ومن لم يعلم ولم يعمل فقد عصى الله معصيتين ومن علم ولم يعمل بمقضي علمه فقد [أطاع الله وعصاه معصية، ثم قال: إذا تقرر هذا وأنه لابد من تقدم العلم بما يريد الإنسان أن يشرع فيه، فمثله قوله تعالى: «ولا تقف ما ليس لك به علم» [الإسراء: 36] فنهى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن اتباع غير المعلوم، فلا يجوز الشروع في شيء حتى يعلم فيكون طلب العلم واجباً في كل حال، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: «طلب العلم فريضة على كل مسلم». قال الشافعي رضي الله عنه: العلم قسمان: فرض عين، وفرض كفاية، ففرض العين علمك بحالتك التي أنت فيها، وفرض الكفاية ما عدا ذلك. اهـ. ببعض اختصار. قال الشيخ زروق في قواعده ما معناه: إن وجوب تعلم أحد علم حاله إنما هو بوجه إجمالي يبرئه من الجهل بأصل حكمه بقدر وسعه وما وراء ذلك إنما هو فرض الكفاية، إذ لا يلزمه تتبع المسائل إلا عند النازلة، والله أعلم. وأما تطهير القلب من أمراضه كالرياء والحسد، والعجب، والكبر، والغل، والحقد، والبغي، والغضب لغير الله تعالى، والغش، والسمعة، والبخل، والإعراض عن الحق استكباراً، والخوض فيما لا يغني، والطمع وخوف الفقر، وسخط المقدور، والبطر، وتعظيم الأغنياء لغناهم، الاستهزاء بالفقراء لفقرهم، والفخر، والخيلاء، والتنافس في الدنيا، والمباهاة، والتزين للمخلوقين، والمداهنة، وحب المدح بما لم يفعل، والاشتغال بعيوب الخلق عن عيوبه، ونسيان النعمة، والمحبة والرغبة والرهبة لغير الله تعالى كلها حرام إجماعاً؛ فقال الإمام أبو حامد الغزالي رضي الله عنه: معرفة حدودها وأسبابها وعلاجها فرض عين، وقال غيره: إن رزق الإنسان قلباً سليماً من هذه الأمراض المحرمة كفاه ولا يلزمه تعلم دوائها، فأما الرياء فهو مشتق من الرؤية والسمعة مشتقة من السماع، والرياء طلب المنزلة في قلوب الناس بإرادتهم خصال الخير. قال الشيخ الجزولي: وهو حرام موجب لمقت الله تعالى، ودليل تحريمه الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقوله تعالى:]

[يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا * مذبذبين» [النساء: 143]، وقال تعالى: «فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون» الآية [الماعون: 4] إلى غير ذلك وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله عملاً فيه ذرة من الرياء» وقال: «الرياء الشرك الأصغر». وقال: «الرياء فيكم أخفى من دبيب النمل على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء». فخافوا من ذلك فقال لهم: «إني أخبركم بما يذهب قليل ذلك وكثيره، وهو أن تقول: اللهم إني أعوذ بك من أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك مما لا أعلم». وقيل لمعاذ: حدثنا! حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى حتى ظننا أنه لا يسكت، فسكت ثم قال: قال لي: «يا معاذ» قلت: لبيك بأبي وأمي أنت يا رسول الله؛ فقال: «إني أحدثك بحديث فإن حفظته نفعك وإن لم تحفظه وضيعته انقطعت حجتك يوم القيامة، يا معاذ إن الله تعالى جعل مصاعد أعمال بني آدم السموات السبع، وجعل على كل مصعد ملكاً لا يصعد بشيء من الأعمال إلا عليهم فتصعد الحفظة بعمل صالح فيما يظهر لهم؛ لأنهم لا يعلمون الغيب، فإذا انتهت إلى سماء الدنيا قال لهم الملك الموكل بها: ردوا هذا العمل واضربوا به وجه صاحبه أنا صاحب الغيبة أمرني ربي أن لا أدع عمل من يغتاب الناس يجاوزني إلى غيري، فإذا صعدوا بعمل سلم صاحبه من الغيبة ووصلوا إلى السماء الثانية قال لهم الملك الموكل بها: ردوا هذا العمل واضربوا به وجه صاحبه أنا صاحب النميمة أمرني ربي أن لا أدع عمل صاحب النميمة يجاوزني إلى غيري، فإذا صعدوا بعمل سلم صاحبه من الغيبة والنميمة فوصلوا إلى السماء الثالثة يقول الملك الموكل بها: ردوا هذا العمل واضربوا به وجه صاحبه أنا صاحب الكبر أمرني ربي أن لا أدع عمل من يتكبر على الناس يجاوزني إلى غيري، فإذا صعد بعمل سلم صاحبه من الغيبة والنميمة والكبر، فوصلوا به إلى السماء»]

[الرابعة قال لهم الملك الموكل بها: ردوا هذا العمل واضربوا به وجه صاحبه أنا صاحب العجب أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري، فإذا صعدوا بعمل سلم صاحبه مما تقدم ووصلوا به إلى السماء الخامسة قال لهم الملك الموكل بها: ردوا هذا العمل واضربوا به وجه صاحبه أنا صاحب الحسد أمرني ربي أن لا أدع عمل صاحبه يجاوزني إلى غيري. فإذا صعدوا بعمل سلم صاحبه مما تقدم ووصلوا إلى السماء السادسة قال لهم الملك الموكل بها: ردوا هذا العمل واضربوا به وجه صاحبه أنا ملك الرحمة أمرني ربي أن لا أدع عمل من لا يرحم عباد الله يجاوزني إلى غيري، فإذا صعدوا بعمل سلم صاحبه مما تقدم ووصلوا به إلى السماء السابعة وله دوي كدوي النحل وضوء كضوء الشمس معه ثلاث آلاف ملك قال لهم الملك الموكل بها: ردوا هذا العمل بعمل سلم صاحبه مما تقدم وقطعوا به الحجب وضعوه بين يدي الله تعالى قال لهم: أنتم الحفظة على عمل عبدي وأنا الرقيب على نفسه، وأنه لم يردني بالعمل وأراد به غيري ردوه عليه فعليه لعنتي؛ فتقول الملائكة: عليه لعنتك ولعنتنا، فتلعنه السموات السبع ومن فيهن». وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا راءى العبد بعمله يقول الله تعالى للملائكة: انظروا إلى عبدي كيف يستهزيء بي ولا يستحي مني»، والإجماع على أن الرياء حرام وعلامات الرياء ثلاث: الكسل، والتقليل من العمل في الوحدة، والنشاط وتكثير العمل بين الناس والزيادة في العمل إذا أثنى عليه والنقص منه إذا ذم. وأما معالجته وتطهير القلب منه فهو بأن يزيل من قلبه أربعة أشياء: حب المحمدة وخوف المذمة واستجلاب المنفعة ودفع المضرة، ويعلم أن النافع والضار إنما هو الله تعالى، وأنه لو اجتمع أهل السموات والأرض على أن ينفعوه مما لا يقدره الله له لم يقدروا على ذلك وكذلك عكسه، فإذا اعتقد ذلك تقوى يقينه وسلم من الرياء، ولو دخل على الإنسان الرياء في أثناء العبادة فالمشهور أنه لا يأثم، وقيل: إن عالجه وزال فلا إثم عليه، وإن تركه وتمادى أثم.] الشيخ: وقد روي عن بعض العلماء أنه لازم الصف الأول أربعين سنة فلما كان ذات يوم عاقه عائق عنه فصلى في الصف الأخير فأصابه من ذلك خجل فأعاد كل ما صلى في الصف الأول لما رأى أنه دخله في ذلك الرياء الشيخ: وقد يدخل على الانسان الرياء في بيته وهو وحده مثل أن ينطر في كتبه فيجد فيها مسألة غريبة أو مشكلة فيحفظها ليلقيها على غيره فيمدح بذلك ولذلك قال «تخوفت على أمتي الشرك أما أنهم لا يعبدون

صنماً ولا وثناً ولا شمساً ولا قمراً ولا حجراً ولكنهم يراءون بأعمالهم» انتهى ببعض اختصار وأما الحسد فقال الإمام أبو حامد الغزالي رضي الله عنه اعلم أنه لا حسد إلا على نعمة فإذا أنعم الله على أخيك بنعمة فلك فيها حالتان إحداهما أن تكره تلك النعمة وتحب زوالها وهذه الحالة تسمى حسداً فحد الحسد كراهة النعمة وحب زوالها عن المنعم عليه الحالة الثانية أن لا تحب زوالها ولا تكره وجودها ودوامها ولكنك تشتهي لنفسك مثلها وهذه الحالة تسمى غبطة وقد تسمى حدا كما يسمى الحسد غبطة ولا حجر في الأسامي بعد فهم المعاني وقد قال صلى الله عليه وسلم «المؤمن يغبط والمنافق يحسد» فالحسد حرام إلا نعمة أصابها فاجر أو كافر فهو يستعين بها على تهييج الفتنة وإفساد ذات البين وأذية الخلق فلا يضرك كراهتك لها ومحبتك لزوالها فإنك لا تحب زوالها من حيث هي نعمة بل من حيث هي آلة الفساد ولو أمنت فسادها لم يغمك تنعمه ويدل على تحريم الحسد قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب» وقال صلى الله عليه وسلم في النهي عن الحسد وأسبابه وثمراته «لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا» وقال زكريا صلوات الله وسلامه عليه. وقال الله تعالى [حم] الحاسد عدو لنعمتي متسخط لقضائي غير راض بقسمتي التي قسمت بين عبادي. وقال صلى الله عليه وسلم. «أخوف ما أخاف على أمتي أن يكثر لهم المال فيتحاسدوا ويقتتلوا» قال بعض السلف إن أول خطيئة كانت هي الحسد حسد إبليس آدم أن يسجد له فحمله الحسد على المعصية وأما الغبطة والمنافسة فليست بحرام بل هي إما واجبة وإما

مندوب إليها أو مباحة ثم قال وأما بيان الدواء الذي ينفى به مرض الحسد عن القلب فاعلم أن الحسد من الأمراض العظيمة للقلوب ولا تداوى أمراض القلوب إلا بالعلم والعمل والعلم النافع لمرض الحسد هو أن تعرف تحقيقاً أن الحسد ضرر عليك في الدنيا والدين وأنه لا ضرر به على المحسود في الدنيا والدين ومهما عرفت هذا عن بصيرة ولم تكن عدو نفسك وصديق عدوك فارقت الحسد لا محالة أما كونه ضرر عليك في الدين فهو أنك بالحسد سخطت قضاء الله تعالى وكرهت نعمته التي قسمها بين عباده وعدله الذي أقامه في ملكه بخفي حكمته واستنكرت ذلك واستبشعته وهذه جناية على حدقة التوحيد وقذى في عين الإيمان وناهيك بها جناية على الدين ثم قال: وأما كونه ضرراً عليك في الدنيا فهو أنك تتألم بحسدك وتتعذب به ولا تزال في كمد وغم إذ أعداؤك لا يخليهم الله عن نعم يفيضها عليهم فلا تزال تتعذب بكل نعمة تراها وتتألم بكل بلية تصرف عنهم فتبقى مغموماً محزوناً كما تشتهيه لأعدائك فقد كنت تريد المحنة لعدوك فتنجزتها في الحال نقد لنفسك، ولا تزال النعمة على المحسود يحسدك وأما كونه لا ضرر فيه على المحسود في دينه ودنياه فواضح لأن النعمة لا تزول عنه بحسدك بل ما قدر الله من إقبال ونعمة فلا بد أن يدوم إلى أجل قدره الله تعالى ولا حيلة في دفعه بل كل شيء عنده بمقدار ولكل أجل كتاب ولذلك شكا نبي من الأنبياء عليهم السلام امرأة ظالمة مستولية على الخلق فأوحى الله تعالى إليه فر من قدامها حتى تنقضي أيامها أي ما قدرناه في الأزل فلا سبيل إلى تغييره فاصبر حتى تنقضي المدة التي سبق القضاء بدوام اقبالها فيها ومهما لم تزل النعمة بالجسد لم يكن على المحسود ضرر في الدنيا ولا كان عليه إثم في الآخرة اهـ، ولبعضهم في الحسد ألا قل لمن ظل لي حاسداً أتدري على من أسأت الأدب أسأت على الله في حكمه لأنك لم ترض لي ما وهب فجزاك عني بأن زادني وسد عليك وجوه الطلب [/شع [ وقال آخر عداتي لهم فضل علي ومنة فلا أذهب عني الرحمن الأعاديا [/شع [ هموا بحثوا عن زلتي فاجتنبتها وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا [/شع [ وقال آخر لا مات أعداؤك بل خلدوا حتى يروا منك الذي يكمد [/شع [ لا زلت محسوداً على نعمة فإنما الكامل من يحسد [/شع [

وأما العجب فقال في الإحياء أيضا: اعلم أن العجب إنما يكون بوصف هو كمال لا محالة وللعالم في كمال نفسه في علم وعمل ومال وغيره حالتان إحداهما أن يكون خائفاً على زواله مشفقاً على تكدره أو سلبه من أصله فهذا ليس بعجب والأخرى أن لا يكون خائفاً من زواله ولكن يكون فرحا به من حيث أنه نعمة من الله تعالى عليه من حيث إضافته إلى نفسه وهذا أيضا ليس بعجب وله حالة ثالثة وهي العجب وهي أن يكون غير خائف عليه بل يكون فرحاً به مطمئناً إليه ويكون فرحه من حيث إنه كمال ونعمة ورفعة وخير لا من حيث إنه عطية من الله تعالى ونعمة منه فيكون فرحه من حيث إنه صفته ومنسوب إليه بأنه له لا من حيث أنه منسوب إلى الله تعالى بأنه منه فمتى غلب على قلبه أنه نعمة من الله تعالى مهما شاء سلبه زال العجب بذلك عن نفسه فإذا العجب هو استعظام النعمة والركون إليها مع نسيان إضافتها إلى المنعم وهو مذموم في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم} ذكر ذلك في معرض الإنكار وقال تعالى وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا فرد على الكفار في إعجابهم بحصونهم وشوكتهم، وقال صلى الله عليه وسلم ثلاث مهلكات وثلاث منجيات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه وقال لأبي ثعلبة إذا رأيت شحاً مطاعاً وهوى متبعاً وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بنفسك وقال ابن مسعود رضي الله عنه: الهلاك في اثنين العجب والقنوط، وقال مطرف لأن أبيت نائماً وأصبح نادماً أحب إلي من أبيت قائماً وأصبح معجباً، وقال صلى الله عليه وسلم لو لم تذنبوا لخشيت عليكم أكبر من ذلك العجب فجعل العجب أكبر من الذنوب وقيل لعائشة رضي الله عنها متى يكون الرجل مسيئاً فقالت إذا ظن أنه محسن

