الدروس اليومية من السنن والأحكام الشرعية

راشد العبد الكريم

المقدمة

المقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد .. فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}، (¬1) {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}، (¬2) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}. (¬3) وبعد. . فإن من أفضل الأعمال التي تقرب إلى الله في هذا الوقت تعليم الناس، ونشر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، بأسلوب سهل يفهمه العامي والمتعلم، وتكرار ذلك حتى ينتشر بينهم ويثبت في أذهانهم، وخير من يقوم بهذا العمل في هذا الزمن الذي كثرت فيه ¬

(¬1) سورة آل عمران، آية: 102. (¬2) سورة النساء، آية: 1. (¬3) سورة الأحزاب، الآيتان: 70، 71.

شواغل الناس وصوارفهم هم أئمة المساجد، حيث يغتنمون الدقائق التي يجتمع فيها الناس في المسجد؛ لتعليمهم ما تمس إليه الحاجة من السنن الشرعية، والآداب النبوية وتنبيههم على بعض المخالفات الشرعية مع ربطهم بالدليل من كتاب الله وسنة رسوله، ليتربى الناس على الارتباط بالكتاب والسنة والرجوع إليهما ويتأكد في أذهانهم أنهما المصدر الوحيد للشرع. لذلك كانت الحاجة ماسة لوضع كتاب يكون بإذن الله أكثر مناسبة مما سبقه، ويحقق بعون الله فوائد ليست موجودة في غيره، فاستعنت الله على وضعه، مع يقيني أني لست أهلاً لذلك، ولكن طمعاً في فضل الله الواسع تطفلت على كتب أهل العلم في جمعه، والله جواد كريم يؤتي فضله من يشاء. وقد راعيت فيه الآتي: - أُصَدِّرُ الباب بآياتٍ من كتاب الله إن وجدت. - لا أورد إلا ما صح عن رسول الله، واعتمدت في ذلك - فيما هو في غير الصحيحين - على كلام العلماء المحققين المعتبر قولهم وتركت - ما أمكن - ما كان الخلاف فيه قوياً. - أذكر معاني الكلمات عند الحاجة وغالباً تكون مدرجة في الحديث بين قوسين بعد كلمة (أي) أو (يعني) لأن ذلك أسهل في فهم المعنى من تأخيرها إلى آخر الحديث.

- أُتبع الأحاديث بشرح مختصرٍ جداً يكون كالمدخل لفهم موضوع الباب. - أذكر من الفوائد أهم ما يتعلق بالباب مما يناسب المقام محاولاً اختيار أسهل عبارة. - ابتعدت ما أمكنني عن ذكر الخلافات العلمية وحاولت ذكر الراجح مع الإشارة إلى القول القوي لفائدة، أحياناً، إما بين قوسين أو في الحاشية، وقد أشير إلى من قال بذلك القول من العلماء. - حاولت جعل الفوائد صالحة لتكون نقاطاً للشرح لمن أراد أن يتوسع فيه. - عقبت على بعض الأبواب بذكر بعض المراجع المتعلقة به؛ للتسهيل على من أراد التوسع في البحث أو الشرح للرجوع إليها. - قد أذكر في الباب بعض الأحاديث التي فيها قصة أو عبرة، ولو لم أذكر منها أحكاماً لما في ذكرها من العبرة والتذكير والترقيق. - راعيت الاختصار ما أمكن، رغبة في عدم الإطالة على المصلين ولم ألتزم ذكر كل ما ورد في الباب. ثم إني عملته على ترتيب جديد - أسأل الله أن ينفع به - وهو أني جعلته في ثلاثمائة وثلاثين باباً، وكل باب درس، على عدد أيام السنة، ما عدا شهر رمضان لأن له دروسه الخاصة به وراعيت في ذلك ترتيبه على أيام السنة ما أمكن بحيث يكون درس كل مناسبة في وقتها، إذ يكون - مثلاً- درس فضل صيام يوم عاشوراء هو الدرس

الثامن، ودروس العشر الأول من شهر ذي الحجة مناسبة للوقت. . وهكذا، مما يسهل على الإمام مهمة وعظ وتعليم جماعته. وفي الختام أتوجه بالشكر - بعد شكر الله عز وجل إلى الشيخين الفاضلين: فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين، والشيخ سعود بن عبد المحسن الشبانات، اللذين راجعا جزءًا كبيراً من الكتاب وأبديا ملاحظات وتصويبات قيمة. كما أشكر كل من أسدى إليَّ نصحاً أو توجيهاً قبل العمل أو أثناءه، وأسأل الله أن يثيبهم أجزل الثواب. كما أرجو ممن كانت له ملاحظات أو توجيهات، أن يتكرم بإبدائها مشكوراً، حتى يستفاد منها في الطبعات القادمة إن شاء الله تعالى. والله الهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. راشد بن حسين العبد الكريم حوطة سدير ص ب

1 - محرم

الإخلاص والنية (¬1) قال الله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُون. أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬2). عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأةٍ ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه" متفق عليه (¬3). وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه، رجل استشهد فأتي به، فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، لكنك قاتلت لأن يقال: جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما فعلت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: ¬

(¬1) انظر: مختصر منهاج القاصدين 359. جامع العلوم والحكم. (¬2) سورة هود، الآيتان: 15 - 16. (¬3) خ1/ 9 (1)، م1907، د2201، ت1647.

الشرح

كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه، حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: هو جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار" أخرجه مسلم (¬1). الشرح: النية أساس العمل، فعمل الإنسان إنما يكون قبوله ورده بحسب نية عامله، فمن عمل عملاً أخلص فيه لله تعالى وأراد به ثواب الآخرة، وكان عمله على السنة قبل منه، ومن نوى غير الله، أو لم يخلص علمه له بأن أشرك معه غيره، فعمله مردود وهو وبال على صاحبه. الفوائد: - أن من شروط العمل الإخلاص، وهو أن يقصد به وجه الله تعالى. - أهمية الإخلاص، إذ العمل من دونه وبال على صاحبه. - أن صلاح صورة العمل لا تكفي لقبوله. - وجوب تصحيح النية في كل عمل والحرص على ذلك. ¬

(¬1) م 1905، ت 2382.

2 - فضل العلم

فضل العلم (¬1) قال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} (¬2)، وقال: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (¬3)، وقال: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (¬4). وعن معاوية رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" متفق عليه (¬5). وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "من سلك سبيلاً يبتغي به علماً، سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليتستغفر له كل شيء حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر" أخرجه أبو داود والترمذي (¬6). ¬

(¬1) انظر: جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر، الآداب الشرعية 2/ 33، مفتاح دار السعادة لابن القيم 1/ 61، شرح ابن رجب لحديث أبي الدرداء (من سلك سبيلاً ...)، الدين الخالص 3/ 268، المجموع شرح المهذب للنووي 1/ 18. . (¬2) سورة الزمر، آية: 9. (¬3) سورة المجادلة، آية: 11. (¬4) سورة طه، آية: 114 (¬5) خ1/ 164 (71)، م1037. (¬6) د 3641، ت2682، وصححه الألباني في صحيح الجامع 6297.

الشرح

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" أخرجه مسلم. الشرح: للعلم الشرعي منزلة عظيمة في الدين، حث الله عليه ورغب فيه وفضل أهله على غيرهم، وجعل طلبه من أفضل القربات ومن أعظم أسباب دخول الجنة، لما في العلم والتعلم من معرفة الله ومعرفة أوامره ونواهيه، وقيام الدين، فالعلماء بهذا هم ورثة الأنبياء، فالأنبياء ورثوا للناس علم الشرع فمن أخذ به فهو الوارث لهم، وإذا أراد الله بعبد خيراً يسره لتعلم أمور دينه. الفوائد: - فضل العلم والعلماء حيث إنهم ورثة الأنبياء. - إن الفقه في الدين دليل على إرادة الله بالعبد خيراً. - إن طلب العلم من أسباب دخول الجنة. - إن من خير ما يورثه الإنسان العلم النافع لأن أجره يستمر له بعد موته.

3 - فضل تعليم الناس ودعوتهم إلى الخير

فضل تعليم الناس ودعوتهم إلى الخير (¬1) قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (¬2) وقال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} (¬3). عن أبي مسعود عقبة بن عامر الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله" أخرجه مسلم (¬4). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً" أخرجه مسلم (¬5). وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها ليصلون على معلمي الناس الخير" أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح (¬6). ¬

(¬1) توضيح الأحكام 6/ 273، صحيح الترغيب 1/ 49، غذاء الألباب 1/ 47. (¬2) سورة الجمعة، آية: 2. (¬3) سورة آل عمران، آية: 110. (¬4) م 1893. (¬5) م 2674، جه 194. (¬6) ت 2685، وصححه الألباني في صحيح الترغيب 1/ 36 وصحيح الجامع 1883.

الشرح

ومعنى يُصلون عليه: أي يدعون ويستغفرون له. الشرح: تعليم الناس أمور دينهم ودعوتهم إلى الخير هو عمل الأنبياء الذين أرسلهم الله لأجله، فهي أعظم وظيفة. واختار الله لها أفضل خلقه، فمن وفقه الله للسير على طريقهم في تعليم الناس دينهم وإرشادهم إلى الخير فقد نال خيراً كثيراً لما يحصل بسبب نشر العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الخير في الأرض، ولما فيه من إقامة حجة الله على الناس. الفوائد: - إن تعليم الناس الخير من عمل الأنبياء. - فضل تعليم الناس أمور دينهم حيث إن من علم علماً أو دعا إلى هدى فله مثل أجور العاملين به. - عظم أجر معلم الناس الخير حيث يثني عليه الله تعالى ويستغفر له أهل السماوات والأرض لما يحصل في الأرض من الخير من نشر العلم. - فضل الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

4 - التحذير من المجالس التي لا يذكر الله فيها

التحذير من المجالس التي لا يذكر الله فيها قال الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قعد مقعداً لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة، ومن اضطجع مضجعاً لا يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة" أخرجه أبو داود (¬2). ومعنى ترة: نقص وقيل التبعة (¬3). وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم" أخرجه الترمذي (¬4). عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي" أخرجه الترمذي (¬5). الشرح: الناس لابد لهم من مجالس يجتمعون ويتحدثون فيها، وخير ¬

(¬1) سورة ق، آية: 18. (¬2) د 4856، 5059، وصححه الألباني في المشكاة 2/ 703. (¬3) النهاية لابن الأثير 1/ 189. (¬4) ت 3380، وصححه الألباني في صحيح الجامع 5607. (¬5) ت 2411 وقال حديث حسن غريب، وحسنه الأرناؤط في جامع الأصول 11/ 737.

الفوائد

هذه المجالس هي المجالس التي يكون فيها ذكر الله عز وجل، أما المجالس التي لا يذكر فيها الله تعالى، ولا يصلى فيها على نبيه صلى الله عليه وسلم فإنها مذمومة، حذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبر أنها يوم القيامة تكون نقصاً على أصحابها حيث أضاعوا أوقاتهم فيما لا ينفعهم، وأخبر أنها سبب لقسوة القلب فلا يلين لموعظة ولا يستجيب لتذكير. الفوائد: - الترهيب من كثرة الكلام بغير ذكر الله، كالاستغفار ومدارسة العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. - وجوب الحذر من المجالس التي ليس فيها ذكر الله والحرص على مجالس الذكر. - أن كثرة الكلام بغير ذكر الله من أسباب قسوة القلب.

5 - وجوب حفظ الأوقات

وجوب حفظ الأوقات وعدم التفريط فيها فيما لا ينفع عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ" أخرجه البخاري (¬1). عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر (أي: عشر رمضان) أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر" متفق عليه (¬2). عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وماذا عمل فيما علم؟ " أخرجه الترمذي (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية إلا إن سلعة الله الجنة" أخرجه الترمذي (¬4). ¬

(¬1) خ 11/ 229 (6412). (¬2) خ4/ 269 (2024)، م 1174. (¬3) ت 2416 وحسنه الألباني في صحيح الجامع 7299. (¬4) ت 2450، وصححه الألباني في صحيح الجامع 6222.

الشرح

الشرح: الوقت هو الحياة، فمن أضاع وقته فقد أضاع حياته وسيسأل عن هذا التضييع، وكثير من الناس مغبون في وقته فهو خاسر فيه وينفقه فيما يعود عليه بالخسار في الدنيا والآخرة. الفوائد: - وجوب اغتنام الأوقات فيما ينفع. - أن ابن آدم مسؤول عن أوقاته. - كثرة المفرطين في أوقاتهم المضيعين لها والمغبونين فيها.

6 - خطر اللسان

خطر اللسان (¬1) قال الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (¬2) ومعنى رقيب أي: ملك يرقبه، وعتيد: أي حاضر. وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة" أخرجه البخاري (¬3). (ما بين اللحيين هو اللسان). وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: "قلت يا رسول الله أخبرني عن عمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار، قال: لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً، ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ. فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬4) ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة ¬

(¬1) الآداب الشرعية 1/ 34 شروح الأربعين النووية حديث 15، منهاج القاصدين 165، الأذكار 477، الجواب الكافي 88، 142. (¬2) سورة ق، آية: 18. (¬3) خ 11/ 308 (6474)، ت 2408. (¬4) سورة السجدة، الآيتان: 16، 17.

الشرح

سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد، ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه وقال: كف عليك هذا، قلت: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟ "أخرجه الترمذي (¬1). الشرح: اللسان خطر عظيم، وردت في التحذير منه نصوص كثيرة لما فيه من الأوقات التي يصعب التحرز منها ويسهل الوقوع فيها، لمن لم يمسكه إلا في الخير، ولذلك أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه من أكثر ما يدخل النار. الفوائد: - خطر اللسان ووجوب التحرز منه إذ أن الإنسان قد يزل في النار بكلمة واحدة يقولها لا يهتم بها. - إن إطلاق اللسان في غير طاعة من أسباب دخول النار وحفظه من أسباب دخول الجنة. - خطأ كثير من الناس وغفلتهم بإطلاق ألسنتهم في الكلام بغير فائدة. ¬

(¬1) ت 2616، وقال حسن صحيح.

7 - الأمر بحفظ اللسان

الأمر بحفظ اللسان قال الله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (¬1) أي: لا تقل ما ليس لك به علم (¬2). وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، أي المسلمين أفضل؟ قال: "من سلم المسلمون من لسانه ويده" متفق عليه (¬3). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب" متفق عليه (¬4). (ومعنى يتبين فيها: أي يفكر أهي خير أم لا؟). عن سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال: "قلت: يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به، قال: "قل: آمنت بالله ثم استقم، قلت: يا رسول الله ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ بلسان نفسه ثم قال: هذا"أخرجه الترمذي (¬5). ¬

(¬1) سورة الإسراء، آية: 36. (¬2) انظر تفسير ابن كثير 3/ 39، وتفسير البغوي 5/ 92. (¬3) خ 11/ 308 (6477)، م 2988. (¬4) خ 11/ 308 (6447)، م 2988، ت2314. (¬5) ت 2410 وقال: حسن صحيح. وأصله في مسلم 38.

الشرح

عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله ما النجاة؟ قال: "أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك"أخرجه الترمذي (¬1). الشرح: في حفظ اللسان من الوقوع في المحارم والكلام فيما لا يعني خير عظيم ونجاة في الدنيا والآخرة، فلذلك حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأرشد إلى أنه من أعظم سبل النجاة. الفوائد: - أن تمام إسلام المرء أن يكف لسانه عن المسلمين. - أن إمساك اللسان سبب للنجاة. - أن الرجل قد يدخل النار بكلمة لا يهتم لها. ¬

(¬1) ت 2406 وقال حديث حسن.

8 - فضل صيام عاشوراء

فضل صيام عاشوراء (وهو اليوم العاشر من محرم) (¬1) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل"أخرجه مسلم (¬2). وعن ابن عباس رضي الله عنهما "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ قالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرق فرعون وقومه فصامه موسى شكراً، فنحن نصومه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فنحن أحق وأولى بموسى منكم فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه" متفق عليه (¬3). وعن أبي قتادة رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عاشوراء، فقال: يكفر السنة الماضية"أخرجه مسلم (¬4). وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لئن بقيت إلى قابل (أي السنة القادمة) لأصومن التاسع" أخرجه مسلم (¬5). ¬

(¬1) المغني 3/ 57، زاد المعاد 2/ 66. (¬2) م 1163. (¬3) خ 4/ 244 (2004)، م 1130. (¬4) م 1162. (¬5) م 1134.

الشرح

الشرح: صيام يوم عاشوراء وهو العاشر من محرم، اليوم الذي أنجى الله فيه موسى من فرعون، سنة سنها الرسول صلى الله عليه وسلم، يكفر الله بها - رحمة وتفضلاً منه - السنة الماضية. الفوائد: - فضيلة الصوم في المحرم. - استحباب صيام اليوم العاشر من المحرم، لأنه اليوم الذي أنجى الله فيه موسى من فرعون. - أن صومه يكفر ذنوب السنة الماضية (¬1). - استحباب صيام اليوم التاسع معه مخالفة لليهود. ¬

(¬1) إلا الكبائر.

9 - فضل صيام التطوع

فضل صيام التطوع عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً" (أي: مدة سير سبعين عاماً) متفق عليه (¬1). وفي سبيل الله أي: الجهاد وقيل: طاعة الله (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة (أي: وقاية من النار والمعاصي) فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم، والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه" متفق عليه (¬3). الشرح: الصوم من العبادات الجليلة، اختصه الله لنفسه ووعد عليه بالأجر العظيم، وهو وقاية من المعاصي ووقاية من النار، وسبب ¬

(¬1) خ 6/ 47 (2840)، م 1153. (¬2) فتح الباري 6/ 48. (¬3) خ 4/ 103 (1894)، م 1151.

الفوائد

للبعد عنها يوم القيامة، فحري بالمؤمن المبادرة إلى هذا العمل العظيم وتحمل ما فيه من المشقة اليسيرة التي يعقبها الفرح العظيم عند الفطر وعند لقاء الله عز وجل يوم القيامة. الفوائد: - فضل الصوم وعظم ثوابه. - أنه وقاية من المعاصي ومن النار. - أنه سبب للبعد عن النار يوم القيامة.

10 - وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وترك كل قول لقوله

وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وترك كل قول لقوله قال الله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (¬1). وقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا} (¬2). وقال: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (¬3). وقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (¬4). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى" أخرجه البخاري (¬5). الشرح: طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترك كل قول عند قوله والتسليم له هي ¬

(¬1) سورة النساء، آية 65. (¬2) سورة الأحزاب، آية: 36. (¬3) سورة النور، آية 51. (¬4) سورة النور، آية: 63. (¬5) خ 13/ 249 (7280).

الفوائد

القاعدة الثانية التي يقوم عليها الدين وهي معنى شهادة أن محمداً رسول الله، فالدين قائم على قاعدتين: ألا يعبد إلا الله، وأن يطاع رسول الله، ولا سبيل إلى الهدى والفلاح والنجاة من الفتن وإلى دخول الجنة إلا بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم. الفوائد: - وجوب طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقديم قوله على قول كل أحد من البشر. - أن طاعة الرسول سبب لدخول الجنة. - أن معصية الرسول ومخالفة أمره سبب للوقوع في الفتنة والعذاب.

11 - وجوب التوبة وفضلها

وجوب التوبة وفضلها (¬1) قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّها الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬2). وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا} (¬3). عن الأغر بن يسار المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة" رواه مسلم (¬4). وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة" متفق عليه (¬5). وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "كان فيمن قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً، فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب (أي: عابد من عباد بني إسرائيل) فأتاه فقال: ¬

(¬1) انظر: الآداب الشرعية 1/ 55، مختصر منهاج القاصدين 251، مدارج السالكين لابن القيم 1/ 222، جامع العلوم والحكم: حديث 18. (¬2) سورة النور، آية: 31. (¬3) سورة التحريم، آية: 8. (¬4) م 2702، د 1515. (¬5) خ 11/ 102 (6309)، م 2747.

الشرح

إنه قتل تسعة وتسعين نفساً فهل له من توبة؟ فقال: لا. فقتله فكمل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناساً يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء. فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله تعالى، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيراً قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم (أي: حكما) فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة" متفق عليه (¬1). وفي رواية في الصحيح: "فأوحى الله تعالى إلى هذه (يعني: الأرض) أن تباعدي وإلى هذه أن تقربي". الشرح: التوبة من أحب الأعمال إلى الله تعالى وهي سبب للفلاح في الدنيا والآخرة، أمر الله بها المؤمنين ورغبهم فيها لسعة فضله وحلمه ورحمته، ويفرح بها من غناه عنهم، ويقبلها منهم من جميع الذنوب مهما عظمت. ¬

(¬1) خ 6/ 512 (3470)، م 2766.

الفوائد

الفوائد: - وجوب التوبة إلى الله في كل وقت. - فضل التوبة إلى الله حيث إنها سبب للفلاح والله يفرح بها. - أنها تصح من جميع الذنوب مهما عظمت. - سعة رحمة الله وفضله حيث إنه يقبل توبة التائبين مهما عظمت ذنوبهم.

12 - شروط التوبة وبعض أحكامها

شروط التوبة وبعض أحكامها قال الله تعالى: {يَوْمَ يَاتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} (¬1). وقال: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً. وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (¬2). عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده في النهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها" أخرجه مسلم (¬3). وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" (أي: تبلغ روحه حلقومه) رواه الترمذي (¬4). الشرح: للتوبة شروط، إذا حققها التائب قبلت توبته بإذن الله، فالتوبة ¬

(¬1) سورة الأنعام، آية: 158 (¬2) سورة النساء، الآيتان: 17، 18. (¬3) م 2760. (¬4) 3531 وقال: حديث حسن، جه 3407، وصححه الألباني في صحيح الجامع 1309.

الفوائد

مقبولة ما لم يعاين الإنسان الموت ويتيقنه، وذلك عند غرغرة الروح، وكذلك عند طلوع الشمس من مغربها وتيقن الناس قيام الساعة. الفوائد: - أن من شروط التوبة أن تكون قبل حلول الموت وبلوغ الروح الحلقوم. - أن من شروطها أن تكون قبل خروج الشمس من مغربها حيث يختم على الأعمال فلا تقبل التوبة. - أن من تاب - صادقاً - من ذنب ثم عاد إليه فإن توبته الأولى تقبل لكن يحتاج إلى توبة أخرى منه.

13 - من قصص التائبين

من قصص التائبين قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (¬1). وعن بريدة رضي الله عنه - أن ماعز بن مالك الأسلمي رضي الله عنه - أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني قد ظلمت نفسي وزنيت، وإني أريد أن تطهرني، فرده، فلما كان من الغد أتاه فقال: يا رسول الله، إني قد زنيت، فرده الثانية، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه فقال: أتعلمون بعقله بأساً؟ تنكرون منه شيئاً؟ فقالوا: ما نعلمه إلا وفي العقل من صالحنا فيما نرى، فأتاه الثالثة، فأرسل إليهم أيضاً، فسأل عنه فأخبروه أنه لا بأس به ولا بعقله، فلما كان الرابعة أمر به فرجم. قال: فجاءت الغامدية فقالت: يا رسول الله إني قد زنيت فطهرني، وإنه ردها، فلما كان الغد قالت: يا رسول الله لم تردني؟ لعلك أن تردني كما رددت ماعزاً، فوالله إني لحبلى، فقال: إما لا، فاذهبي حتى تلدي، قال: فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة، فقالت: هذا قد ولدته، قال: اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت: هذا يا رسول الله قد فطمته، وقد أكل الطعام، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم ¬

(¬1) سورة الزمر، آية: 53.

الشرح

أمر الناس فرجموها، فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فتنضح الدم على وجه خالد، فسبها، فسمع نبي الله صلى الله عليه وسلم سبه إياها، فقال: مهلاً يا خالد، فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له، ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت" أخرجه مسلم (¬1). (ومعنى المكس أي: الضريبة) (¬2). الشرح: بلغ الصحابة رضوان الله عليهم، مبلغاً عظيماً من كمال الإيمان، إلا أنهم ليسوا بمعصومين، فما أن يصيب أحد منهم ذنباً إلا ويلجأ إلى الله بالتوبة، ويطلب إقامة الحد عليه حتى يطهره من ذنبه. الفوائد: - قوة إيمان الصحابة رضوان الله عليهم وصدق توبتهم. - سعة رحمة الله وقبوله توبة التائبين. ¬

(¬1) م 1695، د 4440، ت 1435. (¬2) النهاية في غريب الحديث 4/ 349، وانظر: شرح النووي لمسلم 11/ 202.

14 - أصول الإيمان

أصول الإيمان (¬1) قال الله تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} (¬2). عن عمر رضي الله عنه قال: "بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ خرج علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام. فقال رسول الله: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً. قال صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان. قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. فقال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان. قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: فأخبرني عن الساعة. قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل. قال: فأخبرني عن أماراتها، قال: أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، ثم انطلق، فلبثت ملياً، ثم قال لي: يا عمر أتدري من السائل؟ قلت: ¬

(¬1) انظر: شرح أصول الإيمان للشيخ ابن عثيمين. (¬2) سورة البقرة، آية: 177.

الشرح

الله ورسوله أعلم، قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم" أخرجه مسلم (¬1). الشرح: للإيمان أصول لا يقوم إلا عليها، سأل عنها جبريل النبي صلى الله عليه وسلم تعليماً للأمة حتى يحفظوها لأهميتها وهي الأصول الستة المذكورة في هذا الحديث العظيم. الفوائد: - أن للإيمان ستة أركان لا يقوم إلا بها. . - أن هذه الأركان هي: الإيمان بالله، والإيمان بملائكته، والإيمان بكتبه، والإيمان برسله، والإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالقدر. - أن من أنكر شيئاً من هذه الأصول فهو كافر. ¬

(¬1) م 8.

15 - فضل التوحيد

فضل التوحيد (¬1) قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} (¬2). وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (¬3). وعن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار" أخرجه مسلم (¬4). وعن معاذ بن جبل، رضي الله عنه، قال: "كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال: يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئاً" متفق عليه (¬5). الشرح: التوحيد أعظم الطاعات وأساسها، وهو إفراد الله بالعبادة، ¬

(¬1) انظر: كتاب التوحيد وشروحه، باب: فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب. (¬2) سورة الذاريات، آية: 56. (¬3) سورة النحل، آية: 36. (¬4) م 93. (¬5) خ 6/ 58 (2856)، م 30.

الفوائد

والكفر بكل ما يعبد من دون الله تعالى، ولأجله خلق الله الجن والإنس وبعث النبيين عليهم السلام، وقد وعد الله من حققه بالجنة مهما بلغت ذنوبه. الفوائد: - فضل التوحيد وأنه أعظم أسباب دخول الجنة والنجاة من النار، وأنه شرط لدخول الجنة. - أنه الغاية من خلق الجن والإنس، ولأجله بعث الرسل عليهم الصلاة والسلام.

16 - الشرك والترهيب منه

الشرك والترهيب منه قال الله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (¬1). وقال {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء}: (¬2). وقال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (¬3). وعن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لقي الله لا يشرك به شيئاً، دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار" أخرجه مسلم (¬4). عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف (أي: الفرار من الجيش عند لقاء الكفار) وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات" متفق عليه (¬5). (ومعنى الموبقات: المهلكات). ¬

(¬1) سورة لقمان، آية: 13. (¬2) سورة النساء، آية: 48. (¬3) سورة الزمر، آية: 65. (¬4) م 93. (¬5) خ 5/ 393 (2766)، م89.

الشرح

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: "كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال: يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئاً" متفق عليه (¬1). الشرح: الشرك بالله وهو تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الله، أقبح الذنوب وأكبرها على الإطلاق، لا يغفر الله لمن مات عليه، بل هو خالد مخلد في النار لعظم جرمه في حق الله سبحانه وتعالى. الفوائد: - خطورة الشرك ووجوب الحذر منه. - أن الله لا يغفره إلا بالتوبة منه، فليس كغيره من الذنوب إن شاء الله غفره وإن شاء عذب صاحبه. - أن من مات على الشرك فقد حبط وبطل عمله. - أنه سبب الخلود في النار. ¬

(¬1) خ 6/ 58 (2856)، م 30.

17 - خطر الرياء وأنه من الشرك

خطر الرياء وأنه من الشرك (¬1) عن أبي سعيد بن فضالة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم القيامة ليوم لا ريب فيه ناد مناد: من كان أشرك في عمل عمله لله أحداً فليطلب ثوابه من عند غير الله، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك" أخرجه الترمذي (¬2). وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر المسيح الدجال فقال: ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ فقلنا: بلى يا رسول الله، فقال: الشرك الخفي، أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل إليه" رواه ابن ماجه (¬3). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه، رجل استشهد فأتي به، فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، لكنك قاتلت لأن يقال: جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما فعلت ¬

(¬1) مختصر منهاج القاصدين 214، شروح كتاب التوحيد: باب ما جاء في الرياء، وباب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا، وشروح الأربعين: الحديث1. (¬2) ت 3154 وقال حسن غريب. وحسنه الألباني في صحيح الجامع 482. (¬3) جه 4204 وحسنه الألباني في صحيح الجامع 2607.

الشرح

فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه، حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: هو جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار" أخرجه مسلم (¬1). الشرح: الرياء هو التصنع للخلق في العبادات أو تزيينها لهم، عده الرسول صلى الله عليه وسلم من الشرك وحذر أمته منه لخفائه على كثير ممن هو واقع فيه ولأنه مفسد للأعمال ومحبط لها. الفوائد: - في خوف الرسول صلى الله عليه وسلم على الصحابة من الرياء تنبيه لمن هو دونهم بالحذر الشديد منه. - أن الرجل الصالح قد يقع في الرياء وهو لا يشعر. - أن عمل المرائي مردود عليه وغير مقبول. - الوعيد الشديد للمرائين. ¬

(¬1) م 1905، ت بسياق أتم 2382.

18 - حكم تعليق التمائم

حكم تعليق التمائم قال الله تعالى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} (¬1). عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تعلق تميمة فلا أتم الله له" أخرجه أحمد (¬2). وفي رواية: "من تعلق تميمة فقد أشرك (¬3). وعن عبد الله بن عكيم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تعلق شيئاً وكل إليه"أخرجه الترمذي (¬4). عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك" أخرجه أحمد وأبو داود (¬5). (والتولة: شيء يصنعه المشعوذون يزعمون أنه يحبب المرأة لزوجها ويسمى العطف). ¬

(¬1) سورة الزمر، آية: 38. (¬2) حم 17372، حب 1413 (موارد)، انظر الدر النضيد للعصيمي ص 41. (¬3) صححه الألباني في الصحيحة 492. (¬4) ت 2072، حم 18736 وحسنه الأرناؤوط في جامع الأصول 7/ 575. (¬5) د 3883، حم 3614 وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

الشرح

الشرح: التميمة هي ما يعلق على الإنسان لدفع العين أو نحوها من خرز أو عظم أو نحوهما، وتسمى الحرز أو الحجاب، فمن تعلق شيئاً من ذلك، أي علقها متعلقاً بها قلبه، فقد دعا عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ألا يتم له ما أراد من جلب الخير أو دفع الضر، وتعليقها من الشرك. الفوائد: - أن من علق تميمة معتقداً أنها تضر أو تنفع بنفسها فقد أشرك شركاً أكبر لاعتقاده الضر والنفع في غير الله، وإن اعتقد أنها سبب فقط فهو شرك أصغر. - لا يجوز تعليق التمائم ولو كانت من القرآن، لأن الصحابة لم يفعلوه ولأنه يكون وسيلة لتعليق غيره ولامتهان القرآن. - يدخل في ذلك تعليق خرقة أو نحوها في السيارة أو وضع المصحف فيها لدفع العين.

19 - تحريم إتيان الكهان والمنجمين والعرافين

تحريم إتيان الكهان والمنجمين والعرافين قال الله تعالى: {قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ} (¬1). عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة" أخرجه مسلم (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أتى كاهناً فصدقه بما يقول، أو أتى امرأته حائضاً أو أتى امرأته في دبرها فقد برئ مما أنزل على محمد" أخرجه أبو داود (¬3). عن عائشة رضي الله عنها قالت: "سأل رسول الله أناس عن الكهان فقال: ليسوا بشيء، فقالوا: إنهم يحدثونا أحياناً بالشيء فيكون حقاً؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها (أي: يلقيها) في أذن وليه فيخلطون معها مائة كذبة" متفق عليه (¬4). الشرح: الغيب من الأمور التي اختص الله بها نفسه وأخبر أنه لا يعلمها غيره لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، فمن ادعى علم الغيب فهو كاهن ¬

(¬1) سورة النمل، آية: 65. (¬2) م 2230. (¬3) د 3904، ت 135، قال الألباني: إسناده صحيح (المشكاة 2/ 1294). (¬4) خ 10/ 216 (5762)، م 2228.

الفوائد

كاذب وإن صدق أحياناً، ولا يجوز سؤاله أو الذهاب إليه، ومن ادعى علم الغيب أو اعتقد أن مخلوقاً يعلم الغيب فهو كافر لأنه مكذب للقرآن والسنة (¬1). الفوائد: - تحريم إتيان الكهان والعرافين وهم من يدعي علم الغيب ومعرفة ما كان أو ما سيكون. - أن الكاهن والعراف قد يصدق في كلمة واحدة ولكن يخلطها بمائة كذبة. - يدخل في الكهانة والتنجيم ما يسمى بقراءة الكف وقراءة الفنجان وأبراج الحظ. ¬

(¬1) انظر: فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء 1/ 400.

20 - السحر والترهيب منه

السحر والترهيب منه قال تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ} (¬1). إلى قوله تعالى: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ}. وقال تعالى: {وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف (أي الفرار من الجيش عند لقاء الكفار)، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات" متفق عليه (¬3). (ومعنى الموبقات: المهلكات). الشرح: السحر من كبائر الذنوب التي توبق صاحبها وتهلكه في الدنيا والآخرة، والساحر الذي يستعين بالشياطين ويتقرب إليهم بالعبادة من دون الله كافر مشرك، لا يجوز الذهاب إليه أو الاستعانة به. ¬

(¬1) سورة البقرة، آية: 102. (¬2) سورة طه، آية 69. (¬3) خ 5/ 393 (3766)، م 89.

الفوائد

الفوائد: - تحريم السحر وأنه من الذنوب المهلكة. - أنه من نواقض الإسلام (¬1)، لقوله تعالى: {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ}. ولأنه لا يكون إلا بعبادة الشياطين. - تحريم الذهاب للسحرة أو التعامل معهم. ¬

(¬1) ذكره الشيخ محمد بن عبد الوهاب ضمن نواقض الإسلام العشرة.

21 - الرقية

الرقية (¬1) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك" أخرجه أبو داود (¬2). (والتولة: نوع من السحر ويسمى العطف). عن عائشة رضي الله عنها: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في الرقية من كل ذي حمة" متفق عليه (¬3). (والحمة: هي سموم العقارب ونحوها). عن عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات، فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن، وأمسح بيد نفسه لبركتها" متفق عليه (¬4). عن عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بعض أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول: "اللهم رب الناس أذهب البأس اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً" متفق عليه (¬5). ¬

(¬1) انظر: شروح كتاب التوحيد: باب ما جاء في الرقى والتمائم وباب: من الشرك لبس الحلقة والخيط. .، وفتاوى الشيخ ابن عثيمين. (¬2) د 3883 وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. (¬3) خ 10/ 205 (5741)، م 2196. (¬4) خ 10/ 195 (5735)، م 2192. (¬5) خ 10/ 206 (5743)، م 2191.

الشرح

الشرح: الرقية هي القراءة على المريض مع النفث أو المسح على موضع الألم، وتسمى (العزيمة) وهي مشروعة ونافعة - بإذن الله - إذا كانت من القرآن والأدعية الصحيحة الخالية من الشرك والاستغاثة بغير الله. الفوائد: - مشروعية الرقية بالقرآن والأدعية المشروعة. - تحريم الرقية بغير القرآن والأدعية الشرعية. - إن كانت الرقية تشتمل على دعاء غير الله فهي شرك أكبر. - يشرع للإنسان أن يعوذ نفسه ولا يلزم أن تكون من شخص آخر.

22 - تحريم الحلف بغير الله

تحريم الحلف بغير الله عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: "إن الله تعالى ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت"متفق عليه (¬1). وعن بريدة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف بالأمانة فليس منا" أخرجه أبو داود (¬2). وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رجلاً يقول: لا والكعبة، فقال ابن عمر: لا تحلف بغير الله فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من حلف بغير الله كفر أو أشرك" أخرجه الترمذي (¬3). الشرح: الحلف من المخلوق بشيء تعظيم له، فلا يجوز الحلف إلا بالله، وقد عد الرسول صلى الله عليه وسلم الحلف بغير الله شركاً لما فيه من مساواة غير الله بالله في التعظيم ولو لفظاً، فالواجب الحذر من ذلك، والإنكار على من قاله. ¬

(¬1) خ 11/ 530 (6646)، م 1646. (¬2) د 3253، قال النووي: بإسناد صحيح وصححه الألباني في صحيح الجامع 6203. (¬3) ت 1535، وصححه الألباني في صحيح الجامع 6204.

الفوائد

الفوائد: - تحريم الحلف بغير الله وأنه من الشرك الأصغر الذي هو من أكبر الكبائر. - تحريم الحلف بالنبي والكعبة والشرف والحياة وغيرها من المخلوقات. - لا يجوز الحلف إلا بالله أو بأسمائه أو صفاته.

23 - التطير

التطير (¬1). عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل الصالح، الكلمة الحسنة" متفق عليه (¬2). (لا عدوى: أي أن المرض لا ينتقل بطبعه ولكن الله هو الذي يقدر). عن ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الطيرة شرك" أخرجه أبو داود (¬3). الشرح: التطير هو التشاؤم بالطيور كالغراب أو البوم، أو بأسماء الناس أو خلقتهم أو نحو ذلك، فإذا عزم الإنسان على فعل ثم رأى من هذه الأشياء شيئاً فرده، فهذا هو التطير الذي هو من الشرك لاعتقاد الفاعل أن لهذه الأشياء نوع تصرف في الأمور من جلب الضر، ولمنافاتها للتوكل على الله. أما الفأل فليس فيه تعلق للقلب بغير الله ولكن النفس تقوى وتنشط على مطلوبها إذا رأت أو سمعت ما يسرها وهو من حسن الظن بالله. ¬

(¬1) انظر: شروح كتاب التوحيد: باب ما جاء في التطير. (¬2) خ 10/ 214 (5756، م 2224. (¬3) د 3910.

الفوائد

الفوائد: - النهي عن التطير وهو ترك العمل تشاؤماً بطير أو نحوه. - أنه من الشرك إذا تسبب في ترك العمل، لاعتقاد الضر والنفع في غير الله تعالى. - استحباب التفاؤل لما فيه من حسن الظن بالله.

24 - الإيمان بالقدر

الإيمان بالقدر عن عمر رضي الله عنه قال: "بينما نحن جلوس عند النبي إذ خرج علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام. فقال رسول الله: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً. قال: صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان. قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان. قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: فأخبرني عن الساعة. قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل. قال: فأخبرني عن أماراتها، قال: أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، ثم انطلق، فلبثت ملياً، ثم قال لي: يا عمر أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم" أخرجه مسلم (¬1). ¬

(¬1) م 8.

الشرح

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: "وكان عرشه على الماء"أخرجه مسلم (¬1). الشرح: من أصول الإيمان الإيمان بالقضاء والقدر فلا يكون الشخص مسلماً حتى يؤمن بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن كل ما يحدث فإن الله قد علمه وكتبه عنده وشاءه وخلقه. الفوائد: - إثبات القدر وأن كل شيء يحدث فهو بقدر الله. - وجوب الإيمان بالقدر وأنه من أصول الإيمان. ¬

(¬1) م 4797.

25 - التوكل على الله

التوكل على الله (¬1) قال تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (¬2). وقال تعالى: {وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (¬3). عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط (أي عدد قليل من الناس، من الثلاثة إلى التسعة) والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد. إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه، فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي هذه أمتك ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب. ثم نهض فدخل منزله، فخاض الناس في أولئك، فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئاً، وذكروا أشياء، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه، فقال: هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون" متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) انظر: شروح كتاب التوحيد, باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب. (¬2) سورة الطلاق, آية: 3. (¬3) سورة التغابن, آية: 13. (¬4) خ 4/ 199 (5270) ,م 1/ 199.

الشرح

الشرح: التوكل من أجل العبادات القلبية، ومعناه اعتماد القلب على الله وتفويض الأمور إليه مع اتخاذ الأسباب الشرعية، امتدح الله المتكلين ووعدهم بالجزاء الحسن. الفوائد: - منزلة التوكل وأنه من أجل العبادات. - أن تحقيقه سبب لدخول الجنة بغير حساب.

26 - السلام

السلام (¬1) قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَانِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} (¬2)، (ومعنى تستأنسوا أي: تستأذنوا). وقال تعالى: {تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً} (¬3). عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟: قال "تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف" متفق عليه (¬4). وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع: بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس ونصر الضعيف، وعون المظلوم، وإفشاء السلام، وإبرار المقسم" متفق عليه (¬5). ومعنى تشميت العاطس: أي قول يرحمك الله. ومعنى إبرار المقسم: أي فعل ما أقسم عليه ليكون باراً. ¬

(¬1) انظر الآداب الشرعية 1/ 332,بدائع الفوائد 2/ 130,زاد المعاد 2/ 406,فتح الباري 11/ 3,الأذكار 350. (¬2) سورة النور, آية: 27. (¬3) سورة النور, آية: 61. (¬4) خ 11/ 21 (6236) , م 39, د5194. (¬5) خ 3/ 112 (1239) و 11/ 18 (6235) ,م 2066.

الشرح

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم"رواه مسلم (¬1). الشرح: السلام شعيرة من شعائر أهل الإسلام المباركة، جعلها الله تحيتهم فيما بينهم وجعلها من حقوق المسلم على أخيه، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن إفشاءها من أسباب بث المحبة بين المسلمين والتي هي سبب لدخول الجنة. الفوائد: - فضل السلام حيث إنه تحية من عند الله مباركة. - أنه سبب للمحبة بين المؤمنين التي هي سبب لدخول الجنة. - استحباب إلقاء السلام على من عرفت ومن لم تعرف من المسلمين. ¬

(¬1) م 54,د5193,ت2688.

27 - صفة السلام

صفة السلام عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لما خلق الله آدم عليه السلام قال: اذهب فسلم على أولئك - نفر من الملائكة جلوس - فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك فقال: السلام عليكم. فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله" متفق عليه (¬1). وعن عمران بن حصين قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم. فرد عليه ثم جلس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عشر (أي: كتب له عشر حسنات)، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه فجلس، فقال: عشرون. ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه فجلس، فقال: ثلاثون" رواه أبو داود والترمذي (¬2). الشرح: السلام في الإسلام له صيغة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر أن الله شرعها لآدم عليه السلام وذريته، وهي أن يقول المسلم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وهذا هو الأفضل، فإن اقتصر على ¬

(¬1) خ 11/ 3 (6227)، م (2841). (¬2) د 5195، ت 2689 وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه. قال الحافظ في الفتح: 11/ 5: إسناده قوي.

الفوائد

السلام عليكم، أو السلام عليكم ورحمة الله فيكفي، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من أتى بالصيغة الكاملة للسلام فله ثلاثون حسنة. الفوائد: - أن صيغة السلام المسنون هي: السلام عليكم. - إن زاد ورحمة الله فهو أفضل، فإن زاد: ورحمة الله وبركاته فهو الأفضل. - وجوب رد السلام بمثله واستحباب الزيادة، ولا يكفي الرد بأهلا أو مرحبا ونحوهما.

28 - من آداب السلام (1)

من آداب السلام أ - السلام إذا دخل بيته: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم يكن بركة عليك وعلى أهل بيتك" أخرجه الترمذي (¬1). ب- السلام على الصبيان: عن أنس رضي الله عنه "أنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله" متفق عليه (¬2). الشرح: للسلام آداب ينبغي للمسلم أن يراعيها، فمن ذلك استحباب السلام على الأهل عند دخول البيت لما فيه من البركة باستفتاح لقائهم بهذه السنة المباركة، ومن آدابه السلام على الأطفال لما فيه من التواضع لهم وتعليمهم سنة السلام. ¬

(¬1) ت 2698 وقال: حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في الكلم الطيب رقم 62 وذكر أن الحافظ قوي الحديث. (¬2) خ 11/ 32 (6247)، م 2168، د 5202، ت 2696.

الفوائد

الفوائد: - استحباب السلام على الأهل إذا دخل الرجل بيته. - استحباب السلام على الصبيان لما في ذلك من التواضع وتعليمهم سنة السلام.

29 - تحريم ابتداء الكفار بالسلام

تحريم ابتداء الكفار بالسلام عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام، وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروه إلى أضيقه" أخرجه مسلم (¬1). وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم" متفق عليه (¬2). وعن أسامة بن زيد "أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين - عبدة الأوثان - فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم " متفق عليه (¬3). الشرح: السلام تحية المسلمين فيه إكرام للمسلم عليه، فلا يجوز ابتداء الكفار بالسلام لما فيه من الإكرام لهم، لكن إن سلموا علينا فنرد عليهم. الفوائد: - تحريم ابتداء الكفار بالسلام، وإذا سلموا علينا فنقول: وعليكم (¬4). - إذا كان في المجلس مسلمون وكفار فيجوز إلقاء السلام على المجموعة. ¬

(¬1) م 2167، ت 2700، د 5205. (¬2) خ 11/ 42 (6258)، م 2163، د 5207، ت 3301. (¬3) خ11/ 38 (6254)، م 1798، ت 2702. (¬4) من العلماء من يرى أنهم إذا أفصحوا بالسلام فيرد عليهم: وعليكم السلام، انظر: زاد المعاد 2/ 424، فتاوى 3/ 33، والتمهيد 17/ 89.

30 - من آداب السلام (2)

من آداب السلام عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: "يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير" متفق عليه (¬1) وفي رواية البخاري: "والصغير على الكبير". وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام" أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث المسئ صلاته أنه "جاء فصلى، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم فرد عليه السلام فقال ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، حتى فعل ذلك ثلاث مرات" متفق عليه (¬3). وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه" أخرجه أبو داود (¬4). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا انتهى ¬

(¬1) خ 11/ 16 (6234)، م 2160، د 5198، ت 2703. (¬2) د 5197، قال النووي في رياض الصالحين 326: بإسناد جيد، ت 2694 وقال حديث حسن، قال الألباني: سنده صحيح (الكلم الطيب رقم 198). (¬3) خ 2/ 237 (757) و 11/ 36 (6251)، م 397، ت 2692. (¬4) د 5200، وصححه الألباني الصحيحة 186 وصحيح الجامع 789.

الشرح

أحدكم إلى مجلس فليسلم، فإن بدا له أن يجلس فليجلس، ثم إذا قام فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة" أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). الشرح: من آداب السلام وسنته التي سنها الرسول صلى الله عليه وسلم أن يسلم الراكب على الماشي لما في ذلك من التواضع له وتطييب خاطره، ويسلم الماشي على القاعد، والقليل على الكثير، والصغير على الكبير لما له من حق التوقير، فإذا التقى المسلمان فإن أقربهما إلى الله الذي يبدأ بالسلام لأنه كان سباقاً إلى فعل الخير، ويستحب أيضاً تكرار السلام إذا فارق المسلم أخاه ثم لقيه ولو كانت المدة قصيرة، وكما يستحب لمن أتى مجلساً أن يسلم عند قدومه، وكذلك يستحب السلام عند الانصراف. الفوائد: - أن السنة أن يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد والقليل على الكثير والصغير على الكبير. - استحباب إلقاء السلام إذا تفرق المسلمان ثم التقيا ولو قصر الفصل وتكرر ذلك. - استحباب السلام عند القيام من المجلس ووجود رده. ¬

(¬1) د 5208، ت 2706 وقال حديث حسن، وصححه الألباني في صحيح الجامع 400.

2 - صفر

استحباب المصافحة عن قتادة قال: قلت لأنس: أكانت المصافحة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم"أخرجه البخاري (¬1). عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا" أخرجه أبو داود (¬2). الشرح: من الأمور التي تقوي المحبة بين المسلمين المصافحة باليد إذا التقى المسلمان، وقد كان هذا من هدي الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بجزاء المسلمين إذا التقيا فتصافحا وأن يغفر لهما قبل أن يفترقا. الفوائد: - استحباب المصافحة وأنها من هدي الصحابة رضي الله عنهم. - عظم ثواب المسلمين إذا التقيا فتصافحا. ¬

(¬1) خ 11/ 54 (6263). (¬2) د 5212، وحسنه الألباني في صحيح الجامع 5777.

2 - الدعاء

الدعاء (¬1) قال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬2). وقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (¬3). وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة" أخرجه أبو داود والترمذي (¬4). عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل العبادة الدعاء"أخرجه الحاكم (¬5). عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر" أخرجه الترمذي (¬6). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يسأل ¬

(¬1) انظر: جامع العلوم والحكم (الحديث العاشر)، والجواب الكافي9، فتاوى الشيخ ابن عثيمين 2/ 93، الوابل الصيب. (¬2) سورة غافر، آية: 60. (¬3) سورة البقرة، آية: 186. (¬4) د 1479، ت 2969، وقال: حديث حسن صحيح، جه 3873، وصححه الألباني في صحيح الجامع 3407. (¬5) وصححه وأقره الذهبي، وصححه الألباني في صحيح الجامع 1122. (¬6) ت 2139، وصححه الألباني في صحيح الجامع 7687.

الشرح

الله يغضب عليه" أخرجه الترمذي (¬1). الشرح: الدعاء عبادة عظيمة تظهر فيها روح العبادات كلها وهي الذل والخضوع والافتقار إلى الله تعالى، بالإضافة إلى ما فيه من التعرض لرحمة الله وفضله، فلذلك كان الدعاء أفضل العبادة وما من عبادة إلا وهي متضمنة للدعاء، والله سبحانه يحب من يدعوه ويلح في دعائه ويظهر الافتقار إليه. الفوائد: - عظم منزلة الدعاء حيث عده الرسول صلى الله عليه وسلم هو العبادة، أي الركن الأعظم فيها. - أنه أفضل العبادة لما فيه من ذكر الله والالتجاء والرغبة إليه، والاعتماد عليه وإظهار الافتقار إليه تعالى. - أن الدعاء عبادة لا يجوز صرفها لغير الله، ومن صرفها لغير الله فقد أشرك. - أن الله جعله سبباً لتبديل القضاء، وهو من القضاء (¬2). - محبة الله لمن يدعوه وغضبه على من لم يدعه. ¬

(¬1) ت 3373، جه 3872، وصححه الألباني في صحيح الجامع 2418 وحسنه محقق جامع الأصول 4/ 166. (¬2) انظر توضيح الأحكام 6/ 249، تحفة الأحوذي 6/ 289.

3 - من آداب الدعاء

من آداب الدعاء (¬1). قال الله تعالى عن زكريا عليه السلام: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا} (¬2). وقال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (¬3). عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك" أخرجه أبو داود (¬4). عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم" رواه مسلم (¬5). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت، ارزقني إن شئت، وليعزم المسألة، إنه يفعل ما يشاء لا مكره له" متفق عليه (¬6). (ومعنى ليعزم المسألة: أي ليجزم في طلبه ويتيقن الإجابة). ¬

(¬1) رياض الصالحين 475، مشكاة المصابيح 2/ 691، الأذكار 563، الآداب الشرعية 2/ 272. (¬2) سورة مريم، آية: 3. (¬3) سورة الأعراف، آية: 55. (¬4) د 1482، قال النووي: بإسناد جيد (رياض الصالحين 431). (¬5) م 3009. (¬6) خ 11/ 139 (6339)، م 2678.

الشرح

الشرح: الدعاء عبادة عظيمة شرع الله لها آداباً تقرب الداعي إلى الله وتجعله أحرى بالإجابة، ينبغي للداعي الحرص عليها فمن ذلك خفض الصوت لما فيه من الخشوع والتذلل، واختيار الجوامع من الدعاء وهو الكلام القليل الذي يشمل الخير الكثير، كذلك على المسلم أن يتجنب الدعاء على نفسه أو ولده أو ماله لأنه قد يوافق ساعة إجابة فيستجاب له، ومن الأمور التي ينبغي تجنبها في الدعاء تعليقه بالمشيئة لما في ذلك من إظهار الاستغناء وعدم الإلحاح في الطلب. الفوائد: - استحباب خفض الصوت في الدعاء لما فيه من التذلل والخشوع لله. - استحباب الدعاء بجوامع الكلام، وهو الذي يجمع الخير الكثير في كلمات قليلة. - التحذير من دعاء الإنسان على نفسه أو ماله أو ولده. - وجوب الجزم في الدعاء وعدم تعليقه بالمشيئة لأن ذلك يشعر بعدم اهتمامه بالمطلوب وضعف الافتقار إلى الله (¬1). ¬

(¬1) انظر: فتاوى ابن عثيمين 1/ 90، 91، وشروح كتاب التوحيد: باب قول اللهم اغفر لي إن شئت، وفتح الباري 11/ 139 حيث نقل عن ابن عبد البر عدم الجواز، قال هو الظاهر ثم رجح الكراهية بدلالة حديث الاستخارة.

4 - الدعاء بظهر الغيب

الدعاء بظهر الغيب قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا} (¬1)، وقال إخباراً عن إبراهيم عليه السلام: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} (¬2). وقال تعالى عن نوح عليه السلام: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} (¬3). وقال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} (¬4). وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: ولك بمثل" أخرجه مسلم (¬5). وفي رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك مؤكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل". ¬

(¬1) سورة الحشر، آية: 10. (¬2) سورة إبراهيم، آية: 41. (¬3) سورة نوح، آية: 28. (¬4) سورة محمد، آية: 19. (¬5) م 2732.

الشرح

الشرح: الدعاء بظهر الغيب هو أن يدعو المسلم لأخيه المسلم في غيبته، وهذه سنة حسنة درج عليها الأنبياء والصالحون، فهم يحبون لإخوانهم المؤمنين الخير، ويدعون لهم حال غيبتهم عندما يدعون لأنفسهم، ولما في ذلك من المحبة للمؤمنين وإرادة الخير لهم والإخلاص لله في ذلك فإن الملائكة تؤمن على الدعاء، وتدعو للداعي بمثل ما دعا لأخيه. الفوائد: - فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب وأنه من عمل الأنبياء والصالحين. - أنه أقرب للاستجابة لتحقيق الإخلاص فيه لله والمحبة للمؤمنين، ولتأمين الملك عليه.

5 - أوقات إجابة الدعاء

أوقات إجابة الدعاء (¬1) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء" أخرجه مسلم (¬2). عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد" أخرجه الترمذي (¬3). عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثنتان لا تردان - أو قلما تردان - الدعاء عند النداء وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضاً" أخرجه أبو داود (¬4). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له" أخرجه مسلم (¬5). عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن في الليل ساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيراً من أمر الدنيا ¬

(¬1) توضيح الأحكام 6/ 432، غذاء الألباب 2/ 513. (¬2) م 482، د 875، ن 1137. (¬3) ت 212، د 521، وصححه الألباني في صحيح الجامع 3408. (¬4) د 2540، قال النووي في الأذكار 303: بإسناد صحيح وصححه الألباني في صحيح الجامع 3079. (¬5) م 758.

الشرح

والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة"أخرجه مسلم (¬1). الشرح: للدعاء أوقات ترجى فيها الإجابة أكثر من غيرها، ينبغي للمسلم الحرص على اغتنامها والإكثار فيها من الدعاء، فمن ذلك: وقت السجود حيث المسلم أقرب ما يكون من ربه، وما بين الأذان والإقامة حيث يكون المسلم في انتظار الصلاة، وعند ملاقاة الأعداء في الحرب، وفي آخر الليل حيث ينزل ربنا عز وجل فيه كل ليلة. الفوائد: - أن هناك أوقاتاً ترجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها. - الحث على اغتنام هذه الأوقات والحرص على كثرة الدعاء فيها. - من هذه الأوقات: في السجود وبين الأذان والإقامة، وفي آخر الليل، وعند لقاء العدو في الحرب. ¬

(¬1) م 757.

6 - موانع إجابة الدعاء

موانع إجابة الدعاء (¬1) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، مالم يستعجل" متفق عليه (¬2). وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما على الأرض مسلم يدعو الله تعالى بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم" أخرجه الترمذي (¬3)، وفي رواية: "أو يدخر له من الأجر مثلها". وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له"أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) انظر: شروح الأربعين النووية، الحديث العاشر. (¬2) خ 11/ 140 (6340)، م2735، ت 3387، د1484، جه 3898. (¬3) ت 3573، وحسنه الألباني في صحيح الجامع 5637. (¬4) م 1015، ت 2989.

الشرح

وعن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم"أخرجه الترمذي (¬1). الشرح: للدعاء موانع تمنع الإجابة ينبغي للمسلم تجنبها حتى يكون دعاؤه أقرب للإجابة، لكن لا يلزم من عدم تحقق المطلوب أن الدعاء لم يستجب، بل إن الله وهو العليم بما يصلح الناس قد يدخرها لصاحبها يوم القيامة، أو يصرف عنه من السوء مثلها، فينبغي للمسلم إذا دعا ألا ييأس من الإجابة حتى لو لم يتحقق ما يريد. الفوائد: - أن أكل الحرام ولبس الحرام من موانع الإجابة. - أن الاستعجال في طلب إجابة الدعاء يمنع الإجابة لأنه نوع من القنوط من رحمة الله. - أنه لا يلزم من إجابة الداعي تحقيق ما طلبه. - أنه لا يستجاب للداعي بإثم أو قطيعة رحم. - أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب لمنع إجابة الدعاء. ¬

(¬1) ت 2169، وحسنه الألباني في صحيح الجامع 7070.

7 - من أحكام الطهارة (1)

من أحكام الطهارة الماء طهور لا ينجسه شيء: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنا نركب البحر ومعنا القليل من الماء فإن توضأنا منه عطشنا، أنتوضأ من ماء البحر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة - وهي بئر يلقى فيها الحيض والنتن ولحوم الكلاب - فقال: "الماء طهور لا ينجسه شيء" أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). الشرح: الماء في الأصل طاهر في نفسه مطهر لغيره ولو تغير بطاهر، وهو يدفع النجاسة عن نفسه، لا يخرج عن هذا الوصف إلا أن وقعت فيه نجاسة أثرت فيه فغيرت طعمه أو ريحه أو لونه، فعند ذلك يكون نجساً لا تجوز الطهارة به. ¬

(¬1) د 83، ت 66، وصححه الألباني في إرواء الغليل 9. (¬2) د 66، ت 69، وصححه الألباني في إرواء الغليل 14.

الفوائد

الفوائد: - أن الأصل في الماء الطهارة ولو وقعت فيه النجاسة، ما لم يتغير طعمه أو لونه أو ريحه (¬1). - طهارة ماء البحر وجواز التطهر به. ¬

(¬1) تنجس الماء إذا تغير أحد أوصافه بنجاسة فيه مجمع عليه.

8 - من أحكام الطهارة (2)

من أحكام الطهارة النجاسات وكيف تزال: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور" أخرجه أبو داود (¬1). عن أنس رضي الله عنه قال: "جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد، فزجره الناس، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قضى بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فأهريق عليه" متفق عليه (¬2). عن أبي السمح رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يغسل من بول الجارية (أي البنت الصغيرة) ويرش من بول الغلام" أخرجه أبو داود (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب" أخرجه مسلم، وفي لفظ: "فليرقه" (¬4). عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "كنت رجلاً مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني، فأمرت المقداد ¬

(¬1) د 389 وصححه الألباني في صحيح الجامع 833. (¬2) خ 1/ 324 (221)، م 285. (¬3) د 376. (¬4) خ1/ 274 (172)، م 279.

الشرح

ابن الأسود فسأله، فقال: اغسل ذكرك وتوضأ" متفق عليه (¬1). الشرح: حكم الشرع بنجاسة بعض الأشياء إما لضررها أو لقذارتها أو غير ذلك من الحكم التي يعلمها الله، والتنزه عنها شرط للصلاة، وقد تتبعها العلماء في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وذكروها بأدلتها ليتحرز منها المسلم. الفوائد: - نجاسة بول الآدمي وغائطه. - أن الأصل في إزالة النجاسة هو الماء، ويكفي لتطهير النعل دلكها بالأرض. - التخفيف في بول الغلام الصغير الذي لم يأكل الطعام، حيث يكفي فيه الرش بالماء بدون غسل. - نجاسة سؤر الكلب، ووجوب غسل ما ولغ فيه، سبع مرات أولاهن بالتراب. - نجاسة المذي، إلا أنه يكفي في طهارته رشه بالماء. ¬

(¬1) خ1/ 379 (269)، م 303.

9 - من أحكام الدم

من أحكام الدم قال الله تعالى: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} (¬1). عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال في دم الحيض يصيب الثوب: "تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه" متفق عليه (¬2). عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان: فالجراد والحوت، وأما الدمان فالكبد والطحال" أخرجه أحمد (¬3). الشرح: الدم في الشريعة أنواع فمنه ما هو طاهر ومنه ما هو نجس، ومعرفة أحكامه مما يحتاجه المسلم في أوقات كثيرة. الفوائد: - نجاسة الدم المسفوح وهو ما يخرج من الذبيحة عند ذبحها أما الدم ¬

(¬1) سورة الأنعام، آية: 145. (¬2) خ1/ 330 (227)، م 291. (¬3) حم 5717.

الباقي في اللحم فإنه طاهر (¬1). - نجاسة دم الحيض. - طهارة دم السمك. ¬

(¬1) انظر: فتاوى الشيخ ابن عثيمين: (4) الطهارة 1/ 260.

10 - من أحكام الآنية

من أحكام الآنية عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دبغ الإهاب فقد طهر" أخرجه مسلم (¬1). عن عمران بن الحصين رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه توضأوا من مزادة امرأة مشركة" متفق عليه (¬2). عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب، أفنأكل في آنيتهم، فقال: "إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها ثم كلوا فيها" متفق عليه (¬3). الشرح: الآنية هي الأوعية التي يوضع فيها الأكل أو الشراب، ويحتاج الناس فيها - كثيراً - إلى جلود الحيوانات بعد دبغها، فمن رحمة الله أن جعل دباغها مطهراً لها. ومن تيسيره على المسلمين أن أباح لهم عند الحاجة استعمال أواني المشركين ما لم تعلم نجاستها. الفوائد: - طهارة جلود ما يؤكل لحمه بعد دباغه (¬4). - جواز التطهر من آنية المشركين والأكل فيها ما لم تعلم نجاستها. ¬

(¬1) م 366. (¬2) خ1/ 477 (344)، م 682. (¬3) خ9/ 622 (5496)، م 1930. (¬4) من العلماء من يرى طهارة جلود ما كان طاهراً في الحياة بالدباغ. انظر: شرح الممتع 1/ 75.

11 - مسائل في الطهارة (1)

مسائل في الطهارة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثاً، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده" متفق عليه (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه" متفق عليه. وفي رواية: "لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب" (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم لينزعه، فإن في أحد جناحيه شفاء والآخر داء" أخرجه البخاري (¬3). الشرح: في هذه الأحاديث بعض الأحكام التي تتعلق بالماء، والآداب التي يشرع للمسلم العمل بها للمحافظة على الماء طاهراً نظيفاً الفوائد: - النهي عن إدخال اليد في الإناء بعد القيام من النوم وقبل غسلها ثلاثاً. ¬

(¬1) خ1/ 263 (162) م 278. (¬2) خ1/ 346 (239)، م 282، 283. (¬3) خ6/ 359 (3320)، د 3844.

- النهي عن البول في الماء الراكد أو الاغتسال فيه من الجنابة (¬1). - طهارة الذباب وأنه لا ينجس ما وقع فيه من الماء. ¬

(¬1) يرى الشيخ ابن عثيمين أن النهي في الحديثين للتحريم وإن كان الماء لا ينجس فيهما إلا بالتغير، انظر الشرح الممتع 1/ 33، 41.

12 - مسائل في الطهارة (2)

مسائل في الطهارة عن عائشة رضي الله عنها قالت في المني: "كنت من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركاً فيصلي فيه" أخرجه مسلم (¬1). عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بفضل ميمونة" أخرجه مسلم (¬2). عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الهرة: "إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم" أخرجه أبو داود والترمذي. والطوافون: هم خدم البيت (¬3). عن أنس رضي الله عنه قال: "قدم أناس من عكل - أو عرينة - فاجتووا المدينة (أي مرضوا)، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بلقحاح وأن يشربوا من أبوالها وألبانها" أخرجه البخاري (¬4). الشرح: من يسر الشريعة وسماحتها أنها جعلت الأشياء التي يشق التحفظ منها أو تكثر الحاجة لها أحياناً مباحة، وفي الأحاديث ¬

(¬1) م 288، 290. (¬2) م 323. (¬3) د 75، ت 92 وقال حسن صحيح. (¬4) خ 1/ 335 (233).

الفوائد

السابقة جملة من أحكام الأشياء الطاهرة التي قد تشكل على بعض الناس مع يسر الشريعة فيها. الفوائد: - طهارة مني الإنسان، فلو أصاب الثوب فلا يلزم غسله. - جواز اغتسال الرجل بما بقي من طهور المرأة. - طهارة ما شربت منه الهرة، لأنها من الطوافين ويشق التحرز منها، ويلحق بها الحمار للعلة نفسها. - طهارة أبوال وروث ولعاب ما يؤكل لحمه.

13 - آداب قضاء الحاجة (1)

آداب قضاء الحاجة (¬1) أذكار دخول الحمام والخروج منه: عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال: "اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث" متفق عليه (¬2). (إذا دخل: أي إذا أراد الدخول، والخبث والخبائث: ذكران الجن وإناثهم (¬3)). وعن عائشة رضي الله عنها: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من الغائط قال: غفرانك" أخرجه أبو داود والترمذي (¬4). الانحراف عن القبلة: عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة، ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا" متفق عليه (¬5). عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "رقيت يوماً على بيت حفصة لبعض حاجتي، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة" متفق عليه (¬6). ¬

(¬1) انظر: الشرح الممتع 1/ 81، المغني 1/ 107، زاد المعاد 1/ 170، المجموع للنووي 2/ 73، فتاوى اللجنة 5/ 85، نيل الأوطار 1/ 85. (¬2) خ1/ 242 (142)، م 375. (¬3) فتح الباري 1/ 243. (¬4) د 30، ت7. (¬5) خ1/ 245 (144)، م 264، ت 8، د 9، جه 322. (¬6) خ1/ 246 (145)، م 266، ت11.

الشرح

الشرح: الإسلام دين عظيم ينظم جميع شؤون حياة المسلم صغيرها وكبيرها ويجعل لها آداباً تعود على المسلم بالنفع في دنياه وآخرته، ومن ذلك قضاء الحاجة، فقد سن الرسول صلى الله عليه وسلم له آداباً مستحبة وأخرى واجبة ينبغي على المسلم أن يراعيها، فمن الآداب المستحبة: الاستعاذة من الشياطين وشرورهم عندما يريد المسلم دخول الحمام لأنه مأواها، وكذلك قوله: غفرانك عند الخروج، لأنه بعد أن تخلص من الأذى الحسي في بدنه ناسب أن يسأل الله أن يخلصه كذلك من أذى ما تحمله من ذنوب وآثام (¬1)، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يستقبل المسلم القبلة ببول أو غائط تكريماً لقبلة المسلمين في الصلاة أن تستقبل في هذا الموضع. الفوائد: - يستحب للمسلم عندما يريد أن يدخل الخلاء أن يقول: أعوذ بالله من الخبث والخبائث. - يستحب أن يقول عند الخروج: غفرانك. - النهي عن استقبال القبلة أو استدبارها أثناء قضاء الحاجة (¬2). ¬

(¬1) الشرح الممتع 1/ 84. (¬2) قال الشيخ ابن عثيمين: إنه يجوز الاستدبار في البنيان فقط (الشرح الممتع 1/ 100)، والجمهور على أن التحريم في الفضاء فقط.

14 - آداب قضاء الحاجة (2)

آداب قضاء الحاجة النهي عن التخلي في طريق الناس أو ظلهم: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا اللاعنين، قيل وما اللاعنان؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم". أخرجه مسلم وأبو داود (¬1). اللاعنان: أي الأمران الجالبان للعن (¬2). يتخلى: أي يقضي حاجته. النهي عن البول في الماء الراكد: وعن جابر بن عبد الله "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يبال في الماء الراكد" أخرجه مسلم (¬3). الاستتار عند التغوط، والبول قائماً: وعن حذيفة رضي الله عنه قال: "كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فانتهى إلى سباطة قوم فبال قائماً، فتنحيت فقال: ادنه، فدنوت حتى كنت عند عقبيه، فتوضأ ومسح على خفيه" متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) م 269، د 25. (¬2) شرح النووي 3/ 164. (¬3) م 281. (¬4) خ1/ 329 (225)، م 273، د 23.

الشرح

(السباطة: الكناسة والزبالة، أو مكانها). وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذ الإداوة، حتى توارى عني فقضى حاجته" متفق عليه (¬1). الشرح: يمنع الإسلام كل ما يسبب أذى للمسلمين في أمورهم الخاصة أو العامة، ولذلك نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن قضاء الحاجة في طريق الناس أو في ظلهم الذي يحتاجون إليه أو البول في الماء الراكد الذي يردونه أو ترده دوابهم، لما في ذلك من الأذى لهم وحرمانهم من تمام الانتفاع بتلك الأشياء. الفوائد: - تحريم البول في طريق الناس أو ظلهم أو مواردهم. - تحريم البول في الماء الراكد الذي لا يجري. - وجوب ستر العورة عن الناس، واستحباب البعد والاختفاء عن الناس عند قضاء الحاجة. - أنه لا بأس بالبول في مكان قريب بعكس التغوط. - جواز بول الإنسان قائماً (¬2). ¬

(¬1) خ1/ 306 (203)، م 274. (¬2) انظر الشرح الممتع 1/ 92.

15 - آداب قضاء الحاجة (3)

آداب قضاء الحاجة (¬1) الاستنجاء: عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قيل له: "قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة؟ قال: فقال: أجل، لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو نستنجي برجيع أو عظم" أخرجه مسلم (¬2). (الخراءة: التخلي والقعود للحاجة. الرجيع: الروث). وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استجمر أحدكم فليوتر" أخرجه مسلم (¬3). وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا بال أحدكم فلا يأخذ ذكره بيمينه، ولا يستنج بيمينه، ولا يتنفس في الإناء" متفق عليه (¬4). وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تستنجوا بالروث ولا بالعظم فإنه زاد إخوانكم من الجن" أخرجه ¬

(¬1) انظر: الشرح الممتع 1/ 98، المغني 1/ 107، المجموع للنووي 2/ 78، فتاوى اللجنة 5/ 97، نيل الأوطار 1/ 90. (¬2) م 262، ت16، جه 320. (¬3) م 239. (¬4) خ1/ 253 (153)، م 267، د 31، جه 313.

الشرح

الترمذي والنسائي وأبو داود" (¬1). الشرح: نهى الرسول صلى الله عليه وسلم المسلم عند قضاء الحاجة أن يمسك ذكره أو يستنجي بيمينه أو أن يستنجي بأقل من ثلاثة أحجار تزيل النجاسة بحيث لا يبقى إلا ما لا يزيله إلا الماء ويستحب إن زاد عن الثلاث أن يقطعه على وتر خمس أو سبع، وكذلك نهى أن يستنجي المسلم بالعظم أو الروث لأنه طعام الجن وطعام دوابهم. الفوائد: - النهي عن مس الفرج باليمين أو الاستنجاء بها (¬2). - يشترط في الاستجمار أن يكون بثلاث مسحات منقيات فأكثر. - استحباب قطع الاستنجاء على وتر، أي ثلاث أو خمس أو سبع. - تحريم الاستجمار بالعظام أو الرجيع لأنها طعام الجن وطعام دوابهم. ¬

(¬1) د 39، ت 18، ن 39. (¬2) انظر: الشرح الممتع 1/ 100.

16 - الوضوء

الوضوء فضل الوضوء: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ" متفق عليه (¬1). وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل" متفق عليه (¬2). عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره" أخرجه مسلم (¬3). وعنه رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال: "من توضأ هكذا غفر له ما تقدم من ذنبه وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة" (أي: زيادة) أخرجه مسلم (¬4). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم على ما يمحو به الله الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى ¬

(¬1) 1/ 234 (135). (¬2) خ1/ 235 (136)، م 246. (¬3) م 245. (¬4) م 228.

الشرح

يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط" أخرجه مسلم (¬1). (وإسباغ الوضوء: أي إتمامه، والمكاره: مثل شدة البرد، والرباط، هو حبس النفس على الشيء (¬2)). الشرح: الوضوء عبادة عظيمة شرعها الله مقدمة للصلاة لتطهير المؤمنين ظاهراً وباطناً ووعد من حافظ عليها بالأجر العظيم وغفران الذنوب. الفوائد: - فضل الوضوء وأنه سبب لمغفرة الذنوب. - أن الوضوء شرط لصحة الصلاة، فلا تقبل بدونه إلا بعذر. ¬

(¬1) م 251. (¬2) نووي 3/ 144.

17 - صفة الوضوء

صفة الوضوء قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثاً، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده" متفق عليه (¬2). عن حمران أن عثمان رضي الله عنه: "دعا بوضوء فغسل كفيه ثلاث مرات، ثم تمضمض واستنشق واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاث مرات، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات، ثم اليسرى مثل ذلك، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين، ثلاث مرات، ثم اليسرى مثل ذلك"، ثم قال: "رأيت رسول الله توضأ نحو وضوئي هذا" متفق عليه (¬3). عن عبد الله بن زيد أنه: "توضأ وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فأكفأ على يديه من التور فغسل يديه ثلاثاً، ثم أدخل يده في التور فمضمض واستنشق واستنثر ثلاث غرفات، ثم أدخل يده فغسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل يديه ¬

(¬1) سورة المائدة، آية: 6. (¬2) خ1/ 263 (162) م 278. (¬3) خ1/ 266 (164)، م 226.

الشرح

مرتين إلى المرفقين، ثم أدخل يده فمسح رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة، ثم غسل رجليه إلى الكعبين" متفق عليه (¬1). (والتور: شبه الطست). الشرح: نقل الصحابة رضوان الله عليهم صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم بكل دقة، فكان صلى الله عليه وسلم ينهى من قام من نومه أن يغمس يديه في الماء قبل أن يغسلهما ثلاثاً، كان يبدأ فيغسل كفيه ثلاثاً ثم يتمضمض ويستنشق ويستنثر، ثم يغسل وجهه ثم يديه إلى المرفقين ثم يمسح رأسه مرة واحدة ثم يغسل قدميه. الفوائد: - النهي عن أن يغمس القائم من النوم يديه في الماء قبل أن يغسلهما ثلاث مرات (¬2). - صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم الذي شرعه لأمته. - أن الاستنجاء ليس من الوضوء. - أن الواجب في الوضوء غسل الأعضاء مرة واحدة، والتثليث سنة فيما عدا الرأس. ¬

(¬1) خ1/ 294 (186)، م 235. (¬2) يرى الشيخ ابن عثيمين أن النهي هنا للتحريم وأن الماء طهور، وهو رأي شيخ الإسلام: انظر: الشرح الممتع 1/ 41.

18 - من سنن الوضوء

من سنن الوضوء عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله" متفق عليه (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء" أخرجه أحمد (¬2). عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء" أخرجه مسلم، والترمذي وزاد: "اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين" (¬3). الشرح: للوضوء سنن ينبغي للمسلم أن يحرص على الإتيان بها حتى يكون وضوؤه تاماً ينال به الأجر العظيم، فمن ذلك: التيمن في غسل الأعضاء، فيبدأ باليد اليمنى قبل اليسرى، وكذلك أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى التسوك عند الوضوء لما فيه من زيادة الطهارة والنظافة، ويجدر ¬

(¬1) خ1/ 269 (168)، م 268. (¬2) وصححه الألباني في إرواء الغليل 70. (¬3) م 234، ت 55.

الفوائد

بالمتوضيء ألا يغفل عن الذكر الذي شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الوضوء حتى ينال الأجر العظيم المترتب عليه. الفوائد: - استحباب التيامن في الوضوء. - استحباب التسوك عند الوضوء. - استحباب قول الذكر الوارد بعد الفراغ من الوضوء.

19 - التيمم

التيمم قال الله تعالى: {... فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} (¬1). عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل" متفق عليه (¬2). عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء، فتمرغت في الصعيد (أي: التراب) كما تتمرغ الدابة، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك، فقال: إنما كان يكفيك أن تقول بيدك هكذا، ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه" متفق عليه (¬3). وفي رواية البخاري: "ثم مسح بهما وجهه وكفيه". الشرح: الشريعة الإسلامية شريعة اليسر ورفع الحرج، فإذا عدم المسلم ¬

(¬1) سورة المائدة، آية: 6. (¬2) خ1/ 435) (335)، م 521. (¬3) خ1/ 443 (338)، م 368.

الفوائد

الماء أو تضرر باستعماله، فإن الله قد أباح له التطهر بما ينوب عنه وهو التراب. الفوائد: - مشروعية التيمم لمن فقد الماء أو تضرر باستعماله. - صفة التيمم أن يضرب بكفيه الأرض ضربة واحدة ويمسح بهما وجهه وكفيه.

20 - نواقض الوضوء

نواقض الوضوء الخارج من السبيلين والنوم: عن صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفراً ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام لياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم" أخرجه الترمذي (¬1). عن عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه أنه شكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: "لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً" متفق عليه (¬2). عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "كنت رجلاً مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني فأمرت المقداد بن الأسود فسأله، فقال: اغسل ذكرك وتوضأ" متفق عليه (¬3). أكل لحم الإبل: عن جابر بن سمرة رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: "أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت توضأ وإن شئت لا تتوضأ، قال: أأتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم، توضأ من لحوم الإبل" رواه مسلم (¬4). ¬

(¬1) ت 96، وحسنه الألباني في إرواء الغليل 104. (¬2) خ1/ 237 (137)، م 361. (¬3) خ1/ 379 (269)، م 303. (¬4) م 360.

الشرح

مس الذكر بشهوة: عن بسرة بنت صفوان رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مس ذكره فليتوضأ" أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). الشرح: للوضوء نواقض بينها الرسول صلى الله عليه وسلم، تبطل الطهارة ويجب على المسلم أن يجدد وضوءه بعدها إن احتاج إلى الطهارة في عمل من الأعمال. الفوائد: - أن للوضوء نواقض تبطله وهي: * النوم المستغرق، ويلحق به الإغماء وفقد العقل (¬2). * الخارج من السبيلين من بول أو غائط أو ريح أو دم أو مذي أو غيرها. * أكل لحم الإبل ويشمل جميع أجزائه كالمصران والكبد والكرش ونحوها. * لمس الذكر بشهوة من غير حائل (¬3). ¬

(¬1) د 181، ت 82 وقال: حديث حسن صحيح. (¬2) قال في المغني 1/ 113: بالإجماع. (¬3) ويرى شيخ الإسلام الاستحباب وإليه مال الشيخ ابن عثيمين. انظر: الشرح الممتع 1/ 234.

21 - موجبات الغسل

موجبات الغسل قال الله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (¬1). وقال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَاتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ} (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل" متفق عليه. زاد مسلم: "وإن لم ينزل" وفي رواية: "ومس الختان الختان" (¬3). عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي" أخرجه البخاري (¬4). عن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذاءً فأمرت رجلاً أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "توضأ واغسل ذكرك" متفق عليه (¬5). الشرح: شرع الله سبحانه وتعالى الغسل لمن جامع، أنزل أم لم ينزل ¬

(¬1) سورة المائدة، آية: 6. (¬2) سورة البقرة، آية: 222. (¬3) خ1/ 395 (291)، م 348، 349. (¬4) خ1/ 420 (320). (¬5) خ1/ 379 (269)، م 303.

الفوائد

لما فيه من الطهارة ولحكم يعلمها سبحانه، وكذلك شرعه للحائض والنفساء بعد طهرهما. الفوائد: - وجوب الغسل من الإنزال بجماع، أو باحتلام إذا رأى الماء. - وجوب الغسل بالجماع وإن لم ينزل. - أنه لا يجب الغسل من خروج المذي، بل يكفي فيه غسل الذكر مع الوضوء. - وجوبه بالحيض والنفاس، بعد الطهر.

22 - من أحكام الجنب

من أحكام الجنب (¬1) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود، فليتوضأ بينهما وضوءاً" أخرجه مسلم (¬2). عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم، إذا توضأ أحدكم فليرقد وهو جنب" متفق عليه (¬3). عن علي رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن على كل حال ما لم يكن جنباً" أخرجه الترمذي (¬4). الشرح: يوجه الرسول صلى الله عليه وسلم من أتى أهله - وأراد أن يعود ولم يغتسل - أن يتوضأ لما في ذلك من النظافة والطهارة والنشاط، كذلك يرشد صلى الله عليه وسلم الجنب ألا ينام حتى يتوضأ. ومن أحكام الجنب أنه لتلبسه بالحدث الأكبر لا يجوز له قراءة القرآن حتى يغتسل. ¬

(¬1) انظر: فتاوى الشيخ ابن عثيمين: (الطهارة) 4/ 224. (¬2) م 308. (¬3) خ1/ 392 (287)، م 306. (¬4) ت 146 وقال حسن صحيح.

الفوائد

الفوائد: - استحباب الوضوء لمن أتى أهله وأراد أن يعود وهو لم يغتسل. - استحباب الوضوء للجنب قبل النوم. - تحريم قراءة القرآن للجنب (¬1). ¬

(¬1) انظر: الشرح الممتع 1/ 288.

23 - صفة الغسل وسننه

صفة الغسل وسننه قال الله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (¬1). عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر حتى إذا رأى أنه قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات (أي: غرفات) ثم أفاض على سائر جسده، ثم غسل رجليه" متفق عليه (¬2). الشرح: هذه صفة غسل الرسول صلى الله عليه وسلم من الجنابة، وهي صفة الكمال المستحبة، فقد كان يغسل يديه ثم يغسل فرجه بشماله ثم يغسل رأسه بأصابعه ليصل الماء إلى باطن شعره ثم يصب عليه ثلاث غرفات ثم يصب الماء على باقي جسده ثم يغسل قدميه. الفوائد: - وجوب الغسل من الجنابة، وأنه يكفي عن الوضوء (¬3). ¬

(¬1) سورة المائدة، آية: 6. (¬2) خ1/ 360 (248)، م 316. (¬3) لقوله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} وبه قال الشيخ ابن عثيمين كما في الشرح الممتع 1/ 308.

- الواجب في الغسل هو تعميم الجسد بالماء ومن ذلك المضمضة والاستنشاق (¬1). - يستحب أن يبدأ الاغتسال بالوضوء. ¬

(¬1) انظر: الشرح الممتع 1/ 304.

24 - المسح على الخفين

المسح على الخفين عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ فأهويت لأنزع خفيه فقال: "دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما" متفق عليه (¬1). عن صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفراً ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم" أخرجه الترمذي (¬2). عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "جعل النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوماً وليلة للمقيم، يعني في المسح على الخفين" أخرجه مسلم (¬3). الشرح: شرع الله المسح على الخفين لما فيه من التيسير على الناس ورفع الحرج والمشقة عنهم، خصوصاً وقت السفر لما ينالهم من نزع خفافهم من المشقة، فيكفي المتوضئ المسح عليهما بالماء إذا كان قد لبسهما على طهارة. ¬

(¬1) خ1/ 309 (206)، م 274. (¬2) ت 96، وحسنه الألباني في إرواء الغليل 104. (¬3) م 276.

الفوائد

الفوائد: - مشروعية المسح على الخفين لمن لبسهما على طهارة، وأنه أفضل من الغسل لمن كان لابساً لهما. - أنه لا يجوز المسح في الجنابة بل لابد من غسل القدمين. - توقيت ذلك بثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوم وليلة للمقيم، تبدأ من أول مسح بعد الحدث.

25 - الحيض وبعض أحكامه

الحيض وبعض أحكامه قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَاتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ} (¬1). عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان يصيبنا ذلك (تعني الحيض) فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة" متفق عليه (¬2). عن عائشة رضي الله عنها أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي" أخرجه البخاري (¬3). وفي رواية للبخاري: "ثم توضئي لكل صلاة" (¬4). الشرح: كتب الله الحيض على بنات آدم، وهو دم فاسد يخرج من الرحم، فإذا حاضت المرأة فلها أحكام خاصة بها تتعلق بعبادتها وبعلاقتها بزوجها يجب عليها تعلمها، أما المستحاضة، وهي من ¬

(¬1) سورة البقرة، آية: 222. (¬2) خ1/ 421 (321)، م 335. (¬3) خ1/ 420 (320). (¬4) خ1/ 332 (228).

الفوائد

يستمر معها الدم بدون انقطاع أو ينقطع يسيراً فهي ليست بحائض ولها أحكام تخصها. الفوائد: - سقوط الصلاة عن الحائض حتى تطهر ولا يجب عليها القضاء. - أنه يسقط عنها الصوم ويجب عليها القضاء. - وجوب الغسل على الحائض إذا طهرت. - أن المستحاضة تغتسل وتتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها وتصلي.

26 - من أحكام الحيض

من أحكام الحيض قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَاتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ} (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أتى كاهناً فصدقه بما يقول أو أتى امرأته حائضاً أو أتى امرأته في دبرها فقد برئ مما أنزل على محمد" أخرجه أحمد وأبو داود (¬2). عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كانت إحدانا إذا كانت حائضاً فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشرها أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها" أخرجه البخاري (¬3). عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "بينما أنا مع النبي صلى الله عليه وسلم مضطجعة في خميصة إذ حضت، فانسللت، فأخذت ثياب حيضتي. قال: أنفست؟ قلت: نعم، فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة" أخرجه البخاري (¬4). ¬

(¬1) سورة البقرة، آية: 222. (¬2) قال الألباني: إسناده صحيح (المشكاة 2/ 1294). (¬3) خ1/ 403 (302). (¬4) خ1/ 402 (298).

الشرح

الشرح: للحيض أحكام تتعلق بالرجال كالاستمتاع بالزوجة فيما دون الفرج أو النوم معها وغير ذلك، يجدر بالمسلم تعلمها حتى لا يقع في محظور، أو يشق على نفسه ويتنزه عن شيء جائز. الفوائد: - تحريم جماع الحائض في الفرج وأنه من الكبائر. - جواز مباشرتها - وهو فعل ما دون الجماع في الفرج - إذا اتزرت. - جواز مجالسة الحائض ومؤاكلتها والنوم معها. - التغليظ الشديد في إتيان المرأة في دبرها.

27 - سنن الفطرة (1)

سنن الفطرة (¬1) إعفاء اللحية: عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء وقص الأظفار وغسل البراجم (أي: عقد الأصابع) ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء (أي: الاستنجاء)، قال الراوي ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة" أخرجه مسلم (¬2). وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى" متفق عليه (¬3)، (ومعنى أحفوا: استأصلوا، أي خذوا منه حتى يحفى ويرق). عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعفوا اللحى، وجزوا الشوارب، وغيروا شيبكم، ولا تشبهوا باليهود والنصارى" أخرجه أحمد (¬4). ¬

(¬1) انظر: شرح العمدة لشيخ الإسلام 1/ 234، غاية المرام 1/ 140 - 147، فتاوى اللجنة 1/ 130، فتاوى ابن عثيمين - الطهارة 128، التمهيد 24/ 142. (¬2) م 261. (¬3) خ 10/ 349 (5892)، م 259. (¬4) وصححه الألباني في صحيح الجامع 1067.

الشرح

الشرح: إعفاء اللحية من سنن الفطرة التي أمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم، وحلقها فيه تشبه بالكفار، وتشبه بالنساء، وكل ذلك منهي عنه ومتوعد عليه. الفوائد: - وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها (¬1). - اللحية هي ما نبت على العارضين والذقن، فلا يجوز حلق العارضين. ¬

(¬1) قال ابن حزم في مراتب الإجماع: واتفقوا على أن إعفاء اللحية فرض.

28 - سنن الفطرة (2)

سنن الفطرة قص الشارب: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وقص الشارب" متفق عليه (¬1). وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى" متفق عليه (¬2). ومعنى أحفوا: استأصلوا، أي خذوا منه حتى يحفى ويرق. عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "من لم يأخذ من شاربه فليس منا" أخرجه الترمذي (¬3). وعن أنس رضي الله عنه قال: "وقت لنا في قص الشارب، وتقليم الأظفار، وحلق العانة ونتف الإبط ألا نترك أكثر من أربعين ليلة" أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) خ 10/ 334 (5889)، م 257. (¬2) خ10/ 349 (5892)، م 259. (¬3) ت 2762، وقال حسن صحيح، وأخرجه الضياء في المختارة، وصححه الألباني في صحيح الجامع 6533. (¬4) م 258.

الشرح

الشرح: من سنن الفطرة التي أمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم، ورغب فيها قص الشارب، وأخبر أن من لم يأخذ من شاربه، وأبقاه طويلاً، فإنه ليس من المسلمين في عمله هذا، وفي هذا تحذير شديد من التساهل بهذا المنكر العظيم. الفوائد: - النهي الشديد عن إطالة الشارب بعدم الأخذ منه (¬1). - السنة في الشارب القص حتى يبدو إطار الشفة. - السنة أن لا يتجاوز في ذلك أربعين يوماً. ¬

(¬1) قال ابن مفلح في الفروع 1/ 130 في حديث زيد: هذه الصيغة تقتضي عند أصحابنا التحريم.

29 - سنن الفطرة (3)

سنن الفطرة الختان، والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط وقص الشارب" متفق عليه (¬1). وعن أنس رضي الله عنه قال: "وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار، وحلق العانة، ونتف الإبط، ألا نترك أكثر من أربعين ليلة" أخرجه مسلم (¬2). الشرح: من سنن الفطرة التي فطر الله الناس الأسوياء عليها الختان، وهو واجب على الرجال، ومكرمة في حق النساء. ومنها تقليم الأظفار لما فيه من التنظيف، والبعد عن مشابهة الحيوان. ونتف الإبط، والاستحداد - وهو حلق الشعر النابت حول القبل بالحديدة والموسى، سن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما فيه من النظافة والصحة. الفوائد: - وجوب الختان على الذكور. ¬

(¬1) خ10/ 334 (5889)، 257. (¬2) م 258.

- الأمر بقص الأظفار وإزالة شعر العانة والإبط. - تحديد المدة في تركها بأربعين ليلة. - كراهة إطالة الأظفار.

30 - فضل الصلاة

فضل الصلاة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان" متفق عليه (¬1). وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله" متفق عليه (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح (أي: فاز وظفر) وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيئاً قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر أعماله على هذا" أخرجه أبو داود (¬3). ¬

(¬1) خ1/ 45 (8)، م 16. (¬2) خ1/ 75 (25)، م 21. (¬3) د 864، ت 413 وقال حسن غريب، جه 1425، وصححه الألباني في صحيح الجامع 2571.

الشرح

الشرح: الصلاة ركن الإسلام الثاني ومن أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى، جعلها الرسول صلى الله عليه وسلم عاصمة للدم والمال، ولأهميتها فإنها أول ما يحاسب عليه العبد من الأعمال يوم القيامة، وصلاحها - بالمحافظة عليها وإتمامها - سبب للفوز والنجاة وإضاعتها والتساهل فيها سبب للخسار يوم القيامة. الفوائد: - عظم قدر الصلاة وأنها الركن الثاني من أركان الإسلام. - إن إقامتها سبب لعصمة دم المسلم. - أنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة.

3 - ربيع أول

الترهيب من ترك الصلاة قال الله تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (¬1). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله" متفق عليه" (¬2). وعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن بين الرجل والشرك والكفر ترك الصلاة" أخرجه مسلم (¬3). وعن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" أخرجه الترمذي (¬4). وعن شقيق بن عبد الله التابعي رحمه الله قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة أخرجه الترمذي (¬5). ¬

(¬1) سورة مريم، آية: 59. (¬2) خ 1/ 75 (25)، م 21. (¬3) م 82. (¬4) ت 2621 وقال حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح الجامع 4143. (¬5) ت 2622.

الشرح

الشرح: للصلاة منزلة عظيمة في الإسلام حذر الله تعالى وحذر رسوله صلى الله عليه وسلم من تركها أو التساهل في أمرها، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن بين الرجل والكفر ترك الصلاة، وهي علامة تميز المؤمن عن المنافق، ولذلك قال كثير من العلماء إن تاركها كافر حتى لو كان مقراً بوجوبها. الفوائد: - الترهيب الشديد من ترك الصلاة. - أن ترك الصلاة كفر (¬1). ¬

(¬1) على خلاف بين العلماء هل هو كفر أصغر أم أكبر مخرج عن الملة، وما حقيقة الترك هل هو تركها بالكلية وهو ما يراه الشيخ ابن عثيمين، أم تركها ولو فرضاً واحداً وهو ما يقول به الشيخ ابن باز.

2 - فضل الأذان

فضل الأذان عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة" أخرجه مسلم (¬1). وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة" أخرجه البخاري (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو يعلم الناس ما في النداء (أي: الأذان) والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا (أي: جعلوا بينهم قرعة)، ولو يعلمون ما في التهجير (أي: التبكير إلى الصلاة) لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح (أي: صلاة العشاء والفجر) لأتوهما ولو حبواً" متفق عليه (¬3). الشرح: الأذان من شعائر الإسلام الظاهرة ومن العبادات الفضيلة، جعل الله لها من الثواب ما لو علم الناس مقداره لتنافسوا عليه، فالمؤذنون ¬

(¬1) م 387. (¬2) خ 2/ 87 (609). (¬3) خ 2/ 69 (615)، م 437.

الفوائد

أطول الناس أعناقاً يوم القيامة إذا ألجم الناس العرق (¬1) جزاء ما رفعوا أصواتهم بذكر الله بحيث يسمعه القاصي والداني، ويشهد لهم يوم القيامة كل شيء سمع أذانهم في الدنيا. الفوائد: - عظم فضل الأذان. - أن المؤذنين أطول الناس أعناقاً يوم القيامة عند اشتداد الزحام وإلجام العرق للناس. - أنه يشهد لهم كل شيء يسمع أذانهم. - استحباب رفع الصوت بالأذان. ¬

(¬1) شروح النووي لمسلم 4/ 333.

3 - ما يقال عند سماع الأذان

ما يقال عند سماع الأذان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول المؤذن" متفق عليه (¬1). وعن معاوية رضي الله عنه أنه قال: "لما قال حي على الصلاة: لا حول ولا قوة إلا بالله، وقال: هكذا سمعنا نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول" أخرجه البخاري (¬2). عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة" أخرجه البخاري (¬3). عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليَّ فإنه من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة" أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) خ 2/ 9 (611)، م 383. (¬2) خ 2/ 91 (613). (¬3) خ 2/ 94 (614). (¬4) م 384.

الشرح

الشرح: شرع الله سبحانه سنناً لمن سمع الأذان ورتب عليها الأجر العظيم، منها متابعته بأن يقول مثل ما يقوله المؤذن ثم الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم ثم سؤال الشفاعة له صلى الله عليه وسلم من الله تعالى. الفوائد: - استحباب متابعة المؤذن فيما يقول. - عند قول المؤذن حي على الصلاة حي على الفلاح يقال: لا حول ولا قوة إلا بالله. - استحباب الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الأذان لمن سمعه. - استحباب سؤال الله الوسيلة للرسول صلى الله عليه وسلم.

4 - فضل المشي إلى المساجد

فضل المشي إلى المساجد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلاً من الجنة كلما غدا أو راح" متفق عليه (¬1). (والنزل: ما يهيأ للضيف عند نزوله) (¬2). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً، ذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد، لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه مادام في مصلاه: اللهم صل عليه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة" متفق عليه (¬3). عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم" أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) خ 2/ 148 (662)، م 669. (¬2) شرح النووي لمسلم 5/ 176. (¬3) خ2/ 131 (647، م 649. (¬4) م 662.

الشرح

الشرح: المشي إلى المسجد وسيلة إلى عبادة عظيمة من أعظم العبادات، ومن رحمة الله وسعة فضله أنه يأجر العبد على العبادة ومقدماتها والوسيلة إليها، ومن ذلك المشي إلى المسجد فقد وعد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بالأجر العظيم الذي لا يعرض عنه إلا مفرط خاسر. الفوائد: - عظم فضل المشي إلى المساجد. - فضل صلاة الجماعة. - أن الذي يأتي إلى الصلاة من بعيد أعظم أجراً ممن يأتي إليها من قريب. - أن العبد يؤجر على وسائل العبادات ومقدماتها.

5 - ما يقول المصلي إذا خرج من بيته

ما يقول المصلي إذا خرج من بيته عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال - يعني عند خروجه من بيته -: بسم الله، توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: كفيت ووقيت وهديت، وتنحى عنه الشيطان، فيقول لشيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي؟ " أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيتي إلا رفع طرفه إلى السماء فقال: "اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي" أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). الشرح: للخروج من المنزل أذكار شرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم تحفظ المسلم وتقيه بإذن الله من كيد الشياطين وفيها الأجر العظيم لاتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فينبغي على المسلم الحرص على الإتيان بها وعدم الغفلة عنها. ¬

(¬1) د 5095، ت 3487 وقال صحيح، وقال ابن باز في تحفة الأخيار ص 29 إسناده حسن. (¬2) د 594، ت 3427 وقال حديث صحيح، جه 388، قال ابن باز في تحفة الأخيار ص 29: إسناده صحيح.

الفوائد

الفوائد: - استحباب قول الذكر الوارد عند الخروج من المنزل. - أن ذلك مما يحفظ المسلم بإذن الله من الشياطين. - فضل الذكر وفائدته.

6 - ما يقول المسلم إذا دخل المسجد وإذا خرج منه

ما يقول المسلم إذا دخل المسجد وإذا خرج منه عن أبي حميد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك"أخرجه مسلم (¬1). وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل المسجد قال: "أعوذ بالله العظيم ووجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، فإذا قال ذلك قال الشيطان حفظ مني سائر اليوم" أخرجه أبو داود (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: اللهم اعصمني من الشيطان" أخرجه ابن ماجه (¬3). ¬

(¬1) م 713، د 465. (¬2) د 466، قال ابن باز في التحفة ص 30: إسناده حسن. (¬3) جه 773، قال في الزوائد إسناده صحيح ورجاله ثقات. وكذلك صححه ابن باز في تحفة الأخيار.

الشرح

الشرح: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذكاراً كان يقولها عند دخول المسجد وعند الخروج منه وأمر بها، فيها سؤال لله من فضله وتحفظ المصلي من شر الشياطين. الفوائد: - استحباب قول الذكر الوارد عند دخول المسجد والخروج منه. - أن ذلك مما يحفظ المسلم بإذن الله. - فضل الذكر وفائدته.

7 - من آداب المسجد (1)

من آداب المسجد عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في القبلة، فشق ذلك عليه حتى رؤي في وجهه، فقام فحكها بيده - وفي رواية بحصاة - فقال: "إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه - أو إن ربه بينه وبين القبلة - فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته ولكن عن يساره أو تحت قدميه، ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ثم رد بعضه على بعض فقال: أو يفعل هكذا" متفق عليه (¬1). عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها" متفق عليه (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا: لا رد الله عليك" أخرجه الترمذي (¬3). الشرح: إنما بنيت المساجد للصلاة والذكر، وهي أحب البقاع إلى الله تعالى، فلها آداب تخصها أرشد إليها الرسول صلى الله عليه وسلم وأرشد إلى تنزيهها ¬

(¬1) خ 1/ 507 (405)، م 550. (¬2) خ1/ 511 (415) م م 552. (¬3) ت 1321 وقال حسن غريب. وصححه الألباني في صحيح الجامع 573.

الفوائد

عن أشياء لا تليق بها ولا صلة لها بما بنيت المساجد لأجله. الفوائد: - النهي عن البصاق في المساجد، وعلى من فعل ذلك أن يدفن بصاقه. - تحريم البيع والشراء في المسجد لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعاء على من فعل ذلك. - تحريم السؤال عن الضالة في المسجد.

8 - من آداب المسجد (2)

من آداب المسجد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أكل من هذه الشجرة - يعني الثوم - فلا يقربن مسجدنا" متفق عليه (¬1). عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أكل البصل أو الثوم أو الكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم" أخرجه مسلم (¬2). عن عائشة رضي الله عنها قالت: "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور (أي: الأحياء) (¬3) وأن تنظف وتطيب" أخرجه أبو داود (¬4). عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أمرت بتشييد المساجد" (يعني رفع بنائها وتطويله) (¬5). قال ابن عباس: "لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى" أخرجه أبو داود (¬6). ¬

(¬1) خ 2/ 339 (853)، م 561. (¬2) م 564. (¬3) انظر: عون المعبود 2/ 117، 125. (¬4) د 455، وصححه الألباني في المشكاة 717. (¬5) انظر: عون المعبود 2/ 117، 125. (¬6) د 448، وصححه الألباني في المشكاة 718.

الشرح

الشرح: المسجد مكان طيب ومقر الطيبين ينبغي تنزيهه عن الروائح الخبيثة، والحرص على أن تكون رائحته طيبة، وهذا أولى وأهم من المبالغة في زخرفته وإطالة بنائه التي لم تكن من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم. الفوائد: - النهي عن دخول المسجد لمن كان له رائحة خبيثة. - الأمر ببناء المساجد، وكراهة المبالغة في تشييدها وزخرفتها. - الأمر بتطييبها وتنظيفها.

9 - وجوب صلاة الجماعة

وجوب صلاة الجماعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أثقل الصلاة على المنافقين العشاء والفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار" متفق عليه (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أتى رجل أعمى فقال: يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه فقال له: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب" أخرجه مسلم (¬2). عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف" أخرجه مسلم (¬3). ¬

(¬1) خ 2/ 141 (657)، م 651. (¬2) م 653. (¬3) م 654.

الشرح

الشرح: صلاة الجماعة من شعائر الإسلام التي أوجبها الله سبحانه لما فيها من الفوائد العظيمة. والأحاديث الدالة على وجوب الصلاة في الجماعة وعلى وجوب إقامتها في بيوت الله كثيرة جداً، فالواجب على كل مسلم العناية بأمر صلاة الجماعة والمبادرة إليها امتثالاً لأمر الله ورسوله وابتعاداً عن مشابهة أهل النفاق" (¬1). الفوائد: - وجوب صلاة الجماعة على الرجال. - أن التخلف عن صلاة الجماعة من علامات أهل النفاق. ¬

(¬1) وجوب أداء الصلاة في جماعة للشيخ عبد العزيز بن باز.

10 - فضل صلاة الجماعة

فضل صلاة الجماعة وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً، ذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه: اللهم صل عليه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة". متفق عليه (¬1). عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية". أخرجه أبو داود (¬2). وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة" متفق عليه (¬3). الشرح: لأهمية صلاة الجماعة ولما فيها من الفوائد العامة والخاصة ¬

(¬1) خ 2/ 131 (647)، م 649. (¬2) د 547، قال النووي في رياض الصالحين 344: بإسناد حسن. (¬3) خ2/ 131 (645)، م 650.

الفوائد

رتب الله عليها الأجر العظيم ورغب فيها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأخبر أن صلاة الرجل في جماعة تفضل صلاته لوحده وأن الصلاة في جماعة سبب للاعتصام من الشياطين. الفوائد: - عظم فضل صلاة الجماعة. - أنها أفضل من صلاة الرجل لوحده. - أن التخلف عن صلاة الجماعة سبب لتسلط الشياطين على الإنسان.

11 - استحباب المشي إلى المسجد بسكينة ووقار

استحباب المشي إلى المسجد بسكينة ووقار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم بالسكينة والوقار ولا تسرعوا فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" متفق عليه (¬1). عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع جلبة فقال: "ما شأنكم؟ قالوا: استعجلنا إلى الصلاة، قال: لا تفعلوا، إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة فما أدركتم فصلوا وما سبقكم فأتموا" أخرجه مسلم (¬2). الشرح: عندما يخرج المسلم متوجهاً إلى الصلاة فإنه يخرج إلى عبادة عظيمة يقف فيها بين يدي ربه، فعليه أن يكون في مشيه إليها خاشعاً وقوراً يستشعر عظم الأمر الذي هو مقدم عليه مما يفيده في خشوعه في صلاته. الفوائد: - الأمر بالمشي إلى الصلاة بسكينة ووقار. - النهي عن الإسراع في المشي ولو لإدراك الركوع. ¬

(¬1) خ 2/ 117 (636)، م 602. (¬2) م 603.

12 - فضل التبكير إلى الصلاة وانتظارها

فضل التبكير إلى الصلاة وانتظارها عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً، ذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه: اللهم صل عليه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة" متفق عليه (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو يعلم الناس ما في النداء (أي: الأذان) والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا (أي: جعلوا بينهم قرعة)، ولو يعلمون ما في التهجير (أي: التبكير إلى الصلاة) لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في العتمة والصبح (أي: صلاة العشاء والفجر) لأتوهما ولو حبواً" متفق عليه (¬2). الشرح: التبكير إلى الصلاة أمر حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ورغب فيه، ¬

(¬1) خ 2/ 131 (647)، م 649. (¬2) خ 2/ 96 (615)، م 437.

الفوائد

وأخبر أن المسلم إذا جلس ينتظر الصلاة فإنه يؤجر لأن الصلاة هي التي تحبسه، وأخبر أيضاً أن الناس لو يعلمون ما في التبكير إلى الصلاة من الأجر العظيم لتسابقوا لنيله. الفوائد: - فضل التبكير إلى الصلاة. - الأجر العظيم في انتظار الصلاة.

13 - تحية المسجد

تحية المسجد عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس" متفق عليه (¬1). عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس فقال له: "يا سليك، قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما، ثم قال: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما" (أي: يخففهما). متفق عليه (¬2). الشرح: شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن دخل المسجد وأراد الجلوس أن يصلي ركعتين تحية للمسجد قبل أن يجلس، وأمر من دخل المسجد يوم الجمعة وجلس لاستماع الخطبة أن يؤديها ويخففها. الفوائد: - استحباب صلاة ركعتين عند دخول المسجد لمن أراد الجلوس فيه. - استحباب أدائها ولو كان الإمام يخطب يوم الجمعة. ¬

(¬1) خ1/ 537 (444)، م 714. (¬2) خ3/ 49 (1166)، م 875.

14 - فضل الصف الأول

فضل الصف الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو يعلم الناس ما في النداء (أي: الأذان) والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا (أي: جعلوا بينهم قرعة)، ولو يعلمون ما في التهجير (أي: التبكير إلى الصلاة) لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في العتمة والصبح (أي: صلاة العشاء والفجر) لأتوهما ولو حبواً" متفق عليه (¬1). وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله رأى في أصحابه تأخراً فقال لهم: "تقدموا فأتموا بي وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله" أخرجه مسلم (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها" أخرجه مسلم (¬3). الشرح: للصلاة في الصف الأول مزية وفضل، حث على ذلك الرسول ¬

(¬1) خ2/ 96 (25، 61)، م 437. (¬2) م 438. (¬3) م 440.