وآفات العجب كثيرة لأنه يدعو إلى الكبر إذ العجب أحد أسبابه فيتولد من العجب الكبر ومن الكبر الآفات الكثيرة التي لا تخفى، هذا مع العباد وأما مع الله تعالى فالعجب يدعو إلى نسيان الذنوب وإهمالها بنسيانها وما يتذكره منها يستصغره فلا يجتهد في تداركها وتلافيها بل يظن أنها تغفر له، وأما العبادات والأعمال فإنه يستعظمها ويمن على الله بفعلها وينسى نعمة الله تعالى عليه بالتوفيق إليها والتمكن منها ثم إذا أعجب بها عمي عن آفاتها ومن لا يتفقد آفات الأعمال كان أكثر سعيه ضائعاً فإن الأعمال الظاهرة إذا لم تكن خالصة نقية عن الشوائب قلما تنفع وإنما يتفقد من يغلب عليه الخوف دون العجب والمعجب يغتر بنفسه وربه تعالى، ويأمن مكر الله تعالى وعذابه ويظن أنه عند الله تعالى بمكان وأن له عنده حقا بأعماله التي هي نعمة من نعمه وعطية من عطاياه، وعلة العجب الجهل المحض فعلاجه المعرفة المضادة للجهل فقط إذ لامعنى لعجب العبد بعبادته وعجب لعالم بعلمه وعجب الجميل بجماله وعجب الغني بغناه لأن ذلك كله من الله تعالى والعبد إنما هو محل لفيضان فضل الله تعالى وجوده والمحل أيضا من وجوده وفضله اهـ باختصار والفرق بينه وبين الكبر الذي هو خلق في النفس هو الاسترواح والركون إلى رؤية النفس فوق المتكبر عليه أن الكبر يستدعي متكبراً عليه ومتكبراً به والعجب لا يستدعي غير المعجب بل لو لم يخلق الإنسان إلا وحده لتصور أن يكون معجباً ولا يتصور أن يكون متكبراً إلا أن يكون معه غيره وهو يرى نفسه فوق ذلك الغير في صفات الكمال فعند ذلك يكون يكون التكبر ومن أراد استقصاء حقائق أمراض القلب وأسبابها وعلاجها لتطهير القلب منها وما ورد في ذمها فعليه بالربع الثالث من كتاب إحياء علوم الدين للغزالي وهو ربع المهلكات فإنه يجد من ذلك ما يشفي العليل ويبرد الغليل وَاعْلَمْ بأَنَّ أَصْلَ ذِي الآفاتِ حُبُّ الرِّياسَةِ وَطَرْحُ الآتِي رَاسُ الخَطَايا هُوَ حُبُّ الْعاجِلَهْ لَيْسَ الدُّوَا إِلاّ في الاِضْطِرَارِ لَهْ أخبر أن أصل هذه الآفات أي آفات القلوب وهي أمراضها التي يطلب من الأنسان تطهير قلبه منها مثل الكبر والحسد وغيرهما كما تقدم إنما هو حب الرياسة في الدنيا الذي قيل فيه إنه آخر ما ينزع من قلوب الصديقين ونسيان الآخرة وعنه عبر بطرح الآتي كما استدل على ذلك بقوله «حب الدنيا رأس كل خطيئة» وعن الدنيا عبر بالعاجلة قال الله تعالى {من كان يريد العاجلة عجلنا} الآية ولماذكر أن

أصل الآفات هو الدنيا بدليل الحديث المتقدم أرشدك إلى أن دواء تلك الآفات والمختص منها هو في اللجوء والاضطرار إليه سبحانه وتعالى في التغلب على النفس ومخالفة هواها وسوقها إلى الطاعة وهي تنفر وتميل إلى المعصية لأن ذلك طبعها قال الله تعالى {إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي} وقال تعالى {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى} وقد سمى جهاد النفس الجهاد الأكبر لأن مشقة جهاد النفس دائمة ومشقة جهاد العدو في وقت دون وقت لأن جهاد النفس متصل بالإنسان وجهاد العدو منفصل عنه ولأن جهاد النفس لا يحصل إلا بامتثال جميع المفروضات بخلاف جهاد العدو وأجمع العلماء والحكماء أن لا طريق لسعادة الآخرة إلا بنهي النفس عن الهوى وترك الشهوات وقال «المؤمن من بين خمس شدائد مؤمن يحسده وكافر يقاتله ومنافق يبغضه وشيطان يضله ونفس تنازعه» وذكر أن راهباً نصرانياً كان يتعبد في صومعته فلا يأتيه ذو عاهة إلا يبرأ بمر يده عليه فسمع به رجل صالح فتعجب من ذلك فأتاه وسأله بماذا بلغت هذه المنزلة فقال بمخالفة هوى النفس فقال له ذلك الرجل أعرضت لا إله إلا الله عليها قط فقال لا ولا أعرفها فقال دعني إلى غد فإني أعرضها عليها هذه الليلة فذهب الرجل الصالح فلما أتاه من الغد قال له النصراني أمدد يمينك وأنا أقول لك لا إله إلا الله ثم قال له عرضتها على نفسي البارحة فنفرت منها غاية النفور فقلت إن فيها رضاء الله تعالى وليكن من دعائك اللهم ملكنا نفوسنا ولا تسلطها علينا صح من الجزولي وقد ورد في ذم الدنيا والجاه أحاديث فعليك بالاحياء إن أردت الوقوف على ذلك يَصْحَبُ شَيْخاً عَارِفَ المَسالِكْ يَقِيهِ فِي طَرِيقِهِ الْمَهالِكْ يُذَكِّرُهُ الله إِذَا رَآهُ وَيُوصِلُ الْعَبْدَ إِلى مَولاهُ يُحاسِبُ النَّفْسَ عَلى الأَنْفاسِ وَيَزِنُ الْخَاطِرَ بالْقِسْطاسِ وَيَحْفَظُ الْمَفْرُوضَ رَاسِ المَالِ والنَّفْلَ رِبْحَهُ يُوَالِي وَيُكْثِرُ الذِّكْرَ بِصَفْوِ لُبِّهِ وَالْعَونُ فِي جَمِيع ذَا بِرْبِّهِ يُجَاهِدُ النَّفْسَ لرَبِّ الْعَالَمِينْ وَيَتَحلَّى بِمَقَامَاتِ اليَقِينْ

خَوْفٌ رَجَا شُكْرٌ وَصَبْرٌ تَوْبَهْ زُهْدٌ تَوَكلُّ رِضاً مَحَبَّهْ يَصْدُقُ شاهِدَهُ فِي الْمُعَامَلةْ يَرْضَى بِمَا قَدَّرَهُ الإِلَهُ لَهْ يَصِيرُ عِنْدَ ذَاكَ عَارِفاً بِهِ حُرَّاً وَغَيْرُهُ خلاَ مِنْ قَلْبِهِ فَحَبَّهُ الإِلهُ وَاصْطَفَاهُ لِحَضْرَةِ الْقدُّوسِ واجتَبَاهُ أما صحبة الشيخ العارف بالمسالك جمع مسلك موضع السلوك يعني الطريق الموصلة إلى الله تعالى الذي يقي صاحبه المهالك ويذكره الله إذا رآه ويوصله إلى مولاه فقال الشيخ الإمام العارف الولي سيدي أبو عبد الله بن عباد أثناء شرحه لقوله السيد العارف ابن عطاء الله لولا ميادين النفوس ما تحقق سير السائرين ما نصه ولا بد للمريد في هذه الطريق من صحبة شيخ محقق مرشد قد فرغ من تأديب نفسه وتخلص من هواه فليسلم نفسه إليه وليلتزم طاعته والانقياد إليه في كل ما يشير به عليه من غير ارتياء ولا تأويل ولا تردد فقد قالوا من لم يكن له شيخ فالشيطان شيخه وقال أبو علي الثقفي رضي الله عنه لو أن رجلا جمع العلوم كلها وصحب طوائف الناس لا يبلغ مبلغ الرجال إلا بالرياضة من شيخ أو إمام أو مؤدب ناصح ومن لم يأخذ أدبه من آمر له أو ناه يريه عيوب أعماله ورعونات نفسه لا يجوز الاقتداء به في تصحيح المقاصات وقال سيدي أبو مدين رضي الله عنه من لم يأخذ الأدب من المتأدبين أفسد من يتبعه، قال المؤلف رحمه الله في لطائف المنن إنما قد يكون الاقتداء بولي دلك الله عليه وأطلعك على ما أودعه من الخصوصية لديه فطوى عنك شهود بشريته في وجوه خصوصيته فألقيت إليه القياد فسلك بك سبيل الرشاد يعرفك برعونات نفسك في كمائنها ودفائنها ويدلك على الجمع على الله ويعلمك الفرار عما سوى الله ويسايرك في طريقك حتى تصل إلى أن يوفقك على إساءة نفسك ويعرفك بإحسان الله إليك فيفيدك معرفة إساءة نفسك الهرب منها وعدم الركون إليها ويفيدك العلم باحسان الله إليك الاقبال عليه والقيام بالشكر إليه والدوام على ممر الساعات بين يديه قال فإن قلت فأين من هذا وصفه لقد دللني على غرب من عنقاء مغرب فاعلم أنه لا يعوزك وجدان الدالين وإنما قد يعوزك وجود الصدق في طلبهم «جد صدقاً تجد مرشداً» ويجد ذلك في آيتين من كتاب الله تعالى قال الله سبحانه {أمن يجيب المضطر إذا دعاه} وقال سبحانه {فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم} فلو اضطررت إلى من يوصلك إلى الله اضطرار الظمآن إلى الماء والخائف إلى الأمن لوجدت ذلك أقرب إليك من وجود طلبك ولو اضطررت إلى الله اضطرار الأم لولدها إذا فقدته لوجدت الحق منك قريباً ولك

مجيباً ولوجدت الوصول غير متعذر عليك ولتوجه الحق بتيسير ذلك عليك اهـ وفي كلامه رحمه الله تعالى تنبيه على أن الشيخ من منح الله وهداياه للعبد المريد إذا صدق في إرادته وبذل في مناصحة مولاه جهد استطاعته لا على ما يتوهمه من لا علم عنده وعند ذلك يوفقه الله لاستعمال الآداب معه لما أرشده على مرتبته ورفيع درجته قال سيدي أبو مدين رضي الله عنه الشيخ من شهدت له ذاتك بالتقديم وسرك بالتعظيم الشيخ من هذبك بأخلاقه وأدبك بإطراقه وأنار باطنك بإشراقه الشيخ من جمعك في حضوره وحفظك في مغيبه قال في لطائف المنن: وليس شيخك من سمعت منه إنما شيخك من أخذت عنه وليس شيخك من واجهتك عبارته إنما شيخك الذي سرت فيه إشارته وليش شيخك من دعاك إلى الباب إنما شيخك من رفع بينك وبينه الحجاب وليس شيخك من واجهك مقاله إنما شيخك الذي نهض بك حاله هو الذي أخرجك من سجن الهوى ودخل بك على المولى شيخك هو الذي ما زال يجلو مرآة قلبك حتى تجلت فيه أنوار ربك نهض بك إلى الله ونهضت إليه وسار بك حتى وصلت إليه ولا زال محاذياً لك حتى ألقاك بين يديه فزج بك في نور الحضرة وقال ها أنت وربك اهـ وآداب المريد مع الشيخ والشيخ مع المريد كثيرة مذكورة في كتب أئمة الصوفية رضي الله عنهم ومن أبلغ ذلك وأوجزه ما ذكره الإمام أبو القاسم القشيري قال رضي الله عنه: فشرط المريد أن لا يتنفس نفساً إلا بإذن شيخه ومن خالف شيخه من نفس سراً أو جهراً فسيرى غيه من غي ما يحبه سريعاً ومخالفة الشيوخ فيما يسترونه منهم أشد مما يكابدونه بالجهد وأكثر لأن هذا يلتحق بالخيانة ومن خالف شيخه لا يشم رائحة الصدق فإن صدر منه شيء فعليه بسرعة الاعتذار والافصاح عما حصل منه من المخالفة والخيانة ليهديه شيخه إلى ما فيه كفارة جرمه ويلتزم في الغرامة ما يحكم به عليه فإذا رجع المريد إلى شيخه بالصدق وجب على شيخه جبران تقصيره بهمته فإن المريدين عيال على شيوخهم فرض عليهم أن ينفقوا من قوة أحوالهم ما يكون جبراناً لتقصيرهم اهـ، وقال الشيخ العارف محي الدين أبو العباس البوني رحمه الله: وإياك أن تحقر فعلاً يخطر لك إلا أن تلقيه للشيخ طاعة كان أو معصية على أي نوع برز لك ولو اختلف عليك ألف مرة في الساعة اختلف إليه ساعة في الخاطر ليعلمك الدواء الذي تزعجه به أو يحمل عنك بهمته قال ولقد رأيت تلميذاً من أصحاب شيخنا الامام تاج العارفين أبي أحمد عبد العزيز بن أبي بكر القرشي المهدي رحمه الله تعالى وكنت جالساً عنده فدخل عليه وفي يده باقلات فقال يا سيدي إني وجدت هذه الباقلات فما أصنع بها فقال له اتركها حتى تفطر عليها فقلت يا سيدي حتى الباقلات يعلم بها فقال يا ولدي

لو خالفني في لحظة من خطراته لم يفلح أبداً، فإذا جوهدت النفس بهذه المجاهدات وقوتلت بهذه المقاتلات رجعت عن جميع مألوفاتها الدينية وعاداتها الردية وزال عنها النفور والاستكبار ودانت لمولاها بالعبودية والافتقار وتركت أعمالها وصفت أحوالها وهذه هي خاصيتها التي خلقت لأجلها ومزيتها التي شرفت من قبلها وإنما ألفت سوى هذا لمرض أصابها من الركون لهذا العالم الأدنى والأنس بالشهوات التي تزول وتفنى حتى امتنع عليها ما خلقت لأجله من موجب سعادتها وغاية شرفها وإفادتها فلما تعالجت بما ذكرناه عادت إلى الصحة وإلى طبعها الأصلي فألفت العبودية والتزمتها وصارت بذلك مطمئنة صالحة لأن يقال لها {يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي} ثم قال وعلامة وصول المريد إلى هذا المقام الحميد أن تستوي عنده الأحوال ولا يتأثر باطنه بما يواجه به من قبيح الأفعال والأقوال لاستغراق قلبه في مطالعة حضرة الكمال قال أبو عثمان الخيري رحمه الله لا يكمل الرجل حتى يستوي في قلبه أربعة أشياء في المنع والعطاء والعز والذل قال محمد بن خفيف رضي الله عنه قدم علينا بعض أصحابنا فاعتل وكان به علة البطن فكنت أخدمه وآخذ منه الطست طول الليل فغفوت مرة فقال لي لعنك الله فقيل لي كيف وجدت نفسك عند قوله لعنك الله قال كقوله رحمك الله!؟ وحكي عن ابراهيم بن أدهم رضي الله عنه أنه قال ما سررت في الاسلام إلا مرات معدودات كنت في مركب يوماً وكان رجل يحكي الحكايات المضحكة فضحك منه الناس وكان يقول رأيت وقتاً في معركة الترك علجا ثم كان يأخذ بلحيتي ويمر يده على حلقي هكذا حين حكايته والناس يضحكون منه ولم يكن في ذلك المركب عنده أحد أصغر مني ولا أحقر فسررت بذلك، ويوماً آخر كنت جالساً فجاء إنسان وبال علي وكان حاتم الأصم رضي الله عنه رجل يسيء القول فيه وفي أصحابه ويواجههم كل يوم بالقبيح فوقع عليه جذع من السقف في بعض الأيام في حال مواجهة القوم بالسب والشتم فمات فقال الحمد لله فقيل له هذا خلاف ما تأمرنا به فقال ما حمدت الله شماتة ببلوته بل حمدت الله إذ لم أسر بنكبته، هذا وأشباهه معلوم من أحوالهم ضرورة أبلغ من هذا كله محبة الموت وكراهية البقاء في الدنيا شوقاً إلى لقاء المولى قال بعضهم حقيقة زوال الهوى من القلب حب لقاء الله تعالى في كل نفس من غير اختيار حالة يكون المرء عليها فإذا وجد المريد هذه العلامات في نفسه فقد خرج من عالم جنسه ووصل إلى حضرة قدسه وكان كما قال الشاعر لك الدهر طوعاً والأنام عبيد فعش كل يوم من زمانك عيد

وكما قال سيدي أبو العباس بن العريف رضي الله عنه في هذا المعنى يدم لك سر طال عنك اكتتامه ولاح صباح كنت أنت ظلامه فأنت حجاب القلب عن سر غيبه ولولاك لم يطبع عليه ختامه فإن غبت عنه حل فيك وطنبت على مركب الكشف المصون خيامه وجاء حديث لا يمل سماعه شهي إلينا نثره ونظامه إذا سمعته النفس طال نعيمها وزال عن القلب المعنى غرامه وأنشدوا في معناه أيضاً قولي لآمالي ألا فابعدي وقد الأحباب لي موعدي قد كنت قبل اليوم مستأنساً منك بخل مشفق مسعدى وإن نسيم الوصل قد هب نحوهم رطيبا فلي عندك ظل ندى وحيث لاحت لي أعلامهم فليس لي فقر إلى مرشد وإن لم يجد في نفسه هذه العلامات فليستمر على سلوكه ومجاهداته لا يغتر بما يتراءى له من سني حالاته فإنه لم يصل بعد ولم يصل له من هوى نفسه فقد وليس طريق موت النفس يقطع جميع الارفاق عنها وردها الى الاجتزاء بالحشيش والنخالة والمبالغة في التقشف والتقلل مع قطع النظر عن أحوال القلب وهممه وقصوره وإرادته وترك الالتفات إلى ما يحمد منها وما يذم فذلك كله غلو وبدعة وقد غلط في هذه طوائف من الناس وعملوا عليه في رياضتهم ومجاهدتهم ولم يقصدوا بذلك إخلاص العبودية لربهم فأداهم ذلك إلى اختلال عقولهم وانحلال قوى أبدانهم ولم يحصلوا من أمرهم على فائدة وذلك بجهلهم بالسنة وما كان عليه سلف هذه الأمة اهـ كلام الشيخ ابن عباد رضي الله عنه وأما محاسبة النفس على الأنفاس فقد أطال الإمام الغزالي في الإحياء الكلام في ذلك نحو ثلاثين ورقة في كتاب المراقبة والمحاسبة وذلك أثناء الربع الثالث من الكتاب المذكور فعليك به إن أردت استقصاء المسألة ولنذكر نبذة يسيرة من ذلك قال رحمه الله تعالى: قال الله عز وجل {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وقال ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه وقال يومئذ يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم} الآية فعرف أهل البصائر من جملة العباد أن الله تعالى لهم بالمرصاد وأنهم سيناقشون في الحساب وتحققوا أنه لا ينجيهم من ذلك إلا لزوم المحاسبة وصدق المراقبة ومطالبة