الفوائد

صلى الله عليه وسلم ورغب فيه وأخبر أن خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وحذر من التمادي في تعمد التأخر عن الصفوف الأول وأن ذلك سبب لأن يؤخر العبد عن الرحمة والفضل والمنازل الرفيعة (¬1). الفوائد: - عظم فضل التقدم للصلاة والصف الأول. - أن خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها. - التحذير من التمادي في التأخر عن الصف الأول. ¬

(¬1) انظر: شرح النووي لمسلم 4/ 403.

15 - وجوب تسوية الصفوف

وجوب تسوية الصفوف عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها عز وجل؟ قلنا: وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف" أخرجه مسلم (¬1). وعن أبي مسعود رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: "استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" أخرجه مسلم (¬2). وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة" أخرجه مسلم (¬3). وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح (أي: السهام) حتى رآنا قد عقلنا عنه، ثم خرج يوماً فقام حتى كاد أن يكبر فرأى رجلاً بادياً صدره من الصف، فقال: عباد الله لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم" أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) م 430، د 661. (¬2) م 432. (¬3) م 433. (¬4) م 436.

الشرح

عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أقيموا صفوفكم فإني أراكم من وراء ظهري، وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه" أخرجه البخاري (¬1). الشرح: تسوية الصف في الصلاة من الأمور التي تساهل بها كثير من الناس، رغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد اهتم بها اهتماماً كبيراً فقد كان يمسح صدورهم ومناكبهم (¬2) حرصاً على استقامة الصف حتى قال الصحابي كأنما يسوي به القداح أي كأنما يقوم بها السهام لشدة استقامتها (¬3). الفوائد: - وجوب تسوية الصف لأمر الرسول بذلك، وتحذيره من الاختلاف في الصف. - أن عدم تسوية الصف سبب لاختلاف قلوب المصلين. - أن تسوية الصف من تمام الصلاة. ¬

(¬1) خ 2/ 211 (725). (¬2) انظر: سنن أبي داود حديث رقم 664. (¬3) شرح النووي لمسلم 4/ 401.

16 - فضل صلاة الفجر في جماعة

فضل صلاة الفجر في جماعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تفضل صلاة الجميع صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءاً ويجتمع فيكم ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر. ثم يقول أبو هريرة: فاقرأوا إن شئتم {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} متفق عليه (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أثقل الصلاة على المنافقين العشاء والفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار" متفق عليه (¬2). عن عثمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله" أخرجه مسلم (¬3). عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ¬

(¬1) خ2/ 137 (648)، م 632. (¬2) خ 2/ 141 (657)، م 651. (¬3) م 656.

الشرح

ذمته بشيء فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في النار" رواه مسلم (¬1). الشرح: صلاة الفجر صلاة عظيمة مشهودة تشهدها ملائكة الليل والنهار ومن صلاها وكان قد صلى العشاء في جماعة فكأنما قام الليل كله، والذي يصلي الفجر يكون في ذمة الله وضمانه ورعايته وهو الذي يتولى الأخذ بحقه ممن تعرض له بغير حق. الفوائد: - فضل صلاة الفجر وأنها صلاة مشهودة. - أنها ثقيلة على المنافقين. - أن من صلاها في جماعة فهو في ذمة الله ¬

(¬1) م 5/ 163.

17 - فضل صلاة العصر

فضل صلاة العصر قال الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلّهِ قَانِتِينَ} (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم - وهو أعلم بهم - كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون" متفق عليه (¬2). عن جرير بن عبد الله قال: كنا يوماً جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال: "أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، يعني العصر والفجر، ثم قرأ جرير {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} متفق عليه (¬3). عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى البردين دخل الجنة". متفق عليه (¬4)، (والبردان: الصبح ¬

(¬1) سورة البقرة، آية: 238. (¬2) خ2/ 33 (555)، م 632. (¬3) خ2/ 33 (554)، 633. (¬4) خ2/ 52 (574)، م 635.

الشرح

والعصر). عن بريدة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله" أخرجه البخاري (¬1). الشرح: صلاة العصر هي الصلاة الوسطى التي أكد الله على المحافظة عليها وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم المحافظة عليها - مع صلاة العشاء - سبباً لدخول الجنة، وحذر أن من تركها فقد حبط عمله وبطل ثوابه. الفوائد: - فضل صلاة العصر. - أن المحافظة عليها سبب لدخول الجنة. - الوعيد الشديد لمن تركها. ¬

(¬1) خ 2، 31 (553).

18 - جواز تأخر الإمام بعد الإقامة لحاجة تعرض له

جواز تأخر الإمام بعد الإقامة لحاجة تعرض له عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أقيمت الصلاة فسوى الناس صفوفهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم وهو جنب، ثم قال: مكانكم، فرجع فاغتسل ثم خرج ورأسه يقطر ماء فصلى بهم". أخرجه البخاري (¬1). وعن أنس رضي الله عنه قال: "أقيمت الصلاة فعرض للنبي صلى الله عليه وسلم رجل فحبسه (أي: أخره) بعدما أقيمت الصلاة" أخرجه البخاري (¬2). وعنه رضي الله عنه قال: "أقيمت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي رجلاً في جانب المسجد، فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم" أخرجه البخاري (¬3). الشرح: قد تعرض للإمام حاجة بعدما تقام الصلاة فينشغل بها فيتأخر قليلاً عن الصلاة، كما كان يحصل للرسول صلى الله عليه وسلم، ولم ينقل أنه كان يعيد الإقامة عند حضوره. الفوائد: - جواز تأخر الإمام بعد الإقامة لحاجة تعرض له. - أنه يكتفي بالإقامة الأولى ولا تعاد الإقامة. ¬

(¬1) خ 2/ 122 (640). (¬2) خ2/ 142 (643). (¬3) خ2/ 142 (642).

19 - صفة الصلاة

صفة الصلاة تكبيرة الإحرام عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع الرجل فصلى كما كان صلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام، ثم قال: ارجع فصل فإنك لم تصل - ثلاثاً- فقال الرجل: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ثم ارفع حتى تعتدل قائماً ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ثم ارفع حتى تطمئن جالساً ثم افعل ذلك في صلاتك كلها" متفق عليه (¬1). عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم افتتح التكبير في الصلاة فرفع يديه حين يكبر حتى يجعلهما حذو منكبيه، وإذا كبر للركوع فعل مثله، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فعل مثله وقال: ربنا ولك الحمد، ولا يفعل ذلك حين يسجد ولا حين يرفع رأسه من السجود" متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) خ2/ 276 (793)، م 397. (¬2) خ2/ 221 (738)، م 390.

الشرح

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مداً" أخرجه الترمذي وأبو داود (¬1). الشرح: تكبيرة الإحرام - وهي قول الله أكبر في افتتاح الصلاة - ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة بدونها سهواً أو عمداً، وقد سن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرفع المصلي يديه حذو منكبيه باسطاً كفيه عند التكبير. الفوائد: - أن تكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة. - يستحب عند التكبير رفع اليدين مضمومتي الأصابع إلى حذو المنكبين. - عدم مشروعية التلفظ بالنية، حيث لم يأمر بها عند تعليمه للرجل كيف يصلي. ¬

(¬1) ت 240 وصححه، د 753، وصححه الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه للترمذي.

20 - وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر

وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: "كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة" أخرجه البخاري (¬1). عن وائل بن حجر رضي الله عنه "أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب ثم رفعهما ثم كبر فركع فلما قال: سمع الله لمن حمده رفع يديه، فلما سجد سجد بين كفيه" أخرجه مسلم (¬2). عن ابن مسعود رضي الله عنه: "أنه كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فوضع اليمنى على اليسرى" أخرجه أبو داود (¬3). الشرح: وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر في الصلاة من السنن التي شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم وهي هيئة ذل وخضوع تناسب حال ¬

(¬1) خ2/ 224 (740). (¬2) م 401. (¬3) د 755، قال الحافظ في الفتح 2/ 224 إسناده صحيح، وصححه الألباني في صفة الصلاة 87.

الفوائد

القائم بين يدي ربه تبارك وتعالى، وهي مما يعين على الخشوع وحضور الذهن في الصلاة. الفوائد: - استحباب وضع اليد اليمنى على اليسرى في القيام في الصلاة. - استحباب وضعهما على الصدر

21 - دعاء الاستفتاح

دعاء الاستفتاح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر في الصلاة سكت هنيهة (أي قليلاً) قبل أن يقرأ، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي، أرأيت سكونك بين التكبير والقراءة، ما تقول؟ قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد" متفق عليه (¬1). عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك" أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). وعن أنس رضي الله عنه "أن رجلاً جاء فدخل الصف وقد حفزه النفس، فقال: الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: أيكم المتكلم بالكلمات؟ فأرم القوم (أي: سكتوا)، فقال: أيكم المتكلم بها فإنه لم يقل بأساً؟ فقال رجل: جئت وقد حفزني النفس فقلتها، فقال: لقد رأيت اثني عشر ملكاً يبتدرونها أيهم يرفعها" أخرجه مسلم (¬3). ¬

(¬1) خ2/ 227 (744)، م 598. (¬2) د 776، ت 243، جه 896، وصححه أحمد شاكر في حاشيته على الترمذي 2/ 11 والألباني في صفة الصلاة 93. (¬3) م 600.

الشرح

الشرح: يستحب للمصلي بعد أن يكبر تكبيرة الإحرام وقبل القراءة أن يثني على الله تبارك وتعالى بما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم من أدعية الاستفتاح التي كان يقولها الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع. الفوائد: - يستحب للمصلي أن يستفتح الصلاة بشيء مما ورد في أدعية الاستفتاح. - يستحب التنويع في الدعاء وعدم المداومة على دعاء معين حتى يأتي بكل ما ورد.

22 - القراءة في الصلاة (1)

القراءة في الصلاة قال الله تعالى: {فَإِذَا قَرَاتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (¬1). عن أنس رضي الله عنه قال: "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحداً منهم يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم" أخرجه مسلم (¬2). عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" أخرجه مسلم (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج غير تمام - ثلاثاً" أخرجه مسلم (¬4). (ومعنى خداج: ناقصة). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه (¬5). ¬

(¬1) سورة النحل، آية: 98. (¬2) م 399. (¬3) م 394. (¬4) م 395. (¬5) خ 2/ 266 (781)، م 410.

الشرح

وفي رواية للبخاري: "إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين" (¬1). الشرح: يشرع للمصلي بعد دعاء الاستفتاح أن يستعيذ من الشيطان الرجيم لقراءة القرآن، ثم يبسمل ويقرأ الفاتحة ولما فيها من الدعاء العظيم يقول بعدها آمين، والتي هي دعاء بمعنى اللهم استجب. الفوائد: - استحباب التعوذ والبسملة في الصلاة قبل قراءة القرآن. - وجوب قراءة الفاتحة وأنها ركن لا تصح الصلاة بدونها. - استحباب قول آمين بعد قراءة الفاتحة. ¬

(¬1) خ 2/ 266 (782).

23 - القراءة في الصلاة (2)

القراءة في الصلاة القراءة في صلاة المغرب: عن جبير بن معطم رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بالطور في المغرب". متفق عليه (¬1). القراءة في صلاة العشاء: عن جابر رضي الله عنه قال: "كان معاذ رضي الله عنه يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم يأتي فيؤم قومه، فصلى ليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم أتى قومه فأمهم، فافتتح بسورة البقرة، فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف، فقالوا له: أنافقت يا فلان؟ قال: لا والله، ولآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأخبرنه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنا أصحاب نواضح نعمل بالنهار وإن معاذا صلى معك العشاء ثم أتى فافتتح بسورة البقرة، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على معاذ فقال: يا معاذ أفتان أنت؟ اقرأ بالشمس وضحاها والضحى، والليل إذا يغشى، وسبح اسم ربك الأعلى" أخرجه مسلم (¬2). عن البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه كان في سفر فصلى العشاء الآخرة فقرأ في إحدى الركعتين والتين والزيتون" متفق عليه (¬3). ¬

(¬1) خ2/ 247 (765)، م 463. (¬2) م 465. (¬3) خ 2/ 250 (766)، م 464.

الشرح

الشرح: كانت قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم في صلاته تختلف من وقت لآخر، فقد كان يقرأ أحياناً في المغرب من قصار المفصل (¬1)، وربما قرأ أحياناً من طوال سور القرآن، أما في العشاء فقد أمر معاذاً أن يصلي بمثل سبح والليل إذا يغشى، وأنكر على معاذ رضي الله عنه تطويله الشديد في القراءة. الفوائد: - مشروعية التطويل في قراءة صلاة المغرب أحياناً. - السنة أن القراءة في صلاة العشاء من أواسط المفصل. - كراهة التطويل في القراءة - بما لم يرد في السنة - بما يشق على الناس. ¬

(¬1) المفصل من سورة ق حتى الناس، من (ق) إلى عمَّ) طوال المفصل، ومن (عم) إلى (الضحى) أواسطه، ومن (الضحى) إلى آخره قصار المفصل. وسمي مفصلاً لكثرة فواصله.

24 - تطويل القراءة في صلاة الفجر

تطويل القراءة في صلاة الفجر قال الله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (¬1). عن جابر بن سمرة رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر بـ (ق والقرآن المجيد) " أخرجه مسلم (¬2). وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر ما بين الستين إلى المائة آية" أخرجه مسلم (¬3). عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين ويسمعنا الآية أحياناً، وكان يطول الركعة الأولى من الظهر ويقصر الثانية وكذلك الصبح" متفق عليه (¬4). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة: (آلم تنزيل) السجدة و (هل أتى على الإنسان" متفق عليه (¬5). ¬

(¬1) سورة الإسراء، آية: 78. (¬2) م 458. (¬3) م 461. (¬4) خ 2/ 243 (759)، م 451. (¬5) خ 2/ 377 (891)، م 879.

الشرح

وعن رجل من جهينة: "أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح (إذا زلزلت الأرض) في الركعتين كلتيهما" أخرجه أبو داود (¬1). الشرح: من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يطيل القراءة في صلاة الفجر أكثر من غيرها - لأنها صلاة مشهودة تشهدها ملائكة الليل والنهار - وكان يداوم على ذلك إلا أنه ربما قصر القراءة أحياناً. الفوائد: - استحباب تطويل القراءة في صلاة الفجر. - أنه لا بأس في تقصيرها أحياناً. - أن السنة قراءة سورتي السجدة والإنسان في فجر الجمعة. - جواز تكرار السورة الواحدة في الركعتين. ¬

(¬1) د 816، وصححه الألباني في صفة الصلاة ص 110 وعزاه للبيهقي أيضاً.

25 - القراءة في الظهر والعصر

القراءة في الظهر والعصر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "لقد كانت صلاة الظهر تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يتوضأ ثم يأتي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى مما يطولها" أخرجه مسلم (¬1). عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين ويسمعنا الآية أحياناً، وكان يطول الركعة الأولى من الظهر ويقصر الثانية وكذلك الصبح" متفق عليه (¬2). عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر بالليل إذا يغشى وفي العصر نحو ذلك، وفي الصبح أطول من ذلك" أخرجه مسلم (¬3). الشرح: كانت قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر من أواسط المفصل، وكان يطيل الركعة الأولى من الظهر حتى كان الرجل يذهب عند إقامة الصلاة فيقضي حاجته ثم يتوضأ ويدرك الركعة مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ¬

(¬1) م 454. (¬2) خ 2/ 243 (759)، م 451. (¬3) م 459.

الفوائد

يجعل الركعة الثانية أقصر من ذلك. الفوائد: - استحباب تطويل الركعة الأولى من الظهر وتقصير الثانية. - أن السنة في الظهر والعصر أن تكون القراءة من أواسط المفصل.

26 - الركوع والسجود

الركوع والسجود عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع الرجل فصلى كما كان صلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام، ثم قال: ارجع فصل فإنك لم تصل - ثلاثا- فقال الرجل: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ثم ارفع حتى تعتدل قائماً ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ثم ارفع حتى تطمئن جالساً ثم افعل ذلك في صلاتك كلها" (¬1). عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه "أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره، فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار إلى مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما (أي: يجافيهما عن جنبيه) واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة، فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته" أخرجه البخاري (¬2). ¬

(¬1) خ 2/ 276 (793)، م 397. (¬2) خ2/ 305 (828).

الشرح

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بـ (الحمد لله رب العالمين) وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه (أي: لم يرفعه ولم يخفضه) ولكن بين ذلك، وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً، وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي قاعداً، وكان يقول في كل ركعتين التحية، وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى، وكان ينهى عن عقبة الشيطان (أي: أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه) وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع، وكان يختم صلاته بالتسليم"أخرجه مسلم (¬1). الشرح: الركوع والسجود ركنان من أركان الصلاة فلا تصح صلاة من ترك أحدهما ناسياً أو عامداً، وقد علمهما الرسول صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته. الفوائد: - أن الركوع والسجود ركنان من أركان الصلاة. - أن السنة في الركوع أن يكون الظهر مستقيماً مع الرأس، وتمكن اليدين من الركبتين. ¬

(¬1) م 498.

27 - أذكار الركوع وسننه

أذكار الركوع وسننه رفع اليدين مع التكبير: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم افتتح التكبير في الصلاة فرفع يديه حين يكبر حتى يجعلهما حذو منكبيه، وإذا كبر للركوع فعل مثله، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فعل مثله وقال: ربنا ولك الحمد، ولا يفعل ذلك حين يسجد ولا حين يرفع رأسه من السجود" متفق عليه (¬1). التسبيح: عن حذيفة رضي الله عنه أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يقول في ركوعه: " (سبحان ربي العظيم) وفي سجوده (سبحان ربي الأعلى) ". أخرجه أبو داود (¬2). عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي" متفق عليه (¬3). عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: "سبوح قدوس رب الملائكة والروح" أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) خ 2/ 221 (378)، م 390. (¬2) د 871، ت 262، وقال حسن صحيح، وصححه الألباني في الإرواء 333. (¬3) خ 2/ 281 (794)، م 484. (¬4) م 487، 872.

الشرح

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم" أخرجه مسلم (¬1). الشرح: من المشروع للمصلي عند الركوع أن يرفع يديه مع التكبير اقتداء بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويشرع في الركوع تسبيح الله تعالى وتعظيمه كما أمر الرسول وكما كان يفعل صلى الله عليه وسلم. الفوائد: - استحباب رفع اليدين مع التكبير للركوع. - وجوب قول: سبحان ربي العظيم في الركوع. - مشروعية الإكثار من تسبيح الله وتعظيمه في الركوع. - النهي عن قراءة القرآن في الركوع. ¬

(¬1) م 479.

28 - الرفع من الركوع

الرفع من الركوع عن أبي هريرة رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع الرجل فصلى كما كان صلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام، ثم قال: ارجع فصل فإنك لم تصل - ثلاثاً - فقال الرجل: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها" متفق عليه (¬1). وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم افتتح التكبير في الصلاة فرفع يديه حين يكبر حتى يجعلهما حذو منكبيه، وإذا كبر للركوع فعل مثله، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فعل مثله وقال: ربنا ولك الحمد، ولا يفعل ذلك حين يسجد ولا حين يرفع رأسه من السجود" متفق عليه (¬2). عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده وإذا رفع رأسه من الركوع وبين السجدتين قريباً من السواء" أخرجه البخاري (¬3). ¬

(¬1) خ 2/ 276 (793)، م 397. (¬2) خ 2/ 221 (738)، م 390. (¬3) خ 2/ 288 (801).

الشرح

الشرح: بعد أن يكمل المصلي ركوعه فإنه يشرع له أن يرفع من الركوع قائلاً: سمع الله لمن حمده، رافعاً يديه حذو منكبيه كما فعل في تكبيرة الإحرام، ويطمئن بعد رفعه حتى يعود كل فقار إلى مكانه. الفوائد: - الأمر بالرفع من الركوع وأنه من أركان الصلاة. - الأمر بالطمأنينة بعد الرفع بألا يسجد المصلي حتى يعتدل قائماً. - استحباب رفع اليدين عند الرفع من الركوع. - أن السنة أن يمكث قائماً بعد الركوع بمقدار سجوده وركوعه.

29 - أذكار الرفع من الركوع

أذكار الرفع من الركوع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه" أخرجه البخاري (¬1). عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: ربنا لك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد" أخرجه مسلم (¬2). عن رفاعة بن رافع رضي الله عنه قال: كنا يوماً نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال: "سمع الله لمن حمده، قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، فلما انصرف قال: من المتكلم؟ قال: أنا. قال: رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أول" أخرجه البخاري (¬3). النهي عن رفع البصر إلى السماء. عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما بال أقوام ¬

(¬1) خ 2/ 283 (796). (¬2) م 476. (¬3) خ2/ 284 (799).

الشرح

يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم؟ فاشتد قوله في ذلك حتى قال: لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم" متفق عليه (¬1). الشرح: يشرع للمصلي عند الرفع من الركوع أذكار يكون فيها حمد لله تعالى وثناء عليه، يقولها المصلي شكراً لله واعترافاً بنعمه سبحانه. الفوائد: - أن المشروع للإمام أن يقول عند الرفع من الركوع: سمع الله لمن حمده. - أن المشروع للمصلي أن يقول بعد الرفع: ربنا ولك الحمد. - مشروعية الزيادة في الذكر عند الرفع بما ورد. - النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة والوعيد الشديد فيه. ¬

(¬1) خ 2/ 233 (750)، م 428.

30 - من أحكام السجود (1)

من أحكام السجود عدم رفع اليدين عند التكبير للسجود: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم افتتح التكبير في الصلاة فرفع يديه حين يكبر حتى يجعلهما حذو منكبيه، وإذا كبر للركوع فعل مثله، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فعل مثله وقال: ربنا ولك الحمد، ولا يفعل ذلك حين يسجد ولا حين يرفع من السجود" متفق عليه (¬1). صفة النزول للسجود: عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه" أخرجه أبو داود (¬2). السجود على الأعضاء السبعة: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة - وأشار بيده على أنفه - واليدين والركبتين وأطراف القدمين، ولا نكفت الثياب والشعر" متفق عليه (¬3). ¬

(¬1) خ 2/ 221 (738)، م 390. (¬2) د 838، ت 268، وصححه ابن القيم في زاد المعاد 1/ 223، وانظر فتح المعبود للشيخ فريح البهلال. (¬3) خ 2/ 297 (812)، م 490.

الشرح

الشرح: كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا سجد لم يرفع يديه مع التكبير ويقدم ركبتيه في النزول على الأرض، ويسجد على أعضاء السجود السبعة. الفوائد: - عدم مشروعية رفع اليدين عند التكبير للسجود. - استحباب تقديم اليدين في النزول للسجود. - وجوب السجود على أعضاء السجود السبعة.

4 - ربيع ثان

من أحكام السجود عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعه انبساط الكلب" متفق عليه (¬1). عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك". أخرجه مسلم (¬2). عن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى (أي: في السجود) فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه" متفق عليه (¬3). عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه: "أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره، فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار إلى مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما (أي: يجافيهما عن جنبيه) واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة، فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته" أخرجه البخاري (¬4). ¬

(¬1) خ 2/ 301 (822)، م 493. (¬2) م 494. (¬3) خ 2/ 294 (807)، م 495. (¬4) خ 2/ 305 (828).

الشرح

الشرح: للسجود سنن شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم وكان يفعلها وهي من مكملات الصلاة، ونهى عن أشياء كرهها صلى الله عليه وسلم في هيئة السجود. الفوائد: - كراهية فرش الذراعين على الأرض في السجود، بل السنة رفعهما. - استحباب مباعدة اليدين عن الجنبين في السجود. - أن السنة أن أصابع القدمين تكون باتجاه القبلة أثناء نصبهما في السجود.

2 - أذكار السجود

أذكار السجود التسبيح: عن حذيفة رضي الله عنه أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يقول في ركوعه: " (سبحان ربي العظيم) وفي سجوده: (سبحان ربي الأعلى) " أخرجه أبو داود (¬1). عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي" متفق عليه (¬2). عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: "سبوح قدوس رب الملائكة والروح" أخرجه مسلم (¬3). الدعاء في السجود: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء" أخرجه مسلم (¬4). عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب ¬

(¬1) د 871، ت 262، وقال حسن صحيح، وصححه الألباني في الإرواء 333. (¬2) خ 2/ 281 (794)، م 484. (¬3) م 487، د 872. (¬4) م 482.

الشرح

وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم" أخرجه مسلم (¬1). الشرح: يسجد المصلي في صلاته خاضعاً متذللا يسبح ربه الأعلى وينزهه ويقدسه، وبقدر نزوله وتذلله لربه عز وجل فإن الله يجازيه بأن يجعله في وضعه أقرب ما يكون من ربه تبارك وتعالى، ولذلك أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعاء في السجود. الفوائد: - وجوب قول سبحان ربي الأعلى في السجود. - مشروعية الإكثار من تسبيح الله في السجود. - استحباب الإكثار من الدعاء في السجود لأنه مظنة إجابة. ¬

(¬1) م 479.

3 - من أحكام السجود (3)

من أحكام السجود فضل السجود: عن ثوبان رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن عمل يدخلني الجنة، فقال: "عليك بكثرة السجود فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة"أخرجه مسلم (¬1). عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: كنت أبيت مع رسول الله فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي: "سل: فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، فقال: أو غير ذلك، قلت هو ذاك. قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود" أخرجه مسلم (¬2). النهي عن قراءة القرآن في السجود: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم" أخرجه مسلم (¬3). عن علي رضي الله عنه قال: "نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ القرآن ¬

(¬1) م 488. (¬2) م 489. (¬3) م 479.

الشرح

راكعاً أو ساجداً" أخرجه مسلم (¬1). النهي عن الرفع قبل الإمام: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار أو يجعل صورته صورة حمار" متفق عليه (¬2). الشرح: السجود من العبادات العظيمة لما فيه من غاية الذل والخضوع لله تعالى، ولذلك - والله أعلم - نهي المصلي عن قراءة القرآن في هذا الوضع لأن كلام الله أشرف الكلام، ومما نهي عنه المصلي أن يرفع رأسه قبل إمامه وورد فيه الوعيد الشديد لمن فعل ذلك. الفوائد: - فضل السجود وأنه من أسباب دخول الجنة. - النهي عن قراءة القرآن في السجود. - النهي عن رفع الرأس قبل الإمام والوعيد الشديد عليه. ¬

(¬1) م 480. (¬2) خ2/ 182 (691)، م 427.

4 - الجلوس بين السجدتين

الجلوس بين السجدتين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع الرجل فصلى كما كان صلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام، ثم قال: ارجع فصل فإنك لم تصل - ثلاثاً - فقال الرجل: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها" متفق عليه (¬1). عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده وإذا رفع رأسه من الركوع وبين السجدتين قريباً من السواء" أخرجه البخاري (¬2). عن حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: "رب اغفر لي، رب اغفر لي" أخرجه ابن ماجه (¬3). عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين ¬

(¬1) خ 2/ 276 (793)، م 397. . (¬2) خ 2/ 288 (801). . (¬3) جه 897، وصححه الألباني في الإرواء 335.

الشرح

السجدتين: "اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني" أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). الشرح: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من السجدة الأولى يجلس بين السجدتين بقدر سجوده ويدعو الله تعالى بأذكار شرعها لأمته. الفوائد: - أن الجلوس بين السجدتين ركن من أركان الصلاة. - وجوب الاطمئنان في هذه الجلسة. - وجوب قول الذكر الوارد. ¬

(¬1) د 850، ت 284.

5 - الجلوس للتشهد

الجلوس للتشهد عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بـ (الحمد لله رب العالمين) وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه (أي لم يرفعه ولم يخفضه) ولكن بين ذلك، وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً، وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي قاعداً، وكان يقول في كل ركعتين التحية، وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى، وكان ينهى عن عقبة الشيطان (أي أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه) وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع، وكان يختم صلاته بالتسليم" أخرجه مسلم (¬1). عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه "أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره، فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار إلى مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما (أي يجافيهما عن جنبيه) واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة، فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب باليمنى، وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته". أخرجه البخاري (¬2). ¬

(¬1) م 498. (¬2) خ2/ 305 (828).

الشرح

وضع اليدين في الجلوس: عن الزبير رضي الله عنه قال: "كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا قعد في الصلاة جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه، وفرش قدمه اليمنى ووضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى وأشار بها"أخرجه مسلم (¬1). الشرح: بعد أن يؤدي المصلي ركعتين يجلس للتشهد، فيفرش رجله اليسرى ويجلس عليها، وينصب اليمنى، وفي التشهد الثاني يقدم اليسرى ويقعد على مقعدته. الفوائد: - أن الجلوس للتشهد قبل السلام ركن من أركان الصلاة. - أن السنة في التشهد الأول أن ينصب قدمه اليمنى ويفرش اليسرى ويجلس عليها، أما في التشهد الثاني فيقدم رجله اليسرى ويجلس على مقعدته. - استحباب وضع اليد اليمنى على الفخذ والإشارة بها في التشهد، واليسرى على الركبة. ¬

(¬1) م 579.

6 - ما يقال في التشهد

ما يقال في التشهد التحيات: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا إذا صلينا - وفي رواية (¬1): إذا جلسنا - خلف النبي صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام على فلان وفلان، فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إن الله هو السلام فإذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين - فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض - أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ثم يتخير من المسألة ما شاء" متفق عليه (¬2). الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم: عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: قد عرفنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد" أخرجه مسلم (¬3). ¬

(¬1) عند أبي داود 968. (¬2) خ 2/ 320 (835)، م 402. (¬3) م 406.

الشرح

الدعاء بعد التشهد: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال" متفق عليه (¬1). الشرح: إذا جلس المصلي للتشهد فإنه يشرع له أن يقول: التحيات التي علمها الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بما شاء. الفوائد: - أن التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ركنان من أركان الصلاة. - استحباب التعوذ من عذاب النار وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال بعد التشهد. - أن السنة الدعاء قبل السلام. ¬

(¬1) خ، م 588، وقال الحافظ في البلوغ: وفي رواية لمسلم: إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير.

7 - التسليم من الصلاة

التسليم من الصلاة عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: "كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض خده" أخرجه مسلم (¬1). عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله" أخرجه الترمذي (¬2). عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم، ولا صلاة لمن لم يقرأ بالحمد، وسورة في فريضة أو غيرها" أخرجه الترمذي (¬3). عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله" أخرجه أبو داود (¬4). ¬

(¬1) م 582. (¬2) ت 295 وفال حسن صحيح. (¬3) ت 238 وقال حسن، قال الحافظ رواه أصحاب السنن بسند صحيح. الفتح 2/ 322، وصححه الألباني في الإرواء برقم 301. (¬4) د 997، قال الحافظ في بلوغ المرام ص 58: بسند صحيح، وصححه الألباني في الإرواء 2/ 31، 32 وذكر تصحيحه عن عبد الحق في الأحكام والنووي في المجموع.

الشرح

الشرح: يخرج المصلي من صلاته إذا أكملها بالتسليم، فهو تحليلها بحيث يحل له ما كان محرماً عليه فيها، وذلك بأن يقول: السلام عليكم ورحمة الله ويلتفت عن يمينه وعن يساره. الفوائد: - أن التسليم ركن من أركان الصلاة. - أن صفته أن يلتفت عن يمينه وعن شماله قائلاً: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله. - أنه لا بأس أن يزيد في التسليمة الأولى أحياناً: وبركاته.

8 - الذكر بعد الصلاة

الذكر بعد الصلاة عن ثوبان رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام" أخرجه مسلم (¬1). وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان إذا فرغ من الصلاة وسلم قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد" متفق عليه (¬2). عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول دبر كل صلاة حين يسلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون"أخرجه مسلم (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبر الله ¬

(¬1) م 591. (¬2) خ 2/ 325 (844)، م 593. (¬3) م 594.

الشرح

ثلاثاً وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر" أخرجه مسلم (¬1). عن ابن عباس رضي الله عنهما "أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم "أخرجه البخاري (¬2). الشرح: بعد انتهاء الصلاة كان الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم يجهرون بالذكر على سجيتهم كل على حدة، وقد سن الرسول صلى الله عليه وسلم أذكاراً كان يداوم عليها بعد كل صلاة، فيها توحيد وتحميد وتمجيد لله، وثناء عليه سبحانه. الفوائد: - استحباب المداومة على قول الأذكار الواردة بعد الصلاة. - استحباب رفع الصوت بذلك. - فضل التسبيح والتحميد، والتكبير، والتهليل بعد كل صلاة مائة مرة. ¬

(¬1) م 597. (¬2) خ2/ 324 (841).

9 - أوقات الصلاة

أوقات الصلاة قال الله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (¬1). وقال تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} (¬2). عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر. ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة فإنها تطلع بين قرني شيطان" أخرجه مسلم (¬3). عن أبي برزة رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح وأحدنا يعرف جليسه، ويقرأ فيها ما بين الستين إلى المائة، ويصلي الظهر إذا زالت الشمس، والعصر وأحدنا يذهب إلى أقصى المدينة ويرجع (¬4) والشمس حية، ولا يبالي في تأخير العشاء إلى ثلث الليل" متفق عليه (¬5). ¬

(¬1) سورة الإسراء، آية: 78. (¬2) سورة النساء، آية: 103. (¬3) م 612. (¬4) الذي في البخاري المطبوع: ورجع، لكن ذكر الحافظ أنها في رواية أخرى: ويرجع. (¬5) خ 2/ 22 (541)، م 461.

الشرح

عن جابر رضي الله عنه قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مواقيت الصلاة فقال: "صل معي، فصلى الظهر حين زاغت الشمس، والعصر حين كان فيء كل شيء مثله والمغرب حتى غابت الشمس، والعشاء حين غاب الشفق، قال: ثم صلى الظهر حين كان فيء الإنسان مثله، والعصر حين كان فيء الإنسان مثليه، والمغرب حين كان قبيل غيوبة الشفق، والعشاء إلى ثلث الليل (¬1). الشرح: للصلوات أوقات حددها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله، وعقلها عنه صحابته رضوان الله عليهم، ونقلوها إلينا، ولا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها المحدد إلا من عذر. الفوائد: - أن دخول الوقت شرط لصحة الصلاة. - أن وقت صلاة الظهر يبدأ بعد زوال الشمس إلى وقت العصر. - أن وقت العصر يبدأ حين يكون ظل الشيء مثليه. - أن وقت المغرب من غروب الشمس إلى غياب الشفق وهو الحمرة التي تكون في الأفق بعد الغروب. - أن وقت العشاء حين يغيب الشفق إلى نصف الليل. - أن وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الصادق حتى طلوع الشمس. ¬

(¬1) أخرجه النسائي 513، وصححه الألباني في الإرواء 249.

10 - استحباب تعجيل صلاة المغرب وتأخير العشاء

استحباب تعجيل صلاة المغرب وتأخير العشاء عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: "كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم فينصرف أحدناوإنه ليبصر مواقع نبله". (أي: المواضع التي تصل إليها سهامه إذا رمى بها) (¬1) أخرجه البخاري (¬2). عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال أمتي بخير - أو قال: على الفطرة - ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم". أخرجه أبو داود (¬3). (ومعنى اشتباك النجوم: ظهور صغارها مع كبارها (¬4)). عن عائشة رضي الله عنها قالت: "أعتم النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة بالعشاء حتى ذهب عامة الليل، ثم خرج فصلى وقال. إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي"أخرجه مسلم (¬5). عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخر صلاة العشاء الآخرة" أخرجه مسلم (¬6). ¬

(¬1) الفتح 2/ 41. (¬2) خ2/ 40 (559). (¬3) د 418، وحسنه الأرناؤوط في تحقيقه لجامع الأصول. (¬4) (جامع الأصول 5/ 233). (¬5) م 638. (¬6) م 643.

الشرح

الشرح: كان من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم تعجيل صلاة المغرب، وكان يحث على ذلك، وكان صلى الله عليه وسلم يستحب تأخير العشاء ما لم يشق ذلك على المصلين. الفوائد: - استحباب تعجيل صلاة المغرب. - كراهة تأخيرها حتى اشتباك النجوم. - استحباب تأخير صلاة العشاء إلى ثلث الليل.

11 - أوقات النهي

أوقات النهي عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: "ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب (أي تميل) حتى تغرب" أخرجه مسلم (¬1). عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس وبعد العصر حتى تغرب" متفق عليه (¬2). الشرح: حدد الشرع أوقاتاً لا تجوز الصلاة فيها، لما في ذلك من مشابهة المشركين الذين يعبدون الشمس، فيصلون لها عند طلوعها وغروبها، فلا يصلي في تلك الأوقات إلا ما كان له سبب كصلاة الجنازة أو قضاء الفائتة. الفوائد: - تحريم صلاة النافلة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس. - تحريم صلاة النافلة بعد العصر حتى تغرب الشمس. ¬

(¬1) م 831. (¬2) خ2/ 58 (581)، م 628.

- تحريم صلاة النافلة حينما تقوم الشمس في السماء حتى تزول. - يستثنى من ذلك ما كان له سبب كتحية المسجد (¬1). ¬

(¬1) قال الشيخ ابن باز في تعليقه على الفتح 2/ 59: هذا القول (أي حمل النهي على ما لا سبب له ويخص منه ما له سبب) أصح الأقوال وهو مذهب الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم، وبه تجتمع الأخبار.

12 - قضاء الفوائت

قضاء الفوائت عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} أخرجه البخاري (¬1). عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: "سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فقال بعض القوم: لو عرست بنا يا رسول الله (أي: نزلت بنا للنوم والراحة من السير) قال: أخاف أن تناموا عن الصلاة، قال بلال: أنا أوقظكم. فاضطجعوا، وأسند بلال ظهره إلى راحلته فغلبته عيناه فنام، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وقد طلع حاجب الشمس، فقال: يا بلال، أين ما قلت؟ قال: ما ألقيت علي نومة مثلها قط. قال: إن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها عليكم حين شاء، يا بلال قم فأذن بالناس بالصلاة. فتوضأ فلما ارتفعت الشمس وابيضت قام فصلى" أخرجه البخاري (¬2). عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس، فجعل يسب كفار قريش، قال: "يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "والله ما صليتها. فقمنا إلى بطحان (واد في المدينة) فتوضأ ¬

(¬1) خ 2/ 70 (597). (¬2) خ2/ 67 (595).

الشرح

للصلاة وتوضأنا لها، فصلى العصر بعدما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب" أخرجه البخاري (¬1). الشرح: قد يعرض للمسلم ما يشغله عن صلاته من نسيان أو نوم لا تفريط فيه أو غير ذلك، ومن رحمة الله أنه لا يؤاخذ بذلك بل شرع للمسلم في هذه الحالة قضاء ما فاته من الصلاة حال زوال المانع. الفوائد: - رحمة الله وتخفيفه عن المسلمين. - أن من نسي صلاة أو نام عنها - مع بذله الأسباب في الاستيقاظ - فإنه يصليها إذا ذكرها ولا شيء عليه. - وجوب الترتيب في قضاء الفوائت (¬2). ¬

(¬1) خ2/ 68 (596). (¬2) إذا لم يخش خروج وقت الصلاة الحاضرة، انظر الشرح الممتع لابن عثيمين 2/ 138.

13 - الأماكن التي لا تصح الصلاة فيها

الأماكن التي لا تصح الصلاة فيها عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في مرابض الغنم". متفق عليه (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل" أخرجه الترمذي (¬2). عن جندب رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: "إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك" أخرجه مسلم (¬3). عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الأرض كلها مساجد إلا الحمام والمقبرة" أخرجه أبو داود والترمذي (¬4). ¬

(¬1) خ1/، م524. (¬2) ت 348 وقال حسن صحيح، وصححه أحمد شاكر، وأصله في مسلم برقم 360 عن جابر بن سمرة. (¬3) م 532. (¬4) د 492، ت 317، وصححه الألباني في الإرواء 1/ 320، وذكر أن شيخ الإسلام قال: أسانيده جيدة.

الشرح

الشرح: الأصل أن جميع الأرض مسجد للمسلمين، وهذا من توسيع الله على هذه الأمة، فحيث أدركت أحداً منهم صلاته فليصل، إلا أن هناك أماكن استثناها الشرع فلا تصح الصلاة فيها، إما ابتعاداً عن الشرك ووسائله كالمقبرة، أو لأنها مأوى للشياطين كمبارك الإبل أو لنجاستها كالحمام أو لغير ذلك. الفوائد: - النهي عن الصلاة في مبارك الإبل. - جواز الصلاة في مرابض الغنم. - تحريم الصلاة في المقبرة، سداً لذريعة الشرك (¬1). - النهي عن الصلاة في الحمام (¬2). ¬

(¬1) انظر فتح المجيد ص 324، 325، والشرح الممتع 2/ 234. (¬2) قال الشيخ ابن باز: وتجوز باتجاه الحمامات أو على أسطحها في أصح قولي العلماء. فتاوى إسلامية 1/ 270، وانظر الشرح الممتع 2/ 243.

14 - أمور نهى الشرع عنها

أمور نهى الشرع عنها النهي عن المشي في نعل واحدة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمش أحدكم في نعل واحدة، لينعلهما جميعاً أو ليخلعهما جميعاً" متفق عليه (¬1). وعنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا انقطع شسع نعل أحدكم، فلا يمش في الأخرى حتى يصلحها"أخرجه مسلم (¬2). النهي عن دخول أماكن المعذبين: عن ابن عمر رضي الله عنه"أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بالحجر (أي مدائن صالح) قال: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم ما أصابهم، ثم تقنع بردائه وهو على الرحل" متفق عليه (¬3). النهي عن التحريق بالنار: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن النار لا يعذب بها إلا الله". أخرجه البخاري (¬4). ¬

(¬1) خ10/، م 2097. (¬2) م 2098. (¬3) خ6/ 378 (3380)، م 2980. (¬4) خ 6/ 149 (3016).

الشرح

عن علي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تعذبوا بعذاب الله" (يعني النار) أخرجه البخاري (¬1). الشرح: نهت الشريعة عن فعل أشياء لحكمة ومصلحة قد نعلمها، وقد لا نعلمها، لكن يجب علينا التسليم بها والسعي إلى تركها حتى لا يقع الإنسان في مخالفة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. الفوائد: - كراهة المشي في نعل واحدة. - النهي عن دخول أماكن المعذبين كمدائن صالح، إلا على وجه الاعتبار. - النهي عن التعذيب بالتحريق بالنار. ¬

(¬1) خ 6/ 149 (3017).

15 - صلاة التطوع

صلاة التطوع عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: "كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي: "سل: فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، فقال: أو غير ذلك؟ قلت هو ذاك. قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود" أخرجه مسلم (¬1). استحباب جعلها في البيت: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبوراً" أخرجه البخاري (¬2). عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" متفق عليه (¬3). الشرح: الصلاة خير موضوع، وهي من خير ما يتقرب به العبد إلى ربه، أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الإكثار منها سبب لدخول الجنة، وأمر أن يجعل الرجل من صلاته النافلة في بيته، لما في ذلك من إخفاء العمل وتعليم أهل البيت وتعويدهم عليها. ¬

(¬1) م 489. (¬2) خ 3/ 62 (1187). (¬3) خ، م781.

الفوائد

الفوائد: - فضل النوافل وأن الإكثار منها سبب لدخول الجنة. - أن الأفضل أن تكون النوافل في البيت.

16 - الوتر

الوتر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا" متفق عليه (¬1). عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى" متفق عليه (¬2). وقته: عن عائشة رضي الله عنها قالت: "من كل الليل أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهى وتره إلى السحر" متفق عليه (¬3). عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل" أخرجه مسلم (¬4). الشرح: من السنن التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وينبغي للمسلم ألا يهملها، سنة الوتر، وأقله ركعة يختم بها المسلم صلاته في يومه وليلته، ¬

(¬1) خ 2/ 488 (998)، م 751. (¬2) خ2/ 477 (990)، م749. (¬3) خ2/ 486 (996)، م 745. (¬4) م 755.

الفوائد

ويبدأ وقته من بعد صلاة العشاء. الفوائد: - استحباب صلاة الوتر. - أنها ركعة - على الأقل - تختم بها الصلاة. - أن وقتها من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، والأفضل أن تكون آخر الليل.

17 - من أحكام الوتر

من أحكام الوتر لا وتران في ليلة: عن طلق بن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا وتران في ليلة" أخرجه أبو داود والترمذي (¬1). القنوت في الوتر: عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: "اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت" أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). القراءة في الوتر: عن عبد العزيز بن جريج رحمه الله، قال: سألنا عائشة رضي الله عنها بأي شيء كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: "كان يقرأ في الأولى بـ (سبح اسم ربك الأعلى) وفي الثانية بـ (قل يا أيها الكافرون) وفي الثالثة بـ (قل هو الله أحد) والمعوذتين" أخرجه أبو داود والترمذي (¬3). ¬

(¬1) د 1439، ت 470 وقال حسن غريب، وصححه الشيخ أحمد شاكر. (¬2) د 1425، ت 464، جه 1178، ن 1746، وصححه الألباني في المشكاة 1/ 398. (¬3) د 1424، ت 463 وقال: حسن غريب، وصححه الألباني كما في المشكاة 1/ 397.

الشرح

ما يقول بعد السلام من الوتر: عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم في الوتر قال: سبحان الملك القدوس"أخرجه أبو داود، وفي رواية: "ثلاثاً طول في الثالثة" (¬1). الشرح: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن يصلى الوتر في ليلة أكثر من مرة واحدة، وقد علم صلى الله عليه وسلم ابن ابنته كلمات يقولها في دعائه في الوتر، ينبغي للمسلم أن يحفظها، وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ في وتره - إذا أوتر بثلاث - بسبح والكافرون وقل هو الله أحد والمعوذتين، وبعد أن يسلم من الوتر كان يقول: "سبحان الملك القدوس". الفوائد: - النهي عن صلاة الوتر أكثر من مرة في الليلة. - استحباب الدعاء في الوتر بما ورد. - استحباب القراءة في الوتر بسبح والكافرون وقل هو الله أحد. - استحباب قول: سبحان الملك القدوس ثلاث مرات بعد الوتر ورفع الصوت في الثالثة. ¬

(¬1) د 1430، والزيادة في الرواية الثانية عند النسائي (1733):، وصححه الألباني في المشكاة 1/ 398.

18 - السنن الرواتب

السنن الرواتب عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من صلى اثنتي عشرة ركعة - وفي رواية: تطوعاً - في يومه وليلته بني له بهن بيت في الجنة" أخرجه مسلم (¬1). عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح" متفق عليه (¬2). عن عائشة رضي الله عنها "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعاً قبل الظهر وركعتين قبل الغداة (أي: الفجر) أخرجه البخاري (¬3). عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أره يسبح في السفر" (أي يتنفل الرواتب التي قبل الفريضة وبعدها) (¬4). أخرجه البخاري (¬5). الشرح: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم سنناً تصلى قبل الصلوات المفروضة أو بعدها ¬

(¬1) م 278. (¬2) خ3/ 50 (1172)، م 729. (¬3) 3/ 58 (1183). (¬4) الفتح 2/ 577. (¬5) خ 2/ 577 (1101).

الفوائد

وكان يداوم عليها ورغب في المحافظة عليها، ولذلك تسمى بالسنن الرواتب، فينبغي للمسلم الاعتناء بها والمحافظة عليها. الفوائد: - استحباب المحافظة على هذه السنن الرواتب. - أنها: أربع قبل الظهر وركعتان بعده، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر. - عظم الأجر في المحافظة عليها. - مشروعية ترك السنن الرواتب أثناء السفر.

19 - فضل سنة الفجر

فضل سنة الفجر وجواز قضائها بعد صلاة الفجر عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ركعتي الفجر خير من الدنيا وما فيها" أخرجه مسلم (¬1). عن عائشة رضي الله عنها قالت: "لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد منه تعاهداً على ركعتي الفجر"أخرجه البخاري (¬2). عن حفصة رضي الله عنها "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سكت المؤذن من الأذان لصلاة الصبح وبدا الصبح ركع ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة" أخرجه مسلم (¬3). جواز قضائها بعد صلاة الفجر: عن قيس بن عمرو رضي الله عنه قال: "رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الصبح ركعتين؟ فقال الرجل: إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما، فصليتهما الآن، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم " أخرجه أبو داود (¬4). ¬

(¬1) م 725. (¬2) خ3/ 45 (1169). (¬3) م 723. (¬4) د 1267، وصححه الألباني في المشكاة 1/ 329. وعند ابن ماجة (1154): أصلاة الصبح مرتين؟. .

الشرح

الشرح: سنة الفجر من العبادات الفاضلة التي كان يحافظ عليها الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان يرغب أصحابه فيها، وأخبر أنها - لما فيها من الأجر العظيم - خير من الدنيا وما فيها، ولما رأى من يتنفل بعد صلاة الفجر أنكر عليه فلما علم أنه يقضي سنة الفجر سكت وأقره على ذلك. الفوائد: - استحباب صلاة ركعتين قبل صلاة الفجر. - عظم فضل هذه السنة. - جواز قضائها بعد صلاة الفجر.

20 - من أحكام سنة الفجر

من أحكام سنة الفجر استحباب تخفيفها: عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى إني لأقول: هل قرأ بأم الكتاب؟ "أخرجه البخاري (¬1). عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان ويخففهما"أخرجه مسلم (¬2). ما يقرأ فيهما: عن أبي هريرة رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} "أخرجه مسلم (¬3). عن عائشة رضي الله عنها "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} "أخرجه أحمد (¬4). عن ابن عباس رضي الله عنهما "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما: {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا ...} ¬

(¬1) خ 3/ 46 (1171). (¬2) م 724. (¬3) م 726. (¬4) حم 25497.

الشرح

الآية التي في البقرة، وفي الآخرة: {آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} " أخرجه مسلم (¬1). الشرح: كان من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تخفيف سنة الفجر، وكان يقرأ فيها سورة قصيرة مخصوصة أو آيات قصيرة. الفوائد: - استحباب تخفيف سنة الفجر. - استحباب قراءة: سورة الكافرون وقل هو الله أحد، أو الآيتين: {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا ...} و {آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} فيها بعد الفاتحة. ¬

(¬1) م 727.

21 - قيام الليل (1)

قيام الليل فضله: قال الله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} (¬1)، وقال تعالى: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ. وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل"أخرجه مسلم (¬3). عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أيقظ الرجل أهله فصليا ركعتين جمعياً كتباً من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات" أخرجه أبو داود (¬4). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة مكانها: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده كلها، ¬

(¬1) سورة السجدة، آية: 16. (¬2) سورة الذاريات، الآيتان: 17 - 18. (¬3) م 1163. (¬4) د 1309، جه 1335، وصححه الألباني في المشكاة 1/ 390 وذكر تصحيحه عن الحاكم والذهبي والنووي والعراقي.

الشرح

فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان" متفق عليه (¬1). عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن في الليل ساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة"أخرجه مسلم (¬2). الشرح: صلاة الليل عبادة رغب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وامتدح الله تعالى أهلها ووعدهم الأجر العظيم، وهي أفضل الصلاة بعد صلاة الفريضة. الفوائد: - فضل قيام الليل. - أنه سبب لانشراح الصدر وطيب النفس. ¬

(¬1) خ3/ 24 (1142)، م 776. (¬2) م 757.

22 - قيام الليل (2)

قيام الليل صفته: عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما كان رسول الله يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً قالت عائشة: قلت يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ قال: يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي"متفق عليه (¬1). عن عائشة رضي الله عنها قالت: "قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تفطرت قدماه" متفق عليه (¬2). عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يوماً ويفطر يوماً" أخرجه البخاري (¬3). عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر ما قد صلى" متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) خ3/ 33 (1147)، م 738. (¬2) خ8/، م 2820. (¬3) خ3/ 16 (1131). (¬4) خ2/ 477 (990)، م749.

الشرح

عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته بركعتين خفيفتين" أخرجه مسلم (¬1). الشرح: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل ركعتين ركعتين، وكان صلى الله عليه وسلم لا يزيد عن إحدى عشرة ركعة يطيلهن ويحسنهن، وكان يفتتح صلاته في الليل بركعتين خفيفتين. الفوائد: - أن صلاة الليل ركعتان ركعتان. - أن السنة صلاة إحدى عشرة ركعة. - فضل قيام ثلث الليل. - استحباب افتتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين. ¬

(¬1) م 767.

23 - من أحكام صلاة النافلة

من أحكام صلاة النافلة الصلاة في السيارة: عن عبد الله بن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسبح (أي يصلي النافلة) على ظهر الراحلة قبل أي وجه توجه ويوتر عليها، غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة" أخرجه البخاري (¬1). عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الراحلة يسبح (أي: يتنفل) يوميء برأسه أي وجه توجه، ولم يكن رسول الله يصنع ذلك في الصلاة المكتوبة" متفق عليه (¬2). جواز صلاة النافلة قاعداً: عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في بيتي قبل الظهر أربعاً، ثم يخرج فيصلي بالناس ثم يدخل فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب فيدخل فيصلي ركعتين، ويصلي بالناس العشاء ويدخل بيتي فيصلي ركعتين، وكان يصلي من الليل تسع ركعات فيهن الوتر، وكان يصلي ليلاً طويلاً قائماً وليلاً طويلاً قاعداً، وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم وإذا قرأ قاعداً ركع وسجد وهو قاعد، وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين" أخرجه مسلم (¬3). ¬

(¬1) خ2/ 575 (1098). (¬2) خ2/ 574 (1097)، م701. (¬3) م - 730.

الشرح

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الرجل قاعداً نصف الصلاة" أخرجه مسلم (¬1). الشرح: شرع الله سبحانه أحكاماً لصلاة النافلة، تختلف بها عن المفروضة تسهيلاً منه سبحانه وتخفيفاً على عباده منها: جواز صلاتها على الراحلة، ولو لم يستقبل المصلي القبلة، ومنها جواز صلاتها قاعداً. الفوائد: - جواز صلاة النافلة جالساً في السيارة ونحوها، حيثما اتجهت. - جواز صلاة النافلة قاعداً. - أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم. ¬

(¬1) م 735.

24 - فضل يوم الجمعة وسننه وآدابه

فضل يوم الجمعة وسننه وآدابه (¬1) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها" رواه مسلم (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصا فقد لغا" أخرجه مسلم (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر" أخرجه مسلم (¬4). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال: "فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه، وأشار بيده يقللها" متفق عليه (¬5). الشرح: يوم الجمعة يوم عظيم اختص الله به هذه الأمة فضلاً منه ونعمة، ¬

(¬1) انظر زاد المعاد 1/ 364. (¬2) م 854. (¬3) م 857. (¬4) م 857. (¬5) خ2/ 1415 (935) - م 852.

الفوائد

وأضل عنه اليهود والنصارى، وهو عيد المسلمين الأسبوعي، صلاته مكفرة للذنوب، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه. الفوائد: - أن يوم الجمعة هو خير أيام الأسبوع. - فضل صلاة الجمعة وأنها سبب لمغفرة الذنوب. - أن فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم يدعو الله إلا استجاب له.

25 - فضل التبكير لصلاة الجمعة والترهيب من إضاعتها

فضل التبكير لصلاة الجمعة والترهيب من إضاعتها قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة (أي مثل غسل الجنابة) ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر" متفق عليه (¬2). عن ابن عمر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات (أي تركها) أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين" أخرجه مسلم (¬3). الشرح: من سنن الجمعة وآدابها التبكير لصلاة الجمعة، أمر الله سبحانه ¬

(¬1) سورة الجمعة، آية:9. (¬2) خ2/ 366 (881)، م 850. (¬3) م 865.

الفوائد

بالسعي لها عند سماع النداء ووعد بالثواب الجزيل لمن بكر في الحضور لها، واعتياد التأخر عنها قد يجر إلى تركها فلذلك حذر الرسول صلى الله عليه وسلم تحذيراً شديداً من عاقبة إضاعتها وهو الختم على القلب فلا يصل إليه خير أبداً. الفوائد: - الأمر بالسعي لصلاة الجمعة عند سماع النداء. - فضل التبكير لصلاة الجمعة. - الترهيب من ترك صلاة الجمعة، وأن ذلك سبب للطبع على القلب.

26 - الاغتسال والتطيب للجمعة

الاغتسال والتطيب للجمعة (¬1) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل" متفق عليه (¬2). عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم" متفق عليه (¬3) (والمراد بالمحتلم البالغ). وعن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل" أخرجه أبو داود والترمذي (¬4). عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج ولا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى" أخرجه البخاري (¬5). الشرح: يوم الجمعة يوم اجتماع للمسلمين رغب فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ¬

(¬1) انظر بسط الكلام في حكمه في فتح الباري 2/ 361. (¬2) خ2/ 356 (877)، م 844. (¬3) خ2/ 357 (879)، م 846. (¬4) د 354، ت 497 وقال حسن: وصححه الألباني في صحيح الجامع 6180. (¬5) خ2/ 370 (883).

الفوائد

المصلي في التنظيف والتطيب حتى تكون رائحته حسنة فلا يؤذي من بجانبه، ودل كثير من الأحاديث على تأكيد الأمر بالاغتسال حتى قال بعض العلماء بوجوبه لصلاة الجمعة. الفوائد: - الأمر بالاغتسال لصلاة الجمعة والتأكيد عليه. - استحباب التطيب والتنظف.

27 - من سنن يوم الجمعة وآدابه

من سنن يوم الجمعة وآدابه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين" (¬1). عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اجلس فقد آذيت وآنيت" (ومعنى آنيت: أي أخرت المجيء). أخرجه أبو داود والنسائي (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت" متفق عليه (¬3). عن أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليَّ، قالوا: يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت (أي صرت رميماً) قال: إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء" أخرجه أبو داود (¬4). الشرح: من سنن الجمعة التي رغب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعد عليها ¬

(¬1) صححه الألباني في صحيح الجامع 6470 وعزاه للحاكم والبيهقي في الشعب. (¬2) د 118، ن 1399 وصححه الألباني في صحيح الجامع 155. (¬3) خ2/ 414 (394)، م 851. (¬4) د 1047 وصححه الألباني في صحيح الجامع 2212.

الفوائد

الأجر العظيم قراءة سورة الكهف، وكذلك أرشد صلى الله عليه وسلم إلى الإكثار من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، ومن آداب الجمعة الابتعاد عن كل ما يؤذي المصلين، أو يشغلهم عن الإنصات للخطبة كتخطي الرقاب أو الكلام مع المصلين ولو إنكاراً لمنكر. الفوائد: - استحباب التبكير لصلاة الجمعة. - وجوب الإنصات للخطبة. - استحباب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة. - استحباب الإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة.

28 - صلاة السفر

صلاة السفر قال الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (¬1). عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إنما قال الله تعالى: {أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (¬2). فقد أمن الناس؟ قال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوها" أخرجه مسلم (¬3). عن عائشة رضي الله عنها قال: "فرضت الصلاة ركعتين في الحضر والسفر، فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر" متفق عليه (¬4). عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعاً وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة" أخرجه مسلم (¬5). عن أنس رضي الله عنه قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة. قيل له: أقمتم بمكة شيئاً؟ قال: أقمنا عشرا". متفق عليه (¬6). ¬

(¬1) سورة النساء، آية:101. (¬2) سورة النساء، آية:101. (¬3) م 686. (¬4) خ 2/ 569 (1090)، م 685. (¬5) م 687. (¬6) خ2/ 561 (1081)، م 693.

الشرح

وعنه رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلى الظهر بالمدينة أربعاً وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين". (¬1). الشرح: من تخفيف الله على هذه الأمة ورفعه الحرج عنهم أن شرع لهم قصر الصلاة الرباعية في السفر فتصلى ركعتين، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم في سفره يقصر الرباعية ولا يزيد على ركعتين. الفوائد: - استحباب قصر الصلاة اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم. - أن القصر أفضل من الإتمام، لأنه هو الذي داوم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم. ¬

(¬1) خ2/ 596 (1089)، م 690.

29 - الجمع في السفر

الجمع في السفر عن ابن عباس قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر إذا كان على ظهر سير ويجمع بين المغرب والعشاء" أخرجه البخاري (¬1). وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أعجله السير في السفر يؤخر صلاة المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء ويقيم المغرب فيصليها ثلاثاً ثم يسلم، ثم قلما يلبث حتى يقيم العشاء فيصليها ركعتين ثم يسلم ولا يسبح بينهما بركعة ولا بعد العشاء بسجدة حتى يقوم من جوف الليل" أخرجه البخاري (¬2). عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين الظهر والعصر، وإن ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى ينزل للعصر وفي المغرب مثل ذلك إذا غابت الشمس قبل أن يرتحل جمع المغرب والعشاء وإن ارتحل قبل أن تغيب الشمس أخر المغرب حتى ينزل للعشاء ثم يجمع بينهما" أخرجه أبو داود والترمذي (¬3). الشرح: من تيسير الله على عباده ورفعه الحرج عنهم أن شرع لهم ¬

(¬1) خ 2/ 579 (1107). (¬2) خ2/ 581 (1109). (¬3) د 1220، ت 553 وقال: حسن غريب، وصححه الألباني في المشكاة 1344.

الفوائد

الجمع في السفر، لما يلحق المسافر غالباً من المشقة من النزول لكل صلاة في وقتها، فللمسافر أن يجمع الظهر والعصر في وقت إحداهما وكذلك بين المغرب والعشاء. الفوائد: - مشروعية الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في السفر. - جواز جمع التقديم أو التأخير على ما هو أرفق بالمسافر. - عدم مشروعية التنفل بين الصلاتين في الجمع.

30 - من أحكام صلاة العيدين

من أحكام صلاة العيدين عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات" أخرجه البخاري. في رواية: "يأكلهن وتراً" (¬1). عن بريدة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي" أخرجه الترمذي (¬2). عن ابن عمر رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة" متفق عليه (¬3). عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين بلا أذان ولا إقامة" أخرجه مسلم (¬4). عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، وأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس - والناس على صفوفهم - فيعظهم ويذكرهم" متفق عليه (¬5). الشرح: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العيد شكراً لله وإقامة لذكره بعد ¬

(¬1) خ2/ 446 (953). (¬2) ت 542 وقال غريب. وصححه الألباني في المشكاة 1/ 452. (¬3) خ2/ 453 (963)، م 888. (¬4) م 887. (¬5) خ 2/ 448 (956)، م 889.

الفوائد

عبادتين عظيمتين هما الصوم والحج، وسن لها سنناً وأحكاماً ينبغي للمسلم معرفتها حتى يكون مقتدياً في عباداته برسوله صلى الله عليه وسلم. الفوائد: - أن من السنة أن لا يخرج المصلي لصلاة عيد الفطر حتى يأكل تمرات. - أن السنة أن لا يأكل في عيد الأضحى حتى يصلي. - أنه لا يشرع لصلاة العيد أذان ولا إقامة.

5 - جمادى الأولى

صلاة الكسوف عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: "كنا قعوداً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكسفت الشمس، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى دخل المسجد فدخلنا فصلى بنا ركعتين حتى انجلت الشمس، فقال صلى الله عليه وسلم: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد، فإذا رأيتموها فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم" أخرجه البخاري (¬1). عن عائشة رضي الله عنها قالت: خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، فقام فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم قام فأطال القيام - وهو دون القيام الأول - ثم ركع فأطال الركوع - وهو دون الركوع الأول - ثم سجد فأطال السجود ثم فعل في الركعة الثانية ما فعل في الركعة الأولى، ثم انصرف وقد انجلت الشمس، فخطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا، ثم قال: يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد، لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً" أخرجه البخاري (¬2). ¬

(¬1) خ2/ 526 (1040). (¬2) خ2/ 529 (1044).

الشرح

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "لما كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نودي: إن الصلاة جامعة" أخرجه البخاري (¬1). الشرح: الخسوف والكسوف من آيات الله التي يخوف بها عباده، وقد شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم عند حدوث أحدهما الفزع إلى الصلاة والذكر والاستغفار والتضرع لله بالدعاء حتى يكشف ما بهم. الفوائد: - استحباب أداء صلاة الكسوف عند حصوله (¬2). - أنه ينادى لها بـ (الصلاة جامعة). - أنها ركعتان طويلتان، في كل ركعة ركوعان. - استحباب وعظ الإمام للناس بعد الصلاة. ¬

(¬1) خ2/ 533 (1045). (¬2) من العلماء من يرى وجوب صلاة الكسوف لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بها وفزعه إليها والنداء لها.

2 - الاستسقاء

الاستسقاء الاستسقاء في خطبة الجمعة: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً فقال: يا رسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال: "اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا. قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيئاً، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار (وسلع: جبل في المدينة) فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، قال: والله ما رأينا الشمس ستاً (أي: ستة أيام)، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائماً فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يمسكها، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والجبال والآجام والظراب والأودية ومنابت الشجر، قال: فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس"متفق عليه (¬1). الشرح: أجدبت الأرض في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله رجل - والرسول ¬

(¬1) خ2/ 501 (1013)، م 897.

الفوائد

يخطب يوم الجمعة - أن يستغيث الله لهم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته فمطر الناس في الحال أسبوعاً كاملاً حتى طلبوا منه أن يسأل الله أن يمسكه عنهم. الفوائد: - في الحديث آية من آيات نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم. - مشروعية الاستسقاء في خطبة الجمعة. - مشروعية سؤال الله كف المطر إذا تضرر الناس منه.

3 - صلاة الاستسقاء

صلاة الاستسقاء عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي فتوجه للقبلة يدعو وحول رداءه ثم صلى ركعتين، جهر فيهما بالقراءة" متفق عليه (¬1). عن عائشة رضي الله عنها قالت: "شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر فوضع له في المصلى ووعد الناس يوماً يخرجون فيه، قالت عائشة: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر فكبر صلى الله عليه وسلم وحمد الله عز وجل، ثم قال: إنكم شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله عز وجل أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم، ثم قال: الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغاً إلى حين، ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره، وقلب - أو حول - رداءه وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكن (أي: مساكنهم) ضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه فقال: أشهد أن الله على كل ¬

(¬1) خ2/ 541 (1025)، م 894.

الشرح

شيء قدير وأني عبد الله ورسوله" أخرجه أبو داود (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يستسقي فصلى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة، ثم خطبنا ودعا الله وحول وجهه نحو القبلة رافعاً يديه، ثم قلب رداءه فجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن" أخرجه ابن ماجه (¬2). عن ابن عباس رضي الله عنهما "أن رسول الله خرج مبتذلاً متواضعاً متضرعاً" أخرجه الترمذي (¬3). الشرح: شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أجدبت الأرض وانحبس المطر أن يخرج المسلمون متذللين متخشعين مبتذلين لصلاة الاستسقاء وطلب الغيث من الله عز وجل. الفوائد: - استحباب صلاة الاستسقاء، ركعتين مع خطبة. - استحباب تحويل الرداء بعد الاستسقاء. - جواز الخطبة قبل الصلاة أو بعدها. - استحباب الخروج بخشوع وتذلل لله. ¬

(¬1) د 1173 وقال: غريب إسناده جيد، وحسنه الألباني في الإرواء 668. (¬2) جه 1268، وقال في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات. وأخرجه أحمد 8303، قال الشيخ ابن باز في تعليقه على الفتح 2/ 500:بإسناد حسن، وصرح فيه بأنه خطب بعد الصلاة، ويجمع بين الحديثين بجواز الأمرين. أ. هـ. (¬3) ت 588 وقال: حسن صحيح. وحسنه الألباني في الإرواء 669.

4 - أحكام تتعلق بالمطر

أحكام تتعلق بالمطر تحريم قول: مطرنا بنوء كذا، وما يقول إذا رأى المطر: عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: "صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل (أي: مطر) فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على الناس فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا الله ورسوله أعلم. قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب" أخرجه البخاري (¬1). عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان إذا رأى المطر قال: اللهم صيباً نافعاً" أخرجه البخاري (¬2) (ومعنى صيباً: أي: منهمراً متدفقاً) (¬3). لا يعلم متى يجيء المطر إلا الله: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مفتاح (¬4) الغيب خمس لا يعلمها إلا الله: لا يعلم أحد ما يكون في غد، ولا يعلم أحد ما يكون في الأرحام، ولا تعلم نفس ماذا تكسب غداً، وما تدري ¬

(¬1) خ2/ 522 (1038). (¬2) خ2/ 518 (1032). (¬3) النهاية 3/ 64. (¬4) وفي لفظ: مفاتح.

الشرح

نفس بأي أرض تموت، وما يدري أحد متى يجيء المطر" أخرجه البخاري (¬1). الشرح: المطر نعمة وفضل من الله يمتن به على من يشاء من عباده، فنسبة هذه النعمة إلى دخول نجم أو فصل فيه كفر لنعمة الله تعالى، بل الواجب أن ينسب الفضل لله وحده، وما هذه النجوم والفصول إلا ظروف يجري الله فيها ما يشاء من الرزق لعباده، ولا يعلم أحد وقت نزول المطر إلا الله. الفوائد: - تحريم قول: مطرنا بنوء كذا أو بدخول نجم كذا، بل يقال: مطرنا بفضل الله ورحمته. - استحباب قول: صيباً نافعاً، عند رؤية المطر. - أن نزول المطر من أمور الغيب التي لا يعلمها على وجه الدقة والتحديد إلا الله. ¬

(¬1) خ2/ 524 (1039).

5 - صلاة الاستخارة

صلاة الاستخارة عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن، يقول: "إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: "اللهم إني أستجيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: عاجل أمري وآجله - فاقدره لي ويسره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: عاجل أمري وآجله - فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به، قال ويسمي حاجته" أخرجه البخاري (¬1). الشرح: قد يقدم إنسان على عمل وهو لا يدري عاقبته، أو تكون على غير ما كان يتصور، فلذلك شرع الرسول صلى الله عليه وسلم الاستخارة وهي سؤال الله أن يهدي إلى ما فيه الخير بعد ركعتين يركعهما المسلم ثم يدعو بالدعاء الذي أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقطع بذلك التردد والحيرة ويرضى ويطمئن قلبه بما كتب الله له. ¬

(¬1) خ3/ 48 (1162).

الفوائد

الفوائد: - استحباب صلاة الاستخارة عندما يريد المسلم القيام بعمل لا يتبين عاقبته. - أن ذلك يكون في جميع الأمور وقبل العزم على الفعل.

6 - توجيهات نبوية في تربية الأولاد

توجيهات نبوية في تربية الأولاد مسؤولية الأب عن أولاده والتحذير من التفريط في ذلك: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (¬1). وقال تعالى {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} (¬2). عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته" متفق عليه (¬3). عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة" أخرجه مسلم (¬4). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" أخرجه مسلم (¬5). ¬

(¬1) سورة التحريم، آية:6. (¬2) سورة التغابن، آية:15. (¬3) خ2/،م 1829. (¬4) م21 - (142). (¬5) م 1631.

الشرح

الشرح: الأولاد أمانة في عنق أبيهم، وتربيتهم مسؤوليته، وهم رعيته وهو مسؤول عنهم، يجب عليه أن ينصح لهم وأن يجعل إصلاحهم وتربيتهم كما يريد الله شغله الشاغل وعمله الأول، ولا يكتفي من ذلك بتوفير الطعام والشراب والملبس وينشغل عنهم بأعماله الدنيوية ويهملهم، فإن فعل ذلك فإنه - غالباً - يندم ويتحسر في الدنيا إذا كبروا وفي الآخرة إذا سئل عن تضييع الأمانة فيهم. الفوائد: - أن الأولاد رعية الأب وهو مسؤول عن تربيتهم. - خطورة إهمال تربية الأولاد وضرره في الدنيا والآخرة. - فضل تربية الأولاد التربية الصالحة، وأن ذلك مما ينفع آباءهم بعد الموت.

7 - تربية الأولاد (1)

تربية الأولاد ملاطفتهم ومداعبتهم والعطف عليهم: عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً، وكان لي أخ يقال له أبو عمير - أحسبه فطيماً (أي: بدأ يدرك) - وكان إذا جاء قال: يا أبا عمير ما فعل النغير". (والنغر: طائر صغير). متفق عليه (¬1). عن بريدة رضي الله عنه قال: "خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران، يعثران ويقومان، فنزل فأخذهما فصعد المنبر ثم قال: صدق الله: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ}، رأيت هذين فلم أصبر، ثم أخذ في الخطبة" أخرجه أبو داود (¬2). احترامهم وإعطاؤهم حقوقهم ولو كانوا صغاراً: وعن سهل بن سعد رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ (أي: كبار السن) فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ فقال الغلام: والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحداً، قال: فتله رسول الله في يده" (أي وضعه في يده). متفق عليه (¬3). ¬

(¬1) خ10/ 582 (6203). (¬2) د 1109. وصححه الألباني في صحيح الجامع 3757. (¬3) خ/86 (5620)، م 2030.

الشرح

الشرح: الرسول صلى الله عليه وسلم في تعامله مع الأطفال هو قدوتنا في تربية أولادنا. ويجب أن نعامل أطفالنا كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعامل أطفال الصحابة. فنراه - كما في هذه الأحاديث - كثير العطف عليهم ويقطع كلامه للصحابة ليحمل الحسن والحسين عطفاً عليهما وحباً لهما، وكذلك يداعب الأطفال ولا يجد غضاضة في ذلك، لما في ذلك من إشعارهم بالحب والعطف الذي يؤثر خيراً في نفوسهم. كذلك كان يحترمهم فلا يمنعهم حقاً لهم بحجة أنهم صغار، كما يفعل كثير من الآباء. الفوائد: في هذه الأحاديث فوائد تربوية منها: - مداعبة الأطفال من قبل الكبار بما يدخل السرور عليهم. - إظهار العطف عليهم والمحبة لهم ولو في مجامع الناس. - احترامهم وإعطاؤهم حقوقهم، وعدم تجاهلها بحجة أنهم صغار.

8 - تربية الأولاد (2)

تربية الأولاد التحذير من الكذب على الأطفال: عن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال: "دعتني أمي يوماً ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا فقالت: ها تعال أعطيك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أردت أن تعطيه؟ قالت: أعطيه تمراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنك لو لم تعطيه شيئاً كتبت عليك كذبة". أخرجه أبو داود (¬1). السماح لهم بشيء من اللهو المباح: قال الله تعالى عن إخوة يوسف: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (¬2). عن عائشة رضي الله عنها قالت: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه أنظر إليهم" أخرجه البخاري (¬3). الشرح: من أعظم وسائل التربية، التربية بالقدوة الحسنة، وهي أن يرى الولد الخصال الحميدة التي نريد أن نربيه عليها في والديه ومن حوله، فإذا أردنا أن نربيه على الصدق فلا نكذب عليه. كذلك يتسامح مع ¬

(¬1) د 4991، وصححه الألباني في الصحيحة 478. (¬2) سورة يوسف، آية:12. (¬3) خ1/ 549 (454).

الفوائد

الصغار في شيء من اللهو المباح؛ لأن نفوسهم لم تتعود بعد على الجد فيسمح لهم بشيء من الترفيه بإشراف الوالدين ومشاركتهما. الفوائد: - النهي عن الكذب على الأطفال لما فيه من الضرر في تربيتهم. - الترخيص للصغار بمشاهدة اللهو المباح.

9 - تربية الأولاد (3)

تربية الأولاد توجيههم ووعظهم وتعليمهم: قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} إلى أن قال: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَاتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَامُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (¬1). عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" (أي: أماكن النوم) أخرجه أبو داود (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أخذ الحسن رضي الله عنه تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كخ كخ، ارم بها، أما علمت أننا لا نأكل الصدقة؟ "متفق عليه (¬3). وعن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه قال: "كنت غلاماً في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله ¬

(¬1) سورة لقمان، الآيات 13 - 17. (¬2) د 495 قال النووي في رياض الصالحين ص 131:بإسناد حسن. (¬3) خ3/ 354 (1491)، م 1069.

الشرح

صلى الله عليه وسلم: يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك" متفق عليه (¬1). عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: "يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليه، رفعت الأقلام وجفت الصحف" أخرجه الترمذي (¬2). الشرح: من الأمور التي يغفل عنها كثير من الآباء تعليم أولادهم وتوجيههم ووعظهم، لا على سبيل التعنيف أو التأنيب على الأخطاء فقط، بل يكون ابتداءً مع إظهار الحرص والشفقة عليهم ليكون أدعى للقبول، ولا ينبغي إهمالهم بحجة أنهم صغار لا يفهمون. الفوائد: - مشروعية وعظ الأولاد وتوجيههم ولو كانوا صغاراً. - مشروعية مراعاة اختلاف مراحل نمو الأولاد في تربيتهم. ¬

(¬1) خ9/ 521، م 2022، د 3777، ت 1857. (¬2) ت 2516 وقال حسن صحيح.

10 - تربية الأولاد (4)

تربية الأولاد وجوب العدل بين الأولاد: قال الله تعالى: {إِنَّ اللهَ يَامُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} (¬1). عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: تصدق علي أبي ببعض ماله، فقالت أمي: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقتي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفعلت هذا بولدك كلهم؟ "قال: لا، قال: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم، فرجع أبي فرد تلك الصدقة" متفق عليه. (¬2). وفي رواية: "إني لا أشهد على جور". وفي رواية: قال: "أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذاً". الشرح: العدل مطلوب في كل شيء. وهو ضروري في معاملة الأولاد وتربيتهم حتى لا تنشأ بينهم الكراهية والبغضاء، ولذلك لم يشهد الرسول صلى الله عليه وسلم على صدقة من لم يعدل بين أولاده وسماها جوراً، وأمره بالعدل بين أولاده، وكان السلف رحمهم الله يحبون أن يساووا بين ¬

(¬1) سورة النحل، آية:90. (¬2) خ5/ 258 (2650)، م 1623.

الفوائد

أولادهم حتى في القبلة (¬1). الفوائد: - وجوب العدل في كل أمر. - تحريم تفضيل بعض الأولاد على بعض في العطية. ¬

(¬1) ذكر ذلك ابن القيم في كتابه تحفة المودود.

11 - فضل الإحسان إلى البنات وتربيتهن

فضل الإحسان إلى البنات وتربيتهن عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتني امرأة ومعها ابنتان لها فسألتني فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة واحدة، فأعطيتها إياها فأخذتها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها شيئاً، ثم قامت فخرجت وابنتاها، فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثته حديثها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من ابتلي من البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار" أخرجه مسلم (¬1). عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عال جاريتين (يعني بنتين) حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو، وضم أصابعه" أخرجه مسلم (¬2). الشرح: البنت إنسان ضعيف، وما خلقت لتستقل بنفسها، فهي غالباً بحاجة إلى من يعولها، ولما كان انتقاص البنات واحتقارهن عادة جاهلية ذميمة رغب الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيتهن وإكرامهن والإحسان إليهن ووعد عليه بالأجر العظيم. الفوائد: - فضل تربية البنات، وإعالتهن وأنه سبب لدخول الجنة. - حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الإحسان للبنات لضعفهن وحاجتهن. ¬

(¬1) م 2629. (¬2) م 2631.

12 - فضل كفالة اليتيم واستحباب ملاطفته

فضل كفالة اليتيم واستحباب ملاطفته قال الله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} (¬1) وقال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} (¬2). عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما" أخرجه البخاري (¬3). (والمقصود بكافل اليتيم: القائم بأمره). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كافل اليتيم - له أو لغيره - أنا وهو كهاتين في الجنة" وأشار الراوي بالسبابة والوسطى" أخرجه مسلم (¬4). (ومعنى له أو لغيره أي: قريبه أو الأجنبي منه) (¬5). الشرح: كفالة اليتيم والإحسان إليه والقيام بأمره من الأعمال التي رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، وذلك لضعفه وما يصيبه من الذل بفقد عائله، وقد وعد على ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم بالأجر العظيم. ¬

(¬1) سورة الضحى، آية:9. (¬2) سورة الإنسان، آية:8. (¬3) م 10/ 436 (6005). (¬4) م 2983. (¬5) رياض الصالحين ص 120.

الفوائد

الفوائد: - فضل كفالة اليتيم والترغيب فيها. - أن ذلك سبب لدخول الجنة ورفعة الدرجات فيها. - أن ذلك يشمل اليتيم ولو كان قريباً.

13 - التغليظ في أكل مال اليتيم

التغليظ في أكل مال اليتيم (¬1) قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَاكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَاكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف (أي الفرار من الجيش عند لقاء الكفار) وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات" متفق عليه (¬3). (ومعنى الموبقات: المهلكات). وعن خويلد بن عمر الخزاعي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة" أخرجه النسائي (¬4). (ومعنى أحرج: ألحق الحرج - أي: الإثم - بمن ضيع حقهما). الشرح: شددت الشريعة في التحذير من التعرض لحقوق اليتيم - وهو من ¬

(¬1) انظر: تنبيه الغافلين 153،تحفة الأحوذي 6/ 38. (¬2) سورة النساء، آية:10. (¬3) خ5/ 393 (2766)، م 89. (¬4) قاله النووي في رياض الصالحين، وحسنه الألباني في الصحيحة 1015 وعزاه لابن ماجه وابن حبان وقال: إن الحاكم صححه ووافقه الذهبي.

الفوائد

فقد أباه قبل البلوغ - وتوعد الله عليه بالنار، وعده الرسول صلى الله عليه وسلم من الذنوب المهلكة. الفوائد: - الترهيب من أكل مال اليتيم بغير حق. - أنه من الذنوب الكبيرة المهلكة.

14 - آداب السفر وسننه (1)

آداب السفر وسننه عن كعب بن مالك رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في غزوة تبوك يوم الخميس، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس" أخرجه البخاري (¬1). عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أن الناس يعلمون من الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده" أخرجه البخاري (¬2). عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الراكب شيطان والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب" أخرجه أبو داود والترمذي (¬3). عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم" أخرجه أبو داود (¬4). الشرح: للسفر آداب وسنن أرشد لها النبي صلى الله عليه وسلم، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يستحب الخروج يوم الخميس، وحث صلى الله عليه وسلم على اتخاذ الرفيق في ¬

(¬1) خ6/ 113 (2950). (¬2) خ6/ 137 (2998). (¬3) د 2607، ت 1674، وقال حسن صحيح. (¬4) د 2608 قال النووي في رياض الصالحين 317 بإسناد حسن.

الفوائد

السفر، وتأمير الجماعة واحداً عليهم ليكون أجمع لكلمتهم، وأبعد عن النزاع وحذر صلى الله عليه وسلم من أن يسافر الرجل وحده. الفوائد: - استحباب الخروج للسفر يوم الخميس. - النهي عن سفر الإنسان وحده. - الأمر بتأمير أحد الرفقة في السفر.

15 - آداب السفر وسننه (2)

آداب السفر وسننه أذكار الركوب والقدوم: عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً ثم قال: "سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر (أي شدته) وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل والولد، وإذا رجع قالهن وزاد فيهن: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون". رواه مسلم (¬1). التكبير إذا علا مرتفعاً والتسبيح إذا هبط منخفضاً: عن جابر رضي الله عنه قال: "كنا إذا صعدنا كبرنا وإذا نزلنا سبحنا". أخرجه البخاري (¬2). ما يقول إذا نزل منزلاً: عن خولة بنت حكيم رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك". أخرجه مسلم (¬3). ¬

(¬1) م 1342. (¬2) خ6/ 135 (2993). (¬3) م 2708.

الشرح

الشرح: للسفر أذكار ينبغي للمسافر الحرص عليها، منها أذكار الركوب، وبدء المسير وأذكار العودة والوصول، وكان من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم يكبرون إذا صعدوا مرتفعاً لما في ذلك من تعظيم الله في هذا الموضع المرتفع، وإذا نزلوا منخفضاً سبحوا الله ونزهوه، وأرشد صلى الله عليه وسلم من نزل منزلاً أن يستعيذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق فلا يضره شيء حتى يرحل من مكانه. الفوائد: - استحباب قول أذكار السفر في الذهاب والعودة. - استحباب التسبيح والتكبير أثناء السير. - الاستعاذة بكلمات الله التامات تحفظ الإنسان من كل شيء.

16 - آداب السفر وسننه (3)

آداب السفر وسننه تحريم سفر المرأة بدون محرم: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها" متفق عليه (¬1). عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، فقال له رجل: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا؟ قال انطلق فحج مع امرأتك" متفق عليه (¬2). البداءة بالمسجد عند الوصول: عن كعب بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين" متفق عليه (¬3). الشرح: من أحكام السفر التي ينبغي ألا يتساهل فيها سفر المرأة بلا محرم، فقد نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم لما فيه من الخطر العظيم والفتنة الكبيرة. ومن سنن السفر أن يبدأ المسلم عند وصوله بالمسجد ¬

(¬1) خ2/ 56 (1088) م 1339. (¬2) خ6/ 42 (3006)، م 1341. (¬3) خ8/ 113 (4418)، م 2769.

الفوائد

فيصلي فيه ركعتين كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل. الفوائد: - تحريم سفر المرأة بدون محرم. - يدخل في ذلك السفر بالطائرة؛ لأنه سفر ولأن الفتنة لا تؤمن فيه (¬1). - استحباب أن يبدأ المسلم بالمسجد عند وصوله ويؤدي فيه ركعتين. ¬

(¬1) أضاف الشيخ ابن جبرين: إلا أن تكون المدة أقل من يوم.

17 - التشبه بالكفار

التشبه بالكفار (¬1) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "ليس منا من تشبه بغيرنا" أخرجه الترمذي (¬2). عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم" أخرجه أبو داود (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف" أخرجه مسلم (¬4). الشرح: للمسلم شخصيته المتميزة عن غيره، أراد الله له أن يكون متميزاً عن غيره من المشركين، وحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من مشابهة المشركين ونهى عنه أشد النهي لما تجر إليه مشابهة الظاهر من المشابهة في الباطن، وأمر المسلمين بمخالفتهم في مواطن كثيرة. الفوائد: - تحريم التشبه بغير المسلمين. - أنه من الكبائر لما قد يجر إليه من مشابهتهم في دينهم. - يدخل في ذلك التشبه بهم في لباسهم أو عاداتهم ونحو ذلك. ¬

(¬1) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام ابن تيمية. (¬2) ت 2695. (¬3) د 4031. (¬4) م 2638.

18 - المرء مع من أحب

المرء مع من أحب عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أعرابياً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "متى الساعة؟ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أعددت لها؟ قال: حب الله ورسوله، قال: المرء مع من أحب" أخرجه مسلم (¬1). عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما قال: "جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كيف ترى في رجل أحب قوماً ولما يلحق بهم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرء مع من أحب"أخرجه مسلم (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف" أخرجه مسلم (¬3). الشرح: الحب في الله والبغض فيه من أوثق عرى الإيمان، والمؤمن مأمور بمحبة المؤمنين والصالحين وبغض الكافرين، وهذه المحبة والبغض دين يتقرب به إلى الله، ويحشر المرء يوم القيامة مع من ¬

(¬1) م 2639. (¬2) م 2640. (¬3) م 2638.

الفوائد

أحب في هذه الدنيا. الفوائد: - فضل حب الصالحين، وأنه سبب لمرافقتهم في الجنة، وإن قل العمل. - خطورة محبة الكافرين والفساق. - أن من أحب قوماً فهو معهم يوم القيامة.

19 - حكم التصوير والصور

حكم التصوير والصور (¬1) عن أبي طلحة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة" متفق عليه (¬2). عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصورون" متفق عليه (¬3). عن عائشة رضي الله عنها أنها اشترت نمرقة (أي: وسادة) فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل، فعرفت في وجهه الكراهية، قالت: قلت يا رسول الله أتوب إلى الله ورسوله، ماذا أذنبت؟ قال: ما بال هذه النمرقة؟ قالت: اشتريتها لتقعد عليها وتوسدها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم، وقال: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة" متفق عليه (¬4). الشرح: تصوير ذوات الأرواح من كبائر الذنوب، والمصورون هم أشد ¬

(¬1) انظر فتاوى الشيخ ابن عثيمين 2/ 253، وشروح كتاب التوحيد: باب ما جاء في المصورين. (¬2) خ10/ 328،م2106،د4155،ت2805. (¬3) خ10/ 382 (5950)، م 2109. (¬4) خ10/ 392 (5961)، م 2107.

الفوائد

الناس عذاباً يوم القيامة يعذبون بكل صورة صوروها ويقال لهم أحيوا ما خلقتم، ولا فرق بين التصوير المجسم وبين التصوير باليد. الفوائد: - تحريم التصوير وأنه من الكبائر. - أن الملائكة لا تدخل البيت الذي فيه صورة. - أن المصورين هم أشد الناس عذاباً يوم القيامة.

20 - اقتناء الكلب

اقتناء الكلب (¬1) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من من اتخذ كلب ماشية أو صيد أو زرع انتقص من أجره كل يوم قيراط"متفق عليه (¬2). وعن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب إلا كلب صيد أو كلب غنم أو كلب ماشية" أخرجه مسلم (¬3). وعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها كلها، فاقتلوا منها كل أسود بهيم" أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي (¬4) وزادا: "ما من أهل بيت يربطون كلباً إلا نقص من عملهم كل يوم قيراط إلا كلب صيد أو كلب حرث أو كلب غنم". وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فاغسلوه سبعاً وعفروه الثامنة بالتراب" متفق عليه (¬5). عن أبي طلحة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدخل ¬

(¬1) انظر: غذاء الألباب 2/ 74،فتح الباري 5/ 5. (¬2) خ 5/ 5 (2322)، م 1575. (¬3) م 1571. (¬4) د 2845، ت 1486 وقال حسن صحيح، ن4280، وصححه الألباني في صحيح الجامع 5321. (¬5) خ1/ 274 (172)، م 280.

الشرح

الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة" متفق عليه (¬1). الشرح: الكلب من الحيوانات التي نهى الشرع عن اقتنائها ولم يرخص فيها إلا للحاجة الماسة، وذلك لما فيه من الضرر الصحي البالغ، ولأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب، أو لغير ذلك من الحكم التي يعلمها الله، فينبغي للمسلم الحذر من التساهل في إدخاله البيت من غير ضرورة. الفوائد: - تحريم اتخاذ الكلب إلا للصيد أو حراسة الماشية أو الزراعة. - التنفير من الكلاب والأمر باجتنابها. - التغليظ في نجاسة ما ولغ فيه الكلب حيث يغسل سبع مرات أولاهن بالتراب. ¬

(¬1) خ10/ 328، م 2106، د 4155، ت 2805.

21 - سنن النوم وآدابه

سنن النوم وآدابه عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل: اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجا ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت، فإن مت مت على الفطرة واجعلهن آخر ما تقول" متفق عليه (¬1). عن حذيفة رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده ثم يقول: اللهم باسمك أموت وأحيا، وإذا استيقظ قال: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور" أخرجه البخاري (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعاً على بطنه فقال: إن هذه ضجعة لا يحبها الله" أخرجه الترمذي (¬3). الشرح: للنوم آداب وسنن سنها الرسول صلى الله عليه وسلم وعلمها لأصحابه، منها ¬

(¬1) خ/109 (6311)، م 2710. (¬2) خ11/ 115 (6314). (¬3) ت 2768، وصححه الألباني في المشكاة 4718.

الفوائد

النوم على وضوء وأذكار النوم والاستيقاظ، وهيئة النوم الصحيحة. الفوائد: - استحباب النوم على وضوء. - استحباب النوم على الجنب الأيمن وقراءة الأذكار الواردة. - كراهة نوم الإنسان على بطنه.

22 - الرؤيا فضلها والترهيب من الكذب فيها

الرؤيا فضلها والترهيب من الكذب فيها (¬1) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة" أخرجه البخاري (¬2). (ومعنى صلاحها: استقامتها وانتظامها). عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الرؤيا من الله والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات وليتعوذ بالله من شرها، فإنها لن تضره" أخرجه البخاري ومسلم (¬3). وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل" أخرجه البخاري (¬4). (ومعناه: أنه يكلف يوم القيامة بما لا يكون ليطول عذابه). الشرح: الرؤيا أمرها عظيم، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل أصحابه عن رؤاهم ويفسرها لهم، وأخبر أن الرؤيا من الله والحلم من الشيطان، وحذر صلى الله عليه وسلم من الكذب في الرؤيا. ¬

(¬1) انظر: جامع الأصول 2/ 515،الآداب الشرعية 3/ 445، كتاب الرؤيا للشيخ حمود التويجري. (¬2) خ12/ 375 (6990). (¬3) خ12/ 368 (6984)، م 2261. (¬4) 12/ 427 (7042).

الفوائد

الفوائد: - تعظيم شأن الرؤيا الصالحة حيث إنها من المبشرات وجزء من النبوة. - أن الرؤيا من الله والحلم من الشيطان. - شدة عقاب من كذب في رؤياه.

23 - آداب الرؤيا وسننها

آداب الرؤيا وسننها عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الرؤيا من الله والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات وليتعوذ بالله من شرها، فإنها لن تضره" أخرجه البخاري ومسلم (¬1) وزاد في رواية "وليتحول عن جنبه الذي كان عليه". وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها وليحدث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان، فليستعذ بالله من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره" أخرجه البخاري (¬2). وعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: "لا يحدثن أحدكم بتلعب الشيطان به في منامه" أخرجه مسلم (¬3). الشرح: للرؤيا آداب وسنن سنها الرسول صلى الله عليه وسلم ينبغي للمسلم الحرص عليها لينجو بإذن الله من الشيطان ووساوسه التي يحاول بها إيذاء المؤمنين. ¬

(¬1) خ 12/ 368 (6984)، م 2261. (¬2) 12/ 430 (7045). (¬3) م 2268.

الفوائد

الفوائد: - على المسلم إذا رأى في منامه ما يكره أن ينفث عن يساره ثلاث مرات ويتعوذ من شرها ومن الشيطان، وينقلب إلى الجنب الآخر. - إن رأى المسلم ما يكره فلا يخبر بذلك أحداً فإنها لا تضره. - على المسلم ألا يخبر بما يراه من أضغاث الأحلام التي هي من تلعب الشيطان به.

24 - فضل المحبة في الله

فضل المحبة في الله عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه. ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال: إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه" متفق عليه (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي"أخرجه مسلم (¬2). عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في والمتباذلين في" أخرجه مالك (¬3). الشرح: الحب في الله هو أن تحب شخصاً لأنه مطيع لله ويزداد الحب له كلما ازدادت طاعته لله، وهذا الحب من أفضل الأعمال؛ لأنه لا يكون ¬

(¬1) خ 2/ 143 (600)، م 1031. (¬2) م 1031. (¬3) ط 2/ 818، وقال النووي في رياض الصالحين 156 بإسناد صحيح.

الفوائد

إلا خالصاً لله، سالماً من الأغراض الدنيوية، وجزاؤه محبة الله لصاحبه وأنه يظله في ظله يوم القيامة. الفوائد: - فضل الحب في الله وعظم الثواب عليه يوم القيامة. - أنه سبب لجلب محبة الله تعالى.

25 - فضل الزيارة في الله

فضل الزيارة في الله عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى، فأرصد الله تعالى على مدرجته ملكاً (أي جعل ملكاً في طريقه)، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال أريد أخاً لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمة تربها عليه؟ (أي تسعى في إصلاحها) قال: لا، غير أني أحببته في الله تعالى: قال: فإني رسول الله إليك أن الله قد أحبك كما أحببته فيه" أخرجه مسلم (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عاد مريضاً أو زار أخاً له في الله ناداه مناد أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاً" أخرجه الترمذي (¬2). الشرح: الزيارة في الله فضلها عظيم وأجرها كبير، وهي التي تكون عن محبة في الله ورجاء لثوابه لا لمصالح دنيوية، أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن جزاءها محبة الله والفوز بالجنة. الفوائد: - فضل الزيارة في الله عز وجل. - أنها سبب لجلب محبة الله ودخول الجنة. ¬

(¬1) م 2567. (¬2) ت 2008، وقال حسن غريب، وحسنه الألباني في صحيح الجامع 6387.

26 - إجابة الدعوة

إجابة الدعوة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس" متفق عليه (¬1). عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها" أخرجه مسلم (¬2). عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن شاء طعم وإن شاء ترك" أخرجه مسلم (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "بئس الطعام طعام الوليمة يدعى إليه الأغنياء ويترك المساكين، فمن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله" أخرجه مسلم (¬4). الشرح: إجابة الدعوة من حقوق المسلم على أخيه، أمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم لما فيها من تقوية الروابط الاجتماعية والأسرية بين المسلمين، وفي ترك إجابة الدعوة للوليمة معصية للرسول صلى الله عليه وسلم. ¬

(¬1) خ 1123 (1240)، م 2162. (¬2) م 1429. (¬3) م 1430. (¬4) م 1432.

الفوائد

الفوائد: - الأمر بإجابة الدعوة في الوليمة. - أن إجابة الدعوة من حق المسلم على أخيه. - أن إجابة الدعوة لا يلزم منها الأكل من الطعام.

27 - آداب الاستئذان

آداب الاستئذان قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَانِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} (¬1) (ومعنى تستأنسوا: تستأذنوا) وقال سبحانه: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَاذِنُوا كَمَا اسْتَاذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} (¬2). عن جابر رضي الله عنه قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في دين كان على أبي فدققت الباب، فقال: من ذا؟ فقلت: أنا، فقال: أنا! أنا! كأنه كرهها" متفق عليه (¬3). عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الاستئذان من أجل البصر" متفق عليه (¬4). عن كلدة بن الحنبل رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فدخلت عليه ولم أسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ارجع فقل: السلام عليكم أأدخل؟ " أخرجه أبو داود والترمذي (¬5). عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله: "إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع" متفق عليه (¬6). ¬

(¬1) سورة النور، آية:27. (¬2) سورة النور، آية:59. (¬3) خ11/ 26 (6245)، م 2153. (¬4) خ11/ 35 (6250)، م 2155. (¬5) د 5176، ت 2711. (¬6) خ11/ 24 (6241)، م 2156.

الشرح

الشرح: الاستئذان من الآداب التي حث عليها الإسلام لما فيه من حفظ عورات الناس وأمورهم الخاصة، ويشرع الاستئذان ثلاث مرات بدق الباب أو طلب الدخول فإن أذن له وإلا يرجع ولا يزيد عن الثلاث. الفوائد: - الأمر بالاستئذان قبل دخول البيوت. - أن السنة إذا قيل للمستأذن من أنت؟ أن يسمي نفسه، ولا يقول: أنا. - أن الاستئذان يكون ثلاث مرات فإن أذن وإلا فليرجع المستأذن.

28 - آداب المجلس والمجالسة (1)

آداب المجلس والمجالسة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير المجالس أوسعها" أخرجه أبو داود (¬1). عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والجلوس في الطرقات، قالوا: يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا، نتحدث فيها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حقه؟ قال: غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" أخرجه مسلم (¬2). عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة" متفق عليه (¬3). وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة يوم القيامة، فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم" أخرجه الترمذي (¬4). ¬

(¬1) د 4820، وصححه الألباني في المشكاة رقم 4733. (¬2) م 2161. (¬3) خ 9/ 660 (5534)، م 2628. (¬4) ت 3380، وصححه الألباني في صحيح الجامع 5607.

الشرح

الشرح: للمجالس والمجالسة في الإسلام آداب وسنن ينبغي للمسلمين الحرص على التأدب بها، وجه إليها الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى تكون مجالسنا مجالس خير مباركة يرضى الله عنها. الفوائد: - استحباب توسعة المجلس. - النهي عن الجلوس في الطرقات إلا لمن يؤدي حقها من غض البصر وكف الأذى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. - التوجيه إلى المجالس التي فيها جلساء صالحون والتحذير من ضدها. - التحذير من المجالس التي لا يذكر فيها اسم الله.

29 - من آداب المجلس والمجالسة (2)

من آداب المجلس والمجالسة قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ} (¬1). عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقيمن أحدكم رجلاً من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن توسعوا وتفسحوا" متفق عليه (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به" أخرجه مسلم (¬3). عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: "كنا إذا أتينا النبي صلى الله عليه وسلم جلس أحدنا حيث ينتهي" أخرجه أبو داود والترمذي (¬4). عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: "دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، المسجد وهم حلق فقال: مالي أراكم عزين" (أي: متفرقين جماعات). أخرجه مسلم (¬5). الشرح: من آداب المجلس التي أرشد إليها الرسول صلى الله عليه وسلم الاجتماع في ¬

(¬1) سورة المجادلة، آية: 11. (¬2) خ 11/ 62 (6270)، م 2177. (¬3) 2م 2179. (¬4) د 4825، ت 2726. (¬5) م 430، د 4823.

الفوائد

المجلس وعدم التفرق، وألا يقيم الرجل الرجل ليجلس مكانه ولكن يتفسح الجالسون له، كذلك إذا قام أحد ثم عاد إلى مكانه فهو أحق بالجلوس فيه، أما القادم فإن السنة أن يجلس حيث ينتهي به المجلس. الفوائد: - استحباب الاجتماع في المجلس وعدم التفرق فيه. - النهي عن إقامة جالس للجلوس مكانه، ولكن يتفسح له الجالسون. - المشروع للقادم أن يجلس حيث ينتهي به المجلس. - إذا قام الرجل من مجلسه ثم عاد إليه فهو أحق به.

30 - من آداب المجلس والمجالسة (3)

من آداب المجلس والمجالسة عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان ثلاثة فلا يتناج اثنان دون الثالث" أخرجه مسلم (¬1). عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل للرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما" أخرجه الترمذي (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك" أخرجه الترمذي (¬3). الشرح: من آداب المجلس التي سنها الرسول صلى الله عليه وسلم لمنع كل ما يمكن أن يسبب التباغض بين المسلمين ألا يتحدث اثنان سراً في مجلس دون الثالث، إذا لم يكن في المجلس إلا ثلاثة، كذلك نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجلس الرجل بين اثنين إلا أن يستأذنهما لأنه قد يكون بينهما أمر لا يريدان أحداً أن يطلع عليه. ومن الآداب التي يختم بها المجلس كفارة المجلس تكفر ما قد يكون فيه من صغائر الذنوب. ¬

(¬1) م 2183. (¬2) ت 2752 وقال حسن صحيح، د 4845، وصححه الألباني في صحيح الجامع 7656. (¬3) ت 3433 وقال حسن غريب صحيح، وصححه الألباني في صحيح الجامع 6192.

الفوائد

الفوائد: - النهي عن أن يتحدث اثنان سراً دون الثالث. - النهي عن أن يفرق الرجل بين متجالسين إلا بإذنهما. - استحباب ختم المجالس بدعاء كفارة المجلس.

6 - جمادى الثانية

وجوب الحذر مما يلقيه الشيطان بين المسلمين من الفتن قال الله تعالى: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ} (¬1). عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الشيطان أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم" أخرجه مسلم (¬2). عن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن عرش إبليس على البحر فيبعث سراياه فيفتنون الناس، فأعظمهم عنده أعظمهم فتنة" أخرجه مسلم (¬3). عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: وإياي، إلا أن الله قد أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير" أخرجه مسلم (¬4). الشرح: عداوة الشيطان للإنسان ثابتة لا شك فيها، أخبر عنها الله تعالى ¬

(¬1) سورة الإسراء، آية:53. (¬2) م 2812. (¬3) م 1813. (¬4) م 2418.

الفوائد

في القرآن محذراً عباده من كيده، فهو لا يترك ما يمكن أن يلقي العداوة، بين الناس إلا ويأتيه ويحرص عليه، ومن ذلك إلقاء الفتن بينهم والعداوات لما تجره من التقاطع والتدابر والتقاتل بين المسلمين. الفوائد: - تأكيد عداوة إبليس للمؤمنين. - وجوب الحذر من الفتن التي تقع بين الناس والسعي في إطفائها لأنها من عمل الشيطان.

2 - فضل الصبر والحث عليه

فضل الصبر والحث عليه قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (¬1). وقال: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (¬2). عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: "إني أصرع وإني أتكشف، فادع الله تعالى لي، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله تعالى أن يعافيك؟ فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف فادع الله ألا أتكشف، فدعا لها" متفق عليه (¬3). عن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له" أخرجه مسلم (¬4). عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم" أخرجه الترمذي (¬5). ¬

(¬1) سورة الزمر، آية:10. (¬2) سورة البقرة، آية:155. (¬3) خ10/ 114 (5652)، م 2576. (¬4) م 2999. (¬5) ت 2507، وصححه الألباني في صحيح الجامع 6651.

الشرح

الشرح: للصبر منزلة عظيمة في الدين، فالدين كله قائم على الصبر: صبر على طاعة الله وصبر عن محارم الله وصبر على أقدار الله، والصابر هو الرابح لأنه أطاع الله واحتسب الأجر عنده، ولأن الجزع والتسخط لا يغير القدر وهو ضرر على صاحبه. الفوائد: - فضل الصبر وعلو منزلته من الدين. - أنه سبب للفوز بالجنة. - الترغيب في الصبر على أذى الناس.

3 - ما جاء في المرض وتكفيره السيئات

ما جاء في المرض وتكفيره السيئات عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم - حتى الشوكة يشاكها - إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه (¬1). (النصب: التعب، والوصب: المرض) (¬2). عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه وهو يوعك وعكاً شديداً، وقلت: إنك لتوعك وعكاً شديداً، إن ذاك بأن لك أجرين، قال: أجل، ما من مسلم يصيبه أذى إلا حات الله عنه خطاياه كما تحات ورق الشجر" متفق عليه (¬3). عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب، فقال: مالك يا أم السائب ترفرفين؟ (أي: ترعدين) (¬4) قالت الحمى لا بارك الله فيها، قال: لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديث" أخرجه مسلم (¬5). الشرح: من رحمة الله تعالى أنه جعل كل ما يصيب المسلم في هذه ¬

(¬1) خ 10/ 103 (5642)، م 2573. (¬2) الفتح 10/ 106. (¬3) خ10/ 110 (5647)، م 2571. (¬4) شرح النووي 16/ 367. (¬5) م 4575.

الفوائد

الدنيا من الأمراض ونحوها مكفرة لذنوبه، فكل ما يصيب المسلم - إذا صبر عليه - فهو في حقه نعمة من الله تعالى. الفوائد: - وجوب الصبر على ما يصيب الإنسان من الأمراض ونحوها. - أنها كفارة لذنوبه إذا صبر واحتسب. - فضل الله سبحانه بتكفيره ذنوب عباده بهذه الأشياء.