النفس في الأنفاس والحركات ومحاسبتها في الخطرات واللحظات فمن حاسب نفسه قبل أن يحاسب خف في القيامة حسابه وحضر عند السؤال جوابه ومن لم يحاسب نفسه دامت حسراته وطالت في عرصات القيامة وقفاته فلما انكشف لهم ذلك علموا أنه لا ينجيهم منه إلا طاعة الله تعالى وقد أمرهم بالصبر والمرابطة فقال تعالى {يا أيها الذين آكنوا اصبروا وصابروا ورابطوا فرابطوا أنفسهم أولا} بالمشارطة ثم بالمراقبة ثم بالمحاسبة ثم بالمجاهدة ثم بالمعاتبة فكانت لهم في المرابطة ستة مقامات ولا بد من شرحها وبيان حقيقتها وفضيلتها وتفصيل الأعمال فيها وأصلها المحاسبة ولكن كل حساب فبعد مشارطة ومراقبة ويتبعه عند الخسران معاتبة ومعاقبة فلنذكر شروح هذه المقامات اعلم أن مطلب المتعاملين في التجارات عند المحاسبة سلامة رأس المال ثم الربح وكما أن التاجر يستعين بشريكه فيسلم المال إليه حتى يتجر فيه ثم يحاسبه فكذلك العقل هو التاجر في طريق الآخرة ورأس ماله العمر وإنما مطلبه وربحه تزكية النفس إذ به فلاحها، ففلاحها بالأعمال الصالحات، والعقل يستعين بالنفس في هذه التجارة إذ يستعملها ويستخدمها فيما يزكيها كما يستعين التاجر بشريكه وغلامه الذي يتجر في ماله، وكما أن الشريك يصير خصماً منازعاً يجاذبه في الربح فيحتاج إلى أن يشارطه أولاً ويراقب ثانياً ويحاسبه ثالثاً ويعاتبه أو يعاقبه رابعاً فكذلك العقل يحتاج إلى مشارطة النفس أولاً فيوظف عليها الوظائف ويشترط عليها الشروط ويرشدها إلى طريق الفلاح ويجزم عليها الأمر بسلوك تلك الطرق ثم لا يغفل عن مراقبتها لحظة فإنه لو أهملها لم ير منها إلا الخيانة وتضييع رأس المال كالعبد الخائن إذا خلا له الجو وانفرد بالمال ثم بعد الفرغ ينبغي أن يحاسبها ويطالبها بالوفاء بما شرط عليها فإن هذه تجارة ربحها الفردوس الأعلى فتدقيق الحساب في هذا مع النفس أهم كثيراً من تدقيقه في أرباح الدنيا الحقيرة الفانية فحتم على كل مؤمن أن لا يغفل من محاسبة نفسه والتضييق عليها في حركاتها وسكناتها وخطراتها فان كل نفس من أنفاس العمر جوهرة نفيسة لا عوض لها فاذا أصبح وفرغ من فريضة الصبح فينبغي له أن يفرغ قلبه ساعة لمشارطة النفس ويقول لها مالي بضاعة إلا العمر فان فنى فنى رأس المال ووقع اليأس من التجارة وطلب الربح وهذا اليوم الجديد قد أمهلني الله فيه فإياك إياك أن تضيعيه ثم يستأنف لها وصية أخرى في أعضائه السبعة العين والأذن واللسان والبطن والفرج واليد والرجل فإذا وصى نفسه وشرط عليها ما ذكرناه فلا يبقى إلا المراقبة لها عند الخوض في الأعمال فانها ان تركت طغت وفسدت وكما أن العبد يكون له وقت أول النهار يشارط نفسه

فيه على سبيل التوصية بالحق فكذلك ينبغي أن تكون له في آخر النهار ساعة يطالب فيها النفس ويحاسبها على جميع حركاتها وسكناتها كما يفعل التاجر في الدنيا مع الشركاء في آخر كل سنة أو شهر أو يوم حرصاً على الدنيا الفانية ومعنى المحاسبة مع الشريك أن ينظر في رأس المال وفي الربح والخسران لتتبين له الزيادة من النقصان فإن كان ثم فضل حاصل استوفاه وشكره وإن ثم خسران طالبه بضمانه وكلفه تداركه في المستقبل فكذلك رأس مال العبد في دينه الفرائض وربحه النوافل والفضائل وخسرانه المعاصي وموسم هذه التجارة جملة النهار ومعاجلة نفسه الأمارة بالسوء فيحاسبها على الفرائض فإذا أدارها على وجوهها شكر الله تعالى عليها ورغبها في مثلها وإن فوتها من أصلها طالبها بالقضاء وإن أداها ناقصة كلفها الجبران بالنوافل وإن ارتكب معصية اشتغل بعقابها وتعذيبها ومعاتبتها ولا يمهلها لئلا تتأنس بفعل المعاصي ويعسر عليه فطامها فإذا أكل لقمة شبهة لشهوة نفس فينبغي أن يعاقب البطن بالجوع وإذا نظر إلى محرم فينبغي أن يعاقب العين بمنع النظر وكذلك ينبغي أن يعاقب كل طرف من الأطراف بمنعه عن شهواته هكذا كانت عادة سالكي الآخرة وإن رآها تتوانى بحكم الكسل في شيء من الفضائل أو وِرد من الأوراد فينبغي أن يؤدبها بتثقيل الأوراد عليها ويلزمها فنوناً من الفضائل جبراً لما فات وتداركاً لما فرط ويقبل على نفسه فيقرر عندها جهلها وحماقتها ويقول لها ما أعظم جهلك تدعين الحكمة والذكاء والفطنة وأنت أشد الناس غباوة وحمقاً أما تعرفين ما بين يديك من الجنة والنار وأنك سائرة إلى أحدهما لا محالة على القرب فما بالك تفرحين وتضحكين وتشتغلين باللهو وأنت مطلوبة لهذا الخطب الجسيم فأراك ترين الموت بعيداً ويراه الله قريباً أما تعلمين أن كل ما هو آت قريب ويحك جرأتك على معصية الله إن كان لاعتقادك أن الله تعالى لا يراك فما أعظم كفرك وإن كان مع علمك باطلاعه عليك فما أشد حماقتك وما أقل حياءك ويحك لو واجهك عبد من عبيدك بل أخ من إخوانك بما تكرهينه كيف كان غضبك عليه ومقتك له فبأي جسارة تتعرضين لمقت الله تعالى وغضبه أنظر تمام كلامه نفعنا الله به وأما وزن الخاطر الذي يخطر على بال الانسان من فعل أو ترك بالقسطاس بضم القاف وكسرها وهو الميزان بلغة الروم وفي المشارق هو أقوم الموازين قال وذكر البخاري عن مجاهد أنه العدل بالرومية اهـ والمراد به هنا حكم الشرع فقد تقدم عن الشيخ الجزولي ما معناه أنه ينبغي للانسان أن يجعل على قلبه الذي هو أمير الجسد حاجباً يشاوره فيما يريد فعله أو تركه وهو الشرع فإذا خطر على بال الانسان فعل أو ترك رجع فيه إلى الشرع فيما أمره بفعله يفعله وما أمره بتركه تركه وحينئذ يوصف بالاستقامة وإنما يزن الخاطر بالشرع لأن الأحكام لا تعرف إلا منه ثم له ثلاثة أحوال:

أحدها أن يعلم أنه مأمور به شرعاً إما على طريق الوجوب أو الاستحباب فليبادر إلى فعله فإنه من الرحمن ثم يحتمل أن يكون إلهاماً من الله تعالى ويحتمل أن يكون من إلقاء الملك في الروع والفرق بينهما أن إلقاء الملك قد تعارضه النفس والشيطان بالوسواس بخلاف الخواطر الإلهية فإنه لا يردها شيء بل تنقاد لها النفس كذلك الشيطان طوعاً وكرهاً وإنما يبادر إلى فعله كما قال الاستاذ أبو القاسم القشيري إنك إن توقفت برد الأمر وهبت ريح التكاسل فإن خشيت مع كونه مأموراً به أن يقع على صفة منهية لعجب أو رياء فلا يكون ذلك مانعاً لك من المبادرة إليه ومن ثم قال السهروردي اعمل إن خفت العجب مستغفراً منه وذلك لأن تطهير القلب من نزعات الشيطان بالكلية متعذر فلو وقفنا العبادة على الكمال لتعذر الاشتغال بشيء من العبادات وذلك يوجب البطالة وهي أقصى غرض الشيطان ومن ثم أيضاً كان احتياج استغفارنا إلى الاستغفار لا يوجب ترك الاستغفار الحالة الثانية أن تجد ذلك منهياً عنه شرعاً فلا تقربه فإن ذلك الخاطر من الشيطان أو من النفس والفرق بينهما أن خاطر النفس لا ترجع عنه وخاطر الشيطان قد تنقله إلى غيره إن صمم الانسان على عدم فعله لأن القصد الاغراء لا حصر قضية معينة فإن فعلت ذلك ذلك المنهي فاستغفر الله منه ولا تيأس من الرحمة قال الله تعالى {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم} الآية الحالة الثالثة أن يشك هل ذلك الأمر الذي خطر له مأمور به أو منهي عنه فإن كان مقابل النهي الإباحة فترجح الإمساك عنه ولا يجب لأن من باب الشبهة وتركه ورع لا وجوب وإن كان مقابله الوجوب فيجب الفعل قياساً على الشك في عدد ركعات الصلاة وهذه الحالة الثالثة راجعة إلى ترك المشبهات وقد تقدم ذلك من قوله يترك ما شبه باهتمام وحديث النفس ما لم تتكلم أو تعمل فإنهما مغفوران وأما المحافظة على الفرائض وتسمى رأس مال الانسان لانتظاره الربح الاخروي من قبلها وعلى النوافل وتسمى ربحاً لأن ما زاد على رأس المال ربح فبالاتيان بها على أكمل وجوهما لما في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال مخبراً عن الله تعالى وما تقرب الي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بهاورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه وإن استعاذني لأعيذنه وليس المراد قرب المسافة لأن الله

تعالى ليس له مكان فيقرب منه العبد وإنما قربه بالاجابة لمن دعاه والعطاء لمن سأله كما صرح به آخر الحديث فقرب العبد بالطاعة والكف على المخالفة وبعده بعصيانه ومتابعة هواه ومن هذا المعنى بالنسبة للفرض وحديث الاعرابي الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عما افترض الله عليه فذكر له قواعد الاسلام فقال لا أزيد على هذا ولا أنقص منه فشهد له صلى الله عليه وسلم بالفلاح إن صدق وهو دخول الجنة وما يقرب منه تعالى ويكون سبباً بفضل الله وجوده لدخول الجنة فجدير بالمحافظة عليه فضلاً عن مطلق الاتيان به وأما الاكثار من الذكر فمطلوب قال في الرسالة وقال معاذ ابن جبل رضي الله عنه ما عمل آدمي عملاً أنجى له من عذاب الله من ذكر الله قال الشيخ الجزولي لأن الانسان إذا أكثر من ذكر الله تعالى تجدد خشوعه وتقوى إيمانه وازداد يقينه وبعدت الغفلة عن قلبه وكان الى التقوى أقرب وعن المعاصي أبعد، وقد ذكر الله تعالى حكم الذكر وفضله وكيفيته وصفته وفائدته وعقوبة من أعرض عنه فأما حكمه وفضله فقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً} والذاكرين الله كثيراً والذاكرات وقال فاذكروني أذكركم وقال ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها إلى غير ذلك من الآيات وأما كفيته فقال تعالى الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وأما صفته فقال تعالى فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله كذكركم آباءكم وذكرالأب يكون بالتعظيم وكذلك ذكر الله تعالى وأما فائدته فقال الله تعالى {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} وقال {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} وأما عقوبة من أعرض عنه فقال تعالى {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً} وقال {ومن يعش عن ذكر الرحمن} الآية اهـ ومعنى يَعْشُ يغفل ومعنى الآية ومن غفل عن ذكر الله يسر الله له شيطاناً يكون له قريناً عقوبة له على الغفلة عن الذكر ثم قال الامام الجزولي أيضاً وما قال معاذ رضي الله عنه إنما أراد به الذكر بالقلب هو إحضار الانسان قلبه والخوف والخشوع

وتصور اطلاع ربه عليه في سره وعلانيته وعلم جميع أحواله ومتصرفاته وأنه لا تخفى عليه خافية ولا يستر عنه مستور فلذلك كان الذكر بالقلب أفضل من الذكر باللسان وقيل الذكر باللسان أفضل قاله أبو عبيدة بن عبد الله وقيل إن من كان يقتدي به وكان محفل من الناس فالذكر باللسان أفضل ليقتدى به وإن كان ممن لا يقتدى به وكان بمحضر الناس فذكره بالقلب أفضل وارتضى هذا القول الطبري اهـ، والقول الأول أن الذكر بالقلب أفضل هو الذي يؤخذ من قوله الناظم وبكثرة الذكر يصفو لبه والله أعلم وهو من إضافة الصفة إلى الموصوف وهذا إن كانت الباء فيه للآلة وأما إن كانت للمصاحبة فلا وقد جلب الامام الجزولي في فضل الذكر أحاديث كثيرة كقوله صلى الله عليه وسلم أفضل العبادات الذكر وأفضل الذكر الخفي وقال في الصحيحين من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملاء ذكرته في ملاء خير منه قال ويؤخذ من هذا الحديث أن الملائكة أفضل وقال في شرح البخاري لابن بطال قال أبو موسى قال النبي صلى الله عليه وسلم «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت» إلى غير ذلك فإن أردت تتبع ما ورد في ذلك فعليك بشرع الجزولي في المحل المذكور والصفو بالواو الخالص واللب القلب والمعنى أن يطلب من الذاكر أن يصفي قلبه من التعلق بغير الله تعالى ورجاء أحد سواه مع استحضار الخوف والخشوع واطلاع ربه عليه في السر والعلانية كما تقدم عن الجزولي وأما كون الاستعانة على جميع الأشياء بالله تعالى لا بغيره فظاهر إذ غيره لا يملك ضراً ولا نفعاً إذا كان عون الله للمرء خادماً تهيأ له من كل صعب مراده إذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده وأما مجاهدة النفس وهي الجهاد الأكبر فقد تقدم بعض ما فيه عند قول (واعلم بأن أصل ذي الآفات) البيتين وراجع آخر الكلام الذي نقلنا على قوله يحاسب النفس على الأنفاس حيث قال (وإن رآها تتوانى بحكم الكسل) الخ وأما التحلي بمقامات