4 - تحريم الغدر والترهيب منه

تحريم الغدر والترهيب منه قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}. (¬1). وقال {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} (¬2). وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر" متفق عليه (¬3). عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لكل غادر لواء يوم القيامة، يقال هذه غدرة فلان" متفق عليه (¬4). الشرح: أمر الله سبحانه بالوفاء بالعهد، وعد الرسول صلى الله عليه وسلم الغدر - وهو أن يعاهد الإنسان على شيء ولا يفي به - من خصال المنافقين، وأخبر أنه يقام للغادر يوم القيامة علم كبير يراه الناس ويقال هذه غدرة فلان حتى يفتضح بين الناس. ¬

(¬1) سورة المائدة، آية:1. (¬2) سورة الإسراء، آية: 34. (¬3) خ1/ 89 (34)، م 58. (¬4) خ10/،م 1735.

الفوائد

الفوائد: - تحريم الغدر والترهيب منه. - أنه من خصال المنافقين. - التشهير بالغدر يوم القيامة لقبح فعله.

5 - الغش والتحذير منه

الغش والتحذير منه عن أبي هريرة رضي الله عنه"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة (أي: كومة) طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس من غش فليس مني" أخرجه مسلم (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حمل علينا السلاح فليس منا ومن غشنا فليس منا"أخرجه مسلم (¬2). عن تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"أخرجه مسلم (¬3). الشرح: النصح للمسلمين واجب وهو من الدين، وغشهم في البيع والشراء أو غيره معصية ومن كبائر الذنوب حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبر أن من غش المسلمين فليس منهم. الفوائد: - تحريم غش المسلمين وأنه من كبائر الذنوب. - وجوب النصح للمسلمين وطلب الخير لهم. ¬

(¬1) م 102. (¬2) م 101. (¬3) م 55.

6 - فضل الخوف من الله

فضل الخوف من الله قال الله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} (¬1). وقال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى {} فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَاوَى} (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه" متفق عليه (¬3). عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله"أخرجه الترمذي (¬4). الشرح: الخوف من الله عبادة قلبية عظيمة لا تصدر إلا من مؤمن صادق الإيمان، فلذلك كانت له هذه المنزلة العالية والفضيلة العظيمة، ¬

(¬1) سورة الرحمن، آية:46. (¬2) سورة النازعات، الآيتان:40، 41. (¬3) خ2/ 143 (660)، م 1031. (¬4) ت 1639.

الفوائد

والخوف المحمود هو ما دفع صاحبه إلى عمل الطاعات، وحجزه عن فعل المحرمات. الفوائد: - فضل الخوف من الله وأنه سبب لدخول الجنة. - أن الخوف من الله مانع من المعاصي.

7 - فضل السواك والأمر به

فضل السواك والأمر به عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة" متفق عليه (¬1). عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكثرت عليكم في السواك"أخرجه البخاري (¬2). عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السواك مطهرة للفم مرضاة للرب"أخرجه النسائي (¬3). عن حذيفة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك" متفق عليه (¬4). (ومعنى يشوص: يدلك). وعن شريح بن هانئ قال: "قلت لعائشة رضي الله عنها: بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك"أخرجه مسلم (¬5). الشرح: السواك طهارة ونظافة للفم وسنة رغب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ¬

(¬1) خ2/ 374 (887)، م 252. (¬2) م2/ 374 (888). (¬3) ن5، وصححه الألباني في إرواء الغليل 66 وعزاه لأحمد. (¬4) خ1/ 356 (245)، م 255. (¬5) م 253.

الفوائد

خصوصاً في المواضع التي تشرع لها الطهارة والنظافة كالصلاة، أو عند تغير رائحة الفم، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب السواك ويكثر من التسوك ويكثر من أمر أصحابه به. الفوائد: - تأكيد استحباب السواك. - فضله وأنه جالب لرضى الله ومطهر للفم. - تأكده عند الصلاة وعند القيام من النوم وعند دخول البيت.

8 - من خصال المنافقين

من خصال المنافقين قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً} (¬1). عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها: "إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر" متفق عليه (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أثقل الصلاة على المنافقين العشاء والفجر، ولو يعلمون ما فيهما من الأجر لأتوهما ولو حبواً" متفق عليه (¬3). الشرح: خصال المنافقين كثيرة نبه عليها القرآن، وذكر الرسول بعضاً منها تحذيراً للأمة أن تقع فيها فيكون فيها شبه منهم. ومنها تلك الخصال الأربع: الخيانة والغدر والكذب والفجور، فهذه لا تكاد تجتمع إلا في منافق، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً بعلامة من علامات النفاق وهي استثقال صلاة العشاء والفجر، وهو ما وقع فيه ¬

(¬1) سورة النساء، آية:142. (¬2) خ1/ 89 (34)، م 58. (¬3) خ2/ 141 (657)، م 651.

الفوائد

بعض المسلمين اليوم، فحري بالمسلم معرفة هذه الأوصاف والحذر من الوقوع فيها. الفوائد: - أن الخيانة والكذب والغدر والفجور من صفات المنافقين. - أن من صفاتهم استثقال الصلاة والتكاسل عنها خصوصاً صلاة العشاء والفجر. - أن من خصالهم قلة ذكر الله. - وجوب الحذر من هذه الخصال.

9 - ما جاء في الأصدقاء والقرناء

ما جاء في الأصدقاء والقرناء قال الله تعالى: {الأَخِلاَّء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} (¬1). عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة" متفق عليه (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" أخرجه أبو داود والترمذي (¬3). الشرح: للأصدقاء والقرناء تأثير كبير على الإنسان، وفي الغالب أن الإنسان يتخلق بأخلاق أصدقائه حسنة كانت أم سيئة، فلذلك حث الرسول صلى الله عليه وسلم على اختيار الصديق الصالح وشبهه ببائع المسك الذي لن تعدم منه الفائدة، بعكس صديق السوء فإنه لابد أن يصلك من شره. ¬

(¬1) سورة الزخرف، آية:67. (¬2) خ9/ 660 (534)، م 2628. (¬3) د 4833، ت 2397 وقال حسن، وقال النووي في رياض الصالحين ص 367:إسناده صحيح.

الفوائد

الفوائد: - أن من كانت صداقته على غير تقوى ولغير محبة في الله، فإنها تنقلب عداوة يوم القيامة. - وجوب اختيار الصديق الصالح. - أن للصديق تأثيراً كبيراً على صديقه.

10 - النهي عن الغضب وما يقول ويفعل عند الغضب

النهي عن الغضب وما يقول ويفعل عند الغضب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "أوصني، قال: لا تغضب، فرد ذلك مراراً، قال: لا تغضب"أخرجه البخاري (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" متفق عليه. والصرعة: هو الذي يصرع الناس ويغلبهم (¬2). عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع"أخرجه أبو داود (¬3). عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال: "استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوس وأحدهما يسب صاحبه مغضباً، قد احمر وجهه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) خ10/ 519 (6116). (¬2) خ10/ 518 (6114)، م 2608. (¬3) د 4782، وصححه الألباني في المشكاة 5114. (¬4) خ10/ 518 (5115)، م 2610.

الشرح

الشرح: الغضب خلق ذميم يجر صاحبه غالباً إلى ما لا يحب من الأعمال، هو من الشيطان، فلذلك أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالبعد عنه وأرشد إلى ما يخفف حدته عند وقوعه. الفوائد: - وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بترك الغضب وامتداحه لمن يملك نفسه عند الغضب. - إرشاد من غضب وهو قائم أن يجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع. - إرشاد الرسول صلى الله عليه وسلم من غضب أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.

11 - حلم الرسول صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه

حلم الرسول صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده ولا امرأة ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله تعالى"أخرجه مسلم (¬1). عن أنس رضي الله عنه قال: "كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء" متفق عليه (¬2). عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: "هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل ابن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل عليه السلام، فناداني فقال: إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد ¬

(¬1) م2328. (¬2) خ10/ 275 (5809)، 1057.

الفوائد

بعث إليك ملك الجبال لتأمر بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلم علي ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربي لتأمرني بأمرك، فما شئت، إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين (وهما جبلان في مكة) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئاً" متفق عليه (¬1). الفوائد: - حلم الرسول صلى الله عليه وسلم على قومه. - وجوب اقتداء الدعاة به صلى الله عليه وسلم في الحلم والصبر على أذى الناس. ¬

(¬1) خ10/ 312 (2312)، م 1795.

12 - عيادة المريض

عيادة المريض عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس" متفق عليه (¬1). عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع، قيل يا رسول الله وما خرفة الجنة؟ قال: جناها" (أي ما يجتنى من ثمرها) أخرجه مسلم (¬2). عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من مسلم يعود مسلماً غدوة (أي أول النهار) إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية (أي آخر النهار) إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح وكان له خريف في الجنة". (الخريف: الثمر والمخروف) أخرجه الترمذي (¬3). الشرح: من الأمور التي رغب فيها الرسول صلى الله عليه وسلم زيارة المريض لما فيها من جبر خاطره وتطييب نفسه، وهي حق للمسلم على أخيه المسلم ¬

(¬1) خ3/ 112 (1240)، م 2162. (¬2) م 2568. (¬3) ت 969 وقال حديث حسن غريب. وصححه الألباني في صحيح الجامع 5767.

الفوائد

وأخبر الرسول صلى الله عيه وسلم أن فيها أجراً عظيماً. الفوائد: - استحباب زيارة المريض لما فيها من المواساة والاعتبار بحاله. - أن ذلك من حق المسلم على أخيه المسلم. - فضل ذلك وعظم ثوابه.

13 - استحباب التيامن

استحباب التيامن عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وفي شأنه كله" متفق عليه (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى، وإذا نزع فليبدأ بالشمال، لتكن اليمنى أولهما تنعل وآخرهما تنزع" متفق عليه (¬2). عن أنس رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بلبن قد شيب (أي خلط بماء)، وعن يمينه أعرابي وعن شماله أبو بكر، فشرب ثم أعطى الأعرابي، وقال: الأيمن فالأيمن" أخرجه البخاري (¬3). الشرح: التيامن - وهو البداءة باليمين وتقديم اليمنى فيما هو من باب التكريم - من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو من شعار أهل الإسلام، وفيه مخالفة للشيطان الذي يتعاطى أموره بشماله. الفوائد: - استحباب التيامن في كل ما كان من باب التكريم والتشريف. - استحباب التيامن في لبس النعال والترجل. - استحباب البداءة بالأيمن عند الإعطاء لجماعة من الناس. ¬

(¬1) خ10/ 368 (5926)، م 268. (¬2) خ10/ 311 (5856) م 2097. (¬3) 10/ 86 (5619)، م2029.

14 - زيارة المقابر

زيارة المقابر عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها"أخرجه مسلم (¬1). وزاد الترمذي: "فإنها تذكركم الآخرة". وعنه رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية" أخرجه مسلم (¬2). عن أبي مرثد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها" أخرجه مسلم (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر"أخرجه مسلم (¬4). الشرح: زيارة القبور سنة سنها الرسول صلى الله عليه وسلم فقد فعلها وأمر بها وأخبر ¬

(¬1) م 977. (¬2) م 974. (¬3) م 972. (¬4) م 971.

الفوائد

أنها تذكر الآخرة، فإن الإنسان العاقل إذا رأى مقره الأخير في هذه الدار لاشك أنه سيزهد فيها ويقبل على عمارة داره الأبدية في الآخرة. الفوائد: - استحباب زيارة القبور وأنها تذكرة الآخرة. - استحباب السلام عند دخول المقبرة بما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم. - تحريم الصلاة إلى القبور؛ لأنها وسيلة لعبادتها. - تحريم الجلوس على القبور.

15 - شأن الرجل في بيته ومع أهله

شأن الرجل في بيته ومع أهله عن الأسود بن يزيد قال: سئلت عائشة رضي الله عنها ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: "كان يكون في مهنة أهله - يعني في خدمتهم - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة" أخرجه البخاري (¬1). عن أنس رضي الله عنه قال: "ما مسست ديباجاً ولا حريراً ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي قط أف، ولا قال لشيء فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلت كذا؟ "متفق عليه (¬2). عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده ولا امرأة ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله تعالى" (¬3). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً قط، إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه" متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) خ10/ 460 (6939). (¬2) خ6/ 566 (3561)، م 2309. (¬3) م 2328. (¬4) خ9/ 547 (5409،م 2064، د 3763، ت 2031.

الشرح

عن عائشة رضي الله عنها"أنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، قالت: فسابقته فسبقته على رجلي فلما حملت اللحم (أي سمنت) سابقته فسبقني" أخرجه أبو داود (¬1). الشرح: لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم في بيته ومع أهله مثالاً للخلق العالي الذي يجب أن يقتدي به فيه أتباعه، فهو في بيته في خدمة أهله ويحلم عليهم ويصبر ولا يكثر الانتقاد حتى مع الخدم، ويداعب أهله فيسابقهم في السفر للترويح عنهم وإدخال السرور عليهم. الفوائد: - وجوب التواضع للأهل ومعاملتهم باللين والرفق، ومساعدتهم ومداعبتهم. - أن ذلك لا ينقص من قدر الرجل بل يزيده؛ لأنه من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم. ¬

(¬1) د 2578، وصححه الألباني في المشكاة 3251.

16 - وجوب طاعة ولاة الأمر في غير معصية الله

وجوب طاعة ولاة الأمر في غير معصية الله قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} (¬1). عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "على المرء المسلم السمع والطاعة في ما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة" متفق عليه (¬2). وعنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من خلع يداً في طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية"أخرجه مسلم (¬3). عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كره من أميره شيئاً فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية" (¬4). عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزل منزلاً إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة جامعة، فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً ¬

(¬1) سورة النساء، آية:59. (¬2) خ13/ 121 (7144)،م 1839. (¬3) م 1851. (¬4) خ13/ 121 (7143)، م 1849.

الشرح

عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتن يرقق بعضها بعضاً، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه، ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر"أخرجه مسلم (¬1). الشرح: علاقة الحاكم بالمحكوم في الإسلام أمر قررته الشريعة وجعلت له ضوابط وأسساً لا تتأثر بالأهواء والعاطفة والمصلحة الشخصية، فهي علاقة شرعها من هو عليم بما يصلح المجتمع - سبحانه - وجعلها ديناً يدان له سبحانه وتعالى به. الفوائد: - وجوب طاعة ولاة الأمر في ما أحب المسلم وكره في غير معصية الله. - أن ذلك من الدين الذي يتقرب به إلى الله تعالى. ¬

(¬1) م 1844.

17 - النهي عن الخروج على ولي الأمر المسلم

النهي عن الخروج على ولي الأمر المسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: "دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه فكان مما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله، قال: إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان". أخرجه مسلم (¬1). عن عوف بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم. قيل: يا رسول الله، أفلا ننابذهم بالسيوف؟ فقال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئاً تكرهونه فاكرهوا عمله ولا تنزعوا يداً من طاعة"أخرجه مسلم (¬2) (ومعنى يصلون عليكم: أي يدعون لكم). عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون، من كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع قالوا: يا رسول الله أفلا نقاتلهم؟ قال: لا، ما صلوا"أخرجه مسلم (¬3). ¬

(¬1) م 1709، والأثرة هي الاستئثار والاختصاص بأمور الدنيا. (نووي 12/ 466) .. (¬2) م 1855. (¬3) م 1854.

الشرح

عن ابن عباس رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كره من أميره شيئاً فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية". متفق عليه (¬1). الشرح: دين الإسلام مبني على جلب المصلحة ودفع المضرة، وهو ينهى عن الخروج على الإمام الشرعي لما في ذلك من إثارة الفتن وإراقة الدماء وفساد مصالح الناس الدينية والدنيوية. الفوائد: - تحريم الخروج على إمام المسلمين. - أن من خلع بيعة الإمام وخرج عليه فمات فميتته جاهلية. ¬

(¬1) خ 13/ 121 (7143)، م 1849.

18 - حق الطريق

حق الطريق عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والجلوس في الطرقات، قالوا: يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا، نتحدث فيها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حقه؟ قال: غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"أخرجه مسلم (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" اتقوا اللاعنين، قيل: وما اللاعنان؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم"أخرجه مسلم وأبو داود (¬2). (اللاعنان: أي الأمران الجالبان للعن). (يتخلى: أي يقضي حاجته). إماطة الأذى عن الطري صدقة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" بينما رجل يمشي في طريق إذ وجد غصن شوك فأخره فشكر الله له فغفر له"أخرجه البخاري (¬3). ¬

(¬1) م 2161. (¬2) م 269، د25. (¬3) خ/،م1914،ت 1958.

الشرح

الشرح: للطريق في الإسلام حقوق وآداب تشرع لمن جلس أو مر فيه، ينال المسلم بأدائها الأجر العظيم وينفع إخوانه المسلمين، ويكف الأذى عنهم. الفوائد: - أن للطريق حقوقاً على من جلس فيه، وهي غض البصر عن المحارم وكف الأذى من اليد أو اللسان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. - تحريم البول في طريق الناس. - استحباب إبعاد ما يؤذي المسلمين من طرقهم وعظم الأجر في ذلك.

19 - الأيمان

الأيمان قال تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه"أخرجه مسلم (¬2). وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه" (¬3). (واللج في اليمين: التمادي فيها، وعدم التكفير) (¬4). الشرح: قد يعقد الإنسان يميناً على فعل أمر أو تركه ثم يتراجع عن عزمه وما حلف عليه، فمن رحمة الله أن جعل له مخرجاً وذلك بالكفارة التي شرعها الله للأيمان. ¬

(¬1) سورة المائدة، آية:89. (¬2) م 1649. (¬3) خ11/ 517 (6625)، م 1655. (¬4) النووي، رياض الصالحين 504.

الفوائد

الفوائد: - مشروعية التحلل من اليمين بالكفارة. - أن كفارة اليمين التخيير بين إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة. - أن من لم يجد فعليه صيام ثلاثة أيام.

20 - تحريم شرب الخمر

تحريم شرب الخمر قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} (¬1). عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر خمر وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها ولم يتب، لم يشربها في الآخرة"أخرجه مسلم (¬2). عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كل مسكر حرام، إن على الله عهداً لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا: يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار"أخرجه مسلم (¬3). عن طارق بن سويد رضي الله عنه أنه "سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر فنهاه، فقال: إنما أصنعها للدواء؟ فقال: إنه ليس بدواء، ولكنه داء"أخرجه مسلم (¬4). عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من شرب الخمر في الدنيا لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب ¬

(¬1) سورة المائدة، آية:90. (¬2) م 2003. (¬3) م 2002. (¬4) م 1984.

الشرح

تاب الله عليه فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد الرابعة لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب لم يتب الله عليه وسقاه من نهر الخبال"أخرجه الترمذي (¬1). الشرح: الخمر أم الخبائث وشربها من الكبائر، حرمه الله في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وتوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات وهو مدمن لها بأن الله يحرمه من شربها في الجنة وأن يسقيه من عصارة أهل النار. الفوائد: - تحريم شرب الخمر. - الوعيد الشديد لشاربها. - أنها داء وليست بدواء. ¬

(¬1) ت 1862 وقال: حديث حسن، وصححه الألباني في صحيح الجامع 6312.

21 - من آيات الرسول صلى الله عليه وسلم

من آيات الرسول صلى الله عليه وسلم انشقاق القمر: قال الله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ} (¬1). عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشقين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشهدوا"أخرجه مسلم (¬2). عن أنس رضي الله عنه "أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر مرتين" أخرجه مسلم (¬3). نبع الماء: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: "عطش الناس يوم الحديبية والنبي صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة (أي إناء صغير) فتوضأ فجهش الناس نحوه، فقال: مالكم؟ قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك، فوضع يده في الركوة فجعل الماء يثور بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا، وكنا خمس عشرة مائة" أخرجه البخاري (¬4). وعنه قال: "كان المسجد مسقوفاً على جذوع من نخل، فكان ¬

(¬1) سورة القمر، آية: 1. (¬2) م 2800. (¬3) م 2802. (¬4) خ6/ 581 (3576).

الشرح

النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب يقوم إلى جذع منها، فلما صنع له المنبر فكان عليه فسمعنا لذلك الجذع صوتاً كصوت العشار (أي: الناقة) حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليها فسكنت" أخرجه البخاري (¬1). الشرح: كان يحصل للرسول صلى الله عليه وسلم بعض الآيات على أنه نبي مرسل من الله تزيد إيمان من رآها أو سمع بها، فمن ذلك انشقاق القمر، ونبع الماء من بين أصابعه وحنين الجذع إليه عندما تركه في الخطبة. الفوائد: - صدق نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. - عظم قدرة الله الذي زوده بهذه الآيات. ¬

(¬1) خ 6/ 602 (3585).

22 - فضل خمول الذكر والبعد عن الترؤس

فضل خمول الذكر والبعد عن الترؤس عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة، إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه، مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع"أخرجه البخاري (¬1). وعن عامر بن سعد قال: كان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في إبله فجاءه ابنه عمر، فلما رآه سعد قال: أعوذ بالله من شر هذا الراكب، فنزل فقال له: أنزلت في إبلك وغنمك وتركت الناس يتنازعون الملك بينهم؟ فضرب سعد في صدره وقال: اسكت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي"أخرجه مسلم (¬2). الشرح: حب الشرف والرئاسة من الأمور التي تقدح في إخلاص العمل لله. ولذلك رغب الرسول صلى الله عليه وسلم في التخفي بالعمل والبعد عن مظان الشهرة لما في ذلك من سلامة الدين والبعد عن الفتن. ¬

(¬1) خ6/ 81 (2887). (¬2) م 2965.

الفوائد

الفوائد: - الترغيب في التواضع والبعد عن الشهرة. - استحباب التخفي بالعمل والاستغناء عن الناس

23 - التحذير من إيذاء الصالحين

التحذير من إيذاء الصالحين (¬1) قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً آذنته بالحرب (أي: أعلمته أني محارب له)، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه"أخرجه البخاري (¬3). عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في النار"أخرجه مسلم (¬4). الشرح: أولياء الله هم عباده الصالحون الذين أطاعوه باتباع أوامره ¬

(¬1) انظر شروح الأربعين النووية، حديث 38. (¬2) سورة الحج، آية:38. (¬3) خ (6502). (¬4) م 5/ 163.

الفوائد

واجتناب نواهيه، كرمهم الله وحذر من معاداتهم والتعرض لهم بغير حق، وأخبر أنه هو الذي يدافع عنهم ويتولى حمايتهم ونصرتهم. الفوائد: - التحذير من معاداة أولياء الله. - أن الله سبحانه هو الذي يدافع عنهم ويتولاهم.

24 - طاعة الله سبب لطيب النفس وانشراح الصدر

طاعة الله سبب لطيب النفس وانشراح الصدر قال الله تعالى: {أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (¬1) وقال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} (¬2). وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} (¬3) وقال تعالى {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} (¬4). عن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له"أخرجه مسلم (¬5). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب على كل عقدة مكانها: نم عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده كلها فأصبح نشيطاً طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان" أخرجه البخاري (¬6). ¬

(¬1) سورة الرعد، آية:28. (¬2) سورة طه، آية:124. (¬3) سورة النحل، آية:97. (¬4) سورة التغابن، آية:64. (¬5) م 2999. (¬6) خ6/ 335 (3269).

الشرح

الشرح: كل إنسان يسعى إلى ما يشرح صدره ويهب له السعادة في حياته، ومن أعظم أسباب انشراح الصدر وسعادة النفس طاعة الله سبحانه وتعالى والإيمان به والرضا بقدره واللجوء إليه، فلا يمكن أن تتحقق السعادة الكاملة إلا لمن يؤمن بالله وحده. الفوائد: - أن طاعة الله من أعظم أسباب انشراح الصدر. - أن الشيطان من أسباب ضيق الصدر وخبث النفس.

25 - ضرر ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

ضرر ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال الله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ {} كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (¬1). عن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً"أخرجه البخاري (¬2). وعن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم"أخرجه الترمذي (¬3). الشرح: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأمور المهمة التي تضمن للمجتمع بإذن الله السلامة والنجاة، والتخاذل عن القيام به ¬

(¬1) سورة المائدة، الآيتان:78،79. (¬2) خ5/ 132 (2493). (¬3) ت 2169 وقال: حديث حسن. وحسنه الألباني في صحيح الجامع 7070.

الفوائد

وتضييعه سبب لضعف الأمة وهلاكها ونزول العقاب بها، كما حل بالأمم السابقة. الفوائد: - أن ترك إنكار المنكر كان من أسباب لعن بني إسرائيل. - أن تركه سبب لفساد المجتمع وهلاكه. - أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب لمنع إجابة الدعاء. - أن تركه سبب لنزول العقاب الذي يعم الجميع.

26 - من آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

من آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (¬1) قال الله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (¬2) وقال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (¬3). عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله"متفق عليه (¬4). وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه"رواه مسلم (¬5). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قام أعرابي فبال في المسجد فتناوله الناس، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: دعوه وهريقوا على بوله سجلاً من ماء - أي ذنوباً من ماء - فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين (¬6). الشرح: للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر آداب مهمة ينبغي معرفتها لكي يحقق الأمر والنهي الهدف المنشود، والإخلال بهذه الآداب قد ¬

(¬1) انظر: أعلام الموقعين 3/ 4،جامع العلوم والحكم 2/ 243 (الحديث رقم 34). (¬2) سورة النحل، آية:125. (¬3) سورة آل عمران، آية:159. (¬4) خ10/ 449 (6024)، م 2165. (¬5) م 2594، د 4808. (¬6) 1/ 323 (220).

الفوائد

يجر إلى مفاسد عظيمة تكون أعظم من المنكر الأصلي. الفوائد: - أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لابد أن يكون بالحكمة. - مشروعية الرفق في الأمر والنهي. - مشروعية مراعاة المصالح والمفاسد في الأمر والنهي فلا يؤدي الإنكار إلى منكر أعظم.

27 - الترغيب في الستر على المسلمين والنهي عن تتبع عوراتهم

الترغيب في الستر على المسلمين والنهي عن تتبع عوراتهم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله في الآخرة"أخرجه مسلم (¬1). عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة"أخرجه مسلم (¬2). عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع: "يا معشر من آمن بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المؤمنين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتبع عورة أخيه المسلم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله"أخرجه الترمذي (¬3). الشرح: يحب الله سبحانه وتعالى الستر على الخلق ويأمر به ولذلك ¬

(¬1) م 2590. (¬2) م 2850. (¬3) ت 2032 وقال حسن غريب.

الفوائد

حرم التجسس ونهى عنه، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن من ستر عبداً في الدنيا ستره الله في الآخرة، ونهى صلى الله عليه وسلم عن تتبع المسلمين والتجسس عليهم فيما يخفونه من أعمال. الفوائد: - فضل الستر على المسلمين وأنه سبب لستر الله يوم القيامة. - النهي عن تتبع عورات المسلمين والتجسس عليهم. - عقوبة من فعل ذلك أن الله يفضحه ويظهر للناس ما يستره عنهم.

28 - الترهيب من الجدال والمراء والمخاصمة

الترهيب من الجدال والمراء والمخاصمة (¬1) عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل، ثم قرأ: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً} أخرجه الترمذي (¬2). وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم" رواه البخاري ومسلم (¬3). (والألد هو الشديد الخصومة، والخصم هو الذي يحج من يخاصمه). عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وبيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه" أخرجه أبو داود (¬4) (ومعنى ربض الجنة: أي نواحيها وجوانبها (¬5)، والزعيم: الضامن، والمراء: الجدل). عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون، ¬

(¬1) الآداب الشرعية 1/ 18،تحفة الأحوذي 6/ 109. (¬2) ت 3253 وقال حسن صحيح، جه 48،وحسنه الألباني في صحيح الجامع 5633. (¬3) خ5/ 106 (2457) م 2668،ت 2976. (¬4) د 4800، وحسنه الألباني في صحيح الجامع 1464. (¬5) في النهاية: ما حولها، ورده صاحب المرقاة، كما في تحفة الأحوذي 6/ 109.

الشرح

قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون، فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون"أخرجه الترمذي (¬1). قال النووي: الثرثار هو كثير الكلام تكلفاً، والمتشدق: المتطاول بكلامه، ويتكلم بملء فيه تفاصحاً وتعظيماً لكلامه، والمتفيهق: هو الذي يملأ فمه بالكلام ويتوسع فيه ويغرب به تكبراً وارتفاعاً وإظهاراً للفضيلة على غيره (¬2). الشرح: الجدل والخصومة بالباطل من آفات اللسان التي تسبب الفرقة والتقاطع والتدابر بين المسلمين، وإيغار صدور بعضهم على بعض، وتضييع أوقاتهم فيما لا ينفع، ولذلك حذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم ووعد من تجنبها الأجر العظيم والقرب منه يوم القيامة. الفوائد: - الترغيب في ترك الجدل إلا لمصلحة وبالتي هي أحسن. - الترهيب من الشدة في الخصومة. - أن انتشار الجدل علامة على الضلال. - بغض الرسول صلى الله عليه وسلم للثرثارين المتطاولين على الناس بكلامهم، وبعدهم عنه يوم القيامة. ¬

(¬1) ت 2018 وقال حديث حسن غريب من هذا الوجه، وصححه الألباني في صحيح الجامع 1535. (¬2) رياض الصالحين (باختصار) 233 (ط عالم الكتب).

29 - تحريم الكذب والترهيب منه

تحريم الكذب والترهيب منه (¬1) قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (¬2). عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً"متفق عليه (¬3). وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر" متفق عليه (¬4). وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه أتاني الليلة آتيان وإنهما قالا لي انطلق، وإني انطلقت معهما. . . (حتى قال) فأتينا على رجل مستلق لقفاه وإذا آخر قائم عليه بكلوب ¬

(¬1) انظر الآداب الشرعية 1/ 19،25 ... ،الأذكار 538، غذاء الألباب 1/ 134، جامع الأصول 10/ 598،تنبيه الغافلين 230. (¬2) سورة النحل، آية:105. (¬3) خ10/ 507 (6094)،م2607. (¬4) خ1/ 89 (34)، م 58.

الشرح

من حديد وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل في الجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه فيفعل مثلما فعل في المرة الأولى، قال: قلت سبحان الله ما هذان؟. . . قالا: إنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق"متفق عليه (¬1). الشرح: الكذب من صفات المنافقين التي حذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان من أبغض الأخلاق إليه صلى الله عليه وسلم، وأخبر عنه أنه يجر صاحبه إلى المعاصي التي تورده النار، وأنه إن استمر على عادة الكذب فإنه يكتب عند الله كذاباً، ثم أخبر بعقوبة الذي ينشر الكذب بين الناس وما يعذب به إلى يوم القيامة. الفوائد: - الترهيب من الكذب وأنه من خصال المنافقين. - أنه يجر إلى الفجور أي: المعاصي. - أنه من أسباب دخول النار فيجب الحذر منه. - شدة عذاب من ينشر الكذب بين الناس. ¬

(¬1) خ3/ 251 (1386)، م 2275.

30 - الترهيب من الكذب على الله ورسوله

الترهيب من الكذب على الله ورسوله قال الله تعالى: {قَالَ لَهُم مُّوسَى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} (¬1). وقال: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار"أخرجه مسلم (¬3). عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن كذباً عليَّ ليس ككذب على أحد، فمن كذب فليتبوأ مقعده من النار"أخرجه مسلم (¬4). الشرح: الكذب خصلة ذميمة حرمها الشرع، ويزداد قبح الكذب وشناعته إذا كان كذباً على الله أو على رسوله، فينسب الكاذب إلى الله أو إلى رسوله قولاً من تحليل أو تحريم أو خبر وهو يعلم أنه غير صحيح، فهذا مما توعد الله ورسوله عليه بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة. الفوائد: - التغليظ في تحريم الكذب على الله ورسوله. - أنه من الكبائر المتوعد عليها بالنار. ¬

(¬1) سورة طه: آية:61. (¬2) سورة الزمر، آية:60. (¬3) م 3. (¬4) م 4.

7 - رجب

ما يتساهل فيه من الكلام وهو كذب (¬1) عن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال: "دعتني أمي يوماً (أي: عندما كان طفلاً) ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا فقالت: ها، تعال أعطك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أردت أن تعطيه؟ قالت أعطيه تمراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنك لو لم تعطيه شيئاً كتبت عليك كذبة"أخرجه أبو داود (¬2). وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب، ويل له ويل له"أخرجه أبو داود والترمذي (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع"أخرجه مسلم (¬4). عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بئس مطية الرجل زعموا" أخرجه أبو داود (¬5). الشرح: من الأمور التي يتساهل بها الناس وهي محرمة، بل من كبائر ¬

(¬1) انظر فتح الباري 6/ 158،الآداب الشرعية 1/ 21. (¬2) د 4991،وصححه الألباني في الصحيحة 748. (¬3) د 4990،ت2315 وقال حديث حسن، وحسنه الألباني في صحيح الجامع 7136. (¬4) م 5. (¬5) د 4972، وصححه الألباني في الصحيحة 866.

الفوائد

الذنوب، الكذب لإضحاك الناس، ومما يجر إلى الكذب أيضاً أن يحدث الرجل بكل ما يسمعه بدون توثق؛ لأنه يسمع الصدق والكذب فإذا حدث بكل ما سمعه فإنه سيتحدث بما لم يقع وهو من الكذب. الفوائد: - وجوب التحرز من الكذب حتى على الأطفال في الأمور الصغيرة. - الترهيب من الكذب لإضحاك الناس على سبيل المزاح. - الزجر عن التحديث بكل ما سمع الإنسان؛ لأنه يسمع الصدق والكذب فيحدث بما لم يقع (¬1). ¬

(¬1) شرح النووي لمسلم 1/ 75.

2 - ما يجوز من الكذب

ما يجوز من الكذب عن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً (أي يبلغ خيراً) أو يقول خيرا" متفق عليه (¬1). وزاد مسلم في رواية: "ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث، تعني: الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها. " الشرح: الكذب منهي عنه، ومن قبائح الذنوب، لكن إن كان فيه مصلحة شرعية راجحة كالإصلاح بين الزوجين أو بين الناس بما لا ظلم فيه، أو الكذب في الحرب مع الأعداء فيكون جائزاً. الفوائد: - جواز الكذب للإصلاح بين الناس لما فيه من المصلحة الشرعية العظيمة لما فيه من التأليف بين المسلمين. - جواز الكذب في الحرب؛ لأنه من حيل الحروب وفيه مصلحة شرعية راجحة. - جواز كذب الرجل على امرأته والمرأة على زوجها فيما لا ظلم فيه ولا ضرر. ¬

(¬1) خ 5/ 299 (2692) م 2605.

3 - فضل الغرس والزرع

فضل الغرس والزرع عن جابر رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم مبشر الأنصارية في نخل لها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: من غرس هذا النخل أمسلم أم كافر؟ فقالت: بل مسلم، فقال: لا يغرس رجل مسلم غرساً ولا يزرع زرعاً فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة"أخرجه مسلم (¬1). عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يغرس غرساً إلا كان ما أكل منه له صدقة وما سرق منه له صدقة وما أكل السبع منه فهو له صدقة وما أكلت الطير فهو له صدقة ولا يرزؤه أحد (أي: يأخذ منه وينقصه) (¬2) إلا كان له صدقة" أخرجه مسلم (¬3). الشرح: من رحمة الله وسعة فضله أن المسلم إذا غرس غرساً من نخل أو نحوه أو زرع زرعاً فإن كل ما أكل منه من طائر أو حيوان أو إنسان فهو صدقة يثاب عليها. الفوائد: - فضل الزرع والغرس. - أن ما أكلت الحيوانات والإنسان من الغرس والزرع فهو صدقة لصاحبه. ¬

(¬1) م 1552. (¬2) شرح مسلم للنووي 10/ 472. (¬3) م 1552.

4 - من أحكام البيع والشراء

من أحكام البيع والشراء عن أبي هريرة رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللاً، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ فقال: أصابته السماء يا رسول الله (يعني: المطر)، قال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش فليس مني"أخرجه مسلم (¬1). عن حكيم بن حزام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما الحق محقت بركة بيعهما" أخرجه مسلم (¬2). النهي عن الحلف في البيع: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الحلف منفقة للسلعة ممحقة للربح" رواه مسلم (¬3). وعن أبي قتادة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إياكم وكثرة الحلف في البيع فإنه ينفق ثم يمحق" رواه مسلم (¬4). الشرح: في هذه الأحاديث شيء من أحكام البيع والشراء يقع فيها كثير ¬

(¬1) م 102. (¬2) م 1532. (¬3) م 1606. (¬4) م 1607.

الفوائد

من الناس، نبه عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فيها من المصالح الدينية والدنيوية. الفوائد: - النهي عن الغش في البيع والشراء، وأن ذلك من الكبائر. - ثبوت الخيار للمتبايعين في رد السلعة ما لم يتفرقا. - النهي عن الحلف في البيع، وأنه يمحق بركة التجارة.

5 - حسن الخلق

حسن الخلق (¬1) قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (¬2)، وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (¬3). عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً" متفق عليه (¬4). وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً وكان يقول: "إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً"متفق عليه (¬5). (والفاحش والمتفحش: هو الذي يقول الكلام القبيح الرديء). وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذي"رواه الترمذي (¬6). (والبذي هو الذي يتكلم بالفحش ورديء الكلام). ¬

(¬1) الآداب الشرعية 1/ 184،2/ 203،شروح الأربعين النووية حديث 18، 27،مختصر منهاج القاصدين 151،التمهيد 24/ 83. (¬2) سورة القلم، آية:4. (¬3) سورة الأحزاب، آية:21. (¬4) خ 10/ 582 (6203)، م 2150. (¬5) خ10/ 456 (6035)، م 2321، ت 1975. (¬6) ت 2002، د 4799، وصححه الألباني في صحيح الجامع 5726.

الشرح

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: "تقوى الله وحسن الخلق"أخرجه الترمذي (¬1). وعن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم" أخرجه أبو داود (¬2). الشرح: لحسن الخلق من طيب الكلام وحسن المعاملة والصبر على الناس ومساعدتهم وغير ذلك من الأخلاق الحميدة منزلة عظيمة في الإسلام، حث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر أنه من أفضل الأعمال التي تقرب إلى الله، وقد بلغ صلى الله عليه وسلم الغاية في حسن الخلق حيث شهد الله له بذلك، حتى كان الرجل يأتيه مبغضاً له فلا يلبث حتى يكون - لحسن خلقه معه - أحب الناس إليه. الفوائد: - حسن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم. - فضل حسن الخلق ومنزلته وأنه أثقل شيء في ميزان المسلم يوم القيامة. - أن حسن الخلق من أكثر الأعمال التي تدخل الجنة وترفع الدرجات. - أن حسن خلق المسلم دليل على كمال إيمانه. ¬

(¬1) ت 2004 وقال صحيح غريب. (¬2) د 4798، وصححه الألباني في صحيح الجامع 1932.

6 - الحياء والأمر به

الحياء والأمر به عن ابن عمر رضي الله عنهما "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعه فإن الحياء من الإيمان" متفق عليه (¬1). عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحياء لا يأتي إلا بخير" متفق عليه (¬2). وفي رواية لمسلم: "الحياء خير كله". عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها" متفق عليه (¬3). عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت" أخرجه البخاري (¬4). الشرح: الحياء خلق يبعث على ترك ما يشين النفس، وهو من الإيمان؛ لأنه يدعو إلى فعل المعروف والبعد عن المنكر، وأخبر عنه الرسول ¬

(¬1) خ1/ 74 (24)، م 36. (¬2) خ10/ 521 (6117)، م37. (¬3) خ10/ 521 (6119)، م2320. (¬4) خ 10/ 523 (6120).

الفوائد

صلى الله عليه وسلم أنه خير كله ولا يأتي إلا بخير، وكان صلى الله عليه وسلم شديد الحياء، ومن أفضل الحياء الحياء من الله أن يراك في معصيته. الفوائد: - فضل الحياء وأنه من الإيمان. - أن الحياء المشروع لا يأتي إلا بخير. - شدة حياء الرسول صلى الله عليه وسلم.

7 - الرفق والأناة

الرفق والأناة قال الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (¬1). عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله"متفق عليه (¬2). وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: "إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة" رواه مسلم (¬3). (والأناة: التثبت وترك العجلة) (¬4). وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه" رواه مسلم (¬5). وعن جرير بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من يحرم الرفق يحرم الخير كله"رواه مسلم (¬6). وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ¬

(¬1) سورة آل عمران، آية:159. (¬2) خ10/ 494 (6024)، م 2165. (¬3) م 17، د 5225. (¬4) شرح النووي 1/ 189. (¬5) م 2594، د 4808. (¬6) م 2592، د 4809.

الشرح

ألا أخبركم بمن يحرم على النار - أو قال: تحرم عليه النار - تحرم على كل قريب هين لين سهل" رواه الترمذي (¬1). وعن عائذ بن عمرو رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن شر الرعاء الحطمة"أخرجه مسلم (¬2). (والحطمة: العنيف في رعي الإبل). الشرح: الرفق والتأني وعدم العجلة من الخصال التي يحبها الله ورغب فيها رسوله صلى الله عيه وسلم وهي سبب لجلب الخير لما فيها من بث التراحم والألفة والتعاطف بين المسلمين، والعنف والغلظة والشدة أخلاق ذميمة يبغضها الله، نفر منها الإسلام وينبغي للمسلم أن يبتعد عنها؛ لأنها لا تصدر إلا عن كبر وتجبر. الفوائد: - أن الله يحب الرفق في جميع الأمور. - أن الرفق سبب لجلب الخير. - أن من صفات أهل الجنة السهولة واللين في معاملة الخلق. ¬

(¬1) ت 2488 وقال حسن غريب، وصححه الألباني في صحيح الجامع 2609. (¬2) م 1830.

8 - ما جاء في التبسم وهدي الرسول في ذلك

ما جاء في التبسم وهدي الرسول في ذلك عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: "ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم"أخرجه البخاري (¬1). (ومعنى ما حجبني: أي ما منعني من مجالسه الخاصة). وعن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال: "ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم "أخرجه الترمذي (¬2). وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه الذي صلى فيه حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قام، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم صلى الله عليه وسلم"أخرجه مسلم (¬3). عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك صدقة" (¬4). ¬

(¬1) خ10/ 504 (6089). (¬2) ت 3641 وقال: حسن غريب. (¬3) م 2322. (¬4) ت 1956 وقال حسن غريب، وحسنه الألباني في الصحيحة 517.

الشرح

الشرح: تبسمك في وجه أخيك من أيسر الطرق للوصول إلى قلبه وإزالة ما قد يكون فيه عليك من حقد أو نحوه، فلذلك أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن يكون وجه المسلم باسماً باشاً لأخيه المسلم، وتبسمه صدقة له. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير التبسم لأصحابه. الفوائد: - استحباب التبسم في وجه المسلم. - أن تبسمك في وجه أخيك صدقة لك. - أن كثرة التبسم كان من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم.

9 - النهي عن الإكثار من الضحك

النهي عن الإكثار من الضحك عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب"أخرجه أحمد (¬1). عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مستجمعاً ضاحكاً حتى أرى منه لهواته، إنما كان يتبسم"أخرجه البخاري (¬2). عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة" أخرجه الترمذي (¬3). الشرح: لم يكن الإكثار من الضحك من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم، بل قد حذر منه وأخبر أن كثرة الضحك سبب لموت القلب. ¬

(¬1) حم 8076، جه 4193، قال في مجمع الزوائد إسناده صحيح. وصححه الألباني في صحيح الجامع 7435. (¬2) خ10/ 504 (6092). (¬3) ت 1956 وقال حسن غريب، وحسنه الألباني في الصحيحة 517.

الفوائد

الفوائد: - النهي عن الإكثار من الضحك. - أنه سبب لموت القلب. - أنه لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم.

10 - الرحمة بالخلق

الرحمة بالخلق قال الله تعالى: عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (¬1) وقال تعالى عن المؤمنين {رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} (¬2). عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يرحم الله من لا يرحم الناس"أخرجه البخاري (¬3). عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: "أرسلت بنت النبي صلى الله عليه وسلم أن ابني قد احتضر فاشهدنا، فأرسل يقريء السلام ويقول: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب، فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال رضي الله عنهم، فرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم الصبي فأقعده في حجره ونفسه تقعقع، ففاضت عيناه صلى الله عليه وسلم، فقال سعد: يا رسول الله ما هذا؟ قال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب من شاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء" متفق عليه (¬4). (ومعنى تقعقع: تتحرك وتضطرب). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "سمعت أبا القاسم الصادق ¬

(¬1) سورة التوبة، آية:128. (¬2) سورة الفتح، آية:29. (¬3) خ 13/ 358 (7376). (¬4) خ13/ 434 (7448)، م 923.

الشرح

المصدوق صلى الله عليه وسلم يقول: لا تنزع الرحمة إلا من شقي"أخرجه الترمذي (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان قد بلغ مني فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله، إن لنا في البهائم أجراً؟ فقال: في كل كبد رطبة أجر"متفق عليه (¬2). الشرح: دين المسلمين دين قائم على الرحمة، فربهم بهم رحيم ونبيهم بهم رحيم، ووصفهم الله بأنهم رحماء بينهم، وخلق الرحمة خلق حميد يحبه الله وأخبر على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أنه إنما يرحم من عباده الرحماء. الفوائد: - أن الرحمة من صفات المؤمنين. - أن رحمة الناس من أسباب الدخول في رحمة الله. - أن نزع الرحمة من القلب علامة على شقاوة الإنسان. ¬

(¬1) د 4942، ت 1923 وقال حديث حسن، وحسنه الألباني في صحيح الجامع 7467 وعزاه لأحمد. (¬2) خ 5/ 40 (2363، م 2244.

11 - التغليظ في اليمين الكاذبة

التغليظ في اليمين الكاذبة (¬1) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف على مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان، قال ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (¬2). متفق عليه (¬3). وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة. فقال رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال: وإن كان قضيباً من أراك"أخرجه مسلم (¬4). عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس"أخرجه البخاري (¬5). واليمين الغموس هي التي تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار (¬6). ¬

(¬1) انظر: تنبيه الغافلين 158،نيل الأوطار 8/ 318. (¬2) سورة آل عمران، آية:77. (¬3) خ11/ 544 (6659)، م138. (¬4) م 137. (¬5) خ11/ 555 (6675). (¬6) النهاية 3/ 386.

الشرح

وفي رواية أن أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: "الإشراك بالله، قال ثم ماذا؟ قال: اليمين الغموس، قلت وما اليمين الغموس؟ قال: الذي يقتطع مال امرئ مسلم". الشرح: اليمين بالله لها حرمتها، شدد الله في أمرها لأنها وسيلة شرعية من وسائل إثبات الحقوق أو نفيها، وفي الكذب فيها تضييع لحقوق الناس الشرعية، واستهانة بمقام الله جل وعلا، فلذلك كانت عقوبة الكاذب فيها هذه العقوبة الشديدة. الفوائد: - التغليظ في تحريم اقتطاع مال المسلم باليمين الكاذبة. - شدة عقاب من فعل ذلك، وأن يمينه تغمسه في النار. - وجوب الحذر منه.

12 - التغليظ في تحريم شهادة الزور

التغليظ في تحريم شهادة الزور (¬1) قال الله تعالى: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} (¬2) الزور هو الكذب والبهتان، وقال تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (¬3). وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت". (أي شفقة عليه وكراهية لما يزعجه صلى الله عليه وسلم)، متفق عليه (¬4). (ومعنى الكبائر: أي الذنوب الكبيرة العظيمة). الشرح: شهادة الزور، وهي الشهادة الكاذبة، من كبائر الذنوب التي حذر الرسول صلى الله عليه وسلم أمته منها، لأنها تجمع بين الكذب الذي هو من أقبح الخصال وبين التسبب في إضاعة حقوق المسلمين، فلذلك عدها الرسول من أكبر الكبائر وتأثر تأثراً شديداً وهو يذكر ذلك ¬

(¬1) توضيح الأحكام 6/ 163، تنبيه الغافلين 148، نيل الأوطار 8/ 309. (¬2) سورة الحج، آية:30. (¬3) سورة الإسراء، آية:36. (¬4) 10/ 405 (5975)، م 78.

الفوائد

للصحابة محذراً لهم منها حتى أشفقوا عليه صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم أجمعين. الفوائد: - التغليظ في تحريم شهادة الزور. - أنها من أعظم الذنوب لما فيها من الكذب وإضاعة حقوق المسلمين.

13 - تحريم الغيبة

تحريم الغيبة وفضل الرد عن أعراض المسلمين (¬1) قال الله تعالى: {وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَاكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته"أخرجه مسلم (¬3). ومعنى بهته: افتريت عليه الكذب وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم"أخرجه أبو داود (¬4). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله"أخرجه مسلم (¬5). ¬

(¬1) انظر: مختصر منهاج القاصدين 169،تحفة الأحوذي 6/ 53،الآداب الشرعية 1/ 5،الأذكار 482. (¬2) سورة الحجرات، آية:12. (¬3) م 2589،د 4874،ت 1934. (¬4) د 4878، وصححه الألباني في صحيح الجامع 5213 وعزاه لأحمد أيضاً. (¬5) م 2564.

الشرح

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من رد عن عرض أخيه رد الله عنه وجهه النار يوم القيامة"أخرجه الترمذي (¬1). الشرح: الغيبة من كبائر الذنوب ومن أكثر المعاصي انتشاراً بين الناس مع تساهلهم بها وتهاونهم في إنكارها، وهي سبب للعداوة بين المسلمين وفساد ذات بينهم، ولبشاعتها شبه الله المغتاب بمن يأكل لحم أخيه ميتاً، وكانت عقوبة المغتاب في البرزخ أنه يمزق وجهه وصدره بأظفار من نحاس. الفوائد: - تحريم الغيبة وأنها من كبائر الذنوب. - أن ذكر الشخص بما يكره غيبة محرمة وإن كان فيه حقيقة. - تحريم استماع الغيبة، ووجوب الإنكار على المغتاب وكفه عن ذلك. - شدة عقوبة المغتاب في البرزخ. - فضل الرد عن عرض المسلم، وأن الله يرد عن وجه الراد النار يوم القيامة. ¬

(¬1) ت 1931 وقال حديث حسن وصححه الألباني في صحيح الجامع 6262.

14 - تحريم النميمة والتحذير منها

تحريم النميمة والتحذير منها عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة نمام"متفق عليه (¬1). عن ابن عباس رضي الله عنهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، بلى إنه كبير: أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله" (أي لا يتحفظ منه). متفق عليه (¬2). عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أنبئكم ما العضه؟ هي النميمة، القالة بين الناس"أخرجه مسلم (¬3). (والعضه: الكذب والبهتان). الشرح: النميمة من كبائر الذنوب وهي نقل الكلام بين الناس بقصد الإفساد، وهي من أعظم أسباب التقاطع والشحناء بين الناس، لذلك حذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبر عن العقوبة الشديدة لمن يعمل هذا العمل. الفوائد: - تحريم النميمة وأنها من كبائر الذنوب. - العقوبة الشديدة لمن فعل هذه المعصية. ¬

(¬1) خ 10/ 472 (6056)، م 105. (¬2) خ 10/ 472 (6055)، م 292. (¬3) م 2606.

15 - التحذير من اللعن

التحذير من اللعن عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن المؤمن كقتله" متفق عليه (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا ينبغي لصديق أن يكون لعاناً"أخرجه مسلم (¬2). عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة"أخرجه مسلم (¬3). عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء" أخرجه الترمذي (¬4). (والطعان هو الذي يكثر عيب الناس، والفحش والبذاء هو التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة). عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها ثم تأخذ يميناً وشمالاً ¬

(¬1) خ 11/ 537 (6652)، م 110. (¬2) م 2597. (¬3) م 2598. (¬4) ت 1977.

الشرح

فإذا لم تجد مساغاً رجعت إلى الذي لعن فإن كان أهلاً لذلك وإلا رجعت لقائلها" أخرجه أبو داود (¬1). الشرح: اللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله عز وجل، ولعن أحد بعينه أمر خطير فإن اللعنة إذا لم يكن من أطلقت عليه مستحقاً لها عادت على من أطلقها، وقد تساهل كثير من الناس في اللعن، وهو أمر يجب إنكاره والتنبيه عليه وعدم التساهل فيه. الفوائد: - الترهيب من إطلاق اللعن على المسلمين. - أن اللعنة إذا كانت بغير حق تعود على صاحبها. - أن اللعن ليس من صفات الصديقين والصالحين. ¬

(¬1) د 4905،وصححه الألباني في الصحيحة 1269.

16 - ما جاء في الشعر

ما جاء في الشعر قال الله تعالى: {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ} إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} (¬1). عن أبي بن كعب قال: "إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن من الشعر حكمة" أخرجه البخاري (¬2). عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم قريظة لحسان: " اُهج المشركين فإن جبريل معك" متفق عليه (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لأن يمتليء جوف رجل قيعاً حتى يريه (أي يفسد جوفه) خير له من أن يمتليء شعراً" متفق عليه (¬4). الشرح: الشعر كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح، فإن كان فيه نشر للفضيلة وحث على مكارم الأخلاق، فهو ممدوح ومرغب فيه وإن كان فيه غير ذلك من سب للمسلمين أو سخرية بهم أو دعوة للفسق ¬

(¬1) سورة الشعراء، الآيات:224 - 227. (¬2) خ10/ 537 (6145). (¬3) خ10/ 546 (6153)، م 2486. (¬4) خ10/ 548 (6154)، م 2258.

الفوائد

والفجور فهو مذموم وهو الذي حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم. الفوائد: - أن من الشعر ما هو حسن ومنه ما هو قبيح مذموم. - الترهيب من الإكثار من حفظ الشعر بحيث لا يكون في جوف الإنسان شيء من ذكر الله والقرآن.