اليقين التي من جملتها الخوف والرجاء فقال الإمام أبو حامد الغزالي في الإحياء في بيان حقيقة الرجاء والخوف ما نصه بيانه أن كل ما يلاقيه من مكروه ومحبوب ينقسم إلى موجود في الحال وإلى موجود فيما مضى وإلى منتظر في الاستقبال إذا خطر بذلك موجود فيما مضى سمي ذكراً وتذكراً وإن كان ما خطر بقلبك موجوداً في الحال سمي وجداً وذوقاً وإدراكاً وإنما سمي وجداناً لأنها حالة تجدها من نفسك وإن كان خطر ببالك وجود شيء في الاستقبال وغلب ذلك على قلبك سمي انتظاراً وتوقعاً فإن كان المنتظر مكروهاً حصل منه ألم في القلب يسمى خوفاً وإشفاقاً وإن كان محبوباً حصل في انتظاره وتعلق القلب به واحضار وجوده بالبال لذة في القلب وارتياح يسمى ذلك الارتياح رجاء فالرجاء هو ارتياح القلب لانتظار ما هو محبوب عنده ولكن ذلك المحبوب المتوقع لا بد أن يكون له سبب فإن كان انتظاره لأجل حضور أكثر أسبابه فاسم الرجاء عليه صادق وإن كان ذلك انتظاراً مع انخرام أسبابه واضطرابها فاسم الغرور والحمق أصدق عليه من اسم الرجاء وإن كان لم تكن الأسباب معلومة الوجود ولا معلومة الانتفاع فاسم التمني أصدق على انتظاره لأنه انتظار من غير سبب وعلى كل حال فلا يطلق اسم الرجاء والخوف إلا على ما تتردد فيه أما ما يقطع به فلا وقد علم أرباب القلوب أن الدنيا مزرعة الآخرة والقلب كالأرض والإيمان كالبذر فيه والطاعة جارية مجرى تقليب الأرض وتطهيرها ومجرى حفر الأنهار وسقاية الماء إليها والقلب المستهتر بالدنيا المستغرق كالأرض السبخة التي لا ينمو فيها البذر ويوم القيامة يوم الحصاد ولا يحصد أحد إلا ما زرع ولا ينمو زرع إلا من بذر الإيمان وقلما ينفع الإيمان مع خبث القلب وسوء أخلاقه كما لا ينمو بذر في أرض سبخة فينبغي أن يقاس رجاء العبد المغفرة برجاء صاحب الزرع فكل من طلب أرضاً طيبة وألقى فيها بذراً جيداً غير عفن ولا مسوس ثم أمده بما يحتاج إليه وهو سقاية الماء في أوقاته ثم طهره ونقاه من الشوك والحشيش وكل ما يمنع نبات البذر أو يفسده ثم جلس منتظراً من فضل الله تعالى دفع الصواعق والآفات المفسدة إلى أن يتم الزرع ويبلغ غايته سمي انتظاره رجاءً وإن بث البذر في أرض صلبة سبخة مرتفعة لا ينصب إليها ماء ولم يشتغل بتعهد البذر أصلاً ثم انتظر حصاد الزرع منه سمي انتظاره حمقاً وغروراً لا رجاء وإن بث البذر في أرض طيبة ولكن لا ماء لها وأخذ ينتطر مياه الأمطار حيث لا تغلب الأمطار ولا تمتنع أيضاً سمي انتظاره تمنياً لا رجاءً فإذا اسم الرجاء إنما يصدق على انتظار محبوب تمهدت جميع أسبابه الداخلة تحت اختيار العبد ولم يبق إلا ما ليس يدخل تحت اختياره وهو فضل الله سبحانه بصرف القواطع والمفسدات فالعبد إذا بث بذر الإيمان وسقاه بماء الطاعات وطهر القلب عن شوك الأخلاق الرديئة وانتظر من فضل الله تعالى تثبيته عليه إلى الموت وحسن الخاتمة المفضية إلى المغفرة كان انتظاره رجاء حقيقياً محموداً في نفسه باعثاً له على

المواظبة والقيام بمقتضى الإيمان وفي إتمام أسباب المغفرة إلى الموت وإن قطع عن بذر الإيمان تعهده بماء الطاعات أو ترك القلب مشحوناً برذائل الأخلاق وانهمك في طلب لذات الدنيا ثم انتظر المغفرة فانتظاره حمق وغرور وقال «الأحمق من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني» وقال تعالى {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات} وقال تعالى {فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا} ثم قال وأعلم أن العمل على الرجاء أعلى منه على الخوف لأن أقرب العباد إلى الله تعالى أحبهم له والحب يغلب بالرجاء واعتبر ذلك بملكين تخدم أحدهما خوفاً من عقابه والآخر رجاء لثوابه ولذلك ورد في الرجاء وحسن الظن رغائب لا سيما وقت الموت قال الله تعالى {لا تقنطوا من رحمة الله} فحرم أصل اليأس وفي أخبار يعقوب عليه السلام إن الله تعالى أوحى إليه أتدري لما فرقت بينك وبين يوسف لقولك أخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون لم خفت الذئب عليه ولم ترحني ولم نظرت إلى غفلة إخوته ولم تنظر إلى حفظي له وقال صلى الله عليه وسلم «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى» وقال عليه السلام مخبراً عن الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء ودخل صلى الله عليه وسلم على رجل وهو في النزع فقال كيف نجدك فقال أجدني أخاف ذنوبي وأرجو رحمة بي فقال فما اجتمعا في قلب عبد في هذا الموطن إلا أعطاهُ الله تعالى ما رجا وأمنه مما يخاف ثم قال واعلم أن الخوف عبارة عن تألم القلب واحتراقه بسبب توقع مكروه في الاستقبال وقد ظهر هذا في بيان حقيقة الرجاء ومن أنس بالله وملك الحق قلبه صار بن

وقته مشاهداً لجمال الحق على الدوام ولم يبق له التفات إلى المستقبل لم يكن له خوف ولا رجاء بل صار حاله أعلى من الخوف والرجاء فإنهما زمامان يمنعان النفس عن الخروج إلى رعونتها وإلى هذا أشار الواسطي حيث قال: الخوف حجاب بين العبد وبين الله تعالى، وقال أيضاً إذا ظهر الحق على السرائر لم يبق فيها فضلة لرجاء ولا خوف، ثم قال اعلم أن فضيلة الشيء بقدر غنائه في الافضاء إلى سعادته لقاء الله سبحانه إذ لا مقصود سوى السعادة ولا سعادة للعبد إلا في لقاء مولاه والقرب منه فكل ما أعان عليه فله فضيلة وفضيلته بقدر إعانته وقد ظهر أنه لا وصول إلى سعادة لقاء الله تعالى في الآخرة إلا بتحصيل محبته والأنس به في الدنيا ولا تحصل المحبة إلا بالمعرفة ولا تحصل المعرفة إلا بدوام الفكر ولا يحصل الأنس إلا بالمحبة ودوام الذكر ولا تتيسر المواظبة على الذكر والفكر إلا بانقلاع حب الدنيا من القلب ولا ينقلع ذلك إلا بترك لذات الدنيا وشهواتها ولا يمكن ترك المشتهيات إلا بقمع الشهوات ولا تنقمع الشهوات بشيء كما تنقمع بنار الخوف فالخوف هو النار المحرقة للشهوات فإذا فضيلته بقدر ما يحرق من الشهوات وبقدر ما يكف عن المعاصي ويحث على الطاعات ويختلف ذلك باختلاف درجات الخوف فكيف لا يكون الخوف ذا فضيلة وبه تحصل العفة والورع والتقوى والمجاهدة وهي الأعمال الفاضلة المحمودة التي يقرب بها إلى الله تعالى قال تعالى {هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون} وقال تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} فوصفهم بالعلم لخشيتهم وقال {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} ووصى الله تعالى الأولين والآخرين بالتقوى فقال {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} وقال {وخافون إن كنتم مؤمنين} فأمر بالخوف وأوجبه وشرطه بالإيمان فلذلك لا يتصور أن ينفك مؤمن عن خوف وإن ضعف ويكون ضعف خوفه بحسب ضعف مرتبته وإيمانه وقال في فضيلة التقوى إذا جمع الله تعالى بين الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم ناداهم بصوت يسمع أقصاهم كما يسمع أدناهم فيقول يا أيها الناس إني قد أنصت لكم منذ خلقتكم إلى يوم هذا فانصتوا إلي اليوم إنما هي أعمالكم ترد عليكم أيها الناس إني جعلت نسباً وجعلتم نسباً فوضعتم نسبي ورفعتم نسبكم قلت إن أكرمكم عند الله أتقاكم وأبيتم إلا أن تقولوا فلان ابن فلان وفلان أغنى من فلان فاليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي أبن المتقون فينصب للقوم لواء

فيتبع القوم لواءهم إلى منازلهم فيدخلون الجنة بغير حساب وقال عليه الصلاة والسلام «رأس الحكمة مخافة الله عز وجل» اهـ المقصود منه وقال في الشكر قبله ما نصه: اعلم أن الشكر من جملة مقامات السالكين وهو أيضاً ينتظم من علم وحال وعمل فالعلم هو الأصل ويورث الحال والحال يورث العمل فأما العلم فهو معرفة النعمة من النعم والحال هو الفرح الحاصل بإنعامه والعمل هو القيام بما هو مقصود المنعم ومحبوبه ويتعلق ذلك العمل بالقلب وبالجوارح وباللسان ولا بد من بيان مجموع ذلك ليحصل بمجموعه الإحاطة بحقيقة الشكر فإن كل ما قيل بحقيقة الشكر قاصر عن الإحاطة بكمال معانيه فالأصل الأول العلم وهو علم بثلاثة أمور بعين النعمة ووجه كونها نعمة من حقه وبذات المنعم ووجود صفاته التي يتم بها الإنعام وبصدور الإنعام منه عليه فإنه لا بد من نعمة ومنعم عليه تصل إليه النعمة من المنعم بقصد وإرادة هذا في حق غير الله تعالى، فأما في حق الله تعالى فلا يتم إلا بأن يعرف أن النعم كلها من الله تعالى وهو المنعم والوسائط مسخرون من جهته ثم قال والأصل الثاني الحال المستمدة من أصل المعرفة وهو الفرح بالمنعم مع هيئة الخضوع والتواضع وهذا أيضاً في نفسه شكر على تجرده كما أن المعرفة شكر ولكن إنما يكون شكر اً إذا كان جامعاً شروطه وشروطه أن يكون فرحك بالمنعم لا بالنعمة ولا بالأنعام، ثم قال الأصل الثالث: العمل بموجب الفرح الحاصل من معرفة النعم وهذا العمل يتعلق بالقلب وباللسان وبالجوارح أما القلب فقصد الخير وإضماره لكافة الخلق وأما باللسان فاظهار الشكر لله فالتحميدات الدالة عليه وأما بالجوارح فاستعمال نعم الله تعالى في طاعته والتوقي من الاستعانة بها على معصيته حتى أن شكر العينين أن يستر كل عيب يراه المسلم وشكر الأذنين أن يستر كل عيب يسمعه فيدخل هذا في جملة شكر نعمة هذه الأعضاء والشكر باللسان إظهار الرضا عن الله تعالى وما هو مأمور به اهـ وأما الصبر فقال فيه أيضاً إنه عبارة عن ثبات باعث الدين في مقابلة باعث الشهوة

فإن ثبت حتى يقهره ويستمر على مخالفة الشهوة فقد نصر حزب الله تعالى والتحق بالصابرين وإن تخاذل وضعف حتى غلبت الشهوة ولم يصبر على دفعها التحق باتباع الشيطان فإذن ترك الأفعال المشتبهات عمل يثمره حال يسمى الصبر وهو ثبات باعث الدين الذي هو في مقابلة باعث الشهوة وثبات باعث الدين حال تثمرها المعرفة بعداوة الشهوات ومضادتها لأسباب السعادة في الدنيا والآخرة فإذا قوى يقينه يكون الشهوة عدواً قاطعاً لطريق الله تعالى قوى ثبات باعث الدين فإذا قوى ثباته تمت الأفعال على خلاف ما تتقاضاه الشهوة فلا يتم ترك الشهوة إلا بقوة باعث الدين المضاد لباعث الشهوة وقوة المعرفة والإيمان بقبح محبة الشهوات وسوء عاقبتها وكونها عدواً قاطعاً لطريق الله تعالى اهـ وأما التوبة فقد تقدم الكلام عليها أول الكتاب أعني كتاب التصوف حيث تعرض لها الناظم، وأما الزهد فقد قال فيه أيضاً في كتاب الفقر والزهد اعلم أن الفقر عبارة عن فقد ما هو محتاج إليه أما فقد ما لا حاجة إليه فلا يسمى فقراً وإن كان المحتاج إليه موجوداً مقدوراً عليه لم يكن المحتاج فقيراً وإذا فهمت هذا لم تشك في أن كل موجود سوى الله تعالى فهو فقير لأنه محتاج إلى دواء الوجود في ثاني الحال ودوام وجوده مستفاد من فضل الله تعالى وجوده ثم قال هذا معنى الفقر مطلقاً ولكنا لسنا نقصد بيان الفقر المطلق بل بيان الفقر من المال على الخصوص وإلا ففقر العبد بالإضافة إلى أصناف حاجته لا ينحصر لأن حاجاته لا حصر لها ومن حاجاته ما يتوصل إليه بالمال وهو الذي أريد بيانه فقط فنقول: كل قائد للمال فإنما نسميه فقيراً بالإضافة إلى المال الذي فقدناه إذا كان ذلك المفقود محتاجاً إليه في حقه ثم يتصور أن تكون له خمسة أحوال عند الفقر ونحن نميزها ونخصص كل حال باسم ليتوصل بالتمييز إلى ذكر أحكامها الحالة الأولى وهي العليا أن يكون بحيث لو أتاه المال لكراهة وتأذى به وهرب من أخذه مبغضاً له ومحترزاً من شره وشغله وهذه الحالة هي الزهد واسم صاحبها زاهد ثم قال في بيان حقيقة الزهد اعلم أن الزهد في الدنيا مقام شريف من مقامات السالكين وينتظم هذا المقام من علم وحال وعمل كسائر المقامات أما الحال فنعني به ما يسمى زهداً وهو عبارة عن انصراف الرغبة عن الشيء إلى ما هو خير منه وكل من عدل عن شيء إلى غيره بمعاوضة وبيع وغيره فإنما عدل عنه لرغبته عنه وعدل إلى غيره لرغبته فيه فحاله بالإضافة إلى العدول عنه يسمى زهداً وبالإضافة إلى المعدول إليه يسمى رغبة وحباً فإذا يستدعي حال الزهد مرغوباً عنه ومرغوباً فيه فهو خير من المرغوب عنه ثم قال وأما العلم الذي هو المثمر لهذه الحالة فهو العلم يكون المتروك حقيراً بالإضافة إلى

المأخوذ كعلم التاجر بأن العوض خير من المبيع فيرغب فيه وما لم يتحقق هذا العلم لا يتصور أن تزول الرغبة عن البيع وكذلك من عرف أن ما عند الله باق وأن الآخرة خير وأبقى أي لذاتها خير في أنفسها وأقوى كما يقال الجوهر خير من الثلج مثلاً وهي أبقى كما يكون الجوهر أبقى من الثلج ولا يعسر على مالك الثلج بيعه بالجواهر واللآليء فهذا مثال الدنيا والآخرة فالدنيا كالثلج الموضوع في الشمس لا يزال في الذوبان حتى ينقرض والآخرة كالجواهر التي لا فناء لها فبقدر قوة اليقين والمعرفة بالتفاوت بين الدنيا والآخرة تقوى الرغبة في البيع والمعاملة حتى أن من قوى يقينه باع نفسه وماله قال الله تعالى {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} ثم قال وأما الصادر عن حال الزهد فهو ترك وأخذ لأنه بيع ومعاملة واستبدال الذي هو خير بالذي هو أدنى فكما أن العمل الصادر عن عقد البيع هو ترك المبيع وإخراجه من اليد وأخذ العوض فكذلك الزهد يوجب ترك المزهود فيه بالكلية وهي الدنيا بأسرها مع أسبابها ومقدماتها وعلائقها فيخرج من القلب حبها ويدخل حب الطاعات ويخرج من اليد والعين ما أخرجه من القلب ويوظف على اليدين والعين وسائر الجوارح وظائف الطاعات وإلا كان كمن سلم المبيع ولم يأخذ الثمن، فإذا وفى بشرط الجانبين في الأخذ والترك فليستبشر ببيعه الذي بايع به وأما التوكل فقال فيه إنه مشتق من الوكالة يقال وكّل أمره إلى فلان أي فوضه إليه واعتمد عليه ويسمى الموكل إليه وكيلا ويسمى المفوض إليه متكلاً عليه ومتوكلاً عليه مهما اطمأنت إليه نفسه ووثق به ولم يتهمه بتقصير ولم يعتقد فيه عجزاً وقصورا فالتوكل عبارة عن اعتماد القلب على الوكيل وحده ثم قال فإذا عرفت التوكل فقس التوكل على الله تعالى عليه فإن ثبت في نفسك بكشف أو باعتقاد جازم أنه لا فاعل إلا الله تعالى كما سبق واعتقدت مع ذلك تمام العلم والقدرة على كفاية العباد ثم تمام العطف والعناية والرحمة بجملة العباد والآحاد وإنه ليس وراء منتهى قدرته ولا وراء منتهى علمه علم ولا وراء منتهى عنايته بك ورحمته لك عناية ورحمة اتكل لا محالة قلبك عليه وحده ولا يلتفت إلى غيره بوجه ولا إلى نفسك وحولك وقوتك فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله فإن كنت لا تجد هذه الحالة من نفسك فسببه أحد أمرين إما ضعف اليقين بإحدى هذه الخصال وإما ضعف القلب ومرضه باستيلاء الجبن عليه وانزعاجه بسبب الأوهام الغالبة عليه وأما الرضى فقال فيه: اعلم أن الرضى ثمرة من ثمار المحبة وهو هنا أعلى مقامات المقربين وحقيقته غامضة على الأكثرين فقد أنكر المنكرون تصور الرضا بما يخالف الهوى ثم قالوا إن أمكن الرضا بكل شيء لأنه فعل الله تعالى فينبغي أن يرضى بالكفر والمعاصي وانخدع به قوم فرأوا الرضا بالفجور والفسق وترك الاعتراض والانكار من باب التسليم لقضاء الله تعالى ولو انكشفت هذه الأسرار

لمن اقتصر على سماع ظواهر الشرع لما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس فقال «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» ثم قال اعلم أن من قال ليس فيما يخالف الهوى وأنواع البلاء إلا الصبر فأما الرضى فلا يتصور فإنما أتى من ناحية إنكارالمحبة فأما إذا ثبت تصور الحب لله تعالى واستغراق الهم به فلا يخفى أن الحب يورث الرضا بأفعال الحبيب ويكون ذلك من وجهين الوجه الأول أن يبطل الاحساس بالألم حتى يجري عليه المؤلم ولا يحس به وتصيبه جراحة ولا يدرك ألمها ومثاله الرجل المحارب فإنه حال غضبه أو خوفه قد تصيبه جراحة وهو لا يحس بها حتى إذا رأى الدم استدل به على الجراحة بل الذي يكون في شغل قريب قد تصيبه شوكة في قدمه ولا يحس بألمها لشغل قلبه، والوجه الثاني هو أن يحس بالألم يدركه ولكن يكون راضياً به بل راغباً فيه مريداً له أعني بقلبه وإن كان كارهاً له بطبعه كالذق يتلمس من الفصاد الفصد والحجامة فإنه يدرك ألمه إلا أنه راضٍ به وراغب فيه ومتقلد من الفصاد المنة بفعله فهذا حاله حال الراضي بما يجري عليه من الألم وكذلك كل من يسافر في طلب الربح يدرك مشقة السفر ولكن حبه لثمرة سفره طيب عنده مشقة السفر وجعله راضياً به ومهما أصابته بلية من الله تعالى وكان له يقين بأن ثوابه الذي ادخر له فوق ما نابه رضي به ورغب فيه وأحبه وشكر الله تعالى عليه هذا إن كان يلاحظ الثواب والاحسان الذي يجاري به عليه ويجوز أن يغلب الحب بحيث يكون حظ المحب في مراد حبيبه ورضاه لا لمعنى آخر وراءه فيكون مراده حبيبه ورضاه محبوباً عنده ومطلوباً وكل ذلك موجود في المشاهدات في حب الخلق وأما الحب فقال فيه أول ما ينبغي أن يتحقق أنه لا تتصور محبة إلا بعد معرفة وإدراك إذ لايحب الانسان ما لا يعرفه ولذلك لم يتصور أن يتصف بالحب جماد بل هو من خاصة الحي المدرك فكل ما في إدراكه لذة وراحة فهو محبوب عند المدرك وكل ما في إدراكه ألم، فهو مبغض عند المدرك وما يخلو من استعقاب ألم ولذة فلا يوصف بكونه محبوباً ولا مكروهاً فإذا كل لذيذ محبوب عند الملذ به ومعنى كونه محبوباً أن في الطبع ميلاً إليه ومعنى كونه مبغضاً أن في الطبع نفرة عنه فالحب عبارة عن ميل الطبع إلى الشيء الملذ فإن تأكد ذلك الميل وقوي سمي عشقاً والبغض عبارة عن نفرة الطبع من المؤلم المتعب فإذا قوي سمي مقتاً ثم قال فكل لذيذ محبوب وكل حسن وجمال فلا يخلو إدراكه عن لذة ولا أحد ينكر كون الجمال محبوباً بالطبع فإن ثبت أن الله تعالى جميل كان لا محالة محبوباً عند من انكشف له جماله وجلاله كما قال صلى الله عليه وسلم «إن الله جميل يحب

الجمال» ثم قال والمستحق للمحبة هو الله وحده وأن من أحب غير الله لا من حيث نسبته إلى الله تعالى فذلك لجهله وقصوره في معرفة الله تعالى وحب الرسول صلى الله عليه وسلم محمود لأنه عين حب الله تعالى وكذلك حب العلماء والأتقياء لأن محبوب المحبوب محبوب ورسول المحبوب محبوب ومحب المحبوب محبوب وكل ذلك راجع إلى حب الأصل فلا يجاوزه إلى غيره فلا محبوب في الحقيقة عند ذوي البصائر إلا الله تعالى ولا مستحق للمحبة سواه اهـ، باختصار ومن أراد بسط ذلك وبيانه وحججه وضرب مثله في الشاهد فعليه بالاحياء/ قوله يصدق شاهده في المعاملة البيت يصدق عطف بحذف العاطف على (يتحلى) وشاهد العبد أي حاضره والمطلع على سره وجهره هو الله تعالى والمعاملة معاملة العبد ربه تعالى والمعنى أنه يطلب من العبد أن يقصد بطاعته وجه الله تعالى إذ هو المطلع عليه والرقيب عليه لا الرياء والسمعة ولهذا المعنى عبر بالشاهد والله أعلم وقد تقدم بعض الكلام على ذلك في شرح قوله يطهر القلب من الرياء، وتقدم الكلام قريباً على الرضا بالمقدور من محبوب أو مكروه وأن من استولى على قلبه محبة الله تعالى رضى بكل ما يصدر منه له إذ الحب يورث الرضا بأفعال المحبوب قوله يصير عند ذاك عارفاً به البيتين معناه أن من اتصف بالأوصاف المذكورة يصير عارفاً بالله تعالى حراً لخلو قلبه عن محبة غيره إذ لو تعلق قلبه بمحبة غيره لكان عارفاً لذلك الغير وكأنه يشير لقول الإمام ابن عطاء الله رضي الله تعالى عنه ما أحببت شيئاً إلا كنت له عبداً وهو لا يحب أن تكون لغيره عبد اهـ، وقال قبل هذا: أنت حر مما أنت عنه آيس وعبد لما أنت له طامع اهـ، وإذا اتصف العبد بما ذكر وصار عارفاً بربه حراً من رق غيره لاعراضه عنه عبداً له تعالى لإقباله عليه بكليته أحبه الإله تعالى واصطفاه واجتباه لحضرته ومعنى اصطفى اجتبى واختار وجب لغة في أحب ذَا الْقَدْرُ نَظْماً لا يَفي بِالْغَايَهْ وَفي الّذي ذَكَرُتُهُ كِفَايهْ أَبْيَاتُهُ أَرْبَعَةَ عَشْرَة تَصِلْ مَعَ ثَلثَمائَةٍ عَدَّ الرَّسُلْ سَمَّيْتُهُ بِالْمُرْشِدِ الْمُعِينِ عَلَى الضَّرورِيِّ مِنْ عُلُومِ الدِّينِ فاَسْأَلُ النَّفْعَ بِهِ على الدَّوَامْ مِنْ رَبِّنَا بِجَاهِ سَيِّدِ الأَنامِ قَدِ انْتَهى وَالْحَمْدُ لله الْعَظِيمِ صَلَّى وَسَلّم عَلى الْهادِي الْكريم أخبر أن هذا القدر الذي ذكر من النظم بمعنى أن ما اشتمل عليه النظم من المسائل

الدينية لا يفي ذلك بغاية ما يطلب من المكلف بل هو أكثر من ذلك لكن تتبعه يؤدي إلى التطويل المورث للملل والترك رأساً ففي ما ذكرنا كفاية لمن اعتنى به وفهمه ثم أخبر أن عدة أبيات النظم أربعة عشرة مع ثلثمائة وذلك عدد الرسل عليهم الصلاة والسلام وتسكين العين من أربعة عشر لغة وبها قرأ حفص والحسين قوله تعالى أحد عشر كوكباً ثم أخبر أنه سماه بالمرشد الخ والمرشد والمعين اسما فاعل من أرشده إذا هداه لطريق الخير ومن أعان والضروري من علوم الدين هو الواجب على الأعيان سماه ضرورياً لأن التكليف به ضرورة تدعو إلى تعلمه وإما لكونه لما كان واجباً على كل أحد ولا مندوحة عن تعلمه استحق أن يكون كالعلم المدرك ضرورة بلا تأمل والله تعالى أعلم والدين ما يدان به الله تعالى أي ما يعامل به من قولهم (كما تدين تدان) أي كما تعامل والأولى والغالب من صنيع المؤلفين ذكر تسمية الكتاب في أوله ثم طلب من الله تعالى النفع بهذا النظم على الدوام والاستمرار متوسلا في نيل ذلك بجاه أي بقدر سيد الأنام أي الخلق (فائدة) عدة الانبياء على ما في صحيح ابن حيان مرفوعاً مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً الرسل منهم ثلثمائة وثلاثة عشر وفي رواية خمسة عشر وقيل أربعة عشر وقال سعد الدين في شرح العقائد روي أنهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً والأولى أن لا يقتصر على عدد في التسمية فقد قال تعالى منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك ولا يوقن في ذلك العدد أن يدخل فيهم من ليس منهم أو يخرج منهم من هو منهم ان ذكر عدد أقل من عددهم قال القاضي أبو الفضل عياض رحمه الله تعالى في الاشراف ما معناه أنه يستخرج عدة المرسلين من اسم نبينا ومولانا محمد وبيانه أن حروفه خمسة عشر ثلاث ميمات وحاء بألف وهمزة ودال وكل ميم تسعون أربعون لكل ميم وعشرة للياء فاضرب تسعين عدد نطق لفظ كل ميم في ثلاث عدد الميمات باثنين وسبعين وفي لفظ دال خمسة وثلاثون وفي لفظ حاء بالهمزة عشر المجتمع خمسة عشر ومن قال وأربعة عشر أسقط الهمزة من الحاء ومن قال وثلاثة عشر قال الواحد الزائد على الرسل زيادته بالمقام المحمود الذي تظهر فيه مرتبته على سائر الرسل ويكون سائر الخلق آدم فمن سواه من ذريته تحت لوائه وهذا العدد أيضاً هو عدد أصحاب بدر، اللهم إنا نتوسل إليك بجاه أحب الخلق إليك وأعظمهم قدراً عندك سيدنا ونبينا محمد وبجاه جميع الانبياء والرسل وأهل بدر وبجميع الأولياء والصديقين والشهداء والصالحين أن لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا عيباً

إلا سترته ولا ديناً إلا أديته ولا عدواً إلا كفيته ولا مريضاً إلا شفيته ولا حاجة لك فيها رضا ولنا فيها صلاح إلا قضينا يا أرحم الراحمين يارب العالمين واغفر اللهم لنا ولآبائنا ولأمهاتنا وأولادنا وأشياخنا وأحبابنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات بمنتك وجودك يا أرحم الراحمين يارب العالمين وكان الفراغ من هذا الشرح المسمى (بالدر الثمين في شرح المرشد المعين) مع فترات عنه كانت تعرض أثناء تأليفه خامس ربيع الثاني من عام أربعة وأربعين وألف (قال مؤلفه عفا الله عنه) لما فرغت من هذا الشرح المبارك وأكملته أوقفت عليه السيد الأجل العالم العلامة الدراكة الفهامة عالم عصره وسيد أهل وقته الورع الزاهد العارف العابد سيدي أبا العباس أحمد بن علي السوسي البورسعيدي أبقى الله بركته وعظم حرمته ونفعنا به وبأمثاله وطلبت منه حفظ الله النظر فيه والتأمل وأن يشير على ما عسى أن يظهر له فيه فبقي عنده أياماً ثم جئته فوجدته قد كتب لي بخط يده المباركة ورقة هذا نصها. الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم يقول كاتبه غفر الله له: نظرت هذا المجلد المسمى بالدر الثمين الموافق اسمه لما وضع له من المعنى الأتم المكين لما فيه من المحاسن وجمع النظائر ونظم قلائد الفرائض والنقول المنسوبة المسرودة الفوائد الكثيرة المسائل المشحونة الوسائل جعل الله نية مؤلفه خالصة لوجهه الكريم وجعل فيه خدمته لمقام ألوهيته العظيم فماذا عسى أن أقول فيه غير أني محتاج إلى كثير مما فيه لأجل ما دون فيه من المسائل الدينية والفروع الكثيرة الفقهية ولأني لا أصل إلى تلك الدواوين ولا رأيت الكثير منها فلله دره فلو أدركه شيخنا صاحب الأصل لسر به لأنه رحمه الله كان مهتماً به وأني لأظن أنه أشار إلي بذلك في بعض أيام حياته واني لأرجو أن يضاعف الله عليه برضوانه ويهيج بأنواره مقام ضريحه وأكوانه تتناوبه وشارحه امداد من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ولم أر فيه من آراء الشارح حفظه الله شيئاً حتى يتكلم معه وإنما هي تقول الأئمة وهو في ذلك موكل لأمانته كما قال الشيخ زروق العلماء موكلون إلى أماناتهم في نقلهم مبحوث معهم في فهمهم اهـ، نعم ولم يبق لذي رأي في الدين ولا اجتهاد المستنبط من أصول سوى التبيين والصناعة في تدوين ما رسموا والتقريب على البليد فيما سطروا والعمل بما قالوا والاهتداء بهم فيما أولوا رحمة الله عليهم ورضوانه وأشير على المؤلف حفظه الله أن ظهر له الفضل بخاتمة يأتي فيها بطرف من أحوال المعاد الذي تبرز فيه فائدة هذه الفرائض وتنشر فيه على القائمين بمحافظتها وسنها ألوية الأمن من زلازل أهواله والعوارض لأن الشيء إذا تقررت فائدته وتبن حصول الضرورة إليه داع لتزاحم الطلب عليه كما شوهد في هذه الدار وإني لأرى ذلك بقى على كثير من المؤلفين لأن الرسل لم تبعث إلا للانذار بأهواله وامتداد المقام به ومقدار خمسين ألف سنة وأن الناس يعمرونه على