17 - من المناهي اللفظية

من المناهي اللفظية النهي عن قول: يا كافر، للمسلم: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الرجل لأخيه: يا: كافر، فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه"متفق عليه (¬1). عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من دعا رجلاً بالكفر أو قال: عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه" (أي: رجع). متفق عليه (¬2). عن أبي المليح عن رجل قال: "كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فعثرت دابته فقلت: تعس الشيطان، فقال: لا تقل تعس الشيطان، فإنه يعظم حتى يصير مثل البيت ويقول: بقوتي صرعته، ولكن قل: بسم الله، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يصير مثل الذباب"أخرجه أحمد (¬3). الشرح: المسلم محاسب بما يقول فمأجور أو مأزور، فلذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الألفاظ ووجه في بعضها إلى ما يقوله بدلاً منها. ¬

(¬1) خ 6104/،م60. (¬2) خ 6045/،م61. (¬3) حم 20541، د 4982 وصححه الألباني في صحيح الجامع 7401.

الفوائد

الفوائد: - النهي عن قول: يا كافر للمسلم. - النهي عن قول: يا عدو الله للمسلم. - أنهما تعودان على من قالهما لمن لا يستحقهما. - النهي عن قول: تعس الشيطان، والتوجيه لقول: بسم الله بدلاً من ذلك.

18 - تحريم الظلم والتحذير منه

تحريم الظلم والتحذير منه (¬1) قال الله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ} (¬2) (حميم: أي قريب مشفق). عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن الله تبارك وتعالى أنه قال: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم ¬

(¬1) انظر: شرح حديث أبي ذر لشيخ الإسلام: مجموع الفتاوى 18/ 136، شروح الأربعين النووية: الحديث الرابع والعشرون. (¬2) سورة غافر: آية:18.

الشرح

أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه"رواه مسلم (¬1). وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن فقال: "اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" أخرجه البخاري (¬2). الشرح: الظلم من أقبح الخصال التي لا تصدر إلا من نفس متجبرة متكبرة ناسية عظمة الله وشدة عقابه، حرمه الله سبحانه وتعالى - لتمام عدله - على نفسه، وجعله محرماً بين عباده، ووعد عليه العذاب الشديد. الفوائد: - التغليظ في تحريم الظلم والترهيب منه. - أن دعوة المظلوم مستجابة على ظالمه. ¬

(¬1) م 2577. (¬2) خ5/ 101 (2448).

19 - عاقبة الظلم

عاقبة الظلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الظلم ظلمات يوم القيامة"متفق عليه (¬1). عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين" متفق عليه (¬2). وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله من قبل ألا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه" أخرجه البخاري (¬3). وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليملي للظالم (أي يمهله) حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} "أخرجه مسلم (¬4). الشرح: الظلم خطره عظيم وعاقبته سيئة، وهو ظلمات على صاحبه ¬

(¬1) خ5/ 100 (2447)، م (2579. (¬2) خ5/ 103 (2453)، م 1612. (¬3) خ5/ 101 (2449). (¬4) م 2583.

الفوائد

في الآخرة، وسبب لأخذ الله وانتقامه الشديد. الفوائد: - شدة عقوبة الظالم في الدنيا والآخرة. - أنه ظلمات على صاحبه يوم القيامة. - أن الله يمهل الظالم ليتمادى في ظلمه حتى يأخذه أخذاً شديداً.

20 - التغليظ في حرمة دم المسلم

التغليظ في حرمة دم المسلم قال الله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (¬1). قال ابن كثير: هذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن تعاطى هذا الذنب العظيم الذي هو مقرون بالشرك بالله في غير ما آية من كتاب الله (¬2). عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء"متفق عليه (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف (أي الفرار من الجيش عند لقاء الكفار) وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات" متفق عليه (¬4) (ومعنى الموبقات: المهلكات). عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً"أخرجه البخاري (¬5). ¬

(¬1) سورة النساء، آية:93. (¬2) تفسير ابن كثير 1/ 535. (¬3) خ12/ 187 (6864)، م 1678. (¬4) خ5/ 393 (2766)، م 89. (¬5) خ12/ 187 (6862).

الشرح

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم"أخرجه النسائي والترمذي (¬1). الشرح: لدم المسلم وحياته عند الله حرمة عظيمة، ولذلك كان زوال الدنيا عند الله أهون من قتل المؤمن، ومن قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً، وعد الرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق من الذنوب الكبيرة المهلكة ليحذر الناس من التساهل فيه. الفوائد: - التغليظ في قتل المسلم، وأنه من أكبر الكبائر المهلكة. - عظم حرمة المسلم عند الله. - أن أول ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة هي الدماء لعظم الذنب فيها. ¬

(¬1) ت 1395،ن 3987،وصححه الألباني في صحيح الجامع 5077.

21 - فضل الجهاد

فضل الجهاد (¬1) قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (¬2). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ "قال: إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور"متفق عليه (¬3). وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها"متفق عليه (¬4). وعن عبد الرحمن بن جبير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار"أخرجه البخاري (¬5). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قيل: يا رسول الله ما يعدل الجهاد في سبيل الله؟ قال: لا تستطيعونه، فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثاً كل ذلك يقول: لا تستطيعونه، ثم قال: مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صلاة ولا صيام حتى ¬

(¬1) انظر: زاد المعاد 3/ 5،فتح الباري 6/ 3،تحفة الأحوذي 5/ 255. (¬2) سورة الصف، الآيتان:10، 11. (¬3) خ3/ 381 (1519)،م83. (¬4) خ6/ 13 (2792)،م 1880. (¬5) خ6/ 29 (2811).

الشرح

يرجع المجاهد في سبيل الله" متفق عليه (¬1). الشرح: الجهاد في سبيل الله من أفضل الأعمال لما فيه من المشقة العظيمة التي قد تصل إلى بذل الروح في سبيل الله، ولما فيه من الخير العظيم من نشر دين الله ودخول الناس فيه ودفع أذى الكفار عن المسلمين. الفوائد: - عظم منزلة الجهاد في سبيل الله. - أن الجهاد من أفضل الأعمال. - أنه سبب للنجاة من النار. ¬

(¬1) خ 6/ 6 (2787)،م 1878.

22 - أجر الشهيد والمجاهد

أجر الشهيد والمجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" تضمن الله لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان بي وتصديق برسلي فهو عليَّ ضامن أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى منزله الذي خرج منه بما نال من أجر أو غنيمة، والذي نفس محمد بيده، ما من كلم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئة يوم كلم لونه لون الدم وريحه ريح المسك، والذي نفس محمد بيده لولا أن يشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبداً، ولكن لا أجد سعة فأحملهم ولا يجدون سعة ويشق عليهم أن يتخلفوا عني، والذي نفس محمد بيده لوددت أن أغزو في سبيل الله فأقتل ثم أغزو فأقتل ثم أغزو فأقتل"أخرجه البخاري ومسلم (¬1). (والكلم: الجرح). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة"أخرجه الترمذي (¬2). عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد ¬

(¬1) خ6/ 16 (2797)، م 1876. (¬2) ت 1668 وقال حسن صحيح غريب، وحسنه الألباني في صحيح الجامع 5813.

الشرح

يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات، لما يرى من الكرامة" متفق عليه. (¬1). وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يغفر الله للشهيد كل شيء إلا الدين"أخرجه مسلم (¬2). الشرح: للشهيد وهو- الذي يقتل في سبيل الله-أجر عظيم عند الله، فهو لما يرى من الكرامة عند الله يتمنى أن يعود للدنيا فيقتل في سبيل الله مرات عديدة، وهو من إكرام الله له لا يحس من ألم القتل إلا كما يحس الإنسان بألم القرصة، وذلك جزاء له لإقدامه على الموت في سبيل الله بنفس راضية. الفوائد: - عظم منزلة الجهاد وأنه من أعظم أسباب دخول الجنة. - عظم أجر الشهيد، وتخفيف ألم القتل عليه. - أن الشهادة من أعظم أسباب تكفير الذنوب. ¬

(¬1) خ 6/ 32 (2817)، م 1877. (¬2) م 1886.

23 - من مواقف الصحابة في الجهاد

من مواقف الصحابة في الجهاد عن أنس رضي الله عنه قال: انطلق رسول الله وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر وجاء المشركون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه، فدنا المشركون، فقال صلى الله عليه وسلم: قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض؟، فقال عمير بن الحمام: يا رسول الله جنة عرضها السماوات والأرض؟ قال: نعم، قال: بخ بخ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحملك على قولك بخ بخ؟ قال لا يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال فإنك من أهلها، فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن ثم قاتلهم حتى قتل"أخرجه مسلم (¬1). (والقرن: هو جعبة النشاب). وعن أنس رضي الله عنه قال: "غاب عمي أنس بن النضر رضي الله عنه عن قتال بدر فقال: يا رسول الله لئن الله أشهدني قتال المشركين - ليرين الله ما أصنع. فلما كان يوم أحد صنع هؤلاء - يعني المشركين ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ فقال يا سعد بن معاذ، الجنة ورب النضر إني أجد ريحها من دون أحد، فقال سعد فما استطعت يا رسول الله ما صنع، قال أنس فوجدنا به بضعاً وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم" متفق عليه (¬2). ¬

(¬1) م 1901. (¬2) خ 6/ 21 (2805)، م 1903.

الفوائد

وعن شداد بن الهاد رضي الله عنه أن رجلاً من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه، ثم قال: أهاجر معك، فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، فلما كانت غزاة غنم النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً فقسم وقسم له، فأعطى أصحابه ما قسم له، وكان يرعى ظهرهم (أي: إبلهم)، فلما جاء دفعوه إليه فقال: ما هذا؟ قالوا: قسم قسم لك النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذه فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا؟ قال قسمته لك، قال: ما على هذا اتبعتك، ولكن اتبعتك على أن أرمى ههنا - وأشار إلى حلقه - بسهم فأموت فأدخل الجنة، فقال إن تصدق الله يصدقك، فلبثوا قليلاً ثم نهضوا في قتال العدو، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم يحمل قد أصابه سهم حيث أشار فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أهو هو؟ قالوا: نعم، قال: صدق الله فصدقه"أخرجه النسائي (¬1). الفوائد: - قوة إيمان الصحابة رضي الله عنهم وحبهم للشهادة في سبيل الله. - شجاعتهم رضي الله عنهم، وسرعة مبادرتهم للخير. ¬

(¬1) ن 4/ 60، وصححه الأرناؤوط في تعليقه على زاد المعاد 3/ 324، وذكر أن الحاكم صححه.

24 - أدب العطاس

أدب العطاس (¬1) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقاً على كل مسلم سمعه أن يقول له يرحمك الله، فأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان"متفق عليه (¬2)، وفي رواية: "فإن أحدكم إذا قال: هاء. . . ضحك منه الشيطان". وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله وليقل له أخوه - أو صاحبه - يرحمك الله، فإذا قال: يرحمك الله فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم"أخرجه البخاري (¬3). وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه، وإن لم يحمد الله فلا تشمتوه"أخرجه مسلم (¬4). (ومعنى تشمتوه: أي تقولوا: يرحمك الله). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عطس غطى وجهه بيده أو بثوبه وغض بها صوته" أخرجه أحمد والترمذي ¬

(¬1) الأذكار 386،زاد المعاد 2/ 435،تحفة الأحوذي 8/ 5،فتح الباري 10/ 599،تهذيب السنن 13/ 371 (مع عون المعبود)، الآداب الشرعية 2/ 334، غذاء الألباب 1/ 441. (¬2) خ10/ 607، 611 (6223، 6226)، م 2994، ت 2746. (¬3) خ 10/ 608 (6224)، د 5033. (¬4) م 2992.

الشرح

وأبو داود (¬1). الشرح: للعطاس آداب وسنن شرعها الرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، جدير بالمسلم التأدب بها لما فيها من الخير العظيم. الفوائد: - استحباب قول: "يرحمك الله"للعطاس إذا حمد الله، من كل من سمعه (¬2). - أنه إذا لم يحمد الله فلا يقال له ذلك. - أن الله يحب العطاس لأنه يكون نتيجة للنشاط والخفة. - استحباب تغطية الوجه بالثوب أو اليد أو المنديل عند العطاس. - كراهة رفع الصوت عند العطاس. ¬

(¬1) د 5029، ت 2745 وقال حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في صحيح الجامع 4755. (¬2) قال ابن القيم في الهدي 2/ 437:ظاهر الحديث أن التشميت فرض عين على كل من سمع العاطس يحمد الله ... ولا دافع له.

25 - أدب التثاؤب

أدب التثاؤب (¬1) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقاً على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله، فأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان"متفق عليه، وفي رواية"فإن أحدكم إذا قال: هاء. . ضحك منه الشيطان" (¬2). وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فمه فإن الشيطان يدخل" أخرجه مسلم (¬3). الشرح: التثاؤب يكون نتيجة للخمول والكسل وهو من الشيطان، فعلى المسلم محاولة رده ما استطاع لأن ذلك يغضب الشيطان، وإذا رفع المسلم صوته بالتثاؤب فإن الشيطان يضحك منه. ¬

(¬1) انظر: الأذكار 390،فتح الباري 10/ 611، تحفة الأحوذي 8/ 16،الآداب الشرعية 2/ 334. (¬2) خ10/ 607، 611 (6223، 6226)، م 2994، ت 2746. (¬3) م 2995.

الفوائد

الفوائد: - أن الله يكره التثاؤب؛ لأنه يكون نتيجة للتثاقل والكسل. - استحباب رد التثاؤب وكظمه. - استحباب وضع اليد على الفم عند التثاؤب. - كراهة رفع الصوت عند التثاؤب.

26 - آداب الأكل (1)

آداب الأكل (¬1) التسمية: عن حذيفة رضي الله عنه، قال: "كنا إذا حضرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم طعاماً لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع يده، وإنا حضرنا مرة طعاماً فجاءت جارية (أي بنت صغيرة) كأنها تدفع (أي كأن وراءها من يدفعها) فذهبت لتضع يدها في الطعام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها. ثم جاء أعرابي كأنما يدفع فذهب ليضع يده في الطعام، فأخذ بيده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها (يعني الطعام) فأخذت بيدها، فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به فأخذت بيده، والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع يدها، ثم ذكر اسم الله وأكل"رواه مسلم (¬2). عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أكل أحدكم طعاماً فليقل: باسم الله، فإن نسي في الأول فليقل في الآخر: باسم الله في أوله وآخره"أخرجه أبو داود والترمذي (¬3). وعن جابر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا دخل ¬

(¬1) انظر: الآداب الشرعية 3/ 167، زاد المعاد 1/ 147، 2/ 397، الأذكار 331، المغني 7/ 220، نيل الأوطار 8/ 165. (¬2) م 2107، د 3766. (¬3) د 3767، ت 1858 وقال حسن صحيح، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

الشرح

الرجل منزلة فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإن ذكر الله عند دخوله ولم يذكره عند عشائه يقول: أدركتم العشاء ولا مبيت لكم، وإذا لم يذكر الله عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء" أخرجه مسلم (¬1). الشرح: من الآداب الواجبة عند الأكل التسمية، أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبر أنها تمنع الشيطان من المشاركة في الطعام، فينبغي الاعتناء بها في أول الطعام ومن نسي فيسمي إذا ذكر أثناءه. الفوائد: - الأمر بالتسمية عند الأكل (¬2). - أن من نسي التسمية يسمي إذا ذكر أثناء الأكل. - أن الشياطين تبيت مع الإنس وتأكل معهم إذا لم يذكروا الله. ¬

(¬1) م 2018، د 3765. (¬2) قال ابن القيم في الزاد 2/ 397: والصحيح وجوب التسمية عند الأكل. وبه قال الشيخ ابن عثيمين كما في الشرح الممتع 1/ 132.

27 - آداب الأكل (2)

آداب الأكل الأكل باليمين (¬1): عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "لا يأكلن أحد منكم بشماله، ولا يشربن بها فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بها". أخرجه مسلم (¬2). وعن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه قال: كنت غلاماً في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك" متفق عليه (¬3). وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: أن رجلاً أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، بشماله، فقال: "كل بيمينك"، قال: لا أستطيع، قال: "لا استطعت ما منعه إلا الكبر" قال فما رفعها إلى فيه (أي فمه). أخرجه مسلم (¬4). الشرح: الأكل باليمين من آداب الأكل التي أمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخبر أن الشيطان هو الذي يأكل بشماله، وفي هذا تنفير شديد من الأكل ¬

(¬1) انظر: غذاء الألباب 2/ 91، زاد المعاد 2/ 405، فتح الباري 9/ 522، الآداب الشرعية 3/ 168. (¬2) م 2020، ت 1799، د 3776. (¬3) خ 9/ 521، م 2022، د 3777، ت 1857. (¬4) م 2021.

الفوائد

بالشمال، ودعا صلى الله عليه وسلم على الذي أبى أن يأكل بيمينه عندما أمره، فشلت يده، فحري بالمسلم الحذر الشديد من هذا الفعل وتعويد الصغار على الأكل باليمين وأمرهم به، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم. الفوائد: - النهي عن الأكل بالشمال، ودعاء الرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، على الذي لم يأكل بيمينه (¬1). - أن فيه مشابهة للشيطان. - استحباب أن يأكل الإنسان مما يليه إن كان الطعام نوعاً واحداً. ¬

(¬1) وبالتحريم قال ابن عبد البر (التمهيد 11/ 113) وابن القيم في الزاد والشوكاني في نيل الأوطار 8/ 167، والحافظ في الفتح 9/ 522 ونقل أن الشافعي نص في الأم والرسالة على التحريم.

28 - من آداب الأكل (3)

من آداب الأكل عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البركة تنزل وسط الطعام، فكلوا من حافتيه، ولا تأكلوا من وسطه" أخرجه الترمذي (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، طعاماً قط، إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه". متفق عليه (¬2). وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها" أخرجه مسلم (¬3). الشرح: من آداب الأكل التي وجه إليها النبي صلى الله عليه وسلم، الأكل من جوانب الإناء لأن البركة تنزل في وسطه، ومن سنن الأكل التي سنها الرسول صلى الله عليه وسلم، حمد الله عند الفراغ، وقد كان من خلق الرسول صلى الله عليه وسلم ألا يعيب الطعام بل إن اشتهاه أكله وإلا تركه. ¬

(¬1) ت 1805، د 3772 وقال حسن صحيح. (¬2) خ 9/ 547 (5409)، م 2064، د 3763، ت 2031. (¬3) م 2734، ت 1816.

الفوائد

الفوائد: - استحباب الأكل من جوانب الإناء لا من وسطه حتى يبارك فيه. - أن السنة عدم عيب الطعام، بل إن أراده أكله وإلا تركه. - حسن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم. - استحباب حمد الله بعد الطعام.

29 - من آداب الأكل (4)

من آداب الأكل عن كعب بن مالك رضي الله عنه، قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاث أصابع، ويلعق يده قبل أن يغسلها"أخرجه مسلم (¬1). عن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلعق الأصابع والصحفة، وقال: "إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة" أخرجه مسلم (¬2). وعن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل طعاماً لعق أصابعه الثلاث، قال: وقال: "إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان، وأمرنا أن نسلت القصعة، قال: فإنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة"أخرجه مسلم (¬3). الشرح: من آداب الطعام التي أمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم لعق ما تبقى من الطعام على الأصابع وسلت ما بقي من الطعام في الإناء، وكان من هديه رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكل بثلاث أصابع، وأمر إذا سقطت اللقمة أن ترفع وتنظف وتؤكل ولا تترك للشيطان. ¬

(¬1) م 2032. (¬2) م 2032. (¬3) م 2034.

الفوائد

الفوائد: - استحباب الأكل بثلاث أصابع. - استحباب لعق الأصابع بعد الفراغ من الطعام. - استحباب سلت ما تبقى من الطعام في الإناء. - استحباب رفع اللقمة الساقطة وأكلها بعد تنظيفها.

30 - آداب الشرب (1)

آداب الشرب تغطية الإناء: عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان جنح الليل - أو أمسيتم- فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذٍ، فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم، وغلقوا الأبواب واذكروا اسم الله فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً، وأوكوا قربكم واذكروا اسم الله وخمروا آنيتكم (أي: غطوها) واذكروا اسم الله، ولو أن تعرضوا عليها شيئاً وأطفئوا مصابيحكم" أخرجه البخاري (¬1). عن أنس قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتنفس في الشراب ثلاثاً" متفق عليه (¬2)، وزاد مسلم: "إنه أروى وأبرأ وأمرأ". إعطاء الأيمن: عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بلبن قد شيب (أي: خلط بماء)، وعن يمينه أعرابي وعن شماله أبو بكر، فشرب ثم أعطى الأعرابي، وقال: "الأيمن فالأيمن" أخرجه البخاري (¬3). وعن سهل بن سعد رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب ¬

(¬1) خ10/ 88 (5623). (¬2) خ10/ 92 (5631)، م 2028. (¬3) خ10/ 86 (5619)، م 2029.

الشرح

فشرب منه، وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ (أي: كبار السن) فقال للغلام: "أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ "فقال الغلام: والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحداً، قال: فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده (أي وضعه في يده). متفق عليه (¬1). الشرح: دين الإسلام دين الخلق الحسن والآداب الجميلة النافعة، وللشرب في الإسلام آداب فيها فوائد صحية، كالشرب في ثلاثة أنفاس اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم واجتماعية كإعطاء الأيمن ولو كان صغيراً إلا أن يستأذن. الفوائد: - استحباب تغطية الإناء مع ذكر اسم الله عليه، وأن ذلك يحفظه من الشيطان. - أن السنة أن يعطي الشارب الإناء لمن عن يمينه ولو كان من عن يساره أكبر أو أفضل، إلا أن يستأذنه. ¬

(¬1) خ10/ 86 (5620)، م 2030.

8 - شعبان

آداب الشرب النهي عن النفخ في الشراب أو التنفس فيه: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن النفخ في الشراب، فقال له رجل: القذاة أراها في الإناء؟ فقال "أهرقها"، قال: إني لا أروى من نفس واحد؟ قال: "فأبن القدح إذا عن فيك" (أي: أبعد الإناء عن فمك). أخرجه الترمذي (¬1). عن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: " نهى أن يتنفس في الإناء". أخرجه مسلم (¬2). التوجيه لمن وقع الذباب في شرابه: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم لينزعه، فإن في أحد جناحيه شفاء والآخر داء" أخرجه البخاري (¬3). الشرح: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التنفس في الشراب أثناء الشرب وكذلك عن النفخ في الإناء، لما في ذلك من الضرر الصحي ولما في ذلك ¬

(¬1) ت 1887، وقال حسن صحيح. وصححه الألباني في صحيح الجامع 6912. (¬2) م 227. (¬3) خ6/ 359 (3320)، د 3844.

الفوائد

أيضاً من تقذيره على من يريد الشرب منه. ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من سقط الذباب في شرابه أن يغمسه كله قبل أن ينزعه، لأن في أحد جناحيه داءً والآخر شفاءً فإذا امتزجا في الشراب بطل مفعول الداء بإذن الله ولا يلزم منه إراقة الشراب. الفوائد: - كراهة النفخ في الشراب. - أن من رأى القذاة في الشراب فإنه لا ينفخها ولكن يريقها. - أنه يسن لمن أراد التنفس أثناء الشرب أن يبعد الإناء عن فمه. - أن وقوع الذباب في الشراب لا ينجسه، والمشروع حينئذٍ غمسه كله ثم إخراجه.

2 - تحريم الشرب في إناء الذهب والفضة

تحريم الشرب في إناء الذهب والفضة عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما، فإنها لهم في الدنيا (يعني: الكفار) ولكم في الآخرة"متفق عليه (¬1). وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذي يشرب في إناء الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم" متفق عليه (¬2). ومعنى يجرجر: يتجرع (¬3). الشرح: الشرب في آنية الذهب والفضة محرم لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم عنه، وإخباره بالوعيد الشديد لمن فعله. الفوائد: - تحريم الشرب في إناء الذهب والفضة. - أن ذلك من الكبائر للوعيد عليه بالنار. ¬

(¬1) خ 10/ 96 (5633)، م 2067. (¬2) خ 10/ 96 (5634)، م 2065. (¬3) الفتح 10/ 97.

3 - حكم الشرب قائما

حكم الشرب قائماً عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا يشربن أحد منكم قائماً فمن نسي فليستقيء"أخرجه مسلم (¬1). عن علي رضي الله عنه أنه أتي بماء فشرب قائماً فقال: "إن أناساً يكره أحدهم أن يشرب قائماً، وإني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلت" أخرجه البخاري (¬2). وعن أنس رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يشرب الرجل قائماً، فسئل أنس عن الأكل فقال ذلك شر وأخبث" أخرجه مسلم (¬3). وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائماً. الشرح: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شرب الرجل وهو قائم، لكنه صلى الله عليه وسلم شرب وهو قائم للحاجة. الفوائد: - كراهة الشرب قائماً. - جواز ذلك للحاجة. (والأولى تجنبه لشدة النهي فيه، كما في حديث الأمر بالقيىء ولو ناسياً) ¬

(¬1) م 2026. (¬2) خ10/ 81 (5615). (¬3) م 2024.

4 - الترهيب من إسبال الثياب للخيلاء

الترهيب من إسبال الثياب للخيلاء (¬1) قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (¬2). عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء" متفق عليه (¬3). عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار، قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل إزاره والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب"أخرجه مسلم (¬4). الشرح: إسبال الثياب كبراً وخيلاء من الكبائر التي توعد الله عليها بالعذاب الشديد يوم القيامة، فينبغي على المسلم الحذر منه والحرص على البعد عنه. ¬

(¬1) توضيح الأحكام 6/ 244، زاد المعاد 1/ 145، تنبيه الغافلين 216، فتح الباري 10/ 254، التمهيد 24/ 147. (¬2) سورة لقمان، آية:18. (¬3) خ10/ 252 (5783)، م 5783. (¬4) م 106.

الفوائد

الفوائد: - تحريم إسبال الثياب كبراً وخيلاء. - أن ذلك من الكبائر. - أن عقوبة المسبل كبرا أن الله لا ينظر إليه ولا يكلمه ولا يزكيه يوم القيامة.

5 - تحريم إسبال الثياب إلى ما تحت الكعبين

تحريم إسبال الثياب إلى ما تحت الكعبين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار"أخرجه البخاري (¬1). ومعناه: أن الموضع الذي يناله الإزار أسفل من الكعبين في النار. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إزاري استرخاء، فقال: "يا عبد الله ارفع إزارك، فرفعته، ثم قال: زد، فزدت، فما زلت أتحراها بعد، فقال بعض القوم: إلى أين؟ فقال: إلى أنصاف الساقين"أخرجه مسلم (¬2). الشرح: من المنكرات التي تساهل فيها كثير من الناس إسبال الثياب تحت الكعبين مع ورود الوعيد الشديد لمن فعل ذلك، فهو من الكبائر التي ينبغي للمسلم الابتعاد عنها والتحذير منها، فالسنة في لباس المؤمن أن يكون ما بين الكعب إلى نصف الساق. الفوائد: - تحريم إسبال الإزار أسفل من الكعبين. ¬

(¬1) خ 10/ 256 (5787). (¬2) م 2086.

- أن عقوبة المسبل أن يعذب منه ما أسفل من الكعبين بالنار. - أن السنة أن يكون لباس الرجال إلى أنصاف الساقين، ولا بأس فيما دون الكعبين. - خطأ كثير من الناس بالتساهل بهذا المنكر الذي هو من الكبائر.

6 - ما جاء في لباس المرأة

ما جاء في لباس المرأة قال الله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (¬1). وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال يرخين شبراً، قالت: إذاً تنكشف أقدامهن، قال: فيرخين ذراعاً ولا يزدن"أخرجه أبو داود والترمزي (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أمتي لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت (أي: الجمال)، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها" أخرجه مسلم (¬3). ومعنى كاسيات عاريات: أي: تستر بعض بدنها وتكشف بعضه، وقيل معناه: تلبس ثوباً رقيقاً يصف بدنها (¬4). الشرح: المرأة المسلمة مأمورة بستر بدنها عن الرجال الأجانب، لما ¬

(¬1) سورة النور، آية:31. (¬2) ت 1731. (¬3) م 2128. (¬4) انظر: شرح النووي لمسلم 14/ 356.

الفوائد

يحصل من التكشف والتعري من الفساد العظيم، ولذلك رخص الرسول صلى الله عليه وسلم لهن في إطالة ثيابهن وجرها حرصاً على ستر أقدامهن، وأخبر أنه سيكون نساء يلبسن ثياباً ولكنها غير ساترةٍ إما لأنها شفافة أو ضيقة جداً أو قصيرة بحيث تظهر أجزاء من البدن- وقد حصل كل هذا في هذا الزمن- وتوعدهن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهن لن يدخلن الجنة الفوائد: - أنه للنساء أن يرخين ثيابهن إلى مقدار ذراع ليكون أبلغ في ستر أقدامهن. - أن الواجب على المرأة المسلمة التستر والحرص على اللباس الساتر الذي لا يصف ما تحته - الوعيد الشديد لغير المتسترات من النساء.

7 - تحريم تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال

تحريم تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال"أخرجه البخاري (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل" أخرجه أبو داود (¬2). عن عائشة رضي الله عنها قالت: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجلة من النساء"أخرجه أبو داود (¬3). الشرح: فطر الله كلا من الذكر والأنثى على فطرةٍ معينةٍ وخصص لكل واحدٍ منهما ما يناسبه من الأعمال وهيأه للقيام بها، والخروج عن هذه الفطرة التي فطرها العليم الخبير يسبب الفساد العريض في الأرض، وهذا ما تشكو منه كثير من المجتمعات اليوم، فتشبه كل جنس بالجنس الآخر في اللباس أو الهيئة أو الأعمال مصادم للفطرة مفسد لها، ولذلك لعن الرسول من فعل ذلك. ¬

(¬1) خ10/ 332 (5885). (¬2) د4098. (¬3) د 4099.

الفوائد

الفوائد: - التحذير من تشبه الرجال بالنساء أو النساء بالرجال بأي وجه من التشبه. - لعن الرسول صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك. - أن ذلك من كبائر الذنوب.

8 - بر الوالدين

بر الوالدين (¬1) قال الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {} وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} (¬2)، وقال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا} (¬3). عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت ثم أي؟ قال بر الوالدين، قلت ثم أي؟ قال الجهاد في سبيل الله"متفق عليه (¬4). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك"متفق عليه (¬5). وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد، فقال: أحي والداك؟ قال: نعم، ¬

(¬1) الآداب الشرعية 1/ 433 ... ، تنبيه الغافلين 153،فتح الباري 10/ 400،تحفة الأحوذي 6/ 18. (¬2) سورة الإسراء، الآيتان:23، 24. (¬3) سورة العنكبوت، آية:8. (¬4) خ2/ 9 (527)، م 85. (¬5) خ10/ 401 (5597)،م 2548.

الشرح

قال: ففيهما فجاهد" متفق عليه (¬1). وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر، أحدهما أو كلاهما، فلم يغفر له"أخرجه مسلم (¬2). الشرح: للوالدين على الإنسان حق عظيم، قرنه الله سبحانه بحقه الذي خلق الله لأجله الجن والإنس، وهو عبادته تعالى، ووصى بالإحسان إليهما وبرهما، وذلك لما يعانيه الولدان-خاصة الأم من المشقة العظيمة في تربية الأولاد والعناية بهم. الفوائد: - وجوب بر الوالدين وتحريم عقوقهما أو أذيتهما ولو بأقل الكلام. - أن برهما من أحب الأعمال إلى الله، وسبب لمغفرة الذنوب ودخول الجنة. - أن حق الأم في البر أكثر ومقدم على حق الأب، وذلك لضعفها وحاجتها، وشدة ما تعانيه من الولد. - أن من حقوقهما الدعاء لهما بالرحمة. - دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم بالذل على من لم يبر والديه في كبرهما ¬

(¬1) خ10/ 403،م 2549. (¬2) م 2551.

9 - صلة الرحم

صلة الرحم (¬1) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك لك. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرؤوا إن شئتم: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {} أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {} أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (¬2) "متفق عليه (¬3). وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه"متفق عليه (¬4). (ومعنى ينسأ له في أجله أي يؤخر له في أجله وعمره). وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الواصل بالمكافيء، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها" أخرجه البخاري (¬5). ¬

(¬1) انظر: توضيح الأحكام 6/ 249، تحفة الأحوذي 6/ 31، الآداب الشرعية 1/ 452،فتح الباري10/ 414. (¬2) سورة محمد، الآيات: 22 - 24. (¬3) خ10/ 417 (5987)، م 2554. (¬4) خ10/ 415 (5986). (¬5) خ10/ 423 (5991).

الشرح

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ وأحلم عنهم ويجهلون عليَّ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لئن كنت كما تقول فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم"أخرجه مسلم (¬1). الشرح: يحث الإسلام على التواصل والتآلف ويحرم التقاطع والتهاجر أو ما يجر إليه بين المسلمين، ولذلك أمر الله بصلة الرحم وحذر من قطعها، وأمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم ورغب فيها، وأخبر أنها سبب لطول العمر وسعة الرزق. الفوائد: - وجوب صلة الرحم والتغليظ في قطعها. - أن الواصل حقيقة ليس الذي يرد الصلة بل الذي يصل من قطعه. - أن صلة الرحم سبب لزيادة الرزق وطول العمر. - عدم جواز الرد على الإساءة أو التقصير في الواجبات بالمثل. ¬

(¬1) م 2558.

10 - حق الجار

حق الجار (¬1) قال الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من لا يأمن جاره بوائقه" متفق عليه. ومعنى بوائقه: شروره (¬3). ولمسلم: "لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه" (¬4). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت" متفق عليه (¬5). وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" متفق عليه (¬6). ¬

(¬1) انظر: الآداب الشرعية 2: 14، تنبيه الغافلين 239، فتح الباري 10/ 440، رياض الصالحين 158، تحفة الأحوذي 6/ 61. (¬2) سورة النساء، آية:36. (¬3) النهاية 1/ 162. (¬4) خ10/ 443 (3016)، م 46. (¬5) خ10/ 445 (6018)، م 47. (¬6) خ10/ 441 (6014)، م 2624.

الشرح

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال: "إلى أقربهما منك باباً"أخرجه البخاري (¬1). الشرح: للجار حق في الإسلام، وصى الله عز وجل به ووصى به الرسول صلى الله عليه وسلم، وجعل الإحسان إليه من كمال الإيمان. الفوائد: - تأكد حق الجار والإحسان إليه حيث أمر الله به وقرنه بعبادته. - تحريم أذيته والتغليظ في ذلك وأنه من الكبائر. - أن إكرام الجار سبب لدخول الجنة. - استحباب تعهد الجيران بالهدية ونحوها - أن أقرب الجيران وأولاهم بالإحسان أقربهم باباً. ¬

(¬1) خ10/ 447 (6020).

11 - تحريم الكبر والترهيب منه

تحريم الكبر والترهيب منه قال تعالى: {قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} (¬1). عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة؟ قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس"أخرجه مسلم. (وبطر الحق: رده ودفعه، وغمط الناس احتقارهم (¬2).) عن حارثة بن وهب رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر" متفق عليه (¬3). (العتل: الفظ الشديد، الجواظ: الضخم المختال في مشيه (¬4)). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطراً" متفق عليه (¬5). ومعنى بطراً: تكبرا وطغياناً (¬6). ¬

(¬1) سورة الزمر، آية:72. (¬2) م 91. (¬3) خ8/ 662 (9417)، م 2853. (¬4) الفتح 8/ 663. (¬5) خ10/ 257 (5788)، م 2087. (¬6) فتح الباري 10/ 258.

الشرح

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" قال الله عز وجل: العز إزاري والكبرياء ردائي، فمن ينازعني في واحد منهما عذبته"أخرجه مسلم (¬1). الشرح: الكبر من الصفات التي لا تليق إلا بالله، وهو في البشر من الذميمة، ومن صفات أهل النار، ومن كبائر الذنوب التي توعد الله عليها بالعذاب الشديد يوم القيامة، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه شيء من الكبر الفوائد: - تحريم الكبر والترهيب منه وأنه من الكبائر. - أنه من صفات أهل النار. - أن الكبر هو رد الحق وعدم قبوله واحتقار الناس. - أن التجمل والتنظف ليس من الكبر. ¬

(¬1) م 2620.

12 - فضل التواضع وخفض الجناح للمؤمنين

فضل التواضع وخفض الجناح للمؤمنين قال الله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (¬1)، وقال تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (¬2). عن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد"أخرجه مسلم (¬3). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله"أخرجه مسلم (¬4). وعن الأسود بن يزيد قال: "سئلت عائشة رضي الله عنها: ما كان النبي يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله - يعني في خدمتهم - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة"أخرجه البخاري (¬5). الشرح: التواضع وخفض الجناح للمؤمنين خصلة حميدة يحبها الله ¬

(¬1) سورة القصص، آية:83. (¬2) سورة الشعراء، آية:215. (¬3) م 2865. (¬4) م 2588. (¬5) خ10/ 676 (6039).

الفوائد

ورسوله، ومن تواضع لله رفعه الله، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة في التواضع يخالط الضعفاء والمساكين ويجالسهم ويأمر أصحابه بالتواضع ويرغبهم فيه الفوائد: - الأمر بالتواضع وخفض الجناح للمؤمنين. - أن من ترك الكبر وتواضع لله رفعه الله. - أن عاقبة التواضع لله الجنة. - بيان تواضع النبي صلى الله عليه وسلم.

13 - فضل قضاء حاجات المسلمين

فضل قضاء حاجات المسلمين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة" متفق عليه (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه"أخرجه مسلم (¬2). الشرح: قضاء حاجات المسلمين والسعي معهم فيها، وخصوصاً الضعفة منهم أمر يحبه الله ورسوله، ووعد الله عليه بالأجر العظيم، فمن كان ¬

(¬1) خ5/ 97 (2442)، م 2580. (¬2) م 2699.

الفوائد

في حاجة أخيه ساعياً معه فيها كان الله في حاجته فيعينه عليها في الدنيا والآخرة. الفوائد: - فضل السعي لقضاء حاجات المسلمين وخصوصاً الضعفاء منه لشدة حاجتهم. - أن من أعان أخاه المسلم كان الله في عونه عند حاجته.

14 - التحذير من البدع ووجوب متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم

التحذير من البدع ووجوب متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (¬1)، وقال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (¬2). عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" (أي: مردود على صاحبه) متفق عليه. وفي رواية: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" أخرجه مسلم (¬3). عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة"أخرجه أبو داود والترمذي (¬4). ¬

(¬1) سورة آل عمران، آية:31. (¬2) سورة النساء، آية:65. (¬3) خ5/ 301 (2697)، م 1718. (¬4) د 4607، ت 2676.

الشرح

(النواجذ: الأنياب، وقيل: الأضراس). عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب يقول: "إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة"أخرجه مسلم (¬1). الشرح: دين الإسلام قائم على قاعدتين: إفراد الله بالعبادة، ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، فكل عبادة ليس فيها متابعة للرسول صلى الله عليه وسلم ولم يأذن بها فهي بدعة مردودة على صاحبها، والخير كل الخير في اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم. الفوائد: - تحريم الابتداع في الدين وذلك بأن يتعبد المسلم لله بشيء لم يشرعه الرسول صلى الله عليه وسلم - أنه من الكبائر، والعمل مردود على صاحبه. - وجوب الحذر من جميع أنواع البدع، وأنها شر وضلال. - أن طريق نيل محبة الله ومغفرته هو اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم. ¬

(¬1) م 867.

15 - حق الرجل على المرأة

حق الرجل على المرأة قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} (¬1). وقال تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي النساء خير؟ قال: "التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره"أخرجه النسائي (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح"متفق عليه (¬4). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد (أي حاضر) إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه"متفق عليه (¬5). الشرح: للرجل على امرأته حق عظيم لما يحوطها به من الرعاية والحماية ¬

(¬1) سورة النساء، آية:1. (¬2) سورة البقرة، آية:228. (¬3) ن 3231 وحسنه الألباني في المشكاة 3272. (¬4) خ9/ 293 (5193)، م 1436. (¬5) خ 9/ 295 (5195)، م 1026.

الفوائد

والقيام بشؤونها ومقابل واجبات أوجبها الله على الرجل مما يحقق الخير للزوجين وللأسرة بأكملها. الفوائد: - عظم حق الزوج على امرأته. - وجوب طاعة المرأة في المعروف، وأن ذلك من أسباب دخولها الجنة.

16 - حق المرأة على زوجها

حق المرأة على زوجها قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (¬1). وعن خويلد بن عمر الخزاعي قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة"أخرجه النسائي (¬2). ومعنى أحرج: ألحق الحرج وهو الإثم بمن ضيع حقهما (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" استوصوا بالنساء خيراً، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته"متفق عليه (¬4). وعن حكيم بن معاوية عن أبيه قال: قلت يا رسول الله: ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: "تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت"أخرجه أبو داود (¬5). (ومعنى لا تقبح: لا تقول قبح الله وجهك). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا يفرك ¬

(¬1) سورة النساء، آية:19. (¬2) قال النووي في رياض الصالحين 122،وقال: بإسناد جيد. (ولم أجده في سنن النسائي الصغرى)،وهو في مسند الإمام أحمد2/ 439،وابن ماجة برقم 3678 وحسنه الألباني في الصحيحة برقم 1015. (¬3) رياض الصالحين 122. (¬4) خ9/ 253 (5186)، م 1468. (¬5) د 2142.

الشرح

مؤمن مؤمنة (أي: لا يبغضها) إن كره منها خلقاً رضي منها آخر"أخرجه مسلم (¬1). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خياركم لنسائهم"أخرجه الترمذي (¬2). عن عمرو بن الأحوص رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول: "ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عوان عندكم (أي: أسيرات) ليس تملكون منهن غير ذلك"أخرجه الترمذي (¬3). الشرح: كما أن للرجل حقاً على المرأة فإن للمرأة حقاً عليه، ولا تستقيم الحياة الزوجية على العدل الذي أمر الله به إلا أن يؤدي كل من الزوجين الحقوق التي عليه للآخر. الفوائد: - أن للمرأة حقاً على زوجها. - وجوب الإحسان للمرأة. - توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الصبر على المرأة ومداراتها. ¬

(¬1) م 1469. (¬2) ت 1162. (¬3) ت 1163.

17 - فضل الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم

فضل الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم (¬1) قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (¬2). والصلاة من الله على عباده هي الثناء منه عليهم في الملأ الأعلى. عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من صلى عليَّ صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا"أخرجه مسلم (¬3). عن أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليَّ، قالوا: يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ (أي: صرت رميماً) قال: إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء"أخرجه أبو داود (¬4). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم"أخرجه أبو داود (¬5). ¬

(¬1) الأذكار 171،الآداب الشرعية 1/ 440، غذاء الألباب 1/ 21، جلاء الأفهام لابن القيم. (¬2) سورة الأحزاب، آية:56. (¬3) م 384. (¬4) د 1407 وصححه النووي في رياض الصالحين ص 413، والألباني في صحيح الجامع 2212. (¬5) د 2042 وصححه النووي في رياض الصالحين 413، والألباني في صحيح الجامع 7226.

الشرح

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام"أخرجه أبو داود (¬1). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل عليَّ" أخرجه الترمذي (¬2). الشرح: للرسول صلى الله عليه وسلم حقوق على أمته منها محبته، ومن محبته الإكثار من الصلاة والسلام عليه في كل حين، وقد أمر الله سبحانه المؤمنين بذلك ووعد عليه بالأجر العظيم، ودعا الرسول صلى الله عليه وسلم بالذل على من ذكر عنده رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يصل عليه. الفوائد: - استحباب الصلاة على الرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم. - استحباب الإكثار منها خصوصاً في يوم الجمعة. - الأجر العظيم لمن صلى على الرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم. ¬

(¬1) د 2041 وصححه النووي في رياض الصالحين 413، والألباني في صحيح الجامع 5679. (¬2) ت 3545 وقال حسن غريب، وصححه الألباني في صحيح الجامع 3510.

18 - فضل ذكر الله عز وجل (1)

فضل ذكر الله عز وجل (¬1) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده"أخرجه مسلم (¬2). عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت"أخرجه البخاري (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم، قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، قال: فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم: ما يقول عبادي؟ قال: يقولون: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك، قال: فيقول: هل رأوني؟ قال: فيقولون: لا والله ما رأوك، قال: فيقول: كيف لو رأوني؟ قال: فيقولون: لو رأوك لكانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيداً، وأكثر لك تسبيحاً، قال: فيقول: فما يسألون؟ قالوا: يسألونك الجنة، قال: فيقول: وهل رأوها؟ قال: فيقولون: لا والله يا رب ما رأوها، قال: فيقول: كيف لو رأوها؟ قال: فيقولون: لو أنهم ¬

(¬1) انظر: الأذكار للنووي، والوابل الصيب لابن القيم. (¬2) م 2700. (¬3) خ11/ 208 (6407).

الشرح

رأوها كانوا يكونوا أشد عليها حرصاً، وأشد لها طلباً وأعظم فيها رغبة، قال: فمم يتعوذون؟ قال يقولون: من النار، قال: فيقول: فهل رأوها؟ قال فيقولون: لا والله يا رب ما رأوها، قال: فيقول: فكيف لو رأوها؟ قال: فيقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فراراً، وأشد لها مخافة، قال: فيقول: أشهدكم أني قد غفرت لهم، قال: فيقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة؟ قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم"متفق عليه (¬1). الشرح: ذكر الله عز وجل من أفضل الأعمال التي تقرب إلى الله وتكفر الذنوب وترفع الدرجات، ومجالس الذكر هي مجالس قراءة القرآن ومدارسة العلم والتسبيح والتهليل والاستغفار، يحبها الله وتحضرها الملائكة وتتنزل فيها الرحمة. الفوائد: - فضل الذكر ومنزلته وأنه من أفضل الأعمال. - أن الذكر سبب لمغفرة الذنوب. - بركة الجليس الصالح. ¬

(¬1) خ11/ 208 (6408)، م 2689.

19 - فضل الذكر (2)

فضل الذكر قال الله تعالى: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} (¬1)، وقال: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم"متفق عليه (¬3). وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ذكر الله تعالى"أخرجه الترمذي (¬4). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات"أخرجه مسلم (¬5). ¬

(¬1) سورة العنكبوت، آية:45. (¬2) سورة البقرة، آية:152. (¬3) خ 13:384 (7405)، م 2675. (¬4) ت 3377، وصححه الألباني في صحيح الجامع 2629. (¬5) م 2676.

الشرح

الشرح: ذكر الله فضله عظيم وثوابه جزيل، والمداومة عليه من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله، وعد الله عليه بالثواب العظيم، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن المكثرين منه هم السابقون الفوائد: - فضل الذكر وعظم ثوابه. - أنه سبب للذكر الحسن من الله في الملأ الأعلى. - أنه سبب للسبق يوم القيامة.

20 - من أذكار الصباح والمساء

من أذكار الصباح والمساء قال الله تعالى: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ} (¬1). (الغدو: هو أول النهار، والآصال: جمع أصيل وهو ما بين العصر والمغرب). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة! قال: لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم تضرك"أخرجه مسلم (¬2). عن عثمان رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم - ثلاث مرات - إلا لم يضره شيء" رواه أبو داود (¬3). عن عبد الله بن خبيب رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرأ: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء"رواه أبو داود والترمذي (¬4). عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال: ¬

(¬1) سورة الأعراف، آية:205. (¬2) م 2709. (¬3) ج 5088، ت 3388، وقال حسن صحيح غريب، وصححه ابن باز في التحفة ص 22. (¬4) د 5082، ت 3575، وقال حسن صحيح، وحسنه ابن باز في التحفة ص 20.

الشرح

"أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم إني أسألك خير هذه الليلة وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر هذه الليلة وشر ما بعدها، اللهم إني أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر"؛وإذا أصبح قال: "أصبحنا وأصبح الملك لله. . . " أخرجه مسلم (¬1). عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني (وأنا عبدك) وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، من قالها حين يمسي فمات من ليلته، دخل الجنة، ومن قالها حين يصبح فمات من يومه دخل الجنة"أخرجه البخاري (¬2). الشرح: هذه بعض الأذكار التي كان الرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يحافظ عليها ويرشد أصحابه للمحافظة عليها صباحاً ومساءً، والمداومة عليها تحفظ المسلم من كل سوءٍ بإذن الله. الفوائد: - فضل هذه الأذكار واستحباب المداومة عليها لما فيها من النفع الدنيوي والأخروي. ¬

(¬1) م 2723. (¬2) خ 11/ 97 (6306).

21 - فضل التسبيح

فضل التسبيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك، ومن قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر" أخرجه مسلم (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثلما قال أو زاد عليه"أخرجه مسلم (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم"متفق عليه (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لأن أقول: ¬

(¬1) م 2691. (¬2) م 2692. (¬3) خ13/ 537 (7563) م 2694.

الشرح

سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس"أخرجه مسلم (¬1). عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: "أي الكلام أفضل؟ قال: ما اصطفى الله لملائكته - أو لعباده - سبحان الله وبحمده"أخرجه مسلم (¬2). الشرح: تسبيح الله هو تنزيهه وتقديسه عما لا يليق به، وهو من أفضل الذكر، خفيف على اللسان فليس فيه كلفة محبوب إلى الله، وهو سبب لمغفرة الذنوب. الفوائد: - فضل التسبيح ومحبة الله له. - أنه سبب لمغفرة الذنوب (¬3). - أن التسبيح أفضل كلام البشر. ¬

(¬1) م 2695. (¬2) م 2731. (¬3) قيدتها أحاديث أخر بالصغائر.

22 - فضل إنظار المعسر

فضل إنظار المعسر عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم، فقالوا: أعملت من الخير شيئاً؟ قال: لا، قالوا: تذكر، قال: كنت أداين الناس فآمر فتياني أن ينظروا المعسر ويتجوزوا عن الموسر، قال: قال الله عز وجل: تجوزوا عنه" أخرجه مسلم (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" كان رجل يداين الناس فكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسراً فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا، فلقي الله فتجاوز عنه"أخرجه مسلم (¬2). عن أبي قتادة رضي الله عنه أنه طلب غريماً له فتوارى (أي: اختفى عنه) ثم وجده، فقال: إني معسر، فقال: آلله؟ قال: آلله، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه" أخرجه مسلم (¬3). الشرح: إنظار المعسر أو التجاوز عنه من الأعمال التي يحبها الله لما فيها من التيسير على الناس وتفريج كرباتهم، ولذلك كان جزاء من فعل ذلك ¬

(¬1) م 1560. (¬2) م 1562. (¬3) م 1563.

الفوائد

عند الله أن يتجاوز عنه وينجيه من كرب يوم القيامة. الفوائد: - استحباب إنظار المعسر أو التجاوز عنه. - أنه سبب للنجاة من كربات يوم القيامة. - أنه سبب لتجاوز الله عن العبد.

23 - الربا والتحذير منه

الربا والتحذير منه قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَاكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} {يَمْحَقُ اللهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} (¬1). وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَاذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف (أي الفرار من الجيش عند لقاء الكفار) وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات" متفق عليه (¬3)، ومعنى الموبقات: المهلكات. عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله" أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) سورة البقرة، آية:276. (¬2) سورة البقرة، آية:279. (¬3) خ5/ 393 (2766)، م 89. (¬4) م 1597.

الشرح

الشرح: الربا كبيرة من كبائر الذنوب المهلكة، توعد الله عليه بالنار وآذن من أصر عليه بالحرب من الله ورسوله، وذلك لما فيه من الظلم واستغلال حاجة ذوي الحاجة والفقراء، فلذلك لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المرابين. الفوائد: - تغليظ تحريم الربا، وأنه من الكبائر المهلكة. - أنه ممحوق البركة، وآكله المصر عليه محارب لله ورسوله. - أن المرابين ملعونون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.

24 - وجوب الحذر من كفر نعمة الله

وجوب الحذر من كفر نعمة الله قال الله تعالى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ {} وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ {} قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ {} فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {} وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ {} فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ {} وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ {} تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (¬1). الشرح: قارون رجل آتاه الله أموالاً عظيمة، لكنه لم يشكر لله ويعترف بفضله بل كان يدعي أنه جمعها بعلمه وقوته، فكان يختال ويتكبر على ¬

(¬1) سورة القصص: الآيات:76 - 83.

الفوائد

الناس بها، فعاقبه الله بأن خسف به وبداره الأرض عقوبة له وليكون عبرة لمن خلفه. الفوائد: - وجوب شكر النعم والحذر من كفرها. - الحذر من الاغترار بالنعم الدنيوية - إن نعمة الله إذا لم يصحبها شكر انقلبت بلاء ونقمة على صاحبها.