قدر استقامة كل أحد بما جاء به الرسول الذي أرسل إليه وعلى طبعه البشري في الدنيا من الاحتياج إلى المأكول والمشروب وأن الله تعالى جعل في هذه الدار ما يرون من الأسباب والحرف وسائل إلى الطعام والشراب على ما ألفوه وجعل في الدار الآخرة قبل دخول الجنة محافظة عهود الرسل أسباب مطعومهم ومشروبهم وليس هناك سبب سوى ما قدموا فتجد أكثر الناس مما يظن بهه المعرفة لا يظن أن الناس يأكلون بعد البعث ولا يحتاجونه في معتقده وإنما ذلك البعث والحساب قدر ركعتين ودخول الجنة وأن الشفاعة تنالهم لا محالة فهذا هو الغرور ويكون ذلك من مختصر كلام في صفح ورقة لأن خير الكلام ما قل ودل فقد ورد أن الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرضين بمقدار خمسين ألف سنة وسيعمر بالخلائق أجمعين عرصات القيامة مقدار خمسين ألف سنة كما صرح به القرآن ويقال عمارة العالم دور الفلك الأعظم خمسين ألف سنة وهذا الأخير لم أره والله أعلم بصحته أو فساده فإذا تقرر هذا فيلزم العالم أن يبلغ عن نبيه أعظم مهماته الذي أرسل به وموضع ذلك كل من قيد شيئاً أو ألفه أن يدمج هذا الأمر في سمائه أو يجعل له فصلا مستقلاً أو خاتمة وهو مناسب للخاتم ثم يكون هذا المقيد أو المؤلف هو أول قائم بهذا العلم وحمل نفسه على مقتضى ما علمه من الأوامر والنواهي ليكون ذلك داعية إلى الانتفاع به ظاهراً أو باطناً وما أفسد أحوال الشريعة إلا تساهل العلماء بأديانهم وطباع العامة على مراقبة الأفعال فلو رأوا من العلماء الخوف لخافوا وزاد الأمر بإظهار المناكر وسكت العلماء وزاد الصلحاء بجمع الدنيا وصدق القائل في قوله وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها وزاد كل واحد ممن ذكر بالطمأنينة على ما عليه يخشى النكير عليه في الدنيا واستهون أمر آخرته وسبى العقول هم المأكول والمشروب فلوا أنصفوا استدلوا بالشاهد على الغائب وأخذوا الحزم للآتي كما أخذوه في هذه لأن الأبدان واحدة والبشرية طبيعتها في الاحتياج لا ينتفي بالموت بل يزداد شدة الاحتياج للطعام والشراب في عرصات القيامة حتى يأكل أهل الجنة من زيادة الكبد ويشربوا من الحوض فحينئذ يأكلون ويشربون تلذذاً وتنعماً بل وردت النصوص هي أن الله تكفل بالرزق في الدنيا ولم يرد في شيء تكفله في تلك العرصات وقد خطب الحجاج في ذلك فقال الحسن كلمة حكمة صدرت من فاسق وليس معهم ما بلغته الرسل من التوسع في الجنة فإن كل من دخلها يرى نفسه ملكاً من الملوك مما أفاض الله عليه من النعيم المقيم بل المهم الأعظم أمد العمار بالعرصات الكبار ولذلك لا تجد سورة من سور القرآن وإن كانت أخصر السور كالكوثر والعصر إلا والحق تعالى أنذر العباد بالموت أو حالة مآل الموت من أحوال القيامة إما تصريحاً أو ما يدل لذلك ثم الخوف من هذه العاقبة أهم المهمات أيضاً وإن

كان على أكمل حاله في الدين بل يخشى ولعله من زمرة أن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ولا يخرج من عدتها إلا من زكاه الرسل وقد قال صلى الله عليه وسلم «والمخلصون على خطر عظيم» نعم وكذا يظهر لي أن لا يبالغ المؤرخ في الثناء بما يختص الله بعلمه من أفعال القلوب كالزهد والولاية إلا أن يكون من أهل الإذن فإن الزهد هو خلو القلب من الميل إلى الدنيا فقد يكون الانسان تاركاً الدنيا ولم يتعلق بيده شيء منها لعدم القسمة الأزلية ولكن قلبه مفتون بها فليس هذا بزاهد وقد تكون يده عامرة وقلبه فارغاً من حبها يرى أنه أمين في التصرف فهذا زهد فمتى تعرف واتصل إلى ما فيه قلبه فتشهد عليه وربما تضرر بذلك في قبره إذا عرض عليه ما قيل فيه ولم يكن من أهله ويتأسف عليه دليله حديث أخت ابن رواحة حين تبكيه في مرض أشرف منه عليه ويقال أنت كذلك فلما مات لم تبكه وكذلك لفظ الولاية وهو أشد من الأول لأنه يؤذن بحسن الخاتمة لقوله تعالى {ألا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} ثم وصفهم فقال {الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا} وهو حسن الخاتمة تبشرهم الملائكة بذلك وكيف يصل المؤرخ إلى معرفة ذلك وقد قال صلى الله عليه وسلم في ابن مظعون لا أدري ما يفعل به وأنا رسول الله وإني لأرجو له الخير وقد أتاه اليقين أو كيفما قال صلى الله عليه وسلم وقال الغزالي إن من الذنوب ذنوباً لا يكفرها إلا حسن الخاتمة قيل هي دعوى الولاية والكرامة اهـ وأنا لا أدري هل هذا مختص بالمدعي نفسه أو يشمل من ادعاها لغيره محبة وليس هو ممن يشهد بها من أهل الإذن فتأمله فالله أعلم قال الشيخ زروق وأما ادعاء المراتب والتجاسر عليها كقولهم فلان في مرتبة كذا وفلان بلغ إلى كذا أو ترجمة مشايخهم وسعة تقديمهم بالقطبانية ودعاؤها لمن لم يصلح أن يكون خديماً في المراحيض اهـ، ويقتصر المؤرخ على الأوصاف الظاهرة الصادقة كإتقان العلوم والفهم الثاقب والادراك والذكاء والحفظ وقوة العقل والنباهة والاصابة وعدم الخطأ والفصاحة والنجابة في التدريس والفراسة واستحضار الجواب والنقل الصائب والانصاف وعدم الميل للهوى وإفادة الطالب والحرص على ذلك ويعتبر هذا كله وما أشبهه مما يوصف به إما بالممارسة أو بالنقل الصحيح وقد علمت أنهم نصوا على أن التزكية بعد ما يسافر معه والسلام اهـ نص الورقة المذكورة وقد تضمن كلامه هذا الاشارة إلى مسألتين:

الأولى الحض على ذكر شيء من أحوال المعاد وأهوال يوم القيامة الذي هو أهم الأشياء عند كل عاقل موفق وأنه ينبغي لكل من ألف كتاباً أن يختمه بشيء من ذلك ولا يغفله قلت ولا أظن أنهم أغفلوه إلا أنهم رأوا فناء مستقلاً يطول الكلام فيه فأفردوا له تآليف بالخصوص الثانية الاشارة إلى ما وقع لنا عند التعريف بشيخنا ناظم القصيدة المشروحة من تحليته وتحلية اشياخه مما جرت به عادة المؤرخين من الوصف بالعلم والزهد والصلاح ونحو ذلك وأنه ينبغي للانسان عند ذلك التحلية بالأوصاف الظاهرة كاتقان العلوم والفهم الثاقب ونحو ذلك دون ما ختص الله بعلمه من أفعال القلوب كالزهد والولاية وقد تبعنا نحن في ذلك غيرنا ممن لا يحصى بكثرة ولكن الصواب ما قاله رضي الله عنه ونفعنا به وبأمثاله ولم أزل منذ حضني على ما ذكر حول بفكري في ذلك وأريد مطالعة بعض كتب القوم عليه وجمع طرف منه باختصار فبينما أنا كذلك وقفت للسيد المذكور على تأليف له من جملة تآليفه العديدة المحررة المفيدة قد ختمه بخاتمة تشتمل على المهم من ذلك فأراحني مما أريد تكلف جمعه وترتيبه وأردت أن أختم بها هذا الشرح المبارك امتثالاً لأمره وتبركاً بألفاظه وصالح نيته قال نفعنا الله به فصل في الخاتمة ختم الله لنا وإياكم بالحسنى اعلم أن كل من قيد شيئاً ولم يذكر من أحوال المعاد طرفاً فقد أخل وأضاع ما يحقه في حق المصطفى صلى الله عليه وسلم والقرآن المشحون بذكر أحواله ولا تكاد تجد فيه سورة إلا وقد أفصحت عن ذلك أو أومأت إلى بعض ما يخصه وأصغر السور الكوثر والإخلاص والعصر، فالكوثر الخير الذي أعطاه الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والاخلاص بمحض التوحيد الذي لم يأت به حرم عليه الحضور وملزوماته بحافات الكوثر وما بعث الله الرسل إلا للانذار بمواقفه واعلام الخلق بزلازله وعواصفه يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه يوم يقوم الحساب يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم يعض الظالم على يديه يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفاً مختلطين ملتفين وملتحمين لا يملك أحد إلا تحت قدميه ويوم

نحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوماً كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً وعرضوا على ربك صفاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون ان لبثتم إلا قليلاً. وما شرعت التكاليف إلا للتزود إليه ولما لم ينتفع به فيه حتى تفصل عرصاته وأما من دخل الجنة وخلص إليها فلا يرى فيها إلا الملك الكبير ويخلق الله فيها الكلم الرضا وفوق الرضا ولم يذكر المؤمن بأفضل من كتابه الذي أنزل له لا ريب فيه ولا مراء وإني لأرى هذا الأمر بقي على كثير من المصنفين لأن كل ما صنفوا إنما هو لأجله وأجل ما أعد له واستعد للزاد إليه التقلل من الدنيا والزهد في متاعها لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم «المكثرون هم المقلون يوم القيامة» والزهد خلو القلب عن التعلق بها وليس بالزاهد العديم المفتتن بها واختلافهم في الفقير الصابر والغني الشاكر قيل المراد بالغني هنا هو الغنى بالله ولا علينا في تعمير يده أم لا وكذلك هو الفقير ليس هو العديم أيضاً وإنما ذلك في مقام القلب ونظره لسيده وبيانه أن الغني في هذا الباب قلبه فارغ من همومها في الوجود والعدم ففي الوجدان أن لا يضعف عن التصرف بالاذن وفي العدم لا يتمنى التصرف في ملك الغير والفقير يخشى الافتتان بوجدانها ويضيق صدره بما تعلق بها من التكاليف في التصريف ويود السلامة منها وإلى هذا أشار الشيخ زروق لا تجد فقيراً صابراً إلا غنياً شاكراً ولا غنياً شاكراً إلا فقيراً صابراً والله أعلم وأما من تعلق قلبه بالدنيا في الوجود والعدم أو يبكي على فقدان ما ضاع له منها ولا يريد إلا الازدياد منها على أي وجه كان من حلال أو حرام أو متشابه فأولئك الذين تنصب عليهم الأهوال صباً يوم يجيء ربك والملك صفا صفا والأولون في وارفات ظل العرش نفعنا الله بذكرهم أمين ومن أجل ما استعد به أيضاً الصلاة وإقامتها والمحافظة عليها بشروطها وما زال صلى الله عليه وسلم عند احتضاره يوصي بالصلاة وعن إياس بن زياد قال قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا بد من قيام الليل ولو حلب ناقة» وقد رؤي الجنيد في المنام قيل له كيف تجدك عند الله قال وجدت بركة ركيعات كنا نقوم بها في الليل فسئل عن الاشارات والالهامات التي كانت تتلقى منه في مقدمات التصوف فقال هيهات ذهب كل ذلك ووقع مثل هذا لعبد الرحمن بن القاسم صاحب مالك سئل أيضاً اذ رؤى في المنام عن الاجتهادات في المسائل فقال لم يبق لنا إلا صلوات الليل فإذا كان هؤلاء هكذا مع أن ما هم فيه مطلوب فأين ما فيه غيرهم من الفضول ممن يرى لنفسه مزية أو ترى له ويروى أن إنساناً عامل نبينا صلى الله عليه وسلم بشيء فأراد صلى الله عليه وسلم مكافأته فقال له سل حاجتك قال الجنة يا رسول الله فقال له ولعلك تطلب بعض ما جرت به العادة أو كيفما قال صلى الله عليه وسلم قال لا، لا أطلب إلا الجنة فقال صلى الله عليه وسلم أعني على نفسك بقيام الليل أو كيفما كانت ألفاظ هذا الحديث ومن ذلك بعض أهل الفساد ومباينتهم قال الله تعالى {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون} فتأمل في ألفاظ هذه الآية الكريمة وما احتوت عليه من الفضائل والثناء الجميل على من اتصف بما ذكر وظاهرها غير شريطه كبير صلاة ولا صوم سوى وظائف التكاليف التي لا ينجح عمل دونها والله أعلم بما ينزل، ووجدت في طرة من تفسير الواحدي قال لما نزلت قال صلى الله عليه وسلم اللهم لا تجعل لفاجر عندي يداً فيحبه قلبي اهـ لكن الحب والبغض في هذا الباب يحتاجان إلى تصرف علمي خال عن

الهوى وجنونه حتى يبغض محقاً أو يحب مفسداً وإلا هلك وهذا الباب كثير الاشتباه عسير التخلص إلا من سلمه الله وهذا فيما لابسه أهل الديانات وأما غيرهم فلا ذمة ولا ذمام وفي شرح الرسالة للزناتي عنه عليه الصلاة والسلام اللهم لا تجعل لفاجر علينا منة فترزقه بها مني محبة وقال عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام تحببوا إلى الله ببغض أهل المعاصي وتقربوا الى الله بالتباعد عنهم والتمسوا رضا الله بسخطهم اهـ نعم وإن كل من تعلم العلم لله أو حفظ القرآن لوجه الله ولم يصيره آلة لما يأكل به فأولئك جلساء الرحمن فعن معمر الانصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من تعلم علماً مما ينفع الله به الآخرة لا يتعلمه إلا للدنيا أو قال يتعلمه للدنيا حرم الله عليه أن يجد عرف الجنة وعن الغافقي في فضائل القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ القرآن فليسأل الله به فإنه سيجيء قوم يقرءون القرآن يسألون به الناس وعن الحسين قراءة القرآن ثلاثة: صنف اتخذوه بضاعة يأكلون به وصنف أقاموا حروفه وضيعوا حدوده واستطالوا به على بلادهم واشتروا به الولاة وأكثر هذا الضرب من حملة القرآن لا كثرهم الله وصنف عمدوا على دواء القرآن فوضعوه على داء قلوبهم فذكروا به في محاريبهم وجثوا به في برانيسهم واستشعروا الخوف وارتدوا الحزن فأولئك الذين يستقى بهم الغيث وينصرونهم على الأعداء، والله لهذا الضرب في حملة القرآن أعز من الكبريت الأحمر، وعن زاذان قال: من قرأ القرآن ليأكل به الناس لقي الله عز وجل ليس في وجهه مضغة لحم وعن عبادة بن الصامت قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم إليه مهاجر دفعه إلى أحد منا يعلمه القرآن فدفع إلي رجلاً فكنت أقرئه القرآن فأهدى إلي قوساً فأخبرت بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال جمرة بين كتفيك تقلدتها وعن أبي أنه كان يقرىء رجلاً من

أهل اليمن سورة فرأى قوساً عنده فقال بعنيها فقال له بل هي لك هدية فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أردت أن تقلد قوساً من نار فخذها وفي رواية لو تقوستها لتقوست قوساً من نار وعن أبي أيضاً قال كنت أختلف إلى رجل مكفوف اقرئه القرآن فكان يدعو لي بطعام فآكله فوجدت منه في نفسي فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم إن كان ذلك الطعام طعامه وطعام أهله الذي يأكلون فكل وإن كان طعاماً يتحفك به فلا تأكل فأتيته نحو ما أتيته فلما فرغ قال يا جارية سلمي طعام أخي فقلت له هذا طعام أهلك الذي تأكلون قال لا ولكن أتحفك به فقلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهاني عنه اهـ وهكذا ها هنا وفي الصحيح أن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله في قضية الرقي وفيها فاضربوا لي معكم بسهم وهذا والله أعلم يختلف باختلاف الأحوال والأزمان والنسخ على تسليم صحة ما في الغافقي وفيه أيضاً عن أبي أيوب الأنصاري أنه أمر رجلاً يمسك عليه المصحف وقال لا تردن علي باء ولا تاء ولا حرفاً ولا حرفين إلا أن يكون آية كاملة فإنه سيكون قوم يقرءون القرآن ولا يسقطون منه حرفاً اللهم لا تجعلني منهم، وعن فضالة بن عبيد الانصاري مثله قال لرجل خذ هذا المصحف وأمسك علي ولا تردن علي ألفاً ولا واواً فإنه سيكون قوم يقرءون القرآن ولا يسقطون منه ألفاً ولا واو ثم رفع فضالة يديه فقال اللهم لا تجعلني منهم، وفي رواية لا تأخذن علي حرفاً إلا آية كاملة اهـ الغافقي فانظر ما معنى هذين الحديثين الأخيرين فان الكمال عند الناس اليوم خلاف مقتضاهما نعم أما قوله لا تردن علي حرفاً ولا حرفين فإن القرآن في عصر الصحابة يقرأ على حروف كثيرة والكل قرآن كلها في الصحيح في سورة الفرقان من قوله صلى الله عليه وسلم اقرأ يا هشام اقرأ يا عمر وقال في كل من ذلك كذلك أنزل وكل ما حواه الصحابي لا يكون حجة على صحابي آخر لأن كل واحد منهم ثبت عنده ما لم يثبت عند الآخر وذلك سبب جمع عثمان للقرآن

على حرف واحد وحمل الناس عليه وأما الآية الكاملة فلا تتفق المصاحف على إسقاطها لذلك قال له لا ترد علي إلا آية كاملة وبقي قولهما (اللهم لا تجعلني منهم) على إشكال فيه والله أعلم وفي الصحاح لالجوهري وفي حديث حذيفة أن من أقرأ الناس القرآن منافقاً لا يدع منه واو ولا ألفا يلفه بلسانه كما تلف البقرة الخلا بلسانها وأظن إلى هذا الفريق أشار الشيخ سيدي عبد الله الهبطي في الفتية السنية حيث قال أما الذين يقرءون القرآن فإنهم على سبيل الشيطان ترك الصلاة عندهم مشهور وإن تكن بفوتها الحضور ما عندهم بالاحتفال معروف إلا الذي أتى بعلم المحذوف قد ضيعوا عليهم أصول الدين كضيعة المفروض والمسنون فكل متصد لطلب مرتبة أياً كانت مما تبنى عليه أساسات الدين ليأكل بها ويرتزق فقد خيف عليه التلطف ولكن يبقى حتى يسأل ويستخير الله ويشاء ويشاور بشرط أهليته لها وكل طالب علم أو قراءة لا يهتم بإقامة الفرائض فذلك دليل على عدم القصد به وجه الله تعالى فإن خدمة العلم هي خدمة الله تعالى فإذا لم يحافظ على أوامره فإنما يخدم هواه وذلك إذا رأيته يتأخر عن أول الصلاة اكتفاء بآخرها فإن من ترك أول صلاة الجماعة اختياراً لا يحصل له أجر صلاة الجماعة وما روي من قول مالك لابن وهب مالذي قمت عنه بأولى مما قمت إليه مشكل إذا كان قيامه لصلاة الجماعة وأما إن كان الوقت والحالة أن الاتساع حاصل أو كانت جماعة أخرى فلا إشكال ولا بد من ملاحظة صورة القضية كيف كانت وكذلك الذي يبادر اللوح أو الكتاب بأثر السلام ولا مراد له في فضل المعقبات وفي تنبيه الغافل وروى عن عمر رضي الله عنه أنه رأى رجل بادر التنفل بعد السلام فقام إليه وضرب به الأرض ما أهلك من كان قبلكم إلا أنهم لا يفصلون بين فرضهم ونفلهم فرآهم صلى الله عليه وسلم وقال له إن الله أصاب بك الصواب يا ابن الخطاب تأمل هذه القضية فهي في النافلة المجانسة للصلاة فأين غيرها من نحو اللوح والكتاب بل قل لي أين منها من سلم وابتدر شقاشق الكلام الذي نحن فيه سائر الدهر ونصوا أن أقل ما يكفي من ذلك قراءة آية للكرسي والتسبيح والتحميد والتكبير عشراً عشراً ثم كل طالب مصيب بحق أن يكون له ورد في الذكر كل يوم ولو مائة صلاة على سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم ليستعين بذلك على تصحيح نيته وطلب العلم أفضل الأعمال لكن بنية صالحة وكذلك رغائب المفروضات لا سيما ركعتي المغرب فإنه مروي أنها ترفع من عمل النهار ومما يجب التنبيه عليه ما سببت به الأهواء من

قراءة القرآن بالألحان العجمية وتحسين قراءته بنغماتهم ويحسبون أنهم على شيء وإنما تزين قراءته بألحان العرب الذي أنزل بلسانهم وذلك أن طبع الموسيقى العجمي لا يتم إلا بمد ما لا يمد وقصر ما لا يقصر وعلى خلافه اللحن العربي ولذلك ورد الاذن به فقيل فيما روي (اقرأوا القرآن بألحان العرب) وهذا المبذول قد يمتنع لعارض، قال الشيخ أبو العباس في القباب في شرح قواعد عياضرحمهما الله عند قول القاضي حسن الصوت ما نصه: سئل مالك في العتبية في النفر يكونون في المسجد فيقولون لرجل حسن الصوت اقرأ علينا يريدون حسن صوته فكره ذلك وقال إنما هذا شبه الغناء قيل له أفرأيت قول عمر لأبي موسى الاشعري رضي الله عنهما ذكرنا ربنا، فقال إن من الأحاديث أحاديث قد سمعتها وأنا أتقيها ووالله ما سمعت هذا قط قبل هذا المجلس وكره القراءة بالالحان وقال هذا شبه الغناء ولا أحب أن يعمل بذلك وقال إنما اتخذوها يأكلون بها ويكسبون عليها (شرح) قال القاضي أبو الوليد بن رشد إنما كره مالك للنفر يقولون للحن الصوت إقرأ علينا إذا أرادوا بذلك حسن صوته كما قال لا إذا قالوا ذلك استدعاء لرقة قلوبهم لسماعهم قراءته الحسنة فقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن أي ما استمع لشيء ما استمع لنبي يحسن الصوت بالقرآن طلباً لرقة قلبه بذلك وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا رأى أبا موسى الأشعري قال له ذكرنا ربنا فيقرأ عنده وكان حسن الصوت فلم يكن عمر ليقصده لا لالتذاذ حسن صوته وإنما استدعى رقة قلبه بسماع قراءة القرآن وهذا لا بأس به إذا صح من فاعله على هذا الوجه وقوله إن من الأحاديث أحاديث سمعتها وأنا أتقيها وإنما أتقي أن يكون التحدث بما روي عن عمر ذريعة لاستجازه القرآن بالالحان ابتغاء استماع الأصوات الحسان والالتذاذ بذلك حتى يقصد أن يقدم الرجل للامامة لحسن صوته لا لما سوى ذلك مما يرغب في امامته من أجله فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (بادروا بالموت أشياء) ذكر أحذها نشواً يتخذون القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليغنيهم وإن كان أقلهم فقهاً فالتحذير إنما وقع لإيثارهم تقديم حسن الصوت على

الكثير الفقه فلو كانا رجلين متساويين في الفضل والفقه أحدهما أحسن صوتاً بالقراءة لما كان مكروهاً أن يؤم الأحسن صوتاً بالقراءة لأنها مرتبة زائدة محمودة خصه الله تعالى بها وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري تغبيطاً لما وهبه الله تعالى لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود فحاصل ما جلبت إليه هذه الرواية وما قال القاضي إنما يستحب تقديم الحسن الصوت مع استوائه مع غيره في جميع موجبات الامامة فتكون له فضيلة زائدة ومن قدم الحسن الصوت لصوته فهو من باب الغناء الذي ينزه كتاب الله عز وجل أن يتخذ لذلك وإنما يجوز ذلك إذا طلب به رقة القلب والخشوع وأما من قصد الالتذاذ بصوته الحسن فلا يجوز ذلك وهذا الذي يفعل في بلادنا في تراويح رمضان يقدمون ذوي الاصوات الحسان لحسن أصواتهم على من هو أولى بالإمامة منهم لا شيء غير الصوت الحسن وهذا الذي جاء في الحديث التحذير منه وربما قدموا لذلك من لا يحسن وضوء أو لا غيره بل ربما قدموا لذلك صبياً قبل بلوغه وعقدوا له جموعاً لسماع صوته فإذا فرغ خرجوا من المسجد لا أرب لهم في الصلاة وإنما غرضهم سماع صوته وأكثرهم جلوس لا يصلون ولا ترى ناهياً عن ذلك ولا منكراً له بل تزخرف المساجد ويكثرون بها النيران وربما جلب بعضهم للمسجد المأكل يأكلها في المسجد لتتم لذاته بسماع الصوت الحسن وأكل الطيبات وقد ينتهي الحال لبعضهم أن يواعد لمجلس هذا القاريء من له غرض فاسد في مجالسته على وجه لا يجوز شرعاً وشرح جميع ما يقع في ذلك من أهل المجون مما ينزه كتابنا عنه فيأتي شهر رمضان الذي عظم الله سبحانه وتعالى شأنه وقال النبي صلى الله عليه وسلم ينادي مناد يا طالب الخير هلم ويا طالب الشر أمسك فينصب لأهل الشر في المساجد التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ولد يغنيهم بالقرآن فيجتمع عليه الرعاع لسماع صوته خاصة لا لرقة ولا لغيرها ثم يكون ذلك داعية لقبائح يعرفها من عرفها وذلك كله استخفاف بحرمة الشهر وحرمة المسجد وحرمة الصلاة وبعظم حرمة القرآن كلام الرب سبحانه فكل من أعان على شيء من ذلك بفعل أو قول فهو شريك بل من قدر على تغييره ولم يفعل فهو آثم عاص اهـ كلام الإمام القباب رحمه الله تعالى أشار إلى ما يقع في القرويين وغيره في ليالي رمضان وخصوصاً ليلة سبع وعشرين واستفدنا بكلامه قدم هذه الداهية ولا نكير لها على مرور الاعصار والدهور

لأن وفاته سنة سبع وسبعين وسبعمائة ولم يكبر عليه إذ ذاك سوى توالي إمامة التراويح من لا يصلح للإمامة واجتماع الشباب ومن يصبو ويميل للهوى والأغاني لاستماع القراءة فيميل بهم الطبع إلى ما فطروا عليه من الفساد لعدم الرياضة لطريق الرشاد وقد تفاقم الخطب بعده في وقتنا هذا لو رآه أو سمع به لضاق عليه التعبير وذلك أنه لا تبقى كهلة ولا شابة إلا وأخذت أهبتها مما في وسعها من حللها وحليها وحضرت المسجد بعد العصر من ليلة سبع وعشرين وأهل العلم يرون ذلك وربما استعذر بعضهم وقال لا قدرة له ولا يبقى في البلد فتى ولا شاب إلا وحضر ذلك المجمع ويبيتون ليلتهم كذلك وفريق من الناس يصلون وفريق فيما شاء من الصياح وفريق من التمتع بالنظر ويون ذلك تبركاً بالليلة المباركة وما هي إلا كما قال الحريري عام هياط ومياط فهي ليلة هياط ومياط فسبحان ربنا ما أوسع حلمه وكنت أظن أن هذا قريب العهد لعدم الحكم وانقضاء العلماء حتى رأيت هذا السيد تبرأ مما وقع له من ذلك في وقته وأما المستضعفون من المؤمنين متبرئون مما تبرأ منه وزيادة ما يزيد من ذلك في وقتنا وحسبنا الله ونعم الوكيل ممن يستحل شيئاً مما نهى الكتاب والسنة عنه فلم يرد بقراءته وجه الله وهو ممن قال فيه صلى الله عليه وسلم أشد الناس عذاباً عالم لم ينفعه الله بعلمه فإن قيل الاستماع لطلب الرقة ممدوح وكل واحد من المستمعين وجد رقة وحالة انتقل بها في باطنه لحالة أخرى بها وجد (فالجواب) أن الوجد إلهي وشيطاني فالإلهي يورث الأحوال الحسنة الشرعية فيسرع الى التوبة ويندم على ما سلف له من سوء الفعل ويتبدل من حال المعصية للتوبة ويظهر عليه في حبه للآخرة ولإقبال على أسبابها من حينه لأنه تلي عليه كتاب سيده فلا يسعه إلا العمل بمقتضاه هذا في العاصي المقارب للخير وأما من سبق له الصلاح فإنه تنخرق له الأستار لسماعه وتتلقى سره هبات أسرار التوحيد على فسيح الامتياز ومعالم العرفان وأما الوجد الشيطاني فحرقة الهوى تتقد في أحشائه ينصرف بها إلى محبة الصور المحرمة ومعانقتها والانضمام إليها والتحدث معها وهكذا الباب والمرء فقيه نفسه فمن وجد من نفسه الحالة الأولى يندب في حقه الاستماع بشروطه ومن وجد الحالة الثانية حرم عليه الاستماع وإن كان بشروطه ومن كان بينهما بحيث لا يتضرر ولا يسأل وقتا مطلوباً به يجوز له الاستماع بشروطه وهي أن لا يكون هذا السماع بمحل يحضره الأحداث وسماع النساء والمساجد وأوقات الصلاة لأنه لهو مباح في حق من لا يتضرر

به، والمساجد تنزه عن اللهو وأن لا يدوم عليه فمطلق سماع الصوت الحسن لا نكير عليه إلا أن يعرض لذلك مانع على ما تقدم وبالله التوفيق. ذكر هذا ليتجنب الموفق منه ما حقه أن يجتنب فإن اللهو إسراف في العمر وكان الشيخ يحيى ابن عمر العالم العامل ينكر جميعه وكان الفقهاء في زماننا بأفريقية يحضرون السماع وكان يعيب عليهم ذلك وكان يسميهم القوالين المغيرين فكان يقول سبحان الله ما للقرآن إذا تلاه المغير يخشع وإذا تلاه غيره لا يخشع فقال لهم زعيمهم أنا أسببه لكم أو كيفما قال فجاء إلى محل يستمع الشيخ فقرأ فدعا عليه الشيخ فبح وفسد صوته وكان يرى ذلك من كراماته واعلم أن أضر الأسباب الخارقة للمروءة الانهماك في طلب الرزق والافراط فيه حتى لا يشعر بنفسه في أي باب هو وما يأتيك من ذلك قد فرغ منه قبل بروزك إلى هذا الوجود وإن أبشع وأفظع ما يؤتى في طلبه من تلك الأبواب اكتسابه بالدين وأكله بذات التقى وليس من المتقين وسيبتلي يوم تبلى السرائر ولا ناصر له من المنتصرين ونسأل الله ستره يوم اسبال ستره على المذنبين آمين قال الغزالي واحذر أن تعطي بالدين وذلك أن يعطيك لظنه بأنك ورع تقي فتأكل بالدين لكن شرط حله أن لا يكون في باطنك ما لو اطلع عليه المعطي لامتنع عليك من العطاء فلا فرق بين ما يأخذه بالتصوف والتقوى وهو ليس متصفاً به باطناً وبين من يزعم علوي ليعطي وهو كاذب وكل ذلك حرام عند أولي البصائر وإن أفتى الفقيه الحل بناء على الظاهر اهـ، وكذلك على من تصدر في الامامة والشهادة وهو يعلم الجرحة في نفسه أو تصدر للفتيا أو للقضاء وهو لم يتقنهما بشرائطهما وهذا على القياس والله أعلم، ولم يكتب الكاتب هذا على تبرئة بل لتقوم حجة الله وما منا إلا له مقام معلوم عنده في التستر به عن الناس اللهم يسر علينا أحسن المخارج (واعلم) أن يجوعون يوم القيامة جوعاً شديداً فمنهم آكل وغير آكل وربما استغرب ذلك من سمعه فنورد من ذلك أدلة صريحة على وقوعه لمن كان أهلاً من ذلك فمن العلوم الفاخرة لسيدي عبد الرحمن الثعالبي رحمه الله تعالى أخرج أبو بكر بن الخطيب عن ابن مسعود رضي الله عنه قال يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا قط وأعرى ما كانوا قط وأنصب ما كانوا قط فمن أطعم لله أطعمه ومن سقى لله سقاه ومن كسى لله كساه ومن عمل لله كفاه وذكر القرطبي أنه يحشر الناس عراة غرلاً أعطش ما كانوا وأجوع ما كانوا قط فلا يسقى ذلك اليوم إلا من سقى لله ولا يطعم إلا من أطعم لله