25 - زكاة الغنم السائمة

زكاة الغنم السائمة عن أنس أن أبا بكر رضي الله عنهما كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين: "بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله، فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سئل فوقها فلا يعط: في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم من كل خمس شاة إذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى (وهي ما تم لها سنة)، فإذا بلغت ستاً وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى (وهي ما تم لها سنتان)، فإذا بلغت ستاً وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الجمل (وهي ما تم لها ثلاث سنين) فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة (وهي ما تم لها أربع سنين) فإذا بلغت يعني ستاً وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة، ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها فإذا بلغت خمساً من الإبل ففيها شاة، وفي صدقة الغنم في سائمتها (أي: التي ترعى في المرعى) إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان، فإن زادت على مائتين إلى ثلاث مائة ففيها ثلاث شياه، فإذا زادت على ثلاث مائة ففي كل مائة شاة، فإذا

الشرح

كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، ولا يخرج من الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيساً إلا ما شاء المصدق، ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع. وفي الرقة (أي: الفضة) ربع العشر فإن لم تكن إلا تسعين ومائة فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها"أخرجه البخاري (¬1). الشرح: فرض الله الزكاة في الغنم السائمة- وهي التي ترعى طوال السنة أو أكثرها- تطهيراً للمال وإنماء له، وبين الرسول صلى الله عليه وسلم شروط وجوبها وأنصبتها. الفوائد: - وجوب الزكاة في الغنم السائمة إذا بلغت أربعين رأساً. - إذا كانت أربعين إلى مائة وعشرين ففيها شاة. - إذا كانت مائة وإحدى وعشرين إلى مائتين ففيها شاتان. - إذا بلغت مائتين وواحد إلى ثلاثمائةٍ ففيها ثلاث شياه، ثم في كل مائة شاة. - أنه لا يجوز إخراج الهرمة ولا المعيبة في الزكاة. ¬

(¬1) خ3/ 317 (1454).

26 - زكاة الإبل

زكاة الإبل عن أنس أن أبا بكر رضي الله عنهما كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين: "بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله، فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سئل فوقها فلا يعط: في أربع وعشرين من الإبل فما دونها، من الغنم من كل خمس شاة، فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى (وهي ما تم لها سنتان)، فإذا بلغت ستاً وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الفحل (وهي ما تم لها أربع سنين)، فإذا بلغت ستاً وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الفحل، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين من الإبل ففيها شاة. وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة عن أربعين شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، ولا يخرج من الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا ما شاء المصدق، ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع. وفي الرقة (أي: الفضة) ربع العشر فإن لم يكن إلا تسعين ومائة فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها"أخرجه البخاري (¬1). ¬

(¬1) خ3/ 317 (1454).

الشرح

الشرح: فرض الله الزكاة في السائمة من الإبل وهي ما كانت ترعى بنفسها وكانت معدة للدر والنسل، وحدد الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث نصاب الإبل وشروط وجوبها وما يشترط في المخرج منها الفوائد: - وجوب الزكاة في سائمة الإبل. - في كل خمسٍ من الإبل شاة، فإذا بلغت خمساً وعشرين ففيها بنت مخاض. - إذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمسٍ وأربعين ففيها بنت لبونٍ. - إذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين ففيها حقة. - إذا بلغت إحدى وستين إلى خمسٍ وسبعين ففيها جذعة. - إذا بلغت ستا وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون. - إذا بلغت إحدى وتسعين إلى مائة وعشرين ففيها حقتان. - ما زاد على ذلك ففي كل أربعين بنت لبونٍ وفي كل خمسين حقة.

27 - إثم منع الزكاة

إثم منع الزكاة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، قيل: يا رسول الله فالإبل؟ قال: ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها - ومن حقها حلبها يوم وردها - إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر (أي: أرض مستوية واسعة (¬1) أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلاً واحداً تطؤه بأخفافها وتعضه بأفواهها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار. قيل: يا رسول الله فالبقر والغنم؟ قال: ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر لا يفقد منها شيئاً ليس فيها عقصاء (أي: ملتوية القرنين) (¬2) ولا جلحاء (أي: التي لا قرن لها) (¬3) ولا غصباء (أي: التي انكسر قرنها) (¬4) تنطحه بقرونها وتطؤه بأضلافها، كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار. . " الحديث، أخرجه مسلم (¬5). ¬

(¬1) (شرح النووي 7/ 69. (¬2) (شرح النووي 7/ 69. (¬3) (شرح النووي 7/ 69. (¬4) (شرح النووي 7/ 69. (¬5) م 987.

الشرح

الشرح: الزكاة من أركان الإسلام العظيمة، قرنها الله بالصلاة في كثيرٍ من المواضع في القرآن، ومنعها من كبائر الذنوب التي توعد عليها الله ورسوله بالعذاب الأليم. الفوائد: - أن منع الزكاة من الكبائر. - شدة عقوبة من فعل ذلك.

28 - فضل صوم رمضان

فضل صوم رمضان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم. والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه"أخرجه البخاري (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" أخرجه البخاري (¬2). الشرح: شرع الله الصوم واختصه بنفسه من سائر العبادات تشريفاً له، ووعد عليه بالأجر الجزيل، وجعل صوم رمضان سبباً لمغفرة الذنوب. الفوائد: - فضل صوم رمضان. - عظم ثوابه. - أن صوم رمضان إيماناً واحتساباً سبب لمغفرة الذنوب المتقدمة. ¬

(¬1) خ4/ 118 (1904). (¬2) خ4/ 115 (1901).

29 - النهي عن تقدم رمضان بالصوم

النهي عن تقدم رمضان بالصوم وما يقال عند رؤية الهلال عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم" متفق عليه (¬1). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين"أخرجه البخاري (¬2). عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: من صام اليوم الذي يشك فيه الناس فقد عصى أبا القاسم (يعني النبي) صلى الله عليه وسلم. أخرجه الترمذي (¬3). عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال: اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، ربي وربك الله، هلال رشد وخير"أخرجه الترمذي (¬4). ¬

(¬1) خ4/ 127 (1914)، م 1802. (¬2) خ4/ 119 (1909). (¬3) ت 686، وقال حديث حسن صحيح. (¬4) 3451.

الشرح

الشرح: صوم رمضان عبادة وقتها الله بوقتٍ محددٍ، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن يصام قبله على سبيل التنطع يوم أو يومان، لما في ذلك من الغلو وتعدي حدود الله. الفوائد: - تحريم تقدم رمضان بصيام يوم أو يومين، إلا لمن وافق عادة صوم. - أن الصوم معلق برؤية الهلال أو إكمال شعبان ثلاثين يوماً. - استحباب قول الذكر الوارد عند رؤية الهلال.

30 - فضل العمرة في رمضان

فضل العمرة في رمضان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاءٌ إلى الجنة"متفق عليه (¬1). عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار: "ما منعك أن تحجي معنا؟ "قالت: كان لنا ناضحان (أي: بعيران) فحج أبو ولدها وابنها على ناضح وترك لنا ناضحاً ننضح عليه (أي: نستقي به)، قال: "فإذا جاء رمضان فاعتمري فإن عمرة فيه تعدل حجة" متفق عليه (¬2). الشرح: العمرة من العبادات العظيمة، رغب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر أنها من مكفرات الذنوب، وإذا أديت في رمضان فإنها تكون في وقتٍ فاضلٍ فيتضاعف أجرها وفضلها، بحيث تكون كالحجة، وذلك في أي يومٍ من رمضان ولا يختص هذا الفضل بالعشر الأواخر منه. الفوائد: - فضل العمرة. - فضل العمرة في رمضان، وأنها تعدل حجة. ¬

(¬1) خ3/ 597 (1773)،م 1349. (¬2) خ3/ 603 (1782)، م 1258.

10 - شوال

صوم التطوع عن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر"أخرجه مسلم (¬1). عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين، فقال: "ذلك يوم ولدت فيه ويوم بعثت فيه أو أنزل عليَّ فيه"أخرجه مسلم (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم"أخرجه الترمذي (¬3). عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى صوم الاثنين والخميس"أخرجه الترمذي (¬4). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: "صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتى الضحى وأن أوتر قبل أن أنام"متفق عليه (¬5). ¬

(¬1) م 1164. (¬2) م 1162 (197). (¬3) ت 747. (¬4) ت 745. (¬5) خ4/ 226 (1981)، م 721.

الشرح

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صوم ثلاثة أيام من كل شهر يعدل صوم الدهر كله"متفق عليه (¬1). الشرح: الصوم من أفضل العبادات، ومن رحمة الله وفضله أنه لم يجعله محدداً معينٍ بل شرعه لعباده تطوعاً في كل وقتٍ، وخص أوقاتاً معينة بمزيد فضلٍ في الصوم وجعلها موسماً للتزود من الطاعات. الفوائد: - فضل صيام الست من شوال، وأنها مع رمضان تعدل صيام الدهر. - فضل صوم يوم الاثنين والخميس. - استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهرٍ، وأنها كصيام الدهر. ¬

(¬1) خ/4 ... ، م 1159.

2 - من أحكام صوم التطوع

من أحكام صوم التطوع عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: "لا يصوم أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو يوماً بعده"أخرجه البخاري (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم"أخرجه مسلم (¬2). عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "هذان يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما: يوم فطركم من صيامكم، واليوم الآخر تأكلون فيه نسككم (يعني: عيد الأضحى) "أخرجه البخاري (¬3). عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي"أخرجه البخاري (¬4). الشرح: يشرع الصوم في جميع الأيام، ما عدا أياماً استثناها، أو نهى عن ¬

(¬1) خ4/ 232 (1985). (¬2) م 1144. (¬3) خ4/ 238 (1990). (¬4) خ4/ 243 (1998).

الفوائد

إفرادها الشارع لحكمٍ عظيمةٍ. الفوائد: - النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصوم إلا إن وافق عادة صومٍ. - النهي عن صوم يومي العيدين وأيام التشريق.

3 - فضل قراءة القرآن

فضل قراءة القرآن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أيحب أحدكم إذا رجع إلى أهله أن يجد فيه ثلاث خلفات عظام سمان؟ قلنا: نعم، قال: فثلاث آيات يقرأ بهن أحدكم في صلاته خير له من ثلاث خلفات عظام سمان" أخرجه مسلم (¬1). عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف"أخرجه الترمذي (¬2). عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران"أخرجه مسلم (¬3). الشرح: القرآن كلام الله وقراءته أفضل الذكر، جعل الله ثواب قراءته كل حرفٍ بحسنةٍ، وجعل في قراءته في منزلة الكرام في الجنة، ومن ¬

(¬1) م 802. (¬2) ت 2910 وقال: حسن صحيح غريب. وصححه الألباني في تخريج الطحاوية رقم 158. (¬3) م 798.

الفوائد

شقت عليه القراءة فله أجر على القراءة وأجر على المشقة. الفوائد: - فضل قراءة القرآن. - أن قراءة كل حرفٍ بحسنةٍ. - أن الماهر في قراءته مع السفرة الكرام في الجنة. - أن من شقت علية القراءة فله أجران.

4 - فضل سورتي البقرة وآل عمران

فضل سورتي البقرة وآل عمران عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة"أخرجه مسلم (¬1). عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان - أو كأنهما غيايتان - أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما، اقرؤوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة (أي: السحرة) "أخرجه مسلم (¬2). عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه"أخرجه البخاري (¬3). الشرح: سورتا البقرة وآل عمران من سور القرآن العظيمة التي رغب الرسول صلى الله عليه وسلم في قراءتهما، ووعد على ذلك بالأجر العظيم، وأخبر بما في قراءتهما من الخير في الدنيا والآخرة. ¬

(¬1) م 780. (¬2) م 804. (¬3) خ9/ 55 (5009).

الفوائد

الفوائد: - فضل سورتي البقرة وآل عمران. - أنهما تحاجان عن صاحبهما يوم القيامة. - أن قراءة سورة البقرة تطرد الشياطين من البيت. - فضل الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة.

5 - الحث على نصر الضعفاء والمظلومين

الحث على نصر الضعفاء والمظلومين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا يا رسول الله، هذا ننصره مظلوماً فيكف ننصره ظالماً؟ قال: تأخذ فوق يديه"أخرجه البخاري (¬1). عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لينصر الرجل أخاه ظالماً أو مظلوماً، إن كان ظالماً فلينهه وإن كان مظلوماً فلينصره"أخرجه مسلم (¬2). عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من امريء يخذل أمرأ مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من أحد ينصر مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته"أخرجه أبو داود (¬3). الشرح: أمر الله بنصر المظلوم والوقوف معه ضد ظالمه، لأن ذلك من إنكار المنكر ومن مساعدة الضعفاء، وإزالة الظلم التي أمر الله بها. ¬

(¬1) خ5/ 98 (2444). (¬2) م 2584. (¬3) د 4484، وصححه الألباني في صحيح الجامع 5690.

الفوائد

الفوائد: - الأمر بنصر المظلوم. - أن ذلك سبب لنصر الله في مواطن الحاجة. - أن خذل المظلوم سبب لجلب خذلان الله.

6 - فضل الصدقة والإنفاق في سبيل الله (1)

فضل الصدقة والإنفاق في سبيل الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً"متفق عليه (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله عز وجل"أخرجه مسلم (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها، كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل"متفق عليه (¬3). عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته بالحق (أي: إنفاقه)، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها" متفق عليه (¬4). (ومعنى لا حسد: أي لا ينبغي أن يغبط أحد إلا على إحدى هاتين ¬

(¬1) خ3/ 304 (1442)، م 1016. (¬2) م 2588. (¬3) خ3/ 278 (1410)، م 1014. (¬4) خ1/ 165 (73)، م 816.

الشرح

الخصلتين) (¬1). الشرح: الصدق والإنفاق في وجوه الخير من الطاعات التي رغب فيها الله ورسوله، لما فيها من النفع العظيم لعباد الله، وجعلها الله سبباً لجلب البركة للمال المنفق منه فهي لا تنقصه، فالله سبحانه يتقبل الصدقة من الكسب الطيب وينميها لصاحبها إلى يوم القيامة حيث يجازيه بها. الفوائد: - فضل الصدقة والإنفاق في سبيل الله. - أن الصدقة لا تقبل إلا من كسب طيب. - أن الصدقة سبب لبركة المال ونمائه. ¬

(¬1) رياض الصالحين 210.

7 - فضل الصدقة (2)

فضل الصدقة قال الله تعالى: {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (¬1). وقال: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} (¬2). عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} قال: "يقول ابن آدم: مالي مالي، قال: وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت؟ "أخرجه مسلم (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجل بفلاة فسمع صوتاً في سحابة: اسق حديقة فلان، فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة، فإذا شرجة من تلك الشراج (أي: مسيل الماء) قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته فقال: يا عبد الله ما اسمك؟ قال: فلان للاسم الذي سمع في السحابة، فقال له: يا عبد الله لم تسألني عن اسمي؟ فقال: إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول اسق حديقة فلان لاسمك، فما تصنع فيها؟ قال: أما إذ قلت هذا فإني أنظر إلى ما يخرج ¬

(¬1) سورة النساء، آية:114. (¬2) سورة سبأ، آية:39. (¬3) م 2958.

الشرح

منها فأتصدق بثلثه وآكل أنا وعيالي ثلثه وأرد فيها ثلثه"أخرجه مسلم (¬1). الشرح: الصدقة خير كلها فهي بركة للمال وسبب للرزق، وما ينفقه الإنسان فيها هو ماله الحقيقي؛ لأنه يجده يوم القيامة أحوج ما يكون إليه. الفوائد: - فضل الصدقة. - أنها سبب لنماء المال ونزول البركة فيه. - أن ما تصدق به المسلم هو ماله الذي يبقى له. ¬

(¬1) م 1984.

8 - فضل الصدقة (3)

فضل الصدقة قال الله تعالى: {وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ} (¬1). عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس"أخرجه أحمد (¬2). عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اتقوا النار ولو بشق تمرة"متفق عليه (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"أخرجه مسلم (¬4). الشرح: الصدقة في سبيل الله من أسباب الوقاية من النار والنجاة من أهوال يوم القيامة، وهي مما يستمر أجره لصاحبه حتى بعد موته. الفوائد: - أن الصدقة سبب للنجاة من أهوال يوم القيامة. - أنها سبب للنجاة من النار، ولو قلت. - أنها مما يستمر أجره حتى بعد موت صاحبها. ¬

(¬1) سورة البقرة، آية:272. (¬2) حم 17302، وصححه الألباني في صحيح الجامع 4510. (¬3) خ 3/ 283 (1417)، م 1016. (¬4) م 1631.

9 - خير الصدقة

خير الصدقة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول"أخرجه البخاري (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال: أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، وقد كان لفلان"أخرجه البخاري (¬2). عن سلمان بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة"أخرجه أحمد (¬3). الشرح: الصدقة خير كلها، وخيرها ما كان عن غنى، وفي حال صحة الإنسان وليس عند حلول الموت، والصدقة على ذي الرحم الفقير خير منها على غيره؛ لأنها في حق القريب صدقة وصلة رحمٍ. ¬

(¬1) خ3/ 294 (1426). (¬2) خ3/ 284 (1419). (¬3) حم 17840، ت 658 وقال: حسن. وصححه الألباني في المشكاة 1/ 604.

الفوائد

الفوائد: - أن الصدقة على الأقارب المحتاجين أفضل منها على غيرهم. - أن خير الصدقة ما تصدق به الإنسان في حال صحته ورجائه لطول الحياة وخوفه من الفقر.

10 - فضل إخفاء الصدقة

فضل إخفاء الصدقة قال الله تعالى: {إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ} (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه"متفق عليه (¬2). الشرح: إخفاء الصدقة يبعد المتصدق عن الرياء ويساعد على إخلاص النية لله فيها، وفيه ستر على المسلم المتصدق عليه، وحفظ لكرامته بعدم إذلاله أمام الناس، فلذلك رغب الله فيها ووعد الرسول صلى الله عليه وسلم من بالغ في إخفاء صدقته بالأجر العظيم يوم القيامة. الفوائد: - أن إخفاء الصدقة خير من إظهارها. - فضل إخفائها وأن الله يظل من أخفى صدقته في ظل عرشه يوم القيامة. ¬

(¬1) سورة البقرة، آية:271. (¬2) خ2/ 143 (660)، م 1031.

11 - مشروعية إظهار الصدقة للمصلحة

مشروعية إظهار الصدقة للمصلحة عن جرير رضي الله عنه قال: "كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار، قال: فجاء قوم حفاة عراة مجتابي النمار والعباء متقلدي السيوف عامتهم من مضر - بل كلهم من مضر - فتمعر وجه رسول الله (أي: تغير) لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج فأمر بلالاً فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} والآية التي في الحشر: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} تصدق رجل من من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره حتى قال: ولو بشق تمرة، قال: فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها - بل قد عجزت - قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء"أخرجه مسلم (¬1). ¬

(¬1) م 1017.

الشرح

الشرح: إخفاء الصدقة خير من إظهارها لما فيه من البعد عن الرياء والستر على المتصدق عليه، لكن قد يكون هناك ما يجعل إظهارها أفضل لما يكون فيه من المصلحة مثل حث الناس على التصدق الفوائد: - مشروعية إظهار الصدقة للمصلحة. - أن ذلك ليس من الرياء بل من القدوة في الخير.

12 - النهي عن السؤال

النهي عن السؤال وجواز الأخذ بغير سؤال وبسخاوة نفس عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم" أخرجه البخاري (¬1). عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: يا حكيم، إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، كالذي يأكل ولا يشبع، اليد العليا خير من اليد السفلى"أخرجه البخاري (¬2). عن عمر رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول: أعطه من هو أفقر إليه مني، فقال: خذه، إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل، فخذه، وما لا تتبعه نفسك"أخرجه البخاري (¬3). ¬

(¬1) خ3/ 338 (1474. (¬2) خ3/ 335 (1472). (¬3) خ3/ 337 (1473).

الشرح

الشرح: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سؤال الناس من غير حاجةٍ ماسةٍ لما فيه من إذلال النفس والرغبة في الدنيا والتكثر منها، وأخبر أن من اعتاد السؤال يأتي يوم القيامة وليس في وجهه شيء من اللحم جزاء له لقلة حيائه من سؤال الناس في الدنيا. الفوائد: - النهي عن سؤال المال من الناس لغير حاجةٍ ماسةٍ. - جواز أخذ المال لمن أعطيه من غير سؤال.

13 - بعض الألفاظ المنهي عنها

بعض الألفاظ المنهي عنها عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر" أخرجه مسلم (¬1). عن حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان"أخرجه أحمد (¬2). عن طفيل بن سخبرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقولوا ما شاء الله وما شاء محمد"أخرجه أحمد (¬3). الشرح: نهى الشرع عن بعض الألفاظ لما فيها من سوء الأدب مع الله أو تسوية غيره به تعالى. فمن ذلك سب الدهر أو الزمن عند حلول المصائب؛ لأن الدهر ليس هو الفاعل بل الفاعل هو الله سبحانه. أو قول: ما شاء الله وشاء فلان. الفوائد: - النهي عن سب الدهر. - النهي عن قول: ما شاء الله وشاء فلان، بل يقال: ما شاء الله ثم شاء فلان. ¬

(¬1) م 2246. (¬2) حم 23257، وصححه الألباني في صحيح الجامع 7406. (¬3) حم 20645.

14 - النهي عن سب الريح وما يقال عند هبوبها

النهي عن سب الريح وما يقال عند هبوبها عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا الريح فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به"أخرجه الترمذي (¬1). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" "لا تسبوا الريح فإنها من روح الله تعالى تأتي بالرحمة والعذاب، ولكن سلوا الله من خيرها وتعوذوا بالله من شرها"أخرجه أحمد (¬2). الشرح: الرياح والعواصف من مخلوقات الله يأمرها بما شاء من الرحمة أو العذاب، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبها لأنها مأمورة، وأمر بسؤال الله من خيرها والاستعاذة من شرها. الفوائد: - النهي عن سب الريح. - أنها مأمورة وفيها الخير وفيها الشر. -أن المشروع عند هبوب الريح سؤال الله من خيرها والتعوذ من شرها. ¬

(¬1) ت 2252، وقال حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح الجامع 7315. (¬2) حم 7404، جه 3827، وصححه الألباني في صحيح الجامع 7316.

15 - فرح المؤمن بلقاء ربه

فرح المؤمن بلقاء ربه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه، فقلت: يا نبي الله، أكراهية الموت؟ فكلنا نكره الموت؟ فقال: ليس كذلك. ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله فكره الله لقاءه"أخرجه مسلم (¬1). عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت: قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت لأهلها: يا ويلها أين يذهبون بها؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ولو سمع الإنسان لصعق"أخرجه البخاري (¬2). الشرح: يفرح المؤمن عند موته بلقاء ربه إذا بشر بما له من النعيم عنده ويحب لقاء الله لذلك. وتقول جنازته وهي محمولة: قدموني قدموني لما ترجو من رحمة الله وفضله. ¬

(¬1) م 2684. (¬2) خ3/ 184 (1316).

الفوائد

الفوائد: - أن المؤمن يبشر برحمة الله عند موته فيحب لقاء الله. - الكافر يبشر بعذاب الله عند موته فيكره لقاء الله. -أن من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه. -أن كراهة الموت ليست كراهة للقاء الله.

16 - ذكر الموت والنهي عن تمنيه

ذكر الموت والنهي عن تمنيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أكثروا ذكر هادم اللذات"أخرجه الترمذي (¬1). عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لابد متمنياً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي"متفق عليه (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا يتمن أحدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيراً"أخرجه مسلم (¬3). الشرح: لذكر الموت وما بعده أثر في إصلاح النفس، وحثها على التزود لما أمامها والتقلل من الدنيا، فلذلك حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الإكثار من ذكره. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن أن يتمنى المسلم الموت بسبب ما يصيبه من المصائب، لأن الإنسان لا يعلم أيكون الخير في موته أم حياته، بل يسأل الله أن يقدر له ما فيه الخير. ¬

(¬1) ت 2307 وقال: حسن غريب، وصححه الألباني في صحيح الجامع 1210، قال الحافظ في البلوغ: وصححه ابن حبان. (¬2) خ 5671 م 2680. (¬3) م 2682.

الفوائد

الفوائد: -استحباب الإكثار من ذكر الموت. - النهي عن تمني الموت عند نزول المصائب.

17 - من أحكام الاحتضار

من أحكام الاحتضار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله"أخرجه مسلم (¬1). عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة" أخرجه أبو داود (¬2). عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بثلاث يقول: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن"أخرجه مسلم (¬3). الشرح: التوحيد أمره عظيم، ولذلك كان جزاء من ختم حياته بالإقرار بالتوحيد بذكر الشهادتين أن يدخله الله الجنة، كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم من شارف على الموت أن يحسن الظن بالله ويطمع في رحمته. الفوائد: - فضل الشهادتين. -مشروعية تلقين الميت الشهادتين، بأن يذكر بها عند احتضاره. - الأمر بإحسان الظن بالله عز وجل. ¬

(¬1) م 916. (¬2) د 3116، وصححه الألباني في صحيح الجامع 6479. (¬3) م 2877.

18 - الأعمال بالخواتيم

الأعمال بالخواتيم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: "إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكاً بأربع كلمات، فيكتب: عمله، وأجله، ورزقه، وشقي أم سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يبقي بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار" (¬1). عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يبعث كل عبد على ما مات عليه"أخرجه مسلم (¬2). الشرح: إن من أعظم العقوبات أن يختم للإنسان بخاتمةٍ سيئةٍ فيموت على عمل غير صالح فيبعث عليه، فعلى المسلم ألا يغتر بما عليه بل يسأل الله تعالى حسن الخاتمة وأن يثبته على الصراط المستقيم. الفوائد: - وجوب الخوف من خاتمة السوء والبعد عن مظانها. - أن الأعمال بالخواتيم. ¬

(¬1) خ 6/ 363 (3332). (¬2) م 2878.

19 - من أحكام صلاة الجنازة (1)

من أحكام صلاة الجنازة عن ابن عباس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً، لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه"أخرجه مسلم (¬1). عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين (أي: جماعة) يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه"أخرجه مسلم (¬2). عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: "صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة ماتت في نفاسها، فقام عليها وسطها"متفق عليه (¬3). عن أبي غالب رحمه الله قال: "صليت مع أنس بن مالك رضي الله عنه على جنازة رجل فقام حيال رأسه، ثم جاؤوا بجنازة امرأة من قريش فقالوا: يا أبا حمزة صل عليها، فقام حيال وسط السرير، فقيل له هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قام من الجنازة مقامك ومن الرجل مقامك منه؟ قال: نعم"أخرجه الترمذي (¬4). عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رحمه الله قال: كان زيد رضي الله ¬

(¬1) م 948. (¬2) م 947. (¬3) خ3/ 201 (1331)، م 964. (¬4) ت 1034 وقال حسن، وصححه الألباني في أحكام الجنائز ص 109.

الشرح

عنه يكبر على جنائزنا أربعاً، وإنه كبر على جنازة خمسا، فسألته فقال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبرها"أخرجه مسلم (¬1). الشرح: لصلاة الجنازة أحكام تخصها جاءت بها سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنها ما كان على أكثر من صفةٍ فيجوز العمل بالصفتين. الفوائد: - أن الإمام يقف في صلاة الجنازة عند وسط المرأة وعند رأس الرجل. - أن الإمام يكبر أربع تكبيراتٍ. - جواز التكبير خمس تكبيراتٍ في صلاة الجنازة. - استحباب تكثير المصلين على الجنازة. ¬

(¬1) م 957.

20 - من أحكام صلاة الجنازة (2)

من أحكام صلاة الجنازة الصلاة على القبر: عن أبي هريرة رضي الله عنه"أن أسود - رجلاً كان أو امرأة- كان يقم المسجد فمات ولم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم بموته فذكره ذات يوم فقال: ما فعل ذلك الإنسان؟ قالوا مات يا رسول الله، قال: أفلا آذنتموني؟ فدلوني على قبره، فأتى قبره فصلى عليه"أخرجه البخاري (¬1). صلاة الجنازة على الغائب: عن أبي هريرة رضي الله عنه: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر عليه أربع تكبيرات"أخرجه البخاري (¬2). الشرح: يشرع لمن فاتته صلاة الجنازة أن يصلي عليها ولو بعد أن تقبر كذلك شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الجنازة على الميت الغائب. الفوائد: - مشروعية صلاة الجنازة على القبر. - مشروعية صلاة الجنازة على الغائب. ¬

(¬1) خ3/ 205 (1337). (¬2) خ3/ 202 (1333).

21 - ما يقول في صلاة الجنازة

ما يقول في صلاة الجنازة قراءة الفاتحة: عن طلحة بن عبد الله بن عوف رحمه الله قال: "صليت خلف ابن عباس رضي الله عنهما على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب، قال: لتعلموا أنها سنة"أخرجه البخاري (¬1). الدعاء في صلاة الجنازة: عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول: "اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر - أو من عذاب النار - قال: حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت"أخرجه مسلم (¬2). الشرح: يقرأ المصلي في صلاة الجنازة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى، وبعد ¬

(¬1) خ 3/ 203 (1335). (¬2) م 963.

الفوائد

الثانية يصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم كما في التشهد (¬1) ثم يدعو في الثالثة للميت. الفوائد: - مشروعية قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة. - مشروعية الدعاء للميت بعد الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم. ¬

(¬1) لما رواه عبد الرزاق والنسائي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر ثم يقرأ بأم القرآن ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يخلص الدعاء للميت ولا يقرأ إلا في الأولى. قال الحافظ في الفتح 3/ 204 بسند صحيح. وصححه الألباني في أحكام الجنائز ص 121. وقال محققاً رياض الصالحين ص 390:أخرجه الحاكم 1/ 360،والبيهقي 4/ 39.

22 - من أحكام الجنائز

من أحكام الجنائز جواز تقبيل الميت: عن عائشة رضي الله عنها: "أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قبل النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته"أخرجه البخاري (¬1). النهي عن سب الأموات: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا"أخرجه البخاري (¬2). الإسراع بالجنازة: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم"متفق عليه (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه"أخرجه الترمذي (¬4). عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللحد لنا والشق ¬

(¬1) خ3/ 113 (1241). (¬2) خ11/ 362 (6516). (¬3) خ3/ 182 (1315)، م 944. (¬4) ت 1079 وقال: حسن، وصححه الألباني في صحيح الجامع 6779.

الشرح

لغيرنا"أخرجه الترمذي (¬1). الشرح: في هذه الأحاديث بعض أحكام تتعلق بالجنائز والأموات، وقد يحتاجها الناس كثيراً عند تجهيز الجنائز. الفوائد: - جواز تقبيل الميت. - النهي عن سب الأموات. - الأمر بالإسراع بالجنازة. -وجوب الإسراع بقضاء الدين عن الميت. - استحباب لحد القبر ¬

(¬1) ت 1045 وقال حسن غريب، وصححه الألباني في صحيح الجامع 5489.

23 - من أحكام دفن الميت

من أحكام دفن الميت عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: "ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب (أي: تميل) حتى تغرب"أخرجه مسلم (¬1). عن ابن عمر رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أدخل الميت القبر قال: بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله"أخرجه الترمذي (¬2). عن أنس رضي الله عنه قال: "شهدنا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم - ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر - فرأيت عينيه تدمعان، فقال: هل فيكم أحد لم يقارف الليلة؟ (أي: يجامع أهله) (¬3) فقال أبو طلحة: أنا، قال: فانزل في قبرها، فنزل في قبرها فقبرها"أخرجه البخاري (¬4). الشرح: لدفن الميت أحكام وسنن ينبغي للمسلم أن يتقيد بها ويحافظ عليها متابعة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك. ¬

(¬1) م 831. (¬2) ت 1046 وحسنه، د 3213، وحسنه الألباني في أحكام الجنائز ص 152. (¬3) الفتح 3/ 209. (¬4) خ3/ 208 (1342).

الفوائد

الفوائد: - النهي عن دفن الميت بعد طلوع الشمس حتى ترتفع وحين تتعامد الشمس حتى تزول، وقبيل الغروب. - أن السنة لمن يدخل الميت قبره أن يقول: بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله. - جواز أن يدخل المرأة قبرها غير محرم لها.

24 - الحث على الصبر وما يقال عند المصيبة

الحث على الصبر وما يقال عند المصيبة قال الله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ {} أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (¬1). عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصبر عند الصدمة الأولى"أخرجه البخاري (¬2). عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيراً منها، إلا أخلف الله له خيراً منها"أخرجه مسلم (¬3). عن صهيب رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له"أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) سورة البقرة، آية:157. (¬2) خ3/ 171 (1302). (¬3) م 918. (¬4) م 2999.

الشرح

الشرح: الصبر على المصيبة واحتساب الأجر في ذلك دليل على قوة الإيمان، وهو سبب لنيل رحمة الله والعاقبة الحسنة منه، ولذلك وجه الرسول إلى الصبر عند المصائب وعلم أمته ما يقال في ذلك. الفوائد: - فضل الصبر على المصائب. - أن الصبر المحمود ما كان في أول الأمر. - أن الصبر عند الشدائد من صفات المؤمنين. - فضل الذكر الوارد عند المصيبة.

25 - الوصية وأحكامها

الوصية وأحكامها عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده"متفق عليه (¬1). عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: "قلت يا رسول الله: أنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا. قلت: أفأتصدق بشطره؟ (أي: نصفه). قال: لا. قلت: أفأتصدق بثلثه؟ قال: الثلث، والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس" متفق عليه (¬2). عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث"أخرجه أبو داود والترمذي (¬3). عن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله، إن أمي افتلتت نفسها (أي: ماتت بغتة) ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم"متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) خ5/ 355 (2738)، م 1627 (¬2) خ5/ 363 (2742)، م 1628. (¬3) د 3565، ت 2120 وقال حسن صحيح، وصححه الألباني في إرواء الغليل 1655. (¬4) خ 5/ 388 (2960)، م 1004.

الشرح

الشرح: قد يكون على الإنسان حقوق للآخرين ولا يدري متى يهجم الموت، فلذلك أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بكتابة الوصية وجعل لها ضوابط ينبغي على المسلم معرفتها. الفوائد: - الأمر بكتابة الوصية لمن كان عنده ما يوصي به، وعدم التفريط في ذلك. - جواز تصرف الإنسان بالوصية في ثلث ماله قبل موته. - النهي عن تخصيص بعض الورثة بزيادة في حقه في الوصية. - جواز الصدقة عن الميت ولو لم يوص.

26 - من أحكام المواريث

من أحكام المواريث عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر (أي: أقرب رجل) " أخرجه مسلم (¬1). عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث"أخرجه أبو داود والترمذي (¬2). عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم"أخرجه مسلم (¬3). الشرح: حدد الله سبحانه الفرائض في كتابه وبينها رسول الله صلى الله عليه وسلم أوضح بيان ولم يتركها لأهواء الناس ورغباتهم، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التعدي عما شرعه الله تعالى لعباده. ¬

(¬1) م 1615. (¬2) د 3565، ت 2120 وقال حسن صحيح، وصححه الألباني في إرواء الغليل 1655. (¬3) م 1614.

الفوائد

الفوائد: - أن تقسيم المواريث شرع شرعه الله نفسه. - أنه لا تجوز الوصية لوارث. - أنه إن بقي شيء من الإرث بعد أصحاب الفروض فلأقرب رجل للميت. - أنه لا توارث بين المسلم والكافر.

27 - جواز البكاء على الميت ما لم يكن عن جزع وتسخط

جواز البكاء على الميت ما لم يكن عن جزع وتسخط عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "دخلنا على أبي سيف القين - وكان ظئراً لإبراهيم عليه السلام - (أي: زوج مرضعته) فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبله وشمه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك - وإبراهيم يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: وأنت يا رسول الله؟! فقال: يا ابن عوف إنها رحمة، ثم أتبعها بأخرى (أي: بدمعة أخرى) فقال صلى الله عليه وسلم: "إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون"أخرجه البخاري (¬1). عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: "أرسلت بنت النبي صلى الله عليه وسلم: إن ابني قد احتضر فاشهدنا، فأرسل يقرئ السلام ويقول: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب، فأرسلت تقسم عليه ليأتينها، فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال رضي الله عنهم، فرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم الصبي فأقعده في حجره ونفسه تقعقع، ففاضت عيناه صلى الله عليه وسلم، فقال: سعد: يا رسول الله ما هذا؟ قال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب من ¬

(¬1) خ3/ 172 (1303).

الشرح

شاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء"متفق عليه (¬1). ومعنى تقعقع: تتحرك وتضطرب. الشرح: البكاء على الميت رحمة وحزناً أمر جبلي مباح لا يؤاخذ الله عليه، ما لم يكن عن جزع وتسخط من قدر الله، فقد بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاة ابنه إبراهيم مع إيمانه ورضاه التام بقضاء الله وقدره. الفوائد: - جواز البكاء على الميت من غير نياحة أو جزع وتسخط لقضاء الله. - رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم ورقة قلبه. ¬

(¬1) خ13/ 434 (7448)، م 923.

28 - ثواب الصبر على موت الأولاد

ثواب الصبر على موت الأولاد عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من الناس مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث (أي: لم يبلغوا) إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم"أخرجه البخاري (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم"أخرجه الترمذي (¬2). عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد كانوا لها حجاباً من النار، قالت امرأة: واثنان؟ قال: واثنان"أخرجه البخاري (¬3). الشرح: الأولاد هم ثمرة الفؤاد, وزينة الحياة الدنيا وفقدهم مصيبة عظيمة على الوالدين, فلذلك كان الصبر على ذلك ثوابه عظيم ووعد الله عليه بالأجر الجزيل رحمة منه وفضلاً. ¬

(¬1) خ3/ 244 (1381). (¬2) ت 1060 وقال حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح الجامع 7791. (¬3) خ3/ 118 (1249).

الفوائد

الفوائد: - عظم ثواب فقد الأولاد مع الصبر على ذلك. -أن الصبر لفقد الأولاد سبب لدخول الجنة. - عظم رحمة الله وسعة فضله.

29 - فضل الصلاة على الجنازة واتباعها وبعض أحكامها

فضل الصلاة على الجنازة واتباعها وبعض أحكامها عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان. قيل: وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين"متفق عليه (¬1). وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع: بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس ونصر الضعيف وعون المظلوم وإفشاء السلام وإبرار المقسم"متفق عليه (¬2). (ومعنى تشميت العاطس: أي قول يرحمك الله. ومعنى إبرار المقسم: أي فعل ما أقسم عليه ليكون باراً). عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأيتم الجنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع"أخرجه البخاري (¬3). عن أم عطية رضي الله عنها قالت: "نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا"أخرجه البخاري (¬4). ¬

(¬1) خ3/ 196 (1325)، م 945. (¬2) خ3/ 112 (1239) و 11/ 18 (6235)، م 2066. (¬3) خ3/ 178 (1310). (¬4) خ3/ 144 (1278).

الشرح

الشرح: السير مع الجنازة حتى تدفن أمر رغب فيه الرسول صلى الله عليه وسلم للرجال دون النساء, وأخبر بأن من تبع الجنازة فإن له مثل الجبل العظيم من الأجر, ترغيباً في اتباعها, وأرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتبعها ألا يقعد حتى توضع. الفوائد: - أن من السنة اتباع الجنازة. - عظم أجر من فعل ذلك. - أن السنة لمن تبع الجنازة ألا يقعد حتى توضع. - نهي النساء عن اتباع الجنائز.

30 - ما يحصل للميت في قبره

ما يحصل للميت في قبره * الميت يسمع في القبر وقع أقدام أصحابه إذا انصرفوا عنه: عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العبد إذا وضع في قبره وتولى وذهب أصحابه - حتى إنه ليسمع قرع نعالهم - أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه وسلم؟ فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله. فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعداً في الجنة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: فيراهما جميعاً. وأما الكافر - أو المنافق فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس. فيقال: لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه، فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين (أي: الجن والإنس) " أخرجه البخاري (¬1). * يبشر الميت بمقعده من الجنة أو من النار: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: "إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال له: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة"أخرجه مسلم (¬2). ¬

(¬1) خ3/ 205 (1338). (¬2) م 2866.

الشرح

الشرح: عندما يقبر الميت وينصرف عنه أصحابه فإن روحه تعاد له ويحيا حياة برزخية, ويأتيه ملكان, منكر ونكير, ويقعدانه ويسألانه, فيثبت الله المؤمنين ويهديهم لقول الحق, ويعرض على الميت مقعده من الجنة أو النار حتى يوم القيامة. الفوائد: - إثبات سؤال الملكين للميت في القبر. - إثبات عذاب القبر ونعيمه. - أن الميت يرى منزله في الجنة أو في النار قبل يوم القيامة.

11 - ذو القعدة

الأمر بتسوية القبر عن أبي الهياج الأسدي رحمه الله قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته"أخرجه مسلم (¬1). عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها (أي: القبور) "أخرجه مسلم (¬2). عن جابر رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه"أخرجه مسلم (¬3). عن أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها"أخرجه مسلم (¬4). الشرح: فتنة القبور من أعظم الفتن التي كاد بها الشيطان بني آدم قديماً وحديثاً، زين لهم تعظيمها والبناء عليها والصلاة إليها حتى عبدوها، فلذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن رفع القبور أو البناء عليها أو الصلاة إليها مع أمره صلى الله عليه وسلم باحترامها وعدم إيذاء أهلها. ¬

(¬1) م 969. (¬2) م 968. (¬3) م 970. (¬4) م 972.

الفوائد

الفوائد: - تحريم البناء على القبور أو رفعها أو تجصيصها. - النهي عن الجلوس على القبر. - تحريم الصلاة عند القبور.

2 - فضل المسجد الحرام ومسجد المدينة

فضل المسجد الحرام ومسجد المدينة قال الله تعالى عن المسجد الحرام: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام"أخرجه مسلم (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد الأقصى"أخرجه مسلم (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي"متفق عليه (¬4). الشرح: خص الله عز وجل المسجد الحرام بمكة ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة بخصائص ليست لغيرهما، وفضلهما على سواهما من المساجد، وجعل أجر الصلاة فيهما أضعاف أجر الصلاة فيما سواهما ¬

(¬1) سورة الحج، آية:25. (¬2) م 1394. (¬3) م 1397. (¬4) خ4/ 99 (1888)، م 1391.

الفوائد

من المساجد، وحرم السفر تقرباً إلى الله إلا لهما مع المسجد الأقصى. الفوائد: - فضل الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي. -تحريم السفر بقصد العبادة إلا إلى هذه المساجد الثلاثة. - فضل البقعة التي بين حجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ومنبره.

3 - من أحكام مكة

من أحكام مكة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: "إن هذا البلد حرمه الله، لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها"أخرجه البخاري (¬1). ما يجوز للمحرم قتله: عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: خمس فواسق يقتلن في الحل والحرام: "الحية والغراب الأبقع والفأرة والكلب العقور والحديا"أخرجه مسلم (¬2). الشرح: مكة بلد حرمه الله عز وجل، فلا يقطع نباته البري ولا يتعرض لصيده فهو فيه آمن، ولا تلتقط لقطته وهي ما يجده الإنسان ساقطاً ولا يعرف صاحبه، إلا إن كان يريد أن يعرفها للناس ليجدها صاحبها. لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمح بقتل ما كان ضاراً من الحيوانات وسماها الفواسق. ¬

(¬1) خ 3/ 449 (1587). (¬2) م 1198.

الفوائد

الفوائد: - عظم حرمة مكة. - تحريم قطع شجرها أو صيد صيدها البري. - لا يجوز أخذ لقطتها إلا لمن أراد تعريفها. - جواز قتل ما فيه ضرر كالغراب والفأرة والكلب العقور والحديا فيها.

4 - الحث على الزواج

الحث على الزواج قال الله تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} (¬1). عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة (أي مؤونة الزواج) فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء (أي: قاطع للشهوة) متفق عليه (¬2). وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة"أخرجه مسلم (¬3). الشرح: الزواج أمر فطر الله الناس عليه، وهو من سنة النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله وأمر به وحث عليه لما فيه من إحصان الفرج، وإعفاف النفس وتكثير نسل المسلمين. الفوائد: - حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الزواج وترغيبه فيه. - أن خير متاع الدنيا المرأة الصالحة. ¬

(¬1) سورة النساء، آية:3. (¬2) خ9/ 106 (5065)، م 1400. (¬3) م كتاب الرضاع 59.

5 - تحريم إجبار البنت على الزواج بمن لا ترغب

تحريم إجبار البنت على الزواج بمن لا ترغب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا تنكح الإيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت"متفق عليه (¬1). عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الإيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صمتها"أخرجه مسلم (¬2). عن خنساء بنت خدام الأنصارية أن أباها زوجها وهي ثيب فكرهت ذلك، "فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد نكاحها"أخرجه البخاري (¬3). الشرح: قبول الزوج أو رفضه حق أعطاه الله للبنت، ولا يجوز لوليها أن يجبرها على ما قد يعود عليها بالضرر، لكن عليه مشاورتها والنصح لها، ويكفي في إذن البكر أن تسكت حياء ولا ترد. الفوائد: - وجوب أخذ رأي البنت في زواجها. - أنه يكفي في إذن البكر السكوت. - أن رضا الزوجه شرط لصحة النكاح. ¬

(¬1) خ9/ 191 (5136)، م 1419. (¬2) م 1421. (¬3) خ9/ 194 (5138). وترجم عليه: إذا زوج الرجل ابنته وهي كارهة فنكاحه مردود.

6 - من أحكام النكاح

من أحكام النكاح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "نهى عن الشغار"متفق عليه (¬1). والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته وليس بينهما صداق. عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي"أخرجه الترمذي (¬2). وصية الرسول بذات الدين: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك"أخرجه البخاري (¬3). الشرح: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن يزوج الرجل موليته مقابل أن يزوجه الزوج ابنته أو أخته بدون صداقٍ مستقلٍ لكل واحدة منهن، كذلك نهى أن تزوج المرأة بدون ولي لما في ذلك من الفساد. وقد أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم من أراد الزواج باختيار ذات الدين من النساء. ¬

(¬1) خ99/ 162 (5112)، م 1415. (¬2) ت 1101. (¬3) خ9/ 132 (5090).

الفوائد

الفوائد: - تحريم نكاح الشغار وأنه باطل (¬1). - تحريم نكاح المرأة بدون ولي. - أمر لرسول صلى الله عليه وسلم للمتزوج باختيار المرأة الدينة. ¬

(¬1) الملخص الفقهي لابن فوزان 2/ 274.

7 - الأمر بالاجتماع والنهي عن التفرق

الأمر بالاجتماع والنهي عن التفرق قال الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا} (¬1). عن عرفجة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنها ستكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان"أخرجه مسلم (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثاً، فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً، وأن تطيعوا من ولاه الله أمركم، ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال"أخرجه مسلم (¬3). عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: "وعظنا رسول الله موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة"أخرجه أبو داود والترمذي (¬4). ¬

(¬1) سورة آل عمران، آية:103. (¬2) م 1852. (¬3) م 1715. (¬4) د 4607،ت 2676.

الشرح

(والنواجذ: الأنياب، وقيل: الأضراس). الشرح: دين الإسلام دين جماعةٍ ووفاق واجتماعٍ على الحق، ولذلك حذر الله وحذر رسوله الله صلى الله عليه وسلم من التفرق والاختلاف لما فيه من تفريق الكلمة وإضعاف الصف وظهور الفتن وتمكين الأعداء. الفوائد: - الأمر بالاعتصام بكتاب الله. - النهي الشديد والأكيد عن التفرق والاختلاف. - الأمر بالتزام سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وقوع الاختلاف.

8 - اختلاف هذه الأمة وتقاتلها

اختلاف هذه الأمة وتقاتلها عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة، وأن لا يسلط عليها عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة وأن لا أسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم (أي: جماعتهم وأصلهم) ولو اجتمع عليهم من بأقطارها - أو قال: من بين أقطارها - حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً ويسبي بعضهم بعضاً" أخرجه مسلم (¬1). وعن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أقبل ذات يوم من العالية حتى إذا مر بمسجد بني معاوية دخل فركع فيه ركعتين وصلينا معه ودعا ربه طويلاً، ثم انصرف إلينا فقال صلى الله عليه وسلم: سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألت ربي ألا يهلك أمتي بالسنة (أي: قحط عام) فأعطانيها وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها"أخرجه مسلم (¬2). ¬

(¬1) م 2889. (¬2) م 2890.

الشرح

الشرح: اختلاف هذه الأمة وتقاتلها أمر أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم محذراً منه ومنبهاً أمته للسعي للاتقاء من شره. وأخبر أنه السبب في تسلط الأعداء. الفوائد: - إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم باختلاف أمته من بعده. - أن ذلك هو سبب تسلط عدوهم عليهم. - وجوب الحذر من اختلاف الأمة والسعي لتوحيد صفها على الحق.

9 - كثرة سبل الضلال والتحذير منها

كثرة سبل الضلال والتحذير منها عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: "كان الناس يسألون رسول الله عن الخير, وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني, فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهليةٍ وشرٍ فجاءنا الله بهذا الخير, فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم, قلت وهل بعد هذا الشر من خير؟ قال نعم وفيه دخن. قلت وما دخنه؟ قال: يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر. قلت وهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم, دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم إليها قذفوه فيها, قلت: يا رسول الله صفهم لنا, قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا, قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم, قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها, ولو أن تعض على أصل شجرةٍ حتى يدركك الموت وأنت على ذلك" متفق عليه (¬1). عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: "خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً ثم قال: هذا سبيل الله, ثم خط خطوطاً عن يمينه وشماله وقال: هذه سبل, على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه, وقرأ {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} (¬2) أخرجه أحمد. (¬3). ¬

(¬1) خ13/ 35 (7084)، م 1847. (¬2) سورة الأنعام، آية:153. (¬3) حم 4143 وصححه الحاكم وحسنه الألباني في المشكاة 1/ 59.

الشرح

الشرح: صراط الله المستقيم واحد لا اعوجاج فيه، بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما كانت سبل الشيطان كثيرة مختلفة بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحذر منها ونبه على اختلافها ومخالفتها للحق وأنها سبل ضلالٍ وأبواب لجهنم، ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طريق النجاة منها، وهو اتباع كتاب الله وسنة رسوله ولزوم جماعة المسلمين. الفوائد: - أن سبيل الله واحد. - كثرة سبل الضلال. -أن سبل الضلال أبواب لجهنم، من سار فيها وقع في النار. - أن النجاة من هذه السبل لا تكون إلا باتباع صراط الله المستقيم ولزوم جماعة المسلمين

10 - التحذير من الفتن والأمر بالبعد عنها

التحذير من الفتن والأمر بالبعد عنها عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يتقارب الزمان وينقص العمل, ويلقى الشح وتظهر الفتن ويكثر الهرج" (والهرج: القتل) أخرجه البخاري (¬1). عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده أشر منه حتى تلقوا ربكم"أخرجه البخاري (¬2). عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: "كان الناس يسألون رسول الله عن الخير, وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني, فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهليةٍ وشرٍ فجاءنا الله بهذا الخير, فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم, قلت وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال نعم وفيه دخن. قلت وما دخنه؟ قال: يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر. قلت وهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم, دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم إليها قذفوه فيها, قلت: يا رسول الله صفهم لنا, قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا, قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم, قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها, ولو أن تعض على أصل شجرةٍ ¬

(¬1) خ13/ 13 (7061). (¬2) خ13/ 29 (7068).

الشرح

حتى يدركك الموت وأنت على ذلك" أخرجه البخاري (¬1). الشرح: في آخر الزمان تكثر الفتن وتتنوع ويهلك بسببها الكثير من الناس، ولا يسلم من شرها إلا من التزم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وابتعد عن الدخول في شيء من هذه الفتن ما استطاع، ولزم جماعة المسلمين، وحاول الإصلاح بما يستطيع مع الصبر وسؤال الله الثبات على الدين. الفوائد: - كثرة الفتن في آخر الزمان. - تحذير الرسول صلى الله عليه وسلم منها مما يدعو المسلم إلى البعد عنها والحذر منها. - توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى لزوم جماعة المسلمين وقت الفتن. ¬

(¬1) خ13/ 35 (7084).

11 - موقف المسلم في الفتنة

موقف المسلم في الفتنة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يأتي على الناس زمان تكون الغنم فيه خير مال المسلم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن" أخرجه البخاري (¬1). عن أهبان رضي الله عنه قال أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ستكون فتن وفرقة فإذا كان كذلك فاكسر سيفك واتخذ سيفاً من خشب" أخرجه أحمد (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي, من تشرف لها تستشرفه ومن وجد ملجأ أو معاذاً فليعذ به"أخرجه البخاري (¬3). عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العبادة في الهرج كهجرة إلي"أخرجه مسلم (¬4). (المراد بالهرج: الفتنة واختلاط أمور الناس) (¬5). عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: "كان الناس يسألون ¬

(¬1) خ6/ 611 (3600). (¬2) حم 20622 ج 5. (¬3) خ6/ 612 (3601)، م 2886 - انظر: صحيح الجامع ص 2430. (¬4) م 2948. (¬5) شرح مسلم للنووي 18/ 299.

الشرح

رسول الله عن الخير, وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني, فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهليةٍ وشرٍ فجاءنا الله بهذا الخير, فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم, قلت وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال نعم وفيه دخن. قلت وما دخنه؟ قال: يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر. قلت وهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم, دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم إليها قذفوه فيها, قلت: يا رسول الله صفهم لنا, قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا, قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم, قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها, ولو أن تعض على أصل شجرةٍ حتى يدركك الموت وأنت على ذلك" أخرجه البخاري (¬1). الشرح: الفتن بلاء يبتلي به الله هذه الأمة، أخبر الرسول بحدوثها وأرشد صلى الله عليه وسلم لما ينبغي على المسلم حين حدوثها حتى يسلم من شرها بإذن الله. الفوائد: - وجوب توقي الفتن والبعد عنها، وعدم السعي فيها. - توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ترك القتال في الفتنة. - أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم عند الفتن. - ترغيب الرسول صلى الله عليه وسلم في العبادة حال وقوع الفتن. ¬

(¬1) 13/ 35 (7084).

12 - التحذير من فتنة النساء

التحذير من فتنة النساء قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} (¬1). عن أسامة بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء "متفق عليه (¬2). عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء, فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء"أخرجه مسلم. (¬3). الشرح: فتنة النساء عظيمة حذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبر أنها أول فتنة بني إسرائيل، فالخلوة بهن فتنة، وما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما، والاختلاط بهن فتنة- وهو ما يسعى إليه شياطين الجن والإنس ... - اليوم- وخروجهن من بيوتهن لغير حاجةٍ فتنة، وطاعتهن في كل ما أردن فتنة، وتبرجهن والتساهل معهن في ذلك فتنة، فالواجب الحذر من هذه الفتن التي قد لا يمكن إخمادها إذا لم يلتفت إليها من بدايتها. ¬

(¬1) سورة النساء، آية:34. (¬2) خ9/ 137 (5096)، م 2740. (¬3) م 2742.

الفوائد

الفوائد: - وجوب الحذر من فتنة النساء. - مسؤولية الرجال في الأخذ على أيديهن وضرر التساهل في ذلك.

13 - النهي عن الحسد

النهي عن الحسد عن أنسٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً, لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث"متفق عليه (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض, وكونوا عباد الله إخواناً, المسلم أخو المسلم: لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره, التقوى ههنا - يشير إلى صدره, ثلاث مراتٍ- بحسب امريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه"أخرجه مسلم (¬2). عن أبن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته بالحق (أي: إنفاقه) ,ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها"متفق عليه. (¬3). (ومعنى لا حسد: أي لا ينبغي أن يغبط أحد إلا على إحدى هاتين الخصلتين) (¬4). ¬

(¬1) خ10/، م 2559. (¬2) م 2564. (¬3) خ1/ 165 (73)، م 816. (¬4) رياض الصالحين 210.

الشرح

الشرح: الحسد هو كراهة النعمة على الغير وتمني زوالها، وهو خصلة ذميمة نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها لما فيها من فساد ذات بين المسلمين وحقد بعضهم على بعضٍ وتسببهم في ضرر بعضهم بعضاً، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن تمني مثل ما عند الآخرين من السبق في أمور الدين ليس من الحسد المذموم. الفوائد: - النهي عن الحسد بين المؤمنين. - أن الغبطة على أمور الخير ليست من الحسد.

14 - الأمر بحفظ الأمانة وأدائها

الأمر بحفظ الأمانة وأدائها قال الله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً} (¬1). وقال تعالى: {إِنَّ اللهَ يَامُرُكُمْ أَن تُؤدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (¬2). وقال تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَاجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} (¬3). وقال {وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (¬4). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم جاء أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث. حتى إذا قضى حديثه قال: أين السائل عن الساعة؟ قال: ها أنا يا رسول الله. قال: إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال: كيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة"أخرجه البخاري (¬5). عن أنس رضي الله عنه قال: قلما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له"أخرجه أحمد (¬6). ¬

(¬1) سورة الأحزاب، آية:72. (¬2) سورة النساء، آية:58. (¬3) سورة القصص، آية:26. (¬4) سورة المعارج، آية:32. (¬5) خ1/ 57. (¬6) حم 12787،وقال الألباني في المشكاة 1/ 17 إسناده جيد.

الشرح

الشرح: الأمانة أمرها عظيم، أمر الله بحفظها وأدائها ورعايتها وامتدح الأمناء، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لا دين لمن لا أمانة له، وأن تضييعها من علامات الساعة. الفوائد: - عظم أمر الأمانة والأمر بحفظها. -أن رعاية الأمانة من صفات المؤمنين المفلحين. -الأمر بأداء الأمانات إلى أهلها. - أنه لا دين لمن لا أمانة له.

15 - سبعة يظلهم الله في ظله

سبعة يظلهم الله في ظله عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه"متفق عليه (¬1). الشرح: في يوم القيامة يبلغ الناس من التعب والجهد مبلغاً عظيماً، وتدنو الشمس منهم مقدار ميل فيبلغون من الضنك والضيق مالا يعلمه إلا الله، وفي هذا الموقف يكون هناك أناس في ظل عرش الرحمن في راحةً وأمانٍ، ومنهم هؤلاء السبعة المذكورون في هذا الحديث، ويجمعهم وصف الخوف من الله وإخلاص العمل لله مع شدة الداعي إلى ضدهما. ذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ترغيباً في أعمالهم وحثاً لنا عليها. الفوائد: -فضل هؤلاء السبعة. -أنهم ممن يظلهم الله في ظل عرشه يوم القيامة. ¬

(¬1) خ2/ 143 (660)، م 1031.

16 - حق المسلم على المسلم

حق المسلم على المسلم قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس"متفق عليه (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا تحاسدوا ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره، التقوى ههنا - يشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه"أخرجه مسلم (¬3). الشرح: المسلمون إخوة، جمعتهم رابطة الأخوة الإيمانية، وللأخ حق على أخيه أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ونبه على ما ينافي هذه الأخوة أو يضعفها محذراً من ذلك. ¬

(¬1) سورة الحجرات، آية:10. (¬2) خ3/ 112 (1240)، م 2162. (¬3) م 2564.

الفوائد

الفوائد: - أن المؤمنين إخوة. - أن للمسلم حقوقاً على أخيه المسلم، ينبغي عليه الإتيان بها وعدم التقصير فيها.

17 - فضل الدعوة إلى الله

فضل الدعوة إلى الله قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (¬1). وقال: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} (¬2). وقال: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (¬3). عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب يوم خيبر: "انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم"متفق عليه (¬4). (وحمر النعم: أجود الإبل). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً"أخرجه مسلم (¬5). ¬

(¬1) سورة فصلت، آية:33. (¬2) سورة النحل، آية:125. (¬3) سورة يوسف، آية:108. (¬4) خ (3701)، م 2406. (¬5) م 2674.

الشرح

الشرح: الدعوة إلى الله هي عمل الرسل وهي سبيل المؤمنين، أمر الله بها في كتابه ورغب فيها رسوله صلى الله عليه وسلم وأخبر بما فيها من الأجر العظيم. الفوائد: - فضل الدعوة إلى الله. - الأجر العظيم لمن هدى الله أحداً من الناس. - أن من دعا الناس إلى عملٍ من أعمال الخير فله أجور من تبعه على ذلك الخير

18 - الأمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب

الأمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (¬1). عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب"أخرجه البخاري (¬2). عن عمر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلماً"أخرجه مسلم (¬3). الشرح: جزيرة العرب أرض خصها الله بالحرمين الشريفين، وجعلها أرض خاتمة رسالاته، فمنها خرج الإسلام وإليها يعود، أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإخراج غير المسلمين منها، فهي أرض الإسلام أرض طيبة ولا يقيم فيها إلا الطيب. الفوائد: - الأمر بإخراج غير المسلمين من جزيرة العرب. ¬

(¬1) سورة التوبة، آية: 28. (¬2) خ6/ 270 (3168). (¬3) م 1767.

19 - الأمر بتعلم الرمي

الأمر بتعلم الرمي عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: "مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون (أي: يتسابقون في الرمي) فقال: ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً"أخرجه البخاري (¬1). وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله وهو على المنبر يقول: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي"أخرجه مسلم (¬2). وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من علم الرمي ثم تركه فليس منا أو فقد عصى"أخرجه مسلم (¬3). الشرح: دين الإسلام دين يحث على القوة والأخذ بأسبابها، وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على تعلم الرمي للحاجة له في الجهاد والدفاع عن المسلمين؛ ولأنه مظهر من مظاهر قوة المسلمين. الفوائد: - أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أمته بتعلم الرمي. -أنه من أعظم أسباب القوة. - التحذير من ترك الرمي بعد تعلمه. ¬

(¬1) خ6/ 91 (2899). (¬2) م 1917. (¬3) م 1919.

20 - النهي عن المبالغة في المدح

النهي عن المبالغة في المدح عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: مدح رجل رجلاً عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ويحك قطعت عنق صاحبك، قطعت عنق صاحبك - مراراً (أي: أهلكته)، إذا كان أحدكم مادحاً صاحبه لا محالة فليقل: أحسب فلاناً والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً - إن كان يعلم ذلك - كذا وكذا"متفق عليه (¬1). وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: "سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يثني على رجل ويطريه في المدحة، فقال: لقد أهلكتم - أو قطعتم ظهر - الرجل"أخرجه مسلم (¬2). وعن المقداد رضي الله عنه قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثو في وجوه المداحين التراب"أخرجه مسلم (¬3). الشرح: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المبالغة في المدح والإطراء لما في ذلك من الفتنة للمدوح، وأرشد إلى عدم الجزم بالمدح؛ لأن ذلك مغيب عنا وما لنا إلا الظاهر، وأمر بأن يحثى التراب في وجوه المداحين الذين يبالغون في المدح ويتخذون ذلك عادة. ¬

(¬1) خ، م 3000. (¬2) م 3001. (¬3) م 3002.

الفوائد

الفوائد: - النهي عن المبالغة في المدح. - على المادح أن يقيد مدحه بما يظهر له فيقول: نحسبه والله حسيبه. - الأمر بحثو التراب في وجه المداحين.

21 - من علامات الساعة

من علامات الساعة الدجال: عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه: ك ف ر (كافر) "أخرجه مسلم (¬1). عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال"أخرجه مسلم (¬2). وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدجال أعور العين اليسرى، جفال الشعر (أي: كثير الشعر) (¬3) معه جنة ونار، فناره جنة وجنته نار". أخرجه مسلم (¬4). الشرح: من علامات الساعة الكبرى التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: خروج المسيح الدجال، يخرجه الله ويبتلي به الناس ويعطيه من الأمور الخارقة ما يلتبس به أمره على كثيرٍ من الناس إلا من عصمه الله. وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم ¬

(¬1) م 2933. (¬2) م 2946. (¬3) النهاية في غريب الحديث ص 280. (¬4) م 2934.

الفوائد

وحذر أمته منه؛ لأنه من أعظم الفتن على المسلمين. الفوائد: - عظم فتنة الدجال. - أن خروجه من علامات الساعة الكبرى. - أنه أعور مكتوب بين عينيه: كافر.

22 - ما يعصم من فتنة الدجال

ما يعصم من فتنة الدجال التعوذ من فتنته: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال"أخرجه مسلم (¬1). عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سمع بالدجال فلينأ عنه، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات"أخرجه أحمد (¬2). عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال"أخرجه مسلم (¬3). الشرح: فتنة الدجال - عصمنا الله منها - من أعظم الفتن، وقد أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم لأمور تكون سبباً بإذن الله للعصمة من فتنته العظيمة. ¬

(¬1) م 588، قال الحافظ في البلوغ: وفي رواية لمسلم: إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير .. (¬2) حم 4/ 430، د 4319 وقال الألباني (المشكاة 5488) إسناده صحيح. (¬3) م 809.

الفوائد

الفوائد: - استحباب التعوذ من فتنة المسيح الدجال دبر كل صلاة. - أمر الرسول صلى الله عليه وسلم من سمع به أن يبتعد عنه ولا يقدم عليه. - أن قراءة عشر آيات من أول سورة الكهف عليه تعصم بإذن الله منه (¬1). ¬

(¬1) ورد في أحاديث أخرى: من آخر سورة الكهف.

23 - النهي عن صبر البهائم

النهي عن صبر البهائم عن أنس رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصبر البهائم"أخرجه مسلم (¬1). وصبر البهائم هو (حبسها لتقتل برمي أو نحو) (¬2). عن سعيد بن جبير رحمه الله قال: "مر ابن عمر رضي الله عنه بنفر قد نصبوا دجاجة يترامونها، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا عنها، فقال ابن عمر: من فعل هذا؟، "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من فعل هذا"أخرجه مسلم (¬3). وفي رواية (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئاً فيه الروح غرضاً). الشرح: دين الإسلام دين الرحمة، ودين الإحسان في كل شيء حتى للبهائم، ولذلك نهى الرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم نهياً شديداً من جعل شيئاً حياً غرضاً لرميه ولعن من فعله، لما في ذلك من التعذيب لهذا المخلوق دون حاجةٍ. الفوائد: - تحريم إمساك الحيوانات وقتلها برمي أو نحوه. - لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن فعل ذلك، وأنه من الكبائر. ¬

(¬1) م 1956. (¬2) شرح النووي 14/ 114. (¬3) م 1958.

24 - فضل تعلم القرآن

فضل تعلم القرآن قال تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}. عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران"أخرجه مسلم (¬1). عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يرفع بهذا القرآن أقواماً ويضع به آخرين"أخرجه مسلم (¬2). عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"أخرجه البخاري (¬3). الشرح: تعلم القرآن ودراسته وإتقان حفظه عمل يحبه الله عز وجل، به تنال الدرجات العليا في الجنة، وبه تنال الرفعة في الدنيا والآخرة. الفوائد: - فضل تعلم القرآن، وأن الماهر به مع السفرة الكرام في الجنة. - أنه سبب للرفعة في الدنيا والآخرة. ¬

(¬1) م 798. (¬2) م 817. (¬3) خ9/ 74 (5027).

25 - فضل قراءة القرآن

فضل قراءة القرآن عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه"أخرجه مسلم (¬1). عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما"أخرجه مسلم (¬2). عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها"أخرجه أحمد (¬3). عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر" متفق عليه (¬4). ¬

(¬1) م 804. (¬2) م 805. (¬3) حم 6796 وصححه الألباني في صحيح الجامع 8122. (¬4) خ9/ 65 (5020) م 797.

الشرح

الشرح: القرآن كلام الله، وتعلمه وتلاوته من أحب القربات إلى الله، جعل الله لم قرأه الأجر العظيم، يأتي يوم القيامة شافعاً لأصحابه الذين كانوا يقرأونه في الدنيا. الفوائد: - فضل قراءة القرآن - أنه يكون شفيعاً لأصحابه يوم القيامة. - تمثيل قارىء القرآن بصاحب الريح الطيبة. - أنه سبب لرفعة الدرجات يوم القيامة.

26 - فضل الفاتحة

فضل الفاتحة قال الله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}. عن أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال: "كنت أصلي، فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم فلم أجبه، قلت: يا رسول الله إني كنت أصلي، قال: ألم يقل الله: {اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم}؟ ثم قال: ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد؟ فأخذ بيدي، فلما أردنا أن نخرج قلت: يا رسول الله إنك قلت: لأعلمنك أعظم سورة في القرآن، قال: {الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته"أخرجه البخاري (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: {الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} قال الله: أثنى علي عبدي، فإذا قال: {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قال الله: مجدني عبدي، وإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، وإذا قال: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل"أخرجه مسلم (¬2). ¬

(¬1) خ9/ 54 (5006). (¬2) م 395.

الشرح

الشرح: سورة الفاتحة أعظم سورةٍ في القرآن، وهي السبع المثاني، فيها الثناء على الله والاستعانة به وتوحيده وسؤال الهداية منه وهذا هو مجمل الدين. الفوائد: - فضل سورة الفاتحة. - أنها أعظم سورةٍ في القرآن. - الجزاء العظيم في تلاوتها في الصلاة.

27 - فضل سورة الإخلاص وآية الكرسي

فضل سورة الإخلاص وآية الكرسي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ فشق ذلك عليهم وقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال: الواحد الصمد ثلث القرآن"أخرجه البخاري (¬1). عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: يا أبا المنذر أتدري آي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال: قلت: {اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (أي: آية الكرسي) قال: فضرب في صدري وقال: ليهنك العلم أبا المنذر" أخرجه مسلم (¬2). عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت"أخرجه النسائي (¬3). الشرح: سورة الإخلاص وآية الكرسي من الآيات العظيمة في القرآن الكريم، لما اشتملت عليه من توحيد الله وذكر صفاته العلى وتمجيده سبحانه والثناء عليه. ¬

(¬1) خ9/ 59 (5014). (¬2) م 810. (¬3) وصححه الألباني في الصحيحة 972.

الفوائد

الفوائد: - فضل سورة الإخلاص وأنها تعدل ثلث القرآن. -فضل آية الكرسي وأنها أعظم آيةٍ في القرآن. - فضل تلاوة آية الكرسي بعد كل صلاةٍ. وأن ذلك سبب لدخول الجنة.

28 - تحريم الغناء

تحريم الغناء قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} (¬1). عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر (أي: الزنا) والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم (أي: جبل) يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم - يعني الفقير - لحاجة فيقولوا: ارجع إلينا غداً، فيبيتهم الله، ويضع العلم (أي: يوقعه عليهم) (¬2)، ويمسخ الآخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة"أخرجه البخاري (¬3). الشرح: الاستماع إلى الأغاني حرام ومنكر ومن أسباب مرض القلوب وقسوتها وصدها عن ذكر الله وعن الصلاة، وقد فسر أكثر أهل العلم قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} بالغناء، وكان عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه يقسم على أن لهو الحديث هو الغناء (¬4) ¬

(¬1) سورة لقمان، آية:6. (¬2) الفتح 10/ 56. (¬3) خ10/ 51 (5590) معلقا، وانظر الرد على من ضعفه فتح الباري 10/ 52 والكاشف لعلي حسن عبد الحميد. وانظر كتاب الشيخ الألباني: تحريم آلات الطرب. (¬4) انظر تفسير ابن كثير 3/ 441.

الفوائد

وذكر بعض العلماء أن الغناء بآلة لهوٍ محرم إجماعاً (¬1). الفوائد: - تحريم الغناء وأنه من اللهو المحرم. - أنه مما يستحله بعض هذه الأمة. ¬

(¬1) من فتوى للشيخ عبد العزيز بن باز، مجلة الدعوة عدد 902 - 15 شوال 1403. وانظر تنزيه الشريعة للنجمي، والإعلام بنقد كتاب الحلال والحرام للشيخ صالح الفوزان، والإعلام بأن العزف والغناء حرام للشيخ أبي بكر الجزائري.

29 - وجوب الحج

وجوب الحج قال الله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (¬1). عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان"متفق عليه (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا. فقال رجل: أفي كل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً، فقال: لو قلت: نعم، لوجبت ولما استطعتم، ثم قال: ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه"أخرجه مسلم (¬3). الشرح: الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة العظام، فرضه الله على القادرين مرةً في العمر، وجعل الله للمسلمين فيه منافع دينية ودنيوية كثيرة. ¬

(¬1) سورة آل عمران، آية:97. (¬2) خ1/ 45 (8)، م 16. (¬3) م - 1337.

الفوائد

الفوائد: - وجوب الحج على المستطيع. - أنه من أركان الإسلام. - أنه واجب في العمر مرةً واحدة.

30 - فضل عشر ذي الحجة وبعض أحكامها

فضل عشر ذي الحجة وبعض أحكامها عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام. يعني أيام العشر، قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء"أخرجه البخاري (¬1). عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئاً. "وفي رواية: "فليمسك عن شعوره وأظفاره"أخرجه مسلم (¬2). الشرح: عشر ذي الحجة أفضل أيام السنة عند الله، والعمل الصالح فيها أحب العمل إليه. وقد شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها لمن أراد أن يضحي أن لا يأخذ من شعره أو أظفاره شيئاً حتى يذبح أضحيته. الفوائد: - فضل هذه الأيام العشرة. - استحباب الإكثار فيها من الأعمال الصالحة. - أن من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره أو أظفاره شيئاً إذا دخلت العشر. ¬

(¬1) خ2/ 457 (969)، د 2438. ت 757. (¬2) م 1977.

12 - ذو الحجة

من أحكام الحج عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركباً بالروحاء، فقال: "من القوم؟ قالوا: "المسلمون، فقالوا: من أنت؟ قال: "رسول الله"، فرفعت إليه امرأة صبياً فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر"أخرجه مسلم (¬1). عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم"، فقال رجل: يا رسول الله إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا وخرجت امرأتي حاجة؟ فقال: "اذهب فاحجج مع امرأتك"أخرجه مسلم (¬2). الشرح: أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الصبي الصغير يصح منه الحج ويؤجر من حججه. كذلك نهى أن تسافر المرأة من غير محرم ولو إلى الحج، وأمر رجلاً أن يتخلف عن الغزو والجهاد ويذهب مع امرأته الحاجة. الفوائد: - جواز حج الصبي الذي لم يبلغ، ولكن لا تكفيه عن حجة الفريضة. - أن لمن حج به أجراً. - أن وجود المحرم شرط لوجوب الحج على المرأة. - عدم جواز حج المرأة بدون محرمٍ. ¬

(¬1) م 1336. (¬2) م 1341.

2 - فضل الحج

فضل الحج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله، قيل ثم ماذا؟ قال: حج مبرور"أخرجه البخاري (¬1). عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: "لا ولكن أفضل الجهاد حج مبرور"أخرجه البخاري (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه"متفق عليه (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"متفق عليه (¬4). الشرح: الحج المبرور هو الحج الكامل السالم مما ينقص ثوابه، وهو من ¬

(¬1) خ3/ 381 (1519). (¬2) خ3/ 381 (1520). (¬3) خ3/ 382 (1521)، م 1350. (¬4) خ3/ 597 (1773)، م 1349.

الفوائد

أعظم الأعمال وأحبها إلى الله لما فيه من أنواع العبودية لله، وعد الله عليه بالأجر العظيم ومغفرة الذنوب حتى يعود المسلم منه نقياً من الذنوب كما ولدته أمه. الفوائد: - فضل الحج وعظم منزلته. - أن الحج المبرور من أسباب تكفير الذنوب. - أنه من أسباب دخول الجنة.

3 - فضل العمرة

فضل العمرة قال الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" متفق عليه (¬2). عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تابعوا بين الحج العمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة"أخرجه الترمذي (¬3). الشرح: أداء العمرة ومتابعتها من العبادات العظيمة، أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنها سبب لتكفير الذنوب ومغفرة الخطايا، وبين صلى الله عليه وسلم أن المتابعة بين الحج والعمرة وإن كان فيها إنفاق للمال، فإنها سبب لإبعاد الفقر وجلب الغنى. الفوائد: - فضل العمرة وأنها سبب لمغفرة الذنوب. - استحباب المتابعة بين الحج والعمرة. - أن ذلك سبب لنفي الفقر. ¬

(¬1) سورة البقرة، آية:196. (¬2) خ3/ 597 (1773)، م 1349. (¬3) ت 810، ن 2630، وصححه الألباني في المشكاة رقم 2524.

4 - المواقيت

المواقيت عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يهل أهل المدينة من ذي الحليفة وأهل الشام من الجحفة وأهل نجد من القرن، قال عبد الله: وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ويهل أهل اليمن من يلملم"متفق عليه (¬1). عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج أو العمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله، وكذلك أهل مكة يهلون منها"متفق عليه (¬2). لا يهل إلا من الميقات. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد. يعني مسجد ذي الحليفة"متفق عليه (¬3). الشرح: مكة بلد حرمها الله، وأوجب على من أراد الحج أو العمرة ألا ¬

(¬1) خ3/ 387 (1525)، م 1182. (¬2) خ3/ 379 (1526)، م 1181. (¬3) خ3/ 400 (1541)، م 1186.

الفوائد

يدخلها إلا محرماً، وحدد الرسول صلى الله عليه وسلم مواقيت مكانية لا يجوز لمن أراد الحج أو العمرة أن يتجاوزها إلا محرماً وجعل ذلك من تمام النسك. الفوائد: - تحديد مواقيت الإحرام لكل بلدٍ أو من أتى من جهته، وهي ذو الحليفة لأهل المدينة، والجحفة لأهل الشام، وقرن المنازل - وهي ما يسمى الآن بالسيل - لأهل نجدٍ، ويلملم لأهل اليمن. - وجوب الإحرام لمن أراد الحج أو العمرة قبل مجاوزة هذه المواقيت. - أن من أحرم من دون هذه المواقيت فمهله من مكانه.

5 - صلاة العيد (1)

صلاة العيد عن ابن عباس رضي الله عنهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم العيد ركعتين، لم يصل قبلهما ولا بعدهما"متفق عليه (¬1). عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمساً"أخرجه أبو داود (¬2). عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الأضحى والفطر بـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ} "أخرجه مسلم (¬3). الخطبة في صلاة العيد: عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان يصلي في الأضحى والفطر ثم يخطب بعد الصلاة"أخرجه البخاري (¬4). الشرح: شرع الله عز وجل للمسلمين صلاة العيد في يوم العيد وهي ركعتان تصلى بعد ارتفاع الشمس ويخطب الإمام بعدها، إقامة لذكر الله ¬

(¬1) خ 2/ 476 (989)، م 884. (¬2) د 1149، جه 1280. (¬3) م 891. (¬4) خ 2/ 451 (957).

الفوائد

وشكراً له على ما أنعم به من إتمام النسك. الفوائد: -مشروعية صلاة العيد (¬1). - أنها ركعتان، يكبر في الأولى سبعاً وفي الثانية خمساً. -استحباب قراءة سورتي (ق) و (القمر) في الركعتين. - أن الخطبة في العيد بعد الصلاة. ¬

(¬1) من العلماء من يرى أنها واجبة على الرجال.

6 - صلاة العيد (2)

صلاة العيد عن جابر رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق"أخرجه البخاري (¬1). وعن أم عطية رضي الله عنها قالت: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى: العواتق والحيض وذوات الخدور (أي: البنات الأبكار)، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، قالت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: تلبسها أختها من جلبابها"متفق عليه (¬2). الشرح: كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا خرج لصلاة العيد يذهب من طريقٍ ويعود من طريق آخر، وكان يأمر بإخراج النساء حتى الشابات منهن والحيض، ليستمعن الذكر ويشهدن اجتماع المسلمين للذكر والدعاء. الفوائد: - استحباب الذهاب لصلاة العيد من طريق والعودة من آخر. - استحباب خروج النساء - متسترات - لصلاة العيد. ¬

(¬1) خ2/ 472 (986). (¬2) خ2/ 469 (980).

7 - الأضحية

الأضحية قال الله تعالى: {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ} (¬1). عن أنس رضي الله عنه قال: "ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما"أخرجه مسلم (¬2). عن أبي بردة رضي الله عنه أنه ضحى قبل الصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تلك شاة لحم"، فقال: يا رسول الله، إن عندي جذعة من المعز؟ فقال: "ضح بها ولا تصلح لأحد غيرك"، ثم قال: "من ضحى قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين"أخرجه مسلم (¬3). عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن"أخرجه مسلم (¬4). الشرح: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأضحية، تنحر في يوم العيد بعد الصلاة باسم ¬

(¬1) سورة الحج، آية:37. (¬2) م 1966. (¬3) م 1961. (¬4) م 1963.

الفوائد

الله وتقرباً إليه، وهي من شعائر الإسلام الظاهرة في ذلك اليوم. الفوائد: - مشروعية الأضحية. -استحباب ذبح المضحي لأضحيته بنفسه. - أن الأضحية لا تذبح إلا بعد الصلاة.

8 - يوم عرفة

يوم عرفة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهى بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟ "أخرجه مسلم (¬1). عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: "سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة، فقال: يكفر السنة الماضية والباقية"أخرجه مسلم (¬2). عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"أخرجه الترمذي (¬3). الشرح: يوم عرفة من أفضل الأيام عند الله، يباهي فيه الله ملائكته بالحجاج، ويكثر فيه العتقاء من النار، وصومه فضيل ودعاؤه من أفضل الدعاء. ¬

(¬1) م 1348. (¬2) م 1162. (¬3) ت 3585، وقال غريب من هذا الوجه، وحسنه الألباني في المشكاة رقم 2598.

الفوائد

الفوائد: - فضل يوم عرفة وأنه من أفضل الأيام. - فضل صومه وأنه يكفر السنة الماضية والآتية. - أن دعاءه خير الدعاء.

9 - الذكاة: شروطها وآدابها

الذكاة: شروطها وآدابها قال الله تعالى: {وَلاَ تَاكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} (¬1). عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل، ليس السن والظفر"متفق عليه (¬2). عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد كتب الإحسان في كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته (أي: سكينه) وليرح ذبيحته"أخرجه مسلم (¬3). الشرح: للذكاة شروط وآداب ينبغي على المسلم معرفتها حتى يذبح أضحيته على الوجه الشرعي. الفوائد: - أن ذكر اسم الله شرط لحل الذبيحة. - أن إخراج الدم بالذكاة شرط لحل الذبيحة. - الأمر بإحسان الذبح وإراحة الذبيحة. ¬

(¬1) سورة الأنعام، آية:121. (¬2) خ9/ 623 (5498)، م 1968. (¬3) م 1955.

10 - فضل التهليل

فضل التهليل عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك، ومن قال: سبحان الله وبحمده، في يوم مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر"أخرجه مسلم (¬1). عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل"أخرجه مسلم (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لأن أقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس"أخرجه مسلم (¬3). ¬

(¬1) م 2691. (¬2) م 2693. (¬3) م 2695.

الشرح

الشرح: التهليل من الأذكار الفضيلة، رغب فيه الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبر عن ما فيه من الأجر العظيم، لما فيه من إعلان الوحدانية لله وتنزيهه عن الشريك. الفوائد: - أن من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قديرٍ في يومٍ مائة مرة كان كمن أعتق عشر رقابٍ. - أنه يكتب له مائة حسنةٍ ويمحى عنه مائة سيئةٍ، -أنها تكون له حرزاً من الشيطان. - أن من قالها في يومٍ عشر مراتٍ كان كمن أعتق أربع رقابٍ من العرب.

11 - من الأذكار الشرعية

من الأذكار الشرعية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما لو أن أحدهم يقول حين يأتي أهله: بسم الله، اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، ثم قدر بينهما في ذلك أو قضي ولد لم يضره الشيطان أبداً"أخرجه البخاري (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنه رأى شيطاناً"أخرجه البخاري (¬2). ماذا يقول من رأى مبتلى: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من رأى مبتلى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاه به وفضلني على كثير من خلقه تفضيلاً، لم يصبه ذلك البلاء"أخرجه الترمذي (¬3). الشرح: للأذكار الشرعية فوائد دينية ودنيوية، وفي هذه الأحاديث جملة من الأذكار التي أرشد إليها الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر أن تقال في أوقاتها. ¬

(¬1) خ9/ 228 (5165). (¬2) خ6/ 350 (3303). (¬3) ت 3431، وحسنه الألباني في صحيح الجامع 6248.

الفوائد

الفوائد: - أن ذكر الله عند الجماع من أسباب صلاح الولد. - أن ذكر الله عند رؤية المبتلين سبب للعافية من البلاء. - استحباب قول الذكر الوارد عند صياح الديكة وعند نهيق الحمير.

12 - تعدد طرق الخير وتنوعها

تعدد طرق الخير وتنوعها عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق"أخرجه مسلم (¬1). ومعنى طلق: سهل منبسط. عن أبي ذر رضي الله عنه أن أناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله ذهب أهل الدثور (أي: المال) بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، قال: أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر"أخرجه مسلم (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" كل سلامى (أي: مفصل) من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها ¬

(¬1) م 2626، ورويت طلق بتسكين اللام وكسرها، ورويت طليق بزيادة ياء. (¬2) م 1006.

الشرح

متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة"متفق عليه (¬1). عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: "الإيمان بالله والجهاد في سبيله"، قال: قلت: أي الرقاب أفضل؟ قال: "أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمناً"، قال: قلت: فإن لم أفعل؟ قال: "تعين صانعاً أو تصنع لأخرق"، قال: يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل؟ قال: تكف شرك عن الناس صدقة منك على نفسك"أخرجه مسلم (¬2). الشرح: من رحمة الله وسعة فضله أن جعل أبواب الخير متنوعة متعددة فكل يضرب بسهمٍ فيما يناسبه منها فيؤجر عليه. وفي هذه الأحاديث أبواب كثيرة من أبواب الخير ذكرها الرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم منبهاً لنا لاغتنامها. الفوائد: - تعدد أبواب الخير وطرقه. - سعة فضل الله وجوده. - الحث على المسارعة لاغتنام الأعمال السهلة. ¬

(¬1) خ (2707)، م 1009. (¬2) م 136.

13 - شدة كرب يوم القيامة

شدة كرب يوم القيامة قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ {} يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} (¬1). وقال تعالى: {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} (¬2). عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً، وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فيه"رواه مسلم (¬3). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن العرق ليذهب يوم القيامة في الأرض سبعين باعاً، وإنه ليبلغ إلى أفواه الناس أو إلى آذانهم"شك الراوي. رواه مسلم (¬4). الشرح: يوم القيامة يوم عظيم هوله شديد وكربه عظيم، يبلغ الناس فيه من ¬

(¬1) سورة الحج، آية:1. (¬2) سورة المزمل، آية:17. (¬3) م 62. (¬4) م61.

الفوائد

الجهد مبلغاً عظيماً، فتدنو منهم الشمس ويكثر منهم العرق فيكون منهم على قدر أعمالهم ويذهب في الأرض مسافة بعيدة. الفوائد: - شدة هول وضيق يوم القيامة. - أن الشمس تدنو من الناس فيعرقون عرقاً شديداً. - أن العرق يبلغ من كل واحدٍ بحسب عمله.

14 - وصف النار (1)

وصف النار عظم خلقها: قال الله تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلاتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ} (¬1). عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها"أخرجه مسلم (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سمع وجبة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أتدرون ما هذا؟ قال: قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفاً (أي: سبعين سنة) فهو يهوي في النار، الآن حتى انتهى إلى قعرها"أخرجه مسلم (¬3). الشرح: النار خلقها الله مقراً للكفار، وهي عظيمة الخلقة، بعيدة القعر، يؤتى بها يوم القيامة تجر أمام الناس بسبعين حبلٍ يجر كل حبلٍ سبعون ألف ملكٍ. الفوائد: - عظم خلق النار وسعتها. - أنها شديدة العمق. - شدة عقاب أهلها. ¬

(¬1) سورة ق، آية:30. (¬2) م 2842. (¬3) م 2844.

15 - وصف النار (2)

وصف النار شدة حرها: قال الله تعالى: {فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى} (¬1). وقال: {كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى {} نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى} (¬2). وقال تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من حر جهنم، قالوا: والله يا رسول الله إن كانت لكافية، قال: فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءًا كلها مثل حرها"متفق عليه (¬4). عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط"أخرجه مسلم (¬5). ¬

(¬1) سورة الليل، آية:14. (¬2) سورة المعارج، آية:15. (¬3) سورة البقرة، آية:24. (¬4) خ6/ 330 (3265)، م 2843. (¬5) م 2807.

الشرح

الشرح: عذاب الله شديد أليم، فنار الآخرة أشد حراً من نارنا في هذه الدنيا على حرها، جعلها الله عقاباً للكفار والعصاة. الفوائد: - شدة حر النار. - أنها أشد من نار الدنيا تسعةً وستين مرةً.

16 - من صفات أهل النار

من صفات أهل النار قال الله تعالى: {فَأَمَّا مَن طَغَى {} وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا {} فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَاوَى} (¬1). وقال: {ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" احتجت الجنة والنار، فقالت هذه: يدخلني الجبارون والمتكبرون، وقالت هذه: يدخلني الضعفاء والمساكين، فقال الله عز وجل لهذه: أنت عذابي أعذب بك من أشاء، وقال لهذه: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء، ولكل واحدة ملؤها"أخرجه مسلم (¬3). عن حارثة بن وهب رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا أخبركم بأهل الجنة؟ قالوا بلى، قال صلى الله عليه وسلم كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره، ثم قال: ألا أخبركم بأهل النار؟ قالوا: بلى، قال: كل عتل جواظ مستكبر"أخرجه مسلم (¬4). (والعتل الجواظ هو: الجافي الشديد الخصومة والجموع المنوع المختال في مشيته (¬5)). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" صنفان من ¬

(¬1) سورة النازعات، الآيات: 37 - 39. (¬2) سورة غافر، آية:76. (¬3) م 2846. (¬4) م 2853. (¬5) شرح النووي 17/ 194.

الشرح

أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت (أي: الجمال)، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها"أخرجه مسلم (¬1). (ومعنى كاسيات عاريات: أي تستر بعض بدنها وتكشف بعضه، وقيل معناه: تلبس ثوباً رقيقاً يصف بدنها). وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه في النار (يعني: أمعاؤه) فيدور كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار عليه فيقولون: أي فلان، ما شأنك؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه"أخرجه البخاري (¬2). الشرح: لأهل النار صفات وأخلاق أخبرنا عنها الله وأخبرنا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنبتعد عنها ونحذر الاتصاف بها. الفوائد: - أن الكبر والطغيان وإيثار الحياة الدنيا على الآخرة من صفات أهل النار. - أن صفات أهل النار الظلم والتسلط على الناس. - أن صفات أهل النار من النساء التبرج والسفور. - أن صفات أهل النار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على سبيل المخادعة والنفاق. ¬

(¬1) م 2128. (¬2) خ6/ 331 (3267).

17 - أول من تسعر بهم النار من الموحدين

أول من تسعر بهم النار من الموحدين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما فعلت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: هو جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار"أخرجه مسلم (¬1). الشرح: أول من تسعر بهم النار من الموحدين يوم القيامة هم شهيد وعالم وكريم، لكنهم ما أخلصوا أعمالهم لله تعالى إنما أرادوا الذكر في الدنيا ¬

(¬1) م 1905، ت 2382.

الفوائد

فأعطاهم الله ما أرادوا فيها، وعذبهم في الآخرة بالنار جزاء إشراكهم في عملهم. الفوائد: - خطر الرياء في الأعمال. - أن هؤلاء الثلاثة هم أول من يعذب يوم القيامة جزاء ريائهم.

18 - وصف الجنة ونعيمها (1)

وصف الجنة ونعيمها قال الله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى} (¬1). وقال: {مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا} (¬2). وقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً {} أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا} (¬3). وقال: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ} (¬4). وقال: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ {} الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} (¬5). ¬

(¬1) سورة محمد، آية:15. (¬2) سورة الرعد، آية:35. (¬3) سورة الكهف، الآيتان:30 - 31. (¬4) سورة الحديد، آية:21. (¬5) سورة فاطر، الآيتان:34 - 35.

الشرح

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة"أخرجه البخاري (¬1). وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، مصداق ذلك في كتاب الله {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬2). "متفق عليه (¬3). الشرح: الجنة دار أعدها الله جزاء لعباده الصالحين، نعيمها لا يتصوره عقل بشر، فيها من النعيم ما لا رأته عين ولا سمعت به أذن ولا خطر على قلب بشر. الفوائد: - عظم نعيم الجنة. - أنها مواضع مختلفة وذات أنهار ودرجات. - أن نعيمها لا يتصوره إنسان. ¬

(¬1) خ13/ 404 (7423). (¬2) سورة السجدة، آية:17. (¬3) خ6/ 318 (3244)، م 2824.

19 - وصف الجنة ونعيمها (2)

وصف الجنة ونعيمها قال الله تعالى: {وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (¬1). عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون وما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك؟ فيقول ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: يا رب وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً"أخرجه مسلم (¬2). عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بثوب من حرير فجعلوا يعجبون من حسنه ولينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أفضل من هذا"أخرجه البخاري (¬3). وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها"أخرجه البخاري (¬4). ¬

(¬1) سورة التوبة، آية:9. (¬2) م 2829. (¬3) خ6/ 319 (3249). (¬4) خ6/ 319 (3250).

الشرح

الشرح: يتنعم أهل الجنة في الجنة بأكمل الملذات التي لا يشوبها شيء من الكدر كما يحصل في ملذات الدنيا، ومن أعظم ما يتلذذون به - بعد رؤية الله تعالى - رضوان الله عليهم الذي يحله عليهم فلا يسخط عليهم أبداً. الفوائد: - عظم نعيم أهل الجنة في الجنة. - شدة فرح المؤمنين وتنعمهم برضوان الله في الجنة. - سعة رحمة الله وحسن جزائه.

20 - أدنى أهل الجنة منزلة

أدنى أهل الجنة منزلة عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: "سأل موسى ربه: ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: رجل يجيء بعد ما أدخل أهل الجنة الجنة، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: أي رب وكيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم؟ فيقول: أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت رب، فيقول: لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله، فقال في الخامسة: رضيت رب: فيقول: لك هذا وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك، فيقول: رضيت رب. قال (أي: موسى عليه السلام): فأعلاهم منزلة؟ قال: أولئك الذين أردت، غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها، فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر. قال: ومصداقه في كتاب الله {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ} (¬1). أخرجه مسلم (¬2). الشرح: الجنة نعيمها عظيم، وكرامتها لا توصف، أدنى أهلها منزلة أعز وأكرم أضعافاً مضاعفة من أعظم ملوك الدنيا. ¬

(¬1) سورة السجدة، آية:17. (¬2) م 189.

الفوائد

الفوائد: - عظم نعيم الجنة. - أن أدنى أهل الجنة منزلة له من النعيم أضعاف ما لملوك الدنيا. - سعة رحمة الله وعظم فضله.

21 - النظر إلى وجه الله عز وجل

النظر إلى وجه الله عز وجل قال الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ {} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (¬1). وقال تعالى على الكفار: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} (¬2). عن صهيب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أهل الجنة الجنة قال: يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل" أخرجه مسلم (¬3). وزاد في رواية: ثم قرأ {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (¬4). وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إنكم ستعرضون على ربكم فترونه كما ترون هذا القمر" متفق عليه (¬5). الشرح: من الكرامات التي أعدها الله لأهل الجنة النظر إلى وجهه الكريم، وهذه أعظم لذة ينالها أهل الجنة، فمع ما هم فيه من النعيم فإنهم ¬

(¬1) سورة القيامة، الآيتان:22 - 23. (¬2) سورة المطففين، آية:15. (¬3) م 181. (¬4) سورة يونس، آية:26. (¬5) خ2/ 52 (573)، م 633.

الفوائد

يتلذذون بالنظر إلى وجه الله الكريم. الفوائد: - ثبوت النظر إلى وجه الله تعالى للمؤمنين يوم القيامة. - أنه من أعظم النعيم الذي يناله أهل الجنة. - حرمان الكفار من النظر إلى وجه الله تعالى.

22 - القصاص يوم القيامة

القصاص يوم القيامة قال الله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} (¬1)، وقال تعالى: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئآت صاحبه فحمل عليه"أخرجه البخاري (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار"أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) سورة الأنبياء، آية:47. (¬2) سورة غافر، آية:17. (¬3) خ5/ 101 (2449). (¬4) 2581.

الشرح

الشرح: الحكم يوم القيامة بالعدل التام فلا يظلم أحد ولا يبقى لأحد عند أحد مظلمة إلا استوفاها كاملة، فلذلك أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم للتحلل من المظالم قبل القصاص يوم القيامة. الفوائد: - عدل الله تعالى التام. - وجوب البعد عن ظلم الناس والتحرز منه. - أن المظلوم يأخذ من حسنات الظالم، فإن لم يكن له حسنات طرح عليه من سيئات المظلوم.

23 - من صور الحساب يوم القيامة

من صور الحساب يوم القيامة قال الله تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (¬1)، وقال: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (¬2). عن أنس رضي الله عنه قال: "كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك، فقال: هل تدرون مم أضحك؟ قال: قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: من مخاطبة العبد ربه يقول: يا رب ألم تجرني من الظلم قال: يقول: بلى، قال: فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهداً مني، قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً وبالكرام الكاتبين شهوداً، قال: فيختم على فيه (أي: فمه) فيقال لأركانه (أي: جوارحه) انطقي، قال: فتنطق بأعماله، قال: ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول: بعداً لكن وسحقاً فعنكن كنت أناضل"أخرجه مسلم (¬3). تيسير الحساب على المؤمنين: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ {} فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ {} فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} (¬4). ¬

(¬1) سورة يس، آية:65. (¬2) سورة فصلت، آية:21. (¬3) م 1054. (¬4) سورة الانشقاق، آية:8.

الشرح

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره فيقول: أتعرف ذنب كذا وكذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي رب، حتى قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك، قال: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم فيعطى كتاب حسناته. وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الخلائق {هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} (¬1) متفق عليه (¬2). الشرح: في يوم القيامة يكون الحساب من الله بالعدل والفضل، عدل الله مع المجرمين والكافرين فيجازيهم بما كسبوا، ويفضحهم وينطق أعضاءهم فتشهد عليهم حتى لا يكون لهم حجة، وفضله على المسلمين فيغفر لهم ويعفو عنهم ويسترهم. الفوائد: - أن أعضاء الكافر تشهد عليه يوم القيامة بما عمل. - تيسير الحساب على المؤمنين. - ستر الله على المؤمنين ومغفرته لهم، وفضحه للكافرين والمنافقين. ¬

(¬1) سورة هود، آية:18. (¬2) خ5/ 96 (2441).

24 - من صفات أهل الجنة

من صفات أهل الجنة قال الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى {} فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَاوَى} (¬1). عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل"أخرجه البخاري (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" احتجت الجنة والنار، فقالت هذه: يدخلني الجبارون والمتكبرون، وقالت هذه: يدخلني الضعفاء والمساكين، فقال الله عز وجل لهذه: أنت عذابي أعذب بك من أشاء، وقال لهذه: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء، ولكل واحدة ملؤها"أخرجه مسلم (¬3). عن حارثة بن وهب رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا أخبركم بأهل الجنة؟ قالوا بلى، قال صلى الله عليه وسلم: "كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره، ثم قال: ألا أخبركم بأهل النار؟ قالوا: بلى، قال: كل عتل جواظ مستكبر"أخرجه مسلم (¬4). ¬

(¬1) سورة النازعات، الآيتان:40 - 41. (¬2) خ6/ 474 (3435). (¬3) م 2846. (¬4) م 2853.

الشرح

(والعتل الجواظ هو: الجافي الشديد الخصومة والجموع المنوع المختال في مشيته) (¬1). الشرح: لأهل الجنة - كما في هذه النصوص - صفات وأخلاق أخبرنا الله عنها وأخبرنا عنها رسوله صلى الله عليه وسلم ترغيباً لنا للاتصاف بها لتكون سبباً لدخول الجنة بإذن الله. الفوائد: - أن من صفات أهل الجنة الخوف من الله ونهي النفس عن هواها المخالف للشرع. - أن من أعظم صفات أهل الجنة إخلاص التوحيد لله. - أن من أخلاقهم ترك التجبر والتكبر على عباد الله. ¬

(¬1) شرح النووي على مسلم 17/ 194.

25 - صفات أهل الجنة في الجنة

صفات أهل الجنة في الجنة قال الله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} (¬1)، وقال تعالى: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ} (¬2). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها ولا يمتخطون ولا يتغوطون، آنيتهم فيها الذهب وأمشاطهم من الذهب والفضة ومجامرهم الألوة (¬3) (أي: العود) ورشحهم المسك، ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشياً"أخرجه البخاري (¬4). عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ينادي مناد (أي: ينادي أهل الجنة). إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا فلا تبتئسوا أبداً، فذلك قوله عز وجل: {أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (¬5) "أخرجه مسلم (¬6). ¬

(¬1) سورة الحجر، آية:47. (¬2) سورة المطففين، آية:24. (¬3) * بفتح الهمزة أو ضمها. (¬4) خ 6/ 318 (3245. (¬5) سورة الأعراف، آية:43. (¬6) م 2837.

الشرح

الشرح: أهل الجنة في نعيم مقيم دائم، حياتهم لا نصب فيها ولا تعب، في شباب دائم وصحة لا تزول، ليس في قلوبهم غل ولا حسد، ولا تباغض راضين أكمل الرضا عن ما آتاهم ربهم. الفوائد: - جمال صور أهل الجنة ونضارة وجوههم. - خلود أهل الجنة شباباً أصحاء. - دوام نعيمهم، وخلو قلوبهم من الغل والحسد.

26 - سعة رحمة الله

سعة رحمة الله قال الله تعالى: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (¬1)، وقال {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} (¬2). وقال {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} (¬3). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لما خلق الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي"أخرجه مسلم (¬4). وعنه أن رسول الله قال: "لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد" أخرجه مسلم (¬5). وعنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "جعل الله الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين وأنزل في الأرض جزء واحداً فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها أن تصيبه"أخرجه مسلم (¬6). ¬

(¬1) سورة الفاتحة، آية:2. (¬2) سورة الأعراف، آية:156. (¬3) سورة الأحزاب، آية:43. (¬4) م 2751. (¬5) م 2755. (¬6) م 2752.

الشرح

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أسرف رجل على نفسه (يعني في المعاصي) فلما حضره الموت أوصى بنيه فقال: إذا أنا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم اذروني في الريح في البحر، فوالله لإن قدر علي ربي ليعذبني عذاباً ما عذب به أحداً، قال: ففعلوا ذلك به، فقال (أي: الله) للأرض أدي ما أخذت، فإذا هو قائم، فقال له ما حملك على ما صنعت؟ فقال: خشيتك يا رب، فغفر له بذلك"متفق عليه (¬1). الشرح: رحمة الله واسعة جعلها لعباده المؤمنين، فهو الرحمن الرحيم ورحمته سبقت غضبه، فلا يتعاظمه ذنب أن يغفره. الفوائد: - سعة رحمة الله. - أنها لعباده المؤمنين. - أنها سبقت غضبه. ¬

(¬1) خ6/ 494 (3452)، م 2756.

27 - فضل التقوى، والأمر بها

فضل التقوى، والأمر بها قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} (¬1)، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (¬2)، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (¬3)، وقال: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (¬4)، وقال: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا {} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} (¬5)، وقال: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ} (¬6)، وقال: {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إَن تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً} (¬7)، وقال: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} (¬8)، وقال: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا} (¬9)، وقال تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} (¬10). عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اتق الله حيثما ¬

(¬1) سورة النساء، آية:1. (¬2) سورة آل عمران، آية:102. (¬3) سورة الحشر، آية: 18. (¬4) سورة المائدة، آية: 27. (¬5) سورة الطلاق، الآيتان: 2،3. (¬6) سورة النساء، آية: 131. (¬7) سورة الأنفال، آية: 29. (¬8) سورة البقرة، آية: 2. (¬9) سورة مريم، آية: 63. (¬10) سورة الشعراء، آية:90.

الشرح

كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن"أخرجه الترمذي (¬1). الشرح: التقوى هي أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية بفعل أوامره واجتناب نواهيه، وهي جماع كل خير في الدنيا والآخرة، أوصى الله بها الأولين والآخرين، وأخبر سبحانه أنه إنما يتقبل من المتقين. الفوائد: - فضل التقوى وأنها جماع كل خير. - أنها سبب لتفريج الكروب وسعة الرزق. - أنها سبب للفوز بالجنة. ¬

(¬1) ت رقم 1987 وقال حديث حسن.

28 - احفظ الله يحفظك

احفظ الله يحفظك (¬1) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف"أخرجه الترمذي (¬2). وفي رواية: "احفظ الله تجده أمامك، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا" الشرح: هذا حديث عظيم فيه وصية عظيمة من الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عمه ابن عباس رضي الله عنهما، أوصاه بأن يحفظ الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه وحفظ حدوده مراقبة له وخوفاً منه، فمن حفظ الله حفظه الله في مصالح دينه ودنياه، وأمره أن يستعين به في كل أموره، ثم نبهه على ¬

(¬1) انظر: شروح الأربعين النووية حديث رقم 19،ونور الاقتباس لابن رجب. (¬2) ت 2516 وقال حسن صحيح.

الفوائد

أصل مهم وهو التوكل على الله والإيمان بأن ما كتبه الله للعبد فهو آتيه لا محالة وما صرفه عنه فلن يناله مهما فعل من الأسباب، وأن هذا مما قدره الله وكتبه عنده. الفوائد: - حفظ الله لمن حفظه باتباع أوامره واجتناب نواهيه. - أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالاعتماد على الله وحده وطلب العون منه.

29 - الثواب على نية الخير والهم به

الثواب على نية الخير والهم به عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى قال: "أن الله عز وجل كتب السيئات والحسنات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة"متفق عليه (¬1). عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله: إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها، فإن عملها فاكتبوها بمثلها وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة، وإذا أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف"أخرجه البخاري (¬2). الشرح: من رحمة الله وسعة فضله وكرمه أن من هم بحسنة وعزم عليها ثم صرفه صارف عنها فإنه يكتب له ثواب نيته الصالحة فيكتب له حسنة واحدة فإن عملها كتب له الأجر مضاعفاً، وكذلك في عمل السيئات ¬

(¬1) خ (6491)، م 131. (¬2) خ (7501).

الفوائد

فمن هم بسيئة فتركها لله كتب الله له حسنة، فإن عملها كتب عليه سيئة واحدة. الفوائد: - سعة رحمة الله وعظيم فضله. - أن المسلم يثاب على همه بالحسنات ولو لم يعملها. - أن من هم بسيئة فتركها لله أثيب على ذلك. - مضاعفة ثواب الأعمال الحسنة.

30 - عظمة الله تبارك وتعالى وسعة ملكه

عظمة الله تبارك وتعالى وسعة ملكه عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن الله تبارك وتعالى أنه قال: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه"رواه مسلم (¬1). الشرح: عظمة الله تعالى لا تحد ولا تتصور، وكل شيء ملك له وتحت ¬

(¬1) م 2577.

الفوائد

تصرفه سبحانه، خلق الخلق ويرزقهم ويدبر أمرهم وهو في غنى كامل عنهم، لا تضره معصية العاصي، ولا تنفعه طاعة المطيع، لكن يأمرهم وينهاهم لما في ذلك من المصلحة لهم. الفوائد: - عظمة الله سبحانه وتعالى وسعة ملكه. - عظم قدرة الله وقوته وكمال غناه عن خلقه. - حاجة الخلق الشديدة لهدايته ورزقه ومغفرته.

§1/1