ولا يكسى إلا من كسى لله ولا يكفي إلا من اتكل على الله ومصداق هذا من كتاب الله يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً ويطعمون الطعام على حبه إلى قوله فوقاهم الله شر ذلك اليوم أي من إزالة الجوع والعطش والعري إلى غير ذلك من أهوال يوم القيامة وإفزاعها ثم قال سيدي عبد الرحمن في قوله {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات} فعن ابن مسعود تبدل الأرض ناراً والجنة من ورائها ترى أكوابها وكواعبها وعن علي تبدل الأرض فضة والسماء ذهبا وعن جعفر بن محمد تبدل الأرض خبزة يأكل منها الخلق يوم القيامة ثم قرأ وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام وعن سعيد بن جبير ومحمد بن كعب تبدل الأرض خبزة بيضاء فيأكل المؤمن من تحت قدميه وما ذكرناه من هذا المعنى مروي في الصحيح، قال ابن عطية روي في تبديل الأرض أخبار منها في الصحيح يبدل الله هذه الأرض بأرض عفراء بيضاء كأنها قرصة نقي وفي الصحيح أن الله يبدلها خبزاً يأكل المؤمن منها من تحت قدميه ثم روى ابن عطية عن أبيه أن التبديل في الأرض لكل فريق ما يقتضيه حاله فالمؤمن يكون على خبز يأكل منه بحسب حاجته وفريق يكون على فضة إن صح السند بها وفريق الكفرة يكونون على نار ونحو هذا مما كله واقع تحت قدرة الله عز وجل قال الغزالي في الدرة الفاخرة والناس على أنواع في المحشر فالملوك كالذر كما جاء عن المتكبرين وليس المراد كهيئة الذر في الحلقة وإنما المعنى أنهم تحت الأقدام حتى صاروا كالذر في مذلتهم وانحطاطهم وقوم يشربون ماء بارداً عذباً زلزالاً لأن الصبيان يطوفون على آبائهم بكؤوس من أنهار الجنة وقوم مد على رءوسهم ظل يمنعهم من الحر وهي الصدقة الطيبة وذكر القرطبي عن أبي بكر برجان في إرشاده ولا يبعد عنك رحمك الله أن يكون الناس كلهم في صعيد واحد وموقف واحد سواء وأحدهم يشرب وآخر لا يشرب وأحدهم يسعى نوره بين يديه والآخر في الظلمة وأحدهم في حر الشمس وآخر مستظل بظل العرش مع قرب المكان والمجاورة لأنهم كانوا كذلك في الدنيا يمشي المؤمن بنور إيمانه بين الناس والكافر في ظلام كفره والمؤمن في وقاية الله

وكفايته والكافر والقاصي في خذلانه وغوايته والمؤمن السني يكرع في سنة الرسول ويروى ببرد اليقين ويمشي في سبل الهداية بحسن الاقتداء والمبتدع عطشان سالك في مسالك الضلالة والبدع وهو لا يدري، كذلك في الوجود الأعمى لا يجد نور بصر البصير ولا ينفعه قال الشيخ الثعالبي رحمه الله فاعمل في أيام قصار لأيام طوال تربح ربحاً لا منتهى لسروره واستحضر عمرك بل عمر الدنيا وهو سبعة آلاف سنة مثلاً لتتخلص من يوم مقداره خمسون ألف سنة فلو لم تعمل إلا للخلاص من ذلك اليوم دون رجاء الجنة وخوف النار لكان ربحك كثيراً وتنعيمك كبيراً ثم قال: قال صاحب العاقبة واعلم أنه كلما طال قيامك في طاعة الله عز وجل وتعبك قصر قيامك في ذلك اليوم وقل تعبك فيه وكلما طال تصرفت في طاعة الله عز وجل وإقبالك وإدبارك في حاجة مسلم يقل مشيك في ذلك اليوم ويقل نصبك وبقدر ما تبذل تعطى وكما تدين تدان وقال الغزالي من طال انتظاره في الدنيا للموت لشدة مقاساته الصبر عن الشهوات فإنه يقصر انتظاره في ذلك اليوم وقال في الاحياء قال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة يوم القيامة على كثيب من مسك لا يهمهم حساب ولا ينالهم فزع حتى يفزع مما بين الناس رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه الله وأمَّ الناس وهم به راضون ورجل أذن في مسجد ودعا إلى الله عز وجل ابتغاء وجهه ورجل ابتلي بالرزق في الدنيا فلم يشغله ذلك عن عمل الآخرة قال القشيري في التجيير لو أن رجلاً له ثواب سبعين نبياً وله خصم بنصف دانق لا يدخل الجنة حتى يرضى خصمه وقيل يؤخذ بدانق فضة سبعمائة صلاة مقبولة فتعطى للخصم ولا يكون شيء أشد على أهل القيامة من أن يرى الانسان من يعرفه مخافة أن يدعي عليه شيئاً والدانق سدس الدرهم وروى رزين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كنا نسمع أن الرجل يلتقي بالرجل يوم القيامة وهو لا يعرفه فيقول مالك إلى وما بيني وبينك معرفة فيقول كنت تراني على الخطايا وعلى المنكر ولا تنهاني وقال في الحديث الواحد الذي رحل جابر بن عبد الله من أجله إلى عبد الله بن أنيس مسيرة شهر هو قول عبد الله سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول يحشر الله العباد أو قال الناس شك همام وأومأ بيده إلى الشام عراة غرلا بهما قال ما بهما قال ليس معهم شيء فيناديهم بصوت يسمعه من بعد ومن قرب أنا الملك الديان

لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وأحد من أهل النار يطلبه بمظلمة حتى اللطمة قال قلنا وكيف إنما نأتي الله حفاة عراة قال بالحسنات والسيئات اهـ بعض ما يحصل به التذكير لمن يتذكر من كلام الشيخ سيدي عبد الرحمن الثعالبي رحمه الله والمقصود به أن بعض الناس ربما استغرب احتياج الناس إلى الأكل والشرب في عرصات القيامة أو أنه لا وجود هنالك لما يؤكل أو يشرب أما من استغربه لأجل ما يرى من رمة العظام وكون الحياة الثانية لا على طبعها البشري إلى هذا الاحتياج فإنه يخشى على نفسه ما هو أشد من ذلك الشك في تمام الاعادة وما ذكره الغزالي في ذخيرته أنه لا أكل هنالك ولا شرب ولا نوم فالنوم مسلم وأما عدم الأكل والشرب عنده فيجب حمله على أن ذلك غير مبذول للخلائق بأسرها كما هو المعتاد في الدنيا وإلا فمثل الغزالي لا يخفى عليه ما تقدم من النصوص وما يأتي أيضاً لابن حجر في شرح حديث الصحيح بل تقدم عنه خلاف ذلك كما نقل عن سيدي عبد الرحمن إذ قال آنفاً وقوم يشربون ماء بارداً الخ وينبغي أن ينبه العوام لذلك ليتخذوا أهبة زادهم الآن من المأكول والمشروب وهم لم يشكوا فيه وعليه صاروا أسارى في هذه الحياة فلعل ذلك أن يكون داعية لهم إلى الاستعداد للحياة الأخروية مع أن الله تعالى تكفل به في الدنيا ولم يتكفل به في الآخرة يروى أن الحجاج خطب يوماً فقال إن الله تكفل لنا بالدنيا ووكلنا إلى طلب الآخرة وليتنا تكفل لنا بالآخرة ووكلنا إلى طلب الدنيا فقال الحسن سبحان الله كلمة حكمة صدرت من فاسق أو قال كلمة حق ومصداقه قوله صلى الله عليه وسلم الحكمة ضالة المؤمن فأينما وجدها فهو أحق بها ابن حجر تكون الأرض يوم القيامة يعني أرض الدنيا خبزة يتكفؤها الجبار أي يميلها من كفأت الإناء إذا قلبته قوله كما يكفىء أحدهم خبزته في السفر، قال الخطابي يعني خبزة الملة التي يضعها المسافر فإنها تدحى كما تدحى الرقاقة وإنما تقلب على الأيدي حتى تستوي نزلا لأهل الجنة بضم الزاي وقد تسكن ما يقدم للضيف ويطلق على الرزق وعلى الفضل وما يعجل للضيف قبل الطعام وهو اللائق هنا، قال الداودي المراد أنه يأكل منها من سيصير إلى الجنة من أهل المحشر لا أنهم لا يأكلونها حتى يدخلوا الجنة وظاهر الخبر يخالفه وكأنه بناه على ما أخرج الطبري عن سعيد بن جبير قال تكون الأرض خبزة بيضاء يأكل المؤمن من تحت قدميه وعن محمد بن كعب أو محمد بن

سيرين نحوه أو البيهقي عن عكرمة بسند ضعيف: تبدل الأرض مثل الخبزة يأكل منها أهل الاسلام حتى يفرغوا من الحساب وعن أبي جعفر الباقر نحوه ثم ذكر ابن حجر استشكال بعضهم انقلاب جرم الأرض إلى طبع المأكول والمشروب وأجاب عن ذلك فانظره ومرادنا من هذا اثبات افتقار الخلق إلى المأكول والمشروب وإثبات وجود ما يؤكل ويشرب لمن كان أهلاً لذلك وإن ذلك لا من باب المجاز بل عن الحقيقة وإلى ذلك أشار ابن حجر بقوله والأولى الحمل عن الحقيقة ما أمكن وقدرة الله تعالى صالحة لذلك بل اعتقاد كونه حقيقة أبلغ، قال: ويستفاد منه أن المؤمنين لا يعاقبون بالجوع في طول زمن الموقف بل يقلب الله لهم بقدرته طبع الأرض حتى يأكلون منها من تحت أقدامهم ما شاء الله بغير علاج ولا كلفة ويكون معنى قول (نزلا لأهل الجنة) اللذين يصيرون إلى الجنة أعم من كون ذلك يقع قبل الدخول أو بعده والله أعلم وقال في أحاديث باب الحشر أخرج أحمد والنسائي والبيهقي من حديث أبي ذر حدثني الصادق الصدوق صلى الله عليه وسلم إن الناس يحشرون على ثلاثة أفواج فوج طاعمين كاسين راكبين وفوج يمشون وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم الحديث اهـ ما قصد نقله ملتقطاً من فتح الباري لابن حجر رحمه الله تعالى ولفظ الحديث المشروح من صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون الأرض يوم القيامة خبزة يتكفؤها الجبار بيده كما يكفىء أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة الحديث واعلم أن ألفاظ التبديل في الروايات تكررت باختلاف فيها ففي بعضها (خبزة) وفي بعضها (كالخبزة) وفي بعضها (فضة) وفي بعضها (كالفضة) وفي بعضها (أرضاً عفراء) وفي بعضها (ناراً) واختلافها مع صحتها تقتضي أن كل واحد من المكلفين يرى منها ما ناسب دينه واستقامته بما جاءت به الرسل أيام حياته عليها في دار الدنيا من الكمال في دينه والتقصير فيه وعوائد الله في الآخرة هي خرق عوائده في الدنيا فلا يطمع أحد أن يحشر هنالك إلا على ما ناسب حاله في الطاعة والعصيان قال ابن حجر فيمكن الجمع بأن ذلك كله يقع لأرض الدنيا لكن أرض الموقف غيرها ويؤيده ما وقع في الحديث قبله أن أرض الدنيا تصير خبزة والحكمة في ذلك مما تقدم أنها تعد لأكل المؤمنين

[منها في زمن الموقف ثم تصير نزلاً لأهل الجنة. اهـ. وقال سيدي عبد الرحمن في «تفسيره»: تبدل للمؤمنين خبزاً وللكافرين ناراً. اهـ. ثم التبديل المذكور لا يلزم كونه نفس جرم الأرض، بل يحتمل جرم الخبزة المتبدلة منها على شكلها وهيئتها في القدر والاتساع، فإذا شوهد من اقتدار الله تعالى عظم هذه الأرض واستدارتها فلا يستبعد أيضاً في قدرته خلق قدرها وعلى صورتها شكلاً من طعام أو فضة أو نار؛ لأن الكل بالنسبة إلى اختراعه تعالى شيء واحد، فالقادر على ما يشاء لا يستحيل في حقه فعل ما يشاء، والذي ظهر أن أرض المحشر غير هذه الأرض التي نحن الآن عليها، بل هي أرض الساهرة. قال الغزالي: هي التي يسهر الخلائق عليها وينساقون من هذه إلى تلك، وهنا ذكر في «ذخيرته» أن الطعام والشراب في الموقف لا يمكن، ولكن تقدم من الجواب عنه ما رأيت، وذكر أن تلك الأرض خارجة عن فلك القمر وهي الأرض البيضاء التي هي من وراء جبل قاف، ونقل عنه في العلوم الفاخرة قوله: يبقى الناس على قبورهم بعد انبعاثهم منها مطرقين ألف سنة حتى تقوم نار من المغرب أو المحشر لها دوي فيدهش منها الخلق، ويأتي كل واحد عمله بقدر إيمانه، من لا إيمان له لا نور له وسرعة وصولهم على قدر أعمالهم في كلام أكثر من هذا، ويؤيده أيضًا أن أرض المحشر غير هذه ولا متبدلة بنفس جوهريتها ما ورد في الصحيح من شهود الأمكنة كما في الأذان لا يبلغ مدى صوت المؤذن، وكذلك شهودها أيضاً بما صنع فيها، ولا يأتي المكان إلا على هيئته لقيام الحجة فالله أعلم. فلا بقعة من بقاع الأرض التي نحن عليها إلا وذكر الله عليه أو عصي، ولذلك ينتقل الأمر عنها إلى الأرض التي لم يعص الله عليها قط. وفي الصحيح: «من غصب شبراً من الأرض طوقه إلى سبع أرضين» يحمله حتى يقضي بين الناس «بي يوم كان مقداره خمسين ألف سنة» [المعارج: 4] في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، وقد عمت الغصوبات وتكرزت على البقاع، فلا يكتفي في حمل الأول على الأخير. بل كل واحد له ما عرف ذاته مما اغتصبه، فعلى هذا فهذه الأرض من جملة من]

يحشر الموقف، فإن الله تعالى أعلم. وفي التنزيل: «وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة» [الحاقة: 14] ابن حجر: غباراً في وجوه الكفار ولم يذكروا مناسبتها لمن يحشر على الفضة إذا بدلت الأرض فضة والسماء ذهباً، ولعل هذا للمشغوف بهما الذي قطع على تعظيمهما وجمعهما عمره، فيحشر على حالته تلك على الفضة، ويومئذ لا يمكن الانتفاع بهما ولا أخذ شيء منهما إذا لو كانت الجنة كلها فضة لما كان لها فضل بل فيها غيرها ترابها المسك وحصباؤها الدر والياقوت وحشيشها الزعفران وفواكه مما يشتهون، وأبنيتها من الذهب والفضة إلى غير ذلك مما يتنعم به في دار الخلود، لا أحرمنا الله والوالدين والأجنة من الوصول إلى دار القرار، رب استجب إنك أنت العزيز الغفار، نسأل الله السلامة والعافية لنا ولكم من محن الدنيا والآخرة، وسبب هذه الخاتمة ما رأيت من بعض الناس من قلة اكتراثهم بجوع يوم الموقف، وما ترى منهم إلا من يشتكي بهم الرزق في هذه الحياة العاجلة فإذا قيل وهل فرغت مما تحتاج إليه من هذا في مواقف القيامة؟ يقول وهل الناس يأكلون هنالك إنا لا نحتاج إلى الأكل إذ ذاك ومنهم من يجعل اتكاله على الله هنالك أقوى منه مما في هذه وإني لأرى أن يذكر كل مؤلف فصلاً من هذا الباب يجعله ذخيرة فيما ألف ينبىء عن حاله أنه لم يكن غافلاً عن أمره بل وعلى أهل كل مجلس اجتمعوا أن يتذكروا به ويجعله كل واحد من مهمات أحواله فلعل الله يرحمهم بذلك ويقبل عثراتهم إذ بذلك يتأكد الإيمان بالغيب الذي جاءت أنباء الرسل عليهم الصلاة والسلام به فإن موقع القيامة من الوجود كما قال تعالى يوم عظيم وهو المهم الأكبر الذي بلغته الرسل إلى الخلق عليهم الصلاة والسلام فقد ورد أن الله تعالى قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ونزل القرآن وأخبرت السنة أن يقدر مقامهم بعد إخراجهم من قبورهم إلى أن يصير كل واحد منهم إلى دائرة بقائه من الجنة أو النار ذلك المقدار خمسون ألف سنة وكان أول ابتداء دائرة خلقهم النور المحمدي فدار بهم شكله الكريم المقدس في دوائر التكليف دهوراً وقروناً متنقلين أحوالاً فأحوالاً فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه إلى أن كان آخر منزلة انتقالاتهم من حكم إلى حكم ومن مستقر إلى آخر وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضى

الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون حين ينادون ليلزم كل واحد مكانه لا انتقال ولا حالة تنبيك أيها العلوي ولا نفحة تسر بها أيها السفلي لمثل هذا فليعمل العاملون والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على سيدنا ونبينا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً انتهى.

§1/1